You are on page 1of 328

‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬

‫مشكاة السلمية‬

‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬


‫من مشاهي كتب المام ابن الوزي‪ .‬يندرج ف قائمة كتبه ف الوعظ والرشاد‪ ،‬ولكنه وعظ‬
‫مرقق‪ ،‬وإرشاد منمق‪ ،‬مزجه بروائع شعر الزهد والتصوف‪ ،‬ما يرقى بالكتاب إل مصاف كتب‬
‫المال والجالس‪.‬‬
‫ويتألف الكتاب من خسة أبواب‪ .‬الول‪ :‬ف علوم القرآن‪ ،‬ومن نوادره الفصل الذي عقده‪ ،‬لا‬
‫ورد ف القرآن من اللفاظ الت تتضمن أكثر من معن‪ .‬الثان‪ :‬ف اللغة ونوادرها‪ .‬الثالث‪ :‬ف الدي‬
‫ث والسية‪ ،‬وما يلزم من العارف للتمييز بي الصحابة‪ .‬الرابع‪ :‬ف ذكر عيون التاريخ‪ ،‬ذكر فيه‬
‫عصره‪.‬‬ ‫عجائب التفاقات والصدف‪ ،‬وضمنه قوائم للطواعي والزلزل‪ ،‬من بدء السلم وحت‬
‫نسخ وتنسيق وترتيب مكتبة مشكاة السلمية‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫رب عونك‬
‫قال شيخ المة وعلم الئمة‪ ،‬ناصر السنة‪ ،‬نم السلم جال الدين زين النام‪ ،‬أبو الفرج عبد‬
‫الرحن بن علي بن ممد بن علي بن حادي بن الوزي رحه ال تعال‪ :‬المد ل الذي ل منتهى‬
‫لعطاياه ومنحه‪ ،‬حدا يقوم بالواجب من شكره ومدحه‪ ،‬وصلى ال على أشرف نب وأنصحه‪ ،‬وعل‬
‫ى أصحابه وأزواجه ما است طرف ف مرحه‪.‬‬
‫أما بعد فإن قمت بمد ال ف علم الوعظ بأصحه وأملحه‪ ،‬وآثرت أن أنتقي ف هذا الكتاب من‬
‫ملحه‪ ،‬وال الوفق ف كل عمل لصلحه‪ ،‬وقد قسمته خسة أبواب‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬ف ذكر علوم القرآن العزيز‪.‬‬
‫الباب الثان‪ :‬ف تصريف اللغة وموافقة القرآن لا‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ف علوم الديث‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬ف عيون التواريخ‪.‬‬
‫الباب الامس‪ :‬ف ذكر الوعظ‪ .‬وهذا الباب مقسم‪ ،‬قسم يذكر فيه القصص‪ ،‬وقسم يذكر فيه‬
‫الواعظ مطلقا وال الوفق‪.‬‬
‫الباب الول‪:‬‬
‫ف علوم القرآن‬
‫فصل‬

‫‪1‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف ذكر الطاب بالقرآن‬
‫الطاب ف القرآن على خسة عشر وجها‪ -1 :‬خطاب عام "خلقكم"‪.‬‬
‫‪ -2‬وخطاب خاص "أكفرت"‪.‬‬
‫‪ -3‬وخطاب النس "يا أيها الناس"‪.‬‬
‫‪ -4‬وخطاب النوع "يا بن آدم"‪.‬‬
‫‪ -5‬وخطاب العي "يا آدم"‪.‬‬
‫‪ -6‬وخطاب الدح "يا أيها الذين آمنوا"‪.‬‬
‫‪ -7‬وخطاب الذم "يا أيها الذين كفروا"‪.‬‬
‫‪ -8‬وخطاب الكرامة "يا أيها النب"‪.‬‬
‫‪ -9‬وخطاب التودد "يا بن أم إنّ القوم"‪.‬‬
‫‪ -10‬وخطاب المع بلفظ الواحد "يا أيها النسان ما غرك"‪.‬‬
‫‪ -11‬وخطاب الواحد بلفظ المع "وإن عاقبتم"‪.‬‬
‫‪ -12‬وخطاب الواحد بلفظ الثني "ألقيا ف جهنم" ‪ -13‬وخطاب الثني بلفظ الواحد "فمن‬
‫ربكما يا موسى"‪.‬‬
‫‪ -14‬وخطاب العي والراد به الغي "فإن كنت ف شك"‪.‬‬
‫‪ -15‬وخطاب التلو وهو ثلثة أوجه‪ :‬أحدها أن ياطب ث يب "حت إذا كنتم ف الفلك و َجرَيْ َن‬
‫بم"‪" .‬وما أوتيتم من زكاةٍ تريدون وجه ال فأولئك هم الضعفون"‪" .‬وكرّه إليكم الكفر والفسو‬
‫ق والعصيان أولئك هم الراشدون"‪.‬‬
‫والثان‪ :‬أن يب ث ياطب "فأما الذين اسودّت وجوههم أكفرت" "وسقاهم ربم شرابا طهورا إن‬
‫هذا كان لكم جزاءا وكان سعيكم مشكورا"‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن ياطب عينا ث يصرف الطاب إل الغي "إنّا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ليؤمنوا‬
‫بال ورسوله"‪ .‬وهذا على قراءة ابن كثي وأب عمرو فإنما قرءا بالياء‬
‫فصل‬
‫في ذكر أمثال القرآن‬
‫ف القرآن ثلثة وأربعون مثلً‪ :‬ف البقرة‪" :‬كمثل الذي استوقد نارا"‪" ،‬أو كصيب"‪" ،‬أن يضرب‬
‫ل ما بعوضة"‪" ،‬ومثل الذين كفروا"‪" ،‬مثل الذين ينفقون أموالم ف سبيل ال"‪" ،‬فمثله كمثل‬
‫مث ً‬
‫صفوان"‪" ،‬ومثل الذين ينفقون أموالم ابتغاء مرضاة ال"‪" ،‬أيود أحدكم"‪" ،‬كما يقوم الذي يتخبط‬
‫ه الشيطان"‪ .‬وف آل عمران‪" :‬وكنتم على شفا حفرة من النار"‪" ،‬مثل ما ينفقون"‪ .‬وف النعام‪" :‬‬

‫‪2‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كالذي استهوته الشياطي"‪ .‬وف العراف‪" :‬فمثله كمثل الكلب"‪ .‬وف يونس‪" :‬إنا مثل الياة الد‬
‫نيا"‪ .‬وف هود‪" :‬مثل الفريقي"‪ .‬وف الرعد‪" :‬إل كباسط كفيه إل الاء"‪" ،‬أنزل من السماء ماءً فس‬
‫الت أودية بقدرها"‪" ،‬مثل النة"‪ .‬وف إبراهيم‪" :‬مثل الذين كفروا بربم"‪" ،‬كيف ضرب ال مثلً"‬
‫ل عبدا ملوكا"‪" ،‬وضرب ال مثلً رجلي"‪" ،‬و‬
‫‪" ،‬ومثل كلمة خبيثة"‪ .‬وف النحل‪" :‬ضرب ال مث ً‬
‫ضرب ال مثلً قرية"‪ .‬وف الكهف‪" :‬واضرب لم مثلً رجلي"‪" ،‬واضرب لم مثل الياة الدنيا"‪.‬‬
‫وف الج‪" :‬فكأنا خرّ من السماء"‪" ،‬ضرب مثل"‪ .‬وف النور‪" :‬مثل نوره"‪" ،‬أعمالم كسراب بقيع‬
‫ة"‪ .‬وف العنكبوت‪" :‬مثل الذين اتذوا من دون ال أولياء كمثل العنكبوت"‪ .‬وف الروم‪" :‬ضرب‬
‫ل من أنفسكم"‪ .‬وف يس‪" :‬وضرب لنا مثلً"‪ .‬وف الزمر‪" :‬ضرب ال مثلً رجلً"‪ .‬وف س‬
‫لكم مث ً‬
‫ورة ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪" :-‬نظر الغشي عليه من الوت"‪" ،‬مثل النة"‪ .‬وف الفتح‪" :‬ذل‬
‫ك مثلهم ف التوراة ومثلهم ف النيل"‪ .‬وف الشر‪" :‬كمثل الذي من قبلهم"‪" ،‬كمثل الشيطان"‪.‬‬
‫وف المعة‪" :‬مثل الذين حلوا التوراة"‪ .‬وف التحري‪" :‬ضرب ال مثلً للذين كفروا"‪" ،‬وضرب ا‬
‫ل مثلً للذين آمنوا"‪.‬‬
‫وكم من كلمة تدور على اللسن مثلً‪ .‬جاء القرآن بألص منها وأحسن‪ ،‬فمن ذلك قولم‪ :‬القتل‬
‫أنفى للقتل‪ ،‬مذكور ف قوله‪" :‬ولكم ف القصاص حياة"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬ليس الخب كالعاين‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬ولكن ليطمئن قلب"‪.‬‬
‫جزَ به"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬ما تزرع تصد‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬من يعمل سوءا يُ ْ‬
‫وقولم‪ :‬للحيطان آذان‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬وفيكم سّاعون لم"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬المية رأس الدواء‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬وكلوا واشربوا ول تسرفوا"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬احذر شر من أحسنت إليه‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬وما نقموا إل أن أغناهم ال ورسولُه‬
‫من فضله"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬من جهل شيئا عاداه‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬بل كذّبوا با ل ييطوا بعلمه وإذ ل يهتدوا ب‬
‫ه فسيقولون هذا إفك قدي"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬خي المور أوساطها‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬ول تعل يدك مغلولةً إل عنقك ول تبسطه‬
‫ا كل البسط"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬من أعان ظالا سلطه ال عليه‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬كتب عليه أنه من توله فأنّه يضله"‬
‫‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وقولم‪ :‬لا أنضج رمّد‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬وأعطى قليلً وأكدى"‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬ل تلد الية إل حية‪ ،‬مذكور ف قوله تعال‪" :‬ول يلدوا إل فاجرا َكفّارا"‪.‬‬
‫فصل‬
‫ف عيون التشابه‬
‫فصل‬
‫ف الروف البدلت‬
‫ف البقرة‪" :‬فسواهن سبع سوات"‪ .‬وف حم السجدة‪" :‬فقضاهن"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وقلنا يا آدم اسكن"‪ .‬وف العراف‪" :‬يا آدم اسكن"‪.‬‬
‫وف البقرة‪" :‬وظللنا عليكم الغمام"‪ .‬وف العراف‪" :‬وظللنا عليهم الغمام"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬فانفجرت منه"‪ .‬وف العراف‪" :‬فانبجست"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬بعد الذي جاءك من العلم"‪ .‬وف الرعد‪" :‬بعدما جاءك من العلم"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬للطائفي والعاكفي"‪ .‬وف الجر‪" :‬والقائمي"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وما أنزل إلينا"‪ .‬وف آل عمران‪" :‬علينا"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬أو لو كان آباؤكم ل يعقلون شيئا"‪ .‬وف الائدة‪" :‬ل يعلمون"‪.‬‬
‫ف آل عمران‪" :‬لكيل تزنوا"‪ .‬وف الديد‪" :‬لكيل تأسوا"‪.‬‬
‫ف سورة النساء‪" :‬وخلق منها زوجها"‪ .‬وف العراف‪" :‬وجعل"‪.‬‬
‫ف سورة النساء‪" :‬إن تبدوا خيا"‪ .‬وف الحزاب‪" :‬شيئا"‪.‬‬
‫ف النعام‪" :‬من إملق"‪ ،‬وف بن إسرائيل‪" :‬خشية إملق"‪.‬‬
‫ف العراف‪" :‬فأرسل معي بن إسرائيل"‪ ،‬وف طه‪" :‬معنا"‪.‬‬
‫ف العراف‪" :‬وأرسل ف الدائن حاشرين"‪ ،‬وف الشعراء‪" :‬وابعث"‪.‬‬
‫ف العراف‪" :‬ث لصلبنكم"‪ ،‬وف طه‪" :‬ولصلبنكم"‪.‬‬
‫ف التوبة‪" :‬يريدون أن يطفئوا"‪ ،‬وف الصف‪" :‬ليطفئوا"‪.‬‬
‫ف يونس‪" :‬فأتبعهم فرعون وجنوده"‪ ،‬وف طه‪" :‬بنوده"‪.‬‬
‫ف هود‪" :‬وأمطرنا عليهم"‪ ،‬وف الجر‪" :‬عليهم"‪.‬‬
‫ف الجر‪" :‬وما يأتيهم من رسول"‪ ،‬وف الزخرف‪" :‬من نب"‪.‬‬
‫ف الجر‪" :‬كذلك نسلكه"‪ ،‬وف الشعراء‪" :‬سلكناه"‪.‬‬
‫ف الكهف‪" :‬ولئن رددت"‪ ،‬وف حم السجدة‪" :‬ولئن رجعت"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف الكهف‪" :‬فأعرض عنها"‪ ،‬وف السجدة‪" :‬ث أعرض عنها"‪.‬‬
‫ف طه‪" :‬وسلك لكم فيها سبلً"‪ ،‬وف الزخرف‪" :‬وجعل لكم"‪.‬‬
‫ف النبياء‪" :‬وأرادوا به كيدا فجعلناهم الخسرين"‪ ،‬وف الصافات‪" :‬فأرادوا به كيدا فجعلناهم‬
‫السفلي"‪.‬‬
‫ف النبياء‪" :‬وتقطعوا أمرهم بينهم"‪ ،‬وف الؤمنون‪" :‬فتقطعوا"‪.‬‬
‫ف النمل‪" :‬ففزع من ف السموات"‪ ،‬وف الزمر‪" :‬فصعق"‪.‬‬
‫ف القصص‪" :‬وما أوتيتم"‪ ،‬وف عسق‪" :‬فما أوتيتم"‪.‬‬
‫ف العنكبوت‪" :‬ولقد تركنا منها آية"‪ ،‬وف القمر‪" :‬وقد تركناها آية"‪.‬‬
‫ف حم السجدة‪" :‬ث كفرت به"‪ ،‬وف الحقاف‪" :‬وكفرت به"‪.‬‬
‫ف الدثر‪" :‬كل إنه تذكرة"‪ ،‬وف عبس‪" :‬كل إنا تذكرة"‪.‬‬
‫فصل‬
‫ف الروف الزوائد والنواقص‬
‫ف البقرة‪" :‬فأتوا بسورة من مثله"‪ ،‬وف يونس‪" :‬بسورة مثله"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬إل إبليس أب واستكب"‪ ،‬وف ص‪" :‬إل إبليس استكب"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬فمن تبع هداي"‪ ،‬وف طه‪" :‬فمن اتبع"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وإذ نيناكم"‪ ،‬وف العراف‪" :‬وإذ أنيناكم"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬يذبون أبناءكم"‪ ،‬وف إبراهيم‪" :‬ويذبون"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬حيث شئتم رغدا"‪ ،‬وف العراف‪" :‬حيث شئتم"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وسنيد الحسني"‪ ،‬وف العراف‪" :‬سنيد"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬فبدل الذي ظلموا قولً"‪ ،‬وف العراف‪" :‬منهم قولً"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وذي القرب"‪ ،‬وف النساء‪" :‬وبذي القرب"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وما أوت موسى وعيسى وما أوت النبيون"‪ ،‬وف آل عمران‪" :‬والنبيون"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬ويكون الدين ل"‪ ،‬وف النفال‪" :‬كله ل"‪.‬‬
‫ف آل عمران‪" :‬من آمن تبغونا عوجا"‪ ،‬وف العراف‪" :‬من آمن به وتبغونا"‪.‬‬
‫ف آل عمران‪" :‬إل بشرى لكم ولتطمئن"‪ ،‬وف النفال‪" :‬إل بشرى ولتطمئن به"‪.‬‬
‫ف سورة النساء‪" :‬فاحشةً ومقتا وساء سبيلً"‪ ،‬وف بن إسرائيل‪" :‬فاحشةً وساء سبيلً"‪.‬‬
‫ف النعام‪" :‬ما ل ينل به عليكم سلطانا"‪ ،‬وف باقي القرآن‪" :‬ما ل ينل به سلطانا"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف النعام‪" :‬ول أقول لكم إن ملك"‪ .‬وف هود‪" :‬ول أقول إن ملك"‪.‬‬
‫ف الحزاب‪" :‬يريد أن يرجكم من أرضكم"‪ ،‬وف الشعراء‪" :‬بسحره"‪.‬‬
‫ف العراف‪" :‬وإنكم لن القربي"‪ ،‬وف الشعراء‪" :‬وإنكم إذا"‪.‬‬
‫ف العراف‪" :‬قال ابن أمّ"‪ ،‬وف طه‪" :‬قال يا ابن أمّ"‪.‬‬
‫ف التوبة‪" :‬ول تضروه"‪ ،‬وف هود‪" :‬ول تضرونه"‪.‬‬
‫ف هود‪" :‬ولا جاءت رسلنا"‪ ،‬وف العنكبوت‪" :‬ولا أن جاءت رسلنا"‪.‬‬
‫ف يوسف‪" :‬ولا بلغ أشده آتيناه حكما"‪ ،‬وف القصص‪" :‬واستوى"‪.‬‬
‫ف النحل‪" :‬لكيل يعلم بعد علم شيئا"‪ ،‬وف الج‪" :‬من بعد علم"‪.‬‬
‫ف النحل‪" :‬وبنعمة ال هم يكفرون"‪ ،‬وف العنكبوت‪" :‬وبنعمة ال يكفرون"‪.‬‬
‫ف النحل‪" :‬ول تك ف ضيق ما يكرون"‪ ،‬وف النمل‪" :‬ول تكن"‪.‬‬
‫ف الج‪" :‬كلما أرادوا أن يرجوا منها من غم أعيدوا فيها"‪ ،‬وف أل السجدة‪" :‬أن يرجوا منها‬
‫أعيدوا فيها"‪.‬‬
‫ف الج‪" :‬وإنا يدعون من دونه هو الباطل"‪ .‬وف لقمان‪" :‬من دونه الباطل"‪.‬‬
‫ف الشعراء‪" :‬ما تعبدون"‪ ،‬وف الصافات‪" :‬ماذا تعبدون"‪.‬‬
‫ف النمل‪" :‬ومن شكر"‪ ،‬وف لقمان‪" :‬ومن يشكر"‪.‬‬
‫ف القصص‪" :‬ويقدر"‪ ،‬وف العنكبوت‪" :‬ويقدر له"‪.‬‬
‫ف النازعات‪" :‬يوم يتذكر النسان"‪ ،‬وف الفجر‪" :‬يومئذٍ يتذكر"‪.‬‬
‫فصل‬
‫ف القدم والؤخر‬
‫ف البقرة‪" :‬وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة"‪ ،‬وف العراف‪" :‬وقولوا حطة وادخلوا الباب‬
‫سجدا"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬والنصارى والصابئي"‪ ،‬وف الج‪" :‬والصابئي والنصارى"‪.‬‬
‫ف البقرة والنعام‪" :‬قل إن هدى ال هو الدى"‪ ،‬وف آل عمران‪" :‬قل إن الدى هدي ال"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬ويكون الرسول عليكم شهيدا"‪ ،‬وف الج‪" :‬شهيدا عليكم"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬وما أهلّ به لغي ال"‪ ،‬وف باقي القرآن‪" :‬لغي ال به"‪.‬‬
‫ف البقرة‪" :‬ل يقدرون على شيء ما كسبوا"‪ ،‬وف إبراهيم‪" :‬ما كسبوا على شيء"‪.‬‬
‫ف آل عمران‪" :‬ولتطمئن قلوبكم به"‪ ،‬وف النفال‪" :‬به قلوبكم"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف سورة النساء‪" :‬كونوا قوامي بالقسط شهداء ل"‪ ،‬وف الائدة‪" :‬كونوا قوامي ل شهداء بالقس‬
‫ط"‪.‬‬
‫ف النعام‪" :‬ل إله إل هو خالق كل شيء"‪ ،‬وف حم الؤمن‪" :‬خالق كل شيء ل إله إل هو"‪.‬‬
‫ف النعام‪" :‬نن نرزقكم وإياهم"‪ ،‬وف بن إسرائيل‪" :‬نن نرزقهم وإياكم"‪.‬‬
‫ف النحل‪" :‬وترى الفلك مواخر فيه"‪ ،‬وف فاطر‪" :‬فيه مواخر"‪.‬‬
‫ف بن إسرائيل‪" :‬ولقد صرفنا للناس ف هذا القرآن"‪ ،‬وف الكهف‪" :‬ف هذا القرآن للناس"‪.‬‬
‫ف بن إسرائيل‪" :‬قل كفى بال شهيدا بين وبينكم"‪ ،‬وف العنكبوت‪" :‬بين وبينكم شهيدا"‪.‬‬
‫ف الؤمنون‪" :‬لقد وعدنا نن وآباؤنا هذا من قبل"‪ ،‬وف النمل‪" :‬لقد وعدنا هذا نن وآباؤنا"‪.‬‬
‫ف القصص‪" :‬وجاء رجل من أقصى الدينة"‪ ،‬وف يس‪" :‬وجاء من أقصى الدينة رجل يسعى‪.‬‬
‫أبواب منتخبة من الوجوه والنظائر‬
‫باب أو‬
‫تكون بعن التخيية‪" :‬ففدية من صيام أو صدقة أو نسك"‪" ،‬أو كسوتم أو ترير رقبة"‪.‬‬
‫وتكون بعن الواو‪" :‬أو الوايا أو ما اختلط بعظم"‪" ،‬ول تطع منهم آثا أو كفورا"‪.‬‬
‫وتكون بعن بل‪" :‬لبثت يوما أو بعض يوم"‪" ،‬إل كلمح البصر أو هو أقرب"‪" ،‬فكان قاب قوسي‬
‫أو أدن"‪.‬‬
‫وتكون للبام‪" :‬أو كصيب"‪" ،‬أو يزيدون"‪.‬‬
‫باب أدن‬
‫تكون بعن أجدر‪" :‬وأدن ألّ ترتابوا"‪" ،‬ذلك أدن أل تعولوا"‪" ،‬ذلك أدن أن يأتوا بالشهادة"‪.‬‬
‫وتكون بعن أقرب‪" :‬من العذاب الدن"‪" ،‬قاب قوسي أو أدن"‪.‬‬
‫وتكون بعن أقل‪" :‬ول أدن من ذلك ول أكثر"‪.‬‬
‫وتكون بعن دون‪" :‬أتستبدلون الذي هو أدن"‪.‬‬
‫باب النزال‬
‫تكون بعن الط من علو‪" :‬ينل الغيث"‪.‬‬
‫وبعن اللق‪" :‬أرأيتم ما أنزل ال لكم من رزق‪ ،‬وأنزل لكم من النعام ثانية أزواج"‪" ،‬وأنزلنا‬
‫الديد"‪.‬‬
‫وتكون بعن القول‪" :‬سأنزل مثل ما أنزل ال"‪.‬‬
‫وبعن البسط‪" :‬ولكن ينل بقدر ما يشاء"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫باب الرض‬
‫الرض تذكر ويراد با أرض الردن‪" :‬ول تعثوا ف الرض مفسدين"‪.‬‬
‫ويراد با القب‪" :‬لو تسوى بم الرض"‪.‬ويراد با أرض مكة‪" :‬كنا مستضعفي ف الرض"‪.‬‬
‫ويراد با أرض الدينة‪" :‬أل تكن أرض ال واسعة"‪.‬‬
‫ويراد با أرض السلم‪" :‬ويسعون ف الرض فسادا"‪.‬‬
‫ويراد با أرض التيه‪" :‬يتيهون ف الرض"‪.‬‬
‫ويراد با الرضون السبع‪" :‬وما من دابة ف الرض"‪.‬‬
‫ويراد با أرض مصر‪" :‬اجعلن على خزائن الرض"‪.‬‬
‫ويراد با أرض الجر‪" :‬فذروها تأكل ف أرض ال"‪.‬‬
‫ويراد با القلب‪" :‬فيمكث ف الرض"‪.‬‬
‫ويراد با أرض الغرب‪" :‬مفسدين ف الرض"‪.‬‬
‫ويراد با النة‪" :‬أن الرض يرثها"‪.‬‬
‫ويراد با أرض الروم‪" :‬ف أدن الرض"‪.‬‬
‫ويراد با أرض بن قريظة‪" :‬وأورثكم أرضهم"‪.‬‬
‫ويراد با أرض فارس‪" :‬وأرضا ل تطئوها"‪.‬‬
‫ويراد با أرض القيامة‪" :‬وأشرقت الرض"‪.‬‬
‫باب المر‬
‫المر يذكر ويراد به قتل بن قريظة وجلء النضي‪" :‬فاعفوا واصفحوا حت يأت ال بأمره"‪.‬‬
‫ويراد به النصر‪" :‬هل لنا من المر من شيء"‪.‬‬
‫ويراد به استدعاء الفعل‪" :‬ويأمركم أن تؤدوا المانات"‪.‬‬
‫ويراد به الصب‪" :‬أو أمر من عنده"‪.‬‬
‫ويراد به الذنب‪" :‬ليذوق وبال أمره"‪.‬‬
‫ويراد به الشورة‪" :‬فماذا تأمرون"‪.‬‬
‫ويراد به قتل كفار مكة‪" :‬ليقضي ال أمرا كان مفعولً"‪.‬‬
‫ويراد به فتح مكة‪" :‬فتربصوا حت يأت ال بأمره"‪.‬‬
‫ويراد به الذر‪" :‬قد أخذنا أمرنا من قبل"‪.‬‬
‫ويراد به القضاء‪" :‬يدبر المر"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويراد به القول‪" :‬فلما جاء أمرنا"‪.‬‬
‫ويراد به الغرق‪" :‬ل عاصم اليوم من أمر ال"‪.‬‬
‫ويراد به العذاب‪" :‬وقضي المر"‪.‬‬
‫ويراد به الشان‪" :‬وما أمر فرعون برشيد"‪.‬‬
‫ويراد به القيامة‪" :‬أتى أمر ال"‪.‬‬
‫باب النسان‬
‫النسان يذكر ويراد به أبو حذيفة بن عبد ال‪" :‬وإذا مس النسان الضر"‪.‬‬
‫ويراد به عتبة بن ربيعة‪" :‬ولئن أذقنا النسان منا رحة"‪.‬‬
‫ويراد به النضر بن الارث‪" :‬ويدعو النسان بالشر"‪.‬‬
‫ويراد به أب بن خلف‪" :‬أوَل يذكر النسان"‪.‬‬
‫ويراد به آدم‪" :‬ولقد خلقنا النسان من سللة"‪.‬‬
‫ويراد به سعد بن أب وقاص‪" :‬ووصينا النسان بوالديه حلته أمه وهنا"‪.‬‬
‫ويراد به عياش بن أب ربيعة‪" :‬ووصينا النسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك"‪.‬‬
‫ويراد به أبو بكر الصديق رضي ال عنه‪" :‬ووصينا النسان بوالديه إحسانا حلته أمه كرها"‪.‬‬
‫ويراد به عقبة بن أب معيط‪" :‬وكان الشيطان للنسان خذولً"‪.‬‬
‫ويراد به بنو آدم‪" :‬ولقد خلقنا النسان ونعلم"‪.‬‬
‫ويراد به برصيصا‪" :‬إذ قال للنسان اكفر"‪.‬‬
‫ويراد به الخنس بن شريق‪" :‬إن النسان خلق هلوعا"‪.‬‬
‫ويراد به عدي بن أب ربيعة‪" :‬أيسب النسان أن لن نمع عظامه"‪.‬‬
‫ويراد به أمية بن خلف‪" :‬فأما النسان إذا ما ابتله"‪.‬‬
‫ويراد به الارث بن عمرو‪" :‬لقد خلقنا النسان ف كبد"‪.‬‬
‫ويراد به السود بن عبد السد‪" :‬يا أيها النسان إنك كادح"‪.‬‬
‫ويراد به كلدة بن أسيد‪" :‬يا أيها النسان ما غرك"‪.‬‬
‫ويراد به الوليد بن الغية‪" :‬لقد خلقنا النسان ف أحسن تقوي"‪.‬‬
‫ويراد به أبو طالب بن عبد الطلب‪" :‬فلينظر النسان مم خلق"‪.‬‬
‫ويراد به عتبة بن أب لب‪" :‬فلينظر النسان إل طعامه"‪.‬‬
‫ويراد به قرط بن عبد ال‪" :‬إن النسان لربه لكنود"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويراد به أبو جهل‪" :‬إن النسان لفي خسر"‪.‬‬
‫ويراد به أبو لب‪" :‬إن النسان ليطغى" ويراد به الكافر‪" :‬وقال النسان ما لا"‪.‬‬
‫باب الباء‬
‫الباء‪ ،‬وتكون بعن‪" :‬وإذ فرقنا بكم البحر"‪.‬‬
‫وبعن عند‪" :‬والستغفرين بالسحار"‪.‬‬
‫وبعن ف‪" :‬بيدك الي"‪.‬‬
‫وبعن بعد‪" :‬فأثابكم غما بغم"‪.‬‬
‫وبعن على‪" :‬لو تسوى بم الرض"‪.‬‬
‫وتكون صلة‪" :‬فامسحوا بوجوهكم"‪.‬‬
‫وبعن الصاحبة‪" :‬وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به"‪.‬‬
‫وبعن إل‪" :‬ما سبقكم با"‪.‬‬
‫وبعن السبب‪" :‬الذي هم به مشركون"‪ ،‬أي من أجله‪.‬‬
‫وبعن عن‪" :‬فاسأل به خبيا"‪.‬‬
‫وبعن مع‪" :‬فتول بركنه"‪ ،‬أي مع جنده‪.‬‬
‫وبعن من‪" :‬عينا يشرب با عباد ال"‪.‬‬
‫باب الق‬
‫الق يأت بعن الرم‪" :‬ويقتلون النبيي بغي الق"‪.‬‬
‫وبعن البيان‪" :‬الن جئت بالق"‪.‬‬
‫وبعن الال‪" :‬وليملل الذي عليه الق"‪.‬‬
‫وبعن القرآن‪" :‬بل كذبوا بالق"‪.‬‬
‫وبعن الصدق‪" :‬قوله الق"‪.‬‬
‫وبعن العدل‪" :‬وبي قومنا بالق"‪.‬‬
‫وبعن السلم‪" :‬فيحق الق"‪.‬‬
‫وبعن النجز‪" :‬وعدا علينا حقا"‪.‬‬
‫وبعن الاجة‪" :‬ما لنا ف بناتك من حق"‪.‬‬
‫وبعن ل إله إل ال‪" :‬له دعوة الق"‪.‬‬
‫ويراد به ال عز وجل‪" :‬ولو اتبع الق أهوائهم"‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وبعن التوحيد‪" :‬وأكثرهم للحق كارهون"‪.‬‬
‫وبعن الظ‪" :‬والذين ف أموالم حق معلوم"‪.‬‬
‫باب الي‬
‫الي يذكر ويراد به القرآن‪" :‬أن ينل عليكم من خي من ربكم"‪.‬‬
‫ويراد به النفع‪" :‬نأت بي منها"‪.‬‬
‫ويراد به الال‪" :‬إن ترك خيا"‪.‬‬
‫ويراد به ضد للشر‪" :‬بيدك الي"‪.‬‬
‫ويراد به الصلح‪" :‬يدعون إل الي"‪.‬‬
‫ويراد به الولد الصال‪" :‬ويعل ال فيه خيا كثيا"‪.‬‬
‫ويراد به العافية‪" :‬وإن يسسك ال بي"‪.‬‬
‫ويكون بعن النافع‪" :‬لستكثرت من الي"‪.‬‬
‫وبعن اليان‪" :‬ولو علم ال فيهم خيا"‪.‬‬
‫وبعن رخص السعار‪" :‬إن أراكم بي"‪.‬‬
‫وبعن النوافل‪" :‬وأوحينا إليهم فعل اليات"‪.‬‬
‫وبعن الجر‪" :‬لكم فيها خي"‪.‬‬
‫وبعن الفضل‪" :‬وأنت خي الراحي"‪.‬‬
‫وبعن العفة‪" :‬ظن الؤمنون والؤمنات بأنفسهم خيا"‪.‬‬
‫وبعن الصلح‪" :‬إن علمتم فيهم خيا"‪.‬‬
‫ي فقي"‪.‬‬
‫ل من خ ٍ‬
‫وبعن الطعام‪" :‬إن لا أنزلت إ ّ‬
‫وبعن الظفر‪" :‬ل ينالوا خيا"‪.‬‬
‫وبعن اليل‪" :‬أحببت حب الي"‪.‬‬
‫وبعن القوة‪" :‬أهم خي"‪.‬‬
‫وبعن حسن الدب‪" :‬لكان خيا لم"‪.‬‬
‫وبعن حب الدنيا‪" :‬إنه لب الي لشديد"‪.‬‬
‫باب الدين‬
‫الدين‪ :‬يذكر ويراد به الزاء‪" :‬مالك يوم الدين"‪.‬‬
‫ويراد به السلم‪" :‬بالدى ودين الق"‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويراد به العذاب‪" :‬ذلك الدين القيم"‪.‬‬
‫ويراد به الطاعة‪" :‬ول يدينون دين الق"‪.‬‬
‫ويراد به التوحيد‪" :‬ملصي له الدين"‪.‬‬
‫ويراد به الكم‪" :‬ما كان ليأخذ أخاه ف دين اللك"‪.‬‬
‫ويراد به الد‪" :‬ول تأخذكم بم رأفة ف دين ال"‪.‬‬
‫ويراد به الساب‪" :‬يومئذٍ يوفيهم ال دينهم الق"‪.‬‬
‫ويراد به العبادة‪" :‬قل أتعلمون ال بدينكم"‪.‬‬
‫ويراد به اللة‪" :‬ذلك دين القيمة"‪.‬‬
‫باب الذكر‬
‫الذكر‪ :‬يذكر ويراد به ذكر اللسان‪" :‬فاذكروا ال كذكركم آباءكم"‪.‬‬
‫ويراد به الفظ‪" :‬فاذكروا ما فيه"‪.‬‬
‫ويراد به الطاعة‪" :‬فاذكرون"‪.‬‬
‫ويراد به الصلوات المس‪" :‬فإذا أمنتم فاذكروا ال"‪.‬‬
‫ويراد به ذكر القلب‪" :‬ذكروا ال فاستغفروا"‪.‬‬
‫ويراد به البيان‪" :‬أوعجبتم أن جاءكم ذكر"‪.‬‬
‫ويراد به الي‪" :‬قل سأتلو عليكم منه ذكرا"‪.‬‬
‫ويراد به التوحيد‪" :‬ومن أعرض عن ذكري"‪.‬‬
‫ويراد به القرآن‪" :‬ما يأتيهم من ذكر"‪.‬‬
‫ويراد به الشرف‪" :‬فيه ذكركم"‪" ،‬وإنه لذكر لك"‪.‬‬
‫ويراد به العيب‪" :‬أهذا الذي يذكر آلتكم"‪.‬‬
‫ويراد به صلة العصر‪" :‬عن ذكر رب"‪.‬‬
‫ويراد به صلة المعة‪" :‬فاسعوا إل ذكر ال"‪.‬‬
‫باب الروح‬
‫الروح‪ :‬يذكر ويراد به المر‪" :‬وروح منه"‪.‬‬
‫ويراد به جبيل‪" :‬فأرسلنا إليها روحنا"‪.‬‬
‫ويراد به الريح‪" :‬فنفخنا فيها من روحنا"‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويراد به روح اليوان‪" :‬ويسألونك عن الروح"‪.‬‬
‫ويراد به الياة‪" :‬فروح وريان"‪ :‬على قراءة من ضم‪.‬‬
‫باب الصلة‬
‫الصلة‪ :‬تذكر ويراد با الصلوات المس‪" :‬يقيمون الصلة"‪.‬‬
‫ويراد با صلة العصر‪" :‬تبسونما من بعد الصلة"‪.‬‬
‫ويراد با صلة النازة‪" :‬ول تصل على أحد منهم"‪.‬‬
‫ويراد با الدعاء‪" :‬وصل عليهم"‪.‬‬
‫ويراد با الدين‪" :‬أصلتك تأمرك"‪.‬‬
‫ويراد با القراءة‪" :‬ول تهر بصلتك"‪.‬‬
‫ويراد با موضع الصلة‪" :‬وصلوات ومساجد"‪.‬‬
‫ويراد با الغفرة والستغفار‪" :‬إن ال وملئكته يصلون على النب"‪ ،‬فصلة ال تعال الغفرة‪،‬‬
‫وصلة اللئكة الستغفار‪.‬‬
‫ويراد با المعة‪" :‬إذا نودي للصلة"‪.‬‬
‫باب عن‬
‫ترد صلة‪" :‬يسألونك عن النفال"‪.‬‬
‫وتكون بعن الباء‪" :‬بتاركي آلتنا عن قولك"‪.‬‬
‫وبعن من‪" :‬يقبل التوبة عن عباده"‪.‬‬
‫وبعن على‪" :‬فإنا يبخل عن نفسه"‪.‬‬
‫وبعن بعد‪" :‬لتركب طبقا عن طبق"‪.‬‬
‫باب الفتنة‬
‫تذكر‪ ،‬ويراد با الشرك‪" :‬حت ل تكون فتنة"‪.‬‬
‫ويراد با القتل‪" :‬أن يفتنكم الذين كفروا"‪.‬‬
‫ويراد با العذرة‪" :‬ث ل تكن فتنتهم"‪.‬‬
‫ويراد با الضلل‪" :‬ومن يرد ال فتنته"‪.‬‬
‫ويراد با القضاء‪" :‬إن هي إل فتنتك"‪.‬‬
‫ويراد با الث‪" :‬أل ف الفتنة سقطوا"‪.‬‬
‫ويراد با الرض‪" :‬يفتنون ف كل عام"‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويراد با العبة‪" :‬تعلنا فتنة"‪.‬‬
‫ويراد با العقوبة‪" :‬أن تصيبهم فتنة"‪.‬‬
‫ويراد با الختيار‪" :‬ولقد فتنا الذين من قبلهم"‪.‬‬
‫ويراد با العذاب‪" :‬جعل فتنة الناس"‪.‬‬
‫ويراد با الحراق‪" :‬يوم هم على النار يفتنون"‪.‬‬
‫ويراد با النون‪" :‬بأيكم الفتون"‪.‬‬
‫باب ف‬
‫تكون بعن الظرف‪" :‬ل ريب فيه"‪.‬‬
‫وبعن نو‪" :‬قد نرى تقلب وجهك ف السماء"‪.‬‬
‫وبعن الباء‪" :‬ف ظلل"‪.‬‬
‫وبعن إل‪" :‬فتهاجروا فيها"‪.‬‬
‫وبعن مع‪" :‬ادخلوا ف أمم"‪.‬‬
‫وبعن عند‪" :‬وإنا لنراك فينا ضعيفا"‪.‬‬
‫وبعن عن‪" :‬أتادلونن ف أساء"‪.‬‬
‫وبعن على‪" :‬ف جذوع النخل"‪.‬‬
‫وبعن اللم‪" :‬وجاهدوا ف ال"‪.‬‬
‫وبعن من‪" :‬يرج البء ف السماوات"‪.‬‬
‫باب القرية‬
‫تذكر‪ ،‬ويراد با أرياء‪" :‬ادخلوا هذه القرية"‪.‬‬
‫ويراد با دير هرقل‪" :‬مر على قرية"‪.‬‬
‫ويراد با إيليا‪" :‬واسألم عن القرية"‪.‬‬
‫ويراد با مصر‪" :‬واسأل القرية"‪.‬‬
‫ويراد با مكة‪" :‬قرية كانت آمنة"‪.‬‬
‫ويراد با مكة والطائف‪" :‬على رجل من القريتي عظيم"‪.‬‬
‫ويراد با جع القرى‪" :‬وإن من قرية إل نن مهلوكها"‪.‬‬
‫ويراد با قرية لوط‪" :‬ولقد أتوا على القرية"‪.‬‬
‫ويراد با أنطاكية‪" :‬واضرب لم مثلً أصحاب القرية"‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫باب كان‬
‫ترد بعن وجد‪" :‬ومن كان ذا عسرة"‪.‬‬
‫وبعن الاضي‪" :‬كان حل"‪.‬‬
‫وبعن ينبغي‪" :‬ما كان لبشر"‪.‬‬
‫وصلة‪" :‬وكان ال غفورا رحيما"ً‪.‬‬
‫وبعن هو‪" :‬من كان ف الهد صبيا"‪.‬‬
‫وبعن صار‪" :‬فكانت هباءً منبثا"‪.‬‬
‫باب كل‬
‫هي ف القرآن على وجهي‪ :‬أحدها‪ :‬بعن ل ومنه ف مري‪" :‬اتذ عند الرحن عهدا كل"‪،‬‬
‫"ليكونوا لم عزا كل"‪ .‬وف الؤمني‪" :‬لعلي أعمل صالا فيما تركت كل"‪ ،‬وف الشعراء‪:‬‬
‫"فأخاف أن يقتلون كل"‪" ،‬إنا لدركون قال كل"‪ ،‬وف سبأ‪" :‬ألقتم به شركاء كل"‪ .‬وف سأل س‬
‫ائل‪" :‬ث ننجيه كل"‪" ،‬أن يدخل جنة نعيم كل"‪ .‬وف الدثر‪" :‬أن أزيد كل"‪" ،‬أن يؤتى صحفا من‬
‫شرة كل"‪ .‬وف القيامة‪" :‬أين الفر كل"‪ .‬وف الطففي‪" :‬قال أساطي الولي كل"‪ .‬وف الفجر‪" :‬ف‬
‫يقول رب أهانن كل"‪ .‬وف المزة‪" :‬أخلده كل"‪.‬‬
‫فهذه أربعة عشر موضعا يسن الوقوف عليها‪.‬‬
‫والثان‪ :‬بعن حقا ومنه‪ :‬ف الدثر‪" :‬كل والقمر"‪" ،‬كل إنه تذكرة"‪ .‬وف القيامة‪" :‬كل بل تبون ا‬
‫لعاجلة"‪" ،‬كل إذا بلغت التراقي"‪ .‬وف النبأ‪" :‬كل سيعلمون ث كل سيعلمون"‪ .‬وف عبس‪" :‬كل‬
‫إنا تذكرة"‪" ،‬كل لا يقض ما أمره"‪ .‬وف النفطار‪" :‬كل بل تكذبون بالدين"‪ .‬وف الطففي‪" :‬كل‬
‫إن كتاب الفجار"‪" ،‬كل إنم عن ربم"‪" ،‬كل إن كتاب البرار"‪ .‬وف الفجر‪" :‬كل إذا دكت ال‬
‫رض دكا"‪ .‬وف القلم‪" :‬كل إن النسان ليطغى"‪" ،‬كل لئن ل ينته"‪" ،‬كل ل تطعه"‪ .‬وف التكاثر‪:‬‬
‫"كل سوف تعلمون‪ ،‬ث كل سوف تعلمون‪ ،‬كل لو تعلمون"‪.‬‬
‫فهذه تسعة عشر موضعا ل يسن الوقف عليها‪ .‬وجلة ما ف القرآن ثلثة وثلثون موضعا هي ه‬
‫ذه‪ :‬وليس ف النصف الول منها شيء وقال ثعلب‪ :‬ل يوقف على كل ف جيع القرآن‪.‬‬
‫باب اللم‬
‫اللم ف القرآن على ضربي‪ :‬مكسورة ومفتوحة‪.‬‬
‫فالفتوحة ترد بعن التوكيد‪" :‬إن إبراهيم لليم"‪.‬‬
‫وبعن القسم‪" :‬ليقولن ما يبسه"‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وزائدة‪" :‬ردف لكم"‪.‬‬
‫والكسورة ترد بعن اللك‪" :‬ل ما ف السماوات"‪.‬‬
‫وبعن أن‪" :‬ليطلعكم على الغيب"‪.‬‬
‫وبعن إل‪" :‬هدانا لذا"‪.‬‬
‫وبعن كي‪" :‬ليجزي الذين آمنوا"‪.‬‬
‫وبعن على‪" :‬دعانا لنبه"‪.‬‬
‫وصلة‪" :‬إن كنتم للرؤيا تعبون"‪.‬‬
‫وبعن عند‪" :‬وخشعت الصوات للرحن"‪.‬‬
‫وبعن المر‪" :‬ليستأذنكم"‪.‬‬
‫وبعن العاقبة‪" :‬ليكون لم عدوا"‪.‬‬
‫وبعن ف‪" :‬لول الشر"‪.‬‬
‫وبعن السبب والعلة‪" :‬إنا نطعمكم لوجه ال"‪.‬‬
‫باب لول‬
‫وهي ف القرآن على وجهي‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬امتناع الشيء لوجود غيه‪ ،‬وهو ثلثون موضعا‪ :‬ف البقرة‪" :‬فلول فضل ال عليكم‬
‫ورحته"‪" ،‬ولول دفع ال الناس"‪ .‬وف سورة النساء‪" :‬ولول فضل ال عليكم"‪" ،‬ولول فضل ال‬
‫عليك"‪ .‬وف النفال‪" :‬لول كتاب من ال سبق"‪ .‬وف يونس‪ ،‬وهود‪ ،‬وطه‪ ،‬وحم السجدة‪ ،‬وعسق‬
‫‪" :‬ولول كلمة سبقت"‪ .‬وف يوسف‪" :‬ولول دفع ال"‪ .‬وف النور‪" :‬ولول فضل ال عليكم ورحته‬
‫وأن ال تواب حكيم"‪" ،‬ولول فضل ال عليكم ورحته وأن ال رؤوف رحيم"‪" ،‬ولول فضل ال‬
‫عليكم ورحته ما زكى"‪ .‬وف الفرقان‪" :‬لول أن صبنا عليها"‪" ،‬لول دعاؤكم"‪ .‬وف القصص‪" :‬لو‬
‫ل أن ربطنا"‪" ،‬ولول أن تصيبهم مصيبة"‪" ،‬لول أن من ال علينا"‪ .‬وف العنكبوت‪" :‬لول أجل مس‬
‫مى"‪ .‬وف سبأ‪" :‬لول أنتم"‪ .‬وف الصافات‪" :‬ولول نعمة رب"‪" ،‬فلول أنه كان من السبحي"‪ .‬وف‬
‫عسق‪" :‬ولول كلمة الفصل"‪ .‬وف الزخرف‪" :‬ولول أن يكون الناس"‪ .‬وف الفتح‪" :‬ولول رجال م‬
‫ؤمنون"‪ .‬وف الشر‪" :‬ولول أن كتب عليهم اللء"‪ .‬وف ن‪" :‬لول أن تداركه"‪.‬‬
‫والوجه الثان‪ :‬بعن هل‪ ،‬وهو أربعون موضعا‪ :‬ف البقرة‪" :‬لول أن يكلمنا ال"‪ .‬وف النساء‪" :‬لول‬
‫أخرتنا"‪ .‬وف الائدة‪" :‬لول ينهاهم الربانيون"‪ .‬وف النعام‪" :‬لول أنزل عليه ملك"‪" ،‬لول أنزل علي‬
‫ه آية"‪" ،‬فلول جاءهم بأسنا"‪ .‬وف العراف‪" :‬لول اجتبيتها"‪ .‬وف يونس‪" :‬ويقولون لول أنزل عل‬

‫‪16‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يه آية من ربه"‪ .‬وف الكهف‪" :‬لول يأتون عليهم"‪" ،‬ولول أرسلت إلينا رسولً"‪ .‬وف النور‪" :‬لول‬
‫إذ سعتموه قلتم"‪ .‬وف الفرقان‪" :‬لول أنزل عليه ملك"‪" ،‬لول أنزل علينا اللئكة"‪" ،‬لول أنزل عل‬
‫يه القرآن جلة"‪ .‬وف النمل‪" :‬لول تستغفرون ال"‪ .‬وف القصص‪" :‬لول أرسلت"‪" ،‬لول أوت"‪ .‬و‬
‫ف العنكبوت‪" :‬لول أنزل عليه آيات من ربه"‪ .‬وف سجدة الؤمن‪" :‬لول فصلت آياته"‪ .‬وف الزخ‬
‫رف‪" :‬لول نزل هذا القرآن"‪" ،‬فلول ألقي عليه أسورة"‪ .‬وف الحقاف‪" :‬فلول نصرهم الذين ات‬
‫ذوا"‪ .‬وف سورة ممد‪" :‬لول نزلت سورة"‪ .‬وف الواقعة‪" :‬فلول تصدقون"‪" ،‬فلول تذكرون"‪" ،‬فل‬
‫ول تشكرون"‪" ،‬فلول إذا بلغت اللقوم"‪" ،‬فلول إن كنتم"‪ .‬وف الجادلة‪" :‬لول يعذبنا ال"‪ .‬وف‬
‫النافقي‪" :‬لول أخرتن"‪ .‬وف ن‪" :‬لول تسبحون"‪.‬‬
‫باب من‬
‫تكون صلة‪" :‬من قبل أن تسوهن"‪.‬‬
‫وبعن التبعيض‪" :‬من طيبات ما كسبتم"‪.‬‬
‫وبعن عن‪" :‬فتحسسوا من يوسف"‪.‬‬
‫وبعن الباء‪" :‬يفظونه من أمر ال"‪.‬‬
‫ولبيان النس‪" :‬من أساور"‪.‬‬
‫وبعن على‪" :‬ونصرناه من القوم"‪.‬‬
‫وبعن ف‪" :‬ماذا خلقوا من الرض"‪.‬‬
‫باب الواو‬
‫قال ابن فارس‪ :‬ل تكون الواو زائدة أول‪ ،‬وقد تزاد ثانية‪ ،‬نو‪ :‬كوثر‪ .‬وثالثة‪ ،‬نو جدول‪.‬‬
‫ورابعة‪ :‬نو قرنوة‪ .‬وهو نبت يدبغ به الدي‪ .‬وخامسة‪ :‬نو قمحدوة‪.‬‬
‫والواو ف القرآن‪ ،‬تكون بعن إذ‪" :‬وطائفة قد أهتهم أنفسهم"‪ .‬وبعن المع‪" :‬وأيديكم"‪ .‬وبعن‬
‫القسم‪" :‬وال ربنا"‪ .‬وتكون مضمرة‪" :‬لتحملهم قلت"‪ :‬العن آتوك وقلت‪ ،‬وصلة "إل ولا كتاب‬
‫معلوم"‪ .‬وبعن العطف‪" .‬أو آباؤنا"‪.‬‬
‫باب الدى‬
‫يكون بعن الثبات‪" :‬اهدنا الصراط الستقيم"‪.‬‬
‫وبعن البيان‪" :‬على هدى من ربم"‪.‬‬
‫وبعن الرسول‪" :‬فإما يأتينكم من هدى"‪.‬‬
‫وبعن السنة‪" :‬فبهداهم اقتده"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وبعن الصلح‪" :‬ل يهدي كيد الائني"‪.‬‬
‫وبعن الدعاء‪" :‬ولكل قوم هاد"‪.‬‬
‫وبعن القرآن‪" :‬إذ جاءهم الدى"‪.‬‬
‫وبعن اليان‪" :‬وزدناهم هدى"‪.‬‬
‫وبعن اللام‪" :‬ث هدى"‪.‬‬
‫وبعن التوحيد‪" :‬أن نتبع الدى"‪.‬‬
‫وبعن التوراة‪" :‬ولقد آتينا موسى الدى"‪.‬‬
‫الباب الثان‪:‬‬
‫ف اللغة‬
‫فصل‬
‫ف تصريف اللغة وموافقة القرآن لا‬
‫لا كانت اللغة تنقسم قسمي‪ :‬أحدها‪ :‬الظاهر الذي ل يفى على سامعيه ول يتمل غي ظاهره‪.‬‬
‫والثان‪ :‬الشتمل على الكنايات والشارات والتجوزات‪ ،‬وكان هذا القسم هو الستحلى عند‬
‫العرب‪.‬‬
‫نزل القرآن بالقسمي ليتحقق عجزهم عن التيان بثله‪ ،‬فكأنه قال‪ :‬عارضوه بأي القسمي شئتم‪،‬‬
‫ولو نزل كله واضحا لقالوا‪ :‬هل نزل بالقسم الستحلى عندنا‪ ،‬ومت وقع ف الكلم إشارة أو كنا‬
‫ية أو استعارة أو تعريض أو تشبيه كان أحلى واحسن‪.‬‬
‫قال امرؤ القيس‪:‬‬
‫بسهميك ف أعشار قلبٍ مقتل‬ ‫وما ذرفت عيناكِ إل لتقدحـي‬
‫فشبه النظر بالسهم فحلي هذا عند السامع‪.‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫وأردف أعجازا وناء بكلكل‬ ‫فقلت له لا تطى يوزه‬
‫فجعل الليل صلبا وصدرا على جهة التشبيه‪ ،‬وقال الخر‪:‬‬
‫ل تت كل موتا ف القدور‬ ‫من كميت أجادها طاباهـا‬
‫أراد بالطابي الليل والنهار‪.‬‬
‫فنل القرآن على عادة العرب ف كلمهم‪.‬‬
‫فمن عادتم التجوز‪ ،‬وف القرآن‪" :‬فما ربت تارتم"‪" ،‬يريد أن ينقض"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ومن عاداتم الكناية‪" ،‬ولكن ل تواعدوهن سرا"‪" ،‬أو جاء أحد منكم من الغائط"‪.‬‬
‫وقد يكون عن شيء ول ير له ذكر‪" :‬حت توارت بالجاب"‪.‬‬
‫وقد يصلون الكناية بالشيء وهي لغيه‪" :‬ولقد خلقنا النسان من سللة من طي ث جعلناه نطفة‬
‫ف قرار مكي"‪.‬‬
‫ومن عاداتم الستعارة‪" :‬ف كل واد يهيمون"‪" ،‬فما بكت عليهم السماء والرض"‪.‬‬
‫ومن عاداتم الذف‪" :‬الج أشهر معلومات"‪" ،‬واضرب بعصاك الجر فانفلق"‪" ،‬واسأل القرية"‪.‬‬
‫ومن عاداتم زيادة الكلمة‪" :‬فاضربوا فوق العناق"‪ .‬ويزيدون الرف‪" :‬تنبت بالدهن"‪ .‬ويقدمو‬
‫ن ويؤخرون‪" :‬ول يعل له عوجا قيما"‪ .‬ويذكرون عاما ويريدون به الاص‪" :‬الذين قال لم النا‬
‫س"‪ ،‬يريد نعيم بن مسعود‪ .‬وخاصا يريدون به العام‪" :‬يا أيها النب اتق ال"‪ .‬وواحدا يريدون به ا‬
‫ف عن طائفة منكم ن‬
‫لمع‪" :‬هؤلء ضيفي"‪" ،‬ث يرجكم طفلً"‪ .‬وجعا يريدون به الواحد‪" :‬إن نع ُ‬
‫عذب طائفة"‪ .‬وينسبون الفعل إل اثني وهو لحدها‪" :‬نسيا حوتما"‪" ،‬يرج منهما اللؤلؤ"‪ ،‬وين‬
‫سبون الفعل إل أحد اثني وهو لما‪" :‬وال ورسوله أحق أن يرضوه"‪" ،‬انفضوا إليها"‪ .‬وينسبون ا‬
‫لفعل إل جاعة وهو لواحد‪" :‬وإذ قتلتم نفسا"‪ .‬ويأتون بالفعل بلفظ الاضي وهو مستقبل‪" :‬أتى أم‬
‫ر ال"‪ .‬ويأتون بلفظ الستقبل وهو ماض‪" :‬فلم تقتلون أنبياء ال"‪ .‬ويأتون بلفظ فاعل ف معن مف‬
‫عول‪" :‬ل عاصم اليوم"‪" ،‬من ماء دافق"‪" ،‬ف عيشة راضية"‪ .‬ويأتون بلفظ مفعول بعن فاعل‪" :‬و‬
‫كان وعده مأتيا"‪" ،‬حجابا مستورا"‪" ،‬يا موسى مسحورا"‪ .‬ويضمرون الشياء‪" :‬وما منا إل له مقا‬
‫م معلوم"‪ :‬أي من له‪ .‬ويضمرون الفعال فقلنا اضربوه ببعضها فضربوه ويضمرون الروف‪" :‬سن‬
‫عيدها سيتا"‪.‬‬
‫ومن عاداتم‪ :‬تكرير الكلم‪ ،‬وف القرآن‪" :‬فبأي آلء ربكما تكذبان"‪ .‬وقد يريدون تكرير الكلمة‬
‫ويكرهون إعادة اللفظ فيغيون بعض الروف‪ ،‬وذلك يسمى التباع‪ ،‬فيقولون‪ :‬أسوان أتوان‪ :‬أ‬
‫ي حزين‪ ،‬وشيء تافه نافه‪ ،‬وإنه لثقف لقف‪ ،‬وجايع نايع‪ ،‬وج ّل وبلّ‪ ،‬وحياك ال وبياك‪ ،‬وحقي نق‬
‫ي‪ ،‬وعي جدرة بدرة‪ :‬أي عظيمة‪ ،‬ونضر مضر‪ ،‬وسج لج‪ ،‬وسيغ ليغ‪ ،‬وشكس لكس‪ ،‬وشيطان ل‬
‫يطان‪ ،‬وترقوا شذر مذر‪ ،‬وشغر بغر‪ ،‬ويوم عك لك‪ :‬إذا كان حارا‪ ،‬وعطشان نطشان‪ ،‬وعفريت ن‬
‫فريت‪ ،‬وكثي بثي‪ ،‬وكز ولز وكن أن‪ ،‬وحار جار يار‪ ،‬وقبيح لقيح شقيح‪ ،‬وثقة تقة نقة‪ ،‬وهو أش‬
‫ق أمق حبق‪ :‬للطويل‪ ،‬وحسن بسن قسن‪ ،‬وفعلت ذلك على رغمه ودغمه وشغمه‪ ،‬ومررت بم أ‬
‫جعي أكتعي أبصعي‪.‬‬
‫فصل‬

‫‪19‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وقد تأت بكلمة إل جانب كلمة كأنا معها وهي غي متصلة با‪ ،‬ف القرآن‪" :‬يريد أن يُخرجكم‬
‫من أرضكم"‪ ،‬هذا قول الل فقال فرعون‪" :‬فماذا تأمرون"‪ ،‬ومثله‪" :‬أنا راودته عن نفسه وإنه لن‬
‫الصادقي"‪ ،‬فقال يوسف‪" :‬ذلك ليعلم أن ل أخنه بالغيب"‪ .‬ومثله‪" :‬إن اللوك إذا دخلوا قري ًة أفس‬
‫دوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة"‪ ،‬انتهى قول بلقيس‪ ،‬فقال ال عز وجل‪" :‬وكذلك يفعلون"‪ .‬ومثله‬
‫‪" :‬من بعثنا من مرقدنا"‪ .‬انتهى قول الكفار‪ ،‬فقالت اللئكة‪" :‬هذا ما وعد الرحن وصدق الرسلو‬
‫ن"‪.‬‬
‫فصل‬
‫وقد تمع العرب شيئي ف كلم فيد كل واحد منهما إل ما يليق به‪ ،‬وف القرآن‪" :‬حت يقول‬
‫الرسول والذين آمنوا معه مت نصر ال أل إن نصر ال قريب"‪ .‬والعن يقول الؤمنون "مت نصر‬
‫ال"‪ ،‬فيقول الرسول‪" :‬أل إن نصر ال قريب"‪ .‬ومثله‪" :‬ومن رحته جعل لكم الليل والنهار لتسكن‬
‫وا فيه ولتبتغوا من فضله"‪ .‬فالسكون بالليل وابتغاء الفضل بالنهار‪ .‬ومثله‪" :‬وتعزروه وتوقروه وت‬
‫سبحوه"‪ ،‬فالتعزير والتوقي للرسول والتسبيح ل عز وجل‪.‬‬
‫فصل‬
‫وقد يتاج بعض الكلم إل بيان‪ ،‬فيبينونه متصلً بكلم تارة‪ ،‬ومنفصلً أخرى‪ .‬وجاء القرآن على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فمن التصل بيانه‪" :‬يسألونك ماذا أحل لم قل أحل لكم الطيبات"‪ .‬وأما النفصل‪ :‬فتارة يكون ف‬
‫السورة‪ ،‬كقوله ف براءة‪" :‬قد نبأنا ال من أخباركم" بيانه فيها عند قوله‪" :‬لو خرجوا فيكم ما زاد‬
‫وكم إل خبالً"‪.‬‬
‫وتارة يكون ف غي السورة كقوله ف البقرة‪" :‬وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم"‪ ،‬بيانه ف الائدة‪" :‬لئ‬
‫ن أقمتم الصلة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتوهم وأقرضتم ال قرضا حسنا لكفرن عنك‬
‫م سيئاتكم"‪ .‬وف سورة النساء‪" :‬يادعون ال وهو خادعهم"‪ ،‬بيانه ف الديد‪" :‬قيل ارجعوا ورائ‬
‫كم فالتمسوا نورا"‪ .‬وف العراف‪" :‬وشهدوا على أنفسهم أنم كانوا كاذبي"‪ ،‬بيانه ف تبارك‪" :‬ق‬
‫د جاءنا نذير فكذبنا"‪ .‬وف العراف‪" :‬أولئك ينالم نصيبهم من الكتاب"‪ .‬بيان النصيب ف الزمر‬
‫‪" :‬ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على ال وجوههم مسودة"‪ .‬وف العراف‪" :‬وتت كلمة ربك ا‬
‫لسن على بن إسرائيل با صبوا"‪ .‬بيانا ف القصص‪" :‬ونريد أن نن"‪ .‬وف براءة‪" :‬إل عن موعد‬
‫ة وعدها إياه"‪ ،‬بيانا ف مري‪" :‬سأستغفر لك رب"‪ .‬وف يونس‪" :‬وتذكيي بآيات ال"‪ ،‬بيانا ف نو‬
‫ح‪" :‬أل تروا كيف خلق ال سبع ساوات طباقا"‪ .‬وف يونس‪" :‬لم البشرى ف الياة الدنيا وف ال‬

‫‪20‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫خرة"‪ ،‬بيانه ف حم السجدة‪" :‬تنل عليهم اللئكة أل تافوا ول تزنوا"‪ .‬وف إبراهيم‪" :‬أول تكون‬
‫وا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال"‪ ،‬بيانه ف النحل‪" :‬وأقسموا بال جهد أيانم ل يبعث ال م‬
‫ن يوت بلى"‪ .‬وف إبراهيم‪" :‬وتبيّن لكم كيف فعلنا بم"‪ ،‬بيانه ف العنكبوت‪" :‬فمنهم من أرسلنا‬
‫عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة"‪ .‬وف النحل‪" :‬وعلى الذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك‬
‫من قبل"‪ ،‬بيانه ف النعام‪" :‬حرمنا كلّ ذي ظفر"‪ .‬وف بن إسرائيل‪" :‬ويدعو النسان بالشر"‪ ،‬بيانه‬
‫ف النفال‪" :‬فأمطر علينا حجارة من السماء"‪ .‬وف بن إسرائيل‪" :‬لحتنكنّ ذريته إل قليلً"‪ ،‬بيانه‬
‫ف الجر‪" :‬إل عبادك منهم الخلصي"‪ .‬وف مري‪" :‬أل تر أنا أرسلنا الشياطي على الكافرين"‪ ،‬بيان‬
‫ه ف بن إسرائيل‪" :‬واستفزز من استطعت منهم"‪ .‬وف طه‪" :‬فقول له قولً ليّنا"‪ ،‬بيانه ف النازعات‬
‫‪" :‬هل لك إل أن تزكّى"‪ .‬وف طه‪" :‬ول ترقُبْ قول"‪ ،‬بيانه ف العراف‪" :‬اخ ُلفْن ف قومي"‪ .‬وف ا‬
‫لنمل‪" :‬فإذا هم فريقان يتصمون"‪ ،‬بيان خصومتهم ف العراف‪" :‬إن صالا مرسلٌ من ربه"‪ .‬وف‬
‫الحزاب‪" :‬هذا ما وعدنا ال ورسوله"‪ ،‬بيان الوعد ف آل عمران‪" :‬أم حسبتم أن تدخلوا النة و‬
‫لّا يعلم ال الذين جاهدوا منكم‪ .‬وف الصافات‪" :‬ولقد نادانا نوح"‪ ،‬بيانه ف القمر‪" :‬إن مغلوب ف‬
‫انتصر"‪ .‬وف الصافات‪" :‬فحقّ علينا قول ربنا"‪ ،‬بيانه ف ص‪" :‬لملئنّ جهنم"‪ .‬وف الصافات‪" :‬ولق‬
‫د سبقت كلمتنا"‪ ،‬بيانه ف الجادلة‪" :‬لغلب أنا ورسلي"‪ .‬وف الؤمن‪" :‬أمَتّنا اثنتي وأحييتنا اثنتي"‬
‫‪ ،‬بيانه ف البقرة‪" :‬وكنتم أمواتا فأحياكم ث ييتكم ث يييكم"‪ .‬وف الؤمن‪" :‬يوم التنادي"‪ ،‬بيانه ف‬
‫العراف‪" :‬ونادى أصحاب النة"‪" ،‬ونادى أصحاب النار"‪ .‬وف الجادلة‪" :‬فيحلفون له كما يلف‬
‫ل ربنا ما كنا مشركي"‪ .‬وف ن‪" :‬إذ نادى وهو مكظوم"‪ ،‬بيانه ف‬
‫ون لكم"‪ ،‬بيانه ف النعام‪" :‬وا ِ‬
‫النبياء‪" :‬أن ل إله إل أنت"‪.‬‬
‫فصل‬
‫وقد تذكر العرب جواب الكلم مقارنا له‪ ،‬وقد تذكره بعيدا عنه وعلى هذا ورد القرآن‪.‬‬
‫فأما القارن من الواب فقوله‪" :‬يسألونك عن الهلة قل هي مواقيت للناس"‪" ،‬يسألونك ماذا‬
‫ينفقون قل العفو"‪.‬‬
‫وأما البعيد فتارة يكون ف السورة‪ ،‬كقوله ف الفرقان‪" :‬ما لذا الرسول يأكل الطعام ويشي ف ال‬
‫سواق"‪ ،‬جوابه فيها‪" :‬وما أرسلنا قبلك من الرسلي إ ّل أنم ليأكلون الطعام ويشون ف السواق"‬
‫‪.‬‬
‫وتارة يكون ف غي السورة‪ ،‬كقوله تعال ف النفال‪" :‬لو نشاء لقلنا مثل هذا"‪ ،‬جوابه ف بن‬
‫إسرائيل‪" :‬قل لئن اجتمعت النس والن على أن يأتوا بثل هذا القرآن ل يأتون بثله"‪ .‬وف‬

‫‪21‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الرعد‪" :‬ويقول الذين كفروا لست مرسلً"‪ ،‬جوابه ف يس‪" :‬إنك لن الرسلي"‪ .‬ف الجر‪" :‬إنك‬
‫لجنون"‪ ،‬جوابه ف ن‪" :‬ما أنت بنعمة ربك بجنون"‪ .‬ف بن إسرائيل‪" :‬أو تسقط السماء كما زع‬
‫مت علينا كسفا"‪ ،‬جوابه ف سبأ‪" :‬إن نشأ نسف بم الرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء‬
‫"‪ .‬ف الفرقان‪" :‬قالوا وما الرحن"‪ ،‬جوابه‪" :‬الرحن علم القرآن"‪ .‬ف ص‪" :‬واصبوا على آلتكم"‬
‫‪ ،‬جوابه ف حم السجدة‪" :‬فإن يصبوا فالنار مثوى لم"‪ .‬ف الؤمن‪" :‬وما أهديكم إل سبيل الرشا‬
‫د"‪ ،‬جوابه ف هود‪" :‬وما أمر فرعون برشيد"‪ .‬ف الزخرف‪" :‬لول ُنزّل هذا القرآن على رجل من ا‬
‫لقريتي عظيم"‪ .‬جوابه ف القصص‪" :‬وربك يلق ما يشاء ويتار ما كان لم الية"‪ .‬ف الدخان‪" :‬‬
‫ربنا اكشف عنا العذاب"‪ ،‬جوابه ف الؤمني‪" :‬ولو رحناهم وكشفنا ما بم من ضر"‪ .‬ف القمر‪" :‬أ‬
‫م يقولون نن جيع منتصر"‪ .‬جوابه ف الصافات‪" :‬ما لكم ل تناصرون"‪ .‬ف الطور‪" :‬أم يقولون تق‬
‫وّلَه"‪ ،‬جوابه ف الاقة‪" :‬ولو َت َقوّل علينا بعض القاويل"‪.‬‬
‫فصل‬
‫واعلم أن لغة العرب واسعة ولم التصرف الكثي فتراهم يتصرفون ف اللفظة الواحدة بالركات‪،‬‬
‫فيجعلون لكل حركة معن كالمل والمل والروح والروح‪.‬‬
‫وتارة بإعجام كالنضح والنضخ‪ ،‬والقبضة والقبصة‪ ،‬والضمضة والصمصة‪.‬‬
‫وتارة يقلبون حرفا من كلمة ول يتغي عندهم معناها‪ ،‬كقولم‪ :‬صاعقة وصاقعة‪ ،‬وجبذ وجذب‪،‬‬
‫وما أطيبه وأيطبه‪ ،‬وربض ورضب‪ ،‬وانبض ف القوس وانضب‪ ،‬ولعمري ورعملي‪ ،‬واضمحل وام‬
‫ضحل‪ ،‬وعميق ومعيق‪ ،‬وسبسب وبسبس‪ ،‬ولبكت الشيء وبلكته‪ ،‬وأسي مكلب ومكبل‪ ،‬وسحا‬
‫ب مكفهر ومكرهف‪ ،‬وناقة ضمرز وضرزم‪ :‬إذا كانت مسنة‪ ،‬وطريق طامس وطاسم‪ ،‬قفا الثر و‬
‫قاف الثر‪ ،‬وقاع البعي الناقة وقعاها‪ ،‬وقوس عطل وعلط‪ :‬ل وتر عليها‪ ،‬وجارية قتي وقنيت‪ :‬قلي‬
‫لة الدر‪ ،‬وشرخ الشباب وشخره‪ :‬أوله‪ ،‬ولم خن وخزن‪ ،‬وعاث يعيث وعثى يعثى‪ :‬إذا أفسد‪ ،‬و‬
‫تنح عن لقم الطريق ولق الطريق‪ ،‬وبطيخ وطبيخ‪ ،‬وماء سلسال ولسلس‪ ،‬ومسلسل وملسلس إذ‬
‫ا كان صافيا‪ .‬ودقم فاه بالجر دمقه‪ :‬إذا ضربه‪ ،‬وفثأت القدر وثفأتا‪ :‬إذا سكنت غليانا‪ ،‬وكبكب‬
‫ت الشيء وبكبكته‪ :‬إذا طرحت بعضه على بعض‪.‬‬
‫فصل‬
‫ومن سعة اللغة وحسن تصرفها‪ ،‬أن العرب تضع للشيء الواحد أساءً من غي تغي يعتريه‪.‬‬
‫فيقولون السيف والهند والصارم‪.‬‬
‫ويغيون السم بتغيي يعتري فيقولون لن نزل بالركي يل الدلو مايح‪ ،‬وللمستقي من أعلها‬

‫‪22‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ماتح‪ ،‬فالتاء العجمة من فوق لن فوق‪ ،‬والياء العجمة من تت لن تت‪.‬‬
‫وتضع العرب للشيء الواحد أساء تتلف باختلف ماله فيقولون لن انسر الشعر من جانب جبه‬
‫ته أنزع‪ ،‬فإذا زاد قليلً قالوا‪ :‬أجلح‪ ،‬فإذا بلغ النسار نصف رأسه قالوا‪ :‬أجلى وأجله‪ ،‬فإذا زاد‬
‫قالوا‪ :‬أصلع‪ ،‬فإذا ذهب الشعر كله قالوا‪ :‬أحص‪ ،‬والصلع عندهم ذهاب الشعر‪ ،‬والقرع ذهاب ا‬
‫لبشرة‪ .‬ويقولون شفة النسان‪ ،‬ويسمونا من ذوات الف‪ :‬الشفر ويسمونا من ذوات الظلف‪ :‬ا‬
‫لقمة‪ ،‬ومن ذوات الافر‪ :‬الحفلة‪ ،‬ومن السباع‪ :‬الطم‪ ،‬ومن ذوات الناح غي الصايد‪ :‬النقار‪،‬‬
‫ومن الصايد‪ :‬النسر‪ ،‬ومن النير‪ :‬الفنطسة‪.‬‬
‫ويقولون صدر النسان‪ ،‬ويسمونه من البعي الكركرة‪ ،‬ومن السد الزور‪ ،‬ومن الشاة القص‪ ،‬وم‬
‫ن الطائر‪ :‬الؤجؤ‪ ،‬ومن الرادة‪ :‬الوشن‪.‬‬
‫والثدي للمرأة وللرجل‪ :‬ثندؤة‪ ،‬وهو من ذوات الف‪ :‬اللف‪ ،‬ومن ذوات الظلف‪ :‬الضرع‪ ،‬وم‬
‫ن ذوات الافر والسباع‪ :‬الطب‪.‬‬
‫والظفر للنسان وهو من ذوات الف‪ :‬النسم‪ ،‬ومن ذوات الظلف‪ :‬الظلف‪ ،‬ومن ذوات الافر‪:‬‬
‫الافر‪ ،‬ومن السباع والصائد من الطي‪ :‬الخلب‪ ،‬ومن الطي غي الصائد والكلب ونوها‪ :‬البثن‬
‫‪ ،‬ويوز البثن ف السباع كلها‪.‬‬
‫والعدة للنسان بنلة الكرش للنعام‪ ،‬والوصلة للطائر‪.‬‬
‫?فصل‬
‫وتفرق العرب ف الشهوات‪.‬‬
‫فيقولون جائع ف البز‪ ،‬قرم إل اللحم‪ ،‬عطشان إل الاء‪ ،‬عيمان إل اللب‪ ،‬قرد إل التمر‪ ،‬جعم‬
‫إل الفاكهة‪ ،‬شبق إل النكاح‪.‬‬
‫ويقولون البيض للطائر‪ ،‬والكن للضباب‪ ،‬والازن للنمل‪ ،‬والسرو للجراد‪ ،‬والصؤاب للقمل‪.‬‬
‫ويفرقون ف النازل فإن كان من مدر‪ ،‬قالوا‪ :‬بيت‪ ،‬وإن كان من وبر‪ ،‬قالوا‪ :‬باد‪ .‬وإن كان من‬
‫صوف‪ ،‬قالوا‪ :‬خباء‪ .‬وإن كان من الشعر‪ ،‬قالوا‪ :‬فسطاط‪ .‬وإن كان من غزل‪ ،‬قالوا‪ :‬خيمة‪ .‬وإن‬
‫كان من جلود‪ ،‬قالوا‪ :‬قشع‪.‬‬
‫ويفرقون ف الوطان فيقولون‪ :‬وطن النسان‪ ،‬وعطن البعي‪ ،‬وعرين السد‪ ،‬ووجار الذئب والضب‬
‫ع‪ ،‬وكناس الظب‪ ،‬وعش الطائر‪ ،‬وقرية النمل‪ ،‬وكور الزنابي‪ ،‬ونافقاء اليبوع‪.‬‬
‫ويقولون لا يضعه الطائر على الشجر‪ :‬وكر‪ ،‬فإن كان على جبل أو جدار فهو‪ :‬وكن‪ ،‬وإذا كان‬
‫ف كن فهو‪ :‬عش‪ ،‬وإذا كان على وجه الرض فهو‪ :‬أفحوص‪ ،‬والدحى للنعام خاصة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويقولون عدا النسان‪ ،‬وأحضر الفرس‪ ،‬وأرقل البعي‪ ،‬وعسل الذئب‪ ،‬ومزع الظب وزف النعام‪.‬‬
‫ويقولون طفر النسان‪ ،‬وضب الفرس‪ ،‬ووثب البعي‪ ،‬وقفز العصفور‪ ،‬وطمر البغوث‪.‬‬
‫ويفرقون ف أساء الولد فيقولون لولد كل سبع‪ :‬جرو‪ ،‬ولولد كل ذي ريش‪ :‬فرخ‪ ،‬ولولد كل‬
‫وحشية‪ :‬طفل‪ ،‬ولولد الفرس‪ :‬مهر وفلو‪ ،‬ولولد المار‪ :‬جحش وعفو‪ ،‬ولولد البقرة‪ :‬عجل‪ ،‬ولول‬
‫د السد‪ :‬شبل‪ ،‬ولولد الظبية‪ :‬خشف‪ ،‬ولولد الفيل‪ :‬دغفل‪ ،‬ولولد الناقة‪ :‬حوار‪ ،‬ولولد الثعلب‪:‬‬
‫هجرس‪ ،‬ولولد الضب‪ :‬حسل‪ ،‬ولولد الرنب‪ :‬خرنق‪ ،‬ولولد النعام‪ :‬رأل‪ ،‬ولولد الدب‪ :‬ديسم‪،‬‬
‫ولولد النير‪ :‬خنوص‪ .‬ولولد اليبوع والفأرة‪ :‬درص‪ ،‬ولولد الية‪ :‬حريش‪.‬‬
‫ويفرقون ف الضرب فيقولون‪ :‬للضرب بالراح على مقدم الرأس‪ :‬صقع‪ ،‬وعلى القفا‪ :‬صفع‪ ،‬وعل‬
‫ى الوجه‪ :‬صك‪ ،‬وعلى الد ببسط الكف‪ :‬لطم‪ ،‬وبقبضها‪ :‬لكم‪ ،‬وبكلتا اليدين‪ :‬لدم‪ ،‬وعلى الذق‬
‫ن والنك‪ :‬وهز‪ ،‬وعلى النب‪ :‬وخز‪ ،‬وعلى الصدر والبطن بالكف‪ :‬وكز‪ ،‬وبالركبة‪ :‬زبن‪ ،‬وبالر‬
‫جل‪ :‬ركل‪ ،‬وكل ضارب بؤخره من الشرات كلها كالعقارب‪ :‬تلسع‪ ،‬وكل ضارب منها بفيه‪ :‬ي‬
‫لدغ‪ .‬ويفرقون ف الكشف عن الشيء من البدن‪ ،‬فيقولون‪ :‬حسر عن رأسه‪ ،‬وسفر عن وجهه‪ ،‬و‬
‫أفتر عن نابه‪ ،‬وكشر عن أسنانه‪ ،‬وأبدى عن ذراعيه‪ ،‬وكشف عن ساقيه‪ ،‬وهتك عن عورته‪.‬‬
‫ويفرقون ف الماعات فيقولون‪ :‬موكب من الفرسان‪ ،‬وكبكبة من الرجال‪ ،‬وجوقة من الغلمان‪،‬‬
‫ولة من النساء‪ ،‬ورعيل من اليل‪ ،‬وصرمة من البل‪ ،‬وقطيع من الغنم‪ ،‬وسرب من الظباء‪ ،‬وعرج‬
‫لة من السباع‪ ،‬وعصابة من الطي‪ ،‬ورجل من الراد‪ ،‬وخشرم من النحل‪.‬‬
‫ويفرقون ف المتلء فيقولون‪ :‬بر طام‪ ،‬ونر طافح‪ ،‬وعي ثرة‪ ،‬وإناء مفعم‪ ،‬وملس غاص بأهله‪.‬‬
‫ويفرقون ف اسم الشيء اللي فيقولون‪ :‬ثوب لي‪ ،‬ورمح لدن‪ ،‬ولم رخص‪ ،‬وريح رخاء‪ ،‬وفراش‬
‫وثي‪ ،‬وأرض دمثة‪.‬‬
‫ويفرقون ف تغي الطعام وغيه فيقولون‪ :‬أروح اللحم‪ ،‬وأسن الاء‪ ،‬وخن الطعام‪ ،‬وسنخ السمن‪،‬‬
‫وزنخ الدهن‪ ،‬وقنم الوز‪ ،‬ودخن الشراب‪ ،‬وصدئ الديد‪ ،‬ونغل الدي‪.‬‬
‫ويقولون يدي من اللحم غمرة‪ ،‬ومن الشحم زهة‪ ،‬ومن البيض زهكة‪ ،‬ومن الديد سهكة‪ ،‬ومن‬
‫السمك صمرة‪ ،‬ومن اللب والزبد شترة‪ ،‬ومن الثريد مرة‪ ،‬ومن الزيت قنمة‪ ،‬ومن الدهن زنة‪ ،‬و‬
‫من الل خطة‪ ،‬ومن العمل لزقة‪ ،‬ومن الفاكهة لزجة‪ ،‬ومن الزعفران ردغة‪ ،‬ومن الطي ودغة‪ ،‬وم‬
‫ن العجي ودخة‪ ،‬ومن الطيب عبقة‪ ،‬ومن الدم ضرجة وسطلة وسلطة‪ ،‬ومن الوحل لثقة‪ ،‬ومن الا‬
‫ء بللة‪ ،‬ومن المأة ثئطة‪ ،‬ومن البد صردة‪ ،‬ومن السنان قضضة‪ ،‬ومن الداد وجدة‪ ،‬ومن البزر‬
‫والنفط نشة ونثمة‪ ،‬ومن البول قتمة‪ ،‬ومن العذرة طفسة‪ ،‬ومن الوسخ درنة‪ ،‬ومن العمل ملة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويفرقون ف الوسخ فإذا كان ف العي قالوا‪ :‬رمص‪ ،‬فإذا جف قالوا‪ :‬غمص‪ ،‬فإذا كان ف السنان‬
‫قالوا‪ :‬حفر‪ ،‬فإذا كان ف الذن فهو‪ :‬أف‪ ،‬وإذا كان ف الظفار فهو‪ :‬تف‪ ،‬وإذا كان ف الرأس قال‬
‫وا‪ :‬حزاز‪ ،‬وهو ف باقي البدن‪ :‬درن‪.‬‬
‫ويقولون ف الرياح فإذا وقعت الريح بي ريي فهي‪ :‬نكباء‪ ،‬فإذا وقعت بي النوب والصبا فهي‪:‬‬
‫الريباء‪ ،‬فإذا هبت من جهات متلفة فهي‪ :‬التناوحة‪ ،‬فإذا جاءت بنفس ضعيف فهي‪ :‬النسيم‪ ،‬فإذ‬
‫ا كانت شديدة فهي‪ :‬العاصف‪ ،‬فإذا قويت حت قلعت اليام فهي‪ :‬الجوم‪ ،‬فإذا حركت الشجار‬
‫تريكا شديدا وقلعتها فهي‪ :‬الزعزع‪ ،‬فإذا جاءت بالصباء فهي‪ :‬الاصب‪ ،‬فإذا هبت من الرض‬
‫كالعمود نو السماء فهي‪ :‬العصار‪ ،‬فإذا جاءت بالغبة فهي‪ :‬البوة‪ ،‬فإذا كانت باردة فهي‪ :‬الر‬
‫جف والصرصر‪ ،‬فإذا كان مع بردها ندى فهي‪ :‬البليل‪ ،‬فإذا كانت حارة فهي السموم‪ ،‬فإذا ل تلق‬
‫ح ول تمل مطرا فهي‪ :‬العقيم‪.‬‬
‫ويفرقون ف الطر‪ :‬فأوله رش‪ ،‬ث طش‪ ،‬ث طل‪ ،‬ورذاذ‪ ،‬ث نضخ‪ ،‬ث هضل‪ ،‬وتتان‪ ،‬ث وابل‬
‫وجود‪ ،‬فإذا أحي الرض بعد موتا فهي‪ :‬الياء‪ ،‬فإذا جاء عقيب الحل أو عند الاجة فهو‪:‬‬
‫الغيث‪ ،‬وإن كان صغار القطر فهو‪ :‬القطقط‪ ،‬فإذا دام مع سكون فهو‪ :‬الدية‪ ،‬فإذا كان عاما فهو‬
‫‪ :‬الداء‪ ،‬وإذا روى كل شيء فهو‪ :‬الود‪ ،‬فإذا كان كثي القطر فهو‪ :‬الطل والتهتان‪ ،‬فإذا كان‬
‫ضخم القطر شديد الوقع فهو‪ :‬الوبل‪.‬‬
‫ويقولون هجهجت بالسبع‪ ،‬وشايعت بالبل‪ ،‬ونعقت بالغنم‪ ،‬وسأسأت بالمار‪ ،‬وهأهأت بالبل‪ :‬إ‬
‫ذا دعوتا للعلف‪ ،‬وجأجأت با‪ :‬إذا دعوتا للشرب‪ ،‬وأشليت الكلب‪ :‬دعوته‪ ،‬وأسدته أرسلته‪.‬‬
‫ويفرقون ف الصوات‪ :‬فيقولون‪ :‬رغا البعي‪ ،‬وجرجر‪ ،‬وهدر وقبقب‪ ،‬وأطت الناقة‪ ،‬وصهل الفر‬
‫س‪ ،‬وححم‪ ،‬ونم الفيل‪ ،‬ونق المار‪ ،‬وسحل‪ .‬وشحج البغل‪ ،‬وخارت البقرة وجأرت‪ ،‬وثاجت ا‬
‫لنعجة‪ ،‬وثغت الشاة ويعرت‪ ،‬وبغم الظب ونزب‪ ،‬ووعوع الذئب‪ ،‬وضبح الثعلب‪ ،‬وضغت الرن‬
‫ب‪ ،‬وعوى الكلب ونبح‪ ،‬وصأت السنونو‪ ،‬وضأت الفأرة‪ ،‬وفحت الفعى‪ ،‬ونعق الغراب ونعب‪،‬‬
‫وزقا الديك وسقع‪ ،‬وصفر النسر‪ ،‬وهدر المام وهدل‪ ،‬وغرد الكاء‪ ،‬وقبع النير‪ ،‬ونقت العقر‬
‫ب‪ ،‬وأنقضت الضفادع ونقّت أيضا‪ ،‬وعزفت الن‪.‬‬
‫فصل‬
‫وتقول العرب ف المر‪ :‬وهن‪ ،‬وف الثوب‪ :‬وهى‪ ،‬وف الساب‪ :‬غلت‪ ،‬وف غيه‪ :‬غلط‪ ،‬ومن‬
‫الطعام‪ :‬بشم‪ ،‬ومن الاء‪ :‬بغر‪ ،‬وحل الشيء ف فمي‪ ،‬وحلى ف عين‪.‬‬
‫فصل‬

‫‪25‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الراهق من الغلمان بنلة العصر من الواري‪ ،‬والزور من الصبيان بنلة الكاعب‪ ،‬والكهل من‬
‫الرجال بنلة النصف من النساء‪ ،‬والقارح من اليل بنلة البازل من البل‪ ،‬والعجل من البقر‪،‬‬
‫والشادن من الظباء كالناهض من الفراخ‪ ،‬والبكر من البل بنلة الفت‪ ،‬والقلوص بنلة الارية‪،‬‬
‫والمل بنلة الرجل‪ ،‬والناقة بنلة الرأة‪ ،‬والبعي بنلة النسان‪ ،‬والغرز للجمل‪ ،‬كالركاب للفر‬
‫س‪ ،‬والغدة للبعي كالطاعون للنسان‪ ،‬والالة من القمر كالدارة من الشمس‪ ،‬والبصية ف القلب‬
‫كالبصر ف العي‪ ،‬والسباط ف بن إسحق‪ ،‬كالقبائل ف بن إساعيل‪ ،‬وأرداف اللوك ف الاهلية‪،‬‬
‫كالوزراء ف السلم‪ ،‬والقيال لمي كالبطارق للروم والقواد للعرب‪.‬‬
‫فصل‬
‫وللعرب خاص وعام‪.‬‬
‫فالبغض عام‪ ،‬والفرك بي الزوجي خاص‪ ،‬والنظر إل الشياء عام‪ ،‬والشيم إل البق خاص‪،‬‬
‫الصراخ عام‪ ،‬والواعية على اليت خاص‪ ،‬الذنب للحيوان والبهائم عام‪ ،‬والذناب للفرس خاص‪.‬‬
‫السي عام‪ ،‬والسري بالليل خاص‪ .‬الرب عام‪ ،‬والباق للعبيد خاص‪ .‬الرائحة عام‪ ،‬والقتار للشوا‬
‫ء خاص‪.‬‬
‫فصل‬
‫ومن جلة السلم للعرب‪ :‬أنم ل يقولون مائدة إل إذا كان عليها طعام وإل فهي‪ :‬خوان‪ .‬ول‬
‫للعظم عرق إل ما دام عليه لم‪ ،‬ول كأس إل إذا كان فيه شراب‪ ،‬وإل فهي‪ :‬زجاجة‪ ،‬ول كوز‬
‫إل إذا كانت له عروة‪ ،‬وإل فهو كوب‪ ،‬ول رضاب إل إذا كان ف الفم‪ ،‬وإل فهو‪ :‬بصاق‪ ،‬ول أ‬
‫ريكة إل للسرير إذا كان عليه قبة‪ .‬فإن ل يكن عليه قبة فهو‪ :‬سرير‪ .‬ول ربطة إل إذا كانت لفقت‬
‫ي‪ ،‬وإل فهي‪ :‬ملءة‪ ،‬ول خدر إل إذا كان فيه امرأة‪ ،‬وإل فهو‪ :‬ستر‪ .‬ول للمرأة ظعينة إل إذا ك‬
‫انت ف الودج‪ ،‬ول قلم إل إذا كان مبيا‪ ،‬وإل فهو‪ :‬أنبوب‪ .‬ول عهن إل إذا كان مصبوغا‪ ،‬وإ‬
‫ل فهو‪ :‬صوف‪ .‬ول وقود إل إذا اتقدت فيه النار‪ ،‬وإل فهو‪ :‬حطب‪ .‬ول ركية إل إذا كان فيه ما‬
‫ء‪ ،‬وإل فهي‪ :‬بئر‪ .‬ول للبل رأوية إل ما دام عليها الاء‪ ،‬ول للدلو سجل إل ما دام فيها الاء‪ ،‬ول‬
‫ذنوب إل ما دامت ملى‪ ،‬ول نفق إل إذا كان له منفذ وإل فهو‪ :‬سرب‪ .‬ول سرير نعش إل ما د‬
‫ام عليه اليت‪ .‬ول للخات خات إل إذا كان عليه فص‪ .‬ول رمح إل إذا كان له زوج وسنان‪ ،‬وإل‬
‫فهو‪ :‬أنبوب وقناة‪ .‬ول لطيعة إل للبل الت تمل الطيب والبز خاصة‪ .‬ول حولة إل للت تمل ا‬
‫لمتعة خاصة‪ .‬ول بدنة إل للت تعل للنحر‪ .‬ول ركب إل لركبان البل‪ .‬ول هضبة‪ ،‬إل إذا كان‬

‫‪26‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت حراء‪ .‬ول يقال غيث‪ ،‬إل إذا جاء ف إبانه‪ ،‬وإل فهو‪ :‬مطر‪ .‬ول يقال عش‪ ،‬حت يكون عيدانا‬
‫مموعة‪ ،‬فإذا كان نقبا ف جبل أو حائط فهو‪ :‬وكر ووكن‪.‬‬
‫?الباب الثالث‪:‬‬
‫ف علوم الديث‬
‫فصل‬
‫ف ذكر نبينا صلى ال عليه وسلم‬
‫ذكر نسبه‬
‫هو ممد بن عبد ال بن عبد الطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب‬
‫بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن‬
‫نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن زيد بن يقدر بن يقدم بن الميسع بن النبت بن قيذار بن‬
‫إساعيل بن إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن سارغ بن أرغوة بن فالغ بن عابر بن شال بن أرفخشد‬
‫بن سام بن نوح بن لك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يزد بن مهليل بن قينان بن أنوش بن شيت بن‬
‫آدم‪.‬‬
‫وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلب‪.‬‬
‫ذكر أسائه‬
‫هو ممد‪ ،‬وأحد‪ ،‬والاحي‪ ،‬والاشر‪ ،‬والعاقب‪ ،‬والقفي‪ ،‬ونب الرحة‪ ،‬ونب التوبة‪ ،‬ونب اللحم‪،‬‬
‫والشاهد‪ ،‬والبشي‪ ،‬والنذير‪ ،‬والضحوك‪ ،‬والقتال‪ ،‬والتوكل‪ ،‬والفاتح‪ ،‬والات‪ ،‬والصطفى‪،‬‬
‫والرسول‪ ،‬والنب‪ ،‬والمي‪ ،‬والقثم‪.‬‬
‫فالعاقب آخر النبياء‪ ،‬والقفي تبع النبياء‪ ،‬والضحوك صفته ف التوراة ‪ -‬لنه كان طيب النفس‬
‫فكها ‪ ،-‬والقثم من القثم‪ :‬وهو العطاء‪.‬‬
‫ذكر عمومته‬
‫الارث والزبي‪ ،‬وأبو طالب‪ ،‬وحزة‪ ،‬وأبو لب‪ ،‬والغيداق‪ ،‬والقوم‪ ،‬وضرار‪ ،‬والعباس‪ ،‬وقثم‪،‬‬
‫وحجل واسه الغية‪.‬‬
‫ذكر عماته‬
‫أم حكيم‪ ،‬وهي البيضاء‪ ،‬وبرة‪ ،‬وعاتكة‪ ،‬وصفية‪ ،‬وأروى‪ ،‬وأميمة‪ ،‬وأسلمت صفية‪ ،‬واختلف ف‬
‫عاتكة وأروى وأميمة‪.‬‬
‫ذكر أزواجه‬

‫‪27‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تزوج خدية‪ ،‬ث سودة‪ ،‬ث عائشة‪ ،‬ث حفصة‪ ،‬ث أم سلمة‪ ،‬ث جويرية‪ ،‬ث زينب بنت جحش‪ ،‬ث‬
‫زينب بنت خزية‪ ،‬ث أم حبيبة‪ ،‬ث صفية‪ ،‬ث ميمونة‪ ،‬فماتت خدية وزينب بنت خزية ف حياته‪،‬‬
‫وتوف عن التسع البواق‪.‬‬
‫ذكر أولده‬
‫القاسم‪ ،‬وعبد ال‪ ،‬وهو الطيب والطاهر‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وزينب‪ ،‬ورقية‪ ،‬وأم كلثوم‪.‬‬
‫ذكر مواليه‬
‫أسلم‪ :‬ويكن أبا رافع‪ ،‬أبو رافع‪ :‬آخر والد البهي‪ ،‬أحر‪ ،‬آنسة‪ ،‬أسامة‪ ،‬أفلح‪ ،‬ثوبان‪ ،‬ذكوان‪،‬‬
‫رافع‪ ،‬رباح‪ ،‬زيد بن حارثة‪ ،‬سلمان‪ ،‬سال‪ ،‬سليم‪ ،‬سابق‪ ،‬سعيد‪ ،‬شقران‪ ،‬واسه صال‪ ،‬ضمية‪،‬‬
‫عبيد ال عبيد‪ ،‬فضالة‪ ،‬كيسان‪ ،‬مهران ‪ -‬وهو سفينة‪ ،‬وقيل اسه سفينة‪ ،‬وقيل رومان ‪ -‬وقيل عب‬
‫س‪ ،‬مدعم‪ ،‬نافع‪ ،‬نفيع ‪ -‬وهو أبو بكر ‪ -‬بنيه‪ ،‬واقد‪ ،‬وردان‪ ،‬هشام‪ ،‬يسار‪ ،‬أبو أثيلة‪ ،‬أبو المرا‬
‫ء‪ ،‬أبو ضمية‪ ،‬أبو عبيد‪ ،‬أبو مويهبة‪ ،‬أبو واقد‪ ،‬أبو لبابة‪ ،‬أبو لقيط‪ ،‬أبو هند‪ ،‬سابور‪.‬‬
‫ذكر مؤذنيه‬
‫بلل‪ ،‬وسعد‪ ،‬وابن أم كلثوم‪ ،‬وأبو مذورة‪.‬‬
‫ذكر كتّابه‬
‫أبو بكر‪ ،‬عمر‪ ،‬عثمان‪ ،‬علي‪ ،‬أبّ‪ ،‬زيد‪ ،‬معاوية‪ ،‬حنظلة‪ ،‬خالد بن سعد‪ ،‬إبان بن سعيد‪ ،‬العل بن‬
‫الضرمي‪ ،‬وكان الداوم على الكتابة زيد ومعاوية‪.‬‬
‫ذكر نقباء النصار‬
‫أسعد بن زرارة‪ ،‬أسيد بن خضي‪ ،‬الباء بن معرور‪ ،‬رافع بن مالك‪ ،‬سعد ابن خيثمة‪ ،‬سعد بن‬
‫الربيع‪ ،‬عبد ال بن رواحة‪ ،‬عبد ال بن عمرو بن حزام‪ ،‬عبادة بن الصامت‪ ،‬سعد بن عبادة‪ ،‬النذر‬
‫بن عمرو‪ ،‬أبو اليثم بن التيهان‪ ،‬ونقب النب صلى ال عليه وسلم على النقباء أسعدا‪.‬‬
‫تسمية من جع القرآن حفظا‬
‫على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم عثمان بن عفان‪ ،‬أب‪ ،‬معاذ بن جبل‪ ،‬أبو الدرداء‪ ،‬زيد‬
‫بن ثابت‪ ،‬أبو زيد النصاري‪ ،‬قال ابن سيين‪ :‬وتيم الداري‪ ،‬وقال القرطب‪ :‬وعبادة بن الصامت‪،‬‬
‫وأبو أيوب‪.‬‬
‫تسمية من كان يفت‬

‫‪28‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم أبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وعلي‪ ،‬وعبد الرحن بن‬
‫عوف‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وأب‪ ،‬ومعاذ‪ ،‬وعمار‪ ،‬وحذيفة‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأبو الدرداء‪ ،‬وأبو موسى‪،‬‬
‫وسلمان‪.‬‬
‫تسمية من تأخر موته من الصحابة‬
‫آخر من مات من أهل العقبة‪ :‬جابر بن عبد ال بن عمرو‪ ،‬ومن أهل بدر‪ :‬أبو اليسر‪ ،‬ومن‬
‫الهاجرين‪ :‬سعد بن أب وقاص‪ ،‬وهو آخر العشرة موتا‪ ،‬وآخر من مات بكة من الصحابة‪ :‬ابن‬
‫عمر‪ ،‬وبالدينة‪ :‬سهل بن سعد بن معاذ‪ ،‬وبالكوفة‪ :‬عبد ال بن أب أوف‪ ،‬وبالبصرة‪ :‬أنس بن مالك‬
‫‪ ،‬وبصر‪ :‬عبد ال بن الارث بن جزء‪ ،‬وبالشام‪ :‬عبد ال بن يسر‪ ،‬وبراسان‪ :‬بريدة‪ ،‬وآخر الناظ‬
‫رين إل رسول ال صلى ال عليه وسلم موتا‪ :‬أبو الطفيل عامر بن واثلة‪.‬‬
‫تسمية فقهاء الدينة السبعة‬
‫سعيد بن السيب‪ ،‬والقسم‪ ،‬وأبو بكر بن عبد الرحن‪ ،‬وخارجة‪ ،‬وعبيد ال بن عبد ال‪ ،‬وعروة‪،‬‬
‫وسليمان بن يسار‪.‬‬
‫منتخب من ذكر الوائل‬
‫أول من خلق ال القلم‪ ،‬أول جبل وضع ف الرض‪ :‬أبو قبيس‪ ،‬أول مسجد وضع ف الرض‪:‬‬
‫السجد الرام‪ ،‬أول ولد آدم‪ :‬قابيل‪ ،‬أول من خط وخاط‪ :‬إدريس‪ ،‬أول من اخت وضاف‪ :‬إبراهي‬
‫م‪ ،‬أول من ركب اليل وتكلم بالعربية‪ :‬إساعيل‪ ،‬أول من عمل القراطيس‪ :‬يوسف‪ ،‬أول من سر‬
‫د الدروع وقال أما بعد‪ :‬داود‪ ،‬أول من صبغ بالسواد‪ :‬فرعون‪ ،‬أول من دخل المام وعمل الصا‬
‫بون‪ :‬سليمان‪ ،‬أول من طبخ بالجر‪ :‬هامان‪.‬‬
‫فصل‬
‫أول من سيب السوايب‪ :‬عمرو بن لي‪ ،‬أول من سن الدية مائة من البل‪ :‬عبد الطلب‪ ،‬أول من‬
‫قطع ف السرقة ف الاهلية‪ :‬وقضى بالقسامة وخلع نعليه عند دخول الكعبة‪ :‬الوليد بن الغية‪،‬‬
‫أول من قضى ف النثى من حيث يبول‪ :‬عامر بن الظرب‪ ،‬أول عرب قسم الذكر مثل حظ النثي‬
‫ي‪ :‬عامر بن جشم‪.‬‬
‫فصل‬
‫أول ما نزل من القرآن‪" :‬اقرأ باسم ربك"‪ ،‬أول آية نزلت ف القتال‪" :‬أذن للذين يقاتلون"‪ ،‬أول‬
‫من أسلم من الرجال‪ :‬أبو بكر‪ ،‬ومن الصبيان‪ :‬علي‪ ،‬ومن الوال‪ :‬زيد‪ ،‬ومن النساء‪ :‬خدية‪ ،‬ومن‬
‫النصار‪ :‬جابر بن عبد ال بن رباب‪ ،‬أول من هاجر إل البشة‪ :‬حاطب بن عمرو‪ ،‬وإل الدينة‪ :‬م‬

‫‪29‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫صعب بن عمية‪ ،‬ومن النساء‪ :‬أم كلثوم بنت عتبة‪ ،‬أول من بايع ليلة العقبة‪ :‬أسعد بن زرارة‪ ،‬أو‬
‫ل من بايع بيعة الرضوان‪ :‬أبو سنان السدي‪ ،‬أول من أذّن‪ :‬بلل‪ ،‬أول من بن مسجدا ف السل‬
‫م‪ :‬عمار‪ ،‬أول من سل سيفا ف السلم‪ :‬الزبي‪ ،‬أول من عدا به فرسه ف سبيل ال‪ :‬عبد ال بن ج‬
‫حش‪ ،‬وهو أول من دعا يا أمي الؤمني‪ ،‬أول شهيد ف السلم‪ :‬سية‪.‬‬
‫فصل‬
‫أول ظهار كان ف السلم‪ :‬ظهار أوس بن الصامت من الجادلة‪ ،‬أول خلع كان ف السلم‪ :‬خلع‬
‫حبيبة بنت سهل بن ثابت بن قيس‪ ،‬أول لعان كان ف السلم‪ :‬لعان هلل بن أمية مع زوجته‪،‬‬
‫أول مرجوم كان ف السلم‪ :‬ماعز‪ ،‬أول من سن الصلة عند القتل‪ :‬خبيب‪ ،‬أول من أوصى بثل‬
‫ث ماله‪ :‬الباء ابن معرور‪ ،‬أول من دفن بالبقيع‪ :‬عثمان ابن مظعون‪.‬‬
‫فصل‬
‫أول من جع القرآن‪ :‬أبو بكر‪ ،‬أول من قص‪ :‬تيم‪ ،‬أول من وضع النحو‪ :‬أبو السود‪ ،‬أول من‬
‫نقط الصحف‪ :‬يي بن يعمر‪.‬‬
‫فصل‬
‫أول ما يرفع من الناس‪ :‬الشوع‪ ،‬أول ما تفقدون من دينكم‪ :‬المانة‪ ،‬أول اليات‪ :‬طلوع‬
‫الشمس من مغربا‪ ،‬أول من تنشق عنه الرض‪ :‬نبينا وهو أول من يقرع باب النة‪ ،‬وأول شافع‪،‬‬
‫وأول مشفع‪ ،‬أول من يكسى إبراهيم‪ ،‬أول ما ياسب العبد به‪ :‬الصلة‪ ،‬أول أمة تدخل النة‪ :‬أم‬
‫ة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫منتخب ف ذكر النسوبي إل غي آبائهم‬
‫فمن النسوبي إل أمهاتم‪ :‬بلل بن حامة‪ ،‬واسم أبيه‪ :‬رباح‪ ،‬ابن أم مكتوم واسم أبيه عمرو‪،‬‬
‫بشي ابن الصاصية واسم أبيه معبد‪ ،‬الارث ابن البصاء واسم أبيه مالك‪ ،‬حفاف ابن ندبة‬
‫واسم أبيه عمي‪ ،‬سعد ابن جنبة واسم أبيه بي‪ ،‬شرحبيل ابن حسنة واسم أبيه عبد ال‪ ،‬عبد ال ا‬
‫بن بينة واسم أبيه مالك‪ ،‬مالك ابن نيلة واسم أبيه ثابت‪ ،‬معاذ ومعوذ ابنا عفراء واسم أبيهما ال‬
‫ارث‪ ،‬يعلى ابن سبابة واسم أبيه مرة‪ ،‬يعلى ابن منية واسم أبيه أمية‪ ،‬وهؤلء كلهم صحابة‪.‬‬
‫ومن العلماء بعدهم‪ :‬إساعيل ابن علية واسم أبيه إبراهيم‪ ،‬منصور ابن صفية واسم أبيه عبد الرح‬
‫ن‪ ،‬ممد بن عائشة واسم أبيه‪ :‬حفص‪ ،‬إبراهيم ابن أهراسة واسم أبيه سلمة‪ ،‬ممد ابن عثمة واس‬
‫م أبيه خالد‪.‬‬
‫فصل‬

‫‪30‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف ذكر أساء تساوى فيها الرجال والنساء‬
‫فمن ذلك ما تساوى فيه السم والنسب أمية بن أب الصلت قال فيه النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"كاد أمية يسلم"‪ ،‬أمية بنت أب الصلت روى حديثها ابن إسحاق‪ ،‬أمية بن عبد ال‪ :‬حدث عن‬
‫ابن عمر‪ ،‬أمية بنت عبد ال‪ :‬تروي عن عائشة‪ ،‬عمارة بن حزة‪ :‬من ولد عكرمة‪ ،‬عمارة بنت حز‬
‫ة‪ :‬وهي الت اختصم فيها علي وجعفر وزيد‪.‬‬
‫فضالة بن الفضل‪ :‬حدث عن أب بكر بن عياش‪ ،‬فضالة بنت الفضل‪ :‬روى عنها عبد الرحن بن ج‬
‫بلة‪.‬‬
‫طلحة بن أب سعيد الصري‪ :‬روى عن القاسم بن ممد‪ ،‬طلحة بنت أب سعيد‪ :‬روى عنها ابن أب‬
‫جبلة أيضا‪.‬‬
‫هند بن الهلب‪ :‬روى عنه ممد بن الزبرقان‪ ،‬هند بنت الهلب‪ :‬حدثت عن أبيها‪.‬‬
‫هبة بن أحد شيخنا‪ ،‬هبة بنت أحد‪ :‬حدثت عن أحد بن ممود‪.‬‬
‫فصل‬
‫ومن ذلك ما يتشابه ف الط ويتباين ف اللفظ مع تساوي اسم الب‪ :‬بسرة بنت صفوان‪:‬‬
‫صحابية‪ ،‬يسرة بن صفوان‪ :‬حدث عن إبراهيم بن سعد‪ ،‬حزة بن عبد ال جاعة‪ ،‬جرة بنت عبد‬
‫ال‪ :‬صحابية‪ ،‬خيثمة بن عبد الرحن‪ :‬روى عن ابن عمر‪ ،‬حنتمة بنت عبد الرحن‪ :‬أخت أب بكر‬
‫بن عبد الرحن الفقيه‪.‬‬
‫فصل‬
‫ومن الساء الت تساوى فيها الرجال والنساء دون أنسابم‪ :‬أسا ابن حارثة وأسا بن رباب‪:‬‬
‫صحابيان‪ ،‬أساء بنت أب بكر وأسا بنت عميس‪ :‬صحابيتان‪.‬‬
‫بركة أم ين‪ :‬مولة رسول ال‪ ،‬بركة أم عطا ابن أب رباح‪ ،‬ومن الرجال‪ :‬بركة بن الوليد‪ :‬روى ع‬
‫ن ابن عباس‪ ،‬وبركة بن نشيط روى عن عثمان ابن أب شيبة‪.‬‬
‫بريدة بن الصيب‪ :‬صحاب‪ ،‬بريدة بنت بشر‪ :‬صحابية‪.‬‬
‫جويرية بن مسهر‪ :‬يروي عن علي‪ ،‬جويرية بن بشي‪ :‬يروي عن السن‪ ،‬جويرية بن أساء‪ :‬عن ناف‬
‫ع‪ ،‬جويرية بن الجاج‪ :‬شاعر‪.‬‬
‫ومن النساء‪ :‬جويرية أم الؤمني‪ ،‬جويرية بنت زياد‪ ،‬جويرية بنت علقمة‪.‬‬
‫حيضة بن رقيم‪ :‬صحاب‪ ،‬حيضة ابن الشمردل‪ :‬تابعي‪ ،‬حيضة بن قيس‪ :‬شاعر‪ .‬ومن النساء‪ :‬حي‬
‫ضة بنت ياسر‪ ،‬حيضة بنت أب كثي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الرباب بنت الباء بن معرور‪ ،‬الرباب بنت كعب‪ :‬أم حذيفة‪ ،‬الرباب بنت النعمان‪ :‬عمة سعد بن‬
‫معاذ‪ ،‬الرباب زوجة السي بن علي‪ .‬وف الرجال‪ :‬تابعي يقال له رباب‪ :‬سع من ابن عباس‪.‬‬
‫زيد‪ :‬ف الرجال كثي‪ ،‬وزيد بنت مالك بن عميت‪.‬‬
‫عصيمة‪ :‬حليف للنصار من بن أسد‪ ،‬عصيمة‪ :‬حليف لم من أشجع‪ :‬كلها شهدا بدرا‪ .‬ومن ال‬
‫نساء‪ :‬عصيمة بنت حبار‪ ،‬عصيمة بنت أب الفلح‪ :‬مبايعتان‪.‬‬
‫علية بن زيد‪ :‬صحاب‪ ،‬ومن النساء‪ :‬علية بنت شريح أم السايب ابن أخت نر‪ ،‬وعلية بنت الهد‬
‫ي‪.‬‬
‫عمية بن يثرب‪ :‬قاضي البصرة لعمر بن الطاب‪ ،‬عمية بن سعد‪ :‬يروي عن علي رضي ال عنه‪،‬‬
‫عمية بن زياد‪ :‬عن ابن مسعود‪ ،‬ومن النساء‪ :‬عمية بنت سهل‪ ،‬عمية بنت ظهي‪ ،‬عمية بنت ثا‬
‫بت‪ :‬صحابيات‪.‬‬
‫فصل‬
‫وما يقع الشكال فيه‪ :‬إسحاق الزرق‪ ،‬وإسحاق ابن الزرق فالول مصري‪ :‬روى عنه الليث بن‬
‫سعد‪ ،‬والثان يروي عن الثوري‪.‬‬
‫عياش ابن الزرق‪ ،‬وعباس الزرق فالول بالشي العجمة‪ :‬روى عنه جعفر الفريان‪ ،‬والثان‬
‫بالسي الهملة‪ :‬روى عنه حاد‪ .‬هاشم ابن البيد‪ ،‬وهاشم البيد‪ :‬فالول كوف‪ :‬حدث عن أب إس‬
‫حاق السبيعي‪ ،‬والثان بصري‪ :‬روى عنه عبد الصمد بن عبد الوارث‪.‬‬
‫منتخب من الساء الفردة‬
‫أحد بن عجيان‪ ،‬أثال‪ ،‬أثان‪ ،‬أرطيان‪ ،‬أسفع‪ ،‬أيقع‪ ،‬أفلت‪ ،‬أكبل‪ ،‬أخيل‪ ،‬ببح‪ ،‬بسمي‪ ،‬بلهط‪،‬‬
‫بلج‪ ،‬بيحرة‪ ،‬ثهلن‪ ،‬جاحل‪ ،‬جيب‪ ،‬جحدل‪ ،‬خنفر‪ ،‬خرباق‪ ،‬ديسم‪ ،‬رعيان‪ ،‬زنيح‪ ،‬ركيح‪ ،‬زبيد‪،‬‬
‫سرق‪ ،‬سياك‪ ،‬شبيب‪ ،‬شتي‪ ،‬شنيف‪ ،‬شويس‪ ،‬شبيم‪ ،‬صحار‪ ،‬صمصم‪ ،‬ضريك‪ ،‬طيسلة‪ ،‬عتريس‪،‬‬
‫عذافر‪ ،‬عزرب‪ ،‬عرعره‪ ،‬عسعس‪ ،‬عباق‪ ،‬فصافص‪ ،‬فنج‪ ،‬قحذم‪ ،‬قريع‪ ،‬كركره‪ ،‬كهدل‪ ،‬لب‪ ،‬لبط‬
‫ه‪ ،‬لازه‪ ،‬مراجم‪ ،‬مشرح‪ ،‬معقس‪ ،‬مقلص‪ ،‬مليل‪ ،‬هلقام‪ ،‬النقع‪ ،‬منجل‪ ،‬ياسم‪ ،‬نبتل‪ ،‬نسطاس‪ ،‬نو‬
‫سجان‪ ،‬وقدان‪ ،‬هبيب‪ ،‬هجنع‪ ،‬هداج‪ ،‬هرماس‪ ،‬هصان‪ ،‬ينحس‪ ،‬يعفر‪ ،‬هيطان‪.‬‬
‫منتخب من مشتبه الساء‬
‫أحد‪ :‬كثي‪ :‬أحد بن عجيان‪ :‬شهد فتح مصر‪.‬‬
‫أنس‪ :‬كثي‪ ،‬واتش جد ممد بن السن بن أتش الصنعان‪.‬‬
‫بسر‪ :‬كثي‪ ،‬وبسر ابن أب أرطاة‪ :‬صحاب‪ ،‬ونشر هو ممد بن نشر الكوف‪ :‬روى عن ابن النفية‪،‬‬

‫‪32‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويسر أبو اليسر‪ :‬صحاب‪ ،‬ويسر ابن أنس‪ :‬متأخر‪ ،‬ونسر جد يي ابن أب بكي‪ :‬قاضي كرمان‪.‬‬
‫بيان‪ :‬كثي‪ ،‬وبنان بن ممد الزاهد‪ ،‬وبنّان بن يعقوب‪ ،‬وبتان هو سعيد بن بتان اليلي‪.‬‬
‫يزيد‪ :‬كثي‪ ،‬وبريد بن أصرم‪ :‬يروي عن علي‪ ،‬وتزيد بن جشم‪ :‬ف نسب المصار‪ ،‬وبرند هو‬
‫عرعرة بن البند‪.‬‬
‫حاد‪ :‬كثي‪ ،‬وحاد بن أيوب‪ :‬روى عن حاد بن أب سليمان‪.‬‬
‫جرير‪ :‬كثي‪ ،‬وجرير‪ :‬هو عبد ال بن جرير‪ ،‬وحريز بن عثمان‪ ،‬وحرير أم الرير‪ :‬تروي عن طلح‬
‫ة بن مالك‪ ،‬وجريز بن صدقة الريز‪ :‬يروي عن شعبة‪.‬‬
‫جاز هو‪ :‬اليثم بن جاز‪ ،‬وحبيب بن جاز‪ ،‬ونعيم بن خار‪ ،‬وعياض بن حار‪ ،‬وحاز‪ :‬يروي عن ابن‬
‫مسعود‪.‬‬
‫خباب‪ :‬صحاب‪ ،‬وجباب بن النذر‪ :‬صحاب‪ ،‬وجناب بن الشخاش‪ :‬يروي عن أب كلدة‪ ،‬وجباب‬
‫بن صال‪ ،‬وحتات بن يي‪.‬‬
‫خبيب‪ :‬كثي‪ ،‬حبيب‪ :‬صحاب‪ ،‬وخبيب‪ :‬صحاب‪ ،‬وجبيب بن النعمان بن يي‪ ،‬وجبيب أخو حزة‬
‫الزيات‪.‬‬
‫خنيس بن حذافة‪ :‬صحاب‪ ،‬وهب بن حنبش‪ :‬صحاب‪ ،‬حبيش بن خلد‪ :‬صحاب‪ ،‬حبيس بن عايد‪:‬‬
‫مصري‪.‬‬
‫نعيم‪ :‬كثي‪ ،‬يغنم بن سال يروي عن أنس‪.‬‬
‫فصل‬
‫من مشتبه النسبة‬
‫السن البصري‪ ،‬طلحة بن عمرو النصري‪ ،‬السي بن السن النضري‪.‬‬
‫سفيان الثوري‪ ،‬ممد بن الصلت التوزي‪ ،‬ممد بن عمرو البوري‪ ،‬أبو السي النوري‪.‬‬
‫أبو بكر الياط‪ ،‬فطر بن خليفة التاط‪ ،‬مسلم الباط‪ :‬وقد جع مسلم هذه الصفات الثلثة‪:‬‬
‫الزاز ‪ -‬جاعة ‪ ،-‬وعبد ال ابن عون الراز‪ ،‬وعيسى بن يونس الزاز‪ ،‬ويي ابن الزاز‪.‬‬
‫أبو عمر الشيبان‪ ،‬أيوب بن سويد السيبان‪ ،‬الفضل بن موسى السينان‪.‬‬
‫فرقد السبخي‪ ،‬سليمان بن معبد السنجي‪ ،‬أبو بكر السبحي‪ ،‬بدر الشيحي‪.‬‬
‫عامر الشعب‪ ،‬معاوية بن حفص الشعب‪ ،‬زكريا بن عيسى الشغب‪.‬‬
‫حذيفة بن اليمان العبسي‪ ،‬عمار بن ياسر العنسي‪ ،‬صعق بن حزن العيسي‪ ،‬وتقع النسبة ف الحدث‬
‫ي إل هذه اللفاظ الثلثة‪ ،‬قال السن ابن سفيان النسوي‪ :‬كلما ورد ف الديث عبسي فهو كو‬

‫‪33‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف‪ ،‬وعنسي فهو بصري‪ ،‬وعيسى فهو مصري‪.‬‬
‫إبراهيم بن يزيد الوزي‪ ،‬ممد بن يزيد الوزي‪ ،‬ممد بن يزداد الوري‪ ،‬عبد الرحن بن علي ال‬
‫وزي‪.‬‬
‫بيان أحاديث أهل فيها تبيي الساء الشتبهة‬
‫حديث‬
‫روى أبو قلبة عن أنس عن النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ال تعال وضع عن السافر شطر‬
‫الصلة وعن الامل والرضع يعن الصيام‪ ،‬أنس هذا هو ابن مالك القشيي‪.‬‬
‫أحاديث‬
‫روى عطاء عن أب هريرة قال‪ :‬ف كل صلة قراءة‪ ،‬فما أسعنا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أسعناكم وما أخفى علينا أخفينا عليكم‪.‬‬
‫وروى عطاء عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل يتمع حبّ هؤلء الربع‬
‫ة إل ف قلب مؤمن‪ :‬أبو بكر وعمر وعثمان وعلي‪.‬‬
‫وروى عطاء عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أقيمت الصلة فل صلة‬
‫إل الكتوبة‪.‬‬
‫وروى عطاء عن أب هريرة‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم سجد ف إقرأ باسم ربك‪.‬‬
‫وروى عطاء عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إذا مضى ثلث الليل يقول‬
‫ال أل داعٍ ياب‪.‬‬
‫عطاء الول هو ابن أب رباح‪ ،‬والثان الراسان‪ ،‬والثالث ابن يسار‪ ،‬والرابع ابن ميناء‪ ،‬والامس‬
‫مول أم صبية‪.‬‬
‫أحاديث‬
‫روت عمرة عن عائشة قالت‪ :‬لو أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رأى ما أحدث النساء بعده‬
‫لنعهن السجد كما منع نساء بن إسرائيل‪.‬‬
‫وروت عمرة أنا دخلت مع أمها على عائشة فسألتها‪ :‬ما سعت من رسول ال صلى ال عليه وس‬
‫لم يقول ف الفرار من الطاعون? قالت‪ :‬سعته يقول‪ :‬كالفرار من الزحف‪.‬‬
‫وروت عمرة قالت‪ :‬خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان إل مكة فمررنا بالدينة ورأينا الصحف ال‬
‫ذي قتل وهو ف حجره فكانت أول قطرة قطرت على هذه الية‪ :‬فسيكفيكهم ال‪ .‬قالت عمرة‪:‬‬
‫فما مات منهم رجل سويا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وروت عمرة عن عائشة قالت‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ينهى عن الوِصال‪.‬‬
‫عمرة الول هي بنت عبد الرحن النصارية‪ ،‬والثانية بنت قيس العدوية‪ ،‬والثالثة بنت أرطاة‪ ،‬والر‬
‫ابعة يقال لا الطاخية‪.‬‬
‫أحاديث‬
‫روى حاد عن ثابت عن أنس أن النب صلى ال عليه وسلم سع ف النخل صوتا فقال ما هذا?‬
‫فقال يوبرون النخل‪ ،‬فذكر الديث‪.‬‬
‫صفْرة‬
‫وروى حاد‪ :‬عن ثابت عن أنس قال رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم على عبد الرحن ُ‬
‫فقال‪ :‬ما هذا? قال‪ :‬تزوجت‪ ،‬قال‪َ :‬أوْلِم‪.‬‬
‫روى حاد عن ثابت عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬مثل أمت مثل الطر‪.‬‬
‫حاد الول ابن سلمة‪ ،‬والثان ابن زيد‪ ،‬والثالث البح‪.‬‬
‫واعلم أن مثل هذه الساء الشتبهة إذا ل يصرح ف الديث ببيانا ل يفرق بينها إل الناقد الجود‪.‬‬
‫وف الفرق بينها فائدة عظيمة‪ ،‬وهي أن بعض الرواة ثقة‪ ،‬ومشبهه ف السم يكون ضعيفا‪ ،‬فيطلب‬
‫الفرق لذلك‪ ،‬مثاله‪ :‬أن يروي قتادة عن عكرمة‪ ،‬وهو يروي عن عكرمة مول ابن عباس‪ ،‬وذاك ثق‬
‫ة وعن عكرمة بن خالد وهو ضعيف‪ ،‬وكذا قول وكيع‪ :‬حدثنا النضر عن عكرمة‪ :‬وهو يروي ع‬
‫ن النضر بن النضر بن عرب وهو ثقة‪ ،‬وعن النضر بن عبد الرحن ‪ -‬وهو ضعيف ‪ -‬ومثله قول‬
‫حفص بن غياث بن أشعث عن السن‪ ،‬وهو يروي عن أشعث بن عبد اللك ‪ -‬وهو ثقة‪ ،‬وعن أ‬
‫شعث بن سوار ‪ -‬وهو ضعيف‪.‬‬
‫منتخب من التفق والفترق‬
‫أنس بن مالك خسة‪ :‬اثنان من الصحابة أبو حزة النصاري‪ ،‬وأبو أمية الكعب‪ ،‬والثالث أبو مالك‬
‫الفقيه‪ ،‬والرابع كوف‪ ،‬والامس حصي‪.‬‬
‫أسامة بن زيد ستة‪ :‬أحدهم مول النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والثان تنوخي‪ ،‬والثالث ليثي‪،‬‬
‫والرابع كلب‪ ،‬والامس شيازي‪ ،‬والسادس مول لعمر‪.‬‬
‫أحد بن جعفر بن حدان أربعة ف طبقة واحدة‪ :‬أحدهم دينوري‪ ،‬والثان طرسوسي‪ ،‬والثالث قطيع‬
‫ي‪ ،‬والرابع سقطي‪.‬‬
‫جابر بن عبد ال سبعة‪ :‬أحدهم ابن عمرو‪ ،‬والثان ابن رئاب صحابيان‪ ،‬والثالث سلمى‪ ،‬والرابع‬
‫مارب‪ ،‬والامس غطفان‪ ،‬والسادس مصري‪ ،‬والسابع بصري‪.‬‬
‫الليل بن أحد خسة‪ :‬ثلثة بصريون‪ ،‬والرابع أصبهان‪ ،‬والامس سجزي‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سعيد بن السيب ثلثة‪ :‬أحدهم مدن‪ ،‬والثان بلوي‪ ،‬والثالث شيازي‪.‬‬
‫عبد ال بن البارك ستة‪ :‬أحدهم مروزي‪ ،‬والثان خراسان‪ ،‬والثالث باري‪ ،‬والرابع جوهري‪ ،‬والب‬
‫اقيان من أهل بغداد‪.‬‬
‫عمر بن الطاب سبعة‪ :‬أحدهم أمي الؤمني‪ ،‬والثان كوف‪ ،‬والثالث بصري‪ ،‬والرابع اسكندران‪،‬‬
‫والامس سجستان‪ ،‬والسادس راسب‪ ،‬والسابع عنبي‪.‬‬
‫عثمان بن عفان اثنان‪ :‬أحدها أمي الؤمني‪ ،‬والثان سجزي‪.‬‬
‫علي بن أب طالب ثانية‪ :‬أحدهم أمي الؤمني‪ ،‬والثان بصري‪ ،‬والثالث جرجان‪ ،‬والرابع أستراباذ‬
‫ي‪ ،‬والامس تنوخي‪ ،‬والسادس بكراباذي‪ ،‬والسابع بغدادي‪ ،‬والثامن يقال له الدهان‪.‬‬
‫عمر بن حصي أربعة‪ :‬أحدهم صحاب‪ ،‬والثان ضب‪ ،‬والثالث بصري‪ ،‬والرابع أصبهان‪.‬‬
‫فضيل بن عياض اثنان‪ :‬أحدها مصري‪ ،‬والثان مكي‪.‬‬
‫يي بن معاذ ثلثة‪ :‬أحدهم نيسابوري‪ ،‬والثان رازي‪ ،‬والثالث تستري‪.‬‬
‫يوسف بن إسباط ثلثة‪ :‬أحدهم كوف‪ ،‬والثان حصي‪ ،‬والثالث سلمي‪.‬‬
‫الباب الرابع‪:‬‬
‫ف ذكر عيون التواريخ‬
‫روى أبو هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪ :‬خلق ال تعال التربةَ يوم السبت وخلق‬
‫البال فيها‪ :‬يوم الحد‪ ،‬وخلق الشجر فيها‪ :‬يوم الثني‪ ،‬وخلق الكروه‪ :‬يوم الثلثاء‪ ،‬وخلق‬
‫النور‪ :‬يوم الربعاء‪ ،‬وبث فيها الدواب‪ :‬يوم الميس‪ ،‬وخلق آدم‪ :‬يوم المعة بعد العصر‪.‬‬
‫قال علماء التاريخ‪ :‬الرض كلها على صخرة‪ ،‬والصخرة على منكب ملك‪ ،‬واللك على حوت‪،‬‬
‫والوت على الاء‪ ،‬والاء على مت الريح‪.‬‬
‫فصل‬
‫أقاليم الرض سبعة‪ :‬فالقليم الول الند‪ ،‬والثان إقليم الجاز‪ ،‬والثالث إقليم مصر‪ ،‬والرابع‬
‫إقليم بابل‪ ،‬والامس إقليم الروم والشام‪ ،‬والسادس بلد الترك‪ ،‬والسابع بلد الصي‪.‬‬
‫وأوسط القاليم‪ :‬إقليم بابل وهو أعمرها وفيه جزيرة العرب وفيه العراق الذي هو سرة الدنيا‪،‬‬
‫وبغداد ف أوسط هذا القليم‪ ،‬فلعتداله اعتدلت ألوان أهله‪ ،‬فسلموا من شقرة الروم‪ ،‬وسواد ال‬
‫بش‪ ،‬وغلظ الترك‪ ،‬وجفاء أهل البال‪ ،‬ودمامة أهل الصي‪ ،‬وكما اعتدلوا ف اللقة‪ ،‬لطفوا ف الف‬
‫طنة‪.‬‬
‫فصل‬

‫‪36‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قال علماء التواريخ‪ :‬جيع ما عرف ف الرض من البال مائة وثانية وتسعون‪ :‬من أعجبها جبل‬
‫ل وفيه أثر قدم آدم حي هبط‪ ،‬وعليه سنا البق‪ ،‬ل‬
‫سرنديب‪ ،‬وطوله مائتان ونيف وستون مي ً‬
‫يذهب صيفا‪ ،‬وحوله ياقوت‪ ،‬وف واديه الاس الذي يقطع الصخور‪ ،‬ويثقب اللؤلؤ‪ ،‬وفيه العود وا‬
‫لفلفل‪ ،‬ودأبه السك‪ ،‬ودابة الزباد‪.‬‬
‫وجبل الرد الذي فيه السد‪ ،‬طوله سبعمائة فرسخ وينتهي إل البحر الظلم‬
‫فصل‬
‫قالوا‪ :‬ف الرض سبعمائة معدن‪ ،‬ول ينعقد اللح إل ف السبخ‪ ،‬ول الص إل ف الرمل والصى‪،‬‬
‫والبحر العظم ميط بالدنيا‪ ،‬والبحار تستمد منه‪.‬‬
‫فصل‬
‫قالوا‪ :‬وعاش آدم ألف سنة‪ ،‬وولدت له حواء أربعي ولدا‪ ،‬ف كل بطن ذكر وأنثى‪ ،‬فأولم قابيل‪،‬‬
‫وتوأمته قليما‪ ،‬ول يت آدم حت رأى من ولده وولد ولده أربعي ألفا‪ ،‬وانقرض نسلهم‪ ،‬غي‬
‫نسل شيت‪ ،‬ث انقرض النسل‪ ،‬وبقي أولد نوح وهم‪ :‬سام‪ ،‬وحام‪ ،‬ويافث‪ ،‬فسام أبو العرب‪ ،‬وح‬
‫ام أبو الزنج‪ ،‬ويافث أبو الروم والترك‪ ،‬ويأجوج ومأجوج نوع من الترك‪.‬‬
‫فصل‬
‫ف تسمية الواريي‬
‫شعون الصفا‪ ،‬وشعون القنان‪ ،‬ويعقوب بن زندي‪ ،‬ويعقوب بن حلقي‪ ،‬وقولوس‪ ،‬ومارقوس‪،‬‬
‫وأندراوس‪ ،‬وبرثل‪ ،‬ويوحنا‪ ،‬ولوقا‪ ،‬وتوما‪ ،‬ومت‪.‬‬
‫فصل‬
‫كان أول ملوك الفرس‪ :‬دارا‪ :‬ملك نوا من مائت سنة‪ ،‬ث ملك بعده خسة وعشرون‪ :‬منهم‬
‫امرأتان‪ ،‬وكان آخر القوم يزدجرد‪ ،‬هلك ف زمان عثمان‪ ،‬وكان ملكهم خسمائة سنة وكسرا‪.‬‬
‫وكان أظرفهم ولية ذو الكتاف‪ ،‬فإنه ل يعرف من ملك وهو ف بطن أمه غيه‪ ،‬لن أباه كان قد‬
‫مات ول ولد له‪ ،‬وإنا كان هذا حلً‪ ،‬فقال النجمون هذا المل يلك الرض‪ ،‬فوضع التاج على‬
‫بطن الم‪ ،‬وكتب منه إل الفاق‪ ،‬وهو جني‪ ،‬وسي سابورا وإنا لقب بذي الكتاف لنه حي‬
‫ملك كان ينع أكتاف مالفيه‪ ،‬وهو الذي بن اليوان‪ ،‬وبن نيسابور وسجستان والسوس‪ ،‬وما ز‬
‫ال اللك ينتقل بعده فيهم حت ملك أنشروان‪ ،‬وكان أحزمهم‪ ،‬وكان له اثنا عشر ألف امرأة وجا‬
‫رية‪ ،‬وخسون ألف دابة‪ ،‬وألف فيل إل واحدا‪ ،‬وف زمانه ولد نبينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومات ل‬

‫‪37‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ثمان سني مضت من مولد نبينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولا دخل السلمون الدائن‪ ،‬أحرقوا ستر با‬
‫ب اليوان‪ ،‬فأخرجوا منه ألف ألف مثقال ذهبا‪.‬‬
‫فصل‬
‫أربعة تناسلوا‪ ،‬رأوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أبو قحافة‪ ،‬وابنه أبو بكر‪ ،‬وابنه عبد الرحن‪،‬‬
‫وابنه ممد‪ ،‬ويكن أبا عتيق‪.‬‬
‫أربعة أخوة كان بي كل واحد منهم وواحد عشر سني‪ :‬أولد أب طالب‪ :‬طالب وعقيل‪ ،‬وجعفر‪،‬‬
‫وعلي‪ ،‬فكان طالب أسن من عقيل عشر سني‪ ،‬وعقيل أسن من جعفر بعشر سني‪ ،‬وجعفر أسن‬
‫من علي بعشر‪.‬‬
‫ول يعرف أخوان تباعدا ف السن مثل موسى بن عبيدة الربذي وأخيه عبد ال بن عبيدة‪ ،‬فإن عبد‬
‫ال أسن من موسى بثماني سنة‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬ثلث أخوة ولدوا ف سنة واحدة‪ ،‬وقتلوا ف سنة واحدة وكانت أعمارهم ثان وأ‬
‫ربعي سنة‪ :‬يزيد‪ ،‬وزياد‪ ،‬ومدرك‪ ،‬بنو الهلب ابن أب صفرة‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬أربعة أنفس رزق كل واحد منهم مائة ولد‪ ،‬أنس بن مالك‪ ،‬وعبد ال بن عمر اللي‬
‫ثي‪ ،‬وخليفة السعدي‪ ،‬وجعفر بن سليمان الاشي‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬ثلثة بنو أعمام كلهم كانوا ف زمان واحد‪ ،‬كل واحد منهم اسه علي‪ ،‬ولم ثلثة‬
‫أولد كل واحد منهم اسه ممد‪ ،‬والباء والبناء علماء أشراف‪ ،‬وهم‪ :‬علي بن السي بن علي ب‬
‫ن أب طالب‪ ،‬وعلي بن عبد ال بن العباس‪ ،‬وعلي بن عبد ال بن جعفر‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬أنه ف ليلة السبت لربع بقي من ربيع الول سنة تسعي ومائة‪ ،‬مات الادي‪ ،‬وا‬
‫ستخلف الرشيد‪ ،‬وولد الأمون‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬أنه سلم على الرشيد باللفة عمه سليمان بن النصور وعم أبيه الهدي‪ ،‬وهو العب‬
‫اس بن ممد‪ ،‬وعم جده النصور‪ ،‬وهو عبد الصمد بن علي‪ ،‬وقال له عبد الصمد يوما‪ :‬يا أمي ال‬
‫ؤمني هذا ملس فيه أمي الؤمني وعم أمي الؤمني وعم عم أمي الؤمني وعم عم عمه‪ ،‬وذلك أ‬
‫ن سليمان بن أب جعفر عم الرشيد‪ ،‬والعباس عم سليمان‪ ،‬وعبد الصمد عم العباس‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬أن عبد الصمد حج بالناس سنة خسي ومائة‪ ،‬وقد حج قبله يزيد بن معاوية سنة‬
‫خسي‪ :‬وها ف النسب إل عبد مناف سواء‪ ،‬لن يزيد هو ابن معاوية بن صخر بن حرب بن أمية‬
‫بن عبد شس بن عبد مناف‪ .‬وعبد الصمد بن علي بن عبد ال بن العباس بن عبد الطلب بن هاش‬
‫م بن عبد مناف‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فصل‬
‫وقد سلم على التوكل باللفة ثانية‪ ،‬كلهم ابن خليفة‪ :‬النتصر ابنه‪ ،‬وممد ابن الواثق‪ ،‬وأحد بن‬
‫العتصم‪ ،‬وموسى بن الأمون‪ ،‬وعبد ال بن المي‪ ،‬وأبو أحد بن الرشيد‪ ،‬وأبو العباس بن الادي‪،‬‬
‫والنصور بن الهدي‪.‬‬
‫فصل‬
‫وقد ول اللفة‪ :‬أخوان‪ ،‬وثلثة‪ ،‬وأربعة‪ ،‬فأما الخوان‪ :‬فالسفاح والنصور‪ ،‬والادي والرشيد‪،‬‬
‫والواثق والتوكل ابنا العتصم‪ ،‬والسترشد والقتفي‪ ،‬وأما الثلثة‪ :‬فالمي والأمون والعتصم بنو ال‬
‫رشيد‪ ،‬والكتفي والقتدر والقاهر بنو العتضد‪ ،‬والراضي والتقي والطيع بنو القتدر‪ ،‬وأما الربعة ف‬
‫لم يكونوا إل بن عبد اللك‪.‬‬
‫فصل‬
‫من العجائب التعلقة بالنساء‬
‫من ذلك أن امرأة شهد لا بدرا سبعة بني مسلمي وهي‪ :‬عفراء بنت عبيد‪ ،‬تزوجها الارث بن‬
‫رفاعة‪ ،‬فولدت له معاذا ومعوذا‪ ،‬ث تزوجها بكي فولدت له إياسا وخالدا‪ ،‬وعاقلً‪ ،‬وعامرا‪ ،‬ث‬
‫رجعت إل الارث فولدت له عوفا‪ ،‬فشهدوا كلهم بدرا‪ ،‬ويرج من هذا جواب السائل هل تعر‬
‫فون أربعة أخوة لب وأم شهدوا بدرا مسلمي?‪.‬‬
‫ومن هذا النس‪ ،‬امرأة كان لا أربعة أخوة وعمّان شهدوا بدرا‪ ،‬فأخوان وعم مع رسول ال صل‬
‫ى ال عليه وسلم‪ ،‬وأخوان وعم مع الشركي‪ ،‬وهي هند بنت عتبة بن ربيعة‪ ،‬فالخوان السلمان‪:‬‬
‫أبو حذيفة بن عتبة ومصعب بن عمي‪ ،‬والعم السلم‪ :‬معمر بن الارث‪ ،‬والخوان الشركان‪ :‬الول‬
‫يد بن عتبة وأبو عزيز‪ ،‬والعم الشرك‪ :‬شيبة بن ربيعة‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬أن عبد ال بن عمرو بن عثمان بن عفان كان له أربع بنات‪ :‬عبدة‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وأم‬
‫سعيد‪ ،‬ورقية‪ ،‬تزوجهن أربعة من اللفاء‪ :‬تزوج عبدة الوليد بن عبد اللك‪ ،‬وعائشة سليمان‪ ،‬وأم‬
‫سعيد يزيد بن عبد اللك‪ ،‬ورقية هشام‪.‬‬
‫وكان لذا الرجل ‪ -‬أعن عبد ال بن عمرو ‪ -‬ولد اسه ممد ‪ -‬كان يقال له الديباج لسنه ‪ -‬و‬
‫كان لحمد بنت اسها حفصة ل يعرف امرأة ولدها رسول ال صلى ال عليه وسلم وأبو بكر وع‬
‫مر وعثمان وعلي وطلحة والزبي والسي وابن عمر سواها‪ ،‬أما ولدة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لا‪ ،‬فإن أم أبيها فاطمة بنت السي بن علي‪ ،‬وأم السي فاطمة بنت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ومن طريق السي بن علي ولدته لا وولدة علي لا‪ ،‬وأما ولدة أب بكر لا‪ ،‬فإن أ‬

‫‪39‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫مها خدية بنت عثمان بن عروة بن الزبي‪ ،‬وأم عروة أساء بنت أب بكر الصديق‪ ،‬ومن طريق عر‬
‫وة ولدها الزبي‪ ،‬وأما ولدة عمر لا‪ ،‬فإن أم جدها عبد ال زينب بنت عبد ال بن عمر بن الطا‬
‫ب‪ ،‬فمن هذه الطريق ولدة عمر لا‪ ،‬وأما ولدة عثمان لا‪ ،‬فمن طريق أبيها‪ ،‬وأما ولدة طلحة‪،‬‬
‫فإن جدتا من قبل أبيها هي أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد ال‪.‬‬
‫ومن العجائب‪ :‬امرأة ولدت خليفتي‪ ،‬وهن ثلث‪ :‬الول‪ :‬ولدة بنت العباس العبسية‪ ،‬تزوجها ع‬
‫بد اللك بن مروان‪ ،‬فولدت له‪ :‬الوليد وسليمان فوليا اللفة‪ ،‬والثانية‪ :‬شاهفرند بنت فيوز بن ي‬
‫زدجرد‪ ،‬تزوجها الوليد بن عبد اللك‪ ،‬فولدت له‪ :‬يزيد وإبراهيم فوليا اللفة‪ ،‬والثالثة‪ :‬اليزران‬
‫‪ :‬ولدت للمهدي الادي والرشيد‪.‬‬
‫فصل‬
‫ف الدوب وعموم الوت‬
‫أجدبت الرض ف سنة ثان عشرة فكانت الريح تسفي ترابا كالرماد‪ ،‬فسمي عام الرمادة‪،‬‬
‫وجعلت الوحوش تأوي إل النس‪ ،‬فآل عمر أل يذوق سنا ول لبنا ول لما حت يي الناس‬
‫واستسقى بالعباس فسقوا‪ ،‬وفيها كان طاعون عمواس‪ ،‬مات فيه أبو عبيدة‪ ،‬ومعاذ‪ ،‬وأنس‪.‬‬
‫وف سنة أربع وستي وقع طاعون بالبصرة وماتت أم أميهم فما وجدوا من يملها‪.‬‬
‫وف سنة إحدى وثلثي ومائة مات أول يوم ف الطاعون سبعون ألفا‪ ،‬وف الثان نيف وسبعون ألفا‬
‫‪ ،‬وف اليوم الثالث خد الناس‪.‬‬
‫وف سنة تسع عشرة وثلث مائة كثر الوت‪ ،‬وكان يدفن ف القب الواحد جاعة‪.‬‬
‫وف سنة أربع وثلثي وثلث مائة ذبح الطفال‪ ،‬وأكلت اليف‪ ،‬وبيع العقار برغيفان‪ ،‬واشتري ل‬
‫عز الدولة كر دقيق بعشرين ألف درهم‪.‬‬
‫وف سنة أربع وأربعي وثلثائة عمت المراض البلد‪ ،‬فكان يوت أهل الدار كلهم‪.‬‬
‫وف سنة ثان وسبعي وثلثائة أصاب أهل البصرة حر‪ ،‬فكانوا يتساقطون موتى ف الطرقات‪.‬‬
‫وف سنة ثان وأربعي وأربعمائة عم القحط‪ ،‬فأكلت اليتة‪ ،‬وبلغ الكوك من بزر البقلة سبع دناني‪،‬‬
‫والسفرجلة والرمانة دينارا‪ ،‬واليارة واللينوفرة دينارا‪ ،‬وورد الب من مصر بأن ثلثة من اللصو‬
‫ص نقبوا دارا فوجدوا عند الصباح موتى‪ ،‬أحدهم على باب النقب‪ ،‬والثان على رأس الدرجة‪ ،‬و‬
‫الثالث على الثياب الكورة‪.‬‬
‫وف السنة الت تليها وقع وباء‪ ،‬فكان تفر زبية لعشرين وثلثي فيلقون فيها‪ ،‬وتاب الناس كلهم‬
‫وأراقوا المور‪ ،‬ولزموا الساجد‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وف سنة ست وخسي وأربعمائة وقع الوباء‪ ،‬وبلغ الرطل من التمر الندي أربعة دناني‪.‬‬
‫وف سنة اثنتي وستي وأربعمائة اشتد الوع والوباء بصر‪ ،‬حت أكل الناس بعضهم بعضا‪ ،‬وبيع ا‬
‫للوز والسكر بوزن الدراهم‪ ،‬والبيضة بعشرة قراريط‪ ،‬وخرج وزير صاحب مصر إليه فنل عن ب‬
‫غلته‪ ،‬فأخذها ثلثة فأكلوها‪ ،‬فصلبوا‪ ،‬فأصبح الناس ل يرون إل عظامهم تت خشبهم وقد أكلوا‬
‫‪.‬‬
‫وف سنة أربع وستي وأربعمائة وقع الوت ف الدواب حت إن راعيا قام إل الغنم وقت الصباح لي‬
‫سوقها فوجدها كلها موتى‪.‬‬
‫فصل‬
‫ف الزلزل واليات‬
‫زلزلت الرض على عهد عمر ف سنة عشرين‪ ،‬ودامت الزلزل ف سنة أربع وتسعي‪ :‬أربعي‬
‫يوما‪ ،‬وقعت البنية الشاهقة‪ ،‬وتدمت أنطاكية‪.‬‬
‫وف سنة أربع وعشرين ومائتي زلزلت فرغانة فمات فيها خسة عشر ألفا‪.‬‬
‫وف السنة الت تليها رجفت الهواز‪ ،‬وتصدعت البال‪ ،‬وهرب أهل البلد إل البحر والسفن‬
‫ودامت ستة عشر يوما‪.‬‬
‫وف السنة الت تليها مطر أهل تيما مطرا وبردا كالبيض‪ ،‬فقتل با ثلثائة وسبعي إنسانا‪ ،‬وسع ف‬
‫ذلك صوت يقول‪ :‬ارحم عبادك‪ ،‬اعف عن عبادك‪ ،‬ونظروا إل أثر قدم طولا ذراع بل أصابع‪ ،‬و‬
‫عرضها شب‪ ،‬ومن الطوة إل الطوة خسة أذرع أو ست‪ ،‬فاتبعوا الصوت فجعلوا يسمعون صوت‬
‫ا ول يرون شخصا‪.‬‬
‫وف سنة ثلث وثلثي ومائتي رجفت دمشق رجفة حت انقضت منها البيوت وسقطت على من‬
‫فيها‪ ،‬فمات خلق كثي‪ ،‬وانكفأت قرية ف الغوطة على أهلها‪ ،‬فلم ينج منهم إل رجل واحد‪ ،‬وزلز‬
‫لت أنطاكية فمات منها عشرون ألفا‪.‬‬
‫وف السنة الت تليها هبت ريح شديدة ل يعهد مثلها فاتصلت نيفا وخسي يوما‪ ،‬وشلت بغداد وا‬
‫لبصرة والكوفة وواسط وعبادان والهواز‪ ،‬ث ذهبت إل هدان‪ ،‬فأحرقت الزرع‪ ،‬ث ذهبت إل ال‬
‫وصل‪ ،‬فمنعت الناس من السعي‪ ،‬فتعطلت السواق‪ ،‬وزلزلت هراة فوقعت الدور‪.‬‬
‫وف سنة ثان وثلثي وجه طاهر بن عبد ال إل التوكل حجرا سقط بناحية طبستان‪ ،‬وزنه ثانائة‬
‫وأربعون درها‪ ،‬أبيض‪ ،‬فيه صدع‪ ،‬وذكروا أنه سع لسقوطه هدة أربع فراسخ ف مثلها‪ ،‬وأنه سا‬
‫خ ف الرض خسة أذرع‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وف سنة أربعي ومائتي خرجت ريح من بلد الترك‪ ،‬فمرت برو فقتلت خلقا كثيا بالزكام‪ ،‬ث‬
‫صارت إل نيسابور‪ ،‬وإل الري‪ ،‬ث إل هذان وحلوان‪ ،‬ث إل العراق‪ ،‬فأصاب أهل بغداد وسر م‬
‫ن رأى حى وسعال وزكام‪ ،‬وجاءت كتب من الغرب أن ثلث عشرة قرية من قرى القيوان خ‬
‫سف با‪ ،‬فلم ينج من أهلها إل اثنان وأربعون رجلً سود الوجوه فأتوا القيوان فأخرجهم أهلها‪،‬‬
‫وقالوا أنتم مسخوط عليكم فبن لم العامل حظية خارج الدينة فنلوها‪.‬‬
‫وف سنة إحدى وأربعي ماجت النجوم ف السماء‪ ،‬وجعلت تتطاير شرقا وغربا كالراد‪ ،‬من قبل‬
‫غروب الشمس إل الفجر‪ ،‬ول يكن مثل هذا إل عند ظهور رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وف السنة الت تليها رجت قرية يقال لا السويدا ناحية مصر بمسة أحجار‪ ،‬فوقع حجر منها عل‬
‫ى خيمة أعراب فاحترقت‪ ،‬ووزن منها حجر فكان فيه عشرة أرطال‪ ،‬وزلزلت الري وجرجان وط‬
‫بستان ونيسابور وأصبهان وقم وقاشان كلها ف وقت واحد‪ ،‬وزلزلت الدامغان فهلك من أهلها‬
‫خسة وعشرون ألفا‪ ،‬وتقطعت جبال‪ ،‬ودنا بعضها من بعض‪ ،‬وسع للسماء والرض أصوات عالي‬
‫ة‪ ،‬فهلك من أهلها‪ ،‬وسار جبل باليمن‪ ،‬عليه مزارع‪ ،‬حت أتى مزارع قوم آخرين‪ ،‬ووقع طائر أبي‬
‫ض دون الرخة وفوق الغراب على دلبة بلب‪ ،‬لسبع مضي من رمضان فصاح‪ :‬يا معشر الناس‪،‬‬
‫اتقوا ال‪ ،‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬حت صاح أربعي صوتا ث طار‪ ،‬وجاء من الغد فصاح أربعي صوتا ث طار‪ ،‬ف‬
‫كتب صاحب البيد بذلك‪ ،‬وأشهد خسمائة إنسان سعوه‪ ،‬ومات رجل ف بعض كور الهواز فس‬
‫قط طائر أبيض على جنازته‪ ،‬فصاح بالفارسية والورية‪ :‬إن ال قد غفر لذا اليت ولن شهده‪.‬‬
‫وف سنة خس وأربعي ومائتي زلزلت أنطاكية‪ ،‬فسقط منها ألف وخسمائة دار‪ ،‬ووقع من سورها‬
‫نيف وتسعون برجا‪ ،‬وسع أهلها أصواتا هائلة‪ ،‬من كوى النازل‪ ،‬وسع أهل تنيس صيحة هائلة‪،‬‬
‫دامت فمات منها خلق كثي‪ ،‬وذهبت جيلة بأهلها‪.‬‬
‫وف سنة خسي وثلثي ومائتي مطرت قرية حجارة بيضاء وسوداء‪.‬‬
‫وف سنة ثان وثاني زلزلت دنبل ف الليل‪ ،‬فأصبحوا‪ ،‬ول يبق من الدينة إل اليسي‪ ،‬فأخرج من ت‬
‫ت الدم خسون ومائة ألف ميت‪.‬‬
‫وف سنة تسع عشرة وثلثائة عدل الاج عن الادة خوفا من العرب‪ ،‬فرأوا ف البية‪ ،‬صور النا‬
‫س من حجارة‪ ،‬ورأوا امرأة قائمة على تنور وهي من حجارة‪ ،‬والبز الذي ف التنور من حجارة‪.‬‬
‫وف سنة ثان وسبعي وثلثائة هبت ريح بفم الصلح‪ ،‬شبت بالتني‪ ،‬خرقت دجلة‪ ،‬حت ذكر أنا‬
‫باتت أرضها‪ ،‬وهلكت خلقا كثيا‪ ،‬واحتملت زورقا منحدرا‪ ،‬وفيه دواب‪ ،‬فطرحته ف أرض جو‬
‫خى‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وف سنة عشرين وأربعمائة جاء برد هائل‪ ،‬ووقعت بردة‪ ،‬حزرت بائة وخسي رطلً‪ ،‬فكانت كالث‬
‫ور النائم‪.‬‬
‫وف سنة أربع وثلثي زلزلت تبيز‪ ،‬فهدم سورها وقلعتها‪ ،‬وهلك تت الدم خسون ألفا‪.‬‬
‫وف سنة أربع وأربعي وأربعمائة كانت بأذربيجان زلزل‪ ،‬انقطعت منها اليطان‪ ،‬فحكى من‬
‫يعتمد على قوله‪ ،‬إنه كان قاعدا ف إيوان‪ ،‬فانفرج حت رأى السماء من وسطه ث عاد‪.‬‬
‫وف سنة ستي وأربعمائة كانت زلزلة بفلسطي هلك فيها خسة عشر ألفا‪ ،‬وانشقت صخرة بيت‬
‫القدس‪ ،‬ث عادت فالتأمت‪ ،‬وغاب الر مسية يوم‪ ،‬فساخ ف الرض‪ ،‬فدخل الناس يلتقطون‪ ،‬فر‬
‫جع عليهم فأهلك خلقا كثيا منهم‪.‬‬
‫وف سنة اثنتي وستي خسف بأيلة‪.‬‬
‫وف سنة ست وخسمائة سع ببغداد صوت هدة عظيمة ف أقطار بغداد ف الانبي‪ ،‬قال شيخنا أبو‬
‫بكر ابن عبد الباقي أنا سعتها‪ ،‬فظننت حائطا قد وقع‪ ،‬ول يعلم ما ذاك‪ ،‬ول يكن ف السماء غيم ف‬
‫يقال رعد‪.‬‬
‫وف سنة سبع وقعت زلزلة بناحية الشام‪ ،‬فوقع من سور الرها ثلثة عشر برجا‪ ،‬وخسف بسميسا‬
‫ط وقلب بنصف القلعة‪.‬‬
‫وف سنة إحدى عشرة زلزلت الرض ببغداد يوم عرفة‪ ،‬فكانت اليطان تر وتيء‪.‬‬
‫وف سنة خس عشرة وقع الثلج ببغداد‪ ،‬فامتلت منه الشوارع والدروب‪ ،‬ول يسمع قبله بثله‪.‬‬
‫وف سنة ثلث وثلثي وخسمائة كانت زلزلة بنة أتت على مائت ألف وثلثي ألفا فأهلكتهم‪،‬‬
‫وكانت ف مقدار عشرة فراسخ ف مثلها‪.‬‬
‫وف السنة الت تليها خسف بنة وصار مكان البلد ماء أسود‪ ،‬وقدم التجار من أهلها فلزموا القا‬
‫بر يبكون على أهليهم‪ ،‬وزلزلت حلوان فتقطع البل‪ ،‬وهلك خلق كثي‪.‬‬
‫وف سنة اثني وخسي وخسمائة كانت زلزل بالشام ف ثلثة عشر بلدا من بلد السلم‪ ،‬فمنها‬
‫ما هلك كله‪ ،‬ومنها ما هلك بعضه‪.‬‬
‫الباب الامس‬
‫ف ذكر الواعظ‬
‫وهذا الباب ينقسم إل قسمي‪ :‬القسم الول يتص بذكر القصص‪ ،‬والقسم الثان فيه الواعظ‬
‫والشارات مطلقا‪.‬‬
‫القسم الول ف القصص‬

‫‪43‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وهو الختص بذكر القصص‪ ،‬وفيه ست وعشرون قصة‬
‫الفصل الول‬
‫في قصة آدم عليه السلم‬
‫اعلموا أن ال تعال خلق آدم عليه السلم آخر اللق‪ ،‬لنه مهد الدار قبل الساكن‪ ،‬وأقام عذره‬
‫قبل الزلل‪ ،‬بقوله ف "الرض" فظنت اللئكة أن تفضيله بنفسه‪ ،‬فضنت بالفضل عليه‪ ،‬فقالوا‬
‫"أتعل فيها" فقوبلوا بلفظ "إن أعلم" فلما صوره‪ ،‬ألفاه كاللقا‪ ،‬فلما عاين إبليس تلك الصورة‪ ،‬ب‬
‫ات من الم ف سورة‪ ،‬فلما نفخ فيه الروح‪ ،‬بات الاسد ينوح‪ ،‬ث نودي ف نادي اللئكة "اسجد‬
‫وا لدم" فتطهروا من غدير "ل علم لنا" وغودر الغادر بسا بكبياء "أنا خي" ث حام العدو حول‬
‫حى الحمي‪ ،‬فلول سابق القدر‪ ،‬ما قدر عليه‪ ،‬فلما نزل إل الرض‪ ،‬خدخد الفرح‪ ،‬بدمع الترح‪،‬‬
‫حت أقلق الوجود فجاء جبيل‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا الهد? فصاح لسان الوجد‪ :‬للخفاجي‪:‬‬
‫فرأت عيناي شيئا حسـنـا‬ ‫ما رحلت العيش عن أرضكم‬
‫ومن التعليل قول هل لنـا‬ ‫هل لنا نوكم مـن عـودة‬
‫يا آدم ل تزع من كأس خطإ كان سبب كيسك‪ ،‬فلقد استخرج منك داء العجب‪ ،‬وألبسك‬
‫رداء النسك‪ ،‬لو ل تذنبوا‪ :‬للمتنب‪:‬‬
‫فربا صحت الجسام بالعلل‬ ‫لعل عتبك ممود عواقـبـه‬
‫ل تزن لقول لك "اهبط منها" فلك خاتتها‪ ،‬ولكن اخرج منها إل مزرعة الجاهدة‪ ،‬وسق من‬
‫دمعك‪ ،‬ساقية لشجرة ندمك‪ ،‬فإذا عاد العود أخضر‪ ،‬فعد‪ :‬للبحتري‪:‬‬
‫أو تنأت منا ومنك الـديارُ‬ ‫إن جرى بيننا وبينك عتـب‬
‫والدموعُ الت شهدت غزا ُر‬ ‫فالغليل الذي عهدت مقـيم‬
‫ما زالت زلة الكلة تعاده‪ ،‬حت استول داؤه على أولده‪ ،‬فنمت هينمة اللئكة‪ ،‬بعبارة نظر‬
‫العاقبة‪ ،‬فنشروا مطوى "أتعل" قرعوا بعصي الدعاوي‪ ،‬ظهور العصاة‪ ،‬فقيل لم‪ :‬لو كنتم بي‬
‫أفاعي الوى وعقارب اللذات لبات سليمكم سليما‪ ،‬فأبوا للجرآة إل جرجرير الدعاوي‪ ،‬وحدثو‬
‫ا أنفسهم بالتقى بالتقاوي‪ ،‬فقيل‪ :‬نقبوا عن خيار نقبائكم‪ ،‬وانتقوا ملك اللكوت‪ ،‬فما رأوا فيما رأ‬
‫وه لثلها مثل هاروت وماروت‪ ،‬فأب لسفر البلء بالبلية‪ ،‬فما نزل حت نزل من مقام العصمة‪ ،‬فن‬
‫ل منل الدعوى‪ ،‬فركبا مركب البشرية‪ ،‬فمرت على الرئيي امرأة يقال لا الزهرة‪ ،‬بيدها مزهر‬
‫زهرة الشهوة‪ ،‬فغنت الغانية بغنة اغن‪ ،‬فرأت قيان الوى‪ ،‬فهوى الصوت ف صوت قلب قلبيهما‪،‬‬
‫فقلبهما عن تقوى التقوي‪ ،‬فانار بناء عزم هاروت‪ ،‬وما رهم حزم ماروت‪ ،‬فأراداها على الردى ف‬

‫‪44‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫راوداها‪ ،‬وما قتل الوى نفسا فوداها‪ ،‬فبسطت نطع التنطع على تت التخيي‪ ،‬إما أن تشركا وإما‬
‫أن تقتل‪ ،‬وإما أن تشربا‪ ،‬فظنا سهولة المر ف المر‪ ،‬وما فطنا‪ ،‬فلما امتد ساعد اللف فسقى ف‬
‫سقا‪ ،‬فدخل سكك السكر‪ ،‬فزل ف مزالق الزنا‪ ،‬فرآها مع الشخصية شخص‪ ،‬فشخصا إليه فقت‬
‫ل‪ ،‬فكشت فتنتهما ف فئة اللئكة‪ ،‬فاتذوا لتلك الواردة‪ ،‬وردا من تضرع "ويستغفرون لن ف ا‬
‫لرض"‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫في بناء الكعبة‬
‫لا عل كعب الكعبة على سائر البقاع بقاع العلم‪ ،‬أبرزتا كف الياد كالكاعب‪ ،‬قبل وجود‬
‫الرض‪ ،‬وكان آدم أول من ساس الساس‪ ،‬ث بيّت للبيت البيات‪ ،‬طواف الطوفان‪ ،‬فحل ما حل‬
‫أزرار حلل اللل‪ ،‬فلما هاجر الليل باجر وابنها‪ ،‬أوضع بما فوضعهما هنالك‪ ،‬وتول راضيا بن‬
‫توله‪ ،‬يوم حرقوه‪ ،‬فقالت هاجر‪ :‬ال أمرك بذا? قال‪ :‬نعم‪ ،‬فرجعت متوكئة على منسأة التوكل‬
‫على من ل ينسى‪ ،‬فجعلت تشرب ما معها من ماء‪ ،‬وترضع لبنها ابنها‪ ،‬فلما نفدا جعل إساعيل يت‬
‫لوى على رمض رمضان الصوم‪ ،‬فانطلقت لتبذل الهود ف مأمور "فامشوا ف مناكبها" فصعدت‬
‫بأقدام الصفا على الصفا‪ ،‬فلما أطلت الطلة على الطلل‪ ،‬توكفت طل روح ينقع الغلة‪ ،‬ث جدت ف‬
‫جدت الدد بالد هابطة‪ ،‬فلما طرف طرف سيها طرف طرف الوادي‪ ،‬رفعت طرف ذراعها‪،‬‬
‫ث وسعت خطاها وسعت للجهد بهد ذراعها‪ ،‬ث أتت الرأة الروة‪ ،‬وعادت إل الصفا سبعا‪ ،‬فلذل‬
‫ك أمر الكلف أن يسعى‪ ،‬لنه أثر قدم مقدام‪ ،‬لتصيب القدام‪ ،‬نصيبا من مواطي "فبهداهم اقتده‬
‫" فسمعت صوتا من صوب‪ ،‬فنل اللك ليزيل النازلة‪ ،‬فهيا نزل النيه‪ ،‬فزمزم ماء زمزم‪ ،‬ونزا نز‬
‫وا لنز نزا‪ ،‬فحصحص الاء ف صحصح الصى‪ ،‬فامتدت كف الرص‪ ،‬فلفقت كالوض‪ ،‬فقيل‬
‫لا ليس هذا الاء من كيس كسبك فما هذا الذاق من حرص فعلك‪ ،‬ولو تركت زمزم لكانت عين‬
‫ا معينا‪ ،‬فمرت رفقة من جُرهم‪ ،‬جرّهم سؤال "فاجعل أفئدة من الناس" فأقاموا‪.‬‬
‫واشتاق الليل إل ابنه‪ ،‬فاستاق راحلة الرحيل‪ ،‬فاشترط لسان غية سارة‪ ،‬أن ل تزال عن مكانة‬
‫"وإبراهيم الذي وفّى" فقدمت زوجة إساعيل إليه القام فقدت فيه قدمه وغابت رجل الرجل فحو‬
‫لته إل يساره‪ ،‬فسرت إليه اليسرى‪ ،‬فهيت دليل الرشاد بالقاصدين "واتِذوا من مقام إبراهيم مُ‬
‫صلّى" فلما أمرا ببناء البيت حار من ل يعلم مراد المر‪ ،‬فإذا سحابة تسحب ذيل الدليل‪ ،‬قد قدّه‬
‫ا الهندس القدري على قدر البيت‪ ،‬فوقفت فنادت يا إبراهيم‪ :‬علّم على ظلي‪ ،‬فلما علّم كما علِم‬
‫سرّ با فُسّر له من مشكل الشكل‪ ،‬فذلك سرّ "وإذا بوّأْنا" فجعل مكان استراحة‬
‫‪ ،‬هبت فذهبت ف ُ‬
‫البناء العن "ربنا تقبّل منا" فلما فرغا‪ ،‬فغرا فم السؤال‪ ،‬يرتشفان ضرع الضراعة "وأرنا مناسكنا"‬

‫‪45‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فلما شرفت الكعبة بإضافة "وطهّرا بيت" قصدها فوج الفيل‪ ،‬فقيل مرادهم‪ ،‬لا باتوا على ما بيتوا‪،‬‬
‫أقبل الطي الذي رمى كالغمام‪ ،‬فكانت قطراته للحصاد‪ ،‬ل للبذر‪ ،‬فأصبح لزرع الجساد كالنج‬
‫ل الاشم‪ ،‬ليكون معجزا لظهور نب بن هاشم‪ ،‬فأمسوا ف بيدر الدّيّاس "كعصفٍ مأكول"‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫في قصة نوح عليه السلم‬
‫لا عم أهل الرض العمى عما خلقوا له‪ ،‬بعث نوح بلء أبصار البصائر‪ ،‬فمكث يداويهم "ألف‬
‫سنة إل خسي عاما" فكلهم أبصر ولكن عن الحجة تعال‪ ،‬فلح لللحي عدم فلحهم‪ ،‬فولهم‬
‫الصل يأسا من صلحهم‪ .‬وبعث شكاية الذى‪ ،‬ف مسطور "إنم عصون" فأذن مؤذن الطرد‪ ،‬عل‬
‫ى باب دار إهدار دمائهم "إنه لن يؤمن من قومك إ ّل من قد آمن" فقام نوح ف مراب "ل تذر" ف‬
‫أتته رسالة "أن اصنع" ونادى بريد العلم بالغضب "ول تاطبن" فلما أن هال كئيب المهال‪ ،‬و‬
‫انقطع سلك التأخي‪ .‬غربت شس النتظار‪ ،‬فادلمت عقاب العقاب فلما انسدلت الظلمة‪ ،‬وفات‬
‫النور "فار التنور" فقيل يا نوح‪ :‬قد حان حي الي‪ ،‬فاحل "فيها من كل زوجي اثني"‪ ،‬فتخلف‬
‫خلف نوح خلف من ولده‪ ،‬فمد يد النو ليأخذ بيده "يا بن اركب معنا" فأجاب عن ضمي خاي‬
‫ض ف مساء الساوي "سآوي" فرد عليه لسان الوعيد "ل عاصم" فلما انتقم من العصاة با يكفي‬
‫‪ ،‬كفت كف النجاة كفة الرض بقسر "ابلعي" وقلع جذع جزع السماء ف وكف دمعها بظفر "أ‬
‫قلعي" ونوديت ناة الودي جودي‪ ،‬بإناء غرقى السي‪ ،‬وزود الالكون ف سفر الطرد زاد "وقيل‬
‫بُعدا"‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫في قصة عاد‬
‫لا تب قوم عاد ف ظل ظلل ضللم حي أملى المل‪ ،‬وطول البقاء وزوى ذكر زوالم‪ ،‬ومروا ف‬
‫مشارع عذاب اللهي‪ ،‬ناسي من عذابا‪ ،‬رافلي ف حلل الغفلة بالمنية عن النية وآدابا‪ ،‬أقبل‬
‫هود يهديهم‪ ،‬ويناديهم ف ناديهم "اعبدوا ال" فبزوا ف عتو "من أشدّ منّا قوة" فسحب سحاب ا‬
‫لعذاب‪ ،‬ذيل الدبار‪ ،‬بإقباله إل قبالتهم‪ ،‬فظنوه لا اعترض عارض مطر‪ ،‬فتهادوا تباشي البشارة‪ ،‬ب‬
‫تهادي بشارة "هذا عارض مطرنا" فصاح بلبل البلبال فبلبل "بل هو ما استعجلتم به" فكان كلما‬
‫دنا وترامى‪ ،‬ترى ما كان "كأن ل يكن" فحنظلت شجرات مشاجرتم هودا‪ ،‬فجن من جن‪ ،‬من‬
‫جنا ما جن ف مغن "فما أغن عنهم سعهم" فراحت ريح الدبور‪ ،‬لكي تسم الدبار بكي الدبار‪،‬‬
‫فعجوا منها عجيج الدبر‪ ،‬فلم تزل تكوي تكوينهم‪ ،‬بيسم العدم‪ ،‬وتلوي تلوينهم إل حياض دم‬
‫الندم‪ ،‬وتكفأ عليهم الرمال‪ ،‬فتكفي تكفينهم‪ ،‬وتبزهم إل الباز‪ ،‬عن صون حصون‪ ،‬كن يقينا يق‬

‫‪46‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ينهم فإذا أصبحت أخذت تنع ف قوس "تنع الناس" وإذا أمست‪ ،‬أوقعت عريضهم ف عرض "‬
‫كأنم أعجاز نل" فما برحت بارحهم عن براحهم‪ ،‬حت برّحت بم‪ ،‬ول أقلعت حت قلعت قلوع‬
‫قلعهم‪ ،‬فدامت عليهم أفة وداء‪ ،‬ل تقبل فداء "سبع ليال وثانية أيام حسوما" فحسوا ما آذاقهم‬
‫من سوء ما حسوا ما‪ ،‬ونسفوا ف قفر "أل بعدا" إل ي "واتبعوا" فلو عبتَ ف معب العتبار‪ ،‬لتر‬
‫ى ما آل إليه مآلم‪ ،‬لرأيت التوى‪ ،‬كيف التوى عليهم‪ ،‬وكف النوى كيف نوى الدنو إليهم‪ ،‬فان‬
‫ظر إل عواقب اللف فإنه شاف كاف‪.‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫في قصة ثمود‬
‫لا أعرضت ثود عن كل فعل صال‪ ،‬بعث إليهم للصلح‪ ،‬صال‪ ،‬فتعنت عليه ناقة أهوائهم‬
‫بطلب ناقة‪ ،‬فخرجت من صخرة صماء تقبقب ث فصل عنها فصيلٌ يرغو‪ ،‬فأرتعت حول ني نيه‬
‫م عنها ف حى حاية "ول تسوها" فاحتاجت إل الاء‪ ،‬وهو قليل عندهم‪ ،‬فقال حاكم الوحي "لا‬
‫ِشرْب" فكانت يوم وردها‪ ،‬تقضي دين الاء‪ ،‬باء درها‪ ،‬فاجتمعوا ف حلة اليلة‪ ،‬على شاطئ غدي‬
‫ر الغدر‪ ،‬فدار قدار حول عطن "فتعاطى" فصاب عليهم صيّب صاب صاع صاعقة العذاب الون‬
‫‪ ،‬فحي دنا وديدن‪ ،‬دمغهم دمار فدمدم‪ ،‬فأصبحت النازل‪ ،‬لول ذلك النازل "كأن ل تغن بالم‬
‫س"‪.‬‬
‫الفصل السادس‬
‫في قصة الخليل عليه السلم‬
‫كان الكهنة قد حذرت نرود وجود مارب غالب‪ ،‬ففرق بي الرجال والنساء‪ ،‬فحمل به على‬
‫رغم أنف اجتهاده‪ ،‬فلما خاض الخاض ف خضم أم إبراهيم وجعلت بي خيف الوف وحيز التح‬
‫يز تيم‪ ،‬فوضعته ف نر قد يبس‪ ،‬وسترته باللفاء ليلتبس‪ ،‬وكانت تتلف لرضاعه‪ ،‬وقد سبقها ر‬
‫ضاع "ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل" فلما بلغ سبع سني‪ ،‬رأى قومه ف هزل "وجدنا آباءنا"‬
‫فجادلم فجدّلم فجدلم وأبرز نور الدى ف حجة "رب الذي ييي وييت" فقابله نرود‪ ،‬بسهى‬
‫السهو ف ظلم "أنا أحيي" فألقاه كاللقا‪ ،‬على عجز العجز‪ ،‬بآفات "فأت با‪ ،‬فبهت" ث دخل دار‬
‫الفراغ "فراغ عليهم" فجردوه من بُرد بَرد العدل‪ ،‬إل حر "حرّقوه" فبنوا لسفح دمه بنيانا إل سف‬
‫ح جبل‪ ،‬فاحتطبوا له على عجل العجل‪ ،‬فوضعوه ف كفة النجنيق‪ ،‬فاعترضه جبيل‪ ،‬ف عرض ال‬
‫طريق فناداه وهو يهوي ف ذلك الفل‪ :‬ألك حاجة? قال‪ :‬أما إليك فل‪ ،‬فسبق بريد الوحي إل النا‬
‫ر‪ ،‬بلسان التفهيم "كون بردا وسلما على إبراهيم"‪.‬‬
‫الفصل السابع‬
‫في قصة الذبيح عليه السلم‬

‫‪47‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لا ابتلي الليل بالنمرود فسلم‪ ،‬وبالنار فسلم‪ ،‬امتد ساعد البلء إل الولد الساعد‪ ،‬فظهرت عند‬
‫الشاورة نابة "افعل ما تؤمر" وآب يوصي الب‪ :‬اشدد باطي ليمتنع ظاهري من التزلزل‪ ،‬كما‬
‫سكن قلب مسكن السكون‪ ،‬واكفف ثيابك عن دمي لئل يصبغها عندمي فتحزن لرؤيته أمي‪ ،‬واق‬
‫رأ السلم عليها من‪ ،‬فقال‪ :‬نعم العون أنت يا بن ث أمر السكي على مريئي الرء فما مرت‪ ،‬غي‬
‫أن حسرات الفراق للعيش أمرت‪ ،‬فطعن با ف اللق مرات‪ ،‬فنبت‪ ،‬لكن حب حب الرضا ف حب‬
‫ة القلب نبت‪ ،‬يا إبراهيم من عادة السكي أن تقطع‪ ،‬ومن عادة الصب أن يزع‪ ،‬فلما نسخ الذبي‬
‫ح نسخة الصب‪ ،‬وما سطور الزع‪ ،‬قلبنا عادة الديد‪ ،‬فما مر ول قطع‪ ،‬وليس الراد من البتلء‬
‫أن نعذب‪ ،‬ولكن نبتلي لنهذب‪.‬‬
‫أين العتبون بقصتهما ف غصتهما‪ ،‬لقد حصحص الجر ف حصتهما‪ ،‬لا جعل الطاعة إل الرضا‬
‫ُسلّما‪ ،‬سل ما يؤذي فسلما‪ ،‬وكلما كلما حاجب كلم كل ما به تذبان‪ ،‬فصد ما به صدما‪ ،‬بينا‬
‫ها على تل "وتلّه" جاء بشي "قد صدّقتَ الرؤيا" فارتد أعمى الزن بصيا بقميص "وفديناه"‪ .‬لي‬
‫س العجيب أمر الليل بذبح ولده‪ ،‬وإنا العجب مباشرة الذبح بيده‪ ،‬ولول استغراق حب المر ل‬
‫ا هان مثل هذا الأمور‪.‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫في قصة ذي القرنين‬
‫قطع ذي القرني الرض وأقطعها فمر سالكا مسلكا ما فت سبسبه فت "فأتْبع سببا" فشمر‬
‫مشمرا ما تلفت‪ ،‬حت لفت شلة جع شله بالشمس ف عي حئه‪ ،‬فلما أفرغ غرب الغرب على‬
‫غارب الغربة مشى نو الشارق‪ ،‬ول يزل يوز الكنوز‪ ،‬ويوز إل قتل من يوز‪ ،‬إل أن طلعت طل‬
‫يعه الطلعة على مطلع الشمس‪ ،‬فأبرز ني عدله الشرق ف الَشرِق‪ ،‬ث رأى باقي عرضه ف دمه مق‬
‫دار مقدرته كالدين‪ ،‬فسلك بي السدين‪ ،‬فلما حشى حشا البلي بالزبر‪ ،‬ول الفسدون قسر قص‬
‫راهم‪ ،‬على مضض "فما استطاعوا" عجبا له كم اقتن من أصقع وأقنف‪ ،‬وكم أسعف بأغشى وأ‬
‫سعف وكم لطى له من لطيم وأخيف‪ ،‬وكم سعى به من أكسع‪ ،‬وقفز به من أقفز‪ ،‬ومشى به ف م‬
‫جة الشرق مجل‪ ،‬وطرق به طريق الغرب مغرب‪ ،‬كم صحبه من سايف ونابل وسال‪ ،‬كم تبعه‬
‫من ف السلح كافر‪ ،‬غي شاك ف الصلح ول كافر‪ ،‬فما درأ عنه الد الودى له مود‪ ،‬ول دارى‬
‫عن داره الدوائر دارع‪ ،‬ول رد عنه ورد ول كميت‪ ،‬إذ ورد عليه ما تركه كميّت‪ ،‬ول فرّ به من‬
‫منيته سابق‪ ،‬ول سكيت‪ ،‬فكأنه إذ مات ما ترك على حارك فرس‪ ،‬ول شاك شاكلته بشولة عق‬
‫ب‪ ،‬بل مر كأنه ل يكن‪ ،‬وذل للموت وقبلها ل يهن‪ ،‬فتلمح آخر الدنيا إن كنت تدري‪ ،‬وانظر ف‬
‫أي بر إل اللك تري‪ ،‬وأصخ لطاب الطوب‪ ،‬وافهم ما يري‪ ،‬وكن على أهبة فهذي الركا‬

‫‪48‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ب تسري‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫أفل تسيء الظن بالعمـرِ‬ ‫أو ما رأيت وقائع الـدهـر‬
‫هضباته والعصْب ذي الْث ِر‬ ‫بينا الفت كالطودِ تنـعـه‬
‫وياذبُ اليدي على الفخرِ‬ ‫يأب الدنيةَ ف عشـيتـه‬
‫حشدتْ عليه بأوجـهٍ غُـرّ‬ ‫وإذا أشار إلـى قـبـائلـه‬
‫ومواطئ القدام للعـثْـرِ‬ ‫زل الزمان بوطء أخصـه‬
‫وأق ّر إقرارا على صُغـرِ‬ ‫نزع الباءَ وكان شلـتـه‬
‫مَن ألم الصدفي بالقِـطـرِ‬ ‫صدْعُ الردى أعي تلحـمـه‬
‫أما يدق السهل بـالـوعـرِ‬ ‫جرّ الياد على الوجى ومضى‬
‫ف قعر منقطعٍ من البحـرِ‬ ‫حت التقى بالشمس مغـمـده‬
‫كالضغث بي الناب والظُفـرِ‬ ‫ف الـنـون بـه‬
‫ث انثنت ك ُ‬
‫رد القضاءَ بالـه الـدثـرِ‬ ‫ل تشتجر عنه الـرمـاح ول‬
‫لقته وهو مُضيّعُ الظـهـرِ‬ ‫جع النود وراءه فكأنـمـا‬
‫أمسى بـضـيعة ول يدري‬ ‫وبن الصون متعا فكأنـا‬
‫لمامه كـان الـذي يبـري‬ ‫ويرى العابل للعدى فكأنـا‬
‫ومن الرجال مُع ّمرُ الـذكـرِ‬ ‫أودى وما أودت مـنـاقـبـه‬
‫ع القضاء يقُـدّ أو يفـري‬
‫فد ِ‬ ‫إن التوقي فضل مـعـجـزة‬
‫الجال ملؤ فروجها تـزي‬ ‫تمي الطاعم للبـقـاء وذي‬
‫كان الطبيب أحق بالعـمـرِ‬ ‫لو كان حُفظ النفس ينفعـهـا‬
‫سيان ما يوب ومـا يُمـري‬ ‫الــداء داء ل دواء لـــه‬
‫الفصل التاسع‬
‫في قصة قوم لوط‬
‫لا تاوى قوم لوط ف هوة أهوائهم وتنادوا ف جهات جهلهم‪" ،‬أخرِجوا آلَ لوط" بعثت الملك‬
‫لنتزاع ملك الياة من أيديهم‪ ،‬فنلوا من منل لوط منل النيل‪ ،‬وهم ف أفسح بيت نب من‬
‫الكرم‪ ،‬غي أن حارس ِح ْذرِه ينادي "وضاق بم ذرعا" فخاف من قومه أذاهم "فإذا هم يهرعون"‬

‫‪49‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فأخذ يدافع‪ ،‬تارة بشورة "هؤلء بنات" وتارة بتقاة "فاتقوا ال" وتارة بسؤال "ول تُخْزون" وتارة‬
‫بتوبيخ "أليسَ منكم" فلما كلّ كلّ سلحه‪ ،‬وأعيته جهات جهاده‪ ،‬أن برمز "لو أن ل بكم قوة" ف‬
‫حجبهم جبيل بجاب "فطمسنا" وانتاشه من أسر الغنم بلفظ "فأسرِ" فلما علم أن الل ملئكة‪ ،‬ت‬
‫شوق إل تعجيل التعذيب‪ ،‬فنادت عواطف اللم "أليس الصبح بقريب" فسار بأهله على أعجاز‬
‫نائب النجاة‪ ،‬إل عجوز العجز عن عرفان العجز فإنا لقت بالعجزة‪ ،‬فلما لح مصباح الصباح‪،‬‬
‫احتمل جبيل قرى من جن على قرى جناحه‪ ،‬فلم ينكسر ف وقت رفعهم إناء‪ ،‬ول يرق ف صعو‬
‫د صعودهم ماء‪ ،‬فلما سع أهل السماء نباح كلبم أسرعت كف القلى بم ف انقلبم‪ ،‬فتفكروا‬
‫بالقلب‪ ،‬كيف جوزوا على قلب الكمة بالقلب‪ ،‬ث بعث إليهم سحاب فشصا بالشصائص واحزا‬
‫ل ث ال إليهم‪ ،‬فاكفهرت بالغضب أرجاؤه‪ ،‬وأحومت بالسخط أرجاؤه‪ ،‬وابذعرت فعرت بوارقه‬
‫‪ ،‬وارتتقت ف جو الوى جوبه‪ ،‬واستقلت على قلل قلقل الردى أردافه‪ ،‬فارتز بأرجوزة الرجز‬
‫قبل أن يهمي فهمهم‪ ،‬ف دوى بأدواء ف دو دورانه فأظلم‪ ،‬وركد كيده فلم تكد قلوعه تقلع حت‬
‫قلعهم حينه حي أثجم‪ ،‬فما أرك ول دث ول بغض‪ .‬بل قطقط فأفرط‪ ،‬وعم عميمه حي أغمط‪ ،‬ف‬
‫تقاطر على قطرهم من قطرة قطر الجارة‪ ،‬وبغتهم ف غرة غرتم بالغرور حي شن الغارة‪ ،‬تال لق‬
‫د ضكضك العذاب‪ ،‬فضعضعهم فتضعضعوا‪ ،‬وانقض بقضه وقضيضه‪ ،‬فقضقض عظام عظامهم‪،‬‬
‫وقطعها فتقطعوا‪ ،‬وسار بم على طرفسان عقاب العقاب‪ ،‬إل عوطب العطب فاهرمعوا‪ ،‬وكانوا‬
‫ف كن صاف الصفاة‪ ،‬فمروا إل مر اللق فانفرنقعوا‪ ،‬وهس هيسعهم وهل لثلهم إل الوهل والوه‬
‫ى‪ ،‬ولت حي مناص فادرنقعوا‪ ،‬وبرقط الخرنشم بعد أن بنس‪ ،‬وبلطط فبلطح وحزن البنشق ب‬
‫عد أن زهزق‪ ،‬فبلسم وكلح‪ ،‬فأجيل على ذلك اليل‪ ،‬سجل السجيل‪ ،‬فما برح حت برح‪ ،‬ودار‬
‫هاتف العبة‪ ،‬على دارس دارهم ينادي "ولقد تركنا منها آيةً"‪.‬‬
‫فليحذر العازمون على طروق طريقهم من وعيد "وما هي مِنَ الظالي ببعيد" قبل غصص الرض‪،‬‬
‫وأل الرض‪ ،‬عند حلول الرض‪ ،‬حي يعتقل اللسان‪ ،‬ويتحي النسان‪ ،‬وتسيل الجفان‪ ،‬ويزول ال‬
‫عرفان‪ ،‬وتنشر الكفان‪ ،‬فيا عجبا‪ .‬كيف ألفى لذة العيش الفان الفان‪ ،‬وقد مر فأمر كل ما كان "‬
‫ك ّل من عليها فان"‪.‬‬
‫الفصل العاشر‬
‫في قصة يوسف عليه السلم‬
‫تكن السد من قلوب أخوة يوسف‪ ،‬أرى الظلوم مال الظال ف مرآة "إن رأيت أحد عشر‬
‫كوكبا" فتلطفوا بداع "ما لك ل تأمنّا" وشوقوا يوسف إل رياض "نرتع ونلعب" فلما أصحروا‬
‫أظهروا القت له‪ ،‬ورموا بسهم العدوان مقتله‪ ،‬ففسخ نار رفقهم به ليلَ انتهارهم له‪ ،‬فصاح يهود‬

‫‪50‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ا‪ ،‬ف بقايا شفق الشفقة وأغباش غيابة الب "ل تقتلوا يوسف وألقوه ف غيابةِ الُب" فلما ألقوه‪،‬‬
‫وقالوا هلك‪ ،‬جاء ملك من عند ملك‪ ،‬يقول‪ :‬ستبلغ أملك "لتنبئّنهُم" فعادوا عمن عادوا كالعش‬
‫ى "عِشاءً يبكون" ولطخوا قميصه الصحيح "بدمٍ َكذِب" فلحت علمة سلمة القميص كي يظه‬
‫ر كيدهم‪ ،‬فقال حاكم الفراسة "بل سوّلتْ"‪.‬‬
‫فلما ورد وارد السيارة‪ ،‬باعوا الصدفة ول يتلمحوا الدرة‪ ،‬واعجبا لقمر قومر به‪ ،‬فلما وصل إل م‬
‫صر تفرس فيه العزيز‪ ،‬فأجلسه على أعزاز "أكرمي" فشغف قلب سيدته وفرى "فراودته" فسار بأ‬
‫قدام الطبع ف فلة غفلت "هّت به وهمّ با" رد "لول أن رأى" فأنقذ قوى الفرار وما استبقى "ف‬
‫استبقا" فانبسطت يد العدوان وامتدت "وقدّت" فلما بانت حجته ف إبان "وشهد شاهد" أخذت‬
‫تزكي مصراة الصرار‪ ،‬بيمي يي "ولئن ل يفعل" فاختارت درة فهمه‪ ،‬صدفة البس لهل الناقد‬
‫"ربّ السجن أحبّ إلّ" فلما ضاق قفص الصر‪ ،‬على بلبل الطبع ترن بصوت "اذكرن" فعوقب‬
‫بإيثاق باب "فلبث ف السجن" فلما آن أوان الفرج‪ ،‬خرج إل اللك‪.‬‬
‫هذا ويعقوب مفترض فراش السى على حزن الزن‪ ،‬ل يستلذ نوما ول سِنة‪ ،‬ثاني سنة‪ ،‬حت ن‬
‫ل البدن‪ ،‬وذهب البصر‪:‬‬
‫إل وللشوق ف حافاته عملُ‬ ‫ل يبق بعدكم رسم ول طلـلُ‬
‫فقدت عقلي كأن شاربٌ ث ُل‬ ‫إذا شمت نسيما من بلدكـم‬
‫فلما ع ّم عامُ القحط أرض كنعان‪ ،‬خرج أخوته لطلب الية‪ ،‬فدخلوا عليه ف ظلم ظلمهم‪،‬‬
‫فرآهم الظلوم بعي "لتنبئنّهم" وخفي عليهم نعمة "اقتلوا يوسف" فأقبل عليهم سائلً‪ ،‬وأقبل‬
‫ل وتقلقل تقلقُلَ الواجد‪ ،‬ليسمع أخبار الوالد‪:‬‬
‫الدمع ساي ً‬
‫إن الديث عن الحباب أسا ُر‬ ‫إيه أحاديث نعمان وسـاكـنـه‬
‫من نو أرضكم نكباء معطارُ‬ ‫أفتش الريح عنكم كلما نفحـت‬
‫فقالوا‪ :‬جئنا من أرض كنعان‪ ،‬ولنا شيخ يقال له يعقوب‪ ،‬وهو يقرأ عليه السلم‪ ،‬فلما سع رسالة‬
‫أبيه‪ ،‬انتفض طائر الوجد لذكر البيب‪:‬‬
‫فهيج أحزان الفؤاد ومـا يدري‬ ‫وداع دعا إذ نن باليف من من‬
‫فرد السلم قلبه قبل لسانه‪ ،‬وشغله وكف شانه عن شانه‪ ،‬وقال مقول إبدائه بعبارة صعدائه‪:‬‬
‫فلقى به ليلً نسيم ربـى نـجـدِ‬ ‫خذي نفسي يا ريح من جانب المى‬
‫وبالرغم من أن يطول به عهـدي‬ ‫فإن بذاك الو حـبـا عـهـدتـه‬

‫‪51‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ث إنه طلب آخاه‪ ،‬فاحتالوا بجة "مُنع منّا الكيل" فلما حلوا حال بينهم وبينه‪ ،‬بيلة "جعل‬
‫السقاية" فلما دخل وقت التهمة "أذّن مؤذّن" فعادوا إل أبيهم بشجى على شجن‪ ،‬وقرحٍ على‬
‫جرح‪ ،‬وعقر على عقر ف عقر‪ ،‬فقام وقد تقوس‪ ،‬وعسى على باب "عسى" ث بعثه لطف "ل تقنط‬
‫وا" على أن بعثهم برسالة "فتحسّسوا" فلما رجعوا دخلوا من قفر الفقر‪ ،‬فاستقلوا ف ساحة الضر‬
‫‪ ،‬ينادون على غليل عليل الذل "وتصدق علينا" تال لقد جوزيت أيد‪ ،‬مدها تغشرم "و َش َروْهُ" أن‬
‫مدت ف طريق ذل "وتصدّق علينا" فلما عرفوه اعترفوا‪ ،‬فمحى ما اقترفوا بكف "ل تثريب" فرف‬
‫ع من موائد تلك الفوائد نصيب الوالد "اذهبوا بقميصي" فهبت نساي الفرح‪ ،‬فتوغلت ف خياشي‬
‫م مريض كالفرخ‪ ،‬من ُفرَج الفرج‪ ،‬فخر ركام الزكام‪ ،‬عن منخر الضر‪ ،‬فنادى مدنف الوجد "إن‬
‫لجد"‪:‬‬
‫ما فعلت بعدنا الرسومُ‬ ‫نشدتك اللـه يا نـسـيم‬
‫ونقت روضها الغيومُ‬ ‫هل استهلت با الغوادي‬
‫بعد على حاله مـقـيمُ‬ ‫وهل با من عهدت فيها‬
‫أنفاسه للجري سـومُ‬ ‫علل بروح الوصال صبا‬
‫ما أنا من بعدهم سلـيمُ‬ ‫وعد فسلم علـى أنـاس‬
‫أنت بأشواقـه عـلـيمُ‬ ‫واشرح لم حال مستهام‬
‫ف غيها قلبه يهـيمُ‬ ‫وقل غريب ثوى بأرض‬
‫وتعتري قلبه المـومُ‬ ‫يكابدُ الشوق حي يسي‬
‫وما انقضت تلكم الكلومُ‬ ‫أحبابنا تنقضي الليالـي‬
‫بعد على حاله سقـيمُ‬ ‫ذاك اللديغ الذي عهدت‬
‫فل خليل ول حـيمُ‬ ‫أصبح من فقركم وحيدا‬
‫حن كما حنت الرزومُ‬ ‫ل تر ذكر الفراق إل‬
‫فلما كشف يعقوب فدام الوجد‪ ،‬بكف "إن لجد" أحدقت به عواذل "تال تفتؤ"‪ ،‬تال لو وجدوا‬
‫ما وجد ما أنكروا ما عرف‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫بالطارق الـمـلـمِ‬ ‫هل لكما من عـلـمِ‬
‫سُرى أخيه النجـمِ‬ ‫سرى على الدياجـي‬

‫‪52‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫من شخصه بسهـمِ‬ ‫يشقّ ندا عـرضـا‬
‫من ليالـي الـتّـمّ‬ ‫فنوّر الليلَ وليسـت‬
‫تيت ولـثـمـي‬ ‫خذ يا نسيم عـنـي‬
‫من الكرى و ُعدْمي‬ ‫وهنهم بـوجـدهـم‬
‫أهجرُها برغمـي‬ ‫قالوا هجرتَ أرضَهم‬
‫رسل ُكمُ بالـسـقـمِ‬ ‫قد وصلت إل الشا‬
‫بي دمي ولمـي‬ ‫فلـم تـدع واسـطةً‬
‫ثلثة فـي رســمِ‬ ‫عج كي ترى رسوما‬
‫تعرفنا بـالـوهـمِ‬ ‫سوّى النحول بينـنـا‬
‫ودارهم وجسمـي‬ ‫خط هـلل لــيلة‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫في قصة أيوب عليه السلم‬
‫جُمع ليوب بي كثرة الال وحسن العمال‪ ،‬فمل مدحُه بالوفاق الفاق‪ ،‬فأثارت تلك الثار‬
‫حسدا من إبليس قد تقادم منذ آدم‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب أن سلطن عليه‪ ،‬ألقيته ف الفتنة‪ ،‬فألفيته ف‬
‫الفئة الفتوني‪ ،‬فقيل‪ :‬قد سلطناك على ماله من مال‪ ،‬فمال إل جيع عفاريته‪ ،‬ففرقهم ف تزيق‬
‫ماله‪ ،‬وتول هو َرمْيَ بيته على بنيه‪ ،‬ث أتى ف صورة معلمهم يعلمه‪ ،‬فرأى ذلك ل يؤله‪ ،‬أنصت ال‬
‫عدو ليسمع عربدة السكر‪ ،‬فإذا أيوب يتلو آيات الشكر‪ ،‬فصاح بلسان حسده‪ ،‬سلطن على جس‬
‫ده‪ ،‬فسلطه وقد سبقه الصب‪ ،‬فتقطع السم وداد‪ :‬وما تقطع رسم الوداد‪ ،‬فأخرجه أهل قريته‪ ،‬لق‬
‫رح قرحه إل قرواح كناسة‪ ،‬فرموه كسيا كالكسرة وكساء كساده عندهم أعلى عندنا من أغل‬
‫ى كسوة كسرى‪ ،‬فلم يزل ما نزل به حت بدا حجابُ بطنه‪ ،‬وكان يبصر عظامه ومعاه معا‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫كل جهات أغراض منتبـل‬ ‫ما اختص من السقام جارحة‬
‫من الضنا قال قلب احتمـل‬ ‫إذا لاظي لسمي امتعضت‬
‫فدام هذا البلء عليه سني‪ ،‬وفِدام الصمت عن الشكوى على فيه تبي‪ ،‬ول يبق غي اللسان‬
‫للذكر‪ ،‬والقلب للفكر‪ ،‬فلو أصغى إل نطق حاله سع فهم‪ ،‬أو سأله عن وجده رب قلب لسمع‬
‫من الذماء الذما يناجي به الق‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وغالَ بكم تلك الضالع غولُها‬ ‫ما بعدكم تلك العيون بكاؤهـا‬
‫ومن مهجةٍ ل يبق إل غليلهـا‬ ‫فمن ناظ ٍر ل تبقَ إل دموعـهُ‬
‫عليكم وعينا ف الطلول أجيلها‬ ‫دعوا ل قلبا بالغـرام أذيبـه‬
‫فلما كع إبليس‪ ،‬لقي زوجته ف صورة متطبب‪ ،‬فقال‪ :‬عندي دواؤه‪ ،‬بشرط أن يقول بشفتيه‬
‫شفيتن‪ .‬فجاءت تدب‪ ،‬وقد أنساها طول البلء تدبر العن‪ ،‬فأخبت من قد خب عدو العدو‪،‬‬
‫فغضب الؤدب على تلميذ ما يقوم بطول الصحبة‪ ،‬فحلف لئن شفي‪ ،‬ليجلدنا مئة‪ ،‬فبينا الرء يكا‬
‫بد الر‪ ،‬مر به صديقان له‪ ،‬فقال‪ :‬لو علم ال من هذا خيا‪ ،‬ما بلغ به هذا المر‪ ،‬فما شد على سع‬
‫ه أشد من ذلك‪ ،‬فخر على عتبة "ول تُشْمِت" واستغاث بلفظ "مَسّنَ" وصاح بإدلل "لو أقسم"‬
‫فجاء ببيل برسالة "اركض" وليس العجب لو ركض جبيل إنا العجب أن يركض العليل‪ ،‬فرك‬
‫ضت خيل النعم عند ركضته فردت‪ ،‬وما غار الاء ما أغي عليه من نعمته‪ ،‬فنسي بنسيم العافية‪ ،‬م‬
‫ا ألّ من أل‪ ،‬وردت يد النة‪ ،‬كل ما مر منه وذهب‪ ،‬وكان نثار الرضا على واديه‪ ،‬بعد أن جرى وا‬
‫دي جرادى من ذهب‪ ،‬وأقبلت زوجته‪ ،‬وعليه يي ضربا‪ ،‬وما كان يسن ف مقابلة صبها‪ ،‬فأقب‬
‫ل لسان الوحي يتلو فتوى الرحة‪ ،‬ويراعي ما سبق من مراعاة رحة "وخذ بيدك ضِغثا" تال ما ض‬
‫ره ما أكل من جسده الدود‪ ،‬لا اختال ف ثوب مودود‪ ،‬وأصبح مصطحبا شراب السرور‪ ،‬من‬
‫جود الود‪ ،‬فرنت قيان الفرح‪ ،‬إذ غنت السنة الدح ل يعود‪ ،‬وفاح عبي الثناء فزاد نشره على‬
‫كل عود "إنّا وجدناه صابرا نعم العبد"‪.‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫في قصة شعيب عليه السلم‬
‫لا رأى شعيب شعب شعاب قومه قد امتلت بالور‪ ،‬صعد منب التذكي بالنعام‪ ،‬ولكن بي‬
‫النعام‪ ،‬فخوّفهم من قحم قحل القحط ف إشارة "إن أراكم بي" فتلقوه باستهزاء "أصلواتك"‬
‫ومدوا نوه باع النخوة "لنخرجنك" وتعللوا بجة "ما نفقه" وانتهوا إل عتو "فأسقِط علينا" فلما‬
‫اسهر ظلم ظلمهم‪ ،‬اسحنكك ليل إدبارهم‪ ،‬واسلنطح نار هلكهم‪ ،‬فحقحق إليهم ما حق عليهم‬
‫من مقهم‪ ،‬فأضل على ظلل ضللم "عذاب الظلّة" فارتت أرجاء بيوتم‪ ،‬برج الرجفة‪ ،‬وشدت‬
‫عليهم شدة الر‪ ،‬فهربوا إل الب‪ ،‬فإذا سحابة تسحب ذيل برد البد‪ ،‬فتنادوا هلموا إل راحة الر‬
‫وح‪ ،‬فلما ت اجتماعهم ف قصر الصر‪ ،‬وظنوا أنا من حر وقتهم َوقَتْهم‪ ،‬نزلت بم نار فأحرقتهم‬
‫‪ ،‬فساروا إل جهنم ف أسر أدبارهم‪ ،‬وسار بعد بعدهم ف إدبارهم‪ ،‬نذير التحذير من تبديرهم‪ ،‬و‬
‫عابم ف عقاب عقابم "أل بُعدا لدين" فليحذر العصاة مثل أفعى أفعالم‪ ،‬وليتق أعمى البصية شب‬

‫‪54‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ه أعمالم‪ ،‬وليخف الطففون من أخذ التطفيف ف مكيالم‪ ،‬وليسمعوا نذير العبة‪ ،‬فقد أوحى إليه‬
‫م بشرح أعمالم‪.‬‬
‫الفصل الثالث عشر‬
‫في ذكر بداية موسى عليه السلم‬
‫كانت الكهنة أخبت فرعون بوجود موسى‪ ،‬فأطلق الوسى ف ذبح الطفال‪ ،‬فلما اتمت أم‬
‫موسى بالوضع‪ ،‬أوضع الرس إل بيتها بالطلب‪ ،‬فأدركها عند العلم الدهش‪ ،‬فألقته ف التنور‬
‫إلقاء الطب‪ ،‬فلما عادت فرأته قد سلم شاهدت ف ضمن ما صنعت أثر "واصطنعتك" فكانت س‬
‫لمته من النار نقدا لجل احتمل لجله وعدا لنجاة يوم أليم‪ ،‬لا سعت بتابوته إل البحر‪ ،‬ارتعش‬
‫ت يد التسليم فأمسكها‪ ،‬فصاح شجاع الشجاعة بلء فيه‪ :‬أن اقذفيه فيه‪ ،‬فصدرت بعد إلقائه ب‬
‫صدر قد لوى به لواعج الشتياق‪ ،‬ل يعلم قدر ما به‪ ،‬إل من قد رمي به‪ ،‬فتلقاها بالبشر بشي "إنّا‬
‫رادّوه" فلم تزل أمواج اليم‪ ،‬تيمم به مسالك القدر‪ ،‬إل أن خبت به خيل النيل‪ ،‬فشرعت ف تناول‬
‫ه مشرعة دار فرعون‪ ،‬فألقته ف برية "فالتقطه" فلما فتحوا التابوت أسفر عن مسافر على نيب ال‬
‫نجابة‪ ،‬قد جعل زاده ف مزود "ولتُصنع" ووشح قلدة الب قد رصعت بدر "وألقيتُ" فقام فرعو‬
‫ن على أقدام القدام على قتله‪ ،‬فخرجت آسية من كمي أتباعه‪ ،‬تنطق عن لسان "سبقت لم" وتن‬
‫ادي ف مدع خديعة الرب "قرة عي ل ولك" وتمع ف كلمها ما هو فرد ف لغة الغدر "عسى‬
‫أن ينفعنا" فلم يزل فرعون ف أغباش غرور يذبح‪ ،‬حت طلع غرر صبح "ونريد أن ننّ" فلما قص‬
‫صرَت به" ف حري "وحرّمنا" فدنت فدندنت حول‬
‫شوق أمه جناح صبها‪ ،‬قالت لخته "قصيه فَب ُ‬
‫حلة اليلة‪ ،‬بول "هل أدلكم" فلما حفظت باب الكر‪ ،‬بارس "يكفلونه لكم" دخل طفيلي الوج‬
‫د من باب "وهم له ناصحون" فجاءت بأمها يؤمها دليل الطرب‪ ،‬فكادت إذ حضرت تضر ف مي‬
‫دان "لتبدي به" فكبحها لام "لول أن ربطنا" فخافت لسان جهرها لا خافت‪ ،‬فسل من أيديهم إ‬
‫ل سلم تسليمها‪ ،‬فقر ف حجر "كي تقر عينها" وترنت بلبل الوصال فأخرست بلبل الفراق‪.‬‬
‫فرب موسى ف رب فرعون‪ ،‬ونى بي نارقه‪ ،‬إل أن آن أوان مشاجرته‪ ،‬فجرى القدر بقتل القبطي‬
‫‪ ،‬ليكون سببا ف سر سي "ولا توجّه" فسعى على أرجاء رجاء "عسى رب" فتزود مزود "ولا ورد‬
‫" فتجمع شل الصهر بواسطة "إنّ أب" فبقي ضمان الوفاء إل أمانة "فلما قضى موسى الجل" فتل‬
‫مح معن "قال لهله امكثوا" فيبدو ف بادية الية أنيس "إن آنست" فترامى كف الطمع إل مرا‬
‫مي "لعلّي آتيكم" فأطل على طلل الطلب أقدام "فلما أتاها" فتلقط ثار التكلم من غي كلفة "وه‬
‫زي" تساقط من جن جنات التجلي "إن أنا ال"‪.‬‬
‫الفصل الرابع عشر‬

‫‪55‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫في تكليم الله عز وجل موسى‬
‫عليه السلم‬
‫لا خرج موسى بأهله من مدينة مدين‪ ،‬انطلق طلق الطلق بزوجته فما زال يكادح القادح فلم‬
‫تور‪ ،‬لن عروس نار الطور لا هت بالتجلي‪ ،‬نوديت النيان بلسان الغية من الشاركة "غضى"‬
‫فقام على أقدام التحية‪ ،‬فهتف به أنيس "آنس" فأنس‪:‬‬
‫فاذهب تسس لن النـارُ‬ ‫يا حار إن الركب قد حاروا‬
‫وإن أضاءت لم سـاروا‬ ‫تبدو وتبو إن خبت وقفوا‬
‫فشمر موسى عن ساق القصد وساق‪ ،‬فلما أتى النادي "نودي" فحي ذاق لذة التكليم‪ ،‬جرح‬
‫قلبه نصل الشوق‪ ،‬فلم يداوه إل طبيب "وواعدنا"‪.‬‬
‫ليورق ف رب الثلث عودي‬ ‫ليالينا بـذي الثـلث عـودي‬
‫لديّ من انتشاقي نشـر عـودِ‬ ‫فإن نسيم ذاك الـشـيح أذكـى‬
‫وأغيب نغمة من صوت عـودِ‬ ‫وإن حديثكم ف القلب أحـلـى‬
‫فبعث ف حرب فرعون‪ ،‬فلم يزل مشغولً بالهاد‪ ،‬إل أن قب القتيل ف لد اليم‪ ،‬فطلب قومه‬
‫كتابا يضبط شاردهم ويرد نادهم‪ ،‬فأمره ال أن يصوم ثلثي ليلة‪ ،‬ناره وليله فأمسك على مسك‬
‫المساك بكف الكف ف الوصال‪ ،‬فدام فِدامُ فيه عن مطمع الطعم‪ ،‬فقيد فقيد قوت الوقت‪ ،‬فصا‬
‫ر ف قيء ذكر الوعد‪ ،‬فما انقضت الليال حت انقضت ظهر البصر‪ ،‬فقام لتراى جلل الوفاء بالم‬
‫ر‪ ،‬فلح ف مطلع فلح القصد‪ ،‬فبادر يسعى على أقدام الب‪ ،‬إل زيادة ربع الب‪ ،‬فكاد يقله قل‬
‫قلة الوجد‪ ،‬فوجد الواء متغي الريح‪ ،‬ف عرضة الفم‪ ،‬فصاح به فصيح لسان الزم من وراء رأي‬
‫العزم‪ :‬يا موسى غي أثرا لزم‪ ،‬فتناول مضغة من النبات فمضغها‪ ،‬فقيل له‪ :‬أيها الصائم عن أمرنا‪،‬‬
‫ل أفطرت برأيك? فقال‪ :‬وجدت لفمي خَلوفا‪ ،‬وما أردت بفعلي خلفا‪ ،‬فقيل‪ :‬ما علمت أن فور‬
‫فورة اللوف من قدر المساك‪ ،‬أطيب عندنا من فارة فارة السك‪ ،‬إنا لننظر إل قصد الفاعل ل إ‬
‫ل صورة الفعل‪ ،‬الدم نس متنب‪ ،‬لكنه ف حق الشهيد شهي "زملوهم بكلومهم ودمائهم" فرجع‬
‫موسى عاكفا على معتكف كف كفه "فتم ميقات ربه" وأحضر حظية القدس‪ ،‬فنسي النس‪ ،‬ما‬
‫آنس من النس‪:‬‬
‫وكل شخص رآه ظنه الساقي‬ ‫فكل شيء رآه ظنه قـدحـا‬

‫‪56‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فلما دارت ف دائرة دار الب كؤوس للقرب‪ ،‬وسع النداء وسط النادي بل واسطة‪ ،‬وسيط له‬
‫من وسيط أقداح الن ف الناجاة بل وسيط‪ ،‬طاب له شراب الوصال من أوطاب الطاب‪ ،‬ف‬
‫أوان ساع الكلم‪ ،‬فناداه توق شوقه‪:‬‬
‫عن الراح الروق ف الوان‬ ‫أوان أنـت فـي هـذا الوان‬
‫رأى على الغور وميضا فاشتاق‪ ،‬ما أجلب البق لدمع الماق فصاح لسان الوجد "أرن" فرد‬
‫شارد شحذان الشوق على الطوى بطوق "لن تران" إل أن جزع الفطام سكن شعله بتعلة‬
‫"ولكن" فلما تلى جل جلله للجبل مر‪ ،‬فخر موسى ف بر الصعق فرقا‪ ،‬فرقي فرقه ذروة "سبحا‬
‫نك تبت إليك" ما انبسط موسى يقول أرن إل ببسط‪ ،‬سلن ولو ملح عجينك‪ ،‬ولو تركه مع رعي‬
‫ه الغنم ف شعب شعيب لا جال ف ظنه ذلك الطمع‪ ،‬ولكنه استدعاه بالنداء‪ ،‬وآنسه بالتقريب‪ ،‬و‬
‫باسطه بالتكليم‪.‬‬
‫حادى جلي حارا‬ ‫فلما عاين الـية‬
‫كان موسى يطوف ف بن إسرائيل‪ ،‬ويقول من يمّلن رسالة إل رب? ما كان مراده إل أن يطول‬
‫الديث مع البيب‪:‬‬
‫وذكراك من ذاك الـديث أريدُ‬ ‫فقلت له رد الديث الذي انقضى‬
‫فذكرك عندي والـديث جـديدُ‬ ‫يدد تذكار الـديث مـودتـي‬
‫كأن بطيء الفهم حـي يعـيدُ‬ ‫أنـاشـده أل أعـاد حـديثــه‬
‫مات موسى قتيل شوق "أرن" فلما جاز عليه نبينا صلى ال عليه وسلم ليلة العراج‪ ،‬ردده ف‬
‫الصلوات‪ ،‬ليسعد برؤية من قد رأى‪:‬‬
‫لعلي أراكم أو أرى من‬ ‫وإني لتي أرضكم ل‬
‫يراكم‬ ‫لحـاجة‬
‫عين رسولي وفاز‬ ‫إن تشق عيني‬
‫بالنـظـر‬ ‫فطالما سعـدت‬
‫رددت شوقا ً في طرفه‬ ‫وكلما جاءني‬
‫نظري‬ ‫الرسـول لـهـم‬
‫قد أثرت فيه أحـسـن‬ ‫تظهر في طرفه‬
‫ر‬
‫الثـ ِ‬ ‫محاسنـهـم‬
‫فانظر بها واحتكم على‬ ‫خذ مقلتي يا رسـول‬
‫بصري‬ ‫عـارية‬
‫?الفصل الخامس عشر‬

‫‪57‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫في قصة الخضر عليه السلم‬
‫لا عل شرف الكليم بالتكليم كل شرف‪ ،‬قال له قومه أي الناس أعلم? فقال‪ :‬أنا‪ .‬ول يقل فيما‬
‫أعلم‪ ،‬فابتلي فيما أخب به واعلم‪ ،‬فقام بي يدي الضر‪ ،‬كما يقوم بي يدي السليم العلم‪ ،‬فابتدأ‬
‫بسؤال "هل أتبعك" فتلقاه برد "لن" وكم أ ّن موسى من لن‪ .‬أمر قومه باليان فقالوا "لن نؤمن" و‬
‫قعوا ف التيه فقالوا "لن نصب" ندبوا إل الهاد فصاحوا "لن ندخلها" طرق باب أرن فرده حاج‬
‫ب "لن"‪ ،‬دنا إل الضر للتعلم فلفظه بلفظ "لن" ث زاده من زاد الرد بكف "وكيف تصب" فلما‬
‫سامه على نوبة السفينة‪ ،‬وواجهه بالعتاب ف كرة الغلم‪ ،‬أراق ماء الصحبة ف جدال الدار "هذ‬
‫ل فصلً‪ ،‬بقول قائل يقول‬
‫ا فراق بين وبينك" ث فسر له سر الشكل‪ ،‬فجعل يشرح القصص فص ً‬
‫ل أصلى‪ ،‬ل يبق لوسى عي تراه أصلً‪ ،‬وكلما سل من حر للعتاب نصلً‪،‬‬
‫فصلً‪ ،‬وكلما ذكره أص ً‬
‫صاح لسان حال موسى‪ :‬كم نصلى? فألقى تفسي المور على الكليم وأملى‪ ،‬والقدر يقول‪ :‬أهو‬
‫أعلم أم ل? فعلم موسى ويوشع أي عبد أمّا منذ ابتدأ بالشرح بأمّا‪ ،‬ث أخذ لسان العتاب‪ ،‬يذكر‬
‫منسى موسى‪ ،‬أتنكر خرق سفينة? لظاهر إفساد تضمن ضمنه صلح "ولكم ف القصاص حياة" أ‬
‫و تنكر? إتلف شخص دن لبقاء دين شخصي? أو كرهت إقامة الدار‪ ،‬لشح أهل القرية بالقرا‬
‫أفاردت من الصفياء? معاملة البخلء بالبخل‪ ،‬أما تلمحت سر? صل من قطعك‪ ،‬لقد أنكرت ما‬
‫جرى لك مثله‪ ،‬حذرت يوم السفينة من الغرق‪ ،‬فصحت بإنكار "أخرقتها" أنسيت يوم? "فألقيه‬
‫ف اليم" أنكرت قتل نفس بغي نفس‪ ،‬أنسيت يوم? "لو كره" نيت عن عمل بل أجر‪ ،‬أنسيت يوم‬
‫"فسقى لما" فلما بان البيان‪ ،‬خرج الضر من باب الدعوى‪ ،‬وأخرج يده من ملك التصرف وأح‬
‫ال الال على الغي "وما فعلته عن أمري"‪.‬‬
‫وهذه القصة قد حرضت على جع رحل الرحيل ف طلب العلم‪ ،‬وعلمت كيفية الدب ف كف ك‬
‫ف العتراض على العال‪ ،‬وصاح فصيح نصيحها بذي اللب‪ :‬دع دعواك فعلى دعوى الكليم ليم‬
‫‪ ،‬وفوق كل ذي علم عليم‪.‬‬
‫الفصل السادس عشر‬
‫ف قصة بلعام وموسى‬
‫أيها التعبد‪ :‬خف من الفت ول تأمن‪ ،‬كم قد أخذ أم ٌن من مأمن‪ ،‬إنه ل ينج من غطامط بر الفت‬
‫العظم حافظ السم العظم‪ ،‬بل عام بلعام‪ ،‬رفل ف حلل النعم كالنعم‪ ،‬غافلً يتعامى عن النعم‪،‬‬
‫وكانت بنية نية تعب تعبده على رمل الريا‪ ،‬فجرت تتها أنار التجربة‪ ،‬فانار بنيانا فتخرب‪ ،‬كان‬
‫على دينار دينه ورقة رقة‪ ،‬فأعجب نضره نواظر الناظرين‪ ،‬فلما حكه النتقد على حجر الجر افت‬

‫‪58‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ضح بي أهل الجى‪ ،‬وكان ظاهره لثقا بالتقى‪ ،‬وباطنه باطية لمر الوى‪ ،‬فلقد خبأ البايث ف ط‬
‫ي الطويات‪ ،‬فلما أراد القدر تنبيه جاره على جوره‪ ،‬تقدم إل القدر بتك ستره‪ ،‬فآتاه وهو ف عق‬
‫ر عقار الوى‪ ،‬يعاقر عقار الريا وقد رفعت عقيتا عاقر الفهم إل أن عقر بعقر قلبه فعاد عقيا‪ ،‬ف‬
‫دعه القدر إل صف صفصف الدعوى‪ ،‬وأرسل عليه لصراره صرصر العجب‪ ،‬فمزقت جلبات ال‬
‫تعبد‪ ،‬فصيه عصفها عصفا فانكشف عوار عورته فعوى‪ ،‬فإذا به كلب غفور‪ ،‬وقصة إقصائه أن ا‬
‫لقدر ساق الكليم إل ماربة فساق بلدته‪ ،‬فقالوا له‪ :‬اشحذ موسى الدعاء على موسى‪ ،‬فمج فوه‬
‫ممجة التمنع‪ ،‬فخوفوه بنحت خشبة‪ ،‬فخشته خشية اللق‪ ،‬فخرج حت أتى على أتان فلما قفا وق‬
‫فت ليقف سي عزمه‪ ،‬فضرى بضربا حت أض ّر با‪ ،‬فقامت ف الحجة تتكلم بالجة عليه‪ ،‬ل تضر‬
‫بن? وهذه نار تنع الاشية الشي‪ ،‬فرجع إل ملكهم فأخبه خبه‪ ،‬وما نقل العتب القصود ول خ‬
‫به‪ ،‬فألأ اللك إل صلب عزمه إل أمر صلب‪ ،‬إما الدعاء عليهم وإما الصلب‪ ،‬فخرج فأتبعه الش‬
‫يطان‪ ،‬فما كان إل أن بلغ الكان "فكان من الغاوين" تال ما عدا عليه العدو‪ ،‬إل بعد أن تول عنه‬
‫الول‪ ،‬فل تظنن أن الشيطان غلب‪ ،‬وإنا العاصم أعرض‪ ،‬وإن شككت فاسع هاتف القدر‪ ،‬مبا‬
‫عن عزة القادر "ولو شئنا لرفعناه با"‪.‬‬
‫الفصل السابع عشر‬
‫في قصة قارون‬
‫كان قارون غاية ف فقهه وفهمه‪ ،‬وكان ف النسب إل موسى ابن عمه‪ ،‬فلما فاضت الدنيا عليه‪،‬‬
‫فاضت نفس علمه‪ ،‬وكانت مقاليد خزاين خزاياه وقر ستي بغلً‪ ،‬غي أن الذي فاته با ناله أعلى‬
‫وأغلى‪ ،‬سحب ذيل "فبغى" فقام قومه قومة بزجر "ل تفرح" وألقوا إليه نصائح "وابتغ‪ ،‬ول تنس‪،‬‬
‫وأحسن‪ ،‬ول تبغ"‪.‬‬
‫فركب يوما ف وقت اقتداره ف أربعة آلف مقاتل‪ ،‬وسم الوى يعمل ف القاتل‪ ،‬وركب معه ف‬
‫معمعته ثلثائة جارية‪ ،‬وقد أنساه سفه المل أن سفينة الجل جارية‪ ،‬فلما غل وعل‪ ،‬حط إل‬
‫حضيض "فخسفنا به" فقال الاهلون‪ :‬إنا بادر موسى بادرته‪ ،‬لخذ بدرة بيداره فقال حاكم الغي‬
‫ب لزالة الريب "وبداره" فقال موسى‪ :‬يا أرض خذيه‪ .‬فاستخذت لمره‪ .‬فسرت بسريره‪ ،‬فناشد‬
‫ه قارون بالرحم فما رحم‪ ،‬فأخذته لتقدمه حت غيبت قدمه‪ ،‬فما زال يردد القول حت غاب الغب‬
‫الغن‪ ،‬وإنه ليخسف به كل يوم قدر قامة‪ ،‬فل تظنن أن ذم الزاء قد رقي منه‪ ،‬إن الدنيا إذا طلع‬
‫ت على الطغام تطغى‪ ،‬وإذا بغى نكاحها على العفاف تبغى‪ ،‬ث إنا تقصد هلك مبها وتبغى‪ ،‬وكم‬
‫عذلت ف فتكها بالفت الفت وتلغي‪ ،‬أما دردرها فغرت? فلما فرغت فغرت فاها فرغت للظعن‪ ،‬أ‬
‫ما سحبت قرون قارون? مع أقرانه‪ .‬إل القران ف قرن‪ ،‬أما كفكفت كف مكفوف مبها فارتك ف‬

‫‪59‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ن ما يكون فيك ف كفن‪ ،‬تال لقد لقي الغب الغن غب غبواته‪ ،‬فلما انلى غيهب غيمه‪ ،‬رأى الغ‬
‫ي والغب نعوذ بال من الذلن‪.‬‬
‫الفصل الثامن عشر‬
‫في قصة داود عليه السلم‬
‫لا حلي داود حلية النبوة‪ ،‬ولُقن فصل فصل الطاب‪ ،‬أطرب شدو شكره سع القبول‪ ،‬فمتعه‬
‫إقطاع "يا جبال أوّب معه والطي" فأعجبته سلمة العصمة‪ ،‬فتجهز للجهاز على جرحي الزلل‪،‬‬
‫فرماهم بسهم‪ ،‬ل نغفر للخطائي‪ ،‬والقدر قد أترع له ما سيعض له النامل ملء الناء‪ ،‬فابتلى بال‬
‫ذنب حت نكس رأس الرياسة على عتبة الذل‪ ،‬ودب إل داود العاصي دبيب الدبا من حيث ما د‬
‫بر‪ ،‬رماه سهم ليال القضاء ف درع ليال الفت‪ .‬فقضى عليه فما قدر على رده "وقدّر ف السرد"‪:‬‬
‫فدروع الرء أعوان النصال‬ ‫وإذا رامي القـادير رمـى‬
‫ظن لقوة لقوة عصمته لقاء قرن الوى‪ ،‬فلحت له ف حم دعواه حامة من ذهب‪ ،‬فذهب‬
‫يصيدها‪ ،‬فوقع ف عي شرك عينه‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫لا رمى سهما وما أجرى دما‬ ‫ظ ّن غداة اليف أن قد سلبهـا‬
‫فؤاده من بينها قـد عُـدمـا‬ ‫فعاد يستقـري حـشـاه فـإذا‬
‫وإنا الرامي درى كيف رمى‬ ‫ل يدر من أين أصيب قلـبـه‬
‫طاف على بابه طبيب اللطاف‪ ،‬فأراد استخراج النصل من باطن الشغاف‪ ،‬فجئنا على عتبة عتابه‪،‬‬
‫بأعتوبة "خصمان" فقضى على نفسه ف صريح "لقد ظلمك" فبينا هو يلحظ لفظ القضية‪ ،‬العا‬
‫معا معان العاصي ففطن‪ ،‬ففت بالفت الفاتن فت فتياه "وظن داود أنا فتناه" فنل عن مركب العز‬
‫إل مس مسجد الذل‪ ،‬وافترش فراش من قد أسا ف دار السا‪ ،‬وخلع خلع الفرح للباب الزن‪،‬‬
‫وزرّ زرزر مانقة الوف على شعار القلق‪ ،‬فأسكت الماي بنوحه‪ ،‬وشغلها عن صدحها بصوته‪ ،‬فب‬
‫الغ حريق الندم ف سويدا قلبه‪ ،‬وأقلق الفئدة بشجى شجنه‪ ،‬ومات خلق كثي من اللق بترن ش‬
‫جوه وصوته‪ ،‬وشرب عرق العشب من عي عينه‪ ،‬وحشى سبعة فرش رمادا‪ ،‬ث رمى داء الشا‪ ،‬ب‬
‫عد أن فرشها فرشها‪ ،‬وكان يقول ف مناجاته‪ :‬إلي خرجت أسأل أطباء عبادك‪ .‬أن يداووا ل جر‬
‫ح خطيئت فكلهم عليك يدلن‪ ،‬إلي أمدد عين بالدموع‪ ،‬وضعفي بالقوة‪ ،‬حت أبلغ رضاك عن‪.‬‬
‫‪:....‬‬
‫هب ل من الدمع ما أبكي عليك به‬ ‫يا من تنب صبي من تـنـبـه‬

‫‪60‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إل المات ودمعي ف تصـوبـه‬ ‫حت مت زفرات ف تصاعـدهـا‬
‫هام اشتياقا إل مقـيا مـعـذبـه‬ ‫ول فـؤاد إذا لـج الـغـرام بـه‬
‫ما زال يغسل العي من عي العي‪ ،‬ولسان العتاب يقول‪ :‬يا بعد اللقا‪ ،‬وكلما رفع قصة غصة جاء‬
‫الواب بزيادة الوى‪ ،‬وهو يستغيث وينادي‪ ،‬حت أقلق الاضر والبادي‪:‬‬
‫دموع عين وحسن ظن‬ ‫إن شفيعي إليك مـنـي‬
‫إليك إل عفوت عـنـي‬ ‫فبالذي قـادنـي ذلـي ً‬
‫ل‬
‫الفصل التاسع عشر‬
‫في قصة سليمان عليه السلم مع بلقيس‬
‫ركب سليمان يوما مركب الريح‪ ،‬فراحت بوادره على وادي النمل‪ ،‬فندت نلة فنادت أخواتا‬
‫بنداء "ل يطمنكم" فحملته أريية سكر الشكر على طرب "فتبسم ضاحكا" وذلك أنا بلفظ‬
‫"يا" نادت "أيها" نبهت "النمل" عينت "أدخلوا" أمرت "مساكنكم" نصت "ل يطمنكم" حذرت‬
‫"سليمان" خصت "وجنوده" عمت "وهم ل يشعرون"‪ ،‬عذرت‪ ،‬فلما فصل طالوت ملكه بالنود‬
‫عن وادي النمل‪ ،‬وقع ف مفازة ل يرى فيها على ماء علما‪ ،‬فجاش جاش اليش لفقرهم ف القفر‬
‫إل الاء الا‪ ،‬وكان الدهد يدلم على الاء فغاب‪ ،‬فتواعده بلفظ "لعذبنّه" فجاء ببهت ذكي "أحط‬
‫ت با ل تط به" فحمله كتابا‪ ،‬فألقاه من قاره‪ ،‬بنقاره‪ ،‬فرأت اليقظى بيقظان فهمها كتابا متوما‪،‬‬
‫كلما عجيبا‪ ،‬وحاملً غريبا‪ ،‬فصادها العقل والفهم فصاداها‪ ،‬فاستشارت قومها فأوموا إل الر‬
‫ب بلفظ "نن أولو قوة" فعلمت أن من جنده الطي ل يقاوم‪ ،‬وبعثت ما يفرق به بي الدعوة والد‬
‫عوى "وإن مرسلة إليهم بدية" واعجبا للذهب إذا ذهب سهمه ل يطي‪ ،‬وللرشا إذا رشت مزال‬
‫ق أقدام العقول ل تبطي‪.‬‬
‫‪:....‬‬
‫رء إزا ٌر رقعـهْ‬ ‫ل يغرنك من الـم‬
‫الساق منه رفعـهْ‬ ‫وقميص فوق كعب‬
‫أثر قد خـلـعـه‬ ‫وجبـيٌ لح فـيه‬
‫غيه أم ورعــه‬ ‫أره الدرهم تعرف‬
‫فلما بدت هوادي هديتها‪ ،‬صاح سليمان بعز "أتدونن با" فلما صح عندها ما يدعو إليه وثبت‪،‬‬
‫وثبت على أقدام الطلب‪ ،‬وهيأت مراكب القصد‪ ،‬ورحلت ف هجي شس الدى على نائب‬
‫الجرة‪ ،‬فلما سع سليمان برحيلها‪ ،‬أراد تقوية دليلها‪ ،‬فنادى ف نادي عفاريته‪ ،‬مستعرضا جند بط‬

‫‪61‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫شها "أيّكم يأتين بعرشها" فلما جيء به ستره بقرام "نكّروا" ث ابتلها‪ ،‬ليى ذكاها "أهكذا عرش‬
‫ك" ث صرح بلفظ "ادخلي الصرح" فشبه لا لضعفها عن لطافة كاس ساقيها‪ ،‬فكشفت عن‬
‫ساقيها‪ ،‬فلما وصلت وسلمت‪ ،‬أسلمت فسلمت‪ ،‬وحلت قبل أن حلت نطاق النطق‪ ،‬فنثرت خرز‬
‫ت مع سليمان ل رب العالي"‪.‬‬‫ات نظامه على نظم العذر "إن ظلمت نفسي وأسلم ُ‬
‫الفصل العشرون‬
‫في قصة مريم وعيسى عليهما السلم‬
‫كانت أم مري جنة قد حنت إل ولد‪ ،‬فكب عليها امتناعه واستول الكب‪ ،‬فرأت يوما طائرا يغذو‬
‫فرخا فرحا‪ ،‬فرجى أملها اليؤوس فرحا فرجا‪ ،‬فسألت عند هذه القضية ولديها ولدا‪ ،‬فلما علمت‬
‫بالمل أكسبها السرور ولا‪ ،‬فوهبته بلسان النذر لن وهبه لا‪ ،‬فقال القدر‪ :‬يا ملك التصوير‪ ،‬صو‬
‫ر المل أنثى‪ ،‬ليبي أثر الكرم ف قبول الناقص‪.‬‬
‫فلما وضعتها وضعتها بأنامل النكسار عن سرير السرور‪ ،‬فإن لسان التلهف لا ألقى على الفايت‬
‫"إن وضعتُها أنثى" فجي كسرها جابر "فتقب ّللَها" وساق عنان اللطف إل ساق زرعها‪ ،‬فربا ف رب‬
‫"وأنبتها" فانطلقت با الم تأم بيت القدس‪ ،‬فلبس القوم لمهم ف حرب "يُلقون أقلمهم" فثبت ق‬
‫لم زكريا إذا وثبت القلم فكفتها وكفلها‪ ،‬فأراه السبب غناها عن السبب‪ .‬بآية "وجد عندها ر‬
‫زقا" فرباها من ربا فنشأت ل ترى إل ربا‪.‬‬
‫فانتبذت يوما من أهلها‪ ،‬فأقبل نو ذلك البي البي بريد "فأرسلنا" فتحصنت الصان بصن‬
‫"إن أعوذ" فانزوى إل زاوية "إنا أنا رسول ربك" وأخبها بالتحفة ف لفظ "ليهب" فأقيمت‬
‫فأقيمت ف مهب ريح الروح‪ ،‬فتنفست الكلمة من كمي المر‪ ،‬فنفخ جبيل ف جنب الدرع جي‬
‫ب‪ ،‬فمرت الرأة حاملً ف الوقت‪ ،‬فلما علمت ألت با حل عليها المل‪ ،‬فأخرجها الياء الي ع‬
‫ن الي‪ ،‬فلما فاجأها وقت الوضع‪ ،‬فاجأها الخاض إل الذع‪ ،‬تيت من وجود ولد‪ ،‬وما فجر‬
‫ت‪ ،‬فجرت عي الدمع‪ ،‬فصاح لسان الفر‪ ،‬بلفظ الندب "يا ليتن مت قبل هذا" فأجابا اللك‪ ،‬ع‬
‫ن أمر من ملك "أن ل تزن" وأجرى لا ف أوان الوان سرى‪ ،‬كما وهب لا من الغلمان سرى‬
‫فسرى عن سرها وجود الظهور‪ ،‬وأنس الظاهر‪ ،‬فسرا‪ ،‬وأريت آية تدل على من قدر القدرة ف م‬
‫قام "و ُهزّي" فهزت جذم جذع مايل مثل الطب‪ ،‬فتساقط عليها ف الال رطب الرطب‪ ،‬فأخذها‬
‫الوى‪ ،‬ف إعداد الواب‪ ،‬فقيل لا "كلي" كل الكل‪ ،‬إل من له الكل‪ ،‬كنت بعزل من وجود الو‬
‫لد‪ ،‬فكون بعزل من إقامة العذر‪ ،‬فالذي تول إياده يقيم عذر العذرا‪ ،‬ل تعجب من وجود حل س‬
‫افر عن أرض القدرة‪ ،‬فلم يصلح أن ينل إل بنل‪ ،‬أركانه على عمد "إن ال اصطفاك وطهر ِك و‬
‫اصطفاكِ" فلما سكتت وسكنت‪ ،‬بعد أن قعدت وقامت‪ ،‬أقامت أيام النفاس فانقضت وفاتت "فأت‬

‫‪62‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت با قومه تمله" فنادوا من أندية التوبيخ‪ ،‬إذ ما شاهدوا قط أختها "يا أخت هارون" فأضجروا‬
‫مريضا قد ضن من أني "إن" على فراش "يا ليتن مت" فلما شارت أرى الرأي‪ .‬أشارت إليه‪ ،‬فأ‬
‫خذت السنة تعجبهم تعج بم "كيف نكلّم" فكأنا قالت لم‪ :‬أنا طريق وهذا مر ب‪ ،‬والسافر يسأ‬
‫ل عن الطريق ل الطريق عن السافر‪ ،‬فقام عيسى يخض أوطاب الطاب على منب الطابة‪ ،‬فأبرز‬
‫بالخض مض إبريز القرار "إن عبد ال" وأومى إل وجوده من غي أب‪ ،‬ف إشارة "وبرا بوالدت"‬
‫وكانت واسطة عقده "ومبشرا برسول"‪.‬‬
‫فلما ت له سن الشباب‪ ،‬جلس على باب العجزة‪ ،‬يعطي العافية العافية‪ ،‬ويبئ الكمه والبرص‪،‬‬
‫فربا ألفى ببابه خسي ألفا يؤمونه ف كل يوم‪ ،‬ولقد فرك الدنيا فطلقها أي تطليق‪ ،‬وأبغضها ول‬
‫كبغض الرافضي الصديق‪ ،‬فغزاها بند الزهد بي مسرح وملجم‪ ،‬وفتك با كما فتك بالتقى ابن م‬
‫لجم‪ ،‬ما التفت إليها قط وجه عزمه‪ ،‬ول صافحا يوما كف قلبه‪ ،‬ول غازلا يوما لسان فكره فلم‬
‫يعرف حقيقة ما حوى سوى الواريي‪ ،‬فشمروا عن ساق العزائم‪ ،‬ف سوق بدن البدان إل من ا‬
‫لن‪ ،‬تن بلفظ "نن أنصار ال" وكتبوا ف عقد العقايد "آمنا بال" فعدلوا با إل عدل "واشهد بأنّ‬
‫ا مسلمون"‪.‬‬
‫ث إن اليهود اجتمعوا ف بيت "ومكروا" فزلزل عليهم بيد "ومكر ال" فدخل عيسى خوخة‪ ،‬فدخ‬
‫ل خلفه ذو دخل فألقى عليه شبهه‪ ،‬فحاق بالرء مرّ مراده‪ ،‬وصاح فيه حاكم القدر جود مراقيها‪.‬‬
‫الفصل الحادي والعشرون‬
‫في قصة يحيى بن زكريا عليه السلم‬
‫لا قام زكريا عليه السلم بإقامة القامة لري‪ ،‬رأى وكيل الغيب يسبقه بالنفاذ على يد القدرة ف‬
‫كنّ كن‪ ،‬وكان إذا خرج ث جاء فاجأ ث الثمار قد نت‪ ،‬فكم قد ألفى الفاف الفاكهة الفايقة ل‬
‫ف حينها‪ ،‬فتلمح بعي زرقاء الفهم‪ ،‬فرأى نفقة الارية جارية‪ ،‬وكيس السباب على ختمه‪ ،‬فصاح‬
‫ك هذا" فأحالت الال على السبب "هو من عند ال" فنبهت هذه الية راقد‬
‫لسان الدهش "أنّى ل ِ‬
‫طمعه‪ ،‬بعد أن طال وسنه سبعي سنة‪ ،‬فسن على سنة وجهه ماء رجاء ماء آسن ما ل يتسنه وقام ا‬
‫لدردح بعد أن تقعوس وتسعسع وعسى على باب عسى ف مراب "دعا زكريا ربه" فسرى بسره‬
‫سرا‪ ،‬لئل ينسب إل فن من أفن‪ ،‬وكتب قصة "ل تذرن فردا" وشكا ما شيك به ما حل من حل ا‬
‫لتركيب وشيكا‪ ،‬ف كلمات هن "وهن العظم من" فلما أورد ف قصته‪ ،‬ما يريد حلها بريد الرجاء‬
‫‪ ،‬إل من عود العود العود فكشف الوى ف الواب‪ ،‬ل دره خدم حت شاب‪ ،‬ث طلب نابيا على‬
‫الباب‪ ،‬فأصبح ميت أمله بوجود يي‪ ،‬فمشى لشاهدة وجه القدرة‪ ،‬وقد حال بينهما سفر العادا‬
‫ت‪ ،‬إل أن لفظ بلفظ "إن" وهتف به هاتف "هو عليّ هيّن" فسأل علما على ما يعلم به وجود ا‬

‫‪63‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لمل‪ ،‬لمل نفسه على الشكر‪ ،‬فوعد بسجن اللسان‪ ،‬مع سلمة اللسان‪ ،‬إل عن ذكر الرحن‪ ،‬لي‬
‫كون حج نطقه مفردا‪.‬‬
‫فلما ولد له يي‪ ،‬ل يبلغ مبلغ يافع‪ ،‬إل وهو ولد نافع‪ ،‬كان صبا الصبا تيل بالصبيان ول تزه‪،‬‬
‫فإذا قالوا له هلم بنا فلنلعب‪ ،‬قال‪ :‬إنا خلقنا للتعب ل للعب‪ ،‬فقط له القدر قطا من عصام‬
‫العصمة ما قط لحد‪ ،‬فما خطا إل خطأ ول هم‪ ،‬ولقد رمى الدنيا عن يد التمسك‪ ،‬وعل عن فض‬
‫ولا على قلل التقلل‪ ،‬فكان عيش عيشه العشب‪ ،‬واقتنع بسوك اليوان عن السب والشف والش‬
‫بق‪ ،‬وشغله عن رقش نقش القشيب والدمقس ما لف ما لفق‪ ،‬ولقد دوى ف دو فؤاده غيم الغي‬
‫م فغدا الغدق يدق إل أن فاض قليب قلبه‪ ،‬فانقلبت عيناه بقلب كالعيون حت فرت‪ ،‬فحفرت ف‬
‫أخدود الدود مرى‪ ،‬ول يزل معول دمه يفر ركية خده‪ ،‬حت بدت فيه أضراس فيه‪ ،‬يا عجبا م‬
‫ن بكاء من ما عصى ول هم‪ ،‬وضحك من كتابه بالذنوب قد ادلم‪ ،‬فلما قارب الوفاة وفات العد‬
‫و‪ ،‬علم من آفات النقل ف الواطن الخصوصة‪ ،‬بوحش الوحشة‪ ،‬فتخلص فيها من أسد البلء‪ ،‬ك‬
‫ما حى من ذنب الذنب "يوم وُلد ويوم يوت ويوم يُبعث حيا"‪.‬‬
‫الفصل الثاني والعشرون‬
‫في قصة أهل الكهف‬
‫كان رقم "كتب ف قلوبم اليان" قد عل على كهف قلوب أهل الكهف‪ ،‬فلما نصب ملكهم‬
‫شرك الشرك‪ ،‬بان لم خيط الفخ ففروا‪ ،‬وخرجوا من ضيق حصر البس إل الفضاء فضاء لم‪،‬‬
‫فما راعهم ف الطريق إل راع وافقهم‪ ،‬فرافقهم كلبه‪ ،‬فأخذوا ف ضربه لكونه ليسوا من ضربه‪ ،‬ف‬
‫صاح لسلط حاله ل تطردون لباينت جنسكم‪ ،‬فإن معبودكم ليس من جنسكم‪ ،‬أنا ف قبضة إيثار‬
‫كم أسي‪ ،‬أسي إن سرت‪ ،‬وأحرس إن نتم‪ ،‬فلما دخلوا دار ضيافة العزلة‪ ،‬اضطجعوا على راحة ال‬
‫راحة من أرباب الكفر‪ ،‬فغلب النوم القوم "ثلثائة سني وازدادوا تسعا" وكانت الشمس تول‬
‫عن حلتهم لراسة حلتهم من بلء بلي‪ ،‬وأعينهم مفتوحة لئل تذوب بأطباق الطباق‪ ،‬ويد اللطف‬
‫تقلب أجسادهم لتسلم من أفن عفن‪ ،‬وجرت الال ف كلبهم‪ ،‬على ما جرت بم‪ ،‬فكأنه ف شرك‬
‫نومهم قد صيد "بالوصيد"‪.‬‬
‫فخرج اللك بم جعه ف طلبم فإذا بم‪ ،‬فسد الباب وما وعى على وعاء مسك‪ ،‬فأضاع حت‬
‫ضاع بيد اللك ف بيد اللك‪ ،‬فانساب راع إل سبسبهم‪ ،‬ففتح باب الكهف ليحوز الغنم‪ ،‬فهب ا‬
‫لواء فهب الراقد‪ ،‬فترن أحدهم بلفظ "كم لبثتم" فأجابه الخر "يوما" ث رأى بقية الشمس نقية ف‬
‫اتقى بالورع ورطات الكذب‪ ،‬فعاد يتبع أوب "أو بعض يوم" فلما قفلوا من سفر النوم إل ديار ال‬
‫عادة‪ ،‬زاد تقاضي الطبع بالزاد‪ ،‬فخرج رئيسهم ف ثوب متنكر‪ ،‬فضلت معرفته العاهد‪ ،‬فأقبل يته‬

‫‪64‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫م اليقظة‪ ،‬فمد إل بايع الطعام باعه‪ ،‬فما باعه‪ ،‬وظن أنه قد وجد كنا‪ ،‬ولقد وجد كن "وزدناهم‬
‫هدى" فحمله القوم إل الوال‪ ،‬فقال إنه لال‪ ،‬فما لكم ومال? كنا فتية أكرهنا على فتنة فخرجنا‬
‫عشية أمس‪ ،‬فنمنا ف باطن كهف‪ ،‬فلما انتبهنا خرجت لبتاع للتباع قوت القوت‪ ،‬فسار القوم م‬
‫عه ف عسكر التعجب‪ ،‬فسمع إخوانه جلبة اليل‪ ،‬ف جلبة الطلب‪ ،‬فتجاوبوا بأصوات التوديع‪ ،‬و‬
‫قاموا إل صلة مودع‪ ،‬فدخل تليخا فقص عليهم نبأهم‪ ،‬فعادوا إل مواضع الضاجع‪ ،‬فوافتهم الو‬
‫فاة‪ ،‬وفات لقاؤهم وسدلت عليهم حجاب الرعب‪ ،‬كف "لو اطّلعت"‪.‬‬
‫إخوان ليس العجب من نائم ل يعرف قدر ما مر من يومه‪ ،‬وإنا العجب من نائم ف يقظة عمره‪.‬‬
‫‪:....‬‬
‫لا خُلقوا لا غفلوا وناموا‬ ‫أما وال لو عـرف النـام‬
‫عيون قلوبم ساحوا وهاموا‬ ‫لقد خُلقوا لِما لو أبصـرتـه‬
‫وتوبيخ وأهـوال عِـظـامُ‬ ‫مات ث قب ثـم حـشـر‬
‫فصلوا من مافته وصاموا‬ ‫يوم الشر قد خُلقت رجالٌ‬
‫كأهل الكهف أيقـاظ نـيامُ‬ ‫ونن إذا أمرنا أو نـينـا‬
‫الفصل الثالث والعشرون‬
‫في بداية أمر نبينا ورضاعه صلى الله عليه وسلم‬
‫خلق نبينا صلى ال عليه وسلم من أرضى الرض أرضا‪ ،‬وأصفى الوصاف وصفا‪ ،‬وصي آباؤه‬
‫من زلل الزنا‪ ،‬إل أن صدفت بتلك الدرة صدفة آمنة‪ ،‬فوثبت لرضاعه ثويبة‪ ،‬ث قضت باقي الدين‬
‫حليمة‪ ،‬فقام نباته مستعجلً على سوقه‪ ،‬مستعجلً قيام سوقه‪ ،‬فنشأ ف حجر الكمال كما نشأ‪ ،‬ف‬
‫شأى من شأى منشأ‪.‬‬
‫قدمت حليمة والدب عام ف العام‪ ،‬فعرض على الرضعات فأبي لليتم‪ ،‬فراحت به حليمة إل‬
‫حلتها‪ ،‬فثاب لبنها ولب راحلتها‪ ،‬فباتوا البكة روائه رواء‪ ،‬وهب على مباركهم نسيم نسمة‬
‫مباركة‪ ،‬فلما ظعنت الظعاين أتت أتانا تؤم أمام الركب‪ ،‬فلما حلوا حللهم‪ .‬كانت الرعاء تسرح‬
‫فيعفرها سرحان الدب‪ ،‬وراعي حليمة يعيد الغنم بالغنم‪.‬‬
‫فبينا الصب مع الصبيان‪ ،‬هبت صبا الب ببيل‪ ،‬فجاءه فجأة فشق عن القلب‪ ،‬ث شقه وما شق ع‬
‫ليه‪ ،‬فعلق بيده من باطية باطنه علقة‪ ،‬فقال هذا حظ الشيطان‪ ،‬وقد قطعنا علقه ث أعاد قلبه بعد أ‬
‫ن َقلَبَه‪ ،‬وما به قلبة‪ ،‬فبقي أثر الخيط ف صدره‪ ،‬باقي عمره لظهار سورة "أل نشرح"‪.‬‬
‫فلما بلغ ست سني‪ ،‬ألوى الوت بالوالدة‪ ،‬فجد ف كفالته الد‪ ،‬ث طلب الوت عبد الطلب‪ ،‬فما‬

‫‪65‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أب الطالب‪ ،‬ول اشتغل بأوصابه حت أوصى به أبا طالب‪ ،‬فخرج به وقد زانه كالتاج تاجرا‪ ،‬فتيم‬
‫م باليتيم منل تيماء‪ ،‬فرآه بياء ببحرته فقرأ سات النبوة من شايل "يعرفونه" فشام برق فضله ف‬
‫لح من شيمة شامته‪ ،‬فقال لعمه‪ :‬احفظ هذه الشامة من شامت‪.‬‬
‫وما زال نشره يضوع ول يضيع‪ ،‬إل أن تخضت حامل النبوة ف إبان التمام‪ ،‬وآثر الطلق طلق ا‬
‫للق‪ ،‬فتحرى غار حراء للفراغ فراغ إليه اللك‪ ،‬فأغار حبل الوصال ف ذلك الغار‪ ،‬فأفاض عليه‬
‫حلة "اقرأ" فأفاض إل حلة "زمّلون" فسكّنت خدية غلته‪ ،‬بعلة إنك لتصل الرحم ث انطلقت به إ‬
‫ل ورقة فقرأ من ورقة سيماه نقش فضله‪ ،‬فتيقظ لفهم أمره إذ ناموا‪ ،‬فقال‪ :‬هذا الناموس الذي نز‬
‫ل على موسى‪ ،‬ولقد عرفه الحبار ف الكنايس‪ ،‬والرهبان ف الصوامع‪ ،‬وأنذر به الرئي وأخب به ا‬
‫لتابع‪.‬‬
‫فكانت تسلم عليه قبل النبوة الحجار‪ ،‬وتبشره با أوله موله الشجار‪ ،‬وكان خات النبوة بي ك‬
‫تفيه‪ ،‬وسرايا الرعب تترك كسرى كالكسرة بي يديه‪ ،‬ألبس أهاب اليبة وتوج تاج السيادة‪ ،‬وض‬
‫مخ بأذكى خلوق أزكى الخلق‪ ،‬وأحل دار الداراة‪ ،‬واجلس على صفحة الصفح ولقم لقم لقم‬
‫ان الكيم‪ ،‬ووضعت له أكواب التواضع‪ ،‬وأديرت عليه كؤوس الكيس متضمنة حلوة اللم‪ ،‬خ‬
‫تامها مسك النسك‪ ،‬وأعطى لقطع مفازة الدنيا جواد الود‪ ،‬ونوول قلم العز فوقع على صحائف‬
‫الكد‪" ،‬كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"‪ ،‬كان يعود الريض‪ ،‬وييب دعوة الملوك‪ ،‬ويلس عل‬
‫ى الرض‪ ،‬ويلبس الشن‪ ،‬ويأكل البشع‪ ،‬ويبيت الليال طاويا‪ ،‬يتقلب ف قعر الفقر‪ ،‬ولسان الا‬
‫ل يناديه‪ :‬يا ممد نن نضن بك عن الدنيا ل با عنك‪.‬‬
‫ولقد شارك النبياء ف فضائلهم وزاد‪ ،‬أين سطوة "ل تذر" من حلم "اهد قومي" أين انشقاق البح‬
‫ر‪ :‬من انشقاق القمر‪ ،‬أين انفجار الجر من نبع الاء من بي الصابع‪ ،‬أين التكليم عند الطور من‬
‫قاب قوسي‪ ،‬أين تسبيح البال ف أماكنها من تقديس الصى ف الكف‪ ،‬أين علو سليمان بالريح‬
‫من ليلة العراج‪ ،‬أين إحياء عيسى الموات من تكليم الذراع‪ ،‬كل النبياء ذهبت معجزاتم بوتم‬
‫‪ ،‬ومعجزة نبينا الكب‪ ،‬قائمة على منار "لنذركم به ومن بلغ" تنادي "فأتوا بسورة من مثله" ولق‬
‫د أعرب عن تقدمه من تقدمه‪" ،‬آدم ومن دونه تت لوائي" لو كان موسى وعيسى حيي ما وسع‬
‫هما إل اتّباعي‪ ،‬فإذا نزل عيسى صلى مأموما‪ ،‬لئل يدنس بغبار الشبهة وجه "ل نب بعدي"‪.‬‬
‫فهو أول الناس خروجا إذا بعثوا‪ ،‬وخطيب اللئق إذا وفدوا‪ ،‬ومبشر القوم إذا يأسوا‪ ،‬النبياء ق‬
‫د سكتوا لنطقه‪ ،‬والملك قد اعترفوا بقه‪ ،‬والنة والنار تت أمره‪ ،‬والزان داخلون ف دائرة ح‬
‫كمه‪ ،‬وكلم غيه قبل قوله ل ينفع وجواب البيب له "قُل تُسمَع" فسبحان من فض له من الفض‬

‫‪66‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ائل ما فضله‪ ،‬وكسب من حلل الفخر الم ما جله‪ ،‬جع ال بيننا وبينه ف جنته‪ ،‬وأحيانا على كتاب‬
‫ه وسنته‪.‬‬
‫الفصل الرابع والعشرون‬
‫قصة الغار والصديق‬
‫لا أغارت قريش خيل اليل على الرسول‪ ،‬خرج إل غار لو دخله غيه كان غررا‪ ،‬فغريت قريش‬
‫بالطلب‪ ،‬فنبتت شجرة ل تكن قبل‪ .‬قبل الباب‪ ،‬فأظلت الطلوب‪ ،‬وأضلت الطالب‪ ،‬وجاءت‬
‫عنكبوت فسدت فسدّت باب الطلب‪ ،‬حاكت وجه الغار فحاكت ثوب نسجها فحاكت سترا‪،‬‬
‫ث حى اللطف المن‪ ،‬بمامتي فما كان إل أن سكنتا من الغار فما‪ ،‬فما بان الستتر فاتذتا عشا‪،‬‬
‫فغشى ما غشى من غشاء العشا‪ ،‬على أبصار القتفي فصاروا كالعشى‪ ،‬فراغ العداء نو تلك ال‬
‫ناحية‪ ،‬فرأوا دليل فراغ الغار الغار‪ ،‬فعادوا عن من عادوا‪ ،‬عودا بتا بل بت‪ ،‬فقال الصديق عن‬
‫حر الوجد‪ ،‬لو أن أحدهم نظر إل قدميه لبصرنا‪ ،‬فقال‪" :‬ما ظنك باثني ال ثالثهما"‪.‬‬
‫فلما رحل لقهما سُراقة‪ ،‬فسرقت الرض قواي فرسه‪ ،‬فلما رأى أرضا صلدا قد فرست الفرس‪،‬‬
‫فرست إل بطنها ببطنها‪ ،‬أشربت نفسه علم اليقي بظنها‪ ،‬فأخذ يعرض الال على من قد رد مفاتي‬
‫ح الكنوز‪ ،‬ويقدم الزاد إل شبعان "أبيت عند رب" فجازا على خيمة أم معبد‪ ،‬فأصحت شاتا‪ ،‬وأ‬
‫صبحت تشهد‪ ،‬فوصل إل يثرب على نائب السلمة‪ ،‬وفات الي مكة‪ ،‬وفاءت الدينة بالكرامة‪.‬‬
‫الفصل الخامس والعشرون‬
‫في قصة أهل بدر‬
‫لا بادر بدر الشريعة بالروج إل بدر‪ ،‬رأى ف أصحابه قلة فارتقى قلة "وشاورهم" فقام القداد‬
‫عن قوله قومة‪ ،‬لق متابعة البايعة‪ ،‬فقال‪ :‬لو سرت إل برك الغماد لتابعناك فما لبث الرسول أن‬
‫صار يطلب بالطاب النصار‪ ،‬ففطن لسعادته سعد بن معاذ‪ ،‬فقال‪ :‬لو خضت البحر لضنا‪ ،‬فرأ‬
‫ى الصطفى ف العداء العدد والعدة‪ ،‬والتفت إل السلمي فوجد إذ ما وجد‪ ،‬فاستقبل قبلة الطل‬
‫ب‪ ،‬واقتضى كريا ما ماطل‪ ،‬فانتدب مدد العون بل عون‪ ،‬فأقبلت سحابة تسحب ذيل النصر‪ ،‬ف‬
‫سمع الشركون منها ححمة اليل فحموا‪ ،‬وانقلبت قلوبم من يمومها حا‪ ،‬فنلت اللئكة مع ا‬
‫للفي‪ ،‬جبيل ف ألفي‪ ،‬وميكائيل ف ألفي‪ ،‬وأسرى إسرافيل ف ألف مرد مردفي‪ ،‬فعدلوا كالغما‬
‫ي‪ ،‬قد سدلوا العماي‪ ،‬وأرسلت قريش رايدا‪ ،‬فعاد بتأثي سالقي‪ ،‬فحذر القوم العزل سهام العزاي‪،‬‬
‫فأثر عتبه ف عتبة‪ ،‬وكان يشيب خوفا شيبة‪ ،‬وأحكم حزام الزم حكيم بن حزام‪ ،‬وأب للجهل أبو‬
‫جهل‪:‬‬
‫أحد سلحهم فيه الـفـرارُ‬ ‫فلزهم الطراد إل قـتـالٍ‬

‫‪67‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لرجلهم بأرؤسهم عِـثـارُ‬ ‫مضوا متسابقي العضاء فيه‬
‫فلما قلبوا إل القليب‪ ،‬قام الرسول على رأس الرس ينادي الرؤساء حي رسوا بلسان "فانتقمنا"‬
‫عن جواب "إن تستفتحوا" لتصديق "وينصرك ال" ف مضمون "هل ُثوّب" يا فلن ويا فلن‪" :‬هل‬
‫وجدت ما وعد ربكم حقا"‪.‬‬
‫ذكر من شهد بدرا على الروف حرف اللف أب بن كعب‪ ،‬أب بن ثابت‪ ،‬أوس بن ثابت‪ ،‬أوس‬
‫بن خول‪ ،‬أوس بن الصامت‪ ،‬أسعد بن يزيد‪ ،‬أنس بن معاذ‪ ،‬الرقم‪ ،‬أربد‪ ،‬أسية‪ ،‬إياس‪.‬‬
‫حرف الباء بشي بن الباء‪ ،‬بشي بن سعيد‪ ،‬بلل‪ ،‬باث‪ ،‬بسبس‪.‬‬
‫حرف التاء تيم بن يعار‪ ،‬تيم مول خراش‪ ،‬تيم مول بن غنم‪.‬‬
‫حرف الثاء ثابت بن أرقم‪ ،‬ثابت بن ثعلبة‪ ،‬ثابت بن خلد‪ ،‬ثابت بن عمرو‪ ،‬ثابت بن هزال‪ ،‬ثعلبة‬
‫بن حاطب‪ ،‬ثعلبة بن عمرو‪ ،‬ثعلبة بن غنمة‪ ،‬ثقيف‪.‬‬
‫حرف اليم جابر بن خالد‪ ،‬جابر بن عبد ال بن رئاب‪ ،‬جبار‪ ،‬جبي‪ ،‬جب‪.‬‬
‫حرف الاء الارث بن أنس‪ ،‬الارث بن أوس‪ ،‬الارث بن خزمة‪ ،‬الارث بن ظال‪ ،‬الارث قيس‬
‫‪ ،‬الارث بن النعمان‪ ،‬حارثة بن المي‪ ،‬حارثة بن سراقة‪ ،‬حارثة بن النعمان بن رافع‪ ،‬حارثة بن ال‬
‫نعمان بن نفيع‪ ،‬حاطب بن أب بلتعة‪ ،‬حاطب بن عمرو الباب‪ ،‬حبيب الرام‪ ،‬حريث‪ ،‬حصي‪،‬‬
‫حزة‪.‬‬
‫حرف الاء خالد بن البكي‪ ،‬خالد بن زيد‪ ،‬خالد بن قيس‪ ،‬خلد بن رافع‪ ،‬خلد بن سويد‪ ،‬خلد‬
‫بن عمرو‪ ،‬خليد‪ ،‬خباب بن الرت‪ ،‬خباب مول عتبة‪ ،‬خبيب بن يساف‪ ،‬خارجة‪ ،‬خليفة‪ ،‬خنيس‪،‬‬
‫خول‪.‬‬
‫حرف الدال ليس فيه أحد‪.‬‬
‫حرف الذال ذكوان‪ ،‬ذو الشمالي‪.‬‬
‫حرف الراء رافع بن الارث‪ ،‬رافع بن عنجدة‪ ،‬رافع بن العلى‪ ،‬رفاعة بن رافع‪ ،‬رفاعة بن عبد الن‬
‫ذر‪ ،‬رفاعة بن عمرو‪ ،‬الربيع‪ ،‬ربيعة‪ ،‬ربعي‪ ،‬رجيلة‪.‬‬
‫حرف الزاي زيد بن أسلم‪ ،‬زيد بن حارثة‪ ،‬زيد بن الطاب‪ ،‬زيد بن سهل‪ ،‬زيد بن وديعة‪ ،‬زياد ب‬
‫ن كعب‪ ،‬زياد بن لبيد‪ ،‬الزبي‪.‬‬
‫حرف السي‬
‫سعد بن خولة‪ ،‬سعد بن الربيع‪ ،‬سعد بن سهل‪ ،‬سعد بن عثمان‪ ،‬سعد بن مالك‪ ،‬سعد بن معاذ‪،‬‬
‫سعد القاري‪ ،‬سعيد بن قيس‪ ،‬سهل بن حنيف‪ ،‬سهيل بن رافع‪ ،‬سهيل بن عتيك‪ ،‬سهل بن عدي‪،‬‬

‫‪68‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سهل بن قيس‪ ،‬سهيل بن بيضاء‪ ،‬سليم بن الارث‪ ،‬سليم بن عمرو‪ ،‬سليم بن قيس‪ ،‬سليم بن مل‬
‫حان‪ ،‬سليم أبو كبشة‪ ،‬سلمة بن أسلم‪ ،‬سلمة بن ثابت‪ ،‬سلمة بن سلمة‪ ،‬سال بن عمي‪ ،‬سال مو‬
‫ل أب حذيفة‪ ،‬سراقة بن عمرو‪ ،‬سراقة بن كعب‪ ،‬ساك بن خرشة‪ ،‬ساك بن سعد‪ ،‬سنان بن صيفي‬
‫‪ ،‬سنان بن أب سنان‪ ،‬سويبط‪ ،‬سواد بن رزين‪ ،‬سواد بن غرية‪ ،‬السايب‪ ،‬سبيع‪ ،‬سفي‪ ،‬سليط‪.‬‬
‫حرف الشي شجاع‪ ،‬شاس‪.‬‬
‫حرف الصاد صال‪ ،‬صفوان‪.‬‬
‫حرف الضاد ضمرة‪ ،‬الضحاك‪.‬‬
‫حرف الطاء الطفيل بن الارث‪ ،‬الطفيل بن مالك‪ ،‬الطفيل بن النعمان‪.‬‬
‫حرف الظاء ليس فيها أحد‪.‬‬
‫حرف العي عبد ال أبو بكر الصديق‪ ،‬عمر بن الطاب‪ ،‬علي بن أب طالب‪ ،‬عبد ال بن مسعود‪،‬‬
‫عبد ال أبو سلمة‪ ،‬عبد ال أنيس‪ ،‬عبد ال بن ثعلبة‪ ،‬عبد ال بن جبي‪ ،‬عبد ال بن جحش‪ ،‬عبد ا‬
‫ل بن الد‪ ،‬عبد ال بن الربيع‪ ،‬عبد ال بن رواحة‪ ،‬عبد ال بن زيد‪ ،‬عبد ال بن سراقة‪ ،‬عبد ال ب‬
‫ن سلمة‪ ،‬عبد ال بن سهل‪ ،‬عبد ال بن سهيل‪ ،‬عبد ال بن طارق‪ ،‬عبد ال بن عبيد ال بن أب عب‬
‫د ال بن عبد مناف‪ ،‬عبد ال بن عبس‪ ،‬عبد ال بن عرفطة‪ ،‬عبد ال بن عمرو‪ ،‬عبد ال بن عمي‪،‬‬
‫عبد ال بن قيس بن خلدة‪ ،‬عبد ال بن قيس بن صخر‪ ،‬عبد ال بن مرمة‪ ،‬عبد ال بن مظعون‪ ،‬ع‬
‫بد ال بن النعمان‪ ،‬عبد الرحن بن جب‪ ،‬عبد الرحن بن عبد ال‪ ،‬عبد الرحن بن عوف‪ ،‬عبيد بن أ‬
‫وس‪ ،‬عبيد بن زيد‪ ،‬عبيد بن أب عبيد‪ ،‬عبيدة بن الارث‪ ،‬عباد بن بشر‪ ،‬عباد بن قيس‪ ،‬عباد بن ا‬
‫لشخاش‪ ،‬عبد ربه‪ ،‬عتبة بن أب ربيعة‪ ،‬عتبة بن زيد‪ ،‬عتبة بن غزوان‪ ،‬عتبة بن عبد ال‪ ،‬عقبة بن‬
‫عامر‪ ،‬عقبة بن وهب بن ربيعة‪ ،‬عقبة بن وهب بن كلدة‪ ،‬عمر بن إياس‪ ،‬عمرو بن ثعلبة‪ ،‬عمرو ب‬
‫ن سراقة‪ ،‬عمرو بن طلق‪ ،‬عمر بن معاذ‪ ،‬عمر بن أب سرح‪ ،‬عمي بن الارث‪ ،‬عمي بن المام‪ ،‬ع‬
‫مي بن عامر‪ ،‬عمي بن عوف‪ ،‬عمي بن مالك‪ ،‬عمي بن معبد‪ ،‬عمار‪ ،‬عمارة‪ ،‬عامر بن أمية‪ ،‬عامر‬
‫بن البكي‪ ،‬عامر بن الراح‪ ،‬عامر بن ربيعة‪ ،‬عامر بن سلمة‪ ،‬عامر بن فهية‪ ،‬عامر بن ملد‪ ،‬عاص‬
‫م بن ثابت‪ ،‬عاصم بن العكي‪ ،‬عامر بن قيس‪ ،‬عصيمة الشجعي‪ ،‬عصيمة النصاري‪ ،‬عوف بن أث‬
‫اثة‪ ،‬عوف بن عفرا‪ ،‬عاقل‪ ،‬عايذ‪ ،‬عبس‪ ،‬عدي‪ ،‬عنترة‪ ،‬عوي‪ ،‬عياض‪ ،‬عثمان بن مظعون‪.‬‬
‫حرف الغي غنام‪.‬‬
‫حرف الفاء الفاكه‪ ،‬وفروة‪.‬‬
‫حرف القاف قيس بن أب صعصعة‪ ،‬قيس بن عمرو‪ ،‬قيس بن مصن‪ ،‬قيس بن ملد‪ ،‬قتادة‪ ،‬قدامة‪،‬‬

‫‪69‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قطبة‪.‬‬
‫حرف الكاف كعب بن حاز‪ ،‬كعب بن زيد‪ ،‬كعب بن عمرو‪ ،‬كناز‪.‬‬
‫حرف اللم ليس فيه أحد‪.‬‬
‫حرف اليم مالك بن التيهان‪ ،‬مالك بن ثابت‪ ،‬مالك بن الدخشم‪ ،‬مالك بن ربيعة‪ ،‬مالك بن عمرو‬
‫أبو حبة‪ ،‬مالك بن عمرو أخو ثقيف‪ ،‬مالك بن عمرو بن خيثمة‪ ،‬ملك بن قدامة‪ ،‬ملك بن مسعود‬
‫‪ ،‬مسعود بن خلدة‪ ،‬مسعود بن الربيع‪ ،‬مسعود بن سعد الارثي‪ ،‬مسعود بن سعد الزرقي‪ ،‬معاذ ب‬
‫ن جبل‪ ،‬معاذ بن عفراء‪ ،‬معاذ بن ماعص‪ ،‬النذر بن عمرو‪ ،‬النذر بن قدامة‪ ،‬النذر بن ممد‪ ،‬معت‬
‫ب بن حراء‪ ،‬معتب بن عبدة‪ ،‬معتب بن قشي‪ ،‬معبد بن عبادة‪ ،‬معبد بن قيس‪ ،‬مرز بن عامر‪ ،‬مر‬
‫ز بن نضلة‪ ،‬معوذ بن عفراء‪ ،‬معوذ بن عمرو‪ ،‬مبشر‪ ،‬الحذر‪ ،‬ممد بن سلمة‪ ،‬مدلج‪ ،‬مرثد‪ ،‬مص‬
‫عب‪ ،‬معقل‪ ،‬معمر‪ ،‬معن‪ ،‬القداد‪ ،‬مليل‪ ،‬مهجع‪.‬‬
‫حرف النون النعمان بن ثابت‪ ،‬النعمان بن سنان‪ ،‬النعمان بن عمرو‪ ،‬النعمان بن عبد عمرو‪ ،‬النعم‬
‫ان بن عصر‪ ،‬النعمان بن مالك‪ ،‬النعمان بن أب خزمة‪ ،‬نصر‪ ،‬نوفل‪.‬‬
‫حرف الواو وهب بن سعد‪ ،‬وهب بن مصن‪ ،‬وافد‪ ،‬وديعة‪ ،‬وذقة‪.‬‬
‫حرف الاء هان‪ ،‬هشام‪ ،‬هلل‪.‬‬
‫حرف الياء يزيد بن الارث‪ ،‬يزيد بن رقيش‪ ،‬يزيد بن عامر‪ ،‬يزيد بن الزين‪ ،‬يزيد بن النذر‪.‬‬
‫ومن يعرف بكنيته ول يعرف باسه أبو المراء‪ ،‬أبو خزية‪ ،‬أبو سبة‪ ،‬أبو مليل‪.‬‬
‫وامتنع من شهود بدر ثانية لعذار‪ ،‬فضرب لم رسول ال صلى ال عليه وسلم سهامهم وأجوره‬
‫م فكانوا كمن شهدها‪ :‬عثمان‪ ،‬وطلحة‪ ،‬وسعيد‪ ،‬والارث بن حاطب‪ ،‬والارث بن الصمة‪ ،‬وخو‬
‫ات‪ ،‬وعاصم بن عدي‪ ،‬وأبو لبابة‪.‬‬
‫فهؤلء البدريون بملتهم‪ ،‬حشرنا ال ف زمرتم‪.‬‬
‫الفصل السادس والعشرون‬
‫في تزويج علي بفاطمة عليهما السلم‬
‫كان للنب صلى ال عليه وسلم بنات فضلتهن فاطمة‪ ،‬وزوجات سبقنهن عائشة‪ ،‬وذلك أن اختيار‬
‫القدر ل ياب ف التساوي‪ ،‬تُسقى باء واحد "ونفضّل بعضها على بعض ف الكُل" لا نض عليّ‬
‫لطبتها‪ ،‬طرق بأنامل رجائه أرجاء باب الطبة‪ ،‬فمشى إليه الذن بالذن على عجل العجل‪ ،‬فقد‬
‫صدق الرغبة قبل نقد الصداق‪ ،‬فعقد العقد على درع لينبّه على جهاد الوى‪ ،‬وجهزت بالجهاز‬
‫على عدو الزهد‪ ،‬ول يرض لا جهاز الدنيا‪ ،‬لوافقة البضعة الت هي منه‪ ،‬فحلها الرسول بلية "فا‬
‫طمة بضعة من" وعقد لا عقدا خرزات نظامه "إن ال ليغضب لغضبك‪ ،‬ويرضى لرضاك"‪ ،‬وبعث‬

‫‪70‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫بي يديها وصايف " ُغضّوا أبصاركم" ونصب لا سدة "أل ترضي أن تكون سيدة نساء هذه المة‬
‫"‪ ،‬وأدخلها على الزوج ف حلل الالية عليها قناع القناعة‪ ،‬تسعى ف فضاء الفضائل إل خلوة ال‬
‫لة‪ ،‬حت أجلست على منصة النص‪ ،‬فأمر ال تعال ليلة عرسها‪ ،‬شجر النان‪ ،‬فحملت حللً وحلي‬
‫ا فنثرته على اللئكة‪ ،‬وليس الراد بذلك اللك‪ ،‬ولكن ليعلم رضى اللك‪.‬‬
‫يا عجبا‪ ،‬نثرت اللل لجل من فراشه جلد كبش‪ ،‬هل حلت له منه حلة‪ ،‬كل مركب اللك أحل‬
‫ى من أن يلى‪ ،‬فدخل عليها الرسول‪ ،‬فاستدعى بإناء من ماء‪ ،‬فدعا فيه بالبكة‪ ،‬ث رش على حبيب‬
‫ي بل غش‪ ،‬فلما طاب لعلي ذلك الوقت‪ ،‬سأل الرسول سؤال سكران من شراب الوصل‪ :‬يا ر‬
‫سول ال أنا أحب إليك أم هي? ففصل الاكم بي خصوم الب‪ ،‬فقال‪ :‬هي أحب إل منك‪ ،‬وأن‬
‫ت أعز علي منها‪ ،‬فلما حازت با حازت قناطر الفضل‪ ،‬صي وجه الكمال بال اللل ف العيش‪،‬‬
‫فأقوى على القوى ففر الفقر‪ ،‬فصيح بفصيح خطاب الشرع‪ :‬يا علي قم لكسب قوت الوقت‪ ،‬ف‬
‫ل إل الفجر بشيء من الشعي عل‬
‫خرج يسعى على أرض الرضا‪ ،‬بي أعلم الصب‪ ،‬فبات يسقي ن ً‬
‫ى وجه الجر‪ ،‬فلما جاء به وأصلح للكل قام سايل على باب البذل‪ ،‬فنادى‪ :‬يا أهل نادي الندى‬
‫والفضل‪ ،‬أطعمونا أطعمكم ال من الفضل‪ ،‬فثارت رياح الرتياح لليثار‪ ،‬فأثارت سحابا يقطر م‬
‫ن قطرته قطر جور الود‪ ،‬فسأل سيله بقدر وادي الود‪ ،‬فلما تروت بالاء أشجار النس‪ ،‬صدح‬
‫ت على ورقها ورق القدس وأغن عن غرايب صدح الد "ويُطعِمون الطعام على ُحبّه" ث أخب ال‬
‫ق‪ ،‬عن مضمون القصد "إنا نطعمكم لوجه ال" فلو رأيت القوم يوم القيامة‪ ،‬ف ظل "فوقاهم ال"‬
‫وقد اكتست أجساد وكست بكسا الضنك غضارة العيش على حلل الفض‪ ،‬واستراحت أيد تف‬
‫رق أيدها من طحن الرجاء ونزع الدلو‪" ،‬متكئي فيها" هذا من حصاد بذر النذر‪.‬‬
‫ولقد عجب العلماء من شرح هذا الجر واستظرفوا عدم ذكر الور ف هذا الذكر‪ ،‬فبقوا متحيي‬
‫ن ف جي الفكر‪ ،‬فنودوا من بطنان وادي الفضل‪ ،‬بأن ذلك لفضل فضل زهراء النس‪ ،‬غي عليها‬
‫من ذكر الغي‪ ،‬وإنا أثرا على الطفلي‪ ،‬لنما غصنان من شجرة "أبيت يطعمن رب" وبعض من ج‬
‫لة "هي بضعة من" وفرخ البط سابح‪ ،‬وذكاة الني كذكرة أمه‪.‬‬
‫القسم الثان ف الواعظ‬
‫وهو الشتمل على الواعظ والرشادات مطلقا وهو مائة فصل‬
‫الفصل الول‬
‫ف قوله تعال "هو الول والخر" يذكر فيه التوحيد‬

‫‪71‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أول ليس له مبدأ‪ ،‬آخر جل عن منتهى‪ ،‬ظاهر بالدليل‪ ،‬باطن بالجاب‪ ،‬يثبته العقل ول يدركه‬
‫الس‪ ،‬كل ملوق مصور‪ ،‬بد مأسور ف سور قطر‪ ،‬والالق بائن مباين يعرف بعدم مألوف‬
‫التعريف‪ ،‬ارتفعت لعدم للشبه الشبه‪ ،‬إنا يقع الشكال ف وصف من له أشكال‪ ،‬وإنا تضرب‬
‫المثال لن له أمثال‪ ،‬فأما من ل يزل ول يزال فما للحس معه مال‪ ،‬عظمته عظمت عن نيل كف‬
‫اليال‪.‬‬
‫كيف يقال له كيف‪ ،‬والكيف ف حقه مال‪ ،‬أن تتخايله الوهام وهي صنعه‪ ،‬كيف تده العقول و‬
‫هي فعله‪ ،‬كيف تويه الماكن وهي وضعه‪ ،‬انقطع سي الفكر‪ ،‬وقف سلوك الذهن‪ ،‬بطلت إشارة‬
‫الوهم‪ ،‬عجز لطف الوصف‪ ،‬عشيت عي العقل‪ ،‬خرس لسان الس‪ ،‬ل طور للقدم ف طور القدم‬
‫فدون مداه بـيد ل تـبـيد‬ ‫مرام شط مرمى العقل فيه‬
‫جادة التسليم سليمة‪ ،‬وادي النقل بل نقع‪ ،‬انزل عن علو غلو التشبيه‪ ،‬ول تعل قلل أباطيل‬
‫التعطيل‪ ،‬فالوادي بي جبلي‪ ،‬الشبه متلوث بفرث التجسيم‪ ،‬والعطل نس بدم الحود‪ ،‬ونصيب‬
‫الحق لب خالص هو التنيه‪ ،‬تمّر ف نفوس الكفار حب الصنام‪ ،‬فجاء ممد فمحا ذلك بالتوحي‬
‫د‪ ،‬وتمر ف قلوب الشبهة حب صورة وشكل‪ ،‬حييت فمحوتا بالتنيه "والعلماء ورثة النبياء"‬
‫ما عرفه من كيفه‪ ،‬ول وحده من مثله‪ ،‬ول عبده من شبهه‪ ،‬الشبه أعشى‪ ،‬والعطل أعمى‪.‬‬
‫فما ينه عنه فم‪ ،‬فيما يب نفيه بثم جل وجوب وجوده عن رجم لعل‪ ،‬سبق الزمان فل يقال كان‬
‫إذ‪ ،‬تجد ف وحدانيته عن زحام مع‪ ،‬تفرد بالنشاء فل يستفهم عن الصانع بن‪ ،‬أبرز عرايس الخ‬
‫لوقات من كنّ كن‪ ،‬بث اللم فلم يعارض بلم‪ ،‬تعال عن بعضية من‪ ،‬وتقدس عن ظرفية ف‪ ،‬وتن‬
‫ه عن شبه كان‪ ،‬وتعظم عن نقص لو أن‪ ،‬وعز عن عيب إل أن‪ ،‬وسا كماله عن تدارك لكن‪.‬‬
‫إن وقف ذهن بوصفه صاح العز جز‪ ،‬إن سار فكر نوه قالت اليبة عد‪ ،‬إن قعد اللسان عن ذكر‬
‫ه قال القلب قم‪ ،‬إن تب متكب قال القهر شم‪ ،‬إن سأل متاج قال النعام رش‪ ،‬إن تعرض فقي قا‬
‫ل الوفر فر‪ ،‬إن سكت مذنب حيا قال اللم قل‪ ،‬إن بعد ذو خطاء نادى اللطف إبْ‪ ،‬نثر عجايب‬
‫النعم وقال للكل خذ‪.‬‬
‫من بيان عظمته "رفيع الدرجات" من أثر قسره "تُسبّح له السماوات" توقيع أمره "يأمر بالعدل" و‬
‫اقع زجره "ينهى عن الفحشاء" ينادي على باب عزته "ل يُسأل" يصاح على مجة حجته "لن ال‬
‫رض ومن فيها" ينذر جاسوس علمه "ما يكون من نوى ثلثة" يقول جهبذ طوله "وإن تعدّوا نعم‬
‫ة ال" يترن منشد فضله "ل تقنطوا"‪.‬‬
‫سبحان من أقام من كل موجود دليلً على عزته‪ ،‬ونصب علم الدى على باب حجته‪ ،‬الكوان ك‬

‫‪72‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لها تنطق بالدليل على وحدانيته‪ ،‬وكل موافق ومالف يشي تت مشيئته‪ ،‬إن رفعت بصر الفكر ت‬
‫رى دائرة الفلك ف قبضته‪ ،‬وتبصر شس النهار وبدر الدجى يريان ف بر قدرته‪ ،‬والكواكب قد‬
‫اصطفت كالواكب على مناكب تسخي سطوته‪ ،‬فمنها رجوم للشياطي ترميهم فترميهم عن حى‬
‫حايته‪ ،‬ومنها سطور ف الهامه يقرؤها السافر ف سفر سفرته‪ ،‬وإن خفضت البصر رأيت الرض م‬
‫سكة بكمة حكمته‪ ،‬كل قطر منها مروس بأطواده عن حركته‪ ،‬فإذا ضجت عطائها ثار السحا‬
‫ب من بركة بركته‪ ،‬ونفخ ف صور الرعد لحياء صور النبات من حفرته‪ ،‬فيبدو نور النور يهتز ط‬
‫ربا بزامى رحته‪ ،‬فإذا استوى على سوقه‪ .‬زادت ف سوقه نعامى نعمته‪ ،‬ويفتق يد الياد بأنامل ا‬
‫لقدرة أكمام النبات عن صنعة صبغته‪ ،‬فيفل ف حلى حلل الال الالية إل معب عبته‪ ،‬وتصدح‬
‫الورق على الورق كل بتبليغ لغته‪ ،‬والشجار معتنقة ومفترقة على مقدار إرادته‪ ،‬صنوان وغي ص‬
‫نوان‪ ،‬هذا بعض صنعته "ويُسبّح الرعد بمد واللئكة من خيفته"‪.‬‬
‫نظر بعي الختيار إل آدم فحظي بسجود ملئكته‪ ،‬وإل ابنه شيث فأقامه ف منلته‪ ،‬وإل إدريس‬
‫فاحتال بإلامه على جنته‪ ،‬وإل نوح فنجا من الغرق بسفينته‪ ،‬وإل هود فعاد على عاد شؤم مالفته‬
‫‪ ،‬وإل صال فتمخضت صخرة بناقته‪ ،‬وإل إبراهيم فتبختر ف حلة خلته‪ ،‬وإل إساعيل فأعان الل‬
‫يل ف بناء كعبته‪ ،‬وإل إسحق فافتكه بالفداء من ضجعته‪ ،‬وإل لوط فنجاه وأهله من عشيته‪ ،‬وإ‬
‫ل شعيب فأعطاه الفصاحة ف خطبته‪ ،‬وإل يعقوب فرد حبيبه مع حبيبته‪ ،‬وإل يوسف فأراه البها‬
‫ن ف هته‪ ،‬وإل موسى فخطر ف ثوب مكالته‪ ،‬وإل إلياس فاليأس للناس من حالته‪ ،‬وإل داود فأ‬
‫لن الديد له على حدته‪ ،‬وإل سليمان فراحت الريح من ف ملكته‪ ،‬وإل أيوب فيا طوب لركضت‬
‫ه‪ ،‬وإل يونس فسمع نداه ف ظلمته‪ ،‬وإل زكريا فقرن سؤاله ببشارته‪ ،‬وإل يي فتلمح حصي ال‬
‫صور على سدة سيادته‪ ،‬وإل عيسى فكم أقام ميتا من حفرته‪ ،‬وإل ممد‪ ،‬فخصه ليلة العراج رؤي‬
‫ته‪.‬‬
‫وأعرض عن إبليس فخزي ببعده ولعنته‪ ،‬وعن قابيل فقلب قلبه إل معصيته‪ ،‬وعن نرود فقال أنا أ‬
‫حيي الوتى ببلهته‪ ،‬وعن فرعون فادعى الربوبية على جرأته‪ ،‬وعن هامان فأين رأيه? يوم اليم ف‬
‫وزارته‪ ،‬وعن قارون فخرج على قومه ف زينته‪ ،‬وعن بلعام فهلك بل عام ف بر شقوته‪ ،‬وعن بر‬
‫صيصا فلم تنفعه سابق عبادته‪ ،‬وعن أب جهل فشقي مع سعادة أمه وابنه وابنته‪ ،‬هكذا جرى تقدي‬
‫ره من يوم "ل أبال" ف قسمته "ويسبح الرعد بمده واللئكة من خيفته"‪.‬‬
‫الفصل الثان‬
‫ودين الق" نذكر فيه فضل نبينا صلى ال عليه وسلم‬

‫‪73‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل يزل ذكر نبينا صلى ال عليه وسلم منشورا وهو ف طي العدم‪ ،‬توسل به آدم‪ ،‬وأخذ له ميثاق‬
‫النبياء على تصديقه‪ ،‬ف بعض درسه علم إدريس‪ ،‬ف ضمن وجده حزن يعقوب‪ ،‬ف سر جده‬
‫صب أيوب‪ ،‬ف طي خوفه بكاء داود‪ ،‬بعض غن نفسه يزيد على ملك سليمان‪ ،‬غي بعيد خل خل‬
‫له خلة الليل‪ ،‬ونال تكليم موسى‪ ،‬واسترجع له النظر عند قاب قوسي‪ ،‬فهو جلة المال‪ ،‬وكل‬
‫الكمال‪ ،‬وواسطة العقد‪ ،‬وزينة الدهر‪ ،‬يزيد على النبياء زيادة الشمس على البدر‪ ،‬والبحر على ا‬
‫لقطر‪ ،‬فهو أصدرهم وبدرهم‪ ،‬وعليه يدور أمرهم‪ ،‬قطب فلكهم‪ ،‬عي كتيبتهم‪ ،‬واسطة قلدتم‪،‬‬
‫نقش فصهم‪ ،‬بيت قصيدتم‪ ،‬حاتهم‪ ،‬خاتهم‪:‬‬
‫در تقاصيها زبرجدها‬ ‫شس ضحاها هلل ليلتها‬
‫لا رأى تليط قريش ف دعوى الشرك فر ف بادية الرب فتحرى غار حراء ف الفرار للفراغ‪،‬‬
‫فراغ إليه فجاء مزاحم "اقرأ" يا راهب الصمت تكلم‪ ،‬قال لسان العجز البشري‪ :‬لست بقارئ‪،‬‬
‫فحم لا حم فزمزم بلفظ "زمّلون" فصاح اللك "يا أيها الزّمّل" يا أطيب ثار كن‪ ،‬يا ممولً عليه‪.‬‬
‫ثقل قل "قم"‪.‬‬
‫لا بعث اللك اللك إل نبينا برسالة "اقرأ" فتر الوحي بعدها مدة‪ ،‬مات قوس الشوق فرمت الكبد‬
‫اء الكبد‪ ،‬بكبد أعجز الكابدة‪ ،‬فكان يهم لا يلقي بإلقاء نفسه من ذروة البل‪ ،‬فإذا بدا له جبيل‬
‫بدله‪ ،‬ث رميت الشياطي عند مبعثه بأسهم الشهب‪ ،‬عن قوس "ويُقذفون من كل جانب" فمروا إ‬
‫ل الغارب‪ ،‬ومشوا إل الشارق‪ ،‬ليقطعوا سبسب السبب‪ ،‬فجرت ريح التوفيق‪ ،‬براكب بعضهم إ‬
‫ل تامة‪ ،‬فصادفوه ف الصلة‪ ،‬فصادفوه قلوب القوم‪ ،‬فصاحت ألسنة الوجد "إنّا سعنا قرآنا عجبا‬
‫"‪.‬‬
‫تركت لتعظيمه السواكن‪ ،‬فحن إليه الذع‪ ،‬وسبح الصى‪ ،‬وتزلزل البل وتكلم الذيب‪ ،‬كل ك‬
‫ن عن شوقه بلغاته‪ .‬فمرضت قريش بداء السد فقالوا منون‪ ،‬يا ممد‪ ،‬هذا نقش يرقانم ل لون‬
‫وجهك‪.‬‬
‫لا أخذ ف سفر "أسرى" فنقل إل السجد القصى‪ ،‬برز إليه عباد النبياء من صوامعهم‪ ،‬فاقتدوا ب‬
‫صلة راهب الوجود‪ ،‬ث خرج فعرج فعرضت عليه النة والنار‪ ،‬حت عرف الطبيب عقاقي الدو‬
‫ية‪ ،‬قبل تركيب الدوية‪ ،‬يل لا من ليلة‪ ،‬قل غرب حد سيف "أتعل فيها" ظنت اللئكة أن اليا‬
‫ت تتص بالسماء‪ ،‬فإذا آية الرض قد علت‪.‬‬
‫أقبلت رؤساء الملك‪ ،‬تيي الرئيس الكب‪ ،‬فرأى ف القوم ملكا نصفه من ثلج ونصفه من نار‪ ،‬ف‬
‫عجب لجتماع الضدين‪ ،‬فقيل ل تعجب فعندك أعجب منه‪ ،‬لو وزن خوف الؤمن ورجاؤه لعتد‬

‫‪74‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل‪ ،‬كان جبيل دليل البادية فلما وصل إل مفازة ليس فيها علم يعرفه‪ ،‬علم ابن أجود أن الصدق‬
‫أجود‪ ،‬فقال‪ :‬ما أنت وربك‪ ،‬فإذا قامت القيامة‪ ،‬فموسى صاحبه‪ ،‬وعيسى حاجبه‪ ،‬والليل ف عس‬
‫كره‪ ،‬وآدم ينادي بلسان حاله يا ولد صورت‪ ،‬ويا والد معناي‪ ،‬ما صعد من بور الكوان أشرف‬
‫من درة نبينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬طرة غرته أحسن من جال يوسف‪ ،‬لعاب فيه أشفى من البء‪،‬‬
‫شس شرعه ل يدركها كسوف ناسخ‪ ،‬قمر دينه ل يدخل ف ماق‪.‬‬
‫كل النبياء ف القيامة تقول نفسي نفسي‪ ،‬وهو يقول أمت أمت‪ ،‬فإذا سجد‪ ،‬قيل ارفع رأسك‪ ،‬وق‬
‫ل تُسمَع‪ ،‬كم بي ذل مب‪ ،‬وإدلل مبوب‪ ،‬اليوانات تذل ف طلب القوت‪ ،‬والفيلة تتملق حت‬
‫تأكل‪ ،‬يا من هو ف جلة جنود هذا الشجاع‪ ،‬أيسن بك? كل يوم هزية‪.‬‬
‫لول جد أصحابه ف جهادهم وشجاعتهم ف صفوف قتالم‪ ،‬لفتضح التأخرون‪ ،‬فالمد ل على‬
‫اليزل‪ ،‬كانوا بالليل رهبانا وبالنهار فرسانا‪ ،‬قطع الرسول طمع من طمع ف لاقهم بسام "ما بلغ‬
‫ُمدّ أحدهم ول نصيفه" وكيف تنال مرتبة السابق بشيء وقر ف صدره? أو منقبة الهيب والعدو ي‬
‫فرق من ظله? أو مقام الوقور فاللئكة تستحي منه? أو فضيلة مزاحم النفس ف منلة كهارون م‬
‫ن موسى‪ :‬يأس وال الكهول من مقارنة سيدَيْ كهول أهل النة‪ ،‬كما ل تطمع الشباب ف مزاحة‬
‫سيدَيْ شباب أهل النة‪ ،‬مت التهبت ف صحابة النبياء? عزية كحمرة جرة حزة‪ ،‬أو عل على ال‬
‫علء علي‪ ،‬كعلء علي‪ ،‬لقد فاز بلقب الصدق طلحة الود‪ ،‬كما سعد بالفضل وحوارى الزبي‪،‬‬
‫وسا بصلة النب صلى ال عليه وسلم خلفه ابن عوف‪ ،‬كما قرت بلفظ فداك أب وأمي عي سعد‬
‫‪ ،‬ونا بالشهادة له بالنة سعيد‪ ،‬كما عز ابن الراح بلقب المي‪ ،‬ول يذكر باسه بالقرآن غي زي‬
‫د‪ ،‬وأين ف الوال مثل سال وسلمان? ومن ف الزهاد كمصعب وابن مظعون‪ ،‬وإنه لسعود عبد ا‬
‫ل ابن مسعود‪ ،‬وطوب ث طوب لباب وصهيب‪ ،‬ويا شرف الؤمني بصوت بلل‪ ،‬ويكفي فخرا‪:‬‬
‫"كون فخرا لعمار" وأي بيت يشبه بيت أب أيوب? ومن زين القراء إل أب بن كعب? ومن ف الن‬
‫قباء كابن زرارة وابن الربيع? وأن ف الفقهاء مثل معاذ? ومن له زهد كزهد أب ذر? والفخر لبن‬
‫هاشم بالعباس‪ ،‬وكفى للبصراء قائدا ابن أم مكتوم‪ ،‬وإنه لقدوة الؤثرين أبو الدحداح‪ ،‬ومن ف قو‬
‫ام الليل مثل تيم? ومن صب على القتل صب خبيب? كلهم أخيار‪ ،‬وجيعهم أبرار‪ ،‬ول مثل صاح‬
‫ب الغار‪ ،‬وأين نظي فُتّاح المصار? ومن يشبه قتيل الدار? ولقد افتقروا إل الجاهد بذي الفقار‪،‬‬
‫بب هؤلء ترجى النة وتتقى النار‪.‬‬
‫إن ال تعال لا حلى ممدا حلية التنه‪ ،‬خلع عليه خلعةً هي السلم‪ ،‬وأعطاه منشورا هو القرآن‪،‬‬
‫ولواءً هو النصر‪ ،‬فأبو بكر صدّق النبوة‪ ،‬وعمر أظهر الرسالة وعثمان جع النشور‪ ،‬وعلي حل ال‬

‫‪75‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سيف لا جل الرسول عروس السلم‪ ،‬ل يكن بد من نثار‪ ،‬نثر عمر نصف ماله‪ ،‬فرمى أبو بكر بال‬
‫كل‪ ،‬فقام عثمان يهز جيش العسرة‪ ،‬بوليمة العرس‪ ،‬فعلم على حال الغية‪ ،‬فبت طلق الضرة‪،‬‬
‫ث رأى بعض جهاز الدنيا الطلقة عنده‪ .‬وهو الات‪ .‬فسلم وما سلم‪:‬‬
‫فهم على اليل أميون كتـاب‬ ‫خطوا وأقلمهم خطية سـلـب‬
‫واخشوشنوا شيما فالقوم أعراب‬ ‫إن أحسنوا كلما واخلو لقوا ذما‬
‫الفصل الثالث‬
‫ف قوله تعال "وأذّن ف الناس بالج"‬
‫لا تكامل بناء البيت‪ ،‬أرسل ال تعال إل خليله‪ ،‬أدّ رسالة "وأذّن" َفعَل على أب قبيس‪ ،‬ونادى ف‬
‫جيع الوجوه‪ :‬إن ربكم قد بن لكم بيتا فحجوه‪ ،‬فأجاب من جرى القدر بجه‪ :‬لبيك اللهم‬
‫لبيك‪ .‬فكان ذلك اليوم‪ .‬أخا ليوم "ألست بربكم"‪:‬‬
‫شددت ميزر إحرامي ولـبـيتُ‬ ‫لا رأيت منـاديهـم ألـم بـنـا‬
‫وساعدين كهذا مـا تـمـنـيتُ‬ ‫وقلتُ للنفس جدي الن واجتهـدي‬
‫ل أقض حقا وأي الـحـق أديتُ‬ ‫لو جئتكم زائرا أسعى على بصري‬
‫قطع القوم بيد السفر "بش ّق النفس" فوافقهم الركاب "وعلى ك ّل ضامرٍ"‪:‬‬
‫إن لا لنبـأ عـجـيبـا‬ ‫دعِ الطايا تنسم النوبـا‬
‫يشهدان قد فارقت حبيبا‬ ‫حنينها وما اشتكت لوبـا‬
‫يسر ما أعلنت نصيبـا‬ ‫ما حلت إل فت كئيبـا‬
‫أذن لثرنا بن النـيبـا‬ ‫لو غادر الشوق لنا قلوبـا‬
‫إن الغريب يسعد الغريبا‬
‫واعجبا من حني النوق‪ ،‬كأنا قد علمت وجد الركاب‪ ،‬تارة تد ف السي‪ ،‬وتارة تتوقف‪ ،‬وتارة‬
‫تذل وتطأطئ العناق‪ ،‬وتارة ترح‪ ،‬كأنا قد استعارت أحوال العارفي‪:‬‬
‫فغدت تنفخ شوقا ف براهـا‬ ‫اذكراها ف سراها ما عراهـا‬
‫ي أم ٌر قد براهـا‬
‫سيُها والس ُ‬ ‫تقطع الب وتنسى ما جـنـى‬
‫وتدانت دارها طار كـراهـا‬ ‫كلما ظنت من قـد قـربـت‬
‫ما دعاها ف الوى أو فدعاها‬ ‫أسعداها يا خلـيلـي عـلـى‬
‫خلياها والصبا فهو رضاهـا‬ ‫ذكرا ما زال من عهد الصبـى‬

‫‪76‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫بالمى أو بالنقا وانظر سراهـا‬ ‫غنها يا أيهـا الـحـادي لـهـا‬
‫قد رأت ف نفسها ما قد كفاهـا‬ ‫نح عنها السوط يكفي شـوقـهـا‬
‫عجبا إذ باعها كيف اشتـراهـا‬ ‫باعها الوجد بكثـبـان الـنـقـي‬
‫ليتها قد عرفت من ف ذراهـا‬ ‫أتراها علمـتْ مـن حـمـلـتْ‬
‫فهي القصود ل شيء سواهـا‬ ‫أنتَ إن لحت لك العـلم قـف‬
‫كبدي واكبـدي مـاذا دهـاهـا‬ ‫قف على الوادي وسل عن كبدي‬
‫ودعان ودعـانـي وثـراهـا‬ ‫يا رفـيقـي اهـديانـي دارهـم‬
‫قوسه خيف من أو ما زماهـا‬ ‫أنا مقـتـول بـسـهـم غـرب‬
‫فانظرا إل مهجت من قد رماها‬ ‫ُحرّم الصيد علـى مـن حـجـه‬
‫مهجة ماتت وما هالت منـاهـا‬ ‫اكتبا ف لوح قبي عشـتـمـا‬
‫أمر الحرمون بالتعري‪ .‬ليدخلوا بزي الفقراء‪ ،‬فيبي أثر "وما أموالكُم"‪:‬‬
‫بأن روحي تساق مع أبله‬ ‫من أعلم السايق العنيف بم‬
‫لول دم ف انسكاب منهمله‬ ‫وأن دمعي يروي ركايبهـم‬
‫تال لقد جعوا الي‪ ،‬ليلة جع‪ ،‬ونالوا الن إذ دخلوا من‪:‬‬
‫وبكا الحبة ليلة الـنـفـرِ‬ ‫ل در من وما جـمـعـت‬
‫يتلحظون بأعي الـذكـرِ‬ ‫ث اغتدوا فرقا هنا وهـنـا‬
‫وكأن قلب ليس ف صدري‬ ‫ما للمضاجع ل تليـنـي‬
‫حج جعفر الصادق فأراد أن يلب فتغي وجهه‪ ،‬فقيل‪ :‬مالك يا ابن رسول ال? فقال‪ :‬أريد أن ألب‬
‫فأخاف أن أسع غي الواب‪.‬‬
‫وقف مطرف وبكر‪ ،‬فقال مطرف‪ :‬اللهم ل تردهم من أجلي‪ ،‬وقال بكر‪ :‬ما أشرفه من مقام لول‬
‫أن فيهم‪.‬‬
‫وقام الفضيل بعرفة‪ ،‬فشغله البكاء عن الدعاء‪ ،‬فلما كادت الشمس تغرب‪ ،‬قال‪ :‬واسؤتاه منك وإ‬
‫ن عفوت‪.‬‬
‫وقف بعض الائفي على قدم الطراق والياء فقيل له‪ :‬ل ل تدعو? فقال‪ :‬ث وحشة‪ .‬قيل‪ :‬فهذا‬
‫يوم العفو عن الذنوب? فبسط يده فوقع ميتا‪.‬‬
‫‪:....‬‬

‫‪77‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إنـه بـالـدمـع مـلن‬ ‫وانزل الوادي بـأيـنـه‬
‫ث أوطـار وأوطـــان‬ ‫وارم بالطرف العقيق فلي‬
‫يرجع الفقود نـشـدان‬ ‫وانشد القلب الشوق عسى‬
‫ما بدا للطرف نعـمـان‬ ‫وابك عن ما استطعت إذا‬
‫قلـبـي فـيه سـكـان‬ ‫واقره عن السلم فكـأن‬
‫أنا بالشـواق سـكـران‬ ‫ل تزدن يا عذول جـوى‬
‫حج الشبلي‪ .‬فلما رأى مكة قال‪:‬‬
‫أراه عيانا وهذا أنـا‬ ‫أبطحاء مكة هذا الذي‬
‫ث غشي عليه فلما أفاق قال‪:‬‬
‫ما بقاء الدموع ف الماق‬ ‫هذه دارهم وأنت مـب‬
‫حج قوم من العباد فيهم عابدة فجعلت تقول‪ :‬أين بيت رب? أين بيت رب? فيقولون أل ترينه‪:‬‬
‫ول سيما إذا دنت الـيام‬ ‫إذا دنت النازل زاد شوقي‬
‫فلما لح البيت‪ ،‬قالوا هذا بيت ربك‪ ،‬فخرجت تشتد وتقول‪ :‬بيت رب‪ .‬بيت رب‪ .‬حت وضعت‬
‫جبهتها على البيت‪ ،‬فما رفعت إل ميتة‪:‬‬
‫فاحبس ورد وشرقت إن ل تسقن‬ ‫هاتيك دارهـم وهـذا مـاؤهـم‬
‫أودعت إقرارك يوم السبت الجر السود‪ ،‬وأمرتُك بالج لتستحي بالتذكي من نقض العهد‪،‬‬
‫الجر صندوق أسرار الواثيق‪ ،‬مستمل لا أملى العاهد‪ ،‬مشتمل على حفظ العهد‪ ،‬فاستلم‬
‫الستملي الشتمل‪ ،‬ليعلم أن إقرارك ل عن إكراه‪ ،‬ل تنس عهدي فإن ل أنساك‪:‬‬
‫فل تسبوا أنـي نـسـيت ودادكـمُ فإن وإن طال الدى لست أنساكـمُ‬
‫حفظنا وضـيعـتـم ودادا وحـرمةً فل كان من ف هجرنا اليوم أغراكمُ‬
‫كم شخص أشخصه الوجد ف الج‪ ،‬فكاد نشابة الواثيق قبل تقبيله تقتله‪ ،‬فلما قضى الناسك‬
‫الناسك‪ ،‬ورجع باقي سهم الشوق إليه ف قلب من الن‪:‬‬
‫ركن الطيم إذا ما جاء يستلم‬ ‫يكاد يسكه عرفان راحـتـه‬
‫أخوان‪ :‬ذكر تلك الماكن يعمل ف القلب قبل السمع‪ ،‬كأنا قد خلقت من طي الطبع‪ ،‬لسلع‬
‫سلع لسع‪ ،‬ليس لعسل لعس‪ :‬للمهيار‪:‬‬
‫ري بمع يرد أيام جعِ‬ ‫ب يدعو مبدّد أوطا‬
‫هل ما ٌ‬

‫‪78‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل يـطّـه دون سـلـعِ‬
‫ثقـي ً‬ ‫أو أمي القوى أحّلـه هـمـا‬
‫طال مدى لا الصليف ورفعي‬ ‫فافرُجا ل عن نفحةٍ من صبـاه‬
‫ثراها ف الريح رقيةُ لَـسْـعِ‬ ‫إن ذاك النسيم يري على أرضٍ‬
‫الدوح ما كان من حني وسجعِ‬ ‫كم زفي علمت منـه حـمـام‬
‫وآخجل التخلف‪ ،‬وآسف السوف‪ ،‬أين حسرات البعد? أين لذعات الوجد?‪.‬‬
‫للخفاجي‪:‬‬
‫إنا تضمر حزنا مثل حـزنـي‬ ‫أتظن الورق ف اليك تغـنّـي‬
‫أيها الادي بنا إن ل تـبـنـي‬ ‫ل أراك ال نـجـدا بـعـدهـا‬
‫ف ديار الي نشوي ذات غصن‬ ‫هل تبارين إل بـث الـجـوى‬
‫أننا نبكي علـيهـا وتـغـنـي‬ ‫هب لا السبق ولـكـن زادنـا‬
‫يسمح الدهر با من بعد ضـنّ‬ ‫يا زمان اليف هل مـن عـودة‬
‫عن زرود يا لا صفقة غـبـنِ‬ ‫أرضينـا بـثـنـيات الـلـوى‬
‫مزنة روت ثراه غي جفـنـي‬ ‫سل أراك الزع هل مرت بـه‬
‫أنا تلك قلبـي قـبـل أذنـي‬ ‫وأحاديث الغضا هل عـلـمـت‬
‫يا عجبا لن يقطع الفاوز ليى البيت فيشاهد آثار النبياء‪ ،‬كيف ل يقطع نفسه عن هواه? ليصل‬
‫إل قلبه فيى آثار "ويسعن"‪ .‬لحمد بن أحد الشيازي‪:‬‬
‫إليك قصـدي ل لـلـبـيت والثـر ول طواف بـأركـان ول حـجـرِ‬
‫وزمزمي دمعة تري من البصـرِ‬ ‫صفاء دمعي الصفال حي أعـبـره‬
‫وموقفي وقفة ف الوف والـذرِ‬ ‫عرفانكم عرفات إذ مـنـي مـنـن‬
‫والدى جسمي الذي يغن عن الز ِر‬ ‫وفيك سعيي وتعميي ومـزدلـفـي‬
‫ومسجد اليف خوف من تباعـدكـم ومشعري ومقامي دونكم خـطـري‬
‫زادي رجائي لكم والشوق راحلـتـي والاء من عبات والوى سفـري‬
‫الفصل الرابع‬
‫إخوان‪ :‬قد نى إليكم أمر من نا‪ ،‬وسامي وصال الوسام وسا‪ ،‬وافتخر بالنسب والنشب وانتمى‪،‬‬
‫كيف بارزه من أبرزه‪ ،‬عن المى‪ ،‬فبات بعد الري يشكو الظما‪ ،‬وقد رأيتم ما جرى‪ ،‬فانتظروا‬
‫مثل ما‪ .‬لبن العتز‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أبصرت موعظة وما‬ ‫يا نفس ويك طال ما‬
‫وعليك بالتقوى كمـا‬ ‫نفعتك فاخشي وانتهى‬
‫وبادري فلـربـمـا‬ ‫فعل الناس الصالون‬
‫يا نفس من سوف فما‬ ‫سلم البادر واحـذري‬
‫إياك منهـا كـلـمـا‬ ‫خدع الشقي بثلـهـا‬
‫ك إنا هـي إنـمـا‬ ‫ناجت مكايدها ضمـي‬
‫وأهلكت النفوس وقلما‬ ‫خطرت وكم قتـلـت‬
‫حضر الردى فكأنـا‬ ‫تغنـي أمـانـيهـا إذا‬
‫منيته فيا عجبـا أمـا‬ ‫ل ييي مـن لقـى‬
‫شاف يبصر من عمى‬ ‫ف ذاك معتـبـر ول‬
‫عش ما بدا لك ث مـا‬ ‫يا ذا الن يا ذا الن‬
‫يا سكران الوى‪ .‬أما آن الصحو? يا ساطرا قبح اللف‪ .‬أما حان الحو? أين الراحلون? كانوا‬
‫بالمس‪ ،‬صحت حجة الوت فبطلت حجة النفس‪ ،‬واعتقلهم حاكم البلى على دين الرمس‪،‬‬
‫وكف أكف الس‪ ،‬بعد تصرف آلة المس‪ ،‬واستوعر عليهم الصر‪ .‬واستطال البس وأصبحت‬
‫منازلم "كأ ْن ل تغنَ بالمس"‪.‬‬
‫يا قليل اللبث‪ ،‬خل العبث‪ ،‬كم حدث جدث ف حدث? يا موقنا بالرحيل وما اكترث‪ ،‬اقبل نص‬
‫حي‪ .‬ورم الشعث‪.‬‬
‫فإن لمع الدهر من صرفه شتا‬ ‫إذا نلت من دنياك خيا ففز بـه‬
‫وآخر ل يدركه صيف إذا شت‬ ‫فكم من مشت ل يصيف بأهلـه‬
‫انتهب نثار الي‪ .‬ف مكان المكان‪ ،‬قبل أن تدخل ف خب كان‪ ،‬قبل معاينة الول الخوف‬
‫الفظيع‪ ،‬وتلهف الجدب على زمان الربيع‪ ،‬إنا أهل هذه الدار سفر‪ ،‬ل يلون عقد الركاب إل ف‬
‫غيها‪ ،‬فاعجبوا لدار قد أدبرت والنفوس عليها والة‪ ،‬ولخرى قد أقبلت والقلوب عنها غافلة‪.‬‬
‫تبقى علينا ويأت رزقها رغدا‬ ‫وال لو كانت الدنيا بأجعـهـا‬
‫فكيف وهي متاع يضمحل غدا‬ ‫ما كان من حق حر أن يذل لا‬
‫يا مكرما بلية اليان‪ .‬بعد حلة الياد‪ ،‬وهو يلقها ف مالفة الالق‪ ،‬كم من نعمة نعمة? ف ترف‬
‫ترف‪ ،‬وما يف عليك ذكر شكر‪ .‬يا عبد السوء ما تساوي قدر قدرتك‪ ،‬ل كانت دابة ل تعمل‬

‫‪80‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫بعلفها‪ ،‬إل مت يدعك الن? ويغرك المل? ويك‪ .‬افتح عينيك مت رأيت العقل يؤثر الفان على‬
‫الباقي‪ ،‬فاعلم أنه قد مسخ‪.‬‬
‫ما زالت الدنيا مرة ف العبة‪ ،‬ولكن قد مرض ذوقك‪ ،‬لسان قلبك ف عقلة غفلة‪ ،‬وسَمْ ُع فهمك م‬
‫سدود عن الفطنة بقطنة‪ .‬وبصر بصيتك مجوب بعشا عمى‪ ،‬ومزاج تقواك منحرف عن الصحة‬
‫‪ ،‬وأما نبض الوى فشديد الفقان‪ ،‬سارت أخلط المل ف أعضاء الكسل فتثبطت عن البدار‪ ،‬و‬
‫قد صارت الفاصل ف منافذ الفهوم‪ .‬سددا‪ ،‬وما يسهل شرب مسهل‪ ،‬ويك اجتنب حلواء الشره‬
‫فإنا سبب حى الروح‪ ،‬خل خل البخل فإنه يؤذي عصب الرؤة‪ ،‬إن عولت أمراضك فعولت‪،‬‬
‫وإل ملكت فأهلكت‪ ،‬لو احتميت عن أخلط الطايا ل تتج إل طبيب‪ ،‬من ركب ظهر التفريط ن‬
‫زل به دار الندامة أل تسمع أن داود كان قد أعطي نعمة نغمة‪ .‬كان يقف لا الاء فل يسي والطي‬
‫وقوف السي‪ ،‬فامتدت يد الغفلة‪ ،‬فقدت قميص العصمة‪ ،‬فأثر زل حت ف التلوة‪ ،‬أعرض العما‬
‫ر عن الراعاة‪ ،‬فتشعب منل الصفا‪ ،‬وانقطعت جامكية العسكر‪ ،‬فتفرقت جنود "أوّب" كان يؤتى‬
‫بالناء ناقصا‪ ،‬فيتمه بالدموع‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫هل كدّر ال ُورّا ُد من قبلي?‬ ‫ما ل شرقتُ باء ذي الثل‬
‫ما كنت قبل البي أستحلي?‬ ‫أما بان سكان فاملـح لـي‬
‫يومٌ وهل دارٌ بـل أهـلِ?‬ ‫ما ابيض ل ف الدار بعدهمُ‬
‫آثارهم وبعيشي السـهـلِ‬ ‫رحلوا بأيامي الرقاق علـى‬
‫كان عيش عيشه خضرا‪ ،‬فأحالت الال سنة الجر‪ ،‬فكأن أيام الوصال كانت سنة‪ ،‬وكاد يقطع‬
‫باليأس‪ ،‬لول التقاء الضر باليأس‪.‬‬
‫ورثى ل قلقي من قلقي‬ ‫أرقي قد رق ل من أرقي‬
‫وتشكت حرقي من حرقي‬ ‫وبكائي من بكائي قد بكـا‬
‫كان داود إذا أراد النياحة‪ ،‬نادى مناديه ف أندية الحزوني فيجتمعون ف مآت الندوب‪ ،‬فتزداد‬
‫الرق بالتعاون‪.‬‬
‫للعباس بن الحنف‪:‬‬
‫مفردا يبكي على شجنهْ‬ ‫يا بعيد الدار عن وطنه‬
‫زادت السقام ف بدنهْ‬ ‫كلما جدّ النحـيب بـه‬
‫هاتفٌ يبكي على فننهْ‬ ‫ولقد زاد الفؤاد شجـىً‬

‫‪81‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كلنا يبكي على سكنـهْ‬ ‫شاقه ما شاقن فبكـى‬
‫يا مذنبي مصيبتنا ف التفريط واحدة وكل غريب للغريب نسيب يا مترافقي‪ :‬ف سفر الطرد‪.‬‬
‫انزلوا للنياحة ف ساحة‪ ،‬اندبوا طيب أوطان الوصل‪ ،‬واستغيثوا من هجي الجر‪ ،‬لعل الغم ينقلب‬
‫غمامة‪ ،‬تظل من لفخ الكرب‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫أين فـؤادي إذا بـه الـبـعــد وأين قلب أمـا صـحـا بـعـد‬
‫حدا بذكـر الـعـقـيق سـايقـه فطار شوقـا بـلـبـه الـوجـد‬
‫جسم ببغداد لـيس تـصـحـبـه روح وروح يضمـهـا نـجـد‬
‫ب لـه كـل لـحـظة وقــد‬ ‫يا لفؤاد ما يستريح مـن الـكـر‬
‫آه لعيش قد كـنـت أصـحـبـه لو كـان يومـا لـفـــايت رد‬
‫وهكـذا أشـتـكـي إذا أغـدوا‬ ‫أروح ف حبكـم ووا قـلـقـي‬
‫ه فـهـل تـنـاوب الـمـــد‬ ‫كل زمان جزر عن الوصل أشكو‬
‫يا سعد قل ل فـديت يا سـعـد‬ ‫يا سعد زدن جوى بـذكـرهـم‬
‫وقل وحدث بـبـعـض مـا يدو‬ ‫بلغهـم مـا أجـن مـن حـرق‬
‫وقال ل حـرمة ولـي عـهـد‬ ‫وقل رأيت السـي فـي قـلـق‬
‫يقول مول ويصمـت الـعـبـد‬ ‫ث فسلـهـم والمـر أمـرهـم‬
‫الفصل الامس‬
‫أيتها النفس تدبري أمرك وتأملي‪ ،‬ومثلي بي ما يفن ول تعجلي‪ ،‬لقد ضللت طريق الدى فقفي‬
‫واسأل‪ ،‬وآثرت وهنا‪ ،‬ما يؤرث وهنا ل تفعلي‪ ،‬يا غمرة من الشقا‪ ،‬ما أراها تنجلي‪ ،‬اتبع الوى‬
‫والوى علي وليس ل‪ ،‬أريد حياة نفسي ونفسي تريد مقتلي‪ ،‬يا جسدا قد بلى‪ .‬با قد بلى‪.‬‬
‫وننقضي وكأن العمر ل يطل‬ ‫نطو وما خطونا إل إل الجل‬
‫ونن نرغب ف اليام والدول‬ ‫والعيش يوذِننا بالـوت أولـه‬

‫ونستقر وقد أمسكن بـالـطـول‬ ‫يأت المام فينسى الرء منـيتـه‬


‫يا قرب ما بي عنق الرء والكفل‬ ‫ل تسب العيش ذا طول فتتبعـه‬
‫وهون الوت ما نلقى من العلـل‬ ‫سلّى عن العيش أنا ل نـدوم لـه‬

‫‪82‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وكلنا علق الحشاء بـالـغـزل‬ ‫لنا با ينقضي من عمرنا شـغـل‬
‫كشارب السم مزوجا مع العسل‬ ‫ونستلذ المـانـي وهـي مـردية‬
‫أخوان‪ :‬أوقدوا أدهان الذهان ف ليل الفكر‪ ،‬صابروا سن الدب لعام الصب تعصروا‪ ،‬فمن‬
‫أدل ف غياهب ليل العلى‪ .‬على نايب الصب‪ ،‬صبح منل السرور ف السر‪ ،‬ومن نام على فراش‬
‫الكسل‪ ،‬سال به سيل التمادي إل وادي السف‪ ،‬الرجولية قوة معجونة ف طي الطبع‪ ،‬والنوثية‬
‫رخاوة‪ ،‬ولد السبع عزيز المة‪ ،‬وابن الذئب غدار‪ ،‬وكل إل طبعه عايد‪ ،‬الد كله حركة‪ ،‬والكس‬
‫ل كله سكون‪ ،‬إذا أردت أن تعرف الديك من الدجاجة حي يرج من البيضة‪ ،‬فعلقه بنقاره‪ ،‬فإن‬
‫ترك فديك‪ ،‬وإل فدجاجة‪ ،‬فُتورك عن السعي ف طلب الفضائل دليل على تأنيث العزم‪ ،‬يا من ق‬
‫د بلغ أربعي سنة‪ ،‬وكل عمره نوم وسنة‪ ،‬يا متعبا ف جع الال بدنه‪ ،‬ث ل يدري لن قد أخزنه? ا‬
‫علم هذه النفس المتحنة‪ ،‬إنا بكسبها مرتنة أل يعتب الغرور بن قد دفنه? كم رأى جبارا فارق‬
‫مسكنه? ث سكن مسكن مسكنة‪.‬‬
‫أيا راحلي بالقامة‪ ،‬يا هالكي بالسلمة‪ ،‬أين من أخذ صفو ما أنتم ف كدره? أما وعظكم ف سيه‬
‫بسيه? بلى‪ .‬قد حل بريد النذار أخبارهم‪ ،‬وأراكم تصفح الثار آثارهم‪.‬‬
‫تفريق ما جعته فاسع البا‬ ‫وحدثتك الليال أن شيمـتـهـا‬
‫وانظر إليها تر اليات والعبا‬ ‫وكن على حذر منها فقد نصحت‬
‫وهل سعت بصفو ل يعد كدرا‬ ‫فهل رأيت جديدا ل يعد خلـقـا‬
‫حبال الدنيا خيال تغر الغر‪ ،‬التمسك با‪ .‬يلعب بلعاب الشمس‪ ،‬الدنيا كالرآة الفاجرة ل تثبت‬
‫مع زوج‪ .‬فلذلك عنت طلبا‪..‬‬
‫فإذا اللحة بالقباحة ل تفي‬ ‫ميزت بي جالا وفعالـهـا‬
‫فكأنا حلفت لنا أن ل تفـي‬ ‫حلفت لنا أن ل تون عهودها‬
‫مبة الدنيا منة‪ ،‬عيونا بابلية‪ ،‬كم تفتح باب بلية? ول حيلة كحيلة‪ ،‬من عي كحيلة‪ ،‬كم أفردت‬
‫من أرفدت? كم أخدت من أخدمت? كم فللت من ألفت? كم أفقرت من أرفقت? كم فارقت‬
‫من رافقت? كم قطعت من أقطعت? فعلها ف التكدير كله هكذا‪ ،‬فإن آثرت الصفا فما ف الزهد‬
‫أذى‪ ،‬وإن أردت القذى‪ ،‬فالق ذا‪ .‬للمهيار‪:‬‬
‫ف وصلها طورا وف هجرانا‬ ‫تعجب من صبي على ألوانـا‬
‫كلّفها ما لـيس مـن أديانـهـا‬ ‫ورهاء من كـلـفـهـا وثـيقة‬
‫تسلّط الِنثِ على أيـانـهـا‬ ‫تسلط البلوى على عشـاقـهـا‬

‫‪83‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل يتعدى طرفَيْ لـسـانـهـا‬ ‫الود ف القلب ودعـوى ودّهـا‬
‫زياد ًة فاقطع على نقصانـهـا‬ ‫فكما أعطـتـك فـي مـحـبة‬
‫قلبا شجاعا طاح ف أظعانـا‬ ‫وقفتُ أسترجـع يومَ بـينـهـا‬
‫نِشدانُ شيءٍ وهو ف ضمانـا‬ ‫ولـم يكـن مـنـي إل ضـلّة‬
‫يا من إذا أصبح‪ ،‬طلب العاش بالشهوات‪ ،‬وإذا أمسى انقلب إل فراش الغفلت‪ ،‬أين أنت من‬
‫أقوام نصبوا الخرة نصب أعينهم فنصبوا‪ ،‬فوفر النصب نصيبهم "إنّا أخلصناهم بالصةٍ ذكرى‬
‫الدار"‪.‬‬
‫قال بعض السلف‪ :‬لقيت رجلً ف برية‪ ،‬فقلت من أين? فقال‪ :‬من عند قوم "ل تلهيهم تارة ول‬
‫بيع عن ذكر ال" قلت‪ :‬وإل أين? قال‪ :‬إل قوم "تتجاف جنوبم عن الضاجع"‪.‬‬
‫تركت القلب عندهم رهينا‬ ‫بنفسي من غداة نايت عنهم‬
‫با فعل الوى بالعاشقينا‬ ‫أما لك أيها القلب اعتبـار‬
‫ملوا مراكب القلوب متاعا ل ينفق إل على اللك‪ ،‬فلما هبت رياح الدجى دفعت الراكب‪.‬‬
‫لب إسحاق الغزي‪:‬‬
‫إذا الصبا سحبت أذيالـا سـحـرا على العقيق وقرت ف رب أضم‬
‫وشيحه وجرت ف الضال والسلـم‬ ‫وحرشت بي بان الزع ظـالـمة‬
‫ش الروح بالروح بعد الخذ بالكظم‬ ‫تنفس الوجد وارتاح الشوق وعـا‬
‫يا سوق الكل أين أرباب الصيام? يا فرش النوم أين حراس الظلم? درست وال العال ووقعت‬
‫اليام‪ ،‬قف بنا على الطلل‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫أحجازا سلوكها أم شئاما‬ ‫أين سكانك? ل أين هـمُ‬
‫فنبهناه استلما والتزاما‬ ‫قد وقفنا بعدهم ف ربعهم‬
‫أترى أي طريق سلكوا? أترى أي شعب أخذوا?‪.‬‬
‫أعرسوا بالفرات أم عبوا‬ ‫حامة الواديي ما البـر‬
‫ما وصل القوم إل النل‪ .‬إل بعد طول السرى‪ ،‬ما نالوا حلوة الراحة إل بعد مرارة التعب‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫ما لّج الايص ف طِلبه‬ ‫لو َق ُربَ الدر على جلبـه‬

‫‪84‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل تكن التيجان ف حسابـه‬ ‫ولو أقام لزما أصـدافَـه‬
‫إل وراء الول من عُبابـه‬ ‫ما لؤلؤ البحر ول مرجانـه‬
‫ما لقي الحب من أحبابـه‬ ‫من يعشق العلياء يلق عندها‬
‫ما حظي الدينار بنقش اسم اللك‪ ،‬حت صبت سبيكته على التردد على النار‪ ،‬فنفت عنها كل‬
‫كدر‪ ،‬ث صبت على تقطيعها دناني ث صبت على ضربا على السكة‪ ،‬فحينئ ٍذ ظهر عليها رقم‬
‫النقش "كتب ف قلوبم اليان"‪.‬‬
‫كم أصب فيك تت سقم وضنا‬ ‫كم أحل ف هواك ذ ًل وعنـا‬
‫هذا نفسي إذا أردت الثمـنـا‬ ‫ل تطردن فليس ل عنك غنا‬
‫من طلب النفس‪ ،‬هجر اللذ‪ ،‬من اهتم بالوهر نسي العرض‪ ،‬يا صفراء يا بيضاء غرى غيي‪.‬‬
‫قلب كلف ودمعت ما ترقـا‬ ‫من أجل هواكم عشقت العشقا‬
‫ما يصل بالنعيم من ل يشقى‬ ‫ف حبكم يهون ما قد ألـقـى‬
‫يا معشر التائبي "اصبوا وصابروا ورابطوا" مكابدة البادية تون عند ذكر من الضحى ف بوادي‬
‫الوع والعشى بوادي السهر إل أن تلوح بوادي القبول‪ ،‬إن ونت ف السي ركائبكم‪ .‬فأقيموا‬
‫حداة العزم تدل‪.‬‬
‫ل تتشكى شوطك البـطـينـا‬ ‫البي يا أيدي الطايا الـبـينـا‬
‫خذا با عن حاجـر يـينـا‬ ‫يا حادييها من نـي عـامـر‬
‫وارخيا بـرامة الـوضـينـا‬ ‫حل على وادي الغضى نسوعها‬
‫يشفى ويطفي داءها الدفـينـا‬ ‫رُدا با ماء الـعـذيب عـلـه‬
‫أين استقل الية الغـادونـا‬ ‫واستخبا بالزع أنفاس الصبا‬
‫يا مطرودا عن صحبة الصالي‪ ،‬امش ف أعراض الركب‪ ،‬وناشد حادي القوم‪ ،‬لعله يتوقف لك‪.‬‬
‫ج بـه الـغــرامُ‬
‫متـيم لـ ّ‬ ‫يا حادي العيس اصخ لدنـف‬
‫ول الـديار والــخـــيامُ‬ ‫إذا وقفتَ ف ثنيات الـلـوى‬
‫عقيب ما قد رحل الغـمـامُ‬ ‫وافترت الرياض عن أزهارها‬
‫وانتبه الـوذان والـثـمـامُ‬ ‫وهبت الريح فهب شيحـهـا‬
‫تي با الرواح والسـلمُ‬ ‫ل نـتـزود نـظـرة‬
‫فقف قلي ً‬
‫الفصل السادس‬

‫‪85‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أخوان‪ :‬انتبهوا من رقدات الغمار‪ ،‬وانتبهوا لظات العمار‪ ،‬وقاطعوا الكسل فقد قطع‬
‫العذار‪ ،‬واسعوا زواجر الزمن فما داجي الدجى ولقد بر النهار‪ ،‬وخذوا بالزم فقد شقي تلف‬
‫من رضي بشفا جرف هار‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ويأخذنا الـزمـان ول َيرُد‬ ‫تفوز بنا النون وتسـتـبـد‬
‫لقد أيقنتُ أن المـر جـد‬ ‫وانظر ماضيا ف أثر ماضٍ‬
‫جدّ‬
‫فليس يفوتا الساري الُ ِ‬ ‫رويدا بالفرار من الـنـايا‬
‫أعدوا للنوائب واستـعـدوا‬ ‫فأين ملوكنا الاضون قِدمـا‬
‫فيا سرعان ما استلبوا وردوا‬ ‫أعارهم الزمانُ نعيم عـيش‬
‫ندهمُ وإن ل يسـتـمـدوا‬ ‫هم فرطٌ لنا فـي كـل يوم‬
‫العمر يسي وهو يسي‪ ،‬فاقصروا عن التقصي ف القصي‪ ،‬أما دراك دراك قبل امتناع الفكاك‪،‬‬
‫حذار حذار قبل قدوم القرار‪ ،‬أما يرك سوق الرهب سوق الرب? أما يث التعليم على الدأب‬
‫الدب? أليس الزمان يعي ث يغي? وهب إنه وهب‪ ،‬أما ضرب الدهر? فاستحال الضرب‪ ،‬مر الع‬
‫مر والغمر مشغول عما ذهب بالذهب‪ ،‬كم فارق من رافق فسل من سل بالسلب‪ ،‬أين الفهم? ف‬
‫قد العنّى العن وعج العجب‪ ،‬أين الثمرة? أيتها ‪ ..‬ف الغرب‪ ،‬حالت غماي الوى‪ ،‬بينكم وبي ش‬
‫س الدى‪ ،‬وغدا ما ف يومكم ينسيكم غدا حت كأن الرحيل حديث خرافة‪ ،‬أو كان الزاد يفضل‬
‫عن السافة‪.‬‬
‫أيها الشيوخ‪ :‬آن الصاد‪ ،‬أيها الكهول‪ :‬قرب الداد‪ ،‬أيها الشباب‪ :‬كم جرد الزرع جراد‪.‬‬
‫عليك شاملة فالعمر مـعـدود‬ ‫يا ابن آدم ل تغررك عـافـية‬
‫بكل شيء من الوقات مقصود‬ ‫ما أنت إل كزرع عند خضرته‬
‫فأنت عند كمال المر مصود‬ ‫فإن سلمت من الفات أجعهـا‬
‫واعجبا!‪ ..‬يتأمل اليوان البهيم العواقب‪ ،‬وأنت ل ترى إل الاضر‪ ،‬ما تكاد تتم بؤنة الشتاء‬
‫حت يقوى البد‪ ،‬ول بؤنة الصيف حت يشتد الر‪ ،‬ومن هذه صفته ف أمور الدنيا "فهو ف‬
‫الخرة أعمى وأضل سبيل" هذا الطائر إذا علم أن النثى قد حلت‪ ،‬أخذ ينقل العيدان لبناء الع‬
‫ش قبل الوضع‪ ،‬أفتراك ما علمت قرب رحيلك إل القب? فهل بعثت لك فراش تقوى "فلنفسه‬
‫م يهدون" هذا اليبوع ل يتخذ بيتا إل ف موضع طيب مرتفع‪ ،‬ليسلم من سيل أو حافر‪ ،‬ث ل ي‬
‫عله إل عند أكمة أو صخرة‪ ،‬فإذا أتى من باب دفع برأسه مارق وخرج‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫اسع يا من قد ضيق على نفسه الناق ف فعل العاصي‪ ،‬فما أبقى لعذر موضعا‪ ،‬يا مقهورا بغلبة الن‬
‫فس صل عليها بسوط العزم‪ ،‬فإنا إن علمت جدك استأسرت لك‪ ،‬امنعها ملذوذ مباحها ليقع ال‬
‫صلح على ترك الرام‪ ،‬فإذا ضجت لطلب الباح "فإمّا منّا بع ُد وإمّا فداء" الدنيا والشيطان خارجي‬
‫ان‪ ،‬خارجان عليك خارجان عنك‪ ،‬فالنفس عدو مباطن‪ ،‬ومن آداب الهاد "قاتِلوا الذي يَلونكم‬
‫" ليس من بارز الحاربة كمن كمن‪ ،‬ما دامت النفس حية تسعى‪ ،‬فهي حية تسعى‪ ،‬أقل فعل لا ت‬
‫زيق العمر بكف التبذير‪ ،‬كالرقاء وجدت صوفا‪ ،‬أخل با ف بيت الفكر ساعة‪ ،‬وانظر‪ ،‬هل هي‬
‫معك أو عليك? نادها بلسان التذكرة‪ ،‬يا نفس ذهب عرش بلقيس‪ ،‬وبلي جال شيين‪ ،‬وتزق فر‬
‫ش بوران‪ ،‬وبقي نسك رابعة‪ ،‬يا نفس صابري عطش الجي يصل الصوم‪ ،‬وتزمي تزم الجي فإ‬
‫نا هو يوم‪:‬‬
‫كم ذا التفريط قد تدان الـر‬ ‫جد ف الد قد تول العـمـر‬
‫كم تبن وكم تنقض كم ذا الغدر‬ ‫أقبل فعسى يُقبل منك الـعـذر‬
‫يا هذا ذرات الوجود تستدعيك إل الوجد‪ ،‬ورسايل العتاب على انقطاعك متصلة‪ ،‬فما هذا‬
‫التوقف?‬
‫هل بعد البعد للذي غـاب إياب‬ ‫كم كم ذا الجر وافتراق الحباب‬
‫خلوا العتب ث ما جاء جـواب‬ ‫كم قد خطت إليكم الكف كتـاب‬
‫يا هذا! دبر دينك كما دبرت دنياك‪ ،‬لو علق بثوبك مسمار رجعت إل وراء لتخلصه‪ ،‬هذا‬
‫مسمار الضرار قد تشبث بقلبك‪ ،‬فلو عدت إل الندم خطوتي تلصت‪ ،‬هيهات صب الغفلة‬
‫كلما حرك نام‪ ،‬يا منون الوى أما مارستان العزلة‪ ،‬وقيد المية‪ ،‬ومعالة سلسل التقوى‪ ،‬ومرافق‬
‫ة بشر ومعروف‪ ،‬وإل فمارستان جهنم‪ ،‬ف أنكال العقوبة‪ ،‬وصحبة إبليس‪ ،‬ل بد من جرم عزم‪ ،‬ي‬
‫ؤخذ بالزم لينتصر من عايث الشره‪ ،‬سلطان الزم‪ ،‬من رق لبكاء الطفل ل يقدر على فطامه‪ ،‬ك‬
‫ل يوم تضر الجلس يقف لك الشيطان على الباب‪ ،‬فإذا خرجت كما دخلت قال فديت من ل‬
‫يفلح‪ ،‬وأسفي كم تطلب الضر وما ترى إل اليأس‪ ،‬ويك اعرف ما ضاع منك‪ ،‬وابك بكاء من‬
‫يدري قيمة الفايت‪ ،‬وصح ف السحر‬
‫فالروح إل سواكم ما أنسـت‬ ‫إن كان عهود وصلكم قد درست‬
‫منوا بلقـائكـم وإل يبـسـت‬ ‫أغصان هواكم بقلب غرسـت‬
‫واستنشقت ريح السحار لفاق قلبك الخمور وتايلت قرب الحباب أقمت الآت على بعدك‪.‬‬
‫يشفي سقمي إذا أتى من نـد‬ ‫ما أشوقن إل نسـيم الـرنـد‬

‫‪87‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫شوقي شوقي له ووجدي وجدي‬ ‫والشيح فإنه مـثـي الـوجـد‬
‫كان بعض السلف يقول ف مناجاته‪ :‬إلي! إنا أبكي لا قسمت القسام‪ .‬جعلت التفريط حظي‬
‫فأنا أبكي على بت‪.‬‬
‫ما ألقي جـزعـا‬ ‫قد كنت من قبل النوى‬
‫أشرب دمعي جرعا‬ ‫تركتمون بـعـدكـم‬
‫أخوان‪ .‬تعالوا نرق دمع تأسفنا على قبح تلفنا‪ ،‬ونبعث مع قاصدي البيب رسالة مصر لعلنا‬
‫باجر الصاب‪ .‬إن ل يرجع الفقود‪ ،‬يا أرباب القلوب الضايعة "اذهبوا فتحسّسوا من يوسف"‪.‬‬
‫ل منذ بان القوم عهد‬ ‫هذي معالهـم ومـا‬
‫لو كان ل يوما يرد‬ ‫واها لعيش بالمـى‬
‫من حبكم هجر وصد‬ ‫ويلي أحظّـي كـلـه‬
‫الفصل السابع‬
‫أخوان‪ :‬ذهبت اليام‪ ،‬وكتبت الثام‪ ،‬وإنا ينفع اللم متيقظا والسلم‪.‬‬
‫وعـظـتـنـا بـمـرهــا اليام وارتـنـا مـصـينـا الرجـامُ‬
‫هبـوا واسـتـيقـظـوا يا نـيام‬ ‫ودعتنا النون ف سنة الـغـفـلة‬
‫له الوت والـطـوب سـهـامُ‬ ‫ليت شعري ما يتقي الرء والرامي‬
‫علـيه لـلـواردين ازدحـــامُ‬ ‫منهل واحـد شـرايعـه شـتـى‬
‫نتحاماه ما استطـعـنـا وتـحـدو نا إلـيه الـشـهـور والعـوامُ‬
‫وإذا راعـنـا فـقـيد نـسـينـاه تناسي مـا راعـهـن الـسـوامُ‬
‫بـن كـان قـبـلـنـا القـدامُ‬ ‫أوقوفا على غـرور وقـد زلـت‬
‫ث دار يكون فـيهـا الـمـقـامُ‬ ‫ووراء الصي ف هـذه الجـدا‬
‫يا من صحيفته بالذنوب قد خفت‪ ،‬وموازينه لكثرة العيوب قد حفت‪ ،‬يا مستوطنا والزعجات قد‬
‫ذفت‪ ،‬ل تغتر بأغصان الن وإن أورقت ورفت‪ ،‬فكأنك با قد صوحت وجفت‪ ،‬أما رأيت أكفا‬
‫عن مطالبها قد كفت? أما شاهدت عرايس الجساد إل اللاد زفت? أما عاينت سطور الجسا‬
‫م ف كتب الرجام قد أدرجت ولفت‪ ،‬أما أبصرت قبور القوم? ف رقاع بقاع القاع قد صفت‪ ،‬م‬
‫ن عرف تصرف اليام ل يغفل الستعداد‪ ،‬إن قرب النية‪ ،‬ليضحك من بعد المنية‪ ،‬ما جرى عبد‬
‫ف عنان أمله إل عثر ف الطريق بأجله‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أخوان خلفنا نتقلب ف ستة أسفار‪ ،‬إل أن يستقر بنا النل‪ ،‬السفر الول‪ ،‬سفر السللة من الطي‬
‫‪ ،‬والثان سفر النطفة من الصلب‪ ،‬والثالث من البطون إل الدنيا‪ ،‬والرابع‪ ،‬من الدنيا إل القبور‪ ،‬و‬
‫الامس من القبور إل العرض‪ ،‬والسادس إل منل القامة‪ ،‬فقد قطعنا نصف الطريق‪ ،‬وما بعد أص‬
‫عب‪.‬‬
‫أخوان‪ .‬السنون مراحل‪ ،‬والشهور فراسخ‪ ،‬واليام أميال‪ ،‬والنفاس خطوات‪ ،‬والطاعات رؤس أم‬
‫وال‪ ،‬والعاصي قطاع الطريق‪ ،‬والريح النة‪ ،‬والسران النار‪ ،‬لذا الطب شر التقون عن سوق ا‬
‫لد ف سوق العاملة‪ ،‬كلما رأوا مراكب الياة تطف ف بر العمر شغلهم هول ما هم فيه عن الت‬
‫نه ف عجائب البحر‪ ،‬فما كان إل قليل حت قدموا من السفر فاعتنقتهم الراحة ف طريق التلقي‪،‬‬
‫فدخلوا بلد الوصل وقد حازوا ربح الدهر‪.‬‬
‫الهيار‪:‬‬
‫والقلب عان وراء الوف مأسورُ‬ ‫زمّوا الطايا فدمع العي منطلـق‬
‫حت تشابك مهتوك ومسـتـورُ‬ ‫فلم يهبهب بأول الزجر سائقهـم‬
‫وحطّهم لظلل البان تـهـجـيُ‬ ‫فغلّسوا من زرود وجه يومـهـم‬
‫غنت على فتن سلع العصافـي‬ ‫وضمنوا الليل سلعا إذ رأوه وقـد‬
‫أملهم أقصر من فتر‪ ،‬منازلم أفقر من قب‪ ،‬نومهم أعز من الوفاء‪ ،‬السهر عندهم أحلى من رقدة‬
‫الفجر‪ ،‬أخبارهم أرق من نسيم السحر‪ ،‬آماقهم بالدموع دامية‪ ،‬والموم على الوانح جوانح‪،‬‬
‫لنفسهم أنفاس‪ ،‬من مثلها يهيج البهيج‪ ،‬روض رياضتهم مطلول المايل‪ ،‬يدث ريّا عنهم‪ ،‬فالرا‬
‫ية رائجة بالي‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫خبا لو أنك للصبا تتوقـفُ‬ ‫يا سايق الظعان إن مع الصّبا‬
‫أرجا بريّا أهلـه يتـعـ ّرفُ‬ ‫هبّت بعارفة تسوق من المى‬
‫خذ حديث القوم جلة واقنع بالعنوان‪ ،‬كواكب همهم ف بروج عزائمهم‪ ،‬سيارة‪ .‬ليس فيها‬
‫زحل‪ ،‬ناموا ف الدجى على مهاد القلق‪ ،‬فلما جن الليل‪ .‬جن الذر‪ ،‬فاستيقظت عي‪ .‬ما تنأت‬
‫بطعم الرقاد‪.‬‬
‫ليب اشتياق ث فيض مدامع‬ ‫كفى سائقا بالشوق بي الضالع‬
‫فركبوا عيس القصد‪ ،‬وركبوا الادة‪ ،‬فلما غنت الداة‪ ،‬رنت الفلة‪ ،‬فأعربت أبيات الشعر‪ ،‬عن‬
‫أبيات الشعر‪ ،‬فعصفت رياح الزفرات من قلب الشوق‪ ،‬فانقلع شكر الدمع‪ ،‬فلو رأيت وَ ْكفَ‬

‫‪89‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫شؤونم قلت قد انقطع شريان الغمام‪ ،‬هذا‪ .‬يعاتب نفسه على التقصي‪ ،‬وهذا يتفكر ف هول الص‬
‫ي‪ ،‬وهذا ياف من ناقد بصي‪ ،‬منازل تعبدهم متناوحة‪ ،‬وف كل بيت منهم ناية‪ ،‬تائبهم أبكى من‬
‫متمم‪ ،‬ومبهم أتيم من مرقش‪ ،‬ومشتاقهم أقلق من قيس‪ ،‬وكلهم قد بات بليل النابغة التائب يقو‬
‫ل أنا القر على نفسي باليانة‪ ،‬أنا الشاهد عليها بالناية‪.‬‬
‫يا عتادي للمات الـزمـن‬ ‫اعف عن واقلن عن عثرت‬
‫ندم أقلق روحي ف البـدن‬ ‫ل تعاقبن فقد عـاقـبـنـي‬
‫أنت أهديت لا حلو الوسـن‬ ‫ل تطي وسنا عن مقـلـتـي‬
‫ولسان الفارسي يا دوست من‬ ‫يا حبيب بلسان الـعـربـي‬
‫والتعبد يبكي على الفتور بكاء الثكلى بي القبور‪ ،‬ويندب زمان الوصال ويتأسف على تغي‬
‫الال‪.‬‬
‫قد كان ل مشرب يصفو برؤيتكم فكدرته يد اليام حي صفا‪.‬‬
‫والائف ينادي ليت شعري ما الذي أسقطن من عينك? قلت‪" :‬هذا فراق بين وبينك"?‪.‬‬
‫صرمت حبال وصلك عن حبال‬ ‫لية عـــلة ولي حــــال‬
‫ومر الجر من حلو الوصـال‬ ‫وعوضت البعاد من الـتـدانـي‬
‫ول أشعر بـقـول أو فـعـال‬ ‫فإن أك قد جنيت علـيك ذنـبـا‬
‫أردت سوى الصدود فما أبالـي‬ ‫فعاقبنـي عـلـيه بـأي شـيء‬
‫وصريع الحبة يستغيث وينادي‪ ،‬حت أقلق الاضر والبادي‪.‬‬
‫وللناس أشجان ول شجن وحدي‬ ‫تمل أصحاب ول يدوا وجدي‬
‫فواكبدي من ذا يبكم بـعـدي‬ ‫أحبكم ما دمت حـيا وإن أمـت‬
‫وقتيل الشوق يتعلق با يرى‪ ،‬ويتشبث با يسمع‪ ،‬يرتاح إل السهر ومقصوده غيه‪ ،‬وإل الشجر‬
‫ومغني طيه‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫وإن كنتُ أكن وأعن سواكِ‬ ‫أيا بانة الغور عطفا شُـفـيت‬
‫لو أن أراه كمـا قـد أراكِ‬ ‫أحبكِ من أجل من تعلـمـي‬
‫ل أسـرُهـا فـي ذراكِ‬
‫ليا َ‬ ‫ذكرت ويا لفي هل نـسـيتُ‬
‫إل اسك عمّيتُـه بـالراكِ‬ ‫كفى الوجد أن إذا ما استرحت‬

‫‪90‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فإن فعلت فـأهـلً بـذاكِ‬ ‫إذا الصد أرضا ِك فهو الوصال‬
‫الفصل الثامن‬
‫الشهوات تغر وتعر‪ ،‬وتر عيش العواقب وتر‪ ،‬وتبكي عي الندم أضعاف ما تسر‪ ،‬أل يقظ? أل‬
‫حذر? أل حر?‬
‫فجايعه تبقى ولـذاتـه تـفـنـى‬ ‫هل الدهر إل ما عرفنا وأدركـنـا‬
‫إذا أمكنـت فـيه مـسـرة سـاعة تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا‬
‫نود لديه أننـا لـم نـكـن كـنـا‬ ‫إل تبعات ف العـاد ومـوقـف‬
‫حصلنا على هـم وإثـم وحـسـرة وفات الذي كنا نـلـذ بـه عـنـا‬
‫كأن الذي كنـا نـسـر بـكـونـه إذا حققته النفس لفظ بل معـنـى‬
‫أن الواعظ قد أفصحت وأعربت‪ ،‬غي أن الزخارف للواحظ قد أدهشت وأعجبت‪ ،‬وإنا تقطع‬
‫مراحل الد بالعزم والصب‪ ،‬ونظر اللبيب الجد إل آخر المر‪ ،‬أو ليس الصحيح بعرض عارض‬
‫السقام والوصاب? أوما السرور بالعرض كالغرض لسهام الصاب? أو ما يكفي من الزواجر?‬
‫كف كف الحداث مبسوط المل‪ ،‬أما يشفى من البيان? عيان العيان‪ .‬ف الجداث خالي بالعم‬
‫ل أين من فاق قمم الشرف? فعزل وول‪ ،‬أما ذاق أل النصرف? فنل وول أين من نشا‪ ،‬ف علي‬
‫ونى وندى? سلب ول يشأ‪ ،‬حلى ولى وجدى‪ ،‬أين السرور بشهوات أمسه‪ ،‬حزن‪ ،‬أين الغرور‬
‫بلذات نفسه غب‪:‬‬
‫سل الدهر عن عاد وعن أختها إرم‬ ‫فيا آملً أن يلد الـدهـر كـلـه‬
‫ويفنيه أن يبقى ففـي دائه عـقـم‬ ‫إذا ما رأت الشيء يبليه عـمـره‬
‫وموت فناء بي فكي من جـلـم‬ ‫يروح ويغدو وهو من موت غبطة‬
‫ونرتع ف أكلئه رتعة الـنـعـم‬ ‫تد لنا أيدي الـزمـان شـفـاره‬
‫وإن ل يصح يوما براتعنا خضـم‬ ‫نراع إذا ما الوت صاح فنرعوي‬
‫أل إن بالساع عن عظة صمـم‬ ‫أل إن بالبصار عن عبة عـمـى‬
‫إذا حتفه يوما على صدره جثم‬ ‫سيكشف عن قلب الغب غطاؤه‬
‫يا معتقدا دار القلعة قلعة‪ ،‬أما تراها تيد بسكانا‪ ،‬والشاهد ما يشاهد عواصف الوادث تنسف‬
‫جال القتن‪ ،‬ومعاول الزمان تدم مشيد البتن‪ ،‬وكلما ارتفع كثيب أمل وهال انال‪ ،‬يا مهلكا‬
‫نفسه الت ل قيمة لا لجل دينا ل وقع لا‪ ،‬إل كم هذا الرص? وما تنال غي القدور‪ ،‬أما رأيت‬

‫‪91‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫مرزوقا ل يتعب? ومتعبا ل يرزق‪ .‬هذا موسى ف تقلقل "أرن" وما أري‪ ،‬وممد يزعج عن منامه‪.‬‬
‫وما طلب "قضاها لغيي وابتلن ببها" واعجبا يطلب موسى التجلي‪ ،‬فيمنع ويرزق البل‪.‬‬
‫توسلت حت قبلتك ثغورهـا‬ ‫أراك المى قل ل بأي وسيلة‬
‫لقد أنضى الرص مطية عمرك‪ ،‬وما وصلت بلد المل‪ ،‬لو قنعت الذبابة بطرف ظرف العسل ما‬
‫تلفت‪ ،‬لو عرفت قيمة نفسها رخصت أو غلت ما أوغلت‪ ،‬شقايق اللذة‪ .‬تروق بصر الس‪ ،‬وس‬
‫ن العواقب تضحك من الغرور‪ ،‬يا دن المة أعجبتك خضرة على مزبلة‪ ،‬فكيف لو رأيت فردو‬
‫س اللك? قنعت بسايس الشايش والرياض معشبة بي يديك‪ ،‬تقدم بالرياضة خطوات وقد‬
‫وصلت‪.‬‬
‫أن صدق الرايد ف هذا الب‬ ‫الغور يا ركابنا الـغـور إذن‬
‫فبالغضا ماء وروضات أخـر‬ ‫وإن حننت للحمـى وروضـه‬
‫المم تتفاوت ف جيع اليوانات‪ ،‬العنكبوت من حي يولد ينسج لنفسه بيتا ول يقبل منة الم‪،‬‬
‫والية تطلب ما حفره غيها‪ .‬إذ طبعها الظلم‪ ،‬الغراب يتبع اليف‪ ،‬والسد ل يأكل البايت‪،‬‬
‫الكلب ينضنض لترمى له لقمة‪ ،‬والفيل يتملق حت يأكل‪ ،‬للصيد كلب‪ ،‬وللمدبغة كلب‪ ،‬أين ا‬
‫لنفة? النحل يغضب فيترضى من لاج‪ ،‬والنفساء تطرد فتعود‪ ،‬الختبار يظهر جواهر الرجال‪ ،‬ب‬
‫عثت بلقيس إل سليمان هدية لتسب با قدر هته‪ ،‬فإن رأتا قاصرة‪ ،‬علمت أنا ل تصلح للمعاشر‬
‫ة‪ ،‬وإن رأتا عالية تطلب ما هو أعلى‪ ،‬تيقنت أنه يصلح‪.‬‬
‫يا هذا الدنيا هدية بلقيس فهل تقبلها? أو تطلب ما هو أنفس‪ .‬ويك أحسن ما ف الدنيا قبيح‪ ،‬لن‬
‫ه يشغل عما هو أحسن منه‪ ،‬أترى? لو ابتليناك بترك عظيم كيف كنت تفعل? إنا رددناك عن دن‬
‫س‪ ،‬ومنعناك من كدر‪ ،‬ث ما علمت أن الثواب على قدر الشقة‪ ،‬ويك إن الرباح الكثية ف ال‬
‫سفار البعيدة‪ ،‬الصب والوى ضرتان فاختر إحدى الضرتي‪ ،‬فما يكن المع من دام به المار‪ .‬ف‬
‫ديار الوى‪ ،‬ل يفتح عينيه إل ف منازل البلى‪ ،‬من غرق بنهر العلى طفا تت البلد‪ ،‬واعجبا‪ ،‬اعدم‬
‫نظر العقل برة? أو بعينه رمد‪ ،‬لو قيل لك ارم ثوبك على هدف مرمى ل تفعل إشفاقا عليه‪ ،‬وهذا‬
‫دينك ف عرض عرضك‪ ،‬قد تزق من نبل الوى‪ ،‬لو قيل‪ :‬زد ف النفقه خفت على الال وقد حف‬
‫ت ف إنفاق العمر على معشوق البطالة‪ ،‬رميت يوسف قلبك ف جب الوى‪ ،‬وجئت على قميص‬
‫المانة بدم كذب‪ ،‬ويك! كلما أوغلت ف الوى زاد التعرقل‪ .‬ويك! ما يساوي النصاب السرو‬
‫ق قطع اليد‪ .‬ملسنا بر‪ ،‬والفكر غواص يستخرج الدر‪ ،‬ومراكب القلوب تسي إل بلد الوصل‪،‬‬

‫‪92‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وأنت تقف على الساحل "وترى الفلك مواخر فيه" إن قعر جهنم لبعيد‪ ،‬ولكن هتك أسفل منه‪،‬‬
‫خنقنا دخان التخويف‪ ،‬افتحوا للرواح‪:‬‬
‫سلم عليكم مضى ما مضى‬ ‫إل كم عتاب يسد الفـضـا‬
‫الفصل التاسع‬
‫الزمان أنصح الؤدبي‪ ،‬وأفصح الؤذني‪ ،‬فانتبهوا بإيقاظه‪ ،‬واعتبوا بألفاظه‪.‬‬
‫وكم هذا التغافل والتـوانـي‬ ‫فكم هذا التصامم والتعـامـي‬
‫الديار مقالا لـم يبـن بـان‬ ‫لو أنا قد فهمنا عـن خـراب‬
‫فيا للعيش يعشق وهو جـان‬ ‫وين العيش كل أذى ويهوى‬
‫وزادهم النجاء من الـهـوان‬ ‫فلله الول درجوا جـيعـا‬
‫سوى بلغ بأطراف البـنـان‬ ‫وما علقوا من الدنيا بـشـيء‬
‫تقي وهبوا التصنع للغوانـي‬ ‫ولا أن رضوا شعث النواصي‬
‫ل در العارفي بزمانم إذ باعوا ما شانم بإصلح شأنم‪ ،‬ما أقل ما تعبوا وما أيسر ما نصبوا‪ ،‬وما‬
‫زالوا حت نالوا ما طلبوه شروا عن سوق الد ف سوق العزائم‪ ،‬ورأوا مطلوبم دون غيه ضربة‬
‫لزم‪ ،‬وجادوا ملصي فربوا إذ خسر حات‪ ،‬وأصبحوا منل النجاة وأنت ف اللهو ناي‪ ،‬مت تسل‬
‫ك طريقهم‪ ،‬يا ذا الآث? مت تندب الذنوب? ندب الآت‪ ،‬يا رجالً ما بانت رجوليتهم إل بالعماي‪.‬‬
‫يا أخوان المل قد بقي القليل وتفن الواسم‪ ،‬أين أنت من القوم? ما قاعد كقائم‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫طريقا من الـخـافة وعـرا‬ ‫صحب ال راكبي إل الـعـز‬
‫خوف أن يشربوا من الضيم ُمرّا‬ ‫شربوا الوت ف الكريهة حلوا‬
‫أنف القوم من مزاحة اللق ف سوق الدى‪ ،‬وقوي كرب شوقهم فلم يتملوا حصر الدنيا‪،‬‬
‫فخرجوا إل فضاء العز ف صحراء التقوى‪ ،‬وضربوا ميم الد ف ساحة الدى‪ ،‬وتيوا شواطي‬
‫أنار الصدق فشرعوا فيها مشارع البكا‪ ،‬وانفردوا بقلقهم فساعدهم ري الفل‪ ،‬وترنت بلبل بلبا‬
‫لم ف ظلم الدجا‪ ،‬فلو رأيت حزينهم لطلب الرضا‪ ،‬على جر الغضا‪ ،‬فيا مبوسا عنهم ف سجن ا‬
‫لرص والن‪ ،‬إن خرجت يوما من سجنك لترويح شجنك‪ .‬من غم البلوى عرج بذاك الوادي‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫مت عـهـده بـأيام سـلـعِ‬ ‫عارضا ب ركب الجاز أسائله‬

‫‪93‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ول تكتـبـاه إل بـدمـعـي‬ ‫ل حديث من سكن اليف‬
‫واستم ّ‬
‫فلعلي أعي الديار بسمـعـي‬ ‫فاتن أن أرى الديار بطرفـي‬
‫عاد سهم لم مضيض ال َوقْـعِ‬ ‫كلما سُ ّل من فـؤادي سـهـمٌ‬
‫كان منهـا وأين أيام جـمـع‬ ‫من معبد أيام جع علـى مـا‬
‫زمانا أضـلـه بـالـجـزع‬ ‫طالب بالعراق ينشد هـيهـات‬
‫يا معوقا عنهم بكثرة الوادث‪ ،‬خلص الاء من ضيق النابيب‪ ،‬وانظر كيف يسرع? إل مت تألف‬
‫عش‪ ،‬الصبا سافر مع الرجال‪ .‬لو عبت بطن النجف لستنشقت ريح الجاز‪ ،‬حدث نفسك‬
‫بأرض ند يهن علينا عبور العقبة‪ ،‬ذكرها قرب من‪ .‬وقد درجت الدرج‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫كانت ثلثا ل تكون أربـعـا‬ ‫ن وأين جيان منـىً‬
‫من ب ً‬
‫أمس فردّوها عل ّي قِطَـعـا‬ ‫سلبتمون كبـدا صـحـيحةً‬
‫ث ذهلت فعدمت الـزعـا‬ ‫عدمت صبي فجزعت بعدكم‬
‫إن ت ف الفايت أن يُرتعـا‬ ‫ارتعوا إل ليلة بـحـاجـرٍ‬
‫بلعلع سقى الغمام لعـلـعـا‬ ‫وغفلة سرقتها من زمـنـي‬
‫يا صبيان التوبة‪ ،‬هللكم خفى‪ ،‬فدوموا على العاملة يصر بدرا ل بد من ضيف "ولنبلونكم"‬
‫الطبع ين إل الألوف‪ ،‬والولد يطلب ما يشتهي‪ ،‬والزوجة تروم سعة النفقة‪ ،‬والورع يتم كيس‬
‫التصرف "هنالك ابتُلي الؤمنون وزُلزلوا زلزالً شديدا" أيدي صبيان التوبة ف أفواههم بعد طعم ا‬
‫لرضاء‪ ،‬بينا ليل زللهم قد عسعس‪ ،‬إذ صبح يوم توبتهم قد تنفس‪ ،‬فكلما احترقت قلوبم بالوف‬
‫‪ ،‬تعرضوا بنسمات الرجاء للعفو‪.‬‬
‫سا إذا استروحت تنيت ندا‬ ‫ل عدا الروح من تامة أنفا‬
‫يا صبيان التوبة‪ ،‬طبيبكم متلطف‪ ،‬تارة بالتشويق‪ ،‬وتارة بالتخويف‪ .‬هذه الطي إذا انشق بيضها‬
‫عن الفراخ علم الب والم إن حوصلة الفرخ ل تتمل الغذاء‪ ،‬فينفخان الريح ف حلقه لتتسع ا‬
‫لوصلة‪ ،‬ث يعلمان أن الوصلة تفتقر إل دبغ وتقوية‪ ،‬فيأكلن من صاروج اليطان وهو شيء‬
‫فيه ملوحة كالسبخ‪ ،‬ث يزقانه إياه‪ ،‬فإذا اشتدت الوصلة زقياه الب‪ ،‬فإذا علما أنه قد أطاق اللق‬
‫ط منعاه بعض النع فإذا جاع لقط‪ ،‬فإذا رأياه قد استقل باللقط ضرباه بالجنحة إذا سألما الزق‪.‬‬
‫فتأملوا تدبيي لكم ف الواعظ‪ ،‬الطفل ل يصب عن الرضاع ساعة‪ ،‬فإذا صار رجلً صب عن الط‬

‫‪94‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عام يومي‪ ،‬إنا تقع الكلفة بقدر الطاقة‪ ،‬لا كان الطاير يتاج أن يزق فرخه‪ ،‬ل يمل عليه إل تدبي‬
‫بيضتي‪ ،‬ولا كانت الدجاجة تضن ول تزق كان بيضها أكثر‪ ،‬ولا كانت الضبة ل تضن ول تز‬
‫ق صارت تبيض ستي بيضة‪ ،‬وتفر لن وتترك التراب عليهن‪ ،‬وبعد أيام تنبشهن فيخرجن‪ ،‬كلما‬
‫قوي الامل زيد ف المل ف أول مقام يقول "يب التوّابي" وف أوسطه بعين ما يتحمل التحملو‬
‫ن‪ ،‬وف القام العلى كذب من ادعى مبت فإذا جنه الليل نام عن‪ .‬كان أبو سليمان الداران يبك‬
‫ي حت ينبت الريع من عينيه‪ ،‬وكان عطاء السلمي يبكي حت ل يقدر أن يبكي‪.‬‬
‫وكنت أنفقه علـيه‬ ‫يا منفذا ماء الفـون‬
‫أعز من نظرت إليه‬ ‫إن ل تكن عين فأنت‬
‫كانوا إذا ضيق الوف عليهم الناق نفسوه بالرجاء‪ ،‬فكان أبو سليمان يقول‪ :‬إلي إن طالبتن‬
‫بذنوب طالبتك بكرمك‪ ،‬وإن أسكنتن النار بي أعدائك لخبنم أن كنت أحبك‪ ،‬وكان يي بن‬
‫معاذ يقول‪ :‬إن قال ل يوم القيامة عبدي ما غرك ب‪ ،‬قلت‪ :‬إلي برك ب‪.‬‬
‫لا غلب الصـبـر‬ ‫تاسرت فكاشفتـك‬
‫ففي وجهك ل عذر‬ ‫فإن عنفن الـنـاس‬
‫إل وجهك يا بـدر‬ ‫لن البدر مـتـاج‬
‫الفصل العاشر‬
‫أخوان‪ :‬الدنيا غرارة غدارة‪ ،‬خداعة مكارة‪ ،‬تظن مقيمة وهي سيارة‪ ،‬ومصالة وقد شنت الغارة‪.‬‬
‫وتوق الدنيا ول تأمننـهـا‬ ‫نح نفسا عن القبيح وصنهـا‬
‫لى وديعة ل تـنـهـا‬ ‫ل تثق بالدن فما أبقت الدنيا‬
‫وأسكنتها لتخرج عـنـهـا‬ ‫إنا جئتها لتستقبل الـوت‬
‫ما تبلغت أو تزودت منهـا‬ ‫ستخلى الدنيا ومـا لـك إل‬
‫خي أحدوثة تكون فكنهـا‬ ‫وسيبقى الديث بعدك فانظر‬
‫كأنك الوت وقد خطف‪ ،‬ث عاد إل الباقي وعطف‪ ،‬تنبه لنفسك يا ابن النطف‪ ،‬فقد حاذى‬
‫الرامي الدف‪ ،‬إل كم تسي ف سرف? ليت هذا العزم وقف‪ ،‬تؤخر الصلة ث تسيئها كالبق إذا‬
‫خطف‪ ،‬أتمع سوء كيلة مع حشف? السد أتى والقلب انصرف‪ ،‬يا من باع الدر واشترى الز‬
‫ف‪ ،‬أبسط بساط الزن على رماد السف عليك حافظ وصابط‪ ،‬ليس بناس ول غالط‪ ،‬يكتب ال‬
‫لفاظ السواقط وأنت ف ليل الظلم خابط‪.‬‬
‫يا من شاب إل كم تغالط? ابك ما مضى ويكفي الفارط‪ ،‬ما للعيون قد أخلفت أنواؤها? وكثر ن‬

‫‪95‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ظرها إل الرام فقل بكاؤها‪ ،‬ما للقلوب الريضة? قد عز شفاؤها‪ ،‬سأكتب ضمان المال وأين و‬
‫فاؤها? آه لمراض نفوس قد يئس طبيبها‪ ،‬ولصوات مواعظ قد خرس ميبها‪ ،‬هبت وال دبور ال‬
‫ذنوب فتركت الجسام بل قلوب‪ ،‬أين الفهم والتأمل? إن ل يكن جيل فليكن تمل‪ ،‬أخوان قد‬
‫دنا الترحل‪ ،‬ل بد وشيكا من التحول‪.‬‬
‫رقيبكم يا غافلي ل يغفل‪ ،‬أتذكرون الذنوب بل تلمل‪ ،‬يا من يعد بالتوبة كم تطل? يا ملزما لل‬
‫هوى كم تعدل? العاصي سم والقليل منه يقتل‪.‬‬
‫يا هذا الدنيا وراءك والخرى أمامك‪ ،‬والطلب لا وراءك هزية‪ .‬إنا يعجب بالدنيا من ل فهم له‪،‬‬
‫كما أن أضغاث الحلم تسر النائم لعب اليال يسبها الطفل حقيقة‪ ،‬فأما العقل فيعلم ما وراء ال‬
‫ستر‪.‬‬
‫لن هو ف علم القيقة راق‬ ‫رأيت خيال الظل أكب عبـرة‬
‫جيعا وتفن والحرك باقي‬ ‫شخوص وأشباح تر وتنقضي‬
‫كم أتلفت الدنيا بيد حبها ف بيد طلبها‪ ،‬كم ساع إليها سعي الرخ ردته معكوسا رد الفرازين‪،‬‬
‫الدنيا نر طالوت‪ ،‬والفضائل تنادي‪" :‬فمن شرب منه فليس من" فإذا قامت الفاقة مقام ابن أم‬
‫مكتوم أبيحت لا رخصة "إل من اغترف" فأما أهل الغفلة فارتووا‪ ،‬فلما قامت حرب الوى‪ ،‬ثبطت‬
‫هم البطنة‪ ،‬فنادوا بألسنة العجز "ل طاقة لنا" وأقبل مضمن الد فحاز قصب السبق‪ ،‬كل الشر ف‬
‫الشره‪ ،‬واللذة خناق من عسل‪ ،‬من تبصر تصب‪ ،‬الزم مطية النجح‪ ،‬الطمع مركب التلف‪ ،‬التوا‬
‫ن أبو الفقر‪ ،‬البطالة أم السران‪ ،‬التفريط أخو الندم‪ ،‬الكسل ابن عم السرة‪ ،‬ما يصل برد العي‬
‫ش إل بر التعب‪ ،‬ما العز إل تت ثوب الكد‪ ،‬على قدر الجتهاد تعلو الرتب‪ ،‬لا صابر النضو م‬
‫شقة السي معرضا عن أعرض الطاعم‪ ،‬زين باللل يوم العبد‪ ،‬ولا تكاسلت البخات ميلً إل كثر‬
‫ة العلف وقع ببختها الذبح‪ ،‬سابق الطي مكرم‪ ،‬والديك الاذق بالصباح مطلق‪ ،‬إذا صب ف القن‬
‫ديل ماء ث صب عليه زيت صعد الزيت فوق الاء‪ ،‬فيقول الاء‪ :‬أنا ربيت شجرتك فأين الدب?‬
‫ل ترتفع علي? فيقول الزيت‪ :‬أنت ف رضراض النار تري على طريق السلمة‪ ،‬وأنا صبت عل‬
‫ى العصر وطحن الرحا وبالصب يرتفع القدر‪ ،‬فيقول الاء‪ :‬أل أن أنا الصل‪ ،‬فيقول الزيت‪ :‬استر‬
‫عيبك فإنك لو قارنت الصباح انطفأ‪.‬‬
‫يا بعيدا عن الجاهدة قد اقتسم الرعيل الول النفل‪ ،‬أما ترى أسلب الوى كيف يبيعها أربابا ف‬
‫سوق الفتخار بالنض "ذلك ليعلم أن ل أخنه بالغيب"‪.‬‬
‫يا من قد انرف عن جادتم‪ ،‬كم أحركك بسوط الشوق ف شوط السوق‪ ،‬سهم عزمك بل ريش‬

‫‪96‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫‪ ،‬إنا يقع الرمي بي يديك‪ .‬يا منث العزية أقل ما أبقى ف الرقعة البيذق‪ ،‬فلما نض تفرزن‪ ،‬رأى‬
‫بعض الكماء برذونا سيتقي عليه‪ ،‬فقال لو هلج هذا لركب‪ ،‬مت هت أقدام العز بالسلوك اندف‬
‫ع من بي يديها ما يسد القواطع‪ ،‬ومت هاب الغايص موج البحر ل يطمح له ف نيل الدر‪ ،‬يا من‬
‫عقد عزمه بأنشوطة‪ ،‬والوى يدها للحل‪ ،‬إن عزفت من عزيتك الثبوت ف صف الجاهدة‪ ،‬وإل‬
‫فاحذر هتكة الزية‪.‬‬
‫كان ذو البجادين يتيما‪ ،‬فلما عمه الفقر كفله عمه‪ ،‬فنازعته النفس إل السلم‪ ،‬فهم بالنهوض‪ ،‬ف‬
‫إذا بقية الرض مانعة‪ ،‬فقعد على انتظار العم‪ ،‬فانتهى الرض‪ ،‬فصارت المة عزية‪ ،‬فنفذ الصب فنا‬
‫داه صدق الوجد‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫إثرها ربا وجـدت طـريقـا‬ ‫إل كم حبسها تشكو الضـيقـا‬
‫ى يرمي الغروبُ با الشروقا‬
‫سُد ً‬ ‫أجلْها تطلب القصوى ودعْـهـا‬
‫تكون إذن بذلّتـهـا خـلـيقـا‬ ‫أتعقلها وتقـنـع بـالـهـوينـا‬
‫يكون على ركائبـه شـفـيقـا‬ ‫ول يشفق على حـسـبٍ غـلم‬
‫فقال‪ :‬يا عم كيف انتظر سلمتك بإسلمك وما أرى زمن زمنك ينشط‪ ،‬فقال‪ :‬وال لئن أسلمت‬
‫لنتزعن كل ما أعطيتك‪ ،‬فصاح لسان الشوق نظرة من ممد أحب إل من الدنيا وما فيها‪ ،‬هذا‬
‫مذهب الحبي‪ ،‬إجاعا من غي خلف‪:‬‬
‫تريد أم الدنيا وما ف خباياها‬ ‫ولو قيل للمجنون ليلى ووصلها‬
‫ألذ إل نفسي وأشفى لبلواها‬ ‫لقال تراب من غبار نعالـهـا‬
‫فلما ترد لطلب الثواب‪ ،‬جرده العم من الثياب‪ ،‬فناولته الم بادا فقطعه لسفر الوصل‪ ،‬فائتزر‬
‫وارتدى‪ ،‬وغدا ف هيئة "ربّ أشعثَ أغب"‪:‬‬
‫فإذا أحببت فاستنن‬ ‫سنة الحباب واحدة‬
‫فنادى صائح الهاد ف جيش العسرة‪ ،‬فتبع ساقة الحباب على ساق‪ ،‬والحب ل يرى طول‬
‫الطريق إنا يتلمح القصد‪:‬‬
‫وبلغ أكتاف المى من يريدها‬ ‫أل أبلغ ال المى مـن يريده‬
‫فحمل جلدة فوق جلدة‪ ،‬إل أن نزل منل التلف‪ ،‬فنل الرسول ف حفرته يهد له اللحد لأمور‬
‫"إذا رأيت ل طالبا‪ ،‬فكن له خادما" وجعل يقول‪ :‬اللهم‪ ،‬إن أمسيت راضيا عنه فارض عنه‪،‬‬
‫فصاح ابن مسعود‪ :‬ليتن كنت صاحب الفرة‪:‬‬

‫‪97‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تعالَيْ فانظري كيف التعال‬ ‫كذاك الفخر يا هم الرجال‬
‫الفصل الادي عشر‬
‫أيتها النفس‪ ،‬أقلعي عن الناح وتوب‪ ،‬وراجعي إل الصلح وأوب‪ ،‬أيتها النفس قد شان شان‬
‫عيوب‪ ،‬أيتها الاهلة تكفين ذنوب‪:‬‬
‫لو قد دعان للحساب حسـيبـي‬ ‫يا ويح نفسي من تتابع حوبـتـي‬
‫حذرا يهيج عبت ونـحـيبـي‬ ‫فاستيقظي يا نفس ويك واحذري‬
‫سطوات موت للنفوس طلـوب‬ ‫واستدركي ما فات منك وسأبقى‬
‫إعوال عان ف الوثاق غـريب‬ ‫وابكي بكاء الستغيث واعولـي‬
‫أفليس ذا يا نفس حي مشـيبـي‬ ‫هذا الشباب قد اعتللت بلـهـوه‬
‫ب‬
‫يري بصرف حوادث وخطو ِ‬ ‫هذا النهار يكـر ويـك دائبـا‬
‫يصي علي ولو غفلت ذنوبـي‬ ‫هذا رقيب ليس عنـي غـافـلً‬
‫نوم السفيه وما ينـام رقـيبـي‬ ‫أوليس من جهـل بـأنـي نـائم‬
‫آه لنفسي تركت يقينها وتبعت آمالا‪ ،‬ما لا? جهلت ما عليها وما لا‪ ،‬أما ضربت العب? بأخذ‬
‫أمثالا أمثالا‪ ،‬من لا? إذا نازلا الوت فغالا‪ ،‬وأخذ منها ما نالا وقد أن لا‪ ،‬ليتها تفقدت أمورها‪،‬‬
‫أو شهدت أحوالا‪ ،‬تضر الجالس بنية‪ ،‬فإذا قامت بدا لا‪ ،‬ويها لو ترى أجزآءا من مالا لالا‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫فل تؤكلـن بـأنـيابـهـا‬ ‫وكم دهى الرء من نفسـه‬
‫فل تبدو فعلـك إل بـهـا‬ ‫وإن مكنت فرصة ف العدو‬
‫قال أبو زيد‪ :‬رأيت الق ف النام‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رب كيف أجدك? قال‪ :‬فارق نفسك وتعال‪.‬‬
‫جاء رجل إل أب علي الدقاق‪ ،‬فقال‪ :‬قد قطعت إليك مسافة‪ ،‬فقال‪ :‬ليس هذا الر بقطع‬
‫السافات‪ ،‬فارق نفسك بطوة وقد حصل لك مقصود‪ ،‬لو عرفت منك نفسك التحقيق لسارت م‬
‫عك ف أصعب مضيق‪ ،‬لكنها ألفت التفاتك‪ ،‬فلما طلبت قهرها‪ ،‬فاتك‪ ،‬هل شددت اليازم‪ ،‬وقم‬
‫ت قيام حازم‪ ،‬وفعلت فعل عازم‪ ،‬وقطعت على أمر جازم‪ ،‬تقصد الي ولكن ما تلزم‪:‬‬
‫فيجهده كـرا ويرهـبـه ذعـرا‬ ‫ويعرف أخلق الـبـان جـوادُه‬
‫بد حلو ما يعطاه من غي هامرا‬ ‫ومن كل تطلب العال بصـدره‬

‫‪98‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫حري العزم الصادق حرام على التردد‪ ،‬مت تزم العزم هزم‪ ،‬لو رأيت صاحب العزم وقد سرى‬
‫حي رقدت السراحي‪ ،‬بمة تل فوق الفرقد فلنفسه نفاسة ولنفه إنفة‪ ،‬سهم الشهم مفوق‬
‫عرضة الغرض‪.‬‬
‫كان الفضيل ميتا بالذنوب‪ ،‬وابن أدهم مقتولً بالكب‪ ،‬والسبت هالكا باللك‪ ،‬والنيد من جيد ال‬
‫ند‪ ،‬فنفخ ف صور الواعظ‪ ،‬فدبت أرواح الدى ف موتى الوى‪ ،‬فانشقت عنهم قبور الغفلة‪،‬‬
‫وصاح إسرافيل العتبار "كذلك ييي ال الوتى" إنا سع الفضيل آية‪ ،‬فذلت نفسه لا واستكانت‬
‫‪ ،‬وهي "كانت" إنا زجر ابن أدهم بكلمة كلمت قلبه فانقلب‪ ،‬هايف عاتبه ولم أخرجه من بلخ‬
‫إل الشام كانت عقدة قلوبم بأنشوطة‪ ،‬ومسد قلبك كله عقد‪ ،‬لحت للقوم‪ ،‬جادة السلوك "قال‬
‫وا ربنا ال ث استقاموا"‪.‬‬
‫هيهات منك غبار ذلك الوكب‪ ،‬ركبوا سفي العزم فهبت لم رياح العون‪ ،‬فقطعوا بالعلم لج ا‬
‫لهل‪ ،‬فوصلوا إل إقليم أرض الفهم فأرسلوا على ساحل بلد الوصل‪ ،‬إذا استصلح القدر أرض ق‬
‫لب قلبها بحراث الوف وبذر فيها حب الحبة‪ ،‬وأدار لا دولب العي‪ ،‬وأقام ناطور الراقبة‪ ،‬فت‬
‫رب زرع التقى على سوقه‪ ،‬أصفهم عند من? انثر الدر على دمن‪:‬‬
‫قلب وإن حالوا إليهم تائق‬ ‫بلغ سلمي بالغوير جية‬
‫للروح من دونم مفارق‬ ‫فارقتهم كرها وليت أنن‬
‫بالبعد فيما بيننـا عـليق‬ ‫ولست أنساهم وإن تقطعت‬
‫يا نفس‪ ،‬عند ذكر الصالي تبكي‪ ،‬وعند شرح جدهم تأني‪ ،‬وإذا تصورت طيب عيشهم تني‪،‬‬
‫فإذا عرفت قيامهم بالدمة تنكبي‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫حِنّي فما أمنعك النـينـا‬ ‫أمن خفوق البق ترزمينـا‬
‫فضلة ما تتـلـفّـتـينـا‬ ‫سيي يينا وسراك شـأمةً‬
‫ونعلن الوجد وتكتـمـينـا‬ ‫نعم تُشاقي وأشـتـاق لـه‬
‫وأين ند والـغـوّرينـا‬ ‫فأين منا اليوم أو منك الوى‬
‫لا اشتغل القوم بإصلح قلوبم أعرضوا عن إصلح أبدانم‪ ،‬عري أويس حت جلس ف قوصرة‪،‬‬
‫وقدم بشر من عبادان وهو متشح بصي‪.‬‬
‫للسموءل‪:‬‬
‫فكـل رداء يرتـديه جـمـــيل‬ ‫إذا الرء ل يدنس من اللؤم عرضه‬

‫‪99‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فليس إل حسن الثـنـاء سـبـيل‬ ‫وإن هو ل يمل على النفس ضيمها‬
‫كان أويس يلتقط النوى فيبيعه با يفطر عليه‪ ،‬فإذا أصاب حشفة ادخرها لفطاره‪ ،‬ويمع الرق‬
‫من الزابل فيغسلها ف الفرات ويرقعها ليستر عورته‪ ،‬ويفر من الناس فل يالسهم‪ ،‬فقالوا منون‪،‬‬
‫ل تصح الحبة‪ ،‬حت يحي السم العروف‪ ،‬باسم متجدد‪ ،‬فإن اسم قيس نسي‪ ،‬وعرف بالجنون‪:‬‬
‫قعد العواذل ل وقاموا‬ ‫لول جنون فـيك مـا‬
‫وليس ل قـلـي يلم‬ ‫أول يلوم العـاذلـون‬
‫بن أهل أويس له بيتا على باب دارهم‪ ،‬فكانت تأت عليه السنون ل يرون له وجها‪ ،‬وكان إذا‬
‫خرج يشي ضرب الصبيان عقيبه بالجارة حت تدمي‪ ،‬وهو ساكت ولسان حاله يقول‪:‬‬
‫ف حب ليلى قيسها الجنون‬ ‫ولقيت ف حبيك ما ل يلقـه‬
‫كفعال قيس والنون فنـون‬ ‫لكنن ل أتبع وحش الـفـل‬
‫لقي بعض الند إبراهيم بن أدهم ف البية‪ ،‬فقال له‪ :‬أين العمران? فأومى بيده إل القابر‪ ،‬فضربه‬
‫فشج رأسه‪ ،‬فقيل له‪ :‬هذا ابن أدهم فرجع يعتذر إليه فقال له إبراهيم‪ :‬الرأس الذي يتاج إل‬
‫اعتذارك تركته ببلخ‪:‬‬
‫يا قوم رضيت بالوى سفك دمي‬ ‫عزى ذل وصحت ف سقمـي‬
‫من بات على وعد اللقا لـم ينـم‬ ‫عذال كفوا فمن ملمي ألـمـي‬
‫مر رجل بابن أدهم وهو ينظر كرما فقال‪ :‬ناولن من هذا العنب فقال ما أذن ل صاحبه‪ ،‬فقلب‬
‫السوط وضرب رأسه‪ ،‬فجعل يطأطئ رأسه‪ ،‬ويقول‪ :‬اضرب رأسا طالا عصى ال‪:‬‬
‫للشامت والسود حت ترضى‬ ‫من أجلك قد جعلت خدي أرضا‬
‫عمري يفن وحاجت ما تقضى‬ ‫مولي إل مت بذا أحـظـى‬
‫ما ازددت على اللم إل حبـا‬ ‫لو قطعن الغـرام إربـا إربـا‬
‫حت أقضي على هواكم نبـا‬ ‫ل زلت بكم أسي وجد صـبـا‬
‫كان ابن أدهم يستغيث من كرب وجده‪ ،‬ويبول الدم من كثرة خوفه‪ ،‬فطلب يوما سكونا من‬
‫قلقه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب إن كنت وهبت لحد من الحبي لك ما يستريح به‪ ،‬فهب ل‪ ،‬فقيل له ف‬
‫نومه‪ :‬وهل يسكن مب بغي حبيبه?‬
‫والقلب ينوبه الوى والكمد‬ ‫السم يذيبه السى والسـهـد‬
‫ما جن بم مثل جنون أحـد‬ ‫هم قد وجدوا وهكذا ما وجدوا‬

‫‪100‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫مال جلد ضعفت ما ل جلد‬ ‫شوق وجوى ونار وجد تقـد‬
‫الفصل الثان عشر‬
‫عجبا لذكر الوت كيف يلهو? ولائف الفوت وهو يسهو‪ ،‬ولتيقن حلول الليل ث يزهو‪ ،‬وإذا‬
‫ذكرت له الخر مر يلغو‪.‬‬
‫لب العتاهية‪:‬‬
‫فقلتُ للدمع‪ :‬أسعدن فأسعدن‬ ‫إن أرقت وذكر الوت أرّقن‬
‫قبل المات ول آسف لا فمن‬ ‫إن ل أبك لنفسي مشعرا حزنـا‬
‫ومن يوت فما أوله بالـزن‬ ‫يا من يوت ول تزنه موتتـه‬
‫لن أروح لن أغدو لن لن‬ ‫لن أثْ ّمرُ أموال وأجّـعـهـا‬
‫ف حفرت ترب الدين والذقن‬ ‫لن سيفع ب نعشي ويتركن‬
‫يا غافلً عن الوت وقد لدغه‪ ،‬أخذ قرينه فقتله ودمغه‪ ،‬تأمل صنع الدهر بالرأس إذ صبغه‪ ،‬بأي‬
‫حديث ترعوي أو بأي لغة? كم رأيت مغرورا قبلك? كم شاهدت منقولً مثلك? من أباد‬
‫أقرانك? ومن أهلك أهلك? لقد نادى الوت وقال‪ :‬أخذت أمان يا أهل المان والمال‪ ،‬أين من‬
‫كان ف روح وسعة? نقلته إل مكان ما وسعه‪ ،‬أين من كان يسري آمنا ف سربه‪ ،‬أما قيل للتلف?‬
‫خذه وسر به‪ ،‬أما عاقبة اللفة فرقة? أما آخر جرعة اللذة شرقة? أما ختما الفرح قلق وحرقة? أما‬
‫زاد ذي الال إل القب خرقة? أ ِعرْ سعك الصوات‪ ،‬فهل تسمع إل فلنا مات? أجل بصرك ف ال‬
‫فلوات فهل ترى إل القبور الدارسات?‬
‫مخ قسرا والدهر ذو حدثـان‬ ‫قوض الوت طود عزهم الشا‬
‫يام ظهرا خـشـونة ولـيان‬ ‫واستـرد الـذي أعـار ولـل‬
‫م غدوا كل واحد ف مـكـان‬ ‫وإذا صاح صايح الوت ف قو‬
‫يا ساكنا مسكن من قد أزعج‪ ،‬يا شاربا فضلة من شرق‪ ،‬تصحو ف الجلس ساعة من خار الوى‪،‬‬
‫ث تسليك حيا الكأس‪ ،‬هيهات ليس ف البق اللمع مستمتع لن يوض الظلمة‪ ،‬كم أعطف‬
‫ن ع ْطفِه" وتأب الطباع ع‬
‫عطفك بلجام العظة إل عطفة اليقظة‪ ،‬فإذا انقضى الجلس عاد الطبع "ثا َ‬
‫لى الناقل يا من قد لج ف لة الوى‪ ،‬قارب الساحل ف قارب‪ ،‬دنا رحيل الرفقة وما اشتريت لل‬
‫مي قوت ليلة‪ ،‬كلما جد اللعب فتر النشاط ف الد‪ ،‬صحح نقدة عملك فقد انقرضت أيام السب‬
‫وع‪ ،‬جوّد غزل عزمك‪ ،‬فلربا ل تسامح وقت الوزن‪ ،‬صابر غبش العيش فقد دنا فجر الجر‪.‬‬
‫انتبه الغتنام عمرك‪ ،‬فكم يعيش اليوان? مد بر القدرة‪ ،‬فجرى براكب الصور‪ ،‬فرست على س‬

‫‪101‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫احل إقليم الدنيا فعاملت ف موسم الياة مدة الزر‪ ،‬ث عاد الد فرد إل برزخ الترب‪ ،‬فقذف ما‬
‫سن البنية ف حفر اللحود‪ ،‬وسيأت طوفان البعث عن قرب‪ ،‬فاحذر أن تدفع دونك سفينة النجاة‬
‫‪ ،‬فتستغيث وقت الفوت ول عاصم كأنك بك ف قبك‪ ،‬على فراش الندم وأنه وال لخشن من ا‬
‫لندل‪.‬‬
‫فازرع ف ربيع حياتك قبل جدوبة أرض شخصك‪ ،‬وادخر من وقت قدرتك لزمان عجزك‪ ،‬واعت‬
‫ب رحلك قبل رحيلك‪ ،‬مالفة الفقر ف القب إل لزم الخذ "أن تقول نفسٌ يا حسرتا"‪.‬‬
‫يا هذا‪ .‬مثل لنفسك صرعة الوت‪ ،‬وما قد عزمت أن تفعل حينئذ وقت السر‪ ،‬فافعله وقت الط‬
‫لق‪.‬‬
‫لقيس بن ذريح‪:‬‬
‫فكنت كآت حتفه وهو طـائع‬ ‫أتبكي على لبن وأنت تركتهـا‬
‫بلبن وبانت عنك ما أنت صانع‬ ‫فيا قلب خبن إذا شطت النوى‬
‫كأنك برب التلف قد قامت على ساق‪ ،‬وانزمت جيوش المل وإذا بلك الوت قد بارز الروح‪،‬‬
‫يتذبا بطاطيف الشدائد من تيار أوتار العروق‪ ،‬وقد أوثق كتاف الذبيح‪ ،‬وحار البصر لشدة‬
‫الول وملئكة الرحة عن اليمي‪ ،‬قد فتحوا أبواب النة‪ ،‬وملئكة العذاب عن الشمال قد فتحوا‬
‫أبواب النار وجيع الخلوقات تستوكف الب‪ ،‬والكون كله قد قام على صيحة‪ ،‬إما أن يقال‪ :‬سع‬
‫د فلن‪ ،‬أو شقي فلن‪ ،‬فحينئذ تتجلى أبصار "الذين كانت أعينهم ف غطاء عن ذكري" ويك تي‬
‫أ لتلك الساعة‪ ،‬حصل زادا قبل العوز‪.‬‬
‫للصمة القشيي‪:‬‬
‫فما بعد العشية من عرار‬ ‫تتع من شيم عرار ند‬
‫وا أسفاه من حياة على غرور‪ ،‬وموت على غفلة‪ ،‬ومنقلب إل حسرة‪ ،‬ووقوف يوم الساب بل‬
‫حجة‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬مثل نفسك ف زاوية من زوايا جهنم وأنت تبكي أبدا‪ ،‬وأبوابا مغلقة وسقوفها مطبقة‬
‫وهي سوداء مظلمة‪ ،‬ل رفيق تأنس به‪ ،‬ول صديق تشكو إليه‪ ،‬ول نوم بريح ول نفس‪ ،‬قال كعب‬
‫إن أهل النار ليأكلون أيديهم إل الناكب‪ ،‬من الندامة على تفريطهم‪ ،‬وما يشعرون بذلك‪ .‬يا مطر‬
‫ودا عن الباب‪ ،‬يا مضروبا بسوط الجاب‪ ،‬لو وفيت بعهودنا‪ ،‬ما رميناك بصدودنا‪ ،‬لو كاتبتنا بد‬
‫مع السف‪ ،‬لعفونا عن كل ما سلف‪.‬‬
‫وحل العقود ونقض العهودِ‬ ‫ولو أنم عند كشف القنـاع‬

‫‪102‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ولبسهم لبـرود الـصـدودِ‬ ‫وخلعهم لـعـذار الـحـياء‬
‫وأجروا مدامعهم ف الدو ِد‬ ‫أناخوا بأبـوابـنـا سـاعة‬
‫وقلنا قلوب الحبي عودي‬ ‫لعدنا سراعا إل وصلـهـم‬
‫الفصل الثالث عشر‬
‫كم أخرج الوت نفسا من دارها ل يدارها‪ ،‬وكم أنزل أجسادا بارها ل يارها‪ ،‬وكم نقل ذاتا‬
‫ذات أخطاء بأوزارها‪ ،‬وكم أجرى عيونا كالعيون بعد بعد مزارها‪.‬‬
‫ستصد عنه طائعا أو كارهـا‬ ‫يا مغرما بوصال عيشٍ ناعـم‬
‫أوطانم والطي عن أوكارها‬ ‫إن النية تزعج الحرار عن‬
‫أخوان‪ :‬قد حام المام حول حاكم‪ ،‬وصاح بكم إذ خل النادي وناداكم‪ ،‬وأولكم من النصح‬
‫حقكم‪ ،‬فما أحقكم بالتدبر وأولكم‪ ،‬وهو عازم على اقتناصكم‪ ،‬وما القصود سواكم‪ .‬كم أخلى‬
‫الوت دارا فدارا? أما استلب كسرى بن دارا? أدارى لا أخذ دارا? أما ترك العامر قفارا? أما أذا‬
‫ق الغصص الر مرارا? لقد جال يينا ويسارا? فما حاب فقرا ول يسارا‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬مطايا العمر قد أعنقت وأنت ف مسامرة المل‪ ،‬معاول الساعات تدم حايط الجل‪ ،‬فراي‬
‫س الهج ف مضابث أسد النايا‪ ،‬أسنة القنا مشرعة ول درع‪ ،‬عقارب الدع دائمة للسع‪ ،‬غي أن‬
‫خدران الغفلة ينع الحساس بسريان السم‪ ،‬آه من مثاقف ما ينتهي عن القتل‪ ،‬الناس ف الدنيا ك‬
‫كيزان الدولب‪ ،‬فالشاب مثل المتلي‪ ،‬والكهل قد فرغ بعضه‪ ،‬والشيخ ل يبق فيه شيء‪ .‬الشاب‬
‫التقي ف مقام "يبهم" والكهل النحط ف مرتبة " َخلَطوا عملً صالا" والشيخ ف حيز "تدن عند‬
‫النكسرة قلوبم"‪.‬‬
‫يا من قد انطوى برد شبابه‪ ،‬وخبيت خلع تلفه‪ ،‬وبلغت سفينته ساحل سفره‪ ،‬قف على ثنية الودا‬
‫ع‪ ،‬فلم تبق إل ساعة تتغنم‪ ،‬لو فتحت عي اليقظة لرأيت حيطان العمر قد تدمت‪ ،‬فبكيت على‬
‫خراب دار الجل‪ .‬صاح ديك اليقاظ ف سحر ليل العب‪ ،‬فما تيقظت فستنتبه‪ ،‬إذا نعق الغراب ا‬
‫لبي بي البي‪.‬‬
‫حيان ل ظفر ول أخفـاق‬ ‫ومشتت العزمات ينفق عمره‬
‫ل ف الشباب وافقت‪ ،‬ول ف الكهولة رافقت‪ ،‬ول ف الشيب أفقت‪ ،‬ول من العتاب أشفقت‪،‬‬
‫فكأنك ما آمنت بالعاد ول صدقت‪.‬‬
‫يا مقيما على الوى وليس بستقيم‪ ،‬يا مبذرا ف بضاعة العمر مت يؤنس منك رشد? يا أكمة الب‬
‫صر‪ ،‬ل حيلة فيها لعيسى‪ ،‬يا طويل الرقاد ول نوم أهل الكهف‪ ،‬كيف يفلح من هو والكسل‬

‫‪103‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كندمائي جذية?‪.‬‬
‫الدنيا مضمار سباق‪ ،‬والليل سرى‪ ،‬وطلب الراحة تنث‪:‬‬
‫ول أن إدراك العلى هي سهـل‬ ‫فل تسبوا أن العال رخـيصة‬
‫ول كل من يهوى العل نفسه تعلو‬ ‫فما كل من يسعى إل الجد نالـه‬
‫من تذكر حلوة العاقبة نسي مرارة الصب‪ ،‬الرجولية بالمة ل بالصورة‪ ،‬نزول هة الكساح حطه‬
‫ف بئر الناس‪ ،‬قنديل الفكر ف مراب قلبك مظلم‪ ،‬فاطلب له زيت خلوة‪ ،‬وفتيلة عزم بينك‬
‫وبي التقي حبل الوى‪ ،‬نزلوا بي يديه ونزلت خلفه‪ ،‬فاطو فضل منل تلحق‪ ،‬لو علوت نشز ال‬
‫د‪ ،‬بانت بانة الوادي‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫بي البيوت عن فوادي ما فعلْ‬ ‫إن كنت من يطلع الوادي فسلْ‬
‫للْـد وذلّ‬
‫والب ما رقّ له ا َ‬ ‫عز هـوا ِك فـأذلّ جَـلَــدي‬
‫يرد عيشا فائتا قـولـك هـل‬ ‫أين ليالينا على الـيف وهـل‬
‫يا مقيدا بقيود الطرد‪ ،‬الق نفسك ف الدجى على باب الذل‪ ،‬وقل إلي‪ ،‬كم لك سواي ومال‬
‫سواك‪ ،‬فبفقري إليك وعناك عن‪ ،‬أل عفوت عن‪.‬‬
‫برى جسدي سخطك الدائمُ‬ ‫أيا منعما ل يزل مسـنـا‬
‫يداي كما يفعـل الـنـادمُ‬ ‫إل النحر من مضمـومة‬
‫وينبو عن الضربة الصارمُ‬ ‫يزل الليم ويكبو الـواد‬
‫يا هذا‪ ،‬ليس ف الياه ما يقلع آثار الذنب من ثوب القلب إل الدموع‪ ،‬فإن نضبت ول يزل الثر‬
‫فعليك بالغتراف من بر العتراف‪.‬‬
‫وقلت يا قلب عليك السـلمُ‬ ‫ودعت قلب حي ودعتـهـم‬
‫فإن عين بعدهـم ل تـنـامُ‬ ‫وصحتُ بالنوم انصرف راشدا‬
‫أحضر نادي التهجدين ونادهم طوب لكم وجدت قلوبكم فارحوا من ل يد‪:‬‬
‫عن حال منقطع أودى به السهر‬ ‫إذا وصلتم إل وادي العقيق سلوا‬
‫قد ضاع من فل عي ول أثـر‬ ‫وفتشوا عن فؤاد هـائم قـلـق‬
‫أنع الوسائل الذل‪ ،‬وأبلغ السباب ف العفو البكاء‪ ،‬والعي عن ترتيب العذر بلغة النكسر‪.‬‬
‫والدمع يذيع كلمـا أكـتـمـه‬ ‫يا من أشكو إليه ما يعـلـمـه‬

‫‪104‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قد هان عليه كلـمـا يؤلـمـه‬ ‫هذا السكي من ترى يرحـه‬
‫والقلب يذوب من جوى يرضه‬ ‫بالسم من السقام ما يرضـه‬
‫قد أعوزن الصب فمن يقرضه‬ ‫ما قد حكم الله من ينـقـضـه‬
‫الفصل الرابع عشر‬
‫لقد خوفنا الوت بن أخذ منا‪ ،‬ونعلم هجومه علينا وقد آمنا‪ ،‬ما أذكرتنا الواعظ فما لنا ما لنا‪:‬‬
‫ب‬
‫وانظر إل ما تصنع الع ُ‬ ‫ل ترقدن لعينك السـهـر‬
‫ما دام يكن طرفك النظرُ‬ ‫انظر إل عب مـصـرفة‬
‫فسل الزمان فعنده البـرُ‬ ‫فإذا جهلت ول تد أحـدا‬
‫فانظر إليك ففيك معتبـرُ‬ ‫فإذا نظرت تريد معتـبـرا‬
‫ينعاه منه الشعر والبشـرُ‬ ‫أنت الذي تنعاه خلـقـتـه‬
‫ل يطول ولست تنتظـرُ‬
‫أم ً‬ ‫يا من يؤمل أنت منتـظـر‬
‫ماذا تقول وذوقك الـمـدرُ‬ ‫ماذا تقول وأنت ف غصصٍ‬
‫يري عليه الريح والطرُ‬ ‫ماذا تقول وقد لقت بـمـا‬
‫درستْ ويُدرس بعدها الثرُ‬ ‫ت عي لـا أثـر‬
‫كم قد عف ْ‬
‫يا من يشيع ببدنه اليت‪ ،‬فأما قلبه ففي البيت‪ ،‬أتلى بي الودود والدود? وتعود إل العاصي حي‬
‫تعود‪ ،‬هل أجلت بالبال ذكر البال? وقلت للنفس الاهلة‪ :‬هذا ل‪ ،‬من زار القبور والقلب غافل‬
‫وسعى بي الجداث والفكر ذاهل وشغله عن العتبار لو شاغل فهو قتيل قد أسكره القاتل‪:‬‬
‫عليه ول قضى حق النـازل‬ ‫وما أعطى الصبابة ما استحقت‬
‫وزايرها بسم غي نـاحـل‬ ‫ملحظها بعي غي عـبـرى‬
‫شيّع السن جنازة فجلس على شفي القب فقال‪ :‬إن أمرا هذا آخره لقيق أن يزهد ف أوله‪ ،‬وإن‬
‫أمرا هذا أوله‪ ،‬لقيق أن ياف آخره‪.‬‬
‫أخوان‪ ،‬كيف المن? وهذا الفاروق يقول‪ :‬لو أن ل طلع الرض ذهبا وفضة لفتديت با‪ ،‬كي‬
‫ف المن? من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الب? لا طعن عمر قال لبنه ضع خدي على الترا‬
‫ب فوضعه فبكا حت لصق الطي بعينيه وجعل يقول‪ :‬ويلي وويل أمي إن ل يرحن رب‪ ،‬ودخل عل‬
‫يه كعب‪ ،‬وكان قد قال له إنك ميت إل ثلثة أيام‪ ،‬فلما رآه أنشد‬
‫وواعدن كعب ثلثـا بـعـدهـا ول شك أن القول ما قاله كعـب‬

‫‪105‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ولكن حذار الذنب الذي يتبعه الذنب‬ ‫وما ب حذار الوت إن لـمـيت‬
‫واعجبا من خوف عمر مع كماله وأمنك مع نقصانك‪ ،‬قيل لبن عباس‪ :‬أي رجل كان عمر?‬
‫فقال‪ :‬كان الطائر الذر الذي كان له بكل طريق شركا‪.‬‬
‫يا مسدود الفهم بكثرة الشواغل أحضر قلبك لظة للعظة‪ ،‬يا جامدا على وضع طبعه‪ ،‬ترك إل ق‬
‫طر التذكرة‪ ،‬يا عبد الطمع طالع ديار الحرار‪ ،‬ما أطول غشية غفلتك فلمن تدث? قلبك ف غ‬
‫لف غفلة وفطنتك ف غشاوة غباوة‪ ،‬وحبل عزمك الديد حديد‪ ،‬لو خرج عقلك من سلطان‬
‫هواك‪ ،‬عادت الدولة عادة‪ ،‬لو صح مزاجك فطرتك طعم النصح ف فمك‪ ،‬الفروض عنك مرفو‬
‫ض‪ ،‬وكلم النصيح صوت الريح‪.‬‬
‫يا تلميذ الوى اخرج من وصف التبعية‪ ،‬يا مقيد الوجود ف فناء الفناء قامت قيام اللمة وما تسم‬
‫ع‪ ،‬لقد ضحل صوت النصيح‪ ،‬ولكن صلخ صماخ السمع مانع‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬لو وقف مرضك رجونا لك البء‪ ،‬ولكن الرض يزيد وقوة العزم تضعف‪:‬‬
‫تصعد من واد هبطن إل واد‬ ‫مت يلتقي اللف والعيس كلما‬
‫يا مقبلً على العاصي أدبرت‪ ،‬ويك إذا أخرجت من يديك فمن يصل? كم تعد بالتوبة ول‬
‫تفي? ويك إن اللذة بالعقوبة ل تفي‪ ،‬ضمانك عقيم‪ ،‬ووعدك عاقر‪ ،‬إذا أقمت بناء توبة اكتريت‬
‫ألف نقاض‪ ،‬ويك ل تفعل‪ ،‬فإنه ما سحب أحد ذيل الوى إل وتعثر‪ ،‬اكتب قصة الندم بداد الد‬
‫مع‪ ،‬وف الال تصل‪:‬‬
‫ودعت وداعي البي شاغل‬ ‫سألت ودمع العي سـايل‬
‫صفق السى سحبان وائل‬ ‫فأجاب دمعي وهـو فـي‬
‫وبنت منك فمن تواصـل‬ ‫أعرضت عنك فما تـروم‬
‫إل الوقوف على النازل‬ ‫ل يبق من سنن الـهـوى‬
‫يا مشردا عن الوطان إل مت ترضى بالتمردك? للقطاة أفحوص‪ ،‬ولبن آوى مأوى‪ ،‬منذ خسي‬
‫سنة تدف ف العبور إل ساحل التوبة وما تلحق الشط‪ ،‬قوة المل عقدة ف وجه منشار الد‪،‬‬
‫الرياء عيب ف رئة اليان‪ ،‬يسل الرض إل السل‪ ،‬شدة الرص على الفان سدة ف كبد اليقي‪ ،‬و‬
‫من صب على مرارة الدواء عوف‪:‬‬
‫والصب يقل والوى يزداد‬ ‫السقم على السم له تـرداد‬
‫ما أكثر برجي ومال نفاد‬ ‫ما أبعد شقت وما لـي زاد‬

‫‪106‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا أرباب الدنس يا أوساخ الذنوب "هذا ُمغْتَسَلٌ بارد وشراب" ل تقنعوا بصب ماء التوبة على‬
‫الظاهر‪ ،‬بلوا الشعر وانقوا البشرة‪ ،‬ما ل تسبح بدمع عينيك ل تأت بسنة الغسل‪:‬‬
‫بغي كلم ليلى ما شفاكا‬ ‫فلو داواك كل طبيب داء‬
‫أبلغ الراهم لراح الذنوب الندم‪ ،‬وأوطأ فراش العتذر القلق‪ ،‬وأسرع الوقات إجابة السحر‪،‬‬
‫فاطرد عن عينيك لذة النوم‪ ،‬وناد ف نادي السى مع القوم‪:‬‬
‫صل مشتاقا بغيكم ما فرحا‬ ‫يا من بسهامه لقلب جرحـا‬
‫إل شرب الدمع وعاف القدحا‬ ‫ما ناح له مطوق أو صدحـا‬
‫يا نائما طول الليل ما تس برد السحر? لقد ن النسيم على الزهر‪ ،‬ودلت أغاريد المام‪ ،‬على‬
‫دنو الفجر‪ ،‬صاح الديك فلم تنتبه‪ ،‬وأعاد فلم تفق‪ ،‬فقوى ضرب الناحي لطما على غفلتك‪.‬‬
‫وأما على الـدجـا أسـفـا‬ ‫صفق أما ارتياحه لسنا الفجر‬
‫مسـتـلـذا بـالـمـنـام‬ ‫يا مـطـولً بـالـقـــيام‬
‫مغبـون أربـاح الـكـرام‬ ‫قم فـقـد فــاتـــك يا‬
‫ل وفـازوا بـالـمــرام‬ ‫وخلـوا دونـك بـالـمـو‬
‫م إلـى دار الـســـلم‬ ‫وكذا تـسـبـقـك الـقـو‬
‫الفصل الامس عشر‬
‫أخوان‪ ،‬الدنيا دار الفات‪ ،‬الث بقي واللتذاذ فات‪ ،‬بينا نرى فيها الغصن خضرا متمايلً ذابلً‬
‫ذابلي‪.‬‬
‫ودون ما يأمل التنغيص والجـل‬ ‫يا أيهذا الذي قـد غـره المـل‬
‫كمنل الركب حلوا ثت ارتلوا‬ ‫أل ترى أنا الدنـيا وزينـتـهـا‬
‫وصفوها كدر وملـكـهـا دول‬ ‫حتوفها رصد وعيشـهـا نـكـد‬
‫فما يسوغ له عـيش ول جـذل‬ ‫تظل تفزع بالروعات ساكـنـهـا‬
‫تظل فيه سهام الدهر تنتـضـل‬ ‫كأنه للمنـايا والـردى غـرض‬
‫وكل عثرة رجل عندها جـلـل‬ ‫والنفس هاربة والوت يتبعـهـا‬
‫والقب وارث ما يسعى له الرجل‬ ‫والرء يسعى با يسعى لوارثـه‬
‫أخوان‪ ،‬ألبسوا الدنيا جنة الجر‪ ،‬واسعوا فيها من مواعظ لزجر‪ ،‬واحبسوها يوما صممتموه‬
‫للجر‪ ،‬وصابروا ليل البلى فما أسرع إتيان الفجر‪ ،‬فل تبيعوا اليقي بالظن فحرام بيع الجر‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لقد أبصرت عيون الفطن ف نار الشيب سبل الرحيل‪ ،‬وسعت آذان الفجر بقعقعة الصلب الصل‬
‫ب أذان التخويل‪ ،‬ل در أقوام بادروا أيامهم وحاذروا آثامهم‪ ،‬جعلوا الصوم طعامهم والصمت‬
‫كلمهم‪ ،‬فالبدان بي أهل الدنيا تسعى والقلوب ف رياض اللكوت ترعى‪ ،‬قاموا لوف القيامة با‬
‫لوامر‪ ،‬ووقفوا أنفسهم على الي‪ ،‬ما توقفوا كالوامر‪ ،‬هجروا بالصيام لذيذ الوى ف الواجر و‬
‫صمت اللسان كأنه مقطوع ف الناجر بالناجر‪ ،‬وجرى الدمع واصبا‪ ،‬حت قد ما الحاجر‪ ،‬مت‬
‫تطرق طريقهم? قبل طروق الطوارق‪ ،‬هذا ذئب السقام قد عوى للعوائق‪ ،‬يا من أعماله فيما خل‬
‫للخلئق‪ ،‬كم داواك الطبيب? وكم رقا بالرقايق? أين من ربا ف الرب‪ ،‬ونا بي النمارق‪ ،‬أبرزهم‬
‫حادي الوت لا حدا من الدايق‪ ،‬وأمال مستقيمهم فالتوى فهل من هذا التوى أنت واثق? ويك‬
‫إن الدنيا سراب ملف فإن وجد شراب أعطش‪ ،‬أزدهت فدهت على أنا تذم وتضم‪ ،‬كم عقدت‬
‫لحبها عقد عهدها? فلما حلت عنده حلت‪ ،‬إنا لعجوز وهي ف عينك كالقمر‪ ،‬وقد قمر هواها ق‬
‫لبك فما أبقى منه إل قلب قمر‪ .‬للشريف الرضي‪:‬‬
‫ومضى َيعَضّ بنانه الغبو ُن‬ ‫َش َرتِ الفؤا َد رخيصةً أعلقُهُ‬
‫أفنيت عمرك ف طلبها وما حصل بيدك منها إل ما حصل بيد قيس من ليلى‪.‬‬
‫وأنت على حكم الصبـابة نـازلُ‬ ‫صحا كل عذري الغرام عن الوى‬
‫ول الدنيا ظهرك تنص الخرة لك نقابا‪ ،‬تعر عن الدنيا تعز‪ ،‬وخذ قدر البلغة وجز تفز‪ ،‬إل مت‬
‫زنبيل حرصك على كاهل هتك وأنت تسعى ف مزابل طمعك‪ ،‬تش وقود الطام لنار هواك وقد‬
‫أقمت موقدا من الشره ل يفتر‪ ،‬أما علمت أنه كلما ترقى دخان أتون الوى ف برابخ الس سود‬
‫وجه القلب‪ ،‬أنت ف جع الطام نظي الزبال‪ ،‬وف فعل الي غلم البال عال المم متلف الجنا‬
‫س هذا الشفني ل يقرب غي زوجته أبدا‪ ،‬فإن ماتت ل يتزوج أبدا وكذلك النثى والدجاجة مع‬
‫أي ديك كان‪.‬‬
‫كلمي يدور حول ستور سعك‪ ،‬وموانع الوى تجبه أن ل يصل فلو قد وصل إل القلب أثّر‪،‬‬
‫ل حية فلم يعلم أنا حية فلم يتغي‪ ،‬فلما أخب أنا حية مات‪ ،‬لنه حي أخب انفتحت‬
‫عضت رج ً‬
‫مسامه‪ .‬فوصل السم إل القلب‪ .‬يا أطروش الوى صاحب من يسمع‪ ،‬يا عمي البصية امش مع م‬
‫ن يبصر‪ ،‬تشبه بالصالي تعد ف الملة‪ ،‬هذا الطاووس يب البساتي فهو يوافق الشجار‪ ،‬إذا ألق‬
‫ت ورقها ألقى ريشه‪ ،‬فإذا اكتست اكتسى‪ ،‬لو سرت ف حزب التقي خطوات لعرفوا لك حق ال‬
‫صحبة‪ ،‬يا من كان لم رفيقا فأصبح ل يعرف لم طريقا‪ ،‬اطلب اليوم أخبارهم واتبع ف السلوك‬

‫‪108‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫آثارهم فإن وقعت ببعضهم حلك إل أرضهم‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫من هاجه البق بسفح عاقـل‬ ‫ف شغل عن الرقاد شـاغـل‬
‫قد أخبت شائل الشـمـائل‬ ‫يا صاحب هذي رياح ربعهـم‬
‫تشـبـهـه روايح الصـائل‬ ‫نسيمهم سحيي الريح فـمـا‬
‫أو الصبا فوق الغرام القاتـل‬ ‫ما للصبا مولعة بذي الصـبـا‬
‫أين العذيب من قصور بابـل‬ ‫ما للهوى العذري ف ديارنـا‬
‫دماؤنا ف أذرع الـرواحـل‬ ‫ل تطلبوا ثأرا بنا يا قـومـنـا‬
‫ول وكم أسار ف الفاصـل‬ ‫ل در العيش ف ظـللـهـم‬
‫هذا وفيها دميت مقـاتـلـي‬ ‫واطرب إذا رأيت أرضـهـم‬
‫ول ابتليت ف الوى با بلى‬ ‫يا طرة الشيح سقيت أدمعـي‬
‫ما طرب الخمور مثل الثاكل‬ ‫ميلك عن زهو وميلي عن أسا‬
‫يا من قد كثر تردده إل الجلس ول تزل قسوة قلبه ل تضجر‪ ،‬فللدوام أثر‪ ،‬جالس البكائي يتعد‬
‫إليك حزنم‪ ،‬فتأثي الصحبة ل يفى‪ ،‬أما ترى دون البقل أخضر? يا من يشاهد ما يري على الائ‬
‫في ول ينعج‪ ،‬أقل القسام أن يبكي رحة لم‪ ،‬إذا رأيت الثكلى تتقلقل فل بد من رحة النس‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫جسومٌ براهنّ البِلى وطلول‬ ‫ولا وقفنا ف الديار تشابت‬
‫وبا ٍك با جر الفراقُ جهول‬ ‫فباكٍ بداءٍ بي جنبيه عارفٌ‬
‫كان العاصي قتيل عشق الدنيا‪ ،‬فكشف له بالخوفات نقاب الحبوبة فسل‪ ،‬ث جليت عليه‬
‫بالشوقات ماسن الخرة فمال اليد إل اليد‪.‬‬
‫برامة إن ذكرت زرود‬ ‫ألفيتها وللحـدا تـغـريد‬
‫تشيمه للعي الرعـود‬ ‫ولح برق بثنيات المى‬
‫كما ييل الناشد النشود‬ ‫فمالت العناق منها طربا‬
‫دموعه بوجده شـهـود‬ ‫هيهات يفي ما به متيم‬
‫أتدرون ما أوجب اصفرار هذا التائب? ومن أي شراب سكر هذا الشارب? وأي كتاب أقدم‬
‫هذا الغائب?‬

‫‪109‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف هوى من يبهُ‬ ‫كلمـا زاد كـربـه‬
‫شدة الشوق قلـبـه‬ ‫طار نو البيب من‬
‫بيد البي نـحـبـه‬ ‫دنف كاد ينقـضـي‬
‫مت سار ركـبـه‬ ‫خبونا عن العقـيق‬
‫الفصل السادس عشر‬
‫يا من نسبه معرق ف الوتى‪ ،‬وقد وعظوه وإن ل يسمع صوتا‪ ،‬أدرك أمرك فما تأمن فوتا‪.‬‬
‫لب نواس‪:‬‬
‫وذو نسب ف الالكي عريق‬ ‫أل كلّ حي هالك وابن هالـك‬
‫إل منل نأى الحل سحـيق‬ ‫فقل لغريب الدار إنك راحـلُ‬
‫شواظ حريق أو دخان حريق‬ ‫وما تعدم الدنيا الدنية أهلـهـا‬
‫وتشجى فريقا منهم بـفـريق‬ ‫ترع فيها هالكا فقد هـالـك‬
‫قرارا فما دنياك غي طـريق‬ ‫فل تسب الدنيا إذا ما سكنتها‬
‫عن عدو ف ثـياب صـديق‬ ‫إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت له‬
‫ول يتأذى أهلها بـمـضـيق‬ ‫عليك بدار ل يزال ظللـهـا‬
‫ول ينفع الصادي صداه بريق‬ ‫فما يبلغ الراضي رضاه ببلغة‬
‫يا راقدا وق أوذن بالرحيل‪ ،‬يا مشيد البنيان ف مدارج السيول‪ ،‬بادر العمل قبل انقضاء العمر‪ ،‬ل‬
‫تنس من يعد النفاس للقائك‬
‫ويوم إل يوم وشهر إل شهر‬ ‫وما هي إل ليلة ثـم يومـهـا‬
‫مطايا يقربن الديد إلـى الـبـلـى ويدني أشلء الصحيح إل القـبـر‬
‫ويتركن أزواج الـغـيور لـغـيه ويقسمن ما يوي الشحيح من الوفر‬
‫يا عجبا‪ ،‬أما تعلم ما أمامك? فتهيأ للرحيل وأصلح خيامك‪ ،‬وتأهب للردى واقطع قطع الدى‬
‫مدامك‪ ،‬واجتهد أن ينشر الخلص ف الحل العلى أعلمك‪ ،‬وأحضر قلبك وسعك وإن مل‬
‫من لمك‪ ،‬وإياك والفتور فإن أرى الدواء دوامك‪ ،‬اطلب ما شئت بالعزم وأنا زعيم لك بالظفر‪،‬‬
‫من عزم على أمر هيأ آلته‪ ،‬لا كان شغل الغراب الندب على الحباب لبس السواد قبل النوح‪.‬‬
‫طع إل بالشد والتـرحـال‬ ‫أنفت شقة الهامة أن تـق‬
‫جد فلتنتبه عقول الرجـال‬ ‫وأب الجد أن ينال بغي ال‬

‫‪110‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إذا وقعت عزية النابة ف قلب من "سبقت لم منا السن" قلعت قواعد الوى من مسناة المل‪،‬‬
‫ركب ابن أدهم يوما للصيد وقد نصب له فخ "يهديهم ربم" حوله حب "يبهم" فصيد قبل أن‬
‫يصيد‪ ،‬سع هاتفا يقول ما لذا خلقت ول بذا أمرت‪ ،‬فكانت تلك العظة شربة نقضت قولنج ال‬
‫وى يا له من سهم ألقاه عن قربوسه وبوسه‪ ،‬كان راقد الفهم ف ليل الغفلة‪ ،‬مشغولً بأحلم الن‪،‬‬
‫فصيح به قم فقام‪ ،‬فقيل له سر فاستقام‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ما أجلب البق لاء المـاق‬ ‫رأى على الغور وميضا فاشتاق‬
‫وعظه خطيب اليقظة فوصلت ملمته إل سع النفة‪ ،‬فنهضت حية الرجولية‪ ،‬يا ابن أدهم مبارزة‬
‫الصيد أول مراتب الشجاعة‪ ،‬أفترضى أن تستأسر لثعلب الوى? يا ابن أدهم قتلك حب الدنيا‬
‫فثر لخذ الثأر‪ ،‬إن كانت لك عزية يا ابن أدهم فهذا الكميت وهذا الدهم فصادف التحريض‬
‫حريضا فنهض‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫أيقظتما من غـي غـافـل‬ ‫ذكرتان طلب الـفـضـائل‬
‫والبيض أول ب من العاقل‬ ‫قوما فقد مللت من إقامـتـي‬
‫وعودان طرف العـوامـل‬ ‫شنا ب الغـارات كـل لـيلة‬
‫تت ظلل السل الذوابـل‬ ‫إن كان ل بد من الوت فمت‬
‫هتف به متقاضي الشوق‪ :‬يا ابن أدهم دخلت شهور الج فما قعودك ببلخ? فرحل الراحلة‬
‫وراح‪ ،‬لحت له نار الدى فصاح ف جنود الوى‪" :‬إنّي آنست" فتجلى له أنيس "تدن" فغاب‬
‫عن وجوده‪ ،‬فلما أفاق من صعقة وجده وقد دك ظور نفسه‪ ،‬صاح لسان النابة "تُبتُ إليك"‪.‬‬
‫سقيت الرايح الغادي‬ ‫رويدا أيها الـادي‬
‫وهذا الربع والوادي‬ ‫فتلك الدار قد لحت‬
‫فلما خرج عن ديار الغفلة‪ ،‬أومأت اليقظة إل البطالة‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫سلم وداع ل سـلم قـــدوم‬ ‫سلم على اللذات واللهو والصب‬
‫يا ابن أدهم لو عدت إل قصرك فعبدت فيه‪ ،‬قال العزم كل ليس للمبتوتة نفقة ول سكن‪.‬‬
‫وهذا لعمري لو رضـيتُ كـئيب‬ ‫أحن إل الرمل اليمانـي صـبـابة‬
‫وبالريح ل يسمع لـن هـبـوب‬ ‫ولو أن ما ب بالصى فلق الصى‬

‫‪111‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أمرضه التخم فاستلذ طعم الوع‪ ،‬وحل جلده على ضعف جلده خشونة الصوف‬
‫لعجز عن حل القميص واضعف‬ ‫حلتم جبال الب فوقـي وإنـنـي‬
‫لح له جال الخرة فتثبتت ف النظر عي اليقي‪ ،‬فتمكن الب من حبة القلب فقام يسعى ف جع‬
‫الهر من كسب الفقر‪ ،‬طال عليه انتظار اللقا فصار ناطور البساتي‪ ،‬تقاضته الحبة باقي دينها‬
‫فسلم الروح ف الغربة‪ ،‬هذا ثن الوصل فتأخر يا مفلس‪.‬‬
‫فطر إل ذروتـه أوقـع‬ ‫دون العال مرتقى شاهق‬
‫قواعد الجد ولـم يرفـع‬ ‫من ل يض غمرتا ل يشد‬
‫كان إبراهيم إسكندري المة فاحتقر قصي بلخ ف جنب ما أمل‪ ،‬فانتخب سوابق العزم وسار ف‬
‫جند الد حت قطع ظلمات الطبع‪ ،‬وبلغ إل مطلع شس ل تغرب‪ ،‬شكا إليه صفاء القلب من‬
‫يأجوج وساوس النفس‪ ،‬فاستغاث بامي السكن فقيل له‪ :‬شد سد العزم‪ ،‬فاستظهر بعد الزبر بالق‬
‫طر‪ ،‬ث انفرد من جند جوارحه فوقع بعي الياة ف السر فعاش بالتوفيق أبد الدهر‪.‬‬
‫ما كل من رام السماء يصعدُ‬ ‫أما تقومون كذا أو فاقعـدوا‬
‫جفن العزيز ل بات يسهـدُ‬ ‫نام على الون الذليل ودرى‬
‫أحقهـم بـان يقـال سـيدُ‬ ‫أخفهم سعـيا إلـى سـودده‬

‫ومسحت غرة سـبـاق يد‬ ‫عن تعب أو رد سـاق أو ل‬


‫لقطع الصمصام وهو مغم ُد‬ ‫لو شرف النسان وهو وادع‬
‫الفصل السابع عشر‬
‫الدنيا دار الحن ودائرة الفت‪ ،‬ساكنها بل وطن واللبيب قد فطن‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫قد أمعن ف الفان طلبـا‬ ‫من مال إل الدنيا وصبـا‬
‫واتبع حقا ودع اللـعـبـا‬ ‫خذ ما يبقى كيل تشـقـى‬
‫مكرا بسهام هوى وصبـا‬ ‫وذر الدنيا فلكم قـتـلـتْ‬
‫خدعت حت قطعت إربا‬ ‫برت ورعت فإذا اجتمعت‬
‫للكك فاحذرها سبـبـا‬ ‫يا عاشقها كم قد نصـبـت‬
‫ولـدا بـرا أمـا وأبــا‬ ‫يا آمنها كم قد سـلـبـت‬

‫‪112‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فجارته حـتـى ذهـبـا‬ ‫أفأين الار أما قـد جـار‬
‫خداه أما سكن الـتـربـا‬ ‫أم أين التراب أما تربـت‬
‫وقدت قدا منـتـصـبـا‬ ‫كم خدت خدا ف الخـدود‬
‫قد كان لراشفه ضـربـا‬ ‫كم ثغر ملتثـم ثـلـمـت‬
‫وكذاك الدهر إذا ضربـا‬ ‫فسقته الر لـدى جـدث‬
‫فغدا وقصـاراه خـربـا‬ ‫وأتت قصرا يوي نصرا‬
‫أضحى ف الفرة مغتربا‬ ‫ومليكا ف صولة دولـتـه‬
‫وسل طللً أمسى شجبـا‬ ‫عرج بأمدار على الثـار‬
‫وثوى من بعدهم الغربـا‬ ‫ينبيك بـأنـهـم رحـلـوا‬
‫فهوى رأسا فغدا ذنـبـا‬ ‫بينا النسـان يرى رأسـا‬
‫فلعلك تصبح متـنـبـا‬ ‫فتأمـل عـاقـبة الـدنـيا‬
‫أبدت بصنايعها عـجـبـا‬ ‫وتدبر ما صنعت فـلـقـد‬
‫عن قبك ل تسمع كذبـا‬ ‫ينساك الهل إذا رجعـوا‬
‫بتراب ضريك متجبـا‬ ‫تركوك أسيا إذ ذهـبـوا‬
‫وغدوت باتك متقـبـا‬ ‫وغدوا فرحي با أخـذوا‬
‫فتنكس رأسك مكـتـئبـا‬ ‫وترى أعمالك قد حضرت‬
‫كفاك عليك وما اكتسـبـا‬ ‫فكر ف الذنب وما احتقبت‬
‫وغدوت على ذنب طربـا‬ ‫كم بت على ذنب فـرحـا‬
‫فأسأت ول تسـن أدبـا‬ ‫وعلمت بـأن الـلـه يرى‬
‫كالوت ترى فيه نصبـا‬ ‫فأعد الزاد فمـا سـفـر‬
‫فكأن قد فات وقد ذهـبـا‬ ‫وأفق والعمر بـه رمـق‬
‫يا كثي الدرن والدنس‪ ،‬يا من كلما قيل أقبل انتكس‪ ،‬يا من أمر بترك ما يفن لا يبقى فعكس‪،‬‬
‫جاء الجل وحديث المل هوس‪ ،‬يا مؤثرا على الصواب عي الغلط‪ ،‬يا جاريا ف أمره على أقبح‬
‫نط‪ ،‬يا مضيعا وقته الغتم اللتقط‪ ،‬أي شيء بقي بعد الشمط? أتنسى ما سلف لك وفرط? وأبوك‬
‫بزلة واحدة هبط‪ ،‬ما عندك من التوبة خي ول لا فيك أثر‪ ،‬تنوب من الذنب‪ ،‬فإذا بدا لك بدا ل‬
‫ك‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫من علم أن عندنا حسن الآب آب‪ ،‬من خاف الزاء با ف الكتاب تاب‪ ،‬من حذر اليم العذاب ذ‬
‫اب‪ ،‬من سار ف طريق الياب اناب‪ ،‬من ذكر فعل الوت بالب والد جد‪ ،‬من تفكر ف مرارة‬
‫الكأس كاس‪ ،‬ويك دع مبة الدنيا‪ ،‬فعابر السبيل ل يتوطن واعجبا تضيع منك حبة فتبكي وقد‬
‫ضاع عمرك وأنت تضحك‪ ،‬تستوف مكيال هواك وتطفف ف كيل صلتك "أل بُعدا لدين" تقف‬
‫ببدنك ف الحراب‪ ،‬ووجهك ملتفت للجراب‪ ،‬ما يصلح مثلك ف الرب‪ ،‬أنت تفضح صف اله‬
‫اد‪ ،‬ما تسن الزردية على منث خسي سنة ف مكتب التعليم وما حذقت‪ ،‬أبا جاد غدا توبخ وق‬
‫ت عرض اللواح "أل نعمركم" بضاعتك أيام عمرك وقد انتهبها قطاع الطريق‪ ،‬ورجعت إل بيت‬
‫السف بأعدال فارغة‪ ،‬فانظر لعله تلف فيها شيء تعامل به‪ ،‬فبقية عمر الؤمن ل قيمة له‪.‬‬
‫وافقرى أبعد ذا الفقر غن‬ ‫سقيا لزماننا الذي كان لـنـا‬
‫واقرب منيت وما نلت من‬ ‫مر أسرع ما توقع البي بنا‬
‫كان فضالة بن صيفي كثي البكاء‪ ،‬فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته ما شأنه? قالت‪:‬‬
‫زعم أنه يريد سفرا بعيدا وماله زاد‪.‬‬
‫يا هذا الخرة دار سكانا الخلق الميلة‪ ،‬فصادقوا اليوم سكانا لتنلوا عليهم يوم القدوم‪ ،‬فإ‬
‫ن من قدم إل بلد ل صديق له به نزل بالعراء‪ ،‬يا هذا فت العمر ف خدمة البدن وحوائج القلب ك‬
‫لها واقفة‪ ،‬انض إل التلف قبل التلف‪ ،‬الكلف يداوى قبل أن يصي بقا‪ ،‬والبهق يلطف قبل أن‬
‫يعود برصا‪ ،‬أما سعت ف بداية الزلل "إذا مسّهم طائف" وف وسطه "كل بل ران على قلوبم" و‬
‫ف آخره "أم على قلوب أقفالا" أتبكي على معاصيك? والصرار يضحك‪ ،‬أتادع التوبة? وإنا ت‬
‫كر بدينك‪.‬‬
‫إل جانب خـداع‬ ‫رأيتُ الناس خداعـا‬
‫ويبكون مع الراعي‬ ‫يعيشون مع الـذئب‬
‫ويك حصل كبيت عزية قبل أن تقدح نار توبة وقبل نزول الرب تل الكمائن ويك‪ ،‬ل‬
‫تطمع أن ترج إل فضاء قلبك حت تتخلص من ربقات نفسك‪ ،‬كيف ل يفتقر إل الرياضة لزالة‬
‫الكدر? من أول غذائه دم الطمث‪ ،‬ابك على ظلم قلبك يضيء‪ ،‬إذا بكت السحاب إل الرب تن‬
‫سمت‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬تسمع بالكيمياء وما رأيته صح قط‪ ،‬اجع عقاقي التوبة ف بوتقة العزم‪ ،‬وأوقد تتها نار ال‬
‫سى على ما سلف‪ ،‬فإن تصعد منها نفس أسف‪ ،‬صار ناس نوسك ذهب سعادة‪ ،‬أترى ف بستانن‬
‫ا اليوم أثر? قد توجه صلحه‪ ،‬كأن أشم ريح كبد مترقة‪ ،‬أي قلب قد لفحته نار الوجد? ففاح ن‬

‫‪114‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سيمه‪ ،‬أحسن مظلوم ف سلك العتذار خرز الذل‪ ،‬أحلى نطق يلج سع القبول الستغفار‪ ،‬أطرب‬
‫كلم يرك قلب الرحة التملق‪.‬‬
‫وازداد ب الغرام لا نـزحـوا‬ ‫يا من بصدودهم لقلب جرحـوا‬
‫هذا الطروح كم ترى يطـرحُ‬ ‫ما جدت بم وهم بجري سحوا‬
‫قال عبد ال بن مرزوق لغلمه عند الوت‪ :‬احلن فاطرحن على تلك الزبلة‪ ،‬لعلي أموت عليها‬
‫فيى ذل فيحن‪.‬‬
‫لو جيب لبان فيه حزن ووجيب‬ ‫عودوا وتعطفوا على قلب كئيب‬
‫من أمل مثل فضلكم كيف ييب‬ ‫يدعى للموت ف هواكم فيجـيب‬
‫الذنب يأوي إل الذل والبكا كما يأوي الطفل إل البوين‪ ،‬بكى أبوكم آدم على تفريطه حت‬
‫جرت الودية من دموعه‪ ،‬كان كلما ذكر النة قلق‪ ،‬وكلما رأى اللئكة تصعد‪ ،‬يترق تذكر‬
‫العاهد فحن‪.‬‬
‫ما جرى ذكر المى إل شجان‬ ‫والذي بالبي والبـعـدُ بـلنـي‬
‫شفن الشوق إليهم وبـرانـي‬ ‫حبذا أهل المى مـن سـاكـن‬
‫جذب الشوق إليهم بعـنـانـي‬ ‫كلما رمت سـلـوا عـنـهـم‬
‫أرضهم أو أقلعت للـطـيان‬ ‫أحسد الطي إذا طـارت إلـى‬
‫نوهم لو أنن أعطى المانـي‬ ‫أتن أنـنـي أصـحـبـهـا‬
‫خل ب من بعدكم ما قد كفان‬ ‫ل تزيدون غرامـا بـعـدكـم‬
‫وتقضي ف تنيكـم زمـانـي‬ ‫ذهب العمر ول أحـظ بـكـم‬
‫كنتما قبل النوى عاهدتـانـي‬ ‫يا خليلي احفظا عهـدي الـذي‬
‫فمن النصاف أن ل تنسيانـي‬ ‫واذكران مثل ذكري لـكـمـا‬
‫أي جرم صد عن وجفـانـي‬ ‫وسل من أنـا أهـواه عـلـى‬
‫الفصل الثامن عشر‬
‫أيها الشغول باللذات الفانيات‪ ،‬مت تسعد للمات المات? مت تستدرك هفوات الفوات? أتطمع‬
‫مع حب الوسادات ف لاق السادات? وأن تعل مثلهم? أن‪ ،‬وهيهات‪.‬‬
‫اذكر تجم هـادمِ الـلـذاتِ‬ ‫يا مدمن اللذات ناس غـدرهـا‬
‫ف كرك النفاس واللحظـات‬ ‫احذر مكايده فهـن كـوامـنٌ‬

‫‪115‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تبقى عليك مرارة التبـعـات‬ ‫تضي حلوة ما احتبقت وبعده‬
‫ولو أنم سيقوا إل الـنـات‬ ‫يا حسرة العاصي يوم معادهم‬
‫ستر الذنوب لكثروا السرات‬ ‫لو ل يكن إل الياء من الـذي‬
‫يا عظيم الرأة يا كثي النبساط‪ ،‬ما تاف عواقب هذا الفراط? يا مؤثر الفان على الباقي غلطة‬
‫ل كالغلط‪ ،‬ألك صب يقاوم أل السياط? ألك قدم يصلح للمشي على الصراط? أيعجبك لباس‬
‫الصحة? كل‪ ،‬وثوب البل ياط بداء التون‪ ،‬داء أعي على بقراط‪ .‬كم رحل الوت? على غارب‬
‫اغتراب‪ ،‬كم ألق تربا بالتراب ف سفر التراب‪ ،‬إنا الوت مرنبق ليقول‪ ،‬ومرمز ليغول‪.‬‬
‫وقد نسجت أكفانه وهو ل يدري‬ ‫وكم من فت يسي ويصبح آمنا‬
‫يا شدة الوجل عند حضور الجل‪ ،‬يا حسرة الفوت عند حضور الوت‪ ،‬يا خجلة العاصي يا‬
‫أسف القصرين‪.‬‬
‫للحجاج‪:‬‬
‫أرى قدمي أراق دمي‬ ‫إل حتفي سعى قدمي‬
‫وهان دمي فها ندمي‬ ‫فما انفـك مـن نـدم‬
‫استلب زمانك يا مسلوب! وغالب الوى يا مغلوب! وحاسب نفسك فالعمر مسوب‪ ،‬وامسح‬
‫قبيحك فالقبيح مكتوب‪ ،‬واعجبا لنائم وهو مطلوب‪ ،‬ولضاحك وعليه ذنوب‪.‬‬
‫وبين لثمان بدار البلـى بـيتُ‬ ‫أل ذكّران قبل أن يأت الـمـوتُ‬
‫وبصّرن لكنن قـد تـعـامـيتُ‬ ‫وعرفن رب طريق سـلمـتـي‬
‫فقلت أران قد قربـت فـأدنـيت‬ ‫وقالوا مشيب الرأس يدو إل البلى‬
‫أين الدموع السواجم? قبل النايا الواجم‪ ،‬أين القلق الدائم? للذنوب القداي‪ ،‬أترى آثرت‬
‫اللوم? ف هذه القاوم‪ ،‬أيها القاعد والوت قائم أنائم أنت عن حديثنا أم متناوم? ل بد وال من‬
‫ضربة لزم‪ ،‬تقرع لا سن نادم‪ ،‬ل بد من موج هول متلطم‪ ،‬ينادي فيه نوح السى ل عاصم‪ ،‬ل‬
‫بد من سقم السال ينسى فيه يا أم سال‪.‬‬
‫كما نأى عنه أبـوه‬ ‫يا من سينأى عن بنيه‬
‫جاء اليقي فوجهوه‬ ‫مثل لنفسك قولـم‬
‫قبل المات وحللوه‬ ‫وتللوا من ظلمـه‬

‫‪116‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا مؤخرا توبته بطل التسويف "لي يومٍ أُجّلتْ" كنت تقول إذا شئت تبت فهذي شهور الصيف‬
‫عناقد انقضت‪ ،‬قدر أن الوت ل يأت إل بغتة! أليس مرض الوت يبغت? ويك قد نفذ السليط‪،‬‬
‫فاستدرك ذبالة الصباح‪ ،‬ف كل يوم تضع قاعدة إنابة‪ ،‬ولكن على شفا جرف هار‪ ،‬كم تعزم على‬
‫طاعة وتوبة‪ ،‬يا ليلى الوى ما تبصر توبة‪ ،‬تبيت من العزم ف شعار أويس‪ ،‬فإذا أصبحت أخذت ط‬
‫ريق قيس تنقض عرى العزاي عروة عروة‪ ،‬كل صريع ف الوى رفيق عروة‪ ،‬كم تدفن كثيا من ا‬
‫لعزة? وما يرجع كثي عن حب عزة‪.‬‬
‫طبيبا يداوي من جنون جنون‬ ‫جنونك منون ولست بواجد‬
‫خلق قلبك صافيا ف الصل‪ ،‬وإنا كدرته الطايا‪ ،‬وف اللوة يركد الكدر‪ ،‬تلمح سبب هذا‬
‫التكدير‪ ،‬فما يفى الال على متلمح‪ ،‬كنت مقيما ف دار النابة نظيفا‪ ،‬فسافرت ف الوى فعلك‬
‫وسخ‪ ،‬أفل تن إل النظافة? أل يرك البدوي ذكر ند? طال مرضك واليوم بران‪ ،‬أتدري ما الب‬
‫حران? تتمع القوة والرض فيختصمان‪ ،‬فإن تلبته جاءت العافية‪ ،‬وإن تلبها فاللك‪ ،‬هذه ساعة‬
‫برانك‪ ،‬والعقل يقاوم الوى‪ ،‬فانظر من يغلب? واعجبا كيف يستأسر أسد لثعلب? يا مستهانا ف‬
‫خدمة النفس‪ ،‬اخرج إل ديار القلب تعز‪ ،‬الفيلة ف الند عوامل تنقل رجال القوم وتدمهم‪ ،‬فإذا‬
‫خرجت إل من يعرف قدرها‪ .‬أكرمت‪ ،‬العود ف بلده خشب‪ ،‬فإذا سوفر به إل طالب الطيب أع‬
‫ز‪ ،‬تفاح أصبهان ف بلده فاكهة‪ ،‬فإذا جيء به إل العراق‪ ،‬دل على الطباع اللطيفة بريه‪ .‬الفهد‬
‫ف الصحراء بيمة‪ ،‬فإذا وقع بيد من يعرفه‪ ،‬غضب فيترضى‪ ،‬البازي ف البية طائر‪ ،‬فإذا صيد فس‬
‫ريره كف اللك‪.‬‬
‫يا متار الكون وما يعرف قدر نفسه‪ ،‬أما أسجدت اللئكة بالمس لك? وجعلتهم اليوم ف خدمت‬
‫ك‪ ،‬لا تكب عليك إبليس‪ ،‬وقد عبدن سني طردته‪ ،‬أفتصافيه على خلف? "أفتتخذونه وذريته أول‬
‫ياء من دون" أنا القائل قبل وجود أبيك للملئكة "إن جاعلٌ ف الرض خليفة" اطلعوا من خوخا‬
‫ت تعبدكم‪ ،‬فانظروا ما أصنع? أخذت قبضة من تراب‪ ،‬فصببت عليها قطرات من ماء "مرج الب‬
‫حرين يلتقيان" قال التراب والاء‪ :‬وأي قدر لنا? فنل دار تواضعهما عزيز "ونفخت فيه من روح‬
‫ي" فانضم صدف بر البدن على در القلب‪ ،‬فانعقد فصار عرشا لصفة "ويسعن"‪.‬‬
‫خل الثقف بالطفل داخل البيت‪ ،‬فسطر ف لوح سره العلم "كتب ف قلوبم اليان" وأخرجه يوم‬
‫التخيي وقد حذق الكتوب "فقال أنبئهم بأسائهم" ث قيل له‪ ،‬ل يتمل موضع اللع‪ ،‬وجوده ذر ا‬
‫لبذر‪ ،‬فاخرج إل عال الطبع‪ ،‬أكلت يا دودة القز‪ ،‬فاذهب إل الغزل‪ ،‬وتشاغلي بالنسج‪ ،‬فنل إل‬
‫دار الجاهدة‪ ،‬فظهر من ثرة شجرته‪ ،‬صب الليل‪ ،‬وثبوت الذبيح‪ ،‬وجهاد يوسف‪ ،‬وكمال ممد‬

‫‪117‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث جاء أولياء ف هذه الدولة‪ ،‬فخجلت عند زهدهم الرهبة‪ ،‬ل بل سبقوا تعب‬
‫د اللئكة‪ ،‬قال سري‪ :‬ما فاتن ورد قط فقدرت على إعادته‪ ،‬وذاك أن الزمان الذي مضى فيه و‬
‫ظيفة أخرى‪.‬‬
‫ما يصرف عن هواه قلب عذل‬ ‫ما ل شغل سواه ما ل شغـل‬
‫من بدل ومنه مـا لـي بـدل‬ ‫ما أصنع إن جفا وخاب المـل‬
‫كانت رابعة العابدة‪ ،‬تقوم من أول الليل‪ ،‬وتقول‪:‬‬
‫كاد الفؤاد من السرور يطي‬ ‫قام الحب إل الؤمل قومه‬
‫فإذا انقضى الليل‪ ،‬صاحت‪ :‬واحرباه‪ ،‬واسلباه‪.‬‬
‫ليت الظلم بأنسه يتجدد‬ ‫ذهب الظلم بأنسه وبألفه‬
‫دخلوا على زجلة العابدة‪ ،‬فكلموها ف الرفق بنفسها‪ ،‬فقالت‪ :‬وال لصلي ل ما أقلتن جوارحي‪،‬‬
‫ولصومن له أيام حيات‪ .‬ولبكي ما حلت الاء عيناي‪.‬‬
‫ما أعذب ف الغرام طعم القتل‬ ‫ل أقبل نصحكم فخلوا عـذلـي‬
‫قد ضرج باللحاظ ل بالنـبـل‬ ‫إن طل دمي فكم مب مثلـي‬
‫أين أنت والحباب? كم بي القشور واللباب? لصردر‪:‬‬
‫وكيف يعلم حال الرائح الغادي‬ ‫هل مدل عنده من مبكر خب‬
‫يا معجبا بتعبده‪ ،‬تأمل فضائل السابقي‪ ،‬وقد هدرت شقاشق كبك النظر ف سيهم قرظ يفف‬
‫عفن الرعونة‪ ،‬مضى وال هل العان‪ ،‬وتلف أرباب الدعاوي‪.‬‬
‫بانوا عنها فليتهم ما بانوا‬ ‫هاتيك ربوعهم وفيها كانوا‬
‫يا قوم مت تول السكان‬ ‫ناديت وف حشاشت نيان‬
‫الفصل التاسع عشر‬
‫عجبا لراحل مات وما تزود للرحلة‪ ،‬ولسافر ماج وما جع للسفر رحلة‪ ،‬ولنتقل إل قبه ل‬
‫يتأهب للنقلة‪ ،‬ولفرط ف أمره ل يستشر عقله‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫العمر دين قضـاؤه الجـلُ‬ ‫ل مرية ف الردى ول جـدلُ‬
‫فما تريد السـيوف والسـلُ‬ ‫للمرء ف حتف أنفه شـغـل‬
‫سيان فيها الدروع والـلـلُ‬ ‫يفرى الدجى والضحى بأسلحة‬

‫‪118‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ُعدّل فيها الزعاف والعسـلُ‬ ‫كأس أديرت على لـذاذتـهـا‬
‫تييز إل السراع والَـهَـلُ‬ ‫كل إلـى غـاية يصـي ول‬
‫ول يُسـرّون أنـهـم نـزلُ‬ ‫والناس ركب يهوون حثـهـم‬
‫بقاطعـيهـا ركـائب ذلـلُ‬ ‫وسوف تطوى مسافة ذملـت‬
‫من هو عنها ينأى وينتـقـلُ‬ ‫كيف يعد الدنيا لـه وطـنـا‬
‫لال فتبّ السخاء والبـخـلُ‬ ‫نسخو بأعمارنا ونبـخـل بـا‬
‫ضيع ف سع عاشق عـدَلُ‬ ‫أضاع راقي الداء العضال كما‬
‫الوت نا ف أقدامه البطلُ‬ ‫ولو نا الائب البـان مـن‬
‫الجداث إل إذا ضاقت اليلُ‬ ‫ما أسلموا هذه النفـوس إلـى‬
‫وقد تقود الصاعب الـدلُ‬ ‫ضرورة ذلت القـروم لـهـا‬
‫وأوف الشواهـق الـوعـل‬ ‫ومن حذار تبوأ الكدية الضب‬
‫لعَـلُ‬
‫ري ويدهي ف ذله ا ُ‬ ‫يقاد ف عزه البعثنة الضـا‬
‫على مب أن يندب الطلـلُ‬ ‫وهل ير ّد الحباب أن ظعنـوا‬
‫أخوان‪ ،‬مر القران على مدرجة‪ ،‬وخيول الرحيل للباقي مسرجة سار القوم إل القبور هلجة‬
‫وباتت أرواح من الشباح مستخرجة‪ ،‬إل كم هذا التسويف والجمجة? بضائعكم كلها برجة‪،‬‬
‫وطريقكم صعبة عوسجة‪ ،‬وستعرفون الب وقت الشرجة‪.‬‬
‫يا من قد ساخ ف أوساخ‪ ،‬إل كم تلى? تعبت النساخ‪ ،‬يا من ضيع الشباب‪ ،‬وما يسمع العتاب و‬
‫قد شاخ‪ ،‬بادر صبابة القوى‪ ،‬فاستدرك باقي الطباخ‪ ،‬وتأهب للرحيل فما هذه الدنيا بناخ‪ ،‬كم با‬
‫ت مزمار ف بيت فأصبح فيه الصراخ‪ ،‬أين من حصن الصون واحترس وعمر الدائق واحترس‪،‬‬
‫ونصب سرير الكب وجلس‪ ،‬وظن بقاء للنفس فخاب الظن ف نفس‪ ،‬نازله الوت‪ ،‬وتركه ف ظلم‬
‫ظلمة بي العيب والدنس‪ ،‬فالعاقل من بادر الندامة‪ ،‬فإن السلمة خلس‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫وف الغي مطواع وف الرشد مكره‬ ‫أل من لقلب ف الوى غي منـتـه‬
‫أشـاوره فـي تـوبة فـيقــول ل فإن قلت تأت فتنة قال‪ :‬أين هـي?‬
‫سابقة القدر قضت لقوم بدليل "سبقت لم" وعلى قوم بدليل "غلبتْ علينا" تلقيح "سبقت" نور‬
‫قلوب الن "فقالوا سعنا قرآنا عجبا" وخذلن "غلبت" أعمى بصائر قريش "فقالوا أساطي‬

‫‪119‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الولي" إذا هزت صوارم القدر‪ ،‬تقلقلت رقاب القربي غضب على قوم فلم تنفعهم السنات‪ ،‬و‬
‫رضي عن قوم فلم تضرهم السيئات‪ ،‬ما نفعت عبادة إبليس‪ ،‬ول ضر عناد السحرة‪.‬‬
‫هبت عواصف القدار ف بيداء الكوان‪ ،‬فنقلت الوجود وعم الب‪ ،‬فلما ركدت الريح‪ ،‬إذا أبو‬
‫طالب غريق ف لة اللك وسلمان على ساحل السلمة‪ ،‬والوليد بن الغية يقدم قومه ف التيه‪ ،‬و‬
‫صهيب قد قدم بقافلة الروم‪ ،‬وأبو جهل ف رقدة الخالفة‪ ،‬وبلل ينادي الصلة خي من النوم‪ ،‬لا‬
‫قضيت ف القدم سلمة سلمان‪ ،‬أقبل يناظر أباه ف دين قد أباه‪ ،‬فلم يعرف أبوه جوابا إل القيد‪ ،‬و‬
‫هذا الواب الرذول قدي من يوم "حرقوه" فنل به ضيف "ولنبلونكم" فنال بإكرامه مرتبة "سلما‬
‫ن منا" سع أن ركبا على نية السفر‪ ،‬فسرق نفسه من حرز أبيه‪ ،‬ول قطع‪ ،‬فوقف نفسه على خدم‬
‫ة الدلء وقرف الذلء‪ ،‬فلما أحس الرهبان بانقطاع دولتهم‪ ،‬سلموا إليه أعلم العلم على‬
‫علمات نبينا‪ ،‬وقالوا أن زمنه قد أظل فاحذر أن تضل‪ ،‬وأنه يرج بأرض العرب‪ ،‬ث يهاجر إل أر‬
‫ض بي حرتي‪ ،‬فلو رأيتموه قد فلى الفل والدليل شوقه‪ ،‬وخلى الوطن خلء يزعجه توقه‪.‬‬
‫لب العلء العري‪:‬‬
‫وأعجبن من حبك الطلح والضال‬ ‫وأبغضت فيك النخل والنخل يانـع‬
‫ولو أن ضيفـيه وشـاة وعـذال‬ ‫وأهوى لراك السماوة والغضـا‬
‫رحل مع رفقة ل يرفقوا "فشروه بثمن بس" فابتاعه يهودي بالدينة‪ ،‬فلما رأى الرتي توقد‬
‫َخرُ َشوْقه‪ ،‬وما علم النل بوجد النازل‪.‬‬
‫للمتنب‪:‬‬
‫ي قلوب هذا الركب شاقى‬
‫وأ ّ‬ ‫أيدري الرّبع أيّ دم أراقـا?‬
‫تلقي ف جسومٍ ما تلقـى‬ ‫لنا ولهلـه أبـدا قـلـوب‬
‫فبينا هو يكابد ساعات النتظار‪ ،‬قدم البشي بقدوم البشي وسلمان ف رأس نلة‪ ،‬فكاد القلق‬
‫يلقيه‪ ،‬لول أن الزم أمسكه‪ ،‬كما جرى يوم "أن كادت لتبدي به" ث عجل النول‪ ،‬ليلقى ركب‬
‫السيارة‪.‬‬
‫فقد هب من تلك الرسوم نسـيم‬ ‫خليلي من ند قفا ب على الرب‬
‫فصاح به الالك‪ :‬مالك ولذا? انصرف إل شغلك‪ ،‬فأجاب لسان وجده‪ ،‬كيف انصراف ول ف‬
‫داركم شغل فاخذ يضربه‪ ،‬فأخذ لسان حاله يترن‪ ،‬لو سع الطروش‪.‬‬
‫إذا علم من آل ليلى بداليا‬ ‫خليلي ل وال ما أنا منكما‬

‫‪120‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فلما لقي الرسول عرض نسخة الرهبان بكتاب الصل‪ ،‬فوافق ووافق‪ ،‬يا ممد أنت تريد أبا‬
‫طالب ونن نريد سلمان‪ ،‬أبو طالب إذا سئل عن اسه‪ ،‬قال عبد مناف‪ ،‬وإذا انتسب افتخر بالباء‬
‫‪ ،‬إذا ذكرت الموال عد البل‪ ،‬وسلمان‪ ،‬إذا سئل عن اسه قال عبد ال وعن نسبه‪ ،‬قال ابن ال‬
‫سلم‪ ،‬وعن لباسه قال التواضع‪ ،‬وعن طعامه قال الوع‪ ،‬وعن شرابه قال الدموع‪ ،‬وعن وساده ق‬
‫ال السهر‪ ،‬وعن فخره قال "سلمان منا" وعن قصده‪ ،‬قال‪" :‬يريدون وجهه"‪.‬‬
‫للشبلي‪:‬‬
‫غي متاج إل السرج‬ ‫إن بيتا أنت سـاكـنـه‬
‫قد آتاه ال بـالـفـرج‬ ‫وعـلـيلً أنـت زائره‬
‫يوم يأت الناس بالجج‬ ‫وجهك الأمول حجتنـا‬
‫الفصل العشرون‬
‫يا من يشي على ظهور الفر‪ ،‬ويرى السابقي إل بيوت الدر‪ ،‬لو أصغى سع التدبي‪ ،‬سع العب‪،‬‬
‫كفى بالوت واعظا يا عمر‪.‬‬
‫لب العتاهية‪:‬‬
‫ونعتك أزمنة خـفـت‬ ‫وعظ ْتكَ أجداثٌ ضمت‬
‫تبلى وعن صور شتت‬ ‫وتكلمتْ عن أعـظـم‬
‫وأنت ح ّي ل تـمـتْ‬ ‫وارتك قبك ف القبور‬
‫يا سادرا ف سكر سروره‪ ،‬يا ساد ًل ثوب غروره‪ ،‬كأنك بك قد اقتعدت غارب الغربة‪،‬‬
‫واستبدلت بالثواب التربة‪ ،‬سيقسم مالك من ل يمدك‪ ،‬وستقدم على من ل يعذرك‪ ،‬غدا يرجع‬
‫البيبان عنك‪ ،‬حبيبك من أهلك يقسم حبيبك من مالك‪ ،‬وأنت ف قفر الفقر إل ما أسلفت‪ ،‬تبك‬
‫ي على ما خلفت‪ ،‬بي أناس كلهم أسي الفرق‪ ،‬وجيعهم على مهاد القلق‪.‬‬
‫إليه متاع من حنوط ومن خرق‬ ‫ملة سفر كـان آخـر زادهـم‬
‫فلم تستب فيه اللوك من السوق‬ ‫إل منل سوى البلى بي أهلـه‬
‫إل مت تبقى بدائك? أهذا الذي تفعله برائك? لقد حل فناؤك بفنائك‪ ،‬وأخب انتقاض بنائك‬
‫بنمائك‪ ،‬وأن وراءك طالبا ل تفوته‪ ،‬وقد نصب لك علم ل توز‪ ،‬فما أسرع ما يدركك الطالب‪،‬‬
‫وما أعجل ما تبلغ العلم‪ ،‬أخوان‪ ،‬هذا الوت غدا‪ ،‬يقول للرحيل غد‪ ،‬كيف بكم إذا صاح إسرافي‬
‫ل? ف الصور بالصور‪ ،‬فأسع العظام البالية تت الدر‪ ،‬فاجتمعت من بطون السباع‪ ،‬وحواصل ال‬

‫‪121‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫طي‪ ،‬فقامت تبكي على فوات الي‪ ،‬وسار اللئق كلهم حفاة عراة‪ ،‬كل منهم مشغول با عراه‪،‬‬
‫وقد رجت الرض وبست البال‪ ،‬وذهلت العقول وشاب الطفال‪.‬‬
‫ويا عي إياك أن تجعـي‬ ‫أيا نفس حقك أن تزعـي‬
‫فإياك إياك أن تسمـعـي‬ ‫ويا أذن إن دعاك الـهـوى‬
‫ضرج بفيض الدما أدمعي‬ ‫وبال يا جفن عين القـريح‬
‫حفيظ فابكي ونوحي معيد‬ ‫ويا كل جارحة ل علـيك‬
‫ترحل عنه إل مـوضـع‬ ‫يسي بنا الدهر من موضع‬
‫ول الذن إن خاطبوها تعي‬ ‫إل حيث ل العي فيه ترى‬
‫طويل بعيد الدى مسبـع‬ ‫فيا ويلنا من طريق هنـاك‬
‫يا أهل الذنوب والطايا ألكم صب على العقوبة? "كل إنا لظى" إذا شاهدت من اشترى لذة‬
‫ساعة بعذاب سني "تكاد تيّز من الغيظ" من أراد أن ينجو منها فليتب "من قبل أن يتماسا" كيف‬
‫أمن العصاة? "وإن منكم إل واردها" كيف نسوا غب الزلل? "ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"‪.‬‬
‫ف‬
‫أخوان‪ ،‬مثلوا أهل النة "يوم نشر التقي" "ونورهم يسعى بي أيديهم" ومعهم توقيع "ل خو ٌ‬
‫عليهم" فلما وصلوا إل النان "وفُتحت أبوابا" وبدأهم الزنة "سلم عليكم طبتم" وبشروهم بال‬
‫بقاء الدائم "فادخلوها خالدين" وقرأت الملك من سجل الملك مبلغ الثمن "با صبت" وجيع‬
‫الرادات داخلة ف إقطاع "ما تشتهي أنفسكم" وقد استرجح ف اليزان "ولدينا مزيد" وأت التمام‬
‫"وما هم منها بخرجي"‪.‬‬
‫وهذا النعيم بذاك التعـب‬ ‫وهذا السرور بتلك الكرب‬
‫ويك ميز بعقلك وحسك بي الدارين‪ ،‬وأحضر الذنب والعقاب والح العاقبتي‪ ،‬هذا اليوان‬
‫البهيمي ينظر ف العواقب‪ ،‬البل يأكل اليات فيشتد عطشه فيحوم حول الاء ول يشرب لعلمه‬
‫أن الاء ينفد السموم إل أماكن ل يبلغها الطعام‪ ،‬ومن عادته أن يسقط قرنه كل سنة وهو سلحه‬
‫فيختفي إل أن ينبت‪ ،‬هذه الية‪ ،‬تتفي طول الشتاء بالرض‪ ،‬فتخرج وقد عشى بصرها‪ ،‬فتحكه‬
‫بأصول الرازايانج لنه يزيل العشا‪ ،‬هذا الفهد إذا سن علم أنه مطلوب وشحمه ينعه من الرب ف‬
‫هو يستر نفسه إل أن ينحل الشحم‪ ،‬هذه النملة تدخر ف الصيف للشتاء‪ ،‬فإذا خافت عفن الب‬
‫أخرجته إل الواء فإذا حذرت أن ينبت نقرت موضع القطمي‪.‬‬
‫أسعت يا مقطوع اليلة? مت تدخر من صيف قوتك إل شتاء عجزك? هذه السمكة إذا حبستها‬
‫الشبكة جزت بكل قوتا لتقطع الابس‪ ،‬لو نضت بقوة العزم لنرقت شبكة الوى‪ ،‬إذا مد النه‬

‫‪122‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ر اغتنمت ذلك الد الزنابي‪ ،‬فبنت منه بيوتا لنه ل يصلح لا غيه‪ ،‬مد بر الشباب وما بنيت بي‬
‫ت جد‪ ،‬فحدثن ما الذي تصنع ف القحل? إن فاتك زمن الد‪ ،‬فمد اليد للسؤال حيلة الفلس‪.‬‬
‫يا مصرا عن الوصول ل يزيه الدى‪ ،‬يا منقطعا ف الطريق عن جلة الوفد‪ ،‬تامل إل بعض خيم أ‬
‫هل الوصل‪ ،‬واشهد على وصيتك ذوي عدل‪ ،‬وناد ف النادي بصوت الذل‪.‬‬
‫تيةً من قد ظن أن ل يرى ندا‬ ‫إذا ما وصلتم سالي فبـلّـغـوا‬
‫وابسط ف الدجى يد الطلب‪ ،‬فأطيب ما أكل الرجل‪ ،‬من كسب يده‪ ،‬وقل بلسان التملق‪:‬‬
‫راعيتموه نـاشـئا وولـيدا‬ ‫أحبابنا أنا ذاكم العبـد الـذي‬
‫فرمى بأسرته وجاء فـريدا‬ ‫حالت به الحوال بعد فراقكم‬
‫إذا جلست ف ظلم الليل بيد يدي سيدك فاستعمل أخلق الطفال‪ ،‬فإن الطفل إذا طلب من أبيه‬
‫شيئا فلم يعطه يكن عليه‪.‬‬
‫غيي فإن ما بلغت مـرادي‬ ‫بلغ الن من حل ف وادي من‬
‫فبكى الجيج بأسره والـوادي‬ ‫وبكيت من أل الفراق وشقوتـي‬
‫يا من قد نزلت به بلية الطرد‪ ،‬تروح إل حديث الناجاة وإن ل تسمع منك‪ ،‬وابعث رسائل‬
‫الحزان مع رياح السحار ولو ل تصل‪.‬‬
‫واشف من الوى بمل الواب‬ ‫يا نسيم الشمال بلـغ خـطـابـي‬
‫ذرة من تراب ذاك الـنـاب‬ ‫طفت بساحات ذلك الربع واحل‬
‫ومن فيه ذلت وانـتـحـابـي‬ ‫قل لولي يا من الروح والقلب‬
‫جفوة الب ل تكن ف حساب‬ ‫كنت أخشى الوشاة فيك ولـكـن‬
‫الفصل الادي والعشرون‬
‫يا ساعيا لنفسه ف الهالك‪ ،‬دنا الرحيل ونضو النقلة بارك‪ ،‬مت تذكر وحشتك بعد إيناسك? مت‬
‫تقتدي من ناسك بناسك? كأنك بك قد خرجت عن أهلك وولدك‪ ،‬وانفردت عن عددك‬
‫وعددك‪ ،‬وقتلك بسيف الندم ول يدك‪ ،‬ورحلت ول يصل بيدك إل عض يدك‪.‬‬
‫ول تر ف الباقي ما يصنع الدهر‬ ‫كأنك ل تسمع بأخبار من مـضـى‬
‫فإن كنت ل تدري فتلـك ديارهـم ماها مال الريح بعدك والقطر‬
‫يرون حت يستردهم الـحـشـر‬ ‫على ذاك مروا أجعون وهـكـذا‬
‫وحتام ل ينجاب عن قلبك السكـر‬ ‫فحتام ل تصحو وقد قرب الـدى‬

‫‪123‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وتذكر قول حي ل ينفع الذكـر‬ ‫بل سوف تصحو حي ينكشف الغطا‬
‫يا من يذنب ول يتوب‪ ،‬كم قد كتبت عليك ذنوب? خل المل الكذوب‪ ،‬فرب شروق بل‬
‫غروب‪ ،‬وا آسفي أين القلوب? تفرقت بالوى ف شعوب‪ ،‬ندعوك إل صلحك ول تؤوب‪ ،‬واع‬
‫جبا الناس ضروب‪ ،‬مت تنته للصك أيها الناعس? مت تطلب الخرى يا من على الدنيا ينافس‬
‫? مت تذكر وحدتك إذ انفردت عن موانس? يا من قلبه قد قسا وجفنه ناعس‪ ،‬يا من تدثه الما‬
‫ن دع هذه الوساوس‪.‬‬
‫أين البابرة الكاسرة الشجعان الفوارس‪ ،‬أين السد الضواري والظباء الكوانس‪ ،‬أين من اعتاد‬
‫سعة القصور حبس من القبور ف أضيق الحابس‪ ،‬أين الرافل ف أثوابه عري ف ترابه عن اللبس‪،‬‬
‫أين الغافل ف أمله عن أجله سلبه كف الخالس‪ ،‬أين حارس الال‪ ،‬أخذ الحروس وقتل الارس‪.‬‬
‫يا مضمرا حب الدنيا إضمار المل القود‪ ،‬نبعث منقاش اللوم وما يصل إل شظايا الحبة‪ ،‬الدنيا‬
‫جيفة قد أراحت ومزكوم الغفلة ما يدري‪ ،‬سوق فيها ضجيج الوى‪ ،‬فمن يسمع الواعظ‪.‬‬
‫فهي مشكورة على التقبيح‬ ‫علمتن بجرها الصب عنها‬
‫إذا أردت دواء حبها فما قل ف الشربة صب‪ ،‬انفرد ف صومعة الزهد‪ ،‬واحفر خندق الذر‪ ،‬وأقم‬
‫حارس الورع‪ ،‬ول تطلع من خوخة مسامة فإن البغي ف الفت صناع‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫قبل أن يعلق الفؤاد بوجـد‬ ‫النجاء النجاء من أرض ند‬
‫وهو يهوي بعلوة وبـنـد‬ ‫كم خلى غدا إليه وأمسـى‬
‫حصّن حصن التقى بسور القناعة‪ ،‬فإن لص الرص يطلب ثة‪ ،‬غري الطبع متقاض ملح‪ ،‬والشره‬
‫شرك‪ ،‬وخار الن داء قاتل‪ ،‬بينا الرص يد وتر المل انقطع‪ ،‬هل العيش إل كأس مشوبة بالكدر‬
‫ث رسوتا الوت "فابتغوا عند ال الرزق"‪.‬‬
‫ل ف النة يبكي‪ ،‬أما كنتم تعجبون? قالوا بلى‪ ،‬قال‪ :‬فأعجب منه‬
‫قال ممد بن واسع لو رأيتم رج ً‬
‫ف الدنيا رجل يضحك ول يدري إل ما يصي? ضحك بعض الصالي يوما ث انتبه لنفسه فقال‪:‬‬
‫تضحكي? وما جزت العقبة‪ ،‬وال ل ضحكت بعدها‪ ،‬حت أعلم باذا تقع الواقعة?‬
‫ما يقول التيم الستهام‬ ‫يا نسيم الشمال بال بلغ‬
‫ليس يسلو ومقلة ل تنام‬ ‫قل لحبابنا فداكم مب‬
‫قبل لقياكم علي حرام‬ ‫كل عيش ولذة وسرور‬

‫‪124‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فرغ القوم قلوبم من الشواغل‪ ،‬فضربت فيها سرادقات الحبوب‪ ،‬فأقاموا العيون ترس تارة‪،‬‬
‫وترش الرض تارة‪ ،‬هيهات هان سهر الراس لا علموا أن أصواتم بسمع اللك‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫كطعم الرقاد بل هو أحـلـى‬ ‫أيها اللك الذي سهـري فـيه‬
‫ل لا قلت مهل‬
‫لو سقان مه ً‬ ‫غرضي ما يريده ب حبـيبـي‬
‫كيف يدري بذاك من يتقـلـى‬ ‫لست أدري أطال لـيلـي أم ل‬
‫وف طوله عن النوم شـغـل‬ ‫إن العاشقي ف قصر الـلـيل‬
‫أو لرعي النجوم كنت مـل‬ ‫لو تفرغت لستطـالة لـيلـي‬
‫ل يل عن هواك حاشى وكل‬ ‫وغرام الفؤاد مذ غبت عـنـه‬
‫قلوب العارفي‪ ،‬ملوءة بذكر البيب‪ ،‬ليس فيها سعة لغيه‪.‬‬
‫فما لب سواهم فيه متسـع‬ ‫قد صيغ قلب على مقدار حبهم‬
‫إن نطقوا فبذكره‪ ،‬وإن تركوا فبأمره‪ ،‬وإن فرحوا فلقربه‪ ،‬وإن ترحوا فلعتبه‪.‬‬
‫إل وأنت من قلب ووسـواسـي‬ ‫وال ما طلعت شس ول غربـت‬
‫إل وأنت حديثي بـي جـلسـي‬ ‫ول جلست إل قـوم أحـدثـهـم‬
‫إل رأيت خيا ًل منك ف الكـاس‬ ‫ول همت بشرب الاء من عطش‬
‫أقواتم ذكرى البيب‪ ،‬وأوقاتم بالناجاة تطيب‪ ،‬ل يصبون عنه لظة‪ ،‬ول يتكلمون ف غي‬
‫رضاه بلفظة‪.‬‬
‫وصبي عنك من سلب الحال‬ ‫حيات منك ف روح الوصـال‬
‫لعطشان عن الـاء الـزلل‬ ‫وكيف الصب عنك وأي صبـر‬
‫رأيت الب يلعب بالـرجـال‬ ‫إذا لعب الرجال بكـل شـيء‬
‫كم تدرس أخبارهم وما تدرس‪ ،‬لئن طواهم الفناء لقد نشرهم الثناء‪ ،‬لو سعتهم ف الدجا يعجون‪،‬‬
‫لو رأيتهم ف السحار يضجون‪ ،‬لول نساي الرجاء كانوا ينضجون‪.‬‬
‫إليك من هجرك الفـرارُ‬ ‫ما ل عن وصلك اصطبار‬
‫مياه أخلفـهـا غـزارُ‬ ‫ت ظمآن ذا جفـون‬
‫أصبح ُ‬
‫وبالماقي له اشـتـهـارُ‬ ‫أرومُ كتمـان مـا ألقـي‬
‫هبت على أرضكم أغـار‬ ‫ومن نسيم الصبـا إذا مـا‬

‫‪125‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل أجدبت تلـكـم الـديار‬ ‫آه لذكرى ديار سـلـمـى‬
‫نظي أيامه الـنـضـارُ‬ ‫لفي لعيش بـا تـولـي‬
‫وف غضون الوى ثارُ‬ ‫إذ أعي الدهـر راقـدات‬
‫الفصل الثان والعشرون‬
‫أيها الاطب على أزره‪ ،‬وزرا وآثاما‪ ،‬تنبه ترى الدنيا أحلى ما كانت أحلما‪ ،‬كم نكس الوت‬
‫فيها أعلما أعلى ما‪ ،‬كم أذل بقهره أقواما أقوى ما‪ ،‬ل كان مفتاح أمسى له الوت ختاما‪.‬‬
‫أو صفا ملبس علـيه فـدامـا‬ ‫مَن على هذه الـديار أقـامـا‬
‫باقتياد النون عاما فـعـامـا‬ ‫عج بنا ننـدب الـذين تـولـوا‬
‫يسر الطرف ث حلوا الرغاما‬ ‫تركوا كـل ذروة مـن أشـم‬
‫نؤوم الفون عنـه فـنـامـا‬ ‫يا لا ال مهملً حسب الدهـر‬
‫غي ما يل الضلوع طعامـا‬ ‫هل لنا بالـغـي كـل مـراد‬
‫كفا جرت إلـيهـا حـرامـا‬ ‫وإذا أعوز اللل فشل الـلـه‬
‫التبعات تبقى واللذات تر‪ ،‬وغب الرى وإن حل فهو مر‪ ،‬وكأن قد عوى ف دار العواف ذئب‬
‫الضر‪ ،‬وما يلهي شيء من الدنيا ويسر إل يؤذي ويضر‪ ،‬وقد بانت عيوبا‪ ،‬فليس فيها ما يغر وإنا‬
‫يعشقها الهول ويأنف منها الر‪.‬‬
‫كذل العبيد لربابـا‬ ‫تذل الرجال لطماعها‬
‫فتجن الوان بأعقابا‬ ‫ول تني ثار الن‬
‫أخوان‪ ،‬ربا أورد الطمع ول يصدر‪ ،‬كم شارب شرق قبل الري? من أخطأته سهام النية قيده‬
‫عقال الرم‪ ،‬أل يتيقظ العاقل بأضرابه‪ ،‬أل يتنبه الغافل بأوصابه‪ ،‬أيسلم والرامي تت ثيابه? يا‬
‫مريضا أتعب الطباء ما به‪ ،‬كأنك بالدنيا الت تقول مرحبا قد حلت الب وتفرقت أيدي سبا‪.‬‬
‫ويك أخوك من عذلك ل من عذرك‪ ،‬صديقك من صدقك ل من صدّقك‪ ،‬ويك من يطربك يط‬
‫غيك‪ ،‬ومال يعنبك يعنيك‪ ،‬تتوب صباحا فإذا أمسيت تول وتعول وتقول غي أنك تنقض ما تقو‬
‫ل‪ ،‬وتتلون دائما كما تتلون الغول‪.‬‬
‫يا عبد الوى‪ ،‬إن دعا أمّنت وإن ادعى آمنت‪ ،‬كم قال لك الوى وما سعت‪ ،‬أنا مكار وتبعت‪ ،‬و‬
‫ال لقد أفتك أضعاف ما أفدتك‪ ،‬ولقد أعذر من أنذر‪ ،‬وما قصر من بصر‪ ،‬لا رأى التيقظون سطو‬
‫ة الدنيا بأهلها‪ ،‬وخداع المل لربابا لأوا إل حصن الزهد‪ ،‬كما يأوي الصيد الذعور إل الرم‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لح لم حب الشتهي‪ ،‬فلما مدوا إليه أيدي التناول بان لبصار البصائر‪ ،‬خيط الفخ فطاروا بأجن‬
‫ت قومي يعلمون" جعوا الرحل قبل الرحيل‪ ،‬وشروا ف‬
‫حة الذر‪ ،‬وصوتوا إل الرعيل الثان "يا لي َ‬
‫سواء السبيل‪ ،‬فالناس ف الغفلت وهم ف قطع الفلة "تلك أمة قد خلتْ" لو رأيت مطايا أجسام‬
‫هم‪ ،‬وقد أذا با السرى فهي تن ما تن فتبكي الداد‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫ت فأذكتْ لوعـتـي حـنـينـا أشكو من البي وتشكـو الـبـينـا‬
‫حن ْ‬
‫بقدر ما عـاث الـفـراق فـينـا‬ ‫قد عاث ف أشخاصها طولُ السرى‬
‫أضحت تباري الريح ف البينـا‬ ‫فخلها تشي الـوينـا طـال مـا‬
‫با قطعنا السهـل والـحـزونـا‬ ‫وكيف ل نأوي لا وهـي الـتـي‬
‫فهن بالرزام يشـتـكـينـا‬ ‫إن كن ل يفصحن بالشكوى لنا‬
‫إن الزين يسعد الـزينـا‬ ‫قد أقرحت با تن كـبـدي‬
‫عن المى فاعدل با يينـا‬ ‫وقد تياسرت بـهـن جـائرا‬
‫نعم ولكن ل أرى القطـينـا‬ ‫يقول صاحب أترى آثارهـم‬
‫للبي ل تبل كمـا بـلـينـا‬ ‫لو ل تد ربوعهم كوجـدنـا‬
‫بكت فأبدت سرى الصونـا‬ ‫أكلما لح لـعـينـي بـارق‬
‫وعذبوا الـائن ل المـينـا‬ ‫ل تأخذوا قلب بذنب مقلتـي‬
‫دارت قلوب القوم ف دائرة الوف‪ ،‬دوران الكرة تت الصولان فهاموا ف فلوات القلق‪ ،‬فمن‬
‫خايف مستجي‪ ،‬ومن واحد يقول‪ ،‬ومن سكران يبث‪.‬‬
‫رأيت الب يلعب بالرجال‬ ‫إذا لعب الرجال بكل شيء‬
‫طالت عليهم بادية الرياضة‪ ،‬ث بدت بعدها الرياض‪ ،‬استوطنوا فردوس النس ف قلة طور‬
‫الطلب‪.‬‬
‫تلقينا كأنا مـا شـقـينـا‬ ‫شقينا ف الوى زمنا فلمـا‬
‫فما زالت بنا حت رضينـا‬ ‫سخطنا عندما جنت الليالـي‬
‫فإنا بعد ما متـنـا حـيينـا‬ ‫فمن ل يي بعد الوت يوما‬

‫‪127‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وقفت على قب بعض الصالي فقلت‪ :‬يا فلن‪ ،‬باذا نلت تردد القدام إليك? فقال‪ :‬أقدمت على‬
‫رد الوى بل تردد‪ ،‬فترددت إل القدام‪ ،‬كان عطر إخلصي خالصا فعبق نشره بالرواح‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ت منها ما قاله الرسـمُ‬
‫فهم ُ‬ ‫ت مع الرسم ل ماورةٌ‬
‫جر ْ‬
‫يا ع َلمَ الشوقِ بعدنا عِـلـمُ‬ ‫هل لك بالنازلي أرض من‬
‫أدل القوم طول الليل ف السرى‪ ،‬وخافوا عوز الاء فتمموا الزاد بالبكاء‪.‬‬
‫فما لفون العـاشـقـي مـنـام‬ ‫سلو غي طرف إن سألتم عن الكرى‬
‫سكن الوف قلوبم فإذا با‪ ،‬فإذا با ف ملة المن‪ ،‬نلوا العرفة فتحلوا فعمر قصر القلب‬
‫للملك‪ ،‬وقنعت الواشي ف القاع باليم‪.‬‬
‫تسبه بعض أطنابـا‬ ‫وكم ناحل بي تلك اليام‬
‫يا هذا‪ ،‬سرادق الحبة ل يضرب إل ف قاع فارغ نزه "فرّغ قلبك من غيي ‪،‬أسكنه"‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫نزلوا القلب أقامـوا‬ ‫تركوا الدار فـلـمـا‬
‫زمن الوجـد مـدامُ‬ ‫يا خليلي اسـقـيانـي‬
‫ولـلـيلِ مُـقــامُ‬ ‫وصِفا ل قلعة الركب‬
‫مِنّي لقد شط الَـرامُ‬ ‫ومِـنـىً أين مـنـىً‬
‫وعلى اليف خـيام‬ ‫هل على جع نزول‬
‫بق ل بد أن الحبي تذوب‪ ،‬ولسماء أعينهم تمي وتصوب‪ ،‬لو حلوا جبال الرض مع كر‬
‫الكروب‪ ،‬كان ذلك قليلً ف حب الحبوب‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫فازددت ذ ًل فزادتـيهـا‬ ‫رأى خضوعي فصدّ عن‬
‫قد أحرق الدمع ما يليهـا‬ ‫قلت له خالـيا وعـينـي‬
‫قال‪ :‬وأبصرت ل شبيها‬ ‫هل ل ف الب من شبيه‬
‫الفصل الثالث والعشرون‬
‫أخوان‪ ،‬شروا عن سوق الدأب ف سوق الدب‪ ،‬واعتبوا بالراحلي وسلوا السلب قبل أن‬
‫يفوت الغرض بالرض إن عرض‪ ،‬فكأنكم ببسوط المل قد انقبض‪ ،‬وبشيد الن قد انتقض‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وانتظر يوم الفـراق‬ ‫يا ساكن الدنيا تأهّـب‬
‫فسوف يدى بالرفاق‬ ‫وأعد زادا للـرحـيل‬
‫تنهل من سحب الآق‬ ‫وابك الذنوب يا دمـع‬
‫أرضيت ما يفن بباق‬ ‫يا من أضاع زمانـه‬
‫أين عزائم الرجال? أين صرائم البطال? تدعي وتتوان‪ ،‬هذا مال‪.‬‬
‫فأدعي بعدكم عنـي وأعـتـذر‬ ‫أشتاقكم ويول العزم دونـكـم‬
‫وآية الشوق أن يستصغر الطر‬ ‫وأشتكي خطرا بين وبـينـكـم‬
‫إن همت فبادر‪ ،‬وإن عزمت فثابر‪ ،‬واعلم أنه ل يدرك الفاخر من رضي بالصف الخر‪ .‬قال عمر‬
‫بن عبد العزيز‪ :‬خلقت ل نفس تواقة‪ ،‬ل تزل تتوق إل المارة‪ ،‬فلما نلتها تاقت إل اللفة‪ ،‬فلما‬
‫نلتها تاقت إل النة‪.‬‬
‫لب فراس‪:‬‬
‫أرى أن دارا لست من أهلها قفر‬ ‫بدوت وأهلي حاضرون لنـنـي‬
‫إذا ل يفر عرضي فل وفر الوفر‬ ‫وما حاجت ف الال أبغي وفوره‬
‫فقلت ها أمران أحلهـا مـر‬ ‫وقال أصيحاب الفرار أو الـردى‬
‫وف الليلة الظلماء يفتقد الـبـدر‬ ‫سيذكرن قومي إذ جـد جـدهـم‬
‫وما كان يغلو التب لو نفق الصب‬ ‫ولو سد غيي ما سددت اكتفوا به‬
‫لنا الصدر دون العالي أو القبـر‬ ‫ونن أناس ل توسـط عـنـدنـا‬
‫ومن خطب السناء ل يغله الهر‬ ‫تون علينا ف العال نفوسـنـا‬
‫ابتليت المم العالية بعشق الفضائل‪ ،‬شجر الكاره يثمر الكارم‪ ،‬مت لحت الفريسة قذفت الغابة‬
‫السبع‪ ،‬إذا استقام للجواد الشوط ل يوج راكبه إل سوط‪ ،‬من ضرب يوم الوغى وجه الوى‬
‫بسهم‪ ،‬ضرب مع الشجعان يوم القسمة بسهم‪ ،‬من اشتغل بالعمارة استغل الراج‪ ،‬إذا طلع نم ا‬
‫لمة ف ظلم ليل البطالة ث ردفه قمر العزية "أشرقت الرض بنور ربا" يا طالبا للبدعة أخطأت ا‬
‫لطريق‪ ،‬علة الراحة التعب‪ ،‬إن ل تكن أسدا ف العزم ول غزالً ف السبق فل تتثعلب‪ ،‬يا هذا الد‬
‫جناح النجاة وكسلك مزمن‪ ،‬من كد كد العبيد تنعم تنعم الحرار‪ ،‬من امتطى راحلة الشوق ل ي‬
‫شق عليه بعد السفر‪.‬‬
‫وتأت على قدر الكرام الكارم‬ ‫على قدر أهل العزم تأت العزائم‬

‫‪129‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا هذا ركائب الرحيل قد أنيخت بالناب ول تتحرج‪ ،‬وناقد البايع قائم على الباب ونقدك برج‪،‬‬
‫كيف يلحق السابقي كسلن أعرج? لو تنقلت على عيطموس العزم وهوجاء الطلب وبيسجور‬
‫القصد‪ ،‬وجعلباة السي‪ ،‬ومشمعلة الد‪ ،‬ووصلت الديور بالضحى لنقطعت الديومة القذف‪ ،‬ول‬
‫كنك استوطأت مهاد الكسل وإبر النحل دون العسل‪.‬‬
‫قيل لبعض أهل الرياضة‪ :‬كيف غلبت نفسك? فقال‪ :‬قمت ف صف حربا بسلح الد‪ ،‬فخرج م‬
‫رحب الوى بدافع‪ ،‬فعله على العزم بصارم الزم‪ ،‬فلم تض ساعة حت ملكت خيب‪ ،‬وقيل لخر‬
‫‪ :‬كيف قدرت على هواك? فقال‪ :‬خدعته حت أسرته واستلبت عوده فكسرته وقيدته بقيد العزلة‬
‫‪ ،‬وحفرت له مطمور المول ف بيت التواضع‪ ،‬وضربته بسياط الوع‪ ،‬فلن يا فلن‪ ،‬ألك? ف م‬
‫اهدة النفس نية أم النية نية? أتعبتن وأنت أنت‪ ،‬يا خنشليل ف كل دردبيس‪ ،‬إل مت تول ف طل‬
‫ب هجول? ما نفشت غنم العيون النواظر ف زروع الوجوه النواضر إل وأغي على السرح‪ ،‬من ت‬
‫عرض للعنقفي لقي المرين‪ ،‬التعرض للنبلة أبله‪ ،‬ما ع ّز يوسف إل بترك ما ذل به ماعز‪ ،‬لو ركد‬
‫كدر دهن الذهن ست ذبالة الصباح‪.‬‬
‫أخوان إل مت سكر عن القصود? أل صحو ساعة? أريقوا قرقف الوى قبل هجوم صاحب الشر‬
‫طة‪ ،‬اكسروا الظروف ظرفا ليعلم حسن قصدكم للتوبة‪ ،‬وليشغلكم ذكر صوت الناي عن صو‬
‫ت الناي‪ ،‬والفكر ف خراب الغان عن لغات الغان‪ ،‬فكم من شاب ما شاب‪ ،‬وكم من راج راج‬
‫له أن خاب‪ ،‬ما أسرع افتراق الصاحبي إذا صاح بي‪" ،‬فمفترق جاران داراها عمر"‪.‬‬
‫مثل أهل الدنيا ف غفلتهم وطول آمالم كمثل الاج‪ ،‬نزلوا من ًل فقام أقوام يقطعون الصخور ويب‬
‫نون البيوت‪ ،‬فقال التيقظون‪ :‬ويكم ما هذا البله? الرحيل بعد ساعة‪ ،‬لو علم الورد قصر عمره م‬
‫ا تبسم‪ ،‬بينما هو ينشر بز ريه‪ ،‬ف شال البكور بزه الناطور فإذا به ف زجاجة الزور‪ ،‬فانتبه أنت‬
‫ول تغتر بزور نسيم الدجى يفتح مستغلق البند‪ ،‬وخوف سوم النهار يعيد اللينوفر إل الاء‪ ،‬اسع‬
‫يا من ل يركه تشويق‪ ،‬ول يزعجه تويف‪.‬‬
‫ففي كل شيء له عبة‬ ‫إذا الرء كانت له فكرة‬
‫تزوج صلة بن أشيم فأدخله ابن أخيه المام‪ ،‬ث أدخل إل الرأة وقد طيب فقام يصلي فمد‬
‫الصلة إل الفجر‪ ،‬فعاتبه ابن أخيه فقال‪ :‬إنك أدخلتن أمس بيتا ذكرتن به النار‪ ،‬ث أدخلتن بيتا‬
‫ذكرتن به النة‪ ،‬فما زال فكري فيهما حت أصبحت‪.‬‬
‫كفى حزنـا أن ل أعـاين بـقـعة من الرض إل ازددت شوقا إليكم‬
‫تذكرت أياما مضت لـي لـديكـم‬ ‫وإن مت ما طاب ل خفض عيشة‬

‫‪130‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫مر بعض الفقراء بامرأة فأعجبته فتزوجها‪ ،‬فلما دخل البيت نزعوا خلقانه وألبسوه ثيابا جددا‪،‬‬
‫فلما جن عليه الليل طلب قلبه فلم يده فصاح‪ :‬خلقان خلقان‪ ،‬فأخذها ورجع‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫إل ذكرت ليالينـا بـذي سـلـم‬ ‫ما ساعفتن الليال بعد بعـدهـم‬
‫إل ذكرت هوى أيامنـا الـقـدم‬ ‫ول استجد فؤادي ف الزمان هوى‬
‫فإن قلب ل يرضى بغيهم‬ ‫ل تطلب ل البدال بعدهـم‬
‫الفصل الرابع والعشرون‬
‫يا طويل المل ف قصي الجل‪ ،‬أما رأيت مستلبا وما كمل? أتؤخر النابة وتعجل الزلل‪.‬‬
‫أعلى يقي من بلوغ غد‬ ‫يا من يعد غدا لتوبـتـه‬
‫ومنية النسان بالرصـد‬ ‫الرء ف زلل على أمل‬
‫ولعل يومك آخر العدد‬ ‫أيام عمرك كلهـا عـدد‬
‫يا أخي التوبة التوبة قبل أن تصل إليك النوبة‪ ،‬النابة النابة قبل أن يغلق باب الجابة‪ ،‬الفاقة‬
‫الفاقة فيا قرب وقت الفاقة‪ ،‬إنا الدنيا سوق للتجر‪ ،‬وملس وعظ للزجر‪ ،‬وليل صيف قريب‬
‫الفجر‪ ،‬الكنة مزنة صيف‪ ،‬الفرصة زورة طيف‪ ،‬الصحة رقدة ضيف‪ ،‬الغرة نقدة زيف‪ ،‬الدنيا معش‬
‫وقة وكيف‪ ،‬البدار البدار فالوقت سيف‪.‬‬
‫يا غافلً عن مصيه‪ ،‬يا واقفا ف تقصيه سبقك أهل العزائم وأنت ف اليقظة نائم‪ ،‬قف على الباب‬
‫وقوف نادم‪ ،‬ونكس رأس الذل وقل أنا ظال‪ ،‬وناد ف السحار مذنب وواجم‪ ،‬وتشبه بالقوم وإن‬
‫ل تكن منهم وزاحم‪ ،‬وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم‪ ،‬قم ف الدجا نادبا‪ ،‬وقف على الب‬
‫اب تائبا‪ ،‬واستدرك من الغمر ذاهبا‪ ،‬ودع اللهو والوى جانبا‪ ،‬وإذ لح الغرور رأى راهبا‪ ،‬وطل‬
‫ق الدنيا إن كنت للخرى طالبا ولكن بل قلب إل أين أذهب‪.‬‬
‫يا من قد ضاع قلبه اطلبه ف مظان إنشاد الضلل‪ ،‬الضايع إنا ينشد ف الجامع‪ ،‬فاطلب قلبك ف‬
‫مالس الذكر‪ ،‬أو بي أهل القابر‪ ،‬وربا دخلت بيت الفكر فرأيته فأي موضع غلب على ظنك و‬
‫جوده فل تقصر ف البحث عنه‪ ،‬هذه النسور والرخم على كثافة طبعها إذا رأت جيشا تبعته لا تر‬
‫جو من قتال يوجب قتلى وأخداج حامل‪ ،‬أفما ترجو أنت ف الجلس إجابة دعوة أو حضور قلب‬
‫? يا نائما طول الليل‪ ،‬سارت الرفقة‪ ،‬رحل القوم كلهم وما انتبهت من الرقدة‪ ،‬ويك أتدري ما‬
‫صنعت بنفسك? دخلت دار الوى فقامرت بعمرك‪ ،‬كنت أمس قلب أمس فتراك ف تصحيف تر‬
‫ى‪ ،‬لحت لك العاجلة‪ ،‬فهمت كأنك ما فهمت فلما تبدلت تبلدت أخبن عن تليطك فالطبيب‬

‫‪131‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل يكذب‪ ،‬سجيتك تعلمن فاسع أحدثك‪ ،‬استكثرت من برودات الغفلة فقعد نشاط العزم‪ ،‬فلو ق‬
‫اومتها برارات الذر لقام القعد‪ ،‬أما تعلم أن مطاعم الطامع تولد سددا ف كبد الد‪ ،‬الحنة الع‬
‫ظمى موافقة الوى من غي تدبر‪ ،‬أنت ترى ما تشتهي فتضرب الد‪.‬‬
‫يا أسيا ف قبضة الغفلة‪ ،‬يا صريعا ف سكرة الهلة‪ ،‬أما يطر بقلبك خطر أمرك‪ ،‬ويك قد وهن ال‬
‫عظم العظيم وما شابت هة المل‪ ،‬اخلق برد الياة وما انكفت كف البطالة‪ ،‬قربت نوق الرحيل‬
‫وما ف الزاد زاد قدمت معابر العبور وأنت تلهو على الساحل‪ ،‬أكثر العمر قد مر‪ ،‬وأنت تتغلغل‬
‫ف تضييع الغابر‪ ،‬أترجح الفان على الباقي? تثبت‪ ،‬ففي اليزان عي‪ ،‬إن حركك حظ من حظ فال‬
‫ظ الظ الحظ‪ ،‬وال لو شغلك نيل النة عن الق لظة كان ف تدبيك وكس‪ ،‬ويك أنا بدك ال‬
‫لزم فالزم بدك‪ ،‬خاصمت عنك قبل وجودك "إن أعلم" واعتذرت عنك ف زلل "فدلها" ولقنت‬
‫ك العذر "ما غرك بربك" وواصلتك برسائل "هل من سائل"‪.‬‬
‫فريح الصبا من إليك رسول‬ ‫إذا ل يكن بين وبينك مرسل‬
‫كان بعض الغنياء كثي الشكر‪ ،‬فطال عليه المد فبطر وعصى فما زالت نعمته ول تغيت‬
‫حالته‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب تبدلت طاعت‪ ،‬وما تغيت نعمت‪ ،‬فهتف به هاتف‪ :‬يا هذا ليام الوصال‬
‫عندنا حرمة حفظناها وضيعتها‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ليت شعري ما الذي ألاك عنّا‬ ‫َسلْ بـسـلـعٍ كـان وكـنـا‬
‫دبّ أم ذنبٌ سرى أم تتجنّـى‬ ‫أهوىً أحدّثْـتَـه أم كـاشـحٌ‬
‫تاب رجل من كان قبلكم ث نقض‪ ،‬فهتف به هاتف ف الليل‪:‬‬
‫فإن عدت عدنا والوداد سليم‬ ‫سأترك ما بين وبينك واقفا‬
‫وتترك مثلي والفاظ قدي‬ ‫تواصل قوما ل وفاء لعهدهم‬
‫يا ناقضي العهود انظروا لن عاهدت‪ ،‬تلفوا خرق الطاء قبل أن يتسع‪.‬‬
‫فالجر صعب شـديد‬ ‫عودوا إل العهد عودوا‬
‫نا لـديكـم بـعــيد‬ ‫تذكرونا فمـا عـهـد‬
‫وهل تـعـود زرود‬ ‫هل يرجع البان يومـا‬
‫يا هذا أقبل علينا‪ ،‬تر من إقبالنا عليك العجب‪ ،‬احفظ ال يفظك‪ ،‬اطلب ال تده أمامك‪ ،‬من‬
‫كان لنا عينا على قلبه‪ ،‬أجرينا له جامكية أمي‪.‬‬
‫غبت أشجان على القرب‬ ‫أنت على البعد هومي إذا‬

‫‪132‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عين لكم عي وعلى قلب‬ ‫ل أتبع القلب إل غيكـم‬
‫يا هذا حفر النهر إليك وإجراء الاء ليس عليك‪ ،‬احفر ساقية "فاذكرون" إل جنب بر "أذكركم"‬
‫فإذا بالغ فيها معول الكد‪ ،‬فاضت عليك مياه البحر‪" ،‬فب يسمع وب يبصر" الق بذر الفكر ف‬
‫أرض اللوة وسق إل ساقية من ماء الفكر‪ ،‬لعلها تنبت لك شجرة "أنا جليس من ذكرن"‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫أميل من اليمي إل الشما ِل‬ ‫ُيرَنّحُن إليكَ الشوق حتـى‬
‫حُمَيّا الكأس حالً بعد حالِ‬ ‫كما مال الُعاقِر عـاودَتْـه‬
‫كما نشط السي من العِقالِ‬ ‫ويأخذن لذكـراك ارتـياحٌ‬
‫ُي َغصّصُن بذا الاءِ الزللِ‬ ‫وأيس ُر ما ألقي أن هـمّـا‬
‫هبت رياح الوف فقلقلت قلوب الائفي فلم تترك ثرة دمع ف فنن جفن‪ ،‬إذا نزل آب ف‬
‫القلب‪ ،‬سكن أذار ف العي‪.‬‬
‫يكفيك أن النار بي ضلـوعـي‬ ‫تبلن بفـا يزيد خـضـوعـي‬
‫قسم الوى ووحق فيض دموعي‬ ‫وحياة سقمي ف هـواك فـإنـه‬
‫ولعشقن عليك طول هلوعـي‬ ‫لوكلن عليك عين بـالـبـكـاء‬
‫كانت مع هشام بن حسان جارية ف الدار فكانت تقول‪ :‬أي ذنب عمل هذا? من قتل هذا? فتراه‬
‫الليل كله يبكي‪.‬‬
‫وشردت نومي فما ل رقاد‬ ‫ل يعـاد‬
‫تركت الفؤاد علـي ً‬
‫كان فتح الوصلي يبكي الدموع ث يبكي الدم‪ ،‬فقيل له‪ :‬على ماذا بكيت الدم? فقال‪ :‬خوفا على‬
‫الدموع أن تكون ما صحت ل‪.‬‬
‫قد طال لعظم ما عناه الشرح‬ ‫يا من لفؤاد وامق ما يصحـو‬
‫ذا يكتب شجوه وهذا يحـو‬ ‫والعي لا دم ودمع سـمـح‬
‫الفصل الامس والعشرون‬
‫يا من يعظه الدهر ول يقبل‪ ،‬وينذره القهر بن يرحل‪ ،‬ويضم العيب إل الشيب وبئس ما يفعل‪،‬‬
‫كن كيف شئت فإنا تازى با تعمل‪:‬‬
‫وذا زمانك فامرح فيه لزمنـي‬ ‫دعن فإن غري العقل لزمـنـي‬
‫والشيب جاء با أبغضت من من‬ ‫ولّى الشباب با أحببت من مـنـح‬

‫‪133‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وما حرصت عليه حي عن فنـي‬ ‫فما كرهت ثوى عندي وعنفـنـي‬
‫يا جايرا‪ ،‬كلما قيل أقسط قسط‪ ،‬يا نازلً‪ ،‬فسطاط الوى‪ ،‬على شاطئ الشطط‪ ،‬يا مهلً ل مهملً‬
‫ما عند الوت غلط‪ ،‬كم سلب وضيعا وشريفا سلبا عنيفا وخبط‪ ،‬أما مضغ الرواح? فلما طال‬
‫الضغ استرط‪ ،‬أما يكفي نذيرهم? بلى قد خوف الفرط‪ ،‬تال ما يبال حام المام أي حب لقط? أ‬
‫ما خط الشيب خط النهي عن الطآء لا وخط‪ ،‬أما آذن الشباب بالذهاب فماذا بعد الشمط?‬
‫يام ل لـعـب ول لـهـو‬ ‫ما أن يطيب لذي الرعاية لل‬
‫فيموت من أجزائه جـزو‬ ‫إذ كان يطرب ف مسرتـه‬
‫يا مدعوا إل ناته وهو يتوان‪ ،‬ما هذا الفتور? والرحيل قد تدان‪ ،‬يا مقبلً على هفواته ل يألو‬
‫بتانا‪ ،‬كأنك بالدمع يري عند الوت تتانا‪ ،‬وشغل التلف قد أوقد من شعل السف نيانا‪ ،‬وأنت‬
‫تبكي تفريطك حت لقد أقرحت أجفانا‪ ،‬والعمل الصال ينادي من كان أجفانا‪ ،‬احذر زلل قدمك‪،‬‬
‫وخف حلول ندمك‪ ،‬واغتنم وجودك قبل عدمك‪ ،‬واقبل نصحي ول تاطر بدمك‪.‬‬
‫عن الفاحشات انزجر وانتهِ‬ ‫إذا ما ناك امرؤٌ نـاصـحٌ‬
‫فكن حذرا بعدها أن تـي‬ ‫وإما علـوت إلـى رتـبة‬
‫فل تغترر بالن أنت هي‬ ‫وإما ترى مهجة ف الثرى‬
‫خاصم نفسك عند حاكم عقلك ل عند قاضي هواك‪ ،‬فحاكم العقل يدين وقاضي الوى يور‪،‬‬
‫كان أحد السلف إذا قهر نفسه بترك شهوة أقبل يهتز اهتزاز الرامي إذا قرطس‪ ،‬لا عرف القوم‬
‫قدر الياة‪ ،‬أماتوا فيها الوى فعاشوا‪ ،‬انتبهوا بأكف الد من الزمن ما نثره زمن البطالة‪.‬‬
‫على كل مغب الطوالـع قـاتـم‬ ‫وركب سروا والليل ملق رواقـه‬
‫فصار سراهم ف ظهور العزائم‬ ‫حدوا عزمات ضاقت الرض بينها‬
‫على عاتق الشعري وهام النعـائم‬ ‫تريهم نوم الليل ما يبتـغـونـه‬
‫رماح العطايا ف صدور الكارم‬ ‫إذا طردوا ف معرك الد قصفوا‬
‫هان عليهم طول الطريق لعلمهم أين القصد‪ ،‬وحلت لم مرارات البل حبا لعواقب السلمة‪ ،‬فيا‬
‫بشراهم يوم "هذا يومكم"‪.‬‬
‫نبكي الحبة حسرة وشـوقـا‬ ‫قف بالديار فـهـذه آثـارهـم‬
‫عن أهلها أو صادقا أو مشفقـا‬ ‫كم قد وقفت با أسائل مبـرا‬
‫فارقت من توى فعز اللتقى‬ ‫فأجابن داعي الوى ف رسها‬

‫‪134‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا ربوع الحباب أين سكانك? يا مواطن اللباب أين قطانك? يا جواهر الداب أين خزانك?‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫أسأر عندي أيامُهـا الـقُـ ُدمُ‬ ‫يطربن للمنازل الـيوم مـا‬
‫إليها ربوعُـهـا الـعُـجُـمُ‬ ‫وتطيبن على فصاحة شكواي‬
‫عل ّي عارٌ أن تبخـل الـدَّيمُ‬ ‫علي يا دار جه ُد عين ومـا‬
‫أو دمها إن سقى ثـراك دمُ‬ ‫لك الرضا من جِمام أدمعهـا‬
‫ك بعـدهُـمُ‬
‫جانٍ بواقٍ ل في ِ‬ ‫أما وعهد الغادين عنـكِ وأش‬
‫عيشٍ كأن اختلسه حُـلْـمُ‬ ‫وما أطال الن وأعرض من‬
‫نعم! على كل حـالة نَـعَـمُ‬ ‫هل هو إل أن قيل‪ :‬جُن بـم‬
‫ورسل أشواقنـا فـم وفـم‬ ‫بتـنـا وأطـواقـنـا يد ويد‬
‫يا هذا تنه ف أخبار الحبي إن ل تكن منهم‪ ،‬إن أهل الكوفة يرجون للتفرج على الاج‪ ،‬اقعد‬
‫على جانب وادي السحر لعل إبل القوم تر بك‪.‬‬
‫فعسى أريك به القطينا‬ ‫خذي على قطن يينـا‬
‫النوح والبل النينـا‬ ‫من تعلمت الـمـام‬
‫وآسف التقاعد عنهم‪ ،‬واحسرة البعيد منهم‬
‫سلو عن فؤادي ساكن ذلك الـوادي فقد مر متازا على يـنة الـوادي‬
‫مضى يطلب الحباب والقوم قد سروا فضل ومروا مسرعي مع الـادي‬
‫فها أنا أبكيهم وأبـكـيه بـعـدهـم وتطلبهم عين مع الرائح الـغـادي‬
‫وا حاجتنا إل رؤية القوم‪ ،‬ويا شدة إيثارهم البعد عنا‪ ،‬إن رأينا شخصا فأعلمتنا الفراسة أنه منهم‬
‫كانت هته الرب منا‪ ،‬وما ذاك إل للتباين بي أفعالنا وأعمالم فلنبك على هذه الال‪.‬‬
‫أندب الربع الحـيل‬ ‫عجبت لـا رأتـنـي‬
‫ل أرى إل الطـلـول‬ ‫واقفا ف الدار أبكـي‬
‫ل يلـون الـذمـيل‬ ‫كيف نبـكـي لنـاس‬
‫دارهم صاحوا الرحيل‬ ‫كلما قلت اطمـأنـت‬
‫كان بعض الصالي يتستر بإظهار النون فتبعه مريد فقال له‪ :‬وال ما أبرح حت تكلمن بشيء‬
‫ينفعن‪ ،‬فإن قد عرفت تسترك‪ ،‬فسجد وجعل يقول ف سجوده‪ :‬اللهم سترك‪ ،‬فمات‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وآونة اسـا وآونة لـبـنـى‬ ‫أسيك سعدى ف نسيب تـارة‬
‫وإل فمن سعدى لديك ومن لبنا‬ ‫حذارا من الواشي أن يسمعوا بنا‬
‫?الفصل السادس والعشرون‬
‫يا مدوعا قد فت‪ ،‬يا مغرورا قد غب‪ ،‬من لك إذا سوى عليك اللب? ف بيت قط ما سكن‪ ،‬سلب‬
‫الرفيق نذير والعاقل فطن‪.‬‬
‫فتأهب لشتـاتـك‬ ‫أنت ف دار شتات‬
‫صمته عن شهواتك‬ ‫واجعل الدنيا كـيومٍ‬
‫ال ف يوم وفاتك‬ ‫وليكن فطرك عنـد‬
‫إياك والدنيا فإن حب الدنيا مبتوت‪ ،‬واقنع منها باليسي فما يعز القوت‪ ،‬يا قوت الندم يغن عن‬
‫الياقوت‪ ،‬احذر منها فإنا أسحر من هاروت وماروت‪ ،‬ليس للماء ف قبضة مسك ثبوت "وإن‬
‫أوهن البيوت لبيت العنكبوت" أين من جع الال ومل التخوت‪ ،‬تساوى تت اللحود السادات و‬
‫التحوت‪ ،‬ما نفعه إن جال ف البأس جالوت ول رد عنه إن طال القوم طالوت‪ ،‬ول منع أصحابه‬
‫حلول التابوت‪ ،‬لقد أخرج الوت من قعر اليم الوت‪ ،‬قل للذين تديروا تدبروا‪ ،‬أين البيوت? جو‬
‫زوا على الذين جوزوا‪ ،‬فقد وعظ الفوت‪ ،‬كم مسئول عن عذره ف قبه مبهوت‪ ،‬لقد أنطق الو‬
‫عظ الصخور الصموت‪ ،‬أما يكفي زجرا أنك توت‪ ،‬بادر عمرا ف كل يوم يفوت‪ ،‬قل أنا تائب إ‬
‫ل كم سكوت? قد تعودت منك النفس ف الجلس‪ ،‬النطق بالتوبة فهي تسخو بالكلم لعلمها أنه‬
‫على غي أصل‪ ،‬ولو تيقنت صدق عزمك لتوقفت عن القول‪ ،‬هذا العصفور إذا كان على حائط ف‬
‫صحت به ل يبح فإذا أهويت إل الرض كأنك تناول حجرا يلمح يدك فارغة فلم ينفر‪ ،‬فإذا و‬
‫ضعت يدك على حجر رأى الد ففر‪ ،‬يا هذا‪ ،‬قولك أنا تائب من غي عزم‪ ،‬نفخ ف غي ضرم‪ ،‬بي‬
‫ض التراب ل يرج منه فرخ‪.‬‬
‫أخوان‪ ،‬العمر أنفاس تسي بل تطي‪ ،‬المل منام ل ترى فيه إل الحلم‪ ،‬هذا سيف الوت قد دنا‪،‬‬
‫فإن ضرب قدنا‪ ،‬هذا الرحيل ول زاد عندنا‪ ،‬انتبهوا من رقاد الغفلة‪ ،‬تيقظوا من نوم العطلة‪ ،‬عرج‬
‫وا عن طريق البطالة‪ ،‬ابعدوا عن ديار الوحشة‪ ،‬الفترة حيض الطباع‪ ،‬ووقوع العزية‪ ،‬رؤية النقا ف‬
‫حينئ ٍذ يتوجه الطاب بالتوجه إل مراب الد‪ ،‬أول منازل الخرة القب‪ ،‬فمن مات فقد حط رحل‬
‫السفر‪ ،‬وسائر الورى سائر‪ ،‬من كان ف سجن التقى فالوت يطلقه‪ ،‬ومن كان هائما ف بوادي ال‬
‫وى فالوت له حبس يوثقه‪ ،‬موت التعبدين عتق لم من استرقاق الكد ورفق بم من تعب الجاهد‬
‫ة‪ ،‬وموت العصاة سباء يرقون به لطول العذاب‪ ،‬من كان واثقا بالسلمة من جناية فرح يفك باب‬

‫‪136‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫السجن‪ ،‬لا توعد فرعون السحرة بالصلب أنساهم أمل لقاء البيب مرارة الوعيد "إنّا إل ربنا منق‬
‫لبون" يا فرعون غاية ما تفعل أن ترق السم‪ ،‬والركب قد سرى "ل ضي" من لحت له من‪ ،‬ن‬
‫سي تعب الدرج‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫وقرّ بذي الراك لا قرارُ‬ ‫مت رُفعت لا بالغور نار‬
‫بكم الشوق مطلولٌ جُبارُ‬ ‫فك ّل دمٍ أراق السي منهـا‬
‫ل بد للمحبوب من اختبار الحب "ولنبلونكم" أسلم أبو جندل بن سهيل فقيده أبوه‪ ،‬فلما نزل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم الديبية خرج أبو جندل يرسف ف قيده‪ ،‬فدخل ف الصحابة‪،‬‬
‫فقال سهيل‪ :‬هذا أول من أقاضيك عليه‪ ،‬فاستغاث أبو جندل‪ :‬يا معشر السلمي‪ ،‬أأرد إل الشرك‬
‫ي‪ ،‬فيفتنون عن دين‪ ،‬فقال الرسول‪ :‬ل بد من الوفاء فرد إليهم‪ ،‬فقدمه يسعى نوهم وقلبه يهز‬
‫جيوش اليل ف اللص‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫دونا ينهد ل بالشر َنهْـدا‬ ‫أنذرتن أم سع ٍد أن سـعـدا‬
‫ما أرى ل منك يا ظبية ُبدّا‬ ‫وعلى ما صفحوا أو نقمـوا‬
‫لا أسلم مصعب بن عمي حبسه أهله‪ ،‬فأفلت إل البشة‪ ،‬ث قدم مكة‪ ،‬فدخل على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأرسلت إليه أمه‪ ،‬يا عاق أتدخل بلدا أنا فيه ول تبدأ ب? فقال‪ :‬ما كنت ل‬
‫بدأ بأحد قبل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأرادت حبسه‪ ،‬فقال‪ :‬وال لئن حبستن لحرصن‬
‫على قتل من يتعرض ل‪ ،‬فتركته‪.‬‬
‫وعاذلي لوبـي فـي مـودتـكـم يا ليتهم وجدوا مـثـل الـذي أجـد‬
‫ل تفرطوا بعض هذا اللوم واقتصدوا‬ ‫لا أطالوا عتاب فيك قلـت لـهـم‬
‫جع حبس التعذيب بي بلل وعمار‪ ،‬مصادرين على بذل الدين فزوروا نطق عمار على خط‬
‫قلبه‪ ،‬فلم يغرفوا التزوير‪ ،‬وأصر بلل على دعوى الفلس فسلموه إل صبيانم ف حديدة‬
‫يصهرونه ف حر مكة‪ ،‬ويضعون على صدره وقت الرمضاء صخرة ولسان مبته يقول‪:‬‬
‫وللشوق ما ل يبق من وما بقى‬ ‫بعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقـي‬
‫وا عجبا‪ ،‬إيلم ذو حس على عشق يوسف? قدم الطفيل بن عمر والدوسي مكة فقالت له‬
‫قريش‪ :‬ل تدن من ممد فإنا ناف أن يفتنك‪ ،‬فسد أذنيه بقطنتي ث تفكر‪ ،‬فقال‪ :‬وال ما يفى‬

‫‪137‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عليّ السن من القبيح‪ ،‬فانطلق فسمع من رسول ال صلى ال عليه وسلم فأسلم‪.‬‬

‫ولكن من يبصر جفونك يعشق‬ ‫وما كنت من يدخل العشق قلبه‬


‫قطعت قريش لم خبيب‪ ،‬ث حلوه إل الذع ليصلب‪ ،‬فقالوا‪ :‬أتب أن ممدا مكانك? فقال‪:‬‬
‫وال ما أحب أن ف أهلي وولدي وأن ممدا شيك بشوكة‪ ،‬ث نادى وا ممداه‪.‬‬
‫دمعه ف الد صب‬ ‫إن ف السر لصبـا‬
‫وله بالشام قـلـب‬ ‫هو بالـروم مـقـيم‬
‫لا بعث معاذ إل اليمن‪ ،‬خرج الرسول يودعه‪ ،‬ودموع معاذ ترش طريق الوداع‪.‬‬
‫مشرق ركب مصعد عن مغرب‬ ‫ولا تزايلنا من الزع وانـتـأى‬
‫تسر وأن ل خلة بـعـد زينـب‬ ‫تبينت أن ل دار من بعد عـالـج‬
‫ل فتعلقمت بثلكم‪ ،‬خلت الديار من الحباب فلما فرغت ردم الباب‪.‬‬
‫كانت الدنيا بثلهم عس ً‬
‫للنابغة‪:‬‬
‫أعيت جوابا وما بالربع مـن أحـدِ‬ ‫ت فيها أصيلً كي أسـائلـهـا‬
‫وقف ُ‬
‫أخن عليها الذي أخن على لُـبَـدِ‬ ‫أضحت قفارا وأضحى أهلها احتملوا‬
‫حن ببعض أنديتهم ونادبا‪ ،‬وابك فقد الحباب ونادبا‪.‬‬
‫للبحتري‪:‬‬
‫وحاذتك صحراء الشواجر يا سعد‬ ‫إذا جزت بالغور اليمان مغربـا‬
‫سقت ربعك النواء ما فعلت هند‬ ‫فناد ديار العامـرية بـالـلـوى‬
‫الفصل السابع والعشرون‬
‫إن الدنيا مذ أبانت مبها أبانت حالا‪ ،‬لقد روت وما روت‪ ،‬فأرت مآلا‪ ،‬لقد عرف إدبارها من قد‬
‫ألف إقبالا‪ ،‬وما اطمأنت أرضها‪ ،‬إل زلزلت زلزالا‪.‬‬
‫قتلت قبلك سـامـا ثـم حـامـا‬ ‫قل لن فاخر بالـدنـيا وحـامـى‬
‫ندفن الِـ ّل ومـا فـي دفـنـنـا بعده شك ولـكـن نـتـعـامـى‬
‫إن قـدامـك يومـا لـو بـــه هددت شس الضحى عادت ظلما‬
‫فانتبه من رقـدة الـلـهـو وقـم وانف عن عي تاديك الـنـامـا‬
‫قد حوى واقرأ على القوم السلما‬ ‫صاح صح بالقب يبـرك بـمـا‬

‫‪138‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فالعظيم القـدر لـو شـاهـدتـه ل تد ف قبه إل الـعـظـامـا‬
‫تال لقد ركض الوت فأسرع ف الركض‪ ،‬بث النود وطبق الرض‪ ،‬ما حل على كتيبة إل‬
‫وفض‪ ،‬ول صاح بيش إل جاش وارفض‪ ،‬ول لوح إل طائر ف البج إل انقض‪ ،‬إذا تكلمت‬
‫قوسه بالنبض أسكنت النبض‪ ،‬بينا الياة تعرب بالرفع جعل الشكل الفض‪ ،‬أين مصون الصون‬
‫? أزعج عنها‪ ،‬أين مقصور القصور? أخرج منها‪ ،‬نقله هادم اللذات نقلً سريعا‪ ،‬ومقله ف بار ال‬
‫ل فظيعا‪ ،‬وفرق بينه وبي بنيه‪ ،‬وطرقه بطارق النقض فأنقض ما كان يبنيه‪ ،‬لقد ول ولء‬
‫فات مق ً‬
‫ذي ود ينفعه‪ ،‬وبان فبان لبان الدنيا مصرعه‪ ،‬هجره وال من هاجر إليه‪ ،‬ونسيه نسيبه وقد كان ي‬
‫نو عليه‪ ،‬فل صديقه صدقه ف مودته‪ ،‬ول رفيقه أرفقه ف شدته‪ ،‬حلوا وال بالبلء ف البلى‪ ،‬وودع‬
‫هم من أودعهم ث قلى‪ ،‬وانفردوا ف الخدود بي وحش الفل‪ ،‬وسألوا القالة فقيل‪ :‬أما هذا فل‪،‬‬
‫لو نطق الوتى بعد دفنهم لندموا على غيهم وافتهم‪ ،‬ولقالوا‪ :‬رحلنا عن ظلم شرورنا إل ظلم قبور‬
‫نا‪ ،‬وخلونا عن الخلء بترابنا ف آفات ل ترى بنا‪ ،‬أفترى مبنا إذ ظعنا‪ ،‬بن اعتاض عنا? وهذا م‬
‫صيك بعد قليل‪ ،‬فتأهب يا مقيم للتحويل‪ ،‬يا سليما يظن أنه سليم‪ ،‬جوارحك جوارحك‪ ،‬سور تق‬
‫واك كثي الثلم‪ ،‬وأعداؤك قد أحاطوا بالبلد‪ ،‬ويك‪ ،‬قبل الرمي تراش السهام‪ ،‬وبي العجز والتوا‬
‫ن ينتج التوى‪ ،‬يا قال القائل للنصايح إداؤك داؤك‪ ،‬كيف تتمع هتك مع غوغاء الن وضوضاء‬
‫الشهوات‪ ،‬كيف تتصرف ف مصالك والشواغل للشوي غل‪ ،‬كم صادفت الوى فصدفت? لقد‬
‫خدع قلبك الوى فاسترق فاسترق‪ ،‬أض ّر ما عليك سوء تدبيك‪ ،‬آه للبس شعار الطرد وما يشع‬
‫ر به وأسفا‪ ،‬لضروب ما يس صوت الشوط‪ ،‬عجبا لن أصيب بعقله وعقله معه‪ ،‬يا معثر القدام‬
‫مع إشراق الشمس‪ ،‬يا فارغ البيت من القوت ف أيام الصاد‪.‬‬
‫وغرامي من غرامي قاتلـي‬ ‫أملي من أملي ما ينقـضـي‬
‫جاء عامٌ مثله مـن قـابـل‬ ‫ت عـامـا فـاسـدا‬
‫كلما أفني ُ‬
‫عرض القدور ل ف أملي‬ ‫كلما أملت يوما صـالـحـا‬
‫أرتي منك وتدن أجـلـي‬ ‫وأرى اليام ل تُدنـي الـذي‬
‫يا جرحى الذنوب قد عرفتم الراهم‪ ،‬اخرجوا من قصر مصر الوى وقد لحت مدينة مدين‪،‬‬
‫اطلبوا بئر الشرب وإن صد الرعاء فلعل حضور موسى يتفق‪ ،‬مت استقامت لكم جادة البكاء فل‬
‫تعرجوا عنها‪ ،‬كان عمر بن عبد العزيز وفتح الوصلي يبكيان الدم‪.‬‬
‫تبدل الدمـع دمـا‬ ‫قولوا لسكان الـي‬
‫قد صار مرا علقما‬ ‫وكل شهد بعـدكـم‬

‫‪139‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إذا تكاثفت كثبان الذنوب ف بوادي القلوب‪ ،‬نسفها نسف أسف ف نفس‪ ،‬يا أهل الزلل قوموا‬
‫نفس أنفسكم فقد جع قسر القهر‪ ،‬بي الناقص والتام‪ ،‬لقد تاب ال على الؤمني "وعلى الثلثة‬
‫الذي ُخلّفوا"‪.‬‬
‫أيأس من أن تعطفوا‬ ‫لست وإن أعرضتـم‬
‫ول أفاق الشغـف‬ ‫فل برى وجدي بكم‬
‫حتـى يرد يوسـف‬ ‫وصب يعقوب معي‬
‫ك على ما فقدت ف بيت السف‪.‬‬
‫يا من كان له وقت طيب وقلب حسن‪ ،‬فاستحال خله خرا‪ ،‬اب ِ‬
‫من الوجدان يطفي نى البلبل‬ ‫لعل اندار الدمع يعقـب راحة‬
‫ت فتغيت‪ ،‬ما أجود جادتك فكيف تعثرت‪.‬‬
‫ما أحسن ما كن َ‬
‫بأنعم حال غبـطة وسـرور‬ ‫وكنا جيعا قبل أن يظهر الورى‬
‫بطون الوى مقلوبة لظهـور‬ ‫فما برح الواشون حت بدت لنا‬
‫البكاء على الفايت معول الزين‪.‬‬
‫لب تام‪:‬‬
‫فيا دمع اندن على ساكن ند‬ ‫واندت من بعد اتـهـام داركـم‬
‫عل ّي وجددت به خلق الـوجـد‬ ‫لعمري قد أخلفتم جدة الـبـكـا‬
‫يا معاشر الطرودين عن صحبة أهل الدين‪.‬‬
‫ونندب إخواننا الظاعنينا‬ ‫تعالوا نقم مأتا للفراق‬
‫هلموا نرق دمع تأسفنا على قبح تلفنا‪ ،‬ونبعث مع الواصي رسالة مضر لعلنا نظى بأجر‬
‫الصيبة‪ ،‬أنع الراهم لراحات الذنوب البكاء‪ ،‬هتكة الدمع ستر على الذنب‪.‬‬
‫قد كنت أصون دمعت فـي المـاق سترا للحب وهو مـا لـيس يطـاق‬
‫حت صاح الوجد عن صحيح الشواق ما حيلة من بلى بهـجـر وفـراق‬
‫كان ممد ابن النكدر كثي البكاء فسئل عن ذلك فقال‪ :‬آية من القرآن أبكتن "وبدا لم من ال‬
‫ما ل يكونوا يتسبون" كيف ل تذهب العيون من البكاء? وما تدري ما قد أعد لا‪.‬‬
‫سبقت السعادة لحمد صلى ال عليه وسلم قبل كونه‪ ،‬ومضت الشقاوة لب جهل قبل وجوده‪،‬‬
‫وخوف العارفي من سوابق القدار قلقل الرواح هيبة "ل يُسئل" مع تكم "ولو شئنا لتينا كلّ ن‬
‫فسٍ هداها" قوي قلق العلماء‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ماذا فعلوا أم من قتـلـوا‬ ‫أترى سألوا لا رحـلـوا‬
‫فعندي اليوم بم شـغـل‬ ‫أحليف النوم أقل الـلـوم‬
‫قلب فيعي منذ احتمـلـوا‬ ‫أدن جزعي ل يبق معـي‬
‫كمدي وهبوا كبدي تبلـوا‬ ‫جلدي سلبوا جسدي نبـوا‬
‫أترى عرفت ما ب البل‬ ‫لا ذرفت عين وقـفـت‬
‫وهو راحي وأنا الثـمـل‬ ‫ولا اللحي وهو الصاحي‬
‫الفصل الثامن والعشرون‬
‫تيقظ لنفسك يا هذا وانتبه‪ ،‬وأحضر عقلك وميز ما تشتبه‪ ،‬أما هذا منلك اليوم? وغدا لست به‪.‬‬
‫ول تكمن با يشـتـبـه‬ ‫إذا ما انلى الرأي فاحكم به‬
‫فإن الوفق من ينـتـبـه‬ ‫ونبّه فـؤادك مـن رقـدة‬
‫وعظت به فانتبه أنت بـه‬ ‫وإن كنتُ ل أنتبه بـالـذي‬
‫لقد أمكنت الفرصة أيها العاجز‪ ،‬ولقد زال القاطع وارتفع الاجز‪ ،‬أين المم العالية وأين‬
‫النجايز? أما تاف هادم اللذات والن الناجز? أما اعوجاج القناة دليل على الغامز? أما الطريق‬
‫طويلة وفيها الفاوز‪ ،‬أما القبور قنطرة العبور فمن الجاوز‪ ،‬أما يكفي ف التنغيص حل النايز? أما‬
‫العدو مارب فهل من مبارز? أما المن بعيد واللك ناشز‪ ،‬والقنا مشرع والطعن واخز‪ ،‬تال تطل‬
‫ب الشجاعة من بي العجايز‪ ،‬وتروم إصلح فارك وتقوي ناشز‪ ،‬إن ل يكن سبق التصديق فلتكن‬
‫توبة ماعز‪ ،‬ما هذه الغفلة والبلى مصيك! وكم هذا التوان فلقد أودى تقصيك‪ ،‬أما صاح بك ف‬
‫سلب نذيرك‪ ،‬أفل تتأهب لقدساء تدبيك‪.‬‬
‫إبْ يا شارد الطبع من سفر الوى‪ ،‬وأذب جامد الدمع بنيان السى‪ ،‬لعل شفيع العتراف يسئل‬
‫ف أسي القتراف‪ ،‬نق عينيك من عيوبك‪ ،‬وخلص ذنوبك من بر ذنوبك‪ ،‬وصن صندوق فمك‬
‫بقفل صمتك‪ ،‬واطو طيلسان لسانك عن بذلة نطقك‪ ،‬وأغمض عينك عن عيبك حفظا لدينك‪ ،‬و‬
‫اكفف كفك مكتفيا با كفك‪ ،‬وابن منب التذكي لواعظ القلب ف ساحة الصدر‪ ،‬وناد ف شجعان‬
‫العزائم ورهبان الفكر‪ ،‬هلموا إل عقد ملس الذكر‪ ،‬واحذر عي العدو أن يوقع تشتيت الم ف‬
‫جع العزم‪ ،‬فإن رماك القدر بسهم الفتور عن قوس الكمة من يد لكل عامل فترة فاتق بنة العت‬
‫ذار‪ ،‬فإن ألقى كرة قلبك إل صولان التقليب ف بيداء الؤمن مفت فجل ف ميدان الدل فإن دب‬
‫ذئب الوى فعاث ف مزرعة التقى فأقم ناطور القلق‪ ،‬فإن أفلت دجال الطبع فأقام صليب الزلل و‬
‫أطلق خنير الشره فألأ إل حرم التوبة واستغث بعيسى العون لعله ينل من ساء اللطاف فيهل‬

‫‪141‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ك الدجال ويقتل النير ويكسر الصليب‪ ،‬اجلس ليلة على مائدة السحر وذق طعام الناجاة تنس‬
‫يك كل لذة‪ ،‬أرواح السحار ل يستنشقها من كوم غفلة‪ ،‬إنا لتأت بألطاف البيب ث تعود فيحا‬
‫ء تطلب رسالة‪ ،‬فمن ل يكتب كتابا فماذا يبعث? لو وقفت على جادة التهجد ليلة لرأيت ركب‬
‫الحباب لو سرت ف أعراض القوم لرك قلبك صوت الداة‪ ،‬أقبلت رياح السحار فاحتشمت‬
‫تقبيل أقدامهم‪ ،‬وذكت أذيال أثوابم‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫على الكئيب فضول الرّيط واللّمم‬ ‫وأمستِ الريحُ كالغيى تاذبنـا‬
‫يُضيئنا البقُ متازا على َأضَم‬ ‫يشي بنا الطـيبُ أحـيانـا وآونةً‬
‫روية الفجر بي الضال والسلم‬ ‫يُولّع الطلّ ُب ْردَيْنا وقد نسـمـت‬
‫حديث القوم مع الدجى يطول‪ ،‬يسيحون ف فلوات خلواته‪ ،‬يندبون أطلل الب ويرتاحون إل‬
‫تنسمه لشدة الطرب‪.‬‬
‫وإن لستنشي الـشـمـال إذا جـرت حنينا إل آلف قلـبـي وأحـبـابـي‬
‫وأهدي مع الريح الـنـوب إلـيهـم سلمي وشكوى طول حزن وأوصاب‬
‫واعجبا الرسايل تمل ف السحار‪ ،‬ل يدري با الفلك‪ ،‬والجوبة ترد إل السرار ل يعلمها‬
‫اللك‪.‬‬
‫سقى العقيق وأهله وزمانـه‬ ‫يا حبذا رند العقـيق وبـأنـه‬
‫وصفت على عصبائه غدرانه‬ ‫راقت خايله ورق نسـيمـه‬
‫وتايلت بيد الصبا أفـنـانـه‬ ‫وشكت تباريح الصبابة ورقـه‬
‫ف حزنه لعبت به أشجانـه‬ ‫يا مفردا ف حسنه صل مفردا‬
‫صابت مدامعه وجن جنانـه‬ ‫صبا إذا ذكر العقيق وأهـلـه‬
‫اجتمع الحبون ف مساجد التعبد أول الليل‪ ،‬فرماهم الوجد ف آخره على قوارع الطرق‪.‬‬
‫والراح تشي بم مشي الـفـرازين‬ ‫مشوا إل الراح مشى الرخ فانصرفوا‬
‫أرواح أزعجها الب‪ ،‬وأقلقها الوف‪ ،‬سبحان من أمسكها باللطف‪.‬‬
‫ماتوا وإن عاد من يهوونه بعثـوا‬ ‫قوم إذا هجروا من بعد ما وصلوا‬
‫كفتية الكهف يدرون ل كم لبثـوا‬ ‫ترعى الحبي صرعن ف ديارهم‬
‫موتى من الب أو قتلى لا حنثوا‬ ‫وال لو حلف العـشـاق أنـهـم‬

‫‪142‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ملسنا بر‪ ،‬يرده الفيل والعصفور كل أناس مشربم أطيار صناعتها ف الو بالقلب‪.‬‬
‫فأين الطروب‪ ،‬سحائب التفهيم قد هطلت بودق البيان‪ ،‬أفتراها أخضرت رياض الذهان? نن ف‬
‫روضة طعامنا فيها الشوع وشرابنا فيها الدموع ونقلنا هذا الكلم الطبوع‪ ،‬نداوي أمراضا‬
‫أعجزت بتيشوع‪ ،‬ونرقى الاوي ونرقى اللسوع‪ ،‬فليته كان كل يوم ل كل أسبوع‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫فتنتهم عـيون ذاك الـسـربِ‬ ‫يا صحاب وأين منّي صحـبـي‬
‫وما هن غي طعـن وضـربِ‬ ‫كلمات أساؤهن اسـتـعـارات‬
‫وقـتـل يلـذّ غـي الـحـبّ‬ ‫أرن ميتة تطيب با الـنـفـس‬
‫وطري إن قضيته أو نـبـي‬ ‫ل تزل ب عن العقـيق فـفـيه‬
‫خفّي عن وللعـيس‪ :‬هـبّـي‬ ‫ل رعيتُ السوا َم إن قلتُ للصحبة‬
‫وحدي أتكلم‪ ،‬وجدي يتأل‪ ،‬أل مريد يتعلم? أل دموع تتسلم? لبن العلم‪:‬‬
‫فاحبس وعان بليلى ما تعانيه‬ ‫هو المى ومغانيه معانـيه‬

‫حديث ند ول صب تـجـاريه‬ ‫ما ف الصحاب أخو وجد تطارحه‬


‫ساه وعن كل دمع ف مـآقـيه‬ ‫إليك عن كل قلب ف أمـاكـنـه‬
‫ويستبيح دمي مـن ل أسـمـيه‬ ‫يوهي قوى جلدي من ل أبوح به‬
‫ضعفا بلى ف فؤادي مـا يداريه‬ ‫يبلى فما ف لسان ما يعـاتـبـه‬
‫الفصل التاسع والعشرون‬
‫أخوان تفكروا ف مصارع الذين سبقوا‪ ،‬وتدبروا مصيهم أين انطلقوا? واعلموا أن القوم‬
‫انقسموا وافترقوا‪ ،‬قوم منهم سعدوا ومنهم قوم شقوا‬
‫يبدو ضئيلً لطيفـا ثـم يتـسـق‬ ‫والرء مثل هللٍ عند طلـعـتـه‬
‫كر الديدين نقصا ث ينـمـحـق‬ ‫يزداد حت إذا ما تـم أعـقـبـه‬
‫فقد تطاير منه للـبـلـى خـرق‬ ‫كان الشباب ردا ًء قد بجـت بـه‬
‫كالليل ينهض ف أعجازه الفلـق‬ ‫وبات منشمرا يدو الشـيب بـه‬
‫للراكني إل الدنيا وقد صـدقـوا‬ ‫عجبتُ والدهر ل تفن عجـائبـه‬
‫وطال بالفجع والتنغيص ما طرقوا‬ ‫وطال ما نغصوا بالفجع ضاحـية‬

‫‪143‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وذو التجارب فيها خـائف فـرق‬ ‫دار تغر با المـال مـهـلـكة‬
‫بعد البيان ومغرور بـهـا يثـق‬ ‫يا للرجال لخدوع بزخـرفـهـا‬
‫أين اللوك ملوك الناس والسـوق‬ ‫أقول والنفس تدعون لباطـلـهـا‬
‫قد كان فيها لم عيش ومرتـفـق‬ ‫أين الذين إل لذاتـهـا ركـنـوا‬
‫كأنم ل يكونوا قبلهـا خـلـقـوا‬ ‫أمست مساكنهم قفرا مـعـطـلة‬
‫يا أهل لذات دار ل بـقـاء لـهـا إن اغترارا بظـل زايل حـمـق‬
‫أين من كان ف سرور وغبطة? أين من بسط اليد ف بسيط البسطة? لقد أوقعهم الوت ف أصعب‬
‫خطة‪ ،‬جسروا على العاصي فانقلبت على اليم النقطة‪ ،‬بيناهم ف الطأ خطا إليهم صاحب‬
‫الشرطة‪ ،‬هذا دأب الزمان فإن صفا فغلطة‪ ،‬كم تون الوت منا أخوانا‪ ،‬وكم قرن ف الجداث أق‬
‫رانا‪ ،‬كم مترف أبدله الوت ديدانا‪ ،‬وهذا أمر إلينا قد تدان‪ ،‬كم معد عودا لعيده? صارت ثيابه أ‬
‫كفانا‪ ،‬وما شاهدنا مصرعها وما كفانا‪ ،‬كم مسرور بقصره عوض من قبه أعطانا‪ ،‬افترانا‪ ،‬هذا ا‬
‫لمن‪ ،‬من أعطانا?‬
‫خزمنا له قسرا بغي خزائم‬ ‫لنمنا وصرف الدهر ليس بنائم‬
‫من سعى إل شهواته مستعجلً تعثر بسك السف‪ ،‬تلمح العواقب قبل الفعل أمان من الندم‪ ،‬قد‬
‫عرفتم عقابيل قابيل وعلمتم حسن سرابيل هابيل‪:‬‬
‫خي من الرى ف أعقابه لسع‬ ‫الشرى يوجد ف أعقابه ضرب‬
‫الوى مطمورة ضيقة ف حبس وعر ومذ خلق الوى خلق الوان‪ ،‬ل يتصرف الوى إل بربع قلب‬
‫فارغ من العلم‪ ،‬الهل خندق يول بي الطالب والطلوب والعلم يدل على القنطرة‪ ،‬كتابة العلم‬
‫ف ليل الهل تفتقر إل مصباح فطنة ودهن الذهن غال‪ ،‬ما قدر لص قط على فطن‪ ،‬ومت نام حار‬
‫س الفكر انتبه لص الوى‪ ،‬من ثبت قلبه ف حرب الشهوات ل يتزلزل قدمه‪ ،‬أول ما ينهزم من ال‬
‫هزوم عقله‪ ،‬ما دمتَ ف حرب العدو فل تبال بالراح‪ ،‬فإنه قد يصاب الشجاع‪ ،‬إنا الهادنة دليل‬
‫الذل‪ ،‬تأثيات الذنوب على مقاديرها‪ ،‬وقعت غلطة من يوسف ف ُقدّ القميص وقويت زلة آدم‪ ،‬فخ‬
‫رج عريانا من الثياب‪ ،‬أين عزية توبة ماعز? ل عزية توبة‪ ،‬أين هم أويس ل غم قيس‪ ،‬ما ل يكن‬
‫لك مرّك من باطنك فاللق تضرب ف حديد بارد‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫وتأب عريكته أن تلينا‬ ‫ظللت أكر عليه الرقي‬

‫‪144‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويك‪ ،‬من زم جوارحه ولزم الباب كان على رجاء الوصول‪ ،‬فكيف بن لزم ول لزم‪ ،‬طوب‬
‫للزهاد لقد مروا ف الطلق‪ ،‬من يرافقن إل ديار القوم? ما أجوز على البلدان إنا أمضى على‬
‫السماوة‪ ،‬وهذه خيام ليلى فأين ابن اللوح‪:‬‬
‫بعد بعد القوم خبـر‬ ‫هذي منازلم ومال‬
‫من دونه صد وهجر‬ ‫ويلي أحظى كـلـه‬
‫كان سري يدافع أول الليل فإذا جن أخذ ف البكاء إل الفجر‪:‬‬
‫من عن شال وعن يين‬ ‫أقطع ليلى وجيش وجـدي‬
‫لعاد عن مدنـف حـزين‬ ‫تال لو عـادنـي رسـول‬
‫أسرق من زفرت أنينـي‬ ‫ما حيلت فيك غـي أنـي‬
‫ذلوا له ليضى‪ ،‬فإذا رأيتهم قلت مرضى‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫وقتيل حب ما يقـاد‬ ‫مرض بقلب ما يعاد‬
‫أبصرت أولـم يذاد‬ ‫يا آخر العشـاق مـا‬
‫نبا ولو ردوا لعادوا‬ ‫يقضي التيم منهـم‬
‫يأنسون ف الدجى بالظلم‪ ،‬ويطربون بنوح المام‪ ،‬مرضى البدان من طول الغرام‪ ،‬أصحاء‬
‫القلوب مع السقام‪ ،‬إذا ذكرت حبيبهم رأيت الستهام قد هام‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ذكر المى أطيب ما غُنّـيا‬ ‫ت رفيقا فـأعِـد‬
‫وأنتَ إن كن َ‬
‫وذكرهم أن يذهب الشجونـا‬ ‫أ ِعدْ فمن آية سكان الـمـى‬
‫إن الزين يسعد الـزينـا‬ ‫شجوا كشجوى يا حام ساعدي‬
‫تلج البق علـى يبـرينـا‬ ‫كم من دموع ردها صوب دم‬
‫قال الشبلي‪ :‬لقيت جارية حبشية‪ ،‬فقلت‪ :‬من أين? فقالت‪ :‬من عند البيب‪ ،‬قلت‪ :‬وإل أين?‬
‫قالت‪ :‬إل البيب‪ ،‬قلت‪ :‬ما الذي تريدين من البيب? قالت‪ :‬البيب‪ .‬قلت‪ :‬فكم تذكرين‬
‫البيب? فقالت‪ :‬ما يسكن لسان عن ذكراه حت ألقاه‪:‬‬
‫وليس ل ف سواكم بعدكم غرض‬ ‫وحرمة الورد ما ل عنكم عوض‬
‫فقلت ل زال عن ذلك الـرض‬ ‫ومن حديثي بكم قالوا بـه مـرض‬

‫‪145‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫رأى معروف ف النام كأنه تت العرش‪ ،‬فقال ال عز وجل‪ :‬ملئكت من هذا? فقالوا‪ :‬أنت أعلم‪،‬‬
‫هذا معروف قد سكن من حبك‪ ،‬فل يفيق إل بلقائك‪:‬‬
‫فداو سقما بسم أنـت مـتـلـفـه وابرد غراما بقلب أنت مضـرمـه‬
‫ول تكلن على بـعـد الـديار إلـى صبي الضعيف فصبي أنت تعلمه‬
‫تلق قلب فقـد أرسـلـتـه فـرقـا إل لقـائك والشـواق تـقـدمـه‬
‫الفصل الثلثون‬
‫أخوان البدار البدار‪ ،‬والد الد‪ ،‬فالصم معد‪ ،‬والقصم مد‪:‬‬
‫ي مـظـنـون‬
‫فل تظنن أمرا غـ َ‬ ‫ي مـأمـون‬
‫مكرُ الزمان علينـا غـ ُ‬
‫ذات الن دون مكر البيض والون‬ ‫بل الخوف علينا مك َر أنـفـسـنـا‬
‫إن الليالـي واليام قـد كـشـفـت من مكرها كل مستور ومـكـنـون‬
‫وحدثتنـا بـأنـا مـن فـرائسـهـا نواطقا بفصـيح غـي مـلـحـون‬
‫واستشهدت من مضي منا فأنـبـأنـا عن ذاك كل لقي مـنـا ومـدفـون‬
‫أخلفها صد عنها صـد مـزبـون‬ ‫وأم سـوء إذا مـا رام مـرتـضـع‬
‫تبا لكل سفـيه الـرأي مـغـبـون‬ ‫ونن ف ذاك نصيفهـا مـودتـنـا‬
‫ل ولكن علم مـفـتـون‬
‫بل ليس جه ً‬ ‫ل قد أضـر بـنـا‬
‫نشكو إل ال جه ً‬
‫إل صحيحا له أفعـال مـجـنـون‬ ‫أغوى الوى كل ذي عقل فلست ترى‬
‫حت مت نشـتـري دنـيا بـآخـرة سفاهة ونبـيع الـفـوق بـالـدون‬
‫فيها بكل طرير الـد مـسـنـون‬ ‫نبن العـاقـل والعـداء كـامـنة‬
‫وقد أب قبلنـا تـخـلـيد قـارون‬ ‫ونمع الال نرجـو أن يـلـدنـا‬
‫عنها النفوس ول نسخر بـا عـون‬ ‫نظل نستنـفـق العـمـار طـيبة‬
‫أل تأخر نـقـد بـعـد عـربـون‬ ‫ومـا تـأخـر حـي بـعـد مـيتة‬
‫يا من دعى إل نفعه نبا ونشز‪ ،‬يا جامعا لغيه ما جع وكن‪ ،‬يا متثبطا ف الي فإذا لح الشر جز‪،‬‬
‫كأنك بالل وقد أل‪ ،‬فنكى ونكز‪ ،‬وكد التبار الروح بالتباريح‪ ،‬واشتد العلز‪ ،‬وأخذ النفس النفس‬
‫فاضطرها وحفز‪ ،‬ودارت ف فلك الفوت فإذا ملك الوت قد برز‪ ،‬فسماك بالقبور وبالثبور قد نب‬
‫ز‪ ،‬فتأهب فالسعيد منا من تأهب للخي وانتهز‪ ،‬لقد علت سنك وانتهيت‪ .‬وما انتبهت ول انتهي‬
‫ت‪ .‬أتعبت ألف رايض ول تؤد الفرايض‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل حلت فيه وزرا ثقيلً‪ .‬كم نصب لك الوت دليلً إذ ساق العزيز ذليلً‪ ،‬ل‬
‫كم ضيعت عمرا طوي ً‬
‫قد حل إل القبور جيلً جيلً‪ ،‬ونادى ف الباقي رحيلً رحيل‪ ،‬لكن الوى أعاد الطرف كليل‪ ،‬وم‬
‫ا كان الذي رأيت قليل‪ ،‬يا مرضا عجيبا كم أتعبت طبيبا‪ ،‬لقد تنوع ضروبا فأخذ كل عضو نصي‬
‫با‪ ،‬إلم يبقى الغصن رطيبا? من يرد برد الصب قشيبا‪ ،‬لقد أمسى الوت قريبا‪ ،‬وستبصر يوما غري‬
‫با‪.‬‬
‫عجبا لك‪ ،‬ل الدهر يعظك‪ ،‬ول الوادث تنذرك‪ ،‬والساعات تعد عليك‪ ،‬والنفاس تعد منك‪ ،‬وأ‬
‫حب أمريك إليك‪ ،‬أعودها بالضرر عليك‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬من جل بصيته من قذى الوى جلّى على بصره عرائس الدى‪ .‬الصور تزاحم العان فمن‬
‫حلها حلى بغن العن فتعلم حلها بالتدريج‪ .‬كل ذرة من الكون تب بلغة بليغة عن حكمة‬
‫الفاطر‪ ،‬غي أنه ل يفهم نطق الوامد إل العقل نظر البصار اليوم إل الصانع بواسطة الصنوع تد‬
‫ريج إل رفع الوسايط غدا‪ ،‬يا مبوسا ف سجن غفلته أخرج من ديار أدبارك واعب ف معب اعتبار‬
‫ك‪ ،‬قف على بعض بقاع قاع ترى كيف نت خضرة حضرته بأسرار الالق إذ تت‪ .‬تلمح أصنا‬
‫ف النبات ف ثياب الثبات قد برزت ف عيد الربيع تيس طربا بالري‪ ،‬تأمل متلف اللوان ف الغ‬
‫صن الواحد‪ ،‬فإن صباغ القدرة صناع‪ .‬اسع غناء الورق‪ ،‬على عيدان العيدان‪ .‬لعل مقاطع السج‬
‫وع توجب رجوع القاطع‪:‬‬
‫ولقد أشكو فما تفهمـنـي‬ ‫ولقد تشكو فما أفهـمـهـا‬
‫وهي أيضا بالوى تعرفن‬ ‫غي أن بالوى أعرفهـا‬
‫المائم نواح الشتاقي قد رضيت من خلعهم بريان الدموع‪:‬‬
‫قد جرعها الفراق كأس الزن‬ ‫ناحت سحرا حامة ف غصن‬
‫ما يبكي باك إل ويروي عنـي‬ ‫تبكي شجنا تلـقـتـه مـنـي‬
‫واعجبا‪ ،‬مت يثمر لك وجود الثمر معرفة النعم‪ .‬كم تنضج الثمار وتتناولا وثرة عرفانك بعد‬
‫فجة‪ .‬ليس حظك من النبات إل الكل‪ .‬أين التدبي لعجيب الصنعة والصنع‪ .‬يا مؤثرا ضنك‬
‫الس‪ ،‬على فضاء العقل‪ .‬كيف تبيع صفاء للتأمل بكدر الهال? من العجب أن ندعوك إل تلم‬
‫ح العب ف الغي وأنت ما تبصر نفسك‪ ،‬تدبر قطرة قطرة من ماء‪ .‬صبت على إيقاد نار الشهوة‪.‬‬
‫كيف ظهرت فيها عن حركات اللذة? رقوم نقوش عقدتا يد القدرة‪ .‬كما تظهر الصورة ف ثوب‬
‫السقلطون عن حركات الشد‪.‬‬
‫تأمل نطفة مغموسة ف دم اليض‪ ،‬ونقاش القدرة يشق سعها وبصرها من غي مساس‪ .‬كيف ترب‬

‫‪147‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف حرر مصون عن مشعب‪ ،‬بينا هي ترفل ف ثوب نطفة اكتست رداء علقة‪ .‬ث اكتست صفة م‬
‫ضغة‪ ،‬ث انقسمت إل عظم ولم‪ .‬فاستترت من يد الذى بوقاية جلد‪ .‬ث خرجت ف سربال الكم‬
‫ال تسحب مطارف الطرائف‪ .‬فبينا هي ف صورة طفل درجت درجة الصب‪ .‬فتدرجت إل النطق‬
‫وتشبثت بذيل الفهم‪ .‬فكم من صوت بي أرجل النقل من تريك جلجل العب‪ .‬ف خلخل الفكر‬
‫‪ ،‬كلما رنت غنت ألسن الدى ف مغان العان‪ .‬وكيف يسمع أطروش الغفلة? هذا بعض وصف ا‬
‫لظاهر‪ ،‬فكيف لو فهمت معن الباطن? الدمي كتاب مسطور‪ .‬وشخصه رق منشور‪ .‬قلبه بيت مع‬
‫مور‪ .‬هه سقف مرفوع‪ .‬علمه بر مسجور‪ .‬من ينتفع بأساعكم بعدي? وما تسن اليام تكتب م‬
‫ا أملى‪.‬‬
‫الفصل الادي والثلثون‬
‫يا جامعا الال لغيه‪ ،‬تاركا للتزود ف سيه‪ ،‬أتظى بشر كسبك‪ ،‬ويصل سواك بيه‪:‬‬
‫ما الرء ف الدنيا بلبـاث‬ ‫سابق إل مـالـك وراثـه‬
‫قد صلح ف ميزان مياث‬ ‫كم صامت ينق أكـياسـه‬
‫أين جامع الدنيا? طرحها واطرح‪ ،‬أين اللهي با? حزن بعد أن فرح‪ ،‬جال ف وصف الرب عنها‬
‫ل فإذا الرجل قد ذبح‪ ،‬بينا هو ف لذاته يغتبق ويصطبح برح به‬
‫فاغتيل وجرح‪ ،‬وظن المر سه ً‬
‫أمر مرحل‪ ،‬فما برح نزل وال لدا ضيقا فما ينفسح‪ ،‬وصمت تت الثرى فكأنه ل ينطق ول يص‬
‫ح‪ ،‬وكتب على قبه ما أخّر خسر‪ ،‬وما قدم ربح‪ ،‬وعدل إل قصره بعد الدفن فافتتح‪ ،‬وأصبحت‬
‫سهام الوارث ف ماله تنتطح‪ ،‬يا معرضا عن الدى والمى متضح‪ ،‬أو ما حالك كهذا الال?‬
‫الذي شرح‪ ،‬كأنك بك ف ضيق خناقك تبكي على قبيح أخلقك‪ ،‬وحبل الدموع تري ف‬
‫حلبات آماقك‪ ،‬وقد تيت عند التفاف ساقك بساقك‪ ،‬وأسرت ل بقيد عن حركات إطلقك‪،‬‬
‫وناداك تفريطك‪ :‬هذا بعض استحقاقك‪.‬‬
‫لك ناصح ل تكذبـنـه‬ ‫ل تكـذبـن فـإنـنـي‬
‫ت فإنا نـار وجـنة‬ ‫فاعمل لنفسك ما استطع‬
‫أخوان‪ ،‬كم من حريص قد جع الال جع الثريا? فرقته القدار تفريق بنات نعش‪ ،‬يا ذا اللب‪،‬‬
‫حدثن عنك‪ ،‬أتنفق العمر الشريف ف طلب الفان الرذيل? ويك‪ ،‬إن الوى مرعاد مباق بل‬
‫مطر‪ ،‬الدنيا ل تساوي نقل أقدامك ف طلبها‪ ،‬أرأيت غزالً يغدو خلف كلب‪ ،‬الدنيا ماز والخر‬
‫ى وطن‪ ،‬والوطار ف الوطان أطوار‪ ،‬إيثار ما يفن على ما يبقى برسام حاد‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ا أبناء الدنيا إنا مذمومة ف كل شريعة‪ ،‬والولد عند الفقهاء يتبع الم‪ ،‬يا من هو ف حديثها أنطق‬
‫من سبحان‪ ،‬وف انتقاد الدناني أنسب من أغفل‪ ،‬فإذا ذكرت الخرة فأبله من باقل‪ ،‬حيلتك ف‬
‫تصيلها أدق من الشعر‪ ،‬وأنت ف تدبيها أصنع من النحل‪ ،‬وعي حرصك عليها أبصر من العقا‬
‫ب‪ ،‬وبطن أملك أعطش من الرمل‪ ،‬وفم شرهك أشرب من اليم‪ ،‬تمع فيها الدر جع الذر‪ ،‬يا رف‬
‫يقا ف البله لدود القز‪ ،‬ما انتفعت بوهبة العقل‪:‬‬
‫ويهلك غما وسط ما هو ناسجه‬ ‫كدود كدود القز ينسـج دائمـا‬
‫ويك‪ ،‬إن سرورها أقتل من السم‪ ،‬وإن شرورها أكثر من النمل‪ ،‬إنا ف قلبك أعز من النفس‪،‬‬
‫وسنصي عند الوت أهون من الرض‪ ،‬حرصك بعد الشيب أحر من المر‪ ،‬أبقي عمر? يا أبرد‬
‫من الثلج‪ ،‬يا من هو عن ناته أنوم من فهد‪ ،‬ضيعت عمرا أنفس من الدر‪ ،‬أنت ف الشر أجرى‬
‫من جواد‪ ،‬وف الي أبطأ من أعرج‪ ،‬تسعى إل العاجل سعي رث‪ ،‬ويشي ف الجل مشي فرزان‪،‬‬
‫الزكاة عليك أثقل من أحُد‪ ،‬والصلة عندك كنقل صخر على ظهر‪ ،‬وطريق السجد ف حسبان ك‬
‫سلك كفرسخي دير كعب‪ ،‬صدرك عن حديث الدنيا أوسع من البحر‪ ،‬ووقت العبادة أضيق من‬
‫تسعي‪ ،‬معاصيك أشهر من الشمس‪ ،‬وتوبتك أخفى من السهي‪ ،‬إن عرضت خطيئة وثبت وثوب‬
‫النمر‪ ،‬فإذا لحت طاعة رغت روغان الثعلب‪ ،‬تقدم على الظلم أقدام السبع‪ ،‬وتطف المانة اخت‬
‫طاف الدأة‪ ،‬يا أظلم من اللندي ما تأمنك غزلن الرم‪ ،‬يا كنعان المل‪ ،‬يا نرود اليل‪ ،‬يا نعم‬
‫ان الزلل‪ ،‬أنت ف حب الال شبه الباحب‪ ،‬وف تبذير العمر رفيق حات‪ ،‬تشي ف المل على طري‬
‫ق أشعب‪ ،‬وستندم ندامة الكسعي‪ ،‬يا عذري الوى ف حب الدنيا‪ ،‬يا كوف الفقه ف تصيلها‪ ،‬يا ب‬
‫صري الزهد ف طلب الخرة‪ ،‬إنا يتعب ف تعليم البازي ليصيد ماله قدر‪ ،‬ولا تعلم بازي فكرك‪،‬‬
‫أرسلته على اليف‪.‬‬
‫ويك تفكر قبل سلوك طريق الوى‪ ،‬ف كثرة العاثر والصدمات أوما الكروهات ف طي الحبوبا‬
‫ت كوامن? يا مطلقا نفسه ف مظور شهواتا‪ ،‬اذكر الغمس ف الرمس‪ ،‬يا ذا البال الناعم فوق ا‬
‫لرض‪ ،‬اذكر الناعم البال تتها‪ ،‬أتلفق? والزمان يفرق‪ ،‬أتؤلف? والدثان يزق‪ ،‬أتصفي? والدهر‬
‫يرنق‪ ،‬أتؤمل? والوت معوق‪ ،‬ويك إن القاصد قاصم‪ ،‬وما للعاصي عاصم‪ ،‬أنت ف أرباب الذنو‬
‫ب غريق‪ ،‬وف روم الوى بطريق‪ ،‬فاحذر عقاب الكابر‪ ،‬يا قليل البة بالطريق اطلب رفقة‪ ،‬إذا‬
‫ل تعرف القبلة بالعلمات‪ ،‬ففي الساجد ماريب‪ ،‬إذا رأيت قطار التائبي متصلً فعلق عليه‪.‬‬
‫فاليوم يوم عتابنـا‬ ‫أهل الغرام تمعوا‬
‫فغرابنا أغرى بنا‬ ‫نعق الغراب ببيننا‬

‫‪149‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قد وكلوا بعذابنـا‬ ‫إن الذين نبـهـم‬
‫نضي إل أحبابنا‬ ‫قوموا بنا بياتكـم‬
‫جادوا بعتق رقابنا‬ ‫قوم إذا ظفروا بنا‬
‫ل هرولتُ إليه‪ ،‬دعوناك بالوسائط فلم تضر‪ ،‬فأتى الرسل ينل إل السماء‪ ،‬النظر‬
‫من مشى إ ّ‬
‫متشابه والذوق مكم‪.‬‬
‫ونودي بالعشاق قوموا بنا فاسروا‬ ‫ولا رأيت الب قد مد جـسـره‬
‫فصادفن الرمان وانقطع السر‬ ‫ت مع الحباب كيما أحـوزه‬
‫خرج ُ‬
‫ونادى مناد الب قد غرق الصب‬ ‫ومالت بنا المواج من كل جانـبٍ‬
‫الفصل الثان والثلثون‬
‫يا هذا‪ .‬لو عاينت قصر أجلك لزهدت ف طول أملك‪ ،‬وليقتلنك ندمك إن زلت بك قدمك‪.‬‬
‫للمتنبئ‪:‬‬
‫وكم هذا التمادي ف التمادي?‬ ‫إل كم ذا التوان ف التوان?‬
‫ول يو ٌم ير بـسـتـعـار‬ ‫وما ماضي الشباب بسـتـردّ‬
‫فقد وجدته منها ف الـسـواد‬ ‫مت لظتْ بياض الشيب عين‬
‫فقد وقع انتفاضي فـي ازدياد‬ ‫مت ما ازددت من بعد التناهي‬
‫إل مت ترص على الدنيا وتنسى القدر? من الذي طلب ما ل يقدر فقدر? لقد أذاك إذ ذاك‬
‫النصب‪ ،‬وأوقعك الرص ف شرك الشرك إذ نصب‪ ،‬أتمل على نفسك فوق السد? ولو قنعت‬
‫أراحك الزهد فلماذا تمل ما آذى ولن? ومن ينفعك إن قتلت نفسك يا هذا‪ ،‬ومن? تمل على ا‬
‫لم الم‪ ،‬لمر لو قضى ت‪ ،‬أحرصا على الدنيا‪ .‬ل كانت‪ ،‬أم شكا ف عيوبا? فقد بانت‪.‬‬
‫فأيقنت أن سراب سراب‬ ‫رأيت ظنون با كالسراب‬
‫كم غرت الدنيا فرخها? فعرت‪ ،‬ث ذبته بدية ما مرت‪ ،‬إنا لتقتل صيادها‪ ،‬وتقتل أولدها‪.‬‬
‫وسلم ل الوصل واستسلما‬ ‫عزيز على مهجت غرن‬
‫على مهجت سل ما سلما‬ ‫فلما تلكنـي واحـتـوى‬
‫وال لو كنت من رياشها أكسى من الكعبة‪ ،‬ل ترج منها إل أعرى من الجر السود‪.‬‬
‫قيل لراهب‪ :‬ما الذي حبب إليك اللوة وطرد عنك الفترة? قال‪ :‬وثبة الكياس من فخ الدنيا‪.‬‬
‫وقيل لخر‪ :‬ل تليت عن الدنيا? فقال‪ :‬خوفا وال من الخرة أن تتخلى عن‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫من غرس ف نفسه شرف المة فنبت‪ ،‬نبت عن القذار‪ ،‬ومن استقر ركن عزيته وثبت‪ ،‬وثبت‬
‫نفسه عن الكدار‪.‬‬
‫فاجسر على الهوال إن كنت رجل‬ ‫قد انقضى العمر وأنت ف شـغـل‬
‫يا زمن المة‪ ،‬يا مقعد العزية‪ ،‬يا عليل الفهم‪ ،‬يا بعيد الذهن‪.‬‬
‫ومنبت غصن الصب حي مـال‬ ‫أما اشتقت مغن الوى حي طاب‬
‫وللوصل مـن هـاجـر أن يدال‬ ‫أمـا آن مـن نـازح أن يــن‬
‫سار الجدون وتركوك‪ ،‬ونا الخفون وخلفوك‪ ،‬نادهم إن سعوك‪ ،‬واستغث بم إن رحوك‪.‬‬
‫وركاب النوى بـم تـتـرامـى‬ ‫أيها الراحلون من بـطـن خـيف‬
‫لبيب تـحـيتـي والـسـلمـا‬ ‫إن أتيتـم وادي الراك فـاهـدوا‬
‫ان وارعوا بي الشى ل الزامى‬ ‫وردوا ماء ناظري عوض الغـدر‬
‫تدوا فيه من هواهم سـهـامـا‬ ‫واطلبوا إل قـلـبـي وآيتـه أن‬
‫يا من أبعدته الطايا عنهم‪ ،‬أدرج مرحلة الوى وقد وصلت أنت تتعلل للكسل بالقدر فتقول‪ :‬لو‬
‫وفقن‪ ،‬ولكسب الشهوات بالندب إل الركة "فامشوا ف مناكبها" أنت ف طلب الدنيا قدري‪،‬‬
‫وف طلب الدين جبي‪ ،‬أي مذهب وافق غرضك تذهبت به‪ ،‬أوليس ف الجاع "من عمل صالا‬
‫فلنفسه ومن أساء فعليها" جسدك عندنا وقلبك ف البيت‪ ،‬نن ف واد وأنت ف واد‪.‬‬
‫ورسيس الب قاتله‬ ‫بكرت صبحا عواذلـه‬
‫والوى عنهن شاغله‬ ‫هوى ف واد ولسن به‬
‫ومناه من يواصـلـه‬ ‫يتمني السـلـو لـه‬
‫ل بد وال من قلق وحرقة أما ف زاوية التعبد أو ف هاوية الطرد‪ ،‬إما أن ترق قلبك بنار الندم‬
‫على التقصي والشوق إل لقاء البيب‪ ،‬وإل فنار جهنم أشد حرا‪:‬‬
‫أتصب للبي أم تـزع‬ ‫شجاك الفراق فما تصنع‬
‫فما ذا تقول إذا ودعوا‬ ‫إذا كنت تبكي وهم جية‬
‫القلق القلق يا من سلب قلبه‪ ،‬والبكاء البكاء يا من عظم ذنبه‪.‬‬
‫كان الشبلي يقول ف مناجاته‪ :‬ليت شعري ما اسي عندك يا علم الغيوب‪ ،‬وما أنت صانع ف‬
‫ذنوب يا غفار الذنوب‪ ،‬وب تتم عملي يا مقلب القلوب? وكان يصيح ف جوف الليل‪ :‬قرة عين‪،‬‬
‫وسرور قلب ما الذي أسقطن من عينك? أقلت هذا فراق بين وبينك?‬

‫‪151‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫والجر من البيب قاتـل‬ ‫هجرانك قاتلي سـريعـا‬
‫شغل بك ل يزال شاغـل‬ ‫إن كنت نسيتن فعـنـدي‬
‫ما أنت بذا الحب فاعـل‬ ‫قلب يهواك ليت شعـري‬
‫قام على قولـي الـدلئل‬ ‫حقا قد قلت يا حـبـيبـي‬
‫تذكي بعظائم الـبـلبـل‬ ‫شوق وجوى ونـار وجـد‬
‫ل يبح بالبكـاء سـائل‬ ‫سائل دمعي فجفن عـنـي‬
‫فجنة القلب ف الرسـائل‬ ‫إن جن ل الليل يا حبيبـي‬
‫والزن تيجه النـازل‬ ‫أبكي ما كان من وصـال‬
‫ل أبـرحــه ول أزايل‬ ‫هذا خدي علـى ثـراكـم‬
‫بعد العراض من أواصل‬ ‫إن أنت طردتن فـويلـي‬
‫والود مقدم الـوسـائل‬ ‫كل والود لـي شـفـيع‬
‫الفصل الثالث والثلثون‬
‫يا من بي يديه الهوال والعجائب‪ ،‬وقدما نوى له الدهر النوائب‪ ،‬أما سهم الصائب كل يوم‬
‫صائب‪ ،‬أحاضر فتحمل من عتبنا? كل بل أنت غائب‪.‬‬
‫أو استلذوا لذيذ النوم أو هجعوا‬ ‫وكيف قرّت لهل العلم أعينهـم‬
‫لو كان للقوم أساعٌ لقد سعوا‬ ‫والوت ينذرهم جهرا علنـية‬
‫وليس يدرون من ينجو ومن يقع‬ ‫والنار ضاحية ل بد مـوردهـم‬
‫والنون ف البحر لن يغتالا فـزع‬ ‫قد أمست الطي والنـعـام آمـنة‬
‫والدمي بذا الكسـب مـرتـهـن له رقيب على السـرار يطـلـع‬
‫وخصمه اللد والبصار والسمـع‬ ‫حت يوافيه يوم المع مـنـفـردا‬
‫إذ الـنـبـيون والشـهـاد قـائمة والن والنس والملك قد خشعوا‬
‫وطارت الـصـحـف فـي اليدي منشرة فيها السرائر والخبار تطلع‬
‫عما قليل ول تـدري مـمـا يقـع‬ ‫فكيف سهـوك والنـبـاء واقـعة‬
‫أم الحيم فل تـبـقـي ول تـدع‬ ‫أف النان وفوز ل انقـطـاع لـه‬
‫إذا رجوا مرجا من غمها قمعـوا‬ ‫توي بساكنها طورا وترفـعـهـم‬
‫طال البكاء فلم يرحم تضـرعـهـم هيهات ل رقة تغنـي ول جـزع‬

‫‪152‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قد سأل قوم با الرجعى فما رجعوا‬ ‫لينفع لعلم قبل الـوت عـالـمـه‬
‫يا من عمره يقد بالساعات ويعد بالنفاس‪ ،‬يا خل المل خل أحاديث الوسواس‪ ،‬يا طويل الرقاد‬
‫إل كم ذا النعاس?‪ ،‬قد بقي القليل ل ريب وهذا الشيب يقلع الغراس‪ ،‬إن ف القابر عبا‪ ،‬وما‬
‫أدراك ما الدراس?‪ ،‬تال لو سكن اليقي القلب‪ ،‬لضربت أخاسا ف أسداس‪ ،‬هل تد لاضي العم‬
‫ر لذة? والباقي على القياس‪ ،‬ماذا التهول ف البوار‪ ،‬وجر الذيال ف السار‪ ،‬كأنك ل تسمع بنة‬
‫ول نار‪ ،‬ليب حرصك ما يطفي‪ ،‬وشر شرهك ما يفى‪ ،‬أترى هذا ? على ماذا‪ ،‬أليس لا إذا? قيل‬
‫آذى‪.‬‬
‫أنت ف طلب الدنيا أحي من صَب‪ ،‬تبيت ف عشقها أسهر من صب‪ ،‬أين ما حل ف الفم وحلى‬
‫ف العي‪ ،‬ذهب الكل وأنت تدري إل أين‪ ،‬ما أصعب السباحة ف غدير التمساح‪ ،‬ما أشق السي‬
‫ف الرض السبعة‪ ،‬إن الفروح به هو الحزون عليه‪ ،‬غي أن عي الوى عميا‪ ،‬طاير الطبع يرى ال‬
‫بة ل الشرك‪ ،‬ضيعت سهادك بسعادك‪ ،‬رمَ ْتكَ إل الند هند‪ ،‬صَيتَ نارك ليل ليلى‪ ،‬ويك ربات‬
‫الظلم ظلم‪ ،‬كم أراق الوى دما ف دمن‪ ،‬ويك دع سلمى وسل ما ينفعك‪ ،‬دعة لثلك ترك دعد‬
‫للنوى‪ ،‬وسعادة لك هجرة لسعاد‪ ،‬قطع الطمع من خضر الدنيا بوسى الياس‪ ،‬تمع للقلب عزم ا‬
‫لضر وموسى وإلياس‪.‬‬
‫يا معشر الفقراء الصادقي قد لبستم حلة الفقر‪ ،‬فتجملوا بلية الكتمان ‪ ،‬اصبوا على عطش الز‬
‫هد‪ ،‬ول تشربوا من مشربة من‪ ،‬فالرة توع ول تأكل بثدييها‪ ،‬ل تسألوا سوى مولكم فسؤال ا‬
‫لغي غي سيده تشنيع عليه‪ ،‬إن الفقي ترك الدنيا إنفة رآها قاطعا فقاطع‪ ،‬جاز على جيفة مستحيلة‬
‫فسد منخر الظرف وأسرع‪ ،‬النف الشم ل يشم رذيلة بينا هو ف قطع فياف القناعة‪ ،‬وقع بكن م‬
‫ا وجده السكندر‪ ،‬فقلبه أغن من قارون‪ ،‬وبيته أفرغ من فؤاد أم موسى‪ .‬كان إبراهيم بن أدهم ي‬
‫عطي عطاء الغنياء وهو فقي‪ ،‬ويستدين عليه ث يؤثر به‪.‬‬
‫للشريف الرضي ‪:‬‬
‫ويستأنفون الصبَ ف آخر الصبـر‬ ‫وهم ينفذون الالَ ف أول الغـنـى‬
‫ك لـلـوِتْـر‬
‫مفاريج للغُمّي مـداري ُ‬ ‫مغاوير ف الُليّ مغاييُ ف المى‬
‫كما خايل الطرابُ عن نزوةِ الم ِر‬ ‫وتأخذهم ف ساعة الـجـود هِـزّةٌ‬
‫فتحسبهم فيها نشاوى من الـغـنـى وهم ف جلبيب الَصاصة بل وفر‬
‫عظي ٌم علـيهـم أن يـنّـوا بـل يدٍ وهَيْنٌ عليهم أن يبيتـوا بـل وفـر‬
‫عليه فلم يد ِر الُقل من الـثـري‬ ‫ب تـقـارعـوا‬
‫إذا نزل اليّ الغري ُ‬

‫‪153‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إذا كان مبوب البقاء مع الـغـدر‬ ‫ييلون ف شِق الوفاء مـع الـردى‬
‫أحكم القوم العلم فحكم عليهم بالعمل‪ ،‬فقاطعوا التسويف الذي يقطع أعمار الغمار‪ ،‬وانتبهوا‬
‫فانتبهوا الليل والنهار‪ ،‬أخرجوا قوى العزائم إل الفعال‪ ،‬فلما قضوا ديون الد قضت علومهم‬
‫بالذر من الرد‪ ،‬أقدامهم على أرض التعبد قد ألفت الصفون تعتمد على سنابك الذر‪ ،‬فإذا أثر‬
‫عندها النصب‪ ،‬راوحت بي أرجل الرجاء قلوب كالذهب ذهب غشه‪ ،‬أنفاسهم ل تفى‪ ،‬نفوسه‬
‫م تكاد تطفى‪ ،‬لون الحب غماز‪ ،‬دمع الشوق نام‪.‬‬
‫ف الد على هواك شاهد‬ ‫أخفي كمدي ودمع عينـي‬
‫للعاذل واللسان جـاحـد‬ ‫فالفن بلوعتـي مـقـر‬
‫اشتد الوف يوما بإبراهيم بن أدهم‪ ،‬فسأل الراحة فعوتب‪.‬‬
‫وف يديك من البلوى سلمته‬ ‫لو شئت داويت قلبا أنت سقمه‬
‫من كان مثلي فقد قامت قيامته‬ ‫علمة كتبت ف خد عارفكـم‬
‫ضجت الناقة لثقل المل‪ ،‬رأت عظامها قد فرغت ففغرت فم الشكوى فرغت‪.‬‬
‫حل هوم لا عظـام‬ ‫يا حادي العيس قد براها‬
‫ملصقات على عظـام‬ ‫رفقا با إنـا جـلـود‬
‫خلف أشواقها أمامي‬ ‫أشواقها خلفها وشوقـي‬
‫تادى ف قلب العارف جبل الوف وجبل الزن‪ ،‬فلما وصل اسكندر الفكر عب زبر الموم‪،‬‬
‫حت إذا ساوى بي الصدفي صاح بنود الفهم‪ ،‬انفخوا‪ ،‬فاستغاث الواجد لتراكم الكرب‪.‬‬
‫نسيم الصبا يلص إل نسيمـهـا‬ ‫أيا جبلي نعمان بـالـلـه خـلّـيا‬
‫على كبد ل يبق إل صمـيمـهـا‬ ‫أجد روحها أو تشف من حـرارة‬
‫على نفس مكروب تلت هومها‬ ‫لن الصبا ريح إذا ما تنـسـمـت‬
‫الفصل الرابع والثلثون‬
‫إخوان‪ ،‬رحيل من رحل عنا نذير لنا عنا‪ ،‬وما جرى على من تقدمنا وعظ لنا‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫تضي علينا ث تضي بنا‬ ‫ما أسرعَ اليامَ ف طـيّنـا‬
‫مرامُهُ عن أجل قـد دنـا‬ ‫ف كل يوم أم ٌل قـد نـأى‬
‫كأنا الدهر سوانا عـنـا‬ ‫أنذرنا الدهرُ وما نرعـوي‬

‫‪154‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ما أوضح الم َر وما أبَيْنـا‬ ‫تعاشيا والوت فـي جـده‬
‫تنتظر اليّ لن يظعـنـا‬ ‫والناسُ كالجا ِل قد قُرّبتْ‬
‫مقامرٌ يطردها بالـقـنـا‬ ‫تدنو إل العشب ومن خلفها‬
‫تدّموا قبل اندامِ البـنـا‬ ‫أين الُول شادوا مبانيهـم‬
‫ول يقي نفسَ الغنّ الغِن‬ ‫ل مُعدِمٌ يميه إعـدامُـه‬
‫فردا وأقرا ُن الليال ثِنـى‬ ‫كيف دفاعُ الرء أحداثهـا‬
‫وعُقبةُ السي لن بعـدنـا‬ ‫حط رجالٌ وركبنا الـذّرى‬
‫مُستقلعا ينذرُ مستوطـنـا‬ ‫والازم الرأي الذي يَغتَذي‬
‫وعزّ ليث الغاب أن يؤمنا‬ ‫ل يأمنُ الدهرَ على غِـرّةٍ‬
‫فاعجل القدار أن يُجتن‬ ‫كم غارسٍ أمّل ف غرسه‬
‫ما هذا التقصي ف العمر القصي‪ ،‬ما هذا الزهو يا من إل البلى يصي‪ ،‬كم فرق الوت أمية‬
‫أمي?‪ ،‬كم أزار اللاد من وزير?‪ ،‬وسوى ف القبور بي من هجر وزير‪ ،‬أين البطال الذين‬
‫خاطرهم خطي‪ ،‬طال ما اقتتلوا‪ ،‬حت كسروا القنا على القناطي‪ ،‬تال لقد أمسوا حت أصبحت خ‬
‫يل الوت تعثي وتغي‪ ،‬ونزلوا لدا كبيا غي كبي‪ ،‬ورأوا كل منكر من منكر وكل نكي من نكي‬
‫‪ ،‬فهم مفترقون ف القبور‪ ،‬فإذا اجتمعوا بنفخة الصور‪ ،‬عاد شراب الفراق قد أدير "فريقٌ ف الّنةِ‬
‫وفريقٌ ف السّعي"‪.‬‬
‫يا غافلً والوت يسعى ف طلبه‪ ،‬يا مشغولً بلهوه مفتونا بلعبه‪ ،‬يا مشتريا راحة تفن بطول تعبه‪ ،‬أ‬
‫ما عللت مريضا ورأيت كرب كربه‪ ،‬أما شيعت ملكا فرجعت إل سلبه‪ ،‬أما تلى عن ماله وتلى‬
‫بكتسبه‪ ،‬أنفعه غل ّو عزّه أو علوّ نسبه‪ ،‬لقد ناجاك قبه وناداك أمره‪ ،‬فانتبه‪ ،‬ولقد ضرّه هواه‪ ،‬فل‬
‫تلهج أنت به‪ ،‬ل تغرنك السلمة فمع الواطي سهم صائب‪.‬‬
‫نظر شاب إل شيخ ضعيف الركة فقال‪ :‬يا شيخ‪ ،‬من قيدك? فقال‪ :‬الذي خلفته يفتل قيدك‪.‬‬
‫طول السني فل لو ول غـزل‬ ‫من أخطأته سهام الـوت قـيده‬
‫حت الرجاء وحت العزم والمل‬ ‫وضاق من نفسه ما كان متسعـا‬
‫الشباب باكورة الياة‪ ،‬والشيب رداء الردى‪ ،‬إذا قرع الرء باب الكهولة فقد استأذن على البل‪،‬‬
‫يا رهي الث على العقوبة‪ ،‬ليس لك من يستفكك إل التوبة‪ ،‬النطع ف قيد يتلقى الاج منكس‬
‫الرأس‪ ،‬رب خجلة تت الناقص‪ ،‬كان بعض الشياخ يقول‪ :‬إلي‪ ،‬من عادة اللوك‪ ،‬أنم إذا كب‬

‫‪155‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لم ملوك أعتقوه‪ ،‬وقد كبت فأعتقن‪ .‬وقف أعجمي عند الكعبة‪ ،‬والناس يدعون وهو ساكت‪،‬‬
‫ث اخذ بلحيته فرفعها‪ ،‬وقال‪ :‬يا خداه شيخ كبي‪.‬‬
‫وقد توال عليهم الجـل‬ ‫لا أتونا والشيب شافعهـم‬
‫بيضا فإن الشيوخ قد عقلوا‬ ‫قلنا لتلك الصحائف انقلبـي‬
‫يا معاشر الشباب انتبهوا‪ ،‬القوى ف التقوى‪ ،‬فلو قد حل الشيب حل التركيب‪ ،‬إذا هلك أمي‬
‫الشباب وقع الشتات ف العسكر‪ ،‬الشباب رياض والشيب قاع قفر‪ ،‬فاستصحبوا الزاد قبل‬
‫دخول الفلة‪.‬‬
‫يا قومنا‪ ،‬الفوائد فوايت‪ ،‬كف من تبذير يؤذي‪ ،‬فكيف ببيذر من رعونة?‪ ،‬إذا كانت القلوب عقم‬
‫ا عن الفكر‪ ،‬واتفقت عنة الفهم فل وجه لنسل الفضائل‪ ،‬الوف ذكر والرجاء أنثى ومنث البطال‬
‫ة إل الناث أميل‪ .‬من زرع بذر العمل ف أرجاء الرجا ول تقع عليه شس الذر جاءت ثاره فجة‬
‫‪ .‬الاهل ينام على فراش المن فيثقل نومه‪ ،‬فتكثر أحلم أمانيه‪ ،‬والعال يضطجع على مهاد الو‬
‫ف وحارس اليقظة يوقظه‪ ،‬من فهم معن الوجود علم عزة النجاة‪ .‬النفس طائر قد أرسل من عباد‬
‫ان التعبد مملً كتاب المانة إل دار اللك والعدو قد نصب له صنوف الشراك‪ ،‬يلوح ف ضمنه‬
‫ا الب الحبوب‪ ،‬فإن ت كيده فهو صيده‪ ،‬وإن خب الب عب‪ ،‬يا أطيار الفهوم احذري مراعي ال‬
‫موم فثم عقبان التلف‪ ،‬ومن نا منها بعد الحاربة أفلت مكسور الناح‪ ،‬واعجبا لبلبل الفطنة كي‬
‫ف اغتر بفخ الفتنة‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ولقد عهدتك تُف ِلتُ الشـراكـا‬ ‫يا قلب كيف علقت ف أشراكهم‬
‫هذا الذي ج ّرتْ علـيكَ يداكـا‬ ‫ل وَجدا بـعـدهـا‬
‫ل تشكونَ إ ّ‬
‫من حدق بصره إل طرف الدنيا طرفت عينه‪ .‬من أصغى إل حديث الوى أورثه الصمم عن‬
‫النصائح‪ .‬خست هة فرعون فاستعظم القي "أليسَ ل مُلكُ مِصر" يا دن النفس حارك ينهق من‬
‫كف شعي يراه‪ ،‬الدنيا كلها كجناح بعوضة فما نسبة مصر إليها‪ .‬صب الفهم يشغله لون الصدفة‬
‫والتيقظ يرى الدرة‪ .‬يا هذا‪ ،‬إذا لحت لك شهوة فقف متدبرا عواقبها وقد بردت حرارة الوى‬
‫فبي النجاة واللك فواق‪ .‬واعجبا أنفقت الال السروق وبقي القطع‪:‬‬
‫ف سفك دمي تقدمت أقدامـي‬ ‫أبكي زللي وأشتكـي آثـامـي‬
‫ما أسرع ما أصاب قلب الرامي‬ ‫ما أبصرت إل والبلى قـدامـي‬

‫‪156‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ضر وال التخليط آدم‪ ،‬ونفعت المية يوسف‪ ،‬ملك هواه فملك زليخا‪ ،‬أمرضها حبه فأرادت‬
‫تناول مقصودها ف زمان المية فصاح لسان طبه "معاذ ال" فخلطت ف بران الرض "ما جزاء‬
‫ص الَقّ"‪ .‬لا نظر يوس‬
‫من أرا َد بأهلكَ سوءا إلّ أن يُسْجَنَ" فلما صح الذهن قالت‪" :‬النَ حصح َ‬
‫ف ف عواقب الذنب وناية الصب فكف الكف اطلع بتعليم التأويل على عواقب الرؤيا‪ .‬دخل الي‬
‫وم موسى وعظى إل مدينة مدين قلبك فوجد فيها رجلي يقتتلن‪ ،‬القلب والوى‪ ،‬فاستغاثه الذي‬
‫من شيعته وهو القلب على الذي من عدوه وهو الوى‪ ،‬فوكزه موسى فقضى عليه‪ ،‬فكان قتل ال‬
‫وى سببا للخروج من قصر مصر الغفلة إل شعب شعيب اليقظة‪ ،‬فالن يناديك لسان العاملة‪ ،‬ه‬
‫ل لك ف بلوغ عرضك على أن تأجرن‪ ،‬فإن وفيت انقلبت إل لذاتك مسرورا‪ ،‬واسترجع لك الت‬
‫كليم على طور النة‪ ،‬فإن صحبت فرعون الوى غرقت بعبورك يوم اليم‪.‬‬
‫الفصل الامس والثلثون‬
‫يا هذا‪ ،‬إنا خلقت الدنيا لتجوزها ل لتحوزها‪ ،‬ولتعبها ل لتعمرها‪ ،‬فاقتل هواك الايل إليها‪،‬‬
‫واقبل نصحي ل تعول عليها‪.‬‬
‫لورقة بن نوفل‪:‬‬
‫يبقى الله ويؤدي الال والولد‬ ‫لشيء فيما ترى تبقى بشاشتـه‬
‫ت عاد فما خلدوا‬
‫واللد قد حاول ْ‬ ‫ل تغن عن هرمز يوما خزائنه‬
‫والنس والنّ فيما بينها تـردُ‬ ‫ول سليمان إذ تري الرياح له‬
‫من كل أوب إليها وافـدٌ يفـد‬ ‫أين اللوك الت كانت نوافلهـا‬
‫ل ب ّد من رده يوما كمـا وردوا‬ ‫ض هنالك مورو ٌد بل كـذبٍ‬
‫حو ٌ‬
‫الدنيا مزرعة النوائب ومشرعة الصائب‪ ،‬ومفرقة الجامع ومرية الدامع‪ .‬كم سلبت أقواما أقوى‬
‫ما كانوا‪ ،‬وبانت أحلى ما كانت أحلما فبانوا‪ ،‬ففكر ف أهل القصور والمالك‪ ،‬كيف مزقوا‬
‫بكف الهالك ث عد بالنظر ف حالك‪ ،‬لعله يتجلى القلب الالك‪ .‬إن لذات الدنيا لفوارك‪ ،‬وإن م‬
‫وج بلئها لتدارك‪ ،‬كم حج كعبتها قاصد فقتلته قبل الناسك‪ ،‬كم عل ذروتا مغرور فإذا به تت‬
‫السنابك‪ ،‬كم غرت غرا فما استقر‪ ،‬حت صيد باشك‪ ،‬خلها واطلب خلة ذات سرور وسرر وأرا‬
‫ئك‪ ،‬تال ما طيب العيش إل هنالك‪ .‬أخوان ‪ ،‬ما قعودنا وقد سار الركب‪ ،‬ما أرى النية النية‪ ،‬يا‬
‫مسافرين من عزم تزود‪ ،‬يا راحلي بل رواحل وطنوا على النقطاع‪ ،‬ليت الحترز نا فكيف الهم‬
‫ل?‪ ،‬يا أقدام الصب تملي فقد بقي القليل‪ ،‬تذكري حلوة الدعة يهن عليك مر السرى‪ ،‬قد علم‬

‫‪157‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت أين النل‪ ،‬فاحدلا تسي ‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫فإن ونت شيئا فزدها البـرقـا‬ ‫تغ ّن بالـرعـاء يا سـائقـهـا‬
‫باجرٍ ترَ السهـامَ الـمُـرقـا‬ ‫واغنَ عن السياطِ ف أرجـوزة‬
‫تدْ سُرى ما وجدتْ منتسـقـا‬ ‫واستقبال الريح الصبا بُطمهـا‬
‫تعلقا من حـبـهـا وعـلـقـا‬ ‫إن لا عند الـمـى وأهـلـهِ‬
‫رعى المى ربّ الغمام وسقى‬ ‫وكل ما تـزجـره حـداتُـهـا‬
‫وانفسا لـم تـبـق إل رمَـقـا‬ ‫حوامل منها هومـا ثـقُـلـتْ‬
‫وإن دمـي أذرعـا وأسـوقـا‬ ‫تملنـا وإن عـرين قـصَـبـا‬
‫ق شفقـا‬
‫تسب فج َر ذاتِ عر ٍ‬ ‫دام عليها الليلُ حت أصبـحـت‬
‫لرَقـا‬
‫ما شئت للبان الوى وا ُ‬ ‫عرّجْ على الوادي فقل عن كبدي‬
‫النة ترضى منك بالزهد‪ ،‬والنار تندفع عنك بترك الذنب‪ ،‬والحبة ل تقع إل بالروح‪.‬‬
‫قال ل أقبل الرشا‬ ‫إنّ سلطان حبـه‬
‫ما سلك الليل طريقا أطيب من الفلة الت دخلها‪ ،‬لا خرج من كفه النجنيق‪ ،‬زيارة تسعى‪ ،‬فيها‬
‫أقدام الرضا على أرض الشوق‪ ،‬شابت ليلة "فزجن ف النور‪ ،‬وقال ها أنت وربك"‪.‬‬
‫فرش للفل بيننا جرا لزرنـاك‬ ‫زرناك شوقا ولو أن النوى بسطت‬
‫رآه جبيل وقد ودع بلد العادة‪ ،‬فظن ضعف أقدام التوكل فعرض عليه زاد "ألك حاجة" فرده‬
‫بأنفة "أما إليك فل" قال فسل مولك‪ ،‬قال‪ :‬علمه بال يغنين عن سؤال‪.‬‬
‫وصار قلب لـهـم‬ ‫تلكوا واحتكـمـوا‬
‫فل يقال ظلـمـوا‬ ‫تصرفوا ف ملكهـم‬
‫أو قطعوا لم هـم‬ ‫إن وصلوا مبـهـم‬
‫وحدثين عـنـهـم‬ ‫يا أرض سلع أخبي‬
‫وتشتكيهـم زمـزم‬ ‫تبكيهم أرضى منـى‬
‫أأندوا أم اتـمـوا‬ ‫يا ليت شعري إذ غوا‬
‫لو وقفوا فسلّـمـوا‬ ‫ما ضرهم حي سروا‬

‫‪158‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أبدان الحبي عندكم وقلوبم عند البيب‪ ،‬طرق طارق باب أب يزيد فقال‪ :‬ها هنا أبو يزيد?‬
‫فصاح من داخل الدار‪ :‬أبو يزيد يطلب أبا يزيد فما يده‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫بالمى واقرأ على قلب السلما‬ ‫وبرعاءِ المى قلبـي فـعـج‬
‫أن قلبا سار عن جس ٍم أقـامـا‬ ‫وترجّـ ْل وتـحـ ّدثْ عـجَـبـا‬
‫طيب عيشٍ بالغضا لو كان داما‬ ‫قل ليان الغضـا آ ٍه عـلـى‬
‫قبلَ أن تم َل شيحا وتـمـامـا‬ ‫حلوا ريحَ الصبـا نـشـركُـمُ‬
‫إن أذنتم لعيونـي أن تـنـامـا‬ ‫وابعثوا ل بالكرى طـيفـكـم‬
‫بلغت بالقوم الحبة إل استحلء البلى‪ ،‬فوجدوا ف التعذيب عذوبة لعلمهم أنه مراد البيب‪.‬‬
‫وكل ما يفعل الحبوب مبوب‬ ‫إرضاء أسخط أو أرضي تلونه‬
‫ضن سويد بن مثعبة‪ ،‬على فراشه‪ ،‬فكان يقول‪ :‬وال ما أحب أن ال نقصن منه قلمة ظفر‪.‬‬
‫وما دروا أنه خل ٌو من اللـم‬ ‫تعجبوا من تن القلب مؤله‬
‫أمر الجاج بصلب ما هان العابد‪ ،‬فرفع على خشبة وهو يسبح ويهلل ويعقد بيده حت بلغ تسعا‬
‫وعشرين فبقي شهرا بعد موته‪ ،‬ويده على ذلك العقد مضمومة‪.‬‬
‫يوم الساب وفيها حبكم علق‬ ‫لتحشرن عظامي بعد ما بليت‬
‫مروا على مذوم قد مزقه الذام‪ ،‬فقالوا له‪ :‬لو تداويت‪ ،‬فقال‪ :‬لو قطعن إربا إربا ما ازددت له‬
‫إل حبا‪.‬‬
‫رضوا بقتلي فـرضـا‬ ‫إن كان جيانُ الغضـى‬
‫يهوى البيب مبغضـا‬ ‫وال ل كـنـت لـمـا‬
‫للعبـد أن يعـتـرضـا‬ ‫صرت لم عبـدا ومـا‬
‫الشوق على جر الغضا‬ ‫هم قلّبوا قـلـبـي مـن‬
‫يعود منها ما مـضـى‬ ‫يا لـيت أيام الـحـمـى‬
‫إل الطبيب المـرضـا‬ ‫من لـمـريض ل يرى‬
‫كان الشبلي يقول‪ :‬أحبك الناس لنعمائك وأنا أحبك لبلئك‪.‬‬
‫ردّ عليه القـاتـلُ‬ ‫من لقتيل الب لـو‬
‫أن يعود النـابـل‬ ‫يرحه النّبلُ ويهوى‬

‫‪159‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قلبهم الزهد ف قفر الفقر على أكف الصب فقلع أوداج أغراضهم بسكي السكنة‪ ،‬والبلء ينادي‬
‫أتصبون? والعزم ييب‪ :‬ل ضي‪ ،‬سقاهم رحيق القرب فأورثهم حريق الب فغابوا بالسكر عن‬
‫روية النفس فعربدوا على رسم السم وهاموا ف فلوات الوجد يستأنسون بالمام والوحش‪.‬‬
‫إل سواكم ول حبلي بـنـقـاد‬ ‫يا منية القلب ما جيدي بنعطـف‬
‫ول سألت حام الدوح إسـعـادي‬ ‫لول الحبة ما استعملـت بـارقة‬
‫بالدمع حت رثى ل ساكن الوادي‬ ‫ول وقفت على الـوادي أسـائلـه‬
‫الفصل السادس والثلثون‬
‫أيها الغتر كم خدعت‪ ،‬ما واصل وصلها مب إل قطعت‪ ،‬ول ناولت نوالً إل ارتفت‪ ،‬اختبأت‬
‫مريرها فلما اعتقلت أسيها جرعت‪ ،‬مت رأيتها قد توطنت فاعلم أنا قد أزمعت‪.‬‬
‫راكبا ف طلبـا الخـطـارا‬ ‫يا مب الدنيا الغرور اغـتـرارا‬
‫وترى أنسه فـتـبـدي نـفـارا‬ ‫يبتغي وصلها فـتـأبـى عـلـيه‬
‫جارةٌ ل تزل تسـيء الـجـوارا‬ ‫ب من يبتغي الوصال لـديهـا‬
‫خا َ‬
‫حاول الزور صـيتـه ازورارا‬ ‫كم مبّ أرته أنـسـا فـلـمـا‬
‫إن حلت مـرة أمـرت مـرارا‬ ‫شيب حلو اللذات منـهـا بـمـر‬
‫واكتساب الرام يصلي الـنـارا‬ ‫ف اكتساب اللل منها حسـاب‬
‫سوف يقضي وما قضى الوطارا‬ ‫ولباغي الوطار منـهـا عـنـاءٌ‬
‫وأرباحـهـا تـعـود خـسـارا‬ ‫كل لذاتا مـنـغـصة الـعـيش‬
‫وليال السرور تضي قصـارا‬ ‫وليال الـمـوم فـيهـا طـوال‬
‫بنر أفـنـت بـه العـمـارا‬ ‫وكفى أنـا تـظـن وإن جـادت‬
‫صيت بعدها النـايا خـمـارا‬ ‫وإذا ما سقت خـور المـانـي‬
‫كم ملـيك مـسـلـط ذلـلـتـه بعد عز فما أطاق انـتـصـارا‬
‫ومغان قد غادرتـهـا قـفـارا‬ ‫ونعيم قد أعـقـبـتـه بـبـوس‬
‫عن قليل تسترجع السـتـعـارا‬ ‫أيها الستعي منـهـا مـتـاعـا‬
‫يفن ويبقى إثا ويكسـب عـارا‬ ‫عد عن وصل مـن يعـيك مـا‬
‫هر وما قدراتك فيك اعتـبـارا‬ ‫قد أرتك المثال ف سالـف الـد‬
‫عذار فيمـا جـنـاه والنـذارا‬ ‫وجدير بـالـعـذر مـن قـدم ال‬

‫‪160‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫والتمس غـي هـذه الـدار دارا‬ ‫فتعوض منهـا بـخـلة صـدق‬
‫ل ما دمت تستطـيع الـبـدارا‬ ‫والبدار البدار بالعـمـل الـصـا‬
‫إل مت ف طلبها?‪ ،‬إل كم الغترار با?‪ ،‬تدور البلد منشدا ضالة الن‪ ،‬وتلك ضالة ل توجد‬
‫أبدا‪ ،‬فسيقتلك الرص غريبا ولكن ل ف فياف "فيا طوب للغرباء"‪.‬‬
‫من الرض ل مال لدي ول أهل‬ ‫أظن هواها تاركي بـمـضـلة‬
‫ول وارث إل الطية والرحـل‬ ‫ول أحد أفضى إلـيه وصـيتـي‬
‫أيها التعب نفسه ف جع الال‪ ،‬عقاب الوارث على مرقب النتظار‪ ،‬أفهمت أم أشرح لك?‪،‬‬
‫العقاب ل تعان الصيد وإنا تكون على موضع عال‪ ،‬فأي طائر صاد صيدا انقضت عليه فإذا رآها‬
‫هرب وترك الصيد‪ ،‬ومالك تمع مالك? ومالك منه إل ما تلف‪ ،‬والزمان يشتك للذهاب وأنت‬
‫للذهاب تؤلف‪ ،‬الال إذا وصل إل الكرام عابر سبيل وإكرام عابر السبيل تهيزه للرحيل‪ ،‬جسم‬
‫البخيل كله يعرق إل اليد كفه مكفوفة ما ينفق منها خرزة‪.‬‬
‫جادى وما ضمت عليه الحرم‬ ‫تلى بأساء الشهور فـكـفـه‬
‫يا فرعون الكب تفرح بال سيسلب منك‪ ،‬فتستعي كلمة "أليس ل" يا نروذي الهل‪ ،‬تشد‬
‫أطناب اليل على الدنيا ف أرجل نسور المل ث ترمي نشاب الغراض‪ ،‬إن وقف لك غرض فتس‬
‫تغيث الكوان من يدك "وإن كان مكرهم" من فهم علم التوحيد‪ ،‬ترد للواحد بقطع العلئق‪ ،‬أما‬
‫ترى كلمت الشهادة مردة عن نقط‪ .‬إذا أعرضت عن الدنيا أقبلت إليك الخرة‪ ،‬من ترك شيئا‬
‫ل عوضه ال خيا منه‪ ،‬عقر سليمان اليل " فسخّرنا ل ُه الريحَ"‪ ،‬لا عقدت النصر على التوحيد‬
‫ميزت على باقي الصابع بالات‪.‬‬
‫يا أطفال التوبة ما أنكر حنينكم إل الرضاع‪ ،‬ولكن ذوقوا مطاعم الرجال وقد نسيتم شرب الل‬
‫ب‪ ،‬إذا تصن الوى بقلعة الطبع فانصبوا مانيق العزائم وقد اندم السور‪ ،‬أنتم ترجون لقتل سبع‬
‫ما أذاكم‪ .‬ليقال عن أحدكم ما أجلده‪ ،‬فكيف تتركون سبع الوى وقد أغار على سرح القلوب?‬
‫إنا تتحف اللوك بالباكورة‪ .‬فافهموا يا صبيان التوبة إذا أهديتم فالرطب ل الشف‪ .‬يا أطيار الش‬
‫باب‪ ،‬إما عبادان التعبد وإل استفراخ العلم وإل فالذبح‪ ،‬تريدون نيل الشهوات وحصول الراتب‬
‫‪ ،‬والمع بي الضداد ل يكن‪.‬‬
‫وذا وذا يا مي ل يلتام‪.‬‬ ‫هواك ند وهواي الشام‬
‫ما زلت أعال مسمار الوى‪ .‬ف قلب العاصي‪ ،‬أميل به تارة إل جانب التخويف‪ ،‬وتارة إل ناحية‬
‫التشويق‪ ،‬فلما ضعف الاسك بإزعاجي له‪ ،‬اتسع عليه الجال فجذبته‪ ،‬أنفت لصب اللعب من بيع‬

‫‪161‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫جوهر العمر النفيس بصدف الوى‪ ،‬فشددت عليه ف الجر ليعلم بعد البلوغ "أنّي لْ أَ ُخ ْنهُ‬
‫بالغيب"‪.‬‬
‫الفصل السابع والثلثون‬
‫أخوان! جدوا فقد سبقتكم‪ ،‬واستعدوا فقد لقتم‪ ،‬وانظروا باذا من الوى علقتم?‪ ،‬ول تغفلوا‬
‫عما له خلقتم‪ ،‬ذهبت اليام وما أطعتم‪ ،‬وكتبت الثام وما أصغيتم‪ ،‬وكأنكم بالصادقي قد‬
‫وصلوا وانقطعتم‪ ،‬أهذا التوبيخ لغيكم أو ما قد سعتم? لصردر‪:‬‬
‫هيهات والزمان كيف تـقـوم‬ ‫ما ضاع من أيامنا هـل يُغـرمُ‬
‫وأخوه ليس يُسامُ فـيه درهـمُ‬ ‫يومٌ بأرواحٍ يبـاع ويشـتـرى‬
‫أهوى ول يأسي عليهـا يُقـدِمُ‬ ‫ل وقفة ف الدار ل رجعت با‬
‫صمّ أحجار الـديار أكـلـم‬
‫ول ُ‬ ‫وكفاك أن للنـوائب عـاتـبٌ‬
‫ب عنهن من ل يفـهـم‬
‫مستخ ٌ‬ ‫ومن البلدة ف الصبابة أننـي‬
‫عبثا فما بال الـطـايا تُـر ِزمُ‬ ‫وإذا البليغ شـكـا إلـيه بـثـه‬
‫ولربا أبكى الفصيحَ العجـمُ‬ ‫كل كن عن شوقه بلـغـاتـه‬
‫الغصان سكر‪ ،‬والمام متـيمُ‬ ‫نرجو سلوكا ف رسو ٍم بينـهـا‬
‫والوُرق تذكر إلفَها فـتـرَنّـمُ‬ ‫هذي تيل إذا تنسمت الصـبـا‬
‫آهٍ على زما ٍن فاتن وعلى قلب حي مات‪ ،‬كيف الطمع فيما مضى? هيهات‪ ،‬ردا على ليال الت‬
‫سلفت أين الزمان الذي بان? أتراه بان‪ ،‬أين القلب الصاف? كان وكان‪.‬‬
‫إذ ل أرى زمنا كأزمان با‬ ‫سقيا لنلة المى وكثيبهـا‬
‫هيهات قد خلفت أوقات با‬ ‫ما أعرف اللذات إل ذاكـرا‬
‫يا من كان له قلب فانقلب‪ ،‬قيام السحر يستوحش لك‪ ،‬صيام النهار يسأل عنك‪ ،‬ليال الوصال‬
‫تعاتبك‪.‬‬
‫والنوى معزولة والقرب وال‬ ‫أين أيامك والـدهـر ربـيع‬
‫يا من كان قريبا فطرد‪ ،‬يا من كان مشاهدا فحجب‪ ،‬يا عزيزي ما ألفت الشقاء‪ ،‬فكيف تصب?‬
‫أصعب الفقر ما كان بعد الغن‪ .‬وأوحش الذل ما كان بعد العز وأشدها على الكب‪ .‬يا هذا بت‬
‫بيت الحزان من قبل البيات‪ ،‬وثب إل الثيب وثبة ثبات‪ ،‬ول تاوز الناب ودر حول الدار‪ ،‬وا‬
‫ستقبل قبلة التضرع وقل ف السحار‪:‬‬

‫‪162‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وأظلم الو وضاق الفـضـا‬ ‫قد قلق الب وطال الـكـرى‬
‫بصوت أنعامك قـد روّضـا‬ ‫ل يعطش الزرع الذي نبـتـه‬
‫فاستأنف العفو وهب ما مضى‬ ‫إن كان ل ذنب تـرمـتـه‬
‫حاشى لبان الجد أن ينقضـا‬ ‫ل تب عـودا أنـت ريشـتـه‬
‫أعرض عن الدهر إذ عرضا‬ ‫كيف ل أبكي لعـراض مـن‬
‫فاليوم ل أطلب إل الـرضـا‬ ‫قد كنت أرجوه لنيل الـنـى‬
‫يا من فقد قلبه وعدم التحيل ف طلبه‪ ،‬تنفس من كرب الوجد فبيد اللطف يمل اللطفات‪ ،‬ريح‬
‫السحار ركاب الرسائل‪ ،‬ونسيم الفجر ترجان الواب‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫على الحشاء واحتكمي‬ ‫فيا ريح الصبا اقترحي‬
‫ما عهدي وما ذمـي‬ ‫أراك نسمتِ تتبـرين‬
‫وذا ف وجنت دمـي‬ ‫فهذي ف يدي كـبـدي‬
‫ليالينـا بـذي سـلَـم‬ ‫سل ٌم كلـمـا ذُكـرتْ‬
‫أخوان‪ ،‬صعداء النفاس واصل ل ينع‪ ،‬لسان الدمع أفصح من لسان الشكوى‪ ،‬شجو التائب‬
‫يطرب سع الرضا‪ ،‬حزن النادم يسر قلب التعبد‪ ،‬قلق السكي مبوب الرحة‪ ،‬آسى من أسا فرح‬
‫العفو‪ ،‬بكاء الفرط يضحك سن القبول‪ ،‬دمع الحزون مزون لزانة الاص‪ ،‬ريح نفس آسف أطي‬
‫ب من ند ند‪ ،‬قطرة من الدمع على الد أنفع من ألف مطرة على الرض‪:‬‬
‫فآتان التوقيع يشرح حالـه‬ ‫ضمنت حال للقصة ورفعتها‬
‫العشاق ل ينهي ل إيصاله‬ ‫فأتيت ديوان الوى فلكثـرة‬
‫شخص تبقى للعيون خيالـه‬ ‫حت إذا أوصلتها نظروا إل‬
‫من حي هجركم تزق حاله‬ ‫قلت ارحوا هذا الفقي فإنه‬
‫يا دائرة الشقاء أين أوّلك? يا أرض التيه مت آخرك? يا أيوب البلء إل كم على الكناسة? مت‬
‫ينسخ الزمن? زمن "اركض"‪:‬‬
‫وقد حّنتْ إل ألف بعـيد‬ ‫سعت حامة هتفت بليل‬
‫فما زلنا نقول لا أعيدي‬ ‫فأزعجت القلوب وأقلقتها‬
‫ولكن ل سبيل إل الورود‬ ‫أرى ما ًء وب عطشٌ شديد‬

‫‪163‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تعلق بالليل فهو شفيع مشفع‪ ،‬تسك بالبكاء فهو رفيق صال‪ ،‬ادخل ف زمرة التهجدين على وجه‬
‫التطفل ف فلوات اللوات بلسان التذلل‪:‬‬
‫دمعي مبذول وحزن قلب مزون‬ ‫يا راحم عبة السيء الحـزون‬
‫من تجره أنت ترى كيف يكـون‬ ‫شوقي يسعى إليك والصب حرون‬
‫أبواب اللوك ل تطرق باليدي ول بالجارة بل بنفس متاج‪ :‬للمهيار‪:‬‬
‫لليالٍ بالسفح لو ُعدْنَ أخـرى‬ ‫آه والشوق ما تأوهت مـنـه‬
‫فيه قلب إن ل تصيبوا المرا‬ ‫قلّبوا ذلك الرماد تُـصـيبـوا‬
‫يا هذا‪ ،‬إذا رأيت نفسك متخيلة ل مع الحبي ول مع التائبي فابسط رماد السف واجلس مع‬
‫رفيق اللهف وابعث رسالة القلق مع بريد الصعداء لعله يأت بالواب بكشف الوى‪:‬‬
‫لشوق لييلت التـي قـد تـولـت‬ ‫ول زفرات لو ظهرنَ قتـلـتـنـي‬
‫فمن ل بأخرى مثل تيك أظلـمـت‬ ‫إذا قلت هذي زفرة اليوم قد مضـت‬
‫حلفت لـم بـالـلـه مـا أم واحـد إذا ذكـرتـه آخـر الـلـيل أنـت‬
‫صروف النوى من حيث ل تك ظنت‬ ‫وما وجدا عرابية قـد‪ .‬فـت بـهـا‬
‫بنجد فلم يقدر لـا مـا تـمـنـت‬ ‫تنت أحـالـيب الـرعـاء وخـيمة‬
‫وبرد حصاه آخر الـلـيل حـنـت‬ ‫إذا ذكرت ماء الـعـذيب وطـيبـه‬
‫سحيا فلو ل انتـاهـا لـجـنـت‬ ‫لـا أنة وقـت الـعـشــاء وأنة‬
‫أججم أحشائي على مـا أجـنـت‬ ‫بأكثر منـي لـوعة غـي أنـنـي‬
‫نيان الوف ف قلوب التائبي ما تبو‪ ،‬وقلق الذنبي ما جنوا ل يسكن‪ ،‬وضجيج الحبي ف‬
‫جيوش الشوق ما يفتر‪:‬‬
‫أبكي مرضي وليس ل منه شفا‬ ‫واها لزماننا الذي كـان صـفـا‬
‫هذا رمقي تسلـمـوه بـوفـا‬ ‫ذابت روحي وما أرى غي جفا‬
‫الفصل الثامن والثلثون‬
‫أل يعتب القيم منكم بن رحل? أل يندم من يعلم عواقب الكسل? آه لغافل كلما جد الوت‬
‫هزل‪ ،‬ولعاقل كلما صعد العمر نزل‪.‬‬
‫وقفْ على ما ف القبور من رمم‬ ‫أعد على فكرك أسـلف المـم‬
‫القاهر أم أين الضعيف الهتضم‬ ‫وناديهم أين الـقـوي مـنـكـم‬

‫‪164‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ث تساوت تـحـتـه كـ ّل قـدم‬ ‫تفاصلت أوصالم فوق الـثـرى‬
‫ما نفع البخل ول ضر الـكـرم‬ ‫ب البـخـيل والـكـري واحـدٌ‬
‫قُ‬
‫هجوم ما ل يتـقـي إذا هـجـم‬ ‫واعجـبـا لـغـافـل أمـامـه‬
‫أو الشباب ل يفته فـي الـهـرم‬ ‫إذا تطاه على عهد الـصـبـي‬
‫وهو الشيب الستطي ف اللمم‬ ‫أما كفى النسان موتُ بعـضـه‬
‫ما افترقا وأي حبل ما انـصـرم‬ ‫أي خـلـيلـي أقـامـا أبــدا‬
‫تضحك من مبتسم إذا ابـتـسـم‬ ‫إن الـنـجـوم الـدائرات أبـدا‬
‫أخوان‪ ،‬بادروا آجالكم‪ ،‬وحاذروا آمالكم‪ ،‬آمالكم عبة فيمن مضى? آمالكم‪ ،‬ما هذا الغرور‬
‫الذي قد أمالكم? ستتركون على رغم آمالكم مالكم‪.‬‬
‫أخوان‪ ،‬صدقتم المل فكذبكم‪ ،‬وأطعتم الوى فعذبكم‪ ،‬أما أنذركم السقم بعد الصحة‪ ،‬والترحة‬
‫بعد الفرحة‪ ،‬ف كل يوم يوت من أشباحكم ما يكفي ف نعي أرواحكم‪ ،‬ويل بعقوقكم وفنائكم‬
‫ما يبكم عن شتاتكم وفنائكم‪ ،‬فخذوا حذركم قبل النوائب‪ ،‬فقد أتيتم من كل جانب‪ ،‬وتذكروا‬
‫سهر أهل النار ف النار‪ ،‬واحذروا فوت دار البرار‪ ،‬وتوفوا يوم الفصل بي الفريقي أن يصيبكم‬
‫من البي البي‪.‬‬
‫أخوان‪ ،‬أبصاركم قوية وبصائركم ضعيفة‪ ،‬ومن ترائى هواه توارى عنه عقله‪ ،‬سحبان من ظهر لل‬
‫قه بلقه‪ ،‬غي أن عال الس ل يرونه‪ ،‬أما قلبك من نطفة إل علقة وأنت كالماد‪ ،‬كلما نفخ فيك‬
‫الروح بعث الزاد بساق إليك من دم الم فتتناوله باجتذاب السرة‪ ،‬إذ لو طرق اللقوم تلفت‪ ،‬فل‬
‫ما خرجت إل فلة الدنيا رأيت أدوات الثديي معلقتي لشربك‪ ،‬وكانت عمور السنان تكفي ف‬
‫اجتذاب الشروب‪ ،‬فكلما اعتصرته خرج مغربلً لئل يقع شرق‪ ،‬فلما قويت العا وافتقرت إل غ‬
‫ذاء فيه صلبة أنبت السنان لتقطع والضراس لتطحن ومن العجائب‪ ،‬أنه أخرجت غبيا ل تعلم‬
‫شيئا‪ ،‬فلو أخرجك عاقلً لرأيت من أطم الصائب تقلبك ف الرق والصائب‪ ،‬ث جعل بكاءك حين‬
‫ئ ٍذ متقاضيا بالصال وبث القوى ف باطنك فقوة تطلب الغذاء وثانية تتذبه إل الكبد وثالثة تسك‬
‫ه لا حت تطبخه فيصي دما‪ ،‬ورابعة تضمه‪ ،‬وخامسة تفرق بي صفوه وكدره وسادسة تتول قس‬
‫مته‪ ،‬فلو بعثت إل الد‪ ،‬ما تبعث إل الكخذ صار بقداره‪ ،‬وسابعة تدفع ثقله‪.‬‬
‫أفيحسن بعد تفرقة الامكية على العسكر‪ ،‬أن يثبوا ف الخالفة للمنعم? ث انظر إل هذا الواء الذ‬
‫ي قد ملئ به الفضاء كيف تنتصب منه النفس إل النفس? ث هو للصوات من حيث العن كالقر‬
‫طاس‪ ،‬يرقم فيه الوائج ث يتحي فيعود نقيا‪ ،‬فأقوام يرقمون فيه الذكر والتسبيح‪ ،‬وآخرون يرقم‬

‫‪165‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ون كل قبيح‪ ،‬وكم بي من يرقم تلوة القرآن‪ ،‬وبي من يرقم أصوات العيدان? ث تأمل آلت ال‬
‫صوات‪ ،‬ترى الرئة كالرق‪ ،‬والنجرة كالنبوب‪ ،‬فإذا ظهر الصفر أخذ اللسان والشفتان ف صنا‬
‫عته ألانا‪ ،‬فهو كالصابع الختلفة على فم الزمار‪.‬‬
‫ث تأمل الرض‪ ،‬كيف مدها بساطا وأمسكها عن الضطراب لتصح للسكن‪ ،‬ث يزلزلا ف وقت ل‬
‫يفطن الساكن بقدرة الزعج‪ ،‬وجعل فيها نوع رخاوة ليقبل الفر والزرع‪ ،‬ورفع جانب السماء لي‬
‫نحدر الاء‪ ،‬وفرق الياه بي الزائر ليطب الواء‪ ،‬وأودع العادن كما تودع الاجات ف الزائن‪،‬‬
‫ولا بث الطي صان عنها السنبل‪ ،‬لنه قوتك بقشور صلبة قايات كالبر لئل تستفه فتموت بشما‬
‫ء‪ ،‬فيفوت الظان‪ ،‬ث تأمل الرماية كيف حشيت بالشحم بي الب‪ ،‬ليكون غذاءا لا إل وقت ع‬
‫ود الثل‪ ،‬ث جعل كل حشوتي لفافة لئل يتصاك فيجري الاء‪ ،‬ث جاء بالشمس سراجا ومنضجا ل‬
‫لثمر تري لتعمر الماكن ث تغيب ليسكن اليوان‪ ،‬ولا كانت الوائج قد تعرض بالليل جعل ف‬
‫القمر خلفا ول يعل طلوعه ف الليل دائما‪ ،‬لئل تنبسط الناس ف أعمالم كانبساطهم بالنهار‪ ،‬فيؤ‬
‫ذي الريص كلله‪ ،‬ولا قدر غيبة القمر ف بعض الليل جعل أنوار الكواكب كشعل النار ف أيد‬
‫ي القتبسي‪ ،‬ولا كانت حاجة اللق إل النار ضرورية أنشأها وجعلها كالخزون‪ ،‬تستنهض وقت‬
‫الاجة فتمسك بالادة‪ ،‬قدر مراد المسك‪ ،‬ث انظر إل الطائر‪ ،‬لا كان يتلس قوته خوف اصطياد‬
‫ه‪ ،‬صلب منقاره لئل ينسحج من اللتقاط لن زامن النتهاب ل يتمل الضغ‪ ،‬وجعل له حوصلة‬
‫يمع فيها الب ث ينقله إل القانصة ف زمان المن‪ ،‬فإن كانت له أفراخ أسهمهم من الاصل ف‬
‫الوصلة قبل النقل‪ ،‬فإن ل يكن له حنة على أفراخه أغنوا عنه باستقللم من حي انشقاق البيضة‬
‫كالفراريج‪.‬‬
‫واعجبا كيف يُعصى من هذه نعمه‪ ،‬وكيف ل توت النفس حبا لن هذه حكمه‪ ،‬إن دنت هتك ف‬
‫ل فارغب ف معاملته‪ ،‬وإن تناهت فتعلق بحبته‪ ،‬على قدر أهل الع‬
‫خف من عقوبته‪ ،‬وإن علت قلي ً‬
‫زم تأت العزائم‪ ،‬إن قصرت هتك فآثرت قطع الشوك صحبك حار‪ ،‬وإن رضيت سياسة الدواب‬
‫رفقك بغل‪ ،‬وإن سددت بعض الثغور أعطيت فرسا‪ ،‬فإن كنت تسن السباق كان عربيا‪ ،‬فإن عز‬
‫مت على الج ركبت جلً‪ ،‬وإن شخت هتك إل اللك فالفيل مركب اللوك‪.‬‬
‫بستودعات ف بطون الساود‬ ‫رأيت عليات المور منـوطة‬
‫ليس كل اليل للسباق ول كل الطيور تمل الكتب‪ ،‬من الناس من تشغله ف الدنيا سوداء‪،‬‬
‫ومنهم من ل يلهيه ف النة قصر‪ ،‬ول يسليه عن حبيبه نر‪ ،‬قوته ف الدنيا الذكر وف الخرة‬
‫النظر‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وواصل أخرى غيها لسلها‬ ‫يقول أناس لو تناسى وصالـا‬
‫ول بقيت نفس تب سواهـا‬ ‫فل نظرت عي تلذ بغـيهـا‬
‫الفصل التاسع والثلثون‬
‫أيها الغافل ف إقامته عن نقلته‪ ،‬الاهل وقد مل با يلي بطن صحيفته‪ ،‬ألك زاد لسفرك على طول‬
‫مسافته?‬
‫حوت كلما قدمته من فعالـكـا‬ ‫خف ال وانظر ف صحيفتك الت‬
‫ول يبق إل أن يقول فـذالـكـا‬ ‫فقد خط فيها الكاتبان فأكـثـروا‬
‫أتوضع ف يناك أو ف شالكا‬ ‫وال ما تدري إذا ما لـقـيتـهـا‬
‫فما الناس إل هالك فابك هالكـا‬ ‫فل تسب الرء يبقى مـلـدا‬
‫يا من تصى عليه اللفظة والنظرة‪ ،‬مزق بيد الد أثواب الفترة‪ ،‬وتأهب فما تدري السي عشاء أو‬
‫بكرة‪ ،‬واعتب بالقرباء فالعبة تبعث العبة‪ ،‬وتزود لسفرة ما مثلها سفرة‪ ،‬واقنع باليسي فالساب‬
‫عسي على الذرة‪ ،‬وإياك والرام وانظر من أين الكسرة? قبل أن تلقى ساعة حسرة وتلقى بعدها‬
‫ف ظلمة حفرة‪.‬‬
‫وسرور ول يرعك بـعـسـره‬ ‫ل يغرنـك الـزمـان بـيسـر‬
‫ف لـظة ويذهـب بـسـره‬ ‫إن مر الزمان يحق عسر الرء‬
‫ف نعيم ويوم صاحب كـسـره‬ ‫وسواء إذا انقضى يوم كـسـرى‬
‫أترى ف عي العبة رمد? أما تبصر انسلخ المد? يا دائم العاصي ما غيه البد‪ ،‬تصلي ولو‬
‫التعود ل تكد‪ ،‬القلب غايب إنا جاء السد‪ ،‬الفكر يول ف طلب الدنيا من بلد إل بلد‪ ،‬يا‬
‫معرضا عن بر برناء ل تقنع بالثمد‪ ،‬يا مقتول الوى ولكن بل قود‪ .‬بي الوى والن‪ ،‬ضاع‬
‫اللد‪ ،‬أما يول ذكر الوت ف اللد? أرأيت أحدا من قبلك خلد? رب يوم معدود وليس ف الع‬
‫دد‪ ،‬إنا الروح عارية ف هذا السد‪ ،‬هذا بر الغرور يقذف بالزبد‪ ،‬كم ركبه جاهل فغرق قبل الب‬
‫لد‪ ،‬هذا سهم النون يفري حلق الزرد‪ ،‬أخوان دنا الصباح فقولوا لن رقد‪ :‬أين الوجوه الصباح?‬
‫مرت على جدد‪ ،‬أين الظباء اللح? اغتالا السد‪ ،‬هذا هو الصي‪ .‬أما يرعوي أحد? قال عمر بن‬
‫عبد العزيز لب حازم‪ :‬عظن‪ ،‬فقال‪ :‬اضطجع‪ .‬ث اجعل الوت عند رأسك‪ ،‬ث انظر ما تب أن يك‬
‫ون فيك تلك الساعة فجد فيه الن وما تكره أن يكون فيك فدعه الن‪.‬‬
‫أيها الطالب للدنيا وما يد‪ ،‬كيف تد الخرة وما تطلب? ما مضى من الدنيا فحلم‪ ،‬وما بقي فأما‬
‫ن‪ ،‬سبعة يظلهم ال ف ظله‪ ،‬منهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجال‪ ،‬فقال‪ :‬إن أخشى ال‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫اسع يا من أجاب عجوزا على مزبلة‪ ،‬ويك إنا سوداء‪ ،‬ولكن قد غلبت عليك‪ ،‬عرضت على نبي‬
‫ينا صلى ال عليه وسلم بطحاء مكة ذهبا فأب‪ ،‬يا ممد من تعلمت هذه القناعة? قال لسان حاله‪:‬‬
‫من عجلة أب‪ ،‬الريص دائم السرى وما يمد الصباح‪ ،‬من ل هة له سوى جع الطام معدود ف‬
‫الشرات‪.‬‬
‫يا أطيار القلوب إل كم ف مزبلة البس? اكسري بالعزم قفص الصر‪ ،‬واخرجي إل فضاء صحر‬
‫اء القدس‪ ،‬روحي خاصا من الوى‪ ،‬تعودي بطانا من الدى‪ ،‬بي أب الركة وأم القصد ينتج ولد‬
‫الظفر‪ ،‬ل ينال السيم بالوينا‪ ،‬حل النفس على حل الشاق مدرجة إل الشرف‪ ،‬واعجبا من توق‬
‫ف الكال والدر ينثر‪ ،‬أشهود كغياب? أكانون ف آب?‪ ،‬الرب خصام قائم وأنت غلم نائم‪ ،‬اد‬
‫خل بسلمتك لبس لمتك‪ ،‬ليس ف سلح الحارب أح ّد من نبلة عوم‪ ،‬أجرأ الليوث أجرها للص‬
‫يود‪.‬‬
‫ليس ها ما عاق عنه الظلم‬ ‫ليس عزما ما مرض العزم فيه‬
‫طر بناح الد من وكر الكسل‪ ،‬تابعا آثار الحباب تصل‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫جناب ول من نـارهـن وقـود‬ ‫تلفّت حت ل يبِـن مـن ديارهـم‬
‫طَوال الليال نـوهـم لـيزيد‬ ‫وإن التفات القلب من بعد َطرْفـه‬
‫غداةَ جزعنا الرمل قلت‪ :‬أعـود‬ ‫ولو قال ل الغادون‪ :‬ما أنت مُشَْتهٍ‬
‫وأعلم خَبتٍ? إننـي لـجـلـيد‬ ‫أأصب والوَعساءُ بين وبـينـهـم‬
‫يا منث العزم أين أنت والطريق? سبيل نصب فيه آدم‪ ،‬وناح لجله نوح‪ ،‬ورمي ف النار إبراهيم‬
‫الليل‪ ،‬وأضجع للذبح إساعيل‪ ،‬وبيع يوسف بدراهم‪ ،‬وذهبت من البكاء عي يعقوب‪ ،‬ونشر‬
‫بالنشار زكريا‪ ،‬وذبح الصور يي‪ ،‬وضن بالبلء أيوب‪ ،‬وزاد على القدار موسى‪ ،‬وهام مع الو‬
‫حوش عيسى‪ ،‬وعال الفقر ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫قريب ولكن دون ذلك أهوال‬ ‫فيا دارهم بالزن أن مزارها‬
‫أول قدم ف الطريق بذل الروح‪ ،‬هذه الادة فأين السالك? هذا قميص يوسف فأين يعقوب? هذا‬
‫طور سينا فأين موسى? يا جنيد احضر‪ ،‬يا شبلي اسع‪.‬‬
‫فمن الذي يبتاع بالسعر‬ ‫بدم الحب يباع وصلهم‬
‫??الفصل الربعون‬

‫‪168‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أخوان‪ ،‬اعتبوا بالذين قطنوا وخزنوا‪ ،‬كيف ظعنوا وحزنوا? وانظروا إل آثارهم تعلموا أنم قد‬
‫غبنوا‪ ،‬لحت لم لذات الدنيا فاغتروا وفتنوا‪ ،‬فما انقشعت سحاب الن حت ماتوا ودفنوا‪.‬‬
‫وبنوا مساكنهم فما سكنـوا‬ ‫جعوا فما أكلوا الذي جعوا‬
‫لا استراحوا ساعة ظعنوا‬ ‫فكأنم كانوا با ظـعـنـا‬
‫يا من قد امتطى بهله مطا الطامع‪ ،‬لقد مل الوعظ‪ ،‬ف الصباح والساء السامع‪ ،‬أين الذين بلغوا‬
‫آمالم? فما لم ف الن منازع‪.‬‬
‫ما زال الوت يدور على بدور الدور حت طوى الطوالع‪ ،‬صار الندل فراشهم بعد أن كان الرير‬
‫فيما مضى الضاجع‪ ،‬ولقوا وال البل ف تلك البلقل‪ ،‬قال شداد بن أوس‪ :‬لو أن اليت نشر فأخ‬
‫ب أهل الدنيا بأل الوت ما انتفعوا بعيش ول التذوا بنوم‪.‬‬
‫وقال وهب ابن منبه‪ :‬لو أن لم عرق من عروق اليت قسم على أهل الرض لوسعهم ألا‪.‬‬
‫وكان عمر بن عبد العزيز يمع الفقهاء كل ليلة فيتذاكرون الوت والقيامة ث يبكون‪ ،‬حت كأن ب‬
‫ي أيديهم جنازة‪.‬‬
‫وقال يي بن معاذ‪ :‬لو ضربت السماء والرض بالسياط الت ضرب با ابن آدم لنقادت خاشعة‬
‫للموت والساب والنار‪.‬‬
‫يا هذا الشيب أذان والوت إقامة ولست على طهارة‪ ،‬العمر صلة والشيب تسليم‪ ،‬يا من قد خي‬
‫م حب الوى ف صحراء قلبه أقلع الطناب فقد ضرب بوق الرحيل‪ ،‬أما تسمع صوت السوط‬
‫ف ظهور البل? أما ترى عجلة السلب وقصر العمر? شارف الركب بلد القامة فاستحث الطى‪،‬‬
‫يا مشاهدة ما تت بغيتها حت وقع النهب فيها‪ ،‬استلب منك لك قبل أن تستلب الملة‪ ،‬اليام ت‬
‫سرع ف تبذير مموع صورتك وأنت تسرع ف تبذير معانيك‪.‬‬
‫يا شباب الهل‪ ،‬يا كهول التفريط‪ ،‬يا شيوخ الغفلة‪ ،‬اجلسوا معنا ساعة ف مأت السف يا سحائ‬
‫ب الجفان‪ ،‬امطري على رباع الذنوب‪ ،‬يا ضيف الندم على السراف أسكن شغف القلوب‪ ،‬يا‬
‫أيام الشيب إنا أنت بي داع ووادع‪ ،‬فهل لاض من الزمان ارتاع‪.‬‬
‫وقل لنجد عندنـا أن تـودعـا‬ ‫قفا ودعا ندا ومن حل بالمى‬
‫عليك ولكن خل عينيك تدمعـا‬ ‫فليس عشيات المى برواجـع‬
‫وجعت من الصغاء ليتا واخدعا‬ ‫تلفت نو المى حت وجدتنـي‬
‫على كبدي من خشية أن تصدعا‬ ‫واذكر أيام المى ث انـثـنـي‬

‫‪169‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أخوان‪ ،‬سكران الوى بعيد الفاقة‪ ،‬فلو تذكر إقامة الد طار السكر‪ ،‬من تسى مرق الوان‬
‫احترقت شفتاه‪ ،‬من أكل من الظلم ترة أداها قوصرة‪ .‬ويك‪ ،‬اغسل العثرة بعبة‪ ،‬وادفع الوبة‬
‫بتوبة ما دام ف الوقت مهلة وف زمن السلمة فسحة‪ ،‬قبل أن توت وتفوت وتعلو بعد اليل على‬
‫تابوت‪ ،‬قبل أن ترى السمع والبصر قد كل‪ ،‬وتقول "رب ارجعون" فيقال كل‪ ،‬قبل أن يصي دم‬
‫ع السى من جفن من أسى‪ ،‬ويقال هل كان هذا قبل هذا‪ ،‬هل‪.‬‬
‫وتطلبه إذا بعـد الـمـزار‬ ‫أتترك من تب وأنـت جـار‬
‫وتسأل ف النازل أين ساروا‬ ‫وتبكي من بعد نأيهم اشتـياقـا‬
‫وترجو أن تبـرك الـديار‬ ‫تركت سؤالم وهم حضـور‬
‫ومت كمدا فليس لك اعتـذار‬ ‫فنفسك ل ول تلم الـمـطـايا‬
‫يا من أجله يذوب ذوبان الثلج ف الر‪ ،‬أينقشع غيم العمر? ل عن هلل الدى‪ ،‬أتؤثر الفان‬
‫الرذول على النفيس الباقي?‬
‫عن زرود يا لا صفقة غب‬ ‫ارضيا بثـنـيات الـلـوى‬
‫ما يفى علمات الدبار عليك‪ ،‬يفتش دارك فل يرى سواك للطهارة‪ ،‬بلى ملعق الكل‪ ،‬ليس ف‬
‫البيت مصحف بل تقوي‪ ،‬أينفع وجود التقوي? يا مهتما بالنظر ف الطالع طالع ما قد خب لك‬
‫كأنك بالوت قد طلع‪ ،‬وما طالع فكرك عاقبة‪ ،‬اسع حساب حقا وما أرجم‪ ،‬ودع لكلمات هذي ق‬
‫ول الاذي النجم‪ ،‬إن ضم الندم على التفريط إل العزية على النابة فساعة سعد‪ ،‬وإن اجتمع ف‬
‫القلب حب الدنيا على إيثار الكسل فقران نس‪.‬‬
‫??الفصل الادي والربعون‬
‫ما هذا الب للدنيا والصبابة? وإنا يكفي منها صبابة‪ ،‬فقل للنفس الريصة‪ ،‬لقد بعت الخرى‬
‫رخيصة‪.‬‬
‫ألست حدثتن أن أتـوب فـلـم‬ ‫يا نفس ما الدهر إل ما علمت فكم‬
‫وأهلكت أما من قبلهـا وأمـم‬ ‫إياك إياك من سوف فكم خدعـت‬
‫وقدمي من فعال الصالي قـدم‬ ‫توب يكن لك عند ال جاه تـقـى‬
‫أل فكن خائفا ل تقـعـدن وقـم‬ ‫يا راقد للبلى حث الشـيب بـه‬
‫يا من قد أخذ الوى بأزمته‪ ،‬وأمسك الردى بلمته‪ ،‬يا رهي ديون تعلقت ف ذمته‪ ،‬هذا أوان جدك‬
‫إن كنت مدا‪ ،‬هذا زمان استعدادك إن كنت مستعدا‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬

‫‪170‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إن كنت يوما تأخذين أو ذَري‬ ‫يا نفس قد عز الرا ُد فخـذي‬
‫ف ساقي مئزري‬
‫ص ُ‬
‫لثلها يَن ُ‬ ‫نُهزَ ُة مدٍ كنتُ ف طِلبـا‬
‫ب انقضاءُ العُمُـر‬
‫آونةُ الشي ِ‬ ‫عمر الفت شبابُـه وإنـمـا‬
‫رض مهر النفس يتأت ركوبه‪ ،‬أمت زئبق الطبع يكن استعماله‪ ،‬تلمح فجر الجر يهن ظلم‬
‫التكليف‪ ،‬احذر حية الفم فإنا بتراء‪ ،‬إذا خرجت من شفة غدرك لفظة سفه فل تلحقها بثلها‬
‫تلقحها‪ ،‬ونسل الصام مذموم‪ ،‬أوثق سبع غضبك بسلسلة حلمك‪ ،‬فإنه إن أفلت أتلف‪ ،‬مت قم‬
‫ت بدة الغضب انطفى مصباح اللم‪ ،‬بر الوى إذا مد أغرق‪ ،‬وأخوف النافذ من الغرق فتحة ال‬
‫بصر فل يشتغل زمان الزيادة إل بإحكام القورح‪.‬‬
‫والرء ما دام ذا عـي يقـلـبـهـا ف أعي العي موقوف على الطر‬
‫ل مرحبا بسرور عاد بـالـضـرر‬ ‫يسر مقلته ما ضـر مـهـجـتـه‬
‫لو حضرت مع الحباب الباب‪ ،‬لسامح الناقد ببهرجك‪ ،‬رحلت رفقة "تتجاف" ومطرود النوم ف‬
‫حبس الرقاد‪ ،‬فما فك عنه السجان قيد الكرى حت استقر بالقوم النل‪ ،‬فقام يتلمح الثار بباب‬
‫الكوفة والحباب قد وصلوا إل الكعبة‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫هل روح الرُعيان بـالبـلِ?‬ ‫من يطّلع شرفا فيعـلـمَ لـي‬
‫ارتفعت قبابم على البُـزْلِ?‬ ‫أم قعقعت عَـمَـدُ الـخـيام أم‬
‫منها غراب البي يستلـمـي?‬ ‫أم غرّد الـحـادي بـقـافـيةٍ‬
‫فبكيتُ مَن قتل الوى قبـلـي‬ ‫ضلَت دموعي عن مدى َحزَن‬
‫َف َ‬
‫إل أقول‪ :‬مـتـيّم مـثـلـي‬ ‫ما مر ذو شـجـن يكـتّـمـه‬
‫من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه‪ ،‬الزهاد عي العارفي‪،‬‬
‫الرواح ف الشباح كالطيار ف البراج‪ ،‬وليس ما أعد للستفراخ كما هي للسباق‪ ،‬من حدق‬
‫بعي الفكر إل مطلع الدى لح له اللل‪ ،‬كم أداوي بصر بصيتك وما يتجلى‪ ،‬ما أظن الضعف‬
‫إل ف الوضع‪ ،‬ضعف عي الفاش ف أصل الفطرة ليس برمد‪ ،‬وحدة ناظر الدهد خلقة‪ ،‬مصابيح‬
‫القلوب الطاهرة ف أصل الفطرة منية‪ ،‬قبل الشرايع "يكاد زيتها يضيء" وح ّد قس وما رأى الرس‬
‫ول‪ ،‬وكفر ابن أب وقد صلى معه‪ ،‬مع الضب ري يكفيه‪ ،‬ول ماء‪ ،‬وكم من عطشان ف الوجة‪ ،‬إ‬
‫ذا سبق النعام ف القدم فذلك غن البد‪ ،‬لا تقدم اختيار الطي النهبط صعد على النار الرتفعة‪،‬‬
‫وكانت الغلبة لدم ف حرب إبليس‪ ،‬فاكتفت نار جهنم با جرى فسلمت يوم "جزيا مؤمن" سبق‬

‫‪171‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫العلم بنبوة موسى وإيان آسية فسبق تابوته إل بيتها‪ ،‬فجاء طفل منفرد عن أم‪ ،‬إل امرأة خالية ع‬
‫ن ولد‪ ،‬قرينان مرتعنا واحد‪.‬‬
‫دخل الرسول صلى ال عليه وسلم إل بيت يهودي يعوده فقال له أسلم‪ ،‬فنظر الريض إل أبيه فق‬
‫ال له‪ :‬أجب أبا القاسم‪ ،‬فأسلم‪ ،‬فكان ذلك قريبا من نسب "سلمان منا" فصاحت ألسنة الخالف‬
‫ي‪ :‬ما لحمد ولنا? والقدر يقول‪ :‬مريضنا عندكم "كيف انصراف ول ف داركم شغل"‪.‬‬
‫لا عم نور النبوة آفاق الدى رآه سلمان دون العم‪ ،‬قويت ظلمات الشرك بكة فتخبطت قريش‬
‫ف الضلل‪ ،‬فلح مصباح الفلح من سجف دار اليزران‪ ،‬فإذا عمر على الباب ولقد أنارت‬
‫لبليس شس البيان يوم "أنبِئهم بأسائهم" غي أن النهار ليل عند العشى‪ ،‬رجع الفاش إل عشه‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أوقدوا الصباح فقد جن الليل‪ ،‬فقالوا‪ :‬الن طلعت الشمس‪ ،‬فقال‪ :‬ارحوا من طلوع الشم‬
‫س عنده ليل‪ ،‬فسبحان من أعطى ومنع ول يقال ل صنع? سلم التوفيق قريب الراقي‪ ،‬وبئر‬
‫الذلن بل قعر‪ ،‬ربا أدرك الوقفة أهل مصر وفاتت أهل نلة‪ ،‬ل بد وال من نفوذ القضاء فاجنح‬
‫للسلم‪.‬‬
‫هوى طريح ل يعلـل‬ ‫كم بالخصب من عليل‬
‫من وجع ليس يعقل‬ ‫وقتيل بي بي خـيف‬
‫كيف تتقي نبال القدر والقلب بي إصبعي‪.‬‬
‫فليس ينجيك من أحبابك الغضب‬ ‫ل تغضب على قوم تـبـهـم‬
‫إن القضاة إذا ما خوصموا غلبوا‬ ‫ول تاصمهم يوما إذا حكـمـوا‬
‫كان إبليس كالبلدة العامرة فوقعت فيها صاعقة الطرد فهلك أهلها " فتلكَ بيوُت ُهمْ خاوَِيةٌ "‬
‫فكل إحسانـه ذنـوب‬ ‫من ل يكن للوصال أهلً‬
‫أخذ كساء ترهبه فجعل جلً لكلب أصحاب الكهف‪ ،‬فأخذ السكي ف عداوة آدم فكم بالغ‬
‫واجتهد? وأب ال أن يقع ف البئر إل من حفر‪ ،‬ويك ما ذنب آدم? أنت الان على نفسك‪،‬‬
‫ولكنه غيظ السي على القد‪.‬‬
‫لقي إبليس عمر بن الطاب فصارعه فصرعه عمر‪ ،‬فقال بلسان الال‪ :‬أنا مقتولٌ بلسان الذلن‬
‫قبل لقائك فإياك عن ل يكن بك ما بيا‪ ،‬يا عمر أنت الذي كنت ف زمان الطاب ل تعرف البا‬
‫ب وأنا الذي كنت ف سدة السيادة وأتباعي اللئكة موصل منشور " ل يسئل " فعزلن وولك ف‬
‫كن على حذر من تول الال‪.‬‬
‫قتلت به ف يد القاتـل‬ ‫فإن السام الصقيل الذي‬

‫‪172‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لا تكنت معرفة عمر بتقليب القلوب لعب القلق بقلبه‪ ،‬خوفا من قلبه‪ ،‬فبادر بطريق باب البيد‬
‫بالعزل والولية‪ ،‬يا حذيفة الحبة العظمى‪ ،‬ارتباط أمرك بن ل يبال بلكك‪ ،‬فكم قد أهلك قبلك‬
‫مثلك‪ ،‬كم مشارف بسفينة عمله? على شاطئ النجاة‪ ،‬ضربا خرق الذلن فغرقت وما بقي‬
‫للسلمة إل باع أو ذراع‪ ،‬أي تصرف بقي لك ف قلبك? وهو بي إصبعي‪.‬‬
‫بلقا الحباب وقد رحلـوا‬ ‫يا قلب إلم تطالـبـنـي‬
‫لتعود فضعت وما حصلوا‬ ‫أرسلتك ف طلب لـهـم‬
‫كم مثلك قبلك قد قتـلـوا‬ ‫سلم واصب واخضع لـم‬
‫أما لك منهم لو فعـلـوا‬ ‫ما أحسن ما أعقلـت بـه‬
‫الفصل الثان والربعون‬
‫يا من قد أسره الوى فما يستطيع فكاكا‪ ،‬أفق قبل الومى‪ ،‬وها هو قد أدركك إدراكا قبل أن ل‬
‫ينفع البكاء الباكي ول التباكي من تباكى‪.‬‬
‫لب العتاهية‪:‬‬
‫بَليتَ وما تَ ْبلَى ثـيابُ صِـبـاكـا كفاكَ نذير الشيبِ فيك كـفـاكـا‬
‫ض ث نـعـاكـا‬
‫مقامَ الشباب الغَ ّ‬ ‫أل ت َر أنّ الشيبَ قد قـامَ نـاعـيا‬
‫بإهلكه للهالـكـي عـنـاكـا‬ ‫ول تـر يومـا مـر إل كـأنـه‬
‫أتطمع أن تبقى فلست هـنـاكـا‬ ‫أل أيها الفان وقد حـان حـينـه‬
‫ع قد أتـى فـدعـاكـا‬
‫كأن بدا ٍ‬ ‫ع من أفسد الغي سعـه‬
‫تسمّع ود ْ‬
‫النية فيما بـينـهـن شـراكـا‬ ‫ورب أمان للفت نـصـبـت لـه‬
‫ويوشك أن تدي هديت كـذاكـا‬ ‫أراك وما تنفك تـدي جـنـازة‬
‫وينساك من خلفـتـه هـو ذاكـا‬ ‫ستمضي ويبقى ما تراه كما تـرى‬
‫أل ليت شعري كيف أنت إذا القُوى وهبْ وإذا الكرب الشديد علكـا‬
‫توت كما مات الذين نسـيتـهـم وتُنسى ويهوى الي بعد هواكـا‬
‫عليك إذا الطب الليل أتـاكـا‬ ‫كأن خطوب الدهر ل تر سـاعة‬
‫غلقن فلم يقبل لـن فـكـاكـا‬ ‫ترى الرض كم فيها رهون دفينة‬
‫كم سكن قلبك ف هذه الدار‪ ،‬فحام الوت حوم حاهم ودار‪ ،‬ث ناهضهم سريعا وثار‪ ،‬كأنه ول‬
‫يطلب الثأر‪ ،‬وقد خوفك بأخذ الصديق وسلب الار‪ ،‬ومن أنذر قبل هجومه فما جار‪ .‬يا هذا‪،‬‬

‫‪173‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫العمر عمر قليل وقد مضى أكثره بالتعليل‪ ،‬وأنت تعرض البقية للتأويل‪ ،‬وقد آن أوان الن أن ير‬
‫حل التنيل‪ ،‬ما أرخص ما يباع عمرك وما أغفلك عن الشرا‪ ،‬وال ما بيع أخوة يوسف يوسف بث‬
‫من بس‪ ،‬يا عجب من بيعك نفسك بعصية ساعة‪ ،‬مت ينتهي الفساد? مت يرعوي الفؤاد?‪.‬‬
‫يا مسافرا بل زاد‪ ،‬ل راحلة ول جواد‪ ،‬يا زارعا قد آن الصاد‪ ،‬يا طائرا بالوت يصاد‪ ،‬يا برج ال‬
‫بضاعة أين الياد? يا مصاب الذنوب أين الداد? لو عرفت الصاب فرشت الرماد‪ ،‬لو رأيت سو‬
‫اد السر لبست السواد‪ ،‬جسمك ف واد وأنت ف واد‪ ،‬نثر الدر لديك وما تنتقي‪ ،‬وقربت الراقي‬
‫إليك وما ترتقي‪ ،‬لقد ضيعت ما مضى وشرعت ف ما بقي‪ ،‬يا واقفا ف الاء الغمر وما ينقى‪.‬‬
‫أو قلت خذ قال كفى ما تواتينـي‬ ‫إن قلت قم قال رجلي ما تطاوعن‬
‫واعجبا لنفاسة نفس رفعت بسجود اللك لا‪ ،‬كيف نزلت بالساسة حت زاحت كلب الشره‪،‬‬
‫على مزابل الذل‪ ،‬هيهات لن تفلح السد إذا أنفقت عليها اليتات الفسد‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬جسدك كالناقة يمل راكب القلب‪ ،‬فل تعل القلب مستخدما ف علف الراحلة‪ ،‬تال إن‬
‫جوهر معناك يتظلم من سوء فعلك‪ ،‬لنك قد ألقيته ف مزابل الذل‪ ،‬ماء حياتك ف ساقية عمرك ق‬
‫د اغدودق‪ ،‬فهو يسيل ضايعا إل مهاوي الوى‪ ،‬وينسرب ف أسراب البطالة‪ ،‬فقد امتلت به خرب‬
‫ات الهل ومزابل التفريط‪ ،‬وشربته أدغال الغفلت‪ ،‬ويك‪ ،‬أردده إل مزارع التقوى لعله يدق‬
‫نور حديقة‪ ،‬إل مت يتد ليل الغفلة? مت تأت تباشي الصباح?‬
‫وأيامُنا باللوى هل تـعـودُ‬ ‫هل الدهر يوما بوصل يود‬
‫بنفسي وال تلك العـهـود‬ ‫زمان تقضي وعيش مضى‬
‫هنيئا لكم ف النان اللود‬ ‫أل قل لكان وادي البـيب‬
‫فنحن عطاشى وأنتم ورود‬ ‫أفيضوا علينا من الاء فيضا‬
‫لا سبق الختيار لقوام ف القدم‪ ،‬جذبوا بعد الزلق ف هوة الوى إل ناة النجاة‪ ،‬يا عمر‪ ،‬كيف‬
‫كانت حالك? قال‪ :‬كنت مشغولً ببل فسمعت هتاف "ف ِفرّوا إل ال" فعرجت على النادي‪ ،‬فإذا‬
‫أنا ف دار اليزران يا فضيل‪ ،‬من أنت? قال‪ :‬أخذت من قطع الطريق‪ ،‬فأخذت ف قطع الطريق‪ ،‬يا‬
‫عتبة الغلم‪ ،‬من أنت? قال‪ :‬كنت عبد الوى فحضرت ملس عبد الواحد‪ ،‬فصرت عبدا للواحد‬
‫يا سبت من أنت? قال كنت ابن الرشيد فعرض ل رأي رشيد فإذا عزمي قد أخذ الر ومر‪ ،‬يا ابن‬
‫أدهم‪ ،‬من أنت? قال أخذن حبه من منظرت فصين ناطور البساتي‪ .‬يا رابعة‪ ،‬من أنت? قالت‪ :‬ك‬
‫نت أضرب بالعود فما سع غيي‪.‬‬
‫مري على تلك الربا‬ ‫بال يا ريح الصـبـا‬

‫‪174‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يفضها أهل قـبـل‬ ‫وبـلـغـي رسـالة‬
‫فاتـيا واحـربــا‬ ‫واحربـا وهـل يرد‬
‫يا طفلً ف حجر العادة مصورا بقماط الوى‪ ،‬مالك ومزاحة الرجال? تسكت بالدنيا تسك‬
‫الرضع بالظئر‪ ،‬والقوم ما أعاروها الطرف‪ ،‬ما لك والحبة وأنت أسي حبة? كم بينك وبينهم?‬
‫وهل تدري أين هم?‪.‬‬
‫سلم على تلك الـعـاهـد إنـهـا شريعة وردي أو مهب شـمـالـي‬
‫ليال ل نـحـذر حـزون قـطـيعة ول نش إل ف سـهـول وصـال‬
‫فقد صرت أرضى من سواكن أرضها بلـب بـرق أو بـطـيف خـيال‬
‫سار القوم ورجعت‪ ،‬ووصلوا وانقطعت‪ ،‬وذهبوا وبقيت‪ ،‬فإن ل تلحقهم شقيت‪.‬‬
‫ولبست من حزن ثـياب حـداد‬ ‫لبس البياض بذات عرق معشـر‬
‫وبقيت منكسرا ببطـن الـوادي‬ ‫وصلوا إل عرفات يبغون الرضا‬
‫وضممت من كمد يدي بفـؤادي‬ ‫رفعوا أكفهم وضجوا بـالـدعـا‬
‫يا من كلما استقام عثر‪ ،‬يا من كلما تقرب أبعد‪ ،‬استسلم مع الرية واستروح إل دوام البكاء‬
‫وصح بصوت القلق على باب دار السف‪.‬‬
‫غي صبي على القضا‬ ‫ليس لـي فـيك حـيلة‬
‫الذي كان وانقـضـى‬ ‫وبكائي على الـوصـال‬
‫وقضى ال ما قضـى‬ ‫ليتـنـي تـبـت تـوبة‬
‫الفصل الثالث والربعون‬
‫يا هذا‪ ،‬من اجتهد وجدّ وجد‪ ،‬وليس من سهر كمن رقد والفضائل تتاج إل وثبة أسد‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫يُرغدُها الع ّز وإما الِمامْ‬ ‫خاط ْر فإما عيشةٌ حـرةٌ‬

‫ل بد أن تدخل بـي الـزّحـامْ‬ ‫زاحمْ على باب العلى واجتـهـد‬


‫الصباح إل عن نقابِ الظـلمْ‬ ‫رام با اللـيل فـمـا يُسـفـر‬
‫س را ْم‬
‫ق فوق السهم عن قو ٍ‬
‫مرو َ‬ ‫مَوارقا عن ُعقْل أشـطـانـهـا‬
‫نفسك ل ميزة تـت الـرخـامْ‬ ‫مّي ْز من الناس على ظـهـرهـا‬

‫‪175‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ب الـرامْ‬
‫ظهر الوينا رامَ صع َ‬ ‫من طلب الغايةَ خطـوا عـلـى‬
‫لقد رضيت الغب والغب‪ ،‬وبعت عمرك بأقل ثن‪ ،‬وأنفقت فيما يرد بك الزمن‪ ،‬وفترت ف الصحة‬
‫ول فتور الزمن‪ ،‬يا مغرورا بضراء الدمن‪ ،‬يا جامعا مانعا قل ل لن? كيف ينال الفضائل مستريح‬
‫البدن‪ ،‬سلع العال غاليات الثمن‪ ،‬وإن ساومتها فبزهد أويس وفقه السن‪.‬‬
‫يا هذا أوقد مصباح الفكر ف بيت العلم‪ ،‬تلح لك العلم‪ ،‬من سد ثغور الوى بند الد مل عي‬
‫راحته من نوم الطمأنينة‪ ،‬من دق صراط ورعه عن الشبهات عرض الصراط له يوم الواز‪ ،‬ل در‬
‫أقوام تأملوا الوجوب ففهموا القصود‪ ،‬فالناس ف رقادهم وهم ف جع زادهم‪ ،‬واللئق ف‬
‫غرورهم‪ ،‬وعيونم إل قبورهم‪.‬‬
‫قال المام أحد لقد رأيت أقواما صالي‪ ،‬رأيت عبد ال بن إدريس وعليه جبة من لبود قد أتت‬
‫عليها سنون‪ ،‬رأيت أبا داود الفري وعليه جبة مرقة قد خرج منها القطن وهو يصلي فيترجح م‬
‫ن الوع‪ ،‬ورأيت أبواب النجار‪ ،‬وقد خرج من كل ما يلكه‪.‬‬
‫وكان ف السجد شاب مصفر يقال له العوف‪ ،‬يقوم من أول الليل إل الصباح يبكي‪.‬‬
‫فعرج فأنـا بـعـدهـا بـقـلـيل‬ ‫إذا ما اليام البيض لحت لدى منـى‬
‫نكفكف دمعـا لفـتـقـاد خـلـيل‬ ‫ترانا لدى الطناب صرعى من الوى‬
‫وكم أنـه أردفـتـهـا بـتـنـفـس وكم عبة أتبـعـتـهـا بـعـويل‬
‫تروا عجبا مـن قـاتـل وقـتـيل‬ ‫قفوا وانظروا ذل وعز مـعـذبـي‬
‫عملت ف قلوبم معاول الزن معا‪ ،‬فانبعثت من كل ركية‪ ،‬ركية ماء أسي‪ ،‬فجرى من طرف‬
‫طرفي ماء فجرى وسخا فغسل وسخا‪.‬‬
‫قد كنت أطوي على الوجد الضلوع ول أبدي الوى وأسوم القلب كتـمـانـا‬
‫ل الشؤون فعاد الـسـر إعـلنـا‬ ‫فخانن الصبـر إذ نـاديتـه ووفـت‬
‫أكتم الوجد والـعـينـان تـظـهـره للحب أعظم مـا رمـتـه شـانـا‬
‫قال أبو عمران الوب‪ :‬أرتن أمي موضعا من الدار قد انفر‪ ،‬فقالت‪ :‬هذا موضع دموع أبيك‪.‬‬
‫وكان حسان بن أب سنان‪ :‬يضر ملس مالك بن دينار‪ ،‬فيبكي حت يبل ما بي يديه ول سع له‬
‫صوت‪ .‬للمتنب‪:‬‬
‫دعا فلبّاه قبل الـركـب والبـلِ‬ ‫أجاب دمعي وما الداعي سوى طللِ‬
‫فظل يسفح بي العُذر والـعَـذلِ‬ ‫ظللت بي أصيحاب أكـفـكـفـه‬

‫‪176‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫من اللقاء كمشـتـاق بـل أمـل‬ ‫وما صبابة مـشـتـاق لـه أمـل‬
‫دموع الحبي‪ ،‬غدران ف صحاري الشوق‪ ،‬من عادة القوم ألف الباري واللوس إل الشجر فإن‬
‫سعوا هتاف المام استغنوا عن نايح‪.‬‬
‫وظهور وجدي دون ما أخفي‬ ‫شوقي إليك ماوز وصفـي‬
‫إل طرفت بدمعي طرفـي‬ ‫ما دار ذكر منك ف خلـدي‬
‫إذا تكنت الحبة استحال السلو‪ ،‬تعلقت يد الحبة بتلبيب القلب فل يكنه التخلص‪ ،‬فيدور‬
‫معها ف دار الداراة‪.‬‬
‫ل ورفقا بنا رفقـا‬
‫فمهلً بنا مه ً‬ ‫ليكفكم ما فيكم من جوى نلقـى‬
‫ول رمت منه ل فكاكا ول عتقا‬ ‫وحرمة وجدي ل سلوت هواكم‬
‫وهل للمحب قلب‪ ،‬هيهات مزقته الحبة‪ ،‬براثن أسود ف شلو ضعيف‪ ،‬على شدة جذب مع وام‬
‫التقليب‪.‬‬
‫فيض دمع يري ووجد مقيم‬ ‫إن ترحلت أو أقمت فعنـدي‬
‫وغرامي ذاك الغرام القـدي‬ ‫وفؤادي ذاك الفؤاد العنـى‬
‫انكشف اليوم الستر‪ ،‬افتضح العاصي والعارف‪.‬‬
‫لتوبة‪:‬‬
‫فنون البلى عشاق ليلى ودورها‬ ‫خليلي قد عم السى وتقاسـت‬
‫فقد رابن منها الغداة سفورها‬ ‫وكنت إذا ما جئت ليلى تبقعت‬
‫وقع الريق ف زوايا الجلس رشوا عليه من مزاد الدمع‪ ،‬يا كثيف الطبع بيض المام يفرق من‬
‫صوت الرعد ول حس له‪ ،‬أفميت أنت وهذه الصواعق حولك?‬
‫وقد شققت جيوب الوصـال‬ ‫لو ترى العاشقي ف مأت الذل‬
‫ورحت الحب ف كل حال‬ ‫لعذرت الذي بلـى بـقـراق‬
‫هبت اليوم نسمة من أرض كنعان إل مصر‪ ،‬غنت حامات اللوى ف أرض ند‪ ،‬تنفس الشتاق‬
‫فانقشع غيم الجر‪ ،‬سعى سسار الواعظ ف الصلح‪.‬‬
‫للغزي‪:‬‬
‫ريح لا من جيوب الوصل أذيال‬ ‫هبت لنا وبرود اللـيل أسـمـال‬
‫بلؤلؤ الطل والرباء معـطـال‬ ‫مرت بسفح اللوى والشح متشـحٍ‬

‫‪177‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يهدي لكل مريض منـه أبـلل‬ ‫مريضة ف حواشي مرطها بللٌ‬
‫يا لئمي ث قل ل كيف احتـال‬ ‫دع جرة لسويدا القلب مـرقة‬
‫كرر حديثك ل حالت بك الال‬ ‫حدثت عن منحن الوادي وساكنه‬
‫فإن أخبار ذاك الـحـي جـريال‬ ‫وامزج باء الن قلت‪ :‬من خب‬
‫الفصل الرابع والربعون‬
‫أخوان‪ ،‬شحم الن هزال‪ ،‬وشراب المال سراب وآل‪ ،‬ولذات الدنيا منام وخيال‪ ،‬وحربا قتل‬
‫بل قتال‪.‬‬
‫حرص طويل وعمر فيه تقصـي‬ ‫والرء يبليه ف الدنيا ويـلـقـه‬
‫ولذم الوت دون الطوق مطرور‬ ‫يطوق النحـر بـالمـال كـاذبة‬
‫إن أفلت الناب أردته الظـافـي‬ ‫جذلن يبسم ف أشراك مـيتـتـه‬
‫تيقظ لنفسك واذكر زوالك‪ ،‬ودع المل ولو طوى الدنيا وزوى لك‪ ،‬فكأنك بالوت قد حيك‬
‫وأبدى كللك‪ ،‬ونسيك البيب‪ ،‬لنه أرادك له ل لك‪ ،‬وخلوت تبكي خللك ف زمان خل لك‪،‬‬
‫وشاهدت أمرا أفظعك وهالك‪ ،‬تود أن تفتديه بالدنيا لو أنا لك‪ ،‬فتنبه من رقاد الوى لا هو أول‬
‫لك‪ ،‬واحذر أن أعمالك أعمى لك‪ ،‬وأفعالك كالفعى لك‪.‬‬
‫لو كان باعث من نفسك‪ ،‬ما احتجت إل مرك من خارج‪ ،‬هذا الديك يصيح ف أوقات معلومة م‬
‫ن الليل ل تتلف‪ ،‬يؤدي وظائفها بباعث الطبع وإن ل يكن ف القرية ديك غيه‪ ،‬وأنت تؤخر وظ‬
‫ائف صلواتك‪ ،‬وتنقص من واجبات عباداتك‪ ،‬فإن بكيت ف الجلس فلبكاء الماعة‪ ،‬فإذا خلوت‬
‫خلوت من مرك‪ ،‬هيهات من ل يكن له من نفسه واعظ ل تنفعه الواعظ‪ ،‬إذا ل يكن للدجاجة هة‬
‫الضن ل تنفع تغطيتها بنخل الاضن‪ ،‬تصابر الشقاء لا تأمل من العواقب والرعناء تكسر البيض‬
‫قصدا‪.‬‬
‫الصائص أوضاع والسوابق خواص‪" ،‬هؤلء ف النة ول أبال وهؤلء ف النار ول أبال" الغناطي‬
‫س يذب الديد باصية فيه‪ ،‬الظليم يبتلع الصى والجارة فيذيبها ح ّر قانصته حت يعلها كالاء‬
‫الاري‪ ،‬ولو طبخ ذلك بالنار ل ينخل‪ ،‬ذنب الرادة يشق الصخرة وليس بالقوي‪ ،‬إبرة العقرب تن‬
‫فذ ف الطشت‪ ،‬خرطوم البعوضة يغوص ف جلد الاموس‪ ،‬من تعلق عليه برادة الديد ل يغط ف‬
‫نومه‪ ،‬إذا ترك الرصاص أو الزيبق ف تنور سقط البز كله‪ ،‬فإن ترك الرصاص ف قدر ل ينضج الل‬
‫حم‪ ،‬إذا كان الزعفران ف دار ل تدخلها وزغه‪ ،‬إذا دفن الديد ف الدقيق زال عنه الصدأ‪ ،‬إذا تر‬
‫ك سراج على شيء ف نر سكنت ضفادعه‪ ،‬إذا دفنت ذئبة ف قرية ل تدخلها الذئاب‪ ،‬إذا نظر‬

‫‪178‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫صاحب الثآليل إل كوكب ينقض فمسح بيده حينئذٍ على ثآليله ذهبت‪ ،‬إذا عسرت الولدة فصا‬
‫حت بالرأة بكر يا فلنة أنا جارية عذراء وقد ولدت وأنت ل تلدي ولدت ف الال للنملة‪ ،‬فضل‬
‫حسن ف الشم تدرك الراييح البعيدة‪ ،‬لا شق ختام نافجة النبوة ملت ريها الرض‪ ،‬فاستنشقها‬
‫أهل العافية‪ ،‬فوصل إل خياشم سلمان ف فارس وصهيب ف الروم وبلل ف البشة‪ ،‬وكان ابن أُ‬
‫ب مزكوما فما نفعه قرب الدار‪ ،‬كم من نفر دخلت ملسي وهي حامل جني الصرار‪ ،‬فلما استن‬
‫شقت ريح الواعظ أسقطت‪.‬‬
‫أيها التائب من حر?كك? وقد كان تريك البل دون إزعاجك "صُنْ َع ال الذي أتقن كلّ شيء"‬
‫أتدرون هذا التائب ل انزعج? أما تدون ف نفسه حرّ وهج‪.‬‬
‫وارقه لع بـرق لـمـح‬ ‫صبا لنسيم الصبا إذ نـفـح‬
‫وعهدا تقادم سرب سـنـح‬ ‫واذكره عيشه بالـحـمـى‬
‫فسح له دمعه وانسـفـح‬ ‫فحن إل السفح سفح العقيق‬
‫ولكن جرى دمعه فافتضح‬ ‫وكان كتوما لسر الـهـوى‬
‫ويسأل رامه عمـن نـزح‬ ‫فدعه ينادي طلول المـى‬
‫يا غائبا عنا‪ ،‬وهو حاضر أما لك ناظر ناظر? أما دموع الوجد قد ملت الناجر? أف لبدوي ل‬
‫يطربه ذكر حاجر‪ ،‬أقل أحوال الزمن أن يبكي إذا رأى الشاة‪ ،‬انظر إل التائبي وحرقهم‪ ،‬والتفت‬
‫إل العارفي وقلقهم‪.‬‬
‫إن استطعت له ساعا‬ ‫اسع أني العاشـقـي‬
‫مدامع تري سراعـا‬ ‫راح البيب فشيعتـه‬
‫فراق ألف ما استطاعا‬ ‫لو كلف البل الصـم‬
‫كلما بكى الائفون أزعجون‪ ،‬وكلما استغاث الواجدون ألفون‬
‫وإن لجلوب ل الشوق كـلـمـا تنفـس بـاك أو تـألـم ذو وجـد‬
‫تعرض رسل الشوق والركب هاجد فيوقظن من بي نوامهم وحـدي‬
‫يا صبيان التوبة‪ ،‬ارفقوا بطايا أبدانكم فقد ألفت الترف "ول تُضارّوهنّ لتضيّقوا عليهنّ"‬
‫فعادهـا مـن الـغـرام عـائد‬ ‫هب لـا مـن الـنـسـيم رائد‬
‫فهي كما شاء السرى سـواهـد‬ ‫نوق نفى عنها المى طيب الكرى‬
‫أنلها تـحـت الـدؤب أينـهـا فمـارت النـسـاع والـقـلئد‬

‫‪179‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فل تالفها إذا مـا الـتـفـتـت شوقا إل بان الـمـى يا قـائد‬
‫فهي لمل وجـدهـا تـكـابـد‬ ‫وقل لا لعـا إذا مـا عـثـرت‬
‫مذ حكم البي علـيهـا لـم تـزل تبكي عليها الـبـيد والـفـدافـد‬
‫يا صبيان التوبة‪ ،‬للنفس حظ وعليها حق "فل تيلوا ك ّل الَيْل" خذوا مالا‪ ،‬واستوفوا ما عليها‬
‫"وزِنوا بالقسطاس الستقيم" فإن رأيتم من النفوس فتورا فاضربوهن بسوط الجر "فإ ْن أطعْنَكُم‬
‫فل تبغوا عليهنّ سبيل" على أن أوصي صبيان التوبة بالرفق‪ ،‬وبعيد أن يقر خائف أو يسمع العذل‬
‫مب‬
‫سعة تفسح كرب الـمـضـيق‬ ‫ليت شعري هل أرى ف طريقي‬
‫فخذوا يا قوم كـف الـغـريق‬ ‫قد رمان الب ف ل بـحـر‬
‫حل من كـل عـقـد وثـيق‬ ‫حل عندي حبكم ف شـغـافـي‬
‫عفت دنياي اشـتـياقـا إلـيكـم وتساوى خامهـا والـدبـيقـى‬
‫فانلى ل كل معـنـى دقـيق‬ ‫ورفضت الكل شغلً بـوجـدي‬
‫فاله عن واشتغل يا صـديقـي‬ ‫يا صديقي عندي الـيوم شـغـل‬
‫فأعـد ذكـرهـم يا رفـيقـي‬ ‫بيدان تذكر ل حـب قـلـبـي‬
‫واحريقي ف الوى واحريقـي‬ ‫غصن الشوق إليهـم بـريقـي‬
‫الفصل الامس والربعون‬
‫أخوان‪ ،‬البدار البدار‪ ،‬فما دار الدنيا بدار‪ ،‬إنا هي جلية لريان العمار‪ ،‬وكم تبقى الفريسة بي‬
‫النيوب الظفار‪.‬‬
‫وبا النفوس فـريسة القـدار‬ ‫ما دار دنيا لـلـمـقـيم بـدار‬
‫نفسان مرتشفان لـلعـمـار‬ ‫ما بي ليل عـاكـف ونـهـاره‬
‫واليسر للنسان كـالعـسـار‬ ‫طول الياة إذا مضى كقصيها‬
‫والصفو فيه ملـف الكـدار‬ ‫والعيش يعقب بالرارة حـلـوه‬
‫لفنائنا وطـرا مـن الوطـار‬ ‫وكأنا تقضي بـنـيات الـردى‬
‫هدم المان عادة الـمـقـدار‬ ‫ويروقنا زهر المان نـضـرة‬
‫كالنوم بي الفجر والسـحـار‬ ‫والرء كالطيف الطيف وعمره‬
‫أخطاره تعلو على الخـطـار‬ ‫خطب تضاءلت الطوب لوله‬

‫‪180‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ونلوذ من حرب إل استشعـار‬ ‫تلقى الصوارم والرماح لولـه‬
‫يسعون سعي الفاتك الـبـار‬ ‫إن الذين بنوا مشيدا وانـثـنـوا‬
‫متوسـدين وسـائد الحـجـار‬ ‫سلبوا النضارة والنعيم فأصبحـوا‬
‫وتوسدوا مـدرا بـغـي دثـار‬ ‫تركوا ديارهم علـى أعـدائهـم‬
‫وغنيهم ساوى بـذي القـتـار‬ ‫خلط المام قويهم بضعيفـهـم‬
‫ل بد من صبح الجد السـاري‬ ‫والدهر يعجلنا علـى آثـارهـم‬
‫بالكر ما نظما من العـمـار‬ ‫وتعاقب اللوين فـينـا نـاثـر‬
‫تال ما صح من يطلبه مرضه‪ ،‬ول سر من سي وصل حل غرضه ول استقام غصن يلويه كاسره‪،‬‬
‫ول طاب عيش الوت آخره‪ ،‬إن الطمع لعذاب‪ ،‬وحديث المل كذاب‪ ،‬وف طريق الوى عقاب‪،‬‬
‫وآخر العاصي عقاب‪ ،‬فل يدعنك ضياء ضباب‪ ،‬ول يطمعنك شراب سراب‪ ،‬فمجيء الدنيا‬
‫على القيقة ذهاب‪ ،‬وعمارة الفان إن فهمت خراب‪ ،‬وفرح الغرور ثبور واكتئاب‪ ،‬ودنو الشيب‬
‫ينسخ ضياء الشباب وكلما نادى المل "فأبلغه مأمنه" صاح الجل "فضرب الرقاب"‪.‬‬
‫يا تايها ف ظلمة ظلمه‪.‬‬
‫ل ف مفازة تيهه‪ ،‬يا باحثا عن مدية حتفه‪ ،‬يا حافرا زبية هلكه‪ ،‬يا معمقا مهواة مصرعه‪ ،‬بئ‬
‫يا موغ ً‬
‫س ما اخترت‪ ،‬لحب النفس إليك‪ ،‬ويك‪ ،‬تطلب الادة ولست على الطريق‪ ،‬كم فغر الزمان ب‬
‫وعظه فما‪ ،‬فما سعت "لينذر من كان حيا" كيف تطيب الدنيا? لن ل يأمن الوت ساعة‪ ،‬ول يتم‬
‫له سرور يوم إذا كان عمرك ف إدبار‪ ،‬والوت ف إقبال‪ :‬فما أسرع اللتقى‪ ،‬لقد نصبت لك أشرا‬
‫ك اللك‪ ،‬والنفاس أدق البائل‪ ،‬يا ماشيا ف ظلمة ليل الوى لو استضئت بصباح الفكر فما تأم‬
‫ن من بئر بوار‪ ،‬الشهوات مبثوثة ف طريق التقي‪ ،‬وما يسلم من شرها شره الولياء ف حرم التقو‬
‫ى "ويُتخطّف الناسُ من حولم" الدنيا مثل منام والعيش فيها كالحلم‪ ،‬قيل لنوح عليه السلم يا‬
‫أطول النبيي عمرا كيف وجدت الدنيا? قال‪ :‬كدار ذات بابي‪ ،‬دخلت من باب وخرجت من با‬
‫ب‪.‬‬
‫لطول اجتماع ل نبت ليلة معا‬ ‫فلما تفرقنا كأن ومـالـكـا‬
‫يا ثقيل النوم‪ ،‬أما تنبهك الزعجات? النة فوقك تزخرف‪ ،‬والنار تتك توقد‪ ،‬والقب إل جانبك‬
‫يفر وربا يكون الكفن قد غزل‪ ،‬أيقظان أنت اليوم أم حال‪ ،‬يا حاضرا يرى التائبي‪ ،‬وهو ف‬
‫عداد الغائبي‪.‬‬
‫ولكن لـيس يسـقـي‬ ‫واقف ف الاء عطشان‬

‫‪181‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عاتب نفسك على هواها فقد وهاها‪ ،‬قل لا ادرجي درج الدرج وقد لحت من‪ ،‬ل يوقفنك ف‬
‫الطريق طاقة من أم غيلن‪ ،‬فالبط ف النل مهيؤ لك‪ ،‬تلمح عواقب الوى يهن عليك الترك‪،‬‬
‫تفكر ف حال يوسف لو كان زل من كان يكون? هل كانت إل لذة لظة وحسرة البد‪ ،‬عبت‬
‫وال أجال الصب سليمة من مكس وبقيت مدية "إنه من عبادنا الخلصي"‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬احسب صب يومك ساعة نومك تظ ف غداة برغدك‪ ،‬البدار إل الشهوات والندامة فرسا‬
‫رهان‪ ،‬والتوان عن التوبة واليبة رضيعا لبان‪ ،‬واعجبا غرتك حبة فخ فحصلت وما حوصلت‪ ،‬الي‬
‫وم واطربا للكأس‪ ،‬وغدا واحربا للفلس‪ ،‬آه من حلوة لقم أورثت مرارة نقم‪ ،‬تأمل العاقبة ل‬
‫يصل إل لنا قد يصي‪ ،‬من تلمح إذا تل "وإذا ابتلى إبراهيمَ ربّه بكلماتٍ" وعرف قدر مدح "فأت‬
‫هنّ" علم أنه ل يبق ف فيه شيئا من مرارة البلى مرارة "وإذا ابتلى" ضجت اللئكة حي هوا بإلقائ‬
‫ه ف النار‪ ،‬فقالوا ائذن لنا حت نطفي عنه‪ ،‬فقال تعال‪ :‬إن استغاث بكم فأغيثوه وإل فدعوه‪ .‬فلما‬
‫ألقي عرض له جبيل‪ ،‬وهو يهوي ف الواء فأراد أن ينظر هل للهوى فيه أثر? فقال‪ :‬ألك حاجة?‬
‫قال‪ :‬أما إليك فل‪ ،‬فأقبل بنشور "وإبراهيم الذي وفّى"‪.‬‬
‫بال صفه ول تنقـص ول تـزد‬ ‫قالت لطيف خيال زارها ومضى‬
‫وقلت قف عن ورود الاء ل يرد‬ ‫فنال خلفته لو مات من ظـمـاء‬
‫يا برد ذلك الذي قالت على كبدي‬ ‫قالت صدقت الوفا ف الب عادته‬
‫الفصل السادس والربعون‬
‫يا متنبا من الدى طريقا واضحا‪ ،‬افتح عي الفكر تر العلم لئحا‪ ،‬احذر بئر الغفلة فكم غال‬
‫سائحا‪ ،‬وتوق بر الهل فكم أغرق سابا‪.‬‬
‫إل مت تستحسن القبـائحـا‬ ‫يا غاديا ف غـفـلة ورائحـا‬
‫ل به الـوارحـا‬
‫يستنطق ا ُ‬ ‫وكم إل كم ل تاف موقفـا‬
‫كيف تنبت الطري َق الواضحا‬ ‫يا عجبا منك وأنت مبـصـر‬
‫صحيفة قد حوت الفضائحـا‬ ‫كيف تكون حي تقرأ ف غـد‬
‫يوم يفوز من يكون رابـحـا‬ ‫وكيف ترضى أن تكون خاسرا‬
‫يا معدوما ف المس‪ ،‬فانيا ف الغد‪ ،‬عاجزا ف الال‪ ،‬من أنت حت تغتر بسلمتك? وتنسى‬
‫حتفك? وأملك بي يديك وأجلك خلفك‪ ،‬وكتابك قد حوى تفريطك‪ ،‬كم نُهيت عن أمر? فما‬
‫كفك النهي أن تبسط كفك‪ ،‬يا من قد طال زل وتعثيه‪ ،‬تفكر ف عمر قد مضى كثيه‪ ،‬يا قلبا م‬
‫شتتا قل نظيه‪ ،‬كم هذا الوى? ولكم هوى أسيه? أيها القاعد عن أعال العال‪ ،‬سبق البطال وا‬

‫‪182‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لبطال ما يبال‪ ،‬ستعرف خبك يوم عتاب وسؤال‪ ،‬وستقول عند الساب مال ومال‪ ،‬أعمالك إذا‬
‫تصفحت لواك لل‪ ،‬لو أثر فيك وعظي ومقال لكنت لر السرات على حر القال‪.‬‬
‫وحت متـى فـي شـقـوة وإلـى كـم‬ ‫إل أي حـي أنـت فـي زي مـحـرم‬
‫تت وتقـاسـي الـذل غـي مـكـرم‬ ‫فال تت تـت الـسـيوف مـكـرمـا‬
‫فثـب واثـقـا بـالـلـه وثـبة مـاجـد يرى الوت ف اليجا جن النحل ف الفم‬
‫ويك‪ ،‬إنا يكون الهاد بي المثال‪ ،‬ولذلك منع من قتل النساء والصبيان‪ ،‬فأي قدر للدنيا حت‬
‫يتاج قلبك إل ماربة لا? أما علمت شهواتا جيف ملقاة‪ ،‬أفيحسن بباشق اللك أن يطي عن‬
‫كفه إل ميتة? مهلً "ل تدنّ عينيك" لو علمت أن لذة قهر الوى أطيب من نيله لا غلبك‪ ،‬أما تر‬
‫ى الرة تتلعب بالفأرة ول تقتلها ليبي أثر اقتدارها وربا تغافلت عنها‪ ،‬فتمعن الفأرة ف الرب ف‬
‫تثب فتدركها ول تقتلها إيثارا للذة القهر على لذة الكل‪ ،‬من ذبح حنجرة الطمع بنجر اليأس أ‬
‫عتق القلب من أسر الرق‪ ،‬من ردم خندق الرص بسكر القناعة ظفر بكيمياء السعادة‪ ،‬من تدرع‬
‫بدرع الصدق على بدن الصب هزم عسكر الباطل‪ ،‬من حصد عشب الذنوب بنجل الورع طالب‬
‫ت له روضة الستقامة‪ ،‬من قطع فضول الكلم بشفرة الصمت وجد عذوبة الراحة ف القلب‪ ،‬م‬
‫ن ركب مركب الذر مرت به رخاء الدى إل رجاء النجاة‪ ،‬من أرسى على ساحل الوف لح‬
‫ت له بلد المن‪ ،‬إل عزية عمرية‪ ،‬إل هجرة سلمانية جاءت بركب عمر‪ ،‬جنوب الجانبة للحق‬
‫إل دار اليزران‪ ،‬فلما فتح له الباب انقلب شالً‪ ،‬مد يده لتناول خر الفتك فاستحالت ف الال‬
‫خلً‪ ،‬جاء وكله كدر‪ ،‬فلما دنا من الصفا صفا‪ ،‬كان ماء قلبه لا جن ملحا آجنا فلما تلقاه النذير‬
‫بالعذاب عذب‪.‬‬
‫إليكم تلقى طيبكم فيطـيب‬ ‫يكون أجاجا دونكم فإذ انتهى‬
‫سقم قلب سلمان من معاناة أمراض الجوس‪ ،‬فخرج إل أودية الدوية فالتقطته يد ظال‪ ،‬وما‬
‫عرفت‪ ،‬فهان على يوسف البيع ليلقى العزيز فبينا هو ف نلة يترفها قدم مب بقدوم الرسول‪،‬‬
‫فنل ليصعد وصاح به‪ :‬حدثن‪.‬‬
‫يهوى الفؤاد تامة وجبـالـهـا‬ ‫نزلوا جبال تامة فلجـلـهـم‬
‫ما أسقي بواكف عبت أطللا‬ ‫ب قفا عـلـي بـقـدر‬
‫يا صاح ّ‬
‫واعجبا‪ ،‬أطلب الشجاعة من حسان‪ ،‬وأسأل عن اللل ابن أم مكتوم‪ ،‬أتلو سورة يوسف على‬
‫روبيل‪ ،‬أستملي الفصاحة من باقل‪ ،‬وأنتظر الوفاء من عرقوب‪ ،‬لقد رجعت إذن بفي حني‪ ،‬يا من‬
‫نقده مردود‪ ،‬وعقله ملول‪ ،‬نيتك ف الينية لو أنضجتها نيان خوف أو شوق لنتفعت با‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لنضتن ولكن أفرخي زغب‬ ‫ول قوادم لو أن جذب بـهـا‬
‫غمض عينيك على الدواء يعمل‪ ،‬وافتحها لرؤية الدى تبصر‪ ،‬حجر العصية تطحطح إناء القلب‪،‬‬
‫وضبة التوبة شعاب‪ ،‬يا من عزمه ف النابة جزر بل مد‪ ،‬وقفت سفينة ناتك‪ ،‬ليل كسلك قد‬
‫أطبق آفاق التردد‪ ،‬وقد طلبت فيه أطيار المة أوكار الدعة‪ ،‬فلو قد طلعت شس العزية ف نار ال‬
‫يقظة لنبث عال النشط ف صحراء الجاهدة‪ .‬يا صبيان التوبة‪ ،‬تزودوا للبادية تأهبوا لاجر‪ ،‬انعلو‬
‫ا البل قبل زرود‪ ،‬ول تنسوا وقت تناول الزاد جالكم‪.‬‬
‫بي العقيق والـكـثـيب الـفـرد علقة لـي مـن هـوى ووجـد‬
‫يوم النوى عن قلـقـي ووجـدي‬ ‫سل هضبات الرمل من جزع اللوى‬
‫واستخب النم عن صـبـابـتـي بساكنـي نـجـد وأرض نـجـد‬
‫وليس عند عاذلـي مـا عـنـدي‬ ‫فمن ميي أو من أسـتـعـدي‬
‫الفصل السابع والربعون‬
‫واعجبا لنفسٍ تدعى إل الدى فتأب‪ ،‬ث ترى خطأها بعي الوى صوابا‪ ،‬كم أذهبت زمنا وكم‬
‫أفنت شبابا‪ ،‬وكم سودت ف تبييض أغراضها كتابا‪.‬‬
‫أبتْ إل هذه الدنيا فمـا أتـأبـت‬ ‫أستغفر ال من نفس طغـت وأبـت‬
‫جابت ل الشيب أوقات الشباب فمـا أجابت النصح لكن سيئا جـلـبـت‬
‫وكم أرابت ورابت ث مـا رأبـت‬ ‫خانت فخابت وما طابت ول سعدت‬
‫ولو توافق أمست للنـقـي دأبـت‬ ‫ي نـافـعةٍ‬
‫ودأبا فـي أمـور غـ ِ‬
‫خطب إذا هي ف غي التقى رتبت‬ ‫هت بي فلم تـعـزم وريثـهـا‬
‫لكل طرف سرى عنه الكرى لبت‬ ‫أما طريق العال فهـي واضـحة‬
‫على ركائب عن معروفها نكبـت‬ ‫والعالون جيعا عالـمـون بـهـا‬
‫أل يسائل أمـلك الـورى فـطـن علم جعت الجناد واحـتـربـت‬
‫إن الذي طلـبـتـه ل يدوم لـهـا ول مسرة إن فازت باء طلـبـت‬
‫كانوا بأحسن ما كانوا با ذهـبـت‬ ‫أل يروا دول الاضي قـبـلـهـم‬
‫ستسترد الليال كلـمـا وهـبـت‬ ‫ل تفرحوا ببات من زمـانـهـم‬
‫تت النام أو الضراء ما ثقبـت‬ ‫لو أعلمت علمنا الغباء ما ركـدت‬
‫وأم دفـرٍ إذا مـيزت حـالـتـهـا كأم ص ٍل إذا ما عضت انقـلـبـت‬

‫‪184‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وكيف ترجو صلحا من خلئقـهـا كلما الناس فيه من أذى جـلـبـت‬
‫ل درّ أقوام تأملوا غيبها وما زالوا حت رأوا عيبها‪ ،‬نزلوا من الدنياء منلة الصياف‪ ،‬أخذوا الزاد‬
‫وقالوا ما زاد إسراف‪ ،‬وقفوا عند الموم والؤمن وقاف‪ ،‬رموا فضول الدنيا من وراء قاف‪ ،‬لو‬
‫رأيتهم ف الدجى‪ ،‬يراعون النجوم‪ ،‬وخيل الفكر قد قطعت حلبات الموم يشكون جرح الذنوب‬
‫ويبكون الكلوم‪ ،‬أحرقت أحزانُهم أجسامَهم‪ ،‬وبقيت الرسوم بلغتهم البلغ ورمتك التخم ف التخ‬
‫وم‪ ،‬سكروا من مناجاة الكري‪ ،‬ل من بنات الكروم‪ ،‬أصبحت عليهم آثار البيب والطيب نوم‪،‬‬
‫هذه سلع السحار من يشتري? من يسوم? أين قلبك الغائب? قل ل لن تلوم? جسمك ف أرض‬
‫العراق وقلبك ف أرض الروم‪ ،‬مهر الطبع ما ريض‪ ،‬أهاب البشرية ما دبغ‪ ،‬ف عي البصي عشا‪،‬‬
‫عرائس الوجودات ترفل ف حلل متلفة الصنعة والصبغة والصيغة‪ ،‬تعب إل العتب ف معب العتبار‬
‫‪ ،‬فهل حظك حظها من النضارة أن تظى من النظر بظ‪.‬‬
‫واعجبا لك لو دخلت بيت ملك ل تزل تتعجب من رقوش نقوشه فارفع بصر التفكر واخفض‬
‫عي البصية‪ ،‬فهل أحسن من هذا الكون? تلمح ميم السقف كيف مدّ بل أطناب?‪ ،‬ث زخرف ن‬
‫قشه برقم النجوم‪ ،‬واللل دملوج ف عضد السماء‪ ،‬فإذا جن الليل كحلت العيون بأثد النوم‪ ،‬و‬
‫اجتلها أهل " تَتَجاف " فإذا جلى ركب الدجى‪ ،‬جل ضوء الشمس عن البصار رمد الظلم‪ ،‬أنظ‬
‫ر إل الرض إذا تأيت من زوج القطر‪ ،‬ووجدت لفقد إنفاقه مس الدب‪ ،‬كيف تد ف ثياب "‬
‫وتَرى الَرضَ خاش َعةً " طالا لزمت حبس الصب وسكنت مسكن السكنة لول ضجيج أطفال‬
‫البذر‪ ،‬فإذا قوي فقر القفر امتدت أكف الطلب تستعطي زكاة السحاب‪ ،‬فهبت النوب من جنا‬
‫ب اللطف‪ ،‬فسحبت ذيل النسيم على صحصح الصحارى‪ ،‬فتحركت جوامد اللميد وانتبه وس‬
‫نان العيدان لقبول تلقيح اللواقيح‪ ،‬فإذا لبس الو مطرفه الدكن‪ ،‬أرسل خيالة الفطر شاهرة أسيا‬
‫ف البق وأنذر بالقدام صوت الرعد‪ ،‬فقام فراش الواء يرش خيش النسيم‪ ،‬فاستعار السحاب‬
‫جفون العشاق وأكف الجواد‪ ،‬فامتلت الودية أنارا‪ ،‬كلما لستها كف النسيم حكى سلسالا‬
‫سلسل الفضة‪ ،‬فالشمس تسفر وتنتقب‪ ،‬والغمام يرش وينسكب‪ ،‬فانعقد بي الزوجي‪ .‬عقد حب‬
‫الب‪ ،‬فل يزال السحاب يسقي ذر البذر‪ .‬بثدي الندى‪ .‬وكلما احتاج إل فضل قوت كر الرك‪،‬‬
‫وشط الطش‪ ،‬ودق الودق‪ ،‬فطم إل أن فطم الطفل‪ ،‬فإذا وقعت شس الشتاء ف الطفل‪ ،‬نشأ أطفا‬
‫ل الزرع فارتبع الربيع أوسط بلد الزمان‪ ،‬فأعار الرض أثواب الصبا وروح كربا بنسيم الصبا‪،‬‬
‫فانتبهت عيون النور من سنة الكرى‪ ،‬فكم نضت من الغروس عروس بي يديها الوراق كالوصائ‬
‫ف فصافحت ريها الياشيم‪ ،‬ومنظرها الدق‪ ،‬فكان عي النرجس عي وورقة ورق‪ ،‬فالشقايق ت‬

‫‪185‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كي لون الجل والبهار يصف حال الوجل‪ ،‬والنيلوفر يغفى وينتبه‪ ،‬والغصان تعتنق وتفترق‪ ،‬وق‬
‫د ضرب الربيع جل ناره ف جلناره‪ ،‬وبثت الراييح أسرارها إل النسيم فنم‪ ،‬فاجتمع ف عرس الت‬
‫واصل فنون القيان‪ ،‬فعل كل ذي فن على فنن‪ ،‬فتطارحت الطيار مناظرات السجوع‪ ،‬فأعرب ك‬
‫ل بلغته عن شوقه إل إلفه‪ ،‬فالمام يهدر‪ ،‬والبلبل يطب‪ ،‬والقمري يرجع‪ ،‬والكاء يغرد‪ ،‬والغص‬
‫ان تتمايل‪ ،‬كلها تشكر الذي بيده عقدة النكاح فحينئذ تد خياشم الشوق ضالة وجده‪.‬‬
‫حبذا من أجلهـا الـبـاب‬ ‫ل بذات البـان أشـجـان‬
‫من نسيم الفجـر ريعـان‬ ‫حبـذا رياه يوقـظـــه‬
‫رنتها منـه أغـصـان‬ ‫حبذا ورق الـحـمـام إذا‬
‫فيه أسـجـاعٌ وألـحـان‬ ‫داعيات بالـهـديل لـهـا‬
‫ليس إل الشـوق تـبـيان‬ ‫أعجمياتٌ إذا نـطـقـت‬
‫هاجن للذكـر أحـزان‬ ‫كلما غنيتـنـي هـزجـا‬
‫طرب فالكـل نـشـوان‬ ‫ما ل ب ميل الغصون با‬
‫وجدنا إذ نـن جـيان‬ ‫يا حام البان يمـعـنـا‬
‫بي أهل الب كتـمـان‬ ‫ين بالشكوى إل فـمـا‬
‫واحدا والـوجـد ألـوان‬ ‫يتشاكى الواجـدون جـوى‬
‫أزواج وأقـــــران‬ ‫أنا ملوس القرين وأنتـن‬
‫شاقه لـلـبـان أوطـان‬ ‫وبعيد الـدار عـن وطـن‬
‫والـوى سـرّ وإعـلن‬ ‫آه مـن داء أكـاتـمــه‬
‫أنا بالشـواق سـكـران‬ ‫ل تزدن يا عذول جـوى‬
‫الفصل الثامن والربعون‬
‫من علم أن هبات الدنيا هبا حل من غل ذل‪.‬‬
‫فاختم وطي الكتاب رطب‬ ‫الدهر مستعـجـل يـب‬
‫وسوف تنساه إذا تـهـب‬ ‫إن الذي أنت فـيه حـلـم‬
‫ول تثق فالزمـان خـب‬ ‫ق مكر الزمان واحـذرْ‬
‫تو ّ‬
‫وكل ما نن فيه لـعـب‬ ‫جيع أفعـالـه غـرور‬
‫يكرهه الـرء أو يـب‬ ‫وليس يبقى علـيه شـيءٌ‬

‫‪186‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا من له ناظر وقـلـب‬ ‫أسع أحاديث من تقضـي‬
‫الدنيا تعطي تفاريق وتسترجع جلً‪ ،‬وترضع أفاويق وتقطع عجلً‪ ،‬يوان خيها وإن واتى لعا‪ ،‬ث‬
‫يأت شرها حي يأت دفعا‪ ،‬فترى العبات عند فقدها تراق ول ترقا‪ ،‬والزفرات عند سلبها تد ول‬
‫تدأ‪ ،‬ويكم أن الفروح به من الدنيا هو الحزون عليه‪،‬‬
‫إخوان‪ :‬ذودوا همكم عن مرعى الن فإنه يزيدها عجقا‪ ،‬ول تولوا الوى على ميدان البدان "‬
‫إنّي أَخافُ أَنْ يَُبدّ َل دِينَ ُكمْ أوْ أَ ْن يُ ْظ ِهرَ ف الرضِ الفساد "‪ .‬الوى وثن ينصب ف جاهلية الشبا‬
‫ب فإن صح إسلم العزم جعل أصنام الشهوات جذاذا‪.‬‬
‫يا معاشر الشباب زيدوا ف سلسل الوى فإن شيطان الوى مارد‪ ،‬زنوا حلوى الشتهى بر العقا‬
‫ب يب لكم التفاوت‪ ،‬إل مت يقودكم الوى? إل مت تستعبدكم الدنيا?‪.‬‬
‫للشريف الرّضيّ‪:‬‬
‫و َكمْ على الذلّ إقرا ٌر وإذعـانُ‬ ‫كم اصطبارٌ على ضي ٍم ومنقصةٍ‬
‫إ ّن الناقبَ للرواح أثـمـانُ‬ ‫ثُوروا لا وَْلَتهُنْ فيها نفوسُكُـمُ‬
‫إل مت جود الناث? أين الركة الرجولية?‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ودَعْ لا أيديَهـا والرجـل‬ ‫قم فانتشطْها حسبُها أن تُعقَل‬
‫إل فتً ُينْضي الطايا الذّلُل‬ ‫ل يطرحُ الذلّ وراء ظهره‬
‫الد الد فالطريق طويلة‪ ،‬دار الناقة بذكر الدار عللها بصوت الداة‪ ،‬فإذا لح لا النل فشوقها‬
‫يسوقها‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫وارمِ با من العلى ما شسعـا‬ ‫خ لا زمامها والنـسـعـا‬
‫إر ِ‬
‫توطك من أرض العدى متسعا‬ ‫وارحل با مغتربا عن العـدى‬
‫بلغ سلمي إن وصلت لعلعـا‬ ‫يا رائد الظعن بأكناف اللـوى‬
‫لول انتظار طيفِهم ما هجعـا‬ ‫ماذا عليهم لو رثوا لسـاهـر‬
‫إخوان‪ :‬انبعاث الوارح ف العمل دليل على قوة العلم بالجر‪ ،‬فإذا حصل تسليم النفوس ف‬
‫الهاد إل القتل كان النهاية ف كمال اليقي‪ ،‬فإذا وقع الفرح بأسباب التلف دل على كمال‬
‫الحبة‪ ،‬كما قال عبد ال بن جحش اللهم سلّط علي غدا عدوا يبقر بطن ويدع أنفي‪ ،‬فإذا لقيت‬
‫ك قلت هذا فيك ومن أجلك‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وطعن حرام بن ملحان‪ ،‬فنفذ فيه الرمح فقال‪ :‬فزت وربّ الكعبة‪ .‬لو رأيتهم والعترك قد اعتكر‬
‫وقد تقدموا ف القدموس فانبلج المر وجاش جأش اليش ف ُأ ُفرّة فلم يتميز اللقام السرعرع‪ ،‬م‬
‫ن القلهزم النقرة‪ ،‬وإذا الغضنفر الدمكمك والقخر العلندي والضباضب الدلمر كلهم ف مقام‬
‫أجفيل فلما انزعجت الطباع تذكروا قبيح الناية‪ ،‬فمدوا أيدي التسليم للودايع‪ ،‬فخضب الدماء‬
‫ماسن وجوه‪ ،‬طال ما صبت على برد الاء وقت السباغ‪ ،‬وحصدت مناجل السيوف زروع رو‬
‫س طال ما أطرقت ف السحار‪ ،‬وعادت خيولم خلية عنهم فوطئتهم بعد السنا تت السنابك‪ ،‬و‬
‫اقتسم لومهم عقبان السماء وسباع الرض‪ ،‬فكم من رجل رجل‪ ،‬طالا قامت فصلت فصلت‪ ،‬و‬
‫كم من يد بالدعاء رفعت وقعت‪ ،‬وكم من بطن حل بالصيام ما شق شق‪ ،‬وكم من عي كانت تع‬
‫ي الزين بالفيض وقعت ف منقار طائر هذا حديث الجسام فأما الرواح ففي دار السلم‪ ،‬وال‬
‫ما كانت إل غفوة حت أعطاهم العفو عفوا عفوه‪ ،‬وكأنكم بأجسادهم الت تفرقت قد تلفقت‪ ،‬وب‬
‫القبور الت جعتهم قد تشققت‪ ،‬وقد قاموا بالسلح حول العرش ينادون بلسان الال‪ ،‬عن صاحب‬
‫ه حاربنا ولجله قتلنا‪ ،‬وكلومهم يومئذ قد انفجرت فجرت‪ ،‬اللون لون الدم والريح ريح السك‪،‬‬
‫فليعلم الشهاد حينئذ أنم الشهداء‪ ،‬اسع يا من ل يارب الوى ول ساعة فلو فاتتك الغنائم وح‬
‫دها قرب المر‪ ،‬وإنا لقب جبان قبيح‪ ،‬أين أرباب العزائم القوية? امتلت بالبرار البية‪ ،‬رحلوا‬
‫عنها وفاتوا‪ ،‬ونن متنا وهم ما ماتوا‪.‬‬
‫فالمى أقفر من جـار وأهـل‬ ‫َخلّي طرف والبكا إن كنتَ خِلي‬
‫أنا عن لومك ف أشغل شغـل‬ ‫وال من ل يدر ما طعم السـى‬
‫واعتراضات الوى بابا لعـذل‬ ‫ل يدع وقر الوى ف سـعـي‬
‫للتأسي أو تسلي للـتـسـلـي‬ ‫غي قلب أن تأسـى عـاشـق‬
‫أم قلوب بي حصبـاء ورمـل‬ ‫أثاف ما ترى تشكـو الـصـل‬
‫والتجاف عن بلى الطلب يبلي‬ ‫هذه من بـعـدهـم آثـارهـم‬
‫ف فؤادي أهلُه ل ف الحـل‬ ‫ما وقوف ف مـ ّل سـاكـنٍ‬
‫مستهام والن جهد الـمـقـل‬ ‫يتمنّى طيفُـكُـم صـب لـكـم‬
‫من لعين أن ترى النوم ومن ل‬ ‫والذي يستجلب الطيف الـكـرى‬
‫بسفاهي فاشتروا عـزي بـذُلـي‬ ‫بعت حلمي طـائعـا ل كـارهـا‬
‫جفوة منكـم فـرقـوا لـلقـل‬ ‫وانقضى أكثر عمري ف القـلـى‬

‫‪188‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وارحوا من ما له طـاقة ثـقـل‬ ‫حلون الف مـن هـجـركـم‬
‫عجـبـا لـي ولـقـلـب ضـائعٍ بان عنـي بـي بـانـات وأثـل‬
‫سل بقلب عـن خـيام بـالـلـوى تاه قلب ف حاها ض ّل عقـلـي‬
‫غي أن ما شكلها ف الزن شكلي‬ ‫ذات طوقٍ مثل شجوى شجـوهـا‬
‫وهي ف غي اضطرا ٍر فيه مثلي‬ ‫أنا ف النوح اضطرارا مثـلـهـا‬
‫وحاه الغيث مـن طـلّ ووبـل‬ ‫حرم ال على الـبـان الـصـبـا‬
‫ما على السائق لو حـلّ الـنـقـى وأراح العـيس مـن شـدّ وحـلّ‬
‫ولعلي أن أرى اليف لـعـلّـي‬ ‫فعسى تدن الن مـنـى مـنـي‬
‫الفصل التاسع والربعون‬
‫عجبا لراح ٍل عن قليل غافل عن زاد الرحيل ل يعتب بأخذ اليل وإنا هو تأخي وتعجيل‪ ،‬أين‬
‫النيل? أزيل‪ .‬أين القوي? أميل‪ .‬أين الطمئن? اغتيل‪.‬‬
‫والناس ما بي آمالٍ وآجال‬ ‫إنّ الليال ل تبقى على حال‬
‫إذا تأملته مقلوب إقـبـال‬ ‫كيف السرور بإقبال وآخره‬
‫تيقظوا فاليام دائبة‪ ،‬وتفظوا فالسهام صائبة‪ ،‬واحذروا دنياكم فما هي مواتية‪ ،‬واذكروا أخراكم‬
‫فها هي آتية‪ ،‬أما رأيتم الدنيا فقد أبانت خدعها ومكرها‪ ،‬إذا بانت من جعها مكرها‪ ،‬أين الرتياد‬
‫للسلمة غدا‪ ،‬أين الستعداد? قبل الندامة أبدا‪ ،‬كأنكم بالسي عن الربع قد أزف‪ ،‬وبالكثي من ال‬
‫دمع قد نزف‪ ،‬وبالقيم قد أبي ما ألف‪ ،‬وبالكري قد أهي لا تلف‪.‬‬
‫تزويها أسرع أم إطلقها‬ ‫يا طالب الدنيا دنا فراقهـا‬
‫ودين من يطها صداقها‬
‫عباد ال من تعلق قلبه بالنة ل يصلح لنا‪ ،‬فكيف بن يهوى الدنيا?‪.‬‬
‫بعدت بقار التفاتكـم عـنـا‬ ‫أردناكم صرفا فلما مزجـتـم‬
‫فأسكنتم الغيا َر ما أنتم مـنـا‬ ‫وقلنا لكم ل تسكنوا القلب غينا‬
‫السلطان ل يزاحم ف داره‪ " ،‬ل يسعن شي ٌء ويسعى قلب عبدي الؤمن "‪.‬‬
‫وسكنتم ف القلب دار مقام‬ ‫غبتم عن العي القرية فيكم‬
‫فالصب أول راح ٍل بسـلم‬ ‫وسلبتم جلدي التصب عنكـم‬

‫‪189‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫خرج الريد الصادق من ديار الوى إل بادية الطلب‪ ،‬فجن عليه ليل التحي فجن‪ ،‬فإذا نار القرى‬
‫تلوح إن حلت رجل الرجل‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫وظنّهـا بـحـاجـر يقـينـا‬ ‫قد أبصرتْ حقّا مناها ف المى‬
‫وخانن من ل يقـل‪ :‬آمـينـا‬ ‫فَب َل َغتْ أدعو لـهـا وبـلّـغـتْ‬
‫كرب الحب بالنهار يشتده لزاحة رقباء الخالطة‪ ،‬فبلبل بلباله يتبلل ف قفص الكتم‪ ،‬فإذا هبّت‬
‫نسيمُ السحر وجد بروحه روحاه يصل من قصر مصر الن إل أرض كنعان المل‪ ،‬فيقدم ركب‬
‫الشوق يتجسس النسيم‪ ،‬من فرج الفرج وَلهَ وََلهٌ‪ ،‬فنهض توق الشوق فتكلم قلم الشكوى‪ ،‬ورق‬
‫م وصف القوم وحكى ما حاكى‪ ،‬وكن عن ما كن‪.‬‬
‫وجفا الفن منـامـه‬ ‫ب غـرامَـهُ‬
‫عاودَ القل ُ‬
‫خبا زاد اضطرامـه‬ ‫كلما قلت جوى الشوق‬
‫قد يرعـى ذمـامـه‬ ‫أنا ف أسرك والأسور‬
‫إذا جـن ظـلمــه‬ ‫آه من عتبك ف اللـيل‬
‫قد زاد هـيامـــه‬ ‫سيدي هائمك الـيان‬
‫تبل ف الترب عظامه‬ ‫هو ميت غـيان لـم‬
‫ليلـى ل أنـامـــه‬ ‫كنهاري منذ فارقتـك‬
‫إذا اعتكر الليل اعترك الم‪ ،‬طال الدجى على البدان وقصر على القلوب‪.‬‬
‫فقالوا لنا ما اقتصر الليل عندنا‬ ‫شكونا إل أحبابنا طول ليلـنـا‬
‫لو رأيت رواحل البدان قد أنضاها طول السهر وأضناها‪ ،‬فلما هبت ندية السحر مدت أعناق‬
‫الشوق فزال كل الكلل‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫نواشز ليس يُطعن البينا‬ ‫تزاوَرن عن أذرعاتٍ يينا‬
‫أخذنَ لنجد عليها يـينـا‬ ‫َك ِلفْنَ بنجد كان الـرياض‬
‫إليه ويُبْلغنَ إل حـزينـا‬ ‫وأقسمن يملن إل نـيل‬
‫ونوحَ المام تركنَ النـينـا‬ ‫ولا استمعن زفيَ الـشـوق‬
‫فأرخو النسوع وحلّوا الوضينـا‬ ‫إذا جـئتـمـا بـانة الـواديي‬

‫‪190‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫مُلءُ الدجى والضحى قد طوينا‬ ‫فثَـمّ عـلئق مـن أجـلـهـا‬
‫بأن بـقـلـبـك داء دفـينـا‬ ‫وقد أنبأتْهم مـيا ُه الـجـفـون‬
‫دموع الائفي يبسها النهار مراقبة اللق‪ ،‬فإذا جن الليل انفتح سكر الدموع "فسالت أودية‬
‫بقدرها" أرواح السحار أقوات الرواح‪ ،‬رقت فرقت حرجد الوجد‪ ،‬وبلغت رسائل الب‬
‫ومكروب الشوق يرتاح للرياح‪.‬‬
‫تطغي الغلة أو تشفي الواما‬ ‫يا نسيم الريح هل مـن وقـفة‬
‫نو من أنقذن فيك السلمـا‬ ‫كن رسـولً بـسـلم عـائدا‬
‫بل غرامي علم الشجو الماما‬ ‫ل تثر شجوى حامات اللـوى‬
‫كانت بردة العابدة تنادي ف جوف الليل‪ :‬غارت النجوم ونامت العيون وخل كل حبيب ببيبه‬
‫وقد خلوت بك يا خي مبوب‪ ،‬أفتراك تعذبن? وحبك ف قلب ل تفعل يا حبيباه‪.‬‬
‫يبك بأنن أسي الـحـزن‬ ‫إن شئت سألت دمع عين عن‬
‫ظن حسن فيك فحقق ظنـي‬ ‫منك الغفران والطايا منـي‬
‫يا غافل القلب‪ ،‬ما هذا الكلم لك? ليس على الراب خراج‪ ،‬ل يعرف الب إل سائح‪ ،‬ول البحر‬
‫إل سابح‪ ،‬ول الزناد إل قادح‪.‬‬
‫موقف يعرفه من عشقا‬ ‫ضمنا يوم تنادوا للـقـا‬
‫لا عشقت اللبلبة الشجر‪ ،‬تقلقلت طلبا لعتناق الرؤس ولثم الدود‪ ،‬فقيل لا مع الكثافة ل‬
‫يكن‪ ،‬فرضيت بالنحول‪ ،‬فالتفت فالتقت‪.‬‬
‫هذا جسمي يعد عظما عظمـا‬ ‫حب والوجد أوريان سقـمـا‬
‫يا سهم البي قد أصبت الرمى‬ ‫دعن والشوق قد كفان خصما‬
‫الفصل المسون‬
‫أخوان‪ :‬من تفكر ف ذنوبه بكى‪ ،‬ومن تلمح سي السابقي وانقطاعه شكا‪ ،‬ول أقلق القلب مثل‬
‫الزن ول نكا‪.‬‬
‫وجوى كلما ذوى عاد غضـا‬ ‫عند قلب علقة ما تقـضـى‬
‫أيدي النام بسطا وقـبـضـا‬ ‫وبكاء على النازل أبلتـهـن‬
‫قل منها دبنا علي وقـرضـا‬ ‫من معيد أيام ذي الثل أو مـا‬
‫ربا أقنع القلـيل وأرضـى‬ ‫ساما بالقليل من عهد نـجـد‬

‫‪191‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ما يداوي نكس العليل النضى‬ ‫مهديا ل من طيب أرواح ند‬
‫أخوان‪ :‬تفكروا ف ذنب أبيكم ونزوله بالزلل‪ ،‬ويكفيكم رمز إل آدم بأنك عبد‪ ،‬ف قوله "إن لك‬
‫أن ل توع فيها ول تعرى" لن العبد ليس له إل ما سد الوعة وستر العورة‪ ،‬فجاء إبليس يطمعه‬
‫ف اللك‪ ،‬فلما خرج إل الطمع خرج‪ ،‬نام ف النة فانتبه وقد خلقت له حوى‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا?‬
‫قيل‪ :‬من يريد النوم يلق له ضجيج كفى بالشوق مسهرا‪ ،‬فلما وقع ف الزلل طار النوم‪.‬‬
‫وهبت قبول فالسلم على الغمـض‬ ‫مت شق جيب النح بالبارق الومض‬
‫بالمس جبيل يسجد له‪ ،‬واليوم ير بناصيته للخراج‪ ،‬ولسان حاله يستغيث‪.‬‬
‫ليغنم نظرة قبـل الـمـسـي‬ ‫حداة العيس رفـقـا بـالسـي‬
‫فعند حشاي مزدحم الـزفـي‬ ‫ويا بان المى هل فـيك ظـل‬
‫وصدق هل مررت على الغدير‬ ‫ويا ريح الشمال بـق حـبـي‬
‫ذيولك يا مبلبـلة الـضـمـي‬ ‫وهل سحبت على شـيح ورنـد‬
‫بكى على زلته ثلثائة عام حت سالت الودية من دموعه‪ ،‬اسع يا من يضحك عند العاصي‪.‬‬
‫دمي ودموعي ف هواكم أم القطر‬ ‫سلوا بعدكم وادي المى ما أسالـه‬
‫وهل هو شوق ف فؤادي أم المر‬ ‫وهل ما أراه الوت أم حادث النوى‬
‫كان يقول لولده‪ :‬يا بن طال وال حزن على دار أخرجت منها‪ ،‬فلو رأيتها زهقت نفسك‪.‬‬
‫وابكها يا رسول‬ ‫قف فتلك الطلول‬
‫من عليها نزول‬ ‫واقر عن سلمي‬
‫ف فؤادي حلول‬ ‫رب سكـان دار‬
‫واستمع ما تقول‬ ‫فاسأل الدار عنهم‬
‫شرح حال يطول‬ ‫ل وللبي فيهـم‬
‫ل تزد يا عـذول‬ ‫قد كفان غرامي‬
‫لتن ما أقـول‬ ‫لست أدري إذا ما‬
‫والعن حـول‬ ‫خلفون معـنـى‬
‫قيل له‪ :‬رد إقطاعنا فحل القطاع بناية لقمة‪ ،‬فلما غسل آدم جناية الناية رد القطاع عليه‪ ،‬لول‬
‫لطف "فتلقى" لقتله السف‪.‬‬
‫لو بيع بهجت لكنت الـرابـح‬ ‫من ل من ل بوصل حب نازح‬

‫‪192‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سامح ف النقد يا حبيب سامـح‬ ‫صال من عاش بالمان صال‬
‫يا من جرى عليه ما جرى على أبيه‪ ،‬اسلك طريقه من البكاء‪.‬‬
‫بأن من تواه فاحتملوا‬ ‫خل دمع العي ينهمـل‬
‫فهو يوم البي مبتـذل‬ ‫كل دمع صانه كلـف‬
‫اكتب قصة الندم بداد الدموع‪ ،‬وابعثها مع ريح الزفرات‪ ،‬لعل الواب يصل برفع الوى‪.‬‬
‫بعت عمري بقي الـثـمـن‬ ‫كيف ل أبكي على عيش مضى‬
‫وطبيب ف الوى أمرضنـي‬ ‫كيف أرجو البء من داء الوى‬
‫انتبه لنفسك يا من كلما ترك تعرقل‪ ،‬فيك جوهرية السباق ولكن تتاج إل رائض‪ ،‬قلبك‬
‫مبوس‪ .‬ف سجن طبعك‪ ،‬مقيد بقيود جهلك‪ ،‬فإذا ترن حاد تنفس مشتاق إل الوطن‪ ،‬فالبس لمة‬
‫عزمك وسر بند جدك‪ ،‬لعلك تلص هذا السلم من أيدي الفراعنة‪.‬‬
‫رميت بقلبك مرمى بعـيدا‬ ‫أبالغوا يشتاق تلك النجـودا‬
‫وجفن قتيل البكا ليس بودي‬ ‫فؤاد أسي ول يفـنـد لـي‬
‫لك الديث يا معرض‪ ،‬أنت الراد يا غافل‪ ،‬يا مستلذا برد العيش تذكر حرقة الفرقة‪ ،‬يا من‬
‫يسلمه موكلن إل موكلي‪ ،‬ما لنبساطك وجه‪ ،‬إنا تلي عليها رسالة إل ربك‪ ،‬وما أراك نل‪،‬‬
‫قبح ما تل‪ ،‬يا جامد العي اليوم‪ ،‬غدا تدنو الشمس إل الرؤس‪ ،‬فتفتح أفواه مسام العروق فتبكي‬
‫كل شعرة بعي عروقها‪ ،‬يبز يوسف اليبة فيقد قميص الكون‪ ،‬نفخ الريح اليوم يرك الشجر‪ ،‬ون‬
‫فخ الصور غدا يعمل ف الصور‪ ،‬ريح الدنيا بي مثي لقح تثي دفائن النبات وتلقح الشجار وتثي‬
‫دفائن العمار‪ ،‬وريح الخرى تلقح الشباح للرواح لقراءة دفاتر العمار‪ ،‬أين الذي نصبوا ال‬
‫خرة بي أعينهم فنصبوا‪ ،‬وندبوا أنفسهم لحو السيئات وندبوا‪ ،‬كان داود الطائي ينادي بالليل‪،‬‬
‫هك عطل على الموم‪ ،‬وحالف بين وبي السهاد‪ ،‬وشوقي إل النظر إليك حال بين وبي اللذات‬
‫‪ ،‬فأنا ف سجنك أيها الكري مطلوب‪.‬‬
‫كم ينشرن الوى وكم يطربن‬ ‫يا مالك مهجت ووالـي دينـي‬
‫هل تدركن بنظرة تـيينـي‬ ‫هجرانك مع مبت يضنـينـي‬
‫إذا جن الغاسق جن العاشق‪.‬‬
‫سهرت عين وناموا‬ ‫طال ليلي دون صحي‬
‫كانوا يتراسلون بالواعظ لتقع الساعدة على اليقظة‪ ،‬كصياح الارس بالارس‪ .‬يا نيام السحور‪:‬‬
‫للمصنف‪:‬‬

‫‪193‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وقفوا وقفة لنشـد قـلـبـي‬ ‫عرجوا بالرفاق نو الـركـب‬
‫أوردوا ب إل العذيب وحسب‬ ‫وخذوا ل من النقيب لـاظـا‬
‫قوت روحي وحبذا من مهـب‬ ‫فهبوب الرياح من أرض نـد‬
‫بصوت يشجي وإن طار لبـي‬ ‫يا نسيم الصبا ترن على الـدوح‬
‫وهيهات أين من صحـبـي‬ ‫من معيد أيامنا بلوى الـجـزع‬
‫الفصل الادي والمسون‬
‫أين اللهون بالزاح زاحوا? أين شاربوا الراح راحوا? وبك ويك يا صاح‪ ،‬لقد ندبوا ف قبورهم‬
‫على الون وناحوا‪.‬‬
‫بي أناس غيب حـضـور‬ ‫يا أيها الواقف بالـقـبـور‬
‫بي الثرى وجندل الصخور‬ ‫قد سكنوا ف حديث معمور‬
‫إنك عن حظك ف غرور‬ ‫ينتظرون صيحة النـشـور‬
‫أين أرباب الناصب? أبادهم الوت الناصب‪ ،‬أين التجب الغاصب? أذله عذاب واصب‪ ،‬لفت‬
‫وال الكفان كالعصائب‪ ،‬على تلك العصائب‪ ،‬وحلت بم آفات الصائب إذ حل بلباتم سهم‬
‫صائب‪ ،‬فيا من يأمن يتقلب على فراش عيوبه‪ ،‬مزمار ومزهر ومسكر ومنكر‪ ،‬فجاءه الوت فجاءة‬
‫فأنساه ولده ونساءه‪ ،‬وجلب مساؤه ما ساءه‪ ،‬فنقل إل اللحد ذميما‪ ،‬ولقي من غب العاصي أمرا‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ف نعـم غـادية رائحة‬ ‫بينا تـراه غـاديا رائحـا‬
‫من خبئه آماله الصالة‬ ‫إذا بيوم طال مـخـرج‬
‫وقائل عهدي به البارحة‬ ‫كم سال صحته مـوتـه‬
‫فأصبحت تندبـه نـائحة‬ ‫أمسى وأمست عنده قـينة‬
‫واينا ليست به صـائحة‬ ‫فكن من الدنيا على صيحة‬
‫فإنا يوما له ذابـحة‬ ‫من كانت الدنيا به برة‬
‫واعجبا‪ ،‬لن رأى هلك جنسه ول يتأهب لنفسه قال البازي للديك‪ :‬ليس على الرض أقل فاءا‬
‫منك‪ ،‬أخذك أهلك بيضة فحضنوك فلما خرجت جعلوا مهدك حجورهم ومائدتك أكفهم‪ ،‬حت إ‬
‫ذا كبت صرت ل يدنو منك أحد إل طرت ها هنا وها هنا وصحت‪ ،‬وأنا أخذت مسنا من البا‬
‫ل فعلمون ث أرسلون‪ ،‬فجئت بصيدي فقال له الديك‪ :‬إنك ل تر بازيا مشويا ف سفود‪ ،‬وكم رأي‬

‫‪194‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت ف سفود من ديك? أخوان الزهد ف الدنيا زبد‪ ،‬مض مض الفكر‪ ،‬حظ الريص على الدنيا‬
‫ف الضيض‪ ،‬والقنوع ف أعلى الذرى‪ ،‬سائق الرص يضرب ظهر الريص بعصا التحريض‪ ،‬فلو‬
‫قد عصى الوى كفت العصا‪ ،‬كلما زاد على القوت فهو مستخدم الكاسب يا موغلً ف طلب ال‬
‫دنيا الساب حبس‪ ،‬فإن صح لك الواب تعوقت بقدار التصحيح‪ ،‬وإن ل يصح فمطورة جهنم‪.‬‬
‫ويك‪ ،‬طالع دستور عملك ترى كل فعلك عليك‪ ،‬من وقف على صراط التقوى وبيده ميزان ال‬
‫حاسبة ومك الورع يستعرض أعمال النفس‪ ،‬وبرد البهرج إل كي التوبة سلم من رد الناقد يوم‬
‫التقبيض‪.‬‬
‫ويك‪ ،‬سلطان الشباب قد تول‪ ،‬وأمي الضعف قد تول‪ ،‬ومعول الكب يصد حيطان دار الجل‪،‬‬
‫وحسبك داء أن تصح وتسلما‪ ،‬قف على ثنية الوداع نادبا قبل الرحيل على ديار اللفة‪.‬‬
‫حاشى لطللك أن تبلـى‬ ‫يا منلً ل تبل أطـللـه‬
‫ل بد للمحزون أن يسلـى‬ ‫والعشق أول ما بكاه الفت‬
‫بكيت عيشي فيك إذ ول‬ ‫ل أبك أطللك لكـنـنـي‬
‫كان ثابت البنان يستوحش لفقد التعبد بعد موته‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب إن كنت أذنت لحد أن يصلي‬
‫ف قبه فأذن ل‪.‬‬
‫وكان يزيد الرقاشي يقول ف بكائه‪ :‬يا يزيد من يبكي بعدك عنك? من يترضى ربك لك?‬
‫فواكبدي من ذا يبكم من بعدي‬ ‫أحبكم ما دمت حـيا وإن أمـت‬
‫لا علم الحبون أن الوت يقطع التعبدات كرهوه لتدوم الدمة‪ ،‬جاء ملك الوت إل موسى عليه‬
‫السلم ليقبضه فلطم عينه‪ ،‬فإذا قامت القيامة باد إل العرش طالت غيبته فاستعجل استعجال‬
‫مشوق كانوا يبون أماكن الذكر ومواطن اللوة‪ ،‬والؤمن ألوف للمعاهد عهد عند الحب ل ينس‬
‫اه‪ ،‬اسكن حراء‪.‬‬
‫فبذاك النحن طل دمـي‬ ‫احبسا الركب بوادي سلـم‬
‫فمن السكان أشكو ألـي‬ ‫وانشدا قلب ف سكـانـه‬
‫فوجودي بعده كـالـعـدم‬ ‫أخذوا قلب وأبقوا جسـدي‬
‫وابلئي أن خصمي حكمي‬ ‫صل مبا جفنـه لـم ينـم‬
‫واعجبا للمحب يستر ذكر البيب‪ ،‬بذكر النازل‪ ،‬وما يفى مقصوده على السامع "أحد جبل‬
‫يبنا ونبه"‪.‬‬
‫بذكر سليمى والرباب وتنعـم‬ ‫أل اسقن كاسات دمعي وغنن‬

‫‪195‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أغار عليها من فم التكـلـم‬ ‫وإياك واسم العامرية إنـنـي‬
‫رياح السحار تمل الرسائل وترد الواب‪.‬‬
‫للخفاجي‪:‬‬
‫أظن الريح تفهم ما نقـول‬ ‫أف ند تاورك القـبـول‬
‫تشابت الذوائب والـذيول‬ ‫تغنت ف رحال الركب حت‬
‫يناوبا التنفس والنـحـول‬ ‫صحبنا ف ديارهم صباهـا‬
‫حسبنا أنا مهـج تـسـيل‬ ‫وأمطرنا سحاب الدمع حت‬
‫أنن السائلون أم الطلـول‬ ‫وعجنا ذاهلي فما علمـنـا‬
‫ديار الحباب درياق هوم الحبي على أنن منها استفدت غرامي‪ ،‬كان قيس إذا رحلت ليلى‬
‫تعلل بالثار واستشفى بالدمن واستنشق الصبا وشام برق بن عامر‪.‬‬
‫وق ندا فالـغـرام مـجـد‬ ‫أقتل أدواء الرجـال الـوجـد‬
‫ودنف ما يستـفـيق بـعـد‬ ‫حيث الرياض والنسـيم أنـف‬
‫نار الغرام ففـؤادي الـزنـد‬ ‫إن الصبا إذا جـرت قـادحة‬
‫لا على أهل الغرام حـقـد‬ ‫تعدى الحبي الصبا كأنـمـا‬
‫هزل فهزل النفحـات جـد‬ ‫ل تتـلـق نـفـحة نـجـدية‬
‫سيان منه قصـره والـمـد‬ ‫دع الصبا فعل الواء كالوى‬
‫لا بترجيع الـنـي وقـد‬ ‫ما كبدي بـعـدك إل جـذوة‬
‫ما كان قط ستر نار جـلـد‬ ‫يسترها اللد ولول أدمـعـي‬
‫يصد والداء العضال الـصـد‬ ‫كيف ببئي والطبيب مرضي‬

‫والاء طرف والتراب الـد‬ ‫النار قلب والسموم نفـسـي‬


‫كذا وجود العاشقـي فـقـد‬ ‫قد كنت أخفى عن عيون عذل‬
‫??الفصل الثان والمسون‬
‫العزلة حية البدن والناجاة قوت القلب‪ ،‬ومن أنس بوله استوحش من سواه‪.‬‬
‫كن ل إن ل أكن لنفسي‬ ‫يا منتهى وحشت وأنسي‬
‫حلمك عن سيئات أمسي‬ ‫أوهن ف غد ناتـي‬

‫‪196‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫خلق القلب طاهرا ف الصل‪ ،‬فلما خالطته شهوات السن تكدر‪ ،‬وف العزلة يرسب الكدر‪،‬‬
‫اليوان الميز على ثلثة أقسام‪ :‬فاللئكة خلقت من صفاء ل كدر فيه‪ ،‬والشياطي من كدر ل‬
‫صفاء فيه‪ ،‬والبشري مركب من الضدين‪ ،‬فالعجب أن تقوى عنده التقوى‪ ،‬تقديس اللئكة يدور‬
‫على ألسنة ل تشتاق بالطبع إل الفضول سبح تسبيحهم عقود ما نظمتها كلف التكليف‪ ،‬ترات‬
‫زروعهم‪ ،‬نشأت ل عن تعب‪ ،‬سقاها سيح العصمة‪ ،‬فكثر ف زكوات تعبدهم قدر الواجب "ويست‬
‫غفرون لن ف الرض"‪.‬‬
‫كانت أقدم تعبدهم سليمة فاستبطئوا سي زمن الوى‪ ،‬فقيل‪" :‬إذا رأيتم أهل البلء‪ ،‬فسلوا ال الع‬
‫افية" واعجبا من منحدر ف سفن التعبد يستبطئ مصاعدا ف الشمال‪ ،‬سعوا بيوسف الوى وما رأ‬
‫وه‪ ،‬فأخذوا يلومون زليخا الطبع من حبس عتب "تُراوِد فتاها " فلما قالت الدنيا يوم هاروت وما‬
‫روت "اخرُج عليهنّ" قطعوا أكف الصب وصاح ف تلك الواقف مواقف "أتعل فيها" إن للحرب‬
‫رجالً خُلقوا‪ ،‬ألم أني الذنبي? أو خلوف الصائمي‪ ،‬أو حرقة الحبي‪ ،‬أما عب بر المانة يوم "إ‬
‫نّا عرضنا المانة" توقفت اللئكة على الساحل‪ ،‬ونضت عزية الدمي لسلوك سبيل الطر‪ ،‬بلى‬
‫لقدام الحب أقدام‪.‬‬
‫ول يزل ذو الشوق مغلوبـا‬ ‫يغلبن شوقي فأطوي السرى‬
‫ل نتاج أن نناظر اللئكة بالنبياء‪ ،‬بل نقول‪ :‬هاتوا لنا مثل عمر‪ ،‬كل الصحابة هاجروا سرا‬
‫وعمر هاجر جهرا‪ ،‬وقال للمشركي قبل خروجه ها أنا‪ .‬على عزم الجرة فمن أراد أن يلقان فليل‬
‫قن ف بطن هذا الوادي‪ ،‬فليت رجا ًل فيك قد نذروا دمي‪ ،‬مذ عزم عمر على طلق الوى أحد أ‬
‫هله عن زينة الدنيا‪.‬‬
‫من تتها بكان الترب من زحل‬ ‫وعزمة بعثتـهـا هـمة زحـل‬
‫لا ول عمر بن عبد العزيز خيّر النساء‪ ،‬فقال‪ :‬من شاءت فلتقم ومن شاءت فلتذهب‪ ،‬فإنه قد‬
‫جاء أمر شغلن عنكن‪.‬‬
‫لهيار‪:‬‬
‫أقـسَـم بـالـعـفة‪ :‬ل تـيّمــهُ ظبـيٌ رنـا أو غـصـنٌ تـأوّدا‬
‫جزتَ الدى قال‪ :‬وهل نلتُ الدى‬ ‫وكلما قيل له‪ :‬قـف تـسـتـرحْ‬
‫للعزائم رجال ليسوا ف ثيابنا‪ ،‬وطنوا على الوت فحصلت الياة‪.‬‬
‫ملـح ول أم تـصـيح ورائي‬ ‫إذا ما جررت الرمح ل يثنن أب‬
‫أطاع بـعـزم ل يروغ ورائي‬ ‫وشيعن قلـب إذ مـا أمـرتـه‬

‫‪197‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا متار القدر اعرف قدرك‪ ،‬فإنا خلقت الكوان كلها لجلك‪ ،‬يا خزانة الودائع يا وعاء البدائع‪،‬‬
‫يا من غذي بلبان الب وقلب بأيدي اليادي‪ ،‬يا زرعا تمى عليه سحب اللطاف‪ ،‬كل الشياء‬
‫شجرة وأنت الثمرة‪ ،‬وصور وأنت العن‪ ،‬وصدف وأنت الدر‪ ،‬ومضة وأنت الزبد‪ ،‬مكتوب اختي‬
‫ارنا لك‪ ،‬واضح للط‪ ،‬غي أن استخراجك ضعيف‪ ،‬مت رمت طلب فاطلبن عندك‪.‬‬
‫لسـت أنـسـاه فـاذكـره‬ ‫ساكن ف القلـب يعـمـره‬
‫فسويدا القلـب تـبـصـره‬ ‫غاب عن سعي وعن بصري‬
‫ويك لو عرفت قدر نفسك ما أهنتها بالعاصي‪ ،‬إنا أبعدنا إبليس لجلك لنه ل يسجد لك‪،‬‬
‫فالعجب منك كيف صالته وهجرتنا?‬
‫حفظنا له الود الـقـدي فـضـيعـا‬ ‫رعى ال من نوى وإن كان ما رعى‬
‫وواصلت قوما كنت أناك عـنـهـم وحقك ما أبقيت للصلح مـوضـعـا‬
‫يا جوهرة بضيعة‪ ،‬يا لقطة تداس‪ ،‬كم ف السماوات من ملك يسبح? ما لم مرتبة "تتجاف" ل‬
‫يعرفون طعم طعام‪ ،‬وما لم مقام "وللوف" أني الذنبي عندنا‪ ،‬أو ف من تسبيحهم‪ ،‬سبحان من‬
‫اختارك‪ ،‬على الكل وجادل عنك اللئكة قبل وجودك "إن أعلم" خلق سبعة أبر واستقرض من‬
‫ك دمعة‪ ،‬له ملك السماوات والرض واستقرض منك حبة‪.‬‬
‫وليس يرويك إل مدمع الباكي‬ ‫الاء عندك مبـذول لـوارده‬
‫كانت المتعة الثمنة والللئ النفيسة تباع بصر فل ينظر إليها يوسف فإذا جاءت أجال صوف‬
‫من كنعان ل تل إل بي يديه "ل تسئل عن عبادي غيي"‪.‬‬
‫للخفاجي‪:‬‬
‫برق بنار الشرق مشبوب‬ ‫لح وعقد الليل مسلـوب‬
‫سطر من الحباب مكتوب‬ ‫أسأله عنكـم وفـي طـيه‬
‫لو كان ف قلبك مبة‪ ،‬لبان أثرها على جسدك‪ ،‬عجب ربنا من رجل ثار عن وطائه ولافه إل‬
‫صلته‪ ،‬تلمح معن ثار‪ ،‬ول يقل قام‪ ،‬لن القيام قد يقع بفتور‪ ،‬فأما الثوران فل يكون إل‬
‫بالسراع حذرا من فائت‪.‬‬
‫على شعب الرحل اضطراد الراقم‬ ‫إذا هزنا الشوق اضطربنا لـهـزه‬
‫فمن صبوات تسـتـقـيم بـمـائل ومن أريـيات تـهـب بـنـائم‬
‫أخوان من ناقره الوجد ناقره النوم‪ ،‬قال سفيان الثوري‪ :‬بت عند الجاج ابن الفرافصة إحدى‬
‫عشرة ليلة‪ ،‬فما أكل وما شرب ول نام‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عللة وهو سـؤال مـحـال‬ ‫اسأل عين كيف طعم الكـرى‬
‫والنوم من شرط ليال الوصال‬ ‫وكيف بالنوم على الجر لـي‬
‫??الفصل الثالث والمسون‬
‫يا طويل المل ف قصي الجل‪ ،‬يا كثي الزلل ف يسي العمل‪ ،‬خل لك الزمان وما سددت اللل‪،‬‬
‫أفما عندك وجل من هجوم الجل?‬
‫جهازا من التقوى ل طول ما حبس‬ ‫تهز إل الجداث ويك والرمس‬
‫بأحسن ما ترجو لعلك ل تـسـى‬ ‫فإنك ما تدري إذا كنت مصبـحـا‬
‫فإن هوان النفس أكرم للـنـفـس‬ ‫سأتعب نفسـي أو أصـادف راحة‬
‫كظاعنها ما أشبه اليوم بـالمـس‬ ‫وازهد ف الدنيا فإن مـقـيمـهـا‬
‫يا معاشر الصحاء اغتنموا نعمت السلمة والمهال‪ ،‬واحذروا خديعت الن المال‪ ،‬قد جربتم‬
‫على النفس تبذيرها ف بضاعة العمر‪ ،‬فانتبهوا لنتهاب الباقي "ول تؤتوا السفهاء أموالكم" الدنيا‬
‫حلم يقظة‪ ،‬ويوم الساب تفسي الضغاث‪ ،‬أيام معدودة وسيفن العدد وطريق صعبة على قلة الع‬
‫دد‪ ،‬وقد سار الركب ولح الدد‪ ،‬أترى تظن أن تبقى إل البد? أما يعتب بالوالد الولد‪ ،‬أين الت‬
‫حرك ف الواء هد‪ ،‬أين اضطرام تلك النار? خد‪ ،‬أين ماء العراض الاري? جد‪ ،‬تساوى ف الم‬
‫ات الثعلب والسد‪ ،‬وشارك الوهى بي الديد والسد‪ ،‬وجع التلف عنقاء مغرب والصرد‪ ،‬واستق‬
‫ام قياس النقض للكل وأطرد‪ ،‬أفل ينتبه من رقدته من قد رقد? يا شاربي من منهل أبوى شرب ا‬
‫ليم‪ ،‬يا جاعلي نار الدى كالليل البهيم‪ ،‬مقيمي على الدنس وليس فيهم مقيم‪ ،‬سالي من أمرا‬
‫ض البدن وكلهم سليم‪ ،‬أتعمرون ربوع النقم برتوع النعم? وتستبدلون بالقرآن‪ ،‬مرمات النغم‪،‬‬
‫وقد توطنتم ناسي تروح النوح فلم تذكروا المات‪ .‬تروح الروح‪ ،‬تال ليعودن الستوطن ف أهل‬
‫ه غريبا‪ ،‬والغتبط بفرحه مغيظا كئيبا "إنم يرونه بعيدا ونراه قريبا"‪.‬‬
‫أين أرباب البيض والسمر? والراكب الصفر والمر‪ ،‬والقباب والقب الضمر‪ ،‬ما زالوا يفعلون فع‬
‫ل الغمر إل أن تفضي جيع العمر‪ ،‬يا من عمره قد رحل وول‪ ،‬كأنك بك تندم وتتقلى‪ ،‬والسمع‬
‫والبصر للموت قد كل‪ ،‬ويد التناول للتوبة شل‪ ،‬والعي تري وابلً ل طل‪ ،‬وعصافي الندم قد أن‬
‫ضجها القل‪ ،‬وأنت تستغيث "ربّ ارجعونِ" فيقال "كل" أل كان هذا قبل هذا‪.‬‬
‫أل يا ثقيل النوم‪ ،‬يا بطيء اليقظة‪ ،‬يا عدي الفهم‪ ،‬أما ينبهك الذان? أما تزعجك الداة? أترى ن‬
‫اطب عجما? أو نكلم صما‪ ،‬كم نريك عيب الدنيا? ولكن عي الوى عوراء‪ ،‬كم تكشف للبصر‬
‫قصر العمر? ولكن حدقة المل حولء‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إنا الدنيا غـرور‬ ‫ليس ف الدنيا سرور‬
‫ت فيها وقـبـور‬ ‫ومآتـيم إذا فـكـر‬
‫يا من شاب وما تاب ول أصلح‪ ،‬يا معرضا إل ما يؤذي عن الصلح‪ ،‬ليت شعري بعد الشباب‬
‫باذا تفرح? ما أشنع الطايا ف الصبا وهي ف الشيب أقبح‪ ،‬إذ نزل الشيب ول يزل العيب فبعيد‬
‫أن يبح‪.‬‬
‫للبحتري‪:‬‬
‫خسون وهو إل التقى ل ينح‬ ‫وإذا تكامل للفت من عـمـره‬
‫متأخر عنها ول مـتـزحـزح‬ ‫عكفت عليه الخزيات فمـالـه‬
‫حي وقال فدَْيتُ من ل يفـلـح‬ ‫وإذا رأى الشيطان غرة وجهـه‬
‫أخوان‪ ،‬فتشوا أحال العمال‪ ،‬قبل الرحيل "ولتنظُر نفسٌ ما قدّمتْ لغد" يا مطلقي النواظر‪ ،‬ف‬
‫مرم النظور "لَت َروُنّ الحيم" ل يغرنكم إمهال العصاة "إنّ إلينا إيابَهم" يا من عاهدناه من يوم "أل‬
‫ستُ" ل تلن عقد العهد بأنامل الزلل فما يليق بشرف قدرك خيانة‪.‬‬
‫ل تفسد الول بالخر‬ ‫برمة الود الذي بيننا‬
‫اذكر ملزمة الطالبة بالوفاء ف أضيق خناق‪ ،‬يا منكر ويا نكي انزل إل الارج من بساتي‬
‫الرواح فانظرا‪ ،‬هل استصحب وردة من اليقي أو شوكة من الشك?‬
‫على ما عهدنا فيه أم حال حاله‬ ‫قفوا سائلوا بأن العقيق هل الوى‬
‫استنكها فمه‪ ،‬الذي قال به "بلى" يوم "ألستُ" هل غي طيبه طول رقاد الغفلة? هل اناس زل?‬
‫ما يدخل قليلها تت العفو‪ ،‬هل معرفته ف قليب قلبه يبلغ قلتي‪ ،‬أنا مقيم له على الوفاء ف كل‬
‫حال‪ ،‬فانظر إل حاله هل حال? لقيس الجنون‪:‬‬
‫وأرواحه إن كان ند على العهد‬ ‫أل حبذا نـد وطـيب تـرابـه‬
‫بطول الليال هل تغيتا بـعـدي‬ ‫أل ليت شعري عن عويرضت قبا‬
‫بريح الزامى هل تب على ند‬ ‫وعن علويات الـرياح إذا جـرت‬
‫العرفة غرس ف القلب والتذكار ماء‪ ،‬ومت جفت الياه عن الغروس جفت شجرات "ألستُ"‬
‫تسقي من مياه "هل من سائل"‪.‬‬
‫وتذنبون فنأتيكم فنعتـذر‬ ‫إذا مرضنا أتيناكم نزوركم‬

‫‪200‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫العقل ما ينسى إنا الس مغفل‪ ،‬سبب النسيان أمراض من التخليط ف مطاعم الوى عقدت بارا‬
‫ف هام الفهم‪ ،‬فإذا عالها طبيب الرياضة تللت فذكر ما نسي من عهد "ألست"‪.‬‬
‫قيل لذي النون‪ :‬أين أنت من يوم "ألست"? قال‪ :‬كأنه الن ف أذن‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫أين ليالينا علـى البـرقِ?‬ ‫سل أبرق النان واحبس بـه‬
‫ما ل يُجدها الدمع ل تورقِ?‬ ‫وكيف باناتُ بسقط الـلـوى‬
‫عنك الصّبا َعرْفا لستنشقِ?‬ ‫هل حلتْ ل حلتْ بعـدنـا‬
‫ل يُغن قول للعسوفِ‪ :‬ارفقِ‬ ‫يا سائق الظعان رفقـا وإن‬
‫وحر أنفاسي لـم تـنـشـقِ‬ ‫لول زفيي خلف أجالـهـم‬
‫يا وله الشئم بالـمـعـرقِ‬ ‫سيتَ ل ندا على بعدهـا‬
‫الفصل الرابع والمسون‬
‫أيها القائم على سوق الشهوات‪ ،‬ف سوق الشبهات‪ ،‬ناسيا سوق اللمات إل ساقي المات‪ ،‬إل‬
‫كم مع الطأ بالطوات إل الطيئات‪ ،‬كم عاينت حيا فارق حيا? وكفا كفت بالكفات‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫وأشدّ اغترارنـا بـالمـانـي‬ ‫ما أقل اعتبارنـا بـالـزمـان‬
‫ٌم على مَزلقٍ من الـحِـدْثـانِ‬ ‫ت عـلـى غـرو ٍر وأقـدا‬
‫وقفا ٌ‬
‫اليومَ ف هدنة مـع الزمـانِ‬ ‫ب من الردى وكـأنـا‬
‫ف حرو ٍ‬
‫ِعلْمُنا أنـنـا مـن الـحـيوان‬ ‫وكفانا مُـذكّـرا بـالـمـنـايا‬
‫ع من الـردى بـفـلن‬
‫ووقو ٌ‬ ‫كل يوم رزي ٌة فـي فـــلن‬
‫للسي واستبدل عن الغطـان‬ ‫قل لذي الوام ِل استـوثـقـي‬
‫وغـنـى وراءكَ الـحـاديان‬ ‫ك اللقّم النهـجُ‬
‫واستقيمي قد ضم ِ‬
‫ب الـعـنـان‬
‫ج البُرى و َج ْذ ُ‬
‫َخلْ ُ‬ ‫كم ميدٍ عن الطريق وقد صرّح‬
‫ي بسـاعـدٍ أو بـنـان‬
‫أو مع ٌ‬ ‫هل ميٌ بـذابـ ٍل أو حـسـامٍ‬
‫ورأينا البِـنـا فـأين الـبـانِ‬ ‫قد مررنا على الديار خشـوعـا‬
‫أم أين صــاحـــب اليوان‬ ‫أين رب السدير والية البيضاء‬
‫ص ّم من بـنـي الـديانِ‬
‫والقنا ال ّ‬ ‫والسيوف الدا ُد مـن آل بـدرٍ‬

‫‪201‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف إباء وعاجـ ٌز فـي هـوان‬ ‫ليس يبقى على الزمان جـريء‬
‫يا عاصيا بالمس أين اللتذاذ? يا مطالبا بالرم أين العاذ? يا متمسكا بالدنيا حبلها جذاذ‪ ،‬ما‬
‫راعت من الحبي ول الشذاذ‪ ،‬بل ساوت ف اللك بي الفقي وكسرى بن قباذ‪ ،‬تلص من أسرها‬
‫قبل أن يعز النقاذ‪ ،‬وقبل أن تري دموع السى بي ويل ورذاذ‪ ،‬إذا نبذوك ف القب انتبذوا أي نب‬
‫ذ وأي انتباذ‪ ،‬فتذكر ضمة‪ ،‬ما نا منها سعد بن معاذ‪ ،‬أل يلي القلب? أصخر أم فولذ‪ ،‬تدعي ال‬
‫عجز عن الطاعة وف العاصي أستاذ‪ ،‬وتؤثر ما يفن على ما يبقى وأنت ابن بغداد‪ ،‬يا مستلبا عن أ‬
‫هله وماله يا خاليا ف القب بأعماله ليته خلك ما منه تليت‪ ،‬ليته ول عنك أث ما عنه توليت‪ ،‬وأس‬
‫فا من حالة حيلتها ليت‪.‬‬
‫فمرتـجـع بـمـوت أو زوال‬ ‫وكـل إن يتـيه غـــنـــاه‬
‫أليس الوت يطوي ما زوى ل‬ ‫وهب جدي زوى ل الرض طيا‬
‫إذا اخضر الربيع ناح الزار وندب القمري وأنت تعتقده غناء‪ ،‬إنا هو بكاء على انتظار التكدير‪،‬‬
‫ل يغرنك صفو العيش فالرسوب ف أسفل الكاس‪ ،‬من يسمع كلم الصامت ول يسمع عبارة‬
‫الامد فليس بفطن‪.‬‬
‫قال أحد ابن أب الواري‪ :‬رأيت شابا قد اندر عن مقبة‪ ،‬فقلت من أين? فقال‪ :‬من هذه القافلة‬
‫النازلة‪ ،‬قلت‪ :‬وإل أين? قال‪ :‬أتزود للقها‪ .‬قلت‪ :‬فأي شيء قالوا لك? وأي شيء قلت لم? قل‬
‫ت‪ :‬مت ترحلون? فقالوا‪ :‬حت تقدرون‪.‬‬
‫يلي لا الديد وأنت قاس‬ ‫وكم من عبة أصبحت فيها‬
‫تذكر بالعاد وأنت نـاس‬ ‫إل كم والعاد إل قريب‬
‫ويك تلمح عاقبتك بعي عقلك فإنا سليمة من رمد‪ ،‬العقل متسب إذا وقع بيزان الوى كسر‬
‫العلقة يا صبيان التوبة‪ ،‬قد عرفتم شرور أعطان الوى فرحلتم طالبي ريف التقى فحثوا مطايا‬
‫الد "ول يلتفتْ منكم أحدٌ وامضوا حيث تؤمرون" كلما شرف الطلوب طالت طريقه‪ ،‬الرة تم‬
‫ل خسي يوما‪ ،‬والنيرة أربعة أشهر‪ ،‬والف والافر سنة‪ ،‬فأما الفيل فسبع سني‪ ،‬عموم الشجر‬
‫يمل ف عامه‪ ،‬والصنوبر بعد ثلثي سنة‪ ،‬شرف النمل يوجب القلة‪ ،‬الشاة تلد واحدا أو اثني‪ ،‬و‬
‫النيرة تلد عشرين‪ ،‬وأم الصقر مقلت نزور‪ ،‬يا هذا ينبغي أن تكون هتك على قدرك ولك قد‬
‫ر عظيم لو عرفته‪.‬‬
‫إنا خلقت الداران لجلك‪ ،‬أما الدنيا فلتتزود‪ ،‬وأما الخرى فلتتوطن‪ ،‬أفتراك تعرف مكانة "أذكر‬
‫كم" أو قيمة "يبهم" أو مرتبة‪ :‬وإنا إل لقائهم أشد شوقا‪ ،‬تشاغلتم عنا بصحبة غينا‪ ،‬إذا صعد‬

‫‪202‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت اللئكة عن ملس الذكر‪ ،‬قال الق‪ :‬أين كنتم‪ ،‬فيقولون‪ :‬عند عباد لك يسبحونك ويجدون‬
‫ك‪ ،‬فيقول‪ :‬ما الذي طلبوا وما استعاذوا‪:‬‬
‫ما كنت ب هكذا صبا فكيف أنا‬ ‫يا من يسائل عن القادمـي إذا‬
‫يا من كان ف رفقة "تتجاف" فصار اليوم ف حزب أهل النوم‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ويا عهدُ ما الـذي أبـلكـا‬ ‫يا ديار الحباب كيف تغـيتِ‬
‫على عهدهـم وأين أولكـا‬ ‫هل تول الذين عهدي بم فيك‬
‫ي أن ل تيب سُراكـا‬
‫لضم ٌ‬ ‫الذّميلَ الذمي َل يا ركـبُ إنـي‬
‫يا هذا ل تزع من ذنب جرى فرب زلة أورثت تقويا‪" ،‬لو ل تُذنبوا"‪.‬‬
‫ل يدر ما حلوة التلقي‬ ‫من ل يلق مرارة الفراق‬
‫ما ل يقع سهم ف مقتل فالعلج سهل‪ ،‬انناء القوس ركوع ل اعوجاج‪ ،‬كانت صحبة آدم للحق‬
‫أصلية وتعبد إبليس تكلفا والعرق نزاع "كان من النّ" وإنا يعال الرمد ل الكمة‪ ،‬تأملوا خسة‬
‫هة إبليس إذ رضي بعد القرب من السدة بالتقاط القمامة "إل من استرق السمع" إنه ليهجم على‬
‫ساحة الصدر فيأخذ ف حديث الوسوسة فيصيح به حراس اليان من شرفات قصر "ويسعن" في‬
‫جع بقلب الناس‪ ،‬فضائل بن آدم خفيت على اللئكة يوم "أنبئهم" فكيف يعرفها إبليس? صعد‬
‫إل السماء منا‪ ،‬إدريس وعيسى‪ ،‬وجال ف مالم ممد‪ ،‬ونزل منهم هاروت وماروت وتدير عندنا‬
‫إبليس‪ ،‬لو علم التدير ما قد خب له من البليا? ما سأل النظار‪ ،‬كلما غاب صاحب معصية وجل‬
‫س يقسم ف تقواه صدرت عن التائب نشابة ندم‪ ،‬فوقعت ف صدر إبليس‪ ،‬أطم ما على إبليس م‬
‫لسي‪ ،‬ما من ملس أعقده إل ويقلق لا يرى من النفع‪ ،‬واليوم يغشى عليه ويله‪ ،‬ما علم أن النة إ‬
‫قطاعنا وإنا أخرجنا عنها مسافرين‪ ،‬كتب ديارنا تصل إلينا‪ ،‬ورسائلنا تصل إليهم ويا قرب اللقا‪،‬‬
‫كان فتح بن شخرف‪ ،‬يقول‪ :‬قد طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫لاجر أن لا بـحـاجـر?‬ ‫تُمدّ بـالذان والـمـنـاخـرِ‬
‫وشوقُها الكنونُ ف الضمائرِ‬ ‫أرضٌ با السائغ من ربيعهـا‬
‫يا ِس ْر با يا ابن الداة ياسِـرِ‬ ‫سارت يينا والغـرامُ شـامةٌ‬
‫الفصل الامس والمسون‬
‫يا من شاب وما تاب‪ ،‬أموقن أنت أم مرتاب? من آمن بالسؤال أعد الواب‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وجود جع رحلك للذهاب‬ ‫فخذ للسي إهبتـه وبـادر‬
‫يسي على مقدمة الركاب‬ ‫فقد جد الرحيل وأنت من‬
‫أما أنذرك بياض الشمط? أما يبكيك قبح ما منك فرط? إل مت تري ف الوى على نط? إل‬
‫مت تضيع وقتا مثله يلتقط? لقد أحاط بك النون وها أنت ف الوسط‪ ،‬واستل التلف سيفه عليك‬
‫سريعا واخترط‪ ،‬يا من يهفو وينسى واللك قد ضبط‪ ،‬يا منفقا نعم الول على العصيان هذا الشط‬
‫ط‪ ،‬امح باعترافك قبح اقترافك وقد انكشط‪ ،‬وقم ف الدجى والليل قد سجى فرب عفو هبط‪ ،‬ق‬
‫د نصحتك با أسعتك وقد أوقعتك على النقط‪.‬‬
‫يا مغمورا بالنعم معدوم الشكر‪ ،‬كلما لطفنا بك قابلتنا بالخالفة‪ ،‬إنه ل عجب من ترك الشكر إنف‬
‫اق النعم ف مالفة النعم‪ ،‬هذا عود العنب يكون يابسا طول السنة فإذا جاء الربيع دب فيه الاء ف‬
‫اخضر وخرج الصرم‪ ،‬فإذا اعتصر الناس منه ما يتاجون إليه طول السنة قلب ف ليلة خلً‪ ،‬فبانق‬
‫لبه يوجب للعقل الدهش‪ ،‬من صنع صانعه‪ ،‬وقدرة خالقه فينبغي أن يفرغ العقل للتفكر فيأخذ ا‬
‫لاهل العنب فيجعله خرا‪ ،‬فيغطي به العقل‪ ،‬الذي ينبغي أن يسر عن رأسه قناع الغفلة "ومن يُض‬
‫ل فما له مِن هاد" ويك‪ ،‬قد أطعمتك إياه حصرما وعنبا وزبيبا وخلً‪ ،‬فدع الامس ل‪ ،‬فقد‬
‫للِ ا ُ‬
‫سهُ"‪.‬‬
‫سعت ف كلمي "فإنّ لِ خُمُ َ‬
‫أيها الضال ف بادية الوى‪ ،‬احذر من بئر بوار‪ ،‬وليس ف كل وقت‪ ،‬تتفق سيارة‪ ،‬ليل الصبا مرخى‬
‫السدفة‪ ،‬وبار المان يعقد دواخن الكسل‪ ،‬فانض عن حفش الكسل واستنطق ألسن الكم من‬
‫موضوعات الصنوعات يل عليك كلما ف دستوره يا مقتولً ماله طالب ثأر يريد الوت‪ ،‬مطلق ا‬
‫لعنة ف طلبك وما يفيك حصن‪ ،‬ثوب حياتك منسوج من طاقات أنفاسك‪ ،‬والنفاس تسلب‪ ،‬ذ‬
‫رات ذاتك وحركات الزمان‪ ،‬قوية ف النسج الضعيف‪ ،‬فيا سرعة التمزيق آن الرحيل وما ف مزا‬
‫دتك قطرة ماء‪ ،‬ول ف مزود عملك قبضة زاد‪ ،‬وقد أحلت ناقتك على ما تلقى من العشب وال‬
‫دب عام ف العام‪ ،‬ويك عش ول تغتر‪ .‬يا رابطا مناه بيط المل إنه ضيف القتل‪ ،‬صياد التلف ق‬
‫د بث الصقور‪ ،‬وأرسل العقبان ونصب الشراك‪ ،‬وقطع الواد فكيف السلمة? تيأ لصرعة الو‬
‫ت وأشد منها فلت القلب‪ ،‬فليت شعري إل ماذا يؤول المر? للحارثي‪:‬‬
‫إذا جد جد البي أم أنا غـالـبـه‬ ‫فوال ما أدري أيغلبنـي الـهـوى‬
‫فمثل الذي لقيت يغلب صاحبـه‬ ‫فإن أستطع أغلب وإن يغلب الوى‬
‫آه من تأوه حينئذٍ ل ينفع‪ ،‬ومن عيون صارت كالعيون ما تدمع‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬

‫‪204‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ول يبق إل نظر ٌة تُـتُـغـنّـمُ‬ ‫ولا خل التوديع ما حـذرتـه‬
‫وكيف يل الاء أكـثـره دم‬ ‫بكيتُ على الوادي فحُرمت ماءه‬
‫نقلة إل غي مسكن‪ ،‬وسفر من غي تزود‪ ،‬وقدوم إل بلد ربح بل بضاعة‪.‬‬
‫مسيل غروب الدمع جفنا ول خدا‬ ‫ولا تيقنا النـوع لـم يدع لـنـا‬
‫ول راحة إل وقد قلـبـت كـدا‬ ‫فل صفوة إل وقد بدلـت قـذي‬
‫أغورت الظعان أم طلبت نـدا‬ ‫فوال ما أدري وقد كـنـت داريا‬
‫يا لساعة الوت ما أشدها‪ ،‬تتمن أن لو ل تكن عندها‪ ،‬وأعظم الحن ما يكون بعدها‪،‬‬
‫وقد حان من أحب الرحيل‬ ‫ول أنس موقفنـا لـلـوداع‬
‫إل غدت فوق خدي تسـيل‬ ‫ول يبق ل دمعة ف الشؤون‬
‫وقد كاد يأت على الغـلـيل‬ ‫فقال نصيح من القـوم لـي‬
‫فبي يديك بـكـاء طـويل‬ ‫تأن بدمـعـك ل تـفـنـه‬
‫تقسم الصالون عند الوت‪ ،‬فمنهم من صابر هجي الوف‪ ،‬حت قضى نبه‪ ،‬كعمر كان يقول‬
‫عند الرحيل‪ :‬الويل لعمر إن ل يغفر له‪ .‬ومنهم من أقلقه عطش الذر فيبده باء الرجاء كبلل‪.‬‬
‫كانت زوجته تقول‪ :‬واحرباه‪ ،‬وهو يصيح‪ :‬واطرباه‪ ،‬غدا نلقى الحبة ممدا وحزبه‪ .‬علم بلل أن‬
‫المام ل ينسى الؤذن‪ ،‬فمزج كرب الوت براحة الرجاء ف اللقاء‪.‬‬
‫غدا ترين الطلح والبال‬ ‫بشرها دليلـهـا وقـال‬
‫قال سليمان التيمي لبنه عند الوت‪ :‬اقرأ علي أحاديث الرخص للقى ال وأنا حسن الظن به‪.‬‬
‫إل مت تتعب الرواحل? ل بد من مناخ‪.‬‬
‫قد لح سلع ودنا حاجـر‬ ‫رفقا با يا أيها الـزاجـر‬
‫على الرب لراعها ذاعر‬ ‫فخلها تلع أرسـانـهـا‬
‫ل عدم الذكور والذاكـر‬ ‫واذكر أحاديث ليال منـى‬
‫كان أبو عبيدة الواص يستغيث ف السواق وينادي‪ :‬واشوقاه إل من يران ول أراه‪.‬‬
‫تن والنة للمـشـتـاق‬ ‫جاء با قالصة عـن سـاق‬
‫تذكري رمل النقى واشتاقي‬ ‫ما أولع الني بـالـنـياق‬
‫الفصل السادس والمسون‬
‫يا من أيام عمره ف حياته معدودة‪ ،‬وجسمه بعد ماته مع دودة‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تقربك الساعات من ساعة اللـحـد‬ ‫رأيتك ف النقصان مذ أنت ف الهد‬
‫عليك وإن قالت بكيت من الـوجـد‬ ‫ستضحك سن بعد عي تعـصـرت‬
‫أتطمح أن يشجى لفـقـدك فـاقـد لعل سرور الفاقدين مع الـفـقـد‬
‫يا من عمره يقضي بالساعة والساعة‪ ،‬يا كثي التفريط‪ .‬ف قليل البضاعة‪ ،‬يا شديد السراف يا‬
‫قوي الضاعة‪ ،‬كأن بك عن قلي ترمى ف جوف قاعة‪ ،‬مسلوبا لباس القدرة وبأس الستطاعة‪،‬‬
‫وجاء منكر ونكي ف أفظع الفظاعة‪ ،‬كأنما أخوان ف الفظاظة من لبان الرضاعة‪ ،‬وأمسيت تن ث‬
‫ار هذي الزراعة‪ ،‬وتنيت لو قدرت على لظة الطاعة وقلت "ربّ ارجعون" ومالك كلمة مطاعة‬
‫‪ ،‬يا متخلفا عن أقرانه قد آن أن تلحق الماعة‪.‬‬
‫آن الرحيل وما قدمت من زاد‬ ‫يا ساهيا لهيا عمـا يراد بـه‬
‫هيهات أنت غدا فيمن غدا غاد‬ ‫ترجو البقاء صحيحا سالا أبدا‬
‫مركب الياة تري ف بر البدن برخاء النفاس‪ ،‬ول بد من عاصف قاصف تفككه وتغرق‬
‫الركاب‪.‬‬
‫ما هذه الدنيا بـدار قـرار‬ ‫حكم النية ف البية جـار‬
‫صفوا من القذار والكدار‬ ‫جبلت على كدر وأنت تريدها‬
‫أعماركم سفر من السفـار‬ ‫فاقضوا مآربكم عجا ًل إنـا‬
‫يا لقم الجال يا أشباه الدجال‪ ،‬أما تسمعون صريف أنياب الصروف? كم غافل وأكفانه عند‬
‫القصار? ولب قدره قد ضرب‪ ،‬يا سخنة عي قرت بالغرور‪ ،‬يا خراب قلب عمر بالن‪ ،‬العمر زاد‬
‫ف بادية‪ ،‬يوخد منه ول يطرح فيه‪ ،‬يا من عمره يذوب ذوبان الثلج توانيك أبرد‪ ،‬كان بعض من ي‬
‫بيع الثلج ينادي عليه‪ :‬ارحوا من يذوب رأس ماله يا مؤخرا توبته حت شاب وقت الختيار‪ ،‬يا اب‬
‫ن السبعي لقد أمهل التقاضي‪ ،‬البدار البدار فنقاض البدن قد عرقب الساس‪.‬‬
‫إل موقف التجمي غي أمان‬ ‫ول يبق من أيام جع إل من‬
‫بادر التوبة من هفواتك قبل فواتك‪ ،‬فالنايا بالنفوس فواتك‪ ،‬أعجب خلئقَ اللئق‪ ،‬مسن ف‬
‫شبابه‪ ،‬فلما لح الفجر فجر‪ ،‬آه لوسم فاتك‪ ،‬لقد مل الكياس الكياس‪ ،‬رجلت الرباحة فألقهم‬
‫ف النل‪.‬‬
‫يبيت يقظانا ولان وهـلنـا‬ ‫وكم وقفت وأصحاب بنـزلة‬
‫سقناه يوم التقى بالزع أحيانـا‬ ‫فهاجنا حي حيانا النسيم بـمـا‬

‫‪206‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫نن الشوقون فيها أم مطايانا‬ ‫تبكي وتسعدنا كوم الطي فهل‬
‫كوجدنا العيس بل رقت لبلوانا‬ ‫فل ومن فطر الشياء ما وجدت‬
‫يا هذا عقلك يثك على التوبة وهواك ينع والرب بينهما‪ ،‬فلو جهزت جيش عزم فر العدو‪،‬‬
‫تنوي قيام الليل فتنام‪ ،‬وتضر الجلس فل تبكي‪ ،‬ث تقول ما السبب? "قل هو مِن عند أنفسكم"‬
‫عصيت النهار فنمت بالليل‪ ،‬أكلت الرام فأظلم قلبك‪ ،‬فلما فتح باب الوصول للمقبولي طردت‬
‫‪ ،‬ويك فكر القلب ف الباحات يدث له ظلمة‪ ،‬فكيف ف تدبي الرام? إذا غي السك الاء منع‬
‫التوضوء فكيف بالنجاسة‪ ،‬مت تفيق من خار الوى? مت تنته من رقاد الغفلة? للشريف الرضي‪:‬‬
‫يوم نوى اليّ ويوم الُقام‬ ‫يا قلبِ ما أطولَ هذا الغرام‬
‫وأنت نشوانُ بغي الُـدام‬ ‫مت تُفيق اليو َم من لـوعةٍ‬
‫أين أنت من أقوام كشفت عن أبصار بصائرهم أغطية الهل? فلحت لم الادة فجدوا ف‬
‫السلوك‪ ،‬كان مسروق يصلي حت تتورم قدماه‪ ،‬فتقعد امرأته تبكي ما تراه يصنع بنفسه‪.‬‬
‫يرثي لا الشفقان الهل والولد‬ ‫أمسى وأصبح من تذكاركم قلقـا‬
‫واعتادن الضنيان الشوق والكمد‬ ‫قد خدد الدمع خدي من تذكركـم‬
‫وخانن السعدان الصب واللـد‬ ‫وغاب عن مقلت نومي فنافرهـا‬
‫وتته والافقان القلب والكـبـد‬ ‫ل غرو للدمع أن تري غواربـه‬
‫يعتاده الضاريان الـذئب والسـد‬ ‫كأنا مهجت نضو بـبـلـقـعة‬
‫فداؤك الباقيان الروح والـسـد‬ ‫ل يبق إل خفى الروح من جسدي‬
‫يا هذا‪ ،‬أول الطريق سهل ث يأت الزن‪ ،‬ف البداءة إنفاق البدن وف التوسط إنفاق النفس‪ ،‬فإذا‬
‫نزل ضيف الحبة تناول القلب فأملق النفق قلق القوم بل سكون‪ ،‬انزعاجهم بل ثبات‪ ،‬خلقت‬
‫جفونم على جفاء النوم‪ ،‬فلو سعت ضجيجهم ف دياجي الليل‪.‬‬
‫ولعي ل تـذوق كـرى‬ ‫من لقلب يألف الفـكـرا‬
‫ما قضى من حبكم وطرا‬ ‫ولصب بالغرام قـضـى‬
‫أحصر القوم ف سبيل الحبة‪ ،‬فأقعدتم عن كل مطلوب "ل يستطيعون ضربا ف الرض"‪.‬‬
‫قلوب العاشقي لا وقـود‬ ‫رأيت الب نيانا تلظـى‬
‫ولكن كلما نضجت تعـود‬ ‫فلو كانت إذا احترقت تفانت‬
‫ل فنهض الجنون‪ ،‬فخبت فضل فضج‪.‬‬
‫لحت نار ليلى لي ً‬

‫‪207‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫والقلتي إل الكرى ث اهجـروا‬ ‫ردوا الفؤاد كما عهدت إل الشى‬
‫الفصل السابع والمسون‬
‫إخوان‪ ،‬قد كفت الكفات ف العب‪ ،‬ووعظ من عب من غب‪ ،‬وقد فهم الفطن المر وخب‪ ،‬وما‬
‫عند الغافل من هذا خب‪.‬‬
‫أما أتاكم للـذاهـبـي خـبـر‬ ‫يا أيهـا الـنـاس أين أولـكــم‬
‫وكلهم للـمـؤخـرين عـبـر‬ ‫اعتبوا فالـقـدمـون خـلـوا‬
‫سألت عمن تـود قـيل عـبـر‬ ‫تعب بالـصـر عـابـرا فـإذا‬
‫عسر ويسر أتاك ثـمـت مـر‬ ‫اصب على العسر ف الزمان فكم‬
‫العيش ومن جرب الزمان صب‬ ‫والصب أول بكل من صـحـب‬
‫والفعل إن خالف الميل حـذر‬ ‫يرفع شأن الكـرام فـعـلـهـم‬
‫تنطق حقا إذا الـقـال غـدر‬ ‫كادت شخوص ف الرض بالية‬
‫اليوم ف تربنا فـنـحـن مـدر‬ ‫بالمس كنا مـن النـام فـأمـا‬
‫ابك على نفسك قبل أن يبكى عليك‪ ،‬وتفكر ف سهم قد صوب إليك‪ ،‬وإذا رأيت جنازة‬
‫فاحسبها أنت‪ .‬وإذا عاينت قبا فتوهه قبك وعد باقي الياة ربا‪.‬‬
‫لتمم بن نويرة‪:‬‬
‫رفيقي لتذراف الدموع السوافك‬ ‫لقد لمن عند القبور على البكا‬
‫لقب ثوى بي اللوى فالدكـادك‬ ‫فقال أتبكي كل قـبـرٍ رأيتـه‬
‫فدعن فهذا كله قب مـالـك‬ ‫فقلت له إن الشجا يبعث الشجـا‬
‫غريب‪ ،‬يا راكبا عجز الوى وف يده جنيب‪ ،‬يا مارا على وجهه قل ل مت تنيب? أل تأخذ قبل‬
‫الفوت بعض النصيب? أل تتزود ليوم شره شر عصيب?‪،‬‬
‫أل ترج عن وادي الدب إل الربع الصيب? أحاضر أنت قل ل‪ ،‬ما أكثر ما تغيب‪ ،‬أل مريض‬
‫لبيب يقبل رأي الطبيب‪ ،‬إن الرحيل بل عدة فج‪،‬‬
‫فكيف به على بعد الفج? أحرم عن الرام وقدر أنه حج‪ ،‬واسكب دموع السى واحسبه ثج‪،‬‬
‫واستغث من الزلل ومثله العج‪،‬‬
‫وبادر‪ ،‬فقد تفوت الوقفة أهل وج‪ ،‬اقبل نصحي فمثل نصحي ل يج‪ .‬كم فهم وعظي ذو فطنة‬
‫فهج‪ ،‬يا من يقول إذا شئت تبت‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬

‫هيهـات لـيس لـيوم عـهــدكـم غـد اليوم عهدكم فأين الوعد‬


‫اا‬

‫إن خرجت اليوم ول تتب‪ ،‬خرجت من أول الفهم‪.‬‬

‫ي مرمى تزجر إل يانـقـا‬


‫إن جاوزت ندا فلست عاشقا ل ّ‬
‫وقوع الذنب على القلب كوقوع الدهن على الثوب‪ ،‬إن ل تعجل غسله وإل انبسط " وإ ْن من ُكمْ‬
‫لَيُ ْبطِئَنّ "‪.‬‬

‫فما البطاء بالضرب يدي ف قائم العضب‬


‫ما دامت نفسك عند التوبيخ تنكسر‪ ،‬وعينك وقت العتاب تدمع‪ ،‬ففي قلبك بعد حياة‪ ،‬إنا‬
‫العاصي أوجبت سكتة‪ ،‬فانشق هواك حراق التخويف وقد عطس‪ ،‬يا من قد أبعدته الذنوب عن‬
‫ديار النس‪ ،‬ابك وطر الوطن عساك ترد‪.‬‬
‫قال بعض السلف‪ :‬رأيت شابا ف سفح جبل عليه آثار القلق ودموعه تتحادر‪ ،‬فقلت‪ :‬من أين?‪ ،‬ف‬
‫قال‪ :‬آبق من موله‪ ،‬قلت‪ :‬فتعود فتعتذر? فقال‪ :‬العذر يتاج إل حجة ول حجة للمفرط‪ ،‬قلت ف‬
‫تتعلق بشفيع? قال‪ :‬كل الشفعاء يافون منه‪ ،‬قلت‪ :‬من هو? قال‪ :‬مول ربان صغيا فعصيته كبيا‬
‫‪ ،‬فوا حيائي من حسن صنعه وقبح فعلي‪ ،‬ث صاح فمات‪ ،‬فخرجت عجوز فقالت‪ :‬من أعان على‬
‫قتل البائس اليان? فقلت‪ :‬أقيم عندك أعينك عليه‪ ،‬فقالت‪ :‬خلّه ذليلً بي يدي قاتله عساه يراه‬
‫بغي معي فيحه‪.‬‬

‫إن جزت على مواطن الحباب بال عليك يا فـتـى العـراب‬


‫فاشرح سقمي وقل لم عما ب‬ ‫ذاك الضن يوت بالوصاب‬
‫أيها التائبون بألسنتهم ول يدرون ما تت نطقهم?‪ ،‬ل يكم بإقراركم " حتّى تعلَموا ما تقولونَ"‪،‬‬
‫مت صدقت توبة التائب بن بيت التعبد بصخور العزائم ول ينته ف أساسه دون الاء‪ ،‬ما ضرب‬
‫ستُ "‬
‫بسيف العزية قط إل قط‪ ،‬التوبة الصادقة تقلع آثار الذنوب‪ ،‬إذا قرئ على التائب عهد "ألَ ْ‬
‫ذكر القرار وعرف الشهود‪ ،‬فخجل من اليانة فجرت العي وأطرق الرأس‪ ،‬إن التائبي كاتبوا ا‬

‫‪209‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل بدموعهم وهم ينتظرون الواب‪.‬‬

‫وانظر دموع العاشقي تـراق يا حادي الظعان عج متوقفـا‬


‫صبوا على أل التهاجر والقلى‬ ‫وترعوا مر الفراق وذاقـوا‬
‫ل يُنّ على مَنْ يشا ُء مِنْ‬
‫يا معاشر التائبي من أقامكم وأقعدنا? " إنْ ننُ إ ّل بشرٌ مثلُ ُكمْ ولك ّن ا َ‬
‫عبادِهِ" قفوا لجل زمن ‪ ،‬ارحوا من قد عطب‪.‬‬

‫وأدمعي فهما سـيلٌ ونـيان ردّوا الطايا وإلّ ردها نفسـي‬


‫أمانة رعيها والفـظ إيـان يا سائق الظعن قلب ف رحالم‬
‫ييّل ل أن اليطان تبكي معنا‪ ،‬إن النسيم قد رقّ لزننا‪.‬‬

‫كوجدنا العيس بل رقت لبلوانا فل ومن فطر الشياء ما وجدت‬


‫ما أحسن هؤلء التوّاب‪ ،‬ما أذل وقوفهم على الباب فاعتبوا " يا أُول ا َللْبابِ "‪.‬‬

‫أرق من الشكوى وأقسى من الجر با بيننا من حرمة هـل رأيتـمـا‬


‫وأفضح من عي الحـب‬
‫ول سيّما إن أطلقت عبة تـري‬
‫لـسـرّه‬
‫وجوههم أضوأ من البدر‪ ،‬جباههم أنور من الشمس‪ ،‬نوحهم أفضل من التسبيح‪ ،‬سكوتم أبلغ‬
‫من فصيح‪ ،‬لو علمت الرض قدر خوفهم تزلزلت‪ ،‬لو سعت البال ضجيجهم تقلقلت‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫اقن فالبـوم نـشـوان‬ ‫والرب صـاد وريّان‬
‫وندامى كالنجوم سطـوا‬ ‫بالن والدهر جـذلن‬
‫وذيول الـقـوم أردان خطروا والسكر ينفضهم‬
‫كلما رأيت تقلقلهم‪ ،‬تقلقل قلب‪ ،‬وإلّ لحت اصفرارهم تبلبل لب‪ ،‬وإذا شاهدت دموعهم زاد‬
‫كرب‪ ،‬وإذا سعت حنينهم تبدد ماء عين‪.‬‬

‫لول الصبابة واليام‬ ‫ما ل وبانات اللوى‬

‫‪210‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الفصل الثامن والمسون‬
‫ما زالت النون ترمي عن أقواس حت طاحت السوم والنفس‪ ،‬وتبدلت النعم بكثرة البؤس‪،‬‬
‫واستوى ف القبور الذناب والرؤس‪ ،‬وصار الرئيس كأنه قط ل يرؤس‪.‬‬
‫ما من ورود الوت بد‬ ‫قل للمفرط يسـتـعـد‬
‫وما مضى ل يستـرد‬ ‫قد أخلق الدهر الشباب‬
‫ف لوه والمر جـد‬ ‫فإل مَ يشتغل الفـتـى‬
‫ب وآمـالـي تـمـد‬ ‫والعمر يقصر كل يوم‬
‫لقد وعظت الدنيا فأبلغت وقالت‪ ،‬ولقد أخبت برحيلها قبل أن يقال زالت‪ ،‬وما سقطت جدرانا‬
‫حت أنذرت ومالت‪ ،‬قرب الغتراب ف التراب‪ ،‬ودنا سل السيف من القراب‪ ،‬كم غنت رباب‬
‫برباب‪ ،‬ث نادت على الباب بتباب يا من زمانه الذي يضي عليه‪ :‬عليه‪ ،‬يا طويل المل وهو يرى‬
‫الوتى بعينيه‪ ،‬يا من ذنبه أوجب أن ل يلتفت إليه‪ ،‬قد مزجت لك كأس كربة ول بد وال من تل‬
‫ك الشربة‪ ،‬يا منقولً بعد النس إل دار غربة‪ ،‬يا طي تربة‪ ،‬وهو يطلب ف الدنيا رتبة‪ ،‬هذا ملس‬
‫ابن زيد فأين عتبة?‪ ،‬أتلهو برند الصبا وبأنه? ويروقك برق الوى بلمعانه‪ ،‬وتغتر بعيش ف عنفوانه‬
‫‪ ،‬فتمد يد الغفلة إل جن أغصانه‪ ،‬وتنسى أنك ف حري خطره وامتحانه‪ ،‬أما لقمة أبيك أخرجته م‬
‫ن مكانه? أما نودي عليه بالفطر ف رمضانه? أما شأنه شانه لول وكف شانه? أما يستدل على نار‬
‫العقاب بدخانه? نزل آدم عن مقام الراقبة درجة فنل فكان يبكي بقية عمره ديار الوفا‪ ،‬برد النف‬
‫س بالوى لظة أثر حرارة القلق ألف سنة‪ ،‬فاعتبوا‪ ،‬سالت من عينيه عيون‪ ،‬استحالت من الدما‬
‫ء دموع شغلته عن لذات الدنيا هوم‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫أم أهل زمانٍ بم قد فات مرتعُ‬ ‫هل بعد مفترق الظعان متمـعُ‬
‫ويمل القلب منهم فوق ما يسـعُ‬ ‫تملوا تسعُ البـيداءُ ركـبَـهُـمُ‬
‫ما شاء والنومُ مثلُ الوصل منقط ُع‬ ‫اللي ُل بعدهمُ كالجـر مـتـصـلٌ‬
‫دارا وإن طاب مصطافٌ ومرتبَعُ‬ ‫اشتاق نعمان ل أرضى بروضتـه‬
‫كان آدم كلما عاين اللئكة تنل تذكر الرتبع ف الربع فتأخذ العي أعلى ف إعانة الزين‪.‬‬
‫فبات يسح الدمع وجدا على نـجـد‬ ‫رأى بارقا من نو نـدٍ فـراعـه‬
‫كما كن ل أم ل سبيل إلـى الـرد‬ ‫هل العصر اللت مضي يعدن ل‬

‫‪211‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ما أمر البعد بعد القرب‪ ،‬ما أشد الجر بعد الوصل‪ ،‬يا مطرودا بعد التقريب أبلغ الشافعي لك‬
‫البكاء‪.‬‬
‫للمتنبئ‪:‬‬
‫إذا ل بعد ذاك النسيمَ الذي هبّـا‬ ‫وكيف التذاذي بالصائل والضحى‬
‫وعيشا كأن كنت اقطعه وثبـا‬ ‫ل كأن ل أ ُفزْ بـه‬
‫ذكرت به وص ً‬
‫كان لقوم جارية‪ ،‬فأخرجوها إل النخاس فأقامت أياما تبكي‪ ،‬ث بعثت إل ساداتا تقول‪ :‬برمة‬
‫الصحبة ردّون فقد ألفتكم‪ .‬يا هذا قف ف الدياجي وامدد يد الذلّ‪ ،‬وقل قد كانت ل خدمة‪ ،‬فعر‬
‫ض تفريط أوجب البعد‪ ،‬فبحرمة قدي الوصل ردون فقد ألفتكم‪.‬‬
‫إننا للبعد كالشيء اللـقـا‬ ‫علّلونا بـوصـالٍ نـافـعٍ‬
‫أو ذروا ف كل جس ٍم رمقا‬ ‫أو خذوا أرواحنا خالـصة‬
‫غمرات والليالـي أرقـا‬ ‫وارحوا من تنقضي أيامه‬
‫خفق البق اليمان خفقـا‬ ‫ويح قلب ما لقلب كلـمـا‬
‫يا هذا ل تبح من الباب ولو طردت‪ ،‬ول تزل عن الناب ولو أبعدت‪ ،‬وقل بلسان التملق إل‬
‫من اذهب?‬
‫فهم الول ملكوا الفؤاد هـمُ‬ ‫يا ربع إن وصلوا وإن صرموا‬
‫وعلى القلوب ببهم ختمـوا‬ ‫شغلوا بسنهـم نـواظـرنـا‬
‫ومن الشفاء لذي الوى سقـم‬ ‫أتبعتهم نظرا فـعـاد جـوى‬
‫وزفي أنفاسي لـهـا يسـم‬ ‫تحو دموعي وسم إبـلـهـم‬
‫كان السن شديد الزن‪ ،‬طويل البكاء سئل عن حاله‪ ،‬فقال‪ :‬أخاف أن يطرحن ف النار ‪ ،‬ول‬
‫يبال‪.‬‬
‫وإن كان سهلً عليكم يسيا‬ ‫يعزّ عل ّي فراقـي لـكـمُ‬
‫يا من كان له قلب فمات‪ ،‬يا من كان له وقت ففات‪ ،‬استغث ف بوادي القلق ردّوا عل ّي ليالّ‬
‫الت سلفت أحضر ف السحر فإنه وقت الذن العام‪ ،‬واستصحب رفيق البكاء فإنه مساعد صبور‪،‬‬
‫وابعث سائل الصعداء فقد أقيم لا من يتناول‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫فارتاح قلب الدنف الرض‬ ‫عبت بريكم الصبا سـحـرا‬

‫‪212‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا ريح عندي ل بك الـرض‬ ‫ما ل أراك سـقـيمة بـهـم‬
‫فإذا جروح القلب تنتـقـض‬ ‫أتبعتها نـفـسـا أشـيّعـهـا‬
‫عند الكثيب فثمّ لـي غـرض‬ ‫قف صاحب إن كنت تسعدنـي‬
‫ف كل ركب راح يعتـرض‬ ‫وانشد فؤادي عنـد كـاظـمة‬
‫عين رمت وفؤادي الغـرض‬ ‫أشكو ومن مبـتـدى ألـمـي‬
‫ل تلتقي فاصب لا فرضـوا‬ ‫فرضوا على الجفان إذ هجروا‬
‫يا جية ما عنـهـم عـوض‬ ‫كيف اصطباري بعد فرقتـهـم‬
‫الفصل التاسع والمسون‬
‫يا من سيب قلبه ف مراعي الوى‪ ،‬وألقى حبله على الغارب‪ ،‬سلم من يطول نشدانه للضلل?‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫واقفا أطلب قلبا ضـاع مـنـي‬ ‫دع ملمي بالمى أو رح ودعن‬
‫ربّ مسئول سواها ل يبـنـي‬ ‫ما سألت الدارَ أبغي رجـعـهـا‬
‫فيكِ من خان فعزمي ل ينـي‬ ‫أنا يا دار أخـو وحـشِ الـفـل‬
‫ص منك يُغنـي‬
‫عادة الدهر فشخ ُ‬ ‫ولئن غال مغـانـيك الـبـلـى‬
‫ث فهذا لك جفـنـي‬
‫أو جفا الغي ُ‬ ‫إن خََبتْ نارٌ فـهـذي كـبـدي‬
‫أكثر فساد القلب من تليط العي‪ ،‬مادام باب العي موثقا بالغض فالقلب سليم من آفة‪ ،‬فإذا فتح‬
‫الباب طار طائر وربا ل يعد‪ ،‬يا متصرفي ف إطلق البصار جاء توقيع العزل " قُلْ للمؤمنيَ‬
‫َي ُغضّوا من أبصا ِرهِم " إطلق البصر ينقش ف القلب صورة النظور والقلب كعبة "ويسعن " وما‬
‫يرضي العبود بزاحة الصنام‪.‬‬
‫يا لذة لظة أطالت ألـمـي‬ ‫عيناي أعاننا على سفك دمـي‬
‫ويلي ثبت الوى وزلت قدمي‬ ‫كم أندم حي ليس يغن ندمـي‬
‫ل قتلك‪ ،‬بادر‬
‫ل سبع فمه لقد أكلك‪ ،‬يا مشغولً بالوى مه ً‬
‫يا مطلقا طرفه لقد عقلك‪ ،‬يا مرس ً‬
‫رمقك فقد رمقك‪ ،‬بالرحة من عذلك‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ع يُحسّ بـالـزلـل‬
‫ما كلّ سا ٍ‬ ‫عثرتَ يو َم العذيب فاسـتـقـلِ‬
‫السن ول الراجو َن بالقـلِ‬ ‫ما سلمتْ قبلك القلوب عـلـى‬

‫‪213‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫حِ وآبَ الفـؤادُ بـالـخـبـلِ‬ ‫سفْ‬
‫سافر طرف يوم الظعائن بال ّ‬
‫يفتك فيها البان بـالـبـطـل‬ ‫نظرة غرّ جـنـت مـقـارعة‬
‫واستأثر الظاعنون بالـنـفـل‬ ‫حصلت منها على جراحتـهـا‬
‫إذا لحت للتائب نظرة ل تل‪ ،‬فامتدت عي الوى‪ ،‬فزلزلت أرض التقى ونض معمار اليان "‬
‫وأَْلقَى ف الرضِ رواسيَ أ ْن تيدَ ب ُكمْ " لحت نظرة لبعض التائبي‪ ،‬فصاح‪:‬‬
‫وتلك يي لو علمت غمـوس‬ ‫حلفت بدين الب ل خنت عهدكم‬
‫إذا خيم سلطان العرفة بقاع القلب‪ ،‬بث جنده ف بقاع البدن‪ ،‬فصارت السباخ رياضا لرياضة‬
‫ساكن ف القلب يعمره إذا نزل البيب ديار القلب ل يبق فيه نزالة‪.‬‬
‫وكان فؤادي خاليا قبـل حـبـكـم وكان بذكر اللق يلهـو ويـرح‬
‫فلما دعا قلـبـي هـواك أجـابـه فلست أراه عـن فـنـائك يبـرح‬
‫رميت ببعد منك إن كنـت كـاذبـا وإن كنت ف الدنيا بغـيك أفـرح‬
‫فإن شئت واصلن وإن شئت ل تصل فلست أرى قلب لغيك يصـلـح‬
‫أول منازل القوم‪ ،‬عزفت نفسي عن الدنيا‪ ،‬وأوسطها لو كشف الغطاء‪ ،‬ونايتها ما رأيت شيئا إل‬
‫ورأيت ال فيه‪.‬‬
‫إل وجدتك بي الفن والـدق‬ ‫وما تطابقت الجفان عـن سـنة‬
‫أجفانه وكلت بالسـهـد والرق‬ ‫وهل ينام حزي ٌن موجـ ٌع قـلـقٌ‬
‫فأنت والروح شيء غي مفترق‬ ‫شغلت نفسي عن الدنيا ولذتـهـا‬
‫ارحم بقية ما فيها من الرمـق‬ ‫فلم تعذبا بالـصـد يا أمـلـي‬
‫أرواح الحبي خرجت بالرياضة من أبدانا العادات‪ ،‬وهي ف حواصل طي الشوق ترفرف على‬
‫أطلل الوجد‪ ،‬وتسرح ف رياض النس عند الحبي شغل عن النة فكيف يلتفتون إل الدنيا?‪ ،‬ما‬
‫ترى عي الحبي إل الحبوب‪ ،‬فب يسمع وب يبصر‪.‬‬
‫ولسان الذكر إن ذكـرا‬ ‫أنت عي العي إن نظرت‬
‫أنت سر السر إن خطرا‬ ‫أنت سعي إن سعت به‬
‫كلها يا قاتـلـي أسـرا‬ ‫ما بقي ل فيك جـارحة‬
‫باتت قلوبم يقلقها الوجد‪ ،‬فأصبحت دموعهم يسترها الفن‪ ،‬فإذا سعوا ناطقا يهتف بذكر‬
‫البيب‪ ،‬أخذ جزر الدمع ف الد‪ ،‬من أقلقه الوف‪ ،‬كيف يسكن? من أنطقه الب‪ ،‬كيف‬

‫‪214‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يسكت?‪ ،‬من آله البعد‪ ،‬كيف يصب? سل عنهم الليل فعنده الب‪ ،‬أتدري كيف مر عليهم?‬
‫أبلغك ما جرى لم? أيعلم سال كيف بات التيم?‪ ،‬افترشوا بساط قيس‪ ،‬وباتوا بليل النابغة‪ ،‬إن نا‬
‫حوا فأشجى من متيم‪ ،‬وإن ندبوا فأفصح من خنساء‪ ،‬اجتمعت أحزاب الحزان‪ ،‬على قلب الائ‬
‫ف‪ ،‬فرمت كبداء الوف الكبد فوصل نصل القلق ففلق حبة القلب فانقلب فصاح الوجد من شا‬
‫ء اقتطع‪ ،‬فلو رأيت فعل النهاية لرحت التمزق‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ل تنب قد أصبتُ الغرضا‬ ‫أيها الرامي وما أجرى دما‬
‫حلُها أو غُمُـضـا‬
‫نظر ًة تك ِ‬ ‫اطلبوا للعي فـي أثـنـائه‬
‫طال حبس الحبي ف الدنيا عن البيب‪ ،‬فضجت ألسن الشوق فلو تيقظت ف الدجى سعت‬
‫أصوات أهل البوس‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫ومنعت النـامـا‬ ‫طال ليلـي ودامـا‬
‫منذ بانوا مقـامـا‬ ‫وجد الوجد عنـدي‬
‫ودعوا مستهـامـا‬ ‫ليتهم حي راحـوا‬
‫ل يسر بل أقامـا‬ ‫سار قلب وجسمي‬
‫إذ غذوا أين هامـا‬ ‫لست أدري فؤادي‬
‫منذ كنت غلمـا‬ ‫حبهم قرت قلبـي‬
‫يذبل وشـامـا‬ ‫حلوا ضعف قلب‬
‫وأحدوا سهـامـا‬ ‫كم رمون برشـقٍ‬
‫إن سعت حانـا‬ ‫ما لعين تبـكـي‬
‫فظننت الغمـامـا‬ ‫كلما نـاح رشـت‬
‫أين ريح الزامى‬ ‫هل نسيم لكـربـي‬
‫كان موتا زؤامـا‬ ‫هجركم يا حبيبـي‬
‫ثُم أبلى العظامـا‬ ‫أكل اللحم مـنـي‬
‫وناري ظـلمـا‬ ‫صار ليلي نـارا‬
‫لوعت والغرامـا‬ ‫إنا بـتّ أشـكـو‬

‫‪215‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ما أبال اللمـا‬ ‫فاعذروا أو فلوموا‬
‫قد خلعت اللجامـا‬ ‫إفرجوا عن طريقي‬
‫وكشفت اللثـامـا‬ ‫ورميت سـلحـي‬
‫قد فنيت سقـامـا‬ ‫أسعدون فـإنـي‬
‫الفصل الستون‬
‫إخوان‪ ،‬تفكروا ف الذين رحلوا‪ ،‬أين نزلوا‪ ،‬وتذكروا أن القوم نوقشوا وسئلوا‪ ،‬واعلموا أنكم‬
‫كما تعذلون‪ ،‬عذلوا ولقد ردوا بعد الفوات لو قبلوا‪.‬‬
‫لب العتاهية‪:‬‬
‫عن الحباب ما فعلوا‬ ‫سألت الدار تبنـي‬
‫أياما وقـد رحـلـوا‬ ‫فقالت ل أناخ القـوم‬
‫ي منازلٍ نـزلـوا‬
‫وأ ّ‬ ‫فقلت فأين أطلبهـم?‬
‫لقوا وال ما فعلـوا‬ ‫فقالت بالقبـور وقـد‬
‫فبادرهم بـه الجـل‬ ‫أناسٌ غـرّهـم أمـلٌ‬
‫ما قالوا وما عملـوا‬ ‫فنوا وبقي على اليام‬
‫قبيح الفعل والزلـل‬ ‫وأثبت ف صحائفهـم‬
‫لم ملجـأ ول حـيل‬ ‫فل يستعتـبـون ول‬
‫وما يغن وقد حصلوا‬ ‫ندامى ف قبـورهـم‬
‫أين من كانت اللسن تذي بم لتهذيبهم‪ ،‬وأصبحت فلك الختبار تري بم لتجريبهم‪ ،‬أقامت‬
‫قيامتهم منادي الرحيل لتغري بم لتغرييهم‪ ،‬فباتوا ف القبور وحدانا ل أنيس لغريبهم‪ ،‬أين أهل‬
‫الوداد الصاف ف التصاف‪ ،‬أين الفصيح الذي إن شاء أنشأ ف القول الصاف‪ ،‬أين قصورهم الت‬
‫تضمنتها مدايح الشعراء صار ذكر القوى ف القواف‪ ،‬لقد نادى الوت أهل العوال والقصور العوا‬
‫ل الطواف‪ ،‬تأهبوا لقدومي فكم غرثان طوى ف طواف‪ ،‬رحل ذو الال وما أوصى ف تفريق كدر أ‬
‫و صاف ‪ ،‬ولقي ف مره أمرا مرا ل تبلغه أوصاف‪ ،‬ذاقوا طعام المال فانتزع من أفواههم يوم الآل‬
‫‪ ،‬وعاد الوى ف الواف‪ ،‬عوى ف ديارهم ذئب السقام‪ ،‬بتكذيب العواف‪ ،‬انقطعت آمالم‪ ،‬وصا‬
‫ر كل الن ف دفع الناف‪ ،‬تزلزل ود أحبابم والتوى وبت ألتوي ف التواف‪ ،‬تال لقد نال الدود وا‬
‫لبلى‪ ،‬ما أرادا منهم وألفيا ف الفياف‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫آلت قبورهم إل الراب أول‪ ،‬فل يدري أهذا قب الول أول‪ ،‬وهم سواءٌ ف السواف‪ ،‬كم أعرضو‬
‫ح وقد رفعوا ما تلف التلف‪ ،‬كم ندموا على ضياع زمانم الذي خل ف خلف‪ ،‬كم رأ‬
‫ا عن نصي ٍ‬
‫يت عاصيهم قد أعرض عن إل عدوي والتجا ف التجاف‪ ،‬أما أخبتم بوصف النار إنا " نزّاعةٌ لل‬
‫شّوى " ف الشواف‪ ،‬فاعتب بالم فإنه يكف كف الوى وهو الواعظ الكاف‪ ،‬أين البصار الدائد‬
‫قبل إحضار الشدائد‪ ،‬أما استلبت القلئد من ترائب الولئد‪ ،‬ل بد من إزعاج هذا الراقد‪ ،‬فيقع ال‬
‫فراق بي فريق الفراقد‪ ،‬يا موثقا ف حبالة الصائد‪ ،‬وال ما كذبك الرائد‪ ،‬يا عمي البصية ول قائ‬
‫د‪ ،‬كم أضرب ف حديد بارد‪.‬‬
‫ولبن وما فينا سوى ابن ذريح‬ ‫أليلى وك ّل أصبح ابن ملـوّح‬
‫ذهبت أعماركم ف طلب الشهوة والوت قد دنا‪ ،‬فما هذه السهوة والقلوب غافلة فإلم‬
‫القسوة? والصلح معرض فختام الفوة‪ ،‬أين رب الال ابن ذو الثروة?‪ ،‬أما فرس الوت ذا‬
‫الفرس? وأخلى الصهوة‪.‬‬
‫طوب للمتيقظي إنم لقدوة‪ ،‬علموا عيب الدنيا فما أمسكوا عروة‪ ،‬وأنت ف حبها كقيس وعروة‪،‬‬
‫أيسن بعد الشيب لو وصبوة‪ ،‬أأبقى نأي الزمان طيب ناي وقهوة? قربت نوق الرحيل‪ ،‬مساء و‬
‫غدوة‪ ،‬جذبت أيدي النون كرها وعنوة‪ ،‬يا قليل التدبي ول عقول النسوة‪ ،‬إل كم عيب وعتب‪،‬‬
‫أما فيكم نوة? واعجبا لتاجر يرضى بتعب شهر ليتمتع بربه سنة‪ ،‬فكيف ل يصب أيام عمره القل‬
‫يلة ليلتذ بربها أبدا‪.‬‬
‫يا من يروح ويغدو ف طلب الرباح‪ ،‬ويك اربح نفسك‪ ،‬يا أطفال الوى طال مكثكم ف مكتب‬
‫التعليم‪ ،‬فهل فيكم من أنب? أقروا أدلة التوحيد من ألواح أشباحكم‪ ،‬وتلقفوها من أنفاس أرواح‬
‫كم‪ ،‬قبل أن يستلب الوت من أيدي اللهي ألواح الصور‪ ،‬ويحو سطور التركيب بكف البلى و‬
‫ما فهم الكتوب بعد‪ ،‬كم يلبث مصباح الياة على نكباء النكبات‪ ،‬من رأى بعي فكره معاول الن‬
‫قض‪ ،‬ف هذا النل ناح على السكان‪.‬‬
‫يا هذا مشكاة بدنك ف مهاب قواصف اللك‪ ،‬وزجاجة نفسك ف معرض النكسار‪ ،‬فاغتنم زما‬
‫ن الصفو فأيام الوصل قصار‪ ،‬كم يلبث قنديل الياة على عواصف الفات‪ ،‬أنفاس الي خطاه إل‬
‫اجله‪ ،‬درجات الفضائل كثية الراقي وف القدام ضعف وف الزمان قصر‪ ،‬فمت تنال الغاية?‪.‬‬
‫وقف قوم على راهب‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنا سائلوك أفمجيبنا أنت? قال‪ :‬سلوا ول تكثروا‪ ،‬فإن النهار لن ي‬
‫رجع‪ ،‬والعمر لن يعود‪ ،‬والطالب حثيث ف طلبه ذو اجتهاد‪ ،‬قالوا‪ :‬فأوصنا‪ ،‬قال‪ :‬تزودوا على قد‬
‫ر سفركم فإن خي الزاد ما أبلغ البغية‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إخوان‪ ،‬اليام صحائف العمار فخلدوها أحسن العمال‪ ،‬الفرص تر مر السحاب والتوان من أ‬
‫خلق الوالف‪ ،‬من استوطأ مركب العجز عثر به‪ ،‬تزوج التوان بالكسل فولد بينهما السران‪.‬‬
‫كان عمر وعائشة يسردان الصوم‪ ،‬وسرد أبو طلحة أربعي سنة‪ ،‬وصام منصور بن العتمر أربعي‬
‫سنة وقام ليلها‪ ،‬وكان عامر بن عبد ال يصلي كل يوم ألف ركعة‪ ،‬وختم أبو بكر بن عياش ف زا‬
‫وية بيته ثان عشر ألف ختمة‪ ،‬وكان لكهمش ف كل شهر تسعون ختمة‪ ،‬وكان عمي بن هان ي‬
‫سبح كل يوم مائة ألف تسبيحة‪:‬‬
‫واستطابوا القيظ من برد الظلل‬ ‫صافحوا النجم على بعد النـال‬
‫إنا الخطار أثان العـالـي‬ ‫واستذلوا الوعر من أخطـارهـا‬
‫صحت الجسام يوما بالـزال‬ ‫كبوا الضـرر إلـيهـا ربـمـا‬
‫بالعوال السمر والقب العوال‬ ‫جروا يوما إلـى غـاياتـهـا‬
‫وكان السود بن يزيد يصوم حت يضر ويصفر‪ ،‬وكان ابن أدهم كأنه سفود من العبادة‪ ،‬وكانت‬
‫رابعة كأنا شن بال‪ ،‬ومات حسان بن أب سنان فكان على الغتسل كاليط‪ ،‬وكان ممد بن‬
‫النضر لو كشط جيع لمه ل يبلغ رطلً‪:‬‬
‫وإن ترك الطايا كالزاد‬ ‫جزى ال السي إليه خيا‬
‫أكب دليا على الب نول السم واصفرار اللون‪.‬‬
‫للحارثي‪:‬‬
‫مردة تضحي لديك وتـضـرّ‬ ‫سلبت عظامي كلها فتركـتـهـا‬
‫أنابيب ف أجوافها الريح تصفـر‬ ‫وأخليتها من مهـا فـكـأنـهـا‬
‫مفاصلها من خوف ما تنتـظـر‬ ‫إذا سعت باسم البيب تقعقعـت‬
‫ضن جسدي لكننـي أتـسـتـر‬ ‫خذي بيدي ث ارفعي الثوب تنظري‬
‫ولكنها روحٌ تذوب فتـقـطـر‪.‬‬ ‫وليس الذي يري من العي ماؤها‬
‫قال النيد‪ :‬دخلت على سري السقطي فمد جلدة ذراعه وقد يبست على العظم‪ ،‬فما امتدت‪،‬‬
‫فقال‪ :‬وال لو شئت أن أقول هذا من مبته لقلت‪:‬‬
‫على فيك ول تـرك‬ ‫وهواك ما أبقى هواك‬
‫يزري علي ول يرك‬ ‫أيلومن فـيك الـذي‬
‫هذا عبيدك قد هلك‪.‬‬ ‫رفقا بعبـدك سـيدي‬

‫‪218‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الفصل الادي والستون‬
‫يا من أيامه تعظه‪ ،‬حي تبنيه وتنقضه‪ ،‬يا من صحته ترضه‪ ،‬وسلمته ترضه‪ ،‬يقرض عمره فيفن‬
‫ومن يقرضه‪:‬‬
‫بوعظ شفى البابـنـا بـلـبـابـه‬ ‫أرى الدهر أغن خطبه عن خطابه‬
‫إليها وتعمى عن وشيك انقـلبـه‬ ‫له قلب تدى القـلـوب صـواديا‬
‫سطا فأغاب الليث عن أنس غابـه‬ ‫هو اللـيث إل أنـه وهـو خـادر‬
‫لصاب إليه من مـرارة صـابـه‬ ‫وهيهات ل تسلم حـلوة شـهـده‬
‫عواقبه مـتـومة بـعـقـابـه‬ ‫مبـيد مـبـاديه تـغـر وإنـمـا‬
‫وسارت ملوك الرض تت ركابه‬ ‫أل تر من ساس المـالـك قـادرا‬
‫ودانت له الدنيا وكـادت تـحـلـه على شهبها لول خود شـهـابـه‬
‫غداة غدا عن كسبه باكتـسـابـه‬ ‫لقد أسلمته حصنـه وحـصـونـه‬
‫ول ذهب أغناه عـنـد ذهـابـه‬ ‫فل فضة أنته عند انفـضـاضـه‬
‫وأفـرده أتـرابـه بـتـرابــه‬ ‫سل شخصـه وراثـه بـتـراثـه‬
‫كم دارس عليك إن الرابع دارس‪ ،‬كم واعظ ناطق وآخر هامس‪ ،‬كم غمست حبيبا ف الثرى‬
‫كف رامس‪ ،‬كم طمس وجها صبيحا من البلى طامس‪ ،‬تال ما نا بطبه بقراط ول أرسطا طالس‪،‬‬
‫صاح الوت بالقوم فنكس الفارس‪ ،‬أين الفطن اللبيب أين اليقظ القائس? أتشتري أخس‬
‫السائس يا نفس النفائس? أتؤثر لذة لظة تن حرب البسوس وداحس? يا مقترين من التقى‪ ،‬ا‬
‫شتروا نفوسكم عن الذنوب تشتروا لا السنادس‪ ،‬أخوان‪ ،‬لو ذكرت أنكم تبادون ما كنتم بالعاص‬
‫ي تبادون‪ ،‬لقد صوت فيكم الادون وما كأنكم للخي ترادون‪ ،‬واعجبا تصادون الواعظ ول تص‬
‫ادون‪ ،‬إل مت تراوحون الذنوب وتغادون? يا مقيمي وهم حقا غادون‪ ،‬أتعادون من يقول إنكم ت‬
‫عادون? كأنكم بكم تقادون إل مقام فيه تقادون‪ ،‬أما سعتم كيف نادى النادون? كل شيء دون‬
‫الن دون‪:‬‬
‫وانض فقد طال بك القعود‬ ‫يا نائم الليل تنبه لـلـتـقـى‬
‫يغسل عن أجفانه الـرقـود‬ ‫بي يديك حادث لـمـثـلـه‬
‫ومن ذوي النطق أتى الحود‬ ‫ما جحد الصامت من نـشـأه‬

‫‪219‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الدهر خطيب كاف‪ ،‬والفكر طبيب شاف‪ ،‬كم قطع زرع قبل التمام فما ظن الستحصد‪ ،‬من‬
‫عرف الستي أنكر نفسه‪ ،‬من بلغ السبعي اختلفت إليه رسل النية‪ ،‬عواري الزمان ف ضمان الر‬
‫تاع‪ ،‬يوسف العقل ينظر ف العواقب‪ ،‬وزليخا الوى تتلمح العاجل‪ ،‬يا مقدمي على الرام أنتم بع‬
‫ي من حرم‪ ،‬ينبغي لن أُلبس ثوب العافية أن ل يدنسه بوسخ الزلل‪ ،‬زرع النعم مفتقر إل دوران‬
‫دولب الشكر‪ ،‬فإذا فتح القلب سكر العتراف بالعجز صار السقي سبحا‪.‬‬
‫هذا اليوم يقول‪ :‬ارضن وعلى رضا أمس‪ ،‬السكون بالبلدة أصعب من التحريك بالوى‪ ،‬إذا‬
‫رآك عقلك‪ ،‬وقد تول حسّك تدبيك تول‪ ،‬ويك ل تأمن حسك على عقلك فإنه عكس الكمة‬
‫‪ ،‬العقل نور والس ظلمة‪ ،‬الس أعشى والعقل عي الدهد‪ ،‬الس طفل والعقل بالغ‪ ،‬العقل يدخ‬
‫ل ف الضائق والس أبله‪ ،‬الس ل يرى إل الاضر والعقل يتلمح الخر‪ ،‬الصب عن الغراض‬
‫صب غي أن الازم يعل مراقبة العواقب تقوية‪ ،‬ما خل قط وجه سرور من تعبس مكروه‪ ،‬ول سل‬
‫مت كأس لذة‪ ،‬من شائبة نغصة‪ :‬للمتنب‪:‬‬
‫ع من كِفةِ الـابـل‬
‫وأخد ُ‬ ‫فذي الدار أخو ُن من مومس‬
‫وما يصلون على طـائل‬ ‫تفان الرجال على حبّـهـا‬
‫كل صاف من الدنيا‪ ،‬مقرون بكدر‪ ،‬حت أنه ف الغيث عيث‪ ،‬أتريد أن ل ينعكس لك غرض? فما‬
‫هذا موضعه‪ ،‬البات ذاهبات‪ ،‬والليل مناهبات‪ ،‬الدنيا قنطرة واستيطان القناطي بله‪.‬‬
‫ووطن ف غيه يقضي الوطر‬ ‫هل ند إل منـزل مـفـارق‬
‫الم فيها أكثر من الفرح‪ ،‬والسرور أقل من الزن "وأ ّن الدار الخرة لي الَيَوان" يا متهدا ف‬
‫طلب الدنيا‪ ،‬اجعل عشر اجتهادك للخرى‪ ،‬جهزت البنات وتزوجت البني‪ ،‬فأنت باذا تهزت‬
‫للرحيل? يا متقاعدا عن أوامر الرب‪ ،‬احذر أن يقعدك عن نضاتك تزمن‪ ،‬واعجبا إن حركت إل‬
‫الطاعة‪ ،‬فزحل وإن لح لك الوى فعطارد عينك قد استرقها النظور‪ ،‬ولسانك يتصرف فيه اللغو‬
‫‪ ،‬ويدك‪ .‬يركها الزلل‪ ،‬وخطا أقدامك إل الطأ‪ ،‬ث قد أسكنت الوى قلبك‪ ،‬فأين يكون اللك?‬
‫وهل ترك لنا عقيل من منل‪.‬‬
‫ويك إن النسان يشد ف إصبعه خيطا يتذكر به حاجته‪ ،‬وهل ف جسدك عرق أو شعرة إل وهي‬
‫تذكر بالالق‪ ،‬فما وجه هذا النسيان البارد‪ ،‬يا من باعنا نفسه ث ماطل بالتسليم‪ ،‬ل أنت من يفس‬
‫خ العقد ول من يضي البيع‪ ،‬تدعي الرحلة إل دار البيب‪ ،‬ودهليز سرادقك إل بلد الوى‪ ،‬هيها‬
‫ت ل يدرك علم الربانية إل من رب فيه‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬

‫‪220‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سكَ الذاهـبُ‬
‫وإنا هم أم ُ‬ ‫يا قلب ما أنت وأهلَ المى‬
‫س ُم والغاربُ‬
‫أن يُقرح الن ِ‬ ‫دون ن ٍد وظباءِ الـمـى‬
‫ل بد ف سلوك الطريق من مصابرة رفيق‪ ،‬البلء له خلق صعب فاصب على مداراته‪ ،‬البليا‬
‫ضيوف فأحسن قراها لترحل عنك إل بلد الزاء مادحة ل قادحة‪ ،‬من حك بأظفار شكواه جلد‬
‫عيشه أدمى دينه‪ ،‬البلء ظلمة غبش ويا سرعة طلوع الفجر‪ ،‬اللهم أعن أطفال التوبة على ما ابتل‬
‫سبَ النا‬
‫وا به من جوع شديد‪ ،‬فإذا أعد قرص الفطار نزل ضيف "ويُؤثرون" فزاحم‪ ،‬فأراح "أحَ ِ‬
‫س أن يُتركوا"‪.‬‬
‫صين سامعا مطيعـا‬ ‫إن هواك الذي بقلـبـي‬
‫سلبتن النوم والجوعـا‬ ‫أخذت قلب وغمض عين‬
‫فقال ل بل ها جيعـا‬ ‫فذر فؤادي وخذ رقـادي‬
‫فإذا تكنت قدم الريد وطاب له ارتضاع ثدي الوصال قطع عنه ف أهنأ ما كان يراد منه زيادة‬
‫القلق‪ ،‬ف الديث يوحي ال تعال إل جبيل عليه السلم اسلب عبدي حلوة مناجات فإن تضرع‬
‫ل فردها‪ ،‬فلو سعت استغاثة الحبي‪ ،‬لورثتك القلق‪:‬‬
‫إّ‬
‫من عادته القـرب‬ ‫على بعدك ل يصب‬
‫من تيمـه الـحـب‬ ‫ول يقوى على حجبك‬
‫فقد يشهدك القلـب‬ ‫فمهلً أيها الساقـي‬
‫فقد يشهدك القلـب‬ ‫فإن ل تترك العـي‬
‫الفصل الثان والستون‬
‫يا من قد غلبته نفسه وبطش بعقله حسه‪ ،‬استدرك صبابة اليقظة وصح ف سع قلبك بوعظة‪.‬‬
‫واعصى الوى فالوى ما زال فتانا‬ ‫يا نفس توب فإن الوت قد حـانـا‬
‫أما ترينا النايا كيف تـلـقـطـنـا لقطا وتلحـق أخـرانـا بـأولنـا‬
‫ف كل يوم لنـا مـيت نـشـيعـه نرى بصرعـه آثـار مـوتـانـا‬
‫خلفي وأخرج من دنياي عـريانـا‬ ‫يا نفس مال وللموال أتـركـهـا‬
‫أبعد خسي قد قضيتـهـا لـعـبـا قد آن أن تقصري قـد آن قـد آنـا‬
‫ننسى بغفلتنا من لـيس ينـسـانـا‬ ‫ما بالنا نتعامى عـن مـصـائرنـا‬
‫كان زاجرنا بالـرص أغـرانـا‬ ‫نزداد حرصا وهذا الدهر يزجـرنـا‬

‫‪221‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كانت تر لـه الذقـان إذعـانـا‬ ‫أين اللوك وأبناء الـلـوك ومـن‬
‫مستبدلي من الوطـان أوطـانـا‬ ‫صاحت بم حادثات الدهر فانقلبـوا‬
‫واستفرشوا حفرا غبا وقيعـانـا‬ ‫خلوا مدائن كان العز مفـرشـهـا‬
‫ورافلً ف ثياب الغي نـشـوانـا‬ ‫يا راكضا ف ميادين الوى مرحـا‬
‫يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا‬ ‫مضى الزمان وول العمر ف لعب‬
‫أين الزاد يا مسافر? أين درع التقوى يا سافر? لقد أنشب الوت فيك الظافر ول تشكن أنه‬
‫ظافر‪ ،‬هذه النبل فأين الغافر‪ ،‬كيف تصنع إن غضب الغافر? يا مبارزا بالقبيح أمؤمن أنت أم‬
‫كافر? إن قمت سدلت من ثياب كبك وإن أقمت سدرت من شراب خرك‪ ،‬اصطفقت أبواب ال‬
‫واعظ‪ .‬وما استفقت‪ ،‬تقف ف الصلة بغي خضوع وتقرأ للتخويف وما ث خشوع‪ ،‬يا نائما عن‬
‫صلحه كم هذا الجوع? يا دائم الضور عندنا هل عمرك إل أسبوع? إن لنجم الياة لفول‪ ،‬و‬
‫لشمس المات لطلوع‪ ،‬أين أبوك أين جدك? السيف قطوع‪ ،‬كيف تبقى مع كسر الصول ضعا‬
‫ف الفروع? تعلق الدنيا بقلبك وتعتذر بلفظ مصنوع‪ ،‬إصرارك كالصحيحي وإقلعك حديث مو‬
‫ضوع‪ ،‬مزق أملك‪ .‬فالعمر قصي‪ ،‬حقق عملك فالناقد بصي‪ ،‬زد زاد سفرك فالطريق بعيد‪ ،‬ردد ن‬
‫ظر فكرك فالساب شديد‪ ،‬صح بالقلب لعله يرعوي‪ ،‬سلمه إل الرائض عساه يستوي‪ ،‬يا مؤثر ا‬
‫لبطالة عال الوى دنس‪ ،‬عاشق الوى جامد الفكر فلو ذاب ما ذاب‪.‬‬
‫وبكاؤهن لغي وصلك باطـل‬ ‫سهر العيون لغي وجهك ضائع‬
‫يا هذا وجه ناقتك إل بادية الزيارة‪ ،‬فإن لا بنسيم ند معرفة‪ ،‬قفها على الادة وقد هب لا نسيم‬
‫الشيح من الجاز‪ ،‬إن أعوزك ف الطريق ماء فتمم مزادتك بالبكاء‪.‬‬
‫لعلي بن أفلح‪:‬‬
‫من الني ناشطا عقـالـهـا‬ ‫دعها لك الي وما بدا لـهـا‬
‫فهو أهاج بالوى بلبـالـهـا‬ ‫ول تعللـهـا بـجـو بـابـل‬
‫فإنا ذكراه قـد أمـالـهـا‬ ‫ول تعقها عن عـقـيق رامة‬
‫فرد أضاها واستظل ضالـا‬ ‫نشدتك ال إذا جئت الـربـى‬
‫أطفى لا ريب الردى أطفالا‬ ‫وناوح الورق بشجـو ثـاكـل‬
‫بدأ بآدم ف طريق ابتلئه ثلثائة سنة‪ ،‬وعام نوح ف دمعه ثلثائة عام‪ ،‬وضج داود من دائه حت‬
‫ذوى‪ ،‬كان كلما هاج حر الزن هاج نبت الفرج‪ ،‬فحالت الال دمعا فأجدب البصر وأعشب‬

‫‪222‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الوادي فلو وزنت دموعه بدموع اللئق لرجحت‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫مطيّ قومك يوم الزع ما نزحا‬ ‫عندي من الدمع ما لو كان وارده‬
‫ينحو مع البارق العُلوي أين نا‬ ‫غا َدرْنَ أسوا َن مطورا بعبتـه‬
‫فيهم شعاعا أو القلب الذي َقرِحا‬ ‫هل تبلغنهم النفس الت تلـفـت‬
‫فواجبٌ أن يهون الدمع إن سُفحا‬ ‫ح دمي بالبي عندهُـمُ‬
‫إن هان سف ُ‬
‫كان يي بن زكريا يبكي حت رق جلدة خده وبدت أضراسه‪ ،‬هذا وقد كان على الادة فكيف‬
‫بن ضل? واعجبا من بكائه وما ث مأت‪ ،‬فكيف بن ما انقضى يوم إل ومأت ما ت? يا هذا إن كان‬
‫قد أصابك داء داود‪ ،‬فنح نوح نوح تي حياة يي‪.‬‬
‫لك يا لديغ هـواهـم درياق‬ ‫ل تبسن ما العـيون فـإنـه‬
‫ل يرتى لسيها إطـلق‬ ‫شنوا الغارة ف القلوب بأسهم‬
‫السرار حت درت المـاق‬ ‫واستعذبوا ماء الفون فعذبـوا‬
‫كان عمر بن عبد العزيز وفتح الوصلي يبكيان الدم‪ ،‬وقليل ف جنب ما نطق به لسان الوعيد إذا‬
‫خل الفكر باليقي‪ ،‬ثارت عجاجة الدمع‪ ،‬فإذا أقرح الزن القلب استحالت الدموع دما‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫أيعلم خالٍ كيف بات الـمـتـيمُ‬ ‫ب متـهـمُ‬
‫أجارتنا بالغور والرك ُ‬
‫قلوبا أبت أن تعرف الصب عنه ُم‬ ‫بنا أنتمُ من ظاعني وخـلّـفـوا‬
‫ول يبق إل نظـرةٌ تـتـغـنـمُ‬ ‫ولا انلى التوديع عما حذرتـه‬
‫وكيف ي ّل الرءُ أكـثـره دم?‬ ‫بكيتُ على الوادي فحرمتُ ماءه‬
‫واعجبا أطار حكم حديث العذيب وأنتم من وراء النهر‪ ،‬يا منقطعي عن الحباب تعالوا نشي‬
‫رفقة‪ ،‬فمجمعنا مأت السى‪ ،‬موعدنا مقابر السف‪.‬‬
‫البي تعـالـينـا‬ ‫تعالي نعال زفرة‬
‫وتودع نظرة عينا‬ ‫نزود إذنا شكـوى‬
‫عسانا نعطف البينا‬ ‫ونبكي من يد البـي‬
‫لاجا ما تباكـينـا‬ ‫فما زاد النـوى إل‬
‫يا سائقـهـا الينـا‬ ‫إل أين أما تعـلـم‬

‫‪223‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وسطا بي ما بينـا‬ ‫إذا عرست بالرعاء‬
‫وعي الرمل حيينـا‬ ‫فحي اللـه يبـرين‬
‫الفصل الثالث والستون‬
‫يا هذا‪ ،‬عاتب نفسك على تفريطها ث حاسبها على تليطها‪ ،‬حدثها با بي يدها وأخبها‪ ،‬أشر‬
‫عليها بصلحتها ودبرها‪.‬‬
‫لنجاة فالازم الـسـتـعـد‬ ‫استمدي للموت يا نفس واسعي‬
‫خلود ول مـن الـمـوت بـد‬ ‫قد تبينت أنه لـيس لـلـحـي‬
‫لمرئ حظه من الرض لد‬ ‫أي ملك ف الرض أو أي حظ‬
‫عليه النفاس فـيهـا تـعـد‬ ‫كيف يهوى امـرؤ لـذاذة أيام‬
‫آه لنفوس بغرور هذه الدنيا يدعن‪ ،‬فإذا فاتن شيء من فان توجعن‪ ،‬شربن من مياه الغفلة‬
‫وترعن‪ ،‬فلما بانت حبة الفخ أسرعن‪ ،‬فما انلت ساعة التفريط حت وقعن‪ ،‬أما علمن أنن‬
‫يصدن ما يزرعن‪ ،‬أما تيقن أنن ف هلكهن يشرعن‪ ،‬يا قلة ما تنعمن‪ ،‬ويا احتقار ما تتعن‪ ،‬أما ه‬
‫ن عن قليل ف اللحد يضجعن‪ ،‬أين تلك القدام الشيعة لن? تصدعن‪ ،‬بئس حافظ الجساد ترا‬
‫ب يقول دعهن لا أودعهن‪ ،‬طال ما كن يوترن الذنوب ويشفعن‪ ،‬فلو رأيتهن بعد الوت يتضرعن‬
‫"رب ارجعون" ل وال ل يرجعن‪ ،‬يا عجبا هذه الفات لن ويهجعن‪ ،‬وهذا البس الشديد ويرتع‬
‫ن‪ ،‬يا لا من مواعظ فهل أثرن أو نعن‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬اخل بنفسك ف بيت الفكر‪ ،‬واعذلا ف الوى فإن ل تلن فاخرج با على عسكر القابر‪ ،‬ف‬
‫إن ل ترعوي فاضربا بسوط الوع‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬العزلة‪ .‬تمع المم‪ ،‬والخالطة نابة‪ ،‬الوى مرضع كثي التخليط‪ ،‬فهذا طفل قلبك كثي ال‬
‫رض‪ ،‬عجل فطامه وقد صح‪ ،‬العزلة والقناعة والصب والعفة والتواضع عقاقي كيمياء النجاة يبلغ‬
‫ن بستعملهن مرتبة الغن‪ ،‬والرص والشره والغضب والعجب والكب كلهم ماني ف مارستان ال‬
‫عقل وهو القيم عليهم‪ ،‬فليتحذر الغفلة عنهم فإنه إن أفلت منون حل الباقي‪.‬‬
‫يا هذا حصن السلمة العزلة‪ ،‬أقل ما ف الروج منه من الذى‪ ،‬مصادمة الواء الختلف الهاب ف‬
‫بادية الشهوات‪ ،‬وقد عقبته جنوب الجانبة للصواب‪ ،‬فصار وباء‪ ،‬وإياك أن تتعرض لواء الوب مغ‬
‫ترا بصحة مزاجك‪ ،‬فإنك إن سلمت من فضول الفت من التلف ل تأمن زكمة‪ ،‬ومت تكنت زكم‬
‫ة المة ل تشم الفضائل‪.‬‬
‫عمر ول وقد توال القبـح‬ ‫يا قلب الم ل يفيد النـصـح‬

‫‪224‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ما تشعر بالمار حت تصحو‬ ‫جرح دام وقد تبـدى جـرح‬
‫لا انقشع غيم الغفلة عن عيون أهل اليقي‪ ،‬لح لم هلل الدى ف صحراء اليقظة‪ ،‬فبيتوا نية‬
‫الصوم عن الوى على عزم‪ :‬عزفت نفسي عن الدنيا‪ ،‬دخل ممد بن كعب القرظي على عمر بن‬
‫عبد العزيز وقد غيه الزهد فأنكره‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن كعب فكيف لو رأيتن بعد ثلثة أيام ف قبي?‬
‫الحزان غي خيالت وأشـبـاح‬ ‫ل تبق فيهم حرارات الوى وجوى‬
‫لول تـردد أنـفــاس وأرواح‬ ‫تكاد تنكرهم عي البـي بـهـم‬
‫كان وهيب بن الورد قد نل من التعبد‪ ،‬فكانت خضرة البقل تبي تت جلدة بطنه‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫بَلى وحسب بكم لقد بـلـى‬ ‫زعمتِ ل يُبلي هواك جسدي‬
‫ما طل دمع مقلت ف َطلَ ِل‬ ‫دارُك تدري أنه لول الوى‬
‫أخوان من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫ض أطنابـا‬
‫تسبه بع َ‬ ‫وكم ناحل بي تلك اليام‬
‫أنضى القوم رواحل البدان ف سفر الشوق حبا لتعجيل اللقاء‪ ،‬فكم طووا منلً على الظماء حت‬
‫كل كل الطي بتلك العجعة‪ ،‬ورفيق الرفق يصيح بم‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫وارخوا أزمتها والنـسـوعـا‬ ‫دعوها ت ِردْ بعد خسٍ شروعـا‬
‫ول امت ّد دهـرُك إل ربـيعـا‬ ‫وقولوا دعاءً لا‪ :‬ل عُـقـرتِ‬
‫فكلّ غدا لخـيه رضـيعـا‬ ‫حلن نشاوى بكأس الـغـرام‬
‫وإن أخصبوا كان خِصبا جيعا‬ ‫إذا أجدبوا خصّهم جـد بـهـم‬
‫فطابوا أصولً وطابوا فروعا‬ ‫طِوال السواعد شـمّ النـوف‬
‫صيحة البي ماتوا جـيعـا‬ ‫أحبّوا فرادى ولكنهم عـلـى‬
‫ولفوا على الزفرات الضلوعا‬ ‫حوا راحة النوم أجفانَـهـم‬
‫فقد دفع الليل ضيفا قنـوعـا‬ ‫أسكّان رامة هل مـن قِـرىً‬
‫له نظرا أو حديثـا وسـيعـا‬ ‫كفاه من الزاد أن تـمـهـدوا‬

‫‪225‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل من الاء فقال‪ :‬حت تغرب الشمس‪.‬‬
‫قيل لب بكر النهشلي وهو ف الوت اشرب قلي ً‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫شوقٌ يعوق الدمع ف الحاجر‬ ‫نفّرها عن وِردها بـحـاجـر‬
‫ذلّ الغرام وحنـي الـذاكـر‬ ‫وردّها على الطوى سواغـبـا‬
‫واشوقاه إل تلك الشباح‪ ،‬سلم ال على تلك الرواح‪.‬‬
‫من إذا شارفتها التسلـيمـا‬ ‫ها إنا مـنـازل تـعـودت‬
‫ورحت من وجد با سليمـا‬ ‫وقفت فيها سالا راد الضحى‬
‫ردي على ذلك النـسـيمـا‬ ‫يا نفحة الشمال من تلقـائهـا‬
‫يا هذا إن أردت لاق السادة فخل مالفة الوسادة‪ ،‬واجعل جلدتك بردتك‪ ،‬وحد عن اللق‬
‫والزم وحدتك‪ ،‬اكحل عينيك بالسهر والدمع وضع على قروح الوع مرهم الصب‪ ،‬وتزود للس‬
‫ي زاد العزم‪ ،‬واقطع طريق الدنيا بقدم الزهد‪ ،‬واخرج إل خصب الخرى عن ضنك الدنيا‪،‬‬
‫وسح ف بوادي التقى لتنل بوادي الفخر‪ ،‬فإن وصلت إل دوائك تناولته من يد "يُحبّهم ويُحبونه‬
‫" وإن مت بدائك فمقابر الشهداء "ف َم ْقعَدِ صدق"‪.‬‬
‫?الفصل الرابع والستون‬
‫يا مشغولً بتلفيق ماله عن تقيق أعماله‪ ،‬من خطر ذكر الرحيل بباله قنع بالبلغ ول يباله‪.‬‬
‫أو للذي حازه وراثه‬ ‫مالك للحادثات نـب‬
‫فل تكن أعجز الثلثه‬ ‫أولك أن تتخذه ذخـرا‬
‫ل بد وال من العبور إل منل القبور‪ ،‬يسفي عليك الصبا والدبور وأنت تت الرض تبور‪ ،‬آه‬
‫من طول الثبور‪ ،‬بعد طيب البور‪ ،‬يا لكسر بعيد البور‪ ،‬ل ينفع فيه صب الصبور‪ ،‬يندم على عثر‬
‫ته العثور‪ ،‬ويفترش الدثور حت يثور‪ ،‬أين كسرى وبرام جور‪ ،‬أين التقلبون حجور الفجور? أين‬
‫الليم أين الضجور? أين الهر العرب‪ ،‬والناقة العيسجور‪ ،‬أين الظباء الكنس والتراب الور‪ ،‬كن‬
‫يزين در البحور بالنحور‪ ،‬غرق الكل ف ي من التلف زخور‪ ،‬واستوى الوضيع والفخور‪ ،‬تت ال‬
‫صخور‪ ،‬ل فرق بي ذات الياء وذوات الدور ف ذلك الهبط الدور‪ ،‬لقد بان للكل أن الدنيا‬
‫غرور‪ ،‬وعرفوا ف الصي‪ .‬شرور السرور‪ ،‬وتيقنوا أن تزوير المل للخلد زور وتفصلت أعضاؤهم‬
‫ول تفصيل لم الزور‪ ،‬ودكت بم الرض ول كما دك الطور‪ ،‬وبانت حسباناتم وفيها قصور و‬
‫تأسفوا على مساكنة القصور ف مساكن القصور‪ ،‬وهذا الصي ولو عمرت عمر النسور‪ ،‬والرامي‬
‫مصيب وما يدفع السور‪ ،‬فإذا انقضت بعده تلك العصور ونفخ ف الصور‪ ،‬وخرجت أطيار الروا‬

‫‪226‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ح من أعجب الوكور‪ ،‬وباتت الرض توج والسماء تور‪ ،‬ولقي الكفور نارا تلتهب وتفور‪ ،‬انزع‬
‫ج الليل والكليم‪ .‬فمن بشر وطيفور‪.‬‬
‫توسع منه تضـيق الـصـدور‬ ‫كم للـمـنـايا فـي بـنـي آدم‬
‫إل الردى الحض بوشك الرور‬ ‫فالوقت ل تـحـدث سـاعـاتـه‬
‫وكلنا فيهـا شـبـيه الـجـزور‬ ‫أيامـنـا الـسـبـعة أيسـارنـا‬
‫قلبك إل عـادم لـلـطـهـور‬ ‫طهرت ثـوبـا واهـيا ثـم مـا‬
‫ل اقتنعوا منها اقتناع الـطـيور‬ ‫لو فطـن الـنـاس لـدنـياهـم‬
‫ويك إن الدنيا تغر ول بد لك منها‪ ،‬فخذ قدر الاجة على حذر‪ ،‬أما ترى الطائر كيف يتلس‬
‫قوته? هذا العصفور يألف الناس فل يسكن دارا ل أهل با وهو مع هذا النس شديد الذر من‬
‫جاور‪ ،‬هذا الطاف يقطع البحر لطلب النس بالنس ث يتخذ وكره ف أحصن مكان من البيت‪،‬‬
‫ول يمله النس بم على ترك الذر منهم‪ ،‬بل يعطي النس حقه والزم حقه‪.‬‬
‫أما عرفت أدب الشرع ف تناول الطعم‪ ،‬ثلث طعام وثلث شراب وثلث نفس‪ ،‬شره الرص يغب‬
‫بل غم البلدة‪ ،‬ول يسهل شرب السهل إل على من تأذى بركات الخلط‪ ،‬ل يقدر على‬
‫المية إل من تلمح العافية ف العاقبة‪ ،‬شغل العقل النظر ف العواقب‪ ،‬فأما الوى فإيثار لذة قليلة ت‬
‫عقب ندامة طويلة‪ ،‬فملبس ف قضاياه‪ ،‬الؤمن بي حرب ومراب وكلها مفتقر إل جع الم‪ ،‬وير‬
‫يد الحراب القيام بأشراط الوضوء والدنيا ف مقام امرأة واللمس ناقض طريق التيقن تفتقر إل رو‬
‫احل‪ ،‬وابل عزائمكم كلها كال‪ ،‬إنا يصلح للملك قلب فارغ من سواه‪.‬‬
‫يفارقه ركب وينله ركب‬ ‫وقلبك خان كل يوم ولـيلة‬
‫ف كل يوم ترهن قلبك على ثن شهوة فيستعمله الرتن فدق أخلق‪ ،‬أنت توقد نار التوبة ف‬
‫الجلس‪ ،‬ف اللفاء‪ ،‬فإذا أردت منها قبسا بعد خروجك ل تد‪ ،‬تبكي ساعة الضور على اليانة‬
‫والسروق ف جيبك‪ ،‬يا مظهرا من الي ما ليس له ل تبع ما ليس عندك‪ ،‬كم ناك عن نظرة وتعل‬
‫م أنه بالضرة‪ ،‬أفل تراقب الناظر برد الناظر‪ ،‬وكأنك ما تعرف أن الاضر حاضر‪ ،‬واعجبا لك‪،‬‬
‫تعد التسبيحة بسبحة‪ ،‬فهل جعلت لعد العاصي أخرى‪ ،‬يا من يتار الظلم على الضوء‪ ،‬الذباب أ‬
‫على هة منك‪ ،‬مت أظلم البيت خرج الذباب إل الضوء‪ ،‬أما ترى الطفل ف القماط? يناغي الصب‬
‫اح‪ ،‬ويك‪ ،‬خذ بتلبيب نفسك‪ ،‬قبل أن يذبا ملك الوت‪ ،‬وقل أيتها النفس المقاء‪ ،‬إن كان م‬
‫مد صادقا فالسجد وإل فالدير‪.‬‬
‫هذا نقض العهد‪ ،‬وهـذا واف‬ ‫الناس من الوى على أصنـاف‬

‫‪227‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل يصلح للحضرة قلب جـاف‬ ‫هيهات من الكدور تبغي الصاف‬
‫يا هذا‪ ،‬أكب دليل عليك علينا‪ ،‬إنك كنت مبددا ف ظهور الصول فنظمت بالقدرة نظما عجيبا‬
‫خاليا عن العبث‪ ،‬فما تنقض إ ّل لمر هو أعجب منه‪ ،‬مدت أطناب العروق‪ ،‬وحفرت خنادق‬
‫العصاب‪ ،‬وضربت أوتاد الفاصل‪ ،‬وأقيم عمد الصلب‪ ،‬ث مد السرادق‪ ،‬فنصب سرير القلب ف‬
‫الباطن للملك ويسعن قلب عبدي الؤمن‬
‫عن الي بعد البي أين أقامـوا‬ ‫إذا ل يد صب على النأي مبا‬
‫به لسليمى بالـعـقـيق خـيام‬ ‫فعند النسيم الرطب أخبار منـزل‬
‫يا هذا‪ ،‬إن كنت مباُ فحبيبك معك ف كل حال‪ ،‬حت عند الوت‪ ،‬وف بطن اللحد‪.‬‬
‫للغزي‪:‬‬
‫ودار قوم بأكناف المى بـانـوا‬ ‫يا حبذا العرعر النجدي والـبـان‬
‫سم الياط مع الحبـاب مـيدان‬ ‫وأطيب الرض ما للقلب فيه هوى‬
‫إذا أقفر قلبك من ساكن ويسعن فتحت النفس بابا لعناكب الغفلة‪ ،‬فنسجت ف زواياه من لعاب‬
‫المل‪ ،‬طاقات الن‪ ،‬اللهم أجر القلوب من جور النفوس‪ ،‬يا سلطان القلب‪ ،‬نشكو إليك النالة‪.‬‬
‫الفصل الامس والستون‬
‫إخوان‪ ،‬اعرفوا الدنيا وقد سلمتم‪ ،‬ث اعملوا فيها با عملتم‪ ،‬ل يغرنكم منها الوفر‪ ،‬فإنكم فيها ف‬
‫سفر‪ ،‬أما بعد توطئة الهاد الفر?‪ ،‬أتتوطن من وتنسى النفر?‪.‬‬
‫مت أغنت فقيا أرهقـتـه‬ ‫أرى الدنيا وما وصفت ببـر‬
‫وإن رجيت لي عوقـتـه‬ ‫إذا خشيت لشر عـجـلـتـه‬
‫فهام بفارك ما عـلـقـتـه‬ ‫تعلقها ابن جهل ف صـبـاه‬
‫وكأس الوت آخر ما سقتـه‬ ‫سقته زمانه مقـرا وصـابـا‬
‫بإيوان ابن هرمز فارتقـتـه‬ ‫أبادت قصر قيصر ث جازت‬
‫فآوته النيل وأطـبـقـتـه‬ ‫أما افتتحت له ف الرض بيتا‬
‫ثنته بزخرف قد نـقـتـه‬ ‫إذا انفلت ابنها عنها بـزهـد‬
‫أترى ل تنفع التجارب?‪ ،‬أما ترون الدنيا كيف تارب?‪ ،‬أل تلقون حبلها على الغارب?‪ ،‬أما‬
‫سيف اللك ف يد الضارب?‪ ،‬تال لقد جل صبح اليقي ظلم الغياهب‪ ،‬إل عزم زاهد‪ ،‬يتوكأ‬
‫على عصا راهب‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يسار الفت سلبت باليسار‬ ‫ودنياك إن وهبت باليمي‬
‫إخوان‪ ،‬احذروا الدنيا‪ ،‬فإنا أسحر من هاروت وماروت‪ ،‬ذلك يفرقان بي الرء وزوجه‪ ،‬وهذه‬
‫تفرق بي العبد وربه‪ ،‬وكيف ل‪ ،‬وهي الت سحرت سحرة بابل‪ ،‬إن أقبلت شغلت‪ ،‬وإن أدبرت‬
‫قتلت‪.‬‬
‫نظرت فأقصدت الفؤاد بسهـمـهـا ث انثـنـت عـنـه فـكـاد يهـيم‬
‫وقع السهـام ونـزعـهـن ألـيم‬ ‫ويله إن عرضت وإن هي أعرضت‬
‫كم ف جرع لذاتا من غصص‪ ،‬طالبها معها ف نغص‪:‬‬
‫عليها خـوفـا مـن الـغـي‬ ‫بكى عليها حت إذا حصلت بكى‬
‫إنا إذا صفت حللً‪ ،‬كدرت الدين‪ ،‬فكيف إذا أخذت من حرام?‪ ،‬إن لم الذبيحة ثقيل على‬
‫العاء‪ ،‬فكيف إذا كان ميتة?‪ ،‬الظلمة ف الظلمة يشون ف جع الطام‪ ،‬يصبحون ويسون على‬
‫حتْ تارَُت ُهمْ "‪ ،‬من نبت جسمه على الرام‪ ،‬فمكاسبه كبيت به يوقد‪ ،‬ال‬
‫فراش الثام " فما رِب َ‬
‫جر الغصوب ف البناء أساس الراب‪ ،‬أتراهم نسوا? طي الليال سالف البارين‪ ،‬وما بلغوا معشا‬
‫ت " فهم ينتظرون من لم إذا طلبوا ال‬
‫ر ما آتيناهم‪ ،‬فما هذا الغترار " وقدْ َخ َلتْ م ْن قب ِل ِهمُ الَثُل ُ‬
‫عود " فحِي َل بيَن ُهمْ وبيَ ما يشتَهونَ " كم بكت ف تنعم الظال? عي أرملة‪ ،‬وأحرقت كبد يتيم "‬
‫ولَتَعلَمُنّ نبَأ ُه بعدَ حي" ما ابيض لون الرغيف حت اسودّ وجه الضعيف‪ ،‬ما تروّقت الشارب حت‬
‫ترنّقت الكاسب‪ ،‬ما عبل جسم الظال حت ذوت ذواب ذات قوة‪ ،‬ل تتقر دعاء الظلوم‪ ،‬فشرر ق‬
‫لبه ممول بعجيج صوته‪ ،‬إل سقف بيتك‪ ،‬نباله مصيب‪ ،‬ونبله غريب‪ ،‬قوسه حرقه‪ ،‬ووتره قلقه‪،‬‬
‫ومرماته هدف " لنصرَّنكَ " وسهم سهمه الصابة‪ ،‬وقد رأيت وف اليام تريب‪.‬‬
‫كم من دار دارت بنعم النعم‪ ،‬دارت عليها دوائر النقم " فجعلناها حصيدا" كم جار ف حلبة ال‬
‫ن?‪ ،‬قد استول طرفه على المد‪ ،‬صدمه قهر عقوبة‪ ،‬فألقاه أسرع من طرف‪ ،‬بينا القوم ينبسطون‬
‫على البسيطة‪ ،‬كفت أكفهم بقامع القمع‪ ،‬لسبتهم عقارب ظلمهم نفخ عليهم ثعبان جورهم‪ ،‬عق‬
‫رتم أسود بطشهم‪ ،‬نسفتهم عواصف كبهم‪ ،‬وف الغي عب‪ ،‬ويك‪ ،‬إذا كانت راحة اللذة تعقب‬
‫تعب العقوبة‪ ،‬فدع الدعة تضي ف غي الدعة‪ ،‬وال ما تساوي لذة سنة غم ساعة‪ ،‬فكيف والمر‬
‫بالعكس?‪ ،‬كم ف ي الغرور‪ ،‬من تساح فاحذر يا غائض‪ ،‬يا من قد أمكنه الزمان من حركات الت‬
‫صرف ف العدل فما يؤمن من الزمن الزمن‪.‬‬
‫كرة العلى بصوال العروف‬ ‫ومت بلغت إل الرئاسة فاستلب‬

‫‪229‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كان عمر ياف مع العدل‪ ،‬يا من يأمن مع العدول‪ ،‬رؤى بعد موته باثنت عشرة سنة‪ ،‬فقال الن‬
‫تلصت من حساب‪ ،‬واعجبا‪ ،‬أقيم أكثر من سن الولية‪ ،‬أفينتبه بذا راقد الوى? أحسن شعائر ال‬
‫شرائع‪ ،‬العدل‪ ،‬الظلم ظلمة ف نار الولية‪ ،‬وجدب يرعى لوم الرعية‪ ،‬والعدل‪ ،‬صوت ف صور‬
‫الياة‪ ،‬يبعث به موتى الور‪ ،‬أيها الظال‪ ،‬تذكر عند جورك عدل الاكم‪ ،‬تفكر حي تصرفك ف س‬
‫رفك‪ ،‬عجبا لك‪ ،‬تدعي الظرف وتأخذ الظروف والظرف‪ ،‬كل‪ ،‬أو ف الظرافة رأفة‪ ،‬ستعلم أيها ا‬
‫لغري قدر غرامك إذا يلتقي كل ذي دين وماطله‪ ،‬من ل يتبع بنقاش العدل‪ ،‬شوك الظلم من أيد‬
‫ي التصرف‪ ،‬أثر ما ل يؤمن تعديه إل القلب‪.‬‬
‫يا أرباب الدول‪ ،‬ل تعربدوا ف سكر القدرة‪ ،‬فصاحب الشرطة بالرصاد‪ ،‬سليمان الكم قد حب‬
‫س آصف العقوبة‪ ،‬ف حصن "فل تعجَل عليهم" وأجرى رخاء الرجاء "لئل يكون للناس على ال‬
‫حجةٌ" فلو قد هبت سوم الزاء من مهب "ولئن مستهم نفحة" قلعت سكر "إنا نُملي لم" فإذا ط‬
‫وفان التلف‪ ،‬ينادي فيه نوح "ل عاصم" فالذر الذر "قبل أن تقول نفسٌ يا حسرتا" "ولت حي‬
‫مناص" وأنت أيها الظلوم فتذكر من أين أتيت? فإنك ل تلقى كدرا‪ ،‬إل من طريق جناية "ل يُغيّر‬
‫ما يقومٍ حت يُغيّروا ما بأنفسهم"‪.‬‬
‫كان لبّان يلط الاء باللب‪ ،‬فجاء سيل فذهب بالغنم‪ ،‬فجعل يبكي ويقول اجتمعت تلك القطرات‬
‫فصارت سيلً‪ ،‬ولسان الزاء يناديه‪ :‬يداك أوكتا وفوك نفخ‪ .‬اذكر غفلتك عن المر والمر وقت‬
‫الكسب‪ ،‬ول تنسى إطراح التقوى عند معاملة اللق‪ ،‬فإذا انقض عاصف فسمعت صوت سوطه‬
‫يضرب عقد الكسب جزء اليانة العقود‪ ،‬فل تستطرف ذلك‪ ،‬فأنت الان أولً‪ ،‬والبادي أظلم‪.‬‬
‫الفصل السادس والستون‬
‫يا مشغولً بأمله‪ ،‬عن ذكر أجله‪ ،‬راضيا ف صلح خلله بلله‪ ،‬هل أتى الساكن لكسله إل من‬
‫قبله‪.‬‬
‫ترجو دركا والردى لعمرك مغتال‬ ‫أضحى لك ف قبضة الطامع آمال‬
‫يوما بد الفوز بالقـيمة عـمـال‬ ‫هل أنت معدٌ ليوم حـشـرك زادا‬
‫ك على غفلة بتفك مـعـجـال‬ ‫إن أغفلك الدهر برهة فـسـيأتـي‬
‫ت بسهم من الـمـنـية قـتـال‬ ‫بادر بتاب فربا طـرق الـمـو‬
‫إن أوطنت الرء عقبته بتـرحـال‬ ‫أين التحامون عن زخـارف دنـيا‬
‫خلبة عقل بـبـاطـل مـتـمـاد غرارة صاد رأي الطامع كـالل‬
‫إن شيم سحاب لا فـذاك جـهـام أو ظن با وابـل فـذلـك خـال‬

‫‪230‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫دع عنك حديث الركاب أين تولـت أو ذكر ديار با العفـاء وإطـلل‬
‫قد باع لا الفرصة الرخيصة بالغال‬ ‫يا حسرة من أنفق الـياة غـرورا‬
‫ما كنت تناسيت من قبائح أفـعـال‬ ‫ل تتقر الذنب فالصحائف تصـى‬
‫يا ضاحكا ملء فيه سرورا واغتباطا‪ ،‬وقد ارتضيت له النون خيل التلف ارتباطا‪ ،‬أما بسط‬
‫النذار على باب الدار بساطا? أما الادي مد‪ .‬فما للمنادي يتباطى? أيسن بالكبي أن يتمرس‬
‫الوى ويتعاطى? عجبا لعال يقرب النايا‪ ،‬كيف ل ينتهب التقى التقاطا‪ ،‬ولسد بال‪ ،‬جر بالعجب‬
‫والرياء رياطا‪ ،‬إل كم هذا السراع ف الوى والوجيف? وباب البقاء ف الدنيا قد سد وجيف‪ ،‬إ‬
‫ن المن ف طريق قد أخيف‪ ،‬رأي رذيل‪ .‬وعقل سخيف‪ ،‬يا من يمع العيب إل الشيب‪ ،‬ويضيف‬
‫‪ ،‬ل الاء بارد‪ ،‬ول الكوز نظيف‪ ،‬إن إيثار ما يفن على ما يبقى لزيف ل ظريف‪ ،‬كم أتى خريف‬
‫وكم أناخ ريف‪ ،‬ويكفي من الكل كل يوم رغيف‪ ،‬أيوع بشر الاف? ويشبع وصيف‪ ،‬ويذل هذ‬
‫ا ويدم هذا مائة وصيف‪ ،‬وما أدرك هذا مد هذا‪ .‬ول النصيف‪ ،‬إل أريب إل لبيب إل حصيف?‬
‫ل يعجبنكم استقامة غصن الوى‪ ،‬فالغصن قصيف ها نن قد شتونا ولعلنا ل نصيف‪.‬‬
‫وقيصر والقصور وساكنيها‬ ‫سل اليام ما فعلت بكسرى‬
‫فلم تدع الليم ول السفيهـا‬ ‫أما استدعتهم للموت طـرا‬
‫فأصمته وواجهت الوجيها‬ ‫دنت نو الدن بسهم خطب‬
‫أنفت لعاقل أن يشتـريهـا‬ ‫أما لو بيعت الدنيا بفـلـس‬
‫يا من عمره يذوب‪ ،‬وما يتوب‪ ،‬إذا خرقت ثوب دينك بالزلل فارقعه بالستغفار‪ ،‬فإن رفاء الندم‬
‫صناع ف جع التمزق‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬إنا يضل السافر ف سفره يوما أو يومي‪ ،‬ث يقع على الادة واعجبا من تيه خسي سنة‪ ،‬ي‬
‫ا واقفا مع الصور خالط عال العن‪ ،‬أما علمت أن تغريد المام نياحة‪ ،‬أنت تظن البلبل يغن‪ ،‬وإن‬
‫ا يبكي على أحبابه‪.‬‬
‫بعدنا بالجاز هل يذكرونا‬ ‫ليت شعري عن الذين تركنا‬
‫بعد العهد بيننا فنـسـونـا‬ ‫أما لعل الدى تطاول حت‬
‫لم ف الوى كما عهدونا‬ ‫أرجعوا حرمة الوصال فإنا‬
‫لو صفت لك فكرة‪ ،‬كان لك ف كل شيء عبة‪ ،‬كل الخلوقات بي موف ومشوق‪ ،‬حر الصيف‬
‫يذكر حر جهنم‪ ،‬وبرد الشتاء مذر من زمهريها‪ ،‬والريف ينبه على اجتناء ثار العمار‪ ،‬والربيع‬
‫يث على طلب العيش الصاف‪ ،‬أوقات السحار ربيع البرار‪ ،‬وقوة الوف صيفا‪ ،‬وبرودة الرجاء‬

‫‪231‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫شتاءً‪ ،‬وساعات الدعاء والطلب خريف‪ ،‬إذا استحر الر تقحم القحل‪ ،‬فطلق القسر الرض‪ ،‬فلب‬
‫ست سربال الدب‪ ،‬واحدت ف حفش الذل‪ ،‬فلما طالت أيام الية‪ ،‬أومأ إل الراجعة الرجع‪ ،‬فب‬
‫كت من قطراته لطول الجر‪ ،‬فضحك لكثرة بكائه روض الرض‪ ،‬فبن البناء ريع الربيع‪ ،‬فنهض‬
‫ت ماشطة القدرة‪ ،‬لخراج بنات النبات من مدر الثرى‪ ،‬ففرشت اللل بصبغات اللل‪ ،‬فسمع‬
‫الورد هتاف العندليب‪ ،‬وحني الدواليب‪ ،‬ففتح فاه مشتاقا إل مشروب‪ ،‬فإذا الطل صبوح‪ ،‬فقال‬
‫أل منادم? فأبت الزهار مصاحبة من ل يقيم‪ ،‬فأجابه بعد الياس الياسي‪ ،‬فقال أنا نظيك ف قصر‬
‫العمر‪ ،‬والوانسة ف الجانسة‪ ،‬فأشر أنت إل الذنب‪ ،‬باحرار الجل‪ ،‬حت أشي أنا إل الائف‪ ،‬با‬
‫صفرار الوجل‪ ،‬فرأى البلبل طيب الجتماع فغن‪ ،‬فرنت ديار اللهو‪ ،‬فدخل الناطور والصياد‪ ،‬فاق‬
‫تطف الناطور رأس الورد‪ ،‬واختطف الصياد البلبل الوغد‪ ،‬فذبح ف الال العصفور‪ ،‬وحبس الور‬
‫د ف قوارير الزور‪ ،‬وقيل للياسي‪ .‬ل اغتررت بزور? "أفحسبتُم أنا خلقناكم عبثا" فلما بكى الور‬
‫د بكاء نادم على الغترار‪ ،‬صلح للمتطيبي "أني الذنبي أحبّ إلينا من زجل السبحي" فانتبه يا‬
‫مدوع‪ ،‬فالعمر الورد‪ ،‬والزجاجة القب‪ ،‬والنفس البلبل‪ ،‬والقفص اللحد‪.‬‬
‫الفصل السابع والستون‬
‫أخوان‪ ،‬الستقر يزول‪ ،‬والقيم منقول‪ ،‬والحوال تول‪ ،‬والعتاب على الفان يطول‪ ،‬وكم نعذل‬
‫وكم نقول?‬
‫لكل اجتماع فرقة من يد البـي‬ ‫سيقطع ريب البي بي الفريقـي‬
‫تاتله عن نفسه ساعة الـحـي‬ ‫وكل يقضي ساعة بعـد سـاعة‬
‫وما الوت إل رقدة بي يومـي‬ ‫وما العيش إل يوم موت له غـد‬
‫يقوم له اليقظان من رقدة العي‬ ‫وما الشر إل كالصباح إذا انلى‬
‫أومل أن أبقى وأنـى ومـن أين‬ ‫أيا عجبا من ومن طول غفلتـي‬
‫أين قطان الوطان? أين الطفال والشمطان? أين الائع والبطان? أين حطان وقحطان? أين‬
‫العبيد والسلطان? أين البان وماطان? أين السقوف واليطان? أين الروج والغيطان? أين الهاري‬
‫والشطان? أين الجال واليطان? أين الحب والبيب ف الثرى خطان‪ ،‬تعرف وتصدف "هذا م‬
‫ن عمل الشيطان" الطريق الادية واسعة الفجاج‪ ،‬والدليل ظاهر ل يتاج إل احتجاج‪ ،‬وأما بر ال‬
‫وى فما يفارقه ارتاج‪ ،‬ما فيه ماء للشرب‪ ،‬بل كله أجاج‪ ،‬والعجب من راكب فيه‪ ،‬يتجر ف الز‬
‫جاج‪ ،‬كم مزجور عنه غرفته ف لة لاج‪.‬‬
‫يا معاشر العصاة‪ ،‬قد عم الدب أرض القلوب‪ ،‬وأشرفت زروع التقوى على التوى‪ ،‬فأخرجوا م‬

‫‪232‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ن حصر الذنوب‪ ،‬إل صحراء الندم‪ ،‬وحولوا أردية الغدر عن مناكب العهود‪ ،‬ونكسوا رؤس الري‬
‫اسة على أذقان الذل‪ ،‬لعل غيوم الغموم على ما تلف تأتلف‪ ،‬أخوان‪ ،‬قد بشر الرشاش فاثبتوا‪ ،‬وق‬
‫د سال الوادي‪.‬‬
‫نندب الربع ونبكي الدمنا‬ ‫واحبس الركب علينا ساعة‬
‫ولذا اليوم الدموع تقتنـى‬ ‫فلذا الوقف أعددنا البكـا‬
‫يا أعاد ال ذاك الزمـنـا‬ ‫زمنا كان وكـنـا جـية‬
‫كان عن غي تراض بيننا‬ ‫بيننا يوم أثيلت النـقـى‬
‫إذا خرجت القلوب بالتوبة من حبس الوى إل بيداء النابة‪ ،‬جرت خيول الدمع ف حلبات‬
‫الوجد‪ ،‬كالرسلت عرفا‪ ،‬إذا استقام زرع الفكر‪ ،‬قامت العبات تسقي‪ ،‬ونضت الزفرات تصد‬
‫‪ ،‬ودارت رحا التحي تطحن‪ ،‬واضطرمت نار القلق تنضج‪ ،‬فحصلت للقلب بلة‪ ،‬يتقونا ف سفر ا‬
‫لب‪ ،‬يا من ل يصب عن الوى‪ ،‬صب يوسف‪ ،‬تعي عليك‪ ،‬حزن يعقوب‪ ،‬فإن ل تطق‪ ،‬فذل أخوته‬
‫‪ ،‬يوم "وتصدق علينا" خوف السابقة‪ ،‬وحذر الاتة‪ ،‬قلقل قلوب العارفي‪ ،‬وزادهم إزعاجا "يول‬
‫بي الرء وقلبه" كلما دخلوا سكة من سكك السكون‪ ،‬شرع بم الزع ف شارع من شوارع‬
‫القلق‪ ،‬لا حرك نسيم السحر أغصان الشجر‪ ،‬أخذت ألسن قلوبم ف بث القلق‪ ،‬فكاد نفس النف‬
‫س يقطع اليازي‪ ،‬لول حزم التمسك‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫وتعجبن بـالبـرقَـيْن ربـوعُ‬ ‫وإن لغرى بالنسـيم إذا سـرى‬
‫وبَرقٌ بأطراف الجاز لَمـوعُ‬ ‫ي مُـزنةٍ‬
‫وين على الشوق ند ّ‬
‫حائم ورق ف الـديار وقـوع‬ ‫ول أعرف الشجان حت تشوقن‬
‫ف كل ليل تب الرياح‪ ،‬ولكن نسيم السحر خاصية‪ ،‬ما أظنه تعطر إل بأنفاس الستغفرين‪ ،‬لنفس‬
‫الحب عطرية‪ ،‬تنم على قدر طيبة‪:‬‬
‫كأن لن بالجـرعـي نـسـيب‬ ‫أحب الثرى النجدي من أجرع المى‬
‫إذا هب علـوي الـرياح رأيتـنـي أغض جفونـي أن يقـال مـريب‬
‫الحبون على شواطئ أنار الدمع تزول‪ ،‬فلو سرت عن هواك خطوات‪ ،‬لح لك اليام‪:‬‬
‫وتنعموا بوصاله وشـقـينـا‬ ‫وصلوا إل مولهم وبقـينـا‬
‫ودنت منيتنا فمن ينـجـينـا‬ ‫ذهبت شبيبتنا وضاع زمانـنـا‬

‫‪233‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫نبكي شهورا قد مضت وسنينا‬ ‫فتجمعوا أهل القطيعة والفا‬
‫كان بعض السلف يقول‪ :‬اللهم إن منعتن ثواب الصالي‪ ،‬فل ترمن أجر الصاب على مصيبته‪،‬‬
‫وكان آخر يقول إن ل ترضى عن فاعف عن‪ ،‬كان القوم زينة الدنيا‪ ،‬فمذ سلبوا تسلبت‪ ،‬خلت‬
‫وال الديار‪ ،‬وباد القوم‪ ،‬وارتل أرباب السهر‪ ،‬وبقي أهل النوم‪ ،‬واستبدل الزمان آكلي الشهوا‬
‫ت بأهل الصوم‪:‬‬
‫منازل من يهوى معطلة قفـرا‬ ‫كفى حزنا بالواله الصب أن يرى‬
‫يا من كان له ف حديث القوم ذوق‪ ،‬أين آثار الوجد والشوق? إذا طالت لبث الطي ف حافات‬
‫النار تكامل ريه‪ ،‬فإذا نضب الاء عنه استلبت الشمس جيع ما فيه من رطوبة‪ ،‬فيقوى شوقه إل‬
‫ما فارق فلو تركت قطعة منه على لسانك لمسكته شوقا إل ما فارقت من رطوبة‪ ،‬أشد الناس ح‬
‫با لديث الجاز من سافر‪:‬‬
‫سرقناهن من ريب الزمان‬ ‫فكانت بالفرات لنـا لـيال‬
‫يا هذا كنت تدعي حبنا وتؤثر القرب منا فما هذا الصب الذي قد عن عنا? كنت تستطيب رياح‬
‫السحار وما تغي الحب ولكن دخل فصل برد الفتور‪ ،‬ول ترزه‪ ،‬فأصابك زكام الكسل‪ ،‬كنت‬
‫ف الرعيل الول‪ ،‬فما الذي ردك إل الساقة? قف الن على جادة التأسف والزم البكاء على التخ‬
‫لف فأحق الناس بالسى من خص بالتعويق دون الرفقاء‪:‬‬
‫وناشدان بـلنـي وعـشـاقـي‬ ‫يا صاحب أطيل فـي مـوانـسـي‬
‫وحدثان حـديث الـخـيف إن لـه روحا لقلب وتسهـيلً لخـلقـي‬
‫واستنقذت مهجت من أسر أشواقي‬ ‫ما ضر ريح الصبا لو ناست حرقي‬
‫داء تقادم عنـدي مـن يعـالـجـه ونفثة بلغت منـي مـن الـراقـي‬
‫من أحب على مـطـل وإمـلق‬ ‫يضي الزمان وآمال مـصـرمة‬
‫ول حصلت على علم من البـاقـي‬ ‫واضيعة العمر ل الاضي انتفعت به‬
‫بلى علمت وقد أيقـنـت يا أسـفـا أن لكـل الـذي قـدمـتـه لق‬
‫الفصل الثامن والستون‬
‫أخوان‪ :‬من عامل الدنيا خسر ومن حل ف صف طلبها كسر وإن خلص مبها منها عسر وكل‬
‫عاشقيها قد قيد وأسر "فمنهم من قضى نبه ومنهم من ينتظر"‪.‬‬
‫فما لبـن آدم ل يعـتـبـر‬ ‫أرى الشهد يرجع مثل الصب‬

‫‪234‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فإن شك ف ذاك فليختبـر‬ ‫وخبه صادق ف الـديث‬
‫فهل هي إل كجسر عـبـر‬ ‫ودنياك فالق بطول الـوان‬
‫يا طالبا ما ل يدرك تن البقاء وما تترك كأنك بالادي قد أبرك‪ ،‬وهل غي الصاد لزرع قد‬
‫أفرك?‬
‫وأعلم أن ف غد عنه ارتال‬ ‫وكيف أشيد ف يومي بـنـاء‬
‫فإن القاطني على احتـمـال‬ ‫فل تنصب خيامك ف مـل‬
‫يا من أعماله رياء وسعة‪ ،‬يا من أعمى الوى بصره وأصم سعه‪ ،‬يا من إذا قام إل الصلة ل يلص‬
‫ركعة‪ ،‬يا نائما ف انتباهه إل مت هذه الجعة? يا غافلً عن الوت كم قلع الوت قلعة? كم دخل‬
‫دارك فأخذ غيك وإن له لرجعة‪ ،‬كم شرى شخصا بنقد مريض? وله الباقون بالشفعة‪ ،‬كم طرق‬
‫جبارا فأشت شله وأخرب ربعه‪ ،‬أفل يتعظ البيدق بسلب شاه الرقعة‪.‬‬
‫يا عامر الدنيا إنا الدنيا دار قلعة كم مزقت قلبا ببها‪ ،‬فرجع ألف قطعة إن خصت بطيب الذاق‬
‫أغصت وسط الرعة يوم ترحها سنة وسنة فرحها جعة‪ ،‬إنا لظلمة ولو أوقدت ألف شعة‪ ،‬وهي‬
‫مع هذا خائنة ولو حلفت بربعة‪ ،‬كم درست عليكم ملدات? تقول ما هذه النفس ملدات‪ ،‬أين‬
‫القارب‪ ،‬أين اللذات? أفل روائد ذهن للخبار منتسمات‪ ،‬آه للقاعدات عن طلب الكرمات‪ ،‬آه‬
‫للمستريات لقد رضوا بولات‪:‬‬
‫يا أسي الشـهـوات‬ ‫ذهب العمر وفـات‬
‫وسهـو وسـبـات‬ ‫ومضى وقتك ف لو‬
‫حتـى قـيل مـات‬ ‫بينما أنت على غـيك‬
‫أخوان‪ :‬ما لقلب العزم قد غفل ولنجم الزم قد أفل‪ ،‬مهلً فشمس العمر ف الطفل ومن ل يضر‬
‫الوغى ل يرز النفل‪:‬‬
‫أوائل من عزمت أو ثوان‬ ‫ثوان هـم فـلـم أقـره‬
‫من ل يساور بالند وانـي‬ ‫فيا هندوان عن الكرمـات‬
‫يا معاشر العلماء أتقنعون من الصفات بالساء? أتؤثرون الرض على السماء? أف السكر أنتم أم‬
‫ف الغماء أترضون بالثريا الثرى? أتغمضون العيون من غي كرى? أتنامون‪ .‬فمن يمد السرى?‬
‫أتيدون وف النف البى? أتلون عقد "إن ال اشترى" إنكم لحق بالزن فيما أرى‪ ،‬احضروا‬
‫ناحية‪ ،‬ل تكلفكم الكرى‪:‬‬
‫فتخيوا قبل الندامة وانتـقـوا‬ ‫يا قومنا هذي الـفـوائد جـمة‬

‫‪235‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل ذنب ل قد قلت للقوم استقوا‬ ‫إن مسكم ظمأ يقول نـذيركـم‬
‫يا معاشر العلماء قد كتبتم ودرستم ث إن طلبكم العلم فلستم ف بيت العمل‪ ،‬ث لو ناقشكم‬
‫الخلص ل فلستم‪ ،‬شجرة الخلص أصلها ثابت‪ ،‬ل يضرها زعزع "أين شركائي" وأما شجرة‬
‫الرياء فاجتثت عند نسمة "وقِفوهم" كم متشبه بالخلصي? ف تشعه ولباسه وأفواه القلوب تنفر‬
‫من طعم مذاقه واأسفي ما أكثر الزور? أما اليام فإنا خيامهم‪ ،‬ليس كل مستدير يكون هلل‪ ،‬ل‬
‫ل‪.‬‬
‫ودون العلى ضرب يدمي النواصيا‬ ‫وما كل من أومى إل العز نالـه‬
‫كم حول معروف من دفي ذهب اسه كما بلى رسه ومعروف معروف‪:‬‬
‫ول كل بيضاء الترائب زينـب‬ ‫فما كل دار أقفرت دارة المى‬
‫لريح الخلصي عطرية القبول وللمرائي سوم النسيم‪ ،‬نفاق النافقي صي السجد مزبلة "ل تقم‬
‫فيه أبدا" وإخلص الخلصي رفع قدر الوسخ "رب أشعث أغب"‪.‬‬
‫أيها الرأى قلب من ترائيه بيد من تعصيه ل تنقش على الدرهم الزائف اسم اللك‪ ،‬فما يتبهرج ال‬
‫شحم بالورم‪ ،‬الرائي يتبطل على باب السلطان‪ ،‬يدعي أنه خاص وهو غريب‪ ،‬أتردون ما ذنب ال‬
‫رائي? دعا باسم ليلى غيها‪ .‬فيا أسفي ذهب أهل التحقيق وبقيت بنيات الطريق‪ ،‬خلت البقاع م‬
‫ن الحباب وتبدلت العمارة بالراب‪ ،‬يا ديار الحباب عندك خب الخلص يبهرج على اللق بست‬
‫ر الال‪ ،‬وببهرجته يصح النقد‪ ،‬كان ف ثوب أيوب السختيان‪ ،‬بعض الطول لستر الال‪ ،‬وكان إ‬
‫ذا وعظ فرق فرق من الرياء فيمسح وجهه ويقول ما أشد الزكام‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫كأنن أضبط عبـدا آبـقـا‬ ‫أحبس دمعي فـينِـدّ شـاردا‬
‫يوم الرحيل ف الوى منافقا‬ ‫ومن ماشاة الرقيب خلتنـي‬
‫كان أيوب ييي الليل كله فإذا كان عند الصباح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة‪ :‬لصردر‪:‬‬
‫صبا وذلك جعٌ بي أضـداد‬ ‫أكلف القلب أن يهوى وأُلزمـه‬
‫حاجات نفسي لقد أتعبتُ روادي‬ ‫وأكتم الركب أوطاري وأسألـه‬
‫وكيف يعلم حال الرائح الغادي‬ ‫هل مدلٌ عنده من مبكر خبـر‬
‫فعن نسيم الصبا والبق أسنادي‬ ‫إن رويتُ أحاديث الذين مضـوا‬
‫كان إبراهيم النخعي إذا قرأ ف الصحف فدخل داخل غطاه‪ .‬وكان ابن أب ليلى إذا دخل داخل‬
‫وهو يصلي اضطجع على فراشه‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫مضغ الكلم ول صيغ الواجيب‬ ‫أفدى ظباء فلة ما عرفن بـمـا‬
‫مرض ابن أدهم فجعل عند رأسه ما يأكله الصحاء‪ ،‬لئل يتشبه بالشاكي‪ ،‬هذه وال برجة اصح‬
‫من نقدك‪.‬‬
‫للعباس بن الحنف‪:‬‬
‫وفرّق الناس فينا قولم ِفرَقـا‬ ‫قد سحّب الناسُ أذيال الظنون بنا‬
‫وصادقٌ ليس يدري أنّه صدقا‬ ‫فكاذبٌ قد رمى بالظن غيكـمُ‬
‫اشتهر ابن أدهم ببلد فقيل هو ف البستان الفلن‪ ،‬فدخل الناس يطوفون ويقولون أين إبراهيم بن‬
‫أدهم? فجعل يطوف معهم‪ ،‬ويقول أين إبراهيم بن أدهم‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ضنا بأن يعلم الناسُ الـوى ولـمـن وهبتُ للسـ ّر فـيه لـذة الـعـلـنِ‬
‫إن قيل من يك يُخفي الق ف الظنن‬ ‫عرّض بغيي ودعن ف ظنونـهـم‬
‫قرئ على أحد بن حنبل ف مرضه أن طاوسا كان يكره الني فما أ ّن حت مات‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫وتكتم عوّادها ما بـهـا‬ ‫تفيض نفوسٌ بأوصابـا‬
‫هواها إل غي أحبابـا‬ ‫وما أنصفت مهجةٌ تشتكي‬
‫لا هم الطبع بالتأوه من البلء كشفت القائق سجف الحبوب فلم يبق لتقطيع اليدي أثر‪:‬‬
‫روض المى إن تشتكي كللا‬ ‫بدا لا من بعد مـا بـدا لـهـا‬
‫رحل وال أولئك السادة‪ ،‬وبقي وال قرناء الرياء والوسادة‪.‬‬
‫والعيش بعد أولئك القوام‬ ‫ذم النازل بعد منلة اللوى‬
‫أسع أصواتا بل أنيس وأرى خشوعا أصله من إبليس‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫إذا سكنتْ فيك ول مثل سكنْ‬ ‫تشبهتْ حورُ الظبـاء بـهـم‬
‫ل بـذي شـجــنْ‬
‫وذو خـ ً‬ ‫أصامتٌ بناطقٍ وناف ٌر بـآنـسٍ‬
‫مغالطا قلت لصحب‪ :‬دا ُر منْ‬ ‫مشتـبِـ ٌه أعـرفـه وإنـمـا‬
‫موانسا فبكّها عـنـك وعـن‬ ‫قف باكيا فيها وإن كنت أخـا‬
‫من دمعةٍ أبكي با على ال ّدمَنْ‬ ‫ل يُبق ل يوم الفراق فضـلةً‬

‫‪237‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الفصل التاسع والستون‬
‫يا من قد أرخى له ف الطول وأمهل له بد الجل‪ ،‬إخل بنفسك وعاتبها وخذ على يدها وحاسبها‬
‫لعلها تأخذ عدتا قبل أن تستوف مدتا‪:‬‬
‫وآن ينحط عنـهـا الـراحـل‬ ‫وجـدت أيامـي لـي رواحـلً‬
‫وكل ركب ف التـراب نـازل‬ ‫وصيح ب عرس فقد طال الدى‬
‫وجاء بالنصح فأين القـابـل‬ ‫تدد الي فهل من سامـع‬
‫يفهم ما قال الصيف العاقل‬ ‫وكل شيء زاجر مـحـدث‬
‫أخوان‪ ،‬بادروا قبل العوائق واستدركوا فما كل طالب لحق‪ ،‬واشكروا نعمة من ستركم عن‬
‫الذنوب‪ ،‬واعرفوا فضله فقد أعطاكم كل مطلوب‪ ،‬ما أعم وجوده لميع خلقه وما أكثر تقصيه‬
‫م ف حقه‪ ،‬عم إحسانه الدمي والبهائم والستيقظ والنائم والاهل‪ ،‬والعال والتقي والظال من تأم‬
‫ل حسن لطفه لليقته حيه الدهش‪ ،‬خلق الني ف بطن الم فجعل وجهه إل ظهرها لئل يري ا‬
‫لطعام عليه‪ ،‬وجعل انفه بي ركبتيه ليتنفس ف فراغ وسيق قوته ف مصران السرة وليس العجب ت‬
‫غذيه لنه متصل بي‪ ،‬إنا العجب‪ ،‬خلق الفرخ ف البيضة النفصلة فإنه من البياض يلق ومن الح‬
‫يتغذى‪ ،‬فقد هيأ له زاد الطريق قبل سي الياد‪ ،‬إذا تفقأت بيضة الغراب خرج الفرخ أبيض فتنفر‬
‫عنه الم لباينته إياها‪ ،‬فيبقى مفتوح الفم لطلب الرزق فيسوق القدر إل فيه الذباب‪ ،‬فل يزال يغت‬
‫ذي به حت يسود‪ ،‬فتعود أمه إليه‪ ،‬خلق الطي ذا جؤجؤ مدد لتجري سفينة طيانه ف بر الوى‪،‬‬
‫وجعل ف جناحه وذنبه ريشات طوال لينهض للطيان ولا كان يتلس قوته خوفا من اصطياده‪،‬‬
‫جعل منقاره صلبا لئل ينسحج ول يلق له أسنان لن زمان النتهاب ل يتمل الضغ‪ ،‬وجعلت له‬
‫حوصلة كالخلة‪ ،‬فينقل إليها ما يستلب ث ينقله إل القانصة ف زمان المن‪ ،‬فإن كانت له فراخ‬
‫أسهمهم قبل النقل كلما طالت ساق اليوان طال عنقه ليمكنه تناول طعمه من الرض‪ ،‬هذا طائر‬
‫الاء ل يقف إل ف ضحضاح‪ ،‬فيتأمل ما يدب ف الاء فإذا رأى ما يريد خطا خطوات على مهل في‬
‫تناول ولو كان قصي القوائم‪ ،‬كان حي يطو يضرب الاء ببطنه فيهرب الصيد‪ ،‬هذه العنكبوت ت‬
‫بن بيتها بصناعة يعجز عنها الهندس إنا تطلب زاوية فجعلت فيها خيطا‪ ،‬ووصلت بي طرفيها ب‬
‫يط آخر وتلقي اللعاب على الانبي فإذا أحكمت العاقد ورتبت القسط كالسدى أخذت ف الل‬
‫حمة فيظن الظان أن نسجها عبث‪ ،‬كل‪ ،‬إنا تصنع شبكة لتصيد قوتا من الذباب والبق فإذا أت‬
‫ت النسج انزوت إل زاوية ترصد رصد الصائد‪ ،‬فإذا وقع صيد قامت تن ثار كسبها فتغتذي به‬
‫فإذا أعجزها الصيد طلبت زاوية ووصلت بي طرفيها بيط ث علقت بنفسها بيط آخر‪ ،‬وتنكس‬

‫‪238‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت ف الواء تنتظر ذبابة تر با فإذا دنت منها دبت إليها واستعانت على قتلها بلف اليط على ر‬
‫جلها‪ ،‬أفتراها علمت هذه الصنعة بنفسها? أو قرأتا على بعض جنسها أفل ينظر إل حكمة من ع‬
‫لمها? وتثقيف من ألمها‪.‬‬
‫ل‬
‫ض ّلهُ ا ُ‬
‫فإن ل يكن لك نظر يعجبك منها فيعجب من عدم تعجبك‪ ،‬فإن أعجب أفعال القدر " وأَ َ‬
‫على علمٍ " القلب جوهر ف معدن البدن‪ ،‬فاكشف عنه بعول الجاهدة ول تطينه بتراب الغفلة‪ ،‬ر‬
‫ميت صخرة الوى على ينبوع الفطنة‪ ،‬فاحتبس الاء‪ ،‬انقب تتها إن ل تطق رفعها لعل الرف ينه‬
‫ار‪.‬‬
‫فتنبهوا يا غافـلـينـا‬ ‫ف قربنا نيل الـنـى‬
‫عنا وقوم واصَلـونـا‬ ‫عجبا لقومٍ أعـرضـوا‬
‫بالصدود كاشـفـونـا‬ ‫نقضوا العهود وبارزونا‬
‫والفا حت نسـونـا‬ ‫واستعذبوا طعم القطيعة‬
‫ما فاتم لستعطفونـا‬ ‫يا ويهم لو قـد دروا‬
‫إلي‪ ،‬ما أكثر العرض عنك والعترض عليك‪ ،‬وما أقل التعرضي لك يا روح القلوب أين‬
‫طلبك? يا نور السموات أين أحبابك? يا رب الرباب أين عبادك? يا مسبب السباب أين‬
‫قصادك? من الذي عاملك بلبه فلم يربح? من الذي جاءك بكربه فلم يفرح? أي صدر صدر عن‬
‫بابك ول يشرح? من ذا الذي لذ ببلك فاشتهى أن يبح? يا معرضا عنه إل من أعرضت? يا م‬
‫شغول بغيه بن تعوضت?‬
‫لست عنه بصيب خلـفـا‬ ‫مت على من غبت عنه أسفا‬
‫أو ترى نوهم منصرفـا‬ ‫لن ترى قـرة عـي أبـدا‬
‫بعت قيام الليل بفضل لقمة‪ ،‬شربت كأس النعاس ففاتك الرفقة‪ ،‬ضرب على أذنك ل ف مرافقة‬
‫أهل الكهف‪ ،‬تناولت خر الرقاد‪ ،‬فوقع بك صاحب الشرطة فعمل ف حقك بقتضى قم وان‪،‬‬
‫فجعل حدك البس عن لاق التهجدين‪ ،‬وال لو بعت لظة من خلوة بنا بعمر نوح ف ملك قارو‬
‫ن لغبنت ل بل با ف النان كلها ما ربت ومن ذاق عرف‪.‬‬
‫إخوان‪ ،‬اسعوا برمة الوفاء فما كل وقت يطلع سهيل‪ ،‬فإذا خرجتم من الجلس فاقصدوا‬
‫الساجد الراب‪ ،‬وضعوا وجوهكم على التراب وابعثوا أنفاس السف وكفى با شفيعا ف الزلل‪،‬‬
‫فإن وجدت قلوبكم قد حضرت فاذكرون معكم‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬

‫‪239‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ترا ُك ْم مَن استبدلـتُـمُ بـجـواريا‬ ‫وقولوا ليانٍ على اليف من من‬
‫به ورَعى العشبَ الذي كنت راعيا‬ ‫ومَ ْن و َردَ الاءَ الذي كـنـت واردا‬
‫ب عليها قطـع ٌة مـن فـؤاديا‬
‫تذو ُ‬ ‫فوا لفت كم ل على اليفِ شهقةً‬
‫الفصل السبعون‬
‫يا تائها ف بوادي الوى انزل ساعة بوادي الفكر يبك بأن اللذة قصية والعقاب طويل واعجبا‬
‫لن يشتري شهوة ساعة بغم البد‪ .‬كانت العصية ساعة ل كانت فكم ذلت بعدها النفس وكم‬
‫تصاعد لجلها النفس وكم جرى لتذكارها دمع‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫أنّ الط ّي يطو ُل موقفُـهـا‬ ‫ضتِ النازلُ يو َم كـاظـمةٍ‬
‫َق َ‬
‫من قب ِل أن يومي مكفكفهـا‬ ‫ت مدامعُنا بـر شـتـهـا‬
‫سبق ْ‬
‫فالوجدُ بع َد اليومِ يُخلِـفُـهـا‬ ‫إن كنتُ أنفذتُ الدموعَ بـهـا‬
‫إن على القواء أعرفُـهـا‬ ‫ل تنشُـدَنّ الـدارَ بـعـدهـمُ‬
‫ي منكَ وأنتَ تَطرفُـهـا‬
‫الع ُ‬ ‫رفقا بقلـبـي ل تـعـذبـه‬
‫ما زلت أدملها وتقـرفـهـا‬ ‫ف القلب منكَ جراحةٌ عظمت‬
‫أو يُقِبلَنّ بكُم تـلـهُـفُـهـا‬ ‫هل يع ِطفَنّكُـمُ تـوجّـعُـهـا‬
‫يا من قد هبت على قلبه جنوب الجانبة فلفقت غيم الغفلة‪ ،‬فأظلم أفق العرفة ل تيأس فالشمس‬
‫تت الغيم‪ ،‬لو تصاعد نفس أسف دارت شالً فتقطع السحاب‪ ،‬أنفع دواء أجده لك نقض‬
‫أخلط التخليط بالدموع‪ ،‬بضاعة الذنب دمعه‪ ،‬رأس مال القر حزنه‪ ،‬راحة الوّاب قلقه‪ ،‬عيشة ا‬
‫لتواب حرقه‪ ،‬كان آدم يبكي بعد هبوطه حت يوض ف دمعه‪ ،‬فكان جبيل يأتيه فيقول كم هذا ا‬
‫لبكاء? ولسان حاله ييب‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫يطوي على الزفراتِ غيَ حشاكا‬ ‫يا عاذل الشتاق دعـهُ فـإنـهُ‬
‫حاشاك ما عنـد ُه حـاشـاكـا‬ ‫ك قلب ُه مـا لـمـتـهُ‬
‫لو كان قلب َ‬
‫يا جبيل‪ :‬ما تغي عليك أمر وأنا نقلت من برد عيش إل حر‪ ،‬ما سكنت قط مسكن ول توطنت‬
‫موطن‪ ،‬فاقرأ على ربعي سلمي وقل له ل تنس أيامي‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬

‫‪240‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فقد أخذ الشوق منا يـينـا‬ ‫إذا جزت بالغور عرّج يينا‬
‫فإن سعت أوشكت أن تبينه‬ ‫وسلم علـى بـانة الـواديي‬
‫وخل الضلوع على ما طوينا‬ ‫وروّ ثرى أرضهم بالدمـوع‬
‫وهيهات أموا طريقا شطونا‬ ‫وصح ف مغانيهم أين هـم‬
‫أالدار تبكي أم الساكنـينـا‬ ‫أراك يشوقـك وادي الراك‬
‫وإن كان أورث داءا دفينـا‬ ‫سقى ال مرتعنا بالـمـى‬
‫رويدا رويدا بناقد بـلـينـا‬ ‫وعاذلة فوق داء الـحـب‬
‫فلو قد نفقت دعت النـينـا‬ ‫فمن تعذلي أمـا تـعـذرين‬
‫تعبت وأتعبت لو تعلمـينـا‬ ‫إذا غلب الب صح العتـاب‬
‫ما زال آدم يشيم برق العفو فلما طال عليه الزمان حّل صعداء الوجد رسالة شكوى ما علمت‬
‫بضمونا الرياح‪.‬‬
‫وكدت من طرب أقضي لذكرهم‬ ‫إذا بدا البق من ند طربت لـه‬
‫من السلم إل أطلل ربعهـم‬ ‫وتمل الريح إن هبت شـامـية‬
‫على البعاد ويرعون بفضلـهـم‬ ‫فرض على أراعيهم وأحفظهـم‬
‫يا معاشر الذنبي ‪ ،‬تأسّوا بأبيكم ف البكاء‪ ،‬تفكروا كيف باع دارا قد رب فيها وضاع الثمن‪ ،‬ل‬
‫تبحوا من باب الذل فأقرب الطائي إل العفو العترف بالزلل‪ ،‬ما انتفع آدم ف بلية "وعصى "‬
‫ت ببعض ق‬
‫بكمال " وعلم " ول رد عنه عز " اسجدوا " وإنا خلصه ذل "ظلمنا "‪ .‬قال سريّ‪ :‬ب ّ‬
‫رى الشام‪ ،‬فسمعت طائرا على شجرة يقول طوال الليل‪ ،‬أخطأت ل أعود فقلت لهل القرية‪ :‬ما‬
‫اسم هذا الطائر? فقالوا‪ :‬فاقد إلفه‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ورقاءُ ذات ورَقٍ نضـيِ‬ ‫تأوهـت تـأوه الســي‬
‫كانا تنطق عن ضمـي‬ ‫تنطق عن قلب لا مكسورِ‬
‫إن استجرتِ ب فاستجيي‬ ‫لبيكِ يا حزينةَ الـصـفـي‬
‫وحيثما صار هواكِ صيي‬ ‫لك اليارُ اندي أو غـوري‬
‫قصي جناحي زمن فطيي‬
‫أخوان‪ ،‬نفترق على هذه الال غفلة شاملة ودموع جامدة ل بال ل تفعلوا‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫نري دموع هواهم ث ننصرف‬ ‫يا حادي العيس ل تعجل بنا وقف‬
‫يأت إلينا بـريا روضة أنـف‬ ‫فما يزال نسـيم مـن يـانـية‬
‫إذا رأيتم باكيا ف الجلس فارحوه‪ ،‬وإذا شاهدت قلقا فاعذروه‪ ،‬ل تعجبوا من واجد ما ل تدوه‪.‬‬
‫لبن العتز‪:‬‬
‫على كب ٍد حرّى دعوه دعوه‬ ‫دعوه ليطفي بالدموع حرارة‬
‫فبالعذل دون الشوق قد قتلوه‬ ‫سلوا عاذليه يعذروه هنـيهة‬
‫ل تلوموا صاحب الوجد فما يرى بضرته أحدا‪.‬‬
‫فما استطاع لا أخفاه كتمـانـا‬ ‫ظن الراك لدى واديه أظعـانـا‬
‫عن كل مستخب عن حب من بانا‬ ‫فبان للركب ما قد كان يسـتـره‬
‫كان أبو عبيدة الواص يشي ف الطريق ويصيح‪ :‬وا شوقاه إل من يران ول أراه‪.‬‬
‫صونا لديث من هوى النفس لا‬ ‫ت الـوَلَـهـا‬
‫هذا ولَهي وكم كتم ُ‬
‫أيام عناي فيك مـا أطـولـهـا‬ ‫يا آخر مـنـتـي ويا أولـهـا‬
‫ليس للمحب قرار ول له من الب فرار‪ ،‬تعرقل وفات وخنق فمات‪.‬‬
‫عليك إذا برق الغمـام تـألّـقـا‬ ‫ول عباتٌ تستـهـلّ صـبـابةً‬
‫ورب نعيم كان جالـبـه شـقـا‬ ‫ألفت الوى حت حلت ل صروفه‬
‫بعترك الذكرى وصا ًل وملتقـى‬ ‫وأذهل حت أحسب الصد والنـوى‬
‫فحي وأما سلوت فلـك الـبـقـا‬ ‫فها أنا ذو حالـي أمـا تـلـذذي‬
‫لو أشرفت على وادي الدجى لرأت خيم القوم على شواطئ أنار الدموع‪ ،‬خلوا وال بالبيب‬
‫وطال الديث‪ ،‬عي تبكي من الحبوب وأخرى تبكي عليه‪ ،‬لفظة تشكو منه وأخرى تشكو إليه‪.‬‬
‫ري تام لحبته‪ ،‬وعطش مرق إل رؤيته‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫وأنا الذي أشكو الظّما‬ ‫الاءُ عندي قد طـمـا‬
‫عند سكان الِـمـى‬ ‫جسمي معي لكن قلب‬
‫عادوا وجادوا ل فما‬ ‫واها لم لـو أنـهـم‬
‫هيهات هم حب ومـا‬ ‫أرجو نوا ًل مـنـهـمُ‬
‫سكنوا فؤادي إنـمـا‬ ‫ميلي إل غي الولـى‬

‫‪242‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كلما يزيد وكـلـمـا‬ ‫أشكو إليهم مـنـهـمُ‬
‫يا ليتهم داووا كـمـا‬ ‫هجروا تفاقم أمرهـم‬
‫هيهات لولهم لـمـا‬ ‫جرحوا فلو طبوا شفوا‬
‫عسى وأرجو ربـمـا‬ ‫ذهب الزمان بأن أقول‬
‫ل يبق منك سوى الذما‬ ‫يا أيها الضن بـهـم‬
‫فعاد مرّا علـقـمـا‬ ‫فالذما كان الـوصـال‬
‫متحيا تبـكـي دمـا‬ ‫تركوك بعد فراقـهـم‬
‫من ل يزال متـيّمـا‬ ‫يا بانة الوادي ارحـي‬
‫أل أبلغيهم بعض مـا‬ ‫يا نسمة الريح الشمـال‬
‫نفاس يكفي معلـمـا‬ ‫ألقى فحر سـمـائم ال‬
‫بكم فما فغرت فـمـا‬ ‫نفسي تكابد وجـدهـا‬
‫ليس تفـى أينـمـا‬ ‫لكن آثار الـمـحـبة‬
‫الفصل الادي والسبعون‬
‫إخوان‪ :‬أل ناظر لنفسه قبل الوت‪ ،‬أل مستدرك زاد رمسه? قبل الفوت‪ ،‬أل مزدجر بواعظ‬
‫أمسه? فقد أسعه الصوت‪.‬‬
‫قبل خروج نفسه‬ ‫ما ضرّ عبدٌ نفسـه‬
‫إل نظي أمـسـه‬ ‫هل يومه أو غـده‬
‫قبل غروب شسه‬ ‫وعلّه يلقى الـرّدى‬
‫يسعى لبعل عرسه‬ ‫ل مهـجـرٍ‬
‫كم مد ٍ‬
‫ج ّد ليوم رمـسـه‬ ‫وأكيس الناس امرؤٌ‬
‫إخوان‪ :‬حبال المال رثاث‪ ،‬وساحر الوى نفاث‪ ،‬والمان على القيقة أضغاث‪ ،‬والال الدخر‬
‫رزق الوارث‪ ،‬عجبا لجسام ذكور وعقول إناث‪ ،‬إلم لرواح ف الوى والتغليس? وحتام السعي‬
‫ف صحبة إبليس? وكم برجة ف العمل وكم تدليس? أين القران هل لم من حسيس? أما تعلم أ‬
‫نم ندموا على إيثار السيس‪ ،‬تال لقد ودوا طلق الدنيا قبل السيس‪ ،‬لقد أسعك الوت وعيدك‬
‫‪ ،‬وكأنك به قد ضعضع مشيدك‪ ،‬وأخلى منك دارك‪ ،‬ومل بك بيدَك‪ ،‬لقد أمرضك الوى وف عز‬
‫مه أن يزيدك‪ ،‬هل لذت لذة الدنيا فصفت هل عافت? إل وعافت وعفت هل تبعت عرضا? وقف‬

‫‪243‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت فوقفت هل أرشفت شفة من رضابا? فشفت بينا مبها يناجيها بألفاظ الن‪ ،‬خفت ما بلغ الرا‬
‫د منها إل من صد عنها والتفت‪.‬‬
‫وطرف مطلوبا مذ كان وسنان‬ ‫عي النية يفضي غي مطـرفة‬
‫فالرء صاح ولبّ الرء سكران‬ ‫ل تكن منه حـي مـولـده‬
‫جه ً‬
‫كم نرمي هدف سعك برشق كلم‪ ،‬كم نلدغ أصل قلبك بمة ملم‪ ،‬ل تنفع الرياضة إل ف‬
‫نيب‪ ،‬لو سقي النظل باء السكر لن يرج حلوا‪ ،‬شجر الثل وإن دام الاء تته ل يثمر‪ ،‬سحاب‬
‫الدى قد طبق بيد الكوان‪ ،‬وأظن أرض قلبك سبخا إنا يغلب هذا على ظن لبعد صلحك وقد‬
‫يستحيل المر خلّ‪ ،‬كم تضر الجلس وترج وما علقت بشيء ويك‪ ،‬هذا البنفسج يطرح ف ا‬
‫لشيح فيعبق به طول السنة وكذلك الورد ف الشنان‪.‬‬
‫عن غيّه وخطاب من ل يفهم‬ ‫ومن البليّة عذلُ من ل يرعوي‬
‫ويك‪ ،‬إل كم تعدو خلف موكب الوى وما تربح إ ّل الغبار‪ ،‬دع حبل الرعونة من يد التمسك‬
‫فإنه ل مرة له‪ ،‬ما قتل أحد بأحد من سيف سيوف‪ ،‬ومواهب العمار مسترجعة بالنفاس حت‬
‫تستوف‪ ،‬ألست نقضت عهد " ألست " بعد عقد عقده فكيف حل لك الل?‬
‫برمة ما قد كان بينـي وبـينـكـم من الوصل إل ما رجعتم إل الوصل‬
‫نن لك على الوفاء ما زلنا‪ ،‬وأنت ما ثبت يومي‪.‬‬
‫لكثي‪:‬‬
‫فلما علـونـاه ثـبـت وزلـت‬ ‫وكنّا ارتقينا ف صعودٍ من الوى‬
‫فلما توافينـا شـددت وحـلّـت‬ ‫وكنا عقدنا عقدة الوصل بينـنـا‬
‫واعجبا‪ ،‬تنبه اليوانات بالليل فتصوت وأنت غافل ويك إذا فتحت عينيك ف الدجى فصح‬
‫بقلبك‪.‬‬
‫واطرد النوم بالعزية عنـا‬ ‫قم بنا يا أخي لا نتـمـنّـى‬
‫ل تكون الديوك أطرب منا‬ ‫قم فقد صاحت الديوك ونادت‬
‫إخوان‪ :‬مصيبتنا ف التفريط واحدة وأهل الحزان أهل‪.‬‬
‫نبكي على شج ٍن من الشجان‬ ‫إنّا ليجمعُنا البكـاء وكـلّـنـا‬
‫ملس الذكر مأت الحزان‪ ،‬هذا يبكي لذنوبه‪ ،‬وهذا يندب لعيوبه‪ ،‬وهذا على فوات مطلوبه‪،‬‬
‫وهذا لعراض مبوبه‪.‬‬
‫واحدا والوجد ألـوانُ‬ ‫يتشاكى الواجدون جوىً‬

‫‪244‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا نائح الفكر نضد‪ ،‬يا نادب الزن عدّد‪ ،‬يا لئم النفس شدّد‪ ،‬يا رامي القلب سدّد‪ ،‬يا جامع‬
‫الدّمع بدّد‪ ،‬يا مطرب السر ردّد‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫مت رفعَ ال ّي من لعلع‬ ‫نشدتُك يا بـانة الجـرع‬
‫أم حار ضعفا فلم يتبـع‬ ‫وهل مرّ قلب ف التابعي‬
‫إذا اشتبهت أنة الوجـع‬ ‫رأيت له بي تلك القلوب‬
‫فكأسي بعد ُه ُم مدمعـي‬ ‫أدر يا نديي كأس الديث‬
‫يا مقيّدا عن السي بقيود الشواغل أيطمع ف لاق الطي مقصوص القوادم? صوت ف السحار‬
‫بالسائرين لعل عطفا ينعطف إليك ف عطفة رحة‪ ،‬فقد ترق الساعة لهل الفاقة‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫على الغضا من عيشنا الزائ ِل‬ ‫ردوا لنا يومـا ولـو سـاعةً‬
‫فل تفتكـم عـزة الـبـاذل‬ ‫ل ذلة السائ ِل ما بـينـكـم‬
‫سل الليل عن الحباب فعنده الب‪ ،‬خل الفكر بالقلب ف بيت التلوة فجرت أوصاف البيب‬
‫فنهض قلق الشوق يضرب بطون الرواحل لينهر السهر فل وجه لنوم القوم‪.‬‬
‫للخفاجي‪:‬‬
‫أخذ النوم وأعطى السهرا‬ ‫أترى طيفكم لـا سـرى‬
‫إنا طوله من قـصـرا‬ ‫ل نلوم الليل بل نـعـذره‬
‫حرم ال عليكن الكـرى‬ ‫يا عيونا بالغضـا راقـدة‬
‫مثل ما كنا اشتركنا نظرا‬ ‫لو عدلت تساهنا جـوى‬
‫فطن الدمع به فانتشـرا‬ ‫حبذا فيك حديث بـاطـن‬
‫من ل يكن له مثل تقواهم ل يعلم ما الذي أبكاهم‪ .‬من ل يشاهد جال يوسف ل يعلم ما الذي أل‬
‫قلب يعقوب‪.‬‬

‫ل يدر كيف تفتت الكـبـاد من ل يبت والب حشو فؤاده‬


‫لو دمت على سلوك البادية طابت لك ريح الشيح‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إذا ما بدت يوما لعين قللـهـا تقر لعين أن أرى رملة المـى‬
‫ج حـاجة ل ينـالـهـا ولست وإن أحببت من يسكن الغضا‬
‫بأول را ٍ‬

‫الفصل الثان والسبعون‬


‫يا من كانت له معنا معاملة‪ ،‬وطالت بيننا وبينه الواصلة ث اختار الجر والفاصلة إن‪ ،‬ل يكن جيل‬
‫فلتكن ماملة‪ ،‬تفكر تعرف قدر ما فاتك وابك لذنب حرمك الفوز وأفاتك‪ ،‬اسكب دموع أسفك‬
‫فرب دم بالسى سفك واندب أطلل مألفك لعلك تغاث ف موقفك‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫تظـنّ لـيالـينـا عـــوّدا‬ ‫على العهد من برقت ثهمـدا‬
‫ويا صاحب أين وجه الصباح?‬ ‫وأين غدٌ? صِف لعين غـدا‬
‫وخلف الضلوع زفـيٌ أبـى‬ ‫وقد برد الـلـيل أن يبـردا‬
‫خليليّ‪ ،‬ل حاجةٌ مـا أخـفّ‬ ‫لرامة لو حلتْ مُـسـعِـدا‬
‫يفضحهـا كـلـمـا غـردا أريد لكـتـم وابــن الراك‬
‫ببادية الـرمـل أن أخـلُـدا أحب وإن أخصب الاضرون‬
‫أرى كبدي قُسّمتْ شعبـتـي‬ ‫مع الشوق غور أو أنـجـدا‬
‫بشوقي حاشاك أن تُـفـقـدا تناك عين وقـلـبـي يراك‬
‫للهم نور دنيانا بنور من توفيقك‪ ،‬واقطع أيامنا ف التصال بك وانظم شتاتنا ف سلك طاعتك‪،‬‬
‫فأنت أعلم بتلفيق القترف‪ ،‬اللهم ق ّو منن أطفال التوبة بلبان الصب‪ ،‬ارفق برضى الوى ف‬
‫مارستان البلء‪ ،‬افتح مسام الفهام لقبول ما ينفع‪ ،‬سلم سيارة الفكار من قاطع طريق‪ ،‬احرس ط‬
‫لئع الجاهدة من خديعة كمي‪ ،‬احفظ شجعان العزائم من شر هزية‪ ،‬وقّع على قصص النابة بقل‬
‫م العفو‪ ،‬ل تسلط جاهل الطبع على عال القلب‪ ،‬ل تبدل نعيم عيش الروح بحيم حر النفس‪ ،‬ل‬
‫تت حي العلم ف حي الهل أخرجنا إل نور اليقي من هذا الظلم‪ ،‬ل تعلنا من رأى الصبح فنام‬
‫‪ ،‬ل تؤاخذنا بقدر ذنوبنا‪ ،‬فإنك قلت‪" :‬ول تنسوُا الفضل بينكم" واعجبا لن عرفك ث أحب غي‬
‫ك ولن سع مناديك ث تأخر عنك‪.‬‬

‫حرام عــلـى العـيش مــا دمـت غـــضــــبـانــا وما لـم يعـد‬


‫عـــن رضاك كــمـا كـانا‬

‫‪246‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تعــودنـي‬ ‫فأحـسـن فـــإنـــي قــــد أسـأت ول تــزل‬
‫عــنـد السـاءة غفــرانـا‬

‫إلي‪ ،‬ل تعذب نفسا قد عذبا الوف منك‪ ،‬ول ترس لسانا كل ما يروي عنك‪ ،‬ول تقذ بصرا‬
‫طالا يبكي لك‪ ،‬ول تيب رجاءا هو منوط بك‪ ،‬إلي‪ ،‬ضع ف ضعفي قوة من منك‪ ،‬ودع ف كفي‬
‫كفى عن غيك‪ ،‬ارحم عبة تترقرق على ما فاتا منك‪ ،‬برد كبدا تترق على بعدها عنك‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫أشكو إليك مدامعا تَـكِـفُ‬ ‫بعد النوى وجوانا تَجِـفُ‬
‫ت من ُودّنا نُـطَـفُ ما كان أسرع ما نبا زمـنٌ‬
‫وتكدر ْ‬
‫حبلٌ‪ ،‬غدا بأكفـنـا طَـ َرفٌ‬ ‫ف‬
‫منه وف أيدي النوى طر ُ‬
‫لفي على ذاك الزمان وهلْ‬ ‫يثن زمانا ماضيا لَـهَـفُ‬
‫واأسفي لنقطع دون الركب متأخر عن لاق الصحب يعد الساعات ف مت ولعل ويلو يفكر ف‬
‫عسى وهل‪.‬‬
‫لقيس الجنون‪:‬‬
‫وقد عشت دهرا ل أعد الـلـيالـيا أعد اللـيالـي لـيلة بـعـد لـيلة‬
‫أحدث عنك النفس باللـيل خـالـيا وأخرج من بي البيوت لعـلـنـي‬
‫يينا إذا كانت يـينـا وإن تـكـن‬ ‫شالً ينازعن الوى عن شالـيا‬
‫أل يا حامي بطن نعمان هجتـمـا‬ ‫على الوى لا تغـنـيتـمـا لـيا‬
‫وأبكيتمان وسط صحب ولـم أكـن‬ ‫أبال بدمع العي لو كنت خـالـيا‬
‫ذكت نار شوقي ف فؤادي فأصبحت‬ ‫لا وهج مستضـرم فـي فـؤاديا‬
‫خليلي ما أرجو من العيش بعـدمـا‬ ‫أرى حاجت تشرى ول تشتري لـيا‬
‫وقد يمع ال الشتيتـي بـعـدمـا‬ ‫يظنان كـل الـظـن أن تـلقـيا‬
‫أيها التخلف ف أعقاب الواصلي استغث بم‪ ،‬علّق على قطارهم فلعل جلك يصل‪.‬‬

‫يا صاح والصاحب ل يدعى به‬

‫أظن أن البي أبقى لـي يدا‬ ‫خذ بيدي من سطوة البي فما‬

‫‪247‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫واكبدا على المى واكبـدا‬ ‫أين ليالينا القصار بالمـى‬
‫يا من قد مضت له ليال مناجاة ث طبق الدستور‪ ،‬وقطع العاملة‪ ،‬اندب زمان الوصل لعل حالً‬
‫حال يعود‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ض فارجعي‬
‫إن عاد ما ٍ‬ ‫يا ليلتـي بـحـاجـر‬
‫تنهال بكل مضـجـع‬ ‫بتنا علـى الحـقـاف‬
‫فقال ل الطيف اسع‬ ‫قالوا الصباح فانتـبـه‬
‫البازل ابـن الـربـع‬ ‫فقمت ملوطـا أظـن‬
‫أطلب ما ليس معـي‬ ‫حيان طـرفـي دائرٌ‬
‫والبـروق الـلّـمّـعِ‬ ‫أرضى بأخبار الـرياح‬
‫شائمة بـلـعـلــع‬ ‫وأين من برق المـى‬
‫إن أردت فـاهـجـع‬ ‫أفرشن المرَ وقـال‪:‬‬
‫ذكر الوصال ف زمان الجر تلف‪ ،‬خصوصا إذا ل يكن للحبيب خلف‪ .‬قال ابن مسروق‪ :‬كنت‬
‫أمشي مع النيد ف بعض دروب بغداد‪ ،‬فسمع منشدا يقول‪:‬‬
‫أيام أنت على اليام منصور‬ ‫منازل كنت تواها وتألفهـا‬
‫فبكى النيد بكاءا شديدا وقال ما أطيب منازلة اللفة والنس‪ ،‬وأوحش مقامات الخالفة ل أزال‬
‫أحن إل أول بدء إرادت وجدة سعيي‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫يا ليلـتـي بـذات الـشـيح والـضـال ومنبت البان من نعـمـان عـودا لـي‬
‫لفي على ما مضى من عصرك الال‬ ‫ويا مـرابـع أطـللـي بـذي سـلـم‬
‫ويا مـآرب نـفـسـي والـذين هــم بالوصل والجر أعـللـي وأبـللـي‬
‫نا يتـم صـار مـأوى كـل بـلـبـال‬ ‫قد كان قلب بكم مأوى السـرور فـمـذ‬
‫من عيشت معكم ما كان بـالـغـالـي‬ ‫فلو شربت بعمـري سـاعة سـلـفـت‬
‫منازل أقـفـرت مـنـكـم وأطـلل‬ ‫مال أعلل نفسي بـالـوقـوف عـلـى‬
‫وظاهري معرب عن باطـن الـحـال‬ ‫من ل بكتمـان مـا ألـقـاه مـن ألـم‬
‫منا وذلك فعـل الـخـائن الـسـالـي‬ ‫قالوا تشاغل عنـا واصـطـفـى بـدلً‬

‫‪248‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وكيف أشغل قلب عـن مـحـبـتـكـم بغـي ذكـركـم يا كـل أشـغـالـي‬
‫الفصل الثالث والسبعون‬
‫واشوقاه إل أرباب الخلص واتوقاه إل رؤية تلك الشخاص‪ ،‬إن لحضر ذكركم فأغيب وإن‬
‫وقت بتذكركم ليطيب‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫على ُش َعبِ الرحل اضطراب الراقم‬ ‫إذا هزنا الشوق اضطربنـا لـهـزّهِ‬
‫فمن صبوات تـسـتـقـيم بـمـائل ومـن أريـياتٍ تـهـب بـنـائم‬
‫وأستشرف العلم حـتـى يدلـنـي على طيبها مر الرياح الـنـواسـم‬
‫تب على تلك الرب والـعـالـمِ‬ ‫ومـا أنـسـم الرواح إل لنـهـا‬
‫الخلص مسك مصون ف مسك القلب تنبه ريه على حامله‪ ،‬العمل صورة والخلص روح‪،‬‬
‫الخلص يعد طاعته لحتقاره لا عرضا وقلم القبول قد أثبتها ف الوهر خالصا‪ ،‬الخلص اليسي‬
‫كثي ووجود عمل الرياء عدم قراضة المان ل تقف‪ ،‬وصحيح الشبه مردود‪ ،‬خليج صاف أنفع‬
‫من بر كدر‪ ،‬إذا ل تلص فل تتعب ل يكسر الوز بالعهن‪ ،‬أتدو وما لك بعي? أتد القوس وما‬
‫لا وتر? أتتجشأ من غي شبع? واعجبا من وحشي بل جبل كم بذل نفسه مراء? لتمدحه اللق‪.‬‬
‫فذهبت والدح ولو بذلا للحق لبقيت والذكر‪ ،‬عمل الرائي بصلة كلها قشور‪ ،‬الرائي يشو جرا‬
‫ب العمل رملً فيثقله ول ينفعه‪ ،‬ريح الرياء جيفة تتحاماها مسام القلوب‪ ،‬وما يفى على الرائي‬
‫على مسانح الفطن‪ ،‬لا أخذ دود القز ينسج أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت‪ :‬لك نسج ول نسج‪،‬‬
‫فقالت دودة القز‪ :‬ولكن نسجي أردية اللوك ونسجك شبكة للذباب وعند مس النسيجي يبي ال‬
‫فرق‪.‬‬
‫تبي من بكى من تباكـا‬ ‫إذا اشتبكت دموع ف خدود‬
‫شجرة الصنوبر تثمر ف ثلثي سنة وشجرة الدبا تصعد ف أسبوعي فتقول لشجرة الصنوبر إن‬
‫الطريق الت قطعتها ف ثلثي سنة قد قطعتها ف أسبوعي‪ ،‬فيقال ل شجرة ولك شجرة فتجيبها‪:‬‬
‫مهلً إل أن تب ريح الريف‪ ،‬قال الدب للدمي‪ :‬أنت تشي على رجلي وأنا أيضا‪ ،‬فقال الدم‬
‫ي‪ :‬ولكن صدمة تردك إل أربع وكم أصدم وأنا منتصف‪.‬‬
‫كان الشياخ ف قدي الزمان أصحاب قدم والريدون أصحاب أل فذهب القدم والل‪ ،‬كان الريد‬
‫يسئل عن غصة والشيخ يعرف القصة فاليوم ل غصة ول قصة‪ ،‬كان الزهد ف بواطن القلوب‪ ،‬ف‬
‫صار ف ظواهر الثياب‪ ،‬كان الزهد حرقة فصار اليوم خرقة‪ ،‬ويك صوف قلبك ل جسمك‪ ،‬وأ‬

‫‪249‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫صلح نيتك ل مرقعتك‪ ،‬غي زيك أيها الرائي فهو يصيح خذون‪ ،‬تملن السيف وما تسن القتال‬
‫سيف ودرع لزمن هتكة‪ ،‬ولقعد فضيحة‪ ،‬البهرج يتبي عند الك إذا كان العلوي ثابت النسب‬
‫ل يتج إل ضفيتي ول يصي الخنث تركيا بلبس القباء‪ ،‬ول الرائي وليا بلبس العباء‪ ،‬هذه من ال‬
‫نكت الفايا وف الزوايا خبايا‪ .‬واعجبا ما للدواعي إل الدعاوي‪ ،‬الباطن ينطق لا علم الصالون‬
‫خطر البيات‪ ،‬أدلوا بأحال العمال ف ليل الكتم‪ ،‬كان البكاء إذا غلب أيوب قال ما أشد الزكا‬
‫م‪.‬‬
‫أليس الدمع يفضحن‬ ‫هبين أستر البلـوى‬
‫ودمع العي يلكن‬ ‫لسان فيك أملـكـه‬
‫صام داود بن أب هند أربعي سنة ل يعلم به أحد‪ ،‬كان يأخذ غداه ويرج إل الدكان فيتصدق به‬
‫ف الطريق فيظن أهل السوق أنه قد أكل ف البيت ويظن أهله أنه قد أكل ف السوق‪.‬‬
‫لابر الرمي‪:‬‬
‫فأصبح ف ليلى بغي يقـي‬ ‫ومستخب عن سر ليلى رددته‬
‫وما أنا إن أخبتم بـأمـي‬ ‫يقولون خبنا فأنت أمينـهـا‬
‫كان ابن سيين يتحدث بالنهار ويضحك‪ ،‬فإذا جاء الليل أخذ ف البكاء والعويل‪.‬‬
‫ل الليل هزتن إليك الضاجع‬ ‫ناري نار الناس حت إذا بـدا‬
‫ويمعن والم بالليل جامـع‬ ‫أقضي ناري بالديث وبالن‬
‫كان خوفهم من الرياء يوجب مدافعة النهار‪ ،‬فإذا خلوا بالبيب ل يصب الشوق‪.‬‬
‫وبالليل يدعون الوى فأجيب‬ ‫أحن بأطراف النهار صبـابة‬
‫لو قدروا على استدامة الكتمان ما أذاعوا وكم يقدر الشتاق أن يكتم الوجدا‪ ،‬إذا جن الليل‬
‫وظلمه‪ ،‬ثار سجن الحب وسقامه‪ ،‬ورمى الوجد فأصابت سهامه‪ ،‬واستطلق مزاد العي فأنل‬
‫سجامه‪ ،‬وطال بالزين قعوده وقيامه‪.‬‬
‫يا جوى بي الضلـوع‬ ‫كم بذكراك ولـوعـي‬
‫من لعين بالجـوع‬ ‫هجع العـاذل لـكـن‬
‫برفـض الـدمـوع‬ ‫هي ف شغل عن النوم‬
‫كورقـاء سـجـوع‬ ‫أتغن بك ف الـحـي‬

‫‪250‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لو أبصرت طلئع الصديقي ف أوائل القوم أو شاهدت ساقة الستغفرين ف أواخر الركب‪ ،‬أو‬
‫سعت استغاثة الحبي ف وسط الليل‪.‬‬
‫سلب النوم وأهدى البحـاءا‬ ‫من رأى البق بنجد إذ ترآى‬
‫والتظى وهنا كأنفاسي التظاءا‬ ‫فاض فيضا كجفونـي مـاؤه‬
‫اتذ الم سيا والبـكـاءا‬ ‫نام سار الدجى عن ساهـر‬
‫فإذا ما أحسن الدمـع أسـاءا‬ ‫أسعدته أدمع تـفـضـحـه‬
‫إذا رأيتم حزينا فارحوه‪ ،‬وإذا شاهدت قلقا فاعذروه‪ .‬وإذا رأيتم باكيا فوافقوه‪.‬‬
‫والب يـلـل الـعـزائم‬ ‫الدمع يـون كـل كـاتـم‬
‫ما أقلقنـي مـن الراقـم‬ ‫القلـب بـحـبـكـم لـديغ‬
‫والسال فيه مـن يسـالـم‬ ‫والوجد يغالب الـمـقـاوي‬
‫سلمت لكم فمـا أخـاصـم‬ ‫هذا ولعـي فـي هـواكـم‬
‫والدمع بقلـتـي يزاحـم‬ ‫سالت بكم دمـوع عـينـي‬
‫والزن تيجه الـعـالـم‬ ‫أبكي أثر البـيب كـرهـا‬
‫مر اللـيل ولـسـت نـائم‬ ‫يا مانع مقلـتـي كـراهـا‬
‫ف الب لكم بأجر صـائم‬ ‫قد صمت عن الوى لحظى‬
‫حيان على الورود حـائم‬ ‫هل يبـذل وردكـم لـظـام‬
‫ما ل تزعجن الـمـائم‬ ‫ناحت فزجرتـهـا حـمـام‬
‫أن تـمـلـك الـقـوائم‬ ‫يرقب إل ذرى غـضـون‬
‫شكواك إذا من العـظـائم‬ ‫تبكي وما شـجـاك شـوق‬
‫ل نسمع لـومة الـلـوائم‬ ‫إن كنت صدقت فاسعدينـي‬
‫ل أبرح والزعـيم غـارم‬ ‫طارت وبقيت ف ضمانـي‬
‫الفصل الرابع والسبعون‬
‫أخوان‪ :‬سار التقون ورجعنا ووصلوا وانقطعنا‪ ،‬وأجابوا الداعي وامتنعنا‪ ،‬ونوا من الشراك‬
‫ووقعنا‪ ،‬تعالوا ننظر ف آثارهم وندرس دارس أخبارهم ونبكي على التفريط ما نابنا‪ ،‬ونندب ما ل‬
‫قنا‪ ،‬وأصابنا‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬

‫‪251‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ليت شعري بعدها أين حلـوا‬ ‫ودعوا يوم النوى واستقـلـوا‬
‫أن عقدي معـهـم ل يـل‬ ‫يا نسيم الريح بـلـغ إلـيهـم‬
‫فإذا هبت سـحـيا فـعـل‬ ‫ل من الريح الشمال انتهـال‬
‫باطن يظهر مـنـه القـل‬ ‫عرضوا قلب لسقـم طـويل‬
‫صار واديهم دمـا ل يـل‬ ‫لو بكت عين على قدر وجدي‬
‫سافر القوم على رواحل الصدق‪ ،‬فقطعوا أرض الصب حت وقعوا برياض النس‪ ،‬فعقبت قلوبم‬
‫بنشر القرب وتعطرت بنسيم الوصل‪ ،‬فعادت سكرى من صرف سلف الوجد وعربدت على عا‬
‫ل السم‪ ،‬فكلما ربا الب ذاب‪.‬‬
‫خذي بيدي ث ارفعي الثوب فانظري ضنا جسدي لكـنـنـي أتـكـتـم‬
‫حائم أرواحهم مسجونة ف أقفاص أشباحهم‪ ،‬تصوت لشجو شوقها وتقلق لضيق حبسها‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫يا لف من غار بن أندا‬ ‫بالغور دا ٌر وبنجـد هـوى‬
‫بعدك والدمع وإن أو مـدا‬ ‫يا حبذا الذكرى وإن أسهرتْ‬
‫البكاء دأبم والدمع شرابم والوع طعامهم والصمت كلمهم فلو رأيتهم وعذالم وقد زادوا‬
‫بالعذل أثقالم‪.‬‬
‫سلمت ما عنان فاستـهـنـت بـه ل يعرف الشجو إل كل ذي شجـن‬
‫شتان بي خلـي مـطـلـق وشـج ف ربقة الب كالصفود ف قرن‬
‫أمسيت تشهب باد من ضن جسـدي بداخل من جوى ف القلب مكتمـن‬
‫بسوء حال وحل للضنـى بـدنـي‬ ‫إن كان يوجب ضري رحت فرضي‬
‫منحتك القلب ل أبغي بـه ثـمـنـا إل رضاك ووافقري إل الـثـمـن‬
‫أعندك من حديثهم خب? ألك ف طريقهم أثر? لالد الكاتب‪:‬‬
‫وليل الحب بل آخـر‬ ‫رقدت ول ترث للمساهر‬
‫ما فعل الدمع بالناظـر‬ ‫ول تدر بعد ذهاب الرقاد‬
‫نازلم الوف فصاروا ولي‪ ،‬وفاجأهم الفكر فعادوا متحيين‪ ،‬وجن عليهم الليل فرآهم ساهرين‪،‬‬
‫وهبت رياح السحار فمالوا مستغفرين‪ ،‬فإذا رجعوا وقت الفجر بالجر نادى منادي الجر يا‬
‫خيبة النائمي‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫دموع ناها الوجدان تتوقفا‬ ‫ولا وقفنا والرسائل بينـنـا‬
‫النيق فقطعن القلوب تأسفا‬ ‫ذكرنا الليال بالعتيق وظلها‬
‫جليت أوصاف البيب ف حلية الكمال فقاموا على أقدام الشوق يسبحون ف فلوات الوجد فلو‬
‫رأيتموهم لقلتم ماني‪ ،‬هيهات من ل يعرف مناسك الج‪ ،‬نسب الحرمي إل البل‪ ،‬الناس‬
‫يضحكون وهم يبكون‪ ،‬ويفرحون وهم يزنون‪ ،‬وينامون وهم يسهرون‪.‬‬
‫واأسفي للفراق واأسفي‬ ‫تركت ليلى أمد من نفسي‬
‫لا تكنت العرفة من قلوبم أثرت شدة الوف‪ ،‬فارتفع ضجيج الوجد‪.‬‬
‫رأى الصديق طائرا فقال‪ :‬طوب لك يا طائر‪ ،‬تقع على الشجر‪ .‬وتأكل من الثمر ول حساب‬
‫عليك‪ ،‬ليتن كنت مثلك‪ ،‬وقال عمر‪ :‬ليتن كنت تبنة‪ ،‬ليت أمي ل تلدن‪ .‬وقال ابن مسعود‪ :‬ودد‬
‫ت أن إذا مت ل أبعث‪ .‬وقال عمران ابن حصي‪ :‬ليتن كنت رمادا‪ .‬وقال أبو الدرداء‪ :‬ليتن كن‬
‫ت شجرة تعضد‪ ،‬وقالت عائشة‪ :‬ليتن كنت نسيا منسيا‪.‬‬
‫ودخلوا على عطاء السلمي وحوله بلل‪ ،‬فظنوه قد توضأ فقالت عجوز ف داره‪ :‬هذه دموعه‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫حاملةٌ للماء من أدمـعـي‬ ‫كلّ سحابٍ أمطرتْ أرضكم‬
‫فإنا الزفرة من أضلعـي‬ ‫ح زعزعت تُربكـم‬
‫وكل ري ٍ‬
‫أتاهم من ال وعيد وقذهم‪ ،‬فباتوا على حرق‪ ،‬وأكلوا على تنغيص فنومهم نوم الغرقى‪ ،‬وأكلهم‬
‫أكل الرضى‪ ،‬عجزت أبدانم عما حلت قلوبم "فمنهم من قضى نبه ومن من ينتظر"‪.‬‬
‫قال فرقد‪ :‬دخلت بيت القدس خسمائة عذراء لباسهن الصوف والسوح‪ ،‬فتذاكرن ثواب ال وع‬
‫قابه فمت جيعا ف مقام واحد‪.‬‬
‫قال أبو طارق شهدت ثلثي رجلً دخلوا مالس الذكر يشون بأرجلهم صحاحا إل الجلس‪ ،‬وأ‬
‫جوافهم وال قرحة‪ ،‬فلما سعوا الذكر انصدعت قلوبم‪.‬‬
‫إن التآسي روح كـل حـزين‬ ‫قصوا على حديث من قتل الوى‬
‫قال عبد الواحد بن زيد لو رأيت السن‪ ،‬لقلت قد بث عليه حزن اللئق‪ ،‬ولو رأيت يزيد‬
‫الرقاشي لقلت مثكل‪ ،‬أقبل ولد يزيد يوما يعاتبه على كثرة بكائه‪ ،‬فجعل يصرخ ويبكي حت‬
‫غشي عليه‪ .‬فقالت أمه يا بن ما أردت بذا? فقال‪ :‬إنا أردت أن أهون عليه‪.‬‬
‫وبعد الزار زاد الـسـهـادا‬ ‫صحة الشوق أحدثت علة الصب‬
‫فكان الصلح منـه فـسـادا‬ ‫كم عذول عليكم رام إصلحـي‬

‫‪253‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فكلنا ف أمره قـد تـمـادى‬ ‫كلما زاد عـذلـه زاد وجـدي‬
‫وجنب أفرشتمـوه الـقـتـادا‬ ‫من لقلب أصليتموه لظى المر‬
‫الحب إن تذكر الربع حن وإن تفكر ف البعد أن‪ ،‬وإن جن عليه الليل أظهر ما أجن‪ ،‬قطع رضاع‬
‫الوصال فلم يتهن‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫فانقضى الليل سهادا وقـيامـا‬ ‫يا بريق الي حرمت النـامـا‬
‫كيف والشوق بروحي يترامـى‬ ‫أترى ما قد أرى يا صاحـبـي‬
‫حلبت أشطرها أيدي النعامـى‬ ‫يا سقى ال حـمـاهـم مـزنة‬
‫أن نفسي مع أنفاس الزامـى‬ ‫يا نسـيم الـريح بـلـغ وأعـد‬
‫عند جرعاء المى عودا لاما‬ ‫آه لـو عـاد زمـانـي بـهـم‬
‫أسفا لو أنه يشفـي الـنـدامـا‬ ‫يا ليالينا بذي الثـل ارجـعـي‬
‫بنقي الرمل عن السم السلما‬ ‫يا صاحب بلغـوا إن جـزتـم‬
‫ورحلنا عنه بالـوجـد أقـامـا‬ ‫إن قلب يوم طفنـا بـالـلـوى‬
‫علم الورق سوى وجدي الغراما‬ ‫يا غرامي إن شدت ورق وهـل‬
‫يرتقي بل ينتقي من العظامـا‬ ‫قلقي ف حرقـي مـن أرقـي‬
‫رجع الاء بواديهـم حـرامـا‬ ‫طرب ف كرب من حـربـي‬
‫رجع الاء بواديهـم حـرامـا‬ ‫لو جرت عين على قدر السى‬
‫الفصل الامس والسبعون‬
‫أخوان‪ :‬اللوة مهر بكر الفكر وسلم معراج المة‪ ،‬حري العزلة مصون من عيب غيث عبث‪ ،‬إذا‬
‫خلت دار اللوة عن الصور تفرغ القلب للحظة العان‪.‬‬
‫بك من كـل أنـيس‬ ‫أوحشتن خلـواتـي‬
‫بالغيب جـلـيسـي‬ ‫وتفردت فعـاينـتـك‬
‫إل العن النفـيس‬ ‫ودعان الوجد والب‬
‫أنفاس الـنـفـوس‬ ‫فبدا ل أن مهر الب‬
‫على طرس الرسيس‬ ‫فكتبت العهد للحـب‬

‫‪254‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا هذا‪ ،‬إذا رُزقت يقظة فصنها ف بيت عزلة‪ ،‬فإن أيدي العاشرة نابة‪ ،‬احذر معاشرة الهال فإن‬
‫الطبع لص‪ ،‬ل تصادقن فاسقا‪ ،‬فإن من خان أول منعم عليه ل يفي لك‪ ،‬يا أفراخ التوبة لزموا‬
‫أوكار اللوة فإن هر الوى صيود‪ ،‬إياك والتقرب من طرف الوكر والروج من بيت العزلة حت‬
‫يتكامل نبات الواف وإل كنت رزق الصائد‪ ،‬النس بالنس ربق‪ ،‬الخالطة توجب التخليط وأيس‬
‫ر تأثيها تشتيت الم‪.‬‬
‫إن ل يصب بعضها أن ينفز الغنم‬ ‫أقل ما ف سقوط الذئب ف غنـم‬
‫قطع العلئق أصل الصول‪ ،‬فرغ ل بيتا أسكنه‪ ،‬إن الطائر إذا كان زاقا ل يرسل ف كتاب‪ ،‬تأملوا‬
‫إل الفرس إذا قدم إل الاء الصاف كيف يضرب بيديه فيه حت يتكدر‪ ،‬أتدرون ل? لنه يرى‬
‫صورة نفسه ف الاء الصاف وصورة غيه فيكدره حت ل تتبي فيه الصور فيتهن بالشرب‪ ،‬ل يظه‬
‫ر ف خلوة التيقظ إل الق‪ ،‬كان أويس يهرب من الناس فيقولون منون‪ ،‬وصف الرسول صلى ا‬
‫ل عليه وسلم لصحابه حلية حلته فقوي توق عمر وكان ف كل عام يسأل عنه أهل اليمن‪.‬‬
‫علينا فدق أمسى هوانا يانـيا‬ ‫أل أيها الركب اليمانون عرجوا‬
‫وحب إلينا بطن نعمـان واديا‬ ‫نسائلكم هل سال نعمان بعدنـا‬
‫لا كانت آخر حجة حجها عمر قام على أب قيس فنادى بأعلى صوته أفيكم أويس? للشريف‬
‫الرضي‪:‬‬
‫أراعي النوب رواحا ومغدى‬ ‫وإن للشوق مـن بـعـدهـم‬
‫بغيث يُجلجل بـرقـا ورعـدا‬ ‫وأفرح من نو أوطـانـهـم‬
‫أحيي الوجوه كهـو ًل ومُـرْدا‬ ‫إذا طلع الركب يـمـتـهـم‬
‫وعن أرض ندٍ ومن حل ندا‬ ‫وأسألم عن عقيق الـحـمـى‬
‫من كان أقرب بالرمل عهـدا‬ ‫نشدتكم الـلـه فـلـيُخـبـرنّ‬

‫أنار الربيع علـيهـا وأسـدى‬ ‫هل الدار بالـزع مـأهـولةٌ‬


‫على مضرٍ من زرود ومبدا?‬ ‫وهل جلب الغـيث أخـلقـه‬
‫كان أويس يأت الزابل إذا جاع فأتاها يوما فنبح عليه كلب فقال يا كلب ل تؤذ من ل يؤذيك‪،‬‬
‫كل ما يليك‪ ،‬وآكل ما يلين فإن دخلت النة فأنا خي منك‪ ،‬وإن دخلت النار فأنت خي من‪.‬‬
‫وخضوعه لبيبه شـرف‬ ‫ذل الفت ف الب مكرمة‬

‫‪255‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كان الصبيان يرمونه بالجارة‪ ،‬والعقلء عند نفوسهم يقولون منون والحبة تنهاه أن يفسر ما‬
‫استعجم‪.‬‬
‫وأرجو شفائي منهم وهم هـم‬ ‫أبثهم وجدي وهم بـي أعـلـم‬
‫وينعن من ذاك خوف منهم‬ ‫وكم كدت من شوق أبي من هم‬
‫فقلت لم وال بالصدق أعلـم‬ ‫وكم عذلون فيهم غـي مـرة‬
‫وجسمي لديكم كيف أفهم عنكم‬ ‫إذا كان قلب موثقا ف حبالكـم‬
‫إل أن يعود القلب ث تكلمـوا‬ ‫فإن شئتم أن تعدلوا فتوصـلـوا‬
‫صاحب أهل الدين وصافهم‪ ،‬واستفد من أخلقهم وأوصافهم‪ ،‬واسكن معهم بالتأدب ف دارهم‬
‫وإن عاتبوك فاصب ودارهم‪ ،‬إن ل يكن لك مكنة البذر ول تطق مراعاة الزرع فقف ف رفقة "وإذا‬
‫حضر القسمة أولوا القُرب" أنت ف وقت الغنائم نائم‪ ،‬وقلبك ف شهوات البهائم هائم‪ ،‬إن صدق‬
‫ت ف طلبم فانض وبادر‪ ،‬ول تستصعب طريقهم‪ .‬فالعي قادر‪ .‬تعرض لن أعطاهم وسل فمول‬
‫ك مولهم‪ ،‬رب كن وقع به فقي‪ ،‬ورب فضل فاز به صغي‪ ،‬علم الضر ما خفي على موسى‪ ،‬وك‬
‫شف لسليمان ما غطي عن داود‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬ل تتقر نفسك فالتائب حبيب‪ ،‬والنكسر مستقيم‪ ،‬إقرارك بالفلس غن‪ ،‬اعترافك بالط‬
‫أ إصابة‪ ،‬تنكيس رأسك بالندم رفعة‪ ،‬عرضت سلعة العبودية ف سوق البيع فبذلت اللئكة نقد "و‬
‫نن نُسبّح" فقيل ما تؤثر سكة دراهكم‪ ،‬فإن عجب الضارب بسرعة الضرب أوجب طمسا ف ال‬
‫نقش فقال آدم‪ :‬ما عندي إل فلوس إفلس‪ ،‬نقشها "ربنا ظلمنا أنفسنا" فقيل هذا الذي ينفق على‬
‫خزانة الاص‪ ،‬أني الذنبي أحب إلينا من زجل السبحي‪.‬‬
‫السرار حت درت الماق‬ ‫واستعذبوا ماء الفون فعذبوا‬
‫يا معاشر الذنبي إن كان يأجوج الطبع‪ ،‬ومأجوج الوى‪ ،‬قد عاثوا ف أرض قلوبكم "فأعينون‬
‫بقو ٍة أجعلْ بينكم وبينهم ردما" اجعوا ل عزائم قوية تشابه زبر الديد‪ ،‬وتفكروا ف خطاياكم‬
‫لتثور صعداء السف فل أحتاج أن أقول "انفخوا" شيدوا بنيان العزائم بجر الألوف‪ ،‬ليستحجر ا‬
‫لبناء فنستغن أن نفرغ عليه قطرا‪ ،‬هكذا بناء الولياء قبلكم‪ ،‬فجاء العداء "فما استطاعوا أن يظ‬
‫هروه"‪.‬‬
‫ليس ها ما عاق عنه الظلم‬ ‫ليس عزما ما مرض الرء فيه‬
‫الد جد فما تتمل الطريق الفتور‪ ،‬ضاقت أيام الوسم‪ ،‬فجعجعوا بالبل كذا أسيد الضب إذا‬
‫عوتب ف كثرة بكائه يقول‪ :‬كيف ل أبكي وأنا أموت غدا? وال ل أبكي فإن أدركت بالبكاء‬

‫‪256‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫خيا‪ ،‬فمن ال علي وإن كانت الخرى فما بكائي ف جنب ما ألقاه? كانت عابدة ل تنام من اللي‬
‫ل إل يسيا فعوتبت ف ذلك فقالت‪ :‬كفى بطول الرقدة ف القبور رقادا‪.‬‬
‫إنا العذل لن يقـبـل‬ ‫أيها العذال ل تعـذلـوا‬
‫طال ليلي والوى أطول‬ ‫وأرى ليلي ل ينقـضـي‬
‫تزوج رباح القيسي امرأة فرأته نائما طول الليل فقالت‪ :‬ليت شعري من غرن بك يا رباح?‬
‫وروى ثراك من مزن دمـع‬ ‫يا عقيق المى حى ال مغناك‬
‫فيتاح قـلـبـه لـلـجـزع‬ ‫من لصب يشوقه لمح البـرق‬
‫ورفيق إن ل تقف بالـربـع‬ ‫يا خليلي ما أنت ل بـخـلـيل‬
‫هذه طريقهم فأين السالك? هذه صفاتم فأين الطالب?‬
‫فأين سلمى والـخـيام‬ ‫هذي النازل والعقـيق‬
‫ليتم فـيهـا مـقـام‬ ‫ل يبق مذ صاحوا النوى‬
‫الفصل السادس والسبعون‬
‫أيها القصر عن طلب الزاد‪ ،‬كيف تدرك العال بغي اجتهاد? أين أهل السهر من أهل الرقاد? أين‬
‫الراغبون ف الوى من الزهاد? رحل التيقظون مستظهرين بكثرة الزاد كل جواد لم يعرف‬
‫الواد فساروا فزاروا والكسلن عاد‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ت ندا وراء الدل الساري‬
‫خلّف َ‬ ‫يا قلبِ ما أنت من ندٍ وساكنِـهِ‬
‫أهفو إل الركب تعلو ل ركائبـهـم من المى ف أُسَيحاق وإطـمـار‬
‫ح نـدٍ مـن ثـيابـهـم عند القدوم لقرب العـهـد بـالـدار‬
‫تفوحُ أروا ُ‬
‫يا راكبان قفا ل فاقـضـيا وطـري وحدثان عـن نـجـد بـأخـبـار‬
‫خيلةُ الطاح ذات البان والـغـاري‬ ‫ت قاعة الوعساء أم مطرت‬
‫ض ْ‬
‫هل ُروّ َ‬
‫أم هل أبيتُ ودا ٌر عـنـد كـاظـمةٍ داري وسّار ذاك الي سـمـاري‬
‫ب عن مدمعي الـار‬
‫فلم يزال إل أن َنمّ بـي نـفَـسـي وح ّدثَ الرك َ‬
‫لا صفت خلوات الدجى‪ ،‬نودي آذن الوصول أقم فلنا وأن فلنا خرجت بالساء الرائد‪ ،‬وفاز‬
‫الحباب بالفوائد‪ ،‬قال أحد بن أب الواري‪ :‬قلت لمرأت رابعة وقد قامت من أول الليل قد‬

‫‪257‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه‪ ،‬ما رأينا من يقوم من أول الليل‪ .‬فقالت‪ :‬سبحان ال مثلك يقول‬
‫هذا? أما أقوم إذا نوديت ‪ .‬للمتنب‪:‬‬
‫جدي مثل من أحببته تدي مثلـي‬ ‫تقولي ما ف الناس مثلـك وامـق‬
‫فصعب العلى ف الصعب والسهل‬ ‫ذرين أنل ما ل ينال من العـلـى‬
‫ول بد دون الشهد من غب النحـل‬ ‫تريدين إدراك العالـي رخـيصة‬
‫لا دارت كؤوس النوم على أفواه العيون‪ ،‬فسكرت بالشراب اللباب فطرحت الجساد على‬
‫فراش "يََت َوقّى" صاحت فصاحة الب بالحب‪ :‬كل مسكر حرام‪ ،‬فلما نفخ ف صور اليقاظ ف‬
‫أبان "وَُيرْسِ ُل الُخرى" قام أموات النوم وقد رحل سفر الوصال‪ .‬فلم يروا إل آثار القرب ف منا‬
‫خ الحباب وأثا ف "تتجاف" ستر القوم قيامهم بالليل فستر جزاءهم أن يطلع عليه الغي "فل تعلمُ‬
‫نفسٌ" فلو عانيتهم وقد دارت كؤوس الناجاة بي مزاهر التلوة فأسكرت قلب الواجد‪ ،‬ورقمت‬
‫ف صحائف الوجبات تعرفهم " بسيماهم "‪.‬‬
‫كتمشي البء ف السقم‬ ‫وتشت ف مفاصلهـم‬
‫اشتهر بقيام الليل كله‪ ،‬وصلة الفجر بوضوء العشاء‪ ،‬سعيد بن السيب وصفوان سليم وممد بن‬
‫النكدر الدنيون وفضيل ووهب الكيان طاوس ووهب اليمانيان والربيع بن خيثم والكم‬
‫الكوفيان وأبو سليمان الداران وأبو جابر الفارسيان وسليمان التيمي ومالك بن دينار ويزيد الرقا‬
‫شي وحبيب العجمي ويي البكائي وكهمس ورابعة البصريون‪.‬‬
‫قالت أم عمرو بن النكدر‪ :‬يا بن أشتهي أراك نائما‪ :‬فقال يا أماه إن الليل ليد علي فيهولن فينق‬
‫ل شهرين فما رآه نائما فقال مالك‪ :‬ل تنام? ف‬
‫ضي عن وما قضيت منه مأرب‪ .‬وصحب رجل رج ً‬
‫قال‪ :‬إن عجائب القرآن أطرن نومي ما أخرج من أعجوبة إل وقعت ف أخرى‪.‬‬
‫عذل الحب يزيد ف إغرائه‬ ‫ل تلحه إن كنت من سجـرائه‬
‫ما شاء فهو مسلم لقـضـائه‬ ‫ودع الوى يقضي عليه بكمه‬
‫ونعيمه ف ذاك عي شقـائه‬ ‫فشقاؤه فيمـا يراه نـعـيمـه‬
‫وحنت أضالعه على برحـائه‬ ‫كحلت مآقيه بطول سـهـاده‬
‫باليف واعجبا لطول بقـائه‬ ‫دنف ببابل جسـمـه وفـؤاده‬
‫قال سفيان إن ل ريا تسمى الصبحية‪ ،‬مزونة تت العرش تب عند السحار فتحمل الني‬
‫والستغفار‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬

‫‪258‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫شد ما هِجت السا والبُرحا‬ ‫يا نسيم الريح من كـاظـمةٍ‬
‫إنا كانت لقلبـي أروحـا‬ ‫الصبا إن كان لبد الصّـبـا‬
‫ربّ ذكرى قرّبَت من نزحا‬ ‫أذكرونا ذكرنا عـهـدكُـمُ‬
‫شربَ الدّمع وعافَ القدَحا‬ ‫وارحوا صبّا إذا غنّى بكـم‬
‫يا طويل النوم فاتتك مدحة "تتجاف" وحرمت منحة "والستغفرين" ولست من أهل عتاب فإذا‬
‫جنة الليل نام عن‪ ،‬ليس ف ليل الجر منام ومت رأيت مبا ينام? للمتنب‪:‬‬
‫على مقلة من فقدكم ف غياهب‬ ‫فإن نـاري لـيل ٌة مـدلـهـ ّمةٌ‬
‫ب باجـب‬
‫عقدت أهال ك ّل هد ٍ‬ ‫بعيد ِة ما بي الفون كـأنـمـا‬
‫ثورت ف الليل الداة وعكمت أحال العمال وسارت رفقة التهجدين وترن كل ذي صوت‬
‫بشجو‪ ،‬وأنت ف الرقدة الول بعد‪.‬‬
‫شوق بل عبة ساق بـل قـدم‬ ‫ل يل مرجان دمع من عقيق دم‬
‫يا هذا‪ ،‬كيف تطبق السهر مع الشبع? كيف تزاحم أهل العزائم بناكب الكسل‪:‬‬
‫قد مارسوا الب حت لن أصعبه‬ ‫دع الوى لناسٍ يعـرفـون بـه‬
‫بلوت نفسك فيما لست تـخـبـره والشيء صعبٌ على من ل يربه‬
‫فرب مدرك أمر عز مطـلـبـه‬ ‫فاقن اصطبارا وإن ل تستطع جلدا‬
‫ف كل يوم ويعيين تـقـلـبـه‬ ‫أحنو الضلوع على قلب يينـي‬
‫ول مع البق من نعمان يطربـه‬ ‫تناوح الريح من نـجـد يهـيجـه‬
‫الفصل السابع والسبعون‬
‫إذا هبت رياح الواعظ أثارت من قلوب التيقظي غيم الغم على ما سلف‪ ،‬وساقته إل بلد الطبع‬
‫النحرف برعد الوعيد وبرق الشية‪ ،‬فتترقى دموع الحزان من بر قعر القلب إل أوج الرأس‬
‫فتسيل ف ميازيب الشئون على سطوح الوجنات فإذا أعشب السر اهتز فرحا بالنابة‪.‬‬
‫فهل من عيون بعدها نستعيهـا‬ ‫مت بعدكم تلك العيو ُن دموعَهـا‬
‫إذا هب ندي الصبا يستثـيهـا‬ ‫رحلنا وف سر الفـؤاد ضـمـائرٌ‬
‫وقد أخذ اليثاق منك غـديرَهـا‬ ‫أتنسى رياض الغَو ِر بعد فراقـهـا‬
‫يغازله كر الصبـا ومـرورهـا‬ ‫يعده مـر الـشـمـال وتـارة‬
‫وشيح بوادي الثل أرض نسيها‬ ‫الهل إل شم الزامى وعرعـر‬

‫‪259‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫رسالة مزونٍ خواه سطـورهـا‬ ‫أل أيها الركب العراقي بـلّـغـوا‬
‫على صفحة الذكرى ماه زفيها‬ ‫إذا كتبت أنفاسه بعـض وجـدهـا‬
‫أم الوجد يذكي نـاره ويثـيهـا‬ ‫ترفق رفيقي هل بدت نار أرضهم‬
‫شفى النفس أمر ث عاد يضيهـا‬ ‫أعد ذكرهم فهو الشفـاء وربـمـا‬
‫خل ما حل منها وجاء مريرهـا‬ ‫أل أين أزمان الوصال الت خلـت‬
‫تضوع رياها وفاح عـبـيهـا‬ ‫سقى ال أيّاما مـضـت ولـيالـيا‬
‫من تفكّر ف تفريطه أنّ‪ ،‬ومن تذكر أيام وصله حنّ‪ ،‬من سع صوت المام ظنه لسن الصوت‪،‬‬
‫كل بل لذكر ما مر من العيش‪ ،‬إذا نظر السي إل نفسه ف ضيق القد ول يقدر على ضك القيد‬
‫قطع حزنه حيازي القلب فنفسه بالسف ف آخر نفس‪.‬‬
‫وتبكي إذا الورقاء ف الغصن غنت‬ ‫تيم إذا ريح الصبا نسمـت لـهـا‬
‫إذا جذب الصبح اللثـام تـأوهـت وإن نشر الليل الـنـاح أرنـت‬
‫كان داود يؤتى بالناء ناقصا فل يشربه حت يتمه بالدموع‪.‬‬
‫تزج فإن بدمعي مازج كأسي‬ ‫يا ساقي القوم إن دارت علي فل‬
‫كان ف خد عمر بن الطاب خطان أسودان من البكاء وكان ف وجه ابن عباس كالشراكي‬
‫الباليي من الدمع‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫تف ضروع الزن وهي حلوب‬ ‫أل من لعي من بكاها على المى‬
‫عليه العطاش الائمات تـلـوب‬ ‫بكت وغدير الي طام وأصبحت‬
‫ول أن ماء الـاقـيي شـروب‬ ‫وما كنت أدري أن عينـا ركـية‬
‫كان السن يبكي حت يرحم‪ ،‬وكان الفضيل بن عياض يبكي ف النوم حت ينتبه أهل الدار‬
‫ببكائه‪ .‬وكان عطاء يبكي ف غرفة له حت تري دموعه ف اليزاب‪ ،‬فقطرت يوما إل الطريق على‬
‫بعض الارين فصاح يا أهل الدار‪ :‬أماؤكم طاهر? فصاح عطاء‪ :‬اغسله فإنه دمع من عصا ال‪.‬‬
‫ومن سره ف جفنه كيف يكتم‬ ‫ومن لبه مع غيه كيف حاله‬
‫وقالوا لعطاء السلمي‪ :‬ما تشتهي? فقال‪ :‬أشتهي أن أبكي حت ل أقد أن أبكي‪.‬‬
‫فهل عند رسم دارس من معول‬ ‫وإن شفائي عبـرة مـهـراقة‬

‫‪260‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كان أشعث الدان وحبيب العجمي يتزاوران فيبكيان طول النهار وكان حزام وسهيل وعبد‬
‫الواحد كل واحد ف بيت يتجاوبون بالبكاء‪.‬‬
‫للخفاجي‪:‬‬
‫فاترعوا من الغرام أكؤسا‬ ‫ركب هوى تاذبوا حديثه‬
‫ظننتها ماءً وكانت أنفسـا‬ ‫واسبلوا من الفون أدمعا‬
‫أظنها نشطة وجد حبسـا‬ ‫لقد سعت ف الرحال أّنةً‬
‫البكاء موكل بعيون الائفي كلما هت بفتح طرف لتنظر إل طرف من طرف الدنيا طرفته دمعة‪،‬‬
‫قال عليه السلم‪" :‬عينان ل تسّهما النار‪ ،‬عي بكت من خشية ال‪ ،‬وعيٌ باتت ترس ف سبيل‬
‫ال"‪ .‬قال السن‪ :‬لو بكي عبد من خشية ال لرحم من حوله ولو كانوا عشرين ألفا‪ .‬وقيل لثابت‬
‫البنان عال عينيك ول تبك‪ .‬فقال‪ :‬أي خي ف عي ل تبكي‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫إليكم فما نفعي بسمعي وناظري‬ ‫إذا ل أفز منكم بوعـدٍ ونـظـرةٍ‬
‫دموعي وزفرات حني مزاهري‬ ‫مت غنت الورقاءُ كانت مدامتـي‬
‫البكاء لجل الذنوب مقام الريد‪ ،‬والبكاء على الحبوب مقام العارف‪.‬‬
‫لو كان فيك هلكها ما أقلعت‬ ‫روحي إليك بكلها قد أجعت‬
‫حت يقال من البكاء تقطعت‬ ‫تبكي عليك بكلها عن كلـهـا‬
‫فلطالا متعتها فتمـتـعـت‬ ‫فانظر إليها نظرة بتعـطـفٍ‬
‫إخوان‪ :‬حر الوف صيف الذوبان وبرودة الرجاء شتاء الغفلة‪ .‬ومن لطف به كان زمانه كله‬
‫فصل‪:‬‬
‫تبكي لطول تباع ٍد وفـراق‬ ‫عي تسر إذا رأتك وأختهـا‬
‫وعِد الت أبكيتها بـتـلق‬ ‫فاحفظ لواحدة دوام سرورها‬
‫سبحان من روح أرواح الائفي بريح الرجاء الضعيف‪ ،‬إذا ل يتلف تلف ل بد للمكروب من‬
‫نسيم بارد‪:‬‬
‫إذا عزمت على البوب‬ ‫بال يا ريح الـشـمـال‬
‫الستهام إل البـيب‬ ‫فتحملي شكوى الحـب‬
‫لا بعدت عن الطبـيب‬ ‫قرب الضن من مهجت‬

‫‪261‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وقفت عتبة الغلم ليلة على ساحل البحر إل الصباح يقول‪ :‬إن تعذبن فإن لك مب‪ ،‬وإن ترحن‬
‫فإن لك مب‪ .‬يا قومنا الحب مع بذل روحه يرتاح إل الن وإل لعل لنه ل يرى ما بذل‪ ،‬يصلح‬
‫ثنا لا طلب‪:‬‬
‫ودمعي فيهم عـلـق‬ ‫بقلب منهـم عـلـق‬
‫لا الحشاء تتـرق‬ ‫وب من حبهم حـرق‬
‫فليتهم لـه رمـقـوا‬ ‫وما تركوا سوى رمقي‬
‫كان عبد الواحد يقول لعتبة‪ :‬أرفق بنفسك فيبكي ويقول‪ :‬إنا أبكي على تقصيي‪.‬‬
‫فقلت يا قوم ليس القلب من قبلي‬ ‫قالوا تصب فما هذا النون بـم‬
‫واعجبا‪ ،‬أو يقدر الحب على التصرف ف قلبه? كل دين الحب الب‪ .‬لب الشيص الزاعي‪:‬‬
‫متـأخـر عـنـه ول مـتـقـدم‬ ‫وقف الوى ب حيث أنت فليس ل‬
‫حبا لذكرك فليلـمـنـي الـلـوم‬ ‫أجد الـلمة فـي هـواك لـذيذة‬
‫دخلوا على رابعة فقالت‪ :‬لقد طالت عليّ اليام بالشوق إل لقاء ال تعال‪ :‬ودخلوا عليها مرة‬
‫أخرى فقالوا‪ :‬أتشتاقي إليه? فقالت‪ :‬هو حاضر معي‪ .‬قالوا‪ :‬يا رابعة هذا ضد الول‪ ،‬أجابت‬
‫بلسان الال‪ :‬هكذا تي الحب‪.‬‬
‫وأسأل عنهم من أرى وهم معي‬ ‫ومن عجب أن أحـن إلـيهـم‬
‫ويشتاقهم قلب وهم بي أضلعي‬ ‫وتطلبهم عين وهم ف سوادهـا‬
‫إذا بدت رابعة ف القيمة متمرة وقعت ليبة خارها طيالسة العلماء‪ ،‬كان سفيان يتأدب لرابعة‬
‫كان هو صاحب مزن العلم فتردد إل القهرمانة لن لا دخو ًل أكثر منه رحل اللك وبقي‬
‫الدعون‪ ،‬أترى أي طريق سلكوا? نن ملكنا والقوم ملكوا‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪ ،‬وللمهيار‪:‬‬
‫فسائل ل الـ ّدمَـنـا‬ ‫يا صاحبَ ْي رَحْلي قِفـا‬
‫ذاك الكثيب اليـنـا‬ ‫وامطرا دمعـكـمـا‬
‫إذا عدمت السـكـنـا‬ ‫ما الدار عندي سكـن‬
‫فظعنوا فـظَـعِـنـا‬ ‫كان فـؤادي وهــمُ‬
‫تلك الثلث من منـى‬ ‫مُنً لعينـي أن تـرى‬
‫يومي بسلـع هـينـا‬ ‫ويوم سلـع لـم يكـن‬

‫‪262‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تبايعنا فحزتُ الغبنـا‬ ‫ويوم ذي الـبـــان‬
‫وكان قلب الثـمـنـا‬ ‫كان الغرام الشتـرى‬
‫كالطرف أغضى ورنا‬ ‫وبـارق أشـيمـــه‬
‫والذكرى تيج الزنا‬ ‫ذكـرنـي الحـبـاب‬
‫تؤام عسـفـان بـنـا‬ ‫من بطن مر والسـرى‬
‫بعـد مـا لح لـنـا‬ ‫وبالعـراق وطـرى يا‬
‫??الفصل الثامن والسبعون‬
‫الحب يتعلق بكل شيء ويهيم ف كل واد‪ ،‬على القلق يشي وعلى الرق يسي‪:‬‬
‫أهيم بكمُ غربا وأطلبكـم شـرقـا‬ ‫بقيت على الطلل من بعدكم ملقى‬
‫يانية عنكم وأستنبـؤ الـبـرقـا‬ ‫وأسأل أنفاس الـرياح إذا جـرت‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يرج إل حراء ويبدو إل التلع‪ .‬مقاساة اللق ظلمة‪،‬‬
‫والبيب ل يتجلى إل ف خلوة‪.‬‬
‫أحدث عنك النفس ف السر خاليا‬ ‫وأخرج من بي البيوت لعلـنـي‬
‫الحب مقتول بل سيف ملقى ف من الن ل عند اليف‪ ،‬إذا سع صوت منشد قد غرد خلع لام‬
‫الصب وتشرد‪.‬‬
‫وسار القوم ف الوادي‬ ‫ولا غـرد الـحـادي‬
‫بل مـــاء ول زاد‬ ‫وراح القلب يتبعـهـم‬
‫صريعا ما لـه فـاد‬ ‫رأيت قتيل بـينـهـم‬
‫أول علمات الحبة دموع العي وأوسطها قلق القلب ونايتها احتراقه‪.‬‬
‫لقيس ذريح‪:‬‬
‫وحر على الجساد ليس له برد‬ ‫هل الب إل زفرة بعد زفـرة‬
‫لنا علم من أرضكم ل يكن يبدو‬ ‫وفيض دموع تستهـل إذا بـدا‬
‫قال ذو النون‪ :‬لقيت امرأة متعبدة فوعظتن فبكيت فقالت‪ :‬ل تبكي? قلت لا‪ :‬أو العارف ل‬
‫يبكي? قالت‪ :‬إذا بكى استراح ول راحة للمؤمن دون لقاء ربه‪.‬‬
‫بالدمـع مـدمـعـا‬ ‫ل وحبيك ل أصافـح‬
‫وإن كان مـوجـعـا‬ ‫من بكى شجوه استراح‬

‫‪263‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أهون من أن تقطعـا‬ ‫كبـدي فـي هـواك‬
‫فّ للسقم موضـعـا‬ ‫ل تدع سورة الضنـى‬
‫الحبة نزالة وقوتا الهج‪ .‬كانت أضلع عمر بن عبد العزيز تعد‪ ،‬وكان جسد سرى كالشن‪.‬‬
‫وقف أبو يزيد ف الحراب فكب فتقعقعت عظامه‪.‬‬
‫لا بي جلدي والعظام دبيب‬ ‫وإن لتعرون لذكراك روعة‬
‫فأبت حت ل أكاد أجـيب‬ ‫فما هو إل أن أراها فـجـأة‬
‫إذا رأيت مبا ول تدر لن? فضع يدك على نبضه‪ .‬وسم كل من تظنه الحبوب‪ ،‬فإن النبض ل‬
‫ينعج إل عند ذكره "إنا الؤمنون الذين إذا ذُكر ال وجلت قلوبم"‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ينو إذا برق المى بداله‬ ‫أل فت يسأل قلب مـالـه‬
‫يسنده عنه فمـا روى لـه‬ ‫فهب يرجو خبا من المى‬
‫إرادة هاجت له بلـبـالـه‬ ‫أراد ندا معه فانتقـضـت‬
‫بنفحة من الصبا طوب له‬ ‫وانتسم الريح الصبا ومن له‬
‫الحب ف قلق ل سكون‪ ،‬والعجب أنه يتكلف الثبات‪.‬‬
‫والصب يسكته والب ينطقه‬ ‫الوجد يركه والليل يقلـقـه‬
‫وكيف يستره والدمع يسبقـه‬ ‫ويستر الال عمن ليس يعذره‬
‫الحب مبالغ ف كتمان وجده‪ ،‬غي أن الدمع نام‪.‬‬
‫ن دوام دوامـــع‬ ‫آفة السر من جفـو‬
‫ع الوامى الوامع‬ ‫كيف يفى من الدمو‬
‫كان أكثر القوم‪ ،‬إذا جائه البكاء دافعه‪ ،‬اتقاء اللحي له‪ ،‬فيغلبه فل حيلة له‪.‬‬
‫للمتنب‪:‬‬
‫وغيّض الدمع فأنلت بـوادره‬ ‫حاشى الرقيب فخانته ضمـائره‬
‫وصاحب الوجد ل تفى سرائره‬ ‫وكات الب يوم البي مفتـضـح‬
‫إذا أقلقه الب ضج‪ ،‬وإذا أرقه الشوق عج‪ ،‬وكلما حبس دمعه ثج‪ ،‬وإذا استوحش من اللق‬
‫هج‪ ،‬فالموم تنوبه من كل فج‪ ،‬حشيت قلوب القوم بالغموم‪ ،‬حشو الورد ف قوارير الزور‪ ،‬وكل‬
‫ما التهبت نار الذر جرت عيون الدمع ف جداول العيون فرشت على الدود ماء‪ ،‬ما ماء الورد‬

‫‪264‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عنده بطيب‪.‬‬
‫لب العتز‪:‬‬
‫فهو يشكوه ويشكو إلـيه‬ ‫أسر القلب فأمسى لـديه‬
‫فهم يبـكـون بـي يديه‬ ‫عذب الحباب بالجر حينا‬
‫واعجبا لضعف بدن العارف كم يمل? وآسفا لقلب الحب كم يصب‪.‬‬
‫ويشي الوى والناقلت قعود‬ ‫نعم تمل الشواق والعيس ظلع‬
‫ما أقوى جلد جلد القلب على نار الب‪ ،‬كأنه قد ألبس ريش السمندل على أنه ل بد من لذع‬
‫يبي أثره ف صعود الصعداء دللة تدل على الريق‪ ،‬اشتط اللهيب فشاطت القلوب لول أن‬
‫القوم على شواطي بر الدموع نزول‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫خذي حديثك ف نفس من النـفـس وَ ْجدُ الَشوق ا ُلعَنّى غي ملتبـس‬
‫ت فاغترف أو شئت فاقتبسي‬
‫إن شئ ِ‬ ‫الاء ف ناظري والنار ف كبـدي‬
‫أشد ما على الحب من مقاساة الب ساع اللوم‪ ،‬واعجبا من خلي يعذل ذا شجا ويك خل‬
‫شأنه وشانه‪.‬‬
‫ويا سلوة اليام موعدك الشر‬ ‫فيا حبهم زدن جوى كل لـيلة‬
‫لا أسلم سعد بن أب وقاص قالت له أمه‪ :‬وال ل آكل ول أشرب ول يظللن سقف بيت حت‬
‫تكفر بحمد‪ .‬فقال‪ :‬اسعي يا أماه‪ ،‬وال لو كان لك مائة نفس فخرجت واحدة بعد واحدة ل‬
‫أكفر بحمد‪ .‬ويها ما خبت خب الحبة? مت وقع السلو ف حب صادق? للمتنب‪:‬‬
‫وهوى الحبة منه ف سـودائه‬ ‫عذل العواذل حول قلب التـائه‬
‫وأحق منك بفنـه وبـمـائه‬ ‫القلب أعلـم يا عـذول بـدائه‬
‫قسما به وبسـنـه وبـهـائه‬ ‫فومن أحب لعصينك ف الوى‬
‫إن اللمة فيه مـن أعـدائه‬ ‫أأحبـه وأحـب فـيه مـلمة‬
‫حت تكون حشاك ف أحشـائه‬ ‫ل تعذل الشتاق ف أشـواقـه‬
‫واعجبا لعاذل ف حب ما ذاقه‪ ،‬وآمر بجر حبيب ما شاقه‪.‬‬
‫تذكر بالرمل عهدا فحنـا‬ ‫وماذا على مفرد بالعـراق‬
‫إذا ناح من طرب أو تغن‬ ‫وإن لكـل شـج عـاذر‬

‫‪265‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ل فيقول يا أماه قتلت‬
‫كانت أم الربيع بن خيثم إذا رأت قلقه بالليل‪ .‬قالت‪ :‬يا بن لعلك قتلت قتي ً‬
‫نفسي‪ ،‬قيل لعابد كان ينتحب‪ :‬إنك تفسد على الصلي صلتم بارتفاع صوتك‪ .‬فقال‪ :‬إن حزن‬
‫القيامة أورثن دموعا غزارا‪ ،‬فأنا أستريح إل ذرفها أحيانا‪.‬‬
‫وغرقت ف تيار دمعي السيل‬ ‫مهلً عذول صليت نار جوانـي‬
‫قلبا فإن صادفت قلبا فـاعـذل‬ ‫هذي حشاي لديك فانظر هل ترى‬
‫غاية العاذلي إيصال اللوم إل الساع‪ ،‬فأما القلوب فل سبيل إليها‪.‬‬
‫ما ل عن الحباب مصطب‬ ‫سيان إن لموا وإن عـذروا‬
‫إذ ليس ل ف غيهم وطر‬ ‫ل غرو إن أغرى ببـهـم‬
‫قلب بنار الجر يستـعـر‬ ‫ل بد ل منهم وإن تـركـوا‬
‫وأطيعهم ف كل ما أمـروا‬ ‫وعلي أن أرضى با صنعوا‬
‫لو رأيت الحب يهرب من العذل إل فلوات اللوات‪ ،‬فإذا ناوله الوجد كأس الدموع اقترح‬
‫عليه غناء المائم‪.‬‬
‫والصبا واللف والسكـنـا‬ ‫ذكر الحباب والـوطـنـا‬
‫مدنف بالشوق حلف ضن‬ ‫فبكى شـجـوا وحـق لـه‬
‫من خراسان به الـيمـنـا‬ ‫أبعدت مرمى به رجـمـت‬
‫ذات سجع ميلت فـنـنـا‬ ‫من لشـتـاق تـمـيلـه‬
‫مسعـد إل وقـلـت أنـا‬ ‫ل تعرض ف الني بـن‬
‫ل تذيقي طرفه الوسـنـا‬ ‫لك يا ورقـاء أسـوة مـن‬
‫فتعال نبد مـا كـمـنـا‬ ‫بك أنسي مثل أنسـك بـي‬
‫بت شكوى صحت واحزنا‬ ‫نتشـاكـى مـا نـجـن إذا‬
‫أنا ل أنت الغريب هـنـا‬ ‫أنا ل أنت البـعـيد هـوى‬
‫أنت واللف القرين ثـنـا‬ ‫أنا فـرد يا حـمـام وهـا‬
‫واسكنا جنح الدجى غصنـا‬ ‫اسرحا رأد النهـار مـعـا‬
‫لعبت أيدي الفـراق بـنـا‬ ‫وابكيا يا جـارتـي لـمـا‬
‫ما أرى صدري له وطنـا‬ ‫أين قلب ما صنـعـت بـه‬
‫فأب أن يصحب الـبـدنـا‬ ‫كان يوم النفر وهو مـعـي‬

‫‪266‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أم له داعي الفراق عنـى‬ ‫أبه حادي الـرفـاق حـدا‬
‫??الفصل التاسع والسبعون‬
‫يا هذا‪ :‬قد سعت أخبار التقي فسر ف سربم‪ ،‬وقد عرفت جدهم فتناول من شربم‪ ،‬ث سل من‬
‫أعانم يعنك‪ ،‬فما كان بم‪.‬‬
‫لبن هندو‪:‬‬
‫فإن للمجد تدريا وترتيبـا‬ ‫ل يؤيسنك من مد تباعـدهُ‬
‫تنمي وتنبت أنبوبا فأنبـوبـا‬ ‫إن القناة الت شاهدت رفعتها‬
‫استغن القوم بطبيبهم عن مدح خطيبهم فاسلك طريقهم تكن رفيقهم‪.‬‬
‫لبن الرومي‪:‬‬
‫فقلت فضل به عن غيهم بانـوا‬ ‫وسائل عنهـم مـاذا يقـدمـهـم‬
‫منهن ف سبل العلياء ما صانـوا‬ ‫صانوا النفوس عن الفحشاء وابتذلوا‬
‫يوما بنعمي ولو منوا لا مـانـوا‬ ‫النعمون وما منوا عـلـى أحـد‬
‫حت إذا قدرت أيديهـم هـانـوا‬ ‫قوم يعزون إن كانت مـغـالـبة‬
‫أطار خوف النار نومهم وأطال ذكر العطش الكب صومهم يسبهم الناظر مرضى البدان وإنا‬
‫بم سقام الحزان‪.‬‬
‫تبكي عليه مقلة عبـرى‬ ‫مكتئب ذو كـبـد حـرى‬
‫يشكو وفوق الكبد اليسرى‬ ‫يرفع ينـاه إلـى ربـه‬
‫ونفسه ما به سـكـرى‬ ‫يبقى إذا حدثته بـاهـتـا‬
‫وقلبه فـي أمة أخـرى‬ ‫تسبه مستمعا نـاصـتـا‬
‫إذا ذكروا العفو طاب العيش‪ ،‬وإذا تصوروا العذاب جاء الطيش‪.‬‬
‫إليها وبالخرى أراعي رقيبها‬ ‫أمد بإحدى مقلـتـي إذا بـدت‬
‫أخذت لعين من حبيب نصيبها‬ ‫وقد غفل الواشي ول يدر أنن‬
‫قال صال الري‪ :‬كان عطاء السلمي قد اجتهد حت انقطع‪ ،‬فصنعت له شربة سويق فلم يشرب‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إن وال كلما همت بشربا ذكرت قوله تعال "وطعاما ذا ُغصّة" فلم أقدر‪ ،‬فقلت‪ :‬أنا ف‬
‫واد وأنت ف واد‪.‬‬
‫بليت فدعن حـديثـي يطـول‬ ‫أطلت وعذبـتـنـي يا عـذول‬

‫‪267‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إل الصبح وجدي ودمعي يسيل‬ ‫أبيت أراقب نـجـم الـدجـى‬
‫انبعثت غيوم الغموم من أودية القلوب‪ ،‬فاستتمت قبيل الصبح فهطلت‪ ،‬فلها مع الشئون شئون‬
‫فجرت الرواح ف موتى العيدان‪ ،‬فقدحت فحرقت‪ ،‬فارتقت ورق الشوق منابر الشدو‪ ،‬فأطربت‬
‫فصدحت بلبل الحبة بي منثور منثورها فبلبلت‪.‬‬
‫فبلبلي طرة أرض بابـل‬ ‫يا نفحات الريح مري سحرا‬
‫وبلغيهم ف الوى رسائلي‬ ‫صفي لهل بابل بل بلـى‬
‫وكم قتيل كلف بالقـاتـل‬ ‫كم من دم طاح بغي ثـائر‬
‫قلب الحب تت فحمة الليل جرة كلما هب النسيم التهبت‪.‬‬
‫ويصدع قلب أن يهب هبـوبـهـا‬ ‫ير الصبا صفحا بساكن ذي الغصنا‬
‫هوى كل نفس حيث حل حبيبهـا‬ ‫قريبة عهد بالـحـبـيب وإنـمـا‬
‫سهر القوم يقع ضرورة‪ ،‬لن القلق مانع من النوم وليس لم ف تلك الشدائد راحة سوى جريان‬
‫الدموع‪.‬‬
‫للسري‪:‬‬
‫فشأن أن تفيض غروب شان‬ ‫بلن الب فيك با بـلنـي‬
‫بصدق الوجد كاذبة المانـي‬ ‫أبيت الليل مرتفقـا أنـاجـي‬
‫ويعلم ما أجـن الـفـرقـدان‬ ‫فتشهد ل على الرق الثـريا‬
‫ويا كف الغرام خذي عنانـي‬ ‫فيا ولع العواذل خـل عـنـي‬
‫من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار‪ ،‬شيمة الحبة ل تفى وصحائف الوجوه يقرؤها من ل‬
‫يكتب‪ ،‬خذي حديثك ف نفسي من النفس‪ ،‬قطعت نياق جدهم بادية الليل ول تد مس تعب‪،‬‬
‫الطريق إل الحبوب ل تطول‪.‬‬
‫روض المى أن تشتكي كللا‬ ‫بدا لا من بعد مـا بـدا لـهـا‬
‫فإنا قد سّـت عـقـالـهـا‬ ‫فخلها ترح فـي زمـامـهـا‬
‫مراتعا تـفـيات ظـللـهـا‬ ‫اذكرها مر النـسـيم سـحـرا‬
‫فسحبت من وجدها جللـهـا‬ ‫رنها الشوق المض والسرى‬
‫وإنا شوق المى أمـالـهـا‬ ‫تسبها سكرى وما ذاك بـهـا‬

‫‪268‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا رب‪ ،‬قرب أرض كنعان من مصر فقد نفذ صب يعقوب‪ ،‬كان أبو زيد يقول‪ :‬إلي إل مت تبس‬
‫أعضاء مبيك تت التراب? أحشرهم واجعلن جسرا ليعبوا إليك واويله أنا أشرب وأنا‬
‫أطرب‪ ،‬يتركون أسي وجدي أسي وحدي هل سعت معي رجل رجل‪ ،‬أو أعانن ساعد مساعد‪ ،‬أ‬
‫ين شرطة الرفقة? أو ما العزاء للكل‪.‬‬
‫مثل ما كنا اشتركنا نظرا‬ ‫لو عدلت تساهنا جـوى‬
‫يا حاضرين عندنا بنية التنه لستم معنا‪ ،‬عودوا إل أوكار الكسل فالرب طعن وضرب‪ ،‬يا‬
‫مودعي ارجعوا فقد عبنا العذيب دعونا نل بالوجد ف صحراء ند‪ ،‬ستأتيكم أخبارنا عن قريب‬
‫بعد فيد‪ ،‬وأنت أيها الادي عرض الازمي واليف تعلمك الدموع كيف ترمي حصن الذف‪.‬‬
‫أحب زرودا ما أقام ثـراهـا‬ ‫الغنيان بالـديار فـإنـنـي‬
‫حبيب لقلب قاعها وربـاهـا‬ ‫وبي النقي والنعمي مـحـلة‬
‫عليه النعامى بعدنا وصباهـا‬ ‫ونعمان يا سقيا لنعمان ما جرت‬
‫ديون ومقضى خيفها ومناهـا‬ ‫وللقلب عند الازمي وجعهـا‬
‫??الفصل الثمانون‬
‫يا مقيما ف دائرة دار الغي كم حضرت فيها متضر‪ ،‬كم عاينت عينك قبا يتفر‪ .‬لقد ألنت‬
‫مواعظها كل صلد حجر‪ ،‬عجبا لفرخها ما عيد حت نر‪.‬‬
‫تشغل العاقل عن نأي زنـام‬ ‫إن ف نأي زمانـي عـظة‬
‫مسكر يغنيك عن شرب مدام‬ ‫ومدام الفكر فيمن قد مضـى‬
‫إنا صاحت بتقويض اليام‬ ‫عرس القوم وغربان الدجـى‬
‫نوحها ينذرها صرف المام‬ ‫وحامات الضحى صـادحة‬
‫ودعوا يا قوم وامضوا بسلم‬ ‫ومطايا اليف قد زمت لكـم‬
‫ليست الدنيا لنا دار مـقـام‬ ‫ودعوا عنكم أباطيل الـنـى‬
‫ليدورن علـى كـل النـام‬ ‫أقسم الساقي بكاسات الـردى‬
‫يا من إذا عامل خان وظلم‪ ،‬يا من أمر با ينفعه فلم‪ ،‬هذا القتي ف الرأس كالعلم‪ ،‬أبقي بعد نوره‬
‫يا ظال ظلم‪ ،‬أل يقل لك أل الضعف انتبه‪ ،‬أل‪ ،‬أين رفيقك? ادل وقد عرفت النهج والرحيل قد أز‬
‫عج وهذا فرس مسرج والبضاعة كلها برج‪.‬‬
‫ويك تعاهد قلبك فإذا رأيته قد مال إل الوى‪ ،‬فاجعل ف الانب الخر ذكر العقاب ليستقيم‪ ،‬فإ‬

‫‪269‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ن غلبك الوى فاستغث بصاحب القلب‪ ،‬وإن تأخرت الجابة فابعث رائد النكسار خلفها‬
‫"تدن عند النكسرة قلوبم"‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬أما علمت أن اللطف مع الضعيف أكثر‪ .‬لا كانت الدجاجة ل تنو على الولد أخرج كاس‬
‫يا‪ ،‬ولا كانت النملة ضعيفة البصر أعينت بقوة الشم فبها تد ريح الطعوم من بعيد فتطلب‪ ،‬لا ك‬
‫ان التمساح متلف السنان صار كلما أكل حصل بي أسنانه ما يؤذيه فيخرج إل شاطئ البحر فا‬
‫تا فاه‪ ،‬طالبا للراحة فيأت طائر فينقر ما بي أسنانه فيكون ذلك رزقا للطائر وترويا عن التمسا‬
‫ح‪ ،‬هذه اللد دويبة عمياء قد ألمت وقت الاجة إل القوت أن تفتح فاها فيسقط الذباب فيه فت‬
‫ناول منه‪ ،‬هذه الطيار تترن طول النهار‪ ،‬فيقال للضفدع ما لك ل تنطقي? فتقول‪ :‬مع صوت ال‬
‫زار يستبشع صوت‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا الليل بكمك "أنا عند النكسرة قلوبم" لا خلق الخرس ل يقد‬
‫ر على الكلم سلب السمع لئل يسمع ما يكره‪ ،‬ول يكنه الواب فكل أخرس أطروش‪ ،‬لا تولع‬
‫الذام بأظفار أصحابه‪ ،‬صعب عليهم الك فمنع منهم القمل فليس ف ثياب الجذومي قملة‪ ،‬سب‬
‫حان من هذا لطفه‪ ،‬سبحان من ل يعطف عنا عطفه‪ ،‬ثكلت خواطر أنست بغيك عدمت قلبا ي‬
‫ب سواك‪:‬‬
‫غيكم ياقوت روحي وسنا‬ ‫ل أذاق ال عينا أبصـرت‬
‫عند ذكراكم ول نالت من‬ ‫ل ول كانت قلوب سكنـت‬
‫إلي‪ ،‬ادلنا من نفوسنا الت هي أقرب أعدائنا منا وأعظمهم نكاية فينا‪ ،‬إلي تلعبت خوادع آمالنا‬
‫ببضائع أعمارنا فصرنا مفاليس‪ ،‬أغارت علينا خيول الوى فاستأسرتنا بأسرنا وأوثقتنا من أسرنا‬
‫ورمتنا ف مطامي طردنا‪ ،‬فيا مالك اللك أنقذ حبيسنا وخلص أسينا وسي أوبتنا من بلد غربتنا‪،‬‬
‫كم عدنا مريضا? وما عدنا‪ ،‬كم رأينا اللاد تبن‪ ،‬وما تبنا‪ ،‬كم أبصرنا? وما أقصرنا وانتهينا وما‬
‫انتهينا يا ملذ العارفي يا معاذ الائفي‪ ،‬خذ بيد من قد زلت قدم فطنته ف مزلق فتنته أقم من قعد‬
‫به سوء عمله‪:‬‬
‫قد قل تصبي وحل البلـوى‬ ‫كم كم أشكو وأين نفع الشكوى‬
‫أهوى قلقي إذا جفا من أهوى‬ ‫ما ل جلد على جفاهم يقـوى‬
‫يا من أصلح السحرة فجعلهم بررة‪ ،‬جاؤا ياربون وخلع الصلح قد خبيت‪ ،‬وتيجان الرضى قد‬
‫رصعت‪ ،‬وشراب الوصال يروق‪ ،‬فمدوا أيديهم إل ما اعتصروا من خر الوى فإذا به قد استحال‬
‫خل‪ ،‬فأفطروا عليه‪.‬‬
‫واعجبا لسكارى من شراب الب عربدت عليهم الحبة‪ ،‬فصلبوا ف جذوع النخل ارتقى سلطان‬

‫‪270‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عزمهم إل ساوات قلوبم "فأوحى ف كل ساء أمرها" واعجبا لعزم صلب ما هاله الصلب‪ ،‬ل تتع‬
‫رض بنار الحبة إل أن يكون لقلبك جلد السمندل أو صب الفراش‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬الحتراق على قدر الشتياق لا اشتد شوق الفراش إل النار‪ ،‬تعجل احتراقه وهجم يبتغي‬
‫الوصال فصال عليه الحبوب‪:‬‬
‫فلم يد ف الوى ملذا‬ ‫لذ بم يشتكـي جـواه‬
‫تطل أجفـانـه رذاذا‬ ‫ول يزل ضارعا إليهـم‬
‫وأتلفوه فـكـان مـاذا‬ ‫فقـربـوه فـحـادثـوه‬
‫لا علم الحبون أن الصب مبوب شروا لمل البلء‪ ،‬ث حلى لم فعدوه نعمة‪.‬‬
‫ووجودي ف الوى عدمي‬ ‫سقمي ف الب عافيتـي‬
‫ف فمي أحلى من النعـم‬ ‫وعذاب تـرتـضـون بـه‬
‫كان الربيع بن خيثم يقول ف شدة مرضه‪ ،‬ما أحب أن ال نقصن منه قلمة ظفر‪.‬‬
‫كلما أكربـنـي طـربـنـي‬ ‫مرض الب شفائي ف الوى‬
‫وسروري منكم ف حـزنـي‬ ‫فبقائي مـن فـنـائي فـيكـم‬
‫وأنا منـتـظـر لـلـثـمـن‬ ‫وشربتم بوصال مـهـجـتـي‬
‫وطبيب ف الوى أمرضنـي‬ ‫كيف أرجو البء من داء الوى‬
‫فمن النعمى دوام الـمـحـنِ‬ ‫وإذا البلوى أفـادت قـربـكـم‬
‫أخوان‪ ،‬لسنا من رجال البلء فسلوا ال العافية‪ ،‬يضيق الناق على الحب وينع من التنفس‪ ،‬لئن‬
‫قلت آه لمونك‪.‬‬
‫والدمع يسيل هاتكا أستـاري‬ ‫الب يقول ل تشع أسـراري‬
‫وأناري إذن من الوى وأناري‬ ‫فالشوق يزيدن على القـدار‬
‫?الفصل الادي والثمانون‬
‫يا من أنفاسه عليه معدودة وأبواب التقى ف وجهه مسدودة‪ ،‬وأعماله بالرياء والنفاق مردودة‪،‬‬
‫غي أن مبة التفريط معه مولودة‪:‬‬
‫حياتك أنفاس تـعـد فـكـلـمـا مضى نفس منها انتقصت به جزءا‬
‫أمالك معقول تـحـس بـه رزءا‬ ‫فتصبح ف نقص وتسي بثـلـه‬
‫ويدوك حاد ما يريد بك الـزءا‬ ‫يينك ما يييك فـي كـل سـاعة‬

‫‪271‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كم أسرعت فيما يؤذي دينك ودأبت? كم خرقت ثوب إيانك وما رأبت? كم فرقت شعب‬
‫قلبك وما شعبت? كم فاتك من خي وما اكتأبت? يا كاسب الطايا بئس ما كسبت‪ ،‬جعت جلة‬
‫من حسناتك ث اغتبت‪ ،‬وحصن دينك ثلمت لا ثلبت‪ ،‬وأنت الذي بددت ما حلبت‪ ،‬إن لح لك‬
‫أخوك عبته وإن لحى سببته‪.‬‬
‫يا عقرب الذى كم لدغت? كم لسبت? تعلم أن مولك يراك وما تأدبت? تؤثر ما يفن على ما ي‬
‫بقى ما أصبت‪ ،‬تصبح تائبا فإذا أمسيت كذبت‪ ،‬تشي مع اليقي فإذا قاربت انقلبت‪ ،‬تعمر ما ل ي‬
‫بقى وما يبقى خربت‪ ،‬تأنس بالدنيا وغرورها وقد جربت كأنك بك ف القب تبكي ما كسبت‪ ،‬لق‬
‫د حسبت حسابا كثيا وهذا ما حسبت‪.‬‬
‫يا وادي الشيح كيف يقال لو أعشبت? يا هذا أكثر النعام عليك‪ ،‬كف كف فضول الدنيا عنك‬
‫ل أن يتمز‬
‫إذا رأيت سربال الدنيا قد تقلص‪ ،‬فاعلم أنه قد لطف بك لن النعم ل يقلصه عليك ب ً‬
‫ق لكن رفقا بالاشي أن يتعثر‪ ،‬أحرم عن الرام بنع ميط الوى لعل جذب القدر يقارن ضعف‬
‫كسبك‪:‬‬
‫ألقت العاجز بالازم‬ ‫إن القادير إذا ساعدت‬
‫يا تائها ف فلت الغفلت‪ ،‬اعل بأقدام الذهن نشز الفكر تلح لك البلد‪ ،‬تركب البحار ف طلب‬
‫الدنيا فإذا أمرت بي‪ ،‬قلت إن وفقن‪ ،‬أصم ال سع الوى فما يسمع إل ما يريد‪.‬‬
‫ثقف بالعذل التوى‬ ‫يا ملو ًل كـلـمـا‬
‫فالوذج الوى نوى‬ ‫عنتا تطلـب فـي‬
‫ما أحسن قولك‪ ،‬وما أقبح فعلك‪ ،‬كم يشكو حزيران? نطقك من كانون عزمك‪ ،‬ويك‪ ،‬بادر در‬
‫الرباح ما دام ينثر‪ ،‬فسينادي عن قليل "يا ساء أقلعي" أتسب تصيل العال سهلً? نيل سهيل‬
‫أسهل من أدل ف ليل الصب فات الكاس‪ ،‬يا من يتعب ف التعبد ول يد له لذة‪ ،‬أنت بعد ف سوا‬
‫د البلد اخرج إل البادية تد نسيم ند‪ ،‬العتبار عندنا بالعمال القلبية‪ ،‬غلبت حرارات الوف ق‬
‫لب داود فصار كفه كيا "وألنّا له الديد" وقويت روحانية ممد فنبع الاء من بي أصابعه‪:‬‬
‫لبان ف الناس عز الاء والنار‬ ‫لول مدامع عشاق ولوعتـهـم‬
‫وكل ماء فمن طرف لم جار‬ ‫فكل نار فمن أنفاسهم قدحـت‬
‫أيها الصلي طهر سرك قبل الطهور‪ ،‬وفتش على قلبك الضائع قبل الشروع‪ ،‬حضور القلب أول‬
‫منل فإذا نزلته انتقلت إل بادية العمل‪ ،‬فإذا انتقلت عنها أنت بباب الناجى‪ ،‬وأول قرى ضيف‬
‫اليقظة كشف الجاب لعي القلب‪ ،‬وكيف يطمع ف دخول مكة منقطع قبل الكوفة‪ ،‬هك ف ال‬

‫‪272‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫صلة متشبث‪ ،‬وقلبك بساكنة الوى متلوث‪ ،‬ومن كان متلطخا بالقذار ل يغلف‪ ،‬ادخل دار ا‬
‫للوة لن تناجي واحضر قلبك لفهم ما تتلو ففي خلوات التلوة تزف أبكار العان‪ ،‬إذا كانت م‬
‫شاهدة ملوق يوم "اُخرُج عليهِنّ" استغرقت إحساس الناظرات "فقطّعنَ أيدَيهُنّ" فكيف بالباب ع‬
‫لقت? فعقلت على الباب?‬
‫ومن نوالك ف أعقابا حـاد‬ ‫لا بوجهك نور تستـدل بـه‬
‫عن الشراب وتلهيها عن الزاد‬ ‫لا أحاديث من ذكراك تشغلها‬
‫لو أحببت الخدوم لضر قلبك ف الدمة‪ ،‬ويك‪ ،‬هذا الديد يعشق الغناطيس فكيف ما التفت‬
‫التفت‪ ،‬إن كنت ما رأيت هذا الجر فانظر إل الراب تواجه الشمس‪ ،‬فكيف مالت قابلتها‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ق عـجـول‬
‫وَثوّر حادٍ بالرفـا ِ‬ ‫وإن إذا اصطكت رقاب مطيكم‬
‫وأنظرُ أنّى مُـلـتـم فـأمـيل‬ ‫أخالف بي الراحتي على الشى‬
‫قيل لعامر بن عبد قيس أما تسهو ف صلتك? قال‪ :‬أو حديث أحب إل من القرآن حت أشتغل‬
‫به‪ ،‬هيهات! مناجاة البيب تستغرق الحساس‪ .‬كان مسلم بن يسار ل يلتفت ف صلته ولقد‬
‫اندمت ناحية من السجد فزع لا أهل السوق فما التفت‪ .‬وكان إذا دخل منله سكت أهل بيته‬
‫فإذا قام يصلي تكلموا وضحكوا علما منهم أن قلبه مشغول‪ ،‬وكان يقول ف مناجاته‪ :‬إلي‪ ،‬مت أ‬
‫لقاك وأنت عن راضي?‬
‫جعلت اشتغال فيك يا منتهى شغلي‬ ‫إذا اشتغل اللهون عنك بشغلـهـم‬
‫ومن ل بان ألقاك والكل ل من ل‬ ‫فمن ل بأن ألقاك ف ساعة الرضا‬
‫كان الفضيل يقول أفرح بالليل لناجاة رب وأكره النهار للقاء اللق‪.‬‬
‫هذي كبدي تذوب من ذكـراه‬ ‫الوت ول فراق مـن أهـواه‬
‫ما مقصودي من الن إل هو‬ ‫ما أشوقن له متـى ألـقـاه‬
‫كان أبو يزيد يقول‪ :‬وددت أن ال تعال جعل حساب اللق علي‪ ،‬قيل لاذا? قال‪ :‬لعله يقول ف‬
‫خلل ذلك يا عبدي فأقول‪ :‬لبيك‪ ،‬ث ليصنع ب ما شاء‪.‬‬
‫أم القلب يلقى روحة من وجيبـه‬ ‫هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه‬
‫تعود فيلهى ناظر عن غـروبـه‬ ‫وهل لليال عطفة بـعـد نـفـرة‬
‫وأظمأ إل ريا اللوى ف هبوبـه‬ ‫أحنّ إل نور اللوى ف بطـاحـه‬

‫‪273‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ويسي صحيحا ماؤه ف قلـيبـه‬ ‫وذاك المى يغدو عليلً نسـيمـه‬
‫إذا ل يعد قلبا بلـقـيا حـبـيبـه‬ ‫هو الشوق مدلول على مقتل الفت‬
‫يا واقفا ف صلته بسده والقلب غايب‪ ،‬ما يصلح ما بذلته من التعبد مهرا للجنة فكيف ثنا‬
‫ل فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصل إل باب بيتها وقف ونادى‬
‫للجنة‪ ،‬رأت فأرة ج ً‬
‫بلسان الال‪ :‬إما أن تتخذي دارا يليق بحبوبك أو مبوبا يليق بدارك‪ ،‬خذ من هذه إشارة إما أن‬
‫تصلي صلة تليق بعبودك أو تتخذ معبودا يليق بصلتك‪.‬‬
‫الفصل الثان والثمانون‬
‫عجبا لن رأى فعل الوت بصحبه ث ينسى قرب نبه‪ ،‬واستبداله ضيق الكان بعد رحبه من ل ينتبه‬
‫بوكزه فسينتبه بسحبه‪:‬‬
‫أهل ضلل وغـمـه‬ ‫ما لبن الدنـيا غـدوا‬
‫كأنه حلـف كـمـه‬ ‫بصيهم من جهـلـه‬
‫فل تقل لـم ولـمـه‬ ‫أنـت مـقـيم سـائر‬
‫ف غي بر كلـمـه‬ ‫ول تـكـلـم أحــدا‬
‫أوقاته منـصـرمـه‬ ‫فكل معطـى مـهـل‬
‫شؤونه النتـظـمـه‬ ‫ول تدوم لـلـفـتـى‬
‫وما عليها نـسـمـه‬ ‫يأت على الرض مدى‬
‫حاجاتنا الزدحـمـه‬ ‫ضاق رحب العمر عن‬
‫أين القران وأين سلكوا? تال لقد فنوا وهلكوا ‪ ،‬اجتمع الضداد ف اللاد واشتركوا‪ ،‬وخانم‬
‫حبل المل بعدما امتسكوا‪ ،‬ونوقشوا على ما خلفوا وتركوا وصار غاية المان أن لو تركوا‪ ،‬تال‬
‫لقد سعد من تدبر وسلم من الذى من تصب‪ ،‬وهلك مؤثر الرى وأدبر فكأنكم بالفراق يا ركا‬
‫ب العب‪ ،‬يا نائما ف لوه وما نام الافظ لحظ نور الدى فل حظ إل للحظ‪ ،‬ول تغتر ببد العي‬
‫ش فزمان الساب قائظ‪ ،‬يا مدبرا أمر دنياه ينسى أخراه فخفف النداء اللفظ‪ ،‬وعجائب الدهر ت‬
‫غن عن وعظ كل واعظ‪ ،‬يا من رأينا يد التفريط قد ولعت به فأتينا للومه ولعتبه أما مصي السل‬
‫ف نذير اللف‪ ،‬أما مهد الطفل عنونا اللحد‪ .‬يا من لع له سارب المل فبدد ماء الحتياط أتراك‬
‫ما علمت أن المان قمار‪ .‬مد نر الوى وقلبك على الشاطئ‪ ،‬فمر به صم مسح اليقظة فصممت‬
‫على الزلل أكل الزمان "وهم با" أما تقع ف يوم "واستعصم" الورع عن الذنوب‪ ،‬يوجب قوة قلبي‬

‫‪274‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ة‪ .‬قال بعض السلف‪ :‬ارتكبت صغية فغضب علي قلب فلم يرجع إل إل بعد سنة‪ ،‬أخوان‪ :‬إطل‬
‫ق البصر سيف يقع ف الضارب‪:‬‬
‫يا للرجال لنظرة سـفـكـت دمـا ولادث ل ألفه مسـتـسـلـمـا‬
‫فعلم سهم اللحظ يصمي من رمى‬ ‫وأرى السهام تؤم من يرمي بـهـا‬
‫الحرمات حرم ونظر الملوك إل حرم الالك‪ ،‬من أقبح اليانة‪ ،‬يا بن آدم تلمحوا تأثي "وعصى"‬
‫لقمة أثرت إن عثرت‪ ،‬فعرى الكتسي ونزل العال وبكى الضاحك‪ ،‬وقام الترفه يدم نفسه فاشتد‬
‫بكاؤه فنل جبيل يسليه فزاد برؤيته وجده‪ .‬للشريف الرضي‪:‬‬
‫ما أجلب البق لـاء المـاقْ‬ ‫رأى على الغور وميضا فاشتاق‬
‫قد ذاق من بي الليط مـا ذاقْ‬ ‫ما للوميض والفؤاد الـخـفّـاقْ‬
‫قد كَ ّل آسي ِه وقـد مـلّ الـراقْ‬ ‫داء غارمٍ ما لـه مـن إفـراقْ‬
‫ف غرق ما ينقضي وإحـراقْ‬ ‫قلب وطرف من جوى وإملق‬
‫ماذا القام والفـؤاد قـد تـاقْ‬ ‫يا ناقَ أداك الـمـؤدي يا نـاقْ‬
‫هل حاجة الأسور إل الطلق‬
‫كان آدم كلما عاين اللئكة تصعد إل السماء وجناحه قد قص زاد قلقه‪.‬‬
‫يرى حسرات كلمـا طـار طـائرا‬ ‫وأصبحت كالبازي النتـف ريشـه‬
‫فيذكر ريشا من جنـاحـيه وافـرا‬ ‫يرى خارقات الو يرقن ف الوى‬
‫على كل ما يهوى من الصيد قـادرا‬ ‫وقد كان دهرا ف الرياض منعـمـا‬
‫فأصبح مقصوص الناحي حاسـرا‬ ‫إل أن أصابته من الدهـر نـكـبة‬
‫أعظم البليا تردد الركب إل بلد البيب يودعون عند فراقهم الزمن‪:‬‬
‫ول يبق عندي للهوى غـي أنـنـي إذا الركب مروا ب على الدار أشهق‬
‫كانت اللئكة إذا نزلت إليه‪ ،‬استنشق ريح الوصال من ثياب الواصلي وتعرف أخبار الديار من‬
‫نسمات القاصدين‪:‬‬
‫أنتما بالعقيق أحدث عهدا‬ ‫خبان عن العقيق خبيا‬
‫يا ناقضي العهود دوموا على البكاء فمن أشبه أباه فما ظلم‪.‬‬
‫كانت عابدة من أحسن النساء عينا فأخذت ف البكاء فقيل لا‪ :‬تذهب عيناك‪ ،‬فقالت‪ :‬إن يكن ل‬

‫‪275‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عند ال خي فسيبدلن خيا منهما وإن تكن الخرى فوال ل أحزن عليهما‪.‬‬
‫للمتنب‪:‬‬
‫تدمَى وألفَ ف ذا القلب أحزانا‬ ‫ي أجفـانـا‬
‫ي منا الب َ‬
‫قد ع ّلمَ الب ُ‬
‫فاليوم كل عزيز بعدكم هـانـا‬ ‫قد أشفق من دمعي على بصري‬
‫ب من التذكار نـيانـا‬
‫وللمح ّ‬ ‫تُهدي البوارق أخلفَ الياه لكم‬
‫من سعى إل جناب العز بأقدام السكنة‪ ،‬ووقف بباب الكرم على أخص السألة‪ ،‬ووصف ندمه‬
‫على الذنب بعبارة الذل ل يعد باليبة‪.‬‬
‫ل عنكم مصـرف‬ ‫ملكتم قلبـي فـمـا‬
‫ن كبدي أو الطـف‬ ‫فودكم منـه مـكـا‬
‫ول أفاق الشغـف‬ ‫فل برى وجدي بكم‬
‫أيأس من أن تعطفوا‬ ‫لست وإن اعرضتـم‬
‫حت يعود يوسـف‬ ‫وصب يعقوب معي‬
‫يا معاشر الذنبي اسعوا وصيت‪ ،‬إذا قمتم من الجلس فادخلوا دار اللوة وشاوروا نصيح الذكر‬
‫وحاسبوا شريك اليانة وتلمحوا تفريط التوان ف بضاعة العمر‪ ،‬ويكفي ما قد مضى فليحذر‬
‫العور الجر‪ ،‬إذا نفى خاطر الذكر من ذل هوى‪ ،‬وصفى معي معن كلمه من كدر طمع‪ ،‬انكش‬
‫ف الغشاء عن عينه فرأى بالفطنة موضع قطنة مرهم العافية فرب حشائش الكم وركب فيها معا‬
‫جي الشفاء ففتحت سدد الكسل واستفرغت أخلط الشواغل‪ ،‬فأما متلب الدنيا بنطقه فإنه كلم‬
‫ا حفر قليب قلبه فأمعن‪ ،‬لستنباط معن‪ ،‬طم الطمع إذا صدر العلم من عامل به كان كالعربية ين‬
‫طق با البدوي‪ ،‬وأحلى أبيات الشعر ما خرج عن أبيات الشعر جعت بي الكتاب والسنة ففتحا‬
‫ل هذه الغان فهي تنادي السامعي‪ :‬ولدت من نكاح ل من سفاح‪ ،‬ومن جع بي الهل والبدعة‬
‫هذى الذيان فكلمه ف مرتبة ابن زانية‪ ،‬إذا فتحت الوردة عينها رأت الشوك حولا فلتصب على‬
‫ل فوحدها تتن وتقبل‪ ،‬واعجبا للفاظي وعملها بطل السحر عندها كل الذكرين رج‬
‫ماورته قلي ً‬
‫الة وأنا فارس أخرج إل العان ف كمي فأصيدها ل بأحبولة إذا حضرت ملكت العيون‪ ،‬وإذا غب‬
‫ت استرهنت القلوب‪.‬‬
‫للمهيار‬
‫ي سـاق‬
‫أي كاس يديرهـا أ ّ‬ ‫طرفُ ندية وظرفُ عراقي‬
‫وثابت وكلهـا فـي وثـاق‬ ‫ب مطلقةٌ ترعى‬
‫سنحت والقلو ْ‬

‫‪276‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫َع َل َقتْ دمعةً على كل مآق‬ ‫ل تزل تدع العيونَ إلـى أن‬
‫الفصل الثالث والثمانون‬
‫إخوان‪ :‬أعجب العجائب أن النقاد يافون دخول البهرج ف أموالم والبهرج آمن‪ ،‬هذا الصديق‬
‫يسك لسانه ويقول‪ :‬هذا الذي أوردن الوارد‪ ،‬وهذا عمر‪ ،‬يقول‪ :‬يا حذيفة هل أنا منهم?‬
‫والخلط على بساط المن‪:‬‬
‫ن وما بـسـيّئةٍ ألـمّـوا‬ ‫الـنـاسـكـون يـاذرو‬
‫مطلقا خطـمـوا وزمـوا‬ ‫كانوا إذا رامـوا كـلمـا‬
‫ظهرت عموا عنها وصموا‬ ‫إن قيلت الـفـحـشـاء أو‬
‫بالنكرات طموا وطمـوا‬ ‫فمضوا وجاء مـعـاشـر‬
‫ويدٌ علـى مـا ٍل تـضـمّ‬ ‫ففـم لـطـعـم فـاغـر‬
‫وللخنـا عـمـدوا وأمـوا‬ ‫عدلوا عن السن المـيل‬
‫شنعاؤهم كـذبـوا وأمـوا‬ ‫وإذا هـم أعـيتـهـــم‬
‫جس مثل ما يغلي الحـم‬ ‫فالصدر يغلـي بـالـهـوا‬
‫ل درّ أقوام شغلهم حب مولهم عن لذات دنياهم‪ ،‬اسع حديثهم إن كنت ما تراهم‪ ،‬خوفهم قد‬
‫أزعج وأقلق‪ ،‬وحذرهم قد أتلف وأحرق‪ ،‬وحادي جدهم مد ل يترفق‪ ،‬كلما رأى طول الطريق‬
‫نص وأعنق‪ ،‬وكيف يسن الفتور? وأوقات السلمة تسرق دموعهم ف أنار الدود تري وتتدفق‬
‫‪ ،‬يشتاقون إل البيب إليهم أشوق‪ ،‬يا حسنهم ف الدجى ونورهم قد أشرق‪ ،‬والياء فائض والرأ‬
‫س قد أطرق‪ ،‬والسي يتلظى ويترجى أن يعتق‪ ،‬إذا جاء الليل تغالب النوم والسهر‪ ،‬والوف وال‬
‫شوق ف مقدم عسكر اليقظة والكسل والتان ف كتيبة الغفلة‪ ،‬فإذا حل الصب حل على القيام‬
‫فانزمت جنود الفتور‪ ،‬فما يطلع الفجر إل وقد قسمت السهمان‪ ،‬سفر الليل‪ ،‬ل يطيقه إل مضمر‬
‫الجاعة‪ ،‬النحائب ف الول وحاملت الزاد ف الخي‪ ،‬قام التهجدون على أقدام الد تت ستر ا‬
‫لدجى يبكون على زمان ضاع ف غي الوصال‪:‬‬
‫هناك الضال والرندا‬ ‫سقوا بياه أعينـهـم‬
‫أني يشبه الرعـدا‬ ‫يا نفاس كبق فـي‬
‫إن ناموا توسدوا أذرع المم وإن قاموا فعلى أقدام القلق‪ ،‬لا امتلت أساعهم بعاتبة كذب من‬
‫ادعى مبت فإذا جن الليل نام عن‪ ،‬حلفت أجفانم على جفاء النوم‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫فسلم ال على وسـنـي‬ ‫إن كان رضاكم ف سهري‬
‫ما زالت مطايا السهر تذرع بيد الدجى‪ ،‬وعيون آمالا ل ترى إل النل‪ ،‬وحادي العزم يقول ف‬
‫إنشاده‪ :‬يا رجال الليل جدوا إل أن ن النسيم بالفجر‪ .‬فقام الصارخ ينعي الظلم فلما هم الليل‬
‫بالرحيل‪ ،‬تشبثوا بذيل السحر‪.‬‬
‫خلب فؤادي تشد أرحلـهـا‬ ‫فاستوقف العيس ل فإن علي‬
‫منازل ف القلوب تنلـهـا‬ ‫إن دثرت دارها فما دثـرت‬
‫قال علي بن بكار‪ ،‬منذ أربعي سنة ما أحزنن إل طلوع الفجر‪ ،‬لو قمت ف السحر لرأيت طريق‬
‫العباد قد غص بالزحام‪ ،‬لو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون‪:‬‬
‫قل للديار سقاك الرائح الغادي‬ ‫بانوا وخلفت أبكي ف ديارهم‬
‫وقل لواديهم حييت مـن واد‬ ‫وقل لظعانم حييت من ظعن‬
‫يا بعيدا عنهم يا من ليس منهم أليس لك نية ف لاقهم? أسرج كميتك‪ ،‬واجرر زمامك‪ ،‬يقف‬
‫بك على الرعى‪ ،‬يا من يستهول أحال القوم تنقل ف الراقي تعل‪ .‬قال أبو يزيد‪ :‬ما زلت أسوق‬
‫نفسي إل ال وهي تبكي حت سقتها وهي تضحك‪.‬‬
‫ما زلـــتُ أُضـــحـــكُ‬ ‫إلـــى مـــن‬
‫اخـــتـــضـــبــت أخـــفـ إبـــلـــي كـــلـــمــا نـ‬
‫ــظــــرت‬ ‫ــافـــهـــا بــدمــي‬
‫من اقـــتـــضـــى‬ ‫أجـــاب كـــل ســـــؤال‬
‫عـــــن هـــــــل بـــــ بـــســـوي الــهــنــدي ح‬
‫ـــاجــتـــه‬ ‫لــم‬

‫للخفاجي‪:‬‬
‫قد ملت من بدنا جللـهـا‬ ‫ثورها ناشـطة عـقـالـهـا‬
‫حت رمت من الوجي رحالا‬ ‫فلم تزل أشواقه تسـوقـهـا‬
‫لو أنه أنصف أو رثى لـهـا‬ ‫ما ذا على الناقة من غـرامة‬
‫أريها تطلـب أم كـللـهـا‬ ‫أراد أن تشرب ماء حـاجـر‬
‫لنا قد عرفت بلـبـالـهـا‬ ‫إن لا على الـقـلـوب ذمة‬

‫‪278‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ول رُقـادي لـهـمُ‬ ‫وما عليهم سـهـري‬
‫إ ّل سهـرٌ وسـقـمُ‬ ‫ت الـبّ‬
‫وهل سا ُ‬
‫يا دمعي وخلي عنهم‬ ‫خذ أنت ف شـأنـكَ‬
‫كان بشر ل ينام الليل ويقول أخاف أن يأت أمر وأنا نائم‪:‬‬
‫همّ لـلـبـي يردده‬ ‫رقد الّـمّـارُ وأرّقـه‬
‫ما يرعاه ويرصـده‬ ‫ق لـه‬
‫فبكاه النجمُ ور ّ‬
‫هل من نظرٍ يتزوّده‬ ‫وغدا يقضي أو بعد غدٍ‬
‫وصروف الدهر تقيده‬ ‫يهوى الشتاق لقاءكم‬
‫بقي بشر خسي سنة يشتهي شهوة‪ ،‬فما صفا له درهم‪ ،‬وبضائع أعماركم كلها منفقة ف‬
‫الشهوات من الشبهات‪ ،‬أبشروا بطول الرض يا ملطي‪:‬‬
‫قد مرّ جيعه بر الـهـجـر‬ ‫وا ويله من ضياع كل العـمـر‬
‫يا قوم عجزت من تلف أمري‬ ‫ضاعت حيلي وضلّ عن صبي‬
‫يا من فاتوه وتلف بل ثراهم من دمع السف‪.‬‬
‫وضع اليدين على الشا وتلمل‬ ‫دع شأنَ عينيكَ يا حزين وشأنَهـا‬
‫يُغن وقوفك ساعة ف النل‬ ‫هذا وإن فراقهـم ولـقـل مـا‬
‫جز بنادي الحبة وناد بالقوم تراهم كالفراش تت النيان‪.‬‬
‫للشريف الرضيّ‪:‬‬
‫وجدوا ول مثلَ الذي عندي‬ ‫يا دارُ من قتلَ الوى بعدي‬
‫لرأت بقايا المر والوَقـدِ‬ ‫لو حرّكتْ ذا َك الرّمـادّ يدٌ‬
‫تشتد عليهم نار الوف فيشرفون على التلف‪ ،‬لول نسيم بذكراهم يروحن‪ ،‬ينبسطون انبساط‬
‫الحب‪ ،‬ث ينقبضون انقباض الائف‪ ،‬هذا اللينوفر ينشر أجنحة الطرب ف الدجى‪ ،‬فإذا أحس‬
‫بالفجر جع نفسه واستحى من فارط فإذا طلعت الشمس نكس رأسه ف الاء خجلً من انبساطه‪:‬‬
‫كشرب الطائر الفزع‬ ‫أباسطه علـى جـزع‬
‫وخاف عواقب الطمع‬ ‫رأى ما ًء فأطمـعـه‬
‫ول يلتذ بـالـجـرع‬ ‫فصادف فرصة فدنـا‬

‫‪279‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كلما جاء كلمي صعد‪ ،‬كلما زادت الوقود فاحت ريح العود‪ ،‬أفيكم مستنشق? أو كلّكم‬
‫مزكوم? إن لجد نفس الرحن من قبل اليمن‪ ،‬باح منون عامر بواه‪.‬‬
‫وأذكرن عهد المى الـتـقـادم‬ ‫وما بت حت استنطق الشوق أدمعي‬
‫أتدون يا إخوان ما أجد من ريح النسيم?‬
‫تاوزت ميلً زاد نشرك طيبا‬ ‫أل يا نسيم الريح مالك كلـمـا‬
‫فأعطتك ريّاها فجئت طبيبـا‬ ‫أظن سليمى خبت بسقامـنـا‬
‫الفصل الامس والثمانون‬
‫يا من كل يوم يقدم إل القب فارط‪ ،‬ل تغتر بالسلمة فربا قبض الباسط‪ ،‬انض للنجاة بقلب‬
‫حاضر وجأش رابط‪ ،‬قبل أن يلقيك على بساط العجز خابط‪ ،‬ونفس النفس ترج من سم إبرة‬
‫خائط‪.‬‬
‫قل للمؤمل إن الـوت فـي أثـرك وليس يفى عليك المر من نظـرك‬
‫فيمن مضى لك إن فكرت معتـبـر ومن يت كل يوم فهو مـن نـذرك‬
‫دا ٌر تسافر عنها مـن غـ ٍد سـفـرا فل تؤب إذا سافرت مـن سـفـرك‬
‫تضحي غدا سرا للذاكـرين كـمـا صار الذين مضوا بالمس من سرك‬
‫إخل بنفسك ف دار العاتبة‪ ،‬واحضرها دستور الحاسبة وارفع عليها سوط العاقبة وإن ل تفعل‬
‫خسرت ف العاقبة‪:‬‬
‫فصرت خطا وطالت مدة فمحى‬ ‫خلقت جسما ثريا ث زرت ثـرى‬
‫فما ترى ث من شخصٍ ول شبح‬ ‫قف بالنازل من عادٍ وغيهـم‬
‫وسيء فاهجر السوء آت وانتزح‬ ‫كلّ مُجازى با أسدا ُه من حسـن‬
‫لقد وعظك أمس واليوم وأنت من سنة إل نوم ‪ ،‬أين العشائر? أين القوم? اشتراهم البلى بل‬
‫سوم‪ ،‬ل فطر عندهم ول صوم‪ ،‬بلى بلبل العتاب واللوم هذا رشاش الوج ينذر بالعوم ويب‬
‫بالادثات أشامها والروم‪.‬‬
‫إنا العيش اختلس‬ ‫اغتنم صفو الليالـي‬
‫متعة ذاك اللبـاس‬ ‫تلبس الدهر ولكـن‬
‫ل من حرصك بنا‪ ،‬بادر الفوت فإن‬
‫يا جامع الطام ول يدري ما جن‪ ،‬كلما نقض الواعظ أص ً‬
‫الوت قد دنا‪ ،‬هذا يشي القبول‪ :‬إياك عن النثار كثي فما هذا الوقوف والون? أمدد يد الصدق‬

‫‪280‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وقد نلت الن‪ ،‬هذه اليف وهاتيك من‪ ،‬أما تزك هذه الواعظ? أيها الهزوز أما يوقظك الصريح‬
‫? ول الرموز أما كل وقت عود اللك? مغموز أما كل ساعة غصن? مقطوع ومزوز‪ ،‬أما تراهم‬
‫بي مدفوع وموكوز كل أفعالك إذا تأملت ما ل يوز‪ ،‬أين أرباب القصور? أين أصحاب الكنوز‬
‫? هلك القوم وضاع الكنوز وحيز ف حفرة البلى من كان للمال يوز‪ ،‬بينا تغرهم الناءة وقعت‬
‫النواة ف الكوز أين كسرى أين قصي أين فيوز? عروا عن الكفان وما كانوا يرضون الزوز‪ ،‬و‬
‫أبرز الوت أوجها عز عليها البوز‪ ،‬وساوى بي العرب والعجم والنبط والوز‪ ،‬ونسخ بسرات ا‬
‫لرحيل لذات النيوز‪ ،‬وكشف لم نقاب الدنيا فإذا العشوقة عجوز‪ ،‬ما رضيت إل قتلهم وكم تد‬
‫للت بالنشوز‪ ،‬لقد أذاقتهم برد كانون الول فأذاهم ف توز‪ ،‬وإنا قصدت غرورهم لتقتلهم ف ك‬
‫الوز‪.‬‬
‫واعجبا‪ ،‬بر الوجود قد جع الفنون‪ :‬العلماء جوهره‪ ،‬والعباد عنبه‪ ،‬والتجار حيتانه والشرار تا‬
‫سيحه والهال على رأسه كالزبد‪ ،‬فيا من يري به على هواه وهو عليه كالقفيا قف يا قفيا‪ ،‬كم‬
‫تضر ملسا وكم تتردد? وكم توف عقب الذنوب وكم تدد? يا من ل يلي لواعظ وإن شدد‪،‬‬
‫ل عن قريب ما عليها ملد‪ ،‬تلمح قبك ل قصرك الشيد وتعلم أن الطلق إذا شاء قيد‪ ،‬أتر‬
‫يا راح ً‬
‫ى تقع ف شركي? فإن جئت أتصيد‪ ،‬يا من يسأل عن مراتب الصالي مالك ولا? تساوم ف راح‬
‫لة وما تلك ثن نعل تمع من جوانب الافات خبازى وتريد أن تطعم أخضر‪ ،‬تطلب سهما من ا‬
‫لغنيمة وما رأيت الرب بعينك‪.‬‬
‫ويأمل إدراك العلى وهو نائم‬ ‫ياول نيل الجد والسيف مغمد‬
‫البليا تظهر جواهر الرجال‪ ،‬وما أسرع ما يفتضح الدعي‪.‬‬
‫لو كنت صبا ل تكن نائما‬ ‫تنام عيناك وتشكو الوى‬
‫رأى فقي ف طريق مكة امرأة فتبعها فقالت‪ :‬مالك? فقال‪ :‬قد سلب حبك قلب‪ .‬قالت‪ :‬فلو رأيت‬
‫أخت? فالتفت فلم ير أحدا‪ .‬فقالت‪ :‬أيها الكاذب ف دعواه‪ ،‬لو صدقت ما التفت‪:‬‬
‫قامت على رأسها فضلً عن القدم‬ ‫وال لو علمت روحي بن علقـت‬
‫إذا كنت تشتغل اليوم عنا بسوداء فكيف تذكرنا إذا أعطيناك الور? يا مؤثرا ما يفن على ما‬
‫يبقى هذا رأى طبعك هل استشرت عقلك لتسمع أصح النصائح‪ ،‬من كان دليله البوم كان مأواه‬
‫الراب‪ ،‬ويك‪ ،‬اعزم على منون هواك بعزية فرب شيطان هاب الذكر‪ ،‬تلمح غب الطايا لعله‬
‫يكف الكف‪ ،‬ل تتقرن يسي الطاعات فالذود إل الذود إبل‪ ،‬وربا احتبج إل عويد منبوذ‪ ،‬ل تت‬
‫قرن يسي الذنب فإن العشب الضعيف يفتل منه البل القوي فيختنق به المل الغتلم أو ما نفذ‬

‫‪281‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت ف سدسبا? حيلة جرد من عرف شرف الياة اغتنمها‪ ،‬من علم أرباح الطاعات لزمها‪ ،‬العمر ث‬
‫وب ما كف‪ ،‬والنفاس تستل الطاقات‪ ،‬كم قد غرقت ف سيف سوف‪ ،‬سفينة نفس‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬أنت أجي وعليك عمل فإذا انقضى الشغل فالبس ثياب الراحة‪ ،‬قال رجل لعامر بن عبد‬
‫قيس‪ :‬كلمن فقال‪ :‬أمسك الشمس‪ .‬دخلوا على النيد عند الوت وهو يصلي فقيل له ف هذا ال‬
‫وقت? فقال الن تطوى صحيفت‪:‬‬
‫بلغ الدى وتاوز الد‬ ‫حثوا الطى فهذه نـد‬
‫لو كان ينفع حبذا نـد‬ ‫يا حبذا ند وساكـنـه‬
‫يا ديار الحباب أين السكان? يا منازل العارفي أين القطان? يا أطلل الوجد أين? أين البنيان?‬
‫خب عن الظاعني ما فعلوا‬ ‫تعاهدتك العهاد يا طـلـل‬
‫إن نزلوا منلً وإن رحلوا‬ ‫فقال أل اتبعـتـهـم أبـدا‬
‫وجئتن عن حديثهم تسـل‬ ‫تركت أيدي النوى تقودهـم‬
‫رحل القوم يا متخلف وسبقوك بالعزائم يا مسوف‪ ،‬فقف على الثار وقوف متلهف‪ ،‬وصح‬
‫بالدمع سر يا متوقف‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫فموعد البـي غـدا‬ ‫يا قلب جدد كـمـدا‬
‫بي الفراق والردى‬ ‫ل أر فرقا بعـدهـم‬
‫حاد من الغور حدا‬ ‫يا زفر ًة هـيجـهـا‬
‫أو أُلزم القلـبَ يدا‬ ‫أرعى الُمول ناظرا‬
‫آثارهم ما انطـردا‬ ‫وأطرد الطرف على‬
‫حر الوى ما بـردا‬ ‫مذ أوقدوا بأضلعـي‬
‫للسى ما جـمـدا‬ ‫ومذ إذا أبوا ماء عين‬
‫لو تركوا ل كبـدا‬ ‫كنتُ أداوي كـبـدي‬
‫الفصل السادس والثمانون‬
‫أخوان‪ :‬الفروح به من الدنيا هو الحزون عليه‪ ،‬وبقدر اللتذاذ يكون التأسف‪ ،‬ومن فعل ما شاء‬
‫لقي ما ساء‪.‬‬
‫صار ما أوصلته قد صارما‬ ‫مال ما كان الن ما آلـا‬

‫‪282‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سال ماء العي إذا ما سالا‬ ‫بينما أضحك مسـرورا بـه‬
‫الدنيا فلة فل تأمن الفلة‪ ،‬بل تيقن أنا مارستان بل‪ ،‬ول تسكن إليها وإن أظهرت لك الول‪،‬‬
‫على أنا تفض من عل‪ ،‬فلينظر النسان ينة فهل يرى إ ّل منة? ث ليعطف يسرة فهل يرى إل‬
‫حسرة? أما الربع العامر فقد درس وأما أسد المات ففرس وأما الراكب فكبت به الفرس وأما‬
‫الفصيح فاستبدل الرس وأما الكيم فما نفعه إن احترس‪ ،‬ساروا ف ظلم ظلمهم ما عندهم قبس‬
‫ووقفت سفينة ناتم لن البحر يبس‪ ،‬وانقلبت دول النفوس كلها ف نفس وجاء منكر بآخر نبأ‪،‬‬
‫ونكي بأول عبس أفل يقوم لنجاته? من طال ما جلس‪.‬‬
‫آه‪ ،‬لنفس رفلت من الغفلة ف أثوابا فثوى با المر إل عدم ثوابا‪ ،‬آه لعيون أغشاها المل فسر‬
‫ى با إل سرابا‪ ،‬آه‪ ،‬لقلوب قلبها الوى عن القرآن إل أربابا فربا با‪ ،‬آه لرضى علم الطبيب ق‬
‫در ما با‪ ،‬وقد رمى با‪ ،‬لب العتاهية‪:‬‬
‫كأن مدتا أضغـاث أحـلمِ‬ ‫يا نفس ما هو إل صـبـر أيام‬
‫وخل با فإن العيش قدامـي‬ ‫يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة‬
‫يا مغرورين ببة الفخ ناسي خنق الشرك‪ ،‬تذكروا فوات اللتقط مع حصول الذبح "فل تغرّنّكُم‬
‫الياة الدنيا" الذر الذر من صياد يسبق الطي إل مهابطه بفخاخ متلفة اليل‪ ،‬قدروا أنكم ل‬
‫ترون خيط فخة‪ ،‬أما تشاهدون ذبائحه? ف خيط "كما أخرج أَبوَيْكُم من النة"‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ولقد عهدتك تفلت الشـراكـا‬ ‫يا قلب كيف علقت ف أشراكهم‬
‫هذا الذي ج ّرتْ علـيك يداكـا‬ ‫ل تشكون إل وجدا بـعـدهـا‬
‫أل يصب طائر الوى عن حبة مهولة العاقبة‪ ،‬وإنا هي ساعة ويصل إل برج أمنه‪ .‬وفيه حبات‪:‬‬
‫فبالغضا ماء وروضات أخر‬ ‫فإن حننت للحمى وطـيبـه‬
‫واعجبا أن يكون حامل الكتاب من الطي أقوى عزية منك‪ ،‬لعل وضعك على غي العتدال‪،‬‬
‫اللق يدل على اللق‪ ،‬ل تكون الروح الصافية إل ف بدن معتدل ول المة الوافية إل لنفس‬
‫نفيسة‪ ،‬ل يصلح لمل الرسائل إل الطي الخضر أو النر‪ ،‬لنه إذا كان أبيض‪ ،‬كان كالغلم ال‬
‫صقلن‪ ،‬والصقلن فطي خام ل ينضج ف مل المل‪ ،‬وإذا كان الطائر أسود دل على ماوزة حد‬
‫النضج إل الحتراق‪ ،‬فإن اعتدل اللون دل على نفاسة النفس وشرف المة‪ ،‬فحينئ ٍذ يعرف الطائر‬
‫سر الناح فيقول بلسان الال‪ :‬عرفون الطريق بتدريج ث حّلون ما شئتم‪ ،‬فإذا أدرج فعرف حل‬
‫فحمل فصابر الغربة‪ .‬ولزم بطون الودية وسار مع الفرات أو دجلة فإن خفيت الطريق تنسم الر‬

‫‪283‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ياح وتلمح قرص الشمس وتراه مع شدة جوعه يذر الب اللقى خوفا من دفينة فخ‪ ،‬يوجب تع‬
‫رقل الناح وتضييع الحمول فإذا بلغ الرسالة‪ ،‬أطلق نفسه ف أغراضها داخل البج‪.‬‬
‫فيا حاملي كتب المانة إل عبادان العبد أكثركم على غي الادة وما يستدل منكم من قد راقه ح‬
‫ب حب فنل ناسيا ما حل فارتن بفخ قد نفخ فذبح‪ ،‬ومنكم من بان لتعرقل جناحه‪ ،‬وما قصده‬
‫الذابح بعد فل البة حصّلت ول الرسالة وصلت‪.‬‬
‫تاذبه وقد علق الـجـنـاح‬ ‫قطاة غرها شرك فـبـاتـت‬
‫ول ف الصباح كان لا براح‬ ‫فل ف أغيل نالت ما تنـت‬
‫لو صابرت مشقة الطريق لنتهى السفر‪ ،‬فتوطنتم مستريي ف جنات عدن‪ ،‬فيا مهملي النظر ف‬
‫العواقب سلفوا وقت الرخص فما يؤمن تغي السعر‪ ،‬سلسلوا سباع اللسن فإن انلت‬
‫افترستكم‪ ،‬ل ترموا بأسهم العيون ففيكم تقع‪ ،‬رب راعي مقلة أهلها فأغي على السرح‪ ،‬من رأ‬
‫ى القائق رأى عي غض طرفه عن الدارين‪ ،‬لو حضرت حضرة القدس لعقبتم بنشر النس‪.‬‬
‫مثل ما وجدت أنا‬ ‫اطلبوا لنفسـكـم‬
‫ليس ف هواه عنا‬ ‫قد وجدت ل سكنا‬
‫أو قربت منه دنا‬ ‫إن بعدت قربتـي‬
‫يا هذا اعرف قدر لطفنا بك وحفظنا لك‪ ،‬إنا نيناك عن العاصي صيانة لك ل لاجتنا إل‬
‫امتناعك‪ ،‬لا عرفتنا بالعقل حرمنا المر لنا تستره‪ ،‬ومثل يوسف ل يبأ‪ ،‬يا متناولً للمسكر ل‬
‫تفعل يكفيك سكر جهلك فل تمع بي خليطي‪ ،‬اجعل مراقبتك لن ل تغيب عنه‪ ،‬وشكرك لن‬
‫تعنيك نعمه‪ ،‬وطاعتك لن ل ترجو خيا إل منه‪ ،‬وبكائك على قدر ما فاتك منه‪ ،‬وارفع إليه يد ال‬
‫ذل ف طلب حوائج القلب تأت وما تشعر‪.‬‬
‫يا هذا عندك بضائع نفيسة دموع ودماء‪ ،‬وأنفاس وحركات وكلمات ونظرات فل تبذلا فيما ل‬
‫قدر له‪ ،‬أيصلح أن تبكي لفقد ما ل يبقى? أو تتنفس أسفا على ما يفن‪ ،‬أو تبذل مهجة لصورة ع‬
‫ن قليل تحى أو تتكلم ف حصول ما يشي ويتوى‪ ،‬واعجبا‪ .‬من منون بل ليلى ويك دمعة فيك‬
‫تطفي غضبنا‪ ،‬وقطرة من دم ف الشهادة تحو زللك‪ ،‬ونفس أسف ينسف ما سلف وخطوات ف‬
‫رضانا تغسل الطيّات‪ ،‬وتسبيحة تغرس لك أشجار اللد ونظرة بعبة تثمر الزهد ف الفان ولكن‬
‫تصحيح النقد شرط ف العقد سلع "وإن لغفار" ل تباع إل بدينار "لن تاب" إذا كان خارجا من‬
‫سبيكة "وآمن" عن سكة "وعمل صالا" من دار ضرب "ث اهتدى"‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬لو استشعرت زرمانقة الزهد تت مطرف "رب أشعث أغب" وسحت ف بادية "يدفعون"‬

‫‪284‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫لفضنا عليك خلع "إذا رأوا ذكر ال" يا هذا إن ل تقدر على كثرة العمل فقف على باب الطلب‬
‫تعرض بذبة من جذبات الق ففي لظة أفلح السحرة‪.‬‬
‫ول ترى العداء ما تشمـت‬ ‫ل تزعن من كل خطب عرا‬
‫إذا لقيتم فـئة فـاثـبـتـوا‬ ‫يا قوم بالصب ينال الـنـى‬
‫طريق الوصول صعبة وف رجلك ضعف‪ ،‬ويك دم على السلوك تصل‪ ،‬أول النخلة السحوق‬
‫فسيلة‪ ،‬بداية الدمي الشريف مضغة‪ ،‬ثن العال جد الطلب والفتور داء مزمن‪ ،‬بلد الرياضة سحي‬
‫ق "ل تكونوا بالغيه إل بش ّق النفس" سحابة الصيف أثبت من قولك والط على الاء أبقى من ع‬
‫هدك‪.‬‬
‫يك آيات وآثــار‬ ‫من السلوة ف عي‬
‫وف اللباب أبصار‬ ‫أراها منك بالذهـن‬
‫فما تسخنه الـنـار‬ ‫إذا ما برد القـلـب‬
‫يا هذا‪ ،‬إذا حضر قلبك فنسيم الريح يذكرك‪ ،‬وإن غاب فمائة ألف نب ل يوصلون التذكرة‬
‫إليك‪ ،‬تال لقد ألعنا العن وما ألزمنا الزمن‪.‬‬
‫ولكن بل قلب إل أين أذهب‬ ‫ول بألف باب قد عرفت سبيله‬
‫الفصل السابع والثمانون‬
‫يا من يرحل ف كل لظة عن الدنيا مرحلة‪ ،‬وكتابه قد حوى حت قدر خردلة‪ ،‬كن كيف شئت?‬
‫فبي يديك الساب والزللة‪ ،‬يا عجبا من غفلة مؤمن بالزاء والسئلة أيقي بالنجاة? أم غرور‬
‫وبله‪.‬‬
‫تبن وتـجـمـع والثـار تـنـدرس وتأمل اللبث والرواح تـخـتـلـسُ‬
‫ل بد ما ينتهـي أمـر وينـعـكـسُ‬ ‫ذا اللب فكر فما ف اللد من طمـع‬
‫كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلـسـوا‬ ‫أين اللوك وأبناء الـمـلـوك ومـن‬
‫ومن سيوفهم فـي كـل مـعـتـرك تشى ودونم الجـاب والـحـرس‬
‫وماشى الورى من فوقـهـم يطـس‬ ‫أضحوا بهلكة ف وسط معركة موتى‬
‫وعمهم حـدث وضـمـهـم جـدث باتوا وهم جثث ف الرمس قد حبسوا‬
‫كأنم قط ما كـانـوا ول خـلـقـوا ومات ذكرهم بي الـورى ونـسـوا‬
‫يد البلـى بـهـم والـدود يفـتـرس‬ ‫وال لو نظرت عيناك ما صـنـعـتْ‬

‫‪285‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ف رونق السن منها كيف تنطمـس‬ ‫من أوجه ناظرات حار نـاظـرهـا‬
‫وأعظم بـالـيات مـا بـهـا رمـق وليس تبقى لذا وهي تـنـتـهـس‬
‫والسـن نـاطـقـات زانـهـا أدب ما شانا شانـا بـالفة الـخـرس‬
‫ثلتهم الـسـن لـلـدهـر فـاغـرة فاها فاها لم إذ بالـردى وكـسـوا‬
‫من الرغام على أجسادهم وكـسـوا‬ ‫عروا عن الوشي لا ألبسـوا حـلـلً‬
‫حتام يا ذا النهي ل ترعوي سـفـهـا ودمع عينك ل يهمـي وينـبـجـس‬
‫أيها الطمئن إل الدنيا وهي تطلبه بدخل‪ ،‬قد مرضت عي بصيته فيها‪ ،‬فما ينفع الكحل‪ ،‬يتبختر‬
‫ف رياضها وما يصبح إل ف الوحل‪ ،‬انتبه للرحيل‪ .‬ث اشدد الرحل‪ ،‬واستبدل خصب الراب‪ .‬عن‬
‫قحل الحل‪ ،‬وتأمر على نفسك‪ .‬فللنخلل فحل‪.‬‬
‫وتواضع إنا أنت بـشـر‬ ‫اترك الشر ول تأمن بشـر‬
‫فمن الهل افتخار وأشـر‬ ‫هذه الجسام ترب هـامـد‬
‫من فوقها ف إثن عشـر‬ ‫جسد من أربع يلحظها سبعة‬
‫شغل الفكر وخلك ومـر‬ ‫ف حياة كخـيال طـارق‬
‫تال لقد كشفت الغي ما انسدل‪ ،‬فلم يبق مراء ول جدل‪ ،‬هذا حام المام قد هدل‪ ،‬فكم صرخ‬
‫صوته وكم جدل‪ ،‬يا جائرين احذروا من إذا قضى عدل‪ ،‬واعلموا أن الخرة ليس منها بدل‪ ،‬هذا‬
‫هو الصواب‪ ،‬لو أن الزاج اعتدل‪ ،‬يا من عمره كزمان الورد‪ ،‬التقط واعتصر ل ف زور‪ ،‬يا شس‬
‫العصر على القصر‪ ،‬قد بلغ مركبك ساحل الجل‪ ،‬ووقف بعيك‪ .‬على ثنية الوداع‪ ،‬وقاربت ش‬
‫س عمرك الطفل‪ ،‬وبقي من ضوء الجل‪ .‬شفق‪ ،‬فاستدرك باقي الشعاع‪ .‬قبل غروب الشمس‪.‬‬
‫والال يُنفق فيها بالـوازين‬ ‫أُيُنفَق العمرُ ف الدنيا مازفةً‬
‫البدار البدار‪ .‬قبل الفوت‪ ،‬الذار الذار‪ .‬قبل الوت‪ ،‬ما ف القابر من دفي‪ .‬إل وهو متأل من‬
‫سوف‪.‬‬
‫يا هذا مت تبت بلسانك‪ ،‬وما حللت عقد الصرار من قلبك‪ ،‬ل تصح التوبة‪ ،‬كما لو سكنت‬
‫المراض بغتة من غي استفراغ‪ ،‬فإن الرض على حاله‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬إذا ل يتحقق قصدُ القلب‪ .‬ل يؤثر النطق باللفظ‪ ،‬إن الكره على اليمي‪ .‬ل تنعقد يينه‪" .‬إن‬
‫حتْ صلح البدن‪ ،‬وإذا فس‬
‫ا العمال بالنيّات" وقلبه كله مع الوى‪" ،‬إن ف البدن لضغة‪ .‬إذا صل َ‬
‫َدتْ فسد البدن‪ ،‬أل وهي القلب" أكثر المراض‪ .‬أمراض الوى‪ ،‬وأكثر القتلى بسيفه‪ ،‬أرباب ال‬

‫‪286‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وى‪ ،‬أطفال ف حجور العادات وإن شابوا‪ ،‬اندرت عزيتك‪ .‬ف جريان نر الوى‪ ،‬فاصب صب مد‬
‫اد‪ .‬لعلك تردها‪.‬‬
‫ويك‪ .‬انتبه لصلح عيوبك‪ ،‬لعل الشتري يرضى‪ ،‬تال‪ .‬إن الشتري ما يب بطء زحل‪ ،‬اكفف ث‬
‫وب الكلم بالصمت‪ .‬وإل تنسل‪ ،‬اطف حراق الوى‪ .‬وإل عمل‪ ،‬ارفق بزجاج العمر‪ .‬فما ينشع‬
‫ب إذ انكسر‪.‬‬
‫واعجبا‪ ،‬الظاهر غي طاهر‪ ،‬والباطن باطل‪ ،‬المل بار فاسد‪ ،‬الرعونة علة صعبة‪ ،‬منام الن أضغا‬
‫ث‪ ،‬رائد المال كذوب‪ ،‬مرعى الشتهي هشيم‪ ،‬العجز شريك الرمان‪ ،‬التفريط مضارب الكسل‬
‫‪ ،‬ديور الهل معتم‪ ،‬سؤر الوى مغرق‪ ،‬روض اللهو وب‪ ،‬غدير اللذات غدر‪.‬‬
‫وتأب عريكته أن تلينا‬ ‫ظللتُ أكرّ عليه الرقى‬
‫كم قد لتك وما نفع‪ ،‬كم قد نصبت لك شركا وما تقع‪ ،‬قفل قلبك رومي‪ .‬ما يقع عليه فش‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬الجاهدة حرب‪ .‬ل يصلح لا إل بطل‪ ،‬مت تغي من جنود عزمك على النابة قلب واحد‪،‬‬
‫ل أمن قلب الزية عليك‪.‬‬
‫وقع الطيش ف رؤس الصعاد‬ ‫وإذا كان ف النابيب خـلـفٌ‬
‫أيها الريد‪ .‬تلطّف بنفسك ف الرياضة تصل‪ ،‬مشي القطا بدبي‪ ،‬ومشي العصفور نقزان‪،‬‬
‫العنكبوت الفطن ينسج ف زاوية‪ ،‬والغفل ينسج على وجه الرض‪ ،‬كن قيما على جوارحك‪ ،‬وفّه‬
‫ا الظوظ‪ ،‬واستوف منها القوق‪ ،‬أما ترى حاضن البيض يقلبه بنقاره‪ ،‬لتأخذ كل بيضة حظها‬
‫من الضن‪ ،‬ث أكثر ساعات الضن على النثى‪ ،‬لشتغال الذكر بالكسب‪ ،‬فإذا صار البيض فراخ‬
‫ا كان أكثر الزق على الب‪" ،‬فل يُخرجَنّكُما من النة فتشقى" ما لقيت حواء عشر ما لقي آدم‪،‬‬
‫لنا وإن شاركته ف العلم بفقد صورة النعيم‪ ،‬فهو منفرد عنها بلحظة العن‪ ،‬بعد عز "اسجدوا‬
‫لدم" يقبض جبيل على ناصيته للخراج‪ ،‬والدنف يقول ارفق ب‪:‬‬
‫على الغوير فظهر الفكر معقور‬ ‫يا سابق البكرات استبق فضلتهـا‬
‫كان يتوقف ف خروجه لو ترك‪ ،‬ويتشبث بذيل لو نفع‪ ،‬ولسان السى‪ ،‬يصيح بن أسا‪:‬‬
‫بوادي الغضا ماءا أنقاخا ول بردا‬ ‫تزود من الاء النقاخ فلن تـرى‬
‫فهيهات واد ينبت البان والرنـدا‬ ‫ونل من نسيم البان والرند نفـحة‬
‫مت تسر ل تنظر عقيقا ول ندا‬ ‫وكر إل ند بـطـرفـك إنـه‬
‫ما زال مذ نزل‪ ،‬يرفع قصص الغصص‪ ،‬على أيدي أنفاس السف‪ ،‬فتصعد با صعداء اللهف‪:‬‬
‫تمل إل أهل الجاز سلمي‬ ‫أل يا نسيم الريح من أرض بابل‬

‫‪287‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫على أنن منها استفدت سقامي‬ ‫وإن لهوى أن أكون بأرضهم‬
‫واعجبا من فاق آدم‪ ،‬بل معي على الزن‪ ،‬هوام الرض ل تفهم ما يقول‪ ،‬وملئكة السماء‬
‫عندها بقايا "أتعل" فهو ف كربة‪ ،‬وحيد بدار غربة‪:‬‬
‫غرامي حت يكل لسـانـيا‬ ‫أل راحم من آل ليلى فأشتكي‬
‫الفصل الثامن والثمانون‬
‫أخوان‪ :‬أيام العافية غنيمة باردة‪ ،‬وأوقات السلمة ل تشبهها فائدة‪ ،‬فتناول ما دامت لديك‬
‫الائدة‪ ،‬فليست الساعات الذاهبات بعائدة‪.‬‬
‫واتبعـه يوم عـلـيك شـهـيد‬ ‫مضى أمسك الاضي شهيدا معدل‬
‫فبادر بإحسـان وأنـت حـمـيد‬ ‫فإن تك بالمس اقترفـت إسـاءة‬
‫لعل غدا يأتـي وأنـت فـقـيد‬ ‫ول تبق فعل الصالات إل غـد‬
‫حيمك فاعلم أنـا سـتـعـود‬ ‫إذا ما النايا أخطأتك وصـادفـت‬
‫كأنكم بالقيامة قد قامت‪ ،‬وبالنفس المارة بالسوء‪ ،‬قد لمت‪ ،‬وانفتحت عيون‪ .‬طال ما نامت‪،‬‬
‫وتيت قلوب العصاة وهامت‪.‬‬
‫ويصد الزارعون ما زرعوا‬ ‫غدا توف النفوس ما كسبـت‬
‫وإن أساءوا فبئس ما صنعوا‬ ‫إن أحسنوا أحسنوا لنفسـهـم‬
‫شبكة الساب ضيقة العي‪ .‬ل يعبها شيء‪ ،‬وكيل الطالبة خصم ألد‪ ،‬أينطق بأقل عذرك بي‬
‫يدي سحبان الناقشة‪ ،‬كل أيقن بالسجن‪ ،‬يا هذا‪ ،‬إنك ل تزل ف حبس‪ ،‬فأول البوس صلب‬
‫الب‪ ،‬والثان بطن الم‪ ،‬والثالث القماط‪ ،‬والرابع الكتب‪ ،‬والامس الكد على العيال‪ ،‬والسادس‬
‫الوت‪ ،‬والسابع القب فإن وقعت ف الثامن‪ .‬نسيت مرارة كل حبس‪.‬‬
‫يا هذا‪ ،‬ادخل حبس التقوى باختيارك أياما‪ .‬ليحصل لك الطلق ف الغراض على الدوام‪ ،‬ول ت‬
‫ؤثرن إطلق نفسك فيما تب‪ ،‬فإنه يؤثر حبس البد ف النار‪ ،‬إل مت تسجن عقلك ف مطمورة‬
‫هواك? أو يبس طاوس ف ناووس? ويك‪ .‬تفكر فيما بي يديك‪ ،‬وقد هان الصب عليك‪ ،‬لا خفي‬
‫ت العواقب على التقي‪ ،‬فزعوا إل القلق‪ ،‬وأكثروا من البكاء‪ ،‬فعذلم من يشفق عليهم‪ ،‬وما يدر‬
‫ي العاذل‪ ،‬إن العذل على حل الزن علوة‪.‬‬
‫قيل لبعض العباد‪ :‬ل تبكي? قال‪ :‬إذا ل أبك فما أصنع?‬
‫لو أن دمعي ل ينط ْق بـتـبـيانِ‬ ‫ما كان يقرأ واش سطر كتمانـي‬
‫ماء تـولّـده مـن حـر نـيانِ‬ ‫ماء ولكنه ذوب النـفـوس وهـلْ‬

‫‪288‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫سدت سبيل امرئ ف الب يلحان‬ ‫ليت النوى إذ سقتن ُسمّ أسودهـا‬
‫ما أبعد الصب من شـوقـه دانِ‬ ‫قد قلتُ بالزع لا أنكر واجزعي‬
‫وفاض دمعي فأرواه وأظمانـي‬ ‫عجنا على الربع نستسقي له مطرا‬
‫قوي حصر الوف فاشتد كرب القوم‪ ،‬فكل ما هب نسيم من الرجاء ولوا وجوههم شطره‪:‬‬
‫اعدل حرّ القلب باستبادها‬ ‫يا طربا لنـفـحةٍ نـجـديةٍ‬
‫ت م ّرتْ على بدلها‬
‫إذا جر ْ‬ ‫وما الصبا ريي لول أنـا‬
‫عبارة النسيم ل يفهمها إل الحباب‪ .‬وحديث البوق‪ .‬ل يروق إل للمشتاق‪:‬‬
‫غروى له خب العذيب معرضا‬ ‫ومرنح فَطَنَ النسـيمُ بـوجـده‬
‫العارف غائب عند ذكر الدنيا‪ ،‬وحاضر عند ذكر الخرى وطائش عند ذكر البيب‪ ،‬يضر‬
‫الجلس موثقا بقيود الم‪ ،‬فإذا ذكر البيب قطع الوجد السلسل‪ ،‬إن مداراة قيس تكن‪ ،‬ولكن‬
‫ل عند ذكر ليلى‪ .‬للخفاجي‪:‬‬
‫ت ندٌ وهبت جنوبـا‬
‫فلما بد ْ‬ ‫رمتْ بالمى أبصارها مطمئنةً‬
‫وقل لنجد لو تفرت قلوبـهـا‬ ‫بلنا عليها بالبى فتقطـعـتْ‬
‫لو برزت ليلى ليلً‪ ،‬لصار الظلم عند قيس‪ ،‬أوضح من ضحى‪:‬‬
‫تد ومن نادى به الشوق أسرعـا‬ ‫إذا ما ونت نادى با الشوق فانبت‬
‫من سع ذكر البيب‪ .‬ول يثر قلبه عن مستقره فهو مدع‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ترنّح نشوا ٌن وجن طـروبُ‬ ‫إذا ذُكر الحبوب عند مُحبـه‬
‫خباء ول يبس بكاي رقيبُ‬ ‫إذا قيل مي لا يسعى لذكرها‬
‫كلمي صحيح الزاج‪ ،‬خفيف الروح‪ ،‬أنا صايغ صانع‪ ،‬بابلي لفظي يبلبل‪ ،‬أنا ماشطة القوم‪ ،‬أنا‬
‫لسان الوقت‪:‬‬
‫وكأ ّن ليلى الخيلية تـنـدب‬ ‫فكأ ّن قِسا ف عكاظ يطـب‬
‫وابن القفع ف اليتيمة يُس ِهبُ‬ ‫وكثي عزة يوم بي يطـنـب‬
‫أنا طبيب لبيب‪ .‬أمزج التحذير بالتشويق للعاملي‪ ،‬وأجعل كأس التخويف‪ .‬صرفا للغافلي‪،‬‬
‫وأجتهد ف التلطف‪ .‬جهدي بالعارفي‪ ،‬الام يعجب البدوي‪ ،‬وأما الضري فدق مصر‪ ،‬الدوية‬
‫الادة‪ .‬تؤذي البدان النحيفة‪ ،‬الزاهد ملح الشط‪ ،‬والعارف ناتان الركب‪ .‬الزاهد مقتب‪ ،‬والعا‬

‫‪289‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫رف ف ممل‪ ،‬نفس الزاهد تسي به‪ ،‬وقلب العارف يطي به‪ ،‬العارف حال ف الرحة‪ ،‬غريب ف ال‬
‫وطن‪ ،‬خلوته بعروفه طوره‪ ،‬مت تقاضاه الشوق‪ .‬حضر ل عن ميعاد‪ ،‬إذا وطى بساط النبساط‪.‬‬
‫قال "أرن" فإذا سع صاعقة اليبة‪ .‬قال "تبت إليك"‬
‫إذا امتل القلب فاض اللسان‬ ‫ويأب الور أن أسر الوى‬
‫إذا رأيتم ناطقا بالكمة قد طرب‪ ،‬فاعذروه‪ ،‬وإنه قد صدر ول تردوا بعد‪ ،‬العال الحقق‪ .‬قد‬
‫اعتصر من كروم العارف‪ ،‬خندر يس العان‪ ،‬فشرب منها حت غلب‪ ،‬فإذا عربد بالطرب‪ .‬فلم‬
‫يعذره الصاحي‪ .‬أمر ساقي النطق‪ .‬أن يدور بكأس اللفظ‪ .‬على أرباب اللباب فإذا القوم‪ .‬نشاوى‬
‫من الثمل‪ ،‬فيصبح حينئ ٍذ مواقف "تراود فتاها" "فذلكُنّ الذي لُمُْتنّن فيه" عبناكم يا منقطعي‪ ،‬و‬
‫علينا أن نرد‪ ،‬ل بد للمي أن يقف للساقة‪ ،‬عودوا إل أوكار الكسل‪ ،‬فنحن على نية دخول الفل‬
‫ة‪ ،‬اسعوا وصايانا‪ .‬يا مودعي‪ ،‬إذا جن الليل‪ ،‬فسيوا ف بوادي الدجى‪ ،‬وأنيخوا بوادي الذل‪ ،‬وا‬
‫جلسوا ف كسر النكسار‪ ،‬فإذا فتح الباب للواصلي‪ ،‬دونكم فاهجموا هجوم الكذابي وابسطوا‬
‫كف ‪:‬وتصدق علينا" لعل هاتف القبول يقول "ل تثريب عليكم اليوم"‪.‬‬
‫فلجوا ربع المى ف خطري‬ ‫وإذا جئتـم ثـنـيات الـلـوى‬
‫واذكروا ما عندكم من خبي‬ ‫وصفوا شوقي إل سـكـانـه‬
‫بالمى ل أقض منكم وطري‬ ‫واحنين نـو أيام مـضـت‬
‫ضاع عمري بالن واعمري‬ ‫كلما اشتقـت تـمـنـيتـكـم‬
‫الفصل التاسع والثمانون‬
‫آه لنفس أقبلت على العدو وقبلت‪ ،‬وبادرت إل ما يؤذيها من الطايا وعجلت‪ ،‬من لا إذا سئلت‬
‫عن قبيحها? فخجلت‪ ،‬وسل عليها سيف العتاب‪ .‬فقتلت‪.‬‬
‫أتراها نسيت ما فـعـلـتْ‬ ‫ما لنفسي عن معادي غفلـت‬
‫كل نفس سترى ما علمـتْ‬ ‫أيها الغرور ف لو الوى‬
‫كم عزيز ف هواها خذلتْ‬ ‫ف للدنيا فكم تـخـدعـنـا‬
‫أ ٍ‬
‫ث ما إن لبثت أن سكـنـتْ‬ ‫ُربّ ريح لناس عصـفـت‬
‫قدمٌ زلت وأخرى ثـبـتـت‬ ‫فكذاك الدهر ف تصريفـه‬
‫ف سرور ومرادات خلـتْ‬ ‫أين من أصبح ف غفلـتـه‬
‫وديار لوه قـد خـربـتْ‬ ‫أصبحت آماله قـد خـيبـت‬

‫‪290‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ث قل يا دار ماذا فعـلـت‬ ‫جُز على الدار بقلبٍ حاضرٍ‬
‫وشوسا طال ما قد أشرقت‬ ‫أوجه كانت بدورا طـلـعـا‬
‫وكذا كل مقـيم إن ثـبـت‬ ‫قالت الدار تفانوا ومـضـوا‬
‫فسل الجداث عما استودعت‬ ‫عاينوا أفعالم ف تربـهـم‬
‫أو كأحلم منـام ذهـبـت‬ ‫إنا الـدنـيا كـظـل زائل‬
‫يا من هو ف هوة الوى قد هوى‪ ،‬كم مسلوب بكف النوى عما نوى‪ ،‬أين الستقر عيشه? أدركه‬
‫التوى فالتوى‪ ،‬أين البار الذي إذا علق بالشوى شوى‪ ،‬أين شبعان اللذات أدركه الطوى لا‬
‫طوى ليته لا ذهب بالصل‪ ،‬تيقظ للفرع‪ ،‬فارعوى‪ ،‬إل مت خلف ووعد الدنيا كله خلف‪.‬‬
‫يا متعبا نفسه بالرص‪ ،‬والقدر ما يتغي‪ ،‬الراضي صرفه‪ ،‬كم غرقت سفينة مهجة ف لة حرص‪ ،‬ال‬
‫طمع ينق العصفور قبل الفخ‪ ،‬لا قنعت العنكبوت بزاوية البيت‪ ،‬سيق لا الريص وهو الذباب‪ ،‬ف‬
‫صار قوتا لا‪ ،‬وصوت به لسان العبة‪ .‬رب ساع لقاعد‪ ،‬ترسل قلبك مع كل مطلوب من الوى‪،‬‬
‫ث تبعث وراه وقت الصلة ول يلقاه الرسول‪ ،‬فتصلي بل قلب‪.‬‬
‫ك ف الظعـان إذ نـزلـت باللزمي زمان النفـر بـالـنـفـرِ‬
‫خلفتَ قلب َ‬
‫ما ضاع عند من فاعجب لذا البـر‬ ‫ورحتَ تطلب ف أرض العراق ضحى‬
‫فضل عن بي الضـال والـسـمـرِ‬ ‫لا طرقنا النقي كان الفـؤاد مـعـي‬
‫يا أرجل العيس تُهنيكِ الرمـال فـمـا أغدو بوجدي غـدا إل عـلـى الثـرِ‬
‫فويح أجفان من أدمـعـي‬ ‫إذا تذكرت زمانـا مـضـى‬
‫يا نفس إن ل يصلوا ودعي‬ ‫أراجع ل وصلهم بعـدهـا‬
‫ضاع زمان بالن فاقطعي‬ ‫يا نفس كم أتلو حديث النـى‬
‫وأنت يا عي فل تجـعـي‬ ‫يا قلب ل تسكن على بعدهـم‬
‫الفصل التسعون‬
‫أخوان أل ذو سع وبصر يعلم أن العمار فيها قصر‪ ،‬إل متلمح ما ف الغي من العب إل ذاكر‬
‫بيت التراب والدر‪.‬‬
‫وشل جيعٍ صائر لـشـتـاتِ‬ ‫تنبه فإن الدهـر ذو فـجـعـات‬
‫نسي إليها ل إل الـغَـمَـراتِ‬ ‫تلف مأمـولتـنـا وكـأنـنـا‬
‫سوى فقد حب أو لقاء مـمـاتِ‬ ‫هل الرء ف الدنيا الدنية ناظـرٌ‬

‫‪291‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫بلهيةٍ عن هذه الـحـركـاتِ‬ ‫وما حركات الدهر ف كل طرفةٍ‬
‫إل أن يناموا ل منـام سـبـاتِ‬ ‫سيُسقى بنو الدنيا كؤوس حتوفهـم‬
‫عظاتٍ من اليامِ بعد عـظـاتِ‬ ‫وما فرحتْ نفسٌ ببلوى وقد رأت‬
‫قديا فل تعتـدهـا بَـغَـتـاتِ‬ ‫إذا بغتتْ أشياء قد كان مثـلـهـا‬
‫فل بد للنـوّام مـن يقـظـاتِ‬ ‫واعقب من النوم التيقـظ راشـدا‬
‫يا من يول ف العاصي‪ ،‬قلبه وهه‪ ،‬يا معتقدا صحته‪ ،‬فيما هو سقمه‪ ،‬يا من كلما طال عمره‪ ،‬زاد‬
‫إثه‪ ،‬أين لذة الوى? رحل الطعوم وطعمه‪.‬‬
‫يا من سيجمعه اللحد عن قليل‪ ،‬ويضمه‪ ،‬كيف يوعظ من ل يعظه عقله ول فهمه? كيف يوقظ‬
‫من قد نام قلبه ل عينه ول جسمه? ويك تدارك أمرك قبل الفوت‪ ،‬أتنفع الستغاثة? والسم قد و‬
‫صل إل القلب‪ .‬إن الدرياق يصلح قبل اللسع‪ ،‬ومذهب ابن سريح يستعمل قبل الطلق‪.‬‬
‫لن أُحدّث والقلب غائب‪ ،‬لن أُعاتِب والفكر ذاهل‪ ،‬وآسفا من ضرب الراج‪ ،‬على بلد الراب‬
‫‪ ،‬ويك‪ ،‬أجادٌ أنت أم حيوان? هذا الفهد على خساسة خلقه يصاد بالصوت السن‪ ،‬ومت وثب‬
‫على الصيد ثلث مرات ول يدركه‪ ،‬غضب على نفسه‪ ،‬كم قد وثبت على هواك مرة فلم تقدر ع‬
‫ليه‪ ،‬فأين غضبك على التقصي‪ ،‬هيهات ليس عند الطاوس إل حسن الصورة‪ ،‬تفيق ف الجلس ل‬
‫ظة ث تذكر الشهوات فيغمى عليك‪ ،‬إن الغراب إذا سكر بشراب الرص تنفل باليف‪ ،‬فإذا ص‬
‫حا من خاره ندب على الطلل‪ ،‬لا عزت نفس الببغاء زاحت الدمي ف النطق‪ ،‬وهي تتناول بكفه‬
‫ا من جنس مطاعمهم‪.‬‬
‫واعجبا لبهيم يتشبه بالناس‪ ،‬ولنسان يتشبه بالبهيم‪ ،‬كل هذا سببه المة‪ ،‬ل يطمعن البطال ف منا‬
‫زل البطال‪ ،‬إن لذة الراحة ل تتناول بالراحة‪ ،‬من زرع حصد ومن جد وجد‪.‬‬
‫وكيف يُحاز المد والوفر واف ُر‬ ‫وكيف يُنال الجد والسم وادعٌ‬
‫أي مطلوب ينال من غي مشقة? وأي مرغوب ل تبعد على مؤثره الشقة? الال ل يصل إل‬
‫بالتعب‪ ،‬والعلم ل يدرك إل بالنصب‪ ،‬واسم الواد ل يناله بيل‪ ،‬ولقب الشجاع بعد تعب‬
‫طويل‪ .‬للمتنب‪:‬‬
‫لا يشق على السادات فَعّال‬ ‫ل يدرك الجد إل سيدٌا فطن‬
‫الود يُفقرُ والقدام قَتّـال‬ ‫لول الشقة سادَ الناسَ كلهم‬
‫يا أعجمي الفهم‪ ،‬مت تفهم? يا فرحا بلذة عقباها جهنم‪ ،‬ستدري مت تبكي ومت تندم‪ ،‬إذا جثا‬
‫الليل‪ ،‬وتزلزل ابن مري‪ ،‬يا عاشق الدنيا كم قتلت متيم? ما للفلح فيك علمة‪ ،‬وال أعلم‪ ،‬إن‬

‫‪292‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كان ث عذر‪ ،‬فقل وتكلم‪ ،‬غاب الدهد من سليمان ساعة فتواعده‪ ،‬فيا غائبا عنا طول عمره‪ ،‬أما‬
‫تذر غضبنا? خالف موسى الضر‪ ،‬ف طريق الصحبة ثلث مرات‪ ،‬فحل عقدة الوصل بكف "هذ‬
‫ا فراق بين وبينك" أما تاف يا من ل يف لنا قط‪ ،‬أن نقول ف بعض زلتك "هذا فراق بين وبين‬
‫ك"‪.‬‬
‫أعظم عذاب أهل النار جهلهم بالعذب‪ ،‬لو صحت معرفتهم بالالك‪ ،‬لا استغاثوا يا مالك‪ ،‬وقع بين‬
‫هم شخص‪ ،‬ليس من النس‪ ،‬كانت ف باطنه ذرة من العرفة‪ ،‬فكلما حلت عليه النار‪ ،‬اتقاها بدر‬
‫ع يا حنان يا منان‪ ،‬كان موته ف العاصي سكتة‪ ،‬فقب ف جهنم‪ ،‬فلما ترك الروح ف الباطن أخر‬
‫ج‪ ،‬رأى السباب بيد السبب‪ ،‬فتعلق بالصل‪ ،‬أخوان‪ ،‬اليوم رجاؤنا للرحة قوي‪ ،‬فكيف نصنع غ‬
‫دا? إن ضعف‪.‬‬
‫ما أصنع بعد بعدكم حاشاكم‬ ‫هذا جزعي وما خل مغناكم‬
‫ل أذكر غيكم ول أنساكم‬ ‫أقسمت بكم لكم وحسب ذاكم‬
‫على تفصيل المور والمل‪ ،‬ما يرضى للقب‪ ،‬بذا العمل‪ ،‬يا من قد حل الطايا‪ ،‬وبئس ما حل‪،‬‬
‫أف سكر أنت أم ف نل? لو علمت أن مكاوي الديد‪ ،‬قد أحيت للسمل‪ ،‬ل تفرق من اللباس بي‬
‫الديد والسمل‪ ،‬يا ثقيل الطبع كالرمل‪ ،‬فما يطربه الثقيل ول الرمل‪ ،‬تعصي ث تصر‪ ،‬فتضيف إل‬
‫صفي المل‪ ،‬يا من قد فقد قلبه ل تيأس من عوده‪.‬‬
‫يظنان كل الظن أل تلقيا‬ ‫فقد يمع ال الشتيتي بعدما‬
‫الوى قاطن‪ ،‬والصواب خاطر‪ ،‬وقلع القاطن صعب‪ ،‬وإمساك الاطر أصعب‪ ،‬الوى متدير‪،‬‬
‫والواعظ نزالة‪ ،‬ومع مداراة المل تصل‪ ،‬لا تزينت زخارف الدنيا‪ ،‬تواثبت جهال الطبع لتّباع‬
‫الوى فبعث العقل كافا لم‪ ،‬فأقام عندهم‪ ،‬موكلً بم‪ ،‬وكلما زاد ف قيودهم فكوا السلسل‪ ،‬و‬
‫كلما تل عليهم النصائح‪ ،‬أسعوه القبائح‪.‬‬
‫فواعجبا لعرف‪ ،‬بلى بقاساة أنذال‪ ،‬ما يزال العقل يضرب المثال‪ ،‬ويشرح العواقب‪ ،‬ولكن من‬
‫يسمع? أحضر معه ف خلوة‪ ،‬واستحضر صديق الفكر فإنه ثقة‪ ،‬فإن خرجتم إل القابر قوي دليل‬
‫النصح‪ ،‬مروا بقصور الذنبي‪ ،‬تدوا أخبارهم مرا‪ ،‬وجوزوا على قبور الصالي‪ ،‬فقد جوزوا ف ال‬
‫عاجل ذكرا‪ ،‬إذا مات الؤمن بكى عليه مصله من الرض‪ ،‬ومصعد عمله من السماء‪ ،‬أربعي صبا‬
‫حا‪ ،‬واعجبا للبقاع‪ ،‬تبكي عليهم‪ ،‬وتبكي منهم‪.‬‬
‫وسألتُها لو أ ّن دارا تفـهـمُ‬ ‫أما الوقوف فقد وقفتُ بدارهم‬
‫طرسا يط به البلى وينمنـمُ‬ ‫ت طلولم أبصرتُهـا‬
‫وإذا رأي ُ‬

‫‪293‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أن الديار بم تصح وتسقـمُ‬ ‫نلت لبينهم ول أ ُك عـارفـا‬
‫يا له من عذل‪ ،‬لو كان للمعاتب فهم‪ ،‬لم منه وال لو كان فحم‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫يُزايل المر السيما‬ ‫والر من حَذر الوان‬
‫أقعدُ ما يكون إذا أقيما‬ ‫والعاجز الـمـأفـون‬
‫العبارات حظ النفوس‪ ،‬والشارات قوت القلوب‪ ،‬نزل بعض أرباب العرفة‪ ،‬إل الشط فصاح‪ :‬يا‬
‫ملح تملن‪ ،‬فقال‪ :‬إل أين? قال إل دار اللك‪ ،‬فقال‪ :‬معي ركاب إل القطيعة‪ ،‬فصاح الفقي‪ :‬ل‬
‫بال ل بال‪ ،‬أنا منذ سبعي سنة‪ .‬أفر منها‪ ،‬دخل ذو فطنة إل دار قوم‪ ،‬فرأى حبا‪ .‬وإل جانبه مرك‬
‫ن‪ .‬قد زرع فيه صب‪ ،‬فتواجد فقال حب إل جانبه صب‪.‬‬
‫إن صاح بالبي داع باح مضمره‬ ‫يا نازلي المى رفقا بقلب فتـى‬
‫أخو الغرام ولكن من يـبـره‬ ‫وقد ييل إل الغنـى يسـائلـه‬
‫وآفة البتلي فـيكـم تـذكـره‬ ‫وما ذكرتكم إل وهـت جـوى‬
‫إل ويذلن قلبـي وينـصـره‬ ‫ول عزمت على سلوان حبـكـم‬
‫أين الذين كانوا نوم الدنيا وأقمار الخرة‪ ،‬قياما كالعلم‪ .‬على جواد الوى‪ ،‬تقوى بأنفاسهم‪:‬‬
‫نفوس أنفاس أهل التقوى‪ ،‬يصوتون بالنقطع‪ ،‬ويرشدون التحي‪ ،‬ما بقي ف الديار ديار‪.‬‬
‫فخصهم عـنـي بـكـل سـلم‬ ‫نسيم الصبا إن زرت أرض أحبت‬
‫وأن غرامي فـوق كـل غـرام‬ ‫وبلغهـم أنـي رهـي صـبـابة‬
‫لو أن جفون متعـت بـمـنـام‬ ‫وإن ليكفين طروق خـيالـهـم‬
‫إذا كان ف تلك الديار مقـامـي‬ ‫ولست أبال بالنان وبالـلـظـى‬
‫ويوم لقاكم ذاك فطر صـيامـي‬ ‫وقد صممت عن لذات دهري كلها‬
‫رحل القوم وتلفنا‪ ،‬وبادروا أيامهم وسوفنا‪ ،‬وعرفنا طريقهم لكنا انقطعنا‪ ،‬فسيوا بنا‪ ،‬فإن لقنا‬
‫وإل تأسفنا‪.‬‬
‫فعد إل روض المى نرتعِ‬ ‫يا صاحب إن كنت ل أو معي‬
‫وقف وسلم ل على لعـلـعِ‬ ‫حي كثيب الرمل رمل المى‬
‫وانشد فؤادي ف رب الجمعِ‬ ‫وسل عن الـوادي وأربـابـه‬
‫ونب فدتك النفس عن مدمعي‬ ‫وابك فما ف العي من فضله‬

‫‪294‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تسنـده عـن بـانة الجـرع‬ ‫واسع حديثا قد روته الصبـا‬
‫واشم عشيب البلد البلـقـع‬ ‫وانزل على الشيح بـواديهـم‬
‫وقل ديار الظاعني اسعـي‬ ‫بلغ تيات إلـى ربـعـهـم‬
‫يا عاذل لو كان قلب معـي‬ ‫رفقا بنضو قد بـراه السـى‬
‫عودي تعودي مدنفا قد نعـي‬ ‫لفي على طيب ليال خـلـت‬
‫أزعجتمون بتقلقلكم‪ ،‬يا تائبي‪ ،‬أخرجتمون عن الد‪ ،‬يا خائفي‪.‬‬
‫ارفقا ب ف التثن والبوب‬ ‫يا صبا ند ويا بان المـى‬
‫يتقومون بقال‪ ،‬ويقومون على حر القال‪ ،‬ويرج عاطل البطالة وهو خال‪ ،‬وأنا أدري ما حال‬
‫"إنا أشكو بثي وحزن إل ال"‪.‬‬
‫بلغ رسوم الدار ما عندي‬ ‫يا غاديا نو هضاب المى‬
‫أشكو من الجران والصد‬ ‫كم ل بتلك الدار من وقفة‬
‫يا ركب التوبة إن تزودت فالتقوى وسرت إل ال فاحلوا معكم رسالة متلهف يتوي على حسرة‬
‫مصر‪.‬‬
‫من وبلغ إن وصلت عنـي‬ ‫يا حادي العيس ترفق واستمع‬
‫قلب فقد ضاع الغداة منـي‬ ‫وقف بأكناف الجاز ناشـدا‬
‫ذاك السي موثق بالـزن‬ ‫وقل إذا وصلت نو أرضهم‬
‫إن سعوك سائلوك عـنـي‬ ‫عرض بذكرى عندهم عساهم‬
‫معذب القلـب بـكـل فـن‬ ‫قل ذلك للمحبوس عن قصدكم‬
‫ف جلة الوفد فخاب ظن‬ ‫يقول أملـت بـأن أزوركـم‬
‫يا معاشر التائبي برمة الصحبة‪ ،‬ل تنسون غدا بعتكم أغلى اللك فل تنسوا كرامة الدلل‪ ،‬أعوذ‬
‫بك يا إلي أن تعل حظي لفظي وآأسفي أصف واصفي ويشرب غيي‪.‬‬
‫وعندي دموع ما بلغن الـآقـيا‬ ‫فعندي زفي ما ترقى إل الشى‬
‫واحسرتا‪ ،‬أأكون كالقوس رفعت السهم فمر ول تبح? أأصب كالبرة تكسو غيها وهي عريانة?‬
‫أأشبه حال الشمعة أضاءت غيها باحتراق نفسها?‪.‬‬
‫أترى ينفعن قول تـرى‬ ‫أترى يرجع ل دهر مضى‬
‫إن توانيت فل ذقت الكرى‬ ‫ويك يا عي أعين قلـقـي‬

‫‪295‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إلي أيقظتن ف الصبا? وأقمتن أدل اللق عليك ومزجت كأس نطقي بعذوبة وجعلتن ف‬
‫أخباري معروفا بالمانة فركن إل أهل العاملة ولو عرفوا إفلسي ما عوملت‪ ،‬إلي طال ما‬
‫اجتذبت العصاة بعد أن تافتوا ف النار أفيصدرون وارد? سيدي إن ل أصلح للرضا فالعفو العفو‪.‬‬
‫??الفصل الادي والتسعون‬
‫أخوان‪ :‬أما ينبه على استعداد الزاد? سلب الباء وأخذ الجداد أما يرك إل التيقظ? ونفي‬
‫الرقاد عكس الشتهى ورد الراد‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫ومستَهلكٍ بي النوى والـنـوائبِ‬ ‫لنا كل يوم رنةٌ خـلـف ذاهـبِ‬
‫ونأمن من وعد الردى غي كاذب‬ ‫ونأمل من وعد الُن غيَ صادق‬
‫وأقدامُنا ما بي شوكِ العقـاربِ‬ ‫نُراع إذا ما شيك أخص بعضنـا‬
‫وخوفٌ لطلوبٍ وه ّم لطـالـبِ‬ ‫نعمْ إنا الدنيا سـومٌ لـطـاعـمٍ‬
‫وندحها مع علمنا بالـعـائبِ‬ ‫وإنا لنهواها مع الغدر والقِـلـى‬
‫أي مطمئن ل يزعج? أي قاطن ل يرج? فرس الرحيل لنا سرج وما جرى على القران أنوذج‪ ،‬يا‬
‫متالً ف ثوب الصبا معجبا برطه‪ ،‬شرط القام الرحيل وقد تقاضى بشرطه أما لك نبة ف رفع‬
‫الزمان وحطه‪ ،‬أما ترى رقوم النايا مكتوبة بطه‪ ،‬أما أعرب السطور بشكل الرض ونقطه‪ ،‬هل ت‬
‫صور العاصي ساعة إنزاله القب وحطه‪ ،‬أفل يتذكر الغن أخذ ماله على رغمه ومن أصل قرطه‪.‬‬
‫يا من قد قاده الوى بل خزامة‪ ،‬لو قبلت مشورة العقل ل تتجرع مر لو وليت قدر‪ .‬إن الزلل يف‬
‫ى على اللق "أل يعلم من خلق" صور إنه قد عفا عنك فأين الياء ما جنيته?‪.‬‬
‫وجاحة النار ل تضـرم‬ ‫هب البعث ل تأتنا رسلـه‬
‫حياء العباد من النـعـم‬ ‫أليس من الواجب الستحق‬
‫أقل نعمه أن أوسع عرصة الوجود لئل يضيق نفس النفس بالصر وأجرى مرى الواء ف جو‬
‫الفضا يقتسم بكاييل الياشيم فيصل بالعدل إل ذوات الذوات‪ .‬واعجبا للغافلي عن هذا النعم‬
‫ل بوجوده? فهو أوضح من ضحى أم ميلً إل الدنيا? فهي أغدر من تاء بتمتام‬
‫باذا اشتغلوا? أجه ً‬
‫إن سلمت فتنت وإن تلفت قتلت‪ ،‬وقع نل على لينوفر منتشر الورق فاحب ريه فلما تقبض الو‬
‫رق وغاص‪ ،‬هلك العاشق‪.‬‬
‫أخوان‪ :‬إياكم والذنوب فإنا أذلت عزيز "اسجدوا" وأخرجت مقطع "اسكن" لول لطف "فتلقى"‬
‫كان العجب‪ ،‬استراح آدم إل بعض العناقيد‪ ،‬فإذا به ف العناقيد‪ ،‬جاءه جبيل فسلم عليه فبكى‬

‫‪296‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وبكى جبيل ث قال يا آدم ما يبكيك? قال‪ :‬كيف ل أبكي وقد حولن من دار النعيم إل دار البؤ‬
‫س‪ ،‬واعجبا بجيء جبيل زاد الريض ألا‪.‬‬
‫ماذا بقلب صنعـا‬ ‫آه لبق لـمـعـا‬
‫مستهاما موجعـا‬ ‫أيقظ من للغـرام‬
‫أسكب دمعي دفعا‬ ‫فبت من إياضـه‬
‫للصنيع موضعـا‬ ‫يا برق أما ترينـي‬
‫أكرم بن أربعـا‬ ‫فحي عن أربعـا‬
‫بعد النوى ل هجعا‬ ‫يا ناظرا أقسم مـن‬
‫على الرقاد أربعا‬ ‫كب مذ فارقـهـم‬
‫بي البيب قطعا‬ ‫كم كبد قطعـهـا‬
‫أكثر ما وسعـا‬ ‫حل وجدي جلدي‬
‫خرج آدم يوم الكعبة فلما وصل طاف أسبوعا فما أته حت خاض ف دموعه‪.‬‬
‫مثل الدوال وهي الدوال‬ ‫دموع عين مذجـد بـي‬
‫فشمت به إبليس حي نزل وما علم أن نزوله إل دار التعبد صعود كنول الغائص خلف الدر‬
‫صعود‪ .‬رأى ف بدايته طينا قد صلصل وبذرا قد عفن ونسي أنه ستهتز طاقاته ف ربيع "فتلقى"‬
‫ويلك يا إبليس ما جرى على آدم وهو الراد من وجوده‪" ،‬لو ل تذنبوا" قدح أريد كسره فسلم إ‬
‫ل مرتعش‪.‬‬
‫لا خلقت ل أعـي وجـفـون‬ ‫فلول غليل الشوق أو لوعة السى‬
‫ل يهولنك قوله "اهبطوا منها" فلك خلقتها وإنا أخرجت إل مزرعة الجاهدة فإذا حصدت فعد‬
‫إن قيل لك مرة "اهبط" ففي كل يوم تنادي ألف ألف مرة "وال يدعو إل دار السلم" إن‬
‫تعذرت عن الضرة مرة فزيارة البيب ما تنقطع "هل من سائل" الكرة تلقى من صاحب الصولا‬
‫ن بالطرد ث هو يطلبها‪.‬‬
‫إن كان كذا الب فما أعـدلـه‬ ‫ترجو ف الحب عتق من أنت له‬
‫من حكمه قضى عـلـيه ولـه‬ ‫هيهات الـب يعـتـريه ولـه‬
‫يا آدم‪ ،‬قد ذقت حلوة الذنب وتطعمت مرارة الندم‪ ،‬فهل وفت بتلك? أين لذاتك? إذا نزل‬
‫الوت كيف حسراتك? إذا وقع الفوت‪:‬‬

‫‪297‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫هل يرجع ما مضى برد الشمل‬ ‫ما أسرع ما انقضى زمان الوصل‬
‫يكفي ما ب فل تزد ف عذلـي‬ ‫من ل بم وهل مفيد مـن لـي‬
‫يا صبيان التوبة اشكروا من ناكم بالنابة "وكنتم على شفا حفرة من النار" تذكروا عظمة من‬
‫عاهدت "ول تنقضوا اليان بعد توكيدها" ل تزدروا أثواب الفقر فعليها أنوار الهابة "ولكم فيها‬
‫جال حي تُريون وحي تسرحون" ل يصعب على اليل تضميها فستفرح به يوم السباق إن قال‬
‫لك رفقاؤك‪ :‬امش معنا ساعة‪ ،‬فقل‪ :‬أقعدن الوف‪.‬‬
‫فاطردا عن الصبا والرحا‬ ‫يا نديي صحا القلب صحـا‬
‫تعجبا من فاسد إن صلحـا‬ ‫شرا بردى للـنـسـك ول‬
‫ولا الدهر امرءا فيمن لا‬ ‫زجر اللم فؤادا فارعـوى‬
‫أيها التائب قل لقلبك الراعي ف رياض الدى‪ ،‬احذر من الفتنة إل خضراء دمن الوى‪ ،‬فمرعاك‬
‫أطيب‪ ،‬وشرابك أعذب "ولئن ل يفعل ما أمره ليُسْجَنَنّ" نسيم الريح يقوي الروح ما ل يتلط به‬
‫بار ردى كذلك كلم الذكرين إذا سلم من بدعة كان قوتا للنفس وإن مازجه هوى هوى بصاح‬
‫به إل العلل‪.‬‬
‫كلمي نر يأخذ من بر الكتاب والسنة‪ ،‬صاف ما تغي قط‪ ،‬يسقي قلوبكم سيحا بل كلف وقد‬
‫قنع من الراج بالدعا هل ف ملسي نقص? فيقال لو أنه أو عيب‪ ،‬فيقال إل أنه أو رأيتم مثله? في‬
‫قال كأنه‪ ،‬آه لو كان من أعجمي ولكنه أبلغ بلفظي منل العن وما طال سفر العبارة‪ ،‬العان واس‬
‫عة الفياف واللفاظ ضيقة العراص وما يقدر على حشو العرصة فوق ما تسع إل مهندس للئ هذ‬
‫ه العان لطاف‪ .‬فأي سلك فهم دق انتظمت فيه وغنما ينظم اللؤلؤ ف خيط ل ف حبل‪ ،‬كلمي ث‬
‫وب فصل على قدر أساعكم فهو ل يصلح إل لكم‪ ،‬ل تنكروا مدحي لهل بغداد فهم فهم‪ ،‬ألذ‬
‫ا البلد بدل? إذا مرضت الفهام السليمة من وباء طعام العبارات الركيكة عمل لفظي ف شفائها‬
‫ول رقي الند كلم تداوى كل كلم ظلم‪ ،‬قياسها بعذوبة الظلم‪.‬‬
‫توجد مفقودة الثال‬ ‫جواهر كلهـا يتـيم‬
‫عجزا وجاشت بارها ل‬ ‫تنب الغائصون عنـهـا‬
‫الفصل الثان والتسعون‬
‫يا ديار الحباب أقوى جديدها‪ ،‬أين أسودها? أم أين غيدها? أين ظباء الوى? مرت ومن‬
‫يصيدها‪ ،‬تساوى ف القبور مواليها وعبيدها‪ ،‬قف يا حبيب بالرسوم وانظر نسخ النسيم بالسموم‬

‫‪298‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وتبديل الفراح بالغموم‪ ،‬هيهات إن الدنيا ل تدوم إنا على قتلك توم‪ .‬إيثار مثل هذه لوم‪.‬‬
‫للخفاجي‪:‬‬
‫قل لنعمان أين أين السـدير‬ ‫سل بعمدان أين ساكـنـه أو‬
‫رواح علـيكـم وبـكـور‬ ‫أيها الظاعنون ل زال للغـيث‬
‫أثر من عفائكم مـهـجـور‬ ‫قد رأينا دياركـم وعـلـيهـا‬
‫ومن الصمت واعظ ونـذير‬ ‫وسألنا أطللكم فـأجـابـت‬
‫أسى ما القلوب إل صخـور‬ ‫عجبا كيف ل نت ف مغانيها‬
‫وكانت بعد المـور أمـور‬ ‫يا ديار الحباب غيك الدهر‬
‫أيها الباكي على أقاربه الموات‪ ،‬ابك على نفسك فالاضي قد فات وتأهب لنول البليا وحلول‬
‫الفات وتذكر قول من إذا ذكرك قال مات‪ ،‬كأنك با أتى الاضي قد أتاك‪ ،‬ولقد صاح بك‬
‫نذيرهم‪ ،‬أنت غدا كذاك‪ ،‬وليخرسن الوت بسطوته فاك‪ ،‬إذا وافاك إنا اليوم لذا وغدا لذاك‪ ،‬قر‬
‫ئ على قب‬
‫قد تبا الهل منـي‬ ‫أنا ف القبـر وحـيد‬
‫خبت أن ل تعف عن‬ ‫أسلمون بـذنـوبـي‬
‫يا هذا‪ :‬لحت الغاية لعي الشيب فصح بيل البدار مرحلة الشيب تط على شفي القب‪ ،‬وقد‬
‫أند من رأى حضنا‪ ،‬أتمل مشاق السفر من وراء النهر وتاطر بالوقفة من نلة‪.‬‬
‫يا هذا إذا ركبت مركب الوى فاجعل باتان الركب لحاسبة النفس فإنه يشم كل يوم ريح ثرى‬
‫الرض فيعلم هل هو على خطأ أو صواب? ومت ل يعلم الطريق صدمه حجر فغرق‪.‬‬
‫يا من يدث وكأنه ما يسمع‪ ،‬مت ل ينصت سع القلب ضاع الديث‪ ،‬أترى ينطبع ف شع سعك‬
‫من هذا حرف‪ ،‬تضرون الجلس فرجة? وتعلون رجاء النفع حجة ول تسلكون إل العمل مجة‬
‫"وما أُبرّئ نفسي" واعجبا‪ ،‬تتمع العزائم ف الجلس اجتماع الثريا فإذا خرجنا صارت كبنات نع‬
‫ش لو تأملتم عيب الدنيا لان طلقها‪:‬‬
‫فكن منه على حذر شـديد‬ ‫سرور الدهر مقرون بزن‬
‫وف يسراه قيد من حـديد‬ ‫ففي يناه تاج من نضـار‬
‫آه للدنيا ملكت القلب حي ملكت وأبقت الغم ث أبقت‪.‬‬
‫وزودننا للوجد عض الباهم‬ ‫تزودن منا كل قلب ومهجة‬

‫‪299‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كم تألفت بلو مذاقها ث أتلفت بر فراقها‪.‬‬
‫ل يبق عندي عقابيلً من السقم‬ ‫فليت عهدك إذ ل يبق ل أبـدا‬
‫لا كان الصانع غائبا عن الحساس سطرت قدرته ف ألواح التكوين عجائب الكائنات ث وضعت‬
‫اللواح ف حجور العقول ليقرأها أذهان أطفال الطباع فإذا أحذق الصبيان وحفظ الكتوب ما‬
‫السطور "إذا الشمس ُكوّرتْ وإذا النجوم انكدرتْ"‪.‬‬
‫أخوان‪ :‬عيون يقينكم رمدة والفكر تبيد‪ ،‬من أيقن بالوت كيف يفرح? من علم قرب الساب‬
‫كيف يلهو? من عرف تقليب القلوب كيف يأمن?‪.‬‬
‫كان سفيان الثوري من شدة خوفه يبول الدم فحمل ماؤه إل الطبيب فقال هذا ماء رهبان هذا ما‬
‫ء رجل قد فتت الزن كبده‪ ،‬وحل ماء سري إل الطبيب فلما نظر إليه قال هذا بول عاشق قال‬
‫حامله فسقطت ث غشي علي ث رجعت إل سرى فأخبته فقال قاتله ال ما أبصره‪:‬‬
‫ومن حر أنفاسي عليه لـيب‬ ‫إذا أنا واجهت الصبا عاد بردها‬
‫ومال إل أن أراك طـبـيب‬ ‫وقد أكثرت ف الطباء قولم‬
‫قيل لبعض عقلء الجاني ل سيت منونا? قال لا طال حبسي عنه ف الدنيا سيت منونا لوف‬
‫فراقه‪:‬‬
‫وجفن عين مـا ينـام‬ ‫قلب ببك مـا يفـيق‬
‫ما يقال له انـصـرام‬ ‫قد طال فيك الليل حت‬
‫والفجر ينعه الظـلم‬ ‫والنـجـم فـيه راكـد‬
‫ولكل مفتـاح خـتـام‬ ‫ليل بـغـي نـهــاية‬
‫وهجرك الوت الزؤام‬ ‫ف وصلك العيش الن‬
‫إن ل تكن مع القوم ف السفر تلمح آثار البيب عليهم وقت الضحى‪ ،‬ترى ف صحائف الوجوه‬
‫سطور القبول بداد النوار وجوه زهاها السن أن تتبقعا‪.‬‬
‫قال بعض السلف‪ :‬لقيت غلما ف طريق مكة فقلت له‪ :‬أما تستوحش? فقال إن النس بال قطع‬
‫عن كل وحشة‪ ،‬قلت‪ :‬فأين ألقاك? قال‪ :‬أما الدنيا فل تدث نفسك بلقائي وأما الخرة فإنا مم‬
‫ع التقي‪ .‬قلت‪ :‬فأين أطلبك ف الخرة? قال‪ :‬اطلبن ف جلة الناظرين إل ال تعال‪ .‬قلت‪ :‬وكي‬
‫ف علمت? قال‪ :‬بغض طرف عن كل مرم واجتناب فيه كل منكر ومأث وقد سألته أن يعل جنت‬
‫النظر إليه ث صاح وأقبل يسعى حت غاب عن بصري‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬

‫‪300‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إل وقلب إليكم شيقٌ عَـجِـلُ‬ ‫وما َت َلوّم جسمي عن لقـائكـمُ‬
‫إليكم الافزان‪ :‬الشوق والملُ‬ ‫ق يـركـهُ‬
‫وكيف يقعد مشتا ٌ‬
‫وإن قعدت فمال غيكم ُشغُلُ‬ ‫فإن نضت فمال غيكم وطرٌ‬
‫يستأذنون على قلب فما وصلوا‬ ‫وكم تعرض ل القوام بعدكـم‬
‫الفصل الثالث والتسعون‬
‫سبحان من فاوت بي القلوب فمنها ما ل يصلح إل لدمة الدنيا ومنها ما ل يصلح إل للتعبد‬
‫ومنها روحان مشغول بحبة الالق‪ .‬للمتنب‪:‬‬
‫ببـكَ أن يـل بـه سـواكـا‬ ‫ت علـى فـؤادي‬
‫أروح وقد خن ُ‬
‫فلم أبصـر بـه حـتـى أراكـا‬ ‫فلو أن استطعت غضضت طرف‬
‫ك ل ببعضـي بـل بـكـلـي وإن ل يبق حبك لـي حـراكـا‬
‫أحب َ‬
‫فتفعله فيحـسـن مـنـك ذاكـا‬ ‫ويقبح من سواك الفعـل عـنـدي‬
‫وآخر يدعي معـه اشـتـراكـا‬ ‫وف الحباب مـتـص بـوجـد‬
‫إذا اشتبكـت دمـوع فـي خـدود تبي من بكى مـن تـبـاكـى‬
‫وينطق بالوى من قد تـبـاكـى‬ ‫فأما من بكـى فـيذوب شـوقـا‬
‫النهار يزيد ف كرب الحب والليل يروحه السحر روضة ندية يد فيها الحب ضالة وجده‪،‬‬
‫شراب الناجاة يروي ظمأ العشاق‪ ،‬لو رأيت الحب ف الليل يتقلقل ويناجي حبيبه ث يتململ‬
‫وكلما أزعجه الشوق تي وتبلبل‪ ،‬وما ألذ ما يصف حاله ويتعمل‪.‬‬
‫وأما فؤادي فهو بالشوق مـجـروح‬ ‫أحباي أما جفن عينـي فـمـقـروح‬
‫يذكرن مر الـنـسـيم عـهـودكـم فأزداد شوقا كـلـمـا هـب الـريح‬
‫بقلب من نار الغـرام مـصـابـيح‬ ‫أران إذا ما الليل أظـلـم أشـرقـت‬
‫أصلي بذكراكـم إذا كـنـت خـالـيا إل أن تـذكـار الحـبة تـسـبـيح‬
‫سواكم وبعض الشح ف الرء مدوح‬ ‫يشـح فـؤادي أن يـامـر ســره‬
‫لو لبس أحد الحبي حلة علم أنه من الزهاد‪ ،‬كيف يفي الليل بدرا طالعا‪ ،‬كم بالغوا ف كتم‬
‫الال? وستر الحب مال‪:‬‬
‫أريدكم من بينهـم بـسـؤالـي‬ ‫أسائل عـمـن ل أريد وإنـمـا‬
‫لسان بكم حت ينم بـحـالـي‬ ‫فيعثر ما بي الكلم ورجـعـه‬

‫‪301‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وأظهر للـعـذال أنـي سـال‬ ‫وأطوي على ما تعلمون جواني‬
‫كلما قوي حامل الحبة‪ ،‬زيد ف حله‪" ،‬نن معاشر النبياء أشد الناس بلءا ث المثل فالمثل"‬
‫فوران قدر القلب من قدر شدة اليقاد‪ ،‬كان يسمع لصدر الليل أزيز من بعيد خوفا من ال‬
‫تعال وكذلك نبينا صلى ال عليه وسلم يصلي ولوفه أزيز كأزيز الرجل من البكاء‪ ،‬كان الوحي‬
‫إذا نزل عليه وهو على ناقته أثر فيها فربا وتدت بيديها ف الرض وربا بركت لثقل الوحي‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫يب با حر الـغـرام ويوضـع‬ ‫أحست بناري ف ضلوعي فأصبحت‬
‫ول ل لك اللف الليط الـودع‬ ‫تني إل أن بـي لبـك الـهـوى‬
‫كلنا إذن يا ناق نضو مـفـجـع‬ ‫وباتت تشكي رحـلـي ضـامـرا‬
‫أماعت قلوبم بالوف فهاتبهم الوامد فالجر يسلم على الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫والسكي ل تعمل ف الذبيح‪ ،‬مالك أيتها الدية وعادتك القطع? قالت بلسان الال‪ :‬أخوات تز‬
‫رقاب الكفار‪ ،‬وأنا قد ابتليت بقطع عنق إساعيل فقد وقفت مدهوشة بالبلوى فعندي شغل‪ ،‬قطع‬
‫يد زليخا يوز فأما يد يوسف فمشكل أتراك تلو لك عبارات? أو تفهم إشارات‪ ،‬كم أجلو عليك‬
‫عرائس الحبة? ولست كفؤا‪ ،‬وإنا يل النظر لن يعقد‪ ،‬أقل أحوال القوم رفض الوى وهذا‬
‫كالستحيل عندك‪ ،‬كانوا إذا ابتلوا صبوا ث صاروا إذا ابتلوا شكروا‪ ،‬ث رأوا ف البلى البتلى‪ ،‬ف‬
‫سكروا أين الذين أصفهم? مروا وعبوا‪.‬‬
‫لسـانـا ويودع الـدمـع خـــدا‬ ‫ليس بالصب من يرك بالشـكـوى‬
‫بي الـوشـاة والـحـب ســـدا‬ ‫أيها الوامق الذي جعل الكـتـمـان‬
‫دموعا توف على الـبـحـر مـدا‬ ‫صاح لول صون الغرام لجـريت‬
‫جاد الـيا الـكـثـيب الـفـردا‬ ‫قل لي على اللوى والكثيب الفـرد‬
‫قد وقفنا من بعدكم نـسـأل الـبـان ضل ًل عنكم ونـشـكـو الـرنـدا‬
‫ل ووخـدا‬
‫أين تبغي يا حادي الركـب أفـنـيت الـطـايا سـيا ذمـي ً‬
‫منـهـا إل عـظـامـا وجـلـدا‬ ‫قف قليلً ف الربع وارفق فما أبقيت‬
‫إن تـركـنـا أداءهـا كــان ادا‬ ‫فلدار الـوى عـلـينـا حـقـوق‬
‫إل قـــولً وفـــــاءا وودا‬ ‫يا بن الورد والوفاء ومـا أسـمـع‬
‫ما نقضنا منها على الرمل عـهـدا‬ ‫ل نقضتم من غي جـرم عـهـودا‬

‫‪302‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫كم أنشر بز الحبة ول أرى إل مفلسا‪ ،‬تنهوا ف السلع فسهل على طي النشور‪ ،‬ما أحلى ذكر‬
‫الحباب ما أطيب حديث أول اللباب‪.‬‬
‫لصردر‪:‬‬
‫إن الديث عن الحباب أسا ُر‬ ‫إيه أحاديث نعمان وسـاكـنـه‬
‫من نو أرضكم نكباء معطارُ‬ ‫أفتش الريح عنكم كلما نفحـتْ‬
‫تكن الب من حبات قلوبم فأخرجهم إل الوله فلو رأيتموهم لقلتم ماني‪.‬‬
‫قد جن بم وهكذا البـلـبـال‬ ‫قد ل ب الغرام حت قـالـوا‬
‫ف مثل هواك ترخص الجال‬ ‫الوت إذا رضيتم سـلـسـال‬
‫كانت رابعة تقول‪ :‬لقد طالت علي اليام والليال بالشوق إل ال تعال‪.‬‬
‫وليس ل عنك صب‬ ‫أمرت عنك بصـبـر‬
‫ما ل مع الشوق أمر‬ ‫يا آمري بالتـسـلـي‬
‫قال الشبلي‪ :‬رأيت جارية حبشية فقلت من أين? قالت من عند البيب‪ ،‬قلت‪ :‬وإل أين? قالت‪:‬‬
‫إل البيب‪ ،‬قلت‪ :‬ما تريدين من البيب? قالت‪ :‬البيب‪.‬‬
‫والقلب فمذ نأيتـم عـنـدكـم‬ ‫وجدي بكم وصفو ودي لـكـم‬
‫لو شقوا قلب لا رأوا غيكما‬ ‫عين عي لبعدكـم بـعـدكـم‬
‫?الفصل الرابع والتسعون‬
‫يا هذا اشتغلت بفنون تعليلك عن ذكر تويلك وستسلب من أخيك وخليلك وعلى تبيطك‬
‫وتييلك‪.‬‬
‫وقد جد الجهز ف رحيلـك‬ ‫كأنك بالضي إل سـبـيلـك‬
‫بقولم له أفرغ من غسيلـك‬ ‫وجيء بغاسل فاستعـجـلـوه‬
‫إليهم من كثيك أو قلـيلـك‬ ‫ول تمل سوى كفن وقطـن‬
‫فأنت عليه مدود بطـولـك‬ ‫وقد مد الرجال إليك نـعـشـا‬
‫لملك ف بكورك أو أصيلك‬ ‫َوصَلوا ثـم إنـهـم تـداعـوا‬
‫ومن لك بالسلمة ف نزولك‬ ‫ولا أسلموك نزلت قـبـرك‬
‫رؤف بالعباد على دخـولـك‬ ‫أعانك يوم تـدخـلـه رحـيم‬
‫فدعن من قصيك أو طويلك‬ ‫فسوف تاور الوتى طـويلً‬

‫‪303‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وبال استعنت على قبـولـك‬ ‫أخي إن نصحتك فاستمع لـي‬
‫تصيبك ف أخيك وف خليلك‬ ‫ألست ترى الـنـايا كـل يوم‬
‫إخوان ما من الوت بدّ‪ ،‬باب البقاء ف الدنيا قد سد كم قد ف القب قد قد? كم خد ف الخدود‬
‫خد? يا من ذنوبه ل تصى إن شككت عد‪ ،‬يا من أتى باب النابة كاذبا فرد لقد حلت على نفس‬
‫ك ما يثقلها‪ ،‬فحسبك ما قد مضى أتقتلها? يا طول سفرة الوت أولا أين جزع النفس? أين تلمل‬
‫ها? كأنا بالرض قد نزل يزلزلا ويعث إليها رائد السف يستعجلها‪ ،‬الذر الذر فقد فوق السها‬
‫م مرسلها‪ ،‬الدروع الدروع فقد جلى السيوف صيقلها ما هذه الصال الذمومة? أتؤثر العقول ل‬
‫ذة مسمومة? ما هذا الرص? والرزاق مقسومة‪ ،‬أنسيت يوم تنشر الصحف الختومة? أما تعلم‬
‫أنا ستظهر قبائح مكتومة? يا لا لوعظة بي الواعظ كاليام العلومة أحسن من الللئ النثورة وأع‬
‫جب من العقود النظومة العلم والعمل توأمان أمهما علو المة‪.‬‬
‫س ْردِ" فللعال رسوخ وللمتعلم قلق‪ ،‬ويا أيها الطالب تواض‬
‫أيها لعلم تثبت على البتدى "وقدّر ف ال ّ‬
‫ع ف الطلب فإن التراب بينا هو تت الخص صار طهور للوجه‪ ،‬السهر مرقي إل أطيب مرقد‪:‬‬
‫وجللة الخطار ف الخطار‬ ‫الون ف طلب الوينا كامـن‬
‫قلب العال بر ما للجنة قرار‪ ،‬إذا نزل غواص الفكر ترقى إل ساحل اللسان قدر المكان‪ ،‬مياه‬
‫العان مزونة ف صدر العال تفتح لزرع قلبه‪ .‬سيحا بعد سيح‪ ،‬ويدخر أصفاها قوتا للروح‪ ،‬فإذا‬
‫تكاثرت عليه صاح السيل العال ينفخ ف صور فيه بعبارة التخويف فيموت هوى العاصي ث ينفخ‬
‫ف صور التشويق فيحيي روح العرفة فيخرج التائب من قب غفلته ف كفن يقظته وقد بدلت الر‬
‫ض غي الرض فيفتح له رضوان الرضا باب جنة الوصل‪.‬‬
‫ل تظنوا العال شخصا واحدا‪ ،‬العال عال تصانيف العال أولده الخلدون دون أولده‪ ،‬من خلق للع‬
‫لم شف جوهره من الصغر فتراه ينفق ف الد بضاعة الشبيبة ويسابق سائق العجز‪ ،‬يصل الكدود‬
‫ليله بنهاره‪ ،‬كدود القز ف زمان الشدة فإذا امتل وعاء قلبه با وعى نسج الفهم ف زوايا الذهن م‬
‫ن العان الستنبطة نسج القز فإذا رأى عريانا من العلم فأراد كسوته بعث الفكر فسل من لطائف‬
‫اللطف طاقات ث أرسلها إل صانع القوة فبالغ ف تسينها وتأنق ف تلوينها ث ينسجها اللسان عل‬
‫ى منوال البلغة فتظهر رقوم نقوشها عن شدود عقدتا الفطن الباطنة فإذا الثوب نسيج وحده وم‬
‫ثل تلك الطارف الطرائف ل تبتذل إل ف عيد ملس الذكر‪ ،‬ليس كل من رب دود القز سل ًل و‬
‫ل كل قزاز سقل طونيا‪.‬‬
‫آه‪ ،‬من اشتراك الساء وتلقيب القصدير بالبيع‪ ،‬ليس كل معدن عرق الذهب‪ ،‬ول ف بطن كل غ‬

‫‪304‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫زال مسك‪ ،‬ليس من عام ف قرار البحر حت وقع بالدر اليتيم كمن قعد على الساحل يمع الصد‬
‫ف‪ ،‬أمراء العبارات رعية لفصاحت‪ ،‬ويك إنه كيل بل ثن سقى فصاحت سيح فقد تضاعفت علي‬
‫زكاة الشكر‪ ،‬سافر لفظي ببضائع فكري من أرض قلب إل بادية فمي فسلم سلع النطق إل مناد‬
‫ي لسان هيهات فواكه اللفاظ اللذيذة ف مذاق الفهام السليمة ليس لا ثن‪ .‬فهو يعرضها ف مو‬
‫سم النصح على تار الرادة‪ ،‬فمن منكم يشتري حكمة بقبول? قد يرى علو مكان وينسى الدر‬
‫ج كم قد خضت برا ملحا? حت وقعت بعذب‪ ،‬كم قطعت مهمها وحدي? حت سيت بالدليل‬
‫أنضيت مركب السم ورفضت شهوات الس وواصلت الليل بالنهار ف الد وأوقدت ف دجى‬
‫الوى نار الصب فإن وثقتم بأمانت فهذا تيي الشراء‪:‬‬
‫شربت لغلل‪ ،‬رحيقا بسـلـسـال من الشاهق العال على غي تصريد‬
‫فأصبحت نشوانا من الشرب سكرانـا وأطرب أحيانا بل نغـمة الـعـود‬
‫وكم جبت من وا ٍد وسرت بـل حـاد وبتّ بل زادٍ سوى ذكر معـبـودي‬
‫الفصل الامس والتسعون‬
‫كم تنذر الدنيا وما تسمع! وكم تؤنس مبها من وصلها ويطمع! فالعجب من فطن غره سراب‬
‫يلمع‪.‬‬
‫وكلنا لصروف الدهر نـسّـاء‬ ‫ح وأمساء‬
‫يأت على الناس أصبا ٌ‬
‫يرضى السيسة أوباشٌ أخساء‬ ‫خسست يا دار دنيانا وربـتـمـا‬
‫وإن نظرت بعي فهي شوسـاء‬ ‫إذا تعطّفت يوما كنت قـاسـيةً‬
‫وأنت فيما يراك الناس خرساء‬ ‫وقد نطقت بأصناف العظات لنا‬
‫كانت لم عزة ف اللك قعساء‬ ‫أين اللوك وأبناء اللوك ومـن‬
‫برغمهم فإذا النعمـاء بـأسـاء‬ ‫نالوا يسيا من اللذات وارتلوا‬
‫الدنيا دار كدر بذلك جرى القدر فإن صفا عيش لظة ندر‪ ،‬ث عاد التخليط فيذر الورود فيها‬
‫كالصدر ودم قتيلها هدر‪.‬‬
‫ومآله فيها إل التلـف‬ ‫الرء من دنياه ف كلف‬
‫وحياتنا فوت بل خلف‬ ‫ولكل شيء فائت خلف‬
‫يا لحقا بآبائه وأمهاته ل بد أن يصي الطل إل مهاته‪ ،‬يا من جل هته شغل خياطة وطهاته يغلبه‬
‫الوى وهو غالب دهاته‪ ،‬إن كان لك عذر ف تفريطك فهاته‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫إخوان‪ :‬مر الزمان وعظ اللباب ويكفي ف النذار موت الصحاب‪ ،‬كم ترى ف التراب من أترا‬
‫ب? أغمدت تلك السيوف ف شر قراب تناولتهم يد البلى من كف استلب‪ ،‬ويك ضياء الدنيا‬
‫ضباب‪ ،‬وشراب الوى سراب‪ ،‬أترضى أن يقال قد خاب? أما لذا عندك جواب? كلما دخلنا م‬
‫ن باب خرجت من باب‪.‬‬
‫للشريف الرضي‪:‬‬
‫وغي الغوان للمشيب صحاب‬ ‫أذكر تصاب والشيب نـقـاب‬
‫كان الذي بعد الشيب شبـاب‬ ‫أومل ما ل يبلغ العمر بعضـه‬
‫أسف على رأسي فطاف غـراب‬ ‫وطعم لبازي الوت ل شك مهجت‬
‫إذا بـان أحـبـاب وعـز إياب‬ ‫وأثقل ممول على العي ماؤهـا‬
‫ل درّ أقوامٍ علموا قرب الرحيل فهيئوا آلة السفر وهونوا بالدنيا فقنعوا منها ما حضر واستوثقوا‬
‫بقفل التقوى من أذى النطق والنظر? مالك خب بالم ول عندك منهم خب‪ ،‬قاموا ف الد‬
‫وقعدت وسهروا ف الدجى ورقدت‪ ،‬طالا نصبوا ف خدمة الالك‪ ،‬وناقشوا أنفسهم مناقشة ماح‬
‫ك‪ ،‬وآثروا بالزاد فزادوا على البامك‪ ،‬واختبوا بالبلى كالتب عن السابك‪ ،‬هذه طريقهم فأين ال‬
‫سالك? أترضى بالتأخر عنهم? هذا برائك كأنك بم وقد دخلت على الل اللئك‪ ،‬كل يا من ل‬
‫يأكل هذا بذلك لا أريدوا أفيدوا لا شكروا النعم زيدوا‪ ،‬ولو فتروا عن التعبد قيدوا‪ ،‬نام العلء ب‬
‫ن زياد ليلة عن ورده فجذب ف نومه بناصيته وقيل له قم إل صلتك فما زالت الخبار قائمة ف‬
‫حياته "ن ُن جعلناها تَذ ِكرَةً"‪.‬‬
‫قال أبو سليمان‪ :‬غلبتن عين‪ ،‬فإذا أنا بالوراء قد ركضت برجلها وهي تقول‪ :‬أترقد عيناك? والل‬
‫ك يقظان? قال‪ :‬ونت ليلة أخرى‪ ،‬وإذا با توقظن وتقول‪ :‬أتنام? وأنا أرت لك ف الدور منذ خ‬
‫سمائة عام‪.‬‬
‫للنابغة الذبيان‪:‬‬
‫ي نظـرةً حـارِ‬
‫إل الغيب تب ُ‬ ‫أقول والنجم قد مالـت أواخِـرُهُ‬
‫آم وجهُ نُعمٍ بَدا ل أم سنا نـار‬ ‫ألح ًة من سنا برق رأى بصري‬
‫سَقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري‬ ‫أُنبئت نُعما على الجران عاتـبةً‬
‫قلوب القوم ف الدجى قلقة وأفئدتم من الوف مترقة والنفوس من هجر البيب فرقة‪ ،‬وجفونم‬
‫من البكاء غرقة‪ ،‬وعروق الحبة ف سويدائهم علقة‪ ،‬وشفاههم بكأس الناجاة مصطحبة مغتبقة‪،‬‬
‫والمال إليه كل وقت منطلقة‪ ،‬وما عادت قط إلّ وهي بالرجاء عبقة‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قل للمقيمي على وادي الـحـمـى عن إذا أتـيتـهـم مـسـلـمـا‬
‫على من بـعـدكـم مـحـرمـا‬ ‫قد صار طيب العيش مذ فارقتكـم‬
‫وكل شهد ذقتـه فـي وصـلـكـم قد عاد من بعد الفراق علـقـمـا‬
‫وإن حضرتـم ربـمـا وربـمـا‬ ‫ل عيش ل إن غبتم عن نـاظـري‬
‫ل فيه أهل الرض مع أهل السما‬ ‫إن سألوك عن سـقـام قـد رثـى‬
‫لنه يذكر فـيه الـمـسـقـمـا‬ ‫فقل لم ما يشتكـي مـن سـقـم‬
‫واحسرة من مضوا وخلفوه‪ ،‬لقد استبدل بالعسل الل فوه‪ ،‬آه على عيش ولّى ول عودة‪ ،‬وعلى‬
‫حادٍ سرى ول وقفة‪ ،‬تال لو ضارت العي عينا ما وفت‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫ردت به عهد الصّبا ريح الصبا‬ ‫يا لنسيم سَـحَـرٍ بـحـاجـز‬
‫على الطريق ويردّ السـلـبـا‬ ‫سل من يدل الناشدين بالغضـا‬
‫وطال ٌع نـمُ زمـانٍ غَـرَبـا‬ ‫أراجعُ ل والن هـلـهـلةٌ‬
‫نواك فاهتزت جوىً ل طربـا‬ ‫إذا اطمأنت أضلعي تـذكـرتْ‬
‫تال ما تعشق الماكن لذاتا‪ ،‬بل لسابق لذاتا‪ ،‬لك يا منازل ف القلوب منازل‪ ،‬للمعاهد عهد عند‬
‫العاهدة كلما تذكره الصبّ صبّ الدموع‪.‬‬
‫للمتنب‪:‬‬
‫لاءٍ به أهل البـيب نـزولُ‬ ‫وما شرَقي بالاء إلّ تـذكّـرا‬
‫ولكنن للنـائبـات حَـمـول‬ ‫ت من بعد الحبةِ سلوةً‬
‫وما عش ُ‬
‫لعين على ضوء الصباح دليل‬ ‫أما ف النجوم السائرات وغيها‬
‫أعرف الناس بالطريق من قد سلك‪ ،‬إذا ذكرت منازل مكة حن الاج‪.‬‬
‫للمهيار‪:‬‬
‫حلتْ تُربَ الغضى بانا ورندا‬ ‫وإذا هبّ صَـبَـا أرضـكـم‬
‫إن قضى ال لمر فـات ردّا‬ ‫ُر ّد ل يوما على وادي منـى‬
‫غي أن قد خلق النسان جَلدا‬ ‫عجبا ل كيف أبقى بعـدهـم‬
‫الفصل السادس والتسعون‬

‫‪307‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا من قد ملكته نفسه وغلبه حسه وقد دنا حبسه وستكف خسه ولقد أنذره جنسه‪ ،‬عاتب‬
‫نفسك لعلها ترعوي وسلمها إل رائض العلم عساها تستوي‪ ،‬أحضر دستور الحاسبة وحاسبها‬
‫واندبا إل الي فإن أبت فاندبا‪.‬‬
‫للمصنف‪:‬‬
‫وفرطتْ ف عمر منصر ِم‬ ‫يا ويح نفسٍ رضيت بالسقم‬
‫وتؤثر البعدَ على التـقـ ّدمِ‬ ‫تستر باللهو وتنس حتفهـا‬
‫أضحت عنادا ل ف تبـسـمِ‬ ‫وكلّما أصبحت أبكي فعـلـهـا‬
‫يبقى لا فمن يكون حكـمـي‬ ‫تفرح بالفان فما تطـلـب مـا‬
‫ق وكـف الـدي‬
‫معرو ُفهُ يفـو ُ‬ ‫أقول يا نفس اتقي من لـم يزل‬
‫وعاد بالفضل وبـالـتـكـرم‬ ‫كم من ذنوب لك قد ستـرهـا‬
‫وكم وكم أولك طيب أنـعـم‬ ‫وكم له من نعـمة جـاد بـهـا‬
‫وكـم نـذير زائر مـسـلـم‬ ‫كم واعظ ف كـل يوم زاجـر‬
‫وأنت عن قول الدى ف صمم‬ ‫وكم ينـاديك لـسـان عـبـرةٍ‬
‫وأين من كان كثي الـنـعـم‬ ‫أين الذين شيّدوا واحـتـرسـوا‬
‫لم وصاروا ف بيوت الظلـم‬ ‫مضى الميع هل ترى من أثرٍ‬
‫ف قعر لدٍ ضيّقٍ مـنـهـدم‬ ‫تبدلوا بالترب تربـا كـلـهـم‬
‫أعمالُهم وأصبحوا كـالـعـدم‬ ‫تفصلت عظامهم وحـصـلـت‬
‫وشـرف وحـجـب وخــدم‬ ‫وباشروا التراب بـعـد تـرفٍ‬
‫وتـحـف وصـولة وكــرم‬ ‫وســرر ودرى وطـــرف‬
‫وعزة فـي عـزمة وهـمـم‬ ‫ولـذة فـي شـهـوة لــذيذة‬
‫حياة يوم ليتـوبـوا فـاعـلـم‬ ‫لو قيل قولوا ما مناكم طلـبـوا‬
‫ينفع قبـل أن تـز ّل قـدمـي‬ ‫ويـك يا نـفـسُ أل تـيقـظ‬
‫فاستدركي ما قد بقي واغتنمي‬ ‫مضى الزمان ف توان وهـوى‬
‫وأنـت بـي أسـفٍ ونــدمِ‬ ‫انتظري الوت سيأت بـغـتة‬
‫وفيض دمع العي ف تسجـم‬ ‫حرق وفـرق وحـســـرة‬
‫فانتبهي من رقـدات الـنـ ّومِ‬ ‫وتـرحـلـي عـن ديار إلـفةٍ‬

‫‪308‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫هذا وكم من نازلٍ لـم يسـلـم‬ ‫من ل إذا نزلت لدا مظلـمـا‬
‫أقبح مسطور جرى بالـقـلـم‬ ‫من ل إذا قرأت ما أمـلـيتـه‬
‫وهل ترى يشفي بفوزي ألي‬ ‫من ل إذا أزعج قلب حسـرة‬
‫كلّ فعال وجيع كـلـمـي‬ ‫كيف اللص والكتاب قد حوى‬
‫فأبصروا الرشد وقلب قد عمي‬ ‫يا نفس فاز الصالون بالتقـى‬
‫ونورُهم يفوق نـورَ النـجـم‬ ‫يا حسنهم والليل قـد جـنّـهـم‬
‫فعيشهم قد طاب بـالـتـرنّـم‬ ‫ترنّموا ف الذكر ف لـيلـهـم‬
‫دموعهم كلؤلـؤ مـنـتـظـم‬ ‫قلوبم للذكر قـد تـفـرّغـتْ‬
‫وخلع الغفران خي الـقـسـم‬ ‫أسحارهم بم لم قد أشـرقـت‬
‫دلّ على الرّشد دليل الـعـلـم‬ ‫سار وأوعدت عن طريق واضحٍ‬
‫فحق ل أبكي فـل ل تـلـم‬ ‫دعن أبكـي مـا حـييت أبـدا‬
‫يا عجبا لك تتسمى باسم تاجر‪ ،‬وتاصم على الدرهم وتشاجر‪ ،‬وتصابر لربح القياط الواجر‪،‬‬
‫وتغضب لجل البة وتاجر‪ ،‬وترضى بأفعالك باسم فاجر‪ ،‬أما لك من عقلك ناه ول زاجر? يا‬
‫من نومه كثي وانتباهه نادر‪ ،‬إن دعيتَ إل التوبة سوّفتَها‪ ،‬وإن قمتَ إل الصلة سففتها‪ ،‬وإن لح‬
‫وجهُ الدنيا ترشفتها‪ ،‬أما هي دار بلغة لضيفها‪ ،‬تضيفتها أو ليس قد شبت وما عرفتها‪ ،‬كم بادية‬
‫ف أرباح غي بادية تعسفتها? لقد استشعرت مبتها أي وال والتحفتها‪ ،‬تال لو علمت جناياتا لعف‬
‫تها‪ ،‬أنسيت تلك الذنوب الت أسلفتها? آه‪ ،‬لبضائع عمر بذرت فيها وأتلفتها‪ ،‬كم تعد بالنابة?‬
‫وكل الوعود أخلفتها‪ ،‬فما تلي قناتك لغامز‪ ،‬ول ترى ما تشتهي فتجاوز‪ ،‬ويك‪ ،‬بي يديك أهوا‬
‫ل وهزاهز‪ ،‬كم تقوم ول تستوي? من يغي الغرائز? إبك لا بك‪ ،‬واندب ف شيبك على شبابك‪،‬‬
‫وتأهب لسيف النون فقد علق الشبابك‪.‬‬
‫فأصبح اليل شبا‬ ‫قد كان عمرك ميل‬
‫فاحفر لنفسك قبا‬ ‫وأصبح الشب عقدا‬
‫عجبا للطرف كيف اغتمض? ولكلف ما أدى الفترض‪ ،‬يا من كلما بن على أن يلوذ بنا نقض‪،‬‬
‫يا من إذا أدى حقا‪ ،‬فعلى مضض‪ ،‬يا من إذا لح له صيد الفان جد وركض‪ ،‬يا من إذا قدر على‬
‫جيفة الوى جثم وربض‪ ،‬يا مشغولً عن الوهر بفان العرض إيثار ما يفن على ما يبقى أشد الر‬
‫ض‪:‬‬

‫‪309‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫من العمل الصغية والكبية‬ ‫أل يا غافلً تصى عـلـيه‬
‫وقد أنسته غفلته مـصـيه‬ ‫يُصاح بـه ويُنـ َذرُ كـل يوم‬
‫وأنذرك الرحيل أخ وجـيه‬ ‫تأهب للرحيل فقـد تـدانـى‬
‫وعينك بالذي تأتـي قـريره‬ ‫وكم ذنب أتيت على بصـيه‬
‫وإن عليك للعي البصـيه‬ ‫تاذر أن تراك هناك عـي‬
‫لكنت به نكالً ف العشـيه‬ ‫وكم من مدخل لومـت فـيه‬
‫ورحت بنعمة فيه سـتـيه‬ ‫وقيت السوء والكروه منـه‬
‫هذا حادي المات قد أسرع‪ ،‬هذه سيوف اللمات تلمع‪ ،‬هذه قصور القران بلقع‪ ،‬إن وصلت‬
‫الدنيا فعلى نية أن تقطع‪ ،‬وإن بذلت فعلى عزم أن تنع‪ ،‬أفيها حيلة أم ف وصلها مطمع? يا معرقا‬
‫ف البلى قل ل لن تمع? إذا خلوت وتليت فكيف تصنع? أترى أنت عندنا? أو ما تسمع? يا مب‬
‫وسا ف سجن هواه مت تتخلص? لو عرفتنا ألفتنا لنا أحباب لم ألباب هم اللباب شغلهم على ال‬
‫دوام الحراب حاضرون معكم بالبدان وبالقلوب غياب‪:‬‬
‫ما كان منك فإنه شـغـلـي‬ ‫وشغلت عن فهم الديث سوى‬
‫إن قد فهمت وعندكم عقلي‬ ‫وأدي نو مدثي نـظـري‬
‫ما نال الصالون ما نالوا إل بترك ما نطلبه وما نالوا‪ ،‬كانت همهم ف طلب الفضائل تغلي ف‬
‫القلوب غليان ما ف القدور‪ ،‬تايل القوم لذة الثواب فسهلت عليهم مرارات الصب وتصوروا‬
‫خلود البدان فهان عليهم بذل النفوس‪ ،‬جدوا ف الد فما سكنوا حت سكنوا النة‪ ،‬وراحة الؤم‬
‫ن ف الدنيا صفر من راحة‪ ،‬فلو رأيتهم ف النان يسرحون منطلقي ف أغراضهم يرحون ل يدرو‬
‫ن بأي مطلوب يفرحون‪ ،‬أبالنجاة من النيان? أم باللود ف النان? أم باليات السان? أم برض‬
‫ى الليك الديان? لقد نالوا بالراد‪ ،‬ما ل يكن ف السبان‪ ،‬من تلمح جولن مضمر الصب ف لذيذ‬
‫العافية‪ ،‬وفرحة الفطر بعد إنصاب الصوم وتناول العذب بعد عذاب الظما‪ ،‬وسلمة الغريق بعد ا‬
‫لغراق ف أذى الذى‪ ،‬وخلص التجر من مصر ماصر الكس وتلقي الحباب على باب الطول‬
‫بعد طول الفراق رأى من قوة قرة العي ما ل يدخل تت قياس بعد أن حدق ياس‪ ،‬وقد وصفنا ما‬
‫حصل للقوم وجلة البذول من الثمن "با صََب ْرُتمْ"‪.‬‬
‫تلك الرسوم عن الحباب ما فعلوا‬ ‫قف بالحصب واسأل أيها الرجل‬
‫إل أجاب غراب البي قد رحلـوا‬ ‫فما أسائل عـن آثـارهـم أحـدا‬

‫‪310‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫الفصل السابع والتسعون‬
‫من ركب الوى هوى به والنفس إذا استعملت التقوى تقوى به‪،‬‬
‫فكن لسباب الوى مُراغما‬ ‫إن كنت يا صاح لبيبا حازما‬
‫رأس الطايا تكسب الآتا‬ ‫ل تو دنياك فإن حـبّـهـا‬
‫ل بدّ أن تذيقه العلقـمـا‬ ‫غرارة فكل من حلـت لـه‬
‫كما تي من أتاها خادمـا‬ ‫وإنا تدم من آهـاتـهـا‬
‫أزواده على الرحيل عازما‬ ‫فكن با مثل غريب مصلح‬
‫ماصما للنفس أو مسالـا‬ ‫وبادر اليام قبل فـوتـهـا‬
‫يروح عنها خاسرأ أو غانا‬ ‫فإنا عمر الفت سوق لـه‬
‫يا من يطي على نفسه ويقترف مت تندم وتعترف? يا من بب العاجل قد كلف‪ ،‬ستعلم غدا‬
‫جفن من يكف‪ ،‬يا مبوسا ف سجن الوى لو ارعوى أنف‪ ،‬يا مترددا ف التوبة سارع ول تقف‬
‫إل مت أعمالك كلها قباح? إل كم فساد? مت يكون الصلح? ستفارق هذه الجساد الرواح‪،‬‬
‫إما ف غدو وإما ف رواح ‪ ،‬سيفن هذا الساء والصباح‪ ،‬وسيخلو البلى بالوجوه الصباح‪ ،‬أف هذا‬
‫شك? والمر صراح‪ ،‬أين شارب الراح? راح إل قب تسفي عليه الرياح‪ ،‬خلى للبلى والدود مبا‬
‫ح‪ ،‬لما اغتباق به ث اصطباح‪ ،‬عليه نطاق من التراب ووشاح‪ ،‬عنوانه ل يزال مفهومه ل براح‪ ،‬م‬
‫شغول عمن بكى عليه وناح‪ ،‬أما هذا لنا عن قليل? إنا لوقاح‪ ،‬كأنك بلك الوت قد صوت بالرو‬
‫ح وراح‪ ،‬فتأهب للنقلة على غفلة‪:‬‬
‫كل المال قبيل الصبح مزموم‬ ‫ل أدر بالبي حت أزمعوا ظعنا‬
‫هذا حادي الرحيل قد استعجلكم فالبدار البدار خلوا كسلكم ودعوا التوان فالتوان قد قتلكم‪،‬‬
‫وا أسفي قد سبق الصالون فماذا شغلكم "فستذكرونَ ما أَقولُ ل ُكمْ"‪:‬‬
‫ريثما أسكب دمعي ث أعنـق‬ ‫ما على حادي الطايا لو ترفق‬
‫ناره ألبه الوجد فـأحـرق‬ ‫يا فؤادا كلما قـلـت خـبـت‬
‫سائق الدهر فولّى أين يلحـق‬ ‫ذلك العيش الـذي فـات بـه‬
‫كاد إنسان لا بالدمع يشرق‬ ‫زال إل خطـرة مـن ذكـره‬
‫فنن أو ناح قمري مـطـوق‬ ‫يلذع القلب إذا غنـى عـلـى‬

‫‪311‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا معدودا مع الشيب ف الصبيان‪ ،‬يا مبوسا مع البصراء ف العميان‪ ،‬يا واقفا ف الاء وهو ظمآن‪،‬‬
‫يا عارفا بالطريق وهو حيان‪ ،‬أما وعظت بآي القرآن? أما زُجرت بناي القران? أما تعتب‬
‫بصروف الزمان? أتعمر النل وعلى الرحيل السكان? أما يكفي وعظ? "ك ّل مَنْ عليها فان"‪،‬‬
‫تسافر ببضائع المانة وما تنل إل ف خان من خان‪ ،‬أفعالك كلها مكتوبة فيا ليت ما كان ما كان‬
‫‪ ،‬تدفن اليت ول وعظ كالعيان‪ ،‬ث تعود غافلً يا قرب ذا النسيان‪ ،‬ويك أما تدري أن الوى هو‬
‫ان "أَل ْم أَ ْع َهدْ إليكمْ يا بن آدمَ أنْ ل تعبدوا الشيطان"‪.‬‬
‫ونسكن حي تفى ذاهبات‬ ‫نراع إذا النائز قابلتـنـا‬
‫فلما غاب عادت راتعات‬ ‫كروعة ثلة لظهـور ذئب‬
‫يا مستأنسا بظل متقلص‪ ،‬يا حريصا على الوى والوت عليه يرص‪ ،‬يا من إذا كال فمطفف وإن‬
‫وزن فمتلصص‪ ،‬ما تتخلص من معامل وهو عند ال متخلص‪ ،‬تفكر فيمن أصبح مسرورا فأمسى‬
‫وهو متنغص‪ ،‬ومت ازددت لذة فاذكر قبلها النغص‪ ،‬حاسب نفسك وخذ على يديها‪ ،‬ل ترخص‬
‫حائط الباطن خراب فلماذا تصص?‪.‬‬
‫يا ابن آدم أنت بي ذنب ل تدري أغفر? وحسنة ل تدري أقبلت? فأين النزعاج? لا سترت عن‬
‫الصالي العواقب استراحوا إل الحزان وفزعوا إل البكاء‪ ،‬كانوا يتزاورون فل تري ف خلوة ال‬
‫زيارة إل دموع الذر‪ .‬كان أشعث الران يزور حبيب العجمي فيبكيان طول النهار‪.‬‬
‫ودلّت الواشي على موضعـي‬ ‫باحت بسرّي ف الوى أدمعي‬
‫ف الوجد والزنِ فنوحوا معي‬ ‫يا قوم إن كنتم على مذهـبـي‬
‫فل تلومون علـى أدمـعـي‬ ‫يق ل أبكي علـى زلـتـي‬
‫أخوان‪ :‬أتدرون ما أقلق هذا التائب? أعلمتم ما أقدم هذا الغائب?‪.‬‬
‫فبات يشكو إل أنفاسه الوصبـا‬ ‫سرى نسيم الصبا من حاجر فصبا‬
‫ندا ويلهبه وجدا إذا التـهـبـا‬ ‫ما يبح البارق والنجديّ يذكـره‬
‫يق لن رأى الراحلي إل البيب وهو قاعد أن يبكي ولن سع بأخبار الواصلي وهو متباعد أن‬
‫يقلق‪.‬‬
‫فتوال دمعـه مـنـسـفـحـا‬ ‫أبصر الركب على الزع ضحى‬
‫سائلً من حل ذاك البـطـحـا‬ ‫يا خليلي برعـاء الـحـمـى‬
‫بل الراوي با أو سـمـحـا‬ ‫وخذا عن أحـاديث الـغـضـا‬

‫‪312‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫عن أخي الشوق إذا ما شرحـا‬ ‫واستملها بدمعـي واكـتـبـا‬
‫عد فقد هيّجت قلبا ما صـحـا‬ ‫وإذا هب الـصـبـا قـول لـه‬
‫عاد مستور الوى مفتضـحـا‬ ‫يا أهل الـ ّي مـن كـاظـمةٍ‬
‫إذا رأيتم قلقا فارحوه‪ ،‬وإذا شاهدت باكيا فوافقوه‪ ،‬وإذا عاينتم واجدا فاتركوه‪.‬‬
‫ما الفؤاد من قبلي‬ ‫خلن من العـذل‬
‫شعلة من الشعل‬ ‫ل تسل ففي كبدي‬
‫يا أطفال الوى أين أنتم والرجال?‪.‬‬
‫لو حركت العزم نونا فضل خطى‬ ‫كم من حث وما أرى غـي بـطـا‬
‫تصمي عمدا وتزعم القتل خـطـا‬ ‫تعصي قصدا وتدّعـيه غـلـطـا‬
‫يا هذا إذا همت بي فبادر لئل تغلب‪ ،‬وإذا همت بشر فسوف هواك لعلك تغلب‪ ،‬ثقف نفسك‬
‫بالداب قبل صحبة اللوك فإن سياسة الخلق مراقي العال‪.‬‬
‫قال بزرجهر‪ :‬أخذت من كل شيء أحسن ما فيه حت من الكلب والر والغراب‪ ،‬قيل ما أخذت‬
‫من الكلب? قال‪ :‬ذبه عن حريه وإلفه لهله‪ ،‬قيل فما أخذت من الر? قال‪ :‬رفقها عند السألة ول‬
‫ي صياحها‪ ،‬قيل‪ :‬ومن الغراب? قال‪ :‬شدة حذره‪.‬‬
‫لول سخط نفس أب بكر عليه لفارقة هواها ما نال مرتبة‪ :‬أنا عنك راض‪ ،‬لول عري أويس ما‬
‫لبس حلة‪ ،‬يشفع مثل ربيعة ومضر‪ ،‬يا كثي الذنوب مت تقضي? يا مقيما وهو ف العن يضي‪،‬‬
‫أترك الوى ممودا قبل أن يتركك مذموما‪ ،‬إن فاتتك قصبات السبق ف الزهد فل تفوتنك ساعا‬
‫ت الندم ف التوبة‪ ،‬يا من كلما حرك إل الد الد سوف‪ ،‬يا من شدد عليه الوعيد وما توّف‪ ،‬يا‬
‫مريض الوى بل يا مدنف إن كنت ل تعرف الدواء فالطبيب قد عرف‪ ،‬هذا مكن النصائح ث أن‬
‫ت بنفسك أعرف‪.‬‬
‫الفصل الثامن والتسعون‬
‫إخوان‪ :‬من عرف ما بي يديه ل يؤثر الوى ول يلتفت إليه‪ ،‬ومن تفكر ف رحيل من كان لديه‬
‫صار النهوض للتزود متعينا عليه‪.‬‬
‫أهون با أخذوا وما تركـوا‬ ‫رحل الحبة عـن ديارهـم‬
‫أنا بالبالـي أية سـلـكـوا‬ ‫وعلمت أين مضى الليط فما‬
‫للصائدين ودونا الـشـبـك‬ ‫ونفوسنا كحـمـائم وقـفـت‬

‫‪313‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وهي جناح ضمه الشـرك‬ ‫متضربات ف حـبـائلـهـا‬
‫ودوا هنالك أنم نـسـكـوا‬ ‫أن اللوك إذا هم احتضـروا‬
‫كم فرح بشهر وإهلله متهلل لرؤية هلله اختطفه الوت ف خلله‪ ،‬كم مائل إل جع ماله تركه‬
‫تركة ومرّ بأثقاله‪ ،‬هل رحم الوت مريضا لضعف أوصاله? هل ترك كاسبا لجل أطفاله? هل‬
‫أمهل ذا عيال من جرا عياله? كم راع قصرا? وما راعى عن أبطاله‪ ،‬كم أشرف على شريف فلم‬
‫ينظر ف خلله? كم خرق درعا نبيلً بوقع نباله? كم أيتم طفلً صغيا ول يباله? كم شد نفسا ف‬
‫سعة نعاماه وشاله? كم بعث عليلً إل البلى? بعد التراقي إل إبلله فرقى روحه إل التراقي ول ين‬
‫ظر ف حاله‪.‬‬
‫من الوت حادٍ ل يغب عجول‬ ‫أليس إل الجال نوي وخلفنـا‬
‫فهمك ل العمر القصي يطول‬ ‫دع الفكر ف حب البقاء وطوله‬
‫تيقن أن العيش سـوف يزول‬ ‫ومن نظر الدنيا بعي حـقـيقة‬
‫تطاردنا والنـائبـات خـيول‬ ‫ومـا هـذه اليام إل فـوارس‬
‫بينا مب الدنيا ف اختيال ومرح‪ ،‬وكلما جاء بابا من أبوابا فتح‪ ،‬وكلما عان أمرا من أرها‬
‫صلح‪ ،‬فبينا هو ف لذاته يدير القدح‪ ،‬قدح زناد العمر ف حراق القدح فمن يستدرك ما فات? وم‬
‫ن يداوي ما جرح?‪.‬‬
‫من يد الوت سالب ل يصد‬ ‫بينما الرء غافـل إذا أتـاه‬
‫عرضة السر إنا المر جد‬ ‫فتأهب لالـه كـل نـفـس‬
‫إل كم تعصي وتتمرد? وأقبح من قبحك أنك تتعمد‪ ،‬يا رديّ العزم يا سيّء القصد يا نقي الثوب‬
‫والقلب أسود‪ ،‬ما هذا المل ولست بخلد? يا مستورا على القبيح أم تحد أما الطريق طويلة?‬
‫فمت تتزود? تلص من أسر الوى فإنك مقيد‪ ،‬أتشتري لذة ساعة بعذاب سرمد?‬
‫ول بد من زاد لكل مسـافـر‬ ‫سبيلك ف الدنيا سبيل مسافـر‬
‫ول سيما إن خيف صولة قاهر‬ ‫ول بد للنسان من حل عـدة‬
‫يا مدمن الذنوب منذ كان غلما‪ ،‬علم عوّلت قل ل علما? أتأمن مأتى من أتى حراما? قد ترى‬
‫ما ح ّل بم‪ ،‬إليك قد ترامى أين الجتمعون على خورهم والندامى? كل القوم ف قبورهم ندامى‪،‬‬
‫أما ما جرى على العصاة يكفي إماما? لقد ضيّعنا حديثا طويلً وكلما ما أرى إ ّل دا ًء عقاما‪:‬‬
‫ليوم بؤسك وافتـقـارك‬ ‫يا ليت شعري ما ادخـرتَ‬

‫‪314‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫تتاج فيه إل ادّخـارك‬ ‫فلتـنـزلـن بـمـنـزل‬
‫ومناك فيه بانـتـظـارك‬ ‫أفنيتَ عمرك باغتـرارك‬
‫وكان أولـى بـادّكـارك‬ ‫ونسيتَ مـا لبـدّ مـنـه‬
‫لكفاك علما باعتـبـارك‬ ‫ولو اعتبت بـمـا تـرى‬
‫ساعات ليلك أو نـارك‬ ‫لك سـاعة تـأتـيك مـن‬
‫فتهي من قبل احتضارك‬ ‫فتصي متضـرا بـهـا‬
‫ث تـخـرج مـن ديارك‬ ‫من قبل أن تقلي وتقصـي‬
‫الزوّار عنك وعن مزارك‬ ‫من قـبـل أن يتـثـاقـل‬
‫مت تفيق من هذا الرض الراض? مت تستدرك هذه الوقات الطوال العراض? يا عرض النون‬
‫كيف تبقي العراض? أما العمار ف كل يوم ف انقراض? لقد نبت قبل شكة السهم صكة العرا‬
‫ض‪ ،‬أما ترى الراحلي ماضيا خلف ماض? كم بنيان ما ت حت ت مأت? وهذا قد استفاض‪ ،‬إن ال‬
‫وت إليك كما كان لبويك ف ارتكاض‪ ،‬إن ل تقدر على مشارع الصالي فرد باقي الياض‪ ،‬إن‬
‫ل يكن لك ابن لبون فلتكن بنت ماض‪ ،‬إل مت? وحت مت? أتعبت الرواض‪ ،‬كلما بنينا نقضت‬
‫ول بناء مع نقاض‪ ،‬يا من قد باع نفسه بلذة ساعة بيعا عن تراض‪ ،‬لبئس ما لبست أتدري ما تعتا‬
‫ض? يا علة ل كالعلل و يا مرضا ل كالمراض‪.‬‬
‫ونادتك إل أن سعك ذو وقـر‬ ‫لقد أخبتك الادثات نزولـهـا‬
‫ونفسك ل تبكي وأنت على الثر‬ ‫تنوح وتبكي للحبة إن مضـوا‬
‫يا مالفا من ناه وأمره‪ ،‬يا مضيّعا ف البطالة عمره‪ ،‬الزمان صولان والعمر كرة الدنيا بر‪،‬‬
‫والساحل القبة احذر نوائبها فإن مشاربا كدرة‪ ،‬على أنا مزرعة يصد كل ما بذره فل تتقر‬
‫جرَة"‪ ،‬لو اقتنع اكتفى ولكن الحنة‬
‫معصية فربا أحرقت شررة‪ ،‬أما عرفت سر "ول ت ْقرَبا هذ ِه الشّ َ‬
‫الشرة‪.‬‬
‫أخوان‪ :‬كل مقاتل ليس معه سلح عزم مغلوب‪ ،‬إذا برز شجاع اليقظة بسلح الد هشم وجه ا‬
‫لمل وهزم جيوش الزلل‪ ،‬إذا استشعرت النفس زرمانقة الزهد ودخلت مترهبنة دير العزوف وج‬
‫دت أنيس‪ ،‬أنا جليس من ذكرن‪ ،‬اللوة شرك لصيد الوانسة فأخفى الصيادين شخصا ‪ ،‬وأقلهم‬
‫حركة أكثرهم التقاطا للصيد ما صاد هر صاح‪ ،‬وحل الخالطة يلزم التهذب التمذهب رفع أذيال‬
‫قميص الدين‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫قيل للحسن ما بال التهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها? قال لنم‪ :‬خلوا بالرحن فألبسهم‬
‫من نوره‪:‬‬
‫إل طلولكم تـحـن‬ ‫أبدا نفوس الطالبـي‬
‫بعد الخافة تطمـئن‬ ‫وكذا القلوب بذكركـم‬
‫يهوى ينّ ول ين‬ ‫جنت ببكـم ومـن‬
‫جودوا بوصلكم ومنوا‬ ‫بياتكـم يا سـادتـي‬
‫رحم ال أعظما طالا نصبت وانتصبت‪ ،‬جنّ عليها الليل فلما تكن وثبت‪ ،‬وثبت إن ذكرت عدله‬
‫رهبت وهربت‪ ،‬وإن تصورت فضله فرحت وطربت‪ ،‬عرفت أذنبت عن خدمته إنا قد أذنبت‪،‬‬
‫هبت على قلوبم عقيم الذر فاقشعرّت وندبت‪ ،‬فبكت عليها سحاب الرجاء فاهتزت وربت‪ ،‬ح‬
‫سبك إن قوما موتى تي بذكرهم النفوس وإن قوما أحياء تقسو برؤيتهم القلوب‪ ،‬سلم ال على‬
‫تلك القبور ورضوان ال حشو تلك اللحود‪:‬‬
‫طلول إذا دمعي شكا لبـي بـينـهـا شكى غي ذي نطق إل غي ذي فهم‬
‫أماكن تعبدهم باكية ومواطن خلواتم لفقدهم شاكية‪ ،‬زال التعب وبقي الجر وذهب ليل‬
‫النصب وطلع الفجر‪ ،‬جاء ف الديث‪ :‬تت شجرة طوب مستراح العابدين‪ ،‬إنا يطيب مكان ال‬
‫ستراحة بإجراء حديث التعب وإنا يلذ الظل البارد لن تأذّى برّ الجي‪.‬‬
‫إخوان‪ :‬مثلوا الستراحة تت شجرة طوب يهون عليكم السفر‪ ،‬ادأبوا ف السي‪ ،‬فقد لح العلم‪:‬‬
‫حيث متمـع الـرفـاق‬ ‫لـا وردنـا الـقـادسـية‬
‫نسي َم أنـفـاس الـعـراق‬ ‫وشمت من أرض الجاز‬
‫بمع شـمـلٍ واتـفـاقِ‬ ‫أيقنت ل ولـمـن أحـب‬
‫كما بكيت مـن الـفـراق‬ ‫وضحكت من طيب الوصال‬
‫هذه السبـع الـبـواقـي‬ ‫ما بـينـنـا إ ّل تـصـرّم‬
‫بصنوف ما كنا نـلقـي‬ ‫حتـى يطـول حـديثـنـا‬
‫الفصل التاسع والتسعون‬
‫يا هذا هون بأمر الدنيا تن‪ ،‬وقدّر أنا قط ل تكن‪ ،‬واحفظ دينك من مكرها وصن‪ ،‬فمت وفت‬
‫ومت ل تن? للمتنب‪:‬‬
‫ب فيه روحكَ البـدنُ‬
‫ما دام يصح ُ‬ ‫ي مكـتـرث‬
‫ل تلق دهر َك إلّ غ َ‬

‫‪316‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ول ُي َردّ عليك الفـائتُ الـحـزنُ‬ ‫فما يدي سرورا ما سـررت بـه‬
‫هووا وما عرفوا الدنيا ول فطنوا‬ ‫فما أضرّ بأهل العـشـق أنـهـمُ‬
‫ح وجهه حَـسَـنُ‬
‫ف أثرِ كلّ قبي ٍ‬ ‫تفن عيونم دمعا وأنـفـسـهـم‬
‫فكل بي على الـيوم مـؤتـمـن‬ ‫تملوا حلتـكـم كـل نـاحـية‬
‫ت شوقا ول فيها لا ثـمـنُ‬
‫إن م ّ‬ ‫ما ف هوادجكم من مهجت عوضٌ‬
‫ث استم ّر مريري وارعوى الوَسَ ُن‬ ‫سهرتُ بعدَ رحيلي وحشةً لـكـمُ‬
‫إنا الدنيا حلم نائم‪ ،‬وقائلة راقد‪ ،‬ومعبَر مُعتِبرْ وضحكة مستعِبرْ‪ ،‬تال ما أعجب بالا من نظر ف‬
‫مالا‪ ،‬ول بن قصورها من عرف غرورها‪ ،‬ول مد باع المل فباع وشرى با من تذكر مر شرابا‪،‬‬
‫إنا إذا طغت على الطعام تطغى‪ ،‬وإذا بغى نكاحها على العفاف تبغى‪ ،‬وكأنا تقصد هلك مبها و‬
‫تبغى‪ ،‬وكم عذلت ف فتكها بالفت الفت? وتلغى‪ ،‬أما دردرها فغرت? فلما فرغت فغرت فاها فرغ‬
‫ت للظعن‪ ،‬أما سحبت قرون قارون مع أقرانه إل القرار ف قرن‪ ،‬أما كفكفت بكفها كف مكفو‬
‫ف حبها فأرتك فن ما يكون فيك ف كفن‪ ،‬تال لقد لقي الغب غب غباوته فلما انلى غيهب عيبت‬
‫ه رأى الغب والغب‪.‬‬
‫يا أرباب اللمم الشماط‪ ،‬الوت بكم قد أحاط‪ ،‬هذا العدو منازل فالزموا الرباط‪ ،‬ما هذه الفتور?‬
‫ومهر الور الد والنشاط‪ ،‬إياكم والزلل فكم من دم أشاط? أما سعتم منادي "وتلكَ القُرى أَهل‬
‫كْنا ُهمْ"‪ ،‬أما ينذركم أعلم "وكذلكَ أَ ْخ ُذ رَّبكَ"‪ ،‬أما يفصم عرى عزائمكم "وكم قَصَمْنا منْ قريةٍ‬
‫ل أخذنا ب‬
‫"‪ ،‬أما يقصر من قصوركم "وبئ ٍر معطّلةٍ وقصرٍ مَشيد"‪ ،‬أما سعتم هاتف العب ينادي "فكُ ّ‬
‫ذنِبهِ"‪ ،‬إذا رأيتم البارزين بالطأ قد اتسع لم مال المهال فل تستعجل لم "إنا نُملي ُلمْ"‪ ،‬بينا ا‬
‫لقوم على غرور سرورهم "أَخذْنا ُهمْ َبغَْتةً"‪ ،‬يا سالكي سبيلهم انرفوا عن هذه الادة‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬ظلمك لنفسك غاية ف القبيح‪ ،‬إل أن ظلمك لغيك أقبح‪ ،‬ويك إن ل تنفع أخاك فل تؤذ‬
‫ه‪ ،‬وإن ل تعطه فل تأخذ منه‪ ،‬ل تشابن الية فإنا تأت إل الوضع الذي قد حفره غيها فتسكنه‪،‬‬
‫ول تتمثل ّن بالعقاب فإنه يتكاسل عن طلب الرزق ويصعد على مرقب عال‪ ،‬فأيّ طيٍ صاد صيدا‬
‫اتبعه‪ ،‬فل تكون له هة إل القاء صيده والنجاة بنفسه‪ ،‬ف اليوانات أخيار وأشرار كبن آدم فالتق‬
‫ط خي اللل‪ .‬وخلّ خسيسها‪ ،‬ول تكن العصافي أحسن منك مروة‪ ،‬إذا أوذي أحدها صاح فا‬
‫جتمعن لنصرته‪ ،‬وإذا وقع فرخها طرن حوله يعلمنه الطيان‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬تلّق بإعانة الخوان بلق النملة فإنا قد تد جرادة ل تطيق حلها فتعود مستغيثة بأخواتا‬
‫فترى خلفها كاليط السود قد جئن لعانتها‪ ،‬فإذا وصلن بالحمول إل بيتها رفهنه عليها‪ ،‬هيها‬

‫‪317‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ت إن الطبع الردي ل يليق به الي‪ ،‬هذه النفساء إذا دفنت ف الورد ل تتحرك فإذا أعيدت إل‬
‫الروث رتعت‪ ،‬وما يكفي الية أن تشرب اللب حت تج سها فيه وك ّل إل طبعه عائد‪ ،‬إلّ أن الري‬
‫اضة قد تزيل الشر جلة وقد تفف‪ ،‬كما أن غسل الثر إن ل يزله خفف‪ ،‬إن دمتَ على سلوك ا‬
‫لادة رجونا لك الوصول وإن طال السرى‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬الفيل والمل يسْبحان ولكن الفيل مليح السباحة‪ ،‬والمل يسبح على جنب فيفتضح عن‬
‫د سباحة الفيل‪ ،‬ث كلها يعب‪ ،‬إذا ل تطق منازلة الرب فكن من حراس اليم إذا رأيت الباب م‬
‫سدودا ف وجهك فارض بالوقوف خارج الدار مع السؤال‪ ،‬إذا ل تظفرك الروب فسال‪ ،‬أترى ي‬
‫صلح هذا القلب بعد الفساد? أترى يتبدل بالبياض هذا السواد? كم أقول عسى أصلح? ولعل و‬
‫كلما استوى قدمي زل‪ ،‬كم تتغي الحوال? وما أتغي‪ ،‬كم تصح ل الطريق وأتوّل‪:‬‬
‫هيهات أطلب شيئا غي مطلوب‬ ‫ل أمـر مـن اليام أطـلـبـه‬
‫كأنا حاجة ف نفس يعقـوب‬ ‫وحاجة أتقاضاها وتطـلـنـي‬
‫إل كم تقول سأتوب? أل يجل اللسان الكذوب‪:‬‬
‫عرض القدور ل ف أملي‬ ‫كلما أملت يوما صـالـحـا‬
‫واجلي غمرة ما تنـجـلـي‬ ‫اقطع الدهر بظـنٍ حـسـن‬
‫أرتي منك وتدن اجـلـي‬ ‫وأرى اليام ل تدنـي الـذي‬
‫إذا كانت كرة القلب بكم صولان التقليب بطلت اليل‪ .‬لا قرب جبيل وميكائيل اهتزت‬
‫اللئكة فخرا بقرب جنسها من جناب العزة‪ ،‬فقطع من بي أغصانا شجرة هاروت وكسر فنن‬
‫ماروت‪ ،‬وأخذ من لبها كرة "وإ ّن عليكَ لعنت" فتزودت اللئكة ف سفر العبودية بزاد الذر‪ ،‬وقا‬
‫دت ف سبل معروفها بت التطوع للمنقطعي "ويستغفرون لن ف الرض" نودي من نادى الفض‬
‫ال "من جاء بالسنة فله عشر أمثالا" فسارت العمال إل باب الزاء فصيح بالدليل "ولول أن ث‬
‫بّتناك" فقال "ما منكم من ينجيه عمله"‪.‬‬
‫فيا لسان القلق تكلم بعبارة الدمع لعله يقع ف سع القبول‪ ،‬فمراد المرض أني البتلي‪ .‬النظر ف‬
‫هذه المور قلقل قلوب العارفي‪ ،‬فكانوا يبكون الدماء‪ ،‬اجتمعت أخوان القوم على القلوب‬
‫فأوقدت نار الذر‪ ،‬فكان الدمع صاحب الب فتم‪ ،‬أقلقهم الوف والفرق أطافت بقلوبم الرق‬
‫‪ ،‬لباسهم ملفقات الرق طعامهم ما حضر واتفق‪ ،‬يا نورهم إذا جن الغسق يا حسن دمعهم مدقا‬
‫بالدق انقطع السلك‪ .‬فسالت على نسق‪ ،‬فكتبت عذرها ف الد ل ف الورق‪ ،‬ذابت أجسامهم‬
‫فلم يبق إل رمق‪ ،‬فلحظهم العفو لطفا بم ورفق‪ ،‬لو رأيتهم يتشبثون بذيل الظلم ويأنسون بنوح‬

‫‪318‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫المام ويهربون إل الفلوات وغاية لذاتم اللوات‪.‬‬
‫نواح المام مسخر للمشتاق ل يريد منه أجرة بينهما أنس مزوج بنافرة‪:‬‬
‫للبي فأين شاهد الحزان‬ ‫إن كنت تنوح يا حام البان‬
‫ل يقبل مدع بل برهـان‬ ‫أجفانك للدموع أم أجفانـي‬
‫??الفصل الائة‬
‫يا من أنفاسه مفوظة وأعماله ملحوظة‪ ،‬أينفق العمر النفيس ف نيل الوى السيس?‬
‫والعمر ل ف شيء يذهب‬ ‫ج ّد الزمان وأنت تلـعـب‬
‫غدا غدا والوت أقـرب‬ ‫كم كم تقول غـدا أتـوب‬
‫أما عمرك كل يوم ينتهب? أما العظم منه قد ذهب? ف أي شيء‪ ،‬ف جع الذهب? تبخل بالال‬
‫والعمر تب‪ ،‬يا من إذا خل تفكر وحسب‪ ،‬فأما نزول الوت فما حسب‪ ،‬لك نوبة ل تشبه‬
‫النوب‪ ،‬بي يديك كربة ل كالكرب‪ ،‬تطلب النجاة ولكن ل من باب الطلب‪ ،‬تقف ف الصلة إن‬
‫صلتك عجب‪ ،‬السم حاضر والقلب ف شعب‪ ،‬السد بالعراق والقلب ف حلب‪ ،‬الفهم أعجم‬
‫ي واللفظ لفظ العرب‪ ،‬أنا أعلم بك منك حب الوى قد غلب‪ ،‬ومت أسر الوى قلبا ل يفلح وك‬
‫تب‪.‬‬
‫أم دون ذهنك سترٌ ليس ينجابُ‬ ‫يا آدمي أتدري ما مـنـيتَ بـه‬
‫عام جديب وعام فيه إخصـابُ‬ ‫يوم ويوم ويفن العمر منطـويا‬
‫فأريها أن بلها عاقل صـاب‬ ‫فل تغرنك الدنيا بزخـرفـهـا‬
‫والرق ين أمورا كلها عاب‬ ‫والزم ين أمورا كلها شرف‬
‫كأنكم بالدنيا الت تولت قد تولت‪ ،‬وبالنفوس الكرية قد هانت وذلت‪ ،‬وبكؤوس السى قد‬
‫انلت وعلت‪ ،‬وبمول الظاعني على السف قد استقلت‪ ،‬مت يقال لذه الغمرة الت جلت قد‬
‫تلت? واعجبا لنفس ما تتنبه وقد زلت‪ ،‬كلما عقدنا عقدة تنفعها حلت‪ ،‬كم مستيقظ وقد فات‬
‫الوقت ينظر إل نفسه بعي القت‪ ،‬ويصيح بنصيحة لقد صدقت‪ ،‬وينادي الكسل أنت الذي عوق‬
‫ت فيجيبه أنت من سكرك ما أفقت‪ ،‬كم قدم إل القبور قادم? كلهم على فراش الندم نادم‪.‬‬
‫وكم نصح النصيح فكذبـوه‬ ‫أطاعوا ذا الداع وصدقـوه‬
‫إل أن فضضوه وأذهبـوه‬ ‫ول يرضوا با سكنوا مشيدا‬
‫ولو أمروا به لتجـنـبـوه‬ ‫ألظوا بالقبـيح وتـابـعـوه‬

‫‪319‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ونادى الرص ويلكم اطلبوه‬ ‫ناهم عن طلب الال زهد‬
‫إذا عرفوا الطريق تنكبـوه‬ ‫فألقاها إل أساع غـشـر‬
‫ونعم الرأي أن ل تـذبـوه‬ ‫وحبل العيش منتكث ضعيف‬
‫فجائكم الذي ل تـسـبـوه‬ ‫حسبتم يا بنـي حـواء شـيئا‬
‫ومات الي فيكم فانـدبـوه‬ ‫أديل الشر منكم فـاحـذروه‬
‫إل كم بالوى تغري وتلهج? أنسيت أنك عن مبوبك تزعج? تفكر ف حلة من البلى لك تُنسج‪،‬‬
‫يا من بضاعته كلها برج‪ ،‬ضيقت على نفسك‪ .‬فل مرج‪ ،‬انتبه سريعا فاليول تسرج‪:‬‬
‫إل موقف التجمي غي أمان‬ ‫ول يبق من أيام جع إل من‬
‫يا عبيد فلسه يا عدو نفسه تعانق الدنيا بيد الرص عناق اللم لللف‪ ،‬وتنل الدرهم من القلب‬
‫منلة البء من الدنف‪ ،‬ترش ماء العيش حول الانوت وتنظر إل الدرهم ل فيه‪ ،‬وتنصب ميزان‬
‫البخس ومكيال التطفيف "والغدر ثالثة الثاف" ويك أتبحث عن حتفك بظلفك? وتدع بسيفك‬
‫مارن أنفك‪ ،‬ما أكرم نفسه قط من ل يهنها‪ ،‬فاحذرها فكل ما يري عليك منها‪ ،‬حاسبها قبل يوم‬
‫الساب و ِزنْها‪ ،‬وخف شي شينها إن شئت عزها وزنا‪ ،‬واحفر لا زبية العزلة وإن أبت فادفنها‪،‬‬
‫واحضرها على الرغم ف رغام مسكها ومسكنها‪ ،‬دنا با التذت آلتا ل تادنا‪.‬‬
‫هذه قصص النجاة‪ ،‬قد أمليتُها فعنونا‪ ،‬هذه جوار شنات الواعظ قد جعتها فاعجنها‪ ،‬يا موثق‬
‫القدام بقيد العوائق‪ ،‬أجود ما للعصفور قطع السباق‪ ،‬لو تفكر الطائر ف الذبح ما حام حول‬
‫الفخ‪ ،‬من طلب العال سهر الليال‪ ،‬لول صب الضمر على قلة العلف ما قيل سباق‪:‬‬
‫إن العلى مقيدات بـالـسـرى‬ ‫هوّن ف الليل عليها الـغـررا‬
‫حت تيلنا الجول الـغـررا‬ ‫فركبتْ بسوقـهـا رؤوسـهـا‬
‫ذليلة أن تستطيب الـسـهـرا‬ ‫علمها النوم علـى ربـاطـهـا‬
‫تقول كل الصيد ف جوف الفرا‬ ‫قد تركت مطعمها لشـوقـهـا‬
‫سينقشع غيم التعب عن فجر الجر‪ ،‬كم صب بشر عن شهوة حلوة‪ ،‬حت سع كلمة خلوة‪ ،‬كل‬
‫يا من ل يأكل ما مد سجاف نعم العبد على قبة "ووهبنا له" حت جرب ف أمانة "إنا وجدناه‬
‫صابرا" من ل تبك الدنيا عليه ل تضحك الخرة إليه‪.‬‬
‫كان بعض النجارين يبيع الشب وكان عنده قطعة آبنوس ملقاة تت الشب فاشتريت منه فدخ‬
‫ل دار اللك بعد مدة فإذا با قد جعلت سريرا للملك فوقف متعجبا وقال‪ :‬لقد كنت ل أعبأ بذ‬

‫‪320‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ه فكيف وصلت إل هذا القام? فهتف به لسان الفهم نائبا عنها‪ :‬كم صبت على ضرب الفوس‬
‫ونشر الناشي? حت بلغت هذا القام‪:‬‬
‫كلمتن من قبل أن كلمتنـي‬ ‫جئت أشكو فاستوقفتن إل أن‬
‫أنفدتن ها إل أن فدتنـي‬ ‫وفدتن من السقـام ولـكـن‬
‫لن أصفى واصف? أف عزمك اتباعي فأقف? الليل يضج من طول نومك والنهار يستغيث من‬
‫قبح فعلك‪:‬‬
‫قم يا حبيب قد دنا الوعد‬ ‫يا أيها الراقد كـم تـرقـد‬
‫حظا إذا ما هجع الرقـد‬ ‫وخذ من الليل وساعـاتـه‬
‫ل يبلغ النل أو يهـد‬ ‫من نام حت ينقضي ليلـه‬
‫قنطرة الرض لكم موعد‬ ‫قل لذوي اللباب أهل التقى‬
‫آخر الفصول الائة قال النشئ‪ :‬ولا أتمت الائة الت ضمنتها رأيت الثلثة الول كالارج عن‬
‫الوعظيات لشابتها القصص‪ ،‬فغرمت ها هنا ثلثة عوضها لتخلص مائة وعظية وال الوفق‪.‬‬
‫الفصل الول‬
‫أخوان‪ :‬الوت مقاتل يقصد القاتل‪ ،‬فما ينفعك أن تقاتل‪.‬‬
‫للمتنب‪:‬‬
‫وتقتلنا النون بل قـتـال‬ ‫نعد الشرفية والعـوالـي‬
‫وما ينجي من خبب الليال‬ ‫ونرتبط السوابق مقـربـات‬
‫ولكن ل سبيل إل الوصال‬ ‫ومن ل يعشق الدنيا قديـا‬
‫نصيبك ف منامك من خيال‬ ‫نصيبك ف حياتك من حبيب‬
‫أواخرنا على هام الوالـي‬ ‫يدفن بعضنا بعضا وتشـي‬
‫كحيل بالنادل والـرمـال‬ ‫وكم عي مقبلة النـواحـي‬
‫لقد وعظ الزمان وما قصّر وتكلم الصامت وما أقصر‪ ،‬ولح الدى فإنا الشأن فيمن أبصر‪،‬‬
‫ونطقت الواعظ بزجرٍ ل يُحصر‪ ،‬هلكت ثودا بصيحة وعاد بريح صرصر‪ ،‬وكسر كسرى وقصر‬
‫قيصر‪ ،‬تال ما يبال ميزان الزاء َأرْبَح أم َأخْسَر? ول حاكم العدل من أفلس وأعسر هذا أمر مم‬
‫ل‪ ،‬وف غد يفسر‪.‬‬
‫أيها التحرك ف الدنيا‪ ،‬ل بد من سكون‪ ،‬ل يغرنك سهلها فبعد السهل حزون‪ ،‬كم سلبتك من ح‬

‫‪321‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫بيب? وبعض القبح يهون‪ ،‬ما فرحها مستقيم ول َترَحُها مأمون‪ ،‬إنا لدار الغرور ودائر الون كم‬
‫تلون? ولكن أين العقل من منون‪ ،‬فهل أضعنا الديث قلب هذا مفتون‪:‬‬
‫قد حان الـرحـيل‬ ‫أيها السكران بالمال‬
‫دين للمـوت دلـيل‬ ‫ومشيب الرأس والفو‬
‫لة والعمر قـلـيل‬ ‫فانتبه من رقدة الغف‬
‫فمهـا داء دخـيل‬ ‫واطرح سوف وحت‬
‫كأنك با يزعج ويروع وقد قلع الصول وقطع الفروع‪ ،‬يا نائما ف انتباهه كم هذا الجوع?‬
‫أينفعك حي الوت جري الدموع? إذا رشق سهم التلف فطاحت الدروع وأتى حاصد الزرع‬
‫وأين الزروع? وخلت النازل وفرغت الربوع‪ ،‬وناب غراب البي عن الورقا السجوع‪.‬‬
‫كأنه ف كـل عـام نـبـات‬ ‫قرن مضى ث نـمـى غـيه‬
‫وإنا أكثرهم فـي سـبـات‬ ‫أقل من ف الرض مستيقـظ‬
‫فاذخر من الخصب للمجدبات‬ ‫حول خصيب أثـره مـجـدب‬
‫أما علمت أن الدنيا غدا إمارة? أما برد لذاتا ينقلب حرارة? أما ربها على التحقيق خسارة? أما‬
‫ينقص الدين كلما زادت عمارة? أما قتلت أحبابا وإليك الشارة? إذا قال مبها هي ل ومعي‬
‫أهلكته وقالت‪ :‬اسعي يا جارة‪.‬‬
‫ليس لدينا ثبـوتُ‬ ‫إنا الدنـيا بـلء‬
‫نسجته العنكبوتُ‬ ‫إنا الدنيا كـبـيتٍ‬
‫ت‬
‫أيها الراغب قو ُ‬ ‫إنا يكفيك منهـا‬
‫يا من عاهدنا على الطاعة ف العلن والسرار‪ ،‬كيف استحل حل عقد التوبة وعقد الصرار?‬
‫مت يرج العاصي من هذه الدار? شيب وعيب وناية الدبار‪ ،‬ضدان بعيدان ثلج ونار‪ ،‬كم بينكم‬
‫وبي التقي البرار? ملكتم الدنيا وملكوها فالقوم أحرار‪ ،‬كانت لم إنفة فاحتموا من العار‪ ،‬وعرف‬
‫وا قدر الزمان فانتهبوا العمار‪ ،‬فلو مددت أبواعكم ما كنت منهم كأشبار‪ ،‬لو اطلعتم عليهم ف أ‬
‫وقات السحار لرأيتم نوم الدى ل بل هي أقمار‪ ،‬قاموا جيع الدجى على قدم العتذار ث تساند‬
‫وا إل رواحل البكاء والستغفار‪ ،‬وقوي كربم فهبت لم نكباء لطف معطار‪ ،‬رفعوا رسائل الو‬
‫ى فعاد جواب البرار‪:‬‬
‫كفى سقامي لفؤادي غـري‬ ‫ل توقدوا ف القلب نار الحيم‬

‫‪322‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫وحقكم إن عـلـيه مـقـيم‬ ‫ما زلت عن حبكـم لـحـظة‬
‫من نوكم عشت بذاك النسيم‬ ‫وكلما هبت نسـيم الـصّـبـا‬
‫واأسفي‪ ،‬مت رحلوا? ليت شعري‪ ،‬أين نزلوا?‬
‫واتم الوجد معي‬ ‫أندت الدار بـم‬
‫مالت بالقوم ريح السحر ميل الشجرة بالغصان‪ ،‬فهز منهم الوف أفنان القلوب‪ ،‬فانتثرت‬
‫الفنان‪ .‬فاللسان يتضرع‪ ،‬والعي تدمع‪ ،‬والوقت بستان‪ ،‬خلوتم بالبيب تشغلهم عن نعم‬
‫ونعمان‪ ،‬سورهم أساورهم‪ ،‬والشوع تيجان‪ ،‬خضوعهم حلهم فما در ومرجان? أخذوا قدر الب‬
‫لغ وقالوا نن ضيفان‪ ،‬باعوا الرص بالقناعة فما ملك أنو شروان? رفضوا حت زمام البيع وما‬
‫باعوا بثنيان‪ ،‬طالت عليهم أيام الياة والحب ظمآن‪ ،‬اطلع من خوخة التيقظ بعي التأمل تر البها‬
‫ن‪ ،‬أين أنت منهم? ما نائم كيقظان‪ ،‬كم بينك وبينهم? أين الشجاع من جبان? ما للمواعظ فيك‬
‫موضع القلب بالوى ملن‪.‬‬
‫يا هذا‪ :‬قف على باب النجاح ولكن وقوف لفان‪ ،‬واركب سفي الصلح فهذا الوت طوفان‪ ،‬أي‬
‫كون بعد هذا إيضاح? أو مثل هذا تبيان? يا لا من موعظة سحبت ذيل الفصاحة فحار سحبان‪ ،‬ب‬
‫غدادية أمامية مستفتية ل تعرف ضرب خراسان‪.‬‬
‫الفصل الثان‬
‫أخوان‪ :‬أين الذين سلبوا? سلبوا طال ما غلبوا فغُلبوا‪ ،‬عمّروا ديارهم فلما تت خربوا‪ ،‬وديفت‬
‫لم كؤوس النايا فأكرهوا وشربوا‪:‬‬
‫فما تبي ول يعتاقـهـا تـعـبُ‬ ‫سي الليال إل أعمارنا خَـبَـب‬
‫سفر لم كل يوم رحلة عجـب‬ ‫وهل يؤملُ ني ُل الشمل ملتـئمـا‬
‫فيه بنا قد سكنا ربعه الـنـوب‬ ‫وما إقامتنا ف من ٍل هـتـفـتْ‬
‫بأنه عن قـلـيل داثـرٌ خَـرِبُ‬ ‫وآذنتنا وقد تـت عـمـارتـه‬
‫وهل تطيش سهام كلها صـيب‬ ‫ليست سهام قسى الوت طـائشة‬
‫قبل المات فمرميّ ومرَتقِـبُ‬ ‫ونن أغراض أنواع البلء بـا‬
‫صاحت بم نائبات الدهر فانقلبوا‬ ‫أين الذين تناهوا ف ابتـنـائهـم‬
‫أين أرباب المان والمل? أخذوا بي سكر الوى والثمل‪.‬‬
‫والذي عل على علي العل نزل‪ ،‬وكأنه ف الدنيا ل يكن وف القب ل يزل‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ليس للخلق بذا الوت قـبـل‬ ‫كل حي فقـصـاراه الجـل‬
‫إن من ذات العماد الرتـل‬ ‫نوب أبدت لـعـا ٍد قـبـلـنـا‬
‫صار عل لسواهـم ونـهـل‬ ‫فانثنوا عن ذلك الشرب الـذي‬
‫ث بزته فعادوا بـالـعـطـل‬ ‫ت قوما سواهم حـلـيَهـم‬
‫ألبس ْ‬
‫كيف جدت بم تلك الـرحـل‬ ‫فاسئل اليوان عـن أربـابـه‬
‫يرح الطرف به حت يـل‬ ‫نقلتهم عـن فـضـاء واسـع‬
‫عادتْ الدرع لينا كالـلـل‬ ‫نن أغراض خطوب إن رمتْ‬
‫فأصابت بطل القـوم بـطـل‬ ‫وإذا ما أخلفت أسـهـمـهـا‬
‫جز على القبور بقلب حاضر‪ ،‬وسلها ما فعل الوجه الناضر? ث افتح ناظر ناظر‪ ،‬وخاصم نفسك‬
‫على التوان وناظر‪.‬‬
‫ودعا بسيهم المام فأسـرعـوا‬ ‫ومسندون تعاقروا كـأس الـردى‬
‫وعظوا با يرضي اللبيب فأسعوا‬ ‫خرسٌ إذا نـاديت إل أنـهـــم‬
‫فلمن تعد كـرية أو تـجـمـع‬ ‫والدهر يفتك بالنفوس حـمـامـه‬
‫ويظل يفظهن وهـو مـضـيع‬ ‫عجبا لن تبقـى ذخـائر مـالـه‬
‫يلقى له بطن الصفائح مضـجـع‬ ‫ولعـاقـل ويرى بـكـل ثـنـية‬
‫من كأسهم أضعاف ما يتـجـرع‬ ‫أتُراه يسب أنـهـم مـا اسـأروا‬
‫كم صاح بك واعظ? وما تسمع وكم حصلت ما يكفي? وما تقنع‪ ،‬لقد استقرضك مولك مالك‬
‫فمالك تمع? وضمن أن نبت البة سبع مائة وما تزرع? تشتغل عن القرآن النل وتستمع من‬
‫مغن يتغزل? تشي إل ناتك مشي أقزل وترج إل الرب وأنت أعزل? ويك إن وال الياة عن‬
‫قلي ٍل يعزل كأنك بالسماء تور وبالرض تزلزل‪ ،‬تنصب ول تدري أي الكفتي أنزل‪.‬‬
‫أخوان‪ :‬غرقت السفينة ونن نيام‪ ،‬أبوكم ل يسامح ف لقمته وداود عوتب على نظره‪.‬‬
‫به الكتـاب وارد‬ ‫يا مظهرين ضد ما‬
‫ن والبصي ناقـد‬ ‫إل مت تبهرجـو‬
‫وهو عليكم شاهد‬ ‫كيف يكون حالكـم‬
‫والقلب منه راقد‬ ‫عجبت من مستيقظ‬
‫وللـذنـوب رائد‬ ‫مضـيع لـدينـه‬

‫‪324‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫ه مهمل وخـالـد‬ ‫كأنه علـى مـدا‬
‫فهي لكـم قـلئد‬ ‫فحسنوا أعمالكـم‬
‫واجتهدوا وجاهدوا‬ ‫ول تضيعوا واجبا‬
‫إخوان‪ :‬أفيكم عازم على الصلح? أمنكم مب يضج من الجر? أفيكم ذو وجد قلق من البي?‬
‫الوقت يقتضيك يا عاص‪ ،‬منادي القبول على منازل الوصول يقول "وسارعوا"‪.‬‬
‫يا غافلي الصـبـوح‬ ‫الغـيم رطـب ينـادي‬
‫ما دام ف السم روح‬ ‫ل وسـهـلً‬
‫فقلت أه ً‬
‫قد قيّد الطرد قدميك وغل البعاد يديك‪ ،‬أفما لك عي تبكي عليك?‬
‫إذا كان منوعا سبيل الـمـوارد‬ ‫وف نظر الصادي إل الاء حسرة‬
‫حتُ السفينة‪ ،‬وأن يصيح اركبوا‪ ،‬فما ذنبه إن تلف كنعان? إذا وقعت عزية العاصي‬
‫ح نَ ْ‬
‫على نو ٍ‬
‫على فراق دار العاصي‪ ،‬هيأ مركب القصد وزّود سفر العزم وقام على أقدام الد‪ ،‬وسعى على‬
‫طريق الرجاء خائفا من عارض رد‪ ،‬فيصيح به حينئذٍ هاتف القبول‪:‬‬
‫تلقيتُها بالوصل من كل جـانـب‬ ‫لئن قدمت من سفرة الجر عيسكم‬
‫إخوان‪ :‬ما قعودكم وقد سار الركب? القوهم ف النل‪ ،‬النجاء النجاء من شر اللف‪ ،‬ألوحا‬
‫ألوحا قبل لاق السلف‪ ،‬الذر الذر من خطوات الطايا‪ ،‬الرب الرب قبل بث المان‬
‫بالنايا‪ ،‬قبل أن تنلوا الكفات وتلحقوا الرفات‪ ،‬وبي ماذا حل من آفات افات إل أن تعاينوا الوفا‬
‫ة وفات‪.‬‬
‫?الفصل الثالث‬
‫عباد ال إنا اليام طرق الد‪ ،‬والساعات ركائب الجد‪ ،‬وأيام العافية أوقات تستدرك‪ ،‬وأحيان‬
‫السلمة تنادي‪ :‬من جد أدرك‪.‬‬
‫بي الوادث والطـوب‬ ‫كم للمنـية مـن ضـروب‬
‫والحـب بـل حـبـيب‬ ‫تدع البيب بـل مـحـب‬
‫بالق عـلم الـغـيوب‬ ‫ل والـذي هـو قــاذف‬
‫يلي القبيح على الرقـيب‬ ‫وبكمـه يـلـي لـمـن‬
‫ف السلمة من نـصـيب‬ ‫ما للنفوس مع الـمـنـية‬
‫ل بد من سهم مـصـيب‬ ‫هيهـات أين يفـوتـهــا‬

‫‪325‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫دارجـا بـعـد الـدبـيب‬ ‫من دب فوق الرض أصبح‬
‫فكفاه بعدا بـالـمـغـيب‬ ‫فإذا تـغـيب تـحـتـهـا‬
‫لعيشه بالـسـتـطـيب‬ ‫ولكم طويل العمـر لـيس‬
‫العمر من سـعة وطـيب‬ ‫ولربا انتزع الـقـصـي‬
‫وخف مباعـدة الـقـريب‬ ‫ل تيأسـن مـن الـبـعـيد‬
‫إل الثرى نعش الطبـيب‬ ‫فلكم حلت مع الـريض‬
‫إخوان‪ :‬احذروا دنياكم فإنا خادعة‪ ،‬وانتظروا حتوفها فهي ل ريب واقعة‪ ،‬أيها العبد إل مت‬
‫تشتغل با عن مولك وهو غيور? وكيف تغتر بغرير هوى يغري ويغور? وكم عدلتَ عن العدل‬
‫وحاظرت الحظور? أتظن البقاء وقلئد الفراق كالطواق ف النحور? أما تعتب بأقران قرنوا بقرائ‬
‫ن أعمالم ف القبور? أما مواضعهم تضعك على وضع الوضائع والفتور? أما حلوا اللحود? فحال‬
‫ت حلى تلك البدور أما منازلم إذ نازلم مُنازلم زال عنهم السرور? أبال بفخرهم الوت? ل بل‬
‫بلبل تلك القصور أين هم الن قل ل? خل خاليهم بالثبور‪ ،‬مال بم عن الال ما ل يرد وصرفهم‬
‫صرف الدهور‪ ،‬جرى بم وما جار كما جارى الار‪ ،‬جارى القدور‪ ،‬أصبحت وجوههم الصبيحة‬
‫مصطحبة شراب الدثور‪ ،‬مبانيهم أبينت فلو أُبينت ل تب الناث من الذكور‪ ،‬انفصمت عرى الو‬
‫صال وحلوا بالصال فذو الوصال منهم مهجور‪ ،‬سكنوا بعد الودود مع الدود ف اللحود كمأس‬
‫ور تكدر صافيهم فمصافيهم يافيهم وما فيهم معذور‪ ،‬عل أعلهم‪ ،‬علء تراب كثي موقور‪ ،‬وس‬
‫كن الكي ف كمي إمكانه فاستكان ف مكان مفور‪ ،‬بينا مترفهم قد اطمأن "وظ ّن أن لنْ يور" إذ‬
‫ا الذى كالذا‪ ،‬وكذا كل متذ الغرور‪ ،‬وكم قال واعتذر فلما ل يذر قيل هذا الذر زور صب ال‬
‫صاب ف من صبا‪ ،‬فالصبا تسفي على منصبه والدبور‪ ،‬وسيأتيك يا فت ما أتى من عتا حت ف الر‬
‫واح أو ف البكور‪ ،‬فانتبه فإن الوت يدور على ساكن الدور‪ ،‬ويلتقط أرباب القصور بل فتور و‬
‫ل قصور‪ ،‬وكأنك بالمر قد فصل "و ُحصّل ما ف الصدور" فمن جار قنطرة الوى آب بتجارة لن‬
‫تبور "ومن ل يعل ال له نورا فما له من نور"‪.‬‬
‫ث عاد من بعدهـم وثـمـود‬ ‫أين أهل الديار من قوم نـوح‬
‫أفضتْ إل التراب الـخـدود‬ ‫بينما القوم ف النمارق والديباج‬
‫ضل عنهم سعوطهم واللـذوذ‬ ‫وأطباء بعدهم لـحـقـوهـم‬
‫وهو أدن للموت من يعـود‬ ‫ح أضحى يعود مريضا‬
‫وصحي ٌ‬

‫‪326‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫يا قليل البضاعة بل يا مفلس ترجو النجاة بالعاصي? لقد وسوس‪ ،‬أتلبس ثوب الشيب? ث تلبس‪،‬‬
‫جاء الصباح فنسخ حكم الندس‪ ،‬وأطرق النيلوفر لا حدق النرجس‪ ،‬يا من يقوم من الجلس‬
‫كما يلس‪ ،‬كن كيف شئت فإنا تن ما تغرس‪ ،‬ألك عذر قل ل? الباطل يرس‪:‬‬
‫ما ينفع الرء فيه غي تقـواه‬ ‫كيف الرحيل بل زاب إل وطن‬
‫يوم القيامة عذر عنـد مـوله‬ ‫من ل يكن زاده التقوى فليس له‬
‫يا رب إليك منا نتظلم أحوالنا تنطق عنا وما نتكلم وقلوبنا من ذنوبنا تبكي وتتأل‪ ،‬وأنت العال‬
‫الذي تعلم‪ ،‬أتتركنا للجهل? وأبونا منك تعلم يا من أخّر ما شاء كما شاء وقدم‪ ،‬ل تعلنا من إذا‬
‫رحل تندّم‪ ،‬يا من نبه الفضيل وابن أدهم‪ ،‬قد تركتنا الذنوب ل نشترى بدرهم‪:‬‬
‫عند فقري وكوكب ف العامي‬ ‫يا عمادي ف شدتـي ورجـائي‬
‫مثل شهر والشهر مثل الـعـام‬ ‫ساعتـي إن نـأيت يوم ويومـي‬
‫يا صاحب الطايا لست معنا‪ ،‬يا مقبلً على الوى ما أنت عندنا‪ ،‬ضاعت حيلي ف تصيل قلبك‪،‬‬
‫اشتدت حيت ف تلف أمرك‪ ،‬واعجبا‪ ،‬أخ ّوفُك عواقب المور وما تتوب‪ ،‬وأشرح لك أحوال‬
‫الصالي وما تؤب‪ ،‬ومت سقطت شهوة العليل دنا الوت‪ ،‬قد أوقدتُ نار الواعظ إل جانب كسلِ‬
‫س عزيتك شديد البودة‪ ،‬وقد اتفق الطباء على أن النفس البارد ف الرض الاد دليل ال‬
‫ك ونف ُ‬
‫لك‪:‬‬
‫ونن ف غفلة عما يراد بنـا‬ ‫الوت ف كل حي ينشر الكفنا‬
‫من الرحيل ونادى الدار ليس لنا‬ ‫كان ما قد رأينا ف أحبـتـنـا‬
‫وال ما فاز سوى الزاهدين‪ ،‬ول نال الربح غي العابدين‪ ،‬وناية الكمال للمحبي كان همّ القوم‬
‫طلب النجاة‪ ،‬وكانت لذتم ف الناجاة‪ ،‬فارتفع لم القدر وعل الاه‪ ،‬لو رأيتهم ف السحار وقد‬
‫حار الائف بي اعتذار واستغفار ولطائف‪ ،‬يتخلل ذلك دمع غزير ذارف‪ ،‬يرمز إل شوق شديد م‬
‫تكاثف‪ ،‬كانت عابدة تقوم من أول الليل وتقول تشاغل الناس بلذاتم وقد جئت‪ ،‬إليك يا مبوب‬
‫‪:‬‬
‫ودار سلمي مغنـاكـم‬ ‫سروري من الدهر لقياكم‬
‫وما طاب عيشي لولكم‬ ‫وأنتم مدى أملي ما حييت‬
‫فل صوح الدهر مرعـاكـم‬ ‫جنابكم الرحب مرعى الكرام‬
‫بنار المـوم وحـاشـاكـم‬ ‫حشا البي يوم رحلتم حشـايَ‬

‫‪327‬‬
‫مكتبة‬ ‫كتاب المدهش لبن الجوزي‬
‫مشكاة السلمية‬
‫أعيشَ إلـى يوم ألـقـاكـم‬ ‫فيا ليت شعري ومن ل بـأنْ‬
‫أعلل قلـبـي بـذكـراكـم‬ ‫إذا ازدحت ف فؤادي المومُ‬
‫لعلـي أحـظـى بـرياكـم‬ ‫وأستنشق الريح من أرضكـم‬
‫فلسنا مدى الدهر ننسـاكـم‬ ‫فل تنسوا العهد فيما مضـى‬
‫تال لقد حصل للقوم فوز الدارين‪ ،‬ورضيتم أنتم بالبي من البي‪ ،‬تنبهوا يا نيام كم ضيعتم من‬
‫عام? الدنيا كلها منام‪ ،‬وأحلى ما فيها أحلم‪ ،‬غي أن عقل الشيخ بالوى غلم‪ ،‬علم قتل النفوس‬
‫علم? هل هو إل ثوب وطعام? ث يتساوى خز وخام‪ ،‬ولذات طيبات ووخام‪ ،‬إنا يعرف الفطناء‬
‫ل الطغام‪ ،‬آه للغافل إل كم يلم? أما توقظك الليال واليام? أين سكان القصور واليام? دارت‬
‫على الكل كأس المام "ويبقى وجه ربك ذو اللل والكرام" إل مت مزاحة النعام? ردوا هذه‬
‫النفس بزمام ازجروا هذه القلوب عن الثام اقرؤا صحائف العب بألسنة الفهام‪ ،‬موت اليان‬
‫شكل وأخذ القران إعجام‪ ،‬يا من أ َجلَه خلفه وأمله قدام‪ ،‬رب يوم له مفتاح‪ ،‬ما له ختام‪ ،‬يا مقت‬
‫حما على الرام أي اقتحام‪ ،‬ستعلم من يبكي ف العقب? عقب الجرام‪ ،‬ويشارك الندامى على الن‬
‫دامى والدام‪ ،‬يا طويل الرض مت يبى السقام‪ ،‬يا من إن قعد فللدنيا وكذا إن قام أول الدنيا هم‬
‫وآخرها موت زؤام‪ ،‬حل لا الفراق وحرم عليها الدوام‪ ،‬سحابا ل يطر وساؤها قنام‪ ،‬كلها عيب‬
‫ف عيب وذام ف ذام‪ ،‬أتعيبها عند مبها? مت يسمع العذل مستهام? خلّها واخرج عنها بسلم إل‬
‫دار السلم فالنة رخيصة ث ما تغلو على مستهام‪ ،‬خذها إليك نصيحة من طب يداوي السقام‪،‬‬
‫يضع الناء موضع النقب ويعرف أصل اللم ويركب الرهم عن خب ويدبر كيف شاء الكلم‪ ،‬ما‬
‫بعدها نصيحة تكفي والسلم‪.‬‬
‫آخر كتاب المدهش‪.‬‬
‫قد بلغ التمام والنهاية‪.‬‬
‫وفرغ منه منشيه عبد الرحمن بن علي بن الجوزي يوم‬
‫الثلثاء رابع عشر جمادى الخرة سنة إحدى وتسعين و‬
‫خمسمائة حامدا ً لله سبحانه ومصليا ً على محمد وآله و‬
‫صحبه ومسلماً‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬

‫‪328‬‬

You might also like