You are on page 1of 11

‫مجتمع المعلومات والفجوة الرقمية‬

‫‪The Information Society and the Digital Divide‬‬

‫الدكتور ‪ /‬عصام منصور‬


‫دكتوراه الفلسفة في المكتبات و المعلومات‬
‫(جامعة بيتسبرج المريكية)‬
‫المشرف على قسم المكتبات والمعلومات‬
‫كلية الداب ‪ -‬جامعة جنوب الوادي‬
‫‪essamman@hotmail.com‬‬

‫أسدل المؤتمر الول لمجتمع المعلومات ‪The World Summit on the Information‬‬
‫‪ - (Society (WSIS‬الول من نوعه ‪ -‬الستار على مرحلته الولى‪ ،‬التى عقدت فى مدينة جنيف‬
‫السويسرية فى الفترة من ‪ 10‬إلى ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2003‬بحضور رؤساء وممثلو مائة وأربعون دولة‬
‫ممثلين لدول وقارات العالم المختلفة‪ ،‬من بينها خمسة عشر دولة عربية بجانب دولة فلسطين كعضو‬
‫مراقب‪ ،‬هذا بجانب العديد من المنظمات والمؤسسات والهيئات والتحادات العاملة فى مجال وحقل‬
‫المعلومات وتكنولوجيا التصالت وما يقرب من احدي عشر ألفا من المهتمين والعاملين من‬
‫الساتذة والباحثين فى هذا المجال‪.‬‬
‫جاءت هذه المرحلة من المؤتمر لعلن المبادئ ووضع خطط العمل وإرساء السياسات‪،‬‬
‫على أن يستكمل المؤتمر مرحلته الثانية والخيرة‪ ،‬التى سوف تعقد بدولة تونس فى نوفمبر ‪2005‬‬
‫والتي سوف تعنى بمتابعة ومواصلة ما تم إنجازه فى المرحلة الولى‪*.‬‬
‫جاءت المرحلة الولى من المؤتمر تحت مظلة التحاد الدولى للتصالت ‪International‬‬
‫‪ - (Telecommunication Union (ITU‬تنظيما وتوجيها وإشرافا ‪ -‬ومقره جنيف وكذلك‬
‫برعاية السكرتير العام للمم المتحدة ‪ .(United Nations (UN‬جاءت هذه المرحلة وسط اهتمام‬
‫دولى كبير على كافة أصعدة العمل‪ ،‬السياسى والجتماعى والتقنى‪ ،‬اذ حظى المؤتمر بتواجد نخبة‬
‫هائلة من رؤساء وممثلى بلدان العالم المختلفة مكانا وسياسة وثقافة وتقنية‪ ،‬كان من بين هؤلء‬
‫الممثلون ثلثة رؤساء عرب ( مصر وتونس ولبنان(‪ ،‬جاءوا جميعا شهادة على أهمية وتعاظم مادة‬
‫وموضوع المؤتمر " المعلومات ومجتمعها " والدور الذى يمكن أن تقوم به فى التحريك نحو حياة‬
‫أكثر تنظيما وأكثر رفاهية‪.‬‬
‫_________________________________________________________‬
‫* (‪For English: Document WSIS-03/GENEVA/9-E‬‬

‫(‪For Arabic: Document WSIS-03/GENEVA/9-A‬‬

‫‪1‬‬
‫بين جنباته ووسط أروقته‪ ،‬حمل المؤتمر ‪ -‬الذى جاء وسط موجة حادة من التقلبات‬
‫والتغيرات السياسية والقتصادية يتموج بها العالم الن ‪ -‬كثير من القضايا والموضوعات المتعلقة‬
‫بمجتمع والمعلومات على اختلف جوانبه وطوائفه ومؤسساته‪ .‬كان من أبرز هذه القضايا‪ ،‬والتى‬
‫نادى بها كثير من السادة الحضور‪ ،‬قضية تعزيز المعلومات وإتاحتها لجميع الفراد على اختلف‬
‫جنسياتهم وجنسهم وديموجرافيتهم وميولهم‪ ،‬أو دون اللتفاف إلى الفروقات والختلفات المادية‬
‫والدبية بينهم حتى ل يؤدى هذا إلى خلق ما يعرف بالفجوة الرقمية ‪.“ ”The Digital Divide‬‬
‫فما هو المقصود بتلك الفجوة‪.‬‬

‫الفجوة الرقمية‪ :‬التعريف‬


‫لقد شاع انتشار واستخدام مصطلح " الفجوة الرقمية " للدللة على الفجوة الناشئة بين من‬
‫يملك ومن ل يملك تكنولوجيا المعلومات الحديثة والدوات القائمة على تيسيرها‪ ،‬خاصة فى ظل‬
‫الفجوة المزمنة بين المجتمعات الغنية والمجتمعات الفقيرة‪ .‬الفجوة الرقمية‪ ،‬كما تعرفها ‪Digital‬‬
‫‪ ،Divide Network‬هى فجوة بين هؤلء الفراد القادرين على استخدام وسائل وأدوات حديثة‬
‫للتصال والوصول إلى المعلومات وإجراء التصالت وبين هؤلء الفراد الغير قادرين على ذلك‬
‫(‪ .(Digital Divide Network, 2000‬بصورة أوضح‪ ،‬هى فجوة ناشئة بين هؤلء الميسر و‬
‫المسير لهم استخدام الحاسبات اللية وشبكات المعلومات كشبكة النترنت وبين هؤلء الغير ميسر و‬
‫مسير لهم ذلك‪.‬‬
‫فى حقيقة المر‪ ،‬يمكننا ‪ -‬بمساعدة التعريف السابق ‪ -‬بناء عدة تصورات لتحديد وتوضيح‬
‫المعنى الحقيقى للفجوة الرقمية كما يلى‪:‬‬
‫* إن الفجوة الرقمية حادثة بفعل النقص القائم فى الوصول إلى النظريات الحديثة لحتواء‬
‫ونقل ونشر المعلومات‬
‫* إن الفجوة الرقمية ناجمة عن نقص فى الجهزة الساسية وما شابه ذلك من الموصلت‬
‫المادية اللزمة لعملية الوصول إلى المعلومات كالحاسبات اللية والشبكات‪ ،‬ويمتد هذا‬
‫النقص ليشمل أيضا التدريب على استخدامها بكفاءة ‪.‬‬
‫* إن الفجوة الرقمية راجعة لبعض الخلل والقصور فى بعض القوانين والتشريعات‬
‫المنظمة لسير المعلومات ونقلها وكذلك التقنيات المساعدة لها ‪.‬‬
‫* إن الفجوة الرقمية ناشئة عن الفرص المفقودة بين طبقات المجتمع الواحد ‪the‬‬
‫وبين المجتمعات والمجتمعات الخرى ‪the International‬‬ ‫‪Domestic Divide‬‬

‫‪2‬‬
‫كتلك الموجودة بين العرقيات والعمار والجنس والتعليم والدخل وما شابه ذلك‬ ‫‪.Divide‬‬
‫من المظاهر الديموجرافية الخرى‪.‬‬
‫* إن الفجوة الرقمية ترجمة حقيقة لتفشى الظواهر المسببة لها كالمية ‪ -‬بأنواعها المختلفة‪-‬‬
‫والفقر وغيرها من الظواهر الجتماعية الخرى‪.‬‬
‫عبر هذه التصورات‪ ،‬يمكننا تحديد مصطلح الفجوة الرقمية وكم انه تعبيرا عن تداخل عديد‬
‫من السباب والظواهر والقضايا المختلفة‪ ،‬سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو تقنية‪.‬‬
‫معا‪ ،‬نتطرق إلى أهم السباب الحقيقية الكامنة وراء الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫الفجوة الرقمية‪ :‬السباب‬


‫هناك عديد من السباب التى أدت إلى وجود وتفشى الفجوة الرقمية بين الفراد وبعضهم‬
‫البعض وكذلك المجتمعات وبعضها البعض مثل تلك السباب المتعلقة بالعوامل الديموجرافية أو تلك‬
‫السباب المتعلقة بالمية والمهارات واللغة‪.‬‬

‫أول السباب المتعلقة بالعوامل الديموجرافية ( العرق‪ ،‬الدخل‪ ،‬التعليم‪ ،‬العمر‪ ،‬النوع ‪/‬‬
‫الجنس)‬

‫العرق ‪Race‬‬
‫يظهر هذا العامل بوضوح فى البلد والمجتمعات متعددة العرقيات والجناس‪ ،‬كالوليات‬
‫المتحدة المريكية التى يكثر بها كثير من العرقيات المختلفة التى غالبا ما تأخذ طابع التجمع أو‬
‫التحاد كالـ ‪.Asian-Americans, Afro-Americans, Arab-Americans, …. etc‬‬
‫نتيجة للفوارق الشخصية والفنية والقتصادية‪ ،‬غالبا ما تظهر بعض العرقيات تفوقا واضحا‬
‫فى استخدام تكنولوجيا المعلومات و التصالت على البعض الخر محدثة بذلك فرقا وفجوة بينهما‬
‫البعض‪ ،‬فتذكر بعض الدراسات ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬أن حظ الـ ‪ Asian-Americans‬من استخدام‬
‫شبكة النترنت يمثل ‪ % 56.8‬من مجموعة العرقيات فى الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬بينما يمثل‬
‫حظ الـ ‪ % Afro-Americans 23.5‬فقط من المجموعة (‪Falling Through the Net,‬‬
‫‪.(2000‬‬

‫‪3‬‬
‫الدخل ‪Income‬‬
‫العامــل القتصــادى مــن العوامــل المشكلة فــى توجيــه الناس ‪ -‬على اختلف فئاتهــم العلميــة‬
‫والوظيفية والنوعية والعمرية ‪ -‬للوصول إلى المعلومات واستخدامها‪ ،‬فعلى سبيل المثال فى مجتمع‬
‫كالوليات المتحدة المريكية وأوربا ‪ -‬كمجتمعات غنية ‪ -‬ل يوجد مكان لمثل هذه الفجوة أو ل يفسح‬
‫لها ظهورا أو أنها ل تنتشر لدرجة الوباء‪ ،‬بينما تتسع فى مجتمع كإثيوبيا وبنجلديش‬
‫‪ -‬كمجتمعات فقيرة ‪ -‬فيرصــد تقريــر منظمــة العمــل الدوليــة (‪ (LIO‬الصــادر عام ‪ 2001‬إلى أن‬
‫بسـبب قوة ‪ /‬ضعـف التقدم القتصـادى وازدهار ‪ /‬انخفاض دخول الفراد فـى مجتمـع دون الخـر مـن‬
‫شأنـه تقليـل ‪ /‬اتسـاع الفجوة الرقميـة‪ ،‬فيذكـر التقريـر أن ‪ % 90‬مـن مسـتخدمى النترنـت يقـع فقـط فـى‬
‫الدول المزدهرة والمتقدمـة اقتصـاديا ‪ -‬نصـيب الوليات المتحدة وكندا وحدهمـا فقـط ‪ % 57‬مـن هذه‬
‫النسبة ‪ -‬بينما يمثل استخدام النترنت فى أفريقيا والشرق الوسط ‪ % 1‬فقط من الستخدام العالمى‬
‫له ( ‪ .(LIO, 2001‬يذكـر أيضـا ‪ (Alkin et al (1998‬أن أصـحاب الدخول المرتفعـة مـن شأنهـم‬
‫استخدام تكنولوجيا المعلومات والتصالت أكثر من غيرهم من ذوى الدخول المنخفضة‪.‬‬

‫التعليم ‪Education‬‬
‫فكلما كان هناك حظا وافرا فى التعليم‪ ،‬كلما كان هناك حظا مماثل فى إدراك المعلومات‬
‫وأهميتها والوصول إليها‪ .‬فبيئة التعليم خير حافز لصحابها لتوجيههم لكتساب المعارف‬
‫والمعلومات وإجراء التصالت كجزء متطلب لستمراريتها ومواجهة الجديد فيها‪ .‬من الطبيعى أن‬
‫تنشأ الفجوة الرقمية فى بيئة غير ذلك‪ ،‬حيث تنتشر المية وعدم إدراك الفراد لهمية المعلومات‬
‫وإجراء التصالت‪.‬‬

‫العمر ‪Age‬‬
‫تنشأ الفجوة الرقمية أكثر ما تنشأ فى المراحل العمرية الولى والمتأخرة من الحياة‪ ،‬فتؤكد‬
‫‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬دراسة قامت بها ‪ (Pew Internet and American Life (2000‬أن‬
‫المرحلة ( ‪ ( 35 - 24‬هى أكثر مراحل العمر لدى الفراد للوصول إلى التكنولوجيا الحديثة كشبكة‬
‫المعلومات العالمية " النترنت “ بهدف الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫النوع ‪ /‬الجنس ‪Gender‬‬


‫تظهر الفجوة الرقمية بشدة بين الفراد وبعضهم البعض اعتمادا على جنسهم ‪ /‬نوعهم‬
‫البيولوجى فى المجتمعات التى ترجح كافة جنس ‪ /‬نوع ما على الخر وذلك بحكم ما هو سائد من‬
‫عادات وتقاليد وموروثات تصل لحد العقيدة‪ ،‬فهناك فى بعض المجتمعات العربية على سبيل‬

‫‪4‬‬
‫المثال ‪ ،‬فرصة الذكر فى التحرك نحو المعلومات وتكنولوجيتها أكبر من فرصة النثى وخاصة فى‬
‫أوقات وأماكن يتعثر على النثى الظهور فيها بكثرة وهذا من شأنه إحداث فجوة فى فرصة حصول‬
‫جنس بعينه دون الخر على نسبته المعقولة من المعلومات والتصالت ‪ .‬فيذكر ‪Pastore‬‬
‫‪ ((1999‬أن نسبة تمثيل النثى فى دول الشرق الوسط فى استخدام شبكة النترنت يصل إلى ‪15‬‬
‫‪ ،%‬بينما تصل إلى ‪ % 85‬للذكر‪ ،‬بينما يذكر ( ‪ ( DIT, 1998‬أن تمثيل الذكر فى الدول العربية‬
‫لستخدام النترنت يمثل ‪ ،% 94‬بينما النسبة الخرى ( ‪ ( % 6‬هى من نصيب النثى !!!‬

‫أسباب قائمة على المية والمهارات واللغة ‪Literacy, Skills and Language‬‬
‫تظهر الفجوة الرقمية بوضوح فى المجتمعات ذات المية العالية بسبب عدم ‪ /‬ضعف انتشار‬
‫التعليم وأجهزته ومؤسساته وعدم استيعاب التكنولوجيا الحديثة والتعامل مع معطياتها وفهم معالمها‪.‬‬
‫قد تظهر أيضا الفجوة الرقمية نتيجة لعدم اللمام الجيد بلغة الوعاء المعلوماتى‪ ،‬فضل عن شكله‬
‫المادى‪ .‬ومن هنا ‪ -‬حتى يتم تضيق‪ /‬تقليل هذه الفجوة ‪ -‬يجب التوسع فى تعليم أكثر من لغة أو‬
‫التركيز الجيد والمعقول على أكثر اللغات انتشارا واستخداما فى نقل المعلومات كاللغة النجليزية‬
‫التى يتعامل بها ما يقرب من ثلثى العالم وتمثل ‪ % 68‬من النصوص المتداولة على شبكة النترنت‬
‫( ‪ (Cyberatlas, 2000‬أو حتى التأكيد على اللغة العربية المتحدث بها ما يقرب من ‪ 300‬مليون‬
‫نسمة ولكنها ل تمثل ‪ -‬للسف الشديد‪ ،‬سوى ‪ % .04‬من مواقع وصفحات شبكة النترنت‪.‬‬

‫الفجوة الرقمية‪ :‬الحل والعلج‬


‫بمجرد توافـر النيـة الصـادقة وتحديـد الطـر والهداف المخلصـة المصـحوبة بالمكانيات ‪-‬‬
‫البشرية والمادية ‪ -‬المناسبة مع سن التشريعات المناسبة والمنظمة‪ ،‬يمكن أن تسد‪/‬تضيق‪/‬تقلل الفجوة‬
‫الرقمية فى مجتمع المعلومات‪ .‬أول هذه الشياء التى ينبغى توافرها‪:‬‬
‫•توافر المعلومات الصحيحة و الدقيقة بشأن الفجوة الرقمية والتعامل معها كمشروع‬
‫محدد الوقت والهداف‪ ،‬فهناك نماذج وخطط كثيرة فى هذا الصدد على المستويين‬
‫الدولى والمحلى‪ ،‬فعلى المستوى الدولى‪ ،‬نذكر المشروع الذى تبناه التحاد الدولى‬
‫للتصالت (‪ (ITU‬فى مؤتمره الدولى لتنمية التصالت حــــــول العالم ‪ITU‬‬
‫‪ (World Telecommunication Development Conference (WTDC‬لسد‬
‫الفجوة الرقمية بين أفراد ومجتمعات العالم الذى عقد بمدينة فالتا‪ ،‬مالطه عام ‪،1998‬‬
‫والذى أخذ ميثاق أو خطة فالتا ‪ (Valletta Action Plan (VAP‬كما يعرف به‪ .‬هذه‬
‫الخطة تقع فى ستة نقاط أساسية هدفها الساسى سد‪ /‬تضيق الفجوة الرقمية الناشئة بين‬
‫هؤلء الممتلكين ((‪ Haves‬لتكنولوجيا المعلومات والتصالت ‪ ICTs‬وبين هؤلء‬
‫الغير ممتلكين (‪ ( Have nots‬لها‪ .‬النقاط الستة هى‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪.1‬إصلح وتعزيز قطاع التصالت‪.‬‬
‫‪.2‬المساعدة فى الوصول الى التكنولوجيا الحديثة والجديدة‪.‬‬
‫‪.3‬تحــديد القضايا المتعلقة بالفروقات‪ ،‬كتلك المتعلقة مثل بنوع‬
‫الفــــراد ( ‪.( Gender‬‬
‫‪.4‬تنمية الماكن المحرومة من الوصول إلى المعلومات كالريف والقرى‪.‬‬
‫‪.5‬تعزيز الموقف المالى والقتصادى لليفاء المعقول بالمتطلبات اللزمة‬
‫لسد هذه الفجوة‪.‬‬
‫‪.6‬إشراك القطاع الخاص فى تنمية قطاع التصالت و تنمية المهارات‬
‫البشرية‪.‬‬
‫بينما على المستوى المحلى (الفراد و المجتمعات(‪ ،‬نرى عديد من الدول‪ ،‬خاصة تلك التى‬
‫عانت ومازالت تعانى من هذه الفجوة‪ ،‬قامت بوضع نماذج وخطط فعالة ومبشرة لمقابلة هذه الفجوة‬
‫الرقمية‪ .‬فهناك ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬ما قامت به حكومة الهند ‪ -‬أكثر الدول تسجيل لتلك الفجوة ‪-‬‬
‫عن طريق المعهد الهندى للتكنولوجيا بأقليم مادراس ‪Indian Institute of Technology in‬‬
‫‪ (Madras (IITM‬بإمداد المدن والقرى المحرومة من خدمات تكنولوجيا المعلومات والتصالت‬
‫بما يعرف بالكشاك اللكترونية ‪ e-Kiosks‬المزودة بخطوط التليفونات والحاسبات اللية وغيرها‬
‫من الجهزة الخرى المساعدة للستفادة من خدمات المعلومات و تكنولوجيا التصالت ‪.ICTs‬‬
‫نموذجا أخر لسد الفجوة الرقمية هو ما قامت به الجامعة الفتراضية الفريقية (‪AVU( African‬‬
‫“‪university‬‬ ‫‪ ،Virtual University‬فهى جامعة ‪ -‬كما يطلق عليها ‪ -‬بدون جدران‬
‫‪”without walls‬يمكن أن يلتحق بها الطلب من كل حدب وصوب فى قارة أفريقيا دون التقييد‬
‫بالحدود الجغرافية‪ .‬تقوم هذه الجامعة بتزويد طلبها بأساسيات الوصول إلى مجتمع المعلومات‬
‫والتصالت‪ ،‬إذ أنها تمد طلبها بالحصول على البحاث والمقالت والكتب من ما يقرب من ألف‬
‫قاعدة بيانات عالمية وتيسر الوصول إلى بعض المكتبات الرقمية العالمية ‪Universal Digital‬‬
‫‪ .Libraries‬حتى الن قام ما يقرب من اثنى عشر ألف طالب ممثلين لخمسة عشر دولة أفريقية‬
‫بالتسجيل فى هذه الجامعة بعضهم من أتم الحصول على الساعات المعتمدة من المقرارات الدراسية‬
‫اللزمة للحتكاك والنخراط فى سوق العمل‪.‬‬
‫•قياسـا على مبدأ أن الدواء مـن جنـس الداء‪ ،‬يجـب أن يكون الحـل أيضـا رقميـا ‪Digital‬‬
‫‪ .Solution‬فكمــا تنشــأ الفجوة الرقميــة بيــن هؤلء المالكيــن لتكنولوجيــا المعلومات‬
‫والتصـالت وهؤلء الغيـر مالكيـن لهـا‪ ،‬الحـل أن توفـر هذه التكنولوجيـا لغيـر القادريـن‬
‫عليها(‪(Wrschauer, 2001‬‬
‫أن توفير تكنولوجيا المعلومات والتصالت لغير‬ ‫•كما ينقل لنا ‪( Pastor ( 2000‬‬
‫مالكيها يجب أن يتم فى ظل تحديد ثلثة أشياء هامة‪-:‬‬

‫‪6‬‬
‫‪.1‬استراتيجية قومية منسقة ومتسقة ومحددة نحو‬
‫تكنولوجيا المعلومات والتصالت‪.‬‬
‫‪.2‬وجود بنية تحتية مناسبة لقطاع التصالت‪.‬‬
‫‪.3‬إتاحة مناسبة ( كما وكيفا ( من العمالة المؤهلة‬
‫والمدربة‪.‬‬
‫•تحديد هوية هؤلء الشخاص المتأثرين بالفجوة الرقمية‪ ،‬الذى على أثره يمكن تحديد‬
‫نوع برنامج العمل المراد اتخاذه‪ .‬يصنف ‪(Crabtree (2001‬هؤلء الشخاص إلى‬
‫ثلثة شرائح كما يلى‪-:‬‬
‫‪.1‬هؤلء المريدون لستخدام تكنولوجيا المعلومات‬
‫والتصالت ولكنهم ل يستطيعون‪.‬‬
‫‪.2‬هؤلء المستطيعون للوصول إلى تكنولوجيا‬
‫المعلومات والتصالت ولكنهم ل يريدون‪.‬‬
‫‪.3‬هؤلء الغير قادرين على الوصول إلى تكنولوجيا‬
‫المعلومات والتصالت وأيضا غير مريدين لها‪.‬‬

‫الفجوة الرقمية‪ :‬المستقبل‬


‫قد تظل الصورة القائمة الن بشأن الفجوة الرقمية المتسعة بين من يملك ومن ل يملك‬
‫تكنولوجيا المعلومات والتصالت هى ذاتها الصورة التى سوف نراها فى المستقبل ‪ -‬قريبا كان أو‬
‫بعيدا ‪ -‬هذا فى ظل عدم اتخاذ أى إجراء مناسب من شأنه سد هذه الفجوة أو على القل تضيقها‬
‫وحفظها عند المستوى الصحى لها‪.‬‬
‫هناك عدة تصورات مستقبلية التى يمكننا من خللها التعامل مع هذه الفجوة على النحو‬
‫التى‪-:‬‬
‫‪‬‬
‫‪.‬‬
‫فمع ازدياد البشر وحاجاتهم إلى استحداث وسائل جديدة فى العيش و الحياة والحاجة إلى‬
‫العمل والتعليم‪ ،‬سيكون هناك رواج وازدياد لكل ما من شأنه مقابلة هذا الزدياد والستحداث مثل‬
‫استخدام الحاسبات اللية وشبكات المعلومات والتصالت‪ .‬هذا ‪ -‬ببساطة شديدة ‪ -‬يعنى أن مجتمع‬
‫من يملك كل هذا سيظل قائما وأن مجتمع من ل يملك كل هذا سيظل أيضا قائما‪ ،‬وهذا يعنى أن‬
‫الفجوة الرقمية سوف تتسع لدرجة كبيرة يصعب مقابلتها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪‬‬
‫‪.‬‬
‫هناك ضرورة ملحة وحتمية فى أن يعاد التفكير فى بناء ‪ /‬تجديد البنية التحتية لمجتمع‬
‫المعلومات والتكنولوجيا القائمة عليها كأجهزة الحاسب اللى وشبكاته وخطوط التليفونات‬
‫والموصلت وما شابه ذلك من متطلبات أساسية لزمة للتعامل مع تكنولوجيا المعلومات‬
‫والتصالت‪.‬‬

‫‪‬‬
‫سيظل أيضا الحال كما هو حادث الن إن لم تتخذ إجراءات منصفة و عادلة فى توزيع‬
‫الثروات ‪ -‬المادية والبشرية ‪ -‬بين الفراد والمجتمعات الغنية وكذلك الفقيرة حتى تجابه الفقيرة منها‬
‫استفحال ومخاطر الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قد تظل الفجوة قائمة ‪ -‬إن لم تزيد ‪ -‬فى ظل استمرار كل ما هو مشجع على ذلك‪ ،‬فهناك‬
‫ضرورة ملحة للتحلى بالنظم الفعالة و الحديثة فى التعليم وضرورة العدل والنصاف بين نوع ‪/‬‬
‫جنس و عمر ودخل الفراد حتى ل يؤدى الشعور بعدم التكافؤ و الرضا بينهم إلى شعورا مزمنا‬
‫بالفرق ومن ثم القبول به كما لو أنهم من المسلمات (‪.(Spanning the Digital Divide, 2003‬‬

‫المكتبة‪ :‬هل من دور هناك !?‬


‫باعتبارها منظمة إشعاعية تعليمية تثقيفية‪ ،‬على المكتبة ‪ -‬بكافة أنواعها ‪ -‬القيام بالدور‬
‫المنوط واللزم واللئق لها فى مواجهة هذه الفجوة الرقمية‪ ،‬فالمكتبة‪ ،‬كما أعتدنا منها منذ أقدم القدم‬
‫وحتى الن‪ ،‬هى البيت الول والحقيقى للوصول إلى المعلومات ولن يتغير هذا المفهوم الراسخ لدينا‬
‫أبدا‪ ،‬ولكن لتغير الزمن واستجداد واستحداث الوسائل المختلفة‪ ،‬على المكتبة التكيف بالتعامل الجيد‬
‫مع الواقع الجديد عليها وذلك بوقوفها أول بأول على الحتياجات الناشئة والجديدة لمستخدميها‬
‫وتحديث فلسفتها وتدعيم مقتنيتها وتقديمها بصورة مناسبة حتى ل يهجرها هؤلء المستخدمون‪.‬‬
‫فيمكن أن تحدث الفجوة الرقمية حتى فى ظل امتلك المكتبة لمقتنيات ضخمة فى حالة لو أن المكتبة‬
‫ل تيسر الوصول إليها بصورة جيدة تتسق مع تكنولوجيا العصر‪ .‬فعلى المكتبة اللحاق بمجريات‬
‫العالم والندماج فيه والتعامل مع معطياته بصورة تساعدها فى استمرار فلسفتها ودورها كمنظمة‬
‫رائدة فى العلم والثقافة‪.‬‬
‫فى رسالة واضحة وذات مغزى شديد‪ ،‬أرسلت ‪ Christine Deschamps‬رئيسة التحاد‬
‫الدولى لمنظمات ومؤسسات المكتبات ‪International Federation of Library‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ (Associations and Institutions (IFLA‬رسالة إلى مجتمع المعلومات ( جنيف ‪( 2003‬‬
‫مطالبة فيها أن يتم تركيز العمل على المكتبة والستثمار فيها‪ ،‬فهي ‪ -‬كما نقلت ذلك للمؤتمر ‪-‬‬
‫المكان المحق بالضطلع على مقابلة الفجوة الرقمية ووصلها شريطة تعزيزها وتدعيمها (‬
‫‪.(Christine Deschamps, 2003‬‬
‫تأكيد أخر على دور المكتبات فى مقابلة الفجوة الرقمية‪ ،‬يطالب ‪ Steven Clift‬مؤسس‬
‫النشرة اللكترونية بالديمقراطية والديمقراطيين فى ولية مينسوتا المريكية بالدفع بالمكتبة لشغل‬
‫مقعدها فى سد الفجوة اللكترونية أو الفجوة الرقمية وذلك بنشرها فلسفة جديدة لمقابلة مثل هذه‬
‫الفجوة‪ .‬فالمكتبة ‪ -‬على حد رؤيته‪ -‬يمكنها مقابلة هذه الفجوة بتهيئة ونشر شبكة من الحاسبات اللية‬
‫وقيامها بالتدريب على استخدامها بكفاءة‪.‬‬

‫الفجوة الرقمية‪ :‬الخلصة‬


‫كمجتمع معلومات نحياه ونعيه الن‪ ،‬علينا جميعا ‪ -‬أفراد ومجتمعات‪ -‬العمل على الستفادة‬
‫القصوى من معطيات هذا المجتمع وخدماته‪ ،‬وذلك بالتكاتف الصادق والهادف نحو تحقيق أمثل‬
‫لستفادة جماعية قادرة على مواجهة أى فروق ومقابلة أى فجوات من شأنها حرمان البعض منا ‪-‬‬
‫أفراد أو مجتمعات ‪ -‬من نعمة الوصول والستفادة من تكنولوجيا المعلومات والتصالت‪.‬‬
‫قد تستمر الفجوة الرقمية فى الخذ نحو التساع أن لم تقابل بوضع سياسة دولية على‬
‫مستوى الدول و سياسة قومية على مستوى المجتمعات قادرة على تحديد وعنونة هذه الفجوة و‬
‫الحلول المناسبة لها‪ .‬علينا عدم تجنب حق الفرد فى الحصول على تكنولوجيا المعلومات‬
‫والتصالت لو أردنا حقا بناء مجتمع معلومات جيد قائم على أفراد جيدين‪ ،‬فالحساس بالفجوة‬
‫الرقمية والحرص على وصلها ‪ -‬من قبل كل المجتمعات غنية كانت أو فقيرة ‪ -‬من شأنه أن يساعد‬
‫فى النتباه إليها وحلها‪ .‬أى حل سريع وغير فعال لهذه المشكلة‪ ،‬قد يؤدى إلى تفاقمها ‪ -‬بفعل‬
‫التراكم ‪ -‬ومن ثم عدم القدرة على احتوائها‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪9‬‬
Atkin, D. et al (1998(.
Understanding Internet adoption as telcommunic`ations behaviors. Journal
.of Broadcasring & Electoronic Media, 42 (4(, p. 475-490
Christine Deschamps, D. (2003(. “Librarian Help
Bridge Digital Divide” Top Librarian. Retrieved Dec. 30, 2003 from
Crabtree, J. (2001(. http://www.ifla.org/V/press/dd280503pr.htm
.The digital Divide is rubbish. New Statesman, 130 (4537(, p. 26
Digital Divide Network (2000(. Retreived Dec. 27, 2003
from http://www.digitaldividenetwork.org
Digital Divide Soultons (2001(. Retrewived Dec. 29, 2003 from
http://www.asu.edu/DigitalDivideSoultions
DIT (1998(. Internet usage in the Arab world. Retreivded
Dec. 3, 2002 from http://www.dit.net
Falling Through the Net: Toward Digital Inclusion. A report
on Americans’ Access to TEchnonogy Tools. Retreived Dec.30, 2003 from
http://216.239.59.104/search?q=cache:uXbhAfZBiRQj
International Labour Organization (ILO(. (2001(.
Retrievded Dec. 29, 2003 from http://www.ILO.org
International Telecommunication Union (ITU(. (2000(. Retrieved
Dec.28, 2003 from http://www.itu.int/ITU-D/digitaldivide
International Telecommunication Union (ITU(. (1998(.
Retrieved Dec. 28, 2003 from http://www.itu.int/ITU-
D/bdtint/Brochure00/VAP.html
Pastore, M. (1999(. Gender spilt nearly even even by
2001. Retrived Dec. July 13, 2002 from
http://www.cyberatlas.internet.com/big_picture/demogaraphics/article/0,13
23,5901_150111,00.html
ITU – WSIS (GENEVA-2003( Draft report of the Geneva
phase of the summit. Attendance and organization of work
http://www.itu.int/wsis/documents/listing-all-en-s|1.asp Document
.no
WSIS-03/GENEVA/9-E. In Arabic: Document WSIS-
03/GENEVA/9-A
Pastore, M. (2001(. Gloabal Digital Divide Still Very Much
in Existence. Retreived Dec. 28, 2003 from
http://cyberatlas.internet.com/big_picture/geographics/art
Pew Internet & American Life (2000(. Who is not online:
57%of those wihoutIntyernet accesssay they do not plan to log on.
Retrieved Dec. 23, 2003 from http://www.pewinternet.org
Spanning the Digital Divide: Understanding and Tackling the
Issues (2003(. Retrieved Dec. 30, 2003 from
http://www.bridges.org/spanning/chpt2.html The African

10
Virtual University (AVU(. Retreived Dec. 29, 2003 from
http://www.avu.org
The Indian Institut of Technology. Retreived Dec. 30, 2003
from http://www.iitm.ac.in/first.shtml
Warschauer, M. (2002(. Reconceptualizing the Digital
Divide. First Monday. Retreoved Dec. 29, 2003 from
http://www.firstmonday.org/issues7_7/warschauer/index.html

11

You might also like