You are on page 1of 445

‫‪4‬‬

‫السلف يون‬

‫وقضـية فلسطين‬

‫حكم عَمليّات القتحام بالنفس)‬


‫في واقعنا المعاصر وفيه ( ُ‬

‫ويَليه كتاب‪:‬‬

‫" النقد وا لب يان ف ي دفع أ وه ام خ زيرا ن"‬

‫ض مفرداتها‪،‬‬ ‫حَّررة عن البدعة وبع ِ‬ ‫م َ‬‫ميَّة ُ‬


‫عل ِ‬‫فيه بُحوث ِ‬
‫مقَدِّمة ضافية‬
‫و ُ‬
‫ملِيَّات‬
‫ضيَّة فلسطين)‪ ،‬و(حكم ع َ َ‬ ‫فيِّين وقَ ِ‬ ‫سل َ ِ‬
‫عن (ال َّ‬
‫مغامرة بالنَّفس)‬ ‫ال ُ‬
‫تأليف‪:‬‬
‫ح َّ‬
‫مد عّز‬ ‫م َ‬
‫ُ‬ ‫صاب‬ ‫ح َّ‬
‫مد كامل الَق َّ‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫الدِّين الَق َّ‬
‫سام‬
‫‪5‬‬

‫َ‬
‫حه‬ ‫و َ‬
‫شَر َ‬ ‫علَي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫عل ّ َ‬
‫ق َ‬ ‫أعدَّه وقدّمه َ‬
‫و َ‬
‫همام‬ ‫فضيلة الشيخ ال ُ‬
‫(حفظه‬ ‫هور بن حسن آل سلمان‬
‫أبو عبيدة مش ُ‬
‫(ال تعالى‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫إنّ الحمد للّه؛ نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باللّه من شرور‬
‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اللّه فل مضلّ له‪ ،‬ومن يضلل فل‬
‫هادي له‪.‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل اللّه وحده ل شريك له‪.‬‬
‫ن محمّدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫وأشهد أ ّ‬
‫سِلمُونَ}‪.‬‬
‫{يَا أَ ّيهَا اّلذِينَ آمَنُوا ا ّتقُوا اللّه حَقّ ُتقَا ِتهِ وَل َتمُوتُنّ إِلّ َوأَنتُم مّ ْ‬
‫جهَا‬
‫خَلقَ مِ ْنهَا زَ ْو َ‬
‫{يَا أَ ّيهَا النّاسُ ا ّتقُوا رَ ّبكُم الّذِي خََل َقكُم مِن ّن ْفسٍ وَاحِ َدةٍ َو َ‬
‫ل ْرحَام إِنّ‬
‫وَبَثّ مِ ْن ُهمَا ِرجَالً َكثِيرا َونِسَاءً وا ّتقُوا الّلهَ الّذِي َتسَا َءلُونَ ِبهِ وَا َ‬
‫علَ ْيكُمْ َرقِيبا}‪.‬‬
‫اللّه كَانَ َ‬
‫عمَاَلكُمْ َو َي ْغفِرْ‬
‫صلِحْ َلكُمْ أَ ْ‬
‫سدِيدا ‪ .‬يُ ْ‬
‫{يَا أَ ّيهَا الّذِينَ آمَنُوا ا ّتقُوا الّلهَ َوقُولُوا قَ ْولً َ‬
‫عظِيما}‪.‬‬
‫طعِ الّلهَ َورَسُوَلهُ َفقَدْ فَازَ فَوْزا َ‬
‫َلكُمْ ذُنُو َبكُمْ َومَن ُي ِ‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن هذه الرسالة نادرة وهامة‪ ،‬وذلك من وجوه عديدة‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬أنها من تأليف المجاهد الفلسطيني( ) محمد عز الدين القسام‬
‫‪1‬‬

‫() أصله سوريّ‪ ،‬انظر ترجمته التية (ص ‪.)124-114‬‬ ‫‪1‬‬

‫ذكر السستاذ الدكتور شاكر الفحام ‪-‬عضسو المجلس السستشاري‬


‫لهيئة «الموسسسوعة الفلسسسطينية»ورئيسسس مجمسسع اللغسسة العربيسسة فسسي‬
‫ن مسسؤولين فسي منظمسة التحريسر الفلسسطينية عابوا على‬ ‫دمشسق‪ -‬أ َّس‬
‫«الموسوعة الفلسطينية»‪ ،‬أنها جعلت (عّز الدين القسام) من مواد‬
‫ل مسسن سسسورية‪،‬‬ ‫«الموسسسوعة»‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن عّز الديسسن القسسسام‪ ،‬رج ٌ‬
‫وليسس له مكان فسي «الموسسوعة الفلسسطينية»؛= =لنهسا مخصسصة‬
‫للقطر الفلسطيني‪...‬‬
‫ولكسسسن الحقيقسسسة التسسسي أخفوهسسسا‪ ،‬أن ّسسسهم كرهوا وجود َ القسسسسام فسسسي‬
‫‪6‬‬

‫سلَفِ‬
‫َ‬
‫يَّة ال َق َّ‬
‫سام‬
‫الو جه الثا ني‪ :‬أن ها تُثْب تُ شيئا مجهولً ع ند مترج مي (الق سام)‪ ،‬لم أر من‬
‫سلَفي)‪ ،‬ول سيما في منهجه واستدلله‪ ،‬وكل‬
‫ركز عليه منهم؛ وهو‪ :‬أنه ( َ‬
‫سطر فيها يدل على ذلك‪ ،‬وهذه مقتطفات من هذه الرسالة؛ تدل على ذلك‪:‬‬
‫قال المؤلفان في الرد على خزيران وشيخه الجزار بعد كلم‪:‬‬
‫«وكُنّا نودّ أن نرشدَ السمتاذ الجزّار وتلميذَه إلى السمتفادة ممن هذا الكتاب‬
‫‪-‬يريدان «العتصام»( ) للشاطبي‪ -‬الذي ل ندّ له في بابه‪ ،‬ولكنا خشينا أن‬
‫‪1‬‬

‫يرميا مؤّلفَه بال ّنزْعة (الوهابيّة)( ) ‪-‬التي هي حجة العاجز لترويج الباطل‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫ّمم زممن ذلك المام الشاطمبي‬


‫وإضاعمة الديمن‪ -‬التمي رميانما بهما‪ ،‬وإن ْم تقد َ‬
‫سنة)!! لنه ل‬ ‫(‪500‬‬ ‫العظ يم على زمن محمد بن عبدالوهاب ما يقرب من‬
‫يبعد أن يعلّل ذلك بأنه من باب أخذ المتقدّم عن المتأخّر!!»( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وأشارا إلى ذلك ‪-‬قبل‪ ،-‬فقال عن خزيران (المردود عليه)‪:‬‬


‫«ورمانا ‪ -‬عفا اللّه عنه‪ -‬بالزّيغ والضلل( )‪ ،‬لتّباعنا السنة الموروثة عن‬
‫‪4‬‬

‫خهم خاليا ً من المجاد إذا‬


‫«الموسوعة»؛ لنهم يخشون أن يظهَر تاري ُ‬
‫قيس بتاريخ عّز الدين القسام!!‬
‫و(فلسسطين) بقيست تابعسة حتسى نهايسة العصسر التركسي لوليسة (الشام)‪،‬‬
‫ولم يكسسن (فلسسسطين) موجودا ً فسسي التقسسسيمات الداريسسة‪ ،‬ولم تكسسن‬
‫النزاعات العصسسبية والحميات القبليسسة مشتدّة‪ ،‬إذ كانسست فلسسسطين‬
‫‪-‬آنذاك‪ -‬تشغسسل بال المسسسلمين جميعاً‪ ،‬ومنهسسم القسسسام‪ ،‬ولم يهاجسسر‬
‫‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬إلى (حيفسا) إل للجهاد‪ ،‬ولم يكسن معسه أحسد مسن قسبيلته‬
‫‪-‬آنذاك‪ -‬إل ابنا أخيه ‪-‬رحم اللّه الجميع‪.-‬‬
‫() نشرتسسه عسسن نسسسختين خطيتيسسن‪ ،‬لم ينشسسر الكتاب ‪-‬قبسسل‪ -‬عنهمسسا‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫والفروق كسبيرة بيسن نشرتنسا والطبعات السسابقة‪ ،‬فضل ً عسن التخريسج‬


‫والتوثيسسسق والتعليسسسق والفهرسسسسة‪ ،‬والحمسسسد للّه الذي بنعمتسسسه تتسسسم‬
‫الصالحات‪.‬‬
‫() انظسر ‪-‬لزاماً‪ -‬مسا كتبناه بشأن هذه الكلمسة فسي التعليسق على (ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)63-61‬‬
‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)62-61‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المراد‪ :‬رميهمسا بسس (النزعسة الوهابيسة) كمسا فسي النسص السسابق‪ ،‬وقسد‬ ‫‪4‬‬

‫أفصسح عسن ذلك الشيسخ محمسد جميسل الشطسي فسي كلمتسه المنشورة‬
‫فسي آخسر الرسسالة (ص ‪ )201‬بقوله‪« :‬والمصسيبة كسل المصسيبة‪ :‬أنسه‬
‫ة مسسن علمائنسسا يخالف مثسسل هؤلء‪ ،‬داعيا ً إلى الدِّيسسن‬‫متسسى قام نابغ ٌ‬
‫‪7‬‬

‫وجوب العمل بالظاهر‬ ‫النبي ‪ ،‬في القوال والفعال‪.) (»...‬‬


‫‪1‬‬

‫ّهم قلوبَهمم ممن‬


‫وقال فمي الرد على قول خزيران‪« :‬مما عدا م َن أزاغ الل ُ‬
‫» ما نصه‪:‬‬ ‫القتصار على أصل المنقول عن النبي‬
‫زيغا‪ ،‬والعياذ‬ ‫«يعلم أنّ ذلك الدّ عي في العلم يعدّ العملَ ب سنّة الر سول‬
‫باللّه ‪-‬تعالى‪.) (»-‬‬
‫‪2‬‬

‫قال أبو عبيدة‪ :‬الصل‪ :‬أن ل نخرج عن ظاهر النصوص إل بقرائن قويّة‪،‬‬
‫إذ دللة الظاهمر قويّمة‪ ،‬نقمل ابمن حجمر( ) فمي ترجممة أبمي حيان‬
‫‪3‬‬

‫الصسسحيح؛ مثسسل‪ :‬صسساحبي هذه الرسسسالة‪ :‬السسستاذين الشيسسخ كامسسل‬


‫القصساب‪ ،‬والشيسخ عسز الديسن القسسام‪ ...‬جافَوْه‪ ،‬وناوؤوه‪ ،‬ووصسموه‬
‫باسم الوهابية‪ ،‬وهذا ‪-‬ول شك‪ -‬أنه من علئم الجهل والحسد»‪.‬‬

‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)5‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)90‬‬ ‫‪2‬‬

‫() فسي «الدرر الكامنسة» (‪ ،)4/304‬وعنسه صسديق حسسن خان فسي‬ ‫‪3‬‬

‫«التاج المكلل» (ص ‪ ،)348‬وذكسسسسر هذا الشوكان ّسسسسُ‬


‫ي فسسسسي «البدر‬
‫الطالع» (‪ ،)2/290‬ثم قال‪:‬‬
‫ل الفِكر وآخُر‬‫ب الظاهر هو أوَّ ُ‬
‫«لقد صدق أبو حيان في مقاله‪ ،‬فمذه ُ‬
‫من ِسح النصساف‪ ،‬ولم يَرِد على فطرتسه مسا يُغيّرهسا عسن‬
‫العمسل عنسد مسن ُ‬
‫ي ّ وأتباعه فقط‪ ،‬بل هو مذهب‬ ‫ب داود َ الظاهر ِ‬
‫أصلها‪ ،‬وليس هو مذه ُ‬
‫أكابرِ العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الن‪،‬‬
‫وداود واحسد منهسم‪ ،‬وإنمسا اشتُهَر عنسه الجمود ُ فسي مسسائ ِ َ‬
‫ل وقسف فيهسا‬
‫على الظاهر‪ ،‬حيث ل ينبغي الوقوف‪ ،‬وأهمل من أنواع القياس ما ل‬
‫ف إهماله‪.‬‬
‫ينبغي لمنص ٍ‬
‫سنَّةِ بجميسع‬
‫ل بظاهِرِ الكتاب وال ُّس‬ ‫ب الظاه ِسر‪ :‬هسو العم ُ‬‫وبالجملة؛ فمذه ُس‬
‫جعسسُ إليهمسسا‬ ‫الدّللت‪ ،‬وطرح التحويسسل على محسسض الرأي الذي ل ير ِ‬
‫بوجهٍ من وجوه الدللة‪.‬‬
‫وأنت إذا أمعنت النَّظََر في مقالت أكابر المجتهدين المشتغلين‬
‫ت النصاف‪،‬‬ ‫بالدلة؛ وجدتها من= =مذهب الظاهر بعينه‪ ،‬بل إذا ُرزِق َ‬
‫ت العلوم الجتهاديسسة كمسسا ينبغسسي‪ ،‬ونظرت فسسي علوم الكتاب‬ ‫وعرف َسس‬
‫والسسنة حق َّس الن َّسظر كنست ظاهريّاً؛ أي‪ :‬عامل ً بظاهسر الشرع منسسوباً‬
‫ة‪،‬‬‫إليسه‪ ،‬ل إلى داود الظاهري‪ ،‬فإن نسسبتك ونسسبته إلى الظاهسر متفق ٌ‬
‫ة للنسسبة إلى اليمان والسسلم‪ ،‬وإلى خاتسم‬ ‫وهذه النسسبة هسي مسساوي ٌ‬
‫ل ‪-‬عليسسه أفضسسل الصسسلوات والتسسسليم‪ ،-‬وإلى مذهسسب الظاهسسر‬ ‫الُّر ُ س‬
‫س ِ‬
‫‪8‬‬

‫الندلسي‪،‬قوله‪« :‬محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من عَلق بذهنه»‪.‬‬


‫وقال ‪ -‬أيضا‪ « :-‬ونحمن ممن أشمد الناس تمسمّكا بمه‪ -‬أي‪ :‬بخطاب النمبي‬
‫‪ ...-‬وأكبر دليل على تم سّكنا بسنّة نبيّنا‪ ،‬وسنة الشّيخين من بعده‪ :‬نهينا‬

‫وجوب العمل بالظاهر‬ ‫الناس عمن مخالفمة سمنّة الخلفاء الراشديمن‬


‫في تشييع الجنازة برفع الصّوت »( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪،‬‬ ‫وقال‪« :‬فهمل يرضمى أهلُ الختصماص أن يتركوا سمنّة الرسمول‬


‫ويتركوا ما كان عل يه ال صحابة والئ مة المجتهدون‪ ،‬و ما كان عل يه ال سلفُ‬
‫الصالح‪ ،‬ثم يتبعوا بدعةً‪.) (»...‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ ،‬ونبممذ‬ ‫وذكرا ‪-‬أيضا‪ -‬ضرورة السممتدلل بالصممحيح مممن قوله‬


‫الضعيف‪ ،‬والواهي‪ ،‬والموضوع( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫و قد ش هد بمضمون ( سلفيّته) جم عٌ م من قرظ هذه الر سالة‪ ،‬ك ما تراه في‬


‫آخرها‬
‫وأشار إلى ذلك جمع( )‪ ،‬وتأثر بذلك تلميذه‪ ،‬فإنهم انطبعوا بطابع التربية‬
‫‪4‬‬

‫اليمانية‪ ،‬سلوكا وأقوالً‪ ،‬وإن العقيدة السلفية الصحيحة‪ ،‬والثقافة السلمية‬


‫بالمعنسى الذي أوضحناه‪ .‬أشار ابسن حزم ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬بقوله‪ :‬ومسا أنسا‬
‫إل ظاهري ٌّ‪ ،‬وإنني على ما بدا حتى يقوم دليل» ا‪.‬هس‪ .‬وانظر‪« :‬إعلم‬
‫الموقعيسسسن» (‪ - 5/180‬بتحقيقسسسي)‪« ،‬العلم» (ص ‪)181-180‬‬
‫للشيخ العلمة ابن عثيمين ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬
‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)90‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)94‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر «النقد والبيان» (ص ‪.)142‬‬ ‫‪3‬‬

‫() خلفا ً لما في «العلم الشرقية» (‪ )1/349‬عنه‪« :‬شيخ الزاوية‬ ‫‪4‬‬

‫جبَلة الدهمية من أعمال اللذقية في شمالي سوريا»!‬


‫الشاذلية في َ‬
‫بسل اشتسط كثيسر مسن الباحثيسن مسن العلمانييسن‪ ،‬وغيرهسم مسن‬ ‫=‬
‫الثورييسسن‪ ،‬لمسسا راحوا يقررون «أن القسسسام كان يهدف إلى بناء دولة‬
‫(اشتراكية)»! كما في «تاريخ القطار العربية الحديث» (ص ‪)366‬‬
‫للوتسسكي‪ ،‬وفيسه ‪-‬أيضاً‪( -‬ص ‪« :)369‬إن جوهسر العلقسة بينسه وبيسن‬
‫أتباعسسه كانسست سسسياسية ل دينيسسة»!! وكسسل هذا كذب وافتراء عليسسه‪،‬‬
‫وتغييسسب لسسسلفيّة القسسسام واعتقاده السسسليم‪ ،‬الذي عمسسل دهرا ً على‬
‫ترسسيخه فسي أبناء شعسب فلسسطين‪ ،‬ومسا كتابنسا هذا إل ثمرة ودليسل‬
‫‪-‬في آن واحد‪ -‬على ذلك‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫(‪)1‬‬
‫المقتبسمة ممن القرآن والسمنة أثرت فيهمم تأثيرا بالغا‪ ،‬قال أحممد الشقيري‬
‫واصمفا أصمحاب القسمام وتلميذه‪« :‬لم تجمر على ألسمنتهم تعابيمر (الكفاح‬
‫المسلح) و(الحركة الوطنية) و(الستعمار والصهيونية)‪ ،‬فقد كانت تعابيرهم‬
‫‪-‬على بساطتها( )‪ -‬تنبع من ينبوع أروع وأرفع‪ ،‬هو «اليمان والجهاد في‬
‫‪2‬‬

‫فلسطين‬
‫وقضي ّمةفت نفوسمهم‪،‬‬ ‫فيّون‬
‫اليمان‪ ،‬فص‬ ‫سل َ‬
‫نعهم ِ‬‫سمبيل اللّه»‪ ،‬لقمد كانوا قوما مؤمنيمن‪ ،‬صالم َّ‬
‫وتآلفت إراداتهم‪ ،‬وتعاظمت عزائمهم‪ ،‬وأحسوا أن حبلهم مع اللّه قد أصبح‬
‫موصولً‪ ،‬وأن الباب بينهم وبينه قد بات مفتوحا»( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وذكرت الك تب ال تي ترج مت له‪ :‬أن همّ الق سام الول‪ :‬تخل يص الد ين من‬
‫الشوائب‪ ،‬وإخلص العقيدة للّه وحده؛ ل نّ العقيدة الخال صة للّه هي م صدر‬
‫القوة‪ ،‬ففمي سمبيل إخلص العقيدة للّه وحده‪ ،‬وطلب العون منمه‪ ،‬حارب‬
‫الق سام حج الن ساء إلى (مقام الخ ضر)( )‪ ،‬على سفوح جبال الكر مل‪ ،‬لذ بح‬
‫‪4‬‬

‫الضاحمي شكرا على شفاء ممن مرض أو نجاح فمي مدرسمة‪ ،‬وكنّم ‪-‬بعمد‬
‫تقد يم الضح ية‪ -‬يرق صن حول المقام الموهوم‪ ،‬فد عا الق سامُ النا سَ إلى أن‬
‫يتوجّهوا بنذور هم وأضاحي هم إلى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬ف قط؛ ل نه ‪-‬وحده‪ -‬القادر‬
‫على النفمع والضرّ‪ ،‬وأمما أصمحاب القبور فل يملكون لنفسمهم نفعا ول‬
‫ضرا‪ ،‬فكيف ينفعون الخرين؟!‬
‫و في سبيل ال ستفادة من ال سيرة النبويّة‪ ،‬أن كر الق سامُ قراءةَ المولد النبوي‬
‫بالغناء والتمطيط‪ ،‬والمبالغة بتوقيعه على ألحان المو سيقا‪ ،‬والكتفاء بسيرة‬
‫الولدة فقط‪ ،‬مع ما أدخل فيها من المور التي لم تثبت‪ ،‬ودعا إلى العناية‬

‫() هسو أحمسد أسسعد الشقيري‪ ،‬مسن أعلم فلسسطين البارزيسن‪ ،‬كاتسب‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫محام‪ ،‬سسسسسياسي‪ ،‬دبلوماسسسسسي‪ ،‬أول رئيسسسسس لمنظمسسسسة التحريسسسسر‬


‫الفلسطينية‪ ،‬توفي سنة ‪1400‬هس ‪1980 -‬م‪ ،‬ترجمته في «أعلم‬
‫فلسطين من القرن الول حتى الخامس عشر» (‪،)157-1/147‬‬
‫«معجم أعلم المورد» (‪.)260‬‬
‫() انظسر ‪-‬لزاماً‪ -‬خطسأ اسستخدام هذه الكلمسة فيمسا علقناه على (ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)26‬‬
‫() «أربعون عاماً» (ص ‪.)145‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مقام الخضر‪ :‬يقع عند أقصى حد ّ حيفا إلى الغرب من سفح جبل‬ ‫‪4‬‬

‫م مسسجدا ً فيسه‬‫الكرمسل‪= =،‬وهسو بناءٌ قديسم وسسط حديقسة‪ ،‬كان يض ُّس‬


‫ة‪ ،‬يزعسسسم بعسسسض الناس أنسسسه مقام الملك‬ ‫ة يوناني ً‬
‫مغارة‪ ،‬تضسسسم كتاب ً‬
‫جبريل‪ ،‬ويعتقد آخرون أنه مدرسة النبياء!!‬
‫‪10‬‬

‫أحواله وشمائله‪ ،‬والسمنّة العمليمة ممن سميرته؛ لتكون نبراسما‬ ‫بالنمبي‬


‫يستضيء به المسلمون( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وبالجملة؛ فإن العقيدة السملفية الصمحيحة‪ ،‬والمنهمج السملفي فمي التلقمي‬


‫كتابهفلسطين‬
‫وقضيّة‬ ‫سل َ‬
‫ظاهرفِيّون‬
‫للعيان في‬ ‫والستدلل‪ ،‬هو الذي كان عليه القسام ورفيقه‪ ،‬وهذاال َّ‬
‫هذا‪ ،‬وفي دعوته ونشاطه وتلميذه‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫السلفيون وقضية فلسطين‬ ‫‪‬‬
‫يؤمن السلفيون بأن قضية فلسطين من القضايا التي يجب العناية بها‪ ،‬وأن‬
‫تحريرها من المور الشرعية الواجبة‪ ،‬وذلك لما لها من منزلة في الشرع‬
‫الحنيف‪ ،‬وقد تتابع السلفيون على بيان ما لها من حقوق‪ ،‬وأبدوا ‪-‬كغيرهم‬
‫سلَفِيّون وقضيّة فلسطين‬ ‫ال َّ‬
‫وحديثا‪ -‬لهلهما وعلى أرضهما‪ ،‬ول‬ ‫( )‪ -‬توجّعا وتألّما لمما يجري ‪-‬قديما‬‫‪2‬‬

‫سيما الحداث الجسام‪ ،‬والتي نلخّصها بالتي‪:‬‬


‫أولً‪ :‬المذابح‪ ،‬وأشهرها‪ :‬مذبحة دير ياسين في ‪9/4/1948‬م‪ ،‬التي بقرت فيها‬
‫بطون الحبالى‪ ،‬وذُبّحمت الطفال‪ ،‬وقطعمت الوصمال‪ ،‬وشوّهمت الجسمام‪،‬‬
‫وقذ فت في بئر في القر ية‪ ،‬وذ هل (ل يز) مندوب (ال صليب( )!!!) الح مر‬
‫‪3‬‬

‫آنذاك لما عد أعوانه (‪ )250‬جثة‪ ،‬ولم يكملوا العدّ ‪-‬بعد‪ ،-‬فأغمي عليه!‬

‫() «عسز الديسن القسسام شيسخ المجاهديسن فسي فلسسطين» (‪-172‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ )173‬لمحمد حسن ُ‬
‫شَّراب‪.‬‬
‫() أعنسي‪ :‬مسن المسسلمين وغيرهسم‪ ،‬والمسسلمين على جميسع شاراتهسم‬ ‫‪2‬‬

‫وأحزابهسم‪ ،‬ول سسيما الحزبييسن الذيسن اتكأوا على (قضيسة فلسسطين)‪،‬‬


‫واتخذوهسسا ذريعسسة لتكثيسسر السسسواد‪،‬ودغدغسسة= =(العواطسسف) لركوب‬
‫(العواصف)‪ ،‬دون (ثمرة) حقيقية بميزان الشرع‪ ،‬وقواعد أهل العلم‪،‬‬
‫الل ّسسسسسسسهم إل التعدي على حرمات العلماء‪ ،‬واقتناص الفرص فسسسسسسسي‬
‫المناسسبات للحسط مسن قدرهسم‪ ،‬لتسسلم لهسم رموزهسم‪ ،‬وليراهنوا على‬
‫(الجماهيسر)‪ ،‬وليصسلوا مسن خللهسم إلى (أهدافهسم) المرحليسة؛ الرضيسة‬
‫(منهسا) قبسل التربويسة‪ ،‬واللّه غالب على أمره‪ ،‬وهسو المحيسط بالنوايسا‬
‫والخفايا‪.‬‬
‫() للنصسارى عنايسة بالصسليب منقطعسة النظيسر‪ ،‬وله أشكال وهيئات‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫قل أن تسلم منه بيوت المسلمين اليوم فضل ً عن ملبسهم وغيرها!‬


‫وهسسسي موجودة فسسسي الموسسسسوعات (المعلمات) العالميسسسة‪ ،‬وكتسسسب‬
‫دياناتهم!‬
‫‪11‬‬

‫وممن المذابمح ‪-‬أيضا‪ :-‬مذبحمة شرفات فمي ‪7/2/1951‬م‪ ،‬ومذبحمة عيمد‬


‫الميلد(!!) فمي ‪6/1/1952‬م‪ ،‬ومذبحمة قبيمة فمي ‪14/10/1953‬م‪ ،‬ومذبحمة قتمل‬
‫الطفال في ‪2/11/1954‬م‪ ،‬ومذبحة غزة في ‪28/2/1955‬م‪ ،‬ومذبحة شاطئ طبريا‬
‫فمي ‪11/2/1955‬م‪ ،‬ومذبحمة غزة الثانيمة فمي ‪5/4/1956‬م‪ ،‬ومذبحمة غرندل فمي‬
‫‪13/9/1956‬م‪ ،‬ومذبحة حوسان في ‪25/9/1956‬م‪ ،‬ومذبحة قلقيلية في ‪10/10/1956‬م‪،‬‬
‫ومذبحة كفر قاسم في ‪28/10/1956‬م‪.‬‬
‫وانتهاءً في تاريخنا الحديث بمجموعة من المذابح‪ ،‬من مثل‪ :‬مذابح صبرا‬
‫وشاتيل في لبنان في ‪17/9/1982‬م‪ ،‬وقبل ها مذب حة تل الزع تر والكرنتي نا في‬
‫سمجّل فمي التاريمخ‬
‫‪8/1976 /10‬م‪ ،‬وهاتان المذبحتان ممن أبشمع وأشنمع مما ُ‬
‫الحديمث‪ ،‬إذ قدممت‬
‫سلفَيّون وقضية فلسطين‬ ‫ال َّ‬
‫ممى‬‫ممث الموتم‬ ‫جثم‬
‫للكلب‪ ،‬و تم فيهما اغتصماب النسماء‪ ،‬وحرق الشباب‪ ،‬على صورة تقشعمر‬
‫منها البدان‪ ،‬وتشيب بسببها الصبيان!‬
‫ثم مذب حة عيون قارة في ‪20/5/1990‬م‪ ،‬ثم مجزرة الق صى الشهيرة في‬
‫‪8/10/1991‬م‪ ،‬إذ قُ تل الم صلّون جملة‪ ،‬ولم يراعوا حق ضع يف أو كبير‬
‫أو امرأة‪ ،‬وبارك شياطينهم من الحاخامات بهذه المجزرة‪ ،‬وطالبوا بالمزيد!‬
‫وعملوا على المباركة! ول تنسى أبدا مجزرة المسجد( ) البراهيمي بالخليل‬
‫‪1‬‬

‫بقيادة اليهودي الطبيب النجس باروخ غولدشتاين في ‪25/10/1994‬م‪ ،‬وكانت‪-‬‬


‫أيضا‪ -‬ضمد المصملين‪ ،‬وباركهما(!!) ‪-‬أيضا‪ -‬كثيمر ممن الحاخامات‪ ،‬ول‬
‫سميما الذي تولى كمبره منهمم (غورون) و(دروكمان)‪ ،‬ونصمب لمنفذهما‬
‫(‪) 2‬‬
‫(غولدشتاين) تمثالً(!!) إعجابا وحبا!‬
‫ويزداد التوجع والتألم؛ لما نسمع ونقرأ تصريحات هؤلء المعتدين‪ ،‬فمثلً‪:‬‬
‫سأل أحد الصحفيين الضابط اليهودي (مالينكي) عمّا ارتكبه في بعض هذه‬
‫المذابح‪ :‬هل أنت نادم على ما فعلت؟ قال‪ :‬بالعكس؛ لنّ الموت ليّ عربي‬
‫في إسرائيل( ) معناهُ الحياة لي إسرائيلي( )‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬

‫() يطلق الناس فسي الخليسل خاصسة وفسي فلسسطين بعامسة‪ ،‬فضل ً عسن‬ ‫‪1‬‬

‫غيرهسا‪ ،‬على هذا المسسجد (الحرم البراهيمسسي)‪ ،‬والمسر ‪-‬مسن وجهسة‬


‫نظر شرعية‪ -‬ليس كذلك‪ .‬وانظر التعليق على (ص ‪.)221‬‬
‫() للدكتور عرفات حجازي كتاب مطبوع جيسسسسد‪ ،‬ينصسسسسح بقراءتسسسسه‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وعنوانه «مدينة الخليل وحروب الحاخامات الدينية»‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫سلَفِيّون وقضيّة فلسطين‬


‫ال َّ‬

‫ثانيا‪ :‬اغتصاب الرض‪ ،‬وإخراج أهلها منها عنوةً‪.‬‬


‫عبر م سلسل دموي‪ ،‬وتخط يط مح كم‪ ،‬وتنف يذ دق يق‪ ،‬ا ستطاع اليهود سرقة‬
‫(فلسمطين) على دفعات‪ ،‬وكان ذلك بمباركمة ودعمم الغرب الكافمر‪ ،‬وغفلة‬
‫كثير من الشعب الفاجر( )‪ ،‬وكان ذلك على دفعتين‪ :‬سنة ‪1948‬م احتلوا فيها‬
‫‪1‬‬

‫فلسطين‪ ،‬وسنة ‪1967‬م احتلوا فيها الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف‪،‬‬

‫() هذه التسسسسمية منكرة‪ ،‬وقسسسد شاع على ألسسسسنة الناس فسسسي بلد‬ ‫‪3‬‬

‫م‪ :‬فعلت إسرائيل كذا‪ ،‬وستفعل كذا!‬ ‫المسلمين القول في سياق الذ ّ‬
‫و(إسسرائيل) هسو رسسول كريسم مسن رسسل اللّه؛ وهسو‪( :‬يعقوب) ‪-‬عليسه‬
‫السلم‪ ،-‬وهو بريء من دولة اليهود الخبيثة الماكرة‪ ،‬إذ ل توارث بين‬
‫النبياء والرسل وبين أعدائهم من الكافرين‪ ،‬فليس لليهود أية علقة‬
‫دينيسسة بنسسبي اللّه (إسسسرائيل) ‪-‬عليسسه السسسلم‪ ،-‬وهذه التسسسمية تسسسيء‬
‫لمفاهيسم ديننسا‪ ،‬ول يرضسى اللّه عنهسا ول رسسوله ول أنسبياؤه‪ ،‬ول سسيما‬
‫(إسسسرائيل) ‪-‬عليسسه السسسلم‪ ،-‬إذ هسسم قوم (كفرة)‪ ،‬وقوم= =(بهسست)‪،‬‬
‫وإطلق هذه التسسمية عليهسم فيهسا إيذاء له ‪-‬عليسه السسلم‪ ،-‬والواجسب‬
‫الحيلولة دون ذلك‪.‬‬
‫وثبست فسي «صسحيح البخاري» (‪ )3533‬عسن أبسي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رسسسول اللّه ‪« :‬أل تعجبون كيسسف يصسسرف اللّه عنسسي شتسسم قريسسش‬
‫ولعنهم؛ يشتمون مذمما ً ويلعنون مذمماً‪ ،‬وأنا محمد»‪.‬‬
‫والواجسب ‪-‬على القسل‪ -‬إغاظت ُسهم بتسسميتهم (يهود)؛ لنهسم يشمئزون‬
‫مسسسن هذه التسسسسمية‪ ،‬ويفرحون بانتسسسسابهم الكاذب ليعقوب ‪-‬عليسسسه‬
‫السلم‪ ،-‬فليس لهم شيء من فضائله ومناقبه ‪-‬عليه السلم‪.-‬‬
‫وللشيسسخ عبداللّه بسسن زيسسد آل محمود رسسسالة مطبوعسسة بقطسسر عام‬
‫‪1398‬هسس‪ ،‬بعنوان «الصسلح والتعديسل فيمسا طرأ على اسسم اليهود‬
‫‪-‬أيضاً‪« :-‬معجم المناهي‬ ‫والنصارى من التبديل»‪ ،‬وانظر في هذا‬
‫اللفظيسة» (‪ )44‬للشيسخ بكسر أبسو زيسد‪ ،‬ومجلتنسا «الصسالة» الغراء‪،‬‬
‫مقالة الشيخ ربيع بن هادي (حكم تسمية دولة يهود بإسرائيل) العدد‬
‫(‪ :)32‬السنة السادسة‪ 15/‬ربيع الول‪1422/‬هس (ص ‪.)57-54‬‬
‫ثم وجدت هذا التحذير في كتاب «خرافات يهودية» لحمد الشقيري‬
‫(ص ‪ )30-13‬تحت عنوان (لستم أبناء إبراهيم‪ ،‬أنتم أبناء إبليس)‪.‬‬
‫() عمسسل أعداء اللّه ‪-‬عسسز وجسسل‪ -‬على إيجاد منظمات فدائيسسة فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫الشعسب الفلسسطيني‪ ،‬تتبنسى الماركسسية والثوريسة‪ ،‬وكان (سسر الليسل)‬


‫‪13‬‬

‫والمسجد القصى‪ ،‬وسيناء‪ ،‬والجولن‪.‬‬


‫‪ ‬اسستطراد له صسلة بإخراج أهسل فلسسطين‪ ،‬وفتوى‬
‫الشيخ اللباني في ذلك‬
‫أذ كر ه نا إفا ضة وإضا فة ل ها صلة ب م(ال سلفيين وقض ية فل سطين)‪ ،‬و هي‬
‫فتوى دندن حول ها كث ير من الشانئ ين‪ ،‬وأوق عت ب عض الم حبين في حيرة‪،‬‬
‫وهي فتوى لشيخنا محدث العصر اللباني ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬حول قضية‬
‫خروج أهل فلسطين منها!‬
‫ف قد ض مّ الش يخ ‪-‬رح مه اللّه وآ خر مثله في ال سّنّ ‪-‬ل في العلم‪ -‬مجلس‪،‬‬
‫و سأل الم سنّ القاد مُ من فل سطين الشي خَ ‪-‬رح مه اللّه‪ -‬عن م سائل‪ ،‬و قع‬
‫ضمنها توجّع وشكاية وتألم من حال المسلمين الساكنين في فلسطين‪ ،‬فأفتى‬
‫الشيخ‬
‫وقضيّةفلسطين‪ ،‬وأن‬
‫فلسطين‬ ‫اللبانيخير من‬
‫‪ -‬كعادته وبصراحته وجرأته فيما يعتقد‪ -‬أن مكة‬
‫ل ما لم ي ستطع إقا مة الد ين في ها ها جر من ها‪ ،‬فعلى كل م سلم ل‬ ‫ال نبي‬
‫يستطيع أن يقيم دينه في أي بقعة أن يتركها وينتقل إلى بلدة يستطيع فيها‬
‫ذلك‪ ،‬فكان ماذا؟ وقعمت هذه الفتوى لبعمض (الشاعرة) (الصموفيين) فمي‬
‫بلد نا‪ ،‬وأ خذ يدندن في ها‪ ،‬متهما الش يخ بأ نه (يهودي)! م ستدلً بكل مه هذا!‬
‫وأثارت (الصمحف) و(الجرائد) هذه القضيمة‪ ،‬وكتمب فيهما العالم والجاهمل‪،‬‬
‫وال سفيه والحق ير والوض يع‪ ،‬و صرح بعض هم أ نه ل يب غض (اللبا ني) ول‬
‫يعاديه! وإنما يعمل على محاربة (منهجه) فحسب! اللهم يا مقلب (العقول)‬
‫‪.‬‬ ‫ثبت (عقلي) على دينك وسنة نبيك‬
‫و يا ل يت هؤلء تكلموا بأدلة‪ ،‬أو بلُغَة أ هل العلم‪ ،‬وإن ما بل غة (الجرائد)( )‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫السباب‪ ،‬وعرض (العضلت)‪ ،‬وعدم التعرض للمسألة‪ :‬بتأصيل أو تكييف‬


‫أو تدل يل أو تأر يخ‪ ،‬وإن ما لم ست شيئا في نفو سهم من نفور أو (ح سد) أو‬

‫عندهم في معسكراتهم في بعض الحايين (شتم اللّه) كما أخبرني‬


‫إلَّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫م إِن يَقُولُو َ‬
‫نس‬ ‫م نْس أفْوَاهِهِس ْ‬
‫خُر ُجس ِ‬
‫ة تَ ْ‬ ‫ت كَل ِ َ‬
‫م ً‬ ‫بذلك غيسر واحسد {كَبَُر ْس‬
‫كَذِباً }‪.‬‬
‫() ألف السسستاذ محمسسد سسسليم بسسن محمسسد الجندي (ت ‪1375‬هس س ‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1955‬م) رسسالة جيدة مطبوعسة بعنوان «إصسلح الفاسسد مسن لغسة‬


‫الجرائد»‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫(حقمد)‪ ،‬ففرّغوا مما فيهما‪ ،‬فارتاحوا وانتعشوا‪ ،‬وظنوا أنهمم نهوا وأمروا!‬
‫وفازوا وظفروا! حقا؛ إن ها ‪-‬أي‪ :‬المقالت‪ -‬مكتو بة بل غة‪ ،‬ل ير بأ صاحب‬
‫القلم الحمر العلممي إل السمكوت عنهما‪ ،‬أو القول‪ :‬ل حول ول قوة إل باللّه‬
‫العلي العظيم‪.‬‬
‫و مع ذلك؛ ف قد ت صدّى أخو نا الش يخ ح سين العواي شة ل ما شاع وذاع‪ ،‬وأ خذ‬
‫في التنق يب والب حث‪ ،‬وج مع ما ورد في م سألة (الهجرة) من آثار‪ ،‬وكلم‬
‫للعلماء الربانييمن‪ ،‬فخرجمت معمه دراسمته المنشورة المعنونمة بمم«الفصمل‬
‫ال مبين في م سألة الهجرة ومفار قة المشرك ين»‪ ،‬وإن ما هو في الحقي قة في‬
‫سلسلة للعلماء ‪-‬على اختلف مشاربهم ومذاهبهم وأعصارهم وأمصارهم‪-‬‬
‫قد ن صوا على ذلك‪ ،‬ف ها هو شيخ نا حماد بن مح مد الن صاري‪ ،‬له كتاب‬
‫مطبوع بعنوان «إعلم الزمرة بأحكام الهجرة»‪ ،‬فممي فتاوى كثيرة‪ ،‬تطلب‬
‫من مظانها( )‪ ،‬وأكتفي بنقل( ) فتوى توافق مشرب المشغّب الذي عامله اللّه‬‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫بما استحق‪ ،‬من إطفاء نجمه‪ ،‬وأُفول ظله‪ ،‬وطمس صوته‪ ،‬وهي (فتوى ابن‬
‫فلسطين‬
‫فلسطين‬ ‫فلسطين‬
‫وقضيّة‬
‫وقضيّة‬
‫اللباني‬
‫اللبانية‬
‫وقضي ّ‬
‫اللباني نصه‪:‬‬
‫عربي( ) الصوفي الحاتمي الطائي)‪ ،‬قال ما‬ ‫‪3‬‬

‫«وعليمك بالهجرة ول تقمم بيمن أظهمر الكفار‪ ،‬فإن فمي ذلك إهانمة ديمن‬
‫السملم‪ ،‬وإعلء كلممة الكفمر على كلممة اللّه‪ ،‬فإن اللّه مما أممر بالقتال إل‬
‫لتكون كلمة اللّه هي العليا‪ ،‬وكلمة الذين كفروا هي السفلى‪ ،‬وإياك والقامة‬
‫أو الدخول تحت ذمة كافر ما استطعت‪ ،‬واعلم أن المقيم بين أظ ُهرِ الكفار‬
‫‪ -‬مع تمن كه من الخروج من ب ين ظهراني هم‪ -‬ل حظ له في ال سلم(!!)‪،‬‬
‫من مسلم‪ ،‬وقد ثبت عنه‬ ‫فإن النبي ‪s‬‬
‫قد تبرأ منه‪ ،‬ول يتبرأ رسول اللّه‬
‫أنه ‪ s‬قال‪« :‬أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين»‪ ،‬فما اعتبر له‬
‫كل مة ال سلم‪ ،‬وقال اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬في من مات و هو ب ين أظ هر المشرك ين‪:‬‬
‫م قَالُواْ كُنّام‬
‫م كُنتُم ْ‬
‫مهِمْ قَالُواْ فِيم َ‬
‫م ا ْلمَل ِئ َكةُ ظَالِمِمي أَ ْنفُس ِ‬
‫م تَ َوفّاهُم ُ‬
‫{إِنّم الّذِين َ‬
‫جرُواْ فِيهَا‬
‫س َعةً فَ ُتهَا ِ‬
‫لرْ ضِ قَالْواْ َأَل مْ َتكُ نْ َأرْ ضُ اللّ هِ وَا ِ‬
‫ض َعفِينَ فِي ا َ‬
‫مُ سْ َت ْ‬

‫() سيأتي تعداد ما وقفت عليه مفردا ً في هذا الباب‪ ،‬واللّه الموفق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫فانظرها‪ ،‬فإنها مفيدة‪.‬‬


‫() فات من صنف في هذه المسألة!‬ ‫‪2‬‬

‫() في كتابه «الوصايا» (ص ‪.)59-58‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪15‬‬

‫جهَنّ مُ َو سَاءَتْ مَ صِيرا}( ) [الن ساء‪ ،]97 :‬فلهذا حجر نا في‬


‫‪1‬‬
‫َفأُ ْولَئِ كَ َمأْوَاهُ مْ َ‬
‫هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والقامة فيه؛ لكونه بيد الكفار‪،‬‬
‫فالولية لهم والتحكم في المسلمين‪ ،‬والمسلمون معهم على أسوأ حال ‪-‬نعوذ‬
‫باللّه ممن تحكمم الهواء‪ ،-‬فالزائرون اليوم البيمت المُقدّس‪ ،‬والمقيمون فيمه‬
‫س ْع ُيهُمْ فِي ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا وَ ُه مْ‬
‫من الم سلمين‪ ،‬هم الذ ين قال اللّه في هم‪{ :‬ضَلّ َ‬
‫َيحْ سَبُونَ أَ ّن ُه مْ ُيحْ سِنُونَ صُنْعا} [الكهف‪ ،]104 :‬وكذلك فلتهاجر عن كل‬
‫خلق مذموم شرعا قد ذ مه الحقّ في كتا به‪ ،‬أو على ل سان ر سول اللّه‬
‫»‪.‬‬
‫وأخيرا؛ نحيل على دراسات مفردة لمن رام الستزادة في هذا الموضوع‪،‬‬
‫وهي مهمة‪:‬‬
‫الولى‪ :‬لمصممطفى بممن رمضان البولقممي (ت ‪1263‬هممم ‪-‬‬
‫‪1847‬م)‪« :‬ر سالة في ما إذا كان ي حل للم سلمين الع يش ت حت ح كم غ ير‬
‫المسلمين والتعايش معهم»‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬لعلي الرسولي رسالة في الموضوع نفسه‪ ،‬وبالعنوان السابق‪ ،‬وهي‬
‫والتي قبلها ضمن مجموع منسوخ في القرن (‪13‬هم‪19/‬م) في جامعة‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫ييل بأمريكا‪ ،‬تحت رقم [‪ .])L (970 - 405‬انظر «المخطوطات العربية‬
‫في مكتبة جامعة ييل» (‪.)106‬‬
‫الثال ثة‪ :‬ل بي العباس أح مد بن يح يى الونشري سي (ت ‪914‬ه م ‪1508 -‬م)‪:‬‬
‫«أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر‪،‬‬
‫و ما يتر تب عل يه من العقوبات والزوا جر»‪ ،‬نشرت بتمام ها في «المعيار‬
‫المعرب» (‪ ،)141-2/119‬ونشرهما ‪-‬قديما‪ -‬حسمين مؤنمس فمي صمحيفة‬
‫«معهمد الدراسمات السملمية فمي مدريمد» (المجلد ‪ ،)5‬سمنة ‪1975‬م‪( ،‬ص‬
‫‪ ،)182-129‬وأعاد نشرهما المحقمق نفسمه فمي مجلة «معهمد المخطوطات‬
‫العربيمة» (مجلد ‪/5‬الجزء ‪ /1‬ذو القعدة‪( )1959/‬ص ‪ ،)184-147‬ثمم ظهرت‬
‫عمن دار البيارق فمي طبعمة رديئة! غيمر مقابلة على نسمخ خطيمة‪ ،‬ومنهما‬

‫() انظسر لزاما ً عنهسا‪« :‬تفسسير الكشاف» (‪« ،)1/557‬الدفاع عسن‬ ‫‪1‬‬

‫أهسسل السسسنة والتباع» لبسسن عتيسسق (ص ‪« ،)14-13‬الهجرة فسسي‬


‫القرآن الكريم» (ص ‪.)165‬‬
‫‪16‬‬

‫ورقة)‪ ،‬كما في «فهرس مكتبة شنقيط‬ ‫(‪17‬‬ ‫أ ش] في‬ ‫[‪370‬‬ ‫نسخة في شنقيط‬
‫وودان» (‪ ،)160‬وأخرى في مكت بة قاريو نس‪ ،‬ت حت ر قم (‪ ،)845‬ك ما في‬
‫«فهارس مكتبة جامعتها» (‪.)2/31‬‬
‫الرابعممة‪« :‬بيان وجوب الهجرة وتحريممم موالة الكفرة ووجوب موالة‬
‫مؤمني المة» لعثمان بن محمد بن فودي‪ ،‬منه ثلث نسخ في نيجيريا في‬
‫‪ ،].‬ورابعمة فمي‬ ‫و‪K 43/7‬‬ ‫‪.‬‬ ‫و‪6/8P‬‬ ‫‪.‬‬ ‫[‪1/127P‬‬ ‫جامعمة أحممد وبلو‪ ،‬بأرقام‬
‫ورقة)‪ ،‬تحت رقم (‪ ،)1917‬كما في «فهرس مكتبة‬ ‫(‪77‬‬ ‫قاريونس‪ /‬ليبيا في‬
‫جامعة قاريونس» (‪.)2/27‬‬
‫الخامسمة‪« :‬سمفر المسملمين إلى بلد النصمارى»‪ ،‬منمه نسمخة فمي مكتبمة‬
‫الجامع الكبير بصنعاء‪ ،‬ضمن مجموع [‪ ]163‬في (‪ )7‬ورقات‪.‬‬
‫السمادسة‪« :‬الشممس المنيرة الزهرا فمي تحقيمق الكلم فيمما أدخله الكفار‬
‫دارهم قهرا» للحسين بن ناصر المهلّ‪ ،‬منه نسخة في مكتبة الجامع الكبير‬
‫بصنعاء‪ ،‬تحت رقم (‪ )1471‬في (‪ )21‬ورقة‪.‬‬
‫في رسائل لخرين‪ ،‬وقد نوهنا ‪-‬قريبا‪ -‬أن غير واحد من المعاصرين ألّف‬
‫في هذا الباب‪.‬‬
‫تحرير فتوى الشيخ اللباني ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫نرتب فتوى الشيخ ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬بأجزائها المتفرقة المؤتلفة في نقاط‬
‫واحدة محددة( )‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫() هذه النقاط موجودة فسي كتاب «ماذا ينقمون مسن الشيسخ»‬ ‫‪1‬‬

‫(ص ‪ ،)24-21‬اطّلع عليهسسا الشيسسخ وأقرهسسا‪ ،‬وهذه صسسورة خطسسه‬


‫بالقرار‪:‬‬
‫‪17‬‬

‫فلسطين‬
‫فلسطين‬
‫وقضيّة‬
‫وقضيّة‬
‫اللباني‬
‫اللباني‬

‫‪ -‬الهجرة والجهاد ماضيان إلى يوم القيامة‪.‬‬


‫شعْبٍ بذاتِه‪.‬‬
‫‪ -‬ليست الفُتيا مُ َوجّهةً إلى بلدٍ بعينِه‪ ،‬أو َ‬
‫‪ -‬وقد هاجر أشرف إن سان وأعظمه محمدٌ ‪-‬عليه الصلة وال سلم‪ ،-‬من‬
‫أشرف بُق عة وأعظم ها؛ م ّكةَ المكر مة‪ ،‬وكلّ إن سان ‪-‬م نذ خلق الناس وإلى‬
‫ال ساعة‪ -‬دون مح مد ‪-‬عل يه ال صلة وال سلم‪ -‬منزلةً‪ ،‬و كل بقاع الرض‬
‫دونها شرفا وقُدس ّيةً‪.‬‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫‪ -‬وت جب الهجرة ح ين ل ي جد الم سلمُ مُ س َت َقرّا لدي نه في أرض هو في ها‬
‫ّهم بمه ممن أحكام‬
‫امتُحمن فمي دينمه‪ ،‬فلم يعمد فمي وُسمعه إظهارُ مما كلّفمه الل ُ‬
‫شرع ّيةٍ‪ ،‬خَشْ َيةَ أن يُفتَ نَ في نف سه من بلء ي قع عل يه‪ ،‬أو م سّ أذى يُ صيبُه‬
‫عقِبَيه‪.‬‬
‫في بدنه فينقلب على َ‬
‫ط الحُكم في فتوى الشيخ‪ ،‬والمُرتَكزُ الساسُ فيها‬
‫وهذه النقطة هي منا ُ‬
‫‪ -‬لو كانوا يعقلون!‪ -‬وبها يرتبطُ الحُكمُ وجودا ونفيا‪.‬‬
‫َهم الناقِدون‬
‫وأخفاهم و َك َتم ُ‬
‫ُ‬ ‫ّبم ذلك‬
‫ولكمن ‪-‬وللسمف الشديمد‪ -‬قمد غي َ‬
‫حمِهم) المنبريّة النتخابية!!‬
‫الحاقِدون الحاطِبون في مُحاضراتهم و(مل ِ‬
‫قال المامُ النّووي في « روضة الطالبين» (‪:)10/282‬‬
‫ُمم‬
‫«المسملم إذا كان ضعيفا فمي دار الكُفمر‪ ،‬ل يقدرُ على إظهار الديمن حَر َ‬
‫‪18‬‬

‫عليه القامةُ هناك‪ ،‬وتجبُ عليه الهجرةُ إلى دار السلم‪.»...‬‬


‫‪ -‬وحين يجدُ المسلمُ موضعا ‪-‬داخل القطر الذي يعيش فيه‪ -‬يأمنُ فيه على‬
‫نف سه ودينِه وأهلِه‪ ،‬و َي ْنأَى ف يه عن الفِت نة ال تي حلّت به في مدين ته أو في‬
‫قري ته‪ ،‬فعل يه ‪-‬إن ا ستطاع‪ -‬أن يُهاجرَ إلى ذلك المكان داخلَ قُطره نف سِه‪،‬‬
‫جرَ إلى خارج قُطرِه‪ ،‬إذ يكون أقر بَ إلى‬
‫وهذا أَوْلى ‪-‬ول شك‪ -‬مِن أن يُها ِ‬
‫بلده لِيُسرعَ بالرجوع إليه بعد زوال السببِ الذي من أجله هاجر‪.‬‬
‫وهذه نقطمة أخرى ‪-‬أيضا‪ -‬قمد غيّبهما أولئك (القوم) الذيمن لم َيرْقبُوا فمي‬
‫الشّيخ‪ ،‬والعلمِ‪ ،‬والنّاسِ‪ ،‬إلّ ول ِذ ّمةً‬
‫‪ -‬إذن؛ فالهجرةُ كما أنّها مشروعةٌ من قُطر إلى قُطر‪ ،‬فهي مشروعةٌ مِن‬
‫قرية أو مِن مدينة إلى قرية أو مدينةٍ داخل القُطر نفسه‪ ،‬والمهاجرُ يعر فُ‬
‫مِن نفسِه ما ل يعرفُه منه غيرُه‪.‬‬
‫وهذا ‪-‬ثالثا‪ -‬قمد غيّبمه أولئك ال ُم َهرّجون على المنابر‪ ،‬والراقصمون على‬
‫الصمحائف! زاعميمن أنّ الشّيخ َم يأ ُمرُ أهلَ فلسمطين بالخروج منهما!! نعمم؛‬
‫‪-‬والّلهِ‪ -‬من غير تفصيلٍ أو بيان!! ولكن‪:‬‬ ‫هكذا‬
‫مِه!‬
‫مُ الجاهِلُ مِمن َنفْسم‬
‫مَما يَ ْبلُغم‬ ‫من جاهِلٍ‬
‫فممما َي ْبلُغممُ العداءُ مِم‬

‫‪ -‬والهجرةُ من قُطرٍ إلى قُطر ل تُشرَ عُ إلّ بدواعيها وأسبابها مِن مثل ما‬
‫كر نا في فقرة مَضَ تْ؛ و من أع ظم هذه ال سباب‪ :‬أن تكون الهجرةُ للعداد‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫طعْتُمْ مّ ن قُ ّوةٍ وَمِن‬
‫عدّواْ َلهُ مْ مّ ا ا سْ َت َ‬
‫واتّخاذ الُه بة ال تي أ مر اللّه ب ها { َوأَ ِ‬
‫عدُ ّوكُ مْ‪}...‬؛ لجلء العداء عن أر ضٍ‬
‫عدُوّ اللّ هِ وَ َ‬
‫رّبَا طِ الْخَيْلِ ُترْ ِهبُو نَ بِ هِ َ‬
‫مِن أر ضِ الم سلمين‪ ،‬وتَخلي صِها من أيدي هم؛ ليعودَ إليها حُك مُ السلم كما‬
‫كان مِنْ قَبلُ‪.‬‬
‫فالهجرةُ ‪-‬إذن‪ -‬من العداد الذي أمر اللّ هُ به وحَضّ عليه‪ ،‬ومَ نْ أبطأ فيها‬
‫‪-‬وقد َتهَيّأت أسبابُها ودواعيها‪ -‬فقد عصى الّلهَ‪ ،‬ونأَى بجانبِه عن أمره‪.‬‬
‫علِ مَ الم سلمُ أو الم سلمون أنّ هم ببقائ هم في ديار هم يزدادون َوهْنا إلى‬
‫فإِ نْ َ‬
‫ْنم عنهمم‪ ،‬وزال‬
‫ذهبم الوَه ُ‬
‫َ‬ ‫إنم هاجروا‬
‫وَه ْن وضَعفا إلى ضعمف‪ ،‬وأنّهمم ْ‬
‫الضّعفُ منهم‪ ،‬و َبقُوا ‪-‬بعد علمهم هذا‪ -‬ولم يُهاجروا ‪-‬إن استطاعوا‪-‬؛ فهم‬
‫آثمون عا صون أَمرَ اللّه‪ ،‬ورُبّ ما عُوقبوا بمع صيتهم هذه عقوبةً أعظ مَ وأشدّ‬
‫نُكرا‪ ،‬تتلشى فيها شخصيتُهم‪ ،‬وتغيبُ معها صورتُهم‪ ،‬وتَضِلّ بها عقيدتُهم‪،‬‬
‫‪19‬‬

‫ثم ل يجدون لهم من دون اللّه وليّا ول نصيرا‪.‬‬


‫وما صار إليه المسلمون في الندلس‪ ،‬وفي غيرها من البلد‪ ،‬شاهدٌ منظورٌ‬
‫سيّ الشّجَن‪ ،‬ويُن سي لذّة ال َو سَن‪ ،‬يُ َذكّ ر‬
‫يقُص علي نا من نبئه ما يب عث مَن ِ‬
‫محظورَ السّنن! فهل مِن مُ ّدكِر؟‬
‫‪ -‬و ِممّا ل شك فيه ‪-‬مما كتمه ‪-‬أيضا‪ -‬ناقلو الفُتيا المُشِيعون لها‪ -‬أنّ هذا‬
‫ّهم َنفْسما ِإلّ‬
‫ّفم الل ُ‬
‫ُوطم بالقدرة والسمتطاعة؛ لقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬لَ ُي َكل ُ‬
‫كلّه مَن ٌ‬
‫طعْتُم}‪ ،‬فإن لم يَجِد الم سلمُ‬
‫س َعهَا}‪ ،‬ولقوله ‪ -‬سبحانه‪{ :-‬فَا ّتقُوا اللّ هَ مَا ا سْ َت َ‬
‫وُ ْ‬
‫أرضا يأوي إليها غير الرض التي هو فيها؛ يَأمَ نُ فيها على دينه‪ ،‬وينجو‬
‫من الفت نة الوا قع في ها‪ ،‬أو حيلَ بي نه وب ين الهجرة بأ سباب مانعةٍ قاهرةٍ ل‬
‫ي ستطيعُ تذليلَ ها‪ ،‬أو ا ستوت الر ضُ كلّ ها في ال سباب والدّوا عي الموج بة‬
‫عِلمَ في نفسه أنّ بقاءَه في أرضه آمَنُ لدينه ونفسِه وأهلِه‪ ،‬أو لم‬
‫للهجرة‪ ،‬أو َ‬
‫ي كن من مُهاجَر إلّ إلى أرض يُحكَم في ها بالكُ فر ال صّراح علنيةً‪ ،‬أو كان‬
‫حقّقا مصملحةً شرع ّيةً‪ ،‬سمواءٌ‬
‫بقاؤه فمي أرضمه المأذونِم له بالهجرة منهما ُم َ‬
‫أكانمت هذه المصملحةُ للمّةم‪ ،‬أم بإخراج أهمل الكفمر ممن كفرهمم‪ ،‬وهمو ل‬
‫يخشى الفتنةَ على نفسه في دينه‪ ،‬فهو في هذه الحوال كلّها‪ ،‬وفي الحوال‬
‫ال تي تُحاكي ها‪ ،‬ل يس في وُ سعه إل أن يب قى مُقيما في أر ضه‪ ،‬ويُرجَى له‬
‫ثوابُ المهاجرين‪ ،‬فرارا بدينهم‪ ،‬وابتغاءَ مرضاةِ ربّهم‪.‬‬
‫قال الما مُ النّوويّ في «الرّو ضة» (‪- )10/282‬مُ َتمّما كل مه الذي نقلتُه‬
‫عنه‪-‬قَبْلُ‪:-‬‬
‫«‪ ...‬فإن لم َيقْدِر على الهجرة فهو مَعذورٌ إلى أن يَق ِدرَ»‪.‬‬
‫‪ -‬ويُقالُ في أهل فلسطينَ ‪-‬خصوصا‪ -‬ما يُقال في مثل هؤلء جميعا‪ ،‬فلقد‬
‫سُئل الشي خُ ‪-‬حف ظه اللّه‪ -‬عن ب عض أ هل المدن ال تي احتلّ ها اليهود عام‬
‫‪1948‬م‪ ،‬و َ‬
‫ضرَبوا علي ها صبغ َة الحُ كم اليهودي بالكليّة‪ ،‬ح تى صار أهلُ ها‬
‫لءَ؟‬
‫ضحَوا فيهما عَ َب َدةً أذ ّ‬
‫فيهما إلى حالٍ ممن الغُربمة ال ُم ْر ِمَلةِ فمي دينهمم‪ ،‬وأ ْ‬
‫فقال‪ :‬هل في قُرى فل سطين أو في مُ ُدنِها قريةٌ أو مدينةٌ يستطيع هؤلء أن‬
‫َيجِدُوا فيهما دينَهمم‪ ،‬ويتخذوهما دارا يدرءون فيهما الفتنةَ عنهمم؟ فإن كان؛‬
‫فعلي هم أن يُهاجروا إلي ها‪ ،‬ول يخرجوا من أرض فل سطين‪ ،‬إذ إنّ هِجرَتَ هم‬
‫ح ّققٌ الغايةَ من الهجرة‪.‬‬
‫من داخلِها إلى داخلِها أَمرٌ َمقْدُورٌ عليه‪ ،‬و ُم َ‬
‫‪20‬‬

‫اللباني وقضيّة فلسطين‬

‫وهذا تحقي قٌ علميّ دقي قٌ يَنقُ ضُ زَع مَ مَ نْ شَوّ شَ وهَوّ شَ مُدّعيا أنّ في فُتيا‬
‫خطّطا تِ يهود!! {مَا‬
‫الش يخ إخلءً لرض فل سطين من أَهلِ ها‪ ،‬أو تنفيذا ِل ُم َ‬
‫ح ُكمُونَ}»‪.‬‬
‫َلكُم َك ْيفَ َت ْ‬
‫أُفّ ل كم أيّ ها الناقدون الحاقدون! هل علم تم هذا التّف صيلَ أم جهلتموه؟! إن‬
‫كنتم علمتوه َفلِمَ أَخفَيتُموه و َكتَمتُموه؟!‬
‫وإ نْ كنتُم جهلتموه! فلماذا رَضِيتُم لنف سكم الجهلَ‪ ،‬وللش يخ الظّل مَ‪ ،‬وللناس‬
‫التّضليلَ؟!‬
‫شوْنَ كسادَها؟! بِئسَتِ البضاعةُ‪ ،‬وبئست التجارةُ!‬
‫أم أنّ هذه تجارتُكم تَخ َ‬
‫‪ -‬وَليَعلَ مِ الم سلمُ أنّ الحِفا ظَ على الرض والنّ فس‪ ،‬ل يس أولى من الحفاظ‬
‫على الد ين والعقيدة‪ ،‬بل إنّ ا ستلبَ الر ضِ ‪ِ -‬ممّ ن يظلّ مُقيما في ها رجاءَ‬
‫الحفاظ عليهما‪ ،‬غيرَ واضعٍم فمي حسمابه الحفاظ َم على دينمه أولً‪ -‬قمد يكون‬
‫سرَ‪ ،‬وأشدّ إيذاءً‪ ،‬وأعظمَ فتنةً‪.‬‬
‫أَي َ‬
‫الرضم‬
‫َ‬ ‫يملكم‬
‫ُ‬ ‫والعدوّ الكافمر الذي يحتلّ أرضا ‪-‬وأهلُهما مُقيمون فوقَهما‪-‬‬
‫ومَن عليها وما عليها‪ ،‬فالكفرُ ل يَحف ظُ للسلم عهدا‪ ،‬ول يرعى للمسلمين‬
‫إلّ ول ذمّة‪ ،‬ول يُقيم لهم في أرضهم وخارج أرضهم وَزنا‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬وتكلم الشيخ ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬على هذه المسألة بإسهاب‬
‫فلسطين‬
‫فلسطين‬‫وقضيّة‬
‫نصه‪:‬‬ ‫وهذاة‬
‫وقضي ّ‬
‫اللباني‬
‫اللباني‬
‫‪،)2857‬‬ ‫في كتابه «السلسلة الصحيحة» عند حديث رقم (‬
‫«إن كم إن شهد تم أن ل إله إل اللّه‪ ،‬وأقم تم ال صلة‪ ،‬وآتي تم الزكاة‪ ،‬وفارق تم‬
‫(‪)1‬‬
‫وال صفي‬ ‫‪،‬‬ ‫المشرك ين‪ ،‬وأعطي تم من الغنائم الخ مس و سهم ال نبي‬
‫‪-‬وربما قال‪ :‬وصفيّة‪-‬؛ فأنتم آمنون بأمان اللّه وأمان رسوله»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ي)‪ :‬مسسا كان يصسسطفيه ويختاره مسسن عرض المغنسسم مسسن‬ ‫() (ال ّسسَ‬
‫صفِ ّ‬ ‫‪1‬‬

‫فرس أو غلم أو سسسيف‪ ،‬أو مسسا أحسسب مسسن شيسسء‪ ،‬وذلك مسسن رأس‬
‫مس‪ ،‬كان مخصسسسوصا ً بهذه الثلث (يعنسسسي‬ ‫المغنسسسم قبسسسل أن يخ َسسس‬
‫المذكورة في الحديث‪ :‬الخمس والسهم والصفي) عقبة وعوضا ً عن‬
‫الصدقة التي حرمت عليه‪ .‬قاله الخطابي‪( .‬منه)‪.‬‬
‫() أخرجسه عبببد الرزاق (‪ ،)4/300/7857‬وأحمسد (‪،)78 ،5/77‬‬ ‫‪2‬‬

‫والخطابسي فسي «غريسب الحديسث» (‪ ،)4/236‬والبيهقسي (‪6/303‬‬


‫و‪ ،)9/13‬وإسناده صحيح على شرط الشيخين‪( .‬منه)‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫وتعرض للفت نة ال تي أل مت به‪ ،‬و صرح بموق فه من الم سألة ببيانٍ نا صع‪،‬‬
‫وحجة واضحة‪ ،‬وشدّ فهمه للنصوص بكلم بعض العلماء المحققين‪ ،‬وهذا‬
‫كلمه بحرفه ونصّه وفصّه‪:‬‬
‫مي تتعلق بدعوة الكفار إلى‬
‫مض الحكام التم‬
‫مث بعم‬
‫مي هذا الحديم‬
‫«قلت‪ :‬فم‬
‫السلم‪ ،‬من ذلك‪ :‬أن لهم المان إذا قاموا بما فرض اللّه عليهم‪ ،‬ومنها‪ :‬أن‬
‫يفارقوا المشرك ين ويهاجروا إلى بلد الم سلمين‪ ،‬و في هذا أحاد يث كثيرة‪،‬‬
‫‪« :‬أ نا بر يء من‬ ‫يلت قي كل ها على ح ضّ من أ سلم على المفار قة‪ ،‬كقوله‬
‫كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين‪ ،‬ل تتراءى نارهما»‪ ،‬وفي بعضها أن‬
‫اشترط على بعض هم في البي عة أن يفارق المشرك‪ ،‬و في بعض ها‬ ‫ال نبي‬
‫‪:‬‬ ‫قوله‬
‫«ل يقبمل اللّه ‪-‬عمز وجمل‪ -‬ممن مشرك بعمد مما أسملم عملً‪ ،‬أو يفارق‬
‫المشركين إلى المسلمين»‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من الحاديث‪ ،‬وقد خرجت بعضها في «الرواء» (‪-5/9‬‬
‫‪ ،)33‬وفيما تقدم برقم (‪.)636‬‬
‫سفُ له أ شد ال سف‪ ،‬أن الذ ين يُ سْلمون في الع صر الحا ضر‬
‫وإن م ما يُؤْ َ‬
‫‪-‬ممع كثرتهمم والحممد للّه‪ -‬ل يتجاوبون ممع هذا الحكمم ممن المفارقمة‪،‬‬
‫وهجرتهمم إلى بلد السملم‪ ،‬إل القليمل منهمم‪ ،‬وأنما أعزو ذلك إلى أمريمن‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬ ‫اثنين‪:‬‬
‫الول‪ :‬تكالبهم على الدنيا‪ ،‬وتيسّر وسائل العيش والرفاهية في بلدهم بحكم‬
‫كون هم يعيشون حياة ماد ية ممت عة‪ ،‬ل روح في ها‪ ،‬ك ما هو معلوم‪ ،‬في صعب‬
‫علي هم عادة أن ينتقلوا إلى بلد إ سلمي قد ل تتو فر ل هم ف يه و سائل الحياة‬
‫الكريمة في وجهة نظرهم‪.‬‬
‫والخر ‪-‬وهو الهم‪ :-‬جهلهم بهذا الحكم‪ ،‬وهم في ذلك معذورون‪ ،‬لنهم‬
‫لم يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين تذاع كلماتهم مترجمة ببعض اللغات‬
‫الجنبية‪ ،‬أو من الذين يذهبون إليهم باسم الدعوة؛ لن أكثرهم ليسوا فقهاء‪،‬‬
‫وبخا صة من هم جما عة التبل يغ‪ ،‬بل إن هم ليزدادون ل صوقا ببلد هم‪ ،‬حين ما‬
‫يرون كثيرا من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلدهم إلى بلد الكفار!‬
‫ف من أ ين لولئك الذ ين هدا هم اللّه إلى ال سلم أن يعرفوا م ثل هذا الح كم‬
‫‪22‬‬

‫والمسلمون أنفسهم مخالفون له؟!‬


‫أل فليعلم هؤلء وهؤلء أن الهجرة ماضيممة كالجهاد‪ ،‬فقممد قال ‪« :s‬ل‬
‫تنق طع الهجرة ما دام العدو يقا تل»‪ ،‬و في حد يث آ خر‪« :‬ل تنق طع الهجرة‬
‫حتى تنقطع التوبة‪ ،‬ول تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها»‪ ،‬وهو‬
‫مخرج في «الرواء» (‪.)1208‬‬
‫ومما ينبغي أن يعلم‪ ،‬أن الهجرة أنواع ولسباب عدة‪ ،‬ولبيانها مجال آخر‪،‬‬
‫والم هم ه نا الهجرة من بلد الك فر إلى بلد ال سلم مه ما كان الحكام في ها‬
‫منحرفين عن السلم‪ ،‬أو مقصرين في تطبيق أحكامه‪ ،‬فهي على كل حال‬
‫خيمر بمما ل يوصمف ممن بلد الكفمر أخلقا وتدينا وسملوكا‪ ،‬وليمس الممر‬
‫‪-‬بداهة‪ -‬كما زعم أحد الجهلة الحمقى الهوج من الخطباء‪:‬‬
‫« واللّه لو خُيّرت أن أعيش في القدس تحت احتلل اليهود وبين أن أعيش‬
‫فمي أي عاصممة عربيمة‪ ،‬لخترت أن أعيمش فمي القدس تحمت احتلل‬
‫اليهود»! وزاد على ذلك‪ ،‬فقال ما نصّه‪:‬‬
‫« ما أرى إل أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى (تل أبيب)»!!‬
‫م فوه‪ ،‬فإن بطلنمه ل يخفمى على مسملم مهمما كان غمبيا!‬
‫كذا قال فض ّ‬
‫ولتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫على معرفتمه واتباعمه‪ ،‬الذيمن ل يهولهمم جعجعمة الصمائحين‪ ،‬وصمراخ‬
‫الممثليمن‪ ،‬واضطراب الموتوريمن ممن الحاسمدين والحاقديمن ممن الخطباء‬
‫والكاتبين‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫أقول لولئك المحبين‪ :‬تذكروا على القل حديثين اثنين لرسول اللّه‬
‫أحدهما‪« :‬إن اليمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها»‪.‬‬
‫أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫والخر‪« :‬ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر اللّه‬
‫و هم ظاهرون»‪ ،‬و هو حد يث صحيح متوا تر رواه جما عة من ال صحابة‪،‬‬
‫و‬ ‫وتقدم تخري جه عن ج مع من هم بر قم (‪ 270‬و ‪ 1108‬و ‪1955‬‬
‫‪ ،)1956‬و« صحيح أبي داود» ( ‪ ،)1245‬وفي بعضها أنهم «أهل‬
‫المغرب»؛ أي‪ :‬الشام‪ ،‬وجاء ذلك مفسمرا عنمد البخاري وغيره عمن معاذ‪،‬‬
‫‪23‬‬

‫وعند الترمذي وغيره مرفوعا بلفظ‪:‬‬


‫«إذا فسد أهل الشام فل خير فيكم‪ ،‬ول تزال طائفة من أمتي‪ »...‬الحديث‪.‬‬
‫و في هذه الحاد يث إشارة قو ية إلى أن ال عبرة في البلد إن ما هي بال سكان‬
‫وليس بالحيطان‪ ،‬وقد أفصح عن هذه الحقيقة سلمان الفارسي ‪-‬رضي اللّه‬
‫عنه‪ -‬حين كتب أبو الدرداء إليه‪ :‬أن هلم إلى الرض المقدسة‪ ،‬فكتب إليه‬
‫مانَ‬
‫ما يقدس النسم‬
‫مة ل تقدس أحدا‪ ،‬وإنمم‬
‫ملمان‪« :‬إن الرض المقدسم‬
‫سم‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬ ‫عملُه»( )‪( .‬موطأ مالك ‪.)2/235‬‬ ‫‪1‬‬

‫ولذلك ف من الج هل المم يت والحما قة المتناه ية ‪-‬إن لم أ قل وقلّة الد ين‪ -‬أن‬
‫مب على‬
‫مت الحتلل اليهودي‪ ،‬ويوجم‬
‫مة تحم‬
‫مب أخرق القامم‬
‫يختار خطيم‬
‫الجزائرييمن المضطهديمن أن يهاجروا إلى (تمل أبيمب)‪ ،‬دون بلده المسملم‬
‫(عمّان) مثلً‪ ،‬بل دون مكة والمدينة‪ ،‬متجاهلً ما نشره اليهود في فلسطين‬
‫بعامة‪ ،‬و(تل أبيب) و(حيفا) و(يافا) بخاصة من الفسق والفجور والخلعة‪،‬‬
‫() قال أبو عبيدة‪ :‬رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (‪- 1/182‬‬ ‫‪1‬‬

‫ط‪ .‬دار الفكسر)‪= =،‬وأبسو القاسسم البغوي ‪-‬ومسن طريقسه ابسن عسساكر‬
‫فسسي «تاريسسخ دمشسسق» (‪ ،-)1/150‬وعبببد ال ابسسن أحمسسد فسسي «زوائد‬
‫الز هد» (‪ - 2/90‬ط‪ .‬دار النهضة)‪ ،‬وعنه وكيع في «أخبار القضاة»‬
‫(‪ ،)3/200‬وأبسسو نعيسسم فسسي «الحليسسة» (‪ ،)1/205‬والدينوري فسسي‬
‫«المجالسسة» (رقسم ‪ - 1238‬بتحقيقسي) ‪-‬ومسن طريقسه ابسن عسساكر‬
‫فسسي «تاريسسخ دمشسسق» (‪ - 1/150‬ط‪ .‬دار الفكسسر)‪ -‬عسسن يحيسسى بسسن‬
‫سسعيد النصساري‪ :‬أن أبسا الدرداء كتسب إلى سسلمان الفارسسي‪ :‬أن هلم‬
‫إلى الرض المقدسسسسة‪ ،‬فكتسسسب إليسسسه سسسسلمان‪ :‬إن الرض ل تقدس‬
‫أحداً‪ ...‬ثم ذكر كلماً‪ ،‬وبعضهم اختصره‪.‬‬
‫وهذا إسناد منقطع‪ ،‬يحيى بن سعيد لم يدرك القصة‪.‬‬
‫قال أبسو نعيسم‪ :‬رواه جريسر‪ ،‬عسن يحيسى بسن سسعيد‪ ،‬عسن عبداللّه بسن‬
‫هبيرة‪ :‬أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء‪ ،‬نحوه‪.‬‬
‫أقول‪ :‬هذا سسند ظاهره ُس التصسال‪ ،‬عبداللّه بسن هُسبيرة هذا مسن الثقات‪،‬‬
‫وظاهره أنسسه أدرك سسسلمان‪ ،‬لكسسن سسسلمان مات فسسي حدود (‪-35‬‬
‫‪40‬هس)‪ ،‬وهذا مات سنة (‪ ،)126‬وله خمس وثمانون سنة‪ ،‬فهو لم‬
‫يدرك سلمان قطعاً‪.‬‬
‫ورواه أبسو نعيسم ‪-‬أيضاً‪ -‬مسن طريسق مالك بسن دينار‪ :‬أن سسلمان كتسب‬
‫إلى أبي الدرداء‪ ...‬وهذا إسناد منقطع ‪-‬أيضاً‪.-‬‬
‫‪24‬‬

‫حتمى سمرى ذلك بيمن كثيمر ممن المسملمين والمسملمات بحكمم المجاورة‬
‫والعدوى‪ ،‬مما ل يخفى على من ساكنهم‪ ،‬ثم نجاه اللّه منهم‪ ،‬أو يتردد على‬
‫أهله هناك لزيارتهم في بعض الحيان‪.‬‬
‫وليمس ِبخَاف على أحمد أوتمي شيئا ممن العلم مما فمي ذاك الختيار ممن‬
‫س ِهمْ‬
‫المخالفة لصريح قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬إِنّ الّذِي نَ تَ َوفّاهُ مُ ا ْلمَل ِئ َكةُ ظَاِلمِي أَ ْنفُ ِ‬
‫لرْ ضِ قَالُواْ َألَ مْ َتكُ نْ َأرْ ضُ اللّ هِ‬
‫ض َعفِينَ فِي ا َ‬
‫قَالُواْ فِي مَ كُنتُ مْ قَالُواْ كُنّ ا مُ سْتَ ْ‬
‫م وَسمَاءَتْ مَصمِيرا ‪ .‬إِلّ‬
‫جهَنّم ُ‬
‫م َ‬
‫م َمأْوَاهُم ْ‬
‫جرُواْ فِيهَما َفأُ ْولَئِك َ‬
‫م َعةً َفُتهَا ِ‬
‫وَاس ِ‬
‫ض َعفِينَ مِ نَ ال ّرجَالِ وَالنّ سَاءِ وَال ِو ْلدَا نِ لَ َي سْ َتطِيعُونَ حِيَلةً َولَ َي ْهتَدُو نَ‬
‫ا ْلمُ سْتَ ْ‬
‫غفُورا َومَن َيخْرُجْ‬
‫عفُوّا َ‬
‫عسَى اللّهُ أَن َي ْعفُوَ عَ ْنهُمْ َوكَانَ اللّهُ َ‬
‫سبِيلً ‪َ .‬فأُ ْولَئِكَ َ‬
‫َ‬
‫جرُ هُ عَلىَ اللّ هِ‬
‫مِن بَيْتِ هِ ُمهَاجِرا ِإلَى اللّ هِ َورَ سُوِلهِ ُثمّ ُي ْد ِركْ هُ ا ْلمَوْ تُ َفقَدْ َو َق عَ َأ ْ‬
‫غفُورا رّحِيما} [النساء‪.]100-97 :‬‬
‫َوكَانَ الّلهُ َ‬
‫قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (‪:)1/542‬‬
‫« نزلت هذه الية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين‪،‬‬
‫و هو قادر على الهجرة‪ ،‬ول يس متمكنا من إقا مة الدّ ين‪ ،‬ف هو ظالم لنف سه‪،‬‬
‫مرتكب حراما بالجماع‪ ،‬وبنص هذه الية»‪.‬‬
‫وإن م ما ل يشكّ ف يه العالم الفق يه‪ ،‬أن ال ية بعموم ها تدل على أك ثر من‬
‫الهجرة ممن بلد الكفمر‪ ،‬وقمد صمرّح بذلك المام القرطمبي‪ ،‬فقال فمي‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫«تفسيره» (‪« :)5/346‬وفي هذه الية دليل على هجران الرض التي‬
‫يُعمل فيها بالمعاصي‪ ،‬وقال سعيد بن جبير‪ :‬إذا عُمل بالمعاصي في أرض‬
‫س َعةً فَ ُتهَاجِرُواْ فِيهَا}»‪.‬‬
‫فاخرج منها‪ ،‬وتل‪َ{ :‬ألَمْ َتكُنْ َأرْضُ الّلهِ وَا ِ‬
‫وهذا الثر رواه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (‪ )2/174/1‬بسند صحيح عن‬
‫سعيد‪ ،‬وأشار إل يه الحا فظ في «الف تح»‪ ،‬فقال (‪« :)8/263‬وا ستنبط سعيد‬
‫ابمن جمبير ممن هذه اليمة وجوب الهجرة ممن الرض التمي يعممل فيهما‬
‫بالمعصية»‪.‬‬
‫و قد ي ظن ب عض الجهلة من الخطباء والدكاترة وال ساتذة‪ ،‬أن قوله ‪« :‬ل‬
‫هجرة بعد الفتح»( ) ناسخ للهجرة مطلقا‪ ،‬وهو جهل فاضح بالكتاب والسنة‬ ‫‪1‬‬

‫وأقوال الئ مة‪ ،‬و قد سمعت ذلك من ب عض مد عي العلم من ال ساتذة في‬

‫() متفق عليه‪ ،‬وهو مخرج في «الرواء» (‪( .)1057‬منه)‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪25‬‬

‫مناق شة جرت بي ني وبي نه‪ ،‬بمنا سبة الفت نة ال تي أثار ها عل يّ ذلك الخط يب‬
‫المشار إليمه آنفا‪ ،‬فلمما ذكرتمه بالحديمث الصمريح فمي عدم انقطاع التسموية‬
‫المتقدم بلفظ‪« :‬ل تنقطع الهجرة‪ »...‬إلخ‪ ...‬لم يحر جوابا!‬
‫وبهذه المنا سبة أن قل إلى القراء الكرام ما قاله ش يخ ال سلم ا بن تيم ية في‬
‫الحديث ين المذكور ين‪ ،‬وأ نه ل تعارض بينه ما‪ ،‬فقال في «مجموع الفتاوى»‬
‫(‪:)281 /18‬‬
‫«وكله ما حق‪ ،‬فالول أراد به الهجرة المعهودة في زما نه؛ و هي‬
‫الهجرة إلى المدينمة ممن مكمة وغيرهما ممن أرض العرب؛ فإن هذه الهجرة‬
‫كانمت مشروعمة لمما كانمت مكمة وغيرهما دار كفمر وحرب‪ ،‬وكان اليمان‬
‫بالمدينمة‪ ،‬فكانمت الهجرة ممن دار الكفمر إلى دار السملم واجبمة لممن قدر‬
‫عليها‪ ،‬فلما فتحت مكة وصارت دار السلم‪ ،‬ودخلت العرب في السلم‪،‬‬
‫صارت هذه الرض كلها دار السلم‪ ،‬فقال‪« :‬ل هجرة بعد الفتح»‪ ،‬وكون‬
‫الرض دار ك فر ودار إيمان‪ ،‬أو دار فا سقين لي ست صفة لز مة ل ها‪ :‬بل‬
‫هي صفة عار ضة بح سب سكانها‪ ،‬ف كل أرض سكانها المؤمنون المتقون‬
‫همي دار أولياء اللّه فمي ذلك الوقمت‪ ،‬وكمل أرض سمكانها الكفار فهمي دار‬
‫ك فر في ذلك الو قت‪ ،‬و كل أرض سكانها الف ساق ف هي دار ف سوق في ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬فإن سكنها غير ما ذكرنا‪ ،‬وتبدّلت بغيرهم فهي دارهم‪.‬‬
‫وكذلك الم سجد إذا تبدّل بخمارة أو صار دار ف سق أو دار ظلم أو كني سة‪،‬‬
‫يشرك في ها باللّه كان بح سب سكانه‪ ،‬وكذلك دار الخ مر والف سوق ونحو ها‬
‫إذا جعلت مسمجدا يعبمد اللّه فيمه ‪-‬جمل وعمز‪ -‬كان بحسمب ذلك‪ ،‬وكذلك‬
‫الر جل ال صالح ي صير فا سقا والكا فر ي صير مؤمنا أو المؤ من ي صير كافرا‬
‫أو نحمو ذلك‪ ،‬كمل بحسمب انتقال الحوال ممن حال إلى حال‪ ،‬وقمد قال‬
‫طمَئِ ّنةً} اليمة‪ ،‬نزلت فمي‬
‫َتم آ ِم َنةً ّم ْ‬
‫ّهم َمثَلً َقرْ َيةً كَان ْ‬
‫َبم الل ُ‬
‫ضر َ‬‫‪-‬تعالى‪{ :-‬وَ َ‬
‫م كة ل ما كا نت دار ك فر‪ ،‬و هي مازالت في نف سها خ ير أرض اللّه‪ ،‬وأ حب‬
‫أرض اللّه إليمه‪ ،‬وإنمما أراد سمكانها‪ ،‬فقمد روى الترمذي مرفوعا أنمه قال‬
‫لمكة وهو واقف بالحزورة‪« :‬واللّه إنك لخير أرض اللّه‪ ،‬وأحب أرض اللّه‬
‫إلى اللّه‪ ،‬ولول أن قوممي أخرجونمي منمك لمما خرجمت»( )‪ ،‬وفمي روايمة‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫«خ ير أرض اللّه وأ حب أرض اللّه إلَ يّ»‪ ،‬فبيّن أن ها أ حب أرض اللّه إلى‬

‫() إسناده صحيح‪ ،‬وهو مخرج في «المشكاة» (‪( .)2725‬منه)‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫اللباني وقضيّة فلسطين‬

‫‪26‬‬

‫اللّه ورسوله‪ ،‬وكان مقامه بالمدينة ومقام من معه من المؤمنين أفضل من‬
‫مقامهم بمكة لجل أنها دار هجرتهم؛ ولهذا كان الرباط بالثغور أفضل من‬
‫مجاورة مكمة والمدينمة‪ ،‬كمما ثبمت فمي «الصمحيح»‪« :‬رباط يوم وليلة فمي‬
‫سمبيل اللّه خيمر ممن صميام شهمر وقياممه‪ ،‬وممن مات مرابطا مات مجاهدا‬
‫وجرى عليه عمله‪ ،‬وأجرى رزقه من الجنة‪ ،‬وأمن الفتان»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أنه قال‪« :‬رباط يوم في سبيل اللّه‬ ‫وفي «السنن» عن عثمان عن النبي‬
‫خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال أ بو هريرة( )‪ :‬لن أرابمط ليلة فمي سبيل اللّه‪ ،‬أ حب إلي ممن أن أقوم‬
‫‪3‬‬

‫ليلة القدر عند الحجر السود‪ .‬ولهذا كان أفضل الرض في حق كل إنسان‬
‫أر ضٌ يكون في ها َأطْوَ عَ للّه ور سوله‪ ،‬وهذا يختلف باختلف الحوال‪ ،‬ول‬
‫تتعين أرض يكون مقام النسان فيها أفضل‪ ،‬وإنما يكون الفضل في حق‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫كمل إنسمان بحسمب التقوى والطاعمة والخشوع والحضور‪ ،‬وقمد كتمب أبمو‬
‫الدرداء إلى سملمان‪ :‬هلم إلى الرض المقدسمة! فكتمب إليمه سملمان‪ :‬إن‬
‫قد آ خى ب ين‬ ‫الرض ل تقدس أحدا‪ ،‬إن ما يقدس العبدَ عملُه‪ .‬وكان ال نبي ‪s‬‬
‫سملمان وأبمي الدرداء‪ ،‬وكان سملمان أفقمه ممن أبمي الدرداء فمي أشياء ممن‬
‫جملتها هذا‪.‬‬
‫َاسمقِينَ}‬
‫{سمُأرِيكُم دَارَ الف ِ‬
‫وقمد قال اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬لموسمى ‪-‬عليمه السملم‪ُ :-‬‬
‫وهي الدار التي كان بها أولئك العمالقة‪ ،‬ثم صارت بعد هذا دار المؤمنين‪،‬‬
‫وهي الدار التي دل عليها القرآن من الرض المقدسة‪ ،‬وأرض مصر التي‬
‫أورثها اللّه ب ني إ سرائيل‪ ،‬فأحوال البلد كأحوال العباد‪ ،‬فيكون الرجل تارة‬
‫ممملما وتارة كافرا‪ ،‬وتارة مؤمنا‪ ،‬وتارة منافقا‪ ،‬وتارة برّا تقيا‪ ،‬وتارة‬
‫مسم‬
‫فاسقا‪ ،‬وتارة فاجرا شقيّا‪.‬‬
‫وهكذا المساكن بحسب سكانها‪ ،‬فهجرة النسان من مكان الكفر والمعاصي‬
‫إلى مكان اليمان والطاعمة؛ كتوبتمه وانتقاله ممن الكفمر والمعصمية إلى‬

‫() رواه مسلم وغيره‪ ،‬وهو مخرج في «الرواء» (‪( .)1200‬منه)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قلت‪ :‬وحسسسنه الترمذي‪ ،‬وصسسححه الحاكسسم والذهسسبي‪ ،‬وهسسو مخرج‬ ‫‪2‬‬

‫في تعليقي على «المختارة» (رقم ‪( .)307‬منه)‪.‬‬


‫() بسل هسو مرفوع‪ ،‬كذلك رواه ابسن حبان وغيره بسسند صسحيح‪ ،‬وهسو‬ ‫‪3‬‬

‫مخرج في «الصحيحة» (‪( .)1068‬منه)‪.‬‬


‫‪27‬‬

‫مة‪ ،‬واللّه ‪-‬تعالى‪ -‬قال‪:‬‬


‫مر باق إلى يوم القيامم‬
‫مة‪ ،‬وهذا أمم‬
‫اليمان والطاعم‬
‫ُمم} [النفال‪:‬‬
‫ِكم مِنك ْ‬
‫ُمم َفأُ ْولَئ َ‬
‫ِينم آمَنُواْ [مِن َبعْدُ] وَهَاجَرُواْ َوجَاهَدُواْ َم َعك ْ‬
‫{وَالّذ َ‬
‫‪.]75‬‬
‫قالت طائ فة من ال سلف‪ :‬هذا يد خل ف يه من آ من وها جر وجا هد إلى يوم‬
‫جرُواْ مِن َبعْدِ مَا فُتِنُواْ‬
‫القيامة‪ ،‬وهكذا قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬ثُمّ إِنّ رَبّ كَ ِللّذِي نَ هَا َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ثُمّ جَا َهدُواْ وَ صَ َبرُواْ إِنّ رَبّ كَ مِن َبعْدِهَا َل َغفُورٌ ّرحِي مٌ} [الن حل‪]110 :‬‬
‫يدخل في معناها كل من فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية‪ ،‬ثم‬
‫ه جر ال سيئات وجا هد نف سه وغير ها من العدو‪ ،‬وجا هد المنافق ين بال مر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وصبر على ما أصابه من قول‬
‫أو فعل‪ .‬واللّه ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬أعلم»‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬هذه الحقائق والدرر الفرائد ممن علم شيمخ السملم ابمن تيميمة‬
‫مما جهلً تاما أولئك الخطباء والكتّاب والدكاترة‬
‫ممه اللّه‪ ،-‬يجهلهم‬
‫‪-‬رحمم‬
‫منْعا}‪ ،‬فأمروا‬
‫المنكرون لشرع اللّه {وَهُممْ َيحْسمَبُونَ أَ ّنهُممْ ُيحْسمِنُونَ ص ُ‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫الفل سطينيين بالبقاء في أرض هم وحرموا علي هم الهجرة من ها‪ ،‬و هم يعلمون‬
‫أن فمي ذلك فسماد دينهمم ودنياهمم‪ ،‬وهلك رجالهمم وفضيحمة نسمائهم‪،‬‬
‫وانحراف فتيانهمم وفتياتهمم‪ ،‬كمما تواترت الخبار بذلك عنهمم بسمبب تجبّر‬
‫اليهود علي هم‪ ،‬وكب سهم لدور هم والن ساء في فروش هن‪ ،‬إلى غ ير ذلك من‬
‫المآ سي والمخازي ال تي يعرفون ها‪ ،‬ثم يتجاهلون ها تجا هل النعا مة الحمقاء‬
‫لل صياد! ف يا أ سفي علي هم إن هم يجهلون‪ ،‬ويجهلون أن هم يجهلون‪ ،‬ك يف ل‬
‫خرُجُواْ‬
‫سكُمْ َأوِ ا ْ‬
‫عَل ْيهِ مْ أَ نِ اقْ ُتلُواْ َأ ْنفُ َ‬
‫وهم في القرآن يقرؤون‪َ { :‬ولَوْ أَنّا َكتَبْنَا َ‬
‫مِن دِيَا ِركُمْ مّا َف َعلُوهُ إِلّ َقلِيلٌ مّ ْن ُهمْ}!‬
‫ول يت شعري ماذا يقولون في الفل سطينيين الذ ين كانوا خرجوا من بلد هم‬
‫تارة باسمم لجئيمن‪ ،‬وتارة باسمم نازحيمن‪ ،‬أيقولون فيهمم‪ :‬إنهمم كانوا ممن‬
‫الثمين‪ ،‬بزعم أنهم فرغوا أرضهم لليهود؟! بلى‪ .‬وماذا يقولون في مليين‬
‫الفغاني ين الذ ين هاجروا من بلد هم إلى (بشاور)‪ ،‬مع أن أرض هم لم ت كن‬
‫محتلة من الروس احتلل اليهود لفلسطين؟!‬

‫() وقسع فسي هذه اليسة خطسأ مطبعسي فسي الصسل‪ ،‬كمسا سسقط منسه مسا‬ ‫‪1‬‬

‫بين المعقوفتين في الية‪( .‬منه)‪.‬‬


‫‪28‬‬

‫وأخيرا‪ ...‬ماذا يقولون في البو سنيين الذ ين لجأوا في هذه اليام إلى ب عض‬
‫البلد السملمية‪ ،‬ومنهما الردن‪ ،‬همل يحرّمون عليهمم ‪-‬أيضا‪ -‬خروجهمم‪،‬‬
‫ويقول فيهم ‪-‬أيضا‪ -‬رأس الفتنة‪« :‬يأتون إلينا؟ شو بساووا هون؟!»‪.‬‬
‫إنه يجهل ‪-‬أيضا‪ -‬قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬وَالّذِي نَ تَ َبوّءُوا الدّارَ وَالِيمَا نَ مِن قَ ْبِلهِ مْ‬
‫جةً ِممّا أُوتُواْ وَُيؤْ ِثرُونَ‬
‫جرَ ِإلَ ْيهِمْ وَلَ َيجِدُونَ فِي صُدُو ِرهِمْ حَا َ‬
‫ُيحِبّونَ مَنْ هَا َ‬
‫صةٌ}‪ ،‬أم هم كما قال ‪-‬تعالى‪ -‬في بعضهم‪:‬‬
‫سهِمْ َولَوْ كَانَ ِبهِمْ خَصَا َ‬
‫علَى أَنفُ ِ‬
‫َ‬
‫ح ّرمُو َنهُ عَاما}؟!‬
‫حلّو َنهُ عَاما وَ ُي َ‬
‫{ ُي ِ‬
‫ويأتيممك بالنباء مممن لم تزود»‬ ‫سمتبدي لك اليام مما كنمت جاهلً‬

‫انتهى‪.‬‬
‫اللباني وقضيّة فلسطين‬
‫قال أبو عبيدة‪:‬‬
‫متمى أفتمى العالم المشهود له بالعلم ممن قبمل المعتمبرين‪ ،‬واسمتخدم قواعمد‬
‫العلماء فمي السمتنباط‪ ،‬ولم يصمادم نصمّا صمريحا صمحيحا‪ ،‬ولم يخرق‬
‫إجماعا مع تبرا‪ ،‬فقوله يدور ب ين ال جر والجر ين‪ ،‬ول يجوز أن يتّ هم في‬
‫نيّتمه‪ ،‬وأن يسمفّه رأيمه‪ ،‬وإنمما يناقمش مناقشمة علميمة‪ ،‬بالحجّة والبرهان‪،‬‬
‫وتراعى حرمته ومنزلته‪ ،‬ول تهدر حسناتُه وجهوده( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫() المثلة على ذلك كثيرة؛ مسن أشهرهسا‪ :‬مسا حازه أهسل الحرب مسن‬ ‫‪1‬‬

‫أموال المسلمين على وجه الغارة‪ ،‬فإذا أسلم من هو في يده‪ ،‬كان‬


‫ملكا ً له‪ ،‬ولم يكن لمالكه الول من المسلمين اعتراض عليه فيه‪.‬‬
‫هذا مذهب المالكية‪.‬‬
‫انظسسسسر‪« :‬المدونسسسسة» (‪« ،)379-1/378‬التفريسسسسع» (‪،)1/358‬‬
‫«الشراف» (‪ 422-3/421‬رقسسسسسسسسم ‪ - 1741‬بتحقيقسسسسسسسسي)‪،‬‬
‫«الرسسسالة» (‪« ،)190‬المعونسسة» (‪« ،)1/608‬أسسسهل المدارك» (‬
‫‪« ،)2/14‬قوانين الحكام» (‪« ،)171‬بداية المجتهد» (‪،)1/398‬‬
‫«الذخيرة» (‪« ،)3/441‬عقد الجواهر الثمينة» (‪.)1/474‬‬
‫وهذا مذهب الحنفية‪.‬‬
‫ان ظر‪« :‬السير ال كبير» (‪« ،)4/1279‬القدوري» ( ‪« ،)114‬تحفة‬
‫الفقهاء» (‪« ،)3/523‬بدائع الصسنائع» ( ‪« ،)9/4356‬البنايسة» (‬
‫‪« ،)5/753‬فتسح القديسر» ( ‪« ،)6/3‬الختيار» ( ‪« ،)4/133‬تسبيين‬
‫الحقائق» (‪« ،)3/260‬البحسسسر الرائق» ( ‪« ،)5/102‬رؤوس‬
‫المسائل» (‪.)360‬‬
‫‪29‬‬

‫فلسطين‬
‫فلسطين‬ ‫وقضيّةوقضيّة‬
‫اللبانياللباني‬

‫وبناءً عليمه؛ فإن منزلة الشيمخ المام المحدث العلممة محممد ناصمر الديمن‬
‫اللباني غير خاف ية على كل من له عناية وصلة بالكتاب الشرعي‪ ،‬فضلً‬
‫عن طل بة العلم‪ ،‬أو المتخ صصين في سائر العلوم‪ ،‬ول سيما علم الحد يث‬
‫النبوي( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وم ما يخفى على كثير من محبّيه‪ ،‬والمتتبع ين لخباره وأحواله‪ :‬جهاده في‬
‫فلسطين‪.‬‬

‫بينما قال الشافعية‪ :‬هو باق على ملك المسلم‪ ،‬وله أخذه منه بغير‬
‫عوض‪.‬‬
‫انظسسسر‪« :‬مختصسسسر المزنسسسي» (‪« ،)273‬المهذب» ( ‪،)2/243‬‬
‫«المجموع» ( ‪« ،)21/218‬حليسة العلماء» ( ‪« ،)7/661‬روضسة‬
‫الطالبيسسن» (‪« ،)335 ،294 ،10/293‬مختصسسر الخلفيات» (‬
‫‪ 5/51‬رقم ‪.)317‬‬
‫وهذا مذهب الحنابلة‪.‬‬
‫انظر‪« :‬مسائل أحمد» (‪ )243‬لبي داود‪« ،‬المغني» ( ‪،13/117‬‬
‫‪« ،)121‬النصسساف» ( ‪« ،)4/159‬تنقيسسح التحقيسسق» ( ‪،)3/342‬‬
‫«منتهسسسى الرادات» ( ‪« ،)640-638 /1‬تقريسسسر القواعسسسد» (‬
‫‪ - 414-3/412‬بتحقيقسي)‪« ،‬ذيسل طبقات الحنابلة» ( ‪.)1/120‬‬
‫=‬
‫ن للكفار شبهسة ملك على مسا‬ ‫= ووجهسة نظسر المالكيسة والحنفيسة أ ّس‬
‫حازوه مسسسن أموال المسسسسلمين‪ ،‬يدل عليسسسه قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬لِلْفُقََراءِ‬
‫َ‬
‫م} [الحشر‪ ،]8 :‬فسماهم فقراء‬ ‫جوا ْ ِ‬
‫من دِيَارِه ِ ْ‬ ‫ن أُ ْ‬
‫خرِ ُ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬
‫جرِي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مهَا ِ‬
‫بعسسد هجرتهسسم وتركهسسم ديارهسسم وأموالهسسم‪ ،‬ولنسسه ل خلف أنهسسم لو‬
‫اسستهلكوه‪ ،‬ثسم أسسلموا‪ ،‬لم يضمنوه‪ ،‬ولو أتلفسه مسسلم على صساحبه‬
‫للزمه غرمه‪ ،‬فدل ذلك على ثبوت شبهة الملك المشترك‪.‬‬
‫فل يجوز لعاقسل ‪-‬فضل ً عسن طالب علم‪ -‬أن يت ّسهم الحنفيسة والمالكيسة‬
‫بسس(التفريسط فسي بلد المسسلمين)‪ ،‬وأنهسم يقّرون (اسستيلء اليهود على‬
‫فلسسسسطين)‪ ،‬ومسسسا شابسسسه مسسسن العبارات التسسسي ل تصسسسدر إل عسسسن‬
‫(الموتورين)!! (المتعالمين)!!‬
‫نعسسم‪ ،‬بل شسسك أن الراجسسح مذهسسب الشافعيسسة والحنابلة؛ لمسسا أخرجسسه‬
‫مسسسلم فسسي «صسسحيحه» (رقسسم ‪ ،)1641‬وأحمسسد فسسي «مسسسنده» (‬
‫‪- )4/430‬والمذكور لفظسسه‪ -‬وغيرهمسسا‪« :‬عسسن عمران بسسن حصسسين‪،‬‬
‫قال‪ :‬كانت العضباء لرجل من بني عقيل‪ ،‬وكانت من سوابق الحاج‪،‬‬
‫‪30‬‬

‫قال الشيمخ زهيمر الشاويمش ‪-‬حفظمه اللّه‪ -‬فمي مقالة( ) له بعنوان‪( :‬نقاط‬
‫‪1‬‬

‫ي سيرة من سيرة عطرة للش يخ اللبا ني مع الحد يث النبوي الشر يف) ب عد‬
‫كلم‪:‬‬
‫«وحتمى فمي العداد للجهاد فمي فلسمطين‪ ،‬وقمد أعدّ الشيمخ ناصمر نفسمه‬
‫لمقاوممة السمتيطان الصمهيوني‪ ،‬وكاد أن يصمل إلى فلسمطين‪ ،‬لول المنمع‬
‫الحكومي للمجاهدين»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وصمل الشيمخ فلسمطين سمنة ‪1948‬م‪ ،‬وصملّى فمي المسمجد القصمى‪،‬‬
‫فأسسر الرجسل وأخذت العضباء‪ ،‬فحبسسها رسسول اللّه لرحله‪ ،‬ثسم إن‬
‫المشركيسن أغاروا على سسرح المدينسة‪ ،‬وكانست العضباء فيسه‪ ،‬وأسسروا‬
‫امرأة من المسلمين‪ ،‬فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم‪ ،‬فقامت‬
‫المرأة ذات ليلة بعدما ناموا‪ ،‬فجعلت كلمسا أتت على بعيسر رغسا‪ ،‬حتسى‬
‫أتست على العضباء‪ ،‬فأتست على ناقسة ذلول فركبتهسا‪ ،‬ثسم وجهتهسا قبسل‬
‫المدينسة‪ ،‬ونذرت إن نجاهسا اللّه عليهسا لتنحرنهسا‪ ،‬فلمسا قدمست المدينسة‬
‫عرفست الناقسة‪ ،‬وقيسل‪ :‬ناقسة رسسول اللّه ‪ ،‬فأخسبر النسبي بنذرهسا‪ ،‬أو‬
‫أتتسسه فأخسسبرته‪ ،‬فقال رسسول اللّه ‪« :‬بئس مسا جزتهسا إن اللّه أنجاهسا‬
‫عليها لتنحرنها»‪ ،‬ثم قال رسول اللّه ‪« :‬ل وفاء في معصية اللّه‪ ،‬ول‬
‫فيما ل يملك ابن آدم»‪.‬‬
‫فلو ملكهسا المشركون مسا أخذهسا رسسول اللّه وأبطسل نذرهسا‪ ،‬وقسد‬
‫بحسسث هذه المسسسألة أسسستاذنا فتحسسي الدرينسسي فسسي كتابسسه «المناهسسج‬
‫الصسسسسولية فسسسي الجتهاد بالرأي» (‪ ،)291-1/289‬وردهسسسا على‬
‫أصسسسولها وبينهسسسا أحسسسسن بيان‪ ،‬قال ‪-‬حفظسسسه اللّه‪« :-‬ولخطورة هذه‬
‫المسسألة‪ ،‬وأهميتهسا البالغسة فسي كسل مسن العلقات الدوليسة والقانون‬
‫الدولي العام‪ ،‬ل بسد أن نقرر مسا هسو الحسق فيهسا‪ ،‬مؤيدا ً بالدلة‪ ،‬وبروح‬
‫التشريع السلمي‪.‬‬
‫إن منطسق القوة لم يعهسد فسي الشرع مزيل ً ليسد محق َّسة‪ ،‬ومقررا ً ليسد‬
‫مبطلة‪ ،‬لنسسه محسسض بغسسي وعدوان‪ ،‬وذلك بالبداهسسة ل يصسسلح سسسنداً‬
‫للملكية؛ لكونه محرما ً في الشريعة تحريما ً قاطعاً‪.‬‬
‫ولو أقسسر مبدأ العدوان هذا‪ ،‬لنخرم أصسسل الحسسق والعدل‪ ،‬ولضطرب‬
‫حبسل المسن فسي العالم كله‪ ،‬ومسا أنزلت الشرائع‪ ،‬وأرسسل الرسسل‪ ،‬إل‬
‫لجتثاث أصول العدوان‪ ،‬ولقرار= =الحق والعدل بين البشر؛ لقوله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ب وَال ْ ِ‬
‫ميَزا َ‬ ‫م الْكِتَا َ‬ ‫ت وَأنَزلْن َا َ‬
‫معَه ُ ُ‬ ‫سلَنَا بِالْبَي ِّنَا ِ‬
‫سلْنَا ُر ُ‬‫‪-‬تعالى‪{ :-‬لَقَد ْ أْر َ‬
‫ط} [الحديد‪.]25 :‬‬ ‫س ِ‬ ‫س بِالْقِ ْ‬‫م النَّا ُ‬
‫لِيَقُو َ‬
‫وأيضاً؛ لو كان الستيلء القهري بقوة السلح من قبل العداء وسيلة‬
‫‪31‬‬

‫ورجع مرشدا دينيا للجيش السعودي بعد ما سموه بالنكسة‪ ،‬وقد تاهوا في‬
‫الطريمق‪ ،‬وله فمي تفصميل ذلك كتاب ماتمع محفوظ‪ ،‬اسممه «رحلتمي إلى‬
‫نجد»( )‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أفل يشفع له عزمه وهمّه هذا عند هؤلء‪ ،‬ولم يكن ذلك ‪-‬فيما نحسب‪،‬‬
‫واللّه حسيبه‪ -‬إل دفاعا عن المستضعفين في سبيل اللّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬أم أن‬
‫منهج هؤلء تصيّد العيوب‪ ،‬والفَتْش عن القوادح‪ ،‬حتى تحول دون وصول‬
‫لمّة‪ ،‬وعلى أيّ‪ :‬فالحقيقة‬‫دعوة الكتاب والسنة بفهم السلف إلى شباب ا ُ‬
‫قويّة‪ ،‬ول بد أن تظهر ولو بعد حين‪ ،‬وحبل الكذب قصير‪.‬‬

‫معترفا ً بهسا شرعاً‪ ،‬لمتلكهسم أموال المسسلمين‪ ،‬واسستيطان ديارهسم‬


‫بعسد إخراجهسم منهسا‪ ،‬لمسا وجسب الجهاد ‪-‬فسي مثسل هذه الحالة‪ -‬فرضاً‬
‫عينيا ً على كسل قادر على حمسل السسلح رجال ً ونسساءً‪ ،‬بالجماع‪ ،‬مسن‬
‫أجسسل اسسسترداد مسسا اسسستولى عليسسه العدو عنوة! واللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يقول‪:‬‬
‫ن الْقَت ْ ِ‬
‫ل} [البقرة‪:‬‬ ‫م َس‬ ‫ة أَ َ‬
‫شد ُّ ِ‬ ‫م وَالْفِتْن َ ُ‬
‫جوك ُس ْ‬ ‫ث أَ ْ‬
‫خَر ُ‬ ‫حي ْس ُ‬
‫ن َ‬
‫م ْس‬ ‫جوهُس ْ‬
‫م ِّ‬ ‫{وَأ َ ْ‬
‫خرِ ُ‬
‫‪.]191‬‬
‫[ونظيسسر هذا فسسي عصسسرنا الحاضسسر‪ ،‬اسسستيلء اليهود على الراضسسي‬
‫العربية‪ ،‬عدوانا ً وظلما ً بعد إخراج أهلها منها‪.‬‬
‫هذا والسسستيلء والحراز‪ ،‬عهسسد طريقا ً مكسسسبا ً للملكيسسة الفرديسسة فسسي‬
‫المبادلة‪ ،‬وذلك تشجيعا ً للجهد النساني الفردي للنتفاع بما وجد في‬
‫الطبيعسة مسن خيرات واسستثمارها‪ ،‬وذلك معقول؛ لن مسن بذل جهداً‬
‫فاجتنسى ممسا وجسد فسي الطبيعسة مسن خيسر مباح ل مالك له‪ ،‬كان أولى‬
‫من غيره بامتلكه‪ ،‬ممن لم يبذل أدنى مشقة في هذا السبيل‪ ،‬وهذا‬
‫أمسر وراء اسستلب الحقوق والثروات‪ ،‬واغتصساب الديار والوطان بعسد‬
‫تشريد أهلها منها‪ ،‬بقوة السلح]‪.‬‬
‫وقسد تضافرت نصسوص القرآن الكريسم على وجوب دفسع العدوان قبسل‬
‫وقوعسه بالجهاد بالنفسس والموال‪ ،‬وعلى وجوب إزالتسه بعسد الوقوع‪،‬‬
‫ولم يعهد أنه سبيل لتملك العداء ديار المسلمين وأموالهم‪.‬‬
‫ما اع ْتَدَى‬‫ل َسس‬ ‫مث ْ ِ‬‫م فَاع ْتَدُوا ْ ع َلَي ْسسهِ ب ِ ِ‬
‫ن اع ْتَدَى ع َلَيْك ُسس ْ‬ ‫قال ‪-‬تعالى‪{ :-‬فَ َ‬
‫م ِسس‬
‫م} [البقرة‪.]194 :‬‬ ‫ع َلَيْك ُ ْ‬
‫وإذا حرم السسسسسسسسسسسلم على أهله العتداء‪ ،‬فأحرى أن يحرم عدوان‬
‫غيرهم عليهم‪ ،‬ول يجعله سبيل ً لمتلك أموالهم وديارهم!‬
‫َ‬
‫سبِيلً }‬‫ن َسس‬ ‫منِي َسس‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ن ع َلَى ال ْ ُ‬ ‫ه لِلْكَافِرِي َسس‬‫ل الل ّسس ُ‬
‫جعَ َ‬‫وقال ‪-‬تعالى‪َ { :-‬ولَن ي َ ْ‬
‫[النساء‪.]141 :‬‬
‫ل يقال‪ :‬إن اليسسة تدل على أن اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬لن يجعسسل للعداء سسسبيلً‬
‫على نفوس المسسلمين دون أموالهسم؛ لنسا نقول‪ :‬إن كلمسة «سسبيلً»‬
‫‪32‬‬

‫المغامرة بالنّفس‬

‫ومن بديع كلم المام ابن القيم ‪-‬رحمه اللّه‪:-‬‬


‫ل الجل يل‪ ،‬الذي له في‬
‫«و من ل هُ عل مٌ بالشّرع والوا قع؛ يعل مُ قطعا أنّ ال ّرجُ َ‬
‫ال سلم قد مٌ صالحٌ‪ ،‬وآثارٌ ح سنةٌ‪ ،‬وهُو من ال سلم وأهله بمكا نٍ قد تكون‬
‫منمه الهفوةُ وال ّزّلةُ‪ ،‬همو فيهما معذُو ٌر ومأجُورٌ لجتهاده‪ ،‬فل يجُوزُ أن يُتبمع‬

‫نكرة فسسي سسسياق النفسسي‪ ،‬فتعسسم كسسل سسسبيل؛ سسسواء أكان واقعا ً على‬
‫نفوسهم‪ ،‬أو أموالهم‪ ،‬أو ديارهم‪.‬‬
‫ول يقال ‪-‬كذلك‪ :-‬إن اللّه لم يجعسل للكافريسن على المسسلمين حجسة؛‬
‫لن الصيغة عامة فيجب إجراؤها على العموم ‪-‬كما هو الصل‪ ،-‬إذ ل‬
‫دليل على التأويل أو التخصيص‪= .‬‬
‫=انظسسر‪« :‬كشسسف السسسرار» (‪ 1/68‬ومسسا بعدهسسا)‪« ،‬التوضيسسح» (‬
‫‪ 1/131‬وما بعدها)‪« ،‬أصول السرخسي» (‪.)1/236‬‬
‫كذلك ل يقال‪ :‬إنه لو كانت أموال المسلمين باقية على ملكهم‪ ،‬رغم‬
‫إخراجهسسم مسسن ديارهسسم‪ ،‬لطلق عليهسسم القرآن الكريسسم كلمسسة «أبناء‬
‫السبيل»؛ وهم‪ :‬من انقطعت بهم صلتهم بأموالهم لبعدهم عنها‪ ،‬ولم‬
‫يسسسسمهم «فقراء»؛ فدل ذلك على أنهسسسم فقراء حقيقسسسة‪ ،‬قسسسد زالت‬
‫ملكيتهسسم عنهسسا؛ لنسسا نقول‪ :‬إن ابسسن السسسبيل؛ هسسو‪« :‬المسسسافر» الذي‬
‫انقطعت به الطريق‪ ،‬ونفد ماله‪ ،‬وله طماعية في الرجوع إلى بلده‪،‬‬
‫لتمكنسه مسن ذلك‪ ،‬وهذا مفهوم يختلف عمسن أُخرج مسن دياره وأمواله‬
‫عنوة‪ ،‬وليسس فسي وسسعه أن يعود إليهسا‪ ،‬لذا صسح اعتباره كأنسه فقيسر‪،‬‬
‫أضف إلى ذلك أنهم قد توطنوا بالمدينة‪.‬‬
‫انظر‪« :‬كشف السرار» (‪« ،)1/69‬حاشية الزميري على المرآة»‬
‫(‪.)2/76‬‬
‫ووصسفهم بكونهسم فقراء مجازاً‪ ،‬ل يشعسر بزوال ملكيتهسم عسن ديارهسم‬
‫وأموالهم‪ ،‬بل يفيد ثبوتها لهم‪ ،‬بقرينة إضافتها إليهم‪ ،‬ولن في إطلق‬
‫هذه الكلمسسة عليهسسم‪ ،‬إثارة للتعطسسف الداعسسي إلى رعايتهسسم‪ ،‬وتدبيسسر‬
‫مصالحهم‪ ،‬والهتمام بشؤونهم‪ ،‬تخفيفا ً لوطأة الظلم عنهم‪ ،‬وتحقيقاً‬
‫لما تقتضيه الخوة نحوهم»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وانظر نصرة هذا الختيار في «أحكام أهل الذمة» لبن القيم‬
‫(‪ ،)1/291‬وهسو اختيار ابسن حزم وابسن تيميسة‪ ،‬انظسر‪« :‬الختيارات‬
‫الفقهية» (ص ‪« ،)312‬المحلى» ( ‪« ،)7/301‬الفيء والغنيمة» (‬
‫فيها‪ ،‬ول يجُوزُ أن تُهدر مكان ُتهُ وإمام ُتهُ ومنزل ُتهُ مِن ُقلُوب المُسلمين»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ويزداد ع جبي ‪ -‬بل ل ينت هي‪ -‬عندمما ن جد المسموّغات بالجملة‪ ،‬وتح سين‬
‫الظمن يكمبر ويكثمر حتمى يصمل إلى حمد السمذاجة‪ ،‬والمروق عمن قواعمد‬
‫المنطمق والعلم فمي حمق المتسماهلين فمي الديمن‪ ،‬والخارجيمن عمن السمبيل‬
‫والدليمل‪ ،‬ولمما يصمل الممر إلى الشيمخ اللبانمي وتلميذه‪ ،‬ينعكمس الحال‪،‬‬
‫وتتّهم النوايا‪ ،‬وتحمّل القوال والفعال فوق ما تحتمل‪ ،‬وما هذا ‪-‬في حقيقة‬
‫ال مر‪ -‬إل الح قد والح سد‪ ،‬وإخراج ل ما في النفوس‪ ،‬فالو يل ل صحابها إن‬

‫‪« ،)165-161‬نصب الراية» ( ‪« ،)435-3/433‬فتح الباري» (‬


‫‪.)183 /6‬‬
‫والشاهسد مسن هذا‪ :‬أن لزم المذهسب ليسس بلزم‪ ،‬ول يجوز لصساحب‬
‫الفهسسم السسسليم‪ ،‬والنفسسس المطمئنسسة‪ ،‬والعقسسل الني ّ سر‪ ،‬أن يهجسسم على‬
‫إلصسساق (الت ّسسُهم) بسسس(العلماء)‪ ،‬وعدم مراعاة القواعسسد المعمول بهسسا‬
‫‪-‬قديما ً وحديثاً‪ -‬عنسسد أهسسل العلم‪ ،‬وأن العالم إذا اتبسسع القواعسسد‬
‫المسسلوكة‪ ،‬وكان أهل ً فهسو بيسن أجسر واثنيسن‪ ،‬والموفسق والسسعيد مسن‬
‫سن الظن بالناس‪،‬‬ ‫حفظ لسانه ‪-‬ول سيما في حق العلماء‪ ،-‬ومن ح ّ‬
‫ول سيما الصلحاء‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫() فالعجسسب مسسن واحسسد مسسن طلبسسة علم الحديسسث الحائزيسسن على‬ ‫‪1‬‬

‫(الماجسستير) فيسه‪ ،‬أخسذ يضرب خبسط عشواء ‪-‬كعادتسه‪ -‬فسي الرد على‬
‫السسلفيين والعلماء الربانييسن‪ ،‬وينشسر ذلك فسي الجرائد‪ ،‬ويطلع علينسا‬
‫بيسن الحيسن والحيسن بمسا يدهسش ويثيسر الغرابسة والتسساؤل‪ ،‬ول أعلم أن‬
‫له مصلحة في ذلك سوى إرضاء من معه من الحزبيين الغارقين في‬
‫التعصسسب لمثال القرضاوي! حتسسى أنسسه ل يسسساويه ول يدانيسسه ‪-‬عنده‪-‬‬
‫بأحد! وللتفصيل مقام آخر‪.‬‬
‫() منشورة في مجلة «الفرقان» العدد (‪( )115‬ص ‪.)19‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ )(1‬أخسسبرني الخ نظام سسسكجها ‪-‬حفظسسه اللّه‪ -‬أن إحدى بناتسسه (حفيدة‬
‫الشيسخ)‪ ،‬انشغلت بنسسخه عسن أصسول الشيسخ ‪-‬رحمسه اللّه‪ ،-‬ولعله يظهسر‬
‫قريباً‪ ،‬يسر اللّه ذلك بمنه وكرمه‪.‬‬
‫‪ -‬بتحقيقسي)‪ ،‬وقارن بسس«الموافقات»‬ ‫() «إعلم الموقعيسن» (‪4/235‬‬ ‫‪1‬‬

‫للشاطبي (‪ - 137-5/136‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أبقوها على تدنيسها! ولم يعملوا على تزكيتها!‬

‫فتوى العمليات‪ :‬هل هي انتحارية أم استشهادية؟‬ ‫‪‬‬


‫من أسباب نقمة بعض المتحمسين أو الحزبيين أو المتأثرين بالجرائد‬
‫وحديث المجالس‪ :‬زعم بعض الكاذبين ‪-‬هداهم اللّه‪ -‬على الشيخ اللباني‪،‬‬
‫أنمه يفتمي بأن القائميمن بالعمليات فمي فلسمطين الحبيبمة ‪-‬أعادهما اللّه إلى‬
‫حظيرة السملم والمسملمين‪ -‬همم فمي النار‪ ،‬وتنطبمق عليهمم النصموص‬
‫الواردة فمي حمق المنتحريمن! وبعضهمم يزيمد ‪-‬كذبا وزورا‪ -‬أنمه ‪-‬رحممه‬
‫اللّه‪ -‬يقول عنهم‪( :‬فطايس)!!‬
‫قلت‪ :‬واللّه الذي ل إله إل همو‪ :‬إن هذا كذب على الشيمخ‪ ،‬لم يخطمر بباله‪،‬‬
‫فضلً عن أن ينطق به فاهُ‪ ،‬أو يخطه بنانه‪.‬‬
‫المغامرة بالّنفس‬ ‫وفتوى الشيخ بالجملة‪ :‬أنه كان يقول عنهم‪ :‬أمرهم إلى‬
‫اللّه ‪-‬عز وجل‪ ،-‬ونسأل اللّه أنْ يتقبّلهم‪.‬‬
‫وأما فتواه بالتفصيل‪ ،‬فسيأتي نقلها ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪ -‬والتعليق عليها‪.‬‬
‫‪ ‬مقدمات وضوابسط وقيود للعمليات الفدائيسة‪ :‬هسل هسي‬
‫استشهادية أم انتحارية؟‬
‫سئل الشيخ ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬في كثير من مجالسه العلمية عن حكم هذه‬
‫م النظمر فمي‬
‫العمليات؟ وأجاب تارة بالتفصميل‪ ،‬وتارة بالجمال‪ ،‬و ُم ْنعِم ُ‬
‫الشروط ع ند التف صيل ي جد أن العمليات الحا صلة اليوم في بلد الم سلمين‬
‫المغتصبة( )‪-‬عنده‪ -‬قريبة من الحظر ل الجواز!‬
‫‪1‬‬

‫وأُراني ‪-‬قبل ذكر كلمه‪ -‬مضطرا إلى التنبيه إلى أمور‪:‬‬

‫() المنع منها في غير بلدهم وديارهم من باب أولى وأحرى‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أولً‪ :‬هذه مسمائل علميمة نظريمة‪ ،‬يتكلم فيهما العلماء بعاممة‪ ،‬على وفمق مما‬
‫ترج ّح لهمم ممن نصموص الشرع ومقاصمده‪ ،‬ول يعنون حَدَثا مما‪ ،‬أو فئة‬
‫معيّنة‪ ،‬أو عمليات قائمة في بلد معين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن ممن أسمباب التوسمعة فمي الخلف فمي المسمائل الفقهيمة‪( :‬ازدحام‬
‫المصالح والمفاسد) في (المحل الواحد)‪ ،‬والمجتهد يرجّح بعد (تحقيق مناط)‬
‫المسمائل ‪-‬أي‪ :‬معرفمة واقعهما ممن حيثُم المصملحةُ‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫مة! ول‬
‫ما ألبتم‬
‫مدةُ‪ ،-‬فل مجال لتّهام النوايم‬
‫والمفسم‬
‫لتطويل اللسنة في أولياء اللّه ‪-‬تعالى‪.) (-‬‬
‫‪1‬‬

‫ثالثا‪ :‬إن لمعر فة هذه الم صالح والمفا سد‪ :‬ت صورا دقيقا‪ ،‬وضبطا وتحريرا‬
‫وتقديرا‪ ،‬ل بمد ممن السمتعانة بأهمل الخمبرة فمي هذا الباب‪ ،‬والعلماء‬
‫المتخصصون في العلوم العسكرية يقررون‪ :‬أن هذه العمليات بمثابة (وخز‬
‫الدبوس)‪ ،‬فهي ل تهزم عدوا‪ ،‬ول تعمل على فنائه أو غلبته‪ ،‬بل هي تثوّر‬
‫أع صابه‪ ،‬وتغيّر م سار تخطيطا ته‪ ،‬وتج عل عنده ردود ف عل سريعة غ ير‬
‫مضبو طة ول مخ طط ل ها‪ ،‬فضلً عن (الروح المعنو ية) ال تي تكون ع ند‬
‫الجنود‪ ،‬ولذا؛ ل يج ني ثمار هذه العمليات ‪ -‬من وج هة ن ظر ع سكرية‪ -‬إل‬
‫الجيمش والعسمكر الذي يحيمط بالعدو‪ ،‬أمما إفراد هذه العمليات دون جيوش‬
‫ودسماكر وعسماكر‪ ،‬فإن فائدتهما ‪-‬أكثمر مما تظهمر‪ -‬فمي التأديمب العاجمل‪،‬‬
‫حقّ قَ المقاصد الشرعية الصلية‬
‫وشفاء الصدور من أهل الباطل‪ ،‬أما أن ُت َ‬
‫المعتبرة من الحروب والجهاد‪ ،‬فل‪ ،‬بل قد يترتب عليها أحيانا مضار أكثر‬
‫من ها‪ ،‬ف هي من هذه الحيث ية في هذه الحالة‪ ،‬تتنزل ب ين مرتبت ين‪ ،‬وتشبه ها‬
‫حالتين من حالت المر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ هما‪:‬‬
‫الولى‪ :‬بمثابمة المنكمر الذي إذا تغيّرم‪ ،‬ترتّب عليمه منكمر أكمبر منمه‪ ،‬فهذا‬

‫() من بديع كلم المام الشافعي ‪-‬رحمه اللّه‪« :-‬إذا لم يكن العلماء‬ ‫‪1‬‬

‫أولياء اللّه‪ -‬تعالى‪ ،-‬فل أعلم من هم»‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ممنوع‪.‬‬
‫الثان ية‪ :‬بمثا بة المن كر الذي إذا أُن كر (قلّ أو زال)‪ ،‬تر تب عل يه من كر بقدر‬
‫زواله‪ ،‬وهذا محل نظر‪.‬‬
‫ِمم على هذه العمليات مقصمدُه يدور على تغييمر مما همو واقمع‬
‫رابعا‪ :‬ال ُمقْد ُ‬
‫بالمة أصالة‪ ،‬وتقديم روحه وبذلها من أجل نيل ثواب الشهادة‪ ،‬وليس في‬
‫باله (النتحار) و(قتل نفسه)‪ ،‬إذ لذاك ‪-‬لو أراد‪ -‬طرق أخرى كثيرة‪.‬‬
‫ول شك أن لنيته أثرا على الحكم من حيث المآل‪ ،‬والمصير عند اللّه ‪-‬عز‬
‫و جل‪ .-‬قال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية ب عد ذ كر حر مة ق تل الن سان نف سه‬
‫بالكتاب والسنة والجماع‪ ،‬قال‪:‬‬
‫« فينب غي للمؤ من أن يفرق ب ين ما ن هى اللّه ع نه من ق صد الن سان ق تل‬
‫نف سه‪ ،‬أو ت سببه في ذلك‪ ،‬وب ين ما شر عه اللّه من ب يع المؤمن ين أنف سهم‪،‬‬
‫ُسمهُمْ‬
‫ِينم أَنف َ‬
‫ِنم ا ْلمُ ْؤ ِمن َ‬
‫ش َترَى م َ‬
‫ّهم ا ْ‬
‫وأموالهمم له‪ ،‬كمما قال ‪-‬تعالى‪{ :-‬إِنّ الل َ‬
‫شرِي‬
‫َوَأمْوَاَلهُ مْ ِبأَنّ َلهُ مُ اّلجَ ّنةَ}‪ ،‬وقال‪َ { :‬ومِ نَ النّا سِ مَن َي ْ‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫سهُ ابْ ِتغَاءَ َمرْضَاتِ الّلهِ}؛ أي‪ :‬يبيع نفسه‪.‬‬
‫َنفْ َ‬
‫والعتبار فمي ذلك بمما جاء بمه الكتاب وال سنة‪ ،‬ل بمما يسمتحسنه المرء أو‬
‫يجده‪ ،‬أو يراه من المور المخالفة للكتاب والسنة‪ ،‬بل قد يكون أحد هؤلء‬
‫كما قال عمر بن عبد العزيز‪ :‬من عبد اللّه بجهل‪ ،‬أفسد أكثر مما يصلح‪.‬‬
‫وممما ينبغمي أن يعرف‪ :‬أن اللّه ليمس رضاه أو محبتمه فمي مجرد عذاب‬
‫النفمس‪ ،‬وحملهما على المشاق‪ ،‬حتمى يكون العممل كمل مما كان أشمق كان‬
‫أفضل‪ ،‬كما يحسب كثير من الجهال‪ :‬أن الجر على قدر المشقة‪ ،‬في كل‬
‫شيء‪ ،‬ل! ولكن الجر على قدر منفعة العمل‪ ،‬ومصلحته‪ ،‬وفائدته»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولكن النية وحدها ل تكفي‪ ،‬ول بد من مراعاة الحكام الشرعية الخرى‪.‬‬

‫() «مجموع الفتاوى» (‪.)25/281‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫خامسا‪ :‬من هذه الحكام ‪-‬وهي مقررة في المدوّنات والكتب الفقهية‪ :-‬عدم‬
‫قتل من لم ينصب نفسه للقتال‪ ،‬من النساء والشيوخ والصبيان‪ ،‬أو ما يسمّى‬
‫اليوم بم(المدنيين)( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫سادسا‪ :‬من ال صور المشرو عة‪ ،‬ال تي ل خلف فيها‪ ،‬وتش هد لها ن صوص‬
‫كثيرة‪ ،‬ووقائع عديدة ممن حياة الصمحابة والتابعيمن‪ ،‬وممن بعدهمم ممن‬
‫الصمالحين( )‪ :‬أن ينغممس العدد القليمل‪ ،‬أو الفرد الواحمد‪ ،‬فمي صمفوف‬
‫‪2‬‬

‫الكثير ين من المقاتل ين‪ ،‬ويغلب على ظ نه الموت‪ ،‬فهذه صورة مشرو عة‬
‫م ستثناة من صور الخلف فضلً عن الم نع‪ ،‬بل هي من أف ضل العمال‬
‫المقر بة إلى رضوان اللّه‪ -‬عز و جل‪ ،-‬وأ صحابها بائ عو أنف سهم للّه ‪ -‬عز‬
‫وجمل‪ ،-‬كمما سمبق قريبا فمي كلم ابمن تيميمة‬
‫س‬
‫ابببلمغامرة ببببالبنبف‬ ‫‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬
‫وقال ‪-‬أيضا‪:-‬‬
‫قصة أصحاب الخدود‪،‬‬ ‫عن النبي ‪s‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫« وقد روى مسلم في «صحيحه»‬

‫() وكذلك من دخل بلد الكفار باستئمان (التأشيرة اليوم)‪ ،‬فل يجوز‬ ‫‪1‬‬

‫له أن يتعدى عليهسسسم‪ ،‬وفسسسي تحديسسسد (المحارب) مسسسن (المسسسستأمن)‬


‫وإسسقاطها على مسا يجري فسي العالم اليوم دقسة‪ ،‬وتحتاج إلى اجتهاد‬
‫جماعي‪ ،‬من قبل علماء ربانيين متضلعين بالحكام والقوانين!‬
‫() ترى هذه الصسسسور فسسسي كتاب « مشارع الشواق» (الباب الرابسسسع‬ ‫‪2‬‬

‫والعشريسسن‪ :‬فسسي= =فضسسل انغماس الرجسسل الشجاع أو الجماعسسة‬


‫القليلة فسي العدو الكثيسر رغبسة فسي الشهادة) (‪ - 564-2/522‬ط‪.‬‬
‫دار البشائر)‪ ،‬وأورد أدلة كثيرة على مشروعيسسسة ذلك‪ ،‬تنظسسسر فيسسسه‪،‬‬
‫فالمقام هنسا ليسس مقام بسسط‪ .‬وجسل مسن صسنف فسي هذه المسسألة‬
‫تكثر بهذه المثلة ‪-‬وهي مكررة‪!-‬‬
‫() فسي كتاب الزهسد‪ :‬باب قصسة أصسحاب الخدود والسساحر والراهسب‬ ‫‪3‬‬

‫والغلم (‪ ،)3005‬وأسسهب ُ‬
‫ت فسي تخريجهسا وذكسر الفوائد والعسبر منهسا‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وفيها‪« :‬أن الغلم أمر بقتل نفسه لجل مصلحة ظهور الدين»؛ ولهذا جوز‬
‫الئ مة الرب عة أن ينغ مس الم سلم في صمف الكفار‪ ،‬وإن غلب على ظنمه‬
‫أنهم يقتلونه‪ :‬إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين‪ ،‬وقد بسطنا القول في هذه‬
‫المسألة في موضع آخر‪.‬‬
‫فإذا كان الر جل يف عل ما يعت قد أ نه يق تل به ل جل م صلحة الجهاد‪ ،‬مع أن‬
‫قتله نفسمه أعظمم ممن قتله لغيره‪ :‬كان مما يفضمي إلى قتمل غيره لجمل‬
‫م صلحة الد ين ال تي ل تح صل إل بذلك‪ ،‬ود فع ضرر العدو المف سد للد ين‬
‫والدنيما‪ ،‬الذي ل يندفمع إل بذلك أولى‪ ،‬وإذا كانمت السمنة والجماع متفقيمن‬
‫على أن ال صائل الم سلم إذا لم يند فع صوله إل بالق تل ق تل‪ ،‬وإن كان المال‬
‫في الحد يث ال صحيح‪« :‬‬ ‫الذي يأخذه قيراطا من دينار‪ ،‬ك ما قال ال نبي‬
‫من قتل دون ماله فهو شهيد‪ ،‬ومن قتل دون دمه فهو شهيد‪ ،‬ومن قتل دون‬
‫حر مه ف هو شه يد»( )‪ ،‬فك يف بقتال هؤلء الخارج ين عن شرائع ال سلم‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫المحاربيمن للّه ورسموله‪ ،‬الذيمن صمولهم وبغيهمم أقمل مما فيهمم‪ ،‬فإن قتال‬
‫المعتد ين ال صائلين ثا بت بال سنة والجماع‪ ،‬وهؤلء معتدون صائلون على‬
‫المسلمين‪ :‬في أنفسهم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬وحرمهم‪ ،‬ودينهم‪ ،‬وكل من هذه يبيح قتال‬
‫الصائل عليها‪ ،‬ومن قتل دونها فهو شهيد‪ ،‬فكيف بمن قاتل عليها كلها»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫في كتابي «من قصص الماضين» (‪.)207-197‬‬


‫() أخرجسسه البخاري فسسي «صسسحيحه» (رقسسم ‪ ،)2480‬ومسسسلم فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«صسحيحه» (رقسم ‪ )141‬مختصسرا ً بلفسظ‪« :‬مسن قتسل دون ماله فهسو‬


‫شهيد»‪.‬‬
‫وأخرجسسه الترمذي فسسي «الجامسسع» (رقسسم ‪ ،)1421‬وأبسسو داود فسسي‬
‫«سننه» (رقم ‪ ،)4772‬وفيهما‪« :‬دون أهله»‪ ،‬بدل‪« :‬دون حرمه»‪،‬‬
‫وهو صحيح‪ ،‬كما في «صحيح الترغيب والترهيب» (رقم ‪.)1411‬‬
‫() «مجموع فتاوى ابن تيمية» (‪.)541-28/540‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫نعمم؛ الخلف فيهما مذكور‪ ،‬ولكمن الجماهيمر على الجواز‪ ،‬وبعضهمم يقيمد‬
‫مشروعيتها ببعض القيود‪ ،‬يظهر ذلك من كلم أبي حامد الغزّالي وغيره‪،‬‬
‫قال ‪-‬رحممه اللّه‪ -‬فمي «الحياء»( ) فمي كتاب (الممر بالمعروف والنهمي‬
‫‪1‬‬

‫عن المنكر)‪:‬‬
‫«ل خلف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل‪ ،‬وإن‬
‫علم أنه يقتل‪ ،‬وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز ‪-‬أيضا‪ -‬ذلك‬
‫في المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬ولكن لو علم أنه ل نكاية لهجومه‬
‫على الكفار‪ ،‬كالعممى يطرح نفسمه على الصمف‪ ،‬أو العاجمز‪ ،‬فذلك حرام‪،‬‬
‫ودا خل ت حت عموم آ ية التهل كة‪ ،‬وإن ما جاز له القدام إذا علم أ نه ل ُيقْ تل‬
‫حتى َيقْتل‪ ،‬أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته‪ ،‬واعتقادهم في‬
‫سمائر المسملمين قلة المبالة‪ ،‬وحبهمم للشهادة فمي سمبيل اللّه‪ ،‬فتكسمر بذلك‬
‫شوكتهم»‪.‬‬
‫وقال الراف عي والنووي وغيره ما‪ :‬التغر ير بالن فس في الجهاد جائز‪ ،‬ون قل‬
‫في «شرح مسلم»( ) التفاق عليه‪ ،‬ذكره في (غزوة ذي قرد)‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال في قصة عمير بن الحمام حين أخرج التمرات من قرنه‪ ،‬فجعل يأكل‬
‫من هن‪ ،‬ثم قال‪« :‬إن أ نا حي يت ح تى آ كل تمرا تي هذه‪ ،‬إن ها لحياة طويلة»‪،‬‬
‫فرمى بما كان معه من التمر‪ ،‬ثم قاتل حتى قتل‪.‬‬
‫قال النووي‪« :‬فيمه جواز النغماس فمي الكفار والتعرض للشهادة‪ ،‬وهمو‬
‫جائز ل كراهة فيه عند جماهير العلماء»( ) انتهى‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫() (‪ - 7/26‬مع شرحه «إتحاف السادة المتقين»)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪ - 12/187‬الطبعسة المصسرية)‪ ،‬وقارنسه بسس«روضسة الطالبيسن» (‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)10/250‬‬
‫() (‪( )13/46‬باب ثبوت الجنة للشهيد)‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وقال البيهقي في «سننه»( )‪( :‬باب من تبرع بالتعرض للقتل)‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫‪،‬‬ ‫« قال الشاف عي( ) ‪-‬رح مه اللّه تعالى‪ :-‬قد بورز ب ين يدي ر سول اللّه‬
‫‪2‬‬

‫وحممل رجمل ممن النصمار حاسمرا على جماعمة المشركيمن يوم بدر بعمد‬
‫إياه بمما فمي ذلك ممن الخيمر‪،‬‬ ‫إعلم النمبي‬
‫المغامرة بالّنفس‬ ‫فقتل»‪.‬‬
‫قال البيهقي‪ « :‬هو عوف بن عفراء‪ ،‬ذكره ابن إسحاق»‪ ،‬ثم ذكر في الباب‬
‫قصة عمير بن الحمام‪ ،‬وأنس بن النضر‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وقال أ بو عبداللّه القر طبي في « تف سيره »( )‪« :‬اختلف العلماء في اقتحام‬
‫‪3‬‬

‫الرجمل فمي الحرب وحمله على العدو وحده‪ ،‬فقال القاسمم بمن مخيمرة‬
‫والقا سم بن مح مد وعبدالملك من علمائ نا‪ :‬ل بأس أن يح مل الر جل وحده‬
‫على الج يش العظ يم‪ ،‬إذا كان ف يه قوة‪ ،‬وكان للّه بنيّة خال صة‪ ،‬فإن لم ت كن‬
‫له قوة فذلك من التهل كة‪ ،‬وق يل‪ :‬إذا طلب الشهادة وخل صت الن ية فليح مل؛‬
‫لن مقصوده واحد منهم( )‪ ،‬وذلك بَيّ نٌ في قوله ‪-‬تعالى‪َ { :-‬ومِ نَ النّا سِ مَن‬
‫‪4‬‬

‫سهُ ابْ ِتغَاءَ َمرْضَاتِ الّلهِ} [البقرة‪.]207 :‬‬


‫شرِي َنفْ َ‬
‫َي ْ‬
‫وقال ابمن خوايمز منداد( )‪« :‬فأمما أن يحممل الرجمل على مئة أو على جملة‬
‫‪5‬‬

‫العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج‪ ،‬فلذلك حالتان‪ :‬إن علم‬


‫وغلب على ظ نه أ نه سيقتل من ح مل عل يه وين جو فح سن‪ ،‬وكذلك لو علم‬
‫وغلب على ظنمه أنمه يقتمل‪ ،‬ولكمن سمينكي نكايمة أو يؤثمر أثرا ينتفمع بمه‬

‫() (‪.)9/43-44‬‬ ‫‪4‬‬

‫() في كتابه «الم» (‪.)4/169‬‬ ‫‪2‬‬

‫() (‪.)2/363-364‬‬ ‫‪3‬‬

‫() قارنسسه بسسس«أحكام القرآن» (‪ )1/116‬لبسسن العربسسي‪ ،‬و«التحريسسر‬ ‫‪4‬‬

‫والتنوير» (‪ )217-215 /2‬لبن عاشور‪.‬‬


‫() في كتابه «أحكام القرآن»‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المسلمون فجائز ‪-‬أيضا‪ ،-‬ولما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة‪ ،‬قال رجل من‬
‫حجَفَة وألقو ني إلي هم‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬فقاتل هم وحده وف تح‬
‫الم سلمين‪ :‬ضعو ني في ال َ‬
‫الباب»‪.‬‬
‫‪ :‬أرايمت إن‬ ‫قال القرطمبي‪ « :‬وممن هذا‪ :‬مما روي‪ ،‬أن رجلً قال للنمبي‬
‫قتلت فمي سمبيل اللّه صمابرا محتسمبا؟ قال‪ « :‬فلك‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫الجنة»‪ ،‬فانغمس في العدو حتى قتل( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أفرد‬ ‫ونقل ما في « صحيح مسلم »( ) عن أنس بن مالك‪ ،‬أن رسول اللّه‬


‫‪2‬‬

‫يوم أحد في سبعة من النصار‪ ،‬ورجلين من قريش‪ ،‬فلما رهقوه‪ ،‬قال‪ :‬من‬
‫يرد هم عنا وله الج نة‪ ،‬أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من النصار‪،‬‬
‫فقاتل حتى قتل‪ ،‬فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة‪ ،‬فقال النبي ‪« :‬ما أنصفنا‬
‫أصمحابنا»‪ ،‬قال‪« :‬هكذا الروايمة‪ « :‬أنصمفنا أصمحابنا»‪ ،‬وروي بفتمح الفاء‬
‫ورفع الباء‪ ،‬ويرجع إلى من فرّ عنه من أصحابه»‪ ،‬قال‪ « :‬وقال محمد بن‬
‫الح سن( )‪ :‬لو حمل رجل وا حد على ألف ر جل من المشرك ين‪ ،‬و هو وحده‬ ‫‪3‬‬

‫لم ي كن بذلك بأس‪ ،‬إذا كان يط مع في نجاة أو نكا ية في العدو‪ ،‬فإن لم ي كن‬
‫كذلك ف هو مكروه؛ ل نه عرض نف سه للتلف من غ ير منف عة للم سلمين‪ ،‬فإن‬
‫كان قصمده تجرئة المسملمين عليهمم حتمى يصمنعوا مثمل صمنيعه فل يبعمد‬
‫جوازه؛ لن ف يه نفعا للم سلمين على ب عض الوجوه‪ ،‬فإن كان ق صده إرهاب‬
‫العدو ليعلم العدو صلبة الم سلمين في الد ين‪ ،‬فل يب عد جوازه إذا كان ف يه‬
‫نفمع للمسملمين‪ ،‬فَ َتلَفُم النفمس لعزاز ديمن اللّه وتوهيمن الكفمر‪ ،‬فهمو المقام‬

‫() أخرجسه البخاري‪ :‬كتاب المغازي‪ :‬باب غزوة أحسد (رقسم ‪)4046‬‬ ‫‪1‬‬

‫من حديث جابر بن عبداللّه‪.‬‬


‫() كتاب الجهاد والسير‪ :‬باب غزوة أحد (رقم ‪.)1789‬‬ ‫‪2‬‬

‫() فسي كتابسه «السسير الكسبير» (‪ ،)164-1/163‬وانظسر «الفتاوى‬ ‫‪3‬‬

‫الهندية» (‪ )5/353‬و«حاشية ابن عابدين» (‪.)4/137‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن ا ْلمُ ْؤمِنِي َ‬
‫ن‬ ‫الشريف الذي مدح اللّه به المؤمنين في قوله‪{ :‬إِنّ الّلهَ اشْ َترَى مِ َ‬
‫سهُمْ َوَأمْوَاَلهُ مْ} [التوبة‪ ]111 :‬الية‪ ،‬إلى غيرها من آيات المدح التي مدح‬
‫أَنفُ َ‬
‫اللّه ب ها من بذل نف سه‪ ،‬وعلى ذلك ينب غي أن يكون ح كم ال مر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر»( ) انتهى كلم القرطبي‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ومثله ما نقله ابن حجر في «الفتح»( ) عن المهلب قوله‪« :‬وقد أجمعوا على‬
‫‪2‬‬

‫جواز المهالك في الجهاد»‪.‬‬


‫وقال ا بن حجر ‪-‬أيضا‪ -‬في مو طن آ خر‪« :‬وأما م سألة حمل الوا حد على‬
‫العدد الكثير من العدو‪ ،‬فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته‪ ،‬وظنه‬
‫أنمه يرهمب العدو بذلك‪ ،‬أو يجرئ المسملمين عليهمم‪ ،‬أو نحمو ذلك ممن‬
‫المقا صد ال صحيحة ف هو ح سن‪ ،‬وم تى كان مجرد تهوّر فممنوع‪ ،‬ول سيما‬
‫إن ترتّب على ذلك وهن في المسلمين‪ ،‬واللّه أعلم»( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وقال ابمن المناصمف‪ « :‬واختلف أهمل العلم فمي حممل الرجمل وحده على‬
‫الجيش والعدد الكثير من العدو‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬أحوال الذي يحمل وحده ثلث‪:‬‬
‫‪ -‬حال اضطرار وقلّة‪ :‬ح يث يح يط به العدو‪ ،‬و هو يخاف تغلّب هم عل يه‪،‬‬
‫وأسرَهم إياه‪ ،‬فذلك جائز أن يحمل عليهم باتفاق‪.‬‬
‫‪ -‬وحال يكون فيهما فمي صمفّ المسملمين ومعهمم‪ ،‬فيحممل إرادة السمّمعة‬
‫والتصاف بالشجاعة‪ ،‬فهذا حرام باتّفاق‪.‬‬
‫‪ -‬وحال يكون كذلك مع الم سلمين‪ ،‬فيح مل غضبا للّه‪ ،‬محت سبا نف سه ع ند‬
‫اللّه‪ ،‬ففي هذا اختلف أهل العلم‪ ،‬فمنهم من كره حمله وحده‪ ،‬ورآه مما نهى‬

‫() «الجامع لحكام القرآن» (‪.)2/364‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪.)12/316‬‬ ‫‪2‬‬

‫() «فتسسسسح الباري» (‪ :)186-8/185‬كتاب التفسسسسسير‪ :‬باب قوله‬ ‫‪3‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ل الل ّهِ وَل َ تُلْقُوا ْ بِأيْدِيك ُ ْ‬
‫م إِلَى التَّهْلُكَةِ}‪.‬‬ ‫‪-‬تعالى‪{ :-‬وَأن ْ ِفقُواْفِي َ‬
‫سبِي ِ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫اللّه عنه من اللقاء باليد إلى التّهلكة‪ ،‬ومنهم من أجاز ذلك واستحسنه‪ ،‬إذا‬
‫كا نت به قوة‪ ،‬و في فعله ذلك منف عة‪ ،‬إ ما لنكا ية العدو‪ ،‬أو تجرئة الم سلمين‬
‫ح تى يفعلوا م ثل ما ف عل‪ ،‬أو إرهاب العدو‪ ،‬ليعلموا صلبة الم سلمين في‬
‫الدين‪.‬‬
‫وبالجملة؛ فكل من بذل نفسه لعزاز الدين‪ ،‬وتوهين أهل الكفر فهو المقام‬
‫الشريمف الذي تتوجمه إليمه مدحمة اللّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬وكريمم وعده‪ ،‬فمي قوله‬
‫سهُمْ َوَأمْوَاَلهُ مْ ِبأَنّ َلهُ مُ الجَ ّنةَ‬
‫‪ -‬سبحانه‪{ :-‬إِنّ اللّ هَ اشْ َترَى مِ نَ ا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ أَنفُ َ‬
‫علَيْ هِ‬
‫ُيقَا ِتلُو نَ فِي سَبِيلِ اللّ هِ فَ َيقْ ُتلُو نَ وَ ُيقْ َتلُو نَ وَعْدا َ‬
‫ّاسم المغامرة بالنفس‬
‫ِنم الن ِ‬
‫حَقّا} [التوبمة‪ ،]111 :‬وقال ‪-‬تعالى‪َ { :-‬وم َ‬
‫سهُ ا ْب ِتغَاءَ َمرْضَاتِ الّلهِ}»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫شرِي َنفْ َ‬
‫مَن يَ ْ‬
‫قال أبمو عمبيدة‪ :‬ممن الصمور التمي تخرج على هذا النوع فمي زماننما‪ :‬أن‬
‫يت سلل المجا هد إلى مع سكر من مع سكرات العدو‪ ،‬أو أن يد خل مجمعا ل هم‬
‫بسلحه اللي‪ ،‬أو بمجموعة قنابل‪ ،‬ويقوم بقتلهم حتى تنفد ذخيرته‪ ،‬فيلقون‬
‫القبمض عليمه ويقتلوه‪ ،‬والملحمظ هنما‪ ،‬أن احتمال نجاة هذا المجاهمد قليلة‪،‬‬
‫بسمبب كثرة العدو‪ ،‬وقوات أمنمه ودورياتمه‪ ،‬ففمي هذه الحالة يموت بيمد‬
‫أعدائه‪ ،‬مع أن في فعله نكاية شديدة بالعدو( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫والخل صة‪ :‬إن هذه الصورة مقيدة بقيود‪ ،‬اختلف العلماء في التعبير عنها‪،‬‬
‫والمعنى والفحوى والمضمون ‪-‬في الجملة‪ -‬واحد؛ وهو‪:‬‬
‫«أن يعلم أنمه ل ُيقْتمل حتمى َيقْتمل»‪ ،‬أو « لو علم أن لهجوممه نكايمة على‬

‫() «النجاد فسسسسسسي أحكام الجهاد» (‪/1‬ق ‪ - 134-133‬نسسسسسسسخة‬ ‫‪1‬‬

‫ه ذلك ‪-‬بِمنّه وكرمه‪.-‬‬‫سَر الل ّ ُ‬


‫تطوان)‪ ،‬وأعمل الن على تحقيقه‪ ،‬ي َ َّ‬
‫() أمسسا إذا لم تحصسسل النكايسسة فل يجوز‪ ،‬كمسسا تقدم قريبا ً فسسي كلم‬ ‫‪2‬‬

‫الغزالي‪ ،‬وكمسا سسيأتي فسي (عاشراً) فسي كلم للعّز والشاطسبي ‪-‬رحسم‬
‫اللّه الجميع‪.-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الكفار»‪ ،‬أو «علم أنمه يكسمر قلوب الكفار( ) بمشاهدتهمم جرأتمه»‪ ،‬أو أنمه‬
‫‪1‬‬

‫«سينكي نكاية أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون»‪ ،‬أو «ل يتر تب على ذلك‬
‫وهن في المسلمين»‪.‬‬
‫وهذه القيود متوفّرة في (العمليات) المبحوثة السابقة‪ ،‬إل أنه ينبغي الوقوف‬
‫بتأمل مع قول محمد بن الحسن‪« :‬إذا كان يطمع في نجاة»!‬
‫وممما ينبغمي التنبمه له‪ :‬أن القتمل بالتغريمر بالنفمس الجائز فمي النصموص‬
‫والنقولت السمابقة همو مما يقمع على أيدي الكفار وسملحهم‪ ،‬ولذا ل إشكال‬
‫في جواز هذه العمليات الفدائية( )‪ ،‬وأنها من قبيل العمليات الستشهادية‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫() مسن بديسع تأصسيل وتفصسيل العسز بسن عببد السبلم فسي كتابسه «قواعسد‬ ‫‪1‬‬

‫الحكام» (‪ - 2/397‬ط‪ .‬القلم) قوله‪« :‬لو قُت ِل عدوُّ النسان ظلماً‬


‫وتعدياً‪ ،‬فسسَّره قتلُه وفرح بسه‪ ،‬هسل يكون ذلك سسرورا ً بمعصسية اللّه أم‬
‫ل؟‬
‫حه‪،‬‬ ‫ي الل ّس ُ‬
‫ه فيسه‪ ،‬فبئس الفََر ُحس فََر ُس‬ ‫ص َ‬
‫فأجاب بقوله‪« :‬إن فرح بكونسه ع ُس ِ‬
‫ن فَرح بكونسه خلص مسن شّره وخلص النا ُ‬
‫سس مسن ظلمسه وغشمسه‪،‬‬ ‫وإ ْس‬
‫ولم يفرح بمعصية اللّه بقتله‪ ،‬فل بأس بذلك؛ لختلف َ‬
‫سبَبَي الفرح‪.‬‬
‫فإن قال‪ :‬ل أدري بأيّ المرين كان فرحي؟‬
‫نس الظاهسر مسن حال النسسان أنسه يفر ُحس بمصساب‬
‫قلنسا‪ :‬ل إثسم عليسك؛ ل ّ‬
‫عدوّه‪ ،‬لجسل السستراحة منه‪ ،‬والشماتة بسه‪ ،‬ل لجل المع صية‪ ،‬ولذلك‬
‫ة سماوية»‪.‬‬
‫حه‪ ،‬وإن كانت المصيب ُ‬ ‫يتحقّق فََر ُ‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬تأمسل هذا الكلم مسا أقعده‪ ،‬وتفقّسد قلوب المسسلمين‬
‫ن أفعالَك‬ ‫وسسرورهم لمسا يجري مسن شرور عدو هم‪ ،‬وعليسه فَقِس ْ‬
‫س‪ ،‬وَزِس ْ‬
‫وأقوالَك بميزان الشرع‪ ،‬بسسسل افعسسسل ذلك فسسسي خلجات قلبسسسك‪ ،‬وإل‬
‫فس(على نفسها تجني براقش)!‬
‫() من بديع تعليق شيخنا اللباني ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬في «صحيح الترغيب‬ ‫‪2‬‬

‫والترهيسب» (‪ )3/40‬قوله عنسد حديسث أبسي هريرة الصسحيح‪« :‬مسن‬


‫المغامرة بالنفس‬ ‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سابعا‪ :‬أما العمليات التي فيها القتل المحتّم لنفسه بنفسه‪ ،‬من خلل وضع‬
‫حزام فيمه متفجرات على بدنمه‪ ،‬أو فمي سميارة‪ ،‬ويُظهمر اسمتسلما للعداء‬
‫الكفار‪ ،‬أو يعمل بداية على الدخول بينهم للقضاء عليهم‪ ،‬كما يقوم به بعض‬
‫أبناء فلسمطين المحتلة ‪-‬أعادهما اللّه إلى حظيرة السملم والمسملمين‪-‬‬
‫باليهود‪ ،‬فهذا م ما اختل فت ف يه وجهات ن ظر العلماء‪ ،‬ب ين مو سع ومضيّق‬
‫ومتوسط‪:‬‬
‫فالمجوز بإطلق‪ ،‬دون شروط أو مراعاة ل يّ قيود‪ ،‬ليس بم(فقيه النفس)‪،‬‬
‫ول يوجمد مسموّغ شرعمي للنظمر فمي المصمالح فحسمب‪ ،‬دون النظمر إلى‬
‫(مآلت الفعال) والمفاسمد المترتبمة عليهما! وبهذا الكلم يفتمي المتحمّسمون‬
‫من الشباب‪ ،‬وهو أشبه ما يكون بم(المراهقة الفكرية)‪.‬‬
‫والمضيّق بإطلق‪ ،‬راعى نصوصا‪ ،‬ووقف عند ألفاظها‪ ،‬وأهمل المعاني‪،‬‬
‫مر)‬
‫من (المنتحم‬
‫ما! ولم يفرق بيم‬
‫ما ونظائرهم‬
‫مألة بأشباههم‬
‫مق المسم‬
‫ولم يلحم‬
‫و(المغامر)( )‪ ،‬إذ همّ الول الخلص من حياته‪ ،‬وهمّ الثاني إلحاق الضرر‬
‫‪1‬‬

‫بعدوّه‪ ،‬ولو غامر بنفسه! وعمل على هلكها‪.‬‬


‫ومما ينبغي ذكره بهذا الصدد أمور‪:‬‬
‫أولً‪:‬إن فتاوى المعاصرين في هذه المسألة موجزة غير مفصلة‪ ،‬وكل منهم‬

‫خيسسر معاش الناس‪ ...‬كلمسسا سسسمع هيعسسة أو فزعسسة‪ ،‬طار عليسسه يبتغسسي‬
‫القتل أو الموت مظانه‪ ،»...‬قال معلقاً‪« :‬انظر تفسيره ودللته على‬
‫جواز العمليات الفدائية فيما تقدم»‪.‬‬
‫() سسيظهر هذا التفريسق جليا ً فسي كلم الشيسخ اللبانسي ‪-‬رحمسه اللّه‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫التسي (ص ‪ ،)63‬خلفا ً لما أوهمسه الناقلون كل مه المقررون الحرمة‬


‫عنسسه‪ ،‬إذ مدارهسسا عنسسد الشيسسخ ‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬على غيسسر هذا المدرك‪،‬‬
‫فنقاشهم له تهويل بل تحصيل‪ ،‬وتطويل بل تفصيل‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يتكلّم على هذه العمليات من جهة‪ ،‬وبعض هذه الفتاوى تقتصر على واقعة‬
‫معينمة‪ ،‬أو يكون صماحبها واضعا فمي حسمبانه شيئا‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫معينا‪ ،‬ولذا يجممب مراعاة هذه المور‪ ،‬فقممد تختلف‬
‫الفتاوى باختلف الحالت‪ ،‬أو بتعدد البلدان‪ ،‬واختلف‬
‫الزمان والوان‪ ،‬فهمي تدور على المصملحة المتوخاة‪ ،‬المضبوطمة بقواعمد‬
‫الشرع ومقاصده‪ ،‬وجودا وعدما‪.‬‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫ثانيا‪ :‬إن الختلف فمي هذه المسمألة يقمع بيمن‬
‫العلماء بناءً على اختلف تصموّراتهم عنهما‪ ،‬فقواعدهمم واحدة‪ ،‬وتحقيمق‬
‫مناطها بينهم مختلف‪ ،‬ولو اتفقت أنظارهم لتّحدت فتاويهم‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫الخلف فيه سعة‪ ،‬إذ ل يوجد فيه تعدّ على النصوص‪ ،‬فالحقّ مع الطرفين‪،‬‬
‫ولكمن ينقمص المخطمئ العدل( )! وهذا النوع يقمع بيمن أصمحاب المدرسمة‬
‫‪1‬‬

‫الواحدة‪ ،‬والمشرب والمذهب الواحد!‬


‫ثالثا‪ :‬هنالك فرق بين ما يستدل به المجوّزون من نصوصٍ وحوادثَ وقعت‬
‫للمجاهدين في العصور السابقة‪ ،‬وبين هذه العمليات‪ ،‬وأهم هذه الفروق‪ :‬أن‬
‫في تلك الحداث موتا على أيدي العداء‪ ،‬والط مع في النجاة حا صل‪ ،‬ولو‬
‫باحتمال ضئ يل‪ ،‬بخلف ما في هذه العمليات‪ ،‬إذ الموت مح قق‪ ،‬و هو ب يد‬
‫صاحبها!‬
‫وقد عبر عن ذلك بعض المعاصرين بقوله‪ « :‬فمن ألقى بنفسه في الهلك‬
‫لصالح دينه‪ ،‬أو لصالح المسلمين‪ ،‬فقد فدى دينه وإخوانه بنفسه‪ ،‬وذلك غاية‬
‫التضحية وأعلها‪ ،‬وكم للمسلمين الوائل من مواقف مشهودة كلها تضحية‬
‫وفداء‪ ،‬وبذلك ت ستطيع أن تج يز ما يعمله الفدائي الم سلم في ع صرنا هذا‪،‬‬

‫() ولذا ينبغسي تعليسق هذه (المسسائل) على (المجامسع الفقهيسة)‪ ،‬بعسد‬ ‫‪1‬‬

‫الستماع إلى وجهة نظر أهل الختصاص‪ ،‬والتصور الدقيق لها‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫من أعمال يذ هب هو ضحيت ها ب عد أن يكون قد ن كل بالعدو وق تل ود مر‪،‬‬
‫وذلك م ثل‪ :‬إغراق سفينة ب من في ها من العداء و هو مع هم‪ ،‬احتلل فندق‬
‫لقتل من فيه من المقاتلين وهو يعلم أنه يُقتل معهم‪ ،‬وضع المتفجرات في‬
‫معسكر‪ ،‬أو في مصنع حربي‪ ،‬أو في إدارة عسكرية للقضاء على من فيها‪،‬‬
‫وهمو يعلم أنمه ل نجاة له‪ ،‬إلى آخمر مثمل هذه المور‪ ،‬ولكمن ل يجوز أن‬
‫يلتمف بحزام ناسمف لينسمف نفسمه وممن بجواره‪ ،‬والفرق أن الصمل فمي‬
‫متطاع‬
‫مل عدوه‪ ،‬وجاء قتله تبعا لذلك‪ ،‬ولذلك لو اسم‬
‫مه يقتم‬
‫الحالة الولى أنم‬
‫الهروب من القتل والنجاة بعد التفجير وجب عليه ذلك‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية فالصل فيها قتل نفسه أولً ليقتل غيره‪ ،‬وقد ل يقتل هذا‬
‫الغير لسبب من السباب‪ ،‬وإقدامه على قتل نفسه ابتداءً‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫ل يحل في مثل هذه الظروف»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫مع شروط وقيود( )؛‬


‫‪2‬‬
‫مي هذه العمليات‪ :‬الجواز مم‬
‫رابعا‪ :‬الذي أُراه راجحا فم‬
‫إعمالً للمعاني( )‪ ،‬وإلحاقا للمسألة بأشباهها ونظائرها عند الفقهاء‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ول بد من (الشروط) و(القيود)؛ ل نّ المحاف ظة على الن فس من المقا صد‬


‫الشرعيمة الكمبرى‪ ،‬فكيمف يتعممد مسملم فمي إزهاق نفسمه ليقتمل عدوه؟‬

‫() «الجهاد والفدائية في السلم» (‪ )167-166‬لحسن أيوب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظرها في النقطة العاشرة (ص ‪.)77-70‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مسسسن سسسسمات المحققيسسسن مسسن الفقهاء‪ :‬عدم التعدي على ألفاظ‬ ‫‪3‬‬

‫النصسسوص مسسع إعمال معانيهسسا‪ ،‬فالجمود على اللفسسظ ظاهريسسة غيسسر‬


‫محمودة‪ ،‬والتوسسع فسي العلل والمعانسي إهدار للدلّة‪ ،‬والمواءمسة بيسن‬
‫المريسن هسو المسسلك الوسسط‪ ،‬وهسو الصسواب والقسسط‪ ،‬ولبسن القيسم‬
‫فسسسي كتابسسسه الفسسسذ «إعلم الموقعيسسسن» نقدات ووقفات مسسسع أخطاء‬
‫الفريقيسسن‪ ،‬تشسسد إليهسسا الرحال‪ ،‬وتكتسسب بماء العيون ل الذهسسب‪ ،‬واللّه‬
‫الموفق‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والمحافظة على بقاء المسلم مقدم على إزهاق روح الكافر‪ ،‬ولما كانت هذه‬
‫العمليات خلف هذا الصل‪ ،‬احتجنا إلى قيود وشروط لتجويزها‪.‬‬
‫وأ ما (المعا ني)‪ ،‬ف قد وجد نا الفقهاء يجوزون ق تل الم سلمين إذا تترس ب هم‬
‫الكفار‪ ،‬حفظا لبيضتهم‪ ،‬ومن المعلوم أن قتل الجماعة أشد وأعظم إثما من‬
‫ق تل الوا حد‪ ،‬وق تل الغ ير أع ظم من ق تل الن فس‪ ،‬و قد جوّز الفقهاء ذلك بناءً‬
‫على الم صلحة المترت بة‪ ،‬قال ا بن تيم ية ‪-‬رح مه اللّه‪« :-‬و قد ات فق العلماء‬
‫على أ نّ جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين‪ ،‬وخيف‬
‫على المسملمين الضرر‪ ،‬إذا لم يُقاتلوا‪ ،‬فإنهمم يُقاتلون‪ ،‬وإن أفضمى ذلك إلى‬
‫قتل المسلمين الذين تترسوا بهم»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ل الجماعمة ممن المسملمين‪ ،‬فقتمل المجاهمد نفسمه‬


‫فإذا جاز لدرء الضرر قت ُ‬
‫جائز من باب أولى‪ ،‬و قد نوّه الحا فظ ا بن ح جر في شر حه (باب‪ :‬ما جاء‬
‫في قاتل النفس) بذلك‪ ،‬وأورد البخاري تحته أحاديث قتل المسلم نفسه‪ ،‬فقال‬
‫ابن حجر‪« :‬أراد ‪-‬أي‪ :‬البخاري‪ -‬أن ُي ْلحِ قَ بقاتل نفسه قاتلَ غيره من باب‬
‫الولى؛ لنه إذا كان قاتلُ نفسه لم يتعدّ ظلم نفسه ثبت‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫ظلَم غيرَه بإفاتمة‬
‫م َ‬
‫فيمه الوعيمد الشديمد‪ ،‬فأولى مَن ْ‬
‫نفسه»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫فإذا كان العظم إثما‪ ،‬وقتل الكثر عددا جائزا في هذه الصورة لمعنىً‬

‫() « مجموع الفتاوى» (‪ ،)28/548‬وأطلق عليهم في تتمة كلمه‬ ‫‪1‬‬

‫بأنهسم ‪-‬أي‪ :‬المقتوليسن بأيدي المسسلمين مسن المتتَّرس بهسم‪ -‬شهداء‪،‬‬


‫قال‪« :‬ول يترك الجهاد الواجسسب لجسسل مسسن يقتسسل شهيداً‪ ،‬ومسسن قتسسل‬
‫وهسسو فسسي الباطسسن ل يسسستحق القتسسل لجسسل مصسسلحة السسسلم‪ ،‬كان‬
‫شهيداً»‪.‬‬
‫() «فتح الباري» (‪.)3/227‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪ -‬و هو‪ :‬تفادي الضرر الشد يد‪ -‬فإ نه من باب أولى يجوز ال خف وزرا‪،‬‬
‫وق تل ال قل عددا( )‪ ،‬إن تحق قت العلّة والضرر نف سه أو ما هو أ شد م نه‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫واللّه الموفق‪.‬‬
‫ويلحق بهذا المعنى ما ذكره العلمة الشيخ محمد بن إبراهيم ‪-‬رحمه اللّه‪-‬‬
‫في « فتاويه»( )‪ ،‬قال‪ « :‬الفرنساويون في هذه السنين تصلبوا في الحرب‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫ويسمتعملون « الشرنقات »( ) إذا اسمتولوا على واحمد ممن الجزائرييمن‪،‬‬


‫‪3‬‬

‫() مسع مراعاة الفرق بيسن المريسن‪ ،‬وهسو فسي نظري غيسر جوهري ول‬ ‫‪1‬‬

‫مؤثر في الحكم الشرعي‪ ،‬وهو‪ :‬أن الكفار هم الذين عرضوا الترس‬


‫البشري من المسلمين للخطر‪ ،‬بينما في هذه العمليات يكون القائم‬
‫بهسا هسو المعرض نفسسه للهلك‪ ،‬والعلة الجامعسة فسي الصسورتين (قتسل‬
‫مسلم لدرء ضرر ل يندفع إل بذلك)!‬
‫وذهسسب جمسسع مسسن العلماء والمفكريسسن والمطلعيسسن إلى (جواز هذه‬
‫يجوزونهسا‪ :‬الشيسخ العلمسة عبداللّه بسن‬
‫ّ‬ ‫العمليات)‪ ،‬ومسن العلم الذيسن‬
‫حميسد (قاضسي قضاة مكسة سسابقاً)‪ ،‬والدكتور الشيسخ وهبسة الزحيلي‪،‬‬
‫والدكتور محمسسد سسسعيد رمضان البوطسسي‪ ،‬نقله عنهمسسا نواف هايسسل‬
‫التكروري فسسي «العمليات السسستشهادية فسسي الميزان الفقهسسي» (ص‬
‫‪ ،)88-87‬وأسسسستاذنا الدكتور علي الصسسسوا‪ ،‬والدكتور همام سسسسعيد‪،‬‬
‫وفتواهمسسا فسسي جريدة «السسسبيل» الردنيسسة (العدد ‪ ،)121‬السسسنة‬
‫الثالثسسسة‪ ،‬آذار (‪1996‬م)‪ ،‬والدكتور عجيسسسل النشمسسسي‪ ،‬وعبدالرزاق‬
‫الشايجسسسسي‪ ،‬كمسسسسا فسسسسي مجلة «المجتمسسسسع»‪ ،‬العدد الصسسسسادر فسسسسي‬
‫‪19/3/1996‬م‪ ،‬وشيخ الزهر سابقا ً محمد السيد طنطاوي‪ ،‬كما‬
‫في جريدة «السفير»‪ ،‬العدد الصادر في ‪10/4/1997‬م‪.‬‬
‫رقم ‪.)1479‬‬ ‫() (‪6/207-208‬‬ ‫‪2‬‬

‫() هسي مسا تسسمى فسي بلد الشام بسس(الشرنجسة)؛ وهسي‪ :‬الحقنسة التسي‬ ‫‪3‬‬

‫يكون بهسا الدواء‪ ،‬وكان الفرنسسيون على حقسن هذه (الشرنقات) فسي‬
‫ب‬
‫أسرى المسلمين من المجاهدين لنتزاع العترافات منهم‪ ،‬بأسلو ٍ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ليعلم هم بالذخائر والمكا من‪ ،‬و من يأ سرونه قد يكون من الكابر‪ ،‬في خبرهم‬
‫أن في المكان الفلني كذا وكذا‪.‬‬
‫وهذه البرة ت سكره إسمكارا مقيدا‪ ،‬ثم هو مع هذا كل مه مما يختلط‪ ،‬فهمو‬
‫يختص بما يبينه بما كان حقيقة وصدقا‪.‬‬
‫جاءنما جزائريون ينتسمبون إلى السملم يقولون‪ :‬همل يجوز للنسمان أن‬
‫ينتحر مخافة أن يضربوه بالشرنقة‪ ،‬ويقول‪ :‬أموت أنا‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫وأنا شهيد ‪-‬مع أنهم يعذبونهم بأنواع العذاب‪-‬؟‬
‫فقلنما لهمم‪ :‬إذا كان كمما تذكرون فيجوز‪ ،‬وممن دليله‪:‬‬
‫«آمَنّا ِبرَبّ الغُلم»‪ ،‬وقول بعض أهل العلم‪ :‬إن السفينة‪ ...‬إلخ‪ .‬إل أن فيه‬
‫التو قف من ج هة ق تل الن سان نف سه‪ ،‬ومف سدة ذلك أع ظم من مف سدة هذا‪،‬‬
‫فالقاعدة محكمة‪ ،‬وهو مقتول ول بد»( ) انتهى‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قلت‪ :‬قوله‪« :‬وقول ب عض أ هل العلم‪ :‬إن ال سفينة‪»...‬؛ ير يد‪ :‬مثالً مشهورا‬


‫في كتب الفقه‪ ،‬يؤكّد ما نحن بصدده من إعمال (المعاني)‪ ،‬وهذه نصوص‬
‫من كتب العلماء توضح المومئ إليه‪:‬‬
‫جاء في «المدونة»( ) للمام مالك‪(-« :‬أي‪ :‬سحنون يسأل اب نَ القاسم‪ ،‬تلميذَ‬
‫‪2‬‬

‫مؤذ ٍ خبيث‪.‬‬
‫() انظر في مسألة (قتل المسلم نفسه إذا تيقّن من الوقوع في‬ ‫‪1‬‬

‫ُ‬
‫أسر العدو) أو من (أجل التخل ّص من التعذيب)‪« :‬الجهاد والفدائية‬
‫في السلم» (ص ‪ )167‬لحسن أيوب‪« ،‬الجهاد والقتال» لمحمد‬
‫خير هيكل (‪« ،)2/1403‬الموسوعة الطبية الفقهية» (‪)105‬‬
‫لحمد كنعان‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬الراجح بقوّة حرمة قتل النسان نفسه إذا وقع‬
‫ب سواه‪.‬‬‫أسيراً‪ ،‬أو خشي من تعذيب العدو له‪ ،‬واللّه الموفق ل ر ّ‬
‫() (‪.)2/25‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أرأيتم السمفينةَ إذا أحرقهما العدوّ وفيهما أهلُ السملم‪ ،‬أكان‬
‫َ‬ ‫المام مالك)‪-‬‬
‫«مالكٌ» يَكرَهُ لهم أن يطرحوا بأنفسهم؟ وهل يراهم قد أعانوا على أنفسهم؟‬
‫قال‪ :‬بلغ ني أنّ «مالكا» سُئل ع نه‪ ،‬فقال‪ :‬ل أرى به بأ سا‪ ،‬إنّ ما يفرّون من‬
‫الموت إلى الموت! قال اب نُ َوهْب‪ :‬قال ربيعةُ‪ :‬أيّما َرجُلٍ َيفِرّ من النار إلى‬
‫أمر يعرِف أنّ فيه قَ ْتلَه‪ ،‬فل ينبغي له‪ ،‬إذا كان إنما يفرّ من موت إلى موت‬
‫وإنم كان إنمما تحاملَ فمي ذلك رجاءَ‬
‫ْ‬ ‫أيسمرَ منمه‪ ،‬فقمد جاء مما ل َيحِلّ له‪،‬‬
‫عطَ بَ‬
‫النجاة‪ ...‬فكلّ مُتحامل لمر يرجو النجاة فيه فل جُنَا حَ عليه‪ ،‬وإ نْ َ‬
‫فيه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وبلغني عن ربيعةَ أنه قال‪ :‬إنْ صبر فهو أكرمُ ‪-‬إن شاء اللّه‪.»-‬‬
‫وقال ابمن جزي‪« :‬وقمد اختُلف فمي المركمب يُلقمى عليمه النارُ‪ ،‬همل يُلقمي‬
‫الرجلُ نف سَه ليغرق أم ل؟ وأمّ ا إ نْ قو تل فل يُغرق نف سَه‪ ،‬بل ي قف للقتال‬
‫حتى يموت»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال الدرديمر‪ « :‬وجاز انتقالٌ ممن سمبب موت لخمر؛ كحرقهمم سمفينة إن‬
‫طرَ حَ نف سَه في البحر هلك‪ ،‬ووجب النتقالُ إن رجا‬
‫استمرّ فيها هلك‪ ،‬وإن َ‬
‫به حياةً‪ ،‬أو طولَها‪ ،‬ولو حصل له معها ما هو أشدّ من الموت! لنّ حفظ‬
‫النفوس واجبٌ ما أمكن!»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫عّلقَ الدّسُوقي على ما سبق‪ ،‬فقال‪ « :‬فَرضُ المسألة استواءُ المرين؛ أي‪:‬‬
‫وَ‬

‫() «قوانين الحكام الشرعية» (ص ‪.)165‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «الشرح الكسسبير» (‪ ،)184-2/183‬وقال محمسسد عليسسش فسسي‬ ‫‪2‬‬

‫«منسح الجليسل» (‪« :)165 /3‬وجاز لمسن يتيقّسن الموت‪ ،‬وتعارضست‬


‫عليسه أسسبابه انتقال مسن سسبب موت؛ كحرق مركسب هسو بهسا‪ ،‬لسسبب‬
‫آخر؛ كطرح نفسه في بحر مع عدم معرفة ع َو ْمٍ‪ ،‬ووجب النتقال إن‬
‫رجسا بسه ‪-‬ولو شكاً‪ -‬حياة مسستمرة‪ ،‬أو طولهسا‪ ،‬ولو يحصسل له مسا هسو‬
‫ن حفظ النفس واجب ما أمكن»‪.‬‬ ‫أشد من الموت المع َّ‬
‫جل؛ ل َّ‬
‫المغامرة بالنفس‬

‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬


‫خزيران»‬
‫يعل مُ أنه إ نْ مكث (أي‪ :‬في السفينة المحترقة) مات حالً‪ ،‬وإ نْ رمى نف سَه‬
‫في البحر مات حالً‪ ،‬وأمّا إنْ علم أنه إنْ نزل البحر مكث حيا‪ ،‬ولو درجةً‪،‬‬
‫شكّ فيه! وإنْ مكث (أي‪ :‬في السفينة المحترقة) مات حالً‪:‬‬
‫أو ظنّ ذلك‪ ،‬أو َ‬
‫وجب عليه النزولُ في البحر!»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال ا بن قدا مة المقد سي الحنبلي‪ « :‬وإذا أل قى الكفارُ نارا في سفينة في ها‬


‫م سلمون‪ ،‬فاشتعلت في ها‪ ،‬ف ما غلب على ظن هم ال سلمةُ ف يه من بقائ هم في‬
‫مركب هم‪ ،‬أو إلقاء نفو سهم في الماء‪ ،‬فالولى ل هم فِعلُه‪ ،‬وإن ا ستوى عند هم‬
‫المران‪ ،‬فقال أحمد‪ :‬كيف شاء يصنع‪ .‬قال الوزاعي‪ :‬هما مَوْتتان‪ ،‬فاختر‬
‫أي سرَهما! وقال أ بو الخَطّاب‪ :‬ف يه روايةٌ أخرى أن هم يلزم هم المُقام؛ لن هم‬
‫إذا َرمَوْا نفوسمَهم فمي الماء كان موتُهمم ِبفِعلهمم‪ ،‬وإن أقاموا فموتهمم بفعمل‬
‫غيرهم»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وم ما يؤ كد إعمال (المعا ني) في هذا الباب‪ ،‬ما ذكره ال عز بن ع بد ال سلم‬


‫في اختلف ال ثم في ق تل النفوس‪ ،‬قال ب عد كلم‪« :‬ول يس مَن ق تل فا سقا‬
‫ظالما من فُ سّاق الم سلمين بمثا بة مَن ق تل إماما عدلً أو حاكما مق سطا أو‬
‫واليا منصمفا؛ لمما فوّتمه على المسملمين ممن العدل والقسماط والنصماف‪،‬‬
‫علَى بَن ِي‬
‫ِكم كَتَبْن َا َ‬
‫ِنم أَجْلِ ذل َ‬
‫وعلى هذا حَم َل بعضُهمم قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬م ْ‬
‫سرَائِيلَ َأنّ هُ مَن َقتَلَ َنفْ سا ِب َغ ْيرِ َنفْ سٍ أَوْ فَ سَادٍ فِي‬
‫إِ ْ‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫َنم َأحْيَاه َا‬
‫جمِيعا َوم ْ‬
‫ّاسم َ‬
‫ْضم َف َكأَنّم َا قَتَلَ الن َ‬
‫لر ِ‬‫اَ‬
‫جمِيعا} [المائدة‪.]32 :‬‬
‫َف َكأَ ّنمَا َأحْيَا النّاسَ َ‬
‫جعِلَ إثمُ ها كإ ثم مَ نْ ق تل النا سَ‬
‫لَمّا ع مت المف سدةُ في ق تل أ حد هؤلء‪ُ ،‬‬

‫() «حاشية الدسوقي» (‪.)2/184‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «المغني» (‪ ،)555-10/554‬وانظره مع «الشرح الكبير» (‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)10/389‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫جميعا؛ لِمَا فَوّتَ هُ على الناس من م صالح بقائه‪ ،‬وَلمّ ا عمّ ت الم صلحةُ في‬
‫إنقاذ ولة العدل والقسماط والنصماف ممن المهالك‪ ،‬جُع ِل أجرُ مُ ْنقِذِهما‪،‬‬
‫كأ جر من أن قذ الناس من أ سباب الهلك جميعا؛ لعموم ما سعى ف يه من‬
‫المصالح»‪.‬‬
‫قطعم العالم أو الحاكمم أو المفتمي أو المام العظمم‬
‫ُ‬ ‫وكذلك قوله‪« :‬وليمس‬
‫لسان نفسه‪ ،‬كقطع من ل يُن َتفَعُ بلسانه لسانَ نفسِه»‪.‬‬
‫قال‪« :‬والمدارُ فمي هذا كله على رُتَب تفويمت المصمالح وتحقيمق المفاسمد‪،‬‬
‫أعظمم وزرا‪ ،‬فليسمت‬
‫َ‬ ‫فكمل عضوٍ كانمت منفعتُه أَتَمّ‪ ،‬كانمت الجنايةُ عليمه‬
‫الجنايةُ على العقل واللسان كالجناية على الخناصر والذان»‪.‬‬
‫قال‪« :‬من قتل إماما عَ ْدلً‪ ،‬أو حاكما مُق سِطا‪ ،‬أو مفتيا مُبرّزا‪ ،‬كان عليه إثم‬
‫جلْب المصالح‬
‫القتل‪ ،‬وإثم ما فوّت على المسلمين مما كانوا يقومون به من َ‬
‫و َدرْء المفاسد»‪.‬‬
‫قال‪« :‬وكذلك من ق تل أباه‪َ ،‬أثِ مَ إ ْث مَ الق تل وإثْ مَ العقوق؛ لتحقي قه المف سدتين‬
‫بفعل واحد»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫نماذج من فتاوى علماء العصر الربانيين‬ ‫‪‬‬


‫ثامنا‪ :‬هذه نماذج من فتاوى علماء العصر‪ ،‬يظهر من خللها أن المنع لما‬
‫يترتممب على هذه الفتاوى مممن أضرار‪ ،‬فأطلق المانعون الحرمممة لهذا‬
‫مابه‪ ،‬وقتله‬
‫مة العدو‪ ،‬إو إقرارا له على احتلله واغتصم‬
‫العتبار‪ ،‬ل لحرمم‬
‫وبط شه! ويم كن أن نج عل هذه المحاذ ير بمثا بة قيود لل حل! فتض يق الهوة‬
‫بين المختلفين‪ ،‬وتتقارب وجهات نظرهم‪ ،‬وينحصر( ) الخلف بينهم!‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬ط‪ .‬القلم)‪.‬‬ ‫() «قواعد الحكام» (‪182-181 ،1/180‬‬ ‫‪1‬‬

‫() نعم؛ ينحصر‪ ،‬ولكن ل يتلشى‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين ‪ -‬رحمه اللّه‬ ‫‪‬‬
‫تعالى‪-‬‬
‫للشيمخ ابمن عثيميمن ‪-‬رحممه اللّه‪ -‬كلم فمي أكثمر ممن مكان على هذه‬
‫العمليات‪ ،‬المتأمل فيه يجد أن الشيخ يمنع العمليات القائمة في بلد فلسطين‬
‫وغير ها‪ ،‬تقديرا م نه على أن الضرار في ها غال بة على و جه ظا هر عنده‪،‬‬
‫و من أن عم الن ظر في كل مه ي جد أن هذه العمليات ‪-‬عنده‪ -‬لها وجود بقيود‬
‫في الشرع‪ ،‬فإدراجه ضمن المانعين لها بإطلق ليس بصحيح( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قال فمي «شرح رياض الصمالحين» (‪ )166-1/165‬فمي شرح حديمث قصمة‬


‫أصمحاب الخدود‪ ،‬محدّدا الفوائد المسمتنبطة منمه‪« :‬إن النسمان يجوز أن‬
‫يغرر بنفسمه فمي مصملحة عامّةم للمسملمين‪ ،‬فإن هذا الغلم دلّ الملك على‬
‫أمر يقتله به ويهلك به نفسه‪ ،‬وهو أن يأخذ سهما من كنانته‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫قال ش يخ ال سلم‪« :‬لنّ هذا جهاد في سبيل اللّه‪ ،‬آمَنَت أمّ ة و هو لم يفت قد‬
‫شيئا؛ لنّه مات‪ ،‬وسيموت آجلً أو عاجلً»‪.‬‬
‫فأمّ ا ما يفعله بعض الناس من النتحار‪ ،‬بح يث يح مل آلت متفجرة ويتقدّم‬
‫ب ها إلى الكفار‪ ،‬ثم يفجر ها إذا كان بين هم‪ ،‬فإن هذا من ق تل الن فس والعياذ‬
‫باللّه‪ ،‬ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد البدين‪ ،‬كما جاء في‬
‫الحديث عن النبي ‪-‬عليه الصلة والسلم‪.) (-‬‬
‫‪2‬‬

‫لن هذا ق تل نف سه ل في مصلحة ال سلم؛ ل نه إذا ق تل نف سه وق تل عشرة‬


‫أو مئة أو مئتيمن‪ ،‬لم ينتفمع السملم بذلك‪ ،‬فلم يُسملم الناس‪ ،‬بخلف قصمة‬
‫‪ )(1‬كمسا فعسل الدكتور محمسد طعمسة القضاة فسي «المغامرة بالنفسس فسي‬
‫القتال» (ص ‪ )38‬وغيره‪.‬‬
‫() يريسسد‪ :‬مسسا أخرجسسه البخاري (‪ ،)5778‬ومسسسلم (‪ )109‬ضمسسن‬ ‫‪2‬‬

‫حديث فيه‪« :‬ومن قتل نفسه بحديدة‪ ،‬فحديدته في يده‪ ،‬يجأ بها في‬
‫بطنه في نار جهنم خالدا ً فيها أبداً»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الغلم‪ ،‬وهذا ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغر صدره هذا العمل‪ ،‬حتى يفتك‬
‫بالمسلمين أشدّ فتك‪.‬‬
‫ك ما يو جد من صنع اليهود مع أ هل فل سطين‪ ،‬فإن أ هل فل سطين إذا مات‬
‫الواحمد منهمم بهذه المتفجرات‪ ،‬وقتمل سمتة أو سمبعة‪ ،‬أخذوا ممن جراء ذلك‬
‫ستين نفرا أو أك ثر‪ ،‬فلم يح صل في ذلك ن فع للم سلمين‪ ،‬ول انتفاع للذ ين‬
‫فُجرت المتفجرات في صفوفهم‪.‬‬
‫ولهذا نرى أنّ ما يفعله بعض الناس من هذا النتحار‪ ،‬نرى أنه قتل للنفس‬
‫بغيمر حمق‪ ،‬وأنّهم مُوجمب لدخول النار ‪-‬والعياذ باللّه‪ ،-‬وأن صماحبه ليمس‬
‫بشهيد‪ ،‬لكن إذا فعل النسان هذا متأولً ظانا أنه جائز‪ ،‬فإننا نرجو أن يَسلَم‬
‫ممن الثمم‪ ،‬وأمّام أن تكتمب له الشهادة فل؛ لنمه لم‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫يسلك طريق الشهادة‪ ،‬ومن اجتهد وأخطأ فله أجر»‬
‫انتهى كلمه‪.‬‬
‫إذا؛ الشيمخ ابمن عثيميمن ‪-‬رحممه اللّه‪ -‬يرى أن النتائج المترتبمة على هذه‬
‫العمليات‪ ،‬هي التي تقرر مشروعيتها من عدمها‪ ،‬وأن في تقدير الشيخ أن‬
‫ما يقوم به أ هل فل سطين ممنوع؛ ل ما يتر تب عل يه من آثار سيئة في حق‬
‫سائر أفراد الشعب‪ ،‬وقد صرح بذلك في «اللقاء الشهري» (‪ ،)20‬وهذا نص‬
‫السؤال والجواب بالحرف‪:‬‬
‫«السؤال‪ :‬فضيلة الشيخ! علمت ‪-‬حفظك اللّه‪ -‬ما حصل في يوم الربعاء‬
‫من حادث قُتل فيه أكثر من عشرين يهوديا على يد أحد المجاهدين‪ ،‬وجرح‬
‫فيه نحو خمسين‪ ،‬وقد قام هذا المجاهد فل فّ على نفسه المتفجرات‪ ،‬ودخل‬
‫في إحدى حافلتهم ففجّرها‪ ،‬وهو إنما فعل ذلك‪:‬‬
‫لنم اليهود يقتلون الشباب‬
‫أولً‪ :‬لنمه يعلم أنمه إن لم يقتمل اليوم قُتمل غدا؛ ّ‬
‫المسلم هناك بصورة منتظمة‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ثانيا‪ :‬إن هؤلء المجاهديممن يفعلون ذلك انتقاما مممن اليهود الذيممن قتلوا‬
‫المصلين في المسجد البراهيمي( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ثالثا‪ :‬إنهمم يعلمون أن اليهود يخططون همم والنصمارى للقضاء على روح‬
‫الجهاد الموجودة في فلسطين‪.‬‬
‫والسمؤال همو‪ :‬همل هذا الفعمل منمه يعتمبر انتحارا أو يعتمبر جهادا؟ ومما‬
‫نصيحتك في مثل هذه الحال‪ ،‬لننا إذا علمنا أن هذا أمر محرّم لعلنا نبلغه‬
‫إلى إخواننا هناك‪ ،‬وفقك اللّه؟‬
‫الجواب‪ :‬هذا الشاب الذي وضع على نفسه اللباس الذي يقتل‪ ،‬أول من يقتل‬
‫نفسه‪ ،‬فل شك أنه هو الذي تسبب في قتل نفسه‪ ،‬ول يجوز مثل هذه الحال‬
‫إل إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للسلم‪ ،‬فلو كانت هناك مصلحة كبيرة‬
‫ونفع عظيم للسلم‪ ،‬كان ذلك جائزا‪.‬‬
‫و قد نص ش يخ ال سلم ا بن تيم ية ‪-‬رح مه اللّه‪ -‬على ذلك‪ ،‬وضرب لهذا‬
‫مثلً بق صة الغلم‪ ،‬الغلم المؤ من الذي كان في أ مة يحكم ها ر جل مشرك‬
‫كافر‪ ،‬فأراد هذا الحاكم المشرك الكافر أن يقتل هذا الغلم المؤمن‪ ،‬فحاول‬
‫عدة مرات‪ ،‬مرة ألقاه ممن أعلى جبمل‪ ،‬ومرة ألقاه فمي البحمر‪ ،‬ولكنمه كلمما‬
‫حاول ذلك ن جى اللّه ذلك الغلم‪ ،‬فتعجمب هذا الملك الحاكمم‪ ،‬فقال له الغلم‬
‫يوما من اليام‪ :‬أتر يد أن تقتل ني؟ قال‪ :‬ن عم‪ ،‬و ما فعلت هذا إل لقتلك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫اجمع الناس في صعيد واحد‪ ،‬ثم خذ سهما من كنانتي‪ ،‬واجعله في القوس‪،‬‬
‫ثم ارمني به‪ ،‬قل‪ :‬بسم اللّه ر بّ الغلم‪ .‬وكانوا إذا أرادوا أن يسموا‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫باسم الملك‪ ،‬لكن قال له‪ :‬قل‪ :‬بسم اللّه رب هذا الغلم‪.‬‬

‫() قام يهودي ٌّس حاقسد‪ ،‬اسسمه (جولدشتايسن) بقتسل أكثسر مسن خمسسة‬ ‫‪1‬‬

‫وثلثيسن مصسليا ً فسي المسسجد البراهيمسي بالخليسل‪ ،‬أثناء أدائهسم لصسلة‬


‫الفجر من يوم الجمعة ‪/15‬رمضان‪1414 /‬هس‪.‬‬
‫المغامرة بالنفس‬

‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬


‫خزيران»‬
‫فجمع الناس في صعيد واحد‪ ،‬ثم أخذ سهما من كنانته‪ ،‬ووضعه في القوس‪،‬‬
‫وقال‪ :‬بسمم رب هذا الغلم‪ ،‬وأطلق القوس‪ ،‬فضربمه‪ ،‬فهلك‪ ،‬فصماح الناس‬
‫كل هم‪ :‬الرب ر بّ الغلم‪ ،‬والر بّ ر بّ الغلم‪ ،‬وأنكروا ربوب ية هذا الحا كم‬
‫المشرك؛ لن هم قالوا هذا الر جل الحا كم فعل كل ما يم كن أن يهلك به هذا‬
‫الغلم‪ ،‬ولم يسمتطع إهلكمه‪ ،‬ولمما جاءت كلممة واحدة‪ :‬بسمم اللّه رب هذا‬
‫الغلم‪ ،‬هلك‪ ،‬إذا مدبر الكون؛ هو‪ :‬اللّه‪ ،‬فآمن الناس‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم‪ :‬هذا حصل فيه نفع كبير للسلم‪.‬‬
‫وإن من المعلوم‪ ،‬أن الذي تسبب في قتل نفسه هو هذا الغلم ل شك‪ ،‬لكنه‬
‫حصل بهلك نفسه نفع كبير؛ آمنت أمة كاملة‪ ،‬فإذا حصل مثل هذا النفع‪،‬‬
‫فللنسان أن يفدي دينه بنفسه‪ ،‬أما مجرد قتل عشرة أو عشرين دون فائدة‪،‬‬
‫ودون أن يتغيمر شيمء ففيمه نظمر‪ ،‬بمل همو حرام‪ ،‬فربمما أخمذ اليهود بثأر‬
‫هؤلء فقتلوا المئات‪ ،‬والحا صل أن م ثل هذه المور تحتاج إلى ف قه وتدبر‪،‬‬
‫ونظر في العواقب‪ ،‬وترجيح أعلى المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين‪ ،‬ثم‬
‫بعد ذلك تقدّر كل حالة بقدرها»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫و سئل الش يخ ‪-‬رح مه اللّه تعالى‪ -‬ب ما يلت قي مع الجواب ين ال سابقين‪ ،‬وف يه‬
‫زيادة في حكم من فعل ذلك مجتهدا وقد أخطأ في تقدير المصالح والمفاسد‪،‬‬
‫وهذا نص السؤال والجواب‪:‬‬
‫السؤال‪ :‬ما الحكم الشرعي فيمن يضع المتفجرات في جسده‪ ،‬ويفجر نفسه‬
‫بين جموع الكفار نكاية بهم؟ وهل يصح الستدلل بقصة الغلم الذي أمر‬
‫الملك بقتله؟‬
‫الجواب‪« :‬الذي يج عل المتفجرات في ج سمه من أ جل أن ي ضع نف سه في‬

‫صسفر‪/‬العدد (‪( )145‬ص ‪-20‬‬ ‫() جريدة «الفرقان» الكويتيسة‪28 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)21‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫خزيران»‬
‫مجتمع من مجتمعات العدو‪ ،‬قاتل لنفسه‪ ،‬وسيعذب بما قتل به نفسه في نار‬
‫في من ق تل نف سه في‬ ‫جه نم خالدا في ها مخلدا‪ ،‬ك ما ث بت ذلك عن ال نبي‬
‫شيء يعذب به في نار جهنم‪.‬‬
‫وعجبا من هؤلء الذين يقومون بمثل هذه العمليات‪ ،‬وهم يقرؤون قول اللّه‬
‫س ُكمْ إِنّ اللّ هَ كَا نَ ِب ُك مْ َرحِيما}‪ ،‬ثم فعلوا ذلك‪ ،‬هل‬
‫‪-‬تعالى‪{ :-‬وَلَ َتقْ ُتلُواْ أَ ْنفُ َ‬
‫يحصمدون شيئا؟ همل ينهزم العدو؟! أم يزداد العدو شدة على هؤلء الذيمن‬
‫يقومون بهذه التفجيرات‪ ،‬كمما همو مشاهمد الن فمي دولة اليهود‪ ،‬حيمث لم‬
‫يزدادوا بمثمل هذه الفعال إل تمسمكا بعنجهيتهمم‪ ،‬بمل إنما نجمد أن الدولة‬
‫اليهود ية في ال ستفتاء الخ ير ن جح في ها (اليمينيون) الذ ين يريدون القضاء‬
‫على العرب‪.‬‬
‫ولكن من فعل هذا مجتهدا ظانا أنه قربة إلى اللّه ‪-‬عز وجل‪ -‬فنسأل اللّه‬
‫‪-‬تعالى‪ -‬أل يؤاخذه؛ لنه متأول جاهل‪...‬‬
‫وأما الستدلل بقصة الغلم‪ ،‬فقصة الغلم حصل فيها دخول في السلم‪،‬‬
‫ل نكايمة فمي العدو‪ ،‬ولذلك لمما جممع الملك الناس‪ ،‬وأخمذ سمهما ممن كنانمة‬
‫الغلم‪ ،‬وقال‪ :‬با سم اللّه رب الغلم‪ ،‬صماح الناس كل هم‪ ،‬الرب رب الغلم‪،‬‬
‫فح صل ف يه إ سلم أ مة عظي مة‪ ،‬فلو ح صل م ثل هذه الق صة لقل نا إن هناك‬
‫قصها علينا لنعتبر بها‪ ،‬لكن هؤلء الذين‬ ‫مجالً للستدلل‪ ،‬وأن النبي‬
‫يرون تفجيمر أنفسمهم إذا قتلوا عشرة أو مئة ممن العدو‪ ،‬فإن العدو ل يزداد‬
‫إل حنقا عليهم وتسمكا بما هم عليه»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فتوى الشيسخ المحدث محمسد ناصسر الديسن اللبانسي‬ ‫‪‬‬


‫‪-‬رحمه اللّه تعالى‪-‬‬

‫() مجلة «الفرقان» الكويتيسة (العدد ‪( )79‬ص ‪ ،)19-18‬وجريدة‬ ‫‪1‬‬

‫«الفرقان» الكويتية‪ 28 ،‬صفر‪/‬العدد (‪( )145‬ص ‪.)20‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫خزيران»‬
‫لشيخ نا محدث هذا الع صر مح مد نا صر الد ين اللبا ني ‪-‬رح مه اللّه‪ -‬كلم‬
‫حول حكمم هذه العمليات‪ ،‬مفاده ومؤداه ل يخرج عمما سمبق تقريره فمي‬
‫فتوى الشيخ ابن عثيمين( )‪ ،‬وقد أخطأ عليه كثير من الشانئين‪ ،‬فأكلوا لحمه‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وأقاموا عل يه الدن يا و ما أقعدو ها‪ ،‬كشأن هم في حرب الخل يج‪ ،‬ول ما هدأت‬
‫الحوال‪ ،‬تبيّن لهمم أن صنيعهم رماد‪ ،‬وأنهمم علقوا الناس بسمراب‪ ،‬وأنهمم‬
‫متعجّلون‪ ،‬وهيهات ل هم ‪ -‬في و قت الحداث الج سام‪ -‬أن يم سكوا أل سنتهم‪،‬‬
‫لنه ل وجود لهم إل بها‪ ،‬ووجودهم صياح وعويل‪ ،‬دون ثمرة أو تأصيل‪،‬‬
‫وزمن (العواطف) ولّى أو كاد‪ ،‬ولن يبقى الوجود ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪ -‬إل‬
‫للصميل‪ ،‬الذي أحكمم تصموراته وأفعاله وأقواله بالدليمل‪ ،‬على قواعمد أهمل‬
‫العلم والتبجيل‪ ،‬وهذا أول النصر‪ ،‬ل سيما لهذا الجيل‪.‬‬
‫إن فتوى الشيخ ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬تدور على الجواز بشروط‪ ،‬من أهمّها‪:‬‬
‫أن يقع تقدير المصالح المترتبة عليها من أمير للجيش‪ ،‬وإل دبّت الفوضى‪.‬‬
‫وأن تقد ير الش يخ ‪-‬رح مه اللّه‪ -‬في العمليات ال تي وق عت في (فل سطين)‬
‫‪-‬أعادهما اللّه إلى حضيرة السملم والمسملمين‪ -‬لم تترتمب عليهما الثار‬
‫المتوخّاة في الشرع‪ ،‬ولهذا ف هو يمنع ها( )‪ ،‬مع قوله ‪-‬في ما سمعتُ م نه‪:-‬‬
‫‪2‬‬

‫() وفسي كلمسه ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬زيادة شرط (بأمسر قائد الجيسش)‪ ،‬كمسا‬ ‫‪1‬‬

‫سيأتي قريباً‪.‬‬
‫() القول بأن الشيسخ يمنسع هذه العمليات مسن أصسلها ليسس صسحيحاً‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ومن أراد أن يحرر مذهب عالم أو باحث أو شيخ أو مفت‪ ،‬فعليه أن‬
‫يرجسع إلى كلم صساحبه دون واسسطة‪ ،‬وأن يعمسل على جمسع مسا ورد‬
‫عنه‪ ،‬فإن تعذر؛ فالرجوع إلى العارفين به‪ ،‬ول سيما أن للشيخ تلميذ‬
‫معروفين‪ ،‬وأما القتصار على كلم أو فتوى دون إحاطة‪ ،‬والتلويح به‬
‫وتحميله ما ل يحتمل‪ ،‬وسياقه في معرض التنفير منه‪ ،‬ومن منهجه؛‬
‫فهذه من ألعيب الحزبيين‪ ،‬وسرعان ما يظهر عواره‪ ،‬و(حبل الكذب‬
‫قصسسير)‪ ،‬وللكلم صسسلة تأتسسي فسسي تعليقسسي على كلم الشيسسخ‪ ،‬واللّه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«إنّ مآل أصحابها إلى اللّه ‪-‬عز وجل‪ ،-‬أرجو اللّه‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫أن يتقبّلهم»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وهذا نص كلمه ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬في هذه العمليات‪:‬‬


‫السائل‪ :‬بعض الجماعات تقر الجهاد الفردي مستدلة بموقف الصحابي أبي‬
‫ب صير‪ ،‬وتقوم ب ما ي سمى بعمليات ا ستشهادية (وأقول‪ :‬انتحار ية)‪ ،‬ف ما ح كم‬
‫هذه العمليات؟‬
‫فأجاب الشيخ بالسؤال‪:‬‬
‫كم صار لهم‪...‬؟‬
‫السائل‪ :‬أربع سنوات‪.‬‬
‫فقال الشيخ ناصر‪ :‬ربحوا أم خسروا؟‬

‫المسدد‪.‬‬
‫() مآل القائميسن بهذه العمليات إلى اللّه ‪-‬عسز وجسل‪ ،-‬ول يجوز لحسد‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬كائن مسن كان‪ -‬إل أن يعلق المسر هكذا‪ ،‬وتقدم هذا فسي كلم الشيسخ‬
‫ابسن عثيميسن ‪-‬أيضاً‪ ،-‬ويقول الشيسخ صسالح السسدلن ‪-‬حفظسه اللّه‪ -‬بعسد‬
‫تقريره المنسع‪« :‬ثسم نأتسي على بعسض الصسور مسن العمال النتحاريسة‪،‬‬
‫التي يقوم بها بعض المسلمين بقصد إغاظة العدو‪ ،‬وإن كان فعله ل‬
‫يقدم ول يؤخسسر‪ ،‬ولكسسن مسسع كثرة هذا الفعسسل ربمسسا يضعسسف العدو أو‬
‫يخيفسه‪ ،‬كمسا قسد يحدث فسي العمال النتحاريسة التسي لم تحقسق مسن‬
‫الهداف ول خمسسسة فسسي المئة مسسن هدف المنتحريسسن‪ ،‬فهذا العمسسل‬
‫الذي يقوم به بعض الشخاص يختلف من شخص لخر‪ ،‬فربما يكون‬
‫هذا الذي= =يقوم بعمل فدائي انتحاري يكون قد أث ّر عليه من قبل‬
‫مسن يرى ذلك‪ ،‬فيدخسل بنيسة أنسه مقاتسل ومجاهسد ومدافسع عسن مبدأ أو‬
‫شعار أو غير ذلك‪ ،‬فإن كان هذا المبدأ حقاً‪ ،‬وهذا المنتحر إنما اعتمد‬
‫على مسسن يقول بجواز ذلك فقسسد ل يسسسمى هذا قاتل ً لنفسسسه؛ لنسسه‬
‫معذور بسسسبب مسسا يقال ويسسسمع»‪ .‬انظسسر جريدة «الفرقان» (العدد‬
‫‪( )145‬ص ‪.)21‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫السائل‪ :‬خسروا‪.‬‬
‫فقال الشيخ ناصر‪ :‬من ثمارهم يعرفون( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫السائل‪ :‬بالنسبة للعمليات العسكرية الحديثة‪ ،‬فيه قوات تسمى بالكوماندوز‪،‬‬


‫فيكون ف يه قوات للعدو تضا يق الم سلمين‪ ،‬فيضعون فرقمة انتحار ية ت ضع‬
‫القنابمل ويدخلون على دبابات العدو‪ ،‬ويكون هناك قتمل‪ ...‬فهمل يعمد هذا‬
‫انتحارا؟‬
‫لنم النتحار؛ همو‪ :‬أن يقتمل المسملم نفسمه‬
‫ّ‬ ‫الجواب‪ :‬ل يعمد هذا انتحارا؛‬
‫خل صا من هذه الحياة التعي سة‪ ...‬أما هذه ال صورة التي أنت ت سأل عنها‪،‬‬
‫فهذا ليمس انتحارا‪ ،‬بمل هذا جهاد فمي سمبيل اللّه‪ ...‬إل أن هناك ملحظمة‬
‫ي جب النتباه ل ها‪ ،‬و هي أن هذا الع مل ل ينب غي أن يكون فرديا شخ صيا‪،‬‬
‫إن ما هذا يكون بأ مر قائد الج يش‪ ...‬فإذا كان قائد الج يش ي ستغني عن هذا‬
‫الفدائي‪ ،‬ويرى أن في خسارته ربح كبير من جهة أخرى‪ ،‬وهو إفناء عدد‬
‫كمبير ممن المشركيمن والكفار‪ ،‬فالرأي رأيمه ويجمب طاعتمه‪ ،‬حتمى ولو لم‬
‫يرض هذا النسان فعليه الطاعة‪...‬‬
‫النتحار من أ كبر المحرمات في ال سلم؛ ل نّ ما يفعله إل غضبان على‬
‫ما كان يفعله‬
‫مس انتحارا‪ ،‬كمم‬
‫ما هذا فليم‬
‫مه ولم يرض بقضاء اللّه‪ ...‬أمم‬
‫ربم‬
‫ال صحابة يه جم الر جل على جما عة (كردوس) من الكفار ب سيفه‪ ،‬ويع مل‬
‫فيهمم بالسميف حتمى يأتيمه الموت‪ ،‬وهمو صمابر؛ لنمه يعلم أن مآله إلى‬
‫الجنة‪ ...‬فشتان بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة الجهادية وبين من يتخلص‬
‫من حيا ته بالنتحار‪ ،‬أو ير كب رأ سه ويجت هد بنف سه‪ ،‬فهذا يد خل في باب‬
‫إلقاء النفس في التهلكة( )‪( .‬ا‪.‬هم)‬
‫‪2‬‬

‫() سلسلة «الهدى والنور» (شريط ‪.)527‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سلسلة «الهدى والنور» (شريط ‪.)134‬‬ ‫‪2‬‬


‫المغامرة بالنفس‬ ‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ك ما نعرض ه نا ل نص الفتوى ال تي أف تى ب ها الش يخ نا صر الد ين اللبا ني‪،‬‬
‫ردا على سمؤال وجمه إليمه حول العمليات‪ ،‬فأجاب ‪-‬رحممه اللّه‪« :-‬إن‬
‫العمليات النتحار ية ال تي ت قع اليوم تجوز ول تجوز»‪ ،‬وتف صيل هذا الكلم‬
‫الذي يوهمم التناقمض ظاهمر أنهما تجوز فمي النظام السملمي‪ ،‬فمي الجهاد‬
‫السمملمي‪ ،‬الذي يقوم على أحكام السمملم‪ ،‬ومممن هذه الحكام أن ل‬
‫يت صرف الجندي برأ يه الشخ صي‪ ،‬وإن ما يأت مر بأ مر أميره؛ ل نّ ال نبي ‪s‬‬
‫كان يقول‪« :‬من أطاع ني ف قد أطاع اللّه‪ ،‬و من أطاع أميري ف قد أطاع ني»‪،‬‬
‫فإذا كان هناك ‪-‬ونرجممو أن يكون قريبا‪ -‬جهاد إسمملمي‪ ،‬على النظام‬
‫السملمي وأميره ل يكون جاهلً‪ ،‬وإنمما يكون عالما بالسملم‪ ،‬خاصمة‬
‫الحكام المتعل قة بالجهاد في سبيل اللّه‪ ،‬هذا القائد أو هذا الم ير المفروض‬
‫أنه يعرف‪ ،‬وأخذ مخطط ساحة المعركة وتصورها في ذهنه تماما‪ ،‬يعرف‬
‫‪-‬مثلً‪ -‬إذا كانت هناك طائفة من الجيش لها نكاية في الجيش السلمي‪،‬‬
‫ورأى أن يفادي بجزء من جنوده‪ .‬ثم قال‪ :‬وهذا مثال‪ ،‬وأنا لست عسكريا‪،‬‬
‫لكمن النسمان يسمتعمل عقله‪ ،‬فكلنما يعلم أن الجنود ليسموا فمي البسمالة‬
‫والشجاعة سواء‪ ،‬وليسوا في مرتبة واحدة في معرفة أصول القتال وأحكام‬
‫القتال‪ ،‬فأ نا أت صور أن هذا القائد سيأخذ رجلً‪ ،‬من الذ ين ي صلحون للط بخ‬
‫والنفمخ‪ ،‬ممن الذيمن ل يصملحون للقتال؛ لنمه ل يحسمن القتال‪ ،‬ليمس عنده‬
‫شجاعمة‪ ،‬ويقول له‪ :‬تسملح بالقنابمل أو اركمب الطائرة‪ ،‬واذهمب بهما إلى‬
‫الجماعة الموجودين في الرض الفلنية‪ ...‬هذا انتحار يجوز‪ ،‬أما أن يأتي‬
‫وا حد من الجنود ك ما يفعلون اليوم‪ ،‬أو من غ ير الجنود وينت حر في سبيل‬
‫قتمل اثنيمن أو ثلثمة أو أربعمة ممن الكفار فهذا ل يجوز؛ لنمه تصمرف‬
‫شخ صي ل يس صادرا عن أم ير الج يش‪ ،‬وهذا التف صيل هو مع نى قول نا‪:‬‬
‫يجوز ول يجوز‪.‬‬
‫وهذا كلم آخمر للشيمخ ‪-‬رحممه اللّه‪ -‬حول هذه العمليات‪ ،‬نختمم بمه النقمل‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عنه‪:‬‬
‫السائل‪ :‬ما حكم الذين يموتون في عمليات جهادية‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫على الحدود مع اليهود؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫أولً‪ :‬إذا ق صدوا الجهاد في سبيل اللّه ‪ -‬عز و جل‪ -‬ف هو بنيات هم؛ للحد يث‬
‫المعروف في « صحيح البخاري وم سلم»‪ ،‬و هو من الحاد يث ال تي افت تح‬
‫البخاري كتا به «ال صحيح» به‪ ،‬وأخر جه المام م سلم في « صحيحه» في‬
‫كتاب الجهاد؛ لبيان أن الجهاد ل يكون جهادا في سبيل اللّه إل إذا خل صت‬
‫النية للّه ‪-‬تبارك وتعالى‪ ،-‬وقد كنا ذكرنا في جلسة سبقت‪ ،‬أنه يشترط في‬
‫العمل الصالح الذي يرفعه اللّه ‪-‬عز وجل‪ -‬مقبولً لديه شرطان اثنان‪ :‬أن‬
‫يكون على وجه السنة‪ ،‬وأن يكون خالصا للّه ‪-‬عز وجل‪.-‬‬
‫ول شمك أن الجهاد همو ممن العمال الصمالحة التمي فرضهما اللّه ‪-‬عمز‬
‫وجمل‪-‬؛ تارة فرض عيمن‪ ،‬وتارة فرض كفايمة‪ ،‬وأناط بالجهاد بقاء العمز‬
‫للمة المسلمة‪ ،‬وعلى العكس من ذلك إذا أهملوا الجهاد في سبيل اللّه‪ ،‬كما‬
‫جاء فمي الحديمث الصمحيح‪« :‬سملط اللّه عليهمم ذلً ل ينزعمه ‪-‬ل يرفعمه‬
‫عنهم‪ -‬حتى يرجعوا إلى دينهم»‪.‬‬
‫فل داعي لثبات أن الجهاد عبادة ‪-‬وعبادة عظيمة جدا‪ ،-‬ولكن هذه العبادة‬
‫ل تق بل ع ند اللّه ‪ -‬عز وو جل‪ -‬إل إذا خل صت للّه ول يس لحزب ية‪ ،‬أو دفاع‬
‫عن أرض‪ ،‬والرض كل ها للّه‪ ،‬يملّك ها من يشاء من عباده‪ ،‬ذلك الحد يث‬
‫الذي افت تح المام البخاري كتا به «ال صحيح» ‪-‬كل كم ي سمعه‪ ،-‬ول كن من‬
‫الظن العمل به‪ ،‬قال ‪-‬عليه الصلة والسلم‪« :-‬إنما العمال بالنيات‪ ،‬وإنما‬
‫لكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله‪ ،‬فهجرته إلى اللّه‬
‫ور سوله‪ ،‬و من كا نت هجر ته إلى دن يا ي صيبها‪ ،‬أو امرأة ينكح ها‪ ،‬فهجر ته‬
‫ن الهجرة التي ذُكرت في‬
‫إلى ما هاجر إليه»‪ .‬هذا الحديث صريح جدا؛ ل ّ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫هذا الحد يث‪ ،‬والمق صود ب ها هو الجهاد في سبيل اللّه ‪ -‬عز و جل‪ ،-‬إن ما‬
‫يقبله ربنا ‪-‬تبارك وتعالى‪ -‬إذا كان بنية خالصة للّه‪ ،‬ل يريد من وراء ذلك‬
‫شيئا ممن حطام الدنيما‪ ،‬أو ممما يتعلق بهما‪ ،‬قال ‪-‬عليمه السملم‪-‬على سمبيل‬
‫المثال‪« :-‬فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله‪ ،‬فهجرته إلى اللّه ورسوله‪،‬‬
‫وممن كانمت هجرتمه إلى دنيما يصميبها‪ ،‬أو امرأة ينكحهما‪ ،‬فهجرتمه إلى مما‬
‫ها جر إل يه»‪ .‬ذ كر المرأة والمال ي صيبه الن سان في الجهاد‪ ،‬ل يبت غي من‬
‫وراء هذه إل اللّه‪ ،‬فهو ونيته‪.‬‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫قلت‪ :‬ذكمر ذلك على سمبيل المثال‪ ،‬وإل فالنيمة‬
‫تُف سَد بكث ير من المور‪ ،‬لي ست امرأة ينكحها‪ ،‬أو دنيا ي صيبها فح سب‪ ،‬ف قد‬
‫يكون يريد من جهاده ومن قتاله أن يقال‪ :‬إنه مجاهد‪ ،‬ل يريد مالً ول يريد‬
‫امرأة في ال سبي‪ ،‬وإن ما ير يد أن يقال‪ :‬فلن مجا هد‪ ،‬فهذا هو وني ته؛ أي‪:‬‬
‫ليس له جهاد‪.‬‬
‫فالجواب إذن‪ :‬إذا خلصت النية من المجاهد للّه‪ ،‬ل شك أنه يثاب على ذلك‬
‫لما يستحقه‪ ،‬ولكن هذا الجهاد الذي جاء السؤال عنه‪ ،‬ليس هو الجهاد الذي‬
‫أمر اللّه به‪ ،‬فأنا أقول‪ :‬هو ونيته؛ لنه قصد الجهاد‪ ،‬لكن الجهاد يجب أن‬
‫يُ عد له عد ته‪ ،‬ك ما قال اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬في ال ية المعرو فة‪َ { :‬وأَعِدّواْ َلهُ مْ مّ ا‬
‫عدُ ّوكُ مْ}‪ ،‬هذا هو‬
‫طعْتُمْ مّن قُ ّوةٍ َومِن رّبَا طِ ا ْلخَيْلِ ُترْهِبُو نَ بِ هِ عَدْوّ اللّ هِ وَ َ‬
‫ا سْ َت َ‬
‫الجهاد حيمن يعلن وتتخمذ له العدة‪ ،‬همو الذي ل يجوز التخلف عنمه‪ ،‬أمما‬
‫الجهاد بمع نى ثورة أفراد‪ ،‬يثورون ولو انتقاما لرض هم‪ ،‬فذلك ل يس جهادا‪،‬‬
‫نعمم؛ يكون الدفاع عمن الرض واجبا‪ ،‬أمما هذه الهجمات التمي فمي أكثمر‬
‫الحيان تكون الخ سارة المترت بة علي ها أك ثر من الر بح ‪-‬ك ما هو مشا هد‪-‬‬
‫في كث ير من أمثال هذه الهجمات‪ ،‬فل يس هذا هو الجهاد الذي يو جب على‬
‫‪-‬ك ما جاء في القرآن‪ ،-‬إن ما هو الجهاد الذي‬ ‫الم سلمين كا فة أن ينفروا‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عدّواْ لَ هُ‬
‫أشار اللّه ‪-‬عز وجل‪ -‬إليه في آية أخرى‪َ { :‬ولَوْ َأرَادُواْ ا ْلخُرُو جَ لَ َ‬
‫عُ ّدةً}‪ ،‬ولذلك فعلى الم سلمين ‪-‬ك ما صرحنا بهذا في أك ثر من منا سبة‪ -‬أن‬
‫يعودوا إلى أنفسمهم‪ ،‬وأن يفهموا شريعمة ربهمم فهما صمحيحا‪ ،‬وأن يعملوا‬
‫في ما فهموا من شرع اللّه ‪ -‬عز و جل‪ -‬ودي نه عملً صادقا خال صا‪ ،‬ح تى‬
‫مر اللّه‬
‫مواء؛ حينئذ يفرح المؤمنون بنصم‬
‫يتكتلوا ويتجمّعوا على كلمممة سم‬
‫‪-‬تبارك وتعالى‪ ) (.-‬ا‪.‬هم‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫تاسعا‪ :‬نخلص مما تقدم إلى ما يلي‪:‬‬


‫أولً‪ :‬إن مشايمخ الدعوة السملفية (اللبانمي‪ ،‬ابمن عثيميمن‪ ،‬وغيرهمما) ل‬
‫يمنعون العمليات لذاتها( )‪ ،‬وإنما يعلّقون حكمها بما يترتّب عليها‪ ،‬ومن نقل‬
‫‪2‬‬

‫() من شريط «التحري في الفتوى» (رقم ‪.)2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ومسسسن كلم شيخنسسسا ‪-‬رحمسسسه اللّه تعالى‪ -‬فسسسي « ضغيسسسف الترغيسسسب‬


‫والترهيب» (‪ )1/357‬في التعليق على حديث رقم (‪- )719‬وفيه‬
‫ذكر لس(المسجد القصى)‪ ،-‬قال عنه‪« :‬هو أحد المساجد الثلثة التي‬
‫تشسسسد الرحال إليهسسسا‪ ،‬وقسسسد احتلّه اليهود فسسسي جملة مسسسا احتلوا مسسسن‬
‫(فلسسطين)‪ ،‬أعادهسا اللّه إلى المسسلمين‪ ،‬كمسا أعادهسا إليهسم مسن بعسد‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ن الل ّس َ‬
‫ه ل َ يُغَيُِّر َس‬
‫ما بِقَوْس ٍ‬ ‫احتلل الصسليبيين إياهسا‪ ،‬لكسن اللّه يقول‪{ :‬إ ِس َّ‬
‫َ‬
‫م}‪ ،‬فعلى المسسسلمين أن يغيّروا مسسا فسسي‬ ‫سهِ ْ‬ ‫حت ّسسَى يُغَيُِّروا ْ َسس‬
‫ما بِأنْفُسس ِ‬ ‫َ‬
‫أنفسسهم مسن العقائد المنحرفسة‪ ،‬والخلق السسيئة‪ ،‬إن أرادوا حقا ً أن‬
‫يغير اللّه ما نزل بهم»‪.‬‬
‫() أفتى الستاذ القرضاوي بحماس ولهجة شبابية‪ ،‬ولغة فيها اندفاع‬ ‫‪2‬‬

‫وحسسسسسط على الرأي المخالف‪ :‬بجواز هذه العمليات‪ .‬انظسسسسسر‪ :‬مجلة‬


‫«المجتمسسع» الكويتيسسة‪ ،‬العدد (‪1996 /19/3‬م)‪ ،‬رقسسم (‪)1201‬‬
‫(ص ‪ ،)51-50‬ومجلة «فلسطين المسلمة» (العدد التاسع) أيلول‪/‬‬
‫‪1996‬م‪ .‬بينمسا (تقديرا ً لمسا يترتسب عليهسا مسن أضرار) منسع مسا حصسل‬
‫أخيرا ً في الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬فتأمل ول تكن من الغافلين‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عنهم خلف ذلك فهو مخطئ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إنهمم يفرقون بيمن مفرداتهما‪ ،‬وينظرون إلى ملبسماتها وظروفهما‪،‬‬
‫واختلف أزمنتها وأمكنتها بحسب الحالة التي تقع فيها هذه العمليات‪ :‬هل‬
‫همي حالة ضرورة ل غنمى عمن القيام بهما‪ ،‬أم ل؟‪ ،‬ويفرقون ‪-‬أيضا‪ -‬بيمن‬
‫حكمها ومآل القائمين عليها عند اللّه ‪-‬عز وجل‪.-‬‬
‫ثالثا‪ :‬إن (أممر قائد الجيمش) ممن شروط القيام بهذه العمليات‪ ،‬إذ همي ممن‬
‫(جهاد الطلب)‪ ،‬ول يتصور ذلك إل بأمير‪ ،‬أما (جهاد الدفع) فل يحتاج إلى‬
‫أمير ول إلى إذنه‪ ،‬سمعتُه من شيخنا اللباني ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬أكثر من‬
‫مرة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تقدير المشايخ في هذه العمليات التي جرت على أرض فلسطين‪ ،‬أن‬
‫النتائج السملبية المترتبمة عليهما أكثمر ممن مصمالحها‪ ،‬فهمم يمنعونهما لهذا‬
‫المل حظ‪ ،‬ومناقشت هم ينب غي أن تح صر في هذا المطلب‪ ،‬وأن يكون بالح جج‬
‫والبراهيمن‪ ،‬ممع معرفمة قدر هؤلء الربانييمن‪ ،‬دون تبجمح واتّهام‪ ،‬وإل‬
‫‪-‬واللّه‪( -‬على نفسها تجني براقش)!‬
‫وأ ما تقد ير المجوز ين( ) للم صالح في ها‪ ،‬وتغليب ها على المفا سد‪ ،‬ف هو (حقّ)‬
‫‪1‬‬

‫ممن وجهمة نظرهمم‪ ،‬ولكمن‪ ...‬ينقصمه (العدل)‪ ،‬وللّه سمنن ل تحابمي أحدا‪،‬‬
‫والسعيد والموفّق من انشغل بواجب الوقت‪ ،‬وأحسن فيما يستطيع من القيام‬

‫() قياسسهم مسا يجري على أرض فلسسطين بالعمليات التسي حصسلت‬ ‫‪1‬‬

‫فسسي لبنان‪ ،‬وأدّت إلى هزيمسسة القوات الفرنسسسية والمريكيسسة‪ ،‬وبمسسا‬


‫حصل في السودان‪ ،‬وأدّت إلى هزيمة الجيش الوغندي ‪-‬في نظري‪-‬‬
‫قياس غيسر صسحيح‪ ،‬ولو سسنح فسي البال‪ ،‬وقام فسي الخيال أن (اليهود)‬
‫سيتركون (فلسطين) على إثر تصعيد هذه العمليات ‪-‬ولو على مجرد‬
‫الحتمال‪ -‬مسسا منعهسسا أحسسد‪ ،‬ولفتوا بمشروعيتهسسا على اسسستعجال! بل‬
‫(إمهال)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫خزيران»‬
‫به من واجبات‪ ،‬وتو سّع فيها‪ ،‬وتوصل من خلل هذا التوسع إلى الذي كان‬
‫ل يستطيعه‪ ،‬وأما ترك ما نستطيع‪ ،‬بحجة إيجاد ما ل نستطيع‪ ،‬فهذا يضيّع‬
‫المرين‪ ،‬ويهمل الواجبين‪ ،‬وهو من صنيع المخذولين المحرومين‪.‬‬
‫والحمق ‪-‬الذي أُراه‪ -‬فمي هذه الجزئيمة ‪-‬وهمو عقدة المسمألة فمي نظري‪:-‬‬
‫تقر ير وتقد ير ال خبراء في العلوم الع سكرية المتخ صصين في هذا الباب‪،‬‬
‫وقد سبق أن أومأنا إلى رأيهم( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وأمما على فرض أن هذه العمليات‪« :‬توفمر على المسملمين جهدا كمبيرا‪،‬‬
‫وتد فع عن هم ذلً ل يعل مه إل اللّه‪ ،‬وذلك حين ما يض حي الب عض بنف سه من‬
‫أجل الكل‪ ،‬بل إن الكفار يستعملونها ‪-‬كما حصل مع اليابانيين في معاركهم‬
‫مع العالم الغر بي في خل يج الخناز ير‪ ،-‬وهذه العمليات ال ستشهادية تح طم‬
‫معنويات قوات العدو‪ ،‬وتلقمي فيهما الرعمب ممن المجاهديمن‪ ،‬فتحيما النفوس‬
‫المسلمة‪ ،‬وتثير فيها العزة بقوة السلم»( )‪ ،‬فل مجال للقول بمنعها‪ ،‬ولكن‬
‫‪2‬‬

‫() راجسسع (ص ‪ ،)39‬مسسع مراعاة أن يكون هؤلء أهسسل ديانسسة‪ ،‬وأمسسا‬ ‫‪1‬‬

‫إناطسة الحكسم الشرعسي بتقديسر المجاهديسن أنفسسهم‪ ،‬فيعوزه دقسة‪ ،‬ول‬


‫صر المبحسسث فسسي أهسسل فلسسسطين‪ ،‬فهذا التعليسسق أولى‬‫ح ِس‬
‫ن ُ‬
‫سسسيما إ ْ س‬
‫وأحرى مسن تعليقسه بهسم‪ ،‬لحماسستهم وعدم وجود العلماء المتبحريسن‬
‫‪-‬كما هو معلوم‪ -‬بينهم‪ ،‬والناظر في كلم شيخنا اللباني (مع إعمال‬
‫المعانسي) فسي اشتراط (إذن الميسر)‪ ،‬يتقوى عنده هذا الملحسظ‪ ،‬واللّه‬
‫الواقي والهادي‪.‬‬
‫() مسسسن كلم للسسسستاذ يوسسسسف القرضاوي فسسسي مجلة «المجتمسسسع»‬ ‫‪2‬‬

‫الكويتيسسة (العدد ‪ ،)1201‬سسسنة ‪1996‬م‪ ،‬وردده (أو بمعناه) معسسه‬


‫غيسسر واحسسد ممسسن ألف فسسي المسسسألة؛ مثسسل‪ :‬نواف التكروري فسسي‬
‫«العمليات السستشهادية فسي الميزان الفقهسي» (‪ ،)42-39‬ومحمسد‬
‫طعمسسة القضاة فسسي «المغامرة بالنفسسس فسسي القتال وحكمهسسا فسسي‬
‫السسسلم» (‪ ،)26-25‬وإبراهيسسم العلي فسسي مقالة له منشورة فسسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫خزيران»‬
‫همل العمليات التمي جرت على أرض فلسمطين السمليبة‬
‫الحبيبمة هكذا؟ وهمل الجيوش مرابطمة حواليهما‪ ،‬لترتفمع معنويات وتلقمي‬
‫الرعمب فمي قلوب العداء؟! أم أننما نحمس ونشعمر أن الضرار المترتبمة‬
‫علي ها أك ثر بألف مرة من النتائج ال تي تش في صدور المؤمن ين‪ ،‬من قتلٍ‬
‫جزئيّ لبعض أفراد اليهود؟‬
‫فالمانعون لهذه العمليات‪ ،‬إنمما صمرحوا بذلك تخوّفا على المسملمين ممن‬
‫إلحاق الذ ية ب هم‪ ،‬على و جه أب شع وأش نع‪ ،‬ل يس إل‪ ،‬فإن أخطأوا في هذا‬
‫التقد ير‪ ،‬ف هم مأجورون على اجتهاد هم هذا‪ ،‬أ ما عدّ هم في صف العداء‪،‬‬
‫والتندّر بهم‪ ،‬والتنقّص منهم‪ ،‬والهجوم وتجريء العوام والسفهاء عليهم‪ ،‬فل‬
‫خفّ دينُه‪ ،‬وطاش عقله‪ ،‬وزال يقينه‪ ،‬أو ممن يعمل على‬
‫يقع هذا إل ممن َ‬
‫النتصمار لسممه وحزبمه‪ ،‬وعقمد سملطان الولء والبراء عليمه‪ ،‬ولو على‬
‫ح ساب دي نه‪ ،‬والوقوع في أعراض العلماء‪ ،‬والكذب علي هم! فل يبالي ب ما‬
‫خرج من رأسه‪ ،‬وسطر قلمه!‬
‫عاشرا‪ :‬ل تجوز هذه العمليات إل بقيود؛ منها ما هو متفق عليه‪ ،‬ومنها ما‬
‫هو مختلف فيه‪ ،‬وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن يقصد بها النكاية في الكفار بما ل يُمكن إل بقتل نفسه‪ ،‬وأن تكون‬
‫نيته الجهاد لعلء كلمة اللّه ‪-‬تعالى‪ .-‬فإن وجد سبيلً وطريقا آخر للنكاية‬

‫مجلة «فلسطين المسلمة» (عدد ‪( )11‬ص ‪ ،)52‬سنة ‪1995‬م‪.‬‬


‫والعجسب ‪-‬أخيراً‪ -‬مسن السستاذ القرضاوي عنسد حصسره مشروعيسة هذه‬
‫العمليات فسسي داخسسل فلسسسطين! وأدلتسسه التسسي اعتمسسد عليهسسا واقعسسة‬
‫خارجهسا! فالخيسر فسي التأصسيل والتركيسز على الضوابسط والقيود‪ ،‬التسي‬
‫من خللها ‪-‬فقط‪ -‬يظهر المشروع من الممنوع‪ ،‬وأن نربط (الشباب)‬
‫المتحمسسسين بسسس(العلماء الكبار) الربانييسسن‪ ،‬وأن يعملوا مسسن ورائهسسم‪،‬‬
‫ويتقيدوا بتقريراتهم‪ ،‬والسعيد من عرف قدر نفسه‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بهمم‪ ،‬فل تجوز هذه العمليات ممع قتمل النفمس بيمد صماحبها! وكذلك إذا لم‬
‫يتر تب علي ها نكا ية في العدو‪ ،‬ك ما سبق نقله عن ب عض الفقهاء( )‪ ،‬وهذان‬
‫‪1‬‬

‫نقلن عن عالمين محررين مدققين‪ ،‬يوضحان ضرورة هذا الشرط‪:‬‬


‫الول‪ :‬قال ال عز بن عبدال سلم‪« :‬التولي يوم الز حف مف سدة كبيرة‪ ،‬لك نه‬
‫واجب إن علم أنّه يُقتل في غير نكاية في الكفار‪ ،‬ل نّ‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫التغريمر فمي النفوس إنمما جاز لمما فيمه ممن مصملحة‬
‫إعزاز الدين بالنكاية في المشركين‪ ،‬فإذا لم تحصل النكاية‪ ،‬وجب النهزام‬
‫لمما فمي الثبوت ممن فوات النفوس ممع شفاء صمدور الكفار‪ ،‬وإرغام أهمل‬
‫السلم‪ ،‬وقد صار الثبوت هنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫والخر‪ :‬قال الشاطبي‪ ...« :‬فإن كانت المفسدة اللحقة له دنيوية ل يمكن‬
‫أن يقوم بها غيره‪ ،‬فهي مسألة الترس وما أشبهها‪ ،‬فيجري فيه خلف كما‬
‫مر‪ ،‬ولكن قاعدة (منع التكليف بما ل يطاق) شاهدة بأنه ل يكلف بمثل هذا‪،‬‬
‫وقاعدة (تقديمم المصملحة العاممة على الخاصمة) شاهدة بالتكليمف بمه‪،‬‬
‫فيتواردان على هذا المكلف من جهتين‪ ،‬ول تناقض فيه‪ ،‬فلجل ذلك احتمل‬
‫الموضمع الخلف‪ ،‬وإن فرض فمي هذا النوع إسمقاط الحظوظ فقمد يترجمح‬
‫جانب المصلحة العامة‪ ،‬ويدل عليه أمران‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬قاعدة اليثار المتقدم ذكرها‪ ،‬فمثل هذا داخل تحت حكمها‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ما جاء في نصوص اليثار في قصة أبي طلحة في تتريسه على‬
‫بنف سه وقوله‪« :‬نحري دون نحرك»‪ ،‬ووقاي ته له ح تى شلت‬ ‫ر سول اللّه‬
‫غيره على نف سه في‬ ‫( )‪ ،‬وإيثار ال نبي‬
‫‪3‬‬
‫يده‪ ،‬ولم ين كر ذلك ر سول اللّه‬

‫() انظسسر مسسا مضسسى (ص ‪ ،)46-41‬ول سسسيما كلم ابسسن المناصسسف‬ ‫‪1‬‬

‫وتقسيماته‪.‬‬
‫() «قواعد الحكام» (‪.)1/111‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الذي شلّت يده هسو طلحسة بسن عبيبد ال‪ ،‬وليسس أبسو طلحسة كمسا قال‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مبادرته للقاء العدو دون الناس؛ حتى يكون متّقىً به( ) فهو إيثار راجع إلى‬
‫‪1‬‬

‫تحمل أعظم المشقات عن الغير‪ ،‬ووجه عموم المصلحة هنا في مبادرته‬


‫بنفسه ظاهر؛ لنه كان كالجُنّة للمسلمين‪ .‬وفي قصة أبي طلحة أنه كان‬
‫‪ ،‬وأما عدمه؛‬ ‫وقى نفسه مَ نْ يعمّ بقاؤه مصالح الدين وأهله‪ ،‬وهو النبي‬
‫فتع مّ مف سدته الد ين وأهله‪ ،‬وإلى هذا الن حو مال أ بو الح سين النوري ح ين‬
‫تقدّم إلى السمياف‪ ،‬وقال‪ « :‬أوثمر أصمحابي نجاة سماعة »( ) فمي القصمة‬
‫‪2‬‬

‫المشهورة»( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن تكون هذه العمليات مخططا لها‪ ،‬مدروسة بإحكام من قبل القائمين‬
‫عليها‪ ،‬غالبا على ظن القائمين بها أنّ مصالحها مقدّمة على مفاسدها‪ ،‬وأن‬
‫تكون الم صلحة مضبو طة بقوا عد العلماء وفتاوي هم‪ ،‬مع عرض ذلك على‬
‫الخبراء الحاذقين العارفين‪ ،‬ول بد هنا من التنبه لمور‪:‬‬

‫المصنف‪ ،‬أخرج البخاري (‪ )3724‬بسنده إلى قيس بن أبي حازم‪،‬‬


‫ُ َ‬
‫شل ّت»‪ .‬وانظسر‬ ‫قال‪« :‬رأيست يسد طلحسة التسي وقسى بهسا النسبي قسد‬
‫لتمام التخريسسسج‪« :‬المجالسسسسة» (‪ )483‬و«الموافقات» (‪)2/174‬‬
‫وتعليقي عليهما‪.‬‬
‫() أخرج مسسسلم (‪ 1776‬بعسسد ‪ )79‬عسسن البراء‪ ،‬قال‪« :‬كنسسا ‪-‬واللّه‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫ن الشجاع منسا للذي يحاذي بسه؛ يعنسي‪:‬‬ ‫س نت َّسقي بسه‪ ،‬وإ َّس‬
‫إذا احمَّر البأ ُس‬
‫النبي »‪ .‬وانظر تعليقي على «الموافقات» (‪.)3/69‬‬
‫() القصسسة بطولهسسا فسسي «رسسسالة القشيري» (باب الجود والسسسخاء)‬ ‫‪2‬‬

‫(ص ‪« ،)112‬الحليسسة» (‪« ،)10/250‬تاريسسخ بغداد» (‪،)5/134‬‬


‫«المسسسسستجاد» للتنوخسسسسي (رقسسسسم ‪ - 25‬بتحقيقسسسسي)‪« ،‬السسسسسير» (‬
‫‪« ،)14/171‬ثمرات الوراق» (ص ‪« ،)202‬اللمسسع» للطوسسسي (‬
‫‪« ،)492‬طبقات الولياء» (‪« ،)65‬أنباء نجباء البناء» (‪-208‬‬
‫‪« ،)209‬كشف المحجوب» (‪ )421‬للهجويري‪.‬‬
‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() «الموافقات» (‪93-3/92‬‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الول‪ :‬أن بعمض هذه العمليات‪ ،‬يمكمن أن تورط أصمحابها بأعمال تفوق‬
‫إمكانات هم‪ ،‬وتعرض عنا صرها لبلء ل يطيقو نه‪ ،‬وهذا له أ ثر على الح كم‬
‫الشرعي لها‪.‬‬
‫الثانمي‪ :‬أن هذه العمليات موجعمة مقلقمة للعداء‪ ،‬إل أنهما متقطّعمة‪ ،‬ولذا ل‬
‫تأتي بثمارها عند العسكريين في غالب صورها إل مع وجود جيش مقابل‬
‫ج يش ليج ني ثمار ها‪ ،‬إذ هي بنف سها غ ير شاملة ول م ستمرة ول مدمّرة‪،‬‬
‫ول أ ستطيع إبداء رأي موضو عي حول (الضرار) و(المفا سد) من ج هة‪،‬‬
‫و(المصمالح) و(المكاسمب) ممن جهمة أخرى؛ ذلك أنّ رأيا ممن هذا النوع‬
‫يتطلب درا سة عمي قة شاملة‪ ،‬ل أظ نه موجودا ‪-‬على الوجه الذي ير ضي‪-‬‬
‫حتى عند من يجيزها ويدافع عنها (مزاودة) ‪-‬ليس إل‪ ،-‬ليكسب أصوات‬
‫الرأي العام في النتخابات وما شابه‪ ،‬وليدغدغ عواطف الشباب‪ ،‬وليوظفها‬
‫فمي ترسميخ الحزبيات‪ ،‬ممن خلل تعميمق الشعور بتحقيمق ذاتمه فمي هذا‬
‫المضمار‪ ،‬فتجده يتكلم عليهما ويدافمع عنهما‪ ،‬ويحرص على تبنّيهما بدوافمع‬
‫من‬
‫مة مم‬
‫مب‪ ،‬وهذه المور الخطيرة ل تحتاج إلى هذه الدرجم‬
‫مية فحسم‬
‫نفسم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الفعاليمة‪ ،‬وعلى المتحمسمين أن يعلموا أنهمم والمفتون بمنعهما ممن ناحيمة‬
‫(عملية) سواء!!‬
‫الثالث‪ :‬نعمم؛ هناك نواح ٍم إيجابيمة مهممة لهما( )‪ ،‬تؤخمذ بعيمن العتبار؛ ممن‬
‫‪1‬‬

‫أهم ها‪ :‬إرادة الت صميم على الق تل وال ستشهاد‪ ،‬وإبقاء هذا ال صوت حيا في‬
‫الممة ممن غيمر إخماد‪ ،‬والضرار الماديمة فمي الرواح والموال والعتاد‪،‬‬

‫ت في كتاب‬ ‫() أعني‪ :‬العمليات التي وقعت في فلسطين‪ ،‬وقد وجد ُ‬ ‫‪1‬‬

‫«الشهادة في سبيل اللّه» لحمد أبو زيد (ص ‪ )13-11‬بعض الثار‬


‫اليجابيسة لهذه العمليات‪ ،‬قال‪« :‬لقسد كان للعمليات السستشهادية آثار‬
‫عظيمسسة على العدو الصسسهيوني على المسسستوى الداخلي‪= =،‬وعلى‬
‫المستوى الخارجي‪ ،‬نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬فرار (‪ 936000‬تسع مئة وستة وثلثون ألف) مستوطن ‪-‬أي‪:‬‬
‫مسسا يقارب المليون خلل أشهسسر النتفاضسسة(!!) فقسسط إلى مواطنهسسم‬
‫الصسلية فسي شتسى أنحاء العالم‪ ،‬بالضافسة إلى حجسز جوازات اللف‬
‫مسسن المسسستوطنين خشيسسة الهرب‪ ،‬حيسسث كانسست مدة إحضار هؤلء‬
‫المسستوطنين إلى فلسسطين عشريسن سسنة‪ ،‬وقسد ذكرت القناة الثانيسة‬
‫من التلفزيون العبري أن المسستوطنين يعيشون حالة مسن الستنفار‬
‫والهلع‪ ،‬وقسسد قال أحسسد المسسستوطنين لشارون عندمسسا زارهسسم فسسي‬
‫الملجئ‪ :‬إلى متى سنبقى مختبئين هنا كالكلب؟!‬
‫‪ -2‬لقسد أسسقطت العمليات السستشهادية نظريسة المسن الصسهيونية‪،‬‬
‫فمعظم العمليات حدثت في مناطق تحميها قوات المن الصهيونية‪،‬‬
‫وقسد كشفست العمليات السستشهادية عسن هشاشسة الكيان الصسهيوني‪،‬‬
‫فمسن يصسدق أن كيانا ً قام قبسل ‪ 53‬عام ل يشعسر بالمسن لغايسة الن‪،‬‬
‫ومسسن يصسسدق أن ‪ %20‬مسسن الشعسسب الصسسهيوني هرب خلل ثمانيسسة‬
‫أشهسر مسن انتفاضسة القصسى! ماذا يعنسي ذلك؟ إن ذلك يعنسي‪ :‬أنسه لول‬
‫الدعم المريكي لهذا الكيان اللقيط بأسلحة التدمير الحديثة‪ ،‬لتهاوى‬
‫هذا الكيان الخرب‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والعممل على الحدّ ممن الهجرة إلى هذه البلد‪ ،‬وإجبار الموجوديمن على‬
‫مغادرتهما إلى غيرهما قدر المكنمة‪ ،‬وإسمماع صموت‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫الفلسطينيين المحتلين المظلومين إلى العالم‪.‬‬
‫الرا بع‪ :‬ل كن المواز نة ب ين آثار هذه العمليات‪ ،‬يختلف من ح ين إلى ح ين‪،‬‬
‫ومن مكان إلى آخر‪ ،‬والواقع المحسوس‪ ،‬والثر الملموس‪ ،‬هو أكبر شاهد‬
‫عليه‪.‬‬
‫الخا مس‪ :‬إذا لم تض بط هذه العمليات برأي أ هل ال خبرة‪ ،‬وبالناة والدرا سة‬
‫الشاملة‪ ،‬فإن ها ‪-‬بل شك‪ -‬ستكون مؤذيةً جدا‪ ،‬و ستؤدي إلى إيذاء الش عب‪،‬‬
‫وإلحاق الضرر البالغ به‪.‬‬

‫‪ -3‬التمرد فسي جيسش الصسهاينة الذي حصسل مسن قبسل الجنود‪ ،‬جراء‬
‫رفضهسم للخدمسة فسي منطقسة المسستوطنات القريبسة مسن المناطسق‬
‫الفلسسسسطينية‪ ،‬بسسسسبب الخوف الشديسسسد مسسسن الموت‪ ،‬فآلف الجنود‬
‫يقبعون فسي السسجون بسسبب التمرد على الوامسر‪ ،‬ويفضلون السسجن‬
‫على الخدمة في مناطق قريبة من الفلسطينيين‪.‬‬
‫‪ -4‬توقسسف الهجرة الصسسهيونية مسسن شتسسى أنحاء العالم إلى بيسست‬
‫المقدس‪ ،‬فلم يصسسسل خلل أشهسسسر النتفاضسسسة أي مهاجسسسر‪ ،‬مسسسع أن‬
‫المسستوطنات فارغسة تنتظرهسم للسسكن فيهسا‪ ،‬وذلك بسسبب الرعسب‬
‫الذي وصسسسل إلى قلوبهسسسم وهسسسم على بعسسسد آلف الكيلومترات مسسسن‬
‫فلسطين‪ ،‬مما استدعى حضور مدير المخابرات المريكية يحمل في‬
‫جعبته أسماء المجاهدين لعتقالهم وتصفيتهم‪.‬‬
‫‪ -5‬إلحاق قتلى العدو مسسن العمليات السسستشهادية بحوادث السسسير‪،‬‬
‫حتسسسسى ل تنهار معنويات الجنود‪ ،‬وأكسسسسبر دليسسسسل على ذلك عمليسسسسة‬
‫الستشهادي الرابع من شهداء كتائب عز الدين القسام التي قتل فيها‬
‫‪ 22‬صسسهيوني‪ ،‬فمسسا اعترف الصسسهاينة إل بس س ‪ 3‬قتلى‪ ،‬وألحقوا باقسسي‬
‫القتلى بحوادث السسسسير‪ ،‬ولكسسسن رغسسسم ذلك كله فقسسسد تمرد الجنود‬
‫الصهاينة على قادتهم‪ ،‬وامتلت بهم السجون»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫السادس‪ :‬مما يزيد من تعقيد الموازنة بين (المصالح) و(المفاسد) المترتبة‬
‫على هذه (العمليات)‪ :‬أنهما تقمع بغتمة‪ ،‬والقرار المترتمب على إثرهما بيمد‬
‫العداء‪ ،‬وبإمكان هم أن يفعلوا ما يريدون‪ ،‬ول هم أ ثر على كتمان هذه الثار‬
‫أو تضخيمهما‪ ،‬أو تحجيمهما‪ ،‬على حسمب خدممة مصمالحهم‪ ،‬والرأي العام‬
‫‪-‬من خلل العلم وغيره‪ -‬بأيديهم‪.‬‬
‫يقول ب عض الباحث ين‪« :‬إنّ ل كل حرب حدودا ت تم بالمواف قة الضمن ية ب ين‬
‫المتنازعين‪ ،‬لقد تكلمت عنها كل النظريات العسكرية‪ ،‬وقد عمل بهذا المبدأ‬
‫خلل الحروب الخيرة‪ ،‬حتى التي كانت أشدها عنفا‪ ،‬أن سبب هذه الحدود‬
‫وا ضح‪ ،‬ف كل فر يق إذا ما ات خذ هذا القرار وهذا التدب ير‪ ،‬أو ا ستعمل ذلك‬
‫السملوب‪ ،‬يعرف أن العدو يمكنمه بدوره اسمتعمال طرق مماثلة‪ ،‬واتخاذ‬
‫تداب ير مضادة تب طل مفعول العمال ق يد الدرس‪ ،‬أو ح تى ت سيء بم صالح‬
‫الفر يق الول الذي يكون قد ا ستعملها‪ ،‬ولذلك ‪-‬مثلً‪ -‬في الحرب العالم ية‬
‫الخيرة‪ ،‬لم ي ستعمل أ حد الغازات ال سامة‪ ،‬في ح ين أن ها كا نت لدى جم يع‬
‫الجيوش‪ ،‬والمرة الخيرة التي استعملت فيها هذه الغازات حدثت في حرب‬
‫الحبشة من قبل اليطاليين‪ ،‬والسبب الكيد في ذلك هو أنهم كانوا يعلمون‬
‫أن باسمتحالة الحباش الخوض فمي مثمل هذه الحرب‪ ،‬أو حتمى اتخاذ أي‬
‫تدبير معاكس‪ ،‬وكذلك خلل حرب كوريا لم يشن الميركيون هجوما على‬
‫الصمين بالرغمم أن فرقا صمينية ذات أهميمة دخلت الحرب إلى جانمب‬
‫الكورييمن الشمالييمن‪ ،‬إن المثال فمي هذا المجال عديدة جدا‪ ،‬وفمي بعمض‬
‫الحيان عجيبممة وغريبممة‪ ،‬مثلً أداء ‪-‬والحرب دائرة‪ -‬ثمممن شهادات‬
‫الختراع ممن أحمد المتخاصممين إلى الخمر (بصمورة غيمر مباشرة) بغيمة‬
‫اسمتعمال اختراعات الطرف الثانمي‪ ،‬إذا اسمتعرضنا قائممة الروابمط التمي‬
‫ا ستمرت ب كل سرية ب ين المتنازع ين خلل الحرب ين العالميت ين الخيرت ين‬
‫المغامرة بالنفس‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫نند هش لعدد ها ومدا ها‪ ،‬وبال خص ل أ ظن خلل الحروب الخيرة حاول‬
‫المتنازعون إصمابة خطوط العدة الجويمة المدنيمة التمي كانمت مسمتمرة فمي‬
‫الع مل‪ ،‬ولم يح صل ذلك مح بة بالعدو‪ ،‬بل ب عد أ خذ ح سنات و سيئات هذه‬
‫العمليات بعيمن العتبار‪ ،‬إننمي أرى أن القواعمد التمي كانمت تطبمق وقمت‬
‫حرب بهذا القدر من الشدة والعنف‪ ،‬جديرة بأن تطبق ‪-‬أيضا‪ -‬على النزاع‬
‫السرائيلي ‪ -‬الفلسطيني‪ ،‬والنزاع السرائيلي ‪ -‬العربي»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ويكشِف لك ‪-‬هذا الن قل‪ -‬عن نظر ية مقررة ع ند الع سكريين؛ و هي‪ :‬مدى‬
‫خطورة وقسماوة ردة الفعمل المترتبمة ممن العدو جراء هذه العمليات‪ ،‬وهذا‬
‫يسوّغ ما ذكرناه من ضرورة الناة وتقدير أهل الخبرة‪ ،‬والدراسة الشاملة‬
‫لها قبل التورط فيها!‬
‫السابع‪ :‬ل أمير في العلم‪ ،‬ول سلطان عليه‪ ،‬ول أثر للعواطف في أحكامه‪،‬‬
‫فمتمى تمبرهن ممن خلل (التصموّرات) أو (المشاهدات)‪ ،‬أنّم هذه الضرار‬
‫غال بة‪ ،‬فالقول بالم نع أقوى‪ ،‬و هو أحرى وأجدى وأولى‪ ،‬وهذا ما و قع في‬
‫كلم مشايخنما السمابق‪ ،‬وإل فالنزاع معهمم ‪-‬كمما قررنما‪ -‬فمي تحقيمق هذه‬
‫الجزئية فحسب‪ ،‬واللّه الموعد‪.‬‬
‫الثاممن‪ :‬فمي غياب البنيان العقدي الصمحيح‪ ،‬والمنهجيّ السمليم‪ ،‬يغدو ممن‬
‫الم ستحيل ‪ -‬من وج هة ن ظر شرع ية‪ -‬الن صر‪ ،‬و هو من أ هم و سائله ب عد‬

‫() مسسن مقالة لماكسسسيم رودنسسسون‪ ،‬منشورة فسسي كتاب «العمليات‬ ‫‪1‬‬

‫الفدائيسسة الفلسسسطينية خارج فلسسسطين» (ص ‪ ،)128‬تحريسسر أنيسسس‬


‫صسسسايغ‪ ،‬مركسسسز البحاث ‪ -‬منظمسسسة التحريسسسر الفلسسسسطينية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪1970‬م‪.‬‬
‫(تننبيه)‪ :‬سسبق بيان خطسإ اسستخدام (إسسرائيل) و(إسسرائيلي) على‬
‫(اليهود) و(كيانهم) القائم‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫العداد‪ ،‬فالصل أن يسبق هذا تلك العمليات‪ ،‬على وجه ملحوظ‪ ،‬ويكون له‬
‫في المجتمع أثر ملموس‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬مما ينبغي أن يُعلم ‪-‬على ضوء ما سبق‪ :-‬أن أنصاف الحلول هي‬
‫أسموأ ممن انعدام الحلول فمي كثيمر ممن الحاييمن‪،‬‬
‫المغامرة بالنفس‬ ‫فالرتجال والفشل في إحكام هذه العمليات هو أسوأ‬
‫بكثير ‪-‬في نظري‪ -‬من المتناع عن القيام بها‪.‬‬
‫العا شر‪ :‬وأخيرا‪ ...‬لي ست جم يع المعلومات متوافرة في متناول الباحث ين‪،‬‬
‫وهذه ملحوظات عابرة‪ ،‬وممما ل شمك فيمه أن هذه العمليات تجنمي بعمض‬
‫الفائدة الماديمة والمعنويمة‪ ،‬وأمما بالنسمبة للحكمم على أبعادهما على مسمتوى‬
‫الرأي العام‪ ،‬فإنه يخضع لعتبارات الدعاية والعلم‪ ،‬وأما على المستوى‬
‫العسكري‪ ،‬فإنه ل يبدو لي أن المكاسب التي جنتها هذه العمليات حتى الن‬
‫بمقدار خ سائرها الحقيق ية‪ ،‬و من المفارقات العجي بة أن تكون هذه العمليات‬
‫ضحية السعي في سبيل الدعاية ليس إل‪ ،‬ول يجوز تغليب (الدعاية) على‬
‫الثمار الحقيقية الموجهة صوب أهداف واضحة‪ ،‬فالركض وراء (الدعايات‬
‫الفارغمة) المصمنوعة ممن (أعدائهما)‪ ،‬والمدائح الطنانمة‪ ،‬الحاصملة ممن‬
‫(منافقيهما)‪ ،‬ليسمت ممن المصملحة الحقيقيمة الشرعيمة‪ ،‬وإنمما همي أصمداء‬
‫وأضواء كاذ بة‪ ،‬وتعليقات في ها مبالغات جوفاء‪ ،‬ومظا هر خاد عة‪ ،‬وأخ طر‬
‫مما فيهما إشغال الشباب‪ ،‬وسمرق أنظارهمم عمن التجاه الصمحيح الواجمب‬
‫عليهمم سملوكه‪ ،‬والنقمد الصمريح لمما يشعرون بمه ممن أخطاء تحيمط بهمم‪،‬‬
‫والواجب عليهم نقدُها وتغييرها‪ ،‬والعاقل يقيس المور بنتائجها‪.‬‬
‫تلك بعض التفصيلت التي تخص (المصالح) و(المفاسد) التي تكتنف هذه‬
‫العمليات على حسمب محدوديمة معرفتمي فمي هذا المجال‪ ،‬وعلى كمل؛ فإن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫تفهم قناعات حملة الرأي الخر بالتفصيل في هذا المحل( )‪ ،‬يقود إلى مزيد‬
‫‪1‬‬

‫من الصواب ومزيد من النفع ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪.-‬‬


‫ثالثا‪ :‬الكلم على هذه العمليات من ح يث الضرار والم صالح‪ ،‬حا صل مع‬
‫مما يحيمط بالُممة ممن شرور وويلت‪ ،‬وإل فالجهاد فمي سمبيل اللّه ‪-‬عمز‬
‫وجل‪ -‬هو السبيل الشرعي لعادة المحتلّ من الديار‪ ،‬ول يجوز أن تنشغل‬
‫المة عما يوصل إليه‪ ،‬فهو باب ل يفتحه اللّه إل إلى خاصة أوليائه‪ ،‬حتى‬
‫يصمطفي منهمم‪ ،‬ويجتمبي إليمه ممن يشاء‪ ،‬فعلى الممة أن تكون فيهما (أئممة‬
‫د ين)‪ ،‬ول تنال هذه المرت بة إل ب م(ال صبر) و(اليق ين)‪ ،‬م صداقا لقول رب‬
‫صمَبرُواْ َوكَانُواْ بِآيَاتِن َا‬
‫ُونم ِبَأ ْمرِن َا َلمّام َ‬
‫ُمم أَ ِئ ّمةً َيهْد َ‬
‫ج َعلْن َا مِ ْنه ْ‬
‫العالميمن‪َ { :‬و َ‬
‫بعمث مزكيا معلما‪ ،‬وحددت له هاتان‬ ‫يُو ِقنُونمَ} [السمجدة‪ ،]24 :‬والنمبي‬
‫المهمتان ق بل خل قه‪ ،‬بدعاء أب يه إبراه يم‪{ :‬رَبّنَا وَا ْبعَ ثْ فِيهِ مْ رَ سُولً مّ ْنهُ مْ‬
‫ِمم} [البقرة‪،]129 :‬‬
‫ح ْكمَةَ َوُي َزكّيه ْ‬
‫َابم وَا ْل ِ‬
‫ُمم ا ْلكِت َ‬
‫ِكم وَ ُي َعّل ُمه ُ‬
‫ِمم آيَات َ‬
‫علَ ْيه ْ‬
‫َي ْتلُواْ َ‬
‫َثم فِي‬
‫بقوله‪{ :‬هُوَ الّذِي َبع َ‬ ‫فامتنم اللّه على هذه الممة بهذه السمتجابة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ح ْكمَةَ‬
‫علَ ْيهِ مْ آيَاتِ هِ َوُي َزكّيهِ مْ وَ ُي َعّل ُمهُ مُ ا ْلكِتَا بَ وَا ْل ِ‬
‫لمّيّي نَ رَ سُولً مّ ْنهُ مْ يَ ْتلُو َ‬
‫اُ‬
‫[الجمعمة‪ ،]2 :‬ول سمبيل إلى‬ ‫ِينم}‬
‫ل( ) مّب ٍ‬
‫َوإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَ ٍ‬
‫‪2‬‬

‫() أغفسل هذا المحسل جميسع مسن خسص هذه العمليات بالتأليسف‪ ،‬وهسو‬ ‫‪1‬‬

‫عقدة المسألة‪ ،‬كما نبهنا عليه أكثر من مرة‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬


‫مل النسسان‬ ‫ح ّس‬‫ج مسن (الجهسل) و(الظلم)‪ ،‬ولمسا ُ‬ ‫() الضلل؛ هسو‪ :‬مزي ٌس‬ ‫‪2‬‬

‫جهُولً}‪ ،‬فل يرفسع (الظلم) إل‬ ‫نس ظَلُوما ً َ‬ ‫المانسة‪ ،‬وصسفه اللّه بسس{إِن َّس ُ‬
‫ه كَا َ‬
‫(التزكيسسة)‪ ،‬ول (الجهسسل) إل (العلم)‪ ،‬وكان فسسي دعاء إبراهيسسم ‪-‬عليسسه‬
‫السسسلم‪ -‬السسسابق تقديسسم (العلم) على (يزكيهسسم)‪ ،‬فاسسستجاب اللّه له‬
‫بتقديم (يزكيهم) على (يعلمهم)؛ ليوظ ِّف العلم الشرعي في مصلحة‬
‫المسسة وأفرادهسسا‪ ،‬الذيسسن يقبلون عليسسه ل لسسس(ذاتسسه)‪ ،‬وإنمسسا لسسس(ثماره)‪،‬‬
‫ولتعميق ما وجدوه في نفوسهم من صلح وتزكية من خلله‪.‬‬
‫سل َ ِ‬
‫فيِّين في فلسطين‬ ‫من كلمات ال َّ‬

‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬


‫خزيران»‬
‫ح صول (التزك ية) إل ب م(الترب ية)‪ ،‬ول اليق ين إل ب م(الت صفية( ))‪ ،‬وع ند‬
‫‪1‬‬

‫صرِ‬
‫تحقق هذين المرين تسعد المة وتصعد‪{ ،‬وَيَ ْو َمئِذٍ َي ْفرَحُ ا ْلمُ ْؤمِنُونَ ‪ .‬بِ َن ْ‬
‫اللّ هِ} [الروم‪ ،]5-4 :‬ول بد من هذا الشرط( )؛ ح تى نب قى ن سير في التجاه‬
‫‪2‬‬

‫الصحيح الموصل إلى نصر اللّه ‪-‬عز وجل‪.-‬‬


‫رابعا‪ :‬أن ل يتر تب على هذه العمليات محاذ ير شرع ية‪ ،‬من ق تل البرياء‬
‫ممن المدنييمن‪ ،‬نعمم؛ دفمع الكفار‪ ،‬وإيذاؤهمم‪ ،‬وإلحاق الضرر بهمم مشروع‪،‬‬
‫ولكمن‪ ...‬ل يُقتمل المدنيون‪ ،‬إل إذا أعانوا على القتال بنفمس أو رأي‪ ،‬أو لم‬
‫يمكمن التمييمز حال اختلطهمم بالعداء‪ ،‬على تفصميل تراه فمي كتمب أهمل‬
‫فيِّين في فلسطين‬ ‫سل َ ِ‬
‫من كلمات ال َّ‬ ‫العلم( )‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫ونذكر هذا الشرط؛ لننا بصدد التأصيل‪ ،‬والدراسة الشرعية لهذه العمليات‬

‫خذ ُ العلم بما علق به من (دخل) و(دخن) من شأن أهل‬


‫() إذ أ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫(الخرافة)‪ ،‬ول يعمل ذلك على نصرة الدين المنزل على قلب سيد‬
‫المرسلين ‪.‬‬
‫() إذ هو واجب الوقت‪ ،‬مع إحياء (الربانية) بين العاملين‪ ،‬وعَقْد‬ ‫‪2‬‬

‫سلطان الولء والبراء‪ ،‬والحب والبغض على المعايير الشرعية‪ ،‬ل‬


‫ب ويقدّم ويوالى‬‫ح ّ‬
‫الحزبية‪ ،‬فالعلم والورع والصلح هو الذي ي ُ َ‬
‫وينصر ويدافع عنه‪ ،‬ل لذاته وإنما لثماره‪ ،‬وإل فما هو حال أمة تأكل‬
‫رأسها‪ ،‬وتعظم ذيلها‪ ،‬وتهدر طاعة أولياء أمورها من العلماء؟!‬
‫() انظر ‪-‬على سبيل المثال‪« :-‬شرح النووي على صحيح مسلم» (‬ ‫‪3‬‬

‫‪« ،)12/73‬المجموع» (‪« ،)19/296‬مغني المحتاج» (‬


‫‪« ،)4/222‬اللباب في شرح الكتاب» (‪« ،)4/119‬بدائع‬
‫الصنائع» (‪« ،)7/101‬حاشية ابن عابدين» (‪« ،)4/307‬بداية‬
‫المجتهد» (‪« ،)281-1/280‬منح الجليل» (‪،)3/144‬‬
‫«المغني» (‪« ،)9/302‬مجموع فتاوى ابن تيمية» (‪-28/354‬‬
‫‪.)355‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫باختلف أزمنتها وأمكنتها وملبساتها‪.‬‬
‫خامسما‪ :‬ل بمد ممن (مراعاة الخلف)( ) فمي بعمض الصمور‪ ،‬وبعمض‬
‫‪1‬‬

‫الملبسات‪ ،‬ويقضي هذا‪ :‬الفصل( ) بين (حكمها الشرعي) ومآل (القائمين)‬


‫‪2‬‬

‫عليها‪ ،‬إذ مدار التقدير على الجتهاد‪.‬‬


‫سمادسا‪ :‬جميمع مما سمبق‪ ،‬همو محاولة تأصميل لهذه (العمليات) على وفمق‬
‫قوا عد الشرع ومقاصمده‪ ،‬على ضوء ما قرره أ هل العلم‪ ،‬والكلم هذا فمي‬
‫(نازلة) جديدة لم ت كن معرو فة قديما بجم يع حيثيات ها وتف صيلتها‪ ،‬وأ ما‬
‫تنز يل الحكام على واق عة معي نة‪ ،‬وإعمال تطبيقات ها وتحق يق المناط في ها‪،‬‬
‫فإ نه من ع مل العلماء المع تبرين‪ ،‬وأ هل الفتوى الرا سخين‪ ،‬يخرجون كل‬
‫واقعة بعينها على قواعدها‪ ،‬مراعين نتائجها وثمارها‪ ،‬بعد إحكام تصورها‪،‬‬
‫ومعر فة واقع ها‪ ،‬وبالستعانة بتقر ير أ هل الخبرة والمعر فة من المجاهد ين‬
‫من حيث أضرارها ومفاسدها‪ ،‬واللّه المستعان‪ ،‬ل ربّ سواه‪.‬‬
‫من كلمات العلماء السلفيين في قضية فلسطين‬ ‫‪‬‬
‫هذه كلمات مبثو ثة في بطون الك تب والمجلت‪ ،‬جمعتُ ها من ه نا وهناك‪،‬‬
‫يلممس فيهما قارؤهما حقائق مريرة‪ ،‬وتوممئ إلى قضايما خطيرة‪ ،‬وأفكار‬
‫رئيسمة‪ ،‬وهمي بمثابمة (الدبابيمس) تارة‪ ،‬و(أحكام فقهيمة) تارة أخرى‪ ،‬وفمي‬
‫بعضهما (مما يجمب علينما) تجاههما‪ ،‬وفمي بعضهما الخمر (كلمات) فمي‬
‫مؤتمرات‪ ،‬وفيهما ‪-‬أيضا‪( -‬قواعمد) ل تتغيّمر بتغيّمر الحداث والزمان‪،‬‬
‫عملت على جمع ها ونشر ها على حد الحك مة القائلة‪ ( :‬من ك تم داءه قتله)‪،‬‬
‫وعلى الرغمم ممن ذلك‪ ،‬فسمنعمل على سمردها دون شرح ‪-‬ولو كان فمي‬

‫() انظسسسسر فسسسسي ضرورة معرفسسسسة ذلك‪« :‬الموافقات» (‪)5/106‬‬ ‫‪1‬‬

‫وتعليقي عليه‪.‬‬
‫() انظر ما قدمناه (ص ‪.)67 ،62 ،60 ،40-39 ،38-37‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بعضها جرح‪ -‬وهي جميعا لئمة من العلماء السلفيين العاملين المتأخّرين‪،‬‬
‫واللّه الموفّق للصالحات‪ ،‬والهادي إلى الخيرات‪.‬‬
‫َ‬
‫سلفِي ِّين في فلسطين‬‫من كلمات ال َّ‬
‫* قال محمد البشير البراهيمي ‪-‬رحمه اللّه‪:-‬‬
‫عندنا‪ ،‬وأمانة عمر في ذمتنا‪ ،‬وعهد السلم‬ ‫« إن فلسطين وديعة محمد‬
‫في أعناقنا‪ ،‬فلئن أخذها اليهود منا ونحن عصبة إنّا إذا لخاسرون»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫* وقال ‪-‬أيضا‪:-‬‬
‫« أيها العرب! إن قضية فلسطين محنة‪ ،‬امتحن اللّه بها ضمائركم وهممكم‬
‫وأموال كم ووحدت كم‪ ،‬ولي ست فل سطين لعرب فل سطين وحد هم‪ ،‬وإن ما هي‬
‫للعرب كلهم‪ ،‬وليست حقوق العرب فيها تنال بأنها حق في نفسها‪ ،‬وليست‬
‫تنال بالهوينما والضعمف‪ ،‬وليسمت تنال بالشعريات والخطابيّات‪ ،‬وإنمما تنال‬
‫بالتصميم والحزم والتحاد والقوة‪.‬‬
‫إن ال صهيونية وأن صارَها م صممون‪ ،‬فقابلوا الت صميم بت صميم أقوى م نه‪،‬‬
‫وقابلوا التحاد باتحاد أمتن به‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وصممفّا ل يُرقّعممُ بالكسممالى»‬ ‫وكونوا حائطا ل صممدع فيممه‬

‫* وقال ‪-‬أيضا‪:-‬‬
‫« يا بخس فلسطين!‪ ...‬أيبيعها من ل يملكها‪ ،‬ويشتريها مَن ل يستحقها‪...‬؟‬
‫يا هوان فل سطين!‪ ...‬يقولون‪ :‬إن فل سطين من سك للديان ال سماوية الثلثة‪،‬‬
‫وإنهما قبلة لهمل تلك الديان جميعا‪ ،‬فإن كان مما يقولون حقا ‪-‬وهمو حمق‬
‫في ذاته‪ -‬فإن أحق الناس بالئتمان عليها العرب؛ لنهم مسلمون‪ ،‬والسلم‬
‫يوجمب احترام الكتمب والكتابييمن‪ ،‬ويوجمب اليمان بجميمع النمبياء‬

‫() «البصائر»‪ ،‬العدد ‪ ،22‬سنة ‪1948‬م‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «البصائر»‪ ،‬العدد ‪ ،5‬سنة ‪1947‬م‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والمرسملين‪ ،‬ويضممن إقاممة الشعائر لليهود والمسميحيين‪ ،‬ل اليهود الذيمن‬
‫كذّبوا النمبياء وقتلوهمم‪ ،‬وصملبوا ‪-‬بزعمهمم‪ -‬المسميح الصمادق‪ ،‬وشرّدوا‬
‫بعد ما جاءهم بالبينات»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫حواريّيه من فلسطين‪ ،‬وكفروا بمحمد‬
‫* وقال ‪-‬أيضا‪-‬‬
‫عقُل ها‬
‫« وواللّه ‪-‬يمينا برّة‪ -‬لو أن القوى ‪-‬روحيّ ها وماديّ ها‪ -‬انطلق تْ من ُ‬
‫وتوافتم على فلسمطين وتوافرت‪ ،‬لدفنمت صمهيون ومطامعمه‬
‫ْ‬ ‫وتظافرت‪،‬‬
‫وأحلمَه إلى البد‪ ،‬ولزعج تْ أنصارَه المصوتين إزعاجا يطيّر صوابَهم‪،‬‬
‫سلَفِيِّين في فلسطين‬‫من كلمات ال َّ‬
‫ويُحبمط ثوابهمم‪ ،‬ويطيمل حماتهمم‪ ،‬ويكبمت أصمواتهم‪ ،‬ولحدثمت فمي(العالم‬
‫الغربي) تفسيرا جديدا لكلمة (عربي)»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫* وقال ‪-‬أيضا‪:-‬‬
‫« همل ممن الصمحيح أن التفجيمع والتوجّعَم والتظلّم والتألّم والقوال تتعالى‪،‬‬
‫والحتجاجات تتوالى‪ ،‬همي كمل مما لفلسمطين علينما ممن حقمّ؟ وهمل ممن‬
‫المعقول أن التفجّع ومما ع طف عل يه ‪-‬مجتمعات فمي زَ من‪ ،‬مقترِنات فمي‬
‫قرن‪ -‬تنفمع حيفا‪ ،‬أو تفلّ لظلم سميفا‪ ،‬أو ت ُردّ عاديمة عاد‪ ،‬أو تسمفّه حلم‬
‫صمهيون فمي أرض الميعاد؟! ل‪ ...‬والذي أسمرى بعبده ليلً ممن المسمجد‬
‫الحرام إلى المسجد القصى»( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫* وقال ‪-‬أيضا‪:-‬‬
‫« إن الواجمب على العرب لفلسمطين يتألّف ممن جزأيمن‪ :‬المال والرجال‪،‬‬
‫وإن حظوظهمم ممن هذا الواجمب متفاوتمة بتفاوتهمم فمي القرب والبعمد‪،‬‬
‫ودرجات المكان وحدود السمتطاعة ووجود المقتضيات وانتفاء الموانمع‪،‬‬

‫() «البصائر»‪ ،‬العدد ‪ ،22‬سنة ‪1948‬م‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «البصائر»‪ ،‬العدد ‪ ،25‬سنة ‪1948‬م‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() «البصائر»‪ ،‬العدد ‪ ،25‬سنة ‪1948‬م‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وإن الذي يسمتطيعه الشرق العربمي همو الواجمب كاملً بجزأيْمه؛ لقرب‬
‫الصمريخ‪ ،‬وتيسمّر المداد‪ ،‬فمبين فلسمطين ومصمر غلوة رام‪ ،‬وبينهما وبيمن‬
‫أجزاء الجزيرة خطوط وهمية خطّتها يدُ الستعمار‪ ،‬وإذا لم تمحُها الجامعة‬
‫فل يس للجام عة مع نى؟ وإذا لم تهتبلْ لمحو ها ه نا اليوم فيو شك أن ل يجود‬
‫الزمان عليها بيوم مثله»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الواجمب الشرعمي ممع يهود الجهاد فمي سمبيل اللّه( ) ‪-‬تعالى‪،-‬‬


‫‪2‬‬

‫ومما عداه ممن حلول (احتجاجات‪ ،‬مظاهرات‪ )...،‬طرق غيمر‬


‫شرعية‪ ،‬ل تنكأ عدوا‪ ،‬ول تس ّر صديقا‪.‬‬
‫* كلمة موجزة في شأن فلسطين من الوجهة العلمية‪:‬‬
‫قال العلمة المحدث السلفي أحمد شاكر ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬تحت عنوان (تحية‬
‫المؤتمر العربي في قضية فلسطين) ما نصه‪:‬‬
‫سلَفِي ِّين في فلسطين‬
‫من كلمات ال َّ‬
‫« يا حماة الحمى‪ ،‬وقادة السلم‪ ،‬وزعماء المسلمين!‬
‫لو ك نت شاعرا لنظمت في تحية ضيوفنا العظماء الكرام قلئد الدرر‪ ،‬ولو‬
‫كنمت خطيبا لنثرت بيمن أيديهمم بدائع الزهور‪ ،‬واعترافمي بعجزي أبلغ‬
‫العذار‪.‬‬
‫إنما مثلت أمامكم أداءً لغرض‪ ،‬وقياما بواجب‪ ،‬وكم كنت أتمنى أن يقوم في‬
‫مقامي هذا والدي الشيخ محمد شاكر وكيل الزهر سابقا‪ ،‬وما حبسه عن‬
‫ذلك إل المرض‪ ،‬فقمد ألزممه الفراش منمذ بضمع سمنين‪ ،‬ولول هذا لسممعتم‬
‫صوته يجلجل في أنحاء العالم السلمي؛ انتصارا للمظلومين‪ ،‬ودفاعا عن‬
‫فلسطين‪.‬‬
‫وإنمي أتشرّف بأن أُرحّب بنواب الُممم السملمية وممثليهما باسممه واسمم‬
‫() «البصائر»‪ ،‬العدد ‪ ،25‬سنة ‪1948‬م‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الجهاد الشرعي له شروط‪ ،‬ليس هذا محل بسطها وشرحها‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫إخوانه الذين جاهدوا معه في الصفوف الولى لهذه النهضة‪.‬‬
‫وما يكون لي أن أتحدث إليكم في السياسة وأنتم هداتها وأساطينها‪ ،‬ولو بدا‬
‫لي هذا لقعدني الخجل والعجز‪ ،‬ولكني أتحدث إليكم بكلمة موجزة في شأن‬
‫قضية المسلمين من الوجهة العلمية الدينية‪.‬‬
‫لقمد ألقمى النكليمز الحديمد والنار على فلسمطين‪ ،‬حمايمة لقضيمة خاسمرة‪،‬‬
‫وانتصارا لمة ل تقوم لها قائمة‪ ،‬ولن تكون لها دولة‪.‬‬
‫كلكمم مسملم أو عربمي‪ ،‬والمسملم يؤممن باللّه وبرسموله وبالقرآن الذي نزل‬
‫على رسوله‪ ،‬والمسيحي( ) العربي يصدق بنبوة محمد‪ ،‬ويعرف أن البشائر‬ ‫‪1‬‬

‫التي في القرآن بشائر صدق‪ ،‬وأن آياته كلها حق‪.‬‬


‫عَل ْيهِ مُ ال ّذّلةُ َأيْ نَ مَا‬
‫ضرِبَ تْ َ‬
‫واللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يقول في شأن هؤلء اليهود‪ُ { :‬‬
‫ض ِربَ تْ‬
‫ُث ِقفُواْ إِلّ ِبحَبْلٍ مّ نْ اللّ هِ َوحَبْلٍ مّ نَ النّا سِ وَبَاءُوا ِبغَضَ بٍ مّ نَ اللّ هِ وَ ُ‬
‫سكَ َنةُ} [آل عمران‪.]112 :‬‬
‫علَ ْيهِمُ ا ْلمَ ْ‬
‫َ‬
‫ْمم ا ْلقِيَا َمةِ ُكلّمَا‬
‫ُمم ا ْلعَدَا َوةَ وَالْ َبغْضَاءَ ِإلَى يَو ِ‬
‫ويقول فمي شأنهمم‪َ { :‬وَأ ْلقَيْنَا بَيْ َنه ُ‬
‫طفَأَهَا الّلهُ} [المائدة‪.]64 :‬‬
‫حرْبِ َأ ْ‬
‫أَ ْوقَدُواْ نَارا ّللْ َ‬
‫علَ ْيهِمْ ِإلَى َيوْمِ ا ْلقِيَامَةِ‬
‫ثم اللّه يحكم عليها حُكما أبديا‪َ { :‬وِإذْ َتأَذّنَ رَبّكَ َليَ ْبعَ َثنّ َ‬
‫مَن يَسمُو ُمهُمْ سمُوءَ ا ْلعَذَابِم إِنّ رَبّكَم لَسَمرِيعُ ا ْل ِعقَاب ِم َوإِنّهُم َل َغفُورٌ ّرحِيمٌم ‪.‬‬
‫سلَفِيِّين في فلسطين‬ ‫من كلمات ال َّ‬
‫لرْضِ ُأمَما} [العراف‪.]168-167 :‬‬ ‫طعْنَاهُمْ فِي ا َ‬
‫َو َق ّ‬
‫تنصمبّ على رؤوس أعدائكمم‪ ،‬وعلى‬
‫َ‬ ‫أيهما السمادة! هذه صمواعق ممن اللّه‬
‫رؤوس حماتهمم‪ ،‬هذا وعمد اللّه لكمم بنصمركم عليهمم‪ ،‬واللّه منجمز وعده‪،‬‬
‫وحسب أعدائكم عهد بلفور‪ ،‬وهو وقومه واليهود أعجز من أن يفوا بعهده‪،‬‬
‫بل هم أعجز من أن يخلفوه؛ لنّ اللّه هو الذي يتولّى إخلفه بأيديكم وأيدي‬

‫() الصواب أن يقول‪( :‬نصراني)‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أعدائكم‪.‬‬
‫عمَالَكُ مْ}‬
‫علَوْ نَ وَاللّ هُ َم َعكُ مْ َولَن َي ِت َركُ مْ أَ ْ‬
‫س ْلمِ َوأَنتُ مُ الَ ْ‬
‫{فَلَ َت ِهنُواْ َوتَدْعُواْ ِإلَى ال ّ‬
‫[محمد‪.]35 :‬‬
‫علَوْنَ إِنْ كُنْ ُتمْ مّ ْؤمِنِينَ} [آل عمران‪.]39 :‬‬
‫لْ‬‫حزَنُوا َوأَنْ ُتمُ ا َ‬
‫{وَلَ َتهِنُوا َولَ َت ْ‬
‫أي ها ال سادة! قد أكون أ صغر سنا من أكثر كم‪ ،‬وأظن ني أقلّ كم جميعا علما‬
‫ومعرفمة‪ ،‬ولكنمي أطممع فمي تواضعكمم إذا قممت فمي حضرتكمم بواجمب‬
‫النصيحة للمسلمين؛ ليكون ذكرى‪ ،‬والذكرى تنفع المؤمنين‪.‬‬
‫إنكم تمثّلون أُمة السلم‪ ،‬أُمة واحدة عربية‪ ،‬ل تفرق بينَها فوارق الجنسية‪،‬‬
‫العجممي المسملم عربمي الديمن واللسمان‪ ،‬والعربمي عربمي مسملما كان أو‬
‫مسيحيا‪ ،‬و سِمة هذه المة عند اللّه العزة‪َ { :‬وِللّ هِ ا ْل ِعزّةُ َوِلرَ سُوِلهِ َوِل ْلمُ ْؤمِنِي نَ}‬
‫[المنافقون‪ ،]8 :‬وإنكم تناوئون أمة قد ضربها اللّه بالذل وال صّغار‪ ،‬وضمن‬
‫ل كم الن صر علي هم وإن ا ستنصروا ب سائر أ مم الرض‪ُ { :‬كلّمَا أَ ْوقَدُواْ نَارا‬
‫ّل ْلحَرْ بِ َأطْ َفأَهَا اللّ هُ}‪ ،‬فل تعطو هم من أنف سكم ما ل مط مع ل هم ف يه وإن‬
‫بلغوا أسباب السماء‪.‬‬
‫عن المدينة‬ ‫إن هؤلء الذلء كتب اللّه عليهم الجلء‪ ،‬فقد أجلهم النبي ‪s‬‬
‫وأرباضها‪ ،‬ثم جلهم الفاروق عن الحجاز‪ ،‬ثم سكت عنهم المسلمون‪ ،‬بل‬
‫حموهم حين رأوهم مضطهدين مستضعفين‪ ،‬فلما عادوا سيرتهم من البغي‬
‫والعدوان‪ ،‬أعاد هم اللّه سيرتهم من الجلء‪ ،‬فجل هم اللمان والطليان عن‬
‫بلدهم‪ ،‬وستكون عاقبة أمرهم ‪-‬إن شاء اللّه‪ -‬أن يجليهم المسلمون عن كل‬
‫بلد السلم‪.‬‬
‫إن أُور بة لم تتم كن من دول ال سلم في فترة ضعف هم إل ح ين أرهبت هم‬
‫بغُول التعصّب‪ ،‬حتى صار كل مسلم يتخاذل عن دينه وعن شريعته‪ ،‬خشية‬
‫أن يُتّهمم بالتعصمب‪ ،‬ثمم ألقَت ْم بينهمم بدعمة القوميات؛ لتفتن هم عمن وحدتهمم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سل َ ِ‬
‫فيِّين في فلسطين‬ ‫من كلمات ال َّ‬
‫وقوّتهم‪.‬‬
‫وإني ليُلقى في روعي أن سيكون مؤتمركم هذا فاتحة لعشرات من أمثاله‪،‬‬
‫تبنون فيه حصن السلم‪ ،‬وتذودون عن حوضه‪ ،‬حتى تعود هذه المة أُمة‬
‫واحدة ‪-‬كما أمرها اللّه‪.-‬‬
‫ول تخافوا تهممة التعصمب التمي يريدون أن يصملوا ممن ورائهما إلى مما‬
‫يسممونه (حقوق القليات)؛ فمما كان المسملمون يوما معتديمن ول ظالميمن‪،‬‬
‫وإن كلمة (حقوق القليات) لها ما بعدها‪ ،‬من تغلغل النفوذ الجنبي في كل‬
‫شأن من شؤون المسلمين‪.‬‬
‫ولقد قال الزعيم الخطير صاحب المعالي محمد علي علوبة باشا‪ ،‬بالمس‬
‫بالمؤتمر‪ ،‬كلمة خالدة أرجو أن تكون على ذكر منا دائما‪ ،‬قال‪:‬‬
‫« وليعلم اليهود أنهم إذا فرحوا اليوم بظفر يستند إلى حراب غيرهم‪ ،‬فإنهم‬
‫سينهزمون ل محالة يوم تغ يب هذه الحراب عن هم‪ ،‬وأحداث الد هر كثيرة‪،‬‬
‫والفرص آتية ل ريب فيها‪ ،‬ومَن أنذر فقد أعذر»‪.‬‬
‫وإني أعتقد أن هذه الكلمة مما يلهم اللّه بعض عباده؛ فهي عبرة لمن شاء‬
‫أن يعتبر‪ ،‬وهي نذير لمن شاء أن يتدبّر النذر‪ ،‬وأستغفر اللّه لي ولكم»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫* وقال السيد محمد رشيد رضا ‪-‬رحمه اللّه‪:-‬‬


‫« إن حكم السلم في عمل النكليز واليهود الصهيونيين في فلسطين‪ ،‬حكم‬
‫قوم من أ هل الحرب أغاروا على و طن من دار ال سلم‪ ،‬فا ستولوا عل يه‬
‫بالقوة‪ ،‬واستبدّوا بأمر الملك فيه‪ ،‬وشرعوا في انتزاع رقبة أرضه من أهله‬
‫بتدابير منظمة؛ ليسلبوهم المِلك (بكسر الميم) كما سلبوهم المُلك (بضمها)‪،‬‬

‫() «كلمسسسة الحسسسق» (مقالت وأبحاث أحمسسسد شاكسسسر) (ص ‪-195‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)198‬‬
‫سلَفِيِّين في فلسطين‬
‫أوهامكلمات ال َّ‬
‫«النقد والبيان في دفع من‬
‫خزيران»‬
‫وح كم من ي ساعدهم على عمل هم هذا (امتلك الرض) بأي نوع من أنواع‬
‫الم ساعدة‪ ،‬وأ ية صورة من صورها الر سمية (كالب يع)‪ ،‬وغ ير الر سمية‬
‫(كالترغيمب)؛ حكمم الخائن لمتمه وملتمه‪ ،‬العدو للّه ولرسموله وللمؤمنيمن‪،‬‬
‫الموالي لعدائهم وخصومهم في مِلكهم ومُلكهم‪ ،‬ل فرق بينه وبين المجاهد‬
‫معهمم للمسملمين بماله ونفسمه‪ ،‬فالذي يمبيع أرضمه لليهود الصمهيونيين فمي‬
‫فلسمطين‪ ،‬والذي يسمعى فمي شراء أرض غيره لهمم ممن سممسار وغيره؛‬
‫كالذي يساعد أي قوم من الجانب على قومه فيما يحاولون من فتح بلدهم‬
‫بالسيف والنار‪ ،‬وامتلك أوطانهم‪ ،‬بل أقول ‪-‬ول أخاف في اللّه لومة لئم‪،‬‬
‫ول إيذاء ظالم‪ :-‬إن هذا النوع من ف تح الج نبي لدار ال سلم هو شر من‬
‫كل ما سبقه من أمثاله من الفتوح الحربية ال سياسية والدينية على اختلف‬
‫أسممائها فمي هذا العصمر؛ لنمه سملب لحمق أهمل الوطمن فمي ملك بلدهمم‬
‫وحكمهما‪ ،‬ولحقهمم فمي ملك أرضهما لجمل طردهمم منهما‪ ،‬وممن المعلوم‬
‫بالبداهمة أنمه إذا بقمي لنما ملك الرض تيسمر لنما إعادة ملك الحكمم‪ ،‬وإل‬
‫فقدناهما معا‪.‬‬
‫هذا وإن فقد فلسطين خطر على بلد أمتنا المجاورة لهذا الوطن منها‪ ،‬فقد‬
‫صمار ممن المعلوم بالضرورة لهمل فلسمطين والمجاوريمن لهمم‪ ،‬ولكمل‬
‫العارفيمن بمما يجري فيهما‪ ،‬ممن عزم اليهود على تأسميس الوطمن القوممي‬
‫السمرائيلي‪ ،‬واسمتعادة ملك سمليمان بقوة المال الذي همم أقطاب دولتمه‬
‫القت صادية‪ ،‬وبقوة الدولة البريطان ية الحرب ية‪ ،‬إن هذا الخ طر سيسري إلى‬
‫شرق الردن و سورية والحجاز والعراق‪ ،‬بل هو خ طر سينتقل من سيناء‬
‫إلى مصر‪.‬‬
‫وجملة القول‪ :‬أن الصهيونية البريطانية خطر على المة العربية في جميع‬
‫أوطان ها ال سيوية و في دين ها ودنيا ها‪ ،‬فل يع قل أن ي ساعدهم عل يه عر بي‬
‫غ ير خائن لقو مه ووط نه‪ ،‬ول م سلم يؤ من باللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وبكتا به العز يز‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وبرسوله محمد خاتم النبيين ‪-‬صلوات اللّه عليه وعلى آله وأصحابه‪ ،-‬بل‬
‫يجب على كل مسلم أن يبذل كل ما يستطيع من جهد في مقاومة هذا الفتح‪،‬‬
‫ووجوبمه آكمد على القرب فالقرب‪ ،‬وأهون أسمباب المقاوممة وطرقهما‪:‬‬
‫المقاومة السلبية‪ ،‬وأسهلها‪ :‬المتناع من بيع أرض الوطن لليهود‪ ،‬فإنه دون‬
‫كل ما ي جب من الجهاد بالمال والن فس الذي يبذلو نه هم في سلب بلد نا‬
‫وملكنا منا‪.‬‬
‫و من المقرر في الشرع أن هم إن أخذو ها و جب على الم سلمين في جملت هم‬
‫بذل أموالهم وأنفسهم في سبيل استعادتها‪ ،‬فهل يعقل أن يبيح لنا هذا الشرع‬
‫تمهيد السبيل لمتلكهم إياها بأخذ شيء من المال منهم وهو معلوم باليقين؛‬
‫لجل أن يوجب علينا بذل أضعاف هذا المال مع النفس لجل إعادتها لنا‬
‫وهمو مشكوك فيمه؛ لنمه يتوقمف على وحدة الممة العربيمة وتجديمد قوتهما‬
‫بالطرق العصمرية‪ ،‬وأنمى يكون ذلك لهما وقلب بلدهما وشراييمن دم الحياة‬
‫سلَفِي ِّين في فلسطين‬
‫من كلمات ال َّ‬
‫فلسطين أو في شرق‬ ‫فيها في قبضة غيرها؟! فالذي يبيع أرضه لليهود في‬
‫الردن يُعدّ جانيا على المة العربية كلها‪ ،‬ل على فلسطين وحدها‪.‬‬
‫ول عذر لحمد بالفقمر والحاجمة للمال للنفقمة على العيال‪ ،‬فإذا كان الشرع‬
‫يب يح ال سؤال المحرم ع ند الحا جة الشديدة‪ ،‬ويب يح أ كل المي تة والدم ول حم‬
‫الخنزير للضطرار‪ ،‬وقد يبيح الغصب والسرقة للرغيف الذي يسدّ الرمق‬
‫ويقي الجائع من الموت بنية التعويض‪ ،‬فإن هذا الشرع ل يبيح لمسلم ببيع‬
‫بلده‪ ،‬وخيانة وطنه ومل ته لجل النفقة على العيال‪ ،‬ولو و صل إلى درجة‬
‫الضطرار‪ ،‬إ نْ فرض نا أن الضطرار إلى القوت الذي ي سدّ الر مق ي صل‬
‫إلى حيمث ل يمكمن إزالتمه إل بالبيمع لليهود وسمائر أنواع الخيانمة‪،‬‬
‫فالضطرار الذي يبيمح أمثال مما ذكرنما ممن المحظورات أممر يعرض‬
‫للشخمص الذي أشرَف َم على الموت ممن الجوع وهمو يزول برغيمف واحمد‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مثلً‪ ،‬وله طرق ووسائل كثيرة‪.‬‬
‫وإنني أعتقد أن الذ ين باعوا أرضهم لهم لم يكونوا يعلمون أن بيعها خيانة‬
‫للّه ولرسوله ولدينه وللمة كلها‪ ،‬كخيانة أهل الحرب مع العداء لتمليكهم‬
‫دار السلم وإذلل أهلها‪ ،‬وهذا أشد أنواعها‪.‬‬
‫{يَا أَ ّيهَا الّذِينَ آمَنُواْ لَ َتخُونُواْ اللّهَ وَالرّسُولَ َو َتخُونُواْ َأمَانَا ِت ُكمْ َوأَنُْتمْ َت ْعَلمُونَ‬
‫عظِي مٌ} [النفال‪:‬‬
‫ل ُدكُ مْ فِتْ َنةٌ َوأَنّ اللّ هَ عِندَ هُ َأجْرٌ َ‬
‫عَلمُواْ أَنّمَا َأمْوَاُلكُ مْ َوأَوْ َ‬
‫‪ .‬وَا ْ‬
‫‪.) (»]27‬‬
‫‪1‬‬

‫* وقال ‪-‬أيضا‪:-‬‬
‫«إ نّ مَن يبيع شيئا من أرض فلسطين وما حول ها لليهود أو للنكليز؛ فهو‬
‫َكمَن يبيع المسجد القصى‪ ،‬وكمن يبيع الوطنَ كلّه؛ لنّ ما يشترونه وسيلة‬
‫جعْل الحجاز على خطر‪ ،‬فرقبة الرض في هذه البلد هي‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وإلى َ‬
‫كرقبمة النسمان ممن جسمده‪ ،‬وهمي بهذا تُعدّ شرعا ممن المنافمع السملمية‬
‫العا مة‪ ،‬ل من الملك الشخ صية الخا صة‪ ،‬وتمل يك الحر بي لدار ال سلم‬
‫باطل‪ ،‬وخيانة للّه ولرسوله ولمانة السلم‪ ،‬ول أذكر هنا كل ما يستحقه‬
‫مرتكب هذه الخيانة‪ ،‬وإنما أقترح على كل مَن يؤمن باللّه وبكتابه وبرسوله‬
‫خاتم النبيين أن يب ثّ هذا الحكم الشرعي في البلد‪ ،‬مع الدعوة إلى مقاطعة‬
‫هؤلء الخو نة الذ ين ي صرّون على خيانت هم في كل ش يء‪ ،‬من المعاشرة‬
‫والمعاملة والزواج والكلم حتى ردّ السلم»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫() مجلة «المنار» لمحمسسد رشيسسد رضسسا (م ‪ 33‬ص ‪ ،)175-174‬عدد‬ ‫‪1‬‬

‫محرم‪ ،‬سنة ‪1352‬هس ‪ -‬مايو‪ ،‬سنة ‪1933‬م‪.‬‬


‫ولهذا المام السسلفي كلم متيسن جيسد كثيسر عسن قضيسة فلسسطين‪ ،‬لو‬
‫جمعت من مجلته= =«المنار» لزادت عن مجلدتين كبيرتين‪.‬‬
‫() مجلة «المنار» لمحمسسد رشيسسد رضسسا (م ‪ 34‬ص ‪ ،)612‬عدد ذي‬ ‫‪2‬‬

‫القعدة‪1353 ،‬هس ‪ -‬مارس‪ ،‬سنة ‪1935‬م‪.‬‬


‫التّعريف بهذا الكتاب‬

‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬


‫خزيران»‬
‫وهذه الفتاوى مأخوذة ممن قواعمد الشرع ومقاصمده‪ ،‬وهمي ل تتغيّر بتغيّر‬
‫الزمان والمكان؛ فالحكمم فمي بيمع الرض العربيمة والسملمية ليهود‬
‫وسماسرتهم خيانة للّه ولرسوله وللمؤمنين‪ .‬واللّه المستعان‪ ،‬وعليه التكلن‪،‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين‪.‬‬
‫التعريف بكتاب «النقد والبيان»‬ ‫‪‬‬

‫اسم الكتاب والصل المعتمد عليه في التحقيق‬ ‫‪‬‬


‫اعتمدتم فمي تحقيمق هذا الكتاب على طبعمة ظهرت سمنة ‪1344‬همم ‪-‬‬
‫ُ‬
‫للكتاب‪ ،‬طبعت‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪1925‬م عن مطبعة الترقي بدمشق‪ ،‬وهي الطبعة الولى‬
‫خزَيران»‪ ،‬تأليف‬
‫على نفقة مؤلّفيها‪ ،‬وعنوانه «النقد والبيان في دفع أوهام ُ‬
‫محمد كامل القصاب ومحمد عز الدين القسام( )‪ ،‬وص ّورْتُه من مكتبة شيخنا‬
‫‪2‬‬

‫إمام هذا العصر في الحديث الشيخ محمد ناصر الدين اللباني ‪-‬رحمه اللّه‬
‫تعالى‪.-‬‬
‫التعريف بالسماء الواردة في الكتاب‬ ‫‪‬‬
‫أ‪ -‬ما أثبت على طرة الكتاب‪:‬‬
‫‪ -1‬محمد كامل القصاب‪.‬‬
‫‪ -2‬محمد عز الدين القسام‪.‬‬
‫() ل أعرف للكتاب ‪-‬إلى كتابسسة هذه السسسطور‪ -‬طبعسسة غيرهسسا‪ ،‬ومسسا‬ ‫‪1‬‬

‫ذكره علي= =حسسسين خلف فسسي كتابسسه «عسسز الديسسن القسسسام» (ص‬
‫‪ )45‬أن الكتاب طبسع بعنوان «النقسد والبيان فسي رد أوامسر خزيران»‬
‫عسن طريسق مكتبسة محمود يوسسف عيسسى الصسفدي‪ ،‬غيسر دقيسق‪ ،‬إذ‬
‫اعتمد فيما دوّن على مقابلت شخصية‪ ،‬وضبط العنوان والناشر ‪-‬ول‬
‫سيما مع مضي الزمان‪ -‬يعتريه الوهم والنسيان!‬
‫() انظسسر مصسسورة الغلف (ص ‪ ،)127‬وقسسد ذكره جماعسسة ممسسن‬ ‫‪2‬‬

‫ترجموا له‪ ،‬سيأتي بيانهم عند الترجمة‪.‬‬


‫الكتاب‬ ‫عريف بهذا‬
‫سسسسسسسسسسف بهذا‬ ‫الت ّالت ّ‬
‫عريس‬ ‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وهمما المؤلّفان‪ ،‬وسمأعمل( ) على إثبات ترجممة مسمهبة لهمما ‪-‬إن شاء اللّه‬
‫‪1‬‬

‫تعالى‪.-‬‬
‫خزَيران‪ ،‬وسمّياه في الكتاب (محمد صبحي خزيران)‪ ،‬وعرفا به‪ ،‬بأنه‬
‫‪ُ -3‬‬
‫« رئيس كتّاب المحكمة الشرعية في َثغْر عكاء »( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ب‪ -‬أسماء ترددت كثيرا في الكتاب‪:‬‬


‫‪ -1‬علي سرور الزّنكلو ني‪ ،‬من علماء م صر‪ ،‬و سكّانها‪ ،‬و من الحري صين‬
‫على السنة‪ ،‬ونشرها‪ ،‬والفتاء بها( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -2‬محمود خطاب السبكي‪ ،‬مؤسس جمعية أنصار السنة المحمدية( )‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫خزَيران( )‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -3‬عبد ال الجزار‪ ،‬قاضي عكا ومفتيها‪ ،‬شيخ ُ‬
‫موضوع الكتاب والباعث على تأليفه‬ ‫‪‬‬
‫كتابنا هذا هو رد على كتاب الشيخ محمد صبحي خُزيران ‪-‬قاضي عكا‪-‬‬

‫() في آخر هذه المقدمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «النقد والبيان» (ص ‪ ،)4‬ولم أفز بذكر له في كتب التراجم‪ ،‬مع‬ ‫‪2‬‬

‫شدة بحثي وتتبعي‪ ،‬والستعانة بالمعتنين في هذا الباب‪ ،‬وطلبت من‬


‫أخسسي الشيسسخ هشام العارف ‪-‬حفظسسه اللّه‪( -‬المدرس فسسي المسسسجد‬
‫القصسى) البحسث عسن ترجمسة له‪ ،‬ولو مسن خلل زيارة (عكسا)‪ ،‬ووعسد‬
‫خيراً‪ ،‬وحاول البحسسث‪ ،‬إل أن مسسا يجري على أرض فلسسسطين الحبيبسسة‬
‫‪-‬أعادهسسا اللّه إلى حظيرة السسسلم والمسسسلمين‪ -‬حال دون تَمك ّسسنه‪،‬‬
‫وعسى أن نظفر بشيء فيما بعد‪ ،‬واللّه الهادي‪.‬‬
‫() ل تلتفسسست لمسسسا ذكره أحمسسسد الغماري فسسسي رسسسسائله «دَُّر الغمام‬‫‪3‬‬

‫الرقيسق» (ص ‪ )187‬عنسه! فهسو مسن كلم القران‪ ،‬الذي يطوى ول‬


‫يروى‪.‬‬
‫() ستأتي ترجمته (ص ‪.)24‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ستأتي ترجمته (ص ‪.)149 ،146‬‬ ‫‪5‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المسمممى‪« :‬فصممل الخطاب فممي الرد على الزنكلونممي والقسممام‬
‫حد‬ ‫بهذا أف تى أ‬
‫الكتاب‬ ‫عريف إذ قد‬
‫والق صّاب»‪ ،‬أل فه انت صارا لُ ستاذه الش يخ ع بد الالت ّالجزار‪،‬‬
‫()‬
‫المؤّلفَيْن‬
‫‪1‬‬

‫(القصماب أو القسمام) لمما سمئل عمن حكمم الصمياح فمي التهليمل والتكمبير‬
‫وغيرهمما أمام الجنائز‪ ،‬بأنمه مكروه تحريما‪ ،‬وبدعمة قبيحمة‪ ،‬يجمب على‬
‫العلماء إنكارها‪ ،‬وعلى كل قادر إزالتها‪ ،‬وسأل المستفتي عن السؤال نفسه‬

‫() لم يفصسسحا عسسن اسسسمه‪ ،‬وكان المجيسسب أحدهمسسا‪ ،‬والموجود فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«النقسسد والبيان» (ص‪ )4‬لم ينسسص على واحد ٍ منهمسسا‪ ،‬والظاهسسر أن‬
‫المراد القسسسسام؛ لنسسسه منسسسذ تولّى أمَر تعليسسسم الناس فسسسي المدارس‬
‫ج من أمر المسلمين‪ ،‬وأن‬ ‫والمساجد‪ ،‬أخذ على نفسه تقويم ما اعو َّ‬
‫ن‬‫صفَّى الخالي مسسن الزيادات والبدع؛ ل ّسس‬ ‫م َسس‬
‫يُرجعهسسم إلى السسسلم ال ُ‬
‫انكباب الناس على هذه البدع أدّى إلى انشغالهسسسسم عسسسسن الصسسسسول‬
‫السسسسلمية‪ ،‬وأدّى إلى فسسسساد حال المسسسسلمين وضعفهسسسم‪ ،‬وكان عُّز‬
‫سام‪ ،‬منذ هاجر إلى فلسطين‪ ،‬قد نوى إعداد المة لمرحلة‬ ‫الدين الق َّ‬
‫جهاد ٍ قادمسة‪ ،‬منطلقا ً مسن السسلم‪ ،‬ورأى أن يبدأ أول ً بمرحلة الدعوة‬
‫سنَّة النسبي ‪ ،‬فأخسذ‬ ‫والتعليسم‪ ،‬لتربيسة جيسل مؤمسن برب ّسه‪ ،‬متمسسك ب ُس‬
‫ُ‬
‫س إلى‬ ‫يحارب البدع والخرافات‪ ،‬ويستل ّها واحدة ً واحدةً‪ ...‬ويدعو النا َ‬
‫نبسذ البدعسة‪ ،‬إذا عرف وجودهسا‪،‬ويجيسب عسن أسسئلة الناس بمسا يوافسق‬
‫م العلماء السابقون‪ ،‬ومن هنا بدأ‬ ‫ة‪ ،‬وما اتفق عليه أعل ُ‬ ‫سن َّ َ‬
‫ن وال ُّ‬ ‫القرآ َ‬
‫الصسراع بيسن أنصسار البدع والتقاليسد الدينيسة‪ ،‬وبيسن المذهسب السسلفي‬
‫سام‪.‬‬‫الذي اتّبعه الق َّ‬
‫ت الخلف يعلو في قضية تشييع الجنائز‪ ،‬فقد جرت العادة‬ ‫وأخذ صو ُ‬
‫س أصسسواتهم بالتهليسسل والتكسسبير أثناء السسسير بالجنازة‪،‬‬ ‫أن يرفعسسَ النا ُسس‬
‫جرون يقومون بهذه الوظيفسة‪ ،‬إذا كان المي ّست‬ ‫سس مسستأ َ‬ ‫جد َ أنا ٌ‬ ‫وربمسا وُ ِ‬
‫من وجهاء الناس وأغنيائهم‪.‬‬
‫ن رفع الصوت بالتكبير أثناء السير في الجنازة‬ ‫سام يُفتي بأ َّ‬ ‫وكان الق َّ‬
‫ة‪ ،‬وصسسسار له تلميسسسذ كثيرون‪ ،‬يأخذون برأيسسسه‪،‬‬ ‫ة تحريمي ً‬ ‫مكروهسس ٌ كراه ً‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫التّعريف بهذا الكتاب‬ ‫خزيران»‬
‫الجزار‪ ،‬فأفتاه بالجواز‪ ،‬فاض طر ال سائل إلى إر سال الجواب ين إلى عالم ين‬
‫ممن كبار علماء الزهمر‪ ،‬وهمما (محمود خطاب السمبكي‪ ،‬وعلي سمرور‬
‫الزنكلو ني( ))‪ ،‬فأفت يا بأ نه بد عة منكرة‪ ،‬مؤيّد ين فتوى أ حد المؤلف ين‪ ،‬فألّف‬
‫‪1‬‬

‫خزيران رسالته «فصل الخطاب»‪.‬‬


‫قال المؤلّفان‪« :‬ولم يك تف مؤلّف الر سالة ‪-‬أي‪ :‬خزيران‪ -‬برأ يه في‬
‫الم سألة المتنازع في ها ف قط‪ ،‬بل شطّ قلمُه‪ ،‬وأ سند إلي نا ما لم ن قل به‪ ،‬ولم‬

‫سنَّة النبوية‪.‬‬‫وينفِّذون موكب الجنازة كما جاء في ال ُّ‬


‫سام وبين آخرين أثناء السير‬ ‫مشادَّة بين أحد أنصار الق َّ‬‫وحدثت يوما ً ُ‬
‫بجنازة أحسسد الموتسسى‪ ،‬وكتبسست جريدة (اليرموك) آنذاك فسسي افتتاحيسسة‬
‫(العدد ‪ )64‬الصسسادر يوم الخميسسس فسسي ‪/21‬شوال‪1343/‬هسسس ‪-‬‬
‫‪/14‬أيار‪1925/‬م‪ ،‬تتهم الشيخ القسام بأنه السبب فيما حدث من‬
‫خلف فسي المدينسة‪ ،‬وانقسسام الناس‪ ،‬وكتسب رئيسس تحريسر الجريدة‬
‫(أ)‬
‫(كمال عباس) مقال ً بعنوان‪( :‬يتمسسكون بالقشور ‪ ،‬ويتركون اللباب‪،‬‬
‫سام‪ ،‬واتّهمه بالسعي وراء‬ ‫فتنة نائمة وواجب العقلء) هاجم فيه الق َّ‬
‫المناصسسب والشهرة‪ ،‬وأنسسه أفتسسى بحرمسسة َرفْسع الصسسوت فسسي الجنازة‪،‬‬
‫ليظهَر أمام المل بمظهسر العلماء‪ ،‬الذيسن يحاربون البدع‪ .‬وهذه صسورة‬
‫ما كتب موقعا ً بس(ابن عباس)‪:‬‬
‫« فسي حيفسا اليوم حركسة غيسر مباركسة‪ ،‬بسل فتنسة نائمسة يوقظهسا جماعسة‬
‫ممسن يتمسسكون بالقشور دون اللباب‪ ،‬ويتظاهرون بالصسلح الدينسي‬
‫والجتماعسسسي‪ ،‬ليتبوأوا مركزا ً علميا ً اجتماعياً ليسسسسوا مسسسن أهله‪ ،‬ولو‬
‫تدبروا لتحققوا أن المراكسسز العاليسسة فسسي الهيئة الجتماعيسسة ل تنال إل‬
‫بالعلم الصحيح‪ ،‬والخلص الفياض‪ ،‬والعقل الراجح‪.‬‬
‫تلك الفتنسسسة هسسسي التصسسسدي لتحليسسسل وتحريسسسم بعسسسض المندوب‬
‫والمسسستحب والمباح فسسي الشرع السسسلمي؛ كزيارة أضرحسسة النسسبياء‬
‫والولياء‪ ،‬والتهليل والتكبير في تشييع الجنائز‪ ،‬وهلم جراً‪ ،‬مما شطر‬
‫الناس شطريسن‪ ،‬وجعلهسم حزبيسن‪ ،‬يتربسص كسل فريسق بأخيسه الدوائر‪،‬‬
‫ونشسسسسأ عسسسسن ذلك قيسسسسل وقال‪ ،‬أدى إلى المناظرة‪ ،‬فالمشاتمسسسسة‪،‬‬
‫فالمضاربة‪ ،‬وخيف على التحاد الذي ننشده في هذه اليام العصيبة‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫نعتقده‪ ،‬ورمانا ‪-‬عفا اللّه عنه‪ -‬بالزيغ والضلل‪ ،‬لتّباعنا السنة الموروثة‬
‫في القوال والفعال»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عن النبي‬
‫وفمي هذا الكتاب‪ :‬بحوث علميمة محررة عمن البدعمة؛ ممن حيمث‬
‫التأصيل والتنظير‪ ،‬ثم عن بعض مفرداتها‪ ،‬وتعرض مؤلّفاه ‪-‬أصالةً‪ -‬إلى‬
‫بدعمة الجهمر بالذكمر ممع الجنازة‪ ،‬وذكرا (تحريمر أقوال علماء المذاهمب‬
‫الربعة في حكم رفع الصوت بالتهليل والتكبير وغيرهما أمام الجنائز)‪ ،‬ثم‬

‫ونحمل بعض أثره من أن تتقطع أوصاله‪ ،‬ونصبح شيعا ً مستضعفين‪،‬‬


‫تتناوبنسسا المصسسائب مسسن كسسل جانسسب‪ ،‬ونحسسن عسسن حاضرنسسا ومسسستقبلنا‬
‫لهون‪.‬‬
‫ل أحب أن أدخل عباب الموضوع من وجهتي التحريم والباحة؛‬
‫لن كل مناظر يستند بقوله على رأي إمام أو قطب‪ ،‬وإنما أحب أن‬
‫ألم بالموضوع مسسن وجهسسة دينيسسة اجتماعيسسة‪ ،‬لعسسل البحسسث يهدينسسا إلى‬
‫الحقيقة التي غابت عن المدعين بالصلح الديني‪ ،‬فأقول‪:‬‬
‫ل خلف في أن الحديث الشريف‪« :‬كنت قد نهيتكم عن زيارة‬
‫القبور‪ ،‬أل=‬
‫‪-------------------------‬‬
‫(أ) انظر عن هذه الكلمة ما سيأتي في التعليق (ص ‪.)200‬‬
‫= فزوروهسا؛ فإنهسا تذكسر بالخرة» صسحيح‪ ،‬ويسستنتج مسن قول صساحب‬
‫الشريعسسة السسسمحاء أنسسه نهاهسسم عسسن زيارة القبور بادئ بدء؛ لن‬
‫الناس يومئذ كانوا قريسسبي عهسسد بالوثنيسسة‪ ،‬ثسسم لمسسا أنسسس منهسسم قوة‬
‫اليمان باللّه أمرهسم بزيارتهسا‪ ،‬أمسا التهليسل والتكسبير فسي الجنازة وفسي‬
‫غيرها‪ ،‬فهما من المور المباحة إن لم نقل المستحبة‪ ،‬فالعمل بها ل‬
‫يترتب عليه مضرة‪ ،‬بل يحدث خشوعا ً في قلوب المشيعين‪ ،‬كما أن‬
‫تركه ل يستدعي اللوم‪.‬‬
‫أمسا وقسد علم هذا؛ فلماذا يتصسدى بعسض المتعمميسن ‪-‬ومسن ل َّس‬
‫ف‬
‫حولهسم‪ -‬للناس فسي عاداتهسم التسي درجوا عليهسا‪ ،‬واتبعوا فسي بعضهسا‬
‫السسسنة السسسمحاء‪ ،‬ويحدثون شغبا ً فسسي البلد نحسسن فسسي غنسسى عنسسه ول‬
‫طاقسسة لنسسا بسسه؟! أَلِيَظهروا أمام المل بمظهسسر العلماء الذيسسن يحاربون‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫تعر ضا ل صلة التراو يح‪ ،‬وحررا الكلم على م سألة (أيه ما أف ضل أداؤ ها‬
‫في الب يت أم في الم سجد؟)‪ ،‬و(عدد ركعات ها)‪ ،‬ثم تكل ما على بدع شائ عة‬
‫ذائعمة فمي أيامهمما ‪-‬ول زال لبعضهما وجود فمي بلد الشام‪ ،‬ول قوة إل‬
‫باللّه‪-‬؛ مثل‪ :‬إحياء ليلة النصف من شعبان‪ ،‬التزام قراءة سورة الكهف يوم‬
‫الجمعة على وجه المواظبة في المساجد‪ ،‬قراءة القرآن في المساجد جهرا‪،‬‬
‫الناش يد ال تي تقال في آ خر جم عة من رمضان (التوح يش)‪ ،‬قراءة ق صة‬

‫البدع‪ ،‬أم ليؤث ّروا على البسسسطاء(أ) بسسسفسطاتهم ليتبوؤوا مقعدا ً مسسن‬
‫الزعامة الفارغة‪ ،‬أم أن علمهم وإدراكهم أوصلهم إلى هذا الحد؟ إن‬
‫كان هذا مبلغهم من العلم والدراك‪ ،‬فليتركوا الحكمة إلى أهلها؛ لئل‬
‫يهينوهسسا‪ ،‬وإن كانوا يقصسسدون محاربسسة البدع‪ ،‬ففسسي الهيئة الجتماعيسسة‬
‫مسن الكبائر مسا يأثسم العالم عسن التغاضسي عنهسا‪ ،‬بسل هناك مسن أركان‬
‫السلم الخمسة؛ كالزكاة‪ ،‬التي ل تعرف واحدا ً في اللف يؤديها حق‬
‫أداءها‪ ،‬وكفريضة الصلة والصوم‪ ،‬التي يهملها كثير من المسلمين‪،‬‬
‫فلماذا ل تقوم جماعسة تحريسم التهليسل والتكسبير وزيارة القبور بوعسظ‬
‫الناس‪ ،‬وحضهسم على أداء الفرائض‪ ،‬بدل نهيهسم عسن أمسر ليسس فيسه‬
‫غير التوحيد والعمل لسنة رسول اللّه‪ ،‬فهل غفلوا عن قوله ‪-‬تعالى‪:-‬‬
‫{اذكروا اللّه} إلى آخر الية‪ ،‬وتصاموا عن الحديث‪« :‬كنت نهيتكم»؟‬
‫رحماك اللهسسم بهذه المسسة‪ ،‬التسسي يتمسسسك بعسسض المتعمميسسن فيهسسا‬
‫بالقشور ويتركون اللباب‪ ،‬تنزه الدين عما به يلصقون‪.‬‬
‫حسسسبنا أيهسسا القوم هذا الذهول والتخاذل‪ ،‬فإننسسا فسسي وقسست ل يسسسع‬
‫الجدل الفارغ والختلف على ما ل يفيد ول يضر شيئاً‪.‬‬
‫تتنافسسسس الشعوب الغربيسسسة بالعلم والختراع وبالصسسسناعة‪ ،‬وتنهمسسسك‬
‫حكوماتهسا بإعداد القوة لسستعباد الشعوب الضعيفسة‪ ،‬واكتسساح بلدهسا‪،‬‬
‫والسستيلء على مرافقهسا‪ ،‬ونتلهسى بالقشور دون اللباب‪ ،‬فنعرض عسن‬
‫العلم ونهمسل اسستثمار الرض التسي أمرنسا النسبي العظسم باسستثمارها‬
‫بقوله‪« :‬التمسسسسوا الرزق مسسسن خبايسسسا الرض»(ب)‪ ،‬ونسسسستخف بشأن‬
‫الصناعة‪ ،‬ولكن ل تفوتنا المجادلت الفارغة‪ ،‬التي هي مضيعة للوقت‬
‫=‬ ‫مضعفة للمم‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المولد النبوي‪ ،‬صلة الظهر بعد صلة الجمعة‪.‬‬
‫قال الزركلي في ترج مة (الق صاب) في تعر يف هذا الكتاب‪ « :‬في البدع‬
‫التّعريف بهذا الكتاب‬ ‫المنهي عنها‪ ،‬والرد على أحد القائلين بها»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وأفصح المؤلفان عن باعث تأليفهما هذا الكتاب في أكثر من موطن منه‪،‬‬


‫فاسمع إليهما‪ ،‬وهما يتحدّثان عن بدع انتشرت في زمانهما‪ « :‬التي ل َنقْدر‬

‫‪-------------------------‬‬
‫(أ) انظر حوله ما سيأتي في التعليق على (ص ‪.)26‬‬
‫(ب) الحديسث ضعيسف‪ .‬انظسر‪« :‬السسلسلة الضعيفسة» ( ‪« ،)2489‬ضعيسف‬
‫الجامع» (‪« ،)1150‬كنز العمال» (‪ 4/21‬رقم ‪.)9303 ،9302‬‬
‫=اتركوكسم أيهسا القوم مسن الخسذ والرد فسي مسسألة زيارة القبور‪ ،‬فإن‬
‫الحياء أولى بالعنايسسة والهتمام‪ ،‬واتركوا الموحديسسن والمكسسبرين فسسي‬
‫التشييسع يوحدون ويكسبرون‪ ،‬فإن ذلك ل يفيسد المسة شيئاً‪ ،‬والتفتوا إلى‬
‫جمع شملها وإعداد القوة لرد غارات الطامعين‪ ،‬فذلك خير وأبقى»‪.‬‬
‫سام مقال ً بعنوان‪( :‬بيان حقيقسسة)‪ ،‬وأرسسسله إلى‬‫فكتسسب الشيسسخ الق ّسسَ‬
‫الجريدة فلم تنشره‪ ،‬فأرسسسسله إلى جريدة (الكرمسسسل)(أ) فسسسي حيفسسسا‬
‫فنشرت ْسه فسي (ص ‪ )2‬بتاريسخ ‪6/6/1925‬م‪ ،‬وهذه صسورة مسا فسي‬
‫المقال‪:‬‬
‫« بعثست بهذه الرسسالة إلى جريدة «اليرموك»‪ ،‬فلم تشسأ أن تنشرهسا‪،‬‬
‫ولذا أرجسو مسن وطنيسة صساحب «الكرمسل» الغيور أن يتفضسل بنشرهسا‬
‫في جريدته‪.‬‬
‫بعسسد التحيسسة‪ ،‬فإنسسي أريسسد كشسسف القناع عسسن حقيقسسة المسسسألة التسسي‬
‫جعلتموها موضوع افتتاحية العدد «‪ »64‬من جريدتكم الصادرة في‬
‫‪/21‬شوال‪1343/‬هسسسس‪ ،‬فالرجاء نشسسسر مقالي هذا على صسسسفحات‬
‫«اليرموك» فسي أول عدد ينشسر‪ ،‬عمل ً بحق ال صحافة‪ ،‬وحفظا ً لحياتنا‬
‫الدينيسسسة والجتماعيسسسة وتلعسسسب الهواء والعراض‪ ،‬مسسسا كان ينبغسسسي‬
‫لحضرتكسسسسم أن تعتمدوا فيمسسسسا ذكرتموه فسسسسي مقالكسسسسم على أهواء‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫على إزالتها‪ ،‬ول يسعنا السكوتُ عليها‪ ،‬ول نجد من يساعدنا ممن يعدّون‬
‫أنفسهم من أهل العلم‪ ،‬على منع مرتكبيها»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ثمم ذكرا رسمالة خزيران‪ ،‬ووصمفا صمنيع مؤلفهما بأنمه «جممع مزيجا ممن‬
‫المسائل العلمية‪ ،‬كان فيها حاطبَ ليل‪ ،‬وحشرها إلى ذهنه‪ ،‬ثم نشرها قلمُه‪،‬‬
‫كما شاء عقلُه وهواه‪ ،‬ليدهشَ بها العامة‪ ،‬ويساعد بها من اتّخذ دينه متجرا‪،‬‬

‫المرجفين من غير تثبت ول تروٍّ‪ ،‬فهل يعقل أن مسلما ً ينهى الناس‬


‫عسسن ذكسسر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬أو تكسسبيره‪ ،‬أو عسسن فعسسل مسسا أباحسسه الشرع‬
‫الشريف من زيارة أضرحة النبياء ‪-‬عليهم الصلة والسلم‪ -‬والولياء‬
‫‪-‬رضسي اللّه عنهسم‪ ،-‬وتشييسع الجنائز على الوجسه المشروع‪ ،‬بسسل كان‬
‫يجسب عليكسم أن تلحظوا أن مسن نسسب إليهسم ذلك القول‪ ،‬ل يخفسى‬
‫عليهسم مسا حسل وحرم ومسا ينبغسي ممسا يتعلق فسي الموضوع‪ ،‬وأنسه ل‬
‫يعقل أن يتوسلوا بِمثل تلك المور‪ ،‬ليتبوؤوا مركز الزعا مة الفارغة‪،‬‬
‫خصسوصا ً إذا كان الحال يؤدي إلى إيقاظ فتنسة نائمسة‪ ،‬ولول تسسرعكم‬
‫في تصديق من أنهوا إليكم المسألة على خلف وجهها‪ ،‬لما طوحتم‬
‫بقلمكسسم وجريدتكسسم فسسي تلك المهاوي السسسحيقة‪ ،‬مسسن التعريسسض‬
‫بأعراض المخلصين الصادقين‪.‬‬
‫أما حكمكم في المسائل الدينية وتقدير الرجال‪ ،‬فكان غيركم أولى‬
‫ن قلمكم لم يأخذ بقسط من العلوم الشرعية‪ ،‬يدرك ذلك من‬ ‫به؛ ل ّ‬
‫ة العلم‪ ،‬وكان الجدر بكم أن تدعوا الكتابة في‬ ‫م رائح َ‬ ‫مقالكم من ش ّ‬
‫مثسل هذه المواضيسع لربابهسا‪ ،‬وتقتصسروا فسي الكتابسة على مسا خصسكم‬
‫اللّه بسسسه‪ ،‬إن مسسسن تدعونهسسسم إلى وعسسسظ الناس وحضهسسسم على أداء‬
‫الفرائض‪ ...‬إلخ‪ .‬لم يألوا جهدا ً فسي تنسبيه المسة حيثمسا حلوا وارتحلوا‬
‫إلى التمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسك بأركان الديسسسسسسسسسسسسسسسسسسن‪ ،‬وبيان مزاياه=‬
‫‪-------------------------‬‬
‫(أ) كان صاحبها نجيب نصار‪ ،‬وهو أحد المعادين ‪-‬آنذاك‪ -‬لليهود‪.‬‬
‫= النافعسة‪ ،‬وأنهسا مسن الهمسم إلى توخسي ربسط عرى التآخسي والعتناء‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وج عل ذ كر اللّه آلةً ل سلب الموال‪ ) (»...،‬إلى قوله‪ « :‬و قد تطرّف الرّجلُ‬
‫‪1‬‬

‫في اليهام‪ ،‬وترو يج ما أ تى به إلى حدّ أظ هر ف يه خطرا مح سوسا على‬


‫الدّين من نور تعاليمنا المخالفة لنزعته ورغبته التي أراد أن يحمل الناس‬
‫علي ها ظلما وعلوا‪ ،‬وهكذا ج عل خات مة ر سالته ال ستنجاد بالعلماء من أ هل‬
‫مصر والشام‪ ،‬وبرجال المجلس السلمي في القدس الشريف‪ ،‬أملً بأن يتمّ‬
‫له مما تمنّاه‪ ،‬وأجهمد نفسمه للوصمول إليمه‪ ،‬وهيهات! فإنّ العلماء علماء ل‬
‫بالعلوم على اختلف أنواعهسسسا والصسسسنائع المفيدة واسسسستثمار خبايسسسا‬
‫الرض‪ ،‬وأكسبر دليسل على هذه‪ :‬اشتغالهسم بمسا يعود على المسة بالنفسع‬
‫العظيسم‪ ،‬مسع إعراض عسن المناصسب والرتسب التسي يعيسش أربابهسا على‬
‫أكتاف المسة‪ ،‬ويودون بثروتهسا مسن غيسر فائدة تعود منهسم على البلد‪،‬‬
‫ولو أرادوا كمسسا ذكرتسسم أن يتبوؤوا مركزا ً علميا ً اجتماعيا ً ليسسسوا مسسن‬
‫م وسايروهم كما فعل غيرهم‪.‬‬ ‫أهله‪ ،‬لجاروا العوا َّ‬
‫أمسا مسسألة تشييسع الجنائز بالتهليسل‪ ،‬والدعاء برفسع الصسوت والضجسة‬
‫المعلومسسسة‪ ،‬وزيارة ضرائح النسسسبياء والولياء ومقاماتهسسسم بالكيفيسسسة‬
‫المعروفسسة‪ ،‬مسسن التمسسسح والتملس بالقبور وارتكاب الثام‪ ،‬واختلط‬
‫الرجال بالنسساء على وجسه التهتسك والسسراف فسي الموال فسي غيسر‬
‫طرقهسا الحيويسة والدينيسة‪ ،‬والشتغال بذلك عسن الضروريات‪ ،‬فالحكسم‬
‫فيسه يعلمسه صسبيان المكاتسب فضل ً عسن العلماء‪ ،‬وهسو بدعسة منكرة فسي‬
‫جميسسسع مذاهسسسب المسسسسلمين‪ ،‬لم يفعله رسسسسول اللّه ول الخلفاء‬
‫الراشدون‪ ،‬ول الصسسسحابة والتابعون‪ ،‬ول الئمسسسة المجتهدون ‪-‬رضوان‬
‫اللّه عليهم أجمعين‪ ،-‬بل كانت جنائزهم على التزام الدب والسكون‬
‫والخشوع‪ ،‬حتسى إن صساحب المصسيبة كان ل يعرف مسن بينهسم لكثرة‬
‫حزن الجميسع‪ ،‬ومسا أخذهسم مسن القلق والنزعاج بسسبب الفكرة فيمسا‬
‫هسم إليسه صسائرون وعليسه قادمون‪ ،‬ولم يعهسد السستلم فسي السسلم إل‬
‫للحجر السود والركن اليماني خاصة‪.‬‬
‫ويكفينسسا دليل ً على ذلك‪ :‬قوله ‪« :‬كنسست نهيتكسسم عسسن زيارة القبور‪،‬‬
‫فزوروهسا‪ ،‬واجعلوا زيارتكسم لهسا صسلة عليهسم واسستغفارا ً لهسم»‪ ،‬وقول‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يميلون مع الهوى‪ ،‬ول ينظرون إلى ال سّوى‪ ،‬وإن الحقّ رائ ُد هم‪ ،‬ون صرة‬
‫الحق بغيتهم‪ ،‬ولو أنه كلما خطر لنسان خاطر يؤيدونه فيه ويجارونه على‬
‫ما يرتض يه‪ ،‬ل ما ب قي لل حق أ ثر‪ ،‬ولعمّ ت الفو ضى‪ ،‬وزاد الخ طر‪ ،‬ك يف‬
‫والعلماء ورثة النبياء؟ يحيون ما أمات الجاهلون من سنن الهدى‪ ،‬ويكشف‬
‫اللّه بهم عن المة غياهب الرّدى‪ ،‬فل حول ول قوة إل باللّه العلي العظيم‪.‬‬
‫ويا حبذا لو يحكم العلماءُ في مسألة الجنازة‪ ،‬وبقية المسائل التي نازع فيها‬

‫ابسن عمسر وابسن مسسعود ‪-‬رضسي اللّه عنهمسا‪ -‬لمسن قال فسي الجنازة‪:‬‬
‫واسسستغفروا لخيكسسم ‪-‬يعنسسي‪ :‬الميسست‪« :-‬ل غفسسر اللّه لك»! ول يقول‬
‫بإباحة ذلك إل مبتدع في الدين‪ ،‬أما بوادر الفتنة التي ذكرتموها في‬
‫الصسحيفة الثانيسة مسن العدد نفسسه‪ ،‬فالحسق فيهسا أن النتفاعييسن مسن‬
‫كسسالى المسة‪ ،‬الذيسن اتخذوا ذكسر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وقراءة القرآن الكريسم‬
‫على القبور تجارة لهسم‪ ،‬هسم الذيسن كانوا مسن حيسن إلى آخسر يرجفون‬
‫فسي المدينسة‪ ،‬ويشيعون بيسن الطبقات الكاذيسب الملفقسة ضسد رجال‬
‫الصسسلح‪ ،‬وسسساعدهم على ذلك بعسسض أرباب الهواء‪ ،‬معتمديسسن فسسي‬
‫أقوالهسم على مسن ل يتقسي اللّه فسي دينسه وسسنة نسبيه‪ ،‬فحصسل بسسبب‬
‫ذلك تأثسر فسي نفوس بعسض المتهوسسين‪ ،‬أدى بهسم إلى الشغسب الذي‬
‫آسسسف الجميسسع‪ ،‬وكنسست ‪-‬كمسسا يعلم اللّه‪ -‬أشسسد الناس أسسسفا ً على مسسا‬
‫حصسسل‪ ،‬وبهذا يعلم مسسن هسسو الذي يسسسعى ليقاظ الفتنسسة النائمسسة‪ ،‬فل‬
‫حول ول قوة إل باللّه العلي العظيسم‪ ،‬وأي مناسسبة بيسن حادث فجائي‬
‫‪-‬إن لم يكسن أمسر قسد دبر بليسل‪ -‬وبيسن منعسي مسن الخطبسة والتدريسس‪،‬‬
‫اللهم إل حاجة في= =نفس يعقوب قضاها‪ ،‬ولئن كان الذين هرعوا‬
‫إلى دار فضيلة مفتي الثغر هم الذين حملوه على منعي من الخطبة‬
‫والتدريسسسس‪ ،‬فمسسسا بال الذيسسسن هرولوا وذهبوا إلى داره وطلبوا إليسسسه‬
‫بإلحاح منسسع مسسن أجسسر داره مقرا ً للتبشيسسر وتنصسسير المسسسلمين عسسن‬
‫الخطابسة والتدريسس‪ ،‬لئل يكون وصسمة عار على المسسلمين لم يؤبسه‬
‫لكلمهسسم‪ ،‬على أنسسه ل يبعسسد أن يكون هذا المسسر مسسن القشور ل مسسن‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ه وَال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫منُو َسس‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ملَك ُسس ْ‬
‫م وََر ُسس‬ ‫سيََرى الل ّسس ُ‬
‫ه عَ َ‬ ‫ملُوا ْ فَسس َ‬ ‫اللباب‪{ ،‬وَقُ ِ‬
‫ل اع ْ َ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الخصم العنيد؛ ليظهر الحقّ‪ ،‬ويزهق الباطل‪ .‬وأهمّ شيء يجب انتباه علماء‬
‫العصمر إليمه‪ :‬أشباه تلك الواقعات‪ ،‬وتوضيمح أحكام الشّريعمة فيهما‪ ،‬ليعود‬
‫للدّ ين مجدُه‪ ،‬ولل سلم زهرتُه‪ ،‬ولي قف المجازفون في الملّة ال سّمحة ع ند‬
‫حدّهم‪ ،‬ول يطمعوا في إغواء غيرهم‪ ،‬ويكون في ذلك المن من استشراء‬
‫داء المبشّر ين؛ لنّ الم سلمين م تى وقفوا على معالم الشرع ال صّحيحة‪ ،‬ل‬
‫يم كن أن يلتفتوا إلى ال سّفاسف‪ ،‬ول أن يعتنوا بالزّعا نف‪ ،‬واللّه يعلم أن نا ما‬
‫ملُو َ‬ ‫ب وال َّ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫ما كُنت ُ ْ‬
‫م تَعْ َ‬ ‫شهَادَةِ فَيُنَب ِّئُك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ن إِلَى ع َالِم ِ الْغَي ْ ِ َ‬
‫ستَُردُّو َ‬
‫وَ َ‬
‫ن البدع صغيرها وكبيرها‪ ،‬من أعظم الضرار على هذه المة‪ ،‬وأنى‬ ‫إ ّ‬
‫ل بالسسسسنن ولم يتجنسسسب الرذائل أن يتصسسسف بالفضائل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫من لَم يتح ّ‬ ‫ل ِسسس َ‬
‫وكنت أرجو أن تكونوا أول مقاوم ٍ لمن يخالف السنة ويباين الشرع؛‬
‫إذ كنتم من الشبان المتنورين ومن رجال الصحافة‪ ،‬وعليهم وحدهم‬
‫تثقيف المة وتهذيبها‪ ،‬وتسيير خطاها إلى المثل العلى الذي نبتغيه‪،‬‬
‫هدانا اللّه جميعا ً إلى سواء السبيل»‪.‬‬
‫وقد اتّضح لمن قرأ المقالة يومئذ ٍ أن الذين أثاروا المشكلة هم بعض‬
‫فّعيسن الذيسن اتّخذوا ذِكَْر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وقراءة القرآن على القبور‬‫المتن ِ‬
‫تجارة ً لهسسم‪ ...‬وهسسم الذيسسن أثاروا الضجسسة بسسسبب فتوى يحّرِم فيهسسا‬
‫سام أخذ َ الجرة على قراءة القرآن عنسد المقابر‪ ،‬وسساعدهم على‬ ‫الق َّس‬
‫منْع َه من‬‫ن أرادوا الحد َّ من نفوذه ومكانته عند الناس‪ ،‬و َ‬
‫م ْ‬
‫التحريض‪َ :‬‬
‫الخطابة والتدريس في جامع الستقلل‪.‬‬
‫ن قصسسة الخلف فسسي (الصسسياح فسسي التهليسسل والتكسسبير‪ ...‬أمام‬‫ويبدو أ ّسَ‬
‫س حولهسا إلى‬ ‫م النا ُس‬‫ل الرأي فسي المدينسة‪ ،‬وانقسس َ‬ ‫الجنائز) شغلت أه َ‬
‫ن يعرف‪،‬‬ ‫م ْس‬
‫ت أن تؤدي إلى فتنسة‪ ،‬وخاض فيهسا َ‬ ‫مؤي ّ ِسد ومعارض‪ ،‬وكاد َس ْ‬
‫مون فسسي المسسسألة‪،‬‬ ‫ن ل يعرف‪ ،‬وليسسس فسسي المدينسسة ع ُلَماءُ يَحك ُ ُ‬ ‫م ْس‬‫و َ‬
‫فأراد الحاج عبدالواحسسد الحسسسن ‪-‬نائب رئيسسس (الجمعيسسة الخيريسسة)‬
‫بِحيفسا‪ -‬أن يضسع حدّا ً للخلف‪ ،‬وأن يرفعسَ المسسر إلى علماء محايديسسن‪،‬‬
‫مسسن خارج القليسسم‪ ،‬ليدلوا بدلوهسسم فسسي المسسسألة‪ ،‬فكتسسب السسسؤال‬
‫ل أهسل العلم الحق ّس فسي الصسياح فسي التهليسل والتكسبير‬ ‫التالي‪ « :‬مسا قو ُ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ق صّرنا في مقاو مة الّتيّار ين‪ ،‬دون أن تأخذ نا في اللّه لو مة لئم‪ ،‬وإنّ ذلك‬
‫هو الذي هيّج علينا خزيران وأضرابَه مِن جنود المتمسكين بالمحافظة على‬
‫إرضاء العا مة‪ ،‬ومناوأة الخا صة‪ ،‬وإنّا ل هم لبالمر صاد‪ ،‬واللّه مِن ورائ هم‬
‫ل وآخرا‪ ،‬والصمّلة والسمّلم على سميدنا محممد‬
‫محيمط‪ ،‬والحممد للّه أو ً‬
‫المعصوم مِن الخطأ والزلل‪ ،‬وعلى آله وأصحابه والتّابعين لهم بإحسان إلى‬

‫وغيره أمام الجنائز؟ أفتونا أثابكم اللّه»‪.‬‬


‫سام والقصسساب) لتفاقهمسسا فسسي‬ ‫وقدَّم السسسؤال إلى الشيخيسسن (الق ّسس‬
‫ن ذلك مكرو ه ٌ تحريماً‪ ،‬وبدعة قبيحة‪ ...‬مع الدلة من‬ ‫الرأي‪ ،‬فأجابا بأ َّ‬
‫ُ‬
‫ت هذه‬‫سل َ ْ‬
‫سنَّة الصسحيحة‪ ...‬مسع الدعوة إلى إزالة هذه البدعسة‪ .‬وأْر ِس‬ ‫ال ُّس‬
‫سئل عسن رأيسه فسي‬ ‫مفتسي عك ّسا‪ ،‬و ُس‬‫الفتوى إلى الشيسخ عبداللّه الجّزار ُ‬
‫ذلك‪ ...‬فنقل عن بعض العلماء أنه ل بأس بفعل ذلك في أيامنا‪= .‬‬
‫= وأرسسسل المسسستفتي ‪-‬وهسسو‪ :‬الحاج عبدالواحسسد الحسسسن‪ -‬صسسورة‬
‫الفتوييسسن إلى الشيسسخ محمود محمسسد خطّاب السسسبكي‪ ،‬والشيسسخ علي‬
‫سرور الزنكلوني‪ ،‬من كبار علماء الزهر‪.‬‬
‫م والقصساب‪ ...‬ونشسر‬ ‫ة لمسا قاله الق َّس‬
‫سا ُ‬ ‫فجاءت فتوى الشيخيسن موافق ً‬
‫الشيسخ الزنكلونسي فتواه على صسفحات جريدة (الشورى) التسي كانست‬
‫م الزنكلونسسي إلى‬‫خزيران يض ّ سُ‬ ‫تصسسدر فسسي مصسسر‪ ...‬وهذا الذي جعسسل ُ‬
‫َّ‬ ‫الق ّ سَ‬
‫سام والقصسساب فسسي عنوان رسسسالته‪ ،‬التسسي ألفهسسا بعنوان (فصسسل‬
‫سام والقصسساب)؛ انتصسساراً‬ ‫الخطاب فسسي الردِّ على الزنكلونسسي والق ّسسَ‬
‫لستاذه عبداللّه الجزار مفتي عكّا‪.‬‬
‫وقد تناول خزيران في رسالته موضوع (الصياح في التهليل والتكبير‬
‫سام‪ ،‬وعارض‬ ‫أمام الجنائز) وموضوعات أخرى ممسسا ن ُسسقل عسسن الق ّسسَ‬
‫عّمسة رأيسه‪،‬‬ ‫سام والقصساب‪ ،‬وأتسى بالدلة التسي رأى أنهسا مد ِ‬ ‫فتوى الق َّس‬
‫سام والقصاب في عنوان الرسالة؛ لنه أي َّد‪،‬‬ ‫وجمع الزنكلوني مع الق َّ‬
‫م على فتواه‪.‬‬ ‫أو وافق القسا َ‬
‫التّعريف بهذا الكتاب‬

‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬


‫خزيران»‬
‫يوم الدين‪ ،‬ونستغفر اللّه العظيم ِممّا طغا به القلم»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فبا عث الم صنّفين على التأل يف ن صرة ال حق بالعدل‪ ،‬ورد أكاذ يب را جت‬
‫الكتاب‬
‫ّة‪،‬‬ ‫عريفما‪،‬بهذا‬
‫إحقاقا للسّمن‬ ‫حواليهمما‪ ،‬ومحاربمة بدع انتشرت فمي عصمرهماالت ّوبلدهم‬
‫وردا للبدعة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ومع هذا‪ ،‬فقد وجدا بعد التأليف هجمةً من المبتدعة‪ ،‬ومن الطرقيين وأهل‬

‫صاب بتأليف هذه الرسالة‪ ،‬وفنَّدا‬ ‫سام‪ ،‬أو الق َّ‬


‫سام والق َّ‬ ‫عندئذٍ؛ قام الق َّ‬
‫فيها أقوال خزيران التي وردت في رسالته‪.‬‬
‫انظسر‪« :‬الوعسي والثورة‪ ،‬دراسسة فسي حياة وجهاد الشهيسد عسز الديسن‬
‫القسام» (ص ‪« ،)69-68‬عز الدين القسام» لشَّراب (ص ‪-176‬‬
‫‪.)179‬‬
‫() نشر فتواه على صفحات جريدة «الشورى»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)5-4‬‬ ‫‪1‬‬

‫و‪ ،)6/268‬وقال عبداللّه الطنطاوي فسسسسي‬ ‫() «العلم» (‪7/13‬‬ ‫‪1‬‬

‫عن «النقد والبيان»‪« :‬فن ّد البدع‪ ،‬ور ّد‬ ‫كتابه «القسام» (ص ‪)147‬‬
‫على أصسسسحابها‪ ،‬وعاد كثيسسسر مسسسن الصسسسوفية إلى العقيدة الصسسسحيحة‪،‬‬
‫والتزموا المنهسج الذي يدعسو إليسه الشيسخ‪ ،‬أمسا الدجالون والمشعوذون‬
‫ف العداء دائماً»‪ .‬وانظر في التعريف به‪« :‬الوعي والثورة»‬ ‫ففي ص ّ‬
‫(‪ ،)69-68‬وذكره معزوا ً للمؤلفيسسسن ‪-‬أيضاً‪ :-‬كحالة فسسسي «معجسسسم‬
‫المؤلفيسن» (‪ ،)10/290‬وعبدالقادر عياش فسي «معجسم المؤلفيسن‬
‫السوريين» (ص ‪.)418‬‬
‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)89‬‬ ‫‪1‬‬

‫() يريسد القسسام والقصساب ‪-‬رحمهمسا اللّه تعالى‪ -‬أنسه إذا مات واحسد‬ ‫‪1‬‬

‫مسسن المفسسسدين المتعاونيسسن ‪-‬آنذاك‪ -‬مسسع النكليسسز‪ ،‬أو مات أحسسد مسسن‬
‫أتباعهسسم وذراريهسسم‪ ،‬أقاموا له الجنازة‪ ،‬واسسستأجروا فَِرق سَ المنشديسسن‬
‫والمهلّليسسن‪ ،‬الذيسسن يرافقوهسسا‪ ،‬وتعلو أصسسواتهم على المآذن‪ ،‬يكبّرون‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الخرا فة‪ ،‬ح تى ذ كر علي خلف أن الحاج خل يل طه وأعوا نه قاموا بشراء‬
‫هذا الكتاب من السواق وحرقه( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ ‬المن هج العل مي والما نة في الن قل وتأي يد العلماء ل ما‬


‫في الكتاب‬
‫إن من يقرأ كتابنا هذا يجد فيه حقائق علمية‪ ،‬موثّقة من مصادرها العلمية‪،‬‬

‫ويهللون ويترحمون‪ ،‬وتذكر لهم المآثر الكاذبة‪ ،‬ويقيمون المآدب في‬


‫ل باعوا بسسه دينهسسم‪ ،‬ويوزعون الصسسدقات ممسسا‬
‫هذه المناسسسبة‪ ،‬مسسن ما ٍ‬
‫سسرقوه مسن أموال الناس‪ ،‬ويسستأجرون الصسحافة لتكتسب عسن تاريخسه‬
‫في الوطنية(!!)‪.‬‬
‫سام‬ ‫ونقل الدكتور حسين عمر حمادة عن محمد الحنفي‪ ،‬صاحب الق َّ‬
‫ة جنازة إحدى الحسسينيات (مسن آل الحسسيني) (خرجست الجموع ُس‬ ‫قصس َ‬
‫الغفيرة في جنازتها‪ ،‬مع أنها باعت أرضا ً لليهود في اللدّ)‪ ،‬وفيها قال‬
‫نس باع الفندي تسستَّروا عليسه‪ ،‬وإن باع الفقيُر فضحوه‪ ،‬دون‬ ‫الق َّس‬
‫سام‪ :‬إ ْ‬
‫سة التسسي‬ ‫النظسسر إلى حال القسسسر والكراه والخداع والحاجسسة الما ّسس‬
‫تعَّرض لها الفلح الفقير‪ ،‬مما أجبره على بَيْع أرضه لمواطنه العربي‪،‬‬
‫وليسسس للمسسستوطن اليهودي الذي كان يحصسسل على الرض مباشرة‬
‫جار الراضي العرب‪.‬‬ ‫من خلل السماسرة وت ّ‬
‫ن هؤلء الذيسسسن يصسسسيحون أمام الجنائز‪ ،‬اتخذوا‬ ‫يقول المؤلفان‪« :‬إ ّسسسَ‬
‫ة لسسلب الموال»‪ ،‬وكُثٌر مسن هؤلء‬ ‫الديسن متجراً‪ ،‬وجعلوا ذِكَْر اللّه آل ً‬
‫الصسائحين أمام الجنائز وعلى القبور قادرون على العمسل والكسل مسن‬
‫من يملك الموال والملك‪ ،‬وقسد أكلوا حقوق‬ ‫كسسب يدهسم‪ ،‬ومنهسم َس‬
‫الضعفاء مسن الرجال والنسساء والولدان‪ ،‬الذيسن ل يجدون مسا ينفقون‪،‬‬
‫ت اليدي العاملة فسسسي‬‫فإذا ألجأنسسسا هؤلء القوياء إلى العمسسسل كثر ْسسس‬
‫الزراعة والصناعة والتجارة‪ ،‬التي هي مواد الثروة الصلية‪ ،‬وحفظت‬
‫الزكوات والصدقات لمستحقيها‪.‬‬
‫انظر‪« :‬عز الدين القسام» (ص ‪ )192-191‬لشَّراب‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مدلّلة بأدلتها التفصيلية من الكتاب والسنة وأقوال السلف‪ ،‬ونقولت العلماء‬
‫وفهومهم للنصوص‪.‬‬
‫ويدل هذا الكتاب على تبحّر مؤلّف يه في العلم‪ ،‬وتفننه ما في سائر ضرو به‬
‫وفنونه‪ ،‬واطلعهما على علم الصول والقواعد الفقهية‪ ،‬وتمكّنهما من اللغة‬
‫العربيمة‪ ،‬ومعرفتهمما بكتمب الحديمث والشروح والمصمطلح‪ ،‬وتمييزهمما‬
‫للصحيح من الضعيف‪ ،‬والجيد من الرديء‪ ،‬والسليم من السقيم من الحديث‬
‫النبوي‪ ،‬ودرايته ما بك تب التف سير‪ ،‬وأ سباب النزول‪ ،‬ووقوفه ما على الك تب‬
‫المصنّفة في البدع‪ :‬تأصيلً وتمثيلً‪ ،‬تقعيدا وتفريعا‪ ،‬وذكرهما تأريخ البدع‬
‫التي عالجاها بدقة ومعرفةٍ تفصيليةٍ‪ ،‬مدلّلة بالنصوص أو على قواعد أهل‬
‫العلم المتّبعة‪ ،‬ومع هذا كلّه‪ ،‬لم يقنع المؤلّفان بهذه النقول التي يلمح منها أن‬
‫الجماع كاد أن يتحقق في المسائل من وجهة نظرهما في كتب القدمين‪،‬‬
‫فعمل على مراسملة مجموعمة ممن كبار علماء ذلك العصمر على اختلف‬
‫بلدانهم‪ ،‬وتنوّع مشاربهم ومذاهبهم‪ ،‬وهم آنذاك في المحلّ العلى‪ ،‬والمكان‬
‫السمى من العلم‪ ،‬وقدّما لهم كتابهما هذا‪ ،‬وأجابهم على طلبهما من التأييد‬

‫() «النقد والبيان» (ص ‪.)142‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قال العلمة محمد بهجة الثري في تقريظ وتأييد ما جاء في هذا‬ ‫‪2‬‬

‫ح فسسي هذا‬ ‫ن الجدال فسسي مثسسل هذه المسسسائل أصسسب َ‬ ‫الكتاب‪« :‬على أ ّ س‬
‫العصسر ‪-‬عصسر المسسابقة والمباراة‪ ،‬عصسر الصسناعات والمخترعات‪-‬‬
‫ل أن يتفوّه بها عاقل‪ ،‬وإنني لعتقدُ‬ ‫ضربا ً من المضحكات‪ ،‬التي يخج ُ‬
‫سام ‪-‬وهما هما‪ -‬ما كانا ليبحثا‬ ‫ن الستاذين الهُمامين‪ :‬القصاب والق َّ‬ ‫أ ّ‬
‫حر‬‫ب نصرة الحق‪ ،‬ود َ ْ‬ ‫ة‪ ،‬لول وجو ُ‬‫في هذه المسألة‪ ،‬ويؤل ِّفا لها رسال ً‬
‫مضلّين في الدين‪.»...‬‬ ‫ُ‬
‫شبَه ال ُ‬
‫() « عسز الديسن القسسام» (ص ‪ )45‬قاله نقل ً عسن السستاذ إبراهيسم‬ ‫‪1‬‬

‫السسسهيلي فسسي مقابلة شخصسسية معسسه فسسي بيروت بتاريسسخ ‪/28‬كانون‬


‫ثاني‪1982/‬م‪ .‬وانظر «الوعي والثورة» (‪.)69‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والنصرة العلمية تسعة عشر عالما‪ ،‬كتب كل منهم جوابا‪ ،‬وضعوه في آخر‬
‫الرسمالة‪ ،‬ومنهمم‪ :‬الحنفمي‪ ،‬والمالكمي‪ ،‬والشافعمي‪ ،‬والحنبلي‪ ،‬وهمم أعلم‬
‫أقاليمهمم‪ :‬مصمر‪ ،‬والعراق‪ ،‬وبيروت‪ ،‬ودمشمق‪ ،‬وزاد هذا فمي قيممة كتابنما‬
‫هذا‪.‬‬
‫التّعريف بهذا الكتاب‬
‫وهذه أسماء العلماء مرتبين على بلدانهم‪:‬‬
‫علماء الشام‪ :‬مح مد به جة البيطار‪ ،‬ع ضو المج مع العل مي وخط يب جا مع‬
‫الدّقاق ومدرّسمه‪ ،‬وصمالح نجمم الديمن التونسمي‪ ،‬المام المالكمي والمدرس‬
‫بالجا مع الموي‪ ،‬و صالح الحم صي‪ ،‬وعبدالقادر المغر بي‪ ،‬ومح مد جم يل‬
‫الشطمي‪ ،‬النائب الحنبلي بدمشمق‪ ،‬ومحممد توفيمق الغزي العامري‪ ،‬المفتمي‬
‫الشافعمي بدمشمق‪ ،‬وعبمد الكريمم الحمزاوي‪ ،‬خطيمب جاممع ابمن عربمي‪،‬‬
‫ومحمود يا سين‪ ،‬مد ير مدر سة التهذ يب ال سلمي‪ ،‬ومح مد بن خل يل ع يد‬
‫التاجمي الحنفمي‪ ،‬وعبدالقادر بدران‪ ،‬ومصمطفى الشطمي‪ ،‬ومحممد سمليم‬
‫الجندي‪ ،‬وخالد النقشبندي‪ ،‬وسعيد الحمزاوي‪.‬‬
‫علماء العراق‪ :‬محمد بهجة الثري‪.‬‬
‫علماء لبنان‪ :‬راغب القباني الحسيني البيروتي‪ ،‬خريج الزهر‪.‬‬
‫علماء م صر‪ :‬مح مد بخ يت المطي عي‪ ،‬مف تي الديار الم صرية‪ ،‬عبدالمع طي‬
‫ال سّقا الشاف عي‪ ،‬المدرس بالز هر‪ ،‬مح مد بن يو سف بن مح مد المعروف‬
‫بم(الكافي)( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقمد جاءت كلمات هؤلء العلماء العلم( ) مؤيّدة للقصماب والقسمام‪ ،‬وفمي‬
‫‪2‬‬

‫() هو تونسي الصل‪ ،‬تنقل في بلدان عديدة‪ ،‬وله في جوابه المثبت‬ ‫‪1‬‬

‫هنا كلم مطول على مسألة (القيام للقادم)‪ ،‬فانظره‪.‬‬


‫() حرصست على ذكسر ترجمسة لهسم‪ ،‬إل أنسي لم أظفسر بترجمسة لقليسل‬ ‫‪2‬‬

‫ت فسي البحسث‪ ،‬ولعلي أتمكسن مسن ذلك فسي طبعسة‬ ‫منهسم‪ ،‬وقسد جهد ُس‬
‫لحقسة‪ ،‬ول سسيما مسن خلل النظسر فسي الدوريات العلميسة التسي كانست‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بعضها إسهاب ومتانة ورزانة‪ ،‬وحجة قوية‪ ،‬وبيان ناصع‪ ،‬وأسلوب ماتع‪.‬‬
‫عملي في التحقيق‬ ‫‪‬‬
‫يتلخص عملي في هذه الطبعة بالمور التية‪:‬‬
‫فعملتم على إثبات (جدول تصمحيح‬
‫ُ‬ ‫اعتنيتم بضبمط متمن الكتاب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أولً‪:‬‬
‫الخ طأ) المث بت بآخره (ص ‪ )140-139‬في صلبه‪ ،‬وعرض تُ نقول ته على‬
‫الم صادر‪ ،‬ونبّه تُ على الن قص والتحر يف والخ طأ‪ ،‬وأث بت الهوا مش ال تي‬
‫في أصله ووضعت أمامها (منهما)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وثقتُ النقولت العلمية‪ ،‬وزدتُ عليها‪.‬‬
‫التّعريف بهذا الكتاب‬ ‫ثالثا‪ :‬خرجمت اليات والحاديمث والثار على وفمق‬
‫الصنعة الحديثية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أ سهبتُ في المقد مة بالتدل يل على أن الق سام كان سلفيا‪ ،‬ثم عرج تُ‬
‫على جهود السملفيين فمي قضيمة فلسمطين‪ ،‬وعالجتُم فتوى شيخنما اللبانمي‬
‫بشأن خروج أهل فلسطين منها‪ ،‬ثم فتوى العلماء في العمليات التي تسمى‬
‫(النتحارية) أو (الستشهادية)( )‪ ،‬ثم ذكرت نقولت متفرقات لعلماء سلفيين‬
‫‪1‬‬

‫في قضية فلسطين‪.‬‬


‫شرحتم المسمائل العلميمة المبحوثمة فيمه على وجمه فيمه تحريمر‬
‫ُ‬ ‫خامسما‪:‬‬
‫وتدقيق‪ ،‬وعلقت على القواعد الفقهية ومظان وجودها بتوثيق‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬اعتن يت بذ كر أ سماء ما صنف من ر سائل لعلمائ نا القدم ين في‬

‫تصدر أيام وفاتهم‪ ،‬في بلدانهم‪.‬‬

‫() الصسواب أن تسسمى بسس(المغامرة بالنفسس فسي القتال)؛ لن إطلق‬ ‫‪1‬‬

‫حكسم (انتحاريسة) أو (اسستشهادية) ل يسساعد على التقسسيم وتحقيسق‬


‫الشروط؛ إذ الحكم الشرعي فيها ‪-‬حينئذ‪ -‬يظهر من تسميتها!‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المسائل المبحوثة‪ ،‬وذكرتُها مع أماكن وجودها‪.‬‬
‫ترجمتم للعلماء الذيمن ورد لهمم ذكمر فمي الرسمالة‪ ،‬وكذا أسمماء‬
‫ُ‬ ‫سمابعا‪:‬‬
‫المؤيّدين لها‪ ،‬على حسب ما وقع لي‪ ،‬وما ظفرتُ به في المراجع‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ...‬هذا جهد المقلّ‪ ،‬لتوضيح حقائق علم ية عن م سائل مه مة عمل ية‬
‫‪-‬وهمي حصمة صملب الكتاب‪ ،-‬وحقائق تصموّريّة نظريمة‪ ،‬تخمص قضيمة‬
‫فلسمطين‪ ،‬ومما يتفرع عنهما ممن مسمائل كَثُر الكلم عليهما ‪-‬وهمي حصمة‬
‫ت أجرين في تدوينها‪،‬‬
‫مقدمته‪ ،-‬عسى أن أكون قد وفّق تُ في تقريرها‪ ،‬ونل ُ‬
‫وإل؛ فأ ستغفر اللّه مِ نْ زلل القلم‪ ،‬و ما ي قع به الن سان من الخ طأ والو هم‪،‬‬
‫وصلّى اللّه على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫وكتب‬
‫أبو عبيدة مشهور بن حسن آل‬
‫سلمان‬
‫‪/4‬شعبان‪1422/‬هس‬
‫الردن ‪ -‬عمان‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫ترجمة المؤلّ َفيْن‬


‫أولً‪ :‬ترجمة محمد كامل القصاب‬
‫(‪1290-1373‬هم = ‪1954-1873‬م)‬

‫رئيمس جمعيمة علماء الشام‪ ،‬أحمد زعماء الحركمة الوطنيمة‪ ،‬العالم‬


‫المربي‪.‬‬
‫محمد كامل بن أحمد بن عبد ال آغا‪ ،‬القصّاب‪.‬‬
‫ولد بحمي العقيبمة بدمشمق سمنة ‪1290‬همم تقريبا‪ ،‬ويرجمع أصمله إلى‬
‫حمص‪ ،‬استوطنت أسرته دمشق منذ أقل من قرنين‪ ،‬وعملت بالتجارة‪ ،‬نشأ‬
‫يتيما‪ ،‬توفمي والده وهمو فمي السمابعة؛ فكفله جدّه لمّه المشهور بأبمي علي‬
‫كريّم‪.‬‬
‫قرأ فمي بعمض المكاتمب (الكتاتيمب)‪ ،‬ثمم حفمظ القرآن الكريمم وجوّده‬
‫‪-‬ولَمّا يجاوز العشر ين‪ -‬على المقرئ الش يخ ع بد الرح يم د بس وز يت‪،‬‬
‫بعدئذ تاقمت نفسمه لطلب العلم؛ فتلقمى مبادئ العلوم العربيمة والفقهيمة عمن‬
‫شيوخ عصره؛ فلزم الشيخ عبد الحكيم الفغاني‪ ،‬قرأ عليه الفقه حتى برع‬
‫فيمه‪ ،‬و سمع الحديمث ممن المحدث الش يخ بدر الد ين الح سني وتضلع فيمه‪،‬‬
‫وأخذ عن الشيخ أمين الرناؤوط وغيره علوم العربية بفروعها‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ولمما بلغ الخامسمة والعشريمن سمافر إلى مصمر‪ ،‬فالتحمق بالجاممع‬
‫الزهر‪ ،‬وحصل على الشهادة العالمية‪ ،‬وخلل ذلك تلقى علم التفسير عن‬
‫الشيمخ محممد عبده‪ ،‬وتلقمى عمن الشيمخ محممد بخيمت مفتمي مصمر‪ ،‬وعمن‬
‫أمثالهما‪.‬‬
‫كان ذا ع مل دؤوب‪ ،‬عُرف في حال صباه بالفتوة والمروءة والغيرة‬
‫على أهل حيّه‪ ،‬مما يذكر له بالحمد والثناء‪ ،‬كريم الخلق‪ ،‬ناضج الرأي‪،‬‬
‫برّا بأ صدقائه‪ ،‬معرضا عن أعدائه‪ ،‬عزيمز النفمس جدا‪ ،‬ل يألو جهده فيمما‬
‫فيه صلح أمته‪ ،‬دائم التفكير بها‪ ،‬يحب العلماء‪.‬‬
‫أبرز ما في صفحاته نضاله في سبيل رفعة شأن الوطن‪ ،‬وسعيه في‬
‫مجال نشمر العلم والثقافمة‪ ،‬فبعمد عودتمه ممن الزهمر رأى الدولة العثمانيمة‬
‫تنهار‪ ،‬فأسمس ممع عبدالغنمي العريسمي وتوفيمق البسماط وعارف الشهابمي‬
‫ورشدي الشمعمة وغيرهمم ممن رجالت العرب (جمعيمة العربيمة الفتاة)‬
‫السرية‪.‬‬
‫واشتغمل بالتعليمم فمي مدارس ابتدائيمة أهليمة مدّة يسميرة‪ ،‬ثمم أسمس‬
‫(المدرسة العثمانية) صارفا عليها من ماله ووقته في سبيل إنشائها‪ ،‬وهي‬
‫مدرسة أهلية في حي البزورية عرفت باسمه (المدرسة الكاملية)( )‪ ،‬وتولى‬
‫‪1‬‬

‫إدارتها ما يقرب من ربع قرن‪ ،‬وتخرج بها رجال بارزون‪ ،‬وغدت مفخرة‬
‫البلد‪ ،‬وقدّرت ها الدولة العثمان ية كل التقد ير؛ فقبلت من يح مل شهادت ها في‬
‫كلي تي ال طب والحقوق وغيره ما دون ف حص ول اختبار‪ ،‬وكان يختار ل ها‬
‫() المدرسسة الكامليسة‪ :‬هسي دار القرآن والحديسث التنكزيسة‪ ،‬أنشأهسا‬ ‫‪1‬‬

‫المير تنكز‪ ،‬نائب الشام‪ ،‬سنة ‪ 728‬هس‪ ،‬ثم جددها الشيخ القصاب‪،‬‬
‫وقسسسد نحسسست على واجهتهسسسا العبارة التاليسسسة‪« :‬جدد عمارة وبناء هذه‬
‫المدرسسسة مسسن ماله الخاص الفقيسسر إلى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬محمسسد كامسسل‬
‫القصاب سنة ‪1329‬هس»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أسماتذة ممن الختصماصيين فمي شتمى العلوم‪ ،‬واشتهمر بحزممه وجدّه فمي‬
‫إدارته‪.‬‬
‫انتدبمه الوطنيون للسمفر إلى مصمر والجتماع بأقطاب اللمركزيمة‬
‫كالش يخ رش يد ر ضا‪ ،‬ورف يق الع ظم‪ ،‬وغيره ما‪ ،‬ف سافر إلي هم‪ ،‬و سألهم عن‬
‫الخطمط التمي وضعوهما للسمير عليهما فيمما انهار التحاديون فمي الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬ولما رأى أنهم لم يضعوا تشكيلت لدولة عربية‪ ،‬عاد إلى دمشق‬
‫ممن السمكندرية على باخرة إيطاليمة مارة بسمواحل فلسمطين وبيروت‬
‫وطرابلس‪ ،‬فمنع من النزول إلى البر السوري بأمر من جمال باشا السفّاح‪،‬‬
‫فتوجه إلى مرسين‪ ،‬ومنها وصل إلى دمشق متنكرا عن طريق الناضول‪،‬‬
‫معرضا نفسه للخطار؛ ليبلّغ رفاقه في الجهاد حقيقة الموقف في مصر‪.‬‬
‫وب عد و صوله إلى دم شق بشهر وا حد ق بض عل يه التراك‪ ،‬وأر سلوه‬
‫إلى عال يه ح يث سجن أربع ين يوما‪ ،‬وم نع من مخال طة الناس‪ ،‬ثم حاك مه‬
‫جمال با شا بنف سه ب عد منت صف إحدى الليالي‪ ،‬وا ستطاع بجرأ ته وبلغ ته‬
‫إقنا عه ببراءته من ته مة الشتغال بال سياسة‪ ،‬وبأ نّ سفره إلى م صر كان‬
‫لسباب ثقافية تتعلق بالمدرسة‪ ،‬فأطلق سراحه‪ ،‬وعاد إلى دمشق‪.‬‬
‫وعندمما بطمش التراك بالزعماء الوطنييمن سمافر إلى بلد الحجاز‪،‬‬
‫ونزل ضيفا على الشر يف ح سين الذي أق بل عل يه واه تم به‪ ،‬ووله رئا سة‬
‫مجلس المعارف ممع إدارة مدرسمة ثانويمة‪ ،‬كانمت مثال التعليمم الصمحيح‬
‫والترب ية العال ية‪ ،‬وب قي هناك سنة ون صف ال سنة‪ ،‬ينت قل ب ين م كة المكر مة‬
‫والوجمه ووادي العيمس مركمز الجيوش العربيمة‪ ،‬وقمد حكمم عليمه التراك‬
‫بالعدام غيابيا‪.‬‬
‫وب عد قيام الثورة العرب ية انت قل إلى م صر؛ ل نّ الع مل ال سياسي في ها‬
‫كان أرحمب مجالً ممن الحجاز‪ ،‬وأسمس هناك (حزب التحاد السموري)‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وبقي حتى وضعت الحرب أوزارها يكافح من أجل القضية الوطنية‪.‬‬
‫وبعمد الحرب عاد إلى دمشمق‪ ،‬وأسمس فيهما (اللجنمة الوطنيمة العليما)‬
‫للدفاع عن حقوق البلد‪ ،‬وكان من المؤيدين للعهد الفيصلي‪.‬‬
‫ولما دخل الفرنسيون سورية حكموا عليه بالعدام غيابيا ‪-‬كما حكم‬
‫عليه التراك من قبل‪ ،-‬وكانوا همّوا باعتقاله‪ ،‬وشعر هو بحنقهم لما له من‬
‫نشاط وخ طب ثور ية أزعجت هم‪ ،‬وب سبب تحري ضه الناس وجمع هم للتو جه‬
‫إلى مي سلون‪ ،‬فهرب إلى حي فا‪ ،‬ور حب به أهل ها‪ ،‬فأقام بين هم‪ ،‬وأن شأ ل هم‬
‫مدرسة تشبه مدرسته بدمشق‪ ،‬وكان عمله فيها كعمله بمدرسة دمشق التي‬
‫تركها وعليها ولداه يرعيان شؤونها‪ .‬وخلل هذه الفترة‪ ،‬تنقّل بين فلسطين‬
‫ومصر يعمل للقضية الوطنية‪ ،‬وسافر إلى اليمن‪ ،‬وقابل المام يحيى حميد‬
‫الديمن سمنة ‪1922‬م لجممع كيان العرب‪ ،‬وفمي سمنة ‪1925‬م اسمتدعاه الملك‬
‫عبدالعزيمز آل سمعود إلى مكمة المكرممة‪ ،‬وعهمد إليمه بمديريمة معارف‬
‫الحجاز‪ ،‬فأ سس خلل سنة ونصف ما يقرب من ثلث ين مدرسة في أنحاء‬
‫مختلفمة ممن الحجاز‪ ،‬وهناك أصميب بالزحار وأشرف على الهلك‪ ،‬فسمافر‬
‫إلى فلسمطين للتداوي‪ ،‬وشفمي ممن مرضمه بعمد علج طويمل دام عشمر‬
‫سنوات‪.‬‬
‫و في سنة ‪1356‬ه م ‪1937 -‬م عاد إلى دم شق ب عد صدور الع فو العام‪،‬‬
‫ورأى مدرسمته قمد تضاءل شأنهما‪ ،‬وقلّ طلبهما؛ إذ مالوا إلى مدارس‬
‫الحكومة التي قررت وزارة المعارف وقتئذ أل تقبل سوى شهادتها لدخول‬
‫الجامعمة‪ ،‬فأحمب أن يخدم البلد عمن طريمق نهضمة العلماء بعمد أن فشلت‬
‫م ساعيه مع ساسة العرب‪ ،‬فأ سس بطلب من أ هل العلم (جمع ية العلماء)‬
‫‪8‬‬ ‫التي نالت تصريحا رسميا من وزارة الداخلية في ‪ 5‬رمضان ‪1356‬هم ‪-‬‬
‫تشرين الثاني ‪1937‬م‪ ،‬ومهمتها دفع ما تعرض له السلم من إلحاد وإفساد‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ومقاومة‪ ،‬وكانت تحت رئاسته‪.‬‬
‫بلغ عدد مؤسسي الجمعية واحدا وعشرين عضوا عهدوا لسبعة عشر‬
‫منهمم القيام بأعباء المجلس الداري‪ ،‬وهمو منهمم‪ ،‬وعيمن رئيسما لمجلس‬
‫الدارة‪.‬‬
‫ووُضمع للجمعيمة دسمتور بيّنم غايتهما‪ ،‬وأموالهما‪ ،‬ونظامهما الداخلي‬
‫المف صّل‪ ،‬ون صّ الدستور على أن غاية الجمعية الهتمام بشؤون المسلمين‬
‫ومؤسمساتهم الدينيمة‪ ،‬ورفمع مسمتوى العلماء والمتعلميمن‪ ،‬وجممع كلمتهمم‪،‬‬
‫‪-‬تعالى‪ -‬بالحك مة والموع ظة الح سنة‪ ،‬وأن ل د خل‬ ‫والدعوة إلى اللّه‬
‫للجمع ية بال سياسة‪ ،‬ووضّح الد ستور كذلك ع مل العضاء‪ ،‬وأعمال مجلس‬
‫الدارة‪ ،‬وسوى ذلك‪.‬‬
‫كان من أبرز أعمال الجمع ية إنشاء المع هد العل مي الدي ني بدم شق‪،‬‬
‫واخت ير له ال ساتذة الكفاء‪ ،‬وو ضع له برنا مج يج مع ب ين الثقافت ين الدين ية‬
‫والعصرية‪.‬‬
‫ول قي المع هد تشجيعا عظيما‪ ،‬ف تبرع أ ساتذة مخت صون للتدر يس ف يه‪،‬‬
‫وتمبرع كذلك خمسمة عشمر طمبيبا ممن ألممع أطباء دمشمق لمداواة مرضمى‬
‫المعهمد‪ ،‬وتمبرع كثيرون بالمال لتأميمن نفقات الطلب المحتاجيمن؛ ممن‬
‫السكن‪ ،‬والطعام‪ ،‬والملبس‪ ،‬والدوات المدرسية‪.‬‬
‫وكان له مشاركة ودور في مؤتمر العلماء الول الذي عقد في دمشق‬
‫بتاريخ ‪ 13-11‬رجب سنة ‪1357‬هم‪.‬‬
‫قال محمد أديب الحصني في «منتخبات التواريخ لدمشق» (ص ‪)913‬‬
‫ل سر المعرو فة ال تي اشت هر من ها أ حد جهابذة العلم‬
‫في ترجم ته‪« :‬و من ا ُ‬
‫والف ضل في ع صرنا اليوم الش يخ كا مل الق صاب مؤ سس مدر سة الكامل ية‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الهاشم ية بدم شق‪ ،‬أ تى والده تاجرا من ح مص وا ستوطن في حي العقي بة‬
‫بدم شق‪ ،‬ون بغ ولده بها‪ ،‬ودرس بجامع ها‪ ،‬ور حل إلى مصر‪ ،‬وإلى الحجاز‬
‫و صار ناظرا للمعارف ب ها في ز من الملك ح سين والملك ع بد العز يز آل‬
‫ال سعود‪ ،‬ثم ترك الحجاز واختار القا مة في مدي نة حي فا‪ ،‬يشت غل في ن شر‬
‫العلم‪ ،‬ويجاهد في استقلل البلد العربية‪ ،‬وحفظ قوميتها من أيدي العابثين‬
‫بها‪ ،‬وفقه اللّه»‪.‬‬
‫قال عنمه الشيمخ علي الطنطاوي ‪-‬رحممه اللّه‪ -‬فمي «رجال ممن‬
‫التاريخ» (ص ‪« :)410‬أنشأ المدرسة الكاملية‪ ،‬وكانت تسمى حينا المدرسة‬
‫العثمانية‪ ،‬كما تسمى المدرسة التجارية بمدرسة التحاد والترقي‪ ،‬على اسم‬
‫الجمعية التي كانت تحكم البلد‪ ،‬وبلغت الكاملية مرتبة عالية بين المدارس‪،‬‬
‫علّم فيهما أعلم ممن أهمل الشام؛ كالدكتور عبدالرحممن شهبندر‪ ،‬والسمتاذ‬
‫خيمر الديمن الزركلي‪ ،‬والدكتور أسمعد الحكيمم‪ ،‬وتخرّج منهما جماعمة ممن‬
‫العلم؛ منهم‪ :‬شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار‪ ،‬ومنهم أستاذ كل من قال‬
‫في دم شق‪ :‬أ نا طبيب‪ ،‬الدكتور أح مد حمدي الخياط‪ ،‬الذي درّس في كل ية‬
‫الطمب فمي الشام ممن سمنة ‪ ،1920‬وكان أحمد الذيمن عربوا المصمطلحات‬
‫الطبية‪ ،‬وقاموا بذلك العمل العظيم‪ ،‬وأخرج مع زميله الدكتور مرشد خاطر‬
‫«المعجم»‪ ،‬الذي ينتقده ويعلق عليه من سنين في مجلة مجمع اللغة العربية‬
‫في دمشق الستاذ العالم الدكتور حسني سبح‪ ،‬وهو زميل الدكتور الخياط‪،‬‬
‫و سأتحدث ع نه بالتف صيل ‪-‬إن شاء اللّه‪ ،-‬ول كن أقول الن‪ :‬إ ني ك نت مرة‬
‫ممع بعمض الخوان فمي إدارة «المقتطمف» فمي مصمر‪ ،‬وقمد صمدر العدد‬
‫الجديد من «المقت طف»‪ ،‬وفيه خبر شيء ا ستحدث في عالم ال طب‪ ،‬نسيت‬
‫الن ما هو‪ ،‬وكانوا يفخرون بالسبق إلى نشره‪ ،‬فقلت لهم‪ :‬إن عندنا أستاذا‬
‫فمي المعهمد الطمبي (وكان ذلك اسمم كليمة الطمب فمي دمشمق) اطلع عليمه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ووصفه في الكتاب الذي يدرسه لطلبه من آخر السنة الماضية‪ ،‬فعجبوا‪.‬‬
‫وكان هذا الستاذ هو الدكتور حسني سبح شيخ أطباء الشام‪ ،‬بل من‬
‫كبار أطباء العرب‪ ،‬وهو الن رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق‪.‬‬
‫َأقْدم ذكرياتي عن الشيخ كامل‪ ،‬أنه كان قبل موقعة ميسلون يخطب‬
‫فمي دمشمق‪ ،‬فمي الطرق والسماحات ومجتمعات الناس‪ ،‬يثيرهمم ويحمّسمهم‪،‬‬
‫فلما كانت الهزيمة المتوقعة‪ ،‬التي كنا نستحقها؛ لننا خالفنا عن أمر ربنا‬
‫طعْتُم مِمن قُ ّوةٍ}‪ ،‬وقال‪{ :‬وَلَ َت ِهنُوا}‪،‬‬
‫مَت َ‬
‫عدّوا لَهُمم مَما اس ْ‬
‫الذي قال لنما‪َ { :‬وأَ ِ‬
‫ف سرّحنا الج يش‪ ،‬ب عد أن قبلت الحكو مة إنذار غورو‪ ،‬ال تي قالوا‪ :‬إن ح سن‬
‫بك الحك يم الذي كان مد ير البرق والبر يد لم ير سلها‪ ،‬و سيأتي الكلم عن‬
‫الوطني المجاهد النزيه حسن الحكيم‪.‬‬
‫لما كان ذلك وقضى اللّه علينا بأن يحتل الفرنسيون بلدنا‪ ،‬أصدروا‬
‫قائمة بأسماء جماعة حكموا عليهم بالقتل‪ ،‬كان أول اسم في هذه القائمة اسم‬
‫الشيمخ كاممل القصماب‪ ،‬فجاء المملكمة‪ ،‬فجعله الملك عبمد العزيمز ‪-‬رحممه‬
‫اللّه‪ -‬مديرا للمعارف‪ ،‬ثم استقال وذهب إلى حيفا‪.‬‬
‫على ما أذكر‪ ،‬ولكن حبلي لم‬ ‫‪1928‬‬ ‫قابلته عند خالي محب الدين سنة‬
‫يت صل بحبله إل سنة ‪ ،1937‬ل ما عاد إلى الشام‪ ،‬وعدت في إجازة ال صيف‬
‫ممن بغداد‪ ،‬ولزمتمه وصمرت ممن المتردديمن عليمه‪ ،‬العاكفيمن على حضور‬
‫مجالسه‪ ،‬والمشاركين في أحاديث هذه المجالس‪ ،‬ولما أعاد افتتاح مدرسته‪،‬‬
‫وجعلها مدرسة شرعية‪ ،‬فكانت نواة الكلية الشرعية‪ ،‬كلفني تدريس التاريخ‬
‫والدب‪ ،‬وكان من الطلب جماعة صاروا اليوم من كبار الساتذة‪ ،‬وصار‬
‫من هم من هو أعلم م ني‪ ،‬من هؤلء الدكتور عبدالحم يد الهاش مي‪ ،‬ثم كان‬
‫من هم ل ما صارت كل ية ر سمية‪ ،‬ال ستاذ مح مد القا سمي‪ ،‬والدكتور أد يب‬
‫صالح‪ ،‬والستاذ أحمد الحمد‪ ،‬والستاذان الجنادي والخطيب‪ ،‬وكان منهم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حينا الدكتور وهبي الزحيلي‪ ،‬وعبدالرحمن رأفت الباشا‪ ،‬وكان بين الطلب‬
‫طالب بلح ية طويلة‪ ،‬عل مت ب عد أ نه ل يس من أ هل ال سنة والجما عة‪ ،‬رأي ته‬
‫مرة يغش في المتحان‪ ،‬فقلت له‪ :‬إن عاقبتك العقوبة التي تستحقها منعتني‬
‫لحيتك‪ ،‬وإن سكت عنك وكرمتك حجزتني سرقتك‪ ،‬فماذا أصنع لك؟‬
‫وممما وقمع لي يوم المتحان‪ ،‬أنمي كنمت أراقمب الطلب‪ ،‬ومما كانوا‬
‫يحتاجون إلى مراقبمة دقيقمة‪ ،‬إذ كان عددهمم قليلً‪ ،‬وكان وقمت المتحان‬
‫طويلً‪ ،‬ووجدت أما مي «الكا مل» لل مبرد‪ ،‬فجعلت أقرأ ف يه‪ ،‬وطال الو قت‪،‬‬
‫وقرأت منه نحوا من ثلثين صفحة‪.‬‬
‫فل ما خر جت وانت هى المتحان‪ ،‬دعا ني الش يخ كا مل لحضور امتحان‬
‫الدب‪ ،‬وكان في كتاب «الكامل»‪ ،‬وكان الطلب قد قرؤوا منه ما ل يزيد‬
‫ع ما قرأ ته آنفا‪ ،‬وكا نت اللج نة مؤل فة من أ ستاذنا سليم الجندي‪ ،‬وال ستاذ‬
‫الش يخ ع بد الحم يد القنوا تي‪ ،‬وأ ظن أن الثالث ال ستاذ عز الد ين التنو خي‬
‫‪-‬رحمهم اللّه جميعا‪ ،-‬فكان الطالب يقرأ‪ ،‬في مر بالبيات فأسأله أو يسأله‬
‫غيري عن تف سير كلمة في ها‪ ،‬أو شرح جملة‪ ،‬فإذا و قف‪ ،‬قلت له‪ :‬أذكر أن‬
‫هذا التف سير مر ق بل صفحة أو صفحتين‪ ،‬أو سيمر الشرح ب عد صفحة أو‬
‫صمفحتين‪ ،‬فلمما طال ذلك منمي‪ ،‬قالوا‪ :‬عجبا‪ ،‬أتحفمظ «الكاممل»؟ فلو قلت‪:‬‬
‫نعمم‪ ،‬أو سمكت‪ ،‬لشهمد لي هؤلء السماتذة الثلثمة الكبار بأنمي أحفمظ‬
‫«الكامل»‪.‬‬
‫ف هل يم كن أن يكون ب عض ما يروى عن ح فظ الول ين ‪-‬بع ضه ل‬
‫كله‪ -‬من هذا القبيل» ا‪.‬هم كلم الطنطاوي‪.‬‬
‫وكان إلى جا نب أعماله هذه تاجرا‪ ،‬أ سس شر كة تجار ية في م صر‬
‫تمارس تجارة مال القبّان (المواد الغذائيمة)‪ ،‬جريئا فمي المضاربمة بأمواله‪،‬‬
‫وله عقارات في حَيْفا استولى عليها الحتلل‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ترك من المؤلفات كتابين‪:‬‬
‫‪« -‬ذكرى موقعة حطين»( ) (بالشتراك)‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪« -‬النقد والبيان في دفع أوهام خزيران» (بالشتراك مع محمد عز‬


‫الدين القسّام) (كتابنا هذا)‪.‬‬
‫أ صابه مرض في المثا نة في أخريات حيا ته‪ ،‬فلزم داره مدّة طويلة‪،‬‬
‫ثم ش في‪ ،‬و ما ل بث أن ألَمّ به عارض في دما غه لم يمهله سوى ثلث ين‬
‫جمادى الخرة ‪1373‬ه م‪ ،‬وكان قد أو صى أن‬ ‫‪23‬‬ ‫ساعة‪ ،‬فتو في يوم ال سبت‬
‫تشيع جنازته بما يوافق الشريعة السلمية‪ ،‬وصادف يوم وفاته اضطرابات‬
‫لعلع فيه الرصاص في سماء مدينة دمشق زمن الشيشكلي( )‪ ،‬فصلّى عليه‬
‫‪2‬‬

‫() نشره محسب الديسن الخطيسب عسن المطبعسة السسلفية فسي (‪)114‬‬ ‫‪1‬‬

‫صسفحة مسن القطسع الصسغير‪ ،‬سسنة ‪1351‬هسس‪ ،‬وهسو كلمات قيلت فسي‬
‫(مؤتمسر جمعيات الشبان المسسلمين الرابسع)‪ ،‬الذي انعقسد فسي مدينسة‬
‫عكسسا يوم (ذكرى المولد النبوي العظسسم)‪ ،‬فسسي ‪/25‬ربيسسع الثانسسي‪/‬‬
‫‪ ،1351‬وأقيمسست حفلت فسسي أنحاء فلسسسطين لحياء هذه الذكرى‪،‬‬
‫وكان أعظمهسا مسا أقيسم فسي مدينسة حيفسا برئاسسة الشيسخ القصساب‪،‬‬
‫واشترك فيهسا أقطاب المسة وفحول الخطباء والدباء ‪-‬على حسد تعسبير‬
‫محسب الديسن‪ ،-‬وهؤلء هسم ‪-‬غيسر المصسنف‪ :-‬شكيسب أرسسلن‪ ،‬محسب‬
‫الديسسن الخطيسسب‪ ،‬محمسسد رشيسسد رضسسا‪ ،‬عبببد الوهاب النجار‪ ،‬خيسسر الديسسن‬
‫الزركلي‪ ،‬عببد الرحمبن عزام‪ ،‬محمسد عزة دروزة‪ ،‬إسسعاف النشاشيسبي‪،‬‬
‫عبد المحسن الكاظمي‪ ،‬أكرم زعيتر‪ ،‬حمدي الحسيني‪.‬‬
‫() أديسب الشيشكلي اسستولى على الحكسم فسي سسورية أواخسر سسنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪1949‬م‪ ،‬وبرز عنفسسه فسسي عدة مجالت‪ ،‬وبدأ النقلب عليسسه فسسي‬
‫حلب‪ ،‬فشعسسسسسسر أن الزمام أفلت مسسسسسسن يده‪ ،‬فغادر البلد ‪ 2‬شباط‬
‫‪1954‬م‪ ،‬وقتله مجهول فسسي البرازيسسل سسسنة ‪« .1964‬العلم» (‬
‫‪.)286-1/285‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بض عة أفراد في بي ته‪ ،‬وت سللوا بنع شه ب ين الز قة‪ ،‬ودفنوه في قبر والده‬
‫بمقبرة الباب الصغير بجوار مقام الصحابي الجليل بلل الحبشي‪.‬‬

‫* مصادر ترجمته‪:‬‬
‫‪« -1‬منتخبات التواريخ لدمشق» (‪.)913‬‬
‫‪« -2‬أعلم الدب والفن» (‪.)78-2/77‬‬
‫‪« -3‬ما رأيت وما سمعت» (‪.)14‬‬
‫‪ -4‬مجلة «التمدن السلمي» (‪ )357-20/355‬مقالة محمد جميل الشطي‪.‬‬
‫‪« -5‬إتحاف ذوي العناية» (‪.)49‬‬
‫‪« -6‬العلم» (‪.)7/13‬‬
‫‪« -7‬معجم المؤلفين» (‪.)11/157‬‬
‫‪ -8‬بيان «مؤتمر العلماء الول» بدمشق‪ ،‬سنة ‪1357‬هم‪.‬‬
‫‪ -9‬دستور «جمعية العلماء»‪ ،‬سنة ‪1357‬هم‪.‬‬
‫‪ -10‬بيان «جمعية العلماء» بدمشق رقم ( ‪ ،)7‬سنة ‪1357‬هم (المعهد العلمي‬
‫الديني)‪.‬‬
‫‪ -11‬نص الحتجاج المرسل من «جمعية العلماء» رقم (‪ ،)8‬سنة ‪1357‬هم‪.‬‬
‫و‬ ‫‪258 ،5/109‬‬ ‫و‬ ‫‪280 ،263‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪230 ،1/67‬‬ ‫‪« -12‬ذكريات علي الطنطاوي» (‬
‫و‪.)8/238‬‬ ‫‪ 121 ،6/120‬و‪175 ،174 ،155 ،91 ،89 ،76 ،75 ،7/72‬‬

‫‪ ،)9‬سمنة ‪1359‬همم (بشأن‬ ‫‪ -13‬بيان «جمعيمة العلماء» بدمشمق‪ ،‬رقمم (‬


‫الوقاف)‪.‬‬
‫‪« -14‬مصادر الدراسة الدبية» (‪.)1032-3/1031‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪« -15‬معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين» (‪.)418‬‬
‫‪ -‬ف ما‬ ‫(‪2/657‬‬ ‫‪« -16‬تار يخ علماء دم شق في القرن الرا بع ع شر الهجري»‬
‫بعد)‪.‬‬
‫‪« -17‬رجال من التاريخ» (ص ‪.)410‬‬
‫***‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫ثانيا‪ :‬ترجمة محمد عز الدين بن عبد القادر القسام‬


‫(‪1300-1354‬هم = ‪1935-1882‬م)‬

‫ولد سنة ‪1300‬هم الموافق ‪1882‬م‪ ،‬وذكر بعض مترجميه أنه ولد سنة ‪1871‬م‪،‬‬
‫وهذا خ طأ‪ ،‬وأث بت ذلك علي ح سين خلف في كتا به « عز الد ين الق سام»‬
‫حيث قال (ص ‪« :)5‬وضعف التاريخ المكتوب والشفوي لتلك المرحلة‪ ،‬ل‬
‫يبرر للدار سين ا ستسهال ن قل المعلومات من م صدر وا حد‪ ،‬دون تدق يق‪،‬‬
‫وبإشكال ية حولت الق سام من شخ صية حقيق ية إلى شخ صية احتمال ية‪ ،‬ف كل‬
‫الذين نسبوا تاريخ ميلده إلى عام ‪ ،1871‬استنادا إلى كتابات صبحي ياسين‪،‬‬
‫خ سروا‪ ،‬دون أن يدروا تتلمذه على يد الش يخ مح مد عبده‪ ،‬إذ يكون الق سام‬
‫قد درس في الزهر‪ ،‬قبل وجود الشيخ محمد عبده بعشر سنوات‪ ،‬وتخرج‬
‫قبل مجيئه بسنتين! ولم يتطوع واحد من الباحثين بذكره ماهية هذا التتلمذ‪،‬‬
‫دينيا وسياسيا»‪.‬‬
‫وكان مسقط رأسه في جبلة الدهمية من أعمال اللذقية في شمالي سوريا‪،‬‬
‫ن شأ في بلده في بيئة إ سلمية‪ ،‬و هو من أ سرة كري مة‪ ،‬ما أن بلغ الراب عة‬
‫عشرة من عمره‪ ،‬ح تى ا ستطاع والده تأم ين رحلة درا سية له إلى الز هر‬
‫الشريف‪ ،‬وتتلمذ فيه على يد الشيخ محمد عبده‪ ،‬فقد كان رئيس رواق الشام‬
‫في الزهر الشريف في عصره‪ ،‬وعندما عاد عز الدين القسام إلى قريته‬
‫«جبلة» حاملً شهادته الهلية من الزهر عام ‪ ،1903‬حاول أبوه الشيخ عبد‬
‫القادر أن يقنعمه بضرورة أن يذهبما معا إلى قصمر الفندي ديمب‪ ،‬ليسملما‬
‫عل يه‪ ،‬فر فض ال بن ن صيحة أب يه قائلً‪ :‬أي سلم الوا فد على المق يم؟! وكا نت‬
‫أول بادرة تكسممر العُرف المقلوب‪ ،‬إرضاء لسممياد الرض‪ ،‬وتسممترد‬
‫للمواطن حقه في عدم النحناء‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ثم ع ين الش يخ عز الد ين الق سام مدر سا للجا مع ال كبير في جبلة «جا مع‬
‫إبراه يم بن أد هم»‪ ،‬ح يث ل ي ستطيع التحاد والتر قي الذي كان م سيطرا‬
‫على الدولة العثمان ية في أوا خر عهد ها أن ي مس الش يخ ب سوء؛ ل نّ من‬
‫صمالحه المحافظمة على الشكليات الدينيمة‪ ،‬إل إذا هددت سملطته تهديدا‬
‫مباشرا وفي الصميم‪.‬‬
‫وعند احتلل الفرنسيين لسوريا‪ ،‬قامت ثورات ضدها‪ ،‬وانضم الشيخ‬
‫عزالديمن القسمام إلى ثورة عممر البيطار‪ ،‬ولكمن هذه الثورة لم تطمل؛ لفقمر‬
‫المصمادر التموينيمة والسملح والذخيرة وضعمف التنظيمم‪ ،‬وقضمى القسمام‬
‫حوالي ال سنة متنقلً ب ين غابات الفرلق و صلنفة وجرود جبال العلوي ين في‬
‫سموريا‪ ،‬بعمد أن حطمت الثورة أثقالهما‪ ،‬واسمتمرت مطاردة الفرنسميين له‬
‫ولرفا قه‪ ،‬و صدر عل يه ح كم العدام من الديوان العر في في اللذق ية‪ ،‬ثم‬
‫فاوضوه أثناء مطاردته على إلغاء الحكم‪ ،‬وتحقيق كل ما تصبو إليه نفسه‬
‫من مال ومر كز‪ ،‬فر فض ذلك‪ ،‬ثم لم ي جد بدا من الرح يل إلى فل سطين‪،‬‬
‫وكان قد أجرى اتصالت مسبقة مع صديقه القديم ‪-‬الذي شاركه في تأليف‬
‫هذا الكتاب‪ -‬وهو الشيخ كامل القصاب( )‪ ،‬وهو من علماء فلسطين‪ ،‬ولعب‬
‫‪1‬‬

‫() كانت الصلة بين (القصاب) و(القسام) وثيقة جداً‪ ،‬ولكت اللسنة‬ ‫‪1‬‬

‫(تهمة) موالة (القصاب) لس(النكليز)‪ ،‬وسوّغوا علقة (القسام) ‪-‬وهو‬


‫البريسء حقا ً وجزما ً مسن ذلك‪ -‬معسه‪ ،‬بأنسه تعامسل معسه (بوصسفه مواطسن‬
‫يمكن صلح حاله! وتقويم ما اعوج من سلوكه)! وليست هذه التهمة‬
‫إل لتشويسه صسورة العلماء‪ ،‬وهذا ديدن العداء‪ ،‬أو الحسساد‪ ،‬ول يسسلم‬
‫واحد من العلماء منها‪ ،‬على اختلف العصار والمصار‪.‬‬
‫وانظسر فسي علقسة (القسسام) مسع (القصساب)‪« :‬عسز الديسن القسسام»‬
‫لعاصسسم الجندي (ص ‪ ،)36 ،30-29 ،22‬و«الشيسسخ المجاهسسد عسسز‬
‫الديسسن القسسسام» لعببببد السبببتار قاسسسم (ص ‪ ،)17‬و«ثورة عسسز الديسسن‬
‫القسسسام» لعونسسي جديسسع (ص ‪ ،)93 ،77-76‬و«القسسسام» لعبداللّه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫دورا في قض ية فل سطين‪ ،‬فذ هب هناك وا ستقر في ضاح ية الياجور قرب‬
‫حيفا‪ ،‬ومعه الشيخان محمد الحنفي والحاج عبيد‪ ،‬وكانت حيفا سريعة النمو‬
‫في عمران ها‪ ،‬ف هي مرفمأ فل سطين الول‪ ،‬ولتحق يق أهدا فه الجهاد ية ضد‬
‫اليهود دخل النتخابات في جمعية الشبان المسلمين‪ ،‬وانتخب رئيسا لها‪ ،‬ثم‬
‫طلب أن يكون خطيبا ومدرسما‪ ،‬ولنمه كانمت له قدرة فائقمة على ذلك‪،‬‬
‫أسندت إليه هذه المهمة في جامع الستقلل‪ ،‬ثم طلب تعيينه مأذونا شرعيا‪،‬‬
‫فتمم له مما أراد‪ ،‬وأخمذ يخرج إلى القرى ويدرس نفسمية الشعمب‪ ،‬ويدعمو‬
‫للمح بة والوفاق‪ ،‬والعودة إلى مبادئ الد ين السملمي الحنيمف‪ ،‬ولحمظ أن‬
‫حكوممة النتداب تسمعى لتعميمق الخلفات على طريقتهما المعروفمة (فرق‬
‫ت سد)‪ ،‬فبدأ ثور ته بتأل يف القلوب‪ ،‬ون شر المح بة وإزالة الخ صومات‪ ،‬وقام‬
‫بتأسيس مدرسة ليلية لتعليم الميين من العرب‪ ،‬فكانت مكانا لتجميع الناس‬
‫وبمث فكرة الجهاد فيهمم‪ ،‬واسمتمر على ذلك وأسمس جمعيمة لذلك‪ ،‬وجممع‬
‫التبرعات‪ ،‬ودرّب من انضم إليه تدريبا عسكريا بعد أن هيأه دينيا لذلك‪.‬‬
‫ثمم وبعمد أسمبوعين ممن مهاجممة قوات البوليمس النجليزي للمتظاهريمن‬
‫تشر ين الثا ني ‪1935‬م‪ ،‬ج مع الق سام إخوا نه‬ ‫‪12‬‬ ‫العرب في القدس‪ ،‬و في ليلة‬
‫في حي فا‪ ،‬وأبلغ هم أ نه قرر إعلن الجهاد المقدس‪ ،‬واختار أرض المعر كة‬
‫فمي المناطمق الجبليمة‪ ،‬فتوجمه موكمب المجاهديمن إلى جبال جنيمن‪ ،‬وكان‬
‫الستعمار يراقب تحركات الق سام بواسطة الخونة‪ ،‬وبعد يوم ين ‪-‬أي‪ :‬في‬
‫تشرين الثاني‪ -‬ارتكب أحد مناضلي القسام خطأً كان سببا في افتضاح‬ ‫‪14‬‬

‫أمر الثورة قبل إعلنها رسميا‪.‬‬


‫وكانمت خطمة القسمّام أن يتوزع رجاله على قرى المناطمق الجبليمة‪ ،‬حتمى‬

‫الطنطاوي (ص ‪،)117-116 ،94-93 ،91-90 ،87 ،71‬‬


‫و«عسسز الديسسن القسسسام شيسسخ المجاهديسسن فسسي فلسسسطين» لشَّراب (‬
‫‪.)348-344‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يضموا إليهمم أكمبر عدد ممن المناضليمن‪ ،‬حتمى إذا اكتممل العدد الذي ير يد‬
‫ها جم مدي نة حيفا‪ ،‬واح تل دوائر الحكومة ومراكز الشر طة والميناء‪ ،‬وب عد‬
‫أن ي ستتب له ال مر‪ ،‬يعلن قيام الحكو مة العرب ية‪ ،‬ويكون أعوا نه في المدن‬
‫الخرى قد قاموا بذات عملية الحتلل‪ ،‬فينتهي بذلك مأساة تهويد فلسطين‪،‬‬
‫التممي لم تحممل دونهمما حتممى الن جميممع المفاوضات والحتجاجات‬
‫والمظاهرات‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫ولكن الخطأ الذي ارتكبه أحد أعوانه عرّض الخطة إلى الفشل‪ ،‬ففي ليلة‬
‫تشر ين الثا ني ‪ ،1935‬كان المنا ضل محمود سالم المخزو مي يقوم بالحرا سة‬
‫قرب قريمة فقوعمة‪ ،‬فشاهمد دوريمة بوليمس ممن الفرسمان يقودهما شاويمش‬
‫يهودي‪ ،‬وهي قادمة من مستعمرة عين حار ود‪ ،‬فدب الحماس في المناضل‬
‫الحارس عندمما وجمد أنمه يسميطر على موقمع يسمتطيع منمه التحكمم فمي‬
‫الدوريمة‪ ،‬فأطلق النار على الشاويمش اليهودي فقتله‪ ،‬إل أن زميله اسمتطاع‬
‫الهرب‪ ،‬فأبلغ مركز البوليس بالواقعة‪ ،‬وفي اليوم التالي قامت قوات كبيرة‬
‫بتطويمق جميمع القرى المجاورة‪ ،‬ولمما اقتربمت ممن مواقمع أعوان القسمّام‪،‬‬
‫اشتبكت معهم في قرية (البارد)‪ ،‬ونشبت المعركة التي قتل خللها المناضل‬
‫الشيمخ محمود الحلحولي‪ ،‬وقتمل اثنان ممن البوليمس النكليزي‪ ،‬وتطورت‬
‫المور‪ ،‬فأيقنمت حكوممة النتداب أن الثورة المسملحة قمد أشرفمت على‬
‫القيام‪ ،‬وأن الجهاد الحاسمم على وشمك السمتنفار‪ ،‬عندئذ عقمد اجتماع فمي‬
‫مك تب المندوب ال سامي تقرر ف يه ضرورة القضاء على هذه الثورة‪ ،‬و هي‬
‫في مهدها مهما كلف المر قبل استفحال خطرها‪.‬‬
‫وأر سلت نجدات من رجال البول يس النكليزي من كا فة المدن الفل سطينية‬
‫إلى حيفا‪ ،‬تساندهم طائرات استكشافية‪ ،‬وفي صباح يوم ‪ 19‬تشرين الثاني‪،‬‬
‫زحفمت قوات البوليمس إلى جبال جنيمن‪ ،‬وطوقمت منمذ طلوع الفجمر قرى‪:‬‬
‫يعبد‪ ،‬واليامون‪ ،‬وبرقين‪ ،‬وكفر دان‪ ،‬وفقوعة‪ ،‬وكان الشيخ الق سّام مع أحد‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عشر مناضلً في أحراش قرية (يعبد) في خربة الطرم في الجهة الشمالية‬
‫الشرقية من يعبد‪.‬‬
‫أمما إخوانمه فهمم‪ :‬الشيمخ محممد الحنفمي أحممد‪ ،‬والشيمخ يوسمف الزيباوي‪،‬‬
‫والشيخ حسن الباير‪ ،‬والشيخ أحمد جابر‪ ،‬والشيخ أسعد كلش‪ ،‬والشيخ نمر‬
‫السمعدي‪ ،‬وعرابمي البدوي‪ ،‬وتوفيمق الزيري‪ ،‬وناجمي أبمو زيمد‪ ،‬ومحممد‬
‫يوسف‪ ،‬وداود خطاب‪.‬‬
‫وعرفت القوات النكليزية أنّ الشيخ القسّام هو قائد الثورة‪ ،‬وأنه يقيم‬
‫في أحراش يعبد‪ ،‬فأرسلت إليه خمس مئة جندي‪ ،‬فرضت عليه طوقا بحيث‬
‫ل يمكنه النسحاب‪ ،‬كما ل يمكن للنجدات أن تصل إليه‪.‬‬
‫«وحين طلب منه أن يستسلم أجاب‪ :‬إننا لن نستسلم‪ ،‬إن هذا جهاد في‬
‫سبيل اللّه‪ ،‬والتفت إلى زملئه قائلً‪ :‬موتوا شهداء»‪.‬‬
‫ودارت معركمة بيمن قوتيمن غيمر متكافئتيمن بالعدد والعدة‪ ،‬وكان كمل‬
‫مجا هد يقا تل أربع ين جنديا‪ ،‬ونش بت المعر كة في الف جر‪ ،‬وا ستمرت ح تى‬
‫الظ هر‪ ،‬فانت هت بموت قائد الثورة الش يخ عز الد ين الق سام‪ ،‬والش يخ مح مد‬
‫الحنفي أحمد‪ ،‬رفيق جهاده في سوريا‪ ،‬والشيخ يوسف الزيباوي‪ ،‬كما جرح‬
‫جميع إخوانه‪.‬‬
‫ووقع في السر الجرحى من المناضلين‪ ،‬وهم‪ :‬أحمد جابر‪ ،‬وعرابي‬
‫البدوي‪ ،‬ومح مد يو سف‪ ،‬وتم كن الخرون من الفلت من طوق الجنود‪،‬‬
‫وقد قتل من النكليز عدد كبير‪ ،‬إل أن البلغ الرسمي لم يعترف إل بمقتل‬
‫ثلثة جنود‪.‬‬
‫ثمم أصمدرت السملطات البريطانيمة بلغا نعتمت فيمه القسمام وصمحبه‬
‫بالشقياء‪ ،‬وجرت بعد ذلك محاكمات تاريخية للسرى من الجرحى وغير‬
‫الجرحى‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وبذلك تم كن النكل يز من القضاء على قائد الثورة وعدد من إخوا نه‬
‫ما‪،‬‬
‫مي حيفم‬
‫مة فم‬
‫مة المقررة لحتلل دوائر الحكومم‬
‫البرار‪ ،‬وفشلت الخطم‬
‫وال ستيلء على ال سلحة ال تي ستسلم إلى المجاهد ين للقيام بأعمال ثور ية‬
‫واسعة‪ ،‬لمنع إقامة دولة يهودية في أي جزء من أرض فلسطين‪.‬‬
‫وبعد سقوط العالم القائد المجاهد الش يخ عز الد ين الق سام واثن ين من‬
‫إخوانه البرار في ساحات الشرف والكرامة‪ ،‬واعتقال خمسة منهم‪ ،‬اضطر‬
‫الخرون إلى الختفاء في الجبال لتمام رسالة الق سّام الثور ية المقدسة في‬
‫الوقت المناسب‪.‬‬
‫ولقد أكرم سكان مدينة حيفا البواسل الشهداء ‪-‬فيما نحسب‪ -‬البرار‪،‬‬
‫وتحدوا السملطات الغاشممة‪ ،‬وجرت جنازة مهيبمة‪ ،‬اشترك فيهما عشرات‬
‫اللوف ممن أبناء الشعمب‪ ،‬وجرت مظاهرات وطنيمة أثناء تشييمع جنازة‬
‫الشهداء‪ ،‬حيمث هاجمم أبناء الشعمب الثائر دوائر البوليمس‪ ،‬والدوريات‬
‫النكليزية بالحجارة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ونشرت تلك المظاهرات( ) وعيا فمي صمفوف الشعمب الفلسمطيني‬


‫‪2‬‬

‫() انظسسر تفصسسيل ذلك فسسي‪« :‬القضيسسة الفلسسسطينية فسسي مختلف‬ ‫‪1‬‬

‫مراحلهسا» لمحمسد عزة دروزة (‪« ،)132-1/119‬تاريسخ فلسسطين‬


‫الحديث» (‪.)297-294‬‬
‫() يفتسسسسي العلماء ‪-‬اليوم‪ -‬بمنسسسسع هذه المظاهرات ‪-‬وهسسسسو حسسسسق‪،-‬‬ ‫‪2‬‬

‫والمشاهسسد فيمسسا رأيسست ورأى جميعسسُ الناس‪ ،‬أن الذي يقسسع فسسي ديار‬
‫المسسلمين فيسه أذيسه لهسم‪ ،‬مسن تكسسير المحلت‪ ،‬وزجاج السسيارات‪،‬‬
‫وغيسسر ذلك مسسن أعمال التخريسسب‪ ،‬وأن القائميسسن بذلك يظنون أنهسسم‬
‫يخدمون السسلم!! وهسم فسي الحقيقسة يعطّلون مسسيرة (الدعوة إلى‬
‫اللّه)‪ ،‬ويضرون بأموال المسسسسسلمين‪ ،‬ويشيعون الفوضسسسسى بينهسسسسم‪،‬‬
‫ويسسلّطون الحكام عليهسم‪ ،‬وعلى هذا فتوى المشايسخ‪ :‬ابسن باز‪ ،‬وابسن‬
‫عثيميسن‪ ،‬واللبانسي ‪-‬رحسم اللّه الجميسع‪ -‬وجم ِسع آخريسن‪ ،‬وانظسر لتأصسيل‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫العربي المسلم‪ ،‬وأخذ كل فرد يفكر بالثورة المسلحة على الظلم والطغيان‪،‬‬
‫وأ خذ إخوان الق سام من العلماء يحرضون الش عب على القتال‪ ،‬وكان للعالم‬
‫الشيمخ كاممل القصماب وزملئه دور بارز فمي اسمتلم زمام المبادرة بعمد‬
‫القسام‪.‬‬
‫وسمار موكمب الجنازة مجللً بالعلم العربيمة‪ ،‬حيمث صمُلي على الشهداء‬
‫‪-‬نحسبهم على اللّه عز وجل‪ -‬في المسجد الكبير‪ ،‬وشيع الق سّام إلى قبره‬
‫في قرية الياجور التي تبعد عن حيفا نحو عشرة كيلومترات‪ ،‬سارتها على‬
‫القدام حاملة نعشه ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬
‫ل مركزا‬
‫وبذلك يكون المجا هد الش يخ عز الد ين الق سام أول من ع مل عم ً‬
‫للثورة‪ ،‬وزرع بذور الحقمد على السمتعمار البريطانمي الغاشمم وربيبتمه‬
‫ال صهيونية‪ ،‬وترك لل مة عشرات المخل صين قاموا بالدور الرئي سي البارز‬
‫بالثورة الكبرى التي اندلعت في (‪ )15‬نيسان سنة ‪.1936‬‬
‫وقمد أزعمج القسمام السملطة المنتدبمة حتمى بعمد موتمه‪ ،‬فقمد اسمتدعى مديمر‬
‫المطبوعات أصمحاب الصمحف ورؤسماء تحريرهما‪ ،‬وحظمر عليهمم كتابمة‬
‫شيء عن القسام‪ ،‬وهدد بمحاكمتهم وتعطيل صحفهم‪.‬‬
‫ولقمد ألقمت ثورة القسمام ظلً كمبيرا على المسمرح السمياسي الفلسمطيني‪،‬‬
‫وأ صبحت كل محاولة لقامة تقارب ب ين الفل سطينيين والسلطات الحكوم ية‬
‫محكوما عليها بالفشل‪.‬‬

‫ذلك‪ :‬مقالة «ظاهرة العتصسسسامات والمظاهرات والثورات الشعبيسسسة‬


‫والضراب فسسسي فتاوى الئمسسسة والعلماء» المنشورة فسسسي مجلتنسسسا‬
‫«الصسالة»‪( :‬العدد ‪ ،)30‬الصسادر بتاريسخ ‪/15‬شوال‪1421/‬هسس (ص‬
‫‪« ،)65-59‬التصسسسسفية والتربيسسسسة وأثرهسسسسا فسسسسي اسسسسستئناف الحياة‬
‫السسسلمية» (ص ‪ )128‬لخينسسا الشيسسخ علي الحلبسسي ‪-‬حفظسسه اللّه‬
‫تعالى‪.-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وتعتبر اللجنة العربية العليا‪ ،‬وليدة ثورة الشعب التي أعلنها إخوان الق سّام‪،‬‬
‫واستجاب لها الشعب بتأليف لجان عديدة في البلد‪.‬‬
‫وبموت الش يخ الق سام انطوت صفحة مجيدة من صفحات البطولة والتنظ يم‬
‫والتخطيمط السملمي فمي معارك فلسمطين‪ ،‬إل أن ثورة القسمّام لم تممت‬
‫بموته‪ ،‬بل بقيت منارة لحرار فلسطين يؤمنون بأنه ل حياة لهم ول كرامة‬
‫في تعليم‬ ‫بدون السير على خط ونهج القسام‪ ،‬الذي عمل على نهج النبي ‪s‬‬
‫الناس دين هم‪ ،‬وت صحيح عقائد هم وعبادات هم‪ ،‬وج هد في محار بة (الخرا فة)‬
‫و(البدع)( )‪ ،‬والع مل ب جد وإخلص للجهاد في سبيل اللّه‪ ،‬لعلء كل مة اللّه‬
‫‪1‬‬

‫فوق أرض اللّه المقدسة‪.‬‬


‫ولم يفت الشعر الوطني أن يعبر عن حادثة استشهاد الق سّام‪ ،‬فهذا الشاعر‬
‫محمد صادق عرنوس يردد‪:‬‬
‫أنموذج الجندي فممي السمملم‬ ‫مام‬
‫من القسم‬
‫مذ عم‬
‫من شاء فليأخم‬
‫مم‬
‫مممن ذله الموروث خيممر إمام‬ ‫وليتخذه إذا أراد تخلصمممممما‬
‫وبضاعمة الضعفاء محمض كلم‬ ‫ترك الكلم ورصممفه لهواتممه‬
‫آذان قولً أيممممممممما إتخام‬ ‫أو ما ترى زعماءنا قد أتخموا ألم‬
‫فإذا بممه وهممم مممن الوهام‬ ‫كنما نظمن حقيقمة مما حمبروا‬

‫ويقول الشاعر فؤاد الخطيب في قصيدة له‪:‬‬


‫ممممر عنده التيجان‬
‫شرف تقصم‬ ‫مما‬
‫ممك العمائم كلهم‬
‫أولت عمامتم‬

‫() على الرغسسم مسسن حرص الشيسسخ القسسسام على الجهاد‪ ،‬إل أنسسه لم‬ ‫‪1‬‬

‫ينسسس تعليسسم الناس ومحاربسسة البدع المنتشرة بيسسن الناس‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على أنسه اعتسبر الشرع فوق أهواء عامسة الناس وميولهسم‪ ،‬فلم يتنازل‬
‫عسن الحكام الشرعيسة التسي يعتقسد بهسا؛ على الرغسم مسن حرصسه على‬
‫الصلة بالناس‪ ،‬وتهيئتهم للجهاد ومواجهة الستعمار‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مق أمان‬
‫مة والطريم‬
‫مر الزعامم‬
‫غيم‬ ‫إن الزعاممة والطريمق مخوفمة‬
‫فممي بردتيممه يضمهمما إنسممان‬ ‫ما ك نت أح سب ق بل شخ صك أ نه‬
‫فممي الخلد ل عنممت ول أحزان‬ ‫يما رهمط عمز الديمن حسمبك نعممة‬
‫فرحا وهممممش مرحبا رضوان‬ ‫شهداء بدر والبقيمممممع تهللت‬

‫* مصادر ترجمته‪:‬‬
‫رقم ‪.)454‬‬ ‫(‪1/349‬‬ ‫‪« -1‬العلم الشرقية»‬
‫‪« -2‬العلم» للزر كلي (‪.)268-6/267‬‬
‫‪« -3‬معجم المؤلفين» (‪.)291-10/290‬‬
‫‪« -4‬عز الدين القسام» لعلي حسين خلف‪.‬‬
‫‪« -5‬عز الدين القسام منهجا ورجالً» لعوني جدّوع العُبيدي‪.‬‬
‫‪« -6‬تاريخ فلسطين الحديث» لعبدالوهاب الكيالي (ص ‪.)297-291‬‬
‫‪« -7‬القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها» لمحمد عزة دروزة ( ‪-119 /1‬‬
‫‪.)121‬‬
‫‪« -8‬بلدنما فلسمطين» لمصمطفى الدباغ (ق ‪/2‬ج‪ )38-3/37‬و(ق ‪/2‬ج‬
‫‪.)7/54‬‬
‫‪« -9‬الثورة العرب ية ال كبرى في فل سطين» ( ‪ )1939-1936‬ل صبحي يا سين‬
‫(ص ‪.)19‬‬
‫‪« -10‬فلسطين والنتداب البريطاني» (‪ )1939-1922‬لكامل خلة (ص ‪.)377‬‬
‫‪« -11‬السلم بين العلماء والحكام» لعبد العزيز البدري (ص ‪.)235‬‬
‫‪« -12‬جهاد ش عب فل سطين خلل ن صف قرن» ل صالح م سعود أ بو ب صير‬
‫(ص ‪.)177‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪« -13‬صوت الشعر في قضية فلسطين» لمحمد صادق عرنوس (ص ‪.)27‬‬
‫حسن‬ ‫‪« -14‬عز الدين القسام شيخ المجاهدين في فلسطين» لمحمد محمد‬
‫شرّاب‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪« -15‬تجربة الشيخ عز الدين القسام» لعلي حسين خلف‪.‬‬
‫‪« -16‬جوانب مجهولة من حياة الشيخ عز الدين» لحسين عمر حمادة‪.‬‬
‫‪« -17‬الشيخ عز الدين القسام» لحسني أدهم جرار‪.‬‬
‫‪« -18‬الشيخ المجاهد عز الدين القسام» لعبد الستار قاسم‪.‬‬
‫‪« -19‬القسام» لعبداللّه الطنطاوي‪.‬‬
‫‪« -20‬ممن ثورة المجاهمد عمز الديمن القسمام إلى ثورة أبطال الحجارة»‬
‫لعبدالوهاب زيتون‪.‬‬
‫‪« -21‬الشهيمد عمز الديمن القسمام» لمجموعمة ممن الكتاب‪ ،‬ندوة برعايمة‬
‫المستشارية الثقافية للجمهورية اليرانية‪ ،‬بدمشق‪.‬‬
‫‪« -22‬بسمة النور وثورة القسام» لشوقي خير اللّه‪.‬‬
‫‪ « -23‬عز الد ين الق سام أ بو الفدائي ين العرب» لمجمو عة (ض من‪ :‬أبطال‬
‫العرب)‪.‬‬
‫‪« -24‬عز الدين القسام» لعاصم جندي‪.‬‬
‫‪« -25‬ثورة عز الدين القسام» لعوني جديع‪.‬‬
‫‪« -26‬الو عي والثورة» (درا سة في حياة وجهاد الشه يد عز الد ين الق سام)‬
‫لسميح حمودة‪ ،‬صادر عن جمعية الدراسات العربية ‪ -‬القدس‪.‬‬
‫‪« -27‬الموسوعة الفلسطينية» في مواطن متفرقة‪ :‬ترجمة عز الدين القسام‪،‬‬
‫ثورة ‪ ،1935‬وثورة ‪1936‬م‪ ،‬وتراجم أصحاب القسام( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫() هسم‪ :‬فرحان السسعدي‪ ،‬نوح إبراهيسم‪ ،‬يوسسف أبسو درة‪ .‬وانظسر مسن‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪« -28‬القضيمة الفلسمطينية فمي مختلف مراحلهما» (‪ )132-1/119‬لمحممد عزة‬
‫دروزة‪.‬‬
‫‪« -29‬وثائق الحركمة الوطنيمة الفلسمطينية» (‪1939-1918‬م) ممن أوراق أكرم‬
‫زعيتر‪.‬‬
‫‪« -30‬المقاومة العربية في فلسطين» لناجي علوش‪.‬‬
‫‪« -31‬مقدمة من تاريخ فلسطين الحديث» لعبد العزيز محمد عوض‪.‬‬
‫‪« -32‬كفاح شعب فلسطين» لعبد القادر ياسين‪.‬‬
‫‪« -33‬تاريخ فلسطين الحديث» لعبد الوهاب الكيالي‪.‬‬
‫و‪.)8/86‬‬ ‫(‪5/244‬‬ ‫‪« -34‬ذكريات علي الطنطاوي»‬
‫‪« -35‬منهج الجهاد القرآني» لحسن الباش (ص ‪.)133-129‬‬
‫‪ -36‬مجلة «التراث العربي» (‪.)90-14/75-13‬‬
‫‪ -37‬مجلة «الفتح»‪ 2 ،‬رمضان‪1354/‬هم‪.‬‬
‫***‬

‫«الموسوعة» (ثورة ‪1935‬م) و(ثورة ‪1936‬م)‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫س ‪ -1‬ما هي موانع النكاح؟‬
‫س ‪ -2‬ما الفرق بين النكاح الفاسد والباطل؟‬
‫س ‪ -3‬ما الحكمة من أن يكون الطلق بيد الزوج ل بيد الزوجة؟‬
‫س ‪ -4‬ما حكمة المنع في تزويج الصغار وما حكمة اشتراط الولي في نكاحهم؟‬
‫ج ‪ -1‬هي حق الغ ير‪ ،‬واختلف الج نس‪ ،‬وحر مة الم صاهرة والرضاع والن سب‪ ،‬واختلف الد ين‪،‬‬
‫والجمع والزيادة عن الربع‪ ،‬وعدم شرط من شروط النكاح الشرعية والقانونية‪.‬‬
‫ج ‪ -2‬النكاح الباطل؛ هو‪ :‬غير المنعقد من أصله‪ ،‬ول يترتب عليه شيء من حقوق الزواج أصلً؛‬
‫كنكاح المحارم مثلً‪ ،‬والنكاح الفاسد؛ هو‪ :‬الذي ينقض بعض الشروط ويكون منعقدا من وجه الظاهر ويقترن‬
‫بالظهور‪ ،‬فيترتب عليه بعض الحقوق بعد ظهور فساده؛ كنكاح خامسة بعد الربع‪ ،‬وبإدخال المة على الحرة‪.‬‬
‫ج ‪ -3‬الحكمة من كون الطلق بيد الزوج ل بيد الزوجة؛ هي‪ :‬كمال عقل الزوج‪ ،‬وأنه يحسن وضع‬
‫المور في محال ها‪ ،‬فيطلق ح سب الم صلحة‪ ،‬ويم سك زو جه ح سب الم صلحة‪ ،‬ول نه قيم على الزوجة بطبي عة‬
‫الخلق التسي جاءت الشريعسة على حسسبها‪ ،‬مسن جعسل الرجال قواميسن على النسساء‪ ،‬فيناسسب أن يكون إطلق‬
‫السراح وإدامة النكاح بيده‪ ،‬ول يسبب غضاضة في نفس الزوجة‪ ،‬بخلف العكس‪ ،‬مما يؤدي بحسب الشعور‬
‫إلى اختلل نظام العائلة‪ ،‬وبما ينفق الرجل من ماله حسب الية ‪-‬أيضا‪ ،-‬ول نّ أصل النكاح أنه يرد على ملك‬
‫التمتع ببضع المرأة قصدا‪ ،‬وهذا يقتضي أن يكون الطلق بيد الزوج ل بيد الزوجة‪.‬‬
‫ج ‪ -4‬الحكمة من منع تزويج الصغار؛ هي‪ :‬المحافظة على المقصد المطلوب من النكاح‪ ،‬الذي هو‬
‫استدامة بقاء الجنس النساني ‪-‬خصوصا المسلم منه‪ -‬بحالة طبية متناسبة مع الهناء والنمو العقلي والديني‬
‫والج سماني في الن سل الذي يخرج من ب ين الزوج ين‪ ،‬فح يث أن ال صغار ل يحرزان ق بل سن البلوغ الهل ية‬
‫لتربيسة ذراريهسم هذه التربيسة‪ ،‬فيكون مسن إباحسة تزويجهسم ضرر هائل فسي المجموع النسساني والمجتمسع‬
‫السلمي‪ ،‬هذا عدا عما يترتب على إباحة تزويج الصغار من الضرار بعقولهم وأبدانهم‪ ،‬والسراع بهم إلى‬
‫الفناء‪ ،‬وغيسر مسا يقصسده كثيسر مسن الولياء الجاهليسن‪ ،‬مسن اسستغلل قصسور البنات‪ ،‬واسستجلب ثروات آباء‬
‫ال صغيرات ب عد الموت ب سبب ذلك الن سب‪ ،‬الذي ل يق صد من مثله إل المنا فع الدنيئة‪ ،‬وذلك مو جب لكث ير من‬
‫الف تن ب ين العائلت‪ ،‬ولهذا م نع الباء من تزو يج ال صغار في ب عض الحوال‪ ،‬مع العلم بشدة المرح مة ب ين‬
‫الوالد والولد؛ لنّس هذه المرحمسة اسستبدلها جهسل الباء بالمظلمسة‪ ،‬وللحتراز مسن الوقوع فسي شيسء مسن تلك‬
‫المفاسسد‪ ،‬اشترط الولي فسي نكاح الصسغار؛ لنسه أرجسى لصسلح حالهسم بالنظسر لعقسل الولي ومحافظسة بحسسب‬
‫العاطفة النسبية على مصلحة الصغير‪ ،‬ولذلك لم يعتبر الشرع تصرفات الصغار في النكاح وغيره بالنظر لعدم‬
‫استكمالهم العقل المتوقف على البلوغ‪.‬‬
‫‪ 18‬جمادى الخرة‬
‫‪1349‬‬

‫‪9/10/1930‬‬ ‫المجيب‪ :‬عز الدين القسام‬

‫ورقة الجابة التي تقدم بها الشيخ عز الدين القسام لمتحان المحكمة‬
‫الشرعية في حيفا الخاص بالمتقدمين لوظيفة «مأذون‬
‫أنكحة»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫النقد والبيان‬
‫في‬
‫دفع أوهام خزيران‬
‫حَّررة عن البدعة وبعض مفرداتها ‪،‬‬
‫م َ‬‫ميَّة ُ‬
‫عل ِ‬
‫فيه بُحوث ِ‬
‫مقَدِّمة ضافية‬
‫و ُ‬
‫ضيَّة فلسطين) ‪ ،‬و ( حكم عَ َ‬
‫مليَّات‬ ‫سلفِيَّين وقَ ِ‬
‫عن ( ال َّ‬
‫مغامرة بالنفَّس )‬‫ال ُ‬
‫تأليف‬
‫ح َّ‬
‫مد‬ ‫م َ‬
‫ُ‬ ‫صاب‬ ‫ح َّ‬
‫مد كامل الَق َّ‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫عّز الدِّين الَق َّ‬
‫سام‬

‫َّ‬
‫ه‬ ‫ح‬
‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫ر‬‫ش‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫عل‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫عل َ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫قدَّ َ‬
‫م لَ ُ‬
‫همام‬
‫فضيلة الشيخ ال ُ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫ن خلقِسه‪،‬‬ ‫ما ابتلى بسه كثيرا ً ِ‬


‫م ْس‬ ‫الحمسد للّه الذي عافانسا ِ‬
‫م ّس‬
‫ظ على دينسسه‪ ،‬ونُبَلّغَسسه للناس‪ ،‬كمسسا‬ ‫منسسا بفضله أن نُحافِ س َ‬ ‫َ‬
‫وألْهَ َ‬
‫مغَيِّريسن‪ ،‬حتسى يأتينسا اليقيسن‪.‬‬ ‫مبَدّليسن‪ ،‬ول ُ‬ ‫أنزل على نسبيه‪ ،‬ل ُ‬
‫مجيسد‪ ،‬الذي نادى عبادَه‬ ‫ونشهسد أن ل إله إل اللّه‪ ،‬الحميسد ال َ‬
‫منُواْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬‫الصسادقين بقوله فسي كتابسه المكنون‪{ :‬ي َسا أيُّهَسا ال ّذِي َس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ .‬وَلَ‬
‫معُو َ‬ ‫س َ‬‫م ت َس ْ‬ ‫ه وَأنْت ُ س ْ‬ ‫ه وَل َ تَوَل ّوْا ع َن ْ س ُ‬‫سول َ ُ‬‫ه وََر ُ س‬‫أطِيعُوا الل ّ س َ‬
‫َ‬
‫ن} [النفال‪-20 :‬‬ ‫معُو َ‬ ‫س َ‬ ‫م ل َ ي َس ْ‬ ‫معْنَا وَهُس ْ‬ ‫ن قَالُوا َس‬
‫س ِ‬ ‫تَكُونُوا كَال ّذِي َس‬
‫ي الرحمسة‪،‬‬ ‫‪ ،]21‬ونشهسد أن سسيّدنا محمدا ً عبده ورسسوله‪ ،‬نسب ُّ‬
‫مة‪ ،‬القائل‪« :‬من تمسك‬ ‫وهادي المة‪ ،‬وكاشف الحيرة والغ ّ‬
‫بسسنّتي عنسد فسساد أمتسي‪ ،‬فله أجُر [مئة] شهيسد»( )‪ ،‬والقائل‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجسه ابسن عدي فسي «الكامسل» (‪ ،)739 /2‬وابسن بشران‬ ‫‪1‬‬

‫فسسي «أماليسسه» (رقسسم ‪- )701 ،503‬ومسسن طريقسسه البيهقسسي فسسي‬


‫«الزهد» (رقم ‪ -)209‬من طريق الحسن بن قتيبة‪ :‬أنا عبدالخالق‬
‫بسن المنذر‪ ،‬عسن ابسن أبسي نجيسح‪ ،‬عسن مجاهسد‪ ،‬عسن ابسن عباس رفعسه‪،‬‬
‫ولفظة (مئة) من مصادر التخريج‪ ،‬وسقطت من الصول‪.‬‬
‫وإسسسناده ضعيسسف جدّاً ‪ ،‬الحسسسن بسسن قتيبسسة‪ ،‬قال الدارقطنسسي‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن الديسن بدأ غريباً‪ ،‬ويرجسع غريباً‪ ،‬فطوبسى للغرباء‪ ،‬الذيسن‬
‫«إ ّس‬
‫سنَّتي»( )‪ ،‬صسلى اللّه‬
‫‪1‬‬
‫يصسلحون مسا أفسسد الناس بعدي مسن ُس‬
‫البر الرحيسم على هذا الرسسول الكريسم‪ ،‬ذي الخلق العظيسم‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه‪ ،‬وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫َ‬
‫أمسا بعسد؛ فقسد اط ّلعنسا على رسسالة «فصسل الخطاب فسي‬

‫متروك الحديسث‪ ،‬وقال الزدي‪ :‬واهسي الحديسث‪ ،‬وقال العقيلي‪ :‬كثيسر‬


‫الوهسم‪ ،‬وقال ابسن عدي‪ :‬أرجسو أنسه ل بأس بسه‪ ،‬وتعقبسه الذهسبي بقوله‪:‬‬
‫«بسل هسو هالك»‪ .‬انظسر‪« :‬الجرح والتعديسل» (‪« ،)3/33‬الميزان» (‬
‫‪« ،)1/518‬لسان الميزان» (‪.)2/246‬‬
‫وعزاه المنذري فسي «الترغيسب» (‪ )1/41‬للبيهقسي فقسط‪ ،‬وهسو‬
‫فسي «ضعيفسه» (رقسم ‪ ،)30‬وقال‪« :‬ضعيسف جدّاً»‪ ،‬قال المنذري‬
‫بعده‪:‬‬
‫«ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بإسناد ل بأس به‪ ،‬إل‬
‫أنه قال‪« :‬فله أجر شهيد»‪.‬‬
‫=‬
‫سرة» (‬ ‫وتعقبسسه الحافسسظ الناجسسي فسسي «عجالة الملء المتي َسس ّ‬ ‫=‬
‫‪ - 1/194‬ط‪ .‬المعارف)‪« :‬كذا رواه البيهقسي فسي «المدخسل» مسن‬
‫حديث أبي هريرة‪ ،‬لكن أوله‪« :‬القائم بسنتي»‪ ،‬وآخره‪« :‬له أجر مئة‬
‫شهيسسد»‪ ،‬ولعسسل لفظسسة (مئة) سسسقطت مسسن الروايسسة المذكورة‪ ،‬واللّه‬
‫أعلم»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومطبوع «المدخل» ناقص‪ ،‬وليس فيه هذا الحديث‪.‬‬
‫وأخرج حديث أبي هريرة‪ :‬الطبراني في «الوسط» (‪5/315‬‬
‫رقم ‪- )5414‬ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (‪ -)8/200‬من‬
‫طريسق محمسد بسن صسالح العدوي‪ :‬ثنسا عبدالمجيسد بسن عبدالعزيسز‪ ،‬عسن‬
‫أبيه‪ ،‬عن عطاء‪ ،‬عن أبي هريرة رفعه‪« :‬المتمسك بسنتي عند فساد‬
‫أمتي‪ ،‬له أجر شهيد»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الرد على الَّزنكلونسي والقسسام والقصساب»( ) تأليسف الفاضسل‬
‫‪1‬‬

‫الشيسخ محمسد صسبحي خزيران الحنفسي العك ّسي‪ ،‬رئيسس كُتَّاب‬


‫المحكمسسة الشرعيسسة فسسي ثغسسر عكاء‪ ،‬وقسسد ألّفهسسا انتصسساراً‬
‫ل ُسسسستاذه الفاضسسسل الشيسسسخ عبداللّه الجزار( ) مفتسسسي عكاء‬
‫‪2‬‬

‫سئل عن حكم الصياح في‬ ‫وقاضيها؛ إذ قد أفتى أحدُنا لما ُ‬


‫()‬ ‫‪3‬‬

‫التّهليل والتكبير وغيرِهما‪ ،‬أَمام الجنائز‪ ،‬بأنه مكروه تحريماً‪،‬‬


‫قال الطسسسبراني عقبسسسه‪« :‬ل يروي هذا الحديسسسث عسسسن عطاء إل‬
‫عبدالعزيز بن أبي رواد‪ ،‬تفرد به ابنه عبدالمجيد»‪.‬‬
‫وقال الهيثمي في «المجمع» (‪ )1/172‬بعد عزوه للطبراني‬
‫في «الوسط»‪« :‬وفيه محمد ابن صالح العدوي‪ ،‬ولم أر من ترجمه‪،‬‬
‫وبقية رجاله ثقات»!‬
‫قلت‪ :‬عبدالعزيز هو ابن أبي رواد‪ ،‬قال أبو حاتم‪ :‬ليس بالقوي‪،‬‬
‫وقال ابسن حبان‪ :‬كان يقلب الخبار‪ ،‬ويروي المناكيسر عسن المشاهيسر‪،‬‬
‫فاسسستحق الترك‪ .‬ووثقسسه ابسسن معيسسن وأبسسو داود والنسسسائي وأحمسسد‬
‫وغيرهسسم‪ ،‬ولذا قال ابسسن حجسسر عنسسه‪« :‬صسسدوق»‪ ،‬وأفرط ابسسن حبان‪،‬‬
‫فقال‪« :‬متروك»‪ ،‬وانظسسر‪« :‬التهذيسسب» (‪« ،)6/381‬الميزان» (‬
‫‪.)2/648‬‬
‫وابنه عبدالمجيد‪ ،‬صدوق يخطئ‪.‬‬
‫قال شيخنسا اللبانسي ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬فسي «السسلسلة الضعيفسة» (‬
‫‪ )327‬بعسسد كلم الهيثمسسي السسسابق‪« :‬ومنسسه تعلم قول المنذري‪:‬‬
‫وإسسناده ل بأس بسه‪ ،‬ليسس كمسا ينبغسي»‪ ،‬قال‪« :‬ويغنسي عنسه حديسث‪:‬‬
‫«إ َّس‬
‫ن مسن ورائكسم أيام الصسبر‪ ،‬للمتمسسك فيهسن يومئذ بمسا أنتسم عليسه‬
‫أجسسر خمسسسين منكسسم‪ »...‬الحديسسث‪ ،‬وهسسو مخرج فسسي «الصسسحيحة» (‬
‫‪.»)494‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا التعقسسب يلحسسق الشيسسخ عبدالحسسق لمسسا قال فسسي‬
‫«لمعات التنقيح» (‪« :)1/238‬إسناده حسن»!!‬
‫وضعّسفه شيخنسا اللبانسي فسي «ضعيسف الترغيسب والترهيسب» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ة‪ ،‬يجسب على علماء المسسلمين إنكاُرهسا‪ ،‬وعلى‬ ‫ٌ‬ ‫قسبيح‬ ‫ة‬
‫وبدع ٌ‬
‫ً‬
‫ح‪،‬‬ ‫ل قادرٍ إزالَت ُسسسها‪ ،‬مسسسستدل ّ بآيةٍ قرآنيةٍ‪ ،‬وحدي ٍسسس‬
‫ث صسسسحي ٍ‬ ‫ك ِّ‬
‫ل الفقهاءِ‪ .‬وسسأل المسستفتي عسن السسؤال نفسسه مسن‬ ‫وأقوا ِ‬
‫ضطَُّر‬
‫الفاضسسسسل الشيسسسسخ عبداللّه الجزار‪ ،‬فأفتاه بالجواز‪ ،‬فا ْ‬
‫ميسن مسن كبار علماء‬
‫ل إلى إرسسال الجوابيسن إلى عال ِ َ‬ ‫ال َّس‬
‫سائ ُ‬

‫‪ 1/36‬رقم ‪ )31‬و«المشكاة» ( ‪ ...)176‬وفيه عزوه لس«الشعب»‬


‫للبيهقسي‪ ،‬ولم يعزه فسي «كنسز العمال» (رقسم ‪ )1071‬إل للطسبراني‬
‫في «الوسط»‪ ،‬ولبي نعيم في «الحلية»‪.‬‬
‫() الحديسث دون ذكسر «الذيسن يصسلحون‪ :»...‬أخرجسه مسسلم فسي‬ ‫‪1‬‬

‫«الصسسحيح» (كتاب اليمان)‪ :‬باب رفسسع المانسسة واليمان مسسن بعسسض‬


‫القلوب وعرض الفتسسسن على القلوب (‪ 1/130‬رقسسسم ‪ )415‬مسسسن‬
‫حديث أبي هريرة وابن عمر ‪-‬رضي اللّه عنهم‪.-‬‬
‫وأخرجسه مسع تفسسيرهم بسس«الذيسن يصسلحون عنسد فسساد الناس»‪:‬‬
‫أبسو عمرو الدانسي فسي «السسنن الواردة فسي الفتسن» (ق‪/25‬أو رقسم‬
‫‪ - 288‬المطبوع)‪ ،‬والجري (رقسم ‪ )1‬مسن حديسث ابسن مسسعود‪،‬‬
‫بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وأخرجسه أحمسد وابنسه عبداللّه فسي «المسسند» (‪ ،)1/184‬وأبسو‬
‫يعلى فسي «المسسند» (‪ 2/99‬رقسم ‪ ،)756‬والبزار فسي «المسسند»‬
‫(رقم ‪ - 56‬مسند سعد) ‪-‬دون زيادة‪ ،-‬والدورقي في «مسند سعد»‬
‫(رقم ‪ ،)87‬وابن منده في «اليمان» (رقم ‪ )424‬بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وأخرجسه مسع تفسسيرهم بسس«الذيسن يحيون سسنتي ويعلمونهسا عباد‬
‫اللّه»‪ ،‬وفسسي لفسسظ‪« :‬الذيسسن يحيون مسسا أمات الناس مسسن سسسنتي»‪:‬‬
‫الترمذي في «الجا مع» (رقم ‪ ،)2630‬والطبراني فسي «ال كبير» (‬
‫‪ 17‬رقم ‪ ،)11‬وابن عدي في «الكامل» ( ‪ ،)6/2080‬والفسوي‬
‫فسي «المعرفسة والتاريسخ» (‪ ،)1/350‬والبَّزار فسي «المسسند» (رقسم‬
‫‪ 5/168‬رقسسم‬ ‫‪ - 3287‬زوائده)‪ ،‬والهروي فسسي «ذم الكلم» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سبكي( )‪ ،‬والشيسسخ‬
‫‪1‬‬ ‫الزهسسر (الشيسسخ محمود محمسسد خطاب ال ّسُ‬
‫َ‬
‫ة منكرةٌ‪ ،‬مؤي ِّدَي ْسن‬‫علي مسسرور الزنكلونسي)‪ ،‬فأفْتيسا بأنسه بدع ٌ‬
‫فتوى أحدنسسا( )‪ ،‬وقسسد نشسسر العلمسسة الزنكلونسسي فتواه على‬‫‪2‬‬

‫صسسفحات جريدة «الشورى» التسسي تصسسدر فسسي مصسسر‪ ،‬ولم‬


‫يكتف ومؤل ّ ُ‬
‫ف الرسالة برأيه‬

‫‪ ،)1479‬والقضاعسسي فسسي «مسسسند الشهاب» (رقسسم ‪،1052‬‬


‫‪ ،)1053‬والبيهقسسي فسسي «الزهسسد» (رقسسم ‪ ،)207‬والخطيسسب فسسي‬
‫«شرف أصحاب الحديث» (ص ‪ ،)23‬وفي «الجامع» ( ‪،)1/112‬‬
‫وابسن عبدالبر فسي «الجامسع» (‪ ،)2/120‬وأبسو نعيسم فسي «الحليسة» (‬
‫‪)19-18‬؛ جميعهسسم مسسن‬ ‫‪ ،)2/10‬وعياض فسسي «اللماع» (ص‬
‫طريق كثير بن عبداللّه بن عمرو بن عوف‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده رفعه‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن الدِّين ليأرُِز إلى الحجاز كما تأ ِزُر الحي َّ ُ‬
‫ة إلى‬ ‫وأوله عند الترمذي‪« :‬إ ّ‬
‫جحرها‪.»...‬‬‫ُ‬
‫وإسسناده ضعيسف جداً ‪ ،‬فيسه كثيسر بسن عبداللّه‪ ،‬ضعيسف جداً‪ ،‬وقسد‬
‫اتّهم!‬
‫وأخرجسه مسع تفسسيرهم بسس«النزاع مسن القبائل»‪ :‬الترمذي فسي‬
‫«العلل الكبير» (‪ ،)2/854‬وابن ماجه في «السنن» (‪2/1320‬‬
‫رقم ‪ ،)3988‬وابن أبي شيبة في «المصنف» (‪- )13/236‬ومن‬
‫طريقسه أحمسد‪ ،‬وابنسه عبداللّه فسي «المسسند» (‪ -)1/398‬وأبسو يعلى‬
‫فسي «المسسند» (رقسم ‪ ،)4975‬والجري فسي «الغرباء» (رقسم ‪،)2‬‬
‫وابسسسن وضاح فسسسي «البدع» (ص ‪ ،)65‬والخطابسسسي فسسسي «غريسسسب‬
‫الحديسسسث» (‪ ،)175-1/174‬والخطيسسسب فسسسي «شرف أصسسسحاب‬
‫الحديث» (ص ‪ ،)23‬والبغوي في «شرح السنة» (رقم ‪ ،)64‬وابن‬
‫حزم فسسي «الحكام» (‪ ،)8/37‬والطحاوي فسسي= =«المشكسسل» (‬
‫‪ ،)1/298‬والبيهقي في «الزهد» (رقم ‪.)208‬‬
‫وقال البخاري ‪-‬نقله عنسه الترمذي فسي «العلل»‪« :-‬وهسو حديسث‬
‫حسسسن»‪ ،‬وصسسححه البغوي‪ .‬وانظسسر «السسسلسلة الصسسحيحة» (رقسسم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫َّ‬
‫مه‪ ،‬وأسند‬ ‫ط قل ُ‬ ‫متَنَاَزِع فيها فقط‪ ،‬بل ش‬
‫في المسألةِ ال ُ‬
‫إلينسسا مسسا لم نقسسل بسسه‪ ،‬ولم نعتقده‪ ،‬ورمانسسا ‪-‬عفسسا اللّه عنسسه‪-‬‬
‫‪ ،‬في‬ ‫بالَّزيغ والضلل‪ ،‬لتّباعنا السنة الموروثة عن النبي‬
‫ت القرآنيسسسة‬ ‫القوال والفعال‪ ،‬وتكل ّسسس َ‬
‫ف فسسسي تفسسسسير اليا ِسسس‬
‫والحاديسث النبويسة‪ ،‬فأخرجهسا عسن معانيهسا؛ ليوهسم صسحة مسا‬
‫ة على ما هم عليه‪ ،‬وخاض لذلك في‬ ‫ذهب إليه‪ ،‬ويُقَّر العام َ‬
‫القواعسسد الصسسولية خوض مسسن لم يأخسسذ مسسن العلم بقسسسط‪،‬‬
‫وخّرج المسسسائل تخريجا ً ل ينطبسسق على القواعسسد العلميسسة‪،‬‬
‫ك بما‬
‫ة للتمس ِ‬
‫ة عليه‪ ،‬وداعي ً‬
‫ج ً‬ ‫ه دليل ً لنا‪ ،‬و ُ‬
‫ح ّ‬ ‫فكانت استدللت ُ ُ‬
‫س إليه‪.‬‬ ‫أرشدْنا النّا َ‬
‫فرأينا من الواجب انتصارا ً للدّين‪ ،‬وحفظا ً لشريعة سيد‬
‫المرسسلين‪ ،‬أن نرد َّ بهذه الرسسالة مسا أسسند وفن ّسد‪ ،‬مصسدِّرين‬
‫رسسالَتَنا بأقوال علماء المذاهسب الربعسة فسي حكسم المسسألة‬
‫ع فيهسا‪ ،‬ناقليسن عبارات ِسه التسي نريسد الرد َّ عليهسا بن ّ ِس‬
‫صها‬ ‫المتناَز ِس‬
‫صها‪ ،‬إل مسسا تعذَّر نقلُه بالحرف؛ فإننسسا نشيسسر إلى معناه‪،‬‬ ‫وف ّ سِ‬
‫م الوكيل‪.‬‬ ‫وما التوفيق إل باللّه‪ ،‬وهو حسبنا‪ ،‬ونِع َ‬

‫‪.)1273‬‬
‫() سبقت تراجم هؤلء في المقدمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ستأتي ترجمته (ص ‪.)149 ،146‬‬ ‫‪2‬‬

‫سام‪ .‬انظر ما قدمناه (ص ‪.)90‬‬


‫() هو الق َّ‬ ‫‪3‬‬

‫() ستأتي ترجمته (ص ‪.)24‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الفتاوى الربع ذيلنا بها آخر الرسالة (منهما)‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أقوال علماء المذاهب الربعة في حكم رفع‬
‫الصوت بالتهليل والتكبير وغيرهما أمام الجنائز‬

‫أقوال السادة الحنفية‪:‬‬


‫قال فسسي «الدر المختار شرح تنويسسر البصسسار»‪« :‬وكره‬
‫فسسي الجنازة رفسسع الصسسوت بذكسسر أو قراءة( ) ا‪.‬هسسس»‪ ،‬قال‬
‫‪1‬‬

‫محشيه العلمة ابن عابدين‪« :‬وفي «البحر» عن «الغاية»‪:‬‬


‫صمت»‪ ،‬وفيسسه عسسن‬‫«وينبغسسي لمسسن تبسسع جنازة أن يطيسسل ال ّ سَ‬
‫ن أراد أن يذكَر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يذكُره فسسي‬
‫«الظهيريسسة»‪« :‬فإ ْسس‬
‫معْتَد ِين} [العراف‪:‬‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫ح ُّ‬ ‫نفسه؛ [لقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬إِن َّ ُ‬
‫ه ل يُ ِ‬
‫م أنسه كان يكره‬ ‫‪]55‬؛ أي‪ :‬الجاهريسن بالدعاء]»‪ ،‬وعسن إبراهي َس‬
‫أن يقول الرجسل وهسو يمشسي معهسا‪ :‬اسستغفروا له غفسر اللّه‬
‫لكسسم ا‪.‬هسسس‪ .‬قلت‪« :‬وإذا كان هذا فسسي الدُّعاء والذِّكسسر‪ ،‬فمسسا‬
‫ظن ّسسسُك بالغناء الحادث فسسسي هذا الزمان»( ) ا‪.‬هسسسس كلم ابسسسن‬
‫‪2‬‬

‫() (‪ - 2/233‬حاشيتسسه)‪ ،‬وفيسسه‪« :‬كمسسا كره فيهسسا رفسسع صسسوت‬ ‫‪1‬‬

‫بذكر أو قراءة فتح»‪.‬‬


‫() «حاشيسة ابسن عابديسن» (‪ ،)2/233‬ومسا بيسن المعقوفتيسن‬ ‫‪2‬‬

‫منسه‪ ،‬وإبراهيسم هسو النخعسي‪ ،‬وعلقسه البيهقسي فسي «سسننه الكسبرى» (‬


‫‪ )4/74‬عنسه وعسن سسعيد بسن المسسيب والحسسن البصسري وسسعيد بسن‬
‫جبير‪.‬‬
‫وانظسسر كراهسسة ابسسن جسسبير فسسي «زهسسد وكيسسع» (‪ 2/463‬رقسسم‬
‫‪ ،)212‬وانظسسر فسسي المسسسألة‪« :‬اقتضاء الصسسراط المسسستقيم» (ص‬
‫‪« ،)57‬الباعسسسسسث على إنكار البدع والحوادث» (ص ‪- 271-270‬‬
‫بتحقيقسسسي)‪« ،‬الحوادث والبدع» (‪« ،)162‬المسسسر بالتباع» (‪-253‬‬
‫‪ - 254‬بتحقيقي)‪« ،‬المدخل» (‪« ،)2/221‬الطريقة المحمدية» (‬
‫‪ - 1/131‬شرح عببد الغنبي النابلسسي)‪« ،‬البحسر الرائق» (‪- 2/207‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عابديسن‪ ،‬وفسي «الفتاوى الهنديسة»‪« :‬وعلى متبعسي( ) الجنازة‬
‫‪1‬‬

‫الصسمت‪ ،‬ويكره لهسم [‪-‬يعنسي‪ :‬تحريماً‪ ]-‬رفسع الصسوت بالذكسر‬


‫وقراءة القرآن‪ ،‬كذا فسسسسسي «شرح الطحاوي»‪ ،‬فإن أراد أن‬
‫يذكسر اللّه يذكره فسي نفسسه‪ ،‬كذا فسي «فتاوي قاضسي خان»‬
‫»( )‪ ،‬وقال فسي «الكنسز» و«شرحسه» «وحواشيسه»‪« :‬ويكره‬ ‫‪2‬‬

‫ن‪ ،‬وعليهسم ‪-‬يعنسي‪ :‬السسائرين مسع‬


‫بالذكر والقرآ ِس‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫رفع ُس الصسو ِ‬
‫ت( )‪ .‬وقولِه ِم‪( :‬كل حي سيموت) ونحو ذلك‪،‬‬ ‫الجنازة‪ -‬الصم َ‬
‫‪3‬‬

‫مسسن الذكار المتعارفسسة خلف الجنازة بدعسسة قبيحسسة»‪ .‬وقال‬


‫شُرنْبللي في «نور اليضاح» و«شرحه»‪« :‬ويكره‬ ‫العلمة ال ُّ‬
‫ت‪ ،‬وقول ُسهم‪:‬‬
‫ن‪ ،‬وعليهسسم الصسم َ‬
‫بالذكر والقرآ ِس‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫رفعسُ الصسسو ِ‬

‫ط‪ .‬دار الكتاب السسسسلمي أو ‪ - 2/236‬ط‪ .‬دار الكتسسسب العلميسسسة)‪،‬‬


‫«البداع فسسسسي مضار البتداع» (ص ‪« ،)225 ،110‬أحكام الجنائز‬
‫وبدعهسسسا» (ص ‪« ،)250 ،92 ،71‬تلخيسسسص الجنائز» (‪،)40-39‬‬
‫«صلة التراويح» (‪« ،)24‬معلمة الفقه المالكي» (‪.)197‬‬
‫ولقاضسي الرباط محمسد بسن أحمسد بسن عبسد اللّه‪ ،‬المتوفسى بمكسة‬
‫(عام ‪1963-1383‬م)‪« :‬الصسسارم المسسسلول على مخالف سسسنن‬
‫الرسسول فسي الرد على مسن اسستحسن بدعسة الذكسر جهرا ً فسي تشييسع‬
‫الجنازة»‪ ،‬انظسسر‪« :‬مسن أعلم الفكسسر المعاصسسر» (‪« ،)2/92‬معلمسسة‬
‫الفقه المالكي» (‪.)160‬‬
‫() في الصل‪« :‬متبع»‪ ،‬والتصويب من «الفتاوى الهندية»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «الفتاوى الهنديسة» (‪ ،)1/162‬ومسا بيسن المعقوفتيسن زيادة‬ ‫‪2‬‬

‫من المصنف‪.‬‬
‫وأمسا كلم قاضسي خان فهسو فسي «فتاويسه» (‪ - 1/190‬هامسش‬
‫الفتاوى الهندية)‪.‬‬
‫‪ -‬دار الكتاب السسسسلمي) أو (‬ ‫() «البحسسسر الرائق» (‪2/207‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ - 2/336‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية)‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(كل حي سيموت) ونحو ذلك خلف الجنازة بدعة» ا‪.‬هس( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قال العلمسسة الطحطاوي فسسي «حاشيتسسه» على الكتاب‬


‫المذكور نقل ً عسسن السسسراج‪« :‬ول يرفسسع صسسوتَه بالقراءةِ ول‬
‫بالذكرِ‪ ،‬ول يغتر بكثرة من يفعل ذلك‪ ،‬وأما ما يفعله الجهّا ُ‬
‫ل‬
‫في القراءة على الجنازة؛ من رفع الصوت‪ ،‬والتمطيط فيه‪،‬‬
‫فل يجوز بالجماع‪ ،‬ول يسسسسسسسسسسع أحدا ً يقدر على إنكاره أن‬
‫يسكت عنه ول ينكر عليه»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫أقوال السادة الشافعية‪:‬‬


‫قال المام النووي ‪-‬رحمسسسسسسسسسه اللّه تعالى‪ -‬فسسسسسسسسسي‬
‫«مجموعسسسه»( ) و«أذكاره»( )‪« :‬والصسسسواب مسسسا كان عليسسسه‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫السلف من السكوت في حال السير مع الجنازة‪ ،‬فل يُرف َعُ‬


‫ن للخاطسسر‪،‬‬ ‫َسس‬
‫ت بقراءةٍ ول ذكرٍ ول غيرِهمسسا؛ لنسسه أ سك ُ‬
‫صو ٌ‬
‫َسس‬
‫وأَجمع ُس للفكسر فيمسا يتعلق بالجنازة‪ ،‬وهسو المطلوب فسي هذا‬
‫الحال‪ ،‬فهذا هسو الحسق ول تغتسر بكثرة مسن يخالفسه‪ ،‬فقسد قال‬
‫أبسو علي الفضيسل بسن عياض‪« :‬الزم طرق َس الهدى ول يغَّر َس‬
‫ك‬
‫َ‬
‫قل ّة السسسسسسسالكين‪ ،‬وإياك وطرقسسسسسسَ الضللةِ ول تغتّر بكثرة‬

‫‪ -‬ط‪.‬‬‫() «مراقسسسسسسسسسسي الفلح شرح نور اليضاح» (ص ‪101‬‬ ‫‪1‬‬

‫المطبعة العلمية) أو (‪ -332‬مع «حاشية الطحطاوي»)‪.‬‬


‫() «حاشية الطحطاوي» (‪.)332‬‬ ‫‪2‬‬

‫() «المجموع» (‪ ،)291-5/290‬وسينقل كلمه الرملي في‬ ‫‪3‬‬

‫«حواشسي المنهاج»‪ ،‬وسسيأتي ذكره قريبا ً عنسد المصسنف‪ ،‬وانظسر مسا‬


‫علقته‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫() «الذكار» (ص ‪ ،)145‬والمزبور بحروفه منه‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الهالكين»( )‪ ،‬وقد َروَيْنا( ) في «سنن البيهقي»( ) ما يقتضي‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ة مسن القراءة بالتَّمطيسط‪،‬‬


‫مسا قلت ُسه‪ ،‬وأمسا مسا يفعله الجهل ُ‬
‫وإخراج الكلم عسسن موضوعسسه‪ ،‬فحرام بإجماع العلماء‪ ،‬وقسسد‬
‫ق من تمكن من إنكاره‬ ‫حه‪ ،‬وِغل َ َ‬
‫ظ تحريمه‪ ،‬وفس َ‬ ‫ت قُب َ‬
‫أوضح ُ‬

‫() ذكره الشاطسسبي فسسي «العتصسسام» (‪ - 1/135‬بتحقيقسسي)‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫وفيسسسسسه‪« :‬اتبسسسسسع طرق‪ ...‬ول يضرك قلة‪ ،»...‬وعزاه النووي فسسسسسي‬


‫«الذكار» (‪ - 58‬ط‪ .‬دار ابن كثير) إلى الحاكم‪.‬‬
‫() قال عز الدين بن جماعة في «شرح الربعين النووية» (ق‬ ‫‪2‬‬

‫=‬ ‫‪/5‬ب)‪:‬‬
‫من روى‪ :‬إذا‬ ‫«الكثسر يقولون‪َ :‬روَي ْسنا ‪-‬بفتسح الراء مخففسة‪ِ ،-‬س‬ ‫=‬
‫نقل عن غيره؛ مثل‪ :‬رمى يرمي‪ ،‬والجود بضم الراء وكسر الواو‬
‫مشددة؛ أي‪ :‬روانا مشايخنا؛ أي‪ :‬نقلوا لنا فسمعنا»‪.‬‬
‫نس المشهور‪ ،‬هسو‪َ :‬روَي ْسنا ‪-‬بفتسح الراء‬
‫وقال ابسن المعسز الحجازي‪ :‬إ ّ‬
‫والواو مخففة‪ .-‬وفي الوجهين يقول الناظم‪:‬‬
‫وقسسسسسسسسسسسسسسسسل َروَي ْسسسسسسسسسسسسسسسسنا أو ُروِّينسسسسسسسسسسسسسسسسا ضمسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫وجهان فيهمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا فكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن مهتمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫وهناك فسي ضبطهسا قول ثالث ذكسر ابسن علن عسن الكازرونسي؛ وهسو‪:‬‬
‫بضسم الراء مبنيا ً للمفعول مخففسة؛ أي‪ :‬روى لنسا إسسماعا ً أو إقراء أو‬
‫إجازة أو غيرها‪ .‬انظر‪« :‬الفتوحات الربانية» (‪.)1/29‬‬
‫وقسد أفرد عبدالغنسي النابلسسي (‪1143‬هسس) ضبسط هذه الكلمسة‬
‫فسسي رسسسالة مفردة‪ ،‬اسسسمها‪« :‬إيضاح مسسا لدينسسا فسسي قول المحدثيسسن‪:‬‬
‫من محفوظات المكتبة الحمدية بحلب‪ ،‬وهي تقع في‬ ‫روينا»‪ ،‬وهي ِ‬
‫خمسس ورقات‪ ،‬وهذا نصسها‪ :‬بسسم اللّه الرحمسن الرحيسم‪ ،‬الحمسد للّه‬
‫ي بعده وعلى آله وأصسحابه‪،‬‬ ‫ن ل نَب ِس َّ‬
‫م ْس‬
‫وحده‪ ،‬والصسلة والسسلم على َ‬
‫(أ)‬
‫ما بَعْدُ‪ :‬فيقول شيخنسسا‬ ‫جنده‪ ،‬أ ّسسَ‬ ‫وأخسسص بالزيادة أتْبَاعسسه وأنصسساره و ُ‬
‫جنَاب الشيخ عبدالغني الشهير‬ ‫مام الفَ َّهامة َ‬
‫المام العلمة العمدة ال ُه َ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فلم ينكْره فسي كتابسي «آداب القراء»( ) ا‪.‬هسس»‪ ،‬ونحوه لشيسخ‬
‫‪1‬‬

‫السسسلم فسسي «شرح الروض»( )‪ ،‬وقال الرملي وغيره فسسي‬


‫‪2‬‬

‫«حواشسسي المنهاج»( )‪« :‬المختار والصسسواب( ) مسسا كان عليسسه‬


‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫السسلف مسن السسكوت فسي حال السسير [مسع الجنازة]( )‪ ،‬فل‬


‫‪5‬‬

‫ت بقراءة‪ ،‬ول ذكسسسر‪ ،‬ول غيرهمسسسا‪ ،‬بسسسل يُشتَغَ ُ‬


‫ل‬ ‫يُرفعس ُس صسسسو ٌ‬

‫نسسبه الكريسم بابسن النابلسسي الدمشقسي الحنفسي ‪-‬عامله اللّه تعالى‬


‫بلطفه الخفي‪:-‬‬
‫سألني الكامل الفاضل جامع الفضائل والفواضل محمد أفندي‬
‫الرومسسي نائب الشرع الشريسسف فسسي محروسسسته دمشسسق الشام‪ ،‬يوم‬
‫الخميسس‪ ،‬تاسسع شهسر ربيسع الثانسي مسن شهور سسنة خمسس وعشريسن‬
‫ومئة وألف‪ ،‬حيسن ورد بالنيابة واجتمعنا به ‪-‬أحسسن اللّه تعالى قدومه‬
‫وإيابسه‪ ،‬وأجزل ثوابسه‪ :-‬عسن معنسى قول المام العالم العلمسة القدوة‬
‫الكامسسل الفهامسسة محيسسي الديسسن أبسسي زكريسسا يحيسسى بسسن شرف الديسسن‬
‫النووي ‪-‬رحسسم اللّه روحسسه‪ ،‬ونَوَّر ضريحسسه‪ -‬فسسي كتابسسه «الربعيسسن»‪،‬‬
‫سيِّد المرسسسسلين وعلى آله وأصسسسحابه‬ ‫المشتمسسسل على أحاديسسسث َ سس‬
‫أجمعيسن‪ ،‬فسي آخسر الحديسث (السسابع والعشريسن) مسن كتابسه المذكور‪،‬‬
‫بعسد إيراد لفسظ الحديسث عسن وابصسة بسن معبسد ‪ -‬رضسي اللّه عنسه‪ ،-‬قال‬
‫«مسند‬ ‫النووي‪« :‬حديث صحيح ‪-‬وفي نسخة‪ :‬حسن‪ ،-‬رويناه في‬
‫الماميسسن أحمسسد بسسن حنبسسل والدارمسسي» بإسسسناد جيسسد ‪-‬وفسسي نسسسخة‪:‬‬
‫ن قوله‪« :‬رويناه» في «مسند المامين»‬ ‫حسن‪ ،-‬وصورة السؤال‪ :‬أ ّ‬
‫مذ ْكور فسسسسسسسسسسسسسسي=‬
‫ن المام النووي َ‬ ‫يقتضسسسسسسسسسسسسسسي أ ّسسسسسسسسسسسسسس‬
‫‪-------------------------‬‬
‫(أ) القائل هنا؛ هو‪ :‬محمد بن إبراهيم الدكدكجي‪.‬‬
‫ن المام النووي متأخسسر عنهمسسا‬ ‫=«المسسسند» الذي للماميسسن‪ ،‬مسسع أ ّسسَ‬
‫ن المام‬‫بيقيسن‪ ،‬والمامان متقدمان ولم يجتمسع بهمسا ول بأحدهمسا‪ ،‬فإ َّس‬
‫أحمد بن حنبل ُولد في ربيع الول سنة أربع وستين ومئة‪ ،‬ومات في‬
‫ربيع الول سنة إحدى وأربعين ومئتين عن سبع وسبعين سنة‪ ،‬وأبو‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بالتفكسر فسي الموت ومسا بعده‪ ،‬وفَنا ِء الدنيسا وأن هذا آخُرهسا‪،‬‬
‫ومسسن أراد الشتغال بالقراءة والذكسسر فليكسسن سسسّراً ( )‪ ،‬ومسسا‬
‫‪1‬‬

‫ة القَّراء مسسن القراءة بالتمطيسسط‪ ،‬وإخراج الكلم‬ ‫يفعله جهل ُ‬


‫عسسن موضوعسسه‪ ،‬فحرام‪ ،‬يجسسب إنكاُره( ) والمنع سُ منسسه‪ ،‬ومسسن‬
‫‪2‬‬

‫تمك َّسن مسن منعسه‪ ،‬ولم يمنعسه فسسق»‪ ،‬وقال ابسن حجسر فسي‬

‫مْرقَنْدي الحافسظ‬ ‫محمسد عبداللّه بسن عببد الرحمبن الدَّارِسمي التميمسي ال َ‬


‫سّس َ‬
‫مسن بنسي دارم بسن مالك بسن حنظلة بسن زيسد مناة بسن تميسم‪ ،‬ولد سسنة‬
‫إحدى وثمانيسسن ومئة‪ ،‬ومات يوم الترويسسة سسسنة خمسسس وخمسسسين‬
‫ومئتين‪.‬‬
‫ما المام النووي‪ ،‬فإنسسه ولد فسسي محرم سسسنة إحدى وثلثيسسن‬ ‫وأ ّ سَ‬
‫وسست مئة‪ ،‬وتوفسي فسي رجسب سسنة سست وسسبعين وسست مئة عسن‬
‫خمسسس وأربعيسسن سسسنة‪ ،‬فقلت فسسي الجواب عسسن ذلك ‪-‬بعون القديسسر‬
‫المالك‪ :-‬أمسسا قوله‪ :‬رويناه فسسي «مسسسند الماميسسن أحمسسد بسسن حنبسسل‬
‫والدارمسي» مثسل قوله فسي أول كتابسه «الربعيسن» قبسل الشروع فيسه‪:‬‬
‫«فقد روينسا عن علي بن أبي طالب‪ ،‬وعببد ال ابسن مسعود‪ ،‬ومعاذ بن‬
‫جبسل‪ ،‬وأبسي الدرداء‪ ،‬وابسن عمسر‪ ،‬وابسن عباس‪ ،‬وأنسس بسن مالك‪ ،‬وأبسي‬
‫هريرة‪ ،‬وأبسسي سسسعيد الخدري ‪-‬رضسسي اللّه عنهسسم‪ ،»-‬وهسسم صسسحابة‬
‫متقدمون‪ ،‬وهو متأخر عنهم جداً؛ فإنه على معنى روت لنا مشايخنا؛‬
‫أي‪ :‬نقلوا لنسسا فسسسمعنا؛ كمسسا صسسرح بهذا شارح «الربعيسسن» الشيسسخ‬
‫المام شهاب الديسن أحمسد بسن حجسر المكسي الهَيْت َسمي‪ ،‬وذكسر الشارح‬
‫‪-‬أيضاً‪ -‬فسسي شرح قوله‪« :‬رويناه فسسي «مسسسند الماميسسن»» يعنسسي‪:‬‬
‫رويناه بسسسندنا المتصسسل حالة كونسسه فسسي «مسسسند الماميسسن»‪ ،‬وقال‬
‫الشارح ‪-‬أيضاً‪« :-‬وقوله َروَيناه بفتسسسح أوله مسسسع تخفيسسسف الواو عنسسسد‬
‫الكثسسر‪ ،‬مسسن َروَى إذا نقسسل عسسن غيره‪ .‬وقال جمسسع‪ :‬الجود ضسسم الراء‬
‫وكسسر الواو المشددة؛ أي‪ :‬روت لنسا مشايخنسا‪ ،‬فسسمعنا عسن علي بسن‬
‫أبي طالب‪ »...‬إلى آخره‪.‬‬
‫وذكسسر الشيسسخ المام شهاب الديسسن أحمسسد بسسن محمسسد بسسن علي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«شرح المنهاج»( )‪« :‬ويكره اللغسط ‪-‬وهسو‪ :‬رفسع الصسوت‪ -‬ولو‬ ‫‪1‬‬

‫ن الصسسحابة‬
‫بالذكسسر أو القراءة فسسي المشسسي مسسع الجنازة؛ ل ّس‬
‫‪-‬رضسسسي اللّه عنهسسسم‪ -‬كرهوه حينئذ‪ ،‬رواه البيهقسسسي( )‪ ،‬وكره‬
‫‪2‬‬

‫م قال ابن عمر‬ ‫الحسن وغيره‪ :‬استغفروا لخيكم( )‪ ،‬ومن ث َ َّ‬


‫‪3‬‬

‫‪-‬رضسي اللّه عنهمسا‪ -‬لقائله‪« :‬ل غفسر اللّه لك»( )‪ :‬بسل يسسكت‬
‫‪4‬‬

‫متفكرا ً فسي الموت ومسا يتعلق بسه وفناءِ الدنيسا‪ ،‬ذاكرا ً بلسسانه‬

‫الهمدانسي الفَيُّومسي ثسم الحموي المشهور بابسن خطيسب الدهشسة فسي‬


‫كتابسسه «المصسسباح المنيسسر فسسي غريسسب الشرح الكسسبير»‪ ،‬وهسسو شرح‬
‫«الوجيز»‪ ،‬تصنيف المام الغَّزالي في فقه الشافعية‪ ،‬وشرحه للمام‬
‫من‬ ‫الرافعسي ‪-‬رحمهسم اللّه تعالى‪ ،-‬قال‪َ« :‬روَى البعيسر الماء‪ ،‬يَْرويسه ِس‬
‫مى فهسو َراوِي َسة‪ ،‬الهاء فيسه للمبالغسة‪ ،‬ثسم أطلقست الَّراوِي َسة على‬ ‫باب‪َ :‬ر َس‬
‫ملْت َسه‬
‫ح َ‬
‫ت الحديسث‪ :‬إذا َ‬ ‫كسل داب َّسة ي ُس ْ‬
‫ستَقى الماء عليهسا‪ ،‬ومنسه قيسل‪َ :‬روَي ْس ُ‬
‫ونقلت َسسسه‪ ،‬ويُعَدَّى بالتضعيسسسف‪ ،‬فيقال‪َ :‬روَّي ْسسست زيدا ً الحديسسسث‪ ،‬ويُب ْسسسنى‬
‫للمفعول‪ ،‬فيقال‪ُ :‬روِّينَا الحديث»‪ .‬انتهى كلمه‪.‬‬
‫وعلى هذا؛ فإذا حمسسسل قول النووي ‪-‬رحمسسسه اللّه تعالى‪ :-‬فقسسسد‬
‫روينسسا عسسن علي بسسن أبسسي طالب‪ ...‬إلى آخره‪ ،‬بتشديسسد الواو مبنياً‬
‫للمفعول؛يعنسسي‪َ :‬روَّانسسا مشايخنسسا ذلك ‪-‬بتشديسسد الواو‪= =-‬بأن كان‬
‫ن بَعْده‪ ،‬والذي بعده َروَّى‬ ‫الشيسسسسخ الول َروَّى ‪-‬بتشديسسسسد الواو‪َ -‬‬
‫م ْسسسس‬
‫ن بعده إلى آخسر شيسخ هسو روَّانسا ‪-‬بتشديسد الواو‪،-‬‬ ‫م ْس‬‫‪-‬بتشديسد الواو‪َ -‬‬
‫فعلى هذا؛ يُقْرأ قوله‪ :‬فقسد ُروِّين َسا بضسم الراء وتشديسد الواو مكسسورة‬
‫وضم الهاء مبنيا ً للمفعول‪ ،‬ول يختلف رسم الكتابة في ذلك‪.‬‬
‫ما قوله‪ :‬بإسناد جيد أو حسن‪ ،‬بعد قوله‪ :‬رويناه في «مسند‬ ‫وأ ّ‬
‫المامين أحمد بن حنبل والدارمي» فالجار والمجرور متعلق بواجب‬
‫ن قوله‪ :‬فسي «مسسند‬ ‫الحذف حال مسن الهاء فسي قوله‪ :‬رويناه‪ ،‬كمسا أ ّس‬
‫الماميسسن»‪ ،‬الجار والمجرور متعلق بواجسسب الحذف حال ‪-‬أيضاً‪ -‬مسسن‬
‫الهاء فسي قوله‪ :‬رويناه‪ ،‬كمسا أشار إليسه الشارح فيمسا قدمناه‪ ،‬فيكون‬
‫الحالن مسن الهاء الضميسر المنصسوب بالمفعوليسة الثانيسة لَروَّى ‪-‬مشدد‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سرا ً ل جهراً؛ لنه بدعة قبيحة»‪.‬‬
‫وفسسي «المجموع»( ) عسسن جمسسع مسسن الصسسحابة( )‪ ،‬أنهسسم‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫كرهوا رفسع الصسوت عنسد الجنازة‪ ،‬حتسى باسستغفروا اللّه‪ ،‬بسل‬


‫قال ابسسن عمسسر لمسسن سسسمعه يقوله‪ :‬ل غفسسر اللّه لك‪ .‬رواه‬

‫معَظ ِّسم نفسسه بشرف‬ ‫الواو‪ ،-‬والمفعول الول‪ :‬نسا‪ ،‬التسي هسي ضميسر ال ُ‬
‫الرواية‪ ،‬أو هو ومعه غيره من أصحابه‪ ،‬وهذه الحال متداخلة‪ ،‬وتقدير‬
‫ذلك‪ُ :‬روِّيناه حال كونسه فسي «مسسند الماميسن»‪ ،‬وحال كونسه وهسو مسن‬
‫«مسسسسند الماميسسسن» حاصسسسل ً بإسسسسناد جيسسسد‪ .‬ويصسسسح أن يكون الجار‬
‫والمجرور الثانسسي وهسسو قوله‪« :‬بإسسسناد جيسسد» متعلقا ً بقوله‪ :‬حديسسث‬
‫ما بحديسث‪ ،‬وإمسا بصسحيح‪ ،‬وليسس هذا الجار والمجرور الول‬ ‫صسحيح‪ ،‬إ َّس‬
‫نس إسناده هو لم يُرِد الخبار عنه بأنه جيد‪ ،‬ولم يرد‬ ‫متعلقا ً برويناه؛ ل ّ‬
‫ذكره‪ ،‬وإنمسا أراد بالسسناد الجيسد‪ :‬إسسناد المام أحمسد والدارمسي‪ ،‬يدل‬
‫حك ْمة قول المصنف أولً ‪:‬‬ ‫ت‪ :‬ما ِ‬
‫ن قل َ‬
‫عليه قول الشارح المذكور‪ :‬فإ ْ‬
‫حديث صحيح‪ ،‬وقوله هنا‪ :‬بإسناد جيد؟ قلت‪ :‬حكمته‪ :‬أنه ل يلزم من‬
‫كون الحديسث فسي «المسسندين» المذكوريسن أن يكون صسحيحاً‪ ،‬فسبين‬
‫ن سسبب صسحته أن إسسناد هذيسن الماميسن‬ ‫أول ً بأنسه صسحيح‪ ،‬وثانياً ‪ :‬أ ّس‬
‫الذيسسن أخرجاه صسسحيح أيضاً‪ ،‬وله حكمسسة أخرى حديثيسسة؛ وهسسي‪ :‬مسسا‬
‫صسرحوا بسه أنسه ل تلزم بيسن السسناد والمتسن‪ ،‬فقسد يصسح فيسه السسند أو‬
‫يحسسسن؛ لسسستجماع شروطسسه مسسن التصسسال والعدالة والضبسسط دون‬
‫المتسن؛ لشذوذ فيسه أو علة‪ ،‬فنسص المصسنف أولً ‪ :‬على صسحة المتسن‬
‫بقوله‪« :‬هذا حديسسسث صسسسحيح»‪ ،‬وثانياً ‪ :‬على صسسسحة السسسسند بقوله‪« :‬‬
‫بإسناد جيد» إلى آخر ما بسطه من الكلم في هذا المقام‪.‬‬
‫ن قول المام النووي ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬هنا‪ :‬روَيناه ‪-‬بفتح‬ ‫والحاصل‪ :‬أ ّ‬
‫الواو وتخفيفهسا‪ -‬مبنيا ً للفاعسل؛ يعنسي‪ :‬روينسا عسن مشايخنسا أو بإسسنادنا‬
‫هذا الحديث الكائن في «مسند المامين» المذكور ثمة بإسناد جيد‪،‬‬
‫أو معناه‪ُ :‬روِّيناه ‪-‬بتشديسسد الواو‪ -‬مبنيا ً للمفعول؛ أي‪َ :‬روَّى ‪-‬بتشديسسد‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سعيد بن منصور في «سننه»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أقوال السادة المالكية‪:‬‬


‫قال العلمسسة ابسسن الحاج فسسي كتاب «المدخسسل»( ) مسسا‬
‫‪2‬‬

‫ملخصسه‪ :‬العجسب مسن أصسحاب الميست‪ ،‬حيسث يأتون بجماعسة‬


‫يذكرون أمام الجنازة‪ ،‬وهو من الحدث في الدين‪ ،‬ومخالف‬
‫لسسنَّة سسيد المرسسلين‪ ،‬وأصسحابه وال َّس‬
‫سلف ال َّس‬
‫صالحين‪ ،‬يجسب‬
‫الواو‪ -‬هذا الحديسسث لنسسا مشايخنسسا الكائن ذلك الحديسسث فسسي «مسسسند‬
‫الماميسن»‪ ،‬كمسا أن قوله‪ :‬فقسد َروَي ْسنا ‪-‬بتخفيسف الواو مفتوحسة‪ -‬والبناء‬
‫للفاعسسل؛ أي‪ :‬روت لنسسا مشايخنسسا بإسسسناد متصسسل عسسن علي بسسن أبسسي‬
‫طالب‪ ...‬إلى آخره‪ ،‬أو معناه‪ُ :‬روِّينسا ‪-‬بتشديسد الواو مكسسورة‪ -‬مبنياً=‬
‫=للمفعول؛ أي‪َ :‬روَّت ْنا ‪-‬بتشديد الواو مفتوحة‪ -‬مشايخنا عن علي بن‬
‫أبسي طالب‪ ...‬إلى آخره‪ ،‬واللّه أعلم وأحكسم‪ ،‬وصسلى اللّه على سسيدنا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫وكان الفراغ مسسن كتابسسة هذه النسسسخة المباركسسة فسسي الخامسسس‬
‫عشر من ربيع الثاني سنة خمس وعشرين ومئة وألف على يد العبد‬
‫الفقيسسر محمسسد بسسن إبراهيسسم بسسن محمسسد الشهيسسر بابسسن الدكدكجسسي‬
‫الدمشقسي الحنفسي ‪-‬لطسف اللّه بسه والمسسلمين‪ ،-‬وذلك فسي مجلس‬
‫من خسط مؤلفهسا شيخنسا المام الهمام العلمسة ‪-‬نفعنسا‬ ‫واحسد‪ ،‬ونقلتهسا ِس‬
‫اللّه تعالى والمسلمين ببركاته‪ ،‬وأمدنا بصالح دعواته‪.-‬‬
‫وصسسلى اللّه وسسسلم على سسسيدنا محمسسد وآله وصسسحبه أجمعيسسن‪،‬‬
‫والحمد للّه رب العالمين»‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬انتهت الرسالة النافعة‪ ،‬والحمد للّه الذي بنعمته‬
‫تتم الصالحات‪.‬‬
‫() يشير إلى ما أخرجه وكيع في «الزهد» (رقم ‪- )211‬وعنه‬ ‫‪3‬‬

‫ابسن أبسي شيبسة (‪ ،)4/99‬ومسن طريسق وكيسع‪ :‬البيهقسي فسي «السسنن‬


‫الكسبرى» (‪ ،)4/74‬والخطيسب فسي «تاريسخ بغداد» (‪ -)8/91‬وابسن‬
‫المنذر فسي «الوسسط» (‪ 5/389‬رقسم ‪ )3056‬مسن طريسق أبسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫على مسسسن له قدرة على منعهسسسم أن يمنعهسسسم مسسسع الزجسسسر‬
‫والدب؛ لمخالفتهسم للشريعسة المطهرة‪ ،‬ولنسه ضسد مسا كانست‬
‫ن جنائزهسسم كانسست على‬
‫عليسسه جنائز السسسلف الماضيسسن؛ ل ّسس‬
‫التزام الدب والسكون والخشوع‪ ،‬حتى إن صاحب المصيبة‬
‫كان ل يعرف مسن بينهسم؛ لكثرة حزن الجميسع( )‪ ،‬ومسا أخذهسم‬
‫‪1‬‬

‫مسن القلق والنزعاج بسسبب الفكرة فيمسا هسم إليسه صسائرون‪،‬‬

‫نعيم الفضل بن دكين‪ ،‬كلهما قال‪ :‬حدثنا هشام صاحب الدستوائي‪،‬‬


‫عسسن قتادة‪ ،‬عسسن الحسسسن‪ ،‬عسسن قيسسس بسسن ع ُبَاد‪ ،‬قال‪ :‬كان أصسسحاب‬
‫رسسول اللّه يكرهون رفسع الصسوت عنسد الجنائز‪ ،‬وعنسد القتال‪ ،‬وعنسد‬
‫الذكر‪.‬‬
‫وأخرجسه ابسن المبارك فسي «الزهسد» (‪ 83‬رقسم ‪ ،)247‬وأبسو‬
‫نعيم في «الحلية» (‪ )9/58‬من طريق هشام‪ ،‬به‪ .‬ومن طريقه عند‬
‫أبسسي داود (‪ ،)3/114‬والحاكسم (‪ )2/116‬مختصسسرا ً مقتصسسرا ً على‬
‫ذكر القتال‪ ،‬ورجاله ثقات‪ ،‬وهذا أصح ما ورد في الباب‪.‬‬
‫ومما جاء في ألفاظ حديث البراء الطويل‪« :‬خرجنا مع رسول‬
‫ن على‬‫اللّه فسسي جنازة‪ ،‬فانتهينسسا إلى القسسبر‪ ،‬فجلس وجلسسسنا‪ ،‬كأ ّسسَ‬
‫رؤوسسنا الطيسر» أخرجسه ابسن ماجسه (‪ )1549‬بسسند حسسن‪ ،‬وتتمسة‬
‫تخريجسه فسي غيسر هذا الموطسن‪ ،‬وتكلمست عليسه بإسسهاب فسي تعليقسي‬
‫على «التذكرة» للقرطبي‪ ،‬يسر اللّه إتمامه وإخراجه‪.‬‬
‫وفسسي الباب عسسن ابسسن عباس‪ ،‬قال‪« :‬إن رسسسول اللّه كان إذا‬
‫ت عليه كآبة‪ ،‬وأكثر حديث النفس» أخرجه الطبراني‬‫شهد جنازة ُرئِي َ ْ‬
‫فسي «الكسبير» (‪ 11/106‬رقسم ‪ ،)11189‬وفيسه ابسن لهيعسة‪ ،‬وفيسه‬
‫كلم‪ ،‬كما في «المجمع» (‪.)3/29‬‬
‫وفسسي الباب عسسن عبدالعزيسسز بسسن أبسسي رواد رفعسسه‪ ،‬عنسسد ابسسن‬ ‫=‬
‫المبارك في «الزهد» (رقم ‪ ،)244‬وعن عمران بن الحصين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ل الكلم‪ ،‬وأكثسسسر‬ ‫كان رسسسسول اللّه إذا شيسسسع جنازة عله كرب‪ ،‬وأق ّ‬
‫حديسسث النفسسس‪ .‬أخرجسسه الدارقطنسسي فسسي «المؤتلف والمختلف» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وعليسسه قادمون( )‪ ،‬حتسسى لقسسد كان بعضهسسم يريسسد أن يلقسسى‬
‫‪1‬‬

‫صساحبه لضرورات تقسع عنده‪ ،‬فيلقاه فسي الجنازة‪ ،‬فل يزيسد‬


‫على السسلم الشرعسي شيئاً ( )؛ لشغسل كسل منهمسا بمسا تقدم‬
‫‪2‬‬

‫ذكره‪ ،‬وبعضهسم ل يقدر أن يأخسذ ال ِغذ َاء تلك الليلة لشدة مسا‬
‫أصسابه مسن الجزع( )‪ ،‬كمسا قال الحسسن البصسري ‪-‬رضسي اللّه‬
‫‪3‬‬

‫‪ ،)1/203‬وتفرد بسسسه المعلى ابسسسن تُركسسسة‪ ،‬وليسسسس بالقوي ‪ ،‬أفاده‬


‫الدارقطني‪.‬‬
‫وعسن زيد بن أرقم رفعه‪« :‬إن اللّه يحسب الصسمت عند ثلث‪...:‬‬
‫وعنسسد الجنازة»‪ .‬أخرجسسه الطسسبراني فسسي «الكسسبير» (‪ 5/213‬رقسسم‬
‫‪ ،)5130‬وفي إسناده رجل لم يسم‪ ،‬قاله الهيثمي في «المجمع»‬
‫(‪.)3/29‬‬
‫وأخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ‪ - 26‬بتحقيقي) من‬
‫طريسسق أبسسي النضسسر‪ ،‬وأبسسو داود فسسي «المراسسسيل» (ص ‪ )308‬مسسن‬
‫طريسسق مسسسكين بسسن بكيسسر‪ ،‬كلهمسسا عسسن المسسسعودي‪ ،‬عسسن عون بسسن‬
‫عبداللّه‪ ،‬قال‪ :‬كان رسسسول اللّه إذا اتبسسع جنازة‪ ،‬ع َلَت ْسس ُ‬
‫ه كآبسسة‪ ،‬وأكثسسر‬
‫حديث النفس‪ ،‬وأق ّ‬
‫ل الكلم‪.‬‬
‫إسسناده ضعيسف؛ لرسساله‪ .‬ورجاله ثقات‪ ،‬أبسو النضسر هاشسم بسن‬
‫القاسسم بسن مسسلم الليثسي‪ ،‬ثقسة فقيسه‪ ،‬لقبسه قيصسر‪ ،‬وسسماعه وسسماع‬
‫مسسكين مسن المسسعودي بعسد اختلطسه‪ ،‬والمسسعودي هسو عبدالرحمسن‬
‫بسن عبداللّه بسن عتبسة بسن عبداللّه بسن مسسعود‪ ،‬ترجمتسه فسي «تهذيسب‬
‫الكمال» (‪ ،)17/219‬وعون بسن عبداللّه هسو ابسن عتبسة بسن مسسعود‬
‫الهُذلي‪ ،‬أبسسو عبداللّه الكوفسسي‪ ،‬ثقسسة عابسسد‪ ،‬تابعسسي‪ ،‬مات قبسسل سسسنة‬
‫عشرين ومئة‪.‬‬
‫وأخرجه وكيع في «الزهد» (رقم ‪ ،)206‬وعنه ابن أبي شيبة‬
‫(‪ ،)4/98‬وعبدالرزاق (‪ 3/453‬رقسسسسم ‪ ،)6282‬كلهمسسسسا فسسسسي‬
‫حدِّثسست أن النسسبي كان إذا تبسسع‬
‫«المصسسنف» عسسن ابسسن جريسسج‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ت اليوم»( )‪ ،‬وانظسر ‪-‬رحمنسا اللّه‬
‫‪1‬‬
‫َس‬ ‫مي‬ ‫ع‬‫ّ ِس‬ ‫يشي‬ ‫غسد‬ ‫«ميست‬ ‫عنسه‪:-‬‬
‫تعالى وإياك‪ -‬إلى قول عبداللّه بن مسعود ‪-‬رضي اللّه عنه‪-‬‬
‫لمسن قال فسي الجنازة‪ :‬اسستغفروا لخيكسم؛ يعنسي‪ :‬الميست‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬ل غفسسسسر اللّه لك( )‪ .‬فإن كان هذا حالهسسسسم فسسسسي‬
‫‪2‬‬

‫تحفظهسسم مسسن رفسسع الصسسوت بمثسسل هذا اللفسسظ الدال على‬


‫طلب الدعاء مسسن الحاضريسسن للميسست‪ ،‬فمسسا بالك بمسسا يفعله‬
‫الجنازة أكثر ال ُّ‬
‫سكات‪ ،‬وأكثر حديث نفسه‪ .‬لفظ عبدالرزاق‪.‬‬
‫ولفظ ابن أبي شيبة‪« :‬أكثر السكوت‪ ،‬وحدث نفسه»‪.‬‬
‫وهذا معضل‪.‬‬
‫ووصسله أبسو نعيسم فسي «ذكسر أخبار أصسبهان» (‪ )1/166‬مسن‬
‫طريسق الثوري وابسن جريسج‪ ،‬عسن أبسي الزبيسر‪ ،‬عسن جابر‪ ،‬قال‪« :‬كان‬
‫النبي إذا تبع جنازة‪ ،‬أكثر السكات‪ ،‬والتفكر حتى يعرف ذلك فيه»‪،‬‬
‫ورجاله ثقات‪ ،‬إل أن فيسسه أبسسا الزبيسسر محمسسد بسسن مسسسلم بسسن تدرس‬
‫المكي‪ ،‬مدلس‪ ،‬وقد عنعن‪.‬‬
‫() يريد كتابه «التبيان في آداب حملة القرآن»‪ ،‬ويشير إلى ما‬ ‫‪1‬‬

‫جاء فيسسه (ص ‪ - 56‬ط‪ .‬دار ابسسن كثيسسر)‪ ،‬وسسسيأتي الكلم برمتسسه (ص‬
‫‪.)111-110‬‬
‫ونقله شيخنسسا اللبانسسي فسسي «أحكام الجنائز» (ص ‪ ،)92‬وقال‬
‫ن فيه تشبُّهاً‬
‫قبله مؤكدا ً بدعة رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة‪« :‬ول َّ‬
‫بالنصارى‪ ،‬فإنَّهم يَْرفَعُون أصواتهم بشيء من أناجيلهم وأذكارهم مع‬
‫التمطيط والتلحين والتحزين‪.‬‬
‫وأقبسح مسن ذلك تشييعُسها بالعزف على اللت الموسسيقية أمامهسا‬
‫عزفا ً حزيناً‪ ،‬كما يُفعل في بعض البلد السلمية تقليدا ً للكفار‪ ،‬واللّه‬
‫المستعان»‪.‬‬
‫() نقسل الشيسخ زكريسا النصساري فسي «شرح روض الطالب» (‬ ‫‪2‬‬

‫‪ )1/312‬كلم النووي السسابق إلى قوله‪« :‬وهسو المطلوب فسي هذا‬


‫الحال»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أهسل هذا الزمان مسن رفسع الصسوات بنحسو قراءة القرآن أو‬
‫البردة( )‪ ،‬فأيسن الحال مسن الحال‪ ،‬فإنسا للّه وإ نا إليسه راجعون‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫فيجسب على مسن له عقسل أن ل ينظسر إلى أفعال أكثسر أهسل‬


‫الوقسسست‪ ،‬ول لعوائدهسسسم‪ ،‬فالسسسسعيد مسسسن نبسسسذ هذه العوائد‬
‫المبتدعة‪ ،‬وشد يده على أتباع السلف؛ فهم القوم ل يشقى‬
‫مسن اتبعهسم‪ ،‬ول مسن أحبهسم‪( ،‬إن المحسب لمسن يحسب مطيسع)‪،‬‬
‫() (‪ )3/23‬مسسن «نهايسسة المحتاج إلى شرح المنهاج»‪ ،‬وفسسي‬ ‫‪3‬‬

‫ش» على مطبوع‬ ‫المطبوع‪« :‬حواشسسسي المنهسسسج»! وللرملي «حوا ٍسسس‬


‫«شرح روض الطالب»! والكلم المذكور ليسسس فيسسه‪ ،‬وإنمسسا هسسو فسسي‬
‫«النهاية»‪.‬‬
‫() بعدها في «النهاية»‪« :‬كما في «المجموع»»‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ل وجود لها في «نهاية المحتاج»‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫ن الشتغال‪ ...‬سراً»‪.‬‬ ‫() في «نهاية المحتاج»‪« :‬ويس ّ‬ ‫‪1‬‬

‫() أي‪ :‬وليسسس ذلك خاصسسا ً بكونسسه عنسسد الميسست‪ ،‬بسسل هسسو حرام‬
‫‪2‬‬

‫مطلقاً؛ أي‪ :‬عنسد غسسله وتكفينسه ووضعسه فسي النعسش‪ ،‬وبعسد الوصسول‬
‫إلى المقسسبرة إلى دفنسسه‪ ،‬ومنسسه مسسا جرت بسسه العادة الن مسسن قراءة‬
‫الرؤسسساء ونحوهسسم‪ ،‬أفاده الشبراملسسسي فسسي «حاشيتسسه على نهايسسة‬
‫المحتاج» (‪= =،)3/23‬وعبدالحميسد الشروانسي وأحمسد بسن القاسسم‬
‫العبادي في «حاشيتيهما على تحفة المحتاج» (‪.)188 ،3/187‬‬
‫() (‪ - 3/187-188‬مع «حواشي الشرواني والعبادي»)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() يشيسسر إلى مسسا خرجناه بالتفصسسيل قريبا ً مسسن قول قيسسس بسسن‬
‫‪2‬‬

‫ع ُباد‪ ،‬فانظره ‪-‬غير مأمور‪( -‬ص ‪.)11‬‬


‫() أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (‪.)3/274‬‬ ‫‪3‬‬

‫ونقسل مذهسب الحسسن‪ :‬البيهقسي فسي «سسننه» (‪ ،)4/74‬وابسن‬


‫قدامسة فسي «المغنسي» (‪ ،)2/476‬وابسن المنذر فسي «الوسسط» (‬
‫‪ ،)5/389‬والنووي في «المجموع» ( ‪ ،)5/291‬وشيخه أبو شامة‬
‫المقدسسسي فسسي «الباعسسث» (ص ‪ ،)275‬والسسسيوطي فسسي «المسسر‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ولقسسد أطال ‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬فسسي التشنيسسع على مسسا يقسسع مسسن‬
‫بعسض الناس‪ ،‬مسن رفسع الصسوت بالذكسر ونحوه أمام الجنائز‬
‫ا‪.‬هس»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أقوال السادة الحنابلة‪:‬‬


‫قال فسي «دليسل الطالب»( ) و«شرحسه»( )‪« :‬ويكره رفسع‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫بالتباع» (ص ‪.)254‬‬
‫وانظر «موسوعة فقه الحسن البصري» (‪.)859-2/858‬‬
‫وأسسند البيهقسي فسي «السسنن الكسبرى» (‪ )4/74‬و«الشعسب»‬
‫(رقم ‪ )9277‬إلى السود ابن شيبان‪ ،‬قال‪ :‬كان الحسن في جنازة‬
‫النضسر بسن أنسس‪ ،‬فقال الشعسث بسن سسليم العجلي‪ :‬يسا أبسا سسعيد! إنسه‬
‫ليعجبني أن ل أسمع في الجنازة صوتاً‪ ،‬فقال‪ :‬إن للخير أهلين‪.‬‬
‫وأخرج عبدالرزاق (‪ 3/439‬رقسسم ‪ )6242 ،6241‬وابسسن‬
‫أبسي شيبسة (‪ )3/274‬فسي «مصسنفيهما»‪ ،‬وابسن سسعد فسي «الطبقات‬
‫الكسبرى» (‪ )5/141‬بسسند ٍ صسحيح عسن سسعيد بسن المسسيب‪ ،‬أنسه قال‬
‫فسي مرضسه‪« :‬إياك وحاديهسم‪ ،‬هذا الذي يحدو لهسم‪ ،‬يقول‪ :‬اسستغفروا‬
‫اللّه‪ ،‬غفر لكم»‪.‬‬
‫وذكره عنسسه‪ :‬البيهقسسي فسسي «سسسننه» (‪ ،)4/74‬والذهسسبي فسسي‬
‫«السسسسير» (‪ ،)4/244‬وأبسسسو شامسسسة فسسسي «الباعسسسث» ( ‪،)275‬‬
‫والسيوطي في «المر بالتباع» (‪.)253‬‬
‫وقال ابسن المنذر فسي «الوسسط» (‪« :)390-5/389‬وكره‬
‫سسسعيد بسسن المسسسيب وسسسعيد بسسن جسسبير والحسسسن البصسسري والنخعسسي‬
‫وأحمسسد وإسسسحاق قول القائل خلف الجنازة‪ :‬اسسستغفروا له‪= =،‬قال‬
‫عطاء‪ :‬محدثة‪ ،‬وقال الوزاعي‪ :‬بدعة‪ ،‬وقال النخعي‪ :‬كانوا إذا شهدوا‬
‫جنازة‪ ،‬عرف ذلك فيهم ثلثاً»‪.‬‬
‫وقال (‪« :)5/390‬ونحن نكره من ذلك ما كرهوا»‪.‬‬
‫ولذا اقتصسر فسي كتابسه القيسم «القناع» (‪ )1/175‬على قوله‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الصسوت‪ ،‬والصسيحة معهسا‪ ،‬وعنسد رفعهسا [‪-‬يعنسي‪ :‬الجنازة‪،) (]-‬‬
‫‪1‬‬

‫ن الذِّكسسر والقرآن سسسراً] ( )‪،‬‬


‫‪2‬‬ ‫ولو بالذِّكسسر والقرآن‪[ ،‬بسسل يسسس ُّ‬
‫شعا ً متفكِّراً فسي مآله‪ ،‬متَّعظاً‬ ‫ن لمتَّبعهسا أن يكون متخ ّ ِ‬
‫ويسس ُّ‬
‫بالموت وبمسا يصسير إليسه الميست‪ ،‬وقول القائل مسع الجنازة‪:‬‬
‫(اسسستغفروا [اللّه] ( ) له) ونحوه‪ ،‬بدعسسة عنسسد المام أحمسسد‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫وكرهسه وحرمسه أبسو حفسص‪ ،‬ويحرم أن يتبعهسا مسع منكسر وهسو‬

‫«ويكره رفسسع الصسسوت عنسسد حمسسل الجنائز»‪ ،‬وقال النووي فسسي‬


‫«المجموع» ( ‪« :)5/290‬وقد أفرد ابن المنذر في «الشراف»‪...‬‬
‫بابا ً في هذه المسألة»‪ .‬قلت‪ :‬ل توجد في القسم المطبوع منه‪ ،‬وهو‬
‫ناقص‪ ،‬ول قوة إل باللّه‪.‬‬
‫وأمسسا الكراهيسسة عسسن سسسعيد بسسن جسسبير‪ ،‬فقسسد أخرج وكيسسع فسسي‬
‫«الزهسسسد» (‪ 2/463‬رقسسسم ‪ ،)212‬وعبدالرزاق (‪440-3/439‬‬
‫رقسم ‪ ،)6243‬وابسن أبسي شيبسة (‪ )4/97‬عسن سسعيد بسن جسبير‪ ،‬أنسه‬
‫كره رفع الصوت عند الجنازة‪ .‬وإسناده صحيح‪ .‬وذكرها البيهقي في‬
‫«سننه» (‪.)4/74‬‬
‫وأما كراهة الحسن وابن المسيب‪ ،‬فقد تقدم تخريجها عنهما‪.‬‬
‫وأمسا كراهسة النخعسي‪ ،‬فقسد أخرجهسا ابسن أبسي شيبسة (‪،)3/273‬‬
‫وذكرها البيهقي (‪.)4/74‬‬
‫وأمسا قوله‪« :‬كانوا إذا شهدوا جنازة‪ »...‬فقسد أخرجهسا وكيسع فسي‬
‫«الزهسد» (رقسم ‪- )207‬ومسن طريقسه أحمسد فسي «الزهسد» ‪-‬أيضاً‪( -‬‬
‫‪ ،)365‬وأبو نعيم في «الحلية» (‪ -)228-4/227‬وابن أبي شيبة‬
‫‪ 3/453‬رقسسسسم ‪ )6283‬فسسسسي‬ ‫(‪ ،)7/208‬وعبدالرزاق (‬
‫«مصنفيهما»‪ ،‬وابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ‪ - 30‬بتحقيقي)‪،‬‬
‫وابسن المبارك (رقسم ‪ ،)246‬وأحمسد ( ‪ ،)365‬كلهمسا فسي «الزهسد»‪،‬‬
‫وأبو نعيم في «الحلية» (‪ ،)4/228‬وهو صحيح عنه‪.‬‬
‫وحكاه أبسسو شامسسة فسسي «الباعسسث» (‪ ،)253‬والسسسيوطي فسسي‬
‫«المر بالتباع» (‪ )275‬نحوه عن الفضيل بن عياض قوله‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عاجز عن إزالته» ا‪.‬هس‪.‬‬
‫وقال فسسي «القناع»( ) و«شرحسسه»( ) للشيسسخ منصسسور‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحنبلي‪( :‬ويكره رفسسع الصسسوت والضجسسة عنسسد رفعهسسا)؛ لنسسه‬


‫محدث‪( ،‬وكذا) رفسع الصسوت (معهسا) ‪-‬أي‪ :‬مسع الجنازة‪( -‬ولو‬
‫أن تتبسع الجنازة بصسوت أو‬ ‫بقراءة أو ذكسر)؛ لنهسي( ) النسبي‬
‫‪3‬‬

‫وأخرج ابسسن أبسسي شيبسسة (‪ )3/273‬عسسن عطاء‪ ،‬أنسسه كره أن‬


‫يقول‪ :‬اسسستغفروا له‪ ،‬غفسسر اللّه لكسسم‪ ،‬وذكسسر مذهبسسه‪ :‬النووي فسسي‬
‫«المجموع» ( ‪ ،)5/291‬وابسن قدامسة فسي «المغنسي» ( ‪،)2/479‬‬
‫وذكسر كراهيسة إسسحاق‪ :‬أبسو شامسة فسي «الباعسث» (‪ ،)275‬وتلميذه‬
‫النووي فسسسي «المجموع» (‪ ،)5/291‬والسسسسيوطي فسسسي «المسسسر‬
‫بالتباع» (‪.)254‬‬
‫وأمسسا كراهيسسة أحمسسد‪ ،‬فسسستأتي ‪-‬قريباً‪ -‬عنسسد المصسسنِّفَيْن‪ ،‬تحسست‬
‫عنوان‪( :‬أقوال السادة الحنابلة)‪.‬‬
‫وأمسسسسا مذهسسسسب الوزاعسسسسي‪ ،‬ففسسسسي «المجموع» (‪،)5/291‬‬
‫و«المغني» (‪ ،)2/479‬و«فقه= =المام الوزاعي» (‪.)1/320‬‬
‫وأخرج البيهقسي فسي «الشعسب» (‪ 12-7/11‬رقسم ‪)9276‬‬
‫بسسسنده أن ابسسن عيينسسة سسسئل‪ :‬مسسا بال الناس يؤمرون فسسي الجنازة‬
‫بالسكوت؟ قال‪ :‬لنه حشر‪ .‬ووجدته ‪-‬بعد‪ -‬مطول ً عند ابن أبي الدنيا‬
‫في «القبور» (رقم ‪ - 58‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫وأخرج ابسن أبسي الدنيسا فسي «القبور» (رقسم ‪ )57‬عسن العمسش‪،‬‬
‫قال‪« :‬أدركت الناس إذا كانت فيهم جنازة‪ ،‬جاؤوا فجلسوا صموتا ً ل‬
‫ت إلى كسسل رجسسل واضعا ً حبوتسسه على‬
‫يتكلمون‪ ،‬فإذا وضعسست نظر ُسس‬
‫صدره‪ ،‬كأنه أبوه أو أخوه أو ابنه»‪.‬‬
‫وأسند ‪-‬أيضاً‪ -‬برقم (‪ )56‬عن أبي قلبة‪ ،‬قال‪ :‬كانوا يعظّمون‬
‫الموت بالسكينة‪.‬‬
‫وأسسند برقسم (‪ )39‬إلى سسلم بسن أبسي مطيسع‪ ،‬قال‪ :‬شهد ُس‬
‫ت‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ذّكر (سّراً)‪ ،‬وإل‬
‫ِ‬ ‫وال‬ ‫القراءة‬ ‫ُ‬
‫ن)‬ ‫ّ‬ ‫يس‬ ‫(بل‬ ‫‪،‬‬ ‫()‬‫‪1‬‬
‫داود‬ ‫أبو‬ ‫نار‪ .‬رواه‬
‫الصمت‪ .‬ا‪.‬هس‪.‬‬
‫وقال فسسي «المنتهسسى»( ) و«شرحسسه»( )‪( :‬و) كره (رفسسع‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫الصسسوت معهسسا) ‪-‬أي‪ :‬الجنازة‪( -‬ولو بقراءة) أو تهليسسل؛ لنسسه‬


‫بدعسة‪ ،‬وقول القائل مسع الجنازة‪ :‬اسستغفروا له ونحوه بدعسة‪.‬‬

‫قتادة فسسي جنازة‪ ،‬فلم يتكلم حتسسى انصسسرف‪ ،‬وشهدت الجريري فسسي‬
‫جنازة‪ ،‬فلم يزل يبكسي حتسى تفّرق القوم‪ ،‬وشهدت محمسد ابسن واسسع‬
‫فسي جنازة‪ ،‬فلم يزل واضعا ً أصسبعه السسبابة على نابسه‪ ،‬مقن َّسع الرأس‪،‬‬
‫مطرقا ً مسا يلتفست يمينا ً ول شمال ً حتسسى انصسرف الناس‪ ،‬ومسا يشعسر‬
‫بهم‪.‬‬
‫وأسسسسند برقسسسم (‪- )40‬أيضاً‪ -‬إلى قتادة‪ ،‬قال‪ :‬شهد ُسسس‬
‫ت خليداً‬
‫العصسري فسي جنازة‪ ،‬مقن َّسع رأسسه‪ ،‬لم يتكلم حتسى دفسن الميست‪ ،‬ورجسع‬
‫إلى أهله‪.‬‬
‫() ذكره أبو شامة في «الباعث» (‪ - 276‬بتحقيقي) عن ابن‬ ‫‪4‬‬

‫عمسر‪ ،‬وعلق عليسه بقوله‪« :‬وإنمسا كره ذلك‪ :‬لمسا فيسه مسن التشويسش‬
‫على المشيّعين‪ ،‬الموَفَّقين الم َفكِّرين في أحوالهم ومعادهم»‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬فإبايسة ابسن عمسر وإنكاُره عليسه ليسس مسن جهسة‬
‫أصسل الدعاء‪ ،‬ولكسن مسن جهسة أخرى؛ وهسي التشويسش والجهسر‪ ،‬أو أن‬
‫يُعتقد أنه سنة تُلزم‪ ،‬أو تجري في الناس في مجرى السنن اللزمة‪،‬‬
‫أو أن يُعتقد في الداعين أمر زائد‪ ،‬أو أنه وسيلة إلى أن يُعتقد فيهم‬
‫ن‬
‫م ْس‬
‫أنهسم مجابوا الدعوة‪ ،‬ولذا أنكسر جمسع مسن السسلف مسن الصسحابة و َ‬
‫بعدهسسسم على مسسسن طلب وألح فسسسي الدعاء لهسسسم‪ ،‬كمسسسا تراه فسسسي‬
‫«العتصسسسام» للشاطسسسبي (‪ ،)319-2/315‬و«تالي التلخيسسسص»‬
‫للخطيسسب (رقسسم ‪ ،)115‬و«المجالسسسة» ( ‪ )72-4/71‬وتعليقسسي‬
‫عليها‪ ،‬وانظر‪« :‬تفسير القرطبي» (‪( )9/287‬الرعد‪« ،)8 :‬الحكم‬
‫الجديرة بالذاعسة» (ص ‪ )55-54‬لبسن رجسب‪« ،‬قاعدة جليلة» (ص‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وروى سسعيد بسن عمسر( ) وسسعيد بسن جسبير‪ ،‬قال لقائل ذلك‪ :‬ل‬
‫‪1‬‬

‫غفر اللّه لك( ) ا‪.‬هس‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫هذا ما أردنا نقله باختصار من كتب المذاهب الربعة‪.‬‬


‫وقسد اطّلعنسا على رسسالة «تحفسة البصسار والبصسائر فسي‬
‫بيان كيفيسسسة السسسسير مسسسع الجنازة إلى المقابر»‪ ،‬و«رسسسسالة‬
‫فتاوى أئمة المسلمين بقطع لسان المبتدعين» الموافقتين‬

‫‪ - 71‬ط‪ .‬الشيسخ ربيسع)‪« ،‬إعلم الموقعيسن» ( ‪ - 5/8‬بتحقيقسي)‬


‫«معجسم المناهسي اللفظيسة»= =(ص ‪ - 38‬ط‪ .‬الولى) و«تصسحيح‬
‫الدعاء» (‪ )226‬كلهما للشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫وأما أثر ابن عمر‪ ،‬فسيأتي معزوا ً لس«سنن سعيد بن منصور»‪،‬‬
‫وهو ليس في القسم المطبوع منه‪ ،‬إذ هو ناقص‪.‬‬
‫() (‪ ،)5/291‬والمذكور عنسسد المصسسنف بفحواه ومعناه‪ ،‬دون‬ ‫‪1‬‬

‫صه ومبناه‪.‬‬‫ن ِّ‬


‫() أورد النووي أثر قيس بن ع ُباد‪ ،‬المتقدم ذكره وتخريجه (ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)11‬‬
‫وأثسسر الحسسسن البصسسري‪ :‬قال‪« :‬وذكسسر الحسسسن البصسسري عسسن‬
‫أصسحاب رسسول اللّه ‪ S‬أنهسم يسستحبون خفسض الصسوت عنسد الجنائز‪،‬‬
‫وعند قراءة القرآن‪ ،‬وعند القتال»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أخرجسسسه عبدالرزاق (‪ 3/453‬رقسسسم ‪- )6281‬ومسسسن‬
‫طريقسه ابسن المنذر فسي «الوسسط» (‪ 5/389‬رقسم ‪ -)3057‬عسن‬
‫معمر‪ ،‬عن الحسن بنحوه‪ .‬وفي رواية عند ابن أبي شيبة (‪)3/272‬‬
‫من طريق علي بن زيد ‪-‬وهو ضعيف‪ -‬عن الحسن مرسلً‪ ،‬وإسناده‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫وممسا يسساعد عليسه‪ :‬مسا أخرجسه ابسن أبسي الدنيسا فسي «القبور»‬
‫(رقسسم ‪ - 31‬بتحقيقسسي)‪ ،‬والبيهقسسي فسسي «الشعسسب» ( ‪ 7/11‬رقسسم‬
‫‪ )2973‬عن ثابت البناني‪ ،‬قال‪ :‬إن كنا لنتبسع الجنازة‪ ،‬فما نرى إل‬
‫متقنعا ً باكياً‪ ،‬أو متقنعا ً مفكراً‪ .‬وثابت أدرك أنسا ً وغيره‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫من منسع رفسع الصسوت مسع‬ ‫ِس‬ ‫الموضوع‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫فسي‬ ‫بسه‬ ‫لمسا أتينسا‬
‫الجنائز‪ ،‬لمؤل ِّفهمسسا العلمسسة المفضال الشيسسخ محمود محمسسد‬
‫سبكي( ) المدرس بالقسسم العالي بالجامسع الزهسر‪،‬‬ ‫خطاب ال ُّس‬
‫‪1‬‬

‫من كبار علماء الزهسر‬ ‫وفيهمسا تقاريسظ وفتاوى جمسع غفيسر ِس‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫سليم الب ِ ْ‬
‫شري‬ ‫وشيوخسسه؛ منهسسم‪ :‬شيسسخ السسسلم الشيسسخ ُسس‬

‫ويشوش على هذا‪ :‬مسسسا أخرجسسسه عبدالرزاق (‪ 3/440‬رقسسسم‬


‫‪- )6244‬ومسسن طريقسسه ابسسن المنذر ( ‪ 5/390‬رقسسم ‪-)3058‬‬
‫بسنده إلى عكرمة مولى ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬توفي ابن لبي بكر‪ ،‬كان‬
‫يشرب الشراب‪ ،‬قال أبسسسو هريرة‪ :‬اسسسستغفروا له‪ ،‬فإنمسسسا يسسسستغفر‬
‫لمسيء عمله‪.‬‬
‫والجواب عليه من وجهين‪:‬‬
‫الول‪ :‬فسسي سسسنده الحكسسم بسسن أبان فيسسه كلم‪ ،‬وهسسو مسسن رجال‬
‫«الميزان» (‪.)1/569‬‬
‫والثانسي‪ :‬قال ابسن المنذر‪« :‬قسد يجوز أن يكون معنسى قول أبسي‬
‫هريرة صسسياحهم‪ :‬اسسستغفروا له‪ ،‬فيمسسا بينكسسم وبيسسن أنفسسسكم‪ ،‬خلف‬
‫البدعة التي أحدثها الناس من رفع الصوت بالستغفار»!‬
‫() انظر ما قدمناه قريباً‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪ ،)3/250-251‬والكتاب لبسي عبداللّه محمسد بسن محمسد‬ ‫‪2‬‬

‫بسسن العبدري الفاسسسي (ت ‪737‬هسسس)‪ ،‬واسسسمه‪« :‬المدخسسل إلى تتمسسة‬


‫العمال بتحسسسسين النيات والتنسسسبيه على بعسسسض البدع والعوائد التسسسي‬
‫انتحلت وبيان شناعتها»‪ ،‬مدحه ابن حجر في «الفتح» (‪،10/340‬‬
‫‪ )343‬بقوله‪« :‬وهو كتاب كثير الفوائد‪ ،‬كشف فيه عن معايب وبدع‬
‫يفعلهسسا الناس ويتسسساهلون فيهسسا‪ ،‬وأكثرهسسا ممسسا ينكسسر‪ ،‬وبعضهسسا ممسسا‬
‫يحتمل»‪.‬‬
‫قال أبسسو عسسبيدة‪ :‬والكتاب احتوى أحاديسسث موضوعسسة‪ ،‬وحكايات‬
‫مكذوبسسسة‪ ،‬وشطحات منكرة‪ ،‬وشركيات وبدع‪ ،‬وانظسسسر عنسسسه ‪-‬لزاماً‪:-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سونَة النَّواوي( ) الحنفسي‪،‬‬
‫‪1‬‬ ‫ح ّسُ‬
‫َ‬ ‫الشيسخ‬ ‫السسلم‬ ‫وشيسخ‬ ‫المالكسي‪،‬‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫جيَزاوي‬
‫وشيسسسخ السسسسلم الشيسسسخ محمسسسد أبسسسو الفضسسسل ال ِ‬
‫المالكسسي‪ ،‬وشيسسخ شيوخ السسسادة الشافعيسسة الشيسسخ محمسسد‬
‫خيت‬ ‫البحيري‪ ،‬ومفتي الديار المصرية سابقا ً الشيخ محمد ب َ ِ‬

‫«السراج لكشف ظلمات الشرك في مدخل ابن الحاج» لعبدالكريم‬


‫الحميد‪ ،‬و«الحاوي للفتاوي» للغماري (‪ ،)8-3/7‬و«أحكام الجنائز»‬
‫(ص ‪ )336‬لشيخنسا اللبانسي‪ ،‬وكتابسي «كتسب حذر منهسا العلماء» (‬
‫‪.)312-1/311‬‬
‫وكلم ابن الحاج تصرف فيه المؤلفان كثيراً‪ ،‬فاقتضى التنويه‪.‬‬
‫() أخرج وكيع في «الزهد» (‪ 2/460‬رقم ‪ )208‬وعنه ابن‬ ‫‪1‬‬

‫أبي شيبة في «المصنف»‪ ،‬وأحمد في «الزهد» (‪ ،)365‬وابن أبي‬


‫الدنيا في «القبور» (رقم ‪ - 32‬بتحقيقي)‪ ،‬وأبو نعيم في «الحلية»‬
‫(‪ )5/50‬بإسناد صحيح عن العمش‪ ،‬قال‪ :‬إن كنا لنتبع الجنازة‪ ،‬فما‬
‫من نعّزي مسسن حزن القوم‪ .‬وانظسسر «الباعسسث» (ص ‪- 277‬‬ ‫ندري َسس‬
‫بتحقيقي) لبي شامة المقدسي‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ‪ )23‬عن حوشب بن‬
‫مسسلم‪ ،‬قال‪ :‬لقسد= =أدركست الميست يموت فسي الحسي‪ ،‬فمسا يعرف‬
‫حميمسسه مسسن غيره مسسن شدّة جزعهسسم‪ ،‬وكثرةِ البكاء عليسسه‪ ،‬قال‪ :‬ثسسم‬
‫مة ذلك‪.‬‬‫ت عا ّ‬
‫بقيت‪ ،‬حتى فقد ُ‬
‫وحوشسسب بسسن مسسسلم الثقفسسي‪ ،‬مولى الحجاج‪ ،‬كان مسسن العُبّاد‪،‬‬
‫ممسن يقسص‪ ،‬له ترجمسة فسي «التاريسخ الكسبير» (‪ ،)3/100‬و«ثقات‬
‫ابن حبان» (‪.)6/243‬‬
‫() أخرج وكيسع (‪ 2/460‬رقسم ‪ )208‬وأحمسد (‪ )365‬كلهمسا‬ ‫‪1‬‬

‫فسي «الزهسد»‪ ،‬وأبسو نعيسم فسي «الحليسة» (‪ )5/50‬بسسند صسحيح‪ ،‬أن‬


‫ت جنازةً‪ ،‬فحدثت نفسي بشيء‬ ‫أسيد بن حضير كان يقول‪ :‬ما شهد ُ‬
‫سوى ما هو مفعول بها‪ ،‬وما هي صائر إليه‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المطيعسسسي( )‪ ،‬وشيسسسخ السسسسادة الحنبليسسسة الشيسسسخ يوسسسسف‬
‫‪1‬‬

‫النابلسسسي( )‪ ،‬فهسسل بعسسد هذه النصسسوص‪ ،‬وبعسسد اتفاق علماء‬‫‪2‬‬

‫المذاهب الربعة في الديار المصرية يبقى ريب لمستريب؟‬


‫من عاقسسل أن يقول بجواز رفسسع الصسسوت مسسع‬ ‫وهسسل يصسسح ِسس‬
‫ن ترك التهليسسل‬ ‫من قال‪ :‬إ ّسس‬
‫الجنازة؟ وهسسل يلتفسست لقول َسس‬
‫بالجهسسر مسسع الجنازة يعد ُّ إزرا ًء بالميسست وتعريضا ً للتكلم فيسسه‬

‫وأخرج ابسن أبسي الدنيسا فسي «القبور» (رقسم ‪ )36‬بسسنده إلى‬


‫صسالح المري‪ ،‬قال‪ :‬أدركست بالبصسرة شبابا ً وشيوخا ً يشهدون الجنائز‪،‬‬
‫شروا من قبورهم‪ ،‬فيُعرف فيهم ‪-‬واللّه‪ -‬الزيادة‬ ‫يرجعون منها كأنهم ن ُ ِ‬
‫بعد ذلك‪.‬‬
‫وأخرج ابسسسن أبسسسي الدنيسسسا فسسسي «القبور» (رقسسسم ‪- 59 ،34‬‬
‫بتحقيقسي) عسن عامسر بسن يسساف‪ ،‬قال‪ :‬كان يحيسى بسن أبسي كثيسر إذا‬
‫ش تلك الليلة‪ ،‬ولم يقدر أحد من أهله يكلمه من‬ ‫حضر جنازة‪ ،‬لم يتع ّ‬
‫شدّة حزنسسه‪ .‬وإسسسناده ل بأس بسسه‪ .‬وذكره ابسسن حبان فسسي «ثقاتسسه» (‬
‫‪ ،)7/592‬وعنسسه الذهسسبي فسسي «السسسير» ( ‪ ،)6/28‬وانظسسر أثسسر‬
‫حوشب في الهامش السابق‪.‬‬
‫() أخرج ابسن المبارك فسي «الزهسد» (رقسم ‪ )245‬بسسنده إلى‬ ‫‪2‬‬

‫بديل‪ ،‬قال‪ :‬كان مطّرف يلقى الرجل من خاصة إخوانه في الجنازة‪،‬‬


‫فعسى أن يكون غائباً‪ ،‬فما يزيد على التسليم‪ ،‬ثم يعرض اشتغال ً بما‬
‫هو فيه‪.‬‬
‫وذكره أبسسو شامسسة فسسي «الباعسسث» (‪ ،)277‬والسسسيوطي فسسي‬
‫«المر بالتباع» (‪.)255‬‬
‫() أخرج ابسن أبسي الدنيسا فسي «القبور» (رقسم ‪ - 38‬بتحقيقسي)‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (‪ -)56/170‬بسند‬


‫ل بأس بسه‪ ،‬عسن محمسد بسن واسسع‪ ،‬أنسه حضسر جنازة‪ ،‬فلمسا رجسع إلى‬
‫أهله‪ ،‬أ ُتي بغدائه‪ ،‬فبكى‪ ،‬وقال‪ :‬هذا يوم منغ َّص علينا نهاره‪ ،‬وأبى أن‬
‫يَطْعَم‪ .‬وانظر أثر يحيى بن أبي كثير في الهامش قبل السابق‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن الفعل الموافق‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫يتوهم‬ ‫أن‬ ‫بمؤمن‬ ‫يليق‬ ‫وهل‬ ‫ورثته؟‬ ‫وفي‬
‫لفعل الرسول وأصحابه والسلف الصالح يكون فيه إزراء‬
‫بالميت وورثته؟ سبحانك هذا بهتان عظيم‪ ،‬ولسنا ندري ما‬
‫الّذِي حمسسل ال ُسسستاذ الجزار وتلميذه خزيران على مخالفسسة‬
‫مذهبهمسا ومذاهسب بقيسة الئمسة‪ ،‬فهسل هسو الجهسل؟ ل نعتقسد‬

‫ت بنحوه عن أبي الدرداء‪.‬‬‫() ظفر ُ‬‫‪1‬‬

‫أخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ‪ - 28‬بتحقيقي) ‪-‬ومن‬


‫طريقسه ابسن عسساكر فسي «تاريسخ دمشسق» (‪ - 47/193‬ط‪ .‬دار‬
‫الفكر)‪ -‬من طريق يحيى بن جابر‪ ،‬قال‪ :‬خرج أبو الدرداء إلى جنازة‪،‬‬
‫وأتى أهل الميت يبكون عليه‪ ،‬فقال‪ :‬مساكين‪ ،‬موتى غد ٍ يبكون على‬
‫ميت اليوم‪.‬‬
‫وإسناده ضعيف‪ ،‬يحيى بن جابر لم يدرك أبا الدرداء‪.‬‬
‫وأما أثر الحسن‪ ،‬فقد ورد بمعناه‪.‬‬
‫أخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» ‪-‬أيضاً‪( -‬رقم ‪ )35‬عن مالك‬
‫بسن دينار‪ ،‬قال‪ :‬كنسا مسع الحسسن فسي جنازة‪ ،‬فسسمع رجل ً يقول لخسر‪:‬‬
‫مسسن هذا الميسست؟ فقال الحسسسن‪ :‬هذا أنسسا وأنسست رحمسسك اللّه‪ ،‬أنتسسم‬
‫بأولنسا‪ .‬وهسو فسي «الموت»‬ ‫محبوسسون على آخرنسا‪ ،‬حتسى يلحسق آخرنسا ّ‬
‫لبسن أبسي الدنيسا ‪-‬أيضاً‪( -‬رقسم ‪ - 558‬بتجميعسي)‪ ،‬وانظسر نحوه عنسه‬
‫فسسي «القبور» (رقسم ‪ - 198‬الملحسسق)‪ ،‬وهسسو عنسسد ابسسن رجسسب فسسي‬
‫«أهوال القبور» (رقم ‪.)544‬‬
‫() المأثور فسي ذلك عسن ابسن عمسر ل ابسن مسسعود‪ ،‬وهسو معزو‬ ‫‪2‬‬

‫لسس«سسنن سسعيد بسن منصسور»‪ ،‬وهسو غيسر موجود فسي القسسم المطبوع‬
‫منه‪.‬‬
‫() قصسسيدة مشهورة جداً‪ ،‬ألفهسسا محمسسد بسسن سسسعيد بسسن حماد‬ ‫‪1‬‬

‫الصسسنهاجي البوصسسيري (ت ‪684‬هسسس)‪ ،‬وتسسسمى «قصسسيدة الكواكسسب‬


‫الدريسة فسي مدح خيسر البريسة»‪ ،‬اعتنسى العلماء بتشطيرهسا ومعارضتهسا‪،‬‬
‫والتعليسق عليهسا‪ ،‬وأفردهسا غيسر واحد ٍ بنقد ٍ خاص‪ ،‬ول سسيما فسي المور‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫من السسنين فسي مقام‬ ‫ت‬
‫ٌس ِس‬ ‫عشرا‬ ‫عليسه‬ ‫مضسى‬ ‫من‬
‫ذلك؛ ل ّس َس‬
‫ن‬
‫الفتاء ل تخفى عليه مسألة بسيطة( ) مذكورة في «مراقي‬
‫‪1‬‬

‫الفلح»( ) و«حواشيسسسه»( )‪ ،‬وهسسسو أول كتاب يقرأ فسسي فقسسه‬


‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫ن الحامسل لهمسا‬
‫ن أ ّس‬
‫السسادة الحنفيسة‪ ،‬والذي يغلب على الظ ّس‬
‫على ذلك‪ ،‬هسو بغيسة المحافظسة على مكانتهمسا الوهميسة بيسن‬
‫ن ينفر منهما رعا ع ُ الناس‪ ،‬الذين اتخذوا‬ ‫العامة؛ حذرا ً ِ‬
‫من أ ْ‬
‫التي تخص العقيدة‪ ،‬انظر أبياتا ً منتقدة منها في «القول المفيد على‬
‫كتاب التوحيسسسد» (‪ ،)476 ،185-184 ،82-1/81‬و«مظاهسسسر‬
‫النحرافات العقديسسسة» (‪ ،)430-1/428‬وممسسسن انتقدهسسسا بكتاب‬
‫مفرد‪ :‬الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن المام محمد بن عبدالوهاب‪،‬‬
‫له «هذا بيان المحجسسة فسسي الرد= =على صسساحب اللجسسة» مطبوع‬
‫ضمسسن «مجموعسسة التوحيسسد» (الرسسسالة الثالثسسة عشرة‪ ،‬ص ‪-435‬‬
‫‪ ،)542‬والشيسخ عبدالبديسع صسقر‪ ،‬وشيخنسا محمسد نسسيب الرفاعسي‬
‫‪-‬رحمسه اللّه‪ ،-‬ولبسي الفضسل عبداللّه بسن محمسد بسن الصسديق الغماري‬
‫«نقسسد قصسسيدة البردة» مطبوع آخسسر «رفسسع الشكال عسسن مسسسألة‬
‫المحال»‪ .‬وانظسر عسن هذه القصسيدة‪« :‬المدائح النبويسة» لزكسي مبارك‬
‫(ص ‪« ،)198-197‬المدائح النبوية بين المعتدلين والغلة» لمحمد‬
‫بن سعد بن حسين (ص ‪« ،)74-54‬كشف الظنون» (‪-2/1331‬‬
‫‪« ،)1349‬هدية العارفين» (‪.)2/138‬‬
‫وانظسر عسن نقدهسا ‪-‬مجملً‪ -‬مقالة أخينسا الشيسخ السسلفي محمسد‬
‫المغراوي المنشورة فسي مجلتنسا «الصسالة» (العدد الخامسس عشسر‪/‬‬
‫‪/15‬ذي القعدة‪/‬سسسنة ‪1415‬هسسس) (ص ‪ )88-75‬بعنوان (حول‬
‫قصيدة البردة)‪ ،‬وكتابنا «شعر خالف الشرع»‪ ،‬يسر اللّه إتمامه بخير‬
‫وعافية‪.‬‬
‫وانظسسر عنهسا «الدب فسي التراث الصسوفي» لمحمسد عبببد المنعببم‬
‫خفاجسسسي (ص ‪ .)258-253‬وانظسسسر عسسسن بدعيسسسة التزام (البردة)‬
‫و(الشقراطسسية) أمام الجنائز‪ ،‬وفسي حلق الذكسر فسي‪« :‬عدة المريسد‬
‫الصادق» (ص ‪ )551‬للشيخ زروق‪ ،‬وكتابنا «شعر خالف الشرع»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الديسسن متجراً‪ ،‬لو أفتيسسا بالحسسق الذي يصسسادم منفعسسة أولئك‬
‫المبتدعيسن‪ ،‬فليتقوا اللّه‪ ،‬وليقولوا قول ً سسديداً‪ ،‬وهنسا نبدأ برد‬
‫ما قال‪.‬‬
‫قال فسسي رده حكسسم العلمسسة الزنكلونسسي مسسا معناه‪ :‬إنسسه‬
‫يجسب على المفتسي أن يكون جوابسه فسي المسسألة بعسد تأمله‬

‫() وممسن نسص على كراهيسة ذلك ‪-‬أيضاً‪ :-‬الشيسخ الدرديسر فسي‬ ‫‪1‬‬

‫«الشرح الكسسبير» (‪ ،)4/423‬فذكسسر مسسن المخالفات‪« :‬وقول ‪-‬أي‪:‬‬


‫متبعسسي الجنازة‪ :-‬اسستغفروا لهسا»‪ ،‬قال الدسسسوقي‪« :‬وذلك كمسا يقسسع‬
‫بمصسسسسسر‪ ،‬يمشسسسسسي رجسسسسسل قدام الجنازة‪ ،‬ويقول‪ :‬هذه جنازة فلن‬
‫اسسسسستغفروا له»‪ ،‬وفسسسسي «تقريرات عليسسسسش» تعليسسسسل لذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«لمخالفة السلف»‪.‬‬
‫() (ص ‪ - 62‬ط‪ .‬الولى عسسسن المكتسسسب السسسسلمي) وعليسسسه‬ ‫‪2‬‬

‫«حاشية العلمة الشيخ محمد بن مانع»‪.‬‬


‫() المسمى «نيل المآرب» (‪.)230-1/229‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ما بين المعقوفتين زيادة توضيحية من المصنِّفَيْن‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مسا بيسن المعقوفتيسن سسقط مسن المطبوع‪ ،‬وأثبتسه مسن «نيسل‬ ‫‪2‬‬

‫المآرب»‪.‬‬
‫() ما بين المعقوفتين زيادة من المصنِّفَيْن‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() (‪( )1/405‬منهما)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المسمى «كشاف القناع» (‪.)2/130‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في المطبوع‪« :‬لقول»‪ ،‬والمثبت من «كشاف القناع»‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() أخرجسسسه أبسسسو داود (‪ ،)3171‬وأحمسسسد (‪،528 ،2/427‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،)532‬والبيهقسسسسسسي (‪ ،)395-3/394‬وابسسسسسسن الجوزي فسسسسسسي‬


‫«الواهيات» (‪ )1504‬عسسن أبسسي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسسسول اللّه ‪:‬‬
‫«ل تُت ْسبع الجنازة بنار ول صسوت»‪ .‬وإسسناده ضعيسف‪ .‬والحديسث حسسن‬
‫لغيره؛ لشواهده‪ .‬وصح ذلك موقوفاً‪ ،‬وهذا البيان‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫من السستاذين؛ لنسه بمثابسة‬
‫ِس‬ ‫كسل‬ ‫بهسا‬ ‫أدلى‬ ‫التسي‬ ‫الحجسج‬ ‫فسي‬
‫الطبيب‪.‬‬
‫مل فسسي جواب العلمسسة الزنكلونسسي‬
‫نقول‪ :‬يظهسسر للمتأ ّ سِ‬
‫«الذي قطع قول كل خطيب»‪ ،‬أنه نظر في الجوابين نظر‬
‫تدقيسسق وتحقيسسق وإمعان‪ ،‬ثسسم أيسسد بفتواه فتوى المسسستدل‬
‫بكتاب اللّه وسسنة رسسوله وأقوال الفقهاء‪ ،‬وزيسف قول مسن‬
‫أخرج مالك (‪ )1/226‬بسسند صسحيح عسن أبسي هريرة‪ ،‬أنسه نهسى‬
‫أن يُتْبع بعد موته بنار‪.‬‬
‫وأخرج مسسلم (‪ )121‬عسن عبداللّه بسن عمرو قوله‪« :‬فإذا أنسا‬
‫مت فل تصحبني نائحة ول نار»‪.‬‬
‫أنسسه نهسسى أن يتبسسع الميسست‬ ‫وفسسي الباب عسسن جابر عسسن النسسبي‬
‫ت أو ناٌر‪.‬‬
‫صو ٌ‬
‫أخرجسه أبسو يعلى (‪ .)2627‬وفيسه عبداللّه بسن المحّرر‪ ،‬منكسر‬
‫الحديسث‪ ،‬وتحرف اسسمه= =على الهيثمسي فسي «المجمسع» (‪)3/29‬‬
‫فلم يعرفه!!‬
‫وفسي الباب عن ابسن عمسر‪ ،‬أخرج أحمسد (‪ ،)2/92‬وابسن ماجه (‬
‫‪ ،)1583‬والطحاوي فسسسسسسي «شرح معانسسسسسسي الثار» (‪،)1/484‬‬
‫والطبراني (‪ )13498 ،13484‬عنه‪ ،‬قال‪ :‬نهى رسول اللّه أن‬
‫تُتْبع جنازة معها َرنَّة‪ .‬وإسناده ضعيف‪.‬‬
‫قال السسندي‪َ(« :‬رن َّسة) بفتسح راء وتشديسد نون‪ :‬صسوت مسع بكاء‪،‬‬
‫فيه ترجيع‪ ،‬كالقلقلة واللقلقة»‪.‬‬
‫وورد بلفسظ‪« :‬فيهسا صسارخة» عنسد ابسن حبان فسي «المجروحيسن»‬
‫(‪ ،)1/254‬وأورده ابسن الجوزي فسي «الموضوعات» ( ‪.)3/225‬‬
‫ونحوه فسي «الحليسة» (‪ )6/66‬مسن طريسق آخسر عنسه‪ ،‬ولكسن السسانيد‬
‫الواردة في ذلك ضعيفة جداً‪.‬‬
‫() (‪ - 1/422‬على هامش «شرح القناع») (منهما)‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫قلت‪ :‬وانظره (‪ - 1/164‬تحقيق عبد الغني عبد الخالق)‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أخذ من غير فهم بقول الشعراني عن شيخه الخواص( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال‪ :‬ولو دقسسسسق ‪-‬أي‪ :‬العلمسسسسة الزنكلونسسسسي‪ -‬بجواب‬


‫من اليسة‬ ‫صاب؛ لتسبيَّن له أ ّ‬
‫نس مسا أتسى فسي صسدره ِس‬ ‫الفاضسل الق َّس‬
‫والحديث إثباتا ً لدعواه التي صدر بها جوابه ل يفيده‪ ،‬بل ول‬
‫تعلق لهمسا بموضوع السسؤال أصسلً‪ ،‬لمسا أن معنسى اليسة هسو‪:‬‬
‫من بدايسة أمركسم‬
‫من قام بأمسر تربيتكسم ِس‬
‫م ّس‬
‫(اطلبوا حوائجكسم ِ‬

‫() انظسسر‪« :‬إرشاد أولي النهسسى لدقائق المنتهسسى» (‪،)1/366‬‬ ‫‪3‬‬

‫«غايسسة المنتهسسى» (‪« ،)1/264‬حاشيسسة ابسسن قائد على المنتهسسى» (‬


‫‪.)1/421‬‬
‫وانظسسسر عسسسن (شروح «المنتهسسسى»)‪« :‬المدخسسسل المفصسسسل» (‬
‫‪ )784-2/780‬للشيخ العلّمة بكر أبو زيد ‪-‬حفظه اللّه وعافاه‪.-‬‬
‫() كذا في المطبوع! وصوابه‪« :‬ابن منصور»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه في التعليق على (ص ‪.)16 ،15 ،14‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ولد في (سبك الحد) من قرى (أشمون)‪ ،‬بالمنوفية‪ ،‬وتعلّم‬ ‫‪1‬‬

‫بالزهر‪ ،‬كبيراً‪ ،‬ودّرس فيه‪ ،‬وأسس الجمعي ّة الشرعية‪ ،‬وترأسها من‬


‫سسسنة (‪1331‬هسسس) إلى (‪1352‬هسسس)‪ ،‬وتوفسسي بالقاهرة‪ ،‬له كتسسب‬
‫عديدة؛ أشهرهسا‪« :‬الديسن الخالص» ويسسمى «إرشاد الخلق إلى ديسن‬
‫الحسق»‪« ،‬أعذب المسسالك المحموديسة»‪« ،‬هدايسة المسة المحموديسة»‬
‫(خطب منبرية)‪« ،‬المنهل العذب المورود»‪.‬‬
‫انظسسسر ترجمتسسسه فسسسي‪« :‬العلم الشرقيسسسة» (‪408-1/406‬‬
‫ترجمسة ‪« ،)504‬مجلة الفتسح» ( ‪/20‬ربيسع الول‪/‬سسنة ‪1352‬هسس)‪،‬‬
‫«مجلة السلم» العدد ( ‪ ،)12‬السنة الثانية‪« ،‬العلم» ( ‪،)7/186‬‬
‫«الديسسن الخالص» ( ‪ )439-7/434‬له‪« ،‬معجسسم المطبوعات‬
‫العربية» (‪.)1005‬‬
‫شري ابسسن السسسيد أبسسي فراج سسسليم‪،‬‬ ‫() هسسو الشيسسخ سسسليم الب ِ ْ‬
‫‪2‬‬

‫المالكسسسي المذهسسسب‪ ،‬شيسسسخ الجامسسسع الزهسسسر (وهسسسو الشيسسسخ الرابسسسع‬


‫والعشرون)‪ ،‬وشيسخ المالكيسة‪ ،‬ولد سسنة ‪1248‬هسس ‪1832 -‬م فسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫إلى نهايتسسه‪ ،‬حال كونكسسم خاضعيسسن متذلّليسسن له‪ ،‬متأ ِدّبيسسن‬
‫بخفسض أصسواتكم غيسر متجاوزيسن مكانتكسم‪ ،‬ومسا تسستعد إليسه‬
‫من‬‫ن المراد ِ‬ ‫ن المفسرين إلى أ َّ‬‫م َ‬
‫ذواتكم)‪ ،‬ولم يذهب أحد ِ‬
‫ذّكر‪.‬‬‫الدّعاء فيها هو ال ِ‬
‫ن هذا العتراض غيسر وارد ألبتسة؛ ل َّس‬
‫ن السسؤا َ‬
‫ل‬ ‫نقول‪ :‬إ َّس‬
‫صه‪« :‬مسا قول أهسل العلم الحسق‬ ‫الذي وجسه إلى أحدنسا هذا ن َس ُّ‬

‫محلة (بشسسر) بمديريسسة البحيرة‪ ،‬ونشسسأ بهسسا‪ ،‬وتلقسسى العلم على كبار‬
‫علماء عصسسره‪ ،‬كالشيسسخ ع ُل َ سيش‪ ،‬والباجوري‪ ،‬وغيرهمسسا‪ ،‬وكان واسسسع‬
‫الطلع في علوم السنة‪ ،‬توفي في شهر ذي الحجة سنة ‪1335‬هس‬
‫‪1917 -‬م‪ ،‬له «تحفسة الطلب بشرح رسسالة الداب»‪« ،‬شرح نهسج‬
‫البردة لشوقسي»‪« ،‬حاشيسة على رسالة الشيسخ عليش في التوحيسد»‪،‬‬
‫«المقامات السنية في الرد على القادح في البعثة النبوية»‪.‬‬
‫انظسسر ترجمتسسه فسسي «العلم الشرقيسسة» (‪،)314-1/313‬‬
‫«الكنز الثمين» (‪« ،)1/106‬مرآة العصر» ( ‪« ،)2/465‬العلم»‬
‫(‪.)3/119‬‬
‫سونة بن عبداللّه النّواوي الحنفي‪ ،‬شيخ الجامع‬‫ح ُّ‬
‫() هو الشيخ َ‬ ‫‪1‬‬

‫الزهسر (وهسو الشيسخ الثانسي والعشرون مسن شيوخ الزهسر)‪ ،‬ولد فسي‬
‫(نواي) من قرى (أسيوط) مصر‪ ،‬وتعلم في الزهر‪ ،‬وفي عهده وضع‬
‫للجامسع الزهسر نظامات ولوائح‪ ،‬ورتسب شؤون رواتبسه‪ ،‬وأدخسل بعسض‬
‫العلوم؛ كالحسساب‪ ،‬والهندسسة‪ ،‬والجسبر‪ ،‬وتقويسم البلدان‪ ،‬توفسي سسنة‬
‫‪1343‬هسسسس ‪1924 -‬م‪ ،‬وله كتاب «سسسسلم المسسسسترشدين لحكام‬
‫=‬ ‫الشريعة والدين» في ثلثة أجزاء‪.‬‬
‫‪ 1/301‬رقسم‬ ‫انظسر ترجمتسه فسي‪« :‬العلم الشرقيسة» (‬ ‫=‬
‫‪« ،)402‬مرآة العصر» ( ‪« ،)190‬تاريخ الزهر» ( ‪« ،)156‬مجلة‬
‫الزهراء» (‪« ،)2/485‬العلم» (‪.)2/229‬‬
‫() ولد سسسنة ‪1264‬هسسس ‪1487 -‬م فسسي بلدة وراق الحضسسر‬ ‫‪2‬‬

‫التابعة للجيزة‪ ،‬ونشأ بها‪ ،‬وتلقى العلم على كبار علماء عصره‪( ،‬وهو‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫في الصياح في التهليل والتكبير وغيره أمام الجنائز‪ ،‬أفتونا‬
‫ن لفظسسة (وغيره) تشمسسل‬ ‫أثابكسسم اللّه؟»‪ ،‬و ِسس‬
‫من المعلوم أ ّسس‬
‫الدعاء والسستغاثة وكسل مسا يرفسع بسه الصسوت مسع الجنازة‪،‬‬
‫فتكون اليسة الشريفسة على هذا دليل ً واضحا ً فسي الموضوع‪،‬‬
‫ن الدعاء ذكر أيضا ً «ل كما ادعاه حضرة المعترض»‪،‬‬ ‫على أ ّ‬
‫بدليسسل قوله ‪-‬تعالى‪ -‬حكايسسة عسسن سسسيدنا يونسسس فسسي دعائه‪:‬‬
‫الشيسسخ السسسابع والعشرون فسسي شيوخ جامسسع الزهسسر)‪ ،‬وكان واسسسع‬
‫االطلع فسسسي العلوم العقليسسسة والنقليسسسة والفلسسسسفية‪ ،‬توفسسسي سسسسنة‬
‫‪1346‬هسسسسس ‪1927 -‬م‪ ،‬له «رسسسسسالة فسسسسي البسسسسسملة وحديثهسسسسا‬
‫المشهور»‪« ،‬تقريسر على كتاب ابسن الحاجسب فسي الصسول»‪« ،‬الطراز‬
‫الحديث في مصطلح الحديث»‪.‬‬
‫انظسر ترجمتسه فسي‪« :‬العلم الشرقيسة» (‪ 356-1/355‬رقسم‬
‫‪ ،)206‬وجريدة‬ ‫‪ ،)463‬مجلة «كسسل شيسسء والعالم» (رقسسم‬
‫«الهرام»‪ ،‬سسسسسنة ‪1927‬م‪ ،‬مجلة «الفتسسسسح» (‪/22‬محرم‪/‬سسسسسنة‬
‫‪« ،)1346‬الكنر الثمين» (‪« ،)112‬العلم» (‪.)6/330‬‬
‫() هو الشيخ محمد بخيت بن حسين المطيعي الحنفي‪ ،‬مفتي‬ ‫‪1‬‬

‫الديار المصرية‪ ،‬ومن كبار فقهائها‪ ،‬ولد سنة ‪1271‬هس ‪1854 -‬م‬
‫فسي بلدة (المطيعسة) مسن أعمال أسسيوط‪ ،‬وتعلم فسي الزهسر‪ ،‬واشتغسل‬
‫بالتدريس فيه‪ ،‬توفي بالقاهرة سنة ‪1354‬هس ‪1935 -‬م‪ ،‬له كتب‬
‫كثيرة؛ منهسسسا‪« :‬أحسسسسن الكلم فيمسسسا يتعلق بالسسسسنة والبدعسسسة مسسسن‬
‫الحكام»‪« ،‬الكلمات الحسسان فسي الحرف السسبعة وجمسع القرآن»‪،‬‬
‫«الجوبة المصرية عن السئلة التونسية»‪.‬‬
‫انظسر ترجمتسه فسي‪« :‬العلم الشرقيسة» (‪ 499-2/497‬رقسم‬
‫‪« ،)416‬مجلة الرسسسسالة» ( ‪« ،)3/1757‬مرآة العصسسسر» (‬
‫‪« ،)2/467‬تاريسسخ الزهسسر» ( ‪« ،)172‬قطرة مسسن مداد العلم‬
‫المعاصسرين والنداد» لمحمسد لطفسي جمعسة (‪« ،)280-275‬الفتسح‬
‫المسسبين فسسي طبقات الصسسوليين» (‪« ،)3/181‬الفكسسر السسامي» (‬
‫‪« ،)4/38‬الكنز الثمين» (‪« ،)118‬العلم» (‪.)6/50‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫خزيران»‬
‫ت‬‫ْس ُ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫حان‬ ‫سب‬ ‫ت‬
‫َس ُس ْ َ َ ِ ّ ِس‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ه‬‫َس‬
‫ِ َ ِ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ما‬
‫َ ِس‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫الظ‬ ‫ي‬ ‫{فَنَادَى ِس‬
‫ف‬
‫َ‬
‫ن} [النسبياء‪ .]87 :‬روى الحافسظ ابسن كثيسر فسي‬ ‫ن الظ ّال ِ ِ‬
‫مي َس‬ ‫م َس‬
‫ِ‬
‫«تفسسيره»( ) مسن حديسث مصسعب بسن سسعد‪[ ،‬عسن سسعد]( )‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫من دعسا بدعاء يونسس اسستجيب‬ ‫قال‪ :‬قال رسسول اللّه ‪َ « :‬س‬
‫له»( )‪ ،‬وفي «فتح البيان»( )‪« :‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫وأخرج أحمسد والترمذي والنسسائي والحاكسم ‪-‬وصسححه‪-‬‬

‫() هسسسو المترجسسسم فسسسي «أعيان دمشسسسق» (ص ‪)302-301‬‬ ‫‪2‬‬

‫شطي‪.‬‬ ‫للشيخ محمد جميل ال ّ‬


‫() اسسستخدام (البسسساطة) و(التبسسسيط) بمعنسسى (التسسسهيل) مسسن‬ ‫‪1‬‬

‫الخطاء الشنيعسة‪ ،‬وقولهسم‪ :‬مسسألة بسسيطة‪ ،‬هذا شيسء بسسيط‪ ،‬تكلم‬


‫ببساطة‪ ،‬وهذا ل يعتقده إل البسطاء‪ ،‬خطأ‪ ،‬قال صاحب «اللسان»‪:‬‬
‫«ورجسسل بسسسيط‪ :‬منبسسسط بلسسسانه‪ ،‬وقسسد بسسسطه بسسساطة‪ .‬الليسسث‪:‬‬
‫البسسيط‪ :‬المنبسسط اللسسان‪ ،‬والمرأة بسسيط‪ ،‬ورجسل بسسيط اليديسن‪:‬‬
‫منبسط بالمعروف‪ ،‬وبسيط الوجه‪ :‬متهلل‪ ،‬وجمعها‪ :‬بسط»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فقسد رأيست أن (البسساطة) ل تدل على مسا يريسد المؤلفان‬
‫ن البسيط في‬ ‫بها‪ ،‬وذلك بعيد عن استعمال العرب‪ ،‬بل هو ضده؛ ل َّ‬
‫اللغسسة‪ ،‬هسسو الواسسسع‪ ،‬ومسسن أجسسل ذلك سسسميت الرض (البسسسيطة)؛‬
‫لسعتها‪.‬‬
‫وأصل هذا الخطأ‪ ،‬آت من اصطلح الطباء في تسميتهم الدواء‬
‫الذي هسسو مسسن مادة واحدة (بسسسيطاً)‪ ،‬ويقابله (المركسسب) الذي يتألف‬
‫مسسن أجزاء‪ ،‬كسسل جزء مسسن مادة‪ ،‬وقسسد اسسستعمله الفلسسسفة ‪-‬أيضاً‪،-‬‬
‫فقسسسموا الجهسسل إلى قسسسمين‪( :‬جهسسل بسسسيط)‪ ،‬و(جهسسل مركسسب)‪،‬‬
‫والول‪ :‬أن يكون الشخسسسسص جاهلً‪ ،‬ويعلم أنسسسسه جاهسسسسل‪ .‬وقولهسسسسم‪:‬‬
‫(بسيط)‪ ،‬و(بساطة) ترجمة للكلمة الجنبية (‪)Simple‬؛ يراد به‪ :‬شيء‬
‫سطه)‬ ‫سسهل غيسر مركسب‪ ،‬غيسر معقسد‪ ،‬وأخسذ منسه كثيسر مسن الناس (ب ّس‬
‫‪-‬بتشديسسد السسسين‪ :-‬جعله بسسسيطاً؛ أي‪ :‬سسسهل ً غيسسر معقسسد‪ ،‬أو قليلً‪ ،‬أو‬
‫حقيراً‪ ،‬وكل ذلك خطأ شهير‪ ،‬وضلل مبين‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والبيهقسي عسن سسعد بسن أبسي وقاص‪ ،‬قال‪ :‬سسمعت رسسو َ‬
‫ل‬
‫اللّه قال‪« :‬دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت ل إله‬
‫م رب َّسه فسي شيسء قسط‪ ،‬إل‬
‫إل أنست‪ ...‬إلخ‪ ،‬لم يدع بهسا مسسل ٌ‬
‫اسستجاب له»( )‪ ،‬وقال العلمسة الصساوي فسي «حاشيتسه على‬ ‫‪1‬‬

‫الجلليسن»( )‪« :‬وهذا الدعاء (أي‪ :‬قول يونسس‪ :‬ل إله إل أنست‬ ‫‪2‬‬

‫ن الظالميسسن) عظيسسم جدّاً؛ لشتماله‬


‫م َس‬
‫سسسبحانك إنسسي كنسست ِ‬
‫انظسر «تقويسم اللسسانين» (ص ‪ )126-125 ،34-32‬للدكتور‬
‫محمد تقي الدين الهللي‪.‬‬

‫() تقدم النقل عنه (ص ‪.)7‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)7‬‬ ‫‪3‬‬

‫() انظر «فصل الخطاب» (ص ‪ )36‬لل َّزنكلوني‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وبعدهسا فسي صسلب الكتاب‪« :‬راجسع (ص ‪ !»)10‬ثسم صسوبت فسي‬


‫آخر الكتاب في (جدول تصحيح الخطأ) إلى (ص ‪.)36‬‬
‫‪ -‬ط‪ .‬دار الشعب)‪.‬‬ ‫() (‪5/363‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سقطت من المطبوع‪ ،‬وأثبتها من «تفسير ابن كثير»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أخرجه البزار في «البحر الزخار» (ق ‪ 197‬أو رقم ‪- 69‬‬ ‫‪3‬‬

‫مسسند سسعد‪/‬ط‪ .‬الحوينسي‪ ،‬أو ‪ 3/363‬رقسم ‪ - 1163‬ط‪ .‬محفوظ‬


‫‪-‬رحمسه اللّه‪ ،)-‬والدورقسي فسي «مسسند سعد» (رقسم ‪ ،)36‬وأبسو يعلى‬
‫فسسي «المسسسند» (‪ 2/65‬رقسسم ‪- )707‬ومسسن طريقسسه الضياء فسسي‬
‫«المختارة» (‪ -)2/351‬وابسسن عدي فسسي «الكامسسل» (‪،)6/2088‬‬
‫والحاكسسم فسسي «المسسستدرك» (‪ ،)2/584‬وابسسن أبسسي حاتسسم فسسي‬
‫«تفسسيره» (‪ 8/2465‬رقسم ‪)13713‬؛ جميعهسم مسن طريسق أبسي‬
‫َ‬
‫خالد الحمسر‪ ،‬عسن كثيسر بسن زيسد بسن المط ّلب بسن عبداللّه بسن حنطسب‪،‬‬
‫عن مصعب بن سعد‪ ،‬به‪.‬‬
‫وتفرد بسسه أبسسو خالد الحمسسر عسسن كثيسسر‪ ،‬أفاده البزار‪ ،‬وقاله الدار‬
‫قطنببي فسسي «الغرائب والفراد» (ق‪/57‬أ أو ‪ 1/326‬رقسسم ‪- 496‬‬
‫المطبوع)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫على التهليسسسل والتسسسسبيح والقرار بالذنسسسب‪ ،‬ولذا ورد فسسسي‬
‫من مكروب يدعسو بهذا الدعاء‪ ،‬إل اسستجيب‬ ‫الحديسث‪« :‬مسا ِس‬
‫له»( )‪ ،‬وبدليسسل قوله فسسي حديسسث عرفسسة‪« :‬أكثسسر دعائي‬ ‫‪1‬‬

‫ودعاء النسسبياء قبلي بعرفات‪ :‬ل إله إل اللّه وحده ل شريسسك‬


‫له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وإسناده صالح‪ ،‬والحديث صحيح بالشاهد الذي يليه‪.‬‬


‫() (‪ )4/432‬لصديق حسن خان‪ ،‬ومثله في «فتح القدير» (‬ ‫‪4‬‬

‫‪ - 3/100‬ط‪ .‬الرشسسسد) للشوكانسسسي‪ ،‬و«الدر المنثور» (‪)5/668‬‬


‫للسسيوطي‪ .‬وزاد عزوه إلى الحكيسم فسي «نوادر الصسول» وابسن جريسر‬
‫وابن أبي حاتم والبزار وابن مردويه والبيهقي في «الشعب»‪.‬‬
‫() أخرجسه أحمسد (‪ ،)1/170‬والترمذي (‪ ،)3500‬والنسسائي‬ ‫‪1‬‬

‫فسسي «عمسسل اليوم= =والليلة» (رقسسم ‪ ،)656 ،655‬والبزار فسسي‬


‫«مسسنده» (ق‪ 200‬أو رقسم ‪ - 117‬مسسند سسعد‪/‬ط‪ .‬الحوينسي‪ ،‬أو‬
‫رقسسم ‪ - 1163‬ط‪ .‬محفوظ ‪-‬رحمسسه اللّه‪ ،)-‬وأبسسو يعلى (‪-2/110‬‬
‫‪ 111‬رقسسسم ‪ ،)772‬والحاكسسسم فسسسي «المسسسستدرك» (‪ 1/505‬و‬
‫‪ ،)383-2/382‬والطسسبراني فسسي «الدعاء» (رقسسم ‪ ،)124‬وابسسن‬
‫أبسي الدنيسا فسي «الفرج بعسد الشدة» (ص ‪ ،)26-25‬وابسن أبسي حاتسم‬
‫فسسسي «التفسسسسير» (‪ 8/2465‬رقسسسم ‪- )13712‬وإسسسسناده فسسسي‬
‫«تفسسسير ابسسن كثيسسر» (‪ ،-)5/363‬والبيهقسسي فسسسي «الشعسسب» (‬
‫‪ 1/432‬رقسسم ‪ )620‬و«الدعوات الكسسبير» (رقسسم ‪،)167 ،166‬‬
‫وابسن السسني فسي «عمسل اليوم والليلة» (‪ ،)343‬مسن طريسق محمسد‬
‫بن سعد عن أبيه‪ ،‬به‪.‬‬
‫وإسناده صحيح‪.‬‬
‫وأخرجسسه ابسسن جريسسر (‪ ،)17/65‬والحاكسسم (‪)506-1/505‬‬
‫مسسن طريسسق سسسعيد بسسن المسسسيب عسسن سسسعد‪ ،‬وفيسسه عمرو بسسن بكسسر‬
‫السكسكي‪ ،‬متروك‪ ،‬فإسناده ضعيف جداً ‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫قال ابسن الثيسر فسي «النهايسة»( )‪« :‬إنمسا سسمي التهليسل‬
‫‪1‬‬

‫والتحميسد والتمجيسد دعاء؛ لنسه بمنزلتسه فسي اسستيجاب ثواب‬


‫اللّه وجزائه؛ كالحديسث الخسر‪« :‬إذا شغسل عبدي ثناؤه عل َّس‬
‫ي‬
‫مسألتي أعطيت ُه أفضل ما أُعطي السائلين»( ) ا‪.‬هس‪ .‬وبدليل‬
‫‪2‬‬

‫قوله ‪« :‬أفضسسسل الذِّكسسسر‪ :‬ل إله إل اللّه‪ ،‬وأفضسسسل الدعاء‪:‬‬

‫وأخرجسه ابسن السسني فسي «عمسل اليوم والليلة» (‪ ،)345‬وابسن‬


‫عدي فسي «الكامسل» (‪ )5/1799‬مسن طريسق أبسي أمامسة بسن سسهل‬
‫بسسن حنيسسف عسسن سسسعد‪ ،‬وإسسسناده ضعيسسف جدا ً أيضاً‪ ،‬فيسسه عمرو بسسن‬
‫الحصين العُقيلي‪ ،‬متروك‪.‬‬
‫() (‪ ،)3/88‬وانظسسسر عسسسن دعاء يونسسسس ‪-‬عليسسسه السسسسلم‪:-‬‬ ‫‪2‬‬

‫«المجالسة» للدينوري (رقم ‪ - 124 ،123‬بتحقيقي)‪.‬‬


‫() غيسسر محفوظ بهذا اللفسسظ‪ ،‬ومسسا ورد آنفا ً يغنسسي عنسسه‪ ،‬واللّه‬
‫‪1‬‬

‫الموفق‪.‬‬
‫() أخرجسسسه مالك فسسسي «الموطسسسأ» (‪- )2/38‬ومسسسن طريقسسسه‬ ‫‪2‬‬

‫عبدالرزاق في «المصنف» (‪ ،)4/378‬والفاكهي في «أخبار مكة»‬


‫(‪ 5/25‬رقم ‪ ،)2760‬والبيهقي في «السنن الكبرى» (‪4/284‬‬
‫و‪ )5/117‬وفسسي «فضائل الوقات» (ص ‪ )367‬وفسسي «الدعوات‬
‫الكسسبير» (رقسسم ‪ ،)468‬والبغوي فسسي «شرح السسسنة» (‪،-)7/157‬‬
‫عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش‪= =،‬عن طلحة بن عبيد اللّه‬
‫مرفوعاً‪.‬‬
‫قال البيهقسسي عقبسسه فسسي «السسسنن»‪« :‬هذا مرسسسل»‪ ،‬وزاد فسسي‬
‫صلُه‬
‫الموطسن الثانسي‪« :‬وقسد روي عسن مالك بإسسناد آخسر موصسولً‪ ،‬وَوَس ْ‬
‫ضعيف»‪.‬‬
‫وقال في «الفضائل»‪« :‬مرسل حسن»‪.‬‬
‫وقال فسسي «الدعوات»‪« :‬وهذا منقطسسع‪ ،‬وقسسد روي مسسن حديسسث‬
‫مالك بإسناد آخر موصولً‪ ،‬وهو ضعيف‪ ،‬والمرسل هو المحفوظ»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الحمسسد للّه»( )‪ .‬قال المناوي( ) فسسي تفسسسير «أفضسسل الدعاء‪:‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫الحمد للّه»‪ :‬الدعاء عبارة عن ذكر اللّه‪.‬‬


‫وأمسا قوله‪ :‬ل تعلق لليسسة والحديسث بموضوع السسسؤال؛‬
‫ن للية الكريمة تعلقا ً تاما ً بالمسئول عنه‪،‬‬
‫فإنه واهم فيه؛ ل ّ‬
‫وهو الصياح في التهليل والتكبير وغيرهما‪ ،‬ولو أنعم النظر‬
‫فسسسي تفسسسسيره الذي ذكره وهسسسو قوله‪« :‬متأدبيسسسن بخفسسسض‬

‫قلت‪ :‬وصسله ابسن عدي فسي «الكامسل» (‪،)1600-4/1599‬‬


‫والبيهقسي فسي «الشعسب» (‪ ،)3/462‬عسن عبدالرحمسن بسن يحيسى‬
‫ي‪ ،‬عسن أبسي صسالح‪ ،‬عسن أبسي هريرة‬
‫م ّ‬
‫س َ‬
‫المدنسي‪ :‬حدثنسا مالك‪ ،‬عسن ُس‬
‫مرفوعاً‪.‬‬
‫ي عن أبي صالح‬ ‫م ّ‬
‫س َ‬
‫قال ابن عدي‪« :‬وهذا منكر عن مالك عن ُ‬
‫عسسن أبسسي هريرة‪ ،‬ل يرويسسه عنسسه غيسسر عبدالرحمسسن بسسن يحيسسى هذا‪،‬‬
‫وعبدالرحمن غير معروف»‪.‬‬
‫وقال البيهقسي عقبسه‪« :‬هكذا رواه عبدالرحمسن بسن يحيسى‪ ،‬وغلط‬
‫فيه‪ ،‬إنما رواه مالك في «الموطأ» مرسلً»‪.‬‬
‫يّس فسي «الضعفاء الكسبير» (‪ )2/351‬لبسن يحيسى‬ ‫وترجسم العقيل ُ‬
‫هذا‪ ،‬وقال عنه‪« :‬مجهول‪ ،‬ل يقيم الحديث من جهته»‪ ،‬وقال عنه أبو‬
‫أحمسسد الحاكسسم‪« :‬ل يُعتمسسد على روايتسسه»‪ ،‬وقال الدارقطنسسي‪« :‬ليسسس‬
‫بالقوي»‪ ،‬و«ضعيسسسف»‪ ،‬وقال الزدي‪« :‬متروك‪ ،‬ل يحتسسسج بحديثسسسه»‪.‬‬
‫انظر‪« :‬اللسان» (‪.)3/443‬‬
‫وروي الحديث عن عبداللّه بن عمرو بن العاص‪.‬‬
‫أخرجسه الترمذي فسي «الجامسع» (رقسم ‪- )3585‬ومسن طريقسه‬
‫ابسسن الجوزي فسسي «مثيسسر العزم السسساكن» (‪ 1/54‬رقسسم ‪،-)136‬‬
‫والفاكهي في «أخبار مكة» (‪ 25-5/24‬رقم ‪ ،)2759‬والبيهقي‬
‫فسسسي «فضائل الوقات» (ص ‪ )369-368‬وفسسسي «الشعسسسب» (‬
‫‪ 3/358‬رقم ‪ ،)3767‬وابن الجوزي في «التبصرة» ( ‪)2/137‬‬
‫و«مثيسر العزم الساكن» (‪ 1/254‬رقم ‪ ،)137‬عن حماد بسن أبسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن تفسيره دليل لنا وحجة عليه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫لعلم‬ ‫أصواتكم»‪،‬‬
‫نس المراد بالحديسث( )‪ :‬ارفقوا على أنفسسكم‬
‫‪1‬‬
‫ثسم قال‪ :‬ول ّ‬
‫فسسي المبالغسسة بالجهسسر بالتكسسبير‪ ،‬بدليسسل مسسا ورد فسسي «سسسنن‬
‫الترمذي» مسسن خسسبر‪« :‬أتانسسي جبريسسل‪ ،‬فأمرنسسي أن آمسسر‬
‫من معي أن يرفعوا أصواتَهم بالتلبية والتكبير»( )‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أصحابي و َ‬
‫فيكون المراد بالرفسسسسع هنسسسسا رفعا ً ل مبالغسسسسة فيسسسسه؛ دفعاً‬

‫حميد‪ ،‬عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده رفعه‪.‬‬


‫قال الترمذي‪« :‬هذا حديسسث غريسسب مسسن هذا الوجسسه‪ ،‬وحماد بسسن‬
‫أبي حميد هو محمد بن أبي حميد‪ ،‬وهو أبو إبراهيم النصاري‪ ،‬وليس‬
‫بالقوي عند أهل الحديث»‪.‬‬
‫وأشار ابن عبدالبر في «التمهيد» (‪ )6/39‬إلى ضعفه‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫«وليس دون عمرو من= =يحتج به فيه»‪.‬‬
‫وروي عن علي مرفوعاً‪.‬‬
‫أخرجسه الطسبراني فسي «الدعاء» (رقسم ‪ )874‬وفسي «فضائل‬
‫عشر ذي الحجة» (‪- )13/2‬كما في «السلسلة الصحيحة» (رقم‬
‫‪ -)1503‬عن قيس بن الربيع‪ ،‬عن الغّر بن الصباح‪ ،‬عن خليفة بن‬
‫ت أنسا والنسبيون قبلي‬
‫حصسين‪ ،‬عسن علي رفعسه بلفسظ‪« :‬أفضسل مسا قل ُس‬
‫عشيسة عرفسة‪ :‬ل إله إل اللّه وحده ل شريسك له‪ ،‬له الملك وله الحمسد‪،‬‬
‫وهو على كل شيء قدير»‪.‬‬
‫هكذا قال عفان بن مسلم عن قيس‪ ،‬واختلف عليه‪.‬‬
‫أخرجه البيهقي في «الشعب» (‪/2‬ق‪/139‬أ) عن إبراهيم بن‬
‫إسحاق الحربي‪ ،‬ثنا عفان‪ ،‬به‪ ،‬ولكن بلفظ وافقه عليه ثلثة‪ ،‬وسيأتي‬
‫قريباً‪.‬‬
‫فأخرجسه الترمذي فسي «الجامسع» (رقسم ‪ )3520‬عسن علي بسن‬
‫ثابست‪ ،‬وابسن خزيمسة فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)2841‬والمحاملي فسي‬
‫«الدعاء» (رقسم ‪ ،)62‬والبيهقسي فسي «الشعسب» (‪/2‬ق‪/165‬أ) عسن‬
‫عبيداللّه بن موسى العبسي‪ ،‬وأبو نعيم في «ذكر تاريخ أصبهان» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫للمعارضسسة بيسسن الحديثيسسن‪ ،‬كمسسا ذكسسر شيسسخ السسسلم زكريسسا‬
‫النصساري فسي «شرح البخاري»( )‪ ،‬وذكسر العلمسة منل علي‬
‫‪1‬‬

‫القاري فسسي «شرحسسه على مشكاة المصسسابيح»( ) مفسسسراً‬


‫‪2‬‬

‫قوله‪« :‬أربعوا على أنفسسسكم» بأرفقوا بهسسا‪ ،‬وأمسسسكوا عسسن‬


‫الجهسسر الذي يضسسر بكسسم( )‪ ،‬على أنسسه لو سسسلمت إرادة أصسسل‬
‫‪3‬‬

‫الجهر‪ ،‬فإنه يحتمل أنه لم يكن هناك مصلحة في الَّرفع؛ لما‬

‫‪ )1/221‬عن الحسن بن عطية‪ ،‬عن قيس بن الربيع‪ ،‬به‪ ،‬ولفظه‪:‬‬


‫عشية عرفة في الموقف‪ :‬اللهم لك‬ ‫«أكثر ما دعا به رسول اللّه‬
‫سكي‬‫الحمسسد كالذي نقول وخيرا ً ممسسا نقول‪ ،‬اللهسسم لك صسسلتي ون ُسس ُ‬
‫ومحياي ومماتي‪ ،‬وإليك مآبي‪ »...‬لفط الترمذي‪.‬‬
‫فهذا اللفظ ليس فيه ما يصلح شاهدا ً لما عندنا‪ ،‬وهو على أي‬
‫حال ضعيسف‪ ،‬قيسس متكلم فيسه‪ ،‬قال ابسن حجسر عنسه فسي «التقريسب»‪:‬‬
‫حدَّث‬
‫«صدوق‪ ،‬تغي َّر لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه‪ ،‬فَ َ‬
‫به»‪.‬‬
‫وقال عنسه الترمذي‪« :‬هذا حديسث غريسب مسن هذا الوجسه‪ ،‬وليسس‬
‫إسناده بالقوي»‪.‬‬
‫وله طريسسق آخسسر عسسن علي مرفوعاً‪ ،‬وفيسسه نحسسو مسسا فسسي روايسسة‬
‫الطبراني السابقة‪.‬‬
‫أخرجسسه ابسسن أبسسي شيبسسة فسسي «المصسسنف» (‪ 10/373‬رقسسم‬
‫‪ 9705‬وص ‪ - 443‬القسسم المفقود) ‪-‬ومسن طريقسه ابسن عبدالبر‬
‫فسسي «التمهيسسد» (‪ ،)41-6/40‬والخطيسسب فسسي «تاريسسخ بغداد» (‬
‫‪ ،)6/40‬وابن الجوزي في «مثير العزم الساكن» ( ‪ -)2/255‬عن‬
‫وكيسسع‪ ،‬عسسن موسسسى بسسن ع ُبَيدة‪ ،‬عسسن أخيسسه ‪-‬وهسسو‪ :‬عبداللّه بسسن ع ُبَيدة‬
‫الَّربَذِيّ‪ ،-‬عن علي رفعه‪.‬‬
‫وتابع وكيعاً‪ :‬ع ُبيداللّه بن موسى‪.‬‬
‫أخرجه من طريقه‪ :‬البيهقي في «السنن الكبرى» (‪)5/117‬‬
‫وفسي «الدعوات الكسبير»= =(رقسم ‪ )469‬وفسي «فضائل الوقات»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫روي أنه كان في غزاة( )‪ ،‬ورفع الصوت حينئذ في بلد العدو‬ ‫‪1‬‬

‫يجُّر بلءً‪ ،‬والحرب خدعة‪.‬‬


‫ن أصسل المشروع هسو الذكسر الخفسي أخذا ً مسن‬ ‫نقول‪ :‬إ ّس‬
‫ن‬
‫ة وَدُو َ‬ ‫خيفَ ً‬‫ضُّرعا ً وَ ِ‬
‫ك تَ َ‬ ‫س َ‬ ‫قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬وَاذ ْك ُر َّرب َّ َ‬
‫ك ف ِي نَف ْ ِ‬
‫ن}‬‫ن الْغَافِلِي َ س‬‫م َس‬ ‫ل وَل َ تَك ُ سن ِّ‬‫صا ِ‬‫ل بِالْغُدُوِّ وَال َ س‬ ‫ن القَوْ ِ‬
‫م َس‬
‫جهْرِ ِ‬
‫ال َ‬

‫(ص ‪ ،)375-374‬والخرائطي في «مكارم الخلق» (ق ‪/152‬أ)‪،‬‬


‫والخطيب في «تلخيص المتشابه» (‪.)1/33‬‬
‫وإسناده ضعيف جداً‪ ،‬وهو منقطع‪.‬‬
‫قال البيهقي في «السنن» عقبه‪« :‬تفرد به موسى بن عبيدة‪،‬‬
‫وهو ضعيف‪ ،‬ولم يدرك أخوه عليا ً ‪-‬رضي اللّه عنه‪.»-‬‬
‫وفسي الباب عسن عبداللّه بسن عبدالرحمسن بسن أبسي حسسين ‪-‬وهسو‬
‫من صغار التابعين‪ -‬رفعه‪.‬‬
‫أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (‪- )6/40‬ومن طريقه‬
‫ابن عبدالبر في «التمهيد» (‪ -)6/40‬عن وكيع‪ ،‬عن نضر بن عربي‪،‬‬
‫عنه مرفوعاً‪.‬‬
‫وإسناده ضعيف‪ ،‬وهو معضل‪.‬‬
‫وأخرجسه التيمسي فسي «الترغيسب» (‪ 2/1010‬رقسم ‪- 2482‬‬
‫ط‪ .‬زغلول‪ ،‬أو ‪ 3/271‬رقسم ‪ - 2509‬ط‪ .‬دار الحديسث) عسن أبسي‬
‫مروان‪ ،‬عسن عبدالعزيسز بسن محمسد‪ ،‬عسن عمرو بسن أبسي عمرو‪ ،‬عسن‬
‫المطلب مرفوعا ً بلفسظ‪« :‬أفضسل الدعاء دعاء يوم عرفسة‪ ،‬وإن أفضسل‬
‫ما أقول أنا وما قال النبيون من قبلي‪ :‬ل إله إل اللّه»‪.‬‬
‫وهذا مرسسسل‪ ،‬وأبسسو مروان‪ ،‬هسسو محمسسد بسسن عثمان بسسن خالد‬
‫الموي‪ ،‬صسسسدوق يخطسسسئ‪ .‬قال شيخنسسسا اللبانسسسي فسسسي «السسسسلسلة‬
‫الصسسحيحة» (رقسسم ‪ )1503‬بعسسد ذكره بعسسض هذه الطرق‪« :‬وجملة‬
‫القول‪ :‬أن الحديث ثابت بمجموع هذه الشواهد‪ ،‬واللّه أعلم»‪.‬‬
‫() (‪.)2/122‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫[العراف‪ ،]205 :‬قال المام النسفي في «تفسيره»( )‪« :‬هو‬
‫‪1‬‬

‫عام فسسسي الذكار؛ مسسسن قراءة القرآن‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والتسسسسبيح‪،‬‬


‫والتهليسل‪ ،‬وغيسر ذلك‪ ،‬وأخذا ً ممسا أخرجسه ابسن المبارك وابسن‬
‫نس اللّه‬
‫جريسر وأبسو الشيسخ‪ ،‬عسن الحسسن ‪-‬رضسي اللّه عنسه‪« :-‬إ ّ‬
‫يعلم القلب الت ّسسقي‪ ،‬والدعاء الخفسسي‪ ،‬إن كان الرجسسل لقسسد‬
‫جمسع القرآن ومسا يشعسر بسه جاُره‪ ،‬وإن كان الرجسل لقسد فقسه‬

‫() أخرج الخطابسسسسي فسسسسي «شأن الدعاء» (ص ‪)207-206‬‬ ‫‪2‬‬

‫وفسسي «غريسسب الحديسسث» (‪ ،)2/709‬والبيهقسسي فسسي «الشعسسب» (‬


‫‪ 1/414‬رقسسم ‪ ،)575‬والدينوري فسسي «المجالسسسة» (رقسسم ‪- 48‬‬
‫بتحقيقي) ‪-‬ومن طريقهم الثلثة‪ :‬ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (‬
‫‪ ،-)275-274 ،274 ،274-273 ،9/273‬والخليلي فسسسسسسي‬
‫«الرشاد» (‪ ،)979-3/978‬وابسسسسن عبدالبر فسسسسي «التمهيسسسسد» (‬
‫‪ )44-6/43‬عسن سسفيان بسن عيينسة‪ ،‬قال‪ :‬حدثنسا منصسور‪ ،‬عسن مالك‬
‫بسسن الحارث‪= =،‬قال‪ :‬قال اللّه ‪-‬تبارك وتعالى‪« :-‬مسسن أشغله الثناء‬
‫ي عن مسألتي‪ ،‬أعطيتُه أفضل ما أعطي السائلين» وهذا مرسل‪.‬‬ ‫عل ّ‬
‫ثسم اسستدل سسفيان على ذلك بأبيات مسن الشعسر‪ ،‬انظرهسا مسع‬
‫تتمسسة التخريسسج فسسي تعليقسسي على «المجالسسسة» (‪،)344-1/343‬‬
‫والحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات‪.‬‬
‫وأخرجسه الترمذي (‪ ،)2926‬والدارمسي (‪ ،)2/317‬وعبداللّه‬
‫بن أحمد في «السنة» (‪ ،)128‬وأبو سعيد الدارمي في «الرد على‬
‫الجهميسة» (‪ ،)339 ،285‬والحكيسم الترمذي فسي «نوادر الصسول»‬
‫(‪/3‬ق‪/103‬ب)‪ ،‬وابسن نصسر فسي «قيام الليسل» (ص ‪ ،)122‬وابسن‬
‫حبان في «المجروحين» (‪ ،)2/272‬وغيرهم من طرق عن محمد‬
‫بسن الحسسن بسن أبسي يزيسد الهمدانسي‪ ،‬عن عمرو بسن قيسس‪ ،‬عسن عطية‬
‫العوفسسي‪ ،‬عسسن أبسسي سسسعيد‪ ،‬قال‪ :‬قال رسسسول اللّه ‪« :‬يقول اللّه‬
‫‪-‬تعالى‪ :-‬مسن شغله قراءة القرآن عسن دعائي‪ ،‬أعطيتسه أفضسل ثواب‬
‫الشاكرين»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الفقسه الكثيسر ومسا يشعسر الناس بسه‪ ،‬ولقسد أدركنسا أقواما ً مسا‬
‫من عمسسل يقدرون على أن يعملوه فسسي‬ ‫كان على الرض ِسس‬
‫السسسر‪ ،‬فيكون علنيسسة أبداً‪ ،‬ولقسسد كان المسسسلمون يجتهدون‬
‫فسي الدعاء ومسا يسسمع لهسم صسوت‪ ،‬إن كان إل همسسا ً بينهسم‬
‫وبيسسسن ربهسسسم‪ ،‬وذلك أن اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يقول‪{ :‬ادْع ُوا َربَّك ُسسس ْ‬
‫م‬

‫ومحمسسد بسسن حسسسن متروك‪ ،‬وقال أبسسو حاتسسم فسسي «العلل» (‬


‫‪ )1738‬لبنه‪« :‬منكر»‪ ،‬ولكنه توبع‪ ،‬فالعلة فيه عطية العوفي‪.‬‬
‫وللحديسث شواهسد عسن عمسر وحذيفسة وجابر وحكيسم بسن حزام‪،‬‬
‫ومن مرسل عمرو بن مرة‪ .‬والحديث حسن بمجموع طرقه‪.‬‬
‫() أخرجسسه الترمذي (‪ ،)3383‬والنسسسائي فسسي «عمسسل اليوم‬ ‫‪1‬‬

‫والليلة» (رقم ‪ ،)831‬وابن ماجه (‪ ،)3800‬وابن حبان (‪2326‬‬


‫‪ -‬الحسان)‪ ،‬والخرائطي في «فضيلة الشكر» (رقم ‪ ،)7‬والحاكم (‬
‫‪ ،)1/498‬والطبراني في «الدعاء» (رقم ‪ ،)1483‬والبيهقي في‬
‫«الشعسسسب» (رقسسسم ‪ ،)4371‬وابسسسن حجسسسر فسسسي «نتائج الفكار» (‬
‫‪ )1/58‬من حديث جابر بن عبداللّه‪.‬‬
‫قال ابسسن حجسسر فسسي «نتائج الفكار» (‪« :)1/59‬هذا حديسسث‬
‫حسن»‪.‬‬
‫والحديسث فسي «السسلسلة الصسحيحة» (‪ ،)1497‬وفاتسه العزو‬
‫للنسائي والترمذي وابن ماجه‪.‬‬
‫() في «فيض القدير» (‪ ،)2/34‬ونحوه في «التيسير بشرح‬ ‫‪2‬‬

‫الجامع الصغير» (‪ )1/182‬له‪.‬‬


‫() «أيهسا الناس! أربعوا على أنفسسكم؛ إنكسم ل تدعون أصس َّ‬
‫م ول‬ ‫‪1‬‬

‫غائباً‪ ،‬إنكسم تدعون سسميعا ً بصسيرا ً وهسو معكسم‪ ،‬والذي تدعونسه أقرب‬
‫إلى أحدكم من عنق راحلته» (منهما)‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬أخرجسه البخاري (‪،6384 ،4205 ،2992‬‬
‫‪ )7386 ،6610 ،6409‬ومسلم ( ‪ )2704‬في «صحيحيهما»‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ه على‬ ‫ُ‬ ‫ّسسس‬ ‫الل‬ ‫أثنسسسى‬ ‫وقسسسد‬ ‫‪،‬‬ ‫()‬
‫]»‬ ‫‪1‬‬
‫‪55‬‬ ‫[العراف‪:‬‬ ‫ة}‬‫َ ً‬ ‫ْي‬ ‫ف‬ ‫خ‬
‫ُ‬ ‫ضُّرعا ً وَ‬
‫تَ َ‬
‫خفِيّاً} [مريسسم‪ ،]2 :‬وبيسسن‬ ‫زكريسسا‪ ،‬فقال‪{ :‬إِذ ْ نَادَى َرب ّسسَ ُ‬
‫ه نِدَا ًء َ‬
‫دعوة السسسر ودعوة العلنيسسة سسسبعون ضعفا ً ا‪.‬هسسس نقل ً عسسن‬
‫«تفسير ابن كثير»( ) و«الكشاف»( ) و«روح المعاني»( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫عن أبي موسى الشعري رفعه‪.‬‬


‫() أخرجسسسه الترمذي (‪ ،)829‬والنسسسسائي (‪ ،)5/162‬وابسسسن‬ ‫‪2‬‬

‫ماجسسسسسه (‪ ،)2922‬وأحمسسسسسد (‪ ،)4/56‬والدارمسسسسسي (‪،)1/365‬‬


‫والحميدي (‪- )853‬ومسن طريقسه ابسن قانسع فسي «معجسم الصسحابة» (‬
‫‪ 6/2215‬رقم ‪ ،-)646‬وابن أبي عاصم في «الحاد والمثاني» (‬
‫‪ ،)2153‬وابسسن خزيمسسة (‪ ،)2627 ،2625‬وابسسن الجارود فسسي‬
‫«المنتقسسى» (‪ ،)434‬والرويانسسي فسسي «مسسسنده» (رقسسم ‪،)1488‬‬
‫والدارقطنسي فسي «سسننه» (‪ 2/238‬أو رقسم ‪ - 2474‬بتحقيقسي)‪،‬‬
‫والطسسسسبراني فسسسسي «الكسسسسبير» (‪ 143 ،7/142‬رقسسسسم ‪،6627‬‬
‫‪ ،)6628‬وأبسسسو عمرو عثمان السسسسمرقندي فسسسي «الفوائد المنتقاة‬
‫الحسسسسسان العوالي» (ص ‪ 29-28‬رقسسسسم ‪ ،)3‬وعلي بسسسسن محمسسسسد‬
‫الحميري فسي «جزئه» (‪ 120‬رقسم ‪ ،)56‬وأبسو القاسسم البغوي فسي‬
‫«معجسسسسسم الصسسسسسحابة» (ق‪/136‬أ أو ‪ 3/182‬رقسسسسسم ‪- 1101‬‬
‫المطبوع)‪ ،‬والحاكسم (‪ ،)1/450‬والبيهقسي (‪ )5/42‬مسن طرق عسن‬
‫ابن عيينة‪ ،‬عن عبداللّه بن أبي بكر‪ ،‬عن عبدالملك بن أبي بكر‪ ،‬عن‬
‫خلد بن السائب‪ ،‬عن أبيه رفعه‪.‬‬
‫ومن الرواة عن سفيان من أسقط (عبداللّه بن أبي بكر)‪.‬‬
‫وتابسع ابسن عيينسة‪ :‬مالك فسي «الموطسأ» (‪ 1/334‬رقسم ‪)34‬‬
‫فرواه عسن عبداللّه بسن أبسي بكسر بسسنده سسواء‪ ،‬وأخرجسه مسن طريسق‬
‫ي فسسسي‬ ‫مالك‪ :‬أبسسسو داود (‪ ،)1814‬وأحمسسسد ( ‪ ،)4/56‬والشافع ّسسسُ‬
‫ي فسسي‬‫ي ( ‪ ،)1/365‬والطسسبران ُّ‬ ‫«المسسسند» (‪ ،)1/306‬والدارم ّسسُ‬
‫«الكسسبير» (‪ 7/142‬رقسسم ‪ ،)6626‬وابسسن قانسسع فسسي «معجسسم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫قال المام النووي( ) فسي شرح الحديسث نفسسه‪« :‬معنسى‬
‫‪1‬‬

‫«أربْعوا على أنفسسسسسسسكم»‪ :‬ارفقوا بأنفسسسسسسسكم‪ ،‬واخفضوا‬


‫ن‬
‫م ْس‬
‫أصسواتكم‪ ،‬فإن رفسع الصسوت إنمسا يفعله النسسان لب ُسعد َ‬
‫معَه‪ ،‬وأنتسسم تدعون اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وليسسس هسسو‬
‫يخاطب ُسسه‪ ،‬ليسسس َ‬
‫م ول غائب‪ ،‬بسل هسو سسميع قريسب‪ ،‬وهسو معكسم بالعلم‬
‫بأصس ّ‬

‫الصحابة» (‪ 6/221‬رقم ‪ ،)645‬ومحمد بن الحسن= =الشيباني‬


‫في «موطئه» (رقم ‪ ،)392‬والبيهقي (‪ ،)42 ،5/41‬والبغوي في‬
‫«شرح السسنة» ( ‪ 7/53‬رقسم ‪ ،)1867‬وأبسو نعيسم فسي «معرفسة‬
‫الصحابة» (‪ 3/1373‬رقم ‪.)3465‬‬
‫ي عبداللّه بن أبي بكر بسنده‬
‫وتابعهما ابن جريج‪ ،‬قال‪ :‬كتب إل َّ‬
‫سواء‪.‬‬
‫ي (‪ ،)6629‬قال‪ :‬حدثنا المقدام بسن داود‪ ،‬ثنسا‬ ‫أخرجه الطسبران ُّ‬
‫أسد بن موسى‪ ،‬ثنا سعيد ابن سالم‪ ،‬عن ابن جريج‪.‬‬
‫ولم يسسمع ابسن جريسج هذا الحديسث مسن عبداللّه بسن أبسي بكسر‪،‬‬
‫ولذلك قصسة طريفسة‪ ،‬فروى الفسسويُّ فسي «المعرفسة» (‪،)2/707‬‬
‫ي فسسي «الكسسبير» (‪ )6627‬عسسن الحميدي ‪-‬وهسسو فسسي‬ ‫والطسسبران ُّ‬
‫«مسسنده» (‪ -)853‬عسن سسفيان بسن عيينسة‪ ،‬قال‪« :‬وكان ابسن جريسج‬
‫كتمني حديثاً‪ ،‬فلما قدم علينا عبداللّه بن أبي بكر لم أخبره به‪ ،‬فلما‬
‫خرج إلى المدينة حدثته به‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا أعور أتخفى عنا الحاديث‪،‬‬
‫فإذا ذهسب أهلهسا خبرتنسا بهسا‪ ،‬ل أرويسه عنسك‪ ،‬أو تريسد أن أرويسه عنسك؟!‬
‫فكتب إلى عبداللّه بن أبي بكر‪ ،‬فكتب إليه به عبداللّه بن أبي بكر‪،‬‬
‫ي عبداللّه بن أبي بكر» ا‪.‬هس‪.‬‬
‫وكان ابن جريج يحدث به‪ :‬كتب إل َّ‬
‫وله شاهسد بطرق متعددة عسن خلد بسن السسائب‪ ،‬عسن زيسد بسن‬
‫خالد الجهنسسسي بنحوه‪ ،‬أخرجسسسه أحمسسسد (‪ ،)5/192‬وابسسسن ماجسسسه (‬
‫‪ ،)2/975‬وابسن خزيمسة (‪ 4/174‬رقسم ‪ ،)2628‬والطسبراني فسي‬
‫«الكسسسبير» (‪ 6/229‬رقسسسم ‪ )5170‬و(‪ 6/228‬رقسسسم ‪،)5168‬‬
‫والحاكسسم (‪ ،)1/450‬وابسسن حبان (‪ 9/113‬رقسسم ‪ ،)3803‬وأبسسو‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ب إلى خفسض الصسوت بالذكسر‪ ،‬إذا لم‬ ‫د‬
‫ّ ُس‬ ‫َ‬ ‫الن‬ ‫ففيسه‬ ‫والحاطسة‪،‬‬
‫ة إلى رفعسسسه‪ ،‬فإذا خفضسسسه كان أبلغ فسسسي توقيره‬ ‫تدعسسُ حاج ٌ‬
‫ت الحاجسة إلى الَّرفسع رفسع كمسا جاءت بسه‬
‫نس دع ْس‬ ‫وتعظيمسه‪ ،‬فإ ْ‬
‫أحاديث»‪.‬‬
‫ن الحديسث وارد فسي النهسي عسن أصسل‬
‫مسن هذا يفهسم‪ :‬أ ّس‬

‫نعيم في «معرفة الصحابة» (‪ 3/1374‬رقم ‪،)3469 ،3468‬‬


‫وقال الترمذي بعسسد تخريجسسه لحديسسث خلد عسسن أبيسسه‪ ،‬قال‪« :‬وروى‬
‫بعضهسم هذا الحديسث عسن خلد بسن السسائب‪ ،‬عسن زيسد بسن خالد‪ ،‬عسن‬
‫النسبي ‪ ،S‬ول يصسح‪ .‬والصسحيح هسو عسن خلد بسن السسائب‪ ،‬عسن أبيسه‬
‫‪-‬وهو‪ :‬خلد بن السائب بن خلد بن سويد النصاري‪ ،-‬عن أبيه»‪.‬‬
‫وقال ابن عبدالبر في «الستيعاب» (‪« :)2/571‬حديثه ‪-‬أي‪:‬‬
‫السسسائب‪ -‬فسسي رفسسع الصسسوت بالهلل مختلف على خلد فيسسه»‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«وقسد جوّده مالك وابسن عيينسة وابسن جريسج ومعمسر»‪ .‬وانظسر ‪-‬غيسر‬
‫مأمور‪« :-‬معرفة الصحابة» لبي نعيم (‪.)1375-3/1374‬‬
‫() شرحسه هذا هسو «تحفسة الباري على صسحيح البخاري»‪ ،‬وقسد‬ ‫‪1‬‬

‫طبسع فسي اثنسي عشسر مجلدا ً بالقاهرة‪ ،‬سسنة ‪1326‬هسس ‪ ،‬وسسبق أن‬
‫طبسع ‪-‬أيضاً‪ -‬فيهسا سسنة ‪1300‬هسس‪ ،‬وكذا سسنة= =‪1318‬هسس‪ ،‬وانظسر‬
‫عنسسسه «إتحاف القاري بمعرفسسسة جهود وأعمال العلماء على صسسسحيح‬
‫البخاري» (ص ‪.)127-125‬‬
‫() المسمى «مرقاة المفاتيح»‪ ،‬والمنقول فيه (‪.)3/50‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في «المرقاة»‪« :‬يضركم»‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ولذا أخرجسه البخاري فسي (مواطسن)؛ منهسا (برقسم ‪)4205‬‬ ‫‪1‬‬

‫تحست (كتاب المغازي) وبوّب عليسه بسس(باب غزوة خيسبر)‪ ،‬ولفظسه هناك‬
‫ل اللّه ‪ S‬خيسبر‪ ،‬أو قال‪ :‬لمسا تو َّس‬
‫جه‬ ‫عسن أبسي موسسى‪« :‬لمسا غزا رسسو ُ‬
‫رسسول اللّه أشرف الناس على وادٍ‪ ،‬فرفعوا أصسواتهم بالتكسبير‪»...‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الجهر‪ ،‬وما ذهب إليه شيخ السلم( ) ومنل علي القاري من‬
‫‪1‬‬

‫التوفيق بين الحديثين دفعا ً للمعارضة ‪-‬إن صح‪ ،-‬فل يرجح‬


‫ن مسسا ورد فيسسه إباحسسة‬
‫على مسسا ذهسسب إليسسه المام النووي؛ ل ّس‬
‫الجهر أو المر بالجهر فيه‪ ،‬كالتلبية في الحج‪ ،‬والتكبير في‬
‫العيدين‪ ،‬هو خاص بمورد الن َّص‪ ،‬كما يدل على ذلك حديث‬
‫ن‬
‫أبسي هريرة الذي أخرجسه المام أحمسد فسي «مسسنده»‪ ،‬أ ّس‬
‫النبي قال‪« :‬أمرني جبريل برفع الصوت بالهلل‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫‪ -‬ط‪.‬‬ ‫وفسسي روايسسة ابسسن جريسسر (‪ 12/486‬رقسسم ‪14778‬‬


‫في غزاة‪.»...‬‬ ‫شاكر) الحديث‪« :‬كان النبي‬
‫() المسمى «مدارك التنزيل» (‪.)1/599‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (رقم ‪ ،)140‬وابن جرير‬ ‫‪1‬‬

‫فسسي «التفسسسير» (‪ 12/485‬رقسسم ‪ - 14777‬ط‪ .‬شاكسسر)‪ ،‬وأبسسو‬


‫الشيخ ‪-‬كما في «الدر المنثور» (‪ ،-)3/476‬ورجاله ثقات‪.‬‬
‫وأخرجسه مختصسرا ً مقتصسرا ً على بعسض مسا فيسه بأسسانيد وقطسع‬
‫متغايرات‪ :‬وكيع في «الزهد» (‪ ،)373 ،372‬وأحمد في «الزهد»‬
‫(‪ ،)262‬وأبسسو محمسسد الضراب فسسي «ذم الرياء» (رقسسم ‪،93 ،84‬‬
‫‪ ،)167‬وابن أبي الدنيا في «الرقة والبكاء» (رقم ‪.)166‬‬
‫() المسمى «تفسير القرآن العظيم» (‪.)2/111‬‬ ‫‪2‬‬

‫() (‪ .)2/111‬وانظسر مسا كتبناه عنسه فسي مجلتنسا «الصسالة»‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫وتعليقنسسا على «الثقافسسة السسسلمية» لشيسسخ شيوخنسسا العلمسسة محمسسد‬


‫راغب الطباخ ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬
‫() (‪.)9/154-155‬‬ ‫‪4‬‬

‫() فسسي شرحسسه «المنهاج على صسسحيح مسسسلم بسسن الحجاج» (‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 43-17/41‬ط‪ .‬قرطبة)‪.‬‬
‫() يريد‪ :‬الشيخ زكريا النصاري ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫إنه من شعائر( ) الحج»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫وقوله‪ :‬على أنسسه لو سسسلمت إرادة أصسسل الجهسسر‪ ،‬فإنسسه‬


‫يحتمل‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫نقول‪ :‬إن اليقيسن ل يرفسع بالحتمال‪ ،‬كمسا هسو مقرر عنسد‬
‫علماء الُصول( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫() كذا فسي المطبوع‪ ،‬ومطبوع «المسسند»‪ ،‬وفسي ط‪ .‬مؤسسسة‬ ‫‪1‬‬

‫الرسالة منه (‪ِ « :)14/65‬‬


‫شعَار»‪.‬‬
‫() أخرجه أحمد (‪ ،)2/325‬وابن خزيمة (‪ ،)2630‬والحاكم‬ ‫‪2‬‬

‫(‪ ،)1/450‬والبيهقسي (‪ )5/42‬مسن طريسق أسسامة بسن زيسد‪ :‬حدثنسي‬


‫حن ْ سطب‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫عبداللّه بسسن أبسسي لبيسسد‪ ،‬عسسن المطّلب بسسن عبداللّه بسسن َ‬
‫سمعت أبا هريرة رفعه‪.‬‬
‫والمتسن صسحيح‪ ،‬ولكنسه مسن حديسث السسائب بسن خلد‪ ،‬كمسا تقدم‬
‫تخريجه قريباً‪ ،‬وروي عن زيد بن خالد‪ ،‬ولم يصح‪ ،‬قال ابن حجر في‬
‫«إتحاف المهرة» (‪ 15/602‬رقسسم ‪ )19973‬فسسي (مسسسند أبسسي‬
‫هريرة) على إثر هذا الطريق‪« :‬رواه سفيان الثوري عن عبداللّه بن‬
‫أبي لبيد‪ ،‬عن المطلب‪ ،‬عن خلد بن السائب‪ ،‬عن زيد بن خالد‪ ،‬وقد‬
‫مضسسى [‪ 5/15‬رقسسم ‪ ،]4880‬وهسسو الصسسواب»‪ ،‬والخطسسأ فيسسه مسسن‬
‫أسسامة بسن زيسد‪ ،‬فخالفسه سسفيان الثوري وشعبسة‪ ،‬فروياه عسن ابسن أبسي‬
‫لبيسد‪ ،‬بسه‪ ،‬وجعله مسن مسسند (زيسد بسن خالد)‪ ،‬وسسبق أن مالكا ً وابسن‬
‫عيينسة ومعمرا ً جوّدوه‪ ،‬وجعلوه مسن مسسند (السسائب)‪ ،‬واللّه الموفسق‬
‫والهادي‪.‬‬
‫() انظسسر فسسي تقريسسر قاعدة (إن اليقيسسن ل يرفسسع بالحتمال)‬ ‫‪3‬‬

‫وأهميتهسسا واسسستخدامها فسسي‪« :‬قواعسسد الحصسسني» (القسسسم الول‪/‬ص‬


‫‪« ،)165‬الشباه والنظائر» (ص ‪« ،)56‬الحاوي» للماوردي (‬
‫‪« ،)1/207‬شرح الكوكسسسسسب المنيسسسسسر» (‪« ،)4/439‬المنثور» (‬
‫‪«= =،)285 ،2/284‬البحسسسسسر المحيسسسسسط» (‪ )1/81‬كلهمسسسسسا‬
‫للزركشسسسسي‪« ،‬المجموع» للنووي (‪« ،)1/168‬فتسسسسح القديسسسسر» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وقوله‪ :‬روي إنه كان في غزاة‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫نقول‪ :‬أخرج ابسن جريسر وابسن أبسي حاتسم وابسن مردويسه‬
‫وأبسو الشيسخ وغيرهسم‪ ،‬فسي سسبب نزول قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬وَإِذ َا‬
‫ب} [البقرة‪ ]186 :‬اليسسة‪ ،‬أن‬ ‫عبَادِي ع َن ّسسِي فَإِن ّسسِي َقرِي ٌسس‬ ‫سأَل َ َ‬
‫ك ِ‬ ‫َسس‬
‫أعرابيّا ً جاء إلى النسسبي ‪ ،‬فقال‪ :‬أقريسسب ربنسسا فنناجيسسه‪ ،‬أم‬
‫بعيد فنناديه؟ فسكت عنه‪ ،‬فأنزل اللّه الية( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪« ،)1/36‬القناع» (‪« ،)1/132‬أصسسسسسول الكرخسسسسسي» (‪،)161‬‬


‫«تأسسيس النظسر» (ص ‪« ،)17‬القواعسد والضوابسط المسستخلصة مسن‬
‫شرح الجامسع الكسبير» (ص ‪« ،)482‬موسسوعة القواعسد الفقهيسة» (‬
‫‪.)2/293‬‬
‫(فائدة)‪ :‬ذكسسسر السسسسيوطي فسسسي «الشباه» (ص ‪ )56‬أن هذه‬
‫القاعدة تدخسسل فسسي جميسسع أبواب الفقسسه‪ ،‬وأن مسسا خّرج عليهسسا مسسن‬
‫المسسائل الفقهيسة يبلغ ثلثسة أرباع الفقسه‪ ،‬أو أكثسر‪ ،‬ونقسل عسن القاضسي‬
‫حسين (من أئمة الشافعية) ان الفقه قد بني على أربعة أمور‪ ،‬منها‬
‫هذه القاعدة‪.‬‬
‫() أخرجسه ابسن جريسر فسي «التفسسير» (‪ 3/480‬رقم ‪2904‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ط‪ .‬شاكسسر)‪ ،‬وابسسن أبسسي حاتسسم فسسي «التفسسسير» (‪ 1/314‬رقسسم‬


‫‪ ،)1667‬والدارقطنسي فسي «المؤتلف» (‪ ،)3/1435‬وأبسو سسعيد‬
‫النقاش فسي «فوائد العراقييسن» (رقسم ‪ ،)17‬وابسن أبسي خيثمسة فسي‬
‫«جزء مسن روى عسن أبيسه عسن جده» ‪-‬كمسا فسي «لسسان الميزان» (‬
‫‪ ،)3/195‬و«مسسن روى عسسن أبيسسه عسسن جده» لبسسن قطلوبغسسا (ص‬
‫‪ ،-)288‬وابسسسن مردويسسسه ‪-‬كمسسسا فسسسي «اللباب» (ص ‪ ،)33‬و«الدر‬
‫المنثور» (‪ ،)1/469‬و«الفتسح السسماوي» (‪ ،-)1/224‬والخطيسب‬
‫فسي «تلخيسص المتشابسه» (‪ ،)463 ،1/462‬وأبسو الشيسخ ‪-‬كمسا فسي‬
‫«العجاب» (‪ ،)1/433‬و«تفسسسير ابسسن كثيسسر» (‪ ،)1/218‬و«الدر‬
‫المنثور» (‪ ،-)1/469‬ثم وجدته في «العظمة» له (‪ 2/536‬رقم‬
‫‪ )188‬مسسن طريسسق ال ّسسُ‬
‫صلْب بسسن ُ‬
‫حك َسسيم‪ ،‬عسسن أبيسسه‪ ،‬عسسن جده أن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وأخرج عبدالرزاق عسسن الحسسسن‪ ،‬قال‪ :‬سسسأل أصسسحاب‬
‫ي النَّب ِ َّ‬
‫ي ‪ :‬أين ربُّنا؟ فنزلت( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫النَّب ِ ِ ّ‬
‫سسسمع المسسسلمين‬ ‫ويروى فسسي نزولهسسا‪ :‬أن النسسبي‬
‫يدعون اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬فسسي غزوة خيسسبر‪ ،‬فقال لهسسم‪« :‬أربعوا‬
‫م ول غائباً»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫على أنفسكم؛ فإنكم ل تدعون أص َّ‬

‫أعرابياً‪ ...‬بسه‪ .‬ونقله السسيوطي هكذا‪« :‬الصسلت بسن حكيسم‪ ،‬عسن رجسل‬
‫من النصار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده»‪.‬‬
‫قال الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير ابن جرير» (‬
‫‪« :)3/481‬أخطسأ فيسه»‪ ،‬قال‪« :‬وقسد تكون زيادة عسن رجسل مسن‬
‫النصار‪ ،‬خطأ من الناسخين‪ ،‬ل من السيوطي»!!‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬ليسس كذلك‪ ،‬فهسو عنسد الدارقطنسي مسن طريسق‬
‫المحاملي‪ ،‬والخطيب (‪ )1/463‬من طريق أبي بكر بن أبي داود‪،‬‬
‫كلهما قال‪ :‬ثنا يوسف ‪-‬وهو‪ :‬ابن موسى= =القطان‪ ،-‬حدثنا جرير‪،‬‬
‫حكيسم‪ ،‬قال القاضسي‪ :‬كذا‬ ‫صلب بسن ُ‬ ‫سجستاني‪ ،‬عسن ال ّسُ‬‫عسن ع َبدة ال ّسِ‬
‫قال‪« :‬عن رجل من النصار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده»‪.‬‬
‫فهذا الخطأ من شاكر ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬وتابعه عليه محقق «الفتح‬
‫السسسماوي» (‪ ،)225-1/244‬ونب ّسسه ابسسن ماكول فسسي «الكمال» (‬
‫‪ )5/196‬على أن ذلك روايسسة فيسسه‪ ،‬ولهذا السسسبب قال ابسسن ناصسسر‬
‫الديسسسن فسسسي «التوضيسسسح» (‪ )2/233‬عسسسن هذا السسسسناد‪« :‬فيسسسه‬
‫اضطراب»!‬
‫وخط ّسأ شاكسر ‪-‬أيضاً‪ -‬ابسن كثيسر‪ ،‬قال‪« :‬وقسد وهسم الحافسظ ابسن‬
‫كثيسسر‪ ،‬حيسسن ذكره (‪ )1/94‬وجعله مسسن حديسسث (معاويسسة بسسن حيدة‬
‫جح‬‫القشيري)‪ ،‬وكذا خطأ بقوة من جعل راويه (صلت بن حكيم)! ور ّ‬
‫أنسسه (صسسلب)‪ ،‬وأنسسه وأبوه وجده مجاهيسسل‪ ،‬ولذا قال‪« :‬وهذا الحديسسث‬
‫ضعيف جداً‪ ،‬منهار السناد بكل حال»»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬صسرح ابسن حجسر فسي «العجاب» (‪ )1/433‬أن صسسلب‬
‫‪-‬كذا ضبطسه‪ -‬هسو ابسن حكيسم بسن معاويسة بسن حيدة القشيري‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫قال بعسسض المحققيسسن‪« :‬وعلى كسسل حال‪ ،‬تفيدنسسا اليسسة‬
‫حكما ً شرعياً‪ ،‬وهسو أنسه ل ينبغسي رفسع الصسوت في عبادة مسن‬
‫العبادات إل بالمقدار الذي حدده الشرع فسسسسسسي الصسسسسسسلة‬
‫من بالقرب منه‪ ،‬ومن بالغ في رفع‬ ‫الجهرية‪ ،‬وهو أن يسمع َ‬
‫صسوته ربمسا بطلت صسلته‪ ،‬ومسن تعمسد المبالغسة فسي الصسياح‬
‫فسسسي دعائه أو الصسسسلة على نسسسبيه كان إلى عبادة الشيطان‬

‫«وهسو أخسو بهسز بسن حكيسم»! وكذا صسنع ابسن كثيسر فسي «تفسسيره» كمسا‬
‫تقدم‪.‬‬
‫ولم أره فسي كتسب الروايسة منسسوبا ً (ابسن معاويسة بسن حيدة)! وإن‬
‫جعله منسسسوبا ً هكذا ابسسن حجسسر فسسي «لسسسان الميزان» (‪)3/195‬‬
‫‪-‬أيضاً‪ ،-‬وبالتأمسل فسي كلمسه‪ ،‬نجده يعتمسد فسي ذلك على ابسن أبسي‬
‫خيثمسسة! وأن لسسس(الصسسلت) ‪-‬بالتاء المثناة‪ ،‬هكذا‪ -‬ترجمسسه الذهسسبي فسسي‬
‫«الميزان»! وهسي ليسست فسي مطبوعسه‪ ،‬وفيسه‪« :‬أخرجسه العلئي فسي‬
‫كتاب «الوشسسي» عسسن إبراهيسسم بسسن محمسسد»‪ ،‬وقال‪« :‬لم أر للصسسلت‬
‫‪-‬كذا‪ -‬ذكرا ً في كتب الرجال»‪ ،‬ثم عقب ابن حجر على ذلك بقوله‪:‬‬
‫«قلت‪ :‬ذكره الدارقطني في «المؤتلف» وحكى الختلف‪ :‬هل آخره‬
‫بالموحدة‪ ،‬أو بالمثناة»‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬لي هنا ملحظات‪:‬‬
‫الولى‪ :‬ما نقله ابن حجر عن الدارقطني! ليس موجودا ً عنده‪،‬‬
‫صلب)‪ .‬انظسسسر‪« :‬المؤتلف» له (‬ ‫بسسسل فرق بيسسسن (الصسسسلت) و(ال ّسسسُ‬
‫‪.)1436-3/1435‬‬
‫صلْت)؛ منهسم‪ :‬الخطيسب‬
‫صلْب) و(ال َّس‬ ‫الثانيسة‪ :‬فرق جمسع بيسن (ال ُّس‬
‫في «تلخيص المتشابه» (‪ ،)462 ،1/94‬وقال عن (الصلب) هذا‪:‬‬
‫«وليس له غير حديث واحد»‪ ،‬قال‪« :‬وقيل‪ :‬إنه أخ لبهز بن حكيم بن‬
‫معاوية القُشيري‪ ،‬ول يصح ذلك»‪.‬‬
‫الثالثسة‪ :‬ذكسر ابسن قطلوبغسا فسي كتابسه «مسن روى عسن أبيسه عسن‬
‫جده» (ص ‪ )289‬نَقْ َ‬
‫ل ابسسن حجسسر عسسن الدارقطنسسي السسسابق‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أقرب منه إلى عبادة الرحمن»( ) ا‪.‬هس‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ثم قال‪ :‬وإل فأحاديث الرفع كثيرة‪ ،‬وأما حديث ‪« :‬خير‬


‫الذكسر الخفسي»( )‪ ،‬فمحمول على حال خشيسة الرياء أو تأذ ّي‬
‫‪2‬‬

‫الغير به؛ توفيقا ً بين أحاديث الباب‪.‬‬


‫نقول‪ :‬كنا نتمنى أن يذكر من أحاديث الرفع العامة ولو‬

‫«قال العلئي‪ :‬إن جده لم يسسم‪ ،‬وتبعسه على ذلك العلمسة ‪-‬يريسد‪ :‬ابسن‬
‫حجسر‪ ،»-‬وتعقبهمسا بقوله‪« :‬وهذا عجسب عظيسم منهمسا‪ ،‬فإن جده هسو‬
‫معاويسة بسن= =حيدة‪ ،‬كمسا وقسع ذلك فسي «تفسسير محمسد بسن جريسر‬
‫الطسبري»‪ ،‬و«تفسسير عبدالرحمسن بسن أبسي حاتسم»‪ ،‬وكتاب «المؤتلف‬
‫والمختلف» للحافسسظ أبسسي الحسسسن الدارقطنسسي‪ ،‬فتجرد لنسسا بذلك أن‬
‫(الصلت) أخو (بهز)‪ ،‬وحكيم أبوه‪ ...‬فللّه الحمد والمنة»‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬عجسبي ل ينتهسي مسن عجسب ابسن قطلوبغسا‪ ،‬فإن‬
‫(الصلب) لم يقع منسوبا ً في الكتب التي أحال إليها‪ ،‬وإنما قال ذلك‬
‫صلْب)‪.‬‬ ‫تقليدا ً لغيره‪ ،‬وإل فالدارقطني ‪-‬مثلً‪ -‬فرق بين (الصلت) و(ال ُّ‬
‫حك َسيم)‬
‫صلب) ‪-‬وهسو بضسم وموحدة‪ -‬ابسن ( ُ‬ ‫الرابعسة‪ :‬فرق بيسن (ال ُّس‬
‫حكيسسم)‬ ‫صلْت) ‪-‬وهسسو بفتسسح ومثناة فوق آخره‪ -‬ابسسن ( َ‬‫‪-‬بالضسسم‪ -‬و(ال ّسسَ‬
‫‪-‬بالفتح‪ -‬أيضاً‪ :‬ابن ماكول في «الكمال» (‪ ،)5/196‬وقال‪« :‬وقيل‪:‬‬
‫حكيسم‪ ،‬ول يصسح‪ ،‬ليسس له غيسر‬ ‫إن (الصسلب) بسن حكيسم أخسو بهسز بسن َ‬
‫حديسسسث واحسسسد»‪ ،‬وكذلك فعسسسل عبدالغنسسسي بسسسن سسسسعيد الزدي فسسسي‬
‫«المؤتلف والمختلف» (ص ‪ ،)79‬والذهسسبي فسسي «المشتبسسه» (ص‬
‫‪ ،)316‬وابسسن ناصسسر الديسسن فسسي «توضيسسح المشتبسسه» (‪ 3/280‬و‬
‫‪ ،)5/436‬واعتنى بضبط اسميهما‪ ،‬كما أومأنا إليه‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫ت ابسن حجسر نفسسه فسي «تبصسير المنتبسه» (‬
‫الخامسسة‪ :‬ثسم وجد ُس‬
‫‪ )3/839‬يفرق بينهمسسا‪ ،‬وينقسسل مقولة ابسسن ماكول السسسابقة‪« :‬ول‬
‫يصح»‪ ،‬ويقره‪ ،‬وهذا هو الصواب الذي ل مرية فيه‪.‬‬
‫فالحديسسث إسسسناده مظلم‪ ،‬وصسسلب وأبوه وجده مجاهيسسل‪ ،‬وألن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حديثا ً واحداً‪ ،‬حتى نحمل حديث «خير الذكر الخفي»( ) على‬
‫‪1‬‬

‫حال خشية الرياء أو تأذِّي الغير( )‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫ن كسسل هذه القوال ل علقسسة لهسسا بالجنائز‪ ،‬فرفسسع‬


‫ثسسم إ ّس‬
‫الصسوت بالتكسبير والتهليسل والدعاء مسع الجنازة لم يرد فيسه‬

‫ابسن حجسر فسي «العجاب» (‪ )1/434‬الكلم عليسه‪ ،‬لمسا قال‪« :‬وفسي‬


‫سنده ضعيف»!‬
‫() أخرجه ابن جرير في «التفسير» (‪ 3/481‬رقم ‪)2905‬‬ ‫‪1‬‬

‫عسن عبدالرزاق‪ ،‬أخبرنسا جعفسر بسن سسليمان‪ ،‬عسن عوف‪ ،‬عسن الحسسن‪،‬‬
‫بسسه‪ ،‬ولم أجده فسسي «تفسسسير عبدالرزاق» المنشور بطبعتَي ْسسه‪ ،‬وقال‬
‫الشيسخ أحمسد شاكسر‪« :‬السسناد صسحيح إلى الحسسن‪ ،‬ولكسن الحديسث‬
‫ضعيسف؛ لنسه مرسسل‪ ،‬لم يسسنده الحسسن عسن أحسد مسن الصسحابة»‪.‬‬
‫وقال السسسسيوطي فسسسي «اللباب» (ص ‪« :)33‬مرسسسسل‪ ،‬وله طرق‬
‫أخرى»‪.‬‬
‫وانظر‪« :‬العجاب» (‪.)1/433‬‬
‫() حديسسث «أربعوا على أنفسسسكم‪ »...‬متفسسق عليسسه‪ ،‬ومضسسى‬ ‫‪2‬‬

‫تخريجسه‪ ،‬وأمسا سسبب النزول المذكور فغيسر محفوظ‪ ،‬ولم يعرج عليسه‬
‫ابسن حجسر فسي كتابسه الذي له مسن اسسمه أكسبر نصسيب‪« :‬العجاب فسي‬
‫بيان السباب» (‪.)435-1/433‬‬
‫() ألّف غيسر واحسد مسن العلماء فسي الجهسر بالذكسر‪ ،‬ووقفست قبسل‬
‫‪1‬‬

‫نحو عشرين سنة على مصنف فيه حافل بالردية‪ ،‬أكثر فيه النقولت‬
‫ودفسع العتراضات‪ ،‬ولم أدر أيسن هسو الن؟! وللكنوي «سسباحة الفكسر‬
‫فسي الجهسر بالذكسر»‪ ،‬وللسسيوطي قبله «نتيجسة الفكسر بالجهسر بالذكسر»‬
‫مطبوع ضمسسسن «الحاوي» (‪ )2/31‬وفسسسي مكتبسسسة البلديسسسة فسسسي‬
‫السسكندرية ضمسن مجموع (‪/5227‬ج ‪« :)13‬تحريسم الذكسر جهراً»‬
‫لمحمسد بسن مراد الرمنكسي (ت القرن العاشسر)‪ ،‬وفسي مكتبسة إسسحاق‬
‫الحسسيني فسي القدس (م‪« :)39/23‬الجهسر بالذكسر ومسا يتعلّق بسه»‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن الوارد فيسه طلب الصسمت والتفكسر والعتبار( )‪،‬‬
‫‪1‬‬ ‫نسص‪ ،‬بسل إ ّسَ‬
‫نس‬
‫فالحاديسث الكثيرة التسي يدعسي ورودهسا بالرفسع‪ ،‬ل نعتقسد أ ّ‬
‫شيئا ً منها قيل في الذكر مع الجنازة‪ ،‬وإن كان؛ فلْيثْبتْه‪.‬‬
‫على المبالغسسسة‬ ‫( ‪)2‬‬
‫على أن حمسسسل حديسسسث «أربعوا‪»...‬‬
‫بالجهسر‪ ،‬ل ينفسي مناسسبته للمسسألة المجاب بسه عنهسا؛ لنهسا‬
‫سؤال عن الصياح بالتهليل وغيره‪ ،‬وهو يصدق بأصل الجهر‬
‫وفي خزانة القرويين بفاس [‪« :]1530‬جواز الذكر بالجهر» لحمد‬
‫بن يوسف الفاسي (ت ‪1028‬هس)‪ ،‬و في الخزانة العامة بالرباط [‬
‫‪/1854( 3433‬د)]‪« :‬جواب فسسسسسي الحتجاج للجتماع للذكسسسسسر»‬
‫لعبدالسلم بناني‪.‬‬
‫() أخرجه وكيع في «الزهد» (رقم ‪ ،)339 ،118‬وأحمد في‬ ‫‪2‬‬

‫«المسسند» (‪ )187 ،180 ،1/172‬و«الزهسد» (‪ ،)10‬وابسن أبسي‬


‫شيبسة فسي «المصسنف» (‪ 10/375‬و‪ )13/240‬و«المسسند» (ق‬
‫‪/65‬أ)‪ ،‬والحربي في «غريب الحديث» (‪ ،)2/845‬وعبد بن حميد‬
‫فسي «المنتخسب» (رقسم ‪ ،)137‬وأبسو يعلى فسي «المسسند» (‪-2/81‬‬
‫‪ 82‬رقسم ‪ ،)731‬والدورقسي فسي «مسسند سسعد» (رقسم ‪ ،)74‬وأبسو‬
‫عوانسة فسي «مسسنده» ‪-‬كما فسي «إتحاف المهرة» (‪268 ،5/267‬‬
‫رقم ‪ ،-)5039 ،5038‬والشاشسي فسي «مسنده» (‪ ،)183‬وابسن‬
‫حبان فسسي «صسسحيحه» (‪ - 809‬الحسسسان)‪= =،‬وابسسن السسسني فسسي‬
‫«القناعسسسة» (ص ‪ ،)26‬والطسسسبراني فسسسي «الدعاء» (رقسسسم ‪،883‬‬
‫‪ ،)1883‬والقضاعسي فسي «مسسند الشهاب» (‪،)1220 ،1219‬‬
‫وابسسن عبدالبر فسسي «جامسسع بيان العلم» (‪ ،)2/22‬والبيهقسسي فسسي‬
‫«الشعسب» (‪ )554 ،553 ،552‬مسن طريسق أسسامة بسن زيسد‪ ،‬عسن‬
‫محمد ابن عبدالرحمن بن أبي لبيبة‪ ،‬عن سعد بن مالك رفعه‪ ،‬وجعل‬
‫بعضهسم بيسن (أسسامة) و(محمسد)‪( :‬محمسد بسن عبداللّه بسن عمرو بسن‬
‫عثمان)‪.‬‬
‫قال الشيسخ أحمسد شاكسر فسي «تعليقسه على المسسند» (‪3/44‬‬
‫رقسسم ‪« :)1478‬الظاهسسر أن أسسسامة سسسمعه منهمسسا‪ ،‬فتارة يذكره‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وبالمبالغسة فيسه‪ ،‬ول يخفسى أن على المفتسي حسسن الحاطسة‬
‫بالحوادث التي يسأل عنها‪ ،‬ويكون جوابه على حسبها‪ ،‬كما‬
‫أشار لذلك خزيران نفسسسسسسه فسسسسسي تنديده على العل ّسسسسسَمة‬
‫الزنكلوني‪.‬‬

‫ت‬
‫ن السسستدلل بحديسسث‪« :‬إذا ظهر ْسس‬ ‫قال مسسا معناه‪ :‬إ ّسس‬
‫مه‪ ،‬فمن لم يفعل‬‫م عل َ‬
‫البد ع ُ‪ ،‬وشتم أصحابي‪ ،‬فليظهر العال ِ ُ‬

‫بالواسطة‪ ،‬وتارة يذكره بحذفها»‪.‬‬


‫وإسسناده ضعيسف‪ ،‬محمسد بسن عبدالرحمسن بسن أبسي لبيبسة ضعيسف‪،‬‬
‫وهو لم يدرك سعداً‪.‬‬
‫انظر‪« :‬المراسيل» (‪ )184‬لبن أبي حاتم‪« ،‬جامع التحصيل»‬
‫(‪« ،)266‬التهذيب» (‪.)9/301‬‬
‫قال الناجسسسسي فسسسسي «عجالة الملء المتيسسسسسرة» (‪-4/648‬‬
‫‪« :)649‬وفسي إسسناده أسسامة بسن زيسد الليثسي‪ ،‬وهسو صسدوق يهسم‪،‬‬
‫ومحمد بن عبدالرحمن بن أبي لبيبة‪ ،‬وهو ضعيف كثير الرسال»‪.‬‬
‫وقال النووي فسسي «فتاويسسه» (‪« :)290‬ليسسس بثابسست»‪ ،‬ونقله‬
‫عنه الزركشي في «التذكرة» (‪ ،)202‬وعنه العجلوني في «كشف‬
‫الخفاء» (‪.)1/471‬‬
‫وعزاه ابسسن حجسسر فسسي «المطالب العاليسسة» (‪ - 3/207‬ط‪.‬‬
‫العظمسي) إلى إسسحاق بسن راهويسه فسي «مسسنده»‪ ،‬وزاد البوصسيري‬
‫‪-‬أيضاً‪-‬‬ ‫فسي «إتحاف الخيرة» (‪ 8/324‬رقسم ‪ )8143‬عزوه‬
‫لمسدد‪ ،‬وزاد السخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص ‪ )206‬عزوه‬
‫للعسكري في «المثال»‪.‬‬
‫وانظسر‪« :‬مجمسع الزوائد» (‪« ،)1/81‬تخريسج العراقسي لحاديسث‬
‫الحياء» (‪« ،)1/279‬إتحاف السسسسادة المتقيسسسن» ( ‪،)4/493‬‬
‫«الترغيسب والترهيسب» (‪« ،)4/160 ،2/537‬كشسف الخفاء» (‬
‫‪« ،)1/471‬الدرر المنتثرة» ( ‪« ،)79‬ضعيف الترغيب والترهيب»‬
‫(رقم ‪.)1873 ،1060‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فعليسسه لعنسسة اللّه والملئكسسة والناس أجمعيسسن»( ) ل يناسسسب‬
‫‪1‬‬

‫الموضوع ‪-‬أيضاً‪ -‬لما أن المراد من البدع فيه هي المحرمة‬


‫المحضسة المناسسبة لشتسم الصسحاب؛ لندراجهمسا فسي شرط‬
‫واحد‪.‬‬
‫نقول‪ :‬دعواه هذه باطلة‪ ،‬بدليسسل قول المام البِْركِوي‬
‫(‪)2‬‬

‫في «الطريقة المحمدية» وشارحها العارف باللّه عبدالغني‬

‫(تنسبيه)‪ :‬للحديسث تتمسة‪ ،‬هسي «وخيسر الرزق مسا يكفسي»‪ ،‬وهسي‬


‫صسسحيحة بشواهدهسسا كمسسا فسسي «السسسلسلة الصسسحيحة» (‪،)1834‬‬
‫والحكسم فسي «ضعيسف الترغيسب» و«ضعيسف الجامسع» (رقسم ‪)2887‬‬
‫بالضعف عليها غير دقيق! فتنبه! وفي «صحيح الجامع» (‪:)3275‬‬
‫«خير الرزق الكفاف»‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ل عليسه‪،‬‬ ‫() قال أبسو عسبيدة‪ :‬فسي سسبب إيراد سسعد للحديسث يد ُّ‬ ‫‪2‬‬

‫فورد عند أبي عوانة والدورقي وابن السني وغيرهم‪ :‬عن محمد بن‬
‫عبدالرحمن بن لبيبة‪ ،‬قال‪ :‬خرج عمُر بن سعد إلى سعد‪ ،‬فقال ‪-‬وهو‬
‫ت بدراً‬
‫بالعقيسق‪ :-‬إنسك اليوم بقيسة أصسحاب رسسول اللّه ‪ ،‬وقسد شهد َس‬
‫ت للناس‬ ‫ولم يبسق فيهسم أحد ٌ غيرك‪ ،‬وإن َّسما هسو معاويسة‪ ،‬فلو أنسك أبدي َس‬
‫ك‪ ،‬ودعوتهسم إلى الحسق لم يتخلف عنسك أحدٌ‪ ،‬فقال سسعد‪ :‬أقعسد‪،‬‬ ‫نفسس َ‬
‫مري إل ظمسسأ الدابسسة اضرب الناس بعضهسسم‬ ‫ن عُ ُ‬
‫م ْس‬
‫حتسسى إذا لم يبسسق ِ‬
‫خيُر‬‫ق ما يكفي‪ ،‬و ُ‬ ‫ببعض‪ ،‬إني سمعت رسول اللّه يقول‪َ :‬‬
‫خيُْر الّرِز ِ‬
‫ي‪.‬‬
‫خفِ َ‬
‫الذِّكر ما َ‬
‫قال أبسسو إسسسحاق الحربسسي فسسي «غريسسب الحديسسث» (‪-2/845‬‬
‫نس الذكسر الدعاء‪ ،‬وقالوا‪ :‬خيره مسا أخفاه‬ ‫‪« :)456‬ذهسب قوم إلى أ ّ‬
‫الرجسل‪ ،‬والذي عندي أنسه الشهرة‪ ،‬وانتشار خيسر الرجسل‪ ،‬فقال‪ :‬خيره‬
‫مسا كان خفيا ً ليسس بظاهسر؛ ل َّس‬
‫ن سسعدا ً أجاب ابنسه على نحسو مسا أراده‬
‫عليه‪ ،‬ودعاه إليه من الظهور وطلب الخلفة‪ ،‬فحدَّثه بما سمع» ا‪.‬هس‪.‬‬
‫وانظر شرح الحديث ‪-‬أيضاً‪ -‬في «المقاصد الحسنة» للسخاوي (ص‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫النابلسسي( )‪« :‬والبدعسة فسي العبادة وإن كانست دون البدعسة‬ ‫‪1‬‬

‫فسسي العتقاد‪ ،‬لكنهسسا منكسسر فسسي ديسسن اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وضللة‪،‬‬


‫يجسسب تركهسسا والجتناب عنهسسا أكثسسر مسسن جميسسع المعاصسسي‪،‬‬
‫لسيما إذا صادمت سنة مؤكدة»‪.‬‬
‫ن الحديسث الذي اسستدللنا بسه يناسسب‬ ‫فظهسر مسن هذا أ َّس‬
‫ن كسسل بدعسسة فسسي الديسسن معمو ٌ‬
‫ل بهسسا بصسسفتها‬ ‫الموضوع؛ ل ّ س‬
‫‪.)207‬‬
‫وأما قوله‪« :‬إل ظمأ الدابة»‪ ،‬فقد قال ابن منظور في «لسان‬
‫العرب» (‪« :)1/116‬يقال‪ :‬مسسا بقسسي مسسن عمره إل قدر ظمسسء‬
‫الحمار؛ أي‪ :‬لم يبق من عمره إل اليسير؛ لنه يقال‪ :‬أنه ليس شيء‬
‫مسن الدواب أقصسسر ظمسسأ مسن الحمار‪ ،‬وهسسو أقسسل الدواب صسسبرا ً على‬
‫العطش» ا‪.‬هس‪.‬‬
‫(تنبيه)‪ :‬قد يقال هذه الرواية‪ ،‬قد وصلها (عمر بن سعد)‪ ،‬ولكن‬
‫روايسسة ابسسن أبسسي لبيبسسة أصسسح‪ ،‬قاله أبسسو زرعسسة‪ ،‬كمسسا فسسي «العلل» (‬
‫‪ )2/143‬لبن أبي حاتم‪.‬‬
‫(فائدة)‪ :‬أخرج ابن المبارك في «الزهد» بسند ٍ ضعيف‪ ،‬فيه أبو‬
‫بكسر بسن أبسي مريسم‪ ،‬عسن ضمرة بسن حسبيب‪ ،‬قال‪ :‬قال رسسول ال ‪:‬‬
‫«اذكروا اللّه ذكرا ً خاملً‪ ،‬فقيسسل‪ :‬ومسسا الذكسسر الخامسسل؟ قال‪ :‬الذكسسر‬
‫ح لشوّش على التفسسسير السسسابق‪،‬‬ ‫الخامسسد»‪ .‬وهسسو مرسسسل‪ ،‬ولو صسس ّ‬
‫ولكان فيه ما يؤيد ما قرره الشارحان‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫() ورد فسي ذلك أحاديسث وآثار‪ ،‬انظرهسا فسي تعليقنسا على (ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)14-11‬‬
‫() مضسسى تخريجسسه‪ ،‬وهسسو فسسي «الصسسحيحين» مسسن حديسسث أبسسي‬ ‫‪2‬‬

‫موسى الشعري‪.‬‬
‫() أخرجه الجري في «الشريعة» (‪ 5/2562‬رقم ‪)2075‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسن طريسق عبداللّه بسن الحسسن السساحلي‪ ،‬وابسن عسساكر فسي «تاريسخ‬
‫دمشسسسق» (‪ - 54/80‬ط‪ .‬دار الفكسسسر) مسسسن طريسسسق محمسسسد بسسسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عبادة‪ ،‬كالتهليسل والتكسبير مسع الجنازة برفسع الصسوت‪ ،‬منكسر‬
‫وضللة‪.‬‬
‫وأمسسسا قوله‪ :‬المراد مسسسن البدع فيسسسه‪ ،‬هسسسي‪ :‬المحَّرمسسسة‬
‫المحضة‪ ،‬المناسبة لشتم الصحاب‪ ،‬فل يصلح مخصصاً؛ ل َّ‬
‫ن‬
‫شتسم الصسحابة إنمسا يكون حيسن ظهور البدع التسي يرجسع إلى‬
‫الصحابة إنكارها فيسبّهم الناس لذلك‪ ،‬كما هو حاصل اليوم‬
‫عبدالرحمن بن زمل‪ ،‬وابن رزقويه في «جزء من حديثه» (ق‪/2‬ب)‬
‫مسن طريسق محمسد ابسن عبدالمجيسد المفلوج؛ ثلثتهسم عسن الوليسد بسن‬
‫مسسلم ‪-‬وزاد السساحلي معسه‪ :‬بقيسة بسن الوليسد‪ ،-‬عسن ثور بسن يزيسد‪ ،‬عسن‬
‫خالد بن معدان ‪-‬وزاد محمد بن عبدالرحمن‪ :‬عن جبير بن نفير‪ ،-‬عن‬
‫معاذ رفعه‪ ،‬بألفاظ‪:‬‬
‫لفسظ السساحلي‪« :‬إذا حدث فسي أمتسي البدع‪ ،‬وشتسم أصسحابي‪،‬‬
‫فليظهر العالم علمه‪ ،‬فمن لم يفعل منهم؛ فعليه لعنة اللّه والملئكة‬
‫والناس أجمعيسسن»‪ ،‬قال السسساحلي‪« :‬فقلت للوليسسد بسسن مسسسلم‪ :‬مسسا‬
‫إظهار العلم؟ قال‪ :‬إظهار السنة‪ ،‬إظهار السنة»‪.‬‬
‫ولفظ ابن زمل‪« :‬إذا ظهرت البدع‪ ،‬ولعن آخُر هذه المة أوّلَها‪،‬‬
‫نس كاتسم العلم يومئذ ككاتسم مسا أنزل‬‫فمسن كان عنده علم فلينشره‪ ،‬فإ ّ‬
‫اللّه على محمد »‪.‬‬
‫ب أصحابي‪،‬‬ ‫س َّ‬
‫ولفظ المفلوج‪« :‬إذا ظهرت الفتن والبدع‪ ،‬و ُ‬ ‫=‬
‫فليظهسر العالم علمه‪ ،‬فمن لم يفعل ذلك‪ ،‬فعليسه لعنة اللّه والملئكة‬
‫والناس أجمعين‪ ،‬ل يقبل اللّه له صرفا ً ول عدلً»‪.‬‬
‫وهذا حديسث ضعيسف‪ ،‬طرقسه كلهسا ل تسسلم مسن مقال وضعسف‪،‬‬
‫فابسن زمسل ترجمسه ابسن عسساكر ولم يذكسر فيسه جرحا ً ول تعديلً‪ ،‬ولم‬
‫يذكر راويا ً عنه غير عبدالعظيم بن إبراهيم المصيصي‪ ،‬وأما عبداللّه‬
‫بن الحسن الساحلي‪ ،‬فلم أظفر له بترجمة‪ ،‬وكذلك ما بين المصنف‬
‫(شيخه وشيخ شيخه) وبينه‪ ،‬فإسناده مظلم‪.‬‬
‫وأمسا المفلوج‪ ،‬فقسد ضعفسه تمتام‪ ،‬قاله الذهسبي فسي «الميزان»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مسسن شتسسم المبتدعيسسن لكسسل مسسن ينهسسى عسسن بدعسسة‪ ،‬ومسسن‬
‫المعلوم‪ :‬أن اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬أخسذ العهسد على العلماء أن يسبي ِّنوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أُوتُوا‬ ‫ميثَاقسسسَ ال ّذِي َسسس‬ ‫خذ َ الل ّسسس ُ‬
‫ه ِ‬ ‫الديسسسن للناس بقوله‪{ :‬وَإِذ أ َ َ‬
‫ه} [آل عمران‪ ،]187 :‬وذلك‬ ‫مون َس ُ‬ ‫ب لَتُبَيِّنُن َّس ُ‬
‫ه لِلنَّا سِس وَل تَكْت ُ ُ‬ ‫الكِتَا َس‬
‫يشمسسل التنسسبيه على البدع المحَّرمسسة والمكروهسسة‪ ،‬فل وجسسه‬
‫لتخصيص الحديث المذكور بالبدع المحرمة‪ ،‬مع العهد العام‬

‫وأورد هذا الحديث من مناكيره‪.‬‬


‫وأورده الديلمسسي فسسي «الفردوس» (‪ 1/321‬رقسسم ‪)1271‬‬
‫عسن أبسي هريرة رفعسه‪« :‬إذا ظهرت البدع فسي أمتسي‪ ،‬فليُظهسر العالم‬
‫علمه‪ ،‬فإن لم يفعل؛ فعليه لعنة اللّه»‪ ،‬وأسنده ابنه (‪/1‬ق‪ )66‬من‬
‫طريسق علي بسن الحسسن بسن بُندار‪ ،‬حدثنسا محمسد بسن إسسحاق الرملي‪،‬‬
‫حدثنسسا هشام بسسن عمار‪ ،‬حدثنسسا الوليسسد بسسن مسسسلم‪ ،‬وسسساقه بالسسسناد‬
‫السابق من حديث معاذ!‬
‫وابسن بُندار مت َّسهم عنسد ابسن الطاهسر‪ ،‬وضعّسفه غيُره‪ ،‬ولينظسر حال‬
‫الرملي هذا‪ ،‬فلم أظفر له بترجمة‪.‬‬
‫ولم يعزه فسي «الكنسز» (‪ )29140 ،903‬إل لبسن عسساكر‬
‫من حديث معاذ ‪-‬رضي اللّه عنه‪ ،-‬وعزاه الشاطبي في «العتصام»‬
‫(‪ - 1/119‬بتحقيقي) للجري‪ ،‬وهو في «السلسلة الضعيفة» (رقم‬
‫‪ )1501‬وحكم عليه بأنه منكر‪.‬‬
‫وفسسي الباب مسسا قسسد يشهسسد لبعسسض معناه مسسن حديسسث جابر بسسن‬
‫أول َسها‪ ،‬فمسن كتسم حديثاً‪ ،‬فقسد‬
‫عبداللّه رفعسه‪« :‬إذا لعسن آخُر هذه المسة ّ‬
‫كتم ما أنزل اللّه»‪.‬‬
‫أخرجسسه ابسسن ماجسسه (‪- )263‬والمذكور لفظسسه‪ ،-‬والبخاري فسسي‬
‫«التاريسسخ الكسسبير» (‪ ،)3/197‬وابسسن أبسسي عاصسسم فسسي «السسسنة» (‬
‫‪ 2/481‬رقسسم ‪ - 994‬ط‪ .‬شيخنسسا اللبانسسي أو رقسسم ‪ - 1028‬ط‪.‬‬
‫الجوابرة)‪ ،‬وابسسن عدي فسسي «الكامسسل» (‪ ،)4/1528‬والعقيلي فسسي‬
‫«الضعفاء الكسبير» (‪ ،)265 ،2/264‬والدانسي فسي «الفتسن» (رقسم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫في البيان‪.‬‬
‫ثسسسسم قال بعسسسسد هذا منددا ً بإيراد الحديسسسسث‪ ،‬دليل ً على‬
‫مؤاخذة العلماء لسسكوتهم عسن البدع مطلقاً‪ ،‬حسسب دعواه‬
‫التخصسسيص بإنكار المحرم فقسسط‪ ،‬فقال‪« :‬سسسبحانك! إن هذا‬
‫إل خلط‪ ،‬أو مغالطة أو مغالة في دينك»‪.‬‬
‫نقول‪ :‬إ َّ‬
‫ن الخلط والمغالطة هي الجرأة على تخصيص‬

‫‪ ،)287‬وابسن بطسة فسي «البانسة» (‪ 1/206‬رقسم ‪،)50 ،49 ،46‬‬


‫والخطيسسسب فسسسي «تاريسسسخ بغداد» (‪ ،)472 ،9/471‬وعبدالغنسسسي‬
‫المقدسسسي فسسي «العلم» (ق‪/28‬ب)‪ ،‬وابسسن عسسساكر فسسي «تاريسسخ‬
‫دمشسسق» (‪/5‬ق‪ ،)331‬والمزي فسسي «تهذيسسب الكمال» (‪)15/16‬‬
‫مسن طريسق خلف بسن تميسم‪ ،‬عسن عبداللّه بسن السسري‪ ،‬عسن محمسد بسن‬
‫المنكدر‪ ،‬عسن جابر رفعسه بألفاظ‪ ،‬منهسا مسا عنسد الدانسي‪« :‬إذا ظهرت‬
‫ن كاتم‬‫البدع‪ ،‬وشتم أصحابي‪ ،‬فمن كان= =عنده علم فليظهره‪ ،‬فإ ّ‬
‫العلم حينئذ ككاتم ما أنزل اللّه»‪ ،‬وهذا قريب من لفظ المصنف‪.‬‬
‫وإسسسناده ضعيسسف جداً ‪ ،‬قال العقيلي‪« :‬عبداللّه بسسن السسسري ل‬
‫يتابسع عليسه‪ ،‬ول يعرف إل بسه‪ ،‬وقسد رواه غيره خلق‪ ،‬فأدخسل بيسن ابسن‬
‫السري وابن المنكدر رجلين مشهورين بالضعف»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬بي ّ سن ذلك ابسسن عدي بكلم طويسسل‪ ،‬وانظسسر ‪-‬غيسسر مأمور‪:-‬‬
‫«مصسباح الزجاجسة» للبوصسيري (‪ 1/85‬رقسم ‪ ،)106‬و«السسلسلة‬
‫الضعيفة» (رقم ‪.)1507‬‬
‫() فسسي رسسسالة «السسسنوحات المكيسسة» (ص ‪« :)20‬البِْركِوي‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬بكسسر الباء والكاف‪ ،»-‬ويقال فيسه‪« :‬البِيرِكلي والبِيْركِلي»‪ ،‬كمسا فسي‬


‫«معجسسسم المطبوعات» (‪ ،)610‬ويقال ‪-‬أيضاً‪ :-‬البِْركِلي‪ ،‬عرف بسسسه‬
‫الشيسسخ عبدالغنسسي فسسي «شرح الطريقسسة المحمديسسة» (‪ ،)1/3‬وقال‪:‬‬
‫«توفي في جمادى الولى‪ ،‬سنة إحدى وثمانين وتسع مئة»‪.‬‬
‫() اسسسم شرحسسه‪« :‬الحديقسسة النبويسسة»‪ ،‬طبسسع فسسي تركيسسا سسسنة‬
‫‪1‬‬

‫‪1290‬هسسس‪ ،‬والنقسسل فيسسه (‪ )1/141‬مسسن كلم البركوي دون شرح‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫العام من النصوص من غير مخصص‪ ،‬إل مناسبة ذكر شيء‬
‫مسع غيره لدنسى ملبسسة ل تقتضسي ذلك التخصسيص‪ ،‬مسع نفيسه‬
‫صراحة بنص عام‪ ،‬وهو آية أخذ العهد على العلماء بالتبيين‬
‫للناس‪ ،‬وعدم الكتمان بدون تخصسسيص بشيسسء‪ ،‬فمسسن هسسو‬
‫متَن َسا إِن َّس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ما عَل ّ ْ‬
‫م لَن َسا إِل ّ َس‬
‫عل ْس َ‬
‫كل ِ‬ ‫حان َ َ‬
‫سب ْ َ‬
‫المغالط والخالط؟ { ُس‬
‫م} [البقرة‪.]32 :‬‬ ‫َ‬
‫حكِي ُ‬
‫م ال َ‬
‫ت العَلِي ُ‬
‫أن ْ َ‬
‫الغلو‬
‫ّ‬ ‫قال‪ :‬فإن قيسسل‪ :‬لعسسل غرضسسه «أي‪ :‬أحدنسسا» بذلك‬
‫محافظسسسة على حمسسسى حرم أحكام ديسسسن اللّه‪ ،‬وذودا ً عسسسن‬
‫حوضها‪ ،‬من أن تعكَّر‪.‬‬
‫ن ذلك غيسسسسر جائز‪ ،‬إذ لو جاز لكان مسسسسن‬
‫فالجواب‪ :‬إ ّسسسس‬
‫َّ‬
‫مشّرعهسا أولى إرهابا ً للمكلف الذي علم سسبحانه مسن الزل‬
‫بأنسه سسيخرق أسسوار الحدود ويهدم بنيان الحكام ومصسلحة‬
‫ب ل َ تَغْلُوا‬ ‫بسه‪ ،‬ولذلك نهانسا عسن الغلو بقوله‪{ :‬ي َسا أَهْ َ‬
‫ل الْكِتَا ِس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حقَّ} [المائدة‪.]77 :‬‬ ‫م وَل َ تَقُولُوا ْ عَلَى الل ّهِ إِل ّ ال َ‬
‫فِي دِينِك ُ ْ‬
‫ن‬
‫ن ما أسنده إلينا من الغلو‪ ،‬نحن براء منه؛ ل ّ‬‫نقول‪ :‬إ ّ‬
‫الغلوَّ فسي الديسن هسو التشدد فيسه‪ ،‬ومجاوزة الحسد‪ ،‬واسستدللنا‬
‫الذي أثبتنسا صسحة السستدلل له بالطرق‬ ‫بحديسث الرسسول ‪S‬‬
‫الصحيحة‪ ،‬وبأقوال العلماء ليس بغلوّ‪ ،‬ول نريد أن نتتبع بقية‬
‫كلمسسه فسي هذا المحسسل؛ لننسسا لم نقسسم له وزنا ً ولم نفهسسم له‬
‫معنسى‪ ،‬ول يمكسن أن يد خل فسي ميزان مسن موازيسن المنطسق‬
‫ت نظر أهل العلم الصحيح إلى خبط ذلك‬
‫والعقل‪ ،‬ولكنا نلف ُ‬
‫الرجل في الحكام الشرعية‪.‬‬

‫الشيخ عبدالغني ‪-‬رحمهما اللّه تعالى‪.-‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ثم قال‪ :‬فإن قيل‪ :‬يا ترى‪ ،‬أيدخل فاعل ذلك في عداد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن افْتََرى ع َلَى الل ّسهِ الْكَذ ِس َ‬
‫ب وَهُوَ‬ ‫م َّ‬
‫م ِس‬ ‫ن أظْل َس ُ‬
‫م ِ‬ ‫م ْس‬‫سسواد آيسة {وَ َ‬
‫سلَمِ} الية [الصف‪ ،]7 :‬وفي ما صدقات كلية‬ ‫يُدْع َى إلَى ال ْ‬
‫ي متعمداً‪ ،‬فليتبوأ مقعده‬ ‫قضيسسة( ) قوله ‪« :S‬مسسن كذب عل ّسسَ‬ ‫‪1‬‬

‫من النار»( )‪ ،‬فالجواب أنه ل يبعد ذلك‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫نقول‪ :‬لم يفترِ أحد ٌ منسا على اللّه الكذ َس‬


‫ب‪ ،‬فقسد قلنسا مسا‬
‫قاله الئمسسة مسسن علماء المذاهسسب الربعسسة‪ ،‬ولم نكذب على‬
‫حتسى ندخسل فسي هذا أو تلك‪ ،‬وإنمسا يدخسل فيهمسا‬ ‫الرسسول ‪S‬‬
‫مسن حاول أن يؤي ّ ِسد البدع َس بتأويسل اليات الكريمسة‪ ،‬والحاديسث‬
‫الشريفة على حسب هواه‪.‬‬
‫ل على اللّه‬ ‫م فسسي جرأة هذا الَّر ُ‬
‫ج ِ‬ ‫حك ْسس َ‬ ‫على أنسسا نك ِ ُ‬
‫ل ال ُ‬
‫دّرايسسسة مسسسن أهسسسل‬‫وعلى رسسسسوله وعلى الناس إلى ذوي ال ِ‬
‫العلم‪ ،‬الذين ل تأخذهم في نصرة الدِّين لومة لئم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وللفاضل القصاب أن يقول‪ :‬إ َّ‬
‫ن الجهر بالذكر مع‬

‫() كذا في الصل!‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ )107‬مسن حديسث‬ ‫‪2‬‬

‫الزبيسر‪ ،‬وخرجتسه بتفصسيل طويسل فسي «جزء الجويباري» (‪-2/223‬‬


‫‪ - 224‬ضمسن «مجموعسة أجزاء حديثيسة»)‪ ،‬وبي ّسنت أنسه اختلف فسي‬
‫ألفاظه على شعبة‪ ،‬وفي بعض طرقه «متعمداً»‪ ،‬وفي بعضها دونه‪،‬‬
‫وهسي روايسة البخاري‪ ،‬قال المنذري‪« :‬والمحفوظ مسن حديسث الزبيسر‬
‫أنسه ليسس فيسه (متعمداً)»‪ .‬انظسر‪« :‬فتسح الباري» (‪،)201-1/200‬‬
‫و«عون المعبود» (‪ ،)10/84‬وانظسسسسسسر «العلل» للدارقطنسسسسسسي (‬
‫‪ 234-4/233‬رقسم ‪ ،)530‬واللفظسة هذه ثابتسة فسي غيسر حديسث‪،‬‬
‫وخرجت ُ سها فسسي الجزء المشار إليسسه بتطويسسل وتفصسسيل‪ ،‬واللّه الموفسسق‬
‫للخيرات‪ ،‬والهادي للصالحات‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫صدر الول‪ ،‬والسسسلف‬ ‫الجنازة بدعسسة؛ لعدم ورودهسسا عسسن ال ّ سَ‬
‫الصسالح‪ ،‬وكسل بدعسة ضللة‪ ،‬وكسل ضللة فسي النار؛ فالجهسر‬
‫بالذكسسر مسسع الجنازة ضللة‪ ،‬موجبسسة للدخول فسسي النار‪ ،‬فت ّ سَ‬
‫م‬
‫ضس عسن عدم مناسسبة‬ ‫م‪ ،‬وثبتست الدّعوةُ‪ ،‬واندفسع العترا ُ‬
‫الكل ُس‬
‫الحديسسث الخيسسر للموضوع‪ ،‬كمسا اشتهسسر نقسل ذلك عنسسه‪ ،‬ول‬
‫ب إليسسه‬ ‫يخفسسى على أولي الفضسسل هذه النَّزعسسة‪ ،‬ومسسن تُن ْ س َ‬
‫س ُ‬
‫‪-‬ثبَّتنسسا اللّه بالقول الثابسست فسسي الحياة الدنيسسا وفسسي الخرة‪-‬‬
‫سنَّة والجماعسسة‬
‫م أهسل ال ّسُ‬
‫ومناقضتهسسا لمسسا اتفسسق عليسسه عمو ُس‬
‫‪-‬مك ّسن اللّه عقيدتهسسم فسسي قلوبنسا‪ ،‬وأماتنسسا وحشرنسا عليهسا‪،-‬‬
‫حيسسث إنهسسم قسسسموا البدعسسة إلى واجسسب‪ ،‬ومندوب‪ ،‬ومباح‪،‬‬
‫دّثون‪ ،‬الذين‬ ‫وحرام‪ ،‬ومكروه‪ ،‬كما اتفق عليه الفقهاء والمح ِ‬
‫ل يتَّفقون على ضللة‪ ،‬وقالوا فسسسي حديسسسث‪« :‬كسسسل بدعسسسة‬
‫ضللة»( ) عام مخصسوص بالمحَّرمسة ل غيسر‪ ،‬ويؤي ّ ِسد مذهبهسم‬
‫‪1‬‬

‫ة كثيرة؛ منهسا‪ :‬مسا وقسع لبسي بكسر وعمسر وزيسد بسن ثابست‬ ‫أدل ٌ‬
‫‪-‬رضوان اللّه تعالى عليهسم‪ -‬فسي جمسع القرآن‪ ،‬لمسا أشار بسه‬
‫ل بالقَُّراء يوم اليمامسة‪،‬‬
‫ع مر على أبسي بكسر حيسن اسستحَّر القت ُ‬
‫وتوقَّف في ذلك لعدم فعل النبي ‪ S‬له‪ ،‬ثم لم يزل يراجعه‪،‬‬
‫حتسسسى شرح اللّه صسسسدره لفعله؛ لمسسسا رأى مسسسن المصسسسلحة‬
‫ورجوعسه إلى الدِّيسن‪ ،‬ثسم دعسا زيدا ً وأمره بالجمسع‪ ،‬فقال له‪:‬‬
‫كيسف نفعسل شيئا ً لم يفعله رسسول اللّه ‪S‬؟ فقال‪ :‬واللّه إنسه‬
‫حسق‪ ،‬ولم يزل يراجعسه‪ ،‬حتسى شرح اللّه صسدره للذي شرح‬

‫() أخرجسه مسسلم فسي «صسحيحه»‪ :‬كتاب الجمعسة‪ :‬باب تخفيسف‬ ‫‪1‬‬

‫الصسلة والخطبسة (رقسم ‪ )767‬مسن حديسث جابر بسن عبداللّه ‪-‬رضسي‬


‫اللّه عنه‪.-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫له صدرهما( )‪ .‬وقال العلماء‪ :‬البدعة المذمومة‪ :‬هي التي لم‬ ‫‪1‬‬

‫يشهسد لهسا شيسء مسن قواعسد الديسن وأدلتسه العامسة‪ ،‬ومسا ذكره‬
‫حسسسسن صسسسديق خان فسسسي شرح( ) «فتسسسح العلم على بلوغ‬
‫‪2‬‬

‫سواد العظم‪ -‬مردود ومنبوذ‪.‬‬ ‫المرام»»( ) ‪-‬مخالفا ً لل َّ‬ ‫‪3‬‬

‫ومنهسسا‪ :‬مسسا أخرجسسه المام البخاري فسسي كتاب (صسسلة‬

‫() أخرجسه البخاري (‪ )4986‬فسي (فضائل القرآن)‪ :‬باب جمسع‬ ‫‪1‬‬

‫ي أبسو بكسر‪ ،‬مقتسل أهسل‬ ‫القرآن‪ ،‬عسن زيسد بسن ثابست‪ ،‬قال‪ :‬أرسسل إل َّس‬
‫اليمامة‪ ،‬فإذا عمر بن الخطاب عنده‪ ،‬قال أبو بكر ‪-‬رضي اللّه عنه‪:-‬‬
‫إن عمر أتاني‪ ،‬فقال‪ :‬إن القتل قد استحَّر يوم اليمامة ب ُقَّراء القرآن‪،‬‬
‫وإنسي أخشسى أن يسستحّر القتسل بالقراء بالمواطسن‪ ،‬فيذهسب كثيسر مسن‬
‫القرآن‪ ،‬وإنسسي أرى أن تأمسسر بجمسسع القرآن‪ ،‬قلت لعمسسر‪ :‬كيسسف تفعسسل‬
‫؟! قال عمسر‪ :‬هذا واللّه خيسر‪= =،‬فلم‬ ‫شيئا ً لم يفعله رسسول اللّه‬
‫يزل عمسر يراجعنسي حتسى شرح اللّه صسدري لذلك‪ ،‬ورأيست فسي ذلك‬
‫الذي رأى عمسسر‪ ،‬قال زيسسد‪ :‬قال أبسسو بكسسر‪ :‬إنسسك رجسسل شاب عاقسسل ل‬
‫نتَّهمسسك‪ ،‬وقسسد كنسست تكتسسب الوحسسي لرسسسول اللّه ‪ ،‬فتتبسسع القرآن‬
‫جمعسه‪ ،‬فواللّه لو كلفونسي نقسل جبسل مسن الجبال مسا كان أثقسل علي‬ ‫فا ْ‬
‫ممسا أمرنسي بسه مسن جمسع القرآن‪ ،‬قلت‪ :‬كيسف تفعلون شيئا ً لم يفعله‬
‫رسول اللّه ؟! قال‪ :‬هو واللّه خير‪ ،‬فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى‬
‫شرح اللّه صسسدري للذي شرح له صسسدر أبسي بكسر وعمسر ‪-‬رضسي اللّه‬
‫سب واللخاف وصدور الرجال‪،‬‬ ‫عنهما‪ ،-‬فتتبعت القرآن أجمعه من العُ ُ‬
‫حتسى وجدت آخسر سسورة التوبسة مسع أبسي خزيمسة النصساري‪ ،‬لم أجدهسا‬
‫لم َ‬
‫م}‬ ‫ما ع َنِت ُّ ْ‬
‫م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ َ‬
‫سك ُ ْ‬‫ن أنْفُ ِ‬‫سو ٌ ِ ْ‬ ‫مع أحد غيره‪{ :‬لَقَد ْ َ‬
‫جاءَك ُ ْ‬
‫م َر ُ‬
‫[التوبسة‪ ]128 :‬حتسى خاتمسة براءة‪ ،‬فكانست الصسحف عنسد أبسي بكسر‬
‫حتسسى توفاه اللّه‪ ،‬ثسسم عنسسد عمسسر حياتسسه‪ ،‬ثسسم عنسسد حفصسسة بنسست عمسسر‬
‫‪-‬رضي اللّه عنهما‪.-‬‬
‫ن‬ ‫وأخرج ‪-‬أيضاً‪ )4987( -‬بسسنده أن أنسس بسن مالك قال‪ :‬إ ّس‬
‫حذيفة بن اليمان قدم على عثمان‪ ،‬وكان يغازي أهل الشام في فتح‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫التراويح) من «صحيحه»( ) عن عبدالرحمن بن عبدالقاري‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ت مع عمر بن الخطاب ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬ليلة‬‫أنه قال‪ :‬خرج ُ‬


‫س أوزاع متفّرِقون‪،‬‬ ‫فسسسي رمضان إلى المسسسسجد‪ ،‬فإذا النا ُ سس‬
‫ل لنفسسسه‪ ،‬ويصسسل ِّي الرجسسل فيصسسل ِّي بصسسلته‬ ‫يصسسل ِّي الرج ُ‬
‫الرهسسط‪ ،‬فقال عمسسر‪ :‬إنسسي أرى لو جمعسست هؤلء على قارئ‬
‫ي بن كعب‪ ،‬ثم‬ ‫ُ‬
‫واحد؛ لكان أمثل‪ ،‬ثم عزم فجمعهم على أب َ ِ ّ‬
‫إرمينِي َسسة وأذَْربِيجان مسسع أهسسل العراق‪ ،‬فأفزع حذيفسسة اختلفهسسم فسسي‬
‫القراءة‪ ،‬فقال حذيفسسة لعثمان‪ :‬يسسا أميسسر المؤمنيسسن‪ ،‬أدرك هذه المسسة‬
‫قبسسسل أن يختلفوا فسسسي الكتاب‪ ،‬اختلف اليهود والنصسسسارى‪ ،‬فأرسسسسل‬
‫عثمان إلى حفصة‪ :‬أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف‪،‬‬
‫ثم نردها إليك‪ ،‬فأرسلت بها حفصة إلى عثمان‪ ،‬فأمر زيد ابن ثابت‪،‬‬
‫وعبداللّه بن الزبير‪ ،‬وسعيد بن العاص‪ ،‬وعبدالرحمن بن الحارث بن‬
‫هشام‪ ،‬فنسسسخوها فسسي المصسساحف‪ ،‬وقال عثمان للرهسسط القرشييسسن‬
‫الثلثة‪ :‬إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه‬
‫بلسان قريش‪ ،‬فإنما نزل بلسانهم‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬حتى إذا نسخوا الصحف‬
‫في المصاحف‪ ،‬رد عثمان الصحف إلى حفصة‪ ،‬وأرسل إلى كل أفق‬
‫بمصحف مما نسخوا‪ ،‬وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو‬
‫صحف أن يحرق‪.‬‬
‫وانظر «إعلم الموقعين» (‪ - 371-1/370‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫() كذا في الصل‪ ،‬وصوابه‪« :‬شرحه»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() قال فيسه (‪ - 1/200‬ط‪ .‬صسادر)‪« :‬البدعسة لغسة‪ :‬مسا عمسل‬ ‫‪3‬‬

‫على غيسر مثال سسابق‪ ،‬والمراد بهسا هنسا‪ :‬مسا عمسل مسن دون أن يسسبق‬
‫سم العلماءُ البدعسسة خمسسسة‬ ‫له شرعيسسة مسسن كتاب ول سسسنة‪ ،‬وقسسد ق ّ سَ‬
‫أقسسام واجبسة؛ كحفسظ العلوم بالتدويسن‪ ،‬والرد ّ على الملحدة بإقامسة‬
‫الدلة‪= =،‬ومندوبسسة؛ كبناء المدارس‪ ،‬ومباحسسة؛ كالتوسسسع فسسي ألوان‬
‫الطعمسة وفاخسر الثياب‪ ،‬ومحرمسة‪ ،‬ومكروهسة‪ ،‬وهمسا ظاهران‪ ،‬فقوله‪:‬‬
‫ن لفظسة‬ ‫«كسل بدعسة ضللة» عام مخصسوص‪ ،‬كذا والقيسل‪ ،‬والحسق أ َّس‬
‫الكسل فسي هذا الحديسث‪ ،‬وكسل حديسث ورد بمعناه على حقيقتهسا مسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلة قارئهم‪ ،‬قال‬
‫عمر‪ :‬نعم البدعة هذه‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫َ‬
‫ل عسسن «الط ّريقسسة المحمديسسة»( ) بمسسا‬
‫‪1‬‬
‫نقول‪ :‬قدمنسسا النَّق َ‬
‫ن البدعسة فسي العبادة منكسر وضللة‪ ،‬يجسب تركهسا‬ ‫يصسّرِح أ ّسَ‬
‫والجتناب عنهسسا أكثسسر مسسن جميسسع المعاصسسي‪ ،‬وبذلك أثبتنسسا‬

‫العموم‪ ،‬وقسسسسمة البدعسسسة إلى القسسسسام المذكورة‪ ،‬وإلى الحسسسسنة‬


‫والسيئة ليس عليها أثارة علم؛ لنه لم يرد دليل دال عليها‪ ،‬ولم يرح‬
‫حديسث ورد فسي هذا الباب رائحسة القسسمة قسط‪ ،‬والمثلة المشار إليهسا‬
‫ن تدويسن العلم دل عليسه جمسع‬ ‫ليسست مسن البدعسة على الطلق‪ ،‬فإ َّس‬
‫القرآن فسي عهده ‪-‬صسلى اللّه عليسه وآله وسسلم‪ ،-‬وفسي عهسد خلفائه‬
‫الراشديسسن‪ ،‬ودل عليسسه حديسسث‪« :‬اكتبوا لبسسي شاة»‪ ،‬والكتابسسة هسسي‬
‫التدويسن بعينهسا‪ ،‬والرد على الملحدة يرشسد إليسه القرآن الكريسم‪ ،‬فإن‬
‫فيسسسسه الرد على أهسسسسل الكتاب‪ ،‬وعلى المشركيسسسسن‪ ،‬وبناء المدارس‬
‫ونحوهسا مسسكوت عنسه‪ ،‬ومسا سسكت عنسه فهسو عفسو‪ ،‬ولم يرد نهسي عسن‬
‫ن‬‫ذلك‪ ،‬وأما التوسع في الطعمة والملبس‪ ،‬فيستفاد من حديث‪« :‬إ َّ‬
‫اللّه يحسسب أن يرى أثسسر نعمتسسه على عبده»‪ ،‬ودل عليسسه الكتاب‪{ :‬قُ ْ‬
‫ل‬
‫َ َ‬
‫ج لِعِبَاد ِ سهِ} [العراف‪ِ { ،]32 :‬‬
‫حلْي َ سة‬ ‫ة الل ّ سهِ ال ّت ِ سي أ َ ْ‬
‫خَر َ س‬ ‫حَّر َ س‬
‫م زِين َ َ‬ ‫ن َ‬‫م ْس‬ ‫َ‬
‫َسس‬
‫سونَهَا} [النحسسل‪{ ،]14 :‬وَأ َّ‬
‫ث} [الضحسسى‪:‬‬ ‫دّ ْ س‬
‫ح ِ‬ ‫مةِ َرب ّسسِ َ‬
‫ك فَ َ‬ ‫ما بِنِعْ َ‬ ‫تَلْب َسس ُ‬
‫‪ ،]11‬وأما المحرمة والمكروهة فهما محرمة ومكروهة‪ ،‬كغيرها من‬
‫الشياء التسسسي دلّت الدلة على تحريمهسسسا وكراهتهسسا‪ ،‬فهمسسا محرمسسة‬
‫ومكروهسة‪ ،‬وليسستا مسن البدعسة فسي شيسء‪ ،‬ومسن ثسم أنكسر الراسسخون‬
‫فسسي علم الكتاب والسسسنة تقسسسيم البدعسسة إلى أقسسسام‪ ،‬وردوا على‬
‫ن كسل محدث بدعسة على الطلق‪ ،‬كائنا ً مسا‬ ‫صوا على أ َّس‬ ‫القاسسمين‪ ،‬ون ّس‬
‫كان‪ ،‬ومسسن كان‪ ،‬وأينمسسا كان‪ ،‬و«كسسل بدعسسة ضللة» على إطلقهسسا‪،‬‬
‫وياللّه العجب! من قوم فقهاء رووا هذا الحديسث‪ ،‬ومسا فسي معناه من‬
‫أحاديث فيها لفظة كل رواية صحيحة مرفوعة إلى النبي ‪-‬صلى اللّه‬
‫عليه وآله وسلم‪ -‬موصولة إليه‪ ،‬ثم صرفوه عن ظاهر معناه وواضح‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫خزيران تو ّسَ‬
‫سع‬ ‫مناسسبة الحديسث الخيسر للموضوع‪ ،‬وبمسا أ ّسَ‬
‫ن ُ‬
‫فسي البحسث؛ حتسى وقسع بإقامسة الحجسة على نفسسه بالقياس‬
‫المنطقسي الذي اسستنتج منسه أن الجهسر بالذكسر مسع الجنازة‬
‫ضللة‪ ،‬وإن كان يقصد بذلك عكس النتيجة؛ فإننا نعود لبيان‬
‫معنسسى البدعسسة شرعا ً ولغسسة‪ ،‬على وجسسه التفصسسيل؛ لنثب َسس‬
‫ت‬
‫وقوع َسسه فسسي خطسسإ أفحسسش‪ ،‬وهسسو عدم اعتباره مسسا ورد عسسن‬

‫مبناه‪ ،‬إلى ما دعت إليه أهواؤهم من غير دليل‪ ،‬ل من قرآن‪ ،‬ول من‬
‫سنة‪ ،‬ول من إجماع‪ ،‬ول من قياس جلي‪ ،‬ل يعتريه ُ‬
‫شبهة‪.‬‬

‫وحديث الباب حجة نَيِّرة على كل قائل بالتقسيم والنواع‪ ،‬ومن‬


‫كان عنده دليسل مسن الكتاب‪ ،‬أو برهان مسن السسنة دال على القسسمة‬
‫جة فيها على‬ ‫ضل علينا بإبانته‪ ،‬وأما آراء الفقهاء وأمثالهم فل ح َّ‬
‫فليتف َّ‬
‫منكري القسمة‪ ،‬وقد ات ّفق أهل المعرفة بالقرآن والحديث‪ ،‬على أن‬
‫كل بدعة ضللة‪ ،‬وكل ضللة في النار‪ ،‬صغيرة كانت أو كبيرة‪ ،‬بارزة‬
‫كانت أو كامنة‪ ،‬لها تعلق بالعقيدة أو بالعمل‪ ،‬ولم يختلف منهم اثنان‬
‫فسي ذلك‪ ،‬والمراد بأهسل الحديسث هنسا‪ :‬مسن علمسه مقصسور على السسنة‬
‫ن عرف مسسن السسسنة‬ ‫المطهرة‪ ،‬دون مسسن هسسو مسسن زمرة الفقهاء‪ ،‬وإ ْ س‬
‫بعضهسا! فقسد عرف بالتجربسة أن مسن خلط الفقسه المصسطلح‪ ،‬والرأي‬
‫المزخرف‪ ،‬والتقليسسد= =الشؤم‪ ،‬والقياس المجرد فسسي أدلة الكتاب‬
‫ل عليه‪،‬‬‫العزيز والسنة المطهرة‪ ،‬فقد أبعد النَّجعة‪ ،‬وإنما الفقه المعوَّ ُ‬
‫والحكسم المرجوع إليسه‪ ،‬مسا أدى إليسه هدي السسلف الصسالح‪ ،‬وعمسل بسه‬
‫صدُر الول؛ فإنهسسم كانوا على هدى مسسستقيم‪ ،‬وصسسراط قويسسم‪ ،‬ثسسم‬ ‫ال ّسَ‬
‫خلف مسسسن بعدهسسسم خلوف يقولون مسسسا ل يفعلون‪ ،‬ويفعلون مسسسا ل‬
‫يؤمرون‪.‬‬
‫وهذا الحقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسّ ليسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس بسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسه خفاء‬
‫فدعنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن بنيات الطريسسسسسسسسسسسسسسسسسسسق»‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قال أبسسو عسسبيدة‪ :‬قارن كلمسسه بمسسا سسسيأتي عسسن الشاطسسبي (ص‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الصسسسحابة ديناً‪ ،‬مسسسع إجماع العلماء عليسسسه‪ ،‬واعتباره ‪-‬أيضاً‪-‬‬
‫البدعسة ديناً‪ ،‬وإن كانست خلف الوارد عسن الصسحابة‪ ،‬وخلف‬
‫إجماع أئمسسسسة المسسسسسلمين‪ ،‬فنقول‪ :‬قال فسسسسي «الطريقسسسسة‬
‫المحمديسسسة»( ) لثبات أن (كسسسل بدعسسسة فسسسي الديسسسن ضللة‬
‫‪1‬‬

‫ومحرمة)‪:‬‬
‫ن قيسسل‪ :‬كيسسف الت ّ سَطبيق بيسسن قوله ‪-‬عليسسه الصسسلة‬
‫«فإ ْ س‬
‫ل بدعسسة ضللة»( ) وبيسسن قول الفقهاء‪ :‬إ ّسسَ‬
‫ن‬ ‫‪2‬‬
‫والسسسلم‪« :-‬ك ّ‬
‫خل‪ ،‬والمواظبةِ‬ ‫من ْسس ُ‬
‫ة؛ كاسسستعمال ال ُ‬ ‫البدعسسة قسسد تكون مباح ً‬
‫ة؛‬‫مسستَحب َّ ً‬
‫شب َسع منسه‪ ،‬وقسد تكون ُ‬ ‫ب الحنطسة‪ ،‬وال َّ‬ ‫على أكسل ل ُس ِّ‬
‫كبناء المنارة(!!) والمدارس‪ ،‬وتصسنيف الكتسب‪ ،‬بل قد تكون‬
‫شبَهِ الملحدة ونحوِهم‪.‬‬ ‫ة؛ كنَظْم الدَّلئل لردِّ ُ‬ ‫واجب ً‬
‫حدَث‬ ‫ى لغوي ٌّس عا ٌّس‬
‫م؛ هسو‪ :‬الم ْ‬ ‫قلنسا‪ :‬للبدعسة معنيان‪ :‬معن ً‬
‫م مسن البتداع؛ بمعنسى‪:‬‬ ‫مطلقاً‪ ،‬عادةً كان أو عبادةً؛ لن َّسها اسس ٌ‬
‫رفْعَةِ مسسسن الرتفاع‪ ،‬والخلفَسسسة مسسسن الختلف‪،‬‬ ‫الحداث؛ كال ّ ِ‬
‫وهذه هسسي المقْسسسم فسسي عبارة الفقهاء؛ يعنون( ) بهسسا‪ :‬مسسا‬
‫‪3‬‬

‫صدر الوَّل مطلقاً‪.‬‬


‫حدِث بعد ال َّ‬ ‫ُ‬
‫أ ْ‬

‫‪ ،)103-101‬وذهب إلى أنه عام مخصوص‪ :‬اللكنوي في «إقامة‬


‫الحجة» (ص ‪ 22‬وما بعد)!!‬
‫() برقم (‪.)2010‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظره (‪1/141‬‬


‫‪ -‬مع «الحديقة النبوية»)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظره (‪ - 138-1/135‬مع «الحديقة النبوية»)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه‪ ،‬وهو في «صحيح مسلم» عن جابر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() فسي الصسل‪« :‬ويعنون» بزيادة واو! والمثبست مسن «الطريقسة‬ ‫‪3‬‬

‫المحمدية»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫دّيسسن أو‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫سسي‬
‫س‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫زياد‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫سسو‪:‬‬
‫س‬ ‫ه‬ ‫ٌ‬
‫ص؛‬ ‫ّسسس‬ ‫خا‬ ‫ٌ‬
‫ي‬ ‫ّسسس‬ ‫شرع‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ومعن‬
‫شارع‪ ،‬ل‬ ‫ن منسه‪ ،‬الحادثان بعسد الصسحابة بغيسر إذن ال َّ‬ ‫النُّقصسا ُ‬
‫قول ً ول فعلً‪ ،‬ول صسريحاً‪ ،‬ول إشارةً‪ ،‬فل يتناول( ) العادات‬
‫‪1‬‬

‫صوَر‬
‫ُس‬ ‫ض‬ ‫أصسسلً‪ ،‬بسسل يقتصسسر على بع ِ س‬
‫ض العتقادات‪ ،‬وبع ِ س‬
‫العبادات‪ ،‬فهذه( ) هسي مراده ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ ،-‬بدليسل‬
‫‪2‬‬

‫سنَّتي‬‫‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪« :-‬فعليكسم ب ُس‬ ‫قوله‬


‫من بعدي»( )‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫ِس‬ ‫سنَّةِ الخلفاء الّراشديسن المهدييسن‬
‫و ُس‬

‫() ورد فسسسي الصسسسل‪« :‬تتناول‪ ...‬تقتصسسسر»‪ ،‬والمثبسسست مسسسن‬ ‫‪1‬‬

‫«الطريقة المحمدية»‪ ،‬وهو الذي يقتضيه السياق‪.‬‬


‫() في الصل‪« :‬هذه»‪ ،‬والمثبت من «الطريقة المحمدية»‪ ،‬ثم‬ ‫‪2‬‬

‫وجدتهسا على الجادة فسي= =«جدول تصسحيح الخطسأ» المثبست آخسر‬


‫الصل (ص ‪.)139‬‬
‫() أخرجه أحمد في «المسند» (‪ ،)127 ،4/126‬وأبو داود‬ ‫‪3‬‬

‫فسسي «السسسنن» (كتاب السسسنة‪ ،‬باب لزوم السسسنة‪201-4/200 :‬‬


‫رقسم ‪ ،)4607‬والترمذي فسي «الجامسع» (أبواب العلم‪ ،‬باب مسا جاء‬
‫في الخذ بالسنة واجتناب البدع‪ 5/44 :‬رقم ‪ ،)2676‬وابن ماجه‬
‫في «السنن» (المقدمة‪ ،‬باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين‪:‬‬
‫‪ 17 ،16 ،16-1/15‬رقسسم ‪ ،)44-42‬وابسسن جريسسر فسسي «جامسسع‬
‫البيان» (‪ ،)10/212‬والدارمسي فسي «السسنن» (‪ ،)1/44‬والبغوي‬
‫فسي «شرح السسنة» (‪ 1/205‬رقسم ‪ ،)102‬وابسن أبسي عاصسم فسي‬
‫«السسنة» (‪ ،)30 ،29 ،20 ،19 ،18 ،1/17‬ومحمسد بسن نصسر‬
‫فسسسي «السسسسنة» (ص ‪ ،)22 ،21‬والحارث بسسسن أبسسسي أسسسسامة فسسسي‬
‫«المسسسند» (ق‪ - 19‬مسسع بغيسسة الباحسسث)‪ ،‬والجري فسسي «الشريعسسة»‬
‫(ص ‪ ،)47 ،46‬وابسن حبان فسي «الصسحيح» (‪ 1/104‬رقسم ‪- 45‬‬
‫مسسع الحسسسان)‪ ،‬والطسسبراني فسسي «المعجسسم الكسسبير» (‪،18/245‬‬
‫‪ )257 ،249 ،248 ،247 ،246‬و«المعجسم الوسسط» (رقسم‬
‫‪ ،)66‬وابسسسن عبدالبر فسسسي «جامسسسع بيان العلم» (‪،)224-2/222‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وقوله ‪-‬عليه‬
‫دُنياكسسم»( )‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫الصسسلة والسسسلم‪« :-‬أنتسسم أعلم بأمسسر‬
‫من أَحد َس َ‬
‫ث فسي أمرنسا هذا‬ ‫وقوله ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪َ « :-‬س‬
‫ما ليس منه فهو َردٌّ»( )‪ .‬ا‪.‬هس‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫سر البدعسسة الواردة فسسي‬


‫وهنسسا نقول لخزيران‪ :‬بماذا يف ّس‬

‫والحاكسسم فسسي «المسسستدرك» (‪ )97 ،96 ،96-1/95‬و«المدخسسل‬


‫إلى الصسسسحيح» (‪ ،)1/1‬والخطيسسسب فسسسي «موضسسسح أوهام الجمسسسع‬
‫والتفريسسق» (‪ ،)2/423‬و«الفقيسسه والمتفقسسه» (‪،)177-1/176‬‬
‫والبيهقسي فسي «مناقسب الشافعسي» (‪ ،)11-1/10‬و«العتقاد» (ص‬
‫‪ ،)113‬و«دلئل النبوة» (‪ ،)542-541 ،6/541‬و«المدخسسسسسسل‬
‫إلى السسسنن الكسسبرى» (ص ‪ 116-115 ،115‬رقسسم ‪ 50‬و‪،)51‬‬
‫و«السسسنن الكسسبرى» (‪ ،)10/114‬وابسسن وضاح فسسي «البدع» (ص‬
‫‪ ،)24 ،23‬وأبسسو نعيسسم فسسي «حليسسة الولياء» (‪ 221 ،5/220‬و‬
‫‪ ،)115 ،10/114‬والطحاوي فسسسي «مشكسسسل الثار» (‪،)2/69‬‬
‫والللكائي فسسي «شرح أصسسول اعتقاد أهسسل السسسنة» (‪،)75 ،1/74‬‬
‫والهروي في «ذم الكلم» (ق ‪ ،)2-69/1‬وابن عساكر في «تاريخ‬
‫دمشق» (‪ ،)11/265/1‬وأحمد بن منيع في «المسند» ‪-‬كما في‬
‫«المطالب العاليسسة» (‪ -)3/89‬مسسن طرق كثيرة عسسن العرباض بسسن‬
‫سارية ‪-‬رضي اللّه عنه‪.-‬‬
‫وقال الترمذي‪« :‬حديسث حسسن صسحيح»‪ ،‬وقال الهروي‪« :‬وهذا‬
‫مسسن أجود حديسسث فسسي أهسسل الشام»‪ ،‬وقال البزار‪« :‬حديسسث ثابسست‬
‫صحيح»‪ ،‬وقال البغوي‪« :‬حديث حسن»‪ ،‬وقال ابن عبدالبر‪« :‬حديث‬
‫ثابت»‪ ،‬وقال الحاكم‪« :‬صحيح ليس له علة»‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وقال‬
‫أبسو نعيسم‪« :‬هذا حديسث جيسد مسن صسحيح حديسث الشامييسن»‪ ،‬وصسححه‬
‫الضياء المقدسسسي فسسي «جزء= =فسسي اتباع السسسنن واجتناب البدع»‬
‫(رقسسم ‪ ،)2‬وقال ابسسن كثيسسر فسسي «تحفسسة الطالب بمعرفسسة أحاديسسث‬
‫مختصر ابن الحاجب» (رقم ‪« :)36‬صححه الحاكم‪ ،‬وقال‪ :‬ول أعلم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الحديسث الخيسر‪ ،‬الذي اد َّسعى عدم مناسسبته للموضوع؟ هسل‬
‫سرها بالمعنى‬ ‫شرعي؟ فإن ف َّ‬ ‫بالمعنى اللّغوي أو بالمعنى ال َّ‬
‫ُ‬
‫الل ّغوي كمسسا يظهسسر مسسن ردِّه‪ ،‬نتيجسسة القياس الذي أتسسى بسسه؛‬
‫لجسسل إثبات عدم مناسسسبة الحديسسث للموضوع‪ ،‬والذي بي ّسسَنا‬
‫خطأه فسسي قياسسسه فيسسه قبلً‪ ،‬يكون مكذِّبا ً لقول الرسسسول‬
‫ن كسسل‬
‫ل يمكسسن أن يقول إ ّ س‬ ‫المعصسسوم عسسن الكذب؛ لنسسه ‪S‬‬
‫له علة‪ ،‬وصححه ‪-‬أيضاً‪ -‬الحافظ أبو نعيم الصبهاني والدغولي‪ ،‬وقال‬
‫شيخ السلم النصاري‪ :‬هو أجود حديث في أهل الشام وأحسنه»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقسد احتسج بهذا الحديسث المام أحمسد‪ ،‬لمسا سسئل عسن فعسل‬
‫أبسي بكسر وعمسر وعثمان وعلي ‪-‬رضسي اللّه عنهسم‪ -‬أكان سسنة؟ «قال‪:‬‬
‫نعسم»‪ ،‬قال أبسو داود‪« :‬وقال مرة‪ :‬لحديسث رسسول اللّه ‪« :S‬عليكسم‬
‫بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»‪ ،‬فسماها سنة‪ .»...‬انظر‪« :‬مسائل‬
‫أبسسي داود» (ص ‪ .)277‬وانظسسر‪« :‬إرواء الغليسسل» (‪ 8/107‬رقسسم‬
‫‪ ،)2455‬و«جامسسسسسسسع العلوم والحكسسسسسسسم» (ص ‪ ،)187‬و«إعلم‬
‫الموقعين» (‪ - 479-2/478‬بتحقيقنا)‪.‬‬
‫() أخرجسه مسسلم فسي «صسحيحه»‪ :‬كتاب الفضائل‪ :‬باب وجوب‬ ‫‪1‬‬

‫امتثال مسا قاله شرعا ً دون مسا ذكره مسن معايسش الدنيسا‪ ،‬على سسبيل‬
‫الرأي (رقم ‪ )2363‬عن عائشة وأنس ‪-‬رضي اللّه عنهما‪.-‬‬
‫ن النَّب ِسسس َّ‬
‫ي مَّر بقوم‪ ،‬يُلقِّحون (أي‪:‬‬ ‫وسسسسبب هذا الحديسسسث‪ :‬أ ّسسسَ‬
‫ً‬ ‫تمرا‬ ‫النخل)‪ ،‬فقال‪ :‬لو لم تفعلوا لصلح (فتركوه)‪ ،‬فخرج شيصا ً (أي‪:‬‬
‫رديئاً)‪ ،‬فمَّر بهسم‪ ،‬فقال‪ :‬مسا لنخلكسم؟ قالوا‪ :‬قلت لنسا كذا وكذا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنتم أعلم بأمر دنياكم‪.‬‬
‫() أخرجسسه البخاري فسسي «الصسسحيح» (كتاب الصسسلح)‪ :‬باب إذا‬ ‫‪2‬‬

‫اصسطلحوا على صسلح جور فالصسلح مردود (‪ 5/301‬رقسم ‪)2697‬‬


‫ومسلم في «صحيحه» (كتاب القضية)‪ :‬باب نقض الحكام الباطلة‪،‬‬
‫ورد محدثات المور (‪ 3/1343‬رقسم ‪ )1718‬باللفسظ الذي أورده‬
‫المصسنفان‪ ،‬وورد بلفسظ‪« :‬مسن عمسل عمل ً ليسس عليسه أمرنسا فهسو رد»‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫سرها بالمعنى ال َّ‬ ‫خزيران»‬
‫شرعي كما‬ ‫ن ف َّ‬
‫ْ‬ ‫وإ‬ ‫ضللة!!‬ ‫العادة‬ ‫في‬ ‫بدعة‬
‫ات َّفق العلماءُ على إرادة الر سول له من قوله‪« :‬وك ُّ‬
‫ل بدعة‬
‫ضحسه مسن صساحب «الطريقسة» فسي الجملة‬ ‫ضللة»( ) كمسا و ّ‬ ‫‪1‬‬

‫التسسي نقلناهسسا فسسي أوَّل كلمنسسا( )‪ ،‬يكون الدّلي ُ‬


‫ل الذي اسسستنتج‬ ‫‪2‬‬

‫ل بدعة ضللة صحيحاً‪ ،‬غير معكوس النتيجة كما‬ ‫ن ك َّ‬


‫منه‪ ،‬أ ّ‬
‫ة عليسه مسن نفسسه على مناسسبة الحديسث‬ ‫ح َّ‬
‫ج ً‬ ‫ظنسه‪ ،‬ويكون ُ‬
‫للموضوع‪ ،‬ومنه يثبت خطأه من الوجهتين اللتين نبّهنا لهما‪،‬‬
‫ض ُّ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫نأ َ‬ ‫وفسسي إحداهمسسا احتمال الكفسسر ‪-‬والعياذ باللّه‪{ -‬وَ َ‬
‫م ْسس‬
‫َ‬
‫ن الل ّهِ} [القصص‪ ،]50 :‬ودعواه‬ ‫م َ‬‫ن اتَّب َعَ هَوَا هُ بِغَيْرِ هُدىً ِّ‬ ‫م َّ‬
‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫اتفاق الفقهاء والمحدثيسسن على تقسسسيم البدعسسة إلى واجسسب‬
‫ومندوب ومباح وحرام ومكروه مسسسن غيسسسر تفصسسسيل‪ ،‬غيسسسر‬
‫م ذلك هو البدعة اللغوية‪ ،‬كما أشار إلى‬ ‫س َ‬
‫مق َ ِّ‬ ‫صحيحة؛ ل َّ‬
‫ن ُ‬
‫ذلك صساحب «الطريقسة» فسي كلمسه الذي أسسلفناه( ) بقوله‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫سم فسسي عبارة الفقهاء»؛ يعنون بهسسا‪ :‬مسسا‬


‫«هذه هسسي المق ّسس‬

‫علقسسه البخاري فسسي «صسسحيحه» (كتاب العتصسسام بالكتاب والسسسنة)‪:‬‬


‫باب إذا اجتهسد العامسل (‪ ،)13/317‬ووصسله مسسلم فسي «صسحيحه»‬
‫(كتاب القضيسسسة)‪ :‬باب نقسسسض الحكام الباطلة ورد محدثات المور (‬
‫‪.)1344-3/1343‬‬
‫وانظسسسر‪« :‬فتسسسح الباري» (‪ ،)5/302‬و«تغليسسسق التعليسسسق» (‬
‫‪ 3/396‬و‪ ،)5/326‬و«إعلم الموقعين» (‪ - 2/92‬بتحقيقنا)‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر ما تقدم (ص ‪.)47‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مع‬ ‫() (ص ‪ ،)54‬وهو في «الطريقة المحمدية» (‪1/136‬‬ ‫‪3‬‬

‫«الحديقة الندية»)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫صدر الول( ) مطلقاً‪ ،‬فمسسن أيسسن جاءه التفاق‬ ‫‪1‬‬ ‫حدث بعسسد ال ّسسَ‬
‫الذي ادعاه‪ ،‬مسع أنسه ل عموم ول خصسوص فسي حديسث «كسل‬
‫ة‪،‬‬
‫شرع ضلل ٌ‬‫ل بدعةٍ فسي ال َّ‬ ‫بدعسة ضللة»( ) كمسا يقول‪ ،‬بسل ك ُّ‬‫‪2‬‬

‫ن الحاديسسث‬ ‫ن العلماء الراسسسخين ذكروا أ ّ سَ‬‫بل تخصسسيص؛ ل ّسسَ‬


‫صحاح الواردة فسي ذم البدع مطلقسة عامسة‪ ،‬لم تقي َّسد‪ ،‬ولم‬ ‫ال ّ ِس‬
‫صص بشيسسء فسسي روايسسة ول طريسسق‪ ،‬وليسسس لحسسد أن‬ ‫تتخ ّسسَ‬
‫َ‬ ‫ت ال َّ‬
‫صحيحة‬‫ع وعمومات الدل ّة ال َّس‬ ‫شْر ِس‬ ‫مطْلقا ِس‬
‫ص ويُقي ّ ِسد ُ‬
‫صس َ‬ ‫يُخ ّ‬
‫م لهسسا يقتضسسي أن ل يكون‬ ‫برأي يراه‪ ،‬واجتهاد يجتهده‪ ،‬والذ ّ سَ ُّ‬
‫شيسسسء منهسسسا مسسسستحسنا ً أبداً‪ ،‬ولهذا لم يقسسسل جماع ٌ‬
‫ة مسسسن‬

‫() قال عبدالغنسسسي المقدسسسسي فسسسي «الحديقسسسة النديسسسة شرح‬ ‫‪1‬‬

‫الطريقسسسة المحمدي ّسسسة» (‪ )1/136‬عنسسسد قول صسسساحب «الطريقسسسة‬


‫ف المتقدِّمون فسسي‬ ‫صدْر الول»‪« :‬وهسسم ال ّ سَ‬
‫سل ُ‬ ‫المحمديسسة»‪« :‬بعسسد ال ّ سَ‬
‫والصسحابة ‪-‬رضسي اللّه عنهسم أجمعيسن‪-‬؛ لقوله‬ ‫زمسن رسسول اللّه‬
‫‪-‬عليه الصلة والسلم‪« :-‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من‬
‫بعدي»؛ وهسم‪ :‬أبسو بكسر‪ ،‬وعمسر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وعلي ‪-‬رضسي اللّه عنهسم‪،-‬‬
‫فمسا حدث فسي زمانهسم فليسس ببدعسة‪ ،‬والبدعسة مسا حدث بعسد زمان=‬
‫=التابعين وتابعيهم»‪.‬‬
‫وفسسي «حواشسسي الطريقسسة المحمديسسة» لخواجسسه زاده‪« :‬قوله‪:‬‬
‫«بعسد الصسحابة‪ ،»...‬أمسا الحادث فسي زمسن الخلفاء الراشديسن فليسس‬
‫سنَّة الرسسسول ‪ ،‬بدليسسل المسسر بالتمسسسك‬ ‫ببدعسسة؛ ل ّسسَ‬
‫ن سسسنّتَهم ك ُسس‬
‫بسنّتهم»‪.‬‬
‫ذكسسر هذيسسن النقليسسن اللكنوي فسسي «إقامسسة الحجسسة» (ص ‪-23‬‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫‪ ،)24‬وعلق عليهما بقوله‪« :‬فهذه أقوال العلماء كل ّها ناص ٌ‬
‫ة على أ ّ‬
‫ما حدث في زمان الصحابة‪ ،‬بل والتابعين‪ ،‬بل ومن تبعهم ‪-‬من غير‬
‫ب بسه ‪-‬أي‪ :‬والعمسل بسه‪ -‬ليسس‬ ‫نكيسر‪ -‬ليسس بداخسل فسي بدعسة‪ ،‬والرتكا ُس‬
‫بضللة»‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫دّ ين إلى‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫فسي‬ ‫البدعسة‬ ‫بتقسسيم‬ ‫ثيسن‬ ‫د‬ ‫ح‬‫م‬
‫ُ ْ َ‬ ‫وال‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫خل‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫سل َ ِ‬
‫ف‬ ‫ال َّس‬
‫خمسسة أنواع‪ ،‬أو مسا يزيسد عليهسا‪ ،‬أو ينقسص منهسا‪ ،‬بسل صسَّرحوا‬
‫ل بدعسة ضللة‪ ،‬يدل لذلك مسا‬ ‫ن ك َّ‬
‫ة ل مزيسد عليهسا‪ ،‬بأ َّس‬ ‫صسراح ً‬
‫يّس فسي «مسسنده» عسن ابسن عمسر ‪-‬رضسي اللّه‬ ‫أخرجسه الدَّارم ُ‬
‫س حسنة»( )‪،‬‬ ‫عنهما‪ ،-‬قال‪« :‬ك ُّ‬
‫‪1‬‬
‫ن رآها النا ُ‬
‫ل بدعة ضللة‪ ،‬وإ ْ‬
‫ومسا أخرجسه أبسو داود فسي «سسننه» عسن حذيفسة بسن اليمان‬
‫ب رسسول‬ ‫‪-‬رضسي اللّه عنهمسا‪« :-‬كسل عبادة ل يتعبّدهسا أصسحا ُ‬
‫فل تعبَّدوهسسسا‪ ،‬فإ ّسسسَ‬
‫ن الول لم يدع للخسسسر مقالً‪،‬‬ ‫اللّه‬
‫فاتَّقوا اللّه يسسسسا معشسسسسر القَُّراء! وخذوا طريسسسسق مسسسسن كان‬

‫() أخرجسه محمسد بسن نصسر فسي «السسنة» (ص ‪ ،)24‬والبيهقسي‬ ‫‪1‬‬

‫فسي «المدخسل إلى السسنن الكسبرى» (رقسم ‪ ،)191‬والللكائي فسي‬


‫«شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (‪ )1/92‬من طرق عن هشام بن‬
‫الغاز‪ ،‬عن نافع عنه‪ ،‬وسنده صحيح‪.‬‬
‫وانظسسسسسر‪« :‬الباعسسسسسث على إنكار البدع والحوادث» (ص ‪،)75‬‬
‫و«المر بالتباع والنهي عن البتداع» (ص ‪ )64‬كلهما بتحقيقي‪.‬‬
‫(فائدة)‪ :‬عزاه المصسسنف للدارمسسي‪ ،‬وهسو ليسسس فيسه فسي جميسسع‬
‫طبعاتسه التسي ظهرت‪ ،‬وهسو= =ليسس موجود تحست (هشام بسن الغاز‬
‫عسن نافسع عسن ابسن عمسر) فسي «إتحاف المهرة» (‪،)367-9/365‬‬
‫والدارمي من الكتب المطَّرفة فيه!‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫دّث ( ) ال ُسسصول ُّ‬
‫ي أبسسو‬ ‫‪2‬‬
‫ِ‬ ‫المح‬ ‫المام‬ ‫ذلك‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّسس‬ ‫بي‬ ‫وقسسد‬ ‫‪1‬‬
‫‪،‬‬ ‫()‬
‫قبلكسسم»‬
‫شاطسبي الغرناطسي فسي كتابسه «العتصسام»( ) فسي‬
‫‪3‬‬ ‫إسسحاق ال َّ‬
‫م البدع‬ ‫ن ذ ّسسَ‬
‫(الباب الثالث) مسسن (الجزء الول)‪ ،‬فقال‪« :‬إ ّسس‬
‫والمحدثات عام ل يخسسص محدثسسة دون غيرهسسا‪ ،‬وذلك مسسن‬
‫وجوه‪:‬‬

‫أحدهسا‪ :‬أن َّسها جاءت مطلقسة عا َّس‬


‫مة على كثرتهسا‪ ،‬لم يَقَسعْ‬

‫() أخرجسسه البخاري مختصسسرا ً (‪ ،)7281‬وابسسن المبارك فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«الزهد» (رقم ‪- )47‬ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»‬


‫(‪/4‬ق‪ ،-)155‬وابسسن نصسسر فسسي «السسسنة» (رقسسم ‪ ،)90 ،89‬وابسسن‬
‫وضاح في «البدع» (رقم ‪ ،)13 ،11 ،10‬وابن بطة في «البانة»‬
‫(‪ ،)196‬والهروي فسي «ذم الكلم» (رقسم ‪ - 473‬مكتبسة الغرباء)‪،‬‬
‫وأبو نعيم في «الحلية» (‪ ،)1/280‬والخطيب في «تاريخ بغداد» (‬
‫‪ ،)3/446‬وابن عبدالبر في «الجامع» (رقم ‪ - 1809‬ط‪ .‬دار ابن‬
‫الجوزي) من طريقين عن حذيفة‪ ،‬وهو صحيح بهما‪.‬‬
‫وعزاه أبو شامة في «الباعث» (‪ - 70‬بتحقيقي) لس«سنن أبي‬
‫داود»! وقلّده المؤل ِّفان‪ ،‬ولم أجده فيسسسسه‪ ،‬ولم يعزه فسسسسي «تحفسسسسة‬
‫الشراف» (‪ )3/55‬إل للبخاري بنحوه‪ .‬والمراد بسس(القُ َّراء)‪ :‬العلماء‬
‫بالقرآن والسنة العُبّاد‪ ،‬وانظر «فتح الباري» (‪.)13/257‬‬
‫صلح‪ ،‬كمسسسا بيّنتسسسه فسسسي تقديمسسسي‬
‫م ْسس‬
‫جدِّد ُ‬
‫م َ‬
‫() الشاطسسسبي إمام ُ‬
‫‪2‬‬

‫ت سسسست حلقات بعنوان‬ ‫لسسسس«العتصسسسام» و«الموافقات» له‪ ،‬ونشر ُسسس‬


‫(الصسسلح ومجالتسسه عنسسد الشاطسسبي) فسسي مجلتنسسا الغراء «الصسسالة»‬
‫(العداد ‪ ،)34-31 ،29 ،28‬وأمسسسا كونسسسه محدثاً‪ ،‬فليسسسس كذلك‪،‬‬
‫تسسبرهن لي ذلك بيقيسسن‪ ،‬انظسسر تعليقسسي على «الموافقات» (‪،1/76‬‬
‫‪ ،)78‬و«العتصام» (‪.)1/179‬‬
‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() (‪1/242-243‬‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن منها ما هو‬‫فيها استثناء ألبت َّة‪ ،‬ولم يأت فيها ما يقتضي أ َّ‬
‫هدىً‪ ،‬ول جاء فيهسسا‪ :‬كسسسل بدعسسسة ضللة؛ إل كذا وكذا‪ ،...‬ول‬
‫شيء من هذه المعاني‪.‬‬
‫شرع ّ سُ‬
‫ي فيهسسا‬ ‫فلو كان هنالك محدَث َ سة يقتضسسي الن ّ سَظر ال َّ‬
‫ة بالمشروعات؛ لذكر ذلك في آيةٍ‬ ‫الستحسان‪ ،‬أو أن َّها لحق ٌ‬
‫َ‬ ‫ث‪ ،‬لكن ّسه ل يوجسد‪ ،‬فد َّ‬
‫ن تلك الدل ّة بأسسرها‬ ‫ل على أ َّس‬ ‫أو حدي ٍس‬
‫من الكلية التي ل يتخلف عن مقتضاها‬
‫على حقيقة ظاهرها ِ‬
‫فرد ٌ من الفراد‪.‬‬
‫ن ك ُ َّ‬
‫ل‬ ‫والثانسسي‪ :‬أن ّ سَه قسسد ثبسست فسسي الصسسول العلمي ّ سَة‪ ،‬أ ّ سَ‬
‫قاعدة كليسة أو دليسل شرعسي كل ِّي‪ ،‬إذا تكَّررت فسي مواضسع‬
‫كثيرة‪ ،‬وأ ُتي بها شواهد على معان أصولية أو فروعية‪ ،‬ولم‬
‫يقترن بهسا تقييسد ول تخصسيص مسع تكررهسا وإعادة تقررهسا( )‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫فذلك دليسل على بقائهسا على مقتضسى لفظهسا مسن العموم؛‬


‫كقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬وَل َ تَزُِر وَازَِرة ٌ وِْزَر أ ُ ْ‬
‫خَرى} [فاطسسسسسسر‪،]18 :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سعَى} [النجسم‪ ،]39 :‬ومسا أشبسه‬ ‫ما َس‬ ‫ن إِل ّ َس‬ ‫سا ِ‬ ‫{وَأن ل ّي ْس َ‬
‫س لِلن َس‬
‫ذلك‪( ،‬وبسط الستدلل على ذلك هنالك)‪.‬‬
‫فمسا نحسن بصسدده مسن هذا القبيسل إذا جاء فسي الحاديسث‬
‫دّدة والمتكررة فسسي أوقات شت ّسسَى‪ ،‬وبحسسسب الحوال‬ ‫المتع ِ‬
‫ل محدثةٍ بدعسة‪ ...‬ومسا‬ ‫نّس ك َّ‬
‫ة‪ ،‬وأ َ‬ ‫نّس ك ُ َّ‬
‫ل بدعةٍ ضلل ٌ‬ ‫المختلفسة‪ ،‬أ َ‬
‫َ‬
‫كان نحسو ذلك مسن العبارات الدال ّة على أ َّس‬
‫ن البدع َس مذمومسة‪،‬‬
‫ولم يأت فسي آيسة ول حديسث تقييد ٌ ول تخصسيص‪ ،‬ول مسا يُفهَسم‬
‫ة واضحسة على‬ ‫منسه خلف ظاهسر الكلي َّسة فيهسا‪ ،‬فد َّ‬
‫ل ذلك دلل ً‬

‫() الصواب‪« :‬تقريرها»‪ ،‬كما في «العتصام»‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أنها على عمومها وإطلقها‪.‬‬
‫صحابة والتَّابعين‪،‬‬ ‫من ال َّ‬ ‫سلف ال َّ‬
‫صالح ِ‬ ‫الثالث‪ :‬إجماع ال ّ‬
‫ب عنهسسا‪،‬‬‫مهسسا كذلك‪ ،‬وتقبيحهسسا‪ ،‬والهرو ِسس‬ ‫من يليهسسم على ذ ِّ‬ ‫و َس‬
‫من ات َّسم بشيء منها‪ ،‬ولم يقع منهم في ذلك توق ُّف ول‬ ‫وع َّ‬
‫ل على أ َ‬
‫نّس‬ ‫مثنويسة‪ ،‬فهسو بحسسب السستقراء إجماع ٌس ثابست‪ ،‬فد َّ‬
‫ق‪ ،‬بل هي من الباطل‪.‬‬ ‫ك َّ‬
‫ح ٍّ‬ ‫ل بدعة ليست ب ِ َ‬
‫ن متعقّسل البدعسة يقتضسي ذلك بنفسسه؛ لنسه‬ ‫والرابسع‪ :‬أ َّس‬
‫شرع‪ ،‬وك ُّ‬ ‫َ‬
‫ل مسا كان بهذه‬ ‫مسن باب مضادَّة الشارع واط ِّراح ال ّ ْ‬
‫ن وقبيٍح‪ ،‬وأن يكون منه‬ ‫س ٍ‬
‫ح ْ‬‫ل أن ينقسم إلى ُ‬ ‫المثابة فمحا ٌ‬
‫ت ذ َس ُّ‬
‫م‬ ‫ت ذ َس ُّ‬
‫م البدعسة ثَب َس َ‬ ‫م‪[ ،‬فإذا] ثَب َس َ‬
‫‪1‬‬ ‫()‬
‫مسا يمدح ومنسه مسا يذ ّس‬
‫من حيسث تصسوُّرها فقسط‪ ،‬بسل‬ ‫صساحبِها؛ لن ّسها ليسست مذمومسة ِس‬
‫مسسن حيسسث ات ّسسصف بهسسا المت ّسسَصف‪ ،‬فهسسو إذن المذموم على‬
‫م‪ ،‬وذلك‬
‫ة التأثيسم‪ ،‬فالمبتدع مذمو ٌمس آث ٌس‬
‫صّس ُ‬ ‫الحقيقسة‪ ،‬والذ َّس ُّ‬
‫م خا َ‬
‫على الطلق والعموم»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ولقد أطال ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪ -‬في البحث إلى أن قال‪:‬‬


‫() بدل ما بين المعقوفتين في «العتصام» (‪243-1/242‬‬ ‫‪1‬‬

‫ح فسي معقول ول منقول اسستحسان‬ ‫‪ -‬بتحقيقسي) مسا نصسه‪« :‬إذ ل يصس ُّ‬
‫ط هذا فسي أول الباب الثانسي‪ .‬وأيضاً؛‬ ‫شارع‪ ،‬وقسد تقدَّم بسس ُ‬ ‫مشاق َّسة ال َّ‬
‫ضها عن‬ ‫فلو فرض أنه جاء في النَّق ْل استحسا ُ‬
‫ن البِد َِع أو استثناءُ بع ِ‬
‫ة تضاهي المشروعة‪ ،‬من غير أن‬ ‫ن البدعة طريق ٌ‬ ‫مِ؛ لم يتصوَّر؛ ل َّ‬ ‫الذ َّ ّ‬
‫تكون كذلك‪.‬‬
‫ل على مشروعيتهسسسا‪ ،‬إذ لو قال‬ ‫وكون الشارع يسسسستحسنُها؛ دلي ٌ‬
‫ة‪ ،‬كما أشاروا إليه‬ ‫ة؛ لصارت مشروع ً‬ ‫ال َّ‬
‫شارع‪ :‬المحدثة الفلنية حسن ٌ‬
‫في الستحسان حسبما يأتي ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪ ،-‬ولما»‪.‬‬
‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() «العتصام» (‪243-1/242‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫ن ك َّ‬ ‫خزيران»‬
‫«وحاصسل مسا ذ ُك ر هنسا‪ ،‬أ َس‬
‫ضس عاملً‬‫َ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ولو‬ ‫م‪،‬‬
‫ٌس‬ ‫آث‬ ‫مبتدع‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ِس‬
‫بالبدعسة المكروهسسة إن ثبست فيهسا كراهسة التنزيسه؛ لنسسه إمسا‬
‫مسسستنبط لهسسا فاسسستنباطه على الترتيسسب المذكور غيُر جائزٍ‪،‬‬
‫ل عنسه فيهسا‪ ،‬بمسا قدر عليسه‪،‬‬ ‫ب عسن صساحبها مناض ٌ‬
‫ما نائ ٌس‬
‫وإ ّس‬
‫وذلك يجري مجرى المسستنب ِ َ‬
‫ط الوَّ ِ‬
‫ل لهسا‪ ،‬فهسو آثسم على ك ِّ‬
‫ل‬
‫تقدير»( )‪ .‬انتهى باختصار‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وكُن ّسسسسسسسا نود ُّ أن نرشد َ السسسسسسسستاذ الجَّزار وتلميذ َه إلى‬


‫السسستفادة مسسن هذا الكتاب الذي ل ند ّ له فسسي بابسسه‪ ،‬ولكنسسا‬
‫خشينا أن يرميا مؤل ِّف َه بالنَّْزعة (الوهابي َّة)( ) ‪-‬التي هي حجة‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() «العتصام» (‪247-1/246‬‬ ‫‪1‬‬

‫() دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب دعوة سلفية خالصة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫م وبواطيل‪ ،‬وافتراءات وأكاذيب‪ ،‬وأصبح الخصوم‬ ‫ُ‬


‫ألصقت بها تُهَ ٌ‬
‫والعداء من القبوريين والطرقيين ينعتون الدعاة إلى التوحيد‬
‫والكتاب والسنة بس(الوهابيين)؛ حنقا ً وحقدا ً على التوحيد وأهله‬
‫وأئمته! ول قوة إل باللّه‪.‬‬
‫وكلمسة (وهّابسي) تسسمية غريبسة‪ ،‬لم تُنقَسل عسن أحسد مسن أئمسة‬ ‫=‬
‫ب إلى‬ ‫الدعوة الوَل‪ ،‬وإنمسا نقلت عسن خصسومهم‪ ،‬وإل؛ فنعسم النتسسا ُ‬ ‫ُ‬
‫(الوهَّاب) ‪-‬جل جلله‪:-‬‬
‫ن كان توحيد ُ اللهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسِ تَوَهُّباً‬ ‫إ ْسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس‬
‫َ‬
‫ب! فاشهَد ْ أنَّن ِسسسسسسسسسسسسسسسي َوهّابسسسسسسسسسسسسسسسي‬
‫يسسسسسسسسسسسسسسسا َر ّسسسسسسسسسسسسسسسِ‬
‫وهاك ن ّسَ‬
‫صيْن مسسن كلم المام الشيسسخ محمسسد بسسن عبدالوهاب ‪-‬رحمسسه‬
‫اللّه‪ -‬في بيان معتقده ومنهجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬ففسي «مؤلفات الشيسخ محمسد بسن عبدالوهاب» ‪-‬القسسم‬
‫الخامس (الرسائل الشخصية) (ص ‪ -)252‬ما نصه‪:‬‬
‫«لسسست ‪-‬وللّه الحمسسد‪ -‬أدعسسو إلى مذهسسب صسسوفي‪ ،‬أو فقيسسه‪ ،‬أو‬
‫متكلم‪ ،‬أو إمام من الئمة الذين أعظمهم؛ مثل ابن القيم‪ ،‬والذهبي‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫وإ‬ ‫بها‪،‬‬ ‫رميانا‬ ‫التي‬ ‫الدين‪-‬‬ ‫وإضاعة‬ ‫الباطل‪،‬‬ ‫لترويج‬ ‫العاجز‬
‫ن ذلك المام الشاطسبي العظيسم على زمسن محمسد‬ ‫تقد َّس َ‬
‫م زم ِس‬
‫سسنة)!! لنسه ل يبعسد أن‬ ‫(‪500‬‬
‫بسن عبدالوهاب مسا يقرب مسن‬
‫خر!!‬ ‫يعلّل ذلك بأنه من باب أخذ المتق ِ‬
‫دّم عن المتأ ِّ‬
‫وقول سسيدنا عمسر ‪-‬رضسي اللّه عنسه‪ -‬فسي جمعسه الناس‬

‫وابن كثير‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬بل أدعو إلى اللّه وحده ل شريك له‪ ،‬وأدعو إلى‬
‫سنة رسول اللّه التي أوصى بها أول أمته وآخرهم‪ ،‬وأرجو أني ل‬
‫أرد الحسق إذا أتانسي‪ ،‬بسل أشهسد اللّه وملئكتسه وجميسع خلقسه‪ :‬إن أتانسا‬
‫ن الجدار‬ ‫منكم كلمة من الحق‪ ،‬لقبلنها على الرأس والعين‪ ،‬ولضرب ّ‬
‫بكسل مسا خالفهسا مسن أقوال أئمتسي‪ ،‬حاشسا رسسول اللّه‪ S‬فإنسه ل يقول‬
‫إل الحق‪.»...‬‬
‫والخر‪ :‬جاء في رسالته لعبدالرحمن بن عبداللّه السويدي أحد‬
‫علماء العراق يذكر المام ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬حقيقة دعوته‪ ،‬ومن ذلك قوله‬
‫‪-‬كما في «مؤلفات الشيخ المام» (الرسائل الشخصية) (‪:-)5/36‬‬
‫متَّبِعٌ‪ ،‬ولست بمبتدع‪ ،‬عقيدتي وديني‬ ‫«أخبرك أني ‪-‬وللّه الحمد‪ُ -‬‬
‫َ‬
‫ه بسه مذهسب أهسل السسنة والجماعسة‪ ،‬الذي عليسه أئمسة‬ ‫ن الل ّس َ‬
‫الذي أدِي ُس‬
‫المسسلمين؛ مثسل‪ :‬الئمسة الربعسة‪ ،‬وأتباعهسم إلى يوم القيامسة‪ ،‬لكنسي‬
‫بي َّسنت للناس إخلص الديسن للّه‪ ،‬ونهيتهسم عسن دعوة الحياء والموات‬
‫من الصالحين وغيرهم‪ ،‬وعن إشراكهم فيما يعبد اللّه به‪ ،‬من الذبح‬
‫والنذر والتوكل والسجود‪ ،‬وغير ذلك مما هو حق للّه الذي ل يشركه‬
‫فيسه ملك مقرب‪ ،‬ول نسبي مرسسل‪ ،‬وهسو الذي دعست إليسه الرسسل مسن‬
‫سنَّة والجماعة»‪.‬‬
‫أولهم إلى آخرهم‪ ،‬وهو الذي عليه أهل ال ُّ‬
‫وهنالك نقولت عديدة عسسسن المام المجدد‪ ،‬وغيره مسسسن أئمسسسة‬
‫الدعوة المباركة في التباع‪ ،‬والقتصار على الدليل‪ ،‬ونبذ ما يخالفه‪.‬‬
‫تراهسا فسي رسسالة «القناع بمسا جاء عسن أئمسة الدعوة مسن القوال فسي‬
‫التباع»‪.‬‬
‫شبه التي تثار في وجه هذه الدعوة‪ ،‬فقد تصدى لها‬ ‫وأما عن ال ُّ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بصسلة التراويسح على قارئ واحسد‪« :‬نعسم البدعسة هذه»( ) هسو‬
‫‪1‬‬

‫مجاز‪ ،‬كما ذكره الشاطبي ‪-‬أيضاً‪ -‬في كتابه «العتصام»( )؛‬


‫‪2‬‬

‫ن الجتماع في صلة التراويح سنة الرسول ‪-‬عليه الصلة‬‫ل ّ‬


‫من صلّها بالجماعة كما هو معلوم‪.‬‬
‫والسلم‪-‬؛ لنه أول َ‬
‫في‬ ‫(‪)3‬‬
‫وقال العل ّمة الَّزبيدي في «شرحه على الحياء»‬
‫قول سسيدنا عمسر‪« :‬إنهسا نعسم البدعسة»‪« :‬وكذا عد َّسها العُّز ب نُس‬
‫سبكي‪ :‬هسو‬ ‫عبدالسسلم فسي البدع المسستحبة‪ ،‬قال التَّق يّس ال ُّس‬
‫‪4‬‬ ‫()‬

‫ة‪ :‬الخ الباحث الشيخ عبدالعزيز‬


‫بالدراسة والرد على وج هٍ حسن غاي ً‬
‫العبداللطيسف فسي كتابسه «دعاوى المناوئيسن= =لدعوة الشيسخ محمسد‬
‫بن عبدالوهاب‪ ،‬عرض ونقد»‪.‬‬
‫وأمسا عسن المؤلفات التسي طبعست وفيهسا سسموم وبواطيسل حول‬
‫ت اسستيعابها والتحذيسر منهسا فسي كتابسي «كتسب‬
‫هذه الدعوة‪ ،‬فقسد كد ُس‬
‫حذر منها العلماء» (المجموعة الولى) (‪ ،)287-1/250‬فانظره‪،‬‬
‫فإنه مفيد ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪.-‬‬
‫وكتسب ‪-‬حديثاً‪ -‬بعسض إخواننسا ومحبّينسا الشيسخ مالك شعبان فسي‬
‫مجلتنا (الصالة) ثلث حلقات عن أسوأ كتاب ظهر عن حياة الشيخ‬
‫المام محمسد بسن عبدالوهاب‪ ،‬وفن ّسد أباطيله‪ ،‬وهسو «مذكرات همفسر»‪،‬‬
‫انظسر العداد (‪ ،)33 ،32 ،31‬وللمحدث الشيسخ مقبسل بسن هادي‬
‫‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬مقالة بعنوان «حول كلمسسة وهابسسي» نشرناهسسا فسسي‬
‫«الصالة» ‪-‬أيضاً‪( -‬العدد ‪/34‬ص ‪.)33-28‬‬
‫() مضى تخريجه‪ ،‬وهو في «صحيح البخاري»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() انظره ‪-‬لزاماً‪1/45( -‬‬ ‫‪2‬‬

‫() المسسسسمى «إتحاف السسسسادة المتقيسسسن»‪ ،‬والنقسسسل فيسسسه (‬ ‫‪3‬‬

‫‪.)3/421‬‬
‫() فسسسي كتابسسسه «قواعسسسد الحكام» (‪ ،)174-2/172‬وفسسسي‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،)116‬وتبعسسه تلميذه القرافسسي فسسي كتابسسه‬ ‫«الفتاوى» له (ص‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫باعتبار المعنسى اللغوي‪ ،‬فإ َ‬
‫نّس البدعسة فسي اللغسة؛ هسو‪ :‬الشيسء‬
‫الحادث‪ ،‬وأمسسسا فسسسي الشرع‪ ،‬فإذا أطلق إنمسسسا يراد الحادث‬
‫الذي ل أصل له في الشرع‪ ،‬وقد يطلق مقيداً‪ ،‬فيقال‪ :‬بدعة‬
‫هدى‪ ،‬وبدعسة ضللة‪ ،‬فالتراويسح على هذا مسن بدعسة الهدى‪،‬‬
‫وكيسف يريسد عمسر خلف ذلك ويأمسر بسه( )‪ ،‬معاذ اللّه أن يأمسر‬
‫‪1‬‬

‫ببدعة( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫=(‬ ‫«الفروق» (الفرق الثانسسسسسسي والخمسسسسسسسون والمئتان)=‬


‫‪ ،)205-4/202‬وذلك ضمسسن كلم فيسسه أن العلماء قسسسموا البدع‬
‫بأقسام أحكام الشريعة الخمسسة‪ ،‬ان ظر مناقشتهم بما ل مزيسد عليه‬
‫في «العتصام» (‪ 1/313‬وما بعده)‪ ،‬وتعليقي عليه‪.‬‬
‫() في مطبوع «التحاف»‪« :‬بها»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() كلم السبكي هذا في كتابه الكبير في التراويح‪ ،‬وهو بعنوان‬ ‫‪2‬‬

‫«ضوء المصسابيح فسي صسلة التراويسح»‪ ،‬وهسو أكسبر تصسانيفه فسي هذه‬
‫المسسألة‪ ،‬وله فيهسا‪« :‬تقييسد التراجيسح فسي صسلة التراويسح»‪ ،‬و«إشراق‬
‫المصسسابيح فسسي صسسلة التراويسسح» وهسسو مطبوع بمصسسر قديماً‪ ،‬وضمسسن‬
‫«الفتاوى» (‪ 1/155‬ومسسا بعسسد) له‪ ،‬وله فيهسسا‪« :‬نور المصسسابيح فسسي‬
‫صسسلة التراويسسح»‪ ،‬و«ضياء المصسسابيح»‪ ،‬ومصسسنَّفَان آخران فسسي ذلك‬
‫تكملة سسسبعة‪ ،‬قاله ابنسسه التاج فسسي «طبقات الشافعيسسة الكسسبرى» (‬
‫‪.)10/309‬‬
‫قال الّزبيدي فسسسي «شرح الحياء» (‪« :)3/415‬وقسسسد ألف‬
‫قاضسي القضاة تقسي الديسن السسبكي ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬فيمسا يتعلق بتأكيسد‬
‫سنية صلة التراويح ثلث رسائل‪ ،‬أولها‪« :‬ضوء المصابيح في صلة‬
‫التراويسح»‪ ،‬وهسي فسي ثمان كراريسس‪ ،‬والثانيسة‪« :‬تقييسد التراجيسح فسي‬
‫تأكيد التراويح» كراسة واحدة‪ ،‬والثالثة‪« :‬إشراق المصابيح في صلة‬
‫التراويح» كراسة واحدة‪ ،‬وقد اطلعت على الخيرين بخطه»‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬ممسا قال فسي «الشراق» (ق‪ )4 ،3‬بعسد كلم‬
‫‪-‬ومن خطّه أنقل‪ ،‬وهذه الرسالة ضمن مجموع في المكتبة الحمدية‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وهكذا مراد العسسز بسسن عبدالسسسلم( )‪ ،‬فليسسس هذا مسسن‬
‫‪1‬‬

‫ن عمر‬‫البدعة المقابلة للسنة في شيء‪ ،‬على أني أقول‪ :‬إ َّ‬


‫‪-‬رضسي اللّه عنسه‪ -‬لم يشسر إلى أصسل التراويسح‪ ،‬وإنمسا أشار‬
‫ص‪ ،‬الذي حدث فسسي زمانسسه بأمره‪،‬‬
‫إلى ذلك الجتماع الخا ّسس‬
‫فهو بدعة باعتبار اللغة‪ ،‬وبدعة هدى‪ ،‬وأما أصل التراويح فل‬
‫يطلق عليها بدعة بشيء من العتبارين‪ ،‬ول في كلم عمر‬
‫بحلب (رقم ‪ )202‬له بخطه‪ ،‬جاء على طرته‪« :‬هذا المجموع بخط‬
‫سبكي الكسبير‪ ،‬فهسو‬‫مؤل ّسفه ولي اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬المجتهسد شيسخ السسلم ال ّس‬
‫مسن عجائب الكتسب المتسبَّرك(!) فيهسا»‪« :-‬فلمسا علم عمسر ذلك مسن‬
‫ن الفرائض ل يزاد فيهسا‪ ،‬ول ينقسص منهسا بعسد‬ ‫رسسول اللّه ‪ ،‬وعلم أ َّس‬
‫موتسه ‪ ،‬أقامهسا للناس‪ ،‬وأحياهسا‪ ،‬وأمسر بهسا‪ ،‬وذلك سسنة أربسع عشرة‬
‫ضله به‪ ،‬ولم يُلهم إليه أبا‬ ‫من الهجرة‪ ،‬وذلك شيء دخره اللّه له‪ ،‬وف ّ‬
‫ل مسسن عمسسر‪ ،‬وأشد َّ سسسبقا ً إلى كسسل خيسسر‬ ‫ن= =كان أفض َ‬ ‫بكسسر‪ ،‬وإ ْسس‬
‫ص بهسا‪ ،‬ليسست لصساحبه‪ ،‬وكان‬ ‫خ ّس‬‫بالجملة‪ ،‬ولكسل واحد ٍ منهسم فضائل ُ‬
‫ضله‪ ،‬ويقول‪« :‬نوّر شهسر‬ ‫عل يّس يسستحسن مسا فعسل عمسر مسن ذلك ويف ّ‬
‫الصوم»‪.»...‬‬
‫ي‪ ،‬أخرجسسسه الثرم ‪-‬كمسسسا فسسسي «المغنسسسي» (‬ ‫قلت‪ :‬أثسسسر عل ّسسس‬
‫‪ ،-)1/457‬وابن عبدالبر في «التمهيد» ( ‪ ،)8/119‬وابن عساكر‬
‫في «تاريخ دمشق» (‪/13‬ق‪ )96‬عن إسماعيل بن زياد وإسماعيل‬
‫ضعيف‪ ،‬ولذا ذكره ابن تيمية في «منهاج السنة» (‪ )4/224‬بصيغة‬
‫التمريض‪.‬‬
‫وأخرجسه ابسن خزيمسة ‪-‬كمسا فسي «مسسند الفاروق» (‪)1/187‬‬
‫وأورد إسسسسناده‪ ،-‬وابسسسن شاهيسسسن‪ ،‬والثرم ‪-‬كمسسسا فسسسي «المغنسسسي» (‬
‫‪ -)1/457‬مسن طريسق أبسي إسسحاق الهمذانسي عسن علي‪ ،‬قال ابسن‬
‫كثير‪« :‬هذا منقطع بين أبي إسحاق وعلي»‪ ،‬وقال‪« :‬وقد رواه بشر‬
‫بن موسى‪ ،‬عن عبدالرحمن بن واقد‪ ،‬عن عمرو بن جميع‪ ،‬عن ليث‪،‬‬
‫عسن مجاهسد‪ ،‬عسن علي مثله‪ ،‬وهذا منقطسع»‪ .‬وانظسر ‪-‬أيضاً‪ -‬لتأييسد مسا‬
‫مضى‪« :‬شعب اليمان» للبيهقي (‪.)3/337‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مسسا يدل على ذلك‪ ،‬وابسسن عبدالسسسلم إن أراد مسسا أراد عمسسر‬
‫وافقناه [عليسسسه]( )‪ ،‬وإل خالفناه فيسسسه‪ ،‬متمسسسسكين بإطلق‬
‫‪1‬‬

‫نّس التراويسح سسنة النسبي ‪ S‬ل‬


‫العلماء مسن المذاهسب الربعسة‪ ،‬أ َ‬
‫سنة عمر»( )‪ .‬انتهىكلم الَّزبيدي‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقول خزيران‪ :‬ويؤي ِّد مذهبهم أدلة كثيرة؛ منها‪ :‬ما وقع‬
‫ن مسا‬
‫لبسي بكسر وعمسر وزيسد بسن ثابست‪ ...‬إلخ ليسس بدليسل؛ ل ّس‬
‫طلبه عمر‪ ،‬وتردَّد فيه أبو بكر‪ ،‬ثم قَبِلَه‪ ،‬وتردد فيه زيد‪ ،‬ثم‬
‫وانظر لفتة رائعة عند البخاري في «الصحيح» في محل وضع‬
‫أثسسر عمسسر‪ ،‬وماذا سسسبقه عنسسد ابسسن كثيسسر فسسي «مسسسند الفاروق» (‬
‫‪.)1/187‬‬
‫سع القرافي في‬ ‫مة التي ينبغي التنبُّه لها‪ :‬تو ُّ‬
‫() من المور المه َّ‬ ‫‪1‬‬

‫متابعسسسة شيخسسسه العسسسز فسسسي تقسسسسيم البدع‪ ،‬وقرر الشاطسسسبي فسسسي‬


‫«العتصسسام» (‪ )323-1/322‬أن القرافسسي ات ّ سبع شيخسسه مسسن غيسسر‬
‫مل‪ ،‬وأنسه ل عذر له فسي نقسل تلك القسسام على غيسر مراد شيخسه‪،‬‬ ‫تأ ّس‬
‫ملوا كلم القرافسي‬ ‫خرون فسي تحسسين البدع‪ ،‬وح ّ‬
‫سع المتأ ِّ‬
‫ومسن هنسا تو ّس‬
‫زيادة ً عليه‪ ،‬والمتأمل في التطبيقات العملية الفقهية عند (العز) ول‬
‫سسيما فسي (الفتاوى) له‪ ،‬يظهسر صسدق وحسق مسا قال الشاطسبي‪ ،‬انظسر‬
‫كلمسسه بتأمسسل وإنعام نظسسر‪ ،‬فإنسسه حقيسسق وجديسسر بذلك‪ ،‬واللّه الهادي‬
‫والواقي‪.‬‬
‫() سقط في المطبوع‪ ،‬وأثبتُّه من «التحاف» لل َّزبيدي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظسر فسي هذا‪« :‬اقتضاء الصسراط المسستقيم» (ص ‪،)276‬‬ ‫‪2‬‬

‫«الباعسسسث» (‪ - 95-93‬بتحقيقسسسي) لبسسسي شامسسسة‪« ،‬الكافسسسي» (‬


‫‪ )1/255‬لبسسن عبدالبر‪« ،‬المسسر بالتباع» (‪ - 91-87‬بتحقيقسسي)‪،‬‬
‫«عارضسسة الحوذي» (‪« ،)19-4/18‬إقامسسة الحجسسة على أن الكثار‬
‫فسسسي التعب ّسسسُد ليسسسس ببدعسسسة» (ص ‪« ،)33‬الطريقسسسة المحمديسسسة» (‬
‫‪ - 1/128‬شرح الخادمسسسسسسسسي) و(‪ - 1/136‬شرح عبدالغنسسسسسسسسي‬
‫النابلسي)‪« ،‬جامع العلوم والحكم» (‪ ،)233‬وغيرها‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪.‬‬ ‫قبله( )‪ ،‬ليس ببدعة‪ ،‬وإن يكن حدث من بعد الرسول‬ ‫‪1‬‬

‫قال‪« :‬فعليكم بسنتي‬ ‫ن النبي‬ ‫نقول‪ :‬ليس ببدعة؛ ل َّ‬


‫وسسنة الخلفاء الراشديسن المهدييسن‪ ،‬عضوا عليهسا بالنّواجسذ‪،‬‬
‫ل بدعسة ضللة»( )‪ .‬فسسمى‬
‫‪2‬‬ ‫ن ك َّ‬
‫وإياكسم ومحدثات المور؛ فإ َّس‬
‫مه‬ ‫ة‪ ،‬ولم يس ِّ‬‫سن َّ ً‬
‫ما يأتي به الخلفا ُء الراشدون من بعده ُ‬
‫حدَثات الُمور؛ فإ َ‬
‫نّس‬ ‫م ْ‬
‫من قوله ‪« :‬وإياكسم و ُ‬ ‫ة‪ ،‬ويفهسم ِس‬
‫بدع ً‬
‫ل بدعسسسسسة ضللة»( ) أن مسسسسسا يحدث بعسسسسسد زمان الخلفاء‬
‫‪3‬‬ ‫ك َّ‬
‫ة‪.‬‬
‫الراشدين هو الذي يسمى بدع ً‬
‫ة والتَّابعون‬ ‫ثسم قال‪ :‬وقسد سسار مسن ذلك الوقست ال َّس‬
‫صحاب ُ‬
‫ل عصسسر على ذلك‪ ،‬ولم يسسسمع‬ ‫والئمسسة المجتهدون‪ ،‬فسسي ك ِّ‬
‫عسن أحسد منهسم مخالفسة فيسه‪ ،‬فكان إجماعاً ( )‪ ،‬ول يعزب عسن‬
‫‪4‬‬

‫() يشير إلى ما عند البخاري في «صحيحه»‪ ،‬وسبق أن نقلناه‬ ‫‪1‬‬

‫عنه في التعليق على (ص ‪.)50‬‬


‫() تقدم تخريجسه (ص ‪ ،)55‬وهسو حديسث العرباض بسن سسارية‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬رضي اللّه عنه‪.-‬‬


‫() سسبق تخريجسه‪ ،‬وهسو حديسث العرباض بسن سسارية ‪-‬رضسي اللّه‬ ‫‪3‬‬

‫عنه‪.-‬‬
‫() وهذا قاله السبكي ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬في «إشراق المصابيح» (ق‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،)5‬وغيره‪.‬‬
‫وحكسى الجماع على مشروعيسة صسلة قيام رمضان فسي‬ ‫=‬
‫ة؛ منهسسم‪ :‬ابسسن عبدالبر فسسي «الكافسسي» (‪،)1/255‬‬
‫جماعةٍ‪ ،‬جماع ٌ‬
‫والكاساني في «بدائع الصسنائع» (‪ ،)2/748‬وابسن رشد في «بداية‬
‫المجتهسسد» (‪ ،)4/184‬والنووي فسسي «شرح صسسحيح مسسسلم» (‬
‫‪ 5/138‬و ‪ ،)6/39‬والقرافسي فسي «الذخيرة» ( ‪ ،)2/403‬وشيسخ‬
‫السلم ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (‪.)23/19‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫درايسة ذوي العلم مسا ذكره شراحسه (أي‪ :‬شراح حديسث صسلة‬
‫التراويسح النف الذكر)‪ ،‬مسن أن ت صرفات سيدنا ع مر ب صلة‬
‫كانسست مسسن جهسسة الجتماع‬ ‫التراويسسح المأثورة عسسن النسسبي‬
‫عليهسا‪ ،‬وجعلهسا فسي أول الليسل‪ ،‬وكونهسا فسي كسل ليلة‪ ،‬وكونهسا‬
‫بالعدد الذي يصسليه الن المسسلمون فسي مسساجدهم‪ ،‬ماعدا‬
‫مسن أزاغ اللّه قلوبهسم مسن القتصسار على أصسل المنقول عسن‬
‫النبي من الحدى عشرة ركعة مع الوتر‪ ،‬حتى بلغنا عن‬
‫الفاضسل الق َّس‬
‫صاب أنسه يفعسل ذلك فسي بيتسه مسع جماعسة مسن‬
‫صسسلحاء عوام المسسسلمين‪ ،‬الذيسسن تسسسلّط على أفكارهسسم‬
‫‪« :‬اقتدوا باللذيسن مسن‬ ‫السساذجة‪ ،‬ألم يطرق سسمعه قوله‬
‫بعدي؛ أبسسي بكسسر وعمسسر»( )‪ ،‬ألم يصسسل إليسسه خسسبر‪« :‬عليكسسم‬
‫‪1‬‬

‫وانظر في حكاية إجماع الصحابة عليها‪« :‬المغني» (‪،2/604‬‬


‫‪« ،)605‬شرح الزركشسسي على الخرقسسي» ( ‪« ،)2/79‬الشرح‬
‫‪« ،)1/425‬تسسسبيين‬ ‫الكسسسبير» (‪« ،)1/362‬كشاف القناع» (‬
‫الحقائق» (‪« ،)179 ،1/178‬طرح التثريب» (‪.)3/98‬‬
‫() أخرجه الترمذي في «جامعه» (‪ ،)4/310‬وابن ماجه في‬ ‫‪1‬‬

‫«السسسنن» (‪ 1/37‬رقسسم ‪ ،)97‬والحميدي فسسي «المسسسند» (رقسسم‬


‫‪ ،)249‬وابن أبي شيبة في «المصنف» (‪ 12/11‬رقم ‪11991‬‬
‫و‪ 14/569‬رقسم ‪ ،)18895‬وأحمسد فسي «المسسند» (‪،5/299‬‬
‫‪ )402 ،382‬و«فضائل الصسسحابة» (رقسسم ‪ ،)479 ،478‬وابنسسه‬
‫عبداللّه فسسسسسسي «زوائده على الفضائل» (‪ 1/186‬رقسسسسسسم ‪)198‬‬
‫و«السنة» (رقم ‪ ،)1369-1367‬والبخاري في «التاريخ الكبير»‬
‫(‪« - 9/50‬الكنسسى»)‪ ،‬والطحاوي فسسي «المشكسسل» (‪،84 ،2/83‬‬
‫‪ ،)85‬والحاكسسم فسسسي «المسسسستدرك» (‪ ،)3/75‬وابسسسن سسسسعد فسسسي‬
‫«الطبقات الكبرى» (‪ ،)2/334‬والفسوي في «المعرفة والتاريخ»‬
‫(‪ ،)1/480‬والخلل فسسسي «السسسسنة» (رقسسسم ‪ ،)336‬والبزار فسسسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سنَّةِ الخلفاء الراشديسسن المهدييسسن مسسن بعدي‪،‬‬‫ُسس‬ ‫و‬ ‫سنّتي‬
‫ب ُسس‬
‫تمسكوا بها وعضوا عليها بالنَّواجذ»( )؟ ألم يفهم أهمية هذا‬
‫‪1‬‬

‫الطلب؟ أم غفسسل عسسن ذلك؟ ألم يعلم أ ّسسَ‬


‫ن صسسلة التراويسسح‬
‫ل السسسنة والجماعسسة فسسي‬ ‫بالكيفيسسة التسسي يصسسليها الن أه ُ‬
‫سنّةِ‬
‫‪ ،‬و ُس‬ ‫ي‬ ‫سنَّتَين‪ُ :‬س‬
‫سنَّةِ النسب ِ ّ‬ ‫مسساجدهم هسي مركبسة مسن ُس‬
‫عمَر ‪-‬رضي اللّه عنه‪-‬؟ وكلتاهما مطلوب منا فعلهما شرعاً‪،‬‬
‫«المسسسسند» (‪ 251-1/248‬رقسسسم ‪،)2829 ،2828 ،2827‬‬
‫وابسن أبسي حاتسم فسي «العلل» (‪ ،)2/381‬والطسبراني فسي «أحاديسث‬
‫منتقاة» (رقم ‪«= =- 5‬انتقاء ابن مردويه»)‪ ،‬وأبو الشيخ في «ذكر‬
‫القران» (رقسسسسم ‪ ،)428‬والبلذري فسسسسي «أنسسسسساب الشراف» (‬
‫‪ 2/208‬و‪ ،)10/57‬وابسن حبان فسي «صسحيحه» (رقسم ‪- 2193‬‬
‫موارد)‪ ،‬وابسن شاهيسن فسي «السسنة» (رقسم ‪ ،)147‬وابسن عدي فسي‬
‫«الكامسسل» (‪ ،)2/250‬والقطيعسسي فسسي «جزء اللف دينار» (رقسسم‬
‫‪ ،)162‬والعقيلي في «الضعفاء» (‪ ،)2/150‬وابن أبي عاصم في‬
‫«السنة» (‪ 546-2/545‬رقم ‪ ،)1149 ،1148‬وأبو نعيم في‬
‫«فضائل الخلفاء» (رقسم ‪ )93‬و«تثسبيت المامسة» (رقسم ‪)50 ،49‬‬
‫و«الحليسة» (‪ ،)9/109‬والبيهقسي فسي «المدخسل» (رقسم ‪،62 ،61‬‬
‫‪ )63‬وفسي «السسنن الكسبرى» (‪ 5/212‬و‪ )8/153‬وفسي «مناقسب‬
‫الشافعسسي» (‪ ،)1/362‬والبغوي فسسي «شرح السسسنة» (‪14/101‬‬
‫رقسم ‪ ،)3895‬والتيمسي فسي «الترغيسب» (‪ 1/170‬رقسم ‪- 334‬‬
‫ط‪ .‬زغلول) و«سسير السسلف» (ق‪/17‬ب)‪ ،‬وابسن عسساكر فسي «تاريسخ‬
‫دمشسسق» (‪/9‬ق‪ 644‬و‪/13‬ق‪ ،)71-70‬والخليلي فسسي «الرشاد»‬
‫(‪ 1/378‬و‪ ،)665-2/664‬والجّرِي فسسي «الشريعسسة» (‪-3/84‬‬
‫‪ 85‬رقسسسسم ‪ ،)1404 ،1403 ،1402‬والللكائي فسسسسي «شرح‬
‫السسنة» (‪ 1316-7/1315‬رقسم ‪ ،)2499 ،2498‬والرويانسي‬
‫فسي «مسسنده» (‪ 3/103‬رقسم ‪« - 79‬المسستدرك») ‪-‬ومسن طريقسه‬
‫ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (‪/13‬ق‪ 72‬وص ‪ - 64 ،63‬جزء‬
‫ابسن مسسعود)‪ ،-‬وابسن حزم فسي «الحكام» (‪ ،)8/809‬والذهسبي فسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مسسسع إثبات الفرق فيمسسسا بينهمسسسا بنسسسسبة مسسسا بيسسسن درجتسسسي‬
‫مشرعيهما‪.‬‬
‫من جرأة هذا‬ ‫جب! ويحق ُّس لنسا أن نعج َس‬
‫ب ِس‬ ‫نقول‪ :‬إنسا لنع َس‬
‫الرجسل على الديسن الحنيسف‪ ،‬بنقله أمورا ً ل صسحة لهسا‪ ،‬حيسث‬
‫يصسّرِح كلمسه بأن المسة السسلمية مسن عهسد سسيدنا عمسر إلى‬
‫يومنسا هذا متَّفقسة على كيفيسة صسلة التراويسح المعمول بهسا‬
‫الن‪ ،‬وهسو أنهسا بالجتماع عليهسا وأنهسا فسي أول الليسل‪ ،‬وأنهسا‬
‫فسي العدد الذي يصسليه المسسلمون الن فسي مسساجدهم‪ ،‬مسع‬
‫أنسسه لم يقسسل بهذا التفاق أحسسد‪ ،‬وأن حديسسث البخاري عسسن‬

‫«السسسير» (‪ 1/481‬و‪ ،)10/88‬والمزي فسسي «تهذيسسب الكمال» (‬


‫‪ ،)30/356‬وابسسن بلبان فسسي «تحفسسة الصسسديق» (ص ‪ ،)64‬وابسسن‬
‫عبدالبر فسي «الجامسع» (‪ ،)224 ،2/223‬والخطيسب فسي «الفقيسه‬
‫والمتفقسسسسسسسه» (‪ )1/177‬و«التاريسسسسسسسخ» (‪ 7/403‬و‪ 12/20‬و‬
‫‪ ،)14/366‬وبيسبي الهرثميسة فسي «جزئهسا» (رقسم ‪ )84‬عسن حذيفسة‬
‫مرفوعاً‪.‬‬
‫والحديسسسسث ‪-‬كمسسسسا قال الخليلي فسسسسي «الرشاد» (‪-)1/378‬‬
‫َ‬
‫«صحيح معلول»؛ أي‪ :‬بعل ّةٍ غير قادحة‪.‬‬
‫وقال العقيلي فسي «الضعفاء» (‪ )4/95‬بعسد كلم‪« :‬يروى عسن‬
‫حذيفة عن النسبي ‪ S‬بإسناد جيد ثابت»‪ .‬وحسنه الذهسبي في «تاريخ‬
‫السسسسسلم» (‪ .)2/257‬وانظسسسسر‪« :‬تحفسسسسة الشراف» (‪.)30/28‬‬
‫وتفصيل طرقه وسائر شواهده أمر يطول جداً‪ ،‬وخرجت منها حديث‬
‫ابسن مسسعود فسي تعليقسي على «المجالسسة» (‪ 263-8/258‬رقسم‬
‫‪ ،)3528‬وأكتفسي بمسا قدمست‪ ،‬واللّه الموفسق‪ .‬وانظسر‪« :‬السسلسلة‬
‫الصحيحة» (رقم ‪.)1233‬‬
‫() مضى تخريجه‪ ،‬وهو قطعة من حد يث العرباض بن سارية‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬رضي اللّه عنه‪.-‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن عمسر نفسسه لم‬ ‫عبدالرحمسن بسن عبدالقاري( ) صسريح فسي أ ّسَ‬
‫‪1‬‬

‫يكسسن يصسسل ِّي التراويسسح بالجتماع فسسي المسسسجد أول الليسسل‬


‫عشريسن ركعسة‪ ،‬والحديسث هسو أن عبدالرحمسن بسن عبدالقاري‬
‫قال‪:‬‬
‫ت مع عمر بن الخطاب ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬ليلة في‬ ‫خرج ُ‬
‫س أوزاع متفّرِقون‪ ،‬يصسسل ِّي‬
‫رمضان إلى المسسسجد‪ ،‬فإذا النا ُ س‬
‫ل فيصل ِّي بصلته الَّره ُ‬
‫ط‪ ،‬فقال‬ ‫ل لنفسه‪ ،‬ويصل ِّي الرج ُ‬
‫الرج ُ‬
‫ت هؤلء على قارئ واحسسد؛ لكان‬ ‫عمسسر‪ :‬إنسسي أرى لو جمع ُسس‬
‫ُ‬
‫ي بسن كَعْسب‪ ،‬ثسم خرج ُس‬
‫ت‬ ‫أمثسل‪ ،‬ثسم عزم‪ ،‬فجمعهسم على أب َس ِ ّ‬
‫ة أخرى‪ ،‬والناس يصسلون بصسلة قارئهسم‪ ،‬قال عمسر‪:‬‬ ‫معسه ليل ً‬
‫نعسسم البدعسسة هذه‪ ،‬والتسسي ينامون عنهسسا أفضسسل مسسن التسسي‬
‫يقومون‪ .‬يريد‪ :‬آخر الليل‪ ،‬وكان الناس يقومون أوله( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ت معسه والناس يصسلّون بصسلة‬ ‫ن قول الراوي‪ :‬خرج ُس‬ ‫ل َّس‬


‫صّس أنهسم كانوا يصسلّون‪ ،‬وليسس معهسم عمسر‪ ،‬وقسد‬
‫قارئهسم‪ ،‬ين ُ‬
‫ة القسسسسطلني إلى هذا عنسسسد شرح هذه الفقرة‬ ‫أشار العلّم ُ‬
‫ن عمَر كان ل يواظسب‬ ‫مسسن الحديسث بقوله‪« :‬فيسسه إشعار بأ ّس‬
‫على الصسلة معهسم‪ ،‬ولعله كان يرى أن فعلهسا فسي بيتسه‪ ،‬ول‬
‫سيما في آخر الليل أفضل»( ) (انتهى كلم القسطلني)‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وقال المام الغََّزال ِ ُّ‬


‫ي في كتابه «إحياء علوم الدين»( )‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫ن الجماعة فيها (أي‪ :‬صلة التراويح) أفضل‬ ‫«واختلفوا في أ َّ‬

‫() تقدم تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() «إرشاد الساري» (‪.)3/426‬‬ ‫‪3‬‬

‫() «الحياء» (‪.)1/202‬‬ ‫‪4‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ة أفضل لفعل عمر ‪-‬رضي‬ ‫َ‬ ‫الجماع‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫فقيل‪:‬‬ ‫()‬
‫النفراد؟‬
‫‪1‬‬
‫أم‬
‫ن الجتماع بركة‪ ،‬وله فضيلة‪ ،‬بدليل الفرائض‪،‬‬ ‫اللّه عنه‪ ،-‬ول ّ‬
‫ولنه ربما يكسل في النفراد‪ ،‬وينشط عند مشاهدة الجمع‪،‬‬
‫وقيسل‪ :‬النفراد أفضسل؛ ل َّس‬
‫ن هذه سسنة ليسست مسن الشعائر‬
‫كالعيديسن‪ ،‬فإلحاقهسا بصسلة الضحسى‪ ،‬وتحيسة المسسجد أولى‪،‬‬
‫ولم تشرع فيهسسسا جماعسسسة‪ ،‬وقسسسد جرت العادة بأن يدخسسسل‬
‫المسسجد جمسع معاً‪ ،‬ثسم لم يصسلوا التحيسة بالجماعسة‪ ،‬ولقوله‬
‫‪« :S‬فضل صلة التطوع في بيته على صلته في المسجد‪،‬‬
‫كفضسسل صسسلة المكتوبسسة فسسي المسسسجد على صسسلته فسسي‬
‫ن الجماعة أفضل كما‬‫ن قال‪« :‬والمختار أ َّ‬
‫البيت»( )‪ ...‬إلى أ ْ‬
‫‪2‬‬

‫() بعدهسا فسي «الحياء»‪« :‬وقسد خرج رسسول اللّه فيهسا ليلتيسن‬ ‫‪1‬‬

‫أو ثلثا ً للجماعسسة‪ ،‬ثسسم لم يخرج‪ ،‬وقال‪« :‬أخاف أن توجسسب عليكسسم»‪،‬‬


‫وجمسع عمسر ‪-‬رضسي اللّه عنسه‪ -‬الناس عليهسا فسي الجماعسة‪ ،‬حيسث أمسن‬
‫من الوجوب بانقطاع الوحي»‪.‬‬
‫() قال العراقسسي فسسي «تخريسسج أحاديسسث الحياء» (‪:)1/202‬‬ ‫‪2‬‬

‫«رواه آدم بسن أبسي إياس فسي كتاب «الثواب» مسن حديسث ضمرة بسن‬
‫حسبيب مرسسلً‪ .‬ورواه ابسن أبسي شيبسة فسي «المصسنف»‪ ،‬فجعله عسن‬
‫ضمرة بن حبيب عن رجل من أصحاب النبي موقوفاً‪ .‬وفي «سنن‬
‫أبسي داود» بإسسناد صسحيح مسن حديسث زيسد بسن ثابست‪« :‬صلة المرءفسي‬
‫بيته أفضل من صلته في مسجدي هذا؛ إل المكتوبة»»‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬أخرج الطسبراني فسي «الكسبير» (‪ 8/53‬رقسم‬
‫‪ ،)7322‬وعنسه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» ( ‪ 3/1497‬رقم‬
‫‪ )3809‬عسن صسهيب بسن النعمان رفعسه‪« :‬فضسل صسلة الرجسل فسي‬
‫بيته على صلته حيث يراه الناس‪ ،‬كفضل المكتوبة على النافلة»‪.‬‬
‫ورواه أبو الشيخ في «الثواب»‪ ،‬بلفظ‪« :‬صلة التطوّع حيث ل‬
‫يراه مسسن الناس أحسسد‪= =،‬مثسسل خمسسسة وعشريسسن صسسلة حيسسث يراه‬
‫الناس»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫رآه عمر»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال المام الشوكانسي فسي كتابسه «نيسل الوطار شرح‬


‫منتقسسسى الخبار»( )‪« :‬وقال المام النووي( )‪ :‬اتفسسسق العلماء‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫ن الفضل صلتها في‬ ‫على استحبابها‪ ،‬قال( )‪ :‬واختلفوا في أ َّ‬


‫‪4‬‬

‫()‬
‫‪5‬‬
‫بيتسه منفردا ً أم فسي جماعسة فسي المسسجد؟ فقال الشافعسي‬

‫قال الذهسبي فسي «التجريسد» (‪« :)1/268‬صسهيب بسن النعمان‬


‫له حديث‪ ،‬رواه عنه هلل بن يساف في «معجم الطبراني» تفرد به‬
‫قيس بن الربيع»‪.‬‬
‫وعزاه ابسسن حجسسر فسسي «الصسسابة» (‪ )3/452‬للمعمري فسسي‬
‫«اليوم والليلة»‪ ،‬وقال الهيثمسي فسي «المجمسع» ( ‪« :)2/247‬وفيسه‬
‫محمسسد بسسن مصسسعب القرقسسساني‪ ،‬ضعّ سفه ابسسن معيسسن وغيره‪ ،‬ووثقسسه‬
‫أحمد»‪.‬‬
‫وأما أثر ضمرة؛ فمضطرب‪ ،‬روي على وجوه وألوان‪ ،‬تراه عند‬
‫الَّزبيدي في «تخريج الحياء» (‪ - 1/511‬استخراج الحداد)‪.‬‬
‫وصسحح شيخنسا اللبانسي ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬فسي «السسلسلة الصسحيحة» (‬
‫ُ‬
‫‪ )1910‬حديسث أنسس رفعسه‪« :‬صسل ّوا فسي بيوتكسم‪ ،‬ول تتركوا النوافسل‬
‫فيها»‪ ،‬وهو بعمومه يشمل هذه المسألة‪ ،‬فتأمل!‬
‫() الحياء (‪ ،)1/202‬وكذا قال زكريسا النصساري فسي «تحفسة‬ ‫‪1‬‬

‫الباري» (‪/2‬ق‪ - 323‬المحمودية)‪.‬‬


‫() (‪.)3/60‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬‬ ‫() فسي «شرح صسحيح مسسلم» المسسمى «المنهاج» (‪6/58‬‬ ‫‪3‬‬

‫ط‪ .‬قرطبة و‪ - 6/41‬ط‪ .‬التراث)‪.‬‬


‫() أي‪ :‬النووي أيضا ً ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬ ‫‪4‬‬

‫() قال الترمذي فسي «جام عه» (‪« :)3/170‬واختار الشافعسي‬ ‫‪5‬‬

‫أن يصسلي الرجسل وحده إذا كان قارئاً»‪ ،‬ونقسل البيهقسي فسي «معرفسة‬
‫السسسنن والثار» (‪ ،)4/5395‬وابسسن عبدالبر فسسي «السسستذكار» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫()‬
‫‪4‬‬
‫وجمهور أصسحابه( ) وأبسو حنيفسة( ) وأحمسد( ) وبعسض المالكيسة‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫وغيرهسسم( )‪ :‬الفضسسل صسسلتها جماعسسة‪ ،‬كمسسا فعله عمسسر بسسن‬


‫‪5‬‬

‫الخطاب( )‪ ،‬وقال مالك( ) وأبسو يوسسف( ) وبعسض الشافعيسة‬


‫(‪)9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫وغيرهسم( )‪ :‬الفضسل فُرادى فسي البيست؛ لقوله ‪« :‬أفض ُ‬


‫ل‬ ‫‪10‬‬

‫‪ 5/159‬رقسسم ‪ )6304‬عسسن الشافعسسي أن الصسسلة فسسي المسسسجد‬


‫أفضل مع رسول اللّه في مسجده على ما في ذلك من الفضل‪ .‬ثم‬
‫صسرح البيهقسي أن تفضيسل صسلة الرجسل وحده هسو مذهبسه القديسم‪ ،‬ثسم‬
‫ن صلها في جماعة؛ فحسن»‪ .‬وانظر‪:‬‬ ‫نقل عنه (‪« :)4/5398‬وإ ْ‬
‫«الحاوي الكسسسبير» (‪« ،)2/291‬تحفسسسة الحوذي» (‪ - 3/448‬ط‪.‬‬
‫دار الكتب العلمية)‪.‬‬
‫() نقله ابن عبدالبر في «الستذكار» (‪ )5/161‬عن المزني‬ ‫‪1‬‬

‫وابسسسن عبدالحكسسسم مسسسن أصسسسحاب الشافعسسسي‪ ،‬وقال النووي فسسسي‬


‫«المجموع» (‪« :)1/486‬وهسو المنصسوص فسي البويطسي‪ ،‬وبسه أكثسر‬
‫أصحابنا المتقدمين»‪ .‬وانظر «مدارك المرام في مسالك الصيام» (‬
‫‪ )114‬للقطب القسطلني‪ ،‬و«إرشاد الساري» (‪.)3/427‬‬
‫() انظسسر «البنايسسة» (‪ )2/586‬للعينسسي‪ .‬وحكاه ابسسن عبدالبر (‬‫‪2‬‬

‫‪ )5/161‬عسسن عيسسسى بسسن أبان‪ ،‬وبكار بسسن قتيبسسة وأحمسسد بسسن أبسسي‬
‫عمران‪ ،‬والطحاوي من الحنفية‪ .‬وانظر ‪-‬لزاماً‪« -‬شرح معاني الثار»‬
‫(‪.)1/350‬‬
‫() قال الترمذي فسسسسي «الجامسسسسع» (‪« :)3/170‬اختار ابسسسسن‬ ‫‪3‬‬

‫المبارك وأحمد وإسحاق الصلة مع المام في شهر رمضان»‪ ،‬وقال‬


‫أبسو داود فسي «مسسائل أحمسد» (‪« :)64‬سسمعت أحمسد يقول‪ :‬يصسلي‬
‫مسع الناس»‪ ،‬وسسمعته ‪-‬أيضاً‪ -‬يقول‪« :‬يعجبنسي أن يصسلي مسع المام‪،‬‬
‫ويوتر معه»‪ ،‬وقال الثرم ‪-‬كما في «الستذكار» (‪« :-)5/162‬كان‬
‫ابن حنبل يصلي مع الناس التراويح كلها؛ يعني‪ :‬الشفاع عندنا‪ ،‬إلى‬
‫آخرهسا‪ ،‬ويوتسر معهسم»‪ .‬وكذلك نقسل عنسه أبسو داود السسجستاني فسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الصلة‪ :‬صلة ُ المرءِ في بيته إل المكتوبة» متفق عليه»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وفسي «الموطسأ»( ) عسن محمسد بسن يوسسف عسن السسائب‬


‫‪2‬‬

‫بن يزيد‪ :‬إنها إحدى عشرة ركعة‪.‬‬


‫وروى محمد بن نصر عن محمد بن يوسف إنها إحدى‬

‫«مسسسائله» (‪ ،)62‬وعنسسه عبدالحسسق الشسسبيلي فسسي «التهجسسد» (ص‬


‫‪ ،)176‬وابن نصر في «قيام رمضان» (‪ ،)91‬قال أحمد‪ :‬كان جابر‬
‫يصليها في جماعة‪ ،‬وروي عن علي وابن مسعود مثل ذلك‪.‬‬
‫() انظسسسر «فتسسسح الباري» (‪ ،)4/252‬و«إرشاد السسسساري» (‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،)3/427‬والمصادر التية للمالكية‪.‬‬


‫() كإسسحاق وابسن المبارك‪ ،‬أفاده الترمذي‪ ،‬وتقدم كلمسه قريباً‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫وهذا اختيار الشاطبي في «العتصام» (‪- )1/325‬وعزاه للسلف‪-‬‬


‫شيخنسسا اللبانسسي فسسي «صسسلة التراويسسح» (‪ ،)18-17‬والشيسسخ ابسسن‬
‫عثيميسسن فسسي «مجالس شهسسر رمضان» (‪- )19‬رحمهسسم اللّه وسسسائر‬
‫علماء المسلمين‪.-‬‬
‫() بعدهسا فسي «شرح صسحيح مسسلم» (‪ )6/58‬للنووي ‪-‬ونقله‬ ‫‪6‬‬

‫عنه أيضا ً الشوكاني في «النيل» (‪« :-)3/60‬والصحابة ‪-‬رضي اللّه‬


‫عنهسم‪ ،-‬واسستمَّر عمسل المسسلمين عليسه؛ لنسه مسن الشعائر الظاهرة‪،‬‬
‫فأشبه صلة العيد»‪.‬‬
‫() ونقسل عبدالحسق الشسبيلي فسي «التهجسد» (ص ‪ )176‬عسن‬ ‫‪7‬‬

‫مالك قوله‪« :‬ل أشسك= =أن الصسلة فسي البيست أفضسل»‪ ،‬وقيّده غيسر‬
‫واحسسد لمسسن قوي عليسسه‪ ،‬كالقرطسسبي‪ .‬وقال عبدالحسسق‪« :‬ويروى عنسسه‬
‫‪-‬أيضاً‪ :-‬أفضله أكثره‪ ،‬فسسسي البيسسست أو فسسسي المسسسسجد»‪ .‬وانظسسسر‪:‬‬
‫«المدونسسسة» (‪« ،)1/189‬البيان والتحصسسسيل» (‪« ،)17/40‬عقسسسد‬
‫الجواهسسسر الثمينسسسة» (‪« ،)1/187‬تفسسسسير القرطسسسبي» (‪-8/372‬‬
‫‪« ،)373‬الشراف» للقاضسسي عبدالوهاب (‪ 1/359‬رقسسم ‪- 275‬‬
‫بتحقيقسسسسسسسي)‪« ،‬الذخيرة» (‪« ،)2/403‬التمهيسسسسسسسد» (‪،)8/119‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وعشرون ركعة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫صيفة‪ ،‬عسن‬
‫خ ِس‬
‫وفسي «الموطسأ»( ) مسن طريسق يزيسد بسن َ‬
‫‪2‬‬

‫يزيد( ) أنها عشرون ركعة‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫السائب بن‬
‫وروى محمسسسد بسسسن نصسسسر( ) مسسسن طريسسسق عطاء‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫ُ‬
‫أدركتهسم فسي رمضان يصسل ّون عشريسن ركعسة وثلث ركعات‬
‫الوتر‪.‬‬
‫«الستذكار» (‪.)164 ،5/158‬‬
‫() نقله القرطسسسبي فسسسي «تفسسسسيره» (‪ ،)8/372‬والقطسسسب‬ ‫‪8‬‬

‫القسسطلني فسي «مدارك المرام» (‪ ،)115-114‬وابسن حجسر فسي‬


‫«الفتسسسسح» (‪ ،)4/252‬والقسسسسسطلني فسسسسي «إرشاد السسسسساري» (‬
‫‪ ،)3/427‬وصديق حسن خان في «عون الباري» (‪.)2/860‬‬
‫() المصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫() قال عبدالحق الشبيلي في «التهجد» (ص ‪« :)176‬وكان‬ ‫‪10‬‬

‫ابسن هرمسز يصسلي فسي بيتسه‪ ،‬ويصسلي بأهله‪ ،‬وكذلك ربيعسة وغيره مسن‬
‫علماء المدينسسة يختارون الصسسلة فسسي البيسست‪ ،‬وكذلك مجاهسسد وابسسن‬
‫القاسم‪ ،‬ويروى هذا عن عبداللّه بن عمر أنه اختار للرجل أن يصلي‬
‫فسسي بيتسسه إذا كان يحفسسظ»‪ ،‬ونقله ابسسن عبدالبر فسسي «السسستذكار» (‬
‫‪ )159-5/158‬عسسن ربيعسسة وعمسسر وابنسسه وعلي وسسسالم والقاسسسم‬
‫وإبراهيسم ونافسع‪ ،‬وهذا اختيار المعلمسي اليمانسي فسي «قيام رمضان»‬
‫(ص ‪.)37 ،34 ،30 ،27‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬أما مذهب عمر‪ ،‬فسبق‪ ،‬وأما مذهب ابنه‪ ،‬فقد‬
‫‪،)7743 ،7742‬‬ ‫أخرجسسسسه أبسسسسو داود (‪ ،)485‬وعبدالرزاق (‬
‫والطحاوي فسي «شرح معانسي الثار» (‪ ،)352-1/351‬وابسن نصسر‬
‫في «قيام رمضان» (‪.)91‬‬
‫وينظسر لمذهسب علي‪« :‬مصسنف ابسن أبسي شيبسة» (‪ 1/287‬و‬
‫‪ ،)2/396‬و«السسنن الكسبرى» ( ‪ ،)2/494‬و«مصسنف عبدالرزاق»‬
‫(‪.)7722‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫قال الحافسسظ( )‪« :‬والجمسسع بيسسن هذه الروايات ممكسسن‬
‫‪1‬‬

‫ن ذلك الختلف بحسب تطويل‬ ‫باختلف الحوال‪ ،‬ويحتمل أ ّ‬


‫القراءة وتخفيفهسسا‪ ،‬فحيسسث تطول القراءة تقلل( ) الركعات‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وبالعكس‪ ،‬وبه( ) جزم الداودي وغيره»‪ ،‬وقد روى محمد بن‬‫‪3‬‬

‫سس فسي‬
‫ت النا َ‬
‫نصسر مسن طريسق داود بسن قيسس‪ ،‬قال‪ :‬أدرك ُس‬
‫()‬ ‫‪4‬‬

‫إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبدالعزيز ‪-‬يعني‪ :‬بالمدينة‪-‬‬

‫ويؤثسسر هذا عسسن ابسسن عباس ‪-‬أيضاً‪ .-‬انظسسر «مصسسنف ابسسن أبسسي‬
‫شيبة» (‪.)2/396‬‬
‫() أخرجسسه البخاري فسسي «صسسحيحه» (‪ ،)731‬ومسسسلم فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«صحيحه» (‪.)781‬‬
‫وهنا ثلثة أمور أنبّه عليها لهميّتها‪:‬‬
‫مته‬
‫الول‪ :‬انتهى هنا نقل المصنِّفَيْن عن الشوكاني! والكلم بر ّ‬
‫للنووي‪ ،‬وهسو ‪-‬كمسا= =تقدم‪ -‬فسي «شرح صسحيح مسسلم»‪ ،‬فلو عزي‬
‫إليه‪ ،‬لكان أعلى وأحسن‪.‬‬
‫الثانسسي‪ :‬هنالك مذاهسسب أخرى فسسي المسسسألة المذكورة‪ ،‬مسسن‬
‫أجودهسا مسا نقله عبدالحسق الشسبيلي فسي «التهجسد» (‪« :)176‬وقال‬
‫رجسسل للحسسسن البصسسري‪ :‬أصسسلّي قيام رمضان فسسي البيسست أو فسسي‬
‫المسسسجد؟ فقال له الحسسسن‪ :‬الموضسسع الذي ترى فيسسه عينَي ْ سك أدمسسع‪،‬‬
‫وقلبك أرق وأخشع‪ ،‬فالزمه»‪.‬‬
‫وقال الليسسث بسسن سسسعد ‪-‬كمسسا فسسي «السسستذكار» (‪-5/159‬‬
‫نّس الناس كلهسم قاموا فسي رمضان لنفسسهم وأهليهسم‬ ‫‪« :-)160‬لو أ َ‬
‫حتسسسى يُترك المسسسسجدُ‪ ،‬ل يقوم فيسسسه‪ ،‬لكان ينبغسسسي أن يخرجوا إلى‬
‫ن قيام رمضان مسن المسر‬ ‫المسسجد حتسى يقوموا فيسه فسي رمضان؛ ل َّس‬
‫ن عمُر للمسلمين‪ ،‬وجمعهم‬ ‫الذي ل ينبغي للناس تركه‪ ،‬وهو مما س ّ‬
‫ة قسد قامست فسي المسسجد‪ ،‬فل بأس أن‬ ‫عليسه‪ ،‬وأمسا إذا كانست الجماع ُ‬
‫يقوم الرجل لنفسه في بيته‪ ،‬وأهل بيته»‪.‬‬
‫ولخسسص القرطسسبي فسسي «تفسسسيره» (‪ )373-8/372‬مذهبسسه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ت وثلثيسن ركعسة‪ ،‬ويوترون بثلث‪ ،‬وقال مالك‪:‬‬
‫ٍّ‬ ‫بسس‬ ‫يقومون‬
‫المر [القديم عندنا( )‪ .‬وعن الزعفراني عن الشافعي‪ :‬رأيت‬
‫‪1‬‬

‫الناس يقومون بالمدينسسة]( ) بتسسسع وثلثيسسن‪ ،‬وبمكسسة بثلث‬


‫‪2‬‬

‫وعشرين‪ ،‬وليس في شيء من ذلك ضيق( )‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫قال الترمذي‪« :‬أكثسر مسا ق يل أنسه يصسلي إحدى وأربعيسن‬

‫بقوله‪« :‬لو قام الناس فسسي بيوتهسسم‪ ،‬ولم يقسسم أحسسد فسسي المسسسجد ل‬
‫ل‪ ،‬فتنبَّه!‬
‫ينبغي أن يخرجوا إليه»!! وهو مخ ّ‬
‫ونقله القطسسب فسسي «مدارك المرام» (ص ‪ )115‬عسسن بعسسض‬
‫الشافعيسسة‪ ،‬وقال‪« :‬ومنهسم مسن قال‪ :‬إن كان يحفسسظ القرآن‪ ،‬ويأمسسن‬
‫مسسن التكاسسسل عسسن القيام بسسه‪ ،‬فهسسو فسسي البيسست أفضسسل‪ ،‬وإن كان‬
‫بالعكس‪ ،‬ففي المسجد أفضل»‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الذي أراه راجحاً‪ ،‬مسا قاله ابسن عبدالبر فسي «التمهيسد» (‬
‫‪- )120-8/119‬وذكسسر الخلف‪ ،‬والمذاهسسب والقوال‪« :-‬كسسل مسسن‬
‫اختار التفرد فينبغسي أن يكون ذلك على أن ل يقطسع معسه القيام فسي‬
‫المسساجد‪ ،‬فأمسا التفرد الذي يقطسع معسه القيام فسي المسساجد‪ ،‬فل»‪،‬‬
‫وقال‪« :‬القيام في رمضان تطوع‪ ،‬وكذلك قيام الليل كله‪ ،‬وقد خشي‬
‫رسسسول اللّه أن يفرض على أمتسسه‪ ،‬فمسسن أوجبسسه فرضاً‪ ،‬أوقسسع مسسا‬
‫خشيسه رسسول اللّه وخافسه‪ ،‬وكرهسه على أمتسه‪ ،‬وإذا صسح أنسه تطوع‪،‬‬
‫فقد علمنا (بالسنة الثابتة) أن التطوع في البيوت أفضل‪ ،‬إل أن قيام‬
‫رمضان (ل بد أن يقام) اتباعا ً لعمر‪ ،‬واستدلل ً بسنة رسول اللّه في‬
‫ذلك‪ ،‬فإذا قامست الصسلة فسي المسساجد فالفضسل عندي حينئذ حيسث‬
‫تصسلح للمصسلي نيتسه وخشوعسه وإخباتسه‪ ،‬وتدبر مسا يتلوه فسي صسلته‪،‬‬
‫فحيث كان ذلك مع قيام سنة عمر‪ ،‬فهو أفضل ‪-‬إن شاء اللّه‪ ،-‬وباللّه‬
‫التوفيق»‪.‬‬
‫وانظسسر مذاهسسب الصسسحابة المؤيدة لقامتهسسا فسسي المسسسجد مسسع‬
‫تخريجها في «صلة التراويح» لشيخنا اللباني ‪-‬رحمه اللّه‪( -‬ص ‪-9‬‬
‫هذه الشعيرة في‪:‬‬ ‫‪ .)15‬وانظر تأصيل ً قويا ً يؤيّد ضرورة إظهار‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بركعسسسة الوتسسسر»( ) [كذا قال]( )‪ ،‬ونقسسسل ابسسسن‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫ركعسسسة‬
‫يزيسد‪ :‬أربعيسن يوتسر بسسبع‪،‬‬ ‫عبدالبر( ) عسن السسود بسن‬
‫‪3‬‬

‫(‪)5‬‬
‫عن ابن أيمن‬ ‫(‪)4‬‬
‫وقيل‪ :‬ثمان وثلثين‪ .‬ذكره محمد بن نصر‬
‫عن مالك‪.‬‬
‫قال الحافسسظ( )‪« :‬وهذا يمكسسن ردُّه إلى الول‪ ،‬بانضمام‬
‫‪6‬‬

‫ثلث الوتر‪ ،‬لكن صَّرح في روايته بأنه يوتر بواحدة‪ ،‬فتكون‬

‫«الموافقات» للشاطسسبي ( ‪« ،)264-3/262‬اقتضاء الصسسراط‬


‫المستقيم»= =(‪« ،)277-275‬فتح الباري» (‪.)3/14‬‬
‫‪ -‬رواية يحيى)‪.‬‬ ‫() (‪1/115‬‬ ‫‪2‬‬

‫وأخرجسه مسن طريسق مالك بسه‪ :‬الفريابسي فسي «الصسيام» (رقسم‬


‫‪ ،)174‬وأبسسسسو بكسسسسر النيسسسسسابوري فسسسسي «فوائده» (ق‪/135‬أ)‪،‬‬
‫والطحاوي فسسي «شرح معانسسي الثار» (‪ ،)1/293‬والبيهقسسي فسسي‬
‫«السسسنن الكسسبرى» (‪ )2/496‬و«معرفسسة السسسنن والثار» (‪4/42‬‬
‫رقم ‪ ،)5416 ،5415 ،5414 ،5413‬وسنده صحيح غاية‪.‬‬
‫قال ابسن عبدالبر فسي «السستذكار» (‪ 5/154‬رقسم ‪،6272‬‬
‫‪« :)6273‬هكذا قال مالك في هذا الحديث (إحدى عشرة ركعة)‪،‬‬
‫وغيسسر مالك يخالفسسه فيقول فسسي موضسسع‪ :‬إحدى عشرة ركعسسة (إحدى‬
‫وعشريسن)‪ ،‬ول أعلم أحدا ً قال فسي هذا الحديسث‪ :‬إحدى عشرة ركعسة‬
‫غير مالك‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬
‫م في أول ما عمل به عمر بإحدى‬ ‫ن يكون القيا ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫إل أنه يحتم ُ‬
‫ف عليهسسم طول القيام‪ ،‬ونقلهسسم إلى إحدى‬ ‫عشرة ركعسسة‪ ،‬ثسسم خفّسسَ َ‬
‫فّفُون فيهسسسسا القراءة‪ ،‬ويزيدون فسسسسي الركوع‬
‫خ ِ‬‫وعشريسسسسن ركعسسسسة‪ ،‬ي ُ َ‬
‫ب عندي فسي إحدى عشرة ركعة الوَهْسم‪ ،‬واللّه‬ ‫نّس الغل َس‬ ‫والسسجود‪ ،‬إل أ َ‬
‫أعلم»‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬ليس كذلك‪ ،‬فقد تابع مالكا ً على «إحدى عشرة‬
‫ركعة» جمعٌ؛ منهم‪:‬‬
‫* يحيى بن سعيد القطان‪ ،‬عند ابن أبي شيبة في «المصنف»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أربعين إل واحدة‪.‬‬
‫قال مالك‪ :‬وعلى هذا العمسسل منسسذ بضسسع ومئة سسسنة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وروي عسسن مالك‪ :‬سسست وأربعون‪ ،‬وثلث الوتسسر‪ ،‬قال فسسي‬


‫«الفتسح»( )‪« :‬هذا هسو المشهور عنسه( )‪ ،‬وقسد رواه ابسن وهسب‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫عن العمري عن نافع‪ ،‬قال‪ :‬لم أدرك الناس إل وهم يصلون‬

‫‪ -‬ط‪ .‬دار الفكر)‪.‬‬ ‫(‪ 2/284‬رقم ‪1‬‬


‫* إسماعيل بن أمية‪.‬‬
‫* أسامة بن زيد‪.‬‬
‫أخرجسسه مسسن طريقهمسسا عسسن محمسسد بسسن يوسسسف بسسه‪ :‬أبسسو بكسسر‬
‫النيسابوري في «فوائده» (ق‪/135‬أ)‪.‬‬
‫* إسماعيل بن جعفر المدني عن محمد بن يوسف‪:‬‬
‫حجر السعدي في «حديثه» (رقم ‪.)440‬‬ ‫أخرجه علي بن ُ‬
‫فهؤلء أربعسة رووه عسن محمسد بسن يوسسف‪ ،‬وتابعوا مالكا ً على‬
‫لفظة «إحدى عشرة ركعة»‪.‬‬
‫ولذا تعقّسسسَب العلماء ابسسسن عبدالبر فسسسي كلمسسسه السسسسابق‪ ،‬قال‬
‫الزرقانسي فسي «شرح موطسأ= =مالك» (‪ )1/25‬رادا ً عليسه‪« :‬ليسس‬
‫كمسا قال‪ ،‬فقسد رواه سسعيد بسن منصسور مسن وجسه آخسر عسن محمسد بسن‬
‫يوسف‪ ،‬فقال‪ :‬إحدى عشرة ركعة‪ ،‬كما قال مالك»‪.‬‬
‫وسسسنده فسسي غايسسة الصسسحة‪ ،‬قاله السسسيوطي فسسي «المصسسابيح» (‬
‫‪ -‬ضمن «الحاوي»)‪.‬‬ ‫‪1/350‬‬
‫نعسسم‪ ،‬خولف مالك‪ ،‬خالفسسه محمسسد بسسن إسسسحاق وغيره! انظسسر‬
‫الهامش التي‪.‬‬
‫(فائدة)‪ :‬وقسع فسي مطبوع «إتحاف المهرة» (‪ 12/158‬رقسم‬
‫‪ )15299‬أن مالكا ً حدثسسه‪ ،‬عسسن ابسسن شهاب!! وهذا خطسسأ‪ ،‬صسسوابه‪:‬‬
‫(محمد بن يوسف)‪ ،‬وهو ثقة‪.‬‬
‫() تصسرف المؤل ِّفان فسي النقسل عسن ابسن حجسر فسي «الفتسح» (‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫تسسعا ً وثلثيسن‪ ،‬ويوترون منهسا بثلث( )‪ .‬وعسن زرارة بسن أبسي‬
‫‪1‬‬

‫أوفسى‪ :‬أنسه كان يصسل ِّي بهسم بالبصسرة أربعا ً وثلثيسن ويوتسر( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وعن سعيد بن جبير‪ :‬أربعا ً وعشرين( )‪ ،‬وقيل‪ :‬ست عشرة‬


‫‪3‬‬

‫غير الوتر»( )‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫هذا حاصسل مسا ذكره فسي «الفتسح»( ) مسن الختلف فسي‬


‫‪5‬‬

‫فسسي صسسلته فسسي رمضان‪،‬‬ ‫ذلك‪ ،‬وأمسسا العدد الثابسست عنسسه ‪S‬‬
‫‪ ،)4/253‬فوقعوا في هذا الخطأ‪ ،‬وهذا نص كلم ابن حجر بعد أن‬
‫نقل عن مالك ما سبق‪:‬‬
‫«ورواه محمد بن نصر المروزي من طريق محمد بن إسحاق‪،‬‬
‫عسن محمسد بسن يوسسف‪ ،‬فقال‪« :‬ثلث عشرة»‪ ،‬ورواه عبدالرزاق مسن‬
‫وجه آخر عن محمد بن يوسف‪ ،‬فقال‪« :‬إحدى وعشرين»»‪.‬‬
‫فروايسسسسسة‪« :‬إحدى وعشريسسسسسن»‪ ،‬أخرجهسسسسسا عبدالرزاق فسسسسسي‬
‫«المصسنف» (‪ 4/260‬رقسم ‪ )7730‬عسن داود بسن قيسس وغيره‪،‬‬
‫عن محمد بن يوسف‪ ،‬به‪.‬‬
‫وأمسسا روايسسة ابسسن نصسسر‪ ،‬فهسسي فسسي «قيام رمضان» (ص ‪،)91‬‬
‫وفي ها‪« :‬ثلث عشرة ركعة» ‪-‬ومسن طريقه عنسد أبي بكر النيسسابوري‬
‫فسي «فوائده» (ق‪/135‬أ)‪ ،-‬وزاد فسي «القيام»‪« :‬قال ابسن إسسحاق‪:‬‬
‫وما سمعت في ذلك ‪-‬يعني‪ :‬في عدد ركعات قيام رمضان‪ -‬هو أثبت‬
‫عندي‪ ،‬ول أحرى مسن حديسث السسائب‪ ،‬وذلك أن رسسول اللّه كانست‬
‫له من الليل ثلث عشرة ركعة»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬روايسة الجماعسة عسن محمسد بسن يوسسف‪« :‬إحدى عشرة»‬
‫هي المحفوظة‪ ،‬وأما رواية ابن إسحاق فهي مرجوحة‪ ،‬لمخالفته من‬
‫أهسم أوثسق منسه‪ ،‬وأكثسر منسه عدداً‪ ،‬ويمكسن أن يجمسع بينهسا وبيسن روايسة‬
‫المام مالك ومسسن تابعسسه‪ ،‬كالجمسسع المذكور بيسسن حديسسث عائشسسة فسسي‬
‫«الصسحيحين»‪ ،‬وفيسه صسلته قيام رمضان إحدى عشرة ركعسة‪ ،‬ومسا‬
‫ثبت في «صحيح مسلم» عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬كان رسول اللّه‬
‫يصلي من الليل ثلث عشرة ركعة‪ .‬فقد وقع تفصيل عند أبي داود (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فأخرج البخاري( ) وغيره( ) عسن عائشسة‪ ،‬أنهسا قالت‪« :‬مسا كان‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ي يزيسد فسي رمضان ول فسي غيره على إحدى عشرة‬ ‫النسب ُّ‬
‫ركعة‪.‬‬
‫وأمسا مقدار القراءة( ) فسي كسل ركعسة فلم يرد بسه دليسل‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫انتهى كلم المام الشوكاني( )‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫‪ ،)1/215‬وأبسسي عوانسسة (‪ )2/318‬ضمسسن حديسسث طويسسل‪ ،‬فيسسه‪=:‬‬


‫=«فصلّى ركعتين خفيفتين‪ ،‬قد قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة‪،‬‬
‫ثسم سسلّم‪ ،‬ثسم صسلّى إحدى عشرة ركعسة بالوتسر‪ ،‬ثسم نام‪ ،‬فأتاه بلل‪،‬‬
‫فقال‪ :‬الصسسلة يسسا رسسسول اللّه! فركسسع ركعتيسسن‪ ،‬ثسسم صسسلى بالناس»‪،‬‬
‫فالركعتان الزائدتان ليسسستا مسسن الحدى عشسسر‪ ،‬واختلف فيهمسسا‪ ،‬قال‬
‫ابسسن القيسسم فسسي «الهدي» (‪« :)1/327‬فقسسد حصسسل التفاق على‬
‫إحدى عشرة ركعة‪ ،‬واختُلف في الركعتين الخيرتين‪ :‬هل هما ركعتا‬
‫الفجر أو هما غيرهما؟»‪.‬‬
‫ومسسا يقال عسسن هذيسسن الحديثيسسن ‪-‬أعنسسي‪ :‬حديثسسي عائشسسة وابسسن‬
‫عباس رضسي اللّه عنهسم‪ -‬يقال فسي روايسة مالك وابسن إسسحاق‪ ،‬وإل؛‬
‫فالذي تقتضيه الصنعة الحديثية‪ :‬ترجيح رواية مالك ومن وافقه‪.‬‬
‫وأما رواية داود بن قيس التي عند عبدالرزاق‪ :‬فداود هو الفَّراء‬
‫الدّبّاغ‪ ،‬أبو سليمان القُرشي مولهم‪ ،‬المدني‪ ،‬ثقة‪ ،‬وتفرد عبدالرزاق‬
‫فسسي الروايسسة عنسسه (إحدى وعشريسسن)‪ ،‬ولم يتسسبيَّن لنسسا (غيره)‪ ،‬وإنمسسا‬
‫أبهمسسه‪ ،‬ول نترك (المسسبيَّن) لسسس(المجمسسل)‪ ،‬ول نترك روايسسة الجماعسسة‪،‬‬
‫وفيهم ثقات رفعاء لمثل هذه الرواية!‬
‫وقد حمل شيخنا اللباني في كتابه «صلة التراويح» (ص ‪-48‬‬
‫‪ )49‬الخطأ في ذكر العدد لعبد الرزاق‪ ،‬لنه قد اختلط!‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬ثم رأيته في «الصيام» للفريابي (رقم ‪:)175‬‬
‫حدثنا قتيبة‪ ،‬حدثنا وكيع‪ ،‬عن داود بن قيس‪ ،‬عن محمد بن يوسف‪،‬‬
‫وذكره مثسل خسبر عبدالرزاق‪ ،‬إل أنسه سسكت عسن عدد الركعات‪ ،‬وهذا‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وقال العلمسسسسة القسسسسسطلني فسسسسي «شرحسسسسه على‬
‫البخاري»( )‪« :‬وروى البيهقسسسسي فسسسسي «المعرفسسسسة»( ) عسسسسن‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشافعسي‪« :‬وليسس فسي شيسء مسن هذا ‪-‬أي‪ :‬مسن الختلف‬


‫فسسي عدد صسسلة التراويسسح‪ -‬ضيقسٌ‪ ،‬ول حسسد ينتهسسي إليسسه؛ لنسسه‬

‫أصح‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬


‫والخلصسة‪ :‬أن روايسة الجماعسة عسن محمسد بسن يوسسف (إحدى‬
‫عشرة)‪ ،‬وهو الراجح على ما تقتضيه الصنعة الحديثية‪ ،‬وفي تحقيق‬
‫صسواب روايسة (ابسن يوسسف) ‪-‬عندي‪ -‬يظهسر الصسواب فسي فعسل عمسر؛‬
‫لنسه روي عسن السسائب على ألوان وضروب‪ ،‬وانظسر الهامسش التسي‪،‬‬
‫واللّه الهادي‪.‬‬
‫() كذا قال المؤل ِّفان! وهسسسو خطسسسأ! وفسسسي «فتسسسح الباري» (‬‫‪2‬‬

‫‪- )4/253‬وينقسل المصسنِّفان منسه بواسسطة «النيسل»‪« :-‬وروى مالك‬


‫مسن طريسق يزيسد بسن خصسيفة‪ !»...‬قال شيخنسا اللبانسي فسي «صسلة‬
‫التراويسح» (‪ - 49‬الهامسش)‪« :‬وعزاه الحافسظ فسي «الفتسح» لمالك؛‬
‫فوهم»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬إنمسا أخرجسه الفريابسي فسي «الصسيام» (رقسم ‪ ،)176‬وأبسو‬
‫القاسسسم البغوي فسسي «الجعديات» (رقسسم ‪- )2825‬ومسسن طريقسسه‬
‫البيهقي في «السنن الكبرى» (‪ -)2/496‬من= =طريق ابن أبي‬
‫ذئب‪ ،‬عن يزيد بن خصيفة‪ ،‬عن السائب بن يزيد‪ ،‬قال‪ :‬كانوا يقومون‬
‫على عهد عمر في شهر رمضان بعشرين ركعة‪.‬‬
‫وأخرجسه البيهقسي فسي «معرفسة السسنن والثار» (‪ 4/42‬رقسم‬
‫‪ )5409‬من طريق محمد بن جعفر‪ ،‬قال‪ :‬حدثني يزيد بن خصيفة‪،‬‬
‫عسن السسائب بسن يزيسد‪ ،‬قال‪ :‬كنسا نقوم فسي زمان عمسر بسن الخطاب‬
‫بعشريسسن ركعسسة والوتسسر‪ ،‬وعزاه محققسسه لسسس«الموطسسأ»!! وهسسو خطسسأ‪،‬‬
‫فليكن ذلك على بالك‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫وهذا الطريسق معتمسد القائليسن بالعشريسن فسي صسلة التراويسح!‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪1‬‬‫()‬
‫ن‪ ،‬وهذا‬ ‫س‬ ‫ح‬
‫َ َ سس ٌ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫سسجود‬
‫س‬ ‫الس‬ ‫وا‬‫ّ‬ ‫وأقل‬ ‫القيام‪،‬‬ ‫أطالوا‬ ‫فإن‬ ‫نافلة‪،‬‬
‫ن أكثروا الركوع َس والسسجود فحسسن»‪ ...‬وعسن‬ ‫ي‪ ،‬وإ ْس‬ ‫أح ُّس‬
‫ب إل ّس‬
‫سس‬
‫ت النا َ‬ ‫الشافعسي ‪-‬أيضاً‪ -‬فيمسا رواه عنسه الزعفرانسي‪« :‬رأي ُس‬
‫يقومون بالمدينسسة بتسسسع وثلثيسسن‪ ،‬وبمكسسة بثلث وعشريسسن‪،‬‬
‫وليس في شيء من ذلك ضيق»( ) انتهى‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال الحنابلة‪ :‬والتراويسسسسح عشرون ركعسسسسة‪ ،‬ول بأس‬

‫وقد ذهب جماهير الفقهاء‪ ،‬وغير واحد من المحدّثين إلى الجمع بين‬
‫مسا رواه محمسد بسن يوسسف ويزيسد بسن خصسيفة عسن يزيسد‪ ،‬قال البيهقسي‬
‫فسي «الكسبرى» (‪- )2/496‬مثلً‪« :-‬ويمكسن الجمسع بيسن الروايتيسن‪،‬‬
‫فإنهسسسم كانوا يقومون بإحدى عشرة‪ ،‬ثسسسم كانوا يقومون بعشريسسسن‪،‬‬
‫ويوترون بثلث»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬وقع التصريح ‪-‬أيضاً‪ -‬بثلث وعشرين‪.‬‬
‫قال ابسن عبدالبر فسي «التمهيسد» (‪ )8/114‬و«السستذكار» (‬
‫‪ 155-5/154‬رقم ‪« :)6276‬وروى الحارث بن عبدالرحمن بن‬
‫أبسي ذ ُباب‪ ،‬عسن السسائب بسن يزيسد‪ ،‬قال‪ :‬كنسا ننصسرف مسن القيام على‬
‫عهسد عمسر‪ ،‬وقسد دنسا فُروع ‪-‬أي‪ :‬بزوغ‪ -‬الفجسر‪ ،‬وكان القيا ُمس على عهسد‬
‫عمسسر بثلث وعشريسسن ركعسسة»‪ ،‬وهسسو فسسي «مصسسنف عبدالرزاق» (‬
‫‪ 262-4/261‬رقم ‪ )7733‬عن السلمي‪ ،‬عن الحارث‪ ،‬به‪.‬‬
‫وبهذا يجمسع بيسن روايتسي (إحدى وعشريسن) و(ثلث وعشريسن)‬
‫على حسب عدد ركعات الوتر‪.‬‬
‫قال ابن عبدالبر في «الستذكار» (‪« :)5/155‬وهذا محمول‬
‫على أن الثلث للوتسسر‪ ،‬والحديسسث الول على الواحدة للوتسسر»‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«كل ذلك معروف معمول به في المدينة»‪.‬‬
‫وقال البيهقسسي فسسي «المعرفسسة» (‪« :)4/42‬قال الشافعسسي‪:‬‬
‫وليسس فسي شيسء مسن هذا ضيسق‪ ،‬ول حسد ينتهسي إليسه‪ ،‬لنسه نافلة‪ ،‬فإن‬
‫ن أكثروا‬ ‫أطالوا القيام وأقلّوا السسجود؛ فحسسن‪ ،‬وهسو أحسب إل ّس‬
‫ي‪ ،‬وإ ْس‬
‫الركوع والسجود‪ ،‬فحسن»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫صا ً [أي‪ ) (]:‬عن المام أحمد»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫بالّزِيادة ّ‬
‫ن‬
‫انتهى كلم القسطلني( )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ن القيم( ) ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬في بعض‬


‫‪4‬‬
‫وقال شيخ السلم اب ُ‬
‫ن نفسس قيام رمضان لم يوقست النسبي فيسه‬ ‫«فتاويسه»‪« :‬أ َّس‬
‫عددا ً معيّناً‪ ،‬بسل [هسو]( ) كان ل يزيسد فسي رمضان ول فسي‬
‫‪5‬‬

‫وهذا صسنيع ابسن حجسر فسي «الفتسح»‪ ،‬كمسا سسيأتي فسي كتابنسا هذا‪،‬‬
‫واللّه الموفق‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬الواجب (العمال ل الهمال)‪ ،‬ولكن بعد التأكد‬
‫صحة والثبوت‪ ،‬و(الجمع) مقدَّم على (الترجيح)‪ ،‬والثابت عن‬
‫من ال ِّ‬
‫عمر أنه صلى (إحدى عشرة) دون زيادة‪ ،‬يتأكّد هذا بأمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن هذه روايسة محمسد بسن يوسسف عسن السسائب‪ ،‬وابسن‬ ‫=‬
‫يوسسسف هسسو ابسسن أخسست السسسائب‪ ،‬وهسسو أعرف بروايسسة خاله‪ ،‬وأحفسسظ‬
‫لروايتسسه مسسن ابسسن خصسسيفة‪ ،‬إذ هذا الخيسسر يروي عسسن السسسائب تارة‬
‫مباشرة‪ ،‬وتارة بواسطة‪.‬‬
‫الثانسي‪ :‬حمسل فعسل عمسر على موافقسة سسنته خيسر وأولى مسن‬
‫حمله على مخالفتهسا‪ ،‬وهذا بي ّسن ل يخفسى ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪ .-‬أفاده‬
‫شيخنا اللباني ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬في «صلة التراويح» (ص ‪.)51‬‬
‫الثالث‪ :‬روايسة ابن خصسيفة فيها‪ :‬إن الناس فعلوا ذلك في زمسن‬
‫عمسر‪ ،‬بخلف الروايسة الصسحيحة‪ ،‬ففيهسا أنسه أمسر بإحدى عشرة ركعسة‪،‬‬
‫أفاده شيخنا اللباني ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬أيضا ً في «قيام رمضان» (ص ‪.)4‬‬
‫دّثيسن؛‬
‫الرابسع‪ :‬وقسد ضعّسف روايسة يزيسد بالشذوذ جمسع مسن المح ِ‬
‫منهم‪ :‬شيخنا اللباني في «صلة التراويح» (ص ‪ ،)51-49‬والشيخ‬
‫بديع الدين السندي في مقالة له في مجلة «الجامعة السلمية» (م‬
‫‪( )9‬العدد ‪( )1‬سسنة ‪1397‬هسس)‪ ،‬والدكتور محمسد ضياء الرحمسن‬
‫العظمسسسسسسي‪ ،‬كمسسسسسسا فسسسسسسي مجلة «الجامعسسسسسسة السسسسسسسلمية» (م‬
‫‪15/594/1403‬هس)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫غيره على ثلث عشرة ركعسة( )‪ ،‬كان يطيسل الركعات‪ ،‬فلمسا‬
‫‪1‬‬

‫ي بسن كعسب كان يصسل ِّي بهسم عشريسن‬ ‫ُ‬


‫جمعهسم عمسر على أب َس ّ‬
‫ركعسة‪ ،‬ثسم يوتسر بثلث( )‪ ،‬وكان يخفسف القراءة بقدر مسا زاد‬
‫‪2‬‬

‫نّس ذلك أخسف على المأموميسن مسن تطويسل‬ ‫مسن الركعات‪ ،‬ول َ‬
‫الركعسسسة الواحدة‪ ،‬ثسسسم كان طائفسسسة مسسسن السسسسلف يقومون‬
‫بأربعيسسسن‪ ،‬ويوترون بثلث‪ ،‬وآخرون قاموا بسسسست وثلثيسسسن‪،‬‬
‫() في الصل‪« :‬زيد»‪ ،‬وهو خطأ‪ ،‬والتصويب من كتب التخريج‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() فسسسي «قيام رمضان» (ص ‪ - 95‬مختصسسسره)‪ ،‬وذكره ابسسسن‬ ‫‪4‬‬

‫عبدالبر فسسسي «السسسستذكار» (‪ 5/157‬رقسسسم ‪ .)6290‬وانظسسسر‪:‬‬


‫«النيل» (‪.)3/63‬‬
‫() ابن حجر في «فتح الباري» (‪.)4/253‬‬ ‫‪1‬‬

‫() في مطبوع «الفتح»‪« :‬تقل»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في مطبوع «الفتح»‪« :‬وبذلك»‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() النقسل مسن «الفتسح» (‪ )4/453‬بحروفسه‪ ،‬والخسبر عنسد ابسن‬ ‫‪4‬‬

‫أبسسي شيبسسة فسسي «المصسسنف» (‪ ،)2/393‬وابسسن نصسسر فسسي «قيام‬


‫رمضان» (‪ - 96-95‬مختصره) بنحوه‪.‬‬
‫وانظسسسر‪« :‬السسسستذكار» (‪ 5/157‬رقسسسم ‪« ،)6294‬شرح‬
‫الزرقانسسي» (‪« ،)1/239‬بدايسسة المجتهسسد» ( ‪« ،)1/210‬إرشاد‬
‫الساري» (‪« ،)3/426‬نيل الوطار» (‪.)3/63‬‬
‫() جاء فسسي «المدونسسة» (‪« :)1/222‬قال مالك‪ :‬بعسسث إل ّسس‬
‫ي‬ ‫‪1‬‬

‫الميسسسسر‪ ،‬وأراد أن ينقسسسسص مسسسسن قيام رمضان الذي يقومسسسسه الناس‬


‫بالمدينسة‪ ،‬قال ابسن القاسسم‪ :‬وهسي تسسع وثلثون ركعسة بالوتسر‪ ،‬سست‬
‫وثلثون والوتسسر ثلث‪ ،‬قال مالك‪ :‬فنهيتسسه أن ينقسسص مسسن ذلك شيئاً‪،‬‬
‫قلت له‪ :‬هذا ما أدركت الناس عليه‪ ،‬وهو المر القديم الذي لم يزل‬
‫الناس عليه»‪.‬‬
‫وفسي «العتبيسة» (‪ - 2/309‬مسع شرحهسا «البيان والتحصسيل»)‬
‫من سماع ابن القاسم‪« :‬وسمعت مالكا ً وذكر أن جعفر بن سليمان‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وأوتروا بثلث‪ ،‬وهذا شائع‪ ،‬فكيفمسسسا قام فسسسي رمضان مسسسن‬
‫ن أ َّس‬
‫ن‬ ‫هذه الوجوه فقسد أحسسن»‪ ...‬إلى أن قال‪« :‬ومسن ظ َّس‬
‫ل يزاد عليسه ول‬‫ت عسن النسبي‬
‫قيام رمضان فيسه عدد مؤق ٌس‬
‫ينقسص منسه‪ ،‬فقسد أخطسأ»‪ .‬انتهسى مسن «عون الباري لشرح‬
‫أدلة البخاري»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فهسسل بعسسد هذه النُّقول والختلفات الكثيرة يلتفسست إلى‬

‫أرسل إليه يسأله أن ينقص من قيام رمضان‪ ،‬قال‪ :‬فنهيته عن ذلك‪،‬‬


‫فقيسل له‪ :‬أفتكره ذلك؟ قال‪ :‬نعسم‪ ،‬وقسد قام الناس هذا القيام‪ ،‬فقيسل‬
‫له‪ :‬فكم القيام عندكم؟ قال‪ :‬تسع وثلثون ركعة بالوتر»‪.‬‬
‫مد بسسن رشسسد (‪ )310-2/309‬باسسستناد هذا‬ ‫وقسسد ص سّرح مح ّ س‬
‫التوقيست ‪-‬فسي عدد ركعات التراويسح‪ -‬إلى عمسل أهسل المدينسة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«وكان للجمع فيه أصل السنّة‪ ،‬وكان العمل قد استمر فيه على هذا‬
‫العدد مسن يوم الحّرة إلى زمنسه»‪ .‬وكذا فسي «قيام رمضان» (‪- 96‬‬
‫مختصره) لبن نصر‪.‬‬
‫ضل الباجسي فسي «المنتقسى» (‪ )209-1/208‬هذا العدد‬ ‫وف ّس‬
‫لعمسسل أهسسل المدينسسة‪ ،‬فقال‪« :‬وهسسو الذي مضسسى عليسسه عمسسل الئمسسة‪،‬‬
‫واتفق عليه رأي الجماعة‪ ،‬فكان هو الفضل»‪.‬‬
‫وانظر‪« :‬التمهيد» (‪« ،)8/113‬شرح الزرقاني» (‪،)1/239‬‬
‫«عارضسة الحوذي» ( ‪« ،)4/19‬المسسائل التسي بناهسا المام مالك‬
‫على عمل أهل المدينة» (‪.)1/317‬‬
‫بقسسي بعسسد هذا‪ ،‬أنسسه ن ُسسسب للمام مالك اختياره إحدى عشرة‬
‫ركعسسسة توقيتا ً للقيام‪ ،‬ففسسسي «التاج والكليسسسل» (‪ - 1/71‬بهامسسسش‬
‫«مواهسب الجليسل») و«ميسسر الجليسل الكسبير» (‪ )1/258‬عسن مالك‬
‫قوله‪« :‬الذي آخذ به لنفسي‪ ،‬ما جمع عليه عمر الناس إحدى عشرة‬
‫=‬ ‫ركعة»‪.‬‬
‫وفي «النوادر والزيادات» ( ‪ )522-1/521‬عن ابن حبيب‪،‬‬ ‫=‬
‫أنهسسا كانسست أول ً إحدى عشرة ركعسسة‪ ،‬إل أنهسسم كانوا يطيلون القراءة‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ل‪ :‬أ ّ سَ‬
‫ن الصسسحابة والتابعيسسن والئمسسة المجتهديسسن‬ ‫َ‬
‫دعوى ال ّ ُ ِ‬
‫ج‬ ‫ر‬
‫ن صلة التراويح عشرون ركعة بالجماعة أول‬ ‫اتفقوا على أ َّ‬
‫الليل‪ ،‬وفي المسجد؟ وأنه لم يسمع عن أحد منهم مخالفة‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫وأيس ضيسر علينسا إذا جمعنسا بالناس بالتراويسح فسي البيست‬
‫ّ‬

‫فثقسسسل عليهسسسم ذلك‪ ،‬فزادوا فسسسي أعداد الركعات‪ ،‬وخففوا القراءة‪،‬‬


‫وكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع‪ ،‬والوتر بقراءة متوسطة‪ ،‬ثم‬
‫خففوا القراءة‪ ،‬وجعلوا عدد ركعاتها ستا ً وثلثين‪ ،‬غير الشفع والوتر‪،‬‬
‫قال‪ :‬ومضسسى المسسر على ذلك‪ ،‬ونقله عنسسه القسسسطلني فسسي «إرشاد‬
‫السساري» (‪ ،)3/426‬ونحوه فسي «مجموع فتاوى ابسن تيميسة» (‬
‫‪ )23/120‬و«الفتاوى الكسبرى» ( ‪ - 1/163‬ط‪ .‬المعرفسة) مسن‬
‫كلمسسسه ‪-‬رحمسسسه اللّه‪ ،-‬وكذا فسسسي «الختيارات العلميسسسة» (ص ‪)64‬‬
‫للبعلي‪.‬‬
‫() مسا بيسن المعقوفتيسن سسقط مسن الصسل‪ ،‬وبدله فيسه «عندنسا»‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وهكذا ‪-‬أيضاً‪ -‬فسسي «نيسسل الوطار» (‪ ،)6/64‬والمثبسست مسسن «فتسسح‬


‫الباري» (‪ ،)4/253‬ويدل هذا على أن النقسسسسسل منسسسسسه بواسسسسسسطة‬
‫«النيل»‪ ،‬وسيصرح بذلك المصنف‪ ،‬إذ لم يكن «فتح الباري» قد طبع‬
‫زمسسسن تأليسسسف هذه الرسسسسالة‪ ،‬واللّه الموفسسسق للخيرات‪ ،‬والهادي إلى‬
‫الصالحات‪.‬‬
‫() فسسي «الم» (‪« :)1/142‬رأيتهسسم بالمدينسسة يقومون بتسسسع‬ ‫‪3‬‬

‫وثلثيسن»‪ ،‬ونقله بنحوه البيهقسي فسي «المعرفسة» (‪ 42 ،4/40‬رقسم‬


‫ي‪ :‬عشرون»‪.‬‬ ‫‪ ،)5412 ،5404‬وفيه‪« :‬وأح ُّ‬
‫ب إل ّ‬
‫وانظر‪« :‬قيام رمضان» (ص ‪ )96‬لبن نصر المروزي‪« ،‬إرشاد‬
‫الساري» (‪.)3/427‬‬
‫() «جامسسع الترمذي» (‪ - 2/160‬ط‪ .‬بشار)‪ ،‬ونقله عنسسه ابسسن‬ ‫‪1‬‬

‫حجسر فسي «الفتسح» (‪ )4/253‬بحروفسه‪ ،‬والذي عنسد الترمذي مأخوذ‬


‫بالستنباط‪ ،‬إذ ذكر أقوال ً أكثرها المذكور‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بالعدد الذي صسسلى بسسه الرسسسول العظسسم ‪ ،‬وكمسسا كان‬
‫ُ‬
‫يصسسل ِّي‪ ،‬بالخشوع والترتيسسل‪ ،‬وتعديسسل الركان‪ ،‬وتخل ّسصا ً مسسن‬
‫أدائهسسا على الوجسسه المعلوم الذي تؤدَّى بسسه اليوم فسسي أكثسسر‬
‫المساجد من العجلة‪ ،‬وتضييع الركان والواجبات‪ ،‬فضل ً عن‬

‫() المثبت من «الفتح» (‪ ،)4/253‬وسقط من الصل‪ ،‬ومن‬ ‫‪2‬‬

‫أصله «النيل»!‬
‫() فسسسي «السسسستذكار» (‪ 5/157‬رقسسسم ‪ ،)6291‬ولفظسسسه‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫«وكان السود بن يزيد يصلّي أربعين ركعة ويوتر بسبع»‪ ،‬ونقله في‬
‫«الفتح» (‪ )4/253‬عنه هكذا‪« :‬تصلى أربعين ويوتر بسبع»!‬
‫() فسسسي «قيام رمضان» (ص ‪ - 96‬مختصسسسره)‪ ،‬وعنسسسه فسسسي‬ ‫‪4‬‬

‫«الفتح» (‪ ،)4/253‬وانظر= =«التمهيد» (‪.)8/113‬‬


‫() في الصل‪« :‬يونس»! وكذا في «النيل»! وهو خطأ‪ ،‬صوابه‬ ‫‪5‬‬

‫المثبسست‪ ،‬كمسسا فسسي المصسسدَرين السسسابقَين‪ .‬وانظسسر‪« :‬السسستذكار» (‬


‫‪.)5/157‬‬
‫() في «الفتح» (‪.)4/253‬‬ ‫‪6‬‬

‫() كذا في «الفتح» (‪ ،)254-4/253‬وانظر ما تقدم قريباً‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪ ،)4/254‬وعنه صاحب «عون الباري» (‪.)2/863‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظسسسسر‪« :‬الكافسسسسي» (‪« ،)1/256‬بدايسسسسة المجتهسسسسد» (‬ ‫‪3‬‬

‫‪« ،)1/210‬حاشيسسسسة الدسسسسسوقي» (‪« ،)317-1/315‬أسسسسسهل‬


‫المدارك» (‪« ،)1/299‬الخرشسي» (‪« ،)9-2/8‬الشرح الصسغير» (‬
‫سر الجليل الكبير» (‪.)1/258‬‬
‫‪« ،)1/404‬مي ّ‬
‫‪-‬‬ ‫() أخرجسسه محمسسد بسسن نصسسر فسسي «قيام رمضان» (ص ‪96‬‬ ‫‪1‬‬

‫مختصره)‪.‬‬
‫وذكره الباجي في «المنتقى» (‪.)209-1/208‬‬
‫‪-‬‬ ‫() أخرجسسه محمسسد بسسن نصسسر فسسي «قيام رمضان» (ص ‪96‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫سنن والمسستحبات‪ ،‬وفرارا ً مسن كثرة البدع؛ (كالتوحيسش‬ ‫ال ُّس‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬أي‪ :‬الوداع وغيره‪ ،)-‬التسي ل نَقْدر على إزالتهسا‪ ،‬ول يسسعنا‬
‫سكوت عليهسا‪ ،‬ول نجسد ‪-‬أيضاً‪ -‬مسن يسساعدنا ممسن يعدّون‬ ‫ال ُّس‬
‫أنفسهم من أهل العلم‪ ،‬على منع مرتكبيها‪.‬‬
‫شهيسسر بمرتضسسى فسسي «شرح‬‫نقسسل العلمسسة الَّزبيدي ال َّ‬

‫مختصره)‪.‬‬
‫وانظر «عون الباري» (‪.)2/863‬‬
‫‪-‬‬ ‫() أخرجسسه محمسسد بسسن نصسسر فسسي «قيام رمضان» (ص ‪96‬‬ ‫‪3‬‬

‫مختصره)‪.‬‬
‫‪ )(4‬انظسر «المجموع» (‪« ،)4/32‬عمدة القاري» (‪،)11/127‬‬
‫«عون الباري» (‪.)2/863‬‬
‫() (‪ ،)4/253-254‬وعنسسسسسسه «نيسسسسسسل الوطار» (‪،)3/64‬‬ ‫‪5‬‬

‫و«عون الباري» (‪.)2/863‬‬


‫() في «صحيحه» (رقم ‪.)2013 ،1147‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مثسسل‪ :‬مسسسلم فسسي «صسسحيحه» (‪ ،)125‬وأبسسو داود فسسي‬ ‫‪2‬‬

‫«سسسننه» (‪ ،)1341‬والترمذي فسسي «جامعسسه» (‪ ،)439‬والنسسسائي‬


‫في «المجتبى» (‪ ،)3/234‬ومالك في «الموطأ» (‪ ،)94‬وأحمد (‬
‫‪ ،)104 ،73 ،6/36‬وإسسحاق بسن راهويسه فسي «المسسند» (رقسم‬
‫‪ ،)1130‬وعبدالرزاق (‪ ،)1/47‬وابسسن خزيمسسة فسسي «صسسحيحه» (‬
‫‪ ،)1166‬وأبسو عوانسة فسي «المسسند» (‪ ،)356 /2‬والطحاوي فسي‬
‫«شرح معاني الثار» (‪ ،)1/282‬والبيهقي في «السنن الكبرى» (‬
‫‪ )2/495‬وفي «المعرفة» (‪.)5379‬‬
‫وفسسي الباب عسسن جابر بنحوه‪ ،‬قال‪« :‬صسسلى رسسسول اللّه فسسي‬
‫شهر رمضان ثمان ركعات‪ ،‬وأوتر‪ ،»...،‬عند الطبراني في «الصغير»‬
‫(‪ ،)1/190‬وابسن خزيمسة (‪ ،)1070‬وابسن حبان (‪ - 920‬موارد)‪،‬‬
‫وابسسن نصسسر (‪ ،)90‬وفيسسه ضعسسف يسسسير‪ ،‬يجسسبر بالشاهسسد قبله‪ ،‬وقال‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الحياء»( )‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫«قال الشيسسخ الكسسبر( ) ‪-‬قدس اللّه سسسره‪ -‬فسسي كتاب‬


‫‪2‬‬

‫«الشريعة والحقيقة»( )‪ :‬الصفة التي يقوم بها المصل ِّي في‬


‫‪3‬‬

‫صفات؛ لشرف السسم بشرف‬ ‫صسلته فسي رمضان أشرف ال ّ ِس‬


‫الَّزمان‪ ،‬فأقام الحسق قيامسه بالليسل مقام صسيامه بالنَّهار‪ ،‬إل‬
‫ة بعبيده وتخفيفاً‪.‬‬‫في الفريضة؛ رحم ً‬

‫الذهسسبي فسسي «الميزان» عنسسه‪« :‬إسسسناده وسسسط»‪ .‬وانظسسر «تحفسسة‬


‫الحوذي» (‪ - 2/74‬ط‪ .‬الهندية)‪.‬‬
‫قال العلمسسسة عبدالحسسسق الدهلوي فسسسي «لمعات التنقيسسسح» (‬
‫‪ )4/111‬عسسن عدد ركعات التراويسسح‪« :‬ول يذهسسب عليسسك أن تقديسسر‬
‫العداد مسن غيسر سسند ٍ مسن جانسب الشارع‪ ،‬ل يجوز»‪ ،‬وقال ‪-‬قبله‪ -‬ابسن‬
‫العربسي المالكسي فسي «عارضسة الحوذي» (‪« :)4/19‬والصسحيح أن‬
‫َ‬
‫ي ُصل ّى إحدى عشرة ركعة‪ ،‬صلة النبي وقيامه‪ ،‬فأما غير ذلك من‬
‫العداد‪ ،‬فل أصل له‪ ،‬ول حد َّ فيه‪ ،‬فإذا لم يكن بد ٌّ من الحد‪ ،‬فما كان‬
‫النسبي ‪-‬عليسه السسلم‪ -‬يصسلّي‪ ،‬ومسا زاد النسبي فسي رمضان ول فسي‬
‫غيره على إحدى عشرة ركعسة‪ ،‬وهذه الصسلة هسي قيام الليسل‪ ،‬فوجسب‬
‫أن يقتدى فيهسسا بالنسسبي ‪-‬عليسسه السسسلم‪ ،»-‬وقارنسسه ‪-‬لزاماً‪ -‬بمسسا فسسي‬
‫«القبس» له (‪.)1/284‬‬
‫() قال ابسسن العربسسي فسسي «العارضسسة» (‪« :)4/19‬وأمسسا قدر‬ ‫‪3‬‬

‫القرآن‪ ،‬فليسس فيسه حسد‪ ،‬إل مسا قسد روي عسن أُب يّس بسن كعسب‪ ،‬أنسه كان‬
‫يقوم باليمسن‪ ،‬ويصسلي بالبقرة فسي ثمان ركعات‪ ،‬وهسي= =مئتسا آيسة‪،‬‬
‫ويصسليها فسي اثنتسي عشرة ركعسة»‪ ،‬قال‪« :‬وذلك على المام بحسسب‬
‫ما يعلم من حال المصلي معه‪ ،‬وصبرهم أو حجرهم»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كذا فسسسي مطبوع «العارضسسسة»‪« :‬باليمسسسن»‪ ،‬وصسسسوابه‪:‬‬
‫«بالمئين»‪.‬‬
‫ووقسسع ذلك فسسي خسسبر محمسسد بسسن يوسسسف عسسن السسسائب فسسي‬
‫«الموطأ» وغيره‪ ،‬وقد سبق في التعليق على (ص ‪.)76-75‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أن يقومسسه بأصسسحابه؛ لئل‬ ‫ل اللّه‬
‫ولهذا امتنسسع رسسسو ُ‬
‫يفترض عليهسسم فل يطوقونسسه‪ ،‬ولو فرض عليهسسم لم يثابروا‬
‫عليه هذه المثابرة‪ ،‬ول استعدوا له هذا الستعداد‪ ،‬ثم الذين‬
‫مون ركوع َسسسه ول‬ ‫ثابروا عليسسسه فسسسي العامسسسة أشأم أداءً‪ ،‬ل يت ُّ‬
‫من سسنَّه‬ ‫ه فيسه إل قليلً‪ ،‬ومسا سسن َّ ُ‬
‫ه َس‬ ‫سسجودَه‪ ،‬ول يذكرون الل ّس َ‬

‫() فسي «نيسل الوطار» (‪ ،)6/63/64‬ووقسع سسقط فسي نقله‬ ‫‪4‬‬

‫عن «الفتح»‪ ،‬أثبتناه منه بين معقوفتين‪ ،‬وسبقت الشارة إليه‪ ،‬واللّه‬
‫الموفق‪ ،‬وانظر «السيل الجرار» له ‪-‬أيضاً‪.)1/330( -‬‬
‫() المسمى «إرشاد الساري» (‪.)3/427‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ط‪ .‬قلعجي)‪.‬‬ ‫() (‪ 4/42‬رقم ‪5412‬‬ ‫‪2‬‬

‫() كذا في «إرشاد الساري»‪ ،‬وفي «المعرفة»‪« :‬وهو»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سبق توثيقه قريباً‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سقطت من الصل‪ ،‬وأثبتها من «إرشاد الساري»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قال عبداللّه بن أحمد‪« :‬رأيت أبي يصلي في رمضان ما ل‬ ‫‪2‬‬

‫أحصي»‪.‬‬
‫‪« ،)2/18‬القناع» ( ‪،)1/147‬‬ ‫انظسسر‪« :‬النصسساف» (‬ ‫=‬
‫«مطالب أولي النهى» ( ‪« ،)1/563‬منتهى الرادات» ( ‪،)1/100‬‬
‫«المبدع» ( ‪« ،)2/17‬كشاف القناع» ( ‪« ،)1/425‬المغنسسي» (‬
‫‪ - 799-1/798‬مع «الشرح الكبير»)‪.‬‬
‫() ونحوه فسسسي «عون الباري» (‪ .)2/863‬وانظسسسر «صسسسلة‬ ‫‪3‬‬

‫التراويح» (ص ‪ )35‬لشيخنا اللباني ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬


‫() النقسل عنسه بواسسطة «عون الباري» (‪ ،)2/864‬وسسيصرح‬ ‫‪4‬‬

‫المصنّف بذلك‪.‬‬
‫والكلم هذا لبن تيمية‪ ،‬شيخ ابن القيم في «الفتاوى الكبرى»‬
‫(‪ ،)1/163‬و«مجموع الفتاوى» (‪ ،)23/120‬والمنقول عسسن ابسسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫على مسسا هسسم عليسسه إل( ) المتميزون مسسن الخطباء والفقهاء‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وأئمسسة المسسساجد‪ ،‬وفسسي مثسسل صسسلتهم فيسسه قال النسسبي‬


‫ل‪ ،‬فإن َّسك لم تصسل»( )‪ ،‬فمسن عزم على‬
‫‪2‬‬
‫للَّرجسل‪« :‬ارجسع فصس ِّ‬
‫م كمسسا شرع‬‫قيام رمضان المسسسنون المرغ ّسسَب فيسسه‪ ،‬فليت ّسسَ‬
‫ال َّ‬
‫شار ع ُ الصلةَ‪ ،‬من الطمأنينة‪ ،‬والوقار‪ ،‬والتَّدبُّر‪ ،‬والتسبيح‪،‬‬
‫وإل فتركُه أولى» انتهى كلم الَّزبيدي‪.‬‬

‫القيسم فسي «الزاد» (‪ )327-1/325‬أن هديسه ‪ S‬فسي القيام بالليسل‬


‫إحدى عشرة‪ ،‬أو ثلث عشرة‪ ،‬على الوجسه الذي ذكرناه فسي التعليسق‬
‫على (ص ‪ ،)76‬ولم يرد له ذكسر فسي «تقريسب فقسه ابسن القيسم»‪ ،‬ول‬
‫في «جامع فقهه» (‪ )2/226‬إل على هذا الوجه‪.‬‬
‫ت ابسن تيميسة فسي «منهاج السسنة النبويسة» رد على ابسن‬‫ثسم وجد ُس‬
‫المطه ِّر الشيعي بقوله‪« :‬وزعم أن عليا ً كان يصلي في اليوم والليلة‬
‫ح ذلك‪ ،‬ونبي ّنا ‪ S‬كان ل يزيد في الليل على ثلث‬ ‫ألف ركعة! ولم يص ّ‬
‫عشرة ركعسسة‪ ،‬ول ي ُسسستحب قيام كسسل الليسسل‪ ،‬بسسل يكره»‪ ،‬ثسسم قال‪:‬‬
‫م الناس وأتبع لهديه من أن يخالف هذه المخالفة»‪.‬‬ ‫ي كان أعل َ‬
‫«وعل ّ‬
‫انظر‪« :‬المنتقى» للذهبي (‪.)170-169‬‬
‫() سقط من الصل‪ ،‬وأثبته من «العون»‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() انظر التعليق على (ص ‪ ،)76‬فهناك التخريج‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ورد ذلك فسي روايسة يزيسد بسن خصسيفة عسن السسائب بسن يزيسد!‬‫‪2‬‬

‫وهي رواية= =مرجوحة‪ ،‬والرجح منها رواية محمد بن يوسف عن‬


‫السسائب؛ لوجوه ذكرناهسا فسي التعليسق على (ص ‪ ،)79-77‬ومضسى‬
‫تخريج ذلك مسهباً‪.‬‬
‫وأخرج مالك (‪ ،)1/115‬وابن نصر في «قيام رمضان» ( ‪95‬‬
‫‪ -‬مختصسسره)‪ ،‬والفريابسسي فسسي «الصسسيام» (رقسسم ‪،)180 ،179‬‬
‫والبيهقسسسي فسسسي «المعرفسسسة» (‪ 4/42‬رقسسسم ‪،)5411 ،5410‬‬
‫و«السسنن الكسبرى» (‪ )2/496‬عسن يزيسد بسن ُرومان‪ ،‬أنسه قال‪ :‬كان‬
‫الناس يقومون فسسسي زمان عمسسسر بسسسن الخطاب فسسسي رمضان بثلث‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّس‬ ‫الل‬ ‫أزاغ‬ ‫من‬‫َس‬ ‫عدا‬ ‫«مسا‬ ‫خزيران‪:‬‬ ‫قول‬ ‫فسي‬ ‫مل‬ ‫َ‬
‫ّس‬ ‫تأ‬ ‫ومسن‬
‫قلوب َسهم مسن القتصسار على أصسل المنقول عسن النسبي مسن‬
‫ن ذلك الد َّسعي فسي العلم يعدُّ‬ ‫الحدى عشرة ركعسة»‪ ،‬يعلم أ َّس‬
‫ل بسنُّة الرسول زيغا ً ‪-‬والعياذ باللّه تعالى‪{ -‬فَإِنَّه َا لَ‬ ‫العم َ‬
‫صدُورِ}‬ ‫ب الَّت ِسي فِسي ال ّسُ‬
‫مى الْقُلُو ُس‬‫صاُر وَلَك ِسن تَعْس َ‬
‫َ‬
‫مى الب ْس َ‬‫تَعْس َ‬
‫[الحج‪.]46 :‬‬

‫وعشرين ركعة‪.‬‬
‫قال ابسن عبدالبر فسي «السستذكار» (‪ 5/156‬رقسم ‪)6283‬‬
‫ن الروايسة‬ ‫بعدهسا وبعسد روايسة يزيسد بسن خصسيفة‪« :‬وهذا كله يشهسد بأ ّس‬
‫م وغلط‪ ،‬وأن الصسسسسحيح ثلث وعشرون‪،‬‬ ‫بإحدى عشرة ركعسسسسة وَهْسسسس ٌ‬
‫وإحدى وعشرون ركعة‪ ،‬واللّه أعلم»!!‬
‫ثسم قال‪« :‬وقسد روى أبسو شيبسة ‪-‬واسسمه‪ :‬إبراهيسم ابسن ع ُلَي َّسة بسن‬
‫عثمان‪ -‬عسن الحكسم‪ ،‬عسن ابسن عباس‪ :‬أن رسسول اللّه كان ي ُس َ‬
‫صل ِّي‬
‫فسي رمضان عشريسن ركعسة والوتسر»‪ ،‬قال‪« :‬وليسس أبسو شيبسة بالقوي‬
‫عند هم‪ ،‬وذكره ابسن أبسي شيبة (‪ 2/286‬رقم ‪ - 13‬ط‪ .‬دار الفكر)‬
‫عن يزيد ابن رومان‪ ،‬عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان»‪.‬‬
‫قال أبسسو عسسبيدة‪ :‬وأخرجسسه البيهقسسي فسسي «السسسنن الكسسبرى» (‬
‫‪ ،)2/496‬وأبو شيبة الكوفي ضعيف‪ ،‬بل قال النسائي والدولبي‪:‬‬
‫متروك‪ ،‬وقال الجوزجانسي‪ :‬سساقط‪ ،‬وقال أبسو حاتسم‪ :‬ضعيسف الحديسث‪،‬‬
‫سسكتوا عنسه‪ ،‬وتركوا حديثسه‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬منكسر الحديسث‪ ،‬وضعّسفه‬
‫جماعة‪.‬‬
‫وانظسر ‪-‬غيسر مأمور‪« :-‬التاريسخ الكسبير» (‪« ،)2/31‬تاريسخ ابسن‬
‫معيسسسن» (‪« ،)2/11‬الجرح والتعديسسسل» ( ‪« ،)1/115‬ضعفاء‬
‫العقيلي» (‪« ،)1/59‬المجروحيسن» ( ‪« ،)1/104‬تاريسخ بغداد» (‬
‫‪« ،)6/113‬تاريخ واسط» (‪.)105‬‬
‫والحكسسم هسسو ابسسن ع ُتيبسسة‪ ،‬لم يسسسمع مسسن ابسسن عباس‪ ،‬كمسسا فسسي‬
‫«إتحاف المهرة» (‪ )7/49‬وغيره‪ ،‬وهو ثقة ثبت‪ ،‬إل أنه ربما دلس‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ونجيسب على قوله‪ :‬ألم يطرق سسمعه قوله ‪« :‬اقتدوا‬
‫باللذين من بعدي‪ ...‬إلخ» بأننا ‪-‬وللّه الحمد‪ -‬طرق س ْ‬
‫معَنا‪،‬‬ ‫()‬ ‫‪1‬‬

‫ب نبي ّ ِسنا ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ -‬هذا الذي‬


‫ووصسل إلينسا خطا ُس‬
‫سكا ً به‪ ،‬فصلتُنا في البيت ل‬
‫رواه‪ ،‬ونحن من أشد الناس تم ّ‬
‫تخالف سسسنَّة عمَر‪ ،‬إذ سسسنّته جمسسع الناس على قارئ واحسسد‪،‬‬
‫سسواء كان فسي الجامسع أو فسي غيره‪ ،‬وكان مسن يجتمسع عندنسا‬

‫كمسسا فسسي «التقريسسب»‪ ،‬والثابسست مسسن المرفوع مسسن هديسسه ‪ S‬الحدى‬


‫عشرة دون غير ها‪ ،‬وقد قدمنا ذلك من حديثي عائ شة وجابر ‪-‬رضي‬
‫اللّه عنهما‪ .-‬وأما الثابت عن عمر‪ ،‬فالصحيح عنه ما يوافق هديه ‪،‬‬
‫كما قدمناه ‪-‬أيضاً‪.-‬‬
‫وأمسا الروايسة السسابقة هنسا‪ :‬روايسة يزيسد بسن رومان فلم تصسح‪ ،‬ول‬
‫يجوز أن تعارض رواية محمد بن يوسف الصحيحة‪ ،‬ول تصح أن تشد‬
‫بهسا روايسة خصسيفة المرجوحسة‪ ،‬خلفا ً لصسنيع ابسن عبدالبر ‪-‬رحمسه اللّه‬
‫تعالى‪ ،-‬لنهسسسا مرسسسسلة‪ ،‬قال النووي فسسسي «المجموع» (‪:)3/526‬‬
‫«رواه البيهقي‪ ،‬لكنه مرسل‪ ،‬فإن يزيد بن رومان‪ ،‬لم يدرك عمر»‪،‬‬
‫وأقره الزيلعسي فسي «نصسب= =الرايسة» (‪ ،)2/154‬وقال العينسي‬
‫فسسي «عمدة القاري» (‪« :)5/357‬سسسنده منقطسسع»‪ ،‬وهسسو معنسسى‬
‫الرسال عند القدمين‪ ،‬كما هو مصرح به في كتب المصطلح‪.‬‬
‫وهنسا لفتسة مهمسة يجسب التنبسه لهسا‪ ،‬وهسي‪ :‬أن المام البخاري ذكسر‬
‫ن قام رمضان (‬ ‫م ْ‬
‫في «صحيحه» (كتاب صلة التراويح)‪ :‬باب فضل َ‬
‫ُس‬
‫‪ - 251-4/250‬مسع «الفتسح») أثسر عمسر وجمعهسم على أ بي‪ ،‬ولم‬
‫يذكسسر عدد الركعات‪ ،‬ثسسم أردفسسه بحديسسث عائشسسة‪« :‬كان ل يزيسسد فسسي‬
‫مل!‬‫جح هذا‪ ،‬وليتأ ّ‬
‫رمضان‪ ،»...،‬وهذا ظاهر أنه ير ّ‬
‫() (‪ ،)2/864‬واسسسسسم الكتاب المطبوع «عون الباري لحسسسسل‬ ‫‪1‬‬

‫أدلة البخاري»‪ ،‬ومؤلفه صديق حسن خان ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪.-‬‬


‫() بدعة التوحيش؛ يراد بها‪ :‬نشيد توديع رمضان‪ ،‬فإنه إذا بقي‬ ‫‪1‬‬

‫فسسسسسسسي رمضان خمسسسسسسسس ليال‪ ،‬أو ثلث ليال‪ ،‬يجتمسسسسسسسع المؤذ ّنون‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فسسسي البيسسست يفوق عددهسسسم فسسسي بعسسسض الحيان عدد مسسسن‬
‫يجتمعون فسسي المسسسجد‪ ،‬أمسسا عدد الركعات؛ فالختلف فيسسه‬
‫سنَّة‪ ،‬وأكسسبر دليسسل على‬
‫كثيسسر كمسسا تقدَّم‪ .‬ولم يرد بتحديده ُ س‬
‫شيخيسن مسن بعده‪ :‬نهينسا الناس‬ ‫سكنا بسسنَّة نبي ّ ِسنا‪ ،‬وسسنة ال َّ‬
‫تم ّس‬
‫عن مخالفة سنَّة الخلفاء الراشدين في تشييع الجنازة برفع‬

‫والمتطوعون مسسن أصسسحابهم‪ ،‬فإذا فرغ المام مسسن سسسلم= =وتسسر‬


‫سف على انسسلخ‬ ‫رمضان‪ ،‬أخذوا يتناوبون مقاطيسع منظومسة فسي التأ ُّس‬
‫رمضان‪ ،‬من مثل قولهم‪:‬‬
‫ل أوحسسسسسسسسسسسسسسسسسسش اللّه منسسسسسسسسسسسسسسسسسسك يسسسسسسسسسسسسسسسسسسا رمضان‬
‫يسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا شهسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر الهدى والقرآن‬
‫قسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد كان شهرا ً طيّبا ً ومباركسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫شرا ً بالخيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر مسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن مولنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا‬
‫مب ّ‬
‫و ُ‬
‫فمتى فرغ أحدهم من نشيد مقطوعة بصوته الجهوري‪ ،‬أخذ رفقاؤه‬
‫بمقطوعسسة دوريسسة‪ ،‬باذليسسن قصسسارى جهدهسسم فسسي الصسسيحة والصسسراخ‬
‫بضجيسسج يصسسم الذان‪ ،‬ويسسسمع الصسسم‪ ،‬ويسسساعدهم على ذلك جمهور‬
‫المصلين‪.‬‬
‫ولعلم الناس بأن تلك الليالي هي ليالي الوداع‪ ،‬ترى الناس في‬
‫أطراف المسسساجد وعلى سسسدده وأبوابسسه‪ ،‬وداخسسل صسسحنه‪ ،‬النسسساء‬
‫والرجال والشبان والولدان‪ ،‬بحالة تقشعسسسسر لقبحهسسسسا البدان‪ ،‬وقسسسسد‬
‫اشتملت هذه البدعة على عدة منكرات؛ منها‪:‬‬
‫‪ -1‬رفع الصوات بالمسجد‪ ،‬وهو مكروه كراهة شديدة‪.‬‬
‫‪ -2‬التغنسي والتطرب فسي بيوت اللّه‪ ،‬التسي لم تشيسد إل للذكسر‬
‫والعبادة‪.‬‬
‫‪ -3‬كون هذه البدعسة مجلبسة للنسساء والولد والرعاع‪ ،‬الذيسن ل‬
‫يحضرون إل بعد انقضاء الصلة للتفرج والسماع‪.‬‬
‫‪ -4‬اختلط النساء بالرجال‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن ذلك بدعسة لم يفعله النسبي‬‫صوت( )‪ ،‬وفتوى أحدنسا بأ ّسَ‬
‫‪1‬‬
‫ال َّس‬
‫والخلفاء الراشدون‪ ،‬ولكسسسن نقول لخزيران ‪-‬مادام يذكِّرنسسسا‬
‫سك بسسسنَّة‬ ‫بأهميسسة طلب الرسسسول الكرم بخصسسوص التَّم ّسس‬
‫رف‬ ‫مر عن ساعديه‪ ،‬وأخذ يح ّ ِ‬ ‫الخلفاء الراشدين‪ :-‬ما باله ش َّ‬
‫الكلم عسسن مواضعسسه‪ ،‬لجسسل إماتسسة سسسنَّة الخلفاء الراشديسسن‬

‫‪ -5‬هتسك حرمسة المسسجد؛ لتسساخه وتبذله بهؤلء المتفرجيسن‪،‬‬


‫وكثرة الضوضاء والصسسياح مسسن أطرافسسه‪ ،‬إلى غيسسر ذلك‪ ،‬ممسسا لو رآه‬
‫السسلف الصسالح لضربوا على أيدي مبتدعيسه ‪-‬وهذا هسو الواجسب على‬
‫كل قادر على ذلك‪ ،-‬وقاوموا بكل قواهم من أحدث فيه‪ ،‬نسأل اللّه‬
‫‪-‬تعالى‪ -‬العون على تغيير هذا الحال بمنه وكرمه‪.‬‬
‫ومسن المور المحدثسة المتعلقسة بوداع رمضان‪ ،‬مسا يفعله بعسض‬
‫الخطباء فسسي آخسسر جمعسسة مسسن رمضان‪ ،‬مسسن ندب فراقسسه كسسل عام‪،‬‬
‫والحزن على مضيسه‪ ،‬وقولهسم‪ :‬ل أوحسش اللّه منسك يسا شهسر كذا وكذا‪،‬‬
‫ويكرر هذه الوحشيات مسسسجعات مرات عديدة‪ ،‬ومسسن ذلك قوله‪ :‬ل‬
‫أوحسش اللّه منسك يسا شهسر المصسابيح‪ ،‬ل أوحسش اللّه منسك يسا شهسر‬
‫المفاتيسح‪ ،‬فتأمسل ‪-‬هدانسا اللّه وإياك‪ -‬مسا آلت إليسه الخطسب‪ ،‬ل سسيما‬
‫خطبسة آخسر هذا الشهسر الجليسل‪ ،‬الناس فيسه بحاجسة ماسسة إلى آداب‬
‫يتعلمونهسسا لمسسا يسسستقبلهم مسسن صسسدقة الفطسسر‪ ،‬ومواسسساة الفقراء‪،‬‬
‫والسسسستمرار على مسسسا ينتجسسسه الصسسسوم مسسسن المور الفاضلة‪ ،‬والثار‬
‫=‬ ‫الحميدة‪ ،‬وتجنب البدع وغير ذلك مما يقتضيه المقام‪.‬‬
‫وانظر في تقرير بدعية ذلك‪« :‬ردع الخوان عن محدثات آخر‬ ‫=‬
‫جمعسسسسسة رمضان» للكنوي (‪( )77-66‬مهسسسسسم جداً)‪« ،‬السسسسسسنن‬
‫والمبتدعات» (ص ‪« ،)165‬إصلح المساجد» (ص ‪،)146 ،145‬‬
‫«بدع القراء» ( ‪« ،)41‬فتسسح الغفور فسسي تعجيسسل الفطور وتأخيسسر‬
‫السسحور» (‪ )41‬كلهمسا لخينسا الشيسخ محمسد موسسى نصسر‪« ،‬البدع‬
‫الحوليسسة» (‪ ،)338-337‬مجلتنسسا «الصسسالة» (العدد الثالث‪15 /‬‬
‫شعبان‪1413/‬هس‪/‬ص ‪.)74-73‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫التسي دعونسا الناس إليهسا‪ ،‬وإحياء البدعسة التسي تخالفهسا على‬
‫خسط مسستقيم‪ ،‬فهّمنسا الل ّس ُ‬
‫ه حقيقسة دينسه‪ .‬ول يسسعنا هنسا إل أن‬
‫ة العلم ‪-‬دع الراسسخين فيسه‪ -‬إلى‬ ‫من ش َّس‬
‫م رائح َ‬ ‫نلفست نظسر َس‬
‫قول ذلك الرجسسسل‪« :‬تصسسسرفات سسسسيِّدنا عمسسسر فسسسي صسسسلة‬
‫وسنة عمر‬ ‫التراويح»‪ ،‬وقوله‪« :‬وكلتاهما (أي‪ :‬سنة النبي ‪S‬‬
‫‪-‬رضسسي اللّه عنسسه‪ )-‬مطلوب منسسا فعلُهمسسا شرعاً‪ ،‬مسسع إثبات‬
‫م َ‬
‫شّرِعيّهمسا‪ ،‬ليعلم‬ ‫الفرق فيمسا بينهمسا بنسسبة مسا بيسن درجتسي ُ‬
‫الناس مبلغ جهل ذلك الرجل‪.‬‬

‫ثسسم قال فسسي الدفاع عسسن أسسستاذه الجَّزار‪ :‬ولو أمع َسس‬
‫ن‬
‫العلمة الَّزنكلوني الفكر بجواب فضيلة أستاذنا المومأ إليه؛‬
‫ة واحدة ً مسن عنده‪ ،‬بسل كسل مسا‬ ‫لظهسر له أنسه لم يختلق كلم ً‬
‫نقله فيسسه معزوٌ إلى محال ِّه‪ ،‬ولو راجسسع الكت َس‬
‫ب المعزوَّ إليهسسا‪،‬‬

‫() جاءت في الصل «ول يسعنا» مكررة مرتين!‬ ‫‪2‬‬

‫() المسسسمى «إتحاف السسسادة المتقيسسن» (‪( )3/422‬الفائدة‬ ‫‪1‬‬

‫التاسعة)‪.‬‬
‫() يريد‪ :‬ابن عربي الحاتمي الصوفي‪ ،‬انظر عنه كتابي «كتب‬ ‫‪2‬‬

‫حذر منهسسسسسسسا العلماء» (‪،142 ،139 ،127 ،38 ،37 ،1/36‬‬


‫‪.)2/170 ،241 ،234 ،143‬‬
‫() انظسسر عنسسه «مؤلفات ابسسن عربسسي‪ ،‬تاريخهسسا وتصسسنيفها» (ص‬
‫‪3‬‬

‫‪ 393‬رقم ‪ )559‬لعثمان يحيى‪.‬‬


‫() سقطت من مطبوع «التحاف»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قطعة من حديث المسيء صلته‪ ،‬أخرجه البخاري (‪،)757‬‬ ‫‪2‬‬

‫ومسلم (‪ )397‬في «صحيحيهما»‪.‬‬


‫() مضى تخريجه مفصل ً في التعليق على (ص ‪.)67‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر ما قدمناه من آثار في التعليق على (ص ‪.)14-11‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫م الموافقسة بينهسا وبيسن المنقول فيسه‪ ،‬اللهسم إل أن‬ ‫َس‬ ‫تما‬ ‫لوجسد‬
‫يكون هناك تصسّرف بسسيط( ) فسي العبارة‪ ،‬فإنسه ‪-‬حفظسه اللّه‬
‫‪1‬‬

‫حكم المسألة على مذهبه‪ ،‬مع التَّحرير‬ ‫تعالى‪ -‬بعد أن نقل ُ‬


‫شعرانسسسي عسسسن شيخسسسه‬‫الدَّقيسسسق‪ ،‬ذكسسسر مسسسا نقله العارف ال َّ‬
‫الخواص( ) فسي كتابسه «العهود المحمديسة»( ) مسن جواز تشييسع‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫شارع‬‫الجنازة بكلمسسسة التَّوحيسسسد‪ ،‬لورود الذن العام عسسسن ال َّ‬


‫بقولهسسا فسسي جميسسع الحوال والزمان‪ ،‬وأيَّده بمسسا نقله عسسن‬
‫بعسض أئمسة الشافعيسة( )‪ ،‬ثسم قال‪ :‬ل بأس مسن العمسل بقول‬
‫‪4‬‬

‫هذا العارف‪ ،‬للعلَّة التي ذكرها‪ ،‬ومن هنا‪ :‬يُعلم أ َّ‬


‫ن جمي عَ ما‬
‫أورده الفاضل الَّزنكلوني عليه في غير محلّه‪ ،‬وما نقل عن‬
‫العارف الخواص لجدير بالقبول عند أهل الختصاص‪ ،‬الذين‬
‫قسد أنار اللّه بصسائرهم‪ ،‬وأماط حجا َس‬
‫ب الغَفْلة عسن قلوبهسم‪،‬‬
‫ة‬ ‫وخصسوصا ً فسي هذا الَّزمان الذي قسد اسستحكم ْ‬
‫ت فيسه الغفل ُ‬
‫على الجميع‪ ،‬وع َّ‬
‫مت البلوى فيه للَّرفيع والوضيع‪.‬‬

‫() هذا التعبير دخيل على العربية‪ ،‬انظر ‪-‬لزاماً‪ -‬ما علقناه على‬ ‫‪1‬‬

‫(ص ‪.)26‬‬
‫() راجع فتوى الستاذ الجزار في آخر الرسالة (منهما)‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫قال أبو عبيدة‪ :‬للشعراني (عبدالوهاب بن أحمد‪ ،‬ت ‪973‬هس)‬


‫كتاب مطبوع فسسي مصسسر‪ ،‬سسسنة ‪1227‬هسسس‪1860-‬م‪ ،‬بعنوان «درر‬
‫الخواص على فتاوى سيدي علي الخواص»‪ ،‬لم أظفر به‪.‬‬
‫‪-601( )(3‬مسسسع شرحسسسه «لواقسسسح النوار القدسسسسية» له أيضاً)‪،‬‬
‫وسيأتي كلمه بالحرف قريباً‪.‬‬
‫() انظر‪« :‬حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج» (‬ ‫‪4‬‬

‫‪« ،)188-3/187‬حاشيسسة الشبراملسسسي على نهايسسة المحتاج» (‬


‫‪.)3/23‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن من يتأمل في جواب العلمة الزنكلوني( ) يََر‬
‫‪1‬‬ ‫نقول‪ :‬إ َّ‬
‫أنسه ‪-‬حفظسه اللّه تعالى‪ -‬لم يتعَّرض للجَّزار بشيسء‪ ،‬ولم يُرِد‬
‫م ال َّ‬
‫شريعسة السسلمية‬ ‫أن يبَي ّسن خطأه‪ ،‬أدبا ً منسه‪ ،‬بسل بي َّس َ‬
‫ن حك َس‬
‫فسي المسسألة‪ ،‬بيانا ً ل يترك قول ً لقائل‪ ،‬ولمسح تلميحا ً بضعسف‬
‫اسسستدلل الجَّزار‪ ،‬وهذا ل بد َّ منسسه لمسسن أراد أن يبَي ّ سن أحكام‬
‫ص يؤيسد الباطسل على‬ ‫اللّه‪ ،‬أمسا وقسد قام تلميذ ُ الجَّزار الخا ّس‬
‫ة فسي اسستنتاجه‪ ،‬فقسد وجسب علينسا‬ ‫الحق ّس‪ .‬ويسستعمل المغالط َ‬
‫ة فسسسي فهسسسم قول‬
‫أن نظهَر خطأه وخطسسسأ أسسسستاذه صسسسراح ً‬
‫ف الشعراني‪ ،‬وهو‪« :‬إذا علم من‬ ‫الخواص‪ ،‬الذي نقله العار ُ‬
‫الماشيسسن مسسع الجنازة أنهسسم ل يتركون اللغوَ [فسسي الجنازة]‬
‫ويشتغلون بأحوال الدنيا‪[ ،‬فس]ينبغي أن نأمرهم بقول‪ :‬ل إله‬
‫إل اللّه‪ ،‬محمسد رسسول اللّه»( )‪ ،‬وهذا القول ل يفهسم منسه أن‬
‫‪2‬‬

‫س بالذ ّسسكر‪ ،‬إذا علم أنهسسم ل يتركون اللغسسو‪ ،‬ويراد‬


‫نأمسسر النا َ س‬
‫ي‪ ،‬كمسا ذكسر ذلك أئمسة المذاهسب‬ ‫بالذ ّسكر طبعا ً الذكسر الخف ّس‬
‫الربعسة‪ ،‬بقولهسم‪ :‬وإذا ذكسر اللّه فلْيذكره سسّرا ً فسي نفسسه‪،‬‬
‫وبدليسل كلم الشعرانسي نفسسه قبسل كلم الخواص بأسسطر‪،‬‬
‫وهذا نصسسه‪« :‬وينبغسسي لعالم الحارة‪ ،‬أو شيسسخ الفقراء فسسي‬
‫ي مع الجنازة آداب المشي‬ ‫الحارة‪ ،‬أن يعل ِّم من يريد المش َ‬
‫معها من عدم اللغو فيها»‪ ...‬إلى أن قال‪« :‬وأخطأ من لغا‬
‫فسي طريسق الجنازة فسي حسق نفسسه‪ ،‬وفسي حسق الميست‪ ،‬وقسد‬
‫صالح ل يتكلّمون فسسسسي الجنازة( )‪ ،‬وكان‬
‫‪3‬‬ ‫كان ال ّسسسسَ‬
‫سلف ال ّسسسسَ‬

‫() راجع فتواه في آخر الرسالة (منهما)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «العهود المحمدية» (‪.)601‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما قدمناه عنهم في التعليق على (ص ‪.)17‬‬ ‫‪3‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الغريسب ل يعرف مسن هسو قريسب الميست حتسى يعّزِسيه( )؛ لغلبسة‬
‫‪1‬‬

‫ّسسسسسسهم‪ ،‬وكان سسسسسسسي ِّدي علي‬


‫ِ‬ ‫الحزن على الحاضريسسسسسسن كل‬
‫الخواص‪ ) (»...‬إلى آخر ما نقله الجَّزار في فتواه‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ي حي ّ ًا‬ ‫هذا ما يفهم من قول الخواص‪ ،‬ولو كان ال َّ‬


‫شعران ُّ‬
‫لمسا رضسي بتفسسير الجزار‪ ،‬وباسستنتاجه( )‪ ،‬وهسل يعقسل مسن‬
‫‪3‬‬

‫سك بالداب المشروعة مع‬ ‫شعراني بعد أمره بالتَّم ُّ‬


‫المام ال ّ‬
‫ة التسسسي هسسسي خلف تلك‬ ‫ة القسسسبيح َ‬ ‫الجنازة‪ ،‬أن يبيسسسح البدع َ‬
‫الداب؟ معاذ اللّه!‬
‫شعرانسسي على الجهسسر بالذكسسر وراء‬ ‫حمسسل كلم ال َّ‬ ‫ن َ‬
‫م ْس‬
‫و َ‬
‫صريح‪ ،‬وتكذيسب نفسسه‬ ‫الجنازة‪ ،‬فقسد أوقعسه فسي الخطسأ ال ّس‬
‫لنفسه‪ ،‬ومعارضته نصوص أئمة الدين وإجماعهم‪ ،‬ومخالفة‬
‫أقوال وأفعال رسول اللّه وأصحابه‪ ،‬وهذا ما نُجلّه عنه‪.‬‬
‫ط الفاضسسل الجَّزار‪ ،‬وخلط ُسه فسسي‬
‫وممسسا تقدَّم يُعلم‪ :‬خب ُس‬
‫ه ‪-‬تعالى‪ -‬أن ل تكون جميسع فتاويسه‬ ‫هذه المسسألة‪ ،‬ونرجسو الل ّس َ‬
‫وأحكامسه كذلك‪ ،‬مبني َّسة على مجرد انتقال ذهنسه لمسر يتوهمسه‬
‫مسن النصسوص التسي يطلع عليهسا مسن غيسر تدقيسق‪ ،‬ولو كان‬
‫تلميذ ُه خزيران يفهسم مسا يقرأه‪ ،‬لمسا وقسع فيمسا وقسع فيسه مسن‬
‫تأييد أستاذه فيما ظهر بطلنُه‪.‬‬
‫وأمسسسسا اسسسسستدلل الجزار بقول الخواص‪« :‬فإن مسسسسع‬
‫م مسسن الشارع بقول‪( :‬ل إله إل اللّه‪،‬‬
‫المسسسلمين الذن العا ّسس‬
‫ل وقست شاؤوا» فإن مراد الخوَّاص‬
‫)ك ّ‬ ‫محمسد رسسول اللّه‬

‫() انظر ما قدمناه عنهم في التعليق على (ص ‪.)18‬‬ ‫‪1‬‬

‫() «العهود المحمدية» (‪.)601-600‬‬ ‫‪2‬‬

‫() رضسسسي أم لم يرض‪ ،‬فل أثسسسر ذلك على الحكسسسم الشرعسسسي‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫وتفريعات المصنِّفَيْن التية ل داعي لها‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الذن فسسسسي جميسسسسع الحوال والزمان‪ ،‬هسسسسو عموم الحوال‬
‫والزمان التسي لم يثبست النهسي عسن ذكسر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬فيهسا‪،‬‬
‫سسسرا ً وجهراً‪ ،‬وإل لجزنسسا لمسسن يسسسمع الخطبسسة يوم الجمعسسة‬
‫ولمسسسن يسسسسمع تلوة القرآن‪ ،‬أن يذكسسسر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬عنسسسد‬
‫الخطبة والتلوة‪ ،‬مع أنه لم يقل بجواز ذلك أحد‪ ،‬كما أنه لم‬
‫يقسل بجواز رفسع الصسوت مسع الجنازة أحسد‪ ،‬ولو انتبسه خزيران‬
‫إلى قول أسسستاذه‪« :‬ول بأس مسسن العمسسل بقول هذا العارف‬
‫للعلّة التي ذكرها» ‪-‬أي‪ :‬أن ل يترك اللغو والشتغال بأحوال‬
‫الدنيسسا مسسن يمشسسي مسسع الجنازة‪ -‬لتحقّسسق أ ّ سَ‬
‫ن أسسستاذه يثبسست‬
‫بقوله‪« :‬ل بأس» أن قول ل إله إل اللّه مسسسسع الجنازة خلف‬
‫الولى‪ ،‬ولو وجسد مسا يقتضيسه مسن خوف وقوع الناس باللغسو‪،‬‬
‫صياح‪ ،‬ورفسسع‬‫فكيسسف والحالة أن اللغسسو إنمسسا يقسسع عنسسد ال ّسسِ‬
‫الصسوات التسي يتسستّر اللغسي بجلبتهسا؟ ويفعسل عمسا يراد مسن‬
‫ذلك‪ ،‬والناس عنسسسسه مشغولون بصسسسسياحهم المعلوم الذي ل‬
‫َ‬ ‫ينكره إل ك ُّ‬
‫ف الخوا ّسس ُ‬
‫ص مسسن‬ ‫ل مكابر‪ ،‬فمسسا لحظسسه العار ُسس‬
‫السسسباب التسسي سسسوَّغت له جواز المسسر بقول ل إله إل اللّه‪،‬‬
‫محمسسد رسسسول اللّه؛ أي‪ :‬سسسّراً‪ ،‬مفقودة فسسي زماننسسا‪ ،‬مسسع‬
‫السسكوت خلف الجنازة محققسة عنسد رفسع الصسوات بذكسر أو‬
‫غيره‪ ،‬فيكون الخواص بتلك السسسباب مانعا ً عسسن قولهسسا فسسي‬
‫زماننسسا؛ لفقدان العلة كمسسا أفتسسى أحد ُ سنا‪ .‬وقسسد توقفنسسا ‪-‬وللّه‬
‫سكوت مسع الجنازة‪،‬‬ ‫سير بالمسسلمين على سسنَّة ال ُّس‬ ‫الحمسد‪ -‬لل َّس‬
‫بدون أن يقسسع منهسسم لغوٌ أو غيبسسة‪ ،‬إلى أن قام مسسن أخذتهسسم‬
‫ة أحييناهسا‪،‬‬
‫ة أمتناهسا‪ ،‬وأماتوا سسن ً‬
‫ة الجاهليسة‪ ،‬فأحيوا بدع ً‬
‫حمي ُ‬
‫وحسسبهم قوله ‪« :‬مسن عمسل عمل ً ليسس عليسه أمرنسا فهسو‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ردٌّ»( )‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وقول خزيران‪« :‬ومسا نقسل عسن العارف الخواص لجديسر‬


‫بالقبول عنسسسد أهسسسل الختصسسساص‪ ،‬الذيسسسن قسسسد أنار الل ّسسس ُ‬
‫ه‬
‫ذّكر‬‫ن الخواص لم يرد الجهر بال ِ‬ ‫بصائَرهم‪ »...‬إلخ‪ ،‬غريب؛ ل ّ‬
‫قطعاً‪ ،‬على أننسسا لو سسسايرنا خزيران فسسي فهمسسه‪ ،‬وقلنسسا‪ :‬إ ّسَ‬
‫ن‬
‫ل‬‫الخواص أراد بالذِّكسسسسر الذكسسسسر جهراً‪ ،‬فهسسسسل يرضسسسسى أه ُ‬
‫‪ ،‬ويتركوا مسسا كان‬ ‫الختصسساص أن يتركوا سسسنّة الرسسسول‬
‫ف‬
‫عليسه الصسحابة والئمسة المجتهدون‪ ،‬ومسا كان عليسه السسل ُ‬
‫ة قال بهسا الخواص ‪-‬على مسا فهمسه‬ ‫الصسالح‪ ،‬ثسم يتبعوا بدع ً‬
‫لمر جرى فسي زمنسه واقتضسى ذلك؟ اللهسم‪ ،‬إل إذا‬‫ٍ‬ ‫خزيران‪-‬‬
‫أراد بأهسسل الختصسساص‪ :‬نفسسسه وأسسستاذه والمنشديسسن أمام‬
‫من لَّدُن ْ َ‬
‫ك‬ ‫ب لَن َا ِ‬
‫الجنازة {َربَّن َا ل َ تُز ِغْ قُلُوبَن َا بَعْد َ إِذ ْ هَدَيْتَن َا وَه َ ْ‬
‫ة إن َ َ َ‬
‫ب} [آل عمران‪.]8 :‬‬ ‫ت الوَهَّا ُ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫م ً ِّ‬‫ح َ‬
‫َر ْ‬
‫ن العمل به ‪-‬أي‪:‬‬ ‫قال‪ :‬ودعوى الستاذ الزنكلوني من أ َّ‬
‫ص في حالة ل يتعدّاها‪ ،‬ل برهان‬ ‫شعراني‪ -‬خا ٌّ‬ ‫بما نقل عن ال َّ‬
‫جت َسه التسي ردّدهسا فسي جوابسه ل تفيدنسا‪،‬‬ ‫ح َّ‬‫ن ُ‬‫له عليهسا‪ ،‬كمسا وإ َّس‬
‫كذلك دعواه كراهسة الذِّكسر بهسا‪ ،‬اسستنادا ً على مسا كان عليسه‬
‫ة حكم من أحكام‬ ‫ن الكراه َ‬ ‫صدُر الول غير صحيحة‪ ،‬لما أ َّ‬ ‫ال َّ‬
‫الدِّيسن‪ ،‬فل بد َّ لهسا مسن دليسل ينتجهسا‪ ،‬ول تثبست إل بإيراد ن ّ ٍ‬
‫صس‬
‫ي عسسن الذِّكسر بهسسا جهرا ً فسسي هذا‬‫صسسريح صسسحيح‪ ،‬يفيسسد النَّه َ س‬
‫م الذن المذكور‪ ،‬وأن ّسسى له‬
‫الموطسسن‪ ،‬حتسسى يتخصسسص عمو ُسس‬
‫ذلك؟!‬

‫‪ )(1‬أخرجسه البخاري (رقسم ‪ ،)2697‬ومسسلم (رقسم ‪ )1718‬فسي‬


‫«صحيحيهما» عن عائشة‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫نقول‪ :‬إ ّسسسسسَ‬
‫ن البرهان على دعوى السسسسسستاذ العلمسسسسسة‬
‫الزنكلونسي‪ ،‬بتخصسيص العمسل بقول الشعرانسي‪ ،‬بجواز الذِّكر‬
‫بكلمسة التوحيسد مسع الجنازة فسي حالة ل يتعدّاهسا‪ ،‬وعلى قوله‬
‫ذّكسر بهسسا فسسي ذلك الموطسسن‪ ،‬هسسو مسسا اعترف بسسه‬
‫بكراهسسة ال ِ‬
‫صدر الول‪ ،‬الذي هسو المشروع‬ ‫خزيران نفسسه‪ ،‬مسن عمسل ال َّس‬
‫ت‪ ،‬والمعمول به في كل مذهب‬ ‫في تلك الحالة‪ ،‬وهو ال َّ‬
‫صم ُ‬
‫من المذاهب المعتبرة( )‪ ،‬فهو أصل الحكم بكراهة الذ ّكر بها‬
‫‪1‬‬

‫سنَّة العمليسة التسي درج عليهسا الخلفاء الراشدون‬ ‫حينئذ‪ ،‬وال ُّس‬
‫ن الفعسل فسي‬ ‫والصسحابة والتابعون‪ ،‬أكسبر دليسل على ذلك؛ ل َّس‬
‫باب التأسسسي والمتثال‪ ،‬أبلغ مسسن القول المجرد‪ ،‬كمسسا ذكره‬
‫الصوليون( )‪ ،‬وكل ذلك منطوٍ في جواب العلمة الزنكلوني‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫معَ وَهُوَ َ‬
‫شهِيدٌ } [ق‪:‬‬ ‫ب أَوْ أَلْقَسى ال َّ‬
‫س ْ‬ ‫ه قَل ْس ٌ‬
‫نس ل َس ُ‬
‫يفهمسه مسن {كَا َ‬
‫‪.]37‬‬
‫قال‪ :‬وبعسد التأمسل الصسحيح؛ يتسبيَّن أنسه ل منافاة بيسن مسا‬
‫صدر الول‪ ،‬وبيسن قول العارف المومسأ إليسه‪ ،‬بسل‬ ‫كان عليسه ال ّس‬
‫هناك موافقسة كل ّسية بينهمسا‪ ،‬وكلهمسا طريسق موصسل للغرض‬
‫الذي يرمسي إليسه الدِّيسن السسلمي عنسد تشييسع الجنازة مسن‬
‫العظسسة‪ ،‬والتفّسسكر بالموت‪ ،‬إذ أن ذكسسر كلمسسة التوحيسسد مسسع‬
‫ملحظسسة معناهسسا كمسسا هسسو المطلوب شرعاً‪ ،‬أقوى باعسسث‪،‬‬
‫وأكسبر مسساعد‪ ،‬لتناول تلك الحكمسة لمسا هسو محسسوس مسن‬
‫() تقدم بيان ذلك‪ ،‬وللّه الحمد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظسر لطائف وفوائد فسي هذا عنسد ابسن القيسم فسي «مدارج‬ ‫‪2‬‬

‫السسسالكين» (‪ 1/446‬ومسسا بعدهسسا ‪ -‬ط‪ .‬الفقسسي)‪ ،‬و«الموافقات» (‬


‫‪ 4/79‬ومسا بعدهسا ‪ -‬بتحقيقسي)‪« ،‬أفعال الرسسول ‪) « )1/105‬‬
‫للستاذ الشيخ محمد الشقر‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حصسسول الخشوع‪ ،‬وحضور القلب‪ ،‬ومراقبسسة الحقسّ‪ ،‬للذ ّاكسسر‪،‬‬
‫ة ذوقيسة‪،‬‬ ‫ول أخال مسسلما ً ينكسر ذلك‪ ،‬بسل لكسل مؤمسن حاسس ٌ‬
‫يُدرك بهسا ذلك عنسد التلوة‪ ،‬ولذا كان الذن بهسا عسن الشارع‬
‫ن‪.‬‬
‫ل وآ ٍ‬‫عاما ً بكل حا ٍ‬
‫ن احتجاجسسه على صسسحة فتوى أسسستاذه بوجود‬ ‫نقول‪ :‬إ ّسسَ‬
‫الموافقسسسة بيسسسن مسسسا كان عليسسسه الصسسسدر الول وبيسسسن قول‬
‫الشعرانسسي‪ ،‬موافقسسة تامسسة مسسن حضرتسسه على صسسحة حكسسم‬
‫العلمسة الّزنكلونسي بخطسأ أسستاذه الجَّزار فسي جوابسه بضسد مسا‬
‫كان عليسه الصسدر الول‪ ،‬ورجوعسه على نفسسه بالنقسض فسي‬
‫جميسع مسا أتعسب نفسسه فيسه‪ ،‬مسن المحاولت الفارغسة لثبات‬
‫صسسحة مسسا أجاب بسسه أسسستاذه‪ ،‬وكان الجدر والليسسق بسسه‪ :‬أن‬
‫يسسكت على مسا حصسل فسي القضي ّسة‪ ،‬وعلى جواب أسستاذه‬
‫فسسسي الجملة؛ تخلصسسسا ً مسسسن هذه المغالطات الَّزائدة‪ ،‬التسسسي‬
‫ة أسستاذه العلمي َّسة‪ ،‬لدى الخا ّ ِ‬
‫صس‬ ‫فضحتسه‪ ،‬وبي ّسنت درجت َسه ودرج َ‬
‫والعام‪ ،‬إذ ل أمير في العلم إل العلم( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ن ذكر كلمة التّوحيد مع ملحظة معناها‬


‫وأما قوله‪« :‬إ ّ‬
‫كما هو المطلوب‪ »...‬إلى آخر ما جاء في كلمه‪.‬‬
‫فالجواب عنسه‪ :‬إن كلمسة التوحيسد بالشرط الذي ذكره‪،‬‬
‫من ملحظة معناها‪ ،‬ل ريب أنه أقوى باعث‪ ،‬وأكبر مساعد‬

‫() ما أجمل هذه الكلمة‪ ،‬وإن من أحسن حسنات العلم ‪-‬وكله‬ ‫‪1‬‬

‫ضاح للدعياء‪ ،‬وأن العسسبرة فيسسه الحجسسة والبرهان‪ ،‬ل‬ ‫حسسسن‪ -‬أنسسه ف َّ‬
‫ن‪ ،‬ول السسسسسبق‪ ،‬ول تشقيسسسسق العبارات‪ ،‬واجترار‬‫الشهادة‪ ،‬ول السسسسس ّ‬
‫الباطسسسل‪ ،‬وتنميسسسق الكلم‪ ،‬فالعلم ‪-‬على قواعده المعمول بهسسسا‪ -‬هسسسو‬
‫(السلطان) و(المير) و(الحاكم)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫حصسسول الخشوع وحضور القلب للذَّاكسسر بهسسا‪ ،‬ول ش ّسَ‬ ‫خزيران»‬
‫ك‬ ‫على‬
‫ك ذلك عند التلوة‪ ،‬ولكن من أين يجيء‬ ‫ل مسلم يدر ُ‬ ‫ن ك َّ‬
‫أ َّ‬
‫ح وال َّ‬ ‫َ‬
‫ج‪،‬‬‫ضجي ُس‬ ‫ملحظسة المعنسى‪ ،‬والذ ّاكرون قسد شغلهسم ال ّ ِس‬
‫صيا ُ‬
‫واكتناف الناس أهسل الميست لتخفيسف آلمهسم‪ ،‬والنسساء مسن‬
‫خلفهسسسسم يناديسسسسن بالويسسسسل والثُّبور‪ ،‬والمؤذِّنون المأجورون‬
‫أمامهسسم يصسسيحون‪ ،‬وإلى ذوي الجنازة ينظرون‪ ،‬كسسي يجزلوا‬
‫شقاء! فلك ٍّ‬
‫ل مسسسن‬ ‫ب وال َّ‬
‫لهسسسم العطاءَ‪ ،‬ويقدِّروا لهسسسم التَّعَسسس َ‬
‫ذّكر بالتفاق‬‫ل يشغله‪ ،‬عن ملحظة معنى ال ِ‬ ‫المشيعين شاغ ٌ‬
‫بيننا وبين المعترض‪ ،‬اللهم إل إذا كان من أهل الختصاص‪،‬‬
‫ل عن ذكر اللّه‪ ،‬وهم‬
‫الذي لهم حاسة ذوقيّة ل يشغلهم شاغ ٌ‬
‫مسن عناهسم بقوله فيمسا سسبق‪ :‬بسل إنسه يوافسق معنسا على أ َّس‬
‫ن‬
‫أكثسسر الناس ل يخرجون لتشييسسع الجنائز‪ ،‬إل مراعاة لخاطسسر‬
‫قربسى الميست‪ ،‬ولذلك تجسد خروجهسم مسع جنازة الفقيسر قليلً‪،‬‬
‫ي كثيراً‪ ،‬فمسن قصسد فسي‬ ‫وتزاحمهسم للخروج مسع جنازة الغن ِسّ‬
‫سر له ملحظسة‬ ‫خروجسه مسع الجنازة مرضاة العباد‪ ،‬كيسف يتي َّس‬
‫معنسى الذكسر الذي يقوله تبعا ً ل قصسداً‪ ،‬بسل إذا ذكسر فسي مثسل‬
‫َ‬
‫ة للناس فسسسي الل ّسسسفظ دون‬ ‫تلك الحال؛ فإنمسسسا يكون موافق ً‬
‫القصد‪.‬‬
‫ن‬‫ثسسسم قال‪ :‬ول يبعسسسد أن يقال فسسسي هذا الموضوع‪ :‬إ ّسسسَ‬
‫العرف العام وتعامسسسل المسسسسلمين فسسسي البلد المصسسسريَّةِ‬
‫وال َّ‬
‫شاميةِ وغيرِهمسسسسا مسسسسن بلد المسسسسسلمين قديما ً وحديثاً‪،‬‬
‫واتفاقهم على تشييع جنائزهم بالجهر بالتَّهليل والتكبير من‬
‫شرعسسي‪ ،‬حتسسى صسسار ذلك شعاراً‬ ‫غيسسر خروج عسسن الحد ّ ال ّ‬
‫لمي ِّتهسم‪ ،‬يتمي َّسز بسه عسن ميست غيرهسم‪ ،‬يصسلح مخصسصا ً لسسنَّة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ف العام يصسلح‬
‫َس‬ ‫العر‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ّس‬ ‫أ‬ ‫الصسول‬ ‫فسي‬ ‫تقرر‬ ‫لمسا‬ ‫صمت‪،‬‬
‫ال ّس‬
‫مخصصا ً للنص الشرعي‪ ،‬ل ناسخاً ( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ص( )‪ ،‬فقيسل‪ ..‬وقيسل‪ ،..‬والصسحيح‪ :‬ل‪،‬‬


‫واختلف فسي الخا ّس‬
‫‪2‬‬

‫وذلك بأن تكون سسسسسنة الصسسسسمت فسسسسي وقسسسست عدم غفلة‬


‫المشيعيسسسن عسسسن الحكمسسسة‪ ،‬كمسسسا هسسسو شأن ال ّسسسَ‬
‫صدرِ الول‪،‬‬

‫() إذا توارد العرف والنسسص معا ً على موضوع واحسسد‪ ،‬وتصسسادما‬ ‫‪1‬‬

‫َ‬
‫فسسي حكمهمسسا‪ ،‬فَيُط ّرح العرف‪ ،‬لفسسساده وبطلنسسه‪ ،‬ويعمسسل بالنسسص‬
‫سرة‪ ،‬وقسد ناقضهسا العرف رأسساً‪،‬‬ ‫ن إرادة المشّرِع فيسه مف َّس‬
‫الخاص؛ ل ّس‬
‫ة‪ ،‬إذ القصسسد غيسسر الشرعسسي ‪-‬كمسسا يقول الشاطسسبي‪-‬‬ ‫بسسل هدمهسسا كلي ً‬
‫هادم= =للقصد الشرعي‪ ،‬ول يجوز ذلك عقل ً وشرعا ً بالبداهة‪.‬‬
‫وهذا فسسي الحقيقسسة مسسن باب تصسسادم العرف العام مسسع النسسص‬
‫الخاص المسر‪ ،‬وليسس مسن باب تعارض العرف مسع النسص العام الذي‬
‫يكون موضوع العرف فيه بعض أفراده‪.‬‬
‫وانظسسر بسسسط المسسسألة فسسي‪« :‬العرف والعادة» (ص ‪ 94‬ومسسا‬
‫بعدهسسا) للسسستاذ أحمسسد فهمسسي أبسسي سسسنة‪ ،‬و«إتحاف النام بتخصسسيص‬
‫العام» (ص ‪ 263‬ومسسا بعسسد) لمحمسسد إبراهيسسم الحفناوي‪ ،‬و«العقسسد‬
‫المنظوم فسسسي الخصسسسوص والعموم» (‪ )457-2/454‬للقرافسسسي‬
‫(المسسألة الرابعسة) مسن (الباب الثالث والعشريسن‪ :‬فيمسا ظسن أنسه مسن‬
‫مخصسسوصات العموم مسسع أنسسه ليسسس كذلك) (مهسسم جداً‪ ،‬وقرر فيسسه‬
‫بتحقيسق وتأصسيل مسا أومأنسا إليسه‪ ،‬وقال‪« :‬فتأمله‪ ،‬فهسو مسن المواضسع‬
‫النفيسة‪ ،‬عظيم النفع في الصول والفروع الفقهية‪ ،‬فكثيرا ً ما يغالط‬
‫الفقهاء فسسي الفتيسسا بسسه‪ ،‬وكذلك فسسي التدريسسس والتخريسسج‪ ،‬بمسسا ليسسس‬
‫بمنصسسسوص على المنصسسسوص»)‪« ،‬المناهسسسج الصسسسولية فسسسي الجتهاد‬
‫بالرأي» (ص ‪ 579‬ومسا بعسد) لسستاذنا فتحسي الدّرينسي ‪-‬عافاه اللّه‬
‫وشفاه‪.-‬‬
‫وانظسر ‪-‬أيضاً‪« :-‬الفروق» (‪« ،)178-1/171‬شرح التنقيسح»‬
‫‪،)1/534‬‬ ‫(‪« ،)211‬المسسسستصفى» ( ‪« ،)2/111‬الحكام» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والسسلف الصسالح المنقول ذلك عنهسم‪ ،‬والجهسر بالذكسر حال‬
‫اسستيطان الغفلة فسي القلوب‪ ،‬أو خوف الوقوع فسي محَّرم‪،‬‬
‫م‬
‫كمسا هسو حال أهسل هذا الّزمان‪ ،‬كمسا خصسص العلماء عمو َس‬
‫حديسسث النهسسي عسسن بيسسع مسسا ليسسس عنسسد النسسسان( ) الشامسسل‬
‫‪1‬‬

‫للستصناع‪ ،‬بتعامل المسلمين عليه بينهم( )‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫ة إل إذا كان مسسسن‬ ‫ح َّ‬


‫ج ً‬ ‫نقول‪ :‬إ ّسسسَ‬
‫ن العرف العام ل يكون ُ‬

‫«المعتمسسد» (‪« ،)1/301‬نهايسسة السسسول» ( ‪« ،)2/128‬نظريسسة‬


‫العرف» (‪ )66‬للخياط‪« ،‬العرف والعمسل فسي المذهسب المالكسي»‬
‫لعمر الجيدي (‪ 167‬وما بعد)‪.‬‬
‫() أي‪ :‬في العرف الخاص‪ ،‬وانظر الهامش السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪« :‬ل تبع ما ليس عندك»‪.‬‬ ‫() يشير إلى قوله‬ ‫‪1‬‬

‫أخرجسسسه أحمسسسد (‪ ،)434 ،403 ،3/204‬وعبدالرزاق (‬


‫‪ ،)14214‬وابسن أبسي شيبسة ( ‪ ،)6/129‬والشافعسي ( ‪،)2/143‬‬
‫والطيالسسي (‪ ،)1318‬وأبسو داود ( ‪( )3503‬كتاب الجارة)‪ :‬باب‬
‫الرجل يبيع ما ليس عنده‪ ،‬والترمذي (‪( )1232‬كتاب البيوع)‪ :‬باب‬
‫كراهية بيع ما ليس عندك‪ ،‬والنسائي (‪( )4613‬كتاب البيوع)‪ :‬باب‬
‫بيع ما ليس عند البائع‪ ،‬وابن= =ماجه (‪( )2187‬كتاب التجارات)‪:‬‬
‫باب النهسي عسن بيسع مسا ليسس عندك وعسن ربسح مسا لم يضمسن‪ ،‬وابسن‬
‫الجارود (‪ ،)602‬والطسسبراني فسسي «الكسسبير» ( ‪،)3105-3097‬‬
‫و«الوسسسط» (‪ ،)5139‬و«الصسسغير» ( ‪ ،)770‬والطحاوي فسسي‬
‫«شرح معاني الثار» ( ‪ ،)4/41‬وابن حبان ( ‪ ،)4983‬والدارقطني‬
‫(‪ ،)9-2/8‬والبيهقي ( ‪ ،)313 ،5/267‬كلهم عن حكيم بن حزام‬
‫‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬مرفوعاً‪ -‬به‪ .‬قال الترمذي‪« :‬حديث حسن»‪.‬‬
‫والحديسث صسحيح‪ ،‬له شاهسد مسن حديسث عبداللّه بسن عمرو بسن‬
‫العاص‪ ،‬خرجتسسه فسسي تعليقسسي على «الموافقات» (‪ ،)1/469‬وللّه‬
‫الحمد‪.‬‬
‫() هذا على تخريسج جماهيسر العلماء! انظسر‪« :‬البنايسة» للعينسي (‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المسسلمين كافسة فسي البلدان كلهسا‪ ،‬وذلك مسا ل يمكسن إثباتسه؛‬
‫ن المسلمين في معظم البلد السلمية؛ كمكة‪ ،‬والمدينة‪،‬‬ ‫ل َّ‬
‫والناضول‪ ،‬والرومللي( )‪ ،‬والهنسسسسد‪ ،‬وأفغانسسسسستان‪ ،‬وبخارى‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫وجاوا‪ ،‬وغيرهسا سسائرون على العمسل بمسا كان عليسه رسسول‬


‫‪ ،‬وخلفاؤه الراشدون‪ ،‬أئمسسسة الدِّيسسسن‪ ،‬مسسسن تشييسسسع‬ ‫اللّه‬
‫الجنازة بال َّ‬
‫صمت( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫من زار تلك البلد‪ ،‬ووقسسف بالمشاهدة‬ ‫يَعل م ذلك ك ُّ‬


‫ل َسس‬ ‫ُسس‬

‫‪« ،)6/623‬المنتقسسسسى» للباجسسسسي (‪« ،)4/297‬إحكام الحكام» (‬


‫‪ )3/156‬لبن دقيق العيد‪.‬‬
‫سلَم) ومسسسا ورد فسسسي مشروعيتسسسه مسسسن باب‬‫فهؤلء جعلوا (ال ّسسسَ‬
‫تخصيص عموم حديث حكيم بن حزام السابق‪ ،‬وهذا صنيع المؤل ِّفَي ْن‬
‫‪-‬رحمهما اللّه تعالى‪ ،-‬وصرح العلمة ابن القيم في كتابه الفذ ّ البديع‬
‫«إعلم الموقعين» (‪ - 193-2/192‬بتحقيقي) إلى أن المراد من‬
‫الحديث‪ :‬النهي عن بيع العين المعي ّنة‪ ،‬وهي لم تزل في ملك الغير‪،‬‬
‫جعْ َ‬
‫ل‬ ‫ن َ‬
‫أو بيع ما ل يقدر على تسليمه‪ ،‬وإن كان في الذ ّمة‪ ،‬وصرح بأ ّ‬
‫سلَم داخل ً في الحديث من قبيل التّوهم‪.‬‬
‫ال َّ‬
‫ن ابسسن القيسسم‬
‫والفرق بيسسن طريقسسة الجمهور وهذه الطريقسسة‪ :‬أ ّ س‬
‫يجعسل الحديسث مسن قبيسل العام الذي أُريسد بسه الخصسوص‪ ،‬والجمهور‬
‫يجعلونه من العام المخصوص‪ ،‬ويقولون مع هذا أن بين السلم وبين‬
‫بقية الصور الممنوعة وجه من الفرق يستدعي الختلف في الحكم؛‬
‫فكلم ابسن القيسم إنمسا يطعسن فسي قول مسن صسرح بأن السسلم مخالف‬
‫للقياس‪ ،‬وبقي أن يكون هناك فارق بين بيع النسان ما ل يملكه ول‬
‫هسسو مقدور له‪ ،‬وبيسسن المضمون فسسي الذمسسة المقدور على تسسسليمه‪،‬‬
‫وعليه؛ فل يصح تخريج المثال على تخصيص العموم بالعرف‪.‬‬
‫() كذا فسسسي الصسسسل! ولم يرد له ذكسسسر فسسسي «جدول تصسسسحيح‬ ‫‪1‬‬

‫الخطأ» في آخر الكتاب‪.‬‬


‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)14-11‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ً‬ ‫رجما‬ ‫خزيران‬‫على أحوال أهلهسسسسسا‪ ،‬ل كمسسسسسا ادّعاه حضرة ُ‬
‫ن أحدنسسا شاهسسد ذلك فسسي معظسسم البلدان التسسي‬ ‫بالغيسسب؛ ل ّ س‬
‫ذكرناهسا شهادة عيسن‪ ،‬وبهذا نكتفسي عسن إطالة البحسث مسسع‬
‫حضرة الرجسل فسي خطبسه بنهايسة كلمسه هنسا فسي مسسائل كان‬
‫فيها كحاطب ليل‪ ،‬ول علقة لها بالموضوع‪ ،‬وإن ّما فعل ذلك‬
‫ُ‬
‫قّسسسسسسس المشهور‪،‬‬ ‫حبّا ً للظ ّهور( )‪ ،‬واتِّباعا ً للهوى‪ ،‬ومخالف ً‬
‫ة للح ِ‬
‫‪1‬‬
‫ُ‬
‫وإيهام الناس بنقسل ألفاظ الخاص والعام‪ ،‬والسستصناع بأنسه‬
‫ط‪ :‬تصسسُّرفه فسسي حكسسم‬ ‫مسسن أهسسل الط ِّلع‪ ،‬ومسسن ذلك الخب ِسس‬
‫سن َّ َ‬ ‫ال َّ‬
‫صمت فسي وقست عدم‬ ‫ة ال َّس‬ ‫شريعةِ المصسونةِ بتخصسيصه ُس‬
‫غفلة المشيعيسسن عسسن الحكمسسة‪ ،‬وإباحسسة الجهسسر بالذِّكسر حال‬
‫اسستيطان الغفلة فسي القلوب‪ ،‬أو خوف الوقوع فسي محَّرم‪،‬‬
‫سنَّة هسسسسي‬
‫ن التَّعرض لذلك اعتراف منسسسسه بأن ال ّسسسسُ‬
‫على أ ّسسسسَ‬
‫سه مسن تلك الجهود‬ ‫صمت‪ ،‬فمسا كان أهنسأ له! لو أراح نف َس‬ ‫ال َّس‬
‫التي كانت نتيجت ُها العتراف بما قاله العلمة الّزنكلوني في‬
‫المسألة‪ ،‬موافقة لفتوى أحدنا‪.‬‬
‫()‬
‫‪2‬‬
‫السسقيم‬
‫ِ‬ ‫وآفتسه مسن الفهمس ِ‬ ‫ب قو ً‬
‫ل‬ ‫وكسسسسم مسسسسن عائ ٍسسسس‬
‫صسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسحيحاً‬
‫سكه فسي‬ ‫ّس‬ ‫تم‬ ‫بخصسوص‬ ‫خزيران‬ ‫مسع‬ ‫وهنسا نختسم المقال‬
‫جواز التّهليسسل والت ّ سَكبير مسسع الجنازة بورود الذن العام( ) بهسسا‬
‫‪3‬‬

‫() فسسسي الصسسسل‪« :‬بالظهور»‪ ،‬ولم يرد له ذكسسسر فسسسي «جدول‬ ‫‪1‬‬

‫تصحيح الخطأ» في آخر الكتاب‪ ،‬ولعل الصواب ما أثبتناه‪.‬‬


‫() البيسست مسسن الوافسسر‪ ،‬وهسسو بل نسسسبة فسسي «تاج العروس» (‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)14/51‬وانظسر‪« :‬المعجسم المف ّس‬


‫صل فسي شواهسد الل ّسغة العربيسة» (‬
‫‪.)7/444‬‬
‫() مسسن سسسمات المبتدعسسة ‪-‬على اختلف أزمنتهسسم وأمكنتهسسم‪-‬‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فسسي جميسسع الحوال والزمان مسسن النقسسل الذي اسسستدل بسسه‬
‫شعرانسي‪ ،‬ونثبست له خطأه وخطسأ‬ ‫أسستاذ ُه الجَّزار مسن كلم ال َّ‬
‫أسستاذِه فسي وجهسة السستدلل‪ ،‬وذلك بنقسل مسا ذكره الحافسظ‬
‫شهيسر بالشاطسبي فسي بحسث‬ ‫المام الصسولي أبسو إسسحاق ال َّ‬
‫شرع َ‬ ‫ل ال َّ‬
‫ن الدَّلي َ‬
‫البدع مسن كتابسه «العتصسام»( )‪ ،‬قال‪« :‬إ َّس‬
‫يّس‬ ‫‪1‬‬

‫َ‬
‫ضى أمرا ً في الجملة مما يتعل ّق بالعبادات مثلً‪ ،‬فأتى‬ ‫إذا اقْت َ َ‬
‫َ‬
‫بسسسسه المكل ّف فسسسسي الجملة ‪-‬أيضاً‪-‬؛ كذكسسسسر اللّه‪ ،‬والدُّعاءِ‪،‬‬
‫ت‪ ،‬ومسا أشبَه ها ممسا يُعلَم مسن ال َّ‬
‫شارع‬ ‫َس‬ ‫والنَّواف ِ‬
‫ل‪ ،‬والمسستحبَّا ِ‬
‫فيها( ) التوسعة‪ ،‬كان الدّليل عاضدا ً لعمله( ) من جهتين‪ :‬من‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫جهة معناه‪ ،‬ومن جهة عمل السلف الصالح به‪.‬‬


‫َ‬
‫ف فسي ذلك المسر بكيفيةٍ مخصسوصةٍ أو‬ ‫ن أتسى المكل ّس ُ‬
‫فإ ْس‬
‫ص‪ ،‬أو مكان مخصسسسوص‪ ،‬أو مقارنا ً لعبادة‬ ‫ن مخصسسسو ٍ‬ ‫زما ٍسسس‬
‫مخصسوصة‪ ،‬والتزم ذلك بحيسث صسار متخيلً ( ) أن الكيفيسة أو‬
‫‪4‬‬

‫الَّزمان أو المكان مقصسودُه شرعاً‪ ،‬مسن غيسر أن يَد ُ َّ‬


‫ل الدَّلي ُ‬
‫ل‬
‫مستَد َ ّ‬
‫ل عليه‪.‬‬ ‫ل بمعزل عن ذلك المعنى ال ُ‬ ‫عليه‪ ،‬كان الدلي ُ‬
‫م‬ ‫ب ال َّ‬
‫شرعسس ُ ‪-‬مثلً‪ -‬إلى ذكسسر اللّه‪ ،‬فالتزم قو ٌسس‬ ‫فإذا نَد َسس َ‬
‫الجتماع عليسه على لسسان واحسد‪ ،‬وبصسوت( ) واحسد‪ ،‬أو فسي‬
‫‪5‬‬

‫الحتجاج بالعمومات‪ ،‬وترك الدلة الخاصسسسسة‪ ،‬انظسسسسر «العتصسسسسام»‬


‫للشاطبي (‪ - 2/52‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() (‪2/59-62‬‬ ‫‪1‬‬

‫() في الصل‪« :‬فيه»‪ ،‬والمثبت من «العتصام»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في الصل‪« :‬لعلمه»‪ ،‬والمثبت من «العتصام»‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() كذا فسي الصسل‪ ،‬وبعسض نسسخ «العتصسام»‪ ،‬وفسي نشرتنسا‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫«مخيَّلً»‪.‬‬
‫() كذا فسي الصسل‪ ،‬وبعسض نسسخ «العتصسام»‪ ،‬وفسي نشرتنسا‪:‬‬ ‫‪5‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وقت معلوم مخصوص عن سائر الوقات‪ ،‬لم يكن في ندب‬
‫ل على هذا التخصيص الملتَزم‪ ،‬بل فيه ما يد ُّ‬
‫ل‬ ‫شرع ما يد ُّ‬ ‫ال َّ‬
‫ُ‬
‫نس‬ ‫شرعا ً شأنهسا أ ْ‬‫نّس التزام المور غيسر اللزمسة َ‬ ‫على خلفسه؛ ل َ‬
‫م التَّشريسع‪ ،‬وخصسوصا ً مسع مسن يقتدى بسه فسي( ) مجامسع‬
‫‪1‬‬
‫تُفْهِس َ‬
‫ُ‬
‫ضعست‬ ‫الناس كالمسساجد‪ ،‬فإن ّسها إذا أظْهَِرت هذا الظهاَر‪ ،‬ووُ ِ‬
‫ل اللّه ‪S‬‬ ‫شعائر التسي وضعهسا رسسو ُ‬ ‫فسي المسساجد كسسائر ال َّ‬
‫فسسي المسسساجد ومسسا أشبَهَسسسها ‪-‬كالذان‪ ،‬وصسسلة العيديسسن‪،‬‬
‫نس‬
‫نإ ْ‬ ‫منهسا بل شسك أن َّسها ُس‬
‫سن َ ٌ‬ ‫م ِ‬‫والسستسقاء‪ ،‬والكسسوف‪ -‬فُهِس َ‬
‫()‬
‫‪2‬‬

‫ن ل يتناولهسسا الدَّليسسل‬ ‫لم يُفهسسم منهسسا الفريضسسة( )‪ ،‬فأحرى أ ْسس‬


‫‪3‬‬

‫المستَد َ ُّ‬
‫حدثة‪.‬‬ ‫ل به‪ ،‬فصارت من هذه الجهة بِدَعا ً ُ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ف الصسسالِح لتلك‬ ‫سل ِ‬ ‫ك التزامسس ِ ال ّسسَ‬ ‫ك( ) على ذلك تر ُسس‬
‫‪4‬‬ ‫يَدُل ّسسُ َ‬
‫م العمسل بهسا‪ ،‬وهسم كانوا أحق َّس بهسا وأهل َسها لو‬ ‫الشياء‪ ،‬أو عَد َس ُ‬
‫نّس الذِّكسر قسد نَدَب‬ ‫ة على مقتضسى القواعسد؛ ل َ‬ ‫كانست مشروع ً‬
‫شرعس ُ ندبا ً فسي مواضعسَ كثيرةٍ‪ ،‬حتسى إن ّسه يُطْلب فيسه‬ ‫إليسه ال َّ‬
‫ن‬ ‫تكثيٌر مسن عبادة( ) مسن العبادات مسا طُلِب مسن التكثيسر ِ‬
‫م َس‬ ‫‪5‬‬

‫«وصوت»‪.‬‬
‫() كذا فسي الصسل‪ ،‬وبعسض نسسخ «العتصسام»‪ ،‬وفسي نشرتنسا‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫«وفي»‪.‬‬
‫() في الصل‪« :‬إذ»‪ ،‬والمثبت من «العتصام»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في الصل‪« :‬الفرضيّة»‪ ،‬والمثبت من «العتصام»‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() جاءت فسسي الصسسل تبعا ً لمطبوعسسة رضسسا لسسس«العتصسسام» هكذا‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫«محدثسسة بذلك وعلى»! وهسسو خطسسأ‪ ،‬صسسوابه مسسا أثبتناه‪ ،‬اعتمادا ً على‬
‫نسختين خطيتين جيدتين منه‪ ،‬واللّه الموفق والهادي‪.‬‬
‫() فسسي الصسسل‪« :‬فسسي تكثيسسر عبادة»‪ ،‬وكذا فسسي نسسسخة مسسن‬ ‫‪5‬‬

‫«العتصام»‪ ،‬والمثبت من نشرتنا‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫ُ ْ َّ‬ ‫َّ‬ ‫كقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬يا أ َ‬ ‫خزيران»‬
‫ه ذِكْراً‬ ‫َ‬ ‫الل‬ ‫روا‬‫ُ‬ ‫ْك‬ ‫ذ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫وا‬ ‫من‬ ‫آ‬
‫ِ َ َ ُ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ َّ‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ذّكر؛‬ ‫ال ِ‬
‫ل‬
‫ض ِ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫كَثِيراً‪ }...‬اليسسسة [الحزاب‪ ،]41 :‬وقوله‪{ :‬وَابْتَغُوا ِسسس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن} [الجمعسسة‪،]10 :‬‬ ‫حو َسس‬ ‫م تُفْل ِ ُ‬ ‫ه كَثِيرا ً لَعَل ّك ُسس ْ‬ ‫الل ّسسهِ وَاذ ْكُُروا ْ الل ّسس َ‬
‫ة فَاثْبُتُواْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م فِئ َ ً‬ ‫منُوا ْ إِذ َا ل َ ِ‬
‫قيت ُس ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫[وقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬ي َسا أيُّهَسا ال ّذِي َس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن}]( ) [النفال‪ ،]45 :‬بخلف‬ ‫‪1‬‬
‫حو َس‬ ‫م تُفْل َ ُ‬ ‫ه كَثِيرا ً لَعَل ّك ُس ْ‬ ‫وَاذ ْكُُروا ْ الل ّس َ‬
‫سائر العبادات‪.‬‬
‫ومثسسسل هذا الدُّعاء؛ فإنسسسه ذ ِسسسكر اللّه‪ ،‬ومسسسع ذلك؛ فلم‬
‫يلتزموا فيسسه كيفيّات‪ ،‬ول قيَّدوه بأوقات مخصسسوصةٍ ‪-‬بحيسسث‬
‫يُشعسر باختصساص التَّعَب ُّسد بتلك الوقات‪ -‬إل مسا عي َّسنه الدّليسل؛‬
‫شار ع ُ على‬‫كالغَداة والعَش ي‪ ،‬ول أظهروا منه إل ما نص( ) ال َّ‬
‫‪2‬‬
‫ِّ‬
‫سوى ذلك‪ ،‬فكانوا‬ ‫ذّكر في العيدين وشبهه‪ ،‬وما ِ‬ ‫إظهاره؛ كال ِ‬
‫ستْره( )؛ ولذلك قال لهسم حيسن َرفَعوا‬ ‫مثابريسن على إخفائه و َس‬ ‫‪3‬‬

‫م ول‬‫أصسواتهم‪« :‬أْربِعُوا على أنفسسكم؛ إنكسم ل تد ْ عون أصس َّ‬


‫غائباً»( ) وأشباهه‪ ،‬ولم( ) يُظهروه في الجماعات‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫() مسسسا بيسسسن المعقوفتيسسسن سسسسقط مسسسن الصسسسل‪ ،‬وأثبتناه مسسسن‬ ‫‪1‬‬

‫«العتصام»‪.‬‬
‫() فسسسي الصسسسل‪« :‬حسسسث»‪ ،‬وسسسسقط مسسسن طبعسسسة رضسسسا مسسسن‬ ‫‪2‬‬

‫«العتصسام»‪ ،‬وقدره فسي الهامسش‪« :‬نسص»‪ ،‬أو «حسث»‪ ،‬ومسا أثبتناه‬


‫مسسن نسسسختين خطيتيسسن جيدتيسسن مسسن «العتصسسام»‪ ،‬وهسسو كذلك فسسي‬
‫نشرتنا‪.‬‬
‫() فسي الصسل ونسسخة مسن «العتصسام»‪« :‬وسسره»‪ ،‬ومسا أثبتناه‬ ‫‪3‬‬

‫أجود‪ ،‬وهو الموافق لنسخة قديمة جيدة منه‪ ،‬وكذا في نشرتنا‪.‬‬


‫() سسسبق تخريجسسه‪ ،‬وهسسو فسسي «الصسسحيحين» مسسن حديسسث أبسسي‬ ‫‪4‬‬

‫موسى الشعري ‪-‬رضي اللّه عنه‪.-‬‬


‫() كذا في الصل‪ ،‬وفي نشرتنا‪« :‬فلم»‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫من خالف هذا الصسل‪ ،‬فقسد خالف إطلق َس الدَّليسل‬ ‫خزيران» ُّ‬
‫ل‬ ‫فك‬
‫َس‬
‫َ‬
‫ف منسسه‬ ‫ن كان أعر َسس‬ ‫أوَّلً؛ لن ّسسَه قُي ّسسد فيسسه بالَّرأي‪ ،‬وخالف َ‬
‫م ْسس‬
‫ح رضسسي اللّه عنهسسم‪ ،-‬بسسل‬ ‫ف ال ّ سَ‬
‫صال ُ‬ ‫شريعسسة ‪-‬وهسسم ال ّ سَ‬
‫سل ُ‬ ‫بال َّ‬
‫[قسسسد]( ) كان رسسسسول اللّه يترك العمسسسل وهسسسو [‪-‬عليسسسه‬ ‫‪1‬‬

‫س‬
‫نس يعمسل بسه؛ [خشيسة] أن يع مل بسه النا ُ‬
‫()‬ ‫‪2‬‬
‫بأ ْ‬‫ال سلم‪ ]-‬يح ُّس‬
‫فيفرض عليهم»( ) انتهى كلم المام الشاطبي( )‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫وممسا نقلناه ههنسا عسن ذلك المام العظيسم‪ ،‬يتسبيَّن حكسم‬


‫المسسسائل التسسي حاول خزيران إثبات جوازهسسا ومشروعيتهسسا‬
‫بأدلة ل تثبست‪ ،‬بينهسا وبيسن المدلول بعسد السسماء عسن الرض‪،‬‬
‫وهسي التزام الناس قراءة سسورة الكهسف يوم الجمعسة على‬
‫ب الثَّواب‪،‬‬
‫وجه المواظبة في المساجد‪ ،‬بقصد التَّعبد‪ ،‬وطل ِ‬
‫واجتماعهسم مسساء ليلة النصسف مسن شهسر شعبان كسل سسنة‬
‫بقصد التقرب إلى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬بقراءة سورة (يس) ووردها‬
‫الخاص‪ ،‬ومسا شاكسل ذلك‪ .‬وكسل ذلك فسي وقست مخصسوص‪،‬‬
‫سس مسن عنسد أنفسسهم‪ ،‬واعتقدوا‬
‫وحال مخصسوص‪ ،‬انتحله النا ُ‬
‫() سسقط مسن الصسل‪ ،‬وطبعسة رضسا‪ ،‬وهسو مثبست فسي نسسختين‬ ‫‪1‬‬

‫خطيتين جيدتين منه‪ ،‬وهو كذلك في نشرتنا‪.‬‬


‫() كذا فسي طبعسة رضسا‪ ،‬وعنسه الصسل‪ ،‬وفسي نسسخة منسه بياض‬ ‫‪2‬‬

‫بدله‪ ،‬وفي هامشها‪« :‬لعل هنا سقطاً‪ ،‬وهو‪ :‬خوف أن يعمل به»‪ ،‬وما‬
‫أثبته من نسخة أجود وأقدم‪ ،‬وهو كذلك في نشرتنا‪.‬‬
‫() يشير إلى قصة صلته بأصحابه قيام رمضان‪ ،‬ثم امتناعه‬ ‫‪3‬‬

‫مسن المواظبسة عليهسا‪ ،‬وسسبق تخريجهسا‪ ،‬وفسي المطبوع‪« :‬فيفترض»‪،‬‬


‫والمثبست مسن نسسختين خطيتيسن جيدتيسن مسن «العتصسام»‪ ،‬وكذا فسي‬
‫نشرتنا‪.‬‬
‫مل فسسي كلم المام الشاطسسبي؛ يظهسسر له قدر علم‬
‫ن تأ ّ س‬
‫م ْس‬
‫() و َ‬ ‫‪4‬‬

‫الستاذ الجّزار وتلميذه خزيران (منهما)‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫دّ ين‪ ،‬مسع أنسه لم يرد فسي ال َّ‬ ‫خزيران»‬
‫شرع شيسء يفيسد طلب‬ ‫أنسه مسن ِ‬
‫ال‬
‫هذه التخصسيصات واللتزامات‪ ،‬بصسور وأحوال تلك العمال‪،‬‬
‫ممسسا يسسساعد عليسسه دليسسل أصسسل مشروعيسسة قراءة القرآن‪،‬‬
‫ح تَر َسس‬
‫ك تلك‬ ‫ف ال ّسسَ‬
‫صال ُ‬ ‫ذّكسسر‪ ،‬والدعاء‪ ،‬ولذلك التزم ال ّسسَ‬
‫سل ُ‬ ‫وال ِ‬
‫العمال‪ ،‬وعدم العمل بها‪ ،‬مع أنهم كانوا أحقَّ بها وأهلها‪.‬‬
‫وقسسد ذكسسر المام الشاطسسبي فسسي الكتاب نفسسسه مسسن‬
‫(الباب الرابسع) فسي مأخسذ أهسل البدع بالسستدلل مسا نصسه‪:‬‬
‫ل على ثبوته‬ ‫ل المتكلَّم فيه ‪-‬يعني‪ :‬العم َ‬
‫ل المستد َّ‬ ‫«أ َّ‬
‫ن العم َ‬
‫ن يكون منصسوصا ً على‬ ‫بالحاديسث الضعيفسة للتَّرغيسب‪ -‬إ َّس‬
‫ما أ ْس‬
‫جملة ول‬ ‫جملة وتفصسيلً‪ ،‬أو ليكون منصسوصا ً عليسه ل ُ‬ ‫أصسله ُ‬
‫جملة ل تفصيلً»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫تفصيلً‪ ،‬أو يكون منصوصا ً عليه ُ‬
‫إلى أن قال‪« :‬والثالث ‪-‬أي‪ :‬المنصسسوص عليسسه جملة ل‬
‫تفصسيلً‪ُ :-‬رب َّسما يُتَوه َّسم أن َّسه كالوَّل مسن جهسة أنسه إذا ثبست أصسل‬
‫س َهل( ) فسسي التَّفصسسيل نقله مسسن‬‫‪2‬‬
‫ست َ ْ‬
‫عبادة فسسي الجملة في ُسس ْ‬
‫مطلق التَّنَفّسسسُل بالصسسسلة‬ ‫ص َّ‬
‫حة‪ ،‬ف ُ‬ ‫مشترط ال ّ سسِ‬ ‫طريسسسق غيسسسر ُ‬
‫ف مسسن‬‫ب فسسي صسسلة ‪-‬كليلة الن ّ سِص ِ‬‫مشروع س ٌ‪ ،‬فإذا جاء ترغي ٌ س‬
‫ل التَّرغيسسب فسسي صسسلة النافلة‪،‬‬ ‫شعبان‪ -‬فقسسد عضدَه أصسس ُ‬
‫وكذلك إذا ثبست أصسل صسيام [النافلة]( ) ثبست صسيام السسابع‬
‫‪3‬‬

‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() «العتصام» (‪2/19‬‬ ‫‪1‬‬

‫() فسسسي الصسسسل‪« :‬فيسسسسهل»‪ ،‬وكذا فسسسي طبعسسسة رضسسسا مسسسن‬ ‫‪2‬‬

‫«العتصسام»‪ ،‬ومسا أثبتناه مسن نسسختين خطيتيسن جيدتيسن‪ ،‬وكذا فسي‬


‫نشرتنا‪.‬‬
‫() ما بين المعقوفتين سقط من الصل‪ ،‬وطبعة رضا‪ ،‬وهو في‬ ‫‪3‬‬

‫=نسخة خطية مجوَّدة‪.‬‬ ‫نشرتنا عن=‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والعشرين من رجب‪ ...‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫جملة ل‬
‫ت فسي ال ُ‬ ‫وليسس كمسا توهموا؛ ل َّس‬
‫ن الصسل إذا ثب َس‬
‫يلزم إثباتسه فسي التَّفصسيل‪ ،‬فإذا ثبست مطلق ُس الصسلة ل يلزم‬
‫ت الظهسر‪ ،‬أو العصسسر( )‪ ،‬أو الوتسر‪ ،‬أو غيرهسا‪ ،‬حتسى‬
‫‪1‬‬
‫منسسه إثبا ُس‬
‫صيام؛‬
‫ص عليها على الخصوص‪ ،‬وكذلك إذا ثبت مطلق ال ِّ‬ ‫يُن َ َّ‬
‫ت صسوم( ) رمضان‪ ،‬أو عاشوراء‪ ،‬أو شعبان‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ل يلز ُمس منسه إثبا ُس‬
‫أو غير ذلك‪ ،‬حتَّى يَثْبُت التَّفصيل بدلي ٍ‬
‫ل صحيٍح‪ ،‬ثم يُنظر بعد‬
‫فسي أحاديسث التَّرغيسب والتَّرهيسب بالنسسبة إلى ذلك العمسل‬
‫الخاص الثَّابت بالدليل الصحيح»( ) انتهى‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وبهذا يتأك َّسد صسدق مسا أشرنسا إليسه‪ :‬مسن عدم مشروعيسة‬
‫تخصسيص قراءة سسورة الكهسف يوم الجمعسة فسي المسساجد‪،‬‬
‫وتخصسسيص قراءة الدُّعاء الخاص مسسساء ليلة النصسسف مسسن‬
‫شعبان‪ ،‬وعدم مشروعيسسسسسة التَّعب ّسسسسسُد بذلك على الوجسسسسسه‬
‫ن‬
‫ن ما دخل به خزيرا ُ‬ ‫المخصوص المعروف عند الناس‪ ،‬وأ ّ‬
‫مسسسن وجوه السسسستدلل بالن ّسسسُصوص الجماليسسسة؛ لثبات تلك‬
‫ش‪.‬‬
‫ط فاح ٌ‬ ‫العمال التَّفصيلية غل ٌ‬

‫والغرب‪ :‬اعتقادُه ذهولنسسا عسسن الدَّلئل الجماليسسة التسسي‬


‫ذكرهسا؛ بقصسد إثبات تلك الحكام التَّفصسيليَّة‪ ،‬وسسنأتي على‬
‫بيان مفردات أدلتسه التسي ذكرهسا بهذا ال َّ‬
‫شأن‪ ،‬بعسد تفنيسد مسا‬
‫أسنده إلينا‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫قوله بتصسسرف‪« :‬تواتسسر النقسسل عسسن الق ّسسَ‬
‫صاب ورفيقسسه‬

‫() في الصل‪« :‬والعصر»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() في الصل‪« :‬صيام»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() «العتصام» (‪ - 21-2/20‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الفاضل الشيخ عز الدين القسام نزيلي مدينة حيفا‪ ،‬إطلق‬
‫منعسسه جواز قراءة القرآن فسسي المسسساجد جهراً‪ ،‬خصسسوصاً‬
‫قراءة سورة الكهف يوم الجمعة‪ ،‬واشتد َّ نكيُرهما على من‬
‫يفعل ذلك»‪.‬‬
‫ومسسن ذلك ‪-‬أيضاً‪ -‬قوله‪« :‬ومسسن جملة مسسا نقسسل عنهمسسا‪:‬‬
‫تواتر النكار على ما اعتاده عامة المسلمين وخاصتهم في‬
‫مشارق الرض ومغاربهسسا‪ ،‬واسسستحسنوه مسسن الجتماع فسسي‬
‫الليلة الثانيسة عشرة مسن ربيسع الول الموافقسة ‪-‬على قول( )‪-‬‬
‫‪1‬‬

‫فسسي المسسساجد‪ ،‬ومسسن قراءة لحدهسسم قصسسة‬ ‫لليلة ولدتسسه‬


‫»‪.‬‬ ‫مولده‬
‫() زعم ابن دحية في كتابه «التنوير في مولد السراج المنير»‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬بعد أن ذكر أقوال ً متعددة‪ -‬أن الذي ل يصح غيره‪ ،‬وعليه أجمع أهل‬
‫التاريسسخ‪ ،‬أن مولده ‪-‬عليسسه الصسسلة والسسلم‪ -‬لثمان مضست مسن ربيسسع‬
‫الول!! وفي هذا الجماع نظر! كيف‪ ،‬وقد قال أبو شامة في «الذيل‬
‫على الروضتيسن» (ص ‪( )229‬أحداث سسنة ‪662‬هسس)‪« :‬وكان مولد‬
‫النسبي ليلة الثنيسن ثانسي عشسر‪ ،‬ربيسع الول‪ ،‬على قول الكثريسن»‪.‬‬
‫وحقسسق العلمسة محمود باشسسا الفلكسسي فسسي كتابسسه «نتائج الفهام فسسي‬
‫تقويسسم العرب قبسسل السسسلم» (ص ‪ )35-28‬أن ميلده كان يوم‬
‫التاسسع مسن ربيسع الول‪ ،‬الموافسق ‪/20‬إبريسل‪/‬سسنة ‪571‬م‪ ،‬قال (ص‬
‫‪« :)35‬فاحرص على هذا التحقيق‪ ،‬ول تكن أسير التقليد»‪.‬‬
‫وسسبب اختياره (التاسسع) ل (الثامسن) قوله‪« :‬وقسد اتفقوا جميعاً‬
‫على أن الولدة كانت في يوم الثنين‪ ،‬وحيث إنه ل يوجد بين الثامن‬
‫والثاني عشر من هذا الشهر يوم إثنين‪ ،‬سوى اليوم التاسع منه‪ ،‬فل‬
‫يمكن قط أن نعتبر يوم الولدة خلف هذا اليوم»‪ ،‬واعتمد فيما ذهب‬
‫إليه على الحسابات الفلكية‪.‬‬
‫وفيسسه أقوال كثيرة‪ ،‬ليسسس هذا موطسسن ذكرهسسا وبسسسطها‪ ،‬وفيمسسا‬
‫ذكرناه كفاية وغنية ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪.-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ومسسسسن ذلك ‪-‬أيضاً‪« :-‬أننسسسسا أنكرنسسسسا ‪-‬ع َلَناً‪ -‬على منابر‬
‫المسسسساجد يوم الجمعسسسة إحياءَ ليلة الن ّسسسِصف مسسسن شعبان‬
‫بالعبادة‪ ،‬وصوم يومها واجتماع المسلمين مساء ليلتها على‬
‫تلوة سورة (يس)‪ ،‬وَوِْردِها المخصوص‪ ،‬وإننا قلنا‪ :‬إ َّ‬
‫ن جميع‬
‫ما ورد في ذلك ضعيف‪ ،‬ل يجوز العم ُ‬
‫ل به»‪.‬‬
‫ن نسسسبة هذه القوال إلينسسا ل ظسسل لهسسا مسسن‬ ‫نقول‪ :‬إ ّسس‬
‫الحقيقسة‪ ،‬ودعواه التَّواتسر فسي نقسل تلك القوال عن ّسا ل صسحة‬
‫دّق العقسسل تواطؤهسسم على‬ ‫لهسسا‪ ،‬إل أن يكون إخبار قوم يص س ِ‬
‫ن العقسسل يكذب أن‬ ‫الكذب‪ ،‬ولو جاوز عدد ُسسهم التَّواتسسر؛ ل ّسسَ‬
‫يقول مسلم ‪-‬فضل ً عن طالب علم‪ -‬بمنع قراءة القرآن في‬
‫ل‪:-‬‬ ‫المسسسساجد على الطلق‪ ،‬بعسسسد أن يسسسسمع قوله ‪-‬عَّز وج َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫م َّس‬
‫ما‬ ‫صلَة َ وَأنفَقُوا ْ ِ‬
‫موا ال َّس‬‫ب الل ّسهِ وَأقَا ُ‬
‫ن كِتَا َس‬ ‫ن ال ّذِي َس‬
‫ن يَتْلُو َس‬ ‫{إ ِس ّ‬
‫جاَرة ً لَن تَبُوَر} [فاطر‪.]29 :‬‬
‫ن تِ َ‬
‫جو َ‬ ‫سّرا ً وَعَلَنِي َ ً‬
‫ة يَْر ُ‬ ‫َرَزقْنَاهُ ْ‬
‫م ِ‬
‫‪« :‬ل حسد إل في اثنتيسن‪ :‬رجل‬ ‫وبعد أن يسمع قوله‬
‫آتاه اللّه القرآن‪ ،‬فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار‪ ،‬ورجل‬
‫آتاه اللّه مالً‪ ،‬فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أو يقول بالنكار على قراءة قصسسسسسسسسسسة المولد النَّبوي‬


‫شريسسف‪ ،‬المشتملة على بيان شمائل الرسسسول وفضائله‪،‬‬ ‫ال َّ‬
‫التي يكون للمسلمين بها أسوةٌ حسنة‪ ،‬أو يقول بالنَّهي عن‬
‫إحياء ليلة النصسسسف مسسسن شعبان وصسسسوم يومهسسسا‪ ،‬ولو تنب ّسسسَه‬
‫ن إلى خطر وعظم ما وقع فيه من الثم بنسبته هذه‬ ‫خزيرا ُ‬

‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)7529‬ومسسلم‬ ‫‪1‬‬

‫في «صحيحه» (رقم ‪ )815‬من حديث عبداللّه بن عمر ‪-‬رضي اللّه‬


‫عنهما‪.-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫ّ سَ‬ ‫خزيران»‬
‫مه حرفا ً واحدا ً فسسي ذلك؛ لنسسه ل‬ ‫ُس‬ ‫قل‬ ‫ط‬ ‫خ‬ ‫سا‬
‫س‬ ‫لم‬ ‫سا؛‬ ‫س‬ ‫إلين‬ ‫المور‬
‫ن يكون غيَر صادق في دعوى النَّقل عنا‪ ،‬فيدخل‬ ‫ما أ ْ‬ ‫يخلو‪ :‬إ َّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫منُو َس‬ ‫ن ل َ يُؤ ْ ِ‬ ‫ب ال ّذِي َس‬ ‫ما يَفْتَرِي الكَذ ِس َ‬ ‫تحست قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬إِن َّس َ‬
‫َ‬
‫ه} [النحسسل‪ ،]105 :‬وإمسسا أن يكون صسسادقاً‪ ،‬فيكون‬ ‫ت الل ّسس ِ‬ ‫بِآيَا ِسس‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جاءَك ُسس ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫منُوا ْ إ ِسس ْ‬‫نآ َ‬‫مخالفا ً لقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬ي َسسا أيُّهَسسا ال ّذِي َسس‬
‫َ‬
‫ما‬‫حوا ْ ع َلَى َ‬ ‫صب ِ ُ‬‫جهَالَةٍ فَت ُ ْ‬ ‫صيببُوا قَوْما ً ب ِ َ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫سقٌ بِنَبَأ ٍ فَتَبَيَّنُوا أ ْ‬ ‫فَا ِ‬
‫ن} [الحجرات‪ ،]6 :‬ويدخل ‪-‬أيضاً‪ -‬تحت قوله‬ ‫مي َ‬ ‫فَعَلْت ُ ْ‬
‫م نَاد ِ ِ‬
‫في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود والحاكم عن أبي‬
‫هريرة ‪-‬رضسي اللّه عنسه‪« :-‬كفسى بالمرء إثما ً أن يحدِّث بكسل‬
‫ما يسمع»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (‪ 1/10‬رقم ‪ )5‬عن‬ ‫‪1‬‬

‫خبيب بسن‬‫معاذ بسن معاذ وعبدالرحمسن بسن مهدي‪ ،‬عسن شعبسة‪ ،‬عسن ُس‬
‫عبدالرحمسسن‪ ،‬عسسن حفسسص بسسن عاصسسم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسسسول اللّه ‪...:‬‬
‫(وذكره)‪.‬‬
‫ووقسسسع فسسسي مطبوع «مسسسسلم» (‪ 1/10‬ط‪ .‬محمسسسد فؤاد‬
‫عبدالباقي)‪« :‬عن حفص بن= =عاصم‪ ،‬عن أبي هريرة»‪ ،‬وكذا في‬
‫طبعسسة الحلبسسي‪ ،‬وزيادة‪« :‬عسسن أبسسي هريرة» خطسسأ‪ ،‬وهسسي مثبتسسة فسسي‬
‫«شرح النووي» ( ‪ )73-1/72‬فسسي المتسسن‪ ،‬وأفاد النووي فسسي‬
‫«الشرح»‪ ،‬أن «عن أبي هريرة» ساقطة‪ ،‬ثم رأيته ينصص على ذلك‬
‫(‪ ،)1/74‬ووقع في «المفهم» ( ‪ ،)54-1/53‬وأثبتت على الجادة‬
‫فسي «فتسح الملهسم» (‪ 1/125‬ط‪ .‬الولى)‪ ،‬و«إكمال المعلم» (‬
‫‪ ،)1/18‬و«المعلم» (‪ 1/184‬رقم ‪.)5‬‬
‫وأفاد المازري وأبو العباس القرطبي في «المفهم» (‪،)1/54‬‬
‫و«تلخيسص صسحيح مسسلم» (‪ ،)1/40‬أن أبسا العباس الرازي أسسنده‬
‫فسي نسسخته مسن «الصسحيح»‪ ،‬قال القرطسبي‪« :‬وهسو ثقسة»‪ ،‬كذا فسي‬
‫«التلخيسص»‪ ،‬وفسي «الشرح»‪ :‬ولم يذكسر أبسا هريرة‪ ،‬هكذا وقسع عنسد‬
‫كافة رواة مسلم‪ ،‬وقال المازري في صنيع الرازي‪« :‬ول يثبت هذا»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ويحسسن بنسا هنسا أن نسبيِّن مسا نعتقده فسي المسسائل التسي‬
‫نسبها إلينا‪:‬‬
‫أما قراءة القرآن في المساجد‪ ،‬فإنا لم نمنعها مطلقاً‪،‬‬
‫ب المسلمين فيها أشد َّ التَّرغيب‪ ،‬ونذكر لهم أنه‬ ‫بل كن ّا نر ِ ّ‬
‫غ ُ‬
‫سكينة‪ ،‬والتَّدبُّر‪،‬‬
‫يجسسب عليهسسم قراءة ُ القرآن‪ ،‬وسسسماع ُه بال ّسسَ‬
‫ل معانيسه لعماق قلوبهسم‪ ،‬وطالمسا نبَّهناهسم‬
‫والنصسات‪ ،‬لتصس َ‬

‫قلت‪ :‬وهسو الصسواب‪ ،‬وكذا نقله عسن مسسلم الحفاظ؛ منهسم‪ :‬ابسن‬
‫كثير في «تفسيره» (‪ ،)1/542‬وغيره‪.‬‬
‫وقسد رواه هكذا مرسسلً‪ :‬غُنْدر‪ ،‬عنسد القضاعسي فسي «الشهاب» (‬
‫‪ 2/305‬رقسم ‪ ،)1416‬وحفسسص بسسن عمسر‪ ،‬عنسسد‪ :‬أبسسي داود فسسي‬
‫«السنن» (رقم ‪ ،)4992‬والحاكم في «المستدرك» ( ‪،)1/112‬‬
‫و«المدخسل» (‪ ،)109-1/108‬وقال عقبسه‪« :‬ولم يذكسر حفسص أبسا‬
‫هريرة»‪ ،‬وفي مطبوعه «ابن عمرو»‪ ،‬وهو خطأ‪.‬‬
‫إل أن مسسسلما ً ‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬أردفسسه فسسي «مقدمسسة صسسحيحه» (‬
‫‪- )1/10‬ومسن طريقسه ابسن نقطسة فسي «التقييسد» ( ‪ -)2/256‬عسن‬
‫ابسن أبسي شيبسة فسي «المصسنف» (‪ )8/595‬بطريسق آخسر متصسل مسن‬
‫حديث علي بن حفص المدائني‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن خبيب‪ ،‬عن حفص‪،‬‬
‫عن أبي هريرة رفعه‪.‬‬
‫وأخرجسسه مسسن هذا الطريسسق‪ :‬أبسسو داود فسسي «السسسنن» (رقسسم‬
‫‪ ،)4992‬والحاكسم فسي «المسستدرك» ( ‪- )1/112‬وتصسحف فيسه‬
‫(ابن حفص) إلى (ابن جعفر)!! فليصحح‪ ،-‬و«المدخل إلى الصحيح»‬
‫(‪ ،)108-1/107‬وابسن حبان فسي «الصسحيح» ( ‪ - 30‬الحسسان)‪،‬‬
‫و«مقدمسسة المجروحيسسن» (‪ ،)9-1/8‬والخطيسسب فسسي «الجامسسع» (‬
‫‪ 1/108‬رقم ‪ ،)1319‬وقال أبو داود عقبه‪« :‬ولم يسنده إل هذا‬
‫الشيخ»‪ ،‬وقد أخطأ المعلق على «الحسان»‪ ،‬فعد ّ خمسة وصلوه!!‬
‫وصسحح الطريسق الموصسولة عسن شعبسة‪ :‬ابسن عبدالبر فسي «الجامسع»‬
‫(رقم ‪.)1928‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪-‬أيضاً‪ -‬إلى أ ّسسَ‬
‫ن الصسسلة إنمسسا كانسست تنهسسى عسسن الفحشاء‬
‫والمنكر‪ ،‬بسبب ما فرض فيها من قراءة القرآن‪ ،‬التي تذكِّر‬
‫شد ُ سه ُ إلى مسسا خلق لجله‪،‬‬
‫المصسسلي بمسسا له‪ ،‬ومسسا عليسسه‪ ،‬وتر ِ‬
‫ولكسسن الذي منعناه ونمنعسسه ‪-‬أيضاً‪ :-‬تلوةُ القرآن المقرونسسة‬
‫بالتَّشويسش على المصسل ِّين( )‪ ،‬مسع إخراج القراءة عسن حدِّهسا‬
‫‪1‬‬

‫المشروع؛ كالتَّمطيسسسط‪ ،‬والتَّلحيسسسن‪ ،‬والخطأالفاحسسسش فسسسي‬

‫قلت‪ :‬وهم‪ :‬غندر بن معاذ العنبري؛ كما عند مسلم‪ ،‬وحفص بن‬
‫عمسر؛ كمسا عنسد أبسي داود‪ ،‬وآدم بسن إياس‪ ،‬وسسليمان بسن حرب؛ كمسا‬
‫=‬ ‫عند الحاكم في «المستدرك» (‪.)1/112‬‬
‫قال رشيد الدين العطار في «غرر الفوائد المجموعة» (ص‬ ‫=‬
‫‪ - 741‬آخسر كتابسي «المام مسسلم») بعسد هذه الطريسق‪« :‬فاتصسل‬
‫ذلك المرسل من هذا الوجه الثاني‪ ،‬لكن رواية ابن مهدي ومن تابعه‬
‫على إرسساله أرجسح؛ لنهسم أحفسظ وأثبست مسن المدائنسي الذي وصسله‪،‬‬
‫وإن كان قد وثقه يحيى بن معين‪[ ،‬كما في «سؤالت ابن الجنيد» (‬
‫‪ ،)23‬و«تاريسسخ الدارمسسي» ( ‪ ،)642‬و«سسسؤالت ابسسن محرز» (‬
‫‪ ،])419‬والزيادة مسن الثقسة مقبولة عنسد أهسل العلم‪ ،‬ولهذا أورده‬
‫مسلم من الطريقين ليبيّن الختلف الواقع في ات ّصاله‪ ،‬وقدم رواية‬
‫من أرسله؛ لنهم أحفظ وأثبت كما بيناه‪.‬‬
‫وقسد سسئل أبسو حاتسم الرازي عسن علي بسن حفسص هذا‪ ،‬فقال فسي‬
‫«الجرح والتعديسل» ( ‪ 6‬رقسم ‪« :)998‬يكتسب حديثسه ول يحتسج بسه»‪،‬‬
‫ولهذا قال أبسسسو الحسسسسن الدارقطنسسسي [فسسسي «التتبسسسع» (رقسسسم ‪:])8‬‬
‫«الصواب في هذا الحديث المرسل»‪ ،‬واللّه ‪-‬عز وجل‪ -‬أعلم» انتهى‬
‫كلم العطار‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬وقطع النووي في «شرحه» (‪ )1/74‬بصحته‪،‬‬
‫قال بعسسد كلم الدارقطنسسي السسسابق‪« :‬وإذا ثبسست أنسسه روي متصسسلً‬
‫ومرسسسلً؛ فالعمسسل على أنسسه متصسسل‪ ،‬هذا هسسو الصسسحيح الذي قاله‬
‫الفقهاء‪ ،‬وأصحاب الصول‪ ،‬وجماعة من أهل الحديث‪ ،‬ول يضّر كون‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن القارئ يقرأ وأكثسسسسر الناس ل‬‫أحكام التجويسسسسد‪ ،‬على أ ّسسسسَ‬
‫نّس منهسم مسن يكون حينئذ مشغولً‬ ‫يسستمعون ول ينصستون؛ ل َ‬
‫صلة‪ ،‬ومنهسم مسن يكون متأهبا ً للوضوء‪ ،‬ومنهسم مسن يتلو‬ ‫بال َّس‬
‫القرآن‪ ،‬ومنهسسم مسسن يشتغسسل بإخراج الدَّراهسسم مسسن كيسسسه‬
‫للقارئ‪ ،‬الذي ات ّسسَخذ تلوةَ القرآن للسسسترزاق‪ ،‬ومنهسسم مسسن‬
‫يكون منهمكا ً بجمسسسع النقود له‪ ،‬فمثسسسل هذه التِّلوة التسسسي‬
‫ت شرفالقرآن والدِّ ين‪ ،‬وكانست سسببا ً فسي قسسوة قلو ِس‬
‫ب‬ ‫ضيَّع ْس‬
‫المسسسلمين‪ ،‬هسسي التسسي نمنعهاكمسسا منعهسسا خزيران نفسسسه‪،‬‬
‫ويؤي ِّدنسسسا فسسسي ذلك‪ :‬مسسسا ذكره المام النووي فسسسي «كتابسسسه‬

‫ن الوصل زيادة من ثقة‪ ،‬وهي مقبولة»‪.‬‬ ‫الكثرين رووه مرسلً‪ ،‬فإ َّ‬
‫وللحديسث طريسق أخرى عسن أبسي هريرة مرفوعاً‪ ،‬أخرجسه ابسن‬
‫المبارك في «الزهد» (رقم ‪ ،)686‬ومن طريقه البغوي في «شرح‬
‫السنة» (‪ ،)14/319‬وفي سنده يحيى بن عبيداللّه‪ ،‬وهو متروك‪.‬‬
‫() لبعسض المالكيسة رسسالة خطيسة محفوظسة بموريتانيسا فسي (‪9‬‬ ‫‪1‬‬

‫ورقات) فسي مركسز أحمسد بابسا‪ ،‬تحست رقسم (‪ ،)298‬بعنوان «جواب‬


‫ل قرب الذيسسسن= =يصسسسلون»‪،‬‬ ‫فسسسي شأن قراءة القرآن بصسسسوت عا ٍ‬
‫منسوخة سنة ‪1300‬هس‪.‬‬
‫وانظسسسر‪« :‬مختصسسسر تنزيسسسه المسسسسجد الحرام عسسسن بدع الجهلة‬
‫العوام» (ص ‪ )18‬لبي البقاء أحمد القرشي (ت ‪854‬هس)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫التسبيان»( ) نقل ً عسن أقضسى القضاة( ) الماوردي( ) فسي كتابسه‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫«الحاوي»( ) إذ قال‪« :‬القراءة باللحان الموضوعسسسسسسسسة‪ ،‬إن‬


‫‪4‬‬

‫ظ القرآن عسن صسيغته‪ ،‬بإدخال حركات فيسه‪ ،‬أو‬ ‫أخرجست لف َس‬


‫إخراج حركات منسسسه‪ ،‬أو قَسسس ْ‬
‫صرِ ممدود‪ ،‬أو مدِّ مقصسسسور‪ ،‬أو‬
‫ض اللفظ ويلتبس‪ ،‬فهو حرام يفسق به‬ ‫تمطيط يخفي به بع َ‬
‫القارئ‪ ،‬ويأثسم بسه المسستمع؛ لنسه عَدَل بسه عسن نهجسه القويسم‬

‫‪ -‬ط‪ .‬دار ابسسسسسن‬ ‫() (ص ‪ 112-111‬ط‪ .‬الحجار‪ ،‬أو ص ‪56‬‬ ‫‪1‬‬

‫كثير)‪.‬‬
‫() في هذا الصطلح نظر‪ ،‬انظر في إنكاره‪« :‬معجم الدباء» (‬ ‫‪2‬‬

‫‪« ،)53-8/52‬طبقات الشافعيسسة الكسسبرى» (‪« ،)7/228‬تيسسسير‬


‫العزيسز الحميسد» (ص ‪« ،)547‬فتسح الباري» (‪ ،)10/590‬وانظسر‬
‫عن تاريخه ومعناه ومقارنته بمصطلحات اليوم‪« :‬النظم السلمية»‬
‫للدوري (‪« ،)1/57‬دراسسسسسات فسسسسي حضارة السسسسسلم» (‪)200‬‬
‫لهاملتون كسب‪« ،‬العراق فسي عهسد المغول» (‪ )71‬لجعفسر خصسباك‪،‬‬
‫«مبادئ نظام الحكسسم فسسي السسسلم» (ص ‪ )637‬لمتولي‪« ،‬منصسسب‬
‫قاضسي القضاة فسي الدولة العباسسية منسذ نشأتسه حتسى نهايسة العصسر‬
‫السلجوقي» لعبدالرزاق النباري‪.‬‬
‫() نعسم‪ ،‬كان الماوردي يلقسب (أقضسى القضاة)‪ ،‬وأطلق بعضهسم‬ ‫‪3‬‬

‫عليسه خطسأ‪ ،‬لقسب (قاضسي القاضسي)! فسي الوقست الذي كان فيسه أبسو‬
‫عبداللّه الدامغانسي يتولى منصسب (قاضسي القضاة) آنذاك‪ ،‬فذكسر ابسن‬
‫الجوزي فسسي «المنتظسسم» (‪ - 8/169‬ط‪ .‬العراقيسسة) فسسي معرض‬
‫حديثسسه عسسن عقسسد الخليفسسة القائم بأمسسر اللّه على بنسست السسسلطان‬
‫طغرلبسسك‪ ،‬فذكسسر أنسسه حضسسر قاضسسي القضاة أبسسو عبداللّه الدامغانسسي‬
‫=‬ ‫وأقضى القضاة الماوردي‪.‬‬
‫وانظر في الفرق بينهما وإزاحة لبس كان في أذهان كثير من‬ ‫=‬
‫الناس عند ابن السبكي في «طبقات الشافعية» (‪ ،)7/228‬وفي‬
‫كلمه لبس ذكره مصطفى جواد في تعليقه على كتاب ابن الساعي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫إلى العوجاج‪ ،‬واللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يقول‪{ :‬قُْرآنا ً عََربِيّا ً غَيَْر ذِي‬
‫عوٍَج} [الزمر‪ »]28 :‬انتهى كلم الماوردي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫م النَّوويّسسسُ‪« :‬وهذا القسسسسم الول مسسسن‬ ‫ثسسسم قال الما ُ سس‬
‫ضس الجهلة‬
‫القراءة باللحان المحرمسة مصسيبة ‪ ،‬ابتلي بهسا بع ُ‬
‫()‬ ‫‪1‬‬

‫الط ِّغام الغَشمسسة‪ ،‬الذيسسن يقرؤون على الجنائز‪ ،‬وفسسي بعسسض‬


‫ل مستمع لها‪،‬‬ ‫ة محَرمة ظاهرةٌ‪ ،‬يأثم ك ُّ‬
‫المحافل‪ ،‬وهذه بدع ٌ‬
‫ّ‬
‫كمسسسا قاله أقضسسسى القضاة الماوردي‪ .‬ويأثسسسم ك ُّ‬
‫ل قادرٍ على‬
‫ت‬
‫إزالتهسا‪ ،‬أو على النهسي عنهسا‪ ،‬إذا لم يفعسل ذلك‪ .‬وقسد بذل ُس‬
‫ضس قُدرتسي‪ ،‬وأرجسو مسن فضسل اللّه الكريسم‪ ،‬أن يوفّ ِسق‬
‫فيهسا بع َ‬
‫لزالتهسا مسن هسو أهسل لذلك‪ ،‬وأن يجعله فسي عافيسة» انتهسى‬
‫كلم النووي‪.‬‬
‫وأمسا قراءة سسورة الكهسف‪ ،‬فإنمسا نمنعهسا؛ لمسا يقسع فسي‬
‫قراءتهسسسا ممسسسا ذكسسسر سسسسابقاً‪ ،‬وزِد على ذلك‪ :‬وج َسس‬
‫ه اللتزام‬
‫والتخصسسيص( )‪ ،‬وقسسد بي ّسسنا ذلك فيمسسا سسسبق نقل ً عسسن المام‬
‫‪2‬‬

‫«الجامع المختصر» (‪)9/2‬‬


‫() (‪ - 17/198‬ط‪ .‬دار الكتسسسسب العلميسسسسة) أو (‪-21/213‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ - 214‬ط‪ .‬دار الفكسر)‪ ،‬وقسد نقسل المصسنف كلمسه مسن «التسبيان»‬


‫للنووي بحروفه‪ ،‬وتصرف النووي في النقل من «الحاوي» فلينظر‪.‬‬
‫() لبي البركات محمد بن أحمد‪ ،‬المعروف بس(ابن الكيال) (ت‬ ‫‪1‬‬

‫‪939‬هس) رسالة بعنوان «النجم الزواهر في تحريم القراءة بلحون‬


‫أهسل الفسسق والكبائر»‪ ،‬فرغ أخونسا مالك شعبان مسن تحقيقهسا‪ ،‬وجمسع‬
‫كلم العلماء ‪-‬على اختلف أعصسسسسسارهم وأمصسسسسسارهم ومشاربهسسسسسم‬
‫ومذاهبهسسم وفنونهسسم‪ -‬الوارد فسسي ذم ذلك‪ ،‬ولعلهسسا تنشسسر قريباً‪ ،‬واللّه‬
‫الموفق للخيرات‪ ،‬والهادي إلى الصالحات‪.‬‬
‫() انظسسسر فسسسي بدعيسسسة التزام قراءة سسسسورة (الكهسسسف) على‬ ‫‪2‬‬

‫المصسلين قبسل الخطبسة بصسوت= =مرتفسع‪« :‬السسنن والمبتدعات» (‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الشاطبي‪.‬‬

‫ن الناس اليوم يجتمعون على قراءة‬ ‫ما دعواه أ ّسسسسسَ‬


‫أ ّسسسسس‬
‫القرآن؛ مثسسسل اجتماع النسسسبي مسسسع عصسسسابة مسسسن ضعفاء‬
‫المهاجريسسن‪ ،‬وكون الناس اليوم داخليسسن فيمسسا يصسسدق عليسسه‬
‫قوله ‪« :‬ومسا اجتمسع قوم فسي بيست مسن بيوت اللّه ‪-‬تعالى‪،-‬‬
‫ت عليهسسسم‬‫ب اللّه ويتدارسسسسونه بينهسسسم‪ ،‬إل نزل ْسسس‬
‫يتلون كتا َسسس‬
‫سكينة‪ ،‬وغشيتهم الَّرحمة‪ ،‬وحفَّتهم الملئكة‪ ،‬وذكرهم اللّه‬ ‫ال َّ‬
‫ل على خلفسسه‪ ،‬كمسسا يشهسسد‬ ‫فيمسسن عنده»( )‪ ،‬فالمشاهدة تد ُّ‬
‫‪1‬‬

‫ن المسستمعين ينصستون‬‫ن دعواه أ َّس‬


‫ف‪ ،‬كمسا أ َّس‬
‫منصس ٍ‬ ‫بذلك ك ُّ‬
‫ل ُ‬
‫بخشوع‪ ،‬متفكّريسسن فسسي معانسسي مسسا يتلى على مسسسامعهم‪،‬‬
‫مترنِّميسن بمبشراتهسا‪ ،‬متَّعظيسن خائفيسن مسن منذراتهسا‪ ،‬بذرف‬
‫الدُّموع‪ ،‬وخشيسة القلب‪ ،‬وقشعريرة الجسسم‪ ...‬إلى آخسر مسا‬
‫جاء في عبارتسه‪ ،‬فهسي غيسر صحيحة ‪-‬أيضاً‪-‬؛ ل َ‬
‫نّس المسستمعين‬
‫لو وصسلوا إلى هذه الدَّرجسة مسن التَّفك ّسر فسي معانسي مسا يتلى‬
‫على مسسسامعهم‪ ...‬إلى آخسسر مسسا ذكره؛ لكانوا فسسي مقدِّمسسة‬
‫المسسسسسم‪ ،‬ولسسسسسسادوا العالم أجمسسسسسع‪ ،‬ولعدّوا لرباب البدع‬
‫ومؤازريهسم الذيسن شوَّهوا هذا الديسن الحنيسف‪ ،‬وأوصسلوا أهلَه‬
‫‪« ،)49 ،17‬البداع فسسسي مضار البتداع» (‪« ،)177‬بدع القراء» (‬
‫‪.)20‬‬
‫وانظر في بدعية التزام قراءة سورة الكهف عصر يوم الجمعة‬
‫فسسي المسسسجد‪« :‬فتاوى الشاطسسبي» (‪(- )200-197‬وفيسسه بدعيسسة‬
‫قراءة السورة بالدارة)‪« ،-‬الحوادث والبدع» (‪ )152‬للطرطوشي‪،‬‬
‫«بدع القراء» (‪ )21‬للشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫() أخرجسه مسسلم فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ )2699‬مسن حديسث‬ ‫‪1‬‬

‫أبي هريرة‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫إلى الحضيسسسض‪ ،‬مسسسا يتألم منسسسه حضرة خزيران‪ ،‬وأسسسستاذه‬
‫م إلى هذه‬ ‫الجَّزار‪ ،‬ويشهسسد ‪-‬أيضاً‪ -‬على عدم وصسسول العوا ّسس‬
‫الدرجسة قول خزيران نفسسه فسي رسسالته «فصسل الخطاب»‬
‫(ص ‪« :)10‬خصسسوصا ً فسسي هذا الَّزمان‪ ،‬الذي قسسد اسسستحكم ْ‬
‫ت‬
‫مت البلوى فيه للَّرفيع والوضيع»‪.‬‬ ‫ة للجميع‪ ،‬وع َّ‬
‫فيه الغفل ُ‬
‫ن جميسسع الدلة التسسي أوردهسسا مسسن‬ ‫ومسسن هذا يعلم‪ :‬أ ّسسَ‬
‫َ‬
‫الحاديسسسث‪ ،‬وأقوال العلماء فيمسسسا يتعل ّق بتلوة القرآن هسسسي‬
‫ة لنسا ل علينسا‪ ،‬إذ قسد يثبست بهسا التلوة المشروعسة التسي‬
‫ج ٌ‬
‫ح ّ‬
‫ُ‬
‫دعونسا الناس إليهسا‪ ،‬أمسا تطسبيق الدلة على حالة المسسلمين‬
‫اليوم؛ فهو خلف الواقع‪ ،‬وقلب للحقائق‪.‬‬
‫وأمسسا قراءة قصسسة المولد النبوي الشريسسف المشتملة‬
‫على بيان شمائل الرسسول وفضائله‪ ،‬التسي ل يمكسن لل ُسمة‬
‫السسلمية أن تصسل إلى مسا كان عليسه أسسلفُها مسن المجسد‬
‫والسؤدد‪ ،‬إل بالتَّحلي بها‪ ،‬فنحن من أشدِّ الناس دعوةً إليها‪،‬‬
‫مت بسه البلوى‬ ‫وأمسا الذي أنكرناه ‪-‬وننكره أيضاً‪ -‬فهسو مسا ع َّس‬
‫مسسسن قراءة المولد بالغناء والتمطيسسسط البشسسسع‪ ،‬والمبالغسسسة‬
‫بتوقيعسسسه على أنحاء الموسسسسيقى‪ ،‬والكتفاء بسسسسيرة الولدة‬
‫فقسط‪ ،‬مسع مسا أدخسل فيهسا مسن المور التسي لم تثبست‪ ،‬وترك‬
‫المهسم المفيسد مسن أحواله وشمائله ‪ ،‬وكثيرا ً مسا سسمعناهم‬
‫يقولون‪ :‬حبيسبي يسا‪ ...‬يسا مسو‪ .‬حسا‪ .‬حسا‪ .‬مسد‪ ،‬وأمثال ذلك‪ ،‬ممسا‬
‫ل ذي ذوق سسليم‪،‬‬ ‫ف بقبحسه ك ُّ‬
‫ل مسسلم‪ ،‬ويعتر ُس‬ ‫يشمئُّز منسه ك ُّ‬
‫م مع ثبوت هذه‬ ‫فهل لرجل يؤمن باللّه واليوم الخر أن يزع َ‬
‫ن أكثر هذه المجتمعات في أيامنا خارجة عن حد‬ ‫الحقائق‪ ،‬أ َّ‬
‫البدع المنكرة؟ وأمسسسا دعواه أ ّسسسَ‬
‫ن الجتماعسسسَ لتلوة المولد‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ل على‬ ‫ل مسسن كسسل شّرٍ‪ ،‬مشتم ٌ‬
‫ٍ‬ ‫خا‬ ‫سو‬
‫س‬ ‫ه‬ ‫سا‪،‬‬
‫س‬ ‫بلدن‬ ‫سي‬
‫س‬ ‫ف‬ ‫سف‬
‫الشريس‬
‫الخير المحض‪ ،‬من أوله إلى آخره‪ ،‬فهي مكابرة محضة( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ن أكثر الموالد التي تقرأ في زماننا‪ ،‬تشتمل‬ ‫فإنا نرى أ َّ‬


‫صراخ والغناء‪ ،‬و ما شاكل ذلك‪ ،‬هذا ونرى المدعوين‬ ‫على ال ُّ‬
‫يشتغلون بشرب الدُّخان( ) حتسى يت َ‬
‫مّس الجمع ُس‪ ،‬ويحضسر القارئ‬ ‫‪2‬‬

‫فتكون عنسد ذلك الغرفسة التسي يراد أن يقرأ فيهسا العشسر مسن‬
‫القرآن الكريم والمولد مملوءة دخاناً‪ ،‬ذا رائحة كريهة‪ ،‬وفي‬
‫أثناء القراءة ترى الجمعسسسس َس فسسسسسي الغُرف الخرى‪ ،‬يشربون‬
‫الدخان ‪-‬التوتون‪ ،‬والتنباك‪ -‬ويخوضون فسي الغيبسة والنَّميمسة‪،‬‬
‫() وهذا حال هذه الجتماعات غيسسر الشرعيسسة فسسي كسسل زمان‬ ‫‪1‬‬

‫ومكان‪ ،‬وصسور أبسو البقاء أحمسد بسن الضياء القرشسي العدوي الحنفسي‬
‫(ت ‪854‬هسس) فسي كتابسه «مختصسر تنزيسه المسسجد الحرام عسن بدع‬
‫الجهلة العوام» (ص ‪ )18-17‬كيفيسسسسسسسة الحتفال بالمولد ‪-‬آنذاك‪،-‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫شَر‬ ‫موْلِد ِ النسبي ‪ ،‬وهسي الثانيسة ع َ َ‬ ‫َ‬
‫حدَث ُوه ُس فسي ليلة َ‬
‫«ومنهسا‪ :‬مسا أ ْ‬
‫موِع والفوانيس في‬ ‫ش ُ‬ ‫ة الفََراشون بال ُّ‬ ‫ك الليل َ‬‫من ربيع الول‪ ،‬يجتمع تل َ‬
‫ّ‬
‫جد ِ إلى مولد ِ النسبي‬ ‫مسس ِ‬ ‫ن ال َ‬
‫م َس‬‫ب ِ‬ ‫ن الخطي َس‬ ‫المسسجد ِ الحرامسِ‪ ،‬ويزفّو َس‬
‫شموع والمغرعات والمنجنيقات‪ ،‬وبين يَدَيْهِ جوقات‬ ‫‪-‬عليه السلم‪ -‬بال ُّ‬
‫ط‬‫ن‪ ،‬ويكثُُر اللّغ ُسس‬ ‫صبيا ُ‬‫ساءُ وال ّسسِ‬ ‫ل والن ّسسِ َ‬ ‫المعّربيسسن‪ ،‬ويختلط حينئذ ٍ الّرِجا ُ‬
‫والزعيق والخصومات‪ ،‬ورفع الصوات بالمسجد الحرام وفي مسجد‬
‫حصيه إل َّ اللّه‬ ‫ن المفاسد ِ ما ل= =ي ُ ْ‬ ‫م َ‬‫مولِدِ‪ ،‬ويحصل في تلك الليلة ِ‬ ‫ال َ‬
‫‪-‬تعالى‪.»-‬‬
‫() انظر عنه‪ ،‬وتقرير حرمته‪ ،‬وبيان المصنفات الواردة فيه‪ ،‬مع‬ ‫‪2‬‬

‫لمحسة قويسة عسن تاريخسه وأضراره فسي كتابسي «التعليقات الحسسان»‬


‫على رسسسالة الشيسسخ مرعسسي الكرمسسي «تحقيسسق البرهان فسسي شأن‬
‫الدخان»‪ ،‬وهسو مطبوع أكثسر مسن مرة‪ ،‬والحمسد للّه الذي بنعمتسه تتسم‬
‫الصالحات‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بسسل وجدناهسسم يرتكبون أكسسبر مسسن ذلك فسسي بعسسض الحيان؛‬
‫كشرب الخمر‪.‬‬
‫جر عن حكم‬ ‫ح َ‬
‫ن فتوى العلمة ابن َ‬ ‫ومما ذكرنا‪ :‬يُعلم أ َّ‬
‫قراءة الموالد التي نقلها ردا ً علينا‪ ،‬هي موافقة لما كن ّا ننب ِّه‬
‫حجسسة لنسسا‪ ،‬ورد ٌّ عليسسه‪ ،‬وإلى‬
‫س وندعوهسسم إليسسه‪ ،‬فهسسي ُ‬ ‫النا َسس‬
‫ص الفتوى‪ :‬سسئل العلمسة ابسن حجسر‪ :‬عسن حكسم‬ ‫مل ن ُّس‬‫المتأ ّ ِس‬
‫سنَّة‪ ،‬أم فضيلة‪ ،‬أم بدعسة؟ مسع بيان دليسل ك ٍّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫الموالد‪ ،‬هسي ُس‬
‫وهسسل الجتماع للبدعسسة المباحسسة! جائز أم ل؟ فأجاب بقوله‪:‬‬
‫الموالد [والذكار]( ) التسي تفعسل عندنسا‪ ،‬أكثرهسا مشتمسل على‬
‫‪1‬‬

‫خيسر؛ كصسدقة‪ ،‬وذكسر‪ ،‬وصسلة وسسلم على رسسول اللّه‬


‫[ومدحسه]( )‪ ،‬وعلى [شر‪ ،‬بل]( ) شرور‪[ ،‬لو لم يكسن منها إل‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬

‫رجال الجانسب‪ ،‬وبعضهسا ليسس فيهسا( ) شسر‪،‬‬


‫‪3‬‬
‫رؤيسة] النسساء لل ّ ِ‬
‫()‬ ‫‪2‬‬

‫ن القسسم الول ‪-‬أي‪ :‬المشتمسل‬ ‫لكنسه قليسل نادر‪ ،‬ول شسك أ َّس‬
‫على خيسر؛ كصسدقة‪ ،‬وذكسر‪ ،‬وصسلة وسسلم على رسسول اللّه‬
‫‪ ،‬وعلى شرور؛ كرؤيسسة النسسساء للرجال الجانسسب‪ -‬ممنوع؛‬
‫للقاعدة المشهورة [المقررة]( )‪ :‬إن درء المفاسسسسسسسد مقدم‬
‫‪4‬‬

‫على جلب المصالح‪[ ،‬فمن علم وقوع شيء من الشر فيما‬


‫يفعله مسن ذلك‪ ،‬فهسو عاص آثسم‪ ،‬وبفرض أنسه عمسل فسي ذلك‬

‫() مسا بيسن المعقوفتيسن سسقط مسن الصسل‪ ،‬وأثبتسه مسن «الفتاوى‬ ‫‪1‬‬

‫الحديثية» لبن حجر الهيتمي‪.‬‬


‫() بدل ما بين المعقوفتين في الصل‪« :‬كرؤية»‪ ،‬والمثبت من‬ ‫‪2‬‬

‫«الفتاوى الحديثية»‪.‬‬
‫() في الصل‪« :‬فيه»‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مسا بيسن المعقوفتيسن سسقط مسن الصسل‪ ،‬وأثبت ّسه مسن «الفتاوى‬ ‫‪4‬‬

‫الحديثية»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ن الشارع( )ا‬
‫‪1‬‬ ‫خيراً‪ ،‬فربمسا خيره ل يسساوي شره]( )‪ ،‬أل ترى أ ّسَ‬
‫‪1‬‬

‫شر‪،‬‬ ‫سر‪ ،‬وفطم عن جميع أنواع ال َّ‬ ‫كتفى من الخير بما تي ّ‬


‫بأمر فأتوا منسه مسا اسستطعتم‪ ،‬وإذا‬
‫ٍ‬ ‫حيسث قال‪« :‬إذا أمرت ُسكم‬
‫نهيت ُسسكم عسسن شيسسء فاجتنبوه»( )‪ ...‬والقسسسم الثانسسي سسسنة‬
‫‪2‬‬

‫تشمله الحاديسث الواردة فسي الذكار‪ ،‬المخصسوصة والعامسة؛‬


‫كقوله ‪-‬عليه الصلة والسلم‪« :-‬ل يقعد قوم يذكرون اللّه‬
‫ة‪ ،‬ونزلت‬ ‫‪-‬تعالى‪ ،-‬إل حفَّتهسسسسم الملئك ُ‬
‫ة‪ ،‬وغشيتهسسسسم الَّرحم ُ‬
‫ه فيمن عنده»( ) رواه مسلم‪...‬‬
‫‪3‬‬
‫ة‪ ،‬وذكرهم الل ّ ُ‬ ‫عليهم ال َّ‬
‫سكين ُ‬
‫إلى آخر ما قال( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫رحة باشتمال أكثسسسر‬


‫فمسسسن تأمسسسل هذه الفتوى المصسسس ّ ِ‬
‫الموالد فسي زمسن ابسن حجسر منسذ (‪ )400‬سسنة على الشرور‪،‬‬

‫() هسل يجوز إطلق (الشارع) على رسسول اللّه ؟ فالنسبي‬ ‫‪1‬‬

‫خبٌِر عسن اللّه‪ ،‬ولذا قال ابسن مسسعود‪« :‬إن اللّه شرع لنسبيكم سسنن‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫صى ب ِ سهِ‬‫ما وَ س َّ‬
‫ن َس‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الهدى»‪ ،‬وقال الله ‪-‬تعالى‪َ { :-‬‬
‫ن الدِّي ِ س‬
‫م َس‬
‫شَرع س َ لك م ِ‬
‫نُوحاً} [الشورى‪ ،]13 :‬وانظسر للتفصسيل‪« :‬الموافقات» (‪-5/255‬‬
‫‪ - 257‬بتحقيقسي)‪« ،‬الفروق» (‪« ،)54-4/53‬نظرات فسي اللغسة»‬
‫(‪ )106‬للغليينسي‪« ،‬المنهاج القرآنسي في التشريع» (‪)302-300‬‬
‫)‪،‬‬ ‫(فيسه تأصسيل وإفاضسة لمنسع إطلق المشرع على النسبي‬
‫التعليسسسق على «الفتوى فسسسي السسسسلم» (‪ )53‬للقاسسسسمي‪« ،‬تغي ّسسسر‬
‫الفتوى» (‪ )58-57‬لبازمول‪.‬‬
‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)7288‬ومسسلم‬ ‫‪2‬‬

‫فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ )1337‬مسن حديسث أبسي هريرة ‪-‬رضسي اللّه‬


‫عنه‪.-‬‬
‫() أخرجسه مسسلم فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ )5699‬مسن حديسث‬ ‫‪3‬‬

‫أبي هريرة ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬أيضاً‪.‬‬


‫() في «الفتاوى الحديثية» (ص ‪.)150‬‬ ‫‪4‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وأنهسا ممنوعسة مسا دامست ل تخلو مسن الشرور‪ ،‬عمل ً بقاعدة‬
‫(درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح)( ) يعلم عدم صحة‬
‫‪1‬‬

‫ن الموالد فسسي بلدنسسا هسسي مسسن القسسسم‬ ‫دعوى خزيران؛ بأ ّسسَ‬


‫ت إباحتها على كل حال‪ ،‬وهل يخلو‬ ‫شرور‪ ،‬ليُثب َ‬ ‫الخالي من ال ّ‬
‫مولد مسن رؤيسة النسساء للرجال الجانسب فسي زماننسا؟ وذلك‬
‫زيادة عسن الخروج فسي قراءة الموالد عسن الدب المشروع‪،‬‬
‫من تصسُّرفات ال ُقَّراء والمنشديسن‪ ،‬وزِد ْ على‬
‫ما أشرنسا إليسه ِس‬
‫م ّس‬
‫ِ‬
‫ل عليه من البِدَع‪ ،‬التي شو ّهت حقيقة الدين‬‫هذا‪ :‬ما تشتم ُ‬
‫السسلمي‪ ،‬وفسسحت مجال ً للذيسن يكيدون له سسوءاً‪ ،‬فالمسر‬
‫للّه العلي الكسسسسسبير‪ ،‬ويؤيِّد ُ مسسسسسا قلناه ‪-‬أيضاً‪ -‬بخصسسسسسوص‬
‫صّس الفتوى الثانيسة التسي نقلهسا ‪-‬أيضاً‪ -‬عسن ابسن‬
‫المنشديسن‪ :‬ن ُ‬
‫حجر جوابا ً عن سؤال رفع إليه‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫«مسا تفعله طوائف باليمسن وغيرهسم مسن الجتماع على‬
‫إنشاد الشعار( ) والمدائح [مسع ذكسر مسسجع‪ ،‬هسل]( ) هسو ذكسر‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظسسر حول هذه القاعدة‪« :‬إيضاح المسسسالك» للونشريسسسي‬ ‫‪1‬‬

‫(القاعدة الرابعسسة والثلثون)‪« ،‬العتصسسام» (‪ - 2/222‬بتحقيقسسي)‪،‬‬


‫«الشباه والنظائر» (ص ‪ )105 ،87‬للسسسيوطي و(ص ‪ )90‬لبسسن‬
‫نجيسسم‪« ،‬شرح القواعسسد الفقهيسسة» (ص ‪ 151‬رقسسم ‪ )39‬للزرقاء‪،‬‬
‫«مجلة الحكام العدليسسة» (المادة ‪« ،)30‬المدخسسل الفقهسسي» (رقسسم‬
‫‪« ،)594‬الوجيسسز فسسي إيضاح قواعسسد الفقسسه الكليسسة» (ص ‪،)208‬‬
‫«قواعد الخادمي» (ص ‪.)319‬‬
‫() فسي مطبوع «الفتاوى الحديثيسة»‪« :‬وغيرهسم مسن اجتماعهسم‬ ‫‪2‬‬

‫على إنشاد أشعارهم»‬


‫() ما بين المعقوفتين سقط من الصل‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أم ل؟ وهسل يفرق بينسه وبيسن الشعار الغَزلي ّسة( )‪ ،...‬بمسا مآله‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫ث على خير‪ ،‬أو‬ ‫ن إنشاد الشعر وسماع َه‪ ،‬إن كان فيه ح ٌّ‬ ‫«إ َّ‬
‫نهسي عسن شسر‪ ،‬أو تشويسق إلى التأسسي بأحوال الصسالحين‪،‬‬
‫()‬
‫‪3‬‬
‫والخروج عسسن الن ّسسَفس ورعونتهسسا‪ ،‬وحظوظهسسا‪[ ،‬والدأب]‬
‫ق ّ في كل نَف َس‪ ،‬ثم النتقال‬ ‫ّ‬
‫والجد في التحلِي بمراقبة الح ِ‬
‫فسي شهوده فسي كسل ذرة مسن ذرات الوجود‪ ،‬كمسا أشار إليسه‬
‫ن تعبد َ الل ّ َ‬
‫ه كأن ّك‬ ‫صادقُ المصدوقُ بقوله‪« :‬الحسا ُ‬
‫ن‪ :‬أ ْ‬ ‫ال َّ‬
‫ن لم تكسسن تراه؛ فإنسسه يراك»( )‪ ،‬فكسسل مسسن النشاد‬
‫‪2‬‬
‫تراه‪ ،‬فإ ْس‬
‫والسسسستماع سسسسنة‪ ،...‬والمنشدون والسسسسامعون مأجورون‬
‫ت سسسرائُرهم‪ ،‬وأمسسا إن‬
‫صفَ ْ‬
‫مثابون‪ ،‬إن صسسلحت نياتهسسم ‪ ،‬و َ س‬
‫()‬‫‪3‬‬

‫كان بخلف ذلك‪ ...‬ممسسسا يناسسسسب( ) أغراضهسسسم الفاسسسسدة‪،‬‬


‫‪4‬‬

‫وشهواتهسم المحَّرمسة‪ ،‬فهسم عاصسون آثمون»( )‪ .‬وأمسا ادّعاؤه‬


‫‪5‬‬

‫ن مواضيسسع القصسسائد وحال المنشديسسن والمسسستمعين فسسي‬ ‫بأ ّسَ‬


‫هذه اليام مسن قبيسل مسا ذكسر فسي صسدر هذه الفتوى‪ ،‬فإننسا‬
‫م فيه لهل النصاف‪.‬‬
‫نترك الحك َ‬
‫ن الحتفال بقراءة قصسسة المولد النبوي‪ ،‬ليسسست‬
‫على أ ّس‬

‫سر اللّه إتمامسه‬


‫() انظسر عنهسا كتابسي «شعسر خالف الشرع»‪ ،‬ي ّس‬ ‫‪1‬‬

‫بخير وعافية‪.‬‬
‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)50‬ومسسلم فسي‬ ‫‪2‬‬

‫«صحيحه» (رقم ‪ )10-8‬من حديث عمر بن الخطاب‪.‬‬


‫() صسلح النيسة ل يكفسي‪ ،‬بسل ل بسد مسن التباع‪ ،‬والمواليسد ليسست‬
‫‪3‬‬

‫ول من سنة خلفائه وأصحابه‪ ،‬بل هي من طريقة‬ ‫من سنة النبي‬


‫الفاطميين العبيديين! وانظر تعليقنا التي‪ ،‬واللّه الهادي‪.‬‬
‫() كذا في الصل‪ ،‬وفي مطبوع «الفتاوى الحديثية»‪« :‬يليق»‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫()«الفتاوى الحديثية» (ص ‪ )80‬لبن حجر الهيتمي‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سسنة الخلفاء الراشديسن‪ ،‬في ُسعض عليهسا بالنَّواجسذ‪ ،‬ول فعلهسا‬
‫أحد ٌ مسسن أهسسل القرون الثلثسسة الفاضلة( )‪ ،‬التسسي هسسي خيسسر‬
‫‪1‬‬

‫‪ ،‬إنمسا أحدثهسا الملك‬ ‫القرون السسلمية‪ ،‬بشهادة الرسسول‬


‫المظفسر التُّركمانسي الجنسس( )‪ ،‬صساحب إربسل( )‪ ،‬ثسم صسارت‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫عادة متبعة‪ ،‬وسنة مبتدعة‪ ،‬وشعارا ً دينياً ( )‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫وأما ليلة النصف من شعبان‪ ،‬فلم يحصل بخصوصها إل‬

‫() يشيسسسر إلى مسسسا أخرجسسسه البخاري فسسسي «صسسسحيحه» (كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫الشهادات‪ ،‬باب ل يشهسسسد على شهادة جور إذا أشهسسسد) (‪-5/258‬‬


‫‪ 259‬رقسسسم ‪ ،)2651‬ومسسسسلم فسسسي «صسسسحيحه» (كتاب فضائل‬
‫الصسحابة‪ ،‬باب فضسل الصسحابة ثسم الذيسن يلونهسم‪ ،‬ثسم الذيسن يلونهسم) (‬
‫‪ 4/1964‬رقم ‪ )2535‬عن عمران بن حصين ‪-‬رضي اللّه عنه‪،-‬‬
‫ولفظ البخاري‪« :‬خيركم قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم»‪،‬‬
‫ولفسظ مسسلم‪« :‬إن خيركم قرنسي‪ ،»...‬و«خير هذه ال مة القرن الذي‬
‫بعثت فيه‪.»...‬‬
‫وأخرجه البخاري في «الصحيح» (كتاب فضائل أصحاب النبي‬
‫‪ ،‬باب فضائل أصسحاب النسبي ‪ ( )7/3‬رقسم ‪ ،)3651‬ومسسلم‬
‫في «الصحيح» (كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب فضل الصحابة ثم الذين‬
‫يلونهسسم‪ ،‬ثسسم الذيسسن يلونهسسم) (‪ 4/1962‬رقسسم ‪ )2533‬مسسن=‬
‫=حديث ابن مسعود ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬بلفظ‪« :‬خير الناس‪.»...‬‬
‫ص (‪( )553-552‬منهما)‪.‬‬ ‫() ابن خلكان ج ‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫() بلد قرب الموصل (منهما)‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الصسسسسحيح أن أول مسسسسن أحدث بدعسسسسة المولد الفاطميون‬ ‫‪4‬‬

‫العسسبيديون مسسن الباطنييسسن‪ ،‬كمسسا قال المقريزي فسسي «خططسسه» (‬


‫‪ ،)1/490‬والقلقشندي فسسسسسي «صسسسسسبح العشسسسسسى» (‪،)3/498‬‬
‫والسسسندوبي فسسي «تاريسسخ الحتفال بالمولد النبوي» (‪ ،)69‬ومحمسسد‬
‫بخيست المطيعسي فسي «أحسسن الكلم» (‪ ،)45-44‬وعلي فكري فسي‬
‫«محاضراتسسه»‪ ،‬وعلي محفوظ فسسي «البداع» (ص ‪ ،)126‬وحسسسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ه الناس للمسسابقة لصسوم نهارهسا‪ ،‬وقيام ليلهسا‪ ،‬بالعبادة‬ ‫تنسبي ُ‬
‫الخالصسسة للّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬بعسسد التَّوبسسة‪ ،‬وأداء الفرائض؛ لنسسه ل‬
‫يفيد العبد إقباله على النوافل ما دام تاركا ً للفرائض( )‪ ،‬لكن‬
‫‪1‬‬

‫ل على وجسه الجتماع في المساجد‪ ،‬واعتقاد لزوم ذلك‪ ،‬بل‬


‫صورة المعلومسة‬ ‫نّس الدُّعاء بال ُّس‬
‫على وجسه النفراد والختيار‪ ،‬وأ َ‬
‫مسساء ليلة الن ّ ِسصف ليسس مسن العمال التسي تعبَّدنسا الل ّس ُ‬
‫ه بهسا‪،‬‬

‫إبراهيسم حسسن وطسه أحمسد شرف فسي كتابيهمسا «المعّز لديسن اللّه»‬
‫(ص ‪ ،)284‬وأحمسسسد المختار العبادي فسسسي «تأليفسسسه فسسسي التاريسسسخ‬
‫العباسي والفاطمي» (ص ‪ ،)262-261‬وإسماعيل النصاري في‬
‫«القول الفصسسل فسسي حكسسم الحتفال بمولد خيسسر الرسسسل » (ص‬
‫‪ ،)64‬وعبداللّه بن منيع في «حوار مع المالكي» (ص ‪.)57‬‬
‫من أحدثسه صساحب إربسل الملك المظفسر‪،‬‬
‫نس أول َس‬
‫وذكسر بعضهسم أ ّ‬
‫كما قال المصنِّفان‪.‬‬
‫انظسسسر‪« :‬وفيات العيان» (‪ ،)1/437‬و«الرد القوي على‬
‫الرفاعسي والمجهول وابسن علوي وبيان أحكامهسم فسي المولد النبوي»‬
‫(ص ‪ ،)95 ،89‬و«النصساف فيمسا قيسل فسي المولد مسن الغلو وبل‬
‫إجحاف» (ص ‪.)35-34‬‬
‫ول يبعسد أن يكون عمسل المولد تسسرب إلى صساحب إريسل مسن‬
‫العسبيديين‪ ،‬فإنهسم أخذوا الموصسل سسنة (‪347‬هسس)‪ ،‬كمسا فسي «البدايسة‬
‫والنهاية» (‪ ،)11/232‬ومولد الملك المظفر سنة ( ‪549‬هس)‪ ،‬كما‬
‫فسي «التكملة» (‪ ،)3/354‬وولي السسلطنة بعسد وفاة أبيسه سسنة (‬
‫‪563‬هس)‪ ،‬كما في «سير أعلم النبلء» (‪.)22/335‬‬
‫قال محمد بخيت المطيعي في «أحسن الكلم» (ص ‪:)52‬‬
‫«‪ ...‬ومن ذلك تعلم أن مظفر الدِّين إنما أحدث المولد النبوي‬
‫في مدينة إربل على الوجه الذي وصف‪ ،‬فل ينافي ما ذكرناه من أن‬
‫من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون من قبل ذلك‪ ،‬فإن دولة‬ ‫أوّل َ‬
‫الفاطمييسسن انقرضسست بموت العاضسسد باللّه أبسسي محمسسد عبداللّه بسسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ولم يفعله رسول اللّه ‪ ،‬ول خلفاؤه الراشدون‪ ،‬ول الئمة‬
‫المجتهدون ‪-‬رضوان اللّه عليهم أجمعين‪.-‬‬
‫والحديث الذي استدل به في هذا الموضوع وهو‪« :‬إذا‬
‫كانسست ليلة النصسسف مسسن شعبان؛ فقوموا ليلهسسا‪ ،‬وصسسوموا‬
‫ن اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬ينزل فيهسسا لغروب الشمسسس إلى‬
‫نهاَرهسسا‪ ،‬فإ ّ سَ‬
‫السماء الدن يا‪ ،‬فيقول‪ :‬أل مستغفر‪ ،‬فأغفر له! أل مسترزق‬

‫الحافسظ بسن المسستنصر فسي يوم الثنيسن‪/‬عاشسر المحرم‪/‬سسنة سسبع‬


‫وسستين وخمسس مئة هجريسة‪ ،‬ومسا= =كانست الموالد تعرف فسي دولة‬
‫السلم من قبل الفاطميين»‪.‬‬
‫َ‬
‫ت كل ّسها شسر وضللة بنسص‬ ‫بقسي بعسد هذا أن نقول‪ :‬إن المحدثا ِس‬
‫ن كسسل عمسسل ليسسس له أصسسل فسسي الشرع‪ :‬بدعسسة‬‫رسسسول اللّه ‪ ،‬وإ ّ س‬
‫وضللة‪ ،‬وإن ارتكبه من يُعد ّ من «الصالحين» ويشتهر به!! ولقد بي َّن‬
‫ياقوت فسسسي «معجمسسسه» (‪- )1/138‬وهسسسو مسسسن معاصسسسري الملك‬
‫المظفر‪ -‬شيئا ً من أحواله‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫«طباع هذا الميسر متضادّة‪ ،‬فإنسه كثيسر الظلم عسسوف بالَّرعي َّسة‪،‬‬
‫راغسسب فسسي أخسسذ الموال مسسن غيسسر وجههسسا»‪ ،‬وذكسسر ابسسن العماد فسسي‬
‫«شذرات الذهسب» ( ‪ )5/140‬فسي ترجمسة الملك المظفسر‪« :‬كانست‬
‫نفقته على المولد في كل سنة ثلث مئة ألف دينار»‪.‬‬
‫ثم وجدت كلمسة مطوّلة عنسه فسي «رجال من التاريسخ» (‪-267‬‬
‫‪ )273‬عن (الملك المظفر)‪ ،‬وجاء فيها (ص ‪ )273-272‬وصف‬
‫لحياء هذه الموالد‪ ،‬وهذا نصه‪:‬‬
‫سوْق عدد هائل من البل والبقر‬ ‫«تبدأ الحتفالت ليلة المولد ب ِ َ‬
‫والغنسسسم بالطبول والناشيسسسد‪ ،‬والناس وراءهسسسا بالعلم والمزاميسسسر‬
‫والصياح‪ ،‬حتى تذبح ويعد ُّ لحمها للولئم‪ ،‬فتقام القدور‪ ،‬ويعد الطعام‬
‫الكثيسر‪ ،‬ثسم يذهسب إلى المسسجد فيخرج مسن صسلة العشاء‪ ،‬بيسن يديسه‬
‫الشموع العظيمسسسة والمشاعسسسل والناس وراءه‪ ،‬حتسسسى ينتهسسسي إلى‬
‫(الخانقاه) فيقيسم تلك الليلة سسماعا ً عظيما ً (أي‪ :‬مسا يسسمونه اليوم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فأرزقسه! أل مبتلى فأعافيسه! أل كذا‪ ،...‬أل كذا‪ ،...‬حتسى يطلع‬
‫الفجر»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫متفق على ضعفه عند جميع المحدِّثين‪ ،‬ومنهم من قال‬


‫بوضعسسه( )‪ .‬قال العلمسسة السسسندي فسسي «حاشيتسسه على ابسسن‬‫‪2‬‬

‫ذكراً‪ ،‬ومسسا هسسو بالذكسسر)‪ ،‬ويأتسسي الصسسوفية بعجائب النشاد والرقسسص‬


‫والتواجد‪ ،‬فإذا كان يوم المولد‪ ،‬نصب له برج كبير‪ ،‬فيجلس عليه مع‬
‫رؤسساء دولتسه‪ ،‬وبرج أوطسأ منسه للصسوفية والعلماء‪ ،‬ويمُّر الجيسش بيسن‬
‫جالتسه وأعلمسه وراياتسه وطبوله‪،‬‬‫يديسه فسي عرض عظيسم‪ ،‬بفرسسانه ور َّ‬
‫وجماعات الصوفية والمنشدين‪ ،‬وطلبة المدارس‪ ،‬وعامة الناس‪ ،‬ثم‬
‫يقوم الخطباء والوعاظ‪ ،‬وينشسسسسسد المنشدون‪ ،‬ويخلع على الجميسسسسسع‬
‫ويعطيهسم‪ ،‬ثسم يدعسى كسل مسن حضسر ‪-‬وهسم آلف مؤلفسة‪ -‬إلى الموائد‪،‬‬
‫فيأكلون جميعاً»‪.‬‬
‫وأخيراً‪ ...‬انظسسر فسسي بدعيسسة المولد ومفاسسسده المترتبسسة عليسسه‪:‬‬
‫المصسسسادر المذكورة سسسسابقاً‪ ،‬و«اقتضاء الصسسسراط المسسسستقيم» (ص‬
‫‪ ،)295‬و«الفتاوى الكسبرى» ( ‪ ،)1/321‬و«المدخسل» ( ‪-2/16‬‬
‫‪ ،)17‬و«المعيار المعرب» ( ‪ )8/255‬و( ‪ )9/255‬و( ‪-7/100‬‬
‫‪ 101‬و ‪ )114‬و( ‪ ،)49-12/48‬و«المواهسسسب اللدنيسسسة» (‬
‫‪ ،)1/140‬و«تفسسير المنار» ( ‪ )9/96‬و( ‪ ،)76-2/74‬و«فتاوى‬
‫رشيسد رضسا» (‪ ،)5/2112‬و«مجلة المنار» ( ‪،403-20/395‬‬
‫‪ ،)104-103 ،48-21/38 ،451-449‬و«كتاب الباعسسسسث‬
‫على إنكار البدع والحوادث» (ص ‪ - 97-96‬بتحقيقسسي)‪ ،‬و«بدايسسة‬
‫السول» (ص ‪ ،)9‬و«مختصر الشمائل المحمدية» ( ‪( )175‬كلهما‬
‫فيسسه= =كلم على بدعيسسة الموالد مسسن كلم شيخنسسا اللبانسسي ‪-‬رحمسسه‬
‫اللّه‪ ،-‬وقد ذكرناه في جمعنا لكلمه على البدع‪ ،‬يسر اللّه إتمامه)‪.‬‬
‫وقسد صسنف الفاكهانسي رسسالة لطيفسة فسي حكسم المولد‪ ،‬أسسماها‬
‫بسس«المورد فسي عمسل المولد» فانظرهسا فإنهسا مفيدة‪ ،‬وفسي «فهرس‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ماجسه»( ) مخّرِج هذا الحديسث‪« :‬فسي إسسناده ضعسف؛ لضعسف‬ ‫‪1‬‬

‫ابن أبي سبرة( )‪ ،‬واسمه‪ :‬أبو بكر بن عبداللّه بن محمد بن‬


‫‪2‬‬

‫أبي سبرة( )‪ ،‬قال فيه أحمد بن حنبل( )‪ ،‬وابن معين( )‪ :‬يضع‬


‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحديسسث» انتهسسى‪ .‬ووافقسسه الذهسسبي فسسي «الميزان»( ) فسسي‬


‫‪5‬‬

‫المام أحمسد‪ ،‬وذكسر عسن ابسن معيسن( ) أنسه قال فيسه‪ :‬وليسس‬
‫‪6‬‬

‫المكتبة الغربية بصنعاء» (‪ )724‬رسالة مفردة لمحمد الغشم (ت‬


‫‪1043‬هسسس) فسسي ذلك‪ ،‬وطبسسع حديثا ً «رسسسائل فسسي حكسسم الحتفال‬
‫بالمولد النبوي» في مجلدين لمجموعة من العلماء‪ ،‬وفيها بيان كثير‬
‫ن الكلم‬
‫من المفاسد والمحاذير‪ ،‬ونكتفي بهذه الحالت المجملة؛ ل ّ‬
‫على هذه البدعة متّسع الرجاء‪ ،‬وله ذيول ويطول‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫() هذا الطلق خطسسسأ قطعاً‪ ،‬والقاعدة الحاديسسسة عشرة فسسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«تقرير القواعد» لبن رجب (‪ - 1/66‬بتحقيقي)‪( :‬من عليه فرض؛‬


‫هسل له أن يتنفّسَل قبسل أدائه بجنسسه أو ل؟)‪ ،‬قال ابسن رجسب‪« :‬وهذا‬
‫سعة؛ جاز التنفسل‬
‫نوعان؛ أحدهمسا‪ :‬العبادات المحضسة؛ فإن كانست مو ّس‬
‫قبسسل أدائهسسا؛ كالصسسلة اتفاقاً‪ ،‬وقبسسل قضائهسسا ‪-‬أيضاً‪-‬؛ كقضاء رمضان‬
‫على الصح‪.‬‬
‫والثانسسي‪ :‬إن كانسست مضي ّسسقة‪ ،‬لم تصسسح على الصسسحيح‪ ،‬ولذلك‬
‫صسسور‪ »...‬مذكورة بتفصسسيل فيسسه‪ ،‬وانظسسر تعليقسسي عليسسه‪ ،‬و«القواعسسد‬
‫الفقهية النُّورانية» (ص ‪ ،)50-49‬وللكلم السابق مستند عن أبي‬
‫ة حتسى‬‫بكسر قوله ضمسن خطبسة طويلة‪ ،‬فيهسا‪« :‬وإن اللّه ل يقبسل نافل ً‬
‫تؤدّى الفريضسسة»‪ ،‬خرجتسسه فسسي تعليقسسي على «الخطسسب والمواعسسظ»‬
‫سر اللّه إتمامه وإظهاره‬ ‫لبي ع ُبيد القاسم بن سلّم (رقم ‪ ،)132‬ي ّ‬
‫بخير وعافية‪.‬‬
‫() أخرجسه ابسن ماجسه فسي «السسنن» (‪ ،)1388‬والفاكهسي فسي‬ ‫‪1‬‬

‫«تاريسسخ مكسسة» (‪ 3/84‬رقسسم ‪ ،)1837‬والبيهقسسي فسسي «شعسسب‬


‫اليمان» (رقسم ‪ )3824‬و«فضائل الوقات» (رقسم ‪ ،)24‬والثعلبسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حديثه بشيء‪ ،‬وقال النسائي( )‪ :‬متروك‪ .‬وممن قال بوضعه‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫م الفقي ُهس الحافسظ( ) أبسو حفسص عمسر بسن بدر الموصسلي‬


‫‪2‬‬
‫الما ُس‬
‫الحنفسي إمام المسسجد القصسى (المتوف َّسى سسنة ‪)622‬هسس فسي‬
‫كتابه «المغني عن الحفظ»( )‪ ،‬حيث قال‪« :‬صلة الَّرغائب‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫والمعراج( )‪ ،‬والن ّسسسسسِصف مسسسسسن شعبان‪ ،‬وصسسسسسلة اليمان( )‪،‬‬


‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫والسسسسبوع كسسسل يوم وليلة‪ ،‬وبر الوالديسسسن‪ ،‬ويوم عاشوراء‪،‬‬

‫فسسي تفسسسيره «الكشسسف والبيان» (ق‪/58‬أ ‪ -‬أول تفسسسير الدخان)‪،‬‬


‫والتيمي الصبهاني في «الترغيب والترهيب» (رقم ‪ ،)1833‬وابن‬
‫الجوزي فسسسي «الواهيات» (‪ 2/561‬رقسسسم ‪ ،)923‬والمزي فسسسي‬
‫«تهذيسسب الكمال» (‪)33/108‬؛ جميعهسسم مسسن طريسسق الحسسسن بسسن‬
‫علي الخلّل‪ ،‬عسن عبدالرزاق‪ ،‬عسن ابسن أبسي سسبرة‪ ،‬عسن إبراهيسم بسن‬
‫محمد‪ ،‬عن معاوية بن عبداللّه بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عل ّ‬
‫ي رفعه‪.‬‬
‫قال ابسن الجوزي فسي «العلل المتناهيسة» (رقسم ‪« :)923‬هذا‬
‫حديث ل يصح‪ ،‬وابن لهيعة ذاهب الحديث»!‬
‫قلت‪ :‬كذا فسي مطبوعسه‪« :‬وابسن لهيعسة»‪ ،‬ولعلهسا سسبق قلم مسن‬
‫المصنف أو الناسخ‪ ،‬والصواب‪« :‬ابن أبي سبرة»؛ وهو‪ :‬أبو بكر بن‬
‫عبداللّه بسن محمسد بسن أبسي سسبرة‪ ،‬قال المام أحمسد‪ :‬يضسع الحديسث‬
‫ويكذب‪ ،‬وقال ابن عدي‪ :‬عامة ما يرويه غير محفوظ‪ ،‬وهو في جملة‬
‫مسسن يضسسع الحديسسث‪ ،‬وقال ابسسن حبان‪ :‬كان ممسسن يروي الموضوعات‬
‫على الثبات‪ ،‬ل يحل كتابة حديثه‪ ،‬ول الحتجاج به بحال‪ .‬وانظر ‪-‬غير‬
‫مأمور‪« :-‬تهذيسب الكمال» (‪« ،)106-33/104‬ميزان العتدال»‬
‫(‪« ،)4/504‬الكشسسف الحثيسسث عمسسن رمسسي بوضسسع الحديسسث» (‬
‫‪ )586 ،2/481‬والكلم التي عند المصنف‪ ،‬والتعليق عليه‪.‬‬
‫() هذا حكسم شيخنسا اللبانسي ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬على الحديسث‪ ،‬فقال‬
‫‪2‬‬

‫في «ضعيف سنن ابن ماجه» (‪ 105‬رقم ‪« :)261‬ضعيف جدا ً أو‬


‫موضوع»‪ ،‬وانظسر‪« :‬المشكاة» (‪ ،)1308‬وقال‪« :‬لكسن نزول الرب‬
‫كل ليلة إلى سماء الدنيا ثابت»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ح في هذا الباب شيء عن النبي ‪.»S‬‬ ‫ّ‬ ‫يص‬ ‫ل‬ ‫ذلك‬ ‫وغير‬
‫وقال المام الحافسظ القاضسي أبسو بكسر المعروف بابسن‬
‫العربسي فسي تفسسيره «أحكام القرآن»( )‪« :‬وليسس فسي ليلة‬
‫‪1‬‬

‫النصسف مسن شعبان حديسث يُعَوَّ ُ‬


‫ل عليسه( )‪ ،‬ل فسي فضلهسا‪ ،‬ول‬
‫‪2‬‬

‫في نسخ الجال فيها( )‪ ،‬فل تلتفتوا إليها»‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫وقال فسسي «السسسلسلة الضعيفسسة» (‪ 5/154‬رقسسم ‪:)2132‬‬


‫«وهذا إسسناد مجمع ٌس على ضعفسه‪ ،‬وهسو عندي موضوع؛ ل َ‬
‫نّس ابسن أبسي‬
‫سبرة رموه بالوضع‪ ،‬كما في «التقريب»»‪.‬‬
‫وقال ابن رجب في «لطائف المعارف» (ص ‪« :)143‬إسناده‬
‫ضعيف»‪ ،‬وضع ّفه البوصيري في «مصباح الزجاجة» (‪ 1/446‬رقم‬
‫‪ ،)1388‬والمنذري في «الترغيب» (‪.)2/81‬‬
‫() (‪.)1/421‬‬ ‫‪1‬‬

‫() فسسي الصسسل‪ ،‬وفسسي مطبوع «حاشيسسة السسسندي»‪« :‬بسسسرة»‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بتقديم الباء الموحدة على السين! وهو خطأ‪.‬‬


‫() قال عبداللّه بسسسن أحمسسسد فسسسي «العلل ومعرفسسسة الرجال» (‬
‫‪3‬‬

‫‪ 1/510‬رقسسم ‪ ،)1193‬قال أبسسي‪« :‬وليسسس حديثسسه بشيسسء‪ ،‬كان‬


‫يكذب ويضسسع الحديسسث»‪ .‬وفسسي «العلل» (‪ - 139‬روايسسة المروذي)‪:‬‬
‫«ليس هو بشيء»‪ .‬وان ظر‪« :‬بحر الدم فيمسن تكلم فيسه المام أحمد‬
‫بمدٍح أو ذم» (ص ‪ 486‬رقم ‪.)1207‬‬
‫() قال في رواية الدوري (‪« :)2/695‬ليس حديثه بشيء»‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫وقال ابسسن المدينسسي والبخاري‪ :‬منكسسر الحديسسث‪ ،‬وقال النسسسائي‪:‬‬


‫متروك الحديث‪.‬‬
‫وانظسسر ‪-‬غيسسر مأمور‪-‬عدا مسسا تقدم‪« :-‬الكنسسى» للبخاري (‪،)9‬‬
‫«الجرح والتعديسسل» ( ‪« ،)6/306‬الكنسسى» للدولبسسي ( ‪،)1/121‬‬
‫«الكنسى» لبسي أحمسد الحاكسم (‪« ،)117-2/116‬ديوان الضعفاء‬
‫والمتروكيسسسن» (‪« ،)278‬المغنسسسي فسسسي الضعفاء» ( ‪،)2/597‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وذكسر أبسو شامسة فسي كتابسه «الباعسث»( ) عسن أبسي بكسر‬
‫‪1‬‬

‫ُ‬
‫الط ّْرطُوشسي( ) قال‪« :‬روى ابسن وضاح( ) عسن زيسد بسن أسسلم‪،‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫قال‪ :‬مسا أدركنسا أحدا ً مسن مشيختنسا( ) ول فقهائنسا يلتفتون إلى‬


‫‪4‬‬

‫ليلة الن ّ ِسصف مسن شعبان‪ ،‬ول يلتفتون إلى حديسث مكحول( )‪،‬‬
‫‪5‬‬

‫ول يرون لها فضل ً على سواها‪ ،‬قال‪ :‬وقيل لبن أبي مليكة‪:‬‬
‫جَر ليلةِ الن ّسسِصف مسسن شعبان‬ ‫ن زيادا ً النُميري يقول‪ :‬إ َ َ‬
‫إ ّسسَ‬
‫نأ ْ‬ ‫ّسس‬ ‫ّ‬

‫«التهذيب» (‪« ،)12/27‬الكاشف» (‪.)3/275‬‬


‫و‪.)504-4/503‬‬ ‫() انظره (‪3/596‬‬ ‫‪5‬‬

‫() انظر الهامش قبل السابق‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫() في «الضعفاء والمتروكين» له (رقم ‪.)666‬‬ ‫‪1‬‬

‫() قال السيوطي عنه‪« :‬ليس من الحفاظ»‪ ،‬وقال عن كتابه‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫«عليه في كثير مما ذكره انتقاد»‪ ،‬وقال السخاوي‪« :‬عليه مؤاخذات‬


‫كثيرة‪ ،‬وإن كان له في كل باب من أبوابه سلف من الئمة‪ ،‬خصوصاً‬
‫المتقدمين»‪ ،‬انظر «الوضع في الحديث» (‪.)3/506‬‬
‫=‬
‫صديق‪ ،‬المسماة «دَّر الغمام‬
‫ت في رسائل أحمد بن ال ّ‬ ‫ووجد ُ‬ ‫=‬
‫الرقيسق» (ص ‪ )163‬مسا نصسه‪« :‬وكان ابسن بدر الموصسلي هذا غيسر‬
‫محقسسق فسسي الحديسسث‪ ،‬كمسسا قال الحافسسظ فسسي ترجمتسسه مسسن «الدرر‬
‫الكامنة»»!!‬
‫قلت‪ :‬ل يوجسسد ترجمسة لبسن بدر فسي «الدرر»؛ لنسسه ليسس مسن‬
‫رجال القرن الثامسن‪ ،‬وإنمسا توفسي سسنة (‪622‬هسس)‪ .‬انظسر‪« :‬العسبر» (‬
‫‪« ،)5/91‬الجواهسسر المضيئة» ( ‪« ،)1/387‬منتخسسب المختار»‬
‫للفاسسسي (‪« ،)159-158‬تاج التراجسسم» ( ‪« ،)64‬اللباب» (‬
‫‪.)270-3/269‬‬
‫جنّة المرتاب»)‪.‬‬
‫‪ -‬مع « ُ‬ ‫() (ص ‪297‬‬ ‫‪3‬‬

‫وانظسر فسي تقريسر ذلك‪« :‬المنار المنيسف» (ص ‪ )99-98‬لبسن‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫كأجسسر ليلة القدر‪ ،‬فقال‪ :‬لو سسسمعتُه وبيدي عصسسا لضربت ُسسه‪،‬‬
‫صاً ( )‪ .‬وقال الحافسسظ أبسسو الخطاب بسسن‬
‫‪1‬‬
‫قال‪ :‬وكان زياد قا ّسس‬
‫سس الغفال( ) فسي صسلة ليلة الن ّ ِسصف مسن‬
‫‪3‬‬
‫حيسة ‪« :‬روى النا ُ‬
‫()‬‫‪2‬‬
‫دِ ْ‬
‫شعبان‪ ،‬أحاديث موضوعة [وواحدا ً مقطوعاً]( )‪ ،‬وكلّفوا عباد‬
‫‪4‬‬

‫اللّه بالحاديسسث الموضوعسسة فوق طاقتهسسم‪ ،‬مسسن صسسلة مئة‬


‫ركعسة‪[ ...‬وقال فسي كتاب «مسا جاء فسي شهسر شعبان» مسن‬

‫القيسسم‪« ،‬تفسسسير القرطسسبي» (‪« ،)16/128‬الفتاوى الكسسبرى» (‬


‫‪« ،)177 ،1/174‬تنزيسسسسه الشريعسسسسة» ( ‪« ،)2/92‬الللئ‬
‫المصنوعة» (‪« ،)2/57‬سفر السعادة» (‪.)150‬‬
‫وانظر في بدعية صلة الرغائب ‪-‬وهي صلة تؤدَّى في ليلة أول‬
‫جمعسسة مسسن رجسسب‪ ،‬بيسسن صسسلة المغرب والعشاء‪ ،‬يسسسبقها صسسيام‬
‫الخميس‪ ،‬وهي صلة موضوعة‪ ،‬أحدثت في السلم بعد سنة ثمانين‬
‫وأربسسع مئة‪« :-‬الحوادث والبدع» (‪ )122‬للطرطوشسسي‪« ،‬أداء مسسا‬
‫وجب» لبن دحية (ص ‪ 54‬وما بعد)‪« ،‬اقتضاء الصراط المستقيم»‬
‫(‪« ،)283‬الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص ‪ 39‬وما بعد)‪،‬‬
‫«طبقات الشافعيسة الكسبرى» ( ‪« ،)255-8/251‬مسساجلة علميسة‬
‫بين المامين العز بن عبدالسلم وابن الصلح حول صلة الرغائب»‪،‬‬
‫«تبيين العجب بما ورد في فضل رجب» (ص ‪« ،)47‬مجموع فتاوى‬
‫ابن تيمية» (‪« ،)2/2‬الموضوعات» (‪« ،)2/124‬فتاوى النووي» (‬
‫‪« ،)40‬المدخسل» لبسن الحاج ( ‪« ،)1/293‬مختصسر تنزيسه المسسجد‬
‫الحرام عسسن بدع الجهلة العوام» (ص ‪« ،)17‬العتصسسام» ( ‪،2/18‬‬
‫‪ - 294 ،279‬بتحقيقسسي)‪« ،‬المسسر بالتباع» ( ‪ 166‬ومسسا بعسسد)‪،‬‬
‫«السنن والمبتدعات» ( ‪« ،)140‬البدع الحولية» ( ‪ 240‬وما بعد)‪،‬‬
‫«التعقيسسب الحثيسسث» (ص ‪« ،)50‬إصسسلح المسسساجد» (ص ‪،)99‬‬
‫«صسلة التراويسح» (ص ‪« ،)44 ،33 ،24‬السسلسلة الصسحيحة» (‬
‫‪.)737 ،2/735‬‬
‫(فائدة)‪ :‬لعلي بسن محمسد بسن غانم المقدسسي (ت ‪1004‬هسس)‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫تأليفسه ‪-‬أيضاً‪« :) (]-‬وقال أهسل التَّعديسل والتجريسح‪ :‬ليسس فسي‬
‫‪1‬‬

‫ح‪ ،‬فتحفَّظوا ‪-‬عبادَ‬


‫حديث ليلة الن ِّصف من شعبان حديث يص ّ‬
‫اللّه‪ -‬مسسن مفتسسر يروي لكسسم حديثا ً موضوعا ً يسسسوقه فسسي‬
‫معرض الخيسر‪ ،‬فاسستعمال الخيسر ينبغسي أن يكون مشروعاً‬
‫ح أنسه كذب‪ ،‬خرج مسن المشروعي َّسة‪،‬‬
‫مسن النسبي ‪ ،‬فإذا صس َّ‬
‫ملُه مسن خدم الشيطان؛ لسستعماله حديثا ً على‬ ‫وكان مسستع ِ‬

‫«ردع الراغسب عسن الجمسع فسي صسلة الرغائب»‪ ،‬منهسا ثلث نسسخ فسي‬
‫الزهريسسسة‪ ،‬وأخرى فسسسي كوبرلي‪ ،‬وخامسسسسة فسسسي الحرم المدنسسسي‪،‬‬
‫وسادسة في جامعة الملك سعود‪.‬‬
‫() انظر «أداء ما وجب» (‪.)54-53‬‬ ‫‪4‬‬

‫() كذا فسسي الصسسل‪ ،‬و«المغنسسي» للموصسسلي‪ ،‬و«العتصسسام» (‬ ‫‪5‬‬

‫‪ - 2/18‬بتحقيقي)‪ ،‬ولعلها صوابها‪« :‬اليام»‪.‬‬


‫() (‪ )4/1690‬ونحوه فسسي «عارضسسة الحوذي» (‪)3/275‬‬ ‫‪1‬‬

‫له‪ ،‬ونقله القرطسسسبي فسسسي «تفسسسسيره» (‪ ،)16/128‬ومثله فسسسي‬


‫«إصسلح المسساجد» (‪ )107‬للقاسسمي‪ ،‬وانظسر «الباعسث» (‪،124‬‬
‫‪ - 174 ،138‬بتحقيقسسسسي)‪ ،‬وكتابسسسسي «القول المسسسسبين» (‪-439‬‬
‫‪.)440‬‬
‫() هذا صسسحيح بالجملة‪ ،‬اللهسسم إل إذا اسسستثنيت حديسسث نزول‬
‫‪2‬‬

‫الرب ‪-‬جسل جلله‪ -‬فيهسا‪ ،‬ومغفرتسه لكسل أحسد إل لمشرك أو مشاحسن‪،‬‬


‫فقسسد ورد عسسن جمسسع‪ ،‬وبمجموع طرقسسه ينهسسض للحتجاج‪ ،‬كمسسا تراه‬
‫صل ً في تعليقي على «المجال سة» للدينوري (رقم ‪ ،)944‬وفي‬ ‫مف ّ‬
‫رسسسالتي «حسسسن البيان فيمسسا ورد فسسي ليلة النصسسف مسسن شعبان»‪،‬‬
‫وانظر «السلسلة الصحيحة» (‪.)1144‬‬
‫وسستأتي عنسد المصسنف نقول كثيرة جيدة حول بدعيسة مسا أحدث‬
‫فسي ليلة النصسف مسن شعبان‪ ،‬ومسا أحسسن مسا قاله علي بسن إبراهيسم‬
‫‪-‬رحمه اللّه تعالى‪« :-‬وقد جعلها ‪-‬أي‪ :‬ليلة النصف من شعبان‪ -‬أئمة‬
‫المساجد مع صلة الرغائب ونحوها شبكة لجمع العوام‪ ،‬طلبا ً لرئاسة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫رسول اللّه لم ينّزل اللّه به من سلطان»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال العراقسي( )‪ :‬حديسث صسلة ليلة النصسف مسن شعبان‬


‫‪2‬‬

‫ي فسسي «تقييسسد التراجيسسح»( )‪:‬‬


‫‪3‬‬ ‫ي ال ّسسُ‬
‫سبك ُّ‬ ‫باطسسل‪ ،‬وقال التق ّسسُ‬
‫الجتماع لصسسلة ليلة النصسسف مسسن شعبان ولصسسلة الَّرغائب‬
‫صلتان ‪-‬أي‪ :‬صلة‬ ‫بدعة مذمومة‪ .‬وقال النووي( )‪ :‬هاتان ال َّ‬
‫‪4‬‬

‫الَّرغائب‪ ،‬وصسسسسسلة ليلة الن ّسسسسسِصف مسسسسسن شعبان‪ -‬بدعتان‬

‫ل عن الحق بمعزل»‪.‬‬ ‫التقدُّم‪ ،‬ومل بذكرها القصاص مجالسهم‪ ،‬وك ٌّ‬


‫ُ‬
‫قلت‪ :‬وصسدق هذا العالم فسي قولتسه هذه‪ ،‬وله سسلف فيهسا‪ ،‬نقسل‬
‫الطرطوشسسي فسسي «الحوادث والبدع» (ص ‪ - 138‬ط‪ .‬الطالبسسي)‪،‬‬
‫عسسن الوزاعسسي قوله‪« :‬بلغنسسي أن مسسن ابتدع بدعسسة خله الشيطان‬
‫والعبادة‪ ،‬وألقى عليه الخشوع والبكاء‪ ،‬لكي يصطاد به»‪ ،‬ويحقق ما‬
‫قاله الواقسسسع‪ ،‬كمسسسا ن ُسسسقل فسسسي الخبار عسسسن الخوارج وغيرهسسسم‪ ،‬قاله‬
‫الشاطبي في «العتصام» (‪ - 1/216‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫وقد أكد كلمه جمع من العلماء المحققين‪ ،‬والفضلء الربانيين‪،‬‬
‫وأسسوق لك ‪-‬أخسي القارئ‪ -‬جملة مسن كلمهسم‪ ،‬لتتسسلّح بسه‪ ،‬وتسسوقه‬
‫عنسد الجهلة الطغام مسن العوام‪ ،‬ممسن ل زال= =فسي قلبسه ميسل إلى‬
‫تعظيم هذه المواسم‪ ،‬التي تفعل بها البدع والحوادث‪.‬‬
‫قال المام أبسسو شامسسة المقدسسسي فسسي كتابسسه «الباعسسث» (ص‬
‫‪ - 124‬بتحقيقسي)‪« :‬وأمسا اللفيسة؛ فصسلة ليلة الن ّ ِسصف مسن شعبان‪،‬‬
‫ل هُو الل َّس َس‬
‫حد} لنهسا مئة‬
‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ميت بذلك لنهسا يقرأ فيهسا ألف مرة {قُ ْ َ‬
‫سس ِّ‬
‫ركعسسة فسسي كسسل ركعسسة يقرأ الفاتحسسة مرة و(سسسورة الخلص) عشسسر‬
‫مرات‪.‬‬
‫وهي صلة طويلة مستثقلة‪ ،‬لم يأت فيها خبٌر ول أثر إل ضعيف‬
‫م ِ بهسسا افتتان عظيسسم‪ ،‬والتزم بسسسببها كثرة الوقيسسد‬
‫أو موضوع‪ ،‬وللعوا ّس‬
‫فسي جميسع مسساجد البلد التسي تصسلى فيهسا‪ ،‬ويسستمر ذلك الليسل كله‪،‬‬
‫ويجري فيسسه الفسسسوق والعصسسيان‪ ،‬واختلط الرجال بالنسسساء‪ ،‬ومسسن‬
‫الفتسن المختلفسة مسا شهرت ُسه تغنسي عسن وصسفه‪ ،‬وللمتعبديسن مسن العوام‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫موضوعتان منكرتان قسسبيحتان‪ ،‬ول تغتّر بذكرهمسسا فسسي كتاب‬
‫«القوت»( ) و«الحياء»( )‪ ،‬وليسسسس لحسسسد أن يسسسستد َّ‬
‫ل على‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫شرعيتهمسسا‪ ،‬بقوله ‪« :‬الصسسلة خيسسر موضوع»( )؛ فإن ذلك‬


‫‪3‬‬

‫ص بصسلة ل تخالف ال َّ‬


‫شرع بوجسه مسن الوجوه‪ ،‬وقسد صسح‬ ‫يخت ُّس‬
‫َ‬
‫ي عسن الصسلة فسي الوقات المكروهسة( )‪ ،‬نقسل ذلك كل ّه‬
‫‪4‬‬
‫النَّه ُس‬

‫فيهسسا اعتقاد ٌ متيسسن‪ ،‬وزيسسن لهسسم الشيطان جعلهسسا مسسن أصسسل شعائر‬
‫ُ‬
‫المسسسسلمين»‪ .‬وأصسسسلها حكاه الط ّرطُوشسسسي فسسسي كتابسسسه «الحوادث‬
‫والبدع» (ص ‪ ،)122-121‬قال‪ :‬وأخسبرني أبسو محمسد المقدسسي‪،‬‬
‫قال‪ :‬لم يكن عندنا ببيت المقدس قط صلة ال َّرغائب‪ ،‬هذه هي التي‬
‫تصلى في رجب وشعبان‪.‬‬
‫وأول مسا حدثست عندنسا فسي سسنة ثمان وأربعيسن وأربسع مئة‪ ،‬قدم‬
‫ل مسن نابلس يعرف بابسن أبسي الحمراء‪،‬‬ ‫علينسا فسي بيست المقدس رج ٌ‬
‫ن التلوة‪ ،‬فقام يصسلي فسي المسسجد القصسى‪ ،‬ليلة النصسف‬ ‫وكان حسس َ‬
‫مسن شعبان‪ ،‬فأحرم خلفسه رجسل‪ ،‬ثسم انضاف إليهمسا ثالث ورابسع‪ ،‬فمسا‬
‫ختمها إل وهو في جماعة كبيرة‪ ،‬ثم جاء في العام القابل فصلى معه‬
‫خلقسٌ كثيسر‪ ،‬وشاعست فسي المسسجد وانتشرت الصسلة فسي المسسجد‬
‫ة إلى يومنسا‬‫القصسى وبيوت الناس ومنازلهسم‪ ،‬ثسم اسستقرت كأنهسا سسن َّ ٌ‬
‫هذا‪ ،‬قلت له‪ :‬فأنا رأيتك تصليها في جماعة‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأستغفُر اللّه‬
‫منها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أبسو محمسد هذا‪ ،‬أظنسه عبدالعزيسز بسن أحمسد بسن عمسر بسن‬
‫إبراهيسم المقدسسي‪ ،‬روى عنسه مكسي بسن عبدالسسلم الرميلي الشهيسد‪،‬‬
‫ووصفه بالشيخ الثقة‪ ،‬واللّه أعلم»‪.‬‬
‫ونقله عنسسه أبسسو شامسسة فسسي «الباعسسث» (‪ - 124‬بتحقيقسسي)‪،‬‬
‫والشاطبي في «العتصام» (‪ - 1/283‬بتحقيقي)‪ ،‬والسيوطي في‬
‫«المر بالتباع» (ص ‪ - 177-176‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬فيسا عباد اللّه! فهسل بعسد هذا البيان مسن بيان؟‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ة الَّزبيديُّ في «شرح الحياء»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫العلّم ُ‬
‫وأمسسسا دعاؤهسسسا المشهور( ) الذي ذكره خزيران فلم يرد‬
‫‪2‬‬

‫مسن طريسق صسحيح‪ ،‬وإنمسا هسو مسن جمسع بعسض المشايسخ‪ ،‬قال‬
‫العلمة الَّزبيدي في «شرح الحياء»( )‪« :‬وقد توارث الخلف‬
‫‪3‬‬

‫سلف فسسي إحياء هذه الليلة ‪-‬أي‪ :‬ليلة النصسسف مسسن‬


‫عسسن ال ّسس‬

‫وهسا هسو إمام عالم ينبئك بأصسل وضسع هذه الصسلة‪ ،‬التسي أصسبحت مسن‬
‫سسمات أهسل البدع‪ ،‬فإن ليلة النصسف مسن شعبان لم يكسن فسي ليلهسا‬
‫قيام‪ ،‬ولم يثبست فسي نهارهسا صسيام‪ ،‬وانظسر مسا سسيأتي عنسد المصسنف‪،‬‬
‫واللّه الموفق‪.‬‬
‫() زعم بعضهم أن ليلة النصف هذه هي ليلة القدر‪ ،‬وقد أبطل‬ ‫‪3‬‬

‫ذلك جمسسسع؛ منهسسسم‪= =:‬ابسسسن العربسسسي فسسسي «عارضسسسة الحوذي» (‬


‫‪ ،)276-3/275‬وابسسسسن كثيسسسسر فسسسسي «تفسسسسسيره» (‪،)4/127‬‬
‫والشنقيطسسسسي فسسسسي «أضواء البيان» (‪ ،)7/319‬وانظسسسسر «البدع‬
‫الحولية» (ص ‪.)292-290‬‬
‫() (ص ‪ - 127-125‬بتحقيقسسسسسسسي)‪ ،‬وطبسسسسسسسع الكتاب دون‬ ‫‪1‬‬

‫مراجعتي‪ ،‬فوقعت فيه أخطاء طبعية كثيرة‪ ،‬ولي زيادات كثيرة عليه‪،‬‬
‫وسسيخرج ‪-‬إن شاء اللّه‪ -‬قريبا ً مسع العنايسة اللئقسة بسه‪ ،‬واللّه الموفسق‬
‫للخيرات‪ ،‬والهادي للصالحات‪.‬‬
‫() في كتابه «الحوادث والبدع» (ص ‪.)122-121‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في كتابه «البدع» (رقم ‪.)119‬‬ ‫‪3‬‬

‫() فسي الصسل‪« :‬مشايخنسا»! والمثبست مسن «البدع»‪ ،‬والمراجسع‬ ‫‪4‬‬

‫السابقة‪.‬‬
‫() وقسع عليسه فيسه اختلف كثيسر‪ ،‬بي ّسنه الدارقطنسي فسي «النزول»‬ ‫‪5‬‬

‫(رقسم ‪ ،)81‬وفاتسه وجها ً عنسد ابسن قانسع فسي «المعجسم» (‪،)3/227‬‬


‫وذكرتُه مفصل ً في «حسن البيان» (‪ ،)23-20‬وللّه الحمد‪.‬‬
‫رقسم‬ ‫() أخرجسه عبدالرزاق فسي «المصسنف» (‪318-4/317‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫شعبان‪ -‬بصلة ست ركعات بعد صلة المغرب‪ ،‬كل ركعتين‬
‫بتسسليمة‪ ،‬يقرأ فسي كسل ركعسة منهسا بالفاتحسة مرة‪ ،‬والخلص‬
‫سست مرات‪ ،‬وبعسد الفراغ مسن كسل ركعتيسن يقرأ سسورة يسس‬
‫مرة‪ ،‬ويدعسسو بالدُّعاء المشهور بدعاء ليلة النصسسف»‪ ...‬إلى‬
‫أن قال‪« :‬ولم أر [لصسسلة ليلة النصسسف مسسن شعبان]( )‪ ،‬ول‬
‫‪1‬‬

‫لدعائهسسا مسسستندا ً صسسحيحا ً فسسي ال ّسسُ‬


‫سنّة‪ ،‬إل أنسسه مسسن عمسسل‬

‫‪ ،)7928‬وابن وضاح في «البدع» (رقم ‪.)120‬‬


‫() فسي كتابسه «أداء مسا وجسب»‪ ،‬صسرح بذلك الطرطوشسي وعنسه‬ ‫‪2‬‬

‫أبو شامة‪ ،‬والمصنفان ينقلن عن أبي شامة‪ ،‬والنقل غير موجود في‬
‫مطبوعسة «أداء مسا وجسب»! ولعله فسي كتاب ابسن دحيسة‪« :‬مسا جاء فسي‬
‫شهسر شعبان»‪ ،‬وأشار إليسه فسي آخسر «أداء مسا وجسب» (ص ‪،)159‬‬
‫وفيسه (ص ‪« :)24‬وحديسث ليلة النصسف مسن شعبان‪ ،‬والتعريسف بمسن‬
‫وضع فيها الزور والبهتان»‪.‬‬
‫() كذا فسي الصسل‪ ،‬و«الباعسث»! ولعسل الصسواب‪« :‬وقسد روي‬ ‫‪3‬‬

‫ت ابن دحية‬‫بعض الغفال من= =الناس»‪ ،‬ثم تأكد لي هذا لما وجد ُ‬
‫يقول فسسي «أداء مسسا وجسسب» (ص ‪« :)66‬وقسسد روى بع ُسس‬
‫ض الغفال‬
‫مل‪.‬‬‫الذين ل يعرفون الصحيح من السقيم‪ »...‬فتأ ّ‬
‫() سقط من الصل‪ ،‬وأثبته من عند الطرطوشي وأبي شامة‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬رحمهما اللّه‪.-‬‬
‫() إلى هنا انتهى نقل المصنِّفَيْن من «الباعث» (‪127-125‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬بتحقيقي) لبي شامة المقدسي‪.‬‬


‫() فسي «تخريسج أحاديسث الحياء» (‪ ،)1/203‬وذكسر غيسر واحسد‬ ‫‪2‬‬

‫من المحدثين أن الحاديث الواردة في فضل صلة ليلة النصف من‬


‫شعبان غيسسر صسسحيحة؛ منهسسم‪ :‬ابسسن الجوزي فسسي «الموضوعات» (‬
‫‪ ،)129-2/126‬وأقره أبسسو شامسسة فسسي «الباعسسث» (ص ‪-136‬‬
‫‪ ،)137‬وابسسسن رجسسسب فسسسي «لطائف المعارف» (‪ ،)145‬والفيروز‬
‫مات‬‫آبادي فسي خاتمسة «سسفر السسعادة» (ص ‪ ،)150‬ووافقسه ابسن ه ّ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المشايخ»‪ .‬ومما تقدم يعلم عدم صحة الحاديث التي أشار‬
‫إليهسسا‪ ،‬والتسسي ذكرهسسا بخصسسوص ليلة النصسسف مسسن شعبان‪،‬‬
‫ن نص بعض العلماء‬‫وبطلن قوله في حديث النُّزول( )‪« :‬وإ ْ‬
‫‪1‬‬

‫صّس على ضعفسه ‪-‬ل بعسض العلماء‪-‬‬ ‫على ضعفسه»‪ ،‬ل َ‬


‫نّس الذي ن َ‬
‫ُ‬
‫من قال بوضعه كما أشرنا‪ ،‬وأما ما ذكره‬ ‫بل كل ّهم‪ ،‬ومنهم َ‬
‫صيام في شهر‬ ‫من أن الحاديث الصحيحة النَّاطقة بفضل ال ِّ‬

‫الدمشقسي فسي «التنكيست والفادة فسي تخريسج أحاديسث خاتمسة سسفر‬


‫السسعادة» (ص ‪ ،)96‬والشيسخ عبدالعزيسز بسن باز فسي «التحذيسر مسن‬
‫البدع» (‪ .)11‬وانظسر‪« :‬مختصسر تنزيسه المسسجد الحرام» (ص ‪،)17‬‬
‫«تذكرة الموضوعات» (ص ‪« ،)45‬المنار المنيف» (ص ‪،)99-98‬‬
‫«الفوائد المجموعة» (‪ )51‬للشوكاني‪.‬‬
‫() هذا مصنَّف من مصنَّفات عدة للسبكي في التراويح‪ ،‬انظر‬ ‫‪3‬‬

‫ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)64‬‬


‫() فسي «المجموع» (‪ )4/56‬و«الفتاوى» (‪ )26‬جمسع تلميذه‬ ‫‪4‬‬

‫ابسن العطار عنسه‪ ،‬ونقله ابسن همات فسي «التنكيست» (ص ‪ )96‬عسن‬


‫النووي بحروفه‪.‬‬
‫() في (الفصل العشرين) منه (في ذكر إحياء الليالي المرجو‬ ‫‪1‬‬

‫فيها الفضل المستحب إحياؤها) (‪ - 1/129‬ط‪ .‬مؤسسة خلدون)‪.‬‬


‫وانظر ‪-‬لزاماً‪ -‬عن هذا الكتاب‪ :‬كتابي «كتب حذر منها العلماء»‬
‫و‪.)350-2/349‬‬ ‫(‪187 ،1/49‬‬
‫() في آخر (القسم الثالث‪ :‬ما يتكرر بتكرر السنين) من (الربع‬ ‫‪2‬‬

‫الول) (‪ ،)1/203‬وانظسر عنسه كتابسي «كتسب حذر منهسا العلماء» (‬


‫‪ 1/187‬و‪.)351-2/350‬‬
‫قلت‪ :‬ول تغتر ‪-‬أيضاً‪ -‬بذكر الثعلبي لها في «تفسيره»‪ ،‬كذا في‬
‫«شرح الوراد»‪ ،‬قاله علي القاري فسي «السسرار المرفوعسة» (ص‬
‫‪.)396‬‬
‫() ورد بهذا اللفسظ ضمسن حديسث أبسي ذر الطويسل‪ ،‬الذي أخرجسه‬ ‫‪3‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫شعبان كثيرة‪ ،‬مسستدل ًّ بحديسث السسيدة عائشسة الذي أخرجسه‬
‫الشيخان‪ ،‬قالت‪« :‬ومسا رأيتسه فسي شهسر أكثسر منسه صسياماً‬
‫نس الحديسث‬
‫فسي شعبان»( ) فل علقسة له بموضوعنسا‪ ،‬وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫‪1‬‬

‫الضعيسف يعمسل بسه فسي فضائل العمال‪ ،‬ليسس على إطلقسه‪،‬‬


‫ضعيسسف فسسي‬‫بدليسسل مسسا شرطسسه المحدِّثون لجواز العمسسل بال َّ‬

‫أحمسد (‪ ،)179 ،5/178‬وهسو ‪-‬مطول ً ومختصسراً‪ -‬عنسد النسسائي (‬


‫‪ ،)8/275‬وابسسن سسسعد (‪ ،)1/32‬والحاكسسم (‪ )2/282‬وإسسسناده‬
‫ضعيسف جداً ‪ ،‬فيسه عبيسد بسن الخشخاش‪ ،‬متروك‪ .‬وأبسو عمسر الدمشقسي‬
‫ضعيف‪ ،‬والراوي عنه المسعودي‪ ،‬قال الدار قطني‪ :‬المسعودي عن أبي‬
‫عمر الدمشقي متروك‪.‬‬
‫وأخرجسه ابسن حبان فسي «المجروحيسن» (‪ ،)3/129‬وابسن عدي‬
‫فسي «الكامسل» (‪ ،)7/2699‬وأبسو نعيسم فسي «الحليسة» ( ‪،)1/168‬‬
‫والبيهقسي (‪ )419‬مسن طريسق يحيسى بسن سسعيد السسعيدي‪ ،‬عسن ابسن‬
‫جريسسج‪ ،‬عسسن عطاء‪ ،‬عسسن عبيسسد بسسن عميسسر‪ ،‬عسسن أبسسي ذر‪ ،‬ولم يذكروه‬
‫بتمامه‪.‬‬
‫وإسسناده ضعيسف جداً ‪ ،‬يحيسى بسن سسعيد يروي عسن ابسن جريسج‬
‫المقلوبات‪ ،‬ل يحسل الحتجاج بسه إذا انفرد‪ ،‬قاله ابسن حبان‪ ،‬وقال ابسن‬
‫عدي‪ :‬هذا أنكر الروايات‪.‬‬
‫ويغني عن هذا حديث ثوبان الصحيح‪« :‬استقيموا‪ ،‬ولن تحصوا‪،‬‬
‫واعلموا أن من خير أعمالكم الصلة»‪ ،‬وقد خرجت ُه في تعليقي على‬
‫«الطهور» (رقسسسسم ‪ ،)19‬وتعليقسسسسي على «الباعسسسسث» (ص ‪-154‬‬
‫‪ ،)155‬وانظسر‪« :‬السسلسلة الصسحيحة» (‪ ،)115‬و«الرواء»= =(‬
‫‪.)137-2/136‬‬
‫وحديث ثوبان يشهد لحديث أبي ذر‪ ،‬وفي الباب عن أبي هريرة‬
‫وأبسي أمامسة‪ ،‬ولذا حكسم شيخنسا على هذه القطعسة مسن حديسث أبسي ذر‬
‫بأنه حسن لغيره‪ ،‬انظر «صحيح الترغيب» (رقم ‪.)390‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الترغيب والترهيب‪ .‬قال الحافظ السخاوي( )‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫«سسمعت شيخنسا الحافسظ ابسن حجسر مرارا ً يقول ‪-‬وكتبسه‬


‫ن شرائط العمل بالضعيف ثلثة‪:‬‬ ‫لي بخطه‪ :-‬إ َّ‬
‫الول‪[ :‬متفسق عليسه]( )‪ ،‬أن يكون الضعسف غيسر شديسد‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫فيخرج مسن انفرد مسن الكذَّابيسن‪ ،‬والمتَّهميسن بالكذب‪ ،‬ومسن‬

‫() ورد ذلك فسسي أحاديسسث كثيرة فسسي «الصسسحيحين» وغيرهمسسا‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫انظسر تخريجسي لبعضهسا فسي تعليقسي على «الموافقات» (‪،)2/516‬‬


‫وعلى «إعلم الموقعين» (‪ 3/353‬و‪.)4/11‬‬
‫() المسمى «إتحاف السادة المتقين» (‪.)3/427‬‬ ‫‪1‬‬

‫ن‪ ،‬ول يمسن عليسه‪ ،‬يسا ذا الجلل‬


‫() وهسو قولهسم‪« :‬اللهسم يسا ذا الم ّس‬
‫‪2‬‬

‫والكرام‪ ،»...،‬وهسسو ل أصسسل له‪ ،‬كذا قال الّزبيدي ‪-‬وسسسيأتي كلمسسه‪،-‬‬


‫وصساحاب «أسسنى المطالب» (رقسم ‪ ،)838‬وهسو مسن ترتيسب بعسض‬
‫أهل الصلح من عند نفسه‪ ،‬قيل‪ :‬هو البوني‪ ،‬صاحب كتاب الخرافة‬
‫والشعوذة «شمس المعارف الكبرى»‪ ،‬انظر عنه كتابي «كتب حذر‬
‫منها العلماء» (‪.)143 ،1/124‬‬
‫وانظسسسر لبدعيسسسة هذا الدعاء‪« :‬السسسسنن والمبتدعات» (‪-145‬‬
‫‪« ،)146‬رسسسالة ليلة النصسسف مسسن شعبان» ( ‪ )33 ،32‬لمحمسسد‬
‫حسسسسسنين مخلوف‪ ،‬رسسسسسالة «روي الظمآن» (ص ‪ )9‬للنصسسسساري‪،‬‬
‫«البداع» ( ‪ ،)290‬مجلة «المنار» ( ‪« ،)3/667‬البدع الحولية» (‬
‫‪ ،)303-302‬رسالتي «حسن البيان» (‪.)13‬‬
‫() (‪.)3/427‬‬ ‫‪3‬‬

‫() بدل ما بين المعقوفتين في «التحاف»‪« :‬لها»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر ما قدمناه (ص ‪.)124‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪،)1970 ،1969‬‬ ‫‪1‬‬

‫ومسلم في «صحيحه» (رقم ‪.)1156‬‬


‫() بحروفه في «القول البديع» (‪ )364-363‬للسخاوي‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فحش غلطه‪.‬‬
‫ن يكون مندرجا ً تحست أصسل عام‪ ،‬فيخرج مسا‬
‫الثانسي‪ :‬أ ْس‬
‫يخترع‪ ،‬بحيث ل يكون له أصل أصلً‪.‬‬
‫ن ل يعتقسد عنسد العمسل بسه ثبوتسه؛ لئل ينسسب‬
‫الثالث‪ :‬أ ْس‬
‫إلى النسسسبي مسسسا لم يقله»‪ .‬قال‪« :‬والخيران عسسسن ابسسسن‬
‫عبدالسسسلم‪ ،‬وعسسن صسساحبه ابسسن دقيسسق العيسسد‪ ،‬والول نقسسل‬
‫ي التفاقسَ عليسه» انتهسى‪ .‬والحديسث الذي اسستد َّ‬
‫ل بسه‬ ‫العلئ ّسُ‬
‫خزيران‪ ،‬هسو شديسد الضعسف ل يجوز العمسل بسه فسي فضائل‬
‫سبْرة( )‪ -‬متروك‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫العمال؛ ل َّس‬
‫ن أحسد رواتسه‪ -‬وهسو‪ :‬ابسن أبسي َس‬
‫يضسسع الحديسسث كمسسا تقدم( )‪ ،‬على أ ّسَ‬
‫ن القاضسسي أبسسا بكسسر بسسن‬ ‫‪2‬‬

‫العربي( ) ل يجوز العمل بالضعيف مطلقاً‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫وانظسسسر‪« :‬فتاوى الرملي» (‪ - 4/383‬هامسسسش «الفتاوى‬


‫الفقهيسة الكسبرى») لبسن حجسر الهيتمسي‪« ،‬تسبيين العجسب» (ص ‪،)21‬‬
‫«تحفة النام في العمل بحديث النبي عليه الصلة والسلم» للعلمة‬
‫محمسد حياة السسندي‪« ،‬حكسم العمسل بالحديسث الضعيسف فسي فضائل‬
‫العمال» جمع وإعداد صديقنا فوزي بن محمد العودة‪« ،‬حكم العمل‬
‫بالحديث الضعيف في فضائل العمال» لشرف بن سعيد‪« ،‬العلم‬
‫بوجوب التثبست فسي روايسة الحديسث وحكسم العمسل بالحديسث الضعيسف»‬
‫لسليمان بن ناصر العلوان‪.‬‬
‫() ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في الصل‪« :‬بسرة»‪ ،‬وهو خطأ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (ص ‪.)122‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر «العارضة» له (‪.)3/275‬‬ ‫‪3‬‬

‫ي الدنيا في الحديث‪ :‬أبي عبداللّه محمد بن‬


‫م ّ‬
‫بل هذا مذهب إما َ‬
‫إسسماعيل الجعفسي‪ ،‬وأبسي الحسسين مسسلم بسن الحجاج النيسسابوري‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫َ‬ ‫خزيران»‬
‫وتمويه خزيران في آخر كلمه بما يتعل ّق بليلة الن ِّصف‬
‫مسسن شعبان بقوله‪« :‬أمسسا الجتماع على قراءتسسه ‪-‬أي‪ :‬دعاء‬
‫ليلة النصسف‪ -‬فسي الليلة المذكورة‪ ،‬فهسو اجتماع على الدُّعاء‬
‫الذي هو مخ العبادة كما ورد في الحديث( )‪ ،‬في ليلة يتجلّى‬
‫‪1‬‬

‫فيها الحق ُّ على عباده من غروب الشمس‪ ،‬ويقول‪ :‬هل من‬


‫كذا؟ هسسل مسسن كذا؟‪ ...‬فيكون مسسن قبيسسل البدع المندوبسسة»‬
‫ظاهسسر حيسسث يقول فهسسو اجتماع على الدعاء الذي هسسو مسسخ‬
‫العبادة‪ ،‬كما ورد في الحديث‪ ،‬وذلك تصريح منه بأنه اجتماع‬
‫مخصوص‪ ،‬في زمان مخصوص‪ ،‬على وجه مخصوص‪ ،‬التزم‬
‫فيسه التّعبسد بأمسر مخصسوص‪ ،‬لم يرد فسي ال َّ‬
‫شرع دلي ٌ‬
‫ل عليسه‬
‫تفصسيلً‪ ،‬وإن كان مسن حيسث جنسسه داخل ً فسي دليسل الدعاء‬
‫الجمالي‪ ،‬مسسن غيسسر تقييسسد بهذه اللتزامات والخصسسوصيات‬
‫المعلومة‪ ،‬فيكون ابتداعا ً وقع الناس فيه من جهة توه ّم أنه‬
‫ي‬
‫صورة مشروعسٌ‪ ،‬مسع أنسه لم يقسم عليسه دليسل تفصسيل ّ‬ ‫بهذه ال ُّس‬
‫ن مسا كان مسن هذا‬ ‫بخصسوصه‪ ،‬وقسد ثبست مسا فيسه القناعسة بأ َّس‬

‫نص عليه في «مقدمة صحيحه» (‪.)28‬‬


‫فما بعد)‪ ،‬وكتابي «المام‬ ‫وانظر له‪« :‬مقالت الكوثري» (‪41‬‬
‫مسلم ومنهجه في الصحيح» (‪.)2/586‬‬
‫وهذا الذي كان يدافسع عنسه شيخنسا اللبانسي بقوة فسي كثيسر مسن‬
‫المناسسسبات والجلسسسات‪ ،‬وقرره بتحريسسر وتفنيسسد للشروط المذكورة‬
‫سابقا ً في تقديمه لس«صحيح الترغيب والترهيب» (‪- 65-1/47‬‬
‫ط‪ .‬المعارف)‪.‬‬
‫() الحديسث بلفسظ‪« :‬الدعاء هسو مخ العبادة» لم يثبست‪ ،‬والثابست‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫«الدعاء هسو العبادة»‪ ،‬انظسر تعليقسي على «الموافقات» (‪،)4/398‬‬


‫وتعليقي على «إعلم الموقعين» (‪.)3/102‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫القبيسل فهسو بدعسة‪ ،‬غيسر مباحسة‪ ،‬فضل ً عسن أنهسا مندوبسة كمسا‬
‫شرع‪،‬‬‫قال! وأيضاً‪ :‬فإن ذلك الجتماع ل يخلو عمسسا يخالف ال ّ‬
‫ُ‬
‫وأقل ّه قراءة سسسسورة (يسسسس) بصسسسوت واحسسسد‪ ،‬بالسسسستعجال‬
‫المتناهي الذي بسببه يقطع القارئون كلمات القرآن وآياته‪،‬‬
‫ويسقطون كثيرا ً من الكلمات والحروف‪ ،‬فيتغي َّر به المعنى‬
‫تغييرا ً فاحشاً‪ ،‬وفيسسه مسسا علم َ س‬
‫ت مسسن الفسسسق والثسسم‪ ،‬كمسسا‬
‫نقلناه( ) عسسن المام النووي‪ ،‬وبذلك يقعون ‪-‬أيضاً‪ -‬فسسي إثسسم‬ ‫‪1‬‬

‫ترك النصسات‪ ،‬وجهسر بعضهسم على بعسض بالقرآن‪ ،‬ومعلوم‬


‫أنسه منهسي عنسه‪ ،‬بقوله ‪« :‬أيهسا الناس‪ ،‬كلكلم يناجسي رب َّسه‪،‬‬
‫فل يجهسسر بعضكسسم على بعسسض بالقراءة»( )‪ ،‬خصسسوصا ً وأ ّسسَ‬
‫ن‬ ‫‪2‬‬

‫البعسسض مسسن الذيسسن يشتركون فسسي تلك التلوة ل يحفظون‬


‫السورة ول الدعاء( )‪ ،‬فيتلقَّفون الكلمات من غيرهم‪ ،‬وهناك‬
‫‪3‬‬

‫() (ص ‪.)111-110‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجسسسه عبدالرزاق (‪ ،)4216‬ومسسسن طريقسسسه‪ :‬أحمسسسد (‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)3/94‬وعبسسد بسسن حميسسد (‪ )883‬فسسي «مسسسنديهما»‪ ،‬وأبسسو داود (‬


‫‪ ،)1332‬والنسسسائي فسسي «الكسسبرى» (‪ ،)8092‬وابسسن خزيمسسة (‬
‫‪ ،)1162‬والحاكسسسم (‪ ،)311-1/310‬والبيهقسسسي (‪ )3/11‬مسسسن‬
‫حديث أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬اعتكف رسول اللّه في المسجد‪،‬‬
‫فسسمعهم يجهرون بالقراءة‪ ،‬وهسو فسي قُبَّةٍ له‪= =،‬فكشسف ال ُّس‬
‫ستوَر‪،‬‬
‫ضكسم بعضاً‪ ،‬ول يرفع ّس‬
‫ن‬ ‫ج رب َّسه‪ ،‬فل يؤذي َّس‬
‫ن بع ُ‬ ‫وقال‪« :‬أل إ ّس َّس‬
‫ن كل كم منا ٍس‬
‫بعضكُم على بعض بالقراءة»‪ ،‬وإسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫() حتسى لو حفظوهسا‪ ،‬فالذكسر بصسوت واحسد بدعسة‪ ،‬وللتفصسيل‬ ‫‪3‬‬

‫مقام آخسسسر‪ ،‬وانظسسسر «المدخسسسل» (‪ 1/90‬ومسسسا بعسسسد) لبسسسن الحاج‪،‬‬


‫و«رياض الصسسالحين» (تحسست الحديسسث رقسسم ‪ - 250‬تعليسسق شيخنسسا‬
‫اللبانسسسسسسسي)‪ ،‬و«مجلة المنار» (م ‪/31‬ص ‪ ،8‬سسسسسسسسنة ‪1930‬م‪-‬‬
‫‪1349‬هسسس)‪ ،‬و«السسسلسلة الصسسحيحة» (‪ ،)14-5/13‬واللّه الهادي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ه ول رسولُه‪.‬‬
‫التَّشويش والتشويه الذي ل يرضاه الل ُّ‬
‫ومسسسسن هذا يت ّسسسسضح فسسسسساد قول خزيران‪« :‬واجتماع‬
‫من ك ِّ‬
‫ل‬ ‫ل ِس‬
‫مسسلمي هذه البلد فسي مسساجدهم تلك الليلة‪ ،‬خا ٍ‬
‫منكرٍ وشّرٍ‪ ،‬إنسسه عبارة عسسن صسسلةٍ‪ ،‬وتلوةِ قرآن‪ ،‬وتضّر ٍسسع‪،‬‬
‫ودعاء»‪.‬‬
‫ولمسا أثبست حضرت ُسه ‪-‬على زعمسه‪ -‬إباحسة اجتماع الناس‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫للمولد‪ ،‬والنشاد فيه‪ ،‬أدمج ‪-‬أيضاً‪ -‬مسألة إباحة التوحيش‬
‫‪-‬الذي هسسو وداع رمضان‪ -‬فدخسسل فسسي الموضوع بعسسد ذكسسر‬
‫الفتوى الثَّانيسة لبسن حجسر‪ ،‬وقال‪« :‬وقسد ذكسر العلمسة الحسبر‬
‫ن ال َّ‬
‫شيسسخ عَّز الديسسن بسسن‬ ‫الرملي فسسي أواخسسر «فتاويسسه»( ) أ ّ سَ‬
‫‪2‬‬

‫سماع‪ ،‬الذي يفعل في هذا الزمان‬ ‫عبدالسلم( ) سئل عن ال َّ‬


‫‪3‬‬

‫فسي مجالس الذِّكسر‪ ،‬فأجاب بمسا صسورته‪« :‬سسماع مسا يحّرِس ُ‬


‫ك‬
‫سنيَّة المذ ِكّرة للخرة‪ ،‬مندوب إليه» انتهى‪.‬‬
‫الحوال ال َّ‬
‫ثسم رت ّسَب عليسه مسسا أراد السستدلل بسسه مسن التَّوحيسسش‪،‬‬
‫َ‬
‫ووداع رمضان بالناشيسد‪ ،‬فقال‪« :‬ومسن يط ّلع على مواضيسع‬
‫القصائد التي تنشد أثناء تلوة الموالد في هذه البلد‪ ،‬وعلى‬
‫حال مستمعيها‪ ،‬يذعن أن ّها من هذا القبيل‪ ،‬خصوصا ً إذا كان‬
‫صوت‪ ،‬وممسسا تقدَّم يتسسبي َّ ُ‬
‫ن حكسسم‬ ‫ن ال ّسسَ‬
‫س َ‬ ‫المنشد ُ صسسالحاً‪َ ،‬‬
‫ح َسس‬

‫والواقي‪.‬‬
‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)89-87‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظرها بهامش «الفتاوى الكبرى» لبن حجر الهيتمي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظسسر «كتاب الفتاوى» (ص ‪ )163‬للعسسز‪ ،‬ومقدمسسة كتابسسي‬ ‫‪3‬‬

‫«شعسسر خالف الشرع»‪ ،‬فقسسد اسسستوعبت كلم العلماء على السسسماع‪،‬‬


‫واللّه الموفق‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»المعتاد فسسي البلد ال َّ‬
‫شاميسسة فسسي المسسساجد بالليلة‬ ‫الجتماع‬
‫التسي ل تعاد فسي شهسر رمضان تلك السسنة‪ ،‬وذكسر المؤذنيسن‬
‫فرادى ومجتمعيسسسن القصسسسائد المرققسسسة للقلوب‪ ،‬المدمعسسسة‬
‫للعيون‪ ،‬المشتملة على تنسسبيه الغافسسل‪ ،‬إلى مسسا ق ّسسَ‬
‫صر فيسسه‬
‫خلل الشهسسر‪ ،‬وندمسسه على مسسا جنتسسه فيسسه يداه‪ ،‬مسسن قبيسسح‬
‫صائم فيسسسه بالمغفرة‬‫العمال وسسسسوء الحوال‪ ،‬وتبشيسسسر ال ّسسسَ‬
‫َ‬
‫والجنسة؛ كقولهسم‪ :‬يغفسر المولى لمسن صسل ّى وصسام‪ ،‬أخذا ً مسن‬
‫قوله الذي أخرجسسه الشيخان‪« :‬مسسن صسسام رمضان إيماناً‬
‫واحتسسساباً؛ غفسسر له مسسا تقدم مسسن ذنبسسه‪ ،‬ومسسن قام رمضان‬
‫إيمانا ً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه»( )‪ ،‬وقولهم‪« :‬إ َّ‬
‫ن‬ ‫‪1‬‬

‫م شهسسر‬ ‫فسسي الجنسسة باباً‪ ،‬اسسسمه‪ :‬الريان‪ ،‬ل يدخله إل صسسائ ُ‬


‫شيخان عسسن سسسهل بسسن‬ ‫رمضان»‪ ،‬اسسستنباطا ً ممسسا أخرجسسه ال َّ‬
‫سسعد‪ ،‬قال‪ :‬قال رسسول اللّه ‪« :‬فسي الجنسة ثمانيسة أبواب؛‬
‫مى‪ :‬الريَّان‪ ،‬ل يدخله إل الصائمون»( )‪ ،‬وأمثال‬
‫‪2‬‬ ‫منها باب يس َّ‬
‫حك َسم البليغسة‪ ،‬مسن‬ ‫ذلك مسن معانسي الحاديسث ال َّس‬
‫صحيحة‪ ،‬وال ِ‬
‫ل‪ ،‬ول إضرار بأحد‪ ،‬ول تمطيط خارج‬ ‫ص ٍّ‬
‫م َ‬‫غير تشويش على ُ‬
‫عسسن الحدّ‪ ،‬ول يجلس هذا المجلس إل ك ُّ‬
‫ل متشوِّق لسسسماع‬
‫ن ذلك مسن الجتماع على الخيسر‪ ،‬فيكون‬ ‫ذلك متعطسسش‪ ،‬وإ ّسَ‬
‫من البدعة المندوبة‪ ،‬وعلى القل فمن المباحة‪ .‬فكيف ينكر‬
‫على فاعله؟ على أنه قد شوهد من كثير من العوام الذين‬
‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)1901‬ومسسلم‬ ‫‪1‬‬

‫فسسي «صسسحيحه» (رقسسم ‪ )760‬مسسن حديسسث أبسسي هريرة ‪-‬رضسسي اللّه‬


‫عنه‪.-‬‬
‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)1896‬ومسسلم‬ ‫‪2‬‬

‫في «صحيحه» (رقم ‪.)1152‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يحضرون هذا الجتماع عنسسد مسسا يقول المؤ ِذّنون‪ :‬ل أوحسسش‬
‫اللّه منك يا شهر رمضان‪ ،‬يا شهر القرآن‪ ،‬يا شهر التَّراويح‪،‬‬
‫يا شهر التسابيح‪ ،‬وأشباه ذلك‪ ،‬البكاء والخشوع» انتهى‪.‬‬

‫فنقول‪ :‬يفهسم مسن كلمسه هذا‪ ،‬إن إباحسة التَّوحيسش على‬


‫رأيه متوق ِّفة على خلو أناشيد الوداع عن التَّمطيط‪ ،‬الخارج‬
‫ل‪ ،‬وهذا أمسر ل يمكسن‬‫عسن الحدِّ‪ ،‬ومسن التَّشويسش على مصس ٍّ‬
‫ل الناس يعلم أ َ‬
‫نّس المؤذِّنيسن ل يقصسدون بإنشاد‬ ‫نّس ك َّ‬
‫إثباتسه؛ ل َ‬
‫َ‬
‫تلك القصسسائد التسسي ينشدونهسسا إل إدخال الط ّرب بأصسسواتهم‬
‫جة‪ ،‬على السسسامعين الغافليسسن‪ ،‬وأكسسبر دليسسل على ذلك‪:‬‬ ‫الف ّ سَ‬
‫ة فسسي تمطيسسط أصسسواتهم‪،‬‬ ‫ة موحش ً‬‫مبالغسسة المنشديسسن مبالغ ً‬
‫ت‪،‬‬ ‫وبح حناجرهم‪ ،‬واجتماع بعضهم إلى بعض؛ ليعظم ال َّ‬
‫صو ُ‬
‫م ملحظتهم‬ ‫وتغلب اللهجة على المستمعين‪ ،‬وأد ُّ‬
‫ل منه‪ :‬عد ُ‬
‫معنسى النشاد الذي طبقسه على الحاديسث التسي أوردهسا؛ ل َ‬
‫نّس‬
‫ميون‪ ،‬ل يحسسسسنون لفسسسظ‬ ‫ُ‬
‫جميع سسَ المؤ ِذّنيسسسن والمنشديسسسن أ ِّ‬
‫الناشيسسد‪ ،‬ول ينطقون بهسسا صسسحيحة المبنسسى‪ ،‬على أنهسسم لو‬
‫أحسسنوا لفظ َسها‪ ،‬فإن لغ َس‬
‫ط أصسواتهم يضي ّسِعُ معناهسا‪ ،‬ففعسل‬
‫ة منكرةٌ‪ ،‬تنطبسق عليسه فتوى ابسن عبببد‬‫هؤلء المنشديسن بدع ٌ‬
‫ل بها خزيران؛ لنه ليس في إنشادهم ما‬ ‫السبلم‪ ،‬التي استد َّ‬
‫سنيَّة المذكِّرة َ للخرة‪ ،‬وإن كان مواضيسسع‬
‫ل ال ّسسَ‬
‫رك الحوا َ‬‫يح ّ ِ‬
‫ن رفع الصوات بالناشيد‬ ‫القصائد صحيحاً‪ ،‬على أنا نقول‪ :‬إ َّ‬
‫في المسجد‪ ،‬ولو كانت على الوجه الذي ذكره من حصول‬
‫الخشوع والبكاء ب ها ممنوع شرعاً؛ لمسا ورد عنسه أنسه قال‪:‬‬
‫«جنِّبوا مسسسساجدكم صسسسبيانكم‪ ،‬ومجانينكسسسم‪ ،‬وخصسسسوماتِكم‪،‬‬
‫ل سيوفكم‪ ،‬ورف عَ أصواتكم‪ ،‬وإقامة‬ ‫وبيع َكم‪ ،‬وشراءكم‪ ،‬وس َّ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مروهسسسسا أيام جمعكسسسسم»( )‪ ،‬وروى الترمذي‬
‫‪1‬‬
‫ِّ‬ ‫وج‬ ‫حدودكسسسسم‪،‬‬
‫والن َّسسائي عسن أبسي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسسول اللّه ‪« :‬مسن‬
‫ض اللّه فاك‬
‫رأيتموه ينشسسد شعرا ً فسسي المسسسجد‪ ،‬فقولوا‪ :‬ف ّسَ‬
‫ثلثاً»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال المام العلّم ُ‬


‫ة ابسسسن الحاج فسسسي «المدخسسسل»( )‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫«ينبغسي أن يمنسع مسن يرفسع صسوته فسي المسسجد فسي حال‬

‫() أخرجسسسه الطسسسبراني فسسسي «الكسسسبير» (‪ 8‬رقسسسم ‪،)7601‬‬ ‫‪1‬‬

‫و«مسسسند الشامييسسن» (رقسسم ‪ ،)3385‬والبيهقسسي فسسي «الخلفيات»‬


‫‪-‬كمسا فسي «فتسح الباري» (‪ ،-)13/157‬وابسن عدي فسي «الكامسل» (‬
‫‪ ،)5/1861‬والعقيلي فسسي «الضعفاء الكسسبير» (‪- )3/347‬ومسسن‬
‫طريقسه ابسن الجوزي فسي «العلل المتناهيسة» (‪ -)1/402‬مسن طريسق‬
‫العلء بسن كثيسر‪ ،‬عسن مكحول‪ ،‬عسن واثلة وأبسي الدرداء وأبسسي أمامسسة‬
‫رفعوه‪.‬‬
‫وإسناده واهٍ‪ ،‬فيه العلء بن كثير‪.‬‬
‫قال أحمسسد فسسي روايسسة حنبسسل ‪-‬كمسسا فسسي «تهذيسسب الكمال» (‬
‫‪« :-)22/535‬ليسسسس بشيسسسء»‪ ،‬وقال البخاري فسسسي «ضعفائه‬
‫الصسغير» (رقسم ‪« :)284‬منكسر الحديسث»‪ ،‬وقال ابسن حبان فسي=‬
‫=«المجروحيسسسن» (‪« :)2/182‬كان يروي الموضوعات عسسسن‬
‫الثبات»‪.‬‬
‫وله شواهد واهية‪ ،‬ل يفرح بها‪ ،‬وهذا البيان‪:‬‬
‫أخرج عبد الرزاق في «المصنف» (‪/1‬رقم ‪ ،)1728‬وابن عدي‬
‫في «الكامل» (‪ )1454-4/1453‬من طريق عبداللّه بن محرر‪،‬‬
‫عن يزيد بن الصم‪ ،‬عن أبي هريرة رفعه‪ ،‬وضعف عبداللّه بن محرر‪:‬‬
‫النسسائي والسسعدي وابسن معيسن والفلس وعببد ال بسن المبارك وقتادة‬
‫ووافقهم‪ ،‬وقال‪« :‬أحاديثه غير محفوظة»‪ ،‬قاله الزيلعي في «تخريج‬
‫أحاديث الكشاف» (‪.)1/325‬‬
‫وأخرج ابسن ماجسه فسي «سسننه» (رقسم ‪ ،)750‬والطسبراني فسي‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫صوت في المسجد بدعة»‪.‬‬ ‫خطبة وغيرها؛ ل َّ‬
‫ن رفع ال َّ‬ ‫ال ُ‬
‫قال المام ناصر الدين أحمد بن محمد ابن المني ِّر في‬
‫مى بسسس«النتصسساف»( )‪« :‬وحسسسبُك فسسي تعييسسن‬
‫‪1‬‬ ‫كتابسسه المسسس َّ‬
‫م‬‫السسرار فسي الدُّعاء اقترانسه بالتضُّرع فسي آيسة {ادْع ُوا َربَّك ُس ْ‬
‫ن} [العراف‪ ،]55 :‬وإ ّسَ‬
‫ن‬ ‫معْتَدِي َس‬ ‫ح ّسُ‬
‫ب ال ُ‬ ‫ة إِن ّسَ ُ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ضُّرعا ً وَ ُ‬
‫خفْي َ ً‬ ‫تَ َ‬

‫«الكسبير» (‪ 22‬رقسم ‪ ،)136‬و«مسسند الشامييسن» (رقسم ‪)3380‬‬


‫مسن طريسق الحارث بسن نبهان‪ ،‬عسن عتبسة بسن يقظان‪ ،‬عسن أبسي سسعيد‪،‬‬
‫عن مكحول‪ ،‬عن واثلة بن السقع مرفوعا ً به‪.‬‬
‫وإسسناده واه ٍس بمرة‪ ،‬أبسو سسعيد هسو محمسد بسن سسعيد المصسلوب‪،‬‬
‫قال أحمسسد‪« :‬كان يضسسع الحديسسث»‪ ،‬وقال البخاري‪« :‬تركوه»‪ ،‬وقال‬
‫النسسائي‪« :‬كذاب»‪ ،‬والحارث بسن نبهان ضعيسف‪ ،‬قاله البوصسيري فسي‬
‫«زوائده على ابسن ماجسه» ( ‪ ،)1/265‬وضعّسفه ابسن حجسر فسي «فتسح‬
‫الباري» (‪.)3/157‬‬
‫وأخرج عبدالرزاق فسسسي «المصسسسنف» (‪ 442-1/441‬رقسسسم‬
‫‪- )1729‬ومن طريقه إسحاق بن راهويه في «مسنده»‪ ،‬كما في‬
‫«تخريسسسج الزيلعسسسي للكشاف» ( ‪ ،)1/325‬و«نصسسسب الرايسسسة» (‬
‫‪ ،-)2/492‬والطبراني في «الكبير» ( ‪ 20‬رقم ‪ )669‬من طريق‬
‫عبد ربه بن عبداللّه الشامي‪ ،‬عن مكحول‪ ،‬عن معاذ مرفوعاً‪.‬‬
‫ومكحول لم يسسمع مسن معاذ‪ ،‬إل أن فسي روايسة الطسبراني بيسن‬
‫مكحول والشامسسي (يحيسسى ابسسن العلء)‪ ،‬كذا فسسي «المعجسسم»‪ ،‬وفسسي‬
‫«مسسند الشامييسن»‪« :‬مكحول عسن ابسن العلء عسن معاذ»‪ ،‬وأعله‬
‫بالنقطاع ابن حجر في «تخريج الكشاف» (‪.)44‬‬
‫وأخرجسه عبدالرزاق فسي «المصسنف» (‪ 1‬رقسم ‪ )1727‬مسن‬
‫مرسل مكحول‪.‬‬
‫والحديث ضعيف من طرقه كلها‪.‬‬
‫انظسسر‪« :‬فوائد حديثيسسة» (‪ - 154-153‬بتحقيقسسي)‪ ،‬و«مجمسسع‬
‫الزوائد» (‪ ،)26 ،2/25‬و«تفسسير ابسن كثيسر» (‪ ،)6/68‬و«تفسسير‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫دعاءً ل تضّرع فيسه ول خشوع‪ ،‬لقليسل الجدوى‪ ،‬فكذلك دعاء‬
‫ل خفيسسسة ول وقار يصسسسحبه‪ ،‬وترى كثيرا ً مسسسن أهسسسل زمانسسسك‬
‫صياح فسسسي الدُّعاء‪ ،‬خصسسسوصا ً فسسسي‬ ‫يعتمدون ال ّسسسُ‬
‫صراخ وال ّسسسِ‬
‫الجوامسسع‪ ،‬حتسسى يعظسسم اللغسسط ويشتسسد‪ ،‬وتسسستد المسسسامع‬
‫[وتسستك]( )‪ ،‬ويهتسز الدَّاعسي بالناس‪ ،‬ول يعلم أنسه جمسع بيسن‬
‫‪1‬‬

‫صوت فسسي الدُّعاء‪ ،‬وفسسي المسسسجد‪ ،‬وربمسسا‬


‫بدعتيسسن‪ :‬رفسسع ال ّسَ‬

‫القرطسسسبي» (‪ ،)12/270‬و«الترغيسسسب والترهيسسسب» (‪،)1/199‬‬


‫و«تذكرة الموضوعات» (‪ ،)37‬و«السسسسرار المرفوعسسسة» (‪،)172‬‬
‫و«كشسسسسسسسسسسسسسف الخفاء» (‪ ،)1/400‬و«الدرر المشتهرة» (‪،)68‬‬
‫و«إصسسسلح المسسسساجد» (‪ ،)110‬و«الجوبسسسة الفاضلة»= =(‪،)55‬‬
‫و«صفة صلة النبي ‪ ،) « )97، 98‬وكتابي «القول المبين» (ص‬
‫‪.)287-286‬‬
‫ض‬
‫ت بع َ‬‫هذا‪ ،‬وقد شهدت خطر هذا الحديث الواهي‪ ،‬عندما رأي ُ‬
‫العامسسة مسسن الجهلة يطردون الناشئة مسسن بيوت اللّه‪ ،‬محت ّ‬
‫جيسسن بهذا‬
‫الف قه‪ ،‬فينفّرونهم من الدين‪ ،‬على حين تفتح المؤسسات النصرانية‬
‫صدرها وذراعيها لبناء المسلمين مع أبنائهم‪ ،‬ول قوة إل باللّه‪.‬‬
‫() الحديسث باللفسظ المذكور ليسس عنسد الترمذي ول النسسائي‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وإنمسا أخرجسه الطسبراني فسي «الكسبير» (‪- )1454‬ومسن طريقسه ابسن‬


‫حجسسر فسسي «نتائج الفكار» (‪ ،-)1/300‬وابسسن السسسني فسسي «عمسسل‬
‫اليوم والليلة» (‪ ،)153‬والديلمسي فسي «الفردوس» (‪ 3/557‬رقم‬
‫‪ ،)5749‬وابسن منده فسي «معرفسة الصسحابة» مسن طريسق عباد بسن‬
‫كثير‪ ،‬عن يزيد بن خصيفة‪ ،‬عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬به‪.‬‬
‫وإسناده ضعيف جداً ‪ ،‬عباد بن كثير متروك‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪« :‬هذا حديث منكر السند والمتن»‪.‬‬
‫وعزاه في «كشف الخفاء» (‪ )1/401‬للطبراني وابن السني‬
‫وابسن منده عسن أبسي هريرة قوله‪ ،‬ذكره وزاد عليسه فسي آخره‪« :‬ومسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حصسسلت للعوام حينئذ رقّ سة ل تحصسسل مسسع خفسسض ال ّ سَ‬
‫صوت‪،‬‬
‫ورعاية سمت الوقار‪ ،‬وسلوك السنة الثابتة بالثار‪ ،‬وما هي‬
‫إل رقسة شبيهسة بالّرِسقة العارضسة للن ّ ِسساء والطفال‪ ،‬ليسست‬
‫ة عسن صسميم الفؤاد؛ لنهسا لو كانست مسن أصسل لكانست‬ ‫خارج ً‬
‫سنَّة فسي الدُّعاء‪ ،‬وفسي خفسض ال ّس‬
‫صوت بسه‪ ،‬أوفسر‬ ‫عنسد اتّباع ال ُّس‬
‫وأوفى وأزكى‪ ،‬فما أكثر التباس الباطل بالحق على عقول‬

‫رأيتموه ينشسسد ضالة فسسي المسسسجد فقولوا‪ :‬ل وجدتهسسا‪ ،‬ثلثاً»‪ ،‬وهذا‬
‫القسم الخيسر بنحوه عنسد الترمذي (‪ ،)1321‬والنسسائي فسي «عمسل‬
‫اليوم والليلة» (‪ ،)176‬والدارمسسسي ( ‪ ،)1408‬ابسسسن خزيمسسسة (‬
‫‪ ،)1305‬وابسسن السسسني ( ‪ ،)155‬وابسسن حبان ( ‪ - 313‬موارد)‪،‬‬
‫وغيرهسم عسن أبسي هريرة رفعسه‪ ،‬ولعسل هذا سسبب وهسم المصسنِّفَين فسي‬
‫عزو الحديث للترمذي والنسائي‪.‬‬
‫وهنالك أثسر فسي منسع قول الشعسر فسي المسسجد‪ ،‬وفيسه عقوبسة‬
‫زائدة على ما في هذا الحديث‪.‬‬
‫أخرج مسسدد فسي «مسسسنده» ‪-‬كمسا فسي «المطالب العاليسة» (‬
‫‪ ،-)1/176‬والخطيسب فسي «المتفسق والمفترق» ( ‪ 3/2003‬رقسم‬
‫‪ )1647‬بسسند ٍ ضعيسف عسن عبداللّه بسن مسسعود‪ ،‬قال‪« :‬إذا رأيتسم‬
‫الشيسسخ ينشسسد الشعسسر فسسي المسسسجد يوم الجمعسسة‪ ،‬فاقرعوا رأسسسه‬
‫بالعصا»‪.‬‬
‫والحاديث الصسحيحة فسي جواز قول الشعسر فسي المسسجد أصسح‪،‬‬
‫وانظسر فسي المسسألة‪« :‬الوسسط» لبسن المنذر (‪« ،)5/127‬شرح‬
‫معاني الثار» (‪« ،)4/358‬سنن البيهقي»= ( ‪« ،)2/448‬تفسير‬
‫‪)323-322‬‬ ‫القرطسسسسبي» (‪« ،)12/271‬إعلم السسسساجد» (‬
‫للزركشسي‪«= ،‬المجالسسة» (‪ - 2315‬بتحقيقسي)‪« ،‬فتسح الباري» (‬
‫‪« ،)1/549‬نتائج الفكار» ( ‪« ،)1/306‬رد المحتار» ( ‪،)1/444‬‬
‫‪،)17/464‬‬ ‫«عون المعبود» ( ‪« ،)3/417‬بذل المجهود» (‬
‫«الفتوحات الربانية» (‪.)68-2/67‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫كثير من الخلق! اللهم أرنا الحق حقا ً وارزقنا اتباعه‪ ،‬وأرنا‬
‫ل باطل ً وارزقنا اجتنابه» انتهى‪.‬‬
‫الباط َ‬
‫وممسا تقدّم‪ :‬يفهسم أن وداع َس رمضان بدع ٌس مسن المسر‪ ،‬ولو‬
‫جة ول برهان‪،‬‬ ‫ح ّس‬
‫حاول المحاولون إباحتسه واسستحسانه بدون ُ‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫لسسسيّما مسسع مسسا يقسسع بسسسبب التَّوديسسع مسسن المور الغيسسر‬
‫المشروعة؛ كالتَّغن ِّي والتَّطّرب في بيوت لم تشي َّد إل للذِّكر‬
‫والعبادة‪ ،‬وكرفع الصوات في المساجد‪ ،‬وهو مكروه كراهة‬
‫مع الولد الَّرعاع‪ ،‬الذيسسن ل يحضرون إل بعسسد‬ ‫شديدة‪ ،‬وتج ّسس‬
‫سماع خاصة‪ ...،‬إلى غير ذلك‪.‬‬ ‫صلة‪ ،‬للتفّرج وال َّ‬ ‫انقضاء ال َّ‬
‫وأما ما نسبه إلينا‪ ،‬من أننا أدخلنا في أفكار العامة‪ ،‬أنه‬
‫ن هذه‬‫ل لزوم لصسلة الظهسر بعسد صسلة الجمعسة‪ ،‬فنقول‪ :‬إ َّس‬
‫سادة الشافعية( ) أنفسهم‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫ف بين ال َّ‬
‫المسألة طال فيها الخل ُ‬
‫ب فليرجع إلى كُتُبهم‪ ،‬وإلى‬ ‫وأُل ِّفت فيها الرسائل( )‪ ،‬فمن أح َّ‬
‫‪3‬‬

‫() (‪ ،)2/222‬وانظسسر منسسه (‪ )1/106‬فسسي رفسسع الصسسوت‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬أيضاً‪.-‬‬
‫‪ -‬بهامش «الكشاف»)‪.‬‬ ‫() (‪2/66‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مسسسا بيسسسن المعقوفتيسسسن سسسسقط مسسسن الصسسسل‪ ،‬وأثبتسسسه مسسسن‬


‫‪1‬‬

‫«النتصاف»‪.‬‬
‫() (غير) إذا أضيفت ل تعرف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظسسر ‪-‬على سسسبيل المثال‪« :-‬حاشيسسة الشبراملسسسي» على‬ ‫‪2‬‬

‫«نهايسسسسة المحتاج» (‪« ،)303-2/302‬حاشيسسسسة البجيرمسسسسي على‬


‫المنهج» (‪ )1/423‬وما سيأتي‪.‬‬
‫() مسسن أجودهسسا رسسسالة مصسسطفى الغليينسسي (ت ‪1364‬هس س ‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪1945‬م)‪ ،‬وهسي مطبوعسة بعنايتسي‪ ،‬آخسر كتابسي «إعلم العابسد بحكسم‬


‫تكرار الجماعسسة فسسي المسسسجد الواحسسد»‪ ،‬الطبعسسة الثالثسسة منسسه‪ ،‬سسسنة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪1‬‬
‫العلماء الَّراسخين منهم‪ ،‬فيقف على الحقيقة( )‪.‬‬
‫شيخ جمع‬ ‫ن ذلك ال َّ‬‫مل في رسالة خزيران‪ :‬يَر أ َّ‬‫ن تأ َّ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫مزيجا ً مسسسن المسسسسائل العلميسسسة‪ ،‬كان فيهسسسا حاط َسسس‬
‫ب ليسسسل‪،‬‬
‫وحشرهسا إلى ذهنسه‪ ،‬ثسم نشرهسا قلمسه كمسا شاء عقله وهواه‪،‬‬
‫ش بها العامة‪ ،‬ويساعد بها من اتَّخذ دينه متجراً‪ ،‬وجعل‬
‫ليده َ‬
‫ذكسر اللّه آلة لسسلب الموال‪ ،‬فالحاديسث التسي اسستد َّ‬
‫ل بهسا‬
‫‪1420‬هسسس ‪1999 -‬م‪ .‬وانظسسر فسسي مدح هذه الرسسسالة «الجوبسسة‬
‫النافعسسة» (ص ‪ )74‬لشيخنسسا اللبانسسي ‪-‬رحمسسة اللّه عليسسه‪ ،-‬وسسسيأتي‬
‫كلمه قريباً‪.‬‬
‫وصسنّف غيسر واحسد مسن المتأخريسن رسسائل خاصسة فسي المسسألة؛‬
‫من ذلك‪:‬‬
‫* «العتصسام بالواحسد الحسد مسن إقامسة جمعتيسن فسي بلد» لعلي‬
‫بن عبدالكافي السبكي (ت ‪756‬هس)‪ ،‬منها نسخة خطية في مكتبة‬
‫الجامسع الكسبير بصسنعاء بخسط موسسى بسن أحمسد‪ ،‬وهسي مطبوعسة ضمسن‬
‫«فتاويه» (‪.)186-1/171‬‬
‫* «تعدد الجمعة» لعمر بن علي الرفاعي‪ ،‬منها نسخة في دار‬
‫الكتب المصرية [‪ 34‬مجاميع]‪.‬‬
‫* «جواز صسلة الجمعسة فسي موضعيسن» لبسن كمال باشسا (ت‬
‫‪940‬هسس)‪ ،‬منهسا نسسختان فسي كوبرلي‪ ،‬وأخرى فسي دار الكتسب‪ .‬انظسر‬
‫«فهارس كوبرلي» (‪ 2/214‬و‪ ،)3/338‬و«فهرس دار الكتب» (‬
‫‪.)1/428‬‬
‫* «حكسم تعدد صسلة الجمعسة فسي المسساجد ومسا يتعلق بإعادتهسا‬
‫ظهرا ً جماعسسة» لبراهيسسم المأمونسسي‪ ،‬منهسسا نسسسخة فسسي دار الكتسسب‬
‫المصرية [‪.]1013‬‬
‫* «القوال المجتمعسة فسي منسع تعدد الجمعسة» منهسا نسسخة‬ ‫=‬
‫خطية في جامعة أم القرى (‪ )407/3‬في (‪ 5‬ورقات) ( ‪)95-90‬‬
‫فرغ الناسسخ منهسا سسنة ‪975‬هسس‪ ،‬انظسر‪« :‬فهرس مخطوطات جامعسة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ة عليسه؛ لنسه أوَّلهسا‬
‫ً‬ ‫وحج‬ ‫لنسا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫دليل‬ ‫فكان‬ ‫صسحيح‪،‬‬ ‫هسو‬ ‫منهسا مسا‬
‫كمسا أحسب‪ ،‬واسستنتج منهسا مسا أراد‪ ،‬حتسى صسار نموذجا ً لقول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫مغَّرِسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس ِ‬
‫ب‬ ‫ت‬ ‫و ُ‬
‫ة وسسسسر ُ‬
‫ت مشّرق ً‬‫سسسسار ْ‬
‫مغّرِباً‬
‫ومنهسا مسا هسو ضعيسف‪ ،‬أو واه ٍس‪ ،‬أو موضوع‪ ،‬وقسد أشرنسا‬

‫أم القرى» (‪« ،)1/125‬الفهرس الشامل» (‪.)1/662‬‬


‫* «اللمعسة المسستفادة فسي إقامسة الجمعة والعادة» لمحمسد بسن‬
‫خاتسم المالكسي الحسسائي‪ ،‬منهسا نسسخة خطيسة فسي جامعسة أم القرى (‬
‫‪ )323‬فسي ( ‪ 7‬ورقات)‪ ،‬انظسر‪« :‬فهرس مخطوطات جامعسة أم‬
‫القرى» (‪.)1/156‬‬
‫* «اللمعسة فسي آخسسر ظهسسر الجمعسة» لنوح مصسطفى الرومسي‬
‫الحنفسي‪ ،‬منهسا نسسخة خطيسة فسي جامعسة أم القرى (‪ )1414‬فسي (‬
‫‪ 15‬ورقة)‪ ،‬وأخرى فسي دار الكتب المصسرية [ ‪ 83‬مجاميع]‪ .‬ان ظر‪:‬‬
‫«فهرس مخطوطات جامعسة أم القرى» ( ‪« ،)2/138‬فهرس دار‬
‫الكتب» (‪.)1/427‬‬
‫* «إعادة صسلة الجمعسة بعسد الظهسر» لبراهيسم بسن محمسد بسن‬
‫جمعان‪ ،‬نسسخة كتبست فسي القرن (‪11‬هسس)‪ ،‬منهسا نسسخة فسي جامعسة‬
‫الملك سعود بالرياض [‪/824/3‬م]‪.‬‬
‫* «بلوغ الرفعسة لطالبسي أحكام ظهسر الجمعسة» لمؤلف حنفسي‪،‬‬
‫منهسا نسسخة فسي مكتبسة أسسعد أفندي‪ ،‬اسستانبول [‪ ،]3779‬ضمسن‬
‫مجموع‪.‬‬
‫* «جواب على رسالة القاضي العلمة محمد أحمد العنس في‬
‫سسقوط الظهسر فسي كسل جمعسة» لفقيسه زيدي‪ ،‬منهسا نسسخة فسي مكتبسة‬
‫الجامسسع الكسسبير بصسسنعاء [مجاميسسع ‪ ]118‬كمسسا فسسي «فهارسسسها» (‬
‫‪.)2/1022‬‬
‫* وقال محمسسد أديسسب آل تقسسي الديسسن الحصسسني فسسي كتابسسه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ل فسسي‬‫إلى ذلك بمسسا فيسسه الكفايسسة‪ .‬هذا وقسسد تطَّرف الَّرج ُ‬
‫اليهام‪ ،‬وترويسسسج مسسسا أتسسسى بسسسه إلى حدٍّ أظهسسسر فيسسسه خطراً‬
‫محسسسوسا ً على الدِّيسن مسسن نور تعاليمنسسا المخالفسسة لنزعتسسه‬
‫ورغبته التي أراد أن يحمل الناس عليها ظلما ً وعلواً‪ ،‬وهكذا‬
‫جعسسل خاتمسسة رسسسالته السسستنجاد بالعلماء مسسن أهسسل مصسسر‬

‫«منتخبات التواريسخ لدمشسق» (ص ‪ )753‬فسي ترجمسة (عيسسى بسن‬


‫شمسس الديسن الكردي)‪ ،‬الشهيسر (بالمل الدمشقسي) (ت ‪1332‬هسس)‪:‬‬
‫«له رسسسالة بمنسسع صسسلة الظهسسر يوم الجمعسسة عنسسد الشافعيسسة‪ ،‬وهسسي‬
‫مطبوعة»‪.‬‬
‫() هناك جهود مشكورة مسسسسبرورة لمجموعسسسسة مسسسسن العلماء‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العاملين في محاربة بدعة صلة الظهر بعد الجمعة‪ ،‬وهذه جملة من‬
‫نقول أئمة العصر في ذلك‪:‬‬
‫* الشيخ العلمة محمد رشيد رضا ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪:-‬‬
‫ذكر بدعيّتها في «فتاويه» (‪ 3/942‬و ‪ 1551-4/1550‬و‬
‫‪ 497 ،23/259‬و‬ ‫‪ ،)1966-5/1965‬ومجلة «المنار» (‬
‫‪ ،)34/120‬وله جهود مشكورة في محاربتها‪.‬‬
‫* الشيخ العلمة جمال الدين القاسمي ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪:-‬‬
‫ذكر بدعيّتها في كتابه «إصلح المساجد» (ص ‪.)52-49‬‬ ‫=‬
‫* الشيخ العلمة الشقيري‪:‬‬
‫ذكسسسر بدعيّتهسسسا فسسسي كتابسسسه «السسسسنن والمبتدعات» (ص ‪،10‬‬
‫‪.)123‬‬
‫* الشيخ العلمة محمود محمد خطاب السبكي‪:‬‬
‫أطال في بدعيّتها في كتابه «الدين الخالص» أو «إرشاد الخلق‬
‫إلى دين الحق» (‪.)178-4/175‬‬
‫* الشيخ حامد محيسن الشافعي‪:‬‬
‫أطال فسسي بيان بدعيّتهسسا فسسي مقالة له‪ ،‬نشرت فسسي مجلة «نور‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والشام‪ ،‬وبرجال المجلس السلمي‪ ،‬في القدس الشريف‪،‬‬
‫م له مسسا تمنَّاه‪ ،‬وأجهسسد نفسسسه للوصسسول إليسسه‪،‬‬ ‫أمل ً بأن يت ّسسَ‬
‫ن العلماء علماء ل يميلون مسسسسسع الهوى‪ ،‬ول‬ ‫وهيهات! فإ ّسسسسسَ‬
‫سوى‪ ،‬وإن الحقّسسَ رائد ُسسهم‪ ،‬ونصسسرة الحسسق‬ ‫ينظرون إلى ال ّسسِ‬
‫بغيتهسسم‪ ،‬ولو أنسسه كلمسسا خطسسر لنسسسان خاطسسر يؤيدونسسه فيسسه‬
‫مت‬ ‫ويجارونسسه على مسسا يرتضيسسه‪ ،‬لمسسا بقسسي للحسسق أثسسر‪ ،‬ولع ّسَ‬
‫الفوضسى‪ ،‬وزاد الخطسر‪ ،‬كيسف والعلماء ورثسة النسبياء؟ يحيون‬
‫مسا أمات الجاهلون مسن سسنن الهدى‪ ،‬ويكشسف اللّه بهسم عسن‬
‫المسسسسسسة غياهسسسسسسب الَّردى‪ ،‬فل حول ول قوة إل باللّه العلي‬
‫العظيسسم‪ .‬ويسسا حبذا لو يحكسسم العلماءُ فسسي مسسسألة الجنازة‪،‬‬
‫وبقية المسائل التي نازع فيها الخصم العنيد؛ ليظهر الحق ُّ‪،‬‬
‫ويزهق الباطل‪ .‬وأه ُّ‬
‫م شيء يجب انتباه علماء العصر إليه‪:‬‬

‫السلم» الصادرة في جمادى الثانية‪ ،‬سنة ‪1356‬هس‪ ،‬العدد السابع‬


‫من السنة الثالثة‪.‬‬
‫* الشيخ المحدث محمد ناصر الدين اللباني‪:‬‬
‫ذكر بدعيّتها في (بدع الجمعة) في آخر كتابه «الجوبة النافعة»‬
‫(ص ‪ ،)74‬وقال‪( :‬وللشيخ مصطفى الغلييني رسالة نافعة في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬اسمها‪« :‬البدعة في صلة بعد الجمعة»‪ ،‬نشرت في مجلة‬
‫«المنار» على دفعات‪ ،‬فانظسسر ( ‪،)29-8/24 ،948-7/941‬‬
‫ولعلهسا أفردت فسي رسسالة مسستقلّة)‪ .‬قلت‪ :‬انظسر الهامسش السسابق‪،‬‬
‫وانظسسر ‪-‬غيسسر مأمور‪ -‬كلمسسي فسسي «القول المسسبين» (‪،)388-384‬‬
‫«وبسل الغمام» ( ‪« ،)1/344‬فتاوى علماء الحسساء» ( ‪-1/359‬‬
‫‪.)360‬‬
‫() ذكره فسسسسسي «تاج العروس» (‪ )25/501‬مادة (شرق) بل‬ ‫‪1‬‬

‫نسسبة‪ ،‬وهسو فسي «المعجسم المفصسل فسي شواهسد اللغسة العربيسة» (‬


‫‪ ،)1/416‬و«العلم» (‪ - 3/15‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫تلك الواقعات‪ ،‬وتوضيسسح أحكام ال َّ‬
‫شريعسسة فيهسسا‪ ،‬ليعود‬ ‫أشباه‬
‫َ‬
‫للدِّين مجدُه‪ ،‬وللسلم زهرتُه‪ ،‬وليقف المجازفون في المل ّة‬
‫ال َّس‬
‫سمحة عنسد حدِّ هم‪ ،‬ول يطمعوا فسي إغواء غيرهسم‪ ،‬ويكون‬
‫ن المسلمين‬‫شرين؛ ل َّ‬
‫في ذلك المن من استشراء داء المب ّ ِ‬
‫صحيحة‪ ،‬ل يمكسسسن أن‬ ‫متسسسى وقفوا على معالم الشرع ال ّسسسَ‬
‫سفاسف‪ ،‬ول أن يعتنوا بالَّزعانسف‪ ،‬واللّه يعلم‬‫يلتفتوا إلى ال ّسَ‬
‫صرنا في مقاومة التّيّارين‪ ،‬دون أن تأخذنا في اللّه‬ ‫أننا ما ق ّ‬
‫ن ذلك هسو الذي هي َّسج علينسا خزيران وأضراب ُسه‬ ‫لومسة لئم‪ ،‬وإ َّس‬
‫من جنود المتمسسسسكين بالمحافظسسسة على إرضاء العامسسسة‪،‬‬ ‫ِ سس‬
‫من ورائهسسم‬ ‫ومناوأة الخاصسسة‪ ،‬وإن ّ سا لهسسم لبالمرصسساد‪ ،‬واللّه ِ س‬
‫سلم على سيدنا‬ ‫محيط‪ ،‬والحمد للّه أول ً وآخراً‪ ،‬وال َّ‬
‫صلة وال َّ‬
‫من الخطسسأ والزلل‪ ،‬وعلى آله وأصسسحابه‬ ‫محمسسد المعصسسوم ِ س‬
‫والتَّابعيسسن لهسسم بإحسسسان إلى يوم الديسسن‪ ،‬ونسسستغفر اللّه‬
‫من تأليفهسا فسي‬
‫ما طغسا بسه القلم‪ ،‬وكان الفراغ ِس‬
‫م ّس‬
‫العظيسم ِ‬
‫ضحوة الكسسبرى يوم الثّلثاء الواقسع فسي ‪ 22‬ذي الحجسة عام‬‫ال ّ‬
‫‪1343‬هس‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫صورة الفتوى التي أفتى بها أحدنا في‬


‫صياح‬
‫حيفا لما سئل عن ال ِّ‬
‫في التَّهليل والتَّكبير وغيرهما أمام‬
‫الجنائز‬
‫صياح فسسي‬‫سسسؤال‪ :‬مسسا قول أهسسل العلم الحسسق فسسي ال ّسسِ‬
‫التَّهليل والتَّكبير وغيره أمام الجنائز؟ أفتونا أثابكم اللّه‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬هسو مكروه تحريماً‪ ،‬وبدعسة قبيحسة‪ ،‬يجسب على‬
‫علماء المسسلمين إنكارهسا‪ ،‬وعلى كسل قادر إزالتهسا‪ ،‬قال اللّه‬
‫ن}‬ ‫معْتَدِي َ‬ ‫ح ُّ‬
‫ب ال ُ‬ ‫ة إِن َّ ُ‬
‫ه ل َيُ ِ‬ ‫ضُّرعا ً وَ ُ‬
‫خفْي َ ً‬ ‫‪-‬تعالى‪{ :-‬ادْع ُوا َربَّك ُ ْ‬
‫م تَ َ‬
‫[العراف‪]55 :‬؛ أي‪ :‬ادعوه تذلل ً واسسسستكانة‪ ،‬إنسسسه ل يح ّسسسُ‬
‫ب‬
‫المجاوزيسسسن لمسسسا أمروا بسسسه مسسسن الدُّعاء بالتّشدق‪ ،‬ورفسسسع‬
‫صوت‪ ،‬فمن جاوز ما أمره اللّه في شيء من الشياء فقد‬ ‫ال َّ‬
‫اعتدى‪ ،‬وأخرج البخاري ومسسسلم فسسي «صسسحيحيهما» فسسي‬
‫حديث أبي موسى الشعري ‪-‬رضي اللّه عنه‪ ،-‬قال‪ :‬كنا مع‬
‫س يجهرون بالت ّسسسَكبير‪ ،‬فقال‬
‫رسسسسول اللّه ‪ ،‬فجعسسسل النا ُ سس‬
‫رسسول اللّه ‪« :‬أيهسا الناس! أربعُوا على أنفسسكم‪ ،‬إنكسم ل‬
‫م ول غائباً‪ ،‬إنكسسم تدعون سسسميعا ً بصسسيراً‪ ،‬وهسسو‬
‫تدعون أصسس َّ‬
‫معكسسسم‪ ،‬والذي تدعونسسسه أقرب إلى أحدكسسسم مسسسن عنسسسق‬
‫راحلته»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)2992‬ومسسلم‬ ‫‪1‬‬

‫في «صحيحه» (رقم ‪.)2704‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫قال صاحب «الدر»( )‪« :‬ويكره في الجنازة رفع صوت‬
‫‪1‬‬

‫بذكر أو قراءة»‪.‬‬
‫قال ابسن عابديسن فسي «حاشيتسه»( ) عليسه‪« :‬قال صساحب‬
‫‪2‬‬

‫ت‪ ،‬وفيه‬ ‫«البحر»‪ :‬وينبغي لمن تبع الجنازة أن يطيل ال َّ‬


‫صم َ‬
‫عن «الظهيرية»‪ :‬فإن أراد أن يذكر اللّه‪ -‬تعالى‪ -‬يذكره في‬
‫نفسه» انتهى باختصار وتصّرف‪.‬‬
‫وقال ال ُّ‬
‫شُرنبللي( ) ‪-‬أيضاً‪« :-‬ويكره رفع الصوت بالذِّكر‬
‫‪3‬‬

‫صمت‪ ،‬وقولهم‪ :‬كل حي سيموت‪ ،‬ونحو‬‫والقرآن‪ ،‬وعليهم ال ّ‬


‫ذلك خلف الجنازة بدعة»‪.‬‬
‫قال العلمة الطحطاوي( ) في «حاشيته عليه»‪« :‬وفي‬
‫‪4‬‬

‫«القهسسستاني» عسسن «القنيسسة»‪ :‬يكره تحريما ً رفسسع الصسسوت‬


‫بالذكسر والقرآن خلف الجنازة‪ .‬وفسي «السسراج»‪ :‬ويسستحب‬
‫لمسن اتبسع الجنازة أن يكون مشغول ً بذكسر اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬سسراً‬
‫ن هذا عاقبة أهل الدنيا‪ ...‬فإن‬ ‫والتفكر فيما يلقاه الميت‪ ،‬وأ َّ‬
‫لم يذكسسسر اللّه‪ -‬تعالى‪ -‬فلْيلزم ال ّسسسَ‬
‫صمت‪ ،‬ول يرفسسسع صسسسوتَه‬
‫بالقراءة ول بالذكسر‪ ،‬ول يغتّر بكثرة مسن يفعسل ذلك‪ ،‬وأمسا مسا‬
‫يفعله الجهال فسسي القراءة على الجنازة مسسن رفسسع الصسسوت‬
‫والتَّمطيسسسط فيسسه‪ ،‬فل يجوز بالجماع( )‪ ،‬ول يسسسع أحدا ً يقدر‬
‫‪5‬‬

‫‪ -‬حاشيته)‪.‬‬ ‫() (‪2/233‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪.)2/233‬‬ ‫‪2‬‬

‫() في «مراقي الفلح شرح نور اليضاح» (ص ‪.)101‬‬ ‫‪3‬‬

‫() في الصل‪« :‬الطنطاوي»!!‬ ‫‪4‬‬

‫() فسسسي الصسسسل‪« :‬فسسسي الجماع»‪ ،‬والمثبسسست مسسسن «حاشيسسسة‬ ‫‪5‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫على إنكاره أن يسكت عنه‪ ،‬ول ينكر عليه»( ) انتهى‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فيؤخسسذ مسسن هذا‪ :‬أنسسه يتعي ّ سَن على كسسل قادر على إزالة‬
‫أن يزيلهسسسا‪ ،‬وإل فهسسسو آثسسسم وشريسسسك‬ ‫هذه البدعسسسة‪،‬‬
‫ل عالم أن ينكرهسا‪ ،‬وإل فهسو داخسل‬ ‫لصساحبها‪ ،‬ويجسب على ك ِّ‬
‫تحت قوله ‪« :‬إذا حدثت في أمتي البدع‪ ،‬وشتم أصحابي‪،‬‬
‫مه‪ ،‬فمسن لم يفعسل لعنسه اللّه والملئكسة‬ ‫فلْيظهسر العال ِس ُ‬
‫م عل َس‬
‫رواه الحافسسسظ الجري فسسسي كتاب‬ ‫والناس أجمعيسسسن»‬
‫(‪)2‬‬

‫سنَّة»( ) من( ) طريق الوليد بن مسلم عن معاذ بن جبل‪.‬‬


‫«ال ُّ‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫انتهى‪.‬‬

‫الطحطاوي»‪.‬‬
‫() «حاشية الطحطاوي» (ص ‪.)332‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه مسهبا ً في التعليق على (ص ‪.)47-45‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أي‪« :‬الشريعسة» (رقسم ‪ )2075‬وسسنده عنده هكذا‪« :‬بقيسة‬ ‫‪3‬‬

‫بسن الوليسد والوليسد بسن مسسلم‪ ،‬قال‪ :‬ثنسا ثور بسن يزيسد‪ ،‬عسن خالد بسن‬
‫معدان‪ ،‬عسسن معاذ»‪ ،‬ل كمسسا فسسي الصسسل ‪-‬وهسسو المثبسست‪ ،-‬وروي على‬
‫ت ذلك في تخريجي للحديث‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬ ‫ضروب وألوان‪ ،‬ذكر ُ‬
‫() في الصل‪« :‬في»‪ ،‬والصواب ما أثبتناه‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫[صورة فتوى الشيخ عبداللّه الجزار( )]‬


‫‪1‬‬

‫ت هذه الفتوى إلى الفاضسل الشيسخ عبداللّه‬ ‫ُ‬


‫سل َ ْ‬
‫وقسد أْر ِس‬
‫الجزار‪ ،‬مفتسي عكسا‪ ،‬وسسئل عسن رأيسه فسي ذلك‪ ،‬فأجاب بمسا‬
‫يلي‪:‬‬
‫م على سيدنا‬ ‫صلة ُ وال َّ‬
‫سل ُ‬ ‫صواب‪ ،‬وال َّ‬ ‫الحمد للّه ملهم ال َّ‬
‫محمد‪ ،‬والل‪ ،‬والصحاب‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫ن إطلق الكراهة التَّحريمية في رفع الصوت‬ ‫فأقول‪ :‬إ َّ‬
‫أمام الجنائز بالذِّكسسر وخلفسسه خلف مسسا ذكره العلمسسة ابسسن‬
‫عابديسن فسي «حاشيتسه رد المحتار»( )‪ ،‬مسن كون كراهسة مسا‬
‫‪2‬‬

‫ذكسسسر‪ ،‬قيسسسل‪ :‬تنزيهيسسسة‪ ،‬وقيسسسل‪ :‬تحريميسسسة( )‪ ،‬وكذلك ذكسسسر‬


‫‪3‬‬

‫() وهسو شيسخ خزيران المردود عليسه‪ ،‬وقسد ولد فسي عكسا سسنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪1855‬م‪ ،‬مسن أسسرة قدمست مسن المغرب‪ ،‬ودرس فسي عكسا‪ ،‬واتبسع‬
‫الطريقسة الشاذليسة‪ ،‬ثسم درس فسي الزهسر‪ ،‬وعي ّسن خطيبا ً وإماما ً فسي‬
‫جامسع أحمسد باشسا‪ ،‬والتحسق فسي القضاء الشرعسي‪ ،‬كاتبا ً فسي المحكمسة‬
‫الشرعيسة فسي العهسد العثمانسي‪ ،‬وأصسبح قاضيا ً شرعيا ً لمحكمسة عكسا‪،‬‬
‫فمفتيا ً لهسسا‪ ،‬وبقسسي مفتيا ً فيهسسا زمسسن النتداب البريطانسسي حتسسى آخسسر‬
‫حياته‪ ،‬حقق رسالة الربيع بن ليث‪ ،‬وطبعها في عكا سنة ‪1928‬م‪،‬‬
‫توفسي سسنة ‪1939‬م‪ ،‬ترجمتسه فسي «مسن أعلم الفكسر والدب فسي‬
‫فلسطين» (ص ‪.)90-89‬‬
‫() (‪.)2/233‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الفرق بينهما‪ :‬أن التنزيهية فيها عتاب‪ ،‬والخرى فيها عقاب‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫والفرق بينهمسسا وبيسسن الحرام‪ :‬أن الحرام ثبسست بدليسسل قطعسسي دونهسسا‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫القهسسستاني فسسي «شرح الُّرموز» مسسا نصسسه‪ :‬ل بأس لمشيسسع‬
‫الجنازة بالجهسر بالقرآن والذكسر‪ ،‬وقيسل‪ :‬إنسه مكروه كراهسة‬
‫التَّحريسم‪ ،‬فإ َّس‬
‫ن ظاهره صسريح فسي أ َّس‬
‫ن المعتمسد فيسه الكراهسة‬
‫التنزيهيسة لذكره كراهسة التحريسم بمسا يشعسر بال َّ‬
‫ضعسف‪ .‬وذكسر‬
‫مثسسل ذلك ‪-‬أيضاً‪ -‬فسسي «شرح ملتقسسى البحسسر على مجمسسع‬
‫النهسر»( )‪ ،‬على أنسه قسد ذكسر العلمسة الشيسخ عببد القادر أفندي‬
‫‪1‬‬

‫وهذا على مصسطلح الحنفيسة دون غيرهسم‪ .‬انظسر‪« :‬تيسسير التحريسر» (‬


‫‪« ،)2/135‬مسسلّم الثبوت» (‪« ،)1/58‬التلويسح على التوضيسح» (‬
‫‪.)2/126‬‬
‫() (‪.)1/274‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الرافعسي( ) مفتسي الديار المصسرية سسابقا ً فسي تقريره( ) على‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫سندي‬ ‫«حاشيسة المحقسق السسيد محمسد عابديسن»‪ ،‬نقل ً عسن ال ّ ِس‬


‫سيِّد الطَّاهر الهدل أنه قال‪ :‬ال ُّ‬
‫سنة‬ ‫صه‪« :‬ونقل عن ال َّ‬ ‫ما ن ّ‬
‫سكوت‪-‬يعني‪ :‬وراء الجنازة‪ -‬لكن قد اعتاد‬ ‫‪-‬وإن كانت هنا ال ُّ‬
‫س كثرة الصسلة على النسبي ‪ ،‬ورفسع أصسواتهم بذلك‪،‬‬ ‫النا ُس‬
‫سكوت والتفكر‪ ،‬فيقعون‬ ‫سهم عن ال ُّ‬
‫ت نفو ُ‬‫منِعُوا أب ْ‬
‫وهم إن ُ‬
‫() هسو الشيسخ عببد القادر الرافعسي‪ ،‬وهسو أول مسن لقّسب بالرافعسي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الفاروقسسي الحنفسسي‪ ،‬وينتهسسي نسسسبه إلى أميسسر المؤمنيسسن عمسسر بسسن‬


‫الخطاب‪ ،‬ولد فسسي طرابلس‪ ،‬الشام‪ ،‬سسسنة ‪1248‬هسسس ‪1832 -‬م‪،‬‬
‫ونشأ بها‪ ،‬وتلقى مبادئ العلم‪ ،‬ولما ترعرع‪ ،‬سافر إلى مصر‪ ،‬والتحق‬
‫بالزهر‪ ،‬ثم اشتغل بالتدريس فيه‪ ،‬وتخرج عليه عدد كبير من أفاضل‬
‫العلماء‪ ،‬وتولى مشيخسسة رواق الشوام‪ ،‬وإفتاء ديوان الوقاف‪ ،‬وعي ّ ِسن‬
‫عضوا ً في مجلس الحكام‪ ،‬ثم رئيسا ً للمجلس العلمي في المحكمة‬
‫الشرعيسسة‪ ،‬وفسسي سسسنة ‪1323‬هس س عي ّ سن مفتيا ً للديار المصسسرية قبسسل‬
‫وفاتسه بثلثسة أيام‪ ،‬وتوفسي فجأة سسنة ‪1323‬هسس ‪1905 -‬م بمصسر‪،‬‬
‫ودفسن فسي قرافسة المجاوريسن‪ ،‬ورثاه كثيسر مسن الشعراء والكتاب‪ ،‬له‬
‫ترجمسسة مطولة فسسي‪« :‬تراجسسم علماء طرابلس وأدبائهسسا» (ص ‪-88‬‬
‫‪ )91‬لعبسسد اللّه حسسبيب نوفسسل‪« ،‬العلم الشرقيسسة» (‪ 1/337‬رقسسم‬
‫‪« ،)440‬العلم» (‪ ،)4/46‬وجمسسع ابنسسه محمسسد رشيسسد كتابا ً فسسي‬
‫ترجمتسسسه وهسسسو مطبوع‪ ،‬وعنوانسسسه «ترجمسسسة حياة الشيسسسخ عبببببد القادر‬
‫الرافعي»‪.‬‬
‫() قال عنسسسه صسسساحب «تراجسسسم علماء طرابلس» (ص ‪:)90‬‬ ‫‪2‬‬

‫«مله بالتحقيسق الدقيسق‪ ،‬وبالنتقاد‪ ،‬كمسا يظهسر لمسن يقرأه‪ ،‬مطبوعاً‬


‫في مصر‪ ،‬وزاد على المطبوع تكملة ما برحت مخطوطة»‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬اسسم التكملة «ذخيرة الخبار بتتمسة رد المحتار‬
‫على الدر المختار»‪ ،‬وهسسي بخطسسه فسسي المكتبسسة الزهريسسة‪1961 ،‬‬
‫رافعسي‪ ،‬فقسه حنفسي ‪ ،26800‬وله ‪-‬أيضاً‪« -‬جدول الغلط الواقعسة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فسسي كلم دنيويسّ‪ ،‬ربمسا وقعوا فسسي غيبسسة‪ ،‬وإنكار المنكسر إذا‬
‫ب ارتكاباً؛‬
‫أفضسسى إلى مسسا هسسو أعظسسم منكرا ً كان ترك ُ سه أح ّ سَ‬
‫لخف المفسدتين‪ ،‬كما هي القاعدة الشرعية( )‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ي سسيدي عبدالوهاب‬ ‫م الكسبير العالم الربان ُّس‬


‫وذكسر الما ُس‬
‫شعرانسي فسي (عهسد تشييسع موتسى المسسلمين) فسي كتابسه‬ ‫ال َّ‬
‫«العهود المحمديسسة» نقل ً عسسن شيخسسه العارف باللّه سسسيدي‬
‫علي الخواص ‪-‬رضسي اللّه عنهمسا‪ -‬مسا نصسه‪« :‬وكان سسيِّدي‬
‫علي الخواص يقول‪ :‬إذا علم من الماشين مع الجنازة أنهم‬
‫ل يتركون اللغسسسو فسسسي الجنازة‪ ،‬ويشتغلون بأحوال الدنيسسسا‪،‬‬
‫ينبغي أن نأمرهم بقول‪( :‬ل إله إل اللّه‪ ،‬محمد رسول اللّه)‪،‬‬
‫ن ينكر ذلك إل‬ ‫فإن ذلك أفضل من تَْركه‪ ،‬ول ينبغي لفقيه أ ْ‬
‫ص أو إجماع‪ ،‬فإن مسسسع المسسسسلمين الذن العام( ) مسسسن‬
‫‪2‬‬
‫بن ّسس ٍس‬
‫شارع بقول‪( :‬ل إله إل اللّه‪ ،‬محمسسد رسسسول اللّه) كسسل‬ ‫ال َّ‬
‫وقسست شاؤوا‪ ،‬ويسسا للعجسسب مسسن عمسسى قلب مسسن ينكسسر مثسسل‬

‫فسسسسي كتاب قرة عيون الخيار تكملة رد المحتار على الدر المختار»‪،‬‬
‫ومسسا أجدر الكتاب الول بالطباعسسة؛ لعنايتسسه بالنوازل وتخريجهسسا على‬
‫الصول‪ ،‬فضل ً عن التحقيق والتذييل والتذنيب‪.‬‬
‫() هدي السسسلف المنقول خلف هذا‪ ،‬وهسسو مقدم على تخريسسج‬ ‫‪1‬‬

‫القواعسسسد‪ ،‬فالمسسسسائل ينبغسسسي أن تقرر أحكامهسسسا بالنقسسسل‪ ،‬فإن تعذر‬


‫فبالسسسستنباط والتخريسسسج على القواعسسسد والمقاصسسسد‪ ،‬وهكذا‪ .‬وانظسسسر‬
‫لقاعدة (ارتكاب أخف الضررين)‪« :‬فتاوى قاضي خان» (‪،)1/172‬‬
‫«القواعسسد والضوابسسط المسسستخلصة مسسن التحريسسر» (‪،)168 ،149‬‬
‫«القواعد الفقهية» للنَّدْوي (‪« ،)147‬موسوعة القواعد الفقهية» (‬
‫‪.)2/82‬‬
‫() انظر لزاما ً رد المصنِّفَين على هذه الشبهة في (ص ‪.)92‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫هذا!! وربمسسا غرم عنسسد الحكَّام الفلوس‪ ،‬حتسسى يبطسسل قول‬
‫المؤمنين‪( :‬ل إله إل اللّه‪ ،‬محمد رسول اللّه) ‪ ρ‬في طريق‬
‫ش يباع‪ ،‬فل يكل ِّف خاطره أن‬ ‫الجنازة‪ ،‬وهسسسسو يرى الحشي َسسسس‬
‫شاش‪ :‬حرام عليسسسك‪ ...‬إلى آخسسسر مسسسا ورد فيسسسه‪،‬‬ ‫يقول للح َّ‬
‫ة فسي هذه‬ ‫ن البلوى قسد كثُرت‪ ،‬والغفل ُ‬ ‫فراجعسه»‪ ،‬وعليسه؛ فإ َّس‬
‫الوقات قسد اسستولت على قلوب الخلق أجمسع‪ ،‬وذهلوا عسن‬
‫التّفك ّر فسي أحوال الخرة‪ ،‬وانصسرفت هم ُ‬
‫مهسم ووجهت ُسهم إلى‬
‫الدنيسا فسي جميسع الزمان‪ ،‬فضل ً عمسا يقسع منهسم أثناء تشييسع‬
‫الجنائز‪ ،‬مسن اللغسو والغيبسة‪ ،‬فل بأس مسن العمسل بقول هذا‬
‫العارف( )‪ ،‬وقسد نقسل فسي «الحواشسي المدني َّسة» عسن بعسض‬ ‫‪1‬‬

‫أفاضسسل علماء ال ّسسَ‬


‫سادة الشافعيسسة( ) مسسا يؤيسسد ذلك‪ ،‬وذكسسر‬
‫‪2‬‬

‫المدابغسسي فسسي «حاشيتسسه» على قول الخطيسسب الشربينسسي‬


‫ما نصه‪« :‬أي‪ :‬رفع‬ ‫على شرح (وكره اللغط في الجنازة)‬
‫(‪)3‬‬

‫صوت‪ ،‬ولو بقرآن‪ ،‬أو ذكسر‪ ،‬أو صسلة على النسبي ‪ ،‬وهذا‬ ‫ال َّس‬
‫صدر الول‪ ،‬وإل فالن ل بأس بذلك؛‬ ‫باعتبار مسسا كان فسسي ال ّ سَ‬
‫لنسه شعار الميست؛ ل َ‬
‫نّس تركسه مزرٍ بالميست‪ ،‬ولو قيسل بوجوبسه‬
‫لم يبعد»( ) انتهى نقل ً عن بعض مشايخه‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫() هذا مردود‪ ،‬بما قرر المؤل ِّفان فيما سبق‪ ،‬واللّه الموفّق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر‪« :‬حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج» (‬ ‫‪2‬‬

‫‪« ،)3/187‬حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج» (‪.)3/23‬‬


‫() «القناع» (‪.)1/178‬‬ ‫‪3‬‬

‫() انظسر‪« :‬المنسح السسامية فسي النوازل الفقهيسة» (‪-1/163‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ )166‬و«النوازل الجديدة الكسسبرى» (‪ )2/39‬كلهمسسا للمهدي بسسن‬


‫محمد بن الخضر الوزاني المالكي (ت ‪1342‬هس ‪1923 -‬م)‪ ،‬وله‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫لنا تحريره في هذا الموضوع‪ ،‬ونسأله‬ ‫هذا ما تيسر‬
‫إلى سواء السبيل‪ ،‬ويوفِّقنا إلى ما فيه‬ ‫‪-‬تعالى‪ -‬أن يهدينا‬
‫ق أسلم‪ ،‬واللّه ‪-‬سبحانه‬ ‫‪ ،‬واتِّباع الح ّ‬ ‫رضاه‪ ،‬ورضا نبيِّه‬
‫مفتي عكَّا‬ ‫وتعالى‪ -‬أعلم‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫في‬
‫‪1343‬‬ ‫رجب عام‬
‫(‪)1‬‬
‫عبد ال الجزار‬

‫«تقييد في جواز الذكر» رد فيه على العلمة الرهوني‪ ،‬ولعله ما في‬


‫«النوازل الصسسغرى» المسسسماة «المنسسح السسسامية»‪ ،‬انظسسر‪« :‬معلمسسة‬
‫الفقسسه المالكسسي» (‪« ،)186‬المطبوعات الحجريسسة فسسي المغرب» (‬
‫‪ ،)78‬ولبسي العباس أحمسد بسن أبسي المحاسسن بسن يوسسف الفاسسي‬
‫الفهري رسسسسالة فسسسي جواز الذكسسسر بالجهسسسر مسسسع الجنازة‪ ،‬انظسسسر‬
‫«المطبوعات الحجرية في المغرب» (‪.)78‬‬
‫() كان مديرا ً للمدرسسسة الحمديسسة بعكسسا‪ ،‬وكانسست تابعسسة لزهسسر‬
‫‪1‬‬

‫فلسسطين‪ .‬انظسر‪« :‬مسن تاريخنسا» للسستاذ محمود العابدي (‪-2/152‬‬


‫‪« ،)153‬بلدنا فلسطين» (الجزء السابع ‪ -‬القسم الثاني) (في ديار‬
‫الجليل) (ص ‪ ،)303‬ومضت ترجمته قريباً‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فأرسسسل المسسستفتي ‪ -‬وهسسو‪ :‬الحاج عبببد الواحببد الحسسسن‪،‬‬
‫نائب رئيسس الجمعيسة الخيريسة( ) بحيفسا‪ -‬صسورة الفتوي َسين إلى‬
‫‪1‬‬

‫سبكي( )‪ ،‬والشيخ‬
‫‪2‬‬ ‫ال ُستاذين‪ :‬الشيخ محمود محمد خطاب ال ُّ‬
‫من كبار علماء الزهر‪.‬‬ ‫علي سرور الَّزنكلوني ِ‬
‫فأجاب حضرة السسسستاذ العل ّسسسمة الشيسسسخ علي سسسسرور‬
‫الَّزنكلوني بما يأتي‪:‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫ما بعد‪:‬‬‫صلة والسلم على رسول اللّه‪ ،‬أ ّ‬ ‫الحمد للّه‪ ،‬وال َّ‬
‫نّس تشييسع الجنائز فسي نظسر السسلم مسن المسسائل الدينيسة‪،‬‬ ‫فإ َ‬
‫التسسي ل يجوز شرعا ً أن يذهسسب بهسسا العرف‪ ،‬أو تتحك ّ سم فيهسسا‬
‫دّيسسن السسسلمي إل مسسا جاء فسسي كتاب اللّه‬ ‫العادة‪ ،‬وليسسس ال ِ‬
‫صحيحة‬ ‫ة العملي َّ ُ‬
‫ة ال َّ‬ ‫سن ُ‬ ‫وسنة رسوله محمد ‪ ،‬وقد بيَّن ْ‬
‫ت ال ُّ‬
‫ت والتَّفكيسر فسي‬ ‫صم ُ‬ ‫م اللّه فسي هذه المسسألة‪ ،‬وأنسه ال ّسَ‬‫حك َس‬
‫ُ‬
‫صحابة ‪-‬رضوان اللّه‬
‫الموت‪ ،‬وفيمسا بعسد الموت‪ ،‬وقسد سسار ال َّس‬
‫ف الصسالح على هذا الحكسم بعسد‬ ‫عليهسم‪ ،-‬والتَّابعون‪ ،‬وال َّس‬
‫سل ُ‬
‫ً‬ ‫إجماعا‬ ‫وفاة النسبي ( )‪ ،‬ولم يحدث فيسه تغييسر‪ ،‬فكان ذلك‬
‫‪3‬‬

‫صمت والتفكيسر هسو‬ ‫سنة‪ ،‬مسن أ َّس‬


‫ن ال َّس‬ ‫منهسم على مسا قررتسه ال ّس‬
‫المطلوب‪ ،‬ولم يخالف أحسد مسن المجتهديسن فسي هذا الحكسم؛‬

‫() انظسر عنهسا كتاب عبداللّه الحورانسي «الجمعيات الخيريسة فسي‬ ‫‪1‬‬

‫الضفة الفلسطينية وقطاع غزة» صادر عن دار الكرمل‪.‬‬


‫() سبقت ترجمته (ص ‪.)24‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما علقناه (ص ‪.)14-11‬‬ ‫‪3‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ل ّسسسَ‬
‫ن المذاهسسسب الفقهيسسسة المعوَّل عليهسسسا ل تعتمسسسد إل على‬
‫الدلئل الشرعية‪ ،‬وليس لنا دليل شرعي يخالف حكم هذه‬
‫دّ ين مسن التّشييسع‬ ‫المسسألة؛ ول َ‬
‫نّس الغرض الذي يرمسي إليسه ال ِ‬
‫هسسسو التَّأدب والتَّفرغ للخشوع واسسسستحضار مسسسا يؤول إليسسسه‬
‫ن المنتهى إلى اللّه‪ ،‬كما كان منه المبدأ‪ ،‬مع ما‬‫النسان‪ ،‬وأ َّ‬
‫ضوضاء‪ ،‬وصرف النفس عن‬ ‫صوت من الجلبة وال َّ‬‫في رفع ال َّ‬
‫سّس شيسء بسسعادة النسسان فسي‬ ‫التّفكسر فسي الموت‪ ،‬وهسو أم ُ‬
‫تلك الحالة‪ ،‬وقسسسد شرع اللّه العبادات كلهسسسا فسسسي صسسسورها‬
‫المختلفة‪ ،‬وأشكالها المتعددة‪ ،‬لترمي إلى غاية واحدة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫السسعادة البدي َّسة‪ ،‬إل أنسه ‪-‬ج َّ‬
‫ل شأن ُسه‪ -‬جعسل لكسل عبادة شكلً‬
‫خاصساً‪ ،‬وروحا ً خاصسة‪ ،‬يتناسسبان مسع كسل طريسق موصسل إلى‬
‫تلك السسسعادة‪ ،‬وقسسد أمرنسسا بالتفكسسر فسسي الموت فسسي أكثسسر‬
‫شؤوننسسسسسا‪ ،‬وأن حالة تشييسسسسسع الجنازة أعون على المتثال‪،‬‬
‫وأدعسى إلى تأك ّسد الطّلب‪ ،‬حيسث المشيعون قسد تفَّرغوا إلى‬
‫توديسع واحسد منهسم ‪-‬وقسد كان معهسم بالمسس‪ -‬ليذهبوا بسه إلى‬
‫مقّرِه فسي دار الجزاء‪ ،‬فالوقست إذاً‪ :‬وقست العظات البالغات‪،‬‬
‫والتَّفكيسر العميسق‪ ،‬ومسن هذا يتسبين لنسا‪ :‬حكسم اللّه فسي هذه‬
‫المسألة‪.‬‬
‫صوت فسسي الجنازة بالقراءة‬ ‫أمسسا القول بجواز رفسسع ال ّسسَ‬
‫ذّكسر وغيرهمسا‪ ،‬وأنسه ل بأس بسه‪ ،‬وأن مسن قال بوجوبسه ل‬ ‫وال ِ‬
‫ف فسي ديسن اللّه‪ ،‬ول قيمسة له‪ ،‬مسا دامست‬ ‫يبعسد‪ ،‬فغيسر معرو ٍس‬
‫سنَّة وعمسسل ال ّسَ‬
‫صدر الول على خلفسسه‪ ،‬ومسسا دام لم يقسسم‬ ‫ال ّسُ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ي آخر على طلب الجهر أو جوازه جوازا ً مستوي‬ ‫ل شرع ٌّ‬ ‫دلي ٌ‬
‫الطرفين‪ ،‬وأما ما نقل عن بعض المتأخرين من العلماء ‪-‬إن‬
‫ل على حالة خاصسسة‪ ،‬ل يتعدَّى‬ ‫صسس َّ‬
‫ح الخسسذ بآرائهسسم‪ -‬فمحمو ٌ‬
‫الحكسم فيهسا ظروفهسا الخاصسة؛ مثال ذلك‪ :‬أن يتمك َّسن الجه ُ‬
‫ل‬
‫دّين من الناس ويتحاكموا إلى العصبية والجاهلية الولى‪،‬‬ ‫بال ِ‬
‫إذا استحكم الخلف بينهم‪ ،‬ويخشى إذا فُوجئوا وقت تشييع‬
‫سنَّة أن تحدث فتنسسسة‪ ،‬تعود على‬
‫الجنازة بطلب العمسسسل بال ّسسسُ‬
‫ضعف والتَّفّرق‪ ،‬خصوصا ً إذا كان الداعي فاقد‬ ‫المسلمين بال َّ‬
‫يء النيسسة؛ ففسسي مثسسل تلك الحالة‪ ،‬يجوز أن‬ ‫الحكمسسة‪ ،‬أو سس ّ‬
‫يترك الناس على مسا هسم عليسه فرارا ً مسن الفتنسة‪ ،‬ل غيسر( )‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫حيسسث المسسر بالمندوب قسسد يؤدي بالناس إلى الوقوع فسسي‬


‫المحرم‪ ،‬وليسس معنسى هذا‪ :‬إن مسا هسم عليسه هسو الجائز‪ ،‬أو‬
‫شرعيسة فسي كسل‬ ‫سنَّة ال َّ‬
‫المطلوب شرعاً‪ ،‬بسل هسو مخالف لل ُّس‬
‫حال‪ ،‬فهذه الحالة الخاصسة ل تغي ّ ِسر حكسم اللّه فسي المسسألة‪،‬‬
‫فل ترفسسع عسسن المسسسلمين العالميسسن القادريسسن حرج إهمال‬
‫الدَّعوة إلى اللّه سسرا ً وجهرا ً عنسد أمسن الفتنسة‪ ،‬أمسا مسا يقال‬
‫مسن أن المشيِّعيسن إذا لم يشتغلوا بالذكسر والقراءة وغيرهسا‪،‬‬
‫فإنهسسسم يشتغلون بأحاديسسسث الدنيسسسا‪ ،‬ويقعون فسسسي محَّرمات‬

‫() على وفسسسق المقرر عنسسسد الفقهاء‪ ،‬ودرجات تغييسسسر المنكسسسر‬


‫‪1‬‬

‫خمسسسة؛ فإن زال أو نقسسص‪ :‬فالنهسسي واجسسب‪ ،‬وإن زال بعضسسه وظهسسر‬
‫منكر مثله‪ :‬فمحل نظر‪ ،‬وإن لم يزل‪ :‬فهو سنّة مرغَّب= =فيه‪ ،‬وإن‬
‫ترتب عليه منكر مثله أو أشد‪ :‬فإنكاره منكر‪ .‬وانظر ‪-‬لزوماً‪« :-‬إعلم‬
‫الموقعين» (‪ - 340-3/339‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫القول‪ ،‬فل يغي ّ ِسر مسسن حكسسم اللّه شيئاً‪ ،‬إذ المسسسلمون جميعاً‬
‫مطالبون فسسي كسسل شأن مسسن شؤونهسسم‪ ،‬بالمسسر بالمعروف‬
‫مه‪،‬‬ ‫ن‪ ،‬وانطمسست معال ِس ُ‬ ‫دّي ُس‬‫والنهسي عسن المنكسر‪ ،‬وإل لضاع ال ِ‬
‫ن‬‫بتحك ّسسسم الفوضسسسى والعادات‪ ،‬واللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يقول‪{ :‬فَإ ِسسس ْ‬
‫َ‬
‫ن كُنْت ُ س ْ‬
‫م‬ ‫ل إِس ْ‬
‫سو ِ‬ ‫يءٍ فَُردُّوه س ُ إِلَى الل ّ سهِ وَالَّر ُ س‬
‫ش ْ‬‫م فِ سي َ‬ ‫تَنَاَزع ْت ُ س ْ‬
‫َ‬
‫ن تَأ ْ ِويلً }‬
‫س ُ‬‫ح َ سس‬
‫َ‬
‫خيٌْر وَأ ْ‬‫ك َ‬ ‫ن بِالل ّسسسهِ وَالْيَوْسسسم ِ ال ِ‬
‫خرِ ذل ِسسس َ‬ ‫منُو َ سس‬ ‫تُؤ ْ ِ‬
‫[النساء‪.]59 :‬‬
‫أما كون الذكسر مطلوبا ً فسي ذاته‪ ،‬ومأذونا ً فيسه من جهسة‬
‫شارع‪ ،‬إذنا ً عاماً‪ ،‬فل يتنافسى مسع كراهتسه فسي وقست شرع‬ ‫ال َّ‬
‫اللّه فيه عبادة ً خاصة‪ ،‬لحكمة يعلمها‪ ،‬تعود على المسلمين‬
‫بالخير الكثير‪.‬‬
‫وفَّقنسسا اللّه جميعا ً لفهسسم دينسسه فهما ً صسسحيحاً‪ ،‬ورزقنسسا‬
‫ل به‪ ،‬وال َّ‬
‫سلم‪.‬‬ ‫العم َ‬

‫علي سرور الَّزنكلوني‬


‫(‪) 1‬‬

‫من علماء‬
‫الزهر‬

‫‪ )(1‬له ذكر في كلم أحمد الغماري في كتابه «دَّر الغمام الرقيق»‬


‫(‪ ،)187‬ول تأبه به!!‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وأجاب حضرة السسستاذ العل ّ سَمة الشيسسخ محمود محمسسد‬
‫سبكي( ) بما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫خطاب ال ّ‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫م الَّر ُس‬ ‫الحمسد للّه رب العالميسن القائل‪{ :‬وَس َ‬
‫ما آتَاك ُس ُ‬
‫صلة‬‫ه فَانتَهُوا} [الحشسسر‪ ،]27 :‬وال ّسسَ‬ ‫ما نَهَاك ُسس ْ‬
‫م ع َن ْسس ُ‬ ‫فَ ُ‬
‫خذ ُوهسسُ وَسس َ‬
‫والسسلم على سسيدنا محمسد القائل‪« :‬مسن عمسل بسسنتي فهسو‬
‫مني‪ ،‬ومن رغب عن سنتي فليس مني»( )‪ ،‬وعلى من كان‬
‫‪2‬‬

‫بشرعه من العاملين النَّاصرين‪.‬‬


‫مسسسن محمود خطاب إلى حضرة المجسسسد عبدالواحسسسد‬
‫صواب‪.‬‬‫الحسن ل يزال موفقا ً لل َّ‬
‫السلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته‪ ،‬وعلى كل من اتبع‬
‫الهدى‪ ،‬أمسسا بعسسد‪ :‬فأقول لحضرتكسسم‪ :‬قسسد وصسسل خطابكسسم‬
‫صوت حال السير مع الجنازة‪.‬‬‫مستفهمين عن حكم رفع ال َّ‬
‫(والجواب)‪:‬‬
‫سكوت في‬ ‫شريف هو ال ُّ‬ ‫شرع ال َّ‬
‫ن الحكم الوارد في ال َّ‬
‫إ َّ‬
‫تلك الحال‪ ،‬كمسسا كان عليسسه رسسسول اللّه ‪-‬صسسلى اللّه تعالى‬
‫عليسسه وآله وسسسلم‪ -‬وأصسسحابه ‪-‬رضسسي اللّه تعالى عنهسسم‪،-‬‬

‫() مضت ترجمته (ص ‪.)24‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)5063‬ومسسلم‬ ‫‪2‬‬

‫في «صحيحه» (رقم ‪ ،)1401‬بلفظ‪« :‬من رغب عن سنتي فليس‬


‫مني»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وسسلف المسة( )‪ ،‬وعليسه إجماع الئمسة المجتهديسن‪ ،‬فهذا هسو‬
‫‪1‬‬

‫الحسق الذي يطلب المصسير إليسه‪ ،‬والعمسل بسه‪ ،‬ول عسبرة بمسا‬
‫يخالفه من عادة الناس‪ ،‬أو أقوال المجازفين والجاهلين‪ ،‬أو‬
‫العلماء المتسساهلين‪ ،‬فسي أعمالهسم‪ ،‬أو أقوالهسم‪ ،‬أو تأليفهسم‪،‬‬
‫أو إفتائهسسم‪ .‬وهذا مسسن الوضوح بمكان فل يحتاج إلى دليسسل‬
‫غير ما ذكر‪.‬‬
‫ومرس ٌ‬
‫ل لحضرتكم بطريق البريد نسخة من «تعجيل‬
‫القضاء المبرم»‪ ،‬وأخرى من «فتاوى أئمة المسلمين»‪،‬‬
‫وخمس نسخ من «تحفة البصار والبصائر»‪ ،‬وباطلعكم‬
‫شريف في‬ ‫شرع ال َّ‬
‫على ما فيها تقفون على نصوص ال َّ‬
‫جميع المذاهب‪ ،‬ونحمد اللّه رب العالمين‪ ،‬ونصل ِّي ونسل ِّم‬
‫على خاتم النبيين القائل‪« :‬ل يؤمن أحدكم حتى يكون هواه‬
‫تبعا ً لما جئ ُ‬
‫ت به»( )‪ ،‬وعلى من كان بهديه من العاملين‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)14-11‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجسه ابسن أبسي عاصسم فسي «السسنة» (‪ 1/12‬رقسم ‪،)15‬‬ ‫‪2‬‬

‫سلفي فسي‬ ‫والحسسن بسن سسفيان فسي «الربعيسن» (رقسم ‪- )9‬وعنسه ال ّ ِس‬
‫«الربعيسسن البلدانيسسة» (رقسسم ‪ -)40‬والبغوي فسسي «شرح السسسنة» (‬
‫‪ 213-1/212‬رقسم ‪ ،)104‬وابسن بطسة العكسبري فسي «البانسة» (‬
‫‪ 388-1/387‬رقسم ‪ ،)7791‬وأبسو الطاهسر السسلفي فسي «معجسم‬
‫السسسفر» (ص ‪ ،)375‬وابسسن الجوزي فسسي «ذم الهوى» (ص ‪،)18‬‬
‫والحكيسسم الترمذي وأبسسو نصسسر السسسجزي فسسي «البانسسة» ‪-‬كمسسا فسسي‬
‫«الجامع الكبير» (‪ ،-)1/918‬وأبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي‬
‫جة» ‪-‬كمسا فسي «أربعسي‬ ‫ح ّس‬
‫م َ‬
‫فسي «الحجسة على تاركسي سسلوك طريسق ال َ‬
‫النووي» (رقم ‪ -)41‬من حديث عبداللّه بن عمرو رفعه‪.‬‬
‫وصسححه النووي فسي «أربعينسه»‪ ،‬والذهسبي فسي «الكبائر» (ص‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪1343‬‬ ‫رمضان عام‬ ‫‪4‬‬ ‫في‬

‫‪ - 211-210‬بتحقيقي)‪ ،‬وتصحيح هذا الحديث بعيد جدا ً من وجوه‪،‬‬


‫قاله ابسن رجسب فسي «جامسع العلوم والحكسم» (‪ ،)339-338‬وذكسر‬
‫ما خلصته‪ :‬إن الحديث ضعيف لثلث علل فيه‪:‬‬
‫الولى‪ :‬ضعف نُعيم بن حماد‪ ،‬ومدار الحديث عليه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬الضطراب في رواية الحديث عنه‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬النقطاع بين عقبة بن أوس وعبداللّه بن عمرو‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫أقوال العلماء في موضوع الّرِسالة‬


‫وتأييدهم لها‬
‫ة حسب تأريخها‬ ‫ننشرها مرتَّب ً‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(‪)1‬‬
‫وورودها‬

‫() هذا العنوان وما يليه من الصل‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪1‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫حمدا لوليّ ه‪ ،‬و صلةً و سلما على نبيّه‪ ،‬وعلى سائر إخوا نه ال نبياء‬
‫والمرسلين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان‪.‬‬
‫شيْءٍ َفرُدّو هُ ِإلَى‬
‫أما بعد؛ فإ نّ اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬يقول‪َ { :‬فإِ نْ َتنَازَعْتُ مْ فِي َ‬
‫ّهم وَالرّسمُولِ} [النسماء‪ ،]59 :‬والردّ إلى اللّه ردّ إلى كتابمه الحكيمم‪ ،‬والردّ‬
‫الل ِ‬
‫إلى الرسول ردّ إلى سنته القويمة؛ لنه ‪-‬صلوات اللّه وسلمه عليه وعلى‬
‫آله‪ -‬م َبيّن للناس ما نزّل إليهم من ربّهم‪.‬‬
‫معلوم أنّ ال مة ال سلمية لم ت نل ما نال ته من علم وحك مة‪ ،‬ومح ّبةٍ‬
‫م كمبير‪ ،‬وعدل عاممٍ‪ ،‬ورحمةٍ‬
‫وألفمة‪ ،‬وثروةٍ وقوةٍ‪ ،‬وعزّة و َمنَعمة‪ ،‬و ُملْك ٍ‬
‫واسمعة‪ ،‬إل بالعممل بمما أرشدهما اللّه إليمه فمي كتابمه وعلى لسمان رسموله‬
‫‪-‬صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم‪.-‬‬
‫ثم تنكّر لها وج هُ الزّمن‪ ،‬واشتعلت فيها أعاصيرُ الفتن‪ ،‬فذاق بعضُها‬
‫بأس بعض‪ ،‬فبدلت من بعد عزّ ها ُذلّ‪ ،‬ومن بعد قوّتها ضعفا‪ ،‬ثم ضاعت‬
‫مقوّماتُها ومشخصاتها الدينية والدّنيوية‪ ،‬فعاد تراثُها بين المم العادية نهبا‬
‫مقسما‪.‬‬
‫لو عني علماء المة بتنقية الدّين من شوائب البدع والضاليل‪ ،‬التي‬
‫أفسدت أمر أهله‪ ،‬عملً بإرشاد الرسول العظم صلى اللّه عليه وعلى آله‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫و سلم‪ « :-‬كل ع مل ل يس عل يه أمر نا ف هو ردّ»( )؛ أي‪ :‬مردود‪ « .‬كل بد عة‬
‫‪1‬‬

‫ضللة‪ ،‬و كل ضللة في النار»( )‪ ،‬وأخذوا في أمور الدن يا بالن فع الر فع‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫إذ مبنى الدّين على التّباع‪ ،‬والدّنيا على القتباس والختراع‪ ،‬كما ل يخفى‬
‫«الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها التقطها»( )‪« ،‬من سنّ سُ ّنةً حسنةً‪ ،‬فله‬
‫‪3‬‬

‫عمِلَ بهما إلى يوم القياممة»( )‪ ،‬لو عملوا بذلك؛ لجدّدوا‬


‫‪4‬‬
‫أجرُهما‪ ،‬وأجرُ م َن َ‬
‫سلَفها الصّالح‪.‬‬
‫لمّة ما درس من آثار َ‬
‫لُ‬
‫إنّ من البدع الدينيّة التي فش تْ‪ ،‬ولم يكن لها أثر في صدر السلم‪:‬‬
‫صمياح الصمّائحين أمام الجنائز بالذكار والناشيمد‪ ،‬وتشويشهمم بذلك على‬
‫() أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)2697‬ومسسلم‬ ‫‪1‬‬

‫فسي «صسحيحه» (رقسم= =‪ )1718‬بلفسظ‪« :‬مسن أحدث فسي أمرنسا‬


‫هذا ما ليس منه فهو رد»‪.‬‬
‫() أخرجسسه مسسسلم فسسي «صسسحيحه» (رقسسم ‪ )767‬مسسن حديسسث‬ ‫‪2‬‬

‫جابر‪.‬‬
‫() أخرجسسه الترمذي (‪ ،)2687‬وابسسن ماجسسه (‪ ،)4169‬وابسسن‬ ‫‪3‬‬

‫عدي فسسسي «الكامسسسل» (‪ )1/232‬أو (‪ - 1/376‬ط‪ .‬دار الكتسسسب‬


‫العلمية)‪ ،‬والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (‪ ،)1/61‬وابن حبان في‬
‫«المجروحين» (‪ ،)1/105‬والقضاعي في «مسند الشهاب» (رقم‬
‫‪ ،)52‬والبيهقسي فسي «المدخسل» (رقسم ‪ ،)412‬وابسن الجوزي فسي «‬
‫العلل المتناهية» (‪ 1/88‬رقم ‪ )114‬من حديث أبي هريرة رفعه‪.‬‬
‫وإسناده ضعيف جداً‪ ،‬فيه إبراهيم بن الفضل المحزومي‪ ،‬متروك‪.‬‬
‫وضعّفه جدا ً شيخنا اللباني في «تعليقه على إصلح المساجد»‬
‫(‪« ،)99‬ضعيسف الجامسع» ( ‪« ،)4301‬ضعيسف الترمذي» ( ‪،)506‬‬
‫«ضعيسف ابسن ماجسه» (‪ .)912‬وانظسر‪« :‬المقاصسد الحسسنة» (رقسم‬
‫‪« ،)415‬السسسسرار المرفوعسسسة» ( ‪« ،)284‬كشسسسف الخفاء» (‬
‫‪.)1/435‬‬
‫() أخرجه مسلم في «صحيحه» (رقم ‪.)1017‬‬ ‫‪4‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫متّبِعيهما إيمانا واحتسمابا‪ ،‬حتمى يشغمل قلب السمامع وعقله بمما يرى وبمما‬
‫يسممع‪ ،‬ويذهمل عمن عبادة التّفكّر والسمّعي للخرة‪ ،‬والسمتعداد للقاء اللّه‬
‫‪-‬تعالى‪َ { ،-‬ومَن ْم َأرَادَ الخِ َرةَ وَسَمعَى لَهَا سَمْع َيهَا وَهُوَ مُ ْؤمِنٌم َفأُولَئِكَم كَانَم‬
‫شكُورا} [السراء‪.]19 :‬‬
‫سعْ ُيهُم مّ ْ‬
‫َ‬
‫ألّف العالمان العاملن الجليلن‪ :‬الشّي خُ كا مل الق صّاب‪ ،‬والشّي خُ عز‬
‫الد ين الق سّام ‪-‬نزيل حي فا‪ -‬هذه الر سالة النّفي سة «الن قد والبيان»‪ ،‬في بيان‬
‫الحق ّ فمي هذه المسمألة وغيرهما ممن المسمائل‪ ،‬التمي دعاهمما الفاضمل‬
‫(خزيران) العكّ ي إلى الب حث في ها‪ ،‬وك شف النقاب عن و جه حقيقت ها‪ ،‬و قد‬
‫أوردا من نصوص الكتاب وال سّنّة‪ ،‬وكلم بعض الفقهاء الجلّء مِن علماء‬
‫المذاهب الربعة‪ ،‬ما يؤيّد ما ذهبا إليه‪ ،‬وأضافا إلى ذلك فتويين للعلمتين‬
‫(الزّنكلو ني وال سبكي)‪ ،‬فكان قول هم سديدا‪ ،‬وجواب هم صحيحا‪ ،‬فجزى اللّه‬
‫المؤّلفَيْن الفاضل ين عن دينه ما خيرا‪ ،‬وأك ثر في ال مة من أمثاله ما من‬
‫العلماء المنصفين المصلحين‪.‬‬

‫[دفع شبهة أو تتمة]‬


‫سألني وطنيّ غيور ممن يعرف الستاذ القصّاب‪ ،‬ويقدره في التمسك‬
‫بالدين وخدمة الوطن قدره‪ :‬ما معنى قوله وقول صديقه الستاذ القسام في‬
‫آخمر الرسمالة‪« :‬وأهمم شيمء يجمب انتباه علماء العصمر إليمه‪ :‬أشباه تلك‬
‫الواقعات‪ ،‬وتوضيمح أحكام الشريعمة فيهما‪ ،‬ليعود للدّيمن مجده‪ ،‬وللسملم‬
‫زهرته»؟‬
‫سبَر غورَ ال سلمِ‪ ،‬ودرس حكمةَ‬
‫فقلت له‪ :‬اعلم ‪ -‬يا أ خي‪ -‬أنّ مَ نْ َ‬
‫التّشر يع؛ علم أنّ جم يع التّكال يف الشّرعيّ ة‪ :‬من روحيّة‪ ،‬وبدنيّة‪ ،‬ومال ية‪،‬‬
‫مبنيّة على درء المفاسد وجلب المصالح( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫() الشرع قواعسسد‪ ،‬جاء ليحقسسق مصسسلحة النسسسان فسسي المعاش‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(فالصمّلة) الروحيّة البدنيّةم‪ ،‬التمي همي فرض عام على كمل مكلّف‪،‬‬
‫تن هى عن الفحشاء والمن كر‪ ،‬وأ شد الفوا حش والمنكرات فتكا وهتكا‪ ،‬هي‪:‬‬
‫تلك الجيوش المعنويّةم التمي مهدت بهما أوروبما السمّبيلَ لفتمح بلد الشرق‬
‫‪-‬كالخمر‪ ،‬والقمار‪ ،‬والزنا‪ ،‬والربا‪ ،‬والنتحار‪ ،-‬فكثير ممن أضاع الصّلة‪،‬‬
‫واتّبمع الشّهوات( ) وقمع فمي هذا التيار‪ ،‬الذي أسملمه إلى الجنون أو المنون‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫فكان ذلك من أشد المصائب على الوطن‪.‬‬


‫(والصمّيام) الذي يدعمو إلى إمسماك المعدة عمن الطّعام‪ ،‬وسمائر‬
‫العضاء عن الثام‪ ،‬وصرف جم يع القوى والموا هب فيما أعدّ تْ له‪ ،‬يعلّم‬
‫الثباتم على خلق (مبدأ) قويمم ل محيمد عنمه‪ ،‬فالصمّائم الذي يغلب عقلُه‬
‫َ‬
‫شهوتَه‪ ،‬ول يخون دينه بالكل نهارا ‪-‬سرا أو علنية‪ -‬ل يمكن أن يخون‬
‫وطنه‪ ،‬أو يخدع في أمره‪ ،‬فيبيعه بثمن بخس من غير أهله‪.‬‬
‫(والحجمّ) ل تخفمى حكمتمه على ذي بصميرة؛ وأهمّهما‪ :‬التّعاون على‬
‫لمّة‪ ،‬ودفع عوادي الشّر عنها‪.‬‬
‫توفير أسباب الخير ل ُ‬
‫(والزّكاة) إعطاء ن صيب معلوم من المال للفقراء والم ساكين‪ ،‬الذ ين‬
‫أقعد هم العجمز عن الك سب‪ ،‬وتوز يع الزّكاة على ال صناف الثمان ية ال تي‬

‫والمعاد‪ ،‬والحال والمآل‪ ،‬ولم يثبسست منسسه شيسسء على خلف القياس‬
‫حل إليه‪ ،‬ويُكتب بماء‬‫‪-‬على ما حققه ابن القيم في «العلم» بما يُْر َ‬
‫العيون‪ ،‬ل بماء الذهب‪ ،-‬ومن ظن أن له مصلحة في الدنيا بالخروج‬
‫عن أمسر موله والسستجابة لداعسي هواه؛ فهسو وا هم‪ ،‬والواجسب إعمال‬
‫(اللفاظ) و(المبانسسسي)‪ ،‬دون إهمال (الحقائق) و(المعانسسسي)‪ ،‬ومسسسن‬
‫(الشقاء) تجاوز (النسسص)‪ ،‬ومسسن (الغباء) عدم النظسسر فسسي المعنسسى‪،‬‬
‫والواجب إلحاق الشبيه بالشبيه‪ ،‬والنظير بالنّظير‪.‬‬
‫() سسسسسسسسبب هلك الفراد والمجتمعات الفراط فسسسسسسسي تناول‬ ‫‪1‬‬

‫الشهوات‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ذكر ها الكتاب الحك يم بقوله‪{ :‬إِنّمَا ال صّ َدقَاتُ ِللْ ُف َقرَاءِ وَالمَ سَاكِينِ وَالعَا ِملِي نَ‬
‫سبِيلِ اللّ هِ وَابْ نِ ال سّبِيلِ‬
‫علَ ْيهَا وَالمُ َؤّلفَةِ ُقلُو ُبهُ مْ َوفِي ال ّرقَا بِ وَالغَا ِرمِي نَ َوفِي َ‬
‫َ‬
‫حكِي مٌ} [التوبة‪ ]60 :‬صرف الزكاة في مصارفها‬
‫علِي مٌ َ‬
‫ضةً مِ نَ اللّ هِ وَاللّ هُ َ‬
‫َفرِي َ‬
‫شفِيّة( )‪ ،‬اللت ين أ صابتا ال مم والشعوب‬
‫الشّرعيّ ة يقي نا شرور الشيوع ية وال ُب ْل ُ‬
‫‪1‬‬

‫الغربية التي هضمت حقوق الضعفاء‪ ،‬فعمّتها الفوضى‪ ،‬وفدحتها المصائب‪،‬‬


‫ول يزال سيل الشيوعية يمتدّ( )‪ ،‬ول يعلم عاقبتها إل اللّه‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ثمم ل يخفمى أنّم كثيرا ممن هؤلء الصمائحين أمام الجنائز‪ ،‬وعلى‬
‫القبور‪ ،‬قادرون على العممل والكمل ممن كسمب يدهمم‪ ،‬ومنهمم م َن يملك‬
‫الموالَ والملك‪ ،‬وقد أكلوا حقوقَ الضّعفاء من الرّجال والنّساء والولدان‪،‬‬
‫الذين ل يجدون ما ينفقون‪ ،‬ول يستطيعون حيلةً‪ ،‬ول يهتدون سبيلً‪ ،‬أولئك‬
‫المساكين‪ ،‬هم الذين ذكرهم اللّه في كتابه‪ ،‬وعلى لسان رسوله ‪-‬صلى اللّه‬
‫عليه وآله وسلم‪ ،-‬موصوفين بأوصاف خمسة‪ ،‬ل يشاركهم فيها أحد ممن‬
‫لهمم قدرةٌ على العممل‪ ،‬أو عندهمم مما يكفيهمم ويغنيهمم عمن السمؤال‪ ،‬قال‬
‫‪-‬صلوات اللّه عليه وعلى آله‪« :-‬ليس المسكين الذي تردّه اللقمة واللقمتان‬
‫مم قوله‬
‫م‪ ،‬واقرؤوا إن شئتم‬
‫مكين‪ :‬المتعفّفم‬
‫ما المسم‬
‫والتمرة والتمرتان‪ ،‬إنمم‬
‫ضرْبا فِي‬
‫س َتطِيعُونَ َ‬
‫سبِيلِ اللّ هِ لَ َي ْ‬
‫صرُواْ فِي َ‬
‫‪-‬تعالى‪ِ{ :-‬ل ْلفُ َقرَاءِ الّذِي نَ أُح ِ‬

‫ن مسن المسستحيل على الهيئة الجتماعيسة أن‬ ‫() مذهسب يرى أ ّس‬ ‫‪1‬‬

‫تنتقل طفرة ً من النظام الرأسمالي إلى النظام الشيوعي‪ ،‬وأنه ل بد‬


‫ب الجماعيّة‪ ،‬من «المعجم الوسيط»‬ ‫ي يُطَبَّقُ فيه مذه ُ‬
‫من دور انتقال ّ‬
‫(‪ ،)1/69‬وانظسسر تفصسسيل ً فسسي «القاموس السسسياسي» (‪ )84‬لعببببد‬
‫الرزاق الصافي‪.‬‬
‫() ثسسم انهارت الشيوعيسسة ‪-‬والحمسسد للّه‪ -‬هذه اليام فسسي بلدهسسا‬ ‫‪2‬‬

‫ومنشأهسسسا‪ ،‬كشأن سسسسائر الباطسسسل‪ ،‬على وفسسسق سسسسنة اللّه القدريسسسة‬


‫(الكونية) والشرعية‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ّفم َت ْع ِرفُهُم بِسمِيمَاهُمْ لَ يَس ْمَألُونَ‬
‫ِنم ال ّت َعف ِ‬
‫لرْض ِم َيحْس َمُبهُمُ ا ْلجَاهِلُ أَغْ ِنيَاءَ م َ‬
‫اَ‬
‫علِيمٌ} [البقرة‪.) (»]273 :‬‬
‫‪1‬‬
‫النّاسَ ِإ ْلحَافا َومَا تُن ِفقُواْ مِنْ خَ ْيرٍ فَإِنّ الّلهَ ِبهِ َ‬
‫إذا اضطررنما هؤلء القوياء إلى العممل؛ كثرت اليدي العاملة فمي‬
‫الزّراعمة والصمّناعة والتّجارة التمي همي مواد الثروة الصملية‪ ،‬وحفظمت‬
‫الزّكوات وال صّدقات والوصايا لمستحقّيها‪ .‬ولما كان التّمييزُ بين المستحقّين‬
‫وغيرهم على وجه الستقصاء عَ سِرا في هذا الزّمن‪ ،‬تعيّن تأليف جمعيات‬
‫خيرية( ) للقيام بهذا الغرض وتحقيقه؛ كجمعية السعاف الخيري في دمشق‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وجمعيمة المقاصمد الخيريمة فمي بيروت‪ ،‬وكالجمعيمة الخيريمة فمي حيفما‪،‬‬


‫وغيرها‪ ،‬وهذه أفضل طريقة تجمع بها الموال من المحسنين وتنفق على‬
‫الفقراء والمساكين؛ لطعامهم وإيوائهم‪ ،‬وتعليم أبنائهم‪.‬‬
‫قال بعمض الئممة المحقّقيمن( ) فمي تفسمير قوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬وَ َتعَا َونُواْ‬
‫‪3‬‬

‫م وَال ُعدْوَانمِ} [المائدة‪« :]2 :‬أمما‬


‫علَى الِثْم ِ‬
‫علَى الْ ِبرّ وَال ّتقْوَى َولَ َتعَا َونُوا َ‬
‫َ‬

‫() أخرجه البخاري (‪ ،)1479‬ومسلم (‪ )2348‬في «صحيح‬ ‫‪1‬‬

‫يهما» من حديث أبي هريرة ‪-‬رضي اللّه عنه‪ ،-‬وانظر «الدر المنثور»‬
‫(‪.)2/90‬‬
‫() يصسسلح أن يمثسسل على قيامهسسا بالمصسسالح المرسسسلة‪ ،‬وتحتاج‬ ‫‪2‬‬

‫أحكامهسا إلى جمسع وتأصسيل‪ ،‬والدراسسات فيهسا على وجسه السستقلل‬


‫‪-‬فسسي حدود علمسسي‪ -‬قليلة‪ ،‬ولمصسسطفى الغليينسسي البيروتسسي رسسسالة‬
‫مستقلّة مطبوعة بعنوان «التعاون الجتماعي»‪ ،‬ولخينا الشيخ فتحي‬
‫ي فرغ منها‬‫بن عببد ال الموصلي ‪-‬وفقه اللّه تعالى‪ -‬دراسة أرسلها إل ّ‬
‫فسسي هذا الموضوع‪ ،‬أتسسى فيهسسا على أصسسول المسسسألة دون فروعهسسا‪،‬‬
‫سعدي ‪-‬رحمهمسا‬ ‫جمعهسا مسن كلم شيسخ السسلم ابسن تيميسة والشيسخ ال ّ ِس‬
‫اللّه تعالى‪.-‬‬
‫() هسو السسيد محمسد رشيسد رضسا‪ ،‬والمذكور كلمسه فسي تفسسيره‬ ‫‪3‬‬

‫«المنار» (‪ )6/131‬بحروفه‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ال مر بالتعاون على البرّ والتّقوى‪ ،‬ف هو من أركان الهدا ية الجتماع ية في‬
‫القرآن؛ لنه يوجب على الناس إيجابا دينيّا أن يُع ين بعضُهم بعضا في كلّ‬
‫عمل من أعمال البر‪ ،‬التي تنفع النا سَ‪ :‬أفرادا وأقواما‪ ،‬في دينهم ودنياهم‪،‬‬
‫وكلّ عملٍ ممن أعمال التقوى التمي يدفعون بهما المفاسمد والمضار عمن‬
‫أنفسهم»‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫«كان المسلمون في ال صّدر الول جماعة واحدة‪ ،‬يتعاونون على البر‬
‫والتّقوى‪ ،‬من غ ير ارتباط بع هد ونظام بشريّ( )‪ ،‬ك ما هو شأن الجمعيات‬
‫‪1‬‬

‫اليوم‪ ،‬فإن ّ عهمد اللّه وميثاق َه كان مُغنيا لهمم عمن غيره‪ ،‬وقمد شهمد اللّه‬
‫ُوفم‬
‫ُونم بِا ْل َم ْعر ِ‬
‫ّاسم َت ْأمُر َ‬
‫َتم لِلن ِ‬
‫خرِج ْ‬
‫ُمم خَ ْيرَ ُأ ّمةٍ ُأ ْ‬
‫‪-‬تعالى‪ -‬لهمم بقوله‪{ :‬كُ ْنت ْ‬
‫() أخرج أبسسو نعيسسم فسسي «الحليسسة» (‪- )2/204‬ومسسن طريقسسه‬ ‫‪1‬‬

‫مطَّرِف بن عبد‬ ‫الذهبي في «السير» (‪ -)4/192‬بإسناد صحيح إلى ُ‬


‫صوحان‪ ،‬وكان يقول‪ :‬يا عباد‬ ‫خير‪ ،‬قال‪« :‬كنا نأتي زيد بن ُ‬ ‫ال بن ال ّ ِ‬
‫ش ِّ‬
‫اللّه! أكرموا وأجملوا‪ ،‬فإنما وسيلة العباد إلى اللّه بخ صلتين‪ :‬الخوف‬
‫والطمسسع‪ ،‬فأتيت ُسسه ذات يوم وقسسد كتبوا كتاباً‪ ،‬فنسسسقوا كلما ً مسسن هذا‬
‫النحسسو‪ :‬إن اللّه رب ّسُنا‪ ،‬ومحمدا ً نبي ّسنا‪ ،‬والقرآن إمامنسسا‪ ،‬ومسسن كان معنسسا‬
‫كنا‪ ...‬وكنا له‪ ،...‬ومن خالفنا كانت يدنا عليه‪ ،‬وكنّا وكنّا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ض الكتاب عليهم رجل ً رجلً‪ ،‬فيقولون‪ :‬أقرر َ‬
‫ت يا‬ ‫فجعل يعْرِ ُ‬
‫ت يا غلم؟ قلت‪ :‬ل‪.‬‬ ‫ي‪ ،‬فقالوا‪ :‬أقرر َ‬ ‫فلن؟ حتى انتهوا إل َّ‬
‫قال ‪-‬يعني‪ :‬زيداً‪ :-‬ل تعجلوا على الغلم‪ ،‬ما تقول يا غلم؟‬ ‫=‬
‫ي عهدا ً فسي كتابسه‪ ،‬فلن أُحدث عهداً‬ ‫ن اللّه قسد أخسذ عل َّس‬ ‫قلت‪ :‬إ َّس‬
‫سوى العهد الذي أخذه علي‪.‬‬
‫فرجسع القوم مسن عنسد آخرهسم‪ ،‬مسا أقَّر منهسم أحسد‪ ،‬وكانوا ُزهاء‬
‫ثلثين نفساً» انتهى‪.‬‬
‫وانظسر فسي تقريسر هذا المعنسى‪« :‬الحاوي للفتاوى» (‪)1/253‬‬
‫للسسسيوطي‪« ،‬تنقيسسح الفتاوى الحامديسسة» (‪ )2/334‬لبسسن عابديسسن‪،‬‬
‫«الدين الخالص» (‪ )6/290‬لمحمود خطاب السبكي‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وَ َت ْنهَوْن َم عَن ِم ا ْلمُ ْن َكرِ َوتُ ْؤمِنُونَم بِاللّهمِ} [آل عمران‪ ،]110 :‬ولمما انتثمر بأيدي‬
‫الخلف ذلك الع قد‪ ،‬ون كث ذلك الع هد‪ ،‬صرنا محتاج ين إلى تأل يف جمعيات‬
‫صةٍ بنظام خاص؛ لجل جَمع طوائف من المسلمين‪ ،‬وحملهم على إقامة‬
‫خا ّ‬
‫هذا الواجب (التعاون على البر والتقوى) في أي ركن من أركانه‪ ،‬أو عمل‬
‫من أعماله‪ ،‬وقلما ترى أحدا في هذا العصر‪ ،‬يعينك على عملٍ [من]( ) البر‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ما لم ي كن مُرتبطا م عك في جمع ية ُأّلفَ تْ لع مل مع ين‪ ،‬بل ل ي في لك بهذا‬


‫كلّ مَ نْ يعاهدك( ) على الوفاء‪ ،‬ف هل تر جو أن يُعي نك على غ ير ما عاهدك‬ ‫‪2‬‬

‫() سقط من الصل‪ ،‬وأثبته من تفسير «المنار»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() يتوسسسع بعسسض الحركييسسن‪ ،‬فيطلقون على ذلك (البيعسسة)‪ ،‬ثسسم‬ ‫‪2‬‬

‫ينسون ‪-‬أو يتناسون‪ -‬مع مرور الزمن‪ ،‬فتجري على ألسنتهم التحذير‬
‫من مخالفتها‪ ،‬ول بد من ضبط (البدايات) حتى تسلم (النهايات)‪ ،‬ول‬
‫بسسد مسسن تحقيسسق مناط الشياء (بالعدل)‪ ،‬وإطلق مسسا ورد عليهسسا فسسي‬
‫ظ (بالحسسق)‪ ،‬ولذا؛ اقترح إمام هذا العصسسر فضيلة‬ ‫الشرع مسسن ألفا ٍسس‬
‫الشيسسخ ابسسن باز ‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬أن يسسسمى نحسسو هذا التعاون (عقداً) ل‬
‫(بيعة)‪ ،‬فقال في رسالة له بتأريخ ‪11/4/1408‬هس لفضيلة الشيخ‬
‫سعد الحصين ‪-‬حفظه اللّه‪ -‬عن جماعة (التبليغ) التي تأخذ ‪-‬في شبه‬
‫القارة الهنديسة‪( -‬البيعسة) لمرائهسا‪« :‬فقسد اقترحست على قادتهسم لمسا‬
‫اجتمعست بهسم فسي موسسم الحسج الماضسي بمكسة ‪-‬وحصسل بينسي وبينهسم‬
‫مسسن التفاهسسم مسسا نرجسسو فيسسه الفائدة‪ -‬أن يكون (عهداً) بدل (بيعسسة)‪،‬‬
‫فقبلوا ذلك‪ ،‬ولعلهم تعلقوا بما قرره شيخ السلم ابن تيمية ‪-‬رحمه‬
‫اللّه‪ -‬فسسي الجزء (‪ )28‬ص (‪ )21‬مسسن «الفتاوى»‪ ،‬مسسن عدم إنكار‬
‫ذلك» انتهى‪.‬‬
‫وانظر استخدام «البيعة» و«العهد» و«العقد» عند الفقهاء‪،‬‬ ‫=‬
‫وما يترتب على عدم الوفاء به‪« :‬التاريخ الكبير» (‪ 5/12‬و ‪)6/39‬‬
‫للبخاري‪« ،‬تفسسسير القرطسسبي» (‪« ،)6/33‬المسسستصفى فسسي علم‬
‫الصول» (‪ 2/242‬و ‪ ،)251‬و«شرح ثلثيات مسند المام أحمد»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عليه؟»( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قال‪« :‬فالذي يظهر أنّ تأليف الجمعيات في هذا العصر‪ ،‬مما يتوقّف‬
‫عليه امتثال هذا المر‪ ،‬وإقامة هذا الواجب‪ ،‬وما ل يتم الواجب إل به فهو‬
‫واجب‪ ،‬كما قال العلماء( )‪ ،‬فل بدّ لنا من تأليف الجمعيات الدينية والخيرية‬
‫‪2‬‬

‫والعلميّة‪ ،‬إذا كنّا نريدُ أن نحيا حياةً عزيزة؛ فعلى أهل النجدة والحمية من‬
‫المسلمين( ) أن يعنوا بهذا كلّ العناية»( ) ا‪.‬هم‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫(‪ )1/70‬و( ‪ ،)2/927‬و«الصابة» ( ‪ ،)1/454‬و«بهجة النفوس»‬


‫(‪ ،)1/927‬و«فتسسح الباري» ( ‪ ،)1/64‬و«المعرفسسة والتاريسسخ» (‬
‫‪ ،)3/315‬و«مشكل الثار» ( ‪ - 1/80‬ط‪ .‬الهندية)‪ ،‬وانظر خلف‬
‫أهسل العلم فيمسن أخسذ على نفسسه عهداً‪ ،‬ثسم لم يسف بسه‪ ،‬هسل عليسه‬
‫كفارة أم ل؟ فسسسي‪« :‬فتسسسح الباري» (‪ ،)11/474‬و«الهدايسسسة» (‬
‫‪ ،)2/74‬و«المغنسسي» ( ‪ ،)11/197‬و«فقسسه المام الوزاعسسي» (‬
‫‪.)482-1/481‬‬
‫() تفسير المنار (‪.)6/131‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر في تقرير هذه القاعدة‪« :‬قواعد ابن اللحام» (‪،)92‬‬ ‫‪2‬‬

‫«تسسسسهيل الوصسسسول» (‪ )292‬للحملوي‪« ،‬القواعسسسد والضوابسسسط‬


‫المستخلصة من التحرير» (‪« ،)493‬العتصام» (‪331 ،1/319‬‬
‫و‪ - 2/184‬بتحقيقسي)‪« ،‬مذكرة فسي أصسول الفقسه» للشنقيطسي (‬
‫‪( )15-13‬وفيسه تفصسيل بديسع)‪« ،‬الوجيسز فسي إيضاح قواعسد الفقسه‬
‫الكلية» (‪.)344‬‬
‫() كذا في الصل‪ ،‬وفي مطبوع «تفسير المنار»‪« :‬أهل الغيرة‬ ‫‪3‬‬

‫والنجدة من المسلمين»‪.‬‬
‫() تفسير المنار (‪.)6/131‬‬ ‫‪4‬‬

‫وفسي هذا تأصسيل لمشروعيسة قيام (جمعيات المسر بالمعروف)‬


‫و(الهيئات الجتماعيسة) و(المراكسز العلميسة)‪ ،‬ومنوط ذلك بأمور؛ مسن‬
‫أهمهسسسا‪ :‬ارتباطهسسسم بالعلماء الربانييسسسن‪ ،‬و(العمسسسل مسسسن ورائهسسسم) ل‬
‫(أمامهسم)‪ ،‬ووجود نصسيب وافسر مسن (العلم الشرعسي) عنسد القائميسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ت لمخا طبي‪ :‬أفرأي تَ أي ها الخ الكر يم هذه الم سائل الفرع ية ال تي‬
‫قل ُ‬
‫م ممن الحِكَمم والحكام‪ ،‬وإصملح حال المجتممع‬
‫ذكرتُهما‪ ،‬ومما تضمّنت ْ‬
‫شرّ ع نه‪ ،‬فك يف إذا ع مل‬
‫ال سلمي بج مع شتات الخ ير له‪ ،‬ود فع عوادي ال ّ‬
‫بأصمول السملم وقواعده كلّهما؟ أل يكون ذلك سمببا لعادة مجمد الدّيمن‬
‫وزهرة ال سلم‪ ،‬ك ما قال ذا نك المؤلّفان الكريمان؟ بل أل يكون م ثل ذلك‬
‫سببا لعادة حضارة العرب‪ ،‬و سعادة الب شر على أيدي هم مرّة أخرى؟ قال‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬ورغب إليّ أن أثبتَ ذلك في رسالة «النقد والبيان»‪ ،‬ففعلت‪.‬‬
‫فنحمن ندعمو كرام الوطنييمن المسملمين إلى إقاممة الديمن على الوجمه‬
‫ال صّحيح‪ ،‬واتّباع ال سّنن النّاف عة‪ ،‬ون بذ البدع الضّارة‪ ،‬فإن في ذلك سعادتهم‬
‫وسعادة أوطانهم‪ ،‬وباللّه المستعان‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫في ‪ 7‬المحرم الحرام سنة‬
‫عضو المجمع العلمي وخطيب جامع‬
‫الدقاق ومدرّسه بدمشق الشام‬
‫(‪)1‬‬
‫محمد بهجة البيطار‬
‫مكنسة فسي‬‫على هذه العمال‪ ،‬يفوِّت وقوعهسم فسي المخالفات‪ ،‬ووجود ُ‬
‫الرادة من الترفع عن حب الرئاسة والمصالح الشخصية‪ ،‬والمطامع‬
‫الدنيويسة‪ ،‬مسع الدوران فسي الحركات والقوال= =والفعال فسي عقسد‬
‫سسسلطان (الولء) و(البراء) و(الحسسب) و(البغسسض) على ذات الديسسن‪ ،‬ل‬
‫ميات)‪ ،‬التسسي هسسي وسسسائل فحسسسب‪ ،‬وهسسي بمثابسسة‬ ‫على هذه (المس س ّ‬
‫أسسماء (العامليسن)‪ ،‬أو عشائرهسم‪ ،‬أو جنسسياتهم‪ ،‬وإل؛ رجسع المسر إلى‬
‫حال (الحزبييسن) العامليسن باسسم (الديسن)‪ ،‬الخذيسن منسه مسا يلزمهسم‪،‬‬
‫دون العمل على (خدمته)‪ ،‬وتشخيص (واجب الوقت)‪ ،‬والعمل على‬
‫إحيائه‪ ،‬واللّه الموفّق والعاصم‪.‬‬
‫() هسسو محمسسد بهجسسة بسسن محمسسد بهاء الديسسن البيطار‪ ،‬ولد فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫دمشسق سسنة ‪1311‬هسس ‪1896 -‬م‪ ،‬مسن أسسرة دمشقيسة عريقسة‪،‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫هاجر جده العلى من بليدة من أعمال الجزائر‪ ،‬واستوطن فيها منذ‬


‫أكثسر مسن مئتسي عام‪ ،‬كان والده عالما ً أديباً‪ ،‬فنشسأ فسي حجره‪ ،‬وتلقسى‬
‫عليسسه مبادئ علوم الديسسن واللغسسة‪ ،‬وعلى أعلم عصسسره؛ مثسسل‪ :‬جمال‬
‫الديسن القاسسمي‪ ،‬وآخريسن‪ ،‬درس فسي المدارس البتدائيسة منسذ عام‬
‫‪1921‬م‪ ،‬وعيسسن مديرا ً للمعهسسد العلمسسي السسسعودي فسسي مكسسة‪=،‬‬
‫=وأسسسندت إليسسه وظيفسسة مفتسسش التدريسسس فسسي مكسسة ‪-1926‬‬
‫‪1931‬م‪ ،‬وفي عام ‪1936‬م عين أستاذا ً في مدرسة التجهيز‪ ،‬ثم‬
‫أسسسستاذا ً محاضرا ً فسسسي كليسسسة الداب السسسسورية عام ‪1948‬م‪ ،‬مسسسن‬
‫مؤلفاتسسسه‪« :‬حياة شيسسسخ السسسسلم ابسسسن تيميسسسة»‪« ،‬الثقافتان البيضاء‬
‫والصسسفراء»‪« ،‬السسسلم والصسسحابة الكرام بيسسن السسسنة والشيعسسة»‪،‬‬
‫«السسنة والشيعسة»‪« ،‬نقسد عيسن الميزان»‪« ،‬حليسة البشسر فسي أعيان‬
‫القرن الثالث عشسسر»‪« ،‬أسسسرار العربيسسة» (تحقيسسق)‪« ،‬شرح قواعسسد‬
‫مصسسطلح الحديسسث»‪« ،‬محاضرات فسسي المجمسسع العلمسسي بدمشسسق»‪،‬‬
‫«مسسائل أحمسد لتلميذه أبسي داود» (تحقيسق)‪« ،‬تخريسج أحاديسث كتاب‬
‫البخلء» للجاحسظ‪« ،‬الموفسي فسي النحسو الكوفسي» (شرح وتعليسق)‪...،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وانظسسر‪« :‬معجسسم المؤلفيسسن السسسوريين» (‪« ،)76-75‬تاريسسخ‬
‫علماء دمشسق فسي القرن الرابسع عشسر الهجري» (‪« ،)2/918‬تتمسة‬
‫العلم» (‪« ،)2/322‬رجال من التاريخ» ( ‪« ،)412‬ذكريات علي‬
‫الطنطاوي» (‪،204 ،137 ،133 ،91 ،77 ،30 ،1/20‬‬
‫‪،202 ،187 ،136 ،104 ،86 ،2/22 ،266 ،263‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪2‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الدّيمن السملمي يكفمل للبشمر السمّعادة فمي كلّ زمان ٍم ومكان‪ ،‬ويفمي‬
‫بحاجيّا ته في كل ع صر وم صر؛ لنطبا قه على نوام يس العمران‪ ،‬وابتناء‬
‫أحكامه على قواعد محكمة‪ ،‬ل تكاد تزعزعها العاصيرُ والعواصفُ‪ ،‬كما‬
‫يشهد بذلك فلسفة الجتماع‪ ،‬وعلماء العمران‪.‬‬
‫و قد نال ال صّدر الولُ مِن ال سّعادة التّا مة‪ ،‬والملك ال كبير‪ ،‬وال سّلطانِ‬
‫العظيم‪ ،‬ما ل يقوم بوصفه البيان‪ ،‬ول يمتري فيه إنسان‪ ،‬ذلك بما نفخه هذا‬
‫الدّ ين في هم مِن روح العلم والع مل‪ ،‬والتّوا صي بالحقّ‪ ،‬والتّعاون على البرّ‬
‫والتّقوى‪ ،‬حتى إذا دار الزّما نُ دورته ‪ -‬د سّ أنا سٌ من أعداء الدّين أنف سَهم‬
‫فيمه‪ ،‬وتزيّوا بزي ّ أهله‪ ،‬وصماروا يعملون على هدممه بمما يضعون ممن‬
‫أحاد يث‪ ،‬ويد سّون مِن روايات ل يس ل ها أ قل ح ظّ مِ نَ ال صّحّة وال صّدق‪،‬‬
‫َففَشَ تْ بذلك البد عُ والهواءُ‪ ،‬وثارت أعاصيرُ القلقل والفتن بين المسلمين‪،‬‬
‫وكثر بينهم الشّقاق‪ ،‬وزاد النّفاق‪ ،‬حتى انشقّتْ عصا وحدتِهم‪ ،‬وانقسموا إلى‬
‫ِفرَق وأحزاب‪ ،‬كمل حزب فرح بمما لديمه‪ ،‬وكلّ فرقمة تكفّرم الخرى؛‬
‫لمخالفتها لها في المشرب‪ ،‬ومباينتها إِيّاها في المذهب!‬

‫‪،261 ،137 ،136 ،128 ،3/35 ،259 ،249 ،235‬‬


‫‪،298 ،297 ،284 ،147 ،80 ،79 ،4/64 ،272‬‬
‫‪،77 ،7/66 ،6/268 ،306 ،272 ،259 ،226 ،5/136‬‬
‫‪،272 ،271 ،238 ،219 ،209 ،126 ،8/78 ،256‬‬
‫‪ )307‬لعلي الطنطاوي‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ظلّ أهمل السملم على هذه الحالة حينا ممن الدّهمر‪ ،‬والعدو يتربّصم‬
‫سنُونَ صُنْعا} [الكهف‪ ،]104 :‬ل يكادون‬
‫بهم الدّوائر‪َ { ،‬وهُ مْ َيحْ سَبُونَ أَ ّن ُه مْ ُيحْ ِ‬
‫يشعرون بحالتهمم‪ ،‬ول يعلمون أيان مصميرهم‪ ،‬حتمى قيّضم اللّه فمي هذا‬
‫الع صر فئةً من عقلء ال مة وحكمائ ها‪ ،‬أح سّتْ بالخ طر المحدق‪ ،‬فأها بت‬
‫بالممة‪ ،‬وأخذت تسمعى لمحمو الخرافات( ) المتغلغلة فمي أعماق النفوس‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫غصم بهما العالم السملمي‪ ،‬وصمارت‬


‫ّ‬ ‫وإعفاء آثار البدع والمحدثات التمي‬
‫شارةَ عارٍ في جبين ال سلم‪ ،‬هذا إلى أعمال أخرى عظي مة ل ها مقام غ ير‬
‫هذا المقام‪.‬‬
‫نج حت هذه الفئةُ بع ضَ النّجاح في ما د عت إل يه من تنق ية الدّ ين من‬
‫أذهانم كثيرٍ ممن الناس‪ ،‬وصمار لهما أتباع ومريدون‪،‬‬
‫َ‬ ‫الشّوائب‪ ،‬وأيقظمت‬
‫ينشرون دعوتَهما‪ ،‬ويعزّزون كلمتهما‪ ،‬ويدعون إلى اطراح مما لم يرد بمه‬
‫الدّ ين‪ ،‬م ما عل يه عامّ ة الم سلمين‪ ،‬على ما ل قت من المقاو مة والمناه ضة‬
‫من فريق المبتدعة‪ :‬أولئك الذي مني السلم بهم ومنوا به!‬
‫هؤلء المخرّقون أو أولئك الجامدون على المحدثات‪ ،‬العاضّون‬
‫عليهما بالنّواجمذ‪ :‬قوم عالة‪ ،‬نشؤوا على المسمكنة‪ ،‬فاتّخذوا الدّيمن أحبولةً‬
‫يصمطادون بهما طائرَ الرّزقمِ‪ ،‬وآنسموا ممن أهله الغافليمن ميلً لهمم‪ ،‬وتعلّقا‬
‫ظهِرُ لهم التقوى!‪ -‬فاتّخذوا لهم منهم‬
‫بأذيالهم ‪-‬وما أشد تعلّق العامة بمن ُي ْ‬
‫جُنّةم‪ ،‬تقيهمم ممن سملح أهمل الصملح الماضمي‪ ،‬وتحفمظ لهمم منزلتهمم‬
‫الموهوممة‪ ،‬فهمم أبدا‪ ،‬ينزلون على إرادة الرّعاع‪ ،‬ول يخالفون لهمم أمرا‬
‫خشية من نفور هم‪ ،‬ومحافظة على مكانتهم عند هم‪ ،‬فهؤلء القوم عقبة في‬
‫سبيل المصلحين كؤود‪ ،‬ولو تسنّى لرجال الصلح القضاء عليهم؛ لرأيت‬

‫() لصسساحب هذه السسسطور (العبسسد الضعيسسف) كتاب مفرد عسسن‬ ‫‪1‬‬

‫الخرافة‪ ،‬يسر اللّه إتمامه ونشره بخير وعافية‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أنم يأتمي يوم يظهمر اللّه فيمه‬
‫النسماء يدخلون فمي ديمن اللّه أفواجا‪ ،‬ول بدّ ْ‬
‫‪-‬على أيدي المصلحين‪ -‬دينه الذي ارتضاه‪ ،‬ويتمّ نوره‪.‬‬
‫على أ نّ هؤلء المبتدع ين‪ ،‬فضلً عن حر صهم على ح فظ مكانت هم‬
‫عنمد الرّعاع‪ ،‬قوم اسمتأنسوا بظلم الجهمل‪ ،‬وأخلدوا إلى المسمكنة والذّلّ‪،‬‬
‫ح تى ط بع اللّه على قلوب هم‪ ،‬وعلى أب صارهم غشاوة‪ ،‬ف هم يتأذّى ب صرهم‬
‫من نور العلم‪ ،‬ويعزّ علي هم الخروج من غيا بة ال جب إلى ا ستنشاق الهواء‬
‫الطلق في هذا الفضاء الواسع المترامي الطراف‪ ،‬وهم ‪-‬مع ذلك كلّه‪ -‬ل‬
‫يخجلون من دعوى أن هم رجال ال صلح وال صّلح‪ ،‬وأن سعادة الب شر ل‬
‫ت تم إل باتّباع مناهج هم و سُ ُبلِهم! ويعلم اللّه أن هم لي سوا إل حشرات سامة‪،‬‬
‫سمّها النّا قع‪ ،‬وشر ها‬
‫تحارب ال سّعادة وال ُبَل ْهنِيّ ة( )‪ ،‬وتمزّق أشلء الن سانية ب ُ‬
‫‪1‬‬

‫المسمتطير‪ ،‬وأن محدثاتهمم ل ضرّ على الديمن ممن طعنات ألدّ أعدائه‪،‬‬
‫وأجلب للشرور إليه من أشد مناوئيه‪.‬‬
‫أ جل! فإ نه لول محدثات هم المخز ية ال تي شوّهوا ب ها الدّ ين‪ ،‬وتفهيم هم‬
‫الدّ ين للناس تفهيما مقلوبا ل ما تجرّأ أحدٌ على الطّ عن ف يه‪ ،‬ول ما خ سر كل‬
‫يوم عددا من أبنائه غير قليل‪.‬‬
‫ول يس ما يرتك به هؤلء جهارا‪ ،‬ليلً ونهارا‪ ،‬من ضروب الموبقات‪،‬‬
‫ويجرأون عليمه ممن مقاوممة المصملحين جهلً وعداونا بضروب الوسمائل‪،‬‬
‫كنتم إخال أن للعراق النّصميبَ الوفمر‪ ،‬والحظ ّ‬
‫ُ‬ ‫بخافم على أحمد‪ ،‬وقمد‬
‫ٍ‬
‫ال كبر‪ ،‬من هؤلء المبتد عة‪ ،‬ح تى إذا كتب تْ الرّحلة لي في هذه اليام إلى‬
‫بلد الشام‪ ،‬ووق فت عن ك ثب على أحوال قادت هم‪ ،‬واطّلع تُ على ب عض ما‬
‫لهمم ممن المؤلفات فمي الدّعوة إلى حشوهمم‪ ،‬والتّهويمل على المصملحين؛‬
‫َنم‬
‫وعجبتم لنقياد العامّةم لهمم وتألّبهمم على كمل م ْ‬
‫ُ‬ ‫دهشتم ممما رأيمت‪،‬‬
‫ُ‬

‫() الَّرخاء و َ‬
‫سعَة العيش‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يحضّون هم على مناهض ته من رجال ال صلح الدّي ني والعل مي‪ ،‬إ نْ حقا‪،‬‬
‫وإنْ باطلً‪ ،‬حتى كأنّ الشاعر( ) العربي قد قصدهم بقوله‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫فمي النّائبات على مما قال برهانما!‬ ‫ل يسمألون أخاهمم حيمن يندبهمم‬
‫ومن جملة المور التي وقفتُ عليها‪:‬‬
‫أنّ عالما من رجال ال صلح سُئل عن (ح كم ال صّياح في التّهل يل‬
‫والتكمبير‪ ،‬وغيرهمما أمام الجنائز)‪ ،‬فأفتمى بأنمه «مكروه تحريما‪ ،‬وبدعمة‬
‫قبيحة‪ ،‬يجب على علماء المسلمين إنكارها‪ ،‬وعلى كل قادر إزالتها‪ ،‬مستدلً‬
‫بآ ية قرآن ية‪ ،‬وحد يث صحيح‪ ،‬وأقوال الفقهاء»‪ ،‬و سأل هذا الم ستفتي عن‬
‫السؤال نفسه رجلً آخر ينتمي في الظّاهر إلى العلم‪ ،‬فأجاب بال سّلب‪ ،‬ونفى‬
‫مما قرره الولُ نفيا رجما بالغيمب‪ ،‬وتهجّما على الحقّم بقول الزور‪ ،‬ولم‬
‫م بذلك وحده‪ ،‬بمل تجاوز حدودَ الدب والنصماف‪ ،‬ورممى الرّجلَ‬
‫يكتف ِ‬
‫بالزّيغ والضّلل‪ ،‬وأسند إليه ما لم يقل به‪ ،‬ولم يجر به قلمه‪ ،‬شأن أصحاب‬
‫الهوى والفك‪ ،‬وأن في قصة الفك( ) لعبرة لقوم يعقلون‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫إ نّ هذه الم سألة‪ ،‬وكذا م سألة المولد النبوي‪ ،‬ونظائر ها؛ ل من المور‬
‫البديهية‪ ،‬التي ل يحسن بمنت مٍ إلى العلم‪ ،‬وشادٍ شيئا من الفقه‪ ،‬أن يُنازع أو‬
‫يختلف فيهما‪ ،‬وممن نازع فقمد أعرب عمن جهلٍ عريقمٍ‪ ،‬و َفهَاهَة باقليمة( )‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫() وهو من شعراء الحماسة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظرها مع تخريج طويل لها في «الحنائيات» (رقم ‪)243‬‬ ‫‪2‬‬

‫مع تعليقي عليه‪ ،‬والحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات‪.‬‬


‫ي‪ ،‬ومسسن أمثلة العرب‪( :‬أع ْسسيا مسسن باقسسل)؛‬
‫() الفَ َهاهسسة‪ :‬العِسس ّ‬ ‫‪3‬‬

‫و(باقل)‪ :‬رجل من إياد‪.‬‬


‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬باقسل رجسل مسن ربيعسة‪ ،‬بلغ مسن ع َي ّ ِسه أنسه اشترى‬
‫حد َ عشسر درهماً‪ ،‬فمّر بقوم‪ ،‬فقالوا له‪ :‬بكسم اشتري َس‬
‫ت الظسبي؟‬ ‫ظسبيا ً بأ َ‬
‫فمد َ يديسه‪ ،‬ودَلَع لسسانه؛ يريسد‪ :‬أحسد عشسر‪ .‬وانظسر «مجمسع المثال» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وجهالة غبشانية!‬
‫ت كلمةُ المحقّقين من ال سّلفِ والخل فِ على إنكار هذه البدع‪،‬‬
‫فقد أجمع ْ‬
‫التي لم ُي َنزّل اللّه بها من سلطان‪ ،‬ولم يختلف منهم قط اثنان‪.‬‬
‫وإنّ فيما ساقه الستاذان الجليلن‪ :‬الشّيخُ كامل القصاب‪ ،‬والشّيخُ عزّ‬
‫الديمن القسمام‪ ،‬ممن الدلة الشّافيمة‪ ،‬والنّقول الوافيمة‪ ،‬عمن فطاحمل علماء‬
‫المذاهمب الربعمة فمي رسمالتهما «النقمد والبيان فمي الردّ على خزيران»‬
‫‪-‬الذي أعرب عن مبلغ علمه‪ ،‬وفهمه للدين‪ -‬لغُ ْنيَة عن سرد ما نعرفه من‬
‫أقوال المحقق ين في هذه الم سائل‪ ،‬وع سى أن يتروّى خزيران وشيخُه في‬
‫رسمالة الفاضليمن‪ ،‬فيسمتعينا بهما على الرّجوع إلى الحق ّ‪ ،‬ويعلنما للناس‬
‫خطأهما المطلق؛ لئل يزلّ معهما من يزلّ ممن يح سّنُ الظّنّ بهما‪ ،‬ويرجع‬
‫في فهم أمور الدين إليهما‪!...‬‬
‫على أنّ الجدال فمي مثمل هذه المسمائل البسميطة( )‪ ،‬أصمبح فمي هذا‬
‫‪1‬‬

‫‪-‬ع صر الم سابقة والمباراة‪ ،‬ع صر ال صّناعات والمخترعات‪،-‬‬ ‫الع صر‬


‫ضربا من المضحكات‪ ،‬ال تي يخ جل أن يفوه ب ها عاقلٌ‪ .‬وإن ني لعت قد أنّ‬
‫الستاذين الهمامين‪ :‬القصاب والقسام ‪-‬وهما هما‪ -‬ما كانا ليبحثا في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬ويؤلّفا لها رسالةً‪ ،‬لول وجوب نصرة الح قّ‪ ،‬ودحر شُبه المضلّين‬
‫في الدّين‪.‬‬
‫سدّد اللّه خطوات الجم يع‪ ،‬ووفّق نا إلى ما ف يه خ ير ال مة‪ ،‬وال سلم‬
‫على من اتّبع الهدى‪.‬‬
‫في‪ 10‬المحرم سنة ‪1344‬هس‬

‫‪.)389-2/388‬‬
‫‪ )26‬خطسسأ اسسسستخدام هذه‬ ‫() نبّهنسسسا فسسسي التعليسسسق على (ص‬ ‫‪1‬‬

‫الكلمة‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(‪)2‬‬
‫نزيل دمشق‪ :‬محمد بهجة الثري‬

‫() هسو محمسد بهجسة بسن محمود بسن عببد القادر المعروف بالثري‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ولد عام ‪1904‬م فسسسي بغداد‪ ،‬وتعلم مبادئ القرآن والكتابسسسة على‬
‫امرأة كانست تعلم الصسبيان فسي حيسه‪ ،‬ثسم قرأ القرآن فسي كتّاب آخسر‪،‬‬
‫فأتسم قراءتسه وهسو ابسن سست سسنوات‪ ،‬لقبسه المام اللوسسي بالثري؛‬
‫لشدّة ولعسسه بالثار (الحديسسث الشريسسف)‪ ،‬تنقّسسل فسسي عدة مناصسسب‪،‬‬
‫آخرهسسا‪ :‬انتخابسسه عضوا ً فسسي المجلس العلى السسستشاري بالجامعسسة‬
‫السسلمية فسي المدينسة النبوي ّسة‪ ،‬ونال عدة أوسسمة‪ ،‬وله عدة مؤلفات؛‬
‫منهسا‪« :‬أعلم العراق»‪« ،‬تاريسخ مسساجد بغداد» (تهذيسب)‪« ،‬المجمسل‬
‫فسسي تاريسسخ الدب العربسسي»‪« ،‬المدخسسل فسسي تاريسسخ الدب العربسسي»‪،‬‬
‫وغيرها‪ .‬ترجمته في‪« :‬موسوعة أعلم العراق في القرن العشرين»‬
‫(‪ )183-1/182‬وفيسسه ترجمتسسه بخطسسه‪ ،‬مجلة «المورد» (المجلد‬
‫الرابسسع والعشرون‪/‬العدد الثانسسي‪1417/‬هسسس ‪1996 -‬م‪/‬عدد خاص‬
‫عنسسه) ‪-‬وفسسي أوله (ص ‪( :)16-4‬سسسيرة العلمسسة الثري بقلمسسه)‪،-‬‬
‫وللباحسث محمود المشهدانسي رسسالة ماجسستير بعنوان‪« :‬محمسد بهجسة‬
‫الثري‪ :‬حياتسه وشعره»‪ ،‬نالهسا مسن جامعسة القاهرة‪ ،‬ولحميسد المطبعسي‬
‫«العلمة محمد بهجة الثري» ‪ ،‬طبع عن وزارة الثقافة بالعراق‪ ،‬سنة‬
‫‪1988‬م‪ ،‬وللمجمسع العلمسي العراقسي كتاب «محمسد بهجسة الثري»‪،‬‬
‫فيه‪:‬‬
‫‪ -1‬الثري المتربسسي والمربسسي‪/‬لعببببد العزيبببز البسسسام (ص ‪-23‬‬
‫‪.)115‬‬
‫‪-116‬‬ ‫‪ -2‬الثري‪ ...‬النسسان والشاعسر‪/‬لحمسد مطلوب (ص‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪3‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الصّياح بالذّكر أمام الجنائز‪ ،‬والمولد‪ ،‬والتراويح‬
‫ليسمت مسمألة الذّكمر والجنائز والتّراويمح ممما ينبغمي فيمه الجتهاد‬
‫فيختلف ف يه‪ ،‬أو يكون اجتهاد المجتهد ين ف يه موافقا بع ضه لب عض‪ ،‬وإن ما‬
‫هي من العبادات ال تي أكمل ها اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬بالنّ صوص في كتا به‪ ،‬وعلى‬
‫لسان خاتم أنبيائه ورسله‪ ،‬فل اجتهاد فيها إل ما يتعلّق باليقاع على الوجه‬
‫المشروع‪ ،‬و هو ما سماه ال صوليون بتحق يق المناط؛ كالجتهاد في القبلة‪،‬‬
‫‪.)152‬‬
‫‪-153‬‬ ‫‪ -3‬الثري والبحسسث اللغوي‪/‬لحسسسام النعيمسسي (ص‬
‫‪.)187‬‬
‫‪ -4‬الستاذ الثري والتاريخ‪/‬لصالح العلي (ص ‪.)198-188‬‬
‫‪ -5‬الوحدة الروحيسة فسي شعسر الثري‪/‬لمحمود الجادر ( ‪-199‬‬
‫‪.)241‬‬
‫‪ -6‬الثري ملمسسسح مسسسن سسسسيرته ومشاركاتسسسه فسسسي المجامسسسع‬
‫والجامعات العربية‪ /‬لعدنان الدوري (ص ‪.)425-241‬‬
‫إلى‬ ‫‪426‬‬ ‫‪ -7‬ثبست مؤلفات الثري‪/‬لعبسد الزهراء غياض (ص‬
‫آخر الكتاب)‪.‬‬
‫وللشيسسسسخ علي الطنطاوي ‪-‬رحمسسسسه اللّه‪ -‬فسسسسي «ذكرياتسسسسه» (‬
‫‪ 299 ،288 ،287 ،280 ،272 ،271 ،257 ،3/118‬و‬
‫‪ 117 ،64 ،62 ،36 ،4/35‬و ‪ )5/306‬شذرات حسسسنة عسسن‬
‫حياته ‪-‬رحمه اللّه تعالى‪.-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫على أن اللّه ‪-‬تبارك وتعالى‪ -‬أكممل الدّيمن السملميّ كلّه‪ ،‬حتمى قواعمد‬
‫المور الجتهادية‪ ،‬وهي أكثر القضاء( ) والسياسية والحرب‪ ،‬لذا قال المام‬
‫‪1‬‬

‫العادل عمر بن عبد العز يز‪« :‬تحدث للنّاس أقض ية‪ ،‬بح سب ما يحدث لهم‬
‫من الفجور»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫هذا كتاب اللّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬وهذه دواوين سنة خاتم رسله؛ من الوضوح‬
‫بمكان في م ثل مسألة الذّ كر والجنائز والتّراو يح وغير ها‪ ،‬فليس في هذين‬
‫الوحييمن الثقليمن هذه الطرق الصموفية بالبداهمة‪ ،‬سمواء منهما عهمد الشيمخ‬
‫لمريده أم الجتماع‪ ،‬وكذا الصياح‪ ،‬ولفظ الجللة وحده فضلً عن لفظ «آه»‬
‫والرقص‪ ،‬وغير ذلك مما هو معروف مشهور‪ .‬وقد كانت مشيخة الزهر‬
‫الشريف الجليلة سئلت عن لفظ‪« :‬آه»‪ ،‬فأفتت بمنعه‪ ،‬والجماع العلمي من‬
‫() كذا في الصل!‬ ‫‪1‬‬

‫() نقله ابسن رشسد فسي «فتاويسه» (‪ ،)2/761‬وابسن حزم فسي‬ ‫‪2‬‬

‫«الحكام» (‪ )6/109‬أو (‪ - 6/831‬ط‪ .‬الخرى)‪ ،‬والقرافسسي فسسي‬


‫«الفروق» (‪ )4/251‬فسي (الفرق التاسسع والسستون والمئتيسن) عسن‬
‫العز بن عبد السلم‪ ،‬وعنه الشاطبي في «العتصام» (‪،301 ،1/49‬‬
‫‪ - 2/277‬بتحقيقي)‪ ،‬وشكك في صحة نسبتها إليه في (‪1/312‬‬
‫‪ -‬بتحقيقسسي)‪ ،‬وكذا طعسسن ابسسن حزم فسسي «الحكام» (‪ )6/831‬بهذا‬
‫الثر وصحته‪ ،‬قال عقبه‪« :‬هذا من توليد من ل دين له‪ ،‬ولو قال عمر‬
‫ذلك لكان مرتدا ً (!!) عسسن السسسلم‪ ،‬وقسسد أعاذه اللّه مسسن ذلك‪ ،‬وبرأه‬
‫منه‪ ،‬فإنه ل يجيز تبديل أحكام الدين إل كافر»‪ ،‬وتعقبه العلمة أحمد‬
‫شاكسر بقوله‪« :‬هذه كلمسة حكيمسة جليلة‪ ،‬ل كمسا فهسم ابسن حزم‪ ،‬فإن‬
‫معناها أن الناس إذا اخترعوا ألوانا ً من الثم والفجور والعدوان استحدث‬
‫لهم حكامهم أنواعا ً من العقوبات والقضية والتعزير ‪-‬مما جعل اللّه‬
‫مسن سسلطان المام‪ -‬بقدر مسا ابتدعوا مسن المفاسسد‪ ،‬ليكون زجرا ً لهسم‬
‫ونكالً»‪ .‬انظر ‪-‬لزاماً‪« :-‬شرح ابن ناجي على الرسالة» (‪،)2/276‬‬
‫و«فتاوى محمد بن إبراهيم» (‪.)73-3/72‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أهله المجتهد ين قائم على من عه‪ ،‬وم نع إفراد ل فظ الجللة‪ ،‬إذ العبادات كل ها‬
‫ل تصح إل بالكلم المفيد‪.‬‬
‫وكذا الجنائز ممما لم تزل كتمب الفقمه واضحمة كالشممس فمي رابعمة‬
‫النهار في بيان حكمه الشرعي‪ ،‬فضلً عن نطق كتاب اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وسنة‬
‫ر سول الناس كا فة ‪ -‬صلى اللّه عل يه وآله و سلم‪ -‬بحك مه الشر عي‪ ،‬و من‬
‫أحكام الجنازة ال صّريحة‪ :‬أن ل يعجّل ال سّائرون بها في سيرهم‪ ،‬ول يتأنوا‬
‫فيحاكوا بعض الملل‪ ،‬بل يكونوا فيها وسطا‪ ،‬كسائر المور الشرعية( )‪ ،‬كما‬
‫‪1‬‬

‫هو ن صّ القرآن الحك يم الذي ي ستفاد م نه جدا في قوله ‪-‬تعالى‪َ { :-‬و َك َذلِ كَ‬
‫ج َعلْنَاكُمْ ُأ ّمةً وَسَطا} [البقرة‪.]143 :‬‬
‫َ‬
‫إنّ ال مة ال سلمية لي ست هي دنيو ية ماد ية‪ ،‬ولي ست هي ‪-‬أيضا‪-‬‬
‫زاهدة في الدن يا كلّ الز هد‪ ،‬بل هي و سط ب ين الدن يا والخرة‪ ،‬إذ الن سان‬
‫روح وج سد‪ ،‬فم صالح الدّن يا للثا ني‪ ،‬وم صالح الخرة للول‪ ،‬لذا ل يم كن‬
‫فمي العالم النسماني لحدٍ أن يقوم بالحقوق النسمانيّة ‪-‬شخصميّة كانمت أم‬
‫عموميّة‪ -‬حقّ القيام سوى المسلم‪.‬‬
‫وأمّام التراويمح فالختلف فمي عدد ركعاتهما إنمما همو اختلف فمي‬
‫روايات أحاديثها بالبداهة( )‪ ،‬ول تنبغي المشادّة فيها ألبتة‪ ،‬بل أرى أنها من‬
‫‪2‬‬

‫() الدلة والنقول كثيرة شهيرة فيمسسسا اسسسستنكره صسسساحب هذه‬ ‫‪1‬‬

‫السسطور ‪-‬رحمسه اللّه‪ ،-‬وفسي عباراتسه غيرة محمودة‪ ،‬وإجمال حسسن‪،‬‬


‫إذ المقام التأييسد والتعليسق بمسا ل يتحمسل الطالة‪ ،‬وانظسر الدلة مسن‬
‫الكتاب والسسسنة والثار السسسلفية فسسي تأييسسد (الوسسسطية) فسسي رسسسالة‬
‫السسخاوي ‪-‬رحمسه اللّه‪« :-‬الجواب الذي انضبسط فسي ل تكسن حلواً‬
‫فتسترط»‪ ،‬وهي مطبوعة بتحقيقي‪ ،‬وللّه الحمد والمنّة‪.‬‬
‫() وقسسد حققنسسا ذلك فسسي التعليسسق على الصسسفحات (‪،79-75‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)87-83‬فانظرها غير مأمور‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أيم كميمة منهما( )‪ ،‬ومما أهلك‬
‫‪2‬‬
‫المور الثانويمة( )‪ ،‬وليصملّها ممن شاء على ّ‬
‫‪1‬‬

‫مم أمورا كان‬


‫مى تناول اختلف العلماء منهم‬
‫مم‪ ،‬حتم‬
‫ملمين إل أهواؤهم‬
‫المسم‬
‫اختلف هم في ها لفظيا‪ ،‬وأمورا و ضح أنّ اختلف هم في ها كان من أمر ين ه ما‬
‫من الدّاء الشديد بمكان؛ وهما‪:‬‬
‫الفل سفة ال تي نقلت ب ما ل ها و ما علي ها من الل غة اليونان ية إلى الل غة‬
‫العربية‪.‬‬
‫وال مر ال خر‪ :‬هو النّعرة المذهب ية‪ ،‬وهذه المور هي كخلق الفعال‬
‫مما هو معروف‪.‬‬
‫وأ ما المولد فل نزاع قط في أن أول من أحد ثه صاحب إر بل‪ ،‬في‬
‫أوائل القرن السمابع أو أواخمر القرن السمادس‪ ،‬كمما فمي «تاريمخ ابمن‬
‫خلكان»( )‪ ،‬وهذه دواويمن السمنة النبويمة فليمس فيهما إشارة دالة على ذلك‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫لن نا ‪-‬ن حن الم سلمين‪ -‬منهيّون عن تقل يد غير نا إل في المور الدّنيو ية‬
‫ال صّرفة‪ ،‬بشرط أن ن تبيّن حقائقَ ها‪ ،‬فلو كان المولد مطلوبا ‪-‬ولو على ج هة‬

‫() لو قال‪ :‬الخلفيسسسة‪ ،‬لكان أجود‪ ،‬والخلف الذي يمتسسسد بيسسسن‬ ‫‪1‬‬

‫المحققيسسسن على اختلف المصسسسار والعصسسسار مسسسن أمارات الخلف‬


‫السائغ والمعتبر‪ ،‬وأقوى دليل للمتوسعين‪ :‬العمل الموروث‪ ،‬على ما‬
‫بيَّن الشيخ عطية محمد سالم ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬في كتابه «التراويح‪ ،‬أكثر‬
‫من ألف عام في مسجد النبي »‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫() لعبببد الرحمببن بسن عبببد الكريببم الزبيدي الشافعسي (ت ‪975‬هسس)‬ ‫‪2‬‬

‫رسالة محفوظة في دار الكتب المصرية [‪ 354‬مجاميع] بعنوان «‬


‫إقامة البرهان على كمية التراويح في رمضان»‪ .‬انظر « فهرس دار‬
‫الكتب» (‪.)1/498‬‬
‫() (‪ ،)1/437‬ومضسسى الحديسسث عنسسه مفصسسل ً ‪ ،‬انظسسر (ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.)120-113‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫السمتحسان‪ -‬لفعله أهلُ القرون الثّلثمة الُول‪ ،‬الذي شهمد لهمم رسمولُ‬
‫العالمين بالخيرية( )‪ ،‬على أ نّ المولد صبغ بال صّبغة الشّرعية إذ داوم النّاس‬
‫‪1‬‬

‫على يومه التاريخي‪ ،‬وإن اختلفت رسائله المؤلفة‪ ،‬فضلً عما في كثير جدا‬
‫منها( ) من القصر على ذكر الجمال‪ ،‬وأمور أكثرها ليس في كتب الحديث‬ ‫‪2‬‬

‫الشر يف ال صحيحة ع ند رجال الجرح والتعد يل‪ ،‬والقل يل من تلك الرّ سائل‬
‫فيه ال سّيرة النبوية الكريمة‪ ،‬ولكن هذه يسيرة جدا‪ ،‬على أنّ من وازن بين‬
‫يوم الولدة‪ ،‬ويوم البعثة‪ ،‬حدّثته نفسه أنّ الثاني أفضل من الول‪ ،‬فتحدو به‬
‫إلى العنايمة بمه‪ ،‬ولكنمه إذا أعار وجوده لفتمة طيبمة إلى كتمب الحديمث‬
‫الصحيحة‪ ،‬رأى فيها أنّ الر سول ‪-‬صلى اللّه عل يه وآله و سلم‪ -‬وأصحابه‬
‫‪-‬رضوان اللّه عليهمم‪ -‬لم يتخذوا يوم البعثمة عيدا ألبتمة‪ .‬وممن المور‬
‫المعلوممة بالبداهمة فمي السملم أنّ ذكرى رسمول العالميمن ‪-‬عليمه أفضلُ‬
‫ال صلةِ وأتمّ التّ سليم‪ -‬هي من القربات المبار كة إلى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬وحده‪،‬‬
‫فهي مطلوبةٌ‪ ،‬ولكن في أي وقت كان‪ ،‬بدرس سيرته ‪-‬صلى اللّه عليه وآله‬

‫() إشارة إلى حديث صحيح‪ ،‬مضى ذكره وتخريجه في التعليق‬ ‫‪1‬‬

‫على (ص ‪.)117‬‬
‫() منهسسا «مولد العروس» المنسسسوب كذبا ً لبسسن الجوزي‪ ،‬وكذا‬ ‫‪2‬‬

‫شرحسسه «فتسسح الصسسمد العالم على مولد أبسسي القاسسسم» أو «البلوغ‬


‫الفوزي في بيان ألفاظ مولد ابسن الجوزي» المطبوع فسي بولق سسنة‬
‫‪1292‬هس‪ ،‬وقد نسبه الستاذ العلوجي في «مؤلفات ابن الجوزي»‬
‫(ص ‪ )242‬للنووي! قلت‪ :‬ليسس كذلك‪ ،‬فهسو دخيسل على يحيسى بسن‬
‫شرف‪ ،‬وإنمسسا هسسو لمحمسسد بسسن عمسسر النووي الجاوي‪ ،‬ألفسسه سسسنة (‬
‫‪1294‬هسسس ‪1877 -‬م)‪ ،‬وانظسسر ‪-‬لزاماً‪ :-‬كتابسسي «كتسسب حذر منهسسا‬
‫العلماء» (‪ ،)2/303‬و«كتسب ليسست مسن السسلم» (ص ‪)60-47‬‬
‫للسسستاذ محمود مهدي السسستانبولي‪ ،‬وكتابسسي «الهجسسر فسسي الكتاب‬
‫والسنة» (ص ‪ - 183‬الهامش)‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وسلم‪ -‬للقتداء به( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ثم إنّ البد عة الدّينيّ ة‪ :‬إمّ ا أن تكون اختراع عبادة‪ ،‬أو شعار دي ني ل‬
‫أصل لهما‪ ،‬وإمّا أن تكون تخصيصا لعبادة مشروعة بزمان معين أو مكان‬
‫معين أو هيئة معينة‪ ،‬لم يخ صّصها بها الشّارع‪ ،‬ومن هذا النّوع عدّ الفقهاء‬
‫من البدع‬ ‫(‪)3‬‬
‫صلة الرغائب في ر جب( )‪ ،‬و صلة ليلة الن صف من شعبان‬
‫‪2‬‬

‫المذموممة‪ .‬قال النووي فمي «المنهاج»( )‪ :‬وصملة رجمب وشعبان بدعتان‬


‫‪4‬‬

‫قبيحتان مذمومتان‪ ،‬وقد سمى الشّاطبيّ هذا النّوع بالبدع الضافيّة‪ ،‬وسمّى‬
‫مه‬
‫مي كتابم‬
‫ميله هذا فم‬
‫مع إلى تفصم‬
‫مة‪ ،‬ولْيرجم‬
‫النّوع مَ الولَ البدع الحقيقيم‬
‫«العتصام»( )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫فما يعهد من الحتفال بالمولد ليس عبادة مأثورة عن الشّارع‪ ،‬يؤتَى‬


‫ب ها على الو جه المشروع‪ ،‬ول هو ع مل دنيوي م حض‪ ،‬بل يجمعون ف يه‬
‫بيمن عبادات يأتون بهما أو ببعضهما على وجمه غيمر مشروع‪ ،‬وبيمن لعمب‬
‫ولهمو بعضمه مباح‪ ،‬وبعضمه محظور‪ .‬فخلط العبادات الدّينيمة باحتفالت‬
‫الزّي نة والل هو‪ ،‬وج عل ذلك عملً واحدا عن با عث دي ني‪ ،‬هو الذي يج عل‬
‫مجموع تلك العمال ممن قبيمل الشّعائر الدينيمة‪ ،‬ويوهمم العوامّم أن تلك‬
‫العادات ‪-‬وكذا العبادات المبتد عة في هيئت ها وتوقيت ها وعدد ها‪ -‬من أمور‬

‫ن‬
‫() الحسسن مسن هذا ‪-‬عندي‪ -‬القول بسسنيّة صسيام الثنيسن؛ ل ّس‬ ‫‪1‬‬

‫النبي ‪ s‬ثبت عنه قوله في سبب صيامه‪« :‬ذلك يوم ولدت فيه»‪.‬‬
‫() انظر ما قدمناه عنها (ص ‪.)128 ،123‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما قدمناه عنها (ص ‪.)125‬‬ ‫‪3‬‬

‫() كذا فسسسسي «فتاويسسسسه» (‪ )40‬جمسسسسع تلميذه ابسسسسن العطار‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫و«المجموع» (‪ ،)4/56‬ونقله عنسه ابسن همات فسي «التنكيست» (ص‬


‫‪ ،)96‬ولم أظفر به في «المنهاج» للنووي!‬
‫‪ -‬بتحقيقي)‪.‬‬ ‫() انظره (‪289-1/287‬‬ ‫‪5‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الدين المشروعة بهذه الصفة ندبا أو وجوبا‪.‬‬
‫و صفوة القول‪ :‬أ نّ الذّ كر نف سه أمام الجنازة‪ ،‬وال صّياح به‪ ،‬والمولد‬
‫بالكيف ية المشهورة لي ست من البدع الح سنة قط؛ لنّ اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬أك مل‬
‫الدّيمن‪ ،‬وأجمعمت المةُ على أن أهمل الصمّدر الول أكملُ الناس إيمانا‬
‫وإسلما‪ ،‬وأنّ كلّ بدعة ليست من هذا القبيل‪ ،‬كالمنافع الدّنيوية‪ ،‬والوسائل‬
‫التمي يقوى بهما أممر الديمن والدنيما؛ كالمدارس‪ ،‬والمسمتشفيات‪ ،‬والملجمئ‬
‫الخيرية‪ ،‬التي يثاب صاحبها بحسن نيته فيها‪ ،‬فإنها تعد بدعةً حسنة‪.‬‬
‫والتّحق يق‪ :‬أنّ هذه ل ت سمّى بد عة شرع ية‪ ،‬وإن ما يطلق علي ها ا سم‬
‫البدعة لغةً‪ ،‬فليس لحدٍ كائنا من كان أنْ يخترعَ في الدّين نفسه شيئا‪.‬‬
‫وهذا دين اللّه السلم العلى بيّن أيما بيان في كتاب اللّه وسنة خاتم‬
‫رسمله‪ ،‬وكاممل ل يحتاج إلى زيادة‪ ،‬كمما ل يصمح النّقمص منمه‪ .‬فمصمالح‬
‫َسم ا ْل ُمتَنَافِسمُونَ}‬
‫ِكم َفلْ َيتَنَاف ِ‬
‫النسمان الروحيمة والبدنيمة تاممة فيمه {وَف ِي َذل َ‬
‫حقّ َوهُوَ َيهْدِي السّبِيلَ} [الحزاب‪.]4 :‬‬
‫[المطففين‪{ ،]26 :‬وَالّلهُ َيقُولُ ا ْل َ‬
‫(تنبيه)‬
‫قمد يقال كثيرا جدا‪ :‬إننما إذا نفذنما حكمم اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬الذي فمي هذا‬
‫من الجنائز ل‬
‫من يعيشون مم‬
‫مم الذيم‬
‫مة القرآن الحكيم‬
‫مع حفظم‬
‫المقال‪ ،‬فجميم‬
‫يسمتطيعون سموى هذه العيشمة‪ ،‬فيضَرون؛ إذ ليمس لهمم كسمب غيمر ذلك‪،‬‬
‫فيقال‪ :‬أمّا بالن سبة للمب صرين من هم‪ ،‬في جب علي هم ال سّعي لغ ير تلك المه نة‬
‫بالبدا هة‪ ،‬وأ ما غير هم في جب على رؤوس ال مة أن يطالبوا ل هم بحقوق هم‬
‫الجمّةم الموقوفمة عليهمم‪ ،‬وكذا الوصمايا التمي يوصمي بهما الغنياء ممن‬
‫المسلمين لهم ولغيرهم من الفقراء‪ ،‬وليس للمبصرين من أولئك الحفظة أن‬
‫يأخذوا شيئا من هذه الحقوق‪ ،‬فإنّ أخذَ هم من ها من أ كبر الدوا عي ل هم إلى‬
‫الكسمل ومما إليمه‪ ،‬فيجمب على الرؤسماء والغنياء شرعا أن يغنوا هؤلء‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ب الفريقين مضافا إلى ذنوبهم‪ ،‬ونرجو أن ل‬
‫وأولئك كما قلنا‪ ،‬وإل كان ذَنْ ُ‬
‫يكونوا كذلك‪ ،‬هذا وليمس فمي كتمب أئممة الحديمث دليمل واحمد على قراءة‬
‫القرآن للموتمى بعمد خروج روحهمم منهمم‪ ،‬فمما كتبمه كثيمر ممن مُؤلّفمي‬
‫المتأخّر ين من ضد ذلك ل يس ب حق‪ ،‬وإن ما الذي في « صحيح ا بن حبان»‬
‫حديث‪« :‬اقرؤوا على موتاكم»( )‪ ،‬والموتى هنا المحتضرون‪ ،‬كما بيّن اب نُ‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجسه ابسن أبسي شيبسة (‪ ،)3/237‬وأحمسد (‪،)27 ،5/26‬‬ ‫‪1‬‬

‫وأبسو عبيسد فسي «فضائل القرآن» (‪ - 253-252‬ط‪ .‬دار ابسن كثيسر)‬


‫‪-‬ومسسسسن طريقسسسسه علم الديسسسسن السسسسسخاوي فسسسسي «جمال القراء» (‬
‫‪ ،-)1/233‬وابن ماجه (‪ )1448‬وأبو داود (‪ ،)3121‬والطبراني‬
‫(‪ 20‬رقسم ‪ ،)510‬والحاكسم (‪ ،)1/565‬والبيهقسي (‪ )3/383‬مسن‬
‫طريسسق ابسسن المبارك‪ ،‬عسسن سسسليمان التيمسسي‪ ،‬عسسن أبسسي عثمان ‪-‬غيسسر‬
‫النّهدي‪ ،-‬عن أبيه‪ ،‬عن معقل رفعه‪.‬‬
‫وقال الحاكسسم‪ :‬وقفسسه يحيسسى بسسن سسسعيد وغيره عسسن سسسليمان‬
‫التيمي‪ ،‬والقول فيه قول ابن المبارك‪ ،‬إذ الزيادة من الثقة مقبولة‪.‬‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬الحديسث إسسناده ضعيسف؛ لجهالة أبسي عثمان‪،‬‬
‫واضطرابسسه‪ ،‬فقسسد أخرجسسه النسسسائي فسسي «عمسسل اليوم والليلة» (‬
‫‪ ،)1074‬وابسسن حبان (‪ ،)3002‬والبغوي (‪ )1464‬مسسن طريسسق‬
‫ابسن المبارك‪ ،‬عسن التيمسي‪ ،‬عسن أبسي عثمان‪ ،‬عسن معقسل‪ ،‬دون (عسن‬
‫أبيه)‪.‬‬
‫وأخرجه الطيالسي (‪ ،)931‬والنسائي ( ‪ ،)1075‬والطبراني‬
‫(‪ 20‬رقسم ‪ )541 ،511‬مسن طريسق سسليمان التيمسي‪ ،‬عسن رجسل‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن معقل‪.‬‬
‫وأعله ابسسن القطان فسسي «بيان الوهسسم واليهام» (‪50-5/49‬‬
‫رقم ‪ )2288‬بالضطراب والوقف‪ ،‬وبجهالة حال أبي عثمان وأبيه‪.‬‬
‫وانظسسر‪« :‬التلخيسسص الحسسبير» (‪ ،)2/104‬و«الميزان» (‪،)4/550‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حبان نفسمه سمبب هذا الحديمث( )‪ ،‬وسمبب الحديمث الخمر الذي فمي‬
‫‪1‬‬

‫«صحيحه»( ) ‪-‬أيضا‪ -‬وهو‪« :‬لقّنوا موتاكم ل إله إل اللّه»( )‪ ،‬وهذا يوضّح‬


‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫مع نى (المو تى) الذي قاله‪ ،‬وعل يه جرى أمثال العل مة القدوري( ) الحن في‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫إذ التلقين ل يكون ما يفعله الناس عقب الدفن‪ ،‬بل هو كلم من حيّ لحي؛‬
‫ليقوله الحيّم المخاطمب‪ ،‬وممن الباطمل قياس قراءة القرآن للموتمى على‬
‫ال صّيام وال حج عن الم يت‪ ،‬إذ هذان من الحقوق الثاب تة في ذ مة الم يت‪،‬‬

‫و«الذكار» (‪- )132‬وفيسسسه‪« :‬إسسسسناده ضعيسسسف‪ ،‬فيسسسه مجهولن»‪،-‬‬


‫و«الفتوحات الربانيسسة» (‪ ،)4/118‬و«لمحات النوار» للغافقسسي (‪2‬‬
‫رقسسسم ‪ ،)1177 ،1174‬و«فيسسسض القديسسسر» (‪ ،)2/67‬و«الكنسسسز‬
‫الثميسسسسسسن» (‪ ،)76‬و«الرواء» (‪ 151-3/150‬رقسسسسسسم ‪،)688‬‬
‫و«فضائل سورة ياسين في ميزان النقد» (ص ‪ ،)15-11‬و«القول‬
‫المسبين فسي ضعسف حديثسي التلقيسن واقرؤوا على موتاكسم ياسسين» (‬
‫‪.)22-13‬‬
‫() إذ ذكره فسي (فصسل فسي المحتضسر)‪ ،‬وقال عقبسه‪« :‬أراد بسه‬ ‫‪1‬‬

‫ن الميست يُقرأ عليسه»‪ .‬انظسر‪« :‬الحسسان» (‬


‫مسن حضرتسه المني ّسة‪ ،‬ل أ ّس‬
‫‪.)271 ،7/269‬‬
‫‪ -‬الحسسان) مسن حديسث أبسي سسعيد الخدري‬ ‫() رقسم (‪3003‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬رضي اللّه عنه‪.-‬‬


‫() وأخرجسه مسن حديسث أبسي سسعيد ‪-‬أيضاً‪ :-‬أحمسد (‪ ،)3/3‬وابسن‬ ‫‪3‬‬

‫أبسسسي شيبسسسة (‪ ،)3/238‬ومسسسسلم (‪ ،)1916‬والنسسسسائي (‪،)4/5‬‬


‫والترمذي (‪ ،)976‬وأبسسو داود (‪ ،)3117‬وابسسن ماجسسه (‪،)1445‬‬
‫والبغوي (‪ ،)1465‬والبيهقسسي (‪ ،)3/383‬وأبسسو نعيسسم (‪،)9/224‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫(فائدة)‪ :‬بوّب النووي فسي «صسحيح مسسلم» على الحديسث (باب‬
‫تلقيسسن الموتسسى ل إله إل اللّه)‪ ،‬وتبويسسب الترمذي‪( :‬باب مسسا جاء فسسي‬
‫تلقيسسن المريسسض عنسسد الموت والدعاء له عنده)‪ ،‬وتبويسسب ابسسن حبان‪:‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وليسمت القراءة منهما‪ ،‬وإهداء ثواب القراءة لروح الموتمى باطمل( )؛ لن ّ‬
‫‪1‬‬

‫ثواب العبادة غير متيقّ ن لصاحبها‪ ،‬بل هو مرجوّ عنده‪ ،‬والهداء ل يصح‬
‫إل بالملْك المتيقّن‪ ،‬والحقّ من وراء القصد‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫المحرم الحرام سنة‬ ‫‪13‬‬ ‫في‬
‫وكتبه الفقير‬
‫راغب القَبّاني الحسيني البيروتي‬
‫=‬
‫خريج الزهر الشريف‬

‫ضَرتْه المنيّة)‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫(ذكر المر بتلقين الشهادة َ‬
‫() هسسو أحمسسد بسسن محمسسد بسسن أحمسسد أبسسو الحسسسين القدوري‬ ‫‪4‬‬

‫البغدادي‪ ،‬انتهسست إليسسه رئاسسسة الحنفيسسة بالعراق (ت ‪428‬هسسس)‪ ،‬له‬


‫«مختصسر» فسي الفقسه‪ ،‬يعرف بسس «الكتاب» أو «مختصسر القدوري»‪،‬‬
‫وهو مختصر مشهور متداول عند الحنفية‪ ،‬وهو أحد المتون المعتمدة‬
‫فسي نقسل المذهسب عنسد المتأخريسن‪ ،‬وهسو مطبوع مع شرحسه «اللباب»‬
‫لعببببد الغنبببي الميدانسسسي‪ ،‬انظسسسر‪« :‬تاج التراجسسسم» (ص ‪/7‬رقسسسم ‪،)13‬‬
‫«الفوائد البهيسة» (‪« ،)30‬المدخسل إلى مذهسب المام أبسي حنيفسة» (‬
‫‪.)183‬‬
‫(فائدة)‪ :‬جاء فسسسسي «مختصسسسسر القدوري» (‪ - 1/125‬مسسسسع «‬
‫جه إلى القبلة على شقّسسه اليمسسن‪،‬‬ ‫ل و ّس ِس‬‫ضر الرج ُ‬
‫اللباب»)‪« :‬إذا احت ُسس ِ‬
‫ولق ّن الشهادتين»‪ .‬قلت‪ :‬ول دليل على توجيهه للقبلة‪ ،‬انظر «أحكام‬
‫الجنائز» (‪ ،)20‬وانظسر فسي (التلقيسن) المشروع‪« :‬دار البرزخ» (ص‬
‫‪ )23‬للمجيول‪« ،‬الحكام الشرعيسسسة فسسسي حسسسق المنتقليسسسن إلى رب‬
‫البرية» (‪ )56‬لعبد الستار المشهداني‪.‬‬
‫() بينست ذلك ‪-‬بتطويسل وتأصسيل‪ -‬فسي تعليقسي على «التذكرة»‬ ‫‪1‬‬

‫للقرطسسبي‪ ،‬وللّه الحمسسد‪ ،‬يسسسر اللّه إتمام تحقيقهسسا بخيسسر وعافيسسة‪.‬‬


‫=‬
‫=‬
‫سلفِي ابسن كثيسر فسي «تفسسيره» (‬ ‫من بديسع كلم العل ّسمة ال َّس‬ ‫و ِس‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سسعَى} [النجسم‪]39 :‬‬ ‫ما َ‬‫ن إِل ّ َس‬
‫سا ِ‬
‫س لِلِن َس‬‫‪ )4/276‬لقوله ‪-‬تعالى‪{ :-‬وَأن ل ّي ْس َ‬
‫قوله‪:‬‬
‫من‬‫ي ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬و َ‬ ‫من هذه الية الكريمة‪ ،‬استنبط الشافع ُّ‬ ‫«و ِ‬
‫من‬‫ن القراءة َ ل يصسل إهداءُ ثواب ِسها إلى الموتسى؛ لنسه ليسس ِس‬ ‫اتّبعسه‪ :‬أ َّس‬
‫ل اللّه ‪ s‬أ ُ َّ‬
‫مت َ سه‪ ،‬ول‬ ‫م يندب إليسسه رسسسو ُ‬ ‫عملهسسم‪ ،‬ول كسسسبِهم‪ ،‬ولِهذا ل َ س ْ‬
‫ص‪ ،‬ول إيماء‪ ،‬ولَم ينقل ذلك عن أحدٍ‬ ‫حث ّهم عليه‪ ،‬ول أرشدهم إليه بن ٍّ‬
‫ن الصسحابة ‪-‬رضسي اللّه عنهسم‪ ،-‬ولو كان خيرا ً لسسبقونا إليسه‪ ،‬وباب‬ ‫م َس‬
‫ِ‬
‫القُربات يقتصسر فيسه على النصسوص‪ ،‬ول يتصسرف فيسه بأنواع القيسسة‬
‫صدقة؛ فذاك مجمسسسسع على وصسسسسولهما‪،‬‬‫ما الدُّعاء وال ّسسسسَ‬
‫والراء‪ ،‬فأ ّسسسس‬
‫ن الشارع عليهما»‪.‬‬ ‫م َ‬‫ومنصوص ِ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪4‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد للّه الذي يقول الحق وهو يهدي السّبيل‪ ،‬والصّلةُ وال سّلمُ على‬
‫المبعوث بأقوم قيمل‪ ،‬مِن أكرم قبيمل‪ ،‬وعلى آله وصمحبه مما قاممت دعوى‬
‫بحجّ ٍة قاطعةٍ لكمل تضليمل‪ ،‬وقادت فتوى سماطعة للعممل بواضمح الدّليمل‪،‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫ّلعتم على الرّسمالة الموسمومة «النقمد والبيان فمي دفمع أوهام‬
‫فقمد اط ُ‬
‫خزيران» لمؤلّفيهما الشيخيمن‪ :‬محممد كاممل القصمّاب‪ ،‬ومحممد عزّ الديمن‬
‫الق سام‪ ،‬ك ما اطّلع تُ ق بل ذلك على ر سالة الش يخ مح مد صبحي خزيران‬
‫الموسومة بم«فصل الخطاب في الرد على الزنكلوني والقسام والقصاب‪،‬‬
‫في م سألة ر فع ال صّوت وال صياح بالتّهل يل والت كبير وغيره ما في تشي يع‬
‫الجنائز‪ ،‬وهل هو من قبيل البدع المذمومة أو من قبيل المستحسن الجائز»‪،‬‬
‫ورددتُ النّظر في الردّ وردّ الردّ من حيث الدّليل والمدلول‪ ،‬وأمعنتُ الفِكرَ‬
‫فيه ما من ح يث النّ قل والمنقول‪ ،‬والفروع وال صول‪ ،‬فكان الذي ظ هر لي‬
‫في الجواب وإ نه ‪-‬إن شاء اللّه‪ -‬الحقّ الذي ل يعدل ع نه‪ ،‬وال صّواب‪ :‬ما‬
‫اعتمده القسمّامُ والقصمّاب‪ ،‬فهمو المنهمج الرابمح‪ ،‬والمهيمع النّاجمح‪ ،‬والعممل‬
‫الرا جح‪ ،‬أل و هو هدي ال سّلف ال صالح‪ ،‬ف ما شر عه الشارع( ) ‪ ،S‬وا ستقرّ‬
‫‪1‬‬

‫عل يه ع مل صحبه والتّاب عِ‪ ،‬وتا بع التا بع‪ ،‬هو الذي ينب غي الم سير عل يه‪،‬‬
‫والمصير إليه‪ ،‬والتّمحلت في الدلة‪ ،‬والمحاولت بالمقابلت بين المعلول‬

‫وما بعد)‪.‬‬ ‫() انظر ما علقناه (ص ‪14‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والعلة‪ ،‬ممن غيمر ضرورة أكيدة داعيمة إليمه‪ ،‬وحاجمة شديدة حاملة عليمه‪،‬‬
‫مقاومة ومصادمة بالهدم لصروح صريح وصحيح النّص‪ ،‬ومجاراة لتشييد‬
‫‪ ،‬وفعله‪ ،‬وخلفائه‬ ‫وتأييمد هوى النّفمس‪ ،‬فإنّم العدول عمن قول النمبي‬
‫الراشد ين‪ ،‬والئ مة المجتهد ين‪ ،‬إزراء بالشّارع والشّرع وإخلل‪ ،‬فماذا ب عد‬
‫الحق إل الضّلل؟!‬
‫و في «القوا عد ال صولية الزّرقو ية»( ) (قاعدة (‪« :) () )42‬ل متّ بع إل‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬

‫المع صوم؛ لنتفاء الخ طأ ع نه‪ ،‬أو من ش هد له بالف ضل؛ لنّ مزكّ ي العدل‬
‫عدل‪ ،‬وقد شهد ‪-‬عليه السلم‪ -‬بأ نّ «خير القرون قرنه‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪،‬‬
‫ثم الذين يلونهم»( )‪ ،‬فصحّ فضلُهم على التّرتيب‪ ،‬والقتداء بهم كذلك»‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وبهذا يُعلم أنّ كل قضية موجودة في زمنه ‪-‬عليه الصلة والسلم‪،-‬‬


‫وفي زمن خلفائه‪ ،‬وأئمة المة‪ ،‬واستمرّ العملُ فيها عملً‪ ،‬أو تركا‪ ،‬قولً أو‬
‫فعلً‪ ،‬كان ذلك حُجةً وأ ساسا وأ صلً‪ ،‬فل يجوز تجاوزه إل لضرورة تب يح‬
‫المحظور‪ ،‬فكلّ خ ير في اتباع من سلف‪ ،‬و كل شر في ابتداع من خلف‪،‬‬
‫وهمم بالخيمر أعرف‪ ،‬وللّه أخوف‪ ،‬وعلى الجمر أحرص‪ ،‬وبالورع أسمعد‪،‬‬
‫وعن البدع أبعد‪ ،‬وما ينقل عمن بعدهم من القاويل ينظر فيه إلى المستند‬

‫() نسسبة للشيسخ أبسي العباس أحمسد بسن أحمسد بسن محمسد زُّروق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫واسسسم كتابسسه «قواعسسد التصسسوف»‪ ،‬ولعسسل هذه الحيدة عسسن تسسسميته‬


‫الكتاب مقصودة‪ ،‬وللشيخ زروق تأثر بالمصسلحين على منهسج السلف‬
‫فسي السستدلل‪ ،‬ول سسيما الشاطسبي فسي «العتصسام»‪ ،‬كمسا بيّنت ُسه فسي‬
‫تقديمسي له (‪ ،)20-1/19‬والكلم المزبور فسي «قواعسد التصسوف»‬
‫(ص ‪ - 33‬ط‪ .‬محمسسد زهري النجار)‪ ،‬وانظسسر عسسن حياتسسه بالتفصسسيل‬
‫«الشيسخ أحمسد زروق‪ :‬آراؤه الصسلحية» إعداد إدريسس عزوزي‪ ،‬طبسع‬
‫بالمغرب عن وزارة الوقاف‪.‬‬
‫() مضى تخريجه (ص ‪.)117‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والدّليمل‪ ،‬ففمي «القواعمد»( ) المذكورة قاعدة (‪« :)38‬العلماء مصمدّقون فيمما‬
‫‪1‬‬

‫ينقلون‪ ،‬ل نه موكولٌ إلى أمانت هم( )‪ ،‬مبحوث مع هم في ما يقولون؛ ل نه نتيجةُ‬


‫‪2‬‬

‫صرُ؛ طلبا للحقّ والتّحق يق‪ ،‬ل‬


‫عقول هم‪ ،‬والع صمة غ ير ثاب تة ل هم‪ ،‬فلزم التّبَ ّ‬
‫اعتراضا على القائل والناقل»‪.‬‬
‫وأي بدعة حدثت في السلم‪ ،‬ولو كانت خفيةً في المبادئ‪ ،‬فل تلبث‬
‫أن يتسمع خ ْرقُهما‪ ،‬ويعظمم ف ْتقُهما‪ ،‬أل ترى هؤلء المنشديمن أمام الجنائز‪،‬‬
‫فعلوة عن كون هم خالفوا ال سّنّة ال سّنيّة‪ ،‬وحالفوا البد عة ال سّيّئة الدنيّ ة‪ ،‬في‬
‫مجرد وجود هم بهيئت هم‪ ،‬مع التّ صنّع‪ ،‬والتّنطّ ع‪ ،‬والتّكلّف‪ ،‬والتّع سّف‪ ،‬ف قد‬
‫من‬
‫ما احتكارا‪ ،‬ول تَس مَلْ عم‬
‫ما بضاعةً‪ :‬تجارةً وإجارة‪ ،‬وتعهدوهم‬
‫اتّخذوهم‬
‫المشاركمة‪ ،‬والمشاك سة‪ ،‬والمماك سة‪ ،‬والمعاك سة‪ ،‬والمناق صة‪ ،‬ال مر الذي‬
‫وخلتم ممن روح‬
‫ْ‬ ‫انقلبتم بمه الحقيقمة‪ ،‬ودخلت بمه فمي قسمم المعاصمي‪،‬‬
‫ْ‬
‫الخلص‪ ،‬وتخلّت ممممن الخلص‪ ،‬وإذا زجروا نفروا‪ ،‬وإذا أُمروا أَ ِنفُوا‬
‫وعنّفوا‪ ،‬و كم تعب نا ل ما عب نا! وعاني نا ل ما عاينّ ا! و قد جرى العملُ به ب ين‬
‫العموم والخصوص‪ ،‬والمنكر له مكابر منكر للمحسوس‪ ،‬وذلك كلّه بفضل‬
‫المنشدين الجاهلين‪ ،‬والمرشدين المتساهلين‪.‬‬
‫فإذا كان المام النّووي( ) ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬شنّع في ذلك‪ ،‬وذ ّم الحال في‬
‫‪3‬‬

‫أمده‪ ،‬فهل شهد بما لم يعلم‪ ،‬أو تحسن المر من بعده‪ ،‬والذي ينبغي اعتقاده‬
‫في هذا المقام‪ ،‬واعتماده ب ين علماء ال سلم؛ هو‪ :‬التّخلّي مع الجنازة من‬
‫حلّة ال سّمت‪ ،‬اقتداءً‬
‫صمْت‪ ،‬و ُ‬
‫الج هر ب كل ش يء‪ ،‬والتحلّي بحل ية الحزن وال ّ‬

‫‪ -‬ط‪ .‬محمد زهري النجار)‪.‬‬ ‫() (ص ‪31‬‬ ‫‪1‬‬

‫() في مطبوع «القواعد»‪« :‬موكول لمانتهم»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظسر‪« :‬المجموع» (‪ ،)4/56‬و«الفتاوى» (ص ‪ - 40‬جمسع‬ ‫‪3‬‬

‫تلميذه ابسن العطار) له‪ ،‬ونقله عنسه ابسن همات فسي «التنكيست» (ص‬
‫‪ ،)96‬وغيره‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بالمشرّع( ) الع ظم ‪-‬عل يه وعلى آله ال صّلة وال سّلم‪ ،-‬و قد ا ستوفى أدلّة‬ ‫‪1‬‬

‫المذا هب الرب عة في ذلك أ صلً وفرعا‪ ،‬ب ما في بع ضه كفا ية‪ ،‬ل من و قف‬
‫ِينم‬
‫شرْ عِبَادِ ‪ .‬الّذ َ‬
‫عنمد حدود كلم رب ّ الرباب بقوله ‪-‬عمز اسممه‪{ :-‬فَ َب ّ‬
‫َي سْ َت ِمعُونَ ا ْلقَوْلَ فَ َيتّ ِبعُو نَ َأحْ سَ َنهُ أُ ْوَلئِ كَ الّذِي نَ َهدَا ُه مُ اللّ هُ َوأُ ْوَلئِ كَ هُ مْ أُ ْولُوا‬
‫للْبَابِ} [الزمر‪.]18-17 :‬‬
‫اَ‬
‫بدمشق الشّام‬
‫‪1344‬‬ ‫المحرم الحرام سنة‬ ‫في‬‫‪15‬‬
‫(‪2‬‬
‫نجم الدين التّونسي‬ ‫كتبه بقلمه‪ :‬صالح‬
‫مبل ِّغ ل مشرع‪ ،‬انظر التعليق على (ص ‪.)115‬‬ ‫() النبي‬ ‫‪1‬‬

‫() له ترجمسسة فسسي «ذكريات علي الطنطاوي» (‪،73 ،1/71‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 83 ،81‬و‪ 2/234‬و‪ 3/233‬و‪ ،)158 ،8/157‬وممسسسسسا قال‬


‫عنه في الموطن الخير‪:‬‬
‫«كانست حلقسة الشيسخ صسالح كالمدرسسة الجامعسة؛ فيهسا حديسث‪،‬‬
‫وفيها قواعد في المصطلح وفي الصول‪ ،‬وفيها تاريخ وشعر وأدب‪،‬‬
‫وكان الشيسخ فصسيح العبارة‪ ،‬طلق اللسسان‪ ،‬كثيسر السسجع‪ ،‬يأتسي معسه‬
‫عفوا ً بل تكلف‪ ،‬بلهجته التونسية الجميلة‪.‬‬
‫وفسسي هذه الحلقسسة‪ ،‬عرفسست أول مرة السسستاذ سسسعيد الفغانسسي‬
‫‪1338‬هسسس‪ ،‬واسسستمرت صسسحبتنا العمسسر كله‪ ،‬ثسسم صسسار عديلي (جسسد‬
‫ميهما الشيخ بدر الدين)‪.‬‬‫زوجتينا والد أ ّ‬
‫وقدمسست القول بأن الشيسسخ صسسالحا ً كان شديداً‪ ،‬فمسسا كنسسا نحبسسه‬
‫ونحن صغار‪ ،‬فلما كبرنا وأدركنا مبلغ ما استفدنا منه من علم ومن‬
‫أدب‪ ،‬بل ومن دين ومن خلق‪ ،‬أحببناه‪ ،‬ثم ودعنا وهاجر إلى المدينة‬
‫المنورة‪ ،‬فكان مدرس المسسسجد النبوي‪ ،‬وكان ذلك فسسي الربعينيات‬
‫من هذا القرن الهجري‪ ،‬لنني لما جئت المدينة في رحلتنا تلك‪ ،‬من‬
‫أربع وخمسين سنة‪ ،‬كان قد مر عليه زمان‪ ،‬وهو فيها‪.‬‬
‫وفي المدينة تزوج ‪-‬كما أظن‪ -‬وولد له الفقيد الستاذ عبد الرحمن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫المام المالكي والمدرس بالجامع الموي‬

‫‪-‬رحمسه اللّه‪ ،-‬ومسن قبله السستاذ الطيسب الذي بلغ أعلى السسلم فسي‬
‫الرتسب العسسكرية على علم وفضسل وسسعة اطلع‪ ،‬أطال اللّه عمره‪،‬‬
‫وله إخوة ما عرفتهم‪ ،‬وفهمت أن عم أمهم هو شيخنا وأسستاذنا فسي‬
‫المدرسة السلطانية الثانية في دمشق سنة ‪1337‬هس‪ ،‬وهو الشيخ‬
‫زيسن العابديسن التونسسي‪ ،‬الخ الصسغر لشيسخ مشايخنسا‪ ،‬السسيد الخضسر‬
‫الحسين‪ ،‬الذي ولي مشيخة الزهر‪ ،‬وأسس جمعية الهداية السلمية‬
‫فسسي مصسر يوم أسسست جمعيسسة الشبان‪ ،‬وكنسست ألقاه فسسي المطبعسة‬
‫السلفية عند صديقه خالي محب الدين وهو صديقه‪ ،‬كما ألقى العالم‬
‫النبيسل المؤرخ المحقسق أحمسد تيمور باشسا‪ ،‬وكانسا متشابهيسن فسي سسعة‬
‫العلم‪ ،‬وشدة الحياء‪ ،‬وكثرة التواضع‪ ،‬ولين الجانب‪.‬‬
‫وعندي عن الشيخ صالح ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬الكثير الكثير‪ ،‬ولو جمعت‬
‫ذهني يوما ً لكتبت له ترجمة كاملة‪ ،‬أسأل اللّه أن يوفقني إليها»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪5‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫اطّلع نا على هذا الكتاب‪ ،‬وعلم نا ما ف يه‪ ،‬ونقول‪ :‬كلّ من المتناظر ين‬
‫قمد أطال الكلم فمي غيمر محلّ الحاجمة‪ ،‬والذي يظهمر‪ :‬أنّم كلّ ممن‬
‫المتناظريمن ل يقصمد بمما يقول‪ ،‬إل أن يغلب مناظرَه‪ ،‬فكان الدّخولُ بينهمم‬
‫إحقاقم الحق ّ‪ ،‬وأن‬
‫َ‬ ‫أنم شرط المناظرة‪ :‬أن يكون القصمدُ‬
‫غيرَ جائز‪ ،‬لمما ّ‬
‫يكون كلّ ممن المتناظريمن يحمب ظاهرا وباطنا أن يكون الحقّ فمي جانمب‬
‫مناظره‪ ،‬كما كان عليه السّلفُ الصّالح( )‪ ،‬ولذلك نقول ‪-‬بيانا للحقّ في ذاته‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫بقطع النّظر عن النتصار بعده لحد منهما‪:-‬‬


‫رفمع الصمّوت ممن المشيّعيمن للجنازة بنحمو قرآن‪ ،‬أو ذكمر قصميدة‬
‫بردة( )‪ ،‬أو يمانية‪ ،‬أو غير ذلك بدعة مكروهة مذمومة شرعا بل شبهة‪ ،‬ل‬ ‫‪2‬‬

‫() فسسي آخسسر «آداب الشافعسسي ومناقبسسه» (ص ‪ )326‬تحسست‬ ‫‪1‬‬

‫ي‪ :‬لم ي ُ سسبَقْ إليهسسا‪ ،‬وانفرد بهسسا)‪ ،‬ومسسن‬‫عنوان (ثلث كلمات للشافع ِ س ّ‬
‫َ‬
‫خطِئ»‪.‬‬ ‫ن يُ ْ‬
‫تأ ْ‬ ‫ت أحداً‪ ،‬فأ ْ‬
‫حبَب ْ ُ‬ ‫بينها‪ :‬قوله‪« :‬ما ناظر ُ‬
‫قال أبسو عسبيدة‪ :‬وقسد وقعست بينسه وبيسن المام أبسي عبيسد القاسسم‬
‫ن القرء هسو‬ ‫سلّم مسا يترجسم ذلك عملياً‪ ،‬فكان الشافعسي يقول‪ :‬إ ّس‬
‫بسن َس‬
‫الحيسض‪ ،‬وكان أبسو عبيسد يقول‪ :‬إنسه الطهسر‪ ،‬فلم يزل كسل منهمسا يقرر‬
‫قوله‪ ،‬حتسى تفّرقسا‪ ،‬وقسد انتحسل كسل منهمسا مذهسب صساحبه‪ ،‬وتأث ّسر بمسا‬
‫أورده مسن الحجسج والشواهسد‪ ،‬انظسر‪« :‬طبقات الشافعيسة الكسبرى» (‬
‫‪ ،)1/273‬مقدمتي لس«الطهور» لبي عبيد (ص ‪.)35-34‬‬
‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)20‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ّوقم‬
‫ّاسم فمي هذا الزّمان‪ ،‬ممما يمجّهم الذ ُ‬
‫سميّما على الوجمه الذي يفعله الن ُ‬
‫ال سّليمُ‪ ،‬وي ستقبحه الطّب عُ الم ستقيم‪ ،‬ولم ي كن ش يء م نه موجودا في ز من‬
‫‪ ،‬ول فمي زممن الصمّحابة‪ ،‬والتّابعيمن‪ ،‬وتابعيهمم‪ ،‬وغيرهمم ممن‬ ‫النّبميّ‬
‫‪ ،‬مع قيام المقت ضى لفعله( )‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ال سّلف ال صّالح‪ ،‬بل هو م ما تر كه النّ بيّ‬
‫فإنه كان يعلّمهم كلّ ما يتعلّق بالميت‪ ،‬من غُسلٍ‪ ،‬وصلةٍ عليه‪ ،‬وتشييعِه‪،‬‬
‫و َد ْفنِهمِ‪ ،‬فلو كان رفعُم الصمّوت ممن المشيّع ين مطلوبا شرعا لفعله‪ ،‬أو أممر‬
‫في مقام التّعليم يكون ت ْركُه سُ ّنةً‪ ،‬وفعلُه بدعةً مذمومةً‬ ‫بفعله‪ ،‬وما َت َركَه‬
‫مع قيام المقتضى لفعله‪.‬‬ ‫شرعا‪ ،‬كما هو الحكم في كلّ ما تركه‬
‫على أنّ رفمع الصمّوت ينافمي الحكممة المقصمودة ممن المشمي ممع‬
‫الجنازة‪ ،‬من التّفكّر في الموت‪ ،‬وما بعده‪ ،‬مع أنّه قد ورد النّهي عن ذلك‬
‫أ نه قال‪« :‬ل تتبع الجنازة ب صوت‬ ‫بخ صوصه‪ ،‬ف قد روى أ بو داود ع نه‬
‫ول نار»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ول كن جوّز بع ضُ المتأخّر ين رف عَ ال صّوت بالذّ كر م من يم شي مع‬


‫الجنازة‪ ،‬إذا كان ذكرا شرعيا‪ ،‬بناءً على أن ّ علّة كراهمة رفمع الصمّوت‪،‬‬
‫هي‪ :‬مواف قة أ هل الكتاب في ر فع أ صواتهم أمام الجنائز‪ ،‬و قد زال تْ تلك‬
‫العلّة؛ لنّ أ هل الكتاب صاروا يمشون ساكتين مع جنائز هم‪ ،‬ل يرفعون‬
‫أصمواتهم‪ ،‬فكانمت مخالفتُهمم فمي رفمع الصمّوت بالذّكمر المشروع فل يكره‬

‫() هذا القيسد فسي الترك مهسم جداً‪ ،‬كمسا نب ّسه عليسه ابسن تيميسة فسي‬ ‫‪1‬‬

‫«اقتضاء الصراط المستقيم» (‪ ،)599-2/598‬و«بيان الدليل» (‬


‫‪ ،)480 ،1/181‬و«مجموع الفتاوى» (‪ 26/172‬و‬
‫‪ ،)27/442‬و«الشاطسسبي» فسسي «العتصسسام» (‪-273 ،2/267‬‬
‫‪ - 274‬بتحقيقسسسسسسسسي)‪ ،‬و«الموافقات» (‪-283 ،163 ،3/159‬‬
‫‪ )284‬مع تعليقي عليهما‪.‬‬
‫() تقدم تخريجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حينئذ‪ ،‬وتغير الحكم لتغيّر العلّة! ول يخفى ما فيه‪ ،‬أما أولً‪ :‬فإنّ المشاهدة‬
‫أنم كثيرا ممن أهمل الكتاب يرفعون‬
‫فمي زماننما الن بالديار المصمريّة‪ّ ،‬‬
‫أصمواتهم ممع جنائزهمم بأناشيمد يرتّلونما‪ ،‬فكانمت مخالفتُهمم فمي عدم رفمع‬
‫الصّوت كما هو السنة‪.‬‬
‫أما ثانيا‪ :‬فلنّ العلّة ليست هي ما ذكر‪ ،‬بل علّة ال سّكوت هي التّفكّر‬
‫في الموت وما بعده‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأما ثالثا‪ :‬فلنّ المعوّل عليه في الحكام الشرعية هو النّ صّ [في]‬
‫ن( ) النّ صّ هو الذي أثبت الحكم فيما‬
‫ت العلةُ ل ّ‬
‫‪2‬‬
‫المنصوص عليه‪ ،‬وإ نْ زال ْ‬
‫نص عل يه ف يه‪ ،‬والعلة حك مة ف قط‪ ،‬ل يشترط بقاؤ ها في المن صوص عل يه‬
‫[لبقاء الحكمم]( )‪ ،‬وليمس هذا الحكمم ممن الحكام التمي بناهما الشّارع على‬
‫‪3‬‬

‫العرف‪ ،‬وأناطها به( )‪ ،‬حتى يختلف باختلف عرف الناس وعوائدهم‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫() سسسقط مسسن الصسسل‪ ،‬وأثبتسسه مسسن «أحسسسن الكلم» (‪)28‬‬ ‫‪1‬‬

‫لمحمد بخيت المطيعي‪.‬‬


‫() فسسي الصسسل‪« :‬فإن»‪ ،‬والمثبسست مسسن «أحسسسن الكلم» (ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.)28‬‬
‫() سقط من الصل‪ ،‬وأثبته من «أحسن الكلم» (‪.)28‬‬ ‫‪3‬‬

‫() هذا قيد مهم عليه يدور (تغير الحكام بتغير الزمان)‪ ،‬وانظر‬ ‫‪4‬‬

‫بسسسط ذلك فسسي «إعلم الموقعيسسن» (‪ )3/337‬وتعليقسسي عليسسه‪،‬‬


‫ولحسسن العلمسي بحسث بعنوان «الجتهاد وتغيسر الفتوى بتغيسر الزمان‬
‫والمكان»‪ ،‬منشور في «الجتهاد الفقهي‪ :‬أي دور وأي جديد؟!» (ص‬
‫‪ ،)118-107‬ولصسسديقنا الشيسسخ محمسسد بسسن عمسسر بازمول «تغي ّسسر‬
‫الفتوى»‪ ،‬مطبوع عسسسسن دار الهجرة‪ ،‬الدمام‪ ،‬وللشيسسسسخ إسسسسسماعيل‬
‫كوكسسال التركسي دراسسة جيدة‪ ،‬منشورة بعنوان‪« :‬تغي ّسر الحكام فسي‬
‫الشريعسسة السسسلمية»‪ ،‬وللعقلنييسسن وأصسسحاب (الفكسسر المسسستنير)‬
‫ض في إعمال هذه القاعدة‪ ،‬ليس هذا موطن‬ ‫سع غير مر ٍ‬ ‫‪-‬زعموا‪ -‬تو ّ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ولو كان ال مر ك ما يقول ذلك الب عض‪ ،‬وأن الح كم تغ ير بتغيّر العلة‬
‫لكان عدم ر فع ال صوت مكروها مع الجنازة‪ ،‬ول قائل به‪ ،‬بل الكلم في‬
‫جواز رفع الصّوت‪ ،‬وعدم جوازه فقط‪ ،‬وقد علمتَ أنّ الحقّ عدم الجواز‪.‬‬
‫وأما ما يفعل في زماننا أمام الجنائز‪ ،‬من الغاني‪ ،‬والناشيد‪ ،‬ورفع‬
‫ال صّوت‪ ،‬بنحو البردة واليمانية وغيرهما‪ ،‬مع تغيير في ال صّوت‪ ،‬وتمطيط‬
‫الكلمات وتغيير( ) للحروف‪ ،‬وغير ذلك مما يُفعل في هذا الزّمان‪ ،‬فهذا مما‬
‫‪1‬‬

‫لم يقمل بجوازه أحدٌ ممن العلماء‪ ،‬بمل همو منكمر قطعا‪ ،‬وكذا مما يفعمل ممن‬
‫المشي بالمباخر‪ ،‬ومشي العساكر رجالً وفرسانا‪ ،‬وحمل الجنائز على غير‬
‫أعناق الرّجال( )‪ ،‬كل ذلك من البِدَع التي ل يقول أحدٌ من العلماء بجوازها‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وعلى كلّ حال؛ فالصمّواب الحتياط( )‪ ،‬والعممل بالسّمنّة‪ ،‬ومما عليمه السمّلف‬
‫‪3‬‬

‫بسسسطه‪ ،‬واللّه الموفسسق‪ .‬وفسسي الصسسل‪« :‬وناطهسسا»‪ ،‬والمثبسست مسسن‬


‫«أحسن الكلم»‪.‬‬
‫() فسسي الصسسل‪« :‬بتغييسسر»! والمثبسست مسسن «أحسسسن الكلم» (‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)28‬‬
‫() مسسن البدع‪ :‬التزام حمسسل الجنازة على السسسيارة‪ ،‬وتشييعُسسها‬ ‫‪2‬‬

‫على السسيارات‪ ،‬انظسر تفصسيل ذلك فسي «أحكام الجنائز» (ص ‪-99‬‬


‫‪ 100‬رقم ‪ 315 ،54‬رقم ‪.)70 ،69‬‬
‫() العمسل بالحتياط مسن المسسائل التسي أعيست العلماء‪ ،‬وراسسل‬ ‫‪3‬‬

‫فيهسا الشاطسبي أهسل المشرق والمغرب مسستشكل ً أشياء منهسا‪ ،‬فلم‬


‫يفز بمقنع‪ ،‬ورأيت رسالة علمية جيدة في هذا الموضوع‪ ،‬ليست الن‬
‫تحسسسسست يدي‪ .‬وانظسسسسسر ‪-‬غيسسسسسر مأمور‪« :-‬الموافقات» (‪ 1/161‬و‬
‫‪« ،)192-188 ،109-5/106‬إيضاح السسسالك» للونشريسسسي (‬
‫‪« ،)160‬المنثور فسسسسي القواعسسسسد» (‪« ،)134-2/127‬تهذيسسسسب‬
‫السنن» (‪« ،)1/60‬بدائع الفوائد» (‪.)259-3/257‬‬
‫ت فسي «فهرس مخطوطات مكتبات المدن اليرانيسة»‬
‫ثسم ظفر ُس‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وأصحابه‪.‬‬ ‫الصّالح‪ ،‬ويكفي في ذلك أنّه اقتداءٌ بالنّ ِبيّ‬
‫وأما العُرف الحاد ثُ من النّاس فل عبرة به‪ ،‬في مثل هذا‪ ،‬إذا خالف‬
‫النّ صّ‪ ،‬بل بعض العلماء لم يعتبرْه أصلً حتى فيما يتغيّر بتغيّر العرف إذا‬
‫ح( ) دليلً على الجواز إذا كان عاما‬
‫‪2‬‬
‫خالف النّ ص( )؛ لنّ التّعارف إن ما ي ص ّ‬
‫‪1‬‬

‫والمجتهد ين؛ ل نه حينئذ يل حق بالجماع؛‬ ‫من ع هد أ صحاب ر سول اللّه‬


‫جةً ك ما صرّحوا به‪ ،‬و ما تعار فه الناس من الرّ فع لل صوت مع‬
‫فيكون حُ ّ‬
‫الجنازة ل يس كذلك‪ ،‬فل ي صلح تعارفُ هم له دليلً على جوازه‪ ،‬و قد بيّ نا كلّ‬
‫ذلك في كتاب نا «أح سن الكلم في ما يتعلّق بال سّنّة والبد عة من الحكام»( )‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫(‪ )3/1571‬بهذا العنوان‪« :‬سسويّ الصسراط‪ ،‬البرزخ بيسن التفريسط‬


‫والفراط‪ ،‬فسسي مسسسألة الحتياط»‪ ،‬وأن منهسسا نسسسخة فسسي مدرسسسة‬
‫آخونسد‪ ،‬بطهران‪ ،‬تحست رقسم [‪ ،]4816/2‬ومؤلفهسا علي بسن محمسد‬
‫الخباري‪.‬‬
‫() انظر ما علقناه على (ص ‪.)188‬‬ ‫‪1‬‬

‫() في الصل‪« :‬يصلح»‪ ،‬والمثبت من «أحسن الكلم» (‪.)29‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ذكسسر فيسسه (ص ‪ )29-28‬مسسن كلمسسه السسسابق هنسسا‪« :‬رفسسع‬ ‫‪3‬‬

‫الصسوت‪ »...‬إلى قوله القريسب‪« :‬دليل ً على جوازه»‪ ،‬وزاد‪« :‬وكذا مسا‬
‫تعارفوه مسن التغنسي ورفسع الصسوات بالترضسي عسن الصسحاب ‪-‬رضسي‬
‫اللّه عنهم‪ ،-‬وغير ذلك مما ترفع به الصوات وقت الخطبة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫ممنوع‪ ،‬وبدعسة مذمومسة شرعا ً اتفاقا ً يثاب مسن منعسه أو أمسر بمنعسه‪،‬‬
‫وإذا كانسسست قراءة القرآن والذكسسسر ومسسسا شاكسسسل ذلك ممنوعا ً وقسسست‬
‫الخطبة‪ ،‬فكيف بغير ذلك مما اعتاده الناس اليوم» انتهى‪.‬‬
‫قال أبسسو عسسبيدة‪ :‬ويشمسسل النهسسي ‪-‬أيضاً‪ :-‬الجهسسر بقراءة «دلئل‬
‫الخيرات»‪ ،‬أو السسسماء الحسسسنى‪ ،‬أو القول خلفهسسا‪ :‬اللّه أكسسبر‪ ،‬اللّه‬
‫ي ل يموت‪ ،‬سسبحان مسن‬ ‫أكسبر‪ ،‬أشهسد أن اللّه يحيسي ويميست‪ ،‬وهسو ح ٌّس‬
‫تعّزز بالقُدرة والبقاء‪ ،‬وقهسر العباد بالموت والفناء‪ ،‬أو الصسياح خلفهسا‪:‬‬
‫الفاتحة‪ ،‬أو استغفروا لخيكم‪ ،‬أو سامحوه‪ ،‬أو الصلة على النبي ‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫واللّه ‪-‬تعالى‪ -‬أعلم‪.‬‬
‫المحرم سنة ‪1344‬هم‬ ‫‪23‬‬ ‫في‬
‫أغسطوس سنة ‪1925‬م‬ ‫‪13‬‬ ‫الموافق‬
‫مفتي الديار المصرية سابقا‬
‫(‪)1‬‬
‫محمد بخيت المطيعي الحسني‬
‫غفر اللّه له ولسائر المسلمين آمين‬

‫أو ترك النصسات‪ ،‬وتحدث الناس بعضهسم مسع بعسض‪ ،‬أو المناداة على‬
‫الميسست‪ ،‬أو رثاءه بقصسسائد‪ ،‬أو الضرب بالطبسسل والبواق والمزاميسسر‪،‬‬
‫وقولهسم‪ :‬محمسد‪ ،‬أو أبسو بكسر‪ ،‬أو علي‪ ،‬أو قراءة الدعيسة‪ .‬انظسر تقريسر‬
‫ذلك فسسي‪« :‬المدخسسل» لبسسن الحاج (‪،)4/246 ،279 ،3/245‬‬
‫«الحوادث والبدع» (‪« ،)153 ،144‬الباعسسسسسسث» (‪-274 ،270‬‬
‫‪« ،)276‬المسر بالتباع» (‪« ،)254-253 ،251‬تلبيسس إبليسس»‬
‫(‪« ،)400‬اللمسسسسسسع» (‪« ،)1/232‬السسسسسسسنن والمبتدعات» (‪،67‬‬
‫‪« ،)108‬البداع» (‪« ،)242 ،225 ،59 ،53‬إصسلح المسساجد»‬
‫(‪« ،)162‬البدعسسسسسة» شلتوت (‪« ،)31‬السسسسسسلسلة الضعيفسسسسسة» (‬
‫‪« ،)1/418‬أحكام الجنائز» (ص ‪.)314‬‬
‫ولمحسسن بسن محمسد بسن القاسسم (كان حيا ً ‪1125‬هسس)‪« :‬الرد‬
‫على رسالة الجهر بالذكر»‪ ،‬منها نسخة ضمن مجاميع [‪ ،]83‬في (‬
‫‪ )7‬ورقات فسسي الجامسسع الكسسبير بصسسنعاء‪ ،‬كمسسا فسسي «فهارسسسها» (‬
‫‪.)3/1053‬‬
‫() مضت ترجمته في التعليق على (ص ‪.)25‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪6‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحقم بالبرهان القاطمع‪ ،‬موفّقم أهمل اليقيمن إلى‬ ‫ّ‬ ‫الحممد للّه مؤيّدم‬
‫الصمّواب‪ ،‬وهادي الموفقيمن إلى الحكممة وفصمل الخطاب‪ ،‬عاضمد حماة‬
‫الحقيقة بالوقاية ال صّمدانية‪ ،‬مؤيّد دُعاة الشّريعة الغراء بالتّأييدات الرّبانية‪،‬‬
‫والصّلة والسّلم على سيدنا محمد النور الشامل‪ ،‬والسيّد الكامل‪ ،‬وعلى آله‬
‫الكرام‪ ،‬وأصحابه العظام‪.‬‬
‫ّلعتم على الرسمالة التمي ألّفهما الهمامان الفاضلن‪:‬‬ ‫أمما بعمد؛ فقمد اط ُ‬
‫الشّي خُ كا مل الق صّاب‪ ،‬والشّي خُ عزّ الد ين الق سّام‪ ،‬لزال كلّ منه ما مزيلً‬
‫للشّبهات‪ ،‬مظهرا لل صّواب‪ ،‬بعنا ية الملك الوهاب‪ ،‬ق صدا ب ها إزالةَ البد عة‬
‫الفاشيمة بيمن الناس‪ ،‬ممن رفمع الصموات خلف الجنائز وأمامهما بالذّكمر‬
‫والتّشويش‪ ،‬الشّاغل للمصاحبين لها عن التّعاظ بالموت‪ ،‬ومفاجأة سكراته‪،‬‬
‫فرأيتم مباحثَهما الجليلة‪ ،‬وعباراتهما الجميلة‪ ،‬فمي غايمة الحُسمن والتقان‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وكلّها توافق المعقول والمنقول‪ ،‬كما حرّره الئمة الفحول‪ ،‬من كلم علماء‬
‫المذا هب الرب عة‪ ،‬وكلّ ها تدلّ دللةً واضحةً على الم نع من الج هر بالذّ كر‬
‫وغيره مع الجنائز‪ ،‬وأنّ على متّبعي ها ال صّمت والتّف كر والعتبار‪ ،‬وفي ما‬
‫نقله صاحبا الر سالة من ك تب المذا هب الرب عة غنيةٌ وكفايةٌ ل من أن صف‪،‬‬
‫ولم ي سلك سبيل من مجمج وتع سّف‪ ،‬وإلى إباحة البدع حاول وتكلّف‪ ،‬و قد‬
‫قال ‪« :‬من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم‬
‫يسمممممتطع فبقلبمممممه‪ ،‬وذلك أضعمممممف اليمان»( )‪ ،‬وقال‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجسه مسسلم فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ )49‬مسن حديسث أبسي‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪« :‬عليكمم بسمنّتي وسمنّة الخلفاء الراشديمن المهدييمن‪ ،‬عَضّوا عليهما‬
‫بالنّواجذ‪ ،‬وإياكم ومحدثات المور‪ ،‬فإنّ كلّ بدعة ضللة»( )‪ ،‬وقال ‪« :‬من‬
‫‪1‬‬

‫بسمنّتي عنمد فسماد أمتمي فله أجمر مئة شهيمد»( ) كمما رواه البيهقمي‬
‫‪2‬‬
‫تمسمّك ُ‬
‫مرفوعا‪ ،‬وقال ‪« :‬ممن عممل عملً ليمس عليمه أمرنما فهمو رد»( )‪ ،‬وقمد‬
‫‪3‬‬

‫ترتب على ارتكاب أمثال هذه البدع‪ :‬وقوع الجهّال‪ ،‬وكثير من طلبة العلم‪،‬‬
‫في ما ن هى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬ور سوله ع نه‪ ،‬من ف عل المحرّم أو المكروه( )‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫وإذا نها هم عار فٌ عن ارتكاب ها‪ ،‬وأمر هم باتّباع ال سّنّة‪ ،‬قالوا‪ :‬قد وجد نا‬
‫علماءَ نا ل ها يفعلون‪ ،‬وفعلنا ها بحضرت هم و هم ساكتون‪ ،‬و هم قدوت نا فن حن‬
‫لهمم متّبعون‪ ،‬فبدّلت السمّنن بالبدع‪ ،‬وصمار المعروف منكرا‪ ،‬والمنكمر‬
‫معروفا‪ ،‬فلو أنّ علماء الزّمان عملوا بما علموا‪ ،‬وأمروا بالمعروف‪ ،‬ونهوا‬
‫عمن المنكمر‪ ،‬كمما أمروا‪ ،‬لمما أخلّوا بوظيفتهمم‪ ،‬ول عباد اللّه أضلّوا‪ ،‬وقمد‬
‫ت صفّحتُ الر سالةَ من أوّل ها إلى آخر ها؛ فوجدتُ ها م ستح ّقةً لن تر فع على‬
‫هامة القبول‪ ،‬وكل ما سطّراه وحرّراه وبيّناه وقرّراه هو لب الحقيقة‪ ،‬وعين‬
‫الشّريعمة‪ ،‬ل يشوبمه شائب‪ ،‬ول يخشمى عليمه ممن كلممة عاتمب‪ ،‬أو عائب‪،‬‬
‫فجزاهمما اللّه بالحسمنى‪ ،‬وزيادة‪ ،‬على مما أورده كلّ منهمما بهذه الرسمالة‬
‫وأجاده‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫صفر سنة‬ ‫‪10‬‬ ‫في‬
‫كتبه الفقير إليه ‪-‬تعالى‪-‬‬

‫سعيد الخدري‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه (ص ‪.)1‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مضى تخريجه (ص ‪.)56‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ينظسر هسل توصسف البدعسة بالكراهسة؟ راجسع تأصسيل ذلك فسي‬ ‫‪4‬‬

‫«العتصام» (‪ - 1/316‬بتحقيقي) للشاطبي‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(‪)5‬‬
‫صالح الحمصي‬

‫() هسو صسالح بسن أسسعد بسن محمسد الحمصسي‪ ،‬ولد فسي دمشسق‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 21‬ربيع الثاني سنة ‪1285‬هس ‪1868 -‬م‪ ،‬قرأ على الشيخ بكري‬
‫العطار‪ ،‬وتفقسه على الشيسخ أحمسد الحلبسي‪= =،‬وغيرهمسا‪ ،‬كان حجسة‬
‫فسي الفرائض والفقسه الحنفسي‪ ،‬توفسي بدمشسق ‪ 21‬ربيسع الثانسي سسنة‬
‫‪1362‬هس ‪1943 -‬م‪ ،‬من مؤلفاته‪« :‬شذرات من رشحات القلم‬
‫على منظومة كفاية الغلم»‪.‬‬
‫انظسسر ترجمتسسه فسسي‪« :‬تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي القرن الرابسسع‬
‫عشسسسر» (‪« ،)2/571‬معجسسسم المؤلفيسسسن السسسسوريين» ( ‪،)150‬‬
‫«العلم الشرقيسة» ( ‪ 2/562‬رقسم ‪« ،)685‬معجسم المؤلفيسن» (‬
‫‪« ،)5/4‬ذكريات علي الطنطاوي» ( ‪ ،)4/246‬مجلة «التمدن‬
‫السسلمي» السسنة ‪/9‬الجزء ( ‪ )8‬و( ‪/)9‬ص ‪ ،73‬مقدمسة «رشحات‬
‫القلم» (‪.)16‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪7‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الح مد للّه بارئ الخلق‪ ،‬وال صّلة وال سلم على سيدنا مح مد النّا صر‬
‫ق بالحقّ‪ ،‬صلى اللّه عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وعترته وأحبابه‪.‬‬
‫الح ّ‬
‫أما بعد‪ :‬فإنّ نصوص جميع مذهبنا ‪-‬نحن معاشر الشّافعية‪ -‬ناطقة‬
‫بكرا هة الل غط أمام الجنازة‪ ،‬للدلّة ال صّحيحة الدالّة على ذلك‪ ،‬نقلً وعقلً‪،‬‬
‫و ما قاله بع ضُ متأخّري ال سّادة الشافع ية( ) م ما يخالف ذلك‪ ،‬فل يس ل هم ف يه‬
‫‪1‬‬

‫سممند‪ ،‬فممما ذكره السممتاذان الفاضلن‪ ،‬والمحققان الكاملن‪ ،‬والعالمان‬


‫العاملن‪ ،‬مؤل فا هذه الرسالة‪ ،‬هو الذي يعوّل عل يه‪ ،‬وير كن إل يه‪ ،‬فجزاهما‬
‫اللّه خير الجزاء‪ ،‬إنه سميع قريب مجيب الدعاء‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫صفر سنة‬ ‫‪13‬‬ ‫في‬
‫كتبه الفقير إليه ‪-‬عزّ شأنه‪-‬‬
‫عبد المعطي السّقا الشافعي‬
‫المدرس بالزهر‬

‫() انظر‪« :‬حواشي الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج» (‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،)188 ،3/187‬و«حاشيسسة الشبراملسسسي على نهايسسة المحتاج» (‬


‫‪.)3/23‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪8‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫تصفّحتُ هذه الرّسالة من تصنيف الستاذين الفاضلين‪ :‬الشيخ كامل‬
‫ش يخ عزّ الد ين الق سام‪ ،‬فوجدتُ ها تضمّ نت م سائلَ جمّة‪ ،‬تتعلّق‬
‫الق صّاب‪ ،‬وال ّ‬
‫بآداب الذّ كر‪ ،‬والدّعاء‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬والموا طن ال تي يح سن في ها جم يع‬
‫ذلك أو ل يحسن‪ ،‬وقد أجاد الستاذان ‪-‬حفظهما اللّه‪ -‬في تمحيص الحقّ‪،‬‬
‫وتحريمر الصمّواب فمي تلك المسمائل‪ ،‬ممما يؤدّي تدبّره إلى إحياء سمنن‪،‬‬
‫وإماتة بدع ‪-‬إن شاء اللّه تعالى‪.-‬‬
‫أما كلمتي التي أقولها هنا‪ ،‬فلستُ أراها بالتي تتّسع لبيان ما أعتقده‬
‫الح قّ في م سائل المناظرة كلّ ها‪ ،‬وبذلك أكت في بر فع ال صّوت بالذ كر وراء‬
‫الجنائز التمي همي أم الباب‪ ،‬والصمل الذي تفرّع عنمه السمؤال والجواب‪،‬‬
‫فأقول‪:‬‬
‫ل نزا عَ بين علمائنا في أنّ ال صّمت وراء الجنائز هو ال سّنّة‪ ،‬لما أن‬
‫فمي السمّكوت وراءهما مما يبعمث على الخشوع والخبات‪ ،‬وتذكمر الموت‬
‫والخرة‪ ،‬لكننا نرى المسلمين في كثير من البلد السلمية‪ ،‬قد خالفوا هذه‬
‫مواتهم بقراءة القرآن‪ ،‬أو بأذكار أخرى مرتّلة‬
‫مع أصم‬
‫السمّنّة‪ ،‬واعتادوا رفم‬
‫وملحّنة‪ ،‬كما هي في الطّوائف الخرى غير المسلمة‪ ،‬وعذر بعض العلماء‬
‫المتأخّريمن فمي قبول ذلك‪ :‬أنهمم لو لم يرفعوا أصمواتهم بالذّكمر لشتغمل‬
‫مشيّعمو الجنازة بالتهاممس والخوض فمي مختلف الحاديمث‪ ،‬وقمد رأيمت‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الستاذ الكبير السيّد محمد الكتاني( ) ‪-‬نزيل دمشق‪ -‬يميل إلى الجهر بالذّكر‬
‫‪1‬‬

‫أمام الجنائز مع اعترا فه بأن ال سنة هي ال سكوت‪ ،‬قال( )‪ :‬وإنّ الناس في‬
‫‪2‬‬

‫بلدنما ‪-‬يعنمي‪ :‬فاس‪ -‬يلغطون كثيرا وراء الجنازة‪ ،‬ويتناجون‪ ،‬ويتحدّثون‬


‫عن الميت وسيرته في حياته‪ ،‬وما سيكون في حالة ورثته‪ ،‬وماذا عساه يقع‬
‫بينهم من تنافس وخصام‪ ،‬ونزاع بشأن الرث‪.‬‬
‫قال‪ :‬ورب ما تخطوا ذلك إلى الطّ عن في الم يت‪ ،‬أو في ورث ته‪ ،‬فكان‬
‫() هو محمد المكي بن محمد بن جعفر الكتاني الحسني‪ ،‬ولد‬ ‫‪1‬‬

‫بمدينسسة فاس بالمغرب سسسنة ‪1312‬هسسس‪ ،‬ونشسسأ بهسسا‪ ،‬وانصسسرف منسسذ‬


‫صغره إلى حياة الرجولة بإشارة من والده‪ ،‬فأتقن السباحة والرماية‬
‫وركوب الخيل والصيد والضرب بالسيف‪ ،‬درس في جامعة القرويين‬
‫بفاس‪ ،‬ثسسم غادر بلده مسسع والده وأخيسسه سسسنة ‪1325‬هسسس كراهيسسة‬
‫الستعمار الفرنسي‪ ،‬وتوجهوا إلى الحجاز‪ ،‬وتنقل بين مكة والمدينة‪،‬‬
‫وبقي فيها سنوات طويلة يقرأ على علمائها‪ ،‬ثم انتقل مع أبيه وأخيه‬
‫إلى دمشق‪ ،‬فنزلوا بحارة الشالة في حي سوقسا روجة‪ ،‬وبعد مدة‬
‫عاد إلى المغرب مسسع أسسسرته واشترك مسسع والده فسسي الجهاد ضسسد‬
‫الفرنسسيين‪ ،‬ثسم لمسا توفسي والده فسي مدينسة فاس سسنة ‪1345‬هسس‪،‬‬
‫رجسسع إلى دمشسسق فاسسستقر بهسسا‪ .‬وانظسسر‪« :‬تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي‬
‫القرن الرابع الهجري» (‪ ،)2/909‬ومقدمة «نصيحة أهل السلم»‬
‫(‪ )81-79‬لبنسه إدريسس‪ ،‬وفيهسا ذكسر المصسادر التسي ترجمست له على‬
‫وجه جيد فيه استقصاء‪.‬‬
‫() من كتبه التي تذكر في ترجمته‪« :‬نصرة ذوي العرفان فيما‬ ‫‪2‬‬

‫أحدثوه لذكسر الهيللة مسن الطبوع واللحان»‪ ،‬فلعسل هذا النقسل فيهسا‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬
‫وهذا رأي أحمسسد بسسن الصسسديق فسسي «در الغمام الرقيسسق» (ص‬
‫‪.)139‬‬
‫وللمهدي بن محمد بن الخضر الوزاني الفاسي (ت ‪1342‬هس‬
‫‪1923 -‬م)‪« :‬تقييسسد فسسي جواز الذكسسر على الجنائز» رد ّ فيسسه على‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫رف عُ ال صّوت بالذ كر شاغلً للمشيع ين عن الحد يث والخوض في البا طل‪،‬‬
‫لكن السيّد الكتّاني ‪-‬حفظه اللّه‪ -‬ل يتردّد أصلً في أنّ الرّجوع إلى العمل‬
‫بال سّنّة هو الفضل‪ ،‬وأنه إذا أمكن حمل الناس على ال سّكوت المطلق وراء‬
‫الجنائز‪ ،‬كان ذلك أمثمل‪ ،‬ول يكون ثممة حاجمة إلى رفمع الصمّوت بالذّكمر‬
‫وراء ها‪ ،‬فالخلف إذن يش به أن يكون لفظيا ك ما يقولون‪ ،‬أو أنّ الح كم ف يه‬
‫ملمية‪ ،‬وحالة سمكّانها الروحيّة م‬
‫مار السم‬
‫ما يختلف باختلف المصم‬
‫ممم‬
‫والخلقية( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وأن ممن يقول بالسمّكوت وراء الجنائز عملً بالسّمنّة‪ ،‬وممن يسمتحسن‬
‫في هذه اليام رفع الصوت وراءها‪ ،‬كلهما يرمي إلى غرضٍ واحد‪ ،‬وهو‬
‫الحيلولة بين المشيّعين‪ ،‬وبين الخوض في الباطل من حيث يؤدّي ذلك إلى‬
‫التّفكّر والخشوع‪ ،‬لذلك كنما نحبّ أن ل ترتفمع أصموات المتناظريمن فمي‬
‫مسمألة همي أهون ممن جميمع المسمائل التمي تهمّ المسملمين اليوم‪ ،‬وأخفهما‬
‫ضررا‪ ،‬وكان غيرُها لعمري! أحقّ بالهتمام بها‪ ،‬وعقد مجالس المناظرات‬
‫من أجلها‪ ،‬فتتمحص ويتحرّر وج ُه الحقّ منها‪.‬‬

‫العلمسسسة الرهونسسسي‪ ،‬انظسسسر‪« :‬معلمسسسة الفقسسسه المالكسسسي» (‪،)186‬‬


‫و«المطبوعات الحجرية في المغرب» (‪.)78‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا رأيسسه فسسي «النوازل الجديدة الكسسبرى» (‪،)39 /2‬‬
‫و«المنسح السسامية فسي النوازل الفقهيسة» وهسو «النوازل الصسغرى» (‬
‫‪ ،)166-1/163‬ولعسسل «التقييسسد» السسسابق هسسو كلمسسه هنسسا‪ ،‬واللّه‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ولحمسسد بسسن أحمسسد الطيسسبي الشافعسسي (‪979‬هسسس)‪« :‬رأي فسسي‬
‫الماشسسسي ‪-‬كذا‪ -‬مسسسع الجنازة»‪ ،‬منسسسه نسسسسخة فسسسي مكتبسسسة الجامعسسسة‬
‫المريكية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ضمن مجموع كما في «فهارسها» (‪.)323‬‬
‫() المسر ليسس كذلك‪ ،‬إذ هذه المسسألة وارد فيهسا نصسوص وآثار‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫وهي ل تتغير بتغيُّر الزمان‪ ،‬فضل ً عن الديار‪ ،‬راجع (ص ‪.)188‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(‪)1‬‬
‫وملخّصم مما أريمد أن أقوله بالنسمبة إلى دمشمق ‪-‬حيمث أنما نزيمل‬
‫عشتم ونشأت‪ -‬أن الناس فيهما ‪-‬حتمى‬
‫ُ‬ ‫اليوم‪ ،‬وإلى طرابلس الشّام حيمث‬
‫العاممة‪ -‬أصمبحوا يشعرون بأنّ السمكوت وراء الجنازة أفضمل ممن رفمع‬
‫الصوت بالذكار‪ ،‬وأعون على الخشوع والخشية‪ ،‬ويشعرون ‪-‬أيضا‪ -‬بأنه‬
‫كلمما كان الحفمل وراء الجنازة كمبيرا‪ ،‬والسمكوت عاما‪ ،‬كانمت الجنازة‬
‫والخشوع فيها أعظم‪ ،‬وأنّ السكوتَ التّامّ على هذه الصورة ل يفسح مجالً‬
‫للهممس والنجوى‪ ،‬بمل الممر على العكمس يضطمر الناس إلى الصمّمت‬
‫والطراق‪ ،‬إذ ل يكاد أحدٌ من الناس يناجي رفيقَه الذي بجانبه في الجنازة‪،‬‬
‫التي ل رفع صوت بالذكار فيها‪ ،‬حتى يلتفت إليه المطيفون به‪ ،‬ويحدجونه‬
‫بأبصمارهم‪ ،‬فيقطمع النّجوى‪ ،‬ويسمكت‪ ،‬ولعلّ رفمع الصمّوت بالذكار وراء‬
‫الجنائز الصغيرة الشّأن‪ ،‬القليلة المشيّعين يساعد على شيوع أمرها‪ ،‬وانتباه‬
‫الناس إليهما‪ ،‬فيهرعون إلى تشييعهما والخروج معهما إلى الجبّانمة‪ ،‬فرفمع‬
‫ال صّوت بالذّ كر يكون في ب عض الحاي ين و سيلةً إلى تكث ير المشيع ين‪ ،‬ل‬
‫سيما في جنائز الفقراء‪ ،‬ومَنْ ل يؤبه لهم من الناس( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫و مع هذا؛ فإنّ الف ضل الع مل بال سنة‪ ،‬وتعو يد الناس ال سكوت وراء‬
‫الجنائز‪ ،‬كمما يقمع الن فمي كثيمر ممن بلد السملم‪ ،‬التمي ارتقمت فيهما‬
‫الخلق‪ ،‬وانتشمت العلوم والداب‪ ،‬أمما البلد الخرى التمي مما زالت‬
‫مق صّرة في هذه الحل بة‪ ،‬و قد تع سّر فيها العملُ بال سّنّة‪ ،‬فينب غي لعلمائ ها أن‬
‫يجتهدوا في ت نبيه أهالي ها إلى وجوب ال سكوت وراء الجنائز‪ ،‬وي سلكوا إلى‬
‫مختلفم الطّرق‪ ،‬وربمما كانمت أقرب تلك الطرق‪ :‬أن يوصمي‬
‫َ‬ ‫هذا الغرض‬
‫العلماءُ وأشرا فُ الناس بالع مل بال سّنّة في جنائز هم‪ ،‬فيقتدي ب هم الخرون‪،‬‬

‫() كذا في الصل‪ ،‬ولعل الصواب‪« :‬نزيلها»‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() هذا التفريق لم يقل به أحد! وخير الهدي هديه ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ومن ثم ينتبه عامّة الناس ودهماؤهم إلى ما في السنة الشريفة من الحسن‬
‫والدب الصمحيح‪ ،‬فيألفوهما‪ ،‬ويسملكوا سمبيلها‪ ،‬كمما همو الحال فمي بلدنما‬
‫السّوريّة‪ ،‬أو معظم أمصارها‪.‬‬
‫ول أعلم الحال فمي مدينمة عكما بلد السمتاذ الجليمل الشيمخ عبمد ال‬
‫الجزار( )‪ ،‬ولم أطّلع على فتواه في هذه القضية‪ ،‬لعلم إنْ كنت باعدت عنه‬
‫‪1‬‬

‫فيما قلتُه‪ ،‬أو قاربته؛ لذلك أرجو أن تقع كلمتي هذه موقع القبول من نفسه‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المغربي‬ ‫في‪20‬صفرسنة‪1344‬‬

‫() مضت ترجمته‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() هسسو عببببد القادر المغربسسي‪ ،‬ولد باللذقيسسة ‪ 24‬رمضان سسسنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪1284‬هسس‪ ،‬اتصسل ببعسض العلماء المجددييسن والمصسلحين؛ كالشيسخ‬


‫جمال الديسسن الفغانسسي‪ ،‬والشيسسخ محمسسد عبده‪ ،‬ونهسسج منهجهمسسا فسسي‬
‫التعليسم والرشاد والصسلح‪ ،‬اشترك مسع الميسر شكيسب أرسسلن وعببد‬
‫العزيز جاويش في تأسيس كلية دار الفنون في المدينة المنورة‪ ،‬عهد‬
‫إليه تحرير جريدة الشرق بدمشق‪ ،‬ثم آلت إليه رئاسة مجمع دمشق‬
‫مسسن عام ‪1943‬م إلى أن توقفسست أعماله بسسسبب قلة العتمادات‬
‫في موازنة المجمع‪.‬‬
‫مسسسسن مؤلفاتسسسسه‪ :‬كتاب «الشتقاق والتبويسسسسب»‪« ،‬السسسسسفور‬
‫والحجاب»‪« ،‬البينات»‪« ،‬الخلق والواجبات»‪ ،‬وغيرهسا‪ .‬توفسي صسباح‬
‫‪ 27‬شوال سنة ‪1375‬هس‪.‬‬
‫وانظسر ترجمتسه فسي‪« :‬تاريسخ علماء دمشسق فسي القرن الرابسع‬
‫عشسسسر الهجري» (‪« ،)2/668‬مصسسسادر الدراسسسسات الدبيسسسة» (‬
‫‪« ،)1265-3/1264‬ذكريات علي الطنطاوي» ( ‪199 ،2/85‬‬
‫و‪ 3/29‬و ‪ 4/168‬و ‪ 267 ،5/266‬و ‪ 6/285‬و ‪،7/23‬‬
‫‪ 251‬و‪ ،)8/235‬ولعدنان الخطيب كتاب مفرد عن حياته‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪9‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحممد للّه الواحمد القهّار‪ ،‬والصمّلة والسمّلم على سميدنا محممد نور‬
‫النوار‪ ،‬وعلى آله الطهار‪ ،‬و صحبه الخيار‪ ،‬ومن تبع هم بإح سان في كلّ‬
‫زمان ومكان‪ ،‬والسّلم عليهم أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫حدثتم فمي الدّيمن‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فقمد عمّتم البلوى‪ ،‬وزادت الشّكوى‪ ،‬فمي مسمائل‬
‫ون سبت إل يه‪ ،‬و قد كثرت في أزمنت نا‪ ،‬وانتشرت ب ين عامت نا‪ ،‬وأقرّ علي ها‬
‫بعضم خاصمتنا‪ ،‬بمل أفتوا بهما‪ ،‬وحرضوا عليهما ‪-‬كحادثمة هذه الرسمالة‪:‬‬
‫ُ‬
‫ال صياح في الجنائز‪ ،‬زاعم ين أن ها من الدّ ين وشعائره‪ ،‬بتأويلت تكلّفو ها‪،‬‬
‫واسمتنتاجات لفّقوهما‪ ،‬والدّيمن بيمن أيديهمم بآياتمه‪ ،‬وأحاديثمه‪ ،‬وأقوال أئمتمه‬
‫وعلمائه‪ ،‬على اختلف المذا هب والمشارب‪ ،‬فألبسوه بذلك ثوبا جديدا‪ ،‬نراه‬
‫الفروعم على الصمل‪ ،‬وضاع اللب فمي‬
‫ُ‬ ‫رثا‪ ،‬ويرونمه قشيبا‪ ،‬حتمى غلبمت‬
‫القشور( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫() ل يوجسسد فسسي الديسسن لباب وقشور‪ ،‬وللعسسز بسسن عبدالسسسلم‬ ‫‪1‬‬

‫صها (ص ‪ - 71‬ط‪ .‬المعرفة)‪« :‬ل يجوز التعبير‬ ‫فتوى في ذلك‪ ،‬هذا ن ُّ‬
‫على الشريعسة بأنهسا قشسر‪ ،‬مسع كثرة مسا فيهسا مسن المنافسع والخيور‪،‬‬
‫وكيف يكون المر بالطاعة واليمان قشر؟! وأن العلم الملق ّب بعلم‬
‫الحقيقة جزء‪ ،‬ومن أجزاء علم الشريعة‪ ،‬ول يُطلق مثل هذه اللقاب‬
‫ن كلم شيخك قشور؛‬ ‫ي قليل الدب‪ ،‬ولو قيل لحدهم‪ :‬إ ّ‬ ‫ي شق ٌّ‬
‫إل غب ٌّ‬
‫لنكسسسسسسسسسر ذلك غايسسسسسسسسسة النكار‪ ،‬ويطلق لفسسسسسسسسسظ القشور على‬
‫الشريعسة!!وليسست الشريعسة إل كتاب اللّه وسسنة رسسوله ‪ ،‬فيُعَّزر‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فكان ذلك بلء على الدّيمن‪ ،‬ومنكرا فيمه يسمأل اللّه عنمه مَن يقدرون‬
‫ِنم العلماء‪ ،‬الّذِيمن همم ورثمة النمبياء‪ ،‬فمي الممر بالمعروف‬
‫على إزالتمه م َ‬
‫والنهي عن المنكر ‪-‬ومن ذلك التّغنّي في المساجد‪-‬كجامعنا الموي‪-‬بأنواع‬
‫الش عر والق صائد من فنون النغام المطر بة‪ ،‬م ما ل ي سمع لف ظه‪ ،‬ول يف هم‬
‫معناه‪ ،‬ومن ذلك حفلت المولد الشريف النّبوي‪ ،‬التي كثيرا ما يجري فيها‬
‫المنكرات والبدع المذمو مة‪ ،‬على ا سم المولد الذي هو ل يس من ال سّنّة في‬
‫ش يء ‪-‬وإن كان في نف سه ح سنا‪ ،-‬ثم إن هم حرّموا وأنكروا أمورا أخرى‪،‬‬
‫ل شأن لها؛ لنها معروفة الحكم‪ ،‬مفروغ منها‪ ،‬وجعلوها ديدَنهم وشعارَهم‪،‬‬
‫غافلين مع شدتهم هذه عن محرّمات ومكروهات‪ ،‬يُجاهَر بها‪ ،‬وبدع فاشية‬
‫شوهت الدّين في نظر غير المسلمين‪.‬‬
‫والمصيبة كل المصيبة‪ ،‬أنه متى قام نابغة من علمائنا‪ ،‬يخالف مثل‬
‫هؤلء‪ ،‬داعيا إلى الدّيمن الصمحيح‪ ،‬مثمل صماحبي هذه الرسمالة السمتاذين‪:‬‬
‫الشيمخ كاممل القصماب‪ ،‬والشيمخ عمز الديمن القسمام ‪-‬حفظهمما اللّه تعالى‪-‬‬
‫جافوه‪ ،‬وناوؤوه‪ ،‬ووصمموه باسمم الوهابيمة( )‪ ،‬وهذا ل شمك أنمه ممن علئم‬
‫‪1‬‬

‫الجهل والحسد‪.‬‬
‫لم يوصم الستاذ القصاب قبل الن بهذه الوصمة‪ ،‬ولكن سيلقّب بهذا‬
‫الل قب م نذ الن‪ ،‬ح يث تكلّم في بدع الم ساجد‪ ،‬والموالد‪ ،‬والجنائز‪ ،‬و سوف‬
‫ل يضره ذلك في دينه شيئا‪ ،‬بل يزيد الثقة بعلمه وغيرته ‪-‬إن شاء اللّه‪.-‬‬
‫و في الختام‪ ،‬نقول‪ :‬إن ما جاء في هذه الر سالة كلّ ها هو الح قّ بل‬
‫رياء( )‪ ،‬والصواب بشهادة العلم والعلماء‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫هذا الجاهل تعزيرا ً يليق بمثل هذا الذنب»‪.‬‬


‫() انظر بشأنها ما علقناه على (ص ‪.)7-6‬‬ ‫‪1‬‬

‫() كذا في الصل‪ ،‬ولعل الصواب‪( :‬مراء)‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫إذا احتاج النّهارُ إلى دليممممل‬ ‫وليمس يصمحّ فمي الذهان شيءٌ‬

‫جزى اللّه المؤّلفَيْن خير الجزاء‪ ،‬وكفاهما شرّ الجهلء‪ ،‬آمين‪.‬‬


‫‪1344‬‬ ‫صفر سنة‬ ‫‪25‬‬ ‫في‬
‫كتبه‬
‫محمد جميل الشّطي‬
‫(‪)1‬‬

‫النائب الحنبلي بدمشق‬


‫عفي عنه‬

‫() هو محمد جميل بن عمر بن محمد بن حسن الشطي‪ ،‬ولد‬ ‫‪1‬‬

‫في دمشق ‪ 18‬صفر سنة (‪1300‬هس)‪ ،‬ونشأ في حجر والده‪ ،‬قرأ‬


‫مبادئ العلوم على عمسسه الشيسسخ مراد‪ ،‬ثسسم على الشيسسخ أبسسي الفتسسح‬
‫الخطيسب‪ ،‬وأخسذ الفقسه الحنبلي والفرائض عسن والده‪ ،‬ثسم عسن عمسه‬
‫الخسسر الشيسسخ أحمسسد الشطسسي‪ ،‬ولع بالدب والتاريسسخ‪ ،‬عرف بأخلقسسه‬
‫الفاضلة‪ ،‬حلو المعاشرة لطيسسف الحديسسث‪ ،‬لزم المحاكسسم الشرعيسسة‬
‫بدمشق صغيرا ً منذ سنة ‪1313‬هس مقيدا ً في محكمة البزورية‪ ،‬من‬
‫مؤلفاتسسسه‪« :‬رسسسسالة الضياء الموفور فسسسي تراجسسسم بنسسسي فرفور»‪،‬‬
‫«ديوانسسه»‪« ،‬رسسسالة فسسي علم الفرائض»‪« ،‬قانون الصسسلح وبعسسض‬
‫القوانيسن التركيسة المعمول بهسا» (وترجمسه عسن التركيسة)‪« ،‬مختصسر‬
‫طبقات الحنابلة»‪« ،‬الوسسسيط فسسي الفراط والتفريسسط»‪« ،‬السسسيف‬
‫الربانسي» (رسسالة فسي الرد على القاديانيسة)‪ ،‬وغيرهسا‪ .‬انظسر ترجمتسه‬
‫فسسي‪« :‬تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي القرن الرابسسع عشسسر الهجري» (‬
‫‪« ،)2/704‬النعسسست الكمسسسل» (‪« ،)431‬معجسسسم المؤلفيسسسن» (‬
‫‪ ،)9/161‬مجلة «التمدن السلمي» (م ‪.)26/1/22‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪10‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫شرَعه‪ ،‬ول يرضى عمن‬
‫الحمد للّه الذي ل يقبل من العمال إل ما َ‬
‫ابتدع في دي نه شيئا‪ ،‬ح تى يترك بدعتَه‪ ،‬ودي نه هو ما كان عل يه مَ نْ عل‬
‫الخلقَ فضله‪ ،‬وتمسك به السّلف الصالح الذين يبغضون المبتدعة‪.‬‬
‫وال صلة وال سلم على سيدنا مح مد القائل‪« :‬أ بى اللّه أن يق بل ع مل‬
‫صاحب بد عة ح تى يدع بدع ته»( )‪ ،‬والقائل‪ « :‬من أحدث في أمر نا هذا ما‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجسسه ابسسن وضاح فسسي «البدع» (رقسسم ‪ ،)156‬وإسسسناده‬ ‫‪1‬‬

‫ضعيسف جداً ‪ ،‬فيسه محمسد بسن عببد الرحمبن القشيري‪ ،‬قال الردي‪ :‬كذاب‬
‫متروك الحديسسث‪ ،‬وقال الدار قطنبببي‪ :‬متروك‪ ،‬وقال ابسسن عدي‪ :‬منكسسر‬
‫الحديث‪ .‬وانظر «اللسان» (‪.)5/250‬‬
‫وروي بلفظ آخر‪« :‬إن اللّه حجز التوبة عن كل صاحب بدعة»‪.‬‬
‫أخرجه الطبراني في «الوسط» (‪ 5/113‬رقم ‪ ،)214‬وأبو‬
‫محمسسد الضراب فسسي «زياداتسسه على المجالسسسة» (‪399-6/398‬‬
‫رقسم ‪/2816‬م ‪ -‬بتحقيقسي)‪ ،‬وابسن أبسي عاصسم فسي «السسنة» (رقسم‬
‫‪ ،)37‬وابسسن عدي فسسي «الكامسسل» (‪ ،)6/2261‬وابسسن فيسسل فسسي‬
‫«جزئه» ‪-‬كما في «الكنز» (رقم ‪ ،)1105‬ومن طريقه الضياء في‬
‫«المختارة» (‪ 6/72‬رقسسم ‪ ،-)2054‬وأبسسو الشيسسخ فسسي «طبقات‬
‫أصسسسبهان» (‪ ،)610-3/609‬وابسسسن وضاح فسسسي «البدع» (رقسسسم‬
‫‪ ،)157‬والبيهقي في «الشعب» (‪ ،)60-59 ،7/59‬والضياء في‬
‫«المختارة» (‪ 6/73‬رقسسسسم ‪ ،)2055‬والهروي فسسسسي «ذم الكلم»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ليس منه ف هو رد»( )‪ ،‬و في روا ية‪« :‬من عمل عملً ل يس عل يه أمرنا ف هو‬
‫‪1‬‬

‫رد»( )؛ يعني‪ :‬لكونه من المبتدعة‪ ،‬القائل في حقّهم‪« :‬أصحاب البدع كلب‬ ‫‪2‬‬

‫النار»( )‪ ،‬ويما لهما ممن عار ومذمّةم! وعلى آله وأصمحابه الذيمن قال لهمم‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫«اتبعوا ول تبتدعوا‪ ،‬فإنمما هلك ممن كان قبلكمم بمما ابتدعوا‪ ،‬وتركوا سمنن‬

‫(ص ‪ - 223‬ط‪ .‬دار الفكسسر اللبنانسسي)‪ ،‬وأبسسو بكسسر الملحمسسي فسسي‬


‫«مجلسين من المالي» (ق‪ ،)2-148/1‬ويوسف بن عبد الهادي في‬
‫«جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر» (ق‪- )333/1‬كما في‬
‫«السسلسلة الصسحيحة» (رقسم ‪ -)1620‬وأبسو يعلى ‪-‬وليسس موجوداً‬
‫في رواية ابن حمدان المطبوعة‪ ،-‬وأبو نصر السجزي‪ ،‬وابن عساكر‪،‬‬
‫وابسن النجار ‪-‬كمسا فسي «كنسز العمال» (رقسم ‪ -)1116 ،1105‬مسن‬
‫طرق عن حميد الطويل‪ ،‬عن أنس رفعه‪.‬‬
‫قال الهيثمسسي فسسي «المجمسسع» (‪« :)10/189‬ورجاله رجال‬
‫الصحيح‪ ،‬غير هارون بن موسى الفروي‪ ،‬وهو ثقة»‪.‬‬
‫ت فسسسي طرقسسسه‪ ،‬والخلف فيسسسه فسسسي تعليقسسسي على‬
‫صل ُ‬
‫وف ّسسس‬
‫«المجالسسسة»‪ ،‬والحمسسد للّه‪ .‬وانظسسر‪« :‬العتصسسام» ( ‪- 1/112‬‬
‫بتحقيقي)‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫حزوَّر‪:-‬‬ ‫() يريسسد حديسسث أبسسي أمامسسة‪ ،‬قال أبسسو غالب ‪-‬واسسسمه‪َ :‬‬‫‪3‬‬

‫َ‬
‫صبوا‬‫«كنسست بالشام‪ ،‬فبعسسث المهل ّب سسسبعين رأسسا ً مسن الخوارج‪ ،‬فن ُس ِ‬
‫على درج دمشق‪ ،‬وكنت على ظهر بيت لي‪ ،‬فمَّر أبو أمامة‪ ،‬فنزلت‬
‫فاتَّبعتسسه‪ ،‬فلمسسا وقسسف عليهسسم‪ ،‬دمعسست عيناه‪ ،‬وقال‪ :‬سسسبحان اللّه! مسسا‬
‫يصسنع الشيطان ببنسي آدم ‪-‬قالهسا ثلثاً‪ ،-‬كلب جهنسم‪ ،‬كلب جهنسم‪ ،‬شسر‬
‫من قتلوه‪،‬‬ ‫‪-‬ثلث مرات‪ ،-‬خيسسر قتلى َسس‬ ‫قتلى تحسست ظسسل السسسماء‬
‫طوبى لمن قتلهم أو قتلوه‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أنبيائهم‪ ،‬وقالوا بآرائهم‪ ،‬فضلّوا وأضلّوا»( )‪ ،‬والقائل لهم‪« :‬ل يؤمن أحدكم‬
‫‪1‬‬

‫ح تى يكون هواه تبعا ل ما جئ تُ به»( )؛ يع ني‪ :‬فالذ ين اتّبعوا أهواء هم‪ ،‬قد‬
‫‪2‬‬

‫ضلّوا وأضلوا‪ ،‬وعلى من تبعهم بإحسان‪ ،‬وعن سنن السلف لم يعدلوا‪ ،‬بل‬
‫ساروا متمسكين بأذيالهم‪ ،‬لم يغيّروا ولم يبدّلوا‪.‬‬
‫أما بعد؛ فيقول أسيرُ ذنبه عبد ربه الكافي محمد بن يوسف بن محمد‬

‫ثسم التفست إل َّس‬


‫ي‪ ،‬فقال‪ :‬يسا أبسا غالب! إنسك بأرض هسم بهسا كثيسر‪،‬‬
‫فأعاذك اللّه منهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬رأيتك بكيت حين رأيتهم؟‬
‫ت رحمة حين رأيتهم كانوا من أهل السلم! هل تقرأ‬
‫قال‪ :‬بكي ُ‬
‫سورة آل عمران؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫م‬‫ن أ ُ ُّ‬
‫ت ه ُ َّ‬ ‫ما ٌ‬ ‫حك َ َ‬ ‫ت ُّ‬
‫م ْ‬ ‫ه آيَا ٌ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ب ِ‬ ‫ك الْكِتَا َ‬ ‫ل ع َلَي ْ َ‬‫فقرأ‪{ :‬هُوَ الَّذِي أَنَز َ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ه} [آل عمران‪،]7 :‬‬ ‫ه إِل ّ الل ّس ُ‬ ‫م تَأوِيل َس ُ‬‫ما يَعْل َس ُ‬‫ب‪ }...‬حتسى بلغ‪{ :‬وَس َ‬ ‫الْكِتَا ِس‬
‫وإن هؤلء كان في قلوبهم زيغٌ‪ ،‬فزيغ بهم‪.‬‬
‫َ‬
‫جا َءه ُ ُ‬
‫م‬ ‫ما َ‬ ‫من بَعْد ِ َ‬ ‫ختَلَفُوا ْ ِ‬ ‫ن تَفَ َّرقُوا ْ وَا ْ‬ ‫ثم قرأ‪{ :‬وَل َ تَكُونُوا ْ كَال ّذِي َ‬
‫َ‬
‫ن} [آل‬ ‫خالِدُو َسس‬ ‫م فِيهَسسا َ‬ ‫مةِ الل ّسسهِ هُسس ْ‬ ‫ت‪ }...‬إلى قوله‪{ :‬فَفِسسي َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫الْبَيِّنَا ُسس‬
‫عمران‪.]107-105 :‬‬
‫ت‪ :‬هم هؤلء يا أبا أمامة؟‬
‫قل ُ‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫=‬
‫؟‬
‫ت‪ :‬من قِبَلِك تقول أو شيءٌ سمعته من النبي‬ ‫قل ُ‬
‫قال‪ :‬إنسي إذن لجريسء‪ ،‬بسل سسمعتُه مسن رسسول اللّه ‪ ،‬ل مرة‪،‬‬
‫ول مرتين‪ ...‬حتى عد سبعاً‪.‬‬
‫ثسم قال‪ :‬إ َّس‬
‫ن بنسي إسسرائيل تفَّرقوا على إحدى وسسبعين فرقسة‪،‬‬
‫وإن هذه المة تزيد عليها فرقة‪ ،‬كلها في النار؛ إل السواد العظم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يا أبا أمامة! أل ترى ما يفعلون؟‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫م اللّه ‪-‬سمبحانه وتعالى‪ -‬ابتلى آخمر هذه الممة‬
‫المعروف بالكافمي( )‪ :‬إن ّ‬ ‫‪1‬‬

‫المشرّفمة بأناس يسمتحسنون أشياء بآرائهمم‪ ،‬أو يسمتندون فيهما إلى آثار‬
‫منسوخة‪ ،‬كاستنادهم في رفع الصوات في المساجد إلى ما كان يناضلُ به‬
‫( )‪ ،‬وإنشاد‬ ‫‪2‬‬
‫سيّدُنا ح سان بن ثا بت ‪-‬ر ضي اللّه ع نه‪ -‬عن ر سول اللّه‬

‫م} الية [النور‪.»]54 :‬‬ ‫ملْت ُ ْ‬


‫ح ِّ‬ ‫م َّ‬
‫ما ُ‬ ‫ل وَع َلَيْك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫ح ِّ‬ ‫قال‪{ :‬ع َلَيْهِ َ‬
‫ما ُ‬
‫وفسي روايسة قال‪« :‬قال‪ :‬أل ترى مسا فيسه السسواد العظسم ‪-‬وذلك‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ح ِّ‬ ‫فسي أول خلفسة عببد الملك والقتسل يومئذ ظاهسر‪-‬؟ قال‪{ :‬ع َلَي ْسهِ َس‬
‫ما ُ‬
‫م} [النور‪.»]54 :‬‬ ‫ملْت ُ ْ‬‫ح ِّ‬ ‫وَع َلَيْك ُ ْ‬
‫م َّ‬
‫ما ُ‬
‫أخرجسه ابسن أبسي شيبسة فسي «المصسنف» (‪،)308-15/307‬‬
‫وعببد الرزاق فسي «المصسنف» (‪ ،)18663‬والحميدي فسي «المسسند»‬
‫(‪ ،)908‬والطيالسسي فسي «المسسند» (رقسم ‪ ،)1136‬وأحمسد فسي‬
‫«المسسسسند» (‪ ،)256 ،5/253‬والترمذي فسسسي «الجامسسسع» (رقسسسم‬
‫‪ ،)3000‬وابسن ماجسه فسي «السسنن» (رقسم ‪ ،)176‬والطسبراني فسي‬
‫«الكسسسسبير» (‪ 328 ،328-15/327‬رقسسسسم ‪،8036-8033‬‬
‫‪ ،)8056 ،8049‬و«الوسسسسسسسسط»‪ ،‬و«الصسسسسسسسغير» (‪،)2/117‬‬
‫والطحاوي فسسي «مشكسسل الثار» (‪ 339-6/338‬رقسسم ‪،)2519‬‬
‫وابن أبي عاصم في «السنة» (رقم ‪ ،)68‬وابن نصر في «السنة»‬
‫(ص ‪ ،)17-16‬وابسن أبسي حاتسم فسي «التفسسير» (‪ 5/1429‬رقسم‬
‫‪ ،)8150‬والبيهقسي فسي «السسنن الكسبرى» (‪ ،)8/188‬والللكائي‬
‫فسي «السسنة» (‪ ،)152 ،151‬والجري فسي «الشريعسة» (ص ‪،35‬‬
‫‪ ،)36‬وابسن الجوزي فسي «الواهيات» (‪ 1/163‬رقسم ‪ ،)262‬وابسن‬
‫المنذر فسسي «التفسسسير» ‪-‬كمسسا فسسي «الدر المنثور» (‪ -)2/291‬مسسن‬
‫طرق عن أبي غالب به‪ ،‬بألفاظ متقاربة‪ ،‬وبعضهم اختصره‪.‬‬
‫قال الترمذي‪« :‬هذا حديث حسن»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أبسو غالب البصسري حزوّر البصسري‪ ،‬صساحب أبسي أمامسة‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫سيدنا كعب بن زهير قصيدته المشهورة ‪-‬رضي اللّه عنه‪ ،) (-‬وغير ذلك‬
‫‪1‬‬

‫م ما ل تقوم به حُجّة‪ ،‬خ صوصا من المقلّد الممنوع من أ خذ الحكام من‬


‫الدلّة إجماعا‪ ،‬ك ما نقله ا بن خَ ْيرَان( )؛ لق صوره عن ذلك‪ ،‬وكا ستنادهم في‬
‫‪2‬‬

‫رفمع الصموات خلف الجنائز المخالف لمما كان عليمه ‪-‬عليمه الصملة‬
‫والسلم‪ -‬والسلف الصالح‪ ،‬إلى أنّ رفع الصوات يشغل الناس عن الغيبة‬
‫والوقوع في أعراض الناس‪ ،‬وبعضهم يقول‪ :‬إنه صار عادة وتركها يزري‬

‫ضعيف‪ ،‬يعتبر به في الشواهد والمتابعات‪ ،‬وقد تابعه‪:‬‬


‫سلَيم ‪-‬وهسسو ثقسسة‪ ،-‬عنسسد أحمسسد فسسي «المسسسند» (‬
‫* صسسفوان بسسن ُسس‬
‫‪ ،)5/269‬وابنه عبد ال في «السنة»(رقم ‪ ،)1546‬وسنده صحيح‬
‫* سسيار الموي ‪-‬وثقسه ابسن حبان (‪( )4/335‬فسي التابعيسن) وأعاده!‬
‫(‪ )6/423‬في (أتباع التابعين)‪ ،‬وفي «التقريب»‪« :‬صدوق»‪ ،-‬ومن‬
‫منهجه في مثله قوله‪ :‬مقبول ‪-‬عند أحمد في «المسند» (‪)5/250‬‬
‫‪-‬أيضاً‪ .-‬ولقوله‪« :‬شر قتلى‪« ،»...‬كلب أهل النار» شاهد من حديث‬
‫عبببد ال بسن أبسي أوفسى‪ .‬انظسر‪« :‬مسسند عبداللّه بسن أبسي أوفسى» لبسن‬
‫صاعد (رقم ‪ ،)40 ،39‬و«الحنائيات» (رقم ‪ )225‬وتعليقي عليه‪،‬‬
‫ففيه التخريج مطولً‪.‬‬
‫() ليسس هذا بحديسث‪ ،‬وإنمسا هسو قول للشعسبي عنسد ابسن عببد البر‬ ‫‪1‬‬

‫فسي «الجامسع» (‪ 2/1050‬رقسم ‪ ،)2026‬وانظسر «العتصسام» (‬


‫‪ - 1/172‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() هو محمد بن يوسف بن محمد بن سعد الحيدري التونسي‬ ‫‪1‬‬

‫الشهيسر بالكافسي‪ ،‬يتصسل نسسبه بعلي ‪-‬رضسي اللّه عنسه‪ ،-‬ولد بمدينسة‬
‫الكاف فسي تونسس سسنة ‪1278‬هسس‪ ،‬طلب العلم صسغيراً‪ ،‬وتنقسل بيسن‬
‫البلدان‪ ،‬فسسافر إلى بلد الوردانيسن على السساحل التونسسي‪ ،‬ثسم غادر‬
‫مسن صسفاقس إلى طرابلس‪ ،‬ثسم إلى بنسي غازي‪ ،‬ثسم إلى بيروت‪ ،‬ثسم‬
‫دمشسق‪ ،‬ثسم النبسك‪ ،‬فحمسص‪ ،‬ثسم طرابلس الشام‪ ،‬ثسم بيروت‪ ،‬فيافسا‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بالميمت‪ ،‬وغيمر ذلك ممن العبارات التمي أصملها وحمي الشياطيمن؛ لنّ بمه‬
‫‪ ،‬وال سلفُ‬ ‫تموت ال سّنّة‪ ،‬ال تي يحبّ ها اللّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬و َدرَج علي ها النّبِيّ‬
‫الصمالح‪ :‬أهمل القرون المشهود لهمم بالخيريمة‪ ،‬وكاسمتنادهم فمي القيام فمي‬
‫‪ ،‬وكل ما كان تعظيما له فهو واجب‪،‬‬ ‫المولد الشر يف إلى أ نه تعظيم له‬
‫ورتّبوا على هات ين المقدّمت ين‪ :‬أن من لم يَقُم ع ند ذ كر الولدة يعدّ م ستخفا‬

‫فالرملة‪ ،‬ثسم بيست المقدس‪ ،‬ثسم رجسع إلى يافسا‪ ،‬ومنهسا إلى بور سسعيد‪،‬‬
‫فالسسسسماعيلية‪ ،‬فالقاهرة ووافسسسى الزهسسسر فسسسي ‪ 24‬شوال سسسسنة‬
‫‪1307‬هسس‪ ،‬وبقسي فسي الزهسر عشسر سسنين‪ ،‬ثسم سسافر إلى صسفاقس‬
‫وتجول فسي بلد المغرب‪ ،‬ثسم اشتغسل بالتدريسس فسي الجامسع الموي‬
‫للفقه الحنبلي‪ ،‬توفي سنة ‪1380‬هس‪.‬‬
‫مسن مؤلفاتسه‪« :‬الحصسن والجنسة على عقيدة أهسل السسنة» لبسي‬
‫حامسسسسد الغَّزالي‪« ،‬نصسسسسرة= =الفقيسسسسه السسسسسالك»‪« ،‬التوضيحات‬
‫الوافيسة»‪ ...‬وغيرهسا‪ .‬انظسر‪« :‬تاريسخ علماء دمشسق فسي القرن الرابسع‬
‫الهجري» (‪« ،)2/743‬رجال مسسسسسن التاريسسسسسخ» (ص ‪ )421‬لعلي‬
‫الطنطاوي‪« ،‬معجسسسسسسم المؤلفيسسسسسسن» (‪« ،)12/136‬إتحاف ذوي‬
‫العناية» (‪.)12/136‬‬
‫لحسان‪« :‬اهجهم وجبريل معك»‪.‬‬ ‫() يشير إلى قوله‬ ‫‪2‬‬

‫أخرجسه البخاري فسي «صسحيحه» (رقسم ‪ ،)3213‬ومسسلم فسي‬


‫«صحيحه» (رقم ‪.)2486‬‬
‫وهذا ‪-‬والذي يليسه‪ -‬محكسم وليسس بمنسسوخ‪ ،‬وراجسع مسا أحلنسا إليسه‬
‫بشأن قول الشعسر فسي المسسجد فسي تعليقنسا على (ص ‪ ،)137‬وكذا‬
‫أتينا عليه في كتابنا عن أحكام الشعر العلمية‪ ،‬يسر اللّه نشره‪.‬‬
‫() أخرجهسسا مطولة ومختصسسرة جمسسع؛ منهسسم‪ :‬ابسسن ديزيسسل فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«جزئه» (ص ‪ ،)53‬وأبو العباس ثعلب في «مجالسه» (‪،)2/340‬‬


‫وابسسن أبسسي عاصسسم فسسي «الحاد والمثانسسي» (‪ ،)5/118‬والحاكسسم (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الصمرْصَري( )‪« :‬فحقّ على الشراف عنمد‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬ ‫؛ فيكفمر‪،‬وإلى قول‬ ‫بمقاممه‬
‫ذكره أن تنهمض الشراف قياما‪ ،‬أو جثيا على الركمب»‪ ،‬أو عبارة تقرب‬
‫صرْصَري‪،‬‬
‫ممن هذه‪ ،‬وإلى قيام العلممة ا بن ال سبكي( ) ع ند سماع قول ال ّ‬
‫‪2‬‬

‫وغ ير ذا من الم ستندات الواه ية( )‪ ،‬ويأ تي بطلن ال ستدلل ب ما ذ كر ‪-‬إن‬


‫‪3‬‬

‫شاء اللّه تعالى‪ ،-‬وكاستنادهم في القيام لبعضهم للتّعظيم لثار وردت لغير‬
‫َصملَ بيمن العلماء‬
‫السمنّة عدم القيام‪ ،‬كمما يأتمي‪ ،‬وبعضهمم ف َ‬
‫التّعظيمم‪ ،‬بمل ّ‬

‫‪ ،)3/578‬وأبو الفرج الصبهاني في «الغاني» (‪ ،)15/142‬وأبو‬


‫نعيسم فسي «معرفسة الصسحابة» (‪ ،)3/153‬والبيهقسي فسي «السسنن‬
‫الكسسسبرى» (‪ ،)10/243‬و«دلئل النبوة» (‪ ،)5/207‬وابسسسن خيسسسر‬
‫الشسبيلي فسي «فهرسسة شيوخسه» (‪ ،)401-400‬وابسن سسيد الناس‬
‫فسسسي «منسسسح المدح» (ص ‪ ،)254‬وابسسسن جابر الوادي آشسسسي فسسسي‬
‫«برنامجه» (ص ‪ ،)220‬والسبكي في «طبقات الشافعية الكبرى»‬
‫(‪ )1/122‬مسسن طرق ضعيفسسة موصسسولة‪ ،‬أو مرسسسلة‪ ،‬أو موقوفسسة‪،‬‬
‫والعلماء فيها بين رد ّ وأخذ‪ ،‬وتصحيح وتضعيف‪ ،‬ولهم فيها ‪-‬مذ زمان‪-‬‬
‫تصسسانيف مفردة‪ ،‬وللدكتور عببببد العزيبببز المانسسع فسسي مجلة «المجمسسع‬
‫العلمسي العراقسي» (م‪ 33‬رجسب سسنة ‪ )1402‬نقسد لهذه القصسيدة‪،‬‬
‫ومشكسك بإسسلم كعسب‪ ،‬وكذلك للسستاذ سسعدي أبسو حسبيب مقالة فسي‬
‫هذا الموضوع منشورة فسسي مجلة «الديسسب» البيروتيسسة‪ ،‬عدد إبريسسل‪،‬‬
‫سنة ‪1971‬م‪ ،‬وللشيخ إسماعيل النصاري دراسة مفردة مطبوعة‬
‫قديما ً وحديثا ً فسسي صسسحتها والعمسسل بهسسا‪ ،‬وللدكتور سسسعود الفنيسسسان‬
‫«توثيق قصيدة بانت سعاد في المتن والسناد» وهو من منشورات‬
‫مكتبسة الرشسد‪ ،‬ولحمسد الشرقاوي «بانست سسعاد فسي إلمامات شتسى»‬
‫منشور عسسن دار الغرب‪ ،‬ولبسسن حجسسة الحموي «شرح قصسسيدة بانسست‬
‫سسسعاد» مسسن منشورات مكتبسسة المعارف ‪ -‬الرياض‪ ،‬وللدكتور السسسيد‬
‫إبراهيم محمد «قصيدة بانت سعاد وأثرها في التراث العربي» من‬
‫منشورات مكتبة المعارف ‪ -‬الرياض‪ ،‬وللدكتور السيد إبراهيم محمد‬
‫«قصسسيدة بانسست سسسعاد وأثرهسسا فسسي التراث العربسسي» مسسن منشورات‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والوالد ين وغير هم‪ ،‬فج عل القيا مَ للعلماء والوالد ين للتّعظ يم مطلوبا شرعا‪،‬‬
‫دون غيرهم‪ ،‬وهو تحكّم( ) محض‪ ،‬بل ال سّنّة لم تفرّق بين العلماء والوالدين‬
‫‪1‬‬

‫وغيرهمم‪ ،‬والذي يقول‪ :‬تعتريمه الحكام الخمسمة‪ ،‬قول متأخّرم‪ ،‬ل يعارض‬
‫السنة فهو من توليد الكلم المنهي عنه‪ ،‬بل العارض له حكم وقته‪ ،‬ويزول‬
‫م الصمليّ كالضّرورة‪ ،‬لباحمة أكمل الميتمة‬
‫بزوال وقتمه‪ ،‬ويبقمى الحكم ُ‬
‫المحر مة‪ ،‬وبزوال الضّرورة ير جع الح كم ال صلي‪ ،‬وهذا أ مر مقرّر ع ند‬

‫المكتسسب السسسلمي‪ ،‬وألف حولهسسا كتسسب أخرى‪ ،‬انظسسر ‪-‬مثلً‪ -‬كتابنسسا‬


‫«الشارات» (رقم ‪.)1063 ،1055 ،1054‬‬
‫() هسسسو أبسسسو علي الحسسسسين بسسسن صسسسالح بسسسن خيران البغدادي‬ ‫‪2‬‬

‫شفاً‪،‬‬
‫الشافعي‪ ،‬أحد أركان المذهب‪ ،‬كان إماما ً زاهدا ً ورعاً‪ ،‬تقياً‪ ،‬متق ّ‬
‫توفسسي سسسنة عشريسسن وثلث مئة‪ ،‬ترجمتسسه فسسي‪« :‬طبقات الشافعيسسة‬
‫الكسسسسبرى» (‪« ،)274-3/271‬تاريسسسسخ بغداد» (‪« ،)8/53‬وفيات‬
‫العيان» (‪« ،)1/400‬شذرات الذهب» (‪.)2/287‬‬
‫() هسو يحيسى بسن يوسسف بسن يحيسى النصساري‪ ،‬أبسو زكريسا‪ ،‬جمال‬ ‫‪1‬‬

‫صري‪ ،‬له «المنتقى من مدائح الرسول» ولعله المسمى‬ ‫الدين ال َّ‬


‫صْر َ‬
‫«المختار مسسن مدائح المختار»‪ ،‬توفسسي سسسنة ‪656‬هسسس ‪1258 -‬م‪،‬‬
‫ترجمتسه فسي‪« :‬البدايسة والنهايسة» (‪« ،)13/211‬ذيسل مرآة الزمان»‬
‫(‪ ،)332-1/257‬وفيسه‪« :‬امتدح رسسول اللّه بأشعار كثيرة‪ ،‬قيسل‪:‬‬
‫إن مدائحه فيه ‪-‬صلوات اللّه عليه وسلمه‪ -‬تقارب عشرين مجلداً»‪،‬‬
‫على سسسبيل التسسبرك‬ ‫ثسسم قال‪« :‬وسسسأذكر مسسن مديحسسه لرسسسول‬
‫وتشريسسف هذا الكتاب مسسا تيسسسر ‪-‬إن شاء اللّه‪ ،»-‬وأطال فسسي ذلك‬
‫‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬
‫() قال التاج في ترجمة أبيه علي بن عبد الكافي في «الطبقات»‬ ‫‪2‬‬

‫(‪« :)10/220‬وأمسا محبتسه للنسبي ‪ ،‬وتعظيمسه له‪ ،‬وكونسه أبدا ً بيسن‬


‫ي‪« :‬السسيف المسلول» (ص‬ ‫عينيسه‪ :‬فأمسر عُجاب»‪ .‬وانظسر كتاب التَّق ِ ّس‬
‫‪.)524‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫لمّةم لم‬
‫ممن له أدنمى إلمام بالعلم‪ ،‬ثمم أولئك الناس المبتلى بهمم آخمر هذه ا ُ‬
‫يسكت عنهم رجال العلم‪ ،‬بل ل يزالون يحاربونهم‪ ،‬ويشنّون عليهم الغارة‪،‬‬
‫إل أنّ هؤلء المبتدع ين اشتدّ عضدُ هم بالعامّة‪ ،‬الذ ين ل يفرّقون ب ين سنة‬
‫وبدعة‪ ،‬وممن حارب أهلَ البدع‪ :‬العالمان العلّمتان‪ ،‬والستاذان الكاملن‪:‬‬
‫مح مد كا مل الق صّاب‪ ،‬ومح مد عزّ الد ين الق سام‪ ،‬وعضده ما جلةٌ أنجاب‪،‬‬
‫فعارضهم من تطمئنّ نفسه بالبدعة‪ ،‬ولربما تشمئزّ من الجري على ال سّنّة‪،‬‬
‫ومن الضلّل من يجادل عن البدعة‪ ،‬ويحاول عُلوّها على السّنّة‪ ،‬ويأبى اللّه‬
‫ذلك‪ ،‬والحقّ يعلو‪ ،‬ول ُيعْلى عليه‪.‬‬
‫ولْنر جع إلى بيان ما تقدّم‪ ،‬وإن كا نت البد عُ المل صقة بالدّ ين كثيرة‪،‬‬

‫() قال صسسديق حسسسن خان ‪-‬رحمسسه اللّه تعالى‪ -‬فسسي «الديسسن‬ ‫‪3‬‬

‫الخالص» (‪« :)452-4/451‬وقسد سسمعنا أن المحتفليسن بمولده‬


‫إذا بلغوا إلى ذكسر ولدتسه ‪-‬عليسه السسلم‪ ،-‬قاموا قياما ً واسسعا ً لتعظيسم‬
‫روحسسه ‪ ،‬زعما ً منهسسم أنسسه حاضسسر فسسي هذا الوقسست‪ ،‬نعوذ باللّه مسسن‬
‫الجنون والخبسط‪ ،‬وهذا القيام منهسم ‪-‬مسع هذا القيام التعظيمسي‪ -‬يشبسه‬
‫الشرك عند من يعرف الدلة وهو عالم بكيفية الستدلل بها‪.‬‬
‫ة التبجيسل‬‫خبَط َسهم الشيطان بالمسس؛ فهذا عندهسم غاي ُ‬ ‫وأمسا مسن َ‬
‫ن هؤلء أعظ ُمس حمسر الكون‬ ‫ل العقيدةِ الحسسنة بسه ‪ ،‬ول ريسب أ ّس‬ ‫وكما ُ‬
‫خ َّفةِ العُقول والن ّهى‪ ،‬وأشد ّها جهل ً في تقليد الهواء‪ ،‬أعاذنا الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫في ِ‬
‫ن الحمق والطيش‪ ،‬ورزقنا في نعيمه رغد العيش» ا‪.‬هس‪.‬‬ ‫م َ‬
‫ِ‬
‫وانظسر فسي تقريسر هذه البدعسة‪« :‬المدخسل» (‪)257-1/256‬‬
‫(وفيه التنبيه على بدعة القيام للمصحف‪ ،‬وتجدها ‪-‬أيضاً‪ -‬في «شفاء‬
‫الصسسدور فسسي الرد على الجواب المشكور» (‪ )29‬لمحمسسد بسسن عببببد‬
‫اللطيبببببببف)‪« ،‬الرد على الكاتسسسسسب المفتون» (‪« ،)165 ،159‬الرد‬
‫القوي» (‪ )227 ،212-211 ،209 ،164‬كلهما للشيخ حمود‬
‫التو يجري ‪-‬رحمه اللّه‪.-‬‬
‫() أي‪ :‬قول بالتشهي‪ ،‬ل دليل عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫كإيقاد الضّوء نهارا في العيدين( )‪ ،‬والمولد( ) بنية التّعظيم‪ ،‬ول عبرة بالنيّة‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫المخالفمة للشّرع‪ ،‬وكجعمل الصمّباحية فمي المسماجد المتنزّهمة عمن ذلك‪،‬‬


‫وكالذّكمر المحرّف عمما جاء فمي الشّرع( )‪ ،‬وكالرّقمص فمي حال تخبّطهمم‬
‫‪3‬‬

‫بالشّياط ين( )‪ ،‬وضرب هم لللت المحرّ مة شرعا‪ ،‬يو جد ب عض من ينت سب‬


‫‪4‬‬

‫للعلم يز ين حال هم ال خبيث‪ ،‬وي ستند في تزيي نه إلى أفراد صدر من هم ذلك‪،‬‬
‫ول ندري أ هم من المجاذ يب الذ ين ل يؤ خذ من هم ح كم أم الممكور ب هم؟!‬

‫() انظسسسر بدعيسسسة زيادة تنويسسسر المسسسساجد فسسسي العياد‪ ،‬كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫«المسسسجد فسي السسلم» (‪ ،)349‬وقارن بسس«تفسسسير القرطسسبي» (‬


‫‪( )12/275‬آخسر المسسألة الثانيسة عشرة مسن تفسسير سسورة النور‪:‬‬
‫آية ‪.)36‬‬
‫قلت‪ :‬ومثله إيقاد الضواء فسي ليلة عيببد الميلد‪ ،‬وجعسل ذلك على‬
‫هيئة هلل ل صليب مجاراة للنصارى‪ ،‬ول قوة إل باللّه‪.‬‬
‫() انظر ما قدمناه (ص ‪.)20‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظسسر‪« :‬مجموع فتاوى ابسسن تيميسسة» (‪،229 ،10/226‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪« ،)558 ،232 ،231‬البداع» (‪،317 ،312 ،264 ،253‬‬


‫‪« ،)320‬السسسسنن والمبتدعات» (‪« ،)86 ،83‬البدعسسسة» شلتوت (‬
‫‪« ،)41‬سسهم اللحاظ» (رقسم ‪« ،)32‬معجسم المناهسي اللفظيسة» (‬
‫‪« ،)354 ،328 ،18‬القول البليغ» (‪ )119‬للتو يجري‪.‬‬
‫() انظسسر فسسي تقريسسر بدعيسسة ذلك‪« :‬تلبيسسس إبليسسس» (‪،160‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪« ،)373= =،259 ،258 ،252 ،222‬فتاوى العسسسسسسز بسسسسسسن‬


‫عبدالسسلم» (‪« ،)163‬تفسسير القرطسبي» (‪ 6/258‬و‪ 7/366‬و‬
‫‪ 9/109‬و‪ 10/366‬و‪ 238-11/237‬و‪ 12/59‬و‪14/54‬‬
‫و‪ ،)250-249 ،15/215‬و«كشسسسسسسف القناع» لبسسسسسسي العباس‬
‫القرطسسبي‪« ،‬الشرح والبانسسة» (‪« ،)364‬العتصسسام» للشاطسسبي (‬
‫‪« ،)387 ،115 ،2/85‬الفرقان» لبسسسسسسسسن تيميسسسسسسسسة (‪،)150‬‬
‫«المدخسسسسسل» (‪ 117 ،100-99 ،3/93‬و‪« ،)4/246‬المسسسسسر‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وك يف ي سوغ لعالم متدّي نٍ أن يترك أقوال من ثب تت مكانت هم فقها وت ص ّوفًا‬
‫(!)‪ ،‬ويتّبمع القوالَ الضّعيفمة والشّاذّة‪ ،‬وقمد نمص عالم العلماء سميدي علي‬
‫الصمّعيدي العَدَوي فمي «حاشيتمه على الخرشمي»( ) على أنمه يحرم الحكمم‬
‫‪1‬‬

‫والفتوى والع مل في خا صة النّ فس بالقول الضع يف‪ ،‬ون صوا على أنّ من‬
‫يتّبمع القوال الضعيفمة يكون فمي دينمه ضعمف( )‪ ،‬وحملوا عليمه‪ :‬ل تعلّموا‬
‫‪2‬‬

‫أولد السّفلة العلم؛ أي‪ :‬الزائد على العلم العيني‪.‬‬


‫بالتباع» (‪« ،)275-274 ،106-99‬الكلم على مسسسسسسسسسسسسسسألة‬
‫السسماع» لبسن القيسم‪« ،‬أدب الطلب» للشوكانسي (‪« ،)161‬السسنن‬
‫والمبتدعات» (‪« ،)191‬اللمسسسسسسسسع» (‪« ،)100 ،1/90‬البداع» (‬
‫‪ ،)322‬رسسسالتي «القرطسسبي والتصسسوف» (‪ ،)22-9‬وفسسي التعليسسق‬
‫عليها مصادر الثار السلفية الناهية عن ذلك‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫() (‪.)43 ،1/36‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صسسنّف أبسسو عبداللّه محمسسد بسسن قاسسسم القادري الحسسسني‬ ‫‪2‬‬

‫الفاسسسي (ت ‪1331‬هس س ‪1913 -‬م)‪« :‬رفسسع العتاب والملم عمسسن‬


‫قال‪ :‬العمل بالضعيف اختيارا ً حرام»‪ ،‬بسط فيه هذه المسألة‪ ،‬ونقل‬
‫فيه كلم المالكية بتفصيل وتأصيل‪.‬‬
‫ولعبببد ال الغزي رسسسالة محفوظسسة بالزهريسسة [‪ 178‬مجاميسسع ‪-‬‬
‫‪ ]4213‬فسي (‪ 452‬ورقسة) بعنوان‪« :‬القناع الجامسع المانسع البارع‬
‫اللطيف في الرد على من أفتى في الكفر بالضعيف»‪ ،‬ولمحمد بن‬
‫البوصسسير كتاب مطبوع‪ ،‬سسسنة ‪1973‬م بموريتانيسسا بعنوان‪« :‬أسسسنى‬
‫ن من عمل بالراجح ما خرج عن مذهب المام مالك»‪،‬‬ ‫المتاجر في أ ّ‬
‫وهو في (‪ )344‬صفحة من القطع الكبير‪.‬‬
‫وللشيسسسخ أحمسسسد بسسسن الحناط مخطوط بعنوان «فتوى بالحلف‬
‫بالطلق والخروج عن المذهب للضرورة»‪.‬‬
‫وانظسسر فسسي تقريسسر هذا‪« :‬الفروق» للقوافببي (‪ ،1/107‬القاعدة‬
‫الثانيسسة والسسسبعون)‪«= =،‬حاشيسسة العطار على جمسسع الجوامسسع» (‬
‫‪« ،)2/404‬الموافقات» (‪ )90-5/89‬للشاطسسسسسبي‪« ،‬حاشيسسسسسة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فنقول‪ :‬أمّا ر فع الصوات في المساجد‪ ،‬ف قد كان في ال صّدر الول‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ثُمّ ن سخ( )‪ ،‬وبالنا سخ أ خذ أئ مة المذا هب الحقّ ة‪ ،‬قال في «شرح العقيلة»‬ ‫‪1‬‬

‫ض جة بتلوة‬ ‫للحا فظ ال سخاوي ما ن صه‪ « :‬قد كان لم سجد ر سول اللّه‬


‫القرآن‪ ،‬حتى أمرهم بخفض أصواتهم؛ لئل يغلط بعضهم بعضا» ا‪.‬هم‪.‬‬
‫ومصمداق قول الحافمظ‪ :‬مما رواه المام أبمو داود عمن أبمي سمعيد‬
‫‪ ،‬ف سمعهم يجهرون بالقراءة‪،‬‬ ‫الخدري‪ ،‬ح يث قال‪« :‬اعت كف ر سول اللّه‬
‫فك شف ال سّتر‪ ،‬وقال‪ :‬أل إنّ كل كم مناج لربّ ه‪ ،‬فل يؤذ بعض كم بعضا‪ ،‬ول‬
‫يرفع بعضكم على بعض بالقراءة»( ) ا‪.‬هم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وورد‪« :‬يا علي! ل تجهر بقراءتك ول بدعائك‪ ،‬حيث يصلّي الناس‪،‬‬


‫فإن ّ ذلك يفسمد عليهمم صملتهم»( )‪ ،‬ومما خرجمه القرطمبي( )عنمد قوله‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪-‬تعالى‪{ :-‬فِي بُيُو تٍ َأذِ نَ اللّ هُ أَ نْ ُت ْرفَ عَ} [النور‪]36 :‬؛ ورفعها بما قاله‬
‫«جنّبوا مسماجدَكم صمبيانَكم‪ ،‬ومجانينَكمم‪ ،‬وسملّ سميوفِكم‪ ،‬وإقامةَ حدودكمم‪،‬‬

‫الدسسسسوقي» (‪« ،)1/20‬مواهسسسب الجليسسسل» (‪« ،)1/33‬الفكسسسر‬


‫السسامي» (‪« ،)4/421‬نشسر البنود» (‪« ،)2/272‬أصسول الفتوى‬
‫والقضاء في المذهب المالكي» (‪.)546‬‬
‫() هذا يحتاج إلى نقل! ولم أر من قال بذلك‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() اسسمه «الوسسيلة إلى كشسف العقيلة» لعلم الديسن علي بسن‬ ‫‪2‬‬

‫محمسد بسن عببد الصبمد السسخاوي (ت ‪643‬هسس)‪ ،‬والعقيلة هسي «عقيلة‬


‫أتراب القصسائد فسي أسسنى المقاصسد»‪ ،‬وهسي نظسم «المقنسع» للدانسي‪،‬‬
‫منظومسسة رائيسسة فسسي رسسسم المصسسحف‪ .‬انظسسر «كشسسف الظنون» (‬
‫‪.)2/1159‬‬
‫() مضى تخريجه في التعليق على (ص ‪.)133‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ليس هذا بحديث!‬ ‫‪4‬‬

‫() (‪.)12/270‬‬ ‫‪5‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ورف عَ أصواتكم‪ ،‬وخصوماتكم‪ ،‬وجمّروها في الجمع‪ ،‬واجعلوا على أبوابها‬
‫المطاهر»( ) ا‪.‬هم من «حاش ية الجمل»‪ ،‬وقر يب م نه ما في ا بن ماجه( )‪،‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫وكون مالك يوجمد له قول بجواز رفمع الصموات فمي المسماجد فمي حيمز‬
‫المنع؛ لنه ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬من أشدّ الناس اتباعا للسّنّة المصطفوية‪.‬‬
‫إذا تقرر لديك ما تقدم‪ ،‬فلم يب قَ لمجوّز رفع الصوات في المساجد‪،‬‬
‫إل قول بعض المتأخّرين‪ ،‬العاري عن المستند؛ لكونه خلفَ السّنّة‪.‬‬
‫وأ ما ا ستنادهم في ر فع ال صوات خلف الجنائز‪ ،‬فأ مر ُمحْدَث ينا في‬
‫‪ ،‬و في زممن‬ ‫السّمنّة ال تي يحب ها اللّه‪ ،‬وا ستمرّ عليهما الع مل فمي زم نه‬
‫السلف الصالح‪ ،‬وهو الصمت مع الجنازة( )‪ ،‬أما محبّة اللّه ‪-‬تعالى‪-‬؛ فلما‬
‫‪3‬‬

‫روي كما في «الجامع الصغير»( )‪« :‬إنّ اللّه يحب الصمت عند ثلث‪ :‬عند‬
‫‪4‬‬

‫تلوة القرآن‪ ،‬وعند الزحف‪ ،‬وعند الجنازة»( )‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫قال المناوي( )‪« :‬أي‪ :‬في المشي معها والصلة عليها‪ ،‬وقال الحنفي‪:‬‬
‫‪6‬‬

‫أي‪ :‬ممن تغسميل الميمت‪ ،‬والصمّلة عليمه‪ ،‬والمشمي أماممه إلى أن يأتمي بمه‬
‫للسمنّة» ا‪.‬همم‬
‫القمبر‪ ،‬فقراءة القصمائد‪ ،‬والقرآن أمام الجنازة بدعمة مخالفمة ّ‬
‫محل الحاجة‪.‬‬
‫وأمما اسمتمرار السمّلف عليهما‪ ،‬فلنكار سميدنا عبداللّه بمن مسمعود‬
‫‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬على من رفع صوته‪ ،‬بقوله‪« :‬استغفروا لخيكم»‪ ،‬فقال‬
‫() مضى تخريجه في التعليق على (ص ‪.)135‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مضى تخريجه في التعليق على (ص ‪.)136‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)17‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬مع «الفيض»)‪.‬‬ ‫() (‪ 1/75‬أو ‪ 1/288‬رقم ‪1868‬‬ ‫‪4‬‬

‫() مضى تخريجه مسهبا ً في التعليق على (ص ‪.)12‬‬ ‫‪5‬‬

‫رقم ‪.)1868‬‬ ‫() في «فيض القدير» (‪1/288‬‬ ‫‪6‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫له سميدنا عبداللّه‪« :‬ل غفمر اللّه لك»( )‪ ،‬ومما قال له ذلك؛ إل لكونمه أحدث‬
‫‪1‬‬

‫‪ ،‬وعليه فنقول‪ :‬رفع الصوات خلف‬ ‫حدثا في الدّين‪ ،‬لم يكن في زمنه‬
‫‪ ،‬وكلّ ما‬ ‫الجنائز ل يحبّه اللّه‪ ،‬ول هو من العمل الذي كان عليه النبي‬
‫ْعم الصموات خلف الجنائز رَدّ على‬
‫كان كذلك فهمو ردّ على صماحبه‪َ ،‬ف َرف ُ‬
‫لنصم الحديمث المحكمم‪ ،‬قال مالك ‪-‬رحممه اللّه تعالى‪« :-‬وممن‬
‫ّ‬ ‫صماحبه؛‬
‫أحدث في هذه المة شيئا‪ ،‬لم يكن عليه سلفها‪ ،‬فقد زعم أنّ رسول اللّه‬
‫خان الدّ ين؛ لنّ اللّه يقول‪{ :‬الْ َيوْ مَ َأ ْك َملْ تُ َل ُك مْ دِي َن ُك مْ} [المائدة‪ ،]3 :‬ف ما لم‬
‫يكن يومئذ دينا ل يكون اليوم دينا»( )‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال سميدنا حذيفمة بمن اليمان( ) ‪-‬رضمي اللّه عنمه‪« :-‬كلّ عبادة لم‬
‫‪3‬‬

‫فإنم الولَ لم يدع للخمر‬


‫فل تتعبدوهما‪ّ ،‬‬ ‫يتعبّدهما أصمحابُ رسمول اللّه‬
‫مقالً‪ ،‬فاتّقوا اللّه يا مع شر ال ُقرّاء‪ ،‬وخذوا بطر يق مَن كان قبل كم( )» ونحوه‬
‫‪4‬‬

‫لبن مسعود ‪-‬رضي اللّه عنه‪ ) (-‬ا‪.‬هم‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫والشمر كله فمي ابتداع ممن خلف‬ ‫والخيمر كله فمي اتباع ممن سملف‬
‫إلى أ نه تعظ يم له‬ ‫وأ ما ا ستنادهم في القيام ع ند ذ كر ولد ته‬
‫‪ ،‬وينت ظم من كلم هم قياس من الشّ كل‬ ‫تار كه يك فر ل ستخفافه بمقا مه‬
‫تعظ يم له‪ ،‬و كل ما كان‬ ‫الول‪ ،‬و صورته هكذا‪ :‬القيام ع ند ذ كر ولد ته‬

‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ذكره الشاطسسسبي فسسسي «العتصسسسام» (‪ 1/62‬و‪- 2/368‬‬ ‫‪2‬‬

‫بتحقيقي)‪ ،‬وصاحب «تهذيب الفروق» (‪ ،)4/225‬وهو في «المام‬


‫مالك مفسراً» (ص ‪.)168‬‬
‫() في الصل‪« :‬اليماني»!‬ ‫‪3‬‬

‫() تقدم تخريجه في التعليق على (ص ‪.)59‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ورد عنسسسسه بألفاظ عديدة‪ ،‬انظرهسسسسا مسسسسع تخريجهسسسسا فسسسسي‬ ‫‪5‬‬

‫«العتصام» (‪ - 127 ،126 ،1/125‬بتحقيقي)‪.‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫تعظيما له فهمو واجمب‪ ،‬يعدّ تاركمه مسمتخفّا؛ فيكفمر‪ ،‬فتكون النتيجةُ ‪-‬بعمد‬
‫القيامم عنمد ذِكْمر ولدتمه واجمب‪ ،‬يكفمر تارك ُه‬
‫َ‬ ‫حذف الحمد الوسمط‪:-‬‬
‫للستخفاف!!‬
‫أقول ‪-‬ومن اللّه تعالى أطلب الحول والقوة‪:-‬‬
‫إنّ ا ستنادهم با طل؛ لم نع المقدّمت ين‪ :‬أ ما م نع ال كبرى؛ فظا هر؛ لعدم‬
‫لزوم ال ستخفاف لعدم القيام‪ ،‬لحتمال أنّ من ترك القيا مَ تر كه ك سلً‪ ،‬مع‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬أو أنّه تر كه جاهلً‪ ،‬بكو نه تعظيما له‬ ‫اعتقاد احترا مه‪ ،‬وتعظي مه‬
‫عمن ذلك‪،‬‬ ‫أو أنمه تركمه لعتقاده التّعظيمم فمي عدم القيام‪ ،‬امتثالً لنهيمه‬
‫؛‬ ‫واتّباعا للسملف الصمالح‪ ،‬الذيمن كانوا ل يقومون له ممع محبّتهمم له‬
‫لكون هم يعلمون كراهي ته لذلك؛ ل نه من شعار غ ير الم سلمين‪ .‬وأمّ ا م نع‬
‫الصغرى فهو أظهر من منع الكبرى؛ لنّ القيام لم يكن مشروعا للتّعظيم‪،‬‬
‫ولم يشرع إل في القيام لل صّلة‪ ،‬ومن المعلوم عند العلماء‪ :‬أنّ تعظي مَ النّبيّ‬
‫قربةٌ إلى اللّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬ول يتقرّب إليه ‪-‬تعالى‪ -‬إل بما شرعه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قال العلّممة الحفار كمما فمي (نوازل الحباس) ممن «المعيار»‬
‫ل يعظم إل بالوجه الذي شرع‬ ‫للعلمة الونشريسي ما ن صّه‪« :‬إنّ النّبي‬
‫به تعظيمه‪ ،‬وتعظيمه من أعظم ال ُقرَب إلى اللّه ‪-‬تعالى‪ ،-‬لكن يتقرّب إلى‬
‫عن القيام له‪ ،‬وبيّ ن عّلةَ‬ ‫اللّه‪ -‬سبحانه‪ -‬ب ما شر عه‪ ،‬و قد ورد النّه يُ م نه‬
‫يكره التّشبمه‬ ‫النّهمي؛ لكونمه ‪-‬أي‪ :‬القيام‪ -‬م ِن زي ّ العاجمم( )‪ ،‬وكان‬
‫‪2‬‬

‫()«المعيار المعرب» (‪.)7/100‬‬ ‫‪1‬‬

‫() يشهد لهذا ما أخرجه مسلم في «صحيحه» (رقم ‪ )413‬بسنده‬ ‫‪2‬‬

‫إلى جابر‪ ،‬قال‪« :‬اشتكسى رسسول اللّه ‪ ،‬فصسلينا وراءَه‪ ،‬وهسو قاعسد‪،‬‬
‫س تكبيَره‪ ،‬فالتفت إلينا‪ ،‬فرآنا قياماً‪ ،‬فأشار إلينا‬‫معُ النا َ‬
‫وأبو بكر ي ُس ِ‬
‫َ‬
‫ن كدتسم لتفعلون‬ ‫فقعدنسا‪ ،‬فصسل ّينا بصسلته قُعوداً‪ ،‬فلمسا سسلّم‪ ،‬قال‪ :‬إ ْس‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ب هم( )؛ كحلق اللّ حا‪ ،‬وإعفاء الشّوارب( )‪ ،‬و في «الشفاء»( ) وغيره عن أ بي‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫متوكّئا على‬ ‫أماممة ‪-‬رضمي اللّه عنمه‪ ،-‬قال‪ :‬خرج علينما رسمولُ اللّه‬
‫عصما‪ ،‬فقُمنما له‪ ،‬فقال‪« :‬ل تقوموا كمما تقوم العاجمم‪ ،‬يعظّمم بعضُهمم‬
‫بعضا»( ) ا‪.‬هم‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ومعنمى مما فمي «الترمذي»‪ :‬كانوا يحبّون القيام له ول يقومون؛ لمما‬

‫ل فارس والُّروم‪ ،‬يقومون على ملوكهسسم‪ ،‬وهسسم قعود‪ ،‬فل تفعلوا‪،‬‬ ‫فِعْ َ‬
‫َ‬
‫متكسسسم‪ ،‬إن صسسسل ّى قائماً‪ ،‬فصسسسلوا قياماً‪ ،‬وإن صسسسلى قاعداً‪،‬‬
‫موا بأئ َّ‬‫ائت ُّ‬
‫فصلوا قعوداً»‪.‬‬
‫وفي رواية عند ابن خزيمة (‪ ،)1615‬وابن حبان (‪« :)2112‬ل‬
‫تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائهم»‪ .‬وانظر في توجيه الحديث‬
‫على منسسع القيام فسسي‪« :‬مجموع فتاوى ابسسن تيميسسة» (‪،)95-27/93‬‬
‫«الداب الشرعية» (‪.)433-1/432‬‬
‫() قال ابسن القيسم فسي كتابسه القيسم «الفروسسية» (ص ‪- 122‬‬ ‫‪1‬‬

‫بتحقيقسي)‪« :‬جاءت الشريعسة بالمنسع فسي التّشبسه بالكفار والحيوانات‪،‬‬


‫صل فسسي ذلك‪،‬‬‫والشياطيسسن‪ ،‬والنسسساء‪ ،‬والعراب‪ ،‬وكسسل ناقسسص»‪ ،‬وف ّ سَ‬
‫فانظر كلمه‪ ،‬فإنه مهم غاية‪.‬‬
‫وللعلماء مصسنّفات كثيرة فسي حرمسة التشبسه بالمشركيسن‪ ،‬مسن‬
‫أهمهسسسا على الطلق «اقتضاء الصسسسراط المسسسستقيم» لبسسسن تيميسسسة‪،‬‬
‫و«حسسن التنب ّسه لمسا ورد فسي التشب ّسه» لمحمسد بسن محمسد الغزي‪ ،‬وهسو‬
‫مسستوعب ومهسم‪ ،‬و«اليضاح والتسبيين» للشيسخ حمود التبو يجري‪ ،‬وهسو‬
‫مهم في المور العصرية الشائعة‪ ،‬و«التشبيه المنهي عنه في الفقه‬
‫السلمي» لجميل اللويحق‪.‬‬
‫() أخرج مسسلم (رقسم ‪ )259‬بسسنده إلى ابسن عمسر‪ ،‬قال‪ :‬قال‬ ‫‪2‬‬

‫رسسسسسسسول اللّه ‪« :‬خالِفُوا المشركيسسسسسسن‪ ،‬أَحفُوا الشوارب‪ ،‬وأوفوا‬


‫حى»‪.‬‬ ‫الل ِّ َ‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يعلمون ممن كراهيتمه لذلك( )‪ ،‬ويلزم أصمحاب هذا القول ‪-‬على مقتضمى‬
‫‪1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫نتيجت هم‪ :-‬تكف ير جم يع ال صّحابة‪ ،‬الذ ين في مقدمت هم أ بو ب كر ال صّدّيق‬
‫‪-‬رضمي اللّه عنهمم‪ ،-‬لنهمم كانوا ل يقومون له‪ ،‬فيعدّون مسمتخفّين بحقّهم‬
‫‪ ،‬ول مسملم يقول بذلك‪ ،‬بمل إذا حقّقنما النّظرَ‪ ،‬واسمتعملنا الفكرَ‪ ،‬وأمعنما‬
‫بعين البصيرة والبصر‪ ،‬وجدنا معارضة قياسهم بقياس نتيجته تنطبق عليهم‬
‫ل يس تعظيما له؛ لكو نه يكر هه‪،‬‬ ‫تمام النطباق‪ ،‬و صورته‪ :‬القيا مُ لل نبي‬

‫وأخرج ‪-‬أيضاً‪( -‬رقسسم ‪ )260‬بسسسنده إلى أبسسي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬قال‬


‫حى‪ ،‬خالفوا المجوس»‪.‬‬ ‫ب‪ ،‬وأْرخوا الل ِّ َ‬ ‫جُّزوا ال َّ‬
‫شوارِ َ‬ ‫رسول اللّه ‪ُ « :‬‬
‫() «ال ّ‬
‫شفاء» للقاضي عياض (‪.)131-1/130‬‬ ‫‪3‬‬

‫(فائدة)‪ :‬كتاب «الشفسسا» مسسن أكثسسر الكتسسب اشتهاراً‪ ،‬ونسسسخ ُ‬


‫ه‬
‫الخطيسسة أكثرهسسا انتشاراً‪ ،‬وهسسو كتاب مليسسح غايسسة‪ ،‬لول مسسا شابسسه مسسن‬
‫أحاديسث واهيسة‪ ،‬وقسد نب ّسه العلماء على هذا الضعسف فسي الكتاب‪ ،‬قال‬
‫الذهبي في ترجمة القاضي عياض في «السير» (‪:)20/216‬‬
‫ُ‬
‫شفسا»‪ ،‬لول مسا قسد‬ ‫ة‪ ،‬وأجل ّسها وأشرفُسها كتاب «ال ّ ِ‬ ‫ه نفيسس ٌ‬
‫«قلت‪ :‬تواليفُس ُ‬
‫ن الحديسث ول‬ ‫مل إمامس ٍ ل نَقْد َ له فسي ف ِ ّس‬‫حشاه ُس بالحاديسث المفتعلة‪ ،‬ع َس َ‬
‫ل‪،‬‬‫حسسن قصسده‪ ،‬وينفع ُس بسس«شفائه»‪ ،‬وقسد فَعَ َ‬ ‫ه يثيبسه على ُ‬ ‫ذوق‪ ،‬والل ّس ُ‬
‫وكذا فيسسه مسسن التأويلت البعيدةِ ألوان‪ ،‬ونبي ّسسُنا ‪-‬صسسلوات اللّه عليسسه‬
‫يّس بمدحةِ التنزيسل عسن الحاديسث‪ ،‬وبمسا تواتسر مسن الخبار‬ ‫وسسلمه‪ -‬غن ٌ‬
‫عسن الحاد‪ ،‬وبالحاد النَّظيفسة السسانيد عسن الواهيات؛ فلماذا يسا قوم‬
‫ل والحسسد‪ ،‬ولكسن‬ ‫نتشب َّسعُ بالموضوعيات؟! فيتطرق إلينسا مقال ذوي الغِ ّ‬
‫من ل يعلم معذوٌر؛ فعليسك يسا أخسي بكتاب «دلئل النّبوّة» للبيهقسي‪،‬‬ ‫َس‬
‫فإنسسسسسسسسسسه شفاءٌ لمسسسسسسسسسسا فسسسسسسسسسسي الصسسسسسسسسسسدور‪ ،‬وهدى ونور»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويظهسسر لك صسسحة مسسا قاله الذهسسبي عنسسد النظسسر فسسي تخريسسج‬
‫صفا فسسي تخريسسج أحاديسسث‬ ‫السسسيوطي لهذا الكتاب‪ ،‬وهسسو «مناهسسل ال ّ سَ‬
‫شفا»‪ ،‬وقد أورد «مؤلفه ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬تحت تأثير عاطفته الجياشة‬ ‫ال ّ ِ‬
‫بعسض الحاديسث الضعيفسة‪ ،‬ونقسل بعسض القوال الواهيسة فسي التفسسير‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫( )‪ ،‬فيك فر‪ .‬النتي جة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫وكلّ ما ل يس تعظيما له‪ ،‬يعدّ فاعله م ستخفّا بالنّ بيّ‬
‫‪ .‬قال العلممة‬ ‫يعدّ فاعلُه مسمتخفا بمه؛ لكونمه يكرهمه‬ ‫القيام إلى النّبميّ‬
‫الصموفي(!!) الشيمخ محمود محممد خطاب السمبكي( ) فمي كتابمه «المقامات‬
‫‪2‬‬

‫العلية في النشأة الفخيمة النبوية» في (صفحة ثلثة وأربعين)‪« :‬ولْيعلم أنّ‬


‫بدعمة‪ ،‬وقمد قال السميّد المختار‪« :‬وإياكمم‬ ‫القيام عنمد ذكمر ولدة النمبي‬
‫ومحدثات المور‪ ،‬فإنّ كلّ محدثمة بدعمة‪ ،‬وكلّ بدعمة ضللة‪ ،‬وكلّ ضللة‬
‫ت شيئا ً مسسن ذلك فسسي كتابسسي «مسسن قصسسص‬ ‫ليسسستدل بهسسا»‪ ،‬وقسسد بيَّن ُس‬
‫الماضين» (ص ‪ ،)429‬وقد قام الستاذ أحمد جمال العمري بدراسة‬
‫هذا الكتاب‪ ،‬ونبه على أشياء وقعت للقاضي فيه في كتابه المطبوع‬
‫بعنوان «السسسيرة النبويسسة فسسي مفهوم القاضسسي عياض»‪ ،‬انظسسر منسسه‬
‫‪-‬على سسسبيل المثال‪( -‬ص ‪ 535‬ومسسا بعسسد)‪ ،‬وانظسسر‪« :‬مصسسادر السسسنة‬
‫النبوية وتقويمها» (‪« ،)104‬كتب حذر منها العلماء» (‪.)219-2/218‬‬
‫() أخرجسسه ابسسن أبسسي شيبسسة (‪ ،)5/235‬وأحمسسد (‪،5/253‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،)256‬وأبو داود (‪ ،)5230‬وابن ماجه (‪ ،)3836‬والروياني في‬


‫«مسسسسنده» (‪ 313-2/312‬رقسسسم ‪ ،)1271‬وتمام فسسسي «فوائده» (‬
‫‪ 3/411‬رقسم ‪ - 1186‬الروض البسسام)‪ ،‬والطسبراني فسي «الكسبير» (‬
‫‪ 279-8/278‬رقسسسسم ‪ ،)8072‬و«الدعاء» (‪ 3/1473‬رقسسسسم ‪- 1442‬‬
‫مختصسسسسسراً)‪ ،‬والرامهرمزي فسسسسسي «المحدث الفاصسسسسسل» (ص ‪،)64‬‬
‫والخرائطسسي فسسي «مسسساوئ الخلق» (ص ‪ 378-377‬رقسسم ‪،851‬‬
‫‪ ،)852‬والسسسسمعاني فسسسي «أدب الملء والسسستملء» (ص ‪،)35-34‬‬
‫وابسسسن حبان فسسسي «المجروحيسسسن» (‪ ،)160-3/159‬والطسسسبري فسسسي‬
‫«تهذيسسب الثار» (‪ 284 ،283-1/282‬رقسسم ‪،)2597 ،2596 ،2594‬‬
‫والبيهقسسي فسسي «المدخسسل» (ص ‪ 402‬رقسسم ‪ ،)719‬و«الشعسسب» (‬
‫‪ 6/469‬رقسسسم ‪ ،)8937‬والقاضسسسي عياض فسسسي «الشفسسسا» (‪-1/130‬‬
‫‪ ،)131‬والمزي فسسسي «تهذيسسسب الكمال» (‪ ،)167-1/166‬وإسسسسناده‬
‫ضعيف‪ ،‬فيه اضطراب شديد‪ ،‬وفي طرقه بعض الرواة متكلم فيهم‪،‬‬
‫وبعضهسم مجهول‪ ،‬كأبسسي العَدَب ّسَس‪ ،‬وبسسه أعله العراقسسي فسسي «تخريسسج‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫في النار»( )؛ أي‪ :‬فاعلها يعذّب لجلها في النار‪ ،‬وقد قال اللّه ‪-‬عز وجل‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫ْهم فَا ْن َتهُوا}‬


‫عن ُ‬‫ُمم َ‬
‫ُوهم وَمَا َنهَاك ْ‬
‫ُمم الرّسمُولُ َفخُذ ُ‬
‫فمي كتابمه الحكيمم‪{ :‬وَمَا آتَاك ُ‬
‫[الحشر‪َ { ،]7 :‬فلْ َيحْ َذرِ الّذِي نَ ُيخَاِلفُو نَ عَ نْ َأ ْمرِ هِ أَن تُ صِي َبهُمْ فِتْ َنةٌ أَوْ يُ صِي َبهُمْ‬
‫عَذَا بٌ َألِي مٌ} [النور‪ ،]63 :‬ول و جه ل من قال بتح سينها‪ ،‬فإ نه ل يس من أ هل‬
‫التّح سين‪ ،‬و عن النّ ص ال صّريح قد سها‪ ،‬وتعليله بأنّ ف يه تعظيما‪ ،‬وإظهار‬
‫السرور بسيّد النبيين‪ ،‬تعليلٌ مردود بالبداهة‪ ،‬وليس من المشرّعين‪ ،‬بل من‬
‫أحاديسث الحياء» (‪ ،)2/188‬وضعّسفه الطسبري‪ ،‬وأقره ابسن حجسر فسي‬
‫«الفتسسح» (‪ ،)11/50‬فل تغتّر بتحسسسين المنذري فسسي «الترغيسسب» (‬
‫‪ )270-3/269‬له‪ .‬وانظسسر‪« :‬السسسلسلة الضعيفسسة» (‪« ،)346‬تحفسسة‬
‫الشراف» (‪ ،)4/183‬وانظسر فسي توجيسه الحديسث على المسسألة فسي‪:‬‬
‫«المدخل» (‪ ،)194-1/192‬ففيه كلم قوي نفيس‪.‬‬
‫() أخرجسسه أحمسسد (‪،)251-250 ،151 ،134 ،3/132‬‬ ‫‪1‬‬

‫وابن أبي شيبة (‪ ،)5/235‬والترمذي (‪ ،)2754‬وفي «الشمائل»‬


‫(رقم ‪ ،)337‬والبخاري في «الدب المفرد» (رقم ‪ ،)946‬والطحاوي‬
‫فسسي «المشكسسل» (‪ 156-3/155‬رقسسم ‪ ،)1126‬وأبسسو يعلى (‪-6/417‬‬
‫‪ 418‬رقسسم ‪ ،)3784‬والطسسبري فسسي «تهذيسسب الثار» (‪ 1/283‬رقسسم‬
‫رقسسم‬ ‫‪ ،)2595‬وأبسسو الشيسسخ فسسي «أخلق النسسبي‪« )1/361-362‬‬
‫‪ ،)126 ،125‬والبغوي فسي «شرح السسنة» (‪ 12/294‬رقسم ‪،)3329‬‬
‫والبيهقسي فسي «الشعسب» (‪ 6/469‬رقسم ‪ ،)8936‬و«المدخسل» (ص‬
‫‪ 402‬رقم ‪ ،)718‬والخطيب في «الجامع» (‪ 1/279‬رقم ‪ )307‬من‬
‫حديث أنس‪ ،‬وإسناده صحيح على شرط مسلم‪ ،‬قاله ابن القيم في‬
‫«تهذيسسب السسسنن» (‪ ،)8/82‬وصسسححه النووي فسسي «الترخيسسص فسسي‬
‫الكرام» (‪ ،)61‬والعراقسسي فسسي «تخريسسج أحاديسسث الحياء» (‪- 7/26‬‬
‫التحاف)‪.‬‬
‫وانظسر فسي توجيسه الحديسث على حرمسة الكراهسة‪« :‬المدخسل» (‬
‫‪« ،)1/184‬جمسع الوسسائل» (ص ‪ ،)180‬و«السسلسلة الصسحيحة» (‬
‫‪.)699-1/698‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫متأخّري المقلّدين‪ ،‬ومن المعلوم بالضّرورة أنّ الحكام ل تثبت إل بالشّرع‬
‫الوارد عن رب العالمين‪ ،‬ولو تأمّل ذلك المعلّل لعرف أنّ تعظي مَ النبي‬
‫والسمّرور بمه‪ ،‬ورضما القوي المتيمن إنمما همو بالقلوب‪ ،‬والعمال الظاهرة‬
‫المشروعة علمة على ذلك‪ »...‬انظر تمام كلمه‪ ،‬وانظر ‪-‬أيضا‪« -‬صفاء‬
‫المورد ممن عدم القيام عنمد سمماع المولد» للعلممة سميدي محممد الحَجْوي‬

‫() خسص أبسا بكسر ‪-‬رضسي اللّه عنسه‪ ،-‬لمسا فسي «المدخسل» لبسن‬ ‫‪2‬‬

‫الحاج (‪« :)1/187‬كان رسول اللّه قبل الهجرة يغشانا في كل يوم‬


‫ة‪ ،‬فجاء يوما ً فسي وسسط القائلة وأبسو بكسر قاعسد‬
‫مرتيسن غدوة ً وعشي ً‬
‫على السرير‪ ،‬فقال‪ :‬ما جاء بسه في هذا الوقست إل أمسر حدث‪ ،‬فدخل‬
‫سع له في السرير حتى جلس‬ ‫النبي ‪ ،‬وأبي قاعد على السرير‪ ،‬فو ُ َّ‬
‫معسه عليسه‪ ،‬ثسم أخسبره النسبي أنسه أمسر بالهجرة‪ ،‬فقال‪ :‬الصسحبة يسا‬
‫رسول اللّه! قال‪ :‬الصحبة»‪.‬‬
‫وأصسل الخسبر فسي «صسحيح البخاري» (‪ ،)3495‬و«مصسنف عبببد‬
‫الرزاق» (‪ )9743‬دون الشاهسسد‪ .‬وفسسي «تاريسسخ ابسسن جريسسر» (‪-1/569‬‬
‫خر أبسو بكسر عسن‬
‫‪ - 570‬ط‪ .‬دار الكتسب العلميسة)‪« :‬فلمسا دخسل تأ ّس‬
‫سريره‪ ،‬فجلس رسول اللّه ‪ ،‬ولم يذكر فيه قياماً»‪.‬‬
‫وهسو كذلك مختصسرا ً فسي «طبقات ابسن سسعد» (‪،)173-3/172‬‬
‫و«تاريسخ ابسن عسساكر» (‪ - 78-30/77‬ط‪ .‬دار الفكسر)‪ ،‬وبنحوه فسي‬
‫«سسسيرة ابسسن إسسسحاق» كمسسا فسسي «السسسيرة» لبسسن كثيسسر (‪،)2/233‬‬
‫و«سيرة ابن هشام» (‪ - 98-2/97‬ط‪ .‬دار الخير)‪.‬‬
‫قال ابسن الحاج‪ « :‬فانظسر ‪-‬رحمنسا اللّه تعالى وإياك‪ -‬كيسف دخسل‬
‫سع له‪ ،‬ولم يقسسسسم‪ ،‬وكان أكثسسسسر الناس براً‪ ،‬وكرماً‪،‬‬
‫النسسسسبي ‪ ،‬فوُسسسس ّ‬
‫واحتراماً‪ ،‬وتعظيماً‪ ،‬وترفيعاً‪ ،‬وتوقيرا ً للنبي »‪.‬‬
‫() المقدمة غير صحيحة‪ ،‬إذ يعتقد القائم أنه معظ ِّم‪ ،‬بناء على‬ ‫‪1‬‬

‫أعراف مارسسسسها‪ ،‬وتواطسسسأ الناس عليهسسسا‪ ،‬وإسسسسقاط الصسسسطلحات‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الثّعالبمي( ) مدرّس التّفسمير والحديمث بجاممع القروييمن بفاس‪ ،‬و «مسمامرة‬
‫‪1‬‬

‫العلم‪ ،‬وتنبيه العوام‪ ،‬بكراهة القيام لذكر مولد خير النام» لسيدي محمد‬
‫العابد( ) مفتي فاس‪ ،‬وخطيب الحرم( ) الدريسي‪ ،‬فإنّهما سفّها في كتابيهما‪،‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحلم مدّعي طلب القيام عند ذِكر مولد إمام كل إمام‪ ،‬عليه أفضل ال صّلة‬
‫والسّلم‪.‬‬
‫وأ ما ا ستنادهم في القيام لبعض هم بعضا إلى آثار‪ ،‬لم ترد في القيام‪،‬‬

‫والعادات على النصسوص مسن الخطاء المنهجيسة عنسد المتأخريسن‪ ،‬وقسد‬


‫كشسف ابسن تيميسة ذلك فسي مسسائل مهمسة وكثيرة‪ ،‬حقهسا الفراد‪ ،‬مسع‬
‫إلحاق ما طرأ بعده بها‪ ،‬واللّه الموفق‪.‬‬
‫ولذا من سمات الموفقين‪ :‬مراعاة حال المخاطبين‪ ،‬وألفاظهم‬
‫واصسطلحاتهم‪ ،‬ولذا وقعست ‪-‬أخيراً‪ -‬شنشنسة حول هذا الصسل‪ ،‬يحتاج‬
‫إلى تأصسسيل‪ ،‬وإن كانسست ثمرتسسه ‪-‬فسسي تطسسبيقات فقسسه جميسسع الئمسسة‬
‫الفقهاء‪ -‬موجودة مشهورة‪ ،‬مسسسسع عدم العنايسسسسة بالصسسسسحة‪ ،‬كسسسسسائر‬
‫الحاديسث المرفوعسة‪ ،‬فضل ً عسن عدم جمسع الثار السسلفية على وجسه‬
‫يسسسعف بالحكسسم عليهسسا‪ ،‬إذ المشكلة قائمسسة فيهسسا بالجمسسع‪ ،‬يسسسر اللّه‬
‫المشاركة في ذلك على وجه ينفع صاحب هذه السطور يوم الدين‪.‬‬
‫وأخيراً‪ ،‬يبقسى بعسد هذا‪ :‬قوله‪« :‬مسا ليسس تعظيما ً له‪ ،‬يعسد فاعله‬
‫مل! والتعظيسم ينبغسي أن يكون شرعيّاً‪،‬‬ ‫مسستخفاً»‪ ،‬ليسس بصسحيح‪ ،‬فتأ ّس‬
‫ي العصسر المعل ّسمي اليمانسي فسي‬ ‫ل عاطفيّاً‪ ،‬وقسد نب ّسه على هذا‪ :‬ذهسب ُّ‬
‫مسألة مصير أبويه ‪.‬‬
‫() مضت ترجمته‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫جوي الثعالبسي‪ ،‬مسن رجال العلم‬ ‫ح ْ‬


‫() هسو محمسد بسن الحسسن ال َ‬ ‫‪1‬‬

‫حكم‪ ،‬من المالكية السلفية في المغرب‪ ،‬له كتب مطبوعة‪ ،‬أجل ّها‬ ‫وال ُ‬
‫«الفكر السامي في تاريخ الفقه السلمي»‪ ،‬توفي سنة (‪1376‬هس‬
‫‪1956 -‬م)‪ ،‬له ترجمسسسة بقلمسسسه فسسسي آخسسسر «الفكسسسر السسسسامي» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫للتعظيم‪ ،‬وإنما ورد لمعان أخر غير التّعظيم‪ ،‬بيّنها العلماءُ العلم( )‪ ،‬راجع‬
‫‪1‬‬

‫«مد خل ا بن الحاج»( ) وغيره‪ ،‬وأع ظم أ ثر عند هم ي ستندون إل يه‪ ،‬وتله جُ‬


‫‪2‬‬

‫في حق سيّدنا سعد بن معاذ ‪-‬رضي‬ ‫‪-‬حتى العامة‪ -‬بذكره هو‪ :‬قوله‬
‫اللّه ع نه‪ -‬ح يث قدم راكبا‪ ،‬وكان مجروحا في أكحله‪« :‬قوموا ل سيّدكم»( )‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫مي ذلك؛ لحتمال قوله ‪« :‬قوموا لسميدكم‪ ،‬فأنزلوه» أو‬


‫جةَ لهمم فم‬
‫ول ح ّ‬
‫قوموا له تعظيما‪ ،‬بق طع النّظر عن نهيه عن القيام للتّعظ يم‪ ،‬والدّل يل ‪-‬عند‬
‫‪« ،)210-4/199‬تراجسسم سسستة مسسن فقهاء العالم السسسلمي فسسي‬
‫القرن الرابع عشر وآثارهم الفقهية» (ص ‪« ،)215-137‬العلم»‬
‫(‪« ،)6/96‬معلمسسسة الفقسسسه المالكسسسي» (‪ ،)166‬وكتاب «صسسسفاء‬
‫الموْرد» هسو أول مسا ط ُسبع مسن تواليفسه‪ ،‬سسنة ‪1337‬هسس بفاس‪ ،‬وأول‬
‫كتاب ظهسر مسن نوعسه بالمغرب على عهسد النهضسة الخيرة‪ ،‬عسن فكسر‬
‫ث بأقوال تعتمد‬
‫استقللي سلفي‪ ،‬مستند للكتاب والسنة‪ ،‬غير مكتر ٍ‬
‫على الخيال‪.‬‬
‫ولمحمسد حسسين إبراهيسم «نقسض كتاب الفكسر السسامي»‪ ،‬منسه‬
‫نسسخة بخسط المؤلف فسي المكتبسة المركزيسة بجدة [‪ ]2964‬فسي (‬
‫‪ )15‬ورقة‪.‬‬
‫سودَة المّرِي‪،‬‬
‫() هسو محمسد العابسد بسن أحمسد بسن الطالب ابسن ُس‬ ‫‪2‬‬

‫مؤرخ‪ ،‬فقيسسه‪ ،‬مسسن علماء فاس‪ ،‬له كتسسب مطبوعسسة‪ ،‬منهسسا المذكور‪،‬‬
‫ومنهسسسا‪« :‬إزالة اللبسسسس والشبهات على ثبوت الشرف مسسسن قبسسسل‬
‫المهات»‪ ،‬و«الرد على وديسسسع كرم»‪ ،‬توفسسسي فسسسي شبابسسسه سسسسنة (‬
‫‪1359‬هسس ‪1940 -‬م)‪= =،‬ترجمتسه فسي «دليسل مؤرخ المغرب» (‬
‫‪ )72-71 ،1/35‬لحفيده‪« ،‬العلم» (‪« ،)6/180‬إتحاف‬
‫المطالع» (‪ ،)1/350‬وفيه‪« :‬العالم المشارك‪ ،‬النجيب النابغة»‪.‬‬
‫() إنمسسا الحرم بمكسسة والمدينسسة خاصسسة‪ ،‬وفسسي وادي وج الذي‬ ‫‪3‬‬

‫بالطائف نزاع بيسسن العلماء‪ ،‬ول يسسسمى ل جامسسع الدريسسسي ول غيره‬


‫حرماً‪ ،‬ومنسسه تعلم خطسأ الخطباء الذيسن يقولون عسسن (بيست القدس)‪:‬‬
‫(ثالث الحرميسن الشريفيسن)‪ .‬انظسر‪« :‬اقتضاء الصسراط المسستقيم» (‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫حجّتهمم‬
‫العلماء‪ -‬إذا طرقمه الحتمال سمقط بمه ال ستدلل( )‪ ،‬وأيضا تنقطمع ُ‬
‫‪1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫بالمرة بالحديث الحسن المصرّح فيه بالنزال‪ ،‬هو‪ :‬ما في «فتح الباري»‬
‫أن ما رواه أح مد من حد يث عائ شة‪« :‬قوموا إلى سيّدكم‪ ،‬فأنزلوه»( ) ب سند‬
‫‪3‬‬

‫(‪)4‬‬
‫ح سن‪ .‬قالوا‪ :‬وعل يه لم ي بق وج هٌ على الحتجاج به على القيام المتعارف‬
‫ا‪.‬هم‪.‬‬

‫‪« ،)434‬فتاوى ابسسن تيميسسة» (‪« ،)15-27/14‬معجسسم المناهسسي‬


‫اللفظية» (‪.)130‬‬
‫() للشيسسخ القاضسسي عسسز الديسسن عبببد الرحيببم بسسن محمسسد القاهري‬‫‪1‬‬

‫الحنفسي (ت ‪851‬هسس)‪« :‬تذكرة النام فسي النهسي عسن القيام»‪ ،‬فرغ‬


‫منسسسه سسسسنة ثلث عشرة وثمان مئة‪ ،‬كذا فسسسي «الضوء اللمسسسع» (‬
‫‪ ،)4/187‬و«كشف الظنون» (‪.)1/385‬‬
‫وللحافسظ أبسي موسسى الصسفهاني جزء صسنّفه فسي إباحسة القيام‪،‬‬
‫ذكره النووي فسي جزء فسي الموضوع نفسسه‪ ،‬اسسمه‪« :‬الترخيسص فسي‬
‫الكرام لذوي الفضسسل والمزي ّسسة مسسن أهسسل السسسلم‪ ،‬على جهسسة البر‬
‫والتوقيسسسسسسر والحترام‪ ،‬ل على الرياء والعظام» (ص ‪ ،)45‬وهسسسسسسو‬
‫مطبوع فسي بيروت بتحقيسق السستاذ كيلنسي محمسد خليفسة‪ ،‬واختصسره‬
‫سليمان بن محمد الرقوقي بس«إتحاف النام»‪ ،‬منه نسخة خطية في‬
‫دار الكتب المصرية‪ ،‬في (‪ 6‬ورقات) برقم [‪ 23133‬ب]‪ ،‬كما في‬
‫«فهارسها» (‪.)1/8‬‬
‫وقسد اعتنسى ابسن الحاج فسي «مدخله» (‪ )197-1/158‬بأدلة‬
‫النووي‪ ،‬وعمل على الرد عليهسا فقرة فقرة‪ ،‬على وجسه قوي‪ ،‬واعتنسى‬
‫بكلمهمسسا علي محفوظ فسسي «البداع»‪ ،‬ولبسسن القيسسم فسسي «الزاد» (‬
‫‪ )3/304‬كلم جيسسد على أنواع القيام‪ .‬وانظسسر‪« :‬الرد على الكاتسسب‬
‫المفتون» (ص ‪« ،)165 ،159‬الرد القوي» (‪،209 ،164‬‬
‫‪« ،)227 ،212 ،211‬المدخسل» (‪ )257 ،1/256‬لبسن الحاج‪،‬‬
‫«شفاء الصسدور فسي الرد على الجواب المشكور» (‪ )29‬لمحمسد بسن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫م شرعا‪ ،‬خصموصا للعلماء‬
‫م للتّعظيمم مطلوب ٌ‬
‫ومدّعمي أنّم القيام َ‬
‫والوالد ين‪ ،‬ومَن تُرجَى بركته محجوج بالحد يث ال صحيح‪ ،‬الذي رواه منل‬
‫علي القاري( )‪ ،‬ونصّه‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫كان ينهاهمم عمن قيام بعضهمم لبعمض بقوله‪« :‬ل تقوموا كمما يقوم‬

‫ص‬
‫عببببد اللطيبببف‪ .‬وقسسد جمسسع مسسا ورد فسسي الباب على وجسسه فيسسه تق ّسسٍ‬
‫واستيعاب‪ :‬أخونا الشيخ تلميذ المس وصديق اليوم أبو طلحة عمر‬
‫بن إبراهيم في رسالته «إحكام الكلم عن مسألةالقيام»‪ ،‬يسر اللّه‬
‫نشرها والنفع بها‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬
‫() (‪ ،)1/158-197‬وانظر الهامش السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أخرجسسسسه البخاري (‪ ،)3043‬ومسسسسسلم (‪ )1768‬فسسسسي‬ ‫‪3‬‬

‫«صحيحيهما» من حديث أبي سعيد الخدري ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬بلفظ‪:‬‬


‫«إلى سسيدكم»‪ ،‬ولفسظ‪« :‬لسسيدكم» غيسر محفوظ‪ ،‬كمسا سسيأتي ‪-‬إن‬
‫شاء اللّه تعالى‪ -‬قريباً‪.‬‬
‫قال النووي ‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬فسسي «الترخيسسص فسسي الكرام» (ص‬
‫‪« :)36-35‬هذا حديسث صسحيح متفسق على صسحته‪ ،‬أخرجسه هؤلء‬
‫الئمة العلم؛ أعني‪ :‬البخاري ومسلم وأبا داود والنسائي‪ ،‬في كتبهم‬
‫بالسانيد التي ذكرتها‪ ،‬ورويناه بأسانيد كثيرة في غير هذه الكتب» ا‪.‬‬
‫هس‪.‬‬
‫وقال‪« :‬وقسد احتسج بسه العلماءُ مسن المحدثيسن والفقهاء وغيرهسم‬
‫على القيام بهذا الحديسث‪ ،‬فممسن احتسج بسه‪ :‬أبسو داود فسي «سسننه»‪،‬‬
‫فترجسسم له‪« :‬باب مسا جاء فسسي القيام»‪ ،‬وممسسن احتسج بسه‪ :‬المام أبسو‬
‫الحسسسين مسسسلم بسسن الحجاج‪ ،‬وأبسسو نصسسر بشسسر بسسن الحارث الحافسسي‬
‫الزاهسد‪ ،‬وأبسو بكسر بسن أبسي عاصسم‪ ،‬والمام أبسو سسليمان الخطابسي‪،‬‬
‫والمامان الحافظان المجمع على تحّريهما وإتقانهما أبو بكر البيهقي‬
‫والخطيسسب البغدادي‪ ،‬وأبسسو أحمسسد البغوي‪ ،‬والحافسسظ أبسسو موسسسى‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫العا جم يع ظم بعض هم بعضا»( )‪ ،‬وبت صريح الئ مة المجتهد ين‪ ،‬و سأذكر‬
‫‪1‬‬

‫بعضهم‪ .‬ول عبرة باستحسان المتأخّر إذا خالف صريحَ الحديث الذي عمل‬
‫بمقتضاه الئمة المجتهدون‪ ،‬الذين هم عمدتُنا في الدّين‪ ،‬قال مالك ‪-‬رحمه‬
‫الناسم جلوسما‬
‫ُ‬ ‫اللّه تعالى‪ -‬فمي «العتبيمة»( )‪« :‬وبعمض هؤلء الولة يكون‬
‫‪2‬‬

‫ينتظرونمه‪ ،‬فإذا طلع عليهمم قاموا له‪ ،‬حتمى يجلس‪ ،‬فل خيرَ فمي هذا‪ ،‬ول‬
‫أحبّه‪ ،‬وليس هذا من أمر السلم» ا‪.‬هم‪.‬‬

‫ن» ا‪ .‬هس‪.‬‬‫صو َ‬ ‫الصبهاني‪ ،‬وآخرون ل يُح َ‬


‫ة القائليسسن بإباحسسة القيام المذكور‪ ،‬بسسل‬ ‫ج بسسه عا َّ‬
‫م ُ‬ ‫ت‪ :‬احت ّسس‬
‫قل ُسس‬
‫ويذكرون عسن المام مسسلم ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬صساحب «الصسحيح» ‪-‬رحمسه‬
‫اللّه‪ -‬أنه قال‪:‬‬
‫«ل أعلم فسي قيام الرجسل للرجسل حديثا ً أصسح مسن هذا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وهذا القيام على وجه البِر ل على وجه التعظيم»‪.‬‬
‫رواه عنسه البيهقسي فسي «المدخسل» (ص ‪ 398‬رقسم ‪،)708‬‬
‫والحاف ظُس الصسبهاني ‪-‬كمسا فسي «الترخيسص فسي الكرام» (ص ‪،-)36‬‬
‫والسمعاني في «أدب الملء» (ص ‪.)138‬‬
‫وبسه احتسج الخطيسب فسي «الجامسع لداب الراوي» (‪،)1/280‬‬
‫وروى فيه عن أبي نصر بشر بن الحارث‪ ،‬أنه قال‪« :‬هذا القيام على‬
‫طريق المودة‪ ،‬فأما على الطريق الكِبر فهومكروه»‪.‬‬
‫وبوّب عليسه البيهقسي فسي «الشعسب» (‪ ،)6/466‬فقال‪« :‬باب‬
‫فسسسي قيام المرء لصسسساحبه على وجسسسه الكرام والبر»‪ ،‬وبنحوه فسسسي‬
‫«الداب» (ص ‪ ،)97‬و«المدخل» (ص ‪.)397‬‬
‫وبهذا يقول الطحاوي ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬في «المشكل» (‪-3/155‬‬
‫‪ ،)156‬والسسمعاني فسي «أدب الملء» (ص ‪ ،)137‬والطسبري فسي‬
‫« تهذيسسب الثار» (‪- 1/284‬عمسسر بسسن الخطاب‪ ،)-‬والخطابسسي فسسي‬
‫«المعالم» (‪ ،)4/144‬وابسن عببد البر فسي « المجالس» (‪،)1/387‬‬
‫والبغوي فسسسسسي «شرح السسسسسسنة» (‪ )93-11/92‬و(‪،)12/295‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فمي «أحكام القرآن» للجصماص فمي (الجزء الثالث ‪/‬صمفحة خممس‬
‫وت سعين)‪ :‬وحدث نا مكرم بن أح مد بن مكرم‪ ،‬قال‪ :‬حدث نا أح مد بن عط ية‬
‫الكو في‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أ با عب يد يقول‪ُ :‬كنّ ا مع مح مد بن الح سن‪ ،‬إذ أق بل‬
‫الرّشيدُ‪ ،‬فقام الناسُ كلّهم إل محمد بن الحسن‪ ،‬فإنه لم يقم‪ ،‬وكان الحسن بن‬
‫ل القلب على محممد بمن الحسمن‪ ،‬فقام ودخمل الناس ممن أصمحاب‬
‫زياد معت ّ‬
‫الخليفة‪ ،‬فأمهل الرّشيد يسيرا‪ ،‬ثم خرج الذن‪ ،‬فقام محمد بن الحسن فجزع‬

‫وعياض في «إكمال المعلم» (‪ ،)6/105‬وابن قدامة في «مختصر‬


‫منهاج القاصسدين» (ص ‪ ،)294‬والغّزالي فسي «الحياء» (‪7/228‬‬
‫‪ -‬إتحاف)‪ ،‬والحافسظ فسي «الفتسح» (‪ )12/319‬و(‪ ،)8/467‬وابسن‬
‫بطال في «شرح البخاري» (‪ ،)9/47‬وجماعة كبيرة من أهل العلم‬
‫والمعرفة‪ ،‬كذا في «إحكام الكلم» (‪.)54‬‬
‫() تصسساغ هذه على أنهسسا قاعدة فقهي ّسة‪ ،‬ويتوسسسع فيهسسا الحنفيسسة‬
‫‪1‬‬

‫خاصسة‪ ،‬ويذكرونهسا بألفاظ‪ ،‬منهسا‪ « :‬التعارض متسى وقسع بيسن الدليليسن‪،‬‬


‫يوجسسب التسسساقط»‪ .‬انظسسر‪« :‬القواعسسد والضوابسسط المسسستخلصة مسسن‬
‫التحريسر» (‪ ،)178‬والحسسن منهسا تخصسيص التعارض بالبيّنات‪ ،‬ولذا‬
‫قالوا‪« :‬إذا تعارضست البيّنتان تسساقطتا»‪ .‬انظسر‪ « :‬العتناء فسي الفرق‬
‫والسسسسستثناء» (‪« ،)2/1076‬موسسسسسوعة القواعسسسسد الفقهيسسسسة» (‬
‫‪ ،)1/282‬ومسسن القواعسسد الفرعيسسة عسسن قاعدة (اليقيسسن ل يزول‬
‫بالشسك)‪( :‬ل حجسة مسع الحتمال الناشسئ عسن الدليسل)‪ ،‬وهذا صسحيح‬
‫اسسستصحابا ً للصسسل‪ .‬انظسسر‪ « :‬قواعسسد الخادمسسي» (‪« ،)329‬مجلة‬
‫الحكام العدلية» (مادة ‪ « ،)73‬شرح المجلة» للتاسي (‪-1/204‬‬
‫‪ « ،)209‬شرح علي حيدر» (‪« ،)1/65‬المدخسسل الفقهسسي» (رقسسم‬
‫‪ « ،)583‬القواعد الكلية والضوابط الفقهية» (‪ )157‬لشبير‪.‬‬
‫وإل فالتعارض الحقيقي في نصوص الشريعة غير موجود‪ ،‬قال‬
‫ابسسن القيسم فسسي «الزاد» (‪ « :)3/150‬وأمسا حديثان متناقضان مسن‬
‫كسل وجسه‪ ،‬ليسس أحدهمسا ناسسخا ً للخسر‪ ،‬فهذا ل يوجسد أصسلً‪ ،‬ومعاذ اللّه‬
‫أن يوجسد فسي كلم الصسادق المصسدوق‪ ،‬الذي ل يخرج مسن بيسن شفتيسه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أصحابُه له‪ ،‬فأدخل‪ ،‬فأمهل‪ ،‬ثم خرج طيب النفس مسرورا‪ ،‬قال‪ :‬قال لي‪:‬‬
‫ما لك لم ت قم مع الناس؟ قال‪ :‬كره تُ أن أخرج عن الطّب قة ال تي جعلت ني‬
‫فيها‪ ،‬إنك أهلتني للعلم‪ ،‬فكرهتُ أن أخرج إلى طبقة الخدمة‪ ،‬التي أنا خارج‬
‫قال‪ « :‬من أحبّ أن يتمثّ ل له الرجالُ قياما؛ فليتب ّوأْ‬ ‫من ها‪ ،‬وإنّ اب نَ عمّ ك‬

‫إل الحسق‪ ،‬والفسة فسي التقصسير فسي معرفسة المنقول‪ ،‬والتمييسز بيسن‬
‫صسحيحه ومعلوله‪ ،‬أو مسن القصسور فسي فهسم مراده ‪ ،‬وحمسل كلمسه‬
‫«إعلم الموقعين»(‬ ‫على غير ما عناه به»‪ .‬وانظر في تقرير هذا‬
‫‪.)2/221‬‬
‫وقرر الشافعسي بكلم رزيسن‪ ،‬أنسه لم يصسح عسن النسبي حديثان‬
‫متضادان‪ ،‬ينفسي أحدهمسا مسا يثبتسه الخسر‪ ،‬مسن غيسر جهسة الخصسوص‬
‫والعموم والجمال والتفسير‪ ،‬إل على وجه النسخ‪ .‬انظر «الرسسالة»‬
‫(‪.)217-213‬‬
‫فمحل مثل هذه القاعدة‪ :‬التضاد بين المتعارضين مما ل يمكن‬
‫الجمسع بينهمسسا‪ ،‬ومسن بديسع كلم صسساحب «المسسستصفى» (‪-2/139‬‬
‫‪ )140‬فسي مثله‪« :‬ويقدر تدافسع النصسين»‪ ،‬وإل فالقرائن وإعمال‬
‫الصل‪ .‬انظر تفريقا ً بديعا ً في «قواعد الحكام» (‪ 2/47‬وما بعد)‪.‬‬
‫وانظر للقاعدة ‪-‬أيضاً‪« :-‬الشباه والنظائر» (‪ )1/38‬للسبكي‪،‬‬
‫و(‪ )79‬للسسيوطي‪« ،‬شرح تنقيسح الفصسول» ( ‪« ،)453‬أحكام أهسل‬
‫الذمة» (‪« ،)1/252‬القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلم‬
‫الموقعين» (‪.)302-301‬‬
‫و‪.)11/51‬‬ ‫() (‪7/412‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أخرجسسه ابسسن أبسسي شيبسسة (‪ ،)411-14/408‬وأحمسسد (‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،)142 ،6/41‬وابسسسسن سسسسسعد (‪ ،)423-3/421‬وابسسسسن حبان (‬


‫‪ - 6989‬الحسسسان) مسسن حديسسث عائشسسة‪ ،‬وهسسو مطول جداً‪ ،‬وفيسسه‬
‫قصة‪ ،‬وإسناده حسن‪ .‬وحسنه ابن حجر في «الفتح» (‪-12/319‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫مقعده ممن النار»( )‪ ،‬وإنمه إنمما أراد بذلك العلماء‪ ،‬فممن قام بحمق الخدممة‬
‫‪1‬‬

‫وإعزاز الملك ف هو هي بة للعدو‪ ،‬و من ق عد اتّباعا لل سّنّة ال تي عن كم أخذت‪،‬‬


‫فهو زين لكم‪ ،‬قال‪ :‬صدقتَ يا محمد‪ .‬ا‪.‬هم محل الحاجة‪.‬‬
‫[و] فمي «تحفمة المجالس ونزهمة المجالس»( ) للعلممة جلل الديمن‬
‫‪2‬‬

‫السميوطي ‪-‬رحممه اللّه تعالى‪« :-‬روي أنّ المنصمور أقبمل يوما‪ ،‬والفرج‬

‫‪ ،)320‬وقال الهيثمسسي فسسي «المجمسسع» (‪« :)6/128‬رواه أحمسسد‪،‬‬


‫وفيسه محمسد بسن عمرو بسن علقمسة‪ ،‬وهسو حسسن الحديسث‪ ،‬وبقيسة رجاله‬
‫ثقات»‪.‬‬
‫() الحتجاج بحديث «قوموا إلى سيدكم فأنزلوه» ل يصح على‬ ‫‪4‬‬

‫جواز القيام للقادم‪ ،‬وهذا التفصيل‪:‬‬


‫قال شيخنسسا العلمسسة اللبانسسي ‪-‬رحمسسه اللّه‪ -‬فسسي «السسسلسلة‬
‫الصحيحة» (‪ 1/746‬رقم ‪« :)67‬اشتهر رواية هذا الحديث بلفظ‪:‬‬
‫«لسسيدكم»‪ ،‬والروايسة فسي الحديثيسن كمسا رأيست‪« :‬إلى سسيدكم»‪ ،‬ول‬
‫أعلم للفظ الول أصلً‪ ،‬وقد نتج منه خطأ فقهي‪ ،‬وهو الستدلل به‬
‫على استحباب القيام للقادم كما فعل ابن بطال وغيره‪.‬‬
‫قال الحافسسظ محمسسد بسسن ناصسسر أبسسو الفضسسل فسسي «التنسسبيه على‬
‫اللفاظ التسي وقسع فسي نقلهسا وضبطهسا تصسحيف وخطسأ فسي تفسسير‬
‫معانيهسا‪ ،‬وتحريسف فسي الكتاب الغريسبين عسن أبسي عبيسد= =الهروي»‬
‫(ق‪« :)17/2‬ومسن ذلك مسا ذكره فسي هذا الباب مسن ذكسر السسيد‪،‬‬
‫وقال كقوله لسسسعد‪ ،‬حيسسن قال‪« :‬قوموا لسسسيدكم»؛ أراد‪ :‬أفضلكسسم‬
‫رجلً‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والمعروف أنسسسسسسه قال‪« :‬قوموا إلى سسسسسسسيدكم»‪ ،‬قاله‬
‫لجماعسة مسن النصسار‪ ،‬لمسا جاء سسعد بسن معاذ محمول ً على الحمار‪،‬‬
‫المتقدم عليهم‪ ،‬وإن كان غيره أفضل منه»‪.‬‬
‫ثم قال ‪-‬رحمه اللّه‪« :-‬وقد اشتهر الستدلل بهذا الحديث على‬
‫مشروعيسة القيام للداخسل‪ ،‬وأنست إذا تأملت فسي سسياق القصسة؛ يتسبين‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بن فضالة جالس على با به‪ ،‬وم عه جما عة‪ ،‬فقام النّا سُ‪ ،‬و هو لم يقُم‪ ،‬فرآه‬
‫المن صورُ‪ ،‬فاشتدّ غضبُه‪ ،‬ود عا به‪ ،‬فقال‪ :‬ما من عك عن القيام مع الناس؟‬
‫قال‪ :‬خف تُ أن ي سألني اللّه ‪-‬تعالى‪ :-‬لم فعل تَ؟ وي سألك‪ :‬لم رض يت؟ و قد‬
‫‪ ،‬ف سكن غ ضب المن صور وانشرح»( )‪ ،‬وإذا ظهرت المحجّةُ؛ فل‬
‫‪1‬‬
‫كر هه‬
‫حجمة لممن لم يسملكها‪ ،‬إل الجهمل أو المكابرة ‪-‬نقانما اللّه تعالى منهما‪ ،‬كمما‬

‫لك أنه استدلل ساقط من وجوه كثيرة‪ :‬أقواها قوله ‪« :‬فأنزلوه»؛‬


‫فهسو نسص قاطسع على أن المسر بالقيام إلى سسعد إنمسا كان لنزاله مسن‬
‫أجسسل كونسسه مريضاً‪ ،‬ولذلك قال الحافسسظ‪« :‬وهذه الزيادة تخدش فسسي‬
‫الستدلل بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه‪ ،‬وقد احتج به‬
‫النووي في كتاب القيام‪ »...‬ا‪.‬هس‪.‬‬
‫وقال شيسسخ السسلم ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬فسسي «الفتاوى» (‪:)1/374‬‬
‫«فهذا قيام للقادم من مغيبه تلقيا ً له»‪.‬‬
‫أي‪ :‬أنه ليس في موطن النزاع من قيام الشخص للداخل على‬
‫صسورة القيام لشخصسه‪ ،‬وقال ابسن الحاج فسي «المدخسل» (‪-1/166‬‬
‫‪« :)170‬الحديث ل ينازع في صحته‪ ،‬وهو بين في القيام كما ذكر‪.‬‬
‫والجواب عنه من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫ن النسسبي خسسص فسسي الحديسسث المسسر بالقيام‬‫الوجسسه الول‪ :‬أ ّسس‬
‫للنصسسار‪ ،‬والصسسل فسسي أفعال القرب العموم‪ ،‬ول يعرف فسسي الشرع‬
‫قربسسة تخسسص بعسسض الناس دون البعسسض؛ إل أن تكون قرينسسة تخسسص‬
‫بعضهم فتعم‪ ،‬كما هو معلوم مشهور‪.‬‬
‫فلو كان أمره ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ -‬لهسم بالقيام مسن طريسق‬
‫البر والكرام لكان ‪-‬عليسسه الصسسلة والسسسلم‪ -‬أول مسسن يبادر إليسسه مسسا‬
‫ندب إليه‪ ،‬وهو المخاطب خصوصا ً بخفض الجناح وأمته عموماً‪ ،‬فلما‬
‫لم يقسم ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ ،-‬ول أمسر بذلك المهاجريسن‪ ،‬ول فعلوه‬
‫بعسد أمره ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ -‬للنصسار بذلك‪ ،‬دل على أنسه ليسس‬
‫المراد به القيام للبر والكرام‪ ،‬إذ لو كان ذلك كذلك‪ ،‬لشترك الجميع‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫يُنقّي الثّوبَ البيض من الدّنس‪ ،-‬والمجال ضيّق‪ ،‬وإذا سنحت الفرصة في‬
‫وقت غير هذا لشرحنّ حال المنتصرين للبدع‪ ،‬التّاركين لل سّنن‪ ،‬لغرا ضٍ‬
‫سميئة‪ ،‬وإل؛ فالنهمج واضحمٌ‪ ،‬فالحمق الذي ل غبار عليمه؛ همو‪ :‬مما سملكه‬
‫العلّمة كامل القصاب ورفقاؤه‪ ،‬والباطلُ‪ :‬ما سلكه معارضُهم‪ ،‬والحقّ أحقّ‬
‫أن يتبع { َومَاذَا َبعْدَ ا ْلحَقّ ِإلّ الضّلل} [يونس‪.]32 :‬‬

‫فسي المسر بسه وفسي فعله‪ ،‬وإذا كان ذلك كذلك‪ ،‬فيحمسل أمره ‪-‬عليسه‬
‫الصسسلة والسسسلم‪ -‬بالقيام على غيسسر ذلك مسسن الضرورات المحوجات‬
‫ن فسي قصسة الحديسث وبسساطه‪ ،‬وذلك أن بنسي قريظسة‬ ‫لذلك‪ ،‬وذلك بي ّ ِس ٌ‬
‫كانوا نزلوا على حكم سعد بن معاذ ‪-‬رضي اللّه عنه‪ ،-‬وكان سعد بن‬
‫معاذ إذ ذاك خلفسه النسبي بالمدينسة فسي المسسجد مثقل ً بالجراح‪ ،‬لم‬
‫يملك نفسسه أن يخرج‪ ،‬وترك له النسبي عجوزا ً تخدمسه‪ ،‬فلمسا= =أن‬
‫نزلت بنسو قريظسة على حكمسه‪ ،‬أرسسل النسبي خلفسه‪ ،‬فأتسي بسه على‬
‫دابسة وهسم يمسسكونه يمينا ً وشمال ً لئل يقسع عسن دابتسه‪ ،‬فلمسا أن أقبسل‬
‫عليهسسسم‪ ،‬قال النسسسبي للنصسسار إذ ذاك‪« :‬قوموا إلى خيركسسم أو إلى‬
‫سسيدكم»؛ أي‪« :‬قوموا فأنزلوه عسن الدابسة»‪ ،‬وقسد ورد معنسى مسا ذكسر‬
‫فسي روايسة أخرى‪ ،‬وهسو أن النسبي أمرهسم بالقيام إليسه لينزلوه على‬
‫دابة لمرض به‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫لن عادة العرب جرت أن القسبيلة تخدم سسيدها‪ ،‬فخصسهم النسبي‬
‫بتنزيله وخدمتسه على عادتهسم المسستمرة بذلك‪ ،‬فإن قال قائل‪ :‬لو‬
‫كان المراد به ما ذكرتم‪ ،‬وهو النزال عن الدابة‪ ،‬لمر ‪-‬عليه الصلة‬
‫والسلم‪ -‬بذلك من يقوم بتلك الوظيفة وهم ناس من ناس‪ ،‬فلما أن‬
‫عمهسسم‪ ،‬دل على المراد بسسه الجميسسع‪ ،‬إذ أن ببعضهسسم تزول الضرورة‬
‫الداعيسة إلى تنزيله‪ ،‬فالجواب‪ :‬أنسه ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ -‬فعسل ذلك‬
‫على عادته الكريمة‪ ،‬وشمائله اللطيفة المستقيمة؛ لنه ‪-‬عليه الصلة‬
‫والسسلم‪ -‬لو خسص أحدا ً منهسم بالقول والمسر‪ ،‬لكان فسي ذلك إظهاراً‬
‫لخصوصيته على غيره من قبيلته‪ ،‬فيحصل بسبب ذلك لمن لم يأمره‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫والح مد للّه على كل حال‪ ،‬و صلى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬على سيدنا مح مد‪،‬‬
‫صادق المقال‪ ،‬وأصحابه ومن تبعهم بإحسان والل‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫ربيع الول سنة‬ ‫‪13‬‬ ‫حرر في‬

‫[كتبه أسير ذنبه عبد ربه الكافي‬

‫انكسسسار خاطره‪ ،‬فسسي كونسسه لم يأمسسر بذلك‪ ،‬وكانسست إشارتسسه ‪-‬عليسسه‬


‫الصسسلة والسسسلم‪ -‬أو نظره أو أمره عندهسسم مسسن أكسسبر الخصسسوصية‪،‬‬
‫فأمره ‪-‬عليسه الصسلة والسسلم‪ -‬لهسم بذلك عموما ً تحفظا ً منسه ‪-‬عليسه‬
‫الصسلة والسسلم‪ -‬أن ينكسسر خاطسر أحسد منهسم‪ ،‬أو يتغيسر‪ ،‬فكان ذلك‬
‫فسي حقهسم مثسل فرض الكفايسة‪ ،‬مسن قام بسه أجزأ عسن الباقيسن‪ ،‬فهذا‬
‫الذي ينبغسي أن يحمسل عليسه الحديسث للقرائن التسي قارنتسه وهسي هذه‪،‬‬
‫وما تقدم من أن أفعال القرب تعم ول تخص قبيلة دون أخرى‪ ،‬وقد‬
‫اختلفسست الروايسسة فسسي أمره ‪-‬عليسسه الصسسلة السسسلم‪ -‬بذلك‪ ،‬هسسل كان‬
‫للنصسار خصسوصا ً ‪-‬وهسو المشهور‪ ،-‬أو للمهاجريسن والنصسار؟ ومسا وقسع‬
‫من الجواب يعم القبيلتين وغيرهما‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أنه غائب قدم‪ ،‬والقيام للغائب مشروع‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أنه ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬أمرهم بالقيام لتهنئته‬
‫بمسا خصسه اللّه بسه مسن هذه التوليسة والكرامسة بهسا دون غيره‪ ،‬والقيام‬
‫للتهنئة مشروع» ا‪ .‬هس‪.‬‬
‫ثم قال ‪-‬رحمه اللّه‪:-‬‬
‫«إن كل أمر ندبك الشرع أن تمشي إليه‪ ،‬لمر حدث عنده مما‬
‫تقدم ذكره‪ ،‬أو مسا أشبسه ذلك‪ ،‬فلم تفعسل حتسى قدم عليسك المتصسف‬
‫ض عسسسن الشيسسسء الذي فات‪ ،‬واللّه‬
‫عوَسسس ٌ‬
‫بذلك‪ ،‬فالقيام إليسسسه إذ ذاك ِ‬
‫الموفق للصواب‪ ،‬فقد حصل على القيام لسعد ‪-‬رضي اللّه عنه‪ -‬من‬
‫القسم المندوب لتهنئته بما أوله اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬من نعمته بتلك التولية‬
‫المباركة‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫بالكافي( )]‬
‫‪1‬‬
‫محمد بن يوسف بن محمد المعروف‬

‫وأمسسسا قوله ‪-‬أي‪ :‬النووي‪« :-‬وقسسسد احتسسسج بهذا الحديسسسث العلماء‬


‫والفقهاء»‪ ،‬فقسد ذكسر= = ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬مسن احتسج بسه‪ ،‬وهسو أبسو داود‬
‫ن المحدثين دأبهم أبدا ً في الحديث‬ ‫ومسلم‪ ،‬وهذا ليس فيه حجة؛ ل ّ‬
‫هذا‪ ،‬وهسو أنهسم ينظرون إلى فقسه الحديسث‪ ،‬فيبوبون عليسه‪ ،‬ويذكرون‬
‫فوائد فسي تراجمهسم‪ ،‬جملة مسن غيسر تفصسيل‪ ،‬كمسا قالوا فسي البخاري‬
‫‪-‬رحمه اللّه‪« :-‬جل فقهه في تراجمه»‪ ،‬وكذلك غيره من المحدثين‪،‬‬
‫ول يتعرضون فسسي غالب أمرهسسم إلى التفصسسيل بالجواز أو المنسسع أو‬
‫الكراهسة أو غيسر ذلك‪ ،‬إنمسا شأنهسم سسياق الحديسث على مسا هسو عليسه‪،‬‬
‫والفقهاء يتعرضون لذلك كل ِّه‪ ،‬أل ترى أن أبسسا داود ‪-‬رضسسي اللّه عنسسه‪-‬‬
‫قسد بوب على غيسر هذا الحديسث‪ ،‬وهسو الحديسث الذي وقسع النهسي فيسه‬
‫عن القيام‪ ،‬فقال‪« :‬باب كراهة القيام للناس»‪ ،‬بل يؤخذ من ترجمته‬
‫وتبويبه على الحديثين‪ ،‬أن فقهه اقتضى منع القيام؛ لنه لما أن ذكر‬
‫الحديسسث الذي يسسستدل بسسه على القيام‪ ،‬لم يقسسل‪« :‬باب مسسا جاء فسسي‬
‫فضسسسل القيام»‪ ،‬ول‪« :‬اسسسستحباب القيام»‪ ،‬ول‪« :‬جواز القيام»‪ ،‬بسسسل‬
‫قال‪« :‬باب مسسا جاء فسسي القيام»‪ ،‬ولم يزد‪ ،‬ولمسسا أن ذكسسر الحديسسث‬
‫الخسسر‪ ،‬قال‪« :‬باب كراهسسة القيام للناس»‪ ،‬فيلوح مسسن فحوى خطابسسه‬
‫ن واضسسح‪ ،‬واللّه‬‫أنسسه يقول بالكراهسسة‪ ،‬ول يقول بالجواز‪ ،‬وهذا كله بي ّسسِ ٌ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫وإذا لم نقسل بفحوى الخطاب‪ ،‬ولم نأخسذ منسه الحكسم‪ ،‬فل سسبيل‬
‫إلى أن نحكسسم بأنسسه أخسسذ بأحسسد الحديثيسسن وترك الخسسر إل بقرينسسة‪،‬‬
‫والقرينة قد دلت على ما ذكر‪ ،‬واللّه الموفق»‪ .‬ا‪.‬هس‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫وقال صسديق بسن حسسن ‪-‬رحمسه اللّه‪ -‬فسي «الديسن الخالص» (‬


‫‪:)449-4/447‬‬
‫«وحمسل النووي حديسث سسعد على جواز القيام التعظيمسي فسي‬
‫رسسسالة مسسستقلة له فسسي هذه المسسسألة‪ ،‬ومسسا أبعسسد حمله على ذلك‪،‬‬
‫ويأباه السسياق والسسباق‪ ،‬بسل المراد‪ :‬قوموا لعانتسه فسي النزول عسن‬
‫الحمار‪ ،‬إذ كان بسسسسه مرض وأثسسسسر جرح أكحله يوم الحزاب‪ ،‬ولو أراد‬
‫تعظيمه لقال‪« :‬قوموا لسيدكم»‪.‬‬
‫وممسسسا يؤيده تخصسسسيص النصسسسار‪ ،‬والتنصسسسيص على السسسسيادة‬
‫المضافسة‪ ،‬وقسد تقدم أن أصسحابه مسا كانوا يقومون تعظيما ً له‪ ،‬مسع‬
‫أنسسه سسسيد الخلق؛ لمسسا يعلمون مسسن كراهتسسه لذلك‪ ...‬قال العلمسسة‬
‫الشوكاني في «الفتح الرباني»‪:‬‬
‫ليعلم أولً‪ ،‬أن محسل النزاع القيام المقيسد بالتعظيسم ل المطلق‪،‬‬
‫وقد دل على تحريم الول حديث أبي أمامة المذكور‪.‬‬
‫ول يخفسى عليسك أن مناط النهسي ‪-‬هسا هنسا‪ -‬هسو التعظيسم المصسرح‬
‫بسسه‪ ،‬وقسسد شهسسد لهذا‪ :‬حديسسث مسسسلم‪ ،‬ولهذا أورده المنذري فسسي هذا‬
‫البحث‪...‬‬
‫ويشهسسد له ‪-‬أيضاً‪ :-‬حديسسث التمثسسل‪ ،‬فإنسسه محمول على التعظيسسم‪،‬‬
‫حمل المطلق على المقيد‪=.‬‬
‫ثم اختار ‪-‬رحمه اللّه‪ -‬عدم جواز القيام الخالي عن التعظيم‪،‬‬ ‫=‬
‫سسواء كان الباعسث عليسه المحبسة أو الكرام أو الوفاء بحسق القاصسد‪،‬‬
‫كالقيام للمصسافحة أو غيسر ذلك‪ ،‬على أنسه قيسل فسي حديسث سسعد أن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫أمره أصسسحابه بالقيام كان لعانتسسه على النزول عسسن ظهسسر مركوبسسه‪،‬‬
‫لضعفه عن النزول بسبب جراحه» ا‪.‬هس‪.‬‬
‫وانظر كلم علي القاري التي‪ ،‬واللّه الهادي‪.‬‬
‫() في «المرقاة» (‪.)4/583‬‬ ‫‪1‬‬

‫وقوله‪« :‬رواه‪ »...‬يذكره المخرجون فسسي حسسق مسسن أورد حديثاً‬


‫مسنداً‪ ،‬أما الحاديث التي تذكر غير مسندة ول معزوة‪ ،‬فيقال فيها‪:‬‬
‫ذكره‪ ،‬ومنه تعلم خطأ من يقول‪ :‬أخرجه البخاري تعليقاً‪ ،‬فهذا توسع‬
‫ض‪ ،‬وفي «أخرجه» و«تعليقاً» تعارض ل يخفى‪ ،‬فتأمل!‬ ‫غير مر ٍ‬
‫(تنسبيه)‪ :‬لعلي القاري فسي «جمسع الوسسائل فسي شرح الشمائل»‬
‫(‪ - 2/169‬ط‪ .‬دار الفكسر) كلمسة حسسنة فسي توجيسه حديسث‪« :‬قوموا‬
‫إلى سسسيدكم‪ ،‬فأنزلوه» على منسسع القيام‪ ،‬قال‪« :‬الظاهسسر مسسن إيراد‬
‫ن القيام المتعارف غيسسر‬‫أنسسس ‪-‬رضسسي اللّه عنسسه‪ -‬للحديسسث‪ ،‬إرادة أ ّسس‬
‫معروف فسسي أصسسل السسسنة وفعسسل الصسسحابة‪ ،‬وإن اسسستحسنه بعسسض‬
‫المتأخريسسن‪ ،‬وليسسس معناه أنهسسم كانوا يقومون لبعضهسسم البعسسض‪ ،‬ول‬
‫يقومون له كمسا يتوهسم‪ ،‬فإنسه ‪-‬عليسه السسلم‪ -‬قال‪« :‬ل تقوموا كمسا‬
‫يقوم العاجم بعضهم لبعض»‪.‬‬
‫وأغرب ابسن حجسر فسي قوله‪« :‬ول يعارض ذلك قوله للنصسار‪:‬‬
‫«قوموا إلى سسيدكم»؛ أي‪ :‬سسعد بسن معاذ سسيد الوس‪ ،‬لمسا جاء على‬
‫ن‬
‫حمار لصابة أكحله بسهم في وقعة الخندق‪ ،‬كان فيه موته بعدُ‪ ،‬ل ّ‬
‫هذا حسق للغيسسر‪ ،‬فأعطاه له‪ ،‬وأمرهسم بفعله بخلف قيامهسم له ‪،‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫فإنه حق لنفسه‪ ،‬وتركه تواضعاً»‪ .‬انتهى كلمه [في «فتح الباري» (‬


‫‪.])12/320‬‬
‫ووجسه غرابتسه‪ :‬أن الحديسث بعينسه يرد عليسه؛ لنسه يدل على أ َّس‬
‫ن‬
‫القيام لم يكسسن متعارفا ً بينهسسم‪ ،‬وعلى التنُّزل؛ فلو أراد قيام التعظيسسم‬
‫مهم وغيرهم‪.‬‬ ‫لما خص قومه به‪ ،‬بل كان يع ُّ‬
‫فالصسواب‪ :‬أن المراد بالقيام الذي أمرهسم بسه‪ ،‬هسو‪ :‬إعانتسه حتسى‬
‫ينزل عسسن حماره لكونسسه مجروحا ً مريضاً»‪ .‬وقارنسسه بسسس«المدخسسل» (‬
‫‪ )168-1/167‬لبن الحاج‪.‬‬
‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() للعلماء كلم كثيسر عسن «العتبيسة» وعيوبهسا‪ ،‬ولم يأخذوا بكثيسر‬ ‫‪2‬‬

‫ت على ذلك فسي (الجزء السسابع) مسن كتابسي‬ ‫مسن مسسائلها‪ ،‬وقسد أتي ُس‬
‫ت بسه فسي «العلم‬ ‫«قصسص ل تثبست»‪ ،‬وفاتنسي هناك نسص مهسم‪ ،‬ظفر ُس‬
‫بفوائد عمدة الحكام» (‪ )1/496‬عسن ابسن بزيزة‪ ،‬قال فسي «شرح‬
‫الحكام»‪« :‬وقعست فسي «العتبيسة» روايسة منكرة مسستهجنة‪ ...،‬وهذه‬
‫روايسة ل يحسل سسماعها‪ ،‬فكيسف العمسل عليهسا‪ ،‬وقسد كان الواجسب أن‬
‫تطرح «العتبيسسة» كلهسا لجسسل هذه الروايسسة وأمثالهسا‪ ،‬ممسا حوتسه مسن‬
‫شواذ القوال‪ ،‬التسسسي لم تكسسسن فسسسي غيرهسسسا‪ ،‬ولذلك أعرض عنهسسسا‬
‫المحققون مسن علماء المذهسب‪ ،‬حتسى قال أبسو بكسر بسن العربسي ‪-‬حيسث‬
‫حكسسسى أن مسسسن العلماء مسسسن كره كتسسسب الفقسسسه‪ -‬فإن كان؛ ففسسسي‬
‫«العتبية»»‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪11‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد للّه ‪-‬سبحانه‪ ،-‬وبعد‪:‬‬

‫ت هناك أن شرح ابسسن رشسسد « البيان والتحصسسيل» عليهسسا‪،‬‬ ‫وبيَّن ُ س‬


‫أزال كثيرا ً مسسسسن سسسسسوالبها وعيوبهسسسسا‪ ،‬وكذلك فسسسسي تعليقسسسسي على‬
‫«بوطليحة»‪ ،‬يسر اللّه إتمامه بخير وعافية‪.‬‬
‫والنقسل المذكور فيهسا (‪ - 4/359‬مسع «البيان والتحصسيل»)‪.‬‬
‫وانظر‪« :‬المدخل» (‪ )1/187‬لبن الحاج‪ ،‬ففيه نحوه‪.‬‬
‫() أخرجسه ابسن أبسي شيبسة (‪ ،)5/235‬وأحمسد (‪،93 ،4/91‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،)100‬والبخاري فسسسسسسسسسسي «الدب المفرد» (‪ ،)977‬والترمذي (‬


‫‪ ،)2755‬وأبسسو داود (‪ ،)5229‬والطسسبري فسسي «تهذيسسب الثار» (‬
‫‪ 1/285‬رقسسسسم ‪،)2603 ،2602 ،2601 ،2600 ،2599‬‬
‫وأبسسسو القاسسسسم البغوي فسسسي «الجعديات» (‪ - 1482‬ط‪ .‬بيروت أو‬
‫‪ - 1503‬ط‪ .‬الفلح)‪ ،‬وعبسسد بسسن حميسسد فسسي «المنتخسسب» (رقسسم‬
‫‪ ،)413‬والدولبسسسسي فسسسسي «الكنسسسسى» (‪ ،)1/95‬والطحاوي فسسسسي‬
‫«المشكسسل» (رقسسم ‪ ،)1127 ،1125‬وابسسن قانسسع فسسي «معجسسم‬
‫الصسحابة» (‪ 13/4785‬رقسم ‪ ،)1834‬والطسبراني فسي «المعجسم‬
‫الكسبير» (‪ 19‬رقسم ‪ ،)822 ،821 ،820 ،819‬والخرائطسي فسي‬
‫«مسساوئ الخلق» (رقسم ‪ ،)850 ،849 ،848 ،847‬والباغندي‬
‫في «مسند عمر بن عببد العزيبز» (رقم ‪ ،)13‬والسمعاني في «أدب‬
‫الملء والسسسسستملء» (ص ‪ ،)35‬والبغوي فسسسسي «شرح السسسسسنة» (‬
‫‪ 12/295‬رقسسسم ‪ ،)3330‬وأبسسسو نعيسسسم فسسسي «أخبار أصسسسبهان» (‬
‫‪ ،)1/219‬والبيهقسسسي فسسسسي «المدخسسسسل» (رقسسسم ‪،)722 ،721‬‬
‫والخطيب في «تاريخ بغداد» (‪ 171-2/170‬و‪ ،)13/195‬وابن‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫فقد أجل تُ النّظرَ فيما أورده الستاذان الفاضلن‪ ،‬مؤلّفا هذه الرسالة‪،‬‬
‫من الدلة القاطعة‪ ،‬والبراهين ال سّاطعة‪ ،‬على صحّة فتوى أحدهما بكراهية‬
‫ما يجري في الجنائز‪ ،‬من ال صياح في التهل يل‪ ،‬والت كبير‪ ،‬وغيره‪ ،‬فرأي تُ‬
‫أن ني في غُن ية عن تعل يق كلمات ترجّ ح الفتوى المذكورة على غير ها؛ لما‬
‫أتيا به من الدلة الكافية الشافية‪ ،‬فأجادوا وأفادوا‪ ،‬أسأل اللّه ‪-‬سبحانه‪ -‬أن‬

‫النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (‪ ،)5/101‬وابن عساكر في «تاريخ‬


‫دمشسق» (‪ ،)31/217‬والنووي فسي «الترخيسص فسي الكرام» (ص‬
‫‪ )63-61‬من حديث معاوية‪ ،‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫قال الترمذي‪« :‬حديث حسن»‪.‬‬
‫وصسححه المنذري فسي «الترغيسب» (‪ - 3/2717‬المعارف)‪،‬‬
‫و«مختصر سنن أبي داود» (‪ ،)93 ،8/86‬وابن القيم في «تهذيب‬
‫السنن» (‪ ،)8/84‬والنووي في «الترخيص» (‪.)62-61‬‬
‫وحسسسنه العراقسسي فسسي «تخريسسج أحاديسسث الحياء» (‪- 7/226‬‬
‫إتحاف)‪ ،‬وابن مفلح في «الداب الشرعية» (‪.)434-1/433‬‬
‫واسستدل بسه جمسع مسن العلماء على منسع القيام‪ ،‬ووقعست لحمسد‬
‫بسن المعَذَّل المالكسي قصسة مسع المتوكسل‪ ،‬وفيهسا عدم قيامسه له لهذا‬
‫الحديسث‪ .‬انظرهسا مسع تخريجهسا فسي «المجالسسة» (‪213-2/212‬‬
‫رقم ‪ - 342‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫() (ص ‪.)88‬‬ ‫‪2‬‬

‫() نحسسو القصسسة فسسي «نشوار المحاضرة» (‪« ،)7/62‬تاريسسخ‬ ‫‪1‬‬

‫بغداد» (‪« ،)390-12/389‬الشفا في مواعظ الملوك والخلفاء»‬


‫(‪ )82‬لبن الجوزي‪« ،‬تهذيب الكمال» (‪.)15/45‬‬
‫ووقعت نحوها لعلي بن الجعد مع المأمون‪ .‬انظرها في «تاريخ‬
‫بغداد» (‪« ،)171-2/170‬تهذيب الكمال» (‪.)217-13/216‬‬
‫() سسسبقت ترجمتسسه (ص ‪ ،)206‬ومسسا بيسسن المعقوفتيسسن مسسن‬ ‫‪1‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫(‪)1‬‬
‫يد يم عليه ما إح سانه‪ ،‬ويوفّق نا جميعا والم سلمين ل ما يحبّ ه ويرضاه‪ ،‬بجاه‬
‫سيّدنا محمد حبيبه ومصطفاه‪ ،‬صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫كتبه الفقير‪:‬‬
‫محمد توفيق الغزي العامري‬
‫(‪)2‬‬

‫المفتي الشافعي بدمشق ‪-‬عفي عنه‪-‬‬

‫إضافاتي‪.‬‬
‫() هذا التوسل بدعي‪ ،‬وغير مشروع‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() هسسو محمسسد توفيسسق بسسن عبببد الرحمببن بسسن أبسسي السسسعود‪ ،‬ولد‬ ‫‪2‬‬

‫بدمشسسق‪ ،‬وأخسسذ على علماء زمانسسه‪ ،‬ثسسم درس بالزهسسر‪ ،‬تولى القضاء‬
‫فسسي بلدان متعددة‪ ،‬وخاصسسة فسسي بلدة المعلقسسة بالبقاع‪ ،‬تولى فتوى‬
‫الشافعيسة بعسد الشيخ صالح الغزي‪ ،‬ومن مؤلفاتسه‪« :‬فتوى فسي تكفيسر‬
‫القاديانيسسة» وهسسو مطبوع‪ ،‬توفسسي بدمشسسق ‪ 16‬شوال ‪1363‬هسسس ‪-‬‬
‫‪1943‬م‪ ،‬ودفسسن بمقسسبرة الدحداح بالروضسسة‪ .‬انظسسر «تاريسسخ علماء‬
‫دمشق في القرن الرابع عشر الهجري» (‪.)3/180‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪12‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد للّه ملهم ال صّواب‪ ،‬الهادي إلى طريق الرّشاد‪ ،‬صلى اللّه وسلم‬
‫على رسوله حبيبه وصفيه‪ ،‬سيّدِنا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه وعترته‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن نصوصَ مذهبنا ‪-‬نحن معاشر الحنفية‪ -‬صريحةُ الدّللة‬
‫بكراهة اللغط أمام الجنازة للدلّة ال صّريحة ال صّحيحة في ذلك‪ ،‬فما سطّره‬
‫السمتاذان الفاضلن‪ ،‬والمدقّقان الكاملن‪ ،‬والعالمان العاملن‪ ،‬مؤلّفما هذه‬
‫الرّ سالة «الن قد والبيان» هو الذي يعوّل عل يه في الف هم‪ ،‬وير كن إل يه في‬
‫النّقمل‪ ،‬فجزاهمما اللّه خيرَ الجزاء‪ ،‬وأكثمر ممن أمثالهمما النجباء‪ ،‬إنمه سميع‬
‫قريب مجيب الدّعاء‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫ربيع الول‬ ‫‪18‬‬ ‫في‬
‫كتبه الفقير‬
‫عبد الكريم الحمزاوي الحسيني‬
‫(‪)1‬‬

‫خطيب جامع الشيخ محي الدين بن العربي‬


‫الملقب بالشيخ الكبر ‪-‬طاب ثراه‪-‬‬

‫() هسو عببد الكريبم بسن سسليم بسن نسسيب بسن حسسن بسن يحيسى بسن‬ ‫‪1‬‬

‫حسن بن عبد الكريم ابن محمد بن كمال الدين بن محمد‪ ،‬فقيه‪ ،‬زاهد‪،‬‬
‫انظسر ترجمسة ابنسه فسي«تاريسخ علماء دمشسق فسي القرن الرابسع عشسر‬
‫الهجري» (‪.)3/378‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪13‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الح مد للّه‪ ،‬وال صّلةُ وال سّلمُ على النّبِ يّ الَوّاه‪ ،‬وعلى آله وأ صحابِه‬
‫ومَنْ نصر شرعَه وواله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫َف ِممّا ل شكّ فيه‪ ،‬أنّ السّكوتَ وراء الجنازة‪ ،‬والتّف ّكرَ في الموت وفيما‬
‫بعد الموت؛ هو ال سّ ّنةُ التي عرفها ال صّحابة( ) ‪-‬رضي اللّه عنهم‪ ،-‬وجرى‬
‫‪1‬‬

‫عليها عملُ السلف الصالح( )‪ ،‬ل نعلم خلفا لحد في ذلك‪ ،‬وغاية ما عرف‬
‫‪2‬‬

‫للفقهاء ‪-‬ر ضي اللّه عن هم‪ -‬في هذه الم سألة طريقتان‪ :‬طري قة القائل ين بأنّ‬
‫الجهرَ بالذكمر ونحوه وراء الجنازة مكروهمة كراهمة التحريمم‪ ،‬وطريقمة‬
‫القائلين بأنه مكروه كراهة التنزيه‪.‬‬
‫والظا هر أنّ ما نقله العارف الشعرا ني في «عهود المشا يخ»‪ ،‬و ما‬
‫‪-‬أيضا‪ -‬في «العهود المحمدية» عن شيخه العارف الكبير سيدي‬ ‫نقله‬
‫علي الخوّاص مبني على الطريقة الثانية للفقهاء( )‪ ،‬وهو الذي مال إليه في‬
‫‪3‬‬

‫«شرح الرموز» و«شرح الملتقى»‪ ،‬وهو ظاهر كلم أكثر أرباب المذاهب‪،‬‬
‫ول عل عذر هم في ذلك‪ :‬عدم ورود ن هي صحيح صريح في الم سألة‪ ،‬مع‬
‫ملحظة العارف الشعراني فيما نقله قاعدة‪( :‬ارتكاب أخف الضّررين)‪.‬‬
‫سمّنةَ‬
‫وتوضيمح مختار هذا العارف‪ :‬أن ّ ُمشَيّع ِي الجنازة إذا خالفوا ُ‬

‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)17‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر ما قدمناه في التعليق على (ص ‪.)17‬‬ ‫‪2‬‬

‫() انظر ما تقدم (ص ‪.)92-91‬‬ ‫‪3‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ال صّمت وال ّت َفكّر‪ ،‬واشتغلوا باللّهو‪ ،‬وتشاغلوا باللغو والغيبة ونحوها‪ ،‬بحيث‬
‫أصمبحوا وراء الجنازة كالسّممّار فمي السمّمر‪ ،‬ولم يفدهمم الممر بالسمكوت؛‬
‫أمروا حينئذ بقول‪« :‬ل إله إل اللّه محممد رسمول اللّه»؛ تباعدا ِممّام وقعوا‬
‫به‪ ،‬وتخلّصا ِممّا هم فيه‪.‬‬
‫م الفقهاء‬
‫م رأي الجماهيمر مِن َ‬
‫م احترام ُ‬
‫لكمن؛ ل يخفمى أنّم الورع َ‬
‫وال ُمحَدّث ين‪ ،‬وعدُم الوقوع في خلف هم؛ وذلك بإحياء سُ ّنةِ ال سّكوت الدّاعيةِ‬
‫سيَؤُول إليه المرءُ‬
‫إلى التّأدّ بِ بأدب الشرع‪ ،‬وال ّت َفرّ غِ للخُشوع‪ ،‬وال ّت َف ّكرِ بما َ‬
‫‪-‬وليس لنا عند ذلك عاذل ول مخالف؛ إذ ليس َثمّ مَنْ يلوم الساكتَ المتفكّرَ‬
‫وراء الجنازة على سكوته‪ ،‬فضلً عن أ نْ يأث مه ف يه‪ ،-‬مع ما ينضمّ إلى‬
‫إحياء سُ ّنةِ السّكوتِ؛ مِنَ القضاء على طريقة الجهر المُحدَثَة التي ل تعرف‬
‫فمي العصمر الول‪ ،‬وليمت شعري إذا احتمج للجهمر بقول‪« :‬ل إله إل اللّه‬
‫محمد رسول اللّه» بما اختاره العارف الشعراني ارتكابا لخف الضّررين‪،‬‬
‫ل لنّه سُ ّنةٌ أو شرع‪ ،‬ول بقصد إماتة سنة السكوت والصّمت‪ ،‬فبماذا يحتج‬
‫لمما همو ُمحْدَث اليوم فمي مثمل دمشمق‪ ،‬مِن رفمع الصموات وراء الجنازة‬
‫بقصائد وألحان‪ ،‬يضيع في فهمها حذ قُ الحاذق‪ ،‬و َيخِيب في إدراكها الرّأ يُ‬
‫ال صائب‪ ،‬دع القول بأنّ ها جعلت في أيام نا عنوانا على الغ نى‪ ،‬ودليلً على‬
‫الرفعمة والشرف‪ ،‬فكمم رأينما مِن ْم أُناس ارتفعمت الصمواتُ فمي جنائزهمم‪،‬‬
‫وعلت الضّوضاءُ والنّغما تُ حول نَعشِهم‪ ،‬وليس لهم مِن صفة توجب هذه‬
‫المنزلة ‪-‬إ نْ قل نا بأنّ ها رِف عة‪ -‬سوى أن هم جمعوا المال من حلّه و من غ ير‬
‫حلّه‪ ،‬فاسمتحقّوا بذلك التقدم على الناس أحياءً وأمواتا‪ ،‬وآخريمن همم( ) أهمل‬
‫‪1‬‬

‫ذاتم أيديهمم‪ ،‬فصممتت‬


‫ُ‬ ‫ّتم‬
‫شرَف َقل ْ‬
‫الصملح والتقدم والدّيمن والرفعمة وال ّ‬
‫ال صواتُ حول جنائز هم‪ ،‬ولم تجت مع تلك النّغمات حول نعش هم‪ ،‬بل تبا عد‬

‫() في الصل‪« :‬هم هم»‪ ،‬مكررة!‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫عن ها أولئك المدّاحون المستأجرون‪ ،‬فكانوا ومشيعي هم عنوان الفقر‪ ،‬وأمارة‬
‫القلّة والحتياج‪ ،‬الل هم ل حُجّ ة لتح سين هذا الع مل‪ ،‬ول م سوّغ في الشّرع‬
‫في ما نعلم لت صحيح أ خذ الجرة عل يه‪ ،‬بل وا جب كل ذي م سكة من علم‬
‫إنكار مثل هذه البدع‪ ،‬وبيان أنها ليستْ طريقة ال سّلف‪ ،‬وأنّ الخير كله في‬
‫اقتفاء أثر مَن سلف‪.‬‬
‫عظيمم‬
‫َ‬ ‫وهنما ل غنمى لي عمن أن أطلب ممن اللّه ‪-‬سمبحانه وتعالى‪-‬‬
‫الجر والثّواب‪ ،‬للعالمين الفاضلين‪ ،‬مؤّلفَي هذه الرسالة ‪«-‬النقد والبيان»‪-‬‬
‫ش يخ‬
‫ال ستاذ العل مة المفضال الش يخ مح مد الكا مل الق صّاب‪ ،‬والعلّ مة ال ّ‬
‫محمد عز الدين الق سّام‪ ،‬وسائر من أجروا أقلمهم في تحقيق هذه المسألة‬
‫الشرعية‪ ،‬وخدموا فيها الدين ‪-‬كلّ على حسب اجتهاده‪ ،-‬راجيا من الجميع‬
‫تصمغيرَ دائر ِة الخلف ‪-‬إن لم يمكمن القضاءُ عليهما‪ -‬عملً بقوله ‪« :‬ممن‬
‫ترك المراء محقّا‪ ،‬بنمى اللّه له بيتا فمي أعلى الجنمة‪ ،‬وممن ترك المراء‬
‫مبطلً‪ ،‬ب نى اللّه له بيتا في ر بض الج نة»( )‪ ،‬ومراعاة ل ما يتطلّ به الو قت‬
‫‪1‬‬

‫() أخرجسه الترمذي (‪ ،)1993‬وابسن ماجسه (‪ ،)51‬وابسن عدي‬ ‫‪1‬‬

‫(‪ ،)3/1181‬وابن حبان في «المجروحين» (‬ ‫في «الكامل»‬


‫‪ ،)1/337‬وأبسو بكسر الشافعسي فسي «الغيلنيات» (‪ ،)1088‬والبزار‬
‫‪ -‬زوائده) من طريقين عن‬ ‫فسي «مسنده» (‪ 2/408‬رقم ‪1976‬‬
‫أنس‪ ،‬في أحدهما سلمة بن وردان‪ ،‬ضعيف‪ ،‬وحديثه عن أنس منكر‪،‬‬
‫وفسي الخسر عببد الواحبد بسن سسليمان‪ ،‬وثقسه ابسن حبان‪ ،‬وضعّسفة جماعسة‪،‬‬
‫كما في «المجمع» (‪.)8/23‬‬
‫والحديسث حسسن لشواهده‪ ،‬ففسي الباب عسن أبسي أمامسة‪ ،‬أخرجسه‬
‫أبو داود (‪ ،)4800‬والروياني في «مسنده» (‪ ،)1200‬والدولبي‬
‫فسسي «الكنسسى» (‪ ،)2/133‬والطسسبراني فسسي «الكسسبير» (‪،)8/219‬‬
‫والبيهقي (‪ ،)10/249‬وعزاه في «الفتح الكبير» (‪ )1/272‬إلى‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الحا ضر‪ ،‬وأن ين ظر كلّ إلى مناظره بع ين ملؤ ها الحترام‪ ،‬فإ نا في زمان‬
‫همم أدرى بمما انتاب الجماعمة السملمية فيمه‪ ،‬وأعلم بمما طرأ على العلم‬
‫وحامليه‪.‬‬

‫‪1344‬‬ ‫دمشق‪ 1 :‬ربيع الخر سنة‬


‫مدير مدرسة التهذيب السلمي‬
‫(‪)1‬‬
‫محمود ياسين‬
‫الضياء في «المختارة»‪ ،‬وفي الباب عن ابن عباس ومعاذ بن جبل‪.‬‬
‫انظر «السلسلة الصحيحة» (رقم ‪.)273‬‬
‫() هسسسو محمود بسسسن أحمسسسد بسسسن ياسسسسين‪ ،‬ولد بدمشسسسق سسسسنة‬
‫‪1‬‬

‫‪1304‬هسسس‪ ،‬وحفسسظ القرآن الكريسسم‪ ،‬أخسسذ عسسن مشايسسخ أجلء‪ ،‬فقرأ‬


‫العقائد والتوحيد على الشيخ صالح الشريف التونسي‪ ،‬ودرس الفقه‬
‫على عدة مشايخ‪ ،‬آخرهم الشيخ أحمد الجوبري‪ ،‬ودرس السنة على‬
‫المحدث الشيسسخ بدر الديسسن الحسسسني‪ ،‬والعلمسسة محمسسد بسسن جعفسسر‬
‫الكتانسي‪ ،‬أفنسى عمره بالعلم والعمسل‪ ،‬فحرص على الوقست ل يضيعسه‪،‬‬
‫درس فسي مسساجد دمشسق ومدارسسها الثانويسة‪ ،‬وسساهم فسي تأسسيس‬
‫جمعيسسة النهضسة الدبيسسة‪ ،‬وجمعيسسة العلماء‪ ،‬ورابطسة العلماء‪ ،‬وجمعيسسة‬
‫الهدايسسة السسسلمية التسسي تولى رئاسسستها مدة عشريسسن عاما ً تقريباً‪،‬‬
‫أسسس مدرسسة التهذيسب السسلمي مسن ماله الخاص‪ ،‬اهتسم بالتحقيسق‪،‬‬
‫فنشسط للعمسل فسي دراسسة المخطوطات بالمكتبسة الظاهريسة‪ ،‬فأخرج‬
‫مسسا يقرب مسسن ثلثيسسن كتابا ً فسسي التراث السسسلمي‪ ،‬له «رحلة إلى‬
‫المدي نة المنورة» مطبوعة عن دار الفكر ‪ -‬دمشق‪ ،‬توفي فجأة في‬
‫‪ 4‬ذي الحجة ‪1367‬هس‪.‬‬
‫انظسسر ترجمتسسه فسسي‪« :‬منتخبات التواريسسخ لدمشسسق» (‪،)913‬‬
‫«تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي القرن الرابسسع عشسسر» ( ‪،)2/615‬‬
‫«ذكريات علي الطنطاوي» ( ‪ 1/146‬و ‪ 2/271‬و ‪ 3/280‬و‬
‫‪ 5/319‬و ‪ 6/21‬و ‪« ،)90 ،7/66‬الرحلة إلى المدينة المنورة»‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫(‪.)19-15‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪14‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد للّه الذي هدانا بالسلم‪ ،‬وجعله لنا نورا‪ ،‬نمشي به في غياهب‬
‫جةَ الدّامغة‪ ،‬وال صّلةُ‬
‫جةَ البالغة‪ ،‬والمح ّ‬
‫الظّلم‪ ،‬فعلّمنا أنّ للخالق القادر الحُ ّ‬
‫علَى الْبَاطِلِ‬
‫ِفم بِالْحَقّ َ‬
‫والسمّلم على سميّدنا محممد‪ ،‬المنزّل عليمه‪{ ،‬بَلْ َنقْذ ُ‬
‫ُهم َفإِذَا هُوَ زَاهِقمٌ} [النمبياء‪ ،]18 :‬فهمو ‪-‬صملى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬عليمه‬
‫فَيَ ْد َمغ ُ‬
‫و سلم‪ -‬الحجّ ة ال كبرى على العالم‪ ،‬أو ضح عل يه ال صلة وال سلم ل نا سُبلَ‬
‫الهُدى‪ ،‬فممن اهتدى فمي التّمسمك بشرعمه ربمح وظفمر بالفوز والعتصمام‪،‬‬
‫َنم حاد عمن طريمق الصمحابة والسملف وإجماع الئممة خسمر ومما نال‬
‫وم ْ‬
‫المرام‪ ،‬ورضي اللّه عن صحابته الذي أسّسوا لنا قواعدَ الحكام‪ ،‬متم سّكين‬
‫بكلّ ما به ‪-‬عليه السلم‪ -‬عمل أو أمر‪ ،‬والتّابعين والئمة الربعة المقتفين‬
‫أثرهم أبد البد‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫علَ تْ كلمتُه‪ ،‬قد أقام بالعلم لحراسة‬
‫فإنّ اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬جلّت عظمتُه‪ ،‬و َ‬
‫الشّريعة الغرّاء‪ ،‬من أرباب البصائر والستبصار‪ ،‬علماء يدافعون عنها في‬
‫كل أوان وع صر‪ ،‬ويذبون عن ها بل سان الشّارع ذي الف خر‪ ،‬هذا؛ وإ ني قد‬
‫سرّحتُ طرفي في مباحث هذه الرّسالة‪ ،‬فوجدتُ بهجتَها بارزة للعيان‪ ،‬فيها‬
‫خزَيران‪ ،‬فالفاضلن‪ :‬الشّيمخ الكاممل‪،‬‬
‫بحمر عرفان‪ ،‬وشهابا ثاقبا لرد أوهام ُ‬
‫والشّيخ عزّ الدين‪ ،‬لقد أفتيا فتواهما‪ ،‬وقطعا هي طبق ما جاء عن الرسول‬
‫‪ ،‬وعمن الصمحابة‪ ،‬والئممة الربعمة‪ ،‬والتّابعيمن لهمم ممن الفقهاء أمناء‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫الدّين‪ ،‬وإنّي على مذهبهم في اعتقاد النّصوص الشرعية الواصلة إلينا عن‬
‫حجَج والبراهين الواردة‬
‫أئمتنا العلم‪ ،‬وأمّا ما جاء في هذه الرّسالة من ال ُ‬
‫سلَف والئمة الربعة المجتهدين؛‬
‫عن الفاضل خزيران‪ ،‬فل تدحض حُجّة ال ّ‬
‫لنه ‪-‬حفظه اللّه تعالى‪ -‬قد أفتى ببحث من أبحاث الشّعراني ‪-‬رحمه اللّه‪-‬‬
‫وكان اللزم عل يه أن يف تي بمذه به‪ ،‬أو بمذ هب من المذا هب الربعة؛ ل نه‬
‫ل يكون قولُ الشّعرانمي ناسمخا للمذاهمب الربعمة‪ ،‬أو لمذهمب السملف‪ ،‬أو‬
‫لفعل‪ ،‬أو عمل‪ ،‬أو أمر من أوامر رسول اللّه ‪.‬‬
‫فالفاضل الشيخ محمد كامل عزّ الدين ‪-‬قسما‪ ) (-‬تم سّك ‪-‬وهو نعمان‬
‫‪1‬‬

‫هذا الزّمان‪ ،‬وناصر مذهب الحق بسيف الحجة القاط عة البرهان‪ ،-‬فنحمد‬
‫اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬على وجود م ثل هذا المام‪ ،‬ك يف ل؟! و قد شارك عزّ الد ين‬
‫القسام فيهما وض حَ الحق واستبان‪ ،‬فنشكر صنيعهما بما قاما به من فرض‬
‫الكفاية في نصرة الحق‪ ،‬وردّ شبه الخلق‪ ،‬فجزاهما اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬عن المة‬
‫عمِلَ صَالِحا}‬
‫المحمدية أعظم الجزاء { َومَ نْ َأحْ سَنُ قَوْلً ّممّن دَعَا ِإلَى اللّهِ وَ َ‬
‫[فصلت‪.]33 :‬‬
‫خزَيران أن ل يح كم بب حث كان قد‬
‫وإ نا لنر جو من حضرة الفا ضل ُ‬
‫أورده الشّعرا ني ‪-‬رح مه اللّه‪ -‬ح كم النّ سخ به للمذا هب الرب عة‪ ،‬ف هل لك‬
‫‪-‬أيها الفاضل النّب يل‪ -‬أن تقنع نا بأ نه يم كن نسخ مذاهب ال صّحابة والئمة‬
‫الرب عة بهذا التّأو يل‪ ،‬فاترك المخالفةَ للجماع‪ ،‬فذلك لك أولى‪ ،‬وكأنّ ي بك‬
‫وأنتَ لمذهب التّصوّف ميّال‪ ،‬فاعدل يا هذا! وأفتِ إذا سُئلتَ بمذهب عُّينْ تَ‬
‫به للفتوى‪ ،‬ودع غيرَه واتّقيه‪ ،‬واللّه ولي التّوفيق‪.‬‬
‫َنم نهمض بأعباء الرّسمالة‪،‬‬
‫وصملى اللّه على سميّدنا محممد أشرف م ْ‬
‫صحْبه المتمسّكين بأوامره‪ ،‬والمهتدين بهديه على مدى اليام‪.‬‬
‫وعلى آله و َ‬

‫() كذا في الصل‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫‪1344‬‬ ‫في ‪ 6‬ربيع الخر سنة‬
‫كتبه الفقير خادمُ العلم الشّريف‬
‫محمد بن خليل عيد التاجي‬
‫الحنفي مذهبا ‪-‬عفي عنه‪-‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪15‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫حمدا لك يا من حفظت هذا الدّين من التغيير والتبديل‪ ،‬وأنزلت كتابا‬
‫{لَ َريْ بَ فِي هِ هُدىً ِل ْلمُ ّتقِي نَ} [البقرة‪ ]2 :‬يهدي هم سواء ال سّبيل‪ ،‬يد عو إلى‬
‫م المضلّيمن‪ ،‬وآثارَ‬
‫التّوحيمد الخالص ممن تأويمل المبتدعيمن‪ ،‬ماحيا شُبَه َ‬
‫المشركيمن‪ ،‬وأصملّي على النّبِيّ المختار‪ ،‬ممن أشرف العناصمر‪ ،‬وعلى آله‬
‫صحْبه المحرزين قصب السّبق في المفاخر‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫و َ‬
‫فإنّ اللّه أكمل لنا هذا الدّين‪ ،‬وأتم لنا نعمتَه علينا‪ ،‬وتركنا رسولُه‬
‫على مثل البيضاء‪ ،‬ليلُها ونهارُها سواء( )‪ ،‬وأخبرنا ‪-‬وهو الصّا ِدقُ المين‪-‬‬
‫‪1‬‬

‫ن خالفها( )‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أنّه ل تزال طائفة من ُأمّتي قوامةً على أمر اللّه‪ ،‬ل يضرّها مَ ْ‬

‫() يشيسسر إلى حديسسث العرباض‪ ،‬وفسسي بعسسض ألفاظسسه‪« :‬تركتسسم‬ ‫‪1‬‬

‫على البيضاء‪ ،‬ليلهسسا كنهارهسسا»‪ ،‬ومضسسى تخريجسسه (ص ‪ ،)55‬وانظسسر‬


‫«العتصام» (‪ - 1/60‬بتحقيقي)‪.‬‬
‫() يشير إلى ما أخرجه مسلم في «صحيحه» (رقم ‪)1920‬‬ ‫‪2‬‬

‫عسن ثوبان رفعسه‪ ،‬بلفسظ‪« :‬ل تزال طائفسة مسن أمتسي ظاهريسن على‬
‫الحسسق‪ ،‬ل يضُّرهسسم مسسن خذلهسسم‪ ،‬حتسسى يأتسسي أمسسر اللّه‪ ،‬وهسسم كذلك»‪،‬‬
‫والحديسث فسي «الصسحيحين» عسن المغيرة بسن شعبسة‪ ،‬ومعاويسة‪ ،‬وعنسد‬
‫مسسلم عسن جابر بسن عبداللّه‪ ،‬وجابر بسن سسمرة‪ ،‬وعقبسة بسن عامسر‪،‬‬
‫وسسعد بسن أبسي وقاص‪ ،‬وعدّه غيسر واحسد مسن العلماء مسن الحاديسث‬
‫المتواترة‪ ،‬وانظسسسسر ‪-‬غيسسسسر مأمور‪ -‬تعليقسسسسي على «العتصسسسسام» (‬
‫‪.)3/279‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫وأنّ اللّه ل يزال يغرس في هذا الدّين غرسا‪ ،‬يستعملُهم في طاعته( )‪ ،‬وقال‬
‫‪1‬‬

‫صرَاطِي مُ سْ َتقِيما فَاتّ ِبعُو هُ َولَ تَتّ ِبعُواْ ال سّبُلَ فَ َت َفرّ قَ‬
‫‪-‬تعالى‪َ { :-‬وأَنّ هَ مذَا ِ‬
‫سبِيِلهِ} [النعام‪ ،]153 :‬فكلما نشأت بدعة قيض اللّه لها مَ نْ ُيزَلزِل‬
‫ِبكُ مْ عَن َ‬
‫علَى ا ْلبَاطِلِ‬
‫أركانها‪ ،‬ويهدمُ بنيانَها‪ ،‬ويشرّدها عن أوطانها‪ ،‬ويجيء {بِا ْلحَقّ َ‬
‫فَيَ ْد َمغُ هُ َفإِذَا هُوَ زَاهِ قٌ} [ال نبياء‪ ،]18 :‬إل أن حزب البدع‪ ،‬وزخر فة أهل ها‬
‫ظمْآنُم مَاءً حَتّ ى إِذَا جَاءَ هُ لَم ْم َيجِدْ هُ شَيْئا} [النور‪:‬‬
‫{كَسَمرَابٍ ِبقِي َعةٍ َيحْ سَ ُبهُ ال ّ‬
‫‪ ،]39‬يلجمأ إلى مما لفّقمه الملفقون ممن القول‪ ،‬وزخرفمة الذيمن اتّبعوا الهوى‪،‬‬
‫لَلةَ بِا ْلهُدَى فَمَا‬
‫ش َترُواْ الضّ َ‬
‫إرضاءً للعواممّ‪ ،‬وتضليلً لهمم {أُ ْولَممِئكَ الّذِينَم ا ْ‬
‫رَ ِبحَتْ ّتجَارَ ُتهُمْ َومَا كَانُواْ ُمهْ َتدِينَ} [البقرة‪ ،]16 :‬وأنصار الحق ينادونهم في‬
‫سحِ َتكُم} [طه‪ ]61 :‬في الرض‪،‬‬
‫علَى اللّ هِ كَذِبا فَيُ ْ‬
‫كل زمان { َو ْيَلكُ مْ لَ َتفْ َترُواْ َ‬
‫ارجعوا إلى ما كان عليه أصحاب نبيكم الصادق والخلفاء الراشدون‪.‬‬
‫إنّ ال نبياء جاؤوا بالبيان الكا في‪ ،‬وقابلوا المرا ضَ بالدّواء الشّا في‪،‬‬
‫وتوافقوا على منهاج واحد‪ ،‬لم يختلف‪ ،‬فجاء الشّيطا نُ ُيحَ سّنُ للناس ما كان‬
‫عليه أهل الجاهلية‪ ،‬وما كان طريقا للوصول إليه‪ « ،‬ومن حام حول الحمى‬
‫يوشك أن يواقعه »( )‪ ،‬كما قال سيد المرسلين‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫() يشيسسر إلى مسسا أخرجسسه أحمسسد (‪ ،)4/200‬والبخاري فسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«التاريسخ الكسبير» (‪ ،)9/61‬وابسن ماجسه (رقسم ‪ ،)8‬وابسن عدي فسي‬


‫«الكامسسسل» (‪ ،)2/583‬وابسسسن حبان فسسسي «الصسسسحيح» (‪- 326‬‬
‫الحسان)‪ ،‬و«الثقات» (‪ ،)4/75‬والدولبي في «الكنى» (‪،)1/46‬‬
‫والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (‪ ،)2/445‬وابن أبي عاصم في‬
‫«الحاد والمثانسسي» (‪ ،)2497‬وابسسن الثيسسر فسسي «أسسسد الغابسسة» (‬
‫‪ ،)6/233‬والمزي فسي «تهذيسب الكمال» (‪ )34/152‬مسن حديسث‬
‫عن َبة الخولني رفعه‪« :‬ل يزال اللّه يغرس في هذا الدين بغرس‬ ‫أبي ِ‬
‫يستعملهم في طاعته»‪ ،‬وإسناده حسن‪.‬‬
‫ن الحلل بي ّن‪،‬‬‫() قطعة من حديث النعمان بن بشير‪ ،‬أوله‪« :‬إ ّ‬ ‫‪2‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫هذا؛ وقد تصفّحتُ هذه الرسالة‪ ،‬وأنعم تُ النّظرَ فيها‪ ،‬فوجدتُها مؤيّدة‬
‫بالبراه ين الجليّة‪ ،‬والدلة ال سّنّيّة‪ ،‬وإنّ الخ صم يحو مُ حولَ إرضاء العوام‬
‫لمر ما‪ ،‬أو ليقال على أنّ الحقّ أحق أن يتّبع‪ ،‬ولقد تذكرتُ ما رواه محمد‬
‫بن إ سحاق ب سنده إلى ا بن عباس‪ ،‬قال‪« :‬واللّه ما أظنّ على ظهر الرض‬
‫اليوم أحدا أحب ّ إلى الشيطان هلكا منمي‪ ،‬فقيمل‪ :‬كيمف؟ فقال‪ :‬واللّه إنمه‬
‫ليحدث البد عة في مشرق أو مغرب فيحمل ها الر جل إل يّ‪ ،‬فإذا انت هت إل يّ‬
‫قمعتها بالسّنّة فترد عليه كما أخرجها»( )‪ ،‬وقال ابن مسعود‪« :‬القتصاد في‬
‫‪1‬‬

‫ال سّنّة خيرٌ من الجتهاد في البد عة»( )‪ ،‬فهنيئا ل صاحبي الرسالة‪ ،‬ل قد اقتف يا‬
‫‪2‬‬

‫أثرَ اب نِ عباس‪ ،‬وفاها بالمر بالمعروف والنّهي عن المنكر‪ ،‬نصرةً لل سّنّة‪،‬‬

‫ن الحرام بي ّسسِن‪ ،»...‬أخرجسسه البخاري (‪ ،)2051 ،52‬ومسسسلم (‬


‫وإ ّسس‬
‫‪ )1599‬في «صحيحيهما»‪.‬‬
‫() أخرجسه الللكائي فسي «السسنة» (رقسم ‪- )12‬ومسن طريقسه‬ ‫‪1‬‬

‫ابسسن الجوزي فسسي «تلبيسسس إبليسسس» (ص ‪ -)13‬مسسن طريسسق ابسسن‬


‫إسسحاق‪ ،‬عسن الحسسن ‪-‬أو الحسسين‪ -‬بسن عبيببد ال‪ ،‬عسن عكرمسة‪ ،‬عنسه‪،‬‬
‫(ص‬ ‫وإسسناده فيسه ضعسف‪ ،‬وذكره السسيوطي فسي «مفتاح الجنسة»‬
‫‪ -‬ط‪ .‬بدر البدر)‪.‬‬ ‫‪ 138-137‬رقم ‪295‬‬
‫() أخرجسسه الدارمسسي فسسي «السسسنن» (‪ ،)1/72‬ومسسسدد فسسي‬ ‫‪2‬‬

‫رقسم ‪ )2963‬أو‬ ‫«المسسند» ‪-‬كمسا فسي «المطالب العاليسة» (‪3/90‬‬


‫(‪ - 288-3/287‬ط‪ .‬دار الوطسسن)‪ ،-‬والطسسبراني فسسي «الكسسبير» (‬
‫‪ 10/275‬رقم ‪ ،)10488‬ومحمد بن نصر في «السنة» (‪،)25‬‬
‫والحاكسسم فسسي «المسسستدرك» (‪ ،)1/103‬والبيهقسسي فسسي «السسسنن‬
‫الكسسبرى» (‪ ،)3/19‬والللكائي فسسي «السسسنة» (‪ 88 ،1/55‬رقسسم‬
‫‪ ،)114 ،14 ،13‬وابسن عبببد البر فسي «الجامسع» (‪ 2/1179‬رقسم‬
‫‪ ،)2334‬وابسسن الجوزي فسسي «تلبيسسس إبليسسس» (ص ‪ ،)8‬وصسسححه‬
‫الحاكم على شرط الشيخين‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫لم ي صانعا عواما‪ ،‬ولم يخش يا في د ين اللّه ملما‪ ،‬ولم يغترا بضخا مة قول‬
‫فلن وفلن‪ ،‬ول بمما أوّله المؤوّلون‪ ،‬أو أسمّسه على غيمر منهاج السملف‬
‫م كرههمما‬
‫المتطرّفون‪ ،‬بمل أتيما بهما على منهاج الكتاب والسمنة‪ ،‬وإن ْ‬
‫المبتدعون‪ ،‬ونفر عن مسالكها الجامدون‪ ،‬صاحا بالحقّ في قوم يعتقدون أنّ‬
‫ما عل يه قوم هم في زيّ هم وعادات هم هو ال سّنّة‪ ،‬وأنّ مَ نْ هو على غ ير‬
‫سيرتهم هو المبتدع‪ ،‬يقلبون الحقّ باطلً‪ ،‬والباطل حقّا‪ ،‬ومنتهى حُجّتهم {إِنّا‬
‫علَى آثَارِهِم ُمقْ َتدُونَ} [الزخرف‪ ،]23 :‬والحقّ في‬
‫علَى ُأ ّمةٍ َوإِنّا َ‬
‫َوجَدْنَا آبَاءَنَا َ‬
‫كل زمان ل يعدم ناصرا‪ ،‬وللباطل جولة‪ ،‬ثم يضمحل‪َ { ،‬فَأمّا الزّبَدُ َفيَذْهَ بُ‬
‫لرْضمِ} [الرعمد‪ ،]17 :‬فجزى اللّه‬
‫جُفَاءً َوَأمّام مَا يَنفَعُم النّاسَم فَ َي ْمكُثُم فِي ا َ‬
‫مؤّلفَي هذه الرسالة خيرا وأقرّ عيون أهل الحقّ بهما‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫ربيع الخر سنة‬ ‫‪15‬‬

‫المتشرّف بخدمة الكتاب والسنة‬


‫(‪)1‬‬
‫عبد القادر بدران‬

‫() هسو عببد القادر بسن أحمسد بسن مصسطفى بسن عببد الرحيبم بسن محمسد‬ ‫‪1‬‬

‫بن بدران‪ ،‬ولد في دوما قرب دمشق سنة ‪ ،1265‬وسكن دمشق‪،‬‬


‫وتلقى العلم على مشاهير علماء عصره‪ ،‬عمل مصححا ً مدة بمطبعة‬
‫الوليسسة ومحررا ً فسسي جريدتهسسا‪ ،‬ثسسم اشتغسسل بالتدريسسس والتأليسسف‪ ،‬له‬
‫تصسانيف كثيرة‪ ،‬منهسا‪« :‬المدخسل إلى مذهسب المام أحمسد بسن حنبسل»‪،‬‬
‫«شرح روضسة الناضسر» لبسن قدامسة‪« ،‬تهذيسب تاريسخ مدينسة دمشسق»‪،‬‬
‫وغيرها‪ ،‬توفي بداء الفالج سنة ‪.1346‬‬
‫انظسسر‪« :‬تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي القرن الرابسسع عشسسر» (‬
‫‪ ،)1/422‬تقديسم الخ البحاثسة محمسد ناصسر العجمسي ‪-‬حفظسه اللّه‪-‬‬
‫لسس«أخصسر المختصسرات بحاشيسة ابسن بدران» (ص ‪ ،)62-17‬وتقديسم‬
‫السستاذ الشيسخ عبببد السببتار أبسو غدة لسس«العقود الياقوتيسة» لبسن بدران‬
‫(ص ‪« ،)14-7‬منتخبات التواريسسسسخ لدمشسسسسق» (‪« ،)2/72‬العلم‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫الشرقية» (‪« ،)2/128‬العلم» (‪« ،)4/162‬معجم المؤلفين» (‬


‫‪« ،)5/283‬تراجسسسسسسم أعيان دمشسسسسسسق» (‪« ،)122‬ذكريات علي‬
‫الطنطاوي» (‪ 1/78‬و‪ 2/235‬و‪« ،)8/209‬أعلم الدب‬
‫والفن» (‪ )1/224‬لدهم الجندي‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪16‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد للّه الذي علّم بالقلم‪ ،‬علم النسان ما لم يعلم‪ ،‬وال صّلة والسلم‬
‫على سيدنا مح مد‪ ،‬الهادي إلى أقوم سُنّة‪ ،‬والدّا عي إلى سبيل ربّ ه بالحك مة‬
‫والموعظة الحسنة‪ ،‬وعلى آله الذادة عن الحقيقة‪ ،‬والقادة إلى الحب طريقة‪،‬‬
‫ما لمع بارق‪ ،‬وذرّ شارق‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫ف قد اطّلع تُ على هذه الر سالة المفيدة‪ ،‬وأعج بت ب ما أ تى به ال ستاذ‬
‫الكاممل ورفيقاه الفضلء‪ ،‬ممن النّصموص البيّنمة‪ ،‬والدلّة الجمّةم‪ ،‬لتأييمد مما‬
‫ذهبوا إليمه ممن إنكار رفمع الصموت‪ ،‬ومط ّه‪ ،‬خلف الجنائز على الوجمه‬
‫المألوف‪ ،‬والنّمط المعروف‪ ،‬مما برح به الخفاء‪ ،‬وحصحص الحق‪.‬‬
‫ومَ نْ وقف على هذه النّصوص‪ ،‬وكان على شيء من النصفة‪ ،‬وعلم‬
‫ما ي جب أن يكون عل يه الذّا كر من الدب والخضوع‪ ،‬ورأى ما جرت به‬
‫العادة‪ ،‬في الزمنة المتأخّرة مِن َرفْع الصوات ومطّها‪ ،‬بصورة منكرة ل‬
‫يرضى أن يذكر بمثلها الرّعاع والغوغاء‪ ،‬ل شك في أنّ هذه المسألة بدعة‬
‫‪ ،‬ول في ع هد الخلفاء الراشد ين و من‬ ‫منكرة‪ ،‬لم ت كن في ع هد النّ بيّ‬
‫بعدهم‪ ،‬من رجالت الدّين‪ ،‬الذين يعتدّ بأقوالهم فيه‪ ،‬ويحتجّ بأفعالهم‪ ،‬ولول‬
‫سنّة بيّنة‪.‬‬
‫انقطاع الوحي لنزل في تحريمها قرآن محكم‪ ،‬أو جاءت ُ‬
‫وإنّ العاقلَ ليأ سف ‪ -‬جد ال سف‪ -‬م ما آل إل يه أ مر الم سلمين‪ ،‬من‬
‫التّضارب والختلف فمي كثيمر ممن الحكام‪ ،‬والتماس كمل فريمق وسميلة‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫لتأي يد قوله‪ ،‬ون صرة نف سه‪ ،‬ب عد أن كان ال صحابة ‪-‬ر ضي اللّه عن هم‪ -‬ل‬
‫سمنّة مأثورة‪ ،‬ول يقيمون‬
‫يعولون فمي أمور الدّيمن إل على آيمة منزّلة‪ ،‬أو ُ‬
‫وزنا لغ ير ذلك‪ ،‬واحتذى على مثال هم من بعد هم حذو القُذّة بالقُذّة‪ ،‬ولم ي كن‬
‫أحدُهم إذا رأى الحقّ في غير ما ذهب إليه ليكبر أن يرجع إلى الحق‪ ،‬وإن‬
‫حجّ ة ما ل يعجزه عن التماس و جه يؤيّ د به‬
‫لد يه من الل سن والل حن في ال ُ‬
‫قوله‪ ،‬ذلك لنهمم كانوا يتوخّون الحقّم الصمّراح‪ ،‬ويربأون بأنفسمهم عمن‬
‫خلَ فٌ اعتقد‬
‫خلَ فَ من بعدهم َ‬
‫التّشبّث بالدلة الموهونة‪ ،‬والشّبَ هِ الواهية‪ ،‬ثم َ‬
‫كلّ من هم أ نه ي صيب سوا َء المف صل‪ ،‬في كل ما يقول‪ ،‬وز عم لنف سه من‬
‫الرّسموخ فمي العلم‪ ،‬والسمّداد فمي الرّأي مما شاء‪ ،‬وشاء له الهوى‪ ،‬فأصمبح‬
‫الدين في ذلك ميدانا للجدل‪ ،‬وحلية للخصام والتّماحك‪ ،‬وبات من العُسر أن‬
‫يرى الن سانُ م سألةً يأ من في ها من خلف‪ ،‬أو حكما يخلو مما يناقضه‪ ،‬ثم‬
‫تفاقم المر‪ ،‬فأفردت كل مسألة في كتاب مستقل‪ ،‬أو بكتب‪ ،‬كما يتمثّل ذلك‬
‫جليا فمي شرب الدخان( )‪ ،‬والتّقليمد‪ ،‬والتلفيمق‪ ،‬وسمماع اللت‪ ،‬وصملة‬
‫‪1‬‬

‫ركعت ين ق بل المغرب‪ ،‬ور فع ال صّوت خلف الجنازة‪ ،‬والتّهال يل‪ ،‬إلى غ ير‬
‫هذا ممما يتعذّر الحاطمة به‪ .‬ولو أنعمنما النّظرَ في ال سباب‪ ،‬وبحثنما عن‬
‫العلل؛ لتّضمح لنما ‪-‬بأجلى وجمه‪ -‬أنّ عّلةَ العلل فمي ذلك‪ :‬حبّ الظّهور‪،‬‬
‫والسّعيُ وراء السّمعة‪.‬‬
‫تمحيصم الحمق‪ ،‬وإظهارُ الحقيقمة فحسمب‪ ،‬مما حُفِظ‬
‫ُ‬ ‫ولو أنّ الغايةَ‬
‫خلف في غلف‪ ،‬ول اتّ سعت رقعةُ الف قه إلى در جة يتعذّر على الن سان‬

‫ت فسي الطبعسة الثانيسة مسن «التعليقات الحسسان» على‬ ‫() ذكر ُس‬ ‫‪1‬‬

‫«تحقيسسق البرهان فسسي شأن الدخان» للشيسسخ مرعسسي الكرمسسي (ت‬


‫‪1033‬هس ‪1623 -‬م) تسعة وثمانين عنوانا ً لرسائل تراثية صنِّفت‬
‫ت ‪-‬بعسسد‪ -‬نحسسو نصسسفها‪ ،‬ولعلي أخ ّسُ‬
‫صها فسسي‬ ‫فسسي الدخان‪ ،‬ثسسم اسسستدرك ُ‬
‫مصنَّف مفرد‪ ،‬واللّه المستعان‪.‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫أن يكون معها فقيها( )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وبعد هذا‪:‬‬
‫فإنّ فيما أتى به الستاذ الكامل ورفيقاه الفضلء‪ ،‬من الحجج البالغة‪،‬‬
‫والبرهانات الدّامغمة‪ ،‬مقنعا للمرتاب‪ ،‬وبلغا لولي اللباب‪ ،‬فجزاهمم اللّه‬
‫خيمر مما جزى ذابّا عمن الحمق‪ ،‬وقامعا للبدع المنكرة‪ ،‬وأكثمر فمي الممة‬
‫أمثالهم من الغير على إماطة كل أذىً عن الدّين‪ ،‬وإماتة كلّ بدعةٍ أُل صِقت‬
‫سكِ بالعروة‬
‫به‪ ،‬وأر شد الم سلمين إلى العت صام بح بل الدّ ين المت ين‪ ،‬وال ّت َم ّ‬
‫الوثقى‪ ،‬فما ذلك عليه بعزيز‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫جمادى الولى سنة‬ ‫‪3‬‬

‫كتبه‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد سليم الجندي‬

‫() هذا كلم فيه دقة‪ ،‬ويدل على نور البصيرة عند كاتبه‪ ،‬فأفقه‬ ‫‪1‬‬

‫الصحابة ‪-‬على الطلق‪ -‬أبو بكر وعمر‪ ،‬على الرغم من قلة ما ينقل‬
‫عنهما ‪-‬رضي اللّه عنهما‪ -‬من آراء في بطون الكتب‪ :‬المسندة وغير‬
‫المسسسندة‪ ،‬ومسن أقوى الدلة على اتسسساع فقههمسسا‪ ،‬ودقتسسه‪ ،‬وصسسدقه‪،‬‬
‫وكونسه حقاً‪ :‬إبقاء نظسم الحياة ‪-‬فسي الجملة‪ -‬فسي عصسريهما على هدي‬
‫النبوة‪ ،‬وكان هذا شعارا ً لبي بكر في إنفاذ بعث أسامة‪ ،‬فتدبّر!‬
‫() هسو محمسد سسليم بسن محمسد تقسي الديسن بسن محمسد سسليم‬ ‫‪2‬‬

‫الجندي‪ ،‬ولد بمعرة النعمان فسسي ‪ 28‬رمضان عام ‪1298‬هسسس‪ ،‬نشسسأ‬


‫فسي حجسر والده‪ ،‬وتعلم القرآن على شيوخ المعرة فأتمسه عليهسم‪ ،‬ثسم‬
‫دخل المكتب الرشدي فاجتاز سنوات الدراسة الربع بسنتين فقط‪،‬‬
‫هاجسسر عام ‪ 1319‬مسسع والده إلى دمشسسق‪ ،‬وفسسي عهسسد الحكومسسة‬
‫العربيسة عيسن منشئا ً أول فسي ديوان الحاكسم العسسكري‪ ،‬وتنقسل فسي‬
‫وظائف آخرها جعله أستاذا ً للدب العربي في مدرسة تجهيز الذكور‬
‫بدمشسق‪ ،‬وبقسي حتسى عام ‪1359‬هسس فأحيسل على التقاعسد لبلوغسه‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪17‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫خلَق َم النسمان‪ ،‬وعلممه البيان‪ ،‬وحفمظ هذا‬


‫حمدا للملك الرحممن‪ ،‬مَن َ‬
‫الدّين بأهل العلم والتقان‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد أجلْ تُ طرف الطرف في هذه الرسالة المؤلّفة‪ ،‬التي صاغها بنان‬
‫الفاضل الشّهير‪ ،‬والعالم العامل النّحرير‪ ،‬الشيخ كامل القصّاب‪ ،‬ذي الشأن‪،‬‬
‫والقدر المهاب‪ ،‬فوجدت ممن جملة فضائله وإرشاده ونصمحه للممة‪ ،‬نشمر‬
‫هذه العجالة‪ ،‬المؤيّ د موضوع ها بالدلة ال صّحيحة‪ ،‬و في تأي يد موضوع ها‬
‫صريحة ل يرتاب فيها فاضل‪ ،‬وكم ترك للواخر الوائل؟! فاتّباع ما صح‬
‫فمي الشرع همو الولى والحرى‪ ،‬والسمتعداد للدار الخرى همو مرممى‬
‫ما خي َر الجزاء‪،‬‬
‫مق‪ ،‬ل المور الخرى‪ ،‬فجزى اللّه ‪-‬تعالى‪ -‬جامعَهم‬
‫المحقم‬

‫الستين‪ ،‬منحته الحكومة السورية عام ‪1360‬هس وسام الستحقاق‬


‫تقديرا ً للجهود التي بذلها طوال ثلثين عاما ً في تعليم اللغة العربية‪،‬‬
‫مرفد‬‫من كتبه‪« :‬المنهل الصافي في العروض والقوافي»‪ ،‬كتاب « ُ‬
‫المعل ِّم ومرشد المتعل ِّم»‪ ،‬وغيرها‪ ،‬توفي بدمشق يوم الثنين ‪ 8‬ربيع‬
‫الول سنة ‪.1375‬‬
‫انظسسسر ترجمتسسسه فسسسي‪ :‬مجلة « المجمسسسع العلمسسسي العربسسسي» (‬
‫‪ 724 ،8/317‬و‪« ،)31/143‬أعلم الدب والفسسسن» (‪،)1/53‬‬
‫« تاريسسسخ معرة النعمان» (‪ )16-1/1‬بقلمسسسه‪« ،‬العلم» للزركلي (‬
‫‪.)6/148‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫ووفقنا وإياه للشتغال بكل خير‪ ،‬وحفظه من كل سوء وضير‪ ،‬وجعله من‬
‫ن خالف هم ح تى يأ تي‬
‫الطّائ فة المبار كة الظّاهر ين على الح قّ‪ ،‬ل يضر هم مَ ْ‬
‫أمر اللّه‪ ،‬وهم على ذلك‪ ،‬والشكر للّه على ذلك‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫جمادى الولى سنة‬ ‫‪5‬‬

‫مفتي دوما‬
‫(‪)1‬‬
‫مصطفى الشّطي‬

‫() هسسو مصسسطفى بسسن أحمسسد بسسن حسسسن بسسن عمسسر بسسن معروف‬ ‫‪1‬‬

‫الشطسي‪ ،‬ولد سسنة ‪1272‬هسس‪ ،‬ونشسأ فسي رعايسة والده وعمسه‪ ،‬ولزم‬
‫دروسهما‪ ،‬أخذ علم التصوف عن الشيخ محمد الدندزاوي لما اجتمع‬
‫بسسه سسسنة ‪1305‬هسسس‪ ،‬تولى الخطابسسة والتدريسسس فسسي المدرسسسة‬
‫الباذرائية‪ =،‬وفي = سنة ‪1300‬هس صار كاتبا ً في محكمة البزورية‪،‬‬
‫وفسي سسنة ‪1327‬هسس تولى التدريسس فسي قضاء دومسا‪ ،‬ثسم فسي سسنة‬
‫‪1331‬هس س وجهسست عليسسه الفتوى فيهسسا‪ ،‬فاسسستقر هناك حتسسى أواخسسر‬
‫حياته‪ ،‬توفي سنة ‪1348‬هس‪.‬‬
‫انظسر‪ « :‬تاريسخ علماء دمشسق فسي القرن الرابسع عشسر الهجري»‬
‫(‪« ،)1/445‬مختصسسر طبقات الحنابلة» (‪ « ،)177-176‬معجسسم‬
‫المؤلفين» (‪.)12/237‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪18‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الح مد للّه وحده‪ ،‬وال صّلة وال سّلم على من ل نبيّ بعده‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه‪ ،‬النّاصرين للسّنّة والدّين‪ ،‬الخاذلين لبدع المبتدعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذا كتاب جليمل فمي بابمه‪ ،‬عديمم المثيمل‪ ،‬موافمق لصمل الشرع‬
‫الحن يف‪ ،‬الخالي من البدع والتّحر يف‪ ،‬ك يف ل؟ و قد شهدت له الفا ضل‪،‬‬
‫وأذع نت جميعا بأ نه الفا ضل‪ ،‬وناه يك بهذه الشّهادة‪ ،‬ف هي خات مة الحُ سنى‬
‫وزيادة‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫جمادى الولى سنة‬ ‫‪15‬‬

‫الفقير إليه ‪-‬سبحانه‪-‬‬


‫(‪)1‬‬
‫خالد النقشبندي الزهري‬

‫() هسسسو حفيسسسد الشيسسسخ خالد النقشبندي الصسسسوفي‪ ،‬الذي جلب‬ ‫‪1‬‬

‫الطريقسة النقشبنديسة إلى دمشسق‪ ،‬وكان حفيده سسلفياً‪ ،‬مدرسسا ً فسي‬


‫الجامسسسع الموي‪ ،‬انظسسسر «ذكريات علي الطنطاوي» (‪،)78-1/77‬‬
‫وانظسسر عسسن جده‪« :‬تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي القرن الرابسسع عشسسر‬
‫الهجري» (‪« ،)3/334‬منتخبات التواريسسسسسسخ لدمشسسسسسسق» (‪،650‬‬
‫‪.)672‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬

‫‪19‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الح مد للّه على ما أن عم من البيان‪ ،‬وأرشد نا بف ضل هد يه إلى معالم ال سّنّة ال سّنيّة‬


‫وآي القرآن‪ ،‬وهدانا بهذين الطّريقين الواضحين سُبُلَ السّلم‪ ،‬صلّى اللّه على سيّدنا محمد‬
‫القائل‪ « :‬من ع مل عملً‪ ،‬ل يس عل يه أمر نا؛ ف هو رد»( )‪ ،‬و سلم ت سليما كثيرا ما تعا قب‬
‫‪1‬‬

‫النوآن‪ ،‬وتناوب الجديدان‪ ،‬وعلى آله وصمحبه الخيار‪ ،‬والمقتفيمن أثرهمم إلى يوم الديمن‪،‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫أجلتم إنسمان الطرف فمي هذه الرسمالة «النّقمد والبيان فمي الرد على أوهام‬ ‫ُ‬ ‫فقمد‬
‫الفاضل خزيران»‪ ،‬فوجدتها قد حو تْ نصوصَ مذاهب المسلمين‪ ،‬ووافقت عمل ال سّلف‬
‫ال صالح والتابع ين‪ ،‬لذلك حُقّ ل ها أن تكون كلمتها العليا‪ ،‬ك ما يكون لمستقبلها من المآ ثر‬
‫الح سنى‪ ،‬فجزى اللّه المؤّلفَ ين الفاضل ين المرشد ين‪ ،‬على ما أود عا في نقده ما من روح‬
‫هذا الدّين الحنيف‪ ،‬وتوخّيا في بيانهما راجح القوال من كل صحيح‪ ،‬فكان من كل النّقد‬
‫والبيان‪ ،‬أعلم واض حة‪ ،‬و سبل نيرة‪ ،‬يظ هر من ها ل كل ذي ب صيرة ذاك النّورُ المقت بس‪،‬‬
‫س َنةِ} [الن حل‪،]125 :‬‬
‫ظةِ ا ْلحَ َ‬
‫عَ‬‫ح ْكمَةِ وَا ْلمَوْ ِ‬
‫سبِيلِ رَبّ كَ بِا ْل ِ‬
‫من آي اللّه في قرآ نه‪{ :‬ادْ عُ ِإلِى َ‬
‫ف ما أجدر نا أن نهتدي بهدي القرآن الكر يم‪ ،‬وع مل سيّد المر سلين‪ ،‬أفل يس من هدي اللّه‬
‫شيْءٍ َفرُدّو هُ ِإلَى اللّ هِ وَالرّ سُولِ} [الن ساء‪ ،]59 :‬فكان ال صّحابة‬ ‫قوله‪َ { :‬فإِ نْ تَنَازَعْتُ مْ فِي َ‬
‫والتابعون( ) مع علوّ مكانتهم‪ ،‬وعظيم فضائلهم‪ ،‬ل يعظّمون جنائزهم بالضّجيج والعَجيج‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ول بذاك المفرد المصمطلح عليمه اليوم‪ ،‬ممما أدّى الممر إلى إحياء بدع‪ ،‬وإماتمة سمنن‪،‬‬
‫وحا شا للّه أن ين سب من يحذو حذو ال سّنّة المطهرة إلى الزراء أو المتهان! إنّ والدي‬
‫المرحوم( ) قد خلت جنازته( ) من مثل هذه البدع؛ فلم تزل سيرتُها الحسنة تتناقلها اللسن‬‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مضى تخريجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.)14‬‬ ‫() انظر ما علقناه على (ص‬ ‫‪2‬‬

‫جي‪ ،‬ول حرج حينئذ في استخدامها‪.‬‬ ‫() تذكر على التّر ّ‬ ‫‪3‬‬

‫جم‪ ،‬كما سيأتي قريباً‪.‬‬


‫ت من ذلك ‪-‬أيضاً‪ -‬جنازة المتر َ‬ ‫خل َ ْ‬
‫() و َ‬ ‫‪4‬‬
‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»وإلى ما شاء اللّه أن تذ كر‪ ،‬ف ما أف ضل التّم سّك بالمن هج القو يم! و ما‬
‫في عداد المآ ثر‪،‬‬
‫أوجب الح ثّ عل يه من ذوي العلم وقادة ال مة! فالتّساهل في كل شيء قد أودى ب نا إلى‬
‫هذا النحطاط‪ ،‬الذي أثقل كاهلنا‪ ،‬أليس من هديه ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬قوله‪« :‬لتأمرنّ‬
‫بالمعروف‪ ،‬ولتنهونّ عن المن كر‪ ،‬أو لي سلطنّ اللّ هُ علي كم شرار كم‪ ،‬فيد عو خيارُ كم‪ ،‬فل‬
‫يستجاب لهم»( )‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫مع‬ ‫مل التّضرّعات والبتهالت‪ ،‬مم‬ ‫مد على ترتيم‬ ‫مي درء تلك المفاسم‬ ‫مار فم‬‫فالقتصم‬
‫العتراض( ) عن كل مخرّف أو مُحدَث في الد ين ما ل يس م نه‪ ،‬ل ير فع وجوب ال مر‬ ‫‪2‬‬

‫بالعرف( ) والنهي عن المنكر‪ ،‬كفانا ما أسند أهل الزّيغ من الوصمات إلى أصل الدّين‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫بسبب هكذا أعمال خالفت أصله المؤصل‪ ،‬وركنه الموطّد‪ ،‬هذا ما أدمى القلوب‪ ،‬إننا بين‬
‫ظهراني طوائف متنوّعة‪ ،‬تعلم معالمنا القويمة‪ ،‬وتستخفّ من انتباذها‪ ،‬وبين أمم زائغة‪،‬‬
‫ديدنها النّقد والهزء‪ ،‬مع ما هي عليه من الجهل المركّب‪ ،‬فما أوجب أن نتحصّن بأصول‬
‫حكِي مٍ‬‫خ ْلفِ هِ تَنزِيلٌ مِ نْ َ‬ ‫هذا المل جأ المم نع‪ ،‬الذي {لَ َيأْتِي هِ ا ْلبَاطِلُ مِن بَيْ نِ يَ َديْ هِ َولَ مِ نْ َ‬
‫حمِيدٍ} [ف صلت‪ ،]42 :‬و ما أل يق أن نتك مل بقول عز من قائل‪{ :‬الْيَ ْو مَ َأ ْك َملْ تُ َلكُ مْ دِي َنكُ مْ‬ ‫َ‬
‫علَ ْي ُك مْ ِن ْعمَتِي} [المائدة‪ ،]3 :‬فضلً ع ما وراء ذلك من نتائج ح سنة‪ ،‬تعزّز روح‬ ‫َوأَ ْت َممْ تُ َ‬
‫حياتنا الجتماعية من كل وجه‪ ،‬هذا رفع ال صّوت بالذّكر أمام الجنائز ‪-‬فضلً عن غيره‬
‫من التّمطيط والتّشدّق‪ -‬لهو جزئية من جزئيات بدع شوهت أصل الدين‪ ،‬بنظر كل جاهل‬
‫ف يه‪ ،‬ول كن كم من بد عة صغيرة لم تل بث ح تى اّت سع خرق ها‪ ،‬وع ظم وزرُ ها‪ ،‬و كم من‬
‫محرمات ومستنكرات هكذا كان بدؤها؟‬
‫فاربأوا أهل السلم بدينكم عن طعن الطّاعنين‪ ،‬واستثمروا نتائجه التي ترقى بنا‬
‫إلى أوج ال سّعادة والفلح {يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ ا ّتقُواْ اللّ هَ وَآمِنُواْ ِبرَ سُوِلهِ ُيؤْ ِتكُ مْ ِك ْفلَيْ نِ مِن‬
‫غفُورٌ رّحِيمٌ} [الحديد‪.]28 :‬‬
‫جعَل ّلكُمْ نُورا َت ْمشُونَ ِبهِ َو َي ْغفِرْ َلكُمْ وَالّلهُ َ‬
‫حمَ ِتهِ وَ َي ْ‬
‫رّ ْ‬
‫() أخرجسسه الترمذي (‪ ،)2169‬وأحمسسد (‪ ،)391 ،390 ،5/388‬وفسسي‬ ‫‪1‬‬

‫«الزهد» (‪ ،)2/136‬وابن أبي الدنيا في «المر بالمعروف» (رقم ‪- )12‬ومن‬


‫طريقسسسه عببببد الغنبببي المقدسسسسي فسسسي «المسسسر بالمعروف» (‪ ،-)48‬والبيهقسسسي (‬
‫‪ ،)10/93‬والخطيسسب فسسي «تالي تلخيسسص المتشابسسه» (‪ 529-2/528‬رقسسم‬
‫‪ - 322‬بتحقيقسي)‪ ،‬وأبسو نعيسم فسي «الحليسة» (‪ ،)1/279‬والمزي فسي «تهذيسب‬
‫الكمال» (‪ 4/407‬و‪ ،)15/234‬والذهسسبي فسسي «السسسير» (‪ )18/298‬مسسن‬
‫حديث حذيفة‪ ،‬وبعضهم وقفه عليه‪ .‬وحسنه الترمذي‪ .‬وفي الباب عن جمع‪.‬‬
‫() كذا في الصل! ولعل الصواب‪« :‬العراض»‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() كذا في الصل! ولعل الصواب‪« :‬المعروف»‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫«النقد والبيان في دفع أوهام‬
‫خزيران»‬
‫هم غفرانا على ما اقترفناه‪ ،‬ومعونةً على كل ع مل ترضاه‪ ،‬والح مد للّه‬ ‫فن سألك الل‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫‪1344‬‬ ‫جمادى الولى سنة‬ ‫‪20‬‬

‫كتبه‬
‫(‪)1‬‬
‫سعيد الحمزاوي‬

‫() هسسو محمسسد بسسن سسسعيد بسسن درويسسش آل حمزة‪ ،‬الشهيسسر بالحمزاوي‪ ،‬ولد‬ ‫‪1‬‬

‫بدمشسسق سسسنة ‪1313‬هسسس‪ ،‬وتعلم فيهسسا متلقيا ً عسسن كبار علمائهسسا‪ ،‬كالمحدث بدر‬
‫الديسن الحسسني‪ ،‬وحصسل على إجازات كثيرة منهسم‪ ،‬كمسا حصسل مسن دمشسق على‬
‫الشهادة الثانوية‪ ،‬تولى نقابة الشراف في شعبان سنة ‪1361‬هس‪ ،‬وظل يشغلها‬
‫حتسى وفاتسه‪ ،‬توفسي بحسي المهاجريسن فسي دمشسق صسباح الثلثاء ‪ 27‬ربيسع الول‬
‫‪ ،1398‬وجاء فسي ورقسة نعيسه‪« :‬اعتذار عسن عدم قبول أكاليسل= =الزهور‪ ،‬بناء‬
‫على وصسيته‪ ،‬التسي أوصسى فيهسا ‪-‬أيضاً‪ -‬أن يمشسي المشيعون بهدوء وسسكينة‪ ،‬مسع‬
‫عدم رفع الصوات»‪ ،‬وهكذا أوصى أبوه‪ ،‬كما تقدم في كلمته‪.‬‬
‫ترجمتسسه فسسي‪« :‬تاريسسخ علماء دمشسسق فسسي القرن الرابسسع عشسسر الهجري» (‬
‫‪« ،)2/940‬إتحاف ذوي العنايسسة» ( ‪« ،)65‬ذكريات علي الطنطاوي» (‬
‫‪ 1/204‬و‪ 5/109‬و‪ 3/280‬و‪.)4/149‬‬

‫وفرغست مسن التعليسق عليسه‪ :‬ضحسى يوم الخميسس ‪/20‬جمادى الولى‪/‬سسنة‬


‫‪1422‬هس‪ ،‬والحمد اللّه الذي بنعمته تتم الصالحات‪.‬وصلى اللّه على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

You might also like