You are on page 1of 16

‫تقديـــــــــم‬

‫‪:‬مشروعية الحق المالي‬ ‫المحور الول‬


‫‪ :‬في الفقه السلمي‬ ‫أول‬
‫‪:‬في القانون الوضعي‬ ‫ثانيا‬
‫المحور الثاني‪:‬طبيعة الحق المالي للمؤلف‬
‫و خصائصه‬
‫‪ :‬طبيعة الحق المالي‬ ‫أول‬
‫‪:‬خصائص الحق المالي‬ ‫ثانيا‬
‫المحور الثالث‪:‬إستغلل الحق المالي للمؤلف‬
‫و إجراءات الحماية‬
‫‪:‬إستغلل الحق المالي للمؤلف‬ ‫أول‬
‫‪ :‬عن طريق عقد النشر‬ ‫أ‬
‫‪ ‬شروط عقد النشر‬
‫‪ ‬ٱثار عقد النشر‬
‫‪ :‬عن طريق الترجمة‬ ‫ب‬
‫‪ :‬عن طريق إظهاره في حلة جديدة‬ ‫ج‬
‫‪:‬إجراءات الحماية‬ ‫ثانيا‬
‫‪ :‬الحماية المدنية‬ ‫أ‬
‫‪ :‬الحماية الجنائية‬ ‫ب‬
‫خـــــــاتمة‬
‫رغم التباين الشديد بين ظاهرة الدب والفن و الظاهرة القانونية سواء من حيث الطبيعة الذاتية أو من‬
‫حيــث الوظائف و الهداف فإن كليهمــا يعــد واحدا مــن التجليات الســاسية للعقــل البشري منــذ فجــر‬
‫التاريخ‪.‬إذ يعتبر النتاج الفكري إرثا حضاريا يختزل معني الوجود وفاعليته داخل كل أمة ليس فقط في‬
‫المجال العلمـي أو الدبـي بـل كذالك المجال القانونيـة وذالك مـن خلل مـا أنتجـه الفقهاء و المشرعون‬
‫الولون فل أحـد ينكـر الدور الكـبير الذي لعبـه التأليـف عـبر التاريـخ ومـا قدمـه مـن معارف و اكتشافات‬
‫كانـت أسـاس النهضـة الحديثـة فـي شتـى المجالت والمعارف و القوانيـن فبالتأليـف يتـم توثيـق روابـط‬
‫الوحدة الجماعية وتدوين سجل المة وحماية تاريخها وحفظ ذاكراها مما يضمن التفاعل الحضاري بين‬
‫الخلف والسـلف فالتأليـف و مـا يجسـده مـن أنماط الفكـر النسـاني ومـا ينتجـه مـن تطلعات وأفكار ورؤى‬
‫وعلوم ومعارف وقوانين أصلت وتؤصل لفعل حركة تختزل كمون البداع المتجدد مع صيرورة الزمان‬
‫ومـا يضمره مـن روحيـة المعرفـة وجوهرهـا الصـيل القابـل للتفاعـل مـع مختلف أشكال التعـبير إذ إننـا‬
‫عندمـا نتحدث عـن التأليـف و البداع فإننـا لم نقتصـر فقـط على مجالي الدب والفـن أو العلوم بـل كذالك‬
‫تطور الفكار القانونية داخل كل المجتمعات وإذا كانت جذور ظاهرتي الدب و القانون ضاربة في القدم‬
‫فإن من الطبيعي أن تنشأ بينهما عبر الحقب و العصور علقات تتأرجح بين التأثير و التأثر و التفاعل‬
‫أحينــا وبيــن الصــراع ومحاولة الخضاع أحينــا أخرى‪.‬إذ أن دور القانون ليــس هــو إلغاء الخاصــيات‬
‫المميزة للظاهرة البداع و التأليــف فــي إطار اســتقللها أو ارتباطهــا بالمجال الدبــي وإنمــا الســهام‬
‫اليجابي في تحديد النظام الذي يخضع له المصنف باعتباره موضوعا يرد عليه النتاج الدبي و الفني‬
‫وكذا المؤلف باعتباره صـاحب هذا النتاج خاصـة فـي جانبـه المادي‪.‬ومـن هنـا تـبرز عدة إشكالت أهمهـا‬
‫ما مدى مشروعية الحق المالي للمؤلف؟ وما هي طبيعة هذا الحق؟ وما هي خصائصه؟ وكيف يستغل‬
‫المؤلف حقه المالي؟ وما هي إجراءات الحماية في هذا الطار ؟‬
‫مشروعية الحق المالي‬ ‫المحور الول ‪:‬‬
‫ل يمكننا أن نقول بعدم مشروعية الحق المالي للمؤلف أي ما يأخذه من مقابل لنتاجه الذهني لكننا‬
‫نسـتنكر طابـع المغالة فـي هذا المقابـل وبالرجوع إلى السـياق التاريخـي فإن إقرار مبدأ مشروعيـة الحـق‬
‫المالي قد أثار خلفا فقهيا كبيرا في الفقه السلمي كما أن اهتمام القوانين الوضعية بهذا الموضوع لم‬
‫يتبلور إل فـــي وقـــت قريـــب‪ .‬إذ ســـنقوم بتحديـــد مشروعيـــة الحـــق المالي للمؤلف فـــي إطار الفقـــه‬
‫السلمي)أول‪(.‬ثم سنبرز مشروعية هذا الحق في القانون الوضعي) ثانيا(‬

‫أول ‪ :‬مشروعية الحق المالي في الفقه السلمي‬


‫إن مشروعية الحق المالي للمؤلف له أهمية كبيرة في تحديد اللتزامات والحقوق إل أنه ظهر اختلف‬
‫فقهي حول مشروعية هذا الحق إل أن الفقهاء انقسموا في هذا الطار إلى اتجاهين فقهيين‬

‫فالتجاه الول يذهــب إلى القول بعدم مشروعيــة مــا يحصــل عليــه المؤلف مــن مقابــل مالي لجهده‬
‫الذهنـي فـي مصـنفه وقـد اسـتدل أنصـار هذا التجاه بأن حبـس المؤلف لمصـنفه عـن الطبـع و التداول إل‬
‫بمقابل مالي يحصل عليه‪ ،‬يعتبر من قبيل كتمان العلم وبالتالي يحق عليه قول الرسول(صلى ال عليه‬
‫وسـلم)"مـن كتـم علمـا جاء يوم القيامـة ملجمـا بلجام مـن نار"وهذا القول يفيـد حرمـة مـا يحصـل عليـه‬
‫المؤلف مـن مقابـل مالي‪ ،‬إذ يؤكـد أصـحاب هذا التجاه على أن العلم قربـة وطاعـة وهـو ليـس مـن قبيـل‬
‫الصنعة أو الحرفة ويجب على المؤلف في هذا العصر القتداء بالسلف الصالح‬

‫ويرد على هذا التجاه بأن علة التحريم الواردة في الحديث هي الكتمان وليست المعاوضة فكتمان العلم‬
‫ينزل بمنزلة احتكار المنافـع إذ أوجـب الشرع بيـع المواد المحتكرة بأثمنـة معقولة تحفـظ لكـل ذي حـق‬
‫حقـه ويدخـل فـي هذا الطار مـا يأخذه المؤلف مـن مقابـل عـن جهده الذهنـي كمـا أن الفتراض الذي يقوم‬
‫على أن تأليف المصنفات وبيعها يعتبر من قبيل التجارة إل أن هذا الفتراض ل يتفق مع أي معيار من‬
‫معاير العمل التجاري الذي يقوم أساسا على عنصر المضاربة‬

‫أمـا التجاه الثانـي فيرى أنـه ليـس هناك مـا يمنـع شرعـا مـن حصـول المؤلف على مقابـل مالي لنتاجـه‬
‫الذهنـي وذالك نضرا لمـا يحتله النتاج الفكري مـن أهميـة فـي المجتمـع‪ ،‬خاصـة أن المؤلف قـد يتحمـل‬
‫أعباء ماديـة مـن أجـل إعداد إنتاجـه الفكري‪ ،‬كمكتبـة غنيـة بالمصـادر و المراجـع فضل عـن حاجتـه إلى‬
‫نفقات مـن أجـل طبـع المؤلف وإخراجـه إلى الوجود وهـل يمكـن القول بأن كسـب دور النشـر حلل أمـا‬
‫المؤلف فحرام عليه أن يناله من هذا الكسب نصيب‪ .‬فمشروعية الحق المالي للمؤلف هو حق ثابت لن‬
‫النتاج الذهني يمثل أصل مـا ينتفع بـه النسان مـن وسائل العيـش التـي هي تطبيق لهذا النتاج الذهني‬
‫وثمرة لعطائه‪ ،‬ولول هذا الجهـد الفكري فـي كـل مياديـن الحياة لبقيـت هذه المنافـع بدائيـة‪ .‬كمـا أن الجهـد‬
‫المبذول فـي تصـنيع هذه الوسـائل ليـس كالجهـد المبذول فـي إبداع أصـلها الذهنـي‪ ،‬خاصـة إذ تمثـل دور‬
‫البداع الذهني في تحويل ما ليس له قيمة في الواقع إلى شيء نافع وله أهمية بالغة في حياة البشرية‬
‫أو تحويل ما هو ضار إلى شيء نافع مثل اللقاحات و المصال التي هي عبارة عن بكتيريا ضارة‪.‬‬

‫ومــن هذا المنطلق يمكننــا أن نتفــق على مشروعيــة الحــق المالي للمؤلف بشرط أن يكون العوض‬
‫مناسبا وغير مبالغ فيه حتى يستفيد الجميع من هذا البداع الفكري‬
‫ثانيا ‪ :‬مشروعية الحق المالي في القانون الوضعي‬
‫رغـم أن بعـض الفقهاء و الدباء و الفلسـفة أمثال {مازنـي }قـد تصـدوا وبشدة لفكرة الملكيـة الدبيـة أي‬
‫مشروعيــة الحــق المالي للمؤلف‪ .‬إل أن جــل القوانيــن الوضعيــة دافعــة عــن هذا الحــق واعتــبرته حــق‬
‫طبيعي ولصيقا بشخصية المؤلف وإنسانيته لذا فقد كفلته مختلف تشريعات العالمية إذ تمت بلورة كثير‬
‫مـــن المبادئ العامـــة المُنَضَمَــة فـــي هذه القوانيـــن والمســـتقاة مـــن المعاهدات والتفاقيات الدوليـــة و‬
‫الجتهادات الفقهيـة وكذا السـوابق القضائيـة داخـل نطاق قانونـي يحمـي حـق المؤلف لكـن التقدم التقنـي‬
‫المتسـارع والعولمـة التـي أصـبحت تفرض نفسـها كإطار اقتصـادي وثقافـي وسـياسي يربـط بيـن الدول‬
‫والشعوب فرض مبدأ مراجعــة القوانيــن المُنَضمَة لطار حمايــة الملكيــة الفكريــة هذا النشاط النســاني‬
‫المتميـز الذي تجمـع جميـع النظـم القوانيـن السـائدة فـي العالم على أن حمايـة هذه الملكيـة أمـر ضروري‬
‫يقتضي تطوير مفهوم وأساليب هذه الحماية في نطاق القانون الوطني أو الدولي خاصة وأن الجتهدات‬
‫وتعديلت القانونيــة مــا تلبــث أن تصــبح متجاوزة إذ حرصــت التشريعات و القوانيــن الخاصــة بحقوق‬
‫المؤلف وكذالك التفاقيات الدولية على كفالة الحماية اللزمة و الملئمة لحقوق المؤلف وذالك من أجل‬
‫ضمان حمايـة وسـلمة المصنفات المحمية من أية تحريفات أو أضرار‪،‬وكذا ضمان حقوق المؤلف على‬
‫هذه المصنفات ‪ .‬لذا يجب تعزيز هذه الحماية عبر تبسيط مساطر و إجراءات تلك الحماية وفرض رقابة‬
‫على عمل دور النشر‬

‫إل أن القانون لم يكـن يقوم بهذه المهمـة إل مـع بدايـة العصـور الحديثـة فبالرجوع إلى مؤسـسة الملكيـة‬
‫الفكريـة فـي التشريـع المغربـي فإنهـا ظهرت بشكـل بارز بعـد فرض الحمايـة إذ كان هناك تفشـي لظاهـر‬
‫القرصنة الدبية خاصة في مجال الصحافة إذ جرت العادة على استنساخ مقالت مع عدم ذكر مصدرها‬
‫أو أسـماء أصـحابها كمـا كان يقوم بعـض الصـحافيين على تنصـيب أنفسـهم أصـحاب الحقوق الشرعييـن‬
‫على أعمال انتحلوها من أعمال غيرهم ومن هنا كان اهتمام النقابة الفرنسية للملكية الفكرية بموضوع‬
‫حماية التأليف في منطقة الحماية خاصة مع زيادة التواجد الفرنسي في هذه المنطقة إل أنه ظهر خلف‬
‫حول الخطـة التشريعية الواجب إتباعها في هذا الطار إل أن ثم وضع مشروع القانون النموذجي الذي‬
‫أقره المؤتمر الدولي في باريس ‪ 1900‬ووضعه على محك الختبار الواقعي إذ وصف القانون المغربي‬
‫أنــا ذاك بكونــه أكثــر القوانيــن تقدمــا فــي مجال تنظيــم ملكيــة المصــنفات الذهنيــة فــي منطقــة الحمايــة‬
‫الجنوبيـة أمـا منطقـة طنجـة فإنهـا لم تجـد بديل عـن هذا القانون الذي تبنتـه فـي جملتـه فيمـا عدا بعـض‬
‫قواعــد الختصــاص التــي فرضهــا الدولي للمنطقــة أمــا فيمــا يخــص المنطقــة الخليفيــة فإن تعثــر آليــة‬
‫التشريــع طيلة الثورة الريفيــة أدى إلى عدم تنظيــم هذا المجال إلى حدود صــدور ظهيــر ‪ 16‬فــبراير‬
‫‪ 1927‬الذي جاء متأثرا بالمدرسة السبانية ‪.‬‬

‫وبعد حصول المغرب على الستقلل أخذ التفكير يتجه إلى ضرورة سن قانون موحد يكون أكثر ملئمة‬
‫مــع العهــد الجديــد وأكثــر قدرة على اســتيعاب مــا أنجزه التقدم التقنــي مــن مبتكرات جديدة مــن إذاعــة‬
‫وتلفزيون مــن أجــل ذالك فقــد عرفــة ســنوات الســتينات تعاقــب مشاريــع قوانيــن متعددة ذات اتجاهات‬
‫ومشارب مختلفـة ومـن هنـا كانـت ضرورة التزام المشروع بضمان المصـلحة العامـة فيمـا يتصـل بالتقدم‬
‫الفكري والتنمية الثقافية إلى جانب رعاية المصالح الخاصة بالمؤلفين‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬طبيعة الحق المالي للمؤلف و خصائصه‪.‬‬
‫إهتـم الفقـه السـلمي والفقـه القانونـي بتحديـد طبيعـة الحـق المالي للمؤلف‪،‬إل أن هذا الخيـر إتخذه مـن‬
‫طبيعـة هذا الحـق أرضيـة آهلة وصـالحة للختلف ل على صـعيد الفقـه السـلمي فحسـب‪،‬بـل حتـى داخـل‬
‫المذهب نفسه‪ .‬وانطلقا من المشار إليه أعله فإننا سنتحدث عن‪:‬‬

‫أول ‪:‬طبيعة الحق المالي للمؤلف‬

‫ثانيا ‪:‬خصائص الحق المالي للمؤلف‬

‫أول ‪ :‬طبيعة الحق المالي‬

‫في الفقه السلمي‪.‬‬

‫ينبنئ التأمل في هدا الحق أنه من قبيل الحقوق العينية المالية الواردة على شيء معنوي‪.‬فمن حيث أنه‬
‫حـق عينـي ‪ :‬فلن علقـة المؤلف بإنتاجـه الذهنـي إنمـا هـي علقـة مباشرة بحسـب أن اسـتقاءه لهـا ل‬
‫يتوقـف على تدخـل أحـد‪.‬و مـن حيـث أنـه حـق مالي‪ :‬فذلك لن الحـق المالي للمؤلف يمكـن تقويمـه بالمال‬
‫عرفـا مـع عدم المانـع الشرعـي مـن ذلك‪.‬و مـن حيـث أنـه وارد على شيـء معنوي ‪ :‬فذلك لنـه وارد على‬
‫الصـورة الذهنيـة التـي تمثـل آثار الملكيـة الراسـخة فـي ذات المفكـر‪.‬ومحـل هذا الحـق يتمثـل فـي شيـء‬
‫معنوي ذا نفـع متقدم بالمال عرفـا‪ ،‬ويبدو لنـا أن هذا الحـق فيـه خصـائص الملكيـة فـي الفقـه السـلمي‬
‫وذلك بدليل ما يلي‪:‬‬

‫أنـه حـق يختـص بـه المؤلف دون سـواه و مادام المؤلف يختـص وحده بالحـق المالي على مصـنعفه فإنـه‬
‫يكون مملوكا له‪ ،‬و يستطيع بمقتضى هذا الختصاص أن يمنع الغير من العتداء عليه أو التصرف فيه‬
‫كما هو مسلم‪.‬‬

‫إنه حق يجري التعامل فيه و المعاوضة عنه شرعا و عرفا‪.‬‬

‫إنه ل يوجد مانع شرعي يحول دون شرعية هذه الملكية طالما كانت واردة على إنتاج فكري مشروع‪.‬‬

‫إنه حق تتكامل فيه ثمرات الملك المتمثلة في الستغلل و الستعمال و التصرف‪.‬‬


‫إنه حق محمي من قبل المشرع‪ ,‬حيث يلزم عقل من ثبوت الحق بحكم شرعي حماية الشارع له كسائر‬
‫الحقوق من العدوان عليها وإل لم يكن لهذا الحق معنى‪.‬‬

‫في الفقه القانوني‬

‫اختلف الفقـه القانونـي اختلفـا بينـا حول تحديـد طبيعـة الحـق المالي للمؤلف ‪ ،‬و تمخـض عـن ذلك بروز‬
‫اتجاهات فقهية متعددة كل منها حاول إبراز طبيعة الحق المالي للمؤلف بما يراه ويطمئن إليه‪.‬‬

‫إل إننا حاولنا العتماد على اتجاهين اثنين‪:‬‬

‫‪ :‬يرى أن الحـــق المالي للمؤلف ل يعـــد و أن يكون حـــق ملكيـــة‬ ‫*‬


‫بالمعنى الصحيح و ذلك لمرين‪:‬‬

‫المر الول‪ :‬أن الحق المالي للمؤلف تتكامل فيه العناصر المكونة لحق الملكية و هي تلك التي تتمثل‬
‫في الستعمال و الستغلل و التصرف‪ ،‬و من خلل ما سبق يبدو أن هذا التجاه يذهب إلى ما ذهب إليه‬
‫الفقه السلمي‪.‬‬

‫المر الثاني‪ :‬أن حق الملكية و الحق المالي للمؤلف يَنْ ُبعَانِ من أساس واحد هو العمل‪ ،‬فكما أن هناك‬
‫عمال يعملون بأيديهم فهناك آخرون يعملون بأفكارهم‪.‬‬

‫و قد رد جانب من الفقه تلك الدلة بما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن طبيعـة حـق الملكيـة يفترض ورودهـا على شيـء مادي حتـى يكون قابل للحيازة و مـن ثـم‬
‫يكون قابل للتملك و ل يصـدق ذلك على الحـق المالي للمؤلف بحسـب أنـه يرد على شيـء معنوي و مـن‬
‫ثم يكون غير قابل للحيازة‪.‬‬

‫‪ - 2‬أن حق الملكية حق دائم ل يزول إل بزوال محله و ذلك خلفا للحق المالي للمؤلف الذي يتميز‬
‫بكونه حقا مؤقتا بمدة معينة يسقط بعد انقضائها في الملك العام‪.‬‬

‫وقد رد أنصار المؤيدين لنظرية الملكية بما يلي ‪:‬‬


‫أن ورود الحــق المالي للمؤلف على شيــء معنوي ل يغــض مــن اعتباره حــق ملكيــة بالمعنــى‬
‫الصـحيح‪ ،‬إذ أن الفكرة الحديثـة للملكيـة تجعـل مـن الجائر ورودهـا على أشياء معنويـة هـي نتاج الذهـن‬
‫النساني و ذلك كحقوق التاجر على اسم محله و شهرته‪.‬‬

‫أن حقيقة التأقيت الذي يتميز به الحق المالي للمؤلف يرجع أساسا إلى زوال المحل الذي يرد‬
‫عليـه هذا الحـق‪ ،‬و مـن المعلوم أن الملكيـة تزول بزوال محلهـا‪ ،‬و الهدف مـن تأقيـت هذا الحـق إنمـا هـو‬
‫ضمان مدة معقولة يسـتفيد خللهـا المؤلف مـن ثمار نتاجـه الفكري على أن يؤول بعدهـا للملك العام لمـا‬
‫في غير ذلك من الضرار بالمجتمع و الحضارة النسانية‪.‬‬

‫* التجاه الثانــي‪ :‬يرى أن الحــق المالي للمؤلف هــو حــق عينــي أصــلي وارد على منقول و يتزعمــه‬
‫السـتاذ السـنهوري رحمـه ال حيـث يرى أن الحـق المالي للمؤلف و إن كان حقـا كسـائر الحقوق إل أنـه‬
‫يتميـز بخصـوصية‪ ،‬بحيـث أنـه يقـع على شيـء غيـر مادي و ينتهـي إلى القول بأن الحـق المالي للمؤلف‬
‫ليـس حـق ملكيـة و إنمـا هـو حـق عينـي أصـلي يسـتقل عـن حـق الملكيـة بمقوماتـه الخاصـة‪ ،‬و ترجـع هذه‬
‫المقومات إلى أنه يقع على شيء غير مادي‪.‬‬

‫و قد رد جانب من الفقه على هذا التجاه بما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن الحقوق العينية الصلية واردة في القانون على سبيل الحصر و ليس من بينها الحق المالي‬
‫للمؤلف‪.‬‬

‫‪ - 2‬أن الحق المالي للمؤلف ل ينصب على أموال مادية وإنما يتمثل محله في شيء معنوي‪.‬‬

‫و خلصة القول أن الرأي الذي اعتبر راجحا في الفقه القانوني إزاء طبيعة الحق المالي للمؤلف يتفق‬
‫و ما تراه قواعد الفقه السلمي من إسباغ صفة الملكية على هذا الحق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص الحق المادي للمؤلف‬

‫الحق المالي حق استئثاري ‪:‬‬

‫يخول صـاحبه سـيادة مطلقـة على المصـنف سـواء مـن حيـث تقريـر النشـر مـن عدمـه‪ ،‬ومـن حيـث تحديـد‬
‫الشروط المادية وغيرها من الساليب التي يريد اتباعها في عملية النشر ‪ ،‬ويتم استغلل حق المؤلف‬
‫على مصــنفه بنقله إلى الجمهور ســواء كان ذلك مباشرة أو بطريقــة غيــر مباشرة‪ ،‬كمــا هــو الحال فــي‬
‫إلقاء المحاضرات أو عرض الفرق الموسيقية‪.‬‬

‫ويعرف هذا الحــق المادي عادة بحــق الداء العلنــي ‪ ،‬ويراد بــه القراءة والعزف والداء بطريقــة مــا‬
‫للمصـنف‪.‬أمـا نقـل المصـنف إلى الجمهور بطريقـة غيـر مباشرة فيحدث عادة بطبـع المصـنف ونشره فـي‬
‫الكتب أو عن طريق رسومات مطبوعة ‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬

‫الحق المالي قابل للنتقال للورثة ‪:‬‬

‫إن الحـق المالي للمؤلف قابـل للنتقال للورثـة ‪،‬حيـث يبقـى للورثـة الحـق فـي جميـع التصـرفات فيمـا‬
‫يخــص الحــق المالي ‪،‬ســواء بعوض أو بغيــر عوض وفــي حدود أنصــبة كــل وارث ‪ ،‬هذا فيمــا يخــص‬
‫الجانب المادي دون الدبي الذي ينتقل إلى الورثة بالقيود المنصوص عليها سلفا‪ ،‬وينتقل الحق المادي‬
‫للورثة في حدود المدة المخولة قانونا لستغلل هذا الحق‪.‬‬

‫الحق المالي حق مؤقت ‪:‬‬

‫أنه حق مؤقت و يعني ذلك أنه ينتهي بانتهاء المدة الزمنية المحددة للستفادة منه ‪ ،‬و قد حددت معظم‬

‫التفاقيات العالمية و الدولية بالضافة إلى القوانين الوطنية و المحلية الفترة الزمنية للستفادة من‬

‫المصنف و هي تختلف بحسب نوع المصنف فالمصنفات الكتابية ذات مدة أطول من الحماية منها‬

‫للمصنفات التصويرية والتشكيلية فحسب المادة ‪ 25‬التي تنص على أنه تحمى الحقوق المادية لمؤلف‬
‫مصنف ما طيلة حياته وخلل سبعين سنة بعد وفاته‪.‬‬

‫حق التتبع ‪:‬‬


‫ينتمــي هذا الحــق لفصــيلة الحقوق الماليــة ‪،‬فكمــا أن هناك حقوقــا ماليــة فيمــا يخــص إعادة النتاج ‪،‬أو‬
‫التبليغات المباشرة‪ ،‬فإن للفنان التشكيلي حقوقـا ماليـة على مصـنفاته عنـد كـل بيـع بعـد البيـع الول ‪،‬فهـو‬
‫حـق منفعـة يجيـز اسـتحصال نسـبة معينـة بمناسـبة كـل بيـع للمصـنف وهذا حـق ككـل الحقوق الماليـة ‪،‬‬
‫وذلك بالتخلي الول ثـم البيوعات التـي تليـه ‪ ،‬فكان طبيعيـا أن ينصـهر فـي الحقوق الماليـة وينتقـل إلى‬
‫الورثة ليستفيدوا منه طيلة ‪70‬سنة الموالية لوفاة المؤلف ‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬إســــتغلل الحــــق المالي للمؤلف وإجراءات‬
‫الحماية‬

‫إن الحـق المالي للمؤلف يخول صـاحبه الحـق فـي السـتئثار بثمرة جهده الذهنـي‪ ,‬وذالك بالوسـيلة التـي‬
‫تتفق مـع طبيعة المصنف‪.‬وهـو ما أبانـت عليـه المادة ‪ 31‬مـن قانون رقـم ‪ 34_05‬التي تنص على‪ :‬ان‬
‫المؤلف هــو المالك الول للحقوق المعنويــة والماديــة لمصــنفه‪.‬وســنتطرق مــن خلل هذا المحور إلى‬
‫إستغلل الحق المالي للمؤلف (أول )ثم على إجراءات الحماية لحق المؤلف( ثانيا )‬

‫أول ‪ :‬إستـــــغلل الحق المالي للمؤلف‬

‫ممـا لشـك فيـه ان وسـيلة إسـتغلل المصـنف قـد تكون مباشرة وغيـر مباشرة‪,‬أي ان إسـتغلل المصـنفات‬
‫العلمية والدبية لن تكون إل عن طريق وسائل غير مباشرة‪.‬و التي تتمثل في عقد النشر و الترجمة و‬
‫عن طريق إظهاره في حلة جديدة ‪.‬‬

‫أ ‪ :‬إستغلل المصنف عن طريق عقد النشر‬

‫يتوقــف تحديــد طبيعــة هذا العقــد على المضمون الذي يتمثــل فيــه إتفاق المؤلف مــع الناشــر فــي الحــق‬
‫لسـتغلل المصـنف لعدة طبعات أو لطبعـة معينـة‪ ،‬مقابـل مبلغ معيـن يؤديـه الناشـر إلى المؤلف مـع إلتزام‬
‫الول بطبـع المصـنف على نفقتـه الخاصـة وتوزيعـه ‪ .‬فإن المؤلف بذالك يكون قـد تنازل عـن حقـه فـي‬
‫إسـتغلل مصـنفه لمدة معينـة مقابـل المبلغ المتفـق عليـه ‪ .‬و ل يعدو العقـد فـي تلك الحالة أن يكون بيعـا‬
‫من المؤلف لحقه في إستغلل مصنفه ‪ ،‬و ثم فإن الناشر يملك جميع النسخ التي تم التفاق على طبعها‬
‫نظيـر مـا قدمـه للمؤلف مـن مقابـل نقدي ‪ .‬و يسـتوي فـي تلك الصـورة أن يكون نزول المؤلف عـن حقـه‬
‫نزول محددا أو غير محدد ‪.‬‬

‫و حينمـــا يتمثـــل ذالك المضمون فـــي إتفاق المؤلف مـــع الناشـــر على أن يلتزم بعرض المصـــنف على‬
‫الجمهور مقابل أجر يحصل عليه من المؤلف بعد طبع المصنف على نفقته ‪ .‬فإنه يمكن القول بأن العقد‬
‫فـي هذه الحالة يكون عقـد مقاولة ‪ ،‬نظرا لقيام الناشـر بعمـل لحسـاب المؤلف و هـو عرض الكتاب على‬
‫الجمهور و قبـض ثمنـه مقابـل ذالك الجـر المتفـق عليـه ‪ .‬و الذي يتمثـل فـي نسـبة معينـة مـن ثمـن كـل‬
‫نســخة يتولى الناشــر بيعهــا لحســاب المؤلف‪ .‬و يكون دور الناشــر فــي هذه الحالة كدور المقاول‪ ،‬كمــا‬
‫يكون دور المؤلف كدور رب العمـل‪ .‬أمـا إذا كان دور الناشـر ل يقتصـر على مجرد التوزيـع ‪ ،‬بـل يتعدى‬
‫إلى قبض الثمن ‪.‬ففي هذه الحالة يكون هذا العقد عقد مقاولة مقترنا بوكالة‪ ،‬حيث أن الناشر يقوم بعمل‬
‫قانوني لحساب الموكل و هو قبض الثمن لحساب المؤلف ‪.‬‬

‫و ليس ثمـة ما يمنع من تبادل المراكـز القانونيـة بين المؤلف و الناشـر‪ ،‬فيصبح المؤلف هو المقاول و‬
‫يكون الناشر هو رب العمل‪.‬و يتحقق ذالك حينما يتكفل الناشر بطبع مؤلف يضم مجموعة من البحوث‬
‫أو المقالت نظير أجر يقدمه الناشر لمن ساهم في هذا العمل ‪.‬‬

‫و قـد يكون مضمون التفاق بيـن المؤلف و الناشـر بإلتزام الناشـر بتحمـل نفقات الطبـع مقابـل مسـاهمة‬
‫المؤلف بجهده الذهني على أن تكون نسخ الكتاب ملكا لهما ‪ ،‬ويكون لكل منهما نسبة يتفقان عليها في‬
‫الربـح و الخسـارة‪ .‬و فـي هذه الحالة يكون هذا العقـد عقـد شركـة بيـن المؤلف و الناشـر ‪ .‬و يمكـن أن‬
‫يكون عقــد عمــل كمــا لو تــم التفاق بيــن الناشـر و مجموعــة مـن المؤلفيــن على إنتاج المصــنف تحــت‬
‫إشراف الول و رقابتـه و توجيهـه مقابـل مـا يقدمـه لهـم مـن أجـر على ذالك‪ ،‬و تتحقـق هذه الصـورة فـي‬
‫المصنفات الجماعية التي تتم بإسم شخص معنوي عاما كان أو خاصا‪.‬‬

‫و لعل التعريف الذي يصدق إلى حد كبير على هذه الصور‪ .‬هو ما أشار إليه بعض الفقهاء من أن عقد‬
‫النشر هو "' العقد الذي يرتبط به المؤلف أو خلفاؤه مع شخص يقوم بنشر مصنف علمي أو أدبي أو‬
‫فني نظير مقابل أو بغير مقابل'"‪.‬و المشرع المغربي لم يخرج عن هذا التعريف‪ ،‬حيث نص في المادة‬
‫‪ 44‬من قانون ‪ 34_05‬على أن عقد النشر هو '" العقد الذي يتخلى بموجبه المؤلف أو خلفه لفائدة‬
‫شخــص يدعــى الناشــر و طبــق شروط معينــة عــن الحــق فــي أن يخرج أو يعمــل على إخراج عدد مــن‬
‫النسخ بشرط أن يتولى نشرها و توزيعها '"‪.‬‬

‫شروط عقد النشر‬ ‫‪:‬‬


‫يخضع عقد النشر لمجموعة من الشروط و من أهمها ‪:‬‬
‫‪ : 1‬توافر التراضي على مضمون العقد‬

‫بحيث كيفما كان التفاق بين المؤلف و الناشر ‪،‬فإنه يلزم لصحته توافر التراضي على هذا المضمون ‪.‬‬
‫و يتحقق ذالك بإتفاق اليجاب مع القبول على ما إتجهت إليه إرادة المتعاقدين ‪.‬و لصحة هذا التراضي‬
‫يجـب أن يكون خال مـن عيوب الرادة ‪،‬مـع ضرورة توفـر الهليـة اللزمـة لصـداره‪ .‬و قـد أكـد المشرع‬
‫المغربي في الفقرة الثانية من المادة ‪ 45‬بقولها '" و تكتسي موافقة المؤلف الشخصية صبغة إجبارية‬
‫حتـى لو تعلق المـر بمؤلف قاصـر بحكـم القانون ‪ ،‬مـا عدا فـي حالة عدم قدرة بدنيـة ‪ ،‬على ان تراعـى‬
‫فــي ذالك مقتضيات النصــوص الجاريــة على العقود التــي يبرمهــا القاصــرون و المحجور عليهــم‪ ،‬و ل‬
‫يطبق مقتضيات الفقرة الثانية من هذه المادة إذا أبرم عقد النشر من طرف خلف المؤلف '"‪.‬‬

‫‪ : 2‬تحديد مضمون العقد‬

‫يعتبر عقد النشر من العقود التبادلية‪ ،‬فالمؤلف يلتزم بتقديم أصول مؤلفه إلى الناشر‪ ،‬كما يلتزم الناشر‬
‫بنشـر المصـنف‪.‬إذ يعتـبر تحديـد هذه اللتزامات مـن البيانات الجوهريـة التـي ل يكون العقـد صـحيحا دون‬
‫النص عليها‪ .‬ومن ثم فإنه لبد من أن يتضمن هذا العقد ‪ ،‬النص على نوعية المصنف الذي قام المؤلف‬
‫بإنتاجـه و جعله محل للنشـر ‪ ،‬سـواء كان عمل علميا أو أدبيا أو فنيـا‪ ،‬فضل عن ضرورة تحديد طريقـة‬
‫استغلله ‪.‬‬

‫‪ : 3‬لزوم الكتابة لصحة العقد‬

‫يشترط لقيام التصـرف أن يكون مكتوبـا ‪ ،‬و تعتــبر الكتابـة هنــا ركنـا فـي انعقاد العقــد ل مجرد وسـيلة‬
‫لثباتـه و مـن ثـم يترتـب على تخلفهـا بــطلن العقـد ‪ .‬حيـث نـص المشرع المغربـي فـي الفقرة الولى مـن‬
‫المادة ‪ 45‬على ما يلي ‪ '" :‬يجب تحت طائلة البطلن أن يبرم العق كتابة '"‪ ،‬و مفاد ذالك أن المشرع‬
‫يشترط لصحة هذا العقد ضرورة إفراغه في محرر مكتوب ‪.‬‬

‫آثار عقد النشر‬ ‫‪:‬‬


‫يترتـب على تمام العقـد آثار تتعلق بالمؤلف و أخرى تتعلق بالناشـر‪ ،‬و نشيـر إلى تلك الثار المتمثلة فـي‬
‫اللتزامات التي تقع على عاتق الطرفين فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ :‬التزامات المؤلف في عقد النشر‬ ‫‪1‬‬

‫يتوجــب على المؤلف تســليم العمــل للناشــر ضمــن المدة المتفــق عليهــا ‪ ،‬و كذالك إجراء التعديلت‬
‫الضروريـة و تصـحيح الخطاء فـي المهلة المحددة ‪ .‬كمـا يتوجـب عليـه أن يضمـن للناشـر تنفيـذ العمـل‬
‫بصـورة سـهلة و بسـيطة و بشكـل ل ينازعـه فيـه أحـد‪ .‬و يتوجـب عليـه أيضـا اللتزام بضمان التعرض ‪،‬‬
‫فيكون ضامنا لية عملية تنازل مستقبلية قد تحصل عل العمل ‪ ،‬أو عملية تنازل سابقة لي ناشر آخر ‪.‬‬
‫و يجب عليه ليس فقط ضمان الفعل الشخصي ‪ ،‬و إنما في حال حصول تقليد للعمل وجب عليه التدخل‬
‫من أجل مساعدة الناشر في ملحقة صاحب الفعل ‪.‬و هذا ما نص عليه المشرع المغربي في المادة ‪46‬‬
‫من قانون ‪. 34_05‬‬

‫التزامات الناشر في عقد النشر‬ ‫‪: 2‬‬

‫التزام الناشـر بطبـع المصـنف و نشره ‪ :‬و هـو يمثـل جوهـر اللتزامات التـي تقـع على عاتقـه فـي هذا‬
‫العقـد لمـا يمثله ذالك مـن مصـلحة أدبيـة للمؤلف ‪ .‬و مـن ثـم فإن إخلل الناشـر بهذا اللتزام يمثـل إخلل‬
‫بإلتزام أساسي نشأ في ذمته بموجب هذا العقد ‪ .‬و هو ما يسمح للمؤلف بطلب فسخ العقد مع التعويض‬
‫عما أصابه من ضرر ‪.‬‬

‫إلتزام الناشـر بالوفاء بالحقوق الماليـة للمؤلف ‪ :‬قـد يقضـي التفاق بدفـع المبلغ المتفـق عليـه جملة‬
‫واحدة أو على دفعات أو فــي ميعاد كــل طبعــة مــن طبعات المصــنف ’ و كيفمــا كان التفاق على طريقــة‬
‫تحديد المبلغ و كيفية دفعه ‪،‬فإن الناشر يلتزم بالوفاء بما هو متفق عليه ‪.‬‬

‫التزام الناشـر بعدم إجراء أي تعديـل على المصـنف ‪ :‬إحترامـا للحقوق الدبيـة للمؤلف ‪ ،‬فإن الناشـر‬
‫يلتزم بعدم إجراء أي تعديل في العمل العلمي أو الدبي الذي إلتزم الناشر بنشره ‪ .‬و من ثم فإن الناشر‬
‫يلتزم بطبــع المصــنف الذي ســلمه له المؤلف بشكله و مضمونــه بمــا فــي ذالك عنوانــه و إســم المؤلف‬
‫سواء أكان إسما حقيقيا أم كان إسما مستعارا‪.‬‬
‫إلتزام الناشـر بطبـع عدد النسـخ المتفـق عليـه ‪ :‬إذا تـم التفاق بيـن المؤلف و الناشـر على طبـع عدد‬
‫معين من نسخ المصنف المتفق على نشره ‪ ،‬فل ريب في حتمية إلتزام الناشر بذالك ‪ .‬و يترتب الخلل‬
‫بهذا اللتزام حق المؤلف في التعويض ‪.‬‬

‫إلتزام الناشـر بالسـعر المتفـق عليـه لكـل نسـخة ‪ :‬إذا تضمـن عقـد النشـر نصـا يقضـي بتحديـد سـعر‬
‫معين للنسخة الواحدة من المصنف المتفق على نشره ‪ ،‬فل شك في ضرورة إلتزام الناشر بذالك ‪.‬‬

‫إلتزام الناشـر بعدم إسـتخدام المصـنف لغيـر الغرض المتعاقـد عليـه ‪ :‬بحيـث إذا إقتصـر تنازل المؤلف‬
‫على صورة من صور الستغلل المالي لمصنفه ‪ ،‬فإنه ل يجوز للناشر تجاوز تلك الصورة إلى غيرها‬

‫و ذالك بحسـب أن تنازل المؤلف عـن بعـض أوجـه السـتغلل المالي لمصـنفه ل يعنـي البتـة تنازله عـن‬
‫بعضهـا الخـر ‪.‬و مـن ثـم فإن نزول المؤلف عـن الحـق فـي ترجمـة مصـنفه مثل إلى لغـة معينـة ‪ ،‬ل يعنـي‬
‫نزوله عـن الحـق فـي ترجمـة هذا المصـنف إلى لغـة أخرى غيـر اللغـة المتفـق عليهـا ‪ ،‬إذ يجوز أن تكون‬
‫الترجمـة إلى اللغـة الخرى محل لعقـد نشـر جديـد‪.‬و تأكيدا لمـا سـبق ‪ ،‬فالمشرع المغربـي نـص على هذه‬
‫اللتزامات التي تقع على عاتق الناشر في عقد النشر ‪ ،‬و ذالك في المادة ‪ 47‬من قانون ‪. 34_05‬‬

‫ب ‪ :‬إستغلل المصنف عن طريق الترجمة‬

‫ل شك ان الترجمة تمثل إحدى صور الستغلل المالي للمصنف ‪ ,‬إذ هي تمثل مصدرا لربح كبير سواء‬
‫تمت هذه الترجمة عن طريق المؤلف ذاته او عن طريق الغير‪ .‬و ما دامت الترجمة تمثل إحدى صور‬
‫السـتغلل المالي للمصـنف‪ ,‬فإنهـا بذالك تعتـبر حقـا مـن حقوق المؤلف ‪,‬فله وحده ان يمارس هذا الحـق‬
‫اوان يصرح للغير بذالك‪ .‬وإذا كان المشرع المغربي لم ينص صراحة على ضرورة إستئذان المؤلف في‬
‫ترجمـة مصـنفه الصـلي ‪.‬لكـن يمكـن إسـتنتاج ذالك مـن مقتضيات المادة ‪10‬مـن قانون ‪ 34_05‬ان‪" :‬‬
‫للمؤلف وحده الحق في ترجمة مصنفه إلى لغة أخرى أو التصريح بذالك للغير‪ ,‬و من ثم فإنه ل يجوز‬
‫لغير المؤلف مباشرة هذا الحق إل بإذن من المؤلف نفسه أو ممن يخلفه " ‪.‬‬

‫و بالتالي يجب على المترجم الذي سيقوم بترجمة المصنف الصلي للمؤلف ‪،‬أن يكون على دراية تامة‬
‫بمبادئ الترجمة و على علم بقدر كبير من المعرفة ‪،‬ليس فقط بالغتين المنقولة إليها و المنقولة عنها ‪.‬‬
‫ولكـن أيضـا بموضوع المادة المراد ترجمتهـا ‪ .‬و مـن المعلوم أن الذن بالترجمـة للغيـر يمثـل صـورة مـن‬
‫صور التصرف في الحق المالي للمؤلف ‪ .‬فهو من ثم يصدق عليه ما يصدق على صحة التصرف في‬
‫الحــق المالي ‪ ،‬حتميــة إفراغ هذا التفاق فــي محرر مكتوب ‪ .‬و ان يتضمــن ذالك المحرر تحديدا دقيقــا‬
‫لمدى الحق المتصرف فيه ‪ .‬إذ لبد من أن يتضمن التفاق النص على اللغة التي يتم ترجمة المصنف‬
‫إليهـا ‪ ،‬و كذالك يلتزم بإظهار إسـم المؤلف و عنوان المصـنف ‪.‬و كمـا يلزم الذن بالترجمـة مـن المؤلف‬
‫فإنه يلزم الذن من المترجم بترجمته إلى لغة ثالثة ‪.‬‬

‫و إذا كانـت آثار عقـد الترجمـة تتفـق مـع آثار عقـد النشـر مـن حيـث كونهمـا يمثلن وسـيلة للسـتغلل‬
‫المالي للمصنف ‪ ،‬إل أن عقد الترجمة يختلف عن عقد النشر في بعض الثار ‪.‬‬

‫إذ ان الناشر في عقد النشر يلتزم بطبع المصنف و نشره دون إجراء أي تعديل عليه‪ .‬إل ان المر على‬
‫خلف ذالك بالنسبة لعقد الترجمة ‪ ,‬حيث راعى المقنن ما يجب ان يتوفر للمترجم من حرية حركة في‬
‫الترجمة‪ ,‬حتى يتمكن من إخراج العمل المترجم على صورة صحيحة يمكن ان تؤدي إلى الهدف منها ‪.‬‬
‫ولن يكون ذالك إل إذا أجيز للمترجم حذف أو تعديل بعض العبارات الواردة في المصنف الصلي‪ .‬فإذا‬
‫حصـل الحذف أو التغيـر فـي ترجمـة المصـنف مـع ذكـر ذالك ‪ ،‬فل يكون للمؤلف الحـق فـي منعـه ‪ ،‬إل إذا‬
‫أغفل المترجم الشارة إلى مواقع الحذف أو التغيير أو يترتب على الترجمة مساس بسمعة المؤلف و‬
‫مكانته العلمية و الدبية ‪.‬‬

‫وفضل عما تقدم فإن المترجم يلتزم بإظهار إسم المؤلف و عنوان المصنف‪ ,‬مع ان الصل العام يقضي‬
‫بأن المؤلف وحده هو صاحب الحق في السماح للغير بترجمة مصنفه ‪.‬‬

‫عن طريق إظهاره في حلة جديدة‬ ‫ج ‪:‬‬


‫مـن المعلوم أن المؤلف وحده يملك السـلطة فـي تعديـل مصـنفه أو تحويره مـن لون مـن ألوان الدب إلى‬
‫لون أخر ‪ ،‬وذالك وفقا لما تقرره الفقرة الثالثة من المادة ‪10‬من قانون ‪ 34_05‬و التي تنص على أن‬
‫"' للمؤلف وحده إعداد إقتباسـات أو تعديلت أو تحويلت أخرى لمصـنفه '"‪.‬و ذالك هـو مـا يسـتتبع‬
‫القول بحـق المؤلف فـي إظهار مصـنفه فـي ثوب جديـد كأن يجعـل المؤلف مـن قصـته الدبيـة موضوعـا‬
‫لفيلم سـينمائي مثل ‪ .‬و يمثـل إسـتغلل المصـنف عـن طريـق إظهاره فـي حلة جديدة صـورة مـن صـور‬
‫السـتغلل المالي للمصـنف الذي يعود على صـاحبه بنفـع مادي كـبير سـواء تـم ذالك التحويـل عـن طريـق‬
‫المؤلف ذاته أو عن طريق الغير ‪ .‬وفي هذه الحالة الخيرة فإنه يلزم موافقة المؤلف على هذا التحويل‬
‫بمقتضى إذن كتابي صادر منه بذالك ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إجراءات الحماية لحق المؤلف‬

‫ممــا ل شــك فيــه ان ضمان أي حمايــة يقرهــا القانون لي حــق مــن الحقوق ‪,‬تجــد ســندها و دعامتهــا‬
‫الســاسية فــي ســبل و إجراءات فــض أي نزاع قــد يثار بشأن هذا الحــق‪ .‬و هذه الحمايــة تتمثــل فــي‬
‫نوعين’حماية مدنية و جنائية‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬الحماية المدنية‬

‫و يقصد بالحماية المدنية حماية الحق المالي للمؤلف‪ ,‬و هي حماية يمكن تحقيقها باللجوء إلى القضاء‬
‫المدنـي مباشرة فـي شأن العتداءات الواقعـة على حـق المؤلف ‪ .‬ووفقـا للقواعـد العامـة فإنـه يلزم لقيام‬
‫هذه المسـؤولية توفـر عناصـرها المتمثلة فـي الخطـأ والضرر و علقـة السـببية بينهمـا‪ .‬و قـد نصـت‬
‫المادة ‪ 61‬مـن قانون ‪ " 34_05‬أحقية صاحب حق المؤلف ة أصحاب الحقوق المجاورة بالتقدم إلى‬
‫المحكمـة المختصـة فـي النظـر فـي القضايـا المدنيـة بطلب مـن اجـل الحصـول على أمـر بإتخاذ التدابيـر و‬
‫الجراءات التحفظيـة وهـي إصـدار حكـم بمنـع أو أمـر بإنهاء خرق أي حـق محمـي بموجـب هذا القانون‬
‫‪"...‬و لقد أفصحت المادة ‪ 62‬من نفس القانون " في حالة خرق حق معترف به لصاحب حقوق محمية‬
‫بموجـب هذا القانون ‪ ,‬يحـق لصـاحب الحقوق الحصـول مـن مقترف الخرق على تعويضات عـب الضرر‬
‫الذي تعرض له بسبب فعل الخرق "‪.‬‬

‫و يتــم تحديــد مبالغ التعويــض عــن الضرر طبقــا لمقتضيات القانون المدنــي مــع مراعاة حجــم الضرر‬
‫المادي و المعنوي الذي تعرض له صـاحب الحـق ‪,‬و كذا حجـم الرباح التـي حصـل عليهـا مقترف الخرق‬
‫مـن فعله‪ .‬و يجوز لصـاحب الحقوق الختيار بيـن التعويـض عـن الضرار التـي لحقـت بـه فعل بالضافـة‬
‫إلى كل الرباح المترتبة عن النشاط الممنوع والتي لم تؤخذ بعين العتبار في حساب التعويض المحدد‬
‫فـي ( ‪5000‬درهـم)على القـل و (‪25000‬درهـم) كحـد أقصـى حسـب مـا تعتـبره المحكمـة عادل لجـبر‬
‫الضرر الحاصل‪.‬‬

‫و هكذا فإن الحكم على المعتدي بالتعويض يمثل جزءا مدنيا لثبوت تلك المسؤولية عما وقع من ضرر‬
‫تسبب فيه للمضرور ‪ ,‬و ل ريب ان تقديم ذالك التعويض بحسب القواعد العامة إنما يتحدد على أساس‬
‫مــا لحــق المضرور مــن ضرر‪ .‬و بالضافــة إلى مــا تقدم فإن رفــع قيمــة التعويــض تحول دون إســتفادة‬
‫المعتدي من إعتدائه ’ و ذالك من شأنه ان يثنيه عن معاودة التفكير في مثل هذا العتداء ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحماية الجنائية‬

‫لم يكتــف المقنــن بمــا اســبقه مــن حمايــة مدنيــة على حقوق المؤلف ‪ .‬ولكنــه شاء ان يســبغ على تلك‬
‫الحقوق مـن الحماية الجنائية مـا يجعلها أكثر أمنـا من العتداء عليها‪ ,‬بحسـب ما يمثله الجزاء الجنائي‬
‫مـن قوة فـي ردعـه و جزره‪ .‬و ذالك بخلف التعويـض الذي قـد يمثـل فـي بعـض الحيان إغراء بمعاودة‬
‫هذا العتداء طالمـا ان المعتدي يشعـر بأن المـر سـيؤول فـي النهايـة إلى دفـع مبلغ مـن المال قـد يربـو‬
‫عليه ما جناه من أرباح غير مشروعة‪ .‬في حين ان هذا الحق مصون بالحماية الجنائية كذالك فل ريب‬
‫ان ذالك يمثل وسيلة للحد من وقوع تلك الجريمة ‪.‬‬

‫فالمشرع المغربــي شدد مــن العقوبات الجنائيــة فــي مجال حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة بمقتضــى‬
‫قانون ‪ 34_05‬الجديـد ‪,‬حيـث نـص فـي المادة ‪ " 64‬يعاقـب بالحبـس مـن شهريـن غلى سـتة أشهـر ’‬
‫وبغرامة تتراوح بين (‪10000‬درهم) و(‪100000‬درهم) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ‪ ,‬كل من قام‬
‫بطريقة غير مشروعة و بأي وسيلة كانت بقصد الستغلل التجاري بخرق متعمد"‪.‬‬

‫خــــــاتــمة‬

‫إن مــا انتهــت إليــه دراســتنا مــن خلل فحــص العناصــر التكوينيــة التــي يتحلل إليهــا الحــق المادي‬
‫لمؤلف‪،‬سـواء مـن جهـة موضوعـه أو مـن جهـة طـبيعته الذاتيـة كأداة للتعـبير عـن مجمـل المضاميـن التـي‬
‫أضحــت تزخــر بهــا مؤســسة حــق المؤلف و الحاطــة بأبعادهــا الحقيقيــة ســيما بعدمــا طرأ على هذه‬
‫المؤسـسة مـن تطور حثيـث ومتسـارع الوثيرة خلل الحقبـة المعاصـرة‪ .‬وبالتالي فالحـق المالي للمؤلف‬
‫يعـبر عـن الصـلة الماليـة القائمـة بيـن المؤلف صـاحب الحـق الذهنـي وبيـن مصـنفه‪ ،‬فهذا الحـق يعطـي‬
‫صـاحبه إمتيازا باسـتغلل مصـنفاته على أيـة صـورة مـن صـور السـتغلل‪ .‬إذ ان المكافئات التـي تكفلهـا‬
‫حقوق المؤلف للفراد المبدعيـن للمصـنفات فنيـة أو علميـة أو أدبيـة تشكـل حافزا على البداع فـي شتـى‬
‫مجالت الحياة النسانية و باعثا على التقدم والتطور ورفع صرح الحضارة البشرية‬

You might also like