فهمي هويدي صالح القلب بوب هيربرت يوسف أمين شاكير يغال كرمون عصام حسن سمير عطا ال عبد ال باجبير خالد القشطيني تقنية المعلومات أحمد الربعي محيي الدين اللذقاني مزيد ..
بريد القراء
وثائق سرية بريطانية وأميركية
اطلعت عليها «الشرق الوسط» تكشف :غزل متبادل مبكر بين صدام ولندن وواشنطن والرئيس السابق طلب إبقاء العلقات سرية حتى ل يستغلها «أعداء» البعث
واشنطن :عماد مكي
كشفت وثائق سرية اميركية وبريطانية رفع الحظر عنها مؤخرا واطلعت عليها «الشرق الوسط» عن عمق العلقة بين الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين منذ شبابه وبين بريطانيا واميركا ،وحتى بعد استخدامه للسلحة الكيميائية في الحرب اليرانية العراقية ثم ضد الكراد فيما بعد .وتوضح الوثائق صلته بشركة بكتل للمقاولت وهي اكبر الشركات الميركية التي ساهمت في بناء مصنع بتروكيميائي ابان تلك الفترة. وتوضح الوثائق الجديدة كيف ان الوليات المتحدة اتخذت سياسة حيادية في العلن من الحرب العراقية اليرانية في حين تغاضت بل وشجعت استخدام السلحة الكيميائية ضد ايران في السر ،كما قدمت بعض السلحة لصدام حسين. وفي الوقت الذي كان فيه العراق يخوض حربا طويلة مع ايران ،فان الوليات المتحدة اعتبرت نظام صدام حليفا هاما ضد الثورة اليرانية عام .1979وكانت واشنطن قلقة من ان النموذج اليراني السلمي ربما ينتشر الى بقية دول المنطقة الغنية بالنفط الضروري للقتصاد الميركي .وقد حافظت الوليات المتحدة ،علنا، على حيادتها خلل الحرب العراقية اليرانية التي بدأت العام 1980واستمرت لمدة 8سنوات غير انها وثقت علقتها بصدام بدون العلن عن ذلك. * صدام يمكن العمل معه * فوفق احدى الوثائق السرية التي تم رفع الحظر عنها والتي كشفت عنها هيئة «ارشيف المن القومي» التابعة لجامعة جورج واشنطن وحصلت عليها «الشرق الوسط» طبقا لقانون حرية المعلومات الميركي ،تقول السفارة البريطانية في بغداد ان صدام حسين احد الشخاص الذين يمكن التعامل معهم وتصفه بانه «شخص ذو ابتسامة جذابة» .وتضيف الوثيقة «اذا امكن رؤيته بشكل اكثر فانه يمكن العمل معه» .وتصفه بانه «رجل يحسن تقديم نفسه». ويعود تاريخ هذه الوثيقة الى 15نوفمبر 1969وترسم فيها السفارة البريطانية تحليل وصفيا لشخصية صدام حسين لترى ما اذا كان يمكن الدفع به للترقي في سلك القيادات في العراق وتقييم مدى استعداده للتعامل مع بريطانيا .وتعدد الوثيقة صلته بالقيادة العراقية وقتذاك ومدى نفوذه في الحزب البعثي. وفي وثيقة اخرى بتاريخ 20ديسمبر (كانون الول) 1969يكتب السفير البريطاني بلفور بول في برقية سرية الى وزارة الخارجية وشؤون الكومنويلث في لندن واصفا صدام حسين بالقول «يبدو انه الخليفة المرشح لتولي العرش» وله «صعود في دائرة الضوء» .ويضيف السفير في وثيقته بأن صدام «يتحدث بحرارة تبدو مخلصة» حول الكثير من الموضوعات .وفي الوثيقة يصف السفير قول صدام ان العلقة بين العراق والتحاد السوفيتي فرضت على حزب البعث نتيجة مناصرة التحاد السوفيتي العلنية للقضية الفلسطينية ول تمثل توجها اصيل من قبل الحزب .وينقل السفير البريطاني قول صدام انه ل يريد علقات حميمة في العلن «خشية ان يمسكها منتقدو العراق وحزب البعث ضدهم» .وفي الحديث يعبر صدام عن رغبة «حقيقية» في التعامل مع بريطانيا بل ومع الوليات المتحدة الميركية، ويصف السفير صدام بانه «رجل له رأيه الخاص وشخص ل يستهان به وعضو متصلب الرأي في سلك قيادة حزب البعث» .وقال صدام مدافعا عن مدى علقته بالتحاد السوفيتي قائل« :ليس المر بهذا السوء» .وقال السفير انه قابل صدام حسين «الصغير السن» في «مكتب صدام المتواضع» وكانت المحادثة باللغة العربية التي كان يجيدها السفير. * تحسن المور مع واشنطن * وفي وثيقة اخرى من وزارة الخارجية الميركية يعود تاريخها الى 28ابريل (نيسان) 1975تبرز حوارا بين وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر ومستشاريه في وزارة الخارجية حول ما وصف بانه «النشاط الدبلوماسي» التي من بغداد. وفي نص الحوار يذكر نائب وزير الخارجية الميركي لشؤون الشرق الدنى الفريد إيثرتون أن هناك محاولت وليدة من قبل بغداد «لتحسين المور» مع جيرانها. ويقول كيسنجر ان هذا النشاط شيء متوقع وخصوصا بعد أن تم توقيع إتفاق مبدئي في مارس 1975بين العراق وإيران والتي كانت حليفة كبيرة لميركا وقتها تحت حكم الشاه رضا بهلوي لحل الخلف الحدودي بينهما على حساب الكراد والذي قامت إيران واميركا بعده بإيقاف دعمهما لهم .ويصف إيثرتون صدام حسين بأنه «شخص جدير بالهتمام ...إنه يدير المور هناك غير أنه قاسى جدا ...وعملي وذكي» .وفي وثيقة أخرى بها نص حوار بين هنري كيسنجر ووزير الخارجية العراقي سعدون حمادي في 17ديسمبر 1975تسرد المذكرة أول لقاء وجها لوجه بين وزيري خارجية البلدين منذ سنوات والتي كان قد دعا إليها كيسنجر لستبيان وسائل تطبيع العلقات مع العراق كجزء من حملة أكبر لتحسين العلقات مع العالم العربي وخصوصا بعد أزمة النفط المصاحبة لحرب 1973بين العرب وإسرائيل .وفيها يقول كيسنجر لسعدون حمادي «ل أظن أن هناك أي إصطدام أساسي في المصالح القومية بين العراق والوليات المتحدة الميركية». وعندما يرد حمادي ان الخلف يبقى اسرائيل ،يقول كيسنجر أنه ل مساومة على وجود إسرائيل ويقول «أما إذا كانت القضية (بين العرب وإسرائيل) هي مسألة حدود فإننا يمكن أن نتعاون في ذلك» .وفي اللقاء يتفق الوزيران أنه ل عوائق أمام العلقات «القتصادية والثقافية». * الملك حسين كان يقرب بين واشنطن وبغداد * وفي وثيقة أخرى تم الكشف عنها من السفارة الميركية في عمان بالردن في 19مارس 1985يتضح أن الملك حسين عاهل الردن السابق كان من أهم الوسطاء بين بغداد والعراق وذلك قبل اعلن العلقات رسميا بين واشنطن وبغداد في نوفمبر 1984.وفي هذه البرقية تظهر محاولت الملك حسين لجمع الزعماء العرب ضد إيران ودعوته للرئيس حسني مبارك للنضمام الى صدام حسين في لقاء .ويقول الملك للسفير الميركي في عمان ان العراقيين «مسرورون للغاية» من الدعم الدبلوماسي الميركي وكذلك «من التعاون الجمالي مع الوليات المتحدة الميركية» اثناء الحرب مع ايران. وفي برقية أخرى ،توضح رضا اميركا غير المعلن عن استخدام العراق للسلحة الكيماوية ،من قسم رعاية المصالح الميركية في العراق في 7مارس 1984يقول عصمت كتاني نائب وزير الخارجية العراقي وقتها معلقا على النتقادات الميركية العلنية لستخدام العراق للسلحة الكيماوية ضد إيران انها لم تكن مناسبة من حيث «التوقيت ...والسلوب» .ويقول ان الهم من كل ذلك هو أل تعيق هذه الحادثة بين إقامة علقات ثنائية بين البلدين وهو ما تحقق فعليا فيما بعد حينما أعلنت الوليات المتحدة الميركية إقامة علقات رسمية مع نظام صدام حسين في نوفمبر .1984 * بكتل تعمل في العراق رغم استخدام السلحة الكيميائية ضد الكراد * وفي وثيقة مؤرخة في سبتمبر 1988تذكر السفيرة الميركية في بغداد ابريل غلسبي والتي يظن في كثير من الدوائر انها اعطت الشارة الخضراء للعراق بغزو الكويت في اغسطس 1990تقول ان شركة بكتل للمقاولت قالت انها لن تحترم حظرا كان الكونغرس قد فرضه علنا على قيام شركات اميركية بالعمل في العراق بعد ان قام صدام حسين باستخدام الغارات الكيميائية ضد الكراد في مارس من العام ذاته في حلبجة. وتبين الوثيقة موافقة الدبلوماسيين الميركيين على قيام بكتل بذلك على الرغم من حظر الكونغرس المعلن وذلك عن طريق استخدام مقاولين غير اميركيين او شركات تابعة لها مقيدة في السجلت في دول اخرى على انها غير اميركية على الرغم من انها مملوكة لشركات اميركية. وتقول غلسبي «لقد قال ممثلو بكتل (في العراق) انه اذا تحول الحظر الى قانون فانهم سيلجأون الى استخدام موردين غير اميركيين» لكي يحتفظوا بعقد كبير في العراق كانت بكتل مع شركات اميركية اخرى قد فازت به لقامة الجزء الثاني من مصنع بتروكيمائي في العراق تبلغ كلفته ملياري دولر كان نصيب الشركات الميركية منه 300مليون دولر. وقال جيم فاليت من مركز الطاقة الدائمة في واشنطن لـ«الشرق الوسط» ان الشركة الميركية «بدعم من الدبلوماسيين الميركيين ارادت العمل في العراق على الرغم من علمها يقينا ان صدام حسين استخدم اسلحة كيميائية ضد الكراد وضد ايران» .واضاف «لقد ارادت الشركة كسب المال فقط ،ولم يكن يعنيها ما يمكن ان يحدث للكراد جراء بعض منتجات المصنع» .ومن المعروف ان موظفي بكتل كانوا من ضمن الرهائن الغربيين الذين احتجزهم صدام حسين بعد غزوه للكويت كورقة ضد تهديدات الوليات المتحدة بضربه عسكريا اذا لم ينسحب من الكويت .وقد اطلق صدام حسين سراحهم لحقا بعد وساطة بريطانية. وقال توم بلنتون ،المدير التنفيذي لرشيف المن القومي ،وهو مركز ابحاث مقره واشنطن ،لـ«الشرق الوسط» «ان هدفنا من الكشف عن هذه الوثائق هو اعطاء البعد التاريخي للحرب على العراق وللقرارت القتصادية بما فيها اعطاء عقود لشركات هناك» .وقال بلنتون «ان الحتلل للعراق يوصف بانه حرب اخلقية جلية ضد الشر .وترسم المور لنا في لونين ابيض واسود .غير ان حقيقة التاريخ وحقيقة العلقة بين الوليات المتحدة والعراق ترينا ان العلقة كانت مظلمة وليست كلها لونين فقط .لقد كانت العلقة سياسية للغاية وان القلق الميركي من اسلحة الدمار الشامل ما هو ال زهرة تفتحت قريبا جدا فقط».