You are on page 1of 11

‫‪http://www.fikrwanakd.aljabriabed.com/n51_12.

htm‬‬

‫أسئلة السوسيولوجيا في المغرب‬


‫حول قضية المرأة في العالم العربي‬
‫عبد الرحيم الراجي‬
‫تقديم‪:‬‬
‫يدخل كتاب قضية المرأة وتحديات التعليم والتنمية‬
‫البشرية ضمن الكتابات السوسيولوجية المعاصرة التي تراهن على‬
‫المقاربة السوسيولوجية النقدية كخيار منهجي لفهم العالم الجتماعي (‬
‫‪ )Le monde social‬وقد ركز الباحث مصطفى محسن في هذا المؤلف‬
‫على مساءلة المسألة الجتماعية (‪ )La question sociale‬وتحديدا‬
‫المسألة النسائية (‪ )La question féminine‬بحكم ما أصبح يعرفه هذا‬
‫الموضوع اليوم من اهتمام متزايد ويتجلى ذلك في تنامي نشاط الحركة‬
‫النسائية التي تنزع نحو تحسين وضعية المرأة عن طريق الرفع من‬
‫كفاءتها لضمان انخراطها اليجابي في التنمية الجتماعية والسياسية‬
‫والقتصادية‪ ،‬الشكال الذي أطرحه الن من خلل هذه المقالة والذي‬
‫يمكن أن يطرحه معي كل المهتمين بالعالم الجتماعي وبقضية المرأة‬
‫وبحقوق النسان والديمقراطية هو‪ :‬ما هي أهم السئلة السوسيلوجية‬
‫التي طرحها الباحث المغرب مصطفى محسن في كتاب قضية المرأة‬
‫وتحديات التعليم والتنمية البشرية؟ ثم ما هي المعالجة المقترحة‬
‫لهذه السئلة؟ وأخيرا وليس آخرا ما هي الملحظات التقييمية التي‬
‫يمكن تسجيلها إن على مستوى الرؤية أو على مستوى المنهج‬
‫المعتمدين في المعالجة؟‬
‫‪ – 1‬السئلة السوسيولوجية في كتاب‬
‫‪:‬‬
‫يندرج الكتاب المذكور أعله ضمن ما يسميه هشام شرابي‬
‫"بالخطاب النقدي الذي يرفض الشرعيات المطلقة ول يعترف بمطلب‬
‫الحقيقة الواحدة الشاملة‪ ،‬ويصر على الختلف السياسي والتعددية‬
‫الفكرية‪ ،‬ويضع حقوق النسان والحريات الديمقراطية وقضية المرأة‬
‫على رأس اهتماماته الفكرية والجتماعية‪ ،‬ويتشكل مؤلف قضية‬
‫المرأة وتحديات التعليم والتنمية البشرية من أربعة مباحث‬
‫يمكن تركيزها في ثلث مباحث أساسية فضل عن المدخل التمهيدي‪،‬‬
‫وقد خصص المؤلف هذا الكتاب لطرح استفهامات سوسيولوجية‬
‫مركزية ودقيقة يمكن تلخيصها في سؤالين أساسيين‪:‬‬
‫السؤال الول‪ :‬ما هي الوضاع التعليمية التي تعيشها الفتاة العربية‬
‫وبخاصة الفتاة المغربية كنموذج في الوسط القروي؟‬
‫السؤال الثاني‪ :‬ما هي الفاق الممكنة لتدخل الجمعيات غير‬
‫الحكومية للمساهمة في تحسين أوضاع الفتاة (المرأة) تسهيل لمأمورية‬
‫إدماجها في التنمية الجتماعية الشاملة؟‪.‬‬
‫‪ – 2‬المعالجة المقترحة‪:‬‬
‫ـ في المبحث الول المعنون بالوضاع التربوية والجتماعية للفتاة‬
‫في الوطن العربي (الفتاة القروية بالمجتمع المغربي المعاصر‬
‫كنموذج)‪ :‬أشار مصطفى محسن إلى فكرة أساسية مؤداها أن استفادة‬
‫الفتاة العربية من الخدمات التعليمية لزالت دون المستوى بالمقارنة مع‬
‫الفتاة في الدول المتقدمة‪ ،‬موضحا بأن الفتاة بالوسط القروي ل زالت‬
‫تعاني من التهميش حتى الن وبشكل كبير وقد توصل المؤلف إلى هذه‬
‫الفكرة عن طريق استنطاق بعض المعطيات الحصائية المتضمنة في‬
‫تقرير ‪ 1992‬الذي قدمته منظمة اليونيسكو بخصوص الوضعية التعليمية‬
‫بالوطن العربي بما في ذلك المغرب وفي إطار الشارة إلى‬
‫النعكاسات السلبية لهذه الوضعية سجل المؤلف على أن ظاهرة المية‬
‫في صفوف الناث وبخاصة الفتاة القروية‪ ،‬من النعكاسات السلبية‬
‫الناجمة عن عدم كفاية الخدمات التعليمية المقدمة بشكل عام في‬
‫الوطن العربي وبالمغرب بشكل خاص بالرغم من المجهودات المبذولة‬
‫في إطار برنامج محو المية‪ ،‬فحتى سنة ‪– 1990‬يقول المؤلف‪ -‬لم يبلغ‬
‫المعدل الوطني لمحو المية بالمغرب سوى ‪ %49.5‬وقد كانت نسبة‬
‫استفادة الفتاة من برنامج محو المية دون المستوى‪.‬‬
‫وهذه المعطيات ستكون لها آثار سلبية على اندماج المرأة في‬
‫محيطها الجتماعي والقتصادي والثقافي‪ ،‬بمعنى آخر ستكون هناك‬
‫تنمية معطوبة بتعبير المؤلف‪.‬‬
‫ـ في المبحث الثاني المعنون بعوائق تمدرس الفتاة في الوسط‬
‫القروي المغربي‪ :‬ركز الباحث المغربي على تصنيف وتحديد العوائق‬
‫المعرقلة لتمدرس الفتاة بالوسط القروي وقد حددها في أربعة أنواع‪:‬‬
‫أ – العوائق التربوية ويمكن رصدها في ثلث نقط أساسية‪:‬‬
‫النقطة الولى وتتعلق بطبيعة ونوعية العرض التربوي‪ :‬فالعرض‬
‫التربوي في نظر المؤلف يتسم في الوسط القروي المغربي بسمات‬
‫التشتت والختلف واللتكامل ويتجلى ذلك في ضعف تغطية حاجة‬
‫الدواوير إلى المدارس حيث ل تتجاوز هذه التغطية نسبة ‪ %33‬بشكل‬
‫عام‪ ،‬عدم كفاية هذه التغطية حسب الدواوير والمناطق القروية‬
‫المتباينة‪ ،‬عدم توفر المدارس حتى في حالة وجودها على بنية‬
‫بيداغوجية سواء في هيكلها المادي (البنية التحتية) أو التربوي (توفر كل‬
‫المستويات الدراسية المتعلقة بطور معين)‪ ،‬عدم ملءمة التنظيم‬
‫البيداغوجي (التوقيت‪ ،‬استعمالت الزمن والعطل لخصوصيات الوساط‬
‫القروية المختلفة)‪ .‬هذه الوضعية المختلة التي تميز العرض التربوي‬
‫بالوسط القروي تؤدي في نظر الباحث إلى حدوث ظواهر تربوية سلبية‬
‫متعددة مثل‪ :‬ظاهرة العزوف عن التمدرس‪ ،‬ظاهرة النقطاع المبكر‬
‫وظاهرة التكرار‪..‬‬
‫النقطة الثانية وتتعلق بابتعاد بعض مضامين المناهج الدراسية عن‬
‫قيم ومكونات الثقافة القروية بالمفهوم السوسيو‪-‬أنثروبولوجي للثقافة‪:‬‬
‫في هذه النقطة تمت الشارة إلى أن المناهج المعممة على المستوى‬
‫الوطني ل تدمج آليات وأساليب التنشئة الجتماعية التي تراعي‬
‫خصوصيات الثقافة المحلية من عادات وأعراف وتقاليد وقيم‪ ،..‬وتأكيد‬
‫الباحث على ضرورة استدخال الثقافة المحلية في أساليب التنشئة‬
‫الجتماعية للفتاة القروية التي تفتقر إليها الدبيات التربوية حتى الن ل‬
‫تعني أنه يدعو إلى وضع مناهج خاصة بالوسط القروي وأخرى خاصة‬
‫بالوسط الحضري لن الهدف في النهاية هو تكوين مواطن مغربي‬
‫مستجيب في ثقافته وقيمه لمتطلبات الندماج والسهام في مسيرة‬
‫التنمية الشاملة والمستدامة‪ .‬إن الهدف الستراتيجي من الدعوة إلى‬
‫استدخال الثقافة المحلية هو جعل المؤسسة التعليمية أكثر انفتاحا على‬
‫محيطها الجتماعي الثقافي والقتصادي‪.‬‬
‫النقطة الثالثة والخيرة وتتعلق بعدم كفاية الخدمات التربوية‬
‫المتوفرة‪ :‬تبرز عدم كفاية الخدمات التربوية المقدمة في قلة المطاعم‬
‫المدرسية‪ ،‬عدم توفر المطاعم على الشروط الغذائية والصحية‬
‫الضرورية‪ ،‬غياب الداخليات في جل مستويات التعليم‪ ،‬عدم توفر‬
‫المؤسسات على قاعات للستراحة خاصة وأن أغلب التلميذ ول سيما‬
‫البنات ل يستطيعون‪ ،‬نظرا لعامل البعد أن يعودوا إلى منازلهم فيما بين‬
‫الفترتين الصباحية والمسائية‪ ،‬غياب التجهيزات الساسية التي يتطلبها‬
‫السير العادي للعمل التربوي مثل‪ :‬الماء‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬التدفئة‪ ،‬السكن‬
‫الخاص برجال التعليم‪ ،‬المراحيض‪ ،‬العتاد البيداغوجي المتعلق بوسائل‬
‫التعليم والتبليغ واليضاح‪ .‬غياب هذه الخدمات وضعفها يؤثر سلبا على‬
‫تمدرس الطفال وبخاصة تمدرس الفتاة القروية ونظرا لوضعها‬
‫الجتماعي ستكون العنصر الكثر تضررا في ظل هذا الواقع المأزوم‪.‬‬
‫ب – العوائق السوسيو‪-‬اقتصادية‪:‬‬
‫لقد أضحت العوائق الجتماعية‪-‬القتصادية‪ ،‬في ظل النظام‬
‫العالمي الجديد وزحف العولمة (‪ )Mondialisation‬من أبرز العوائق التي‬
‫تتحكم اليوم في ثقافة ووعي النسان وهذا يذكرنا بمدى صمود المقولة‬
‫الماركسية التي تقر بأن الواقع القتصادي هو الذي يتحكم بل ويحدد‬
‫وهي الناس وعلقاتهم الجتماعية وهذا ما يؤكده كارل ماركس في‬
‫قوله‪" :‬إن الحياة المادية هي التي تحدد الحياة الجتماعية والسياسية‬
‫والفكرية عامة"‪ ،‬وفي إطار رصد العوائق الجتماعية‪-‬القتصادية المؤثرة‬
‫على الوضعية التربوية بالمغرب وبخاصة في الوسط القروي‪ ،‬أكد‬
‫المؤلف على أن هناك عوائق متعددة ومتنوعة نذكر منها على سبيل‬
‫الحصر ما يلي‪:‬‬
‫ـ تدهور الوضعية القتصادية بالوسط القروي‪.‬‬
‫ـ اتساع فئة الفقراء لن أغلب القرويين يعتمدون على أنشطة‬
‫فلحية معاشية تعتمد على التساقطات المطرية‪.‬‬
‫ـ ارتفاع كلفة التمدرس‪.‬‬
‫ـ تشبث النسان القروي‪ ،‬بحكم المية وضعف الدخل الفردي‬
‫وضعف التغطية الصحية‪ ،‬بفكرة استثمار الطفال كرأسمال بشري في‬
‫عملية النتاج في العمال المنزلية وفي العمال الحقلية الزراعية أو‬
‫الرعوية‪.‬‬
‫لقد ختم مصطفى محسن الحديث عن العوائق السوسيو‪-‬اقتصادية‬
‫بالشارة إلى فكرة مفادها أن تعاظم تشغيل الطفال والشباب من‬
‫الجنسين اليوم تعود في الصل إلى تدهور المكانة الجتماعية‬
‫والقتصادية للمدرسة المغربية سواء في القرية أو المدينة وهذا التدهور‬
‫بدأ مع نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات ذلك أن التعليم لم يعد أداة‬
‫للحركية الجتماعية والترقي بمعنى آخر لم يعد ينظر إلى التعليم على‬
‫أساس أنه أداة للتنمية والتطور الجتماعي‪.‬‬
‫ج – العوائق السوسيو‪-‬ثقافية‪:‬‬
‫في إطار الحديث عن العوائق يؤكد صاحب المؤلف بأن للعوائق‬
‫السوسيو‪-‬ثقافية تأثير كبير على الوضعية الجتماعية التربوية للفتاة‬
‫بالوسط القروي‪ ،‬وهذا التأثير يتجلى في تصدي الوعي الجتماعي‬
‫التقليدي للتربية الحديثة التي أضحت تركز على إدماج أفكار جديدة‬
‫وعلم جديد وقيم جديدة مثل الدعوة إلى‪:‬‬
‫ـ أعمال العقل‪.‬‬
‫ـ استخدام الذكاء‪.‬‬
‫ـ مناقشة الفكار مناقشة علمية قبل تبنيها‪.‬‬
‫ـ الحرص على الحوار واحترام الغير‪.‬‬
‫ـ احترام حقوق النسان‪.‬‬
‫ولم تفت المؤلف فرصة لفت انتباهنا إلى أن هناك مفارقة بين‬
‫مكونات الوعي الجتماعي وبين الممارسة أحيانا وقد مثل لذلك‬
‫بالموقف من المرأة بالمغرب‪ ،‬مبينا بأن بالرغم من خروج المرأة إلى‬
‫مجال العمل والنتاج في قطاعات متعددة ومختلفة فإنها ل زالت تواجه‬
‫أفكارا مناهضة لتحررها ومساواتها مع الرجل وبخاصة في الوساط‬
‫المهمشة في المدن والمناطق القروية‪ ،‬ولهذا انعكاس سلبي على‬
‫تمدرس الفتاة وتحديدا الفتاة القروية‪.‬‬
‫د – العوائق اليكولوجية‪:‬‬
‫لقد حصر مصطفى محسن العوائق اليكولوجية التي تحد من‬
‫مستوى القبال عن التمدرس في الوسط القروي بالنسبة للناث في‪:‬‬
‫ـ طبيعة التضاريس التي يتميز بها الوسط القروي‪.‬‬
‫ـ نوعية المناخ السائد كذلك بالمجال القروي‪.‬‬
‫ـ بالضافة إلى مشكلة التأهيل اللمتكافئ للمناطق القروية على‬
‫مستوى هيكلتها التجهيزية (من كهرباء وماء وطرق ووسائل النقل‬
‫والتصال) وعلى مستوى هيكلتها التنظيرية (من خدمات وأجهزة إدارية‬
‫وصحية ومؤسسات تربوية‪.)..‬‬
‫وبالتالي ينبغي حسب وجهة نظر الباحث مراعاة سياسة تخطيطية‬
‫تنموية شاملة قائمة على أسس البحث العلمي الذي يراعي بدوره‬
‫نوعية الطلب الجتماعي في الوسط القروي‪.‬‬
‫في ظل هذا الوضع المتأزم لتمدرس الفتاة القروية بالوطن‬
‫العربي وبالمغرب على الخصوص نتساءل عما هي البدائل أو الحلول‬
‫التي يقترحها الباحث السوسيولوجي مصطفى محسن لتجاوز هذا الواقع‬
‫المتردي الذي تعيشه الفتاة بالوسط القروي المغربي؟ بمعنى آخر ما‬
‫هي السبل الكفيلة بتأهيل المرأة القروية وجعلها عنصرا فاعل في‬
‫التنمية بمعناها الشامل والموسع؟ وإذا سلمنا بأن الباحث سيقترح حل‬
‫هذا المشكل عن طريق تدخل المنظمات والجمعيات النسائية كما‬
‫سيتضح فيما بعد‪ ،‬فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا راهن الباحث‬
‫السوسيولوجي المغربي على المنظمات والجمعيات النسائية؟ بمعنى‬
‫أكثر شمولية لماذا راهن المؤلف على حل مشكل تمدرس الفتاة‬
‫القروية بالمغرب على المجتمع المدني وتجنب الحديث عن دور الدولة‬
‫في هذا المجال؟ هل الدولة أصبحت عاجزة‪ ،‬في ظل العولمة وما‬
‫تطرحه من إكراهات‪ ،‬عن حل المشاكل ذات الطبيعة الجتماعية كما‬
‫ذهب إلى ذلك المفكر التونسي الحبيب الجنحاني؟‪.‬‬
‫ـ في المبحث الثالث والخير المعنون بالجمعيات الغير الحكومية‬
‫ومستقبل تمدرس الفتاة القروية‪ :‬عمل الباحث المغربي مصطفى‬
‫محسن على رصد مجموعة من المقترحات‪ ،‬التي رآها ملئمة لتحسين‬
‫وضعية الفتاة (المرأة) المغربية القروية تحديدا‪ ،‬ويمكن تلخيصها كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ +‬الدعوة إلى خلق نشاط جمعوي مكثف في الوسط القروي لما‬
‫تعيشه الفتاة (المرأة) المغربية في هذا الوسط من مشكلت معقدة‬
‫كالمية‪ ،‬الستغلل في مجال العمل والنتاج‪ ،‬عوائق التمدرس المتنوعة‪،‬‬
‫الصورة المتدنية للمكانة الجتماعية للمرأة بالوسط القروي وما ينجم‬
‫عن ذلك من زواج مبكر وحجر ووصاية‪..‬‬
‫‪ +‬التركيز في العمل الجمعوي الموجه لفائدة المرأة القروية على‬
‫التعليم لنه على كل تنمية والمدخل الساس لدماج المرأة حتى ولو لم‬
‫يؤدي هذا التعليم إلى شغل‪ ،‬لن المعرفة في نهاية المر رأسمال رمزي‬
‫يساعد المرأة على مواجهة مشكلت اجتماعية من مثل‪ :‬التنظيم‬
‫العائلي‪ ،‬الصحة‪ ،‬مخاطر الزواج المبكر‪ ،‬الطلق وما ينجم عنه من‬
‫أخطار نفسية واجتماعية على الطفال‪.‬‬
‫‪ +‬تحسيس المرأة وتوعيتها بالمشاكل الجتماعية التي تعرقل‬
‫انخراطها في التنمية إلى جانب الرجل مثل المية‪ ،‬الرشوة‪.‬‬
‫‪ +‬الدعوة إلى استدخال تقنية التصال والتواصل الحديثة في مجال‬
‫النشاط الجمعوي مثل الشرطة المسموعة أو المرئية كالقوافل‬
‫السينمائية والملصقات المصورة‪ ،‬إنه يدعو إلى استعمال كل التقنيات‬
‫المتطورة التي تساعد على شرح وتبسيط الموضوعات سواء كانت‬
‫موضوعات تربوية أو صحية أو اجتماعية‪.‬‬
‫‪ +‬الدعوة إلى ضرورة تأسيس العمل الجمعوي على نتائج البحث‬
‫العلمي وعلى الدراسات الميدانية حتى تتمكن الجمعيات من تجاوز‬
‫مسألة السقوط في بلورة خطاب مفارق للواقع‪ ،‬فمثل الخطاب‬
‫النسائي يقتضي طرح التساؤلت التية‪ :‬عن أية امرأة أو فتاة نتحدث؟‬
‫ما هي مواصفاتها ومشكلتها وهمومها؟ هل يهم هذا الخطاب كل النساء‬
‫أم أنه يهم فقط فئات وشرائح نسائية محددة وخاصة؟ من هن هؤلء‬
‫النساء تحديدا؟ ونفس الشيء يمكن قوله عن الخطابات المتعلقة‬
‫بالطفال والشباب والمجتمع المدني والديمقراطية وحقوق النسان‪.‬‬
‫إن تأمل المقترحات السابقة التي تقدم بها مصطفى محسن‬
‫لرسم أفق إيجابي للمرأة العربية ولحل المشاكل التي تعترضها في كل‬
‫القطار العربية مع الخذ بالخصوصيات المحلية‪ ،‬يجعلنا ننتهي إلى أن‬
‫حل هذه المشاكل ل يمكن أن يتم في نظر هذا الباحث المحب للسؤال‬
‫السوسيولوجي إل من خلل المراهنة على المجتمع المدني‪ ،‬وعندما‬
‫نقول المجتمع المدني نقول الحركات الجتماعية أي المنظمات‬
‫والجمعيات غير الحكومية‪ ،‬السئلة التي تعترضنا الن‪:‬‬
‫هل توجد بالمغرب وبالعالم العربي حركات اجتماعية بالمواصفات‬
‫التي أثارها آلن تورين في كتابه ‪ Sociologie de l'action‬وغي روشيه في‬
‫كتابه ‪Introduction à la sociologie social: le changement social‬‬
‫وبالمواصفات التي أثارها الباحث المغربي نفسه؟ وعلى سبيل التوضيح‬
‫هل توجد جمعيات تحدد برامجها التنمية انطلقا من دراسات عميقة‬
‫وبحوث ميدانية تستند إلى الخبرة العلمية؟ فضل عن ذلك‪ ،‬لماذا تجنب‬
‫مصطفى محسن اقتراح حلول تدمج المجتمع السياسي والدولة ككل‬
‫في تحمل مسؤوليات تنمية المرأة في الوطن العربي وإدماجها في‬
‫الحياة العامة للمجتمع؟ هل تجنبه لمثل هذه القتراحات يعود إلى إدراكه‬
‫بأن "الدولة في زمن العولمة تحولت كما يقول الحبيب الجنحاني إلى‬
‫مضيفة للشركات المتعددات الجنسية وما يقترن بالضيافة من كرم‬
‫وترحيب وفرش البسط وتزيين الطرقات‪ ..‬وإعفاء الشركات العالمية‬
‫من الضرائب أو التخفيض فيها‪ ،‬وهو ما يؤدي حتما إلى تقليص النفاق‬
‫الحكومي على الرعاية الجتماعية والخدمات العامة من نقل ومدارس‬
‫ومستشفيات وجامعات ومؤسسات ثقافية" أم أن المر يقتضي تقديم‬
‫اقتراحات محكومة فقط بمنطق "موضة العصر" حيث ل حديث اليوم إل‬
‫عن المجتمع المدني؟‬
‫‪ – 3‬ملحظات تقييمية للرؤية والمنهج‪:‬‬
‫يبرز أوكست كونت في كتابه ‪Cours de la philosophie positive‬‬
‫بأنه‪ " :‬ل تدرس المناهج في استقلل عن البحوث وكل دراسة تنزع نحو‬
‫الفصل بينهما ستكون دراسة عديمة القيمة ولن تغني الفكر" ومنطوق‬
‫هذا القول يبين بأن مسألة الفصل بين الشكل والمضمون بين المنهج‬
‫والرؤية هي مسألة صعبة لن فهم الشكل (المنهج) متوقف على‬
‫المضمون وفهم المضمون (الرؤية) متوقف على الشكل‪ .‬إن محتوى‬
‫القول المشار إليه أعله‪ ،‬يوضح بأن أوغست كونت يرفض الفصل بين‬
‫المنهج والرؤية بالمعنى الستراتيجي‪ ،‬أما الفصل الجرائي المحكومي‬
‫بغائية المساءلة النقدية لكل واحد منهما على حدة فهذا مقبول‪ ،‬بل‬
‫واجب باصطلح الفيلسوف الفرنسي ديكارت‪ ،‬لن تأسيس المعرفة‬
‫بالمعنى الديكارتي ل يتأتى إل بالنتقال من قاعدة البداهة إلى قاعدة‬
‫التحليل فقاعدة التركيب‪ ،‬وإذن فتأسيس المعرفة يستوجب ممارسة‬
‫الفصل والتفكيك والسير من البسيط نحو المعقد‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم‪ ،‬نقول إذن بأن الفصل بين الرؤية والمنهج‪ ،‬بين‬
‫المضمون والشكل‪ ،‬بين ما قيل وكيف قيل‪ ،‬هو فصل منهجي إجرائي‬
‫نستدعيه هنا كما يستدعيه كل المهتمين بالمقاربات النقدية بهدف‬
‫الوقوف على كل واحد منهما‪ .‬السئلة المطروحة الن هي كالتالي‪ :‬ما‬
‫هو السلوب المنهجي الذي اختاره مصطفى محسن؟ ثم ما هي قيمته‬
‫البستمولوجية؟ علوة على ذلك أين تكمن قيمة الرؤية التي بلورها‬
‫المؤلف في كتابه قضية المرأة وتحديات التعليم والتنمية‬
‫البشرية؟‪،‬وعندما نقول الرؤية فإننا نقصد موقف الباحث من المرأة‬
‫ومن الواقع الجتماعي والثقافي والقتصادي الذي أنتجها‪ ،‬إذن هل‬
‫مصطفى محسن راض عن الواقع بمعناه المادي والرمزي الذي تعيشه‬
‫المرأة في العالم الجتماعي العربي أم ل؟ بالضافة إلى ذلك هل‬
‫الباحث المغربي قدم للقضية النسائية كل ما تستحقه باعتبارها قضية‬
‫اجتماعية حقيقية كما فعل بيير بورديو في كتابه‪La domination :‬‬
‫‪ masculine‬وهشام شرابي في مؤلفه البنية البطريكية وفاطمة‬
‫المرنيسي في كتاباتها المتعددة‪ ،Le harem politique :‬هل أنتم محصنون‬
‫ضد الحريم‪ ..‬أم أنه اكتفى فقط بقراءة قضية المرأة بالقضية التربوية؟‬
‫أ – تقييم رؤية الباحث السوسيولوجي مصطفى محسن‪:‬‬
‫لقد ذهب إميل دوركايهم في مؤلفه ‪Les règles de la méthode‬‬
‫‪ sociologique‬إلى القول بأن‪" :‬النسان نتاج المجتمع" ومقاسا على هذا‬
‫أكد مصطفى محسن بدوره بأن المرأة العربية المية والفقيرة‬
‫والمقهورة هي نتاج لمجتمع عربي متأزم‪ ،‬وقد حصر محددات الزمة‬
‫وأسبابها في معطيات متعددة‪ :‬إيكولوجية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬سوسيولوجية‬
‫وثقافية‪ ،..‬لكن ما يثير النتباه هو أنه بالرغم من اعترافه بأن الزمة التي‬
‫تعيشها المرأة ويعيشها الشباب في العالم العربي هي أزمة مجتمع كما‬
‫أشار إلى ذلك في كتابه الخطاب الصلحي التربوي‪ :‬أسئلة‬
‫الزمة وتحديات التحول الحضاري رؤية سوسيولوجية نقدية‬
‫فإنه اكتفى فقط بدعوتنا إلى العتماد على المجتمع المدني لتجاوز‬
‫الزمة التي تعيشها المرأة‪ ،‬وهذا يبرز نوعا من المفارقة‪ ،‬إذ كيف يمكن‬
‫القول بأن للزمة طبيعة كليانية (اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬ثقافية إلخ) ويتم‬
‫النتهاء إلى اقتراح حلول جزئية؟‬
‫إن المطلع على كتاب قضية المرأة وتحديات التعليم‬
‫والتنمية البشرية ل بد وأن يكتشف كذلك بأن الباحث لم يعط‬
‫للقضية النسائية كل ما تستحقه من دراسة عميقة وموسعة ويتجلى‬
‫ذلك في عدم النفتاح على المرجعيات السوسيولوجية والفكرية التي‬
‫ركزت على رصد ماهية المرأة وقيمتها وعلقتها بأخيها الرجل داخل‬
‫مؤسسات المجتمع‪ ،‬وقد أشرت إلى البعض منها سابق‪ .‬لقد اكتفى‬
‫صاحب المؤلف بقراءة قضية المرأة بالقضية التربوية ويبرز‬
‫ذلك في النفتاح المكثف على المفاهيم والنظريات التربوية‬
‫كنظرية إعادة النتاج لبيير بورديو وغيرها‪.‬‬
‫إن دعوة مصطفى محسن إلى إشراك المنظمات والجمعيات في‬
‫التنمية ليس جديدا في مجال المقاربة السوسيولوجية وإنما هو تثمين‬
‫واستحضار للطروحات السوسيولوجية الدينامية التي تحدثت عن‬
‫الحركات الجتماعية ‪ Les mouvements sociaux‬ودورها في تحقيق‬
‫التنمية‪ ،‬وقد حصل هذا مع السوسيولوجي آلن تورين في كتابه‬
‫‪ Sociologie de l'action‬الذي انتهى فيه إلى تأسيس منهجية تحليل‬
‫الحركة التاريخية أو ما يسمى بـ ‪ L’analyse actionaliste‬الذي اقترحه‬
‫كمنهج بديل لـ ‪ L’analyse fonctionaliste‬و ‪،L’analyse structuraliste‬‬
‫وإنصافا لمصطفى محسن نقول بأن الجديد عند هذا الرجل يتمثل في‬
‫نظرنا في مناداته اليوم بفكرة إعادة النظر في الكيفية التي تتم بها‬
‫عملية تأسيس الحركات الجتماعية سواء في الوسط القروي أو‬
‫الحضري‪ ،‬نظرا لما تؤديه هذه الحركات الجتماعية من وظائف مهمة‬
‫كوظيفة الوساطة بين الفراد والدولة (‪ )Fonction de médiation‬ووظيفة‬
‫توضيح (وبناء) الوعي الجماعي ‪Fonction de clarification de la‬‬
‫‪ conscience collective‬ووظيفة الضغط ‪ ،Fonction de pression‬إنه يدعونا‬
‫إلى جعل مسألة تأسيس الحركات الجتماعية في العالم العربي‬
‫مسبوقة بالدراسات والبحاث الميدانية العلميةوتجاوز فكرة النخراط‬
‫في التأسيس الرتجالي المحكوم بالمزايدات السياسوية والحزبوية لنها‬
‫تجعل العمل الجمعوي ضيق الفق ومحكوم بالرؤية الذاتية البراغماتية‬
‫اللحظية‪.‬‬
‫ب – تقييم المنهج الذي اعتمده الباحث السوسيولوجي مصطفى‬
‫محسن‪:‬‬
‫انسجاما مع التقديم الذي افتتحت به مقالتي هاته أعود لقول من‬
‫جديد بأن كتاب قضية المرأة وتحديات التعليم والتنمية البشرية‬
‫يندرج ضمن تجربة البداع السوسيولوجي النقدي المعاصر‪ ،‬والهتمام‬
‫بالمساءلة النقدية في المجال السوسيولوجي كما هو المر في مجال‬
‫العلوم النسانية الخرى‪ :‬كالفلسفة والتاريح‪ ،..‬دفع ويدفع اليوم محترف‬
‫السوسيولوجيا إلى تمثل واقتفاء آثار التجربة النقدية الكانطية في رصد‬
‫ومعالجة الوقائع الجتماعية ‪ ،Les faits sociaux‬وهذا التوجه نجده عند‬
‫العديد من السوسيولوجيين السابقين كماكس فيبر (‪ )Max Weber‬وبيير‬
‫بورديو وغيرهم وكل هذا يحتم في نهاية المطاف على السوسيولوجيين‬
‫أن يتزودوا بأساليب منهجية تقوي ملكة النقد بمعناها العلمي‪ ،‬ومن هنا‬
‫تأتي ضرورة النفتاح على إبستيمولوجيا علم الجتماع أو ما يسميه بيير‬
‫بورديو بـ ‪ Sociologie de la sociologie‬التي بدأت مع مطلع القرن التاسع‬
‫عشر حيث سيتم الحديث عن تجارب منهجية متعددة كـ‪ :‬ـ المنهج‬
‫التكويني‬
‫ـ المنهج الوظيفي ـ المنهج الصطلحي‬
‫ـ المنهج البنيوي ـ المنهج التاريخ الخ‪.‬‬
‫السؤال الذي يطرح الن‪ :‬ما هو المنهج الذي اعتمده مصطفى‬
‫محسن في تناوله لقضية المرأة وتحديات التعليم والتنمية البشرية؟‬
‫جوابا على السؤال المطروح نقول بأن الباحث المغربي حرص‬
‫على المزاوجة بين أسلوبين منهجيين أساسيين يتعلق المر هنا بالمنهج‬
‫الحصائي والمنهج التاريخي‪ ،‬والعتماد على هذين المنهجين يعود في‬
‫الواقع إلى أهميتهما العلمية في تناول الظواهر الجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫وفي سياق التنبيه إلى أهمية المنهج التاريخي وتأكيد عناية الباحثين‬
‫المعاصرين به يقول محمد عابد الجابري‪" :‬لقد صار الباحثون‬
‫المعاصرون يحاولون استكناه حقيقة الظاهرة وأسبابها الموضوعية‬
‫بتوظيف المناهج الحديثة وفي مقدمتها المنهج الفينومينولوجي والمنهج‬
‫التاريخي وإذن فمراهنة الباحث المغربي على المنهج التاريخي والمنهج‬
‫الحصائي ترتبط بقيمتهما وأهميتها العلمية‪ ،‬وفي إطار تتميم البعد‬
‫التقييمي للجانب المنهجي‪ ،‬نسجل كذلك بأن اهتمام مصطفى محسن‬
‫بالمنهجين المذكورين آنفا ينم بوضوح عن الرغبة الملحة لديه في‬
‫النفتاح على التجربة السوسيولوجية الغربية والمتح منها‪ ،‬ونحن بدورنا‬
‫نقول بأنه يجب أن يكون هذا المتح مشروطا بالوعي المتوقف على‬
‫إدراك واستيعاب الخبرة المنهجية وتمييزها عن البعد اليديولوجي‬
‫والعمل على استثمار هذه الخبرة المنهجية السوسيولوجية في رصد‬
‫ومساءلة الوقائع الجتماعية التي تواجهنا في العالم العربي‪.‬‬
‫خلصة‪:‬‬
‫استقراء التقييم الذي انتهينا إليه‪ ،‬إن على مستوى الرؤية أو على‬
‫مستوى المنهج يؤدي بنا بصفة عامة إلى استخلص نتيجة أساسية‬
‫وجوهرية‪ ،‬مفادها أن معالجة الباحث السوسيولوجي مصطفى محسن‬
‫لقضية المرأة في العالم العربي‪ ،‬لم تتم إل من خلل تمثل الفكر‬
‫الماركسي (منهج)‪ ،‬ذلك أن المنهج التاريخي الذي اعتمده لم يتأسس إل‬
‫في حضن الفكر الماركسي وتمثل الفكر الليبرالي (كرؤية)‪ ،‬لن الفكر‬
‫الليبرالي هو الذي أخذ السبق فيما يخص التقعيد لمفهوم المجتمع‬
‫المدني والتنبيه إلى دوره الساسي في إعادة ترتيب العلقات‬
‫الجتماعية وتصحيحها في أوروبا خلل القرن الثامن عشر‪ .‬الستفهام‬
‫الذي يطرح نفسه‪ :‬هل الفكر العربي الحديث والمعاصر ل يملك بدوره‬
‫رؤية ومنهجا لمعالجة القضايا الراهنة المطروحة عليه‪ ،‬كقضية المرأة‬
‫وغيرها أم المر هنا يتعلق فقط بتغييب الجتهادات الحقيقية والجادة‬
‫التي قدمها الباحثون العرب في موضوع المرأة؟‬

You might also like