Professional Documents
Culture Documents
قال تعالى
حسَ َنهُ )
ن أَ ْ
ن َيسْ َت ِمعُونَ ا ْل َق ْولَ ،فَيَتّ ِبعُو َ
( فَ َبشّ ْر عِبَا ِد ،الّذِي َ
( الزمر )
كتاب
1
الجزء الول
الفصل الول :
البداية
2
البداية
قبييل عدة سيينوات ،كنييت قييد قرأت كتاب ( أحجار على رقعيية الشطرنييج ) للدميرال الكندي ( وليام كار ) حيييث
يؤكيد المؤلف فيي هذا الكتاب بالشواهيد والدلة سييطرة اليهود على واقعنيا المعاصير .بعيد قراءتيي لهذا الكتاب ،
وبالنظر لما يجري على أرض الواقع ،تملكتني حالة من اليأس والقنوط .فأحلمنا وأمانينا إذا ما سار الناس من
حولنيا على هدي ميا يُخطّطيه وينفذه اليهود – وهيم سيائرون وميا زالوا – أصيبحت هبا ًء منثورا ،وسيتسير المور
إلى السوأ يوما بعد يوم حتى يرث ال الرض ومن عليها .
لم أكن أعلم آنذاك أن بعد كل هذا الكفر والظلم والفساد الذي استفحل في الرض ،وأخذ ينتشر في أرض السلم
والعروبية انتشار النار فيي الهشييم ،بعيد أن مُحييت آثار العييب والحرام مين مفردات قاموس أهلهيا ،سيتظهر فيي
آخير الزمان خلفية راشدة على منهاج النبوة تُعييد هذه المية للحياة مين جدييد ،فأحادييث الفتين وميا يكون بيين يديّي
السياعة لم تكين معروفية للعامية قبيل سينوات قليلة ،ولم تلق أي اهتمام كون السياعة بعيدة عنيا – حسيبما نحيب أن
تكون – كل البعد .ومؤخرا بدأ كثير من الدارسين والباحثين ،يخوضون غمار ما جاء فيها من أحاديث ،منبّهين
لظهور الكثير من أشراطها الصغرى ومحذّرين من قرب أشراطها الكبرى .
معرفتيي بوجود تلك الخلفية ،التيي سيتقطع الطرييق على أصيحاب المؤامرة اليهوديية العالميية ،وتلغيي أحلمهيم
بسيادة العالم من القدس ،كانت لي بمثابة الضوء في آخر النفق ،تلك المعرفة الجديدة أعادت لي المل ،بعد أن
تملكنيي الكثيير مين اليأس والقنوط مين أحوال أمتيي العجيبية .اعترتنيي حالة مين الفضول فأردت معرفية المزييد ،
حيث ساعدني حبي القديم للمطالعة ،فعدّت لمطالعة كل ما يقع بين يد يّ من كتب على مختلف مواضيعها ،من
عقيدة وفقيه وسييرة وتارييخ فضل عين القرآن العظييم وتفسييره ،فتيبين لي أن العلم والمعرفية يهتكان الكثيير مين
أسيتار الجهيل بأمور الحياة الخرى ،ويزداد المرء بهميا إيمانيا ويقينيا وصيلة بربيه وثباتيا على دينيه فازددت حبيا
للمعرفة والمتابعة .
شملت مطالعاتي في تلك الثناء ،بعض الكتب التي تناولت سيرة المهدي ،وأكثر ما حاز على اهتمامي من هذه
الحادييث ،ميا يتعلق بالمهدي وظهوره والمعارك التيي سييخوضها .وبعيد تحليلي لتلك الحادييث ومحاولة الربيط
فيميا بينهيا ،تيبين لي بأن دولة إسيرائيل الحاليية لن تكون موجودة عنيد ظهور أمره ،وأن المهدي سييدخل القدس
وبلد الشام ككيل بل حرب ،فتبادر إلى ذهنيي بعيض التسياؤلت ،التيي كان ل بيد لي مين الجابية عليهيا بدافيع
الفضول في البداية ،وأهمها كيف اختفت إسرائيل قبل ظهور المهدي ؟ ومن الذي كان سببا في اختفائها ؟
كنييت سيابقا أعتقيد – كمييا كان وميا زال – يعتقيد عامية المسيلمين اليوم ،أن الطريييق إلى تحرييير القدس سييتكون
بالوحدة العربيية ،وهذا بل شيك ضرب مين الخيال ،أو بالعودة إلى السيلم وقيام الخلفية السيلمية وهذا أيضيا
أمير بعييد المنال ،والواقيع ل ينبيئ بذلك فاليهود الن يسييطرون على مجريات المور ،أكثير مميا نسييطر على
زوجاتنا وأولدنا ،فهم يراقبون ويُحاربون أي جسم مسلم أو عربي ،تحول من حالة السكون إلى الحركة ،وكل
المحاولت السيلمية والقوميية العربيية النهضويية ،وُئدت واشتُرييت وبيعيت فيي سيوق النخاسية ،فل أميل فيي
المنظور القريب حسب ما نراه على أرض الواقع .
وأميا إسيرائيل فعلى ميا يبدو أنهيا سيتبقى جاثمية فوق صيدورنا ،تمتيص دماء قلوبنيا وتعدّ عليهيا نبضاتهيا ،لتثبيت
للعالم أننيا ميا زلنيا أحياء ؟! والعالم يأتيي وينظير ويهزّ رأسيه موافقيا ويمضيي مطمئنيا ،نعيم إنهيم ميا زالوا أحياء !
وكأن العالم ينتظير منيا أن نموت أو نفنيى ،فيسيتيقظ يوميا ميا فل فلسيطين ول فلسيطينيون ،ليرتاح مين تلك المهمية
الثقيلة والمضنية ،التي رُميت على كاهله – وكأنه بل خطيئة اقترفتها يداه – كي يرتاح من مراقبة طويلة لعملية
احتضار شعب أُدخل إلى قسم العناية الحثيثة منذ أكثر من 50عاما وما زال حيا .
وبالنظيير إلى الواقييع – قبييل ثلث سيينوات – ولغاييية هذه اللحظيية ،فإنييك تراه يقول بأن إسييرائيل سييتبقى .ولكيين
الحاديث النبوية الشريفة ترفض ما يقوله الواقع ،وتؤكد زوالها قبل ظهور المهدي والخلفة السلمية ،ولكن
كيف ؟ ومن ؟ ومتى ؟ وللجابة على هذه السئلة كان ل بد من البحث ومن هناك وقبل ثلث سنوات تقريبا كانت
البداية .
3
ما يملكه عامّة المسلمين في بلدنا من معتقدات فيما يتعلّق بتحرير فلسطين ،يتمحور حول ثلثة عبارات تقريبا ،
هي :أول ؛ عبارة " شرقي النهر وهم غربيه " المشهورة لدينا بين فلسطينيي الشتات ،وثانيا ؛ عبارة " عبادا لنا
" ،وثالثا ؛ عبارة " وليدخلوا المسجد " .والتفسيرات المعاصرة لهذه العبارات في مجملها ،حصرت التحرير
بقيام الخلفيية السييلمية ،حتييى أصييبحت مين المور العقائدييية ،ويؤمين بصييحتها الكثييير مين الناس إن لم يكين
الغلبية العظمى .
أما حديث ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ويا مسلم يا عبد ال الذي غالبا ما نتدواله ،فهو يتحدث عن مسلمين
حقيقييين لن يتوفروا فيي ظيل هذه الجواء على المدى القرييب ،أو يتحدّث عين خلفية إسيلمية ،ومميا أعلميه أن
الخلفة السلمية لن تكون إل بظهور المهدي ،وخلف ذلك لم أجد في السنة النبوية من الحاديث ما يشير إلى
هذه الفترة ،فهي مغيبة تقريبا إل من حديث هنا أو هناك .
في النصف الثاني من عام 1998م ،ومن خلل البحث الولي في العديد من المصادر أمسكت ببعض الخيوط ،
التي قادتني بدورها إلى اليات التي تحكي قصة العلو والفساد اليهودي في سورة السراء ،فطفقت أسبر معاني
ألفاظها وعباراتها وتركيباتها اللغوية ،فتحصلّت على فهم جديد ليات هذه السورة ،يختلف تماما عن معظم ما
تم طرحه سابقا ،ومن خلل هذا الفهم استطعت الجابة على معظم تساؤلتي ،وتساؤلت أخرى كانت ترد في
ذهني ،بين حين وآخر أثناء كتابتي لهذا البحث .
عادة ما كنت أطرح ما توصلت إليه شفاها أمام الخرين ،وغالبا ما كانت أفكاري تُجابه بالمعارضة أحيانا بعلم
وأحيانيا مين غيير علم ،وغالبيا ميا كان النقاش يأخيذ وقتيا طويل ،وكان هناك الكثيير ممين يرغبون بالمعرفية ،كيل
حسب دوافعه وأسبابه الخاصة ،وكانت الغلبية تفاجأ بما أطرحه من أفكار ،فالقناعات الراسخة لدى الغلبية ،
مما سمعوه من الناس أو وجدوه في الكتب ،والواقع الذي يرونه بأم أعينهم يخالف بصريح العبارة ما أذهب إليه
.
والمشكلة أن المر جدّ خطير ،فالواقع الجديد والمفاجئ الذي سيفرض نفسه خلل سنين قليلة ،عندما يأتي أمر
ال ول ينطيق الحجير والشجير بشييء ! كميا كانوا يعتقدون سييوقع الناس فيي الحيرة والرتباك ،لتتلطيم الفكار
والتساؤلت في الذهان تلطم الموج في يوم عاصف ؛ ما الذي جرى ؟ وما الذي يجري ؟ وما الذي سيجري ؟
لذلك وجدت نفسي ملزما بإطلع الناس على ما تحصّلت عليه ،وعلى نطاق أوسع من دائرة القارب والزملء .
وبالرغم من محدودية قدراتي وتواضعها إل أني حاولت جاهدا ،أن أصهر كل ما توصلت إليه مما علّمني ربي
فيي بوتقية واحدة .تمثّلت فيي هذا الكتاب الذي بيين أيديكيم فيي أول محاولة لي للكتابية ،كمسياهمة متواضعية فيي
الدعوة إلى ال ونصرة لكتابه الكريم قبل أن يوضع على المحك ،عندما يتحقّق أحد أعظم النباء المستقبلية بشكل
مخالف ،لما اعتادوا أن من آراء وتفسيرات كثرت في الونة الخيرة ،تتناول ما تُخبر عنه سورة السيراء مين
إفساديّ بني إسرائيل .
كما وحاولت جاهدا أن أقدم هذا الكتاب في أسرع وقت ممكن ،بعد أن تأخرت سنتين وأكثر شغلتني فيها مشاكل
الحياة الدنيا ومصائبها ،عن إخراج هذا الكتاب إلى حيّز الوجود ،ومن ثم لسعى ليصاله إلى أكبر عدد من أمة
السلم ،لعله يجد فيهم من يلق السمع وهو شهيد .
فإن أصبت فمن ال وإن أخطأت فمن نفسي ول حول ول قوة إل بال
هذا الكتاب سييكون بإذن ال متوافرا باسيتمرار ،ضمين موقيع خاص بيه على شبكية النترنيت ،وإن تعذّر الدخول
إلييه لسيبب أو لخير ،فبالمكان الوصيول إلييه عين طرييق محرك بحيث جوجيل ( ) www.google.comبكتابية
عنوان الكتاب كامل أو أحد العبارات الموجودة على صفحة الغلف ،حيث تستطيع من خلل هذا الموقع :
.1الحصول على أحدث نسخة من الكتاب .
.2إبداء أي ملحظة أو استفسار .
.3متابعة أطروحات جديدة قد تصدر للمؤلف مستقبل .
4
2001 / 7 / 20م _ 1422 / 4 / 29هي
المؤلف
5
تعقيب
من خلل ردود الفعال الولية لبعض الخوة ،سواء من قرأ أو من لم يقرأ الكتاب ،وجدنا أن الكثير من الناس
تخلط ما بين أمرين ؛ المر الول :هو كشف الغيب الذي ل يعلمه إل ال ،وهو ما ل ندعيه في كتابنا هذا ونعوذ
بال من أن ندعيه ؛ والمر الثاني :هو قراءة وبيان وتفصيل ما هو مكشوف أصل في القرآن والسنة ،من علم
الغيب مما أوحى سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلة والسلم .
يقول سيبحانه وتعالى ( وَعِنْدَهُب َمفَاتِحبُ ا ْلغَيْبِب لَ َيعْ َلمُهَا ِإلّ ُهوَ 59 ( ... ،النعام ) ،ويقول ( ُقلْ لَ َيعْلَمُب مَنْب فِي
ن أَيّا نَ يُ ْبعَثُو نَ ( 65النمل ) وقد جاء أسلوب النفي ومن ثم الثبات شعُرُو َت وَالَْرْ ضِ ا ْلغَيْ بَ ِإ ّل الُّ َومَا َي ْ
س َموَا ِ
ال ّ
في هذين الموضعين ليفيد الحصر ،أي حصر علم الغيب بال دون غيره ممن في السموات والرض ،وهذا ما
يعلميه عامية الناس ويرددونيه عين ظهير قلب ،وهذا مميا ل خلف فييه ولكين السيؤال الذي يطرح نفسيه ،هيل هذا
الحصر مطلق ؟
علَى ا ْلغَيْبِب ، فإن كانيت الجابية بنعيم ،فميا القول فيي السيتثناء الذي جاء فيي قوله تعالى ( وَمَا كَانَب الُّ لِ ُيطْ ِلعَكُمْب َ
ظهِرُ عَلَى غَيْبِهِ َأحَدًا ()26 وَ َلكِنّ الَّ َيجْتَبِي مِ نْ رُسُ ِل ِه مَ نْ َيشَاءُ ( 179آل عمران ) وفي قوله ( عَالِمُ ا ْلغَيْبِ فَلَ ُي ْ
ِإلّ مَ نِ ارْتَضَى مِ نْ رَ سُولٍ 27( … ،الجن ) حيث استثنى سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلم من تلك القاعدة ،
إذ يقول ( تِلْكَب مِنْب أَنْبَاءِ ا ْلغَيْبِب نُوحِيهَا إِلَيْكَب ،مَا كُنْتَب َتعْ َلمُهَا أَنْتَب َولَ َق ْومُكَب مِنْب قَ ْبلِ هَذَا ،فَاصْب ِب ْر إِنّ ا ْلعَاقِ َبةَ
لِ ْلمُ ّتقِينَب ( 49هود ) ويقول ( َوكَذَلِكَب َأ ْوحَيْنَا إِلَيْكَب رُوحًا مِنْب َأمْرِنَا ،مَا كُنْتَب تَ ْدرِي مَا ا ْلكِتَابُب َو َل الِْيمَانُب ،وَ َلكِنْب
ط مُسْب َتقِيمٍ ( 52الشورى ) ليتيبين لنيا أن ال جعَلْنَاهُب نُورًا َنهْدِي بِهِب مَنْب َنشَا ُء مِنْب عِبَادِنَا َ ،وإِنّكَب لَ َتهْدِي إِلَى صِبرَا ٍ
َ
سيبحانه وتعالى أطلع على غيبيه مين شاء مين رسيله ،وبذلك لم يحجيب علم الغييب بالكليية عين البشير ،والتيان
بالحصير ثيم السيتثناء يفييد بأن مرد العلم بالغييب أول وأخيرا هيو علم الغيوب ،وخاب وخسير مين اسيتقى علم
الغيب من غيره .
أما ما كُشف للرسل فهو بعض من علم ال ،بما كان وما هو كائن وما سيكون ،مما اقتضت الحكمة اللهية كشفه
للناس عن طريق الوحي ،وكثير من هذا الغيب مخطوط فيما ورثته البشرية من كتب النبياء ،وفضل عما جاء
بيه القرآن مين أنباء الغييب ،فقيد أخيبر علييه الصيلة والسيلم بالكثيير مين أنباء الغييب ماضييا وحاضرا ومسيتقبل ،
وأفاضيت الحادييث النبويية فيي ذكير ميا سييقع فيي مسيتقبل المية مين فتوحات وفتين وابتلءات ومحين وأشراط
وأمارات للساعة .
ن الِّ َ ،و َل أَعْلَمُ ا ْلغَيْبَ َ ،و َل أَقُولُ َلكُمْ إِنّي وأما قوله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم ( ُق ْل َل أَقُولُ َلكُمْ عِنْدِي خَزَائِ ُ
عمَى وَالْبَ صِي ُر أَفَلَ تَ َت َفكّرُو نَ ( 50النعام ) ،وقوله ُ ( :ق ْل لَ ن أَتّبِ ُع ِإلّ مَا يُوحَى إِلَيّ ُ ،قلْ َهلْ يَ سْ َتوِي الَْ ْ
مَلَ كٌ ،إِ ْ
ت مِنَ ا ْلخَيْرِ َ ،ومَا مَسّنِيَ السّوءُ ، ت أَعْلَمُ ا ْلغَيْبَ ،لَسْ َتكْثَرْ ُ
َأمْلِ كُ لِ َنفْسِي َن ْفعًا َولَ ضَرّا ِ ،إ ّل مَا شَا َء الُّ ،وَ َل ْو كُنْ ُ
ن أَنَا ِإلّ نَذِي ٌر وَ َبشِيرٌ ِل َقوْمٍ ُي ْؤمِنُونَ ( 188العراف ) ل ينفي علمه عليه الصلة والسلم لبعض الغيب ،وما قيل إِ ْ
له ذلك إل ليجيب من يسأله عما لم يعلم من أنباء الغيب ،أو ما ل حكمة في الخبار عنه مما علم .
تميّزت النصيوص النبويية التيي تتحدث عين أحداث المسيتقبل ،سيواء فيي القرآن والسينة أو فيي التوراة والنجييل
بالتلمييح ل بالتصيريح ،فهيي غالبيا ميا تصيف الشخوص والزمان والماكين والظروف والنتائج ،باسيتخدام عدة
أساليب لغوية ،كالستعارة والتشبيه واللتفات والعتراض وما إلى ذلك ،مما هو غير مألوف لناس هذا الزمان
،وخير مثال على ذلك هو ذكر اسم رسولنا الكريم عليه الصلة والسلم في التوراة والنجيل ( أحمد ) بالمعنى
ل باللفيظ ،وأحميد لغية هيي اسيم التفضييل مين ( حميد ) ومعناهيا أحميد الناس أو أكثير الناس حمدا ،ميع أن اسيمه -
محمد -في الواقع جاء بنفس المعنى مع اختلف اللفظ .
والحكمية التيي قيد ل يدركهيا الكثيير مين الناس ،مين عدم وضوح النصيوص النبويية ،هيو بقاء نسيبة ضئيلة مين
الشيك ،لحرمان الناس ذوي العلقية مين الدافيع لتعطييل مجريات المور ،إذ ل بيد للسيباب والمسيببات أن تأخيذ
مجراها ،من حيث الزمان والمكان والشخوص ،حتى تتحقق النبوءات كما تم الخبار عنها .
ولنا في قصة فرعون مع موسى عليه السلم خير مثال على ما قد يفعله المجرمون لتعطيل أمر ال ،عندما أمر
بذبيح موالييد بنيي إسيرائيل كافية ،لمجرد رؤييا منام علم مين تأويلهيا ،بأن واحدا منهيم سييكون سيببا فيي تقوييض
6
أركان ملكيه ،ورغيم ميا اتخذه مين إجراءات وتدبيرات احترازيية لحرمان هذا الطفيل مين الحياة ،إل أن مكير ال
كان أعظيم وأكبر ،وبالرغيم من قدرتيه سبحانه على منع فرعون من إيذائه دون تدخل بشري ،إل أنه أوحيى لم
موسى بأن تتخذ من السباب ،ما هو كفيل بتحقيق المراد اللهي .
هذا ما كان من أحد المجرمين والعتاة لمجرد رؤيا منام ،فماذا لو أتاه نص صريح بأن الذي سيقوض أركان ملكه
،هو ذلك الطفل الذي سيأتي به اليم إلى قصره ،فهل كان فرعون سيتخذه ربيبا ،أم ماذا سيفعل به ؟
وللناس مين أمير النبوءات الواردة فيي القرآن والسينة مواقيف شتيى ،فمنهيم مين ل يرغيب بالفهيم ،ومنهيم مين لييس
لديه القدرة على الفهم ،ومنهم من يعتقد بأن ل جدوى من البحث في أمرها ،ومنهم من يحاكمها بناء على أهواءه
وأحلمه ،فيأخذ ما اتفق وينكر ما اختلف .ولذلك تجد بعض الناس ،عند الحديث عن المستقبل ،يقول مستنكرا
ل يعلم الغيب إل ال .
ونحن كمسلمين مطلوب منا أن نؤمن بالغيب المخبر عنه في القرآن والسنة ،لقوله تعالى ( الم ( )1ذَِلكَ ا ْلكِتَابُ َل
رَيْبَب فِيهِب هُدًى لِ ْلمُ ّتقِينَب ( )2الّذِينَب ُي ْؤمِنُونَب بِا ْلغَيْبِب وَيُقِيمُونَب الصّبلَ َة َو ِممّاب َرزَقْنَاهُمْب يُ ْن ِفقُونَب ( 3البقرة ) وأعظيم
الغيييب هييو وجود ال ،ونحيين وآباؤنييا لم نعلم بوجود ال ولم نعرفييه حييق المعرفيية ،ولم نعلم باليوم الخيير ومييا
سيجري فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ،إل من خلل القرآن الموحى به من عند ال جل وعل إلى محمد
علييه الصيلة والسيلم ،وميا دمنيا آمنيا بال وباليوم الخير مين خلل كتابيه ،فميا لنيا ل نؤمين بميا سيواها مين أخبار
الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته .
ح ْكمَةَ ،
ب وَا ْل ِ
علَ ْيكُ مْ ءَايَاتِنَا ،وَ ُي َزكّيكُ مْ ،وَ ُيعَّلمُكُ مُ ا ْلكِتَا َ
يقول سبحانه وتعالى ( َكمَا أَرْ سَلْنَا فِيكُ مْ رَ سُولً مِ ْنكُ مْ يَتْلُو َ
وَ ُيعَّلمُكُ ْم مَا لَمْ َتكُونُوا َتعْ َلمُونَ ( 151البقرة ) لم يُبعث عليه الصلة والسلم فقط ليتلو علينا القرآن ،بل بُعث أيضا
ليُزكينيا وليعلمنيا الكتاب والحكمية ،وليعلمنيا ميا لم نكين نعلم مين قبيل ،لنخلص مين هذه اليية وغيرهيا مين اليات
التي جاءت بنفس النص ،أن هناك شيء اسمه الحكمة ،يراد لنا أن نتعلمه من القرآن والسنة ،لكل ما ورد فيها
مين تشريعات وحدود وأوامير ونواهيي وأخبار الماضيي والمسيتقبل ،قررهيا سيبحانه فيي أواخير اليات وفيي نهايية
القصص كل حسب موضوعه .
ومين مجميل اليات التيي ورد فيهيا نبوءات مسيتقبلية ،تيبين لنيا وحسيب ميا تقرره تلك اليات أن هناك حِكميا إلهيية
من الخبار عنها ،وقد حُصرت هذه الحِكم اللهية عموما في أمرين :
أول :أن معرفة الخبر قبل تحققه من القرآن أو السنة ،هي بمثابة زف البشرى للذين آمنوا ونذير للذين كفروا ،
من الذين يعايشون ظروف الحدث المخبر عنه .وهذا مما يمل نفوس المؤمنين بالمل ،ويعطيهم الدافع للعمل ،
دون كلل أو ملل ،ويلهمهيم الصيبر على ميا أصيابهم مين السيقام والعلل ،ويمل نفوس الكفرة والمنكريين الخوف
والترقيب والحذر ،ويزيدهيم تحدييا وطغيانيا وكفرا ،لدرجية أن يتحدّوا ال لينزل بهيم ميا يعدهيم مين العذاب ،كميا
هي عادة الجبابرة والظلمة والمفسدين في الرض .
ثانييا :أن معاينية الحدث عنيد تحققيه على أرض الواقيع تماميا كميا ورد فيي القرآن أو السينة ،سييكون بالضرورة
سبب لزيادة إيمان المؤمنين بربهم وكتبه ،وزيادة في اجتهادهم بعبادته ،وأما للذين كفروا فهو زيادة في قهرهم
وإذللهم ،رغم كل ما أخذوه من إجراءات احترازية درءا ومنعا لمر ال .
أما من يدّعي بأن ل حكمة ول فائدة من الخبار عنها ،وأن معرفتها على حقيقتها يبعث في النفس اليأس والقنوط
والتواكييل ،فأولئك يقولون على ال مييا ل يعلمون ،لمخالفتهييم لمييا اقتضتييه الحكميية اللهييية ميين الخبار عنهييا ،
ويدّعون بأنهم أكثر حكمة وعلما من أحكم الحاكمين وأعلم العالمين .
وخلصة القول :أننا لم نكشف شيئا من الغيب ،وما قمنا به لم يتعدى حدود القراءة والتفكر والتدبر ،فيما أنزل
رب العزة على رسيله وأنيبيائه مين أخبار الغييب ،وبذلنيا ميا وفقنيا ال إلى بذله ،مين جهيد فيي فهمهيا واسيتيعابها
وتفصيلها وتبسيطها وتقديمها للناس بلغة يفهمونا ،وما لنا في ذلك من فضل ،إن الفضل إل ل .
وفيي نهايية المير ،وبعيد مخاض عسيير كان هذا الكتاب ،الذي نعرضيه مجانيا ونحاول جهدنيا إيصياله للناس فيي
شتيى بقاع الرض ،ونشكير كيل مين سياهم فيي نشره ،وغايتنيا سيواء أصيبنا أو أخطانيا هيي نفيع الناس فيي دينهيم
ودنياهم ،وإنما العمال بالنيّات ولكل امرئ ما نوى .
7
وبضاعتنيا فيي هذا الكتاب مسيتقاة مين كتاب ال وسينة رسيوله ،والناس أحرار فيي شرائهيا أو العراض فصيانعها
بشري متهيم ،حييث ل وحيي يوحيى بعيد وفاة المصيطفى علييه الصيلة والسيلم ،ول نفرضهيا على أحيد ولكين ل
علييك إن اطلعيت عليهيا ،فهيي إن لم تنفعيك فلن تضرك فيي شييء ،ميع يقيننيا الشخصيي بأنهيا ل تخلو مين الفائدة ،
بل فيها الكثير كما أجمع معظم من حظي بقراءة هذا الكتاب ،وتذكر أنك حر فيما اعتقدت بشأن هذه البضاعة .
أما بالنسبة لمسألة تحديد موعد من خلل العد ،فهو نتيجة لعملية عدّ في كلم ال ومن كتاب ال ،وما هو بقراءة
فيي فنجان أو نظير فيي النجوم ،وميا طرحنيا الفصيل الخاص بهذه المسيألة ،والتيي قيد تصيب وقد تخطئ ،إل بعد
أن تولدت لدينا قناعة ،بصرف النظر عن المواعيد المطروحة في ذلك الفصل ،تقول بأن نهاية كل من إسرائيل
وأمريكيا قريبية جدا جدا ،ومجريات المور سييتأخذ منحيى مغايرا لميا علييه الحال الن ،وسييكون التغيير سيريعا
ومفاجئا ومضطردا ،بحيث تأخذ الناس حالة مستمرة من الخوف والترقب ربما تدوم لعدة سنين .
أما ما نود قوله لقرّاء هذا الكتاب ،هو أن يأخذوا بأحسن ما في هذا الكتاب ،وأن يتركوا ما هو دونه ،تماشيا مع
ميا أخيبر بيه أتباع رسيله الكرام ،فيي حيق ميا أنزله عليهيم مين الهدي ،قال تعالى ( فَ َبشّرْ عِبَادِ ،الّذِينَب يَسْبَت ِمعُونَ
حسَ َنهُ ُ ،أوْلَئِكَ الّذِينَ هَدَا ُهمُ الُ ،وُأوْلَئِكَ ُه ْم ُأوْلُوا الَْلْبَابِ ( 18الزمر ) .
ن َأ ْ
ا ْلقَ ْولَ ،فَيَتّ ِبعُو َ
هذا ما قاله رب العزة في حق كتبه وما أنزل فيها من الهدي على رسله ،فما بالك بقولنا في حق كتاب أنجزه عبد
مين عباد ال ،ل ولن يصيل إلى حيد الكمال مهميا بذل مين جهيد ،والعقيل البشري له حدود وطاقات مهميا بلغ مين
إبداع ،فإن أصياب فيي شييء أخطيأ فيي أشياء ،وكيل إنسيان فيي نهايية المطاف لديية قدر مين الحكمية ،ليمييز الغيث
من السمين فيما قرأ أو سمع .
ونسأل ال أن يهدينا وإياكم سواء السبيل
8
زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي
استفاضت كثير من المؤلفات لكبار العلماء والئمة ،في ذكر المهدي وسيرته ،وأكدت على حتمية خروجه آخر
الزمان ،ومين هؤلء على سيبيل المثال ل الحصير ،ابين حجير والشوكانيي والسييوطي والصيابوني وغيرهيم ،
وهناك من أفرد له بابا أو كان له مقال في كتاب كالذهبي وابن تيميه وابن القيم والقرطبي والبرزنجي وغيرهم .
وهناك الكثيير مين الكتيب المتخصيصة الحديثية ،جمعيت أقوال أولئك العلماء والئمية فيي المهدي وأحداث آخير
الزمان ،فميين رغييب بالسييتزادة فليرجييع إليهييا فهييي متوافرة بكثرة فييي المكتبات هذه اليام ،واللمام المسييبق
بالحاديث الواردة في المهدي ،سيساعد كثيرا في فهم ما استخلصته من أفكار في هذا الفصل .
وأما من ينكر أحاديث المهدي فل التفات لقوله ،فالحاديث الصريحة وغير الصريحة التي أتت على ذكر أخبار
المهدي ،بلغيت حيد التواتير المعنوي وقيد ورد فيهيا ميا يُقارب الربعيين حديثيا .وميا سينتناوله منهيا هيو ميا يخيص
موضوع هذا الكتاب فقييط .وأود أن أشييير إلى أن ذكيير المهدي قييد جاء فييي التوراة ،حيييث أن الترجميية العربييية
للنييص التوراتييي ،تُس يمّيه ( بالقدّوس ) فييي موضييع ( وبالغصيين ) فييي موضييع آخيير ،وهذا النييص موجود مييع
التعلييق ،فيي فصيل النبوءات التوراتيية .وقيد تنبيأ بظهوره ( نوسيتراداموس ) مفسيّر النبوءات التوراتيية ،وأشار
إليه بألفاظ صريحة سنوردها في فصل لحق .
وللحقيقيية ،وميين خلل اطلعييي على الكثييير ميين دراسييات وأبحاث الغربيييين ،التييي تتناول النبوءات التوراتييية
والنجيلية ،الخاصة بأحداث النهاية ،تبيّن لي بأن اليهود والنصارى أكثر إيمانا ويقينا من عامة المسلمين بحتمية
ظهور المهدي ،وانتصيياره فييي كافيية حروبييه واتخاذه للقدس عاصييمة لملكييه وامتداده لمسيياحات شاسييعة ميين
الراضيي .ولنهيم يعلمون بأن النهايية قيد اقتربيت ،ويعتقدون بأنيه سييقود تحالفيا عسيكريا ضيد الغرب ينجيم عنيه
دمار الحضارة الغربية برمتها ،فهم يتوقعون ظهوره في أي لحظة ويخشون أن يظهر وأن تقوى شوكته وهم في
غفلة من أمرهم ،فلذلك تجدهيم يُحاولون تجنيد العالم بأسيره ضد ما يُسمّونه بالرهاب السلمي ،خوفا من ذلك
المصير المشؤوم الذي ينتظرهم عند ظهور أمره .
10
وتجمييع جزيرة العرب لقتال المهدي وصييحبه فيغزونهييا فيفتحهييا ال فتدييين لهييم ،وميين ثييم يخرجون إلى إيران
فيفتحهيا ال فتديين لهيم ،ومين ثيم يغزون الروم فيفتحهيا ال ،ومين ثيم يخرج الدجال فيغزونيه بمعيية عيسيى علييه
السلم فيفتحه ال .
ولو تدبرت هذا الحديث ستجد أن البلدان التي سيغزوها المهدي عندما يمسك بزمام المور ،هي بالترتيب ؛ أول
:جَزِيرَةَ ا ْلعَرَ بِ ثانييا :فَارِ سَ أي إيران ،ثالثيا :الرّومَب أي روسيا وأوروبا الشرقيية ،رابعا :ال ّدجّالَ ،والملحيظ
فيي هذا الحدييث ،عدم ورود ذكير فتيح بلد الشام والعراق ،التيي ل بيد للمهدي مين المرور بهيا عنيد خروجيه لفتيح
فارس ،ولفتح الروم الذين سيُلقونه بالقرب من مدينة دمشق .
فلو كانيت دولة إسيرائيل قائمية فيي فلسيطين ،ألييس مين الحرى بالمهدي ومين معيه تحريرهيا ،فور خروجيه مين
جزيرة العرب ؟!
يظهير بوضوح فيي هذا الحدييث ،أن كيل واحيد مين هذه المور إشارة لوقوع ميا بعده ،كميا هيو الحال فيي الحدييث
السيابق ،وكيل منهميا يتقاطيع ميع الخير فيي نقطتيين ،هميا ؛ أول :غزو الروم ويقابلهيا خروج الملحمية ،وثانييا :
غزو الدجال ويقابلهييا خروج الدجال ،ويضيييف الحديييث الول ثلثيية أحداث هييي عمران بيييت المقدس وخراب
يثرب وفتح القسطنطينية .
11
أما عبارة ( شرق يّ النهر وهم غربيه ) ،فقد وردت في حديث آخر وهذا نصه ( عن نهيك بن صريم السكوني ،
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( :لتقاتلنّ المشركين حتى يُقاتل بقيّتكم الدّجالَ على نهرِ الردن ،أنتم
شرقيّه وهبم غربيّه ،ول أدري أيبن الردن يومئذٍ ) رواه الطيبراني والبزار ،وقييل رجال البزار ثقات وضعفّه
اللباني .
ولم ترد هذه العبارة بأي من نصوص الحديث السابق على اختلفها ،وعلى ما يبدو لنا أن كل من الحديثين آنف ّ
ي
الذكر ،يصفان حدثا واحدا هو مقاتلة المسلمين للدجال ومن تبعه من اليهود آخر الزمان ،عند نزول عيسى عليه
السلم ،حيث يُقتل الدجال على أبواب القدس ،وهو حدث سيقع بعد نفاذ وعد الخرة ،بزوال العلو اليهودي في
فلسطين والرض عموما بسنوات عديدة .
12
يي الجابية على كثيير مين التسياؤلت التيي تدور فيي أذهان الناس ،وتوضييح كثيير مين القضاييا الخلفيية التاريخيية
فيما يخص تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل ،منذ نشأتهم الولى حتى قيام الساعة وخاصة فيما يتعلق بتواجدهم في
فلسطين .
ي استقراء وتحليل ما جرى ويجري على أرض الواقع في منطقتنا والعالم من حولنا .
ي فهم حقيقة الصراع الدائر بين الغرب والشرق ،وحقيقة العداء الغربي للمتين العربية والسلمية ،والذي بلغ
أشدّه في العقود الخيرة .
ي تفسيرات منطقية للحداث المستقبلية ،مدعّمة بالشواهد والدلة من القرآن والسنة والتوراة والنجيل والواقع ،
ووضعها ضمن سياق زمني منطقي .
13
مختصر لمجمل أقوال المفسرين
قبل أن نبدأ في البحار في معاني ومقاصد آيات سورة السراء ،سنتجول قليل في بعض كتب قدماء المف سّرين
لنسيتعرض مجميل تفسييراتهم لهذه اليات ،ومجميل ميا أوروده مين روايات وآثار عين الفسياد والعلو فيي الرض
ووعديّ الولى والخرة ،ومن هؤلء المفسرين :القرطبي وابن كثير والطبري والبيضاوي ،والبغوي والنحاس
والثعالبي ،وأبي السعود والشوكاني وابن الجوزي ،والسيوطي والنسفي واللوسي .
تعريف بسورة السراء :
قال اللوسي فيي تفسيره " :سورة بنيي إسيرائيل - ،وهو السم التوقيفي لها -وتسمى السيراء وسيبحان أيضيا ،
وهيي كميا أخرج ابين مردوييه عين ابين عباس وابين الزبيير ،رضيي ال تعالى عنهيم مكيية ،وكونهيا كذلك بتمامهيا
قول الجمهور .وقيد أخرج ابين جريير عين ابين عباس رضيي ال تعالى عنهميا ،أنيه قال (( :إن التوراة كلهيا فيي
خمس عشرة آية من سورة بني إسرائيل ،وذكر تعالى فيها عصيانهم وإفسادهم ،وتخريب مسجدهم واستفزازهم
النيبي وإرادتهيم إخراجيه مين المدينية ،وسيؤالهم إياه عين الروح ،ثيم ختمهيا جيل شأنيه بآيات موسيى علييه السيلم
التسيع وخطابيه ميع فرعون ،وأخيبر تعالى أن فرعون أراد أن يسيتفزهم مين الرض ،فأهلك وورث بنيو إسيرائيل
من بعده ،وفي ذلك تعريض بهم أنهم سينالهم ما نال فرعون ،حيث أرادوا بالنبي ما أراد فرعون بموسى عليه
السييلم وأصييحابه ،ولمييا كانييت هذه السيورة مصيدّرة بقصيية تخريييب المسييجد القصييى ،افتتحييت بذكيير إسييراء
المصطفى تشريفا له – أي المسجد القصى -بحلول ركابه الشريف فيه ،جبرا لما وقع من تخريبه )) " .
اليات :
قال تعالى ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسبْرائِيلَ فِي ا ْلكِتَبببابِ لَ ُتفْسِبدُنّ فِي الَْرْضِب مَرّتَيْنِب وَلَ َتعْلُنّ عُُلوّا كَبِيرًا ( )4فَإِذَا جَا َء
للَ الدّيَا ِر َوكَانَب َوعْدًا َم ْفعُولً ( )5ثُمّ رَدَدْنَا َلكُمْب وَعْ ُد أُولَهُمَا َبعَثْنَا عَلَ ْيكُمْب عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍب شَدِيدٍ َفجَاسبُوا خِ َ
ن أَ سَأْتُمْ فَ َلهَا فَإِذَا
سكُ ْم َوإِ ْ
ن َأحْ سَن ُتمْ َأحْ سَن ُتمْ لَِنفُ ِ
ن َوجَعَلْنَاكُ مْ َأكْثَرَ َنفِيرًا ( )6إِ ْ ا ْلكَرّةَ عَلَ ْيهِ مْ َوَأمْدَدْنَاكُ مْ بِ َأ ْموَا ٍل وَبَنِي َ
لخِرَةِ لِيَسبُوءُوا ُوجُو َهكُمْب وَلِيَ ْدخُلُوا ا ْلمَسْبجِ َد كَمَا َدخَلُوهُب َأ ّو َل مَرّ ٍة وَلِيُتَبّرُوا مَا عَ َلوْا تَتْبِيرًا ( ) 7عَسبَى جَا َء وَعْدُ ا ْ
ي أَ ْقوَمُ وَيُ َبشّرُ
ن حَصِيرًا ( ) 8إِنّ هَذَا ا ْلقُرْآنَ َيهْدِي لِلّتِي هِ َ جهَنّمَ لِ ْلكَافِرِي َ
جعَلْنَا َ
حمَكُ ْم َوإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا َو َ رَ ّبكُ ْم أَنْ َي ْر َ
لخِرَ ِة أَعْتَدْنَا َل ُهمْ عَذَابًا أَلِيمًا ( ن لَ ُي ْؤمِنُونَ بِا ْ ت أَنّ َلهُ ْم َأجْرًا كَبِيرًا (َ )9وأَنّ الّذِي َ ا ْل ُم ْؤمِنِينَ الّذِينَ َي ْعمَلُونَ الصّا ِلحَا ِ
ب وَ ُكلّ ن وَا ْلحِسبَا َ عجُولً ( … )11وَلِ َتعْ َلمُوا عَدَ َد السّبنِي َ )10وَيَدْعُب الِْنسبَانُ بِالشّرّ دُعَاءَهُب بِا ْلخَيْ ِر َوكَانَب الِْنسبَانُ َ
شَيْءٍ فَصّلْنَاهُ َتفْصِيلً ( 12السراء )
14
َبعَثْنَا عَلَ ْيكُمْب عِبَادًا لَنَا :البعيث بالتخليية وعدم المنيع ( البيضاوي ) ،وقال الزمخشري " :خلينيا بينهيم وبيين ميا
فعلوا ولم نمنعهيم وفييه دسييسة اعتزال " ،وقال ابين عطيية " :يحتميل أن يكون ال تعالى ،أرسيل إلى ملك أولئك
العباد رسول ،يأمره بغزو بني إسرائيل فتكون البعثة بأمر منه تعالى " .
أُولِي بَأْسٍب شَدِيدٍ :ذوي قوة وبطيش فيي الحروب ،والبأس والبأسياء فيي النكايية ،ومين هنيا قييل إن وصيف البأس
بالشديد مبالغة .
للَ الدّيَارِ :قال الجوهري " الجوس مصييدر ،وقولك جاسييوا خلل الديار ،أى تخلّلوهييا كمييا يجوس َفجَاس بُوا خِ َ
الرجيل للخبار أي يطلبهيا " ،أي عاثوا وافسيدوا وقتلوا وتخللوا الزقية بلغية جذام بمعنيى الغلبية والدخول قهرا ،
وقال الزجاج " :طافوا خلل الديار ينظرون هييل بقييي احييد لم يقتلوه " والجوس طلب الشيييء باسييتقصاء ،وقال
اللوسيي " :والجمهور على أن فيي هذه البعثية ،خرّب هؤلء العباد بييت المقدس ،ووقيع القتيل الذرييع والجلء
والسر في بني إسرائيل وحرقت التوراة " .
َوكَانَب وَعْدًا َمفْعُولً :قضاء كائنيا ل خلف فييه ،وكان وعيد عقابهيم ل بيد أن يفعيل ،أي ل بيد مين كونيه مقضييا أي
مفروغ منه .
سجِدَ َكمَا
سكُ ْم َوإِ نْ أَ سَأْ ُتمْ فَ َلهَا فَإِذَا جَا َء وَعْ ُد الْآخِرَةِ لِيَ سُوءُوا ُوجُو َهكُ مْ وَلِيَ ْدخُلُوا ا ْلمَ ْ
ن َأحْ سَن ُتمْ َأحْ سَنتُ ْم لِأَنفُ ِ
إِ ْ
َدخَلُوهُ َأ ّولَ مَرّ ٍة وَلِيُتَبّرُوا مَا عَ َلوْا تَتْبِيرًا ( )7
إِنْب َأحْسبَن ُتمْ َأحْسبَنتُ ْم لَِنفُسِبكُ ْم َوإِنْب أَسَبأْتُمْ فَلَهَا :وهذا الخطاب قييل أنيه لبنيي إسيرائيل الملبثيين لميا ذكير فيى هذه
اليات ،وقييل لبنيي إسيرائيل الكائنيين فيي زمين محميد صيلى ال علييه وآله وسيلم ،ومعناه إعلمهيم ميا حيل بسيلفهم
فليرتقبوا مثييل ذلك ،وأن إحسييان العمال وإسيياءتها مختييص بهييم والييية تضمنييت ذلك ،وفيهييا ميين الترغيييب
بالحسان والترهيب من الساءة ما ل يخفى فتأمل .
لخِرَةِ :أي حضير وقيت ميا وعدوا مين عقوبية المرة الخرة ،وجواب إذا محذوف تقديره بعثناهيم فَإِذَا جَا َء وَعْدُ ا ْ
لدللة جواب إذا الولى علييه ،فالظاهير فإذا جاء ،وإذا جاء للدللة على أن مجييء وعيد عقاب المرة الخرة ،لم
يتراخ عين كثرتهيم واجتماعهيم دللة على شدة شكيمتهيم فيي كفران النعيم ،وأنهيم كلميا ازدادوا عددا وعدة زادوا
عدوانييا وعزة ،إلى أن تكاملت أسييباب الثروة والكثرة فاجأهييم ال عييز وجييل على الغرّة ،نعوذ بال سييبحانه ميين
مباغتة عذابه .
لِيَسبُوءُوا ُوجُو َهكُمبْ :اللم لم كيي ،وليسيوءوا متعلق بفعيل حُذف لدللة ميا سيبق علييه ،وهيو جواب إذا ،أي
بعثناهم ليسوءوا وجوهكم ،أي ليجعل العباد المبعوثون ،آثار المساءة والكآبة بادية في وجوهكم ،إشارة إلى أنه
جمع عليهم ألم النفس والبدن .
وَلِيَ ْدخُلُوا ا ْلمَس بْجِدَ :اللم لم كييي ،والضمييير للعباد أولى البأس الشديييد ،والمسييجد مسييجد بيييت المقدس ،قال
اللوسيي " :فإن المراد بيه بييت المقدس ،وداود علييه السيلم ابتدأ بنيانيه بعيد قتيل جالوت وإيتائه النبوة ولم يتمّه ،
وأتمّه سليمان عليه السلم ،فلم يكن قبل داود عليه السلم مسجد حتى يدخلوه أول مرة ،ودفع بأن حقيقة المسجد
15
الرض ل البناء ،أو يحميل قوله تعالى دخلوه على السيتخدام ،والحيق أن المسيجد كان موجودا قبيل داود علييه
السلم كما قدمنا " .
كَمَا َدخَلُوهُب َأ ّولَ َمرّةٍ :كميا دخلوه أي دخول كائنيا كدخولهيم إياه أول مرة ،قال اللوسيي " :والمراد مين التشيبيه
أنهيم يدخلونيه بالسييف والقهير والغلبية والذلل ،وفييه أيضيا أن هذا يبعيد قول ،مين ذهيب إلى أن أولى المرتيين لم
يكن فيها قتال ول قتل ول نهب " .
عَلوْا تَتْبِيرًا :أي ليدمروا ويخربوا والتبار الهلك ،وليتيبروا أي يدمّروا ويهلكوا ميا غلبوا علييه مين
وَلِيُتَبّرُوا مَا َ
بلدكيم ،أو مدة علوهيم ،أي ميا علوا علييه مين القطار وملكوه مين البلد ،وقييل ميا ظرفيية والمعنيى مدة علوهيم
وغلبتهيم على البلد ،تتيبيرا أي تدميرا ،ذُك َر المصيدر إزالة للشيك وتحقيقيا للخيبر ،ميا علوا مفعول لتيبروا ،أي
ليُهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليه أو بمعنى مدة علوهم .
ن حَصِيرًا ( )8
جهَنّمَ ِل ْلكَافِرِي َ
جعَلْنَا َ
ح َم ُكمْ َوإِنْ عُدْ ُتمْ عُدْنَا َو َ
ن يَ ْر َ
عسَى رَ ّبكُمْ أَ ْ
َ
حمَكُمْب :لبقيية بنيي إسيرائيل عسيى ربكيم ،إن أطعتيم فيي أنفسيكم واسيتقمتم أن يرحمكيم ،وهذه
عَسبَى رَ ّبكُمْب أَنْب َي ْر َ
العودة ليسيت برجوع دولة وإنميا هيي بأن يرحيم المطييع منهيم ،وكان مين الطاعية اتباعهيم لعيسيى ومحميد عليهميا
السلم .
* ذلك لن المتقدمين من المفسرين اعتبروا أن تحصّل المرتين كان قبل بعثهما عليهما السلم .
َوإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا :وإن عدتم للفساد بعد الذي تقدم ،عدنا عليكم بالعقوبة فعاقبناكم في الدنيا ،بمثل ما عاقبناكم به
في المرتين .
ن حَصِيرًا :أي محبوسون في جهنم ل يتخلصون منها .
جهَ ّنمَ لِ ْلكَافِرِي َ
َوجَعَلْنَا َ
عجُولًا ( )11
ن َ
وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشّرّ ُدعَاءَ ُه بِا ْلخَيْ ِر َوكَانَ الْإِنسَا ُ
وَيَدْعُب الِْنسبَانُ بِالشّرّ :ويدعيو النسيان على ماله وولده ونفسيه بالشير ،فيقول عنيد الغضيب :اللهيم العنيه وأهلكيه
ونحوهما .
دُعَاءَهُب بِا ْلخَيْرِ :أي كدعائه ربيه بالخيير ،أن يهيب له النعمية والعافيية ،ولو اسيتجاب ال دعاءه على نفسيه لهلك ،
ولكن ال ل يستجيب بفضله .
16
عجُولً :بالدعاء على ما يكره أن يُستجاب له فيه ،قاله جماعة من أهل التفسير ،وقال ابن عباس
ن الِْن سَانُ َ
َوكَا َ
:ضجرا ل صبر له على السراء والضراء .
17
من تفسير الطبري :
فكان أول الفسيادين قتيل زكرييا ،فبعيث ال عليهيم ملك النبيط ،فخرج بختنصير حيين سيمع ذلك منهيم ،ثيم إن بنيي
إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط ،فأصابوا منهم واستنقذوا ما في أيديهم ،قال ابن زيد :كان إفسادهم الذي يفسدون
في الرض مرتين ،قتل زكريا ويحيى بن زكريا ،سلط ال عليهم سابور ذا الكتاف ،ملكا من ملوك النبط في
الولى ،وسلط عليهم بختنصر في الثانية .
عن حذيفة بن اليمان ،يقول :قال رسول ال :إن بني إسرائيل لما اعتدوا وعلوا وقتلوا النبياء ،بعث ال عليهم
ملك فارس بختنصير ،وكان ال قيد ملّكيه سيبع مائة سينة فسيار إليهيم حتيى دخيل بييت المقدس ،فحاصيرها وفتحهيا
وقتل علي دم زكريا سبعين ألفا ،ثم سبى أهلها وبني النبياء ،وسلب حليّ بيت المقدس ،واستخرج منها سبعين
ي حتى أورده بابل ،قال حذيفة :فقلت يا رسول ال لقد كان بيت المقدس عظيما عند ألفا ومائة ألف عجلة من حل ّ
ال ،قال :أجيل بناه سيليمان بين داود ،ن ذهيب ودر وياقوت وزبرجيد ،وكان بلطيه مين ذهيب وبلطية مين فضية
وعمده ذهبييا ،أعطاه ال ذلك وسييخر له الشياطيين ،يأتونيه بهذه الشياء فيي طرفية عيين ،فسييار بختنصيير بهذه
الشياء حتييى نزل بهييا بابييل ،فأقام بنوا إسييرائيل فييي يديييه مائة سيينة ،تعذبهييم المجوس وأبناء المجوس ،فيهييم
النبياء وأبناء النبياء ،ثم إن ال رحمهم ،فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له كورش وكان مؤمنا ،أن سر
إلى بقايا بني إسرائيل حتيى تسيتنقذهم ،فسيار كورش ببنيي إسيرائيل وحلي بيت المقدس ،حتيى رده إلييه فأقام بنوا
إسيرائيل مطيعين ل مائة سنة ،ثم إنهيم عادوا في المعاصي ،فسلط ال عليهيم ابطيانحوس ،فغزا بأبناء من غزا
ميع بختنصير ،فغزا بنيي إسيرائيل حتيى أتاهيم بييت المقدس ،فسيبى أهلهيا وأحرق بييت المقدس ،وقال لهيم ييا بنيي
إسيرائيل ،إن عدتيم فيي المعاصيي عدنيا عليكيم بالسيباء ،فعادوا فيي المعاصيي فسييّر ال عليهيم السيباء الثالث ملك
روميية ،يقال له قاقيس بين إسيبايوس فغزاهيم فيي البر والبحير ،فسيباهم وسيبى حلي بييت المقدس وأحرق بييت
المقدس بالنيران ،فقال رسييول ال :هذا مين صيينعة حلي بييت المقدس ،ويرده المهدي إلى بيييت المقدس ،وهيو
ألف سفينة وسبع مائة سفينة يرسى بها على يافا ،حتى تنقل إلى بيت المقدس وبها يجمع ال الولين والخرين .
ثم اختلف أهل التأويل ،في الذين عنى ال بقوله أولي بأس شديد ،فيما كان من فعلهم ،في المرة الولى في بني
إسرائيل ،حين بعثوا عليهم ،ومن الذين بعث عليهم في المرة الخرة ،وما كان من صنعهم بهم ،فقال بعضهم :
كان الذي بعيث ال عليهيم فيي المرة الولى جالوت ،وهيو مين أهيل الجزيرة ،وفيميا روي عين ابين عباس قوله :
بعث ال عليهم جالوت فجاس خلل ديارهم ،وضرب عليهم الخراج والذل ،فسألوا ال أن يبعث لهم ملكا يقاتلون
فيي سيبيل ال فبعيث ال طالوت ،فقاتلوا جالوت فنصير ال بنيي إسيرائيل ،وقتيل جالوت بيدي داود ورجيع ال إلى
بنيي إسيرائيل مُلكهيم ،وقال آخرون :بيل بعيث عليهيم فيي المرة الولى سينحاريب ،وفيميا روي عين سيعيد بين
المسييب يقول :ظهير بختنصير على الشام فخرب بييت المقدس وقتلهيم ،وقال آخرون :يعنيي بذلك قوميا مين أهيل
فارس ،قالوا :ولم يكن في المرة الولى قتال ( ،ثم رددنا لكم … ) وفي قول ابن عباس ،الذي رواه عطية عنه
،هي إدالة ال إياهم من عدوهم جالوت حتى قتلوه ،وكان مجيء وعد المرة الخرة عند قتلهم يحيى بعث عليهم
بختنصير ،وخرّب بييت المقدس وأمير بيه أن تطرح فييه الجييف وأعانيه على خرابيه الروم ،فلميا خربيه ذهيب معيه
بوجوه بني إسرائيل وأشرافهم ،وذهب بدانيال وعليا وعزاريا وميشائيل ،وهؤلء كلهم من أولد النبياء .
وفيما روي عن سعيد بن جبير ،قال :بعث ال عليهم في المرة الولى سنحاريب ،قال :فر ّد ال لهم الكرة عليهم
كميا أخيبر ،قال :ثيم عصيوا ربهيم وعادوا لميا نهوا عنيه ،فبعيث عليهيم فيي المرة الخرة بختنصير فقتيل المقاتلة
وسيبى الذريية وأخيذ ميا وجيد مين الموال ودخلوا بييت المقدس ،كميا قال ال عيز وجيل ،ودخلوه فتبّروه وخرّبوه
فرحمهيم فردّ إليهيم ملكهيم وخلّص مين كان فيي أيديهيم مين ذريية بنيي إسيرائيل ،وعين مجاهيد قال :بعيث ال ملك
فارس ببابل جيشا ،وأمر عليهم بختنصر ،فأتوا بني إسرائيل فدمروهم فكانت هذه الخرة ووعدها .وعن قتادة
قوله :فبعييث ال عليهييم فييي الخرة بختنصيير المجوسييي البابلي أبغييض خلق ال إليييه ،فسييبا وقتييل وخرّب بيييت
المقدس وسامهم سوء العذاب ،وفيما روي عن ابن عباس قال :فلما أفسدوا ،بعث ال عليهم في المرة الخرة ،
بختنصر فخرب المساجد .
18
من تفسير البغوي :
قال قتادة :إفسيادهم فيي المرة الولى ميا خالفوا مين أحكام التوراة وركبوا المحارم ،وقال ابين إسيحاق :إفسيادهم
في المرة الولى قتل إشعياء في الشجرة وارتكابهم المعاصي ( ،بعثنا عليكم عبادا لنا ) قال قتادة :يعني جالوت
الجزري وجنوده وهو الذي قتله داود ،وقال سعيد بن جبير :يعني سنحاريب من أهل نينوى ،وقال ابن إسحاق
:بختنصر البابلي وأصحابه وهو الظهر ( ،فإذا جاء وعد الخرة ) وذلك قصدهم قتل عيسى عليه السلم حين
رفيع ،وقتلهيم يحييى بين زكرييا عليهميا السيلم ،فسيلط عليهيم الفرس والروم خردوش وطيطوس حتيى قتلوهيم
وسبوهم ونفوهم عن ديارهم .
من تفسير الشوكاني :
والمرة الولى قتل شعياء أو حبس أرمياء أو مخالفة أحكام التوراة ،والثانية قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل
عيسيى ( ،عبادا لنيا ) قييل هيو بختنصير وجنوده وقييل جالوت وقييل جنيد مين فارس وقييل جنيد مين بابيل ،والمرة
الخرة هيى قتلهيم يحييى ابين زكرييا ( وإن عدتيم ) قال أهيل السيير ،ثيم إنهيم عادوا إلى ميا ل ينبغيي وهيو تكذييب
محمد صلى ال عليه وآله وسلم ،وكتمان ما ورد من بعثه في التوراة والنجيل ،فعاد ال إلى عقوبتهم على أيدي
العرب ،فجرى على بنيي قريظية والنضيير وبنيي قينقاع وخييبر ،ميا جرى مين القتيل والسيبي والجلء وضرب
الجزية ،على من بقي منهم وضرب الذلة والمسكنة .
من تفسير اللوسي :
واختلف فيي تعييين هؤلء العباد فيي إفسيادهم الول ،فعين ابين عباس وقتادة هيم جالوت الجزري وجنوده ،وقال
ابين جيبير وابين إسيحاق هيم سينحاريب ملك بابيل وجنوده ،وقييل هيم العمالقية ،وفيي العلم للسيهيلي هيم بختنصير
عاميل لهراسيف أحيد ملوك الفرس الكيانيية ،على بابيل والروم وجنوده ،بعثوا عليهيم حيين كذبوا أرمييا وجرحوه
وحبسوه قيل وهو الحق .
واختلف في تعيين هؤلء العباد المبعوثين ،بعد أن ذكروا قتل يحيى عليه السلم في إفسادهم الخير ،فقال غير
واحد إنهم بختنصر وجنوده ،وتعقبه السهيلي وقال بأنه ل يصح ،لن قتل يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلم ،
وبختنصير كان قبيل عيسيى علييه السيلم بزمين طوييل ،وقييل السيكندر وجنوده ،وتعقبيه أيضيا وقال :بأن بيين
السيكندر وعيسيى علييه السيلم نحوا مين ثلثمائة سينة ،ثيم قال لكنيه إذا قييل إن إفسيادهم فيي المرة الخيرة بقتيل
شعيا جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصر ومن معه لنه كان حينئذ حيا ،والذي ذهب إليه اليهود أن المبعوث
أول بختنصير وكان فيي زمين آرمييا علييه السيلم ،وقيد أنذرهيم مجيئه صيريحا بعيد أن نهاهيم عين الفسياد وعبادة
الصنام كما نطق به كتابه ،فحبسوه في بئر وجرحوه ،وكان تخريبه لبيت المقدس في السنة التاسعة عشر من
حكمه ،وبين ذلك وهبوط آدم ثلثة آلف وثلثمائة وثماني وثلثين سنة وبقي خرابا سبعين سنة ،ثم إن أسبيانوس
قيصير الروم وجّه وزيره طيطوس إلى خرابيه فخربيه سينة ثلثية آلف وثمانمائة وثمانيية وعشريين ،فيكون بيين
البعثين عندهم أربعمائة وتسعون سنة ،وتفصيل الكلم في ذلك في كتبهم ،وال تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وقال اللوسيي " :ونعيم ميا قييل إن معرفية القوام المبعوثيين ،بأعيانهيم وتارييخ البعيث ونحوه ،مميا ل يتعلق بيه
كيبير غرض ،إذ المقصيود أنيه لميا كثرت معاصييهم ،سيلط ال تعالى عليهيم مين ينتقيم منهيم مرة بعيد أخرى ،
وظاهر اليات يقتضي اتحاد المبعوثين أول وثانيا "
ونقول :نتفق مع اللوسي في بعض ما ذهب إليه ،ونختلف معه في التقليل من شأن المبعوثين ،التي ما أخبر به
ل لكيبير غرض ،وهيو إثبات أن هذا القران مين لدن علّم الغيوب ،لمين هيم فيي شيك سيبحانه فيي كتابيه العزييز إ ّ
يلعبون ميين المسييلمين وغيرهييم ،فهذه النبوءة تحكييي واقعييا نعاصييره الن ،بكييل تفاصيييله ( َوكُ ّل شَيْءٍ فَصبّلْنَاهُ
َتفْصبِيلً ) ومعرفية وتحدييد المرتيين أمير فيي غايية الهميية .ميع أن عبارتيه الخيرة – رحميه ال -فيي النيص
السيابق ،التيي أكيد فيهيا " اتحاد المبعوثيبن أول وثانيبا " ،وهو المفسيّر الوحييد مين القدماء ،الذي أشار صيراحة
إلى هذا المير ،أعطتنيي دفعية كيبيرة للمضيي قدميا فيي هذا البحيث ،حييث كنيت قيد تتبعيت الضمائر الواردة فيي
اليات ،وتأكدت مين هذا المير فيي بدايية البحيث ،فقيد أيّدت هذه العبارة جانبيا مين الفكار التيي كنيت أحملهيا فيميا
يتعلق بهذه النبوءة ،بعدمييا تييبيّن لي ميين خلل الحاديييث النبوييية التييي ذكرتهييا فييي بداييية البحييث ،أنيّ فناء دولة
19
إسرائيل سيكون قبل قيام الخلفة السلمية ،التي ما زال عامة المسلمين ينتظرون ويأملون قيامها للقضاء عليهم
وإنهاء وجودهيم .وبميا أن المبعوثيين عليهيم أول وثانييا متحديين ،فذلك يعنيي أن معرفتنيا لمين بُعيث عليهيم أول ،
ستقودنا بالضرورة لمعرفة من سيبعث عليهم ثانيا ،ومن ثم الكشف عن الكثير مما أحاط هذه النبوءة من غموض
،كان سببا في كثير من التفسيرات المغلوطة ،التي حيّرت أُناس هذا العصر وأربكتهم .
كان هذا عرضيا لمجميل ميا قاله المفسيرين أجلّهيم ال ورحمهيم جميعيا ،ميع الخيذ بعيين العتبار أن أحدا منهيم لم
يعاصيير قيام دولة اليهود للمرة الثانييية ،وكان أكثرهييم حداثيية هييو اللوسييي الذي توفييي سيينة 1227هجري ،
والملحظ من أقوالهم أنهم أجمعوا على أن تحقّق المرتين كان قبل السلم ،وأنهم نيبوا نسبة إحدى المرتين إلى
البابليين وبقيادة بختنصر ( نبوخذ نصر ) على الغلب ،وهو الحدث المشهور تاريخيا بما يُسمّى ( السبي البابلي
).
ومعظيم ميا تقدّم مين روايات هيي أخبار موقوفية على أصيحابها ،وأصيلها أهيل التوراة حييث أنهيا المصيدر الوحييد
لمثيل هذه الروايات ،والتيي امتلت التفاسيير منها ،وهيي ليست مما يُرجيع إليه من الحكام التيي يجيب بهيا العميل
فتُتحرى فيي صيحتها أو كذبهيا ،لذلك تسياهل أغلب المفسيرين فيي نقلهيا عنهيم وهيي فيي بعيض منهيا أقرب إلى
الخرافة .
أمّا المعاصرين من المف سّرين فقد أعاد أغلبهم نسخ أقوال القدماء بشكل مختصر وأضافوها إلى كتبهم ،ولم يأتوا
بجديد إل واحدا هو الشيخ سعيد حوى رحمه ال ،حيث أعلمني أحد الزملء بذلك ،عندما عرضت عليه بعض
نتائج هذا البحيث ،فقال لي بأن إحدى النتائج التيي خرجيت بهيا ،كان الشييخ قيد أوردهيا فيي تفسييره ،وقيد اطّلعيت
على تفسييره لهذه اليات مؤخرا فوجدت بأن الشييخ ،قدّمهيا كاحتمال موسيوم بالشيك ،ولكنيا نطرحهيا على وجيه
اليقين الذي ل يُخالطه شك ،بإذن ال .
أمييا أناس هذه اليام مميين علم أو لم يعلم ،فقييد جاءوا بتفسيييرات وأقوال شتييى فييي هذه اليات ،منهييا مييا وافييق
تفسيرات القدماء وأقوالهم من جانب وخالفها في جوانب أخرى ومنها ما خالفها جملة وتفصيل .
.1هجر القرآن
القرآن فيي العادة ل يُقرأ مين قبيل عامّة المسيلمين هذه اليام -إل ميا رحيم ربيي -وإن قُرء فهيي قراءة بل تفكّر أو
تدبّر ،قال تعالى ( وَ َيوْمَب َيعَضّ الظّالِمُب عَلَى يَدَيْهِب َيقُولُ يَالَيْتَنِي ا ّتخَذْتُب مَعَب الرّسبُو ِل سَببِيلً (َ )27يوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْب
ن خَذُولً ( )29وَقَالَ الرّسبُولُ أَ ّتخِذْ ُفلَنًا خَلِيلً (َ )28لقَ ْد أَضَلّنِي عَنْب ال ّذكْرِ َبعْ َد إِ ْذ جَاءَنِي َوكَانَب الشّ ْيطَانُب لِلِْنسبَا ِ
ن َم ْهجُورًا ( 30الفرقان ) .وهجر القرآن نبوءة وقد تحققت في زماننا هذا . ب إِنّ َق ْومِي ا ّتخَذُوا هَذَا ا ْلقُرْآ َ
يَرَ ّ
.2تجميد القرآن وتعطيله وفصله عن الواقع ،ماضيا وحاضرا ومستقبل
يذهب كثير من الناس من علماء وعامّة ،إلى أن فهم القرآن واكتشاف مكنوناته مقصور على فئة معينة من الناس
دون غيرهيم ،أو فيي زمان أو مكان دون آخير .بالرغيم مين أن هناك الكثيير مين التفسييرات الخاطئة ،والروايات
المضلّلة أحيانيا فيي كتيب التفسيير القديمية والتيي لم تصيحّح لغايية الن .ونحين باعتمادنيا بشكيل كلّي على تفسييرات
القدماء ،حرمنا أنفسنا من فهم كثير من اليات ،ذات الصلة بواقعنا المعاصر ،والتي ما كان لحد من المفسرين
قديميا القدرة على تفسييرها فيي زمين يسيبق زماننيا هذا ،ول نقصيد هنيا التعرييض بأي حال مين الحوال ،بأي مين
المفسرين أجلّهم ال فكل له عذره وأسبابه ،ولكن نريد أن نؤكد من خلل هذا الكتاب أن القرآن ما زال حيّا ،وما
زالت لدييه القدرة على التيان بجدييد حتيى قيام السياعة ،ولم يكين فهيم القرآن يوميا ولن يكون محصيورا بزمان أو
مكان أو أشخاص دون غيرهم .
20
.3الغموض والبهام في نصوص النبوءات المستقبلية
عادة ل تُسيتخدم النصيوص الصيريحة فيي الكتيب السيماوية وفيي السينة النبويية ،كأسيلوب للخبار عين مضاميين
النبوءات ،فعادة ما يُستعمل الوصف والتشبيه والتمثيل .وهذا هو حال مجمل النبوءات المستقبلية ،تبقى بعض
نصيوصها عصيية على الفهيم ،حتيى تتمكين مين تجسييد نفسيها على أرض الواقيع لتفسيّر نفسيها بنفسيها .فلكتمال
معالمهيا أسيباب ومسيببات ل بيد لهيا مين أخيذ مجراهيا الطيبيعي ،وعادة ميا تكون فيي جانيب منهيا مبهمية خاصية
للطرف صاحب الدور الكبر بترجمة أحداثها على أرض الواقع .
وفي المقابل تبقى بعض نصوصها سهلة للهضم والفهم ،لمن جاءت في كتبهم إذا عاصروها ،ولكن بال َق ْدرِ الذي
ل يسمح لهم ،بالتدخل في مجرياتها أو تعطيل السباب والمسببات المؤدية لتحقّقها .ولتبقى قدرتهم على التدخل
مقيّدة ،بما لم يعرفوه يقينا مما أُبهم عليهم من نصوص النبوءة .ومثال ذلك ما جاء في كتب اليهود والنصارى ،
من نصوص تبشّر بنبوة سيدنا محمد عليه الصلة والسلم .وبالرغم من كثرة النصوص التي أخبرت عنه ،لم
يسييتطع اليهود السييتدلل عليييه يقينييا قبييل ظهور أمره وإل لقتلوه .وصيياحب النبوة لم يكيين يعلم بأنييه المقصييود
بنبوءات أهيل الكتاب قبيل أن يتنزّل علييه الوحيي ،وحتيى اسيمه ( محميد ) علييه الصيلة والسيلم ،جاء مغايرا
لسمه ( أحمد ) الموجود في كتبهم ،حيث جاء بالمعنى وليس باللفظ .وبعدما بُعث ومع مرور الزمن بدأ الواقع
يُف سّر جميع النصوص التي كانت بحوزتهم شيئا فشيئا ،أما قريش فما كانت تُصدّق من نبوءات أهل الكتاب شيئا
.
وحتيى لو كُشفيت مضاميين النبوءات عنيد اكتمال معالم القدر ،وقبيل تحقيق الفصيل الخيير منهيا كان مين الصيعب
على ذوي العلقية ،إعادة عقارب السياعة إلى الوراء ،مين أجيل التأثيير على مجريات أحداثهيا أو منيع تحقّقهيا ،
وخاصية أن معظيم النبوءات إذا فُسيرّت وكان واقيع الحال ل يتطابيق ميع التفسيير وهذا أمير طيبيعي جدا ،فعادة ميا
يُجابه التفسير بالنكار والتكذيب أو التشكيك حتى ممن يعنيهم المر ،أو الظن أن بالمكان منعها كما هو الحال
عنييد بنييي إسييرائيل ،الذييين يعلمون هذه النبوءة علم اليقييين ويُحاولون جهدهييم منييع تحقّقهييا ،كمييا حاولوا جهدهييم
البحيث عين نبينيا علييه الصيلة والسيلم لمنيع بعثيه وظهور أمره .وكميا سييكون الحال ميع كثيير مين الناس الذيين
سييطالعون هذا الكتاب ،الذي نكشيف فييه ملبسيات تحقّق وعيد الخرة كميا لم تكين مين قبيل ،بعيد أن تشابكيت
خيوطها واتصلت بإحكام منذ سنين عدة ولكن الناس كانوا عنها غافلين .
.4فهم اللفاظ ومدلولتها
فييي كثييير ميين الحيان نفهييم ألفاظ القرآن بالمعنييى الذي نسييتخدمه بييه فييي حياتنييا المعاصييرة ،وربمييا يكون هذا
السييتخدام مختلف أو مخالف تمامييا ،لسييتخدام العرب القدماء -الذييين نزل القرآن بلغتهييم -لنفييس اللفييظ ،ممييا
يتسبّب في سوء التفسير أو الفهم .فعلى سبيل المثال لنأخذ كلمة ( فَصَلَ ) ،فنحن نستخدم هذا اللفظ تقريبا بمعنى
واحييد ؛ قَطعييَ التيار ،فَرّقيي مييا بييين شيئييين بشيييء ثالث ،طرده ميين الوظيفيية .أمييا العرب القدماء فقييد كانوا
خرَجَي ،ومين هذه المعانيي تسيتطيع تفسيير يسيتخدمونها بمعان شتيى ،تفهيم عادة مين السيياق ،منهيا ؛ قَطعَي و َفرّقَي و َ
صلَ طَالُوتُ بِا ْلجُنُودِ ( 249البقرة ) على أن طالوت خرج بالجنود . قوله تعالى ( فَ َلمّا فَ َ
وفيي كثيير مين الحيان يحميل اللفيظ الواحيد فيي القرآن مفهوميا عاميا عريضيا ،ويندرج تحتيه عدة مفاهييم خاصية ،
يُعرّفهييا ويُفصييّلها القرآن فييي مواضييع عديدة .وميين هذه اللفاظ على سييبيل المثال ؛ الفسيياد والعلو والفاحشيية
والظلم ،وهذه كلهيا مفاهييم عامية يختلف تحدييد مواصيفاتها ومقاييسيها باختلف فهيم الشخيص على سيبيل المثال
ل حسيب رأييه ،سيتجد أن هناك تعارييف عديدة ومتباينية أميا القرآن فلهلماهيّة اللفيظ .وإذا تركنيا الجابية للناس ك ٌ
تعريفه الخاص .
فلنأخيذ لفيظ الظلم ،يقول سيبحانه وتعالى ( وَمَا كُنّاب ُمهْلِكِي الْقُرَى ِإ ّل َوأَهْلُهَا ظَا ِلمُونَب ( 59القصيص ) ،فميا هيي
ماهيية هذا الظلم الذي يتحتيم علييه إهلك القرى ؟ وكييف تسيتطيع القرى أن تسيلم مين الهلك ،بميا أن الظلم هيو
المقياس لذلك كميا أخيبر رب العزة ؟ ولفهيم دللة هذا اللفيظ ،يتحتيم علييك أن تُلمّي بكيل مُتعلّقاتيه فيي جمييع اليات
القرآنيية التيي ورد فيهيا ذكره ،لتخرج فيي النهايية بميا يُشبيه المقياس الذي مين خلله تسيتطيع تعرييف هذا المفهوم
بالمقياس اللهي له ،وليس بالمقاييس الشخصية للناس .
21
.5اليجاز الشديد
مثيل قوله تعالى ( فجاسيوا خلل الديار ) حييث وصيف سيبحانه كيل ميا فعله أولئك العباد فيي المرة الولى بثلث
كلمات فقيط ،أو بالحرى كلمية واحدة هيي ( فجاسيوا ) ،وبالرغيم مين ذلك فإن هذه الكلمية وعنيد الطلع معانيهيا
فيي المعجيم ،سيتجد أنهيا تصيوّر مشهدا سيينمائيا كامل ،وبدون الطلع على تلك المعانيي لن تمتلك القدرة على
تخيّل ذلك المشهد .
.6الحذف وتقدير المحذوف
حذف كلمة أو عبارة من السياق لسبق الدللة عليها فيما تقدم من نصوص ،مثل حذف جواب شرط إذا الخاص
بوعد الخرة ،وتقديره ( بعثناهم عليكم ) في الية ( ، )7لدللة قوله تعالى ( فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم )
في الية ( . )5
.7اللتفات
الحدييث عين الغائب ومين ثيم النتقال لتوجييه الخطاب إلى الحاضير ،والعكيس بالعكيس بيين حيين وآخير ،مثيل
ن فيي – الخطاب هنيا إلى
( وقضينيا إلى – الحدييث هنيا عين الغائب ( السيابقين مين بنيي إسيرائيل ) …لتفسيد ّ
الحاضر ( المعاصرين من بني إسرائيل ) . ) ..عادة ما يستخدم هذا السلوب ،في إخبار المستمع الحاضر عن
حدث وقيع فيي الماضيي .والهدف مين إنزال هذه النبوءة فيي كتاب موسيى ،وإعادة نسيخها فيي القرآن هيو كشيف
للغيب الذي ل يعلمه إل من أخبر عنه ،فيما أنزله من كتب على رُسله ،لعل الناس المعاصرين بربهم يؤمنون ،
عند تحقق هذه النبوءة بكل تفاصيلها ،كما جاءت في الكتب السماوية .لذلك جاء الخبار في القرآن للناس كافة ،
وجاء الخطاب لبي إسرائيل خاصّة ،لن المر يعنيهم أكثر من غيرهم فلعلّهم إلى ربهم يرجعون .
لقد أخبر سبحانه في الية ( )2أنه آتى موسى الكتاب ،وفي الية ( )4أخبر بأنه أنزل في ذلك الكتاب نص هذه
النبوءة ،التي سيشرع فيما يلي بالخبار عنها بكل تفاصيلها كما جاءت في كتاب موسى ،حيث جاء النص آنذاك
مخاطبيا لبنيي إسيرائيل .وإتيان النيص بأسيلوب المخاطبية لبنيي إسيرائيل فيي القرآن ،يفييد أن هناك جزء مين هذه
النبوءة سيتحقق مستقبل بعد نزول هذه اليات ،وأعيد النص لتذكير بني إسرائيل وتنبيههم وتحذيرهم ،من مغبة
الفساد في الرض في المرة لثانية ،مما يترتب عليه نفاذ الوعد الثاني كما نفذ الوعد الول .
وميع أن المخاطَب فيي هذه اليات هيم بنوا إسيرائيل ( المعاصيرين ) ،ولكين يجيب أل ننسيى أن هناك مين يقرأ
ويسيمع خطابيه تعالى – لبنيي إسيرائيل – مين خلل القرآن ،ممين هيم مين غيير بنيي إسيرائيل ول يعلمون مين أمير
هذه النبوءة شيئا ،فيميا إذا كانيت قيد أنزلت عليهيم فيي كتابهيم أم ل ،فابتدأ عيز وجيل القصية بالخبار عين وجودهيا
فيي كتابهيم لمين ل يعلم مين الجمهور بذلك ،مين مسيتمع وقارئ لهذه القصية .ليُعييد الجمهور إلى الجواء التيي
أُنزلت فيها هذه النبوءة ليسهُل فهمها من قبلهم .وليصبحوا مساوين لبني إسرائيل في معايشة تلك الجواء ،التي
يعرفونهييا كمييا يعرفون أبنائهييم ميين خلل مييا لديهييم ميين كتييب .لذلك تجده سييبحانه أحيانييا يتوجييه بالخطاب إلى
الجمهور ،تاركيا ( خطاب بنيي إسيرائيل ) ليضييف للقارئ خيبرا أو تعقيبيا على جزء معيين مين هذه النبوءة ،أو
إيضاحا أو تفصيل لم يرد في النص الصلي للنبوءة ،التي سبق أن أُنزلت عليهم أو تحقق بعد نزولها لزم إخبار
الجمهور عنييه فييي هذه اليات .فالحكميية ميين الخبار بهذه النبوءة والكشييف عنهييا للبشيير ،هييي تحص يّل اليمان
ؤمِنُوا (107
بالقرآن ومن أنزله ومن أُرسل به ،كما عقّب سبحانه بقوله في نهاية السورة ( ُقلْ ءَامِنُوا بِ ِه َأوْ لَ ُت ْ
السيراء ) .وسينبين إن شاء ال كيل موضيع حصيل فييه التفات ،لتصيبح نصيوص النبوءة أكثير وضوحيا وأسيهل
للفهيم .وعدم معرفية ماهيية اللتفات ومواضعيه -أحيد أوجيه البلغية فيي لغية العرب – سييجعل مين الصيعوبة بميا
كان ،أن يفهم الناس النصوص القرآنية بشكل صحيح وربما يقلب المعنى بشكل مخالف تماما .
.8الضمائر
متابعة الضمائر في هذه اليات بأنواعها الثلثية ،المتكلّم والمخاطَب والغائب ،وتحدييد على مين يعود كل منهيا .
وهنيا ل بيد أن نوضيح ونؤكيد على أنّي كيل الضمائر الواردة فيي اليات ( ) 8-4ميا عدا ضمائر المتكلّم التيي تعود
22
علييه سيبحانه ،تعود على أولئك العباد أولي البأس الشدييد أنفسيهم فيي مواضيع ،وعلى بنيي إسيرائيل فيي مواضيع
أخرى ،وهي محصورة فيهم على الطلق إذ لم يضف النص طرفا ثالثا .
.9العتراض
وهيو إضافية جملة إلى السيياق ،زيادة فيي اليضاح والبانية ،وهيو أحيد أوجيه البلغية أيضيا .وغالبيا ميا يأتيي
كتعقييب على خيبر قيد سيبق ذكره ،وعدم وجود هذا التعقييب ربميا يُثيير التسياؤل فيي ذهين المسيتمع ،فيُضييف
الراوي مين تلقاء نفسيه خيبرا جديدا منعيا لتوارد الجتهادات والتفسييرات الخاطئة فيي مخيلتيه ،وليُغنيي المسيتمع
الحاجية إلى السيؤال .فعادة ميا تأتيي الجملة المعترضية كإضافية لزالة الغموض واللبيس ،الذي قيد ينجيم عين سيوء
تقدير المستمع ولزوم هذا التعقيب يعود لتقدير الراوي .
وقيد وقيع العتراض فيي نصيوص النبوءة فيي موضعيين ،فيي قوله تعالى " وكان وعدا مفعول " ،للتعقييب على
الوعيد الول ،لبيان أن هذا كان قيد أُنجيز أم لم يُنجيز .وفيي قوله تعالى " وليتبّروا ميا علوا تتيبيرا " للتعقييب على
العلو الكبير الخاص ببني إسرائيل ،لبيان وتأكيد أن هذا العلو ستتم إزالته مستقبل ل محالة .
.10الهوى والعاطفة
نحيين كمسييلمين مرتبطون عاطفيييا بالمسييجد القصييى ،ومرتبطون عاطفيييا بالبطولت السييلمية وأبطالهييا ،
ومرتبطون عاطفييا بالخلفية السيلمية وخلفائهيا ،لنهيا توفّر لنيا شعورا بالعزة والكرامية طالميا افتقدناه ،ونحين
بأميس الحاجية إلييه هذه اليام .وفيي المقابيل نحين أبعيد ميا نكون عين السيلم فيي حياتنيا العمليية ،ولو نظرنيا فيي
أعماق أعماقنيا لوجدنيا أننيا نرفيض السيلم كأسيلوب للحياة ،لن السيلم بكيل بسياطة يرفيض كيل مظاهير الحياة
الدنيا ،التي يتمسّك بها الن معظم المسلمين ويسعون لبقائها ويحرصون على إدامتها والستزادة منها ما أمكنهم
ذلك .
نيص هذه النبوءة موجود فيي كتيب اليهود ،فميا الذي قام بيه زعماؤهيم العلمانيون والمتدينون ،عندميا أرادوا أن
يقيموا لهيم دولة ؟ أخذوا مين النبوءة الجزء الخاص بالعودة مين الشتات ورد السيبي ،وفسيّروها على أن ال أراد
لهيم ذلك بغيض النظير عين فسيادهم وإفسيادهم ،وأخفوا النصيوص التيي تُحذّر مين العقوبية التيي تنتظرهيم ،ليُضفوا
على عودتهيم إلى فلسيطين بعدا دينييا توراتييا ،وبالتالي اسيتطاعوا كسيب التأيييد والدعيم المادي والمعنوي سيياسيا
واقتصاديا وعسكريا ،من اليهود والنصارى على حد سواء .
نحين أيضيا نملك نيص النبوءة نفسيها وملزمون بتحريير القصيى ،ولننيا نشعير بالعجيز وقصير ذات الييد قمنيا
بإضفاء البعد الديني على عملية التحرير بحصرها بخلفة إسلمية غير منظورة على المدى القريب ،واستبعدنا
احتماليية أن يتيم هذا المير خارج هذا الطار العاطفيي .وبعيد أن تقوقعنيا داخيل هذا الطار بدأنيا نُفسيّر المعطيات
حسب ما يتوافق مع هذا التوجّه حتى بلغ بنا المر ،إلى أن نُحمّل النصوص القرآنية ما ل تحتمله لتوافق رغباتنا
وأهوائنيا وتطلّعاتنيا كمنتسيبين للسيلم .فأخذنيا عبارة ( عبادا لنيا ) وعبارة ( وليدخلوا المسيجد ) وعبارة ( كميا
دخلوه أول مرة ) وسييلخناها ميين جلدهييا ،وقمنييا بالسييهاب فييي تفسييير وتفصيييل هذه العبارات وأهملنييا بعييض
العبارات الخرى ،وف سّرنا بعضها الخر بشكل يُناقض فحواها ،فعزلنا العبارات عن آياتها وعزلنا اليات عن
بعضهيا وعزلنيا مجموعية اليات عين السيورة ،وعزلنيا السيورة عين باقيي القرآن وعزلنيا القرآن عين كيل شييء .
فخرجنيا باسيتنتاجات وتحليلت وأصيدرنا أحكام ،حرميت الكثييير مين الناس مين المعرفية الحقيقية التيي تكتنفهيا
نصوص هذه النبوءة ،التي تم تفسيرها بتغليب من الهوى والعاطفة على النصوص القرآنية والسنة ،وعلى العقل
والمنطق والواقع والتاريخ والجغرافيا .
وبذلك أزاحت بعض التفسيرات التي حصرت تحرير القصى بقيام الخلفة السلمية عن غير قصد ،عن كاهل
هذا الجييل عبيء فكرة التحريير ،وأبعدت عين أذهان الناس شبيح حرب قادمية ،مميا سياهم بشكيل غيير مباشير فيي
تخدييير أميية السييلم لسيينين طويلة ،لينعُم الناس بحياة آمنيية مطمئنيية ولكيين للسييف بعيدا عيين الدييين .فالخلفيية
السييلمية على المدى القرييب صيعبة التحقييق ،لن مقومات قيامهييا ضميين الظروف الراهنية معدوميية .والمية
بحاجة لمن يُنبّهها ل لمن يُخدّرها … وقبل طرح هذه الفكرة الخطرة عن تحرير المسجد القصى … ونسبها إلى
كتاب ال … وأن ال أراد ذلك … كان على روّاد هذه الفكرة … أن يتجرّدوا مين عواطفهيم وأهوائهيم كلييا عنيد
23
تفسيير آيات ال … فالقرآن يطلب العقيل سيبيل للفهيم ل العاطفية والهوى … لدرجية أنيه جعيل ( القلب ) موطنيا
للعقل بدل من العاطفة … وأن يُفكّروا مليّا قبل أن يُقدّموها للناس … فنحن بحاجة لبناء مساجد في نفوس الناس
… فإن اسيتطعنا القيام بذلك … فلن نحرّر المسيجد القصيى فقيط … بيل سينحرّر العالم بأسيره … وإن لم نسيتطع
فالحرى بنيا … أن نعتزل ونفرّ إلى رؤوس الجبال … بأطلل المسياجد المتبقيية فيي نفوسينا … حتيى يأتيي ال
بأمره … !!!
هذا الطرح الخطِر والبعييد جدا عميا جاء فيي النصيوص القرآنيية ،سييؤدي بالناس ل محالة إلى الوقوع فيي الحيرة
والرتباك ،ونشوء كثيير مين علمات السيتفهام حول مين قدّم هذه التفسييرات ،وحول مصيداقية كتاب ال نفسيه
من قبل ضعاف اليمان والعقل والقلب ،عندما تتحقّق النبوءة بشكل مغاير لتلك التفسيرات .
ربميا يُصي ّر الكثيير مين الواقعيون على أن الواقيع يُناقيض مميا يطرحيه هذا الكتاب ،غيير أن هذا الواقيع سييتغير
بالتدريج ،أو بين عشية وضحاها ليتوافق مع أمر ال ،وإن لم يتوافق فأمر ال فوق الواقع وكثيرا ما يأتي بغتة ،
وبالرغيم من ذلك أعتقيد بأن كثيير مين المتغيرات على المسيتوى القليميي والعالميي ،ستلوح فيي الفيق قبيل مجييء
أمر ال وسيلحظها كل ذي بصيرة .
24
وكل شيء فصّلناه تفصيل
قال تعالى ( إِنّ هَذَا ا ْلقُرْآنَب َيقُصّب علَى بَنِي إِسْبرَائِيلَ أَكْثَرَ الّذِي هُمْب فِيهِب َيخْتَ ِلفُونَب ( 76النميل ) ،تؤكيد هذه اليية
الكريمة أن هذا القرآن فضل عن مخاطبته لكافة البشر ،جاء ليق صّ على بني إسرائيل أي ليُخاطبهم ويوضّح لهم
بشكل خاص ،كثيرا مما اختلفوا فيه من أمور الدين والدنيا والخرة .فهو يحكي تاريخهيم ويعرض مواقفهم من
أنيبيائهم ،ومشاهيد مين كفرهيم وعصييانهم وعدوانهيم ،والعذابات التيي أنزلهيا ال بهيم ،ويكشيف طبائعهيم ويفضيح
سرائرهم ويُفنّد أقوالهم ،ويُحذّرهم ويُحذّر منهم ،ويُبيّن لهم حقيقة ما جاء به رسلهم وأنبيائهم من وحي ،بعد أن
طمسته وشوّهت معالمه أقلم أحبارهم .
ل شيّي مميا سيبق هذا ويقول سيبحانه فيي اليية ( )12مين سيورة السيراء ( َوكُ ّل شَيْءٍ فَصّبلْنَاهُ َتفْصبِيلً ) أي أن ك ّ
القول من آيات ،ق ّد بيّنه سبحانه بيانا واضحا ل لُبس فيه .وهذا القول البليغ عندما تقرأه مرارا وتكرارا ،تجد أن
له وقعيا خاصيا فيي نفسيك ،واليات التيي تسيبق هذا القول ،تخبرنيا عين أمير يتعلق ببنيي إسيرائيل ،مين حييث
إفسيادهم وعلوهيم وعقابهيم .وقيد جاء هذا القول ( بالفعيل ومفعوله المطلق للمبالغية فيي التأكييد ) مرة واحدة فيي
القرآن في هذا الموضع بالذات ،تعقيبا على ما مجمل ما جاء قبله من آيات ،ولم يأ تِ عامّا كما في قوله تعالى (
عرَبِيّاب ِل َقوْمٍب َيعْ َلمُونَب ( 3فصيلت ) ،أو فيي قوله تعالى ( وَ َلقَدْ جِئْنَاهُمْب ِبكِتَابٍب فَصّبلْنَاهُ
كِتَابٌب فُصّبلَتْ ءَايَاتُهُب قُ ْرءَانًا َ
ح َمةً ِل َقوْمٍ ُي ْؤمِنُونَ ( 52العراف ) . عَلَى عِ ْلمٍ هُدًى وَ َر ْ
وإن دلّ هذا على شيييء ،فإنمييا يدّل على أن مييا تتحدّث عنييه هذه اليات أميير غاييية فييي الهمييية ،ولذلك فص يّله
سيبحانه تفصييل وأبانيه بيانيا ل يختمره شكّي أو تقوّل ،وأن هذا التفصييل جاء لعِظيم هذا المير وأن معرفتيه بكيل
دقائقيه وتفاصييله ،ل بيد إل أن يكون فييه الكثيير مين النفيع والفائدة لمين يُخاطبهيم القرآن ،وميا كان بيانيه وتفصييله
عبثييا .ومييا كان هذا الفصييل إل للتعريييف بهذه الدقائق والتفاصيييل ،ومييا جاء هذا الكتاب إل لتعميييم الفائدة على
الناس ،وال من وراء القصد .
لو أمعنت النظر في مجمل سورة السراء ،لوجدت أنها تناوبت ما بين أسلوبي الخبار والمخاطبة ،ولو أمعنت
النظر في مقدمة السورة ،ستجد أنها جاءت إخبارية ومُخاطِبة للمسلمين بصفة عامّة ،وإخبارية ومُخاطِبة لبني
إسرائيل بصفة خاصّة .
والسؤال الول :لماذا أُعيد نص النبوءة بأسلوب المخاطبة لبني إسرائيل في عصر أمة السلم ؟
مقدمية السيورة ( اليات ) 3-1جاءت كتمهييد ،فهيي تذكير المسيجد القصيى وتيبين قدسييّته عنيد ال وبالتالي عنيد
المسلمين ،وتذكُر كتاب موسى عليه السلم ،وتذّكر بني إسرائيل بما جاء فيه ،وبالذات عدم الشرك بال واتّخاذ
وكلء مين دونيه ،ويمنّي الّ عليهيم ويذكرهيم بنجاة أسيلفهم مين الطوفان ،وبنفيس الوقيت يحذّرهيم مين الهلك مين
خلل ذكر نوح عليه السلم ،وأنّه ما كان لنوح ومن معه النجاة ،لول إقراره بالعبودية ل ( عبداً ) أولً ،وقيامه
بالعبادة ل ( وشكوراً ثانياً ) .
السؤال الثاني :لماذا التمهيد وبهذا الشكل المرعب لبني إسرائيل ؟
هناك قول بأن كلتيا المرتيين وقعتيا قبيل السيلم ،فلو كان هذا المير صيحيحا لتوجيب أن يكون نيص النبوءة كامل
بأسيلوب الخبار ،ولميا كان هناك داعيي لوجوده أصل ،فقد أخبرنيا سيبحانه فيي مواضيع أخرى فيي القرآن ،بأنه
غضيب عليهيم ولعنهيم وضرب عليهيم الذلة والمسيكنة ،وتوعدهيم بأن يبعيث عليهيم مين يسيومهم سيوء العذاب إلى
يوم القيامة ،وقطّعهم في الرض أمما .
السؤال الثالث :ما هو المر الذي خرج عن كل ما تقدّم ،فأراد سبحانه لفت أنظارنا إليه مبينا أهميته ومنبها إليها
؟
وبميا أن المرتيين متشابهتيين تماميا ،فلو فرضنيا جدل أن القول السيابق صيحيح ،لكان مين الحرى أن يأتيي النيص
في الحديث عن المرتين مجمل ،على سبيل المثال على النحو التالي ( … لتفسدن … مرتين ولتعلن علوا كبيرا
25
… فإذا جاء وعيد كيل منهميا ،بعثنيا عليكيم عبادا لنيا أولي بأس شدييد … فأسياءوا وجوهكيم ودخلوا المسيجد …
وكان كلّ من الوعدين مفعول … وتبّروا ما علوا تتبيرا ) .
السؤال الرابع :لماذا فَصَلت و َفصّلت اليات كلّ مرة على حدة ؟
أجملت الييية الرابعيية ثلثيية شروط ميين شروط المرتييين ،وهييي الرض ( المقدّسيية ) والعلو والفسيياد ،والييية
الخامسة أفردت وأوجزت الحديث عن الوعيد ( العقاب ) الول ،فذكرت البعيث والجوس وصيفة العباد ،وجاءت
الفعال كلهييا بصيييغة الماضيي .والييية السيادسة فصيّلت مظاهيير العلو الثانييي ،ميين لحظية النشوء حتييى اكتمال
مقوماته ،من حييث القدرة العسكرية والبشريية والقتصيادية ،وجاءت الفعال كلها بصييغة الماضيي ،ميع حملهيا
لصفة الستقبال .
السييؤال الخامييس :لماذا جاءت أفعال وعييد الولى بصيييغة الماضييي ،ولماذا جاءت أفعال وعييد الخرة بصيييغة
الستقبال ؟
السيؤال السيادس :لماذا جاء التخييير ميا بيين الحسيان أو السياءة ،بعيد اكتمال مظاهير العلو الثانيي وقبيل الحدييث
عن عقاب وعد الخرة ،ولم يأتِ عند الحديث عن وعد الولى ؟
السؤال السابع :لماذا أُخرجت كيفية مجيئهم ،عند مجيء وعد الخرة من نص النبوءة ،ولماذا أُفردت في نهاية
السورة ؟
السيؤال الثامين :لماذا أُعييد ذكير بنيي إسيرائيل وقصيّتهم ميع فرعون فيي نهايية السيورة ،وذكير وعيد الخرة مرة
أخرى في اليات ( ) 104 – 101؟
27
ن عُُلوّا كَبِيرًا ( )4
ن وَلَ َتعْلُ ّ
ض مَرّتَيْ ِ
( وَقضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي ا ْلكِتَـابِ ،لَ ُت ْفسِدُنّ فِي الْأَرْ ِ
28
سفْنَا بِ هِ
ج ْمعًا ( )78فعل واستكبر ( َفخَرَ جَ عَلَى َق ْومِ هِ فِي زِينَتِ هِ ( )79فأهلكه ال ( َفخَ َ
مَ نْ ُه َو َأشَ ّد مِنْ هُ ُقوّ ًة َوأَكْثَ ُر َ
وَبِدَارِ ِه الَْرْضَ ( 81القصص ) ليجعله عبرة لغيره .
والملفييت للنظيير أن اقتران العلو بالفسيياد ،جاء فييي أربييع آيات فقييط ميين مجمييل القرآن وكلهييا ذات علقيية ببنييي
إسرائيل ،وقد تقدم ذكرها أعله .
والقرآن كما نعلم أُنزل للناس كافة ،منذ اليوم الول لبعثة نبينا عليه أفضل الصلة وأتم التسليم ،وحتى يرث ال
الرض ومن عليها ،ومن ضمن هؤلء بني إسرائيل الذيين عاصيروا هذه الرسيالة وهذا القرآن ،وقيد ذكّرهيم ال
وميا زال ُيذّكرهيم فيي معجزتيه الخالييدة بمييا حصيل لفرعون وقارون ،وهيم أشدّ الناس قربيا لهيم لميا علوا وأفسيدوا
ن ِإلّ سُ ّنةَ ا َلْوّلِينَ في الرض ،وأنّهم إن أصرّوا على الفساد في الرض مضت فيهم سنة الولين ( َف َهلْ يَ ْنظُرُو َ
حوِيلً ( 43فاطير ) وقال فيي سيورة السيراء ( سُبّنةَ مَنْب قَ ْد َأرْسَبلْنَا ل وَلَنْب َتجِدَ لِسُبّن ِة الِّ ت ْ فَلَنْب َتجِدَ لِسُبّن ِة الِّ تَبْدِي ً
ن ل مناص حوِيلً ( )77لينالهم ما نال سابقيهم من العذاب في الدنيا والخرة ،وأ ّ ك مِنْ رُسُلِنَا َولَ َتجِدُ لِسُنّتِنَا َت ْ قَبْلَ َ
لهم للنجاة من سخطه وغضبة ،إلّ بالعودة إليه والنابة له ولكن هيهات لمن قيل في أسلفهم ( ُثمّ قَ سَتْ قُلُو ُبكُ مْ
عمّا َت ْعمَلُونَ ( 74البقرة ) .
سوَةً … َومَا الُّ ِبغَا ِفلٍ َ حجَارَ ِة َأ ْو َأشَدّ َق ْي كَا ْل ِ
مِنْ َبعْدِ َذلِكَ َفهِ َ
عل ّو بنيي إسيرائيل فيي المرة الولى ،لم تتضيح تفاصييله فيي سيورة السيراء ،لكنهيا جليّة واضحية فيي مواضيع
أخرى مين القران ،وسييأتي الحدييث عنهيا فيي حينيه ،أميا ميا نحين بصيدده الن هيو توضييح مفهوم العلوّ ،ولدينيا
ن العلوّ المقصود هنا هو علوّهم كأمّة وليس كأفراد ،فالخيار مثالين هما فرعون وقومه وقارون وكنوزه ،وبما أ ّ
يقيع على علوّ فرعون وقوميه ،وهذه آيات تعرضيت لبعيض مين مظاهير هذا العلو ومقوماتيه ،قال تعالى ( وَنَادَى
عوْنُب فِي َق ْومِهِب قَالَ يَا َقوْمِب أَلَيْسَب لِي مُلْكُب مِصْب َر وَهَذِهِب الَْ ْنهَارُ َتجْرِي مِنْب َتحْتِي أَفَلَ تُبْصِبرُونَ ( 51الزخرف ) فِ ْر َ
وقال على لسان مؤمن آل فرعون ( يَا َقوْمِ َلكُمْ ا ْلمُلْ كُ الْ َيوْ َم ظَا ِهرِي نَ فِي الَْ ْرضِ ( 29غافر ) وقال ( وَقَالَ مُوسَى
عوْنَب َومَلََهُب زِي َن ًة َوأَ ْموَالً فِي ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا ( 88يونيس ) وقال ( وَاتْرُكْب الْ َبحْرَ َر ْهوًا إِ ّنهُمْب جُندٌ
رَبّنَا إِنّكَب آتَيْتَب ِفرْ َ
و َمقَام بٍ كَرِيم بٍ ( )26وَ َن ْع َمةٍ كَانُوا فِيهَا فَا ِكهِين بَ (27
ُمغْرَقُون بَ ()24كَم بْ تَ َركُوا مِن بْ جَنّات ٍب وَعُيُون بٍ ( )25وَ ُزرُوع ٍب َ
الدخان ) وبالقليل من التدبر في اليات السابقة .
نجيد أنّي مقومات علو فرعون ومله ،وهيم عليية القوم ،ويمثلهيم فيي زماننيا ،رجال الحكيم والقضاء والدولة ،
ورجال السييياسة والمال والقتصيياد ،والوجهاء ورؤوس الناس ،تتمثييل فيمييا يلي :ملك مصيير والسيييادة على
أهلها ،والقوة والمنعة والظهور في الرض ،وامتلك الزينة والموال ،والجنات والعيون ،والنهار الجارية ،
والزرع والمقام الكريم ،والنعم المختلفة .
يي مفهوم العلو :هيو مظهير مين مظاهير الحياة ،بمعنيى السيتعلء والرتفاع والتكبّر والتجبّر ،مين خلل امتلك
مقومات مادية ،كالرض والمال والقوة ،مما يُمكّن الظلمة والمفسدون من سيادة الناس وسياستهم ،والتحكم في
تصريف شؤونهم ،على وجه من الظلم والبغي .
عوْ نَ َلعَالٍ فِي أما مفهوم الفساد ؛ فهو يتمثّل فيي بعض ما قيل من آيات في فرعون وملئه ،قال تعالى ( َوإِنّ ِفرْ َ
ضعِفُ عوْنَب عَلَ فِي الَْرْضِب َوجَ َع َل أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْبتَ ْ الَْرْضِب َوإِنّهُب َلمِنْب ا ْلمُسْب ِرفِينَ ( 83يونيس ) ،وقال ( إِنّ ِفرْ َ
عوْنَب َومَلَئِهِبطَا ِئ َفةً مِ ْنهُمْب يُذَبّحُب أَبْنَا َءهُمْب وَيَسْبَتحْيِ نِسبَاءَ ُهمْ إِنّهُب كَانَب مِنْب ا ْل ُمفْسِبدِينَ ( 4القصيص ) ،وقال ( إِلَى ِفرْ َ
ومِه بِ إِ ّنهُم ْب كَانُوا َقوْمًبا فَاس ِبقِينَ (12 عوْن َب وَ َق ْ
فَاس بْ َتكْبَرُوا َوكَانُوا َقوْمًبا عَالِين بَ ( 46المؤمنون ) ،وقال ( إِلَى فِرْ َ
حشَرَ فَنَادَى (َ )23فقَالَ أَنَا النميل ) ،وقال ( فََأرَاهُب الْ َيةَ ا ْلكُبْرَى (َ )20فكَذّبَب وَعَصبَى ( )21ثُمّ أَدْبَرَ يَسْبعَى (َ )22ف َ
ن مَا أُرِيكُمْ ِإ ّل مَا أَرَى َومَا أَهْدِيكُمْ ِإلّ سَبِيلَ ال ّرشَادِ ( 29غافر ) عوْ ُ
رَ ّبكُمْ الَْعْلَى ( 24النازعات ) ،وقال ( قَالَ ِفرْ َ
عوْنُب يَا أَ ّيهَا ا ْلمَلَُ مَا عَ ِلمْتُب َلكُمْب مِنْب إِلَهٍب غَيْرِي ( 38القصيص ) ( فَاسْبَتخَفّ َق ْومَهُب فَ َأطَاعُوهُب إِ ّنهُمْب
وقال ( وَقَالَ فِرْ َ
عوْنُ َق ْو َم ُه َومَا هَدَى ( 79طه ) . ضلّ فِ ْر َ
سقِينَ ( 54الزخرف ) ( وَأَ َ كَانُوا َق ْومًا فَا ِ
ومظاهيير إفسيياده تتمثييل فيمييا يلي :جعْلُ أهييل مصيير فرقييا وطوائف متنابذة ،واسييتضعاف طائفيية منهييم ( بنييي
إسيرائيل ) ،بذبيح أبنائهيم واسيتحياء نسيائهم ،والسيراف فيي كيل أمره ،والسيتكبار والفسيق ،وتكذييب الرسيل ،
ومعصية ال وجحود آياته ،وادّعاء الربوبية واللوهية ،والستخفاف بعقول الناس وإضللهم ( من خلل وسائل
العلم المتاحة لفرعون في ذلك الوقت ) .
29
ي مفهوم الفساد :استضعاف الناس وتفريقهم وتصنيفهم ،وإثارة الفتن فيما بينهم ،والقتل وسفك الدماء ،وتكذيب
الرسل ،وتكذيب آيات ال وجحودها ،ومعصية ال ورسله ومحاربته لدين ال وأتباعه ،واستخفاف عقول الناس
وتضليلهم وإضللهم ،وإنكار ربوبية ال ،وإنكار أحقيته في العبادة دون غيره .
وخلصة القول :هذا هو مفهوم العلو وهذا هو مفهوم الفساد ،الذي تتحدث عنهما سورة السراء ،لذلك عند أي
محاولة لتعيين أيّ من المرتين الوارد ذكرهما في اليات أعله ،يجب أن تكون الحالة موضوع البحث ،مطابقة
تماما لما كان عليه فرعون ومَلَئه ،وكأنّ علو وإفساد بني إسرائيل ،صورة في مرآة لعلو وإفساد فرعون ومََلئِه ،
وميا علينيا إلّ أن نبحيث فيي ماضيي بنيي إسيرائيل وحاضرهيم ،عين أيّي حالة ترافيق فيهيا مثيل هذا العلو ومثيل هذا
الفسيياد ،كمييا هييو الحال بالنسييبة لفرعون وقومييه .ولن نذهييب بعيدا فإحداهمييا موصييوفة فييي القران الكريييم
وبالتفصيل أيضا ،والخرى نشاهدها بأم أعيننا على أرض الواقع منذ أكثر من خمسين عاما .
فِي ا ْلَأرْضِ :
قرن سيبحانه وتعالى بيين الفسياد والعل ّو لكلتيا المرتيين بالرض ،ولفيظ الرض هنيا اسيم جنيس ،وجاءت كذلك
ن وَلَ َتعْلُنّ عُُلوّا كَبِيرًا )
ض َمرّتَيْ ِ
لتشمل الجزء والكل والخاص والعام ،حيث قال في الية ( ( )4لَ ُتفْ سِدُنّ فِي الَْرْ ِ
ولم يحدّد مكانا بعينه ،وعاد سبحانه وحدّد موقع العقاب في المرتين ،حين قال في الية ( ( )7لِيَسُوءُوا ُوجُو َهكُمْ
،وَلِيَ ْدخُلُوا ا ْلمَس ْبجِدَ ،كَمَا َدخَلُوه ُب َأوّ َل مَرّةٍ ) حيييث ربييط مييا بييين العقاب والمسييجد ،لنفهييم ميين ذلك أن العقاب
الموعود به بنو إسرائيل والمقصود هنا ،سينفذ فيهم في المرتين خلل تواجدهم في فلسطين ( الرض المقدسة )
وذُكير المسيجد للشارة إلى المكان .وهذا المسيجد تيم تعريفيه فيي بدايية سيورة السيراء فيي قوله تعالى ( ا ْلمَسْبجِدِ
حوْلَهُ ( )1وقوله الذي باركنا حوله أي ما يليه من الرض ،ولم يقل باركنا فيه أي لم تُحصر الَْقْصَى الّذِي بَا َركْنَا َ
البركة في المسجد فقط ،بل شملت ما حوله من الرض .
والملحيظ أن ذكير الفسياد حُصير فيي المرتيين ،وأن ذكير الفسياد سيبق ذكير العلوّ ،وأن العلو لم يُحصير فيي
المرتين ،بل أُفرد ووصف بالكبير .وبما أن التركيز هنا على المرة الثانية ،فذلك يوحي بأن الفساد في المرتين
متطابق ،وبأن تحصيلهم للعلو على القل في المرة الثانية سيتأتى عن طريق الفساد ،وأن العلو الثاني أكبر من
الول لذلك تأخر ذكر العلو وصفته عن كلمة مرتين للختلف .ذلك لن إفساد بني إسرائيل المُتأتّي عن العلوّ ،
اقتصير على حدود دولتهيم فيي فلسيطين فيي المرة الولى ،وهذا ميا يُثبتيه القرآن والتوراة .وأمّا إفسيادهم وعلوّهيم
الخير في فلسطين -والذي نعاصره الن -سبقه ورافقه إفساد وعلو شمل مشارق الرض ومغاربها .وال أعلم
.
وبميا أنّي العقاب سييحل بهيم فيي الرض المقدسية ،يترتيب على ذلك حتميية سيبق وقوع الفسياد والعل ّو فيهيا ،حتيى
ولو سيبق منهيم الفسياد والعلو فيي الرض على عمومهيا ،أو تزامين ميع إفسيادهم وعلوهيم فيي الرض المقدسية ،
لذلك جاء الحديث مجمل في الية ( ، )4وهي الية الولى من قصة الفسادتين ،فذُكرَ الفساد والعلو لشتراط
ي من المرتين فيها .
وقوعهما في المرتين ،ولم يأتي بأي تفاصيل ل ّ
وخلصية القول :أن الرض التيي سييتم فيهيا علو بنيي إسيرائيل وإفسيادهم ،هيي الرض على عمومهيا فيي المرة
الثانيية ،وفلسيطين بشكيل خاص فيي المرتيين .وأن عقابهيم فيي المرتيين سييكون فيي الرض المقدسية خاصية ،
وزوال علوهم في المرة الثانية من الرض على عمومها بشكل عام ،وال أعلم .
َمرّ َتيْنِ :
المرة هيي الفعلة الواحدة مين شييء يُمكين تكراره ،والجميع مِرار ،واعتدنيا أن نجمعهيا على مرّات .وقيد أوضيح
سبحانه بما ل يدع مجال للشك أنهما مرّتان بصريح اللفظ ،ول يصحّ أن نُضيف ثالثة ،ومن أفتى بثالثة فقد أفتى
بغير علم .
وعندمييا تقول :مرة ومرتان وثلث مرات ،فأنييت فييي الواقييع تَعدّ فعلة واحدة تتكرّر ولهييا صييفة السييتمرار
كالعمرة والحييج مثل ،لتقول اعتمرت مرة ومرتان وثلث مرات ،والعمرة لهييا شروط ومناسييك خاصيية بهييا ،
تميّزهيا عين غيرهيا كالحيج مثل ،ول يصيحّ أن تَعدّ أفعال مختلفية على أنهيا مرّات ،كأن تقول مثل عندميا تعتمير
30
مرة وتحجّ مرة ،اعتمرت مرتين أو حججت مرتين .ول يصحّ أن تُسمّي فعلة غير مكتملة الشروط والمواصفات
،على أنها مرة كعمرة بل طواف أو سعي .
وخلصيية القول :أنيّي المرتييين تكرار لفعلة واحدة ،تمتلك نفييس الشروط والمواصييفات ،وبمييا أن إفسيياد بنييي
إسرائيل في الرض ،بدأ منذ نشأتهم قبل حوالي ( )3آلف سنة واستمر لغاية هذه اللحظة ،كان من الضروري
لنيا أن نسيتنبط مين هذه اليات شروطيا ومواصيفات ،تجعيل مين السيهولة بميا كان تحدييد المرتيين وبدقية متناهيية
وتحديد موقعهما من حيث الزمان والمكان ،وأول شرط من الشروط هو الفساد المقترن بالعلو ،والشرط الثاني
أن يكون في الرض المقدّسة أي فلسطين دون غيرها .
31
أي لو أرادوا الخروج لعدّوا عدة الخروج ،ولكنهم لم يُعدّوا العدّة لن رغبة الخروج لديهم معدومة أصل .وبما
أن إرادتهم معدومة كره ال انبعاثهم ،فثبّطهم كي ل يخرجوا مكرهين حياءً أو رياءً ،خشية تأثيرهم السلبي على
الخارجيين .وفيي المقابيل فإنّي مين وُجيد لدييه الرادة والرغبية فيي الخروج ،كان الولى بإزالة المُثبّطات وإحاطتيه
بالمُحفّزات لتمكينه من النبعاث والخروج .
يي مفهوم البعيث :هيو انتقال أو انقلب أو تحول ،أو تغيير مين حالة إلى أخرى ،نتيجية مُسيبّب خارجيي مادي أو
معنوي .
وخلصية القول :أنّي عمليية البعيث هنيا جاءت بمعنيى النتقال المكانيي ،أي أن هؤلء العباد سييأتون مين خارج
فلسيطين ومين مكان بعييد نسيبيا ،وعمليية البعيث معلّقية بالمشيئة اللهيية ،وموعيد البعيث منوط بهذه المشيئة ،وأن
هؤلء المبعوثين ولو تولدت فيهم الرادة ،ومهما حاولوا النقضاض ،مرارا وتكرارا على بني إسرائيل للقضاء
عليهم وإفنائهم ،فلن يتمكنوا من ذلك حتى مجيء الموعد الذي حدّده رب العزة .
32
ق بدافع الشراء أو ما شابه ،التي توجب الملكية وحق التصرف بكل شؤون ويندرج تحت العبودية ،عبودية الر ّ
العبد ،ومن هنا جاءت تسمية الرقيق بالعبد ،كما في قوله تعالى ( وَقَالَ ا ْلمَلِ كُ ائْتُونِي بِهِ فَ َلمّا جَاءَهُ الرّسُولُ قَالَ
ن أَيْدِ َيهُنّ إِنّ رَبّيب ِبكَيْدِهِنّ عَلِي مٌ ( 50يوسيف ) والملك هو ملك طعْ َ
سوَةِ اللّتِي َق ّ
ا ْرجِعْب إِلَى رَبّ كَ فَا سْأَ ْل ُه مَا بَالُ النّ ْ
خمْرًا )
مصير وهيو ربّي الرسيول أي صياحبه وسييّده ،والرسيول هيو نفيس الفتيى الذي قال ( :إِنّيب أَرَانِي أَعْصِب ُر َ
وربوبية المَلِك لهذا الفتى جاءت بدافع ملكيته للفتى .
أما العبادة فهي تقديم فروض الطاعة والتقديس والولء لله أو للهة ،ول جبرية فيها فالخيار للمخلوق فهو يعبد
ميا يشاء ،واللهية التيي اتخذهيا الناس للعبادة كثيرة ومتنوعية ،قال تعالى ( ا ّتخَذُوا َأحْبَارَهُمْب وَ ُرهْبَا َنهُمْب أَرْبَابًا مِنْب
ركُونَب (31 عمّاب ُيشْ ِ ح ابْنَب َمرْيَمَب وَمَا ُأمِرُوا ِإلّ ،لِ َيعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا َ ،ل إِلَهَب ِإلّ ُهوَ ،سُب ْبحَا َنهُ َ
دُونِب الِّ وَا ْلمَسبِي َ
س ِإلّ لِ َيعْبُدُونِ (56 التوبة ) أما الغاية من خلق الجنّ والنس فهي عبادة ال ،لقوله تعالى ( َومَا خَ َلقْتُ ا ْلجِنّ وَالِْن َ
الذاريات ) .
ل الناس يمارسون طقوسا العبادة ،سواء كانوا من أهل الكتب السماوية أو وثنيون أو ملحدون ،أما المؤمنون وك ّ
ن مِنَ الِّ صِ ْب َغةً
ن َأحْسَ ُ
بال فهم من نُسبت عبادتهم ل ،وليس من نُسبوا بذواتهم فقط ،قال تعالى ( صِ ْب َغةَ الِّ َومَ ْ
وَ َنحْنُ َلهُ عَابِدُونَ ( 138البقرة ) .
ونجيد أنيه سيبحانه يدعيو إلى القرار بالربوبيية ووحدانيية اللوهيية ،بأحقيية الخلق لكيل شييء أول ،ومين ثيم يأمير
يءٍق ُكلّ شَ ْ
بالخضوع له ،وإفراده سبحانه بالعبادة والتكال عليه ،في قوله ( ذَ ِلكُمْ الُّ رَ ّبكُمْ َ ،ل إِلَهَ ِإلّ ُهوَ ،خَالِ ُ
،فَاعْبُدُو هُ ،وَ ُهوَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َوكِيلٌ ( 102النعام ) .فل تستقيم العبادة إل بإقرار الربوبية ل أول ،ول يستقيم
الحال بإقرار الربوبيية ل وحدهيا دون القيام بمقتضيات العبادة .وهذا ميا كان علييه كفار قرييش ،حييث أنهيم أقرّوا
ه ْم مَنْب خَ َل َقهُمْب لَ َيقُولُنّ الُّ فَأَنّىب ُيؤْ َفكُونَب (87
بربوبيية ال لهيم ولكنهيم أشركوا بالعبادة ،قال تعالى ( وَلَئِنْب سَبأَلْ َت ُ
الزخرف ) بينما عبادتهم للصنام قالوا فيها ( … مَا َنعْبُدُ ُه ْم ِإلّ لِ ُيقَرّبُونَا إِلَى الِّ ُز ْلفَى … ( 3الزمر ) .
و كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَا ِئعِينَب (11
طوْعًا َأ ْ
قال تعالى ( ثُمّ اسْبَتوَى إِلَى السّبمَا ِء وَهِيَب ُدخَانٌب َفقَالَ لَهَا وَِللَْرْضِب اِئْتِيَا َ
فُ صّلت ) طوعا من قبيل العبادة ،ولو لم تأتيا طوعا لكان ذلك كرها من قبيل العبودية ،حيث قال تعالى ( تُ سَ ّب ُ
ح
ح ُهمْ ،إِنّ ُه كَانَ
ن لَ َت ْف َقهُونَ تَسْبِي َ
حمْدِهِ ،وَ َلكِ ْ
ن شَيْ ٍء ِإلّ يُسَ ّبحُ ِب َ
ن مِ ْ
ض َومَنْ فِيهِنّ َ ،وإِ ْ
س َموَاتُ السّبْ ُع وَالَْرْ ُ
لَهُ ال ّ
غفُورًا ( 44السراء ) . حَلِيمًا َ
ومين ذلك يُسيمّى مين يرزح تحيت العبوديية كرهيا عبدا ،فل خيار فيي أل يكون فهيو مرغيم ،ويُسيمى مين يقوم
بواجبات العبادة طواعية عابدا ،فالخيار في أن يكون أو ل يكون عائد إليه ،وأش ّد الكفر هو ما أُنكر فيه العبودية
ع َبدَ ) .
والعبادة ل معا ،وشتان ما بين المسمّيين مع أن جذرهما واحد وهو كلمة ( َ
رابعا :الفراد والجمع
عباد وعبييد كلمتان مترادفتان ومفردهميا ( عَبْد ) ،والعبيد لغية نقييض الُح ّر ،فكلمتييّ ( عباد ) و ( عبييد ) هيي
صييغة الجميع مين كلمية ( عَبْد ) ،وذلك بدللة النيص القرآنيي فيي قوله تعالى ( َف َوجَدَا عَبْدًا مِنْب عِبَادِنَا ءَاتَيْنَاهُب
عّلمْنَاهُب مِنْب لَدُنّاب عِ ْلمًا ( 65الكهيف ) ،ولو قال ( عابدا مين عبادا ) لختلف المير ،وتدبرّ قوله ح َم ًة مِنْب عِنْدِنَا وَ َ
َر ْ
شكُورًا ( 3السييراء ) ،نجييد أنييه سييبحانه يُخييبر أن نوح عليييه حمَلْنَا مَعبَ نُوحٍب إِنّهُب كَانبَ عَبْدًا َتعالى ( ُذرّ ّي َة مَن ْب َ
السلم ،كان عبدا أول من العبودية ،وعابدا بالشكر ل ثانيا من العبادة .
أميا كلمية ( عابيد ) وهيو القائم بالعبادة ،فصييغة الجميع منهيا هيي ( عابدون ) ،وذلك بدللة قوله تعالى ( َو َل أَنَا
عَابِدٌ مَا عَبَدْ ُتمْ (َ )4و َل أَنْ ُتمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ( 5الكافرون )
خامسا :ترادف كلمتي عباد وعبيد في المعنى والستخدام .
وقييد أطلق سييبحانه لفييظ عباد على العبيييد بمعنييى رقيييق ،ونجييد ذلك فييي قوله تعالى ( َوأَن ِكحُوا الَْيَامَبى مِ ْنكُمببْ
ن مِنْب عِبَا ِدكُمْب َوِإمَا ِئكُمْب ( 32النور ) نجيد أن الضميير المتصيل ( كيم ) فيي كلمية ( عبادكيم ) يعود على وَالصبّا ِلحِي َ
33
المؤمنين المخاطيبين بالنص ،ومما ل يُعقل أو من المستحيل أن نقول بأن كلمة ( عباد ) جاءت لغة من العبادة ،
فهي ل تحمل هذا المعنى على الطلق ،ولو بدللة هذه الية فقط .
وأميا الترادف فيي السيتخدام ،فقيد جاء فيي قوله ( َومَا الُّ يُرِي ُد ظُ ْلمًا ِل ْلعِبَادِ ( 31غافير ) وقوله ( َومَا رَبّكَب ِبظَلّمٍب
حكَمبَ بَيْنبَ ا ْلعِبَادِ ( 48غافير ) نجيد أن
لِ ْلعَبِيدِ ( 46فصيلت ) وقوله ( قَالَ الّذِينبَ اسبْ َتكْبَرُوا إِنّاب كُلّ فِيهَا إِنّ الَّ قَ ْد َ
المعنى المستفاد من عباد وعبيد ،هو جملة خلق ال مؤمنهم وكافرهم على السواء .
سادسا :كلمة عباد نكرة ،ول يُعرّفها إل ما يأتي بعدها من سياق .
تشميل العبوديية كيل مين فيي السيماوات والرض وميا بينهميا مين الخلئق ،وتشميل العبادة كيل مين يملك العقيل
والرادة مين خلقيه ،ومنهيم على سيبيل المثال الملئكية والنيس والجين ،وهيم المطالبون والمكلفون بإفراده جيل
وعل باللوهييية والعبادة والمحاسييبون عليهييا ،فإن جاءت كلمتييي عباد أو عبيييد معرّفيية ،أو غييير معرّفيية بأل
حكَمَب بَيْنَب ا ْلعِبَادِ ( 48غافير ) ول تفييد أي
التعرييف أو بالضافية ،فهيي تفييد جملة الخلق كقوله تعالى ( إِنّ الَّ قَ ْد َ
معنى آخر على الطلق ،إلّ إذا أُضيف إليها ما يفيد ذلك :
كقوله تعالى ( إِنّهُب مِنْب عِبَادِنَا ا ْل ُم ْؤمِنِينَب ( 81الصيافات ) ليُبرز فيهيم سيبحانه صيفة اليمان فهيم عباده المؤمنيين
وفيهيا حثّي على اليمان بيه .أو دل السيياق على غيير ذلك مين نفيي أو إثبات لصيفة دون غيرهيا لتناسيب الموقيف ،
كقوله تعالى ( إِنّمَا َيخْشَى الَّ مِنبْ عِبَادِهبِ ا ْلعُ َلمَاءُ ( 28فاطير ) ليُبرز فيهيم صيفة العلم وحصير خشيية ال بمين
يتصيف بالعلم فهيم عباده العلماء ،وفيهيا حثّي على طلب العلم ،وقوله ( َأأَنْتُمْب أَضْلَلْتُمْب عِبَادِي َه ُؤلَ ِء أَمْب هُمْب ضَلّوا
السبّبِيلَ ( 17الفرقان ) دل السييياق على ضللهييم فهييم عباده الضالييين وفيهييا تحذييير ميين الضلل ،وقوله ( ُقلْ يَا
عِبَادِي الّذِينَب أَسْبرَفُوا عَلَى أَ ْنفُسِبهِمْ ( 53الزمير ) دل السيياق على إسيرافهم فهيم عباده المسيرفين وفيهيا تنفيير مين
السراف ،وكلّهم نسبهم ال إلى نفسه بإضافة ضمير متصل يعود عليه سبحانه .
سابعا :التركيب اللغوي للعبارة ،جيء به لتخصيص جزء من كل بصفة معينة وهي المراد إبرازها أصل .
ولتوضييح ذلك ،لحيظ الفرق بيين أن تقول ( هذا بيتنيا ) وذاك ( بيتٌي لنيا ) يفهيم المسيتمع مين العبارة الولى ؛ أنّي
ن ذلك البيت مُلك لكم ولكنّكمهذا البيت مُلك لكم وخاصتُكم وأنّكم مُقيمون فيه ،وأمّا الثانية ؛ فيفهم منها المستمع أ ّ
ن بيتكم هذا هو واحد غير مقيمين فيه ،وربما يكون فارغا أو مؤجّرا .ومن هنا نجد أن عبارة ( بيت لنا ) تعني أ ّ
مين جملة بيوت تملكونهيا ،ول تعنيي شيئا أخير على الطلق ،وأنّك زدتيه تنكيرا بمثيل هذا اللفيظ .وأنيك لو قلت
( ذاك بييت لنيا ذو غرف كثيرة ) نفهيم أنيك أبرزت فييه صيفة معينية اختيص بهيا دون غيره مين البيوت التيي
تملكونها ،وهي احتوائه على غرف كثيرة ،وميّزته عن باقي بيوتكم التي في معظمها ذات غرف قليلة .وكذلك
المير بالنسيبة لعبارة ( عبادا لنيا ) التيي جاءت منكّرة أيضيا لبراز صيفة ( البأس الشدييد ) التيي يتميزون بهيا عين
غيرهم من جملة عباد ال مؤمنهم وكافرهم ،ولم يأتي السياق بتصريح أو تلميح عن ماهية معتقدهم .
ولتوضيح ذلك أكثر فأكثر ،نطرح هذا المثال ،فيه أربعة أقوال لرجل يُجيب رجل آخرا يريد عمال لمزرعته :
-1سأرسل لك ( أولدنا ) غدا للعمل في مزرعتك .
-2سأرسل لك ( أولدا لنا ) غدا للعمل في مزرعتك .
-3سأرسل لك ( أولدنا ،أولي المهارة والخبرة في الفلحة ) غدا للعمل في مزرعتك .
-4سأرسل لك ( أولدا لنا ،أولي مهارة وخبرة في الفلحة ) غدا للعمل في مزرعتك .
فما المعنى الذي أفادته كل عبارة أعله ؟
-1أنه سيرسل جميع أولده ،مع عدم توضيحه لصفتهم أو ماهيتهم .
-2أنه سيرسل بعضا من أولده ،مع عدم توضيحه لصفتهم أو ماهيتهم أيضا .
-3أنه سيرسل جميع أولده ،وأن جميع أولده لديهم مهارة وخبرة في الفلحة .
34
-4أنه سيرسل بعضا من أولده ،وأن هذا البعض من أولده فقط ،هو الذي يملك المهارة والخبرة في الفلحة ،
أما البقية فل .
وأخيرا تدبرّ هذه اليات :
( وَقَالَ لَ ّتخِذَنّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا َمفْرُوضًا ( 118النساء ) ( أي أن من جملة العباد المنسوبين إلى ال هناك نصيب
لبليس )
ن اتّ َبعَكَ ِمنَ ا ْلغَاوِينَ ( 42الحجر ) ( أي أن سلطان إبليس محصور فقط
( إِنّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَ ْيهِمْ سُ ْلطَانٌ ِإ ّل مَ ِ
على أتباعه من الغاوين ،الذين هم من جملة العباد المنسوبين إلى ال )
ن كُنْتُ مْ صَادِقِينَ ( 194العراف ) ( أي
ن الِّ عِبَا ٌد َأمْثَاُلكُ مْ فَادْعُوهُ مْ فَلْيَ سْ َتجِيبُوا َلكُ ْم إِ ْ
ن مِ نْ دُو ِ
( إِنّ الّذِي نَ تَدْعُو َ
أنتم وهم ،أي العابد والمعبود ،سواء في كونكم عباد )
( ُقلْ ِلعِبَا ِديَ الّذِينَ ءَامَنُوا ( 31إبراهيم ) ( أي أن الخطاب لعبادي الذين آمنوا ،دون عبادي الذين كفروا )
ن كَانَ َتقِيّا ( 63مريم ) ( أي وأن النار لمن لم يكن تقيا من عبادنا )
( تِ ْلكَ ا ْلجَ ّنةُ الّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَ ْ
حمِينَب ( 109المؤمنون ) ( أي
حمْنَا َوأَنْتَب خَيْرُ الرّا ِ
غفِرْ لَنَا وَا ْر َ
( إِنّهُب كَانَب فَرِيقٌب مِنْب عِبَادِي َيقُولُونَب رَبّنَا ءَامَنّاب فَا ْ
وكان هناك فريق من عبادي ،يقولون غير ذلك )
( فَلَمْب يَكُب يَ ْنفَ ُعهُمْب إِيمَا ُنهُمْب َلمّاب َرَأوْا بَأْسَبنَا سُبّن َة الِّ الّتِي قَ ْد خَلَتْب فِي عِبَادِهِب َوخَسِبرَ هُنَالِكَب ا ْلكَافِرُونَب ( 85غافير )
( أي سبقت في مجمل عباده ،والخاسرون منهم هم الكافرون دون المؤمنين )
( َنهْدِي بِهِب مَنْب َنشَاءُ مِنْب عِبَادِنَا َوإِنّكَب لَ َتهْدِي إِلَى صِبرَاطٍ مُسْب َتقِيمٍ ( 52الشورى ) ( أي وهناك مين لم نهدي مين
عبادنا )
حمَنِ عَبْدًا ( 93مريم ) ( مؤمنهم وكافرهم بل استثناء )
س َموَاتِ وَالَْرْضِ ِإلّ ءَاتِي ال ّر ْ
ن ُك ّل مَنْ فِي ال ّ
( إِ ْ
وفي الحديث الصحيح الطويل ،الذي رواه مسلم وأخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد ،جاء ما نصه "
ن َلِحَدٍ ِبقِتَا ِلهِمْ َ ،فحَرّزْ عِبَادِي إِلَى الطّورِ ( جبال … إِذْ َأ ْوحَى الُّ إِلَى عِي سَى ،إِنّي قَ ْد أَخْ َرجْتُ عِبَادًا لِي ،لَ يَدَا ِ
ن ُك ّل حَدَبٍ يَنْسِلُونَ … " حيث يرد نفس التركيب اللغوي لعبارة ج َومَ ْأجُو جَ ،وَهُ ْم مِ ْث الُّ يَ ْأجُو َ
القدس ) ،وَيَبْعَ ُ
( عبادا لنيا ) ،وهيو ( عبادا لي ) فيي وصيف يأجوج ومأجوج ،الذيين قِييل فيهيم ( قَالُوا يَاذَا ا ْلقَرْنَيْنِب ،إِنّ يَ ْأجُوجَب
جعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْ َن ُهمْ سَدّا ( 94الكهف ) . ك خَ ْرجًا ،عَلَى أَنْ َت ْ ج َعلُ َل َ
َومَ ْأجُوجَ ُ ،م ْفسِدُونَ فِي الَْرْضِ َ ،ف َهلْ َن ْ
وخلصة القول :أن كلمة ( عبادا ) جاءت نكرة وأن كلمة ( لنا ) لم تعرّفها وإنما جاءت هنا لتأكيد الملكية فقط ،
وكل الخلق ملك ل ،ليؤكد سبحانه لبني إسرائيل أن هذا البعث سيكون من عنده ،وبما أن هؤلء العباد ملكه فهم
رهين إشارتيه وطوع بنانيه ،ويملك حيق التصيرف بشؤونهيم ،فإن شاء بعيث وإن شاء أمسيك .وأكثير المعانيي دقية
لهذه العبارة ( عبادا لنا ) هو أنهم ( طائفة من خلقنا ) ل أكثر من ذلك ول أقل ،وأهم ما يميّز هؤلء الخلق عن
غيرهم أنهم ( أولي بأس شديد ) فقط ل غير .
وأن ورود لفظ ( عباد ) في القرآن ،لم يقتصر على أولياء ال وأحباؤه ،وإنما جاء هذا اللفظ في الخطاب القرآني
،منّا على العباد بنعمة خلقه إياهم ورفقه ولطفه بهم مطيعهم وعاصيهم ،والكلمات ( عبادي ،عبادنا ،وعباده )
عادة ميا تأتيي كتهيئة لميا سييأتي بعدهيا مين صيفة مميزة أو سيياق يدل على صيفة وهيي المراد إبرازهيا أصيل ،فإن
كانيت صيفة محمودة كاليمان والعلم فقيد أُبرزت تحببيا بهيا ،وإن كانيت صيفة مذمومية كالضلل والسيراف فقيد
أُبرزت تنفيرا منها .
وأما صفة البأس الشديد ،فقد أُبرزت تهديدا وتحذيرا وتخويفا لبني إسرائيل ،من سوء عاقبتهم بوقوعهم بين أيدي
مثل أولئك الخلق ،الذين لن يرقبوا فيهم إلّ ول ذمة ،لعلهم ينتهون ويرجعون ويرتدعون عمّا هم عليه من فساد
وإفساد واستعلء في الرض .
35
شدِيدٍ :
س َ
أُولِي َبأْ ٍ
وصف ال هؤلء العباد بأولي البأس الشديد ،والبأس كما قدمه معظم المفسرون هو القوة والبطش في الحروب ،
س شَدِيدٌ َومَنَافِ عُ لِلنّا سِ ( 25الحديد ) فانظر
والشدّة جاءت زيادة في المبالغة ،قال تعالى ( َوأَنْزَلْنَا ا ْلحَدِيدَ فِي هِ بَأْ ٌ
وتفكر في معدن الحديد ،فهو يحمل في جوهره صفتان قلما تجدهما في معدن أخر ،وهما :
أولّ :أنّه يحافيظ على طيبيعته ،مهميا عظيم علييه الطرق واشتدّ ،ول يحترق أي يتحول إلى مادة أخرى ،مهميا
ازدادت شدة النيران علييه ،وإن انصيهر عاد إلى سيابق عهده عنيد البرودة ،وهذه الصيفة إن وجدت فيي البشير ،
فهي الجلد والصبر عند وقوع البلء .
ل الحدييد " وهذه الصيفة إن
وثانييا :أنّه عنيد تشكيله وشحذه فهيو قوي قاتيل وقاطيع ،لذلك قييل " ل يفيل الحدييد إ ّ
وجدت في البشر ،فهي القوة والبطش عند مواجهة العداء .
وفيي قوله تعالى ( وَالُّ َأشَدّ بَأْسبًا َوَأشَدّ تَنكِيلً ( 84النساء ) نجيد أنّه سبحانه قد وصف نفسه بذات الصيفة ،وبما
أنّي البأس الشدييد تعنيي القوة والبطيش ،فأيين تسيتعمل هذه القوة وهذا البطيش مين قبله سيبحانه ؟ وفيي أي المواقيع
والمواقف يصف رب العزة نفسه بهاتين الصفتين ؛ القوة والبطش ؟ دعنا نتتبع هذه الصفات والعلقة ما بينها ،
شةَ الْكُبْرَى إِنّاب مُن َت ِقمُونَب ( 16الدخان )
ط َ
فيي اليات التالية ( إِنّ َبطْشَب رَبّكَب َلشَدِيدٌ ( 12البروج ) ( َيوْمَب نَ ْبطِشُب الْ َب ْ
نجد أنّ الشدة ارتبطت بالبطش ،والبطش بالنتقام .
عزِيزٌ ( 40الحيج ) ( فَ َأخَذْنَاهُمْب َأخْذَ عَزِيزٍ ُمقْتَدِرٍ (42
( إِنّ الَّ َقوِيّ شَدِيدُ الْ ِعقَابِب ( 52النفال ) ( إِنّ الَّ َل َقوِيّ َ
القمير ) ( َوكَذَلِكَب َأخْذُ رَبّكَب إِذَا َأخَذَ ا ْلقُرَى وَهِيَب ظَا ِل َمةٌ إِنّ َأخْذَهُب أَلِيمٌب شَدِيدٌ ( 102هود ) ( َلهُمْب عَذَابٌب شَدِيدٌ وَالُّ
عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامببٍ ( 4آل عمران ) ،ونجييد أنييّ الشدة ارتبطييت بالقوة ،والقوة بالعزة ،والعزة بالخييذ ،والخييذ
بالشدة ،والشدة بالعزة ،والعزة بالنتقام .
ومميا تقدم نجيد أن الموقيف ،الذي يسيتدعيه جيل وعل لظهار بأسيه الشدييد ،هيو موقيف النتقام ،وأن النتقام ل
يتأتى إل ممن هو قوي وعزيز .
وخلصة القول :أ نّ هؤلء العباد المبعوثين من قبله سبحانه على بني إسرائيل ،اختارهم ال لتنفيذ مهمة ،وهي
إنزال أبشيع انتقام إلهيي ممكين فيي بنيي إسيرائيل ،لذلك تطلب المير أن يكونوا أولي بأس شدييد ،ويتمتعون بالقوة
والعزة ،ذوي صبر وجلد عند وقوع البلء ،وقوة وبطش عند اللقاء ،بغض النظر عن إيمانهم أو كفرهم ،زيادة
فيي التنكييل وإمعانيا فيي الذلل لبنيي إسيرائيل ،وميا عدا ذلك مين صيفات العباد ،ل تصيلح لتنفييذ هذه المهمية .
والفتوحات التي اتخذت الطابع السلمي قديما وحديثا ،لم تحمل الطابع النتقامي بإهلك الحرث والنسل ،الذي
سيكون عليه المر الذي تصفه اليات .
َفجَاسُوا خِلَالَ ال ّديَارِ :
لم ترد كلمية ( جاسيوا ) أو أي مين مشتقات مصيدرها ( جوس ) فيي مجميل القرآن ،إلّ مرة واحدة فقيط فيي هذا
الموضع ،لذلك لجأت إلى معجم لسان العرب ،وهذا مما قيل فيها " :الجوس هو مصدر جاس جوسا ،وجوسان
تردّد ،فجاسوا خلل الديار :تردّدوا بينها للغارة والجوسان ؛ أي قتلوكم بين بيوتكم ؛ بمعنى يذهبون ويجيئون ؛
فطافوا خلل الديار ينظرون هييل بقييي أحييد لم يقتلوه ؛ تخللوهييا فطلبوا مييا فيهييا ،والجوسييان :الطوفان بالليييل ،
ورجيل جوّاس أي يجوس كيل شييء يدوسيه ،والجوس :طلب الشييء باسيتقصاء ،وكيل موضيع خالطتيه ووطئتيه
فقد جسته " .
ولو جمعنا كل ما قيل فيها من معاني ،وأعدنا تشكيل هذه المعاني وصياغتها ،لخرجنا بالمشهد التالي :
( أغاروا عليكيم – ليل على الرجيح – ودخلوا دياركيم ،ووطئوا أرضكيم ليقتلوكيم وينكّلوا بكيم ،وتردّدوا فيهيا
ذهابا وإيابا ،وطافوا خللها شرقا وغربا ،وتخلّلوا أزقتكم واقتحموا بيوتكم بحثا وتقصيّا ،لعلّهم يجدوا منهم من
بقي حيا ليقتلوه ) .
ن ال جلّت قدرته ،أوجز في وصف فعل هؤلء العباد في بني إسيرائيل أيّما إيجاز ،ليصف كل ما نلحيظ هنا أ ّ
فعلوه فيي كلمية واحدة فقيط ،هيي كلمية ( جاسيوا ) لتصيف مشهدا كامل ،ولم تكين الضافية ( خلل الديار ) إلّ
36
لتوضييح ميا كان قيد جييس .وهذا يُشبيه مشهيد الغارات الوحشيية ،التيي كان يقوم بهيا المريكيي المدجّج بالسيلح
الناري ،على قرى الهنود الحمير شبيه ال ُعزّل ،وميا يُخلفيه وراءه مين دمار ومآسيي ،مشهيد طالميا حفلت بيه أفلم
الغرب المريكي .
والعبارة جاءت لتصيف ميا قام بيه عباد البعيث الول عنيد بعثهيم ،قال تعالى ( فجاسيوا ) بصييغة الماضيي ،أي أن
هذا الجوس قد وقع في الماضي ،ولم يقل ( ليجوسوا ) بصيغة الستقبال ،كما هو الحال في أفعال البعث الثاني
التي ستقع في المستقبل .
حرُماتهم
وخلصة القول :أن هذا الجوس قد وقع في الماضي ،وكان غاية في البشاعة واستباح فيه هؤلء العباد ُ
جميعها ،من أرض ومال وعرض ،فوقع فيهم القتل والنهب والسبي .
عدًا مَ ْفعُولًا :
َوكَانَ َو ْ
هذا الخبر جاء كتعقيب على الوعد الول ،ليؤكد سبحانه تحقق المرة الولى بعلوها وإفسادها وبعثها ،قد تحقق
قبل نزول هذه اليات ،حيث جاءت صيغة اسم المفعول ( مَ ْفعُول ) من الفعل ( َفعَلَ ) ،للدللة على تمام الفعل ،
ل ) فيما مضى من الزمان .ولم تأتي بأي حال من الحوال بمعنى ( مقضيا ) كما قدّمه بمعنى وكان وعدا ( قد فُعِ ْ
معظم المفسيرين القدماء ،ومنهيم القرطيبي أجلّه ال ،حيث قال فيهيا " وكان وعدا مفعول أي قضاء كائنيا ل خلف
فيه " على اعتبار أن نفاذ الوعدين كان قبل السلم .
وقد جاءت هذه العبارة كجملة معترضة ،بحيث لو قمت بإسقاطها من السياق ،ومن ثم قرأت اليتين ( 4و ، ) 5
كمييا يلي … ( :بعثنييا عليكييم عبادا لنييا أولي بأس شديييد ،فجاسييوا خلل الديار .ثييم رددنييا لكييم الكرة عليهييم ،
وأمددناكيم … ) لوجدت أن السيياق لم يتأثير بحذفهيا ،فخيبر نفاذ الوعيد الول انتهيى عنيد ذكير الجوس ،أي أن
الجوس قيد وقيع بعيد البعيث .وجاء التعقييب على الوعيد بالجملة المعترضية ( وكان وعدا مفعول ) لبيان وتأكييد أن
الوعيد بالبعيث الذي تقدّم ذِكره قيد تحقّق فعل ،وكانيت نتيجتيه هيي الجوس ومين ثيم يبدأ النيص بالخبار عين الوعيد
الثاني .
ت إِذْ تَأْتِيهِ مْ حِيتَا ُنهُ مْ َيوْ مَ سَبْ ِتهِ ْم
قال تعالى ( وَاسْبأَ ْل ُهمْ عَنْب ا ْلقَرْ َيةِ الّتِي كَانَتْب حَاضِرَةَ الْ َبحْرِ ،إِذْ َيعْدُو نَ فِي ال سّبْ ِ
ن لَ تَأْتِيهِمْب ،كَذَلِكَب نَبْلُوهُمْب ِبمَا كَانُوا َيفْسُبقُونَ ( … )163فَ َلمّاب عَ َتوْا عَنْب مَا ُنهُوا عَنْهُب ، شُرّعًا ،وَ َيوْمَب لَ يَسْببِتُو َ
قُلْنَا َلهُ ْم كُونُوا ِقرَدَ ًة خَا سِئِينَ ( 166العراف ) وهذه الحادثة كما نعلم وقعت في بني إسرائيل قبل مئات السنين ،
س ُوجُوهًا طمِ َ ن أُوتُوا ا ْلكِتَا بَ ءَامِنُوا ِبمَا َنزّلْنَا مُ صَدّقًا ِلمَا َمعَكُ مْ مِ نْ قَ ْب ِل أَ نْ َن ْوالن انظر قوله تعالى ( يَأَ ّيهَا الّذِي َ
ن َأمْرُ الِّ َم ْفعُولً ( )47إِنّ الَّ لَ َيغْفِ ُر أَنْ ُيشْرَكَ بِهِ صحَابَ السّبْتِ َ ،وكَا َ فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا َأوْ نَ ْلعَ َنهُ ْم َكمَا َلعَنّا أَ ْ
48( ..النساء )
جاءت الجملة المعترضيية ( وكان أميير ال مفعول ) زيادة لليضاح ،ولتؤكييد بمييا ل يدع مجال للشييك أو الظيين ،
لبني إسرائيل المعاصرين لرسالة السلم ،والمتشكّكين منهم والذين خانتهم ذاكرتهم ،وغير المصدّقين بصحة
هذا المير ،الذي كان ال قيد أجراه فيي أسيلفهم ،أن هذا المير وهيو المسيخ قيد مضيى فيي أسيلفهم حقيقية ،فجاء
ن ال
تعقيبه تعالى على ما تقدم من لعن ومسخ لسلفهم ،بقوله ( وكان أمر ال مفعول ) لزالة الشك ،ولتأكيد أ ّ
قادر على تكرار ذلك المر ،إن لم يؤمنوا بما أُنزل من القرآن على وجه التهديد والتحذير .
وخلصية القول :أن الوعيد الول بالبعيث كان قيد مضيى وانقضيى قبيل نزول هذه اليات ،وأنّي تعقيبيه عيز وجيل
بقوله ( وكان وعدا مفعول ) جاء لتذكيير اليهود الحاليين وتحذيرهم ،وإنباء المسلمين غير العالمين ،بوقوع ذلك
فيي بنيي إسيرائيل بأنيه قيد وقيع فعل ،وبشرى لهيم بأن الوعيد الثانيي ،سييتحقق كميا تحقّق الوعيد الول وأن ال ل
يخلف الميعاد ،وميا عليهيم إل الصيبر والسيتمرار فيي كفاحهيم ضيد اليهود ،وحسين الظين بال وبوعده – وعيد
حلّ َقرِيبًا مِنْب دَا ِرهِمْب ،حَتّىب يَأْتِيَب
عةٌ َ ،أوْ َت ُ
الخرة – قال تعالى ( َولَ يَزَالُ الّذِينَب َكفَرُوا تُصبِي ُب ُهمْ بِمَا صَبَنعُوا قَارِ َ
ن الَّ لَ ُيخْلِفُ ا ْلمِيعَادَ ( 31الرعد ) .وَعْ ُد الِّ إِ ّ
37
جعَلْنَاكُ ْم أَكْثَ َر َنفِيرًا ( )6
( ُثمّ رَدَدْنَا َلكُمْ ا ْلكَرّ َة عَلَ ْي ِهمْ َوَأمْدَدْنَا ُكمْ بِ َأ ْموَالٍ وَبَنِينَ َو َ
38
وتقول أيضا على لسان الستاذ في الجامعة العبرية ( إسرائيل شاهاك ) " إن دافع الضرائب المريكي أرسل إلى
إسيرائيل ،فيي عام 1985خمسية مليارات دولر " واسيتمرت أمريكيا بدفيع هذه القيمة سينويا لغايية الن ،فضل
عن المساعدات المادية والعينية الخرى " ،انتهى .
وفيي قوله تعالى ( ثيم رددنيا لكيم الكرة عليهيم ،وأمددناكيم بأموال وبنيين ،وجعلناكيم أكثير نفيرا ) ثلثية أفعال ،
حمّلت جميعهييا أيضييا صييفة جاءت جميعهييا بصيييغة الماضييي ،وهييي ( رددنييا لكييم ،أمددناكييم ،جعلناكييم ) و ُ
السيتقبال ،بمعنيى ( ونردّ لكيم ،ونمدّكيم ،ونجعلكيم ) ولكين باختلف الزمان ،فهذه الفعال جاءت لتأخيذ صيفة
السييتقبال ،قبييل قيام دولة إسييرائيل ،فتفيييد معنييى ( ونردّ لكييم ،ونمدّكييم ،ونجعلكييم ) ،ولتأخييذ بعييد قيام دولة
إسرائيل صفة الماضي ( ،رددنا لكم ،وأمددناكم ،وجعلناكم ) .
كان المفسرين القدماء أكثر قربا منا وأكثر فهما لمفردات اللغة العربية ،ومع ذلك لم يعطوا هذه اليات حقها من
التفسيير والتفصييل ،مميا سياهم فيي إخفاء هذا المير العظييم حتيى هذه اليام ،ومر ّد ذلك أنهيم لم يعاصيروا الدولة
الحاليية لليهود .ولو فُسيّرت هذه اليات تفسييرا دقيقيا كميا الن لكشفيت هذه النبوءة للمسيلمين الكثيير مين الوقائع ،
ولربميا كان ضرّ هذا الكشيف عنهيا للمسيلمين أكثير مين نفعيه ،ولكين لم يشيأ ال ذلك رحمية بالمسيلمين ،حتيى ل
ن ال قد أخبر بذلك وهو الحقّ وقوله حقّ . يتملكهم اليأس والقنوط والتسليم بالمر الواقع ،بما أ ّ
ولو حصل أن علم المسلمون بتفاصيل هذه النبوءة مسبقا ،فربما ترك معظم الفلسطينيون بلدهم ،مع إطلق أول
حرِ مَ المسلمون شرف الشهادة ونيل رصاصة من قبل برابرة هذا العصر ،إل من أوتي الحكمة و َرحِ مَ ربي ،وَل ُ
ك الَْيّامُ نُدَاوُِلهَا بَ ْينَ النّاسِ
ح مِثْلُهُ ،وَتِلْ َ
سكُمْ َقرْحٌ َ ،فقَ ْد مَسّ ا ْل َقوْمَ َقرْ ٌ
س ْ
الذى في سبيل ال ،لقوله تعالى ( إِنْ َيمْ َ
شهَدَاءَ ،وَالُّ لَ ُيحِبّ الظّا ِلمِينَب (140آل عمران ) ولقوله ( مَا كَانَب ،وَلِ َيعْلَمَب الُّ الّذِينَب آمَنُوا ،وَيَ ّتخِذَ مِ ْنكُمْب ُ
حوْ َلهُمْب مِنَب الَْعْرَابِب ،أَنْب يَ َتخَّلفُوا عَنْب رَسبُولِ الِّ َ ،ولَ َيرْغَبُوا بِأَنفُسِبهِمْ عَنْب َنفْسِبهِ ،ذَلِكَب
لَِ ْهلِ ا ْلمَدِي َنةِ َ ،ومَنْب َ
ن َم ْوطِئًا َيغِي ظُ ا ْلكُفّارَ َ ،ولَ يَنَالُو نَ
صةٌ فِي سَبِي ِل الِّ َ ،ولَ َيطَئُو َ
خمَ َظمَأٌ َ ،ولَ نَ صَبٌ َ ،و َل َم ْ بِأَ ّنهُ مْ ،لَ يُ صِي ُبهُمْ َ ،
ع َملٌ صبَا ِلحٌ ،إِنّ الَّ لَ يُضِيعُب أَجْرَ ا ْل ُمحْسِبنِينَ (120التوبية ) .ولكين عدم
مِنْب عَ ُدوّ نَ ْيلً ِ ،إ ّل كُتِبَب َلهُمْب بِهِب َ ،
معرفية الفلسيطينيون آنذاك بحتميية قيام الدولة اليهوديية ،أبقيى الميل بإمكانيية منيع إقامتهيا حيّا فيي نفوس أهلهيا ،
فبقي الكثير منهم فيها ،واستمر باب الجهاد في سبيل ال مشرعا على مصراعيه ،وبقي سجل شرف الشهادة في
سيبيل ال مفتوحيا إلى يوم القيامية ،لمين يرغيب منهيم فيي تدويين اسيمه ،ولتكون منهيم بإذن ال تلك الطائفية التيي
أخبر عنها رسول الحق عليه الصلة والسلم .
أما بالنسبة لليهود ،فهل كُشفت لهم هذه النبوءة ؟ أقول :نعم بل شك ،ألم يقل سبحانه ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ
فِي ا ْلكِتَببابِ ) وكشفيت لهيم أيضيا نبوءات أخرى ،ويعرفون تفاصييلها كميا يعرفون أبناءهيم ،قال تعالى ( ُثمّ آتَيْنَا
مُوسَى ا ْلكِتَابَ َتمَامًا عَلَى الّذِي َأحْسَنَ ،وَ َتفْصِيلً ِل ُكلّ شَ ْيءٍ وَهُدًى وَ َر ْح َمةً َ ،لعَّلهُمْ بِِلقَاءِ رَ ّبهِمْ ُي ْؤمِنُونَ (154
ظةً ،وَ َتفْصبِيلً ِلكُ ّل شَيْءٍ َ ،فخُذْهَا ِب ُقوّةٍ َو ْأمُرْ َق ْومَكَب يَ ْأخُذُوا
عَالنعام ) ( َوكَتَبْنَا لَهُب فِي الَْ ْلوَاحِب مِنْب ُك ّل شَيْ ٍء َموْ ِ
بِ َأحْسَب ِنهَا ،سَبأُرِي ُكمْ دَارَ ا ْلفَاسِبقِينَ ( 145العراف ) وقيد كشفهيا ال لهيم ليعلم ميا سييكون منهيم ،فعلم العقلء
يزيدهيم تواضعيا وخضوعيا وامتثال ،وعلم الذيين ل يعقلون ( اليهود ) زادهيم جهل واسيتكبارا وطغيانيا وعصييانا
وعدوانا ،وسنوضح لحقا ما كان منهم ،بناءا على معرفتهم لما جاء في كتبهم من نبوءات ،بإذن ال .
أميا لماذا كُشفيت الن ،نقول :أن ل جدوى مين إخفاءهيا الن ،فقيد اكتملت معالم القدر مين ظروف وملبسيات ،
وفسيّر الواقيع جزءا كيبيرا مين نصيوصها ،وكيل شييء أصيبح واضحيا للعيان ( وَ َتمّتْب كَ ِل َمةُ رَبّكَب صِبدْقًا وَعَ ْدلً (
115النعام ) وعلم سبحانه ما أراد أن يعلم مما كان من المسلمين ،واتخذ وسيتخذ منهم ما أراد أن يتخذ ،وما
ن حَصِيرًا (8
جهَنّمَ لِ ْلكَا ِفرِي َ
جعَلْنَا َ
كان من اليهود وسيأخذ منهم ما شاء أن يأخذ حطبا لنار جهنم وبئس المصير ( َو َ
السبراء ) .والكشيف عين أسيئلة المتحان والبلء لن يُغيّر شيئا ،فقوائم النتائج والشهادات تُعلن مين على شاشات
التلفاز ،فقيد نجيح الكثيير مين طلب الخرة فيي امتحان ربهيم على ( درجبة شهيبد بامتياز مبع مرتببة الشرف )
ولكن أكثر الناس ل يعلمون .
39
ونحيين الن بانتظار أن يُصييدر رب العزة ،نتائج أولئك الوغاد السييفلة ،وكأنّي أتخيّل الملئكيية يُعدّونهييا ،فييي
ب أَفْئِدَ َت ُهمْ َوأَبْصَا َر ُهمْ َ ،كمَا َلمْ ُي ْؤمِنُوا
عجلة من أمر ربهم لتكون جاهزة عند موعد التسليم ،فتدبّر في قوله ( وَ ُنقَلّ ُ
طغْيَا ِنهِمببْ َي ْع َمهُونببَ ( … 110وَلِتَصبْبغَى إِلَيْهببِ أَفْئِدَةُ الّذِينبَب لَ ُي ْؤمِنُونببَ بِا ْ
لخِرَةِ ، بِهبِب َأوّ َل مَرّةٍ ،وَنَذَرُهُمببْ فِبي ُ
ضوْه بُ ،وَلِ َيقْتَرِفُوا مَا هُم ْب ُمقْتَرِفُون بَ … 113( ،وَ َتمّت ْب كَ ِل َمةُ رَبّك بَ ص بِ ْدقًا وَعَ ْدلً َ ،ل مُبَ ّدلَ ِلكَ ِلمَاتِه ِب وَ ُهوَ
وَلِيَرْ َ
السّبمِيعُ ا ْلعَلِيمُب ( 115النعام ) ،وموعدهيم قريب وعنيد مجيئه سيكون الباب مشرعا لولئك العباد بأمير ربهيم ،
لينقضوا عليهم ويزلزلوا أركانهم ،ويكسروا شوكتهم ويقتلعوها من جذورها ،والبعبع المريكي يغ طّ في سبات
عميق ولن يمنعهم من أمر ال أحد كان .
ونقول :أ نّ عودة اليهود إلى فلسطين ح قّ ،فالذي أخبر عن ذلك هو الح قّ ،وأ نّ إخراج أهلها منها ح قّ ،بعد أن
ن ال عليهم بالستضعاف بالرض ،كما استضعف الذين من قبلهم فأُورثوا الرض من بعد ،فقد أَخرج رسوله مّ
مين قبيل بالحقّي ( َكمَا َأخْ َرجَكَب رَبّكَب مِنْب بَيْتِكَب بِا ْلحَقّ َوإِنّ فَرِيقًا مِنْب ا ْل ُم ْؤمِنِينَب َلكَارِهُونَب ( 5النفال ) وفيي إحدى
ن أَرْضِنَا َأوْ لَ َتعُودُنّ
ن َكفَرُوا لِ ُرسُ ِل ِهمْ لَ ُنخْ ِرجَ ّنكُ ْم مِ ْ
سننه الكونية لمن يُخرج الناس من ديارهم قال الحقّ ( وَقَالَ الّذِي َ
ن الظّا ِلمِينَ ( 13إبراهيم ) .
فِي مِلّتِنَا فَ َأ ْوحَى إِلَ ْي ِهمْ رَ ّب ُهمْ لَ ُنهْ ِلكَ ّ
وهذه رسيالة رب العزة إلى أمية محميد علييه الصيلة والسيلم ومين سيورة ( محميد ) ( :فَلَ َتهِنُوا ،وَتَ ْدعُوا إِلَى
عمَا َلكُمْ (َ … )35وإِنْ تَ َتوَّلوْا يَسْتَبْ ِدلْ َق ْومًا غَيْ َركُمْ ُثمّ لَ َيكُونُوا
السّ ْلمِ َ ،وأَنْتُ ْم الَْعْ َلوْنَ ،وَالُّ َم َعكُمْ ،وَلَنْ يَ ِت َركُمْ أَ ْ
َأمْثَا َلكُمْب ( ، )38وإن لم نكين نسيتحق النتسياب لمّة ( محميد ) علييه أفضيل الصيلة والتسيليم قول وعمل ،فسينّة
الستبدال واقعة بنا ل محالة ومن المؤسف أنها على وشك .
وخلصية القول :أنيه وبعيد نفاذ الوعيد الول فيكيم – والخطاب لبنيي إسيرائيل -مين قبيل هؤلء العباد ،وقتلِهيم
وقهرِهيم لكيم وزوال دولتكيم ،وتشتتكيم فيي الرض بمدة مين الزمين طالت أو قصيرت -تفيدهيا ثمّي -سينأذن لكيم
بالعودة إلى الرض المقدسية ،وتهزموهيم كميا هزموا أسيلفكم ،وتعود لكيم السيطوة عليهيم وتلحقوا بهيم ميا ألحقوه
بأسيلفكم ،ونُمدّكيم بالفراد المدربيين على القتال وبالمسياعدات الماليية والعسيكرية ونجعلكيم أكثير عددا وعتادا .
ك الَْيّامُب نُدَاوُِلهَا بيْ نَ النّاسِب ) بإجراء القضاء والقدر ،وليس مين قبييل المكافأة لبني إسيرائيل
وهذا من قبيل ( وَتِلْ َ
على إحسانهم ونيلهم رضاه سبحانه ،كما يدّعون في توراتهم وكما ذهب إلى ذلك بعض المفسّرين .
ن أَسَأْ ُتمْ فَ َلهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْ ُد الْآخِرَ ِة لِيَسُوءُوا ُوجُو َهكُمْ وَلِيَ ْدخُلُوا ا ْلمَسْجِ َد َكمَا
سكُمْ َوإِ ْ
( إِنْ َأحْسَنتُ ْم أَحْسَن ُتمْ لِأَنفُ ِ
َدخَلُوهُ َأ ّولَ مَرّ ٍة وَلِيُتَبّرُوا مَا عَ َلوْا تَتْبِيرًا ( ) 7
40
ويُدفيع بيه الغضيب ،ومين ثيم العميل بميا تعلم ،فإن لم يكين حبيا فيي ملك الملوك ليكين ول ًء لسيبق الفضيل ،وإن لم
يكن طمعا في الجنة فخوفا من النار .
فانظير بربيك إلى ربيك ميا أعدله ،أنعيم علييك وأوجدك أول ،وسييدخلك الجنية إلى البيد ثانييا ،لتكون ممين قالوا (
حمْدُ لِّ الّذِي صَ َدقَنَا وَعْدَ هُ َوَأوْرَثَنَا الَْرْ ضَ نَتَ َب ّوُأ مِ نَ ا ْلجَ ّنةِ حَيْ ثُ َنشَاءُ فَ ِنعْ مَ َأجْرُ ا ْلعَامِلِي نَ ( 74الزمر )
وَقَالُوا ا ْل َ
غفْ َل ٍة مِنْ هَذَا َب ْل كُنّا ظَا ِلمِينَ ( 97النبياء ) . ل من الذين قالوا ( َيوَيْلَنَا قَ ْد كُنّا فِي َ
ل َمرَدّ لَهُب َومَا َلهُمْب مِنْب قال تعالى ( إِنّ الَّ لَ ُيغَيّ ُر مَا ِب َقوْمٍب حَتّىب ُيغَيّرُوا مَا بِأَنفُسِب ِهمْ َوإِذَا أَرَادَ الُّ ِب َقوْمٍب سبُوءًا فَ َ
دُونِهِب مِنْب وَالٍ ( 11الرعيد ) فالتغييير يبدأ مين العبيد وينتهيي عنده ،قال تعالى ( َوإِذْ قَا َل مُوسبَى ِل َق ْومِهِب َي َقوْمِب لِمَب
ُتؤْذُونَنِي وَقَدْ َتعْ َلمُونبَ أَنّيب رَسبُولُ الِّ إِلَ ْيكُمبْ فَ َلمّاب زَاغُوا أَزَاغَب الُّ قُلُو َبهُمبْ وَالُّ لَ َيهْدِي ا ْل َقوْمبَ ا ْلفَاسِبقِينَ (5
الصيف ) حييث سيبق الزييغ منهيم فأزاغ ال قلوبهيم ،أفل يسيتحق المير شيئا مين العناء … ؟! فلنسيارع بتغييير
أنفسنا قبل أن تتغير جلودنا مرارا وتكرارا في جحيم جهنم .
خرَةِ :
عدُ الْآ ِ
َفإِذَا جَاءَ َو ْ
فيما روي عنه عليه الصلة والسلم ،مما قال في دعاءه " أنت الول فليس قبلك شيء ،وأنت الخر فليس بعدك
شيء " ،والخِر والخِرة نقيض المتقدم والمتقدمة ،ومن معجم مختار الصحاح :الخِر بكسر الخاء بعد الول
وهو صفة ،تقول جاء آخِرا أي أخيرا وتقديره فاعل والنثى آخِرة والجمع أواخر .
وخلصة القول :أنها المرة الثانية في الترتيب والخيرة في عدد المرات ،ول ثالثة بعدها ،وإنما هناك أخرى ،
ولكنها تختلف في أنها ليست مرة ،ول يصحّ أن نسميها مرة ثالثة فهي ل تمتلك شروط المرتين السابقتين .
بعثناهم عليكم :
هذه العبارة غيير موجودة أصيل فيي نيص اليية ،وهيي جواب شرط إذا الخاص بوعيد الخرة ،وقيد حُذفيت لدللة
جواب شرط إذا الخاص بوعد أولهما .ولتوضيح عمل ( إذا ) وما يعنيه شرطها وجوابها ،نقول نستعمل ( إذا )
عادة ،إذا أردنييا تعليييق فعييل معييين ( ويسييمى جواب شرط إذا ) بفعييل آخيير ( ويسييمى شرط إذا ) ،كأن تقول
لزوجتك على سبيل المثال " :إذا حصلت على ترقية في نهاية الشهر ،اشتريت لك ذلك الخاتم " ،فالذي ذهبت
إلييه فيي الواقيع ،هيو أنيك علّقيت عمليية شراء الخاتيم الذي رغبيت فييه زوجتيك ،بعمليية حصيولك على الترقيية
الموعود بهيا آخير الشهير ،فإن لم تكين هناك ترقيية فلن تحصيل زوجتيك المسيكينة على الخاتيم .فشرط ( إذا ) هيو
( الحصول على الترقية ) وجواب الشرط هو ( شراء الخاتم ) .وبعبارة أخرى نقول أن حصول زوجتك على
الخاتم متعلّق بالحصول على الترقية .
لخِرَةِ – بعثناهيم عليكيم –
وبإعادة عبارة ( بعثناهيم عليكيم ) المحذوفية ،يصيبح النيص كميا يلي ( َفإِذَا جَا َء وَعْدُ ا ْ
سجِدَ ) .وعبارة ( وليسوءوا وجوهكم ) ليست جوابا للشرط لرتباطها بلم كي ، لِيَسُوءُوا ُوجُو َهكُمْ وَلِيَ ْدخُلُوا ا ْلمَ ْ
حييث جاءت العبارة لتعلييل البعيث وتوضييح الغايية مين البعيث .وضميير الغائب المتصيل ( هيم ) فيي ( بعثناهيم )
يعود على العباد أنفسهم ،وضمير المخاطب المتصل ( كم ) في ( عليكم ) يعود على بني إسرائيل .
وخلصة القول :أن هذه المرة هي الخيرة من المرتين ،وأن تحقّق البعث متعلّق بمجيء الموعد المحدّد ،وبما
أن الضمير في كلمة ( بعثناهم ) يعود على نفس العباد ،فإن عباد البعث الثاني هم عباد البعث الول .
ِل َيسُوءُوا ُوجُو َه ُكمْ :
ل بِالنسيان ميا َي ْكرَه ،وأسياءه نقييض سَيرّه .وفيي الواقيع سيتظهر معالم الذل والهوان علىإسياءة الوجيه ،أن يُفعِ َ
وجوه اليهود ،ميين جراء سييلب أولئك العباد للمكتسييبات والمقومات المادييية التييي مكّنتهييم ميين العلو والسييتكبار
والسييييتعلء على الناس ،ليُحرموا هذه الميزة بتبادل الدوار مييييع أولئك العباد .ويكسييييبوا ميزة جديدة هييييي
الستضعاف والذل والنخفاض ،بتبادل الدوار مع الفلسطينيين أيضا ،ومن ثم ليقع فيهم ما أنزلوه بالفلسطينيين
طيلة مدة علوهيم ،مين قتيل وأسير وتعذييب وسيلب للراضيي والممتلكات وإتلف وهدم ،وعلى قاعدة الجزاء مين
41
جنييس العمييل ( ،وَ َيشْف بِ ص بُدُورَ َقوْم ٍب ُم ْؤمِنِين بَ ( 14التوبيية ) .وضمييير الغائب المتصييل ( واو الجماعيية ) فييي
( ليسوءوا ) يعود على نفس العباد ،وضمير المخاطب المتصل (كم ) في ( وجوهكم ) يعود على بني إسرائيل .
والذي سييظهر على الوجيه هيو تعابيير السيتياء التيي تنتيج فيي الغالب ،عين مشاعير تجييش بهيا النفيس البشريية ،
كاللم والحسرة والغيظ والخزي والذل ،عندما تتعرض للذى النفسي ،الذي غالبا ما يكون ناتج عن فقدان مادي
لميا هيو جييد أو كسيب ميا هيو سييئ أو كلهميا معيا ،وتعتميد درجية السيتياء على درجية الفقيد أو الكسيب ،والذي
سيفقده اليهود هو السيادة والغنى والقوة .
جهُهُب ظلّ َو ْ ونجيد وصيف لتعابيير وجيه ،يشعير صياحبه بسيوء ألمّي بيه فيي قوله تعالى ( َوإِذَا ُبشّ َر َأحَدُهُمْب بِالُْنْثَى َ
مُسْبوَدّا وَ ُه َو َكظِيمٌب ( )58يَ َتوَارَى مِنَب الْ َقوْمِب مِنْب سبُو ِء مَا ُبشّرَ بِهِب … ( 59النحيل ) ،ونجيد وصيف آخير لتعابيير
وجوه الذين اقترفوا السيئات ،عندما استيقنوا أن ل مفر ول عاصم من أمر ال ،وأنهم سينالون جزاء سيئاتهم ،
جزَاءُ سَيّ َئةٍ ِبمِثْ ِلهَا وَتَ ْر َه ُقهُمْ
ن كَسَبُوا السّيّئَاتِ َ فتملكّتهم مشاعر اليأس والقنوط من النجاة ،في قوله تعالى ( وَالّذِي َ
صحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ك أَ ْ
ت ُوجُو ُههُمْ ِقطَعًا مِنَ اللّ ْي ِل ُمظْ ِلمًا أُولَئِ َ
غشِيَ ْ
ص ٍم كَأَ ّنمَا أُ ْ
ن الِّ مِنْ عَا ِ
ذِّلةٌ مَا َلهُمْ ِم َ
( 27يونس )
توحي عبارة ( ليسوءوا وجوهكم ) أن ما سينزل بهم من عقاب على أيدي هؤلء العباد ،شيء شديد الوقع وبالغ
الثير والتأثيير فيي نفوسيهم ،مميا سييعكس بالضرورة آثار المسياءة على وجوههيم ،لدرجية أنيه سيبحانه أورد نفيس
ت ُوجُو هُ الّذِي نَ
التعبير ،في وصفه لحال الكفار عند رؤيتهم لعذاب جهنم ،في قوله تعالى ( فَ َلمّا َرَأوْ هُ زُ ْل َفةً سِيئَ ْ
ل باليهود قريبيا لييس له نظيير ،ول يُمكين كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الّذِي كُنْتُمْب بِهِب تَدّعُونَب ( 27الملك ) .فالعقاب الذي سييح ّ
أن يتأتيى هذا العقاب ،إل مين قبيل أناس يملؤهيم الحقيد والكراهيية ،ولديهيم رغبية شديدة وملحية للنتقام مين بنيي
إسرائيل لسبب أو لخر .
جلِ ذَلِكَب كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْبرَائِيلَ أَنّهُب مَنْب قَ َتلَ َنفْسبًا ِبغَيْرِ َنفْسٍب َأوْ فَسبَادٍ فِي الَْرْضِب َفكَأَنّمَا قَ َت َل قال تعالى ( مِنْب َأ ْ
جمِيعًا وَ َلقَدْ جَاءَ ْتهُ مْ رُ سُلُنَا بِالْبَيّنَا تِ ُثمّ إِنّ كَثِيرًا مِ ْنهُ مْ َبعْدَ ذَلِ كَ فِي
س َن َأحْيَاهَا َفكَأَ ّنمَا َأحْيَا النّا َجمِيعًا َومَ ْ س َالنّا َ
الَْرْضِب َلمُسْب ِرفُونَ ( )32إِ ّنمَا جَزَاءُ الّذِينَب ُيحَارِبُونَب الَّ وَرَسبُو َلهُ ،وَيَسْب َعوْنَ فِي الَْرْضِب فَسبَادًا ،أَنْب ُيقَتّلُوا َ ،أوْ
لخِرَةِن الَْرْ ضِ ذَلِ كَ َلهُ ْم خِزْ يٌ فِي الدّنيَا وَ َلهُ مْ فِي ا ْ ن خِلَ فٍ َ ،أوْ يُن َفوْا مِ ْ
يُ صَلّبُوا َ ،أوْ ُت َقطّ َع أَيْدِيهِ مْ َوأَ ْرجُُلهُ مْ مِ ْ
عظِيمٌ ( 33المائدة ) عَذَابٌ َ
تيبين اليية الولى عظيم مكانية النفيس البشريية عنيد ال ،إذ لييس لحيد كان إزهاق أرواح الناس سيوى خالقهيا فهيو
الذي يحيي ويميت ،ومن أزهق روحا بغير نفس أي قصاصا أو لمنع الفساد في الرض ،كإقامة الحدود الموجبة
للقتيل فكأنميا قتيل الناس جميعيا ،ومين قام بهذا المير خارج نطاق ميا تقدّم مين موجبات القتيل فقيد أعلن حربيه على
ال .وأن من أعلن حربه على ال في الية الثانية ،حُصر جزاءه من قبل رب العزة بأربعة خيارات تنفّذ فيه في
الحياة الدنيا ،من قبل من أوكله ال بذلك حسبما يرتأيه منفذ الحكم ،إذ ل جناح عليه فيما أُنزل به من عقوبة .
والملحظ أن هذا البيان جاء عامّا ،ولكنه ارتبط ببني إسرائيل بشكل خاص ،مما يوحي أن عقابهم في المرتين ،
شميل وسييشمل على ميا يبدو هذه الخيارات مجتمعيه ،بالقتيل والصيلب والتنكييل والسيبي ،وبميا أن النتيجية النهائيية
لهذا العقاب هيي زوال علوهيم فيي فلسيطين ،فهذا يعنيي رحييل مين بقيي حيّا فرارا عين فلسيطين نهائييا يجرّ أذيال
الخيبية والهزيمية .وسيتفيض قلوب كيل اليهود فيي كافية أرجاء العالم ،بمشاعير الذل والخزي والعار والهوان ، ،
مميا يدعيو القاصيي والدانيي للشماتية بهيم وبمين يشدّ على أيديهيم .وهذا ميا تؤكده اليات الكريمية بأن جزاءهيم
سيكون من جنس عملهم .
سجِدَ :
وَِل َي ْدخُلُوا ا ْل َم ْ
يعتقييد الكثييير ميين المسييلمين هذه اليام ،أن ذكيير المسييجد فييي هذا الموضييع ،يترتييب عليييه أن دخوله وتحريره
مقصيورا على حملة لواء السيلم ،أو بتعيبير أدق أولياء ال وخاصيته ،يوحدهيم ويقودهيم خليفية يفوقهيم ول ًء ل
ولدينه ،وفي الذهان صورة ابن الخطاب ،رضي ال وأرضاه عنه وصلح الدين رحمه ال ،ومن منا ل يتمنى
ذلك .
42
ولكن يحضرني هنا قول الشاعر " :ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما ل تشتهي السفن " فلو عدنا
بالذاكرة ،إلى دخوليّي عمير وصيلح الديين سينجد أنهميا ل يتفقّان ميع ميا جاء فيي سيورة السيراء لسيببين ،الول ؛
كان الدخول على النصارى في المرتين ،والثاني ؛ أن الجوس للديار لم يقع فيهما ،وكذلك الساءة لوجوه اليهود
.بالضافة إلى أن الدخول في المرتين كان فتحا وليس عقابا لحد .
ويبدو وكأنّي المسيألة هيي لفيظ المسيجد ،الذي أورده سيبحانه للتعرييف والتأكييد على أن الرض التيي ذُكرت فيي
الية ( )4هي الرض التي تحوي المسجد أي مدينة القدس .
والسيؤال هنيا هيل المسياجد خاصية بالمسيلمين فقيط ؟ بكيل تأكييد نعيم ،ولكين لفيظ المسيجد ل ! نحين نعلم أن حادثية
السييراء كانيت فييي مكية ،وأن سيورة السييراء أُنزلت فيهيا أيضيا ،وأن ال سيبحانه وتعالى لمّا سيمّاه بالمسيجد
القصى ،لم يكن للمسلمين فيه ناقة ول بعير ولم يكن قائما كبناء أصل .وعبادة السجود ل كانت قد سبقت منذ
آدم علييه السيلم إلى يومنيا هذا ،فاقرأ قوله تعالى ( ُأوْلَئِكَب الّذِينَب أَ ْنعَمَب الُّ عَلَ ْيهِمْب مِنْب النّبِيّينَب مِنْب ذُرّ ّي ِة آدَمَب َو ِممّنْب
حمَانِب خَرّوا سُبجّدًا حمَلْنبا مَعَب نُوحٍب َومِنْب ذُرّ ّي ِة إِبْرَاهِيمَب َوإِسْبرَائِيلَ َو ِممّنْب هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُ ْتلَى عَلَ ْيهِمْب آيَاتُب ال ّر ْ
َ
سجُدُونَ ن آيَاتِ الِّ آنَاءَ اللّ ْي ِل وَهُمْ يَ ْ ب ُأ ّمةٌ قَا ِئ َمةٌ يَ ْتلُو َ
ن أَ ْهلِ ا ْلكِتَا ِ
سوَا ًء مِ ْ
وَ ُبكِيّا ( 58مريم ) وقوله تعالى ( لَيْسُوا َ
( 113آل عمران ) وكل مكان اتخذوه للسجود سمّاه ال في القرآن مسجدا والمقصود هنا المكان وليس البناء .
سجِدًا (
علَ ْيهِمْ بُنْيَانًا رَ ّبهُ ْم أَعْلَمُ ِبهِمْ قَالَ الّذِينَ غَلَبُوا عَلَى َأمْ ِرهِمْ لَنَ ّتخِذَنّ عَلَ ْيهِمْ مَ ْ
انظر قوله تعالى ( َفقَالُوا ابْنُوا َ
21الكهيف ) .وميع أن أصيحاب الكهيف كانوا مين أتباع عيسيى علييه السيلم ،فإن الذيين غلبوا على أمرهيم فيي
الواقع ،أقاموا عليهم مكانا للعبادة .وجاءت تسمية القرآن له بالمسجد ،على اعتبارهم له والقصد من بنائه ،أما
أنه مسجد خاص بالمسلمين فل ،والصلة بالنسبة للمسلمين في هذا المسجد منه يٌ عنها ،وبالرغم من ذلك سّماه
القرآن مسجدا لنهم اتخّذوه مكانا للعبادة ،التي أحد أركانها السجود وضمير الغائب المتصل ( واو الجماعة ) في
( وليدخلوا ) يعود على المبعوثين أنفسهم .
وخلصيية القول :أن هؤلء المبعوثييين لم يتييبين بنييص صييريح ول بتلميييح بأنهييم ميين خاصيية عباد ال ،وأن ال
نكّرهيم وقصيد تنكيرهيم ،لمير اقتضتيه الحكمية اللهيية التيي وضحنيا جانبيا منهيا فيميا سيبق ،وأن معتقدهيم غيير
واضح من حيث اليمان أو الكفر ،وما زالت كل الحتمالت قائمة ،فربما يكونوا مؤمنين أو مسلمين أو وثنيين
أو ملحدين .ومن قال بعكس ذلك فقد جانبه الصواب بل أدنى شك .والمر الكثر وضوحا هو اتحاد المبعوثين
أول وثانييا ،أي خروجهيم مين نفيس الرض فيي المرتيين ،مهميا طال الزمين أو قصير وتعاقبيت عليهيا الجيال ،
بمعنييى أن أصييحاب البعييث الثانييي هييم ورثيية الرض ميين أصييحاب البعييث الول ،وأنهييم أولي قوة وبطييش فييي
الحروب ،وأن عبارة ( وليدخلوا المسيجد ) جاءت لتؤكيد دخولهيم لقلب الرض المقدسية ( فلسيطين ) وسييطرتهم
عليها بالكامل .
َكمَا َدخَلُو ُه أَوّلَ َمرّةٍ :
قوله تعالى ( َكمَا َدخَلُو ُه َأ ّولَ َمرّةٍ ) هو تشبيه للدخول الثاني بالول ،وفي العادة عندما يروي شخص لخر قصة
،وقييع فيهييا ذِكرُ حدثيٍي يحتاج إلى وصييف سييواء كان هذا الحدث ،قييد وقييع ولم يشهده المسييتمع أو سيييقع فييي
المستقبل ،فبدل من أن يستغرق الراوي في وصف هذا الحدث وسرد حيثياته على حساب مجمل أحداث القصة ،
يعمييد الراوي إلى تشييبيه الحدث المراد وصييفه بحدث آخيير مألوف ومعروف ميين الماضييي أو الحاضيير ،وذلك
لتقريب صفة الحدث موضوع الخطاب لذهن المستمع ،ومن ثم يكمل سرد بقية الحداث .
ن مِنْ ا ْلمَسّ ( 275البقرة ) حيث
ن ِإلّ َ ،كمَا َ ،يقُومُ الّذِي يَ َتخَ ّبطُهُ الشّ ْيطَا ُ
قال تعالى ( الّذِينَ يَ ْأكُلُونَ الرّبَا لَ َيقُومُو َ
شبيه سيبحانه قيام آكيل الربيا يوم القيامية مجهول الصيفة بالنسيبة لنيا ،وهيو حدث سييقع مسيتقبل بقيام الممسيوس أي
المجنون ،وهيو حدث ومشهيد قيد رأيناه ونراه فيي الماضيي والحاضير مرارا وتكرارا ،ومعروف ومألوف لذهين
المستمع ،ونستطيع استرجاع ذلك المشهد من الذاكرة ،لنرى مشهدا مؤلما ومخزيا لكل الربا عند بعثه يتميز به
عن غيره ،فيقوم مفزوعا متحفزا مشوشا متخبطا ،ل يهدأ له بال ول تستكين له حال .
ولتوضيييح الميير أكثيير ،فلو أن زوج مدح زوجتييه -على سييبيل المثال -مُبديييا إعجابييه بجمال وجههييا قائل :
( وجهك كالمريخ ) فهل ستكون الزوجة قادرة على معرفة مدى حبه لها ،في حال لم تكن عالمة بماهية المريخ
43
وصيفته مين حييث الجمال والقبيح .وهيل أبان هذا التشيبيه بغيير المألوف والمعروف للزوجية ،وظيفتيه فيي تعيبير
الزوج عيين مدى إعجابييه بهييا أم أنييه زادهييا حيرة واضطرابييا ،لذلك إذا أريييد المدح تُشبّه جمال النسيياء بالقول :
( وجهك كالبدر ليلة تمامه ) وهي صورة معروفة ومألوفة لكل البشر ،تسيتطيع النساء استرجاعها من الذاكرة
وتخيّلها واستيعابها ،ومعرفة مدى إعجاب زوجها بها .
واستخدام التشبيه في الية ( )7أفاد أمرين :
أول ؛ أنيّ دخول المسييجد أي بيييت المقدس حاصييل فييي المرتييين ،وهذا يدحييض قول ميين ذهييب إلى أن أيّي ميين
المرتين ،كانت أو ستكون في غير بيت المقدس .
وثانييا ؛ تشابيه صيفة الدخول فيي المرتيين الولى والخرة بالدخول عنوة ،لقوله تعالى فيي وصيف الدخول الول
( فجاسيوا خلل الديار ) وهذا يدحيض قول مين ذهيب ،إلى أن المرة الولى كانيت للمسيلمين كون دخولهيم إليهيا لم
يحمل صفة الجوس .
ولكيي يسيتقيم فهيم هذه العبارة ،نود أن نُشيير إلى أن الخطاب لبنيي إسيرائيل لم ينقطيع بيل ميا زال موّجهيا إليهيم ،
فالمُخاطَب في قوله تعالى ( كما دخلوه أول مرة ) هم بنو إسرائيل ،واقرأ هذه الصياغة للنص ( ،فَإِذَا جَا َء وَعْدُ
سجِدَ َ ،كمَا َدخَلُو هُ – عليكم – َأ ّو َل مَرّةٍ /
لخِرَةِ – بعثناهم عليكم – لِيَ سُوءُوا ُوجُو َهكُ مْ ،وَلِيَ ْدخُلُوا – عليكم – ا ْلمَ ْ
اْ
انقطاع الخطاب والعودة إلى الجمهور /وَلِيُتَبّرُوا مَا عَ َلوْا تَتْبِيرًا ) .
وهذا يعنيي أن المعرفية بصيفة الدخول الول محصيورة ببنيي إسيرائيل فقيط ،وهذا يقودنيا إلى أن معرفية اليهود
المعاصيرين المخاطيبين ،لصيفة هذا الدخول بالضرورة ،تحصيّلت لهيم مميا لديهيم مين كتيب تحكيي تاريخهيم ،
ومجميل تاريخهيم القدييم موثيق فيي التوراة ،ويعلم سيبحانه أن آباءهيم القدماء ،قيد وثّقوا صيفة الدخول فيي كتبهيم
فلذلك شبيه الدخول الثانيي لهيم بميا يعرفون .وإن أردت معرفية صيفته كمسيلم ،ل بيد لك مين الرجوع إلى كتبهيم ،
وهذا الفهيم يقودنيا إلى مراجعية تاريخهيم كامل ،لنتعرّف على صيفة الدخول الول ،كميا وردت فيي اليية ( ) 5
وهذا ما سنفعله في الفصول القادمة .
والحقيقية أن هذا الحدث المفجيع والرهييب الذي نزل بهيم ،كان له بالغ الثير فيي نفوسيهم ،حييث شكّل لهيم الكثيير
من العقد ،فضل عما كان لديهم في السابق .جعلت منهم شعبا مجرما حاقدا على البشرية جمعاء ،وعلى أولئك
العباد الذييين سيياموهم سييوء العذاب فييي المرة الولى بشكييل خاص .ومييا جاء التشييبيه هنييا إل لتذكيرهييم بحدث
يعرفونيه كميا يعرفون أبنائهيم ،ومين لم يعرفيه منهيم أو خانتيه ذاكرتيه ،يسيتطيع الرجوع إلى توراتهيم ،قال تعالى
ن أَبْنَاءَهُمْ َوإِنّ فَرِيقًا مِ ْنهُمْ لَ َيكْ ُتمُونَ ا ْلحَقّ وَهُمْ َيعْ َلمُونَ ( 146البقرة )
ن آتَيْنَاهُمْ ا ْلكِتَابَ َيعْرِفُونَ ُه َكمَا َيعْرِفُو َ
( الّذِي َ
وجاء هذا التشيبيه والتذكيير لنذارهيم وتحذيرهيم مين مغبية العودة إلى العلو والفسياد ،وميا ينتظرهيم مين خزي
عذاب الدنيا وهول عذاب الخرة .
ن الباحثين في هذا الموضوع حديثا من المسلمين ،كانوا قد أهملوا أكبر وأعظم موسوعة والعجيب في المر ،أ ّ
طلُ مِنْب بيْنِب يَدَيْهِب َو َل مِنْب خَ ْلفِهِب
تاريخيية سيماوية ،موجودة بيين أيدينيا ،أقصيد القرآن الكرييم الذي ( لَ يَأْتِيهِب الْبَا ِ
حمِيدٍ ( 42فصلت ) ولم يرجع إليها أحد ،مع أنه كاد أل يترك سورة من سورهِ ،إل وأرّخ فيها حكِي مٍ َ
ن َ
تَنزِي ٌل مِ ْ
لبنيي إسيرائيل ،فعلوهيم الول ونشأتيه وإفسيادهم فيي الرض المقدسية ،ظاهير ماثيل للعيان بميا ل يترك مجال
للتقوّل أو الجتهاد .وأما فيما يخص عقاب الوعد الول ،فقد وردت إشارات كافية في هذه اليات وفي مواضع
أخرى في القرآن تدلّ على تحقّقه قبل السلم .
وَِل ُي َتّبرُوا مَا عََلوْا َت ْتبِيرًا :
فييي المُعجييم " :قال ابيين جنييي :ل يقال له ِتبْر حتييى يكون فييي تراب معدنييه أو مكسييورا ،قال الزجّاج :والتبار
الهلك ،وتبّره تتيبيرا أي كسيّره وأهلكيه ،وتبّره أي كسيّره وأذهبيه ،وفيي التنزييل العزييز ( َولَ تَزِ ْد الظّا ِلمِينَب ِإلّ
تَبَارًا ( 28نوح ) قال الزجاج :معناه إل هلكا ،ولذلك سمي كل مُكسّ ٍر تِبرا ،وفي قوله عز وجل ( وَعَادًا وَ َثمُودَ
ك كَثِيرًا (َ )38وكُلّ ضَرَبْنَا لَ ُه ا َلْمْثَالَ َوكُلّ تَبّرْنَا تَتْبِيرًا ( 39الفرقان ) قال :التتبير
س وَقُرُونًا بَيْنَ َذلِ َ
صحَابَ الرّ ّ
َوأَ ْ
التدمير وكل شيء كسّرته وفتّته فقد تبّرته " .
44
والمعنى العام للعبارة ،هو ( وليُدمّروا ما علوا تدميرا ) .وقد جاءت صيغة المفعول المطلق ( تتبيرا ) زيادة في
المبالغية وتأكيدا للفعيل ( وليتيبروا ) ،وسيواء كانيت ( ميا ) ظرفيية أو اسيم موصيول بمعنيى ( الذي ) فهيي تشميل
المكان والزمان والكم .
وكميا أشرنيا فيي تفسيير العبارة السيابقة ،فقيد حصيل انقطاع فيي الخطاب الموجيه لبنيي إسيرائيل ،ليصيبح الحدييث
موجهيا للجمهور ،مضيفيا تعقيبيا حول مصيير علو بنيي إسيرائيل بدللة ضميير الغائب المتصيل واو الجماعية فيي
كلمتييي ( وليتييبروا ) و ( علوا ) العائد على بنييي إسييرائيل أنفسييهم .والعبارة ( وليتبّروا مييا علوا تتييبيرا ) جاءت
للتعقييب على ميا فعله بنيي إسيرائيل أنفسيهم بمقومات هذا العلو ،مميا كان سيببا فيي زواله .ليُصيبح المراد هيو أن
علو بنييي إسييرائيل ،حمييل فييي أحشائه بذرة دماره منييذ نشأتييه ،بعدم الولء ل وعدم اكتراثهييم بِحثّه ي لهييم على
الحسان وتحذيره لهم من الساءة .بل اعتمدوا على غير ال ،في تحصيل هذا العلو وإدامته وحمايته من الزوال
،بالفساد والفساد والثم والعدوان .
ليتيبيّن لنيا أن الحدييث عين الوعيد الثانيي ،انتهيى بقوله ( كميا دخلوه أول مرة ) .وأن عبارة ( وليتبّروا ميا علوا
تتيبيرا ) جاءت تعقيبيا على قوله تعالى فيي بدايية القصية ( ولتعلنّي علوا كيبيرا ) فيي اليية ( ، )4ليؤكيد بميا ل يدع
مجال للشيك ،أن هذا العلو الموصيوف بالكيبير فيي الرض ،والذي تحصيّل علييه بنيي إسيرائيل ببعدهيم عين ال ،
سيصبح هبا ًء منثورا بما كسبته أيديهم .
ومين تعريفنيا السيابق لمفهوم العلو ،نجيد أن العلو مظهير مين مظاهير الحياة ،كميا الغنيى الذي يتحصيّل بامتلك
المال الوفيير ،وكميا الفقير الذي يتحصيّل بامتلك المال القلييل ،ويتيم تحصييله مين خلل امتلك مقومات ماديية ،
تتمثّل في السيادة على الرض وأهلها ،وسياستهم والتحكّم في مختلف شؤونهم ،والقدرة بامتلك القوة ،والغنى
بامتلك المال والموارد الماديية الخرى .والحقيقية أن اليهود فيي هذا العصير ،لم يقتصير علوهيم على فلسيطين
فحسيب ،بيل شميل أمريكيا وبريطانييا والكثيير مين الدول الغربيية َ .فهُميا شكيل مين أشكال الفسياد اليهودي فيي
الرض ،وأداة للعدوان على الشعوب بأيدي اليهودية العالمية .
وبميا أن العلو مظهير ،والمظاهير ل تُدمّر تدميرا ،وإنميا تزول زوال بفقدان أسيبابها ومقوماتهيا ،كميا أُزييل علو
عوْنُب وَ َق ْومُهُب وَمَا كَانُوا
فرعون بتدميير ميا امتلك مين مقومات علوه ،فيي قوله تعالى ( وَ َدمّرْنَا مَا كَانَب يَصْبنَعُ فِرْ َ
َيعْ ِرشُونَب ( 137العراف ) .ونلحيظ أن ال تبارك وتعالى لم يأت بالمصيدر ( علوهيم ) ليقول ( وليتيبروا علوهيم
تتبيرا ) ،وإنما قال ( وليتبروا ما )لن المقصود تدميره هنا ليس العلو بحدّ ذاته ،وإنما تدمير ( ما ) عل عليه أو
به أو فيه بنوا إسرائيل بامتلكه والسيطرة عليه ،مما مكّنهم من الفساد في الرض ،أي تدمير كل ما يقع تحت
كلمة ( ما ) مما يمتلكونه من مقومات لعلوهم ،لتشمل المكان والزمان والكم لهذا العلو ،الموصوفة بالتفصيل في
اليتين ( 4و ، )6والتي تتلخص فيما يلي :
•اسييتلب أو تدمييير القوة العسييكرية المتطورة ،والتييي مكنتهييم ميين العلو واسييتمراريته ،ورد الكرة على
أعدائهم .
•ذهاب الموال والبنين والمداد ،الذي كان يتوفر لهم في حروبهم السابقة .
•استلب أو تدمير المكنة التي تمتعوا بالعلو فيها وكانت منطلقا لفسادهم في الرض .
لذلك جاءت عبارة ( وليتبّروا ما علوا تتبيرا ) في نهاية قصة المرتين ووعديهما ،كتعقيب لتوضيح مآل علو بني
إسرائيل الذي ورد ذكره في الية الرابعة في بداية ،ولم تأ تِ للتعقيب على وعد الخرة بالرغم من ورودها بعد
النتهاء ميين وصييف أحداثييه .وقييد جاء هذا التعقيييب مُتأخرا ،لن زوال العلو بشكييل نهائي ،سيييكون كعاقبيية أو
نتيجة لنفاذ وعد الخرة فيهم ،ويبدوا لي أن زوال العلو اليهودي في العالم سيأتي على مراحل ،ليبدأ في فلسطين
ومن ثم يمتد لمريكا وبريطانيا وفرنسا والغرب إجمال ،بإذن ال .
وربما يذهب البعض إلى أن هذه العبارة ،جاءت للتعقيب على ما فعله هؤلء العباد ،بعلو بني إسرائيل في وعد
الخرة ،على اعتبار أن الضمييير واو الجماعيية فييي ( وليتبّروا ) عائد على العباد ،وهذا غييير صييحيح لن ذلك
يعني استمرارية الخطاب ،فلو أن الخطاب لبني إسرائيل استمر لجاءت العبارة على النحو التالي ( وليتبّروا ي ما
علوتم ي تتبيرا ) هذا من جانب .
45
ومن جانب آخر لم يُذكر في التعقيب شيء يخص وعد الخرة بذكر كلمة وعد مثل ،كما جاء في التعقيب على
الوعيد الولى ،بقوله ( وكان وعدا مفعول ) وإنميا جاء التعقييب الخيير على بنيي إسيرائيل المذكوريين بالسيم فيي
اليية الرابعية ،لعود ضميير الغائب ( واو الجماعية ) عليهيم فيي كلمية ( وليتيبروا ) ،وكذلك على علوهيم الكيبير
الموصوف في الية الرابعة أيضا ،لتصال ضمير الغائب العائد عليهم ( واو ) في كلمة ( علوا ) .
ولو فرضنييا جدل اسييتمرارية الخطاب ،فهييل يُعقييل أن يُدمّر المسييلمون ،مييا تحصيّلوا عليييه ميين مقومات العلو
الصيهيوني ،بعيد أن يكونوا قيد أوقعوا فيهيم القتيل والتنكييل والسيبي والنفيي ،وتمّت لهيم السييطرة الكاملة على
الرض بدخول القدس ؟! طبعيا ل .بيل على العكيس تماماسييكونون بأميس الحاجية ،لميا تحصيّلوا علييه سيالما مين
مال وعتاد لستخدامه في المواجهة الحقيقة المقبلة مع الغرب .
وخلصية القول :أن كيل ميا عل بنيو إسيرائيل علييه أو بيه أو فييه سييصله الدمار ل محالة لعموم لفيظ العلو حتيى
علوهيم فيي الغرب ،إذ أن الذي أبقيى علوهيم قائميا ومسيتمرا فيي فلسيطين هيو علوهيم فيي الغرب ،ولذلك يصيبح
دمار الدول الغربيية أمير محتميا ،ليزول علو بنيي إسيرائيل فيهيا أيضيا بشكيل نهائي ،وبذلك تنتفيي تماميا قدرتهيم
على العلو مرة أخرى ،إذ أن هذا العلو هو علوهم الخير في الرض وأن أفعالهم ستكون سببا في زوال علوهم
هذا ،وستجد مزيد من تفصيل هذه العبارة في الجزء الثالث من الكتاب .
47
)109وميا أن يقوموا حتيى ل تكاد تحملهيم أرجلهيم ،وتغلب عليهيم مشاعرهيم مين شدّة التصيديق وشدّة اليمان ،
فيعودوا ليقعوا ساجدين خاشعين لمن ل يُخلف وعده .
ح َم ُكمْ :
ن يَ ْر َ
عسَى َر ّبكُ ْم أَ ْ
َ
بعيد نفاذ الوعيد الثانيي ،يوجيه سيبحانه الخطاب للبقيية الباقيية مين بنيي إسيرائيل ،الذيين نجوا مين هذا العذاب ولم
ل فيي بنيي قومهيم لميا علوا يطلهيم عقاب وعيد الخرة ،لعلّهيم يعتيبرون مميا حصيل بعيد أن رأوا ميا رأوا مميا ح ّ
وأفسييدوا فييي الرض .فلعلهييم يعودون إلى ال ويصييلحون أمرهييم فيتوب ال عليهييم ويرحمهييم .قال تعالى ( َولَ
ب مِ نْ ا ْل ُمحْ سِنِينَ ( 56العراف ) ، ح َمةَ الِّ َقرِي ٌ ط َمعًا ،إِنّ َر ْ خوْفًا َو َحهَا ،وَادْعُو ُه َ لِ ُتفْ سِدُوا فِي الَْرْ ضِ َبعْدَ إِصْ َ
حكْ َمةٍ ُثمّ
ب َو ِن كِتَا ٍوعودتهم إلى ال تعني اعتناقهم للسلم ،لقوله تعالى ( َوإِذْ َأخَذَ الُّ مِيثَاقَ النّبِيّينَ َلمَا آتَيْتُكُ ْم مِ ْ
جَا َءكُمْب رَسبُولٌ مُصَبدّقٌ لِمَا َم َعكُمْب لَ ُت ْؤمِنُنّ بِهِب وَلَتَنْصُبرُ ّنهُ قَا َل أَأَ ْقرَرْتُمْب َوأَخَذْتُمْب عَلَى ذَ ِلكُمْب إِصْبرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ
لخِرَ ِة مِنْب لمِ دِينًا فَلَنْب ُيقْ َبلَ مِنْهُب وَ ُهوَ فِي ا ْ شهَدُوا َوأَنَا َم َعكُمْب مِنْب الشّاهِدِينَب (َ ( … )81ومَنْب يَبْتَغِب غَ ْي َر الِْسْب َ فَا ْ
غفُورٌ َرحِيمٌب ( 89آل عمران ) .وهذا ميا لم ا ْلخَاسِبرِينَ (ِ ( … )85إلّ الّذِينَب تَابُوا مِنْب َبعْدِ ذَلِكَب َوأَصْبَلحُوا فَإِنّ الَّ َ
يفعلوه سيابقا ولن يفعلوه مسيتقبل ،فهيم أعلنوا حربهيم على ال قبيل أن يعلنوهيا على أي شييء آخير ،وهيهات أن
سوَةً … ( 74البقرة ) … يتوبوا فقلوبهم كالحجارة ( … َأ ْو َأشَدّ َق ْ
ع ْدنَا :
ع ْدتُمْ ُ
وَِإنْ ُ
لذلك سيييستمرون بالفسيياد وسيييعودون إليييه مرة تلو أخرى ،وهذا محمول على الشرط فإن عادوا للفسيياد بعييد
تحقيق الوعيد الثانيي ،عاد ال عليهيم بالعقاب ،وسيتكون هذه العودة باتباعهيم للدجال أكيبر المفسيدين فيي الرض
وهي العودة النهائية لهم ،ول تتفق من حيث المواصفات والشروط مع كونها مرة من المرتين ،وستكون نهايتهم
على مشارف بيت المقدس بباب ( ُلدّ ) على يديّ عيسى عليه السلم ومن معه من المسلمين ،عند هروب الدجال
إليهيا ،كميا روي فيي نفيس الحدييث الصيحيح الطوييل مين روايية مسيلم ،الذي أوردنيا بعضيا منيه فيي شرحنيا لعبارة
ح ابْنَب مَرْيَمَب … فَ َيطْلُبُهُب حَتّىب
عبادا لنيا ،جاء ميا نصيه " … فَبَيْنَمَا ُه َو كَذَلِكَب ( أي الدجال ) إِذْ َبعَثَب الُّ ا ْلمَسبِي َ
جهَنّمَب لِ ْلكَافِرِينَب حَصبِيرًا ( )8ول أسيف يُدْ ِركَهُب بِبَابِب لُدّ فَ َيقْتُلُهُب … " .ليعقّب سيبحانه على ذلك بقوله ( … َوجَعَلْنَا َ
ول رحمة …
ن النّاسِ ) :
( إِلّا ِبحَ ْبلٍ ِمنْ الّل ِه … َوحَ ْبلٍ مِ ْ
قال تعالى فيي سيورة البقرة ( … وَضُرِبَتْب عَلَ ْيهِمْب الذّّل ُة وَا ْلمَسْبكَ َنةُ ،وَبَاءُوا ِبغَضَبٍب مِنْب الِّ ،ذَلِكَب بِأَ ّنهُمْب كَانُوا
َيكْفُرُونَب بِآيَاتِب الِّ ،وَ َيقْتُلُونَب النّبِيّينَب ِبغَيْرِ ا ْلحَقّ ،ذَلِكَب ِبمَا عَصَبوْا َوكَانُوا َيعْتَدُونَب ( )61هذه اليية توضيح حكميا
إلهييا مُلزميا لبنيي إسيرائيل ،كان فيميا سيبق قيد صيدر بحقهيم عنيد كفرهيم وقتلهيم النيبياء ،ونلحيظ أن المسيكنة
عُطفيت على الذلة مباشرة ،وأنهميا تلزميا فيي الوقوع تحيت الضرب ،فيي قوله تعالى ( وَضُرِبَتبْ عَلَ ْيهِمبْ الذّّلةُ
وَا ْل َمسْكَ َنةُ ) .
ن مَا ُث ِقفُوا ِ ،إلّ ِبحَ ْبلٍ
ضرِبَ تْ عَلَ ْيهِ مْ الذّّلةُ أَيْ َ
وفي سورة آل عمران ،أُعيد نفس النص السابق ،في قوله تعالى ( ُ
مِنْب الِّ َوحَ ْب ٍل مِنْب النّاسِب ،وَبَاءُوا ِبغَضَبٍب مِنْب الِّ ،وَضُرِبَتْب عَلَ ْيهِمْب ا ْلمَسْبكَنَةُ ،ذَلِكَب ِبأَ ّنهُمْب كَانُوا َي ْكفُرُونَب بِآيَاتِب
الِّ ،وَ َيقْتُلُونَب الَْنبِيَاءَ ِبغَيْ ِر حَقّ ،ذَلِ كَ ِبمَا عَصَبوْا َوكَانُوا َيعْتَدُونَب ( ، )112ولكن بفصل الذلّة عن المسيكنة ،مع
ضرب كيل منهميا على حدة أول ،ومين ثيم إضافية السيتثناء التالي ( ِإلّ ِبحَ ْب ٍل مِنْب الِّ َ ،وحَ ْبلٍ مِنْب النّاسِب ) مين
ضرب الذلّة دون المسكنة ثانيا .ومن هنا نستطيع القول ،بأن الذلّة ستُرفع عنهم في حالتين :الحالة الولى بحبل
من ال ،والحالة الثانية بحبل من الناس ،وأن المسكنة ستبقى ملزمة لهم ،في حال رفعت الذلّة عنهم أم لم تُرفع
.
48
جاء في معجم لسان العرب ،الذّل نقيض العزّة ،وقوله تعالى ( وذُلّلَ تْ ُقطُو ُفهَا تَذْلِيلًَ ) ،بمعنى سويت عناقيدها
خضَع له ،وأن المعنى المُستفاد من الذّل هو الصغار والخضوع والنخفاض ، ودُلّيت أي خُفّضت ،وتذلّلَ له أي َ
والنقيض لهذة الصفات هو الستكبار والسطوة والرتفاع .
وَضُرِبَتْ عَلَ ْيهِ مْ الذّّلةُ :أي أُلزموا الذّلة والصغار فل منعة لهم ،بمعنى ل قوة لهم لمنع الغير من استباحة دمائهم
وأموالهييم وأهليهييم .وثبتييت فيهييم هذه الصييفة ولزمتهييم على م ّر العصييور ول خلص لهييم منهييا ،والسييبب فييي
ضربها عليهم هو استحقاقهم لغضب ال عليهم ،لكفرهم بآياته وقتلهم النبياء ،بالضافة لما كان من عصيانهم
لوامره واعتدائهم على حدوده .
49
وَضُرِبَتْب عَلَ ْيهِمْب ا ْلمَسْبكَ َنةُ :أي الحاجية للغيير والتسيول بل خجيل ،فل كرامية ول عزة ول إباء لهيم ،فل يوجيد
يهودي -وإن كان غنييا -خالييا مين زي الفقير والخضوع والمهانية ( وهكذا تكون الطفيليات ) بارعون فيي التسيلق
على ظهور غيرهم بمكرهم ودهائهم ،لقضاء حاجاتهم الدنيوية الدنيئة .
مجيء اليهود من الشتات :
يظنّي البعيض ،بناءا على عبارة ( جئنيا بكيم لفيفيا ) أن وعيد الخرة ميا زال بعيدا عين التحقيق ،كون تجمّع بنيي
إسرائيل في فلسطين لم يكتمل بعد ،فالكثير منهم – تقريبا النصف – ما زال في الدول الغربية ،وهذا الظ نّ في
غير محلّه وينمّ عن عدم معرفة بحقيقة الشخصية اليهودية ،فاليهود المنتشرون كالجراد في شرق العالم وغربه ،
لن يهاجروا إلى فلسييطين إل فييي حالة واحدة إذا أُجييبروا على ذلك مُكرهييين ،أو دُمّر العالم بأسييره ولم يبييق إل
فلسيطين ليهاجروا إليهيا ،وهذا غيير وارد فيي المنظور القرييب ،ودمار إسيرائيل القادم سييكون سيابقا بيل سيببا
لنهيار العالم الغربي ودماره .
فاليهود كائنات طفيليية ،ل تسيتطيع العييش بمعزل عين الخريين مين غيير اليهود ،وحتيى الدولة اليهوديية تتصيف
بنفيس الصيفة ،فهيي ل تسيتطيع البقاء والمحافظية على وجودهيا وكيانهيا ،بدون المسياعدة الخارجيية مين الدول
الغربيية ،والتسيوّل الدائم والمسيتمر .وهذه هيي المسيكنة التيي ضربهيا ال عليهيم ،ولزمتهيم على مرّ تاريخهيم
الطويل ،في غناهم وفقرهم وفي ذلّهم وعلوهم .ول أدلّ على ذلك التسويق المذلّ والمخزي والمستمر ،للمحرقة
النازيية والتيي جعلوا منهيا ومين تهمية معاداة السيامية ،مسيمار جحيا فيي حلق الشعوب الغربيية لبتزازهيا ونهيب
خيراتها وخاصة ألمانيا ،فهم عالة على كل من آواهم ،وهذا ما يشهد به تاريخهم ،وكان سببا – بالضافة إلى
غدرهم ومكرهم ومؤامراتهم -في اضطهادهم .
واليهود هيم أول مين ابتكير الربيا ويعيشون بيه وعلييه ،والن هيم يملكون معظيم بيوت المال العالميية إن لم تكين
كلها ،حتى البنوك المركزية المريكية والبريطانية ،وحق إصدار النقد فيها ،فهل من المعقول أن يتركوا العجل
الذهيبي ،ويغادروا جنّة إلههيم بمحيض إرادتهيم ؟! طبعيا ل ،فهذا ضرب مين الخيال ،لذلك أسيتطيع الجزم – لميا
تقدم – بأنّي تجمّعهيم فيي فلسيطين بكلّهيم وكليلهيم لن يكون ،وللعلم فإن معظيم المهاجريين اليهود ،كانوا مين بلدان
أوروبا الشرقية المعروفة بفقرها ،وأما الغربيون فأعدادهم قليلة جدا .
فضل عن ذلك ،لم يأ تِ في مجمل معاني لفيفا ما يُفيد تجمّع كل اليهود في فلسطين كشرط لتحقّق وعد الخرة ،
والمعنى المستفاد منها هو الختلط في الصول والجمع من أماكن مختلفة وهذا قد تحصّل ،فالدول التي هاجروا
منها شملت معظم أرجاء المعمورة وهي غنيّة عن التعريف وهذا هو المراد .
أما فيما يخص السنن اللهية في القرى الظالمة ،فقد وردت في هذا البحث الكثير من اليات التي توضّحها ،فل
أسيرع من النتقام اللهي ليحل بها .وظلم اليهود وعلوهم واستكبارهم وعنجهيّتهيم وعنصيريّتهم ،ومحاربتهم ل
ورسوله وأولياؤه وقتل البرياء العزّل ،وهدم البيوت واستلب الراضي واقتلع أشجارها واستيطانها ،ومنعهم
مسياجد ال أن يُذكير فيهيا اسيمه وتدنيسيها فاق كيل تصيوّر ،وأوجيب عقابيه سيبحانه لهيم منيذ زمين بعييد .ولول أن
عظُم شأنه ضرب لهم موعد لن يُخلفوه ،وأن أرضه المقدسة تزخر بأوليائه الصالحين الحكيم العليم جلّت قدرته و َ
،لنزل الن عليهم رجزا من السماء ،كما أنزله على أسلفهم ،لمجرد تبديلهم للقول والهيئة عند دخول القرية ،
لعنهيم ال بكفرهيم قليل ميا يؤمنون .ولكنّي عقابهيم سييكون مختلفيا رحمية مين ربيك بعباده الصيالحين هناك ،لكيل
جلَ الِّ لَتٍب ) ،و ( إِنّ َأجَلَ
يسيوءهم العذاب فضل عمّا أسياء لهيم أولئك الوغاد ،فليرتقبوا إنّا مرتقبون ( فَإِنّ َأ َ
لّ إِذَا جَا َء لَ ُي َؤخّرُ َلوْ كُن ُتمْ َتعْ َلمُونَ ( 4نوح ) .
ا ِ
تعنيي عمليية ربيط نفاذ وعد الخرة بتجمّع كل اليهود فيي فلسيطين ،أن وعد الخرة لن يتحقيق حتيى قيام الساعة ،
وهذا مخالف لميا نراه على أرض الواقيع ،حييث وصيل الظلم اليهودي أقصيى مداه ،ومخالف أيضيا لميا تحكييه
النصيوص ،إذ أن هناك عودة أخرى للفسياد ،وهناك عقاب آخير سيينطق فييه الحجير والشجير قبيل قيام السياعة ،
التي أصبحت أشراطها الكبرى على البواب والناس عنها غافلون .
50
ما تُخبر عنه اليات في السورة ،ليس وعدا بنصر للمؤمنين ،وإنما وعد استثنائي بعقاب بني إسرائيل :
قال تعالى ( َوإِذْ تَأَذّنَب رَبّكَب لَيَ ْبعَثَنّ عَلَ ْيهِمْب إِلَى َيوْمِب ا ْلقِيَا َمةِ مَنْب يَسبُو ُمهُمْ سبُوءَ ا ْلعَذَابِب ( 167العراف ) تقرّر هذه
الييية الكريميية ،بأن ال سيييبعث على بنييي إسييرائيل ،ميين يسييومهم سييوء العذاب إلى قيام السيياعة .إذًا هناك
اسيتمرارية للبعيث وهناك اسيتمرارية للعذاب .وقيد وقيع العذاب فيهيم على أيدي وثنيون ونصيارى ومسيلمون على
مرّ تاريخهم الطويل ،مما يؤكد أن العذاب الخاص بوعدي المرتين ،هو حالة استثنائية خاصة مختلفة عمّا تقرّره
اليية أعله ،وأن الذيين سييُوقعونه بهيم أناس اسيتثنائيون أيضيا ،وهذا السيتثناء جاء لميا يملكونيه مين صيفات على
رأسها صفة البأس الشديد ،ذلك أن إفساد بني إسرائيل المقترن بالعلو في كلتا المرتين ،أعظم من أي إفساد سابق
أو لحق ،مما يتطلّب بعث أناس هم أهل لما يريده ال لبني إسرائيل من العذاب الشديد .
كانت نصوص هذه النبوءة قد أُنزلت على موسى عليه السلم ،قبل 3آلف سنة تقريبا من الن ،وقبل 1600سنة
مين مجييء السيلم تقريبيا ،وكُشفيت نصيوصها لبنيي إسيرائيل بعيد نكوصيهم عين الدخول إلى فلسيطين ،وقبيل
سنوات التحريم والتيه .وهي في الواقع تحكي حالتين استثنائيتين من تاريخ بني إسرائيل ،يتحصّل لهم فيهما علو
أمم يّ في فلسطين ،يشترط فيهما سبحانه الحسان وتجنّب الساءة ،فإن أحسنوا أحسن إليهم ،وإن أساءوا أزال
علوهيم وعذّبهيم فيي الدنييا والخرة ،وقيد وعدهيم بإطالة أميد هذا العلو إليهيم طالميا هيم محسينون ،والسياءة إليهيم
بعقابهم وبإزالة هذا العلو طالما هم يُسيئون ويُصرّون على الساءة .
ولعلمه المسبق بإفسادهم بعد التمكن من العلو فيها في المرتين ،أخبرهم سبحانه بما سيكون منهم مستقبل ،مؤكدا
ذلك بِقَسيَم تسيتشعر مين خلله التحدّي اللهيي لهيم ،كونهيم دائبون على تحدّييه بمحاربية رسيله وأولياءه وشرائعيه .
وأنهم كلمّا علوا في الرض سيفسدون فيها بالرغم من تحذيرهم هذا ،معلنين حربهم عليه سبحانه ،لينالوا غضبه
وسيخطه عليهيم مميا يسيتوجب انتقاميه .وعندميا يتحصيّل ذلك منهيم ،وعدهيم ربهيم بأن يبعيث عليهيم فيي كيل مرة
عبادا له أولي بأس شديد ،ليعيدونهم إلى موقعهم الحقيقي من العراب بين المم .
لنؤكييد هنييا على أن مييا تُخييبر عنييه سييورة السييراء حصييرا ،هييو وعييد إلهييي بعقاب وعذاب لليهود لفسييادهم
واسيتعلئهم فيي الرض ،ل وعدا إلهييا بتحريير فلسيطين ،بغيض النظير عين أي اعتبارات أخرى ،وفيي التعقييب
على هذا الخيبر ،كانيت إحدى الحكيم اللهيية للخبار عنيه ،هيي زفّي البشرى للمؤمنيين .أميا نصير المؤمنيين مين
أهيل فلسيطين ،الذيين نصيروا ال بصيبرهم ورباطهيم وثباتهيم ،فالخبار عنيه والوعيد به جاء فيي سينن إلهيية عامية
بنصر المؤمنين والمستضعفين من عباده في مواضع أخرى من القرآن ،فل نخلط بين المرين .
52
:الخروج للغزو والغارة ،يقترب كلميا ازدادت وتيرة السيتفزاز والتهدييد ،وتناقصيت .4البعيث
المُعيقات والموانع .
:سلب مقومات العلو اليهودي في فلسطين . .5دخول المسجد
عظَم النتقام وبشاعته ،باليذاء والقتل والتنكيل والتهجير والسبي .
ِ : .6إساءة الوجه
تتبع وقارن ما بين معطيات السلوكين :
( )1توافير صيفة الشراهية ) )2اسبتفزاز وإثارة مبن قببل الدجاجبة ) )3تولّد الرادة والرغببة فبي الكبل
) )4السببتعداد والتهيئة وانتظار الظروف المواتيببة ) )5مجيييء الموعييد الذي حدّده صيياحب المطعييم
بانتهاء فترة الستراحة ) )6النطلق نحو الدجاجة :بعد فتح الباب وتمكين الوصول ) )7دخول المطعم
) )8التلذذ والستمتاع بالتهام الدجاجة ( )9ل وجود للدجاجة .
( )1توافببر صببفة البأس الشديببد ) )2اسييتفزاز وإثارة بسييبق اليذاء والعتداء ميين قبييل بنييي إسييرائيل على
أصيحاب البعيث ) )3تولّد الرادة والرغبية فيي النتقام ) )4السيتعداد والتهيئة وانتظار الظروف المواتية
) )5مجيببء الوعببد :مببع ازدياد وتيرة الظلم والفسبباد اليهودي فببي الرض وازدياد خطببر العدوان اليهودي
على المراد بعثهبم ) )6النطلق نحبو بنبي إسبرائيل :بعبد زوال الموانبع وتوفبر السبباب ) )7دخول
المسجد ) )8النتقام بالتلذذ والستمتاع بالتنكيل ببني إسرائيل ( )9ل وجود لسرائيل .
الملمح الخفية التي ظهرت من خلل المقارنة هي :
.1ضرورة سيبق السيتفزاز اليهودي لولئك العباد ،بإضرارهيم وإيذائهيم بشكيل بالغ الثير ،والتهدييد الدائم
بإبادتهم واستئصال شأفتهم .
.2تولّد حالة من التوتر والقلق والقهر ،لدى أولئك العباد يُخلّفها ذلك التهديد بالعدوان .
.3تولد الرادة والرغبة بالنتقام لدى أولئك العباد ،بردّ الصياع صياعين لدفيع الذى والضرر ور ّد العتبار
.
.4العمل والستعداد والنتظار ،ريثما تأتي اللحظة المناسبة التي تُمكّنهم من النقضاض .
والن لنطرح السئلة التالية :
.1ميين الشعييب الذي يمتلك صييفة الصييبر والجلد عنييد وقوع البلء ،والقوة والبطييش عنييد مواجهيية
العداء ؟
.2مين الشعيب الذي هُزم مين قبيل اليهود عنيد نشوء دولتهيم ،والوحييد الذي اسيتمر اليهود ،فيي إيذاءه
والعتداء علييه ،بشكيل مباشير وغيير مباشير ،وميا زالوا حتيى يومنيا هذا ،وسييستمرون فيي إيذاءه
حتى يُجبروه على الخروج عليهم ؟
.3من الشعب الذي يُظهر رغبة شديدة وملحة في النتقام منهم ،والقضاء عليهم وإنهاء وجودهم ،وما
بقي عليه إل أن يُهيئ ال له ،أسباب الخروج والنبعاث ؟
.4ميين الشعييب الذي بُعييث عليهييم فييي المرة الولى ،ودمّر مملكتهييم فييي فلسييطين بالذات ؟ وأييين تقييع
الرض التي خرج منها الن ؟
.5مين الشعيب العزييز والقوي ،الذي ل يقبيل الخضوع والذل والهوان ،ولدييه القوة والقدرة ،ليفاجئهيم
ل واقتدار ؟
ويكيل لهم الصاع صاعين ،وينزل بهم أبشع انتقام إلهي ،وبتج ّ
53
شروط ومواصفات المرة :
والن لنحاول اسيتنباط الشروط والمواصيفات ،التيي يجيب توافرهيا فيي المرة الواحدة ،ليصيبح لدينيا مقياس ينأى
بنيا عين التخبيط والعشوائيية والجتهاد الخاطيئ ،نسيتطيع مين خلله تقيييم كيل حالة مين الحالت المعروضية بيين
أيدينا ،لجل التحقق وبدقة متناهية من كونها إحدى المرتين أم ل -:
أوجه التشابه بين المرتين :
.1المكان :الرض المقدسة -فلسطين .
.2صفة الفساد :أممي جماعي -القتل وسفك الدماء ،إخراج الناس من ديارهم ،محاربة ال وما جاء به
رسله .
.3العلو :الستعلء -امتلك الرض والمال والقوة .
.4صيفة المبعوثيين :أقوياء وأعزاء -يفضلون الموت على الذل والمهانية ،ول يقبلون بأقيل مين ر ّد الصياع
صاعين ،ومخرجهم من نفس الرض في المرتين .
.5صفة العقاب :انتقام إلهي -الدخول بالغلبة قسرا وقهرا ،وهدم مقومات الدولة ،وإفناء شعبها ،والشتات
لمن ينجو منهم .
علمات فارقة تميز كل مرة عن الخرى :
.1النشأة والستمرارية :تواكلية -إحداهما بالتواكل على ال ،والخرى بالتواكل على الناس .
.2المجيء :مختلف -دخول فلسطين كأمة في الولى ،دخولها كجماعات متفرقة من الشتات في
الثانية .
.3الوعييد :الول -تحقييق قبييل نزول سييورة السييراء ،والثانييي -سيييتحقق فييي مسييتقبل الميية
السلمية .
54
ضهُمْب بِ َبعْضٍب َلهُ ّدمَتْب صَبوَامِ ُع وَبِيَعٌب وَصَبَلوَاتٌ َومَسبَاجِدُ يُ ْذكَرُ فِيهَا اسْبمُ الِّ
وقال أيضيا ( وَ َل ْولَ َدفْعُب الِّ النّاسَب َبعْ َ
ن الَّ َل َق ِويّ عَزِيزٌ ( 40الحج ) صرُ ُه إِ ّ
ن الُّ مَنْ يَنْ ُ
صرَ ّ
كَثِيرًا وَلَيَنْ ُ
ل الِّ صَلّى الُّ عََليْ هِ وَ سَّلمَ ،أنه قَالَ في معرض
ع ْن هُ ،عن رَ سُو ِ
ي الُّ َ
ومما روى البخاري عن َأبِي ُه َر ْيرَ َة رَضِ َ
جلِ ا ْلفَاجِرِ ) ،وأخرجه مسلم وأحمد والدارمي . حديثه َ … ( :وإِنّ الَّ لَ ُيؤَيّدُ هَذَا الدّينَ بِال ّر ُ
فإذا كان الحكيم العليم ينصر دينه بالفجار ،أفل يُعذّب الكفار بالكفار ؟!!
أولم يُسلّط ال التتار على فسقة المسلمين قديما ،ويُسلّط التراك والنصارى واليهود على فسقة المسلمين حديثا ،
أم أن هذا التسليط كان من عند غير ال ؟!!
والسييؤال هييل هناك منفعيية أو مصييلحة ،تُرتجييى ميين بعييث الريييح والحجارة ،أو بعييث الطييير والضفادع ،على
القوام السابقة ،طالما أن الغاية هي عقاب الظلمة والمفسدين ؟!!
الخلصة :
.1أن إفساد بنو إسرائيل وعلوهم سيكون كأمّة ،وبقيام دولة لهم في فلسطين لمرتين فقط ،ل ثالث لهما .
.2أن البعث من عند ال ،وأنه عقاب وعذاب لبني إسرائيل لفسادهم في الرض بالدرجة الولى ،بالرغم
من كونه نصرا للمستضعفين من أهل فلسطين الذين انتصروا لربهم ودينهم .
.3أن هذا البعيث متعلّق بموعيد ،والمؤشير على قرب أجله ،هيو ازدياد وتيرة الظلم والفسياد اليهودي فيي
الرض ،وازدياد حدة التهديد اليهودي لصحاب البعث .
.4أن غاية هذا البعث ،هي النتقام من بني إسرائيل في الدرجة الولى ،وليس مكافأة لصلح المبعوثين أيّا
كانوا .
.5أن الوعد الول كان قد أُنجز فيما مضى قبل مجيء السلم ،بل قبل عيسى عليه السلم .
.6أن تحقق الوعد الثاني ،اشتُرط فيه قبل تحققّه :
أول :مجيئهم من الشتات ؛
ثانيا :هزيمة اليهود للمبعوثين وإلحاق الذى بهم ؛
ثالثا :اعتماد اليهود على المساعدات المادية والبشرية ؛
رابعا :تفوّق اليهود عسكريا على أعدائهم .
.7أن للبعيث الثانيي سيبب ،وهيو سيبق العتداء اليهودي على المبعوثيين ،وأن خروج المبعوثيين عليهيم ،
سيكون لرفع الضرر والنتقام لنفسهم .
.8أن المبعوثين عليهم في المرة الثانية ،هم نفس المبعوثين عليهم في المرة الولى .
.9أن هذا البعث سيكون مُفاجئا لهم ،وهم في قمة علوهم وتجبرهم ،وسيأتيهم من حيث ل يحتسبوا ،وسيتم
قتييل اليهود والتنكيييل بهييم ،ومين ثيم دخول فلسييطين والسيييطرة عليهييا ،مييع انعدام قدرة اليهود على صيدّ
المبعوثين .
.10أن الدخول الول يعرفيييه اليهود كمعرفتهيييم لولدهيييم ،ولييييس للمسيييلمين معرفييية بصيييفته كونهيييم لم
يُعاصرونه ،ول يمكن معرفته إل من خلل الطلع على كتب اليهود .
.11أن تدمير مقومات علوهم في مشارق الرض ومغاربها أمر حتمي ولو بعد حين .
.12أن ماهية المعتقد للمبعوثين مُبهمة ،فمن الجائز أن يكونوا كفرة أو مسلمين أو مؤمنين أو من أولياء ال
المخلصين ،في كل المرتين أو في مرة دون الخرى ،وأن أه مّ ما يُميّزهم في كل المرتين هو اتّصافهم
بالبأس الشديد .
55
تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل في القران
بعيد مراجعتيي لمعظيم اليات القرآنيية ،التيي تحكيي سييرة بنيي إسيرائيل ،تيبيّن لي الكثيير مين الوقائع المبهمية فيي
تاريخهم ،والكثير من المفاهيم المغلوطة ،التي كنت أحملها ويحملها عامة المسلمين ،والتي سيرد تفصيلها في
هذا الفصيل إن شاء ال .كنيت سيأقتصر بحثيي فيي تارييخ بنيي إسيرائيل ،لثبات تحقيق وعيد المرة الولى مين علو
وإفسياد وعقاب ،ولكين تيبين لي مين خلل الحادييث العامية ،وعنيد طرحيي لموضوع هذا البحيث ،أن كثيرا مين
الناس يجهلون تاريييخ بنييي إسييرائيل ،وخاصيية ماهيّة الحداث التييي حصييلت معهييم وموقعهييا ميين حيييث الزمان
والمكان ،والتي ذُكرت متفرقة في القرآن وبل ترتيب في أغلب الحيان ،ويجهلون أيضا حتى ترتيب أنبياء بني
إسرائيل وتعاقبهم ،لذلك كان ل بد لنا من تعقب تاريخهم منذ البداية .
56
َيضَ عُ العلم " أي يهدمه ويلصقه بالرض ،و َوضَ عَ الشيء َوضْ َعاً أي اختلقه وأوجده ،ووضع الشيء في المكان
أثبته فيه " .
ضعَ ) بأي حال من الحوال بعن ( بُنِ َي ) ،وذلك يفيد بأن الوضع كان للقواعد فقط .وقد رُوي أن آدم عليه السلم ،
ول تأتِ ( وُ ِ
هو أول من بن الكعبة ،واتذت مكانا لعبادة ال ،ومن ث تول الوضع لعبادة الصنام ،وأزيلت معال ذلك البناء ،بفعل الطوفان
زمن نوح عليه السلم ،واختفت هذه القواعد نتيجة تراكم التربة ،على مرّ السني .وإعراب ( وُضِعَ ) ف كل الوضعي ،هو فعل
ض مب ن للمجهول ،أي أن فا عل الو ضع غ ي معلوم ف ال نص ،وجاءت بع ن تعي ي وتد يد مكان الب يت ،وهناك روايات بأن ما ٍ
اللئكة كشفت لدم عن موضعه ،عندما بناه لول مرة .وبلغة م سّاحي الراضي نستطيع القول أن ( وُضع ) ،جاءت بعن تديد
وإسقاط إحداثيات الوقع على الرض وتثبيت حدوده .
ول يتلف اثنان على أن من أعاد بناء الب يت الرام ،ه ا إبراه يم وإ ساعيل عليه ما ال سلم ،بدللة قوله تعال ( وَِإ ْذ بَوّأْنَا لِإِْبرَاهِي مَ
سجُودِ ( 26ال ج ) ،بوّأ نا أي كشف نا وأظهر نا له
شرِ ْك بِي شَ ْيئًا وَ َط ّهرْ َبيْتِي لِلطّائِفِيَ وَالْقَاِئمِيَ وَال ّركّ عِ ال ّ
ت أَ ْن لَا تُ ْ
َمكَا نَ الْبَيْ ِ
موض عه ومكنّاه م نه وأذ نا له ف بنائه ،و من ث كان البناء برف عه فوق القوا عد ،ف قوله ( وَِإذْ َيرْ َف ُع إِْبرَاهِي مُ اْلقَوَاعِدَ مِ نْ الْبَ ْي تِ
وَإِ ْسمَاعِي ُل ( 127البقرة ) ،والغاية من بناءه هو جعله مكانا للعبادة ،با تشمله من طواف وقيام وركوع وسجود ،لن يستجيبوا
لر سالة ال سلم ،ك ما ورد ف ال ية أعله ،ال ت كان يمل ها إ ساعيل عل يه ال سلم والق يم ف ذلك الكان ( وَا ْذ ُكرْ فِي اْلكِتَا بِ
ِإ ْسمَاعِي َل إِنّ ُه كَا َن صَادِقَ الْ َوعْ ِد َوكَانَ َرسُولًا نَِبيّا ( 54مري ) .
57
النتقال إلى مصر :
وبعد أن تبوّأ يوسف عليه السلم في مصر منصبا ،يوازي منصب وزير الخزينة أو المالية في عصرنا الحالي ،
علَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ لدى فرعون مصر .انتقل يعقوب وبنوه للحاق بيوسف في مصر ،قال تعالى ( َفَلمّا َدخَلُوا َ
أَ َبوَيْهبِ وَقَالَ ا ْدخُلُوا مِص ْب َر إِن ْب شَا َء الُّ آمِنِينبَ ( )100( … )99رَبّ قَ ْد آتَيْتَنِي مِنبْ ا ْلمُلْكِب وَعَّلمْتَنببي مِنبْ تَ ْأوِيلِ
ا َلْحَادِي ثِ … ( 101يوسف ) ،ودخلوها معزّزين مكرّمين آمنين ،وقوله ( آمنين ) يوحي بأن ليس كل من دخل
مصر آنذاك ليقيم فيه من الغرباء والدخلء ،سيكون آمنا على نفسه من الضطهاد والستعباد .
أحوال بني إسرائيل في مصر بعد وفاة يوسف عليه السلم وحتى خروجهم منها :
بعيد زوال سيندهم لدى فرعون أصيبح حالهيم حال العبييد .وربميا يكون ذلك فيي زمين فرعون نفسيه أو مين مَلَك
بعده ،بعيد وفاة يوسيف علييه السيلم ،لزوال المصيلحة والنفيع الذي تأتّى مين علم يوسيف وحكمتيه فيي الدارة
والقتصياد .واسيتمر حالهيم كذلك حتيى خروجهيم ميع موسيى علييه السيلم ،وحسيب ميا يُروى أن المدة ،ميا بيين
دخولهم إلى مصر وخروجهم منها هي أربعمائة سنة ،وال أعلم ،وحالهم في تلك الفترة الزمنية ،يصفه القرآن
ح أَبْنَا َءهُ ْم وَيَسْ َتحْيِ نِسَاءَ ُهمْ
ضعِفُ طَا ِئ َفةً مِ ْنهُمْ يُذَبّ ُج َعلَ أَهْ َلهَا شِ َيعًا يَسْتَ ْ
عوْنَ عَلَ فِي الَْرْضِ َو َ بما يلي ( :إِنّ ِفرْ َ
عوْنَب يَسبُومُو َنكُ ْم سبُوءَ ا ْلعَذَابِب يُذَ ّبحُونَب أَبْنَا َءكُمْب إِنّهُب كَانَب مِنْب ا ْل ُمفْسِبدِينَ ( 4القصيص ) َ ( ،وإِذْ َنجّيْنَاكُمْب مِنْب آلِ ِفرْ َ
عظِي مٌ ( 49البقرة ) ( ،وَ َلقَدْ َنجّيْنَا بَنِي إِ سْرَائِيلَ مِ نْ ا ْلعَذَا بِ ا ْل ُمهِي نِ وَيَ سْ َتحْيُونَ نِ سَا َءكُمْ وَفِي ذَ ِلكُ مْ بَلَءٌ مِ نْ رَ ّبكُ مْ َ
( 30الدخان ) وازداد العذاب والضطهاد لهم ،ببعث موسى عليه السلم إلى فرعون وقومه .
تحديد الموقع الجغرافي ،للمكان الذي أوحي فيه ،إلى موسى عليه السلم :
نزل الوحي إلى موسى مرتين ؛ الوحي الول :هو الذي كُلف به موسى بحمل الرسالة ،وما بعث به إلى فرعون
وبني إسرائيل ،أثناء عودته إلى مصر بعد خروجه من مدين ،والوحي الثاني :هو الشريعة الجديدة التي كُتبت
في اللواح لبني إسرائيل ،بعد خروجهم من مصر في الطريق إلى الرض المقدسة ،ويعتقد الكثيرون أن الوحي
نزل على موسيى ،على جبيل سييناء الواقيع فيي صيحراء سييناء المصيرية وهذا غيير صيحيح ،حييث لم يوجيد أي
نيص فيي القرآن يفييد ذلك .والواقيع أن هذه تسيمية الصيحراء المصيرية بصيحراء سييناء ،اسيتندت إلى ميا جاء فيي
التوراة مع أن التوراة لم تُحدّد موقع الصحراء أو الجبل .
وتذكير التوراة فيي سيفر الخروج ،أن بنيي إسيرائيل مروا على التوالي ،بثلثية صيحارى ،هيي الواردة فيي النيص
التالي بالترتيب :22 :15 " :ثم ارتحل موسى بإسرائيل من البحر الحمر ،وتوجّهوا نحو صحراء شور :27 ،ثم
بلغوا إيليم … :1 :16ثمّ انتقلوا من إيليم حتى أقبلوا على صحراء سين ،الواقعة بين إيليم وسيناء " .
وجاء في نص آخر :1 :17 " :وتنقل بنوا إسرائيل على مراحل ،من صحراء سين … إلى أن خيّموا في رفيديم
… :2 :19فقد ارتحل السرائيليون من رفيديم إلى أن جاءوا إلى برية سيناء ،فنزلوا مقابل الجبل فصعد موسى
للمثول أمام ال ،فناداه الرب من الجبل … : 20ونزل الرب على قمة جبل سيناء … "
وهذه النصيوص تُشيير إلى أن جبيل سييناء ،هيو اسيم الجبيل الذي أُوحيي بجانبيه إلى موسيى ،وأن بريية سييناء هيي
تسمية للمكان الواقع مقابل جبل سيناء .وأن برية سيناء هي البعد عن مصر ،كونها كانت آخر الصحارى التي
مرّوا بهيا أثناء مسييرهم ،باتجاه بوابية الرض المقدّسية شرقيي نهير الردن ،والترجمات العربيية للتوراة ل تُميّز
بين القفر ،أي الخلء غير المأهول بالسكّان وبين الصحارى الرملية القاحلة .
60
وجاء فيي التوراة " :35 :16واقتات السيرائيليون بالمنّي طوال أربعيين سينة ،حتيى جاءوا إلى تخوم أرض كنعان
العامرة بالسكان " .وهذا النص الكاذب والمضلّل ،يقول أن المنّ والسلوى كانت تنزّل عليهم طيلة أربعين سنة ،
قبل وصولهم إلى مشارف فلسطين ،أي قبل أن يُطلب منهيم الدخول إلى الرض المقدسة ،وقبل أن يحكم عليهيم
بسنوات التحريم والتيه الربعين .والصحيح أن الم نّ والسلوى كانت تنزّل عليهم خلل مسيرهم في الصحراء ،
وهي مدة قصيرة ،أما سنوات التحريم والتيه الربعين -سنوات الغضب اللهي -فلم يكن يتنزّل عليهم شيء .
وتسمية الصحراء المصرية بسيناء ،وذكر التوراة أن بني إسرائيل عاشوا فيها أربعين سنة يأكلون المن والسلوى
،ضلّلت حتيى اليهود أنفسيهم ،الذيين بحثوا ونقبوا فيهيا طويل عين أي أثير لمقامهيم فيهيا ولكين دون جدوى ،مميا
اضطيير بعييض الباحثييين اليهود مؤخرا ،إلى تكذيييب معظييم روايات التوراة ،ونشيير الكثييير ميين آرائهييم ونتائج
أبحاثهم في الصحف .
أما كلمة الطور فقد وردت في القرآن ( )10مرات )8( ،منها بلفظ ( الطور ) معرّفة بأل التعريف ،بمعنى الجبل
لكِلِي نَ ( 20المؤمنون ) ،ن وَ صِبْغٍ ِل ْ
ج مِ نْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُ تُ بِالدّ ْه ِ
خرُ ُشجَرَةً َت ْ
،وواحدة بلفظ ( طور سيناء ) ( َو َ
وواحدة بلفيظ ( طور سيينين ) بنفيس المعنيى السيابق ( ،وَالتّينِب وَالزّيْتُونِب (َ )1وطُو ِر سبِينِينَ ( 2التيين ) .وسييناء
وسينين لغية إذا لم تمنيع مين الصيرف ،أي لحقهيا التنويين جرّا ونصيباً فإنهيا تعنيي كثرة الشجير ،وإذا مُنعيت مين
الصيرف كميا هيو الحال هنيا فهيي اسيم ،والكلمات ( طور وسييناء وسيينين ) ألفاظ أعجميية ،ومميا تقدم نسيتطيع
القول بأن ( طور سيناء ) اسم لجبل معروف لبني إسرائيل ،بمعنى ( جبل الغابة ) وهو في الحقيقة ،اسم الجبل
عرّف هذا الجبل من خلل القرآن ،بأنه يُنبت التين الذي أوحيَ بجانبه إلى موسى ،حسب تسمية التوراة له ،وقد ُ
والزيتون .والمقصيود بكلمية ( الطور ) المعرّفية بألف ولم ،أينميا جاءت فيي القرآن هيو طور سييناء أو سيينين ،
والطور هو سلسلة جبال فلسطين ،التي تربض على تللها مدينة القدس ،والتي هي في الصل جبل واحد ،يمتد
من مدينة نابلس شمال إلى مدينة الخليل جنوبا .
ج َل وَسبَارَ ِبأَهْلِهِب ،آنَسَب مِنْب جَانِبِب الطّورِ نَارًا ،قَا َل لَِهْلِهِب امْكُثُوا ،إِنّيب آنَسْبتُ
قال تعالى ( فَ َلمّاب قَضَى موسبَى ا َلْ َ
نَارًا َ ،لعَلّي آتِيكُمْب مِ ْنهَا ِبخَبَرٍ َ ،أوْ جَ ْذوَ ٍة مِنْب النّارِ َ ،لعَّلكُمْب تَصْبطَلُونَ ( 29القصص ) قلنيا أن موسيى عليه السيلم ،
كان قيد ضلّ طريقيه بعيد خروجيه مين مديين باتجاه مصير ، ،لقوله علييه السيلم ( َلعَلّي آتِيكُمْب مِنْهَا ِبخَبَرٍ ) فوجيد
نفسيه فيي أحيد الوديية .ودخوله إلى الوادي كان عين طرييق انحداره بواد فرعيي جنوب البحير المييت ،وكان ذلك
ليل وفي طقس بارد جدا .وأثناء التخييم هناك ،كان يلتفت يمنة ويسرة بحثا عن الدفء والهداية ،فآنس نارا من
جانب الجبل ،فاتجه إليها بعد أن استأذن أهله ،ليأتيهم بجذوة منها لجل الدفء ،أو يجد من يرشده إلى طريقه ،
ولكنه لم يجد نارا ولم يجد في المكان أحد .
61
( فَ َلمّاب أَتَاهَا ) وقييف حائرا أمامهييا يتفكّر فييي أمرهييا ،حيييث أنيه لم يجييد مييا جاء يسييعى إلييه ،فل نار ول ناس
يُشعلونهييا ،وأثناء شروده وفييي سييكون الليييل ( ،نُودِي َيمُوسببَى ( 11طييه ) ( مِنبْب شَاطِئِ ا ْلوَادِي الَْ ْيمَنببِ (30
ب الطّو ِر الَْ ْيمَ نِ ( 52مريم ) ،أي من الجانب اليمن ن جَان ِ
القصص ) ،أي من الجانب اليمن من الوادي ( ،مِ ْ
ي وهذا تحديد جغرافي بالغ الدقة لمكان للجبل وليس اليسر ِ ( ،بجَانِبِ ا ْلغَرْبِيّ ( 44القصص ) ،أي الجبل الغرب ّ
الوحي .
أتاه النداء باسيمه ممين يعرفيه ،وذلك مميا آنيس موسيى ،ليبدّد سيكون ذلك اللييل الموحيش ،ويقطيع علييه شروده
وتأمله ،ول أخاله إل قد أجفل عليه السلم ،ولما التفت إلى مصدر النداء ،خاطبه رب العزة قائل ( إِنّي أَنا رَبّكَ
طوًى (12طيه ) فأمره بخلع نعلييه – إذ هيو فيي ) مطمئنيا إياه ومعرّفيا بنفسيه ( فَاخْلَعْب َنعْلَيْكَب إِنّكَب بِا ْلوَادِي ا ْل ُمقَدّسِب ُ
حضرة ملك الملوك – ليتجيه حافيي القدميين ،سيائرا فيي الجانيب المقدس مين الوادي ،صيوب الجبيل ،قال تعالى
( وَ َقرّبْنَاهُ َنجِيّا( 52مريم ) أي كان الكلم مناجاة ،والمناجاة عادة تستدعي القرب .
نحين نعلم أن الرض المباركية والمقدّسية هيي أرض فلسيطين ،وبميا أن الوادي الذي نزل فييه موسيى واد مقدّس ،
فل بيد له مين يكون واقعيا فيي الرض المقدّسية ،وبميا أن الشجرة نبتيت فيي بقعية مباركية ،فل بيد لهيا مين أن تكون
قائمية فيي الرض المباركية ،وبميا أن شجرة سيورة النور زيتونية مباركية ومضيئة ،فلبيد لهيا مين أن تكون هيي
الشجرة ،التي رآها موسى في بطن وادي عربة فظن نورها نارا ،وال أعلم .
وعندميا اقترب موسيى بميا فييه الكفايية لبدء المناجاة ،ناجاه ربيه قائل ( َوأَنبا اخْتَرْتُكَب ،فَاسْب َتمِعْ لِمَا يُوحَى ()13
إِنّنِي أَنَا الُّ َ ،ل إِلَهَب ِإلّ أَنَا فَاعْبُدْنِي َ ،وأَقِمبْ الصبّلَةَ لِ ِذكْرِي ( 14طييه ) فأمره بتوحيده وإفراده بالعبادة وإقاميية
الصلة ،ومن ثم منحه آيتيّ العصا واليد وكلّفه بحمل الرسالة ،والذهاب لدعوة فرعون ودعوة بني إسرائيل إلى
طغَى ( 24طه) .وفي الصباح عاين موسى عليه السلم المكان ،وحفظه عن ظهر ن إِنّهُ َ
عوْ َ
ب إِلَى فِ ْر َ
ال ( ،اذْهَ ْ
قلب فهو المكان الذي تغيّر فيه مجرى حياته عليه السلم ،ولم كان يعلم عليه السلم ما يدبّره رب العزة من أقدار
،سيتأتي بيه إلى هذا المكان فيي قادم اليام ،عنيد خروجيه بقوميه مين مصير ،متجهيا إلى بوابية الرض المقدسية
حيث كان في أرض مدين .
63
ترتيب الحداث التي مرت بموسى وبني إسرائيل خلل تلك الرحلة الطويلة
اللقاء الول لموسى بربه بعد الخروج من مصر ،واتخاذ العجل في بطن وادي عربة :
ت إِلَ ْيكَ رَبّ لِ َترْضَى ( )84وهناك عجِلْ ُ
عجَلَكَ عَنْ َق ْومِكَ َيمُوسَى ( )83قَالَ هُ ْم أُولَءِ عَلَى أَثَرِي وَ َ قال تعالى ( َومَا أَ ْ
كان موسيى علييه السيلم ،مشتاقيا ومندفعيا فطلب رؤيية ربيه ،وكأنيه نسيي ميا كان مين قوميه ،فطلب مين ربيه ميا
طلبيه قوميه منيه ( وَ َلمّاب جَا َء مُوسبَى ِلمِيقَاتِنَا َوكَّلمَهُب رَبّهُب ،قَالَ رَبّ أَرِنِي أَنظُ ْر إِلَيْكَب ،قَالَ لَنْب َترَانِي ،وَ َلكِنْب انظُرْ
جعَلَهُب َدكّاب َ ،وخَ ّر مُو سَى صَب ِعقًا ،فَ َلمّا أَفَا قَ
سوْفَ َترَانِي ،فَ َلمّا َتجَلّى رَبّ هُ لِ ْلجَ َب ِل َ
ن اسْبَتقَ ّر َمكَانَهُب فَ َ إِلَى ا ْلجَ َبلِ ،فَإِ ْ
قَا َل سُب ْبحَانَكَ تُبْتُب إِلَيْكَب َوأَنَا َأ ّولُ ا ْل ُم ْؤمِنِينَب ( 143العراف ) فصيُعق موسيى كميا صيُعق قوميه مين قبيل ،وبعدميا
أفاق أُعطييت له اللواح التيي تحميل فيي ثناياهيا الشريعية الجديدة لبنيي إسيرائيل َ ( ،وكَتَبْنَا لَهُب فِي الَْ ْلوَاحِب مِنْب ُكلّ
64
ومَك ببَ َي ْأخُذُوا بِ َأحْس ببَ ِنهَا س ببَأُرِي ُكمْ دَارَ ا ْلفَاس بِبقِينَ (145
ظ ًة وَ َتفْص ببِيلً ِلكُ ّل شَيْءٍ َفخُذْهَببا ِب ُقوّةٍ َو ْأمُرْ َق ْ
عَشَيْ ٍء َموْ ِ
العراف ) .
ومين ثيم أخيبره ربيه بأن قوميه فُتنوا مين بعده ،بعبادتهيم للعجيل الذهيبي الذي ابتدعيه السيامريّ ( قَالَ َفإِنّاب قَدْ فَتَنّاب
َق ْومَكَب مِنْب َبعْدِكَب َوأَضَّلهُمْب السبّامِ ِريّ ( 85طيه ) ،وكانيت عقوبية الشرك بال غايية فيي القسيوة َ ( ،وإِذْ قَا َل مُوسبَى
جلَ ،فَتُوبُوا إِلَى بَارِ ِئكُم بْ فَاقْتُلُوا أَنفُس َبكُمْ ،ذَ ِلكُم بْ خَ ْيرٌ َلكُم بْ عِنْدَ
ِل َق ْومِه بِ َ ،ي َقوْم بِ إِ ّنكُم ْب ظَ َلمْتُم ْب أَنفُس بَ ُكمْ بِا ّتخَا ِذكُم بْ ا ْل ِع ْ
بَارِ ِئكُمْب ،فَتَابَب عَلَ ْيكُمْب ،إِنّهُب ُهوَ ال ّتوّابُب ال ّرحِيمُب ( 54البقرة ) ،وتوحيي هذه اليية بأن المير كان مُلزميا ،وقبول
التوبة كان مشروطا بقتل النفس ،فمن رغب في التوبة آنذاك ممن عبدوا العجل ،قتل نفسه حقيقة وقُبلت توبته ،
وال أعلم .
حرّقَنّ ُه
علَيْ هِ عَا ِكفًا لَ ُن َ
وبالنظر في قوله تعالى ،على لسان موسى مخاطبا السامريّ ( وَانْظُ ْر إِلَى إِ َلهِ كَ الّذِي ظَلْ تَ َ
حرّق ورُميي فيي البحير ،وأقرب بحير لمقام بنيي ُثمّ لَنَنْسِبفَ ّنهُ فِي الْ َيمّ نَسْبفًا ( 97طيه ) ،نجيد أن العجيل الذهيبي قيد ُ
إسرائيل في وادي عربة هو البحر الميت .
أخذ الميثاق ،وإلزام النقباء الثنيّ عشر بالسهر على تطبيقه ،والحكم بما جاء فيه :
وهناك عُرض عليهييم الميثاق ليلتزموا بييه ويلزموا أتباعهييم على القيام بييه ،ويتحملوا مسييؤولية نقضييه فتردّدوا
وأ َبوْا ،فرفع سبحانه فوقهم الجبل وأجبرهم على أخذه بالقوة ،ولو أصرّوا على الرفض لطبقه عليهم فقبلوه على
مضض ،وكان ال أعلم بما يعتمل في صدورهم ولكنه غفور رحيم ،حيث قال فيهم ( َوإِ ْذ َأخَذْنَا ميثَا َقكُ ْم وَرَ َفعْنَا
جلَ ِب ُكفْرِهِمْب ُ ،قلْ َفوْ َقكُمْب الطّو َر خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْب ِبقُوّ ٍة وَاسْبمَعُوا ،قَالُوا سَب ِمعْنَا وَعَصَبيْنَا َ ،وُأشْرِبُوا فِي قُلُو ِبهِمْب ا ْل ِع ْ
بِئْسَبمَا يَ ْأ ُم ُركُمْب بِهِب إِيمَا ُنكُمْب إِنْب كُنتُمْب ُم ْؤمِنِينَب ( 93البقرة ) .فاختيير مين السيبعين رجل ( )12نقيبيا ،بعدد السيباط
( أي قبائل بني إسرائيل ) وهم الذين تُسميهم التوراة بالقضاة .وهذا نص الميثاق الذي أُلزموا بالعمل على تطبيقه
عشَرَ ،بالضافية إلى الوصيايا الواردة فيي سيورة النعام ( وَ َلقَ ْد َأخَذَ الُّ مِيثَاقَب بَنِي إِسْبرَائِيلَ ،وَ َبعَثْنَا مِ ْنهُمْب اثْنَيْب َ
عزّرْ ُتمُوهُمْ َ ،وأَقْرَضْتُ ْم الَّ َقرْضًا َنقِيبًا ،وَقَالَ الُّ إِنّي َمعَكُمْ ،لَئِنْ أَ َقمْتُمْ الصّلَةَ ،وَآتَيْتُمْ ال ّزكَاةَ وَآمَنْتُمْ ِبرُسُلِي وَ َ
ضلّحَسَبنًا ُ ،لَ َكفّرَنّ عَ ْنكُمْب سَبيّئَا ِتكُمْ َ ،ولَُ ْدخِلَ ّنكُمْب جَنّاتٍب َتجْرِي مِنْب َتحْ ِتهَا الَْ ْنهَارُ َ ،فمَنْب َكفَرَ َبعْدَ َذلِكَب مِ ْنكُمْب َ ،فقَدْ َ
سوَاءَ السّبِيلِ ( 12المائدة ) . َ
رفض المن والسلوى وطلب القثائيات ،والحكم عليهم بالنزول في موطن زراعتها :
كانيت مدة المكيث بادئ المير فيي الصيحراء بسييطة ،وذلك لتذمّرهيم وعدم صيبرهم على طعام واحيد ،أي المنّي
والسيلوى ،فحكيم عليهيم سيبحانه بإكمال المسيير المقدّر مسيبقا ،بقوله على لسيان موسيى ( َوإِذْ قُلْتُمْب َيمُوسبَى لَنْب
سهَا وَبَصَ ِلهَا قَالَ
ض مِنْ َبقْ ِلهَا وَقِثّا ِئهَا وَفُو ِمهَا وَعَدَ ِ
ت الَْرْ ُ
طعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبّكَ ُيخْرِجْ لَنَا ِممّا تُنْبِ ُ
علَى َ
نَصْبِرَ َ
أَتَسببْتَبْدِلُونَ الّذِي ُه َو أَدْنَبى بِالّذِي ُه َو خَيْرٌ اهْ ِبطُوا مِصبْبرًا ،فَإِنّب َلكُمبْب مَبا سببَأَلْ ُتمْ ( 61البقرة ) وحيييث أنييه قال
( مِصْراً ) منونةً ،ولم يقل ( مِصْرَ ) بدون تنوين ،فهي غير مصر التي خرجوا منها ،وإنما جاءت هنا بمعنى (
بلداً ) نكرة وغير معرّفة ،وقوله ( فإ نّ لكم ما سألتم ) تعني أن هذا البلد يتميّز ،بأن فيه ما سأله بني إسرائيل من
نيبيهم مين عدس وبصيل وغيره ،ولو تسياءلنا عين موقيع هذا البلد ،القرييب مين الرض المقدسية ،الذي يتمييز
بخصيوبة أراضييه ووفرة مياهيه مين ينابييع وآبار ويصيلح لزراعية القثّائيات ،بالتأكييد سيتكون الجابية الرض
الواقعة شرق نهر الردن ،وفي السفوح الغربية للجبال المطلة على فلسطين ،وبالتحديد قرية مدين التي يعرفها
65
موسيى ،ويعرف ميّزاتهيا وخصيائصها ،والتيي كان أهلهيا قيد هلكوا بعذاب يوم الظلّة ،قبيل أو بعيد خروج موسيى
منها ،ليرثها بنوا إسرائيل مع القلة المؤمنة ،من قوم شعيب التي نجت من العذاب ،وال أعلم .
المر بدخول الرض المقدّسة وتحريمها عليهم وتيههم شرقي النهر :
وبعيد مدة مين مكثهيم فيي مديين ،أمرهيم موسيى بدخول الرض المقدسية ( فلسيطين ) ،ولم تكين هناك حاجية للقتال
آنذاك فرفضوا وعصيوا لقلة إيمانهيم ،وأخلدوا إلى الرض وتذرّعوا بحجيج واهيية لييبرّروا اتكاليتهيم وعجزهيم ،
فدعا موسى ربه ليحكم بينه وبينهم ،فاستجاب له ربه ( قَالَ َفإِ ّنهَا ُمحَ ّر َمةٌ عَلَ ْيهِمْ أَرْ َبعِينَ سَ َنةً يَتِيهُونَ فِي الَْ ْرضِ
سقِينَ ( 26المائدة ) فكان تحريم الدخول لمدة أربعين سنة ومن ثم التيه في الرض . فَل تَ ْأسَ عَلَى ا ْل َق ْومِ ا ْلفَا ِ
والتييه لغية الحيرة والضلل ،ورجيل تائه وتيّاه إذا كان جسيورا يركيب رأسيه فيي المور ،وفيي الحدييث :إنيك
امرؤ تائه ،أي متكيبر أو ضال متحيّر .والمراد مين ذلك أنهيم تُركوا على رؤوسيهم ،وحُرموا من قيادة النيبياء ،
بأن ال تخلى عنهيم وحرمهيم مين رعايتيه لهيم ،ورفيع عنهيم الوحيي وتركهيم بل هدايية ،بعيد موت موسيى علييه
السلم ،على مدى 40سنة ،ولم يُقصد بالتيه الضياع والتشرّد المكاني في صحراء سيناء كما كنا نعتقد سابقا .
والصحيح أنهم حافظوا على تواجدهم ،كأمة مكونة من 12جماعة شرقي نهر الردن ،وأُوكلت قيادة كل جماعة
إلى أحد النقباء الثني عشر ،كل حسب السبط الذي ينتمي إليه بعد انقطاع قيادة الوحي ،وهذا مما ينفي نبوة فتى
موسى المسمى بيوشع بن نون .وهنا تتضح الحكمة من جراء إلقاء مسؤولية حفظ الميثاق وإقامته ،على النقباء
الثني عشر بعد وفاة موسى وانقطاع الوحي والعناية اللهية .وهذا ما حاول مؤلّفو التوراة إخفاءه بتبديل مواضع
66
الكلم ،فجعلوا المن والسلوى تتنزّل عليهم لمدة أربعين سنة في الصحراء ،وهي عدد سنين التحريم والتيه التي
كانوا يأكلون فيها البصل والعدس .
ويدّعيي كتبية التوراة أن بنيي إسيرائيل ،أثناء قدومهيم إلى الرض المقدسية بمعيية موسيى علييه السيلم ،قيد قاتلوا
أقواميا كثيرة شرق نهير الردن وانتصيروا عليهيا ،ويدّعون أيضيا أنهيم هاجموا الكنعانييين بعيد موسيى ،وهدموا
أسييوار مدينيية أريحييا بمعييية يوشييع بيين نون ،وأنهييم أقاموا زميين القضاة غرب النهيير .وهذا كله محييض افتراء
وتلفييق ،فكييف يقاتيل مين طلب منيه مجرد الدخول ولم يدخيل ،ولفيظ الدخول فيي القرآن يوحيي بانتفاء القتال ،
ونص الحوار الذي دار بين موسى وقومه لدخولها تجده كامل في اليات ( )27 – 20المائدة .
طلب المُلك لدخول الرض المقدّسة بعد نهاية سنوات التيه :
علَ ْيكُمُ ا ْلقِتَالُ َألّ ُتقَاتِلُوا قَالُوا َومَا لَنَا
ن كُتِبَ َعسَيْ ُت ْم إِ ْ
( إِذْ قَالُوا لِنَبِيّ َلهُ ُم ا ْبعَثْ لَنَا مَ ِلكًا ُنقَا ِتلْ فِي سَبِيلِ الِّ قَالَ َهلْ َ
ل مِ ْنهُمْب وَالُّ عَلِيمٌبَألّ ُنقَا ِتلَ فِي سَببِي ِل الِّ وَقَ ْد ُأخْ ِرجْنَا مِنْب دِيَارِنَا َوأَبْنَائِنَا فَ َلمّاب كُتِبَب عَلَ ْيهِمُب ا ْلقِتَالُ َتوَّلوْا ِإلّ قَلِي ً
بِالظّا ِلمِينَ ()246
وبعد انقضاء سنون التيه الربعون ،التي عاشوا خللها شرقي نهر الردن .بُعث فيهم نبيا ،يدّعون في التوراة
أن اسيمه ( صيمويل ) .وربميا لتعرضهيم لضييق العييش والضطهاد والغزو ،مين قبيل الممالك المجاورة شرقيي
لَ مِ نْ بَنِي إِ سْرَائِي َل مِ نْ َبعْدِ
النهر ،طلبوا من هذا النبي أن يسأل ال ليبعث لهم ملكا ،قال تعالى ( أَلَ مْ تَ َر إِلَى ا ْلمَ ِ
مُوسَى ،إِذْ قَالُوا لِنَبِيّ َلهُ ْم ا ْبعَثْ لَنَا مَ ِلكًا ُنقَا ِتلْ فِي سَبِيلِ الِّ ( 246البقرة ) بغية دخول الرض المقدسة التي كتب
ال لهيم ،فبُعيث لهيم طالوت ملكيا وأنزل ال لهيم التابوت تحمله الملئكية آيية لملكيه ،كونهيم ل يؤمنون إل بميا هيو
ل يشربوا منه فشربوا منه إل قليل . محسوس ،فأعدّهم ونظّم صفوفهم واجتاز بهم نهر الردن على أ ّ
وكانيت المواجهية ميع الكنعانيين -على الرجيح فيي سيهول أريحيا َ ( -فهَ َزمُوهُمْب بِإِذْنِب الِّ وَقَ َتلَ دَاوُو ُد جَالُوتَب )
وقتيل داود -الذي كان مين جنود طالوت -جالوت قائد الكنعانييين فدخلوا القدس .ومين ثيم انتقيل المُلك لداود علييه
عّلمَهُ ِممّا َيشَاءُ ( 251البقرة ) ونص هذه الحداث ح ْك َمةَ ،وَ َ
السلم بغض النظر عن الكيفية ( وَآتَا ُه الُّ ا ْلمُلْكَ وَا ْل ِ
كامل تجده فييي اليات ( )251 – 246البقرة ،وكانييت هذه أول معركيية يقاتييل فيهييا بنييو إسييرائيل ،وكان جيشهييم
يتألف مين القلة المؤمنية ،التيي لم تكين قيد شربيت مين النهير ( نهير الردن ) ،وكان هذا هيو الدخول الول لبنيي
إسرائيل إلى الرض المقدسة .
67
ملك داود عليه السلم :
معظيم اليات التيي أخيبرت عين داود وملكيه ،كانيت تركّز على شخيص داود ،حييث اتّصيف علييه السيلم بالورع
والتقوى وكثرة العبادة ،والعلم والقوة ميع شييء مين الليين فيي المعاملة ،وتوحيي بأن شغله الشاغيل ،كان توطييد
خطَا بِ ( 20ص ) وإعداد ما استطاع من قوة للدفاع صلَ ا ْل ِ
أركان دولته الحديثة ( َوشَدَدْنَا مُ ْلكَ ُه وَآتَيْنَا هُ ا ْلحِ ْك َم َة وَفَ ْ
عين دولتيه الصيغيرة ،التيي كانيت محصيورة فيي بييت المقدس وميا حولهيا ،مين هجمات القوام المجاورة لهيا مين
الكنعانيين ،ولم يكن يسعى لتوسيع رقعة الدولة ،كون المة السرائيلية آنذاك كانت قليلة -وهي لم تكثر إل في
العصر الحديث ،وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية ،حيث رُفع عنهم القتل -ولم تكن تستدعي امتلك مساحة
كبيرة من أرض فلسطين .
صفة الجبن الملزمة لليهود ومعالجتها بابتكار داود للدروع الحربية :
سكُمْ َف َه ْل أَنْتُ ْم شَاكِرُو نَ ( 80النبياء ) ،والضمير ( كم ) قال تعالى ( وَعَّلمْنَا هُ صَ ْن َعةَ لَبُو سٍ َلكُ مْ لِ ُتحْ صِنَ ُك ْم مِ نْ بَأْ ِ
في كلمتي ( لكم ) و ( بأسكم ) يعود على المخاطبين بالقرآن ،وهذا خبر يفيد أن داود عليه السلم ،هو أول من
ابتكر الدروع الحربية الحديدية ،وأول من استعملها هم بنو إسرائيل ،وهذا يكشف طبيعة الجبن فيهم ،والحرص
ركُوا (96 على الحياة والخوف مين الموت وكرههيم للقتال ( وَلَ َتجِدَ ّنهُمْب َأحْرَصَب النّاسِب عَلَى حَيَاةٍ َومِنْب الّذِينَب َأشْ َ
البقرة ) وصيناعة داود لهيا يدل على معرفتيه بطيبيعتهم تلك ،فقيد قالوا لموسيى مين قبيل ( إِنّاب لَنْب نَ ْدخُلَهَا أَبَدًا مَا
ل إِنّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ( 24المائدة ) ،فالجبن والتواكل على الغير طبيعة متأصّلة ب أَنْتَ وَرَبّكَ َفقَاتِ َدَامُوا فِيهَا فَاذْ َه ْ
فيي نفوسيهم ،وانظير إلى قولهيم ( وربيك ) ولييس ( وربنيا ) ،فهيو رب موسيى ولييس بربهيم فميا كانوا مؤمنيين ،
لذلك قال فيهييم موسييى عليييه السييلم ( فَافْرُقبْ بَيْنَنَا وَبَيْنبَ ا ْل َقوْمبِ ا ْلفَاسبِقِينَ ( 25المائدة ) ،وكان أغلبهييم فاسييقين
وعصياة ومعتديين ،حتيى فيي زمين طالوت وداود وسيليمان وعلى مير العصيور ،حييث قال تعالى ( ُلعِنَب الّذِينَب
كَفَرُوا مِنْب بَنِي إِسْبرَائِيلَ عَلَى لِسبَانِ دَاوُودَ وَعِيسبَى ابْنِب مَرْيَمَب ذَلِكَب ِبمَا عَصَبوْا َوكَانُوا َيعْتَدُونَب ( 78المائدة ) فكميا
ن أَنّي رَسُولُ الِّ إِلَ ْيكُمْ فَ َلمّا زَاغُوا
تأذّى موسى عليه السلم ( َوإِذْ قَا َل مُوسَى ِل َق ْومِهِ يَا َقوْمِ لِمَ ُتؤْذُونَنِي َوقَدْ َتعْ َلمُو َ
أَزَاغَب الُّ قُلُو َبهُمْب وَالُّ لَ َيهْدِي ا ْل َقوْمَب ا ْلفَاسِبقِينَ ( 5الصيف ) تأذّى منهيم داود علييه السيلم وهيو أول ملوكهيم ،
وتأذّى منهم عيسى عليه السلم وهو آخر أنبيائهم ،ومن وقع بينهما من النبياء .
ولم يكين شُرب أغلبهيم مين النهير ،عنيد عبورهيم ميع طالوت إلى فلسيطين عطشيا ،وإنميا ليسيتثنيهم طالوت مين
الخروج فيي الجييش للقتال ،وميا زالوا يفتعلون الحجيج للتهرب مين القتال حتيى فيي دولتهيم الحاليية ،فهيم يدفعون
بأبنائهييم إلى المدارس الدينييية لتجنيبهييم الخدميية العسييكرية .فابتكيير عليييه السييلم الدروع الحديدييية ليلبسييوها فييي
حروبهم مع الشعوب المجاورة ،التي على ما يبدو كانت تغزوهم باستمرار ،لعلها تدخل شيئا من الطمئنان إلى
تلك القلوب الوجلة ،وتدفعهيم إلى الذود عن حميى مملكتهم .ولو نظرت إلى واقعهيم المعاصير ،لوجدتهم يلبسيون
الدروع الواقيية مين الرصياص حتيى فيي مواجهية الحجارة ،وتجدهيم يتحصيّنون وراء السييارات المصيفحة ،أو
جمِيعًايقاتلون من وراء جدر من السمنت المسلح ،وهذا ما يفضحهم به القرآن في مواضع كثيرة ( لَ ُيقَاتِلُونَكُ ْم َ
جمِيعًا وَ ُقلُو ُبهُمبْ شَتّىب ذَلِكبَ بِأَ ّنهُمبْ َقوْمبٌ لَ
ِإلّ فِي قُرًى ُمحَصبّ َنةٍ َأوْ مِنْب وَرَا ِء جُدُرٍ بَأْسُب ُهمْ بَيْ َنهُمبْ شَدِيدٌ َتحْسبَ ُب ُهمْ َ
َيعْقِلُونَ ( 14الحشر ) .
69
.2أن سليمان عليه السلم بنى مدينة بيت المقدس .
.3أن سليمان عليه السلم هو أول من بنى المسجد القصى .
وأميا التسيمية بالمسيجد فهيي التسيمية السيلمية له ،وجاءت بعيد حادثية السيراء ،وأميا فيي عهيد سيليمان علييه
السلم ،فقد جاءت تسميته في القرآن بالصرح ( ،قِيلَ َلهَا ا ْدخُلِي الصّرْحَ ) وأما الترجمة العربية للتوراة فأعطته
اسييم الهيكييل ،والمعنييى لكلتييا التسييميتين واحييد ،وهييو البناء الضخييم المرتفييع .وعلى كييل الحوال فإن المسييجد
القصى القائم حاليا ،يجثم في نفس المكان الذي أقيم فيه صرح سليمان ،والغريب أن الكثير من أئمة المسلمين
وعامتهم ينكرون هذه الحقيقة ،ربما لظنهم أن اعترافهم بهذا المر ،يعطي الصهاينة حقا في هدم المسجد وبناء
هيكلهيم مكانيه ،ويُسيقط أحقيّة المسيلمين فييه ويُضعيف موقفهيم فيي الدفاع عنيه ،حتيى وصيل المير ببعضهيم إلى
مخالفة النص القرآني ،وإنكار حتى تواجدهم في الرض المقدسة جملة وتفصيل .
70
وأستطيع وصف هذا الصرح بأنه بناء ضخم ومرتفع ،كانت الصخرة تقع في مركزه ،تحيط بها ساحة واسعة ،
أرضيتها من الزجاج المصقول ،يُرى من خللها ماء يجري أسفل منها ،أو ماء راكد في أحواض مائية ،وضع
فيهيا ميا اسيتجلبه سيليمان مين المناظير والمشاهيد البحريية ،مميا اسيتخرجته له الشياطيين مين أعماق البحير ،وعلى
أطراف تلك الساحة أقيمت المحاريب العديدة للعبادة من كل جانب .وال أعلم .
وقد سمعت من زميل لي زار المسجد وتجوّل فيه ،أن هناك آبارا وأحواضا مائية ،تحت ساحة المسجد القصى
مباشرة ،فإذا كان ذلك صيحيحا ،وميع علمنيا بأن المسيجد القصيى بُنيي فيي نفيس موقيع المسيجد السيابق ،وأن
الصخرة هي القبلة الفعلية لليهود ،فهذا المر يُؤكد أن الصرح الذي كان قد بُني في عهد سليمان عليه السلم ،
هيو المسيجد الذي دخله أولئك المبعوثيين أول مرة ،وخرّبوه ونهبوا محتوياتيه ولم يبقوا له أثير يُذكير ،وعدم وجود
آثار له يُؤكد أن هذا الصرح لم يتم بناءه بالطرق المألوفة ،سواء بهندسة البناء أو بالمواد المستخدمة ،فبُناته هم
الجن والشياطين ،وبالتأكيد فإن طريقتهم في البناء تختلف عن طريقة البشر ،وطبيعة المواد المستخدمة تختلف
عميا يسيتخدمه البشير ،وربميا يكون هذا الصيرح الخرافيي هيو ميا دفيع نبوخيذ نصير صياحب حدائق بابيل المعلّقية ،
للغارة على بني إسرائيل في المرة الولى لنهب محتوياته .
72
بنو إسرائيل في عصر سليمان :
أما بني إسرائيل في عصر سليمان ،فلم يختلفوا كثيرا عما كانوا عليه في عصر موسى وداود ،حيث كانوا على
الدوام فاسييدين كأفراد إل ميين رحييم ال ،ومييا اختلف عليهييم فييي عصيير سييليمان ،أن سييليمان سيياسهم بالقوة
ن جُنُودُهُب مِنْب ا ْلجِنّ
حشِرَ لِسُبلَ ْيمَا َ
والسيلطان ،وكان يأخذهيم إلى القتال وهيم بطيبيعتهم له كارهون ،قال تعالى ( َو ُ
وَالِْنْسِب وَالطّيْرِ َفهُمْب يُوزَعُو نَ ( 17النمل ) ،وحشير أي جُميع ،ويوزعون أي يسياقون بانضباط ول يتقدم آخرهيم
على أولهم .
76
حصر الفترة الزمنية للفساد المُذكور في القرآن :
سلِ )) ،وَءَاتَيْنَا عِيسَى والن لننتقل إلى الكريمة التي تقول ( وَ َلقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ا ْلكِتَابَ (( ،وَ َقفّيْنَا مِنْ َبعْدِهِ بِالرّ ُ
ابْنَب مَرْيَمَب الْبَيّنَاتِب َ ،وأَيّدْنَاهُب بِرُوحِب ا ْلقُدُسِب .أَ َفكُلّمَا جَا َءكُمْب رَسبُولٌ ،بِمَا لَ َت ْهوَى أَ ْنفُسُب ُكمُ ،اسْبتَكْبَرْ ُتمْ َ ،ففَرِيقًا
كَذّبْتُ ْم وَفَرِيقًا َتقْتُلُو نَ ( 87البقرة ) قلنا أن قمة الفساد هي قتل النفس بغير حق وأعظمها قتل الرسل والنبياء ،
ولحظ قوله سبحانه ( تقتلون ) حيث تفيد صيغة المضارع الستمرارية والكثرة في القتل ،وقد ذُكر قتلهم للرسل
والنبياء ( ) 7مرات في مواضع متفرقة من القرآن ،وقد حُصر وقوع هذا القتل منهم في هذه الية ،بين موسى
وعيسى عليهما السلم .وإذا علمنا أن بني إسرائيل كانوا بحاجة إلى النبياء ( حبل ال ) لدخول الرض المقدسة
لقامية دولتهيم فيهيا ،ولم يكين فيهيم أنيبياء فيي سينوات التحرييم ،غيير ذلك النيبي الذي بُعيث عنيد انقضائهيا ،والذي
توجهوا إليه لطلب المساعدة والنصرة من ال ،لتبين لنا أن قتل النبياء ،قد تح صّل منهم قبل بعث عيسى عليه
السلم ،وهو آخر أنبيائهم ،وبعد وفاة سليمان عليه السلم آخر النبياء الملوك ،حيث لم تعد بهم حاجة للنبياء
ليذكّروهيم بشرع ال واللتزام بيه ،بعيد أن أمسيى لهيم الملك والعلو فيي الرض ،فأهواء ورغبات وأطماع الذيين
( أشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ) والذين ( قست قلوبهم فهي كالحجارة أو شد قسوة ) ل تتفق وشرع ال .
77
ومجييء الفعيل ( تتلوا ) بصييغة المضارع ،يُفييد بأنهيم على اتّصيال دائم بالشياطيين ،وأن الشياطيين ميا
زالت تتحدّث إليهم بكفريّات تنسبها إلى سليمان عليه السلم ،يُبرأه سبحانه منها بقوله ( وما كفر سليمان
ولكن الشياطين كفروا ) وعوضا عن تعليم الناس تعاليم التوراة :
.3كانوا وميا زالوا يُعلمون الناس السيحر ،ويعلّمونهيم أيضيا نوعيا آخرا مين السيحر ،كانوا قيد تعلّموه أثناء
تواجدهم في بابل ،هو ما أُنزل على الملكين هاروت وماروت ،اللذان لم يُعلّما أحدا من الناس إل وقال له
( إِنّمَا َنحْنُب فِتْ َنةٌ ،فَلَ َت ْكفُرْ ) وحقيقية ميا كان يتعلّميه الناس مين الملكيين فيي بابيل ،يُبيّنه سيبحانه بالجملة
ن َأحَدٍ ِإلّ بِإِذْ نِ
المعترضة ( فَيَ َتعَّلمُو نَ مِ ْن ُهمَا ،مَا ُيفَرّقُو نَ بِ هِ بَيْ نَ ا ْلمَرْ ِء وَ َز ْوجِ هِ َ ،ومَا هُ مْ بِضَارّي نَ بِ ِه مِ ْ
الِّ ) .
ضرّ ُهمْ َ ،ولَ يَ ْن َف ُعهُمْ … إلى آخر الية )ن مَا يَ ُ
.4ويُعقّب سبحانه على ما قامت به تلك الفئة بقوله ( وَيَ َتعَّلمُو َ
.وهذا ميا يقومون بيه لغايية الن ،فيي محافلهيم الماسيونية ومدارسيهم الدينيية ،حييث يُمارسيون ويُعلّمون
منتسبيهم وتلميذهم طقوس عبادة الشياطين وفنون السحر والشعوذة .
78
تاريخ اليهود في التوراة والتلمود
ماهية التوراة :
التوراة فيي ( لسيان العرب ) :نجيد أن هذه الكلمية ذات أصيل عربيي ومصيدرها َورِيَي ،والوراء هيو ولد الولد ،
والواري هيو السيمين مين كيل شييء ،وناقية واريية أي سيمينة ،وو َريْتُي النار توري ًة إذا اسيتخرجتها ،واسيتوريت
فلنا رأياً أي سألته أن يستخرج لي رأيا ،ووريت الشيء وواريته أخفيته ،ووريت الخبر أُورِيه توري ًة إذا سترته
وأظهرت غيره وكأنه مأخوذ من وراء النسان ،لنه إذا قال َو َريْته فكأنه يجعله وراءه حيث ل يظهر ،والتورية
ستْر .
هي ال َ
ولو تدبرّنيا كيل المعانيي السيابقة ،لوجدنيا أن هيذ التسيمية ( التوارة أو التوريية حسيب الرسيم القرآنيي لهيا ) جاءت
لتصيف بدقية وبشموليية ،حال الكتاب الموجود بيين أيدي اليهود ،ولتصيف الكيفيية التيي يتعاميل بهيا اليهود ميع هذا
الكتاب ،فالتوراة في الواقع كتاب ضخم يحوي بين دفتيه ( ) 39سفرا ،وإحدى نسخه المترجمة فيها ما يزيد عن
1128صفحة بمعدل 380كلمة لكل صفحة ،أي ما يفوق القرآن من حيث عدد الكلمات بستة مرات تقريبا ،جُمع
فييه كيل ميا أُنزل على أنيبياء بنيي إسيرائيل المتعاقيبين تباعيا ،مين شرائع وأخبار ونبوءات غيبيية وتارييخ وأسياطير
وخرافات ،وعلى فترات متباعدة ومتتالية ،ولمدة ل تقل عن ألف وخمسمائة سنة .
التوراة كتاب يضمّ بين دفتيه جميع ما أُنزل على أنبياء بني إسرائيل :
والرجح أن التوراة أُنزلت مفرّقة بدءاً من يعقوب أو إسحاق وانتها ًء بزكريا عليهم السلم ،وأنها مجمل ما أُنزل
على يعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وزكريا وبقية أنبيائهم ممن لم تذكر أسمائهم في القرآن ،قال تعالى
79
ي مُوسَى وَعِيسَى َومَا أُوتِيَ النّبِيّونَ مِ ْ
ن ط َومَا أُوتِ َ
ب وَالَْسْبَا ِ
ق وَ َيعْقُو َ
سحَا َ
سمَاعِيلَ َوإِ ْ
( َومَا أُن ِزلَ إِلَى إِبْرَاهِي َم َوإِ ْ
رَ ّبهِمْب لَ ُنفَرّقُب بَيْنَب َأحَ ٍد مِ ْنهُمْب وَ َنحْنُب لَهُب مُسْبِلمُونَ ( 136البقرة ) ولحيظ أن ترتييب أسيماء النيبياء ،فيي هذه اليية
ن النزال شمل كل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب جاء متعاقبا حسب الترتيب الزمني ،ولحظ أيضا أ ّ
والسيباط وتوقيف .وأفرد موسيى وعيسيى ميع أنهيم مين السيباط وخصيّهما باليتاء ،وأفرد النيبيين مين غيير ذريية
إبراهيم باليتاء أيضا ،والظاهر أن هناك فرق بين النزال واليتاء ،وأما ماهية السباط فسنبيّنها في فصل آخر
.
ولو اطلعيت على مجميل النصيوص القرآنيية ،لوجدت أن ميا نُسيب إلى موسيى علييه السيلم باليتاء ،هيو الكتاب
والفرقان والهدى وضياء وذكر واللواح والصحف ،وأن التوراة لم تنسب ن صّا إلى موسى عليه السلم ،في أي
موضع من المواضع ال ( )18في القرآن ،وهي ( 6مرات في آل عمران ،و 7مرات في المائدة ،ومرة واحدة
ل مين العراف والتوبية والفتيح والصيف والجمعية ) وخلصية القول أن ذكير التوراة فيي القران يُقصيد بيه فيي ك ٍ
الكتاب الذي كان بأيدي اليهود زميين نزول القرآن وحتييى عصييرنا هذا ،والذي مجمييل مييا أُنزل على أنييبياء بنييي
إسيرائيل عليهم السلم ،وأن المقصود بذكير الكتاب المذكور في سورة السراء هو ما أُنزل على موسى وحده ،
وال أعلم .وأميا ميا يُنسيب إلى موسيى علييه السيلم فيي التوراة الحاليية ،فهيي السيفار الخمسية الولى مين مجموع
أسفارها ،وهي أسفار التكوين والخروج واللويين والعدد والتثنية ،وعلى الرجح أن بعض هذه السفار كسفر
التكويين ،كان موجودا قبيل موسيى علييه السيلم ،ومين المحتميل أن يكون هذا السيفر هيو مجموع صيحف إبراهييم
وإسحاق ويعقوب عليهم السلم .
جعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي ِإسْرَائِيلَ أَلّا تَ ّتخِذُوا مِنْ دُونِي َوكِيلًا ( 2السراء )
( وَءَاتَيْنَا مُوسَى ا ْلكِتَابَ َو َ
" إصحاح :26آية :16لقد أمركم الرب إلهكم هذا اليوم ،أن تعملوا بهذه الفرائض والحكام ،فأطيعوا واعملوا
بها من كل قلوبكم ومن كل نفوسكم … :17 ،وأن عليكم طاعة جميع وصاياه :19،فيجعلكم أسمى من كل المم [
مستعليا على جميع القبائل ] التي خلقها في الثناء والشرف والمجد ( ،العلو ) . " … ،
إخبار موسى عليه السلم بنص النبوءة كان قبل دخولهم إلى الرض المقدسة :
" :1-9 :27وأوصيى موسيى وشيوخ إسيرائيل الشعيب قائليين :أطيعوا جمييع الوصيايا التيي أنيا أمركيم بهيا اليوم .
فعندميا تجتازون نهير الردن ،إلى الرض التيي يهبهيا الرب إلهكيم لكيم ،تنصيبوا لنفسيكم حجارة كيبيرة … ،
وتكتبون عليها جميع كلمات هذه الشريعة … ،ثم قال موسى والكهنة واللويون لجميع شعب إسرائيل " :
سفر الخروج :2 : 20 " :أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر ديار عبوديتك :3 ،ل يكن لك آلهة
أخرى سواي :4 ،ل تنحت لك تمثال ول صورة :5 ، … ،ل تسجد لهن ول تعبدهن :7 ، … ،ل تنطق باسم
الرب باطل :12 ، … ،أكرم أباك وأمك :13 ، … ،ل تقتل :14 ،ل تزن :15 ،ل تسرق :16 ،ل تشهد على
قريبك شهادة زور :17 ،ل تشته بيت جارك ، … ،ول شيئا مما له " .
وهذا ما يُسمّونه بالوصايا العشر ،واخترت النص من سفر الخروج ،كونه أكثر وضوحا ومطابقة للقرآن ،حيث
ورد نص الميثاق والوصايا في والبقرة ( ) 84 – 83والنعام ( ) 153 – 151والسراء ( . ) 39 – 22
سكُمْ ( 7السراء )
حسَنْ ُتمْ لِأَ ْن ُف ِ
حسَنْتُ ْم أَ ْ
( إِنْ َأ ْ
" :1-13 :28وإن أطعتم صوت الرب طاعة تامة ،حرصا منكم على تنفيذ جميع وصاياه فإن الرب إلهكم يجعلكم
أسييمى ميين جميييع أمييم الرض .وإذا سييمعتم لصييوت الرب إلهكييم ،فإن جميييع هذه البركات تنسييكب عليكييم
وتلزمكيم ، … ،كميا تتبارك ُذرّيّتكيم ،وغلّت أرضكيم ،ونتاج بهائمكيم ،ويهزم الرب أمامكيم أعدائكيم القائميين
عليكييم ،فيقبلون عليكييم فييي طريييق واحدة ،ولكنّهييم يُولّون الدبار فييي سييبع طُرق ،فيفتييح الرب كنوز سييمائه
الصالحة ،فيمطر على أرضكم في مواسمها ،ويُبارك كل ما تنتجه أيديكم ، … ،فإنّه يجعلكم رؤوسا ل أذنابا ،
متسامين دائما ( علو ) ،ول يُدرككم انحطاط أبدا ( ذلّة ) … " ( .مثوبة الصلح )
82
النصوص الخاصة بالمرة الثانية :
ح َم ُكمْ … ( 8السراء )
ن يَ ْر َ
عسَى رَ ّبكُمْ أَ ْ
( َ
" :36لن الرب يديين شعبيه ( بنيي إسيرائيل ) ويرأف بعيبيده ،عندميا يرى أن قوّتهيم قيد اضمحلت ( زالت بعيد
المرة الثانية ) … " .
84
حوِيلًا ( 56السراء )
ن دُو ِنهِ فَلَا َيمْ ِلكُونَ َكشْفَ الضّرّ عَ ْن ُكمْ وَلَا َت ْ
عمْ ُتمْ مِ ْ
( ُقلِ ادْعُوا الّذِينَ َز َ
ب لمساعدتكم وتبسط عليكم" 37 :32عندئذ يسأل الرب :أين آلهتهم ؟ أين الصخرة التي التجأوا إليها ؟ :38لته ّ
حمايتها :39انظروا الن :إني أنا هو وليس إله معي ،أنا أميت وأحيي ،أسحق وأشفي ول منقذ من يدي … ،
ت بيه يدي للقضاء ،فإنيي أنتقيم مين أعدائي وأجازي مبغضيّي :42 ،أُسيكر
:41إذا سيننت سييفي البارق ،وأمسيك ْ
سهامي بالدم ويلتهم سيفي لحما بدم القتلى والسبايا ،ومن رؤوس قواد العدو ( قادة إسرائيل ) … " .
85
مين سيكره ،وعلم ميا فعله ابنيه الصيغير ،قال :ليكين كنعان ملعونيا ،وليكين عبيد العبييد لخوتيه ،ثيم قال :
تبارك ال إله سام ،وليكن كنعان عبدا له ،ليوسع ال ليافث ،وليكن كنعان عبدا له ) .
.4الكلدانيون فيي بابيل ،وورثتهيم الجدد ( العراقيون ) ( ،وأحقادهيم على بابيل وأهلهيا ،أُفرد الحدييث عنهيا فيي
موضع آخر ) .
.5جميع شعوب الرض ما عدا اليهودي الصرف ( .والمثلة على ذلك موجودة في أسفار موسى ،ونصوص
التلمود ) .
.6سبط بنيامين الخ الشقيق ليوسف عليه السلم .
وكل مشاعر الحقد والرغبة في النتقام ممن ذُكروا أعله ،أفرغها الكتبة ( الكهنة والحكماء ) في كتابهم المقدس
( التوراة ) ،فأعادوا جمعها ونسخها تحت وطأة انفعالت نفسية رهيبة ،وتمت فبركة جميع أسفارها بما يتناسب
مع تلك المشاعر التي خلفها السبي البابلي في عقولهم وقلوبهم ،والتي كانت أكبر فاجعة أُصيب بها بنو إسرائيل
والكثر إيلما على مرّ التاريخ .
وقيد تيبين لي أن هناك تطوييل وتكرار غيير ميبرر لنفيس الحدث أو الموضوع ،وأحيانيا يكون هذا التكرار لنفيس
السيفر كامل تحيت مسيميين ،مثيل أسيفار أخبار اليام وأخبار الملوك ميع اختلف بسييط ،وأحيانيا لنفيس الفقرة فيي
نفييس السييفر ،وهذا التكرار يدل على أن نصييوص التوراة جُمعييت على القييل ميين مصييدرين مختلفييين ،وأُخذت
النصيوص منهميا وجُمعيت فيي كتاب واحيد دون تفضييل نيص على آخير ،فالحدث الواحيد أحيانيا يتكرّر مرتيين
وثلثة دون وجود فارق جوهري في المضمون .
وبعد أن قمت بمطالعة التوراة بشكل مُتكرّر تأكدت من هذه الحقيقة ،التي لم يكن قد تنبّه لها الباحثون والناقدون
حرّفت أكثر من الخرى ، من قبل ،وهي أن التوراة قد جمعت فعل من نسختين مُختلفين ،وأن إحدى النسختين ُ
وأن لغية كيل منهميا تختلف عين الخرى ،فغالبيا ميا يكون هناك مُسيمّين لنفيس الشخيص أو المكان ،حتيى يخال
للقارئ أنهيا أسيماء لشخوص أو أماكين مختلفية ،وكمثال على ذلك إبرام وإبراهييم ،وسياراي وسيارة ،وصيحراء
سيين وصيحراء سييناء ،ومملكية يهوذا ومملكية إسيرائيل ،والسيبي البابلي والسيبي الشوري .وهذا الرتباك الذي
وقيع فييه مؤلفيو التوراة المتأخرون ،أثناء محاولة التوفييق بجميع ميا جاء فيي النسيختين ،تسيبب فيي هذا العرض
التأريخيي المشوّه للوقائع ،مميا أفقيد التوراة مصيداقيتها حتيى للكثيير مين الباحثيين اليهود أنفسيهم ،ولكيل مين بحيث
من علماء التنقيب والثار .ولكنها بقيت المرجع التاريخي الوحيد لتاريخ بني إسرائيل .
وفي كثير من الحيان تشعر بسخافة كتابها من سخافة أفكارها وأخبارها وسخافة تبريرها وتعليلها ،كقصة عرق
النسياء وصيراع يعقوب ميع ال ،وفبركية قصية نوح وأولده أعله ،ناهييك عين ألفاظهيا البذيئة التيي أحيانيا تترفيع
عين كتابتهيا حتيى الروايات الهابطية ،ورائحية اللحوم والدماء والخمور والمشاوي والهيش والنيش … إلى آخره ،
وما يربط التوراة بالوحي هو ما يظهر في ثناياها من خطوط عريضة ،هي البقية الباقية التي سلمت من أيديهم
رغمييا عيين أنوفهييم ،وهذا ل يعنييي أل نقرأ هذا الكتاب -بييل على العكييس تمامييا -توّجييب على المسييلمين قراءتييه
وقراءة التلمود أيضيا منيذ أميد بعييد وقراءة ميا كُتيب فيهميا مين مؤلفات ناقدة ،لمعرفية العقليية التيي يفكير بهيا هؤلء
ولمعرفة ما يطمحون إليه ،والحقيقة أني ما كنت لقرأها وأقرأ ما كُتب فيها من مؤلفات عديدة لول هذا البحث .
86
وقال للشعييب :إن الذهاب إلى أورشليييم للعبادة ،يعرضّكييم لمشقيية عظيميية ،فهييا هييي آلهتييك يييا إسييرائيل ،التييي
أخرجتك من ديار مصر " .
وأما إفسيادهم حسب ما يروونه هيم عن أنفسهم ،فقد جاء في سفر الملوك الثانيي ميا نصيه :9 :17 ،وارتكيب بنيو
ق الرب إلههم :11 … ،واقترفوا الموبقات لغاظة الرب ،عابدين الصنام إسرائيل في الخفاء المعاصي ،في ح ّ
التيي حذّرهيم ونهاهيم الربّي عنهيا :13 … ،قائل :ارجعوا عين طرقكيم الثيمية ،وأطيعوا وصياياي وفرائضيي
بمقتضيى ،التيي أوصييت آبائكيم بتطبيقهيا … ،على لسيان عيبيدي النيبياء :14 ،لكنهيم أصيمّوا آذانهيم ،وأغلظوا
قلوبهم كآبائهيم :16 … ،ونبذوا جميع وصايا الرب ، … :17 ،وتعاطوا العرافة والفأل ( السحر والكهانة ) ،
… :22ولم يعدل السيرائيليون عين ارتكاب جمييع خطاييا يربعام ،بيل أمعنوا فيي اقترافهيا :23 ،فنفيى الرب
إسيرائيل مين حضرتيه ،كميا نطيق على لسيان جمييع النيبياء ،فسيبي السيرائيليون إلى أشور إلى هذا اليوم ( أي
اليوم الذي كتبوا فيه هذا النص بعد السبي بمدة طويلة ) .
وصف فساد المملكة الجنوبية :
وأما ما يُنسب من إفساد إلى ملوك المملكة الجنوبية ،فقد جاء في نفس السفر ما نصه :2 :21 " ،وارتكب الشرّ
ي الربّ ،مقترفا رجاسات المم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل ، … :3 ،وأقام مذابح البعل ، في عين ّ
ونصييب تماثيييل عشتاروت ( مدينيية بابلييية ) ،وسييجد لكواكييب السييماء وعبدهييا :6 ،ولجييأ إلى أصييحاب الجانيّ
والعرّافيين ،وأوغيل فيي ارتكاب الشرّ :10 … ،ثيم قال الرب على لسيان عيبيده النيبياء :لن منسيّى ملك يهوذا
اقترف جمييع هذه الموبقات ،وأضلّ يهوذا … ، … :12 ،هيا أنيا أجلب شرا على أورشلييم ويهوذا ، … :13 ،
وأمسيح أورشلييم كميا يّمسيح الطبيق مين بقاييا الطعام :14 ،وأنبيذ شعيبي وأسيلمهم إلى أيدي أعدائهيم ،فيصيبحون
غنيمة وأسرى لهم :15 ،لنهم ارتكبوا الشرّ في عيني :16 … ،وزاد منسّى فسفك دم أبرياء كثيرين ،حتى مل
أورشليم من أقصاها إلى أقصاها ،فضل عن خطيئته التي استغوى بها يهوذا . " … ،
وتخيبر التوراة أن الحروب اسيتمرت بيين المملكتيين ،واسيتعانة المغلوب بالقوام المجاورة على الخير ،إلى أن
جاء الغزو الشوري وسبى المملكة الشمالية 721ق.م .
وتتابعَي الملوك الجنوبيون فيي ارتكاب الشرّ فيي عينيّي الرب ( حسيب قولهيم ) ،وفيي عهيد الملك يهوياقييم ،هاجيم
نبوخذ نصر ( بختنصر ) مملكة يهوذا وخضعت له ثلث سنوات ،ثم تمردّ عليه ( يهوياقيم ) :2 :24 " ،فأرسل
الرب غزاة مين كلدانييين وأرامييين وموآبييين وعمّونييين ( سيكان العراق والردن القدماء ) ،للغارة على مملكية
يهوذا وإبادتهيا ،بموجيب ميا قضيى بيه الرب ،على لسيان عيبيده النيبياء :4 ،وانتقاميا للدم البرييء الذي سيفكه
( منسّى ) ،إذ أنه مل أورشليم بدم البرياء . " … ،
وفي عهد الملك ( يهوياكين ) " … :10 :24زحف قادة نبوخذ نصر ملك بابل على أورشليم ،وحاصروا المدينة
،ثيم جاء نبوخيذ نصير بنفسيه وتسيلّم زمام القيادة ،فاسيتسلم ( يهوياكيين ) … واسيتولى على جمييع ميا فيي خزائن
الهيكل والقصر ، … ،تماما كما قضى الرب :14 ،وسبى نبوخذ نصر أهل أورشليم ( " ،وكما يقولون أنه ولّى
ابين عيم الملك خلفيا له ،وسيمّاه صيدقيّا ،وبعيد سينوات ارتكيب صيدقيّا الشير فيي عينيي الرب كالعادة ،وتمرّد على
ملك بابل ،وآنذاك ) :1 :25 " ،زحف نبوخذ نصر ملك بابل ،بكامل جيشه على أورشليم وحاصرها :3 ، … ،
تفاقميت المجاعية فيي المدينية ،حتيى لم يجيد أهلهيا خبزا يأكلونيه :6 ،فأسيروا الملك ( الذي كان ينوي الهرب )
واقتادوه إلى ملك بابيل ، … ،ثمّي قتلوا أبناء صيدقيّا على مرأى منيه ،وقلعوا عينييه ،وسياقوه إلى بابيل :9 ، … ،
وأحرق الهيكل وقصر الملك وسائر بيوت أورشليم ،وسبى نبوزرادان ( قائد الحرس الملكي ) بقية الشعب … ،
، 121ولكنيه ترك فيهيا فقراء الرض المسياكين :13 .وحطيم الكلدانيون أعمدة النحاس وبركية النحاس … إلى
آخره ( ،كيل محتويات الهيكيل ونقلوهيا إلى بابيل ) :18 ،وسيبى رئييس الحرس الملكيي ( سيرايا رئييس الكهنية
وأعوانيه وقادة الجييش وندماء الملك ،وفيي المجميل هيم عليية القوم وزمرة الفسياد والفسياد فيي الرض ) فقتلهيم
ملك بابل في المعسكر في أرض حماة ( المدينة السورية ) ،وهكذا سُبي شعب يهوذا من أرضه " .
87
فميا أطول باله هذا النبوخيذ نصير ،حتيى يزحيف عليهيم مرارا وتكرارا .والحقيقية أنيه زحيف عليهيم مرة واحدة ،
وبشكل مفاجئ فأباد مملكتهم ،وما هذا التطويل والتطويل والتكرار ،إل من صنع أيدي الكتبة ،وما ( يهوياقيم )
و( يهوياكين ) إل تسميتين لنفس الملك الذي حصل في عصره السبي البابلي .
مملكة واحدة وبعث واحد :
ميا تقدم مين نصيوص كان مين السيفار التيي يُسيمّونها السيفار التاريخيية ،والتيي أرخّت لعصير الملوك ابتدا ًء مين
طالوت وداود وسييليمان ،وانتها ًء بيهوياكييين الذي وقييع السييبي البابلي فييي عصييره .والحقيقيية أنييه لم يكيين هناك
مملكتييين ولم يكيين هناك سييبيين ،وإنمييا مملكيية واحدة وسييبي واحييد .ولكيين نتيجيية كتابيية التوراة بتلك الطريقيية
المزدوجة أصبحت المملكة مملكتين وأصبح الزحف البابلي زحفين ،ولحل الشكال قولبوه في زمانين مختلفين .
أمييا ادعاء انقسييام المملكيية ،فالقرآن أثبييت بطلنييه فييي موضعييين ،أول ؛ ذُكيير العلو مرتييين كأميية فييي زمانييين
مختلفين ،ثانيا ؛ الية التي تتحدث عن سفكهم دمائهم وإخراجهم أنفسهم ،تؤكد أن ذلك لم يكن انشقاق في الحقيقة
،بيل كان ذلك قتيل وإخراج وسيلب ،لطائفية مسيتضعفة مين قومهيم ،وفيي الحقيقية وقيع هذا الفعيل فيي سيبط الخ
الشقيق ليوسف عليه السلم ،الذي تُسميه التوراة ( ببنيامين ) ،وما كان بإمكان هؤلء ،إقامة دولة في أراضي
الكنعانييين المجاورة التيي لجأوا إليهيا ،وميا كانيت حروبهيم ميع المملكية الم إل ضمين جيوش الكنعانييين وهيو
الرجح ،أو كثوّار لسترداد أسلبهم وديارهم .
وربمييا أن بعضهييم اسييتنجد بالبابليييين كنوع ميين النتقام ( بأسييهم بينهييم شديييد ،تحسييبهم جميعييا وقلوبهييم شتّى )
فاسيتجابوا لهيم ،وربميا كان ذلك طمعيا فيي كنوز هيكيل سيليمان ،وال أعلم .حييث لم يأتيي أي ذكير فيي التارييخ
للسيبي الشوري لعشرة أسيباط ( قبائل ) مين المملكية الشماليية ،حسيب ميا يدّعيي مؤلفيو التوراة ،حتيى أن بعيض
الباحثون الذيين صيدّقوا التوراة ،يتسياءلون عين كيفيية اختفاء تلك القبائل ،التيي سيُبيت إلى مدينية أشور برمتهيا ،
ومن المرجّح أن اختراع قصة المملكة الثانية وسبيها ،هو أحد مظاهر السقاط النفسي لمن عوقبوا ،على من لم
يُعاقبوا مين الذيين أُخرجوا مين ديارهيم رغيم أنوفهيم تجنبيا وتخفيفيا للشعور باللم ،كلميا طرأ على مخيلتهيم تلك
الذكرى الليميية ،ويحصييل هذا عادة على المسييتوى الشخصييي ،فور تعرض الشخييص لحادثيية مؤلميية ،فيعزو
الخطاء التي تسببت في الحادثة إلى الخرين .
91
بالنظير فيي قولهيم هذا وخاصية العبارة الخيرة ،نجيد أن مؤلفيي التوراة قضوا على أي أميل لليهود فيي الصيلح
والصلح في دولتهم الحالية ،حيث أنه شرط أساسيّ في استمرار وجودهم ،فمؤدّى هذه العبارة أنهم سيقيمون
فيها إلى البد ،بغض النظر عن إصلحهم أو إفسادهم فيها ،لتصبح نهاية دولتهم حتمية في الموعد المحدّد ،وقد
لحظيت مين خلل تتبعيي لميا جاء فيي المرة الثانيية ،أنهيم بعيد كيل عقاب مأسياوي يحيل بهيم ،يبدءون بذكير العودة
والجميع مين الشتات والبركية والكثرة ،ويفيضون فيهيا وصيفا وشرحيا ،والنتيجية تكون على الدوام هيي انتصيار
ربهم على أعدائهم ومحقهم عن بكرة أبيهم ،وجعل أرضهم صحراء قاحلة ،أما هم فيعشون جنة ونعيما ،ويكون
لهم الملك في الرض إلى البد ،بعد أن رضيَ عنهم ربهم ورضوا عنه .
( وانظير إلى هذه النبوءة فيي المرة الثانيية على لسيان الرب ) :10 :42إن أقمتيم فيي هذه الرض ،فإنيي أبنيكيم ول
أهدمكم ،وأغرسكم ول أستأصلكم ،لني أسفت على الش ّر الذي ألحقته بكم ( ربهم يأسف ) ،ل تخشوا ملك بابل
الذي أنتيم منيه خائفون ،فإنيي معكيم لخلصيكم وأنجيكيم مين يده ( بل قييد أو شرط ) ،وأُنعيم عليكيم ،فيرحمكيم
ويردّكم إلى أرضكم ( ،فربهم يأسف ،ويحضّهم على عدم الخشية من ملك بابل وكأن ملك بابل سيُبعث من تلقاء
نفسه ) .
94
فلسطين عبر التاريخ
منذ نشأة ملكة اليهود الول وحت نشأة دولتهم الثانية
96
الجمعييية العاميية للمييم المتحدة ،توصييي بتقسيييم فلسييطين بنسييبة %56.5لدولة يهودييية ،ونسييبة %43للدولة
الفلسطينية ،ومنطقة دولية حول القدس 29/11/1947 .م
الجامعيية العربييية تنظييم جيييش النقاذ العربييي ( قوة متطوعييين بقيادة فوزي القاوقجييي لمسيياعدة الفلسييطينيين فييي
مقاومة التقسيم ) 12/1947/- .م
بريطانيا توصي المم المتحدة بإنشاء دولتين يهودية وفلسطينية بعد أسبوعين من انتهاء النتداب 8/12/1947 .م
جيش النقاذ العربي يشن هجمات ناجحة على المستعمرات السرائيلية شمالي بيسان 16/2/1948 .م
القاوقجي يدخل فلسطين ويقود وحدات جيش النقاذ في مثلث جنين -نابلس -طولكرم 7/3/1948-5 .م
الرئيس المريكي ( ترومان ) يدعو إلى هدنة فورية للقتال 25/3/1948 .م
عصيابة ( شتيرن ) ترتكيب مذبحية فيي ديير ياسيين بالقرب مين القدس تسيفر عين مقتيل أكثير مين 250شخصياً .
9/4/1948م
قرار لمجلس المن يدعو إلى هدنة 17/4/1948 .م
97
المراحل الزمنية في تاريخ اليهود حسب ما جاءت في سورة السراء
بعد كل ما تقدم وبالنظر مليا في اليات من ( ) 8 – 4من سورة السراء ،نجد أن هناك خمس مراحل زمنية في
تاريخ بني إسرائيل ،توضحت على النحو التالي :
عُلوّا كَبِيرًا
ن وَلَ َتعْلُنّ ُ
ض مَرّتَيْ ِ
♦المرحلة الولى ( :وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي ا ْلكِتَببابِ لَ ُت ْفسِدُنّ فِي الَْ ْر ِ
()4
( زمن موسى عليه السلم حيث أوحى إليه ربه عز وجل ،فيما أنزل إليه من الكتاب نص هذه النبوءة ،والرجح
أنها أنزلت في بداية فترة التيه قبل أربعين عاما ،من دخولهم الول للرض المقدسة ) .
ن وَعْدًا َم ْفعُولً ()5
♦المرحلة الثانية ( :فَإِذَا جَا َء وَعْ ُد أُولَ ُهمَا ………………… …… …… وَكَا َ
( منذ نهاية فترة التيه … بدء حرب الملك طالوت لدخول الرض المقدسة …مُلك ونبوّة داود وسليمان عليهما
السلم … مُلك مُتوارث بدون نبوّة :فساد وإفساد … حتى السبي البابلي سنة 586قبل الميلد ) .
♦المرحلة الثالثة ُ … ( :ثمّ … ()6
( منذ السبي البابلي … بعث عيسى عليه السلم … نزول سورة السراء بنص هذه النبوءة سنة 621م … إلى
ما قبل حرب 1948م ) .
♦المرحلة الرابعة ( :رَدَدْنَا َل ُكمْ ا ْلكَرّةَ عَلَ ْي ِه ْم … … … … … وَلِيُتَبّرُوا مَا عَ َلوْا تَتْبِيرًا ()7
( منذ قيام دولة إسرائيل ( 15/5/1948م ) … وانتصار الجيش إسرائيلي في حروبه … ووصول الدولة إلى قمة
مجدها … حتى نهايتها ) .
حمَ ُكمْ َوإِنْ عُدْ ُتمْ عُدْنَا … ( )8
عسَى رَ ّب ُكمْ أَنْ َي ْر َ
♦المرحلة الخامسة َ ( :
( منذ نهاية إسرائيل … قيام الدولة العربية المتحدة في بلد الشام والعراق … الحرب العالمية النووية الثالثة …
ظهور المهدي … معارك المهدي … قيام المبراطورييية السييلمية وعاصييمتها القدس … خروج الدجال …
نزول عيسيى علييه السيلم … هروب الدجال وأتباعيه إلى فلسيطين … قتيل الدجال … نطيق الحجير والشجير …
حتى الذبح النهائي لبني إسرائيل على أرض فلسطين ) .
98
الجزء الثاني
99
المؤامرة اليهودية على العالم
" ويبل للمُتآمريبن بالسبوء ،الذيبن يحيكون الشرّ وهبم فبي مضاجعهبم ،الذيبن يُنفّذون مبا خطّطوا له عنبد طلوع
الفجبر ،لن ذلك فبي مُتناول أيديهبم ،يشتهون حقول فيغتصببونها ،وبيوتبا فيسبتولون عليهبا ،يجورون على
الرجل وعلى بيته ،وعلى النسان وميراثه " ( التوراة :سفر ميخا . ) 2-1 :2 ،
" قبد باد الصبالح مبن الرض ،واختفبى المُسبتقيم مبن الناس ،جميعهبم يكمنون لسبفك الدماء ،وكبل واحبد منهبم
يقتنبص أخاه َ .تجِ ّد أيديهبم فبي ارتكاب الشرّ ،ويسبعى الرئيبس والقاضبي وراء الرشوة ،ويملي العظيبم عليهبم
أهواء نفسبه ،فيتآمرون جميعبا على الحقبّ .أفضلهبم مثبل العوسبج ،وأكثرهبم اسبتقامة مثبل سبياج الشوك "
( التوراة :سفر ميخا . ) 3-2 :7 ،
هذه النصيوص التيي تكشيف حقيقية اليهود والعقليية التيي يفكّرون ،لم تخطّهيا قلم كاتيب عربيي أو غربيي حاقيد على
اليهود واليهوديية ،مين المعاديين للسيامية اليهوديية ،وإنميا جاءت فيي التوراة ،كتاب اليهود والنصيارى المقدّس .
وبالرغم من ذلك ما زال الكثير ،من مفكري وكتاب العرب في هذا العصر الغبر ،ينكر أن هناك مؤامرة تُحاك
ضد كل ما هو مسلم وضد كل ما هو عربي ،بل ضد كل ما هو غير يهودي ،ويتهمون كل من يقول بذلك ،بأنه
من مؤيدي نظرية المؤامرة التي ل أصل لها من الصحة .أما ما نقوله نحن في هؤلء أحد أمرين ،إما أن يكونوا
شركاء فيي المؤامرة ،ويعملون ميا بوسيعهم لتجهييل الناس بعلم ،حتيى ل يتنبّهوا لسيلحتها ورموزهيا فيُقاوموهيا ،
وإما أن يكونوا أُناس يعيشون على سطح كوكبٍ غير الذي نعيش فيه ،يُدلون بدلوهم ليُضلّوا الناس بغير علم .
100
ماهية التلمود ومعتقدات اليهود :
قال د ( .جوزيف باركلي ) أحد الباحثين في التلمود " :وبعض أقوال التلمود مغالٍ ( مُبالغ فيه ) وبعضها كريه ،
وبعضها الخر كفر ،ولكنها تشكّل في صورتها المخلوطة أثراً غير عادي ،للجهد النساني ،وللعقل النساني ،
وللحماقة النسانية " .
ومميا جاء فيي التلمود مين تعالييم ،نعرض بعيض المقتطفات التاليية مين كتابيّي ( تعالييم التلمود ) لظفير السيلم
خان ،و( بروتوكولت حكماء صهيون ) لعجاج نويهض :
يقول عجاج نويهيض :هذه الكلمات للعلمية ( بولس حنيا مسيعد ) صياحب كتاب ( همجيية التعالييم الصيهيونية ) ،
ومما قاله المؤلف في مقدمته " :للمسيحي إنجيله يبشّر به العالم ،وللمسلم قرآنه ينشره بين جميع الشعوب ،أما
السييرائيلي فله كتابان ؛ كتاب معروف وهييو التوراة ل يعمييل بييه ،والخيير مجهول ل يعرفييه العالم ( التلمود )
يفضّله على الول ويدرسه خفية وهو أساس كل مصيبة .والنصارى يؤمنون بأن ال هو أبو الجميع ،والمسلمين
يعترفون بأن ال رب العالمييين .أمييا الصييهيونيون يريدون أن يكون الله لهييم وحدهييم ،زد على ذلك أن التلمود
ينصّي على أن جمييع خيرات الرض ملك لبنيي إسيرائيل ،وأن النصيارى والمسيلمين وعبدة الوثان خلقوا عيبيدا
لهيم .هيم منحدرون مين ال كميا ينحدر البين مين أبييه ،وشعوب الرض مشتّقية مين الرواح النجسية ،ولم يُعطوا
صورة النسانية إل إكراما لبني إسرائيل " .
101
التجديف على ال :
" اليهود يضعون التلمود فوق التوراة والحاخام فوق ال ،وال يقرأ وهو واقف على قدميه ،وما يقوله الحاخام
يفعله ال ،إن تعالييم اللهوتييين فيي التلمود لهيي أطييب مين كلم الشريعية ( كلم ال ) ،والخطاييا المُقترفية ضيد
التلمود لهي أعظم من المقترفة ضد التوراة " .و" إن الرباني مناحيم يُطلعنا بالتفاق مع كثير من العلماء ،على
أن ال يأخييذ رأي الربانيييين على الرض ،فييي المشاكييل التييي تنشييأ فييي السييماء " .و" إن كلمات الربانيييين أشدّ
عذوبة من كلمات النبياء … وذلك لن كلماتهم هي كلمات ال " .
و" إن ال قيد تاب عين تركيه بنيي إسيرائيل يرتطمون فيي الشقاء كمين يتوب عين إثيم شخصيي . " … ،و" أن ال
ل قسيمه بقسيم آخير نظيره . " … ،و" أن ال قيدعندميا يُقسيم فيي كيل مرة بدون مُبرّر معقول ،فمين اللزم أن يح ّ
ب إلى
أقسم بغير عدل ،وارتكب خطيئة الكذب لكي يلقي السلم والوئام بين سارة وإبراهيم " .و" أن اليهود أح ّ
ال من الملئكة ،فالذي يصفع اليهودي كمن يصفع العناية اللهية سواء بسواء ،وهذا يُفسر لنا استحقاق الوثني
وغيير اليهودي الموت إذا ضرب يهودييا " .و" وإذا أراد الرجيل أن يقترف ذنبيا فعلييه أن يذهيب إلى مكان ،هيو
مجهول فيه ،لئل يُهين ال علنية " .
الملئكة :
" إن عمل الملئكة الرئيسي سكب النوم على عيون البشر وحراستهم في الليل ،أما في النهار فإنهم يُصلّون عن
البشر ،ولذلك يجب أن نلتجئ إليهم " .
النبياء :
" أن إبراهيم أكل 74رجل ،وشرب دمائهم دفعة واحدة ،ولذلك كان له قوة 74رجل " .وصفوا عيسى عليه
السييلم بالحمييق والمجذوم و" غشاش بنييي إسييرائيل " ،واتهموا أمييه بالزنييا ،وتلميذه بالملحدييين ،والنجيييل
بالكتاب المملوء بالثم .
التنجيم :
يعتقد التلمود اعتقادا جازما ،بأن التنجيم علم يتحكم بحياة الناس ،ومن أقوالهم " :إن تأثير النجوم تجعل الرجل
ذكيا ،وبنو إسرائيل تحت تأثير النجوم " " ،إن كسوف الشمس آية سوء للشعوب ،وخسوف القمر آية سوء لبني
إسرائيل ،لن إسرائيل تعتمد في بقائها على القمر " .
السحر :
والتلمود ملييييء بطقوس السيييحر والشعوذة والعرافييية ،وطرق التصيييال بالجنيييّ ،وفييييه أن الرواح الشريرة
والشياطين والجنيات من ذرية آدم .وأنهم يطيرون في كل اتجاه ،وهم يعرفون أحوال المستقبل باستراق السمع ،
وهم يأكلون ويشربون ويتكاثرون مثل النسان ،ويجوز للناس استشارة الشيطان في آخر أيام السبوع .
102
ويقولون أنيه ل حسياب بعيد انفصيال الروح عين الجسيد .ويقولون " المشروبات السيماوية هيي الخمور الفاخرة ،
المعتّقيية المحفوظيية ميين يوم الخليقيية السييادس ،وهذه الجنّة اللذيذة ل يدخلهييا إل اليهود الصييالحون ،أمييا الباقون
فيُزجّون فييي نار جهنييم " .و" … ،ويأتييي المسييلمون بعييد النصييارى لنهييم ل يغسييلون سييوى أيديهييم وأرجلهييم
وأفخاذهم وعوراتهم ،كل هؤلء يُحشرون حشرا في جهنم ول يغادرونها أبدا " .
104
ل َل ُكمْ َوجْ ُه َأبِي ُكمْ َ ،و َتكُونُوا ِمنْ َب ْعدِ ِه قَ ْومًا صَاِلحِينَ ()9
ط َرحُو ُه َأرْضًا َ ،يخْ ُ
سفَ َ ،أوِ ا ْ
( اقْتُلُوا يُو ُ
.1الطرح الول كان القتل أي حتمية الهلك .
.2الطرح الثاني كان النفي إلى أرض بعيدة مع احتمالية الهلك .
ب أبيهم .
.3كانت الغاية الستفراد بح ّ
.4القرار بعدم مشروعية عملهم وفساده ،وذلك قبل شروعهم بالتنفيذ .
.5تبييت نية التوبة والصلح قبل ارتكاب الجريمة ،وهذا منطق أعوج ل يقبله ربّ ول عبد .
.6إغفالهم للعناية اللهية ال ُمدّخرة في علم الغيب ،والتي تتدخل في الوقت المناسب لتسيير المور
.
سيّارَةِ ِ ،إنْ ُك ْن ُتمْ فَاعِلِينَ ()10
غيَابَ ِة ا ْلجُبّ ،يَ ْلتَ ِقطْ ُه َبعْضُ ال ّ
سفَ ،وَأَلْقُو ُه فِي َ
ل قَائِلٌ ِم ْن ُهمْ ،لَا تَ ْقتُلُوا يُو ُ
( قَا َ
.1كان أصلحهم فاسدا ،حيث وافقهم على فعل المنكر مع تخفيف الضرر .
.2كان هناك إصرار لدى الغلبية .
.3كان القرار النهائي أخف الضرر :إلقاء يوسف في بئر مع توافر احتمالية الهلك ،فيما لو لم يلتقطه أحد
.
.4عدم الكتراث بنبوة أبيهم ،وما كان يتنزّل عليه من الوحي .
.5غفلة وعمى بصر وبصيرة واتباع للهوى ،فليس فيهم ذو رأي سديد ول حتى شيطان أخرس .
.6جهيل بعواقيب المور ،كالثير النفسيي والمعنوي البالغ ،على مين يطمحون بالسيتفراد بحبيه ،وبالتالي
عدم تحقق مرادهم .
.7تبييت النية للقيام بالفعل عندما تحين الفرصة .
غدًا َيرْتَ عْ َويَ ْلعَ بْ ،وَِإنّا َل ُه
صحُونَ ( َ )11أرْ سِلْ ُه َم َعنَا َ سفَ ،وَِإنّا لَ ُه َلنَا ِ ( قَالُوا َيَأبَانَا مَا لَ كَ لَا َت ْأ َمنّا عَلَى يُو ُ
ع ْن هُ غَافِلُو نَ ( )13قَالُوا َلئِ نْ ن َي ْأكُلَ هُ ال ّذئْ بُ ،وََأ ْنتُ مْ َ
ف أَ ْ
ن َتذْ َهبُوا ِب هِ ،وََأخَا ُ ل ِإنّي َل َيحْ ُز ُننِي أَ ْ
َلحَا ِفظُو نَ ( )12قَا َ
غيَابَ ِة ا ْلجُبّ ،
جعَلُو ُه فِي َ ن َي ْ
ج َمعُوا َأ ْ سرُونَ ( )14فََلمّ ا ذَ َهبُوا بِ هِ ،وََأ ْ ح نُ عُ صْبَ ٌة ِ ،إنّ ا ِإذًا َلخَا ِ َأكَلَ هُ ال ّذئْ بُ َو َن ْ
ش ُعرُونَ ()15 ح ْينَا إَِليْ ِه َل ُت َنبّ َئ ّن ُهمْ ِبَأمْرِ ِهمْ َهذَا وَ ُهمْ لَا َي ْ
وََأ ْو َ
.1لم يكن يعقوب في العادة يأمنهم على يوسف وأخوه لمعرفته بعدم صلحهم .
.2لم ينتظروا الفرصة للتنفيذ بل سعوا إلى خلقها وإيجادها باستخدام الحيلة والمكر والدهاء .
.3تجاهلوا تأكييد أبيهيم لهيم بأن غيبية يوسيف عين وجهيه ،ولو لفترة بسييطة تسيبب له الحزن .فكييف إذا كان
ذلك أبدييا ؟! وكانيت تلك محاولة منيه علييه السيلم لحياء ضمائرهيم لعلّهيم يرجعون ،ولكنهيم لم يشعروا
بذلك فكان كما أخبره سبحانه .
.4كان أبوهيم علييه السيلم على علم بمخطّطهيم قبيل التنفييذ ،وقيد أخيبرهم بميا كانوا قيد خطّطوه مسيبقا بشأن
الذئب ،لكن ذلك لم يُثنهم عن عزمهم .
.5قرار التنفيذ اتُخذ بالجماع .
.6تييم إخفاء النوايييا الجرامييية اتجاه يوسييف ،تحييت غطاء ميين الحرص على مصييلحته ،لقناع أبيهييم
بالستجابة لمطلبهم .
105
عنَا َ ،فأَكَلَ ُه ال ّذئْ بُ ، ع ْندَ َمتَا ِ
سفَ ِ س َتبِقُ َ ،و َت َر ْكنَا يُو ُ
عشَاءً َي ْبكُو نَ ( )16قَالُوا َيَأبَانَا ِإنّا ذَ َه ْبنَا نَ ْ ( َوجَاءُوا َأبَاهُ مْ ِ
س ُكمْ َأ ْمرًا ،
ت َل ُكمْ َأنْ ُف ُ
ل بَلْ سَوّلَ ْ ب ،قَا َ
ن َلنَا ،وَلَ ْو ُكنّا صَا ِدقِينَ (َ )17وجَاءُوا عَلَى َقمِيصِ ِه ِبدَمٍ َكذِ ٍ ت ِبمُ ْؤمِ ٍَومَا َأنْ َ
س َتعَانُ عَلَى مَا َتصِفُونَ ()18 جمِيلٌ ،وَاللّهُ ا ْل ُم ْ ص ْبرٌ َفَ َ
.1الستخفاف بأبيهم واستضعافه لكبر سنّه .
.2التضليل واختلق وفبركة الشواهد والدلة لتبرئة أنفسهم وإدانة الذئب .
ي ال مع علمهم بذلك .
.3الجرأة في الكذب على نب ّ
.4يقين يعقوب عليه السلم من كذبهم وتجنّيهم على الذئب .
.5ومميا أحزنيه علييه السيلم هيو ميا كان علييه أبناءه مين قلة إيمانهيم وعقوقهيم له ،وظلم لخيهيم ،وفسيادهم
وإفسادهم ،وصفات وطبائع غاية في السوء ،ل تليق بالنبياء أو بأبناء أنبياء يتنزّل الوحي بين ظهرانيهم
،وفي المقابل لم يملك عليه السلم إل الصبر والرجاء وطلب العون من ال لمجابهتم .
( وََلمّاـ َدخَلُوا عَلَى يُوسُـفَ ،ءَاوَى إَِليْهِـ َأخَاهُـ ،قَالَ ِإنّيـ أَنَا َأخُوكَـ ،فَلَا َت ْب َتئِس ْـ بِمَا كَانُوا َي ْعمَلُونَـ (… )69
سهِ ،وَلَ مْ ُي ْبدِهَا َلهُ مْ ،قَالَ َ :أ ْنتُ ْم شَرّ
سفُ فِي نَفْ ِ
سرّهَا يُو ُ
ن قَبْلُ َ ،فأَ َ
خ لَ هُ مِ ْ
سرَقَ َأ ٌ
سرِقْ ،فَقدْ َ ن يَ ْ ( قَالُوا ِإ ْ
ن ()77 َمكَانًا ،وَاللّ ُه أَعَْل ُم ِبمَا َتصِفُو َ
بعد أن مرّت سنين على تلك الحادثة ،وأصبح يوسف وزيرا لمالية فرعون ،وقدِ مَ أخوته إليه في مصر ،احتال
عليهم ليأمن منهم على أخيه ،ويرفع عنه ما كان قد وقع عليه من ظلم وكيد .
.1كان يوسف عليه السلم على علم ،بما كانوا يكيدون لخيه ،عن طريق الوحي أو القياس .
.2عدم توبتهم عما فعلوه سابقا ،وبقائهم على نفس الحال .
.3خيانيية يوسييف بالغيييب بعييد كييل هذه السيينين ،واتهامييه زورا وبهتانييا بالسييرقة ،فيوسييف ميين عباد ال
المخلصين ،وما كان له أن يسرق .
.4تأكيد يوسف على فسادهم وإفسادهم بما حدّث به نفسه ،حيث لم يجهر نبي ال بقوله ( أو بحكمه عليهم )
أنهيم أسيوء حال ممين يسيرق ( قَا َل أَنْتُمْب شَ ّر َمكَانًا ) فميا فعلوه معيه ل يُقارن بخطيئة السيرقة التيي اتهموه
بهيا ،والتيي أقرّوا بأنهيا أحيد أشكال الفسياد في الرض ( قَالُوا تَالِّ َلقَدْ عَ ِلمْتُ مْ مَا جِئْنَا لِ ُنفْ سِدَ فِي الَْرْضِب
َومَا كُنّا سَارِقِينَ ( 73يوسف ) .
ّهـ تَ ْف َتأُ َت ْذ ُكرُ
ِيمـ ( )84قَالُوا تَالل ِ ْنـ فَهُ َو َكظ ٌ حز ِ ِنـ ا ْل ُ
َاهـ م َع ْين ُ
ّتـ َُوسـفَ وَا ْب َيض ْ
َسـفَى عَلَى ي ُ ُمـ َوقَالَ َيأ َ ع ْنه ْ
( َو َتوَلّى َ
ح ْزنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّ ِه مَا لَا شكُو َبثّي َو ُن مِنَ ا ْلهَاِلكِينَ ( )85قَالَ ِإ ّنمَا َأ ْ
ح َرضًا َأوْ َتكُو َ حتّى َتكُونَ َ يُوسُفَ َ
ح اللّ ِه إِلّا ن رَوْ ِن رَوْ حِ اللّ ِه ِإنّ هُ لَا َي ْيئَ سُ ِم ْ
سفَ وََأخِي ِه وَلَا َت ْيئَ سُوا مِ ْ
ن يُو ُسسُوا ِم ْ
َتعَْلمُو نَ (َ )86ي َب ِنيّ اذْ َهبُوا َف َتحَ ّ
ن ()87 الْقَ ْو ُم ا ْلكَا ِفرُو َ
.1عدم اكتراثهم بسوء حال يعقوب عليه السلم ،ومدى ما نزل به من أذى نفسي وجسدي .
.2قسوة قلوبهم باستنكارهم حزن أبيهم على يوسف .
.3يعقوب يقطع الرجاء من أبنائه ،ويشكو قسوة أبنائه وضعفه وقلة حيلته في مواجهة أفعالهم إلى ال .
.4لم يعترفوا لبيهيم بحقيقية فعلتهيم ميع يوسيف ،ميع علمهيم ومعرفتهيم ومعايشتهيم لحال أبيهيم ،وميا وصيلت
إليه من سوء .
.5كان يعقوب على يقين من نجاة يوسف وكذب أبنائه عليه .
هنا تتضح مفارقة عجيبة ،توضح الكثير من معالم الشخصية اليهودية السرائيلية القديمة الحديثة ،فهم يعلمون
علم اليقيين أن يوسيف ذهيب إلى غيير رجعية وأنيه قُتيل على الرجيح ،ولكنهيم لم يعترفوا لبيهيم بحقيقية ميا فعلوا ،
وظلّوا مصرّين على حكاية الذئب ،فل ضمير يؤنبهم ول قلب يشعر مع أبيهم .وأبيهم يعلم علم اليقين من ربه ،
106
أن يوسف على قيد الحياة ،وأنه نبي وسيكون له شأن كبير مستقبل ،إذ كان عالما بتأويل رؤيا يوسف السابقة ،
وأن أخوتيه سييسجدون له لعلو منزلتيه ،وهذا ميا كان يُصيبّره علييه السيلم حيين قال ( فصيبر جمييل ) أميا ميا كان
يؤلمه عليه السلم ،هو إصرار أبنائه على ما هم عليه واستمرارهم ،وعدم التوبة والرجوع إلى ال .
ل لَا َت ْثرِي بَ عََل ْيكُ مُ ا ْل َيوْ مَ َيغْ ِفرُ اللّ ُه َلكُ مْ وَهُ َو َأ ْرحَ ُم طئِي نَ ( )91قَا َ ن ُكنّا َلخَا ِ ( قَالُوا تَاللّ ِه لَ َقدْ ءَا َثرَ كَ اللّ هُ عََل ْينَا وَإِ ْ
جنِي مِنَ خ َر َ
جعََلهَا َربّي حَقّا َوقَدْ َأحْسَنَ بِي ِإذْ َأ ْ ن َقبْلُ قَ ْد َ ل رُ ْؤيَايَ ِم ْالرّاحِمِينَ (َ ( … )92وقَالَ َيَأبَتِ َهذَا َتأْوِي ُ
ن ِإخْ َوتِي إِنّ َربّي َلطِي فٌ ِلمَا َيشَاءُ ِإنّ ُه هُ َو ا ْلعَلِي مُ ن َب ْينِي َو َب ْي َ
ش ْيطَا ُ
ن َنزَ غَ ال ّسجْنِ َوجَا َء ِبكُ مْ مِ نَ ا ْل َب ْدوِ مِ نْ َب ْعدِ َأ ْ ال ّ
ج َمعُوا َأ ْمرَهُ مْ وَهُ مْ َي ْم ُكرُو نَ ( )102 ت َل َد ْيهِ مْ ِإذْ َأ ْحكِي مُ ( ( … )100ذَلِ كَ مِ نْ َأ ْنبَاءِ ا ْل َغيْ بِ نُوحِي ِه إَِليْ كَ َومَا ُكنْ َ ا ْل َ
ح َرصْتَ ِبمُ ْؤ ِمنِينَ ()103 َومَا َأ ْك َثرُ النّاسِ وََلوْ َ
.1هنا يتضح خلق النبياء وأدبهم في يوسف عليه السلم ،حيث قابلَ السيئة بالحسنة ونسب خطيئة أخوته
إلى الشيطان .
.2معطيات المعادلة كانت :جمع واجتماع في الخفاء +قرار بالجماع +تنفيذ بمكر ودهاء = مؤامرة .
.3أخوة يوسف لم يكونوا أنبياء بأي حال من الحوال .
انظر إلى اليتين ( )103-102التي جاءت تعقيبا على قصة يوسف عليه السلم وأخوته ،لتقول أن هذا هو حال
نيبي ال يوسيف مع أخوته ،وحال نبي ال يعقوب ميع أبنائه ،الذين لم يكونوا على القيل مؤمنين بنبوة أبيهيم ،إن
لم يكونوا أصل غير مؤمنين بال ،فما بالك في عدم إيمان قومك بنبوتك ودعوتك ،وهم ليسوا بأبنائك ،فل تكن
شدييد الحرص على مين ل أميل فيي هدايتيه بعدميا أضلّه ال ،ولكين أُدعُي الناس وفوّض أمير هدايتهيم إلى ال ،كميا
فوّض يعقوب عليه السلم أمره إلى ال فيما كان من شأن أبنائه .أما من يستنكر فكرة أنهم غير أنبياء ،وال أعلم
بحالهم ،فليرجع إلى القرآن وليقرأ قصة نوح عليه السلم مع ابنه ،وقصة إبراهيم عليه السلم مع أبيه ،وقصة
أبيو لهيب عيم رسيول ال علييه الصيلة والسيلم ،ولحيظ أنيه سيبحانه نسيبهم بالخوة إلى يوسيف علييه السيلم ،فيي
قوله ( :لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين ) ولم ينسبهم إلى يعقوب عليه السلم مع أنهم أبنائه .
ما تقدّم من أمر أخوة يوسف عليه السلم ،ليس بحاجة لزيادة أو توضيح أو تعليق ،فهذا ما جاء به القرآن الكريم
،وكان هذا أول فسيادهم وإفسيادهم فيي الرض ،الذي كان موجّهيا ضيد أخيهيم وأبيهيم .ومنيذ ذلك اليوم ،احترف
بنيو إسرائيل فنون التآمير ومارسيوه أول فيميا بينهيم ،منذ نشأتهيم وحتيى نهايية مملكتهيم الولى في فلسيطين .وبعيد
السيبي البابلي وشتاتهيم فيي شتيى بقاع الرض ،أصيبح بعضيا مين تآمرهيم يُحاك ضيد الشعوب التيي يقيمون فيميا
بينهيا .وكان تطلّعهيم دائميا وأبدا إلى الملك والقوة والغنيى والفضليية ،وكان سيبيلهم إلى ذلك جميع المال بطرق
غير مشروعة من ربا ونصب واحتيال ،والتقرب من أصحاب السلطة والنفوذ بالغواء والغراء ،للتلعب بهم
وتحريكهيييم مييين وراء السيييتار ،ليقاع الفتييين والحروب بيييين الشعوب ،لضمان السييييطرة لتلبيييية مصيييالحهم
واحتياجاتهيييم ،ولذلك تجدهيييم يجتمعون ويُخطّطون فيييي السييير والعلن ،ويعملون باسيييتمرار بل كلل أو ملل ،
وتاريخهم قديما وحديثا غني بالمثلة والشواهد .
107
رفض نبوة موسى عليه السلم :
وعندما بعث سبحانه لهم موسى عليه السلم لم يستجيبوا له ،فهم ل ينتظرون من يدعوهم إلى ال ،ول يؤمنون
بما هو غيبي وغير محسوس ،دين فيه إله غير مرئي يمنح جنة غير مرئية ،والحصول عليها مشروط بالصلح
والصيلح بعيد عمير طوييل ،وبعيد موت وبعيث وحسياب ،وإنميا يؤمنون بمين يمنحهيم ملكيا مجانييا دنيوييا مادييا
عاجل ل آجل ،يكون في متناول اليد بل جهد أو عناء منهم لتحصيله ،ول مانع لديهم بعد ذلك أن يكون لهم إله ،
بشرط أن يكون محسيوسا ويوافيق أهوائهيم ،كالعجيل الذهيبي الذي صينعه لهيم السيامريّ فسيارعوا لعبادتيه ،لذلك
عانى منهم عليه السلم ما عاناه ،في رحلته معهم من مصر إلى الرض المقدّسة .
108
وملك البرّ لم يوافق أهواءهم :
وقبل بعث عيسى وبعده تعرّضوا للكثير من الذل والهوان ،من قبل الشعوب التي حكمتهم ،وفي كل مرة قاموا
فيها بالتمرد والعصيان للستقلل وإقامة الملك ساموهم سوء العذاب ،وكان آخرها على يد ( هدريان ) الروماني
،الذي فرّق ال شملهيم فيي شتيى بقاع الرض ،فاتجيه قسيم كيبير منهيم إلى الجزيرة العربيية ،وسيكنوا بالقرب مين
المدينة المنورة مكان هجرة الرسول عليه الصلة والسلم ،صاحب النبوءة الثانية لديهم ،ملك الب ّر الذي سيُبعث
من جبال فاران ( مكة ) ،ويكون له ولخلفائه ملكا يشمل مشارق الرض ومغاربها .
وكان اليهود يترقّبون أخباره ويحسييبون لزمان مولده ومبعثييه ،مييع كرههييم وعدائهييم المسييبق له كونييه ميين ولد
إسماعيل وليس منهم ،وعندما بُعث عليه السلم ،عاينوا صفته وامتحنوه بأسئلتهم بما علموا وما لم يعلموا ،ولما
تبيّنوا صدق نبوته حاولوا استمالته لجانبهم بالغواء والغراء ،مستغلين رغبته عليه السلم في اتباعهم له كونهم
أهيل كتاب وهيم القرب لتصيديقه ومؤازرتيه ومناصيرته ،وكان مرادهيم منيه هيو اتباع ملتهيم لتحقييق رغباتهيم
وأهوائهييم ،لخراجييه ميين الجزيرة إلى فلسييطين لقاميية ملكييه عليهييم هناك ،ففضحهييم رب العزة وحذّر رسييوله
الكريم من الوقوع في حبائلهم وشراكهم ،ولمّا تيقّنوا من عدم رضوخه لهم ،أنكروا نبوته وناصروا المشركين
علييه ،وكادوا له بكيل ميا أُتوا مين مكير ودهاء وحيلة ،فآذوه وآذوا أصيحابه ولم يدخّروا فيي ذلك جهدا ،وحاولوا
فتنته وقتله عدة مرّات ،إلى أن ت ّم جلئهم وإخراجهم من جزيرة العرب .
البحث عن المُلك القاروني ،وانتظار المَلك الله ،على النمط الفرعوني آخر الزمان :
ومع ظهور السلم ومعرفتهم بما سيكون من أمره ،من سرعة انتشاره واتساع دولته لتشمل مناطق شاسعة من
العالم ،ومين ضمنهيا سييطرته على الرض المقدّسية ،تلشيت أحلمهيم فيي عودتهيم إليهيا ،لقامية ملكهيم المميي
الثانيي فيهيا على المسيتوى الفرعونيي ،فتخلّوا عين ذلك الطموح مؤقتيا ،وشرعوا فيي تحقييق الملك الفردي على
المسييتوى القارونييي ،بجمييع المال بالطرق المشروعيية وغييير المشروعيية ،ميين ربييا واحتيال وسييرقة والتهريييب
وتجارة الرقييق والدعارة ،والتمتيع بزينية الحياة الدنييا مين جرّاء هذا الكسيب ،واسيتمروا على تلك الحال إلى أن
تمكنّوا مين إقامية دولتهيم الحاليية فيي فلسيطين ،منتظريين حكيم العالم أجميع مين خلل النبوءة الخيرة ،بالذي يأتيي
من ربوات القدس ( مسيحهم المنتظر ) .
وبعد ذلك اتجه أغلبهم إلى الشمال ،وتفرقوا في البلد العربية الخرى ،فتواجدوا في العراق وبلد الشام ومصر
والندلس ،وبالرغم من تعامل السلم السمح مع أهل الكتاب ،إل أنهم كانوا مقيّدين بما وضعه السلم من قيود
على أهوائهيم ومطامعهيم الماديية ،ووجود القرآن عدوهيم اللدود وثيقية أبديية ،تكشيف طبائعهيم وحقيقية نواياهيم
وتحذر منهيم .ولكيي يسيتطيع أحدهيم مين العييش فيي ظيل الحكيم السيلمي ،كان يعميد إلى إظهار إسيلمه وإخفاء
يهوديتيه ،أو أن يُرغيم نفسيه كارهيا على التخلي عين طبائعيه وأهوائه فيي الفسياد والفسياد ،وهذا مميا ل يوافيق
طبعهيم ول ميا يأمرهيم بيه تلمودهيم ،ولذلك آثيير الكثيير منهيم الهجرة مين كيل البلد التيي كانيت تخضيع للحكيم
السلمي تباعا على م ّر العصور ،ومن ثم استقر بهم المقام في القارة الوروبية ،حيث وجدوا فيها متنفسا في
البداية لجهل الوربيين بطبيعتهم البشعة .
110
تدبير حادث ما ( فتنة ) تتسبب في إشعال الحروب بين هذه المعسكرات ،ل ُت ْنهِك وتحطّم بعضها بعضا ،وبالتالي
تتساقط الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية تباعا .
برنامج العمل :
.1السييييطرة على رجالت الحكيييم على مختلف المسيييتويات والمسيييؤوليات ،بالغواء المالي ( الرشوة )
والغراء الجنسييي ،وعنييد وقوعهييم يتييم اسييتغللهم لغايات تنفيييذ المخطييط ،وعنييد تفكييير أي منهييم
بالنسيحاب ،يتيم تهديده بالنطفاء السيياسي أو الخراب المالي ،أو تعريضيه لفضيحية عامية كيبرى تقضيي
على مستقبله ،أو تعريضه لليذاء الجسدي أو بالتخلص منه بالقتل .
.2دفع معتنقي المذهب اللحادي المادي ،للعمل كأساتذة والجامعات والمعاهد العلمية وكمفكرين ،لترويج
فكرة الممية العالمية بين الطلب المتفوقين ،لقامة حكومة عالمية واحدة ،وإقناعهم أن الشخاص ذوي
المواهيب والملكات العقليية الخاصية ،لهيم الحيق فيي السييطرة على مين هيم أقيل منهيم كفاءةً وذكاءً ( وذلك
كغطاء لجرهم لعتناق المذهب اللحادي ) .
.3يتيم اسيتخدام السياسة والطلب ( مين غيير اليهود ) الذيين اعتنقوا هذا المذهيب كعملء خلف السيتار ،بعيد
إحللهم لدى جميع الحكومات بصفة خبراء أو اختصاصيين ،لدفع كبار رجال الدولة إلى نهج سياسات ،
من شأنها في المدى البعيد خدمة المخططات السرية لليهود ،والتوصل إلى التدمير النهائي لجميع الديان
والحكومات التي يعملون لجلها .
.4السييطرة على الصيحافة وكيل وسيائل العلم ،لتروييج الخبار والمعلومات التيي تخدم مصيالح اليهود ،
وتساهم في تحقيق هدفها النهائي .
أميا القائمون على المؤامرة فهيم مجموعية كيبيرة منظمية مين جنود إبلييس ،تضيم حفنية مين كبار أثرياء اليهود فيي
العالم ،بالضافية إلى حفنية مين كبار حاخامات الشرق والغرب ،ومين السيماء التيي أطلقهيا عليهيم الباحثون فيي
مؤلفاتهيم ،جماعية النورانيون ،وحكومية العالم الخفيية ،واليهود العالميّون .يعملون بل كلل أو ملل على تدميير
الخلق والديان ،وإشعال الحروب القليميية والعالميية ،ويسييطرون على كثيير مين المنظمات السيرية والعلنيية
اليهوديية وغيير اليهوديية تحيت مسيميات عديدة ،ولهيم عملء ذوي مراكيز رفيعية ومرموقية فيي معظيم الحكومات
الوطنييية لدول العالم ،ميين الذييين باعوا شعوبهييم وأوطانهييم بأبخييس الثمان ،وتميّزوا بولئهييم المطلق للمؤامرة
وأصحابها ،وفيما يلي سنعرض أهدافهم وسياساتهم .
111
الصيغة النهائية لمبادئ المخطط الشيطاني :
.1أن قوانيين الطبيعية تقضيي بأن الحقّي هيو القوة ( .بمعنيى أن الذي يملك القوة هيو الذي يُحدّد مفاهييم الحيق
ويفرضها على الخرين ) .
.2أن الحرييية السييياسية ليسييت إل فكرة مجردة ولن تكون حقيقيية واقعيية ( .بمعنييى أنييك تسييتطيع الدعاء
ظاهريا بأنك ديموقراطي وتسمح بحرية الرأي ولكن في المقابل يجب قمع الرأي الخر سرا ) .
.3سلطة الذهب ( المال ) فوق كل السلطات حتى سلطة الدين ( .محاربة الدين وإسقاط أنظمة الحكم غير
الموالية ،من خلل تمويل الحركات الثورية ذات الفكار التحررية وتمويل المنتصر منها بالقروض ) .
.4الغاية تبرّر الوسيلة ( .فالسياسي الماهر :هو الذي يلجأ إلى الكذب والخداع والتلفيق في سبيل الوصول
إلى سدة الحكم ) .
.5مييين العدل أن تكون السييييادة للقوى ( .وبالتالي تحطييييم المؤسيييسات والعقائد القائمييية ،عندميييا يترك
المستسلمون حقوقهم ومسؤولياتهم ،للركض وراء فكرة التحرّر الحمقاء ) .
.6ضرورة المحافظية على السيرية ( .يجيب أن تبقيى سيلطتنا الناجمية عين سييطرتنا على المال مخفيّة عين
أعين الجميع ،لغاية الوصول إلى درجة من القوة ل تستطيع أي قوة منعنا من التقدم ) .
.7ضرورة العمييل على إيجاد حكام طغاة فاسييدين ( .لن الحرييية المطلقيية تتحول إلى فوضييى وتحتاج إلى
قمع ،لكي يتسنى لولئك الحكام سرقة شعوبهم ،وتكبيل بلدانهم بالديون ولتصبح الشعوب برسم البيع ) .
.8إفساد الجيال الناشئة لدى المم المختلفة ( .ترويج ونشر جميع أشكال النحلل الخلقي لفساد الشبيبة
،وتسخير النساء للعمل في دور الدعارة ،وبالتالي تنتشر الرذيلة حتى بين سيدات المجتمع الراقي إقتداءً
بفتيات الهوى وتقليدا لهن ) .
.9الغزو السييلمي التسييللي هييو الطريييق السييلم ،لكسييب المعارك مييع المييم الخرى ( .الغزو القتصييادي
لغتصاب ممتلكات وأموال الخرين ،لتجنب وقوع الخسائر البشرية في الحروب العسكرية المكشوفة ) .
.10إحلل نظام مبني على أرستقراطية المال بدل من أرستقراطية النسب ( .لذلك يجب إطلق شعارات :
الحرييية والمسيياواة والخاء ،بييين الشعوب بغييية تحطيييم النظام السييابق ،وكان هذا موجهييا إلى السيير
الوروبييية ذات الجذور العريقيية ،وميين ضمنهييا السيير الملكييية والمبراطورييية ،ليلقييى لصييوص هذه
المؤامرة بعدها شيئا من التقدير والحترام ) .
.11إثارة الحروب وخلق الثغرات فيي كيل معاهدات السيلم التيي تعقيد بعدهيا لجعلهيا مدخل لشعال حروب
جديدة ( .وذلك لحاجية المتحاربيين إلى القروض ،وحاجية كيل مين المنتصير والمغلوب لهيا بعيد الحرب
لعادة العمار والبناء ،وبالتالي وقوعهييم تحييت وطأة الديون ومسييك الحكومات الوطنييية ميين خنّاقهييا ،
وتسيير أمورها حسب ما يقتضيه المخطط من سياسات هدامة ) .
.12خلق قادة للشعوب من ضعاف الشخصية الذين يتميزون بالخضوع والخنوع ( .وذلك بإبرازهم وتلميع
صورهم من خلل الترويج العلمي لهم ،لترشيحهيم للمناصب العامة في الحكومات الوطنية ،ومن ثم
التلعب بهم من وراء الستار بواسطة عملء متخصّصين لتنفيذ سياساتنا ) .
.13امتلك وسيائل العلم والسييطرة عليهيا ( .لتروييج الكاذييب والشاعات والفضائح الملفّقية التيي تخدم
المؤامرة ) .
.14قلب أنظمية الحكيم الوطنيية المسيتقلة بقراراتهيا ،والتيي تعميل مين أجيل شعوبهيا ول تسيتجيب لمتطلبات
المؤامرة ( .وذلك بإثارة الفتين وخلق ثورات داخليية فيهيا لتؤدي إلى حالة مين الفوضيى ،وبالتالي سيقوط
هذه النظمة الحاكمة وإلقاء اللوم عليها ،وتنصيب العملء قادة في نهاية كل ثورة وإعدام من يُلصق بهم
تهمة الخيانة من النظام السابق ) .
112
.15اسيتخدام الزمات القتصيادية للسييطرة على توجهات الشعوب ( .التسيبب فيي خلق حالت مين البطالة
والفقير والجوع ،لتوجييه الشعوب إلى تقدييس المال وعبادة أصيحابه ،لتصيبح لهيم الحقيية والولويية فيي
السيادة ،واتخاذهم قدوة والسير على هديهم ،وبالتالي سقوط أحقية الدين وأنظمة الحكم الوطنية ،والتمرد
على كل ما هو مقدّس من أجل لقمة العيش ) .
.16نشير العقائد اللحادية المادية ( .من خلل تنظييم محافل الشرق الكبرى ،تحت ستار العمال الخيرية
والنسييانية ،كالماسييونية ونوادي الروتاري والليونييز ،والتييي تحارب فييي الحقيقيية كييل مييا تمثله الديان
السماوية ،وتساهم أيضا في تحقيق أهداف المخطط الخرى داخل البلدان التي تتواجد فيها ) .
.17خداع الجماهيير المسيتمر باسيتعمال الشعارات والخطابات الرنّانية والوعود بالحريية والتحرر ( .التيي
تلهب حماس ومشاعر الجماهير لدرجة يمكن معها ،أن تتصرف بما يخالف حتى الوامر اللهية وقوانين
الطبيعية ،وبالتالي بعيد الحصيول على السييطرة المطلقية على الشعوب ،سينمحو حتيى اسيم ال مين معجيم
الحياة ) .
.18ضرورة إظهار القوة لرهاب الجماهييير ( .وذلك ميين خلل افتعال حركات تمرد وهمييية على أنظميية
الحكيم ،وقميع عناصيرها بالقوة على علم أو مرأى مين الجماهيير ،بالعتقال والسيجن والتعذييب والقتيل إذا
لزم المر ،لنشر الذعر في قلوب الجماهير ،وتجنّب أي عصيان مسلح قد يُفكّرون فيه عند مخالفة الحكام
لمصالح أممهم ) .
.19اسيتعمال الدبلوماسيية السيريّة مين خلل العملء ( .للتدخيل فيي أي اتفاقات أو مفاوضات ،وخاصية بعيد
الحروب لتحوير بنودها بما يتفق مع مخططات المؤامرة ) .
.20الهدف النهائي لهذا البرناميج هيو الحكومية العالميية التيي تسييطر على العالم بأسيره ( .لذلك سييكون مين
الضروري إنشاء احتكارات عالمية ضخمة ،من جرّاء اتحاد ثروات اليهود جميعها ،بحيث ل يمكن لي
ثروة مييين ثروات الغرباء مهميييا عظُميييت مييين الصيييمود أمامهيييا ،مميييا يؤدي إلى انهيار هذه الثروات
والحكومات ،عندما يوجّه اليهود العالميون ضربتهم الكبرى في يوم ما ) .
.21الستيلء والسيطرة على الممتلكات العقارية والتجارية والصناعية للغرباء ( .وذلك من خلل ؛ أول :
فرض ضرائب مرتفعيية ومنافسيية غييير عادلة للتجار الوطنيييين ،وبالتالي تحطيييم الثروات والمدخرات
الوطنييية ،وحصييول النهيارات القتصييادية بالمييم .ثانيييا :السيييطرة على المواد الخام وإثارة العمال ،
للمطالبية بسياعات عميل أقيل وأجور أعلى ،وهكذا تضطير الشركات الوطنيية لرفيع السيعار ،فيؤدي ذلك
إلى انهيارها وإفلسها ،ويجب أل يتمكن العمال بأي حال من الحوال من الستفادة من زيادة الجور ) .
.22إطالة أمد الحروب لستنزاف طاقات المم المتنازعة ماديا ومعنويا وبشريا ( .لكي ل يبقى في النهاية
سوى مجموعات من العمال ،تسيطر عليها وتسوسها حفنة من أصحاب المليين العملء ،مع عدد قليل
مين أفراد الشرطية والمين لحمايية السيتثمارات اليهوديية المختلفية ،بمعنيى آخير إلغاء الجيوش النظاميية
الضخمة حربا أو سلما في كافة البلدان ) .
.23الحكومية العالميية المسيتقبلية تعتميد الدكتاتوريية المطلقية كنظام للحكيم ( .فرض النظام العالميي الجدييد ،
الذي يقوم فيييه الدكتاتور بتعيييين أفراد الحكوميية العالمييية ،ميين بييين العلماء والقتصيياديين وأصييحاب
المليين ) .
.24تسيلل العملء إلى كافية المسيتويات الجتماعيية والحكوميية ( .مين أجيل تضلييل الشباب وإفسياد عقولهيم
بالنظريات الخاطئة ،حتى تسهل عملية السيطرة عليهم مستقبل ) .
.25ترك القوانيين الداخليية والدوليية التيي سينتها الحكومات والدول كميا هيي ،وإسياءة اسيتعمالها وتطبيقهيا .
( عن طريق تفسير القوانين بشكل مناقض لروحها ،يستعمل أول قناعا لتغطيتها ومن ثم يتم طمسها بعد
ذلك نهائيا ) .
113
ثم يختم المتحدّث عرضه بالقول " :لعلكم تعتقدون أن الغرباء ( غير اليهود ) لن يسكتوا بعد هذا ،وأنهم سيهبّون
للقضاء علينا ،كل هذا اعتقاد خاطئ .سيكون لنا في الغرب منظمة على درجة من القوة والرهاب ،تجعل أكثر
القلوب شجاعية ترتجيف أمامهيا ،تلك هيي منظمية الشبكات الخفيية تحيت الرض ،وسينعمل على تأسييس منظمات
من هذا النوع ،في كل عاصمة ومدينة نتوقّع صدور الخطر منها " ،انتهى .
* بتصرّف من كتاب ( أحجار على رقعة الشطرنج ) .
ن هذا المخطط ،وُضع قبل أكثر من 200سنة تقريبا ،وأن العمل على تنفيذه بقي جاريا على نود أن نُشير إلى أ ّ
قدم وسيياق ،وكان دائم التجدّد والتطوّر ميين حيييث القائمييين عليييه ،وميين حيييث برامجييه وأدواتييه ،ليتوافييق مييع
التطورات المتسارعة التيي ظهرت فيي القرنين الماضيين ،من مُخترعات واكتشافات كوسيائل التصال ووسيائل
الحروب على مختلف أنواعها ،سُخرّت كلها لخدمة هذا المُخطّط الشيطاني ،الذي خطّته أيدي أبالسة اليهود على
مرّ العصيور ،وميا كان لبشير مين غيير اليهود ،أن يجمعوا كيل هذا الش ّر فيي جعبتهيم ،ويصيهروه بهذا الشكيل
المُذهل المتعمّق ،في معرفته بدواخل النفس البشرية وأهوائها ،ومكامن ضعفها وقوتها ،اتقانا ربما يعجز إبليس
نفسيه عين التيان بمثله ،حتيى اسيتطاعوا مين خلله ،التحكيم بالبشير بدءا مين الرئييس المريكيي بعظمتيه ،وحتيى
إنسيان الغياهيب الفريقيية بفقره وقلة حيلتيه ،الذي ل يدري ميا الذي يُحاربيه أول ،الجوع أم اليدز .وهيا هيم الن
بدءوا يُزيلون أقنعتهيم شيئا فشيئا ،فتصيريحاتهم من مواقع السياسة المريكية ومواقفهيم ،تكشيف عن مدى قباحة
ق النسانية .
وجوههم وأفعالهم في ح ّ
إسقاط جميع أنظمة الحكم الوراثية العريقة في أوروبا من خلل الثورات التحررية :
وقد استطاع اليهود من خلل مواظبتهم على تنفيذ هذه البروتوكولت ،من إسقاط نظام الحكم الملكي في بريطانيا
لفترة ليست بالقصيرة ،ومن ثم عاد النظام الملكي ،بشكل صوري ل يتمتع بأي سلطة كما هو الحال الن ،كما
وقاموا بإسقاط النظام الملكي في فرنسا ،ومن ثم تم تحويلها إلى النظام الجمهوري .وبعد إثارتهم للحرب العالمية
الولى ،استطاعوا إسقاط الحكم القيصيري في روسيا ،الذي عاملهيم كميا عوملوا فيي أوروبا ،ولكن بدون طرد
وإدخال الحكيم الشيوعيي إليهيا ،واسيتطاعوا إسيقاط الحكيم القيصيري فيي ألمانييا أيضيا ،وأسيقطوا المبراطوريية
العثمانية ،وكان آخر الحصاد هو وضع فلسطين تحت النتداب البريطاني .
114
طفيلية … والطفيليات ل تستطيع أن تتطفل على طفيليات أخرى … فهم ل يستطيعون العيش مع بعضهم البعض
… مما يستدعي ضرورة تواجدهم بين المسيحيين … أو بين أناس من غير جنسهم .
وإن لم يُطردوا مييين الوليات المتحدة بموجيييب الدسيييتور … فإنهيييم وخلل مائة عام على القيييل مييين الن …
سييتوافدون إلى هذا البلد بأعداد كيبيرة … وبتلك العداد سيوف يحكمونيا ويدمّرونيا … مين خلل تغييير أنظمية
الحكيم لدينيا … والتيي بذلنيا نحين المريكييين مين أجيل توطيدهيا على مير السينين … الغالي والنفييس مين دمائنيا
وأرواحنيا وممتلكاتنيا وحرياتنيا … وإن لم يتيم طردهيم … وبعيد مائتيي سينة مين الن …فإن أحفادنيا سييعملون فيي
الحقول لييل نهار … مين أجيل إشباع بطونهيم وجيوبهيم … بينميا يجلسيون هيم فيي قصيورهم يفركون أيديهيم فرحيا
واغتباطا … بما حصدوه من غلل وأرباح .
وهيا أنيا أحذركيم أيهيا السيادة … إن لم تطردوا اليهود مين هذا البلد إلى البيد … فإن أولدكيم وأحفادكيم سييلعنونكم
في قبوركم … ومع أنهم يعيشون بيننا منذ أجيال … فإن ُمثُلهم العليا ما زالت تختلف كليا ،عما يتحلى به الشعب
المريكييي ميين مُثُيل … فالفهييد الرقييط ل يمكنييه تغيييير لون جلده … سييوف يُعرّضون مؤسييساتنا ومقوماتنييا
الجتماعية للخطر … لذلك يجب طردهم بنص من الدستور " .
وكان فرانكليين مين الرؤسياء الوائل فيي أمريكيا ،والذي اسيتشعر الخطير اليهودي قبيل تغلغله فيي أمريكيا ،مين
خلل دراسته لتوراتهم ولتاريخهم في أوروبا وما أحدثوه من خراب فيها .
وهذا قسم من خطاب الرئيس المريكي ( لنكولن ) للمة ،في نهاية مدته الرئاسية الولى :
" إنني أرى في الفق نُذر أزمة تقترب شيئا فشيئا … وهي أزمة تثيرني وتجعلني أرتجف على سلمة بلدي …
فقد أصبحت السيادة للهيئات والشركات الكبرى … وسيترتب على ذلك وصول الفساد إلى أعلى المناصب … إذ
أن أصيحاب رؤوس الموال سييعملون على إبقاء سييطرتهم على الدولة … مسيتخدمين فيي ذلك مشاعير الشعيب
وتحزّباته … وستصبح ثروة البلد بأكملها تحت سيطرة فئة قليلة … المر الذي سيؤدي إلى تحطم الجمهورية "
.
وكان هذا الخطاب قبل أكثر من 130سنة بعد أن تغلغل اليهود في أمريكا ،وقد اغتيل هذا الرئيس في بداية فترة
الرئاسييية الثانييية ،لن كييل أصييحاب رؤوس المال المريكييي أصييبحوا ميين اليهود .كمييا اغتيييل الرئيييس ( جون
كندي ) عندما أعلن عن برامجه الصلحية ،ورغبته ببناء أمريكا من الداخل ونهج التعايش السلمي مع الخارج
كروسيا والبلدان الخرى ،وهذا مما يتعارض كليا مع بروتوكولت أرباب المال اليهود وحكمائهم .
بعيد اغتيال ( كندي ) اسيتوعب رؤسياء أمريكيا الدرس وحفظوه عين ظهير قلب ،فلم يجرؤ أحدهيم على نهيج أي
سيياسة تتعارض ميع طموحات اليهود وتطلعاتهيم على كافية الصيعدة ،بيل كانوا فور انتخابهيم يسيارعون لتقدييم
فروض الطاعييية والولء لسييييادهم اليهود .وخدماتهيييم لليهود خلل الربعيييين سييينة الماضيييية ظاهرة للعيان ،
وأصيبحت مهمية الرئييس المريكيي ل تتعدى مهمية ( كلب الصييد المدرّب جيدا ) ،لصيطياد الشعوب وثرواتهيا
وجلبها لليهود في الداخل والخارج ،وفي نهاية ولية كل كلب جيد منهم يُعلّق في رقبته وساما رفيعا من المديح
اليهودي ،فيهزّ ذنبيه فرحيا ويمضيي خارجيا مين البييت البييض ،بعيد حصيوله على شرف عضويية ( نادي كلب
الصيد ) اليهودي ،وكلنا يذكر قصة ( كلينتون ) عندما نسي نفسه وحاول الضغط على نتنياهو ،ففجّروا في بيته
البيض القنبلة ( لوينسكي ) ،التي كانت مُعدّة منذ لحظة انتخابه فأعادته إلى صوابه ،وإلى موقعه الحقيقي ككلب
صييد ل أكثير ،فأصيبح فيي نهايية مدة رئاسيته صيهيونيا أكثير مين الصيهاينة أنفسيهم ،يمسيح بفروه البييض الناعيم
نعال أحذيتهييم ،عسييى أن يقتات هييو وزوجتييه على فتات موائدهييم ،فييي قاعات مجلس الشيوخ المريكييي بعييد
خروجهم من البيت البيض .
117
والحقيقة الثان ية :هي أن ال قبر ليس النها ية ،بل إنه الطريق الذي ل مناص منه ول مفرّ بعد القبر ،من
تقديم الحساب أخيرا ،حيث ليس للمرابين العالميين من حول ول قوة " .
118
ميكانيكيات وأدوات العمل المستخدمة لتنفيذ برامج المخطط الشيطاني
مجلس المن :
بغيض النظير عميا يُمثّله من أنظمية وقوانيين وقرارات تأخيذ طابع العدالة والنصاف ،فالتطبيق فيي الواقيع يختلف
كلييا ويأخيذ طابيع الجور والظلم ،كميا هيو الحال ميع فلسيطين والعراق مين جانيب ،وإسيرائيل مين جانيب آخير .
فالقرارات ملزمية للجانيب الول وغيير ملزمية للجانيب الثانيي .وخيذ إسيرائيل وجنوب إفريقييا مين جانيب آخير
كنظاميين عنصريين ،فالنظام الول زالت عنه صفة العنصرية بقرار من مجلس المن مع بقاء النظام العنصري
،والثاني زالت عنه هذه الصفة بزوال النظام ،وهذا ل يُسمّى كما يحلو لبعض الغافلين ازدواجية في التعامل أو
الكييل بمكياليين ،فالحقيقية هيي أن مجلس المين الخاص بالميم المتحدة هيو مجلس أمين يهودي عالميي ،وبالتالي
لييس هناك ميا يُسيمّى بمعياريين أو مكياليين ،بيل هيو معيار واحيد ومكيال واحيد يقييس كيل الشياء وفيق الرؤى
اليهودية السرائيلية ،فهو الذي أوجد دولة إسرائيل وهو الذي حافظ على بقائها وإدامتها .
لنطرح هذه التسياؤلت :كيم كان عدد الدول التيي كانيت قلقية بمصيير اليهود ؟ وميا الداعيي لوجود دولة لليهود بميا
أن اليهوديية ديانية وليسيت قوميية ؟ ومين قال بأن القوميية تعطيي الشرعيية لقامية دولة ؟ فهناك الكراد والرمين
وألبان كوسوفو وغيرهم الكثير ممن هم متواجدين على أراضيهم ! فلماذا لم يُوجد لهم مجلس المن دول ؟! وبدل
مين ذلك يتغاضيى عين إبادتهيم وقمعهيم ،خاصية إذا كانوا مسيلمين كالبوسينة وكوسيفو والشيشان ،أو أعداءً لدولة
حليفية لليهود كأكراد تركييا ،وعندميا يتعلّق المير بالعراق يُصيبح الكراد فيي الشمال مسيألة إنسيانية تُقلق مجلس
المن .فما مصلحة أمم العالم قاطبة ومجلس أمنها في إنشاء دولة لليهود ! مع وجود النظمة العلمانية في معظم
دول العالم حتيى فيي معظيم الدول السيلمية والعربيية ! إل أن يكون هذا المجلس هيو مجلس أمين يهودي بحيت ،
ولكن كيف تحصّل اليهود على ذلك ؟
الجواب بسييط جدا ،فهيم قادرون على ضمان الغلبيية لصيدار أي قرار يرغبون بتمريره ،مين خلل العميل مين
خلف الستار بالترغيب والترهيب القتصادي والسياسي لعضاء مجلس المن .بالضافة إلى إيجاد حق النقض
( الفيتو ) للدول دائمة العضوية ،منها ثلث دول مؤيدة لسرائيل بالسيطرة القتصادية ،مع أن واحدة تكفي ،
ج منهما خيرا وهما روسيا والصين ،اللتان غالبا ما لتعطيل أي قرار ل يخدم المصالح اليهودية ،ودولتان ل يُرت َ
كانتا تتماشيان مع الرغبة المريكية نتيجة السترضاء السياسي ،كغض الطرف عن ممارسات هاتين الدولتين ،
فيمييا يخييص مثل حقوق النسييان فييي الصييين ،أو اضطهاد الشعوب المُجاورة والقليّات العرقييية أو الدينييية فييي
روسيا ،بالضافة إلى الغراء القتصادي متعدد الوجه .وفي حال فكّرت إحداهما في استعمال أي منهما ،حق
النقيض على قرار يخدم إسيرائيل تصيبح دولة نازيية ول سيامية ،وتبدأ اللة العلميية اليهوديية العالميية بالطبيل
والزمير ،فالمور تصيبح محسيومة مسيبقا ،ومؤخرا كُشيف النقاب عين هذه السيياسة علنيا ،عندميا هدّدت أمريكيا
دولة كولومبيا المستضعفة بفرض مقاطعة اقتصادية ،عندما صوّتت لصالح إرسال قوة حماية دولية للفلسطينيين
.
ولنأخييذ على سييبيل المثال القرارات الخاصيية بالعراق ،فمعظييم هذه القرارات اتُخذت بالجماع بحجيية مخالفيية
العراق للقانون الدولي آنذاك ،وطريقة تأمين الجماع تمت كما هي العادة بطريقة آلية من خلل النشاط الملحوظ
للديبلوماسية اليهودية المريكية من وراء الستار ،ومن أمام الستار أحيانا بجولت مكوكية .فمعظم دول مجلس
الميين إمّا أن تكون حليفيية أو صييديقة أو مديونيية أو منهارة اقتصيياديا .وعندمييا وُضييع أول قرار بدأت الماكينيية
اليهودييية ،بالدوران بأقصييى سييرعتها وطاقتهييا مدفوعيية بأحقادهييا ومخاوفهييا التوراتييية ،لفرض قرارات جديدة
ولتأميين تطيبيق القرارات وتنفيذهيا ،والعالم كله ل يعلم لغايية الن حقيقية النواييا اليهوديية المريكيية البريطانيية
الفرنسية ،من وراء تلك الحرب وهذا الحصار .وفي الحقيقة ما وُضع بقرار ل يُرفع إل بقرار وهذا ينطبق على
الحصيار ،ولن يُرفيع هذا الحصيار اليهودي التوراتيي ميا داميت أمريكيا تملك حيق النقيض ،إل أن يتيم خرق هذا
الحصييار بدون قرار رفييع ميين جانييب دولة عظمييى كروسيييا أو الصييين ،ل يسييتطيع القانون الدولي اليهودي
المريكيي معاقبتهيا ،كونهيا تمتلك سيلحا نووييا قادرا على أن يمحيو أمريكيا وحلفائهيا عين الوجود بميا فيهيا مين
يهود ،وهذا الحتمال يُعدّ نوع ميين المُغامرة فييي الظروف الراهنيية ،ومييع ذلك بدأ التمرد الروسييي على أواميير
أسياد العالم يلوح في الفق .
119
المنظمات النسانية في المم المتحدة :
ميا الذي تنادي بيه هذه المنظمات ؟ تنادي بحريية المرأة وحقوق النسيان وحقوق الطفيل وتنظييم النسيل وتحديده ،
وغيرهيا مين الحريات والحقوق ،وكيل هذه الحريات والحقوق عنيد المناداة بهيا ،غالبيا ميا تأخيذ الطابيع السيياسي ،
فانظييير إلى الدول المتهمييية بانتهاك هذه الحريات وهذه الحقوق ،هيييي الدول العربيييية السيييلمية أول ،والدول
السلمية غير العربية ثانيا ،والدول الشيوعية ثالثا ،وما عدا ذلك إذا كان موجودا فهو لذ ّر الرماد في العيون ،
فمييا الذي يريدون ميين وراء ذلك ؟ انظيير إلى الحياة الجتماعييية فييي الغرب ،الذي سييمح ويسييمح بهذه الحريات
والحقوق ،تجد أن الجابة هي ما يلي :
تحرّر الفكيير فنتييج الكفيير واللحاد وعبادة المادة وتقديسييها ،تحررت النسيياء فتنازلن عيين دورهيين الفطري فييي
الموميية والتربييية ،فنتجييت كافيية أنواع الباحييية والفجور والدعارة ،وأصييبحت لحوم النسيياء عرضيية للكلب
الضالّة ،وتحرّرت الطفولة فتطاولت على الباء والمهات والمعلّميييين والمعلّمات ،وتمرّدت عنيييد البلوغ لتترك
السييرة ،وطفقييت تبحييث عيين إشباع الغرائز والشهوات .لنخلص ميين ذلك إلى أن المطالبيية بحماييية هذه الحقوق
والحريات ،هي في الصل دعوة للتمرد على الطبيعة البشرية وأبجدياتها ،وعلى القيم الروحية والخلقية التي
قدّمتها الديان السماوية كمنهج للحياة .وتهدف إلى ضرب السرة التي هي اللبنة الساسية في بناء المجتمعات ،
وذلك بحرمان الب مين دوره القيادي مميا يؤدي إلى تفكييك العلقات ميا بيين أفرادهيا ،وضياع الرؤى المشتركية
للبقاء والستمرار .ولو قمت بإحصائية لعدد الغربيون ذوي الولدات الشرعية ! ربما لوجدت أن معظمهم أولد
زنييا ،شرّ الخلق عنييد ال !! أمييا نحيين … فماضون على الدرب لنواكييب مُتطلبات العصيير اليهودي … بجهود
الجهابذة من مفكرين وخبراء واختصاصيين … من دعاة التحرّر والتحرير والصيلح القتصادي والثقافي …
وسنصل … عمّا قريب … إن لم يدّاركنا ال برحمته .
البنك الدولي وصندوق النقد الدولي :
مهمة هذه المؤسسة تقديم النصائح ،بما يُسمى ببرامج التصحيح القتصادي ،ومن ثم تقديم القروض والحصول
على ضمانات للسييداد ،ولكيين هييل تكترث هذه المؤسييسة بمصييير الموال المقدّميية ،وهييل تتابييع تنفيييذ برامجهييا
التصحيحية ؟ وما هي طبيعة هذه البرامج وماذا تحمل في طياتها ؟ في الحقيقة تذهب معظم الموال المقدّمة إلى
جيوب المتنفّذيين فيي الحكيم وكنفقات للجهزة الحكوميية ،ول تظهير المتابعية إل عندميا تقيع الدول المديونية فيي
أزمات اقتصيادية تعجيز بسيببها مين سيداد اسيتحقاقات الديين ،فيأتيي الصيندوق بمجموعية اقتراحات جديدة كرفيع
الضرائب والسيعار والرسيوم على كيل شييء لتحصييل أقسياط ديونيه ،وربميا يقترح بأن يضعوا فيي بييت كيل
مواطيين مسييتقبل موظفييا حكوميييا ،ليحصييي عليييه عدد لقمات الطعام التييي يأكلهييا أفراد عائلتييه ،أو مييا تحرقييه
عضلتهم من سكّر أثناء الحركة بما أنه أحد مصادر الطاقة ،ولتُجبى منه نسبة الضريبة على كل لقمة أو غرام
مين السُيكّر ،والنتيجية هيي رفيع السيعار والرسيوم والضرائب باسيتمرار ،والضحيية أول وأخيرا هيو المواطين
المسيحوق .ويُضاف ديين جدييد للخروج مين الزمية القتصيادية ،وتُعاد جدولتيه ميع الديون القديمية مرة أخرى
ومين ثيم تقيع أزمية جديدة ،نتيجية النسيياب المسيتمر لرأس المال الوطنيي ،فيي المجتمعات السيتهلكية وغيير
المنتجة إلى الخارج ،فضل عن السرقات والختلسات ،ومن ثم ديون جديدة وهكذا دواليك … ،فيتضخم أصل
الدين القومي ليصل إلى أرقام فلكية ،ل تستطيع الشعوب حتى تسديد قيمة فوائدها السنوية …
وبالتالي تصيادر أو بالحرى تُشترى القرارات السيياسية ،كميا اشتُرييت قرارات التحاد السيوفييتي ،فيي حرب
الخلييج وميا بعدهيا بعيد أن اختلس ( غورباتشوف ) وحاشيتيه ،ميا مجموعيه أربعية مليارات دولر ثمنيا لتدميير
التحاد السيوفييتي ،لكيي يتمكين اليهود مين التفرّد بحكيم العالم مين خلل نظامهيم العالميي الجدييد .وبعيد أن أزاح
الرئييس الروسيي ( يلتسيين ) غريميه مين الكرمليين بقوة المدرعات أكميل صيفقة البييع ،فاختلس على مدى سينين
حكمه ما مجموعه سبعة مليارات دولر من مساعدات صندوق النقد لدولي .ولما اكُتشف المر من قبل الروس
وصار ( يلتسين ) قاب قوسين أو أدنى من الملحقة القضائية ،اشتعلت بقدرة قادر أحداث داغستان والتفجيرات
الوهميية فيي موسيكو والتيي لم تُسيجّل أي ضحيية ،وشُنّت حرب غيير ميبررة للقضاء على الرهاب فيي الشيشان
وانشغل الشعب الروسي فيها ،ونسي اختلسات ( يلتسين ) الذي قدّم استقالته واشترط علنا على خليفته ( بوتين )
120
،عدم ملحقتيه قضائييا عنيد تسيلمه للسيلطة ،فمين الذي مكّن ( يلتسيين ) مين ذلك ؟ وكييف صيعد ( بوتيين ) مين
المجهول ليصبح رئيسا لروسيا ؟!
يُصييرّح الملياردييير اليهودي ( سييوروس ) بأن المسييؤول عيين تدبييير ذلك ،هييو الملياردييير اليهودي الخيير
( بيريزوفسيكي ) الذي قدّم التموييل لثوار داغسيتان السيلميين ،وبعيد اشتعال النيران وغزو الشيشان انقطيع
التموييل ،وبالتالي ذهبيت الشعيب الشيشانيي المسيلم ضحيية لمؤامرة ( يلتسيين ،بيريزوفسيكي ،بوتيين ) .وكميا
حصيل ميع الشرييف حسيين فيي الثورة العربيية فيي الحرب العالميية بعيد أن غُدر بيه ،فكانيت نتيجتهيا السيتعمار
والنتداب وضياع فلسطين وتشرذم المة العربية ،وكما حصل مع هتلر في الحرب العالمية الثانية ،ومع صدام
حسييين فييي حربييي العراق المُدمّرتييين .هييل المشكلة فييي أن العرب ل يقرءون التاريييخ أو القرآن أو التوراة أو
النجيييل ؟! أم أن العرب ل يقرءون شيئا ،وإن قرءوا ل يفهمون ،وإن فهموا ل يعملون .فييي الحقيقيية هذا ليييس
مين قولي ،وإنميا سيمعته يوميا مين أحدهيم ،منسيوبا إلى أحيد زعماء اليهود ربميا يكون ( بيغين ) ،والغرييب أن
سيناريو المؤامرة هو نفسه بكل حيثياته يتكرّر في كل مرة !!!
والسيؤال هنيا ،من هيم أصيحاب صيندوق النقيد الدولي والبنيك الدولي الحقيقيون ؟! وإن كانيت تملكهميا الدول ،فميا
معنى أن تكون بلدان كأمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان مثل ،من أكثر دول العالم أرقاما للدين القومي ؟! فالدين
القوميي المريكيي المعلن لعام 2000م كميا نُشير فيي إحدى الصيحف ،يصيل إلى 300ألف مليار دولر ،والديين
القومي الياباني يصل إلى 280ألف مليار دولر ،وهما أكبر اقتصادين في العالم .ولم يكفهم كل ذلك وكما أخوة
يوسف ،لم ينتظروا الفرصة ولم يتقاعسوا ،بل سارعوا لخلق الفرصة بالمكر والحيلة للظفر بأخيهم ،لم تستكن
أبالسة الشر ولم يهدأ لهم بال ،فهم دائمو الحركة والبحث في مطابخ السياسة والقتصاد هناك في الغرب ،وكل
جييل يُكميل ميا بدأه الخير ويضييف علييه تعديلتيه ،ويسيتعجل تنفييذ خطوات المخطيط الشيطانيي ،ويحلم كيل جييل
بأن يكون مجيء مليكهم المنتظر في زمانه ،وتأخّر التنفيذ يعني تأخر المجيء ،وآخر ما تفتّقت عنه أذهانهم في
حلقات هذا المسيلسل الطوييل ،هيو فكرة العولمية التيي ل تعدو أكثير مين كونهيا وحييا شيطانييا ،لنشير المذهيب
الشيطاني وفرضه على شعوب العالم .
العولمة :
العولمة :كلفظ مُجرّد مصطلح مُبهم ،ويصبح مفهوما وتضح ماهيته عندما تُضاف إليه كلمة أخرى ،كأن نقول
عولمة الثقافة وعولمة القتصاد .وبما أننا نعلم أن من يُنادي بالعولمة ويدعوا إليها هي أمريكا ،فذلك يعني أول :
تعميييم الثقافيية المريكييية ،وثانيييا :تعميييم النظام القتصييادي المريكييي الرأسييمالي .وبشكييل شمولي هييو فرض
الحضارة المريكية الغربية بكافة جوانبها ،كأسلوب جديد للحياة على كافة شعوب العالم ،ولو قمنا بتقييم بسيط
للحضارة المريكييية ،لوجدنييا أن ميين رسييم وشكّل معالم وأبعاد هذه الحضارة ،منييذ بدايات القرن الماضييي هييم
السياد الجدد لمريكا ،أعني أرباب المال اليهود من خلل سيطرتهم المطلقة على كافة أدوات النتاج المريكي
القتصادي والثقافي .
أما ملمح الحضارة المريكية ،فهي في الواقع ترجمة حيّة لما يحمله اليهود من عقائد كفرية إلحادية ،ل تؤمن
إل بكييل مييا هييو محسييوس ،تدعوا إلى تأليييه رأس المال والقتصيياد وعبادة أصييحابه .وتدعوا إلى أخلقيات
اجتماعيية تلموديية ،سيِمتها النحلل والباحيية والدعوة لممارسية كيل رذيلة والتحلل مين كيل فضيلة .لنخلص إلى
القول إلى أن الغايية مين العولمية ،هيو نشير العقيدة اليهوديية الماديية الدنيويية ،الخاصية بأصيحاب البروتوكولت
اليهود تمهيدا لضربتهم النهائية .
فيي أواخير القرن الماضيي ،تمكين اليهود مين نشير هذه العقيدة فيي أمريكيا والدول الغربيية ،وبعيد أن اسيتحكمت
قبضتهيم على مواقيع صينع القرار فيهيا ،مين خلل امتلكهيم لرؤوس الموال المحرّكية لقتصياديات هذه الدول .
ومييع انتهاء الحرب الباردة وتفرّد أمريكييا بحكييم العالم ،امتلك هؤلء القوة العظمييى والوحيدة فييي العالم ،التييي
أصبحت كالمعلّم الشرس بعصاه الطويلة ،الذي يسعى كل التلميذ لنيل رضاه ،بالنصياع لوامره وترك نواهيه
،وينفذون ميا يفرضيه عليهيم رغبية ورهبية ،حتيى لو أوردهيم موارد الهلك .فأصيبح لدى هؤلء القدرة أكثير مين
أي وقت مضى -حسب تصورهم -على تنفيذ ما تبقى من خطوات مخططهم الشيطاني .
121
فيي الجانيب الخير مين العالم تقيف بشموخ المجتمعات الشرقيية ،مين المؤمنيين بال وحتيى الملحديين والوثنيون ،
ذوي المعتقدات والقييم الراسيخة ،والتيي غرسيها وحافيظ عليهيا النيبياء والمفكّريين ورجال الديين قديميا وحديثيا ،
لتشكّل حواجز منيعة أمام طموحات اليهودية العالمية ،فكانت آخر القلع التي يتطلّعون إلى تحطيمها ،وما تبقى
من أسوارها في طريقه للنهيار .
ولما أصبحت الرياح مواتية لهم ،جلس أسياد العالم وائتمروا فتفتّقت أذهانهم ،عن هذه الفكار الجهنمية الخاصة
بمنظمة التجارة العالمية وقوانينها ،ومتطلبات النتساب إليها لختراق جميع الحواجز القتصادية ،التي أقامتها
الحكومات لحماييية ثرواتهييا الوطنييية ،ميين النسييياب التلقائي إلى جيوب أرباب المال اليهود ،والتييي سيييكون
بمقدورهم من خللها إصابة عدة عصافير بحجر واحد .
وسييائلها الثقافييية :بالترتيييب هييي المطبوعات والراديييو والسييينما والتلفاز والفيديييو والطباق اللقطيية وأخيرا
النترنيت .وكان ابتكار النترنيت بمُشاركية الطباق اللقطية ،التيي أُجيبرت الدول العربيية على السيماح بدخولهيا
واقتناها قبل 4إلى 5سنوات ،أكبر ضربة لما أقامه هؤلء من حواجز لحماية شعوبهم من الغزو الثقافي الغربي
.وجاءت العولمة القتصادية لترفع الرسوم الجمركية عنها ،لتصبح في متناول من ل يملك ثمن رغيف الخبز ،
ولتكون بمثابة حصان طروادة ولكن بحلّة جديدة ،لتصل إلى البدوي في خيمته ،والمشرّد في كهفه ،والموظف
في مكان عمله ،والطالب في جامعته ومدرسته ،وحتى الطفل في مهده .
التحذير من خطر العقائد والخلقيات اليهودية ،والتي يسعون الن لنشرها تحت مُسميات عولمة الثقافة وعولمة
القتصاد ،جاء في بعض أقوال رؤساء الغرب :
( لنكولن ) … " :فقد أصبحت السيادة للهيئات والشركات الكبرى … إذ أن أصحاب رؤوس الموال سيعملون
على إبقاء سيطرتهم على الدولة … وستصبح ثروة البلد بأكملها ،تحت سيطرة فئة قليلة … المر الذي سيؤدي
إلى تحطم الجمهورية " .
( فرانكليين ) " :وميع أنهيم يعيشون بيننيا منيذ أجيال … فإن ُمثُلهيم العلييا ميا زالت تختلف كلييا عميا يتحلى بيه
الشعب المريكي من ُمثُل … فالفهد الرقط ل يمكنه تغيير لون جلده ( عبارة مقتبسة من التوراة ) " .
( هتلر ) " :ومن جهة أخرى يحارب ،الروح المادية اليهودية ،المتغلغلة في نفوسنا وفي نفوس الخرين " .
بعد هذا العرض نستطيع تعريف لفظ العولمة على أنها :
مصيطلح مضلل اسيتعمل كغطاء للتعيبير عين برناميج يهودي أمريكيي لتهوييد العالم بأسيره .أدواتيه الثقافيية هيي
وسيائل التصيال والعلم المختلفية ،وأدواتيه القتصيادية صيندوق النقيد والبنيك الدولي والخصيخصة ومنظمية
التجارة العالميية .وغايتيه أول :خلق ديانية ماديية جديدة تحيت عنوان الثقافية والتحضّر ،وثانييا :نهيب ثروات
الشعوب تحييت عنوان تحرييير التجارة ،وذلك لتهيئة الجواء لظهور اليهود كأسييياد للعالم بأسييره ،عندمييا يحييين
الوقت المناسب لذلك .
124
ي ي المتدينون :وأغلبهييم ميين يهود الشرق بمييا فيهييم يهود البلد العربييية ،وظهرت منهييم حركات دينييية متطرفيية
كثيرة ،ومهمتهيم هيي تنفييذ الوصيايا التوراتيية ،التيي خطّهيا أحبارهيم القدماء على شكيل نبوءات ،وتتلخيص فيي
استلب الراضي ،وتهجير السكان الوثنيين ،والستيطان ،وهدم المسجد القصى وبناء الهيكل ،تمهيدا للملك
اليهودي الداودي القادم ،الذي سييأتي مين ربوات القدس ،ليحكيم العالم إلى البيد ،فينتشير الحيق والعدل والسيلم
اليهودي في الرض ،وهم الذين يشكّلون الحزاب الدينية المتطرّفة .
وكل هذه الصيناف اليهودية فيي المحصلة ،وجوه عديدة لعملة واحدة هي التوراة والتلمود ،أخطر وثيقتين على
مستقبل البشرية والعالم ،لذلك احتل التحذير من اليهود واليهودية ،مساحة شاسعة من قرآننا العظيم .بينما احتل
الفكير اليهودي المادي مسياحة شاسيعة مين عقول أمية السيلم ،فنسييت إلههيا ،وطفقيت تركيض وراء العجول
الذهبية المادية للسامريّون الجدد .
آخيير مييا نود قوله ،أن اليهود قطعوا شوطييا كييبيرا ،فيي تنفييذ مخططهييم الشيطانييي للسيييطرة على العالم ،حتيى
صاروا ( نظريا ) قاب قوسين أو أدنى ،من الوصول إلى هدفهم النهائي في ظرف سنين قليلة ،ونجاحهم اعتمد
فييي الدرجيية الولى ،ليييس على ذكائهييم ومكرهييم ودهائهييم فحسييب ،بييل فييي العزف على وتيير يطرب له جميييع
الناس ،بل اسيتثناء إل مين رحيم وهدى ربيي ،أل وهيو سيهولة وقوع النفيس البشريية أسييرة لهوائهيا وأطماعهيا ،
ن بهيا ،عندما تنعدم لديهيا القيم الروحية
ومن ثيم إرغامهيا على الخلود إلى الرض ،لترضيى بالحياة الدنيا وتطمئ ّ
اليمانية ،المُتحصّلة من فهم حقيقة العلقة ما بين السماء والرض ،والتي توضحها سورة السراء بكل فصولها
،فاقرأها إن رغبت في الفهم ،فهي تحكي واقعنا المعاصر بكل فصوله ،ومن أجل أن تفهم فصولها ،كان هذا
الفصل في هذا الكتاب .
جمِيعًا َ ،يعْلَ مُ مَا َتكْسِب ُ
ب ن مِ نْ قَبْ ِلهِمْب ،فَلِلّهِب ا ْل َمكْ ُر َوقيد يسيأل سيائل :ثيم ماذا ؟ نُجيب بقوله تعالى ( :وَقَ ْد َمكَرَ الّذِي َ
ن مِنْ قَبْ ِلهِمْ ،فَأَتَى الُّ بُنْيَا َنهُ ْم مِنَ عقْبَى الدّارِ ( 42الرعد ) وقوله ( :قَ ْد َمكَرَ الّذِي َ ُكلّ َنفْسٍ ،وَسَ َيعْ َلمُ ا ْل ُكفّارُ ِلمَنْ ُ
شعُرُونَ ( 26النحل ) . ث لَ َي ْ ن حَيْ ُب مِ ْف مِنْ َفوْ ِق ِهمْ َ ،وأَتَا ُهمُ ا ْلعَذَا ُ
ا ْلقَوَاعِدِ َ ،فخَرّ عَلَ ْي ِه ُم السّقْ ُ
والعلو اليهودي قائم على قاعدتيين ،هميا إسيرائيل كموطين بميا فيهيا القدس ،كعاصيمة مسيتقبلية للدولة اليهوديية
العالمية البدية ،وأمريكا كقوة اقتصادية عسكرية ،لتمكين هذا الحلم اليهودي .فل غرابة ول عجب إن أتى ال
هذا البنيان مين القواعيد ،فخرّ على رؤوسيهم وعلى رؤوس مين يشدّ على أيديهيم سيقف أحلمهيم وطموحاتهيم ،
فأتاهم العذاب من حيث ل يشعرون .
ونختيم هذا الفصيل بنيص مين التوراة ،يؤكيد لليهود أن عاقبية أفعالهيم سيتكون مدمرة ل محالة ،وأن الكأس التيي
جرّعوها للشعوب ل بد أن يتجرّعوها في النهاية ،حتى لو تخندقوا في الحصن المريكي البريطاني المنيع فذلك
لن يُجدي نفعيا ،ومهميا كُبرت أمريكيا وعظميت وتعالت فال أكيبر وأعظيم وأعلى ،ولييت عبدة أمريكيا مين أمتيي
يفقهون ذلك ،لعلهم يرجعون قبل فوات الوان .
" ويبل لمبن يكوّم لنفسبه السبلب ،ويثرى على حسباب مبا نهبب ،إنمبا إلى متبى ؟ أل يقوم عليبك دائنوك بغتبة ،
أول يثورون عليك ويُملونك رُعبا .فتصبح لهم غنيمة لنك سلبت أمما كثيرة ،فإن بقية الشعوب ينهبونك ثأرا
،لما سفكت من دماء ،وارتكبت من جور في الرض ،فدمّرت مُدنا ،وأهلكت الساكنين فيها .ويل لمن يدّخر
لبنيبه مكسبب ظلم ،ويُشيبد مسبكنه فبي مقام حصبين ،ليكون فبي مأمبن مبن الخطبر .لقبد لطّختْب مؤامرتبك بيتبك
بالعار ،حيببن اسببتأصلت أممببا عديدة ،وجلبببت الدمار على نفسببك ،حتببى حجارة الجدران تصببرخ مببن شرّك ،
فتردّد الدعائم الخشبيبة أصبداءها .ويبل لمبن يبنبي مدينبة بالدماء ،ويُؤسبس قريبة بالثبم " ( .التوراة :سيفر
حبقوق ) 12-6 :2
قال تعالى
( وَقَالَت بِ الْ َيهُودُ يَ ُد الِّ َمغْلُو َلةٌ ،غُلّت ْب أَيْدِيهِم بْ ،وَُلعِنُوا بِمَا قَالُوا َ ،بلْ يَدَاه ُب مَبْس بُوطَتَانِ ،يُ ْنفِق بُ كَيْف بَ َيشَاءُ ،
طغْيَانًا َوكُفْرًا َ ،وأَ ْلقَيْنَا بَيْ َنهُ مُ ا ْلعَدَاوَ َة وَالْ َبغْضَا َء إِلَى َيوْ مِ ا ْلقِيَا َمةِ ،
ك مِ نْ رَبّ كَ ُ ،
وَلَيَزِيدَنّ كَثِيرًا مِ ْنهُ مْ ،مَا أُنْ ِز َل إِلَيْ َ
لّ لَ ُيحِبّ ا ْل ُم ْفسِدِينَ ( 64المائدة ) س َعوْنَ فِي الَْرْضِ َفسَادًا ،وَا ُ ب َأطْفَأَهَا الُّ ،وَ َي ْ حرْ ِكُّلمَا َأوْقَدُوا نَارًا لِ ْل َ
125
النبوءات التوراتية بين الماضي والمستقبل
بالرغيم مين تحرييف التوراة ونسيخها وتأليفهيا عدة مرات ،وضعيف الترجمية إلى العربيية وانحيازهيا .إل أنهيا ميا
زالت تحوي بقيية مين كلم ال جلّ وعل ،تسيتطيع السيتدلل عليهيا مين خلل مقابلتهيا ومقارنتهيا ميع ميا لدينيا مين
وحييي ،وتسييتطيع أحيانييا ملحظيية السيياليب التييي تييم بهييا كتابيية التوراة ،ميين إضافيية وحذف وتبديييل لمواضييع
العبارات كما أخبر عنها القرآن الكريم .وهذه البقية هي ما كان يستدل اليهود من خللها وما زالوا ،على بعض
الحداث المستقبلية ،كبعث عيسى ومحمد عليهما السلم قديما ،وما سيقع من أحداث النهاية مستقبل .
وكميا قلنيا فيي الفصيل السيابق ،أن معرفتهيم بميا وجيد لديهيم مين نبوءات ،كانيت بمثابية القوة الدافعية فيي تحركاتهيم
لسييتباق تحقّق هذه النبوءات على أرض الواقييع ،ولم ولن يألوا جهدا فييي اسييتعجالها إن وافقييت أهوائهييم أو فييي
تعطيلها إن خالفتها .
فيي هذا الفصيل سينتتبع فيي البدايية ،بعيض الخبار التيي وردت فيي التوراة بشكيل مقتضيب وسيريع ،ومين ثيم
سنعرض جانبا من النبوءات التوراتية ،التي تحققت في الماضي ،وجانبا من النبوءات التي لم تتحقق بعد ،مما
يُسياعد على اسيتقراء بعيض النبوءات المسيتقبلية لديهيم ،لنتعرّف على المخاوف اليهوديية وتطلعاتهيم وأحلمهيم
وأمانيّهم المتعلّقة بعودتهم إلى فلسطين للمرة الثانية .
ومن خلل هذا الكشف تستطيع التعرف على حقيقة العقلية التي يُفكّر بها يهود ،ومن ثم قراءة مواقفهم وسياستهم
على السياحتين العالميية والقليميية ،وتسيتطيع أيضيا قراءة سيياسات ومواقيف أمريكيا ،التيي يحكمهيا ويديرهيا فيي
الخفاء زعماء المؤامرة العالميية مين الثرياء والحاخامات اليهود ،لتجيد أن التوراة ونبوءاتهيا هيي ميا سييّر اليهود
في الماضي ،وهي ما يُسيّرهم في الحاضر والمستقبل .
قال تعالى ( َفوَ ْيلٌ لِلّذِينَ َيكْتُبُونَ ا ْلكِتَابَ بِأَيْدِي ِهمْ ُ ،ثمّ َيقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْ ِد الِّ ،لِ َيشْتَرُوا ِبهِ َثمَنًا قَلِيلً َ ،فوَ ْيلٌ َلهُمْ
ِممّا كَتَبَتْ أَيْدِي ِهمْ َ ،ووَ ْيلٌ َل ُه ْم ِممّا َي ْكسِبُونَ ( 79البقرة )
وقال أيضيا ( وَ َلمّاب جَاءَهُمْب كِتَابٌب مِنْب عِنْدِ الِّ ،مُصَبدّقٌ ِلمَا َم َعهُمْب َ ،وكَانُوا مِنْب قَ ْبلُ يَسْبَتفْتِحُونَ عَلَى الّذِينَب كَفَرُوا
فَ َلمّا جَاءَ ُهمْ مَا عَ َرفُوا َكفَرُوا ِبهِ ،فَ َلعْ َنةُ الِّ عَلَى ا ْلكَافِرِينَ ( 89البقرة )
ن أَلْسِنَ َتهُمْ بِا ْلكِتَابِ ،لِ َتحْسَبُو ُه مِ نَ ا ْلكِتَابِ َ ،ومَا ُه َو مِ نَ ا ْلكِتَابِ ،وَ َيقُولُو نَ
وقال أيضا ( َوإِنّ مِ ْنهُمْ َلفَرِيقًا ،يَ ْلوُو َ
ب وَ ُهمْ َيعْ َلمُونَ ( 78آل عمران ) علَى الِّ ا ْلكَذِ َ
ُه َو مِنْ عِنْ ِد الِّ َ ،ومَا ُه َو مِنْ عِنْ ِد الِّ ،وَ َيقُولُونَ َ
126
وعد ال لهاجر في إسماعيل :
" تكويين 10 :16 :وقال لهيا ملك الرب :لُكثّرنّي نسيلك فل يُع ّد مين الكثرة ،هيو ذا أنيت حاميل ،وسيتلدين ابنيا
وتدعينه إسماعيل ،ويكون إنسانا وحشيّا يُعادي الجميع والجميع يُعادونه [ ،وأمام جميع أخوته يسكن ] " .
ي همجيّ متوّحش وإرهابي ومعاد للبشرية ،هذه هي صورة إسماعيل عليه السلم نبي ال جد العرب ،وهي ذاتها
صييورة النسييان العربييي فييي وسييائل العلم الغربييية ،ميين سييينما وتلفزيون وصييحف ومجلّت ،ومصييدر هذه
الصورة هو التوراة والمُنتج المُنفذّ هم اليهود المُسيطرون على كافة وسائل العلم الغربية .فالرب يقول ذلك ل
كذبية التوراة ،وإذا كان العرب مسيتاءون مين هذه النظرة لهيم ،فليجرؤ أحدهيم على مطالبية اليهود والنصيارى ،
بحذف كلمات الرب هذه ميين كتابهييم المقدّس ،كمييا يُطالبوننييا بحذف اليات التييي تحضيّ على قتالهييم ميين الكتييب
المدرسية .
وعد ال لبراهيم في سارة ونسلها :
" تكويين :19-15 :17 :وقال الرب لبراهييم :أميا سياراي زوجتيك ،وأُباركهيا وأُعطييك منهيا ابنيا ،سيأباركها
وأجعلها أمّا لشعوب ،ومنها يتحدّر ملوك أمم ،إ نّ سارة زوجتك هي التي تلد لك ابنا ،وتدعو اسمه اسحق وأُقيم
عهدي معه ،ومع ذريّته من بعده إلى البد " .
وعد ال لبراهيم في إسماعيل ونسله :
" تكوين :20 :17 :وأمّا إسماعيل فقد استجبت لطلبتك من أجله ،سأُباركه حقا ،وأجعله مُثمرا ،وأكثّر ذريّته
جدا ،فيكون أبا لثني عشر رئيسا يلد ،ويُصبح أمّة كبيرة " .
هجرة هاجر وإسماعيل إلى صحراء فاران :
" تكوييين :21-14 :21 :فنهييض إبراهيييم فييي الصييباح الباكيير ،وأخييذ خبزا وقربيية ماء ،ودفعهمييا إلى هاجيير ،
ووضعهميا على كتفيهيا ،ثيم صيرفها ميع الصيبي ،فهاميت على وجههيا فيي بريية بئر سيبع .وعندميا فرغ الماء مين
القربة ،طرحت الصبي تحت إحدى الشجار ،ومضت وجلست قبالته ،على بُعد مائة متر ( ،تبريرهم :حتى
ل تشهييد موت الصييبي ) ،ورفعييت صييوتها وبكييت ( .ناداهييا ملك الرب قائل ) " :قومييي واحملي الصييبي ،
وتشبّثيي بيه لنّي سيأجعله أمّة عظيمية " ،ثيم فتحيت عينيهيا ،فأبصيرت بئر ماء ،فذهبيت وملت القربية وسيقت
الصبي .وكان ال مع الصبي فكبُر ،وسكن في صحراء فاران ،وبرع في رمي القوس ،واتّخذت له ُأمّه زوجة
من مصر " .
يي فيي هذا النيص يُوحيي كتبية التوراة ،أن إبراهييم تخلّى عين هاجير وابنهيا وطردهميا طردا ،ويقولون فيي بدايية
النص أنه سكن بئر السبع ،وأن بئر زمزم تفجّرت فيها ،وفي نهاية النص يقولون بأنه سكن في صحراء فاران ،
وهذا يعني أن التسمية العبرية القديمة لصحراء الجزيرة العربية هو صحراء فاران ،وجبال فاران هي جبال مكة
أو الجزيرة العربية ،ولذلك كان اليهود يعلمون على وجه التحديد ،أن نبياً من نسل إسماعيل سيُبعث في جزيرة
العرب ،مما دفعهم للرحيل إليها والقامة فيها .
التبشير بمحمد عليه الصلة والسلم في سفر التثنية على لسان موسى عليه السلم
" تثنية :18 :18 :فقال لي الرب :لهذا أُقيم لهم نبيا من بين أُخوتهم مثلك ،وأضع كلمي في فمه ،فيُخاطبهم بكل
ما آمره به ،وكلّ من يعصي كلمي ،الذي يتكلم به باسمي ،فإني أُحاسبه " .
ي وقول موسى عليه السلم نبيا من بين أُخوتهم ،يعني أنه من غير بني إسرائيل بل من أخوتهم ،وأخوتهم كما
نعلم هم نسل إسماعيل عليه السلم ،بدللة التوراة نفسها في النص الوارد أعله ( ، ) 12 :16وهذا القول بطبيعة
الحال ل يُشير إلى عيسى عليه السلم كون أُمه من بني إسرائيل .وقوله نبيا مثلك يعني يماثله في كل شيء تقريبا
،من لحظة ولدته بما شمله ال من رعاية وعناية وبعثه ورسالته ومعاناته وحتى مماته عليه السلم .
127
" تثنيية [ 2 :33 :فقال ( موسيى علييه السيلم ) :جاء الرب مين سييناء ،وأشرق لهيم مين سيعير ،وتلل مين جبال
فاران ،وأتى من ربوات القدس ،وعن يمينه نار شريعة لهم ] " .
ي وهذا النص يحمل في ثناياه أربع نبوءات هي :
.1جاء الرب من سيناء .وسيناء هو ( طور سيناء ) في وادي عربة ،مكان الوحي الذي أُنزلت فيه اللواح
على موسى عليه السلم .
.2وأشرق لهم من سعير ، .حيث بُعث عيسى عليه السلم بالنجيل ،قال تعالى ( وَاذْكُرْ فِي ا ْلكِتَا بِ َمرْيَ مَ
إِذِ انْتَبَذَتْب مِنْب أَهْلِهَا َمكَانًا شَ ْرقِيّاب ( 16مرييم ) وقال ( َوجَعَلْنَا ابْنَب مَرْيَمَب َوُأمّهُب ءَا َيةً وَءَاوَيْ َنهُمَا إِلَى رَ ْبوَةٍ
ذَا تِ َقرَا ٍر َو َمعِي نٍ ( 50المؤمنون ) وسعير على ما يبدو من اليات الكريمة ،هي منطقة شرقي القدس تقع
على تلة ذات أشجار مثمرة وفيها عين ماء جارية .
.3وتلل مين جبال فاران .جبال فاران هيي جبال الجزيرة العربيية حييث تقيع مكية ،مكان سيُكنى إسيماعيل
بدللة التوراة نفسها ،حيث بُعث محمد عليه الصلة والسلم بالقرآن ( لحظ هنا الفعل تلل ) دللة على
ميا سييكون للسيلم مين شأن عظييم .وهذا دعاء إبراهييم وإسيماعيل عليهميا السيلم ( رَبّنَا وَابْعَثْب فِيهِمْب
حكِي مُ (129إبراهيم ) ك أَنْ تَ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ
ب وَا ْلحِ ْك َم َة وَيُ َزكّيهِ مْ إِنّ َ
ك وَ ُيعَّل ُمهُ مُ الْكِتَا َ
رَ سُولً مِ ْنهُ مْ يَتْلُو عَلَ ْيهِ مْ ءَايَتِ َ
وهذه اسيتجابة دعائهميا ( ُهوَ الّذِي َبعَثَب فِي ا ُلْمّيّينَب رَسبُو ًل مِ ْنهُمْب يَتْلُو عَلَ ْيهِمْب ءَايَاتِهِب وَ ُي َزكّيهِمْب وَ ُيعَّل ُمهُمُب
ل ٍل مُبِينٍ ( 2الجمعة ) ضَ ن كَانُوا مِنْ قَ ْبلُ َلفِي َ ح ْك َمةَ َوإِ ْ
ا ْلكِتَابَ وَا ْل ِ
.4وأتى من ربوات القدس .وهي النبوءة التي لم تتحقق لغاية الن حيث ل شريعة جديدة بل تجديد لشريعة
قائمة .
ي والنبوءة الخيرة فُسرّت على ثلثة أقوال :
•المسلمون :ظهور المهدي وعودة الخلفة السلمية واتّخاذ القدس عاصمة لها .
•اليهود :ظهور مَلِك اليهود المنتظر الذي سينتصر على أعداء إسرائيل في حرب العالمية النووية الثالثة
،ومن ثم يحكم العالم إلى البد .
•النصارى :عودة عيسى عليه السلم ليخلّص أتباعه برفعهم فوق السحاب عند نشوب تلك الحرب ،ومن
ثم يحكم العالم مدة ألف عام .
اليهود ينكرون نبوّة أحمد عليه الصلة والسلم حسدا وبغيا :
من كتاب ( المنتظم ) لبي الفرج " عن ابن عباس قال :كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر ،يجدون صفة
النيبي قبييل أن يُبعيث ،وأن دار مهاجره المدينية ،فلميا وُلد رسيول ال ،قالت أحبار اليهود ولد أحميد الليلة ،هذا
الكوكيب طلع ،فلميا تنبّأ ،قالوا تنبيأ أحميد ،قيد طلع الكوكيب ،كانوا يعرفون ذلك ويُقرّون بيه ،وميا منعهيم مين
اتّباعه إل الحسد والبغي " .
130
كان هذا عرضا لبعض من نبوءات التوراة التي تحقّقت في الماضي ،وعرضا لكيفية فهمهم لشاراتها ورموزها
وتفسيييرهم لهييا .وفيمييا يلي سيينبدأ بعرض أغلب نبوءاتهييم المسييتقبلية ،والتفسيييرات المعاصييرة لهييا ميين الرواد
الغربيون من اليهود والنصارى ،مع التعقيب عليها أحيانا .
الحث على الحسان والتوبة والرجوع إلى ال ،لنها السبيل الوحيد للنجاة :
" حزقيال :32-29 :18 :يقول السييد الرب :وميع ذلك يقول بييت إسيرائيل إنّي طرييق الرب غيير عادلة ،أطرقيي
غير عادلة يا بيت إسرائيل ؟! أليست طرقكم هي المعوجّة ؟! لذلك أُدينكم يا شعب إسرائيل ،كل واحد بمُقتضى
طُرُقه .يقول السيد الرب :توبوا وارجعوا عن ذنوبكم كلّها ،فل يكون لكم الثم معثرة هلك .اطرحوا عنكم كل
ذنوبكيم ،واحصيلوا لنفسيكم على قلب جدييد وروح جديدة ،فلماذا تموتون ييا شعيب إسيرائيل ؟! إذ ل أُسيرّ بموت
أحد ،فتوبوا واحيوا " .
يي يؤكيد النيص على فسيادهم على الدوام ،وأنهيم ل يعترفون بذلك ،بيل يدّعون بأن الرب غيير عادل بعقابهيم على
فسادهم ،كما ويحضّهم النص على التوبة والعودة ،ويُحذّرهم من الهلك إن لم يفعلوا .
روسيا وحلفاؤها من نصارى الشرق يُهاجمون دولة السلم في زمن المهدي :
" حزقيال :12-1 :38 :وأوحيى إليّي الرب بكلمتيه قائل :ييا ابين آدم ،التفيت بوجهيك نحيو جوج أرض ماجوج ،
رئييس روش ( روسييا ) ماشيك ( موسيكو ) وتوبال ،وتنبّأ علييه ،وقيل :هذا ميا يُعلنيه السييّد الرب :هيا أنيا أنقلب
عليك ،يا جوج رئيس روش وماشك وتوبال ،وأقهرك … ،وأطردك أنت وكل جيشك خيل وفرسانا ،وجميعهم
مُرتدون أفخر ثياب ،جمهورا غفيرا ،كلهم قابض سيف ،وحامل أتراس ومجانّ .ومن جملتهم ،رجال فارس (
إيران ) ،وإثيوبييا ( السيودان ) وفوط ، … ،وأيضيا جومير ( اليمين /أوروبيا الشرقيية ) وكيل جيوشيه ،وبييت
137
توجرمية ( بلد القوقاز الروسيية /الشيشان ) مين أقاصيي الشمال ميع كيل جيوشيه ،جيوش غفيرة اجتمعيت إلييك
( أي لرئيس روش ) .إذ بعد أيام كثيرة تُستدعى للقتال ،فتقبل في السنين الخيرة ( آخر الزمان ) ،إلى الرض
الناجيية مين السييف ( فلسيطين ) ،التيي تيم جميع أهلهيا مين بيين شعوب كثيرة ،فتأتيي مُندفعيا كزوبعية … ،أفكار
سيييوء تراودك ، … ،للسيييتيلء على السيييلب ،ونهيييب الغنائم ،ومهاجمييية الخرائب التيييي أصيييبحت آهلة ،
ولمحاربة الشعب المجتمع من بين المم ، … ،المُستوطن في مركز الرض " .
ي هذا النص النبوي وقع فيه خلط كبير بين نبوءتين ،وحقيقة هذا النص تحكي وقائع الملحمة الكبرى ،التي ستقع
مستقبل بين الروس والعرب ،والتي سنتطرق لذكرها لحقا ،ولنكمل النص …
خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس :
"حزقيال :23-14 :38 :لذلك تنبّأ يا ابن آدم وقل لجوج ،هذا ما يُعلنه الرب :في ذلك اليوم عندما يسكن شعبي
إسرائيل آمنا … وتُقبل أنت من مقرّك في أقاصي الشمال ،مع جيوش غفيرة ،تغشى الرض ،كلّهم راكبو خيل
… ،وتزحف على شعبي إسرائيل ،كسحابة تغطي الرض ،في اليام الخيرة ،أني آتي بك إلى أرضي ،لكي
تعرفنيي الشعوب ،عندميا تتجلّى قداسيتي ،حيين أُدمّرك ييا جوج أمام عيونهيم .هذا ميا يقوله السييد الرب :ألسيت
أنيت الذي ،تحدّثيت عنيه فيي اليام الغابرة ،على ألسينة عيبيدي أنيبياء إسيرائيل ،الذيين تنبّأوا فيي تلك اليام لسينين
ل رجيل ضدّ أخييه .وأُدينيه بالوباء وبالدم ، كثيرة ؟! … ،وأُسيلّط علييه السييف فيي كيل جبالي ،فيكون سييف ك ّ
وأُمطييير علييييه وجيوشيييه ،وعلى جموع حلفائه الغفيرة ،مطرا جارفيييا ،وبردا عظيميييا ،ونارا وكبريتيييا … ،
فيدركون أنيي أنيا الرب … فيخرج سيكان مُدن إسيرائيل ( بعيد أن يكونوا قيد اعتصيموا منهيم فيي جبال القدس ) ،
ويحرقون السيلحة والمجانّي ،والترسية والقسييّ والسيهام ،والحراب والرماح ،ويوقدون بهيا النار سيبع سينين ،
وينهبون ناهبيهم ،ويسلبون سالبيهم " .
يي مفاد هذه النبوءة والنبوءة السيابقة ،كميا يُفسيّره ويُأولّه الباحثون الجدد حديثيا مين اليهود والنصيارى ،أن روسييا
( جوج وماجوج ) وحلفائها ،ستقوم بغزو أرض إسرائيل ،عندئذٍ سيقف الرب بجانب إسرائيل وحلفائها فيكون
النصيير حليفهييم .والخلط الذي أوجده مؤلفييو التوارة ،بتكرار ذكيير يأجوج ومأجوج فييي نصييين مختلفييين ،دفييع
مفسيّري التوراة فيي الغرب للعتقاد بأن الروس هيم يأجوج ومأجوج ،والحقيقية التيي نعلمهيا نحين كمسيلمون أن
خروج يأجوج ومأجوج ،سيييقع بعييد زوال دولة إسييرائيل ،بييل بعييد ذبييح اليهود النهائي ،وبعييد خروج الدجال ،
ونزول عيسييى عليييه السييلم ،وأمييا غزو الروس لبلد الشام ،فسيييكون لقتال المسييلمين فييي زميين المهدي وقبييل
خروج الدجال .
138
رؤى دانيال ونبوءاته
دانيال هيو آخير النيبياء الكبار ،وأحيد الذيين سيُبوا إلى بابيل طفل ،وكتابيه فيي مُعظميه يشتميل على رؤى نبويية ،
تصف ما سيقع من أحداث في آخر الزمان ،وخاصّة فيما يتعلّق بقيام دولة اليهود الثانية وزوالها ،وعودة المسيح
عليه السلم .
139
" دانيال :31 :11 :فتُهاجم بعض قوّاته حصن الهيكل وتنجّسه ،وتزيل المحرقة الدائمة ( أي الحكم السلمي ) ،
وتنصييب الرجييس المُخرّب ( أي دولة إسييرائيل ) .ويُغوي بالمُداهنيية المعتدييين على عهييد الرب ( اليهود ) ،أمّا
الشعيب ( الفلسيطينيون ) الذيين يعرفون إلههيم فإنّهيم يصيمدون ويُقاومون .والعارفون منهيم يُعلّمون كثيريين ،ميع
أنّهم يُقتلون بالسيف والنار ،ويتعرّضون للسر والنهب أيّاما ( سنين معدودة ) ،ول يتلقون عند سقوطهم ( قتلى
وجرحى ) إل عونا قليل ،وينض ّم إليهم كثيرون نفاقا ( حال العرب ) ،ويعثر بعض الحكماء تمحيصا لهم وتنقية
،حتى يأزف وقت النهاية ( نهاية إسرائيل ) ،في ميقات ال المعيّن ( أي عند مجيء وعد الخرة ) " .
140
سفر يوئيل
رؤيا حبقوق
رؤيا صفنيا
142
" :2 :1يقول الرب :سييأمحو محوا كييل شيييء عيين وجييه الرض . … ،أم ّد يدي لُعاقييب يهوذا وكييل أهييل
أورشلييم ،وأُفنيي مين هذا الموضيع بقيية عبدة البعيل ،وكيل كهنية الوثين ، … .فتصيبح ثروتهيم غنيمية ،وبيتهيم
خرابا " .
سفر حجّي
سفر زكريا
تحذير يهود هذا الزمان على لسان زكريا عليه السلم :
ب أشدّ الغضب على آبائكم ،ولكن قُل لهم هذا ما يُعلنه الرب القدير :ارجعوا إليّ فأرجع :2-6 :1لقد غضب الر ّ
إليكيم .ول تكونوا كآبائكيم ،الذيين حذّرهيم النيبياء السيابقون ،قائليين :ارجعوا عين طُرقكيم الباطلة ،وأعمالكيم
الشرّيرة ،ولكنّهيم لم يسيمعوا ولم يُصيغوا إليّي … ،ألم تدركوا أقوالي وفرائضيي ،التيي أمير بهيا عيبيدي النيبياء
آباءكيم ،قائليين :لقيد نفّذ الرب القديير ،ميا عزم أن يُعاقبنيا بيه ( فيي المرة الولى ) ،بمقتضيى ميا ارتكبناه ،مين
أعمال باطلة " .
143
" :8 :7هذا مييا يقوله الرب القدييير :اقضوا بالعدل ،وليُب ِد كييل منكييم إحسييانا ورحميية لخيييه .ول تجوروا على
الرملة واليتيم ،والغريب والمسكين .ولكنهم أبَوْا أن يُصغوا ،واعتصموا بعنادهم غير عابئين ،وأصموا آذانهم
لئل يسيمعوا .وقسيّوا قلوبهيم كالصيوّان لئل يسيمعوا ، … ،فانصيبّ غضيب عظييم مين لدن الرب القديير … ،
وأضحت الرض المبهجة قفرا " .
144
يي يُشكّل هذا النيص توليفية غريبية ،مين صينع الكتبية .فالفقرة ( )12تصيف ميا يُشبيه تأثيير تعرّض الجسيم لحرارة
شديدة جدا .والية ( )13تصف ما يُشبه قيام الساعة .والفقرة ( )14وكأنها نص مأخوذ مما يلي الفقرة ( )16في
النص اللحق ،إذ كيف يقوم أبناء يهوذا بمحاربة الجثث المحترقة !!!
" :13 :9هييا أنييا أُتيير يهوذا كقوس ،وأجعييل أفرايييم كسييهم ،وأُثييير رجال صييهيون على أبناء اليونان ،فتكونييين
كسييف جبّار :15 ، … .يقيهيم الرب القديير حجارة المقلع ،بيل تقصير عنهيم ويطئونهيا ،ويشربون ويصيخبون
كالسيكارى مين الخمير ( مين نشوة النصير ) :16 .فيي ذلك اليوم ،يُخلّصيهم الربّي إلههيم لنهيم شعبيه وقطيعيه ،
ويتألقون في أرضه كحجارة كريمة مرصّعة في تاج ،فما أجملهم وأبهاهم ! " .
ييي هذا النييص يصييف رجال يُقاتلون أبناء اليونان أي ليييس آباءهييم ،واليونان هييم الغرب ويُمثّلهييم الن أمريكييا
وبريطانيا وحلف الناتو ،وهم كما نعلم حلفاء لسرائيل ،فكيف سيقاتل رجال صهيون حُلفائهم من أبناء اليونان ؟
ي ملخص ما تُفصح عنه هذه النصوص :
بربيط هذه النصيوص ميع النصيوص السيابقة ،نجيد أن النصيوص السيابقة تُحذّر اليهود مين الفسياد فيي الرض ،
ومين ثيم تُخيبر بأن الفسياد سييقع منهيم ل محالة ،مميا يُحتيم انسيكاب الغضيب اللهيي عليهيم ،والنتيجية هيي وفاة
ثلثيهيم ونجاة ثلث وخراب أرضهيم ،بمعنيى نهايية دولتهيم فيي فلسيطين ،وهذا يعنيي أن القدس سيتكون فيي أيدي
أناس من غير اليهود ،وهم الذين أنهوا الوجود اليهودي فيها .
ومن ثم تبدأ بالخبار بأن أورشليم أي القدس ،ستكون محط أنظار جميع شعوب العالم ،وبأن شعوبا كثيرة ستأتي
لقتال أهلهيا والسيتيلء عليهيا ،فيهلكوا جميعيا وتبقيى القدس آمنية عامرة بسيكانها .وهلك هذه الشعوب سييكون
باحتراقها بالسلحة النووية ،ويُحارب أهل فلسطين آنذاك في معركة برية فيُنصرون ويغنمون ويسلمون .
والخصيم يُحدّده النيص الخيير بأبناء اليونان ،أي حلف الناتيو بقيادة أمريكيا ،ويُخيبر النيص بأن ال سييقي شعبيه
المتواجيد فيي فلسيطين ،مين صيورايخ أعداءهيم وقنابلهيم ،ويكون النصير حليفهيم ،ومين ثيم يُخيبر عين صيفة القوم
الذين يُحاربون أبناء اليونان ،وهي صفة ل تليق إل بالمسلمين .
بناء الهيكل تعبير مجازي والمراد منه إقامة الدين وليس إقامة البناء :
" :14-17 :1هذا ميا يقوله الرب القديير :إنّي قيد غرت على أورشلييم ،وعلى صيهيون ( جبيل المسيجد ) غيرة
عظيمة ( ،من أجل ما فعلوه فيها ) ،ولك نّ غضبي مُتأجج على المم المتنعمة ( وهم على رأسها ) .لقد اغتظت
ح كثيرا ) من شعبي ،إل أنّهم زادوا من فواجعهم .لذلك يقول الرب :سأرجع إلى أورشليم بفيض قليل ( والص ّ
ميين المراحييم ( بعودتهييا إلى أهلهييا ) ،فيُبنييى هيكلي ( فيُقام الدييين ) ،وتعميير أورشليييم ( ُتتّخييذ عاصييمة للحكييم
السلمي ) ،واهتف قائل :هذا ما يقوله الرب القدير :ستفيض مُدني خيرا ثانية ويرجع الرب ،فيُعزّي صهيون
ويصطفي أورشليم " .
ي وفيما يلي تكرار لنفس النص ،ولكن بدون التشويهات التي أضافها الكهنة إلى النص أعله :
" :2-3 :8هذا ما يقوله الرب القدير :إنّني أغار على صهيون غيرة عظيمة ،مُفعمة بغضب شديد على أعدائها (
وأعداءهيا هيم اليهود أنفسيهم ) .لهذا يقول الرب القديير :هيا أنيا عائد إلى صيهيون لُقييم فيي أورشلييم ،فتُدعيى آنئذ
ق ،كما يُدعى جبل الرب القدير بالجبل المُقدّس " . مدينة الح ّ
ي وهذا سيكون عند ظهور ملك القدس المنتظر ،الذي تتحدّث عنه النصوص التالية :
المهدي ومسمّاه وصفة ملكه :
" :8 :3فأصغ يا يهوشع رئيس الكهنة ،أنت وسائر رفاقك الكهنة الجالسين أمامك ،أنتم رجال آية ( أي شهود )
:وها أنا آتي بعبدي الذي يُدعى الغصن " .
" :12-15 :6هكذا يقول الرب القدير :ها هو الرجل الذي اسمه الغصن ،ينبت من ذاته [ وفي الترجمة الثانية /
ومين مكانيه ينبيت ] ،ويبنيي هيكيل الرب ( أي يقييم الديين ) .هيو الذي يبنيي هيكيل الرب ويتجلّل بالمجيد ،ويكون
145
ملكا وكاهنا في آن واحد ( أي خليفة قائم بأمر الدين والدنيا ) ،فيجلس ويحكم على عرشه ،فيعمل بفضل مشورة
رتبتيه ( أي الملك والكهانة ) ،على إشاعة السلم بين قومه .ويتوافد قوم من بعيد ليبنوا هيكل الرب .
ي وهذا الرجل غصن من شجرة إسماعيل عليه الصلة والسلم ،وينبت في نفس المكان أي من جزيرة العرب ،
التي يُسمّونها في التوراة جبال فاران .
" :19-22 :8ستكون مواسم ابتهاج وفرح وأعياد سعيدة ،يتمتع بها شعب يهوذا ،لهذا أحبّوا الح قّ والسلم … ،
.فتتوافد أمم كثيرة وشعوب قويّة ،ليلتمسوا وجه الرب القدير في أُورشليم وليحظوا برضاه .
ي قارن ما بين النصين لتكتشف التحريف والتبديل ،حيث وضعوا شعب يهوذا في النص ( )22-19بدل من قومه
في النص ( )15-12أعله ،وأضافوا إلى النص الثاني ابنة صهيون وابنة أورشليم .
ملك القدس المنتظر الذي تُخبر عنه توراة اليهود هو المهدي :
" :9-10 :9ابتهجيي جدا ييا ابنية صيهيون ،واهتفيي ييا ابنية أورشلييم ،لن هيو ذا ملكيك مُقبيل إلييك .هيو عادل
ظافير ،ولكنّه ودييع راكيب على أتان .وأسيتأصل المركبات الحربيية مين أفراييم ،والخييل مين أورشلييم ،وتبييد
أقواس القتال ،ويشيع السلم بين المم ،ويمتدّ ملكه من البحر إلى البحر ،ومن نهر الفرات إلى أقاصي الرض
".
ي يقول اليهود أنه الملك الرب ،ويقول النصارى أنه عيسى عليه السلم وقد تحقق ذلك ،والحقيقة أن هذه النبوءة
مستقبلية ولم تتحقق لغاية الن ،فصاحبها هو المهدي الذي سيقهر كل خصومه ،ومن ثم يشيع السلم والمن ،
على امتداد ملكه الموصوف بالنص ،وهذا مما يجعل أي صحوة إسلمية ،تدبّ الرعب في قلوبهم الفزعة .
146
وأخطر معتقدات اليهود هو عدم اليمان باليوم الخِر ،فمؤدى نكران اليوم الخِر هو نكران للبعث بعد الموت ،
ونكران للحسيياب ونكران للجزاء الخروي والبديييل لديهييم إن وُجييد فهييو الجزاء الدنيوي .وهذا ممييا يؤدي إلى
العتقاد بعبثيية الخلق ،وعبثيية اليمان بال أصيل ،فل جدوى مين الصيلح والصيلح إن لم يكين هناك ثواب ،
ول ضيير من الفساد والفساد إن لم يكين هناك عقاب ،وبعض من هذه الفكار اللحادية ،تجدهيا فيي التوراة فيي
سفر الجامعة سفر العبث والعبثية .ولذلك أخذ اليهود على عاتقهم ،مسؤولية الفساد في الرض دونما وازع أو
رادع ،بما أخفاه مؤلفو التوراة من ذكر لليوم الخر ومتعلّقاته ،فالثواب حسب اعتقادهم هو مقدار ما ينالونه من
كسيب دنيوي بشتيى الوسيائل والسيبل ،والعقاب هيو مقدار ميا يخسيرونه مين هذا الكسيب .وحتيى يُجنّب رب العزة
أمّة السيلم خطير هذا العتقاد ،اقترن ذكير اليمان بال بذكير اليمان باليوم الخير والخرة ،بصيريح اللفيظ 26
مرة فيي القرآن ،وتكاد ل تخلو سيورة مين ذكير متعلّقاتيه أو التذكيير بهيا ،مين بعيث وحسياب وجزاء وميا يلييه مين
عقاب وثواب .وانعدام إيمانهيم باليوم الخير ،أوجيد لديهيم الصيفات السيلبية التيي تمتعوا بهيا على مرّ العصيور ،
مثيل الحرص على الحياة والجبين والبخيل والسيعي وراء الكسيب المادي وانعدام المبادئ والقييم والصيفات البشريية
المحمودة .
وللتعوييض عميا حذفوه مين الصيول العقائديية الصيحيحة ،وللتوفييق ميا بيين المعتقديين السيابقين ،طرح مؤلفيو
التوراة والتلمود الكثير من الفكار اللحادية ،كفكرة الملك الله الرب من نسل داود ،الذي سيظهر بلحمه ودمه
ليسكن جبل صهيون في القدس ويحكم العالم إلى البد ،لينفوا بعبارة ( إلى البد ) أي أمل لليهود ليعتقدوا بنهاية
الحياة الدنييا ،وبوجود حياة أخرى هيي التيي تتصيف بالبديية ،مميا أبهيم على العامية مصيير الروح بعيد الموت ،
فطرحوا حول مصيرها أفكار متضاربة هي أقرب إلى المعتقدات الوثنية منها إلى أي شيء آخر .
أثر هذه المعتقدات في الشخصية اليهودية :
كان السيبي البابلي بميا أحدثيه مين دمار وتنكييل وأسير ،أكيبر صيدمة يتعرض لهيا الشعيب اليهودي ،حييث قلبيت
كيانهيم رأسيا على عقيب ،ولم تقيم لهيم قائمية منيذ ذلك اليوم ،حتيى تمكنوا مين تحقييق علوهيم الثانيي فيي فلسيطين ،
ولول مشيئة ال التييي ينكرونهييا مييا كان .والذي لم يكيين يتخيله أو يتصييوره اليهود آنذاك وهييم فييي قميية علوهييم
الول ،أن يتخلى عنهم رب الجنود ،وأن يبعث عليهم أمة جافية الوجه لتعمل فيهم سيف انتقامه ،وأن يُنزل بهم
ل وخزييا ،بعيد عزة وقوة وعلو ،بالرغيم مين كيل ذلك الدلل -الموثّق فيي التوراة -الذي أحاطهيم بيه ، ضعية وذ ّ
منذ خروجهم من مصر -وما أجراه سبحانه لهم من معجزات ،وعفوه عنهم رغم كفرهم وعصيانهم وعدوانهم
مرارا وتكرارا -حتى أدخلهم إلى الرض المقدّسة وأقام لهم مملكة بل جهد أو عناء .
وبالرغيم مين وضيع نبوءة الفسيادين وميا يليهميا مين عقاب ،سييفا إلهييا مسيلطا على رقابهيم ،لم ولن يرجعوا عين
غيهم وطغيانهم ،فهم مسكونون بما تقوّله كهنتهم وأحبارهم وحاخاماتهم ( الحكماء ) على ال وعلى رسله وعلى
كيل ميا هيو مقدّس ،مميا أدى إلى إصيابتهم كأمّة بحالة معقدّة مين الفصيام العقلي ،مين جراء اعتناقهيم لمعتقدات
خاطئة ،نتيجة ما زرعه حكماؤهم في التوراة والتلمود ،من خرافات وأساطير وآراء وتفسيرات ،هي أقرب ما
يكون إلى الوهام والهلوس ،فأنبتييت تلك المسييوخ الشيطانييية عديميية البصيير والبصيييرة ،التييي اتّحدت وآمنييت
بشكييل جماعييي بمعتقدات خاصيية بهييا ،تتنافييى مييع الطبيعيية البشرييية السييليمة ،فرُفضييت واضطهدت ميين كييل
المجتمعات البشرية ،التي ساءها ذلك السلوك الجماعي الشاذ والمنحرف لتلك المسوخ ،وبالتالي لم تجد الشعوب
حل لمشكلتهيم إل الطرد والنفيي ،أو إجبارهيم بمراسييم ملكيية على التقوقيع والعييش كالبهائم فيي حظائر المواشيي
ن الغرب أنه بإيجاد غيتو كبير لهم فلسطين ، المسماة بالغيتوهات أو الكيبوتس ،ومع ذلك لم ينجح هذا الحل .وظ ّ
ونفيهم إليه وحشرهم فيه ،سيتخلصون من مشكلتهم إلى البد ،ولكن تبين لهم بعد فوات الوان ،أنهم كانوا على
خطأ ،إذ أنهم بعد تمكّنهم من إقامة وطن قومي لهم ،أصرّ معظمهم وخاصة الغنياء منهم على البقاء في الغرب
،فأصيييب نصييارى الغرب مؤخرا بعدوى الفصييام اليهودي ،لنهييم يملكون اسييتعدادا وراثيييا توراتيييا لذلك ،لمييا
يحملونيه بدورهيم مين معتقدات خاطئة ،بناءً على ميا أورده كتبية النجييل مين أوهام وهلوس مشابهية .لذلك مين
الطيبيعي جدا ،أن ترى زعماء اليهود يصيافحون العرب ،راسيمين على شفاهيم تلك البتسيامة العريضية ،بينميا
أيديهم تقطر من دم أبنائهم وأخوانهم وكأن شيئا لم يكن .
147
ما يعتقده اليهود بالنسبة لوجودهم الحالي في فلسطين :
خلصة ما يعتقده اليهود هذه اليام ،وهم القرب والكثر فهما لنبوءات التوراة ،لمعرفتهم بالطرق السرية التي
كُتبيت فيهيا نصيوص التوراة ،وميا تضمنتيه مين أسيرار ورموز ،مفاتييح حلهيا موجودة ،فيي كتيب خاصية لديهيم ،
بناءً على ما تقدّم :
.1تُخبرهم بعض نصوص التوراة بأنهم ،بعد العودة من الشتات ،ل محالة سيُفسدون ،وأن ال سيبعث
عليهم من يُعاقبهم ،من العراق أو إيران أو كليهما .
ن مُلكهم بعد العودة من الشتات ،سينضوي مستقبل تحت لواء ملك من .2وتُخبرهم نصوص أخرى ،أ ّ
نسييل داود أو الملك الرب القدييير ،يظهيير آخيير الزمان يقود اليهود وينتصيير على أعداء إسييرائيل ،
ويحكييم العالم أجمييع ميين القدس ملكييا أبديييا ،يتصييف بالحييق والعدل والسييلم وأن أوانييه قييد اقترب ،
ولتعجيل ظهوره ل بد لهم من الستيلء على أرض فلسطين كاملة ،وتفريغ شعبها منها وهدم المسجد
القصيى وبناء الهيكيل ،لكيي يتسينى لهذا الملك تقدييم القربان المُقدّس على مذبحيه ،وهيو أول عميل
سيقوم به فور ظهوره ،ويعتقدون بأن سرعة إنجاز هذه المور ،ستُعجّل بظهور هذا الملك .
.3وتُخييبرهم نصييوص أخرى ،أن هناك كييم هائل ميين العداء الذييين س ييُهاجمون إسييرائيل مسييتقبل ،
وسيكون النصر حليف إسرائيل وحلفائها .لذلك فهم يعملون بل كلل أو ملل ،من وراء الستار الغربي
المريكي البريطاني لتأمين هذا النصر الموعود .
ي لذلك كان ل بد ليهود أمريكا على وجه الخصوص ،من أجل تعطيل النبوءة التي تخبر عن دمار دولتهم ،ومن
أجل تحقق النبوءة التي تنسب إليهم الملك البدي ،الذي سيقوم في القدس في نهاية المر ،أن يعملوا :
.1على تقوية إسرائيل بإمدادها بالموال والتكنولوجيا العسكرية المُتطوّرة التقليدية والنووية .
.2على إجبار دول هؤلء العداء التوراتيون على الموالة للغرب ،وميين ثييم الموالة لسييرائيل عيين
طريق الترغيب والترهيب .
.3على حرمان الدول المعادييية لسييرائيل ميين هذه القدرات ،وإضعاف هذه القدرات حييين امتلكهييا
وتدميرها .
.4على تدمير الستقرار الداخلي لتلك الدول ،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا إن تعذّر ذلك عسكريا .
ي ويعتقدون أن الخطر القادم يتمثّل بشكل أساسي في :
.1البلدان العربية والسلمية وعلى رأسها العراق .
.2البلدان الشيوعية المناهضة للديموقراطية الرأسمالية وعلى رأسها روسيا والصين .
.3شخييص المييير المُسييلم الذي أخييبرت عنيه التوراة ،بأنييه سييخرج ميين جزيرة العرب ليملك مشارق
الرض ومغاربها .
وللسيباب الثلثية مجتمعية ،عميل اليهود وميا زالوا يعملون على تواجيد السياطيل والقواعيد العسيكرية المريكيية
البريطانيية ،بشكل مكثيف فيي منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية ،وتركيا والبحير الحمر والبحير البيض
المتوسط سابقا ولحقا ،لكي تمنع العراق من مهاجمة إسرائيل ،ولكي تمنع هذا الميير المسلم من الخروج من
أرض الجزيرة ،وظهور أمره وأمير السيلم مين جدييد .فكميا أنهيم أي اليهود سيكنوا جزيرة العرب ،ليحاربوا
محمد عليه الصلة والسلم .فهم الن متواجدون فيها تحت القناع المريكي ،في انتظار خروجه ليحاربونه بل
أدنيى شيك .ولقطيع الطرييق على الجييش الروسيي عنيد هجوميه على إسيرائيل ،أميا ادّعائهيم بالتواجيد فيي منطقية
الخلييج ،للحفاظ على مصيالح الوليات المُتحدة فذلك لذ ّر الرماد فيي العيون ،فمصيالحهم محميّة بسيواعد عربيية
وأوامرهم مطاعة حتى في غرف النوم .
148
وغزو العراق لسرائيل الذي هو أول مشهد في الحلقة الخيرة ،من مسلسل اليهود التاريخي الطويل ،قد اقترب
أوانيه وأشرف زمانيه ،وهيم يعلمون ذلك مين خلل الحسياب ومين خلل الظواهير الفلكيية ،كميا علموا قديميا عين
طريق الفلك بموعد مولده عليه السلم وموعد بعثه .
أعداء دولة إسرائيل التوراتيون بمسمّياتها القديمة والحديثة حسب تفسيرهم :
.1بابيل وآشور وبلد الكلدانييين يي العراق ( .درجية أولى فيي العداء التوراتيي لسيرائيل ،وبامتياز ميع
مرتبية الشرف ) .تيم توريطيه فيي حربيّي الخلييج الولى والثانيية ،وضرب المفاعيل النووي ،وفرض
حصيار أبدي ،ويطمحون إلى إبادة شعبيه بالسيلحة النوويية ،فيي أقرب فرصية ممكنية .ومشمول فيي
قائمة الدول الراعية للرهاب .
ل حلفائهميا ،وبييت توجرمية مين أقاصيي الشمال يي دول التحاد السيوفييتي .2روش وماشيك وتوبال وك ّ
السييابق ( .درجيية ثانييية ) .تييم تفكيييك التحاد السييوفييتي ،وإضعاف الحزب الشيوعييي المناهييض
للغرب ،وتدمييير اقتصيياد روسيييا وتوريطهييا مييع صييندوق النقييد الدولي .وتوريطهييا فييي حربييين
استنزافيتين في جمهورية الشيشان .
.3مادي ،ورجال فارس يي إيران ( .درجية ثانيية ) .تيم توريطهيا فيي حرب الخلييج الولى ،ومقاطعية
اقتصييادية أمريكييية وعداء مُعلن ،تشجيييع الحركات الصييلحية الهداميية ،وإثارة الفتيين والثورات
الداخلية ،لشعال حروب أهلية ،طمعا في قلب نظام الحكم السلمي فيها ،وهي مشمولة في القائمة
المريكية للدول الراعية للرهاب .
.4إثيوبييا يي السيودان ( .درجية ثالثية ) .ميا زالت الحروب الهليية التيي يدعمهيا الغرب مشتعلة فيهيا ،
ومقاطعية اقتصيادية أمريكيية وعداء مُعلن ،وُقصيفت بالصيواريخ المريكيية فيي زمين ( كلينتون ) ،
لتهامها بالتعاون مع ابن لدن ،وهي مشمولة في القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب .
.5ليبيا ( .درجة ثالثة ) قٌصفت من قبل الطائرات المريكية في زمن الرئيس المريكي ( ريغان ) ،تم
فبركية حادثية تفجيير الطائرة ( لوكربيي ) واتُهميت بتدبيرهيا ،ومين ثيم فُرض عليهيا ،حظير دولي مين
مجلس الميين ،ومقاطعيية اقتصييادية أمريكييية ،وهييي مشمولة فييي القائميية المريكييية للدول الراعييية
للرهاب .
.6أشور وحلفائها ي سوريا ( .درجة ثالثة ) .موضوعة على جدول مؤامراتهم القادمة ،وهي مشمولة
في القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب .
.7عيلم وحلفاؤهيا ،ملوك الشرق يي أفغانسيتان وباكسيتان ( .درجية ثالثية ) .حظير ومقاطعية اقتصيادية
على كلتيا الدولتيين ،تيم قصيف معسيكرات تنظييم القاعدة فيي أفغانسيتان .وأفغانسيتان غيير مشمولة فيي
القائمة المريكية للدول الراعية للرهاب ،كونهم ل يعترفون بنظام الحكم فيها .
149
النبوءات النجيلية بين الماضي والمستقبل
النجييل فيي الصيل كتاب سيماوي أُنزل على عيسيى علييه السيلم ،بنيص واحيد مصيدقا لميا جاء فيي التوراة ،
ويحميل فيي طياتيه شريعية جديدة لليهود ،وناسيخة لبعيض ميا جاء فيي شريعية موسيى ،لتخفّف عنهيم الكثيير مين
العباء والكثير من القيود والغلل ،التي كانوا قد ألزموا بها في التوراة نتيجة فسقهم وعصيانهم وظلمهم .
ومن أهم ما جاء به عيسى عليه السلم ،هي البشرى بنبي الهدى ( أحمد ) عليه الصلة والسلم .وكلمة النجيل
فيي اليونانيية تعنيي البشرى أو البشارة ،ويدّعيي النصيارى أن هذه البشرى هيي بشرى الخلص ،أمّا فيمين كانيت
لّ إِلَ ْيكُ ْم مُصَدّقًا ِلمَا بَيْنَ
البشارة حقيقة فنجده في قوله تعالى ( َوإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ َمرْ َيمَ يَبَنِي ِإسْرَائِي َل إِنّي َرسُولُ ا ِ
ر مُبِينبٌ (6 حمَدُ فَ َلمّاب جَاءَهُمبْ بِالْبَيّنَاتبِ قَالُوا هَذَا سِبحْ ٌ
يَدَيّ مِنَب ال ّتوْرَاةِ َومُ َبشّرًا ِبرَسبُولٍ يَأْتِي مِنبْ َبعْدِي اسْب ُمهُ َأ ْ
الصييف ) .ونييص البشارة بنبينييا محمييد عليييه الصييلة والسييلم ،موجود فييي النجيييل الرابييع المنسييوب ليحيييى
( يوحنّا ) علييه السيلم ،فيي الصيحاحات ( ، ) 16-14ومُسيمّياته هيي " المؤيّدي" و " المؤيّدي الروح القُدس " و "
روح الحيق " و" سييّد هذا العالم " فيي الترجمية التيي اقتبسيت منهيا هذا النيص ،وفيي ترجمات أخرى " :الروح
القُدس ال ُمعِين " و" ال ُم َعزّي " .
أميا ميا هيو موجود هذه اليام فيي الناجييل ،هيو مُجرّد بقاييا مين الوحيي اللهيي .وهذا ميا يؤكدّه حتيى المؤمنيين بيه
من النصارى أنفسهم فقد جاء في مقدّمة نسخة العهد الجديد من الكتاب المُقدّس ،دار المشرق ط ، 13ما نصه "
ك يبحث عن الحداث التي تم إثباتها والتحقّق منها ،يقع إن القارئ في عصرنا وهو حريص على الدّقة ،ل ينف ّ
فيي حيرة أمام تلك المؤلفات ( الناجييل الربعية وملحقاتهيا ) ،التيي تبدو له مفكّكية يخلو تصيميمها مين التنسييق ،
ويستحيل التغلب على تناقضاتها ،ول يُمكنها أن تردّ على السئلة التي تُطرح عليها " انتهى .
وهكذا يعترف رجالت الديين المسييحي أن محتويات كتابهيم المقدّس مُتناقضية ،وأنهيا مؤلفات كُتبيت بأيدي بشير
بعد المسيح بما يزيد على 300سنة ،وأقدم النسخ المتوافرة ذات أصل يوناني وتعود إلى القرن الرابع الميلدي .
وأميا النصيوص الصيلية للنجييل بلغتيه العبريية أو الراميية فهيي غيير موجودة .وللحقيقية يسيتحيل أن يكون ذلك
صحيحا ،فقد سمعت يوما أن الكثير من المخطوطات الصلية ،موجود على شكل لفائف وقراطيس في قوارير
زجاجييية على رفوف فييي أقبييية الكنائس الكييبرى ،ول يُسييمح لي كان ميين الوصييول إليهييا إل كبار رجالت
الكنيسية ،الحريصيون على إضلل الناس بكتيم ميا فيي تلك المخطوطات مين حقائق ،تنفيي ألوهيية عيسيى وتدعوا
إلى وحدانية ال .
أما الكتاب الموجود حاليا بين يديّ النصارى ،فهو ل يعدو أكثر من كونه كتاب يحكي سيرة المسيح عليه السلم
-كما التوراة تحكي سيرة موسى -بشكل حائر ومُضطرب ،تغلب عليه ذِكر أفعاله أكثر من أقواله ،حتى أنك
تشعر عند قراءته أن المسيح شخصية خيالية أسطورية ساذجة غبية وبليدة ،خالية من الحكمة والمنطق ،وحاشا
ل أو لبنيه كميا يدّعون أو حتيى لرسيول أن يكون كذلك .غيير أن إنجييل يوحنّا ( يحييى ) وسيفر الرؤييا المنسيوب
ليوحنّا ،يبدو أنهميا أكثير قربيا إلى السيفار المُتأخرة مين التوراة ،حييث أنهميا يتفقان ميع أسيلوب كتابية النصيوص
التوراتييية إلى درجيية التطابييق ،ميين حيييث النشاء واللفاظ المُسييتخدمة والمُسييميّات ،وحتييى تكرار وازدواجييية
النصوص التي تؤكد أنهما جُمعا ونسخا من مصدرين مُختلفين .
وقد جاء في مقدّمة سفر الرؤيا من نسخة العهد الجديد من الكتاب المُقدّس ،دار المشرق ط ، 13ما نصه " :ل
يأتينا سفر رؤيا يوحنّا ،بشيء من اليضاح عن كاتبه .لقد أطلق على نفسه اسم يوحنّا واسم نبي ،ولم يذكر قط
أنه أحد الثنيّ عشر ( التلميذ ) .هناك تقليد على شيء من الثبوت ،وقد عُثر على بعض آثاره منذ القرن الثاني
( الميلدي ) ،وورد فيه أن كاتب الرؤيا هو الرسول يوحنّا ،وقد نُسب إليه أيضا النجيل الرابع .بيد أنه ليس
في التقليد القديم إجماع على هذا الموضوع .وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك مدّة طويلة في
بعيض الجماعات المسييحية .إن آراء المُفسيّرين فيي عصيرنا مُتشعبية كثيرا ،ففيهيم مين يؤكيد أن الختلف فيي
النشاء والبيئة والتفكيير اللهوتيي ،يجعيل نسيبة سيفر الرؤييا والنجييل الرابيع ،إلى كاتيب واحيد أمرا عسييرا .
وهناك مُفسيّرون يرون أن ظروف إنشاء سيفر الرؤييا ،أشدّ تشعبيا مين ذلك بكثيير ،فهيو لييس مُؤلّفيا مُتجانسيا بيل
محاولة غير مُحكمة لجمع أجزاء مُختلفة ،أُنشئت ثم نُقّحت في العقود الخيرة من القرن الول " انتهى .
150
وللحيق نسيتطيع الجزم بأن التوراة تيم تنقيحهيا وجمعهيا بشكيل نهائي ،فيي هذه الحقبية مين الزمين بعيد وفاة عيسيى
وموت يحيى عليهما السلم .
نجيد مين خلل ميا تقدّم أن النصيارى أنفسيهم ،كان لديهيم الكثيير مين الشكوك حول سيفر الرؤييا ،وبعيد قراءتيي
لمحتوى هذا السيفر تيبين لي ،أن أسييلوب إنشاءه هيو نفييس السيلوب ،الذي أُنشئت بيه أسيفار التوراة مين حييث
اللفاظ والعبارات ،وحتى تكرار الفكار والنصوص وتحويرها وتحريفها ،وتبديل مواضعها من تقديم وتأخير ،
لتشوييه الرؤى النبويية التيي تأتيي عادة فيي غيير صيالح اليهود .والسيِفر يحتوي على نبوءات مُشابيه ،لميا جاء فيي
السفار المُتأخرة من التوراة ،حيث أن سِفر زكريا في التوراة ينتهي عند ذكر الدجال ،ويُغفل ما سيأتي بعده من
أحداث ،وتجيد أن سيفر الرؤييا يُعييد بعيض ميا جاء فيي السيفار المُتأخرة مين التوراة ومين ضمنهيا سيفر زكرييا ،
ويكمل الحداث حتى دخول أهل الجنة الجنة ودخول أهل النار النار .
وميا تقدّم يدفعنيي إلى العتقاد أن كتبية هذيين السيفرين ،هيم كهنية اليهود الذيين ألفوا التوراة ،إذ أن آثار أقلمهيم
واضحة للعيان ،مما فيه من تناقض أحيانا وتكرار أحيانا أخرى ،لمحاولتهم فهم هذه النبوءات وتفسيرها حسبما
يتناسب مع زمانهم ،أي مع بداية التقويم الميلدي ،حيث كانت مقومات ذلك العصر ورموزه ،تختلف كليا عمّا
لدينا في العصر الحالي ،حيث بدأت هذه النبوءات هذه اليام ،تأخذ مكانها على أرض الواقع .
ويبدو أن المُتأخريين مين الكهنية اليهود ،كانوا عاقدي العزم على ضمّي سيفر الرؤييا والنجييل المنسيوب إلى يوحنّا
إلى التوراة ،فييأعملوا أقلمهيم فيهميا ،ويبدوا أنهيم تراجعوا عين ذلك فيي اللحظية الخيرة فقرّروا إسيقاطهما ،بعيد
أن تنكرّوا لنبوة يحييى وعيسيى عليهميا السيلم .فسيفر الرؤييا كميا الحال بالنسيبة لنجييل يوحنيا ،يُهاجيم اليهود
أنفسيهم ويهاجيم مجّمعات كهنتهيم ( المُسيمّاة بالسينهدرين ) التيي كانوا يتدارسيون فيهيا التوراة ( والحقيقة أنهيم كانوا
يدرسون التوراة كما ندرس الزيتون ) والتي وصفها هذا السفر بمُجمعات الشيطان .حيث جاء فيه " رؤيا :9 :2
وأعلم افتراء الذين يقولون أنهم يهود وليسوا بيهود ،بل هم مَجمَع للشياطين " .رؤيا :9 :3ها إني أعطيك أُناسا
ميين مَجمَيع للشيطان ،يقولون أنهييم يهود ،ومييا هييم إل كذّابون " ،وهاتييين العبارتييين مثال على التكرار لنفييس
المعنى وبنفس اللفاظ تقريبا .
بالضافيية إلى ذلك جاء سييفر الرؤيييا بنبوءات تُخالف أهواء الكهنيية ،وتتناقييض مييع مييا كان قييد خطّيه الكهنيية
المُتقدّمين ،ومنها أنّه يُثبت البعث والحساب والجزاء ،وهذا مما يُنكره اليهود ويجحدونه .فالتوراة على امتدادها
الشاسيع ،ل تجيد فيهيا حتيى كلمية توضّح مصيير الروح بعيد الموت ،وميا يملكونيه مين معتقدات فييا يتعلق بالروح
والبعيث والجزاء ،تعتميد فيي الدرجية الولى على أقوال متناقضية ومرتبكية لحكمائهيم ،وهذه القوال مثبتية فيي
التلمود ،وهي أقرب ما تكون إلى معتقدات الوثنيين كتناسخ الرواح والحلولية .
وربما تكون نسبة هذا السفر إلى ( يوحنّا ) ،وهو يحيى بن زكريا عليهما السلم صحيحه ،حيث أن يحيى كان
قيد سيبق عيسيى علييه السيلم فيي البعيث لليهود ،وحال سيفر الرؤييا يشبيه حال السيفار المتأخرة مين التوراة ،التيي
امتازت بالطابع الدعوي النبوي في معظمها .وبعد أن أسقط اليهود النجيل وسفر الرؤيا ،المنسوبين إلى يوحنا
مين التوراة ،تلقّفتيه كهنية النصيارى ،ومين ثيم قاموا بتحريفيه بالحذف والضافية والتبدييل ،لثبات أُلوهيية عيسيى
عليه السلم ،وأضافوه إلى كتابهم المُقدّس ،على ما هو عليه من ازدواجية وتكرار باللفاظ والفكار .
أمّا الكلم فيي النجيل المنسوب إلى يوحنّا ،هو أقرب ما يكون إلى كلم عيسيى عليه السلم ،حيث جاءت على
لسييانه البشارة بنبيّنييا عليييه الصييلة والسييلم ،كمييا نييص عليهييا القرآن الكريييم ،وهذا النجيييل يتميّز عيين باقييي
الناجييل ،بأنيه يُركّز على القوال التيي جاء بهيا عيسيى علييه السيلم ،أكثير مين طابيع السيرد القصيصي للفعال
التي قام بها ،الذي غلب على الناجيل الخرى .
إنجيل يوحنا
152
مُزدوجية ،وتتقدّم أحيانيا وتتأخير أحيانيا أخرى ( يُحرّفون الكلم عين مواضعيه ) ،كميا هيو الحال فيي النصيوص
التوراتية تماما .وغالبا ما يكشف أحد النصوص المزدوجة كذب وتضليل النص الخر .
إنجيل متى
153
قيام دولة إسرائيل ودمارها يُبشر بقرب النهاية :
" متييى :15 :24 :فإذا رأيتييم المُخرّب الشنيييع ،الذي تكلّم عليييه النييبي دانيال ،قائمييا فييي المكان المُقدّس – ليفهييم
القارئ – فليهرب إلى الجبال مين كان عندئذ فيي اليهوديية ،ومين كان على السيطح فل ينزل ليأخيذ ميا فيي بيتيه ،
ومن كان في الحقل فل يرجع ليأخذ رداءه ،الويل للحوامل والمرضعات في تلك اليام ،صلّوا لئل يكون هربكم
في الشتاء أو في يوم سبت " .
" لوقيا :24-20 :21 :فإذا رأيتيم أورشلييم قيد حاصيرتها الجيوش ،فاعلموا أن خرابهيا قيد اقترب ،فمين كان يومئذ
فيي اليهوديية فليهرب إلى الجبال ،ومين كان فيي وسيط المدينية فليخرج منهيا ،ومين كان فيي الحقول فل يدخيل
إليها ،لن هذه اليام أيام نقمة يتم فيها جميع ما كُتب ،الويل للحوامل والمرضعات في تلك اليام ،فستنزل الشدّة
على هذا البلد وينزل الغضب على هذا الشعب ،فيسقطون قتلى بح ّد السيف ويؤخذون أسرى إلى جميع المم " .
يي المقصيود بالمُخرّب الشنييع ،فيي النيص الول المأخوذ مين إنجييل متيى هيي دولة الفسياد إسيرائيل ،وهذا ميا
يوضّحه النص الثاني من إنجيل لوقا بنص صريح بعبارة (فإذا رأيتم أورشليم ) .ولو تمعّنت في النصائح المُقدّمة
للشعيب اليهودي لتجنّب القتيل والسير .سيتجد أن دخول الجيوش على أورشلييم ،سييكون مُفاجئا وسيريعا وبدون
ضجية ،لدرجية أن مين على سيطح المنزل ل يشعير بدخولهيم إلى بيتيه .وأن مين فيي الرياف ل يسيمع بهيم إل
مُتأخرا ،وأميا النصيارى الجدد فيي الغرب ،فيرون أن المقصيود بالمُخرّب الشنييع -أو رجسية الخراب فيي سيفر
دانيال -هو الدجال عدو المسيح ،الذي سيظهر في القدس وأما اليهود فيرون أنه المسجد القصى .
رؤيا يوحنّا
156
البعث والحساب :
" :11-12 :20ثم رأيت عرشا عظيما أبيض ،هربت السماء والرض من أمام الجالس عليه ،فلم يبق لهما مكان
.ورأييت الموات كبارا وصيغارا ،واقفيين أمام العرش .وفُتحيت الكتيب ،ثيم فُتيح كتاب آخير هو سيجلّ الحياة ،
ودِين الموات بحسب ما هو مُدوّن فيي تلك الكتب ،كل واحد حسب أعماله … .وطُرح الموت … وكل من لم
يُوجد اسمه في سجل الحياة ،طُرح في بُحيرة النار " .
157
الغربيون وهوس النبوءات التوراتية والنجيلية
يعتقيد اليهود ونصيارى الغرب ،أن قيام دولة إسيرائيل للمرة الثانيية فيي فلسيطين ،هيو علمية لقرب ظهور الملك
المنتظر بالنسبة لليهود ،وللمجيء الثاني للمسيح بالنسبة للنصارى ،ولذلك يعكف الكثير من النصارى واليهود ،
على اختلف تخصصاتهم العلمية والمهنية في السنوات الخيرة ،على دراسة وتحليل وتفسير النبوءات التوراتية
والنجيلييية ،التييي تُخييبر عيين أحداث آخيير الزمان .وخاصيية فيمييا يتعلّق بنهاييية إسييرائيل ودمار العالم الغربييي ،
وعودة السييلم فييي نهاييية المطاف لواجهيية الصييدارة .ونطاق هذه البحوث فييي الغالب ،يدور حول مييا جاء فييي
التوراة والنجييل مين نصيوص نبويية ،وميا ُقدّم فيهيا مين كتيب ومؤلفات مؤخرا تفسيّر هذه النصيوص ،والكتاب
الكثر شهرة في هذا المجال ،هو كتاب ( نبوءات نوستراداموس ) الغامض ،والسوق الرائجة لطروحاتهم في
هذا المجال هي شبكة النترنت .
وإذا أردت أن تعرف مقدار مييا تشغله هذه النبوءات المسييتقبلية ،ميين فكيير كبار رجالت السييياسة والدييين والعلم
وعامية الشعوب الغربيية ،وفيي مقدّمتهيا المريكيية والبريطانيية والفرنسيية ،وحتيى عامية النصيارى واليهود فيي
شتيى بقاع الرض ،فميا علييك إل أن تزور شبكية النترنيت ،وأن تقوم بالبحيث – على سيبيل المثال – عين إحدى
الكلمات التاليية World War III ( ، )WW III ( ، )WW3 ( ، ) Armegeddon ( ، ) Nostradamus ( ، ) ( :
، ) Prophecy ( ، ) Miracle( ، ) Piple ( ، ) Torahلتجد أن هناك مئات اللف من المواقع التي تعرض البحاث
والكتب والدراسات ،التي تبحث في تفسير النصوص التوراتية والنجيلية .
ي وفيما يلي بعض المثلة على مثل هذه المواقع :
•)NOSTRADAMUS, CATHOLIC PROPHECY ON WORLD WAR III )1999-2030
A Catholic Prophecy Nostradamus prophesied that World War III would be initiated ...
... .by Russia and Iran on July 4th of 1999 with nuclear and chemical weapons
]http://web.tusco.net/newone/nostradamus.htm ]More Results From: web.tusco.net
159
فييي تلك اللحظيية يظهيير نجييم مذنّب سييوف يمرّ على مقربيية ميين الرض ،لدرجيية أنهييا سييتجتاز شعره المُحمّل
بالحصى ،هذه النيازك الجوية التي ستكون بمثابة انتقام السماء العجائبي ،سوف تسقط على أمكنة محدّدة ،حيث
ستكون محتشدة قوات الثورة الحمراء ،والسطول الروسي في البحر المتوسط …
من المرجح أن تدمير باريس ،سيتم في المرحلة الثانية من النزاع ،قبل وقت قصير من طرد البابا من روما …
" ،انتهى .
وجاء في نفس المقدمة ما مفاده أن المحنة الكبرى ،التي ستشهد بداية تدمير الحضارة اليهودية المسيحية ،كان (
نوستراداموس ) قد حدّد نقطة انطلقها في الشهر السابع من عام 1999م .
نصوص من نبوءات ( نوستراداموس ) من كتاب الطبيب الفرنسي :
في الرسالة إلى هنري الثاني ورد ما نصّه :
" وسيوف تتيم حملة جديدة ،ميا وراء البحير المتوسيط لنقاذ الندلس ،التيي يُهدّدهيا النهوض الول للمحمدييين .
( إشارة للستعمار الغربي للبلد العربية ) .
والمكان الذي كان بييه مسييكن إبراهيييم فييي الماضييي البعيييد ( أي العراق ) سييوف تُهاجمييه رسييل المسيييح ( إشارة
للعدوان الصليبي على العراق ) .
ومدينية ( سييشم ) أي فلسيطين ،سيوف تُحييط بهيا وتهاجمهيا مين كيل الجهات ،جيوش غربيية قويية جدا سيتحد مين
قوة أساطيلهم .وفي هذا الملك سوف يحدث حزن عظيم تقفر مدنه الكبرى ( .إشارة لستلب فلسطين )
والذيين يعودون إليهيا أولئك الذيين سييُمارس ال غضبيه ضدهيم ( أي اليهود فيي فلسيطين ) ،والمكان المُقدّس لن
يؤوي بعد ذلك ،سوى عدد صغير جدا من الكفار ( يقصد المسلمين ) ،أوه ! في أي حزن فاجع ،ستكون عندئذ
النساء الحبالى ،اللواتي ستمنعهن ثمرة أحشائهن من الهرب …
وخلل كييل هذا التقدييير الكرونولوجييي ( الممتييد طوليييا عييبر الزميين ) ،المُعاد إلى الكتابات المقدّسيية ،سيييتولد
اضطهاد رجال الكنيسيية ،ميين خلل تحالف قادة الشمال العسييكريين (ميين قبييل دول التحاد السييوفييتي السييابق ،
يأجوج ومأجوج ) ،وهذا الضطهاد سيييدوم 11عامييا غييير مكتملة ،وسييتسقط خللهييا الدولة الشمالييية الرئيسييية
( روسييا ) ،بعيد أن تُنجيز تلك السينوات مين الضطهاد ،سييأتي حليفهيا الجنوبيي ( العرب ) ،الذي سييضطهد
رجال الكنيسية على مدى ثلثية أعوام وبقسيوة أشدّ … إلى حدّ أن دم رجال الديين الحقيقييين سييسبح فيي كيل مكان
…
وللمرة الخيرة أيضيا سيترتجف كيل الممالك المسييحية ،وكذلك ممالك الكفار خلل 25عاميا ،سيتكون الحروب
والمعارك أكثر دموية من أي وقت مضى ،وسوف تُحرق المدن والقصور وكل المباني الخرى ،وسيتم هجرها
وتدميرهيا ،ميع إهراق عظييم لدماء العذارى والمهات والراميل المغتصيبات ،والطفال الرُضيع الذيين سييُرمى
بهم على جدران المدن وتحطّم عظامهم ( وصف لعقاب اليهود في فلسطين ) ،الكثير من الشرور سيتم ارتكابها
بفعيل الشيطان الميير الجهنميي ،بحييث كيل العالم الكاثوليكيي تقريبيا ،سييتعرّض للخراب والبادة ،وقبيل أن تتيم
هذه الحداث ،سييتدوي فييي الفضاء طيور غريبيية ( هييي الطائرات ) … ،وسييتختفي بعييد قليييل ،بفعييل الكارثيية
النهائيية للعالم ( الحرب العالميية النوويية الثالثية ) … ومين ثيم سيتقوم حقبية جديدة ،عهيد ذهيبي سييأمر بيه الخالق ،
وعندئذ سيبدأ بين ال والبشر سلم شامل ( زمن عيسى عليه السلم ) … "
وفي نهاية الفصل ( )11من الكتاب يخلص المؤلف إلى القول " :كل الشرق إذن سينتفض من جديد ضد الغرب ،
وحبره العظم الخير بطرس الروماني ( أمريكا ) … "
يي نجيد أن المؤلف مين خلل فهميه لمجميل نصيوص ( نوسيتراداموس ) ،يخلص إلى أن الشعوب الشرقيية بميا فيهيا
من إثنيات متنوعة ،ستتحد ضد الغرب في مواجهة مصيرية نهائية .
وفي بدايات الفصل ( )14على لسان المتنبئ :
160
" 1-9مين الشرق سييأتي العميل الغادر .الذي سييُصيب إيطالييا وورثية رومولوس .بصيحبة السيطول اللييبي .
ارتجفوا يا سكان مالطا والجزر القريبة المقفرة " .
ي نجد أن المتنبئ يصف انتفاضة الشرق بالعمل الغادر ،الذي سيطيح بإيطاليا وورثة المبراطورية الرومانية ،
ونجده يذكر ليبيا بالسم مؤكدا انضمامها للتحالف الشرقي ،مثيرا رعب الغربيين من هذا العمل الغادر .
وفي الفصل ( )27يقول المؤلف :
" بمقدار ما نبتعد في المستقبل ،يغدو من الصعوبة بما كان ،أن نربط بين الحداث ،التي ستعيشها البشرية في
انحدارها القصى .إل أن التكرار المتواصل للتاريخ متشابه ،وعلى شبكته المُتجدّدة باستمرار ،يُمكن أن تُطرّز
سلفا المعركة الخيرة والمُخيفة ،التي سيظفر بها الشرق البربري على الغرب المسيحي .
ي ي هنييا يلصييق المؤلف صييفة البربرييية بالشرق ،ويؤكييد انتصييار هذا الشرق المتوحييش ،على الغرب المسيييحي
المسالم والمتحضر .
مسيتفيدين مين النقسيامات التيي سييُثيرها المسييح الدجال ،ومين الضعيف والفوضيى الناتجية عين مذاهبيه ،ينجيح
العرب والسييويّون والمغول فيي اجتياح أوروبيا ،بعضهيم عيبر إيطالييا وإسيبانيا كميا هيي العادة ،والخرون عيبر
القارة والجيو ،فيي حيين تنهار فرنسيا والكنيسية ،ويتعرض البابيا بالذات إلى الغتيال وسيط الفسياد العام ،تظهير
ظواهر مرعبة في السماء .
ي نجد أن المتنبئ ،يُحدّد في هذا النص ماهية الشعوب الشرقية التي يقصدها ،ويضع العرب على رأس القائمة ،
ويؤكد نجاحهم في اجتياح معظم دول أوروبا برا وبحرا وجوا .
فيي عام الكسوفين الكاملين ،من طرف لخير طرف فيي العالم القديم ،تحصل أمور غريبة :تظلم الشميس ويفقيد
القميير نوره ،وضجيييج البحيير والموج ،سيييجعل الناس ييبسييون رعبييا ،لنييه سيييصل الطوفان التكفيري الجديييد
( عودة الخلفة السلمية ) ،ليختم فجأة العصر الذي بدأ مع زمن نوح " .
ي في هذا النص يُحدّد المتنبئ فلكيا نقطة البداية ،لحداث مسلسل الرعب الخير الذي يصفه في كتابه ،بكسوف
كلي كبير للشمس ( 1999م ) ،متبوعا بخسوف كلي للقمر .
يؤكييد المؤلف على حتمييية وقوع مواجهيية أخيرة بييين الغرب والشرق ،ويؤكييد على حتمييية ظفيير الشرق بهييا ،
وكنتيجة لهذه المواجهة ستنهار فرنسا ( التي كانت تُمثل الدولة الصليبية العظمى آنذاك ،في العصر الذي عاش
فييه المتنبيئ ،أميا الن فأمريكيا هيي الدولة العظميى ،وراعيية الحملت الصيليبية الجديدة على الشرق ) وسيتنهار
الكنيسيية ( بمعنييى انهيار الدييين بظهور الدييين السييلمي ميين جديييد ) .ويعزو المؤلف نجاح الشرق فييي غزوه
أوروبا ،إلى ما أثاره المسيح الدجال من ضعف وفوضى وانقسام ،وليس غضبا إلهيا لكفرهم وضللهم ورغبة
إلهية في إظهار الحق وزهق الباطل ،والحقيقة أن الذي سيتسبب فيي ظهور الضعف والنقسام الوروبي ،بين
مؤيد ومعارض هو إسرائيل ( المسيح الدجال الحقيقي ) والشعب اليهودي بشكل عام .
والمسيييح الدجال هيو لفييظ ،يطلقييه مفسيّرو النبوءات التوراتييية على شخييص مفسييد ومخرّب سيييظهر فييي المكان
المقدّس ،وهييو معا ٍد للمسيييحية وللمسيييح وأتباعييه ،سيييقود الشرق فييي معركتييه الخيرة مييع إسييرائيل والغرب ،
وينسيبون إلييه كيل ميا يُوصيف فيي التوراة مين إفسياد ،حتيى إفسياد الدولة اليهوديية الحاليية الموصيوف بالتوراة ،
وبذلك أصبح الفساد اليهودي السرائيلي ،الذي حذّرت منه التوراة ووصفته بدقة متناهية ،منسوبا إلى شخص
المسيح الدجال الذي لم يظهر بعد ،لتكون إسرائيل وحلفائها بمنأى عن الغضب والعقاب اللهي ،الذي سينسكب
على الدجال وأتباعه ،وأتباعه هم من العرب والروس والمغول حسب اعتقادهم .
وفيما يلي بعض النصوص ،التي استقى منها المؤلف هذه الفكار :
161
" 2-18مطر جديد مفاجئ وعنيف … تتساقط من السماء على البحر ،الحجارة والنار … تموت بغتة الجيوش
السبعة البرية والبحرية " .
" 2-56من لم ينجح الطاعون والسلح في الجهاز عليهم … سيُضربون من أعالي السماء " ..
" 2-86خلل الغرق الذي سيتم قرب البحر الدرياتيكي … ستهتز الرض لتُميت من كانوا يحومون في الهواء
…"
" 3-83الجو والسماء والرض ستُظلم وتضطرب … حينئذ سيتضرع الكافر ل وقدّيسيه "
أمريكا :
" 9-44اهربوا ،اهربوا يا سكان جنيف أجمعين … عهدكم الذهبي سيغدو عهدا حديديا … "
ي هذه الدعوة للهرب من جنيف ،هي في الصل دعوة للهرب من بابل في النصوص التوراتية ،ليتبين لنا أن لفظ
بابيل اسيتخدمه كتبية التوراة ،للتعيبير عين دولة أو مدينية ذات مال وجمال وسيطوة سيتظهر مسيتقبل ،كميا كانيت
جنيف في عصر نوستراداموس ،الذي لم يُعاصر العصر الذهبي لمريكا وعاصمتها التجارية ( نيويورك ) .
" 1-26الصاعقة العظيمة ستسقط في وضح النهار "
" 1-87النار المركزية التي تجعل الرض تهتز … ستتجلى حول المدينة الجديدة ( نيويورك ) "
" 10-49بستان العالم قرب المدينة الجديدة … سيُؤخذ ويُغطّس في البحيرة الغالية "
" 6-97سماء خط التوازي ، 45ستحترق تقترب النار من المدينة الجديدة العظيمة … "
بريطانيا وفرنسا وبقية دول أوروبا :
" 9-55أيية حرب مخيفية سيتتهيأ فيي الغرب … وفيي العام التالي سييأتي الطاعون … رهيبيا إلى ح ّد أنيه على
شبّان والعجزة والقطعان … سيكون للدم والنار سلطة في فرنسا … ال ُ
" 4-67فيي العام الذي سييشتعل فييه الزمين والحرب معيا … سييكون ثمية مسيار كيبير للمقذوف فيي الهواء الجاف
( الصيواريخ النوويية ) … يحترق المكان الكيبير بنيران آتيية مين بعييد … يرى الناس القحيط والعاصيفة ،تحصيل
حروب وغزوات " .
" 8-16فيي روميا ،حييث كلي القدرة بنيى هيكله … سييكون طوفان كيبير ومفاجيئ … بحييث ميا مين مكان ،وميا
من أرض ستسمح باتقائه … ستمر المياه من فوق الولمب فيزول " .
" 3-32القبر الكبير للشعب البريطاني … سيكون على وشك النفتاح … حين تزمجر الحرب قرب حدود ألمانيا
… وفي بلد مانتو ( إيطاليا ) " .
" 3-70بريطانيا العظمى ،أي إنكلترا … تتعرض لثورة عنيفة ( تغمرها المياه ) … " .
" 8-15نحو الشمال تعزيزات كبرى من الحشود البشرية ( روسيا ) … تضرب أوروبا والعالم أجمع تقريبا …
خلل الكسوفين ،تقوم بمطاردة مهمة … وتدخل هنغاريا في الحياة والموت " .
خلصية ميا يتنبيأ به ( نوسيتراداموس ) ،هو دمار الدول الغربيية ( أمريكيا وبريطانييا وفرنسيا ) بهجوم صياروخي
نووي مفاجئ ،يصفه بكل دقة ( مطر جديد مفاجئ وعنيف …) ويُعرّف هذا المطر الجديد ( تتساقط من السماء
على البحير ،الحجارة والنار ) ويُعرّفيه أكثير بقوله ( للمقذوف فيي الهواء الجاف ) ويُحدّد مصيدره ( بنيران آتيية
مين بعييد ) ويصيف تأثيره ( يرى الناس القحيط والعاصيفة ) ويصيف ميا يعقبيه ( سييكون طوفان كيبير ومفاجيئ )
نتيجية ارتفاع درجية حرارة الرض ،التيي سيتعمل على ذوبان الكتيل الجليديية ،وتبخّر مياه البحار والمحيطات ،
ومن ثم لتعود وتسقط على شكل مطر غزير مسببة طوفانا ،تغرق في مياهه أمريكا وبريطانيا إلى غير رجعة .
وميا يعطيي مصيداقية لنبوءات هذا المتنبيئ ،واهتماميا منقطيع النظيير بهيا لدى الغربييين ،هيو تحقّق الكثيير منهيا
حسيب اعتقادهيم ،بالرغيم مين إبهامهيا وعموميتهيا ،ووصيفه الدقييق -قبيل ( )450سينة تقريبيا -للسيلحة ووسيائل
162
النقل ،التي استخدمت في الحروب العالمية ،والتي لم تكن موجودة أصل في عصره .وهذا مما يُعزّز مخاوف
هؤلء من صدق نبوءاته ،بشأن دمار الحضارة الغربية برمتها من قبل الشرقيين ،كما يُعلن عن ذلك بصراحة .
مين خلل هذه النصيوص والنصيوص التوراتيية الصيلية ،تيبين للكثيير مين الباحثيين المريكييين والبريطانييين
والفرنسيييين ،المشغولييين بنبوءات ( نوسييتراداموس ) ،أن المقصييود بالمدينيية الجديدة ،التييي سيييلحقها الدمار
والخراب ،هيي ( نيويورك ) بشكيل خاص وأمريكيا بشكيل عام .وخوفيا مين صيدق هذه النبوءات المرعبية ،تُجهيد
أمريكييا نفسييها – بقيادة الحزب الجمهوري التوراتييي النجيلي -وتحثيّي الخطييى ،سييعيا لمتلك الدرع النووي
المضاد ،للنبوءات التوراتية بصواريخها النووية الروسية والصينية ،ل الصواريخ النووية العراقية أو اليرانية
أو الكورية الشمالية كما تدّعي .
فييي تقرييير لوكالة ( أ ف ب ) ميين واشنطيين ،نقل عيين صييحيفة الدسييتور الردنييية ،الصييادرة بتاريييخ - 7 - 12
2001م ،جاء ميا نصيه " :أعلنيت وزارة الدفاع المريكيية أميس ،تسيريع برنامجهيا للدرع المضاد للصيواريخ ،
الذي قد يصطدم بالقيود التي تفرضها معاهدة ( إيه بي أم ) " :وذلك في غضون بضعة أشهر عوضا عن بضع
سينين " .وصيرّح مسياعد وزيير الدفاع المريكيي ( بول وولفوفيتيس ) فيي كلمية أمام لجنية القوات المسيلحة فيي
مجلس الشيوخ " :لقد بدأنا متأخرين سباقا ضد الزمن " .وبحسب المسؤول المريكيي ،فإن عمليات التجارب
وتطويير نظام الدرع المضاد للصيواريخ ،سييصطدم بل شيك ،بقيود نصيت عليهيا معاهدة ( إييه بيي أم ) ،وأشار
إلى " أن هناك فرصبا عديدة ليتبم ذلك فبي غضون بضعبة أشهبر بدل مبن بضبع سبنين " ،وأكيد أنيه " ينبغيي أن
نتجاوز قيودا تفرضهيا علينيا معاهدة ( إييه بيي أم ) ،وقال أن الوليات المتحدة ،سيتحاول العميل على إبرام اتفاق
مع روسيا ،يتضمّن ترتيبات جديدة ،بهدف تجاوز معاهدة ( إيه بي أم ) ،وأشار مع ذلك إلى أنه " :سيكون من
الصعب التأكد من تأمين ذلك خلل السنة المقبلة " .وأضاف " :كنا نُفضّل التوصل لذلك من خلل التعاون ( مع
روسييا ) ،ول نزال متفائليين بأن مثيل هذا الخيار أمير ممكين " .وذكرت صيحيفة واشنطين بوسيت ) فيي عددهيا
أميس أن وزارة الخارجيية ،أن وزارة الخارجيية المريكيية أمرت السيبوع الماضيي ،سيفارات الوليات المتحدة
فييي العالم ،باطلع الحكومات الجنبييية على النييية المريكييية ،بتطوييير مشروع الدرع المضادة للصييواريخ "
انتهى .
163
العدوان على العراق :
" 10-86سييأتي ملك أوروبيا مثيل غريفون … تُرافقيه جماعية الشمال … سييقود حشدا كيبيرا مين الحمير والبييض
… ويسيرون ضد ملك بابل " .
" 1-55فيي ظيل المناخ الذي سييواجه بابيل … سييكون الدم المراق غزيرا … والرض والبحير والجيو والسيماء
جائرات … بفعل البدع والمجاعة والحكومات والطاعون والفوضى " .
164
" 5-73سيييتم اضطهاد كنيسيية ال … وتصييادر البنييية الدينييية … س ييُعري الولد أمييه … وسيييتفق العرب مييع
البولنديين " .
" 10-33الجماعية القاسيية ذات الرداء الطوييل ( المسيلمون ) … سيتأتي مخبئة خناجرهيا … يسيتولي قائدهيا على
فلورنسا ومكان اللهبة المزدوجة ( روما ) … قائما بفتحه مع القتلة والحالمين " .
ي تؤكد هذه النصوص ،أن المة السلمية ستنهض من سباتها ،وستفرض نفسها كدولة عظمى ،وعلى مساحة
واسعة من الرض ،تشمل أجزاء من أوروبا الغربية ،ويُخبر ( نوستراداموس ) بخبث ودهاء يهوديين ،بأنهم
أي المسلمون الغادرون القساة القتلة ،سيضطهدون كنيسة ال ،ويستولون على إيطاليا كلها .وهذه إحدى الصور
التيي شكلتهيا النبوءات التوراتيية والنجيليية ،عين السيلم والمسيلمين بشكيل عام ،وبدون اسيتثناء لي عربيي أو
مسلم حتى لو تنصّر .وهذه الصور أجاد في تشويهها والتخويف منها ،والتحريض على محاربتها ،مفسّرو هذه
النبوءات قديميا وحديثيا ،حتيى أصيبحت مين المسيلمات العقديية لدى عامية الغربييين ،فل عجيب ول غرابية ،مين
حمل الغربيين لهذا العداء العقائدي المزمن للعرب والمسلمين ،فهذا ما يُخبرهم به مفسّرو الكتاب المقدس ،الذي
ل يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه ،حسب اعتقادهم .
165
* من مقال للكاتب محمد عارف ،من صحيفة الحياة اللندنية ،في النصف الثاني من عام 1999م .
يقول الكاتب الصحفي " :كل فصل من فصول الكتاب تقريبا ،يُستهل بقول للنبي ارميا ،ويستهلّ الفصل الخير
منه ،بأربع فقرات من سفر ارميا ،أخفها وقعاً " :أرضهم أضحت قفرا يبابا ،شارة للزدراء السرمدي ،وي ُهزّ
كل عابر فيها رأسه فزعا " .هذا ما ستُخلّفه الحرب الشاملة عام ، 2006بين التحالف السلمي العظيم وروسيا
ميين جانييب ،والوليات المتحدّة ميين جانييب آخيير ،حيييث تبدأ الحداث بنشوب حرب البلقان مُجدّدا عام 2002م ،
واندلع الحرب الكورييية الثانييية ،وثورات إسييلمية تكتسييح البلدان العربييية ،وتوحّدهييا عام 2004م تحييت راييية
صلح دين جديد ،نصفه كردي ونصفه الخر ألماني .
ويبلغ الباحث الستراتيجي البريطاني الذروة ،عندما يتوقع الحداث السياسية ،التي ستشمل قيام مملكة فلسطين
السيلمية وتضيم الردن ويقودهيا العاهيل الردنيي ،وثورة جديدة فيي روسييا تأتيي بحكومية عسيكرية ،يُسييطر
شنّها متطرفونعليها صلح الدين من مقرّه في مدينة قم اليرانية ،وانتفاضات مُتعاطفة مع الحلف السلمي ،ي ُ
فيي مدن فرنسيا وإيطالييا وبريطانييا .ول يخلو الكتاب مين صيور فوتوغرافيية لحرب عام ، 2006بينهيا صيورة
لخر البطال السرائيليين الحياء ،يقف تحت مُلصق جداري لحركة حماس .
وعندميا تُقرّر السييدة رئيسية الوليات المتحدّة المريكيية ،اللجوء إلى السيلح النووي الشاميل ،تجيد أن صيلح
الديين اسيتبق تفكيرهيا مرة أخرى ،إنّه انفجار السيلح الكهرومغناطيسيي ،الذي طوّره ألميع علماء المسيلمين ،
ليُضيييء السييماء ليل على امتداد المسييافة ميين قييبرص والسييكندرية ،حتييى حدود الردن والحدود السييورية
العراقية ،حيث يُطلق هذا السلح السلمي نبضا إلكترونيا جبارا ينفذ من خلل كل شيء معدني ،في البنايات
والجهزة والعربات والدبابات والسلحة ،وتكمن قوته في قدرته على تدمير ،الدارات الكهربائية المستخدمة في
كييل شيييء ،ميين الترانزيسييتور والكمييبيوتر والتلفزيون ،إلى أجهزة الهاتييف والتصييالت ،وأنظميية المصييانع
والمختيييبرات ،وحتيييى الطائرات والقمار الصيييطناعية والصيييواريخ الموجّهييية .خلل لحظييية تحوّلت دولة
التكنولوجيا الرفيعة ( إسرائيل ) إلى مجتمع العصر الحجري ،من دون معدات حرارة وإنارة وضخ مياه ونقل ،
مُحاطة بجبل من الدوات المعدنية واللكترونية ،لعصر أصبح فجأة غابرا .
ن الحرب النووية الشاملة ،يُجيبها صلح الدين " :بأن كلّ شيء قد انتهى ، وعندما تُهدّد الرئيسة المريكية بش ّ
إسبرائيل انتهبت كشعبب ،معظبم سُبكّانها قبد ماتوا ،مخزونهبا النووي قبد دُمّر ،ولن يشكبر التاريبخ الرئيسبة ،
لتسببّبها فبي قتبل مئات اللوف ،وربمبا الملييبن لجبل بلد خاوٍ " .كميا ويبدي صيلح الديين اسيتعداده ،فيي حال
تراجع قوات حلف الناتو ،التي تستعد للتحرك ضدّه من تركيا لوقف العمليات العسكرية ،لمشاهدة إسرائيل وهي
تموت " .
قال تعالى
167
السياسة المريكية ونبوءات التوراة والنجيل
ستناول في هذا الفصل ،مسألة تأثير نبوءات التوراة والنجيل ،على القرارات السياسة المريكية ،وخاصة ما
يتعلق بمنطقيية الشرق الوسييط ،لنفهييم أبجديات هذه السييياسة المنحازة لسييرائيل ،والمعادييية للعرب والمسييلمين
بشكيل عام ،والتيي اجتهيد الكثيير مين المحلليين فيي تفسييرها وتحلييل دوافعهيا .وخيير مين تعرّض لهذه المسيألة ،
وأفاض فيي بحثهيا هيي الكاتبية المريكيية ( غرييس هالسيل ) فيي كتاب ( النبوءة والسيياسة ) ،وهيو مين منشورات
( الناشر للطباعة ) ،ط 1990 3م ،ترجمة محمد السمّاك .
168
ن ال قد أوصاهم بذلك -كل المور التي من
ي وأن مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها ،هي تدبير وتهيئة -وكأ ّ
الممكن ،أن تعجّل في عودة المسيح إلى الرض ،ومن ضمن تلك المور :
أول :ضرورة إضعاف العرب عسكريا ،
وثانيا :تلبية جميع مطالب إسرائيل بالدعم المالي والسياسي والعسكري ،
وثالثا :تعزيز ترسانتها النووية .
مقتطفات من مقدمة الكاتبة :
تؤكد الكاتبة المريكية ( غريس هالسل ) أن بذور هذه المُعتقدات المُدمّرة ،نشأت في نهاية القرن التاسع عشر .
وكان رائد هذا التجاه فيي تفسيير الكتاب المُقدّس هيو ( سيايروس سيكوفيلد ) ،وقيد طُبيع أول مرجيع إنجيلي له عام
1909م ،زرع فيييه آراءه الشخصييية فييي النجيييل ،وصييار أكثيير الكتييب المتداولة حول المسيييحية .وبدأت هذه
المُعتقدات فيي الظهور وتعزّزت ،عندميا تتابعيت انتصيارات إسيرائيل على دول الجوار العربيية ،وبلغيت ذروتهيا
بعد الجتياح السرائيلي لجنوب لبنان .
وتقول الكاتبة :وفي إحدى المناسبات كان ( سكوفيلد ) يذكّر مُستمعيه بأنه " :عام بعد عام كان يُردّد التحذير بأن
عالمنا ،سيصل إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية " .ولكنه يقول أيضا " :أن المسيحيين المُخلّصين
يجب أن يُرحّبوا بهذه الحادثة ،لنه مُجرّد ما أن تبدأ المعركة النهائية ،فإن المسييح سوف يرفعهم فوق السحاب
وسيُنقذون ،وأنهم لن يُواجهوا شيئا من المعاناة التي تجري تحتهم " .
وتقول " :بالرغم من أن بعض الصوليين لم يتقبّلوا هذه الفكرة ،إل أنها تسيبّبت في انقسام كبير .فهناك مؤشير
إلى أن أعداد المسيحيين الذين يتعلّقون بنظرية ( هرمجدون ) فيي تزايد مُضطرد ،فهُم مثل سكوفيلد يعتقدون أن
المسييح وعيد المسييحيين المُخلّصيين بسيماء جديدة وأرض جديدة ،وبميا أن المير كذلك ،فلييس عليهيم أن يقلقوا
حول مصير الرض ،فليذهب العالم كلّه إلى الجحيم ،ليُحقّق المسيح للقلّة المُختارة سما ًء وأرضا جديدتين " .
" إن اسيتقصاء عام 1984م ،الذي أجرتيه مؤسيسة ( باتكيلو فيتيش ) أظهير أن 39بالمائة مين الشعيب المريكيي ،
يقولون ،أنيه عندميا يتحدّث عين تدميير الرض بالنار ،فإن ذلك يعنيي ،أننيا نحين أنفسينا سيوف نُدمّر الرض ب
( هرمجدون ) نوويية .وأظهرت دراسية لمؤسيسة ( نلسين ) نُشرت فيي أُكتوبر 1985م ،أن 61مليون أمريكيي
يستمعون بانتظام إلى مُبشّرين ،يقولون أننا ل نستطيع أن نفعل شيئا ،لمنع حرب نووية تتفجر في حياتنا " .
ي ومن أكثر الصوليين النجيليين شهرة ،من الذين يُبشرون على شاشة التلفزيون بنظرية ( هرمجدون ) :
.1بات روبرتسون :يملك شبكة تلفزيونية مسيحية ،مكونة من ثلث محطات ،عائداته السنوية تصل إلى
200مليون دولر ،ومساهم في محطة تلفزيون الشرق الوسط في جنوب لبنان ،يشاهد برامجه أكثر من
16مليون عائلة أمريكية .
.2جيميي سيواغرت :يملك ثانيي أكيبر المحطات النجيليية شهرة ،يُشاهيد برامجيه ميا مجموعيه 9,25مليون
منزل .
.3جيم بيكر :يملك ثالث أشهر محطة تبشيرية ،عائداته السنوية تصل إلى 100-50مليون دولر ،يُشاهد
برامجه حوالي 6مليين منزل ،يعتقد أن علينا أن نخوض حربا رهيبة ،لفتح الطريق أمام المجيء الثاني
للمسيح .
.4أورال روبرتس :تصل برامجه التلفزيونية إلى 5,77مليون منزل .
.5جيري فولويل :تصل دروسه التبشيرية إلى 5,6مليون منزل ،يملك محطة الحرية للبث بالكابل ،أقام
بعيد شرائهيا بأسيبوع ،حفيل عشاء على شرف جورج بوش نائب الرئييس ريغان آنذاك .وقيد أخيبر فولوييل
يومها بأن جورج بوش ،سيكون أفضل رئيس في عام 1988م .
169
.6كينين كوبلند :يُشاهد برامجه 4,9مليون منزل .يقول " :أن ال أقام إسرائيل .إنّنا نُشاهد ال يتحرك
مين أجيل إسيرائيل … إنيه لوقيت رائع أن نبدأ فيي دعيم حكومتنيا ،طالميا أنّهيا تدعيم إسيرائيل … إنيه لوقيت
رائع أن نُشعر ال ،مدى تقديرنا لجذور إبراهيم " .
.7ريتشارد دي هان :يصل في برنامجه إلى 4,75مليون منزل .
.8ريكس همبرد :يصل إلى 3,7مليون منزل ،وهو يُبشّر بتعاليم سكوفيلد التي تقول " :أن ال كان يعرف
منذ البداية الولى ،أننا نحن الذين نعيش اليوم ،سوف نُدمّر الكرة الرضية " .
وتعقّب الكاتبة بقولها " :لقد ذكرت ثمانية من الذين يٌقدّمون البرامج الدينية ،ويُبشّرون بنظرية هرمجدون نووية
في الذاعة والتلفزيون ،ومن بين 4آلف أصولي إنجيلي … ،هناك 3آلف من التدبيريين ،يعتقدون أن كارثة
نووية فقط ،يمكن أن تُعيد المسيح إلى الرض .إن هذه الرسالة تُبث عبر 1400محطة دينية في أمريكا .ومن
بيين ألف قسيّيس إنجيلي يذيعون يومييا براميج مين خلل 400محطية رادييو ،فإن الكثريية السياحقة منهيم مين
التدبيريييين .وتقول :أن بعييض هؤلء القسياوسة ورؤسياء الكنائس ،هيم مين القوة بحييث يظهرون كالملوك فييي
مناطقهم " .
والرسالة التي يُرسلها هؤلء على الدوام هي " :لن يكون هناك سلم حتى يعود المسيح ،وأن أي تبشير بالسلم
قبل هذه العودة هو هرطقة ( تخريف وكفر ) إنه ضد كلمة ال ( ضد ما جاء في الكُتب المقدسة ) إنه ضد المسيح
" .وهذا ما يقوله أيضا ( جيم روبرتسون ) التلفزيوني النجيلي الذي دعاه الرئيس ( ريغان ) للقاء صلة افتتاح
المؤتمر الحزب الجمهوري عام 1984م .
170
يسيتعجلوا نشوبهيا بالعميل على تسيريع المواجهة بين الشرق والغرب ،حتيى يعود المسييح للرض مرة ثانية ليُنقيذ
البشرية النصرانية فقط من الندثار الكامل ) .
171
وتقول الكاتبية :يقول (جيميس ميلز ) فيي مقال صيحفي " :إن اسيتعمال ( ريغان ) لعبارة إمبراطوريية الشيطان
… كان إعلنييا انطلق ميين اليمان الذي أعرب لي عنييه ،فييي تلك الليلة عام 1971م … إن ( ريغان ) كرئيييس
أظهيير بصييورة دائميية ،التزامييه القيام بواجباتييه ،تمشيييا مييع ارادة ال … إن ( ريغان ) كان يشعيير بهذا اللتزام
خصّيصا ،وهو يعمل على بناء ،القدرة العسكرية للوليات المتحدة وحلفائها …
… صحيح أن حزقيال تنبأ بانتصار إسرائيل وحلفائها ،في المعركة الرهيبة ضد قوى الظلم ،إل أن المسيحيين
المحافظيين مثيل رئيسينا ،ل يسيمح لهيم التطرف الروحيي ،بأن يأخذوا هذا النتصيار كمُسيلّمات .إن تقويية قوى
الحقّي لتربيح هذا الصيراع المهيم ،هيو فيي عيون مثيل هؤلء الرجال ،عميل يُحقّق نبوءة ال انسيجاما ميع إرادتيه
السامية ،وذلك حتى يعود المسيح مرّة ثانية …
… وبالتأكييد فإن توجهيه بالنسيبة للنفاق العسيكري ،وبرودتيه اتجاه مُقترحات نزع السيلح النووي ،متفقية ميع
وجهة نظره هذه ،التي يستمدّها من سفر الرؤيا … إن هرمجدون التي تنبأ بها حزقيال ،ل يُمكن أن تحدث في
عالم منزوع السيلح .إن كيل مين يؤمين بحتميية وقوعهيا ،ل يُمكين توقيع تحقيقيه لنزع السيلح .إن ذلك يُناقيض
مشيئة ال كما وردت على لسانه …
… إن سياسات الرئيس ( ريغان ) الداخلية والمالية ،مُنسجمة مع التفسير اللفظي ،للنبوءات التوراتية والنجيلية
.فل يوجد أي سبب للغضب من مسألة ال َديْن القومي المريكي ،إذا كان ال سيطوي العالم كلّه قريبا " .
وتقول الكاتبة " :وبناء على ذلك ،فإن جميع البرامج المحلية ،التي تتطلب إنفاقا كبيرا ،يمكن بل يجب أن تُعلّق
مين أجيل توفيير المال ،لتموييل براميج تطويير السيلحة النوويية ،مين أجيل إطلق الحميم المُدمّرة على الشياطيين ،
أعداء ال وأعداء شعبه ،وأضاف ميلز :
" لقيد كان ( ريغان ) على حيق عندميا اعتقيد أن أماميه فرصية أكيبر ،لينفيق المليارات مين الدولرات ،اسيتعدادا
لحرب نوويية ميع يأجوج ومأجوج ،لو كان معظيم الشعيب الذي أعاد انتخابيه ،يؤمن كميا أخيبرني ،بميا يؤمين هو
به ،بالنسبة ( لهرمجدون ) والعودة الثانية للمسيح " .
172
المُبشر ( فولويل ) والترويج لسرائيل سياسيا :
في بحث قام به اثنان من الساتذة الجامعيين عن حياة ( فولويل ) ،يؤكد د ( .غودمان ) أن ( فولويل ) تحوّل من
الوعيظ الدينيي ،إلى الوعيظ السيياسي المؤييد للدولة الصيهيونية ،بعيد النتصيار العسيكري السيرائيلي فيي عام
1967م .حيث أن هذا النتصار المُذهل ،كان له تأثير كبير على العديد من المريكيين ،في الوقت الذي كان فيه
شعور الهزيميية والخيبيية ،يُخيّيم على الكثييير ميين المريكيييين ميين جرّاء الحرب الفيتنامييية ،وميين هؤلء كان
( فولوييل ) الذي نظير إلى المير بطريقية مختلفية ،حييث قال :أن السيرائيليين ،ميا كانوا لينتصيروا لو لم يكين
هناك تدخّل من ال .
ونتيجيية لذلك بدأ السييرائيليون باسييتخدام ( فولويييل ) فييي السييبعينيات ،لتحقيييق أغراضهييم ومطالبهييم ،وتأييييد
سياساتهم لدي الشعب والساسة المريكان ،وفي خطاب له عام 1978م في إسرائيل ،قال " :إن ال يُحب أمريكا
،لن أمريكيا تُحيب اليهود " .وفيي مناسيبات عديدة كان يقول للمريكييين " :إن قدر المية يتوقيف على التجاه ،
الذي يتخذونه من إسرائيل … وإذا لم يُظهر المريكيون ،رغبة جازمة في تزويد إسرائيل بالمال والسلح ،فإن
أمريكا ستخسر الكثير " .وقد قامت وسائل العلم الصهيونية بإبرازه وتلميع صورته ،ليصبح شخصية سياسية
وإعلميية مرموقية على السياحة المريكيية ،لدرجية أن الرئييس ( ريغان ) رتيب له حضور اجتماع مجلس المين
القومي ( البنتاغون ) ،ليستمع ويُناقش كبار المسؤولين فيه ،حول احتمال نشوب حرب نووية مع روسيا .
يُتابيع د ( .غودمان ) " :فيي عام 1981م ،عندميا قصيفت إسيرائيل المفاعيل النووي قرب بغداد ،تخوّف ( بيغين )
مين رد فعيل سييّء فيي الوليات المُتحدّة .ومين أجيل الحصيول على الدعيم ،لم يتصيل بسييناتور أو كاهين يهودي ،
إنميا اتصيل ( بفولويل ) … وقبيل أن يُغلق سماعة الهاتيف ،قال ( فولويل ) ( لبيغن ) " :السيد رئييس الوزراء ،
أريد أن أهنئك على المهمة ،التي جعلتنا فخورين جدا بإنتاج طائرات ف . " 16
وقال د ( .برايس ) " :إن أي عمل عسكري قامت أو ستقوم به إسرائيل ،تستطيع أن تعتمد فيه على دعم اليمين
المسيحي " .
هدم المسجد القصى وبناء الهيكل ،مطلب إلهي منصوص عليه فيه التوراة ،كما يعتقد مسيحيو الغرب ،
فضل عن يهود الشرق والغرب :
أثناء رحلة الحج الثانية للكاتبة ،وفي لقاء مع أحد مستوطني مُستعمرة ( غوش أمونيم ) -مُعقبة على قوله -قالت
له :إن بناء هيكل للعبادة شيء ،وتدمير المسجد شيء آخر ،فمن الممكن أن يُؤدي ذلك إلى حرب بين إسرائيل
والعرب ،فر ّد قائل " :تماما هذا ما نُريده أن يحدث لننا سوف نربحها ،ومن ثم سنقوم بطرد العرب من أرض
إسرائيل ،وسنُعيد بناء الهيكل وننتظر مسيحنا " .
تقول الكاتبية " :لقيد زرت قبية الصيخرة ،وهيي واحدة مين أجميل الصيروح فيي العالم – والتيي تُقارن بجمال تاج
محل – وقد تم بناؤها عام 685م ،بأمر من الخليفة الموي عبد الملك بن مروان ،وهو البناء الجمل في القدس .
وتقول :على الرغم من أن المسيح دعا إلى إقامة المعابد في النفس ،فإن الصوليين المسيحيين يُصرّون على أن
ال يُرييد أكثير مين بناء معبيد روحيي ،إنيه يُرييد معبدا حقيقييا مين السيمنت والحجارة ،يُقام تماميا فيي الموقيع الذي
توجد فيه الصروح السلمية " .
ويقول ( لندسيي ) فيي كتاب ( آخير أعظيم كرة أرضيية ) " :لم يبيق سيوى حدث واحيد ليكتميل المسيرح تماميا أمام
إسيرائيل ،لتقوم بدورهيا فيي المشهيد العظييم الخيير مين مأسياتها التاريخيية ،وهيو إعادة بناء الهيكيل القدييم ،فيي
موقعه القديم .ول يوجد سوى مكان واحد يمكن بناء الهيكل عليه ،استنادا إلى قانون موسى في جبل موريا حيث
الهيكلن السابقان " .
173
نشأة المسيحية الصهيونية :
تقول الكاتبيية " :أواخيير أغسييطس 1985م سييافرت ميين واشنطيين إلى سييويسرا ،لحضور المؤتميير المسيييحي
الصييهيوني الول فييي بازل ،برعاييية السييفارة المسيييحية العالمييية فييي القدس ،لتعرّف على خلفييية الصييهيونية
السيياسية … فيي أحيد مقررات المؤتمير حثّي المسييحيون إسيرائيل على ضمّي الضفية الغربيية ،بسيكانها المليون
فلسيطيني … فاعترض يهودي إسيرائيلي :بأن ثلث السيرائيليين يُفضلون مقايضية الراضيي المحتلة بالسيلم ميع
الفلسيطينيين … فردّ علييه مقرر المؤتمير :إننيا ل نهتيم بميا يُصيوّت علييه السيرائيليون وإنميا بميا يقوله ال ،وال
أعطى هذه الرض لليهود " .
وتقول " :كان تقديري أنه من بين 36ساعة … فإن المسيحيين الذين أشرفوا على المؤتمر ،خصصوا %1من
الوقت لرسالة المسيح وتعاليمه ،وأكثر من %99من الوقت للسياسة .ول يُوجد في المر ما يُثير الستغراب ،
ذلك أن المشرفين على المؤتمر ،برغم أنهم مسيحيون فهم أول وقبل كل شيء صهاينة ،وبالتالي فإن اهتمامهم
الول هو الهداف الصهيونية السياسية " .
وفيي بحثهيا عين أصيل الصيهيونية السيياسية ،الداعيية إلى عودة اليهود إلى فلسيطين ،تؤكيد الكاتبية أن ( ثيودور
هرتزل ) لم يكين أصيل صياحب هذه الفكرة ،وإنميا كان دُعاتهيا هيم المسييحيون البروتسيتانت ( ذوي الغلبيية فيي
أمريكا وبريطانيا الن ) قبل ثلث قرون من المؤتمر الصهيوني الول .حيث ض مّ لوثر زعيم حركة الصلح
الكنسيي فيي القرن السيادس عشير ،توراة اليهود إلى الكتاب المقدّس تحيت اسيم العهيد القدييم .فأصيبح المسييحيون
الوربيون يُبدون اهتماما أكبر باليهود ،وبتغيير التجاه السائد المُعادي لهم في أوروبا .
وتقول الكاتبة " :توجه البروتستانت إلى العهد القديم ليس فقط لنه أكثر الكتب شهرة ،ولكن لنه المرجع الوحيد
لمعرفة التاريخ العام .وبذلك قلّصوا تاريخ فلسطين ما قبل المسيحية إلى تلك المراحل التي تتضمّن فقط الوجود
العيبراني فيهيا .إن أعدادا ضخمية مين المسييحيين ُوضِعوا فيي إطار العتقاد ،أنيه لم يحدث شييء فيي فلسيطين
القديمة ،سوى تلك الخرافات غير الموثقة من الروايات التاريخية المدوّنة في العهد القديم " .
وتقول " :في منتصف عام 1600م بدأ البروتستانت بكتابة معاهدات ،تُعلن بأن على جميع اليهود مُغادرة أوروبا
إلى فلسطين .حيث أعلن ( أوليفر كرمويل ) بصفته راعي الكومنولث البريطاني الذي أُنشيئ حديثا ،أن الوجود
اليهودي فييي فلسييطين هييو الذي سيييُمهّد للمجيييء الثانييي للمسيييح .وميين هناك فييي بريطانيييا بدأت بذرة الدولة
الصهيونية الحديثة في التخلّق " .
وفيي خطاب لمندوب إسيرائيل فيي الميم المتحدّة ( بنياميين نتنياهيو ) عام 1985م -الذي أصيبح فيميا بعيد رئيسيا
لسيرائيل -أمام المسييحيين الصيهاينة ،قال " :إن كتابات المسييحيين الصيهاينة مين النجلييز والمريكان أثّرت
بصيورة مُباشرة على تفكيير قادة تاريخييين ،مثيل ( لوييد جورج ) و ( آرثير بلفور ) و ( ودرو ويلسيون ) ،فيي
مطلع هذا القرن … الذين لعبوا دورا أساسيا ،في إرساء القواعد السياسية والدولية لحياء الدولة اليهودية " .
وتقول " :لم يكيين حلم هرتزل روحانيييا بييل كان جغرافيييا ،كان حُلمييا بالرض والقوة ،وعلى ذلك فإن السييياسة
الصهيونية ضلّلت الكثير من اليهود … وقد ادّعى الصهاينة السياسيون أنه لم يكن هناك فلسطينيون يعيشون في
فلسيطين … ويقول ( موش مانوحيين ) :أنيه انتقيل إلى الدولة اليهوديية الجديدة ،على أميل أن يجيد جنّة روحيية ،
ولكنّه اكتشف أن الصهاينة " ل يعبدون ال ،ولكنهم يعبدون قوتهم " .
وتقول " :لن يهود أمريكا – مثل ( آندي غرين ) – يعرفون أنه يمكنهم العتماد ،على دعم 40مليون مسيحي
إنجيلي أصولي ،فهم يُصادرون الرض من الفلسطينيين بقوة السلح .ويقول غرين الذي انتقل إلى إسرائيل عام
1975م ،ول يزال يحتفظ بجواز سفره المريكي " :ليس للعرب أي حق في الرض إنها أرضنا على الطلق ،
هكذا يقول الكتاب المقدّس إنه أمر ل نقاش فيه .من أجل ذلك ل أجد أي مُبرر للتحدّث مع العرب حول ادعاءاتهم
المنافسة لنا ،إن القوى هو الذي يحصل على الرض " .
174
غاية إسرائيل من التحالف مع اليمين المسيحي في أمريكا :
يوضيح ( ناتان بيرلمتير ) يهودي أمريكيي ،مين حركية ( بناي برث ) – منظمية يهوديية -فيي أمريكيا ،أسيباب
تحالف يهود الوليات المتحدة ميع الصيوليين المسييحيين ،بقوله " :أن الصيوليين النجيلييين يُفسيّرون نصيوص
الكتاب المُقدّس بالقول " :أن على جمييع اليهود ،أن يؤمنوا بالمسييح أو أن يُقتلوا فيي معركية هرمجدون .ولكنيه
يقول في الوقت نفسه " :نحن نحتاج إلى كل الصدقاء لدعم إسيرائيل … وعندما يأتي المسييح فسوف نفكر في
خياراتنا آنذاك .أما الن دعونا نُصلّي ونرسل السلحة " .
تشيير الكاتبية إلى كتاب ( مصيير اليهود ) للمؤلفية اليهوديية ( فيورليخيت ) الذي تصيفه بالرائع ،حييث تقول فييه
الكاتبية اليهوديية " :أن أول مسياهمة لليهوديية كانيت القانون الخلقيي ،وأن عظمية اليهوديية لم تكين فيي ملوكهيا
وإنما في أنبيائها .وأن ال لم يأمر اليهود بالموت ولكنّه أمرهم بالحياة .وتُدلّل على قولها بنص من التوراة " لقد
وضعت أمامكم الحياة والموت … ولذلك عليكم أن تختاروا الحياة " .وتُضيف :مع ذلك فإن السرائيليين بوضع
مصييرهم بييد الجيوش والسيلحة ،وبتشريفهيم الجنرالت أكثير مين النيبياء .ل يختارون الحياة وإنميا يختارون
الموت " .وتُحذّر من أنّ أولئك الذين يجعلون من إسرائيل إلها يُعبد يدفعوننا في هذا التجاه " .
ي وتلخص الكاتبة أهداف إسرائيل من التحالف ،مع اليمين المسيحي في الوليات المتحدة :
•الحصول على المال .
•أن يكون الكونغرس مجرد خاتم مطاطي للموافقة على أهدافها السياسية .
•تمكينها من السيطرة الكاملة والمنفردة على القدس .
وتقول على لسيان ( إسيرائيل شاهاك ) " :إن طبيعية الصيهيونية هيي البحيث الدائم عين حامٍي ومعييل .فيي البدايية
توجّه الصيهاينة السيياسيون إلى إنجلترا ،والن يتوجّهون ويعتمدون كليّا على الوليات المتحدة .وقيد أقاموا هذا
الحلف مع اليمين المسيحي الجديد ،لكي يُبرّر أي عمل عسكري أو إجرامي تقوم به إسرائيل " .
وتقول الكاتبية " :إن للقادة الصبوليين النجيلييبن اليوم قوة سبياسية ضخمبة .إن اليميبن المسبيحي الجديبد هبو
النجبم الصباعد فبي الحزب الجمهوري ،وتحصبد إسبرائيل مكاسبب سبياسية جمبة داخبل البيبت البيبض مبن خلل
تحالفها معه " .
وتنقل الكاتبة :إن ( مارفن ) – أحد زملئها في رحلة الحج -كغيره من اليمين المسيحي الجديد ،يشعر بالنشوة
لنييه ميع الحليييف الرابيح .وقييد نقيل إلي مرة المقطيع 110الذي يتحدّث عين يهوه وهيو يسييحق الرؤوس ،ويمل
الرض بجثث غير المؤمنين ،والمقطع 137الذي يُعرب فيه عن الرغبة من النتقام ،من أطفال بابليين وإلقائهم
فوق الصيخور .ثيم قال ( مارفين ) :وهكذا يتوجيب على السيرائيليين أن يُعاملوا العرب بهذه الطريقية .ورغيم أن
( مارفين ) كان معجبيا ومطلعيا على نصيوص التارييخ التوراتيي ،إل أنيه كان جاهل فيميا يتعلق بالصيراع العربيي
السيرائيلي .لنيه يعرف مسيبقا كيل ميا يعتقيد أن ال يرييد منيه أن يعرفيه .وقال لي " :إن على المريكييين أن
يتعلموا ميين السييرائيليين كيييف يُحاربون " .ويشارك ( مارفيين ) كذلك هؤلء بالعتقاد " بأننييا نحيين المسيييحيين
نؤخر وصول المسيح من خلل عدم مساعدة اليهود على مصادرة مزيد من الرض من الفلسطينيين " .
وتخلُص الكاتبية إلى القول " :بأن عدة ملييين مين المسييحيين المريكييين ،يعتقدون أن القوانيين الوضعيية يجيب
أل تُطبيق على مصيادرة اليهود واسيترجاعهم لكيل أرض فلسيطين ،وإذا تسيبّب ذلك فيي حرب عالميية نوويية ثالثية
فإنهم يعتقدون بأنهم تصرّفوا بمشيئة ال " .
وتذكر الكاتبة أن هناك قائمة بأسماء 250منظمة إنجيلية أصولية موالية لسرائيل ،من مختلف الحجام والعمق
في أمريكا ،ومعظم هذه المنظمات ننشأت وترعرت خلل السنوات الخمس الخيرة ،أي منذ عام 1980م .
وتقول الكاتبية فيي فصيل مزج الديين بالسيياسة :أن السيرائيليون يُطالبون بفرض سييادتهم وحدهيم ،على المدينية
التيي يُقدّسيها مليار مسييحي ومليار مسيلم ،وحوالي 14مليون يهودي .وللدفاع عين ادّعائهيم هذا فإن السيرائيليين
– ومعظمهيم ل يؤمين بال – يقولون :بأن ال أراد للعيبرانيون أن يأخذوا القدس إلى البيد .ومين أجيل تروييج هذه
س تن صّرالرسالة توجّه السرائيليون إلى ( مايك ايفنز ) اليهودي المريكي ،الذي قُدّم في أحد المعابد على أنه ق ّ
175
ليسياعد شعبيه ،وأنيه صيديق لجورج بوش ويحتيل مكانية مرموقية فيي الحزب الجمهوري ،ومين حديثيه فيي هذا
المعبد قوله " :إن ال يريد من المريكيين ،نقل سفارتهم من تل أبيب إلى القدس ،لن القدس هي عاصمة داود
.ويحاول الشيطان أن يمنييع اليهود ،ميين أن يكون لليهود حييق اختيار عاصييمتهم .إذا لم تعترفوا بالقدس ملكييية
يهودية ،فإننا سندفع ثمن ذلك من حياة أبنائنا وآبائنا ،إن ال ،سيُبارك الذين يُباركون إسرائيل ،وسيلعن لعنيها
".
الخاتمة :
وفيي الخاتمية تقول الكاتبية " :فكرت فيي خيارنيا للحياة أو الموت طوال السينين العديدة الماضيية ،مسيتمعة إلى
( جيري فولويل ) وغيره من النجيليين ،الذين يطلّون علينا عبر الهاتف والكتاب المقدّس باليد الخرى ،ناقلين
عين كتاب دانيال مين العهيد القدييم ،وعين كتاب سيفر الرؤييا مين العهيد الجدييد ،قائليين :أن ال قيد قضيى علينيا أن
نخوض حربا نووية مع روسيا ...
اقتناعيا منهيم بأن هرمجدون نوويية ل مفير منهيا بمقتضيى الخطية اللهيية ،فإن العدييد مين النجيلييين المؤمنيين
بالتدبيرية ،ألزموا أنفسهم سلوك طريق مع إسرائيل ،يؤدي بشكل مباشر – باعترافهم أنفسهم – إلى محرقة أشدّ
وحشية وأوسع انتشارا ،من أي مجزرة يُمكن أن يتصورها عقل ( أدولف هتلر ) الجرامي …
لقد وجدت فكرهم الوعظي تحريضيا تصادميا في حثّهم على الستعداد لنهاية العالم ،إنهم يدفعونني إلى العتقاد
بأننيا قطعنيا مسيافة طويلة بعيدا عين بداياتنيا كبشير .إن معظمنيا يتمسيك باعتبار حسين الجوار كعلقية رائعية فيي
حياتنيا المتحضرة ؛ معاملة الخريين كميا نحيب أن يُعاملونيا ،وفوق ذلك عاش الكثيريين بهدف أكثير نبل ؛ وهيو
مغادرة هذه الدنيا في حاله ،أفضل من تلك التي وجدوها عليها " .
بعييد هذا العرض لبعييض مييا جاء فييي هذا الكتاب ،نسييتطيع القول أن الحلف المنعقييد بييين إسييرائيل والوليات
المتحدّة ،هيو حلف عقائدي عسيكري تُغذييه النبوءات التوراتيية والنجيليية .لدرجية أن الكثيير مين أفراد الشعيب
المريكي الضالّ يتمنى لو أنه ولد يهوديا ،لينعم بالنتساب إلى شعب ال المختار ،الذي يقاتل ال عنهم في جميع
حروبهم ضد الكفرة من المسلمين والشيوعيين .ونحن كمسلمين بتواجدنا على أرض اليهود وبمقاومتنا للحتلل
الصيهيوني ،نمنيع ال مين تحقييق إرادتيه بإعطاء أرض فلسيطين لليهود .فالشعيب المريكيي ينظير على أن اليهود
هيم جنود ال ،وأن الفلسيطينيون هيم إرهابيون وجنود الشيطان ،وأن قلة قليلة مين شُرفاء أمريكيا يعتقدون بعكيس
ذلك ،مين الذيين سيبروا أغوار الحقيقية ودرسيوا التارييخ والجغرافييا والواقيع بعيين العدالة والنصياف ،حتيى أن
بعضهيم طعين فيي مصيداقية كتبهيم المُقدّسية ،ولكين كيل جهود الشرفاء مين مواقيف ومحاضرات وبراميج ومؤلفات
ذهبيت أدراج الرياح ،ذلك لنهيم قلة ول يملكون ميا يملكيه اليهود وأتباعهيم مين القوة والمال ،فكانوا كمين يُجدّف
بالرمال .
ي ونستطيع تلخيص العلقة ما بين إسرائيل وأمريكا ( اليهود والنصارى ) كما يلي :
•أن التحالف بين الدولتين ،فضل عن كل شيء ،هو حلف ديني عقائدي ،أقوى من أي معاهدة أو اتفاقية
مكتوبة على الورق .
•كل من المريكان والسرائيليون ينتظرون المسيح الخاص بهم .
•يتفق الطرفان على أن قيام الدولة اليهودية في فلسطين إشارة لقرب مجيئه .
•ويتفيق الطرفان على وجوب سييطرة اليهود على فلسيطين كاملة ،واتخاذ القدس عاصيمة للدولة اليهوديية ،
ومين ثيم يتوجيب عليهيم إقامية الهيكيل مكان المسيجد القصيى ،وأن هذه المور ميا لم تأخيذ مجراهيا على
أرض الواقع فإنها ستعطل مجيء المسيح بالنسبة للطرفين .
•وأن ظهور المسيييح سيييكون مسييبوقا بحرب مُدمرة سييتقع بييين إسييرائيل وأعدائهييا ،تحصييد مييا ل يُعدّ ول
يُحصييى ميين أرواح البشيير وتنتهييي بخراب الرض ،وروّاد المؤامرة اليهودييية العالمييية يبذلون قصييارى
جهدهم لشعالها ،لقطف ثمار مخططهم الشيطاني بإثارة الفتن وافتعال الزمات .
176
•وبناء على ذلك ،تجيد أمريكيا نفسيها ملزمية عقائدييا بتسيليح إسيرائيل ميا أمكنهيا ذلك ،وبدعمهيا فيي كيل
مخططاتهييا داخييل فلسييطين وخارجهييا ،اسييتعدادا لوقوع هذه الحرب المدمرة لضمان انتصييار إسييرائيل
وحلفائها ضد أعداء ال .
هكذا هي المعادلة بكل بساطة ،فساسة الشعب المريكي جملة وتفصيل صهاينة أكثر من ساسة إسرائيل أنفسهم ،
وميا عبادة المريكييين لسيرائيل إل لتقرّبهييم إلى ال زلفيى ،ولذلك يسيعى المريكيون قبيل السيرائيليون لتلبيية
متطلبات مجيء المسيح ،وأعجب من العرب عندما يطلبون من صهاينة الغرب رفع ظلم صهاينة الشرق .
ولو عدنيا بالذاكرة إلى الوراء وبدأنيا بتتبّع الرؤسياء المريكييين المتأخريين ،لتيبين لنيا أن الرؤسياء مين الحزب
الديموقراطي كانوا أكثر اعتدال وأكثر ميل إلى السلم مع العرب وروسيا ،بغض النظر عن مفهومهم له ،وأقل
تجاوبا مع متطلبات كل من الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية الصولية المُتطرّفة ،كما هو حال الرئيس
( كارتر ) – الذي انتهت وليته عام 1980م – حيث أُنجزت في عهده اتفاقية ( كامب ديفيد ) بين مصر وإسرائيل
،والرئيييس ( كلينتون ) 200-1992 ،م ،الذي أُنجزت فييي عهده اتفاقييية وادي عربيية بييين الردن وإسييرائيل ،
وحاول جاهدا صيينع ( كامييب ديفيييد ) أخرى مييع الفلسييطينيين ،رغييم خروجييه عيين النييص بمحاولتييه الخجولة
لرضاء هؤلء بقصف مصانع الدوية السودانية وقصف العراق بين حين وأخر .
ولتبين لنا أيضيا ،أن الرؤساء من الحزب الجمهوري اليميني المسييحي النجيلي التوراتيي الصولي المتطرّف ،
كانوا أكثيير تطرفييا وعدوانييية وأقييل اهتمامييا بالسييلم ،ويتجاوبون مييع متطلبات اليهود بييل يُنفّذونهييا بحذافيرهييا .
فالرئيييس ( ريغان ) 1988-1980م شن ّي الحرب على ليبيييا ،وتييم فييي عصييره ضرب المفاعييل العراقييي واجتياح
بيروت ،واشتعلت فيي عصيره نيران الحرب اليرانيية وتيم إطالة أمدهيا وانتهيت بنهايية وليتيه .والرئييس ( بوش
الب ) 1992-1988 ،م ،شنّي الحرب على العراق وفرض علييه الحصيار ،وتيم إسيقاط الشيوعيية وتفكييك التحاد
السوفييتي ،وأعلن عن نظامه العالمي الجديد المذكور في بروتوكولت اليهود .
ومؤخرا جاء دور ( بوش البين ) ،ليُكميل سيلسلة جرائم أسيلفه مين الجمهورييين ،ويُنفيذ ميا أُعدّ له هؤلء مين
برامج مسبقة ،كان أبالسة اليهود قد خطّوها ،قبل وصوله لسدة الحكم ،كما خطّ أجدادهم أسفار التوراة والنجيل
،وبروتوكولت الحكماء ،فيما يُسمّى ( بتقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الدنى ، ) 2001حيث بدأ بتنفيذ
ما جاء فيه من أوامر ،فور تسلّمه للسلطة :
.1ضرب بغداد دون سابق إنذار ،وبدأت إدارته بالترويج " للعقوبات الذكية " ،التي طالب بها خبثاء معهد
واشنطن .
.2وأظهر عداءه لروسيا والصين .
.3وطلب الرئيييس المصييري لمعاقبيية مصيير على موقفهييا المتشدّد مييع إسييرائيل فييي قميية القاهرة ،بخفييض
المساعدات وتأخير إنشاء منطقة التجارة الحرة فيما لو أصرّت على ذلك .
.4وصرّح عن رغبته في نقل السفارة المريكية إلى القدس .
.5ودعم إسرائيل في قمعها لنتفاضة الرهابيين الفلسطينيين ،وبرّر وما زال يُبرّر جرائمها .
.6وظهيير هناك ميين يدعييو إلى انسييحاب الجيييش السييوري ميين لبنان ،ميين اللبنانيييين المدعومييين بالموال
اليهودية تحت غطاء الدين .
.7وقام وزيير الخارجيية بجولة فيي دول المنطقية ،لشرح السيياسة الجديدة التيي جاء بهيا هذا التقريير ،الذي
تمت صياغته بذكاء ودهاء يهودي صرف ،بناء على المخاوف النبوية التوراتية .
177
يُؤكد هذا التقرير الذي ت ّم إنجازه بتاريخ 2000 – 12 – 12م أن مصير هذه المنطقة ،مرهون بما جاء من نبوءات
فيي الكتيب المقدّسية ،ومرهون أيضيا بكيفيية تفسييرهم لهذه النبوءات .وإذا اطّلعيت على هذا التقريير ،فسيتجد أنيه
يوضيح السيياسات التيي يتوجيب على الرئييس المريكيي نهجهيا ،للسييطرة على هذه المنطقية واسيتعباد شعوبهيا ،
سيتجد أنهيا قيد رُسيمت بدهاء ومكير ،على طريقية دسّي السيم فيي العسيل ،بناءً على المخاوف اليهوديية المنبثقية مين
النبوءات التوراتيية .حييث أن مُجميل بنود هذا التقريير ،جاءت لدرء المخاطير عين الدولة اليهوديية فقيط ل غيير .
وفيميا يلي سنعرض من فصول هذا التقرير الخمسية ،بعيض المقتطفات شديدة التعلق بموضوع هذا الكتاب .وقد
نُشر هذا التقرير مترجما على حلقات ،في جريدة العرب اليوم الردنية ،في النصف الول من شهر آذار 2001م
.
تأسيس معهيد واشنطين الذي قدم هذه التقريير عام 1985م ،وهيو يعميل كوحدة للبحوث تابعية للجنة للعلقات العامّة
المريكية السرائيلية ،المسماة بِ ( ايباك ) ،وهي المُنظمّة الصهيونية الولى في الوليات المُتحدة ،التي تُعتبر
" خط الدفاع الول عن إسرائيل " ،ويضم في عضويته مفكرون وسياسيون وخبراء أمريكيون يهودا ومسيحيين
صهاينة في الفكر والمعتقد .وقد تطوّر هذا المعهد ليصبح مصدر التأثير العظم ،في صنع القرارات السياسية
الخاصية بالمنطقية ،التيي تتخذهيا الدارات المريكيية المتعاقبية .ويصيدر هذا التقريير فيي بدايية كيل وليية رئاسيية
جديدة ،ليكون نورا يهتدي بيه الرئييس المريكيي الجدييد ،ونجاح هذا الرئييس وفشله لدى سيادته اليهود ،يعتميد
على مدى التزامييه ،ومقدار مييا أنجزه ميين الهداف الواردة فييي التقرييير ،وهذه المنظّميية على علقيية وثيقيية مييع
الرؤساء والساسة المريكان .
178
الفصل الثاني :
أسلحة الدمار الشامل -امنع النتشار واردع الستخدام .
مين الممكين أن تشهيد السينوات الربيع المقبلة ،تحقيق تقديرات السيتخبارات المريكيية ،بأن إيران سيوف تطور
نظاما صاروخيا متعدد المراحل ،يُمكّنها من تطوير صاروخ عابر للقارات .ومن الممكن خلل الفترة نفسها أن
يُطور العراق أو إيران سييلحا نوويييا ،خصييوصا فييي حالة حصييولها على الوقود النووي ،بصييورة سييرية ميين
التحاد السوفييتي السابق مثل .والحصول عليها من قبل جماعات إرهابية بمساعدة بعض الحكومات .
الكثيرون فييي المنطقيية يتهمون الوليات المتحدة بازدواجييية المواقييف ،فيمييا يتعلّق بقدرة العراق النووييية .فعلى
الرغم من القلق الذي تولّده السلحة النووية ،من وجهة النظر الداعية إلى عدم النتشار .فإن هذه السلحة توفر
لسرائيل هامشا من المن ،يمكنها من المجازفة بعقد السلم مع جارات معينة .في الوقت الذي تطور فيه دول
أخرى في المنطقة -ما زالت تهدد بتدمير إسرائيل ( أي العراق ) -الوسائل الكفيلة بتنفيذ تلك التهديدات .
180
حوّل العقوبات إلى أدا ٍة لنفتاح العراق :
نعتقييد بأن على الوليات المتحدة ،أن تقوم بمجهود عاجييل لتركيييز العقوبات على نحييو أكثيير حدّة على صييدام
ونظامه العسكري .من أجل ذلك ينبغي لواشنطن ،أن تأخذ زمام المبادرة في إعادة صياغة العقوبات ،بدل من
أن توافق مرغمة على خطوات يفرضها الخرون .
في الوقت نفسه ،ينبغي للوليات المتحدة التوجه للمنظمات النسانية ،لتحسين طرق إيصال المساعدات للشعب
العراقييي .بدل ميين أن تكرّس هذه المنظمات ،الكثييير ميين جهدهييا لنتقاد السييياسة المريكييية إزاء العراق .وأن
تُظهير لهذه المنظمات أنهيا تشاركهيا همومهيا النسيانية ،مؤكدة بأن السيبب فيي معاناة الشعيب العراقيي هيو حكومية
العراق الستبدادية ( أي استخدام النفاق السياسي ) .
ينبغيي للقيود التيي فُرضيت على السيفر مين تلك الدولة أن تُعكيس بشكيل تام .سييكون مين الفضيل تشجييع التبادل
الفردي ،وسييفر العراقيييين العاديييين ومنييع سييفر المسييؤولين العراقيييين وأفراد أسييرهم ،ميين الذييين يُعيقون تنفيييذ
قرارات مجلس المين ،أو الذيين يُشتبيه بارتكابهيم جرائم حرب ،أو انتهاكات فظيعية لحقوق النسيان .لقيد حصيل
هذا النوع من " العقوبات الذكية " على التأييد في المم المتحدة عندما طُبق على يوغسلفيا .
181
تركيا :يُعتبر بقاؤها ،كدولة ديموقراطية علمانية موالية للغرب ،مصلحة حيوية للوليات المتحدة .حيث تلعب
تركيا دورا مركزيا في عملية احتواء العراق .
ادعيم التعاون ميا بيين شركاء أمريكيا القليمييين ،ومين ضمنهيا إسيرائيل وتركييا ودول مجلس التعاون الخليجيي
والردن ومصر .إنّ التعاون بين تركيا وإسرائيل ،يُعتبر الفضل بين جميع حالت التعاون المني القليمي في
المنطقة .
182
،للحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل وتكنولوجيا الصواريخ ،من روسيا إلى الشرق الوسط وخصوصا
إلى إيران .
الصـين :فالصييين ،تمتلك القدرة على تغيييير ميزان القوى القليمييية ،بتزويييد دول فييي المنطقيية بتكنولوجيييا
الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل .في الوقت الذي تستطيع الصين فيه أن تصبح قوة إيجابية بالنسبة لنمو اقتصاد
العولمة ،إذا ما واصلت فتح أسواقها وخصخصة اقتصادها .
أوروبـا :على سييبيل المثال لعبييت الدول الوروبييية ،دورا مهمييا فييي تسييهيل الدبلوماسييية الهادئة بييين إسييرائيل
والفلسطينيين .وفي تأمين التمويل السخي للسلطة الفلسطينية بعد عام 1993م .وفي فرض مناطق حظر الطيران
شمال وجنوب العراق .إن ممييا يُؤسييف له أن فرنسييا قييد أصييبحت العقبيية الكييبرى ،فييي طريييق تحقيييق التنسيييق
المريكي الوروبي ،حول الكثير من قضايا الشرق الوسط ،خصوصا تلك المتعلقة بالعملية السلمية والسياسة
المُتبعة إزاء العراق .
على خلفيية هذا الطار السيتراتيجي ،نعتقيد بأن الشرق الوسيط مرشيح لن يكون منطقية مضطربية ،خلل فترة
ولية الرئيس المريكي الجديد .سيتغذى بعض ذلك الضطراب ،على مشاعر عدم الرضا والرغبة في تحقيق
الوحدة ،والمور غير المنجزة في النزاع العربي السرائيلي .كما أن بعضا منه ،سوف يتولد نتيجة التغييرات
البركانيية التيي تنتظير إيران .وسيوف ينتيج بعضيه الخير عين ردود الفعيل المترتبية ،على عودة انبعاث صيدام
حسين .
يحتاج الرئييس المريكيي الجدييد وكبار مسياعديه ،لدراك أن الشرق الوسيط يدخيل القرن الواحيد والعشريين ،
بقيادة زعماء جدد بل خيبرة ،يتولون الزعامية مين المحييط الطلسيي إلى الخلييج الفارسيي ،باقتصياديات راكدة
وبأسيلحة مرعبية عاليية التقنيية ،لهيا القدرة على نقيل النزاعات إلى شواطيئ أمريكيا .إن لجنية الدراسية الرئيسيية ،
فيي معهيد واشنطين لسيياسة الشرق الوسيط الدنيى قيد وضعيت هذا التقريير ،مين أجيل تقدييم النصيح للرئييس
المريكيي الجدييد ،حول الطرق الكفيلة بإدارة هذه اللحظية العاصيفة ،على نحيو يحميي مصيالح الوليات المتحدة
وحلفائها … انتهى القتباس .
بنود هذا التقرييير اليهودي المقدّم للرئيييس المريكييي واضحيية وربمييا ل تحتاج لتعليييق ،فالمخاوف والهداف
التوراتيية واضحية ،خلف ميا يدّعيي اليهود بأنيه مصيالح للوليات المتحدّة ،تقضيي بتحجييم وتدميير ثلثية قوى ،
ذات الخطيير الكييبر على مسييتقبل الدولة اليهودييية فييي المنطقيية ،حسييبما أوضحتييه التفسيييرات الجديدة للنبوءات
التوراتية ،وهي روسيا ( يأجوج ومأجوج ) ،والعراق وإيران ( مادي وفارس وبابل وأشور ) ،كافة الدول ذات
التوجه السلمي ،التي يسمونها بالراعية للرهاب ( خوفا من إحياء الخلفة السلمية ) .
والسيؤال المطروح بعيد الطلع على هذا التقريير :لماذا يشغبل العراق المسباحة الكببر ،فبي مفردات صبحيفة
برتوكولت حكماء صهيون الجديدة ،المسمّاة بتقرير معهد واشنطن ؟!
ونختيم هذا الفصيل ،بقول لظفير السيلم خان صياحب كتاب ( تعالييم التلمود ) " :وقيد سياعدت كراهيية بريطانييا
العمياء ،وغدرهيا بالعرب والمسيلمين ،ووجود النزعية الصيليبية الخاطئة لدى البلدان الوربيية وأمريكيا ،على
نجاح المخططات الصيهيونية وغزو البلدان العربيية فيي الحرب العالميية الولى ،فنرى القائد الفرنسيي ( غورو )
الذي فتيح دمشيق يقول ،وقيد وضيع قدميه على قيبر صيلح الديين " :هبا نحبن قبد عُدنبا يبا صبلح الديبن ! " ،
والجنرال النجليزي ( اللنبي ) عند دخوله القدس ،يقول أمام كنيسة القيامة " :اليوم ،انتهت الحروب الصليبية
".
قال تعالى
ن َأشْ َركُوا 82(… ،المائدة )
ن َأشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً ِللّذِينَ ءَامَنُوا ،الْ َيهُودَ ،وَالّذِي َ
( لَ َتجِدَ ّ
183
الكتب المقدّسة تأمر اليهود بتدمير أصحاب البعث
احتييل العراق مسيياحة شاسييعة فييي التقرييير السييابق ،لن التوراة تُخييبر هؤلء الصييهاينة ميين يهود ونصييارى
صيراحة ،وفيي مواضيع عديدة بأن العراقيون هيم أصيحاب البعيث الثانيي ،وتأمرهيم بالعميل على تدميير العراق
ل يدّخروا جهدا ،من أجيل
والعراقيين ،عندما يتمكنّوا من العلو فيي الرض للمرة الثانية ،وتُحرّضهم وتحثّهم بأ ّ
إعادته إلى العصر الحجري ،حتى ل يتمكّن أحفاد البابليين من النبعاث عليهم مرة أخرى عندما يأذن ال بذلك ،
وفي هذا الفصل سنعرض جانبا من النصوص التوراتية ،التي تصرح بحتمية بعث العراقيين عليهم مرة أخرى ،
والتي يأمر فيها كتبة التوراة يهود هذا العصر بالنتقام من أهل بابل ،كونهم أحفاد نبوخذ نصر ،وللقضاء على
فرص انبعاثهم مرة أخرى لزالة العلو الثاني لهم في فلسطين .
موسى :
سيفر التثنيية " 49 :28ويجلب الرب عليكيم أمية مين بعييد ،مين أقصيى الرض ،فتنقضّي عليكيم كالنسير :50 ،أمّة
[ جافية الوجه ] يثير منظرها الرعب ،ل تهاب الشيخ ول ترأف بالطفل ( أولي بأس شديد ) :51 ،فتستولي على
نتاج بهائمكيم ،وتلتهيم غلت أرضكيم حتيى تفنوا ،ول تُبقِي لك قمحيا ول خمرا ول زيتيا … ،حتيى تفنييك :52 ،
وتحاصركم في جميع مدنكم ،حتى تتهدم أسواركم الشامخة الحصينة ،التي وثقتم بمناعتها " … ،
:29 :31لنني واثق أنكم بعد موتي ،تفسدون وتضلون عن الطريق الذي أوصيتكم بها ،فيصيبكم الشرّ في آخر
اليام ( المرة الثانية تكون في آخر اليام ) ،لنكم تقترفون الشر أمام الرب ،حتى تثيروا غيظه بما تجنيه أيديكم
…".
:19 :32فرأى الرب ذلك ورذلهييم ،إذ أثار أبناؤه وبناتييه غيظييه :20 ،وقال :سييأحجب وجهييي عنهييم فأرى ماذا
سييكون مصييرهم ؟ إنهيم جييل متقلب وأولدُ خونية ، … :21 ،لذلك سيأثير غيرتهيم بشعيب متوحيش ( أولي بأس
شديد ) ،وأغيظهم بأمة حمقاء [ أمة ل تفهمون لغتها ] .
إشعياء :
:3 :10فماذا تصنعون في يوم العقاب ،عندما تقبل الكارثة من بعيد !
ل فلسيطين ( إسيرائيل ) ،لن القضييب الذي ضربيك قيد انكسير .فانيه مين أصيل تلك " :29 :14ل تفرحيي ييا ك ّ
الفعى يخرج أُفعوان ،وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب ،ونوحي أيّتها المدينة ،ذوبي خوفا
يا فلسطين قاطبة ،لن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … " .
:11 :46أدعو من المشرق الطائر الجارح ،ومن الرض البعيدة برجل مشورتي ،قد نطقت بقضائي ،ول بد أن
أُجريه .
ارميا :
:9 :25فهيا أنيا أُجنّد جمييع قبائل الشمال ،بقيادة نبوخيذ نصير عبدي* ،وآتيي بهيا إلى هذه الرض ،فيجتاحونهيا
ويهلكون جميع سكّانها ،مع سائر المم المحيطة بها ،وأجعلهم مثار دهشة وصفير ،وخرائب أبدية .
* ( عبدي ) جاءت صفة لنبوخذ نصر في التوراة .
:22 :10اسمعوا ،ها أخبار تتواتر عن جيش عظيم ،مقبل من الشمال ،ليحوّل مدن يهوذا ،إلى خرائب ومأوى
لبنات آوى .
184
:22 :6انظروا ،هيا شعبٌي زاحيف مين الشمال ،وأمّة عظيمية تهبّي مين أقاصيي الرض ، … ،لمحاربتيك ييا
أورشليم .
حزقيال :
ب بكلمته قائل :أمّا أنت يا ابن آدم ،فخطّط طريقين لزحف ملك بابل .من أرض واحدة ي الر ّ
:19 :21وأوحى إل ّ
تخرج الطريقان ،وفيي ترجمية أخرى [ وأنيت ييا ابين آدم ،عيّن لنفسيك طريقيين ،لمجييء سييف ملك بابيل ،مين
أرض واحدة تخرج الثنتان ]
:22-23 :23وآتي بهم عليك من كل ناحية ،أبناء البابليين ،وسائر الكلدانيين ،ومعهم جميع أبناء أشور .
يي يعلم اليهود علم اليقيين أن المبعوثيين عليهيم فيي المرة الثانيية ،سييخرجون مين أرض بابيل وأشور ،فالكلدانيون
بابلييين وآشوريون هيم سيكان العراق القدماء .وبابيل مدينية عراقيية تقيع فيي وسيط العراق إلى الجنوب مين بغداد ،
وأشور مدينية عراقيية تقيع فيي شماله .ورغيم معرفتهيم هذه فهيم مسيتمرّون فيي غيهيم وطغيانهيم ،ذلك لنهيم لم
يؤمنوا بال ول بأنبيائه سابقا ولحقا ،فمعرفتهم به سبحانه جاءت من خلل آراء كهنتهم وأحبارهم .فهم يأخذون
من التوراة ما يوافق أهوائهم ويتركون ما سواه ،أما ما يؤمنون به حقا فهو المال والقوة ،وبما أنهم يملكون القوة
والمال ،وبميا أن ال قيد كشيف لهيم عين مُخططاتيه ،بالنسيبة لحتميية القضاء على وجودهيم فيي فلسيطين ،فالحيل
لديهيم لييس التوبية والرجوع إلى ال ( الذي ل يقيمون له قدرا نتيجية افتراءات زنادقية التلمود علييه سيبحانه وتعالى
عمّا يصفون ) وإنما بمخالفة مُخطّطات ال وإبطالها ،معتمدين على ما ألّفه الكهنة من نبوءات خاطئة عن الملك
الموعود ،وذلك بكييل بسيياطة ميين خلل تنفيييذ مخطّطات الكهنيية والحبار القديميية الجديدة ،التييي وُضعييت كحلّ
لمعضلتهم المستعصية مع ال وهي إبادة الكلدانيين ومحو بابل الجديدة عن الوجود ،وتحويلها إلى صحراء قاحلة
ل تسييكنها إل الثعالب ،ومييا كان تصييريح أحييد كلبهييم ( بوش الب ) ،عندمييا قال ( :بأنييه س ييُعيد العراق إلى
العصر الحجري ) إل من خلفية توراتية حاقدة .
185
" 1 :14ولكنّي الرب [ سييرحم ] ذريّة يعقوب ،ويصيطفي شعيب إسيرائيل ثانيية ،وُيحلّهيم فيي أرضهيم ،فينضيم
الغرباء إليهم ويلحقون ببيت يعقوب .وت ُمدّ شعوب الرض إليهم يد العون ،ويصيرون عبيدا لبني إسرائيل ،في
أرض الرب ،ويتسلّطون على آسريهم وظالميهم .في ذلك اليوم يُريحكم الرب ،من عنائكم وشقائكم وعبوديتكم
القاسية " .
" :4-23 :14فتسخرون من ملك بابل قائلين " :كيف استكان الظالم وكيف خمدت غضبته المُتعجرفة ؟ قد حطّم
الرب عصيا المنافيق وصيولجان المُتسيلطين … حتيى شجير السيرو وأرز لبنان عمّهيا الفرح ،فقالت " :منيذ أن
انكسييرت شوكتيك ،لم يصيعد إلينيا قاطيع حطيب " … والذيين يرونيك ،يحملقون فييك ويتسياءلون " :أهذا هيو
النسان الذي زعزع الرض وه ّز الممالك ،الذي حوّل المسكونة إلى مثل القفر ،وقلب مُدنها ،ولم يُطلق أسراه
ليرجعوا إلى بيوتهيم ؟ " … أميا أنيت فقيد طُرحيت بعيدا عين قيبرك ،كغصين مكسيور … لنيك خرّبيت أرضيك
وذبحيت شعبيك ،فذريّة فاعلي الثيم يبييد ذكرهيا إلى البيد .أعدّوا مذبحية لبنائه جزاء إثيم آبائهيم ،لئل يقوموا
ب ضدهم ،وأمحو من بابل ،اسماً وبقيةً ويرثوا الرض فيملئوا وجه البسيطة مُدناً .يقول الرب القدير " :إني أه ّ
ونسلً وذريةً ،وأجعلها ميراثًا للقنافذ ومستنقعاتٍ للمياه ،وأكنسها بمكنسة الدمار " .
يي دعوة للشماتية والسيخرية مين بابيل بعيد سيقوطها .ودعوة لعداد مذبحية لبنائهيا ؛ أول :للنتقام منهيم لميا فعله
آبائهم سابقا ،وثانيا :لمنع البناء من تكرار فعل الباء لحقا ،وتلك هي مُبرّراتهم لتدمير العراق .
ل فلسيطين ( إسيرائيل ) ،لن القضييب الذي ضربيك قيد انكسير .فانيه مين أصيل تلك " :29 :14ل تفرحيي ييا ك ّ
الفعى يخرج أُفعوان ،وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب ،ونوحي أيّتها المدينة ،ذوبي خوفا
يا فلسطين قاطبة ،لن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … " .
يي وهذا النيص يُحذر اليهود مين الفرح ،بانكسيار قضييب بابيل ( أي بانكسيار العراق فيي بادئ المير ) لنيه فيي
النهايية سيينهض مين جدييد ،ليُنجيز ميا قضاه ال عليهيم .فالُفعوان ل محالة خارج مين أصيل تلك الفعيى طال
الزمان أو قصر ،وسينفث سمّه في أجسادهم عند مجيء الموعد ،وذريته ستكون أشد بأسا وأشد تنكيل .
186
أخبر سبحانه في غير موضع من كتابه العزيز ،بالضافة إلى ما أوردناه سابقا من حكم إلهية لعودة اليهود إلى
فلسطين .
أمّا أن ال قيد أمرهيم بتدميير العراق وإبادة أهله ،وتحوييل العراق إلى صيحراء قاحلة تسيكنها الثعالب ،فحاشيا ل
أن يأمر أو يُحرّض الناس على الفساد في الرض ،وهو الذي سيمحو ذكرهم عن فلسطين على أيدي العراقيين
أنفسهم ،لعظم ما أفسدوه في أرضه ولجل الفساد ذاته ،ولجل سفك دماء البرياء الذي هو أعظم الفساد في
الرض .إذ أنهييم فور امتلكهييم للقوة والسييلطة ،أسييرفوا فييي القتييل والتنكيييل أيّمييا إسييراف فييي الرض على
عمومهيا ،فأصيابعهم ملوثية بدماء ضحاييا كافية الحروب على مرّ العصيور .ففيي مملكتهيم الولى أوقعوا القتيل
والنهب والنفي في أبناء جلدتهم ،وفي دولتهم الثانية كرّروا فعلتهم في شعب فلسطين .
ول يغب عن البال أن هذه النص التحريضي ،بما يحفل به من مبالغة وتهويل وتكرار وتطويل ،كُتب بعد السبي
البابلي قبل 2500عام تقريبا ،كدعوة للنتقام من بابل القديمة ،عند عودتهم من السبي والشتات إلى فلسطين ،
وإن كانيت بابيل قيد وقعيت فيي أيدي الفرس قديميا كميا جاء فيي التوراة ،فمملكية فارس تقيع إلى الشرق مين بابيل
وأشور ،والنبوءة تقول أن من سيُدمّرها جمع من الملوك يجتمعون عليها من الشمال .حتى جاءت دولتهم الحالية
وأخذ يهود هذا العصر بكل ما لديهم من طاقات وإمكانيات ووسائل ،على عاتقهم تنفيذ هذا البرنامج الذي وضعه
لهم أربابهم من الحبار والكهنة ( الحكماء ) .ولو أنك أمعنت النظر في الواقع وما م ّر بالعراق من أحداث خلل
عشرين سنة ماضية ،تجد أن مرجعية كل تلك الحداث موجودة في هذا النص التوراتي وبالتفصيل .
ي وفي ما يلي النص الكامل لوثيقة الثأر ،والدعوة لتسديد الحساب القديم لبابل الجديدة ،كما جاء في الصحاح (
) 51 – 50من سفر ارميا ،بما فيها من تكرار وتطويل :
التحريض العلمي :
" النبوءة التيي قضيى بهيا الرب ،على بابيل وعلى بلد الكلدانييين ،على لسيان ارمييا النيبي :أخبِروا فيي الشعوب
وأسمِعوا وارفعوا راية ،أسمِعوا ل تخفوا ،قولوا :قد تم الستيلء على بابل ،ولحق ببيل العار وتحطّم مردوخ
( أسيماء لصينام بابيل ) ،خربيت أصينامها وانسيحقت أوثانهيا ،لن أمية مين الشمال ،قيد زحفيت عليهيا ،لتجعيل
أرضها مهجورة ،شرد منها الناس والبهائم جميعا " .
التنفيذ مرتبط بعودتهم إلى فلسطين :
" وفي تلك اليام ،يقول الرب ،يتوافد بنو إسرائيل وبنو يهوذا معا ،يبكون في سيرهم ويلتمسون الرب إلههم ،
ن شعبي كغنميسألون عن الطريق صهيون ويتوجّهون إليها قائلين :هلم ننضمّ إلى الرب ،بعهد أبدي ل يُنسى ،إ ّ
ضالّة قد أضلّهم رعاتهم ،وشرّدوهم على الجبال ،فتاهوا ما بين الجبل والتل ،ونسوا مربضهم ،كل من وجدهم
افترسهم ،وقال أعدائهم :ل ذنب علينا لنهم ،هم الذين أخطأوا في حقّ الرب ،الذي هو ملذهم الحقّ ،ورجاء
آبائهم "
دعوة لخروج الغرباء من بابل :
" اهربوا مين وسيط بابيل ،واخرجوا مين ديار الكلدانييين ،وكونوا كالتيوس أمام قطييع الغنيم ( ،الطلب مين جمييع
الغربييين مُغادرة العراق قبيل القصيف ) فهيا أنيا أُثيير وأجلب على بابيل ،حشود أُميم عظيمية ،مين أرض الشمال ،
فيتألّبون عليهيا ،ويسيتولون عليهيا مين الشمال ،وتكون سيهامهم كجبّار متمرّس ل يرجيع فارغيا ( مين الصييد ) ،
فتصيبح أرض الكلدانييين غنيمية ،وكيل مين يسيلبها يُتخيم ( عوائد النفيط ) ،يقول الرب .لنكيم تبتهجون وتطفرون
غبطية ييا ناهيبي شعيبي ،وتمرحون كعِجلةٍ فوق العشيب وتصيهلون كالخييل ،فإنّي أمّكيم قيد لحقهيا الخزي الشدييد ،
وانتابهيا الخجيل ،هيا هيي تُضحيي أقلّ الشعوب ،وأرضهيا تصيير قفرا جافيا وصيحراء ،وتظلّ بأسيرها مهجورة
وخربة ،كل من يم ّر ببابل ،يُصيبه الذعر ويصفر دهشة ،لما ابتليت به من نكبات " .
187
تحريض على تدمير بابل :
" اصيطفّوا على بابيل مين كيل ناحيية ،ييا جمييع موتري القواس ،ارموا السيهام ول تبقوا سيهما واحدا ،لنهيا قيد
أخطأت فيي حقّي الرب ( لنهيا أنزلت بهيم العقاب اللهيي فيي المرة الولى ) ،أطلقوا هتاف الحرب عليهيا مين كيل
جانب ( طبل وزمر العلم الغربي قبل بدء الحرب ) ،فقد استسلمت ( لقرارات مجلس المن ) وانهارت أسسها
وتقوضت أسوارها ( البنية التحتية ) ،لن هذا هو انتقام الرب ( بل هو انتقامهم ) ،فاثأروا منها ( تحريض ) ،
وعاملوها بمثل ما عاملتكم ،استأصلوا الزّارع من بابل ،والحاصد بالمنجل في يوم الحصاد ،إذ يرجع كل واحد
إلى قومه ،ويهرب إلى أرضه فرارا من سيف العاتي " .
دوافع النتقام :
ل مين افترسيه ،ونبوخيذ نصير آخِر مين هشّم" إسيرائيل قطييع غنيم مشتّت ،طردتيه السيود ،كان ملك أشور أو ّ
عظاميه ( كان هذا واقيع حال الكهنية ،عنيد كتابية هذه الوثيقية ،موضحيين دوافيع هذا التحرييض ) ،لذلك هذا ميا
يُعلنه الرب القدير إله إسرائيل :ها أنا أُعاقب ملك بابل وأرضه ،كما عاقبت ملك أشور من قبل ،وأردّ إسرائيل
إلى مرتعييه ،فيرعييى فييي الكرمييل وباشان ،وتشبييع نفسييه فييي جبييل أفرايييم وجلعاد .وفييي ذلك الزمان والوان
( المسيتقبل ) ،يقول الرب ( وميا هيو بقوله ) :يُلتميس إثيم إسيرائيل فل يوجيد ،وخطيئة يهوذا فل تكون ،لنيي
أعفو عمن أبقيته منهما ( في المرة الثانية بعد السبي البابلي ) " .
تحريض مستمر:
" ازحف على أرض ميراثايم ( الجبّار المتمرّد ،أي ملك بابل ) ،وعلى المقيمين في فقود ( أرض العقاب ،بابل
ت جلبة القتال فيي
خرّب ودمّري وراءهم ( أثناء فرارهيم ) ،يقول الرب ،وافعل حسب كل ميا آمرك به .قيد عَلَ ْ ) َ
الرض ( على مرآى مين العالم فيي بيث حيّي ومُباشير ) ،صيوت تحطييم عظييم ( دوي القنابيل ) ،كييف تكسيرّت
ت فيه يا بابل ( تورطت في الحرب نتيجة مؤامرة وتحطّمت بابل ،مطرقة الرض كلها ؟ قد نصبتُ الشرك فوقع ِ
) ،من غير أن تشعري ،قد وُجدّت ( أُخذتِ ) وقُب ضَ عليك ،لنّك خاصمت الربّ ،قد فتح الرب ( أمريكا التي
يعبدون ) مخزن سلحه ،وأخرج آلت سخطه ( التعبير هنا أكثر دقة وبمصطلحات حديثة ) ،لنه ما برح للسيد
الرب القديير ،عميل يُنجزه فيي ديار الكلدانييين ( حربيين مدمّرتيين وحصيار وميا زال فيي جعبتهيم أكثير ،لحقيا ) ،
ازحفوا عليها من أقاصي الرض ،وافتحوا أهراءها ،وكوّموها أعراما واقضوا عليها قاطبة ،ول تتركوا منها
بقية ( ،نهب ثرواتهيا وخيراتهيا ) ،اذبحوا جميع ثيرانها ،أحضروها للذبح ،ويل لهيم لن يوم موعيد عقابهم قيد
حان " .
استخدام وسائل العلم في الطبل والزمر ( تكرار ) :
" اسيمعوا هيا جلبية الفارّيين الناجيين ،مين ديار بابيل ليذيعوا فيي صيهيون ،أنباء انتقام الرب إلهنيا والثأر لهيكله ،
اسيتدعوا إلى بابيل رماة السيهام ،جمييع موتري القسيي (مُذخّري السيلح ) ،عسيكروا حولهيا فل يُفلت منهيا أحيد
( الحصار ) ،جازوها بمُقتضى أعمالها ،واصنعوا بها كما صنعت بكم ،لنها بغت على الرب قدّوس إسرائيل ،
لذلك يُصييرع شبّانهييا فييي سيياحاتها ،ويبيييد فييي ذلك اليوم جميييع جنودهييا ،يقول الرب .هييا أنييا أُقاومك ِي أيتهييا
المتغطرسية ،يقول الرب القديير ،لن يوم إدانتيك ،وتنفييذ العقاب فييك قيد حان ،فيتعثّر المُتغطرس ويكبيو ،ول
يجد من يُنهضه ،وأُضرم نارا في مُدنه فتلتهم ما حوله " .
دوافع النتقام ( تكرار ) :
" وهذا ما يعلنه الرب القدير :قد وقع الظلم على شعب إسرائيل ( عقابهم من قبل بابل كان ظلماً لهم ) ،وعلى
شعيب يهوذا ،وجمييع الذيين سيبوهم وتشبّثوا بهيم ولم يطلقوهيم ،غيير أن فاديهيم قوي ،الرب القديير اسيمه ،وهيو
حتما يُدافع عن قضيتهم ،لكي يُشيع راحة في الرض ،ويُقلق أهل بابل .ها سيف على الكلدانيين ،يقول الرب
وعلى أهل بابل ،وعلى أشرافها وعلى حكامها " .
188
طبيعة العقاب الذي يأمل اليهود أن يوقعوه في بابل وأهلها :
" ها سيف على عرّافيها فيصبحون حمقى ،وها سيف على مُحاربيها فيمتلئون رعبا .ها سيف على خيلها وعلى
حرّ على مياههييا
مركباتهييا ،وعلى فِرق مُرتزقتهييا فيصيييرون كالنسيياء ،هييا سيييف على كنوزهييا فتُنهييب ،هييا ال َ
فيُصيبها الجفاف ( ربما بسبب ضربة نووية قادمة ) لنها أرض أصنام ،وقد أُولع أهلها بالوثان .لذلك يسكنها
وحيش القفير ميع بنات آوى ،وتأوي إليهيا رعال النعام ،وتظلّ مهجورة إلى البيد .غيير آهلة بالسيكان إلى مدى
الدهير .وكميا قلب ال سيدوم وعمورة وميا جاورهميا ،هكذا لن يسيكن فيهيا أحيد ،أو يقييم فيهيا إنسيان ( وهذا ميا
يصبون إليه ،ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوه ) " .
الدعوة لتدمير بابل وإسقاط نظام الحكم فيها :
" هيا شعيب مُقبيل مين الشمال ،أمّة عظيمةٌ ولفيفٌي مين الملوك ،قيد هبّوا مين أقاصيي الرض ،يمسيكون بالقسييّ
ويتقلّدون بالرماح ،قُساة ل يعرفون الرحمة ،جلبتهم كهدير البحر ،يمتطون الخيل وقد اصطفوا كرجل واحد ،
لمحاربتك يا بنت بابل ( بابل الجديدة هي بنت بابل القديمة ،أي العراق ) ،قد بلغ خبرهم ملك بابل ،فاسترخت
يده وانتابتيه الضيقية ،ووجيع امرأة فيي مخاضهيا .انظير ،هيا هيو ينقضّي عليهيا ،كميا ينقضّي أسيد مين أجمات نهير
الردن ،هكذا وفي لحظة أطردهم منها ،وأُولي عليها من أختاره ( قلب نظام الحكم ،وإسقاط الرئيس ،وتولية
مين يرضون عنيه ) .لنيه مين هيو نظيري ؟ ومين يُحاكمنيي ؟ وأي راع يقوى على مواجهتيي ؟ " ( مين منطلق
العنجهية والقوة العمياء ) .
قصف بابل بالقنابل التوراتية :
" لذلك اسمعوا ما خطّطه الربّي ضدّ بابل ( بيل ما خطّطيه ودبّره عميان القلب والبصيرة ،مين كهنتهيم وأحبارهيم
الحاقدييين ) ،ومييا دبّره ضييد ديار الكلدانيييين ،هييا صييغارهم يُجرّون جرّا ،ويُخرّب مسيياكنهم عليهييم .ميين دوي
أصداء سُقوط ( القنابل التوراتية على ) بابل ترجف الرض ،ويتردّد صراخها بين المم " .
" وهذا ميا يُعلنيه الرب ( أربابهيم ) :هيا أنيا أُثيير على بابيل ،وعلى المُقيميين فيي ديار الكلدانييين ريحيا مُهلكية ،
وأبعيث إلى بابيل مُذرّيين يُذرّونهيا ،ويجعلون أرضهيا قفرا ،ويُهاجمونهيا مين كيل جانيب فيي يوم بليّتهيا .ليوتير
شبّانهيا ،بيل
( يُذخّر ) الراميي قوسيه وليتدجّج بسيلحه ( لتلقيي طائراتهيم كيل حمولتهيا فوق بابيل ) ،ل تعفوا عين ُ
أبيدوا كييل جيشهييا إبادة كاملة ،يتسيياقط القتلى فييي أرض الكلدانيييين ،والجرحييى فييي شوارعهييا ( ميين المدنيييين
طبعيا ) ،لن إسيرائيل ويهوذا لم يُهملهميا الربّي القديير ،وإن تكين أرضهميا تفيضُي بالثيم ض ّد قدّوس إسيرائيل
( ربهم معهم دائما حتى لو وصل إفسادهم عنان السماء ) " .
دعوة لخروج الغرباء من بابل ( تكرار ) :
" اهربوا من وسيط بابيل ،ولينجُي كيل واحيد بحياتيه ،ل تيبيدوا مين جراء إثمهيا ( دعوة للجاليات الغربيية لمغادرة
العراق ) ،لن هذا هو وقت انتقام الرب ( الوقت الذي حدده جورج بوش ) ،وموعد مُجازاتها ( تصفية الحساب
القدييم قبيل 2500عام تقريبيا ) ،كانيت بابيل كأس ذهيب فيي ييد ال ( الثروة والقوة ) ،فسيكرت الرض قاطبية ،
تجرّعيت الميم مين خمرهيا ،لذلك جُنّت الشعوب .فجأة سيقطت بابيل وتحطّميت ،فولولوا عليهيا ،خذوا بلسيما
لجرحهيا لعلهيا تيبرأ .قُمنيا بمداواة بابيل ( حرب الخلييج الولى ،وضرب المفاعيل النووي ) ،ولكين لم ينجيع فيهيا
ض كيل واحيد منيا إلى
علج ( إذ قامت بالتهدييد بحرق نصفها حال اعتدائهيا على أي بلد عربي ) .اهجروها وليم ِ
أرضييه ،لن قضاءهييا قييد بلغ عنان السييماء ،وتصيياعد حتييى ارتفييع إلى الغيوم ( تهديدهييا لدولة الفاعييي مرارا
وتكرارا ) " .
تحريض اليرانيين على تدمير بابل :
" قيد أظهير الرب برّنيا ،فتعالوا لنُذييع فيي صيهيون ،ميا صينعه الرب إلهنيا .سينّوا السيهام وتقلّدوا التروس ،لن
الرب قييد أثار روح ملوك الماديييين ( اليرانيييين ) ،إذ وطّد العزم على إهلك بابييل ،لن هذا هييو انتقام الرب ،
والثأر لهيكله .انصبوا رايية على أسوار بابل ،شدّدوا الحراسة ،أقيموا الرصياد ( الجواسيس والعملء ) أعدوا
189
الكمائن ،لن الرب قيد خطّط وأنجيز ميا قضيى بيه على أهيل بابيل ،أيتهيا السياكنة إلى جوار المياه الغزيرة ،ذات
الكنوز الوفيرة ،إن نهايتيك قيد أزفيت ،وحان موعيد اقتلعيك ،قيد أقسيم الرب القديير بذاتيه ،قائل :لملنّك أُناسيا
كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك " .
بقدرة الرب القدير سيتم تدمير بابل :
" هيو الذي صينع الرض بقدرتيه ،وأسيّس الدنييا بحكمتيه ،وم ّد السيماوات بفطنتيه ،ميا إن ينطيق بصيوته ،حتيى
تتجميع غمار المياه فيي السيماوات ،وتصيعد السيحب مين أقاصيي الرض ،ويجعيل للمطير بروقيا ،ويُطلق الرييح
ئ خامل وعديم المعرفة ،وكل صائغ خزيَ من تمثاله ،لن صنمه المسبوك كاذب ول حياة من خزائنه ،كل امر ٍ
فييه ،جمييع الصينام باطلة وصينعة ضلل ،وفيي زمين عقابهيا تبييد .أميا نصييب يعقوب فلييس مثيل هذه الوثان ،
بل جابل كل الشياء .وشعب إسرائيل ميراثه ،واسمه الرب القدير ،أنت فأس معركتي وآلة حربي ،بك أُمزّق
المييم إربييا وأُحطّم ممالك ،بييك أجعييل الفرس وفارسييها أشلء ،وأهشّم المركبيية وراكبهييا ،بييك أُحطّم الرجييل
والمرأة ،والشيخ والفتى والشاب والعذراء ،بك أسحق الراعي وقطيعه ،والحارث وفدّانه والحكّام والولة " .
خطيئة بابل في حق صهيون :
" سأُجازي بابل وسائر الكلدانيين على شرّهم ،الذي ارتكبوه في حق صهيون ،على مرأى منكم ،يقول الرب .
هييا أنييا أنقلب عليييك أيهييا الجبييل المخرّب ،أنييت تُفسييد كييل الرض ،لذلك أمدّ يدي عليييك ،وأدحرجييك ميين بييين
الصيخور ،وأجعلك جبل محترقيا ،فل يُقطيع منيك حجير لزاويية ،ول حجير يُوضيع لسياس ،بيل تكون خرابيا
أبديا ،يقول الرب " .
تحريض المم والممالك على تدمير بابل ( تكرار ) :
" انصبوا رايةً في الرض ،انفخوا في البوق بين المم ( وسائل العلم الغربية ) ،أثيروا عليها الم مَ لقتالها ،
وألّبوا عليهييا ممالك َي أراراط ومنّي وأشكناز ( تركيييا ومييا حولهييا ) ،أقيموا عليهييا قائداً ،اجعلوا الخيييل تزحييف
ل الجنادبِي الشرسية .أثيروا عليهيا الممَي وملوكَي المادييين ( اليرانييين ) ،وكيل حكّامهيم وولتهيم عليهيا ،كجحاف ِ
وسيائر الديار التيي يحكمونهيا ( إمبراطوريية فارس القديمية ) .الرضُي ترتجيف وتقشعرّ ،لن قضاء الرب على
بابل يتمّ ،ليجعل أرض بابل خرابا وقفرا " .
أهل بابل بيدر ،أزف موعد حصاده في :
" قيد أحجيم مُحاربيو بابيل الجبابرة عين القتال ،واعتصيموا فيي معاقلهيم ،خارت شجاعتهيم وصياروا كالنسياء ،
احترقيت مسياكن بابيل وتحطّميت مزاليجهيا ،يركيض عدّاء لملقاة عدّاء آخير ،ويُسيرع مُخيبر للقاء مُخيبر ،ليُبلغ
ملك بابيل أن مدينتيه ،قيد تيم السيتيلء عليهيا ،مين كيل جانيب ،قيد سيقطت المعابر ،وأُحرقيت أجمات القصيب
بالنار ،واعترى المحاربين الذعر ،لن هذا ما يُعلنه الرب القدير إله إسرائيل :أ نّ أهل بابل كالبيدر ،وقد حان
أوان درس حنطته ،وبعد قليل يأزف موعد حصادهم " .
دوافع النتقام ( تكرار ) :
" يقول المسبيون " :قد افترسنا نبوخذ نصر ملك بابل ،وسحقنا وجعلنا إنا ًء فارغا ،ابتلعنا كتنّين ،ومل جوفه
ل ببابل ما أصابنا ،وما أصاب لحومنا من ظلم " ، من أطايبنا ،ثم لفظنا من فمه " .يقول أهل أورشليم " :ليحُ ّ
وتقول أورشليم " :دمي على أهل أرض الكلدانيين " ( مطالبة بالثأر مستقبل من الجيال القادمة ) .
الكيفية التي تم بها إشعال حرب الخليج الثانية :
" لذلك هذا ما يُعلنه الرب :ها أنا أُدافع عن دعواك وانتقم لك ،فأجفف بحر بابل وينابيعها ،فتصير بابل ركاما ،
ومأوى لبنات آوى ،ومثار دهشية وصيفير وأرضيا موحشية ( سييتحصّل لهيم ذلك فيي حال ضرب العراق نووييا ،
وهو ما يُفكّرون به حاليا ) ،إنهم يزأرون كالسود ،ويُزمجرون كالشبال ( ،أي العراقيون ،وهذا ما يُغيظ تلك
الفئران ،التي ترتعد فرائسها ،وتصطك أسنانها هلعا وجزعا ،عند سماعها للتهديدات العراقية ) ،عند شبعهم ،
190
أُعدّ لهم مأدبة ( دولة الكويت ،وحكامها باستجابتهم لبالسة المكر والدهاء جعلوا منها مأدبة ) ،وأُسكرهم حتى
تأخذهيم نشوة ( الغراء والمدييح لحكام العراق ،باسيتجابتهم للفرييق الثانيي مين البالسية ) ،فيناموا نوميا أبدييا ل
يقظة منه ،يقول الرب .وأُحضرهم ( العراقيين ) كالحملن للذبح ،وكالكباش والتيوس " .
يي وكل الفريقيين وبقيية الدول العربيية بعلم ومين غيير علم ،وقعوا فيي الفيخ الذي نُصيب لهيم وكلهيم ملوميين بل
استثناء ،ومن يضع اللوم على فريق دون الخر فقد جانبه الصواب ،فكل عربي كان له دور في المؤامرة ونفذّه
ل أخيذ نصييبه فيي تأجييج نار الفتنية .وفيي المحصيلة نُهبيت ثروات المية واسيتخدمت لشباع على أكميل وجيه ،وك ٌ
ل يتركوا العراق ،حتيى يعودبعضيا مين الرغبية اليهوديية فيي النتقام مين بابيل ولديهيم مزييد ،فتوراتهيم تأمرهيم بأ ّ
إلى العصير الحجري ،كميا صيرح الرئييس المريكيي آنذاك ،وأقصيى أمانيّهيم هيي اختفاء أي مظهير مين مظاهير
الحياة فيي العراق ،خوفيا مين تكرار كابوس السيبي البابلي ،الذي ميا زال يؤرق أجفانهيم ويقضّي مضاجعهيم ،ميا
دام هناك عراق قوي يُهدّد وجودهم وقادر على الوصول إليهم .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا :
" كيف استُوليَ على بابل ! كيف سقطت فخر كل الرض ! كيف صارت بابل مثار دهشة بين المم ! قد طغى
البحير على بابيل ،فغمرهيا بأمواجيه الهائجية ،وأصيبحت مُدنهيا موحشية ،وأرض قفير وصيحراء ،أرض ل يأوي
إليهيا أحيد ،ول يجتاز بهيا إنسيان ،وأعاقبُي الصينم بييل فيي بابيل ،وأسيتخرج مين فميه ميا ابتلعيه ( ،نهيب ثروات
ف المم من التوافد إليه ،وينهدم أيضا سور بابل " . العراق تعويضا عن كنوز الهيكل ) ،فتك ّ
يي ل بيد لهيم مين ضرب العراق بالنووي عاجل أم آجل ،حتيى يتمكنوا مين تحقييق هذا الحلم التوراتيي ،فالسيلحة
التقليديية لم تُجدي نفعيا ،والرعيب الم َرضِيّي اليهودي مين اسيم بابيل وأشور ،كميا هيو واضيح مين هذه النصيوص ،
لييس له علج إل محيو هذا البلد بأهله عين الوجود وإلى البيد ،وهذا ميا يُصيرّحون بيه فيي هذه النصيوص ،ومين
معرفتك بطبيعة العلج الذي يصفونه لنفسهم ،تستطيع التعرف على خطورة الحالة المرضيّة المستعصية ،التي
يُعانون منها وخطورة ما قد يُقدمون عليه مستقبل في حق العراق .
دعوة أخرى لخروج الغرباء من بابل ( تكرار ) :
" اخرجوا مين وسيطها ييا شعيبي ( لذلك لم يبدأ العدوان إل بعيد خروج رعاييا الدول المعتديية ،والنيية كانيت تدميير
العراق عن بكرة أبيه لو أُتيح لهم ذلك ) ،ولينجُ كل واحد بحياته ،هربا من احتدام غضب الرب ،ل تخرّ قلوبكم
ول تفزعوا ،مميا يشييع فيي الديار مين أنباء ،إذ تروج شائعية فيي هذه السينة ،وأُخرى فيي السينة التاليية ،ويسيود
العنف الرض ،ويقوم مُتسلّط على مُتسلّط .لذلك ها أيام مُقبلة ،أُعاقب فيها أصنام بابل ،ويلحق العار بأرضها
كلها ،ويتساقط قتلها في وسطها ،عندئذ تتغنى بسقوط بابل ،السماوات والرض وكل ما فيها ،لن المُدمّرين
يتقاطرون عليها من الشمال ،يقول الرب " .
المستهدف هو شعب بابل :
" كما صرعت بابل قتلى إسرائيل ،هكذا يُصرع قتلى بابل في كل الرض ( السن بالسن والعين بالعين ) ،يا
أيّها الناجون من السيف ،اهربوا ل تقفوا ،اذكروا الرب في مكانكم البعيد ،ول تبرح أورشليم من خواطركم .قد
لحقنيا الخزيَي لننيا اسيتمعنا للهانية ،فكسيا الخجيل وجوهنيا ( إسياءة الوجيه ) ،إذ انتهيك الغرباء ( أي البابليون )
مقادس هيكل الرب ( بعدما حوّله الكهنة إلى بورصة ،للتبادلت التجارية الربويّة ،حسبما ذكر أنبياؤهم ) " .
ن جرحاها في كل ديارها ،وحتى لو " لذلك ها أيام مُقبلة ،يقول الرب ،أُنفّذ فيها قضائي على أصنام بابل ،ويئ ّ
ن المُدمّرين ينقضون عليها من عندي ،
ارتفعت بابل فبلغت عنان السماء ،وحتى لو حصّنت معاقلها الشامخة ،فإ ّ
يقول الرب " .
المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ( تكرار ) :
" هيا صيوت صيراخ يتردّد فيي بابيل ،صيوت جلبية دمار عظييم مين أرض الكلدانييين ،لن الرب قيد خرّب بابيل ،
وأخرس جلبتها العظيمة ،إذ طغت عليها جحافل أعدائها ،كمياه عجّاجة ،وعل ضجيج أصواتهم ،لن المُدمّر
191
قيد انقيض على بابيل ،وأسيرَ مُحاربيهيا ،وتكسيرت كيل قسييّها ( أسيلحتها ) ،لن الرب إله مُجازاة ،وهيو حتميا
يُحاسيبها ،إنيي أُسيكرُ رؤسياءها وحكماءهيا ومحاربيهيا ،فينامون نوميا أبدييا ل يقظية منيه ، … ،وهذا ميا يُعلنيه
الرب القدير :إن سور بابل العريض ،يُقوّض ويُسوّى بالرض ،وبوّاباتها العالية تحترق بالنار ،ويذهب تعب
الشعوب باطل ،ويكون مصير جهد المم للنار " .
" وكان ارميا قد دوّن في كتاب واحد ،جميع الكوارث التي ستُبتلى بها بابل ،أي جميع النبوءات المدوّنة عن
بابل ( ،وأرسله ارميا إلى بابل وقال لحامله ) " :حالما تصل إلى بابل ،اعمل على تلوة جميع هذه النبوءات ،
وقيل :أيهيا الرب ،قيد قضييت على هذا الموضيع بالنقراض ،فل يسيكن فييه أحيد مين الناس والبهائم ،بيل يُصيبح
خرابيا أبدييا " ،ومتيى فرغيت مين تلوة هذا الكتاب ،اربيط بيه حجرا واطرحيه فيي وسيط الفرات ،وقيل " :كذلك
تغرق بابل ،ول تطفو بعد ،لما أُوقعه عليها من عقاب ،فيعيا كل أهلها " .
يي هذه الوثيقية المرعبية التيي خطّهيا مؤلفيو التوراة ،على أنهيا عقوبية ال لبابيل ،ميا هيي إل العقوبية التيي تنتظير
إسيرائيل وأمريكا مستقبل ،ولكنهم أرادوها لبابل ،ونفذّوا فصولها في العراق ،فصل تلو الخر ،وهم يسيعون
الن من وراء الكواليس لتنفيذ بقية فصولها .
صفة العقاب اللهي لمريكا :
سيبب العقاب اللهيي هيو اسيتعلئها وإضللهيا لشعوب الرض ،وميا أوقعتيه مين ظلم بهيم ،ودمارهيا سييأتي مين
الشمال ،مين خلل تحالف عدة دول ،وبضربات نوويية كثيفية ومفاجئة .تتسيبب بدمار عظييم وحرائق وجفاف ،
ومين ثيم طوفان عظييم يجتاح أراضيهيا ،ليتركهيا قفرا أجرد ل يصيلح للسيكن أبيد الدهير .وجيوشهيا التيي كانيت قيد
خرجت منها سيتم ذبحها كالحملن والتيوس .
192
" :20 :18اشمتي بها أيتها السماء ! واشمتوا بها أيها القدّيسون والرسل والنبياء ،فقد أصدر ال حُكمه عليها بعد
أن أصدرت أحكامها عليكم " .
" :21-24 :18وتناول ملك قوي ،حجرا كأنّه حجيير طاحونيية عظيييم ،وألقاه فييي البحيير ،قائل " :هكذا تُدفييع
وتُطرح بابل الدينة العُظمى ،فتختفي إلى البد ! لن يُسمع فيك عزف موسيقى بعد ، … ،ولن تقوم فيك صناعة
بعيد الن ،ولن يُسييمع فييك صيوت رحيى ،ولن يُضييء فييك نور مصيباح … فقيد كان ُتجّارك سيادة الرض ،
وبسحرك ضلّلت جميع أمم الرض .وفيها وُجدت دماء أنبياء وقدّيسين وجميع الذين قُتلوا على الرض " .
ب إلهنا !
" :1-2 :19وبعد هذا سمعت صوتا عاليا … ،يقول " :هلّلويا ! الخلص والمجد والكرامة والقدرة للر ّ
فإن أحكامه حق وعدل ،لنّه عاقب الزانية الكبرى ،التي أفسدت الرض ،وانتقم لدم عبيده منها " .
ي الحقيقة أن هذه النبوءة تتحدث عن دولة عظمى في العصر الحديث ،تُضاهي عظمة بابل القديمة وقوتها ،وهذه
النصيوص فيي الواقيع تصيف حال أمريكيا بقوتهيا القتصيادية والعسيكرية ،وميا أحدثتيه فيي هذا العصير مين فسياد
وإفسياد ،وسيفك للدماء فيي مشارق الرض ومغاربهيا ،فهيي تحكيم الكرة الرضيية بأسيرها مين خلل ،ونصيّبت
نفسها كإله يُعبد ويُقدّس ،فهي تحدّد في تقارير وزارة خارجيّتها من أصلح ومن أفسد ،ومن حافظ على الحقوق
ومين هضمهيا ومين أرهيب ومين لم يرهيب .وعلى قائمية مقاطعاتهيا القتصيادية حوالي 46دولة ،فهيي المُنعِم
ل يخطييب و ّد ورضييا هذه اللهيية الجديدة ،وهييي تسييعى الن لعولميية والمُكرِم والمُتفضّيل على خلق ال ،والك ّ
اقتصادها وثقافتها ،وفرضها على شعوب تارة بالترهيب وتارة بالترغيب ،وأما كلمة بابل في هذه النص إما أن
تكون أُضيفت عن قصد من قبل الكهنة ،بسبب الحقد والكراهية والرغبة في النتقام من بابل ،وإما أن تكون قد
اسيتخدمت لترميز إلى الدولة العُظميى فيي هذا العصير .ولو حذفيت كلمية بابيل ووضعيت كلمية أمريكيا ،لوجدت أن
النص سيُصبح أكثر صدقا وتطابقا مع الواقع .
ولكن أغلب المفسّرين الجدد من النصارى بوجه خاص ،كما تشير الكاتبة المريكية في الفصل السابق ،يأخذون
بالتفسيير اللفظيي للمسيميات ،التيي جاءت فيي النصيوص التوراتيية والنجيليية ،ويقدّمون شروحاتهيم وتفسييراتهم
لنصارى الغرب من ساسة وعامة ،على نحو مغاير لما تُخبر عنه النصوص حقيقة ،فبابل القديمة أينما جاءت
فيي النصيوص ،تعنيي بالنسيبة لهيم بابيل الجديدة أي العراق ،بالرغيم مين أن النصيوص تصيف دولة عظميى ،هيي
أقرب إلى أمريكا منها إلى العراق ،وتوحي بأن لفظ بابل استخدام كاستعارة لفظية .
أميا اليهود فهيم يعلمون حقيقية ميا تُخيبر عنيه النصيوص ،وبأن الدمار القادم والذي تُخيبر عنيه النصيوص ،سييكون
لسييرائيل وأمريكييا وحلفائهمييا ،ولكنهييم يسييتغلون الفهييم الخاطييئ والمضطرب للنصييارى ،لخدميية أغراضهييم
ومخططاتهيم الشيطانيية ،ولحمايية دولتهيم مين الخطار المحدّقية بهيا .فهيم متّفقون على أن هذه النبوءات تتحدث
عين تدميير العراق ،وبميا أنهيا جاءت تحريضيية بصييغة المير ،فقيد اتّحدوا لتنفييذ ميا قضيى بيه الرب على بابيل ،
ولن تسيتكين لهيم حال أو تليين لهيم عزيمية ،حتيى يتحقيق ميا جاء فيي هذه النصيوص ،بجعيل العراق أرضيا قفرا
صيحراء قاحلة خاويية على عروشهيا ،لذلك هيم ل يكترثون بالشرعيية الدوليية ول بالقانون الدولي ،إذ ل يمتثيل
لهميا إل الضعفاء والغيبياء ،فالقوانيين اللهيية بشأن العراق هيي ميا ينصياعون إلييه ويلتزمون بتطيبيقه ،فالحرب
على العراق حرب مُقدّسة لنهم موقنون تماما :
بأنّ بقاء العراق يعني حتمية زوال إسرائيل … وأنّ بقاء إسرائيل يعني حتمية زوال العراق
وميييا داموا يمتلكون مقدّرات الكاوبوي المريكيييي البريطانيييي ،المُشترى بالرشوة والشهوة والرعيييب والمأخوذ
بجنون القوة ،فلن يُثنيهم عن عزمهم إل أن يُبادوا قبل أن يُبيدوا الحرث والنسل .وبالتالي فإن بقاء العراق يتحتّم
عليه محو إسرائيل من قلب الوطن العربي ،وسحق تلك الفئران المتلفّعة بريش النسر المريكي القرع .
وإن لم تكن الحرب العراقية اليرانية من صنع أيديهم ،فهم ساهموا فيها بشكل أو بآخر ،فإيران تأتي في الدرجة
الثانيية فيي العداء التوراتيي لسيرائيل ،وكلنيا سيمع بفضيحية ( إيران غييت ) فيي الثمانينيات ،التيي كان بطلهيا
الرئييس المريكيي ( ريغان ) حييث كانوا يُؤيدون العراق علنيا ،ويُزوّدون إيران -التيي كانيت تنظير إلى أمريكيا
على أنها الشيطان الكبر -بالسلحة سرا ،لطالة أمد هذه الحرب ولبقاء العراق وإيران منشغلين فيها .
193
والسيبب الهيم لشعالهيا ،هيو الرعيب الذي دب فيي قلوبهيم مين المارد العراقيي ،الذي أعاد إلى أذهانهيم النبوءات
التوراتية ،وأيقظ في مخيلتهم شبح نبوخذ نصر وكابوس السبي البابلي ،ليقض مضاجعهم فلم ترقأ لهم عين ولم
يغميض لهيم جفين ،ذلك المارد الذي بدأ يسيتيقظ مين غفوتيه بامتلكيه المفاعيل النووي ،وسييكون بعيد سينوات قليلة
قاب قوسيين أو أدنيى مين إنتاج القنابيل النوويية .وميا أن انشغيل العراق فيي الحرب وأصيبح ظهره مكشوفيا ،حتيى
انسلت خفافيشهم تحت جنح الظلم ،لتصبّ حممها التوراتية الحاقدة على ذلك المفاعل ،في سنين صباه الولى
لتُبيده عن بكرة أبيه .
وبعيد أن خرج العراق مين تلك الحرب محتفظيا بقوتيه وجيبروته ،وميع أول تصيريح وتهدييد له " بحرق نصبف
إسبرائيل ،حال اعتدائهبا على أي قطبر عرببي " على لسيان الرئييس العراقيي ،جهارا نهارا فيي مؤتمير قمية بغداد
عام 1989م ،أقامت وسائل العلم المرئية والمسموعة والمقروءة -التي تمتلك معظمها تلك الفاعي -الدنيا ولم
تقعدها ،حتى استطاعت زجّه وتوريطه في الدخول إلى الكويت ،بالتآمر والتواطؤ وبمكرهم ودهائهم المعهودين
،ومين ثيم حرضّت علييه مين بأقطارهيا ،بحجية رفيع الظلم عين دولة الكوييت ،وتأميين منابيع النفيط التيي سييسطر
عليها العراقيون .وكما خطّوا بأقلمهم سيناريو الحرب العالمية الثانية ،أعادوا نفس السيناريو في حرب الخليج
من ألفه إلى يائه .
فها قد تحرّرت الكويت وتأمّنت منابع النفط ،فلماذا هذا الحصار الظالم على أطفال العراق ؟! يدّعون أن العراق
يهدد جيرانيه فانظير مين يدّعيي ! وانظير إلى جيرانيه ! وميا علقية المدّعيي بالجيران ؟! المدّعون هيم ( مادليين
أُلبراييت وزيرة الخارجيية المريكيية ،ووليام كوهيين وزيير الدفاع المريكيي ،وسياندي بيرغير مسيؤول المين
القومي المريكي ،وهلم جرا … ) وكلهم يهود .فما عليك إل استبدال كلمة المريكي في مناصبهم ومسؤولياتهم
بكلمة السرائيلي ،لتعرف من هم الجيران الذين سيهددهم وجود عراق قوي .
أما الحصار فقد وُجد ليبقى ،وغايته منع المارد العراقي من الصحوة .واستم ّر الحصار ليبقى المارد محصورا
فيي القمقيم ،وعندميا تمّي لهيم ذلك عمدوا إلى تقلييم مخالبيه واقتلع أنيابيه ،فمنظرهيا يُرعيب تلك الفئران المسيكينة ،
ويجعيل فرائصيها ترتعيد هلعيا وجزعيا .واسيتم ّر الحصيار لمنيع أطفال العراق مين الوصيول إلى مرحلة الرجولة ،
كييي ل يكونوا مسييتقبل أفراد جيييش ،يُسييطّر على أجسيياد تلك الفئران أسيياطير البطولة ،فهييم وحسييب رؤاهييم
التوراتييية ،يعرفون ويعلمون أن دولتهييم سييتزول ،وسيييكون فيهييم القتييل والنهييب والنفييي ،وأن المرشييح الول
والوحيد للقضاء عليهم هو غريمهم الزلي ،وأن دولتهم سيعيش فيها جيل واحد ل أكثر .لذلك بما أنهم موقنون
تماميا بأن زوال دولتهيم أمير حتميي ،كان ل بيد لهيم مين أن يعملوا بكيل طاقاتهيم ،مين أجيل حمايية هذا المسيخ
الخداج ،الذي حملت به عروس المدائن غصبا واغتصابا ،من مرتزقة الغرب المأجورين في غفلة من الزمان .
لذلك … فالحصار لن يُرفع … ما دامت تلك الفئران … في القدس ترتع
194
•المُحاولة الثالثية :هيي الحصيار المميي ولجان التفتييش ،لنزع النياب التيي تنفيث السيمّ ،بتدميير أسيلحة
الدمار الشاميل ،وحرمانيه مين امتلك أسيلحة جديدة ،فاقتلعوا النياب واسيتخرجوا السيمّ ،ولكين النياب
نبتت من جديد ،والسم يتجدّد ول ينقطع .
•المُحاولة الرابعة :هي الحرب المريكية الشاملة ،مع احتمالية توجيه ضربات نووية محدودة إن أمكن ،
لقطييع الرأس والوصييال معييا ،حيييث لم يعُد هناك أهمييية لتوزيييع دمييه على القبائل .وسييتصبح احتمالييية
الضربات النووية قائمة وحتمية فور امتلك أمريكا ،للدرع المُضاد للصواريخ المُحمّلة بالرؤوس النووية
،وهذه الحرب قائمة بل أدنى شك ،إن لم يقع ما لم يكن في حُسبان أمريكا وإسرائيل ،فهم يُخطّطون لها
ويسييتعجلونها ،ويطلبون ميين الرئيييس المريكييي ،تهيئة الشعييب المريكييي لتقبّلهييا ،وسيييعملون جهدهييم
لشعالها في أقرب فرصة ممكنة ،ظنا من الذين ل يعقلون ول يفقهون ،بأنهم قادرين على منع رب العزة
من إنجاز وعده فيهم ،بإبادة العراقيين وتقسيم العراق وإسقاط قيادته .
ونختم هذا الفصل بنص من المزمور 137من سفر المزامير ،الذي يترنم به اليهود والنصارى في صلواتهم :
" يا ابنة بابل المحتم خرابها ،طوبى لمن يُجازيك بما جازيتنا به ،طوبى لمن يُمسك صغارك ويلقي بهم
إلى الصخر "
195
الجزء الثالث
الفصل الول :
بل هم في شك يلعبون
196
وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة
تبين لنا من خلل هذه القراءة الجديدة لتاريخ بني إسرائيل ،في القرآن والسنّة والتوراة والتلمود ،أن البابليّون هم
أصيحاب البعيث الول ،وبناءً على ذلك ،يكون العراقيون حصيرا وبل أدنيى شيك هيم أصيحاب البعيث الثانيي .
وسيتبين لنا في هذا الفصل ،من خلل قراءة جديدة للواقع بأن اليهود على علم بهذا البعث وأصحابه ،وظنّا منهم
بأنهم قادرون على مخالفة أمر ال بمنع تحقق البعث الثاني ،خططوا ونفّذوا وما زالوا يخططون لدرء خطر هذا
البعث الموعودين به ،بإبادة أصحابه بشتى الوسائل والسبل ،لقناعتهم بأن بقاء دولتهم يتحتم عليه محو العراق
وشعبه عن خريطة العالم .
198
.3ضرب العراق نووييا كخيار أخيير ،وهذا الحتمال غيير قائم حالييا حييث أنيه مرفوض عالمييا ،فمثيل هذا
المير سييؤلب العالم بأسيره ضيد أمريكيا ومؤيديهيا .ولكين هذا الحتمال سييقوى فيي حال فشلت الخيارات
السابقة ،وخاصة عند امتلك أمريكا للدرع المضاد للصورايخ البالستية .
ي والسؤال الن :هل من الممكن أن يكون هناك ضربة نووية للعراق ؟
جاء فيي سيفر الرؤييا ميا نصيه " :وسيكب الملك السيادس ،كأسيه على نهير الفرات الكيبير فجفّي ماؤه ،ليصيير
ممرا لملوك القادمين من الشرق " .
ل الِّ صَيلّى الُّ عََليْهِي وَسَيّلمَ " :يُوشِكُب
ل :قَالَ رَسيُو ُ
أميا فيي السينة النبويية فقيد جاء ميا نصيه :عَنْي َأبِي ُه َر ْيرَةَ ،قَا َ
ن حَضَرَهُ َفلَ يَ ْأخُذْ مِنْ ُه شَيْئًا " .رواه البخاري ،وأخرجه مسلم والترمذي ن كَنْ ٍز مِنْ ذَهَبٍ َفمَ ْ
عْا ْلفُرَاتُ أَنْ َيحْسِرَ َ
ن جَ َبلٍ
عةُ حَتّى َيحْسِرَ ا ْلفُرَاتُ عَ ْ
،وأبو داود وابن ماجه وأحمد .وفي نص آخر من رواية مسلم " :لَ َتقُومُ السّا َ
مِنْ ذَهَبٍ " ،يحسر أي ينكشف عن .
يُخيبر النيص فيي سيفر الرؤييا ،أن شيئا ميا سييسكب على نهير الفرات فيجيف ماؤه ،ويُخيبر الحدييث الصيحيح عين
انحسار الفرات عن كنز من ذهب قبل قيام الساعة ،وانحسار الفرات يعني ذهاب ماءه ،فهل سيكون جفافه نتيجة
لما تنتجه السلحة النووية من حرارة شديدة عند انفجارها ؟!
وبالضافية إلى ميا ورد مين مخططات لتدميير العراق والطاحية بقيادتيه ،كميا جاءت فيي تقريير واشنطين السيابق
يقول الصيحفي فتحيي خطاب مين القاهرة ،فيي مقال له فيي جريدة العرب اليوم الردنيية ( لم أنتبيه لتوثييق تارييخ
صدورها ،ولكنه على الرجح كان في بداية شهر : ) 2001/ 3
" حذّر خبراء عسكريون من مُخطط عسكري أمريكي إسرائيلي ،يستهدف فرض السيطرة المُطلقة على المنطقة
،وتطييبيق مييا يُعرف فييي ( البنتاغون ) بخطيية إعادة دمييج المنطقيية عسييكريا وأمنيييا … وأن توجّه ( شارون )
لسيييتحداث وزارة تعنيييى بتطويييير السيييلحة النوويييية وأسيييلحة الدمار الشاميييل ،واسيييتحداث وزارة للشؤون
الستخباراتية في سابقة هي الولى من نوعها ،يأتي في إطار ما تفرضه ضرورات نظام الحماية المنية الجديد
… وكشيف الخيبراء العسيكريون فيي مصير ،عين الترتيبات المريكيية لنشاء أكيبر شبكية صياروخية فيي منطقية
الخليج العربي ،تتمتع بمدى قتالي واسع يشمل العراق وإيران ودول أخرى ،بالضافة إلى مناطق شمال إفريقيا
والبحر الحمر ،لضمان أمن منطقة الخليج وملحقة الطائرات المُغيرة والتدمير السريع لية أهداف مُعادية ...
وأكد الخبراء أن وزير الخارجية المريكي ( كولن باول ) حصل على موافقة دول خليجية … على إنشاء الشبكة
،التيي سييتم تزويدهيا بأحدث أجهزة التصيالت الحديثية والنذار المبكّر ،التيي سيتكون لهيا القدرة على التعاميل
السريع مع العمليات الطارئة ،وقادرة على منع إصابة الشبكة بأي خلل أثناء العمليات العسكرية .وسوف تتحمل
دول الخليييج النصيييب الكييبر ،ميين تكلفيية مشروع هذه الشبكيية الصيياروخية ،وأن هناك مشاورات واتصييالت
عسيكرية ،للترتييب لنشاء هذه الشبكية ولعداد التفصييلت الفنيية المتعلّقية بهيا … وحذّر الخيبراء مين المُخطيط
العسيكري السيرائيلي لضرب العراق بالقنابيل النيترونيية ،والتيي سييتم إطلقهيا على منطقية غرب العراق وفيق
إعلن ( شارون ) …
وأوضييح العالم الفيزيائي الدكتور طارق النميير بقوله :أن القنابييل النيوترونييية النووييية هييي قنابييل إشعاعييية ذات
أحجام مختلفة ،منها أسطوانات إبرية في حجم القلم ،وتستطيع قتل جميع الكائنات الحية في مساحة قطرها مُحدّد
سيلفا ،وتأثيير كيل قنبلة منهيا يتحدد حسيب حجمهيا ،بحييث يتيم زراعتهيا داخيل الراضيي العراقيية ،وفيي الوقيت
المحدد سيتم تفجير هذه القنابل بواسطة أشعة الليزر … وأن إسرائيل مهتمة بتجربة أسلحتها الجديدة على أرض
العراق ،بعدميا نفذت عدة تجارب أسيفل مياه خلييج العقبية … ول أسيتبعد أن تعميل أمريكيا وبريطانييا ،على زرع
قنابل نيوترونية في مناطق من العراق ،بحيث تبقى بغداد تحت التهديد الدائم ،بتدمير حقول القنابل النيوترونية
بواسطة أشعة الليزر في نطاق العقوبات الذكية " .
ميا لفيت انتباهيي فيي هذا التقريير الصيحفي ،هيو انسيجامه ميع المخاوف اليهوديية التوراتيية ،حييث يُسيمّي الدول
والمناطيق التيي تضيم الدول المعاديية لسيرائيل توراتييا ،ومنهيا إيران والعراق وليبييا فيي شمال إفريقييا والسيودان
وإثيوبيا بمحاذاة البحر الحمر ،واللتان كانتا قديما دولة واحدة ،ويُشير أيضا إلى ضرورة ضرب العراق حسب
199
ميا تدعو وتُحرّض عليه النصيوص التوراتيية .ولفت انتباهيي أيضيا التركيز على منطقة غرب العراق ،التي من
المتوقع أن يتواجد فيها الجيش العراقي قبل تحرّكه لغزو لسرائيل .
وفيي تقريير آخير مين واشنطين للصيفحي محميد دلبيح ،نُشير فيي جريدة الدسيتور الردنيية ( التارييخ غيير موّثيق )
يقول فيه :
" تبحييث وزارة الدفاع المريكييية ( البنتاغون ) إنتاج قنابييل نووييية ميين نوع جديييد ،قادرة على اختراق مراكييز
القيادة ،والتحصييينات التييي يسييتخدمها الزعماء والقادة .ونقلت صييحيفة ( واشنطيين بوسييت ) عيين مصييادر فييي
الحكومة المريكية والكونغرس قولها :أن الهدف من إنتاج هذه القنابل ،هو تجنّب ما تُسمّيه الحكومة المريكية
الضرار الجانبية ،التي تُحدثها السلحة التدميرية بأنواعها .ويقول المدافعون عن هذا النوع من القنابل النووية
الصيغيرة – مقارنية بغيرهيا – أنهيا قيد تعميل على قيام الوليات المتحدة ،بتخفييض مخزونهيا الحالي مين القنابيل
النوويية ،دون أن تتعرّض مفاهيمهيا المنيية لخطار أو تعديلت .ونسيبت الصيحيفة إلى مسيتشاريّ وزيير الدفاع
المريكيي ( دونالد رامسيفيلد ) قوله :أن السبلحة النوويبة المريكيبة الحاليبة ،لن تردع الرئيبس العراقبي صبدام
حسببين ،لنببه يعلم بأن الرئيببس المريكببي ،لن يقوم بإلقاء قنبلة نوويببة – بقوة مائة كيلو طببن -على بغداد ،
سكّانها ،بهدف القضاء على أسلحة الدمار الشامل … ومن ناحية أخرى ليُدمّر المدينة بأكملها ،ويقضي على ُ
يعتزم اتحاد العلماء المريكييين ،إصيدار تقريير هذا السيبوع يقول فييه " أن إضافية هذا النوع مين القنابيل النوويية
إلى المخزون النووي في العالم ،سيجعل استخدام هذا النوع من السلح أكثر احتمال " .
أسيتطيع القول بأن التفكيير المريكيي السيرائيلي العسيكري على المدى القرييب ،بعيد المعارضية والدانية العالميية
لضربهم بغداد مؤخرا ،سيكون محصورا في الردع وليس في الهجوم ،لعدم وجود ذريعة للهجوم مقبولة دوليا ،
( كذريعة القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية ) منتظرين فبركة مؤامرة جديدة أو تحرّك عراقي خاطئ ،
وأعتقيد أنهيم سييُحاولون اسيتفزازه فيي المستقبل القرييب بشتيى الوسيائل والسبل ،ليعلنوا عليه حربهم الشاملة .أميا
على المدى البعييد -إن لم يُعطهيم العراق الذريعية لشنّي تلك الحرب -أسيتطيع القول ،أنهيم وفور امتلكهيم للدرع
النووي -الذي سييكون جاهزا بعيد خميس سينوات حسيب تقديرهيم -والذي سييُوفر لهيم الحمايية مين أي ردود فعيل
نووييية ،سيييشنّون حربهييم المُقدّسيية على العراق ،وسيييقومون بضربييه بوابييل ميين القنابييل النووييية ،حتييى يغدو
صيحراء قاحلة خاويية على عروشهيا .لكيي يتخلص يهود العالم مين هذا الرعيب التوراتيي المُسيلّط على رقابهيم ،
لينتظروا بسلم ملكهم الذي سيظهر في القدس ،والذي سيعيشون معه أحلمهم الوردية إلى البد ،ومن المحتمل
جدا أن تكون الضربيية النووييية للعراق ،كرد فعييل أمريكييي على الدخول العراقييي لفلسييطين ،لتبدأ بذلك الحرب
العالمية الثالثة .
200
ألمانيا بنفس السيناريو ما قبل الحرب العالمية الثانية وبكل حيثياته ،والسبب هو عداء قيادة البلدين لسياد العالم ،
وبذلك أُجيبرت دول العالم المختلفية ،على اتخاذ موقيف معادي للعراق ،حتيى مين قبيل حلفاءه التقليدييين فيي ذلك
الوقت .
أما في الوقت الحالي ،فقد بدأت دول العالم مؤخرا تصحو من أكاذيب الدارات المريكية المتعاقبة ،لتبرير ما
تنتهجييه ميين سييياسات إزاء العراق ،فكييل المييبرّرات السييابقة لم تعييد موجودة ،وأصييبحت العمال المريكييية
العدوانيية تُجابيه بالمعارضية الشديدة مين قبيل أغلب دول العالم .وحتيى قرارات الشرعيية الدوليية ،تمييل كثيير مين
الدول ومنها روسيا والصين إلى التغاضي عن البحث في مسألة التزام العراق بها من عدمه ،ومنها مسألة فرق
التفتيش عن السلحة .بل تعمد هذه الدول أحيانا إلى خرق هذه القرارات سرا ،حتى وصل المر بمجلس الدوما
الروسيي ،إلى المطالبية بالتصيويت على عمليية رفيع الحصيار عين العراق مين جانيب واحيد .أميا الكثير تمسيكا
بقرارات الشرعيية الدوليية ،فهيم الذيين يذرفون دموع التماسييح على الشعيب العراقيي ،بدعوى أنهيم حريصيون
على مصيلحة هذا الشعيب ،وأن قيادة هذا الشعيب ليسيت حريصية علييه ،بميا أنهيا عصيت وتمرّدت على قرارات
الشرعية الدولية ،التي جعلوا من يعصيها بمنزلة من عصى ال إن لم تكن أعظم .
وأميا دعوى المريكان بأن العراق يُشكيل تهديدا للمصيالح المريكيية فيي منطقية الشرق الوسيط ،وعلى رأسيها
تدفييق النفييط بأسييعار معقولة واسييتمرارية فتييح السيواق الخليجيية للبضائع المريكييية فهييي دعوى باطلة ،فهذان
المران هما تحصيل حاصيل منيذ اغتيال الزعييم العربيي الوحييد ،الذي عارض الله المريكيي بقطيع النفط ليشلّ
بذلك العالم الغربي بأسره .وأما التذرّع بعدوانية العراق على جيرانه بغزوه للكويت فهو محض افتراء ،لن من
أجبر العراق على غزو الكويت هم المريكان بعلم وحلفائهم الكويتيون بغير علم ،وبتخطيط وتدبير وتشجيع من
المريكان أنفسيهم لكل الطرفيين ،وبمسياعدة مين العرب أنفسيهم .لنخلص إلى القول أن العداء المريكيي للعراق
أصيبح غيير ميبرّر ،فيي نظير شعوب العالم كافية حتيى مين قبيل الشعيب المريكيي نفسيه ،الذي أصيبح يُحرج قادتيه
بتفنيد كافة الحجج والذرائع ،التي يُبرّرون فيها مواقفهم المتناقضة من العراق وإسرائيل .
ولنخلص إلى القول ،أول ؛ بأن الموقيف العالميي إزاء الصيراع المريكيي العراقيي ،أصيبح مختلفيا بيل مغايرا لميا
كان علييه فيي السيابق ،فهناك بعيض الدول العظميى وحتيى الصيغرى منهيا ،باتيت تتخيذ موقفيا مناهضيا لمريكيا
ولسيرائيل ،ومتعاطفيا ميع العراق وفلسيطين ،وخيير مثال على ذلك موقيف كولومبييا فيي مجلس المين المؤييد ،
لرسال قوة حماية دولية للفلسطينيين ،مبدية عدم اكتراثها بمقاطعات أمريكا القتصادية ،وموقفي كل من روسيا
والصين .وثانيا ؛ بأن الموقف المريكي المعادي للعراق ،عند عدم عزوه للمخاوف التوراتية اليهودية ،يُصبح
أمرا ل يُمكن فهمه من قبل الخرين .
201
كان الهدف منهما تحطيم قدراته ،وعلى ما يبدو أن هذه القيادة استيقظت من غفوتها فور دخولها للكويت ،وعند
انكشاف الوجه الحقيقي لمريكا ولكن بعد فوات الوان ،فانسحبت من حرب الخليج الثانية لنقاذ ما يمكن إنقاذه ،
ولكن المتآمرون على العراق من عرب وعجم ،لم يُعطوها الفرصة للتقاط أنفاسها فتوالت قرارات مجلس المن
تباعييا ،وكان الحصييار الذي لم يكيين فييي الحسييبان وكانييت لجان التفتيييش وكانييت التعويضات ،فحُصيير المارد
العراقي في قمقم قرارات مجلس المن الدولي ،ريثما يجد المتآمرون عليه طريقة للجهاز عليه تماما .
كان مقتيل القيادة العراقيية الول الذي اسيتغله المتآمرون خيير اسيتغلل ،هيو ميا يتمتيع بيه العراقيون إجمال مين
صيفات العزة والنفية ،وعدم قبولهيم للذل والهوان والتطاول عليهيم مين قبيل الخريين .فعندميا أُغري الكويتيون
بالتطاول على العراق كانت الحرب النتقامية .وكان المقتل الثاني وما زال هو أن العراقيين رجال حرب وليسوا
برجال مكير وكذب ومراء .لذلك كان مين السيهولة بميا كان أن تنطلي عليهيم دسيائس المكرة الفجرة مين الغرب
والشرق .وأمييا رجييم القيادة العراقييية بالخيانيية والتواطييؤ مييع الغرب ميين بعييض المحبطييين العرب ،فذلك أول :
لجهلهم بما يدور في مطابخ الغرب والشرق ضد هذه المة بشكل عام وضد العراق بشكل خاص ،وثانيا :لخيبة
أملهم فيما عقدوه من آمال على القيادة العراقية لرفع حالة الذل والهوان المزمنة التي يُعانون منهيا ،وخاصة بعد
ك معاقل الصهاينة ،قبل أن تتحقّق أحلم الشعب العربي في العزة والكرامة . أن توقفت الصواريخ العراقية عن د ّ
202
.13حاجيية الشعوب العربييية إلى بطييل حقيقييي يعيييد لهييا أمجادهييا ،فييي زميين عزّت فيييه البطولة ،إل ميين
بطولت على نمييط بطولت الدون كيشوت فييي معاركييه مييع طواحييين الهواء ،التييي مييا فتئت تتغنييى بهييا
وبأبطالها شاشات التلفزة العربية ليل ونهارا .
.14العراق غرييق لن يخشيى البلل ،وعلى ميا يبدو أنيه سييعمل على مبدأ أنيا والطوفان مين بعدي ،وإن لم
يكسب فل شيء يخسره .
.15السييتفزاز أو العدوان المريكييي القادم بناءً على التحريييض اليهودي ،كمييا ورد فييي تقرييير واشنطيين
بإثارة مسألة المفتشين ،مع نهاية شهر 11/2001م أو بإثارة فتنة جديدة ،تدفع العراق للقيام بعمل عدواني
داخل أو خارج أراضيه .
النص القرآني يتحدّث عن علقة ثأرية بين طرفين ،ول اعتبار لي طرف آخر :
يتحدّث النص القرآني في سورة السراء عن نزاع بين طرفين ،تربط ما بينهما علقة ثأرية متأصلة في النفس
اليهودية منذ آلف السنين ،ول يضع في حسبانه أي طرف آخر مهما عظُم شأنه أو صغُر ،وكأنه ل يوجد على
الكرة الرضية سوى بني إسرائيل وأولئك العباد .وهذا ما نجده في الية السادسة والخمسين من سورة السراء
ضرّ ) ورد فيي
حوِيلً ( )56ولفيظ ( ال ّعمْتُمْب مِنْب دُونِهِب ،فَلَ َيمْ ِلكُونَب َكشْفَب الضّرّ عَ ْنكُمْب َ ،ولَ َت ْ
( ُقلِ ادْعُوا الّذِينَب َز َ
القرآن ( )29مرة فقييط ،وبمعنييى واحييد هييو الذى أو العذاب فييي الحياة الدنيييا ،والمعنييى الجمالي للييية بأن ال
سيبحانه وتعالى ،يُخاطيب أُناسيا أثناء نزول العذاب بهيم متحدييا إيّاهيم ،بدعوة مين اتّكلوا عليهيم مين دونيه لرفيع
عذاب ال عنهم .ووعد الخرة هو وعد إلهي لليهود بالعذاب – وليس للمسلمين بالنصر -سيقع ل محالة ،والذين
نهاهيم ال فيي نفس السورة عن اتخاذ وكلء من دونه هم بنوا إسرائيل أنفسهم ،ولن يملك أحد من الجن والنس
رفعه أو حتى تحويله عنهم ،ولكن كيف ؟
لنتفيق أول على أن تحقيق هذا الوعيد بغزو العراق لسيرائيل ،يعتميد أسياسا على انفراد العراق بإسيرائيل ويمكين
لهذا المر أن يتحقّق في حالتين :
الحتمال الول :أن يكون هذا الغزو مسييبوقا بدمار جميييع القوى العسييكرية التييي يمتلكهييا الغرب وإسييرائيل ،
كنتيجيية لتدخييل بشري بقيام حرب نوويية عالمييية بييين الغرب والشرق ،أو كنتيجيية لتدخييل إلهييي بإحداث كوارث
طبيعية هائلة في الغرب شبيهة بأحداث يوم القيامة .
الحتمال الثاني :أن يكون هذا الغزو ضمن معطيات الواقع الحالي ،مع بقاء جميع القوى العسكرية التي يمتلكها
الغرب وإسرائيل .باستخدام العراق لتقنيات وخطط عسكرية بسيطة ،تحمل في طياتها منطق عسكري جديد ،لم
تألفييه الشعوب ول تتوقعييه ضميين المعطيات الحالييية ،يكون ميين شأنييه أثناء الغزو ،إلغاء أو تهميييش القدرات
العسكرية السرائيلية والغربية كليا .
والحتمال الول ضعييف جدا ،حييث أنيه يتطلب أن تقوم القوى الغربيية بفعيل عدوانيي يُهدّد السيتقرار العالميي ،
ممييا يُجييبر القوى الشرقييية المتمثلة بروسيييا والصييين مثل ،على الرد بشكييل عنيييف ومدمّير لعادة المور إلى
نصابها .وضمن المنظور القريب ل يوجد من السباب ،ما يدفع القوى الغربية للقيام بمثل هذا الفعل العدواني .
أما الفعل اللهي بتدمير القوى الغربية فهو أمر مستبعد كليا ،لن الحاديث النبوية فيما يُخص الفترة الزمنية التي
يظهر فيها المهدي ،تُشير إلى فناء التكنولوجيا العسكرية وغير العسكرية بمجملها ،سواء ما يمتلكه الشرق أو ما
يمتلكيه الغرب ،ول تُشيير إلى فناء جمييع الدول والشعوب التيي تمتلك هذه التكنولوجييا ،فكييف فنييت التكنولوجييا
بكليتها ولم تفنى الشعوب … ؟!
وهذا مميا يؤكيد أمريين ،أول :بقاء بعيض الدول وفناء البعيض الخير ،وثانييا :فناء جمييع السيلحة المتطورة
وعلى رأسيها السيلحة النوويية مين كل الطرفيين .فالدمار القادم للحضارة الغربيية برمتهيا سييتحصّل ل محالة ،
وعلى ما يبدو من جرّاء حرب عالمية نووية مدمرة تستنفذ فيها كافة السلحة المتطورة من على وجه البسيطة ،
مع بقاء بعض الشعوب المنتصرة ،بعد أن تكون ألقت ما في جعبتها من أسلحة على خصومها المنكسرة ،وبذلك
203
يغدو من الممكن قيام الخلفة السلمية في ظل غياب تلك القوى لتحكم الكون بأسره ،إذ ل بد للنصر من أسباب
ومسببات مادية فضل عن العقائد الروحية .
أمييا الحتمال الثانييي فهييو القوى ،إذ أن المؤشرات على السيياحة العالمييية والمحلييية ،تؤكييد على أن العراق لن
يستطيع الصمود حتى وقت متأخر جدا ،فصبر القيادة العراقية بدأ ينفذ ،والتحركات السياسية المتعددة للخلص
من الحصار ،على المستوى القليمي والدولي باتت غير مجدية ،ورغم كل ذلك ل يبدو أن هناك ضوء في آخر
النفيق ،والضغوط والتهديدات المريكيية فيي تزاييد مسيتمر ،فل بيد لهيا مين القيام بعميل ميا لتحرييك المور ،أو
قلبها رأسا على عقب .وكذلك المر بالنسبة للشعب الفلسطيني في فلسطين ،إذا ما استمر الحال على ما هو عليه
من الخذلن العربي والعالمي ،فهو أقرب إلى النهيار منه إلى الستمرار ،وستكون النتيجة مأساوية على المدى
البعييد ،وعلى عكيس ميا يتوقعيه الناس منهيم ،فللنسيان طاقية محدودة على الصيبر ،وسييبدأ الفلسيطينيون مجدّدا
بالنسياب إلى الخارج شيئا فشيئا .
معطيات الواقع الحالي تؤكد حتمية نفاذ هذا الوعد في وقت قريب :
وسي ّر قابليية نفاذ هذا الوعيد فيي الوقيت الراهين تكمين فيي أربيع معطيات ،أول :فيي القيادة الحاليية للعراق التيي إن
زالت لن تتكرّر ،فهيي التيي تملك إرادة الغزو بعدميا تولدت لديهيا نتيجية عمليية مخاض عسييرة ،تمثلت بميا لحيق
بالعراق ميين ظلم وإجحاف وإذلل فييي السيينوات الخيرة على عهييد هذه القيادة ،وهييي المُطالبَة بإزالة هذا الظلم
والهوان والثأر ممن تسبّب فيه ،وبعث أولئك العباد المشار إليهم في النص القرآني أساسا -وكما أوضحنا سابقا -
قائم على علقة ثأرية بينهم وبين اليهود غايته النتقام ليس إل .
وثانيييا :فييي القيادة الحالييية لسييرائيل ،بقيادة أكثيير اليهود إجرامييا ووحشييية ،ودورهييا فييي ازدياد حدّة ودموييية
النتفاضة الجديدة ،والتي ساهمت وستساهم في استمرارية انغماس يهود إسرائيل في شأنهم الداخلي ،وإهمالهم
وعدم التفاتهم لمن يتربّص بهم الدوائر من الخارج ،مما يعطي فرصة أكبر لنجاح الغزو العراقي .
وثالثيا :فيي حالة المجتميع السيرائيلي الراهنية ،وخاصية بعيد اختياره لقيادة هيي الكثير دمويية بيين سيابقاتها ،
وبأغلبيية سياحقة مميا يُشيير إلى أن الشعيب بكليتيه ،أصيبح أيضيا شعبيا دموييا فاسيدا ومفسيدا ،وعندميا تصيبح المية
بأسييرها تملك هذه الصييفة ،وحسييب السيينن اللهييية ،نجييد أن هلكهييا بات وشيكييا جدا .وإذا علمنييا أن السييفاح
( شارون ) يحمل على عاتقه ،تنفيذ مجمل أحلم اليهود التوراتية الواردة في الفصول السابقة قبل نهاية وليته ،
وعلى رأسييها هدم المسييجد القصييى ،نسييتطيع القول بأن هلك هذه الميية لن يتجاوز الربييع سيينوات على أبعييد
الحتمالت .
ورابعا :في القيادة الحالية المريكية غير المتزنة ،التي أعلنت عدائيتهيا غير المبررة للعراق ،وقامت بضربه
فور تسيلمها للسيلطة دون سيابق إنذار ،بالرغيم مين سيياساته التصيالحية وتجاوبيه الكاميل ميع قرارات الشرعيية
الدولية ،وانتهاجه لسيلوب الحوار مع مجلس المن _ وكل ذلك لم ولن يُجدي نفعا ،إذ أن المطلوب من العراق
هو عبادة إسرائيل التي يعبدون ،وتقديم فروض الطاعة والولء للسامريّون الجدد في الغرب المتصهين _ والتي
أظهرت أيضيا فيي المقابيل تغاضييا وصيمتا ،على ميا تقترفيه القيادة السيرائيلية بشكيل غيير مسيبوق ،مميا أثار
حفيظية حتيى المنافقيين مين حلفاء أمريكيا ،فتعاقبيت التنديدات والنتقادات لهذا التصيرف الهوج مين قبيل المُهرّج
المريكي بوش .
هذا ،فضل عميا أثارتيه القيادة المريكيية مين اسيتياء عالميي ودولي ،لسيياستها المعاديية لدول الشرق القصيى
والدنى من روسيا شمال وحتى اليمن جنوبا ،ومن الصين شرقا وحتى ليبيا غربا ،ولحلفائها الغربيين من الدول
غيير المنحازة لسيياساتها ،وللبشريية جمعاء بعدم توقيعهيا على اتفاقيية الحيد مين النبعاث الحراري ،حتيى انعكيس
ذلك على مشاركيية أمريكييا فييي اللجان المنبثقيية عيين هيئة المييم المتحدة ،فأُسييقطت ميين لجنتييي حقوق النسييان
ومكافحة المخدرات ،خلل فترة قصيرة مما يعكس السخط الدولي على أمريكا وسياساتها .
فضل عن ذلك ،يأتي مشروع الدرع المضاد للصواريخ المثير للجدل ،والذي تروّج له أمريكا على أنه مشروع
دفاعييي بحييت ،تسييعى لمتلكييه متذرّعيية بمخاوف غييير منطقييية ميين هجوم نووي ،ربمييا تقوم بييه إحدى الدول
المارقية كإيران وكورييا الشماليية ،أو جماعات إرهابيية مين الممكين أن تحصيل يوميا ميا على السيلح النووي ،
204
لضمان تأييد حلفائها لهذا المشروع ،الذين أبدوا حوله الكثير من التحفظات ،لعدم قناعتهم بالمسوغات المريكية
لهذا المشروع .والذي يُجابيه أيضيا بمعارضية شديدة مين قبيل روسييا والصيين ،كون هذا المشروع سييلغي قوة
الردع النووية ،لي دولة تمتلك السلح النووي .فالسلح النووي في الصل هو قوة ردع كفيلة ،بمنع أي دولة
مارقية أو غيير مارقية مين مجرد التفكيير بضرب أمريكيا نووييا ،ليتيبين لنيا أن دوافيع أمريكيا المعلنية لمتلك هذا
الدرع غير مبررة وغير منطقية .
أما دوافعها غير المعلنة لمتلك هذا الدرع ،فهي نابعة من المخاوف التوراتية والنجيلية ،فيما يتعلّق بالمواجهة
المقبلة بين الشرق والغرب ،والتي تناولناها في فصل سابق ،ومحركاتها الرئيسية هي العراق وروسيا والمهدي
.وبامتلك أمريكا لهذا الدرع ،تتحول صواريخها النووية إلى أسلحة هجومية ،قادرة على ضرب أي جماعة ،
أو دولة نوويا أو غير نووية من المذكورة آنفا ،في حالة قيامها بتهديد المصالح أو أمن أمريكا وحلفائها ،دون أن
تكترث بأي هجوم نووي مضاد حتيى مين قبيل روسييا والصيين ،وبذلك تسيتطيع أمريكيا فرض إرادتهيا على أي
دولة بالقوة إن لم تمتثل لسياساتها طواعية ،ضاربة بهيئة المم ومجالسها وقراراتها ومواثيقها عُرض الحائط .
ولو بحثييت عميين يسييعى بحماس لترويييج فكرة هذا الدرع ،فييي الدارة المريكييية ومجلسييي الشيوخ والنواب ،
لوجدت أنهييم فييي معظمهييم ميين اليهود وميين المتصييهينين النصييارى ميين عبدة إسييرائيل ،المسييكونين بالمخاوف
التوراتيية والنجيليية .وأن الهدف المنشود مين إقامية هذا الدرع ،هيو تمكيين النبوءات التوراتيية المسيتقبلية التيي
توافيق أهوائهيم وأمانيهيم مين التحقيق ،وتعطييل جمييع النبوءات التيي تخالفهيا ،وبذلك تصيبح قابليية نفاذ هذا الوعيد
بالشكييل الذي نتحدث عنييه شبييه معدوميية بييل مسييتحيلة ،ففور شعور أمريكييا بأي بوادر تحركات عراقييي باتجاه
إسيرائيل ،لن تتردد الدارة المريكيية التوراتيية فيي أن تجعيل أرض العراق صيعيدا جرزا ،دون خوف أو وجيل
وليصبح اسم العراق نسيا منسيا .هذا إن لم تستبق المور كما هي العادة ،بضرب العراق والخلص من أمره ،
حتيى قبيل أن يُفكير بالتحرك فور امتلكهيا لهذا الدرع ،بعيد خميس سينوات مين البدء فيي تنفيذه حسيب تقديراتهيا ،
ليصيبح أمير نفاذ هذا الوعيد بعيد هذه المدة الزمنيية ضربيا مين الخيال ،فل بيد مين تحقيق هذا الوعيد قبيل مضيي هذه
المدة .
وقد يقول قائل أن أمريكا ل تخشى أحدا ،ولو أرادت بالعراق السوء لفعلت ،ونقول بأن هذا القول غير صحيح ،
فلتدمييير القدرة العسييكرية التقليدييية وأسييلحة الدمار الشامييل العراقييية ،احتاجييت أمريكييا أول :مييبررا وهيو غزو
الكويت ،وثانيا :لجماع أممي لستصدار قرار باستخدام القوة ،وثالثا :لمشاركة 30دولة لتنفيذ الهجوم لتوزيع
دمه على القبائل ،ومن ثم فُتح المجال لجراءاتها العدائية المستمرة اتجاه العراق .فلو كانت قادرة فما الداعي لما
قاميت بيه مين خطوات سيبقت الضرب الفعلي للعراق ! ونقول بأن أمريكيا لن تجرؤ على ضرب العراق نووييا ،
بداعيي الخوف على مصيالحها أو أمنهيا ،فيي ظيل امتلك نفيس السيلح ،مين قبيل دول مناهضية لهيا ولسيياساتها
كروسيا والصين ،لنها بالمقابل ستعطي لهما مبررا لضربها نوويا دون سابق إنذار ،في حال قيام أمريكا بتهديد
مصالحهما وأمنهما .فالمخاوف المريكية من أسلحة الدمار الشامل تأتي من العراق ،وكما نعلم فإن العراق كان
على علقية طيبية ميع أمريكيا قبيل حرب الخلييج الثانيية ،ولم يُهدّد يوميا ل أمين الوليات المتحدة ول مصيالحها ،
وحتيى بعيد احتلله للكوييت لم يكين ذلك ليُغيّر مين طبيعية تلك العلقية ،والذيين هدّد العراق أمنهيم قبيل جرّه لغزو
الكويت وما زال ،وتستطيع صواريخه الكيماوية والبيولوجية أن تصلهم ،هم يهود إسرائيل وهو ما كان قد أيقظ
المخاوف التوراتية لسياد أمريكا من اليهود ،فكان ما كان ووقع ما لم يكن في الحسبان .
الجواء الن مغايرة تماما ،للجواء التي قامت في ظلها الدولة اليهودية :
منيذ أكثير من مائتيي سينة ،قام اليهود بوضيع مخطيط طوييل الميد ،جمعوا فييه ميا بيين مطاميع أرباب المال اليهود
فييي السيييطرة القتصييادية ،وأحلم الحاخامات التوراتييية فييي فلسييطين .وكان الهدف النهائي للعمييل الجماعييي
اليهودي وميا زال ،هيو السييادة الكاملة على كوكيب الرض مين خلل حكيم ملكيي ديكتاتوري ،يتخيذ مين القدس
عاصييمة له لتحقيييق مطلب الطرفييين معييا .نظريييا وبإغفال القدرة اللهييية التييي ل يؤميين اليهود بوجودهييا ،فإن
مخططهم الفسادي قابل للتحقق على أرض الواقع ،أما عمليا وبإدخال القدرة اللهية يُصبح أمر تحقق مخططهم
هذا ضربا من الخيال .
205
وقييد تمكيين اليهود ميين خلل هذا المخطييط ،ميين تحقيييق السيييطرة القتصييادية ،على العالم الغربييي ،بامتلك
الصناعة المصرفية ،وشراء الستثمارات بكافة أشكالها ،وأهمها الصناعات العسكرية والعلمية .مما مكّنهم
مين السييطرة على مجميل سيياسيات تلك الدول الداخليية والخارجيية ،ومين ثيم تيم تسيخيرها لخدمية أهداف المخطيط
اليهودي آنف الذكر .
ولو أمعنت النظر في ظروف المنطقة ،التي سبقت الحربين العالميتين الولى والثانية ،لوجدت أنها تتقاطع كليا
ميع المخططات اليهوديية ،بإقامية وطين قوميي لهيم فيي فلسيطين ،فيي ظيل موقيف السيلطان عبيد الحمييد ،الرافيض
حتيى لقامية اليهود فيهيا كأفراد ،حتيى اسيتيئست رسيل اليهود مين المير .ولو أمعنيت النظير فيي نتائج الحربيين ،
سييتجد أنهييا خدمييت المخطييط اليهودي بشكييل ملفييت للنظيير ،حيييث تمخضييت الحرب الولى عيين انهيار الدولة
العثمانيية ،ومين ثيم إصيدار وعيد بلفور ،ووضيع فلسيطين تحيت النتداب البريطانيي ،ومين ثيم فتيح باب الهجرة
اليهوديية .ومين ثيم قاميت الحرب الثانيية ،فتمخّض عنهيا إنشاء الميم المتحدة مين خميس دول حليفية ومنتصيرة ،
وفيي تلك الجواء تيم اسيتصدار قرار أمميي بتقسييم فلسيطين ،مين خلل دعيم غربيي أمريكيي بريطانيي فرنسيي ،
وعدم معارضية شرقيية روسيية صيينية ،حييث كان لكيل دولة مين تلك الدول والمأخوذة بنشوة النتصيار ،أطماع
لنيل جزء من الكعكة العالمية بعد الحرب ،وكان أحد المطالب الغربية ،هو تقديم فلسطين لليهود على طبق من
ذهيب .وفيي المقابيل ،سيتجد أن نتائج هذه الحرب كانيت مأسياوية على مجميل الدول ،التيي شاركيت فيهيا حتيى
المنتصييرة منهييا ،بمييا أنهييا تكبّلت بالديون اليهودييية إلى مييا ل نهاييية ،والمسييتفيد الوحيييد دائمييا وأبدا ،هييم تجّار
الحروب من سادات اليهود ،أثرياء وحاخامات ممن يحكمون العالم الغربي في الخفاء .
ي لنخلص إلى أن قيام إسرائيل واستمرارها ،اعتمد على عدة أمور :
.1تمكييين بريطانيييا ميين السيييطرة على فلسييطين لسييتصدار وعييد بلفور ،الذي لم يكيين كافيييا لتحقيييق الحلم
اليهودي ،بإقامية وطين قوميي لهيم فيي فلسيطين .ومين ثيم وضيع فلسيطين تحيت النتداب البريطانيي لتمكيين
بريطانيا من تنفيذ الوعد ،بفتح أبواب الهجرة وخلق واقع جديد يسمح لليهود بإقامة الدولة .
.2التضليل العلمي المستمر للرأي العالمي ،بترويج مقولة أرض بل شعب وشعب بل أرض .بالضافة
إلى التضخيم العلمي لمسألة الضطهاد الممي لليهود ،وخاصة ترويج حكاية ضحايا المحرقة النازية
الستة مليين .لكسب تعاطف وتأييد الرأي العالمي الغربي ،ومن ثم استغلل الحلفاء الخمسة المنتصرين
والمؤسسين للمم المتحدة ،لستصدار قرار أممي بتقسيم فلسطين تمخض عنه قيام دولة إسرائيل ،بطلب
وتأيييد من الدول الغربيية ،وقبول مين الدول الشرقيية ،حييث كانيت حسيبة المصيالح للدول الخمسية الكيبرى
آنذاك تسير في مركب واحد ،بينما كانت الدول العربية بأسرها مملوكة من قبل الغرب .
.3الرعايية القتصيادية والسيياسية والعسيكرية المريكيية والوربيية المسيتمرة لسيرائيل فيي حالتيي السيلم
والحرب .
ي والسؤال الن ،هل الظروف التي أوجدت دولة إسرائيل وحافظت على بقائها واستمراريتها ما زالت قائمة ؟
.1فور خروج الجييش البريطانيي وفور العلن عين قيام الدولة اليهوديية ،اسيتطاعت الجيوش العربيية قهير
الجييش السيرائيلي والوصيول إلى مشارف تيل أبييب ،ولول اسيتجابة العرب للوامير المريكيية بوقيف
القتال ،لميا اسيتطاع الغرب مين إمداد إسيرائيل بالعدة والعتاد لميا تمكّنيت لحقيا مين النتصيار ،ولميا كان
هناك ما يُسمى بدولة إسرائيل ،ولكن قدّر ال وما شاء فعل .
.2بعد النفتاح العلمي وعالمية وسائل التصال وتعدّد مصادر المعلومات ،أُتيح للرأي العالمي وخاصة
المناهيض لمريكيا وسيياساتها ،رؤيية الجانيب الخير مين الصيورة ،الذي عملت وسيائل العلم الغربيية
على التعتيم عليه فيما مضى ،فبات الكل يعلم أن فلسطين لم تكن يوما من اليام أرضا بل شعب ،بل فيها
شعييب ل مثيييل له بييين الشعوب ،له إرادة تفييل الحديييد ويسييتحق التقدييير والحترام ،وبات الكييل يعلم أن
الشعيب الذي كان يتباكيى مين الضطهاد النازي له ،تيبين أنيه أكثير نازيية ووحشيية مين النازييين أنفسيهم ،
ل عالميّي مين أفعاله ،ولول الفيتيو المريكيي والدعيم فتبدّل التعاطيف معيه إلى سيخطٍ علييه واسيتياءٍ وخج ٍ
206
البريطانيي والفرنسيي والتخاذل العربيي المسيلّط على رقاب الفلسيطينيين ،والُمحبِط حتيى لنصيار القضيية
الفلسطينية من الشعوب غير العربية ،لما استمرت هذه الدولة النازية الجديدة في الوجود .
.3ولو تتبعنيا كافية الحروب العربيية السيرائيلية ،لوجدنيا أن إسيرائيل لم تكين قادرة بأي حال مين الحوال
على مجابهيية الجيوش العربييية ،بييل لم تكيين قادرة على حماييية نفسييها ،لول الدعييم العسييكري المريكييي
البريطانيي الفرنسيي المعلن والخفيي بالسيلح والفراد ،مين خلل الجسيور الجويية التيي كانيت توصيل هذا
الدعييم ،فالمواجهيية فييي كييل الحروب لم تكيين بييين العرب وإسييرائيل وإنمييا كانييت بييين العرب والغرب ،
ولوجدنيا أن مجميل نواييا القيادات العربيية كانيت معروفية باليوم والسياعة ،وأن تحركات الجيوش العربيية
وإمداداتهييا كانييت معلنيية ومكشوفيية وبطيئة وغييير منسييقة لتعدد القيادات ،ولوجدنييا أن عامييل الوقييت كان
حاسما في مجمل تلك الحروب ،مما كان يُمكّن إسرائيل من الستعداد وطلب النصرة من الغرب .
كانيت هذه قراءتنيا للواقيع ،أميا معطيات الواقيع المنظور كميا يقرأهيا عامية الناس ،والتيي ل توحيي باقتراب تحقّق
وعد الخرة وبإمكانية الدخول العراقي لفلسطين في ظل هذه المعطيات ،سنحاول تصحيح هذه القراءة ما أمكن ،
من خلل رسم صورة للدخول القادم من خلل صور ومشاهد ،من القرآن والتاريخ والواقع ،لتقريب صفة هذا
الدخول لذهين القارئ ،وذلك أول :لتأكييد مصيداقية ميا جاء بيه كتاب ال مين أمير هذا الوعيد قبيل تحقّقيه ،وعلى
النحو الذي أراده رب العزة ل كما أرادته أهواء البشر ،وثانيا :بيان مدى قابلية تحقّق هذا البعث في زمن قريب
جدا ،وضمن معطيات الواقع الحالي الذي قد يراه الناس مخالفا لما نذهب إليه جملة وتفصيل .
207
كعنصيير أسيياسي ،لمنييع الخصييم ميين السييتعداد والجاهزييية للقتال ،ممييا يُقلّل أو يمنييع الخسييائر فييي المواجهات
المكشوفة ،ويدفع الخصم إلى الستسلم والرضوخ للمر الواقع ،ومن ثم الرحيل عن الرض .
جعَلُوا أَعِزّ َة أَ ْهِلهَا أَذِّلةً ،وَكَذَلِكَ َي ْفعَلُونَ ( 34النمل )
ت إِنّ ا ْلمُلُوكَ ،إِذَا َدخَلُوا َقرْ َي ًة أَ ْفسَدُوهَا َ ،و َ
•( قَالَ ْ
وكان هذا وصيفا لدخول الملوك على القرى المتمرّدة والمتطاولة على أمرهيم ومكانتهيم ،وجاء هذا الوصيف على
لسيان ملكية سيبأ ،تحذيرا لقومهيا مين عصييان أمير الملك سيليمان علييه السيلم ،وهذا الدخول هيو السيوأ على
الطلق .وانظير فيي ر ّد سيليمان علييه السيلم عندميا تمرّدوا على أمره ولم يأتوه مسيلمين كميا طلب حيين قال (
ا ْرجِ ْع إِلَ ْيهِ مْ ،فَلَنَأْتِيَ ّنهُ مْ ِبجُنُو ٍد لَ قِ َبلَ َلهُ مْ ِبهَا ،وَلَ ُنخْ ِرجَ ّنهُ مْ مِ ْنهَا أَذِّل ًة وَهُ مْ صَاغِرُونَ ( 37النمل ) فعصيان أمر
الملوك -ذوي القوة والعزة والنفية -والتطاول عليهيم بأي شكيل مين الشكال ،يُحميل على أنيه تحقيير وتقلييل مين
شأنهيم ويُعتيبر إهانية ل يسيتطيعون غفرانهيا ،والرد عليهيا عادة ميا يكون كميا هيو ظاهير فيي رد سيليمان عليهيم ،
بإرسال جيش ل قبل للخصم به ل من حيث العدد ول من حيث العدة ،ونتيجة فعلهم هي كما وصفته ملكة سبأ في
الية الولى ،وما أكدّ عليه سليمان في الية الثانية أعله .
وغاييييية هذا الدخول فييييي العادة تكون للنتقام ورد العتبار ،باسييييتباحة الرض والمال والعرض وبتخريييييب
الممتلكات والقتيل والتنكييل فيي العامية ،وأسير عليية القوم وإذللهيم ومين ثيم قتلهيم والتنكييل بهيم وسيبي نسيائهم
وأطفالهيم ،وتسيخيرهم للعميل كجواري وخدام فيي القصيور إمعانيا فيي إذللهيم ،ودخول كهذا عادة ميا تُعلن فييه
الرغبية فيي النتقام ،ويتيم فييه تهدييد الخصيم مسيبقا لذلله وإدخال الرعيب فيي قلبيه ،مميا يكون أدعيى لنهياره
وسرعة تداعيه عند المواجهة ،في حال تجرّأ على ذلك .
ق الُّ رَس بُو َلهُ ال ّرؤْيَا بِا ْلحَقّ ،لَتَ ْدخُلُنّ ا ْلمَس بْجِدَ ا ْلحَرَام بَ ،إِن ْب شَاءَ الُّ ءَامِنِين بَ ُ ،محَّلقِين بَ •( َلقَدْ ص بَدَ َ
ج َع َل مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَ ْتحًا قَرِيبًا ( 27الفتح ) ن لَ َتخَافُونَ َ ،فعَ ِل َم مَا َلمْ َتعْ َلمُوا َ ،ف َ
س ُكمْ َ ،ومُقَصّرِي َ
رُءُو َ
هذه هيي المرة الخرى والوحيدة فيي القرآن ،التيي يرتبيط فيهيا ذكير الدخول بالمسيجد وهيو دخول المسيجد الحرام
فيي مكية ،ولو أمعنيت النظير فيي نيص اليية سيتجد أنهيا تصيف المسيلمين أثناء تأديية العمرة ،وقيد جاء فيي كتيب
سمّي لحقا بعمرة القضاء ،في العام التالي لصلح الحديبية فأنزلت هذه الية التفسير أن هذه الرؤيا قد تحقّقت فيما ُ
سمّي في القرآن فتحا وليس دخول تصديقا للرؤيا ووعدا بالفتح ،وأما الدخول العسكري لمكة والمسجد الحرام ،ف ُ
،والمعروف أن المسلمين عندما خرجوا لغزو مكة كانوا قد أعدوا عدة الحرب ،وقد روى المام مسلم عن جابر
" :أن رسول ال دخل مكة وعليه عمامة سوداء من غير إحرام " ،وقال ابن كثير في تفسيره للية ( )24من
نفيس السيورة ،والتيي سييرد نصيها فيي الحدييث عين فتيح مكية أن الرسيول علييه الصيلة والسيلم " :لم يسيق عام
الفتح هديا وإنما جاء محاربا مقاتل في جيش عرمرم " .
211
.3تأميين الزيادة العدديية لدب الرعيب فيي قلوب المشركيين ،وإجبارهيم على السيتسلم لنعدام القدرة على
المواجهة ،ولسحق أي مقاومة محتملة مهما كان حجمها ،حيث بلغ تعداد الجيش قرابة عشرة آلف رجل
،وهيو نفيس العدد الذي اسيتطاعت قرييش وحلفائهيا مين القبائل ،جمعيه فيي غزوة الخندق وهيو ميا حُرميت
قريش من فعله عند فتح مكة .
.4علم المسلمين التام بجغرافية مكة ومحيطها مما أفاد المسلمين قبل وأثناء الدخول .
.5والهم من كل ما تقدّم هو التأييد والتمكين والتدبير اللهي ،من البداية إلى النهاية لنجاز ذلك الوعد .
يي والن لو طرحنيا التسياؤل التالي ،ألييس مين الممكين أن تتوفير ذات المقومات للعراقييين ليُنجيز ال وعده لبنيي
إسرائيل ؟!
.1توافر نفس المُحرّك للخروج وتوافر دوافع ومبررات أخرى طرحناها أعله .
.2توافر الوعد اللهي بعقاب بني إسرائيل على أيدي العراقيين حتى لو لم يُذكروا بالسم في النص القرآني
.
.3توافير وحدة القيادة وقدرتهيا فيي هذه الحالة على إخفاء أمير الغزو مين حييث توقيتيه وكيفيّتيه مميا يضمين
عنصر المباغتة .
.4القرب المكاني وتوافر آليات النقل الحديثة مما يضمن سرعة الوصول .
.5توافير الكثرة والسيتعداد والتدرييب المكثيف ،فهذا هيو ميا يُشاهده القاصيي والدانيي على شاشية التلفزيون
العراقي مؤخرا ،ول يأخذ هذا المر على محمل الجدّ ،إل يهود أمريكا وإسرائيل من المؤمنين بالنبوءات
التوراتية ،لدرجة أن ( شارون ) سافر مؤخرا لمريكا فقط ،لبحث أمر جيش القصى الذي يُعدّه الرئيس
العراقيي ،حييث وعدَه المريكان بالتكفيل بأمره ،وطلبوا منيه الهتمام بالشأن الداخلي والعميل على تهدئة
المور ظاهرييا ،ومربيط الفرس أن العالم ل يُعيير أدنيى اهتمام للسيتعدادات العراقيية الجاريية حالييا على
قدم وسياق ،وحتى أمريكيا نفسيها على ميا يبدو تقلل من شأن هذا الجيش ،ول تتوقع أن يقوم العراق بغزو
إسرائيل برا .
.6توافير التجربية والخيبرة الميدانيية للقيادات العسيكرية العراقيية ،بمشاركتهيا فيي كافية الحروب العربيية
السرائيلية والحرب اليرانية ودخولها المفاجئ للكويت .
.7توافير التأيييد والتمكيين اللهيي بتذلييل السيبل أمام العراقييين ،والتيي مين شأنهيا تحقييق هذا الوعيد بالكيفيية
التي جاءت بها النصوص القرآنية .
212
السماء ، … ،يجهر الرب بصوته في مُقدّمة جيشه ،لن جُنده ل يُحصى لهم عدد ،ومن يُنفّذ أمره يكون مُقتدرا
،لن يوم الرب عظيم ومخيف ،فمن يحتمله ؟! " .
يي سيفر حبقوق :3 :1 " :أينميا تلفّت أشهيد أماميي جورا واغتصيابا ،ويثور حولي خصيام ونزاع ،لذلك بطلت
الشريعة ( تعطلّت ) وباد العدل ،لن الشرار يُحاصرون الصدّيق ،فيصدر الحكم مُنحرفا عن الحقّ .
" :5 :1تأمّلوا المم وأبصروا ،تعجّبوا وتحيّروا ،لني مُقبل على إنجاز أعمال ،في عهدكم ،إذا أُخبرتم بها ل
تصيدّقونها .فهيا أنيا أُثيير الكلدانييين ،هذه المية الحانقية المُندفعية ،الزاحفية فيي رحاب الرض ،لتسيتولي على
مسياكن ليسيت لهيا ،أمّة مُخيفية مُرعبية ،تسيتمدّ حُكمهيا وعظمتهيا مين ذاتهيا .خيولهيا أسيرع مين النمور ،وأكثير
ضراوة مين ذئاب المسياء ،فرسيانها يندفعون بكيبرياء ،قادميين مين أماكين بعيدة ،مُتسيابقين كالنسير المُسيرع ،
للنقضاض على فريسته ،يُقبلون جميعهم ليعيثوا فسادا ،ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ،
فيجمعون أسيرى كالرميل .يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ،ويسيخرون مين الحصيون ،يجعلون حولهيا تلل
من التراب ،ويستولون عليها .ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ،فقوة هؤلء الرجال هي إلههم " .
" 3 :2لن الرؤيا ل تتحقّق إل في ميعادها ،وتسرع إلى نهايتها ،إنها ل تكذب ،وإن توانت فانتظرها ،لنها ل
بدّ أن تتحقّق ،ولن تتأخر طويل " .
213
وكون هذا الهجوم مباغتيا ،يُفهيم مين تحذيير النجييل لليهود بأن مين سيمع بمحاصيرة أورشلييم بالجيوش ،إذا كان
فيي الحقيل فل يرجيع إلى المدينية ،وإذا كان على سيقف المنزل فل ينزل إلى أسيفل ليجلب متاعيا أو ميا شابيه ،أي
أن هناك مين سييسمع بهذا الغزو بعيد خروجيه إلى الحقيل ،وأن هناك مين سييسمع بالغزو بعيد صيعوده إلى سيطح
منزله ،والخروج ميين المدينيية إلى الحقييل والعودة ربمييا ل يتجاوز سييويعات معدودة ،وأمييا الصييعود إلى سييطح
المنزل والنزول عنيه فربميا ل يتجاوز دقائق معدودة .فالفارق الزمنيي قصيير جدا ميا بيين الحالتيين ،فالذي خرج
إلى الحقل لم يكن يعلم بالغزو قبل خروجه ،والذي صعد إلى سطح المنزل لم يكن قد سمع بالغزو قبل صعوده .
وميين المحتمييل أن يكون هذا الغزو ليل ،وميين المحتمييل أن يبدأ الهجوم ليييل الجمعيية لينتهييي يوم السييبت قبييل
الظهيرة ،اسيتغلل لنقطاع أغلب اليهود عن العميل بحجية التزامهيم بشريعية حرمية السيبت ،التيي ميا ألزم ال بهيا
إل أصحاب تلك القرية ،وال أعلم .وسينجم عن هذا الغزو تفريغ كامل لليهود من فلسطين سواء بالقتل أو الفرار
،وسيطرة كاملة على مساحة فلسطين كلها ،وبالتالي فرض واقع جديد يُعيد المور إلى نقطة الصفر ،أي ما قبل
قيام إسرائيل بخمسين عاما أيام خلو فلسطين من اليهود ،وال أعلم .
215
وليتبروا ما علوا تتبيرا
قلنيا فيي نهايية تفسييرنا لعبارة ( وليتيبروا ميا علوا تتيبيرا ) :أن كيل ميا عل بنيو إسيرائيل علييه أو بيه أو فييه سييصله
الدمار ل محالة لعموم لفيظ العلو ،حتيى علوهيم فيي الغرب ،إذ أن الذي أبقيى علوهيم قائميا ومسيتمرا فيي فلسيطين
فيي الصيل هيو علوهيم فيي الغرب .ولذلك يصيبح دمار الدول الغربيية أمير محتميا ،ليزول علو بنيي إسيرائيل فيهيا
أيضيا بشكيل نهائي ،وبذلك تنتفيي تماميا قدرتهيم على العلو مرة أخرى ،إذ أن هذا العلو هيو علوهيم الخيير فيي
الرض .
ويؤكد سبحانه أن السبب في زوال هذا العلو هو ما قدمته أيدي اليهود أنفسهم ،حيث أن ال كان قد اشترط عليهم
الحسيان لدامية هذا العلو ،وحذرهيم مين زواله إن هيم أسياءوا ،وجاء هذا الشرط مباشرة قبيل إخباره عين وعيد
الخرة في الية السابعة ،فاليهود حكموا على أنفسهم بالهلك وعلى علوهم بالزوال :
أول :وذلك لنهيم لم يُحسينوا ،بيل على العكيس مين ذلك أسياءوا ،ولم يألوا جهدا بالفسياد فيي الرض ضاربيين
بالتحذير اللهي عرض الحائط .
ثانييا :والنكيى مين ذلك أنهيم قاموا بتوجييه رسيالة أخرى لرب العزة ،ومؤداهيا يقول :بأننيا سينفعل ميا يحلو لنيا
وسينفسد فيي الرض وسينمنعك مين بعيث عبادك الشداء الذيين تُهدّدنيا بهيم ،لننيا سينُبيدهم عين بكرة أبيهيم قبيل أن
تُفكر في بعثهم ،مظهرين إصرارا عز نظيره في تحدّيهم لرب العزة بأن ينزل بهم ما وعدهم ،متّكلين على من
هم دونه لحمايتهم ووقايتهم من أمر ال ،منكرين ربوبية ال وألوهيته وقدرته على تصريف أمور الكون ،وكذلك
حقيقية البعيث بعيد الموت ،وهذه المور هيي ميا تتناوله سيورة السيراء على امتدادهيا ،مين وجوه متعددة ،وبذلك
تكون عداوتهيم للعراق وعدوانهيم علييه ،ورغبتهيم فيي تدميره وإبادة أهله سيببا فيي خروج أهيل العراق عليهيم ،
انتقاميا ودفعيا لميا يُحييق بهيم مين أخطار ،فيي حال اسيتمر تواجيد الدولة اليهوديية على أرض فلسيطين ،ليخربوا
بيوتهم بأيديهم وأيدي المسلمين .
ثالثا :هي حرب ال عليهم ل حرب أحد ،ذلك بأنهم تحدوا ال وأعلنوا حربهم عليه ،وعلى كل من يؤمن به ربا
وإلهيا واحدا أوحدا ،خاب وخسير الذيين مين دونيه ،وأن رب العزة قبِل التحدّي وأعلن حربيه عليهيم ،وهذا ميا
تسيتشعره مين خلل مجميل آيات سيورة السيراء ،ولكين لم يتبقّى إل أن تحيين سياعة الصيفر ليروا مين ال ميا لم
يكونوا يحتسبون .
وفي الصل كما أوضحنا سابقا ،أن علوهم غير المسبوق في الغرب ،هو الذي أوجد علوهم في فلسطين لحقا ،
وإذا كانت النتيجة أي علوهم في فلسطين تستحق الزوال ،فالولى أن يُزال المتسبّب فيها أي علوهم في الغرب ،
حتى تنتفي فرصة ظهور تلك النتيجة ( أي العلو اليهودي ) مرة أخرى ،فكما أن زوال دولة إسرائيل أمر حتمي
فزوال أمريكا أمر أكثر حتمية .
فاليهود لهم من حيث المكان إفسادين :
أول :فييي فلسييطين إفسيياد بسييفك الدماء ،وإخراج الناس ميين ديارهييا ،والسييتيلء على ممتلكاتهييم ،وإتلف
الخضر واليابس ،ومنع مساجد ال أن يُذكر فيها اسمه ،والسعي في خرابها … إلى آخره .
وثانيييا :فييي أمريكييا والدول الغربييية إفسيياد بنشيير العقائد المادييية اللحادييية ،وإشاعيية الرذيلة والنحلل الخلقييي
والخلقيي فيي شتيى مناحيي الحياة ،بالضافية إلى تفرييق الناس وتصينيفهم واسيتضعاف طوائف منهيم ،وسيومهم
سوء العذاب ،لدرجة حرقهم وإبادتهم بالسلحة التقليدية والنووية ،وعلى قاعدة الجزاء من جنس العمل ،ل شك
لدي من أن كبرى المدن المريكيية ،سيتُضرب من السيماء بصيواريخ نووية ،أو بشهب مين السماء مسببة دمارا
كالدمار ،الذي أحدثته قنابلها المدن اليابانية ولكن على مدى أوسع بكثير .
216
زوال العلو اليهودي في أمريكا لن يتوانى كثيرا عن زوال العلو اليهودي في فلسطين :
ن الِّ ،
ب مِ ْ
ن الِّ َوحَ ْبلٍ مِنْ النّاسِ ،وَبَاءُوا ِبغَضَ ٍ
ن مَا ُث ِقفُوا ب ِإلّ ِبحَ ْبلٍ ِم ْ
قال تعالى ( ضُرِبَتْ عَلَ ْي ِهمْ الذّّلةُ ب أَيْ َ
… ( 112آل عمران ) الذلة هيي الضعية والنخفاض وهيي نقييض العزة والعلو ،وأيين ميا ثقفوا تعنيي أينميا وجدوا
فييي الرض على امتداد رقعتهيا ،وخلصيية ميا تقوله هذه الييية أن الشعييب اليهودي كأميية وأفراد سييم ّر بخمسيية
مراحل ،هي ذات المراحل التي أشرنا إليها في نهاية الجزء الول ،وهي على التوالي ( :ذل ،علو ،ذل ،علو
،ذل ) .ومين ذلك نفهيم أن صيفة العلو وهيي المرحلة الرابعية ،سيتزول عنهيم فيي شتيى بقاع الرض سيواء فيي
إسيرائيل أو فيي أمريكيا ،أو فيميا سيواها مين دول العالم ،ليدخيل الشعيب اليهودي بأسيره فيي المرحلة التيي تليهيا ،
ولتعود إليييه صييفة الذل التييي هييي القاعدة أينمييا وجييد أيضييا وعلى مسييتوى الفراد والجماعات ،حيييث كان العلو
اسيتثنا ًء لمرتيين فقيط ،ولن يتحصيّل ذلك إل بانكسيار وزوال كيل الدول ،التيي يوجيد بهيا علو يهودي ظاهير وفيي
مقدّمتها أمريكا .
ولو أننيا نظرنيا إلى أمريكيا كدولة وميا تقوم بيه حالييا نظرة مُتفحصيّة وشاملة ،سينجد أنهيا فاقيت فرعون فيي علوه
واستعلئه وفساده وإفساده ،باحتضانها للعقائد اليهودية الشيطانية ،والسهر على تطبيقها وترويجها في الرض
على عمومها بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى .
والعقاب اللهيي الموعود بيه بنيو إسيرائيل كان للفسياد الناجيم عين العلو ،وعلوهيم الن يتمثيل فيي مكانيين تحديدا
هميا فلسيطين وأمريكيا ،وفضل عين ذلك فإن أمريكيا المتعاليية على شعوب الرض ،وبصيرف النظير عين كونهيا
مكانييا للعلو اليهودي ،سييتكون هدفييا مؤكدا لنسييكاب الغضييب اللهييي عليهييا ،بمييا يفوق الغضييب اللهييي على
إسيرائيل ،وذلك لن أمريكيا تجميع ميا بيين علويين وإفسيادين ،هميا :العلو والفسياد اليهودي ،والعلو والفسياد
الذاتي لها ،ليتأكد لنا أنها أولى من إسرائيل بالعقاب وبما هو أشد بأسا وأشد تنكيل ،وهذا بإذن ال ما سنشهده في
السنوات القليلة القادمة وما ذلك على ال بعزيز .
وقد يستغرب ويستنكر كثير من أمة السلم ،والصح من المؤمنين بالله ( أمريكا ) مجرد التفكير بأن أمريكا
ن مِ نْ قَبْ ِلهِ مْ ،
ف كَا نَ عَاقِ َبةُ الّذِي َ
ستزول ،وكأنهم ل يقرءون قوله تعالى ( َأوَلَ مْ يَ سِيرُوا فِي الَْرْ ضِ ،فَيَ ْنظُرُوا كَيْ َ
علِيمًا قَدِيرًا (44 ت َولَ فِي الَْرْضِ ،إِنّهُ كَانَ َ سمَوَا ِ
يءٍ ،فِي ال ّ
ن شَ ْن الُّ لِ ُيعْجِزَ ُه مِ ْ
َوكَانُوا َأشَدّ مِ ْنهُمْ ُقوّةً َ ،ومَا كَا َ
فاطر ) .
وقوله ( َأوَلَمْب يَسبِيرُوا فِي الَْرْضِب ،فَيَ ْنظُرُوا كَيْفَب كَانَب عَاقِ َبةُ الّذِينَب كَانُوا مِنْب قَبْ ِلهِمْب ،كَانُوا هُمْب َأشَ ّد مِ ْنهُمْب ُقوّةً
ن وَاقٍ ( 21غافر ) ن الِّ مِ ْوَءَاثَارًا فِي الَْ ْرضِ ،فَ َأخَذَ ُهمُ الُّ بِذُنُو ِبهِمْ َ ،ومَا كَانَ َل ُه ْم مِ َ
220
وكل الفريقيين يُكنّي عداوة مذهبيية قيل نظيرهيا للفرييق الخير .ولو نظرنيا إلى الواقيع الحالي لوجدنيا أن أمريكيا
وبريطانييا وفرنسيا ،هيي الدول الشدّ عدا ًء للعرب والمسيلمين منيذ حروبهيم الصيليبية الولى ،التيي كانيت تقودهيا
فرنسيا بصيفتها الراعيية للمذهيب الكاثوليكيي ،منضوييا تحيت لوائهيا كيل مين ألمانييا وإيطالييا وإنكلترا ،وحتيى
حروبهم الستعمارية في العصر الحديث بقيادة أمريكا ،وما موالة هذه الدول لبعض الدول العربية إل مداهنة ،
ميين قبيييل الحرص على مصييالحها فقييط ،بييل هييي أكثيير مقتييا واحتقارا وامتهانييا لتلك الدول نفسييها ميين غيرهييا ،
ولوجدنيا أيضيا أن الروس ونصيارى الشرق إجمال ،ممين يعتنقون المذهيب الرثوذكسيي هيم القلّ عدا ًء للعرب
والمسلمين من مجموع المذاهب النصرانية .
لنخلص إلى القول ،بأن الفريييق الذي سيييكون حليفنييا فييي المعركيية القادميية هييم الروس ،ضييد عدونييا وعدوهييم
المشترك أمريكييا وميين شايعهييا ميين دول حلف الناتييو .وأن هذا التحالف بييين الروس والعرب سيييحصل بدافييع
المصييالح أول ،وعلى قاعدة عدو عدوي صييديقي ثانيييا ،وليييس حبييا بالعرب أو بالمسييلمين ،ولكيين لتعارض
مصالحهم مع مصالح المريكان ،ولكراهية الروس المذهبية لمريكا واليهود .
هذه الحرب البشيع فيي تارييخ البشريية ،أجيد أحداثهيا ونتائجهيا موصيوفة فيي كثيير مين اليات ،فيي مطالع سيور
كثيرة مين سيور القرآن ،والتيي يعتقيد معظيم الناس ،أنهيا تُخيبر عين أحداث يوم القيامية ،ومنهيا اشتعال البحار
واضطراب السييماء وزلزلة الجبال وانهيار بعضهييا ،وحتييى السييلحة المسييتخدمة فييي الحروب الحديثيية ،كان
سبحانه قد أخبر عنها ،أيضا في مطالع السور فالطارق هو الصاروخ والعاديات هي الدبابات ،وربما نفرد لهذا
المير بحثيا خاصيا ،إن شاء ال فيي وقيت لحيق ،وسييكون متوافرا على نفيس موقيع الكتاب هذا إن أسيعفنا الوقيت
وكان في العمر بقية .
221
وجعلنا لمهلكهم موعدا
ل اهتماميي فيي بداية المر محصورا في معرفة ماهية أولئك العباد ،الذين سيبعثهم ال على بني إسرائيل كان ج ّ
فييي المرة الثانييية ،وخلل هذا البحييث اضطررت لطرق مواضيييع كثيرة ذات علقيية بموضوع البحييث ومنهييا
موضوع هذا الفصل ،الذي يبحث في مسألة العد في القرآن ومحاولة تقدير فترة زمنية لنهاية الدولة اليهودية في
فلسطين ،والذي دفعني للبحث في هذه المسألة هو عدم اقتناعي بنتائج ما اطلعت عليه من أبحاث قدمها آخرون .
223
وجعلنا لمهلكهم موعدا :
تُركّز سيورة السيراء بشكيل كيبير على ذكير وعيد الخرة ،وهيو وعيد بهلك بنيي إسيرائيل وزوال دولتهيم ،وهذا
عمْتُمْب أَلّنْب
الوعيد له موعيد ويقول سيبحانه وتعالى فيي سيورة الكهيف ،التيي تلي سيورة السيراء مباشرة ( … َبلْ زَ َ
جعَلَ َلكُمْب َموْعِدًا (َ … )48بلْ َلهُمْب َموْعِدٌ … ( )58وَتِلْكَب ا ْلقُرَى أَهْ َلكْنَاهُمْب َلمّاب ظَ َلمُوا َ ،وجَعَلْنَا ِل َمهْ ِل ِكهِمْب َموْعِدًا (
َن ْ
)59هذا التكرار لكلمة موعد والتأكيد على أن هناك موعد أمر ملفت للنظر .حاولت في البداية إيجاد أوجه الشبه
عدّت إلى سورة الكهف وقمت بدارسة وتحليل المثال المطروح فيها ،فخرجت منه بعدة بين السورتين ،ومن ثم ُ
قواعيد رياضيية فتملكنيي شعور آنذاك ،أن هذا المثال إنميا وُضيع ليكون بمثابية مفتاح ،للكشيف عين موعيد هلك
بني إسرائيل في سورة السراء .
225
.2الكلمة لغة هي التي تتكون من حرفين فما فوق .
.3بداية العدّ كانت من بداية قصة أصحاب الكهف .
.4قصة أصحاب الكهف سبقتها مقدمة تكوّنت من 8آيات ولم تشملها عملية العدّ .
.5أن بعيض اليات التيي وردت ضمين القصية دخلت كلماتهيا فيي الع ّد ميع أن علقتهيا بالقصية ليسيت ظاهرة
كاليات ( . ) 24 ، 23
.6أن نهاية العدّ كان بانتهاء القصة .
.7أن عدد الكلمات توافق مع عدد السنين التي لبثوها في الكهف إذ أن كل كلمة تمثل سنة .
.8أن كيل كلمية تمثّل سينة قمريية ،ذلك لن نتيجية الع ّد كانيت 309كلمات قيد توافقيت ميع مدة لبثهيم بالسينين
القمرية .
226
ثانييا :ذكر لفظ يُشيير إلى الحصاء أو العدّ في السورتين ( سِنِينَ عَدَدًا … َأحْ صَى ِلمَا لَبِثُوا َأمَدًا ) في الكهف (
حسَابَ ) في السراء بإضافة لفظ الحساب . ن وَا ْل ِ
وَلِ َتعْ َلمُوا عَدَ َد السّنِي َ
227
الموعد المحتمل لنهاية أمريكا :
كنييا قييد أوضحنييا بالفصييل السييابق إلى أن قوله تعالى ( وَلِيُتَبّرُوا مَا عَ َلوْا تَتْبِيرًا ) جاء لتأكيييد حتمييية زوال العلو
اليهودي من الرض على عمومها سواء كان في فلسطين أو في أمريكا ،وبما أن هذه العبارة توحي بتمام زوال
العلو بشكل مطلق من كل أرجاء الرض ،فهذا يعني بالضرورة زوال الجبروت المريكي المسيطر عليه يهوديا
بدمار أمريكا وبريطانيا واندثارهما تماما حتى ل يبقى لليهود في شتى بقاع الرض من مقومات العلو والسيادة ما
يعينهم على إفسادهم في الرض .
ولتحدييد الموعيد المحتميل لنهايية أمريكيا سينضيف 64سينة قمريية هيي عدد الكلمات منيذ بدايية القصية حتيى نهايية
عبارة ( وَلِيُتَبّرُوا 61مَا 62عَ َلوْا 63تَتْبِيرًا ) … 64إلى تاريييخ إعلن قيام إسييرائيل ،أو 4سيينوات قمرييية هييي عدد
كلمات هذه العبارة إلى أقصى موعد لنهاية إسرائيل .
وبما أن / 5رجب 1427 /هي ،هو آخر أيام السنة الي 60من عمر إسرائيل فإن أقصى موعد لنهاية أمريكا هو :
4سنوات قمرية 1427 / 7 / 5 +هي = 1431 / 7 / 5هي
ويقابله بالتقويم الميلدي 2010 / 6 / 16 :م
* بنيت الستنتاجات أعله على اعتبار أن عبارة ( كما دخلوه لول مرة ) هي تمام الحديث عن وعد الخرة ،
وأن عبارة ( وليتيبروا ميا علوا تتيبيرا ) هيي تمام الحدييث عين زوال العلو اليهودي الكيبير الوارد ذكره فيي اليية
الرابعية مين بدايية القصية ،وقيد يكون هذا العتبار خاطئا لحتمال أن يكون نفاذ وعيد الخرة يشميل زوال العلو
اليهودي في فلسطين وأمريكا ،فقد تتزامن النهايتان مع نهاية العبارة الولى أو مع نهاية العبارة الثانية وال أعلم
.
الموعد المحتمل لعودة عيسى عليه السلم ،والقضاء على الدجال وأتباعه اليهود :
قلنيا فيي تفسيير قوله تعالى ( َوإِنْب عُدْتُمْب عُدْنَا ) بأنهيا تُخيبر عين عودتهيم للفسياد وعودة ال عليهيم بالعقاب على ييد
عيسيى علييه السيلم والمهدي ومين معهميا مين المؤمنيين ،ولتحدييد الموعيد المحتميل للعقاب النهائي لبنيي إسيرائيل
سنضيف 71سنة قمرية هي عدد الكلمات منذ بداية القصة حتى نهاية عبارة ( … َوإِنْ 69عُدْ ُتمْ 70عُدْنَا ) … 71إلى
تارييخ إعلن قيام إسيرائيل ،أو 11سينوات قمريية إلى أقصيى موعيد لنهايية إسيرائيل حييث كلمية ( عدنبا ) تحميل
العدد ( ) 11بعد نهاية الحديث عن وعد الخرة في قوله تعالى ( َكمَا َدخَلُو ُه َأوّ َل مَرّةٍ. ) 60
11سنة قمرية 1427 / 7 / 5 +هي = 1438 / 7 / 5هي
ويقابله بالتقويم الميلدي 2017 / 4 / 1 :م
229
فإنما يسّرناه بلسانك لعلّهم يتذكّرون
تبدأ سيورة الدخان بتعظييم شأن القرآن الكرييم ،وتعظييم شأن الليلة التيي أُنزل فيهيا ،وتركّز السيورة على النذار
ك شَاهِدًا َومُ َبشّرًا
دون البشرى ،حيث قال سبحانه في إرسال محمد عليه الصلة والسلم ( يَأَ ّيهَا النّبِيّ إِنّا أَرْسَلْنَا َ
وَنَذِيرًا ( 45الحزاب ) ويؤكيد سيبحانه أنيه أرسيله منذرا للبشير مين قبيل أن يحيل بهيم العقاب رحمية منيه بعباده .
والعقاب الذي تأتييي على خييبره اليات وتحذّر منييه هييو البطشيية الكييبرى التييي لم تُحدّد ماهيتهييا هنييا ،ونذييير هذه
البطشة هو الدخان الذي سيسبقها بقليل ،فليرتقبه الناس فإن ظهر وعاينوه ،فليعتبروا وليحذروا وليعودوا عما هم
عليهيم مين الشيك والتشكييك فيي أمير ربهيم ،واللعيب فيي أمير دينهيم ،والطعين فيي رسيولهم الكرييم الذي بُعيث إليهيم
بشيرا ونذيرا ،فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا فليرتقبوا البطشية الكيبرى .وقيد ظهير الدخان الموصيوف فيي هذه السيورة
فيي عاصيمة أحيد القطار العربيية ،فاقرأ معنيا هذا الفصيل والفصيول التيي تلييه ،لتعرف كييف فُسيّرت هذه النبوءة
على أرض الواقيع ،ولتعرف مين هيم الموعوديين بالبطشية الكيبرى قريبيا ،بعيد إصيرارهم على ميا هيم علييه مين
الكفر والفسوق والعصيان ،بالرغم من غشيان الدخان لهم بنفس الصفة التي أخبرت عنها اليات .
حكِي مٍ ( )4
ق ُكلّ َأمْرٍ َ
ب ا ْلمُبِي نِ ( )2إِنّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْ َل ٍة مُبَا َر َك ٍة إِنّا كُنّا مُنْ ِذرِي نَ ( )3فِيهَا ُيفْرَ ُ
( حم ( )1وَا ْلكِتَا ِ
سمِيعُ العَلِيمُ ( )6
ك إِ ّنهُ ُه َو ال ّ
ح َمةً مِنْ رَبّ َ
ن عِنْدِنَا إِنّا كُنّا ُم ْرسِلِينَ ( َ )5ر ْ
َأمْرًا مِ ْ
" يقول تعالى مخبرا عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة وهي ليلة القدر ،أمر حكيم أي محكم ل يُبدّل
ول يُغيّر ،ولهذا قال جيل جلله ( أمرا مين عندنيا ) أي جمييع ميا يكون ويُقدّره ال تعالى وميا يوحييه فبأمره وإذنيه
وعلمه ( ،إنا كنا مرسلين ) أي إلى الناس رسول يتلوا عليهم آيات ال مبينات " ابن كثير .
ض َومَا بَيْ َن ُهمَا إِ نْ كُنْتُ مْ مُوقِنِي نَ ( )7لَا إِلَ هَ إِلّا ُهوَ ُيحْيِي وَ ُيمِي تُ رَ ّبكُ مْ وَرَبّ ءَابَائِكُ مُ
س َموَاتِ وَالْ َأرْ ِ
( رَبّ ال ّ
الْ َأوّلِينَ ( )8
" أي إن كنتم من أهل اليقان ،علمتم كونه سبحانه رب السماوات والرض لنه من أظهر اليقينيات دليل ،وفي
هذا الشرك تنزيل إيقانهم منزلة عدمه لظهور خلفه عليهم ،وهو مراد من قال :إنه من باب تنزيل العالم منزلة
الجاهيل لعدم جرييه على موجيب العلم ،قييل :ول يصيح أن يقال :إنهيم نزلوا منزلة الشاكيين لميا كان قوله سيبحانه
بعد :بل هم في شك ،ول أدري بأسا في أن يقال :إنهم نزلوا أول كذلك ثم سجّل عليهم بالشك لنهم وأن أقرّوا
بأنيه عيز وجيل رب السيماوات والرض ،لم ينفكّوا عين الشكّي للحادهيم فيي صيفاته وإشراكهيم بيه تعالى شأنيه "
اللوسي .
230
ب أَلِيمٌ ( )11
سمَاءُ بِ ُدخَانٍ مُبِينٍ ( َ )10ي ْغشَى النّاسَ هَذَا عَذَا ٌ
( فَارْ َتقِبْ َي ْومَ تَأْتِي ال ّ
" ارتقيب معناه انتظير ،ييا محميد بهؤلء الكفار ،يوم تأتيي السيماء بدخان ميبين ،قاله قتادة .وقييل معناه احفيظ
قولهم هذا ،لتشهد عليهم " ،القرطبي .
" يعنييي تعالى ذكره بقوله ( فارتقييب ) فانتظيير يييا محمييد بهؤلء المشركييين ميين قومييك ،الذييين ( هييم فييي شييك
يلعبون ) ( ،يغشيى الناس ) يغشيى أبصيارهم من الجهيد الذي يصييبهم ( ،هذا عذاب أليم ) يعني أنهيم يقولون مميا
نالهم من ذلك الكرب والجهد ،هذا عذاب أليم ) " الطبري .
( أَنّى َل ُهمُ ال ّذكْرَى وَقَدْ جَاءَ ُهمْ َرسُولٌ مُبِينٌ ( ُ )13ثمّ َتوَّلوْا عَ ْن ُه وَقَالُوا ُمعَّلمٌ َمجْنُونٌ ( )14
" قال ابين عباس :أي يتعظون وال أبعدهيم مين التعاظ والتذكير ،بعيد توليهيم عين محميد صيلى ال علييه وسيلم
وتكذيبهيم إياه ( وقالوا مُعلّم مجنون ) أي علّميه بشير أو علّميه الكهنية والشياطيين ثيم هيو مجنون ولييس برسيول "
القرطبي .
232
" ( أنييى لهييم الذكرى ) نفييي صييدقهم فييي الوعييد ،وأن غرضهييم إنمييا هييو كشييف العذاب والخلص ،أي كيييف
يتذكرون أو مين أيين يتذكرون بذلك ،ويفون بميا وعدوه مين اليمان عنيد كشيف العذاب عنهيم وقيد جاءهيم رسيول
ميبين ،أي والحال أنهيم شاهدوا مين دواعيي التذكير وموجبات التعاظ ميا هيو أعظيم مين ذلك فيي إيجابهيم ،حييث
جاءهيم رسيول عظييم الشأن ،ظاهير أمير رسيالته باليات والمعجزات التيي تخيز لهيا صيم الجبال ،أو مظهرا لهيم
مناهييج الحييق ( ثييم تولوا عنييه ) أي عيين ذلك الرسييول عليييه الصييلة والسييلم ،ولم يقييل ومجنون بالعطييف لن
المقصود تعديد قبائحهم " اللوسي .
233
ن كُنْتُ مْ
ن ِبمُ ْنشَرِي نَ ( )35فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِ ْ
( … إِنّ َهؤُلَاءِ لَ َيقُولُو نَ ( )34إِ نْ ِه يَ إِلّا َموْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا َنحْ ُ
ن مِنْ قَبْ ِل ِهمْ ،أَهْ َلكْنَا ُهمْ ،إِ ّن ُهمْ كَانُوا ُمجْ ِرمِينَ ( … )37
صَادِقِينَ ( )36أَ ُهمْ خَيْ ٌر َ ،أمْ َق ْومُ تُبّ ٍع وَالّذِي َ
" ( إن هؤلء ) كفار قرييش لن الكلم فيهيم ،وذكير قصية فرعون وقوميه اسيتطرادي للدللة على أنهيم مثلهيم فيي
ل بهيم ،وفيي اسيم الشارة (هؤلء ) تحقيير لهيم ( ليقولون ) :
الصيرار على الضللة ،والنذار على مثيل ميا ح ّ
( إن هيي إل موتتنيا الولى ) أي ميا العاقبية ونهايية المير ،إل الموتية الولى المزيلة للحياة الولى ( ،وميا نحين
بمنشرين ) أي بمبعوثين بعدها " اللوسي .
" ( إن هؤلء ليقولون إن هيي إل موتتنيا الولى وميا نحين بمنشريين ،فأتوا بآبآئنيا إن كنتيم صيادقين ) يقول تعالى
ذكره مخيبرا عين قييل مشركيي قرييش لنيبي ال صيلى ال علييه وسيلم ،إن هؤلء المشركيين مين قوميك ييا محميد ،
ليقولون إن هي إل موتتنا الولى التي نموتها وهي الموتة الولى ،وما نحن بمنشرين بعد مماتنا ول بمبعوثين ،
تكذيبا منهم بالبعث والثواب والعقاب " الطبري .
" ( أهيم خيير أم قوم تبيع ) هذا اسيتفهام إنكار ،أي إنهيم مسيتحقون فيي هذا القول العذاب ،إذ ليسيوا خيرا مين قوم
تبع والمم المهلكة ،وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلء " القرطبي .
" ( والذيين مين قبلهيم ) أي قبيل قوم تبيع كعاد وثمود ،أو قبيل قرييش فهيو تعمييم بعيد تخصييص ( ،أهلكناهيم )
اسيتئناف لبيان عاقبية أمرهيم هدّد بيه كفار قرييش ( إنهيم كانوا مجرميين ) تعلييل لهلكهيم ،أي أهلكناهيم بسيبب
كونهم مجرمين ،فليحذر كفار قريشا " اللوسي .
( فَإِ ّنمَا َيسّرْنَاهُ ِبِلسَانِكَ َلعَّلهُمْ يَتَ َذكّرُونَ ( )58فَارْ َتقِبْ إِ ّن ُهمْ مُرْ َتقِبُونَ ( )59
" أي أنزلناه سييهل واضحييا بينييا جليييا ،بلسييانك الذي هييو أفصييح اللغات وأجلهييا وأحلهييا وأعلهييا ( ،لعلهييم
يتذكرون ) أي يتفهّمون ويعلمون ،ثم لما كان ميع هذا الوضوح والبيان ،من الناس من كَفرَ وخال فَ وعاندَ ،قال
ال تعالى لرسييوله صييلى ال عليييه وسييلم ،مسييليا له وواعدا له بالنصيير ومتوعدا لميين كذّبييه بالعطييب والهلك
( فارتقيب ) أي انتظير ( إنهيم مرتقبون ) أي فسييعلمون لمين سيتكون النصيرة ،والظفير وعلو الكلمية فيي الدنييا
والخرة " ابن كثير .
" ( فإنما يسرناه بلسانك ،لعلهم يتذكرون ،فارتقب إنهم مرتقبون ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه
وسيلم ،فإنميا سيهّلنا قراءة هذا القرآن ،الذي أنزلناه إلييك بلسيانك ليتذكير هؤلء المشركون ،الذيين أرسيلناك إليهيم
بعِبرِه وحُججه ،ويتعظوا بعظاته ويتفكروا في آياته ،إذا أنت تتلوه عليهم ،فيُنيبوا إلى طاعة ربهم ويذعنوا للحق
عندما تبينهموه .وقوله ( فارتقب إنهم مرتقبون ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم ،فانتظر أنت
ييا محميد الفتيح مين ربيك ،والنصير على هؤلء المشركيين بال مين قوميك مين قرييش ،إنهيم منتظرون عنيد أنفسيهم
قهرك وغلبتك ،بصدهم عما أتيتهم به من الحق ،من أراد قبوله واتباعك عليه " الطبري .
" ( فإنميا يسيرناه بلسيانك لعلهيم يتذكرون ) أي كيي يفهموه ويتذكروا بيه ويعملوا بموجبيه ( فارتقيب ) أي وأن لم
ل بهم ،وهو تعميم بعد تخصيص ،بقوله تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء …حتى قوله … إنهم يتذكروا بما يح ّ
مرتقبون ) وقييل :معناه مرتقبون ميا يحيل بهيم تهكميا ،وفيي اليية مين الوعيد له صيلى ال تعالى علييه وسيلم ميا ل
يخفى " اللوسي .
سورة الدخان تُنذر قوما من أمة السلم كفروا بعد إيمانهم
234
بما ل ينفع بل وبما يضرّ ،وهي صفة يمتاز بها الصبية والولد الصغار ،لصغر عقولهم وقلة مداركهم وضيق
أفقهم وعدم مقدرتهم على أخذ العبرة والعظة .
أميا هؤلء القوم من أمية محميد ،فهيم فيي شيك مين أمير ال ،والشيك هيو انعدام اليقيين بمعنيى أنهيم غيير موقنيين بميا
أخيبر عنيه فيي كتابيه الميبين ،الذي جاء بيه الرسيول الميبين بلسيان عربيي ميبين مين أمور الغييب ،وعلى رأسيها
ربوبيية ال وألوهيته ووحدانيته وإنكار قدرتيه على البعث ،أي الشك بملكية ال للسيماوات والرض وميا بينهميا ،
وقدرتيه على تصيريف المور ،والشيك بحقيقية الحياة بعيد الممات .لذلك فهيم ل يتورعون عين اتخاذ دينهيم هزوا
ولعبا ،إذ ل بعث ول حساب ول عقاب يردعهم .
قال تعالى ( يَأَيّهَا الّذِينَب ءَامَنُوا ،لَ تَ ّتخِذُوا الّذِينَب ا ّتخَذُوا دِي َنكُمْب هُ ُزوًا وَ َلعِبًا ،مِنَب الّذِينَب أُوتُوا ا ْلكِتَابَب مِنْب قَ ْبِلكُمْب
وَالْ ُكفّا َر َأوْلِيَاءَ ،وَاتّقُوا الَّ ،إِنْب كُنْتُمْب ُم ْؤمِنِينَب ( 57المائدة ) ،فالذيين يوالون الذيين اتخذوا ديين ال هزوا ولعبيا ،
من اليهود والنصارى والكفار إجمال ،وهم يُظهرون اليمان ليسوا بمؤمنين ،فما بالك بمن يتخذ دين السيلم ،
هزوا ولعبا ويحاربه وهو ينتسب إليه .
سلَ َنفْ سٌ ِبمَا كَ سَبَتْ لَ ْي َ
س غرّ ْتهُ مُ ا ْلحَيَاةُ الدّنْيَا وَ َذكّرْ بِ هِ أَ نْ تُبْ َ
ن اتّخَذُوا دِي َنهُ مْ َلعِبًا وَ َل ْهوًا وَ َ
وقال تعالى ( وَذَرِ الّذِي َ
شفِي ٌع َوإِ نْ َتعْ ِد ْل ُكلّ عَ ْد ٍل لَ ُي ْؤخَ ْذ مِ ْنهَا أُولَئِ كَ الّذِي نَ أُبْ سِلُوا ِبمَا كَ سَبُوا َلهُ ْم شَرَا بٌ ِم نْ َلهَا ِم نْ دُو نِ الِّ وَِليّ َو َل َ
ن ا ّتخَذُوا دِي َنهُمْ َل ْهوًا وَ َلعِبًا وَغَرّ ْتهُمُ ا ْلحَيَاةُ الدّنْيَا
ب أَلِيمٌ ِبمَا كَانُوا َيكْفُرُونَ ( 70النعام ) ،وقال ( الّذِي َ حمِيمٍ َوعَذَا ٌ َ
جحَدُونَ ( 51العراف ) . فَالْ َي ْومَ نَ ْنسَا ُه ْم َكمَا َنسُوا ِلقَاءَ َي ْو ِم ِهمْ هَذَا َومَا كَانُوا بِآيَاتِنَا َي ْ
فهؤلء القوم يتصفون بأمرين :
الول :أنهم ل يؤمنون بال وباليوم الخر .
الثاني :أن شغلهم الشاغل هو الحياة الدنيا ،وأنهم يتخذون أمور دينهم مادة للهزء والسخرية واللهو .
ب أَلِيمٌ ( )11
سمَاءُ بِ ُدخَانٍ مُبِينٍ ( َ )10ي ْغشَى النّاسَ هَذَا عَذَا ٌ
فَارْ َتقِبْ َي ْومَ تَأْتِي ال ّ
نلحظ أن المفسرين اختلفوا على ثلثة مواقف ،فمنهم من وافق تفسير ابن مسعود ،ومنهم من وافق تفسير ابن
ل منهم أكمل تفسير السورة ،على ما ارتأى من صوابية اعتقاده بالنسبة عباس ،ومنهم من أخذ بالحتمالين .وك ّ
لهذا الدخان .وأميا مين حييث زمين الوقوع ،فالحتمال الول ،يقول بأن الدخان والبطشية قيد مضييا فيي مشركيي
قريييش ،والحتمال الثانييي يقول بأنييه قبييل يوم القياميية ،والحتمال الثالث يقول بأنييه ميين أحداث يوم القياميية ،
وللفصييل فييي هذه القوال والمواقييف ،سيينستنبط صييفات هذا الدخان ميين اليات نفسييها ،وصييفات هؤلء القوم
وأفعالهيم فيي نهايية الفصيل ،بمعزل عين الروايات والتفسييرات السيابقة ،فظاهير اليات الكريمية يدل على أن ميا
ورد فيي اليات هيو نبيأ دخان سييظهر فيي المسيتقبل ،والقدر على بيان أمره هيو مين يعاصير ظهوره بعيد اكتمال
معالمه ،كما هي العادة في فهم وتفسير النبوءات المستقبلية .
235
والقرب والظهر بالنظر في دعواهم تلك ،وإقرارهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم من اليمان عند غشيان الدخان
لهيم ،أن يكون هؤلء مين أمية محميد علييه الصيلة والسيلم ،فسيقوا عين دينهيم ميع كونهيم مسيلمين نفاقيا على
الغلب ،وشركهم في ال جاء بعد اليمان به .أما قريش فلم يكن هذا حالهم ،وما كان ليصدر منها هذا الدعاء ،
فمنهم من أسلم ومنهم أصرّ على كفره ،أما النفاق فلم يعرفوه ولم يكن لهم فيه مصلحة ،ومن المعروف أن النفاق
ظهير بعد انتشار السلم وهو ما حصل في المدينة المنورة ،لعدة غايات وأهمها وأخطرها هو سعيهم لمحاربة
تعالييم الديين وهدم معالميه داخيل المجتمعات السيلمية ،وسيورة الدخان مكيية وحال هؤلء كحال مين قال فيهيم
سبحانه ،في مطلع سورة البقرة :
لخِرِ َ ،ومَا هُمْب ِب ُم ْؤمِنِينَب (ُ )8يخَادِعُونَب الَّ ،وَالّذِينَب ءَامَنُوا ، ( َومِنَب النّاسِب مَنْب َيقُولُ :ءَامَنّاب بِالِّ ،وَبِالْ َيوْمِب ا ْ
شعُرُونَب ( )9فِي قُلُو ِبهِمْب مَرَضٌب فَزَادَهُمُب الُّ مَرَضًا وَ َلهُمْب عَذَابٌب أَلِيمٌب بِمَا كَانُوا وَمَا َيخْدَعُونَب ِإلّ أَ ْنفُسَبهُ ْم وَمَا َي ْ
ن وَ َلكِ نْ لَ ن مُ صْ ِلحُونَ (َ )11ألَ إِ ّنهُ مْ هُ مُ ا ْل ُمفْ سِدُو َ َيكْذِبُو نَ (َ )10وإِذَا قِيلَ َلهُ مْ لَ ُتفْ سِدُوا فِي الَْ ْر ضِ قَالُوا إِ ّنمَا َنحْ ُ
سفَهَا ُء وَ َلكِ نْ
ن َكمَا ءَامَ نَ السّ َفهَا ُء َأ َل إِ ّنهُمْ هُمُ ال ّ شعُرُو نَ (َ )12وإِذَا قِيلَ َلهُمْ ءَامِنُوا َكمَا ءَامَ نَ النّاسُ قَالُوا أَ ُن ْؤمِ ُ َي ْ
ن مُسْ َتهْزِئُونَ لَ َيعْ َلمُو نَ (َ )13وإِذَا َلقُوا الّذِي نَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنّا َوإِذَا خَ َلوْا إِلَى شَيَاطِي ِنهِمْ قَالُوا إِنّا َم َعكُمْ إِ ّنمَا َنحْ ُ
طغْيَا ِنهِمْب َي ْع َمهُونَب ( )15أُولَئِكَب الّذِينَب اشْتَ َروُا الضّلَ َلةَ بِا ْلهُدَى فَمَا رَ ِبحَتْب ( )14الُّ يَسْب َتهْ ِزئُ ِبهِمْب وَ َيمُدّهُمْب فِي ُ
ِتجَارَ ُت ُهمْ َومَا كَانُوا ُمهْتَدِينَ ( 16البقرة ) .
حييث قال سيبحانه ( ومين الناس ) ولم يحصير هذا السيلوك بطائفية مين الناس أو بزمين معيين ،وهذا السيلوك بدأ
بالظهور بعدما قويت شوكة السلم في المدينة المنورة ،واستمر على م ّر العصور حتى يومنا هذا .
أَنّى َل ُهمُ ال ّذكْرَى وَقَ ْد جَاءَ ُهمْ َرسُولٌ مُبِينٌ ( ُ )13ثمّ َتوَّلوْا عَ ْنهُ وَقَالُوا ُمعَلّ ٌم َمجْنُونٌ ( )14
من أين لهؤلء القوم الذكرى ؟! أي التوبة والنابة إلى ال ،وقد سبق منهم العراض عما جاء به الرسول الكريم
،الذي ل يُشكّك في كرم أخلقه أو حسبه أو نسبه أو لسانه العربي المبين ،محمد عليه الصلة والسلم بعد مجيئه
واليمان به والنتساب إلى دينه .وفضل عن سبق العراض عن رسالته ،بعد احتضانها لمدة من الزمن ،تولّوا
عنه وأعرضوا عما جاء به ،واتهموه بالتعلّم من الكهّان والشياطين بحوادث ميتافيزيقية وما شابه ،وأضافوا إليه
صيفة الجنون إمعانيا منهيم فيي الجرام والفتراء والسيتهزاء ،فإن سيلم مين الكهانية لم يسيلم مين الجنون .فيردّ
ن َو َل َمجْنُونٍ ( 29الطور ) َ ( ،وإِنّكَ َلعَلى
عليهم ربهم قولهم هذا بقوله لرسوله ( فَ َذكّرْ َ ،فمَا أَنْتَ بِ ِن ْع َمةِ رَبّكَ ِبكَاهِ ٍ
عظِيمٍ ( 4القلم ) ( ،إِ ّنهُ َل َق ْولُ َرسُو ٍل كَرِيمٍ ( 40الحاقة )
خُلُقٍ َ
وسيُتفاجأ أخيي المسيلم أن المقصيود بهذا القول ليسيوا مشركيي قرييش ،بيل مشركيي ومنافقيي هذا العصير مين أمية
السيلم ،وأنهيم قالوا هذا القول وأكثير فيي رسيول ال علييه الصيلة والسيلم ،تحيت رعايية ودعيم حكوميي مادي
ومعنوي ،وأن هذا الفتراء ذاته هو الذي أخبر عنه سبحانه وهو من أكبر السباب الموجبة لعقابهم .
236
شةَ ا ْلكُبْرَى إِنّا مُنْ َت ِقمُونَ ( )16
ط َ
َي ْومَ نَ ْبطِشُ الْ َب ْ
أما بطش رب العزة فهذا وصفه ( إِنّ َبطْ شَ رَبّ كَ َلشَدِيدٌ ( 12البروج ) .ونستطيع تصوّر طبيعة هذه البطشة من
سحَرٍ ( قوله تعالى في سورة القمر ( كَذّبَ تْ َقوْ مُ لُو طٍ بِالنّ ُذرِ ( )33إِنّا أَرْ سَلْنَا عَلَ ْيهِ ْم حَا صِبًا ِإلّ ءَالَ لُو طٍ َنجّيْنَاهُ مْ بِ َ
طشَتَنَا فَ َتمَا َروْا بِالنّ ُذرِ ( )36وَ َلقَدْ رَاوَدُوهبُ عَنبْ شكَرَ ( )35وَ َلقَ ْد أَنْذَرَهُمبْ َب ْ
ِ )34ن ْع َم ًة مِنبْ عِنْدِنَا كَذَلِكبَ َنجْزِي مَن ْب َ
ح ُهمْ ُبكْرَةً عَذَابٌب مُسْبَتقِرّ ( )38فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ( طمَسْبنَا أَعْيُ َنهُمْب فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ( )37وَ َلقَدْ صَبّب َ
ضَ ْيفِهِب َف َ
)39وَ َلقَدْ يَسّبرْنَا ا ْلقُرْءَانَب لِل ّذكْرِ َف َه ْل مِنْب مُ ّدكِرٍ ( 40القمير ) وتماروا بالنُذر أي كذّبوا إنذارات لوط علييه الصيلة
والسيلم وتحذيراتيه لهيم ،وأكثروا الجدال والسيتهزاء بهيا ومنهيا فبطيش بهيم ربهيم ،وميا وقيع من قوم لوط هو ميا
وقيع مين هؤلء ،بعيد أن جاءهيم هذا رسيولهم الكرييم نذيرا مين غضيب ال ،فغشيهيم الدخان وسيتبغتهم البطشية
الكبرى ،وهم ما زالوا يُمارون ويتمارون في ش كٍ يلعبون ،من أمر هذا الرسول المبين وأمر هذا الكتاب المبين
وأمر هذا الدخان المبين .
ي وما نزل بقوم لوط نستخلصه من اليات التالية :
جعَلْنَا عَالِ َيهَا سبَافِ َلهَا َ ،وَأ ْمطَرْنَا عَلَ ْيهَا ،
( … إِنّ َموْعِدَهُمُب ال صّ ْبحُ أَلَيْ سَ الصّب ْبحُ ِبقَرِيبٍب ( )81فَ َلمّا جَا َء َأمْرُنَا َ ،
ن الظّا ِلمِينَ بِ َبعِيدٍ ( 83هود ) . ي مِ َس ّو َمةً عِنْدَ رَبّكَ َ ،ومَا هِ َ
سجّيلٍ مَنْضُودٍ (ُ )82م َ ن ِ حجَارَ ًة مِ ْ
ِ
كان ذلك فيي الصيباح الباكير حييث رُفعيت قريية لوط علييه الصيلة والسيلم بمين فيهيا إلى السيماء ،وتقول بعيض
الروايات أن الملئكة في السماء الولى سمعت نباح كلبهم ،ومن ثم قُلبت ورُميت من ذلك الرتفاع الشاهق إلى
الرض ،فأحدثييت ذلك الجرف الجغرافييي الممتييد ميين على طول نهيير الردن ووادي عربيية ،وميين ثييم أُمطرت
بالحجارة التي ل تزال ظاهرة إلى يومنا هذا ،منغرسة في الطين على شواطئ البحر الميت .وخلصة القول أن
البطشية تعنيي خراب الديار وهلك أهلهيا بغيض النظير عين الوسييلة ،مشهيد يحميل فيي ثناياه أبشيع صيور للنتقام
اللهييي ،حييين يوغييل الناس بإصييرار فييي الجرام بحييق ال وحييق رسييله الكرام دون وازع أو رادع ،ضاربييين
بإنذارات ربهم عُرض الحائط ،مستحقّين بذلك غضبا إلهيا عارما .
عوْنَ َوجَاءَ ُهمْ َرسُو ٌل كَرِيمٌ … فَدَعَا رَ ّب ُه أَنّ َهؤُلَاءِ َق ْومٌ ُمجْ ِرمُونَ ( )22
وَ َلقَدْ فَتَنّا قَبْ َل ُهمْ َق ْومَ ِفرْ َ
ومفاد اليات أعله هييو أن حال هؤلء القوم ،مييع محمييد الكريييم المييين المييبين عليييه الصييلة والسييلم ،كحال
فرعون وقومه مع موسى الكريم المين المبين عليه الصلة والسلم ،وذلك نفيا لما قاله هؤلء عنهما ،سواء من
فرعون وقومه أو ممن أشرك وكفر من أمة محمد .ومن تشبيه الحال بالحال نستطيع التعرف على موقف هؤلء
القوم مين محميد ،مين خلل معرفية موقيف فرعون وقوميه مين موسيى ،الذي ورد بالتفصييل فيي القرآن الكرييم ،
حيث أن اليات ،التي تصف موقف فرعون وقومه من موسى ورسالته ،تكاد تبين ما تحويه سورة الدخان من
مقاصد إلهية تكتنفها اليات الكريمة .
حال فرعون وقومه مع موسى :
ي دعا موسى عليه الصلة والسلم فرعون وقومه إلى تقوى ال ،فجادلوه واستهزءوا به وبما جاء به ،وأنكروا
ربوبية ال ،واتهمه فرعون بالجنون وهدّده بالسجن إن اتّخذ إلها غيره ،فأراه موسى آيات ربه الكبرى ،فاتهمه
بالسحر وببلوغه مرتبة عالية في علمه ،ليصبح كبيرا السحرة ونفّذ تهديده فيمن اتبعه وآمن به من السحرة .
ن َألَ يَ ّتقُونَ ( )11قَالَ َربّ إِنّي َأخَافُ أَنْ ُيكَذّبُو ِ
ن ع ْو َن ائْتِ ا ْل َقوْمَ الظّا ِلمِينَ (َ )10قوْمَ فِرْ َ ك مُوسَى أَ ِ ( َوإِذْ نَادَى رَبّ َ
عوْنُب عوْنَب َفقُولَ إِنّاب رَسبُولُ رَبّ ا ْلعَا َلمِينَب ( )16أَنْب أَرْسِبلْ َمعَنَا بَنِي إِسْبرَائِيلَ ( … )17قَالَ فِ ْر َ ( … )12فَأْتِيَا ِفرْ َ
حوْلَهُب َألَ وَمَا رَبّ ا ْلعَا َلمِين بَ ( )23قَالَ رَبّ السّب َموَاتِ وَالَْرْض ِب وَمَا بَيْ َنهُمَا إِن ْب كُنْتُم ْب مُوقِنِين بَ ( )24قَالَ ِلمَن ْب َ
تَسْبَت ِمعُونَ ( )25قَالَ رَ ّبكُمْب َورَبّ ءَابَا ِئكُمُب ا َلْوّلِينَب ( )26قَا َل إِنّ رَسبُو َلكُمُ الّذِي ُأرْسِب َل إِلَ ْيكُمْب َل َمجْنُونٌب ( )27قَالَ َربّ
ك مِ نَ ا ْلمَسْبجُونِينَ ()29 ن ا ّتخَذْتَب إِ َلهًا غَيْرِي لَجْعَلَنّ َ ن كُنْتُمْب َتعْقِلُو نَ ( )28قَالَ لَئِ ِ
ب َومَا بَيْ َن ُهمَا إِ ْ
ا ْل َمشْرِقِب وَا ْل َمغْرِ ِ
قَا َل َأوَ َل ْو جِئْتُكَب ِبشَيْ ٍء مُبِينٍب ( )30قَالَ فَأْتِب بِهِب إِنْب كُنْتَب مِنَب الصبّادِقِينَ ( )31فَأَ ْلقَى عَصبَاهُ فَإِذَا هِيَب ُثعْبَانٌب مُبِينٌب (
حوْلَ هُ إِنّ هَذَا لَسبَاحِرٌ عَلِيمٌب ( … )34قَالَ ءَامَنْتُ مْ لَ هُ قَ ْبلَ لَ َ )32وَنَزَعَب يَدَ هُ فَإِذَا هِ يَ بَيْضَاءُ لِلنّاظِرِي نَ ( )33قَالَ لِ ْلمَ ِ
237
طعَنّ أَيْدِ َيكُمْب َوأَ ْرجُ َلكُمْب مِنْب خِلَفٍب َولَُصَبلّبَ ّنكُمْ
عّل َمكُمُب السّبحْرَ فَلَسَبوْفَ َتعْ َلمُونَب لَُ َق ّ
أَنْب ءَاذَنَب َلكُمْب إِنّهُب َلكَبِي ُركُمُب الّذِي َ
جمَعِينَ ( ( … )49الشعراء ) . َأ ْ
ولهذا تشابهت لغة الخطاب وتشابهت الحجة في قول الرسولين الكريمين :
لْوّلِينَ (26
ن كُنْتُ ْم مُوقِنِينَ ( … )24قَالَ رَ ّبكُمْ َورَبّ ءَابَا ِئكُ ُم ا َ
ض َومَا بَيْ َن ُهمَا إِ ْ
س َموَاتِ وَالَْرْ ِ
موسى ( :قَالَ رَبّ ال ّ
الشعراء )
لْوّلِينبَ (8
ت وَالَْرْضِب وَمَا بَيْ َنهُمَا إِن ْب كُنْتُم ْب مُوقِنِينبَ ( … )7رَ ّبكُمبْ َورَبّ ءَابَا ِئكُمُب ا َ
محميد … ( :رَبّ السّب َموَا ِ
الدخان )
يي فأنذرهيم ال بالمألوف للناس مين العذاب كالقحيط والجوع ،مشعرا إياهيم بقدرتيه على أخذهيم لعلهيم يرجعون ،
ولكنهييم ردّوا هذه البتلءات ،إلى " الوش ّي النحييس " لموسييى وميين معييه ولم ينسييبوها إلى ال .وأص يرّوا على
كفرهم فأرسل عليهم ما لم يألفوه ،كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ،فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين .
ولكنهيم لميا وقيع بهيم العذاب وعاينوه وعدوا موسيى باليمان فيي حال كُشيف عنهيم .ورُفيع العذاب عنهيم لجيل
مسيمى هيم بالغوه ،وفور شعورهيم بالرخاء نكثوا عهدهيم وعادوا لميا سيبق ،فانتقيم ال منهيم لتكذيبهيم ليات ال
وغفلتهم عنها .
ن وَ َنقْ صٍ مِ نَ ال ّث َمرَا تِ َ ،لعَّلهُ مْ يَ ّذكّرُو نَ ( )130فَإِذَا جَاءَ ْتهُ مُ ا ْلحَ سَ َنةُ ،قَالُوا لَنَا عوْ نَ بِال سّنِي َ
( وَ َلقَ ْد َأخَذْنَا ءَالَ فِرْ َ
ن َمعَهُ َ ،ألَ إِ ّنمَا طَا ِئرُهُمْ عِنْ َد الِّ ،وَ َلكِنّ َأكْثَرَهُمْ لَ َيعْ َلمُونَ ()131 هَذِهِ َ ،وإِنْ تُصِ ْب ُهمْ سَيّ َئةٌ َ ،يطّيّرُوا ِبمُوسَى َومَ ْ
وَقَالُوا َمهْمَا تَأْتِنَا بِهِب مِنْب ءَا َيةٍ ،لِتَسْبحَرَنَا ِبهَا َ ،فمَا َنحْنُب لَكَب ِب ُم ْؤمِنِينَب ( )132فَأَرْسَبلْنَا عَلَ ْيهِمُب الطّوفَانَب وَا ْلجَرَادَ
جزُ ، ت ُمفَصّلَتٍ ،فَاسْ َتكْبَرُوا َ ،وكَانُوا َق ْومًا ُمجْ ِرمِينَ ( )133وَ َلمّا وَقَعَ عَلَ ْيهِمُ ال ّر ْ ع وَالدّمَ ،ءَايَا ٍ وَالْ ُق ّم َل وَالضّفَادِ َ
ن َمعَ كَ بَنِي إِ سْرَائِيلَ ( جزَ لَ ُن ْؤمِنَنّ لَ كَ ،وَلَنُرْ سَِل ّ
ن َكشَفْ تَ عَنّا ال ّر ْ
عهِدَ عِنْ َد كَ ،لَ ِئ ْقَالُوا َ :يمُو سَى ادْ عُ لَنَا رَبّ كَ ِبمَا َ
جلٍ هُ مْ بَا ِلغُو هُ ،إِذَا هُ مْ يَ ْنكُثُو نَ ( )135فَانْ َت َقمْنَا مِ ْنهُ مْ َ ،فأَغْ َرقْنَاهُ مْ فِي الْ َيمّ ،
)134فَ َلمّا َكشَفْنَا عَ ْنهُ مُ ال ّرجْ َز إِلَى َأ َ
ضعَفُونَ َ ،مشَارِقَب الَْرْضبِ بِأَ ّنهُم ْب كَذّبُوا بِآيَاتِنَا ،وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينبَ (َ )136وَأوْرَثْنَا ا ْل َقوْمبَ الّذِينَب كَانُوا يُسبْتَ ْ
َو َمغَارِبَهَا الّتِي بَا َركْنَا فِيهَا ،وَ َتمّتْب كَ ِل َمةُ رَبّكَب ا ْلحُسْبنَى عَلَى بَنِي إِسْبرَائِيلَ بِمَا صَببَرُوا ،وَ َدمّرْنَا مَا كَانَب يَصْبنَعُ
ن وَ َق ْو ُمهُ َ ،ومَا كَانُوا َيعْ ِرشُونَ ( 137العراف ) . عوْ ُ فِ ْر َ
ي فما آمن لموسى سوى فئة قليلة من مجموع بني إسرائيل ،وتبعهم فرعون إلى البحر وعندما أدركه الغرق ،ندم
الله فخان قومه وأعلن توبته وإيمانه بإله آخر ،هو الله الذي آمنت به بنوا إسرائيل حسب قوله .
عوْنَب َومَلَئِهِب بِآيَاتِنَا فَاسْبتَكْبَرُوا َوكَانُوا َق ْومًا ُمجْ ِرمِينَب (َ … )75فمَا ( ُثمّ َبعَثْنَا مِنْب َبعْدِهِمْب مُوسبَى وَهَارُونَب إِلَى فِرْ َ
عوْ نَ َلعَالٍ فِي الَْرْ ضِ ن َومَلَ ِئهِ مْ ،أَ نْ َيفْتِ َنهُ مْ َ ،وإِنّ ِفرْ َ
عوْ َف مِ نْ ِفرْ َخوْ ٍ ءَامَ نَ ِلمُو سَى ِإلّ ذُرّ ّي ٌة مِ نْ َق ْومِ هِ ،عَلَى َ
عوْنُب َوجُنُودُهُب َبغْيًا وَعَ ْدوًا ،حَتّىب إِذَا
َوإِنّهُب َلمِنَب ا ْلمُسْب ِرفِينَ (َ … )83وجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْبرَائِيلَ الْ َبحْرَ ،فَأَتْ َب َعهُمْب ِفرْ َ
ت أَ ّن ُه َل إِ َلهَ ِإلّ الّذِي ءَامَنَتْ ِبهِ بَنُو ِإسْرَائِيلَ َ ،وأَنَا مِنَ ا ْل ُمسْ ِلمِينَ ( 90يونس ) . أَدْ َر َكهُ ا ْلغَرَقُ ،قَالَ ءَامَنْ ُ
ي وأما عامة المصريين فقد اتبعوا إلههم وربهم العلى فرعون ،بعد أن استخفّ عقولهم فأطاعوه ،وأضلّهم عن
السبيل فكانوا قوما فاسقين كإلههم ،ومن الغريب أن صفة خفة العقل صفة متوارثة لغاية الن في عامة الشعب
المصري إل من رحم ربي ،كما ورث أهل العراق صفة البأس الشديد من أجدادهم البابليين .
ج َعلْ لِي صَب ْرحًا ، عوْنُب َيأَيّهَا ا ْلمَلَُ مَا عَ ِلمْتُب َلكُمْب مِنْب إِلَهٍب غَ ْيرِي ،فَ َأوْقِدْ لِي يَاهَامَانُب عَلَى الطّينِب ،فَا ْ
( وَقَالَ فِرْ َ
َلعَلّي َأطّلِ ُع إِلَى إِلَ ِه مُوسَى َوإِنّي لَظُنّ ُه مِ نَ ا ْلكَاذِبِي نَ ( 38القصص ) ( .فَأَرَاهُ الْ َيةَ ا ْلكُبْرَى (َ )20فكَذّبَ وَعَصَى (
حشَرَ فَنَادَى (َ )23فقَالَ أَنَا رَ ّبكُمْب الَْعْلَى ( 24النازعات ) ( .فَاسْبَتخَفّ َق ْومَهُب فَ َأطَاعُوهُب ُ )21ثمّ أَدْبَرَ يَسْبعَى (َ )22ف َ
عوْنُ َق ْو َم ُه َومَا هَدَى ( 79طه ) . ضلّ فِ ْر َسقِينَ ( 54الزخرف ) ( .وَأَ َ إِ ّنهُ ْم كَانُوا َق ْومًا فَا ِ
يي أميا عليية القوم حاشيية السيوء فكان رأيهيم أنهيم هيم المصيلحون ،وأن موسيى ومين معيه مين المؤمنيين بال هيم
المُفسدون في الرض ،وكذلك رأي فراعنة هذا العصر بأنفسهم وبالمصلحين من الناس ،بمعنى أن موسى ومن
معه سيدفعون الناس إلى عبادة ال فيتركوا عبادة آلهة فرعون ،مما يجعلهم يستنكفوا عن طاعته ليؤول ملكه إلى
الزوال فتفسد الرض ،لذلك توجب التخلص من شرورهم بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم وقهرهم ،وقتل الرأس
المحرّكة للفتنة .
238
عوْنَب أَتَذَ ُر مُوسبَى َو َق ْومَهبُ لِ ُيفْسِبدُوا فِي الَْرْضِب وَيَذَرَكَب وَءَا ِلهَتَكَب قَالَ سَب ُنقَتّ ُل أَبْنَاءَهُمْب
لَ مِنْب َقوْمبِ فِرْ َ ( وَقَالَ ا ْلمَ ُ
عوْنُب َذرُونِي أَقْ ُت ْل مُوسبَى ،وَلْيَدْعُب رَبّهُب ، وَنَسْبَتحْيِي نِسبَاءَ ُه ْم َوإِنّاب َفوْ َقهُمْب قَاهِرُونَب ( 127العراف ) ( .وَقَالَ فِرْ َ
ظهِرَ فِي الَْرْضِ ا ْل َفسَادَ ()26
ف أَنْ يُبَ ّدلَ دِي َنكُمْ َ ،أ ْو أَنْ ُي ْ
إِنّي أَخَا ُ
ي وأما مؤمن آل فرعون فكان له رأي آخر ،إذ قال لقومه فمن ينصرنا من بأس ال إن جاءنا ؟!
عوْ نُ :مَا أُرِيكُ مْ
ن جَاءَنَا … ،قَالَ فِ ْر َ
س الِّ إِ ْ
( َي َقوْ مِ َلكُ مُ ا ْلمُلْ كُ الْ َيوْ َم ظَا ِهرِي نَ فِي الَْ ْر ضِ َ ،فمَ نْ يَنْ صُرُنَا مِ نْ بَأْ ِ
ِإلّ مَا أَرَى َ ،ومَا أَهْدِيكُ ْم ِإلّ سَبِيلَ ال ّرشَادِ ( 29غافر ) وعلى هذا فليحذر فراعنة أمة السلم الجدد ،الذين يهدون
الناس إلى سبيل الرشاد الخاص بهم ،من بأس ال !!
يي وجاء نصير ال لرسيوله الكرييم فأنجاه مين مكير فرعون وملئه ،وأنزل بهيم ميا اسيتجلبوه على أنفسيهم مين عذاب
الدنيا والخرة .
عشِيّاب وَ َيوْمَب
علَيْهَا غُ ُدوّا وَ َ
عوْنَب سبُوءُ ا ْلعَذَابِب ( )45النّارُ ُيعْرَضُونَب َ
ت مَا َمكَرُوا َوحَاقَب بِآلِ فِ ْر َ ( َفوَقَاهُب الُّ سَبيّئَا ِ
ن َأشَدّ ا ْلعَذَابِ ( 46غافر ) عوْ َ
ع ُة أَ ْدخِلُوا ءَالَ فِ ْر َ
َتقُو ُم السّا َ
ي وأخيرا ،تهديد وتحذير شديد اللهجة لمن كفر بالنذير محمد من ملقاة نفس المصير ،فليس هناك استثناء لحد
حتى ولو انتسب لمته وادعى السلم ،فملة الكفر عند رب العزة واحدة ومصيرها واحد ،إذ ل خيرية في الكفر
.
عوْنَب النّ ُذرُ ( )41كَذّبُوا بِآيَاتِنَا كُّلهَا فَ َأخَذْنَاهُمْب َأخْذَ عَزِي ٍز ُمقْتَدِرٍ ( )42أَ ُكفّا ُركُمْب خَيْ ٌر مِنْب أُولَئِكُمْب
( وَ َلقَ ْد جَاءَ ءَالَ ِفرْ َ
عوْنَ رَسُولً علَ ْيكُمْ َ ،كمَا ،أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْ َأَمْ َلكُمْ َبرَاءَةٌ فِي الزّبُرِ ( 43القمر ) ( .إِنّا أَرْسَلْنَا إِلَ ْيكُمْ رَسُولً ،شَاهِدًا َ
ن ال ّرسُولَ ،فَ َأخَذْنَا ُه َأخْذًا وَبِيلً ( 16المزمل ) . عوْ ُ(َ )15فعَصَى فِرْ َ
وقيد جانيب الصواب من ظنّي ،بأن الذين ورثوا أرض مصير هيم بنيي إسيرائيل ،فتارييخ مصير القدييم والحدييث ل
يدل على ذلك ،وكذلك تاريخ بني إسرائيل في القرآن والسنة والتوراة والتلمود كما بينّاه سابقا ،وأما المقصودين
بوراثتهيا هيا هنيا هيم أهيل مصير ،مين أبناء مين بقيي مين قوم فرعون وعيبيده ،حييث لم يُهلك منهيم فيي الييم غرقيا
سيوى مين تبيع بنيي إسيرائيل أثناء خروجهيم مين مصير ،أميا الرض التيي ورثهيا بنيو إسيرائيل بعيد خروجهيم مين
مصر فهي الرض المقدّسة والمباركة فلسطين .
ج ِرمِينَ ( )37
ي إِلّا َموْتَتُنَا الْأُولَى … أَهْ َلكْنَا ُهمْ ،إِ ّن ُهمْ كَانُوا ُم ْ
إِنّ َهؤُلَا ِء لَ َيقُولُونَ :إِنْ هِ َ
يُقرّر سبحانه وتعالى بأن ( َه ُؤلَءِ ) أي أصحاب الدخان يُنكرون البعث والنشور ،كما يُقرّر سبحانه وتعالى أنهم
ليسوا بخير من قوم تبع والذين من قبلهم حيث أهلكهم ال بإجرامهم ،ومن المفهوم ضمنا بأن في هذا وعيد لمن
يُجرمون فيي حق ال ورسله وكتبه وينكرون البعث ،حيث أنهم لو آمنوا بحقيقة رجعتهم إلى ال فيي اليوم الخر
لتقدييم الحسياب ،ونييل ميا ترتيب على أقوالهيم وأفعالهيم تلك مين ثواب وعقاب ،وتحصيّل لديهيم اليقيين بذلك لميا
تجرّأوا على الجرام كميا أجرم الذيين مين قبلهيم ،فهيم فيي شيك يلعبون ومصييرهم الهلك ل محالة ،وانظير قوله
تعالى موضحا حقيقة حالهم وهو أعلم بما يعتمل في صدورهم ،وحقيقة موقفه منهم ومن أمثالهم ماضيا ومستقبل
:
239
جعَ َلكُمْب خَلَئِفَب فِي ت وَالَْرْضِب ،إِنّهُب عَلِيمٌب بِذَاتِب الصّبدُورِ (ُ )38هوَ الّذِي َ قال تعالى ( إِنّ الَّ عَالِمُب غَيْبِب السّب َموَا ِ
الَْرْضِب َ ،فمَنْب كَفَرَ َفعَلَيْهِب كُفْرُهُب َ ،ولَ يَزِيدُ ا ْلكَا ِفرِينَب ُكفْرُهُمْب عِنْدَ رَ ّبهِمْب ِ ،إ ّل َمقْتًا َ ،ولَ يَزِيدُ ا ْلكَا ِفرِينَب ُكفْرُهُمْب ِ ،إلّ
جهْ َد أَ ْيمَا ِنهِمْب ،لَئِنْب جَاءَهُمْب نَذِيرٌ ،لَ َيكُونُنّ أَهْدَى مِنْب ِإحْدَى ا ُلْمَمِب ،فَ َلمّاب جَاءَهُمْب خَسبَارًا (َ … )39وأَقْسَبمُوا بِالِّ َ
ئ ِإلّ بِأَهْلِهِب َ ،ف َهلْ
نَذِيرٌ ،مَا زَادَهُمْب ِإلّ ُنفُورًا ( )42اسْبتِكْبَارًا فِي الَْرْضِب َ ،و َمكْ َر السّبيّئِ َ ،ولَ َيحِيقُب ا ْل َمكْ ُر السّبيّ ُ
حوِيلً (َ )43أوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الَْرْضِ ، ن ِإلّ سُ ّنةَ ا َلْوّلِينَ َ ،فلَنْ َتجِدَ لِسُ ّنةِ الِّ تَبْدِيلً ،وَلَنْ َتجِدَ لِسُ ّنةِ الِّ َت ْ يَ ْنظُرُو َ
يءٍ ،فِي فَيَ ْنظُرُوا كَيْف بَ كَان بَ عَاقِ َبةُ الّذِين َب مِن بْ قَ ْبِلهِم بْ ،وَكَانُوا َأشَدّ مِ ْنهُم بْ ُقوّةً ،وَمَا كَان َب الُّ لِ ُي ْعجِزَه ُب مِن ْب شَ ْ
ظهْرِهَا س َموَاتِ َولَ فِي الَْرْ ضِ ،إِنّ هُ كَا نَ عَلِيمًا قَدِيرًا ( )44وَ َلوْ ُيؤَاخِذُ الُّ النّا سَ ِ ،بمَا كَ سَبُوا ،مَا تَ َر كَ عَلَى َ ال ّ
ن الَّ كَانَ ِبعِبَادِهِ بَصِيرًا ( 45فاطر ) . سمّى ،فَإِذَا جَا َء َأجَُلهُمْ ،فَإِ ّ مِنْ دَا ّبةٍ ،وَ َلكِنْ ُي َؤخّرُ ُهمْ إِلَى َأجَ ٍل ُم َ
وخَ سِرَ هُنَالِ كَ ا ْلكَا ِفرُو نَ (85
وقال ( فَلَ مْ يَ كُ يَ ْنفَ ُعهُ ْم إِيمَا ُنهُمْ َ ،لمّا َرَأوْا بَأْسَنَا ،سُ ّنةَ الِّ الّتِي قَ ْد خَلَ تْ فِي عِبَادِ هِ َ ،
غافر ) .
-إذن ل أحد ممن أجرم في حق ال بمفازة من العذاب ،وما تركِهم في طغيانهم يعمهون إل لحين مجيء أجلهم
المُعلوم سيلفا ،وتأخيير العذاب عنهيم ميا كان لعجيز أو لقصير ذات ييد ،إذ أنهيم كلميا أمعنوا فيي الكفير كلميا ازدادوا
مقتيا وغضبيا وخسيارة وكلميا اقترب إليهيم أجلهيم وهيم ل يشعرون ،ولن يقبيل إيمانهيم عنيد معاينية العذاب ،بعيد أن
حق القول عليهم وصدر الحكم بكفرهم ونفذ قضاء ال فيهم .
242
قوله ( الناس ) أنيه سييغشى عامية الناس المقيميين فيي المكان الذي أحدث الناس فييه ميا وصيفته اليات أعله دون
سائر البشر .
عوْ َ
ن أما الشارة الثانية للمكان فجاءت في قوله تعالى ( وَ َلقَدْ َنجّيْنَا بَنِي إِ سْرَائِيلَ مِ نَ ا ْلعَذَا بِ ا ْل ُمهِي نِ ( )30مِ نْ ِفرْ َ
… ) ونجاتهيم كانيت بخروجهيم مين مصير ،وذكير بنيي إسيرائيل أيضيا جاء هنيا لشتراكهيم ميع الفراعنية بالفسياد
والفسياد فيي الرض ،وانعدام اليمان بال واليوم الخير ،ومحاربتهيم ل ولرسيله وأنيبيائه والصيالحين مين الناس
قبل العلو وبعده ،فأنزل ال بهم العذاب تلو العذاب .
وقوله تعالى ( … إِنّ َه ُؤلَءِ … ) أصحاب الدخان ( … أَهْ َلكْنَا ُهمْ ،إِ ّنهُ ْم كَانُوا ُمجْ ِرمِينَ ( )37وفيه تهديد ضمني
للمخاطبين بالقرآن ،من كفرة أمة محمد عليه الصلة والسلم ،بالهلك كما أُهلك الذين من قبلهم لما فعلوا مثل
فعلهم .
تساؤلت :
والسؤال الول :هل ظهر الدخان في مصر حيث مكان إقامة فرعون وقومه ؟!
والسؤال الثاني :هل كان أهل مصر ( فِي شَكّ يَ ْلعَبُونَ ) قبل ظهور الدخان ؟!
والسؤال الثالث :هل أمعن أهل مصر في التولي والعراض ،عما جاء به رسول ال عليه الصلة والسلم بعد
ظهور الدخان ( وَقَالُوا _ عنه _ ُمعَلّ ٌم َمجْنُونٌ ) أيضا ؟!
243
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
فيي هذا الفصل ،سنعرض جانبا من مقالت كانت قد وردت في صحيفة الهرام المصرية ،تتحدث عن سحابة
كثيفة من الدخان السود ،غشيَت سكان القاهرة ،في الفترة الواقعة ما بين 1999 / 10/ 30 – 20م .
244
سحابة الدخان تتلشى نهائيا من فوق القاهرة خلل 48ساعة
الصفحة الولى /الثنين 16 /من رجب 1420هي 25 ،أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/FRON13.HTM :
245
سر اختناق القاهرة !
25أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230 تحقيقات /الثنين 16 /من رجب 1420هي ،
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE1.HTM :
حرق حطيب القطين وقيش الرز ميع خلييط الغازات المركبية سيبب سيحابة الدخان .المواطنون :إصيابات بالنيف
والحلق وصعوبة في التنفس نتيجة للتلوث .مصدر أمني 5 :بلغات فقط حول حرائق المخلفات وتم إخمادها .
246
ومن جانبه آثار المسيتشار صبري البيلي محافظ القليوبية ،مشكلة حرق حطب القطن في المزارع ،أمام وزيرة
البيئة ورئيس جهاز شؤون البيئة في اجتماع هذا السبوع .وقال المستشار البيلي أن القانون 4لسنة 1994المادة
37بشأن البيئة ،يمنع منعا بافات والقمامة ومخلفات الحقول حتى ل يتلوث الهواء ،وفي نفس الوقت يحتم القرار
الوزاري على الفلحين حرق الحطاب .
ومين المعروف ،أن هناك 32محطية ،أقامتهيا الدانمرك فيي الرض المصيرية ،لرصيد حالة الهواء ،بالكاسييد
الزوتية الكبريتية والكربونية .وقد تم تركيب هذه المحطات لتغطي أرض الدلتا ،وهي تعمل لمدة 24ساعة ويتم
بها رصد حالة الهواء ومكوناته ،ولم نسمع أن أحدا فتح هذه المحطات ،ورصد ما بها من تسجيل وما حدث من
ملوثات بهواء الدلتا وعواصم مدنها .
وفيي القاهرة الكيبرى حوالي 40محطية لرصيد الهواء ،وقيد أقام المشروع المريكيي لتحسيين هواء القاهرة حوالي
33محطيية ،لرصييد الذرات الصييغيرة العالقية ميين 2.5جزء فييي المليون إلى عشرة أجزاء فييي المليون كمييا تقوم
برصييد الرصيياص ،وهناك 7محطات دانمركييية تقوم برصييد أول وثانييي أكسيييد الكربون وأول أكسيييد الكييبريت
والغازات الخرى ،ولم َتبُح هذه المحطات بأسرار ما حدث من تلوث في هواء القاهرة الكبرى والدلتا والجيزة .
قام اليابانيون بإنشاء معمل مركزي تابع لجهاز شؤون البيئة ،ومعامل أخرى متنقلة لرصد حالة الجو عند حدوث
أزمة أو كارثة ،أو رد فعل لي شكوى ،ويشرف على المعامل جهاز شؤون البيئة ويديرها خبراء مصريون .
ومييين المعروف أيضيييا أن المصيييادر الطبيعيييية لتلوث هواء القاهرة ،مصيييدرها بخار الماء الضار والبكتيرييييا
والفطريات والملح ،ونواتييج الحتراق ذو النشاط الطييبيعي .أمييا المصييادر الصييناعية فييي تلوث هواء القاهرة
الكبرى فهي حرق الوقود والطاقة وعمليات النتاج الصناعي ،ووسائل النقل والقطارات والطائرات والسفن ..
ومين ناحيية أخرى لم تنقطيع التصيالت التليفونيية للمواطنيين بالهرام طوال ليلة أميس الحيد ،حييث اشتكوا مين
وجود سحابة دخان كثيفة غطّت أجواء القاهرة ،خاصة منطقتي مدينة نصر ومصر الجديدة ومناطق وسط البلد
ومصر القديمة ،وأصابت الطفال وكبار السن بالختناق .
وتقول السيدة نجية الشال ،من سكان شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر ،أن سحابة الدخان أصابتها وأطفالها
بحالة اختناق ،حيث تعاني من حساسية في الصدر ،أدت إلى عدم قدرتها على التنفس رغم إغلق النوافذ بالشقة
وتتساءل هل عمال جمع القمامة هم السبب ،أم القائمون على حرق القمامة ؟! أم العمال المختصين بجمع القمامة
مين الشوارع ،هيم الذيين أحرقوا هذه القمامية التيي أدت إلى هذا الدخان الكثييف ؟! وتتسياءل السييدة نجيية الشال ،
أين وزيرة شؤون البيئة ،وأين القائمون على النظافة في بلدنا ..وكيف يتركون هذا المر دون متابعة ؟!
ومن الروضة بالمنيل ،استغاث بنا محمد أبو سريع عبد الكريم ،قائل :ما هي حكاية الدخان الكثيف الذي يمتد
مين حلوان إلى المعادي والمنييل والمهندسيين ؟! ويقول أننيا ل نسيتطيع التنفيس ونكاد نصياب بحالة اختناق شديدة .
أميا السييدة سيمر عمير محمود مين سيكان مدينية نصير ،فقيد وصيفت الدخان بأنيه عبارة عين دخان ينبعيث مين آبار
بترول تحترق وليس دخانا عاديا ،ينبعث من مخلفات قمامة ،كما أن الجو الحار ساعد على حدوث انقباض في
حالة الجو جعلتنا ل نستطيع التنفس .
أحميد علي أبيو الحسين ،مشرف اجتماعيي بجامعية الزهير بمدينية نصير ،يقول إنيه يشعير بحالة اختناق شديدة
وحرقان بعينيه ،لم يستطع معها البصار بصورة جيدة .
ومين جانبيه أكيد مصييدر أمنييي بنجدة القاهرة ،بأن النجدة لم تتلق بلغات حرائق ليلة أميس ،عدا حرييق محدود
شب في محطة بنزين التعاون بشارع قصر العيني .وذكر المصدر المني أن الدارة تلقت ليلة أمس ،حوالي 5
بلغات حريق في مخلفات قمامة وتم إخمادها فورا .وأوضح أن الدارة تلقّت إشارة بأن الشبورة ،التي أحاطت
سماء القاهرة ليلة أمس ،كانت نتيجة حرق مخلفات محصول القطن والرز بالرياف .
وحول أسباب الظاهرة ،كتب عبد المجيد الشوادفي من الشرقية ،في محاولة سريعة وعاجلة ،لحتواء السباب
التيي أدت إلى ظهور السيحابة السوداء فوق سماء القاهرة وعدد من محافظات الدلتا ،نتيجة لقيام الفلحيين بحرق
247
قش الرز المتخلف عن حصاد المحصول ،مما ترتب عليه حدوث اختناقات وإصابات في العيون بين الكثيرين
من أبناء ومحافظة الشرقية .
قرّر المحافييظ الدكتور حسييين رمزي كاظييم تنفيييذ عدة إجراءات للقضاء على هذه الظاهرة ،التييي انتشرت فييي
مختلف مسياحات الراضيي المزروعية بالرز ،والتيي تبلغ حوالي 150ألف فدان .وتيم التفاق ميع اللواء محميد
صيادق أبيو النور مسياعد وزيير الداخليية لمين الشرقيية ،على تكلييف رؤسياء الوحدات المحليية بالقرى والمدن
ومأموري مراكيز الشرطية ،بتنظييم حملت لخماد عمليات حرق قيش الرز ،والسيتعانة بفرق الدفاع المدنيي
والحريق لطفاء النيران المشتعلة في الحقول وتحرير محاضر للمخالفين .
وكانت سحابة الدخان الكثيفة التي خيّمت على مدى اليام الماضية فوق محافظة الشرقية ،قد امتدت إلى مناطق
متعددة في المحافظات المجاورة ؟ وغطّت الطرق الرئيسية التي تربط بينها وبين الطرق الصحراوية ،مما أدى
إلى إعاقة الرؤية أمام سائقي السيارات وعرضتهم إلى ارتكاب حوادث تصادم .
248
المزارعون :القش بريء
تحقيقات /الثنين 16 /من رجب 1420هي 25أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41230
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/25/INVE4.HTM :
رئيس هيئة النظافة وتجميل القاهرة يُبرّئ مقالب القمامة ويتهم القش
تحقيقات /الثلثاء 17 /من رجب 1420هي 26 ،أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41231
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/26/INVE2.HTM :
كتيب عبيد العظييم الباسيل :أثارت سيحابة الدخان الخانيق التيي غطيت القاهرة أول أميس ،تسياؤلت عديدة حول
أسبابها ..البعض أرجعها لحرق مقالب القمامة المنتشرة حول القاهرة ،وعلّلها البعض الخر بحرق بقايا جذور
نبات الرز ،في الحقول المنتشرة حول القاهرة الكبرى .
وأيًا كانييت أسييبابها الحقيقييية فقييد انزعييج العديييد ميين الهالي ،التييي أصييابها احمرار بالعييين وضيييق بالتنفييس
الصدري ،نتيجة لهذا الدخان الخانق الذي لف القاهرة .
مين جانبيه يؤكيد اللواء مجدي البسييوني ،رئييس هيئة التجمييل والنظافية بالقاهرة :إن هذه السيحابة العالقية بسيماء
القاهرة ل ترجيع إلى حرق القمامية ،خاصية أن لدينيا ثلث مقالب كيبرى بالوفاء والميل والقطاميية ودار السيلم ،
ل منهييا 15فدانييا ،ولم يتييم حرق قماميية إحداهييا طوال اليام الثلثيية الماضييية ...فضل عيين أننييا قمنييا
مسيياحة ك ٍ
بالتفتييش على مقالب قمامية القطاع الخاص ،ووجدناهيا ل تعميل أيضيا ،وقبيل هذا وذاك فان رائحية حرق القمامية
مميزة ،وهي تختلف عن رائحة الدخان التي انبعث فوق القاهرة .
ومن هنا فقد تأكدنا ،وفقا لشكاوي المواطنين القادمين من الطرق السريعة ،والذين أكدّوا انهم فقدوا الرؤية على
الطرق السيريعة ،نتيجية لنبعاث الدخنية مين الحقول المجاورة على جانيبي الطرييق ،على غرار ميا حدث فيي
العام الماضي ،خلل نفس التوقيت .وأضاف :من المعاينة تأكدنا من اشتعال 9مواقع في المساحة المحصورة
من مزارع الرز ،بين الطريق الدائري والطريق الزراعي عند مدينة قليوب ،بالضافة لمساحات أخرى كانت
ظاهرة من طريق بلبيس الصحراوي باتجاه الخانكة .
250
عودة سحابة الدخان إلى سماء القاهرة
الصفحة الولى /الربعاء 18 /من رجب 1420هي 27 ،أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41232
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/FRON1.HTM :
صورة ليلية :سحابة الدخان حجبت مباني القاهرة مرة أخرى مساء أمس
تجدد انتشار الدخان فيي سيماء القاهرة الكيبرى مسياء أميس ،وتلقيت الهرام اتصيالت هاتفيية مين قاطنيي السياحل
وشبرا مصر ومصر الجديدة ،ومدينة السلم والعجوزة والمنيل والهرم ،بإحساسهم بتكاثر الدخان وأنهم أغلقوا
نوافيذ مسياكنهم .وصيرحت الدكتورة ناديية مكرم عبييد وزيرة شئون البيئة ،بأن كثافية سيحابة الدخان التيي عادت
إلى سماء القاهرة ،أقل مما كانت عليه مساء السبت الماضي حين بلغت ذروتها .وقالت لمندوبي الهرام ،أنها
في اجتماع دائم مع خبراء البيئة المصريين وبعض الخبراء من الدنمارك ،لرصد وتحليل الدخنة الموجودة في
سماء القاهرة الكبرى .وأكدّت وجود مرتفع جوي قادم من شمال الجمهورية ،وأنه أدى إلى عدم تشتت الملوثات
العالقيية فييي الجييو ،وزيادة شعور المواطنييين بهييا فييي بعييض مناطييق القاهرة الكييبرى .وحذر الدكتور طارق
صيفوت ،رئييس قسيم المراض الصيدرية بجامعية عين شميس ،من أن هذه السيحابة تزييد مخاطير التهاب الشعيب
الهوائيية للمواطنيين ،وحدوث النزلت الربويية وحسياسية جهاز التنفيس .ونفيى مديير أمين القليوبيية ميا تردّد عين
احتراق مخلفات أحد المصانع الكبرى بي ( بنها ) .
عودة الدخان الخانق ! طوارئ في وزارة البيئة لفك لغز السحابة السوداء
تحقيقات /الربعاء 18 /من رجب 1420هي 27 ،أكتوبر 1999م ،السنة -124العدد 41232
موقع الصفحة على شبكة النترنت هو www.ahram.org.eg/Arab/Ahram/1999/10/27/INVE1.HTM :
251
متابعة :عبد العظيم الباسل وناجي الجرجاوي وسالي وفائي وأشرف أمين
صورة ليلية
فيي حوالي السياعة السيابعة والنصيف مسياء أميس 26 ،أكتوبر ،تلقيت الهرام العدييد مين المكالمات التليفونيية ،
تؤكيد عودة سيحابة الدخان مرة أخرى ،فيي مناطيق السياحل وشيبرا ومصير الجديدة ،ومدينية السيلم والعجوزة
والمنييل والهرم .وقيد أغلق المواطنون النوافيذ لشعورهيم بالختناق .وصيرحت الدكتور ناديية مكرم عبييد وزيرة
شؤون البيئة ،بأن سيحابة الدخان الخانيق عادت إلى سيماء القاهرة بالميس ،ولكين ليسيت بكثافية السيحابة ،التيي
غطييت القاهرة منييذ ثلثيية أيام .وقالت :أنهييا فييي اجتماع دائم مييع خييبراء البيئة المصييريين وبعييض الخييبراء
الدانماركيين ،لرصد وتحليل الدخنة المنبثقة والمنتشرة في سماء القاهرة الكبرى .
وأشارت إلى أن التحليل المبدئي للدخنة ،أكد وجود نسبة عالية من الجسيمات العالقة والتربة الرفيعة ،ساعد
على انتشارهيا سيكون الجيو وعدم تحريكهيا بواسيطة الرياح ،ومازالت أبحاثنيا مسيتمرة للوصيول إلى حقيقية هذه
الدخنيية خلل اليي 48سيياعة المقبلة .وعلّلت عودة الدخنيية إلى تضافيير مجموعيية ميين العوامييل أهمهييا المسييابك
والصناعات الملوثة للبيئة ،وحرق بقايا محصولي الرز والقطن في الحقول المجاورة للقاهرة .
أكدّت السييدة ناديية مكرم عبييد ،أن اسيتمرار ظهور الدخان المنتشير فيي سيماء القاهرة الكيبرى ،هيو نتيجية وجود
مرتفييع جوي قادم ميين شمال الجمهورييية ،أدى إلى عدم تشتييت الملوثات العالقيية فييي الجييو ،والتييي شعيير بهييا
المواطنون فييي بعييض مناطييق القاهرة الكييبرى .وقالت الوزيرة إن الوزارة تقوم حاليييا بالتعاون مييع الجهزة
المعنيية ،بمتابعية الموقيف للتخفيف من تركيز تلك الملوثات ،حيث أشارت مصيادر الرصاد الجوية ،إلى توقع
استمرار هذه الظاهرة لمدة 3أيام على القل .
ومن جانبه ،قال الدكتور محمود نصر ال مدير معمل تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث :إن حرائق القمامة
والملوثات الناتجة من العربات والصناعات الصغيرة ،ليست السبب الوحد في هذه الحالة المناخية ،فهناك نوع
من الركود للحركة الرئيسية والفقية للهواء ،هذا بالضافة إلى انخفاض سرعة الرياح وتغير العوامل الجوية ،
مميا يؤدي إلى حالة مين الحتباس الحراري ،لذلك يجيب أن تشكيل غرفية عمليات ،فيي مثيل هذه الحالت ليقاف
الملوثات المنبعثة ( .تبريرات وتكهنات جديدة )
وشرح الدكتور محمود نصيير ال مدييير معمييل تلوث الهواء ،أنييه ميين المتوقييع أن تكون الدخنيية ( وليييس ميين
المؤكييد ) ،ناتجيية عيين احتراق وقود البترول أو القماميية ! هذه الدخنيية عبارة عيين جسيييمات عالقيية ميين الدخان
السود ،ثاني أكسد الكربون ،وثاني أكسيد الكبريت ،أول أكسيد الكربون ،وأكاسيد النيتروجين ،لذلك يجب أن
يكون هناك حل سريع وفوري ،وتشكيل غرفة عمليات لرصد مصادر التلوث ،وكل منطقة سكنية بها محرقة أو
252
مقلب زبالة ،يجب أن تبلغ الجهات المسؤولة مثل وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة حتى تخمد هذه الحرائق فورا
.
ويضيف الدكتور محمود نصر ال :إننا الن أمام احتمالين ،إما أن تنشط حركة الهواء مرة أخرى ويعود المناخ
لوضعيه الطيبيعي ،أو يسيتمر الوضيع على ميا هيو علييه ،مميا يؤدي إلى تركيز الهواء وبالتالي تراكيم الملوثات ،
والتي سيُضارّ منها مرضى الصدر والدورة الدموية والقلب .ويضيف الدكتور محمود نصر ال ،أنه للسف ل
توجيد خريطية توضيح مراكيز التلوث بالقاهرة ،مثيل المحارق وبعيض الورش والمصيانع ،والتيي مين الممكين
التحكم بها في مثل هذه الحالت بإيقاف مصادر التلوث ،بشكل تدريجي ومؤقت لحين عودة الرياح لنشاطها .
ويضييف الدكتور محمود نصير ال :أن حادثيا مشابهيا وقيع فيي لندن عام ( 56المسيؤول السيابق قال أنيه وقيع عام
، ) 49حييث ازدادت كثافية السيحب المعبأة بالملوثات ،مميا أدى إلى إصيابة العدييد باللتهابات الشعبيية ،وتطور
الميير إلى مرحلة الختناق والوفاة .لذلك يطالب الدكتور محمود نصيير ال ،بأن تتابييع محطات الرصييد التابعيية
لجهاز شؤون البيئة ،تغيرات مكونات الهواء فييي كييل منطقيية ،وتحدد مصييادر التلوث سييواء كانييت محارق أو
مصانع .ووقفها بشكل مؤقت لحين تحسن الحالة الجوية وعودة الرياح لسرعتها الطبيعية .
وميين جانبييه أكييد مجدي البسيييوني رئيييس هيئة النظافيية وتجميييل القاهرة :أنييه قام بجولة ميدانييية ،للوقوف على
مصادر انبعاث الدخنة من جديد ،فوجد أن المقالب الرسمية لم يحدث بها أي اشتعال للقمامة ،بينما لحظ وجود
الدخنة بكثافة في المناطق المتاخمة للراضي الزراعية على امتداد المشروع البلبيسي .وأجمعت المصادر على
أن الحرائق ل تزال مشتعلة فيي الحقول بمنطقية الخانكية والطرييق الدائري .وطالب البسييوني :بضرورة تحرك
الرصاد والبيئة ،للكشف عن سر هذه الظاهرة ،التي تفاجئ القاهرة بين الحين والخر .
ومين جانبيه أكيد المسيتشار صيبري البيلي محافيظ القليوبيية أنيه بالميس فقيط ،تيم تحريير 35محضرا بيي ( قهيا
وطوخ ) لحرق قش الرز المخالف ،والحملت مازالت مستمرة من الزراعة ومجالس المدن لمتابعة المخالفين .
مؤكدا أن سييبب الدخان يرجييع للرز المحترق ميين بعييض المزارعييين ،بمنطقيية اللج والخانكيية بجوار الطريييق
الدائري .ونفى المستشار البيلي عدم حرق أي كاوتش كما تردّد عن أحد المصانع الكبرى .
ومين جانبيه صيرح د .محميد عطيية الفيوميي رئييس مجلس محلي محافظية القليوبيية :بأنيه ل توجيد حرائق فيي
المنشآت الموجودة على أرض المحافظيية حتييى السيياعة التاسييعة مسيياء الثلثاء 26أكتوبر ،ولم تتلق النجدة أو
المطافيئ أيية بلغات فيي هذا الخصيوص ،إل أنيه قيد توجيد بعيض حرائق يشعلهيا بعيض المزارعيين للمحاصييل
المنتهية ،لكنها ل تخرج عن كونها حرائق محدودة الثر وغير ذات تأثير .وعلى الجانب الخر لم يشعر سكان
القليوبييية بالدخان الذي شعيير بييه سييكان القاهرة ،ولم تتغييير طبيعيية المناخ ول رائحيية الجييو عيين المور المعتادة
( بالرغم من أن الحرق يتم في القليوبية ،وهي تبعد عن القاهرة 25كم ) .ونفى مدير أمن القليوبية ما تردّد عن
احتراق مخلفات أحد المصانع الكبرى بي ( بنها ) مسببة الدخان الذي غطّى سماء القاهرة .
256
* صحيفة الشعب والتي أُخذ منها هذا المقال ،موقوفة عن العمل من قبل الحكومة المصرية .
قراءة سريعة في مقالت الهرام والشعب
صحيفة الهرام
257
مقالب الزبالة بريئة من التهمة :
مين جانبيه يؤكيد اللواء مجدي البسييوني رئييس هيئة التجمييل والنظافية بالقاهرة :إن هذه السيحابة العالقية بسيماء
القاهرة ل ترجع إلى حرق القمامة ،ليُبرّئ مقالب القمامة ويتهم القش .
258
اهتمام على مستوى رئاسة مجلس الوزراء :
تلقى الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء تقريرا شامل مساء أمس ،من الدكتورة نادية مكرم عبيد وزيرة
الدولة لشؤون البيئة ،حول ظاهرة الدخان الكثييف الذي غطيى سيماء القاهرة منيذ يوم السيبت الماضيي ،وعاد إلى
الظهور يومي أمس وأمس الول .
إحدى الحقائق المرعبة ،على لسان وزيرة الدولة لشؤون البيئة :
وصييرحت الدكتورة نادييية مكرم عبيييد وزيرة الدولة لشؤون البيئة ،بأن معدلت تلوث الهواء وصييلت أخيرا إلى
300ميكروغرام في المتر المكعب ،بما يتجاوز أربعة أضعاف نسب التلوث المنية .
ي فكيف وصلت نسبة التلوث بالدخان إلى هذه الدرجة بين عشية وضحاها … ؟! ولماذا لم تُطلع الوزيرة وخبراء
الرصيد الشعيب المصيري ،على تقاريير التحليلت المخبريية أثناء حدوث الظاهرة أو بعيد انتهائهيا ،واقتصيرت
على تبريرات وتفسيرات أشبه ما يكون بحكايا جدتي .
259
بل هم في شك يلعبون
* النصيوص الكاملة لمادة هذا الفصيل ،تجدهيا على موقيع باسيم ( ملف وليمية لعشاب البحير ) ،على شبكية
النترنت على العنوان :
، www.mohammadabbas.com/books/alwaai/alwaai8.htmأو العنوان :
www.alshaab.com/GIF/31-08-2001/Walima.htm
مقتطفات ،من مقالت د .محمد عباس في رواية وليمة لعشاب البحر :
صحيفة الشعب ، 28/4/2000 :عنوان المقال :
ل إلـه إل ال ..
260
تراءى لي الرسول ،صلى ال عليه وسلم ،يناظرني معاتبا يوم القيامة ،فصرخت من الخجل …
تراءى لي الزبير بن العوام ،يهتف صارخا في حروب الردة :من يبايعني على الموت ...
تراءى لي ملييين ومليين مين الشهداء والصيابرين ..بذلوا حياتهيم واحتسيبوا صيبرهم ،لتقدييس اسيم ال ورفيع
كلمته ..ثم أتى الشيطان ليكتب ما يسميه كتابا ،تعتيبره وزارة الثقافة المصيرية – وهى الخرى شيطان -أدبا ،
فتنشره على الناس كي تنوّرهم ...
وزارة الثقافة المصرية في بلد الزهر ،وصلح الدين وقطز وخالد السلمبولي ،تنشر يا قراء كتابا يدعى أنه
رواية ،يقول :أن القرآن خيراء ..ثم ل يلبث أن يقول :إخرأ بربك …
ل إليه إل ال … أول مرة ألقى مثل هذا اللم في حياتي ..
ول حتييى اسييتدراجنا كقطيييع ميين الخراف ،إلى مقتلة الخليييج ..حييين اندفييع بالشرك والغباوة والخيانيية والجهييل
والنفاق ،نصفنا يقتل نصفنا ..كقطيع ..قطيع من الخراف يندفع إلى المجزرة ،وهو فرح بها نشوان ..
ول حتى عندما حمل السادات ،كفننا وكرامتنا وتاريخنا ،ليذهب مذموما مدحورا إلى القدس ..
ول حتى مع الذبح اليومي الذي نشارك فيه للعراق ..ول حتى يوم موت أبى ..أبدا ..لم أشعر بمثل هذا اللم ...
القرآن ..خيراء …
ملذنا الخير ينتهك ويهان ...
كان صديقي ما يزال على اليهاتف … وكنت ما أزال أبكى ،وأنا أقرأ له ،مما نشرته وزارة الثقافة المصرية ..
رائدة التكفيير ل التنويير " :ال قال انكحوا ميا طاب لكيم .رسيولنا المعظيم كان مثالنيا جميعيا ،ونحين على سينته ..
لقد تزوج أكثر من عشرين امرأة ،بين شرعية وخليلة ومتعة " ..
ثييم يسييتطرد الكتاب الفاجيير الكافيير ،الذي يلبييس عباءة رواييية ،وليييس برواييية ،إل فييي عقول مخصييية شاذة
مريضة ،سعت وتسعى إلى نشر الكفر والفاحشة ..يستطرد مجترئا على الذات الليهية ،ليقول " :إن رب هذه
الرض ،كان يزحف وهو يتسلل من عصور الرمل والشمس ،ببطيء السلحفاة " .
ويسوق في حوار فاجر كافر " :هو من صنع ربى ..ل بد أن ربك فنان فاشل إذن " ..
ل إليه إل ال …
ويقول الفاجير بين الفاجير ،الفاسيق بين الفاسيق ،الكافير بين الكافير :مؤلفيا وطابعيا وناشرا ووزارة " :داخيل هذه
الهواز التيي خلقهيا الرب ،فيي الزمنية الموغرة فيي القدم ،ثيم نسييها فيميا بعيد لتراكيم مشاغله ،التيي ل تُح ّد فيي
بلد العرب وحدها ،حيث الزمن يدور على عقبيه منذ ألفي عام " .
و " أقام ال مملكته الوهمية ،في فراغ السماوات " ..
و " وخلع الجلد المتخلف والبالي ،الذي خاطه السلم فوق جلودنا القديمة " ..
و " إن حبل السرة ،ما يزال موصول مع الزمنة الرعوية ،وأزمنة عبادة ال الواحد القهار في السماء والرض
،وذلك الذي يقول للشيء كن فيكون " .
آه ينصدع لها القلب ،وينحطم الفؤاد ،وتنكسر الروح ...
برح الخفاء يا ناس ،وهذا وقت المفاصلة ،إما إيمان ،وإما كفر ...
للوهلة الولى ..والدوار يكتنفنيي ،قلت لنفسيي :اذهيب إلى الزهير على الفور واصيعد منيبره ،واصيرخ :مين
يبايعني على الموت ..؟!
ثيم آخيذ الرهيط الذي يجتميع حولي ،وأتوجيه بهيم إلى قصير الرئييس مبارك ..عراة صيدورنا نازفية قلوبنيا دامعية
عزّل أيدينيا ..نسيأليه ،والسيؤال دم :ميا هيي الحدود بيين السيلم والكفير ..؟ ميا هيي التخوم بيين التنويير
عيوننيا ُ
261
والتعهير ..؟ ما هى الطخوم بين تجفيف المنابع ،والخروج من الملة ..؟ ما هي البيون بين أن تكون مصر قائدة
للتنوير حقا يرتضيها العرب والمسلمون ،وبين أن تكون قوادة للكفر والفسوق والعصيان ..؟
نهتف فييه :أنت ولى المر … وليس لنا أن نقيم الحد على الفجرة الكفرة الفسقة بأيدينيا …
تسيلل إلى نفسيي أمل مييت ..أن يكون ثمة لبيس قيد حدث أمام صيحيفة السبوع ،عندما فجرت هذه الفضيحة منيذ
أسابيع قليلة ..لعل الكتاب طبع في إسرائيل مثل ..وقلت لنفسي أن السلم يأمرني بالتثبت ..بحثت عن الكتاب
..ووجدته :
( وليمة لعشاب البحر ..حيدر حيدر ..سلسلة آفاق الكتابة ..العدد -35اليهيئة العامة لقصور الثقافة ..وعنوانها
كما هو مثبت 16 :أ شارع أمين سامي -قصر العيني – القاهرة ت – 3564842 – 3564841 :فاكس – 3564202
أميا الطابيع فهيو :شركية الميل للطباعية والنشير ،أميا قائمية العار الدنييسة المكتوبية على صيفحات الكتاب الولى ،
فتجميع :رئييس مجلس الدارة :على أبيو شادي ،أميين عام النشير :محميد كشييك ،رئييس التحرييير :إبراهيييم
أصلن ،الشراف الفني :د .محمود عبد العاطي ،مدير التحرير :حمدي أبو جلييل ) ...
ل إليه إل ال …
كنيت أظن أنيي محتاج لقراءة الرموز بين السيطور ،كيي أكشيف الشرك الخفيي ..حتيى جاء هذا الكتاب ،وفجرت
صحيفة السبوع قضيته …
ليس الشرك الخفي بل الكفر البواح ...
هو الخيانة ل ولرسوله ..هو الخيانة للمة وللوطن ..هي العمالة الصريحة المباشرة لمريكا وإسرائيل ...
هيو التسيلل إلى عقول أبنائنيا لخراجهيم مين السيلم تماميا ،كميا قال ( زويميير ) ..هيو نشير الباحيية والسيفالة
والشذوذ وقتل روح المة …
إن العار ل يلحيق بوزارة الثقافية فقيط ..فتضامين المسيؤولية الوزاريية ،يجعيل مجلس الوزراء كله مسيئول ،وكيل
وزير مسئول ..ورئيس الوزراء مسئول ..و..
لكن الفاجر يكتب ،والفاجر ينشر أن "القرآن خييراء " ..و " خرا بربك " ..ثم يجد من يدافع عنه ..
أما من وزير يستقيل … ؟!
ل إليه إل ال ...
ييا جللة ملوك وفخامية رؤسياء الدول السيلمية ..لطالميا تعاونتيم على الثيم والعدوان ..فتعاونوا ولو مرة للدفاع
عن القرآن ..اطلبوا الرئييس مبارك اليوم ..قولوا له أن ما نشرتيه وزارة الثقافة المصيرية ،لم يذبيح المسلمين فيي
مصر فقط ،بل في العالم السلمي كله ..من لم يفعل منكم ذلك ،فليأت ال يوم القيامة والقرآن خصمه … !
من كان منكم يحب ال والرسول ،فليدافع عن القرآن …
من كان منكم مذنبا فليكفر عن ذنوبه ،بالدفاع عن القرآن ..
ييا شييخ الزهير ...ل إلييه إل ال … ييا فضيلة المفتيى … ييا شيوخ الزهير ،وييا طلبية جامعية الزهير … ييا
خطباء المساجد … ل إليه إل ال ...
يا كل هيئة ومؤسسة وصحيفة في العالم السلمي … اكتبوا أنهم في بلد الزهر ،ينشرون أن القرآن خيراء …
يا شيخ يوسف القرضاوي … دافع عن القرآن بما أنت له أهل … إن المة تنتظر فتواك في كل مسئول عن نشر
هذا الكتاب … أصيرخ فييك … أهتيف فيك :مصير لم تعد بخيير ..مصير لم تعيد بخيير ..مصير لم تعد بخييير …
فالنجدة النجدة والغوث الغوث … فإنه القيرآن … ول إليه إل ال …
يا سيادة الرئيس … أطفئ الفتنية …
262
واعلم هدانا وهداك ال ،أن المر ليس أمر وزير فاسيق أو وزارة فاجرة ،بل هو منهج مشرك تسلل إلى النظام
..مسيئوليتك أمام ال أن تزيله وأن تحاربيه حتيى لو اسيتشهدت دونيه ..منهيج مشرك ل يقتصير على وزارة ول
يقوم به مجرد أفراد ...
واعلم هدانا وهداك ال ،أن مثل هذا المنهج الفاجر ،هو الذي يغيب في السجون والمعتقلت عشرات اللف من
شباب ،لم يأخذوا عليهيم سيوى أن السيلم دينهيم والقرآن كتابهيم ..بينميا يرى ذلك المنهيج الخائن الفاجير الكافير
العميل ،أن القرآن خيراء … وذلك ما ينقمونه عليهم …
واعلم هدانا وهداك ال ،أن أسوأ ما تفعل أن تكتفي ،بإقالة وزير أو تنحية مسئول ...
فالخطب أطم والمصيبة أعم ...
قل لي يا سيادة الرئيس :هل ترضى لعهدك – دون العهود جميعا – أن تصمه هذه الوصمة ..فالقرآن لم يتعرض
لمثل ما يتعرض له الن ..أبدا ..ول حتى في عهد كرومر ..بل وحتى الفراعنة كانوا يقدسون كتب الدين ...
قل لي يا سيادة الرئيس :هل كانت الدولة تسكت لو أن من كتب هذا الكتاب ،أو طبعه ،أو نشره ووزعه ،كان
قد وضع النجيل أو التوراة مكان القرآن ؟! ..ما كانت الدولة لتسكت ..وما كنا نحن أيضا سنسكت ..
ييا سييادة الرئييس :إنيك مسيئول عين هذه الفئة المنحرفية الشاذة ..مسيئول أمام المية وأمام التارييخ وأمام ال ..إن
القانون في بريطانيا يحمي النجيل والتوراة ..وأخوتنا المسلمون هناك يجاهدون لمدّ مظلة الحماية إلى القرآن ..
فهل ترضى لنفسك أن نجاهد أمامك لسن قانون يحمي القرآن ؟! …
يا سيادة الرئيس :إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه ..وإني وال لمشفق عليك ،من أن تلقاه وهذه الفعلة الشنعاء
في كتابك ..توضع في ميزانك ..وما أثقلها ..ما أثقلها ..ما أثقلها !..
وإننيي أناشدك ييا سييادة الرئييس -أبييت اللعين -أن تطفيئ لهييب الفتنية ببيييان يصيدر عين الرئاسية اليوم ..بيان
استغفار إلى ال ..واعتذار إلى المية ..
فإن لم تفعل يا سيادة الرئيس … فإنني أرجوك :مر رجالك بقتلي … قتلة غلم أهل الخدود " .
* مقتطفات من مقال آخر ،د .محمد عباس ،صحيفة الشعب 5/5/2000 :م ،تصدير المقال :
الجريمة مستمرة ..
265
لماذا لجأ بعض مثقفينا ( المدافعين عن وزارة الثقافة ) إلى هذا اليهجوم الضاري ؟ …
لماذا اعتبرتم فاروق حسني فرعونكم َ ،فرُحتم كالكهنة القدامى تدعون لعبادته من دون ال ؟ …
وأقول لكم على الرغم منيي يا ناس ،أنهيم حققوا بعض النجاح فيي خطتهيم ..فقد وعدتكيم فيي السبوع الماضيي ،
أن أتناول اليوم كتابا من كتب وزارة الثقافة ،تدعو فيه كاتبته ،إلى تعديل القرآن ،كي يتوافق مع النظام العالمي
الجديد ومواثيق حقوق النسان …
وأن هؤلء الناس ،ينظرون إلى السيلم وإلينيا ،كميا ينظير مبدعهيم حيدر حيدر ،الذي يقول فيي صيفحة ، 510
من كتابه الملعون :
"ضحك الرجل وهو يرمم جثة البدوي فيه :لكنني ملحد كما تعرفين ..الشرف ..وأخلق المسلمين في مؤخرتي
من عشرات العوام " .
ل تعترضوا يا قراء ..فنقادنا الجهابذة ،يرون أن هذا الكلم السافل البذيء إبداعا ..
بيان مجمع البحوث السلمية
بيان الزهر
الزهير /مكتيب المام الكيبر /شييخ الزهير ،بيان مجميع البحوث السيلمية بشأن ،روايية ( وليمية لعشاب
البحر ) لمؤلفها السيد حيدر حيدر .طبع ونشر اليهيئة العامة لقصور الثقافة ،التابعة لوزارة الثقافة بالقاهرة .
تيم عرض موضوع الروايية المشار إليهيا على لجنية البحوث الفقهيية ،فكلّفيت اثنيين مين أعضائهيا المتخصيصين ،
حدّد لهيا يوم
بكتابية تقريريين منفصيلين عين الروايية ،لعرضهيا فيي جلسية اسيتثنائية لمجميع البحوث السيلمية ُ ،
الربعاء 17ماييو سينة ، 2000وقيد تيم عرض هذيين التقريريين والروايية على المجميع فيي جلسيته السيتثنائية ،
وتبين ما يأتي :
أول :أن وزارة الثقافة التي نشرت هذه الرواية ،لم تستطلع رأي الزهر الشريف أو مجمع البحوث السلمية ،
مع ما ورد فيها من أمور كثيرة تتصل بالسلم والعقيدة والشريعة ،وذلك على خلف ما يقضى به القانون 103
لسنة … 1961
ثانيييا :إن الروايية مليئة باللفاظ والعبارات ،التيي تحقّر وتهيين جميييع المقدسييات الدينييية ،بمييا فييي ذلك ذات ال
سبحانه وتعالى والرسول صلى ال عليه وسلم ،والقرآن الكريم واليوم الخر والقيم الدينية .
ومن ذلك أنهيا تسيتهزئ بذات ال ،مثل وصيفه بأنيه فنان فاشل ( ص ، ) 219 :وأنه نسيي بعيض مخلوقاته ،من
تراكم مشاغله التي ل تحد في بلد العرب وحدها ( ص ، ) 257 :وأنه أقام مملكته الوهمية في فراغ السماوات
ليدخل في خلود ذاته بذاته ( ص . ) 426 :
كما يفتري على الرسول عليه الصلة والسلم ،بأنه تزوج أكثر من عشرين امرأة ،ما بين شرعية وخليلة ومتعة
( ص ، ) 148 :وأنه كان يتزوج من عذارى القبائل بغية توحيدها ( ص . ) 427 ، 426 :
وأنيه حرّف فيي آيات القرآن الكرييم ،ونسيب إلييه ميا لييس منيه كقوله " وال تعالى قال فيي كتابيه العزييز .. " :إذا
بليتيم بالمعاصيي فاسيتتروا ( " ..ص ، ) 148 :كميا أن الروايية تحرّض صيراحة على الخروج على الشريعية
السيلمية ،وعدم التمسيك بأحكامهيا ،وذلك بالدعوة إلى ضرورة النفصيال عين الديين وال والخلق والتقالييد
والزمنيية الموحلة ،والجنيية والجحيييم الخرافيييين ،وطاعيية أولى الميير والوالدييين ،والزواج المبارك بالشرع ،
وسائر الكاذيب والطقوس التي رسمتها دهور الكذب ( ص . ) 348 :
ثالثييا :إن الرواييية خرجييت على الداب العاميية خروجييا فاضحييا ،وذلك بالدعوة إلى الجنييس غييير المشروع ،
واستعمال اللفاظ في الوقاع ،وأعضائه الجنسية للذكر والنثى ،بل حياء مما يعف اللسان عن ذكرها ،وكتابة
نصها حفظا على الحياء العام الذي انتهكته الرواية .
266
رابعا :إن الرواية لم تكتف بذلك ،بل حرّضت صراحة على إهانة جميع الحكام العرب ،ووصفتهم بأقبح وأقذع
الوصاف ،مما يعف المقام عن ذكرها ،وطالبت بالخروج عليهم والثورة ولو بإراقة الدماء .
خامسيا :اتضيح لمجميع البحوث السيلمية مين كيل ميا سيبق ،أن ميا ورد بروايية ( وليمية لعشاب البحير ) لمؤلفهيا
حيدر حيدر ،خروج عمييا هييو معلوم ميين الدييين بالضرورة ،وينتهييك المقدسييات الدينييية والشرائع السييماوية ،
والداب العامة والقيم القومية ،ويثير الفتن ويزعزع تماسك وحدة المة ،التي هي الركيزة الساسية لبناء الدولة
،ويضيع على عاتيق مين نشروا هذه الروايية ،دون اسيتطلع رأي أهيل الختصياص المسيؤولية الكاملة ،عين هذا
التجاوز والثار المترتبية علييه دينييا واجتماعييا ،وذلك على النحيو الموضّح تفصييل بالتقريريين المقدميين ،مين
ي مجمع البحوث السلمية المشار إليهما . عضو ّ
وال ولى التوفيق ..تحريرا في 13من صفر سنة 1421هي ..الموافق 17من مايو سنة 2000م ،شيخ الزهر :
الدكتور محمد سيد طنطاوي
القرضاوي يطالب مبارك بالتدخل لوقف الموجة الثقافية الفاجرة
" ُكلّ ما في وليمة لعشاب البحر مُنكر "
ناشيد فضيلة العلمية د .يوسيف القرضاوي ،الرئييس المصيري حسيني مبارك ،أن يتدخيل لوقيف الموجية الثقافيية
الفاجرة -حسب وصفه -عند حدّها ،وشدّد فضيلته على أهمية الحرص على وحدة المة ،كما حيّا شييخ الزهر
والزهير ،ورئييس جامعية الزهير والطلب والطالبات ،الذيين وقفوا موقفيا موحدا ضيد روايية الكاتيب السيوري
وليميية لعشاب البحيير ،التييي طبعتهييا وزارة الثقافيية المصييرية وتسييببت فييي حالة اليييهياج التييي شهدهييا الشارع
المصيري مؤخراً ،واعتبر د .القرضاوي فيي خطبة الجمعة أمس ،أن الرواية تدخل في باب الكفر ،مستنداً في
ذلك على بيان الزهير الشرييف ،ورأي فضيلتيه أن هذا العميل كفير ،بغيض النظير عين الشخاص ،واعتيبر مين
قاله ورضي به كافرا .
العلمية القيرضياوي في خطبة الجمعة ( 15صفر ) 19/5/2000 – 1420
* بعد انتهاء الخطبة ،اتصلنا بفضيلة العلمة د .يوسف القرضاوي ،وسألناه عن مدى دخول هذا العمل الروائي
في باب الكفر فأجاب :
" إن بيان مجميع البحوث السيلمية بالزهير الشرييف ،يدل على أن هذا مين الكفير ،لنيه خروج على ميا هيو
معلوم مين الديين بالضرورة ،وانتهاك للمقدسيات الدينيية والشرائع السيماوية ،وهذا واضيح لكيل مين قرأ الروايية ،
لما فيه من ازدراء واستخفاف باللوهية والقرآن والرسول والقيم الدينية كلها في مواضع شتى ،وأضاف :
ونحن نقول :إن هذا العمل كفر بغض النظر عن الشيخاص ،فمن قاليه واعيا متعمدا ذاكرا فهو كافر ،ورضي
به وهو يعلم هذا فهو كافر ،ومن كان يجهل بما فيه ثم أُعلم بمضمونه ورضيه فهو كافر ،هذا هو الحكم الشرعي
أما الحكم على الشخاص ،فل ندخل فيه فهو يحتاج إلى تحقيق وقضاء " .
267
فيي البدايية ،حاولت وزارة الثقافية التنصيل مين المير كله .وقيد أوردت أخبار الدب :العدد 356ص 6ذلك
بالتفصييل فيي مقال وائل عبيد الفتاح ،عين تصيريح وزيير الثقافية المنشور فيي الهرام فيي 30/4/2000م وهيو أن
الهدف مين اللجنية العلميية التيي شكلهيا " ،التحقييق فيي ظهور طبعية لبنانيية ،مين روايية وليمية لعشاب البحير
للسوري ،حيدر حيدر منسوبة لوزارة الثقافة " ..ويستطرد الكاتب أنه يبدو أن الوزير وجدها " واسعة " ،فغير
أقواله بعد ذلك .
نفس الخبر نشرته بتفصيل أكثر صحيفة آفاق عربية في عدد 4مايو ص ، 11تحت عنوان :وزارة الثقافة تزعم
أن جهة مجهولة نشرت الرواية المجهولة ونسبتها إليها .
كان التخبيط هائل وشميل الجمييع ،فرئييس الوزراء على سيبيل المثال صيرح :لسيت أدري كييف ؟! أنيه اسيتعان
بخبير أجنبي لمواجهة الزمة ،كما نشرت صحيفة الوفد ،وصرح الدكتور أحمد فتحي سرور بأنه طلب تقريرا
عاجل ،لتخاذ الجراءات القانونية اللزمة ومحاكمة المؤلف طبقا للقانون الدولي ( أخبار الدب 14مايو ) .
كانت المة تغلي بالغضب ،وكان قلبها متمثل ،في طلبة جامعة الزهر ،حيث تظاهر 25ألف طالب ،وكانت
الدولة مترددة حتيى حسيمت أمرهيا بإطلق الرصياص ،على قلب المية على طلبية جامعية الزهير .وأصيبح مين
المستحيل مواصلة استطلع الرأي ،تحت التهديد بإطلق الرصاص مرة أخرى ،وبلغ النفاق ببعض التنويريين
ومدعيي البداع ،الذيين أجازوا الجتراء على ال ،أن وجهوا اللوم لصيحيفة الشعيب ،ولحزب العميل ولشخصيي
الضعيف ،فنحن الذين حرضنيا ونحن الذين أخرجنا الطلبة ،فتسببنا فيما حدث لهم ،أكثير من مائة جريح منهيم
خمسة فقئت عيونهم .
وجهوا اللوم لنيا ،ولم يجرؤ منهيم أحيد ،على توجييه اللوم على المعالجية المنيية الخاطئة ،ل تعقييب على المين
وكأنيه القدر بيل أكثير مين القدر ،لننيا فيي القدر نسيأل ال اللطيف فييه ،هيم لم يسيألوا أجهزة المين اللطيف ،وهذه
الواقعية وحدهيا كانيت كافيية لفضحهيم تماميا ونهائييا أمام الجيال وأمام التارييخ ،لكين هذه الفضيحية ل تنفجير ول
تأتي بالتأثير المتوقع ،بسبب تهديد جاثم مستمر بإمكانية إطلق الرصاص في أي وقت .
بعيد ميا حدث لطلبية جامعية الزهير ،خفتيت أصيوات معظيم الغاضيبين لدينهيم ،وارتفعيت أصيوات الحيدرييين
وأصيبح الكذب مجانييا ،خاصية عندميا أقدميت السيلطة على عقاب صيحيفة الشعيب التيي دافعيت عين المقدسيات ،
وأصبح الجتراء على الذات الليهية إبداعا وتقدما واستنارة ،وفي نفس الوقت أصبحت إدانة وزير ثقافة النظام
الباقي ،في مكانه منذ أربعة عشر عاما ،رغم كل ما أثير حوله إرهابا وظلمية وتخلفا .
ووقييف الوزييير الذي قلت تناقضات تصييريحاته ،بعييد أن اطمأن إلى تدعيييم الدولة له ،ليصييرح أن مصيير دولة
علمانيية .وارتفعيت أصيوات تنادى بإلغاء المادة الثانيية فيي الدسيتور والتيي تنيص على إسيلمية مصير ،ونشرت
صيحيفة الحياة اللندنيية مقال لكاتيب ،ظين أنيه يفحيم السيلميين بقوله أنيه إذا كان علينيا أن نحترم التراث ،فلييس
علينيا أن نحترم التراث السيلمي فقيط ،بيل علينيا أن نعطيي اهتماميا مسياويا لمصير المسييحية والفرعونيية ،كان
السيلم بالنسيبة للمسيكين تراثيا ،مجرد تراث لم يكين دينيا ،وبدا أن هؤلء الناس وأقرانهيم فيي مصير ،ينظرون
إلى السلم تماما كما ينظر له المتعصبون من المستشرقين ،فالقرآن من تأليف محمد -صلى ال عليه وسلم –
أما هو نفسه فكذاب -أستغفر ال العظيم -وأن أولئك التنويريين قد ابتلوا بمجموعة من المتخلفين أمثالنا ...نظر
كلب جهنيم إلى الدين ،كما لو كان مرضا كلّفهم الشيطان بالقضاء عليه ،وبدا لهم أنهم كلما أوشكوا على إنجاز
مهمة الشيطان ،واجهناهم نحن لنصيب المة بنكسة جديدة …
وانفجير اللم بصيحيفة ( آفاق عربيية ) فنشرت بمانشييت كيبير ،أنهيا ل تسيتبعد أن ينجيح التنويرييو فيي اسيتبدال
المادة الثانية في الدستور ،لكي يصبح حيدر حيدر هو المصدر الرئيسي للتشريع … !! …
مذيعة للبرامج الدينية في التليفزيون المصري وفي كتابها ( ل يا زمري ) نشرت ما ل يصدقه عقل من الجتراء
على الدين ،ورفض المسؤولين استمرار أي برنامج ناجح ،أو استضافة أي شخصية دينية لها شعبية ،فالشيخ
محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي على سبيل المثال إرهابيان ،أما عندما حاولت تغطية أداء بعض كبار
المسيؤولين وزوجاتهيم لداء العمرة ،فقيد رفيض التليفزيون ذلك حتيى ميع السييدة سيوزان مبارك ،وكانيت حجتهيم
أنيه ل داعيي لربيط كبار المسيؤولين بالديين بأي شكيل ،وأنهيم يطبقون تعليمات تأتيي مين فوق بمحاصيرة البراميج
268
الدينيية ،وتصيرخ كاريمان حمزة فيي النهايية أنهيا تنزه وزيير العلم ورئييس الوزراء ورئييس الجمهوريية ،أن
يكونوا مصدر هذه التعليمات ،ولكنها في نفس الوقت تؤكد أن هذه التعليمات تأتي " من فوق " حقيقية ،لكن هذا
الفوق ل يوجد داخل مصر إنما خارجها .في أحد برامجها ،كانت تعد موضوعا عن العشرة المبشرين بالجنة ،
واحتج المسؤول الكبير على اقتصارها ،على شخصيات من عهد الرسول ،صلى ال عليه وسلم ،وطلب منها
أن تختار جزءا منهيم وأن تكملهيم بالمعاصيرين ( مثيل عاطيف صيدقي ) ..لم تكين طرفية ( نكتية ) ..ول مأسياة
جاهل ..بل كارثة أمة ...
صرح وزير الثقافة أنه لن يستقيل طول عهد الرئيس مبارك …
أما صحافته ( وزير الثقافة ) خاصة القاهرة وأخبار الدب ،فقد بلغ بها أن اتهمت الزهر بأنه ينصب من نفسه
محكمة من محاكم التفتيش ،وأنه ل علقة له بالدب ول حق له أن يحكم فيما هو خارج الدين ،بل وشبهت هذه
الصحف رئيس جامعة الزهر بالنازيين ...
يلخيص مأسياوية الوضيع كله ،ميا قاله الدكتور أحميد عمير هاشيم ،فيي حدييث نشرتيه مجلة المصيور الصيادرة فيي
25/5/2000م مين أنيه كرئييس للجنية الدينيية فيي مجلس الشعيب ،مُنِع مين إلقاء بيان يُدافيع فييه عين ال والقرآن
والرسول صلى ال عليه وسلم ،بينما سُمح لفاروق حسني أن يلقي بيانه ،الذي يُدافع فيه عمن يسبون ال والقرآن
والرسيول صيلى ال علييه وسيلم ،وراح الرجيل يردد فيي ألم " :حسيبنا ال ونعيم الوكييل " … انتهيى القتباس مين
الملف .
الصيور التيي عُرضيت فيي ملف الجريمية لميا كان يجري فيي مصير ،مين حرب شعواء مبرمجية شنّهيا الفراعنية
الجدد على ال ورسيوله منيذ سينوات ،رسيمتها ريشية فنان مبدع مين أبناء مصير ل مين غيرهيا .أشهيد ال على أن
قوميه أصيبحوا مجرميين ،بيل وفاقوا الفراعنية القدماء فيي إجرامهيم ،وكأنيه أعذر ال سيبحانه وتعالى فيي إنزال
العذاب ببني جلدته من حيث ل يدري ،وهذه المر يُذكّرني بقصة النبي ارميا ،عندما أعذر ربه في عذاب قومه
بني إسرائيل في المرة الولى ،التي أوردها الطبري في تفسيره ج 3ص ( ) 33 – 32وهي قصة جميلة ،تُبين
بعضا من الحكمة اللهية في تصريف المور ،وكما قال رب العزة في قوم فرعون ( فَ َلمّا ءَاسَفُونَا انْتَ َقمْنَا مِ ْنهُمْ
لخِرِينَ ( 56الزخرف )
ج َمعِينَ (َ )55فجَعَلْنَا ُهمْ سَ َلفًا َومَثَلً ِل ْ
غرَقْنَا ُهمْ َأ ْ
فَأَ ْ
حيييث يؤكييد د .محمييد عباس وبيان شيوخ وطلبيية الزهيير الوارد ذكره فييي الحاشييية ،أن هناك مخطييط تنتهجييه
الحكومة المصرية منذ سنوات ،لتدمير معالم السلم ورموزه معلما تلو الخر .
واسييتنادا لبيان علي أبييو شادي رئيييس مجلس الهيئة المشرفيية على النشيير ،والذي يقول :بأن الرواييية ( وليميية
لعشاب البحر ) صدرت في منتصف نوفمبر ،أي 15/11/1999م ،نستطيع القول أن هذه الرواية المشؤومة ( أو
وشّي النحيس الحقيقيي ) على القيل ،كانيت فيي مخازن دار النشير عندميا غشيَي الدخان سيكان القاهرة ،فيي الفترة
الواقعة بين [ 1999 30/10 – 20/10م ] .ليأتي التحذير والنذير اللهي قبل نشرها وتوزيعها بين الناس مجانا ،
من قبل الحكومة المصرية .لكنهم نشروها ونشروا كتابا آخر ،كتابات نقدية العدد [ 97ديسمبر 1999م ] بعنوان
( شعير الحداثية فيي مصير ) بعيد شهير واحيد مين نشير الكتاب الول ،اسيتمروا فيي النشير حتيى بعيد أن كشيف ال
الدخان عنهم .
بعيد هذا العرض نكون قيد عايشنيا على التوالي ،مشهديين مين المشاهيد التيي تعرضهيا اليات ،هميا الشيك واللعيب
وظهور الدخان فييي مصيير ،والن إلى المشهييد الثالث ،عندمييا يُتهييم خييير النام عليييه الصييلة والسييلم ،بالتعلّم
والجنون والسيحر فيي كتاب ( فترة التكويين فيي حياة الصيادق الميين ) الذي صيدر فيي النصيف الول ،مين العام
الحالي 2001م وهو الكتاب السابع للمجرم المصري خليل عبد الكريم .
قال تعالى
ن ()83
( فَ َذرْ ُه ْم َيخُوضُوا وَيَ ْلعَبُوا ،حَتّى يُلَاقُوا َي ْو َمهُمُ الّذِي يُوعَدُو َ
( الزخرف )
وقال
269
ص َعقُونَ ()45
( فَ َذرْ ُهمْ حَتّى يُلَاقُوا َي ْو َم ُهمُ الّذِي فِيهِ يُ ْ
( الطور )
270
ثم تولوا عنه وقالوا مُعلّم مجنون
ملف خليل عبد الكريم
في هذا الملف سيجد القارئ جزءا يسيرا من التغطية العلمية ،التي نشرت مؤخرا عن خليل عبد الكريم وكتبه
.ومنها صحيفة القدس العربي ،والهرام القتصادي وصحيفة أخبار الدب ،والخيرة كرست نفسها للدفاع عن
كييل اجتراء على الذات اللهييية ،ويبدو أنهييا ذهبييت فييي ذلك إلى أبعييد ممييا نتصييور ،ويكفييي دليل على ذلك أن
محاميهيا فيي قضاييا الرأي ،هيو فرييد الدييب ..محاميي الجاسيوس السيرائيلي عزام عزام وسيعد الديين إبراهييم ..
كما أنه محامي الشواذ من عبدة الشيطان ..
نعم ..
جاسوسية ..وخيانة ..وشذوذ ..
فذلك هو الوجه الخر ،للدفاع عن الكفر ..
السلم الشيوعي
سبعة كتب مشبوهة للمفكر اليساري خليل عبد الكريم
موقع المقال على شبكة النترنت http://www.lailatalqadr.com/stories/p6260501.shtml :
أو http://www.alshaab.com/GIF/31-08-2001/Khalil%20Abd%20Alkareem.htm :
بقلم بدر الشبيب :
" … خليل عبد الكريم كاتب يساري أو شيوعي أو تقدمي ،يكتب في السلم ..ول بأس أن يكتب ،كائن من
كان عن الدين الحنيف ،ولكن السؤال هو :ماذا يكتب ؟
وقد كان خليل عبد الكريم عضوًا في جماعة الخوان المسلمين منذ سنوات طويلة خلت ،ولكنه ترك موقعه هذا
وتحوّل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ،فأصبح عضوًا في اللجنة المركزية لحزب التجمع الوطني التقدمي
الوحدوي ،وهو حزب يساري يقول عنه السلميون إنه حزب شيوعي .
ومنذ عشر سنوات أو أكثر ،يثير خليل عبد الكريم عاصفة في مصر وخارجها بكتبه التي يضعها عن السلم ..
وتتعرض هذه الكتب للمنع والمصادرة والهجوم العنيف ،ومع هذا فإن الرجل لم يتوقف عن الكتابة ،ولم يتوقف
عن تغيير خطه الفكري الذي يصدم الجميع .ورغم أن عددًا من أساتذة الجامعات الكبار ،قد حاولوا كشف ما في
دراسياته هذه مين زييف وافتراءات على السيلم ،إل أن شيئًا ل يمنيع الرجيل مين السيتمرار ،بيل إنيه يزداد غلوًا
مع كل كتاب جديد غير عابئ بما تثيره كتبه من رفض عنيف .
ويسيتخدم خلييل عبيد الكرييم لغية جارحية فيي كتبيه ،كميا يطرح آراء وأفكار ل يمكين أن توصيف ،إل بأنهيا خروج
على الملة وعلى رأي الجماعة وعلى رأي الجمهور .
وهيو ينطلق فيي هذا مين مقولة :أننيا يجيب أن نتمتيع بالجرأة العقليية ،وأن نطرح كيل الفكار وكيل الشخصييات ،
على مائدة التشرييح العقلي الموضوعيي ،البعييد عين الهوى وعين الفكار الجاهزة ،التيي يكتيب بهيا المؤرخون
والدارسيون للسيلم عين الدعوة والرسيالة وسييدنا محميد ..يقول خلييل عبيد الكرييم فيي صيدر كتاب أخيير له " ..
وآميل -وهذا أمير متوقيع -أل يسييء البعيض فهيم هذه الدراسية على نحيو لم يرد على خاطرنيا ،وكنيا قيد طالبنيا
بضرورة كتابة التاريخ السلمي ،كتابة علمية موضوعية بداية بالحبيب المصطفى ،وكرّرنا أن الكتابة بطريقة
مغايرة للكتابات التقليدية ،يتعين أن تقابل بأفق رحيب وعقلنية بعيدة عن التشنج ،ونذكر هؤلء بأن المين نفسه
،أكد أن من اجتهد واخطأ فله أجر ،ونحن نأمل في أن نحظى بالجرين ..أجر الجتهاد وأجر الصابة " .
271
وفى ظل ما يدعيه من جرأة عقلية على هذا النحو ،فإن خليل عبد الكريم يمضي في هذه الكتابات ،التي ل نجد
لها مثيلً في تاريخ السلم .ونحن ل ندعو بالطبع إلى مصادرة هذه الكتب أو الحجر على حرية الرجل ،ولكننا
ندعيو المتخصيصين وعلماء الديين وشيوخ المية إلى مناقشية أفكار الرجيل ،ودحيض ميا فيهيا مين شبهات بشكيل
علمي هادئ بعيدًا عن الترويع والتخويف والرهاب الفكري .
وهناك الن ،ميا ل يقيل عين سيبعة كتيب هامية أصيدرها الرجيل فيي السينوات الخيرة ،وهيي تسيتحق المناقشية
والتحليل لعرض ما فيها من آراء والرد عليها .
ولسنا هنا بالطبع في معرض تحليل هذه الكتب أو مناقشتها ،فليس هنا ول الن يتم هذا المر ،ولكننا قد نكتفي
بالتعريف السريع بها ،خصوصًا أنها تكوّن الن مشروعًا فكريًا لهذا الرجل .والكتب السبعة التي سنعرض لها
هنا هي :
ل :كتاب ( للشريعة ل لتطبيق الحكم ) :
أو ً
وهذا الكتاب يقوم على فكرة واحدة أسياسية ،هيي أن تطيبيق الشريعية السيلمية لم يعيد صيالحًا فيي هذا العصير ،
لن هذا التطيبيق سوف يجر علينا من المشاكل ما ل حصر لها .ومع أن السلم وكما جاء فيي القرآن العظييم ،
هو الدين الخالد الذي يصلح للبشر كافة ويصلح في كل زمان ومكان ،إل أن خليل عبد الكريم له رأي آخر ،فهو
يقول بالحرف " :إن السييلم ليييس عبادات فقييط ،بييل هييو أيضًيا تشريعات وعقوبات ونظام سييياسي " وهنييا
الخطورة مين وجهية نظره ،إذ يرى أن تطيبيق الشريعية سيوف يؤدي بنيا إلى أضرار ،تفوق بمراحيل الضرار
التيي تترتيب على إهمالنيا لتطبيقهيا .وتلك هيي دعوة العلمانييين واللدينييين الذيين يفضلون القانون الوضعيي على
الشريعة السلمية .
ثانيا :كتاب ( الجذور التاريخية للشريعة السلمية ) :
وهذا الكتاب يعتييبر اسييتكمالً وتأصيييلً للكتاب الول إذ أنييه ينطلق ميين نفييس الفكرة ،التييي ترفييض الشريعيية
السلمية وترفض تطبيقها ،وهنا يقول خليل عبد الكريم " :إن هذه الشريعة التي ينادون بها هي مجرد تعاليم ،
كان يقول ويأخيذ بهيا عرب الجاهليية ،ثيم جاء محميد فأخيذ هذه التعالييم ،وأعميل فيهيا عقله وفكره ،حتيى بدت
وكأنها شيء جديد " .ولهذا فإن السؤال الذي يطرحه خليل عبد الكريم ،هو :هل تصلح هذه التعاليم ،التي كان
يطبقهيا بدو الصيحراء ،قبيل أكثير مين أربعية عشير قرنًا ،لكيي تحكمنيا اليوم ؟! على أن ميا هيو أخطير مين هذا
السيؤال ،ميا معناه وخلصيته أنيه لييس ثمية شييء منزل مين السيماء ،بيل إن الشياء كلهيا مين صينع سييدنا محميد
… !!
ثالثا :كتاب ( السس الفكرية لليسار السلمي ) :
وفيى هذا الكتاب ،يقول خلييل عبيد الكرييم صيراحة أن السيلم لييس شيئًا غيير العبادات ،ميع أن طلبية المراحيل
التعليميية الولى يعرفون أن السيلم يقوم على دعامتيين ،هميا العبادات والمعاملت .ولكنيه يحصير السيلم فيي
العبادات فقيط ،ولهذا فإن ميدانيه الصيلي هيو المسياجد والجواميع والتكاييا والحسيينيات ،أو الخلوي والخانقاهات
والزوايا والمصليّات ،وحضرات الصوفية وحلقات الذكر ومجالس دلئل الخيرات .ومعنى هذا أن السلم دين
للعبادة وليس دينًا للحياة ،فهو يحصر وظيفته في دور العبادة ،أما شؤون الناس وتصريف حياتهم فليس للسلم
شأن بها .وهنا نعود إلى مقولت المغرضين ،الذين يقولون إن السلم ليس دينًا ودولة بل هو دين فقط .
رابعًا :كتاب ( مجتمع يثرب ..العلقة بين الرجل والمرأة في العهدين المحمدي والخليفي ) :
وهذا كتاب َم ْعيَبيية ،لنييه يشوه السييلم فييي أعظييم عصييوره ،أي فييي مرحلة النبوة وصييدر السييلم والخلفاء
الراشدييين .وسييوف يلحييظ القارئ فييي اللحظيية الولى ،أن الكاتييب يسييتخدم كلميية ( يثرب ) ول يسييتخدم اسييم
( المدينة المنورة ) علمًا بأن السم الول ،قد نسخه السلم وألغاه النبي وأطلق عليها هذا السم الجديد الجميل .
ولكن ليست هذه هي المشكلة في هذا الكتاب ،ولكن المشكلة هي في الدراسة الجتماعية المزعومة التي قدّمها ،
والتي شوه بها ومن خللها أعظم المجتمعات وأعظم العصور وأعظم الشخصيات ،حين نكتشف أن المجتمع في
272
مدينة رسول ال ،وهو المجتمع الذي أقام دولة ونشر دينًا ،هذا المجتمع ورجاله ،لم يكونوا مشغولين بشيء قدر
انشغالهم بالمرأة والجنس معًا …!
خامسا :كتاب ( قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية ) :
وهذا الكتاب ينزع عين النيبي محميد صيلى ال علييه وسيلم ،صيفات الرسيالة والنبوة والوحيي جميعًا ،إذ يحاول
المؤلف أن يثبت أنه ليس هناك شيء من هذا كله ،ولكن المر كان ينحصر في رغبة قريش في أن تقيم دولة ،
وأن تسود على القبائل العربية في شبه الجزيرة وما حولها .وقد تم هذا وفق تخطيط محكم قام به رجل داهية ،
هيو جدّ النيبي صيلى ال علييه وسيلم ،وهيو عبيد المطلب الذي جاء بحفيده محميد ،الذي لم يكين أقيل منيه ذكاءً ،
وصنع منه حاكمًا ومؤسسًا لهذه الدولة .لقد أراد عبد المطلب أن يصنع ملكًا فصنع نبيًا ،أي أن الحكاية كلها هي
الحكييم وهييي السيييطرة وهييي السيييادة إلى جوار ملوك وأباطرة ،يحيطون بقبائل العرب ابتداء ميين كسييرى حتييى
هرقل .
سادسا :كتاب ( شدو الربابة بأحوال الصحابة ) :
وهذا كتاب ل يقيل سيوءًا إن لم يزد عين الكتيب السيابقة ،وهيو أيضًا يأتيي اسيتكمالً لكتابيي مجتميع يثرب وقرييش
القبيلة والدولة .وفي هذا الكتاب الجديد يعرض المؤلف لحوال صحابة رسول ال ،فيقول فيهم كلمًا لم يرد في
كتيب السييرة ول فيي كتيب التارييخ ،ومنيه أن رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم ،كان يختلي بالصيحابي الجلييل
سلمان الفارسي ،ليام طويلة لكي يأخذ منه ويتعلم على يديه ،لن سلمان فيما يقال كان من كبار مثقفي عصره ،
وكان عالمًا بالعقائد والديان وكان يحيط بالمذاهب المختلفة .وقد جلس النبي بين يديه كما يجلس تلميذ بين يدي
أستاذه ،ليتعلم منه كل السس والقواعد والتجارب والتواريخ والسير ،التي استفاد منها النبي بعد ذلك في رسالته
السلمية المحمدية .
سابعًا :كتاب ( فترة التكوين في حياة الصادق المين ) :
وهذا هو آخر كتب خليل عبد الكريم ،ولعله من أخطرها جميعًا .ويقوم هذا الكتاب على فكرة واحدة أساسية هي
أن سيدنا محمد ليس نبيًا ،ولكنه تلميذ عبقري لمجموعة من الساتذة هم :السيدة خديجة ،وابن عمها ورقة بن
نوفل ،وبقية أفراد السرة وهم :ميسرة والراهب بحيرا والراهب عداس والبطرك عثمان بن الحويرت ..وكلهم
مسييحيون ..ولقيد قاميت هذه المجموعية النصيرانية على صيناعة هذا النيبي ،بعيد أن عكفوا على تعليميه لكثير مين
خمسة عشر عامًا ،حفظ فيها كتب الولين والخرين ،وعرف التوراة والنجيل والمذاهب والعقائد ،وانتهى هذا
كله بنجاح التجربية أي الرسيالة وصينع هذا العبقري الذي أصيبح نبيًا ،ووضيع كتاب حيّر العامليين على امتداد
القرون هو القرآن الكريم .
ويقول خلييل عبيد الكرييم بالحرف الواحيد " :وهذا الكتاب يقدم رؤيية جديدة ،نزعيم أنهيا غيير مسيبوقة لحيل هذا
اللغيز الذي مل الدنييا وشغيل الناس ،وقيد بدأنيا بمحميد قبيل أن يلتقيي أبوه بأميه حتيى التقطتيه سييدة قرييش ،بعيد أن
توسمت فيه بفراسة يعز مثلها أنه هو القادم المنتظر ،ثم قيامها بمعونة سخية من ابن عمها القس ،بدور ل نجد
له فيي تارييخ الديان مجرد شيبيه ،أنهيا ملحمية خالدة سيلخت مين عمير الطاهرة والقيس ،عقدًا ونصيف العقيد مين
الزمان ،فيي العداد والتصينيع والتهيئة والتأهييل ،حتيى طرح ذلك العميل الصيبور الدءوب المتأنيي المخطيط ،
والمرسيوم بدقية متناهيية ثمرتيه الناجحية ،وحدثيت واقعية غار حراء بصيورة فذة معجبية ،أدهشيت حتيى فاعليهيا
وهما سيدة نسياء قريش وورقية بن نوفل ،لنهيا جاءت بصورة لم تخطر لهما على بال ،ول شيك أن هذا النجاح
يؤوب بنسبة كبيرة إلى موضوع التجربة ،وهو محمد فقد كان عبقريًا ل يفري فرية أحد ،ذلك أن سيرته الذاتية
وخبراته الشخصية وملكاته العقلية والنفسية واللسانية كانت ركائز أساسية في فلح التجربة " .
يي ل يفري فريية أحيد ( :أي ل يكذب كذبية أحيد ،بمعنيى جاء بكذبية لم يسيبقه إليهيا أحيد مين قبله ،حييث كان يُسيمى
الصادق المين في مكة ،وبذلك ينفي عنه الكاتب هاتين الصفتين ،فيكون إيرادهما في عنوان الكتاب ،من قبيل
الستهزاء والستخفاف ،به وبمن صدّقوه على مدى 1400سنة ،وهذا مما مل قلب مسيلمة الكذاب هذا ،وأمثاله
،غيظا وحسدا على خير الخلق وأكرمهم ،محمد عليه الصلة والسلم )
273
ويقول أيضًا فيي نفيس الكتاب " ...أميا فيي المسياء وفيي لييل مكية الطوييل شتا ًء ،فكان ميع الطاهرة -أي خديجية -
بمفردها أحياناً ،وبحضور القس أحيانًا أخرى ،حيث تتم في تلك القعدات مذاكرة الصحاحات مباشرة ( التوراة
والنجييل ) ثيم إدارة الحوار بشأنهيا ،وأميا بتلقّيهيا مين الم الرءوم والزوجية الحنون خديجية ،التيي ل شيك أنهيا
أجادت القراءة والكتابية ،وقيد قرأت تلك الصيحاحات وخزنتّهيا فيي ذاكرتهيا ،أو أنهيا طفقيت تقرأهيا له مباشرة .
وكييل هذا يدور بالنهار فييي السييواق والحوانيييت والعياد ،ومييا يتييم سييماعه ميين القييس ورقيية وخديجيية ميين
الصيحاحات ،التيي عرّبهيا القيس فيي الليالي الطوال ( لتخرج فيي شكيل سيور القرآن ) وميا يعقبهيا مين شروح
وإيضاحات ( السينة النبويية ) وحوارات بالجلسيات ،التيي قيد تسيتمر حتيى بزوغ الفجير .نقول أن كيل هذا ،كان
يجري تخزينييه وبرمجتييه فييي ذاكرة العبقري ،الذي لم تيير جزيرة العرب له مثيلً ،ولم تشهييد له ضريبًيا ،ولم
تعايين له شبيهًا أو ندًا ،خاصيّة وقيد آمنيا أنيه أميي ل يقرأ ول يكتيب ،والميي -أيّي أُميّي -يتمتيع بذاكرة حديديية ،
وحافظة واعية أشد الوعي ،فما بالك إذا اجتمعت المية والعبقرية الفذة في شخص واحد " .
ويقول فيي موضيع آخير " ...ومهميا كانيت الجهود التيي بذلتهيا الطاهرة وعاضدهيا فيهيا ابين عمهيا القيس ،فأنهيا ل
تنفي عن التجربة وفي مقدمتها حادث الغار ،جانبها الغيبي وناحيتها الميتافيزيقية ( المتافيزيقية :لفظ توصف به
الظواهر الخارقة الطبيعية ،التي عادة ما تتأتى ،على أيدي الكهان والسحرة والمشعوذين والدراويش ومحضّري
الرواح ،وذلك لنفي الوحي ) إذ ل تعارض بين المرين ،بل إن كل منهما يكمل الخر ويدعمه .ويقول أيضًا
..حتمٌي علينيا أن نق ّر ونعترف بمهارة خديجية ،فيي المزج بيين المومية الفياضية بالحيب والحنان ،وبيين العداد
الكرييم الدقييق لتلقيى التجربية ،ولول هذا الخلط البارع لميا قُدّر للتجربية الفلح والنجاح الذي مل الدنييا ،وشغيل
الناس منيذ أربعية عشير قرنًا ومازال يشغلهيم حتيى الن وربميا لميد بعييد ،ميا لم تتبدل جذريًا أحوالهيم الجتماعيية
والقتصادية والثقافية ،وما لم يتحلّل حراس الساطير وجلّس التراث المبارك عن أماكنهيم الميمونة " ( بمعنى
ما لم يعمل جهابذة المفكّرين من أمثال الكاتب ،على رفع هالة القداسة عن محمد ورسالته فتعالى ال عما يُشرك
به المجرمون ) .
ثم يقول خليل عبد الكريم في موضع آخر وأخير " ...كان أسى محمد المرير على فقد خديجة أمرًا بديهيًا لنها
الم الرءوم والزوجية الحبيبية ،ولولهيا ميا أكميل التجربية حتيى نهايتهيا ،وهيي التيي أتاحيت له التّماس ميع ورقية
وعداس وبحيرا ،وقضاء الليالي الطوال مع ابن نوفل في المدارسة والمذاكرة والمحاورة ،وهي التي كانت تقرأ
له الصحف التي عرّبها القس نوفل ،وهي التي هيأت له الختلط بأصحاب جميع الملل والنحل والعقائد والديان
الذين اكتظّت بهم مكة ،ولول التفرغ الدائم وهو أحد عطايا أم هند لما انفسحت له الفرصة الثمينة .ول شك أن
الخلطية بأصيحاب الديانات شكّلت جزءًا مين الخطية المرسيومة ،لميا انضوت علييه الخطية مين تمرّس واسيتماع ،
وحفظ وحوار ومدارسة وتخزين معلومات .لقد أدركت خديجة منذ فجر التجربة ،أن احترامه التجارة ل يدع له
فسيحة مين الوقيت ،فيي حيين أن التجربية تحتّم ضرورة التفرغ الكاميل ،وطلق كيل ميا يشغله عنهيا طلقًا بائنًا
بينونة كبرى " .
وبعد ..فهذه مجرد وقفة سريعة ،عند كتب خليل عبد الكريم ..وليس منها كتابًا أقل خطورة من الخر ..ولكن
ربميا كان هذا الكتاب الخيير هيو أخطرهيا ..فسيوف نلحيظ هنيا ،أن سييدنا محميد ،صيلى ال عليهيم وسيلم ،لييس
نبيًا يوحى إليه ،بل هو رجل عبقري ،تمت صناعته على يد السيدة خديجة وجماعتها ،وهم مجموعة من أقباط
مكية ،وأنيه تيم تحفيظيه الكتيب السيماوية ،التيي سيبقته كلهيا ،فكان النتاج هيو هذا الرسيول .وأغرب مين هذا ،أن
الكتاب كله ،ل ترد فيه كلمة " الرسالة " ،للدللة على الدين الحنيف ،بل هو يسميها " التجربة " ..فلقد نجحت
" تجربة " خديجة ومن معها ،بما يعني أنها شيء أرضي ،وليست شيئًا علويًا منزلً ،من فوق سبع سماوات .
وفي هذا السياق ،فهو يسمي السيدة خديجة باسم " الطاهرة " تيمنًا باسم مريم العذراء ،التي طهّرها رب العزة
والجلل واصطفاها على نساء العالمين ،ودللة السم هو أن السيدة خديجة كانت نصرانية ،وبعد هذا ،فهو ل
يتورع ،عن وصف الوحي ،الذي نزل على رسول ال ،صلى ال عليه وسلم ،في غار حراء بأنه حادث غيبي
ميتافيزيقي !
خشْ َيةً )
خشْ َيةِ الّلهِ َأوْ َأشَدّ َ
شوْنَ النّاسَ َك َ
خ َ
( َي ْ
فيي نيجيريا تخرج المليين من الناس ،لتجتمع في صعيد واحد مطالبة بتطبيق الشريعة ،فتبدأ ولية تلو أخرى
بتطبيقهييا ،بالرغييم ميين معارضيية الغرب النصييراني ،أمييا فييي مصيير أم الدنيييا بلد الزهيير كمييا يُسيمّيها الشقاء
المصيريون ،وفيي أرض الكنانية كميا يُسيميها الشقاء العرب ،فالشريعية السيلمية لديهيم انتهيت مدة صيلحيتها ،
لذلك يتوجب علينا أن نُلقيها في سلة المهملت ،ليكون مصيرها الحرق في مقالب قمامة القاهرة .
هيي نفسيها حرب فرعون وملئه ،على موسيى ومين معيه مين المؤمنيين ،تتجدّد على نفيس الرض وعلى نفيس
الشاكلة ،ول وازع ول رادع ،بالرغم من سكنهم في مسياكن الذين ظلموا أنفسهم ،فأخذهم وأبقى أثرهم لتذكير
من يأتي بعدهم ببطشه وجبروته .
فيي مصير تُصيدر المحكمية الداريية فيي القاهرة ،فيي مطلع شهير 7/2001م ،قرارا بإغلق صيحيفتي ( النبيأ ) و
( آخر نبأ ) ،لنها أساءت لمشاعر القباط بنشر صور فاضحة ،انحرافات جنسية لراهب مطرود من الدير ،
ممييا أثار تظاهرات غاضبيية للقباط فييي حزيران الماضييي .وهذا القرار عادل بل أدنييى شييك فديننييا ل يقبييل هذا
الفعل .
ولكن ماذا عن إساءة مشاعر المسلمين ،وماذا عن الساءة لكتاب ال ،وماذا عن الساءة لرسول ال ،وماذا عن
الجتراء على ال ،لقد رُفعت قضايا ضد من قاموا بذلك ،ولكن هل اتخذت تلك المحكمة قرارا مشابها ...؟! نعم
..لقد أخذت الحكومة المصرية قرارا ،ولكن بإغلق الصحف التي دافعت عن مقدسات المة ،بدعوى الرهاب
الفكري للمبدعييين ،الذييين انهالوا على السييلم ليحطموا أوثانييه وأصيينامه ،التييي ألفوا آباءهييم وأجدادهييم لهييا
عاكفين ،منذ أربعة عشر قرنا من الزمان … !!
ميا يلفيت النتباه إلى أن أقباط مصير ،غضبوا لدينهيم بشكيل جماعيي وهيم أقليية فيي مصير ،ومين حيق النسيان بيل
واجب عليه أن يغضب ،ول يكون الغضب محمودا إل في هذا الموقف ،ولكن هل غضب المسلمون في مصر ،
عندما انتهكت وما زالت مقدّساتهم الدينية جمل وتفصيل .
يقول د .محميد عباس " :كانيت المة تغلي بالغضيب ،وكان قلبها متمثل في طلبية جامعة الزهير ،حييث تظاهير
25ألف طالب ،وكانت الدولة مترددة حتى حسمت أمرها بإطلق الرصاص ،على قلب المة على طلبة جامعة
الزهر .ويقول :كان موقف شيوخ الزهر وطلبته رائعا ،فقد أصدر 70عالما أزهريا بيانا " .
ولكين ميا شاهدناه على شاشية التلفزيون هيو مظاهرة تضيم بضعية عشرات مين فتيات الزهير ،وأدتهيا الشرطية
المصيرية من قبل أن تبدأ ،حسبما جاء فيي النشرات الخباريية ،وما نود أن نُشيير إليه هنا أن المية المصيرية لم
تُحرك ساكنا ،فهي منشغلة بدنياها من رأسها حتى أخمص قدمها ،لتستمر المعركة على صفحات الصحف من
قبل القلة من أبناء مصر الذين انتصروا لدينهم ،وخذلتهم أمتهم وخذلت دينها قبل أن تخذلهم حكومتهم ،وما نسبة
25ألف طالب مما يزيد عن 50مليون مسلم في مصر … ؟!
276
وهذا الوضيع المؤسيف والمأسيوي فيي مصير ،الذي حاول د .محميد عباس تجميله ،والذي يبعيث السيى والحزن
فيي قلب كيل مسيلم ،هيو ميا تسيتشعره فيي ثناييا مقالت وبيانات ،د .محميد عباس نفسيه ،وهيو ينادي فيي أمتيه فل
سييامع ول مجيييب ،ممييا اضطره للسييتنجاد بالزهيير وطلبتييه والمفتييي والقرضاوي ،بعييد أن وجييد نفسييه وحيدا
ي كماشة إعلم الكفر والضللة وجبروت فرعون وسطوته ،فاستجابوا له بعد حين . محاصرا ،بين فك ّ
فلماذا انتصيرت الحكومية لنصيارى مصير وحاربيت مسيلميها ؟! ألييس لنهيم يخشون الناس مين نصيارى الغرب
كخشيية ال أو أشيد خشيية ،نعيم ..هذا هيو الشرك بعينيه ،لذلك اعتقيد بعيض المفسيّرون القدماء أن المقصيود فيي
اليات هم مشركي قريش ،ظنا منهم أن الشرك ولّى من غير رجعة .
نعيم ..إنهيم يشكّون بربوبيية ال وألوهيتيه ول يدينون له بالعبادة ،ويشكّون فيي قدرتيه على نصير أوليائه والنتقام
مين خصيومه ،ويُضاف إلى شركهيم صيفة أخرى هيي النفاق ،وهيو ميا لم ينتبيه إلييه مين ذهبوا إلى ذلك القول مين
المُفسّرين ،فمشركو قريش أخذتهم العزة بالثم ،فل حاجة بهم ليُنافقوا رسول ال وصحبه ،ولم يُعطوا الدنية في
معتقدهم بالرغم من بطلنه ،حتى فُتحت مكة ودخلوا في السلم وما ظهر النفاق إل في المدينة .
وفيي خضيم هذه الموجية ،وميع ضعيف نور السيلم وأفول شمسيه ،سييتحول النفاق قريبيا إلى كفير بواح ،فلن
يكون هناك داعيا للخجل .حينها ستكون بطشة ربك الكبرى على البواب ،ويكون أهل مصر قد أعذروا ال في
أنفسهم بما كسبت أيديهم وبما سكتوا عن الحق ،فالساكت عن الحق شيطان أخرس ،لنعود إلى قوله تعال ( َومَا
ك ُمهِْلكَ ا ْلقُرَى حَتّى يَ ْبعَثَ فِي ُأ ّمهَا رَسُولً يَتْلُو عَلَ ْيهِمْ ءَايَاتِنَا َومَا كُنّا ُمهْ ِلكِي ا ْلقُرَى ِإلّ َوأَهُْلهَا ظَا ِلمُونَ (
كَانَ رَبّ َ
59القصيص ) ورحمية مين ربيك بعيث رسيله الكرام ،مبشريين بعظيم ثواب الدنييا والخرة ،ومنذريين مين بأسيه
الشديد فيي الدنيا والخرة ،ورحمة بأهل مصير ها قد أنذرهم بالدخان ،حتى يوقظهم من غفلتهيم لعلهم يرجعون
ك أَ نْ لَ مْ َيكُ نْ رَبّ كَ ُ ،مهْلِ كَ ا ْلقُرَى ِبظُلْ مٍ َ ،وأَهُْلهَا غَافِلُو نَ ( 131النعام ) وقوله ( َومَا كَا نَ رَبّ كَ مصداقا لقوله ( ذَِل َ
لِ ُيهْلِكَ ا ْلقُرَى ِبظُ ْلمٍ َ ،وأَهُْلهَا مُصْ ِلحُونَ ( 117هود ) .
قال تعالى ( َومِ ْنهُمُب الّذِينَب ُيؤْذُونَب النّبِيّ ،وَ َيقُولُونَب ُهوَ أُذُنٌب ُ ،ق ْل أُذُنُب خَيْرٍ َلكُمْب ُ ،ي ْؤمِنُب بِالِّ وَ ُي ْؤمِنُب لِ ْل ُم ْؤمِنِينَب ،
ب أَلِي مٌ (َ )61يحْ ِلفُو نَ بِالِّ َلكُ مْ لِيُرْضُوكُ مْ ،وَالُّ ح َمةٌ لِلّذِي نَ ءَامَنُوا مِ ْنكُ مْ ،وَالّذِي نَ ُيؤْذُو نَ رَ سُو َل الِّ َلهُ مْ عَذَا ٌ وَ َر ْ
جهَنّمَب وَرَسبُوُل ُه َأحَقّ أَنْب ُيرْضُوهُب ،إِنْب كَانُوا ُم ْؤمِنِينَب ( )62أَلَمْب َيعْ َلمُوا أَنّهُب مَنْب ُيحَادِ ِد الَّ وَرَسبُو َلهُ َ ،فأَنّ لَهُب نَا َر َ
خَالِدًا فِيهَا ،ذَلِكَب ا ْلخِزْيبُ ا ْل َعظِيمبُ (َ )63يحْذَرُ ا ْلمُنَا ِفقُونبَ ،أَنْب تُنَ ّزلَ عَلَ ْيهِمْب سبُورَةٌ تُنَبّ ُئهُمبْ بِمَا فِي قُلُو ِبهِمبْ ُ ،قلِ
ض وَنَ ْلعَ بُ ُ ،قلْ أَبِالِّ وَءَايَاتِ هِ ج مَا َتحْذَرُو نَ ( )64وَلَئِ نْ سََألْ َت ُهمْ ،لَ َيقُولُنّ إِ ّنمَا كُنّا َنخُو ُ ا سْ َتهْزِئُوا ،إِنّ الَّ ُمخْرِ ٌ
ب طَا ِئ َفةً ،بِأَ ّنهُمْ ن طَا ِئ َفةٍ مِ ْنكُمْ ُ ،نعَذّ ْ
وَرَسُو ِلهِ كُنْتُمْ تَسْ َتهْزِئُونَ ( )65لَ َتعْتَذِرُوا قَ ْد َكفَرْتُمْ َبعْدَ إِيمَا ِنكُمْ ،إِنْ َنعْفُ عَ ْ
ضهُم ْب مِن بْ َبعْض بٍ ،يَ ْأمُرُون بَ بِا ْلمُ ْنكَ ِر وَيَ ْن َهوْن بَ عَن بِ ا ْل َمعْرُوف بِ ، كَانُوا ُمجْ ِرمِين بَ ( )66ا ْلمُنَا ِفقُون َب وَا ْلمُنَا ِفقَات بُ َبعْ ُ
وَ َيقْبِضُون َب أَيْدِ َيهُم بْ ،نَس بُوا الَّ فَنَس بِ َي ُهمْ ،إِنّ ا ْلمُنَا ِفقِين بَ هُم بُ ا ْلفَاس بِقُونَ ( )67وَعَ َد الُّ ا ْلمُنَا ِفقِين َب وَا ْلمُنَا ِفقَات بِ
ن ِم نْ قَ ْبِلكُ مْ ،كَانُوا َأشَدّ ي حَ سْ ُبهُ ْم وَ َلعَ َنهُ مُ الُّ وَ َلهُ مْ عَذَا بٌ ُمقِي مٌ ( )68كَالّذِي َ جهَنّ َم خَالِدِي نَ فِيهَا ،هِ َ وَالْ ُكفّارَ ،نَا َر َ
ن مِنْ قَبْ ِلكُمْ ِبخَلَ ِقهِمْ ، مِ ْنكُمْ ُقوّ ًة َوَأكْثَرَ َأ ْموَالً َوَأ ْولَدًا ،فَاسْ َتمْ َتعُوا ِبخَلَ ِقهِمْ ،فَاسْ َتمْتَعْ ُتمْ ِبخَلَ ِقكُمْ َكمَا اسْ َتمْتَعَ الّذِي َ
لخِرَةِ َ ،وأُولَئِكَب هُمُب ا ْلخَاسِبرُونَ ( )69أَلَمْب يَأْ ِتهِمْب نَبَأُ عمَاُلهُمْب فِي الدّنْيَا وَا ْ َوخُضْتُمْب كَالّذِي خَاضُوا ،أُولَئِكَب حَ ِبطَتْب أَ ْ
ب مَدْيَنَب وَا ْل ُمؤْ َتفِكَاتِب ،أَتَ ْتهُمْب رُسُبُل ُهمْ بِالْبَيّنَاتِب ،
الّذِينَب مِنْب قَبْ ِلهِمْب َ ،قوْمِب نُوحٍب َوعَا ٍد وَ َثمُودَ وَ َقوْمِب إِبْرَاهِيمَب َوأَصْبحَا ِ
ضهُ ْم َأوْلِيَاءُ َبعْضٍ ،يَ ْأمُرُونَ ن وَا ْل ُم ْؤمِنَاتُ َبعْ ُ سهُمْ َيظْ ِلمُونَ ( )70وَا ْل ُم ْؤمِنُو َ ن الُّ لِ َيظْ ِل َمهُمْ ،وَ َلكِنْ كَانُوا أَنْ ُف ََفمَا كَا َ
ح ُم ُهمُ بِا ْل َمعْرُوفِب وَيَ ْن َهوْنَب عَنِب ا ْلمُ ْنكَرِ ،وَ ُيقِيمُونَب الصّبلَ َة وَ ُيؤْتُونَب ال ّزكَاةَ وَ ُيطِيعُونَب الَّ وَرَسبُو َلهُ ،أُولَئِكَب سَبيَ ْر َ
الُّ ،إِنّ الَّ عَزِي ٌز حَكِيمٌب ( )71وَعَ َد الُّ ا ْل ُم ْؤمِنِينَب وَا ْل ُم ْؤمِنَاتِب ،جَنّاتٍب َتجْرِي مِنْب َتحْتِهَا الَْ ْنهَا ُر خَالِدِينَب فِيهَا ،
ضوَانٌب مِنَب الِّ َأكْبَرُ ،ذَلِكَب ُهوَ ا ْل َفوْزُ ا ْل َعظِي مُ ( )72يَأَ ّيهَا النّبِيّ ،جَاهِدِ ا ْل ُكفّارَ ن طَيّ َبةً فِي جَنّا تِ عَدْ نٍ َ ،ورِ ْ َومَسبَاكِ َ
جهَنّ مُ وَبِئْ سَ ا ْلمَ صِيرُ (َ )73يحْ ِلفُو نَ بِالِّ مَا قَالُوا ،وَ َلقَدْ قَالُوا كَ ِل َمةَ ا ْلكُفْرِ ، ن وَاغْلُ ظْ عَلَ ْيهِ مْ َ ،ومَ ْأوَاهُ مْ َ وَا ْلمُنَا ِفقِي َ
ل ِم ِهمْ ،وَ َهمّوا ِبمَا لَمْب يَنَالُوا َ ،ومَا َن َقمُوا ِإ ّل أَنْب أَغْنَاهُمُب الُّ وَرَسبُوُل ُه مِنْب فَضْلِهِب ،فَإِنْب يَتُوبُوا يَكُب َوكَفَرُوا َبعْدَ إِسْب َ
ن وَلِيّ َولَ نَصِيرٍ ()74 لخِرَةِ َ ،ومَا َلهُمْ فِي الَْرْضِ مِ ْ خَيْرًا َلهُمْ َ ،وإِنْ يَ َتوَّلوْا ُيعَذّ ْبهُ ُم الُّ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدّنْيَا وَا ْ
ضلِهِب ،ن وَلَ َنكُونَنّ مِنَب الصبّا ِلحِينَ ( )75فَ َلمّاب ءَاتَاهُمْب مِنْب فَ ْ َومِ ْنهُمْب مَنْب عَاهَ َد الَّ ،لَئِنْب ءَاتَانَا مِنْب فَضْلِهِب ،لَنَصّبدّقَ ّ
عقَ َبهُمْب ِنفَاقًا فِي قُلُو ِبهِمْب إِلَى َيوْمِب يَ ْل َقوْنَهُب ،بِمَا َأخْ َلفُوا الَّ مَا وَعَدُوهُب ، َبخِلُوا بِهِب وَ َتوَّلوْا وَهُمْب ُمعْرِضُونَب ( )76فَأَ ْ
لمُ ا ْلغُيُوبِ ( 78التوبة ) . عّ ن الَّ َ جوَا ُهمْ َ ،وأَ ّ ن الَّ َيعْ َل ُم سِرّ ُه ْم وَ َن ْ وَ ِبمَا كَانُوا َيكْذِبُونَ ( )77أَ َلمْ َيعْ َلمُوا أَ ّ
277
همْ عَذَابًا ُمهِينًا (57
لخِرَةِ َ ،وأَعَدّ َل ُ
لّ وَ َرسُو َلهُ َ ،لعَ َن ُهمُ الُّ فِي الدّنْيَا وَا ْ
قال تعالى ( إِنّ الّذِينَ ُيؤْذُونَ ا َ
الحزاب )
ن ظَ َلمُوا ،وَ ُبشْرَى
عرَبِيّا ،لِيُنْ ِذرَ الّذِي َ
ح َمةً ،وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدّقٌ ِلسَانًا َ ب مُوسَى ِإمَامًا وَ َر ْ
وقال ( َومِنْ قَبْ ِل ِه كِتَا ُ
حسِنِينَ ( 12الحقاف ) لِ ْل ُم ْ
278
يوم نبطش البطشة الكبرى
وهكذا نكون قييد عايشنييا أجواء المشهييد الثالث قبييل الخييير ميين فصييول سييورة الدخان ،وبقييي المشهييد الرابييع
والخير ،المشهد الكثر رعبا وهول إنها البطشة الكبرى ،التي سينتقم فيها رب العزة ممن آذوا رسوله ،وهو
وعيد خاص لمحميد علييه الصيلة والسيلم ول يخلف ال وعده ،قال تعالى ( إِنّاب لَنَنْصُبرُ رُسُبلَنَا ،وَالّذِينَب ءَامَنُوا ،
عزِيزٌ ذُو انْ ِتقَا مٍ
شهَادُ ( )51وقال ( فَلَ َتحْ سَبَنّ الَّ ُمخْلِ فَ وَعْدِ هِ رُ سُ َلهُ ،إِنّ الَّ َ
فِي ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا ،وَ َيوْ مَ َيقُو مُ ا َلْ ْ
( 47إبراهيم ) .
أما المؤمنون من أهل مصر فربهم أعلم بهم ،وهو كفيل بأن يقيهم العذاب حيث وعدهم بالنصر كما وعد رسله (
صرُ
ن حَقّا عَلَيْنَا نَ ْ ن َأجْ َرمُوا َ ،وكَا َ وَ َلقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلً ،إِلَى َق ْو ِمهِمْ َفجَاءُوهُمْ بِالْبَيّنَاتِ ،فَانْ َت َقمْنَا ِمنَ الّذِي َ
ا ْل ُم ْؤمِنِينَب ( 47الروم ) ،ووعدهيم بالنجاة كميا وعيد رسيله ،قال تعالى ( َف َهلْ يَنْ َتظِرُونَب ِ ،إلّ مِ ْث َل أَيّامِب الّذِينَب خَ َلوْا
علَيْنَا
حقّاب َ
مِنْب قَبْ ِلهِمْب ُ ،قلْ فَانْ َتظِرُوا ،إِنّيب َم َعكُمْب مِنَب ا ْلمُنْ َتظِرِينَب (ُ )102ثمّ نُ َنجّيب رُسُبلَنَا ،وَالّذِينَب ءَامَنُوا ،كَذَلِكَب َ
نُ ْنجِ ا ْل ُم ْؤمِنِينَ ( 103يونس ) .
وبعد جدال طويل لمؤمن آل فرعون مع أئمة الكفر من قومه ،في حوار يمتد من الية 28في سورة غافر وحتى
ن مَا أَقُولُ َلكُمْب َ ،وأُ َفوّضُب َأمْرِي إِلَى الِّ ،إِنّ الَّ بَصبِيرٌ بِا ْلعِبَادِ (َ )44فوَقَاهُباليية ، 44يقول لقوميه ( :فَسَبتَ ْذكُرُو َ
عشِيّاب ،وَ َيوْمَب َتقُومُب
علَ ْيهَا غُ ُدوّا وَ َ
عوْنَب سبُوءُ ا ْلعَذَابِب ( )45النّارُ ُيعْرَضُونَب َت مَا َمكَرُوا َ ،وحَاقَب بِآلِ فِرْ َ الُّ سَبيّئَا ِ
ن َأشَدّ الْعَذَابِ ( )46وكذلك سيفعل الذين من بعدهم عندما يسمعون بأمر هذا الكتاب ، عوْ َ
عةُ ،أَ ْدخِلُوا ءَالَ ِفرْ َ السّا َ
فسييُمارون ويُكثرون مين الجدل الجدال ،ليُثبتوا أن هذه السييورة لم تكيين بأي حال ميين الحوال بشأن مصيير ومييا
يجري في مصر ،وما ذلك بمنجيهم من العذاب ،فالولى بهم أن يُصلحوا ما فسد من أمرهم ليدرءوا العذاب عن
أنفسهم .
279
… وتنضييب مياه النيييل ،وتجييف الحواض وتيبييس ،تُنتيين القنوات ،وتتناقييص تفرّعات النيييل وتجييف ،ويتلف
القصيب والسيل ،وتذبيل النباتات على ضفاف نهير النييل ،والحقول والمزروعات كلهيا تجيف ،وكأنهيا لم تكين
مخضرّة .فيئن الصييادون وطارحيو الشصيوص فيي النييل وينوحون ،ويتحسيّر الذيين يلقون شباكهيم فيي المياه ،
ويتولّى اليأس قلوب الذين يصنعون الكتان الممشّط ،ويفقد حائكو الكتان الفاخر كل أمل ،ويسحق الرجال أعمدة
الرض ،ويكتئب كل عامل أجير …
… رؤساء صوعن حمقى ،ومشورات أحكم حكماء فرعون غبية ,كيف تقولون لفرعون ،نحن من نسل حكماء
،وأبناء ملوك قدامى ؟! أين حكماؤك يا فرعون ،ليطلعوك على ما قضى به الرب القدير على مصر ؟! قد حَمق
رؤسياء صيوعن ،وانخدع أمراء نوف ،وأضلّ مصير شرفاء قبائلهيا .جعيل الرب فيهيا روح فوضيى ،فأضلّوا
مصر في كل تصرّفاتها ،حتى ترنّحت كترنّح السكران في قيئه ،فلم يبق لعُظمائها أو أدنيائها ما يفعلونه فيها .
في ذلك اليوم ،يرتعد المصريون كالنساء ،خوفا من يد الرب القدير التي يهزّها فوقهم " .
ي ومقتطفات من نص آخر لرميا ،يُنبّئ بخراب مصر :
" ارمييا : -13 :46 :النبوءة التيي أوحيى بهيا الرب إلى ارمييا النيبي ،عين زحيف نبوخيذ نصير لمهاجمية مصير :
أذيعوا في مصر ،وأعلنوا في مجدل ،خبّروا في ممفيس ،وفي تحفنحيس ،قولوا :قف متأهبا لن السيف يلتهم
مِن حولك … .فتقول بقييية اليهود آنذاك " :قوموا لنرجييع إلى قومنييا ،وإلى أرض موطننييا ،هربييا ميين السيييف
الطاغيي " .ويهتفون هناك " :إن فرعون ملك مصير ،لييس سيوى طبيل أجوف ،أضاع فرصيته " … .تأهبوا
للجلء يأهل مصر ،لن ممفيس ستصبح أطلل وخربا مهجورا .مصر عجلة فاتنة هاجمها الهلك من الشمال ،
حتى مرتزقتها في وسطها كعجول مسمّنة ،قد نكصوا على أعقابهم هاربين معا ،ولم يصمدوا لن يوم بلئهم ،
قد حل بهم في وقت عقابهم " .
ي ومقتطفات من نص آخر لحزقيال ،يُنبّئ بخراب مصر :
ن يوم الربّ بات وشيكا ، ي الرب بكلمته قائل :يا ابن آدم ،تنبّأ ،وقل ، … :إ ّ
" حزقيال :13-1 :30 :وأوحى إل ّ
… ،إنّه يوم مُكفه ّر بالغيوم ،سياعة دينونية ( نهايية ) للميم ،إذ يُجرّد سييف على مصير ،فيعُمّي الذعير الشدييد
إثيوبييا ،عندميا يتهاوى قتلى مصير ،ويسيتولي على ثروتهيا ،وتُنقيض أُسيسها .ثيم تسيقط معهيم بالسييف ،إثيوبييا
سكّانها من مجدل إلى وفوط ولود ،وشبه الجزيرة العربية وليبيا ،وشعوب الرض المُتحالفة معهم … فيتهاوى ُ
أسيوان ...فتُصيبح أكثير الراضيي المُقفرة وحشية ،وتُضحيي مُدنهيا أكثير المُدن خرابيا … فيي يوم هلك مصير ،
الذي ل بد أن يتحقّق ...
… لنيي سيأفني جماهيير مصير بييد نبوخيذ نصيّر ملك بابيل ،إذ يُقبيل بجيشيه أعتيى جيوش الميم لخراب ديار
مصيير ،فيُجرّدون عليهييا سيييوفهم ،ويملئون أرضهييا بالقتلى ،وأُجفّف مجاري نهيير النيييل ،وأبيييع الرض لقوم
أشرار ،وأُخرّب البلد فيهيا بييد الغرباء ،أنيا الربّي قيد قضييت .ثمّي أُحطّم الصينام ،وأُزييل الوثان مين ممفييس ،
ول يبقى بعد رئيس في ديار مصر ،وأُلقي فيها الرعب " .
286
أما بالنسبة لواقع المة السلمية الحالي ،وما يواجهه الشعب الفلسطيني من معاناة ،من قبل المفسدون الصهاينة
فيي الغرب والشرق ،فإن ال وعيد المؤمنيين بالنصير مين عنده ،ووعيد عدوهيم قبيل ثلثية آلف سينة بالعذاب إن
أفسيدوا فيي الرض ،وقيد أفسيدوا فيهيا ميا يزييد على خمسيين سينة ،وبلغ إفسيادهم هذه اليام عنان السيماء ،فهذان
وعدان صيدرا ممين ل يخلف الميعاد ،ولكين المير يحتاج إلى اليمان بال والصيبر والثبات على الديين ،وعلى
صبرهم وثباتهم في مواجهة عدوهم مع حسن الظن بال رب العالمين .
ف الُّ وَعْدَ ُهيقول سبحانه في شأن المفسدين في الرض مخاطبا رسوله وأمته ( وَ َيسْتَ ْعجِلُونَكَ بِا ْلعَذَابِ ،وَلَنْ ُيخْلِ َ
سلِ َ ،ولَ َ ،وإِنّ َي ْومًا عِنْدَ رَبّ كَ ،كَأَلْ فِ سَ َن ٍة ِممّا َتعُدّو نَ ( 47الحج ) وقال ( فَا صْ ِبرْ َكمَا صَ َب َر أُولُو ا ْلعَزْ مِ مِ نَ الرّ ُ
سقُونَ (35 ك ِإلّ الْ َقوْمُ ا ْلفَا ِ
ع ًة مِنْ َنهَارٍ بَلَغٌ َف َهلْ ُيهْلَ ُ
ن مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا ِإلّ سَا َ
جلْ َلهُمْ ،كَأَ ّنهُمْ َيوْمَ يَ َروْ َ
تَسْ َتعْ ِ
الحقاف ) .
س الناس من الشرّ فهم يستعجلون زواله ،ورغبوا في الخير وهم يستعجلون إطلله ،فقد استقوى هذه اليام ،يأ َ
ن سَبِيلٍ ( 11غافر ) ؟ !
ج مِ ْ
خرُو ٍ
الباطل وزادت سطوته وغاب الحقّ وطالت غيبته ( َف َهلْ إِلَى ُ
الفرق بين المواقيت بين التقدير السماوي والتقدير الرضي :
عادة ميا يشعير النسيان فيي حالت الفرح ،بأن الزمين ينقضيي كلميح البرق ،فالسيبوع يمرّ وكأنيه يوم ،واليوم
وكأنيه سياعة ،والسياعة وكأنهيا دقيقية ،أميا فيي حالت الفراغ أو الحزن فيشعير بأن الزمين يسيير ببطيئ شدييد ،
ويكاد أن يتوقيف ،فالدقيقية تم ّر وكأنهيا سياعة ،والسياعة وكأنهيا يوم ،واليوم كأنيه شهير ،فالحسياس بالزمين أمير
نسبي ،يعتمد على الحالة النفسية التي تعتري النسان بين حين وآخر .
وحتى ل يتخبّط النسان في تقديراته للزمن تبعا لحالته النفسية ،اتُخذت اليام والشهور والسنون ،وهي مقاييس
ثابتيية ومنتظميية ،لعتمادهييا على الحركيية المنتظميية والثابتيية للجرام السييماوية ،التييي أبدعهييا رب هذا الكون .
وبقيت مسألة كيفية تقدير الزمن بالنسبة لليوم الواحد ،فاصطلح على تقسيم اليوم إلى 24ساعة ،والساعة إلى 60
دقيقة ،والدقيقة 60ثانية .
ويرى كثيير مين المسيلمين أن فترة الظلم والفسياد على الرض طالت جدا ،وربميا سيتطول أكثير عنيد البعيض .
ونقول هييي فييي الميقات السييماوي قصيييرة جدا ،ولتوضيييح الفكرة وتقريبهييا إلى الذهان ليييس إل سيينقوم بعملييية
حسابية بسيطة .
اليوم في الميقات السماوي = 1000سنة ،واليوم في الميقات الرضي = 24ساعة
فإذا قمنا بقسمة 1000سنة على 24ساعة ،سنكون قادرين على التوصل لمعرفة نسبية لمقدار الساعة الواحدة في
الميقات السماوي :
41,6 = 24 ÷ 1000سنة
إذن الساعة الواحدة في الميقات السماوي تقابل 41,6سنة أرضية
أي أن الساعة في الميقات السماوي ،تُقابل 42سنة تقريبا بالمقارنة مع الميقات الرضي
ولحساب عمر الدولة اليهودية على سبيل المثال بالميقات السماوي ،وبما أن العمر المتوقع لها هو 60سنة ،نجد
أن :
( ) 1ساعة سماوية 41,6 :سنة أرضية
( س ) ساعة سماوية 60 :سنة أرضية
ومن خلل الضرب التبادلي :
نجد أن ( س ) = ( 1,44 = 41,6 ÷ ) 1 × 60ساعة سماوية
أي أن عمرها ،هو ساعة واحدة و 0,44من الساعة .وبما أن الساعة لدينا ،تتكون من ( ) 60دقيقة .
287
فإن 0,44من الساعة = 26,4 = 60 × 0,44دقيقة .
ليتبين لنا أن إحساس أهل السماء بانقضاء 60سنة أرضية ،يُماثل إحساسنا بانقضاء ساعة واحدة وست عشرين
دقيقة فقط على الرض ،وهو زمن قصير جدا بالنسبة لهل السماء ،وطويل جدا بالنسبة لهل الرض .
لذلك يشعير الناس على الرض بطول الزمن وامتداده ،فتجدهم يسيتعجلون الوعود اللهيية بإهلك القرى الظالمية
وبنصير المؤمنيين ويعجبون مين تأخّرهيا ،وأميا أهيل السيماء فهيم على العكيس تماميا ،يرون أن العذاب أو النصير
يتنزل على الناس بسييرعة كييبيرة جدا ،وأن الحداث تجري كلمييح البصيير وهذا مييا يؤكده الخبار اللهييي عيين
السيياعة فييي القرآن ،حتييى ظنّي صييحابة رسييول ال ميين كثرة مييا أكّد سييبحانه وتعالى على قربهييا أن سييتقع فييي
زمانهيم ،لذلك كان الناس آنذاك يكثرون السؤال عنهيا إشفاقيا مين أمرهيا ،وهيا قيد مرّ أكثير مين 1400سينة ولم تقيم
بعيد ،وهذه الحقيقية هيي ميا يُقرّره سيبحانه وتعالى فيي مطلع سيورة المعارج ،حييث قال ( سبَا ِئلٌ ِبعَذَابٍب وَاقِعٍب ()1
خمْسبِينَ
لِ ْلكَافِرينَب لَيْسَب لَهُب دَافِعٌب ( )2مِنَب الِّ ذِي ا ْل َمعَارِجِب (َ )3تعْرُجُب ا ْلمَلَ ِئ َكةُ وَالرّوحُب إِلَيْهِب فِي َيوْمٍب كَانَب ِمقْدَارُهُب َ
جمِيلً ( )5إِ ّن ُهمْ َي َروْ َنهُ َبعِيدًا ( )6وَنَرَاهُ قَرِيبًا ( 7المعارج ) أَلْفَ سَ َنةٍ ( )4فَاصْبِرْ صَ ْبرًا َ
وقال تعالى
( فَا ْرتَقِبْ ِإ ّنهُ ْم ُمرْتَ ِقبُونَ )
288
الطوفان الخير وطوق النجاة
جعُو نَ (41
عمِلُوا َلعَّلهُ مْ يَ ْر ِ
ظهَرَ ا ْلفَ سَادُ فِي الْبَ ّر وَالْ َبحْرِ ِبمَا كَ سَبَتْ أَيْدِي النّا سِ لِيُذِي َقهُ مْ َبعْ ضَ الّذِي َ
قال تعالى ( َ
الروم )
لم تحمل الرض فيي أحشائها عبر تاريخها الطويل ،حمل فاسدا ومفسدا كهذا الحمل الذي حملته في المائة سنة
الخيرة .فقد حوت في رحمها جميع خطايا ومعاصي المم السابقة ،التي كانت فيما مضى تُهلك لمجرد خطيئة
أو معصيية واحدة تُصيرّ عليهيا ،كعبادة الصينام أو إتيان الفواحيش أو تطفييف الكييل ،وذلك بالرغيم مين وجود
تعاليم موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلة والسلم ،حية مسطورة بين دفات الكتب .فالرض حبلى بالفساد ول
بيد لهذا الحميل ،الذي عظيم شأنيه وكيبر حجميه مين جراحية قيصيرية مؤلمية جدا ،لنقاذ رحيم الرض قبيل أن
تتسرّب لبقيته العفونة فل يُسمح له بحمل آخر .
قال تعالى ( إِنّمَا مَ َثلُ ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا َ ،كمَا ٍء أَنْ َزلْنَاهُب مِنبْ السّبمَاءِ ،فَاخْتَلَطبَ بِهبِ نَبَاتُب الَْرْضبِ ِ ،ممّاب يَ ْأ ُكلُ النّاسُب
ل َأوْ َنهَارًا ،
خرُ َفهَا وَازّيّنَتْ َ ،وظَنّ أَهُْلهَا أَ ّنهُمْ قَادِرُونَ عَلَ ْيهَا ،أَتَاهَا َأمْرُنَا لَيْ ً
وَالَْنْعَامُ ،حَتّى إِذَا َأخَذَتْ الَْرْضُ ُز ْ
صلُ الْيَاتِ ِل َقوْمٍ يَ َت َفكّرُونَ ( 24يونس ) جعَلْنَاهَا حَصِيدًا ،كَأَنْ َلمْ َتغْنَ بِا َلْمْسِ ،كَذَلِكَ ُنفَ ّ
َف َ
هذه الية تحمل في ثناياها سنة إلهية جاءت على شكل شرط وجواب للشرط ،والشرط ( َأخَذَ تْ الَْرْ ضُ ُزخْرُ َفهَا
وَازّيّنَتْب َ ،وظَنّ أَهْلُهَا أَ ّنهُمْب قَادِرُونَب عَلَيْهَا هيو أن تأخيذ الرض أبهيى صيورها ،وأن يُصيبح أهلهيا منشغلون
بمظاهرهيا مفتونون بجمالهيا ،يبذلون قصيارى جهدهيم فيي تحصييل متاعهيا ،غافليين عين شكير خالقهيا وبارئهيا ،
ظانين أنهم قادرين وبل منازع على تصريف شؤونها ،وشؤون من على ظهرها من المخلوقات ،منتقصين قدر
وقدرة خالقهم وخالقها .
ل َأوْ َنهَارًا ) وماهية أمر ال تتبين من النتيجة ،في تعقيبه
أما جواب الشرط فهو مجيء أمر ال ( أَتَاهَا َأمْرُنَا لَيْ ً
جعَلْنَاهَا حَصبِيدًا ،كَأَنْب لَمْب َتغْنَب بِا َلْمْسِب ) وهيو خراب الرض بزوال زينتهيا وزخرفهيا ،التيي
سيبحانه وتعالى ( َف َ
أشغلت الناس عين عبادة ال ،وهيي تشميل كيل ميا تراه مين حولك ،مين مفاتين الحياة التيي اغتير بهيا الناس إل مين
رحيم ربيي وهيم قلييل ،وذلك يعنيي هلك الكثيير مين الناس .وإن لم تسيتخدم السيلحة النوويية فيي جعيل الرض
صيحراء قاحلة ،أينميا وقيع مين أهلهيا ميا أخيبرت عنيه اليات ،فميا الذي سييجعلها كذلك ؟! ميع حتميية زوال هذه
السلحة كما كنا قد أوضحنا في فصول سابقة .
وهذه السينة اللهيية سيتمضي فيي عصيرنا وقريبيا جدا ،كميا مضيت مرارا وتكرارا فيي القوام ،كلميا ابتعيد الناس
عن الغاية اللهية من جعل النسان خليفة في الرض .ويُعقّب سبحانه أنه فصّل اليات ،وأن هذا المر المفصّل
فيي اليية مطروح للتفكّر فييه ،بمعنيى أنيك متيى عاينيت ميا أخيبرت عنيه اليات ،متمثّل على أرض الواقيع فتوقيع
أمر ال في أي لحظة ،هذا إن كنت ممن يتفكّرون .
[ نهاية الكتاب ]
292
كتاب
نهاية إسرائيل والوليات المتحدة المريكية
متوفر على شبكة النترنت ضمن موقع وعد الخرة
موقع شخصي للمؤلف يتم من خلله تقديم فكرة عن الكتاب ،وتقديم خدمة تحميل الكتاب مجانا
هذا الكتاب لم يُعط حق نشره ،لي من دور النشر ،حتى يتسنى لنا عرضه من خلل شبكة النترنت ،وليتسنى
للجميع الطلع على ما يحويه هذا الكتاب من أفكار وطروحات
الكتاب غير متوفر مطبوعا في السواق ،ومن رغب بطباعته ونشره فله الحق بذلك ،ودون داع للرجوع إلى
المؤلف
إذ ل نبتغ من وراءه منفعة مادية أو معنوية قل شأنها أو كبر
293