You are on page 1of 15

‫التيار الشتراكي " الماركسي "‬

‫‪---------------‬‬
‫هناك صعوبات عديدة يعرفها أي باحث يتصدى لتناول التيار الشتراكي – الماركسي – بوجه عام ‪,‬‬
‫وموقف هذا التيار من مفهوم المواطنة بصورة أخص ‪ ,‬فمن ناحية اتسمت الحركة الماركسية المصرية‬
‫بالسرية والتكتم ‪ ,‬وتمثلت في تنظيمات غير علنية ومن ثم فإن الكثير من أدبياتها السياسية والفكرية ل‬
‫يزال الكثير منها غير معروف حتى اليوم ‪ ,‬كما عانت الحركة الماركسية منذ بداياتها ‪ ,‬ول تزال حركة‬
‫انقسام وتشظي ل ينتهي‪ ,‬وهذا يؤدي إلي حيرة الباحث تجاه موقف هذا الفصيل أو ذاك في هذه اللحظة‬
‫التاريخية أو غيرها ‪ .‬من ناحية ثالثة ‪ ,‬فقد تعرضت الحركة الماركسية ‪ ,‬لنوع من التشويه المتعمد من قبل‬
‫(‪)127‬‬
‫القوي السياسية المناوئة ‪ ,‬حتى تدفع الجماهير للعزوف عنها والتخلي عن برامجها من أجل إضعافها‬
‫‪ .‬وتزداد هذه الصعوبة تفاقما حين يحاول المرء استجلء موقف هذه التيارات من مبدأ المواطنة – إذا أن‬
‫الموقف الماركسي التقليدي من المواطنة هو الفتور و السلبية ‪ ,‬علي اعتبار أنه مفهوم ليبرالي بورجوازي‬
‫– نشأ مع الدولة القومية – وتوقف عند تأكيد الحقوق المدنية والسياسية دون القتصادية الجتماعية‬
‫والذي لم يكن يعني في التطبيق العملي سوي حماية حقوق الطبقات التي تملك بأكثر مما يحمي مصالح‬
‫الذين ل يملكون – فضلً عن تعارضه مع التجاه العام للماركسية في النحياز للممية علي حساب‬
‫القومية ‪ ,‬وأنه في أفضل الحوال حلقة من حلقات التطور السياسي لكن التوقف عنده تجميد لحركة التطور‬
‫التي تفتح الباب من أجل إيجاد المجتمع الشيوعي الل طبقي ‪ .‬ولعل تلك العوامل السابقة يمكن أن تدفع‬
‫الباحث إلي التخلي عن محاولة تحديد موقف التيار الماركسي من مسألة المواطنة ‪ ,‬هذا إذا وضعنا كذلك‬
‫في العتبار أن ثمة فقر نظري للحركة الماركسية المصرية تجاه هذه المسألة لرتباطها كذلك بالديمقراطية‬
‫وحقوق النسان ‪ ,‬وهي المفاهيم التي كانت موضع عدم اعتناء من التيار الماركسي ‪ ,‬إل أنه وبالرغم من‬
‫كل ذلك ‪ ,‬فإن التيار الماركسي له في الواقع أهمية فريدة ل تغري بذلك التجاوز ‪ ,‬بل علي العكس تدفع‬
‫إلي أخذ موقف إيجابي نحو جلء القسمات الفكرية والنضالية لهذا التيار ‪ ,‬وتحديد ملمحه علي الخريطة‬
‫الفكرية المصرية بما هو جدير به ‪ .‬حيث يتميز التيار الماركسي ( برؤيته الموضوعية العلمية والعملية‬
‫للواقع السياسي تاريخيا وطبقيا ‪ ,‬والتي تتجسد في برامج تتسم بالفاق الستراتيجية ‪ ,‬والجراءات‬
‫التكتيكيتة والخصوصية الوطنية والبعد الدولي النساني ) والخطاب الماركسي خطاب صاغته القوي‬
‫الوطنية المنحازة لصالح الجماهير الشعبية ‪ ,‬ويتسع مفهومه ليشمل مختلف المواقف السياسة والطبقية‬
‫واليديولوجية المعادية للمبريالية والستغلل والتخلف ‪ ,‬والستبداد ‪ ,‬والجمود الفكري ‪ ,‬ولهذا تصوغه‬
‫مصطلحات الستقلل والتحرر الوطني والقتصادي ‪ ,‬والتقدم الجتماعي والزدهار الديمقراطي والتفتح‬
‫الثقافي ‪ .‬وقد اعتمد هذا الخطاب منهج الفكر العلمي كبديل للفكر المثالي ‪ ,‬ورفض التعصب الثني‬
‫والقومي والمناداة بتأمين المساواة في الجور ‪ ,‬وفصل الدين عن سلطة الدولة ‪ ,‬والتحرر من الستبداد‬
‫والبؤس أو بتعبير شبلي شميلي " وضع نظام يكبح جماح الجبابرة الظالمين ‪ ,‬ويخفف العناء عن الضعفاء‬
‫والمظلومين "‬
‫(‪)128‬‬

‫‪-1‬عن الجذور التاريخية للحركة الماركسية المصرية ‪:‬‬


‫‪68‬‬
‫تعود جذور الحركة الماركسية المصرية إلي تنظيمات الشيوعية التي وجدت بين أوساط العمال والجانب‬
‫وبالذات اليطاليين والرمن واليونايين الذين وفدوا إلي مصر في أوائل القرن العشرين من بلد احتدم فيها‬
‫الصراع بين العمل و رأس المال ‪ ,‬فحملت تلك العناصر معها براعم العمل الثقافي والشتراكي ‪,‬‬
‫وشاركت في تأسيس النقابات العمالية الولي في مصر ‪ ,‬وكانت هذه التنظيمات في بعض الحيان تمثل‬
‫تكوينات قومية مغلقة تعمل كامتداد للحزاب الشيوعية في أوطانهم الصلية ‪ ,‬وبالتوازي مع هذا النشاط‬
‫الجنبي وبتأثيره فقد تشكل خطاب اشتراكي مصري ‪ ,‬كانت أولى بداياته مع كتابات شبلي شميل ( ‪1850‬‬
‫– ‪ ) 1917‬الكواكبي ( ‪, )1902 – 1854‬فرح أنطون (‪ )1922 –1874‬والذي قدم الشتراكية علي أنها‬
‫دين النسانية الجديد وسلمة موسي (‪ ) 1958 –1887‬الذي جمع فكرة بين الفابية والعلمية والقومية و‬
‫الليبرالية ‪ ,‬إضافة إلي مؤلفات نقول حداد ‪ ,‬ومصطفي حسنين المنصوري وغيرهم ‪ ......‬وتعتبر المحاولة‬
‫التي قام بها د ‪ .‬منصور فهمي في أواخر ق ‪ , 18‬وبداية القرن التاسع عشر بالضافة إلي جهود عدد من‬
‫المثقفين المصرين أمثال محمود عزمي وعزيز ميرهم وغيرهم ‪ ,‬أول محاولة لتأليف حزب اشتراكي‬
‫مصري باسم الحزب الديمقراطي علي أن يدعم نضال الوفد من أجل القضية المصرية ‪ ,‬وتألف الحزب‬
‫في سبتمبر عام ‪ " 1919‬ونشر برنامجه في جريدة النظام (‪ 8‬سبتمبر ‪ )1919‬ونص فيه علي ترقية‬
‫الطبقات العاملة أدبيا وماديا وإعانة من ل يستطيع العمل ‪ ,‬وإنماء ثروة البلد بحيث ينتفع بها السكان‬
‫جميعا بقدر المكان واشتملت مبادئ الحزب السياسي علي استقلل مصر وحق كل أمة في تقرير‬
‫مصيرها ‪ ,‬والعمل علي إنشاء قوة دولية عليا تحكم فيما يقع بين المم من خلفات ونصت مبادئ الحزب‬
‫كذلك علي مبدأ سيادة الشعب باعتباره مصدر كل سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية ‪ ,‬وأن يكون الحكم‬
‫نيابيا لهيئته العليا وحدها حق فرض الضرائب ‪ ,‬ومحاكمة الحكومة المسئولة أمامها عن أعمالها ‪ ,‬وأن‬
‫يوجد تشريع وقضاء موحد لجميع السكان بل نظر إلي جنسياتهم وأديانهم ‪ .‬كما أقر الحزب حرية القول‬
‫والجتماع والكتابة ونص برنامجه علي تعميم التعليم البتدائي ‪،‬وجعله إجباريا مجانيا للبنات والبنين (‪.)129‬‬
‫ب‪ -‬اليسار العمالي في أعقاب الحرب العالمية الولي ( ‪) 1939 – 1921‬‬
‫تطورت الحركة العمالية في أعقاب الحرب العالمية الولي تطورا سريعا نتيجة لزياد النشاط النقابي في‬
‫تلك الفترة وإلتحامه بالعمل الوطني في ثورة ‪ 1919‬وكان لوقوع ثورة أكتوبر ‪ 1917‬في روسيا ‪,‬‬
‫والنداءات التي وجهتها الثورة إلي العمال والفلحين في الشرق الدنى وإلي مسلمي العالم ضحايا‬
‫الرأسمالية ‪ ,‬أثرها اليجابي في قيام الخليا الشيوعية في القاهرة والسكندرية بصفة خاصة ‪ ,‬حيث قام‬
‫الدعاة الشيوعيون ببث الدعوة بين العمال الجانب ‪,‬و وبعض المثقفين المصرين ممن أتيحت لهم فرصة‬
‫الدراسة في أوروبا ‪ ,‬وقد انتج ذلك تكوين الحزب الشتراكي المصري " الذي أعلن عام ‪" 1921‬‬
‫كثمرة لهذا النشاط ‪ ,‬وقد ضم داخله تيارين أساسين ‪-:‬‬
‫(‪)1‬المثقفين الشتراكيين الديمقراطيين من أمثال سلمه موسي ‪ ,‬وعلي العناني ‪ ,‬وعبدال‬
‫عنان ‪.‬‬
‫(‪)2‬وتيار ماركسي مثله جوزيف روزنتال في السكندرية‬

‫‪69‬‬
‫وكان تأليف الحزب الشتراكي المصري في ذلك الحين ‪ ,‬وفي ظل الظروف شبه القطاعية والرأسمالية‬
‫السائدة ‪ ,‬حدثا ثوريا بكل المعايير وقد جاء برنامجه مزيجا من المبادئ الماركسية ومبادئ الشتراكية‬
‫الفابية ‪ ,‬وقد قسم الحزب برنامجه إلي ثلثة أقسام ‪-:‬‬
‫فهو سياسيا ‪ " :‬يطالب بتحرير مصر من نير الستعمار عن وادي النيل " ويؤيد حرية الشعوب واختيار‬
‫المصير " والتآخي بين جميع المم علي قاعدة المساواة والمنفعة المتبادلة ‪ ,‬ومجابهة الستعمار أينما وجد‬
‫وإلغاء المعاهدات السرّية ‪-:‬‬
‫( والملحظ أن تلك هي المبادئ التي اعتنقتها ثورة يوليو بعد نصف قرن ‪ ,‬وأعطتها وجهها التقدمي أمام‬
‫العالم) واقتصاديا " يعلن الحزب عزمة علي إنشاء مجتمع اقتصادي يقوم علي توحيد الثروة الطبيعية ‪,‬‬
‫ومصادر النتاج لمجموع المة والخذ بالتوزيع العادل للثمرات علي العامليين طبقا لقانون النتاج والكفائة‬
‫الشخصية‪ .‬واجتماعيا " طالب بتحسين أجور العمال وتقرير المكافآت والمعاشات لهم حين يعجزون ‪,‬‬
‫والعطلة القهرية ‪ ,‬كما طالب بتحرير المرآة الشرقية وتربيتها تربية سليمة منتجة ‪ ,‬وتحرير حقـوق النيابة‬
‫والنتخاب من القيود المالية وغيرها وحق العمل لجميع أفراد المة نســاء ورجــال " ‪ .‬وقد أعلن‬
‫الحزب عزمه علي إتباع الوسائل السلمية والصراع الحزبي وإنشاء النقابات الزراعية والصناعية الحرة‬
‫ونقابات النتاج والستهلك‪........‬الخ لكن لم يلبث أن حدث انشقاق في قيادة الحزب لسباب أيديولوجية‬
‫‪ ,‬ليتم إعلن تكوين الحزب الشيوعي المصري ‪ ,‬بديلً عن الحزب الشتراكي سنه ‪ .)130( " 1922‬وقد‬
‫أسس الحزب روزنتال في السكندرية ‪ ,‬وكان للحزب نفوذ واسع علي عدد كبير من النقابات مثل نقابات‬
‫عمال الغاز وعمال النصر وشركة الغزل والنسيج ونقابة عمال الترام ‪........,‬الخ ‪ .‬وقد هاجم الحزب‬
‫دستور ‪1923‬‬
‫وطالب بإلغاء الدين العمومي ‪ ,‬وإلغاء المتيازات الجنبية ‪ ,‬وجعل قناة السويس مرفقا أهليا أي تأميمها ‪.‬‬
‫وكان أهم ما فعله الحزب وضع برنامج للفلحين يتضمن مصادره جميع الراضي المملوكة للفراد التي‬
‫تزيد عن مائة فدان بدون تعويض ‪ ,‬وتوزيع ما يزيد منها علي الفلحين المعدمين ‪ ,‬وقد وجه الحزب‬
‫خطابا إلي سعد زغلول زعيم المة يطالبه بالعتراف بنقابات العمال والفلحين وحقها في الدفاع عن‬
‫حقوقها القتصادية والجتماعية والسياسية‬
‫‪-‬والعتراف بالحكومة السوفيتية أسوة بالمم المتمدنة‬
‫‪ (-‬ملحظة هامة ‪ :‬قام عبد الناصر فيما بعد بتأميم القناة ‪ /‬اعترف الوفد بالنقابات ) ولم يلبث‬
‫الحزب أن دخل في صدام عنيف مع الوفد أدي إلي حله ‪.‬‬
‫فترة الثلثينات والربعينات ‪-:‬‬
‫‪-‬في الثلثينات عاودت التيارات الماركسية الظهور مرة أخري ‪ ,‬في إطار العمل الثقافي تارة ‪,‬‬
‫ومن خلل الجمعيات المعادية للفاشية تارة أخري ومع ظهور التناقضات الجتماعية والقتصادية‬
‫في الربعينيات ‪ ,‬شهدت الحركة الشيوعية صحوة تنظيمية ‪ ,‬وإن من خلل عدد من السماء‬
‫الجنبية " أهمهم هليل شوارتز الذي قام بتأسيس تنظيم شيوعي باسم ( اسكرا " الشرارة ) هنري‬
‫كوربيل ( الحركة المصرية للتحرر الوطني ) مارسيل كولومب ( تحرير الشعب ) ‪ ,‬وفي أعقاب‬
‫‪70‬‬
‫الحرب العالمية الثانية تصاعد مد الخطاب الماركسي نتيجة تصاعد المواجهة مع الستعمار ‪,‬‬
‫وتبلور وعي الطبقة العاملة المصرية ‪ ,‬وتنامي أيديولوجيتها ‪ ,‬وظهور المنابر السياسية المعبرة‬
‫عنها وقد ساعد عليه صدور لئحة العمل سنه (‪ )1939‬والعتراف باتحادات العمال الصناعيين‬
‫‪ ,‬واستقللها عن الطبقة العاملة الجنبية وأحزاب البورجوازية المصرية ‪ ,‬وانتشار حركة تكوين‬
‫النقابات ودخول الرأسمالية المصرية إلي ميدان الستغلل القتصادي إلي جانب الرأسمالية‬
‫الجنبية ‪ ,‬مما ترتب عليه أن أصبح العمل الوطني بالنسبة للعمال يعني التحرر الوطني والتحرر‬
‫الجتماعي في آن واحد في مواجهة قوي الستغلل والسيطرة الجنبية المحلية والجنبية (‪.)131‬‬
‫‪ -‬ومن الملحظ تحمس الكثير من الشباب الوطني للماركسية في صيغتها اللينينية ‪ ,‬ولقد ساعد علي‬
‫انتشار اللينينية تفاعلها مع الظروف الموضوعية لتطور الحركة المصرية ‪ ,‬فقد كانت هي الصيغة الوحيدة‬
‫التي تقدم تبريرا ‪ ,‬نظريا للمهام التية ‪-:‬‬
‫‪ -‬طرحت علي الشيوعيين استكمال مهام الثورة البورجوازية التي عجزت عن استكمالها‬
‫‪ -‬خصصت لحركات التحرر الوطني دورا رئيسيا في التخلص من النظام الرأسمالي في العالم كله‬
‫(‪)132‬‬
‫‪ -‬جعلت المثقفين الثوريين يلعبون الدور المركزي في عملية الصراع الطبقي في المجتمع "‬
‫‪ -‬ومن الجدير بالذكر أن خلل الربعينيات نشأت بالضافة إلي التنظيمات الماركسية السابقة التي يقودها‬
‫الجانب ‪ ,‬العديد من الجماعات والحركات الصغيرة ‪ ,‬كعصبة الماركسين ‪ ,‬طليعه العمال – جماعة الخبز‬
‫والحرية ‪ ,‬وصدرت العديد من الجرائد والمجلت المعبرة عن هذه التنظيمات كما تكونت بعض دور النشر‬
‫مثل مركز البحاث العلمية ودار القرن العشرين ‪ ,‬لجنة نشر الثقافة الجديدة وساهمت تلك التنظيمات ‪ ,‬في‬
‫مظاهرات ‪ 1946‬وفي الكفاح ضد حكم صدقي الديكتاتوري وفي إنشاء لجنة الطلبة والعمال ‪ ,‬وقد لعب‬
‫الشيوعيون دورا مؤثرا في الحركة الوطنية المصرية بسبب من قدراتهم التنظيمية وجاذبية الشعارات التي‬
‫يرفعونها ‪ ,‬وانخراطهم في الكفاح الوطني ‪ ,‬وأقام الشيوعيون صلت وثيقة مع حزب الوفد فيما عرف‬
‫بالطليعة الوفدية ‪ ,‬ولعل أهم ما تمخضت عنه الربعينيات هو ظهور الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني‬
‫( حديتو ) التي نتجت عن اتحاد الحركة الوطنية للتحرر الوطني ‪ ,‬و اسكرا ‪ .‬بينما اتحدت باقي التنظيمات‬
‫في تنظيم أخر ‪ ,‬وقد تميزت (حديتو) باهتمامها بالعمل في صفوف الجيش ‪ ,‬وبنشاط هام وسط القلية‬
‫النوبية والطلبة السودانيين والعرب عموما بهدف خلق تكوينات من الكوادر تستطيع إقامة منظمات شيوعية‬
‫في الوطن الم ‪ .‬وعندما انتهت الحرب العالمية ‪ ,‬انطلق الشيوعيون في تأسيس اللجان الوطنية للعمال‬
‫والطلبة التي توحدت في إطار منظمة ذات نفوذ جماهيري عارم هي اللجنة الوطنية للعمال والطلبة سنه‬
‫‪ 1946‬والتي هزّت أركان الحكم وأركان الستعمار معا ‪ ,‬وقادت مظاهرات عارمة ‪ ,‬ونجحت في تنظيم‬
‫إضراب عام لجميع هيئات الشعب في ‪ 21‬فبراير ‪ 1946‬وفي مارس أعلنت اللجنة الحداد العام علي‬
‫شهداء ‪ 21‬فبراير فأغلقت المدارس والمتاجر ‪ ,‬و احتجبت الصحف ووقعت في السكندرية حوادث دامية "‬
‫(‪. )133‬‬

‫‪71‬‬
‫‪-‬وقد وضعت حديتو برنامجها السياسي ‪ 1950‬الذي تضمن ( طرد الستعمار وتحقيق الجلء والكفاح‬
‫المسلح وعدم دخول مصر في أية أحلف عسكرية مع دول الغرب ‪ ,‬وعقد معاهدة صداقة مع التحاد‬
‫السوفيتي المطالبة بتأميم القناة – توسيع الحريات الديمقراطية بإلغاء القيود التشريعية التي تحد من‬
‫حرية الصحافة والجتماع وتكوين الحزاب مع الفراج عن المسجونين السياسيين وطالبت الحركة‬
‫‪ ..‬ولقد دعا البرنامج إلي إقامة جبهة‬ ‫(‪)134‬‬
‫الديمقراطية بتحديد الملكية الزراعية والقضاء علي القطاع"‬
‫شعبية في شكل تحالف بين العمال والفلحين والفئات الدنيا من الطبقة الوسطي والمثقفين‬
‫والديمقراطيين وإقامة حكومة ديمقراطية تتشكل من فئات الجبهة الشعبية تحت قيادة الطبقة العاملة‬
‫وبذلك تكون هذه هي دكتاتورية الشعب في مواجهة الستعمار وحلفائه وخططه ‪ ,‬كما أن هذه الحكومة‬
‫سوف تمنح الشعب حرياته الديمقراطية كاملة " (‪ .)135‬كذلك تكون تنظيم " الحزب الشيوعي المصري‬
‫من بعض القياديين العائدين ‪ ,‬من بعثات دراسية في فرنسا وأهمهم د ‪ .‬فؤاد مرسي ‪ ,‬د ‪ .‬إسماعيل‬
‫صبري عبدال وغيرهم " وقد تم نشر برنامج الحزب كاملً في صحيفة روزا اليوسف في ‪ 17‬إبريل‬
‫العدد ‪ 1192‬سنه ‪ , 1951‬تحت عنوان برنامج الحزب الشيوعي المصري لعل من أهم ما تضمنه ‪:‬‬
‫‪ -‬الستقلل والتحرر من الستعمار الجنبي ‪ ,‬النجليزي والمريكي ‪ ,‬وجلء القوات البريطانية عن‬
‫مصر والسودان ‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء عل نظام كبار ملك الراضي الزراعية ‪ ,‬والرأسماليين والحتكاريين ‪ ,‬الذي يستند إلي قوة‬
‫الستعمار المسلح ‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة الديمقراطية التي يكون فيها الحكم للشعب من العمال والفلحين والوطنيين الديمقراطيين‬
‫مصادرة الملكيات الزراعية الكبيرة ما يزيد عن ‪ 50‬فدانا وإعادة توزيعها علي الفلحين الفقراء‬
‫‪ -‬إطلق الحريات السياسية بجميع أنواعها " حرية الكتابة ‪ ,‬النشر والكلم ‪ ,‬العقيدة ‪ ,‬التظاهر ‪ ,‬الحزاب‬
‫والجتماع وحرية الطبقات الشعبية ‪ ,‬في تكوين الهيئات والنقابات والحزاب التي تدافع عن مصالحها ‪.‬‬
‫‪ -‬بناء جيش شعبي ديمقراطي من جميع أبناء الشعب ‪ ,‬يصون مصالح الشعب ويدعم السلم العالمي‬
‫‪ -‬تحسين مستوي معيشة العمال وفئات الشعب الخرى وبخاصة الفلحين والموظفين ‪ ,‬وتأمين العمال‬
‫ضد البطالة والمرض والشيخوخة ‪ ,‬وجعل ساعات العمل ‪ 40‬ساعة في السبوع ‪.‬‬
‫‪ -‬فرض الضرائب التصاعدية علي الدخل والرباح غير العادية والتركات ‪ ,‬وإعفاء العمال وفقراء‬
‫الفلحين وصغار الموظفين من الضرائب غير المباشرة التي تصيب المستهلكين الفقراء ‪.‬‬
‫تحرير المرآة من قيود الحريم الستبدادية المتأخرة ‪ ,‬ومساواتها بالرجل في جميع المور ‪.‬‬
‫جعل التعليم بجميع مراحله حقا لكل مصري بغير مقابل مع توفيره لجميع أبناء الشعب وتحرير العلوم ‪,‬‬
‫والثقافة من الفكار الستعمارية " (‪ ..)136‬ومع قيام ثورة يوليو ‪ 1952‬تفاوتت مواقف الفصائل الماركسية‬
‫منها بين النقد والتأييد والتحفظ ‪ ,‬غير أن حديتو لعبت دورا في صفوف الضباط الحرار ‪ ,‬فقد طبعت‬
‫منشوراتهم وقامت بتوزيعها ‪ ,‬إل أنها ما لبثت أن اصطدمت بعبد الناصر الذي زج بكل الفصائل الشيوعية‬
‫في السجن ‪ ,‬ونتيجة لضغوط عديدة مارسها النظام الناصري ‪ ,‬ولعدم قدرة التيارات الماركسية الرئيسية‬

‫‪72‬‬
‫علي اتخاذ موقف واضح ومحدد من ثورة يوليو ‪ ,‬فقد قامت معظم القيادات الماركسية بحل تنظيماتها‬
‫والنضمام فرادي إلي النظام الناصري ‪ ,‬بدعوى أنه يتحرك صوب تحقيق الشتراكية – وإن كان الواقع‬
‫كما يقول د ‪ .‬فؤاد زكريا أن عبد الناصر قد نجح في استقطاب اليسار ناحية مشروعة القومي ‪ ,‬بدون أن‬
‫‪ .‬وفي مطلع السبعينيات بدأت الموجه الثالثة من الحركة الماركسية ‪ ,‬وتركزت بصفة‬ ‫يحدث العكس "‬
‫(‪)137‬‬

‫خاصة في الجامعات وسط الطلب وظهرت تنظيمات " حزب العمال الشيوعي – الحزب الشيوعي‬
‫المصري – ‪ 8‬يناير – الحزب الشيوعي المصري – قادت مظاهرات حاشدة في عامي ‪1973 , 1972‬‬
‫وأشعلت إضرابات في المحلة وحلوان وشبرا وشاركت في أحداث ‪ 19 , 18‬يناير ‪ 1977‬غير أنها‬
‫تعرضت للكثير من البطش والتنكيل مما أفقدها الكثير من فعاليتها السياسية ‪.‬‬
‫التيار الماركسي وقضايا المواطنة ‪:‬‬
‫(‪)1‬النحياز للطبقات الشعبية والمطالبة بالعدالة الجتماعية ‪:‬‬
‫لعل أهم ملمح يمكن رصده في موقف التيار الماركسي من قضايا المواطنة المصرية هو ذلك النحياز‬
‫الواضح من جانبه للطبقات الشعبية عموما والطبقة العاملة بوجه خاص بالدفاع عن مصالحها المباشرة‬
‫والمساهمة في بناء منظمات سياسية لتلك الطبقات ويتضح ذلك ‪ ,‬خلفا لمعظم الحزاب والتيارات‬
‫السياسية الخرى التي قامت أيديولوجيتها علي التوجه نحو المجتمع عموما ولم يكن لديها ذلك النحياز‬
‫المحدد لطبقات أو فئات اجتماعية بعينها اللهم سوي الحزاب ذات البني الطبقية المحددة ‪ ,‬والمثير للدهشة‬
‫أنه علي الرغم أن جماهير الشعب المصري قد اشتركت في جميع الثورات والنتفاضات الوطنية وكانت‬
‫العامل الحاسم في نجاحها ‪ ,‬وكان الدور الذي تلعبه هو المؤثر دائما وهو الذي يدفع علي مر العصور‬
‫بتغليب الجانب الذي ينحاز لمصالحها وطموحاتها فقد غاب عن الفكر المصري أن ينظر لهذا الدور‬
‫الجماهيري ‪ ,‬وأن يعترف بأهميتة ويؤمن بأن مصلحة الجماهير هي الغاية من أي نضال وطني – "‬
‫وتظهر الوقائع التاريخية أن القادة الجتماعيين من مشايخ وتجار و أعيان ومفكرين كانوا يقودون‬
‫الجماهير دونما إيمان حقيقي بحقهم في السلطة وقدرتهم علي الحكم من هنا جاءت أوصاف " الحرافيش "‬
‫أو " الزعر" أو "الغوغاء" او "العامة" بحق هذه الجماهير ‪ ,‬وببروز الفكر الشتراكي تأخذ هذه الجزئية بعدا‬
‫جديدا ‪ ,‬إذا يسند لهذه الجماهير الشعبية دور هائل بضغط من الفكار الجديدة التي لم تعط فقط دورا لهذه‬
‫الجماهير ‪ ,‬بل طالبت بأن تمارس هذه الجماهير الشعبية بنفسها مسئوليات السلطة والحكم والنتخاب مما‬
‫كان له الثر الكبير في آن تعترف الفئات العليا في المجتمع بدور لهذه الجماهير العريضة حتى تقطع‬
‫الطريق علي الفكار الشتراكية الراديكالية (‪ .)138‬هذا وقد عكست معظم وثائق الحركة الشيوعية منذ‬
‫ظهور الحزب الشتراكي المصري ‪ 1921‬عطف واضح علي فقراء الفلحين وعمال الزراعة واهتماما‬
‫بالمسألة الزراعية ‪ ,‬هذا العطف والهتمام الذي بلغ ذروته في إصدار مجلت حزبية خاصة بالريف‬
‫وقضاياه مثل " صوت الفلحين " التي أصدرتها الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني ‪ ,‬ومجلة الفلح "‬
‫التي أصدرها الحزب الشيوعي المصري – " الراية " وكتاب مشكلة الفلح الذي أصدرته مجموعة الفجر‬
‫الجديد التي أسست فيما بعد منظمة طليعة العمال والفلحين (‪ .)139‬كذلك كان الشيوعيين القوي السياسية‬
‫المصرية المنظمة ذات أطول نفس في العمل في صفوف الطبقة العاملة المصرية فمنهم " السياسيون الذين‬
‫‪73‬‬
‫استمروا منذ بداية مرحلة ما بعد الحرب العالمية الولي ينخرطون في صفوف الطبقة العاملة المصرية‬
‫النامية حينذاك – محاولين تنظيمها في نقابات ‪ ,‬وبالنسبة للشيوعيين – خلفا لكل القوي الوطنية – سواء‬
‫الحزب الوطني في عهد " محمد فريد "خاصه أو الوفد فيما بعد ‪,‬فقد كان تشكيل النقابات عملً استراتيجيا‬
‫سواء امتلكوا حق التنظيم ( ‪ ) 1924 – 1921‬أو أجبروا علي العمل السري ( بعد حل الحزب عام‬
‫‪ ) 1924‬مما دفع القوي السياسية للنخراط في صفوف الطبقة العاملة لمحاولة تشكيل نقابات ‪ ,‬لكن استمر‬
‫نجاح الشيوعيين وفشلت القوي السياسية الخرى ‪ ,‬ويعود السبب في النجاح هنا والفشل هناك إلي أن‬
‫الشيوعيين لم يكن في ذهنهم استخدام الحركة العمال النقابية ‪ ,‬بل هدفهم هو تنظيمها وتعبئتها بغرض بناء‬
‫نقابات عمالية قوية ‪ ,‬في حين أن القوي السياسية الخرى أرادتها أداه في الصراع السياسي القائم بين هذا‬
‫الحزب أو ذاك في المعارك النتخابية البرلمانية المتعددة ‪.‬‬
‫إنه عندما توجه الشيوعيون إلي الطبقة العاملة سعوا دائما إلي توحيدها تنظيميا في المصانع‬ ‫ثانيا ً ‪:‬‬
‫وعلي مستوي الحرف وعلي مستوي الوطن ‪ .‬لذلك توجهوا دائما إلي استكمال بنائها وصولً إلي اتحادها‬
‫العام – عكس القوي السياسية الخرى التي بالرغم من اعترافها بحق العمال في تشكيل نقاباتهم سنه‬
‫‪ 1942‬إل أنها وقفت معارضه لتاسيس التحاد العام لعمال مصر ‪.‬‬
‫إذا تابعنا نوعية عمل و نشاط الشيوعيين في صفوف الطبقة العاملة المصرية ‪ ,‬فنلحظ أنهم‬ ‫ثالثا ً ‪:‬‬
‫ربطوا بين المطالب الحياتية للعمال والمطالب الوطنية ( رفع شعارات الجور وساعات العمل و مكافأة‬
‫نهاية الخدمة وعلوة الغلء في الوقت نفسه خروج المستعمر ورفض اتفاقية صدقي بيفن " ولم يكن لي‬
‫من القوي السياسية الخري تلك القدرة علي عمل هذا التوازن الدقيق بين الشعار المطلبي والخر الوطني‬
‫العام " (‪.)140‬‬
‫هذا وقد جاء ذلك التوجه نحو الطبقات الشعبية من عمال وفلحين من زاوية أساسية ‪ ,‬وهي أن تلك‬
‫الطبقات كانت من أكثر الطبقات الجتماعية ظلما وحرمان علي مر التاريخ ‪ ,‬بالرغم أنها هي الطبقات‬
‫الرئيسية المنتجة في المجتمع ‪ ,‬والمتأمل لفكرة العدالة في المجتمع المصري ‪ ,‬يري أنها قد ارتبطت‬
‫بالحاكم أساسا فهو الذي يقيم العدل ‪ ,‬ويستقيم العدل تبعا لمشيئة وإرادته ‪ ,‬وبما أن هذا الحاكم ليس مسئولً‬
‫أمام أحد سوي ال ‪ ,‬فإن هذا العدل غالبا ما يتحول علي يديه إلي ظلم فادح واستبداد بالسلطة وتتحول‬
‫أجهزة الدولة إلي أدوات لشباع نهمة ورغباته ‪ .‬كذلك فإن هذا العدل الذي طالما رفعت راية الجماهير‬
‫الشعبية في أكثر من فترة تاريخية – نذكر منها علي سبيل المثال " هبة الشعب المصري وعزلة لخورشيد‬
‫باشا من منصبة كوالي علي مصر وتوليه محمد علي بدلً منه " – إل أن الحقيقة أننا حين نتمعن في‬
‫طبيعة هذا العدل المطلوب فسنجده في الغالب دفعا للظلم ‪ ,‬أي أن العدل لم يكن مطلوبا كهدف في ذاته ‪,‬‬
‫ولكن للتصدي لظلم وقهر واستبداد الحكام ولم يكن العدل مقرونا بالطبقات الجتماعية ‪ ,‬و أول مرة يعرف‬
‫فيها الفكر المصري الحديث العدل الجتماعي " كان مع تفاعله بالنظريات الشتراكية المختلفة حيث أصبح‬
‫(‪)141‬‬
‫العدل الجتماعي هدفا رئيسيا للنضال السياسي والجتماعي للطبقات الشعبية "‬

‫‪74‬‬
‫والواقع أن اليمان بالشعب هو أحد المنطلقات الساسية في الفكر الماركسي ‪ :‬حيث ينظر إلي الشعب‬
‫العامل علي أنه القوي المحركة الرئيسية في الثورة الشتراكية ‪ " ,‬وأنه خلفا للثورات السابقة ‪ ,‬حيث لم‬
‫يتعدد دور الشعب تحطيم النظام الجتماعي القديم ‪ ,‬فإن الشعب في مجري الثورة الشتراكية ل يقوم‬
‫بتحطيم النظام الرأسمالي القديم فحسب ‪ " ,‬وإنما يخلق أيضا المجتمع الشتراكي الجديد ‪.‬‬
‫‪ -‬إن نشاط الشعب ودوره في الحياة الجتماعية علي درجة كبيرة من الهمية في المجتمع الشتراكي ‪.‬‬
‫فالشتراكية تتفق مع المصالح الحيوية للشعب العامل وتعتمد علي حماسة في بنائها ولقد كتب لنين " إن‬
‫الشتراكية الحية الخلقة هي نتاج للجماهير نفسها " وإن النشاط المتنامي للشعب هو بناء الحياة الجديدة‬
‫وهو قانون تطور الشتراكية " (‪)142‬والملحظ أن ذلك التقليد الراسخ في النحياز للقوي الجتماعية من‬
‫عمال وفلحين ظل توجهها رئيسيا لدي جميع فصائل اليسار المصري ونحن نلمس ذلك بوضوح من‬
‫خلل البرنامج العام لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي – حيث يتم التأكيد علي أن التوجه‬
‫الجتماعي هو الذي يشكل المرجعية الساسية للسياسات التي يدعوا إليها الحزب ‪ ,‬وتلك التي يقاومها اشد‬
‫مقاومة ‪ ,‬و بالتالي المحك الحاسم في قول أو رفض أي اتجاه أو إجراء " (‪.)143‬‬
‫وأن الحزب قد تأسس لتأمين مستقبل مصر من خلل الدفاع عن مصالحها الوطنية وضمان استقرارها‬
‫استنادا إلي الديمقراطية والتنمية الوطنية المستقلة والدفاع عن مصالح القوي والطبقات الكادحة والمنتجة‬
‫هذا ويهاجم الحزب السياسات القتصادية والجتماعية التي انتهجها النظام الحاكم في مصر والتي ادت "‬
‫إلي تعميق الفوارق الطبقية واتساع نطاق البطالة والفقر ‪ ,‬والفئات الجتماعية المهمشة وما أفرزه ذلك من‬
‫ظواهر اجتماعية وثقافية سلبية كالتعصب الديني والعنف السياسي والجتماعي والرهاب " ونتيجة لذلك "‬
‫فإن الحزب يضع فكرة ونضاله في خدمة المليين الكثيرة ‪ ,‬التي تعاني من الوضاع الحالية للمجتمع‬
‫المصري وهم ‪:‬‬
‫‪-1‬عمال الصناعة والخدمات الذين يواجهون فقدان فرص العمل بعد الخصخصة و المعاش‬
‫المبكر دون تعيين جديد ‪.‬‬
‫‪-2‬فقراء الريف الفلحون الذين ل تزيد ملكيتهم عن ثلثة أفدنه وصغار المستأجرين والعمال‬
‫الزراعيين ‪.‬‬
‫‪-3‬صغار النجار وجمهور الحرفين ‪.‬‬
‫‪-4‬غالبية الطبقة الوسطي التي تضم الكتلة الساسية للمهنيين وموظفي الحكومة والتي تعاني‬
‫حاليا من انخفاض مستو المعيشة وضيق فرص الصعود إلي صفوف الطبقات العليا ‪.‬‬
‫‪-5‬المحرومون و المهمشون الذين ل ضمان لحصولهم بشكل منتظم علي أبسط مقومات الحياة‬
‫‪-6‬الفقراء الذين يحصلون بالكاد علي خبزهم اليومي – حيث يعيش ‪ 4.5‬مليون مصري علي‬
‫دخل ل يتجاوز دولر واحد في اليوم‬

‫‪75‬‬
‫‪-7‬مئات اللوف من العاطلين ويقدر عددهم بأكثر من ثلثة مليين فرد وهم في تقدير البنك‬
‫الدولي ‪ 3.4‬مليون ( ‪ ) 1995‬ويقترح الحزب العديد من السياسات القتصادية لرفع الظلم‬
‫(‪)144‬‬
‫الجتماعي عن تلك الطبقات والفئات الجتماعية سالف الذكر‬
‫يمكن الوقوف عليها بالتفصيل في برنامج الحزب المشار إليه ‪.‬‬
‫(‪)2‬المسألة الديمقراطية وحقوق وحريات المواطنين ‪-:‬‬
‫تقوم الديمقراطية الشتراكية كما سبقت الشارة عند الحديث عن الماركسية وتطور مفهوم المواطنة في‬
‫الفكر الغربي الحديث ‪ ,‬علي أن التحرر الساسي للنسان هو تحرره من الستغلل القتصادي – وأنه‬
‫حينما يتحرر من الستغلل القتصادي ‪ ,‬يمكن أن يمارس بقية الحريات علي شكل أوفي وأكمل ‪ ,‬ومن‬
‫هنا أعطي البعد الجتماعي أسبقية علي البعد السياسي ‪ .‬أن الديمقراطية السياسية ستظل وفقا علي طبقة‬
‫معينة إذا لم تتحقق المساواة الجتماعية ‪ ,‬ويقول ماركس في هذا الصدد " جوهر التصور البوروجوازي‬
‫لحقوق النسان يقوم علي حماية الدولة لحق الملكية الخاصة ‪ ,‬ويشكل النقطة المحورية لبقية الحقوق ‪,‬‬
‫فالدساتير الليبرالية في البلدان الحديثة عندما تقتصر علي ذلك فإنها بذلك تحول نفسها إلي أداة بيد الطبقات‬
‫(‪)145‬‬
‫المالكة "‬
‫وقد وصل لينين هذا المفهوم بالقول " نلحظ في البلدان الرأسمالية ‪ ,‬ديمقراطية هشة‪ ,‬مزيفة ‪ ,‬ديمقراطية‬
‫الغنياء ‪ ,‬أما دكتاتورية البروليتاريا فستوفر لول مرة الديمقراطية للشعب ‪ ,‬للغلبية ‪ ,‬وفي الوقت عينه‬
‫(‪)146‬‬
‫ستقمع القلية المستغلة إذا ما استدعت الضرورة ذلك "‬
‫وبالنظر لتعاطي الماركسيين المصرين للفكرة الديمقراطية ‪ ,‬فإننا نجد أنهم نتيجة لتعرضهم لكل صنوف‬
‫البطش والتنكيل من قبل النظمة السياسية الحاكمة ‪ ,‬فقد ثمٌن أغلبهم الديمقراطية تثمينا عاليا ‪ .‬وشكل‬
‫النضال من أجل الديمقراطية أهم البنود في برامجهم السياسية ‪ ,‬جنبا إلي جنب مع لنضال من أجل القضايا‬
‫الوطنية والجتماعية ‪ ,‬لكن ثمة ملحظة علي درجة كبيرة من الهمية يسوقها د ‪ .‬محمد السيد السعيد أل‬
‫وهي أن النسجام بين الماركسية العربية من ناحية ‪ ,‬والفكرة الديمقراطية والحقوقية من ناحية أخري ‪,‬‬
‫مقيد بشدة بثلثة اعتبارات جوهرية ‪:‬‬
‫هو أن الماركسين العرب ‪ ,‬مثلهم مثل غيرهم علي المستوي العالمي ‪ ,‬قد ورثوا نظرة‬ ‫العتبار الول ‪:‬‬
‫لينين المزدرية للديمقراطية كمجرد مرحلة عابرة من الثورة العمالية التي يجب أن تمضي في طريقها إلي‬
‫اطلق ثورة اشتراكية ‪.‬‬
‫قيام الماركسيين العرب ‪ ,‬وبعض أحزابهم الشيوعية بدور ملموس في إطار الجهاز‬ ‫العتبار الثاني ‪:‬‬
‫اليديولوجي الذي اضطلع بتبرير النتهاكات الخطيرة لحقوق النسان وللقانون عموما في أكثر من بلد‬
‫عربي خلل الفترات التي شاركوا فيها في السلطة ولو بصورة اسمية وصورة عامة ‪ ,‬ظهر في تلك‬
‫الفترات الزمنية تفضيل الماركسين لفرض أولوية المكتسبات الجتماعية علي المبادئ العامة للديمقراطية‬
‫وحكم القانون وحقوق النسان ‪ ,‬وهو تفضيل كائن في نسيج الفكر الماركسي اللينيني‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫العتبار الثالث ‪ :‬ويتصل بالدور الثقافي للتيارات الماركسية ‪ ,‬ونشير هنا تحديدا إلي التناقض المحتدم في‬
‫الفكر والخطاب الماركسي بين النضال الحقيقي والصيل من أجل الديمقراطية وإشاعة روح تحقيرها في‬
‫(‪)147‬‬
‫الوقت نفسه " ‪.‬‬
‫وعموما وبغض النظر عن تلك الملحظة الهامة ‪ ,‬فقد ناضل اليسار المصري طويلً من أجل تمتع الشعب‬
‫بحقوقه وحرياته الساسية ‪.‬‬
‫ودعا إلي تحقيق تحولت ديمقراطية عميقة في المجتمع المصري ‪ ,‬ويتضح ذلك عند التعرض للمسيرة‬
‫التاريخية لتطور الفكر الماركسي في مصر ‪ ,‬وقد كان لسقوط النموذج السوفيتي في التسعينات أثره الكبير‬
‫في قيام الكثير من الحزاب والتنظيمات في تجاوز المفهوم السابق للديمقراطية ‪ ,‬وبلورتة رؤية جديدة تقوم‬
‫علي الركان التالية ‪:‬‬
‫‪-1‬عدم تجاهل المقومات الساسية للديمقراطية البورجوازية لنها توفر بالفعل الحد الدنى‬
‫للديمقراطية ‪ ,‬وضرورة النطلق في بناء الديمقراطية من التعددية السياسية والتداول السلمي‬
‫للسلطة وتوافر مجتمع مدني قوي واحترام حقوق النسان وحرياته الساسية ‪.‬‬
‫‪-2‬أهمية تجاوز البرلمانية التمثيلية التي تتيحها الديمقراطية البورجوازية إلي صور من‬
‫الديمقراطية المباشرة لتوسيع نطاق المشاركة الشعبية لمختلف الجماعات الجتماعية مثل‬
‫الدارة الذاتية لمنشآت النتاج والخدمات والمرافق العامة من خلل مجالس منتخبة بواسطة‬
‫العاملين والمستفيدين من الخدمة ‪ ,‬بالضافة إلي قيام حكم محلي شعبي حقيقي‪.‬‬
‫‪-3‬توافر حد أدني من الحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية لضمان إشباع الحتياجات‬
‫الساسية للطبقات الكادحة بمستويات مناسبة وخاصة الغذاء والصحة التعليم والسكن ‪.‬‬
‫‪-4‬إنهاء كافة القيود التي تحول دون تواجد مجتمع مدني قوي يتكون من منظمات مستقلة‬
‫لمختلف فئات الشعب – منظمات سياسية ونقابية واجتماعية وثقافية ‪.‬‬
‫‪-5‬الديمقراطية بهذا المفهوم ليست مطلوبة فقط في ظل النظم الحالية بل هي ضرورية لفترة‬
‫(‪)148‬‬
‫النتقال إلي الشتراكية وفي المجتمع الشتراكي نفسه‬
‫وبهذا المفهوم ننتقل من ديمقراطية تمثيلية محدودة إلي ديمقراطية المشاركة وتصبح المجالس الشعبية‬
‫المنتخبة والمنظمات السياسية والنقابية والجتماعية والثقافية التي تكفل الديمقراطية حرية تأسيسها بمثابة‬
‫البنية التحية لنظام ديمقراطي فاعل هي في الحقيقة ضمان استمرار التراكم في اتجاه بناء المجتمع‬
‫الشتراكي وحماية منجزاته دون خشية من تداول السلطة بين مختلف القوي السياسة سواء في مرحلة‬
‫النتقال أو في المجتمع الشتراكي ‪ .‬وإذا ما انتقلتا إلي تأكيد لهذه النقلة علي مستوي برامج الحزاب‬
‫اليسارية ‪ ,‬فإننا نجد حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي يطرح قضية الديمقراطية في برنامجه‬
‫السياسي العام التي سبقت الشارة إليه علي أنها أفضل نظام سياسي لتطور النضال المصري الن وأنها‬
‫قاعدة أساسية في المجتمع الشتراكي الذي يكافح الحزب من أجل تحقيقه ويؤكد أن الديمقراطية النيابية لم‬

‫‪77‬‬
‫تمنحها الرأسمالية تعطفا منها مع الجماهير ‪ ,‬وإنما جاءت نتيجة للنضال الجماهيري وأن هذه الديمقراطية‬
‫توفر ثلثة عناصر جوهرية ‪:‬‬
‫‪ :‬إحترام حقوق النسان بما فيها حرية التعبير عن الرأي وحرية التنظيم ‪.‬‬
‫أولهما‬
‫وثانيهما ‪ -:‬حرية إنشاء الحزاب دون قيد أو شرط وحرية نشاطها ‪.‬‬
‫ثالثهما ‪ :‬تداول السلطة بين الحزاب عن طريق النتخابات الحرة النزيهة ‪ ,‬وهذا التداول أمر بالغ‬
‫الهمية لنه يعني تمكين المواطنين من تغيير الحكام ‪ ,‬وأن هذا النظام قد مكن القوي الشعبية من التنظيم‬
‫السياسي في أحزاب وفي نقابات وجمعيات ‪.....‬الخ ويسر انتشار الفكر الشتراكي بما في ذلك الحزاب‬
‫الشيوعية في أغلب الدول " (‪ .)149‬ويؤكد الحزب أنه سيقيم الديمقراطية علي هذه الركان الثلثة ‪ .‬ولما‬
‫كانت هذه المقومات في المجتمعات الرأسمالية غير كافية لستفادة الطبقات العاملة الكادحة منها استفادة‬
‫(‪)150‬‬
‫كاملة ‪ ,‬فإنه يطرح أسلوب المشاركة الشعبية كعامل تصحيح متجدد في الممارسة الديمقراطية "‬
‫ويؤكد الحزب أن المشاركة الشعبية هي جوهريا اشتراك الجماهير في اتخاذ القرارت علي كل المستويات‬
‫‪ ,‬وهذا ما يمكنها من إدارة شئونها بنفسها وفرض مصالحها في معظم الحوال ‪ ,‬وهذه المشاركة تضمن‬
‫(‪)151‬‬
‫تسارع عمليات التنمية والتوزيع العادل لثمارها وتصحيح أخطاء صانعي القرار‬
‫ويركز الحزب علي ان أهم أشكال المشاركة الشعبية هي ‪:‬‬
‫‪ -‬حكم محلي ديمقراطي ‪ /‬مشاركة العمال في إدارة الوحدات النتاجية ‪ /‬مشاركة ممثلي المستفيدين في‬
‫وحدات الخدمات‪/‬إطلق الحرية الكاملة للقطاع الهلي‪/‬حرية وتعددية وسائل العلم‪/‬التنمية الشعبية(‪. )152‬‬
‫ويؤكد البرنامج العام لحزب التجمع أن ما يستهدفه تحقيق أكثر من مجرد تحقيق الديمقراطية اللبرالية ‪,‬‬
‫وأن الديمقراطية التي يتطلع إليها تستوعب الحريات السياسية وتتجاوزها بالضافة إليها وتعميقها ‪ ,‬لن‬
‫الديمقراطية الليبرالية ل تؤدي دورها بفاعلية كالية لدارة الختلف والصراع الجتماعي ما لم تستند إلي‬
‫قاعدة تلتزم بحقوق النسان السياسية والقتصادية والجتماعية وتحقيق العدالة الجتماعية وما لم تمتد‬
‫لتكفل فرص المشاركة في صنع القرار أمام مختلف القوي الجتماعية علي كل المستويات في شتي‬
‫المجالت " (‪ .)153‬وأخيرا يؤكد الحزب أن الديمقراطية هي أساس نضالة من أجل الوصول إلي الشتراكية‬
‫‪ .,‬وهي شرط ضروري لمرحلة النتقال إلي الشتراكية وكذلك في مرحلة الشتراكية نفسها ‪ ,‬حيث يجب‬
‫أن تكون أساس استمرار النظام الشتراكي وإعادة تجديد ثقة الشعب به علي أساس إنجازاته (‪ .)154‬ويطرح‬
‫برنامجا للصلح الديمقراطي يتضمن الجراءات المحققة لهذا المفهوم ‪.‬‬
‫هذا وقد طرحت الحزاب السياسية اليسارية رؤى مختلفة للمسألة الديمقراطية ل تخرج في الجوهر عن‬
‫الطرح السابق مما يجعلنا نشعر بالفعل أننا أمام تطور حقيقي في موقف الفكر الشتراكي من قضية‬
‫الديمقراطية أساسه القبول بأسس الديمقراطية البورجوازية وتجاوزها في صيغة أرقي تكفل إشكال متنوعة‬
‫من المشاركة الديمقراطية المباشرة وضمان الحقوق القتصادية والجتماعية للمواطن بما يمكن الطبقات‬
‫الكادحة من امتلك قدرة اقتصادية تتيح لها قدرا من القوة السياسية يضمن لها إمكانية المنافسة السياسية ‪.‬‬
‫التوحيد بين القضايا الوطنية والمسألة الجتماعية ‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫يتمثل السهام الرئيسي للحركة الشيوعية المصرية في تزويد الحركة الوطنية للمرة الولي بأيديولوجيا‬
‫متماسكة تربط بين العلقات السياسية والقتصادية والثقافية ‪ ,‬كما منحتها ‪ ,‬عن طريق الربط بين‬
‫الستعمار والعلقات الطبقية المحلية ‪ ,‬دفعه راديكالية ووجهت نضالها من أجل التحرر الوطني إلي كل‬
‫من البريطانيين والطبقات الداخلية الحاكمة التي اعتبرت متحالفة مع المصالح الجنبية الستعمارية ‪,‬‬
‫وزادت جاذبية اليديولوجيا الشيوعية بفعل تصورها الغائي للتاريخ والذي يقول بأن التاريخ يتحرك وفقا‬
‫لنمط ديالكتيكي نحو مرحلة أعلي يمكن فيها التوصل إلي الستقلل وتحقيق الذات وستحل هذه المرحلة‬
‫الحديثة " محل مراحل التاريخ الدنى المتأخرة التي ارتبطت بالقطاع وسيادة الستعمار ‪ ,‬وتشكل الطبقية‬
‫العاملة في هذا المفهوم للتاريخ طليعة الحركة الوطنية ‪ ,‬وستنجح بالتحالف مع طبقات ثورية أخري في‬
‫دفع تاريخ مصر الوطني إلي مرحلة اعلي من مراحل التطور وبسبب هذه اليديولوجيا كانت الحركة‬
‫الشيوعية الكثر حماسا لخلق مؤسسات مستقلة ‪ ,‬والشد معارضة للنظام السياسي التقليدي القائم علي‬
‫الوصاية والموالة " (‪ .)155‬والحقيقة أن الجرائد والمجلت الشيوعية قد طرحت عددا من الفكار والمفاهيم‬
‫الهامة ‪ ,‬قدر لها أن تنتشر فيما بعد وتصبح جزءا من المناخ العام للمجتمع وتياراته الفكرية المختلفة ‪,‬‬
‫وبينما ناقشت العديد من الحزاب الخرى قضيتي الستقلل والديمقراطية بشكل مجرد طرحت جرائد‬
‫الحركة الشيوعية كل الموضوعيين من الزاوية الجتماعية فأكدت الهداف القتصادية للستعمار كما‬
‫أكدت المضمون الجتماعي للستغلل ‪ ,‬وربطت التحرر السياسي بالتحرر القتصادي ‪ ,‬وكشفت عن‬
‫الساس القتصادي للمواقف السياسية للطبقات المختلفة ‪ .‬وفي هذا الطار دعت هذه الجرائد إلي تحرير‬
‫القتصاد المصري ‪ ,‬وتأميم البنوك ‪ ,‬وتحديد الملكية الزراعية وإنشاء بنك مركزي ‪ ,‬وتمصير المؤسسات‬
‫والملكية العامة لمرافق الدولة ‪ ,‬والخدمة العسكرية الجبارية للجميع‬
‫ولقد جاء في كتاب " أهدافنا الوطنية " أن الشعب المصري اليوم يدرك أن الستقلل السياسي يظل مبتورا‬
‫منقوصا ما لم يتخلص من الستعمار القتصادي والمالي المتمثل في رؤوس الموال الحتكارية‬
‫والمستثمرة في مصر ‪ ,‬وفي دين بريطانيا الذي يطوقنا اقتصاديا وتجاريا وكل تسوية سياسية ل تقوم علي‬
‫أساس حل هذه المسالة الجوهرية لن تخرج عن أن تكون مجرد حل سطحي يتناول مظهر الستقلل دون‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)156‬‬
‫أن يحقق جوهره "‬
‫‪ -‬هذا ولم يقف الطرح الماركسي المصري عند مجرد ربط النضال السياسي بالنضال الجتماعي ‪ ,‬بل إنه‬
‫وسع من أفق الستقلل الوطني ‪ ,‬بحيث جعله جزءا من حركة – التحرر الوطني في العالم – باعتبار أن‬
‫العدو واحد وهو المبريالية ومن ثم أوجب ان " يضع الشعب المصري يده في يد سائر الشعوب التي‬
‫تكافح جميعها في سبيل الحرية والستقلل " (‪ .)157‬وهذا المر كما يقول طارق البشري " كان له أثره في‬
‫إنضاج الفكر السياسي المصري ‪ ,‬فيما تل الربعينيات من أعوام ‪ ,‬عندما رسمت مصر المستقلة سياستها‬
‫الخارجية في ضوء ارتباطها بحركات التحرر الوطني ضد الستعمار ووصلها الستقلل السياسي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)158‬‬
‫بالتحرر القتصادي والتنمية القتصادية المستقلة‬

‫‪79‬‬
‫‪-‬هذا وقد التحم اليسار المصري بالقضايا الوطنية التحاما مؤثرا ‪ ,‬وبلغ خلل نصف القرن‬
‫العشرين مستوي عاليا من التأثير في الحداث ‪,‬خلل فترات ثلث ‪:‬‬
‫ل في إحباط اتفاقية صدقي –‬
‫‪-1‬الولي فترة ‪ 1946 – 1945‬حين لعب اليسار دورا فعا ً‬
‫بيفن وتأجيج الصراع ضد الستعمار البريطاني والحكم الرجعي في الداخل ‪.‬‬
‫‪-2‬وكانت الثانية أيام الكفاح المسلح في القنال عامي ‪ 1952 – 1951‬حين قامت‬
‫الحكومة بتوزيع السلح علي الشعب ‪ ,‬وأتاحت بذلك لقوي اليسار أن تشارك مشاركة‬
‫فعالة في نضال وطني ضد الستعمار ‪.‬‬
‫‪-3‬وكانت الفترة الثالثة هي أحداث مارس ‪ , 1954‬والتي لعبت فيها قوي اليسار داخل‬
‫الجيش وخارجه دورا يستحيل تجاهلة من اجل الديمقراطية ‪ ,‬وكان من الممكن أن‬
‫يشكل هذا الدور منعطفا حاسما في مسيرة لشعب المصري نحو الستقلل والعدالة‬
‫الجتماعية في إطار ديمقراطي لول تحرك القوي المناوئة ‪,‬‬
‫‪ -‬وخلل تلك الفترات الثلث كان اليسار المصري فاعلً ‪ ,‬وكان التحامه بالقواعد الجماهيرية ‪ ,‬حقيقة‬
‫واقعة ‪ ,‬وكانت الصورة الشعبية لليسار ‪ ,‬حتى في نظر الجموع التي تفتقر إلي الوعي السياسي ‪ ,‬ول تملك‬
‫فهما واضحا لمعاني الشتراكية أو الماركسية إيجابية إلي حد بعيد (‪.)159‬‬
‫وبالضافة إلي ما سبق يذكر لليسار المصري انحيازه إلي الحداثة والعلمانية وتعميقه لمفهوم الديمقراطية‬
‫الجتماعية وتصدية بحزم للفاشية والنازية والحرب ‪ ,‬ومساهمته في نشر الدعوة إلي السلم الجتماعي ‪,‬‬
‫فضلً عن عنايته بقضية التقدم الجتماعي واليمان بالنسان علي انه قادر علي تفسير العالم وتغييره‬
‫لصالحه ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫المراجع‬
‫‪.127‬د‪ .‬علي الدين هلل ‪ :‬السياسة و الحكم في مصر‪ -‬القاهرة ‪ -‬مكتبة نهضة الشرق ‪ - 1977-‬صـ‬
‫‪ . 142‬وكذلك د‪ .‬عبد الوهاب بكر ‪ :‬أضواء علي النشاط الشيوعي في مصر ‪-1950-1921 :‬‬
‫القاهرة ‪ -‬دار المعارف ‪ -‬الطبعة الولي – ‪ -1983‬صـ ‪. 4‬‬
‫‪.128‬د‪ .‬محمد حافظ دياب‪/‬سيد قطب‪ ":‬الخطاب واليدولوجيا"–القاهرة‪-‬دار الثقافة الجديدة ‪- 1987 -‬‬
‫صـ‪61‬‬
‫‪.129‬د‪ .‬رؤوف عباس‪ :‬الحركة العمالية في مصر (‪– )1952 –1899‬القاهرة ‪ -‬دار الكاتب العربي‬
‫للطباعة والشر ‪ - 1967 -‬صـ‪.233 – 232‬‬
‫‪.130‬د‪ .‬علي الدين هلل ‪ :‬مرجع سابق ‪ -‬صـ‪. 43‬‬
‫‪.131‬عبد العظيم رمضان ‪ :‬تاريخ مصر الجتماعي ‪ -‬صـ‪. 284‬‬
‫‪.132‬د ‪ .‬أنور مغيث ‪ :‬الماركسية المصرية والفلسفة ( عرض نقدي ) – بيروت ‪ -‬مجلة الطريق ‪ -‬العدد‬
‫الرابع ‪ -‬السنة الثامنة والخمسون ‪ - 1999 -‬صـ‪.64‬‬
‫‪.133‬د‪ .‬علي الدين هلل ‪ :‬مرجع سابق – صـ ‪. 244‬‬
‫‪.134‬طارق البشري‪:‬الحركة السياسية في مصر– القاهرة – دار الشروق– ‪ – 1983‬طـ‪ – 2‬صـ ‪421‬‬
‫أنظر كذلك ‪ :‬رفعت السعيد ‪ :‬التيارات السياسية في مصر ( رؤية نقدية ) – القاهرة ‪ -‬الهيئة المصرية العامة‬
‫للكتاب ‪ - 2002 -‬صــ‪86‬‬
‫‪.135‬رؤوف عباس ‪ :‬مرجع سابق ‪ -‬صــ‪. 276‬‬
‫‪.136‬طارق البشري ‪ :‬مرجع سابق ‪ -‬صـ‪. 447 – 446‬‬
‫‪.137‬د‪ .‬فؤاد زكريا ‪ :‬عبد الناصر واليسار المصري‪-‬القاهرة–كتاب روزاليوسف – دار روزا اليوسف‬
‫‪-‬صـ‪9-7‬‬
‫‪.138‬د‪ .‬مجدي عبد الحافظ‪ :‬الشتراكية والفكر المصري الحديث (متضمن ) – القاهرة ‪ -‬قضايا فكرية ‪-‬‬
‫الكتاب الحادي عشر يوليو ‪ - 1992 -‬صـ‪. 63‬‬
‫‪.139‬د‪.‬عماد صيام‪:‬اليسار والحركة الفلحيه‪ -‬رؤية نقدية ‪ -‬قضايا فكرية ‪ -‬المرجع السابق ‪ -‬صـ‪.218‬‬
‫‪.140‬أمينة شفيق ‪ :‬ملحظات عن العلقة بين الحركة الشيوعية و الحركة النقابية ‪ -‬قضايا فكرية ‪-‬‬
‫المرجع السابق ‪ -‬صـ‪. 207 –206‬‬
‫‪.141‬د‪ .‬مجدي عبد الحافظ ‪ :‬مرجع سابق ‪ -‬صـ‪. 63‬‬
‫‪.142‬ف ‪ .‬ج ‪ ,‬أفانا سييف ‪ :‬اصول الفلسفة الماركسية ‪ -‬ترجمة ‪ /‬حمدي عبد الجواد ‪ -‬القاهرة ‪ -‬دار‬
‫الثقافة الجديدة ‪ - 1975 -‬صــ‪. 206‬‬

‫‪81‬‬
‫‪.143‬بناء مجتمع المشاركة الشعبية ‪ :‬البرنامج العام لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي – مصر‪-‬‬
‫حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدي‪ -‬كتاب الهالي رقم ‪ - 64‬أكتوبر ‪. 1999‬‬
‫‪.144‬بناء مجتمع المشاركة الشعبية ‪ :‬مرجع سابق – صـ ‪.29‬‬
‫‪.145‬كارل ماركس ‪ " :‬المختارات " نقل عن ‪ /‬يحي علوان – ‪ -‬بيروت – مجلة الطريق ‪ -‬العدد‬
‫الخامس لسنه ‪ 1997‬صـ‪. 81‬‬
‫‪.146‬لينين ‪ :‬العمال الكاملة – المختارات – مرجع سابق – صـ ‪. 87‬‬
‫‪.147‬د‪ .‬محمد السيد سعيد ‪ :‬الحزاب العربية وحقوق النسان ( متضمن ) في حقوق النسان في الفكر‬
‫العربي ‪ -‬دراسات في النصوص ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬صـ‪. 972 – 971‬‬
‫‪.148‬عبد الغفار شكر ‪ :‬تطور الفكر الشتراكي في مصر‪ ( ) 2000 – 1970 ( -‬متضمن في ) (الفكر‬
‫السياسي المصري المعاصر ) ‪ -‬تحرير ‪ /‬د ‪ .‬عل أبو زيد – القاهرة ‪ -‬مركز البحوث والدراسات‬
‫السياسية‪ -‬جامعة القاهرة ‪ – 2003 -‬صـ‪. 11‬‬
‫‪.149‬حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ‪ :‬البرنامج السياسي العام ( الثاني ) ‪ -‬بناء مجتمع المشاركة‬
‫الشعبية ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬صـ‪. 51‬‬
‫‪.150‬المرجع السابق ‪ :‬صــ‪. 52‬‬
‫‪.151‬المرجع السابق ‪ :‬صـــ‪.53‬‬
‫‪.152‬المرجع السابق ‪ :‬صــ‪. 59 -53‬‬
‫‪.153‬المرجع السابق ‪ :‬صـــ‪. 59 -53‬‬
‫‪.154‬المرجع السابق ‪ :‬صــ‪.35‬‬
‫‪.155‬رول ماير ‪ :‬البحث عن الحداثة ‪ -‬الفكر السياسي العلماني الليبرالي اليساري في مصر‪ -‬القاهرة ‪-‬‬
‫‪– 1958 – 1945‬ترجمة‪ /‬شريف يونس ‪ -‬مريت للنشر والمعلومات –‪ - 2000‬صـ‪. 144‬‬
‫‪.156‬شهدي عطيه الشافعي ‪ /‬محمد عبد المعبود الجبلي ‪ :‬أهدافنا الوطنية ( متضمن ) في عبد العظيم‬
‫رمضان ‪ :‬تاريخ مصر الجتماعي ‪ -‬جامعة السكندرية ‪ - 1984 -‬صــ‪350 – 340‬‬
‫‪.157‬يواقيم رزق مرقص ‪ :‬الخطاب السياسي الحزبي ‪ ( -‬متضمن ) الحزاب المصرية – القاهرة‪( -‬‬
‫‪ – ) 1953 – 1922‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية بالهرام‪ - 1995 -‬تحرير ‪ /‬رؤوف‬
‫عباس حامد ‪ -‬صــ‪. 199 – 198‬‬
‫‪.158‬طارق البشري ‪ :‬المسلمون والقباط ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬صـــ‪. 629‬‬
‫‪.159‬فؤاد زكريا ‪ :‬الزمة الراهنة لليسار المصري – القاهرة ‪ -‬كتاب الهلل– دار الهلل – أغسطس‬
‫‪ - 1989‬صــ‪. 91 – 90‬‬

‫‪82‬‬

You might also like