You are on page 1of 402

‫الذْكَاُر النَّوَوي ّةَ‬

‫للِمام النَّوَوي‬
‫ت والَذْكَارِ ا ُلسَْتحَبّةِ ف اللّيْل والّنهَارِ"‪.‬‬
‫ص الدَّعوَا ِ‬
‫أَو "حِلَْيةُ الَبْرَارِ وَشِعَا ُر الَخْيَارِ ف تَ ْلخِي ِ‬

‫ف الّنوَوي‪ 631( ،‬ـ ‪ 676‬هـ )‬


‫حدّثِ الفَقيْهُ أَب زَكَرِيّا َيحْي بن شَرَ ِ‬
‫للِمام الافِظ ال َ‬

‫‪1‬‬
‫ترجة مؤلف كتاب الذكار‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪ .‬يي بن شرف النّووي ‪)1( .‬‬

‫سبُه‪:‬‬
‫نَ‬

‫هو الِمام الافظ شيخ السلم ميي الدين أبو زكريا يي بن شرف بن مُرّي بن حسن بن حسي بن‬
‫ممد بن جعة بن حِزَام‪ ،‬النووي نسبة إل نوى‪ ،‬وهي قرية من قرى َحوْران ف سورية‪ ،‬ث الدمشقي‬
‫الشافعي‪ ،‬شيخ الذاهب وكبي الفقهاء ف زمانه‪.‬‬

‫َموْلدُه ونشأته‪:‬‬

‫ولد النووي رحه اللّه تعال ف الحرم من ‪ 631‬هـ ف قرية نوى من أبوين صالي‪ ،‬ولا بلغ العاشرة‬
‫من عمره بدأ ف حفظ القرآن وقراءة الفقه على بعض أهل العلم هناك‪ ،‬وصادف أن مرّ بتلك القرية‬
‫ب منهم ويبكي‬ ‫الشيخ ياسي بن يوسف الراكشي‪ ،‬فرأى الصبيانَ يُكرِهونه على اللعب وهو يهر ُ‬
‫لِكراههم ويقرأ القرآن‪ ،‬فذهب إل والده ونصحَه أن يفرّغه لطلب العلم‪ ،‬فاستجاب له‪ .‬وف سنة‬
‫‪ 649‬هـ قَ ِدمَ مع أبيه إل دمشق لستكمال تصيله العلمي ف مدرسة دار الديث‪ ،‬وسك َن الدرسة‬
‫الرواحية‪ ،‬وهي ملصقة للمسجد الموي من جهة الشرق‪ .‬وف عام ‪ 651‬هـ حجّ مع أبيه ث رجع‬
‫إل دمشق‪.‬‬

‫َحيَاته العلميّة‪:‬‬

‫تيزت حياةُ النووي العلمية بعد وصوله إل دمشق بثلثة أمور‪:‬‬

‫الول‪ :‬الدّ ف طلب العلم والتحصيل ف أول نشأته وف شبابه‪ ،‬وقد أخذ العلم منه كلّ مأخذ‪ ،‬وأصبح‬
‫يد فيه لذة ل تعدِلُها لذة‪ ،‬وقد كان جادّا ف القراءة والفظ‪ ،‬وقد حفظ التنبيه ف أربعة أشهر ونصف‪،‬‬
‫وحفظ ربع العبادات من الهذب ف باقي السنة‪ ،‬واستطاع ف فترة وجيزة أن ينال إعجاب وحبّ أستاذه‬
‫س بدار الديث الشرفية‪،‬‬
‫أب إبراهيم إسحاق بن أحد الغرب‪ ،‬فجعلَه مُعيد الدرس ف حلقته‪ .‬ث درّ َ‬
‫وغيها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الثان‪ :‬سعَة علمه وثقافته‪ ،‬وقد جع إل جانب الدّ ف الطلب غزارة العلم والثقافة التعددة‪ ،‬وقد حدّثَ‬
‫تلميذُه علء الدين بن العطار عن فترة التحصيل والطلب‪ ،‬أنه كان يقرأ ك َلّ يوم اثن عشر درسا على‬
‫الشايخ شرحا وتصحيحا‪ ،‬درسي ف الوسيط‪ ،‬وثالثا ف الهذب‪ ،‬ودرسا ف المع بي الصحيحي‪،‬‬
‫وخامسا ف صحيح مسلم‪ ،‬ودرسا ف اللمع لبن جنّي ف النحو‪ ،‬ودرسا ف إصلح النطق لبن‬
‫السكّيت ف اللغة‪ ،‬ودرسا ف الصرف‪ ،‬ودرسا ف أصول الفقه‪ ،‬وتارة ف اللمع لب إسحاق‪ ،‬وتارة ف‬
‫النتخب للفخر الرازي‪ ،‬ودرسا ف أساء الرجال‪ ،‬ودرسا ف أصول الدين‪ ،‬وكان يكتبُ جي َع ما يتعلق‬
‫بذه الدروس من شرح مشكل وإيضاح عبارة وضبط لغة‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬غزارة إنتاجه‪ ،‬اعتن بالتأليف وبدأه عام ‪ 660‬هـ‪ ،‬وكان قد بلغ الثلثي من عمره‪ ،‬وقد‬
‫س فيها‬
‫بارك اللّه له ف وقته وأعانه‪ ،‬فأذابَ عُصارة فكره ف كتب ومؤلفات عظيمة ومدهشة‪ ،‬تلم ُ‬
‫ح الفكار‪ ،‬والِنصافَ ف عرض أراء الفقهاء‪ ،‬وما زالت مؤلفاته‬‫سهول ُة العبارة‪ ،‬وسطوعَ الدليل‪ ،‬ووضو َ‬
‫حت الن تظى باهتمام كل مسلم‪ ،‬والنتفاع با ف سائر البلد‪.‬‬

‫ويذكر الِسنوي تعليلً لطيفا ومعقولً لغزارة إنتاجه فيقول‪" :‬اعلم أن الشيخ ميي الدين رحه اللّه لّا‬
‫تأهل للنظر والتحصيل‪ ،‬رأى ف الُسارعة إل الي؛ أن جعل ما يصله ويقف عليه تصنيفا‪ ،‬ينتفع به‬
‫الناظر فيه‪ ،‬فجعل تصنيفه تصيلً‪ ،‬وتصيله تصنيفا‪ ،‬وهو غرض صحيح‪ ،‬وقصد جيل‪ ،‬ولول ذلك لا‬
‫تيسر له من التصايف ما تيسر له"‪.‬‬

‫ومن أهم كتبه‪:‬‬

‫شرح صحيح مسلم" و"الجموع" شرح الهذب‪ ،‬و"رياض الصالي"‪ ،‬و"تذيب الساء واللغات"‪" ،‬‬
‫والروضة روضة الطالبي وعمدة الفتي"‪ ،‬و"النهاج" ف الفقه و "الربعي النووية"‪ ،‬و"التبيان ف آداب‬
‫حَمَلة القرآن"‪ ،‬والذكار "حلية البرار وشعار الخيار ف تلخيص الدعوات والذكار الستحبّة ف الليل‬
‫والنهار"‪ ،‬و"الِيضاح" ف الناسك‪.‬‬

‫شيوخه‪:‬‬

‫شيوخه ف الفقه‪:‬‬

‫‪1‬ـ عبد الرحن بن إبراهيم بن سباع الفزاري‪ ،‬تاج الدين‪ ،‬عُرف بالفِرْكاح‪ ،‬توف سنة ‪ 690‬هـ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪2-‬ـ إسحاق بن أحد الغرب‪ ،‬الكمال أبو إبراهيم‪ ،‬مدّث الدرسة الرواحيّة‪ ،‬توف سنة ‪ 650‬هـ‪.‬‬

‫‪3-‬ـ عبد الرحن بن نوح بن ممد بن إبراهيم بن موسى القدسي ث الدمشقي‪ ،‬أبو ممد‪ ،‬مفت‬
‫دمشق‪ ،‬توف سنة ‪ 654‬هـ‪.‬‬

‫‪4-‬ـ سلّر بن السن الِربلي‪ ،‬ث اللب‪ ،‬ث الدمشقي‪ ،‬إمام الذهب الشافعي ف عصره‪ ،‬توف سنة‬
‫‪ 670‬هـ‪.‬‬

‫شيوخه ف الديث‪:‬‬

‫‪1‬ـ إبراهيم بن عيسى الرادي‪ ،‬الندلسي‪ ،‬ث الصري‪ ،‬ث الدمشقي‪ ،‬الِمام الافظ‪ ،‬توف سنة ‪668‬‬
‫هـ‪.‬‬

‫‪2-‬ـ خالد بن يوسف بن سعد النابلسي‪ ،‬أبو البقاء‪ ،‬زين الدين‪ ،‬الِمام الفيد الحدّث الافظ‪ ،‬توف‬
‫سنة ‪ 663‬هـ‪.‬‬

‫‪3-‬ـ عبد العزيز بن ممد بن عبد الحسن النصاري‪ ،‬الموي‪ ،‬الشافعي‪ ،‬شيخ الشيوخ‪ ،‬توف سنة‬
‫‪ 662‬هـ‪.‬‬

‫‪4-‬ـ عبد الرحن بن أب عمر ممد بن أحد بن ممد بن قُدامة القدسي‪ ،‬أبو الفرج‪ ،‬من أئمة الديث‬
‫ف عصره‪ ،‬توف سنة ‪ 682‬هـ‪.‬‬

‫‪5-‬ـ عبد الكري بن عبد الصمد بن ممد الرستان‪ ،‬أبو الفضائل‪ ،‬عماد الدين‪ ،‬قاضي القضاة‪،‬‬
‫وخطيب دمشق‪ .‬توف سنة ‪ 662‬هـ‪.‬‬

‫‪6-‬ـ إساعيل بن أب إسحاق إبراهيم بن أب اليُسْر التنوخي‪ ،‬أبو ممد تقي الدين‪ ،‬كبي الحدّثي‬
‫ومسندهم‪ ،‬توف سنة ‪ 672‬هـ‪.‬‬

‫‪7-‬ـ عبد الرحن بن سال بن يي النباري‪ ،‬ث الدمشقي النبلي‪ ،‬الفت‪ ،‬جال الدين‪ .‬توف سنة‬
‫‪ 661‬هـ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ومنهم‪ :‬الرضي بن البهان‪ ،‬وزين الدين أبو العباس بن عبد الدائم القدسي‪ ،‬وجال الدين أبو زكريا يي‬
‫بن أب الفتح الصيف الرّان‪ ،‬وأبو الفضل ممد بن ممد بن ممد البكري الافظ‪ ،‬والضياء بن تام‬
‫النفي‪ ،‬وشس الدين بن أب عمرو‪ ،‬وغيهم من هذه الطبقة‪.‬‬

‫شيوخه ف علم الصول‪:‬‬

‫أما علم الصول‪ ،‬فقرأه على جاعة‪ ،‬أشهرهم‪ :‬عمر بن بندار بن عمر بن علي بن ممد التفليسي‬
‫الشافعي‪ ،‬أبو الفتح‪ .‬توف سنة ‪ 672‬هـ‪.‬‬

‫شيوخه ف النحو واللغة‪:‬‬

‫وأما ف النحو واللغة‪ ،‬فقرأ على‪:‬‬

‫الشيخ أحد بن سال الصري النحوي اللغوي‪ ،‬أب العباس‪ ،‬توف سنة ‪ 664‬هـ‪.‬‬

‫والفخر الالكي‪.‬‬

‫والشيخ أحد بن سال الصري‪.‬‬

‫مسموعاته‪:‬‬

‫سع النسائي‪ ،‬وموطأ مالك‪ ،‬ومسند الشافعي‪ ،‬ومسند أحد بن حنبل‪ ،‬والدارمي‪ ،‬وأب عوانة الِسفرايين‪،‬‬
‫وأب يعلى الوصلي‪ ،‬وسنن ابن ماجه‪ ،‬والدارقطن‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬وشرح السنّة للبغوي‪ ،‬ومعال التنيل له ف‬
‫التفسي‪ ،‬وكتاب النساب للزبي بن بكار‪ ،‬والطب النباتية‪ ،‬ورسالة القشيي‪ ،‬وعمل اليوم والليلة لبن‬
‫السن‪ ،‬وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب البغدادي‪ ،‬وأجزاء كثية غي ذلك‪.‬‬

‫تلميذه‪:‬‬

‫وكان مّن أخذ عنه العلم‪ :‬علء الدين بن العطار‪ ،‬وشس الدين بن النقيب‪ ،‬وشس الدين بن َجعْوان‪،‬‬
‫وشس الدين بن القمّاح‪ ،‬والافظ جال الدين الزي‪ ،‬وقاضي القضاة بدر الدين بن جاعة‪ ،‬ورشيد الدين‬
‫النفي‪ ،‬وأبو العباس أحد بن فَرْح الِشبيلي‪ ،‬وخلئق‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أخلقُ ُه وَصفَاتُه‪:‬‬

‫أجعَ أصحابُ كتب التراجم أن النووي كان رأسا ف الزهد‪ ،‬وقدوة ف الورع‪ ،‬وعدي النظي ف‬
‫مناصحة الكام والمر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬ويطيب لنا ف هذه العجالة عن حياة النووي أن‬
‫ل مع هذه الصفات الهمة ف حياته‪:‬‬‫نتوقف قلي ً‬

‫الزهد‪:‬‬

‫تف ّرغَ الِمام النووي من شهوة الطعام واللباس والزواج‪ ،‬ووجد ف لذّة العلم التعويض الكاف عن كل‬
‫ذلك‪ .‬والذي يلفت النظر أنه انتقل من بيئة بسيطة إل دمشق حيث اليات والنعيم‪ ،‬وكان ف سن‬
‫الشباب حيث قوة الغرائز‪ ،‬ومع ذلك فقد أعرض عن جيع التع والشهوات وبالغ ف التقشف وشظف‬
‫العيش‪.‬‬

‫الورع‪:‬‬

‫وف حياته أمثلة كثية تدلّ على ورع شديد‪ ،‬منها أنه كان ل يأكل من فواكه دمشق‪ ،‬ولا سُئل عن‬
‫سبب ذلك قال‪ :‬إنا كثية الوقاف‪ ،‬والملك لن تت الجر شرعا‪ ،‬ول يوز التصرّف ف ذلك إل‬
‫على وجه الغبطة والصلحة‪ ،‬والعاملة فيها على وجه الساقاة‪ ،‬وفيها اختلف بي العلماء‪ .‬ومن جوّزَها‬
‫قال‪ :‬بشرط الصلحة والغبطة لليتيم والحجور عليه‪ ،‬والناس ل يفعلونا إل على جزء من ألف جزء من‬
‫الثمرة للمالك‪ ،‬فكيف تطيب نفسي؟‪ .‬واختار النول ف الدرسة الرواحيّة على غيها من الدارس لنا‬
‫كانت من بناء بعض التجّار‪.‬‬

‫وكان لدار الديث راتب كبي فما أخذ منه فلسا‪ ،‬بل كان يمعُها عند ناظر الدرسة‪ ،‬وكلما صار له‬
‫حق سنة اشترى به ملكا ووقفه على دار الديث‪ ،‬أو اشترى كتبا فوقفها على خزانة الدرسة‪ ،‬ول يأخذ‬
‫من غيها شيئا‪ .‬وكان ل يقبل من أحد هدي ًة ول عطّيةً إل إذا كانت به حاجة إل شيء وجاءه مّن‬
‫تقق دينه‪ .‬وكان ل يقبل إل من والديه وأقاربه‪ ،‬فكانت ُأمّه ترسل إليه القميص ونوه ليلبسه‪ ،‬وكان‬
‫أبوه يُرسل إليه ما يأكله‪ ،‬وكان ينام ف غرفته الت سكن فيها يوم نزل دمشق ف الدرسة الرواحية‪ ،‬ول‬
‫يكن يبتغي وراء ذلك شيئا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫لكّام‪:‬‬
‫حتُه ا ُ‬
‫مُناص َ‬

‫لقد توفرت ف النووي صفات العال الناصح الذي يُجاهد ف سبيل اللّه بلسانه‪ ،‬ويقوم بفريضة المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬فهو ملصٌ ف مناصحته وليس له أيّ غرض خاص أو مصلحة شخصية‪،‬‬
‫وشجاعٌ ل يشى ف اللّه لومة لئم‪ ،‬وكان يلك البيان والجة لتأييد دعواه‪.‬‬

‫وكان الناسُ يرجعون إليه ف اللمّات والطوب ويستفتونه‪ ،‬فكان يُقبل عليهم ويسعى ل ّل مشكلتم‪،‬‬
‫كما ف قضية الوطة على بساتي الشام‪:‬‬

‫لا ورد دمشقَ من مصرَ السلطانُ اللكُ الظاه ُر بيبسُ بعد قتال التتار وإجلئهم عن البلد‪ ،‬زعم له وكيل‬
‫بيت الال أن كثيا من بساتي الشام من أملك الدولة‪ ،‬فأمر اللك بالوطة عليها‪ ،‬أي بجزها وتكليف‬
‫واضعي اليد على شيءٍ منها إثبات ملكيته وإبراز وثائقه‪ ،‬فلجأ الناس إل الشيخ ف دار الديث‪ ،‬فكتب‬
‫إل اللك كتابا جاء فيه‪" :‬وقد لق السلمي بسبب هذه الوطة على أملكهم أنواعٌ من الضرر ل يكن‬
‫التعبي عنها‪ ،‬وطُلب منهم إثباتٌ ل يلزمهم‪ ،‬فهذه الوطة ل ت ّل عند أحد من علماء السلمي‪ ،‬بل مَن‬
‫ف إثباته" فغضب السلطان من هذه الرأة عليه‬ ‫ف يده شيء فهو ملكه ل ي ّل العتراض عليه وليُكلّ ُ‬
‫وأمر بقطع رواتبه وعزله عن مناصبه‪ ،‬فقالوا له‪ :‬إنه ليس للشيخ راتب وليس له منصب‪ .‬ولا رأى الشيخ‬
‫أن الكتاب ل يفِدْ‪ ،‬مشى بنفسه إليه وقابله وكلّمه كلما شديدا‪ ،‬وأراد السلطان أن يبطشَ به فصرف‬
‫اللّه قلبَه عن ذلك وحى الشي َخ منه‪ ،‬وأبطلَ السلطانُ أم َر الوطة وخّلصَ اللّه الناس من شرّها‪.‬‬

‫وَفَاته‪:‬‬

‫وف سنة ‪ 676‬هـ رجع إل نوى بعد أن ر ّد الكتب الستعارة من الوقاف‪ ،‬وزار مقبة شيوخه‪ ،‬فدعا‬
‫لم وبكى‪ ،‬وزار أصحابه الحياء وودّعهم‪ ،‬وبعد أن زار والده زار بيت القدس والليل‪ ،‬وعاد إل نوى‬
‫فمرض با وتوف ف ‪ 24‬رجب‪ .‬ولا بلغ نعيه إل دمشق ارتّت هي وما حولا بالبكاء‪ ،‬وتأسف عليه‬
‫السلمون أسفا شديدا‪ ،‬وتوجّه قاضي القضاة عزّ الدين ممد بن الصائغ وجاعة من أصحابه إل نوى‬
‫للصلة عليه ف قبه‪ ،‬ورثاه جاعة‪ ،‬منهم ممد بن أحد بن عمر النفي الِربلي‪ ،‬وقد اخترت هذه‬
‫البيات من قصيدة بلغت ثلثة وثلثي بيتا‪:‬‬

‫عزّ العزاءُ وعمّ الادث اللل * وخاب بالوت ف تعميك المل‬

‫‪7‬‬
‫واستوحشت بعدما كنت النيس لا * وساءَها فقدك السحارُ والصلُ‬

‫وكنت للدين نورا يُستضاء به * مسدّد منك فيه القو ُل والعملُ‬

‫زهدتَ ف هذه الدنيا وزخرفها * عزما وحزما ومضروب بك الثل‬

‫أعرضت عنها احتقارا غي متفل * وأنت بالسعي ف أخراك متفل‬

‫وهكذا انطوت صفحة من صفحات عَلَمٍ من أعلَم السلمي‪ ،‬بعد جهاد ف طلب العلم‪ ،‬ترك للمسلمي‬
‫كنوزا من العلم‪ ،‬ل زال العال السلمي يذكره بي‪ ،‬ويرجو له من اللّه تعال أن تناله رحاته ورضوان‪.‬‬

‫رحم اللّه الِمام النووي رحة واسعة‪ ،‬وحشره مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيي والصدّيقي والشهداء‬
‫والصالي وحسن أولئك رفيقا‪ ،‬وجعنا به تت لواء سيدنا ممد صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫مقدمة الؤلف‬

‫بسم ال الرحن الرحيم {فاذْكُرُون أذْكُرْكُ ْم وَاشْكُرُوا لِي وَل َت ْكفُرُون} [البقرة‪]152:‬‬

‫المد للّه الواحد القهّار‪ ،‬العزيز الغفّار‪ ،‬مقدّر القدار‪ ،‬مصرّف المور‪ ،‬مُكوّر الليل (‪ )2‬على النهار‪،‬‬
‫تبصرةَ لُول القلوب والبصار‪ ،‬الذي أيقظ من خلقه ومن اصطفاه فأدخله ف جلة الخيار‪ ،‬ووفّق من‬
‫اجتباه من عبيده فجعلَه من القرّبي البرار‪ ،‬وبصّرَ من أحبّه فزهّدهم (‪)3‬ف هذه الدار‪ ،‬فاجتهدوا ف‬
‫مرضاته والتأهّب لدار القرار‪ ،‬واجتناب ما يُسخطه والذر من عذاب النار‪ ،‬وأخذوا أنفسهم بالدّ ف‬
‫طاعته وملزمة ذكره بالعشيّ والِبكار‪ ،‬وعند تغاير الحوال وجيع آناء الليل والنهار‪ ،‬فاستنارت قلوبُهم‬
‫بلوامع النوار‪ ،‬أحده أبلغَ المد على جيع نعمه‪ ،‬وأسألُه الزيد من فضله وكرمه‪ .‬وأشهد أن ل إله إلّ‬
‫اللّه العظيم‪ ،‬الواحد الصمد العزيز الكيم؛ وأشهد أن ممدا عبدُه ورسوله‪ ،‬وصفيّه وحبيبه وخليله‪،‬‬
‫أفضلُ الخلوقي‪ ،‬وأكرمُ السابقي واللحقي‪ ،‬صلواتُ اللّه وسلمه عليه وعلى سائر النبيي‪ ،‬وآل كلّ‬
‫وسائر الصالي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أما بعد‪ :‬فقد قال اللّه العظيم العزيز الكيم‪{ :‬فاذْكُرُون أذْكُرْكُمْ} [البقرة‪ ]152:‬وقال تعال‪َ { :‬ومَا‬
‫ت الِنّ والْنسَ إل لَيعْبدون} [الذاريات‪ ]56:‬ف ُعلِم بذا أ من أفضل ـ أو أفضل ـ حال العبد‪،‬‬ ‫خَل ْق ُ‬
‫حال ذكره ربّ العالي‪ ،‬واشتغاله بالذكار الواردة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سيد الرسلي‪.‬‬

‫وقد صنّف العلماءُ رضي اللّه عنهم ف عمل اليوم والليلة والدعوات والذكار كتبا كثيةً معلومةً عند‬
‫ت تسهيل ذلك على‬ ‫ت عنها همُ الطالبي‪ ،‬فقصد ُ‬
‫ض ُعفَ ْ‬
‫العارفي‪ ،‬ولكنها مطوّلة بالسانيد والتكرير‪ ،‬ف َ‬
‫الراغبي‪ ،‬فشرعتُ ف جع هذا الكتاب متصرا مقاصد ما ذكرته تقريبا للمعتني‪ ،‬وأحذف السانيد ف‬
‫معظمه لا ذكرته من إيثار الختصار‪ ،‬ولكونه موضوعا للمتعبدين‪ ،‬وليسوا إل معرفة السانيد‬

‫(‪ )4‬متطلعي‪ ،‬بل يكرهونه وإن َقصُرَ إل القلّي‪ ،‬ولن القصود به معرفةُ الذكار والعمل با‪ ،‬وإيضا ُ‬
‫ح‬
‫مظانّها للمسترشدين‪ ،‬وأذكر إن شاء اللّه تعال بدلً من السانيد ما هو أهم منها ما ي ّل به غالبا‪ ،‬وهو‬
‫بيان صحيح (‪)5‬الحاديث وحسنها وضعيفها ومنكرها‪ ،‬فإنه ما يفتقر إل معرفته جي ُع الناس إل النادر‬
‫من الحدّثي‪ ،‬وهذا أهمّ ما يب العتناء به‪ ،‬وما يُحقّقهُ الطالبُ من جهة الفاظ التقني‪ ،‬والئمة‬
‫ل من النفائس من علم الديث‪ ،‬ودقائق الفقه‪،‬‬ ‫الُذّاق العتمدين‪ ،‬وأض ّم إليه إن شاء اللّه الكري ج ً‬
‫ومهمات القواعد‪ ،‬ورياضات النفوس‪ ،‬والداب الت تتأكد معرفتُها على السالكي‪ .‬وأذكرُ جيعَ ما‬
‫أذكرُه ُموَضّحَا بيث يسهلُ فهمه على العوام والتفقهي‪.‬‬

‫وقد روينا ف صحيح مسلم (‪ ،)6‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪:‬‬

‫ى كانَ لَ ُه مِنَ الجْ ِر ِمثْلَ أُجُو ِر مَ ْن َتِبعَ ُه ل يَْن ُقصُ ذلك مِنْ أُجُو ِرهِ ْم شَيئا"‪.‬‬
‫"مَنْ دَعا إل هُد ً‬

‫فأردت مساعدة أهل الي بتسهيل طريقه والِشارة إليه‪ ،‬وإيضاح سلوكه والدللة عليه‪ ،‬وأذكر ف أوّ ِل‬
‫ج إليها صاحبُ هذا الكتاب وغيه من العتني‪ ،‬وإذا كان ف الصحابة مَن ليس‬ ‫الكتاب فصولً مهمة يتا ُ‬
‫ت عليه فقلت‪ :‬روينا عن فلن الصحابّ‪ ،‬لئل يُشكّ قي صحبته‪.‬‬ ‫مشهورا عند مَن ل يعتن بالعمل نبّه ُ‬

‫وأقتصر ف هذا الكتاب على الحاديث الت ف الكتب الشهورة الت هي أصول الِسلم وهي خسة‪:‬‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم‪ ،‬وسنن أب داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ .‬وقد أروي يسيا من الكتب‬
‫الشهورة غيها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ت أنقل منها شيئا إل ف نادر من الواطن‪ ،‬ول أذكرُ من الصول الشهورة‬
‫وأما الجزاء والسانيد فلس ُ‬
‫أيضا من الضعيف إل النادر مع بيان ضعفه‪ ،‬وإنا أذكر فيه الصحيح (‪)7‬غالبا‪ ،‬فلهذا أرجو أن يكون‬
‫هذا الكتاب أصلً معتمدا‪ .‬ث ل أذكر ف الباب من الحاديث إل ما كانت دللته ظاهرة ف السألة‪.‬‬

‫واللّه الكري أسأ ُل التوفيق والِنابة والِعانة والداية والصيانة‪ ،‬وتيسي ما أقصده من اليات‪ ،‬والدوام‬
‫على أنواع الكرمات‪ ،‬والمع بين وبي أحباب ف دار كرامته وسائر وجوه السرّات‪.‬‬

‫وحسب اللّه ونِعم الوكيل‪ ،‬ول حول ول قوّة إل باللّه العزيز الكيم‪ ،‬ما شاء اللّه ل قوّة إلّ باللّه‪،‬‬
‫توكلتُ على اللّه‪ ،‬اعتصمتُ باللّه‪ ،‬استعنتُ باللّه‪ ،‬وفوّضت أمري إل اللّه‪ ،‬واستودعتُ اللّه دين ونفسي‬
‫ي وإخوان وأحبائي وسائر من أحسن إلّ وجيع السلمي وجيع ما أنعم به عل ّي وعليهم من أمور‬ ‫ووالد ّ‬
‫الخرة والدنيا‪ ،‬فإنه سبحانه إذا استُودع شيئا حفظه ونعم الفيظ‪.‬‬

‫‪o‬تهيد عن المر بالِخلص وأعمال القلوب‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬العمل بفضائل العمال‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬حكم العمل بالديث الضعيف‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُستحبّ اللوس ف حِلَق أهله‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الذكر يكون بالقلب‪ ،‬ويكون باللسان‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬فضائل الذكر غي منحصرة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم الذكر للمحدث وغيه‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ينبغي أن يكون الذاكرُ على أكمل الصفات‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ان يكون موضع الذكر خاليا‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الذكر مبوب ف جيع الوقات‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الرادُ من الذكر حضورُ القلب‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ينبغي الواظبة على الذكر‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف أحوال تعرضُ للذاكر‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الذكار الشروعة ف الصلة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الكتب الؤلفة ف عمل اليوم والليلة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬مواطن آحاديث الكتاب‬

‫‪10‬‬
‫بابٌ ف فضل الذكر‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقولُ إذا استيقظَ مِن مَنامه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما َيقُول إذا لبسَ ثوبَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا لبسَ ثوبا جديدا أو نعلً‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ لصاحبه إذا رأى عليه ثوبا جديدا‬ ‫‪o‬‬

‫س الثوبِ والنعلِ وخَ ْلعِهما‬ ‫بابُ كيفيّة لبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا خل َع ثوبَه‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقول حال خروجِهِ من بيتِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا دخ َل بيتَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقول إذا استيقظ من الليل وخرج من بيته‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقولُ إذا أراد دخول اللء‬ ‫‪o‬‬

‫للَء‬‫بابُ النّهي عن الذّكْ ِر والكَلمِ على ا َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النّهي عن السّلم على الالس لقضاء الَاجَة‬ ‫‪o‬‬

‫للَء‬
‫ج من ا َ‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا َخرَ َ‬ ‫‪o‬‬

‫صبّ ماء الوضوءِ أو استقاءه‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا أراد َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل على وضُوئه‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ما يستحب أن يقوله التوضئ‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬ما يقوله بعد الفراغ من الوضوء‬
‫‪ ‬فصل ‪:‬الدعاء على أعضاء الوضوء‬
‫باب‪ :‬ما يقول بعد فراغه من وضوئه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقو ُل على اغْتسالِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقو ُل على َتيَمّمِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا توجّهَ إل السجدِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه عندَ دخول السجد والروج منه‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقولُ ف السجد‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ينبغي للجالس ف السجد أن ينوي العتكاف‬


‫باب النهي عن إنشاد الضالة ف السجد‬ ‫‪o‬‬

‫‪11‬‬
‫باب دعائه على من ينشد ف السجد شعرا‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ فضيلةِ الذان‬ ‫‪o‬‬

‫ص َفةِ الَذان‬‫بابُ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫ص َفةِ الِقامة‬
‫بابُ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬الذا َن والِقام َة سنّتان‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬ويُستحبّ ترتيل الذان ورفع الصوت به‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ل يُشرع الذان إل للصلوات المس‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ل تص ّح الِقامة إل ف الوقت‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬تقيم الرأة والنثى الشكل‬
‫بابُ ما يقو ُل مَنْ سعَ الؤ ّذنَ والقيمَ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا سع الؤذنَ أو القيم وهو يصلي‬


‫بابُ الدّعاء بعد الذان‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقولُ بعدَ ركعت سنّة الصّبح‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا انتهى إل الصّفّ‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقولُ عند إرادته القيامَ إل الصّلة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الدّعاء عند الِقامة‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب ما يقوله إذا دخل ف الصّلة‬ ‫•‬

‫بابُ ما يقولُه إذا دخلَ ف الصّلة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ تكبي ِة الِحْرام‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬السنّة أنّ يهر الِمام بتكبية الِحرام‬


‫‪ ‬فصل‪:‬عدد التكبيات ف الصلة‬
‫بابُ ما يقوله بعد تكبية الِحرام‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬ما ينبغي أن يفعله المام‬


‫بابُ التعوّذ بعد دعاء الستفتاح‬ ‫‪o‬‬

‫ب ليس بواجب‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬التعوّذ مستح ّ‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬التعوّذ مستحبّ ف الركعة الول بالتفاق‬
‫بابُ القراءةِ بع َد التّعوّذ‬ ‫‪o‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬حكم اللحن ف قراءة الفاتة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬من ل يُحسن الفاتة قرأ بقدرها من غيها‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬بعد الفاتة يقرأ سورة أو بعض سورة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما يقراء ف صلة الصبح والظهر‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬القراءة يوم المعة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬‬
‫‪ ‬فصل‪:‬كيفية القراءة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬سكتات المام ف الهرية‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما يقوله المام بعد الفاتة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما يسن فعله ف القراءة ف الصلة‬
‫بابُ أذكار الركوع‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬أذكار الركوع‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره قراءة القرآن ف الركوع والسجود‬
‫بابُ ما يقولُه ف رفعِ رأسِه من الركوع وف اعتدالِه‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬يُستحبّ أن يمع بي هذه الذكار كلها‬


‫بابُ أَذْكَارِ السّجودِ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬بيان فضل الركوع والسجود‬


‫‪ ‬فصل‪:‬ما يقال ف سجود التلوة‬
‫باب ما يقولُ ف رفعِ رأسه من السجود وف اللوس بي السجدتي‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬ما يقال ف السجدة الثانية‬


‫بابُ أذكارِ الرّكْع ِة الثانية‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ القُنوتِ ف الصّبح‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬مل القنوت‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم رفع اليدين ف دعاء القنوت‬
‫بابُ التشهّدِ ف الصّلة‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ف ألفاظ التشهد‬


‫‪ ‬الرواية الول‬
‫‪13‬‬
‫‪ ‬الرواية الثانية‬
‫‪ ‬الرواية الثالثة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬مايقال ف التشهد‬
‫‪ ‬فصل‪:‬الترتيب ف التشهد مستحب‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬السنّة ف التشهد الِسرار‬
‫بابُ الصلة على النبّ صلى اللّه عليه وسلم بعد التشهّد‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الدّعَاء بع َد التشهّدِ الخي‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ السّلم لِلتحلّل من الصّلة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه الرجلُ إذا كلّمه إنسا ٌن وهو ف الصّلة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الذكارِ بعدَ الصّلة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الثّ على ذكرِ اللّه تعال بعدَ صَلةِ الصّبح‬ ‫‪o‬‬

‫ح وعن َد الساءِ‬‫بابُ ما يُقال عند الصّبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقالُ ف صَبيح ِة المعة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا طلعتِ الشّمس‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا استقّلتِ الشّمس‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ بعدَ َزوَال الشّمسِ إل العصر‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه بعدَ العصرِ إل غُروبِ الشّمس‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا سعَ أذا َن الغرب‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه بعدَ صَل ِة الغرب‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقرؤُه ف صَل ِة الوترِ وما يقولُه بعدَها‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا أرا َد النومَ واضطجعَ على فراشِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ كراه ِة النوْم مِن غيِ ذِكْرِ اللّه تَعال‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقول إذا استيقظَ ف الليل وأرا َد النّومَ بعدَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا قلقَ ف فراشِه فلم ينمْ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا كانَ يفزعُ ف منامه‬ ‫‪o‬‬

‫حبّ أو يَكرهُ‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا رَأى ف منامِه ما يُ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫صتْ عليه رُؤيا‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا ُق ّ‬ ‫‪o‬‬

‫‪14‬‬
‫لثّ على الدّعاء والستغفارِ ف النصفِ الثان من كلّ ليلة‬
‫بابُ ا َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الدّعاءِ ف جَميع ساعاتِ الليل‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ أساء اللّه السن‬ ‫‪o‬‬

‫فصل‪ :‬ف المر بالِخلص وحسن النيّات ف جيع العمال الظاهرات والفيّات‪.‬‬

‫قال اللّه تعال‪َ { :‬ومَا ُأمِروا إ ّل ليعبُدوا اللّه مُخِلصِيَ لَهُ الدّين حُنفاء} البيّنة‪ 5:‬وقال تعال‪{ :‬لَ ْن يَنالَ اللّه‬
‫لُحومُها وَلَ دِماؤُها ولك ِن ينالُهُ التّقوى مِنكمْ}الج‪ 37:‬قال ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ :‬معناه ولكن‬
‫يناله النيّات‪.‬‬

‫أخبنا شيخنا المام الافظ أبو البقاء خالد بن يوسف بن السن بن سعد بن السن بن الفرّج بن بكار‬
‫القدسيّ النابلسيّ ث الدمشقي رضي اللّه عنه‪ ،‬أخبنا أبو اليمن الكندي‪ ،‬أخبنا ممد بن عبد الباقي‬
‫النصاري‪ ،‬أخبنا أبو ممد السن بن عل ّي الوهري‪ ،‬أخبنا أبو السي ممد بن الظفر الافظ‪ ،‬أخبنا‬
‫أبو بكر ممد بن ممد بن سليمان الواسطي‪ ،‬حدّثنا أبو نُعيم عبيد بن هشام اللب‪ ،‬حدّثنا ابن البارك‪،‬‬
‫عن يي بن سعيد ـ هو النصاري ـ عن ممد بن إبراهيم التيمي‪ ،‬عن علقمة بن وقّاص الليثيّ‪ ،‬عن‬
‫عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬

‫ج َرتُهُ إل اللّه‬
‫ت هِجْ َرتُهُ إل اللّه وَرَسولِهِ َفهِ ْ‬ ‫"إنّما العْما ُل بالّنيّاتِ وإنّمَا ِلكُلّ امرى ٍء مَا َنوَى‪ ،‬فَمَ ْن كاَن ْ‬
‫وَرَسولِهِ‪َ ،‬ومَنْ كَاَنتْ هِجْ َرتُهُ إل ُدنْيا ُيصِيبُها َأوِ امْرأ ٍة َينْكِحُها َف ِهجْ َرتُه إل ما هَا َجرَ إلَيْهِ"‪.‬‬

‫هذا حديث متفق (‪)1‬على صحته‪ ،‬ممع على عظم موقعه وجللته‪ ،‬وهو أحد الحاديث الت عليها‬
‫مدا ُر الِسلم؛ وكان السلف وتابعوهم من اللف رحهم اللّه تعاال يَستحبّون استفتاح الصنفات بذا‬
‫الديث‪ ،‬تنبيها للمُطالع(‪)2‬‬

‫على حسن النيّة‪ ،‬واهتمامه بذلك والعتناء به‪.‬‬

‫ف كتابا فليبدأ بذا‬


‫روينا عن المام أب سعيد عبد الرحن بن مهدي رحه اللّه تعال‪ :‬منن أراد أن يُصنّ َ‬
‫الديث‪ .‬وقال المام أبو سليمان الَطّاب رحه اللّه‪ :‬كان التقدمون من شيوخنا يستحبّون تقدي حديث‬
‫العمال بالنيّة أمامَ كل شيء ينشأ ويبتدأ من أمور الدين لعموم الاجة إليه ف جيع أنواعها‪ .‬وبلغنا عن‬

‫‪15‬‬
‫حفَظكُ الرجلُ على قدر يّته‪ .‬وقال غيُه‪ :‬إنا يُعطى الناسُ على‬
‫ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال‪ :‬إنا يُ ْ‬
‫قدر نيّاتم‪.‬‬

‫وروينا عن السيد (‪)3‬الليل أب عل ّي الفُضيل بن عِياض رضي اللّه عنه قال‪ :‬تر ُك العمل لجل الناس‬
‫رياءٌ‪ ،‬والعمل لجل الناس شِركٌ‪ ،‬والِخلصُ أن يعافيَك اللّه منهما‪ .‬وقال المام الارث الحاسبّ رحه‬
‫اللّه‪ :‬الصادق هو الذي ل يُبال لو خرج كلّ قَ ْدرٍ له ف قلوب اللق من أجل صَلح قلبه‪ ،‬ول يبّ‬
‫اطّلع الناس على مثاقيل الذرّ من حس عمله ول يكرهُ أن يطلعَض الناسُ على السيء من عمله‪ .‬وعن‬
‫حُذيفة الَرْعشيّ رحه اللّه قال‪ :‬الِخلصُ أن تستوي أفعا ُل العبد ف الظاهر والباطن‪.‬‬

‫وروينا عن المام الستاذ أب القاسم القُشَييّ رحه اللّه قال‪ :‬الِخلصُ إفرادُ الق سبحانه وتعال ف‬
‫الطاعة بالقصد‪ ،‬وهو أن يُريد بطاعته التقرّب إل اللّه تعال دون شيء آخر‪ :‬من تَصنعٍ لخلوق‪ ،‬أو‬
‫اكتساب ممَد ٍة عند الناس‪ ،‬أو مبّة مدحٍ من اللق أو معن من العان سوى التقرّب إل اللّه تعال‪ .‬وقال‬
‫السيد الليل أبو ممد سهل بن عبد اللّه التُستَريّ رضي اللّه عنه‪ :‬نظر الكياسُ ف تفسي الِخلص فلم‬
‫ى ول‬‫يدوا غي هذا‪ :‬أن يكون حركتُه وسكونه ف سرّه وعلنيته للّه تعال‪ ،‬ول يُمازجه نَفسٌ ول هو ً‬
‫دنيا‪.‬‬

‫وروينا عن الستاذ أب علي الدقاق رضي اللّه عنه قال‪ :‬الِخلصُ‪ :‬التوقّي عن ملحظة اللق‪ ،‬والصدق‪:‬‬
‫التنقّي عن مطاوعة النفس‪ ،‬فالخلصُ ل رياء له‪ ،‬والصادقُ ل إعجابَ له‪ .‬وعن ذي النون الصري رحه‬
‫ث من علمات الِخلص‪ :‬استواءُ الدح والذمّ من العامّة‪ ،‬ونسيانُ رؤية العمال ف‬ ‫اللّه قال‪ :‬ثل ٌ‬
‫العمال‪ ،‬واقتضاءُ ثواب العمل ف الخرة‪.‬‬

‫وروينا عن القُشَييّ رحه اللّه قال‪ :‬أقلّ الصدق استواءُ الس ّر والعلنية‪ .‬وعن سهل التستري‪ :‬ل يش ّم‬
‫رائحة الصدق عبدٌ داهن نفسه أو غيه‪ ،‬وأقوالم ف هذا غي منحصرة‪ ،‬وفيما أشرت إليه كفاية لن وُفق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أنه ينبغي لن بلغه شيء ف فضائل العمال أن يعمل به ولو مرّة واحدة ليكون من أهله‪ ،‬ول‬
‫ينبغي أن يتركه مطلقا بل يأت با تيسر منه‪ ،‬لقول النب صلى اللّه عليه وسلم ف الديث التفق على‬
‫صحته‪:‬‬

‫"إذَا َأمَ ْرتُكُ ْم بَشَي ٍء فأْتُوا ِمنْ ُه ما اسْتَط ْعتُمْ" (‪)4‬‬

‫‪16‬‬
‫فصل‪ :‬قال العلماءُ من الحدّثي والفقهاء وغيهم‪ :‬يوز ويُستحبّ العمل ف الفضائل والترغيب‬
‫والترهيب بالديث الضعيف ما ل يكن موضوعا(‪ ،)5‬وأما الحكام كاللل والرام والبيع والنكاح‬
‫والطلق وغي ذلك فل يُعمل فيها إل بالديث الصحيح أو السن إل أن يكون ف احتياطٍ ف شيء من‬
‫ذلك‪ ،‬كما إذا وردَ حديثٌ ضعيفٌ بكراهة بعض البيوع أو النكحة‪ ،‬فإن الستحبّ أن يتنّه عنه ولكن‬
‫ت هذا الفصل لنه ييءُ ف هذا الكتاب أحاديثُ أنصّ على صحتها أو حسنها أو‬ ‫ل يب‪ .‬وإنا ذكر ُ‬
‫ضعفها‪ ،‬أو أسكتُ عنها لذهول عن ذلك أو غيه‪ ،‬فأردتُ أن تتقرّر هذه القاعدة عند مُطالِع هذا‬
‫الكتاب‪.‬‬

‫ب اللوس ف ِحلَق أهله‪ ،‬وقد تظاهرت الدلة على ذلك‪،‬‬


‫فصل‪ :‬اعلم أنه كما يُستحبّ الذكر يُستح ّ‬
‫وستردُ ف مواضعها إن شاء اللّه تعال‪ ،‬ويكفي ف ذلك حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫لّنةِ يا َرسُولَ‬
‫ض الَّنةِ فا ْرَتعُوا‪ .‬قالُوا‪َ :‬ومَا رِياضُ ا َ‬ ‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذا مَرَ ْرتُ ْم بِرِيا ِ‬
‫اللّه؟! قالَ‪ :‬حَِلقُ الذّكْرِ‪ ،‬فإنّ للّه تعال َسيّارَاتٍ مِنَ الَلئِ َك ِة يَطُْلبُونَ حِلَقَ الذّكْرِ‪ ،‬فإذَا َأَتوْا عَلْيهِمْ َحفّوا‬
‫ِبهِمْ" (‪)6‬‬

‫وروينا ف صحيح مسلم (‪ ،)7‬عن معاوية رضي اللّه عنه أنه قال‪ :‬خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫سكُم؟ قالوا‪ :‬جلسنا نذكُر اللّه تعال ونمَدُه على ما هدانا للسلم‬ ‫على حلقة من أصحابه فقال‪" :‬ما أ ْجلَ َ‬
‫سكُمْ إل ذَاكَ؟ قالوا‪ :‬واللّهِ‪ ،‬ما أجلسنا إلّ ذاك‪ ،‬قال‪ :‬أما إن َلمْ‬ ‫وم ّن به علينا‪ ،‬قال‪ :‬آللّه ما أجْلَ َ‬
‫أستحلِفكُمْ تُهمةً لكُمْ‪ ،‬ولَكنّهُ أتان جْبرِيلُ فأ ْخبَ َرنِي أنّ اللّه تعال يُباهي بكُ ُم الَلئ َكةَ"‪.‬‬

‫وروينا ف صحيح مسلم (‪ )8‬ومعن "غشيتهم الرحة"‪ :‬أي غطّتهم من كل جهة‪ :‬و"السكينة" هي‬
‫ي ليزدَادُوا إيانا}الفتح‪).4:‬‬
‫الذكورة ف قوله تعال‪{ :‬هو الذي أن َز َل السكينةَ ف قلوب الؤمن َ‬

‫أيضا‪ ،‬عن أب سعيد الدري وأب هريرة رضي اللّه عنهما‪ :‬أنما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم أنه قال‪:‬‬

‫ت عَليهِمْ السّكِيَنةُ وَذَ َكرَهُمُ‬


‫شيَتهُمُ الرّحْ َم ُة َونَزََل ْ‬
‫"ل َيقْعُدُ َق ْو ٌم يَذْكُرُون اللّه تَعال إل َح ّفتْهُ ُم الَلِئ َكةُ وَغَ ِ‬
‫اللّ ُه تَعال فِيمَ ْن ِعنْ َدهُ"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫فصل‪ :‬الذكر يكون بالقلب‪ ،‬ويكون باللسان‪ ،‬والفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جيعا‪ ،‬فإن اقتص َر‬
‫على أحدها فالقلبُ أفضل‪ ،‬ث ل ينبغي أن يُتركَ الذكرُ باللسان مع القلب خوفا من أن يُظنّ به الرياء‪،‬‬
‫بل يذكرُ بما جيعا ويُقصدُ به وجهُ اللّه تعال‪ ،‬وقد قدّمنا عن ال ُفضَيل رحه اللّه‪ :‬أن ترك العمل لجل‬
‫الناس رياء‪ .‬ولو فتح النسا ُن عليه بابَ ملحظة الناس‪ ،‬والحتراز من تطرّق ظنونم الباطلة ل نس ّد عليه‬
‫أكثرُ أبواب الي‪ ،‬وضيّع على نفسه شيئا عظيما من مهمّات الدين‪ ،‬وليس هذا طريق(‪)9‬‬

‫العارفي‪.‬‬

‫وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم(‪)10‬‬

‫ت بِها} السراء‪:‬‬
‫ك ول تُخاِف ْ‬
‫جهَ ْر ِبصَلتِ َ‬
‫‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬نزلت هذه الية {وَ َلتَ ْ‬
‫‪ 110‬ف الدعاء‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن فضيلة الذكر غيُ منحصرةٍ ف التسبيح والتهليل والتحميد والتكبي ونوها‪ ،‬بل كلّ عاملٍ‬
‫للّه تعال بطاع ٍة فهو ذاكرٌ للّه تعال‪ ،‬كذا قاله سعيدُ بن جُبي رضي اللّه عنه زغيه من العلماء‪ .‬وقال‬
‫عطاء رحه اللّه‪ :‬مالسُ الذّكر هي مالسُ اللل والرام‪ ،‬كيف تشتري وتبي ُع وتصلّي وتصومُ وتنكحُ‬
‫وتطلّق وتجّ‪ ،‬وأشباه هذا‪.‬‬

‫ي والُسْلِماتِ} إل قوله تعال‪{ :‬وَالذّاكِرِينَ اللّه كَثيا وَالذّاكِرَاتِ‪،‬‬


‫فصل‪ :‬قال اللّه تعال‪{ :‬إنّ الُسْلِ ِم َ‬
‫أعَدّ اللّهُ َل ُه ْم مغْفِ َرةً وأجْرا عَظِيما} الحزاب‪.35:‬‬

‫وروينا ف صحيح مسلم (‪ ،)11‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬

‫" َسبَقَ الُفرّدونَ‪ ،‬قالُوا‪ :‬ومَا الُفَرّدونَ يا َرسُولَ اللّه؟! قالَ‪ :‬الذّاكِرُونَ اللّه َكثِيا وَالذّاكرَاتُ"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬روي الفرّدون بتشديد الراء وتفيفها‪ ،‬والشهور الذي قاله المهور التشديد‪.‬‬

‫واعلم أن هذه الية الكرية (الراد بالية هنا هي قوله تعال‪{ :‬والذاكرين اللّه كثيا والذاكرات‪ ،‬أعدّ اللّه‬
‫لم مغفرة وأجرا عظيما} الحزاب‪)12( )35:‬‬

‫ما ينبغي أن يهتمّ بعرفتها صاحبُ هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وقد اختُلِفَ ف ذلك‪ ،‬فقال الِمامُ أبو السن الواحديّ‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬الراد يذكرون اللّه ف أدبار‬
‫الصلوات‪ ،‬وغدوّا وعشيّا‪ ،‬وف الضاجع‪ ،‬وكلما استيقظ من نومه‪ ،‬وكلما غدا أو راح من منله ذكرَ‬
‫اللّه تعال‪ .‬وقال ماهد‪ :‬ل يكونُ من الذاكرين اللّه كثيا والذاكرات حت يذكر اللّه قائما وقاعدا‬
‫ومضطجعا‪ .‬وقال عطاء‪ :‬من صلّى الصلوات المس بقوقها فهو داخلٌ ف قول اللّه تعال‪{ :‬والذّاكِرِينَ‬
‫اللّه كَثيا وَالذّاكِرَاتِ} هذا نقل الواحدي‪.‬‬

‫وقد جاء ف حديث أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬

‫صلّى ـ رَكعَتيِ جَمِيعا ُكِتبَا ف الذّاكِرِينَ اللّه َكثِيا‬


‫صّليَا ـ َأوْ َ‬
‫"إذا أيْقَظَ الرّ ُجلُ أَهْلَ ُه مِنَ الّليْلِ َف َ‬
‫وَالذّاكِرَاتِ" هذا حديث مشهور رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ف سننهم‪.‬‬

‫وسئل الشيخ المام أبو عمر بن الصّلح رحه اللّه عن القدر الذي يصيُ به من الذاكرينَ اللّه كثيا‬
‫والذاكرات‪ ،‬فقال‪ :‬إذا واظبَ على الذكار الأثورة (‪ ،)13‬كان من الذاكرين اللّه كثيا والذاكرات‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬أجع العلماءُ على جواز الذكر بالقلب واللسان لل ُمحْدِث والُنب والائض والنفساء‪ ،‬وذلك ف‬
‫التسبيح والتهليل والتحميد والتكبي والصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والدعاء وغي ذلك‪.‬‬
‫ل أو كثيا حت بعض آية‪ ،‬ويوز‬ ‫ولكنّ قراءة القرآن حرامٌ على الُنب والائض والنفساء‪ ،‬سواءٌ قرأ قلي ً‬
‫لم إجراءُ القرآن على القلب من غي لفظ‪ ،‬وكذلك النّظَرُ ف الصحف‪ ،‬وإمرارُه على القلب‪ .‬قال‬
‫أصحابُنا‪ :‬ويوز للجُنب والائض أن يقول عند الصيبة‪{ :‬إنّا للّه وإنّا إليه راجعون}‪ ،‬وعند ركوب‬
‫الدابة‪{ :‬سبحان الذي سخّر لنا هذا وما ُكنّا له مُقرني} (‪ ،)14‬وعند الدعاء‪{ :‬ربنا آتنا ف الدنيا‬
‫حسنةً وف الخرة حسن ًة وقنا عذاب النار}‪ ،‬إذا ل يقصدا به القرآن‪ ،‬ولما أن يقول‪ :‬بسم اللّه‪ ،‬والمد‬
‫للّه‪ ،‬إذا ل يقصدا القرآن‪ ،‬سواءٌ قصدا الذكر أو ل يكن لما قصد‪ ،‬ول يأثان إل إذا قصدا القرآن‪،‬‬
‫ويوزُ لما قراء ُة ما نُسخت تلوتُه "كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجوها"‪ .‬وأما إذا قال لِنسان‪ :‬خذ‬
‫الكتاب بقوّة‪ ،‬أو قال‪ :‬ادخلوها بسلم آمني‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬فإن قصدا غ َي القرآن ل يرم‪ ،‬وإذا ل يدا‬
‫الاء تيمّمَا وجاز لما القراءة‪ ،‬فإن أحدثَ بعد ذلك ل ترم عليه القراءة كما لو اغتسل ث أحدث‪ .‬ث ل‬
‫لضَر أو ف السفر‪ ،‬فله أن يقرأ القرآن بعده وإن أحدث‪ .‬وقال‬ ‫فرق بي أن يكون تَيمّمُه لعدم الاء ف ا َ‬
‫ج الصلة‪،‬‬ ‫بعضُ أصحابنا‪ :‬إن كان ف الضر صلّى به وقرأ به ف الصلة‪ ،‬ول يوزُ أن يقرأ خار َ‬

‫‪19‬‬
‫ب ث رأى ماء يلزمُه استعمالُه‬
‫والصحيحُ جوازه كما قدّمناه‪ ،‬لن تيمّمَه قام مقام الغسل‪ .‬ولو تيمّ َم الن ُ‬
‫فإنه ير ُم عليه القراءة وجيع ما يرم على الُنب حت يغتسل‪ .‬ولو تيمّم وصلّى وقرأ ث أراد التيمّم لدثٍ‬
‫أو لفريضةٍ أخرى أو لغي ذلك ل ترم عليه القراءة‪.‬‬

‫هذا هو الذهب الصحيح الختار‪ ،‬وفيه وجه لبعض أصحابنا أنه يرمُ‪ ،‬وهو ضعيف‪.‬‬

‫أما إذا ل يد الُنبُ ماءً ول تُرابا فإنه يُصلّي لُرمة الوقت على حسب حاله‪ ،‬وترمُ عليه القراءة خارجَ‬
‫الصلة‪ ،‬وير ُم عليه أن يقرأ ف الصلة ما زاد على الفاتة‪.‬‬

‫وهل تر ُم الفاتة؟ فيه وجهان‪ :‬أصحّهما ل ترمُ بل تبُ‪ ،‬فإن الصّلةَ ل تص ّح إل با‪ ،‬وكما جازت‬
‫الصلةُ للضرورة توزُ القراءة‪ .‬والثان ترمُ‪ ،‬بل يأت بالذكار الت يأت با مَن ل يُحسن شيئا من القرآن‪.‬‬
‫وهذه فروعٌ رأيتُ إثباتا هنا لتعلقها با ذكرتُه‪ ،‬فذكرتا متصرة وإل فلها تتمّات وأدلة مستوفاة ف‬
‫كتب الفقه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ينبغي أن يكون الذاكرُ على أكمل الصفات‪ ،‬فإن كان جالسا ف موضع استقبل القبلة وجلس‬
‫مُتذّللً مُتخشعا بسكينة ووقار‪ ،‬مُطرقا رأسه‪ ،‬ولو ذكر على غي هذه الحوال جاز ول كراهة ف حقه‪،‬‬
‫لكن إن كان بغي عذر كان تاركا للفضل‪ .‬والدليل على عدم الكراهة قول اللّه تعال‪{ :‬إنّ ف َخلْقِ‬
‫ت والَرْض وا ْخِتلَفِ الّليْ ِل والنّها ِر لياتٍ لُولِي اللْبابِ‪ .‬الّذي َن يَذْكرُونَ اللّه قِياما وَقُعودَا وَعلى‬ ‫السّ َموَا ِ‬
‫ت وال ْرضِ‪}..‬آل عمران‪190 :‬ـ ‪.191‬‬ ‫جُنوبِهمْ َوَيتَفكّرُونَ ف خَلْقِ السّ َموَا ِ‬

‫وثبت ف الصحيحي (‪ ،)15‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫يتكىء ف حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬وف رواية‪ :‬ورأسه ف حجري وأنا‬
‫حائض(‪()16‬البخاري (‪(" )7549‬البخاري (‪(" )7549‬البخاري (‪(" )7549‬البخاري (‬
‫‪(" )7549‬البخاري (‪(" )7549‬البخاري (‪(" )7549‬البخاري (‪(" )7549‬البخاري (‬
‫‪(")7549‬البخاري (‪ .)7549‬وجاء عن عائشة رضي اللّه عنها أيضا قالت‪ :‬إن لقرأ حزب وأنا‬
‫مضطجعةٌ على السرير‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وينبغي أن يكون الوضعُ الذي يذكرُ فيه خاليا(‪)17‬نظيفا (‪)18‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ ،‬فإنه أعظمُ ف احترام الذكر الذكور‪ ،‬ولذا مُدح الذكرُ ف الساجد والواضع الشريفة‪ .‬وجاء عن المام‬
‫الليل أب ميسرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬ل يُذكر اللّه تعال إلّ ف مكان طيّب‪ .‬وينبغي أيضا أن يكون فمه‬
‫نظيفا‪ ،‬فإن كان فيه تغيّر أزاله بالسّواك‪ ،‬وإن كان فيه ناسة أزالا بالغسل بالاء‪ ،‬فلو ذكر ول يغسلها‬
‫فهو مكروٌه ول يَحرمُ‪ ،‬ولو قرأ القرآن وفمُه نسٌ كُره‪ ،‬وف تريه وجهان لصحابنا‪ :‬أصحّهما ل‬
‫يَحرم‪.‬‬

‫ع باستثنائها نذكرُ منها‬ ‫فصل‪ :‬اعلم أن الذكر (‪ )19‬مبوبٌ ف جيع الحوال إل ف أحوال وردَ الشر ُ‬
‫هننا طرفا‪ ،‬إشارة إل ما سواه ما سيأت ف أبوابه إن شاء اللّه تعال‪ .‬فمن ذلك أنه يُكره الذكرُ حالةَض‬
‫اللوس على قضاء الاجة‪ ،‬وف حالة الِماع‪ ،‬وف حالة الُطبة لن يسم ُع صوتَض الطيب‪ ،‬وف القيام‬
‫ف الصلة‪ ،‬بل يشتغلُ بالقراءة‪ ،‬وف حالة النعاس‪ .‬ول يُكره ف الطريق ول ف المّام‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬الرادُ من الذكر حضورُ القلب‪ ،‬فينبغي أن يكون هو مقصودُالذاكر فيحرص على تصيله‪ ،‬ويتدبر‬
‫ما يذكر‪ ،‬ويتعقل معناه‪ .‬فالتدبُر ف الذكر مطلوبٌ كما هو مطلوبٌ ف القراءة لشتراكهما ف العن‬
‫ب الصحيح الختار استحباب مدّ الذاكر قول‪ :‬ل إله إل اللّه‪ ،‬لا فيه من التدبر‪،‬‬
‫القصود‪ ،‬ولذا كان الذه ُ‬
‫وأقوالُ السلف وأئمة اللف ف هذا مشهورة‪ ،‬واللّه أعلم)مبوبٌ ف جيع الحوال إل ف أحوال وردَ‬
‫الشرعُ باستثنائها نذك ُر منها هننا طرفا‪ ،‬إشارة إل ما سواه ما سيأت ف أبوابه إن شاء اللّه تعال‪ .‬فمن‬
‫ذلك أنه يُكره الذكرُ حالةَض اللوس على قضاء الاجة‪ ،‬وف حالة الِماع‪ ،‬وف حالة الُطبة لن يسمعُ‬
‫صوتَض الطيب‪ ،‬وف القيام ف الصلة‪ ،‬بل يشتغلُ بالقراءة‪ ،‬وف حالة النعاس‪ .‬ول يُكره ف الطريق ول‬
‫ف المّام‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ينبغي لن كان له وظيفةٌ من الذكر ف وقت من ليل أو نار‪ ،‬أو عقب صلة أو حالة من الحوال‬
‫ففاتته أن يتداركها ويأت با إذا تكن منها ول يهملها‪ ،‬فإنه إذا اعتاد اللزمة عليها ل يعرّضها للتفويت‪،‬‬
‫وإذا تساهل ف قضائها َسهُ َل عليه تضييعها ف وقتها‪.‬‬

‫وقد ثبت ف صحيح مسلم) (‪ ، )20‬عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪:‬‬

‫"مَ ْن نامَ عَنْ حِ ْزبِهِ َأوْ عَنْ شي ٍء ِمنْهُ فقرأ ُه ما َبيْنَ صَلةِ الفَجْ ِر وَصلة ال ّظهْرِ كُتب له كأنا قرأه من اللّيل"‬
‫‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فصل‪ :‬ف أحوال تعرضُ للذاكر يُستحبّ له قطعُ الذكر بسببها ث يعو ُد إليه بعد زوالا‪ :‬منها إذا ُسلّم عليه‬
‫ردّ السلم ث عاد إل الذكر‪ ،‬وكذا إذا عطسَ عنده عاطشٌ شّته ث عاد إل الذكر‪ ،‬وكذا إذا سع‬
‫الطيبَ‪ ،‬وكذا إذا سع الؤ ّذنَ أجابَه ف كلمات الذان والقامة ث عاد إل الذكر‪ ،‬وكذا إذا رأى منكرا‬
‫أزاله‪ ،‬أو معروفا أرشد إليه‪ ،‬أو مسترشدا أجابه ث عاد إل الذكر‪ ،‬كذا إذا غلبه النعاس أو نوه‪ .‬وما‬
‫أشبه هذا كله‪.‬‬

‫ب شيءٌ منها ول‬


‫فصل‪ :‬اعلم أن الذكار الشروعة ف الصلة وغيها‪ ،‬واجبةً كانت أو مستحبةً ل يُحس ُ‬
‫يُعتدّ به حت يتلفّظَ به بيثُ يُسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ل عارض له‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أنه قد صنّف ف عمل اليوم والليلة(‪ )21‬جاعةٌ من الئمة كتبا نفيسة‪ ،‬رَووا فيها ما ذكروه‬
‫بأسانيدهم التصلة‪ ،‬وطرّقُوها من طرق كثية‪ ،‬ومن أحسنها "عمل اليوم والليلة" للِمام أب عبد الرحن‬
‫النسائي‪ ،‬وأحسن منه وأنفس وأكثر فوائد كتاب "عمل اليوم والليلة" لصاحبه المام أب بكر أحد بن‬
‫ت أنا جيعَ كتاب ابن السن على شيخنا المام الافظ‬ ‫ممد بن إسحاق السنّ رضي اللّه عنهم‪ .‬وقد سع ُ‬
‫أب البقاء خالد بن يوسف (‪)22‬‬

‫بن سعد بن السن رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا المام العلمة أبو اليَمن زيد بن السن بن زيد بن السن‬
‫ال ِكنْدي سنة اثنتي وستمائة‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا الشيخ الِمام أبو السن سعد الي ممد بن َسهْل النصاريّ‪،‬‬
‫قال‪ :‬أخبنا الشيخُ الِمام أبو ممد عبد الرحن بن سعد بن أحد بن السن الدّون‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا القاضي‬
‫أبو نصر أحدُ بن السي بن ممد بن الكسّار الدّينوري‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا الشيخ أبو بكر أحدُ بن ممد بن‬
‫ت هذا السناد هنا لن سأنق ُل من كتاب ابن السن إن شاء اللّه‬ ‫إسحاق السّن رضي اللّه عنه‪ .‬وإنا ذكر ُ‬
‫تعال جُملً‪ ،‬فأحببتُ تقديَ إسناد الكتاب‪ ،‬وهذا مستحس ٌن عند أئمة الديث وغيهم‪ ،‬وإنا خصصتُ‬
‫ذكر إسناد هذا الكتاب لكونه أجع الكتب ف هذا الفنّ‪ ،‬وإل فجميعُ ما أذكرهُ فيه ل به رواياتٌ‬
‫صحيح ٌة بسماعات متصلة بمد اللّه تعال إل الشاذّ النادر‪ ،‬فمن ذلك ما أنقلُه من الكتب المسة الت‬
‫هي أصول السلم‪ ،‬وهي‪ :‬الصحيحان للبخاري ومسلم‪ ،‬وسنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬ومن ذلك‬
‫ما هو من كتب السانيد والسنن كموطأ المام مالك‪ ،‬وكمسند المام أحد بن حنبل‪ ،‬وأب عَوانة‪،‬‬
‫وسنن ابن ماجه‪ ،‬والدارقطن‪ ،‬والبيهقي وغيها من الكتب‪ ،‬ومن الجزاء ما ستراه إن شاء اللّه تعال‪،‬‬
‫وكلّ هذه الذكورات أرويها بالسانيد التصلة الصحيحة إل مؤلفها‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫فصل‪ :‬اعلم أن ما أذكرهُ ف هذا الكتاب من الحاديث أُضيفه إل الكتب الشهورة وغيها ما قدّمتُه‪ ،‬ث‬
‫ما كان ف صحيحي البخاري ومسلم أو ف أحدها أقتص ُر على إضضافته إليهما لصول الغرض وهو‬
‫صحته‪ ،‬فإن جيعَ ما فيهما صحيح‪ ،‬وأما ما كان ف غيها فأُضيفُه إل كتب السنن وشبهها مبيّنا صحته‬
‫وحسنه أو ضعفه إن كان فيه ضعفٌ ف غالب الواضع‪ ،‬وقد أغفلُ عن صحته وحسنه وضعفه‪.‬‬

‫واعلم أن سنن أب داود من أكب ما أنقلُ منه‪ ،‬وقد روينا عنه أنه قال‪ :‬ذكرتُ ف كتاب‪ :‬الصحيح وما‬
‫يُشبهه ويُقاربه‪ ،‬وما كان فيه ضعف شديد بيّنته‪ ،‬وما ل أذكر فيه شيئا فهو صال‪ ،‬وبعضُها أصحّ من‬
‫ج إليها صاحب هذا الكتاب وغيُه‪ ،‬وهي أن ما رواه‬‫بعض‪ .‬هذا كلم أب داود‪ ،‬وفيه فائدة حسنة يتا ُ‬
‫أبو داود ف سننه ول يذكر ضعفَه فهو عنده‬

‫ت هنا‬
‫صحيح أو حسن‪ ،‬وكلهُما يُحتجّ به ف الحكام‪ ،‬فكيف بالفضائل‪ .‬فإذا تقرّر هذا فمت رأي َ‬
‫حديثا من رواية أب داود وليس فيه تضعيف‪ ،‬فاعلم أنه ل يض ّعفْه(‪)23‬‬

‫‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫وقد رأيتُ أن أُقدّم ف أوّل الكتاب بابا ف فضيلة الذكر مطلقا أذكر فيه أطرافا يسية توطئ ًة لا بعدها‪،‬‬
‫ث أذك ُر مقصود الكتاب ف أبوابه‪ ،‬وأخت ُم الكتابَ إن شاء اللّه تعال بباب الستغفار تفاؤلً بأن يتم اللّه‬
‫لنا به‪ ،‬واللّه الوفّق‪ ،‬وبه الثقة‪ ،‬وعليه التوكل والعتماد‪ ،‬وإليه التفويضُ والستناد‪.‬‬

‫بابٌ متصر ف أحرفٍ ما جاء ف فضل الذكر غي مقيّ ٍد بوقت‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَلَذِكْرُ اللّهِ أ ْكبَرُ}العنكبوت‪ 45:‬وقال تعال‪{ :‬فاذْكُرُونِي أذْ ُكرْكُمْ} البقرة‪152:‬‬
‫سبّحيَ لََلِبثَ ف بَ ْطنِهِ إل َي ْو ِم يُْب َعثُونَ}الصّافّات‪ 143:‬وقال تعال‪:‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬فََلوْل َأنّهُ كَانَ مِ َن الُ َ‬
‫{يُسَبّحُونَ الّليْ َل والنّهارَ َل َيفْتُرُونَ} النبياء‪.20:‬‬

‫‪ 1/1‬وروينا ف صحيحي إمامي الحدّثي‪ :‬أب عبد اللّه ممد بن إساعيل بن إبراهيم بن الغية البخاري‬
‫العفي مولهم‪ ،‬وأب السي مسلم بن الجاج بن مسلم القُشيي النيسابوري ـ رضي اللّه عنهما ـ‬
‫بأسانيدها‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬واسه عبد الرحن بن صخر على الصح من نو ثلثي قولً‪،‬‬
‫وهو أكثر الصحابة حديثا‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬كَلِ َمتَانِ َخفِيفَتانِ على اللّسانِ‪َ ،‬ثقِيَلتَانِ ف الِيزَانِ‪ ،‬حَبيَبتَانِ إل‬
‫حمْ ِدهِ‪ُ ،‬سبْحَانَ اللّ ِه العَظيمِ" وهذا الديث آخر شيء ف صحيح البخاري‪(.‬‬ ‫الرّحْ َمنِ‪ُ :‬سبْحَانَ اللّ ِه َوبِ َ‬
‫‪)24‬‬

‫‪ 2/2‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ب الكَلم إل‬
‫ب الكَلمِ إل اللّ ِه تَعال؟ إِنّ أ َح ّ‬
‫قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أل أُ ْخبِ ُر َك ِبأَحَ ّ‬
‫حمْ ِدهِ‪ ،‬وف رواية‪ :‬سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬أيّ الكلم أفضل؟ قال‪" :‬‬ ‫اللّه‪ :‬سُبحانَ اللّ ِه وبِ َ‬
‫ما اصْطَفى اللّهُ لِمَلِئكَتِ ِه أوْ لعبا ِدهِ‪ُ :‬سبْحانَ اللّ ِه وبِحَمْ ِدهِ"‪)25(.‬‬

‫‪ 3/3‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن سَمُرة بن جندب قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ":‬أ َحبّ الكَلمِ إل اللّ ِه تَعال أ ْربَعٌ‪ :‬سُبْحانَ اللّهِ‪ ،‬والَمْدُ لِلّهِ‪ ،‬وَلَ‬
‫إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وَاللّهُ أَ ْكبَرُ‪ ،‬ل َيضُ ّركَ ِبَأيّهِ ّن بَدأتَ"‪)26(.".‬‬

‫‪ 4/4‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب مالك الشعري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ال ّطهُورُ شَ ْط ُر الِيَانِ‪ ،‬والَمْدُ ِللّ ِه تَ ْملُ الِيزَانَ‪َ ،‬و ُسبْحانَ اللّه‬
‫ت وَال ْرضِ‪)27( .‬‬ ‫ل مَا َبيْنَ السّ َموَا ِ‬
‫والَ ْمدُ لِلّ ِه تَمْلنِ‪َ ،‬أوْ تَ ْم ُ‬

‫‪ 5/5‬وروينا فيه أيضا‪ ،‬عن جُويري َة أمّ الؤمني رضي اللّه عنها‪ ،‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم خرج من‬
‫عندها بُكرة حي صلّى الصبح‪ ،‬وهي ف مسجدها‪ ،‬ث رجع بعد أن أضحى‪ ،‬وهي جالسة فيه‪ ،‬فقالَ‪:‬‬

‫"مَا زِْلتِ الَي ْومَ عَلى الاَلةِ الّت فارَ ْقتُكِ عليها؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ :‬لقَدْ ُق ْلتُ‬
‫ت ُمنْ ُذ الَي ْومِ َلوَ َزنَُتهُنّ‪ :‬سُبحانَ اللّ ِه وبِحمْ ِد ِه عَدَدَ خَ ْلقِهِ‪،‬‬
‫ت بِما قُ ْل ِ‬
‫ت ثَلثَ َمرّاتٍ َلوْ و ِزَن ْ‬
‫َبعْ َدكِ أَ ْربَعَ كَلما ٍ‬
‫وَرِضَا َنفْسِهِ‪َ ،‬و ِزَنةَ عَ ْرشِهِ‪َ ،‬ومِدَادَ َكلِماتِهِ" وف رواية "سبحانَ اللّ ِه عَدَدَ خَ ْلقِهِ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّهِ رِضَا َنفْسِهِ‪،‬‬
‫ُسبْحانَ اللّهِ ِزَنةَ عَ ْرشِهِ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّ ِه مِدَادَ كَلِماتِهِ"‪)28(.‬‬

‫‪ 6/6‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬ولفظه‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫ت َتقُولينَها‪ُ :‬سبْحانَ اللّ ِه عَ َددَ َخ ْلقِهِ‪ُ ،‬سبْحَانَ اللّ ِه عَدَدَ خَ ْلقِهِ‪ُ ،‬سبْحَانَ اللّ ِه عَدَدَ خَ ْلقِهِ‪،‬‬
‫"أل ُأعَلّمُكِ كَلما ٍ‬
‫ُسبْحَانَ اللّهِ رِضَا َنفْسِهِ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّهِ رِضَا َنفْسِهِ‪ُ ،‬سبْحَانَ اللّهِ رِضَا َنفْسِهِ‪ُ ،‬سبْحَانَ اللّهِ ِزَن َة عَ ْرشِهِ‪ُ ،‬سبْحانَ‬
‫اللّهِ ِزَن َة عَ ْرشِهِ‪ ،‬سُبْحَانَ اللّهِ ِزَن َة عَ ْرشِهِ‪ُ ،‬سبْحَانَ اللّهِ مِدَادَ كَلِماتِهِ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّ ِه مِدَادَ كَلِماتِهِ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّهِ‬
‫مِدَادَ كَلِماتِهِ"‪)29(.‬‬

‫‪ 7/7‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬لَنْ أقُو َل ُسبْحَانَ اللّهِ‪ ،‬والَمْدُ ِللّهِ‪ ،‬وَل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وَاللّهُ أَ ْكبَرُ‪،‬‬
‫ل مِمّا طََل َعتْ عََليْهِ الشّ ْمسُ"‪)30(.‬‬
‫أَ َحبّ ِإ ّ‬

‫‪ 8/8‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب أيوب النصاري رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ك وَلَهُ الَمْدُ وَ ُهوَ‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬مَنْ قَالَ ل إلهَ إِلّ اللّ ُه وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْ َر مَرّاتٍ‪ ،‬كانَ كَ َمنْ أ ْعتَقَ أَ ْرَب َعةَ َأْن ُفسٍ مِ ْن وَلَدِ ِإسْمَاعِيلَ"‪.‬‬

‫(‪)31‬‬

‫‪ 9/9‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَالَ ل إلهَ إلّ اللّ ُه وَحْ َدهُ َل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْكُ وَلَهُ الَمْدُ‬
‫حَيتْ‬ ‫سَنةٍ‪ ،‬ومُ ِ‬
‫َوهُ َو عَلى كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ ف َي ْو ٍم ماَئةَ َم ّرةٍ كاَنتْ لَ ُه عِ ْد َل عَشْرِ رِقابٍ‪ ،‬و ُكِتبَتْ لَ ُه مئة حَ َ‬
‫عَنْ ُه مئةُ َسّيَئةٍ‪ ،‬وكاَنتْ لَهُ حِرْزا مِنَ الشّيْطا ِن َي ْومَهُ ذلكَ حتّى يُمْسيَ‪ ،‬ولَ ْم يَأتِ أحَ ٌد بأفْضَ َل مِمّا جا َء بِهِ‬
‫حمْ ِدهِ ف الَيوْ ِم ِمَئةَ َم ّرةٍ حُ ّطتْ خَطَايا ُه وإ ْن كانَتْ‬ ‫إِلّ رَجُ ٌل عَمِلَ أكْثَ َر ِمنْهُ‪ .‬قال‪ :‬ومَنْ قا َل ُسبْحانَ اللّ ِه وبِ َ‬
‫حرِ"‪)32(.‬‬ ‫ِمثْلَ َزبَ ِد البَ ْ‬

‫‪ 10/10‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬أ ْفضَلُ الذّ ْكرِ ل إلهَ إلّ اللّهُ" قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫حسن‪.‬‬

‫(‪)33‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ 11/11‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه‬

‫ليّ وَا َليّتِ"‪)34(.‬‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬مثَلُ الّذي يَذْ ُكرُ َربّ ُه وَالّذي ل يَذْكُ ُرهُ‪َ ،‬مثَلُ ا َ‬

‫‪ 12/12‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫جاءَ َأعْرَابّ إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال‪" :‬علّمن كلما أقوله‪ ،‬قالَ‪ :‬قُلْ‪ :‬ل إلهَ إلّ اللّ ُه‬
‫وَحْ َدهُ َل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬اللّهُ أَ ْكبَرُ َكبِيا‪ ،‬والَمْدُ لِلّهِ َكثِيا‪َ ،‬وسُبْحَانَ اللّهِ رَبّ العالَمِيَ‪ ،‬ل َحوْ َل وَل ُق ّوةَ إِلّ‬
‫باللّ ِه العَزِي ِز الَكِيمِ" قال‪ :‬فهؤلء لرب‪ ،‬فما ل؟ قال‪ :‬قُل‪ :‬الّلهُ ّم ا ْغفِرْ ل وَارْ َح ْمنِي‪ ،‬وَاهْدِن وَارْزُ ْقنِي"‪(.‬‬
‫‪)35‬‬

‫‪ 13/13‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سنَة؟ فسأله‬ ‫جزُ أحَدُ ُكمْ أَ ْن َيكْسِبَ ف َي ْومٍ أَلْفَ حَ َ‬‫"كنّا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬أيَعْ ِ‬
‫سَنةٍ‪َ ،‬أوْ‬
‫حةٍ َفتُ ْكَتبُ لَهُ ألفُ حَ َ‬
‫سبِي َ‬
‫سبّ ُح مئة تَ ْ‬
‫سائل من جلسائه‪ :‬كيف يكسب أح ُدنَا ألف حسنة؟ قال‪ :‬يُ َ‬
‫ط َعنْهُ ألْفُ خَطِيَئةٍ" قال الِمام الافظ أبو عبد اللّه الميدي‪ :‬كذا هو ف كتاب مسلم ف جيع‬ ‫تُحَ ّ‬
‫الروايات "أو تط" قال البقان‪ :‬ورواه شعبة وأبو عوانة ويي القطان عن موسى الذي رواه مسلم من‬
‫جهته‪ ،‬فقالوا‪" :‬وتُحَط" بغي ألف‪.‬‬

‫‪ 14/14‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب ذر رضي اللّه عنه‬

‫ح ٍة‬
‫سبِي َ‬‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪ُ" :‬يصْبحُ على كُ ّل سُلمَى مِنْ أ َحدِكُمْ صَدََقةٌ‪َ ،‬فكُ ّل تَ ْ‬
‫صدََقةٌ‪ ،‬وكُ ّل َتهْلِيَلةٍ صَدََقةٌ‪ ،‬وكُ ّل َت ْكبِ َيةٍ صَدََقةٌ‪َ ،‬وَأمْ ٌر بالَعْرُوفِ صَدََقةٌ‪َ ،‬وَنهْ ٌي عَنِ‬
‫حمِي َدةٍ َ‬
‫صَدََقةٌ‪ ،‬وكُ ّل تَ ْ‬
‫ا ُلْنكَرِ صَدََقةٌ‪ ،‬وَيْزِى ُء مِن ذلكَ ر ْكعَتانِ يَرْ َك ُعهُما م َن الضّحَى" قلت‪ :‬السلمى بضمّ السي وتفيف‬
‫اللم‪ :‬هو العضو‪ ،‬وجعه سلميات بفتح اليم وتفيف الياء‪)36( .‬‬

‫‪ 15/15‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫لَنةِ؟ فقلت‪ :‬بلى يا رسول اللّه! قال‪:‬‬


‫قال ل النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أل أدّلّكَ على َكنْ ٍز مِنْ ُكنُو ِز ا َ‬
‫قُل‪ :‬ل َحوْ َل وَلَ ُق ّوةَ إِلّ بِاللّهِ)(‪ )37‬البخاري (‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‬
‫‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‬

‫‪26‬‬
‫‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‬
‫‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‪ ، )6484‬ومسلم (‪ " )2704‬البخاري (‬
‫‪ ، )6484‬ومسلم (‪ ")2704‬البخاري (‪ ، )6484‬ومسلم (‪)2704‬‬

‫‪ 16/16‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أنه دخل مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على امرأة وبي يديها نوىً أو حص ًى تُسَبّح به‪ ،‬فقال‪" :‬أل‬
‫ك مِ ْن هَذَا أو أَ ْفضَلُ؟ فَقالَ‪ُ :‬سبْحانَ اللّه عَدَدَ مَا خَلَقَ ف السّماءِ‪َ ،‬و ُسبْحَانَ اللّهِ‬ ‫أُخْ ُبكِ بِمَا ُهوَ َأيْسَ ُر عََليْ ِ‬
‫عَدَدَ ما َخلَقَ ف ال ْرضِ‪ ،‬و ُسبْحانَ اللّ ِه عَدَ َد ما َبيْنَ ذلكِ‪ ،‬وسُبحَانَ اللّه عَدَ َد ما ُهوَ خالِقٌ‪ ،‬واللّهُ أَ ْكبَرُ‬
‫ِمثْلَ ذلكَ‪ ،‬والَمْدُ لِلّ ِه مثْلَ ذلكَ‪ ،‬ول إِلهَ إِلّ اللّ ُه مثْلَ ذلكَ‪ ،‬ول َحوْ َل وَل ُقوّة إلّ باللّه ِمثْلَ ذَلكَ" قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)38( .‬‬

‫‪ 17/17‬وروينا فيهما‪ ،‬بإسناد حسن عن يسية ـ بضم الياء الثناة تت وفتح السي الهملة ـ‬
‫الصحابية الهاجرة رضي اللّه عنها‪:‬‬

‫أن النب صلى اللّه عليه وسلم أمرهنّ أن يُراعي بالتكبي والتقديس والتهليل‪ ،‬وأن يعقدن بالنامل‪ ،‬فإننّ‬
‫مسؤولت مستنطقات"(‪)39‬‬

‫‪ 18/18‬وروينا فيهما وف سنن النسائي‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫رأيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعقد التسبيح‪ .‬وف رواية "بيمينه (‪)40‬‬

‫‪ 19/19‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَالَ رَضِيتُ باللّه َربّا‪ ،‬وبالِسلم دِينا‪ ،‬و ُبحَمّدٍ صلى اللّه‬
‫لّنةُ"‪)41(.‬‬
‫عليه وسلم َرسُو ًل وَ َجَبتْ لَ ُه ا َ‬

‫‪ 20/20‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عبد اللّه بن بُسْر ـ بضم الباء الوحدة وإسكان السي‬
‫الهملة ـ الصحاب رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫ت عليّ فأخبن بشيء أتشبث به‪ ،‬فقال‪" :‬ل‬ ‫أن رجلً قال‪ :‬يا َرسُول اللّه! إن شرائع الِسلم قد كثر ْ‬
‫يَزالُ لِسانُكَ َرطْبا مِنْ ذِكْرِ اللّ ِه تَعال"‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬قلت‪ :‬أتشبث بتاء مثناة فوق ث‬
‫شي معجمة ث باء موحدة مفتوحات ث ثاء مثلثة‪ ،‬ومعناه‪ :‬أتعلّ ُق به وأستمسك‪)42( . .‬‬

‫‪ 21/21‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل‪ :‬أيّ العبادة أفضل درجة عند اللّه تعال يوم القيامة؟ قال‪" :‬‬
‫سْيفِهِ ف‬
‫ب بِ َ‬
‫ضرَ َ‬
‫الذّاكِرُونَ اللّهَ َكثِيا‪ُ ،‬ق ْلتُ‪ :‬يَا َرسُول اللّه! ومِن الغازي ف سبيل اللّه ع ّز وجلّ؟ قال‪َ :‬لوْ َ‬
‫ال ُكفّا ِر والُشْرِ ِكيَ حتّى َيْنكَسِ َر ويتضب دما لكان الذّاكرون اللّه أفضل منهُ درجةً"‪)43(.‬‬

‫‪ 22/22‬وروينا فيه وف كتاب ابن ماجه‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫خيْرِ أعماِلكُ ْم وَأزْكاها عنْ َد مَلِي ِككُمْ‪ ،‬وأرَْفعِها ف‬ ‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أَل ُأْنِبئُكُ ْم بِ َ‬
‫دَ َرجَاِتكُمُ‪ ،‬و َخيْرٍ َلكُ ْم مِنْ ِإْنفَاقِ ال ّذ َهبِ وَالوَ ِرقِ‪َ ،‬و َخيْر مِنْ َأنْ تَ ْل َقوْا عَ ُدوّكُمْ َفتَضْ ِربُوا أَ ْعنَاَقهُمْ؟ قالوا‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬ذِ ْكرُ اللّ ِه تَعال"‪ .‬قال الاكم أبو عبد اللّه ف كتابه الستدرك على الصحيحي‪ :‬هذا حديث‬
‫صحيح الِسناد‪)44( .‬‬

‫‪ 23/23‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ت إبْرَاهِيمَ صلى اللّه عليه وسلم َليَْلةَ ُأسْرِيَ ب‪ ،‬فقالَ‪ :‬يَا‬ ‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لقِي ُ‬
‫مُحَمّدُ! أَقْرىء ُأ ّمتَكَ السّلمَ‪ ،‬وأ ْخِب ْرهُمْ أَ ّن الَّن َة َطيَّب ُة التّ ْرَب ِة عَ ْذَبةُ الَاءِ‪ ،‬وأنا قِيعانٌ‪ ،‬وأ ّن غِرَاسَها‪ُ :‬سبْحَانَ‬
‫اللّه‪ ،‬والَ ْمدُ لِلّهِ‪ ،‬ول إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬واللّهُ أَ ْكبَرُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)45( .‬‬

‫‪ 24/24‬وروينا فيه‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه‬

‫عن النب صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قا َل ُسبْحانَ اللّه العظيم وبِحمْ ِد ِه غُ ِر َستْ لَ ُه نَخَْلةٌ ف الَّنةِ" قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)46( .‬‬

‫‪ 25/25‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫ي الكلم أحبّ إل اللّه تعال؟ قال‪" :‬ما اصْطَفى اللّ ُه تَعال لَلِئ َكتِهِ‪ُ :‬سبْحانَ ربّي‬‫قلت يا رسول اللّه! أ ّ‬
‫حمْ ِدهِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫وبِحَمْ ِدهِ‪ُ ،‬سبْحانَ رَب وبِ َ‬

‫وهذا حي أشرع ف مقصود الكتاب وأذكره على ترتيب الواقع غالبا‪ ،‬وأبدأ بأوّل استيقاظ الِنسان من‬
‫نومه‪ ،‬ث ما بعده على الترتيب إل نومه ف الليل‪ ،‬ث ما بعد استيقاظاته ف الليل (‪)47‬‬

‫باب ما يقولُ إذا استيقظَ مِن مَنامه‬

‫‪ 1/26‬وروينا ف صحيحي إمَامَي الحدّثي أب عبد اللّه ممد بن إساعيل بن إبراهيم بن الغية‬
‫البخاري‪ ،‬وأب السي مسلم بن الجاج بن مسلم القُشيي رضي اللّه عنهما‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه‬
‫عنه‪،‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬ي ْعقِدُ الشّيْطانُ على قافِيةِ رأسِ أ َحدِكُم إذا ُهوَ نَا َم ثَلثَ ُعقَدٍ‪،‬‬
‫حلّت عُقْ َدةٌ‪ ،‬فإن‬‫ظ وَذَ َكرَ اللّه تعال انْ َ‬
‫َيضْرِبُ على كُ ّل ُعقْ َد ٍة مَكانَها‪ :‬عََليْكَ َليْلٌ طَويلٌ فارُْقدْ‪ ،‬فإنِ ا ْستَْيقَ َ‬
‫صبَ َح نَشِيطا طيب الّن ْفسِ‪ ،‬وإلّ أَصْبحَ َخبِيثَ الّن ْفسِ‬ ‫ت ُعقَ ُدهُ كُلّها فأ ْ‬‫ت ُعقْ َدةٌ‪ ،‬فإنْ صَلّى انْحَّل ْ‬ ‫َتوْضأ انْحَّل ْ‬
‫كَسْلنَ" هذا لفظ رواية البخاري‪ ،‬ورواية مسلم بعناه‪ ،‬وقافية الرأس‪ :‬آخره‪)48( .‬‬

‫‪ 2/27‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن حذيفةَ بن اليمان رضي اللّه عنهما‪ ،‬وعن أب ذر رضي اللّه‬
‫عنه قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أوى إل فراشه قال‪" :‬باسْمِكَ الّلهُمَ أَحْيا وأمُوتُ؛ وإذَا ا ْستَْيقَظَ‬
‫قالَ‪ :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي أحْيانا َبعْدَما أماتَنا وإَليْهِ النشُورُ"‪)49(.‬‬

‫‪ 3/28‬وروينا ف كتاب ابن السنن بإسناد صحيح عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬إذَا اسَْتْيقَظَ أَحَدُكُمْ َف ْلَيقُلْ‪ :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي َر َدّ عََليّ رُوحِي‪ ،‬وَعافانِي‬
‫ف جَسَدِي‪ ،‬وأذِن ل بذِ ْك ِرهِ"‪)50(.‬‬

‫‪ 4/29‬وروينا فيه عن عائشة رضي اللّه عنها‬

‫‪29‬‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما م ْن َعبْ ٍد َيقُولُ ِعنْدَ َردّ اللّ ِه تَعال رُوحَهُ‪ :‬ل إلهَ إلّ اللّ ُه وَحْ َدهُ َل‬
‫ت ِمثْلَ َزبَدِ‬
‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ قَدِيرٌ‪ ،‬إ ّل َغفَرَ اللّ ُه تَعال لَهُ ُذنُوبَ ُه وََلوْ كَانَ ْ‬
‫شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْ ُ‬
‫حرِ"‪)51(.‬‬ ‫البَ ْ‬

‫‪ 5/30‬وروينا فيه عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما من رَجُلٍ يَْنَتبِهُ م ْن َن ْومِهِ َفَيقُولُ‪ :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي َخلَ َق النّ ْو َم‬
‫حيِي ا َلوْتى َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ قَدِير‪ .‬إلّ‬ ‫والَيقَ َظةَ‪ ،‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذي َب َعثَنِي سالِما َس ِويّا‪ ،‬أ ْشهَدُ َأنّ اللّ َه يُ ْ‬
‫ص َدقَ َعبْدِي"‪)52(.‬‬ ‫قال اللّ ُه تَعال‪َ :‬‬

‫‪ 6/31‬وروينا ف سنن أب داود عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا هَبّ منَ الّليْلِ َكبّ َر عَشْرا‪ ،‬و َحمِ َد عَشْرا‪ ،‬وقَا َل ُسبْحان اللّه‬
‫ك القُدُوس عَشْرا‪ ،‬وَا ْستَ ْغفَ َر عَشْرا‪َ ،‬وهَلّل عَشْرا‪ ،‬ثُمَّ قالَ‪ :‬الّلهُمّ إِن‬
‫وبِحَمْ ِد ِه عَشْرا‪ ،‬وقَا َل ُسبْحا َن الَلِ ِ‬
‫ك مِنْ ضِيقِ الدّنيا وضِي ِق َيوْ ِم القِيامَة عَشْرا ثُ ّم َيفَْتتِ ُح الصّلة‪ .‬وقولا هبّ‪ :‬أي استيقظ‪)53( .‬‬ ‫أعُو ُذ بِ َ‬

‫‪ 7/32‬وروينا ف سنن أب داود أيضا عن عائشة أيضا‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال‪" :‬ل إِلهَ إلّ َأْنتَ ُسبْحانَكَ الّلهُ ّم‬
‫وبم ِدكَ‪ ،‬أسَْت ْغفِ ُركَ لِ َذنْبِ‪ ،‬وأسألُكَ َرحْ َمتَكَ‪ ،‬الّلهُمّ ِز ْدنِي عِلْما‪ ،‬وَل تُ ِزغْ قَ ْلبِي َبعْدَ إ ْذ هَ َديْتن‪َ ،‬وهَبْ لِي‬
‫مِنْ لَ ُدنْكَ رَ ْح َمةً‪ ،‬إنّكَ َأْنتَ ال َوهّابُ"‪)54( .‬‬

‫بابُ ما َيقُول إذا لبسَ ثوبَه‬

‫ب التسمية ف جيع العمال‪.‬‬


‫يُستحبّ أن يقول‪ :‬بسْمِ اللّه‪ .‬وكذلك تُستح ّ‬

‫‪ 1/33‬وروينا ف كتاب ابن السن عن أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه‪ ،‬واسه سعد بن مالك بن‬
‫سنان‪:‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا لبس ثوبا سّا ُه قميصا أو رداء أو عمامة يقول‪" :‬الّل ُهمّ إن أسألُكَ‬
‫ك مِ ْن شَ ّر ِه َوشَ ّر ما ُهوَ لَه"‪)55(.‬‬
‫منْ َخيْ ِر ِه وَ َخيْر ما ُهوَلَهُ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬

‫‪30‬‬
‫‪ 2/34‬وروينا فيه‪ ،‬عن معاذ بن أنس رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫س َثوْبا فَقالَ‪ :‬الَمْدُ للّه الذي كَسان هَذَا الّثوْبَ‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ َلِب َ‬
‫وَرَزَقنيهِ مِنْ غَيْرِ َحوْ ٍل ِمنّي وَ ل ُقوّة‪َ ،‬غفَرَ اللّه لَ ُه ما َتقَ ّد َم مِنْ َذْنبِهِ(‪ ))56‬ابن السن (‪ ، )272‬وقال‬
‫الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪ )" ).‬ابن السن (‪ ، )272‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد‬
‫الديث حسن‪ )" ).‬ابن السن (‪ ، )272‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪ )" ).‬ابن السن‬
‫(‪ ، )272‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪ )" ).‬ابن السن (‪ ، )272‬وقال الافظ ابن‬
‫حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪ )" ).‬ابن السن (‪ ، )272‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪).‬‬
‫") ابن السن (‪ ، )272‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪ )" ).‬ابن السن (‪، )272‬‬
‫وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد الديث حسن‪ )").‬ابن السن (‪ ، )272‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬إسناد‬
‫الديث حسن‪).‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا لبسَ ثوبا جديدا أو نعلً وما أشبهه‬

‫يُستحبّ أن يقول عند لباسه ما قدّمناه ف الباب قبله‪.‬‬

‫‪ 1/35‬وروينا عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا استجدّ ثوبا سّاه باسه عمامة أو قميصا أو رداء ث يقول‪" :‬‬
‫صنِعَ لَهُ"‬
‫ك مِ ْن شَ ّر ِه َوشَرّ ما ُ‬
‫صنِعَ لَهُ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫س ْوِتنِيهِ‪ ،‬أسألُكَ َخيْ َر ُه وَ َخيْرَ ما ُ‬
‫ك الَمْ ُد أنْتَ كَ َ‬
‫الّلهُمّ لَ َ‬
‫حديث صحيح (‪)57‬‬

‫‪ 2/36‬ـ وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمر رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬مَنْ َلِبسَ َثوْبا جَدِيدا َفقَالَ‪ :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذِي كَسان ما‬
‫ق بِهِ‪ ،‬كانَ ف ِحفْظِ اللّهِ‪،‬‬‫ُأوَاري بِ ِه َعوْرَت َوَأتَجَمّ ُل بِهِ ف حيات‪ ،‬ثُ َمّ عَمَدَ إل الّثوْب الّذِي أَخْلَقَ َفَتصَ ّد َ‬
‫وف َكنَفِ اللّه عَ ّز وَجَلّ‪ ،‬وفِي َستْرِ اللّه َحيّا َو َميّتا(‪ ))58‬الترمذي (‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫غريب‪ .‬وقال النذري ف الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪.‬‬
‫وابن ماجه والاكم كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪.‬‬
‫") الترمذي (‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه‬

‫‪31‬‬
‫الترمذي‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪.‬‬
‫وأبو العلء مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )" .‬الترمذي (‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال‬
‫النذري ف الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه‬
‫والاكم كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )" .‬الترمذي‬
‫(‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪،‬‬
‫واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء‬
‫مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )" .‬الترمذي (‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف‬
‫الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم‬
‫كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )" .‬الترمذي (‬
‫‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪،‬‬
‫واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء‬
‫مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )" .‬الترمذي (‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف‬
‫الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم‬
‫كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )" .‬الترمذي (‬
‫‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪،‬‬
‫واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء‬
‫مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪ )".‬الترمذي (‪ )3555‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب‪ .‬وقال النذري ف‬
‫الترغيب والترهيب ‪ :3/93‬رواه الترمذي‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وقال‪ :‬حديث غريب‪ .‬وابن ماجه والاكم‬
‫كلهم من رواية إصبغ عن أب العلء‪ .‬وأبو العلء مهول وإصبغ متلف ف توثيقه)‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُ لصاحبه إذا رأى عليه ثوبا جديدا‬

‫‪ 1/37‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ُأمّ خالد رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫صةَ؟‬
‫أُت رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بثياب فيها خيصةٌ سوداءُ‪ ،‬قال‪" :‬مَ ْن َت َروْ َن َنكْسُوها هَ ِذهِ الَمِي َ‬
‫فأسكتَ القومُ‪ ،‬فقال‪ :‬ائتون بُأمّ خالِدٍ‪ ،‬فأُت ب النبّ صلّى اللّه عليه وسلم فألبسنيها بيده‪ ،‬وقال‪ :‬أبْلِي‬
‫وأخِْلقِي‪ ،‬مرّتي"‪)59(.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ 2/38‬وروينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن‪ ،‬عن ابن عمرَ رضي اللّه عنهما‪:‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم رأى على عمر رضي اللّه عنه ثوبا فقال‪" :‬أ َجدِي ٌد هَذَا أ ْم غَسِيلٌ؟ فقال‪ :‬بل‬
‫ت َشهِيدا َسعِيدا(‪ ))60‬ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن‬ ‫غسيل‪ ،‬فقال‪ :‬اْلَبسْ جَدِيدا‪َ ،‬و ِعشْ حَمِيدا‪َ ،‬و ُم ْ‬
‫السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند النسائي (‪)311‬‬
‫ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪ )" .‬ابن ماجه (‬
‫‪ ، )3558‬وابن السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند‬
‫النسائي (‪ )311‬ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪.‬‬
‫") ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند‬
‫‪ 2/89‬وعند النسائي (‪ )311‬ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن‬
‫حجر ف تريه)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام‬
‫أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند النسائي (‪ )311‬ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر‬
‫ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪،‬‬
‫وهو عند المام أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند النسائي (‪ )311‬ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن‬
‫غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن السن (‪)269‬‬
‫من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند النسائي (‪ )311‬ف اليوم والليلة ‪.‬‬
‫وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن‬
‫السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند النسائي (‪)311‬‬
‫ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪ )" .‬ابن ماجه (‬
‫‪ ، )3558‬وابن السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند ‪ 2/89‬وعند‬
‫النسائي (‪ )311‬ف اليوم والليلة ‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن حجر ف تريه)‪.‬‬
‫") ابن ماجه (‪ ، )3558‬وابن السن (‪ )269‬من طريق النسائي‪ ،‬وهو عند المام أحد ف السند‬
‫‪ 2/89‬وعند النسائي (‪ )311‬ف "اليوم والليلة"‪ .‬وإسناد حسن غريب؛ كما ذكر ذلك الافظ ابن‬
‫حجر ف تريه)‪.‬‬

‫س الثوبِ والنعلِ وخَ ْلعِهما‬


‫بابُ كيفيّة لبا ِ‬

‫‪33‬‬
‫يُستحبّ أن يبتدىء ف لبس الثوب والنعل والسراويل وشبهها باليمي منن كُمّيه (‪ )61‬ورجلي‬
‫السراويل‪ ،‬ويلع اليسر ث الين‪ ،‬وكذلك الكتحال‪ ،‬والسواك‪ ،‬وتقليم الظفار‪ ،‬وقصّ الشارب‪ ،‬ونتف‬
‫الِبط‪ ،‬وحلق الرأس‪ ،‬والسلم من الصلة‪ ،‬ودخول السجد‪ ،‬والروج من اللء‪ ،‬والوضوء‪ ،‬والغسل‪،‬‬
‫والكل‪ ،‬والشرب‪ ،‬والصافحة‪ ،‬واستلم الجر السود‪ ،‬وأخذ الاجة من إنسان ودفعها إليه‪ ،‬وما أشبه‬
‫هذا‪ ،‬فكله (‪ )62‬يفعله باليمي‪ ،‬وضدّه باليسار‪.‬‬

‫‪ 1/39‬روينا ف صحيحي البخاري وأب السي مسلم بن الجاج بن مسلم القشيي النيسابوري‪،‬‬
‫عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُعجبه التيمّن ف شأنه كله‪ ،‬ف طهوره وترجّلِه وتنعّلِه (‪)63‬‬

‫‪ 2/40‬وروينا ف سنن أب داود وغيه بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن عائشة قالت‪:‬‬

‫كانت يدُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اليمن لطهوره وطعامه‪ ،‬وكانت اليسرى للئه وما كان من‬
‫أذى‪)64( .‬‬

‫‪ 3/41‬وروينا ف سنن أب داود وسنن البيهقي‪ ،‬عن حفصة رضي اللّه عنها‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يعلُ يينَه لطعامه وشرابه وثيابه‪ ،‬ويع ُل يَسَارَه لا سوى ذلك‪.‬‬
‫(‪)65‬‬

‫ستُ ْم وَإذَا‬
‫‪ 4/42‬وروينا عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬إذَا َلبِ ْ‬
‫َتوَضّ ْأتُ ْم فابْدَؤوا بِ َميَا ِمِنكُم" حديث حسن رواه أبو داود والترمذي‪ ،‬وأبو عبد اللّه ممد بن زيد هو ابن‬
‫ماجه‪ ،‬وأبو بكر أحد بن السي البيهقي‪ ،‬وف الباب أحاديث كثية‪ ،‬واللّه أعلم‪)66( .‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا خل َع ثوبَه لغُسْ ٍل أو نومٍ أو نوهِمَا‬

‫‪ 1/43‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫ح ثِيابَهُ‪ :‬بِسْمِ اللّهِ الذي‬
‫" ِستْ ُر ما بَيْنَ َأ ْعيُنِ الِ ّن َو َعوْرَاتِ َبنِي آ َدمَ أ ْن َيقُولَ الرّجُ ُل الُسْلِمُ إذَا أرَاد أ ْن يَطْ َر َ‬
‫ل إِلهَ إ ّل ُهوَ"‪)67(.‬‬

‫‪34‬‬
‫باب ما يقول حال خروجِهِ من بيتِه‬

‫‪ 1/44‬روينا عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها‪ ،‬واسها هند‪:‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا خرج‬
‫ضلّ‪ ،‬أوْ أ ِزلّ َأوْ أُ َزلّ‪َ ،‬أوْ‬ ‫من بيته قال‪" :‬باسْمِ اللّ ِه َتوَكّ ْلتُ على اللّهِ‪ ،‬الّلهُمّ إن َأعُوذُ بِكَ أنْ أضِلّ َأوْ أُ َ‬
‫جهَ َل عليّ" حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪.‬‬ ‫أظِْلمَ َأوْ ُأظْلَمَ‪ ،‬أوْ أ ْجهَلَ َأ ْو يُ ْ‬
‫قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح‪ .‬هكذا ف رواية أب داود "أنْ أضِلّ َأوْ أُضَلّ‪َ ،‬أوْ أزِلّ َأوْ أُزَلّ" وكذا الباقي‬
‫ج َهلَ‪ ،‬بلفظ المع‪.‬‬ ‫ك َنضِ ّل ونَظْلِ َم ونَ ْ‬
‫بلفظ التوحيد‪ .‬وف رواية الترمذي "أعُوذُ بِكَ مِ ْن أ ْن نَزِلّ" وكذَلِ َ‬
‫وف رواية أب داود‪ :‬ما خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من بيت إل رفع طرفه إل السماء فقال‪" :‬‬
‫الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِكَ"‪.‬‬

‫وف رواية غيه‪ :‬كان إذا خرج من بيته قال‪ .‬كما ذكرناه‪ .‬واللّه أعلم‪)68( .‬‬

‫‪ 2/45‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وغيهم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪":‬مَنْ قالَ ـ يعن إذا خرج من بيته ـ باسْمِ اللّهِ‪َ ،‬توَكّ ْلتُ على اللّهِ‪،‬‬
‫ت َوهُدِيتَ‪ ،‬وَتنَحّى َعنْهُ الشّيْطانُ" قال الترمذي‪:‬‬
‫ت َووُقِي َ‬
‫وَلَ َحوْ َل وَلَ ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ‪ ،‬يُقالُ لَهُ‪ُ :‬كفِي َ‬
‫حديث حسن‪ .‬زاد أبو داود ف روايته "فيقول ـ يعن الشيطان لشيطان آخر ـ َكيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ َقدْ‬
‫ي و ُكفِ َي َووُِقيَ؟(‪ ))69‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو‬ ‫هُدِ َ‬
‫داود (‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪:‬‬
‫حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال‬
‫الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‬
‫‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن‬
‫غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال‬
‫الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‬
‫‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن‬
‫غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال‬
‫الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‬
‫‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪ )" ).‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن‬

‫‪35‬‬
‫غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال‬
‫الصحيح‪ )").‬الترمذي (‪ )3422‬وقال‪ :‬حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬وأبو داود (‬
‫‪ ، )5095‬وقال الافظ ابن حجر‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪).‬‬

‫‪ 3/46‬وروينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا خرج من منله قال‪" :‬بِسْمِ اللّه‪ ،‬التّكْلنُ على اللّه‪ ،‬ل َحوْ َل وَل‬
‫ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ(‪ ))70‬ابن ماجه (‪ ، )3885‬وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪)" .‬‬
‫ابن ماجه (‪ ، )3885‬وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪ )" .‬ابن ماجه (‬
‫‪ ، )3885‬وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3885‬وابن‬
‫السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3885‬وابن السن (‪، )176‬‬
‫وهو حديث حسن لشواهده)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3885‬وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن‬
‫لشواهده)‪ )" .‬ابن ماجه (‪ ، )3885‬وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪ )" .‬ابن‬
‫ماجه (‪ ، )3885‬وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪ )".‬ابن ماجه (‪، )3885‬‬
‫وابن السن (‪ ، )176‬وهو حديث حسن لشواهده)‪.‬‬

‫‪9‬ـ بابُ ما يقولُ إذا دخلَ بيتَه‬

‫يستحبّ أن يقول‪ :‬باسم اللّه‪ ،‬وأن يكثر من ذكر اللّه تعال‪ ،‬وأن يسلّ َم سواء كان ف البيت آدميّ أم ل‪،‬‬
‫حّي ًة مِ ْن ِعنْدِ اللّه ُمبَارَ َكةً َطّيبَةً}النور‪.61:‬‬
‫لقول اللّه تعال‪{ :‬فإذَا َدخَ ْلتُ ْم ُبيُوتا فَسَلّمُوا على أْنفُسِكُ ُم تَ ِ‬

‫‪ 1/47‬وروينا ف كتاب الترمذي عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سلّ ْم َتكُ ْن بَرَ َك ًة عََليْكَ وعلى‬


‫قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬يا ُبنَيّ إذَا َدخَ ْلتَ على أهْلِكَ فَ َ‬
‫أهْلِ َبْيتِكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)71( .‬‬

‫‪ 2/48‬وروينا ف سنن أب داود عن أب مالك الشعري رضي اللّه عنه‪ ،‬واسه الارث‪ ،‬وقيل‪ :‬عبيد‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬كعب‪ ،‬وقيل‪ :‬عمرو‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذا وَلَجَ الرّجُ ُل َبْيتَهُ َف ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُمّ ِإنّي أسألُكَ َخيْرَ ا َلوْلِ ِج وَ َخيْرَ‬
‫خرَجِ‪ ،‬باسْمِ اللّ ِه َولْنا‪ ،‬وباسْمِ اللّهِ خَ َرجْنا‪ ،‬وَعَلى اللّهِ َربّنا َتوَكّلْنا‪ ،‬ثُ ّم ليُسَلّمْ على أهْلِهِ" (‪")72‬‬‫الَ ْ‬

‫ي بن عَجْلن‪،‬‬
‫‪ 3/49‬وروينا عن أب أمامة الباهلي‪ ،‬واسه صدَ ّ‬

‫ج غَا ِزيَا ف‬
‫لَثةٌ كُّلهُمْ ضَامِنٌ على اللّ ِه عَ ّز وَ َجلّ‪ :‬رَ ُجلٌ خَ َر َ‬ ‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ثَ َ‬
‫لّنةَ أوْ يَ ُر ّدهُ بِما نال مِنْ أجْرٍ‬‫َسبِيلِ اللّ ِه عَ ّز وَ َجلّ َف ُهوَ ضَامِنٌ على اللّه َعزّ وجَلّ َحتّى َيتَوفّاهُ َفيُدْخِلَهُ ا َ‬
‫لّنةَ َأوْ يَ ُر ّدهُ با نال من‬
‫َوغَنِي َمةٍ‪ ،‬وَرَجُلٌ رَاحَ إل الَسْجِد َفهُو ضَامِنٌ على اللّه تعال حتّى َيتَوَفّاهُ َفيُدْخلَهُ ا َ‬
‫أجْ ٍر َو َغنِي َمةٍ‪َ ،‬ورَجُلٌ دَخَ َل َبْيتَهُ بِسلمٍ َف ُهوَ ضَامنٌ على اللّ ِه ُسبْحانَ ُه وَتعَال" حديث حسن رواه أبو داود‬
‫بإسناد حسن‪ ،‬ورواه آخرون‪.‬‬

‫ومعن ضامن على اللّه تعال‪ :‬أي صاحب ضمان‪ ،‬والضمان‪ :‬الرعاية للشيء‪ ،‬كما يقال‪ :‬تَامِ ٌر ولَبنٌ‪ :‬أي‬
‫صاحب تر ولب‪ .‬فمعناه أنه ف رعاية اللّه تعال‪ ،‬وما أجزل هذه العطية! الله ّم ارزقناها (‪)73‬‬

‫‪ 4/50‬وروينا عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬‬

‫سعت النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إذَا دَخَلَ الرّجُ ُل َبْيتَهُ فَذَ َكرَ اللّ َه تَعال ِعنْدَ دُخُولِ ِه َو ِعنْ َد طَعامِهِ‬
‫شيْطانُ‪:‬‬ ‫شيْطانُ‪ :‬ل َمبِيتَ َلكُ ْم وَل عَشاءَ؛ وَإذا دَخَلَ َفلَ ْم يَذْكُرِ اللّ َه تَعال عنْدَ دُخُولِه‪ ،‬قالَ ال ّ‬ ‫قالَ ال ّ‬
‫ت والعَشَاء" رواه مسلم ف‬ ‫أدْرَ ْكتُ ُم الَبِيتَ؛ وَإذا لَ ْم يَذْ ُكرِ اللّ َه تَعال ِعنْدَ طَعامِهِ قالَ‪ :‬أ ْدرَ ْكتُمُ ا َلبِي َ‬
‫صحيحه‪)74( .‬‬

‫‪ 5/51‬وروينا ف كتاب ابن السن عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا رجع من النهار إل بيته يقول‪":‬الَمْدُ لِلّهِ الّذي كَفانِي وآوَانِي‪،‬‬
‫والَ ْمدُ لِلّ ِه الّذي أ ْطعَ َمنِي َوسَقان‪ ،‬وَالَ ْمدُ لِلّ ِه الّذي مَ ّن عَليّ‪ ،‬أسألُكَ أن تُجِيَن مِ َن النّار" إسناده‬
‫ضعيف‪.‬‬

‫وروينا ف موطأ مالك أنه بلغه أنه يستحبّ إذا دخل بيتا غي مسكون أن يقول‪" :‬السّلمُ عََليْنا وعلى‬
‫عِباد اللّ ِه الصّالِحِي" (‪)75‬‬

‫بابُ ما يقول إذا استيقظ من الليل وخرج من بيته‬

‫‪37‬‬
‫يستحبّ له إذا استيقظ من الليل وخرج من بيته أن ينظر إل السماء ويقرأ اليات الوات من سورة آل‬
‫عمران‪{ :‬إنّ ف َخلْقِ السّ َموَاتِ وَال ْرضِ} إل آخر السورة آل عمران‪190 :‬ـ ‪.200‬‬

‫‪ 1/52‬ثبت ف الصحيحي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يفعله‪ ،‬إل النظر إل السماء فهو‬
‫ف صحيح البخاري دون مسلم‪)76( .‬‬

‫‪ 2/53‬وثبت ف الصحيحي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪:‬‬

‫ك الَمْدُ‪ ،‬أنْتَ َقيّ ُم‬ ‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قام من الليل يتهجد قال‪" :‬الّلهُمّ َرّبنَا لَ َ‬
‫ض َومَن فيهن‪ ،‬وَلَكَ الَ ْمدُ‪ ،‬أنْت‬ ‫ت والر ِ‬ ‫ك مُلْكُ السّ َموَا ِ‬ ‫ك الَمْدُ‪ ،‬لَ َ‬‫ت وال ْرضِ َومَنْ فِيهنّ‪ ،‬وَلَ َ‬ ‫السّ َموَا ِ‬
‫ت الَ ّق َووَعْ ُد َك الَقّ‪ ،‬وِلقَا ُؤكَ حَقّ‪ ،‬وََقوْلُكَ َحقّ‪،‬‬ ‫ك الَمدُ‪ ،‬أنْ َ‬ ‫ت وال ْرضِ ومَنْ فِيهنّ‪ ،‬ول َ‬ ‫نُورُ السّ َموَا ِ‬
‫ك َتوَكّ ْلتُ‪،‬‬ ‫ك أسْلَ ْمتُ‪َ ،‬وبِكَ آ َمْنتُ‪َ ،‬وعََليْ َ‬ ‫حمّدٌ َحقّ‪ ،‬والسّا َعةُ حَقّ‪ ،‬الّل ُهمّ لَ َ‬‫لّنةُ حَقّ‪ ،‬والنّارُ حَقّ‪ ،‬ومُ َ‬ ‫وا َ‬
‫ت َومَا‬ ‫َوإِلَيْكَ َأَنبْتُ‪ ،‬وبِكَ خاصَ ْمتُ‪ ،‬وَإلَيْكَ حا َك ْمتُ‪ ،‬فا ْغفِرْ ل ما قَ ّد ْمتُ َومَا أخّرْتُ‪َ ،‬ومَا َأسْرَرْ ُ‬
‫ت الُؤَخّرُ‪ ،‬ل إلهَ إِ ّل أنتَ" زا َد بعض الرواة "وَ ل َحوْ َل وَ ل ُقوّة إلّ باللّهِ"‪(.‬‬ ‫ت الُقَ ّد ُم وأنْ َ‬
‫أعَْلنْتُ‪ ،‬أنْ َ‬
‫‪)77‬‬

‫باب ما يقولُ إذا أراد دخول اللء‬

‫‪ 1/54‬ثبت ف الصحيحي عن أنس رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫لْبثِ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول عند دخول اللء‪":‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِكَ مِ َن ا ُ‬
‫لبَائث" يقال‪ :‬البث بضم الباء وبسكونا‪ ،‬ول يصحّ قول من أنكر الِسكان‪)78( .‬‬ ‫وَا َ‬

‫ك مِ َن الُْبثِ وَالباِئثِ(‪))79‬‬
‫‪ 2/55‬وروينا ف غي الصحيحي "باسْمِ اللّه‪ ،‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن أعوذ بك من البث‬
‫والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات‬
‫الربانية ‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن‬
‫أعوذ بك من البث والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن وابن‬
‫السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية ‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي‬
‫‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن أعوذ بك من البث والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها‬

‫‪38‬‬
‫الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية ‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪)4‬‬
‫و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن أعوذ بك من البث والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا‬
‫الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية ‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪)5‬‬
‫وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن أعوذ بك من البث والبائث ‪ .‬وأما‬
‫البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية‬
‫‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن أعوذ بك‬
‫من البث والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر‬
‫الفتوحات الربانية ‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ‬
‫اللهمّ إن أعوذ بك من البث والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن‬
‫وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية ‪ )" ).1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪ )4‬و (‪ ، )5‬والنسائي‬
‫‪ .1/20‬بلفظ اللهمّ إن أعوذ بك من البث والبائث ‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا الذكر فأخرجها‬
‫الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية ‪ )").1/379‬الترمذي (‪ )5‬وأبو داود (‪)4‬‬
‫و (‪ ، )5‬والنسائي ‪ .1/20‬بلفظ "اللهمّ إن أعوذ بك من البث والبائث"‪ .‬وأما البسملة ف أول هذا‬
‫الذكر فأخرجها الطبان والدارقطن وابن السن‪ .‬انظر الفتوحات الربانية ‪).1/379‬‬

‫‪ 3/56‬وروينا عن عليّ رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬سِتْرُ ما َبيْنَ َأ ْعيُنِ الِ ّن َو َعوْرَاتِ َبنِي آ َدمَ إذَا دَ َخ َل ال َكنِيفَ أ ْن َيقُولَ‬
‫باسْمِ اللّهِ" رواه الترمذي وقال‪ :‬إسناده ليس بالقويّ‪ ،‬وقد قدّمنا ف الفصول أن الفضائل يُعمل فيها‬
‫بالضعيف‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬ويستحبّ هذا الذكر سواء كان ف البنيان أو ف الصحراء‪ .‬قال أصحابنا‬
‫ك من الُْبثِ والَباِئثِ(‬ ‫رحهم اللّه‪ :‬يستحبّ أن يقول أوّلً "بِاسْمِ اللّه" ث يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫‪)80‬‬

‫‪ 4/57‬وروينا عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫جسِ‬
‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل الَلء قال‪":‬الّلهُمّ إن أعُوذُ بِكَ مِنَ الرّجس النّ ِ‬
‫شيْطانِ الرجِيمِ" رواه ابن السن‪ ،‬ورواه الطبان ف كتاب الدعاء(‪)81‬‬ ‫خبِثِ‪ :‬ال ّ‬
‫ث الُ ْ‬
‫الَبِي ِ‬

‫للَء‬
‫بابُ النّهي عن الذّكْ ِر والكَلمِ على ا َ‬

‫‪39‬‬
‫يكره الذكر والكلم حال قضاء الاجة‪ ،‬سواء كان ف الصحراء أو ف البنيان‪ ،‬وسواء ف ذلك جيع‬
‫الذكار والكلم‪ ،‬إل كلم الضرورة‪ ،‬حت قال بعض أصحابنا‪ :‬إذا عطس ل يمد اللّه تعال‪ ،‬ول يشمّت‬
‫عاطسا‪ ،‬ول ير ّد السلم‪ ،‬ول ييب الؤذّن‪ ،‬ويكون الُسَلّم ُم َقصّرا ل يستح ّق جوابا‪ .‬والكلم بذا كله‬
‫مكروه كراهية تنيه ول يرم‪ ،‬فإن عطس فحمد اللّه تعال بقلبه ول يرّك لسانه فل بأس‪ ،‬وكذلك بفعل‬
‫حال الماع‪.‬‬

‫‪ 1/58‬وروينا عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫ب وهو يبولُ فسلّمَ عليه‪ ،‬فلم يَ ُر ّد عليهِ‪ .‬رواه مسلم ف صحيحه(‪)82‬‬


‫مرّ رجل بالن ّ‬

‫ت النبّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يبول‪ ،‬فسلّمت‬ ‫‪ 2/59‬وعن الهاجر بن قنفذ رضي اللّه عنه قال‪:‬أتي ُ‬
‫ضأَ‪ ،‬ث اعتذر إلّ وقال‪" :‬إن َك ِرهْت أن أذْ ُكرَ اللّ َه تَعال إلّ على ُطهْرٍ" أو قال "‬
‫عليه‪ ،‬فلم يَ ُردّ حت َتوَ ّ‬
‫على طَها َرةٍ" حديث صحيح‪ ،‬رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة‪)83( .‬‬

‫بابُ النّهي عن السّلم على الالس لقضاء الَاجَة‬

‫قال أصحابنا‪ :‬يكره السلم عليه‪ ،‬فإن سلّم ل يستح ّق جوابا‪ ،‬لديث ابن عمر والهاجر الذكورين ف‬
‫الباب قبله‪.‬‬

‫للَء‬
‫ج من ا َ‬
‫بابُ ما يقولُ إذا َخرَ َ‬

‫يقول‪ُ " :‬غفْرَانَكَ‪ ،‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي أ ْذ َهبَ َعنّي الذَى وَعافانِي" (‪)84‬‬

‫ثبت ف الديث الصحيح ف سنن أب داود والترمذي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول‪" :‬‬
‫ُغفْرَانَك" وروى النسائي وابن ماجه باقيه‪.‬‬

‫‪ 1/60‬وروينا عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه إذا خرج من اللء قال‪" :‬الَمْدُ ِللّه الّذي أذَاَقنِي لَ ّذتَهُ‪ ،‬وأْبقَى ِفيّ ُق ّوتَهُ‪ ،‬وَدََف َع عَنّي أَذَاهُ"‬
‫رواه ابن السن والطبان (‪)85‬‬

‫‪40‬‬
‫صبّ ماء الوضوءِ أو استقاءه‬
‫بابُ ما يقولُ إذا أراد َ‬

‫يستحبّ أن يقول "باسْمِ اللّه" كما قدّمناه‪.‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل على وضُوئه‬

‫يستحب أن يقول ف أوّله‪" :‬بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحيمِ" وإن قال "بِاسْمِ اللّهِ" كفى‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬فإن‬
‫ترك التسمية ف أوّل الوضوء أتى با ف أثنائه‪ .‬فإن تركها حت فرغ فقد فات ملها فل يأت با ووضوءه‬
‫صحيح‪ ،‬سواء تركها عمدا أو سهوا‪ .‬هذا مذهبنا ومذهب جاهي العلماء‪ .‬وجاء ف التسمية أحاديث‬
‫ضعيفة‪ ،‬ثبت عن أحد بن حنبل رحه اللّه أنه قال‪ :‬ل أعلم ف التسمية ف الوضوء حديثا ثابتا‪ .‬فمن‬
‫الحاديث‪:‬‬

‫‪ 1/61‬حديث أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن النبّ "ل وُضُوءَ لِ َمنْ لَ ْم يَذْكُ ِر اسْمَ اللّه عََليْهِ" رواه أبو داود وغيه‪ .‬وروينا من رواية سعيد بن زيد‬
‫وأب سعيد وعائشة وأنس بن مالك وسهل بن سعد رضي اللّه عنهم‪ ،‬رويناها كلها ف سنن البيهقي‪،‬‬
‫وغيه‪ .‬وضعّفها كلها البيهقي وغيه‪)1(.‬‬

‫فصل‪ :‬قال بعض أصحابنا‪ ،‬وهو الشيخ أبو الفتح نصر القدسي الزاهد‪ :‬يُستحبّ للمتوضىء أن يقولَ ف‬
‫ابتداء وضوئه بعد التسمية‪ :‬أشهدُ أن ل إله إلّ اللّه وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسولُه‪.‬‬
‫وهذا الذي قاله ل بأس به‪ ،‬إل َأنّهُ ل أصل له من جهة السنة‪ ،‬ول نعلم أحدا من أصحابنا وغيهم قال‬
‫به‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫حمّدا‬
‫فصل‪ :‬ويقول بعد الفراغ من الوضوء‪ :‬أشْهَ ُد أنْ ل إله إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل شَرِيك لَهُ‪ ،‬وأ ْشهَدُ أ ّن مُ َ‬
‫عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُهُ‪ ،‬الّلهُمّ ا ْجعَ ْلنِي مِ َن الَتوّابِيَ‪،‬‬

‫وا ْجعَلْن مِ َن ا ُلتَ َطهّرِينَ‪ُ ،‬سبْحانَكَ الّل ُه ّم وبِحَمْ ِدكَ‪ ،‬أ ْشهَدُ أنْ ل إلهَ إِلّ أْنتَ‪ ،‬أ ْسَت ْغفِ ُركَ وأتُوبُ إَِليْكَ‪.‬‬

‫‪ 2/62‬روينا عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن َتوَضّأ فَقالَ‪ :‬أ ْشهَدُ َأنْ ل إلهَ إِلّ اللّهُ وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ‪،‬‬
‫لّنةِ الثّماِنَيةُ يَدْ ُخ ُل مِ ْن أيّها شاءَ" رواه مسلم ف‬ ‫حتْ لَ ُه أْبوَابُ ا َ‬ ‫وأشْهَدُ َأ ّن مُحَمّدا عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُهُ‪ُ ،‬فِت َ‬
‫ي وا ْجعَ ْلنِي مِ َن ا ُلتَ َطهّرِينَ"‪.‬‬
‫صحيحه‪ ،‬ورواه الترمذي وزاد فيه "الّلهُمّ ا ْجعَ ْلنِي مِن الّتوّابِ َ‬

‫وروى " ُسبْحَانَكَ الّلهُ ّم وبِحَمْدِك" (‪)2‬‬

‫‪ 3/63‬وروينا ف سنن الدارقطن عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‬

‫أنّ النبّ قال‪" :‬مَ ْن َتوَضّأ ثُم قال‪ :‬أ ْشهَ ُد أنْ ل إلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وأ ْشهَ ُد أنّ ُمحَمّدا َعبْ ُدهُ وَ َرسُولُهُ َقبْ َل أنْ‬
‫َيتَكَلّم‪ُ ،‬غفِرَ لَ ُه ما َبيْ َن الوُضُوءَيْن" إسناده ضعيف‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫‪ 4/64‬وروينا ف مسند أحد بن حنبل وسنن ابن ماجه وكتاب ابن السن من رواية أنس‬

‫ث مَرّاتٍ‪ :‬أ ْشهَدُ أنْ ل إلهَ إِلّ‬ ‫س َن الوُضُو َء ثُمّ قَالَ ثَلَ َ‬ ‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن َتوَضّأ فأحْ َ‬
‫ب الَّن ِة مِ ْن أيّها شاءَ‬
‫حتْ لَ ُه ثَماِنَي ُة أْبوَا ِ‬
‫اللّه وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬وأشْهَ ُد أ ّن مُحَمّدا عَبْ ُد ُه وَرَسولُهُ ُفتِ َ‬
‫َدخَلَ" إسناده ضعيف‪)4( .‬‬

‫‪ 5/65‬وروينا تكريرَ شهادة أن ل إله إلّ اللّه ثلث مرات ف كتاب ابن السن‪ ،‬من رواية عثمان بن‬
‫عفان رضي اللّه عنه بإسناد ضعيف‪.‬‬

‫قال الشيخ نصر القدسي‪ :‬ويقول مع هذه الذكار‪ :‬اللهمّ صلّ على ممدٍ وعلى آلِ ممدٍ‪ ،‬ويضمّ إليه‪:‬‬
‫وسلم‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬ويقول هذه الذكار مستقبل القبلة‪ ،‬ويكون عقيب الفراغ‪)5( .‬‬

‫فصل‪ :‬وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يىء فيه شيء عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وقد قال‬
‫الفقهاء‪ :‬يُستحبّ فيه دعوات جاءتْ عن السلف‪ ،‬وزادوا ونقصوا فيها‪ ،‬فالتحصّل ما قالوه أنه يقول بعد‬
‫التسمية‪ :‬المد للّهِ الذي جعل الاء طهورا‪ ،‬ويقول عند الضمضة‪ :‬اللهم اسقِن من ح ْوضِ نبيّك كأسا‬
‫ل أظمأ بعده أبدا‪ ،‬ويقول عند الستنشاق‪ :‬اللهمّ ل ترِمن رائحة نعيمِك وجناتِك‪ ،‬ويقول عند غسل‬
‫الوجه‪ :‬اللهمّ بيّض وجهي يوم تبيضّ وجوهٌ وتسو ّد وجوه‪ ،‬ويقول عند غسل اليدين‪ :‬اللهمّ أعطِن كتاب‬
‫بيمين‪ ،‬اللهمّ ل تعطِن كتاب بشمال‪ ،‬ويقول عند مسح الرأس‪ :‬اللهمّ حرّم شعري وبشرِي على النار‪،‬‬

‫‪42‬‬
‫وأظلّن تت عرشِك يوم ل ظلّ إل ظلّك‪ ،‬ويقول عند مسح الُذني‪ :‬اللهمّ اجعلن من الذين يستمعونَ‬
‫القول فيتّبعون أحسنه‪ ،‬ويقول عند غسل الرجلي‪ :‬اللهمّ ثبّت قدميّ على الصرا‪ .‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪ 6/66‬وقد روى النسائي وصاحبه ابن السن ف كتابيهما "عمل اليوم والليلة" بإسناد صحيح عن أب‬
‫موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بوضوء‪ ،‬فتوضأ‪ ،‬فسمعته يدعو ويقول‪" :‬الّل ُهمّ ا ْغفِرْ ل َذْنبِي‪،‬‬
‫َو َوسّعِ ل فِي داري‪ ،‬وَبا ِركْ ل ف رِزْقِي" فقلت‪ :‬يا نبّ اللّه! سعتك تدعو بكذا وكذا‪ ،‬قال‪َ " :‬وهَلْ‬
‫تَرَكْ َن مِ ْن َشيْءٍ؟"‬

‫باب‪ :‬ما‬ ‫ترجم ابن السن لذا الديث؛ باب ما يقول بي ظهران وضوئه‪ .‬وأما النسائي فأدخله ف‬
‫يقول بعد فراغه من وضوئه‪ ،‬وكلها متمل‪)6( .‬‬

‫بابُ ما يقو ُل على اغْتسالِه‬

‫يستحبّ للمغتسل أن يقول جيع ما ذكرناه ف الوضوء من التسمية وغيها‪ ،‬ول فرق ف ذلك بي الُنب‬
‫ت بالتسمية‪ ،‬والشهور أنا‬
‫والائض وغيها‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬إن كان ُجنُبا أو حائضا ل يأ ِ‬
‫مستحبّة لما كغيها‪ ،‬لكنهما ل يوز لما أن يقصدا با القرآن‪.‬‬

‫بابُ ما يقو ُل على َتيَمّمِه‬

‫يستحبّ أن يقول ف ابتدائه‪" :‬باسمِ اللّه" فإن كان جُنبا أو حائضا فعلى ما ذكرنا ف اغتساله‪ .‬وأما‬
‫التشهّد بعده وباقي الذكر التقدم ف الوضوء والدعاء على الوجه والكفّي فلم أ َر فيه شيئا لصحابنا ول‬
‫غيهم‪ ،‬والظاهر أن حكمه على ما ذكرنا ف الوضوء‪ ،‬فإن التيمّم طهارة كالوضوء‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا توجّهَ إل السجدِ‬

‫وقد قدّمنا ما يقوله إذا خرج من بيته إل أيّ موضع خرج‪ ،‬وإذا خرج إل السجد فيستحبّ أن يضمّ إل‬
‫ذلك‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ 1/67‬ما رويناه ف صحيح مسلم‪ ،‬ف حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما ف مبيته ف بيت خالته‬
‫ميمونة رضي اللّه عنها‪ ،‬ذكر الديث ف تجّد النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪ :‬فأذّن الؤذّن‪ ،‬يعن‬
‫الصبح‪ ،‬فخرج إل الصلة وهو يقول‪:‬‬

‫"الّلهُمّ ا ْجعَلْ ف َق ْلبِي نُورا‪ ،‬وف لِسانِي نُورا‪ ،‬وَا ْجعَلْ ف سَ ْمعِي نُورا‪ ،‬وَا ْجعَلْ ف بَصَري نُورا‪ ،‬وَا ْجعَلْ‬
‫حتِي نُورا‪ ،‬الّلهُ ّم أعْطِن نُورا"‪)7( .‬‬
‫مِنْ َخ ْلفِي نُورا‪َ ،‬ومِ ْن أمامي نُورا‪ ،‬وَا ْجعَ ْل مِنْ َفوْقي نُورا َومِنْ َت ْ‬

‫‪ 2/68‬وروينا ف كتاب ابن السن عن بلل رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا خرج إل الصلة قال‪" :‬بِاسْمِ اللّهِ‪ ،‬آ َمْنتُ باللّهِ‪َ ،‬توَكّ ْلتُ على‬
‫خرَجِي هَذَا فإن لَمْ أخْرُجْ ُه أشَرا‬ ‫ي عََليْكَ‪َ ،‬وبِحَ ّق مَ ْ‬
‫اللّهِ‪ ،‬ل َحوْ َل وَلَ ُق ّوةَ إِلَّ باللّهِ‪ ،‬الّلهُ ّم ِبحَقّ السّائِلِ َ‬
‫ك أنْ ُتعِيذَن مِ َن النّارِ‬
‫خطِكَ‪ ،‬أسألُ َ‬ ‫ت اْبتِغا َء مَرْضَاتِكَ‪ ،‬وَاتّقا َء سَ َ‬
‫وَلَ بَطرا وَلَ رِيا ًء وَلَ ُس ْم َعةً‪ ،‬خَرَ ْج ُ‬
‫وتُدْخِلَن الَنّة" حديث ضعيف أحد رواته الوازع بن نافع العقيلي‪ ،‬وهو متفق على ضعفه وأنه منكر‬
‫الديث‪)8( .‬‬

‫وروينا ف كتاب ابن السن معناه من رواية عطية العوف‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه‪ ،‬عن‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وعطية أيضا ضعيف‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُه عندَ دخول السجد والروج منه‬

‫يُستحبّ أن يقول‪ :‬أعوذ باللّه العظيم وبوجهه الكري وسلطانه القدي من الشيطان الرجيم‪ ،‬المد للّه‪،‬‬
‫اللهمّ ص ّل وسلم (‪ )9‬على ممد وعلى آل ممد؛ الله ّم اغفر ل ذنوب وافتح ل أبواب رحتك‪ ،‬ث‬
‫يقول‪ :‬باسم اللّه‪ ،‬ويقدّم رجله اليمن ف الدخول‪ ،‬ويقدّم اليسرى ف الروج‪ ،‬ويقول جيع ما ذكرناه‪،‬‬
‫إل أنه يقول‪ :‬أبواب فضلك‪ ،‬بدل رحتك‪.‬‬

‫‪ 1/69‬روينا عن أب حُميد أو أب أُسيد رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا دَ َخلَ أحَدُكُ ُم الَسْجِدَ َف ْليُسَلّم على النّبّ صلّى اللّه عََليْ ِه َوسَلّمَ‪،‬‬
‫ضلِكَ" رواه مسلم ف‬ ‫ثُم لَيقُلِ‪ :‬الّل ُه ّم افْتَحْ ل أْبوَابَ رَ ْح َمتِكَ‪ ،‬وَإذَا خَ َرجَ فَ ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُمّ إن أسألُكَ مِنْ َف ْ‬
‫صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيهم بأسانيد صحيحة‪ ،‬وليس ف رواية مسلم "فليسلم على‬

‫‪44‬‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم" وهو ف رواية الباقي‪ .‬زاد ابن السن ف روايته "وإذا خَ َرجَ فَ ْليُسَلّمْ على الّنبِ ّي‬
‫شيْطانِ الرّجِيمِ" وروى هذه الزيادة ابن ماجه وابن خزية وأبو حات ابن حبان‬ ‫وَْليَقُل‪ :‬الّلهُ ّم أعِ ْذنِي مِنَ ال ّ‬
‫ـ بكسر الاء ـ ف صحيحيهما‪)10( .‬‬

‫‪ 2/70‬وروينا عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان إذا دخل السجد يقول‪" :‬أعُوذُ باللّه العَظِيم‪َ ،‬وِبوَجهِهِ الكَري‪،‬‬
‫شيْطانُ‪ُ :‬حفِظَ‬
‫شيْطانِ الرّجِيم‪ .‬قالَ‪ :‬أقط؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فإذَا قَال ذلكَ قالَ ال ّ‬
‫وسُلْطانِ ِه القَدي‪ ،‬من ال ّ‬
‫ِمنّي سائِ َر اليَ ْومِ" حديث حسن رواه أبو داود بإسناد جيد‪)11( .‬‬

‫‪ 3/71‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫حمّدٍ‪،‬‬
‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا دخل السجد قال‪" :‬بِاسْمِ اللّهِ‪ ،‬الّلهُمّ صَلّ على مُ َ‬
‫صلّ على ُمحَمّدٍ"‪ .‬وروينا الصلة على النبّ صلى اللّه عليه وسلم عند‬ ‫وَإذَا خَ َرجَ قَالَ‪ :‬بِاسْمِ اللّهِ الّلهُمّ َ‬
‫دخول السجد والروج منه من رواية ابن عمر أيضا‪)12( .‬‬

‫‪ 4/72‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن السن عن أمه عن جدته‪ ،‬قالت‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل السجد حد اللّه تعال وسّى وقال‪" :‬الّلهُ ّم ا ْغفِرْ ل وا ْفتَحْ‬
‫لِي أبْوابَ َرحْ َمتِكَ"‪ .‬وَإذَا خَ َرجَ قا َل ِمثْلَ ذلكَ‪ ،‬وقالَ‪" :‬الّلهُ ّم ا ْفتَحْ ل أْبوَابَ َفضْلِكَ"‪)13(.‬‬

‫‪ 5/73‬وروينا فيه عن أب أُمامة رضي اللّه عنه‬

‫ج مِ َن الَسْجِ ِد تَدَاعَتْ ُجنُودِ إِبلِيسَ‪،‬‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إن أحدَكُمْ إذَا أرَاد أن يَخْ ُر َ‬
‫جتَم ٌع النّحْ ُل على َيعْسُوبِها‪ ،‬فإذَا قامَ أ َحدُكُمْ على بابِ الَسْجِدِ َف ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُمّ‬
‫وَأجَْلَبتْ وا ْجتَ َم َعتْ كما تَ ْ‬
‫إن أعُو ُذ بِكَ مِنْ ِإبْليسَ و ُجنُو ِدهِ‪ ،‬فإنّهُ إذَا قَالَها لَ ْم َيضُ ّرهُ" اليعسوب‪ :‬ذكر النحل‪ ،‬وقيل أميها‪)14( .‬‬

‫باب ما يقولُ ف السجد‬

‫يُستحبّ الِكثارُ فيه من ذكر اللّه تعال والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبي وغيها من الذكار‪،‬‬
‫ب الِكثارُ من قراءة القرآن؛ ومن الستحبّ فيه قراءة حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫ويُستح ّ‬

‫‪45‬‬
‫وعلم الفقه‪ ،‬وسائر العلوم الشرعية‪ ،‬قال اللّه تعال‪ :‬فِي ُبيُوتٍ أ َذِنَ اللّ ُه أنْ تُرَْف َع ويُذْكَ َر فيها اسْمُهُ‪ ،‬يُسَبّحُ‬
‫لَهُ فِيها بالغُ ُد ّو والصَالِ رِجالٌ} اليةالنور‪ 36 :‬وقال تعال‪َ { :‬ومَنْ ُيعَظّ ْم شَعائِرَ اللّه فإنا مِ ْن تَقوى‬
‫القُلُوب} الج‪ 32:‬وقال تعال‪َ { :‬ومَنْ ُيعَظّمْ حُرُماتِ اللّهِ َف ُهوَ َخيْرٌ لَهُ عِنْدَ َربّهِ}الج‪.20:‬‬

‫‪ 1/74‬وروينا عن بُريدة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّما بُِنيَت الَساجِدُ لِمَا بُِنَيتْ لَهُ"‪ .‬رواه مسلم ف صحيحه‪( .‬‬
‫‪)15‬‬

‫‪ 2/75‬وعن أنس رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال للعرابّ الذي بال ف السجد‪" :‬إ ّن هَذِه الَساجدَ ل َتصُْل ُح‬
‫لِشيءٍ مِ ْن هَذَا البَو ِل وَل القَذَرِ‪ ،‬إنّمَا ِهيَ لِذِ ْكرِ اللّ ِه تَعال وَقَرَا َءةِ القُرآنِ" أو كما قال رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪ ،‬رواه مسلم ف صحيحه‪)16( .‬‬

‫فصل‪ :‬وينبغي للجالس ف السجد أن ينوي العتكاف‪ ،‬فإنه يص ّح عندنا ولو ل يكث إل لظة‪ ،‬بل قال‬
‫بعض أصحابنا‪ :‬يصحّ اعتكاف من دخل السجد مارّا ول يكث (‪ ، )17‬فينبغي للما ّر أيضا أن ينوي‬
‫حصّ َل فضيلتَه عند هذا القائل‪ ،‬والفضل أن يقف لظة ث يرّ‪ ،‬وينبغي للجالس فيه أن يأمر‬ ‫العتكاف ليُ َ‬
‫با يراه من العروف ويننهى عمّا يراه من النكر‪ ،‬وهذا وإن كان الِنسان مأمورا به ف غي السجد‪ ،‬إل‬
‫أنه يتأكد القو ُل به ف السجد صيانةً له وإعظاما وإجللً واحتراما‪ ،‬قال بعض أصحابنا‪ :‬من دخل‬
‫السجد فلم يتمكن من صلة تية السجد إما لدث وإما لشغل أو نوه‪ ،‬يستحبّ أن يقول أربع مرات‪:‬‬
‫سبحان اللّه‪ ،‬والمد للّه‪ ،‬ول إله إل اللّه‪ ،‬واللّه أكب‪ ،‬فقد قال به بعض السلف‪ ،‬وهذا ل بأس به‪.‬‬

‫باب إنكاره ودعائه على من يَنشُدُ ضاّلةً ف السجد أو يبي ُع فيه‬

‫‪ 1/76‬روينا ف صحيح مسلم عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫ل يَنْشُدُ ضَاّلةً ف الَسْجِدِ َف ْليَقُلْ‪ :‬ل َردّها اللّه عََليْكَ‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن سَمِعَ َر ُج ً‬
‫فِإنّ الَساجِدَ َل ْم ُتبْنَ ِلهَذَا(‪ ))18‬مسلم (‪ ، )568‬وأبو داود (‪ ، )473‬والترمذي (‪)" )1321‬‬
‫مسلم (‪ ، )568‬وأبو داود (‪ ، )473‬والترمذي (‪)1321‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ 2/77‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا عن بُريدة رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رجلً نشدَ ف السجد فقال‪ :‬من دعا إلّ المل الحر؟ فقال النب صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل وَ َجدْتَ‬
‫إنّمَا بُِنيَت الَساجِدُ ِلمَا ُبنَِيتْ لَهُ(‪ ))19‬مسلم (‪ . )569‬و نشدَ ‪ :‬طلبَ وسأل‪ )" ).‬مسلم (‪)569‬‬
‫‪ .‬و"نشدَ"‪ :‬طلبَ وسأل‪).‬‬

‫‪ 3/78‬وروينا ف كتاب الترمذي ف آخر كتاب البيوع منه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا رأْيتُ ْم مَ ْن َيبِي ُع أ ْو َيبْتَاعُ ف الَسْجِدِ َفقُولُوا‪ :‬ل أَ ْربَحَ اللّهُ‬
‫تِجا َرتَكَ‪ ،‬وَإذَا رَأْيتُمُ مَنْ يَنْشُ ُد فيهِ ضَاّلةً َفقُولُوا‪ :‬ل َردّ اللّ ُه عََليْكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬

‫(‪)20‬‬

‫ث على مكارمِ‬
‫ح للِسلم ول تزهيدٌ ول ح ّ‬
‫باب دعائه على من ينشد ف السجد شعرا ليس فيه مد ٌ‬
‫الخلق ونو ذلك‬

‫‪ 1/79‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ثوبان رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن رأْيتُمُو ُه ُينْشِ ُد ِشعْرا ف الَسْجِدِ َفقُولُوا لَهُ" َفضّ اللّه فَاكَ‪،‬‬
‫ثَلثَ مَرّاتٍ(‪ ))21‬ابن السن (‪ ، )152‬والطبان ف الكبي‪ ،‬وقال الافظ‪ :‬غريب‪ .‬وانظر ضعيف‬
‫الامع الصغي ‪ )" )5/199‬ابن السن (‪ ، )152‬والطبان ف الكبي‪ ،‬وقال الافظ‪ :‬غريب‪ .‬وانظر‬
‫ضعيف الامع الصغي ‪)5/199‬‬

‫بابُ فضيلةِ الذان‬

‫‪ 1/80‬روَينا عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫جدُوا إلّ أنْ‬


‫ف الوّ ِل ثُمّ لَ ْم يَ ِ‬
‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لوْ َيعَْل ُم النّاسُ ما فِي النّدَا ِء وَالصّ ّ‬
‫ستَهِمُوا عََليْهِ ل ْسَتهَمُوا" رواه البخاري ومسلم ف صحيحيهما (‪)22‬‬ ‫يَ ْ‬

‫‪ 2/81‬وعن أب هريرة‬

‫‪47‬‬
‫شيْطا ُن وَلَهُ ضُرَاطٌ حتّى ل يَسْمَعَ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا نُودِيَ لِلصّلةِ أ ْدبَرَ ال ّ‬
‫التّأذِينَ" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪ 3/82‬وعن معاوية رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫س أعناقا َي ْومَ القِيا َمةِ" رواه مسلم‪.‬‬


‫سعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬ا ُلؤَ ّذنُونَ أ ْطوَ ُل النّا ِ‬

‫(‪)23‬‬

‫‪ 4/83‬وعن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ت ا ُلؤَ ّذنِ ج ّن ول شيءٌ إِ ّل شَهدَ لَهُ‬


‫صوْ ِ‬
‫سعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪َ " :‬ل يَسْمَ ُع مَدَى َ‬
‫َيوْ َم القِيامة" رواه البخاري‪ ،‬والحاديث ف فضله كثية‪.‬‬

‫واختلف أصحابنا ف الذان والِقامة أيّهما أفضل على أربعة أوجه‪ :‬الصحّ أن الذان أفضل‪ ،‬والثان‪:‬‬
‫الِمامة أفضل‪ ،‬والثالث‪ :‬ها سواء‪ ،‬والرابع‪ :‬إن علم من نفسه القيام بقوق الِمامة واستجمع (‪)24‬‬

‫ص َفةِ الَذان‬
‫بابُ ِ‬

‫اعلم أن ألفاظه مشهورة‪ ،‬والترجي ُع عندنا سنّة‪ ،‬وهو أنه إذا قال بعال (‪ )25‬صوته‪ :‬اللّهُ أكب‪ ،‬اللّه‬
‫أكب‪ ،‬اللّه أكب‪ ،‬اللّه أكب‪ ،‬قال سرّا بيث يُسمع نفسَه ومَن بقربه‪ :‬أشه ُد أنْ ل إلهَ إل اللّه‪ ،‬أشهدُ أنّ‬
‫ممدا رسولُ اللّه‪ ،‬أشه ُد أنّ ممدا رسول اللّه‪ .‬ث يعودُ إل الهر وإعلء الصوت‪ ،‬فيقول‪ :‬أشهدُ أن ل‬
‫إله إلّ اللّه‪ ،‬أشه ُد أنْ ل إله إلّ اللّه‪ ،‬أشه ُد أنّ ممدا رسولُ اللّه‪ ،‬أشه ُد أنّ ممدا رسول اللّه‪ ،‬والتثويبُ‬
‫أيضا مسنون عندنا‪ ،‬وهو أن يقول ف أذان الصبح خاصة بعد فراغه من حيّ على الفلح‪ :‬الصلةُ خيٌ‬
‫من النوم‪ ،‬الصلةُ خيٌ من النوم‪ ،‬وقد جاءت الحاديث بالترجيع والتثويب‪ ،‬وهي مشهورة‪.‬‬

‫واعلم أنه لو تَ َر َك الترجي َع والتثويبَ صحّ أذانه وكان تاركا للفضل‪ .‬ول يصحّ أذان مَن ل يُميّزُ‪ ،‬ول‬
‫الرأة‪ ،‬ول الكافر‪ .‬ويصحّ أذان الصبّ الميز‪ ،‬وإذا أذّن الكافر وأتى بالشهادتي كان ذلك إسلما على‬
‫الذهب الصحيح الختار‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬ل يكون إسلما‪ ،‬ول خلف أنه ل يصحّ أذانه‪ ،‬لن‬
‫أوّله كان قبل الكم بإسلمه‪ .‬وف الباب فروع كثية مقرّرة ف كتب الفقه ليس هذا موضع إيرادها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ص َفةِ الِقامة‬
‫بابُ ِ‬

‫الذهب الصحيح الختار الذي جاءت به الحاديث الصحيحة أن الِقامة إحدى عشرة كلمة‪ :‬اللّه أكب‬
‫اللّه أكب‪ ،‬أشهدُ أن ل إله إلّ اللّه‪ ،‬أشهد أنّ ممدا رسول اللّه‪ ،‬ح ّي على الصلة‪ ،‬حيّ على الفلح‪ ،‬قد‬
‫قامت الصلة قد قامت الصلة‪ ،‬اللّه أكب اللّه أكب‪ ،‬ل إله إلّ اللّه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬واعلم أن الذا َن والِقام َة سنّتان عندنا على الذهب الصحيح الختار‪ ،‬سواء ف ذلك أذان المعة‬
‫وغيها‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬ها فرض كفاية‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬ها فرض كفاية ف المعة دون غيها‪.‬‬
‫فإن قلنا فرض كفاية‪ ،‬فلو تركه أهلُ بلدٍ أو مَحَّلةٍ قُوتلوا على تركه‪ .‬وإن قلنا سنّة ل يُقاتلوا على الذهب‬
‫الصحيح الختار‪ ،‬كما ل يُقاتَلون على سنّة الظهر وشبهها‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬يُقاتَلون لنه شعار‬
‫ظاهر‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويُستحبّ ترتيل الذان ورفع الصوت به‪ ،‬ويستحبّ إدراج القامة (‪ ، )26‬ويكون صوتا‬
‫أخفض من الذان‪ ،‬ويستحبّ أن يكون الؤذنُ حسن الصوت ثق ًة مأمونا خبيا بالوقت متبعا؛‬
‫ويستحبّ أن يؤذّن ويقيم قائما على طهارة وموضع عال‪ ،‬مستقبل القبلة‪ ،‬فلو أذّن أو أقام مستدبر القبلة‬
‫أو قاعدا أو مضطجعا أو مُحدثا أو جُنبا صحّ أذانه وكان مكروها‪ ،‬والكراهية ف الُنب أشدّ من‬
‫الحدث‪ ،‬وكراهة الِقامة أشد‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ل يُشرع الذان إل للصلوات (‪)27‬المس‪ :‬الصبح والظهر والعصر والغرب والعشاء‪ ،‬وسواء‬
‫فيها الاضرة والفائتة‪ ،‬وسواء الاضر والسافر‪ ،‬وسواء من صلّى وحده أو ف جاعة‪ .‬وإذا أذّن واحدٌ‬
‫كفى عن الباقي‪ .‬وإذا قضى فوائت ف وقت واحد أذّن للول وحدها‪ ،‬وأقام لكلّ صلة‪ .‬وإذا جع بي‬
‫الصلتي أذّن للول وحدها وأقام لكل واحدة‪ .‬وأما غي الصلوات المس فل يؤذّن لشيء منها بل‬
‫خلف‪ .‬ث منها ما يستحبّ أن يقال عند إرادة صلتا ف جاعة‪ :‬الصلة جامعة‪ ،‬مثل العيد والكسوف‬
‫والستسقاء‪ ،‬ومنها ما اختلف فيه كصلة التراويح والنازة‪ ،‬والص ّح أنه يأت به ف التراويح دون‬
‫النازة‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ول تص ّح الِقامة إل ف الوقت وعند إرادة الدخول ف الصلة‪ ،‬ول يصحّ الذان إل بعد دخول‬
‫وقت الصلة إل الصبح‪ ،‬فإنه يوز الذان لا قبل دخول الوقت‪ .‬واختُلف ف الوقت الذي يوز فيه‪،‬‬

‫‪49‬‬
‫والص ّح أنه يوز بعد نصف الليل‪ ،‬وقيل‪ :‬عند السّحَر‪ ،‬وقيل‪ :‬ف جيع الليل‪ ،‬وليس بشيء‪ ،‬وقيل‪ :‬بعد‬
‫ثلثي الليل‪ ،‬والختار الوّل‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وتقيم الرأة والنثى الشكل‪ ،‬ول يؤذّنان لنما منهيّان عن رفع الصوت‪.‬‬

‫بابُ ما يقو ُل مَنْ سعَ الؤ ّذنَ والقيمَ‬

‫يُستحبّ أن يقول من سع الؤذّن والقيم‪ :‬مثل قوله‪ ،‬إل ف قوله حيّ على الصلة‪ ،‬ح ّي على الفلح‪ ،‬فإنه‬
‫يقول ف ُدبُر كل لفظة‪ :‬ل حول ول قوّة إل باللّه‪ .‬ويقول ف قوله‪ :‬الصلة خي من النوم‪ :‬صدقتَ‬
‫وبررتَ‪ ،‬وقيل يقول‪ :‬صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬الصلةُ خيٌ من النوم‪ .‬ويقول ف كلمت‬
‫الِقامة‪ :‬أقامها اللّه وأدامها‪ ،‬ويقول عقيب قوله‪ :‬أشهد أنّ ممدا رسولُ اللّه‪ :‬وأنا أشهد أن ممدا رسول‬
‫اللّه؛ ث يقول‪ :‬رضيتُ باللّه ربّا (‪ ، )28‬وبحمدٍ صلى اللّه عليه وسلم رسولً‪ ،‬وبالِسلم دينا‪ .‬فإذا‬
‫ب هذه‬ ‫غ من التبعة ف جيع الذان صلّى وسلّم على النب صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ث قال‪ :‬اللهمّ ر ّ‬‫فر َ‬
‫الدعوة التامة‪ ،‬والصلة القائمة‪ ،‬آتِ ممّدا الوسيل َة والفضيلة‪ ،‬وابعثْه مقاما ممودا الذي وعدته‪ ،‬ث يدعو‬
‫با شاء من أمور الخرة والدنيا‪.‬‬

‫‪ 1/84‬روينا عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذا سَ ِم ْعتُمُ النّداءَ َفقُولُوا ِمثْلَ ما َيقُو ُل الُؤَ ّذنُ" رواه البخاري‬
‫ومسلم ف صحيحيهما‪)29( .‬‬

‫‪ 2/85‬وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫صلّوا عَلبّ‪ ،‬فإنّهُ‬ ‫أنه سع النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إذَا سَ ِم ْعتُمُ ا ُلؤَ ّذنَ َفقُولُوا ِمثْلَ مَا َيقُولُ‪ ،‬ثُمّ َ‬
‫لّنةِ ل َتْنَبغِي إلّ‬
‫صلّى اللّ ُه عََليْ ِه بِها عَشْرا‪ ،‬ثُ ّم سَلُوا اللّه لِي ال َوسِيَلةَ‪ ،‬فإنا َمنْزَِلةٌ ف ا َ‬
‫مَنْ صَلّى عَليّ صَلةً َ‬
‫ِل َعبْدٍ مِنْ عِبادِ اللّه وأ ْرجُو أنْ أكُو َن أنا ُهوَ‪ ،‬فَ َمنْ سألَ ِل َي الوَسِيَلةَ َحّلتْ لَهُ الشّفا َعةُ" رواه مسلم ف‬
‫صحيحه‪)30( .‬‬

‫‪ 3/86‬وعن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا قا َل الُؤَ ّذنُ‪ :‬اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ أ ْكبَرُ‪ ،‬فَقالَ أحَدُكُمْ‪ :‬اللّهُ أكْبَرُ اللّ ُه‬
‫أكْبَرُ‪ ،‬ثُمّ قالَ‪ :‬أ ْشهَ ُد أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أ ْشهَدُ أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬ثُمّ قالَ‪ :‬أ ْشهَدُ أ ّن مُحَمّدا َرسُولُ‬
‫حمّدا َرسُولُ اللّهِ؛ ثُمّ قالَ‪َ :‬ح ّي عَلى الصّلةِ‪ ،‬قالَ‪ :‬ل َحوْ َل وَلَ ُق ّوةَ إِلّ باللّه؛ ثُمّ‬ ‫اللّهِ‪ ،‬قالَ‪ :‬أ ْشهَ ُد أنّ مُ َ‬
‫قالَ‪َ :‬ح ّي عَلى الفَلح‪ ،‬قالَ‪ :‬ل َحوْ َل وَلَ ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ؛ ثُمّ قَالَ‪ :‬اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ أكْبَرُ‪ ،‬قالَ‪ :‬اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ‬
‫أكْبُ؛ ثّ قالَ‪ :‬ل إلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬قالَ‪ :‬ل إلهَ إِلّ اللّه مِنْ َقلْبه دَ َخ َل النّة"‪ .‬رواه مسلم ف صحيحه‪)31( .‬‬

‫‪ 4/87‬وعن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه‬

‫ي يَسْمَ ُع ا ُلؤَ ّذنَ‪ :‬أ ْشهَ ُد أنْ ل إله إلّ اللّ ُه وَحْ َدهُ ل‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَالَ ِح َ‬
‫شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬وَأ ّن مُحَمّدا َعبْدُ ُه وَ َرسُولُهُ‪ ،‬رَضِيتُ باللّهِ َربّا‪ ،‬وبِمُحَمّدٍ صلى اللّه عليه وسلم َرسُولً‪،‬‬
‫ي يَسْ َمعُ ا ُلؤَ ّذنَ‪ :‬وأنا أ ْشهَدُ" رواه مسلم ف‬ ‫وبالِسْلمِ دِينا‪ُ ،‬غفِرَ لَهُ َذْنبُهُ" وف رواية "مَنْ قَالَ حِ َ‬
‫صحيحه‪)32( .‬‬

‫‪ 5/88‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها بإسناد صحيح‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سع الؤذّن يتشهد‪ ،‬قال‪" :‬وأنا وأنا"‪)33(.‬‬

‫‪ 6/89‬وعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما‪:‬‬

‫ب هَذهِ ال ّد ْعوَ ِة التّا ّم ِة‬


‫ي يَسْ َم ُع النّدَاءَ‪ :‬الّلهُمّ رَ ّ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قال حِ َ‬
‫ت ُمحَمّدا ال َوسِيَلةَ وال َفضِيَلةَ‪ ،‬واْبعَثْ ُه مَقاما ممودا الذي َوعَ ْدتَهُ‪ .‬حَّلتْ لَ ُه شَفا َعتِي‬‫وَالصّلةِ القائِمةِ‪ ،‬آ ِ‬
‫َيوْ َم القِيا َمةِ" رواه البخاري ف صحيحه‪)34( .‬‬

‫‪ 7/90‬وروينا ف كتاب ابن السن عن معاوية‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سع الؤذّن يقول‪ :‬ح ّي على الفلح‪ ،‬قال‪" :‬الّلهُمّ ا ْجعَلْنا‬
‫ُمفْلِحِي"‪)35(.‬‬

‫‪ 8/91‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن َشهْر بن َح ْوشَب‪ ،‬عن أب أمامة ـ أو عن بعض‬
‫أصحاب النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬

‫‪51‬‬
‫أ ّن بللً أخذ ف القامة‪ ،‬فلما قال‪ :‬قد قامت الصلة‪ ،‬قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪":‬أقامَها اللّهُ‬
‫وأدَامَها"‪ ،‬وقال ف سائر ألفاظ الِقامة كنحو حديث عمر ف الذان‪)36( .‬‬

‫‪ 9/92‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب هريرة‪:‬‬

‫ب هذه الدعوة التامة‪ ،‬والصلة القائمة‪ ،‬صلّ على ممّد وآته‬


‫أنه كان إذا سع الؤذّن يُقيم يقول‪ :‬اللهمّ ر ّ‬
‫سؤلَه يو َم القيامة‪)37( .‬‬

‫فصل‪ :‬إذا سع الؤذنَ أو القيم وهو يصلي ل يبه ف الصلة‪ ،‬فإذا سلّم منها أجابه كما ييبه مَن ل‬
‫يُصلي‪ ،‬فلو أجابه ف الصلة كُرِه ول تبط ْل صلتُه‪ ،‬وهكذا إذا سعه وهو على اللء ل يُجيبه ف الال‪،‬‬
‫فإذا خرج أجابه‪ ،‬فأما إذا كان يقرأ القرآن أو يسبّح أو يقرأ حديثا أو عِلْمَا آخر أو غي ذلك‪ ،‬فإنه يقطع‬
‫جيع هذا وييب الؤ ّذ َن ث يعود إل ما كان فيه‪ ،‬لن الِجابة تفوت‪ ،‬وما هو (‪ )38‬فيه ل يفوت غالبا‪،‬‬
‫وحيث ل يتابعه حت فرغ الؤذّن يستحبّ أن يتدارك التابعة ما ل يطل الفصل‬

‫بابُ الدّعاء بعد الذان‬

‫‪ 1/93‬روينا عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل يُرَدّ الدّعا ُء بَيَ الذَانِ والِقا َمةِ" رواه أبو داود والترمذي‬
‫والنسائي وابن السن وغيهم‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وزاد الترمذي (‪)39‬‬

‫‪ 2/94‬وروينا عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما‪:‬‬

‫أن رجلً قال‪ :‬يا رسول اللّه! إن الؤذّني يفضُلُوننا‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ُ" :‬قلْ كما‬
‫َيقُولونَ فإذَا اْنَتهَْيتَ فَسَ ْل ُتعْطَه" رواه أبو داود ول يضعفه‪)40( .‬‬

‫‪ 3/95‬وروينا ف سنن أب داود أيضا‪ ،‬ف كتاب الهاد بإسناد صحيح‪ ،‬عن سهل بن سعد رضي اللّه‬
‫عنه قال‪:‬‬

‫‪52‬‬
‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ثِنْتانِ ل تُ َردّانِ ـ أوْ قالَ‪ :‬ما تُ َردّانِ ـ الدّعا ُء ِعنْ َد الندَاءِ‪َ ،‬وعِنْدَ‬
‫ضهُ ْم َبعْضا" قلت‪ :‬ف بعض النسخ العتمدة يلحم بالاء‪ ،‬وف بعضها باليم‪،‬‬ ‫ي يُ ْلحِ ُم َب ْع ُ‬
‫البأْسِ حِ َ‬
‫وكلها ظاهر‪)41( .‬‬

‫باب ما يقولُ بعدَ ركعت سنّة الصّبح‬

‫‪ 1/96‬روينا ف كتاب ابن السن عن أب الَُليْح‪ ،‬واسه عامر بن أُسامة‪ ،‬عن أبيه رضي اللّه عنه‬

‫أنه صلّى ركعتّ الفجر‪ ،‬وأن رسول اللّه صلّى قريبا منه ركعتي خفيفتي‪ ،‬ث سعه يقول وهو جالس‪":‬‬
‫ك مِ َن النّارِ‪ .‬ثَلثَ‬
‫الّلهُمّ رَبّ ِجبْرِي َل َوِإسْرَافِي َل َومِيكائِي َل ومُحَمّدٍ النّب صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬أعُو ُذ بِ َ‬
‫مَرّاتٍ"‪)42(.‬‬

‫‪ 2/97‬وروينا فيه عن أنس‪،‬‬

‫ح َة َي ْو ِم الُمعَة َقبْلَ صَل ِة الغَدَاةِ‪ :‬أسَْت ْغفِرُ اللّ َه الّذي ل إلهَ‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬مَنْ قَالَ صَبي َ‬
‫إِلّ ُه َو الَ ّي القَيّومَ وأتُوبُ إلَيْ ِه ثَلثَ مَرّاتٍ‪َ ،‬غفَرَ اللّ ُه تَعال ُذنُوبَهُ وََلوْ كَاَنتْ ِمثْلَ َزبَ ِد البَحْرِ"‪)43(.‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا انتهى إل الصّفّ‬

‫‪ 1/98‬روَينا عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه‬

‫أن رجلً جاء إل الصلة ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ُيصَلّي‪ ،‬فقال حي انتهى إل الصف‪ :‬اللهمّ‬
‫آتن أفضل ما تُؤت عبادك الصالي؛ فلما قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصلة قال‪" :‬مَنِ‬
‫شهِد ف َسبِيلِ اللّه َتعَال" رواه النسائي‬
‫ا ُلَتكَلّ ُم آنِفا؟ قَالَ‪ :‬أنا يا َرسُولَ اللّه! قال‪ :‬إ َذنْ ُي ْعقَر َجوَا ُد َك َوتَسْتَ ْ‬
‫وابن السن‪ ،‬ورواه البخاري ف تاريه ف ترجة ممد بن مسلم بن عائذ‪)44( .‬‬

‫باب ما يقولُ عند إرادته القيامَ إل الصّلة‬

‫‪ 1/99‬روينا ف كتاب ابن السن عن ُأمّ رافعٍ رضي اللّه عنها‪ ،‬أنا قالت‪:‬‬

‫يا رسول اللّه! دُلّن على عملٍ يأجرن اللّه عزّ وجلّ عليه؟ قال‪" :‬يا ُأمّ رَضاِفعٍ إذَا قُ ْمتِ إل الصّل ِة‬
‫سبّحِي اللّهَ تَعَال عَشْرا‪َ ،‬وهَلّلِي ِه عَشْرا‪ ،‬واحْمَدِي ِه عَشْرا‪ ،‬و َكبّرِي ِه عَشْرا‪ ،‬وَا ْسَت ْغفِرِيهِ عَشْرا؛ فإنّكِ إذَا‬
‫فَ َ‬

‫‪53‬‬
‫حتِ قالَ‪ :‬هَذَا ل‪ ،‬وَإذَا هَلّ ْلتِ قالَ‪ :‬هَذَا لِي‪ ،‬وَإذَا َحمِدْتِ قالَ‪ :‬هَذَا ل‪ ،‬وَإذَا َكبّرْتِ قالَ‪ :‬هَذَا ل‪،‬‬ ‫َسبّ ْ‬
‫وَإذَا ا ْسَتغْفَرْتِ قالَ‪ :‬قَدْ َف َع ْلتُ"‪)45(.‬‬

‫بابُ الدّعاء عند الِقامة‬

‫‪ 1/100‬روى الِمام الشافعي بإسناده ف ا ُلمّ حديثا مرسلً‪:‬‬

‫ليُوشِ‪ ،‬وَإقا َمةِ الصّلةِ‪،‬‬


‫أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬اطُْلبُوا ا ْستِجاَبةَ الدّعاءِ ِعنْ َد التقا ِء ا ُ‬
‫َونُزُو ِل الغَْيثِ" وقال الشافعي‪ :‬وقد حفظت عن غي واحد طلب الِجابة (‪)46‬‬

‫كتاب ما يقوله إذا دخل ف الصّلة‬

‫ب ما يقولُه إذا دخلَ ف الصّلة‬


‫با ُ‬

‫اعلم أن هذا الباب واسع جدا‪ ،‬وجاءت فيه أحاديث صحيحة كثية من أنواع عديدة‪ ،‬وفيه فروع كثية‬
‫ف كتب الفقه ننبّه هنا منها على أصولا ومقاصدِها دون دقائقها ونوادرها‪ ،‬وأحذفُ أدلّة معظمها إيثارا‬
‫للختصار‪ ،‬إذ ليس هذا الكتاب موضوعا لبيان الدلة‪ ،‬إنا هو لبيان ما يُعمل به‪ ،‬واللّه سبحانه الوفّق‪.‬‬

‫ب تكبيةِ الِحْرام‬
‫با ُ‬

‫اعلم أن الصلةَ ل تص ّح إل بتكبية الِحرام فريضة كانت أو نافلة‪ .‬والتكبيةُ عند الشافعي والكثرين‬
‫ط ليست من نفس الصلة‪.‬‬ ‫جزء من الصلة وركن من أركانا‪ .‬وعند أب حنيفة هي شر ٌ‬

‫واعلم أن لفظ التكبي أن يقول‪ :‬اللّه أكب‪ ،‬أو يقول‪ :‬اللّه الكب‪ ،‬فهذان جائزان عند الشافعي وأب حنيفة‬
‫وآخرين‪ ،‬ومنع مالك الثان‪ ،‬فالحتياط أن يأت الِنسان بالوّل ليخرج من اللف‪ ،‬ول يوز التكبي‬
‫بغي هذين اللفظي‪ .‬فلو قال‪ :‬اللّه العظيم‪ ،‬أو اللّه التعال‪ ،‬أو اللّه أعظم‪ ،‬أو أعزّ‪ ،‬أو أجلّ‪ ،‬وما أشبه هذا‪،‬‬
‫ل تص ّح صلته عند الشافعي والكثرين‪ ،‬وقال أبو حنيفة‪ :‬تصحّ‪ .‬ولو قال‪ :‬أكبُ اللّه‪ ،‬ل تصحّ على‬
‫الصحيح عندنا‪ ،‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬تصح كما لو قال ف آخر الصلة‪ :‬عليكم السلم‪ ،‬فإنه يصحّ على‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫واعلم أنه ل يص ّح التكبي ول غيه من الذكار حت يتلفظ بلسانه بيث يسمع نفسه إذا ل يكن له‬
‫س أو عيبُ حرّكَه‬
‫عارض‪ ،‬وقد قدّمنا بيان هذا ف الفصول الت ف أوّل الكتاب‪ ،‬فإن كان بلسانه خر ٌ‬
‫بقدر ما يقد ُر عليه وتصحّ صلته‪.‬‬

‫واعلم أنه ل يص ّح التكبي بالعجمية لن قدر عليه بالعربية‪ ،‬وأما من ل يقدر فيص ّح ويب عليه تعلّم‬
‫العربية‪ ،‬فإن قصّرَ ف التعلم ل تص ّح صلته وتب إعادة ما صلّه ف الدة الت قصّ َر فيها عن التعلم‪.‬‬

‫واعلم أن الذهب الصحيح الختار أن تكبية الِحرام ل تدّ ول تطّط‪ ،‬بل يقولا مدرجة مسرعة‪ ،‬وقيل‬
‫تدّ‪ ،‬والصواب الوّل‪ .‬وأما باقي التكبيات فالذهب الصحيح الختار استحباب مدّها إل أن يصل إل‬
‫الركن الذي بعدها‪ ،‬وقيل ل تدّ‪ ،‬فلو مدّ ما ل يدّ أو ترك مدّ ما يدّ ل تبطل صلته‪ ،‬لكن فاتته الفضيلة‪.‬‬

‫واعلم أن م ّل ال ّد بعد اللم من اللّه ول يدّ ف غيه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬والسنّة أنّ يهر الِمام بتكبية الِحرام وغيها ليسمعَه الأمومُ‪ ،‬ويسرّ الأموم با بيث يُسْمِعُ‬
‫نفسه‪ ،‬فإن جهر الأموم أو أسرّ الِمام ل تفسد صلته‪ ،‬وليحرص على تصحيح التكبي‪ ،‬فل يدّ ف غي‬
‫موضعه‪ ،‬فإن مدّ المزة من اللّه‪ ،‬أو أشبع فتحة الباء من أكب بيث صارت على لفظ أكبار ل تصحّ‬
‫صلته‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن الصلة الت هي ركعتان شُرِع فيها إحدى عشرة تكبية‪ ،‬والت هي ثلث ركعات‬
‫سبع عشرة تكبية‪ ،‬والت هي أربع ركعات اثنتان وعشرون تكبية‪ ،‬فإن ف كل ركعة خس تكبيات‪:‬‬
‫تكبية للركوع‪ ،‬وأربعا للسجدتي والرفع منهما‪ .‬وتكبية الِحرام‪ ،‬وتكبية القيام من التشهد الوّل‪.‬‬

‫ث اعلم أن جيع هذه التكبيات سنّة لو تركها عمدا أو سهوا ل تبط ُل صلتُه ول ترم عليه ول يسجد‬
‫للسهو‪ ،‬إل تكبية الِحرام فإنا ل تنعقد الصلة إل با بل خلف‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب ما يقوله بعد تكبية الِحرام‬


‫با ُ‬

‫اعلم أنه قد جاءت فيه أحاديث كثية يقتضي مموعها أن يقول‪ :‬اللّهُ أ ْكبَرُ َكبِيا‪ ،‬وَالَمْدُ لِلّهِ َكثِيا‪،‬‬
‫ت وَالَ ْرضَ َحنِيفا مُسْلِما وما أنا من‬ ‫َوسُبْحَانَ اللّه ُبكْ َرةً وَأصِيلً‪ ،‬وَ ّج ْهتُ َو ْجهِيَ لِلّذِي فَ َطرَ السّ َموَا ِ‬
‫ت وأنَا مِنَ‬
‫ي ل شَرِيكَ لَ ُه َوبِذَلِكَ ُأمِرْ ُ‬ ‫ي َومَمَاتِي ِللّهِ رَبّ العالَمِ َ‬‫سكِي َومَحْيا َ‬ ‫الُشْرِ ِكيَ‪ ،‬إنّ صَلتِي َونُ ُ‬

‫‪55‬‬
‫ت بِ َذنْبِي‪ ،‬فا ْغفِرْ‬
‫ت َنفْسِي وا ْعتَرَ ْف ُ‬
‫الُسْلِميَ‪ ،‬الّلهُ ّم أْنتَ الَلكُ ل إلهَ إِلّ أْنتَ‪َ ،‬أْنتَ َربّي وأنا عَبْ ُدكَ‪ ،‬ظَلَ ْم ُ‬
‫ل ُذنُوبِي جَمِيعا‪ ،‬فإنّهُ لَ يَ ْغفِرُ ال ّذنُوبَ إِلّ أْنتَ‪ ،‬وَاهْدِن لحْسَنِ الخْلقِ ل َيهْدِي لحْسَنها إلّ َأنْتَ‬
‫ليْرُ كُلّهُ ف يَ َديْكَ‪ ،‬وَالشّرّ َلْيسَ إَِليْكَ‪،‬‬ ‫ف َسّيئَها إِلّ َأنْتَ‪َ ،‬لّبيْكَ َو َسعْ َديْكَ وا َ‬ ‫ف َعنّي َسيّئَها ل َيصْرِ ُ‬ ‫وَاصْرِ ْ‬
‫ك َوإَِليْكَ‪ ،‬تَبارَ ْكتَ وَتعاَليْتَ‪ ،‬أ ْستَ ْغفِ ُر َك وأتُوبُ إَِليْكَ‪ .‬ويقول‪ :‬الّلهُ ّم باعِد َبيْن وبَيْنَ خَطايايَ كما‬ ‫أنا بِ َ‬
‫ب الْبَيضُ مِنَ ال ّدَنسِ‪ ،‬الّلهُمّ‬ ‫ق وَا َلغْرِبِ‪ ،‬الّلهُ ّم َن ّقنِي مِنْ خَطايايَ كما ُينَقّى الّثوْ ُ‬ ‫بَاعَدْتَ َبيْ َن الَشْ ِر ِ‬
‫ي بالثّلْ ِج وَالَا ِء وَالبَ َردِ‪.‬‬
‫اغْسِ ْلنِي مِنْ خَطايا َ‬

‫فكل هذا الذكور ثابت ف الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫وجاء ف الباب أحاديث أُخَر منها‪:‬‬

‫‪ 1/101‬حديث عائشة رضي اللّه عنها‪:‬‬

‫حمْ ِدكَ‪َ ،‬وتَبَا َر َك اسْمُكَ‪َ ،‬وتَعال‬


‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا افتتح الصلة قال‪" :‬سُبْحانَكَ الّلهُ ّم وبِ َ‬
‫جَ ّدكَ‪ ،‬وَلَ إلهَ غَيْ ُركَ"‪ .‬رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه بأسانيد ضعيفة‪ ،‬وضعّفه أبو داود والترمذي‬
‫والبيهقي وغيهم‪ ،‬ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي من رواية أب سعيد الدري‬
‫وضعفوه‪.‬‬

‫قال البيهقي‪ :‬وروي الستفتاح بـ " ُسبْحانَكَ الّلهُ ّم وبِحَ ْم ِدكَ" عن ابن مسعود مرفوعا‪ ،‬وعن أنس‬
‫مرفوعا‪ ،‬وكلها ضعيفة‪ .‬قال‪ :‬وأصحّ ما روي فيه عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه‪ ،‬ث رواه بإسناده‬
‫حمْ ِدكَ‪ ،‬تَبَا َر َك اسْمُكَ‪ ،‬وتَعَال جَ ّدكَ‪ ،‬وَل إلهَ َغيْرُك‪)47( .‬‬
‫عنه؛ أنه كب ث قال‪ُ :‬سبْحَانَكَ الّلهُ ّم وبِ َ‬

‫‪ 2/102‬وروينا ف سنن البيهقي‪ ،‬عن الارث‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ت َنفْسِي َوعَمِ ْلتُ‬


‫ك ظَلَ ْم ُ‬
‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا استفتح الصلة قال‪" :‬ل إلهَ إِلّ َأْنتَ ُسبْحانَ َ‬
‫ت وَجْهيَ‪ .‬إل آ ِخرِه" وهو حديث ضعيف‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫سُوءا فا ْغفِرْ ل إنّهُ ل َيغْف ُر الذنُوبَ إِلّ َأْنتَ‪ ،‬وَ ّج ْه ُ‬
‫ب يقول‪ :‬الارث كذّاب‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬ ‫الارث العور‪ :‬متفق على ضعفه‪ ،‬وكان الشع ّ‬

‫وأما قوله صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬وَالشّرّ َلْيسَ إَليْكَ" فاعلم أن مذهب أهل الق من الحدّثي والفقهاء‬
‫والتكلمي من الصحابة والتابعي ومن بعدهم من علماء السلمي أن جيع الكائنات خيها وشرّها‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫نفعَها وضَرّها كلها من اللّه سبحانه وتعال‪ ،‬وبإرادته وتقديره‪ ،‬وإذا ثبت هذا فل ب ّد من تأويل هذا‬
‫الديث‪ ،‬فذكر العلماء فيه أجوبة‪ :‬أحدها‪ :‬وهو أشهرها قاله النضر بن شُ َميْ ِل والئمة بعده‪ ،‬معناه‪:‬‬
‫والشرّ ل يتقرّب به إليك‪ ،‬والثان‪ :‬ل يصعد إليك‪ ،‬إنا يصعد الكَلِم الطيب‪ ،‬والثالث‪ :‬ل يضاف إليك‬
‫أدبا‪ ،‬فل يقال‪ )48( :‬يا خالق النازير وإن كان خالقها‪ ،‬والرابع‪ :‬ليس شرّا بالنسبة إل حكمتك‪،‬‬
‫فإنك ل تلق شيئا عبثا‪ ،‬واللّه أعلم‪)49( .‬‬

‫فصل‪ :‬هذا ما ورد من الذكار ف دعاء التوجه‪ ،‬فيستحبّ المع بينها كلها لن صلى منفردا‪،‬‬
‫سنَ‬
‫وللِمام إذا أذن له الأمومون‪ .‬فأما إذا ل يأذنوا له فل يطوّل عليهم بل يقتصر على بعض ذلك‪ ،‬وحَ ُ‬
‫اقتصارُه على‪ :‬وجّهت وجهي إل قوله‪ :‬من السلمي‪ ،‬وكذلك النفرد الذي يُؤثر التخفيف‪.‬‬

‫واعلم أن هذه الذكار مستحبّة ف الفريضة والنافلة‪ ،‬فلو تركه ف الركعة الول عامدا أو ساهيا ل يفعله‬
‫بعدَها لفوات مله‪ ،‬ولو فعله كان مكروها ول تبطل صلته‪ ،‬ولو تركه عقيب التكبية حت شرع ف‬
‫القراءة أو التعوّذ فقد فات مله فل يأت به‪ ،‬فلو أتى به ل تبطل صلتُه‪ ،‬ولو كان مسبوقا أدرك الِمام ف‬
‫إحدى الركعات أتى به إل أن ياف من اشتغاله به فوات الفاتة‪ ،‬فيشتغل بالفاتة فإنا آكد لنا واجبة‪،‬‬
‫ق الِمامَ ف غي القيام إما ف الركوع وإما ف السجود وإما ف التشهد أحرم‬‫وهذا سنّة‪ .‬ولو أدرك السبو ُ‬
‫معه وأتى بالذكر الذي يأت به الِمام‪ ،‬ول يأت بدعاء الستفتاح ف الال ول فيما بعد‪.‬‬

‫ب لنا‬ ‫واختلف أصحابنا (‪ )50‬ف استحباب دعاء الستفتاح ف صلة النازة‪ ،‬والص ّح أنه ل يستح ّ‬
‫مبنية على التخفيف‪ .‬واعلم أن دعاء الستفتاح سنّة ليس بواجب‪ ،‬ولو تركه ل يسجدْ للسهو‪ ،‬والسنّة‬
‫فيه الِسرار‪ ،‬فلو جهر به كان مكروها ول تبطل صلته‪.‬‬

‫ب التعوّذ بعد دعاء الستفتاح‬


‫با ُ‬

‫اعلم أن التعوّذ بعد دعاء الستفتاح سنّة بالتفاق‪ ،‬وهو مقدمة للقراءة‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬فإذا قَرأت‬
‫شيْطانِ الرّجِيم} النحل‪ 98:‬معناه عند جاهي العلماء (‪ : )51‬إذا أردت‬ ‫القرآنَ فَا ْسَتعِذْ باللّه من ال ّ‬
‫القراءة فاستعذ باللّه‪ .‬واعلم أن اللفظ الختار ف التعوّذ‪ :‬أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم‪ ،‬وجاء‪ :‬أعوذ‬
‫باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم‪ ،‬ول بأس به‪ ،‬ولكن الشهور الختار هو الوّل‪.‬‬

‫‪ 1/103‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيها‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال قبل القراءة ف الصلة‪" :‬أعُو ُذ باللّ ِه مِنَ الشّيْطانِ الرّجِي ِم مِ ْن َنفْخِ ِه َوَن ْفثِهِ‬
‫شيْطانِ الرَّجِيمِ مِ ْن هَمْ ِز ِه َونَفْخِهِ َونَ ْفثِهِ" وجاء ف‬
‫وهَمْ ِزهِ" وف رواية‪" :‬أعُوذُ باللّه السّمِي ِع العَلِي ِم مِنَ ال ّ‬
‫تفسيه ف الديث‪ ،‬أن هزه‪ :‬الؤْتةُ‪ ،‬وهي النون‪ ،‬ونفخه‪ :‬الكب‪ ،‬ونفثه‪ :‬الشعرُ‪ ،‬واللّه أعلم‪)52( .‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن التعوّذ مستحبّ ليس بواجب‪ ،‬لو تركه ل يأث ول تبط ُل صلته سواء تركه عمدا أو‬
‫سهوا‪ ،‬ول يسجد للسهو‪ ،‬وهو مستحبّ ف جيع الصلوات الفرائض والنوافل كلها‪ ،‬ويستحبّ ف صلة‬
‫النازة على الصحّ‪ ،‬ويستحبّ للقارىء خارج الصلة بإجاع أيضا‪.‬‬

‫فصل‪ :‬واعلم أن التعوّذ مستحبّ ف الركعة الول بالتفاق‪ ،‬فإن ل يتعوّذ ف الول أتى به ف‬
‫الثانية‪ ،‬فإن ل يفعل ففيما بعدها‪ ،‬فلو تعوّذ ف الول هل يستحبّ ف الثانية؟ فيه وجهان لصحابنا‪،‬‬
‫أصحهما أنه يستحبّ لكنه ف الول آكد‪ .‬وإذا تعوّذ ف الصلة الت يُسِرّ فيها بالقراءة أس ّر بالتعوّذ‪ ،‬فإن‬
‫جهَر فيها بالقراءة فهل يهر؟ فيه خلف؛ من أصحابنا من قال‪ :‬يُسرّ‪ ،‬وقال المهور‪:‬‬ ‫تعوّذ ف الت يُ ْ‬
‫للشافعي ف السألة قولن‪ :‬أحدها يستوي الهر والِسرار‪ ،‬وهو نصّه ف الم‪ .‬والثان يُس ّن الهر وهو‬
‫نصّه ف الِملء‪ .‬ومنهم من قال فيه قولن‪ :‬أحدها‪ :‬يهر‪ )54( )53( ،‬؛ صححه الشيخ أبو حامد‬
‫الِسفراين إمام أصحابنا العراقيي وصاحبه الحاملي وغيها‪ ،‬وهو الذي كان يفعله أبو هريرة رضي اللّه‬
‫عنه‪ ،‬وكان ابن عمر رضي اللّه عنهما يُسِرّ‪ ،‬وهو الصحّ عند جهور أصحابنا‪ ،‬وهو الختار‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ القراءةِ بع َد التّعوّذ‬

‫اعلم أن القراءة واجبة ف الصلة بالِجاع مع النصوص التظاهرة‪ ،‬ومذهبنا ومذهب المهور‪ ،‬أن قراءة‬
‫الفاتة واجبة ل يُجزىء غيها لن قدر عليها‪ ،‬للحديث الصحيحح‬

‫ح ِة الكِتابِ" رواه ابن خزية‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ل تُجْزِىءُ صَل ٌة ل ُيقْرأُ فِيها بِفاتِ َ‬
‫وأبو حات ابن ِحبّان ـ بكسر الاء ـ ف صحيحيهما بالِسناد الصحيح وحَكما بصحته‪ .‬وف‬
‫الصحيحي‬

‫صلَة إِلّ ِبفَاتِحَة الكِتابِ" ويب قراءة بسم اللّه الرحن الرحيم‪،‬‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ل َ‬
‫وهي آية كاملة من أوّل الفاتة‪ .‬وتب قراءة الفاحة بميع تشديداتا وهي أربع عشرة تشديدة‪ :‬ثلث ف‬
‫البسملة‪ ،‬والباقي بعدها‪ ،‬فإن أخ ّل بتشديدة واحدة بطلت قراءته‪ .‬ويب أن يقرأها مرتبة متوالية‪ ،‬فإن‬

‫‪58‬‬
‫ترك ترتيبها أو موالتا ل تصحّ قراءته‪ ،‬ويعذر ف السكوت بقدر التنفس‪ .‬ولو سجد الأموم مع الِمام‬
‫للتلوة‪ ،‬أو سع تأمي الِمام فأمّن لتأمينه‪ ،‬أو سأل الرحة‪ ،‬أو استعاذ من النار لقراءة الِمام ما يقتضي‬
‫ذلك‪ ،‬والأموم ف أثناء الفاتة ل تنقطع قراءته على أصحّ الوجهي لنه معذور‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فإن لن ف الفاتة لنا يلّ العن بطلت صلته‪ ،‬وإن ل يلّ العن صحّت قراءته‪ ،‬فالذي‬
‫يلّه مثل أن يقول‪ :‬أنعمت‪ ،‬بضم التاء أو كسرها‪ ،‬أو يقول‪ :‬إياك نعبد‪ ،‬بكسر الكاف‪ ،‬والذي ل يلّ‬
‫ب العالي‪ ،‬بضم الباء أو فتحها‪ ،‬أو يقول نستعي‪ ،‬بفتح النون الثانية أو كسرها‪ ،‬ولو‬
‫مثل أن يقول‪ :‬ر ّ‬
‫قال‪ :‬ول الضّالّي بالظاء بطلت صلته على أرجح الوجهي إل أن يعجزَ عن الضاد بعد التعلم فيُعذر‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فإن ل يُحسن الفاتة قرأ بقدرها من غيها‪ ،‬فإن ل يُحسن شيئا من القرآن أتى من الذكار‬
‫كالتسبيح والتهليل ونوها بقدر آيات الفاتة‪ ،‬فإن ل يسن شيئا من الذكار وضاق الوقتُ عن التعلّم‬
‫وقف بقدر القراءة ث يركع وتُجزئه صلتُه إن ل يكن فرّط ف التعلم‪ ،‬فإن كان فرّط ف التعلم وجبت‬
‫الِعادة؛ وعلى كلّ تقدير مت تكّن من التعلم وجب عليه تعلّم الفاتة‪ ،‬أما إذا كان يُحس ُن الفاتة‬
‫بالعجمية ول يُحسنها بالعربية ل يوز له قراءتا بالعجمية بل هو عاجز‪ ،‬فيأت بالبدل على ما ذكرناه‪.‬‬

‫حتْ صلتُه ول يسجد‬ ‫فصل‪ :‬ث بعد الفاتة يقرأ سورة أو بعض سورة‪ ،‬وذلك سنّة لو تركه ص ّ‬
‫للسهو‪ ،‬وسواء كانت الصلة فريضة أو نافلة‪ ،‬ول يستحبّ قراءة السورة ف صلة النازة على أصحّ‬
‫الوجهي‪ ،‬لنا مبنية على التخفيف‪ ،‬ث هو باليار إن شاء قرأ سورة‪ ،‬وإن شاء قرأ بعض سورة‪،‬‬
‫والسورة القصية أفضلُ من قدرها من الطويلة‪ .‬ويستحبّ أن يقرأ السورة على ترتيب الصحف‪ ،‬فيقرأ‬
‫ف الثانية سورة بعد السورة الول‪ ،‬وتكون تليها‪ ،‬فلو خالف هذا جاز‪ .‬والسنّة أن تكون السورة بعد‬
‫الفاتة‪ ،‬فلو قرأها قبل الفاتة ل تسب له قراءة السورة‪.‬‬

‫واعلم أن ما ذكرناه من استحباب السورة هو للِمام والنفرد وللمأموم فيما يس ّر به الِمام‪ ،‬أما ما يهر‬
‫به الِمام فل يزيد الأموم فيه على الفاتة إن سع قراءة الِمام‪ ،‬فإن ل يسمعها أو سع ههمة ل يفهمها‬
‫استحبّت له السورة على الص ّح بيث ل يش ّوشُ على غيه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬والسَنةَ أن تكونَ السورة ف الصبح والظهر من طوال الفصل‪ ،‬وف العصر والعشاء من‬
‫أوساط الفصل‪ ،‬وف الغرب من قصار الفصل‪ ،‬فإن كان إماما خفّف عن ذلك إل أن يعلم أن الأمومي‬
‫يُؤثرون التطويل‪ .‬والسنّة أن يقرأ ف الركعة الول من صلة الصبح يوم المعة سورة ـ آل تنيل ـ‬

‫‪59‬‬
‫السجدة‪ ،‬وف الثانية‪ :‬هل أتى على الِنسان‪ ،‬ويقرأها بكمالما؛ وأما ما يفعله بعض الناس من القتصار‬
‫على بعضهما فخلف السنّة‪ .‬والسنّة أن يقرأ ف صلة العيد والستسقاء ف الركعة الول بعد الفاتة‪:‬‬
‫ق‪ ،‬وف الثانية‪ :‬اقتربت الساعة؛ وإن شاء قرأ ف الول‪ :‬سبّح اسم ربك العلى‪ ،‬وف الثانية‪ :‬هل أتاك‬
‫حديث الغاشية‪ ،‬فكلها سنّة؛ والسنة أن يقرأ ف الول من صلة المعة‪ :‬سورة المعة‪ ،‬وف الثانية‬
‫النافقون‪ ،‬وإن شاء ف الول‪ :‬سبّح‪ ،‬وف الثانية‪ :‬هل أتاك‪ ،‬فكلها سنّة‪ ،‬وليحذر القتصار على بعض‬
‫السورة ف هذه الواضع‪ ،‬فإن أراد التخفيف أدرج قراءته من غي هذرمة‪ .‬والسنّة أن يقرأ ف ركعت سنّة‬
‫الفجر ف الول بعد الفاتة‪{ :‬قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا}‪ ،‬وف الثانية‪{ :‬قل يا أهل الكتاب تعال إل‬
‫كلمة سواء} الية‪ ،‬وإن شاء ف الول‪{ :‬قل يا أيها الكافرون} وف الثانية‪{ :‬قل هو اللّه أحد} فكلها‬
‫صحّ ف صحيح مسلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعله‪ ،‬ويقرأ ف ركعت سنّة الغرب وركعت‬
‫الطواف والستخارة ف الول‪{ :‬قل يا أيها الكافرون} وف الثانية‪{ :‬قل هو اللّه أحد}‪ .‬وأما الوتر فإذا‬
‫أوتر بثلث ركعات قرأ ف الول بعد الفاتة‪{ :‬سبّح اسم ربك} وف الثانية‪{ :‬قل يا أيها الكافرون}‬
‫وف الثالثة‪{ :‬قل هو اللّه أحد} مع العوّذتي‪ ،‬وكل هذا الذي ذكرناه جاءت به أحاديث ف الصحيح‬
‫وغيه مشهورة استغنينا بشُهرتا عن ذكرها‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬لو تر َك سورة المعة ف الركعة الول من صلة المعة قرأ ف الثانية سورة المعة مع سورة‬
‫النافقي‪ ،‬وكذا صل ُة العيد والستسقاء والوتر وسنّة الفجر وغيها ما ذكرناه ما هو ف معناه‪ ،‬إذا ترك‬
‫ف الول ما هو مسنون أتى ف الثانية بالوّل والثان‪ ،‬لئل تلو صلته من هاتي السورتي‪ ،‬ولو قرأ ف‬
‫صلة المعة ف الول‪ :‬سورة النافقي‪ ،‬قرأ ف الثانية‪ :‬سورة المعة‪ ،‬ول يُعيد النافقي‪ ،‬وقد استقصيتُ‬
‫دلئلَ هذا ف شرح الهذّب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ثبتَ ف الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يطوّل ف الركعة الول من الصبح‬
‫وغيها ما ل يطوّل ف الثانية‪ ،‬فذهب أكثر أصحابنا إل تأويل هذا‪ ،‬وقال‪ :‬ل يطوّل الول على الثانية؛‬
‫وذهب الحققون منهم إل استحباب تطويل الول لذا الديث الصحيح‪ ،‬واتفقوا على أن الثالثة‬
‫ب السورة فيهما‪ ،‬فإن قلنا‬ ‫والرابعة يكونان (‪ )55‬أقصرُ من الول والثانية‪ ،‬والص ّح أنه ل تستح ّ‬
‫باستحبابا فالص ّح أن الثالثة كالرابعة‪ ،‬وقيل بتطويلها عليها‪.‬‬

‫فصل‪ :‬أجع العلماء على الهر بالقراءة ف صلة الصبح والوليي من الغرب والعشاء‪ .‬وعلى‬
‫الِسرار ف الظهر والعصر والثالثة من الغرب‪ ،‬والثالثة والرابعة من العشاء‪ ،‬وعلى الهر ف صلة المعة‬

‫‪60‬‬
‫والعيدين والتراويح والوتر عقبها‪ ،‬وهذا مستحبّ للِمام والنفرد فيما ينفرد به منها؛ وأما الأموم فل يهر‬
‫ف شيء من هذا بالِجاع؛ ويسنّ الهر ف صلة كسوف القمر والِسرار ف صلة كسوف الشمس‪،‬‬
‫ويهر ف صلة الستسقاء‪ ،‬ويُسرّ ف النازة إذا صلّها ف النهار‪ ،‬وكذا إذا صلّها بالليل على الصحيح‬
‫الختار‪ ،‬ول يهر ف نوافل النهار غي ما ذكرناه من العيد والستسقاء‪.‬‬

‫واختلف أصحابنا ف نوافل الليل فقيل ل يهر‪ ،‬وقيل يهر‪ .‬والثالث وهو الصح ـ وبه قطع القاضي‬
‫حسي والبغوي ـ يقرأ بي الهر والِسرار‪ ،‬ولو فاتته صلة بالليل فقضاها ف النهار‪ ،‬أو بالنهار فقضاها‬
‫بالليل فهل يعتب ف الهر والِسرار وقت الفوات أم وقت القضاء؟ فيه وجهان‪ :‬أظهرها يعتب وقت‬
‫القضاء‪ .‬وقيل‪ :‬يُسِرّ مطلقا‪ .‬واعلم أن الهر ف مواضعه والِسرار ف مواضعه سنّة ليس بواجب‪ ،‬فلو‬
‫جهر موضع الِسرار‪ ،‬أو أس ّر موضع الهر فصلته صحيحة‪ ،‬ولكنه ارتكب الكروه كراهة تنيه ول‬
‫يسجد للسهو؛ وقد قدّمنا أن الِسرار ف القراءة والذكار الشروعة ف الصلة لبدّ فيه من أن يسمع‬
‫نفسه‪ ،‬فإن ل يسمعها من غي عارض ل تصحّ قراءته ول ذكره‪.‬‬

‫ب للِمام ف الصلة الهرية أن يسكت أربع سكتات‪ :‬إحداهنّ عقيب‬ ‫فصل‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬يستح ّ‬
‫تكبية الِحرام‪ ،‬ليأت بدعاء الستفتاح‪ ،‬والثانية بعد فراغه من الفاتة سكتة لطيفة جدا بي آخر الفاتة‬
‫وبي آمي‪ ،‬ليعلم أن آمي ليست من الفاتة‪ ،‬والثالثة بعد آمي سكتة طويلة بيث يقرأ الأموم الفاتة‪،‬‬
‫والرابعة بعد الفراغ من السورة يفصل با بي القراءة وتكبية الوي إل الركوع‪.‬‬

‫حبّ له أن يقول آمي‪ ،‬والحاديث الصحيحة كثية مشهورة ف‬ ‫فصل‪ :‬فإذا فرغ من الفاتة ا ْستُ ِ‬
‫كثرة فضله ((‪ )56‬وعظيم أجره‪ ،‬وهذا التأمي مستحبّ لكل قارىء‪ ،‬سواء كان ف الصلة أم خارجا‬
‫منها؛ وفيه أربع لغات‪ :‬أصحهنّ (‪ )57‬وأشهرهنّ "آمي" بال ّد والتخفيف‪ ،‬والثانية بالقصر والتخفيف‪،‬‬
‫والثالثة بالِمالة‪ ،‬والرابعة بال ّد والتشديد‪ .‬فالوليان مشهورتان‪ ،‬والثالثة والرابعة حكاها الواحدي ف أوّل‬
‫البسيط‪ ،‬والختار الول‪ ،‬وقد بسطت القول ف بيان هذه اللغات وشرحها وبيان معناها ودلئلها وما‬
‫يتعلق با ف (‪ . )58‬ويستحبّ التأمي ف الصلة للِمام والأموم والنفرد‪ ،‬ويهر به المام والنفرد ف‬
‫الصلة الهرية‪ ،‬والصحيح أيضا أن الأموم يهر به‪ ،‬سواء كان المع قليلً أو كثيا‪ .‬ويستحبّ َأنْ‬
‫يكون تأمي الأموم مع تأمي الِمام‪ ،‬ل قبله ول بعده‪ ،‬وليس ف الصلة موضع يستحب أن يقترن فيه‬
‫قول الأموم بقول الِمام إل ف قوله‪ :‬آمي‪ ،‬وأما باقي القوال فيتأخر قول الأموم‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫فصل‪ :‬يسنّ لكل مَن قرأ ف الصلة أو غيها إذا م ّر بآية رحة أن يسأل اللّه تعال من فضله‪ ،‬وإذا م ّر بآية‬
‫عذاب أن يستعيذ به من النار أو من العذاب أو من الشرّ أو من الكروه‪ ،‬أو يقول‪ :‬اللهمّ إن أسألك‬
‫العافية أو نو ذلك؛ وإذا م ّر بآية تنيه للّه سبحانه وتعال ن ّزهَ فقال‪ :‬سبحانه وتعال‪ ،‬أو‪ :‬تبارك اللّه ربّ‬
‫العالي‪ ،‬أو‪ :‬جلّت عظمة ربنا‪ ،‬أو نو ذلك‪.‬‬

‫‪ 1/104‬روينا عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫صَّلْيتُ مع النبّ صلى اللّه عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة‪ ،‬فقلت‪ :‬يركع عند الئة‪ ،‬ث مضى فقلت‪:‬‬
‫يصلي با ف ركعة‪ ،‬فمضى‪ ،‬فقلت‪ :‬يركع با‪ ،‬ث افتتح آل عمران فقرأها‪ ،‬ث افتتح النساء فقرأها‪ ،‬يقرأ‬
‫متر ّسلً إذا م ّر بآية فيها تسبيح سبّحَ‪ ،‬وإذا م ّر بسؤال سأل‪ ،‬وإذا م ّر بتعوّذ تعوّذ"‪ .‬رواه مسلم ف‬
‫صحيحه‪.‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬يستحبّ هذا التسبيح والسؤال والستعاذة للقارىء ف الصلة وغيها وللِمام والأموم‬
‫والنفرد‪ ،‬لنه دعاء فاستووا فيه كالتأمي‪ .‬ويستحبّ لكل من قرأ‪{ :‬ألَْيسَ اللّ ُه بأحْكَ ِم الاكِمِيَ} التي‪:‬‬
‫حِييَ ا َل ْوتَى}‬
‫ك بِقادِ ٍر على أنْ يُ ْ‬
‫‪ 8‬أن يقول‪ :‬بلى وأنا على ذلك من الشاهدين؛ وإذا قرأ‪{ :‬أََلْيسَ ذل َ‬
‫القيامة‪ 40:‬قال‪ :‬بلى أشهد؛ وإذا قرأ‪َ{ :‬فبِأيّ حَدِيثٍ َبعْ َد ُه ي ْؤمِنُونَ} العراف‪ 185:‬قال‪ :‬آمنت‬
‫ك العْلَى} العلى‪ 1:‬قال‪ :‬سبحان رب العلى‪ ،‬ويقول هذا كله ف‬ ‫باللّه؛ وإذا قرأ‪{ :‬سَبّ ِح اسْمَ َربّ َ‬
‫الصلة وغيها‪)60(.")59( ،‬‬

‫بابُ أذكار الركوع‬

‫قد تظاهرت الخبارُ الصحيحةُ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان ُي َكبّر للركوع وهو سنّة‪،‬‬
‫ولو تركه كان مكروها كراهة تنيه‪ ،‬ول تبط ُل صلتُه ول يسجدُ للسهو‪ ،‬وكذلك جيع التكبيات الت‬
‫ف الصلة هذا حكمها إل تكبية الِحرام‪ ،‬فإنا ركن ل تنعقد الصلة إل با؛ وقد قدّمنا عَ ّد تكبيات‬
‫الصلة ف أوّل أبواب الدخول ف الصلة‪.‬‬

‫وعن الِمام أحد رواية‪ :‬أن جيع هذه التكبيات واجبة‪ .‬وهل يستحبّ مدّ هذا التكبي؟ فيه قولن‬
‫للشافعي رحه اللّه‪ :‬أصحّهما وهو الديد يستحبّ مدّه إل أن يصل إل حدّ الراكعي فيشتغل بتسبيح‬
‫الركوع لئل يلو جزء من صلته عن ذكر‪ ،‬بلف تكبية الِحرام‪ ،‬فإن الصحيح استحباب ترك الدّ‬

‫‪62‬‬
‫فيها‪ ،‬لنه يتاج إل بسط النيّة عليها‪ ،‬فإذا مدّها شقّ عليه‪ ،‬وإذا اختصرها سهل عليه‪ ،‬وهكذا حكم باقي‬
‫ح هذا ف باب تكبية الِحرام‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬ ‫التكبيات‪ ،‬وقد تقدم إيضا ُ‬

‫ب العَظِيمِ‪ُ ،‬سبْحانَ رَبَ‬


‫فصل‪ :‬فإذا وصل إل حدّ الراكعي اشتغل بأذكار الركوع فيقول‪ُ :‬سبْحَانَ رَ َ‬
‫ب العَظِيمِ‪.‬‬
‫العَظِيمِ‪ُ ،‬سبْحَانَ َر َ‬

‫‪ 1/105‬فقد ثبت ف صحيح مسلم من حديث حذيفة‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ف ركوعه الطويل الذي كان قريبا من قراءة البقرة والنساء وآل‬
‫ب العَظِيمِ" ومعناه‪ :‬كرّر سبحان رب العظيم فيه‪ ،‬كما جاء مبيّنا ف سنن أب داود‬
‫عمران " ُسبْحانَ َر َ‬
‫وغيه‪.‬‬

‫ب العَظِي ِم ثَلثا َفقَ ْد تَمّ‬


‫وجاء ف كتب السنن أنه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا قالَ أحَدُ ُك ْم ُسبْحانَ رَ َ‬
‫رُكُوعُهُ" (‪()61‬أبو داود (‪ ، )886‬والترمذي (‪ )261‬وابن ماجه (‪ ، )890‬عن ابن مسعود‪،‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬ليس إسناده بتصل‪ ،‬لن عونا ل يلق ابن مسعود) ‪ ) .‬مسلم (‪ ، )772‬وأبو داود (‬
‫‪ ، )871‬والنسائي ‪(" ).3/226‬أبو داود (‪ ، )886‬والترمذي (‪ )261‬وابن ماجه (‪، )890‬‬
‫عن ابن مسعود‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬ليس إسناده بتصل‪ ،‬لن عونا ل يلق ابن مسعود) ‪ ) .‬مسلم (‪)772‬‬
‫‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )871‬والنسائي ‪).3/226‬‬

‫‪ 2/106‬وثبت ف الصحيحي عن عائشة رضي اللّه عنها‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول ف ركوعه وسجوده‪ُ " :‬سبْحانَكَ الّلهُمّ َربّنا وبِحَمْ ِدكَ‪،‬‬
‫الّلهُ ّم اغْفِرْ ل" يتأوّلُ القرآنَ‪.‬‬

‫(‪)62‬‬

‫‪ 3/107‬وثبت ف صحيح مسلم عن عليّ رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫ك أسْلَ ْمتُ‪،‬‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا ركع يقول‪" :‬اللهمّ لكَ رَ َك ْعتُ‪َ ،‬وبِكَ آ َمنْتُ‪ ،‬ولَ َ‬
‫ك َس ْمعِي َوَبصَرِي ومُخّي وَعَ ْظمِي َوعَصبِي"‪ .‬وجاء ف كتاب السنن "خَشَ َع َس ْمعِي َوَبصَرِي‬ ‫خَشَعَ لَ َ‬
‫ت بِهِ َقدَمي ِللّهِ رَبّ العالَمِيَ"‪)63(.‬‬
‫ومُخّي َوعَظْمِي‪ ،‬ومَا اسَْتقَّل ْ‬

‫‪63‬‬
‫‪ 4/108‬وثبت ف صحيح مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها‪:‬‬

‫ب الَلِئ َكةِ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول ف ركوعه وسجوده‪ُ " :‬سبّوحٌ قُدّوسٌ رَ ّ‬
‫والرّوحِ" قال أهل اللغة‪ :‬سبوح قدوس‪ :‬بضم أولما وفتح ِه أيضا لغتان‪ :‬أجودها وأشهرها وأكثرها‬
‫الضمّ‪)64( .‬‬

‫‪ 5/109‬وروينا عن عوف بن مالك رضي اللّه عننه قال‪:‬‬

‫قمتُ مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقام فقرأ سورة البقرة ل ي ّر بآية رحة إل وقف وسأل‪ ،‬ول‬
‫لبَرُوتِ‬
‫ي ّر بآية عذاب إل وقف وتعوّذ‪ ،‬قال‪ :‬ث ركع بقدر قيامه‪ ،‬يقول ف ركوعه‪ُ " :‬سبْحانَ ذِي ا َ‬
‫ت والكِبِياءِ وَالعَظَ َمةِ" ث قال ف سجوده مثل ذلك‪ .‬هذا حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي‬
‫وَالَلَكو ِ‬
‫ف سننهما‪ ،‬والترمذي ف كتاب الشمائل بأسانيد صحيحة‪ ) .‬أبو داود (‪)65‬‬

‫‪ 6/110‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬فأمّا الرّكُوعُ َفعَظّمُوا فِيهِ الرّبّ"‪.‬‬

‫ب سبحانه وتعال ف الركوع بأيّ لفظ‬


‫واعلم أن هذا الديث الخي هو مقصو ُد الفصل‪ ،‬وهو تعظيم الر ّ‬
‫كان‪ ،‬ولكن الفضل أن يمعَ بي هذه الذكار كلها إن تكن من ذلك بيث ل يشقّ على غيه‪ ،‬ويقدم‬
‫ب التسبيح‪ ،‬وأدن الكمال منه ثلث تسبيحات‪ ،‬ولو اقتصر على‬‫التسبيح منها‪ ،‬فإن أراد القتصا َر فيستح ّ‬
‫مرّة كان فاعلً لصل التسبيح‪ .‬ويُستحبّ إذا اقتصر على البعض أن يفعل ف بعض الوقات بعضها‪ ،‬وف‬
‫ل لميعها‪ ،‬وكذا ينبغي أن يفعل ف‬
‫وقت آخر بعضا آخر‪ ،‬وهكذا يفعل ف الوقات حت يكون فاع ً‬
‫أذكار جيع البواب‪.‬‬

‫واعلم أن الذكرَ ف الركوع سّنةٌ عندنا وعند جاهي العلماء‪ ،‬فلو تركه عمدا أو سهوا ل تبط ُل صلته‬
‫ول يأثُ ول يسجد للسهو‪ .‬وذهب الِمام أحد بن حنبل وجاعة إل أنه واجب‪ ،‬فينبغي للمصلي‬
‫الحافظة عليه‪ ،‬للحاديث الصرية الصحيحة ف المر به‪ ،‬كحديث‪" :‬أما الركوع فعظموا فيه الربّ"‬
‫وغيه ما سبق‪ ،‬وليخرج عن خلف العلماء رحهم اللّه‪ ،‬واللّه أعلم‪)66( .‬‬

‫‪64‬‬
‫فصل‪ :‬يُكره قراءة القرآن ف الركوع والسجود‪ ،‬فإن قرأ غي الفاتة ل تبطل صلتُه‪ ،‬وكذا لو قرأ‬
‫الفاتة ل تبطل صلته على الصحّ‪ ،‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬تبطل‪.‬‬

‫‪ 7/111‬روينا ف صحيح مسلم عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫"نان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقرأ راكعا أو ساجدا"‪)67(.‬‬

‫‪ 8/112‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬أل وَإن ُنهِيتُ أنْ أقْرأ القُرآنَ رَاكِعا أوْ ساجِدا"‪.‬‬

‫(‪)68‬‬

‫ب ما يقولُه ف رفعِ رأسِه من الركوع وف اعتدالِه‬


‫با ُ‬

‫ص عليه‬ ‫السنّة أن يقول حال رفع رأسه‪ :‬سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ َحمِ َدهُ‪ ،‬ولو قال‪ :‬من حد اللّه سع له‪ ،‬جاز‪ ،‬ن ّ‬
‫ت َومِلْءَ‬
‫ك الَمْدُ حْدا َطيّبا مُبارَكا فِيهِ مِلْءَ السّ َموَا ِ‬ ‫الشافعي ف المّ‪ ،‬فإذا استوى قائما قالَ‪َ :‬ربّنَا لَ َ‬
‫ال ْرضِ َومِلْ َء ما َبْينَهُما َومِلْ َء ما ِشْئتَ مِ ْن َشيْ ٍء َبعْدُ‪ ،‬أهْ َل الثّناءِ والَجْدِ‪ ،‬أ َح ّق ما قَا َل العَبْدُ‪ ،‬وكلنا لَكَ‬
‫عَبْدٌ‪ ،‬ل مانِعَ لِمَا أعْ َطْيتَ‪ ،‬وَلَ ُمعْ ِطيَ لِمَا َمَنعْتَ‪ ،‬وَل َينْفَعُ ذَا الَ ّد ِمنْكَ الَدّ‪.‬‬

‫‪ 1/113‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه أنه قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬سَ ِمعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِ َدهُ" حي يرفع صلبه من الركوع‪ ،‬ث‬
‫يقول وهو قائم‪َ " :‬ربّنا لَكَ الَ ْمدُ" وف روايات "ولَكَ الَمْدُ" بالواو‪ ،‬وكلها حسن‪.‬‬

‫وروينا مثله ف الصحيحي عن جاعة من الصحابة‪)69( .‬‬

‫‪ 2/114‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عليّ‪ ،‬وابن أب أوف رضي اللّه عنهم‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رفع رأسه (‪ )70‬قال‪" :‬سَمِعَ اللّهُ لِ َمنْ حَ ِم َدهُ‪َ ،‬ربّنا لكَ‬
‫الَمْدُ مِلْءَ السّمَواتِ َومِلْءَ ال ْرضِ َومِلْءَ ما ِشْئتَ منْ شَيْ ٍء َبعْدُ"‪)71(.‬‬

‫‪3/115‬ـ وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫‪65‬‬
‫ك الَمْ ُد مِلْ َء‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال‪" :‬الّل ُهمّ َرّبنَا لَ َ‬
‫ك َعبْدٌ‪،‬‬ ‫ت وَال ْرضِ‪َ ،‬ومِلْ َء ما ِشْئتَ م ْن َشيْ ٍء َبعْدُ‪ ،‬أهْ َل الثّناءِ وَالَجْدِ‪ ،‬أ َح ّق ما قا َل العَبْ ُد وكُلّنا لَ َ‬ ‫السّ َموَا ِ‬
‫ك الَدّ"‪)72( ).‬‬ ‫الّلهُ ّم ل مانِعَ لِمَا أعْ َطيْتَ‪ ،‬وَل ُمعْ ِطيَ لِمَا َمنَ ْعتَ‪ ،‬وَلَيْنفَعُ ذَا الَدّ مِنْ َ‬

‫‪ 4/116‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬من رواية ابن عباس‪:‬‬

‫ت َومِلْءَ ال ْرضِ وَما َبْينَهُما‪َ ،‬ومِلْ َء ما َشْئتَ مِ ْن َشيْ ٍء َبعْد(‪ ))73‬مسلم (‬


‫ك الَمْدُ مِلْءَ السّمَوا ِ‬
‫" َرّبنَا لَ َ‬
‫‪ ، )478‬والنسائي ‪ )" ).2/198‬مسلم (‪ ، )478‬والنسائي ‪).2/198‬‬

‫‪ 5/117‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كنا يوما نصلي وراء النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فلما رفع رأسه من الركعة قال‪َ " :‬سمِعَ اللّهُ لِمَنْ حَ ِم َدهُ"‬
‫ك الَمْدُ حَمْدا َكثِيا َطيّبا مُبارَكا فِيهِ‪ ،‬فلما انصرف قال‪" :‬مَن ا ُلتَكَلّمُ؟"‬ ‫فقال رجل وراءه‪َ " :‬رّبنَا وَلَ َ‬
‫ي َيبْتَ ِدرُونَها أّيهُ ْم يَ ْكُتبُها أوّلُ"‪)74(.‬‬
‫ض َعةً وثَلثِ َ‬
‫قال‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪" :‬رأيتُ ِب ْ‬

‫فصل‪ :‬اعلم أنه يُستحبّ أن يمع بي هذه الذكار كلها على ما قدّمناه ف أذكار الركوع‪ ،‬فإن‬
‫اقتصر على بعضها فليقتصرْ على "سع اللّه لن حده ربنا لك المد ملء السموات ومَلْء الرض وما‬
‫بينهما‪ ،‬وملء ما شئت من شيء بعد" فإن بالغَ ف القتصار اقتصر على "سع اللّه لن حده ربنا لك‬
‫المد" فل أقلّ من ذلك‪.‬‬

‫واعلم أن هذه الذكار كلها مستحبة للِمام والأموم والنفرد‪ ،‬إل أن الِمام ل يأت بميعها إل أن يعلم‬
‫من حال الأمومي أنم يُؤثرون التطويل‪ .‬واعلم أن هذا الذكر سنّة ليس بواجب‪ ،‬فلو تركه كُ ِرهَ له‬
‫كراهةَ تنيه ول يسجدُ للسهو‪ ،‬ويُكره قراءةُ القرآن ف هذا العتدال كما يُكره ف الركوع والسجود‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ أَذْكَارِ السّجودِ‬

‫فإذا فرغ من أذكار العتدال كبّ َر وهوى ساجدا وم ّد التكبي إل أن يضع جبهته على الرض‪ .‬وقد‬
‫قدّمنا حكمّ هذه التكبية وأنا سنّة لو تركها ل تبط ْل صلتُه ول يسجد للسهو‪ ،‬فإذا سجد أتى بأذكار‬
‫السجود‪ ،‬وهي كثية‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫فمنها ما رويناه ف صحيح مسلم من رواية حذيفة التقدمة ف الركوع ف صفة صلة النب صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪ ،‬حي قرأ البقرة وآل عمران والنساء ف الركعة الواحدة‪ ،‬ل ي ّر بآية رحة إل سأل‪ ،‬ول بآية‬
‫عذاب إل استعاذ‪ ،‬قال‪ :‬ث سجد فقال‪" :‬سُبحان رب العلى" فكان سجوده قريبا من قيامه (‪)1‬‬

‫‪ 1/118‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم يكثر أن يقول ف ركوعه وسجوده‪ُ " :‬سبْحانَكَ الّلهُمّ َربّنا وبِحَمْ ِدكَ‪،‬‬
‫الّلهُ ّم اغْفِرْ ل"‪)2(.‬‬

‫‪ 2/119‬وروينا ف صحيح مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها ما قدّمناه ف الركوع‪:‬‬

‫ب الَلِئ َكةِ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول ف ركوعه وسجوده‪ُ " :‬سبّوحٌ قُدّوس‪ ،‬رَ ّ‬
‫والرّوحِ"‪)3( ).‬‬

‫‪ 3/120‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا عن عليّ رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫ك أسْلَ ْمتُ‪ ،‬سَجَدَ وَ ْجهِي للّذي‬


‫ك سَجَدْتُ‪َ ،‬وبِكَ آ َمْنتُ‪ ،‬ولَ َ‬
‫أن رسول اللّه كان إذا سجد قال‪" :‬الّلهُمّ لَ َ‬
‫صوّ َرهُ‪َ ،‬وشَ ّق سَ ْمعَ ُه َوبَصَ َرهُ‪ ،‬تبا َركَ اللّهُ أحْسَ ُن الالِقي"‪.‬‬
‫خََلقَ ُه وَ َ‬

‫(‪)4‬‬

‫‪ 4/121‬وروينا ف الديث الصحيح ف كتب السنن‪ ،‬عن عوف بن مالك ما قدّمناه ف فصل‬
‫الركوع‪:‬‬

‫ت والََلكُوتِ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رك َع ركوعَه الطويل يقول فيه‪" :‬سُبْحانَ ذِي الَبُرو ِ‬
‫وَال ِكبْرِياء والعظمة" ث قال ف سجوده مثل ذلك‪ ) .‬أبو داود (‪ ، )873‬والنسائي ‪،2/191‬‬
‫والترمذي ف الشمائل‪ ،‬وقد تقدم برقم ‪).5/109‬‬

‫‪ 5/122‬وروينا ف كتب السنن‬

‫ب العْلى ثلثا‪،‬‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬وَإذا َسجَدَ ـ أي أحدكم ـ فَ ْلَيقُلْ‪ُ :‬سبْحانَ َر َ‬
‫وذلك أدْناهُ"‪)5(.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ 6/123‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫تفقدت النبّ صلى اللّه عليه وسلم ذات ليلة فتجسست‪ ،‬فإذا هو راكع أو ساجد يقول‪ُ ":‬سبْحَانَ َ‬
‫ك‬
‫وبِحَمْ ِدكَ ل إلهَ إِلّ أْنتَ"‪ ،‬وف رواية ف مسلم‪ :‬فوقعت يدي على بطن قدميه وهو ف السجد وها‬
‫ك ِمنْكَ‪ ،‬ل‬
‫ك مِ ْن ُعقُوَبتِكُ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫منصوبتان وهو يقول‪" :‬الّلهُ ّم أعُو ُذ بِرضَاكَ مِنْ سَخطِكَ‪ ،‬وبِمُعافاتِ َ‬
‫أُ ْحصِي ثَنا ًء عََليْكَ‪ ،‬أْنتَ كمَا أثَْنْيتَ على َنفْسِكَ"‪)6(.‬‬

‫‪ 7/124‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬فأمّا الرّكُوعُ َفعَظّمُوا فِيهِ الرّبّ‪ ،‬وأمّا السّجُودُ فا ْجَتهِدُوا ف‬
‫ستَجَابَ َلكُم"‪.‬‬
‫الدّعاءِ َفقَ ِمنٌ أ ْن يُ ْ‬

‫يُقال‪ :‬قمن بفتح اليم وكسرها‪ ،‬ويوز ف اللغة قمي‪ ،‬ومعناه‪ :‬حقيق وجدير‪)7( .‬‬

‫‪ 8/125‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫ب ما َيكُو ُن العَبْ ُد مِنْ َربّ ِه َو ُهوَ ساجِدٌ‪ ،‬فأ ْكثِرُوا الدّعاء"‪( ).‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬أقْرَ ُ‬
‫‪)8‬‬

‫‪ 9/126‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة أيضا‪،‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول ف سجوده‪" :‬الّل ُهمّ ا ْغفِرْ ل َذْنبِي كُلّهُ‪ ،‬دِقّ ُه وَ ِجلّ ُه وأوّلَهُ‬
‫وآخِ َر ُه َوعَلِنَيتَهُ َوسِرّه"‪ .‬دِقه وجِلّه‪ :‬بكسر أولما‪ ،‬ومعناه‪ :‬قليله وكثيه‪.‬‬

‫واعلم أنه يستحبّ أن يمع ف سجوده جيع ما ذكرناه‪ ،‬فإن ل يتمكن منه ف وقت أتى به ف أوقات‪،‬‬
‫كما قدّمناه ف البواب السابقة‪ ،‬وإذا اقتصر يقتصر على التسبيح مع قليل من الدعاء‪ ،‬ويُق ّدمُ التسبيحَ‪،‬‬
‫وحكمه ما ذكرناه ف أذكار الركوع من كراهة قراءة القرآن فيه‪ ،‬وباقي الفروع‪)9(.‬‬

‫فصل‪ :‬اختلف العلماء ف السجود ف الصلة والقيام أيّهما أفضل؟ فمذهب الشافعي ومن وافقه‪:‬‬
‫القيام أفضل‪ ،‬لقول النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف الديث ف صحيح مسلم "أ ْفضَلُ الصّل ِة طُو ُل ال ُقنُوتِ"‬
‫(‪ . )10‬قال الِمام أبو عيسى الترمذي ف كتابه‪ :‬اختلف أهل العلم ف هذا‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬طو ُل القيام‬

‫‪68‬‬
‫ف الصلة أفضل من كثرة الركوع والسجود‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬كثرةُ الركوع والسجود أفضلُ من طول‬
‫القيام‪ .‬وقال أحد بن حنبل‪ :‬روي فيه حديثان عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ول يقضِ فيه أح ُد بشيء‪.‬‬
‫وقال إسحاق‪ :‬أما بالنهار فكثرةُ الركوع والسجود‪ ،‬وأما بالليل فطو ُل القيام‪ ،‬إل أن يكون رجل له جزء‬
‫ل لنه يأت على حزبه‪ ،‬وقد ربح كثرة الركوع‬ ‫بالليل يأت عليه‪ ،‬فكثرة الركوع والسجود ف هذا أحبّ إ ّ‬
‫ف صلة النبّ صلى اللّه عليه وسلم بالليل‬
‫والسجود‪ .‬قال الترمذي‪ :‬وإنا قال إسحاق هذا لنه وص َ‬
‫ف طول القيام‪ .‬وأما بالنهار فلم يُوصف من صلته صلى اللّه عليه وسلم من طول القيام ما وُصف‬ ‫ووص َ‬
‫بالليل‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا سجد للتلوة استُحبّ أن يقول ف سجوده ما ذكرناه ف سجود الصلة‪ ،‬ويستحبّ أن‬
‫يقول معه‪ :‬الّلهُمّ ا ْجعَلْها ل عِنْ َدكَ ُذخْرا‪ ،‬وأعْظِمْ ل ِبهَا أجْرا‪ ،‬وَضَ ْع َعنّي بِها وِزْرا‪َ ،‬وَت َقبّلْها مِنّي كما‬
‫َتقَبّ ْلتَها مِنْ دَاوُ َد عََليْهِ السّلمُ‪ .‬ويُستَحبّ أن يقول أيضا‪ُ { :‬سبْحانَ َربّنا إ ْن كانَ َوعْدُ َربّنا لَ َم ْفعُولً}‬
‫الِسراء‪ 108 :‬نصّ الشافعي على هذا الخي‪.‬‬

‫‪ 10/127‬روينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ف سجود القرآن‪" :‬سَجَ َد َو ْجهِي للّذي َخَلقَهُ‪َ ،‬وشَقّ َس ْمعَهُ‬
‫حوْلِ ِه وَُق ّوتِهِ"‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح‪ ،‬زاد الاكم‪َ " :‬فتَبا َركَ اللّهُ أحْسَ ُن الاِلقِيَ" قال‪:‬‬
‫َوبَصَ َر ُه بِ َ‬
‫وهذه الزيادة صحيحة على شرط الصحيحي‪ .‬وأما قوله "اللّهمّ اجعلها ل عندك ذخرا‪..‬ال" فرواه‬
‫الترمذي مرفوعا من رواية ابن عباس رضي اللّه عنهما بإسناد حسن‪ .‬وقال الاكم‪ :‬حديث صحيح‪( .‬‬
‫‪)11‬‬

‫باب ما يقولُ ف رفعِ رأسه من السجود وف اللوس بي السجدتي‬

‫السنّة أن ُي َكبّرَ من حي يبتدىء بالرفع‪ ،‬وي ّد التكبي إل أن يستويَ جالسا‪ ،‬وقد قدّمنا بيانَ عدد‬
‫التكبيات‪ ،‬واللف ف مدّها‪ ،‬والدّ البطل لا؛ فإذا فرغ من التكبي واستوى جالسا‪ ،‬فالسنّة أن يدعو‪:‬‬

‫‪ 1/128‬با رويناه ف سنن أب داود والترمذي والنسائي والبيهقي وغيها‪ ،‬عن حذيفة رضي اللّه عنه‬
‫ف حديثه التقدم ف صلة النب صلى اللّه عليه وسلم ف الليل‪ ،‬وقيامه الطويل بالبقرة والنساء وآل‬

‫‪69‬‬
‫عمران‪ ،‬وركوعه نو قيامه‪ ،‬وسجوده نو ذلك‪ ،‬قال‪ :‬وكان يقول بي السجدتي‪" :‬رَبّ ا ْغفِرْ ل‪ ،‬رَبّ‬
‫ا ْغفِرْ ل"‪ ،‬وجلس بقدر سجوده‪)12( .‬‬

‫‪ 2/129‬وبا رويناه ف سنن البيهقي‪ ،‬عن ابن عباس ف حديث مبيته عند خالته ميمونة رضي اللّه‬
‫عنها‪ ،‬وصلة النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف الليل فذكره قال‪ :‬وكان إذا رفع رأسه من السجدة قال‪" :‬‬
‫ب اغْفِرْ ل وارْحَ ْمنِي وا ْجبُ ْرنِي وَارَْف ْعنِي وَارْزُ ْقنِي وَاهْدِن" وف رواية أب داود "وَعَافِن" وإسناد حسن‪،‬‬
‫رَ ّ‬
‫واللّه أعلم‪)13( .‬‬

‫فصل‪ :‬فإذا سجد السجدة الثانية قال فيه ما ذكرناه ف الول سواء‪ ،‬فإذا رف َع رأسه منه رفع مكبّرا‬
‫وجلس للستراحة جلسة لطيفة بيث تسكنُ حركتُه سكونا بيّنا‪ ،‬ث يقوم ف الركعة الثانية وي ّد التكبية‬
‫الت رفع با من السجود إل أن ينتصب قائما‪ ،‬ويكون ال ّد بعد اللم من اللّه‪ ،‬هذا أصحّ الوجه‬
‫لصحابنا‪ ،‬ولم وجه أن يرفع بغي تكبي ويلس للستراحة فإذا نض كبّر؛ ووجه ثالث أن يرفع من‬
‫السجود مكبّرا‪ ،‬فإذا جلس قطع التكبي ث يقومُ بغي تكبي‪ .‬ول خلف أنه ل يأت بتكبيين ف هذا‬
‫الوضع‪ ،‬وإنا قال أصحابنا‪ :‬الوجه الوّل أصحّ لئل يلو جزء من الصلة عن ذكر‪.‬‬

‫واعلم أن جلسة الستراحة سنّة صحيحة ثابتة ف صحيح البخاري وغيه من فعل رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ومذهبنا استحبابُها لذه السنّة الصحيحة‪ ،‬ث هي مستحبّة عقيب السجدة الثانية من كل‬
‫ركعة يقوم عنها‪ ،‬ول تستحبّ ف سجود التلوة ف الصلة (ف هامش أ وقد أوضحتُ هذا ف شرح‬
‫الهذب وف شرح البخاري أيضا‪ ،‬وليس مقصودي ف هذا الكتاب إل بيان الذكار الاصة‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وشرح البخاري من الكتب الت بدأ النووي تأليفها‪ ،‬وتوف قبل أن يتمها) " ‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ أذكارِ الرّكْع ِة الثانية‬

‫اعلم أن الذكار الت ذكرناها ف الركعة الول يفعلها كّلهَا ف الثانية على ما ذكرناه ف الول من‬
‫الفرض والنفل‪ ،‬وغي ذلك من الفروع الذكورة‪ ،‬إل ف أشياء‪ :‬أحدُها‪ :‬أن الركعة الول فيها تكبية‬
‫الِحرام وهي ركن‪ ،‬وليس كذلك الثانية فإنه ل يكبّر ف أوّلا‪ ،‬وإنا التكبية الت قبلها للرفع من السجود‬
‫مع أنا سنّة‪ .‬الثان‪ :‬ل يُشرع دعاء الستفتاح ف الثانية بلف الول‪ .‬الثالث‪ :‬قدّمنا أنه يتعوّذ ف الول‬
‫بل خلف‪ ،‬وف الثانية خلف‪ ،‬الص ّح أنه يتعوذ‪ .‬الرابع‪ :‬الختار أن القراءة ف الثانية تكون أقلّ من‬
‫الول‪ ،‬وفيه اللف الذي قدّمناه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫بابُ القُنوتِ ف الصّبح‬

‫اعلم أن القنوتَ ف صلة الصبح سنّة للحديث الصحيح فيه‪:‬‬

‫‪ 1/130‬عن أنس رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ل يزل يقنت ف الصبح حت فارق الدنيا‪ .‬رواه الاكم أبو عبد اللّه‬
‫ف كتاب الربعي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث صحيح‪.‬‬

‫واعلم أن القنوت مشروع عندنا ف الصبح وهو سنّة متأكدة‪ ،‬لو تركه ل تبطل صلته لكن يسجد‬
‫للسهو سواء تركه عمدا أو سهوا‪ .‬وأما غي الصبح من الصلوات المس فهل يقنت فيها؟ فيه ثلثة‬
‫أقوال للشافعي رحه اللّه تعال‪ :‬الصحّ الشهو ُر منها أنه إن نزل بالسلمي نازلة قنتوا‪ ،‬وإل فل‪ .‬والثان‪:‬‬
‫يقنتون مطلقا‪ .‬والثالث‪ :‬ل يقنتو مطلقا‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب القنوت عندنا ف النصف الخي من شهر رمضان ف الركعة الخية من الوتر‪ ،‬ولنا وجه أن‬‫ويستح ّ‬
‫يقنت فيها ف جيع شهر رمضان‪ ،‬ووجه ثالث ف جيع السنة وهو مذهبُ أب حنيفة‪ ،‬والعروف من‬
‫مذهبنا هو الوّل‪ ،‬واللّه أعلم‪)14( .‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن مل القنوت عندنا ف الصبح بعد الرفع من الركوع ف الركعة الثانية‪ .‬وقال مالك‬
‫رحه اللّه‪ :‬يقنت قبل الركوع‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬فلو قنت شافعي قبل الركوع ل يُحسبْ له على الصحّ‪،‬‬
‫ولنا وجه أن يسب‪ ،‬وعلى الص ّح يعيده بعد الركوع ويسجد للسهو‪ ،‬وقيل ل يسجد‪ ،‬وأما لفظه‬
‫فالختيار أن يقول فيه‪:‬‬

‫‪ 2/131‬ما رويناه ف الديث الصحيح ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي‬
‫وغيها بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن السن بن عليّ رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫علّمن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كلماتٍ أقوُلهُنّ ف الوتر‪" :‬الّلهُ ّم اهْدِن فِيمَ ْن هَ َدْيتَ‪ ،‬وعَافِن‬
‫ك َتقْضِي وَل ُي ْقضَى‬
‫ضيْتَ‪ ،‬فإنّ َ‬ ‫فِيمَ ْن عَاَفيْتَ‪َ ،‬وَتوَلّن فِيمَن َتوَّليْتَ‪ ،‬وبَا ِركْ لِي فِيما َأعْ َطْيتَ‪ ،‬وَقِن شَرّ ما َق َ‬
‫عََليْكَ‪َ ،‬وِإنّ ُه ل يَذِ ّل مَ ْن وَاَليْتَ‪َ ،‬تبَارَكْتَ َربّنا َوتَعاَلْيتَ"‪ .‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن‪ ،‬قال‪ :‬ول‬
‫نعرف عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف القنوت شيئا أحسن من هذا‪ .‬وف رواية ذكرها البيهقي أن‬

‫‪71‬‬
‫ممد بن النفية‪ ،‬وهو ابن علي بن أب طالب رضي اللّه عنه قال‪ :‬إن هذا الدعاء هو الدعاء الذي كان‬
‫أب يدعو به ف صلة الفجر ف قنوته‪ .‬ويستحبّ أن يقو َل عقيب هذا الدعاء‪ :‬الّلهُمّ صَ ّل على مُحَمّدٍ‬
‫وعلى آ ِل ُمحَمّ ٍد َوسَلّم‪ ،‬فقد جاء ف رواية النسائي ف هذا الديث بإسناد حسن (‪" )15‬وَصَلَى اللّهُ‬
‫على الّنبِيّ"‪.‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬وإن قنت با جاء عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه كان حسنا‪ ،‬وهو أنه قنت ف الصبح‬
‫ج ُركَ‪ ،‬الّل ُهمّ‬‫خلَ ُع مَ ْن َيفْ ُ‬
‫سَتعِينُكَ َونَسَْت ْغفِ ُركَ وَ َل َن ْكفُ ُركَ‪َ ،‬وُن ْؤمِ ُن بِكَ َونَ ْ‬‫بعد الركوع فقال‪ " :‬الّلهُ ّم إنّا نَ ْ‬
‫ك الِدّ‬ ‫سعَى وَ ْنفِدُ‪ ،‬نَ ْرجُو رَ ْح َمتَكَ َونَخْشَى عَذَابَكَ‪ ،‬إ ّن عَذَابَ َ‬ ‫ك ُنصَلّي َونَسْجُد‪َ ،‬وإَِليْكَ نَ ْ‬ ‫إيّا َك َنعْبُد‪ ،‬ولَ َ‬
‫ب ال َكفَ َرةَ الّذِي َن َيصُدّونَ عَ ْن َسبِيلِكَ‪ ،‬ويُكَ ّذبُونَ ُر ُسلَكَ‪َ ،‬ويُقاتِلُونَ أوْلِيَا َءكَ‪.‬‬ ‫بال ُكفّا ِر مُ ْلحِقٌ‪ .‬الّلهُ ّم عَذّ ِ‬
‫ف َبيْنَ قُلُوِبهِمْ‪ ،‬وَا ْجعَلْ فِي‬ ‫ي وَا ُل ْؤمِناتِ والُسْلِ ِم َي والُسْلِماتِ‪ ،‬وأصْلِح ذَاتَ َبْيِنهِمْ‪ ،‬وأَلّ ْ‬ ‫الّلهُ ّم اغْفِرْ للْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫لكْ َمةَ‪َ ،‬وثَّبْتهُمْ على مِّلةِ َرسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم‪َ ،‬وَأوْ ِز ْعهُمْ أ ْن يُوفُوا ِب َعهْدِكَ‬ ‫قُلُوِبهِم الِيَانَ وَا ِ‬
‫الّذي عاهَ ْدَتهُ ْم عََليْهِ‪ ،‬وَانْصُ ْرهُ ْم على عَ ّد َوكَ َوعَ ُد ّوهِمْ إِلهَ الَ ّق وَا ْجعَلْنا ِمْنهُمْ (‪ )16‬وهو موقوف‬
‫صحيح موصول‬

‫واعلم أن النقول عن عمر رضي اللّه عنه‪ :‬عذّب الكفرة أهل الكتاب؛ لن قتالم ذلك الزمان كان مع‬
‫كفرة أهل الكتاب؛ وأما اليوم فالختيار أن يقول‪" :‬عذّب الكفرة" فإنه أعمّ‪ .‬وقوله نلع‪ :‬أي‪ :‬نترك‪،‬‬
‫وقوله يفجر‪ :‬أي‪ :‬يلحد ف صفاتك‪ ،‬وقوله نفِد بكسر الفاء‪ :‬أي‪ :‬نُسارع‪ ،‬وقوله الِ ّد بكسر اليم‪:‬‬
‫أي‪ :‬الق‪ ،‬وقوله مُ ْلحِق بكسر الاء على الشهور ويقال بفتحها‪ ،‬ذكره ابن قتيبة وغيه‪ ،‬وقوله‪ :‬ذات‬
‫بينهم‪ ،‬أي‪ :‬أمورهم ومواصلتم‪ ،‬وقوله الكمة‪ :‬هي كل ما منع من القبيح‪ ،‬وقوله وأوزعهم‪ :‬أي‪:‬‬
‫ألمهم‪ ،‬وقوله واجعلنا منهم‪ :‬أي‪ :‬مّن هذه صفته‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬يستحبّ المع بي قنوت عمر وما‬
‫سبق‪ ،‬فإن جع بينهما فالصحّ تأخي قنوت عمر‪ ،‬وإن اقتصر فليقتصر على الوّل‪ ،‬وإنا يُستحبّ المع‬
‫بينهما إذا كان منفردا أو إما َم مصورين يرضون بالتطويل‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫واعلم أن القنوت ل يتعي فيه دعاء على الذهب الختار‪ ،‬فأيّ دعاء دعا به حصل القنوت ولو َقَنتَ بآي ٍة‬
‫أو آياتٍ من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت‪ ،‬ولكن الفضل ما جاءت به السنّة‪.‬‬
‫وقد ذهب جاعة من أصحابنا إل أنه يتعي ول يزىء غيه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫واعلم أنه يستحبّ إذا كان الصلّي إماما أن يقول‪ :‬اللّه ّم اهدِنا بلفظ المع وكذلك الباقي‪ ،‬ولو قال‬
‫اهدن حصل القنوت وكان مكروها‪ ،‬لنه يكره للِمام تصيص نفسه بالدعاء‪.‬‬

‫‪ 3/132‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن ثوبان رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫خصّ َنفْسَ ُه بِ َد ْعوَةٍ دُوَنهُمْ‪ ،‬فإنْ َفعَلَ َفقَدْ‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل َيؤُمّ ّن َعبْدٌ َقوْما َفَي ُ‬
‫خاَنهُمْ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)17( .‬‬

‫فصل‪ :‬اختلف أصحابنا ف رفع اليدين ف دعاء القنوت ومسح الوجه بما على ثلثة أوجه‪ :‬أصحّها‬
‫أنه يستحبّ رفعهما ول يسح الوجه‪ .‬والثان‪ :‬يرفع ويسحه‪ .‬والثالث‪ :‬ل يسحُ ول يرفع‪ .‬واتفقوا على‬
‫أنه ل يسح غي الوجه من الصدر ونوه‪ ،‬بل قالوا‪ :‬ذلك مكروه‪.‬‬

‫وأما الهر بالقنوت والِسرار به فقال أصحابنا‪ :‬إن كان الصلي منفردا أس ّر به‪ ،‬وإن كان إماما جهر‬
‫على الذهب الصحيح الختار الذي ذهب إليه الكثرون‪ .‬والثان أنه يسرّ كسائر الدعوات ف الصلة‪.‬‬
‫وأما الأموم فإن ل يهر الِمام قنت سرّا كسائر الدعوات‪ ،‬فإنه يوافق فيها المام سرّا‪ .‬وإن جهر الِمام‬
‫بالقنوت فإن كان الأموم يسمعه أمّن على دعائه وشاركه ف الثناء ف آخره‪ ،‬وإن كان ل يسمعه قنت‬
‫سرّا‪ ،‬وقيل يؤمّن‪ ،‬وقيل له أن يشاركه مع ساعه‪ ،‬والختار الوّل‪.‬‬

‫وأما غي الصبح إذا قنت فيها حيث نقول به‪ ،‬فإن كانت جهريّة وهي الغرب والعشاء فهي كالصبح‬
‫على ما تقدّم‪ ،‬وإن كانت ظهرا أو عصرا فقيل يُسرّ فيها بالقنوت‪ ،‬وقيل إنا كالصبح‪ .‬والديث‬
‫الصحيح ف قنوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الذين قتلوا القرّاء ببئر معونة يقتضي ظاهرُه‬
‫ك مِنَ‬‫اله َر بالقنوت ف جيع الصلوات‪ ،‬ففي صحيح البخاري ف باب تفسي قول اللّه تعال‪َ{ :‬ليْسَ لَ َ‬
‫المْ ِر َشيْءٌ} آل عمران‪ 128 :‬عن أب هريرة‪ :‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم َجهَرَ بالقنوت ف قنوت‬
‫النازلة (‪)18‬‬

‫بابُ التشهّدِ ف الصّلة‬

‫اعلم أن الصلة إن كانت ركعتي فحسب كالصبح والنوافل فليس فيها إل تشهّدٌ واحد‪ ،‬وإن كانت‬
‫ثلث ركعات أو أربعا ففيها تشهّدان‪ :‬أوّل‪ ،‬وثاننٍ‪ .‬ويتصوّر ف حقّ السبوق ثلثة تشهّدات‪ ،‬ويتصور‬
‫ف حقه ف صلة الغرب أربعة تشهّدات‪ ،‬مثل أن يُدر َك الِمام بعد الركوع ف الثانية فيتابعه ف التشهّد‬

‫‪73‬‬
‫الوّل والثان ول يصل له من الصلة إل ركعة‪ ،‬فإذا سلّم الِمام قام السبوق ليأت بالركعتي الباقيتي‬
‫عليه‪ ،‬فيصلي ركعة ويتشهّد عقبها لنا ثانيته‪ ،‬ث يصلّي الثالثة ويتشهد عقيبها‪ .‬أما إذا صلّى نافلة فنوى‬
‫أكثر من أربع ركعات ولو نوى (‪ )19‬مئة ركعة‪ ،‬فالختيار أن يقتصر فيها على تشهّدين‪ ،‬فيصلّي ما‬
‫نواه إل ركعتي ويتشهد‪ ،‬ث يأت بالركعتي ويتشهد التشهد الثان ويسلّم‪ .‬قال جاعة من أصحابنا‪ :‬ل‬
‫يوز أن يزيد على تشهدين‪ ،‬ول يوز أن يكون بي التشهد الوّل والثان أكثر من ركعتي‪ ،‬ويوز أن‬
‫يكون بينهما ركعة واحدة‪ ،‬فإن زاد على تشهدين أو كان بينهما أكثر من ركعتي بطلت صلته‪ .‬وقال‬
‫آخرون‪ :‬يوز أن يتشهد ف كل ركعة‪ ،‬والصحّ جوازه ف كل ركعتي ل ف كل ركعة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫واعلم أن التشهد الخي واجب عند الشافعي وأحد وأكثر العلماء‪ ،‬وسنّة عند أب حنيفة ومالك؛ وأما‬
‫التشهد الوّل فسنّة عند الشافعي ومالك وأب حنيفة والكثرين‪ ،‬وواجب عند أحد؛ فلو تركه عند‬
‫الشافعي صحّت صلته‪ ،‬ولكن يسجد للسهو سواء تركه عمدا أو سهوا‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وأما لفظ التشهد فثبت فيه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم ثلث تشهدات‪.‬‬

‫أحدها رواية ابن مسعود رضي اللّه عنه‪،‬‬ ‫‪1/133‬‬

‫ك أّيهَا النّ ّ‬
‫ب‬ ‫ت وَال ّطيّباتُ‪ ،‬السّلمُ عََليْ َ‬
‫حيّاتُ لِلّهِ‪ ،‬وَالصَّلوَا ُ‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬التّ ِ‬
‫وَرَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السّلم عََليْنا وعلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِحي‪ ،‬أ ْشهَدُ أن ل إلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وأشْهَ ُد أ ّن مُحَمّدا‬
‫عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُهُ" رواه البخاري ومسلم ف صحيحيهما‪)20( .‬‬

‫الثان رواية ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬‬ ‫‪2/134‬‬

‫ت الصّلَواتُ ال ّطيّباتُ لِلّهِ‪ ،‬السّل ُم عََليْكَ أّيهَا‬


‫حيّاتُ الُبارَكا ُ‬‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬التّ ِ‬
‫ب َورَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السّل ُم عََليْنا وعلى عِبادِ اللّه الصّالِحيَ‪ ،‬أ ْشهَ ُد أنْ ل إلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وَأ ْشهَ ُد أنّ‬
‫النّ ّ‬
‫مُحَمّدا َرسُولُ اللّهِ" رواه مسلم ف صحيحه‪)21( .‬‬

‫الثالث ف رواية أب موسى الشعري رضي اللّه عنه‪،‬‬ ‫‪3/135‬‬

‫‪74‬‬
‫ب وَ َرحْ َم ُة‬
‫ك أّيهَا النّ ّ‬
‫ت الصَّلوَاتُ لِلّهِ‪ ،‬السّلمُ عََليْ َ‬
‫حيّاتُ ال ّطيّبا ُ‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬التّ ِ‬
‫اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السّلمُ عََليْنا وَعلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِيَ‪ ،‬أ ْشهَدُ أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّه وأنّ َممّدا َعبْ ُدهُ وَ َرسُولُهُ"‬
‫رواه مسلم ف صحيحه‪)22( .‬‬

‫‪ 4/136‬وروينا ف سنن البيهقي بإسناد جيد‪ ،‬عن القاسم قال‪ :‬علمتن عائشةُ رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫حيّاتُ ِللّ ِه وَالصَّلوَاتُ وَال ّطيّباتُ‪ ،‬السّل ُم عََليْكَ أّيهَا النّ ّ‬


‫ب‬ ‫هذا تشهّدُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬التّ ِ‬
‫وَرَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكاتُهُ‪ ،‬السّلمُ عََلْينَا َوعَلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِحي‪ ،‬أ ْشهَدُ َأنْ ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وأشْهَ ُد أ ّن مُحَمّدا‬
‫عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُه"‪ .‬وف هذا فائدة حسنة‪ ،‬وهي أن تشهّدَه صلى اللّه عليه وسلم بلفظ تشهّدّنا‪)23( .‬‬

‫‪ 5/137‬وروينا ف موطأ مالك وسنن البيهقي وغيها بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن عبد الرحن بن عمر‬
‫القاريّ ـ وهو بتشديد الياء ـ أنه سع عمر بن الطاب رضي اللّه عنه وهو على النب وهو يعلّم الناس‬
‫ب وَ َرحْ َمةُ‬
‫ك أّيهَا النّ ّ‬
‫ت الصَّلوَاتُ لِلّهِ‪ ،‬السّلمُ عََليْ َ‬
‫حيّاتُ ِللّهِ‪ ،‬الزّاكِياتُ لِلّهِ‪ ،‬الطّيّبا ُ‬
‫التشهد يقول‪ :‬قولوا‪ :‬التّ ِ‬
‫اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪ ،‬السّلمُ عََليْنا َوعَلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِحيَ‪ ،‬أشْهَ ُد أنْ ل إلهَ إلّ اللّهُ‪ ،‬وأ ْشهَدُ أ ّن مُحَمّدا َعبْدُهُ‬
‫و َرسُولُهُ‪)24( .‬‬

‫‪ 6/138‬وروينا ف الوطأ وسنن البيهقي وغيها أيضا بإسناد صحيح عن عائشة رضي اللّه عنها‬

‫ت الصَّلوَاتُ الزّاكِياتُ لِلّهِ‪ ،‬أ ْشهَدُ أن ل إلهَ إِلّ اللّ ُه وأنّ‬ ‫حيّاتُ ال ّطيّبا ُ‬ ‫أنا كانت تقول إذا تشهّدتْ‪ :‬التّ ِ‬
‫مُحَمّدا عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُهُ‪ ،‬السّل ُم عَلَيكَ أّيهَا الّنِبيّ وَ َرحْ َمةُ اللّ ِه َوبَركاتُهُ‪ ،‬السّل ُم عََليْنا وَعلى عِبادِ اللّهِ‬
‫ت الصَّلوَاتُ ال َطيّباتُ الزّاكِياتُ لِلّهِ‪ ،‬أ ْشهَدُ أنْ ل إلهَ‬ ‫حيّا ُ‬‫حيَ" وف رواية عنها ف هذه الكتب‪" :‬التّ ِ‬ ‫الصّالِ ِ‬
‫إِلّ اللّ ُه َوحْ َدهُ لَ َشرِيكَ لَهُ‪ ،‬وأ ّن مُحَمّدا عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُهُ‪ ،‬السّلمُ عََليْكَ أّيهَا الّنِبيّ وَ َرحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪،‬‬
‫حيَ"‪)25(.‬‬ ‫السّل ُم عََليْنا وَعلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِ ِ‬

‫‪ 7/139‬وروينا ف الوطأ وسنن البيهقي أيضا بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن مالك عن نافع عن ابن عمر‬
‫رضي اللّه عنهما‬

‫حيّاتُ ِللّ ِه الصَّلوَاتُ لِلّهِ الزّاكِيات ِللّهِ‪ ،‬السّل ُم على الّنِبيّ وَ َرحْ َمةُ اللّهِ‬
‫أنه كان يتشهد فيقول‪ :‬بِاسْمِ اللّ ِه التّ ِ‬
‫ت أ ّن مُحَمّدا َرسُولُ‬ ‫َوبَرَكاتُهُ‪ ،‬السّلمُ عََليْنا وَعلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِحِيَ‪َ ،‬شهِدْتُ أنْ ل إلهَ إِلّ اللّهُ‪َ ،‬شهِدْ ُ‬
‫اللّهِ‪ .‬واللّه أعلم‪)26( .‬‬

‫‪75‬‬
‫فهذه أنواع من التشهد‪ .‬قال البيهقي‪ :‬والثابت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلثة أحاديث‪:‬‬
‫حديث ابن مسعود‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وأب موسى‪ .‬هذا كلم البيهقي‪ .‬وقال غيه‪ :‬الثلثة صحيحة وأصحّها‬
‫حديث ابن مسعود‪.‬‬

‫ص عليه إمامنا الشافعي وغيه من‬


‫ي تشهّد شاء من هذه الذكورات‪ ،‬هكذا ن ّ‬ ‫واعلم أنه يوز التشهّد بأ ّ‬
‫العلماء رضي اللّه عنهم‪ .‬وأفضلُها عند الشافعي حديث ابن عباس للزيادة الت فيه من لفظ الباركات‪.‬‬
‫قال الشافعي وغيه من العلماء رحهم اللّه‪ :‬ولكون المر فيها على السعة والتخيي اختلفت ألفاظ الرواة‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬

‫ف بعضَه فهل يزئه؟ فيه تفصيل‪،‬‬ ‫فصل‪ :‬الختيار أن يأت بتشهد من الثلثة الُول بكماله‪ ،‬فلو حذ َ‬
‫فاعلم أن لفظ الباركات والصلوات والطيبات والزاكيات سنّة ليس بشرط ف التشهّد‪ ،‬فلو حذفها كلّها‬
‫واقتصر على قوله التحيات للّه السلم عليك أيّها النبّ إل آخره أجزأه‪ .‬وهذا ل خلف فيه عندنا‪ .‬وأما‬
‫ف اللفاظ من قوله‪ :‬السلم عليك أيّها النبّ‪ ،‬إل آخره فواجب ل يوز حذف شيء منه إل لفظ ورحة‬
‫اللّه وبركاته‪ ،‬ففيهما ثلثة أوجه لصحابنا‪ .‬أصحها ل يوز حذف واحدة منهما‪ ،‬وهذا هو الذي‬
‫يقتضيه الدليل لتفاق الحاديث عليهما‪ .‬والثان يوز حذفهما‪ .‬والثالث يوز حذف وبركاته دون‬
‫ورحة اللّه‪ .‬وقال أبو العباس بن سُريْج من أصحابنا‪ :‬يوز أن يقتصر على قوله‪ :‬التحيات للّه‪ ،‬سلم‬
‫عليك أيّها النبّ‪ ،‬سلم على عباد اللّه الصالي‪ ،‬أشه ُد أنْ ل إله إلّ اللّه وأنّ ممدا رسول اللّه‪ .‬وأما لفظ‬
‫السلم فأكثر الروايات‪ :‬السلم عليك أيّها النبّ‪ ،‬وكذا السلم علينا باللف واللم فيهما‪ ،‬وف بعض‬
‫الروايات‪ :‬سلم بذفهما فيهما‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬كلها جائز‪ ،‬ولكن الفضل‪ :‬السلم باللف واللم‬
‫لكونه الكثر‪ ،‬ولا فيه من الزيادة والحتياط‪.‬‬

‫أما التسمية قبل التحيات فقد روينا حديثا مرفوعا ف سنن النسائي والبيهقي وغيها بإثباتا‪ ،‬وتقدم‬
‫إثباتا ف تشهّد ابن عمر‪ ،‬لكن قال البخاري والنسائي وغيها من أئمة الديث‪ :‬إن زيادة التسمية غي‬
‫صحيحة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فلهذا قال جهور أصحابنا‪ :‬ل يُستحبّ التسمية‪ ،‬وقال‬
‫بعض أصحابنا‪ :‬يستحبّ‪ ،‬والختار أنه ل يأت با‪ ،‬لن جهور الصحابة الذين رووا التشهّد ل يرووها‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن الترتيب ف التشهد مستحبّ ليس بواجب‪ ،‬فلو قدم بعضه على بعض جاز على‬
‫الذهب الصحيح الختار الذي قاله المهور‪ ،‬ونصّ عليه الشافعي رحه اللّه ف الم‪ .‬وقيل ل يوز‬

‫‪76‬‬
‫كألفاظ الفاتة‪ ،‬ويدلّ للجواز تقدي السلم على لفظ الشهادة ف بعض الروايات‪ ،‬وتأخيه ف بعضها‬
‫كما قدّمناه‪ .‬وأما الفاتة فألفاظها وترتيبها معجز فل يوز تغييه‪ ،‬ول يوز التشهّد بالعجمية لن قدر‬
‫على العربية‪ ،‬ومن ل يقدر يتشهد بلسانه ويتعلم كما ذكرنا ف تكبية الِحرام‪.‬‬

‫فصل‪ :‬السنّة ف التشهد الِسرار لِجاع السلمي على ذلك‪ ،‬ويدلّ عليه من الديث‪:‬‬

‫‪ 8/140‬ما رويناه ف سنن أب داود والترمذي والبيهقي عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه تعال عنه‬
‫قال‪ :‬من السنّة أن يفي التشهد‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬

‫وقال الاكم‪ :‬صحيح‪ .‬وإذا قال الصحاب من السنّة كذا كان بعن قوله‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪ ،‬هذا هو الذهب الصحيح الختار الذي عليه جهور العلماء من الفقهاء والحدّثي وأصحاب‬
‫الصول والتكلمي رحهم اللّه؛ فلو جهر به كره ول تبطل صلته ول يسجد للسهو(‪)27‬‬

‫بابُ الصلة على النبّ صلى اللّه عليه وسلم بعد التشهّد‬

‫اعلم أن الصلة على النبّ صلى اللّه عليه وسلم واجبة عند الشافعي رحه اللّه بعد التشهّد الخي‪ ،‬فلو‬
‫تركها فيه ل تصحّ صلته‪ ،‬ول تب الصلة على آل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فيه على الذهب‬
‫صلّ على‬ ‫الصحيح الشهور‪ ،‬لكن تستحبّ‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬تب‪ .‬والفضل أن يقول‪ " :‬الّلهُمّ َ‬
‫ك الّنِبيّ ا ُلمّي َوعَلى آ ِل مُحَمّ ٍد وَأ ْزوَاجِ ِه َوذُ ّرّيتِه‪ ،‬كما صَّلْيتَ على ِإبْرَاهِي َم وَعلى‬ ‫مُحَمّ ٍد عَبْ ِد َك وَ َرسُولِ َ‬
‫آلِ ِإبْرَاهِيمَ‪ ،‬وَبا ِركْ على ُمحَمّ ٍد الّنبِ ّي الُ ّم ّي َوعَلى آ ِل ُمحَمّ ٍد وَأ ْزوَاجِ ِه وَ ُذ ّريّتِهِ‪ ،‬كما بارَ ْكتَ على إِبْرَاهِيمَ‬
‫َوعَلى آلِ ِإبْرَاهِيمَ فِي العَالَمِيَ ِإنّكَ َحمِي ٌد مَجِيدٌ"‪.‬‬

‫جرَة عن رسول اللّه صلى اللّه‬


‫وروينا هذه الكيفية ف صحيح البخاري ومسلم (‪ ، )28‬عن كعب بن عُ ْ‬
‫عليه وسلم إل بعضها‪ ،‬فهو صحيح من رواية غي كعب‪ .‬وسيأت تفصيله ف كتاب الصلة على ممد‬
‫صلّى اللّه عليه وآله وسلم إن شاء اللّه تعال واللّه أعلم‪ .‬والواجب منه‪ :‬اللّهمّ ص ّل على النب‪ ،‬وإن شاء‬
‫قال‪ :‬صلى اللّه على ممد‪ ،‬وإن شاء قال‪ :‬صلى اللّه على رسوله‪ ،‬أو صلى اللّه على النب‪ .‬ولنا وجه أنه ل‬
‫يوز إل قوله‪ :‬اللّهم صلّ على ممد‪ .‬ولنا وجه أنه يوز أن يقول‪ :‬وصلى اللّه على أحد‪ .‬ووجه أنه‬
‫يقول‪ :‬صلّى اللّه عليه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وأما التشه ُد الول فل تب فيه الصلة على النب صلى اللّه عليه وسلم بل خلف‪ ،‬وهل تستحبّ؟ فيه‬
‫قولن‪ :‬أصحّهما تستحبّ‪ ،‬ول تستحبّ الصلة على الل على الصحيح‪ ،‬وقيل تستحبّ‪ ،‬ول يُستحبّ‬
‫الدعاء ف التشهّد الول عندنا‪ ،‬بل قال أصحابنا يُكره لنه مبن على التخفيف‪ ،‬بلف التشهد الخي‪،‬‬
‫واللّه أعلم‬

‫بابُ الدّعَاء بع َد التشهّدِ الخي‬

‫اعلم أ ّن الدعاء بعد التشهّد الخي مشروعٌ بل خلف‪.‬‬

‫‪ 1/141‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫خّيرُ منَ ال ّدعَاءِ" وف رواية البخاري‪:‬‬


‫أن النب صلى اللّه عليه وسلم علّمهم التشهّد ث قال ف آخره‪" :‬ثُ ّم يُ َ‬
‫سأََلةِ ما شاءَ"‪)29(.‬‬ ‫خيّ ْر مِنَ الَ ْ‬
‫جبَهُ إَليْهِ َفيَ ْدعُو" وف روايات لسلم "ثُ ّم ليَتَ َ‬
‫"أعْ َ‬

‫ب ليس بواجب‪ ،‬ويستحبّ تطويلُه‪ ،‬إل أن يكون إماما؛ وله أن يدعوَ با‬ ‫واعلم أن هذا الدعاء مستح ّ‬
‫شاء من أمور الخرة والدنيا‪ ،‬وله أن يدعوَ بالدعوات الأثورة‪ ،‬وله أن يدعو بدعوات يترعها والأثورة‬
‫أفضل‪ .‬ث الأثورة منها ما ورد ف هذا الوطن‪ ،‬ومنها ما ورد ف غيه‪ ،‬وأفضلُها هنا ما ورد هنا‪.‬‬

‫وثبت ف هذا الوضع أدعية كثية منها‪:‬‬

‫‪ 2/142‬ما رويناه ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫شهّدِ الخِيِ فَ ْلَيَت َعوّ ْذ بِاللّ ِه مِنْ أ ْربَعٍ‪ :‬مِنْ‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا فَ َرغَ أحَدُكُمْ مِ َن التّ َ‬
‫حيَا وَالَماتِ‪َ ،‬ومِ ْن شَ ّر الَسِيحِ الدّجّالِ" رواه مسلم من‬ ‫ب القَبْرِ‪َ ،‬ومِنْ ِفْتَنةِ الَ ْ‬
‫عَذَابِ َج َهنّمَ‪َ ،‬ومِنْ عَذَا ِ‬
‫ك مِنْ‬‫شهّدَ أحَدُكُمْ َف ْليَسَْتعِ ْذ بِاللّ ِه مِنْ أَ ْربَعٍ‪َ ،‬يقُولُ‪ :‬الّلهُمّ إِن أعُو ُذ بِ َ‬ ‫طرق كثية‪ .‬وف رواية منها‪" :‬إِذَا تَ َ‬
‫ب القَبْرِ‪َ ،‬ومِنْ ِفْتَنةِ الَحْياوالَماتِ‪َ ،‬ومِ ْن شَرّ ِفْتنَة الَسِيحِ الدّجّالِ"‪.‬‬ ‫عَذَابِ َج َهنّمَ‪ ،‬وَمنْ عَذَا ِ‬

‫(‪)30‬‬

‫‪ 3/143‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها‪:‬‬

‫‪78‬‬
‫ب القَبْرِ‪ ،‬وَأعُو ُذ بِكَ‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو ف الصلة‪" :‬الّلهُمّ إن أعُوذُ بِكَ مِ ْن عَذَا ِ‬
‫مِنْ ِفْتَنةِ الَسيحِ الدّجّال‪ ،‬وأعُوذُ بِكَ مِنْ ِفْتَنةِ الَحْيا والَماتِ‪ ،‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِكَ من الأثِ والَغْرَمِ"‪(.‬‬
‫‪)31‬‬

‫‪ 4/144‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام إل الصلة يكون من آخر ما يقول بي التشهّد والتسليم‪" :‬‬
‫ت َومَا َأعَْلنْتُ‪َ ،‬ومَا أسْرَ ْفتُ َومَا أْنتَ أعْلَ ُم بِ ِه ِمنّي‪ ،‬أْنتَ‬
‫ت َومَا أخّرْتُ‪َ ،‬ومَا أسْرَرْ ُ‬
‫الّلهُ ّم اغْفِرْ ل ما قَ ّد ْم ُ‬
‫ا ُلقَ ّد ُم وأنْتَ ا ُلؤَخّرُ ل إِلهَ إِ ّل أنْتَ"‪)32(.‬‬

‫‪ 5/145‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص‪ ،‬عن أب بكر‬
‫الصديق رضي اللّه عنهم‪:‬‬

‫أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬علّمن دعاءً أدعو به ف صلت‪ ،‬قال‪ُ" :‬قلِ الّلهُمّ إن ظَلَ ْمتُ‬
‫حنِي إنّك َأْنتَ ال َغفُورُ‬
‫َنفْسِي ظُلْما َكثِيا َو ل َي ْغفِرُ ال ّذنُوبَ إِلّ َأْنتَ‪ ،‬فا ْغفِرْ لِي َم ْغفِ َرةً مِ ْن ِعنْ ِدكَ وَا ْر ْ‬
‫الرّحِيم" هكذا ضبطناه "ظُلْما َكثِيا" بالثاء الثلثة ف معظم الروايات‪ ،‬وف بعض روايات مسلم " َكبِيا"‬
‫بالباء الوحدة‪ ،‬وكلها حسن‪ ،‬فينبغي أن يُجمع بينهما فيُقال‪" :‬ظُلْما َكثِيا َكبِيا" وقد احت ّج البخاري‬
‫ف صحيحه والبيهق ّي وغيها من الئمة بذا الديث للدعاء ف آخر الصلة وهو استدلل صحيح‪ ،‬فإن‬
‫قوله ف صلت يعمّ جيعها‪ ،‬ومن مظا ّن الدعاء ف (‪)33‬‬

‫‪ 6/146‬وروينا بإسناد صحيح ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب صال ذكوان‪ ،‬عن بعض أصحاب النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬

‫ف َتقُولُ فِي الصّلةِ؟" قال‪ :‬أتشهّد وأقول‪ :‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬


‫ك‬ ‫قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم لرجل‪َ " :‬كيْ َ‬
‫ك وَل َدنْ َدَنةَ معاذ‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫ك مِ َن النّارِ‪ ،‬أما إن ل أحسنُ َدنْ َدنَتَ َ‬
‫الَّنةَ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫َحوَْلهَا َدنْ ِدنْ"‪.‬‬

‫(‪)34‬‬

‫‪79‬‬
‫الدندنة‪ :‬كلم ل يُفهم معناه‪ ،‬ومعن "حولا َدنْ ِدنْ" أي حول النة والنار‪ ،‬أو حول مسألتهما‪ :‬إحداها‬
‫سؤال طلب‪ ،‬والثانية سؤال استعاذة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب الدعاء به ف كل موطن‪ :‬اللّهمّ إن أسألُك العف َو والعافية‪ ،‬اللّهمّ إن أسألُك الدى والتقى‬‫وما يستح ّ‬
‫ف والغن‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬
‫والعفا َ‬

‫بابُ السّلم لِلتحلّل من الصّلة‬

‫اعلم أن السلم للتحلّل من الصلة ركنٌ من أركانا وفرضٌ من فروضها ل تصحّ إل به‪ ،‬هذا مذهب‬
‫الشافعي ومالك وأحد وجاهيِ السلف واللف‪ ،‬والحاديثُ الصحيح ُة الشهورة مُصرّحة بذلك‪.‬‬

‫واعلم أن الكمل ف السلم أن يقول عن يينه "السّلمُ عََلْيكُ ْم وَرَ ْح َمةُ اللّهِ" َوعَنْ يَسا ِرهِ "السّلمُ عََلْيكُمْ‬
‫وَرَحْ َمةُ اللّهِ" ول يُستحبّ أن يقول معه‪ :‬وبركاته‪ ،‬لنه خلف الشهور عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وإن كان قد جاء ف رواية لب داود‪ .‬وقد ذكره جاعة من أصحابنا منهم إمام الرمي وزاهر‬
‫السرخسي والرويّان ف اللية‪ ،‬ولكنه شاذ‪ ،‬والشهور ما قدّمناه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫وسواء كان الصلّي إماما أو مأموما أو منفردا ف جاعة قليلة أو كثية ف فريضة أو نافلة ففي كل ذلك‬
‫يُسلّم تسليمتي كما ذكرنا ويلتفتُ بما إل الانبي‪ ،‬والواجب تسليمة واحدة‪ ،‬وأما الثانية فسنّة لو‬
‫تركها ل يضرّه؛ ث الواجب من لفظ السلم أن يقول‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬ولو قال‪ :‬سلم عليكم ل يزئه‬
‫على الصح‪ .‬ولو قال‪ :‬عليكم السلم أجزأه على الصح‪ ،‬فلو قال‪ :‬السلم عليك أو سلمي عليك‪ ،‬أو‬
‫سلمي عليكم‪ ،‬أو سلم اللّه عليكم‪ ،‬أو سل ُم عليكم بغي تنوين‪ ،‬أو قال‪ :‬السلم عليهم‪ ،‬ل يزئه شيء‬
‫من هذا بل خلف‪ ،‬وتبطل صلته إن قاله عامدا عالا ف كل ذلك‪ ،‬إل ف قوله‪ :‬السلم عليهم‪ ،‬فإنه ل‬
‫تبطل صلته به لنه دعاء‪ ،‬وإن كان ساهيا ل تبطل ول يصلُ التحلّل من الصلة‪ ،‬بل يتاج إل‬
‫استئناف سلم صحيح‪ ،‬ولو اقتصر الِمام على تسليمة واحدة أتى الأموم بالتسليمتي‪ .‬قال القاضي أبو‬
‫الطيب الطبي من أصحابنا وغيه‪ :‬إذا سلّم الِمام فالأموم باليار إن شاء سلّم ف الال‪ ،‬وإن شاء‬
‫استدام اللوس للدعاء وأطال ما شاء‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب ما يقولُه الرجلُ إذا كلّمه إنسانٌ وهو ف الصّلة‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/147‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سهل بن سعد الساعدي رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫‪80‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلتِهِ َف ْلَيقُلْ‪ُ :‬سبْحانَ اللّهِ" وف رواية ف‬
‫سبِيحُ للرّجالِ‬
‫صفّقِ (‪ )35‬النّساءُ" وف رواية‪" :‬التّ ْ‬ ‫سبّحِ الرّجالُ‪ ،‬وْلتُ َ‬
‫الصحيح‪ " :‬إِذَا نَاَبكُ ْم أمْرٌ فَ ْليُ َ‬
‫صفِيقُ للنّساءِ"‪.‬‬‫وَالّت ْ‬

‫بابُ الذكارِ بع َد الصّلة‬

‫أجع العلما ُء على استحباب الذكر بعد الصلة‪ ،‬وجاءت فيه أحاديث كثية صحيحة ف أنواع منه‬
‫متعدّدة‪ ،‬فنذكرُ أطرافا من أهها‪:‬‬

‫‪ 1/148‬روينا ف كتاب الترمذي عن أب أمامة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬أيّ الدعاء أسع؟ قال‪َ " :‬جوْفُ الّليْلِ الخِر‪ ،‬وَ ُدُب ُر الصَّلوَاتِ‬
‫ا َلكْتوبات" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)36( .‬‬

‫‪ 2/149‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫ف انقضاء صلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالتكبي‪ .‬وف رواية مسلم "كنّا" وف رواية‬ ‫كنتُ أعر ُ‬
‫س من الكتوبة‬
‫ف النّا ُ‬
‫ف صحيحيهما عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ :‬أن رفعَ الصوت بالذكر حي ينصر ُ‬
‫كانَ على عهدِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬كنتُ أعلمُ إذا انصرفوا‪ ،‬بذلك‪ ،‬إذا‬
‫سعتُه‪)37(.‬‬

‫‪ 3/150‬وروينا ف صحيح مسلم عن ثوبان رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا انصرف من صلته استغفر ثلثا وقال‪ :‬الّل ُه ّم أنْتَ السّل ُم‬
‫َومِنْكَ السّلمُ‪ ،‬تَبارَ ْكتَ يا ذَا الَل ِل وَالِكْرامِ" قيل للوزاعي وهو أحد رواة الديث‪ :‬كيف الستغفار؟‬
‫قال‪ :‬ا ْستَ ْغفِرُ اللّهَ‪ ،‬أ ْسَتغْفِرُ اللّهَ‪)38( .‬‬

‫‪ 4/151‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن الغية بن شعبة رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلة وسلّم قال‪" :‬ل إلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل شَرِيكَ‬
‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ قَدِيرٌ؛ الّل ُه ّم ل مانِعَ ِلمَا أعْ َطيْتَ‪ ،‬وَلَ ُمعْطِيَ لِمَا َمَن ْعتَ‪ ،‬وَل‬
‫لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْ ُ‬
‫َينْفَعُ ذَا الَ ّد ِمنْكَ الَدّ"‪.‬‬

‫(‪)39‬‬

‫‪ 5/152‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن الزبي رضي اللّه عنهما‬

‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُهوَ‬


‫أنه كان يقول ُدبُرَ كلّ صلة حي يسلم‪" :‬ل إلهَ إِلّ اللّ ُه وَح َدهُ ل شَريكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫عَلَة كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ ،‬ل َحوْ َل وَلَ ُق ّوةَ إِلّ باللّه‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّه وَلَ َن ْعبُدُ إِ ّل إيّاهُ‪ ،‬لَ ُه الّنعْ َمةُ ولَ ُه الفَضْلُ‪ ،‬وَلَهُ‬
‫الثّنا ُء الَسَنُ‪ ،‬ل إلهَ إِلّ اللّه مُخِْلصِيَ لَهُ الدّينَ وََلوْ كَ ِر َه الكافِرُونَ" قال ابن الزبي‪ :‬وكان رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يهلّل بنّ ُدبُرَ كُ ّل صلة‪.‬‬

‫(‪)40‬‬

‫‪ 6/153‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن فقراء الهاجرين أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا‪ :‬ذهبَ أهل ال ّدثُور بالدرجات العُلى‬
‫والنعيم القيم‪ ،‬يُصَلّون كما نُصلّي‪ ،‬ويصومون كما نصوم‪ ،‬ولم فضل من أموال يجّون با ويعتمرون‬
‫سبِقُونَ بِ ِه مَ ْن َبعْدَكُـمْ‪ ،‬وَلَ‬
‫وياهدون ويتصدّقون‪ ،‬فقال‪" :‬أل ُأعَلّ ُمكُ ْم َشيْئا تُ ْدرِكُو َن بِ ِه مَ ْن َسبَ َقكُ ْم َوتَ ْ‬
‫سبّحُونَ َوتَحْمَدُونَ‬‫صَنعْتُمْ؟ قالوا‪ :‬بلى يارسول اللّه! قال‪ :‬تُ َ‬ ‫صنَع ِمثْلَ ما َ‬ ‫يَكُونُ أ َحدٌ أ ْفضَ َل ِمنْكُمْ إِ ّل مَنْ َ‬
‫َوتُ َكبّرُونَ خَلْفَ كُلّ صَل ٍة ثَلثا َوثَلثيَ"‪.‬‬

‫قال أبو صال الراوي عن أب هريرة لا سئل عن كيفية ذكره؟ يقول‪ :‬سبحان اللّه والمدُ للّه واللّه أكب‪،‬‬
‫حت يكون منهنّ كلّهن ثلث وثلثون‪ .‬الدثور‪ :‬جع َدثْر بفتح الدال وإسكان الثاء الثلثة‪ ،‬وهو الال‬
‫الكثي‪)41( .‬‬

‫‪ 7/154‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن كعب بن عُجْرَة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ب قائُِلهُ ّن أ ْو فاعُِلهُنّ ُدبُرَ كُلّ صَل ٍة َمكْتُوَبةٍ‪:‬‬


‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪ُ " :‬معَقّباتٌ لَ يَخِي ُ‬
‫ي َت ْكبِيةً"‪.‬‬ ‫حمِي َدةً‪ ،‬وأرْبعا َوثَلثِ َ‬
‫ي تَ ْ‬
‫حةً‪َ ،‬وثَلثا َوثَلثِ َ‬
‫سبِي َ‬
‫ي تَ ْ‬
‫ثَلثا َوثَلثِ َ‬

‫‪82‬‬
‫(‪)42‬‬

‫‪ 8/155‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن َسبّحَ اللّهَ ف ُدبُرِ كُلّ صَلةٍ ثَلثا َوثَلثِيَ‪ ،‬وَ َحمِدَ اللّ َه‬
‫ك وَلَهُ‬ ‫ثَلثا َوثَلثيَ‪ ،‬و َكبّرَ اللّ َه ثَلثا َوثَلثِيَ‪ ،‬وَقا َل تَما َم الئة‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل شَرِيكَ له‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫حرِ"‪)43(.‬‬ ‫الَمْ ُد َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ُ ،‬غفِرَتْ خَطايا ُه وَإنْ كَاَنتْ ِمثْلَ َزبَ ِد البَ ْ‬

‫‪ 9/156‬وروينا ف صحيح البخاري ف أوائل كتاب الهاد‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫ك مِنَ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يتعوّذ ُدبُ َر الصلة بؤلء الكلمات‪" :‬الّلهُمّ ِإنّي َأعُو ُذ بِ َ‬
‫ب ال َقبْرِ"‪(.‬‬
‫ك مِ ْن فْتَنةِ ال ّدنْيا‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ م ْن عَذَا ِ‬
‫الُبْنِ‪ ،‬وَأعُو ُذ بِكَ أنْ أُرَدّ إل أَرْذَلِ الع ُمرِ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫‪)44‬‬

‫‪ 10/157‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫ظ عََلْيهِمَا عَبْ ٌد مُسِْلمٌ إلّ دَ َخ َل الَّنةَ‪،‬‬


‫صلَضتانِ أوْ خَلّتانِ ل يُحاِف ُ‬ ‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ " :‬خ ْ‬
‫سبّحُ اللّهُ تَعال ُدبُرَ كُلّ صَل ٍة عَشْرا‪َ ،‬ويَحْ َم ُد عَشْرا‪ ،‬وُيكَبّر عَشْرا‪،‬‬ ‫هُمَا يَسِيٌ‪َ ،‬ومَ ْن َيعْمَ ُل ِبهِمَا َقلِيلٌ‪ :‬يُ َ‬
‫ج َعةُ وَيْ َمدُ‬‫س ِمَئةٍ ف الِي َزاِ‪َ .‬وُيكَبّرُ أ ْربَعا َوثَلثِيَ إذَا أ َخ َذ َمضْ َ‬‫فَذَلِكَ َخمْسُونَ و ِمَئةٌ باللّسانِ‪ ،‬وألْفٌ وخَمْ ُ‬
‫ف باليزَانِ"‪ .‬قال‪ :‬فلقد رأيت رسول اللّه‬ ‫ك ِمَئةٌ باللّسانِ‪ ،‬وأل ٌ‬ ‫سبّ ُح ثَلثا َوثَلثيَ‪َ ،‬فذَل َ‬ ‫ثَلثا َوثَلثيَ‪َ ،‬ويُ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يعقدها بيده‪ ،‬قالوا‪ :‬يارسول اللّه! كيف ها يسي‪ ،‬ومن يعمل بما قليل؟ قال‪" :‬‬
‫يأتِي أ َحدَكُمْ ـ يعن الشيطان ـ ف مَنامِهِ َفُيَن ّومُهُ َقبْ َل أ ْن َيقُولَهُ‪ ،‬ويأتِيهِ ف صَلتِهِ َفيُذَكّ َرهُ حا َجةً َقبْ َل أنْ‬
‫َيقُوَلهَا" إسناده صحيح‪ ،‬إل أن فيه عطاء بن السائب وفيه اختلف بسبب اختلطه‪ ،‬وقد أشار أيوبُ‬
‫السختيان إل صحة حديثه هذا‪)45( .‬‬

‫‪ 11/158‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وغيهم‪ ،‬عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه‬
‫قال‪:‬‬

‫أمرن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقرأ بالعوّذتي ُدبُرَ كل صلة‪ .‬وف رواية أب داود "بالعوّذات"‬
‫فينبغي أن يقرأ‪ :‬قل هو اللّه أحد‪ ،‬وقل أعوذ بربّ الفلق‪ ،‬وقل أعوذ بربّ الناس‪)46( .‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ 12/159‬وروينا بإسناد صحيح ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن معاذ رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫ك يا‬
‫أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ بيده وقال‪" :‬يا ُمعَاذُ! وَاللّهِ ِإنّي لُ ِحبّكَ‪ ،‬فَقالَ‪ :‬أُوصِي َ‬
‫مُعاذُ! ل تَ َدعَنّ فِي ُدبُرِ كُلّ صَل ٍة َتقُولُ‪ :‬الّلهُمّ أ ِعنّي على ذِ ْك ِركَ َو ُشكْ ِر َك وَحُسْ ِن عِبا َدتِكَ"‪)47(.‬‬

‫‪ 13/160‬وروينا ف كتاب ابن السنّ‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كانَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قَضى صلتَه مس َح جبهتَه بيده اليمن‪ ،‬ث قال‪" :‬أ ْشهَدُ أنْ ل إلهَ‬
‫إِلّ اللّهُ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ‪ ،‬الّلهُمّ أ ْذ ِهبْ َعنّي الَ ّم والزنَ"‪)48(.‬‬

‫‪ 14/161‬وروينا فيه عن أب أُمامة رضى اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ما دنوتُ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف ُدبُر مكتوبة ول تطوّع إل سعتُه يقول‪" :‬الّلهُ ّم اغْفِرْ ل‬
‫ُذنُوب وَخَطايايَ كُلّها‪ ،‬الّلهُ ّم اْنعِشْنِي وا ْجبُ ْرنِي وَاهْ ِدنِي ِلصَالِح العْما ِل وَالخْلقِ‪ ،‬إنّهُ َل َيهْدِي‬
‫ف َسيّئَها إِلّ َأْنتَ"‪)49(.‬‬ ‫ِلصَالِحها وَلَ يَصْ ِر ُ‬

‫‪ 15/162‬م وروينا فيه عن أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا فرغ من صلته ـ ل أدري قبل أن يسلّم أو بعد أن يسلّم ـ‬
‫ب العَالَمِيَ"‪)50(.‬‬
‫ب العِ ّز ِة عَمّا َيصِفُونَ‪َ ،‬وسَلمٌ على الُ ْرسَلِيَ‪ ،‬وَالَمْدُ ِللّهِ رَ ّ‬
‫يقول‪ُ " :‬سبْحانَ ربّكَ رَ ّ‬

‫‪16/162‬وروينا فيه عن أَنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان النب صلى اللّه عليه وسلم يقول إذا انصرف من الصلة‪" :‬الّلهُمّ ا ْجعَلْ َخيْ َر عُمُرِي آخِ َرهُ‪ ،‬وَ َخيْرَ‬
‫عَمَلِي خَواتِمَهُ‪ ،‬وَا ْجعَلْ َخيْرَ َأيّامي َي ْومَ ألْقاكَ"‪)51( .‬‬

‫‪ 17/163‬وروينا فيه عن أب بكرة رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول ف دُبر الصلة‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِكَ مِ َن ال ُكفْ ِر وَالفَقْرِ‬
‫َوعَذَابِ ال َقبْرِ"‪.‬‬

‫(‪)52‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ 18/164‬وروينا فيه بإسناد ضعيف عن فضالة بن عبيد اللّه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا صَلّى أحَدُكُمْ َف ْلَيبْدَأ ِبتَحْمِيدِ اللّهِ تَعال وَالثّناء عََليْهِ‪ ،‬ثُ ّم ُيصَلّي‬
‫على النّبّ صلى اللّه عليه وسلم ثُمْ ليَ ْدعُو بِمَا شَاءَ"‪)53(.‬‬

‫بابُ الثّ على ذكرِ اللّه تعال بعدَ صَلةِ الصّبح‬

‫اعلم أن أشرفَ أوقات الذكر ف النهار‪ ،‬الذكرُ بعد صلة الصبح‪.‬‬

‫‪ 1/165‬روينا عن أنس رضي اللّه عنه ف كتاب الترمذي وغيه قال‪:‬‬

‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ صَلّى الفَجْرِ ف جَما َعةٍ ثُمّ َقعَ َد يَذْ ُكرُ اللّ َه تَعال حتّى تَطْلُ َع‬
‫ج ٍة َوعُمْ َر ٍة تا ّمةٍ تام ٍة تامةٍ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)1( .‬‬ ‫الشَ ْمسُ‪ ،‬ثُمّ صَلّى رَ ْك َعتَيْ ِن كاَنتْ كأ ْجرِ َح ّ‬

‫‪ 2/166‬وروينا ف كتاب الترمذي وغيه‪ ،‬عن أب ذر رضي اللّه عنه‬

‫صبْ ِح َوهُ َو ثانٍ رِجْلَيهِ َقبْ َل أنْ َيَتكَلّمَ‪:‬‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قالَ فِي ُدبُرِ صَلةِ ال ّ‬
‫ك وَلَهُ الَ ْم ُد يُحْيي َويُمِيتُ َو ُهوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ‬ ‫ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ َل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫ح َي َعنْهُ عَشْ ُر َسيّئاتٍ‪ ،‬وَرُفِعَ لَ ُه عَشْرُ دَرَجاتٍ‪ ،‬وكا َن َي ْومَهُ ذلكَ فِي‬ ‫مرّاتٍ ُكتِبَ لَ ُه عَشْرُ حَسَناتٍ‪ ،‬ومُ ِ‬
‫ك الَيوْمِ إِلّ الشّ ْركَ باللّ ِه تَعال"‬
‫شيْطانِ ولَمْ يَْنبَغِ لِ َذْنبٍ أ ْن يُدْرِكَهُ ف ذل َ‬‫س مِنَ ال ّ‬ ‫ِحرْ ٍز مِنْ كُ ّل َمكْرُوهٍ َوحُرِ َ‬
‫‪ .‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن‪ ،‬وف بعض النسخ‪ :‬صحيح‪)2( .‬‬

‫‪ 3/167‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن مسلم بن الارث التميمي الصحاب رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه أس ّر إليه فقال‪ :‬إذَا اْنصَرَ ْفتَ مِنْ صَل ِة الَغْرِبِ َفقُلِ‪ :‬الّل ُهمّ أجِ ْرنِي‬
‫ت الصّبْحَ‬‫صّليْ َ‬‫ت مِنْ َليَْلتِكَ ُكتِبَ لَكَ ِجوَا ٌر ِمنْها‪ ،‬وإذَا َ‬ ‫ك ثُمّ مُ ّ‬
‫مِ َن النّا ِر َسبْ َع مَرّاتٍ‪ ،‬فإنّكَ إذَا قُ ْلتَ ذل َ‬
‫ت مِ ْن َيوْمِكَ ُكِتبَ لَكَ ِجوَا ٌر ِمنْها"‪.‬‬‫ك إنْ ُم ّ‬
‫َفقُلْ كذَلِكَ‪ ،‬فإنّ َ‬

‫(‪)3‬‬

‫‪ 4/168‬وروينا ف مسند الِمام أحد وسنن ابن ماجه وكتاب ابن السنّ‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه‬
‫عنها قالت‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫ك عِلْما نافِعا‪ ،‬وعَ َملً‬
‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى الصبح قال‪" :‬الّل ُهمّ إن أسألُ َ‬
‫ُمتَ َقّبلً‪ ،‬وَ ِرزْقا طَيّبا"‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫‪ 5/169‬وروينا فيه‪ ،‬عن صُهيب رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يرّك شفتيه بعد صلة الفجر بشيء‪ ،‬فقلت‪ :‬يارسول اللّه! ما‬
‫هذا الذي تقول؟ قال‪" :‬الّلهُ ّم بِكَ أُحاوِلُ‪َ ،‬وبِكَ أُصَاوِلُ‪َ ،‬وبِكَ أُقاتِلُ" والحاديث بعن ما ذكرته كثية‪،‬‬
‫وسيأت ف الباب الت من بيان الذكار الت تقال ف أوّل النهار ما تق ّر به العيون إن شاء اللّه تعال‪.‬‬

‫وروينا عن أب ممد البغوي ف شرح السنّة قال‪ :‬قال علقمة بن قيس‪ :‬بلغنا أن الرض تعجّ إل اللّه تعال‬
‫من نومة العالِم بعد صلة الصبح (‪ . )5‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫(‪)6‬‬

‫ح وعن َد الساءِ‬
‫بابُ ما يُقال عند الصّبا ِ‬

‫ب أوس َع منه‪ ،‬وأنا أذكرُ إن شاء اللّه تعال فيه جلً من‬
‫ب واسعٌ جدا ليس ف الكتاب با ٌ‬
‫اعلم أن هذا البا َ‬
‫متصراته‪ ،‬فمن وُفّق للعمل بكلّها فهي نعمة وفضل من اللّه تعال عليه وطوب له‪ ،‬ومن عجز عن جيعها‬
‫فليقتصرْ من متصراتا على ما شاء ولو كان ذكرا واحدا‪.‬‬

‫والصلُ ف هذا الباب من القرآن العزيز قولُ اللّه سبحانه وتعال‪َ { :‬و َسبّ ْح بِحَمْدِ َربّكَ َقبْلَ طُلُوعِ‬
‫ش ّي وا ِلبْكارِ} غافر‪55:‬‬ ‫الشّ ْمسِ وََقبْلَ غُرُوبِها} طه‪ 130:‬وقال تعال‪َ { :‬و َسبّ ْح بِحَمْدِ َربّكَ بالْعَ ِ‬
‫لهْ ِر مِ َن ال َقوْ ِل بالغُ ُدوّ والصَالِ}‬ ‫وقال تعال‪{ :‬وَ اذْكُرْ َربّكَ فِي َنفْسِكَ تَضَرّعا وَخِي َف ًة وَدُونَ ا َ‬
‫العراف‪ 205:‬قال أهل اللغة‪ :‬الصال جع أصيل‪ :‬وهو ما بي العصر والغرب‪ .‬وقال تعال‪{ :‬‬
‫شيّ يُرِيدُو َن وَ ْجهَهُ}النعام‪ 52:‬قال أهل اللغة‪ :‬العشيّ‪ :‬ما بي‬ ‫وَلتَطْرُ ِد الّذِي َن يَ ْدعُونَ َرّبهُمْ باْلغَدَاةِ وَاْلعَ ِ‬
‫سبّحُ لَهُ فِيها‬
‫زوال الشمس وغروبا‪ .‬وقال تعال‪{ :‬فِي بُيُوتٍ أ ِذنَ اللّهُ أ ْن تُرَْف َع َويُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ‪ ،‬يُ َ‬
‫باْلغُ ُدوّ والصَالِ رِجا ٌل ل تُ ْلهِيهِ ْم تِجا َرٌة وَ َل َبيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ}النور‪ 36:‬الية‪.‬‬

‫شيّ وَا ِلشْرَاقِ} ص‪.18:‬‬


‫سبّحْنَ باْلعَ ِ‬
‫لبَالَ َمعَهُ يُ َ‬
‫وقال تعال‪{ :‬إنّا سَخّرْنا ا ِ‬

‫‪86‬‬
‫‪ 1/170‬وروينا ف صحيح البخاري عن شدّاد بن أوس رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ " :‬سيّ ُد السِْت ْغفَارِ‪ :‬الّلهُ ّم أنْتَ َربّي ل إِلهَ إِ ّل أنْتَ َخَل ْقتَنِي وأنا َعبْ ُدكَ‪،‬‬
‫ك ِبِنعْ َمتِكَ عََليّ‪ ،‬وَأبُوءُ بِذَنب‪ ،‬فا ْغفِرْ ل فإنّه ل َي ْغفِرُ‬ ‫وأنا على َعهْ ِدكَ َو َوعْ ِدكَ ما ا ْستَ َطعْتُ‪ ،‬أبُوءُ لَ َ‬
‫صَنعْتُ‪ .‬إذا قال ذلك حي يُمسي فمات دخل النة‪ ،‬أو كان من‬ ‫ال ّذنُوبَ إِلّ َأنْتَ‪ ،‬أعُو ُذ بِكَ مِ ْن َشرّ ما َ‬
‫أهل النة‪ ،‬وإذا قال حي يُصبح فمات من يومه‪ ،‬مثله"معن أبوء‪ :‬أق ّر وأعتر(‪)7‬‬

‫‪ 2/171‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫حمْ ِد ِه ِمئَ َة مَ ّر ٍة‬


‫ي يُمْسِي‪ُ :‬سبْحانَ اللّ ِه وبِ َ‬
‫ي ُيصْب ُح َوحِ َ‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قالَ ِح َ‬
‫لَ ْم يأْتِ أ َح ٌد َي ْومَ القِيا َم ِة بأفْضَ َل مِمّا جا َء بِهِ إِلّ أ َحدٌ قا َل مثْلَ ما قا َل أوْ زَا َد عََليْهِ" وف رواية أب داود "‬
‫ُسبْحانَ اللّ ِه العَظي ِم وبِحَ ْم ِدهِ"‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫‪ 3/172‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وغيها بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن عبد اللّه بن‬
‫خُبيب ـ بضم الاء العجمة ـ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫خرجنا ف ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبّ صلى اللّه عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال‪" :‬قُلْ‪ ،‬فلم‬
‫أقل شيئا‪ ،‬ث قال‪ :‬قُلْ‪ ،‬فلم أقل شيئا‪ ،‬ث قال‪ُ :‬قلْ‪ ،‬فقلت‪ :‬يارسول اللّه! ما أقول؟ قال‪ :‬قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ‬
‫صبِ ُح ثَلثَ مَرّاتٍ َت ْكفِيكَ مِنْ كُ ّل َشيْءٍ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‬
‫ي تُ ْ‬
‫ي تُمْسِي وَ ِح َ‬
‫وَا ُل َعوّ َذَتيْنِ حِ َ‬
‫صحيح‪.‬‬

‫(‪)9‬‬

‫‪ 4/173‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه وغيها بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن أب هريرة‬
‫رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ك نَحْيا‪،‬‬
‫سيْنا‪َ ،‬وبِ َ‬
‫صبَحْنا‪َ ،‬وبِكَ أمْ َ‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح‪" :‬الّلهُ ّم بِكَ أ ْ‬
‫ت َوإَِليْكَ النّشُورُ"‬
‫ك نَحْيا‪َ ،‬وبِكَ نَمُو ُ‬
‫سيْنا‪َ ،‬وبِ َ‬
‫ك أمْ َ‬
‫ت َوإَِليْكَ النّشُورُ؛ وإذا أمسى قال‪ :‬الّلهُ ّم بِ َ‬
‫َوبِكَ نَمُو ُ‬
‫قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)10(.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ 5/174‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫سنِ‬
‫حمْدِ اللّ ِه وَحُ ْ‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا كان ف سفر أو سحر يقول‪" :‬سَمّ َع سامِ ٌع بِ َ‬
‫بَلئِ ِه عََليْنا‪َ ،‬ربّنا صَا ِحبْنا‪ ،‬وأ ْفضِ ْل عََليْنا‪ ،‬عائِذا باللّهِ م َن النّارِ" قال القاضي عياض وصاحب الطالع‬
‫وغيها‪ :‬سّ َع بفتح اليم الشدّدة‪ ،‬ومعناه‪ :‬بلّغ سامع قول هذا لغيه‪ ،‬تنبيها على الذكر ف السحَر‬
‫والدعاء ف ذلك الوقت‪ ،‬وضبطه الطاب وغيه سَ ِمعَ بكسر اليم الخففة؛ قال الِمام أبو سليمان‬
‫الطاب‪ :‬سَمِ َع سامِ ٌع معناه‪ :‬شه َد شاهدٌ‪ .‬وحقيقته‪ :‬ليسمعِ السامعُ وليشهد الشاهدُ حَمْدنا اللّه تعال‬
‫على نعمته وحسن بلئه‪.‬‬

‫(‪)11‬‬

‫‪ 6/175‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا أمسى قال‪" :‬أمْسَيْنا وأمْسَى الُلْكُ ِللّهِ‪ ،‬والَمْدُ لِلّهِ ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‬
‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ قَديرٌ‪ ،‬رَبّ‬ ‫وَح َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ" قال الراوي‪ :‬أراه قال فيهنٌ‪" :‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫ك مِ ْن شَرّ ما ف هَ ِذهِ الّليَْل ِة َوشَ ّر مَا َبعْ َدهَا‪ ،‬رَبّ‬
‫أسألُكَ َخيْرَ ما فِي هَ ِذهِ الّليَْلةِ وَ َخيْ َر مَا َبعْدَها وأعُوذ بِ َ‬
‫صبَحَ قالَ‬‫ك مِ ْن عَذَابٍ ف النّارِ َوعَذَابٍ ف ال َقبْرِ‪ ،‬وَإذَا أ ْ‬ ‫ك مِ َن الكَسَل وَالَ َر ِم َوسُو ِء ال ِكبَرِ‪ ،‬أعُو ُذ بِ َ‬
‫َأعُو ُذ بِ َ‬
‫صبَ َح الُلْكُ لِلّهِ"‪)12(.‬‬ ‫صبَحْنا وأ ْ‬
‫ك أيْضا‪ :‬أ ْ‬ ‫ذل َ‬

‫‪ 7/176‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫جاء رجلٌ إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬يارسول اللّه! ما لقيتُ من عقرب لدغتن البارحة؟ قال‪:‬‬
‫ت مِ ْن شَرّ ما خَلَقَ َل ْم َتضُ ّركَ" ذكره مسلم متصلً‬
‫سيْتَ‪ :‬أعُو ُذ بِكَلِماتِ اللّ ِه التّامّا ِ‬
‫ي أمْ َ‬
‫"أما َلوْ ُق ْلتَ حِ َ‬
‫بديث لولة بنت حكيم رضي اللّه عنها وهكذا‪.‬‬

‫ت مِ ْن شَرّ ما َخلَ َق ثَلثا َل ْم َيضُ ّرهُ‬


‫ورويناه ف كتاب ابن السن‪ ،‬وقال فيه‪" :‬أعُو ُذ ِبكَلِماتِ اللّ ِه التّامّا ِ‬
‫َشيْءٌ"‪.‬‬

‫(‪)13‬‬

‫‪ 8/177‬وروينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫‪88‬‬
‫أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه قال‪ :‬يارسول اللّه! مُرْن بكلمات أقولنّ إذا أصبحتُ وإذا أمسيت‪،‬‬
‫شهَا َدةِ‪ ،‬رَبّ كُ ّل َشيْءٍ َومَلِيكَهُ‪ ،‬أ ْشهَدُ أن ل إلهَ‬
‫ب وَال ّ‬
‫قال‪" :‬قُلِ الّل ُهمّ فَاطِرَ السّ َموَاتِ وَال ْرضِ‪ ،‬عالِ َم ال َغيْ ِ‬
‫ت وَإذَا‬
‫سيْ َ‬
‫ت وَإذَا أمْ َ‬‫ح َ‬‫صبَ ْ‬
‫ك مِ ْن شَ ّر َنفْسِي َو َشرّ الشّيْطا ِن َوشِرْكِهِ‪ .‬قالَ‪ُ :‬قلْها إذَا أ ْ‬
‫إِلّ أْنتَ‪ ،‬أعُو ُذ بِ َ‬
‫جعَكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫ت َمضْ َ‬ ‫أخَذْ َ‬

‫(‪)14‬‬

‫‪ 9/178‬وروينا نوه ف سنن أب داود من رواية أب مالك الشعري رضي اللّه عنهم أنم قالوا‪:‬‬

‫يا رسول اللّه! علّمنا كلمة نقولا إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا‪ ،‬فذكره‪ ،‬وزاد فيه بعد قوله‪:‬‬
‫ف سُوءا عَلى أْنفُسِنا أ ْو نَجُ ّرهُ إل مُسِْلمٍ" قوله صلى اللّه عليه وسلم "وشركه" روي‬
‫َوشِرْكِهِ "وأ ْن َنقْتَ ِر َ‬
‫على وجهي‪ :‬أظهرها وأشهرها بكسر الشي مع إسكان الراء من الِشراك‪ :‬أي ما يدعو إليه ويوسوس‬
‫به من الِشراك باللّه تعال‪ ،‬والثان َشرَكه بفتح الشي والراء‪ :‬حبائله ومصايده‪ ،‬واحدها شَرَكة بفتح‬
‫الشي والراء وآخره هاء‪.‬‬

‫(‪)15‬‬

‫‪ 10/179‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَا مِ ْن عَبْ ٍد َيقُولُ ف صَباحِ كُ ّل َي ْومٍ َومَساءِ كُلّ َليَْلةٍ‪ ،‬باسْمِ اللّ ِه‬
‫ث مَرّاتٍ لَ ْم َيضُرّه شَيْءٌ"‬ ‫ض وَل ف السّما ِء َو ُهوَ السّمِي ُع العَلِيم‪ ،‬ثَل َ‬ ‫الّذي َل يَضُرّ مَ َع اسْمِهِ َشيْءٌ فِي ال ْر ِ‬
‫صبْهُ َفجْأ ُة بَلءٍ"‪.‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬هذا لفظ الترمذي‪ .‬وف رواية أب داود‪" :‬لَم ُت ِ‬

‫(‪)16‬‬

‫‪ 11/180‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ثوبان رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫حمّدٍ‬
‫ي يُمْسِي‪ :‬رَضِيتُ باللّه َربّا‪ ،‬وَبا ِلسْلمِ دِينا‪ ،‬وبِمُ َ‬ ‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قالَ ِح َ‬
‫ضيَهُ" ف إسناده سعد بن الرزبان أبو سعد‬ ‫صَلى اللّ ُه عََليْ ِه َوسَلّم َنِبيّا‪ ،‬كانَ َحقّا على اللّه تعال أ ْن يُرْ ِ‬
‫البقال بالباء‪ ،‬الكوفّ مول حذيفة بن اليمان‪ ،‬وهو ضعيف باتفاق الفّاظ (‪ ، )17‬وقد قال الترمذي‪:‬‬
‫هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه‪ ،‬فلعله صحّ عنده من طريق آخر‪ .‬وقد رواه أبو داود‬

‫‪89‬‬
‫والنسائي بأسانيد جيدة عن رجل خدم النبّ صلى اللّه عليه وسلم عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم بلفظه‪،‬‬
‫فثبت أصل الديث‪ ،‬وللّه المد‪ .‬وقد رواه الاكم أبو عبد اللّه ف الستدرك على الصحيحي؛ وقال‪:‬‬
‫حديث صحيح السناد‪ ،‬ووقع ف رواية أب داود وغيه‪" :‬وبحم ٍد رسولً" وف رواية الترمذي‪" :‬نبيّا"‬
‫فيستحبّ أن يمع الِسان بينهما فيقول "نبيّا ورسولً" ولو اقتصر على أحدها كان عاملً بالديث‪.‬‬

‫(‪)18‬‬

‫‪ 12/181‬وروينا ف سنن أب داود بإسناد جيد ل يضعفه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫حتُ ُأ ْشهِ ُدكَ‬ ‫صبَ ْ‬


‫ي ُيصْب ُح أوْ يُمْسِي‪ :‬الّلهُمّ ِإنّي أ ْ‬ ‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قالَ ح َ‬
‫حمّدا َعبْ ُدكَ‬
‫ك أنّكَ أْنتَ ل إِلهَ إِ ّل أنْتَ‪ ،‬وأ ّن مُ َ‬ ‫ك وَجَمِيعَ خَ ْلقِ َ‬ ‫ك َومَلئِ َكتَ َ‬ ‫وُأشْهِدُ حَمََل َة عَ ْرشِ َ‬
‫صفَهُ مِ َن النّار‪َ ،‬ومَنْ قَالَها ثَلثا َأعْتَقَ اللّهُ‬
‫وَ َرسُولُكَ‪ .‬أ ْعتَقَ اللّهُ ُرُبعَهُ مِنَ النّارِ‪ ،‬فَ َمنْ قَاَلهَا مَ ّرَتيْ ِن أعْتَقَ اللّ ُه ن ْ‬
‫تعال ثَلَثةَ أ ْربَاعِهِ‪ ،‬فإنْ قاَلهَا أَ ْربَعا أ ْعَتقَه اللّ ُه تَعال مِ َن النّارِ"‪.‬‬

‫(‪)19‬‬

‫‪ 13/182‬وروينا ف سنن أب داود بإسناد ل يضعفه‪ ،‬عن عبد اللّه بن غنّام بالغي العجمة والنون‬
‫الشددة البياضي الصحاب رضي اللّه عنه‬

‫صبَحَ بِي مِ ْن ِنعْ َمةٍ فَ ِمنْكَ‬


‫ي ُيصْبحُ‪ :‬الّل ُه ّم ما أ ْ‬
‫أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم قال‪" :‬مَنْ قالَ حِ َ‬
‫ي يُمْسِي‬ ‫ك الَمْ ُد وَلَكَ الشّكْرُ‪َ ،‬فقَدْ أدّى ُشكْ َر َي ْومِهِ؛ َومَنْ قَالَ مِثْلَ ذلكَ ِح َ‬
‫وَحْ َد َك ل شَرِيكَ لَكَ‪ ،‬لَ َ‬
‫َفقَد أدّى ُشكْرَ لَيَلتِهِ"‪.‬‬

‫(‪)20‬‬

‫‪ 14/183‬وروينا بالسانيد الصحيحة ف سنن أب داود والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه‬
‫عنهما قال‪:‬‬

‫ل يكن النبّ صلى اللّه عليه وسلم يَ َدعُ هؤلء الدعوات حي يُمسي وحي يُصبح‪" :‬الّلهُمّ إن أسألُكَ‬
‫ي وأهْلِي ومَالِي‪ ،‬الّلهُ َمّ اسْتُرْ‬
‫ك ال َعفْ َو وَالعَافَِيةَ ف دِين وَ ُدْنيَا َ‬
‫العاِفَيةَ فِي ال ّدْنيَا وال ِخ َرةِ‪ ،‬الّل ُهمّ إن أسألُ َ‬
‫َعوْرَاتِي وآمِنْ َروْعاتِي‪ ،‬الّلهُمّ ا ْحفَ ْظنِي مِ ْن َبيْن يَدَيّ ومِنْ خَ ْلفِي َوعَنْ يَمِينِي َوعَ ْن شِمالِي َومِنْ َفوْقِي‪،‬‬

‫‪90‬‬
‫حتِي" قال وكيع‪ :‬يعن السف‪ .‬قال الاكم أبو عبد اللّه‪ :‬هذا حديث‬
‫ك أنْ ُأغْتا َل مِ ْن تَ ْ‬
‫وأعُو ُذ ِبعَظَ َمتِ َ‬
‫صحيح الِسناد‪)21( .‬‬

‫‪ 15/184‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وغيها بالِسناد الصحيح عن عليّ رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ك الكَ ِر ِي‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬أنه كان يقول عند مضجعه‪" :‬الّلهُمّ ِإنّي أعُو ُذ ِبوَ ْجهِ َ‬
‫ف ا َلغْ َرمَ والَأثَ‪ ،‬الّلهُ ّم ل ُيهْ َزمُ ُجنْ ُدكَ‬
‫ت تَكْشِ ُ‬
‫صَيتِهِ‪ ،‬الّلهُمّ أْن َ‬
‫َوبِكَلِماتِكَ التّا ّمةِ مِ ْن شَر ما أنْتَ آخِ ٌذ بِنا ِ‬
‫ك َوبِحَ ْم ِدكَ"‪)22(.‬‬ ‫ف َوعْ ُدكَ‪ ،‬وَلَ َيْنفَعُ ذَا الَ ّد ِمنْكَ الَدّ‪ُ ،‬سبْحانَ َ‬ ‫وَل ُيخْلَ ُ‬

‫‪ 16/185‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه بأسانيد جيدة عن أب عياش ـ بالشي العجمة ـ‬
‫رضي اللّه عنه‬

‫صبَحَ‪ :‬ل إلهَ إِلّ اللّ ُه وَحْ َدهُ َل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْ ُ‬
‫ك‬ ‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قالَ ِإذَا أ ْ‬
‫وَلَهُ الَ ْم ُد َوهُوَ على كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ .‬كانَ لَ ُه عِدْلُ رََقَبةٍ مِنْ وَلَ ِد إسْمَاعِيلَ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وكُِتبَ‬
‫شيْطانِ حت‬ ‫ط َعنْ ُه عَشْ ُر َسيّئاتٍ‪ ،‬وَرُِفعَ لَ ُه عَشْرُ َدرَجاتٍ‪ ،‬وكانَ فِي ِحرْ ٍز مِنَ ال ّ‬
‫ت وَحُ ّ‬
‫سنَا ٍ‬
‫لَ ُه عَشْرُ حَ َ‬
‫سيَ‪ ،‬وَإنْ قَاَلهَا إِذَا أمْسَى كانَ له ِمثْلُ ذلكَ حتّى ُيصْبحَ"‪)23(.‬‬ ‫يُمْ ِ‬

‫‪ 17/186‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد ل يضعفه‪ ،‬عن أب مالك الشعري رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫صبَ َح الُلْكُ لِلّهِ رَ ّ‬


‫ب‬ ‫حنَا وأ ْ‬
‫صبَ ْ‬
‫صبَحَ أحَدُكُمْ َف ْلَيقُلْ‪ :‬أَ ْ‬ ‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا أ ْ‬
‫ك مِ ْن شَر ما فِي ِه َوشَرّ‬ ‫العَالَ ِميَ‪ ،‬الّلهُ ّم أسألُكَ َخْي َر هَذَا الَيوْمِ َفتْحَ ُه َوَنصْ َر ُه َونُو َر ُه َوبَرَ َكتَهُ َوهُدَاهُ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫ما َبعْدَهُ‪ .‬ثُمّ إذا أمْسَى َف ْلَيقُلْ ِمثْلَ ذلكَ"‪.‬‬

‫(‪)24‬‬

‫‪ 18/187‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عبد الرحن بن أب بكرة أنه قال لبيه‪ :‬يا أبتِ! إن أسعك‬
‫تدعو ك ّل غداة‪" :‬الّلهُ ّم عافِن فِي بَدَن‪ ،‬الّلهُ ّم عاِفنِي ف سَ ْمعِي‪ ،‬الّل ُه ّم عافِن ف َبصَري‪ ،‬الّل ُهمّ إن أعُوذُ‬
‫ب القَبِ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ أْنتَ" تعيدها حي تصبح ثلثا‪،‬‬ ‫بِكَ مِنَ ال ُكفْ ِر وَالفَقْرِ‪ ،‬الّلهُمّ إن أعُو َذ بِكَ مِ ْن عَذَا ِ‬
‫وثلثا حي تُمسي‪ ،‬فقال‪ :‬إن سعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو بنّ‪ ،‬فأنا أُحبّ أن أست‬
‫بسنّته‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫(‪)25‬‬

‫‪ 19/188‬وروينا ف سنن أب داود عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‬

‫ي تُمْسُونَ وَحِيَ‬ ‫سبْحان اللّهِ حِ َ‬ ‫ي ُيصْبحُ {فَ ُ‬ ‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬مَنْ قالَ حِ َ‬
‫خرِجُ‬‫ل ّي مِنَ ا َلّيتِ ويُ ْ‬
‫ي تُ ْظهِرُونَ‪ُ .‬يخْ ِرجُ ا َ‬
‫ض َوعَشِيّا وَ ِح َ‬
‫ُتصْبِحونَ‪ .‬وَلَهُ الَمْدُ ف السّ َموَاتِ وَ ال ْر ِ‬
‫ك تُخْرجُونَ} الروم‪17 :‬ـ ‪ 19‬أدرك ما فاتَهُ فِي‬ ‫حيِي ال ْرضَ َبعْ َد َم ْوِتهَا وَكَذَلِ َ‬
‫ليّ‪ ،‬ويُ ْ‬ ‫ا َلّيتَ مِ َن ا َ‬
‫ي يُمْسِي أَ ْد َركَ ما فَاتَهُ ف َليَْلتِهِ" ل يضعفه أبو داود‪ ،‬وقد ضعفه البخاري ف‬ ‫َيوْمِهِ ذلكَ‪َ ،‬ومَنْ قاَلهُنّ حِ َ‬
‫تاريه الكبي‪ ،‬وف كتابه كتاب الضعفاء‪.‬‬

‫(‪)26‬‬

‫‪ 20/189‬وروينا ف سنن أب داود عن بعض بنات النبّ صلى اللّه عليه وسلم ورضي عنهنّ‪،‬‬

‫حمْ ِدهِ‪ ،‬ل ُق ّوةَ إِلّ‬


‫ي تُصْبحيَ‪ُ :‬سبْحانَ اللّه وبِ َ‬ ‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يُعلّمها فيقول‪" :‬قُول ح َ‬
‫ط ِبكُلّ‬ ‫باللّهِ‪ ،‬ما شاءَ اللّه كَانَ‪ ،‬ومَا لَ ْم يَشأ لَ ْم َيكُن‪ ،‬أعَْلمُ أنّ اللّهَ على كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ ،‬وأَنّ اللّهَ قَدْ أحا َ‬
‫ت ُيصْبحَ"‪(.‬‬ ‫ي يُمْسِي ُحفِظَ ح ّ‬ ‫سيَ‪َ ،‬ومَنْ قَاَلهُنّ حِ َ‬
‫ي ُيصْبحُ ُحفِظَ حتّى يُمْ ِ‬ ‫َشيْءٍ عِلْما‪ ،‬فإنّهُ مَنْ قاَلهُنّ حِ َ‬
‫‪)27‬‬

‫‪ 21/190‬وروينا ف سنن أب داود عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫دخلَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذاتَ يوم السجد فإذا هو برجل من النصار يُقال له أبو أمامة‪،‬‬
‫فقال‪" :‬يا أبا أُما َمةَ! ما ل أرَاكَ جالِسا ف الَسْجِدِ فِي َغيْ ِر وَ ْقتِ صَلةٍ؟" قال‪ :‬هوم لزمتن وديون يا‬
‫ك وقضى َعنْكَ َدْينَكَ؟" قلت‪ :‬بلى يا‬ ‫رسول اللّه! قال‪" :‬أفَل ُأعَلّمُكَ كَلما إذَا ُق ْلتَهُ أ ْذهَبَ اللّ ُه هَمّ َ‬
‫ك مِنَ‬‫ك مِ َن الَ ّم والُزن‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫سيْتَ‪ :‬الّلهُمّ إِن أعُو ُذ بِ َ‬ ‫ت وَإذَا أمْ َ‬
‫ح َ‬
‫صبَ ْ‬
‫رسول اللّه! قال‪":‬قُلْ إذَا أ ْ‬
‫ك مِ ْن غََلَبةِ ال ّديْ ِن وََقهْرِ الرّجالِ"‪ .‬قال‪ :‬ففعلتُ‬
‫ك مِ َن الُبْ ِن والبُخلِ‪ ،‬وأعو ُذ بِ َ‬ ‫ج ِز والكَسَلِ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫العَ ْ‬
‫ذلك‪ ،‬فأذهبَ اللّه تعال هّي وغمّي وقضى عن دين‪)28( .‬‬

‫‪ 22/191‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن عبد اللّه بن أبزى رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫حنَا على ِفطْ َر ِة ا ِلسْلمِ‪ ،‬وكَلِ َم ِة الِخْلصِ‪،‬‬
‫صبَ ْ‬
‫كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال‪" :‬أ ْ‬
‫حمّدٍ صلى اللّه عليه وسلم‪َ ،‬ومِّلةِ إِبْرَاهِيمَ صلى اللّه عليه وسلم َحنِيفا مُسْلِما ومَا أنا مِنَ‬
‫وَ ِديْ ِن نِبيّا مُ َ‬
‫الُشْرِ ِكيَ"‪.‬‬

‫قلتُ‪ :‬كذا وقع ف كتابه‪" :‬ودين نبيّنا ممد" وهو غي متنع‪ ،‬ولعلّه صلى اللّه عليه وسلم قال ذلك جهرا‬
‫ليسمعَه غيه فيتعلمه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫(‪)29‬‬

‫‪ 23/192‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن أوف رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫صبَحَ الُلْكُ ِللّ ِه عَ ّز وَجَلّ‪ ،‬وَالَمْدُ ِللّهِ‪،‬‬


‫صبَحْنا وأ ْ‬
‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال‪ :‬أ ْ‬
‫وَال ِكبْرِيا ُء وَالعَظَ َمةُ ِللّهِ‪ ،‬وَالَ ْل ُق وَالمْ ُر وَالّليْ ُل وَالّنهَا ُر وَما َسكَنَ فِيهما لِلّ ِه تَعال‪ ،‬الّلهُمّ! ا ْجعَلْ َأوّ َل هَذَا‬
‫النّهارِ صَلحا‪َ ،‬وَأ ْوسَطَ ُه نَجاحا وآخِ َرهُ فَلحا‪ ،‬يا أَرْحَمَ الرّاحِمِيَ!"‪.‬‬

‫(‪)30‬‬

‫‪ 24/193‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن السن‪ ،‬بإسناد فيه ضعف‪ ،‬عن مَعقل بن يسار رضي اللّه‬
‫عنه‬

‫صبِ ُح ثَلثَ َمرّاتٍ‪ :‬أعُوذُ باللّهِ السّمِيع العَلِي ِم مِ َن‬ ‫ي ُي ْ‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَالَ حِ َ‬
‫ك ُيصَلّو َن عََليْهِ‬ ‫ت مِ ْن سُو َرةِ الَشْرِ‪ ،‬وَكّلَ اللّ ُه تَعال بِ ِه َسْبعِيَ أَلْفَ مَلَ ٍ‬‫الشّيْطَانِ الرّجِيمِ‪ ،‬وََق َرأَ ثَلثَ آيا ٍ‬
‫ك ا َلنْزَِلةِ"‪.‬‬
‫ي يُمْسِي كانَ بِتلْ َ‬ ‫ت َشهِيدا‪َ ،‬ومَنْ قَاَلهَا حِ َ‬ ‫ك الَي ْومِ ما َ‬
‫سيَ‪ ،‬وَإنْ ماتَ فِي ذَلِ َ‬ ‫َحتّى يُمْ ِ‬

‫(‪)31‬‬

‫‪ 25/194‬وروينا ف كتاب ابن السنّ‪ ،‬عن ممد بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سْبتُمْ أنَما‬
‫و ّج َهنَا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف سرية‪ ،‬فأمَ َرنَا أن نقرأ إذا أمسينا وأصبحنا‪{ :‬أَفَحَ ِ‬
‫خََلقْناكُ ْم َعبَثا}الؤمنون‪ 115 :‬فقرأنا‪ ،‬فغنمنا وسلمنا‪.‬‬

‫(‪)32‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ 26/195‬وروينا فيه عن أنس رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو بذه الدعوة إذا أصبح وإذا أمسى‪" :‬الّلهُ ّم أسألُكَ منْ‬
‫ليْرِ‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ مِنْ فَجأةِ الشّرّ"‪.‬‬
‫فَجْأةِ ا َ‬

‫(‪)33‬‬

‫‪ 27/196‬وروينا فيه عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ك بِهِ؟‬
‫ك أنْ تَسْ َمعِي ما أُوصِي ِ‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لفاطمة رضي اللّه عنها‪" :‬ما يَ ْمَنعُ ِ‬
‫ت وَإذَا أمْسَْيتِ‪ :‬يا َحيّ يَا َقيّومُ بِكَ أ ْسَتغِيثُ فأصْلِحْ ل شأنِي ُكلّ ُه وَلَ َتكِلْن إل َنفْسِي‬
‫ح ِ‬
‫صبَ ْ‬
‫َتقُولِيَ إذَا أ ْ‬
‫طَرَْف َة عَيْنِ"‪)34(.‬‬

‫‪ 28/197‬وروينا فيه‪ ،‬بإسناد‪ ،‬ضعيف‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪:‬‬

‫أن رجلً شكا إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه تُصيبُه الفاتُ‪ ،‬فقال له رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ك َشيْءٌ" فقالنّ الرجلُ‪،‬‬‫حتَ‪ :‬باسمِ اللّ ِه على َنفْسِي وأهْلي ومَال‪ ،‬فإنّ ُه ل يَ ْذ َهبُ لَ َ‬
‫صبَ ْ‬
‫وسلم‪" :‬قُلْ إذَا أ ْ‬
‫ت عنه الفاتُ‪.‬‬ ‫فذهب ْ‬

‫(‪)35‬‬

‫‪ 29/198‬وروينا ف سنن ابن ماجه وكتاب ابن السن‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها؛‬

‫ك عِلْما نافعا‪ ،‬وَرِزْقا َطيّبا‪،‬‬


‫أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أصبح قال‪":‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬
‫َوعَ َملً ُمَت َقبّلً"‪.‬‬

‫(‪)36‬‬

‫‪ 20/199‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫ت منْكَ ف ِنعْ َم ٍة وَعاِفَيةٍ‬‫ح ُ‬ ‫صبَ ُ‬
‫صبَحَ‪ :‬الّلهُمّ إن أ ْ‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قالَ إذَا أ ْ‬
‫صبَ َح َوإِذَا َأمْسَى‪ ،‬كان‬ ‫ث مَرّاتٍ إِذَا أ ْ‬‫ك عَليّ َوعَاِفَيتَكَ َو َستْ َركَ فِي ال ّدنْيا وال ِخ َرةِ‪ .‬ثَل َ‬
‫َوسَتْرٍ‪ ،‬فأتِ ّم ِنعْ َمتَ َ‬
‫َحقّا على اللّهِ تَعال أ ْن ُيتِ ّم عََليْهِ"‪)37(.‬‬

‫‪ 31/200‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن السن‪ ،‬عن الزبي بن العوّام رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ح ُيصْبِ ُح العِبادُ إِ ّل مُنا ٍد يُنادِي‪ُ :‬سبْحانَ الَلكِ‬


‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما مِنْ صَبا ٍ‬
‫ك القُدّوسَ"‪)38(.‬‬ ‫صرَخَ صَارِخٌ‪ :‬أيّها اللئقُ! َسبّحوا الَل َ‬ ‫القُدّوس" وف رواية ابن السن "إلّ َ‬

‫‪ 32/201‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن بُريدة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫ت عََليْهِ ل إِلهَ إِ ّل ُهوَ‬‫صبَ َح َوإِذَا أمْسَى‪َ :‬رّبيَ اللّ ُه َتوَكّ ْل ُ‬


‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قَالَ إذَا أ ْ‬
‫ش العَظيمِ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه العَِليّ العَظِيمُ‪ ،‬ما شاءَ اللّ ُه كانَ‪ ،‬ومَا لَ ْم يَشاْ لَمْ‬ ‫ت َو ُهوَ رَبّ العَ ْر ِ‬
‫عََليْهِ َتوَكّ ْل ُ‬
‫لنّة"‪(.‬‬ ‫ط بِكُ ّل َشيْ ٍء عِلْما‪ ،‬ثُ ّم مَاتَ دَخَ َل ا َ‬ ‫يَكُنْ‪َ ،‬أعْلَ ُم أنّ اللّهَ على ُك ّل شَيْءٍ قَدِيرٌ‪ ،‬وأنّ اللّهَ قَدْ أحا َ‬
‫‪)39‬‬

‫‪ 33/202‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬أَيعْجِزُ أ َحدُكُ ْم أنْ َيكُونَ كأبِي ضَ ْمضَمٍ؟" قالُوا‪َ :‬ومَ ْن أبُو‬
‫شتُمُ‬
‫صبَحَ قالَ‪ :‬الّلهُمّ إِن َق ْد َوهَْبتُ نَفْسِي َوعِرْضِي لَكَ‪ ،‬فَل يَ ْ‬‫ضَ ْمضَ ٍم يَا َرسُولَ اللّهِ؟! قالَ‪" :‬كَانَ إِذَا أ ْ‬
‫ض َربَهُ"‪)40( .‬‬ ‫ب مَنْ َ‬ ‫مَ ْن َشتَمَهُ‪ ،‬وَلَ يَ ْظلِ ُم مَ ْن ظَلَمَهُ‪ ،‬وَل َيضْرِ ُ‬

‫‪ 34/203‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫سبِيَ اللّهُ ل إِلهَ إِلّ‬


‫ي يُمْسِي‪ :‬حَ ْ‬ ‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬مَنْ قالَ فِي كُ ّل َي ْومٍ حِيَ يُصْب ُح وَ ِح َ‬
‫ش العَظِي ِم َسبْ َع مَرّاتٍ َكفَاهُ اللّ ُه تَعال ما أهّ ُه مِ ْن أمْرِ ال ّدنْيا والخِ َرةِ"‪.‬‬
‫ب العَ ْر ِ‬
‫ُهوَ عََليْ ِه َتوَكّ ْلتُ َو ُهوَ رَ ّ‬

‫(‪)41‬‬

‫‪ 35/204‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن السن‪ ،‬بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قَرأ {حَم} ا ُل ْؤمِن إل‪{ :‬إِلَيْ ِه الَصِيُ} غافر‪1 :‬ـ ‪ 3‬وآيةَ‬
‫ي يُمْسِي ُحفِظَ ِبهِما َحتّى ُيصْبحَ"‪.‬‬
‫ظ ِبهِمَا حتّى يُمْسِي‪َ ،‬ومَنْ قَرأهُما ِح َ‬
‫الكُ ْر ِسيّ حِيَ يُصْبحُ ُحفِ َ‬

‫(‪)42‬‬

‫فهذه جلةٌ من الحاديث الت قصدنا ذكرَها‪ ،‬وفيها كفايةٌ لن وفّقه اللّه تعال‪ ،‬نسألُ اللّه العظيم التوفيقَ‬
‫للعمل با وسائر وجوه الي‪.‬‬

‫‪ 36/205‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن طلق بن حبيب‪ ،‬قال‪:‬‬

‫جاء رجلٌ إل أب الدرداء فقال‪ :‬يا أبا الدرداء قد احترق بيتُك‪ ،‬فقال‪ :‬ما احترق‪ ،‬ل يكن اللّه عزّ وجلّ‬
‫ليفعلَ ذلك بكلمات سعتهنّ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬من قالا أوّل ناره ل تصبْه مصيبةٌ‬
‫حت يُمسي‪ ،‬ومَنْ قالا آخ َر النهار ل تصبْه مصيبةٌ حت يُصبحَ‪" :‬الّلهُ َمّ أنتَ رَب‪ ،‬ل إِلهَ إِلَّ َأْنتَ عََليْكَ‬
‫ش العَظِيمِ‪ ،‬ما شاءَ اللّ ُه كانَ‪َ ،‬ومَا لَ ْم يَشأْ َل ْم يَكُنْ‪ ،‬ل َح ْو َل وَل ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ‬ ‫ب العَ ْر ِ‬
‫َتوَكّ ْلتُ وأنْتَ رَ ّ‬
‫ط ِبكُ ّل شَيْ ٍء عِلْما‪ ،‬الّل ُهمّ إِن أعُو ُذ بِكَ‬ ‫العَِل ّي العَظِيمِ‪ ،‬أعَْل ُم أنّ اللّ َه عَلى كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ ،‬وأنّ اللّهَ قَدْ أحَا َ‬
‫سَتقِيمٍ"‪.‬‬‫ط مُ ْ‬
‫صيَتها‪ ،‬إنّ َربّي على صِرَا ٍ‬ ‫مِ ْن شَ ّر َنفْسِي‪َ ،‬ومِ ْن شَرّ ُكلّ دَاّبةٍ أْنتَ آخِ ٌذ بِنا ِ‬

‫ورواه من طريق آخر‪ ،‬من أصحاب النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ل يقل عن أب الدرداء‪ ،‬وفيه‪ :‬أنه تكرّر‬
‫ت وهو يقول‪ :‬ما احترقتْ لن سعتُ النبّ صلى اللّه عليه‬ ‫ميء الرجل إليه يقول‪ :‬أدرِك دارَك فقد احترق ْ‬
‫وسلم يقول‪" :‬مَن قال حي يُصبح هذه الكلمات ـ وذكر هذه الكلمات ـ ل يُصبه ف نفسه ول أهله‬
‫ول ماله شيء يكرهه" وقد قلتها اليوم‪ ،‬ث قال‪ :‬انضوا بنا‪ ،‬فقام وقاموا معه‪ ،‬فانتهوا إل داره وقد احترق‬
‫ما حولا ول يصبها شيء‪.‬‬

‫(‪)43‬‬

‫بابُ ما يُقالُ ف صَبيح ِة المعة‬

‫اعلم أن ك ّل ما يُقال ف غي يوم المعة يُقال فيه‪ ،‬ويُزاد (‪ )44‬استحبابُ كثرة الذكر فيه على غيه‪،‬‬
‫ويُزادُ كثرةُ الصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ 1/206‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‬

‫‪96‬‬
‫حةَ َيوْ ِم الُ ُم َعةِ َقبْلَ صَل ِة الغَدَاةِ‪ :‬أسَْت ْغفِرُ اللّ َه الّذِي ل‬‫صبِي َ‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قالَ َ‬
‫ت ِمثْلَ َزبَ ِد البَحْرِ"‪.‬‬ ‫ل ّي ال َقيّومَ وأتُوبُ إَِليْ ِه ثَلثَ َمرّاتٍ َغفَرَ اللّهُ ُذنُوبَ ُه وََلوْ كَانَ ْ‬
‫إِلهَ إِ ّل ُهوَ ا َ‬

‫ب الِكثارُ من الدعاء ف جيع يوم المعة من طلوع الفجر إل غروب الشمس رَجاءَ مصادفة‬ ‫ويُستح ّ‬
‫ساعة الِجابة‪ ،‬فقد اختُلف فيها على أقوال كثية‪ ،‬فقيل‪ :‬هي بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بعد طلوع الشمس‪ ،‬وقيل‪ :‬بعد الزوال‪ ،‬وقيل‪ :‬بعد العصر‪ ،‬وقيل غي ذلك‪ .‬والصحيحُ‪ ،‬بل‬
‫الصوابُ الذي ل يوز غيُه ما ثبت ف صحيح مسلم (‪ : )45‬عن أب موسى الشعريّ‪ ،‬عن رسول اللّه‬
‫سلّم من الصلة‪)46( .‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم؛ أنا ما بيَ جلوس الِمام على النب إل أن يُ َ‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا طلعتِ الشّمس‬

‫‪ 1/207‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا طلعت الشمس قال‪" :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي جَلّلَنا الَي ْومَ عافَِيتَهُ‪ ،‬وَجاءَ‬
‫ت بِهِ مَلِئكَتُكَ وحَ َمَلةُ‬ ‫ت بِهِ ِلَنفْسِكَ‪َ ،‬و َشهِدَ ْ‬ ‫ت أ ْشهَدُ لَكَ بِما َشهِدْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫صبَ ْ‬
‫بالشَ ْمسِ‪ ،‬مِ ْن مَطَْلعِها‪ ،‬الّلهُمّ أ ْ‬
‫لكِيمُ‪ ،‬ا ْكتُبْ‬ ‫ت القائِ ُم بالقِسْطِ‪ ،‬ل إِلهَ إِ ّل أْنتَ العَزِي ُز ا َ‬ ‫ك إنّكَ َأْنتَ اللّهُ ل إِلهَ إِ ّل أنْ َ‬ ‫ك وَجَمِيعُ خَ ْلقِ َ‬ ‫عَ ْرشِ َ‬
‫ك وأُولِي العِ ْلمِ‪ ،‬الّلهُ ّم أنْتَ السّل ُم َو ِمنْكَ السّلمُ َوإَِليْكَ السّلمُ‪ ،‬أسألُكَ يا ذَا‬ ‫شَهادَت َبعْ َد شَها َد ِة مَلئِ َكتِ َ‬
‫ستَجِيبَ لَنا َد ْعوََتنَا‪ ،‬وأ ْن ُتعْ ِطيَنَا َر ْغَبتَنا‪ ،‬وأنْ ُت ْغنِينَا عَمّ ْن أ ْغنَْيتَهُ عَنّا مِنْ َخ ْلقِكَ‪ ،‬الّلهُمّ‬ ‫الَل ِل والِكْرَامِ أنْ تَ ْ‬
‫شتِي‪ ،‬وأصْلِحْ ل آ ِخ َرتِي اّلتِي إَليْها‬ ‫ي اّلتِي فِيها َمعِي َ‬ ‫أصْلحْ ل دِينِي الّذِي ُه َو ِعصْ َمةُ أمْرِي‪ ،‬وأصْلِحْ ل ُدنْيا َ‬
‫ُمنْقََلبِي"‪)47(.‬‬

‫‪ 2/208‬وروينا فيه عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه موقوفا عليه أنه جعلَ من يَرْقبُ له طلوع‬
‫الشمس‪ ،‬فلما أخبه بطلوعها قال‪ :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذِي َوهَبَ َلنَا هَذَا الَيوْمَ وأقالَنا فِيهِ من (‪)48‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا استقّلتِ (‪ )49‬الشّمس‬

‫‪ 1/209‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عمرو بن عبسة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫‪97‬‬
‫سَتقِلّ الشّ ْمسُ َفَيبْقَى َشيْ ٌء مِنْ َخلْقِ اللّ ِه َتعَال إِ ّل َسبّ َح‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما تَ ْ‬
‫شيْطانِ وأعْتَا ِء َبنِي آ َدمَ" فَسأْلتُ عَنْ أعْتاء بَنِي آ َدمَ؟ فَقالَ‪" :‬شِرَارُ‬ ‫اللّ َه عَ ّز وَجَ ّل َوحَمِ َدهُ إِ ّل ما كا َن مِنَ ال ّ‬
‫الَلْقِ"‪)50(.‬‬

‫بابُ ما يقولُ بعدَ َزوَال الشّمسِ إل العصر‬

‫ضأَ‪ ،‬وإذا قص َد‬


‫قد تقدم إذا َلِبسَ ثوبَه‪ ،‬وإذا خرجَ من بيته‪ ،‬وإذا دخ َل اللءَ‪ ،‬وإذا خرج منه‪ ،‬وإذا تو ّ‬
‫السجدَ‪ ،‬وإذا وص َل بابَه‪ ،‬وإذا صارَ فيه‪ ،‬وإذا سع الؤذّن والقيمَ‪ ،‬وما بي الذان والِقامة‪ ،‬وما يقولُه إذا‬
‫أرا َد القيام للصلة‪ ،‬وما يقولُه ف الصلة من أوّلا إل آخرها‪ ،‬وما يقولُه بعدها‪ ،‬وهذا كلّه يشتركُ فيه‬
‫جي ُع الصلوات‪.‬‬

‫ب الِكثار من الذكار وغيها من العبادات عقبَ الزوال‪.‬‬


‫ويستح ّ‬

‫‪ 1/210‬لا روينا ف كتاب الترمذي عن عبد اللّه بن السائب رضي اللّه عنه‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يُصلّي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر‪ ،‬وقال‪" :‬إنّها‬
‫صعَدَ ل فِيها عَمَلٌ صَاِلحٌ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬
‫ب أنْ َي ْ‬
‫ساعةٌ ُت ْفتَحُ فِيها أْبوَابُ السّماءِ‪ ،‬فأُ ِح ّ‬

‫شيّ‬
‫ك بالعَ ِ‬
‫حمْد َربّ َ‬
‫ويُستحبّ كثرةُ الذكار بعد وظيفة الظهر؛ لعموم قول اللّه تعال‪َ { :‬وسَبّ ْح بِ َ‬
‫وَا ِلبْكارِ} غافر‪ 55 :‬قال أهل اللغة‪ :‬العشيّ من زوال الشمس إل غروبا‪ .‬قال الِمام أبو منصور‬
‫الزهري (‪ : )51‬العش ّي عند العرب‪ :‬ما بي أن تزولَ الشمس إل أن تغرب‪)52( .‬‬

‫ب ما يقولُه بع َد العصرِ إل غُروبِ الشّمس‬


‫با ُ‬

‫ب الِكثارُ من الذكار ف العصر استحبابا متأكدا‬ ‫قد تقدم ما يقولُه بعد الظهر والعصر كذلك‪ ،‬ويُستح ّ‬
‫فإنا الصلة الوسطى على قول جاعات من السلف واللف‪ ،‬وكذلك تُستحبّ زياد ُة العتناء بالذكار‬
‫ب الِكثارُ من الذكار بعد العصر‬ ‫ف الصبح‪ ،‬فهاتان الصلتان أصحّ ما قيل ف الصلة الوسطى‪ ،‬ويُستح ّ‬
‫حمْدِ َربّكَ َقبْ َل طُلُوعِ الشّ ْمسِ وََقبْ َل غُرُوبِها} طه‪130 :‬‬
‫سبّ ْح بِ َ‬
‫وآخر النهار أكثر‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬فَ َ‬
‫ش ّي وا ِلبْكارِ}غافر‪ 55 :‬وقال اللّه تعال‪{ :‬واذْ ُكرْ َربّكَ ف‬ ‫وقال اللّه تعال‪َ { :‬و َسبّ ْح بِحَمْدِ َربّكَ بالعَ ِ‬
‫سبّحُ‬
‫لهْ ِر مِ َن القَوْ ِل بالغُ ُد ّو والصَال} العراف‪ 205 :‬وقال تعال‪{ :‬يُ َ‬ ‫َنفْسِكَ َتضَرّعا وَخِي َفةً َودُو َن ا َ‬

‫‪98‬‬
‫لَهُ فِيها بالغُ ُد ّو والصَالِ رِجا ٌل ل تُ ْلهِيهِمْ تِجا َرٌة وَل َبيْ ٌع عَنْ ذِكْرِ اللّهِ} النور‪ 36:‬وقد تقدم أن الصال‬
‫ما بي العصر والغرب‪.‬‬

‫‪ 1/211‬وروينا ف كتاب ابن السن بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬لَنْ أَ ْجِلسَ مَعَ َق ْومٍ يَذْ ُكرُونَ اللّ َه عَ ّز وَ َج ّل مِنْ صَلةِ ال َعصْرِ إل‬
‫ل مِنْ َأنْ أ ْعتِ َق ثَمَاِنَيةً مِ ْن وَلَ ِد إسْماعِيلَ"‪)53(.‬‬
‫أ ْن َتغْرُبَ الشّ ْمسُ‪ ،‬أ َحبّ إ ّ‬

‫ب ما يقولُه إذا سعَ أذانَ الغرب‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/212‬روينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫ك َوإِ ْدبَا ُر نَها ِركَ‬


‫علّمن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقول عند أذان الغرب‪" :‬الّلهُ ّم هَذَا إقْبالُ َليْلِ َ‬
‫ك فا ْغفِرْ ل"‪)54(.‬‬
‫صوَاتُ دُعاتِ َ‬
‫وأ ْ‬

‫ب ما يقولُه بعدَ صَلةِ الغرب‬


‫با ُ‬

‫قد تقدم قريبا أنه يقول عقيب كل الصلوات الذكارَ التقدمة‪ ،‬ويُستحبّ أن يزيدَ فيقول بعد أن يصلّي‬
‫سنّة الغرب‪:‬‬

‫‪ 1/213‬ما رويناه ف كتاب ابن السن عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا اصرف من صلة الغرب يدخل فيصلي ركعتي ث يقول فيما‬
‫ب وَا َلبْصَا ِر َثّبتْ ُقلُوبَنا على دِينِكَ"‪.‬‬
‫ب القُلُو ِ‬
‫يدعو‪" :‬يا ُمقَّل َ‬

‫(‪)55‬‬

‫‪ 2/214‬وروينا ف كتاب الترمذي عن عمارة بن شبيب قال‪:‬‬

‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد‬‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قالَ ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه َوحْ َدهُ لَ شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْ ُ‬
‫ح ًة يََت َكفّلُونَهِ‬
‫حيِي ويُمِيتُ َو ُه َو عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْ َر مَرّاتٍ على أثَ ِر ا َلغْرِبِ‪َ ،‬بعَثَ اللّ ُه تَعال لَ ُه مَسَْل َ‬
‫يُ ْ‬
‫ت مُوجِبات‪َ ،‬ومَحَا َعنْهُ عَشْرَ سَيّئاتٍ‬ ‫شيْطانِ َحتّى يُصْبحَ‪ ،‬وَ َكتَبَ اللّهُ لَ ُه بِها عَشْرَ حَسَنا ٍ‬ ‫(‪ )56‬مِنَ ال ّ‬

‫‪99‬‬
‫ب ُمؤْمناتٍ" قال الترمذي‪ :‬ل نعرفُ لعمارة بن شبيب ساعا من‬
‫مُوبِقاتٍ‪ ،‬وكانَتْ لَ ُه ِبعِدْ ِل عَشْرِ رِقا ٍ‬
‫النب صلى اللّه عليه وسلم‪)57( .‬‬

‫قلت‪ :‬وقد رواه النسائي ف كتاب عمل اليوم والليلة من طريقي‪ :‬أحدها هكذا‪ ،‬والثان عن عمارة عن‬
‫رجل من الننصار‪ .‬قال الافظ أبو القاسم بن عساكر‪ :‬هذا الثان هو الصواب‪.‬‬

‫قلتُ‪ :‬قوله‪" :‬مَسلحة" بفتح اليم وإسكان السي الهملة وفتح اللم وبالاء الهملة‪ :‬وهم الرس‪.‬‬

‫بابُ ما يقرؤُه ف صَلةِ الوت ِر وما يقولُه بعدَها‬

‫السنّة لن أوترَ بثلث ركعات أن يقرأ ف الول بعد الفاتة‪َ { :‬سبّ ِح اسْمَ َربّكَ العْلَى} وف الثانية{قُلْ‬
‫يا أيّها الكافِرُونَ} وف الثالثة‪{ :‬قُ ْل ُهوَ اللّهُ أ َحدٌ} وا ُل َعوّ َذَتيْنِ‪ .‬فإن نسي {سَبّح} ف الول}‪ ،‬أتى با‬
‫مع {قل يا أيّها الكافرون} ف الثانية‪ ،‬وكذا إن نسيَ ف الثانية{قل يا أيّها الكافرون} أتى با ف الثالثة‬
‫مع {قل هو اللّه أحد} والعوّذتي‪.‬‬

‫‪ 1/215‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وغيها بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن أُبّ بن كعب رضي اللّه‬
‫عنه قال‪:‬‬

‫ك القُدّوسِ" وف رواية النسائي‬


‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سلّم ف الوتر قال‪ُ " :‬سبْحانَ الَلِ ِ‬
‫س ثَلثَ َمرّاتٍ"‪.‬‬
‫ك القُدّو ِ‬
‫وابن السن " ُسبْحانَ الَلِ ِ‬

‫(‪)58‬‬

‫‪ 2/216‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي عن عليّ رضي اللّه عنه؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول ف آخر وتره‪" :‬الّلهُمّ إن َأعُوذُ بِرِضَاكَ مِ ْن سَخَطِكَ‪ ،‬وأعُو ُذ‬
‫بِمُعافاتِكَ مِ ْن ُعقُوبَتِكَ‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ ل أُ ْحصِي ثَناءً عََليْكَ َأنْتَ كما أْثَنيْتَ على َنفْسِك" قال الترمذي‪:‬‬
‫حديث حسن‪)59( .‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا أرا َد النومَ واضطجعَ على فراشِه‬

‫‪100‬‬
‫ض وَا ْختِلَفِ الّليْ ِل وَالنّها ِر لياتٍ لُول اللْبابِ‪ .‬الّذِينَ‬
‫قال اللّه تعال‪{ :‬إنّ ف َخلْقِ السّ َموَاتِ وَال ْر ِ‬
‫يَذْكُرُونَ اللّه قِياما وَُقعُودا َوعَلى ُجنُوِبهِمْ} آل عمران‪190 :‬ـ ‪ 191‬اليات‪.‬‬

‫‪ 1/217‬وروينا ف صحيح البخاري رحه اللّه‪ ،‬من رواية حذيفة وأب ذرّ رضي اللّه عنهما‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إل فراشه قال‪ " :‬باسْمِكَ الّلهُمّ أحْيا وأمُوت" ورويناهُ‬
‫ف صحيح مسلم‪ ،‬من رواية الباء بن عازب رضي اللّه عنهما‪)60( .‬‬

‫‪ 2/218‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي اللّه عنهما‪" :‬إذَا أ َويْتُما إل فِرَا ِشكُما‪ ،‬أوْ إذَا‬
‫أخَ ْذتُما َمضَا ِج َعكُما َف َكبّرَا ثَلثا َوثَلثِيَ‪َ ،‬و َسبّحا ثَلثا وثَلثِيَ‪ ،‬وَا ْحمَدَا ثَلَثا َوثَلثِيَ"‪.‬‬

‫سبِيحُ أ ْربَعا َوثِلثِيَ"‪.‬‬


‫وف رواية‪" :‬التّ ْ‬

‫وَف رواية‪" :‬الّتكْبيُ أرْبعا َوثَلثِيَ"‪ .‬قا َل عليّ‪ :‬فما تركته منذ سعتُه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫قيل له‪ :‬ول ليلة صفي؟ قال‪ :‬ول ليلة صفّي‪.‬‬

‫(‪)61‬‬

‫‪ 3/219‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا أوَى أ َحدُكُمْ إل ِفرَاشِهِ َف ْليَْن ُفضْ ِفرَاشَهُ بِدَاخَلةِ إِزَا ِرهِ‪ ،‬فإنّهُ ل‬
‫ت َنفْسِي فا ْرحَمْها‪،‬‬ ‫سكْ َ‬ ‫ض ْعتُ َجْنبِي َوبِكَ أرَْفعُهُ‪ ،‬إنْ أمْ َ‬ ‫يَدْرِي ما َخَلفَ ُه عََليْهِ‪ ،‬ثُ ّم َيقُولُ‪ :‬باسْمِكَ رَب وَ َ‬
‫ظ بِ ِه عِبا َد َك الصّالِحيَ" وف رواية "َيْنفُضُ ُه ثَلثَ َمرّاتٍ"‪.‬‬ ‫حفَ ُ‬
‫َوإِنْ أ ْرسَ ْلتَها فا ْحفَظْها با تَ ْ‬

‫(‪)62‬‬

‫‪ 4/220‬وروينا ف الصحيحي عن عائشة رضي اللّه عنها‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬كان إذا أخذ مضجعه نفث ف يديه وقرأ بالعوّذات ومسح بما‬
‫جسده‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫(‪)63‬‬

‫‪ 5/221‬وف الصحيحي عنها‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إل فراشه كل ليلة جع كفّيه ث نفث فيهما وقرأ فيهما‪{ :‬قُلْ‬
‫ب الناس} ثُم مسح بما ما استطاع من جسده‪،‬‬ ‫ب الفَلَقِ} و{قُ ْل أعُو ُذ بِرَ ّ‬
‫ُهوَ اللّهُ أ َحدٌ} و{قُ ْل أعُو ُذ بِرَ ّ‬
‫يبدأ بما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده‪ ،‬يفعل ذلك ثلث مرّات‪ ،‬قال أهل اللغة‪ :‬النفث‪ :‬نفخ‬
‫لطيف بل ريق‪.‬‬

‫(‪)64‬‬

‫‪ 6/222‬وروينا ف الصحيحي عن أب مسعود النصاري البدري عقبة بن عمرو رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬اليَتا ِن مِنْ آ ِخ ِر سُو َرةِ الَبقَ َرةِ مَنْ قَرأ ِبهِما ف َليَْلةٍ َكفَتاهُ"‪.‬‬

‫اختلف العلماء ف معن كفتاه؛ فقيل‪ :‬من الفات ف ليلته وقيل‪ :‬كفتاه من قيام ليلته‪ .‬قلت‪ :‬ويوز أن‬
‫يُراد المران‪.‬‬

‫‪ 7/223‬وروينا ف الصحيحي عن البَراء بن عازب رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬‬

‫جعَكَ َفَتوَضَّأ وُضُو َءكَ لِلصّلةِ‪ ،‬ثُ ّم اضْطَجِعْ على‬ ‫ت َمضْ َ‬ ‫قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪":‬إذَا أَتيْ َ‬
‫ت َظهْرِي إَِليْكَ‪َ ،‬ر ْغَب َة وَ َر ْهبَةً‬
‫ضتُ أمْرِي إَِليْكَ‪ ،‬وَألأْ ُ‬ ‫ِشقِكَ اليْمَ ِن وَقُلِ‪ :‬الّلهُ ّم أسَْل ْمتُ َنفْسِي إَِليْكَ‪ ،‬وََفوّ ْ‬
‫ك الّذي أنْزَْلتَ‪َ ،‬ونَِبيّكَ الّذي أَ ْر َس ْلتَ‪ .‬فإ ْن ِمتّ‬ ‫إَِليْكَ‪ ،‬ل ملجأ وَل َمنْجَى ِمنْكَ إِلّ إِليْكَ‪ ،‬آ َمْنتُ ِبكِتابِ َ‬
‫ِمتّ على الفِطْ َرةِ‪ ،‬وا ْجعَ ْلهُنّ آخِ َر ما َتقُولُ" هذا لفظ إحدى روايات البخاري‪ ،‬وباقي رواياته وروايات‬
‫مسلم مقاربة لا‪)65( .‬‬

‫(‪)66‬‬

‫‪ 8/224‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫وكّلن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بفظ زكاة رمضان‪ ،‬فأتان آتٍ فجعل يثو من الطعام‪ ..‬وذكر‬
‫الديث‪ ،‬وقال ف آخره‪ :‬إذا أويتَ إل فراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسي‪ ،‬فإنه لن يزا َل معكَ من اللّه تعال‬

‫‪102‬‬
‫ك َو ُهوَ َكذُوبٌ‪ ،‬ذَاكَ‬
‫حافظ‪ ،‬ول يقربَك شيطانٌ حت ُتصْبِحَ‪ .‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪":‬صَدَقَ َ‬
‫شَيطانٌ" أخرج ُه البُخاري ف صحيحه فقال‪ :‬وقال عثمان بن اليثم‪ :‬حدّثنا عوف عن ممد بن سيين‪،‬‬
‫عن أب هريرة وهذا متصل‪ ،‬فإن عثمان بن اليثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم ف صحيحه‪،‬‬
‫وأما قول أب عبد اللّه الميدي ف المع بي الصحيحي‪ :‬إن البخاري أخرجه تعليقا‪ ،‬فغي مقبول؛ فإن‬
‫الذهب الصحيح الختار عند العلماء والذي عليه الحقّقون أن قول البخاري وغيه‪" :‬وقال فلن" ممولٌ‬
‫على ساعه منه واتصاله إذا ل يكن مدلّسا وكان قد لقيَه‪ ،‬وهذا من ذلك‪ .‬وإنا العلّ ُق ما أسقط البخاري‬
‫منه شيخه أو أكثر بأن يقول ف مثل هذا الديث‪ :‬وقال عوف‪ ،‬أو قال ممد بن سيين‪ ،‬وأبو هريرة‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬

‫(‪)67‬‬

‫‪ 9/225‬وروينا ف سنن أب داود عن حفصة ُأ ّم الؤمن رضي اللّه عنها؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أرادَ أن يرقدَ وضعَ يدَه اليمن تتَ خدّه ث يقول‪ :‬الّلهُمّ قِن‬
‫ث مَرّاتٍ" ورواه الترمذي من رواية حذيفة‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬ ‫ث عِبا َدكَ‪ .‬ثَل َ‬
‫ك َي ْومَ َتْبعَ ُ‬
‫عَذَابَ َ‬
‫وقال‪ :‬حديث صحيح حسن‪ .‬ورواه أيضا من رواية الباء بن عازب ول يذكر فيها ثلث مرات‪.‬‬

‫(‪)68‬‬

‫‪ 10/226‬وروينا ف صحيح مسلم وسنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة‬
‫رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ت وَرَبّ ال ْر ِ‬
‫ض‬ ‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقولُ إذا أوى إل فراشه‪" :‬الّلهُمّ رَبّ السّ َموَا ِ‬
‫ب وَالّنوَى‪ُ ،‬منَزّل الّتوْرَا ِة وَالِنِي ِل وَالقُرآنِ‪ ،‬أعُوذُ‬ ‫بّ العَ ْرشِ العَظِيمِ‪َ ،‬ربّنا وَرَبّ كُ ّل َشيْءٍ‪ ،‬فالِ َق الَ ّ‬ ‫وَرَ َ‬
‫ك شَيْءٌ‪ ،‬وأنْتَ الخِرُ َفَلْيسَ َبعْ َدكَ‬ ‫ت الوّلُ َفَلْيسَ َقْبلَ َ‬
‫بِكَ مِنْ شَرّ كُلّ ذِي شَ ّر أْنتَ آ ِخ ٌذ ِبنَاصَِيتِهِ؛ أنْ َ‬
‫ك شَيْءٌ‪ ،‬ا ْقضِ َعنّا ال ّديْنَ‪ ،‬وأ ْغنِنا مِنَ‬ ‫ك َشيْءٌ‪ ،‬وأْنتَ الباطِنُ َفَلْيسَ دُونَ َ‬ ‫َشيْءٌ‪ ،‬وَأنْتَ الظّاهِرُ فََلْيسَ َفوْقَ َ‬
‫ال َفقْرِ" وف رواية أب داود "ا ْقضِ َعنّي ال ّديْنَ‪ ،‬وأغْنِن مِ َن الفَقرِ"‪.‬‬

‫(‪)69‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ 11/227‬وروينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ك الكَ ِريِ‪،‬‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ ِبوَ ْجهِ َ‬
‫صيَتِهِ‪ ،‬الّلهُ ّم أْنتَ َتكْشِفُ ا َلغْ َر َم والأثَ‪ ،‬اللّضهُ ّم ل ُيهْ َزمُ ُجنْ ُدكَ‪،‬‬
‫ك التّامّة‪ ،‬مِ ْن شَ ّر ما أْنتَ آخِ ٌذ ِبنَا ِ‬
‫وَكَلِماتِ َ‬
‫ف َوعْ ُدكَ‪ ،‬وَل َيْنفَعُ ذَا الَ ّد ِمنْكَ الَدّ‪ُ ،‬سبْحانَكَ الّلهُ ّم َوبِحَ ْم ِدكَ"‪.‬‬ ‫وَل ُيخْلَ ُ‬

‫(‪)70‬‬

‫‪ 12/228‬وروينا ف صحيح مسلم وسنن أب داود والترمذي عن أنس رضي اللّه عنه؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إل فراشه قال‪" :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي أطْعَمَنا َو َسقَانا‪،‬‬
‫وكَفانا وآوَانا‪َ ،‬فكَ ْم مِمّنْ ل كاِفيَ لَ ُه وَل ُم ْؤوِيَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حس صحيح‪.‬‬

‫(‪)71‬‬

‫‪ 13/229‬وروينا بالِسناد السن ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب الزهريّ‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو زهي الناري‬
‫رضي اللّه عنه؛‬

‫ضعْتُ َجْنبِي‪،‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال‪" :‬باسْمِ اللّهِ وَ َ‬
‫ي العْلَى" النديّ‪ :‬بفتح النون‬ ‫الّلهُ ّم اغْفِرْ َذْنبِي‪ ،‬وأخْسِىءْ َشيْطانِي‪ ،‬وَفُكّ رِهانِي‪ ،‬وَا ْجعَ ْلنِي فِي النّدِ ّ‬
‫وكسر الدال وتشديد الياء‪.‬‬

‫وروينا عن الِمام أب سليمان أحد بن ممد بن إبراهيم بن الطاب الطاب رحه اللّه ف تفسي هذا‬
‫ي العلى‪:‬‬
‫الديث قال‪ :‬النديّ‪ :‬القوم الجتمعون ف ملس‪ ،‬ومثله النادي‪ ،‬وجعه أندية‪ .‬قال‪ :‬يريد بالند ّ‬
‫الل العلى من اللئكة‪.‬‬

‫(‪)72‬‬

‫‪ 14/230‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن نوفل الشجعي رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬اقْرأ‪ :‬قُ ْل يا أيّها الكافِرُونَ‪ ،‬ثُ ّم نَمْ على خاتِ َمتِها فإنّها َبرَاءَ ٌة مِنَ‬
‫الشّ ْركِ"‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫وف مسند أب يعلى الوصلي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أل أدُّلكُمْ على كَلِ َم ٍة ُتنَجّيكُ ْم مِ َن الِشْرَاكِ باللّ ِه عَ ّز وَجَلّ‪ ،‬تَقْرَؤونَ‪:‬‬
‫قُ ْل يا أيّها الكافِرُونَ ِعنْ َد َمنَامِكُمْ" (‪)73‬‬

‫‪ 15/231‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عرباض بن سارية رضي اللّه عنه؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ السبّحات ((‪ )74‬قبل أن يرقد‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬
‫(‪)75‬‬

‫‪ 16/232‬وروينا عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم ل ينامُ حت يقرأ بن إسرائيل والزمر‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث (‪)76‬‬

‫‪ 17/233‬وروينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه‪ " :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذي كفان وآوَانِي‪ ،‬وأ ْطعَ َمنِي‬
‫َو َسقَانِي‪ ،‬وَالّذِي مَ ّن عَل ّي فأ ْفضَلَ‪ ،‬وَالّذي أعطانِي فأ ْجزَل‪ ،‬الَمْدُ ِللّهِ على كُلّ حالٍ؛ الّلهُمّ رَبّ كُلّ‬
‫ك مِ َن النّارِ"‪)77(.‬‬
‫َشيْءٍ َومَلِيكَهُ‪َ ،‬وإِلهَ كُ ّل َشيْءٍ‪ ،‬أعُو ُذ بِ َ‬

‫‪ 18/234‬وروينا ف كتاب الترمذي عن أب سعيد الدري رضي اللّه عه‪،‬‬

‫ي يَأوِي إل ِفرَاشِهِ‪ :‬أ ْستَ ْغفِرُ اللّ َه الّذي ل إِلهَ إِ ّل هُ َو الَيّ‬ ‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَالَ حِ َ‬
‫حرِ‪ ،‬وَ ِإنْ كَاَنتْ عَ َددَ‬
‫ال َقيّومَ وأتُوب إَِليْهِ‪ ،‬ثَلثَ َمرّاتٍ‪َ ،‬غفَرَ اللّ ُه تَعال لَهُ ُذنُوبَ ُه وَ ِإنْ كاَنتْ مِثْلَ َزبَ ِد البَ ْ‬
‫النّجُومِ‪َ ،‬وِإنْ كاَنتْ عَ َددَ َرمْ ِل عالٍ‪ ،‬وَ إ ْن كاَنتْ عَ َد َد أيّامِ ال ّدْنيَا"‪)78(.‬‬

‫‪ 19/235‬وروينا ف سنن أب داود وغيه بإسناد صحيح‪ ،‬عن رجل من أسلم من أصحاب النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬

‫كنتُ جالسا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاء رجلٌ من أصحابه فقال‪ :‬يا رسول اللّهِ! ُل ِدغْتُ‬
‫سيْتَ‪ :‬أعُوذُ‬ ‫ي أمْ َ‬
‫الليلةَ فلم أن حت أصبحتُ‪ ،‬قال‪" :‬مَاذَا؟" قال‪ :‬عقربٌ‪ ،‬قال‪ " :‬أما إنّكَ َلوْ ُق ْلتَ حِ َ‬
‫ت مِ ْن شَرّ ما خَلَقَ َل ْم َيضُ ّركَ َشيْءٌ إنْ شاءَ اللّ ُه تَعال"‪.‬‬
‫بكَلِماتِ اللّ ِه التّامّا ِ‬

‫‪105‬‬
‫ورويناه أيضا ف سنن أب داود وغيه من رواية أب هريرة‪ ،‬وقد تقدّم (‪ )79‬روايتنا له عن صحيح‬
‫مسلم ف باب‪ :‬ما يقال عند الصباح والساء‪.‬‬

‫(‪)80‬‬

‫‪20/236‬وروينا ف كتاب ابن السن عن أنس رضي اللّه عنه؛‬

‫ت مِتّ‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أوصى رجلً إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الشر وقال‪ ":‬إنْ ِم ّ‬
‫لّنةِ"(‪)81‬‬
‫َشهِيدا" أو قال‪" :‬مِ ْن أهْ ِل ا َ‬

‫‪ 21/237‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛‬

‫ك مَمَاتُها َومَحْياها‪،‬‬
‫أنه أمر رجلً إذا أخذ مضجعه أن يقول‪" :‬الّلهُ ّم أنْتَ َخَل ْقتَ َنفْسِي وأْنتَ َتَتوَفّاها‪ ،‬لَ َ‬
‫إنْ أ ْحَيْيتَها فا ْحفَظْها‪ ،‬وَإ ْن أمَتّها فا ْغفِرْ َلهَا‪ ،‬الّلهُ ّم إنّي أسألُكَ العاِفَيةَ" قال ابن عمر‪ :‬سعته من رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪)82( .‬‬

‫‪ 22/238‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وغيها بالسانيد الصحيحة‪ ،‬حديث أب هريرة رضي‬
‫اللّه عنه الذي قدّمناه ف باب‪ :‬ما يقول عند الصباح والساء ف قصة أب بكر الصديق رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫شهَا َدةِ رَبّ كُ ّل َشيْ ٍء َومَلِيكَهُ‪ ،‬أ ْشهَدُ أنْ ل إِلهَ إِلّ أْنتَ‬ ‫ض عالِ َم ال َغْيبِ وَال ّ‬
‫"الّلهُ ّم فاطِرَ السّ َموَاتِ وال ْر ِ‬
‫ج ْعتَ"‪( .‬‬ ‫ت وَإذَا َأمْسَْيتَ وَإذَا اضْ َط َ‬‫ح َ‬‫صبَ ْ‬
‫شيْطا ِن َوشِرْكِهِ‪ .‬قُلْها إذَا أَ ْ‬ ‫ك مِ ْن َش ّر َنفِسِي َوشَرّ ال ّ‬
‫أعُو ُذ بِ َ‬
‫‪)83‬‬

‫‪ 23/239‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬وابن السنن‪ ،‬عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما مِ ْن مُسْلِ ٍم يأوي إل فِرَاشِهِ َفَيقْرأُ سُو َر ًة مِنْ كِتابِ اللّ ِه تَعال‬
‫ع َشيْئا َيقْ َربُ ُه ُيؤْذِيهِ حتّى َي ُهبّ َمتَى َهبّ" إسناده‬‫جعَهُ إِ ّل وَكّلَ اللّ ُه عَ ّزوَجَلَ بِهِ مَلَكا ل يَ َد ُ‬
‫حِيَ يأخُذُ مَضْ َ‬
‫ضعيف‪ ،‬ومعن هبّ‪ :‬انتبه وقام‪)84( .‬‬

‫‪ 24/240‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫‪106‬‬
‫ك َو َشيْطانٌ‪َ ،‬فقَا َل‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬إنّ الرّجُلَ إذَا أوَى إل فِرَاشِ ِه ابْتَدَ َر ُه مَلَ ٌ‬
‫ك َيكْلَؤهُ"‪.‬‬‫شيْطانُ‪ :‬ا ْختِ ْم بِشَرّ‪ ،‬فإنْ ذَكَرَ اللّ َه تَعال ثُ ّم نا َم باتَ الَلَ ُ‬
‫خيْرٍ‪ ،‬فَقالَ ال ّ‬
‫الَلَكُ‪ :‬الّلهُمّ ا ْختِمْ بِ َ‬

‫(‪)85‬‬

‫‪ 25/241‬وروينا فيه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي الّله عنهما‪،‬‬

‫ض ْعتُ‬
‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول إذا اضطجع للنوم‪" :‬الّلهُمّ! باسْمِكَ رَب وَ َ‬
‫َجْنبِي فا ْغفِرْ ل َذْنبِي"‪.‬‬

‫(‪)86‬‬

‫‪ 26/242‬وروينا فيه عن أب أُمامة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ت النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقولُ‪" :‬مَ ْن أوَى إل ِفرَاشِهِ طاهِرا‪ ،‬وَذَ َكرَ اللّ َه عَ ّز وَجَلّ َحتّى يُدْرِكَ ُه‬ ‫سع ُ‬
‫النّعاسُ لَ ْم َيَتقَّلبْ سا َع ًة مِنَ الّليْ ِل يَسألُ اللّ َه عَ ّز َوجَلّ فِيها َخيْرا مِنْ َخيْر ال ّدنْيا والخ َرةِ إِلّ أعْطا ُه إيّاهُ"‪(.‬‬
‫‪)87‬‬

‫‪ 27/243‬وروينا فيه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أوى إل فراشه قال‪" :‬الّلهُ ّم أ ْمِتعْنِي بِسَ ْمعِي َوَبصَرِي‪ ،‬وَا ْجعَ ْلهُما‬
‫ع فإنّهُ‬ ‫ك مِ ْن غََلَبةِ ال ّديْ ِن َومِنَ الُو ِ‬
‫ث ِمنّي‪ ،‬وَانْصُ ْرنِي على عَ ُدوّي وَأ ِرنِي َثأْرِي‪ ،‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫الوَارِ َ‬
‫س الضّجِيعُ"‪.‬‬‫ِبئْ َ‬

‫قال العلماء‪ :‬معن اجعلهما الوارث من‪ :‬أي أبقهما صحيحي سليمي إل أن أموت؛ وقيل الراد بقاؤها‬
‫وقوتما عند الكِبَر وضعف العضاء وباقي الواس‪ :‬أي اجعلهما وارث ْي قوّة باقي العضاء والباِقيَيْن‬
‫بعدها؛ وقيل الراد بالسمع‪ :‬وعي ما يسمع والعمل به‪ ،‬وبالبصر‪ :‬العتبار با يرى‪ ،‬وروي "واجعله‬
‫الوارث من" َفرَدّ الاء إل الِمتاع فوحّدَه‪.‬‬

‫(‪)88‬‬

‫‪ 28/244‬وروينا فيه عن عائشة رضي اللّه عنها أيضا‪ ،‬قالت‪:‬‬

‫‪107‬‬
‫ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ـ منذ صحبته ـ ينامُ حت فارقَ الدنيا حت يتعوّذ من الب‬
‫والكسل‪ ،‬والسآمة والبخل‪ ،‬وسوءِ ال ِكبَر‪ ،‬وسوء النظر ف الهل والال‪ ،‬وعذاب القب‪ ،‬ومن الشيطان‬
‫وشركه‪)89( .‬‬

‫‪ 29/245‬وروينا فيه عن عائشة أيضا‪،‬‬

‫حةً‪ ،‬صَادِقَة َغيْرَ كا ِذَبةً‪ ،‬ناِف َع ًة َغيْرَ ضَا ّرةٍ‪.‬‬


‫أنا كانتْ إذا أرادتْ النومَ تقول‪ :‬الّلهُمّ ِإنّي أسألُكَ ُرؤْيا صَاِل َ‬
‫وكانتْ إذا قالت هذا قد عرفوا أنا غي متكلمة بشيء حت تصب َح أو تستيقظَ من الليل‪)90( .‬‬

‫‪ 30/246‬وروى الِمام الافظ أبو بكر بن أب داود بإسناده‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ما كنتُ أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ اليات الثلث الواخر من سورة البقرة‪ .‬إسناده صحيح على‬
‫شرط البخاري ومسلم‪)91( .‬‬

‫‪ 31/247‬وروي أيضا عن عليّ‪ :‬ما أرى أحدا يعقلُ دخلَ ف الِسلم ينامُ حت يقرأ آيةَ الكرسي‪( .‬‬
‫‪)92‬‬

‫‪ 32/248‬وعن إبراهيم النخعي قال‪:‬‬

‫كانوا يُعلّمونم إذا أووا إل فراشهم أن يقرؤوا العوّذتي‪ .‬وف رواية‪ :‬كانوا يستحبّون أن يقرؤوا هؤلء‬
‫السور ف ك ّل ليلة ثلثَ مرات‪ :‬قل هو اللّه أحد والعوّذتي‪ .‬إسناده صحيح على شرط مسلم‪.‬‬

‫(‪)93‬‬

‫واعلم أن الحاديث والثار ف هذا الباب كثية‪ ،‬وفيما ذكرناه كفاية لن وُفّق للعمل به‪ ،‬وإنا حذفنا ما‬
‫ت الِنسانُ بميع الذكور ف هذا الباب‪،‬‬ ‫زاد عليه خوفا من اللل على طالبه واللّه أعلم؛ ث الول أن يأ َ‬
‫فإن ل يتمكن اقتصرَ على ما يقدرُ عليه من أهّه‪.‬‬

‫بابُ كراه ِة النوْم مِن غيِ ذِكْرِ اللّه تَعال‬

‫‪ 1/249‬روينا ف سنن أب داود بإسناد جيد عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ت عََليْ ِه مِنَ اللّ ِه تِ َرةٌ‪َ ،‬ومَنْ اضْطَجَ َع َمضْجَعا‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ َقعَدَ َمقْعَدا لَ ْم يَذْكُر اللّ َه َتعَال فِيهِ كَانَ ْ‬

‫‪108‬‬
‫ل يَذْكُرُ اللّ َه تَعال فِي ِه كاَنتْ عََليْ ِه مِنَ اللّ ِه تَعال تِ َرةٌ" قلت‪ :‬الترة (‪ )1‬بكسر التاء الثناة فوق وتفيف‬
‫الراء‪ ،‬ومعناه‪ :‬نقص‪ ،‬وقيل تبعة‪)2( .‬‬

‫بابُ ما يقول إذا استيقظَ ف الليل وأرا َد النّومَ بعدَه‬

‫اعلم أن الستيقظ بالليل على ضربي‪ :‬أحدهُما‪ :‬من ل ينام بعدَه‪ ،‬وقد قدّمنا ف أوّل الكتاب أذكارَه‪.‬‬
‫والثان‪ :‬من يُريد النوم بعدَه‪ ،‬فهذا يُستحبّ له أن يذكرَ اللّه تعال إل أن يغلبه النوم‪ ،‬وجاء فيه أذكار‬
‫كثية‪ ،‬فمن ذلك ما تقدم ف الضرب الوّل‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬

‫‪ 1/250‬ما رويناه ف صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ك وَلَهُ الَ ْم ُد َوهُ َو على‬
‫وسلم‪ ،‬قال‪" :‬مَ ْن تَعارّ من اللّيلِ فَقالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلَّ اللّ ُه وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫كُل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ ،‬والَمْدُ لِلّهِ‪َ ،‬و ُسبْحانَ اللّهِ‪ ،‬وَل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وَاللّهُ أكْبَرُ‪ ،‬وَل َحوْ َل ول ُق َوّةَ إلِلّ باللّهِ‪ ،‬ثُمّ‬
‫قَالَ‪ :‬الّلهُ ّم اغْفرْ ل ـ أوْ دَعا ـ اسْتُجِيبَ لَهُ‪ ،‬فإنْ َتوَضّأ ُقبَِلتْ صَلتُهُ" هكذا ضبطته ف أصل ساعنا‬
‫الحقق‪ ،‬وف النسخ العتمدة من البخاري‪ ،‬وسقط قول "ول إِله إلّ اللّه" قبل "واللّه أكب" ف كثي من‬
‫النسخ‪ ،‬ول يذكره الميدي أيضا ف المع بي الصحيحي‪ ،‬وثبت هذا اللفظ ف رواية الترمذي وغيه‪،‬‬
‫وسقط ف رواية أب داود‪ ،‬وقوله "اغفر ل أو دعا" هو شك من الوليد بن مسلم أحد الرواة‪ ،‬وهو شيخ‬
‫البخاري وأب داود والترمذي وغيهم ف هذا الديث‪.‬‬

‫وقوله صلى اللّه عليه وسلم "تعارّ" هو بتشديد الراء ومعناه‪ :‬استيقظ‪)3( .‬‬

‫‪ 2/251‬وروينا ف سنن أب داود بإسناد ل يضعفه‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها‪،‬أن رسول اللّه صلى‬
‫ت ُسبْحانَكَ الّل ُهمّ‪ ،‬أسَْت ْغفِ ُركَ ِل َذْنبِي‪،‬‬
‫اللّه عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال‪" :‬ل إلهَ إِ ّل أنْ َ‬
‫ك أنْتَ‬
‫وأسألُكَ رَ ْح َمتَكَ‪ ،‬الّلهُمّ زِ ْدنِي عِلْما وَ َل تُ ِزغْ قَ ْلبِي بعد إ ْذ هَ َديْتَن َو َهبْ لِي مِنْ لَ ُدنْكَ َرحْ َمةً‪ ،‬إنّ َ‬
‫الوَهّابُ"‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫‪ 3/252‬وروينا ف كتاب ابن السن عن عائشة رضي اللّه عنها قالتكان ـ تعن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ض وَما بَْيَنهُما‬
‫عليه وسلم ـ إذا تعارّ من الليل قال‪" :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه الوَاحِ ُد ال َقهّارُ رَبّ السّ َموَاتِ وال ْر ِ‬
‫العَزِي ُز ال َغفّارُ"‪)5(.‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ 4/253‬وروينا فيه بإسناد ضعيف عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫أنه سع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪":‬إذَا َردّ اللّ ُه عَ ّز وَجَلّ إل العَبْ ِد الُسْلِ ِم َنفْسَ ُه مِنَ الّليْلِ‬
‫سبَّحَ ُه وَاسَْت ْغفَ َرهُ َودَعاهُ َت َقبّلَ مِنْهُ"‪.‬‬
‫فَ َ‬

‫(‪)6‬‬

‫‪ 5/254‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه وابن السن بإسناد جيد‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬‬
‫قال‪:‬‬

‫صِن َفةِ‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪":‬إذَا قامَ أ َحدُكُ ْم عَنْ فِرَاشِ ِه مِنَ الّليْ ِل ث عادَ إَِليْهِ َف ْليَْن ُفضْهُ ِب َ‬
‫ض ْعتُ َجْنبِي َوبِكَ‬ ‫إِزَا ِرهِ ثَلث مَرّاتٍ‪ ،‬فإنّهُ ل يَ ْدرِي ما خََلفَ ُه عََليْهِ‪ ،‬فإذَا اضْ َطجَعَ َف ْليَقُلْ‪ :‬باسْمِكَ الّلهُ ّم وَ َ‬
‫حفَظُ بِ ِه عِبا َد َك الصّالِحي" قال‬ ‫ت َنفْسِي فارْ َحمْها‪َ ،‬وإِنْ َردَ ْدتَها فا ْحفَظْها بِما َت ْ‬
‫أرَْفعُهُ‪ ،‬إِ ْن أمْسَ ْك َ‬
‫صنِفة الِزار‪ :‬بكسر النون‪ ،‬جانبه الذي ل هدب فيه‪ ،‬وقيل‬ ‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬قال أهل اللغة‪َ :‬‬
‫جانبه؛ أيّ جانب كان‪.‬‬

‫(‪)7‬‬

‫‪ 6/255‬وروينا ف موطأ الِمام مالك رحه اللّه ف باب الدعاء آخر كتاب الصلة‪ ،‬عن مالك أنه بلغه‬
‫عن أب الدرداء رضي اللّه عنه؛‬

‫ت النّجُومُ وأْنتَ َحيّ َقيُوم‪ .‬قلت‪ :‬معن غارت‪:‬‬


‫ت العُيُونُ وَغارَ ِ‬
‫أنه كان يقوم من جوف الليل فيقول‪ :‬نامَ ِ‬
‫غربت‪)8( .‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا قلقَ ف فراشِه فلم ينمْ‬

‫‪ 1/256‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن زيد بن ثابت رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫ت النّجُو ُم َوهَدأتِ ال ُعيُو ُن‬


‫شكوتُ إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرَقا أصابن فقال‪":‬قُلِ الّل ُهمّ غارَ ِ‬
‫وأْنتَ َحيّ َقيّو ٌم ل تَأخُ ُذكَ ِسَن ٌة وَ َل َنوْمٌ‪ ،‬يا حيّ يا َقيّومُ َأهْدِىءْ َليْلي‪ ،‬وأنِ ْم َعْينِي" فقلتُها‪ ،‬فأذهب اللّه عزّ‬
‫وج ّل عن ما كنتُ أجد‪)9( .‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ 2/257‬وروينا فيه عن ممد بن يي بن َحبّان ـ بفتح الاء والباء الوحدة‪،‬‬

‫ـ أن خالد بن الوليد رضي اللّه عنه أصابَه أرقٌ‪ ،‬فشكا ذلك إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فأمره أن‬
‫يتعوّذ عند منامه بكلماتِ اللّه التّامّات من غضبه‪ ،‬ومن ش ّر عباده‪ ،‬ومن هزات الشياطي وأ ْن يَحضرون‪.‬‬
‫هذا حديث مرسل‪ ،‬ممد بن يي تابعي‪ .‬قال أهل اللغة‪ :‬الرق هو السهر‪)10( .‬‬

‫‪ 3/258‬وروينا ف كتاب الترمذي بإسناد ضعيف‪ ،‬وضعّفه الترمذي عن بُريدة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫شكا خالد بن الوليد رضي اللّه عنه إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول اللّه! ما أنام الليل من‬
‫سبْ ِع وَما‬
‫الرق‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا أ َوْيتَ إل فِرَاشِكَ َفقُلْ‪ :‬الّلهُمّ رَبّ السّ َموَاتِ ال ّ‬
‫ي َومَا أضَّلتْ‪ ،‬كُنْ ل جارا مِنْ خَ ْلقِكَ كُّل ِهمْ جَمِيعا أنْ‬ ‫ي َومَا أقَّلتْ‪ ،‬وَرَبّ الشّياطِ ِ‬
‫ب الَرض َ‬ ‫أظَّلتْ‪ ،‬وَرَ ّ‬
‫ط عليّ أحَ ٌد ِمْنهُمْ أو أ ْن َيبْغي عليّ‪ ،‬عَزّ جا ُركَ‪ ،‬وَجَ ّل ثَنا ُؤكَ وَل إِل َه غَيْ ُركَ‪ ،‬وَل إِلهَ إِلّ أْنتَ"‪)11(.‬‬‫َيفْر َ‬

‫بابُ ما يقولُ إذا كانَ يفزعُ ف منامه‬

‫‪ 1/259‬روينا ف سنن أب داود والترمذي وابن السن وغيها‪ ،‬عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫جدّه؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات‪" :‬أعُو ُذ بِكَلِماتِ اللّ ِه التّا ّم ِة مِ ْن‬
‫حضُرُونِ" قال‪ :‬وكان عبد اللّه بن عمرو يعلمه ّن مَنْ‬ ‫ي وأ ْن يَ ْ‬ ‫غَضَب ِه َوشَ ّر عِبا ِدهِ‪َ ،‬ومِ ْن هَ َمزَاتِ الشّياطِ ِ‬
‫عقل من بنيه‪ ،‬ومَنْ ل يعقل كتبه فعلقه عليه‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬وف رواية ابن السن‪ :‬جاء‬
‫رجلٌ إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فشكا أنه يفزعُ ف منامه‪ ،‬فقالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫إذَا أوَْيتَ إل فِرَاشِكَ َفقُلْ‪َ :‬أعُو ُذ بِكَلِماتِ اللّه التّا ّم ِة مِ ْن َغضَبِ ِه وَم ْن شَ ّر عِبا ِدهِ‪َ ،‬ومِنْ هَمَزاتِ الشّياطِيِ‬
‫وأ ْن يَحْضرُونِ" فقالا‪ ،‬فذهب عنه‪)12( .‬‬

‫حبّ أو يَكرهُ‬
‫بابُ ما يقولُ إذا رَأى ف منامِه ما يُ ِ‬

‫‪ 1/260‬روينا ف صحيح البخاري عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه؛‬

‫‪111‬‬
‫حبّها‪ ،‬فإنّمَا هِ َي مِنَ اللّ ِه تَعال‪ ،‬فَ ْلَيحْمَدِ‬
‫أنه سع النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إذَا رَأى أحَدُكُمْ ُرؤْيا ُي ِ‬
‫ك مِمّا َيكْ َرهُ‬
‫حبّ‪ ،‬وَإذَا رأى َغيْرَ ذل َ‬ ‫ث بِها إِ ّل مَ ْن يُ ِ‬
‫حدّ ْ‬
‫ث بِها" وف رواية "فَل يُ َ‬
‫حدّ ْ‬ ‫اللّه تَعال عََليْها وَْليُ َ‬
‫ستَعِ ْذ مِ ْن َشرّها وَل يَذْكُرْها ل َح ٍد فإنا ل تَضّ ّرهُ"‪)13(.‬‬‫شيْطانِ َف ْليَ ْ‬ ‫فإنّمَا ِهيَ مِنَ ال ّ‬

‫‪ 2/261‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب قَتادة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سَنةُ مِنَ اللّهِ‪ ،‬والُلْ ُم مِ َن‬


‫حةُ" وف رواية "ال ّرؤْيا الَ َ‬ ‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ال ّرؤْيا الصّالِ َ‬
‫شيْطان‪ ،‬فإنَا ل َتضُ ّرهُ" وف رواية‬ ‫الشّيْطانِ‪ ،‬فَمَنْ رأى َشيْئا َيكْ َرهُهُ َف ْليَْن ُفثْ عَ ْن شِمالِ ِه ثَلثا وَْليََت َعوّ ْذ مِنَ ال ّ‬
‫"فَ ْلَيْبصُقْ" بدل‪ :‬فلينفثْ‪ ،‬والظاهر أن الراد النفث‪ ،‬وهو نفخ لطيف ل ريق معه‪)14( .‬‬

‫‪ 3/262‬وروينا ف صحيح مسلم عن جابر رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إِذَا رأى أحَدُكُمُ الرّؤيا َيكْ َرهُها َف ْلَيبْصُ ْق عَ ْن يَسا ِر ِه ثَلثا‪،‬‬
‫حوّ ْل عَنْ َجْنبِ ِه الّذِي كانَ عََليْهِ"‪)15(.‬‬ ‫شيْطانِ ثَلثا‪ ،‬وَْلَيتَ َ‬
‫وَْليَسَْتعِذْ باللّه مِنَ ال ّ‬

‫‪ 4/263‬وروى الترمذي من رواية أب هريرة مرفوعا‪:‬‬

‫"إذَا رأى أحَدُكُمْ ُرؤْيا َيكْرهَها فَل يُحَدّثْ با أحَدا وَْلَيقُمْ فَ ْلُيصَلّ"‪)16(.‬‬

‫‪ 5/264‬وروينا ف كتاب ابن السن وقال فيه‪" :‬إذَا رَأى أحَدُكُمْ ُرؤْيا َيكْ َرهُها فَ ْلَيْتفُلْ عن يَسَا ِر ِه‬
‫شيْطانِ َو َسيّئاتِ الحْلمِ؛ فإّنهَا َل َتكُو ُن َشيْئا"‪(.‬‬ ‫ك مِ ْن عَمَل ال ّ‬
‫ثَلث مَرّاتٍ‪ ،‬ثُ ّم لَيقُلِ‪ :‬اللّهمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫‪)17‬‬

‫صتْ عليه رُؤيا‬


‫بابُ ما يقولُ إذا ُق ّ‬

‫‪ 1/265‬روينا ف كتاب ابن السن؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قال له رأيت رؤيا‪ ،‬قال‪َ :‬خيْرا رَأيْتَ و َخيْرا َيكُونُ" وف رواية "‬
‫َخيْرا تَلْقاهُ‪َ ،‬وشَرّا َتوَقّاهُ‪َ ،‬خيْرا لَنا‪َ ،‬وشَرّا على أعْدَائِنا‪ ،‬والَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَ ِميَ"‪)18(.‬‬

‫لثّ على الدّعاء والستغفارِ ف النصفِ الثان من كلّ ليلة‬


‫بابُ ا َ‬

‫‪112‬‬
‫‪ 1/266‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫ي َيْبقَى ثُُلثُ الّليْل‬ ‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬يَنْ ِزلُ َربّنا ُكلّ َليَْلةٍ إل السّماءِ ال ّدنْيا حِ َ‬
‫سَت ْغفِرُن َفَأ ْغفِر لَهُ؟" وف رواية لسلم "‬ ‫الخِر َفَيقُو ُل مَ ْن يَ ْدعُونِي فأ ْستَجِيبَ لَهُ؟ مَ ْن يَسْألُن فأُعْ ِطيَهُ؟ مَ ْن يَ ْ‬
‫ك أنا‬
‫ي يَ ْمضِي ثُُلثُ الّليْ ِل الوّلُ َفَيقُولُ‪ :‬أنا الَلِ ُ‬ ‫يَنِلُ اللّهُ سُبْحانَهُ َوتَعال إل السّماءِ ال ّدنْيا كُلّ َليَْلةٍ ِح َ‬
‫سَت ْغفِ ُرنِي فأغْفِرَ لَهُ‪،‬‬
‫الَلِكُ‪ ،‬مَنْ ذَا الّذي يَ ْدعُونِي فَأ ْستَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الّذي يَسألُنِي فُأعْ ِطيَهُ؟ مَنْ ذَا الّذِي يَ ْ‬
‫جرُ"‪ .‬وف رواية"إِذَا َمضَى شَ ْطرُ الّليْ ِل أ ْو ثُُلثَاهُ"‪.‬‬ ‫فَل يَزَالُ كَذَلِكَ حتّى ُيضِيءَ الفَ ْ‬

‫(‪" )19‬‬

‫‪ 2/267‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي عن عمرو بن عبسة رضي اللّه عنه‬

‫ب مِ َن العَبْدِ فِي َجوْفِ الّليْلِ الخر‪ ،‬فإن‬


‫ب ما َيكُونُ الرّ ّ‬
‫أنه سع النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬أقْرَ ُ‬
‫اسْتَ َط ْعتَ أ ْن تَكُونَ مِمّ ْن يَذْكُرُ اللّ َه تَعال فِي تِلْكَ السّا َعةِ َفكُنْ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪( .‬‬
‫‪)20‬‬

‫ف ساعةَ الِجابة‬
‫بابُ الدّعاءِ ف جَميع ساعاتِ الليل كلّه رجاءَ أن يُصادِ َ‬

‫‪ 1/268‬روينا ف صحيح مسلم عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫سلِ ٌم يَسألُ اللّهَ تَعال َخيْرا‬


‫سعت النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪ِ" :‬إنّ ف الّليْلِ لَسا َع ًة ل يُواِفقُها رَجُ ٌل مُ ْ‬
‫مِنْ ال ّدنْيا والخِ َرةِ إلّ أعْطاهُ اللّ ُه إيّاهُ‪ ،‬وَذلكَ كُلّ َليَْلةِ"‪)21(.‬‬

‫بابُ أساء اللّه السن‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَلِلّ ِه السْما ُء الُسْنَى فا ْدعُوهُ بِها}العراف‪.180:‬‬

‫‪ 1/269‬وعن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫ي اسْما‪ ،‬إِلّ وَاحِدا‪ ،‬مَنْ أ ْحصَاها‬ ‫سعِ َ‬ ‫س َعةً َوتِ ْ‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪":‬إنّ ِللّ ِه تَعال تِ ْ‬
‫حبّ ال ِوتْرِ (‪ُ ، )22‬هوَ اللّ ُه الّذي ل إِلهَ إِ ّل ُهوَ‪ ،‬الرّحْمَنُ‪ ،‬الرّحِيمُ‪ ،‬الَلِكُ‪ ،‬القُدّوسُ‪،‬‬ ‫َدخَ َل الَّنةَ‪ ،‬إنّهُ ِوتْ ٌر ُي ِ‬
‫صوّرُ‪ ،‬ال َغفّارُ‪ ،‬ال َقهّارُ‪ ،‬ال َوهّابُ‪،‬‬
‫لبّارُ‪ ،‬ا ُلَتكَبّرُ‪ ،‬الالِقُ‪ ،‬البارىءُ‪ ،‬ا ُل َ‬ ‫السّلمُ‪ ،‬ا ُل ْؤمِنُ‪ ،‬الُ َهيْمِنُ‪ ،‬العَزِيزُ‪ ،‬ا َ‬

‫‪113‬‬
‫الرّزّاقُ‪ ،‬ال َفتّاحُ‪ ،‬العَلِيمُ‪ ،‬الباسِطُ‪ ،‬الَافِضُ‪ ،‬الرّافِعُ‪ ،‬الُعِزّ‪ ،‬الُذِلّ‪ ،‬السّمِيعُ‪ ،‬الَبصِيُ‪ ،‬الَكَمُ‪ ،‬العَدْلُ‪ ،‬اللّطِيفُ‪،‬‬
‫شكُورُ‪ ،‬العَِليّ‪ ،‬ال َكبِيُ‪ ،‬ا ُلغِيثُ‪ ،‬الَسِيبُ‪ ،‬الَلِيلُ‪ ،‬الكَ ِريُ‪ ،‬الرّقِيبُ‪،‬‬ ‫الَبيُ‪ ،‬الَليمُ‪ ،‬العَظِيمُ‪ ،‬ال َغفُورُ‪ ،‬ال ّ‬
‫شهِيدُ‪ ،‬الَقّ‪ ،‬الوَكِيلُ‪ ،‬ال َقوِيّ‪ ،‬ا َلتِيُ‪ ،‬الوَلّ‪،‬‬ ‫الُجِيبُ‪ ،‬الوَاسِعُ‪ ،‬الَكِيمُ‪ ،‬الوَدُودُ‪ ،‬الَجِيدُ‪ ،‬البا ِعثُ‪ ،‬ال ّ‬
‫ليّ‪ ،‬ال َقيّومُ‪ ،‬الوَاجِدُ‪ ،‬الَاجِدُ‪ ،‬الوَاحِدُ‪ ،‬الصّمَدُ‪،‬‬ ‫حيِي‪ ،‬الُمِيتُ‪ ،‬ا َ‬ ‫حصِي‪ ،‬ا ُلبْدِىءُ‪ ،‬ا ُلعِيدُ‪ ،‬الُ ْ‬‫الَمِيدُ‪ ،‬الُ ْ‬
‫القادِرُ‪ ،‬الُ ْقتَدِرُ‪ ،‬ا ُلقَ ّدمُ‪ ،‬ا ُلؤَخّرُ‪ ،‬الوّلُ‪ ،‬الخِرُ‪ ،‬الظّاهِرُ‪ ،‬البَاطِنُ‪ ،‬الوَال‪ ،‬الُتَعالِ‪ ،‬البَرّ‪ ،‬الّتوّابُ‪ ،‬ا ُلنَْتقِمُ‪،‬‬
‫ال َع ُفوّ‪ ،‬ال ّرؤُوف‪ ،‬مالِكُ الُلْكِ‪ ،‬ذُو الَل ِل وَالِكْرَامِ‪ ،‬الُقْسِطُ‪ ،‬الامِعُ‪ ،‬ال َغِنيّ‪ ،‬ا ُلغْنِي‪ ،‬الَانِعُ‪ ،‬الضّار‪ ،‬النّافعُ‪،‬‬
‫صبُورُ" هذا حديث البخاري ومسلم إل قوله "يبّ‬ ‫النّورُ‪ ،‬الَادِي‪ ،‬البَدِيعُ‪ ،‬الباقِي‪ ،‬الوَارِثُ‪ ،‬ال َرشِيدُ‪ ،‬ال ّ‬
‫الوتر" وما بعده حديث حسن‪ ،‬رواه الترمذي وغيه‪ .‬قوله "الغيث" روي بدله "القيت" بالقاف والثناة‪،‬‬
‫وروي "القريب" بدل "الرقيب"‪ ،‬وروي "البي" بالوحدة بدل "التي" بالثناة فوق‪ ،‬والشهور الثناة‪،‬‬
‫ومعن أحصاها‪ :‬حفظها‪ ،‬هكذا فسره البخاري والكثرون‪ ،‬ويؤيده أن ف رواية ف الصحيح "مَنْ َحفِ َظهَا‬
‫َدخَ َل الَّنةَ" وقيل معناه من عرف معانيها وآمن با‪ ،‬وقيل معناه‪ :‬من أطاقها بسن الرعاية لا وتلّق با‬
‫يكنه من العمل بعانيها‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫•كتاب تلوة القرآن‬


‫بابُ تلوة القرآن‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬الحافظة على تلوة القرآن‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬الوقات الختارة للقراءة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف آداب التم وما يتعلق به‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُستحبّ الدعاء عند التم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬فيمن نام عن حزبه ووظيفته العتادة‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف المر بتعهد القرآن‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف مسائل وآداب ينبغي للقارىء العتناء با‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا أراد القراءة أن ينظّفَ فَمَهُ بالسّواك وغيه‬
‫‪ ‬فصل‪:‬التحلي بالشوع‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬قراءة القرآن ف الصحف أفضل‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬حكم رفع الصوت وخفضه عند القراءة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يستحبّ تسي الصوت بالقراءة وتزيينها‬

‫‪114‬‬
‫فصل‪ :‬يستحب للقارئ أن يبدأمن أول الكلم الرتبط‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬البدع النكرة عند القراءة‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬يوز أن يقولَ‪ :‬سورة البقرة‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن يقول نسيتُ آية كذا أو سورة كذا‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬آداب القارىء والقراءة‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬قراءة القرآن آكد الذكار‬ ‫‪‬‬

‫كتاب تلوة القرآن‬

‫بابُ تلوة القرآن‬

‫ب ومقاصد‪ ،‬وقد‬
‫اعلم أن تلوة القرآن هي أفضل الذكار‪ ،‬والطلوب القراءة بالتدبر‪ ،‬وللقراءة آدا ٌ‬
‫جعت قبل هذا فيها كتاباُ متصرا (‪ )1‬مشتملً على نفائس من آداب القرّاء والقراءة وصفاتا وما يتعلق‬
‫با‪ ،‬ل ينبغي لامل القرآن أن يفى عليه مثله‪ ،‬وأنا ُأشِيُ ف هذا الكتاب إل مقاصدَ من ذلك متصرة‪،‬‬
‫وقد دللتُ من أراد ذلك وإيضاحه على مظنته‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ل ونارا‪ ،‬سفرا وحضرا‪ ،‬وقد كانت للسلف رضي اللّه عنهم‬ ‫فصل‪ :‬ينبغي أن يافظ على تلوته لي ً‬
‫عادات متلفة ف القدر الذي يتمون فيه‪ ،‬فكان جاع ٌة منهم يتمون ف كل شهرين ختمة‪ ،‬وآخرون ف‬
‫كل شهر ختمة‪ ،‬وآخرون ف كل عشر ليال ختمة‪ ،‬وآخرون ف كل ثان ليالٍ ختمة‪ ،‬وآخرون ف كل‬
‫سبع ليالٍ ختمة‪ ،‬وهذا فعل الكثرين من السلف‪ ،‬وآخرون ف كل ستّ ليال‪ ،‬وآخرون ف خس‪،‬‬
‫وآخرون ف أربع‪ ،‬وكثيون ف كل ثلث‪ ،‬وكان كثيون يتمون ف كل يوم وليلة ختمة‪ ،‬وختم جاعة‬
‫ف كل يوم وليلة ختمتي‪ .‬وآخرون ف كل يوم وليلة ثلث ختمات‪ ،‬وختم بعضهم ف اليوم والليلة ثان‬
‫ختمات‪ :‬أربعا ف الليل‪ ،‬وأربعا ف النهار‪ :‬ومّن ختم أربعا ف الليل وأربعا ف النهار السيد الليل ابن‬
‫الكاتب الصوف (‪ )2‬رضي اللّه عنه‪ ،‬وهذا أكثر ما بلغنا ف اليوم والليلة‪.‬‬

‫وروى السيد الليل أحد الدورقي بإسناده عن منصور بن زاذان بن عباد التابعي رضي اللّه عنه أنه كان‬
‫يتم القرآن ما بي الظهر والعصر‪ ،‬ويتمه أيضا فيما بي الغرب والعشاء‪ ،‬ويتمه فيما بي الغرب‬
‫والعشاء ف رمضان ختمتي وشيئا‪ ،‬وكانوا يؤخرون العشاء ف رمضان إل أن يضي ربع الليل‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫وروى ابن أب داود بإسناده الصحيح أنّ ماهدا رحه اللّه كان يتم القرآن ف رمضان فيما بي الغرب‬
‫والعشاء‪.‬‬

‫وأما الذين ختموا القرآن ف ركعة فل يُحصون لكثرتم‪ ،‬فمنهم عثمان بن عفان‪ ،‬وتيم الدّاري‪ ،‬وسعيد‬
‫بن جبي‪.‬‬

‫والختار أن ذلك يتلف باختلف الشخاص‪ ،‬فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر‬
‫على قدر يصل له فهم ما يقرأ‪ ،‬وكذا من كان مشغولً بنشر العلم أو فصل الكومات بي السلمي أو‬
‫غي ذلك من مهمات الدين والصال العامّة للمسلمي‪ ،‬فليقتصر على قدر ل يصل له بسببه إخلل با‬
‫هو مرصد له ول فوت كماله‪ ،‬ومن ل يكن من هؤلء الذكورين فليستكثْر ما أمكنه من غي خروج إل‬
‫حدّ اللل أو الذرمة ف القراءة‪.‬‬

‫وقد كره جاعة من التقدمي التم ف يوم وليلة‪ ،‬ويدلّ عليه‪:‬‬

‫‪ 1/270‬ما رويناه بالسانيد الصحيحة ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وغيها‪ ،‬عن عبد اللّه بن‬
‫عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬لَ يَ ْفقَ ُه مَنْ قَرأ القُرآنَ فِي أقَ ّل مِ ْن ثَلثٍ"‪.‬‬

‫وأما وقت البتداء والتم فهو إل خية القارىء‪ ،‬فإن كان مّن يتم ف السبوع مرّة‪ ،‬فقد كان عثمان‬
‫رضي اللّه عنه يبتدىء ليلة المعة ويتم ليلة الميس‪ ،‬وقال الِمام أبو حامد الغزال ف الِحياء‪ :‬الفضل‬
‫أن يتم ختمة بالليل‪ ،‬وأخرى بالنهار‪ ،‬ويعل ختمة النهار يوم الثني ف ركعت الفجر أو بعدها‪ ،‬ويعل‬
‫ختمة الليل ليلة المعة ف ركعت الغرب أو بعدها‪ ،‬ليستقبل أوّل النهار وآخره‪.‬‬

‫وروى ابن أب داود عن عمرو بن مرّة التابعي الليل رضي اللّه عنه قال‪ :‬كانوا يبّون أن يتم القرآن من‬
‫أوّل الليل أو من أوّل النهار‪ .‬وعن طلحة بن مصرف التابعي الليل الِمام قال‪ :‬من ختم القرآن أية ساعة‬
‫ت عليه اللئكةُ حت يسي‪ ،‬وأية ساعة كانت من الليل صلّت عليه اللئكةُ حت‬ ‫كانت من النهار صّل ْ‬
‫يُصبح‪ .‬وعن ماهد نوه‪)3( .‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ 2/271‬وروينا ف مسند الِمام الجمع على حفظه وجللته وإتقانه وبراعته أب ممد الدارمي رحه‬
‫اللّه‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪ :‬إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلّت عليه اللئكة حت‬
‫يصبح‪ ،‬وإن وافق ختمه آخر الليل صلّت عليه اللئكة حت يُمسي‪ .‬قال الدارمي‪ :‬هذا حسن عن سعد‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫فصل‪ :‬ف الوقات الختارة للقراءة‪ ،‬اعلم أن أفضل القراءة ما كان ف الصلة‪ ،‬ومذهب الشافعي‬
‫وآخرين رحهم اللّه‪ :‬أن تطوي َل القيام ف الصلة بالقراءة أفضلُ من تطويل السجود وغيه‪ .‬وأما القراءةُ‬
‫ف غي الصلة فأفضلُها قراءة الليل‪ ،‬والنصف الخي منه أفضل من الوّل‪ ،‬والقراءةُ بي الغرب والعشاء‬
‫مبوبة‪ .‬وأما قراء ُة النهار فأفضلُها ما بعد صلة الصبح‪ ،‬ول كراهة ف القراءة ف وقت من الوقات‪ ،‬ول‬
‫ف أوقات النهي عن الصلة‪ .‬وأما ما حكاه ابن أب داود رحه اللّه عن مُعان بن رفاعة رحه اللّه عن‬
‫مشيخته (‪ )5‬أنم كرهوا القراءة بع َد العصر وقالوا‪ :‬إنا دراسة يهود‪ ،‬فغي مقبول ول أصل له‪ ،‬ويتار‬
‫من اليام‪ :‬المعة‪ ،‬والثني‪ ،‬والميس‪ ،‬ويوم عَرَفَة؛ ومن العشار‪ :‬العشر الوّل من ذي الجة والعشر‬
‫الخي من رمضان؛ ومن الشهور‪ :‬رمضان‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف آداب التم وما يتعلق به‪ ،‬قد تقدم أن التم للقارىء وحدَه يُستحب أن يكون ف صلة‪.‬‬
‫وأما من يتم ف غي صلة‪ ،‬والماعة الذين يتمون متمعي‪ ،‬فيُستحبّ أن يكون ختمُهم ف أوّل الليل‬
‫أو ف أوّل النهار كما تقدم‪ .‬ويُستحبّ صيام يوم التم إل أن يُصادف يوما نى الشرعُ عن صيامه‪ .‬وقد‬
‫ي الكوفيّيَ رحهم اللّه‬
‫ص ّح عن طلحة بن مصرّف والسيّب بن رافع وحبيب بن أب ثابت التابعيّ َ‬
‫أجعي؛ أنم كانوا يُصبحون صياما اليوم الذي يتمون فيه‪ .‬ويُستحبّ حضو ُر ملس التم لن يقرأ ولن‬
‫ل يُحسن القراءة‪.‬‬

‫‪ 3/272‬روينا ف الصحيحي‪:‬‬

‫لّيضَ بالروج يومَ العيد فيشه ْد َن اليَ ودعوةَ السلمي‬


‫أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر ا ُ‬

‫(‪)6‬‬

‫‪ 4/273‬وروينا ف مسند الدارمي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‬

‫‪117‬‬
‫ل يُراقب رجلً يقرأ القرآن‪ ،‬فإذا أراد أن يتمَ أعلم ابنَ عباس رضي اللّه عنهما‪،‬‬
‫أنه كان يعل رج ً‬
‫فيشهد ذلك‪)7( .‬‬

‫‪ 5/274‬وروى ابن أب داود بإسنادين صحيحي‪ ،‬عن قَتادَة التابع ّي الليل الِمام صاحب أنس رضي‬
‫اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان أنسُ بن مالك رضي اللّه عنه إذا ختم القرآن جع أهله ودعا‪ .‬وروَى بأسانيد صحيحة عن الكم‬
‫بن عَُتْيَبةَ ـ بالتاء الثناة فوق والثناة تت ث الباء الوحدة ـ التابعي الليل الِمام قال‪ :‬أرسل إلّ ماهد‬
‫وعَبْ َدةُ بن أب لُبابة فقال‪ :‬إنّا أرسل إليك لنّا أردنا أن نتم القرآن‪ ،‬والدعاء يُستجاب عند ختم القرآن‪.‬‬

‫وروى بإسناده الصحيح عن مُجاهد قال‪ :‬كانوا يتمعون عند ختم القرآن يقولون‪ :‬تنلُ الرحةُ‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫فصل‪ :‬ويُستحبّ الدعاء عند التم استحبابا متأكدا شديدا لا قدّمناه‪.‬‬

‫‪ 6/275‬وروينا ف مسند الدارمي عن حُميد العرج رحه اللّه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫مَن قرأ القرآن ث دعا أمّنَ على دعائه أربعةُ آلف مَلَك‪.‬‬

‫(‪)9‬‬

‫وينبغي أن يُلحّ ف الدعاء‪ ،‬وأن يدع َو بالمور الهمة والكلمات الامعة‪ ،‬وأن يكون معظم ذلك أو كله‪،‬‬
‫ف أمور الخرة وأمور السلمي وصلح سلطانم وسائر ولة أمورهم‪ ،‬وف توفيقهم للطاعات‪،‬‬
‫وعِصمتهم من الخالفات‪ ،‬وتعاونم على ال ّب والتقوى‪ ،‬وقيامهم بال ّق واجتماعهم عليه‪ ،‬وظهورهم على‬
‫ت فيه‬
‫أعداء الدين وسائر الخالفي‪ ،‬وقد أشرت إل أحرف من ذلك ف كتاب آداب القرّاء‪ ،‬وذكر ُ‬
‫دعوات وجيزة من أراد نقَلهَا منه‪ .‬وإذا فرغ من التمة فالستحبّ أن يشرع ف أخرى متصلً بالتم فقد‬
‫استحبّه السّلفُ واحتجّوا فيه بديث‪:‬‬

‫‪ 7/276‬عن أنس رضي اللّه عنه‬

‫‪118‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ " :‬خيْرُ العْما ِل الَ ّل وَالرّ ْحَلةُ" قيل‪ :‬وما ها؟ قال‪" :‬ا ْفتِتاحُ‬
‫القُرآ ِن وَ َختْمُهُ"‪)10(.‬‬

‫فصل‪ :‬فيمن نام عن حزبه ووظيفته العتادة‪.‬‬

‫‪ 8/277‬روينا ف صحيح مسلم عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن نَامَ عَنْ حِ ْزبِ ِه مِنَ الّليْلِ‪ ،‬أوْ عَ ْن َشيْ ٍء ِمنْهُ‪َ ،‬فقَرأ ُه ما َبيْنَ صَلةِ‬
‫ج ِر وَصلةِ ال ّظهْرِ ُكتِبَ لَهُ كأنَما قَرأهُ مِنَ الّليْلِ"‪)11(.‬‬
‫الفَ ْ‬

‫فصل‪ :‬ف المر بتعهد القرآن‪ ،‬والتحذير من تعريضه للنسيان‪.‬‬

‫‪ 9/278‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم عن أب موسى الشعريّ رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫حمّ ٍد ِبيَ ِدهِ َل ُهوَ َأشَ ّد َتفَلّتا مِنَ‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬تعَاهَدُوا هَذَا القُرآنَ‪َ ،‬فوَالّذي َن ْفسُ مُ َ‬
‫الِبِلِ ف ُعقُلها"‪)12(.‬‬

‫‪ 10/279‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛‬

‫ب القُرآنِ كَ َمثَ ِل الِبلِ الُعقَّلةِ إِ ْن عاهَ َد عََليْها‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪ِ" :‬إنّمَا َمثَلُ صا ِح ِ‬
‫أمْسَكَها‪َ ،‬وإِ ْن أطَْلقَها َذ َهبَتْ"‪.‬‬

‫(‪)13‬‬

‫‪ 11/280‬وروينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ضتْ عََليّ أُجُورُ ُأ ّمتِي حتّى القَذَا ُة يُخْ ِرجُها الرّجُ ُل مِن‬ ‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ " :‬عُرِ َ‬
‫ضتْ عََليّ ُذنُوبُ ُأ ّمتِي فََلمْ أَرَ ذَْنبا أعْظَ َم مِ ْن سُو َرةٍ مِنَ القُرآ ِن أوْ آَيةٍ أُوتِيهَا َرجُ ٌل ثُمّ‬
‫جدِ‪َ ،‬وعُرِ َ‬
‫الَسْ ِ‬
‫سيَها" تكلم الترمذي فيه‪.‬‬ ‫نَ ِ‬

‫(‪)14‬‬

‫‪ 12/281‬وروينا ف سنن أب داود ومسند الدارمي‪ ،‬عن سعد بن عبادة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫‪119‬‬
‫سيَهُ َل ِقيَ اللّ َه َتعَال َيوْ َم القِيا َمةِ أجْ َذمَ"‪.‬‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَرأ القُرآ َن ثُ ّم نَ ِ‬

‫(‪)15‬‬

‫فصل‪ :‬ف مسائل وآداب ينبغي للقارىء العتناء با‪ ،‬وهي كثية جدا‪ ،‬نذك ُر منها أطرافا مذوفة‬
‫الدلة لشهرتا‪ ،‬وخوف الِطالة الملّة بسببها‪ .‬فأوّل ما يُؤمر به‪ :‬الِخلص ف قراءته‪ ،‬وأن يُريدَ با اللّهَ‬
‫سبحانه وتعال‪ ،‬وأن ل يقص َد با توصلً إل شيء سوى ذلك‪ ،‬وأن يتأدّبَ مع القرآن ويستحضرَ ف‬
‫ذهنه أنه يناجي اللّ َه سبحانه وتعال ويتلو كتابه‪ ،‬فيقرأ على حا ِل مَن يرى اللّه‪ ،‬فإنه إن ل يره فإن اللّه‬
‫تعال يراه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وينبغي أنه إذا أراد القراءة أن ينظّفَ فَمَهُ بالسّواك وغيه‪ ،‬والختيار ف السواك أن يكونَ‬
‫بعود الراك‪ ،‬ويوز بغيه من العيدان‪ ،‬وبالسعد والشنان‪ ،‬والرقة الشنة‪ ،‬وغي ذلك ما ينظف‪ .‬وف‬
‫حصوله بالصبع الشنة ثلثة أوجه لصحاب الشافعي‪ :‬أشهرُها عندهم ل يصل‪ ،‬والثان‪ :‬يصل‪،‬‬
‫والثالث‪ :‬يصل إن ل يد غيها‪ ،‬ول يصل إن وجد‪ .‬ويستاك عرضا مبتدئا بالانب الين من فمه‪،‬‬
‫وينوي به الِتيان بالسنّة‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬يقول عند السواك‪ :‬اللهمّ بارك ل فيه يا أرحم الراحي!‬
‫ويَستاك ف ظاهر السنان وباطنها‪ ،‬وي ّر بالسواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه‬
‫إمرارا لطيفا‪ ،‬ويستاك بعود متوسط‪ ،‬ل شديد اليبوسة‪ ،‬ول شديد اللي‪ ،‬فإن اشت ّد يبسه ليّنه بالاء‪ .‬أما‬
‫إذا كان فمه نسا بدم أو غيه‪ ،‬فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله‪ ،‬وهل يرم؟ فيه وجهالن‪ :‬أصحّهما‬
‫ل يرمُ‪ ،‬وسبقت السألة أوّل الكتاب‪ ،‬وف هذا الفصل بقايا تقدّم ذكرها ف الفصول الت قدمتها ف أوّل‬
‫الكتاب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ينبغي للقارىء أن يكون شأنه الشوع والتدبر والضوع‪ ،‬فهذا هو القصود الطلوب‪ ،‬وبه‬
‫تنشرح الصدور وتستني القلوب‪ ،‬ودلئله أكثر من أن تصر وأشهر من أن تذكر‪ .‬وقد بات جاعة من‬
‫السلف يتلو الواحد منهم آية واحدة ليلة كاملة أو معظم ليلة يتدبرها عند القراءة‪ .‬وصعق جاعة منهم‪،‬‬
‫ومات جاعات منهم‪.‬‬

‫ب البكاء والتباكي لن ل يقدر على البكاء‪ ،‬فإن البكاء عند القراءة صفة العارفي وشعار عباد اللّه‬ ‫ويستح ّ‬
‫الصالي‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَيِرّونَ لِلذْقا ِن َيبْكُونَ َويَزِي ُدهُمْ خُشُوعا}السراء‪ .109:‬وقد ذكرتُ‬
‫آثارا كثية وردت ف ذلك ف (التبيان ف آداب حلة القرآن)‬

‫‪120‬‬
‫قال السيد الليل صاحب الكرامات والعارف والواهب واللطائف إبراهيم الوّاص رضي اللّه عنه‪ :‬دواء‬
‫القلب خسة أشياء‪ :‬قراءة القرآن بالتدبر‪ ،‬وخلء البطن‪ ،‬وقيام الليل‪ ،‬والتضرّع عند السحر‪ ،‬ومالسة‬
‫الصالي‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قراءة القرآن ف الصحف أفضل من القراءة من حفظه‪ ،‬هكذا قاله أصحابنا‪ ،‬وهو مشهور عن‬
‫السلف رضي اللّه عنهم‪ ،‬وهذا ليس على إطلقه‪ ،‬بل إن كان القارىء من حفظه يصل له من التدبر‬
‫والتفكّر وجع القلب والبصر أكثر ما يصل من الصحف‪ ،‬فالقراءة من الفظ أفضل‪ ،‬وإن استويا فمن‬
‫الصحف أفضل‪ ،‬وهذا مراد السلف‪.‬‬

‫فصل‪ :‬جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة وآثار بفضيلة الِسرار‪ .‬قال العلماء‪ :‬والمع بينهما‬
‫أن الِسرار أبعد من الرياء‪ ،‬فهو أفضل ف ح ّق مَن ياف ذلك‪ ،‬فإن ل يَخَفِ الرياءَ فالهر أفضل‪ ،‬بشرط‬
‫لهْر أن العمل فيه أكثر‪ ،‬لنه يتعدى نفعه‬‫أن ل يؤذي غيه من مص ّل أو نائم أو غيها‪ .‬ودليل فضيلة ا َ‬
‫إل غيه‪ ،‬ولنه يُوقظ قلب القارىء ويمع هّه إل الفكر ويصرف سعه إليه‪ ،‬ولنه يطر ُد النومَ ويزيد ف‬
‫النشاط ويُوقظ غيه من نائم وغافل ويُنشّطه‪ ،‬فمت حضره شيء من هذه النيّات فالهرُ أفضل‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويستحبّ تسي الصوت بالقراءة وتزيينها (‪ )16‬ما ل يرج عن ح ّد القراءة بالتمطيط‪،‬‬
‫فإن أفرط (‪ )17‬حت زاد حرفا أو أخفى حرفا هو حرام‪ .‬وأما القراءة باللان فهي على ما ذكرناه إن‬
‫أفر فحرام‪ ،‬وإل فل‪ ،‬والحاديث با ذكرناه ف تسي الصوت كثية مشهورة ف الصحيح وغيه؛ وقد‬
‫ذكرتُ ف آداب القُرّاءِ قطعة منها‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويُستحبّ للقارىء إذا ابتدأ من وسط السورة أن يبتدىء من أوّل الكلم الرتبط بعضه‬
‫ببعض‪ ،‬وكذلك إذا وقفَ يقفَ على الرتبط وعند انتهاء الكلم‪ ،‬ول يتقيّدُ ف البتداء ول ف الوقف‬
‫بالجزاء والحزاب والعشار‪ ،‬فإن كثيا منها ف وسط الكلم الرتبط بالكلم‪ ،‬ول يغت ّر الِنسانُ بكثرة‬
‫الفاعلي لذا الذي نينا عنه مّن ل يُراعِي هذه الداب‪ ،‬وامتثِلْ ما قاله السيد الليل أبو علي ال ُفضَيْل بن‬
‫عِياض رضي اللّه عنه‪ :‬ل تستوحشْ طرقَ الدى لقلّة أهلها‪ ،‬ول تغترّ بكثرة الالكي‪ ،‬ولذا العن قال‬
‫العلماء‪ :‬قراءة سورة بكمالا أفضل من قراءة قدرها من سورة طويلة‪ ،‬لنه قد يفى الرتباط على كثي‬
‫من الناس أو أكثرهم ف بعض الحوال والواطن‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫فصل‪ :‬ومن البدع النكرة ما يفعلُه كثيون من جهلة الصلّي بالناس التراويحَ من قراءة سورة (‬
‫النعام) بكمالا ف الركعة الخية منها ف الليلة السابعة‪ ،‬معتقدين أنا مستحبة‪ ،‬زاعمي أنا نزلت جلة‬
‫واحدة‪ ،‬فيجمعون ف فعلهم هذا أنواعا من النكرات‪ :‬منها اعتقادها مستحبة‪ ،‬ومنها إيهام العوّام ذلك‪،‬‬
‫ومنها تطويل الركعة الثانية على الول‪ ،‬ومنها التطويل على الأمومي‪ ،‬ومنها هذرمة القراءة‪ ،‬ومنها‬
‫البالغة ف تفيف الركعات قبلها‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يوز أن يقولَ‪ :‬سورة البقرة‪ ،‬وسورة آل عمران‪ ،‬وسورة النساء‪ ،‬وسورة العنكبوت‪،‬‬
‫وكذلك الباقي‪ ،‬ول كراهة ف ذلك؛ وقال بعض السلف‪ :‬يُكره ذلك‪ ،‬وإنا يقال السورة الت تُذكر فيها‬
‫البقرة‪ ،‬والت يُذكر فيها النساء‪ ،‬وكذلك الباقي‪ ،‬والصواب الوّل‪ ،‬وهو قولُ جاهي علماء السلمي من‬
‫سلف المة وخلفها‪ ،‬والحاديثُ فيه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أكثر من أن تصر‪ ،‬وكذلك‬
‫عن الصحابة فمن بعدهم؛ وكذلك ل يُكره أن يُقال‪ :‬هذه قراءة أب عمرو‪ ،‬وقراءةُ ابن كثي وغيها‪،‬‬
‫هذا هو الذهب الصحيح الختار الذي عليه عمل السلف واللف من غي إنكار‪ ،‬وجاء عن إبراهيم‬
‫النخعي رحه اللّه أنه قال‪ :‬كانوا يكرهون سنّة فلن‪ ،‬وقراءة فلن‪ ،‬والصواب ما قدّمناه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن يقول نسيتُ آية كذا أو سورة كذا‪ ،‬بل يقول أُنسيتها أو أسقطتها‪.‬‬

‫‪ 13/282‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سيَ" وف رواية‬
‫ت آَيةَ َكذَا وَكَذَا‪ ،‬بَ ْل ُهوَ نُ ّ‬‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل يَقُولُ أ َحدُكُ ْم نَسِي ُ‬
‫سيَ"‪.‬‬ ‫الصحيحي أيضا "ِبئْسمَا ل َح ِدهِمْ أ ْن َيقُولَ نَسِيتُ آَيةَ َكْيتَ وَ َكْيتَ‪ ،‬بَ ْل ُه َو نُ ّ‬

‫(‪)18‬‬

‫‪ 14/283‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم سع رجلً يقرأ فقال‪" :‬رَحِمَهُ اللّهُ َلقَدْ أذْكَ َرنِي آَيةً ُكْنتُ أ ْسقَ ْطُتهَا" وف‬
‫رواية ف الصحيح " ُكْنتُ أُنْسِيتُها"‪)19(.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن آداب القارىء والقراءة ل يكن استقصاؤها ف أقلّ من ملدات‪ ،‬ولكنا أردنا الِشارة‬
‫إل بعض مقاصدها الهمات با ذكرناه من هذه الفصول الختصرات‪ ،‬وقد تقدم ف الفصول السابقة ف‬

‫‪122‬‬
‫أوّل الكتاب شيء من آداب الذاكر والقارىء‪ ،‬وتقدم أيضا ف أذكار الصلة جل من الداب التعلقة‬
‫بالقراءة‪ ،‬وقد قدّمنا الوالة على كتاب "التبيان ف آداب حلة القرآن" لن أراد مزيدا‪ ،‬وباللّه التوفيق‪،‬‬
‫وهو حسب ونِع َم الوكيل‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن قراءة القرآن آكد الذكار كما قدّمنا‪ ،‬فينبغي الداومة عليها‪ ،‬فل يُخلي عنها يوما‬
‫وليلة‪ ،‬ويصل له أصلُ القراءة بقراءة اليات القليلة‪.‬‬

‫‪ 15/284‬وقد روينا ف كتاب ابن السن عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ب مِ َن الغافِلِيَ‪َ ،‬ومَ ْن‬


‫ي آَيةً لَ ْم ُي ْكتَ ْ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَرأ ف َي ْومٍ وََليَْلةٍ َخمْسِ َ‬
‫س ِمَئةٍ ُكِتبَ‬
‫قَرأ ِمَئةَ آَيةٍ ُكِتبَ مِ َن القانِتِيَ‪َ ،‬ومَنْ قَرأ مِئَتيْ آَيةٍ لَ ْم يُحاج ِه القُرآنُ َي ْو َم القِيا َمةِ‪َ ،‬ومَنْ قَرأ خَمْ َ‬
‫لَهُ ِقنْطا ٌر مِنَ الجْرِ" وف رواية "مَنْ قَرأ أَ ْرَبعِيَ آَيةً" بدل "خسي" وف رواية "عِشْرِينَ" وف رواية عن أب‬
‫هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ب مِ َن الغافِلِيَ"‪ .‬وجاء ف الباب‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قَرأ عَشْرَ آياتٍ لَ ْم ُي ْكتَ ْ‬
‫أحاديث كثية بنحو هذا‪.‬‬

‫وروينا أحاديث كثية ف قراءة سورة ف اليوم والليلة منها‪ :‬يس‪ ،‬وتبارك اللك‪ ،‬والواقعة‪ ،‬والدّخان‪.‬‬

‫(‪)20‬‬

‫‪ 16/285‬فعن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قَرأ يس فِي َي ْومٍ وََليَْل ٍة ابْتِغا َء وَجْهِ اللّ ِه ُغفِرَ لَهُ"‪.‬‬

‫صبَ َح َم ْغفُورا لَهُ" (‪)21‬‬


‫وف رواية له "مَنْ قَرأ سُو َرةَ الدّخانِ فِي َليَْلةٍ أ ْ‬

‫وف رواية عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫صبْهُ فاقَة" (‪)22‬‬


‫"مَنْ قَرأ سُو َر َة الوَاِق َعةِ فِي كُلّ َليَْلةٍ لَ ْم ُت ِ‬

‫وعن جابر رضي اللّه عنه‪:‬‬

‫‪123‬‬
‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ل ينام كل ليلة حت يقرأ آل تنيل الكتاب‪ ،‬وتبارك اللك (‪)23‬‬

‫وعن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ قَرَأ فِي َليْلَة إذَا زُلْزَِلتِ ال ْرضُ كاَنتْ لَهُ َكعِدْ ِل ِنصْفِ القُرآن‪،‬‬
‫َومَنْ قَرأ يا أيّها الكافِرُونَ كَاَنتْ لَهُ َكعِدْل ُربْ ِع القُرآنِ‪َ ،‬ومَنْ قَرأ قُ ْل ُهوَ اللّهُ َأحَ ٌد كاَنتْ لَهُ َكعِدْ ِل ُثُلثِ‬
‫القُرآن"‪)24(.‬‬

‫ك الَي ْومَ مِنْ كُ ّل سُوءٍ"‪.‬‬


‫‪ 18/287‬وف رواية "مَنْ قَرأ آَي َة الكُ ْر ِس ّي وأوّل حم ُعصِمَ ذل َ‬

‫والحاديث بنحو ما ذكرنا كثية‪ ،‬وقد أشرنا إل القاصد‪ ،‬واللّه أعلم بالصواب‪ ،‬وله المد والنعمة‪ ،‬وبه‬
‫التوفيق والعصمة‪)25( .‬‬

‫•كتاب حد ال تعال‬
‫بابُ حَ ْمدِ اللّهِ تعال‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬الم َد مستحبّ ف بداية كل عمل‬


‫‪ ‬فصل‪:‬المدُ ركن ف خطبة المعة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُستحبّ أن يتم دعاءه بالمد للّه ربّ العالي‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُستحبّ حدُ اللّه تعال عند حصول نعمة‬
‫‪ ‬فصل‬
‫‪ ‬فصل ‪ :‬حكم من حلف ليحمدن ال‬

‫كتاب حد ال تعال‬

‫بابُ حَ ْمدِ اللّهِ تعال‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬قُ ِل الَمْدُ ِللّ ِه َوسَل ٌم على عبا ِد ِه الّذي َن اصْطَفى} النمل‪ 59:‬وقال اللّه تعال‪{ :‬وَققُلِ‬
‫الَمْدُ لِلّ ِه َسيُرِيكُ ْم آياتِهِ} النمل‪ 93:‬وقال تعال‪{ :‬وَقُ ِل الَمْدُ ِللّ ِه الّذي لَ ْم َيتّخِ ْذ وَلَدا} الِسراء‪:‬‬
‫‪ 111‬وقال تعال‪َ{ :‬لئِنْ َشكَ ْرتُمْ لَزِي َدّنكُمْ} إبراهيم‪ 7:‬وقال تعال‪{ :‬فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُ ْم وَا ْشكُرُوا‬
‫ل وَل َت ْكفُرونِ} البقرة‪ 152:‬واليات الصرّحة بالمر بالمد والشكر وبفضلهما كثية معروفة‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ 1/288‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬ومسند أب عوانة الِسفراين الخرّج على صحيح‬
‫مسلم‪ ،‬رحهم اللّه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬كُ ّل أمْر ذِي با ٍل ل ُيبْدأُ فِي ِه بالَمْدِ ِللّهِ أقْطَعُ" وف رواية "‬
‫بَحَ ْمدِ اللّهِ" وف رواية‪" :‬بالَ ْمدِ َف ُهوَ أقْ َطعُ" وف رواية "كُل كَلمٍ لُيبْدأُ فِي ِه بالَمْد ِللّهِ َف ُهوَ أجْ َذمُ" وف‬
‫رواية‪" :‬كُ ّل أمْرٍ ذِي با ٍل ل ُيبْدأُ فِي ِه ِببِسْمِ اللّهِ الرّ ْحمَنِ الرّحِيمِ فَهوَ أقْطَعُ" روينا هذه اللفاظ كلها ف‬
‫كتاب الربعي للحافظ عبد القادر الرهاوي‪ ،‬وهو حديث حسن‪ ،‬وقد رُوي موصولً كما ذكرنا‪،‬‬
‫ل فالكم للتصال‬ ‫ورُوي مرسلً‪ ،‬ورواية الوصول جيدة الِسناد‪ ،‬وإذا روي الديث موصو ًل ومرس ً‬
‫عند جهور العلماء لنا زيادة ثقة‪ ،‬وهي مقبولة عند الماهي‪)1( .‬‬

‫ومعى ذي بال‪ :‬أي له حال يهت ّم به‪ ،‬ومعن أقطع‪ :‬أي ناقص قليل البكة‪ ،‬وأجذم بعناه‪ ،‬وهو بالذال‬
‫العجمة وباليم‪.‬‬

‫ب البداءة بالمد للّه لكل مصنف‪ ،‬ودارس‪ ،‬ومدرّس‪ ،‬وخطيب‪ ،‬وخاطب‪ ،‬وبي‬ ‫قال العلماء‪ :‬فيُستح ّ‬
‫يدي سائر المور الهمة‪ .‬قال الشافعي رحه اللّه‪ :‬أحبّ أن يقدّم الرء بي يدي خطبته وكل أمر طلبه‪:‬‬
‫حد اللّه تعال‪ ،‬والثناء عليه سبحانه وتعال‪ ،‬والصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن الم َد مستحبّ ف ابتداء كل أمر ذي بال كما سبق‪ ،‬ويُستحب بعد الفراغ من‬
‫الطعام والشراب‪ ،‬والعطاس‪ ،‬وعند خطبة الرأة ـ وهو طلب زواجها ـ وكذا عند عقد النكاح‪ ،‬وبعد‬
‫الروج من اللء‪ ،‬وسيأت بيان هذه الواضع ف أبوابا بدلئلها وتفريع مسائلها إن شاء اللّه تعال‪ ،‬وقد‬
‫سبق بيان ما يُقال بعد الروج من اللء ف بابه‪ ،‬ويُستحبّ ف ابتداء الكتب الصنفة كما سبق‪ ،‬وكذا‬
‫ف ابتداء دروس الدرّسي‪ ،‬وقراءة الطالبي‪ ،‬سواء قرأ حديثا أو فقها أو غيها‪ ،‬وأحس ُن العبارات ف‬
‫ذلك‪ :‬المد للّه رب العالي‪.‬‬

‫فصل‪ :‬حدُ اللّه تعال ركن ف خطبة المعة وغيها ل يص ّح شيء منها إل به‪ .‬وأقل الواجب‪:‬‬
‫المد للّه‪ .‬والفضل أن يزيد من الثناء‪ ،‬وتفصيلُه معروف ف كتب الفقه‪ ،‬ويشترط كونا بالعربية‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُستحبّ أن يتم دعاءه بالمد للّه ربّ العالي‪ ،‬وكذلك يبتدئه بالمد للّه‪ ،‬قال اللّه تعال‪:‬‬
‫{وآخِرُ َد ْعوَاهُمْ أ ِن الَمْدُ لِلّه رَبّ العالَمِيَ}يونس‪ 10:‬وأما ابتداء الدعاء بمد اللّه وتجيده فسيأت‬

‫‪125‬‬
‫دليلُه من الديث الصحيح قريبا ف كتاب الصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬إن شاء اللّه‬
‫تعال‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُستحبّ حدُ اللّه تعال عند حصول نعمة أو اندفاع مكروه‪ ،‬سواء حصل ذلك لنفسه أو‬
‫لصاحبه أو للمسلمي‪.‬‬

‫‪ 2/289‬وروينا ف صحيح مسلم عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أُتَ ليلة أُسري به بقدحي من خر ولب فنظر إليهما‪ ،‬فأخذ اللب‪ ،‬فقال له‬
‫جبيلُ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬المد للّه الذي هداك للفطرة‪ ،‬لو أخذت المر غوتْ أمتك"‪)2(.‬‬

‫فصل‪:‬‬

‫‪ 3/290‬وروينا ف كتاب الترمذي وغيه عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه‬

‫ت وَلَ ُد العَبْدِ قالَ اللّ ُه تَعال لِمَلِئكَتِهِ‪َ :‬قَبضْتُ ْم وَلَ َد‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذا مَا َ‬
‫عَبْدِي؟ َفَيقُولُونَ‪ :‬نَعَمْ‪َ ،‬فَيقُولُ‪َ :‬قَبضْتُ ْم ثَ َمرَة ُفؤَا ِدهِ؟ َفَيقُولُونَ‪َ :‬نعَمْ‪َ ،‬فَيقُولُ‪ :‬فَمَاذَا قا َل عَبْدِي؟ َفَيقُولُونَ‪:‬‬
‫لنّ َة َوسَمّوهُ َبْيتَ الَمْدِ" قال الترمذي‪ :‬حديث‬ ‫حَ ِم َدكَ وَا ْستَرْجَعَ‪َ ،‬فَيقُولُ اللّ ُه تَعال‪ :‬اْبنُوا ِلعَبْدِي َبيْتا ف ا َ‬
‫حسن‪ .‬والحاديث ف فضل المد كثية مشهورة‪ ،‬وقد سبق ف أوّل الكتاب جلة من الحاديث‬
‫الصحيحة ف فضل سبحان اللّه والمد للّه ونو ذلك‪)3( .‬‬

‫فصل‪ :‬قال التأخرون من أصحابنا الراسانيي‪ :‬لو حلف إنسان ليحمدنّ اللّه تعال بجامع المد ـ‬
‫ومنهم من قال بأج ّل التحاميد ـ فطريقه ف برَ يينه أن يقول‪ :‬المد للّه حدا يواف نعمه ويكافء‬
‫مزيده‪ .‬ومعن يواف نعمه‪ :‬أي يُلقيها فتحصل معه‪ ،‬ويكافء بمزة ف آخره‪ :‬أي يُساوي مزيدَ نعمه‪،‬‬
‫ومعناه‪ :‬يقوم بشكر ما زاده من النِعم والِحسان‪ .‬قالوا‪ :‬ولو حلف ليثنيّ على اللّه تعال أحس َن الثناء‪،‬‬
‫فطريق البّ أن يقول‪ :‬ل أحصي ثنا ًء عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسك‪ .‬وزاد بعضُهم ف آخره‪ :‬فلك‬
‫المد حت ترضى‪ .‬وصوّر أبو سعد التول السألة فيمن حلف‪ :‬ليثنيّ على اللّه تعال بأج ّل الثناء‬
‫وأعظمه‪ ،‬وزاد بعضهم ف أوّل الذكر‪ :‬سبحانك‪ .‬وعن أب نصر النمار عن ممد بن النضر رحه اللّه‬
‫سبِ يَدِي‪َ ،‬ف َعلّ ْمنِي َشيْئا فِي ِه مَجَا ِمعُ الَ ْمدِ‬
‫تعال قال‪ :‬قال آدمُ صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬يا رَبّ! َشغَ ْلَتنِي ِبكَ ْ‬

‫‪126‬‬
‫سيْتَ َفقُ ْل ثَلثا‪ :‬الَمْدُ‬
‫حتَ َفقُ ْل ثَلثا‪ ،‬وَإذَا أمْ َ‬ ‫صبَ ْ‬
‫سبِيحِ‪ ،‬فأوحى اللّ ُه تبارك وتعال إليه‪ :‬يا آ َدمُ! إذَا أ ْ‬ ‫وَالتّ ْ‬
‫سبِيحِ‪ .‬واللّه أعلم‪.‬‬ ‫ك مَجَامِ ُع الَمْ ِد وَالتّ ْ‬
‫لِلّهِ رَبّ العالَمِيَ حَمْدا يُوافِي ِنعَمَ ُه َويُكافِى ُء مَزي َدهُ‪ ،‬فَذَلِ َ‬

‫•كتاب الصّلة على رسول ال صلى اللّه عليه وسلم‬


‫‪ o‬بابُ الصّلةِ عَلى رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫‪ o‬بابُ أم ِر مَنْ ذُ ِكرَ عندَه النبّ صلى اللّه عليه وسلم بالصّلة عليه والتسليم‬
‫‪ o‬بابُ صفةِ الصّلة على رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬المع بي الصلة والتسليم‬
‫‪ o‬فصل‪ :‬يستحبّ لقارىء الديث وغيه مّن ف معناه إذا ذكر رسولَ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم أن يرفَ َع صوته بالصلة عليه والتسليم‬
‫‪ o‬بابُ استفتاحِ الدّعاء بالمدِ للّه والصلة‬
‫‪ o‬بابُ الصّلة على النبياءِ وآلم تبعا لم صلى اللّه عليهم وسلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُستحبّ الترضّي والترحّم على الصحابة والتابعي‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ذكر لقمان ومري‬

‫كتاب الصّلة على رسول ال صلى اللّه عليه وسلم‬

‫صلّوا عََليْ ِه َوسَلّمُوا تَسْلِيما}‬


‫ب يا أيّها الّذين آ َمنُوا َ‬
‫قال اللّه تعال‪ِ{ :‬إنّ اللّ َه َومَلئِ َكتَ ُه يُصَلّونَ على النّ ّ‬
‫الحزاب‪ 56 :‬والحاديث ف فضلها والمر با أكثر من أن تُحصر‪ ،‬ولكن نشيُ إل أحرفٍ من ذلك‬
‫تنبيها على ما سواها وتبّكا للكتاب بذكرها‪.‬‬

‫بابُ الصّلةِ عَلى رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬

‫‪ 1/291‬روينا ف صحيح مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما؛‬

‫صلّى عَليّ صَلةً صَلّى اللّ ُه عََليْهِ ِبهَا عَشْرا"‪)1(.‬‬


‫أنه سع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬مَنْ َ‬

‫‪ 2/292‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛‬

‫‪127‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أوْل النّاسِ ب َي ْومَ القِيا َمةَ أَ ْكثَ ُرهُ ْم عَليّ صَلةً" قال الترمذي‪:‬‬
‫حديث حسن‪ .‬قال الترمذي‪ :‬وف الباب عن عبد الرحن بن عوف وعامر بن ربيعة وعمّار وأب طلحة‬
‫وأنس وأُبّ بن كعب رضي اللّه عنهم‪)2(.‬‬

‫‪ 293\2‬روينا ف كتاب الترمذي عن عبد ال بن مسعود ـ رضي ال عنه ـ أن رسول ال صلى‬


‫ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أول الناس ب يوم القيامة أكثرهم علي صلة " قال الترمذي‪ :‬حديث حسن ‪.‬‬
‫قال الترمذي ‪ :‬وف الباب عن عبد الرحن بن عوف ‪ ،‬وعامر بن ربيعة ‪ ،‬وعمار ‪ ،‬وأب طلحة ‪ ،‬وأنس ‪،‬‬
‫وأب بن كعب ـ رضي ال عنه ـ (‪)3‬‬

‫‪ 4/294‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وابن ماجه‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن أوس بن أوس رضي‬
‫اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إِ ّن مِنْ أ ْفضَ ِل أيّامِكُ ْم َي ْومَ الُ ُم َعةِ‪ ،‬فأكْثِرُا عَل ّي مِ َن الصّلةِ فِيهِ‪،‬‬
‫ض ٌة عَليّ" فقالوا‪ :‬يا رسول اللّه! وكيف تُعرض صلتنا عليك وقد أ َر ْمتَ؟ ـ قال‪:‬‬ ‫فإنّ صَلَتكُ ْم َمعْرُو َ‬
‫يقول‪ :‬بليت ـ قال‪" :‬إنّ اللّه َح ّرمَ على الرض أجْسا َد الْنبِياءِ"‪ .‬قلت‪ :‬أ َر ْمتَ بفتح الراء وإسكان اليم‬
‫وفتح التاء الخففة‪ .‬قال الطاب‪ :‬أصله أرمت‪ ،‬فحذفوا إحدى اليمي‪ ،‬وهي لغة لبعض العرب كما‬
‫قالوا‪ :‬ظلت أفعل كذا‪ :‬أي ظللت‪ ،‬ف نظائر لذلك‪ .‬وقال غيه‪ :‬إنا هو أ َر ّمتْ بفتح الراء واليم الشددة‬
‫وإسكان التاء‪ :‬أي أرمّت العظام‪ ،‬وقيل فيه أقوال ُأخَر‪ ،‬واللّه أعلم(‪)4‬‬

‫‪ 5/295‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬ف آخر كتاب الجّ‪ ،‬ف باب زيارة القبور بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن‬
‫أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫صلّوا عليّ‪ ،‬فإنّ صَلَتكُ ْم َتبُْل ُغنِي َحْيثُ‬


‫جعَلُوا َقْبرِي عِيدا وَ َ‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل تَ ْ‬
‫ُكنْتُمْ"‪)5(.‬‬

‫‪ 6/296‬وروينا فيه أيضا بإسناد صحيح‪ ،‬عن أب هريرة أيضا‬

‫سلّ ُم عَليّ إِلّ رَدّ اللّ ُه عَليّ رُوحي حتّى أَرُ ّد عََليْهِ‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَا مِنْ أحَ ٍد يُ َ‬
‫السّلمَ"‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫بابُ أم ِر مَنْ ذُ ِكرَ عندَه النبّ صلى اللّه عليه وسلم بالصّلة عليه والتسليم‪ ،‬صلى اللّه عليه وسلم‬

‫‪ 1/297‬روينا ف كتاب الترمذي عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت ِعنْ َدهُ َفلَ ْم ُيصَ ّل عَليّ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)6( .‬‬
‫وسلم‪َ " :‬رغِ َم أنْفُ َرجُلٍ ذُ ِكرْ ُ‬

‫‪ 2/298‬وروينا ف كتاب ابن السن بإسناد جيد‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى‬
‫ت ِعنْ َدهُ َف ْليُصَ ّل عَليّ‪ ،‬فإنّ ُه مَنْ صَلّى عَل ّي مَ ّرةً‪ ،‬صَلّى اللّ ُه عَ ّز وَجَ ّل عََليْ ِه عَشْرا"‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ ذُ ِكرْ ُ‬
‫‪.‬‬

‫(‪)7‬‬

‫‪ 3/299‬وروينا فيه بإسناد ضعيف‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت ِعنْ َدهُ َفلَ ْم ُيصَ ّل عَليّ َفقَ ْد َشقِيَ"‪.‬‬
‫وسلم‪" :‬مَنْ ذُكِرْ ُ‬

‫(‪)8‬‬

‫‪ 4/300‬وروينا ف كتاب الترمذي عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت ِعنْدَهُ فََل ْم ُيصَ ّل عَليّ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وسلم‪" :‬البَخِي ُل مَنْ ذُ ِكرْ ُ‬

‫(‪)9‬‬

‫ورويناه ف كتاب النسائي من رواية السي بن عليّ رضي اللّه عنهما‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫قال المام أبو عيسى الترمذي عند هذا الديث‪ :‬يروى عن بعض أهل العلم قال‪ :‬إذا صلى الرجل على‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم مرّة ف الجلس أجزأ عنه ما كان ف ذلك الجلس‪.‬‬

‫بابُ صفةِ الصّلة على رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬

‫قد قدّمنا ف كتاب أذكار الصلة صفة الصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما يتعلّقُ با‪ ،‬وبيان‬
‫أكملها وأقلها‪ .‬وأمّا ما قاله بعضُ أصحابنا وابن أب زيد الالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي‪" :‬‬
‫حمّدٍ" فهذا بدعة ل أصل لا‪ .‬وقد بالغ الِمام أبو بكر العرب الالكي ف كتابه "‬
‫حمّدا وآ َل مُ َ‬
‫وَارْحَ ْم مُ َ‬
‫شرح الترمذي" ف إنكار ذلك وتطئة ابن أب زيد ف ذلك وتهيل فاعله‪ ،‬قال‪ :‬لن النبّ صلى اللّه عليه‬

‫‪129‬‬
‫وسلم علّمنا كيفيةَ الصلة عليه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فالزيادة على ذلك استقصار لقوله‪ ،‬وستدراك عليه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا صلّى على النبّ صلى اللّه عليه وسلم فليجمعْ بي الصلة التسليم‪ ،‬ول يقتص ْر على‬
‫أحدها‪ ،‬فل يقل "صلّى اللّه عليه" فقط‪ ،‬ول "عليه السلم" فقط‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُستحبّ لقارىء الديث وغيه مّن ف معناه إذا ذكر رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن‬
‫يرفَ َع صوته بالصلة عليه والتسليم‪ ،‬ول يبالغ ف الرفع مبالغة فاحشة‪ .‬ومّن نصّ على رفع الصوت‪ :‬الِمام‬
‫الافظ أبو بكر الطيب البغدادي وآخرون‪ ،‬وقد نقلتُه إل علوم الديث‪ .‬وقد نصّ العلماء من أصحابنا‬
‫وغيهم أنه يُستحبّ أن يرفع صوته بالصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف التلبية‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ استفتاحِ الدّعاء بالمدِ للّه تعال والصّلة على النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬

‫‪ 1/301‬روينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬عن َفضَالة بن عُبيد رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫سع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلً يدعو ف صلته ل يجّدِ اللّه تعال‪ ،‬ول يصلّ على النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى آله وسلم‪" :‬عَجِ َل هَذَا" ث دعاه‪،‬‬
‫فقال له أو لغيه‪" :‬إذَا صَلّى أحَدُكُمْ َف ْلَيبْدأ ِبتَ ْمجِيدِ َربّ ِه ُسبْحانَهُ وَالثّناءِ عََليْهِ‪ ،‬ثُ ّم ُيصَلّي على النِّبيّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪ ،‬ثُ ّم يَ ْدعُو َبعْ ُد بِمَا شاءَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)10( .‬‬

‫‪ 2/302‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪ :‬إن الدعاء موقوف بي‬
‫السماء والرض ل يصعد منه شيء حت تُصّليَ على نبيّك صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫قلت‪ :‬أجع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالمد للّه تعال والثناء عليه‪ ،‬ث الصلة على رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وكذلك يتم الدعاء بما‪ ،‬والثار ف هذا الباب كثية معروفة(‪)11‬‬

‫بابُ الصّلة على النبياءِ وآلم تبعا لم صلى اللّه عليهم وسلم‬

‫أجعوا على الصلة على نبيّنا ممد صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وكذلك أجع من يُعتدّ به على جوازها‬
‫واستحبابا على سائر النبياء واللئكة استقللً‪ .‬وأما غيُ النبياء فالمهور على أنه ل يُصلّى عليهم‬
‫ابتداء‪ ،‬فل يقال‪ :‬أبو بكر صلى اللّه عليه وسلم‪ .‬واختُلف ف هذا النع‪ ،‬فقال بعض أصحابنا‪ :‬هو حرام‪،‬‬

‫‪130‬‬
‫وقال أكثرهم‪ :‬مكروه كراهة تنيه‪ ،‬وذهب كثي منهم إل أنه خلف الوْلَى وليس مكروها‪ ،‬والصحي ُح‬
‫الذي عليه الكثرون أنه مكروه كراهة تنيه لنه شعار أهل البدع‪ ،‬وقد نُهينا عن شعارهم‪ .‬والكروه هو‬
‫ت مصوصةً ف لسان السلف‬ ‫ما ورد فيه نيٌ مقصود‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬والعتمدُ ف ذلك أن الصّلةَ صار ْ‬
‫بالنبياء صلوات اللّه وسلمه عليهم‪ ،‬كما أن قولنا‪ :‬عزّ وجلّ‪ ،‬مصوصٌ باللّه سبحانه وتعال‪ ،‬فكما ل‬
‫يُقال‪ :‬ممد ع ّز وجلّ ـ وإن كان عزيزا جليلً ـ ل يُقال‪ :‬أبو بكر أو عليّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وإن‬
‫كان معناه صحيحا‪.‬‬

‫واتفقوا على جواز جعل غي النبياء تبعا لم ف الصلة‪ ،‬فيُقال‪ :‬اللّهمّ صلّ على ممد‪ ،‬وعلى آل ممد‪،‬‬
‫وأصحابه‪ ،‬وأزواجه‪ ،‬وذرّيته‪ ،‬وأتباعه‪ ،‬للحاديث الصحيحة ف ذلك؛ وقد أُمرنا به ف التشهد‪ ،‬ول يزل‬
‫السلفُ عليه خارج الصلة أيضا‪ .‬وأما السلم فقال الشيخ أبو ممد الوينّ من أصحابنا‪ :‬هو ف معن‬
‫الصلة فل يُستعمل ف الغائب‪ ،‬فل يفرد به غي النبياء‪ ،‬فل يُقال‪ :‬عل ّي عليه السلم؛ وسواء ف هذا‬
‫الحياء والموات‪ .‬وأما الاضر فيُخاطب به فيقال‪ :‬سلم عليك‪ ،‬أو‪ :‬سلم عليكم‪ ،‬أو‪ :‬السّلم عليك‪،‬‬
‫أو‪ :‬عليكم؛ وهذا ممع عليه‪ ،‬وسيأت إيضاحه ف أبوابه إن شاء اللّه تعال‪.‬‬

‫ب الترضّي والترحّم على الصحابة والتابعي فمن بعدهم من العلماء والعبّاد وسائر‬
‫فصل‪ :‬يُستح ّ‬
‫الخيار‪ ،‬فيقال‪ :‬رضي اللّه عنه‪ ،‬أو رحه اللّه ونو ذلك‪ .‬وأما ما قاله بعض العلماء‪ :‬إن قوله رضي اللّه‬
‫عنه مصوص بالصحابة‪ ،‬ويُقال ف غيهم‪ :‬رحه اللّه فقط‪ ،‬فليس كما قال‪ ،‬ول يوافق عليه‪ ،‬بل الصحيح‬
‫الذي عليه المهور استحبابه‪ ،‬ودلئله أكثر من أن تُحصر‪ ،‬فإن كان الذكور صحابيا ابن صحاب قال‪:‬‬
‫قال ابن عمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬وكذا ابن عباس‪ ،‬وابن الزبي‪ ،‬وابن جعفر‪ ،‬وأُسامة بن زيد ونوهم‪،‬‬
‫لتشمله وأباه جيعا‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فإن قيل‪ :‬إذا ذكر لقمان ومري هل يُصلّي عليهما كالنبياء‪ ،‬أم يترضّى كالصحابة والولياء‪،‬‬
‫أم يقول عليهما السلم؟‪ .‬فالواب أن الماهي من العلماء على أنما ليسا نبيي‪ ،‬وقد شذّ من قال‪:‬‬
‫نبيّان‪ ،‬ول التفات إليه‪ ،‬ول تعريج عليه‪ ،‬وقد أوضحتُ ذلك ف كتاب "تذيب الساء واللغات" فإذا‬
‫عُرف ذلك‪ ،‬فقد قال بعض العلماء كلما يُفهم منهأنه يقول‪ :‬قال لقمان أو مري صلّى اللّه على النبياء‬
‫وعليه أو وعليها وسلم‪ ،‬قال‪ :‬لنما يرتفعان عن حال من يُقال‪ :‬رضي اللّه عنه‪ ،‬لا ف القرآن ما‬
‫يرفعهما؛ والذي أراه أن هذا ل بأس به‪ ،‬وأن الرجح أن يقال‪ :‬رضي اللّه عنه‪ ،‬أو عنها‪ ،‬لن هذا مرتبة‬

‫‪131‬‬
‫غي النبياء ول يثبتْ كونما نبيّي‪ .‬وقد نقل إمام الرمي إجاع العلماء على أن مري ليست نبيّة ـ‬
‫ذكره ف الِرشاد ـ ولو قال‪ :‬عليه السلم‪ ،‬أو‪ :‬عليها‪ ،‬فالظاهر أنه ل بأس به‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫•كتاب الذكار والدّعوات للمور العارضات‬


‫بابُ دُعا ِء ال ْستِخَارة‬ ‫‪o‬‬

‫أبواب الذكار الت تُقال ف أوقات الشّدّة وعلى العَاهات‬ ‫‪o‬‬

‫ب والدعا ُء عندَ المو ِر الهمّة‬ ‫بابُ دعا ِء الكَرْ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا راعَه شيءٌ أو َف ِزعَ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما َيقُولُ إذا أصابَه همّ أو حَزَن‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُه إذا وقعَ ف هََلكَة‬ ‫‪o‬‬

‫ف قوما‬ ‫بابُ ما يَقولُ إذا خا َ‬ ‫‪o‬‬

‫ف سُلْطانا‬ ‫بابُ ما يَقولُ إذا خا َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا نظرَ إل عدوّه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما َيقُولُ إذا عرضَ له شيطانٌ أو خَافَهُ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما َيقُولُ إذا غلبَه أمرٌ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا استصعبَ عليه أمرٌ‬ ‫‪o‬‬

‫ت عليه معيشتُه‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا َتعَسّرَ ْ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه لدف ِع الفَاتِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا أصابت ُه نكبةٌ قليل ٌة أو كثيةٌ‬ ‫‪o‬‬

‫ج َز عنه‬‫بابُ ما يقولُه إذا كان عليه دي ٌن عَ َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَن بُلي بالوَحْشة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن بُلي بالوَ ْس َوسَة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقرُأ على الَ ْعتُو ِه والَ ْلدُوغ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما ُي َعوّ ُذ به الصّْبيَانُ وغيُهم‬ ‫‪o‬‬

‫ج والَبثَ َر ِة ونوها‬ ‫بابُ ما يُقا ُل على الُرّا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب الذكار والدّعوات للمور العارضات‬

‫‪132‬‬
‫اعلم أن ما ذكرته ف البواب السابقة يتكرّرُ ف كل يوم وليلة على حسب ما تقدّم وتبي‪ .‬وأما ما أذكرهُ‬
‫الن فهي أذكا ٌر ودعوات تكون ف أوقات لسباب عارضات‪ ،‬فلهذا ل يُلتزم فيها ترتيب‪.‬‬

‫بابُ دُعاءِ ال ْستِخَارة‬

‫‪ 1/303‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال‪ :‬كان رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يعلمنا الستخارة ف المور كلها كالسورة من القرآن‪ ،‬يقول‪" :‬إذَا هَمّ أحَدُ ُكمْ‬
‫ضةِ‪ ،‬ثُمّ ِلَيقُلِ‪ :‬الّلهُ ّم إنّي أ ْستَخِ ُيكَ ِبعِلْمِكَ‪ ،‬وأ ْسَتقْدِ ُركَ ِبقُدْ َرتِكَ‪،‬‬
‫بالمْرِ فَ ْليَرْكَعْ رَ ْكعََتيْ ِن مِ ْن َغيْ ِر الفَرِي َ‬
‫ل ُم ال ُغيُوبِ‪ ،‬الّل ُهمّ إنْ ُكْنتَ‬ ‫ك العَظِيمِ‪ ،‬فإنّكَ َتقْدِ ُر ول أَقْدِرُ‪َ ،‬وتَعَْل ُم وَل أعْلَمُ‪ ،‬وأْنتَ َع ّ‬ ‫ك مِنْ َفضْلِ َ‬ ‫وَأسألُ َ‬
‫َتعْلَ ُم أنّ هَذَا المْرَ َخيْرٌ ل فِي دِين َومَعاشِي وَعاِقَبةِ أمْرِي‪ ،‬أو قال‪ :‬عاج ِل أمْرِي وآجِلِهِ‪ ،‬فاقْدُ ْرهُ لِي‬
‫َويَسّ ْرهُ ل‪ ،‬ثُم با ِركْ ل فِيهِ‪ ،‬وَإنْ ُكْنتَ َتعَْلمُ أ ّن هَذَا المْ َر َشرّ ل ف دِينِي وَمعاشِي وَعاِقَبةِ أمْرِي‪ ،‬أو قال‪:‬‬
‫ضنِي بِهِ‪ ،‬قال‪ :‬ويُسمّي حا َجتَهُ"‪.‬‬ ‫ليْرَ َحْيثُ كا َن ثُمّ رَ ّ‬ ‫عاجِ ِل أمْرِي وآ ِجلِهِ‪ ،‬فاصْرِفْهُ عَنّي‪ ،‬وَاقْدُرْ ِليَ ا َ‬

‫ب الستخارة بالصلة والدعاء الذكور‪ ،‬وتكون الصلة ركعتي من النافلة‪ ،‬والظاهر‬ ‫قال العلماء‪ :‬تستح ّ‬
‫أنا تصل بركعتي من السنن الرواتب‪ ،‬وبتحية السجد وغيها من النوافل؛ ويقرأ ف الول بعد الفاتة‪:‬‬
‫قل يا أيّها الكافرون‪ ،‬وف الثانية‪ :‬قل هو اللّه أحد؛ ولو تعذرت عليه الصلة استخار بالدعاء‪ .‬ويستحبّ‬
‫افتتاح الدعاء الذكور وختمه بالمد للّه والصلة والتسليم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ ث إن‬
‫الستخارة مستحبّة ف جيع المور كما صرّح به نصّ هذا الديث الصحيح‪ ،‬وإذا استخار مضى بعدها‬
‫لا ينشرحُ له صدره‪ .‬واللّه أعلم‪)1( .‬‬

‫‪ 2/304‬وروينا ف كتاب الترمذي بإسناد ضعيف ضعّفه الترمذي وغيه‪ ،‬عن أب بكر رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أراد المر قال‪" :‬الّلهُمّ ِخرْ ل وَا ْختَرْ ل"‪)2(.‬‬

‫‪ 3/305‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬يا أَنسُ‪ ،‬إذَا هَ َم ْمتَ بِأمْرٍ فا ْستَخِرْ َربّكَ في ِه َسبْ َع مَرّاتٍ‪ ،‬ثُ ّم انْظُرْ إل الّذي َسبَقَ إل َق ْلبِكَ‪ ،‬فإنّ‬
‫الَيْرَ فِيهِ" إسناده غريب‪ ،‬فيه مَنْ ل أعرفهم‪)3( .‬‬

‫أبواب الذكار الت تُقال ف أوقات الشّدّة وعلى العَاهات)‬

‫‪133‬‬
‫ب والدعاءُ عن َد المورِ الهمّة‬
‫بابُ دعا ِء الكَرْ ِ‬

‫‪ 1/306‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ ،‬أن رسول اللّه صلى‬
‫ش العَظِيمِ‪،‬‬
‫ب العَ ْر ِ‬
‫اللّه عليه وسلم كان يقول عند الكرب‪" :‬لَ إِلهَ إِلّ اللّ ُه العَظِي ُم الَلِيمُ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ رَ ّ‬
‫ش الكَ ِريُ" وف رواية لسلم "أن النب صلى اللّه عليه‬ ‫ب العَ ْر ِ‬ ‫ت وَرَبّ ال ْرضِ رَ ّ‬
‫ل إِلهَ إِلّ اللّهُ رَبّ السّ َموَا ِ‬
‫وسلم كان إذا حَ َزبَه أمر قال ذلك"‪ .‬قوله "حزبه أمر"‪ :‬أي نزل (‪)4‬‬

‫‪ 2/307‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم؛ أنه كان‬
‫إذا أكربه أمر قال‪" :‬يا َحيّ يا َقيّومُ‪ ،‬بِرَ ْح َمتِكَ أسَْتغِيثُ" قال الاكم‪ :‬هذا حديث صحيح الِسناد‪)5( .‬‬

‫‪ 3/308‬وروينا فيه عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أهّه المر‬
‫رفع رأسه إل السماء فقال‪ُ " :‬سبْحانَ اللّه العَظِيمِ" وإذا اجتهد ف الدعاء قال‪":‬يا َحيّ يا َقيّومُ"‪)6(.‬‬

‫‪ 4/309‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان أكثر دعاء الن ّ‬
‫ب‬
‫سَنةً‪ ،‬وف الخِ َرةِ حَسَنةً‪ ،‬وَقِنا عَذَابَ النّارِ" زاد مسلم ف‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ " :‬الّلهُ ّم آتِنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬
‫روايته قال‪ :‬وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا با‪ ،‬فإذا أراد أن يدعوَ بدعاء دعا با فيه‪)7( .‬‬

‫‪ 5/310‬وروينا ف سنن النسائي وكتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن جعفر‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنهم‬
‫قال‪َ :‬لقّنن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هؤلء الكلمات‪ ،‬وأمرن إن نزل ب كرب أو شدّة أن أقولا‪:‬‬
‫ب العَرْش العَظِيمِ‪ ،‬الَمْدُ ِللّهِ رَبّ العالَمِيَ"‪ .‬وكان‬
‫"ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه الكَ ِريُ العَظِيمُ‪ُ ،‬سبْحانَهُ تَبا َركَ اللّهُ رَ ّ‬
‫عبد اللّه بن جعفر يلقنها وينفث با على الوعوك‪ ،‬ويعلّمها الغتربة من بناته‪ .‬قلت‪ :‬الوعوك‪ :‬الحموم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬هو الذي أصابه مغث المى‪ .‬والغتربة من النساء‪ :‬الت تُزوّج إل غي أقاربا‪)8( .‬‬

‫‪ 6/311‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب بكرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪َ " :‬د َعوَاتُ ا َلكْرُوب‪ :‬الّلهُمّ َرحْ َمتَكَ أرْجُو فَل َتكِ ْلنِي إل َنفْسي طَرَْف َة َعيْنٍ‪ ،‬وأصْلِحْ ل شَأنِي كُلّهُ‪ ،‬ل‬
‫إِلهَ إِ ّل أْنتَ"‪)9(.‬‬

‫‪ 7/312‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬عن أساء بنت عُ َميْس رضي اللّه عنها‪ ،‬قالت‪:‬‬

‫‪134‬‬
‫قال ل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم‪" :‬أل أُعَلّمُكَ كَلِماتٍ تَقُوِلْينَهُ ّن ِعنْ َد الكَرْبِ ـ أو ف‬
‫الكرب ـ اللّهُ اللّهُ رَب ل ُأشْ ِر ُك بِ ِه َشيْئا"‪)10(.‬‬

‫‪ 8/313‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب قتادة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬مَنْ قرأ آَيةَ الكُ ْر ِسيّ وَ َخوَاتِيمَ سُو َر ِة البَقَ َر ِة ِعنْ َد الكَرْبِ‪ ،‬أغاثَهُ اللّهُ عَ ّز وَجَلّ"‪)11(.‬‬

‫‪ 9/314‬وروينا فيه‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪ :‬سعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّمَ‬
‫ج َعنْهُ‪ :‬كَلِ َم َة أخي يُوُنسَ َ‬
‫وسلم يقول‪" :‬إِن َلعْلَمُ َكلِ َم ًة ل َيقُوُلهَا َمكْرُوبٌ إِلّ ُفرّ َ‬
‫ت ُسبْحانَكَ إن ُكْنتُ مِنَ الظّالِ ِميَ} النبياء‪."87:‬‬ ‫{فنَادَى فِي الظّلُماتِ‪ :‬أنْ ل إِلهَ إِ ّل أنْ َ‬

‫ورواه الترمذي عن سعد قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬د ْع َوةُ ذِي النّونِ إذْ دَعا َربّهُ َو ُه َو‬
‫ع بِها رَ ُج ٌل مُسْلِمٌ فِي َشيْء قَطّ‬ ‫ف بَطْنِ الُوتِ‪ :‬ل إِلهَ إِ ّل أْنتَ ُسبْحانَكَ ِإنّي ُكْنتُ مِنَ الظّالِ ِميَ‪ ،‬لَ ْم يَ ْد ُ‬
‫إِلّ ا ْستَجابَ لَهُ"‪)12(.‬‬

‫ب ما يقولُه إذا راعَه شي ٌء أو فَ ِزعَ‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/315‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ثوبانَ رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا‬
‫راعَه شيءٌ قال‪ُ " :‬هوَ اللّهُ‪ ،‬اللّهُ َربّي ل شَرِيكَ لَهُ"‪)13(.‬‬

‫‪ 2/316‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده؛أن رسول اللّه‬
‫ضبِهِ َوشَرّ عِبا ِدهِ‪،‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم كان يعلّمهم من الفزع كلماتٍ‪" :‬أعُو ُذ ِبكَلِماتِ اللّ ِه التّا ّمةِ مِن َغ َ‬
‫حضُرُونِ" وكان عبد اللّه بن عمرو يعلّمهنّ من عَقَل من بنيه‪ ،‬ومن ل‬ ‫َومِ ْن هَمَزَاتِ الشّيَاطِيِ‪ ،‬وأنْ يَ ْ‬
‫يعق ْل كتبه فعلّقه عليه‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)14( .‬‬

‫ب ما َيقُولُ إذا أصابَه همّ أو َحزَن‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/317‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫ع ِبهَ ِذ ِه الكَلِماتِ‪َ ،‬يقُولُ‪ :‬أنا َعبْدُ َك ابْ ُن عَبْ ِد َك ابْنُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ أصَابَ ُه هَ ّم أوْ حَ َزنٌ فَ ْليَ ْد ُ‬
‫ك ِبكُلّ اسْ ٍم ُهوَ لَكَ‬ ‫صيَتِي بِيَ ِدكَ‪ ،‬ماضٍ ِفيّ ُحكْمُكَ‪ ،‬عَدْلٌ ِفيّ َقضَا ُؤكَ؛ أسألُ َ‬ ‫ضتِكَ‪ ،‬نا ِ‬
‫َأمَتِكَ فِي َقبْ َ‬
‫ت بِهِ فِي عِ ْل ِم الغَْيبِ ِعنْ َدكَ‬ ‫سَ ّمْيتَ بِ ِه َنفْسَكَ أ ْو أنْزَْلتَهُ فِي كِتابِكَ‪ ،‬أوْ عَلّ ْمتَه أحَدا مِنْ َخ ْلقِكَ‪ ،‬أ ِو ا ْستَأثَرْ َ‬

‫‪135‬‬
‫ب هَمّي‪ .‬فقال رجل من القوم‪ :‬يا‬ ‫صدْرِي‪ ،‬وَ َربِيعَ قَ ْلبِي‪ ،‬وَجلءَ ُح ْزنِي‪ ،‬وَ َذهَا َ‬
‫جعَ َل القُرآنَ نُورَ َ‬
‫أ ْن تَ ْ‬
‫رسول اللّه! إن الغبونَ لن غُب هؤلء الكلمات‪ ،‬فقال‪ :‬أجَلْ َفقُولُوهُنّ َوعَلّمُوهُنّ‪ ،‬فإنّ ُه مَنْ قَاَلهُ ّن اْلتِما َ‬
‫س‬
‫ما فِيهِنّ أ ْذهَبَ اللّ ُه تَعال ُح ْزنَهُ‪ ،‬وأطالَ َفرَحَهُ"‪)15(.‬‬

‫ب ما يَقولُه إذا وقعَ ف هََلكَة‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/318‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬يا عَِليّ! أل ُأعَلّمُكَ َكلِماتٍ إِذَا وََق ْعتَ فِي وَ ْر َطةٍ قُ ْلتَها؟ قلتُ‪ :‬بلى‪ ،‬جعلن اللّه فِداءَك‪ ،‬قال‪ :‬إذَا‬
‫وََقعْتَ فِي وَ ْر َطةٍ َفقُلْ‪ :‬بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ‪ ،‬وَل َحوْ َل وَل ُق ّوةَ إِلّ باللّ ِه العَِليّ العَظِيمِ‪ .‬فإنّ اللّ َه تَعال‬
‫ف با ما شا َء مِ ْن أْنوَاعِ البَلءِ"‪)16(.‬‬ ‫َيصْرِ ُ‬

‫قلت‪ :‬الوَرْطَة بفتح الواو وإسكان الراء‪ :‬وهي اللك‪.‬‬

‫ف قوما‬
‫ب ما يَقولُ إذا خا َ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/319‬روينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه‬
‫ج َعلُكَ فِي ُنحُو ِرهِمْ‪َ ،‬ونَعُو ُذ بِ َ‬
‫ك‬ ‫عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال‪" :‬الّلهُ ّم إنّا نَ ْ‬
‫مِ ْن شُرُو ِرهِمْ"‪)17(.‬‬

‫ف سُلْطانا‬
‫ب ما يَقولُ إذا خا َ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/320‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫لكِيمُ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّهِ رَبّ السّ َموَاتِ‬
‫عليه وسلم‪" :‬إذَا ِخ ْفتَ سُلْطانا أوْ َغيْ َرهُ‪َ ،‬فقُلْ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه الَلِي ُم ا َ‬
‫ش العَظِيمِ‪ ،‬ل إِلهَ إِ ّل أنْتَ‪ ،‬عَزّ جا ُركَ‪ ،‬وَجَ ّل ثَناؤُكَ" ويستحبّ أن يقول ما قدّمناه ف‬ ‫ب العَ ْر ِ‬
‫السّبْ ِع وَرَ ّ‬
‫الباب السابق من حديث أب موسى‪)18( .‬‬

‫ب ما يَقولُ إذا نظرَ إل عدوّه‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/321‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬كنا مع النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ف غزوة فلقي العدوّ‪ ،‬فسمعته يقول‪ " :‬يا مالِكَ َي ْومِ الدّينِ إيّاك أعْبُ ُد وإيّاكَ أ ْسَتعِيُ" فلقد رأيتُ الرجالَ‬

‫‪136‬‬
‫تُصرع‪ ،‬تضربُها اللئكةُ من بي أيديها ومن خلفها‪ .‬ويُستحبّ ما قدّمناه ف الباب السابق من حديث أب‬
‫موسى‪)19( .‬‬

‫ب ما َيقُولُ إذا عرضَ له شيطانٌ أو خَافَهُ‬


‫با ُ‬

‫ك مِنَ الشّيْطا ِن نَ ْزغٌ فا ْسَتعِذْ باللّه إنّهُ ُهوَ السّمِيعُ العَلِيمُ} فصلت‪ 36:‬وقال‬‫قال اللّه تعال‪{ :‬وإمّا َينْ َز َغنّ َ‬
‫تعال‪{ :‬وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ َجعَلْنا َبْينَكَ َوَبيْ َن الّذِين ل ُي ْؤ ِمنُونَ بالخِ َرةِ حِجابا مَسْتُورا} الِسراء‪45:‬‬
‫فينبغي أن يتعوّذ ث يقرأ من القرآن ما تيسّر‪.‬‬

‫‪ 1/322‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه قال‪" :‬قام رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم يُصلّي‪ ،‬فسمعناه يقول‪ :‬أعُو ُذ بِاللّهِ مِنْكَ‪ ،‬ث قال‪ :‬أْل َعنُك بَِل ْعَنةِ اللّ ِه ثَلثا‪ ،‬وبسطَ يدَه كأنّه يتناول‬
‫ك تقولُه قبلَ‬ ‫غ من الصلة قلنا‪ :‬يا رسول اللّه! سعناك تقول ف الصلة شيئا ل نسمعْ َ‬ ‫شيئا‪ ،‬فلما فر َ‬
‫جعَلَهُ ف وَ ْجهِي‪َ ،‬ف ُق ْلتُ‪:‬‬
‫ب مِنْ نارٍ ِليَ ْ‬
‫ذلك‪ ،‬ورأيناكَ بسطتَ ي َدكَ‪ ،‬قال‪ :‬إنّ عَ ُدوّ اللّهِ ِإبْلِيسَ جا َء بِشِها ٍ‬
‫ك بَِل ْعَنةِ اللّه التّا ّمةِ (‪ ()20‬بلعنة اللّه التامة قال القاضي‪:‬‬ ‫ث مَرّاتٍ‪ ،‬ثُمّ قُ ْلتُ‪ :‬أْلعَنُ َ‬
‫َأعُو ُذ باللّ ِه ِمنْكَ ثَل َ‬
‫يتمل تسميتها التامة‪ :‬أي ل نقص فيها‪ ،‬ويتمل الواجبة له الستحقة عليه‪ ،‬أو الوجبة عليه العقاب‬
‫سرمدا‪ .‬وقال ابن الوزي ف كشف الشكل‪ :‬أشار بتامة إل دوامها‪ .‬الفتوحات ‪ (" )4/21‬بلعنة اللّه‬
‫التامة قال القاضي‪ :‬يتمل تسميتها التامة‪ :‬أي ل نقص فيها‪ ،‬ويتمل الواجبة له الستحقة عليه‪ ،‬أو‬
‫الوجبة عليه العقاب سرمدا‪ .‬وقال ابن الوزي ف كشف الشكل‪ :‬أشار بتامة إل دوامها‪ .‬الفتوحات‬
‫صبَحَ‬‫ت أنْ آخُ َذهُ‪ ،‬وَاللّهِ َلوْل َدعْ َوةُ أخي ُسَليْمانَ (‪)21‬ل ْ‬ ‫‪ " )4/21‬فاسْتأ َخ َر ثَلثَ َمرّاتٍ‪ ،‬ثُمّ أ َردْ ُ‬
‫مُوثَقا تَ ْل َعبُ بِ ِه وِلْدَانُ أهْ ِل الَدِيَنةِ"‪)22(.‬‬

‫قلت‪ :‬وينبغي أن يؤذّن أذان الصلة‪.‬‬

‫‪ 2/323‬فقد روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سُهيل بن أب صال أنه قال‪ :‬أرسلن أب إل بن حارثة‬
‫ومعي غلم لنا أو صاحب لنا‪ ،‬فناداه مُنادٍ من حائط باسه‪ ،‬وأشرف الذي معي على الائط فلم ي َر شيئا‪،‬‬
‫ت أنك تَلقى هذا ل أرسلك‪ ،‬ولكن إذا سعت صوتا فنا ِد بالصلة‪،‬‬ ‫فذكرتُ ذلك لب‪ ،‬فقال‪ :‬لو شعر ُ‬
‫شيْطانَ‬‫فإن سعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يدّث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬إنّ ال ّ‬
‫ي بالصّلةِ أ ْدبَرَ"‪)23(.‬‬
‫إذَا نُودِ َ‬

‫‪137‬‬
‫ب ما َيقُولُ إذا غلبَه أمرٌ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/324‬روينا ف صحيح مسلم عن أب هُريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ضعِيفِ‪ ،‬وف ُكلّ َخيْرٌ‪ ،‬ا ْح ِرصْ على ما‬ ‫وسلم‪ ":‬ا ُلؤْمِ ُن ال َقوِيّ َخيْ ٌر وَأ َحبّ إل اللّ ِه تَعال مِ َن ا ُلؤْمِ ِن ال ّ‬
‫ل َتقُلْ‪َ :‬لوْ أَن َفعَ ْلتُ َكذَا كانَ كَذَا وَكَذَا‪،‬‬
‫ج َزنّ (‪ )24‬وإ ْن أصابَكَ َشيْءٌ َف َ‬ ‫َينْ َفعُكَ‪ ،‬وا ْسَتعِنْ باللّ ِه ول َتعْ ِ‬
‫شيْطانِ"‪)25(.‬‬ ‫وَ َلكِنْ ُقلْ قَدّرَ اللّ ُه وَما شاء َفعَلَ‪ ،‬فإنّ "َلوْ" َتفْتَ ُح عَمَلَ ال ّ‬

‫‪ 2/325‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عوف بن مالك رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫سِبيَ اللّ ُه َوِنعْمَ الوَكِيلُ‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬ ‫قضى بي رجلي فقال القضيّ عليه لّا أدبر‪ :‬حَ ْ‬
‫سبِيَ اللّ ُه وِنعْ َم الوَكِيلُ"‪.‬‬
‫ك أمْرٌ َفقُلْ حَ ْ‬
‫جزِ‪ ،‬وََلكِنْ عََليْكَ بال َكْيسِ فإذَا غََلبَ َ‬
‫"إِنّ اللّ َه تَعال يَلُومُ على العَ ْ‬

‫(‪ ، )26‬وقال الافظ‪ :‬هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي‪ ،‬وف سنده سيف (‪)27‬‬

‫قلت‪ :‬ال َكيْس بفتح الكاف وإسكان الياء‪ ،‬ويطلق على معان‪ :‬منها الرفق‪ ،‬فمعناه واللّه أعلم‪ :‬عليك‬
‫بالعمل ف رفق بيث تُطيق الدوام عليه‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا استصعبَ عليه أمرٌ‬

‫‪ 1/326‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬
‫جعَ ُل الَ ْزنَ إذَا ِشْئتَ َسهْلً" قلتُ‪ :‬الَزْن بفتح الاء الهملة‬
‫ت تَ ْ‬
‫"الّلهُ ّم ل َسهْلَ إِلّ ما َجعَ ْلتَهُ َسهْلً‪ ،‬وأنْ َ‬
‫وإسكان الزاي‪ :‬وهو غليظ الرض وخشنها‪)28( .‬‬

‫ت عليه معيشتُه‬
‫بابُ ما يقولُ إذا َتعَسّرَ ْ‬

‫‪ 1/327‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ج مِ ْن َبْيتِهِ‪ :‬بِسْمِ اللّهِ على َنفْسِي ومَال‬
‫قال‪":‬ما ْينَعُ أحَدَكُمْ إذَا عَسُ َر عََليْ ِه أمْ ُر َمعِيشَتِ ِه أنْ َيقُولَ إذا َخرَ َ‬
‫ت ول تأخيَ ما‬‫ب َتعْجِيلَ ما أخّرْ َ‬ ‫ضنِي ِبقَضائِك‪ ،‬وباركْ ل فِيما قُ ّدرَ ل حتّى ل أُ ِح ّ‬ ‫ودِينِي‪ ،‬الّلهُمّ ر ّ‬
‫عَجّ ْلتَ"‪)29(.‬‬

‫بابُ ما يقولُه لدف ِع الفَاتِ‬

‫‪138‬‬
‫‪ 1/328‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬ما أنْعَمَ اللّ ُه عَزّ وَجَ ّل على عَبْ ٍد ِنعْ َمةً ف أهْلٍ ومَا ٍل َووَلَدٍ فَقالَ‪ :‬ما شاءَ اللّهُ ل ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ‪،‬‬
‫َفيَرَى فِيها آَفةً دونَ ا َلوْتِ"‪)30(.‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا أصابت ُه نكبةٌ قليل ٌة أو كثيةٌ‬

‫(‪)31‬‬

‫قال اللّه تعال‪َ { :‬وبَشّر الصّابِري َن الّذينَ إذَا أصاَبْتهُ ْم ُمصِيَبةٌ (‪)32‬قالُوا إنّا ِللّ ِه َوإِنّا إَليْهِ رَا ِجعُونَ‪ .‬أُوَلئِكَ‬
‫ك هُمُ ا ُل ْهتَدُونَ} البقرة‪155 :‬ـ ‪.156‬‬ ‫ت مِنْ َربّه ْم وَرَ ْح َم ٌة وَ أُولَئِ َ‬
‫عََلْيهِمْ صََلوَا ٌ‬

‫‪ 1/329‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫س ِع َنعْلِهِ‪ ،‬فإنّها مِ َن ا َلصَاِئبِ" ‪)33(.‬‬
‫ِليَسْتَ ْرجِعْ أ َحدُكُمْ فِي كُ ّل َشيْءٍ حتّى فِي شِ ْ‬

‫قلت‪ :‬الشسع‪ :‬بكسر الشي العجمة ث بإسكان السي الهملة‪ ،‬وهو أحد سُيور النعل الت تشدّ إل‬
‫ِزمَامِها‬

‫ج َز عنه‬
‫بابُ ما يقولُه إذا كان عليه دي ٌن عَ َ‬

‫‪ 1/330‬روينا ف كتاب الترمذي عن عليّ رضي اللّه عنه أن مُكاتبا جاءه فقال‪ :‬إن عجزتُ عن‬
‫كتابت فأعنّي‪ ،‬قال‪ :‬أل أُعلّمك كلماتٍ علمنيهن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬لو كان عليك مثل‬
‫ك عَمّ ْن سِواكَ" قال‬
‫ك عَنْ َحرَامِكَ‪ ،‬وَأغْنِن ِب َفضْلِ َ‬
‫صيْرٍ دينا أدّاه عنك؟ قل‪" :‬الّلهُ ّم ا ْكفِن بِحَللِ َ‬
‫جبل ِ‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬وقد قدّمنا ف باب ما يُقال عند الصباح والساء حديث أب داود (‪)34‬‬

‫ب ما يقولُه مَنن بُلي بالوَحْشة‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/331‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن الوليد بن الوليد رضي اللّه عنه أنه قال‪ :‬يارسول اللّه! إن‬
‫ضبِهِ َوعِقابِهِ َوشَ ّر ِعبَا ِدهِ‪،‬‬
‫ت مِ ْن َغ َ‬
‫جعَكَ َفقُلْ‪ :‬أعُو ُذ بِكَلِماتِ اللّ ِه التّامّا ِ‬
‫ت َمضْ َ‬‫أجدُ وحشةً‪ ،‬قال‪":‬إذَا أخَذْ َ‬
‫ضرُونِ‪ .‬فإنّها ل تَضُ ّر َك أ ْو ل َتقْ َربُكَ"‪)35(.‬‬ ‫حُ‬‫ي وأنْ يَ ْ‬
‫َو مِ ْن هَمَزَاتِ الشّياطِ ِ‬

‫‪139‬‬
‫‪ 2/332‬وروينا فيه‪ ،‬عن الباء بن عازب رضي اللّه عنهما قال‪ :‬أتى رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ب الَلِئ َكةِ والرّوحِ‪،‬‬
‫ك القُدّوسِ ر ّ‬
‫رج ٌل يشكو إليه الوحشة‪ ،‬فقال‪" :‬أ ْكثِ ْر مِ ْن أنْ َتقُولَ‪ُ :‬سبْحانَ الَلِ ِ‬
‫ت عنه الوحشة‪)36( .‬‬ ‫ت وَ ال ْرضَ بالعِ ّز ِة والبَرُوتِ"‪ ،‬فقالا الرجلُ فذهب ْ‬ ‫جَلّ ْلتَ السّ َموَا ِ‬

‫ب ما يقولُه مَ ْن بُلي بال َو ْسوَسَة‬


‫با ُ‬

‫ك مِنَ الشّيْطا ِن نَ ْزغٌ فَا ْسَتعِذْ باللّ ِه إنّهُ ُهوَ السّمِي ُع العَلِيمُ} فصلت‪36:‬‬
‫قال اللّه تعال‪َ { :‬و إمّا يَنْ َز َغنّ َ‬
‫فأحس ُن ما يُقال ما أ ّدبَنا اللّه تعال به وأمرَنا بقوله‪.‬‬

‫‪ 1/333‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬يأتِي الشّيْطانُ أحَدَكُمْ َفَيقُولُ‪ :‬مَنْ َخلَقَ كَذَا‪ ،‬مَنْ َخلَقَ كَذَا‪ ،‬حتّى َيقُولَ‪ :‬مَنْ‬
‫س َيتَساءلُونَ حتّى‬ ‫سَتعِذْ باللّه وَْليَْنتَهِ" وف رواية ف الصحيح‪" :‬ل يَزالُ النّا ُ‬ ‫خََلقَ َربّكَ؟ فإذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَ ْليَ ْ‬
‫ك َشيْئا فَ ْلَيقُلْ‪ :‬آ َمنْتُ باللّ ِه وَ ُرسُلِهِ"‪)37(.‬‬
‫يُقالَ هَذَا‪َ :‬خلَقَ اللّ ُه الَلْقَ‪َ ،‬فمَنْ َخلَقَ اللّهَ؟ فَمَ ْن وَ َج َد مِنْ ذل َ‬

‫‪ 2/334‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها‪ ،‬قالت‪ :‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫ك يَ ْذ َهبُ َعنْهُ"‪)38(.‬‬
‫عليه وسلم‪" :‬مَ ْن وَجَدَ مِ ْن هَذَا ال َو ْسوَاسِ فَ ْلَيقُلْ‪ :‬آ َمنّا باللّ ِه َوبِ ُرسُلِ ِه ثَلثا‪ .‬فإنّ ذل َ‬

‫‪ 3/335‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عثمان بن أب العاصي (عن عثمان بن أب العاصي‪ :‬هو الثقفي‬
‫الطائفي قدم على النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف وفد ثقيف سنة تسع‪ .‬واستعمله النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم عليهم وعلى الطائف‪ ،‬وكان أحدث القوم سنّا‪ ،‬وأقرّه عليها أبو بكر وعمر‪ ،‬واستعمله عمر أيضا‬
‫على عمان والبحرين‪ ،‬روى له فيما قيل عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم تسعة عشر حديثا‪ ،‬أخرج مسلم‬
‫عنه ثلثة أحاديث‪ ،‬ول يرّج عنه البخاري‪ ،‬وخرّج عنه الربعة‪ ،‬روى عنه ابن السيب ف آخرين‪ ،‬نزل‬
‫ت يا رسول اللّه إن‬ ‫البصرة ومات با ف زمن معاوية سنة إحدى وخسي) " رضي اللّه عنه قال‪ :‬قل ُ‬
‫الشيطان قد حال ("قد حال" بالاء الهملة‪ :‬أي جعل بين وبي كمال الصلة والقراءة حاجزا من‬
‫سهَا عليّ‪ ،‬فقال‬ ‫وسوسته الانعة من رُوح العبادة وسرّها‪ ،‬وهو الشوع) بين وبي صلت وقراءت يَ ْلبِ ُ‬
‫ستَهُ َفتَ َعوّذْ باللّهِ مِنْ ُه َو اتْفُ ْل عَنْ‬
‫ك َشيْطا ٌن يُقالُ لَهُ ِخنْزَبٌ‪ ،‬فإذَا أحْسَ ْ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ذل َ‬
‫يَسا ِركَ ثَلثا" ففعلتُ ذلك فأذهبه اللّه عنه‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫قلتُ‪ِ :‬خنْزب باء معجمة ث نون ساكنة ث زاي مفتوحة ث باء موحدة‪ ،‬واختلف العلماء ف ضبط الاء‬
‫منه‪ ،‬فمنهم من فتحها‪ ،‬ومنهم من كسرها‪ ،‬وهذان مشهوران‪ ،‬ومنهم من ضمّها حكاه ابن الثي ف ناية‬
‫الغريب‪ ،‬والعروف الفتح والكسر‪" )39( .‬‬

‫‪ 4/336‬وروينا ف سنن أب داود بإسناد جيد‪ ،‬عن أب ُز َميْل قال‪ :‬قلت لبن عباس‪ :‬ما شيء أجده ف‬
‫صدري؟ قال‪ :‬ما هو؟ قلت‪ :‬واللّه ل أتكلم به‪ ،‬فقال ل‪ :‬أشيء من شكّ؟ وضحك وقال‪ :‬ما نا منه‬
‫ك مِمّا أنْزَلْنا إَليْكَ} الية‪ ،‬يونس‪ 94:‬فقال ل‪ :‬إذا‬ ‫أحدٌ حت أنزل اللّه تعال‪{ :‬فإنْ ُكنْتَ فِي شَ ّ‬
‫وجدت ف نفسك شيئا فقل {هُ َو الوّلُ وال ِخ ُر وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ َو ُه َو ِبكُلّ َشيْ ٍء عَلِيمٌ} الديد‪.3:‬‬

‫وروينا بإسنادنا الصحيح ف رسالة الستاذ أب القاسم القُشيي رحه اللّه‪ ،‬عن أحد بن عطاء الروذباري‬
‫السيد الليل رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان ل استقصاء ف أمر الطهارة‪ ،‬وضاق صدري ليلة لكثرة ما صببتُ‬
‫ب عفوك عفوك‪ ،‬فسمعتُ هاتفا يقول‪ :‬العفو ف العلم‪ ،‬فزال عن‬ ‫من الاء ول يسكنْ قلب‪ ،‬فقلت‪ :‬يا ر ّ‬
‫ذلك‪ .‬وقال بعض العلماء‪ :‬يستحبّ قول "ل إِلهَ إِلّ اللّهُ" لن ابتلي بالوسوسة ف الوضوء أو ف الصلة أو‬
‫شبههما‪ ،‬فإن الشيطان إذا سع الذكر خنس‪ :‬أي تأخر وبعد‪ ،‬ول إِله إِلّ اللّه رأسُ الذكر‪ ،‬ولذلك اختار‬
‫السادة الجلّة من صفوة هذه المة أهل تربية السالكي وتأديب الريدين قول‪ :‬ل إِله إِلّ اللّه لهل اللوة‬
‫وأمروهم بالداومة عليها‪ ،‬وقالوا‪ :‬أنفع علج ف دفع الوسوسة الِقبال على ذكر اللّه تعال والِكثار منه‪.‬‬
‫وقال السيد الليل أحد بن أب الواري ـ بفتح الراء وكسرها ـ شكوتُ إل أب سُليمان الداران‬
‫ستَ به فافرح‪ ،‬فإنك إذا فرحتَ به انقطع‬ ‫ي وقت أحْسَ ْ‬
‫الوسواس‪ ،‬فقال‪ :‬إذا أردت أن ينقطع عنك‪ ،‬فأ ّ‬
‫عنك‪ ،‬لنه ليس شيء أبغض إل الشيطان من سرور الؤمن‪ ،‬وإن اغتممت به زادك‪ .‬قلت‪ :‬وهذا ما يُؤيد‬
‫ما قاله بعض الئمة‪ :‬إن الوسواس إنا يُبتلى به من كمل إيانه‪ ،‬فإن اللصّ ل يقصد بيتا خربا‪)40( .‬‬

‫ب ما يُقرأُ على ا َلعْتُوهِ والَلْدُوغ‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/337‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪ :‬انطلق نف ٌر‬
‫من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف َسفْرة سافروها‪ ،‬حت نزلوا على حيّ من أحياء العرب‪،‬‬
‫فاستضافُوهم فأبوا أن يُضيّفوهم‪ ،‬فلُدغ سيّدُ ذلك اليّ‪ ،‬فس َعوْا له بكل شيء ل ينفعُه شيءٌ‪ ،‬فقال‬
‫بعضُهم‪ :‬لو أتيتم هؤلء ال ّرهَطَ الذين نزلوا لعلّهم أن يكو َن عندهم بعضُ شيءٍ‪ ،‬فأتوهُم فقالوا‪ :‬يا أيّها‬
‫الرّهط إ ّن سيدنا لُدغ وسعينا له بك ّل شيءٍ ل ينفعه شيء‪ ،‬فهل عندَ أح ٍد منكم من شيءٍ؟ قال بعضُهم‪:‬‬

‫‪141‬‬
‫إن واللّه لَرْقي‪ ،‬ولكنْ واللّه لقد استضفناكم فلم تضيّفونا‪ ،‬فما أنا براقٍ لكم حت تعلوا لنا ُج ْعلً (‬
‫ب العَالَمِيَ) ‪ ،‬فكأنا‬‫‪ ، )41‬فصالُوهم على قطيع من الغنم‪ ،‬فانطل َق يتف ُل عليه ويقرأُ‪( :‬الَمْدُ ِللّهِ ر ّ‬
‫نَشِطَ من عِقَال‪ ،‬فانطلقَ يشي وما به قََلبَة‪ ،‬فأوفوهم ُج ْعلَهم الذي صالوهم عليه‪ ،‬وقال بعضُهم‪ :‬اقسموا‬
‫فقال الذي رَقَى‪ :‬ل تفعلوا حت نأتَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم فنذكرَ له الذي كان‪ ،‬فننظر الذي يأمرنا‪،‬‬
‫صْبتُمُ‬
‫ك أنا رُ ْقَيةٌ؟ ث قال‪ :‬قَدْ أ َ‬
‫فقدموا على النبّ صلى اللّه عليه وسلم فذكروا له‪ ،‬فقال‪" :‬وَما يُدْرِي َ‬
‫اقْسِمُوا وَاضْ ِربُوا ل َمعَكُم سَهما"‪ ،‬وضحك النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ .‬هذا لفظ رواية البخاري وهي‬
‫أتّ الروايات‪ .‬وف رواية "فجعل يقرأ ُأ ّم الكتاب ويمع بزاقه ويتفل‪ ،‬فبىء الرجل" وف رواية "فأمر له‬
‫بثلثي شاة"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬قوله "وما به َقَلبَة" وهي بفتح القاف واللم والباء الوحدة‪ :‬أي وجع‪)42( .‬‬

‫‪ 2/338‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد الرحن بن أب ليلى‪ ،‬عن رجل عن أبيه قال‪ :‬جاء رجل‬
‫إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬إن أخي وجع‪ ،‬فقال‪" :‬وَما وَجَعُ أخِيكَ؟ قال‪ :‬به لم‪ ،‬قال‪ :‬فاْبعَث‬
‫بِهِ إلّ"‪ ،‬فجاء فجلس بي يديه‪ ،‬فقرأ عليه النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬فاتة الكتاب‪ ،‬وأربع آياتٍ من أوّل‬
‫سورة البقرة‪ ،‬وآيتي من وسطها‪{ :‬وإ ُلكُمْ إِل ُه وَاحِدٌ ل إِلهَ إِ ّل ُهوَ الرّحْ َمنُ الرّحِيمُ‪ .‬إنّ ف َخلْقِ‬
‫ت وال ْرضِ} حت فرغ من الية البقرة‪163 :‬ـ ‪ 164‬وآية الكرسي‪ ،‬وثلث آيات من آخر‬ ‫السّ َموَا ِ‬
‫سورة البقرة‪ ،‬وآية من أوّل سورة آل عمران‪ ،‬و{ َشهِدَ اللّ ُه أنّهُ ل إِلهَ إِلّ ُهوَ‪ }..‬إل آخر الية آل‬
‫عمران‪ 18 :‬وآية من سورة العراف‪{ :‬إنّ َرّبكُمُ اللّ ُه الّذي خََلقَ السّ َموَاتِ وال ْرضِ} العراف‪54:‬‬
‫ش الكَ ِريِ} الؤمنون‪ 116:‬وآية‬ ‫ب العَ ْر ِ‬
‫ك الَقّ ل إِله إِلّ ُهوَ رَ ّ‬ ‫وآية من سورة الؤمني‪َ{ :‬فتَعَال اللّهُ الَلِ ُ‬
‫من سورة النّ‪{ :‬وأنّه تَعال َجدّ َربّنا ما اتّخَذَ صَا ِحَب ًة وَل وَلَدا} الن‪ 3 :‬وعشر آيات من سورة‬
‫الصّافّات من أوّلا‪ ،‬وثلثا من آخر سورة الشر‪ ،‬و{قل هو اللّه أحد} والعوّذتي‪( .)43( .‬ابن السن‬
‫(‪ )637‬وإسناده ضعيف‪ ،‬انظر الفتوحات ‪" ).4/42‬‬

‫‪ 3/339‬وروينا ف سنن أب داود بإسناد صحيح‪ ،‬عن خارجة بن الصلت‪ ،‬عن عمّه قال‪ :‬أتيتُ النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فأسلمت‪ ،‬ث رجعتُ فمررتُ على قوم عندهم رجل منون مُوثق بالديد فقال‬
‫أهله‪ :‬إنّنا حُدّثنا أن صاحبَك هذا قد جاء بي‪ ،‬فهل عندك شي ٌء تُداويه‪ ،‬فرقيته بفاتة الكتاب فبىء‪،‬‬
‫فأعطون مَِئ َة شاة‪ ،‬فأتيت النبّ صلى اللّه عليه وسلم فأخبتُه‪ ،‬فقال‪" :‬هَلْ إِلّ هَذَا؟" وف رواية‪" :‬هَلْ‬
‫ت َغيْ َر هَذَا؟ قلتُ‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ُ :‬خذْها فََلعَمرِي لَمَنْ أكَ َل بِرُ ْقَي ِة باطِلٍ‪َ ،‬لقَدْ أكَ ْلتَ ِبرُ ْقَيةٍ حَقّ"‪)44(.‬‬
‫قُ ْل َ‬

‫‪142‬‬
‫‪ 4/340‬وروينا ف كتاب ابن السن بلفظ آخر‪ ،‬وهي رواية أخرى لب داود‪ ،‬قال فيها عن‬

‫ب فأتينا على حيّ من العرب‪ ،‬فقالوا‪ :‬عندكم دواءٌ‪ ،‬فإن عندنا‬ ‫خارجة عن عمّه قال‪ :‬أقبلنا من عند الن ّ‬
‫معتوها ف القيود‪ ،‬فجاؤوا بالعتوه ف القيود‪ ،‬فقرأتُ عليه فات َة الكتاب ثلثةَ أيامٍ غدْو ًة وعشّيةً أجع‬
‫بزاقي ث أتفلُ‪ ،‬فكأنا نَشِطَ من عِقال‪ ،‬فأعطون ُج ْعلً‪ ،‬فقلتُ‪ :‬ل‪ ،‬فقالوا‪ :‬سلِ النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ت بِرُ ْقَيةِ َحقّ" قلت‪ :‬هذا العمّ‬
‫وسلم‪ ،‬فسألته فقال‪" :‬كُلْ (‪ )45‬فََلعَ ْمرِي مَنْ أكَ َل بِرُ ْقَي ِة باطِلٍ‪َ ،‬لقَدْ أكَ ْل َ‬
‫اسه عِلاقة بن صُحَار (‪)46‬‬

‫‪ 5/341‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أنه قرأ ف أُذن مبتلى‬
‫سْبتُ ْم أنّمَا‬
‫فأفاق‪ ،‬فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَا قَرأتَ ف أُ ُذنِهِ؟" قال‪ :‬قرأت {أَفَحَ ِ‬
‫خََلقْناكُ ْم َعبَثا} الؤمنون‪ 115 :‬حت فرغ من آخر السورة‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫ل مُوقِنا قَرأ بِها على َجبَلٍ لَزَالَ"‪)47(.‬‬
‫َلوْ أنّ رَ ُج ً‬

‫صْبيَا ُن وغيُهم‬
‫ب ما ُي َعوّ ُذ به ال ّ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/342‬روينا ف صحيح البخاري رحه اللّه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪" :‬كان رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يعوّذ السن والسي‪ُ :‬أعِيذُكُما ِبكَلِماتِ اللّ ِه التّامّةِ‪ ،‬مِنْ كُ ّل َشيْطا ٍن وَها ّمةِ‪َ ،‬ومِنْ‬
‫كُ ّل َعيْنٍ ل ّم ٍة ويقول‪ :‬إ ّن أباكُما كان ُي َعوّ ُذ بِها إسْماعِي َل وَإسْحاقَ" صلى اللّه عليهم أجعي وسلم‪( .‬‬
‫‪)48‬‬

‫قلتُ‪ :‬قال العلماء‪ :‬الامّة بتشديد اليم‪ :‬وهي كلّ ذات س ّم يقتل كاليّة وغيها‪ ،‬والمع الوامّ‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ب من اليوان وإن ل يقتل كالشرات‪ .‬ومنه حديث كعب بن عجرة رضي‬ ‫وقد يقع الوامّ على ما يد ّ‬
‫اللّه عنه "أُيؤْذِيكَ هَوَامّ رأسِكَ؟" أي القمل‪ .‬وأما العي اللمّة بتشديد اليم‪ :‬وهي الت تُصيب ما نظرت‬
‫إليه بسوء‪.‬‬

‫ج والَبثَ َرةِ ونوها‬


‫ب ما يُقالُ على الُرّا ِ‬
‫با ُ‬

‫ف الباب حديث عائشة الت (‪ )49‬قريبا ف باب ما يقوله الريض ويُقرأ عليه‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ 1/343‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن بعض أزواج النبّ صلى اللّه عليه وسلم قالت‪ :‬دخل عل ّي‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد خرجَ ف أصبعي بثرة‪ ،‬فقال‪ِ " :‬عنْ َدكِ ذَرِي َرةٌ؟" فوضعها عليها وقال‪:‬‬
‫صغّ ْر ما بِي‪ .‬فطفئت"‪)50(.‬‬ ‫صغِيِ َ‬
‫صغّ َر الكَبِ ِي َومُ َكبّ َر ال ّ‬
‫"قُول الّلهُم ُم َ‬

‫قلتُ‪ :‬البثرة بفتح الباء الوحدة وإسكان الثاء الثلثة‪ ،‬وبفتحها أيضا لغتان‪ :‬وهو ُخرّاجٌ صِغار‪ ،‬ويقال بَثِر‬
‫صبٍ من قصبِ الطيب‬ ‫وجهه وبثر بكسر الثاء وفتحها وضمّها ثلث لغات‪ .‬وأما الذّريرة‪ :‬فهي فتات َق َ‬
‫يُجاء به من الند‪.‬‬

‫•كتاب أذكار الرض والوت وما يتعلق بما‬


‫ب الِكْثارِ من ذِكْ ِر الوْت‬ ‫بابُ اسْتحبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫باب استحباب السؤال على الريض‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُه الريضُ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب وصيّة أه ِل الريضِ بالِحسانِ إِليه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن به صُداعٌ أو ُحمّى‬ ‫‪o‬‬

‫باب جواز َقوْل الريض‪ :‬أنا شدي ُد الوجَع‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ كراهية تنّي الوت لضُرّ نز َل بالِنسان‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحبابِ دُعا ِء الِنسا ِن بأنْ يكونَ موتُه ف البلدِ الشريف‬ ‫‪o‬‬

‫ب نفس( الريضِ‬ ‫بابُ استحباب تَطْيي ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الثّناءِ على الريضِ بحَاسِن أعمالِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما جَاءَ ف تَشْهيةِ الريضِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ طلبِ العوَّادِ الدّعاء من الريضِ‬ ‫‪o‬‬

‫ظ الريضِ بع َد عافيتِه‬ ‫بابُ وَعْ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه من َأِيسَ من حَياتِه‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فائدة‪:‬‬
‫بابُ ما يقولُه بعد تَغميضِ اليّت‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقا ُل عن َد اليّت‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن مَاتَ له ميّت‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن بََلغَ ُه َموْتُ صَا ِحبِهِ‬ ‫‪o‬‬

‫‪144‬‬
‫بابُ ما يقولُه إذا بلَغه موتُ عد ّو الِسلم‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ تريِ النيا َحةِ على اليّتِ وال ّدعَاءِ بدعوَى الاهليّة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الّتعْ ِزيَة‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬أن يعم بالتعزية أهل اليت‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬حكم اللوس للتعزية‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬لفظ ُة التعزية‬
‫‪ ‬أفضل ما يقال عند التعزية‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ذكر ما جاء ف الطاعون‬
‫بابُ جَواز إعلمِ أصحاب الّيتِ وقرابتِه بوتِه وكراهةِ النّعي‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ف الِشارة إل بعض ما جرى من الطاعون ف‬


‫الِسلم‬
‫ت وقرابتِه بوتِه وكراه ِة النّعي‬ ‫ـ بابُ جَواز إعلمِ أصحاب اليّ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫ب ما يُقالُ ف حَا ِل غُسْلِ الّيتِ وتَكفِينه‬ ‫ـ با ُ‬ ‫‪o‬‬

‫ـ بابُ أَذْكَا ِر الصّلة على اليّت‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬وإذا فرغَ من التكبيات وأذكارها سلّمَ تسليمتي‬


‫كسائر الصلوات‬
‫ب ما يقولُه الاشي مع الَنَازة‬ ‫ـ با ُ‬ ‫‪o‬‬

‫ب ما يقولُه مَنْ مرّتْ به جنازة أو رآها‬ ‫ـ با ُ‬ ‫‪o‬‬

‫ب ما يقولُه مَن يُدْ ِخلْ الّيتَ قبَه‬ ‫ـ با ُ‬ ‫‪o‬‬

‫ب ما يقولُه بعدَ الدّفْن‬ ‫ـ با ُ‬ ‫‪o‬‬

‫ي اليّت بعد الدفن‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬تلق ُ‬


‫بابُ وصّيةِ الّيتِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما ينف ُع الّيتَ من َقوْل غيه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النّهي عن سبّ ال ْموَات‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه زائ ُر القبور‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ني الزائر مَنْ رآه يبكي جزعا عند قب‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ البكاء والوف عند الرور بقبور الظالي وبصارعهم‬ ‫‪o‬‬

‫‪145‬‬
‫كتاب أذكار الرض والوت وما يتعلق بما‬

‫ب اسْتحبابِ الِكْثارِ من ذِ ْكرِ الوْت‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/344‬روينا بالسانيد الصحيحة ف كتاب الترمذي وكتاب النسائي وكتاب ابن ماجه وغيها‪ ،‬عن‬
‫أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أ ْكثِرُوا ذِكْرَ ها ِذمِ اللّذّاتِ" يعن‬
‫الوت‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)1( .‬‬

‫سؤُول‬
‫ض وأقَاربهِ عنه وجوابُ الَ ْ‬
‫ب اسْتحبابِ سؤالِ أهلِ الري ِ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/345‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ أن عليّ بن أب طالب رضي اللّه‬
‫عنه خرج من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف وجعه الذي توف فيه‪ ،‬فقال الناس‪ :‬يا أبا حسن!‬
‫كيف أصبحَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال‪ :‬أصبحَ بمد اللّه بَارئا‪)2( .‬‬

‫ب ما يَقولُه الريضُ ويُقا ُل عندَه ويُقرأ عليه وسؤالُه عن حالِه‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/346‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم كان إذا أوى إل فراشه جع كفّيه ث نفث فيهما‪ ،‬فقرأ فيها‪{ :‬قُ ْل ُهوَ اللّهُ أحَدٌ} و{قُلْ أعُوذُ‬
‫ب النّاس} ث يسحُ بما ما استطاع من جسده‪ ،‬يبدأ بما على رأسه ووجهه‬ ‫ب الفَلَقِ} و{قُلْ أعُو ُذ ِبرَ ّ‬
‫بِرَ ّ‬
‫وما أقبل من جسده‪ ،‬يفعلُ ذلك ثلثَ مرات‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬فلما اشتكى كان يأمرن أن أفعل ذلك به‪.‬‬
‫وف رواية ف الصحيح‪:‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان ينفث على نفسه ف الرض الذي توف فيه‬
‫بالعوّذات‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬فلما َثقُلَ كنتُ أنفثُ عليه بنّ وأمس ُح بيد نفسه لبكتها‪ ،‬وف رواية‪ :‬كان إذا‬
‫اشتكى يقرأ على نفسه بالعوّذات وينفثُ‪ .‬قيل للزهري أحد رواة هذا الديث‪ :‬كيف ينفث؟ فقال‪:‬‬
‫ث على يديه ث يسحُ بما وجهه‪.‬‬ ‫كان ينف ُ‬

‫قلت‪ :‬وف الباب الحاديث الت تقدمت ف باب ما يُقرأ على العتوه‪ ،‬وهو قراءة الفاتة وغيها‪)3( .‬‬

‫‪ 2/347‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم وسنن أب داود وغيها‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛‬

‫‪146‬‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا اشتكى الِنسان الشيء منه‪ ،‬أو كانت قرحة أو جرح قال الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم بإصبعه هكذا ـ ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبّابته بالرض ث رفعها ـ وقال‪:‬‬
‫شفَى بِ ِه َسقِيمُنا بإ ْذنِ َربّنا"‪ .‬وف رواية‪" :‬تُ ْرَبةُ أرْضِنا وَرِي َق ُة َبعْضِنا"‪.‬‬
‫"بِسْمِ اللّ ِه تُ ْرَبةُ أرْضِنا بِرِي َقةِ َب ْعضِنا يُ ْ‬

‫قلت‪ :‬قال العلماء‪ :‬معن بريقة بعضنا‪ :‬أي ببُصاقه‪ ،‬والراد بُصاق بن آدم‪ .‬قال ابن فارس‪ :‬الريق ريق‬
‫الِنسان وغيه‪ ،‬وقد يؤنث فيقال ريقة‪ .‬وقال الوهري ف صحاحه‪ :‬الريقة أخصّ من الريق‪)4( .‬‬

‫‪ 3/348‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يُ َعوّذُ‬
‫ف أْنتَ الشّافِي‪ ،‬ل شِفاءَ إِلّ‬ ‫ب البأسَ‪ ،‬اشْ ِ‬ ‫ب النّاسِ أ ْذهِ ِ‬
‫سحُ بيده اليمن ويقول‪" :‬الّل ُهمّ رَ ّ‬
‫بعضَ أهله ي َ‬
‫ب النّاسِ‪ِ ،‬بيَ ِدكَ الشّفاءُ‪ ،‬ل‬
‫شِفاؤُ َك شِفاءً ل يُغا ِد ُر َسقَما" وف رواية‪ :‬كان يرقي‪ ،‬يقول‪" :‬امْسَ ِح الباسَ رَ ّ‬
‫كاشِفَ لَهُ إِلّ َأْنتَ"‪)5(.‬‬

‫‪ 4/349‬وروينا ف صحيح البخاري عن أنس رضي اللّه عنه أنه قال لثابت رحه اللّه‪ :‬أل أرقيك برُ ْقيَة‬
‫ف أنْتَ الشّافِي‪،‬‬
‫ب النّاسِ‪ ،‬مُ ْذ ِهبَ البأسِ‪ ،‬اشْ ِ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪" :‬الّلهُمّ رَ ّ‬
‫ت شِفاءً ل يُغا ِد ُر َسقَما" قلت‪ :‬معن ل يغادر‪ :‬أي ل يترك‪ ،‬والبأس‪ :‬الشدّة والرض‪)6( .‬‬ ‫ل شاِفيَ إِلّ َأنْ َ‬

‫‪ 5/350‬وروينا ف صحيح مسلم رحه اللّه‪ ،‬عن عثمان بن أب العاصي رضي اللّه عنه أنه شكا إل‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجعا يده ف جسده‪ ،‬فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ضَعْ‬
‫يَ َدكَ على الّذِي يأ ُل مِنْ جَسَ ِدكَ‪ ،‬وَقُلْ‪ :‬بِسْمِ اللّ ِه ثَلثا‪ ،‬وَُق ْل َسبْعَ َمرّاتٍ أعُو ُذ ِبعِ ّزةِ اللّ ِه وَقُدْ َرتِ ِه مِ ْن شَرّ ما‬
‫أجِ ُد وأُحاذِرُ"‪)7(.‬‬

‫‪ 6/351‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪ :‬عادن النبّ صلى اللّه‬
‫ف َسعْدا"‪)8(.‬‬ ‫ف َسعْدا‪ ،‬الّلهُ ّم اشْفِ َسعْدا‪ ،‬الّلهُ ّم اشْ ِ‬
‫عليه وسلم فقال‪" :‬الّلهُ ّم اشْ ِ‬

‫‪ 7/352‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‬

‫حضُرْ أجَلُهُ فَقا َل عِنْ َد ُه َسبْ َع مَرّاتٍ‪ :‬أسألُ اللّهَ‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ عا َد َمرِيضا لَ ْم َي ْ‬
‫شفِيكَ‪ ،‬إ ّل عافاهُ اللّ ُه ُسبْحَانَ ُه َوتَعال مِن ذلِك الَ َرضِ" قال الترمذي‪:‬‬ ‫ش العَظِي ِم أنْ يَ ْ‬
‫ب العَ ْر ِ‬
‫العَظِيمَ رَ ّ‬
‫حديث حسن‪ .‬وقال الاكم أبو عبد اللّه ف كتابه الستدرك على الصحيحي‪ :‬هذا حديث صحيح على‬
‫شرط البخاري‪ .‬قلت‪ :‬يَشفيك بفتح أوله‪)9( .‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ 8/353‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫ف عَبْ َد َك َينْكأ لَكَ عَ ُدوّا‪،‬‬


‫قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا جاءَ الرّجُ ُل َيعُو ُد مَرِيضا فَ ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُ ّم اشْ ِ‬
‫أوْ يَمْشي لَكَ إل صَلةٍ" ل يضعفه أبو داود‪ ،‬قلت‪ :‬يَنكأ بفتح أوله وهز آخره‪ ،‬ومعناه‪ :‬يؤله ويوجعه‪( .‬‬
‫‪)10‬‬

‫‪ 9/354‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ :‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬كنتُ شاكيا فمرّ ب رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم وأنا أقول‪ :‬اللّهمّ إن كان أجلي قد حضرَ فأرحن‪ ،‬وإنْ كا َن متأخرا فارفعن‪ ،‬وإن‬
‫كان بل ًء فصبّرن‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬كيْفَ قُ ْلتَ؟" فأعاد عليه ما قاله‪ ،‬فضربه‬
‫برجله وقال‪" :‬الّلهُ ّم عافِ ِه ـ أو اشْفِ ِه ـ" شك شعبة ـ قال‪ :‬فما اشتكيتُ وجعي بعدُ‪ .‬قال الترمذي‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح‪)11( .‬‬

‫‪ 10/355‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب سعيد الدريّ وأب هريرة رضي اللّه عنهما‬
‫أنما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬مَنْ قَالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَاللّهُ أ ْكبَرُ‪ ،‬صَدّقَهُ‬
‫َربّهُ‪ ،‬فَقالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ أنا وأنا أ ْكبَرُ؛ وَإذَا قالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ قالَ‪َ :‬يقُولُ‪ :‬ل إِلهَ إِ ّل أنا‬
‫ك وَلَ ُه الَمْدُ‪ ،‬قال‪ :‬ل إلهَ إِ ّل أنا ل الُلْكُ ولِي‬ ‫وَحْدِي ل َشرِيكَ ل؛ وَإذَا قالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ لَ ُه الُلْ ُ‬
‫الَمْدُ؛ وَ إِذَا قالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَل َح ْو َل وَل ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ‪ ،‬قالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ أنا وَل َحوْ َل وَل ُق ّوةَ إِلّ بِي"‬
‫وكان يقول "مَنْ قاَلهَا ف َمرَضِ ِه ثُ ّم مَات لَ ْم تَ ْطعَمْ ُه النّارُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)12( .‬‬

‫‪ 11/356‬وروينا ف صحيح مسلم وكتب الترمذي والنسائي وابن ماجه بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن‬
‫أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه؛أن جبيل أتى النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬يا مُحَمّدُ! ا ْشَتكَْيتَ؟‬
‫شفِيكَ‪،‬‬‫قال‪َ :‬نعَمْ‪ ،‬قال‪ :‬بِسْمِ اللّهِ أَرْقِيكَ‪ ،‬مِنْ كُ ّل َشيْ ٍء ُيؤْذِيكَ‪ ،‬مِ ْن شَرّ كُ ّل َن ْفسٍ أو َعيْنٍ حاسِدٍ‪ ،‬اللّ ُه يَ ْ‬
‫بِسْمِ اللّهِ أرْقِيكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)13( .‬‬

‫‪ 12/357‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن النبّ دخل على أعرا ّ‬
‫ب‬
‫يعوده قال‪ :‬وكان النبّ إذا دخل على مَن يعُودُه قال‪" :‬ل بأسَ طَهُو ٌر إنْ شاءَ اللّهُ"‪ ()14(.‬البخاري (‬
‫‪)5656‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ 13/358‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫دخل على أعرابّ يعودُه وهو مموم فقال‪َ " :‬كفّا َرٌة َو َطهُورٌ"‪)15(.‬‬

‫‪ 14/359‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن السن‪ ،‬عن أب أُمامة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫ف ُهوَ"‬‫ض أنْ َيضَعَ أ َحدُكُ ْم يَ َدهُ على َجْب َهتِ ِه أوْ على يَ ِدهِ َفيَسألَهُ َكيْ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬تَامُ عِيا َد ِة الَرِي ِ‬
‫هذا لفظ الترمذي‪ .‬وف رواية ابن السن "مِنْ تَمَامِ العِيادَة أ ْن َتضَ َع يَ َدكَ على الَرِيضِ َفَتقُولَ‪َ :‬كيْفَ‬
‫حتَ أوْ َكيْفَ َأمْسَْيتَ" قال الترمذي‪ :‬ليس إسناده بذاك‪)16( .‬‬ ‫صبَ ْ‬
‫أَ ْ‬

‫‪ 15/360‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن سلمان رضي اللّه عنه قال‪ :‬عادن رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫ك وَجِسْمِكَ‬
‫عليه وسلم وأنا مريض‪ ،‬فقال‪" :‬يا سَلْمانُ! َشفَى اللّ ُه َسقَمَكَ‪َ ،‬و َغفَرَ َذْنبَكَ‪ ،‬وَعافاكَ فِي ِدْينِ َ‬
‫إل مُ ّدةِ أجَلِكَ"‪()17(.‬ابن السن (‪ ، )553‬وإسناده ضعيف‪ ،‬فيه أبو خالد‪ :‬عمرو بن خالد‬
‫الواسطي‪ ،‬وهو ضعيف جدا‪ .‬انظر الفتوحات ‪).4/71‬‬

‫‪ 16/361‬وروينا فيه‪ ،‬عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال‪ :‬مرضت فكان رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم يعوّذن‪ ،‬فعّوذن يوما‪ ،‬فقال‪" :‬بِسْمِ اللّه الرّحْمَنِ الرّحِيمِ‪ُ ،‬أعِي ُذكَ باللّه الَحَ ِد الصّمَ ِد الّذِي لَمْ‬
‫جدُ‪ .‬فلما استقلّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قائما‬ ‫يَلِ ْد وَ ْل يُولَدْ ولَ ْم َيكُنْ لَهُ ُكفُوا أ َح ٌد مِ ْن شَ ّر ما تَ ِ‬
‫قال‪ :‬يا ُعثْمَانُ َت َعوّ ْذ بِها فَمَا َت َعوّ ْذتُ ْم بِ ِمثْلِها"‪)18(.‬‬

‫بابُ استحباب وصيّة أه ِل الريضِ َومَ ْن يَخدمه بالِحسانِ إِليه واحتمالِه والصبِ على ما يَشُقّ من أمْرِه‬
‫ص أو غيها‪.‬‬ ‫ب سببُ موته بدّ أو َقصَا ٍ‬ ‫وكذلك الوصيّة بن قَرُ َ‬

‫‪ 1/362‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عمران بن الصي رضي اللّه عنهما‪ ،‬أن امرأةً من جهينة أتت‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم وهي حُبلى من الزن‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول اللّه! أصبتُ حَدّا فأقمْه عليّ‪ ،‬فدعا‬
‫ض َعتْ فائتن ِبهَا" ففعلَ‪ ،‬فأم َر با النبّ صلى‬
‫نبّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وليّها فقال‪" :‬أحْسِنْ إَِليْها فإذَا وَ َ‬
‫ت عليها ثيابُها‪ ،‬ث أم َر با فرُجتْ ث صلّى عليها‪)1( .‬‬ ‫اللّه عليه وسلم فشُدّ ْ‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن به صُداعٌ أو ُحمّى أو غيهِما (‪()2‬ف ج ‪ :‬أو نوها ) "(ف ج ‪ :‬أو نوها )‬
‫"(ف ج ‪ :‬أو نوها ) " من الَوْجَاع‬

‫‪149‬‬
‫‪ 1/363‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم كان يعلّمهم من الوجاع كلّها ومن المّى أن يقول‪" :‬بِسْمِ اللّ ِه الكَبِيِ‪َ ،‬نعُوذُ باللّ ِه العَظِيمِ م ْن َشرّ‬
‫ق َنعّارٍ‪ ،‬وَم ْن َشرّ َح ّر النّارِ"‪)3(.‬‬
‫عِ ْر ٍ‬

‫وينبغي أن يَقرأ على نفسه الفاتة‪ ،‬وقل هو اللّه أحد‪ ،‬والعوّذتي وينفث ف يديه كما سبق بيانه‪ ،‬وأن‬
‫يدعو بدعاء الكرب الذي قدّمناه‪.‬‬

‫و"نعّار" من َنعَرَ العرق‪ :‬فار بالدم‪.‬‬

‫باب جواز َقوْل الريض‪ :‬أنا شدي ُد الوجَع‪ ،‬أو َموْعوكٌ‪ ،‬أو وَارأسَا ُه ونو ذلك‪ ،‬وبيانُ أنه ل كراهة‬
‫ف ذلك إذا ل يكن شيءٌ من ذلك على سبيل التّسَخّطِ وإظها ِر الَ َزعِ‬

‫‪ 1/364‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬دخلتُ‬
‫ستُه فقلت‪ :‬إنك لتُوعك وعكا شديدا‪ ،‬قال‪" :‬أجَلْ كما يُوعَكُ رَجُلنِ‬
‫ب وهو يُوعَكُ‪ ،‬فمس ْ‬
‫على الن ّ‬
‫ِمنْكُمْ"‪)4(.‬‬

‫‪ 2/265‬روينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪ :‬جاءن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يعودُن من وَ َج ٍع اشتدّ ب‪ ،‬فقلتُ‪ :‬بلغ ب ما ترى وأنا ذو مالٍ ول يرثن إل ابنت‪ .‬وذكرَ‬
‫الديث‪)5( .‬‬

‫‪ 3/366‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن القاسم بن ممد قال‪ :‬قالت عائشة رضي اللّه عنها‪:‬‬
‫وارأساه فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬بَ ْل أنا وارأساهُ" وذكر الديث‪ .‬هذا الديث بذا اللفظ‬
‫مرسل (‪)6‬‬

‫بابُ كراهية تنّي الوت لضُرّ نز َل بالِنسان وجوازُه إذا خاف فتنةً ف دينهِ‬

‫‪ 1/367‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ضرّ أصَابَهُ‪ ،‬فإنْ كا َن ل بُ ّد فا ِعلً َف ْلَيقُلْ‪ :‬الّلهُمّ أ ْحيِن ما كانَتِ‬
‫وسلم‪" :‬ل َيتَ َمّنيَنّ أَ َحدُكُ ُم ا َلوْتَ مِنْ ُ‬
‫الَياةُ َخيْرا ل‪َ ،‬وتَوَّفنِي إذَا كَاَنتِ الوَفاةُ َخيْرا لِي"‪)7(.‬‬

‫‪150‬‬
‫قال العلماء من أصحابنا وغيهم‪ :‬هذا إذا تن لض ّر ونوه‪ ،‬فإن تن الوت خوفا على دينه لفسادِ الزمان‬
‫ونو ذلك‪ :‬ل يكره‪.‬‬

‫بابُ استحبابِ دُعا ِء الِنسا ِن بأنْ يكونَ موتُه ف البلدِ الشريف‬

‫‪ 1/368‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عَ ْن أمّ الؤمني حفصة بنت عمر رضي اللّه عنهما قالت‪ :‬قال‬
‫عمر رضي اللّه عنه‪ :‬اللّهمّ ارزقن شهادة ف سبيلك‪ ،‬واجعلْ موت ف بلدِ رسولِك صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫فقلتُ‪ :‬أنّى يكونُ هذا؟ قال‪ :‬يأتين اللّه به إذا شاء‪)8( .‬‬

‫ب نفس (‪()9‬ف د ‪ :‬ف تطييب الّنفْس ( "(ف د ‪ :‬ف تطييب الّنفْس ( "(ف د ‪:‬‬
‫بابُ استحباب تَطْيي ِ‬
‫ف تطييب الّنفْس ( " الريضِ‬

‫‪ 1/369‬روينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه‬
‫ك ل يَ ُردّ‬‫قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا َدخَ ْلتُ ْم على مَرِيضٍ َفَنفّسُوا لَهُ فِي أَ َجلِهِ‪ ،‬فإنّ ذل َ‬
‫ب َنفْسَهُ" ويغن عنه حديث ابن عباس السابق (‪)10‬‬ ‫َشيْئا َويُ َطيّ ُ‬

‫بابُ الثّناءِ على الريضِ بحَاسِن أعمالِه ونوها إذا رأى منه خوفا ليذهبَ خوفُه ويُحَسّن ظنّه بربهِ‬
‫سبحانَه وتعَال‬

‫‪ 1/370‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أنه قال لعمر بن الطاب رضي‬
‫اللّه عنه حي ُطعِنَ وكان يُجزّعه‪ :‬يا أميَ الؤمني! ول كلّ ذلك‪ ،‬قد صحبتَ رسول اللّه فأحسنتَ‬
‫ك وهو عنك راضٍ‪،‬‬ ‫ك وهو عنك راضٍ‪ ،‬ث صحبتَ أبا بكر فأحسنتَ صحبتَه‪ ،‬ث فارقَ َ‬ ‫صحبتَه‪ ،‬ث فارقَ َ‬
‫ث صحبتَ السلمي فأحسنتَ صحبتهم‪ ،‬ولئن فارقتهم لتفارقنّهم وهم عنك راضون‪ ..‬وذكر تام‬
‫الديث‪ .‬وقال عمر رضي اللّه عنه‪ :‬ذلك مِ ْن مَنّ اللّه تعال‪.‬‬

‫‪ 2/371‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن شُماسة ـ بضم الشي وفتحها ـ قال‪ :‬حضرنا عمرو بن‬
‫العاص رضي اللّه عنه‪ ،‬وهو ف سِياقة الوت يَبكي طويلً‪ ،‬وحوّل وجهه إل الدار فجعل ابنه يقول‪ :‬يا‬
‫أبتاه‪ ،‬أما بَشّ َركَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكذا‪ ،‬أما بشّرك رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫بكذا‪ ،‬فأقبلَ بوجهه فقال‪ :‬إنّ أفضلَ ما ُنعِدّ شهادةَ أن ل إِلهَ إِلّ اللّه وأن ممدا رسولُ اللّه‪ ،‬ث ذكرَ تامَ‬
‫الديث‪)11( .‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ 3/372‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن القاسم بن ممد بن أب بكر رضي اللّه عنهم؛أن عائشة‬
‫رضي اللّه عنها اشتكت‪ ،‬فجاء ابن عباس رضي اللّه عنهما فقال‪ :‬يا أ ّم الؤمني! تقدَمي على فَرْطِ‬
‫صدق‪ :‬رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وأب بكر رضي اللّه عنه‪ .‬ورواه البخاري أيضا من رواية ابن‬
‫أب مُليكة أن ابن عباس استأذن على عائشة قبل موتا وهي مغلوبة‪ ،‬قالت‪ :‬أخشى أن يثن عليّ‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫ابن عمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من وجوه السلمي‪ ،‬قالت‪ :‬ائذنوا له‪ ،‬قال‪ :‬كيف تدينك؟‬
‫قالت‪ :‬بي إن اتقيتُ‪ ،‬قال‪ :‬فأنت بي إن شاء اللّه‪ :‬زوجة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ول ينكح‬
‫بِكرا غيك ونزلَ عذرُك من السماء‪()12( .‬مسلم (‪ (121‬و سياقة الوت ‪ :‬وقت حضور الجَل‪،‬‬
‫كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‪( ).‬البخاري (‪ (3770‬و (‪ . (3771‬و الفرط التقدم من‬
‫كل شيء‪(" ).‬مسلم (‪ (121‬و سياقة الوت ‪ :‬وقت حضور الجَل‪ ،‬كأن روحه تُساق لتخرج من‬
‫جسده‪( ).‬البخاري (‪ (3770‬و (‪ . (3771‬و الفرط التقدم من كل شيء‪(" ).‬مسلم (‪ (121‬و‬
‫سياقة الوت ‪ :‬وقت حضور الجَل‪ ،‬كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‪( ).‬البخاري (‪ (3770‬و (‬
‫‪ . (3771‬و الفرط التقدم من كل شيء‪(" ).‬مسلم (‪ (121‬و سياقة الوت ‪ :‬وقت حضور‬
‫الجَل‪ ،‬كأن روحه تُساق لتخرج من جسده‪( ).‬البخاري (‪ (3770‬و (‪ . (3771‬و الفرط‬
‫التقدم من كل شيء‪(").‬مسلم (‪ (121‬و"سياقة الوت"‪ :‬وقت حضور الجَل‪ ،‬كأن روحه تُساق‬
‫لتخرج من جسده‪( ).‬البخاري (‪ (3770‬و (‪ . (3771‬و"الفرط" التقدم من كل شيء‪).‬‬

‫بابُ ما جَاءَ ف تَشْهيةِ الريضِ‬

‫‪ 1/373‬روينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫شَتهِي شيئا؟ تشتهي َكعْكا؟" قال‪ :‬نعم‪،‬‬


‫دخل النبّ صلى اللّه عليه وسلم على رجلٍ يعودُه فقال "هَ ْل تَ ْ‬
‫فطلبه له‪)13( .‬‬

‫‪ 2/374‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫سقِيهِمْ" قال‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل ُتكْ ِرهُوا مَرْضَاكُمْ على الطّعامِ والشّرابِ‪ ،‬فإنّ اللّ َه يُ ْطعِ ُمهُ ْم َويَ ْ‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)14( .‬‬

‫بابُ طلبِ العوَّادِ الدّعاء من الريضِ‬

‫‪152‬‬
‫‪ 1/375‬روينا ف سنن ابن ماجه وكتاب ابن السن بإسناد صحيح أو حسن‪ ،‬عن ميمون بن مهران‪،‬‬
‫عن عمر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا َدخَ ْلتَ على مَرِيضٍ َفمُ ْرهُ‬
‫فَ ْليَ ْدعُ لَكَ‪ ،‬فإنّ ُدعَا َءهُ َكدُعاءِ الَلِئ َكةِ"‪ .‬لكن ميمون بن مهران ل يدرك عمر‪)15( .‬‬

‫ظ الريضِ بع َد عافيتِه وتذكيه الوفاءَ با عاهدَ اللّه تعال عليه من التوبة وغيِها‬
‫بابُ وَعْ ِ‬

‫سؤُولً}الِسراء‪ 34:‬وقال تعال‪{ :‬والُوفُونَ ِب َعهْ ِدهِمْ‬


‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَأوْفُوا بال َعهْدِ إِ ّن العَهْ َد كا َن مَ ْ‬
‫إذَا عاهَدُوا} البقرة‪ 177:‬الية‪ ،‬واليات ف الباب كثية معروفة‪.‬‬

‫‪ 1/376‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن خوّات بن جُبي رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬مرضتُ فعادَن رسولُ‬
‫ص ّح الِسْمُ يا َخوّاتُ‪ ،‬قلت‪ :‬وجسمُك يا رسول اللّه! قال‪ :‬فَفِ اللّه‬ ‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪َ " :‬‬
‫بِمَا َوعَ ْدتَهُ‪ ،‬فقلت‪ :‬ما وعدتُ اللّه عَ ّز وج ّل شيئا‪ ،‬قال‪ :‬بَلى إنّهُ ما م ْن َعبْ ٍد يَ ْم َرضُ إِلّ أ ْحدَثَ اللّ َه عَزّ‬
‫وَجَلّ َخيْرا‪ ،‬فَفِ اللّه بِمَا َوعَ ْدتَهُ"‪)16(.‬‬

‫بابُ ما يقولُه من َأِيسَ من حَياتِه‬

‫‪ 1/377‬روينا ف كتاب الترمذي وسنن ابن ماجه‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬رأيتُ رسولَ‬
‫ح فيه ماء‪ ،‬وهو يُدْخِلُ يدَه ف القدح ث يسحُ وجهَه‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بالوت وعنده قد ٌ‬
‫ت َو َسكَرَاتِ ا َلوْتِ"‪ ()17(.‬الترمذي (‪ ، (978‬وابن‬ ‫ت الَوْ ِ‬
‫بالاء‪ ،‬ث يقولُ‪" :‬الّلهُمّ أ ِعنّي على غَمَرَا ِ‬
‫ماجه (‪ ، (1623‬والنسائي ف اليوم والليلة (‪ ، (1093‬و غمرات الوت ‪ :‬شدائده‪ .‬و سكرات‬
‫الوت ‪ :‬جع َسكْرة‪ ،‬وهي شدّته الت تُفقد الوعي‪ (" ).‬الترمذي (‪ ، (978‬وابن ماجه (‪، (1623‬‬
‫والنسائي ف اليوم والليلة (‪ ، (1093‬و غمرات الوت ‪ :‬شدائده‪ .‬و سكرات الوت ‪ :‬جع َسكْرة‪،‬‬
‫وهي شدّته الت تُفقد الوعي‪ (" ).‬الترمذي (‪ ، (978‬وابن ماجه (‪ ، (1623‬والنسائي ف اليوم‬
‫والليلة (‪ ، (1093‬و غمرات الوت ‪ :‬شدائده‪ .‬و سكرات الوت ‪ :‬جع َسكْرة‪ ،‬وهي شدّته الت‬
‫تُفقد الوعي‪ (" ).‬الترمذي (‪ ، (978‬وابن ماجه (‪ ، (1623‬والنسائي ف اليوم والليلة (‪1093‬‬
‫( ‪ ،‬و غمرات الوت ‪ :‬شدائده‪ .‬و سكرات الوت ‪ :‬جع َسكْرة‪ ،‬وهي شدّته الت تُفقد الوعي‪(").‬‬
‫الترمذي (‪ ، (978‬وابن ماجه (‪ ، (1623‬والنسائي ف "اليوم والليلة" (‪ ، (1093‬و"غمرات‬
‫الوت"‪ :‬شدائده‪ .‬و"سكرات الوت"‪ :‬جع َسكْرة‪ ،‬وهي شدّته الت تُفقد الوعي‪).‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ 3/378‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬سعتُ النبّ صلى‬
‫لقْن بالرّفِي ِق العْلَى"‪.‬‬
‫اللّه عليه وسلم وهو مستندٌ إلّ يقول‪" :‬الّلهُمّ ا ْغفِرْ ل وَارْحَ ْمنِي وأ ِ‬

‫ويستحبّ أن يكثرَ من القرآن والذكار‪ ،‬ويُكره له الزع (‪ )18‬وسوء اللق‪ ،‬والشتم‪ ،‬والخاصمة‪،‬‬
‫والنازعة ف غي المور الدينية‪ ،‬ويُستحبّ أن يكونَ شاكرا للّه تعال بقلبه ولسانه‪ ،‬ويستحضر ف ذهنه‬
‫أن هذا آخ ُر أوقاتِه من الدنيا فيجتهدُ على ختمها بي‪ ،‬ويبادر إل أداء القوق إل أهلها‪ ،‬من ردّ الظال‬
‫والودائع والعواري‪ ،‬واستحلل أهله‪ :‬من زوجته‪ ،‬ووالديه‪ ،‬وأولده‪ ،‬وغلمانه‪ ،‬وجيانه‪ ،‬وأصدقائه‪ ،‬وكل‬
‫من كانت بينه وبينه معاملة أو مصاحبة‪ ،‬أو تعلّق ف شيء‪ .‬وينبغي أن يوصيَ بأمورِ أولدِه إن ل يكن لم‬
‫ج ّد يَصلحُ للولية‪ ،‬ويُوصي با ل يتمكن من فعله ف الال‪ :‬من قضاء بعض الديون ونو ذلك‪ .‬وأن‬
‫يكون حسنَ الظنّ باللّه سبحانه وتعال أنه يرحَه‪ ،‬ويستحضر ف ذهنه أنه حقي ف ملوقات اللّه تعال‪،‬‬
‫ب العف َو والِحسان والصفح (‪)19‬‬ ‫وأن اللّه تعال غنّي عن عذابه وعن طاعته‪ ،‬وأنه عبدُه‪ ،‬ول يطل ُ‬
‫والمتنان إل منه‪ .‬ويستحبّ أن يكون مُتعاهدا نفسه بقراءة آياتٍ من القرآن العزيز ف الرجاء‪ ،‬ويقرؤُها‬
‫بصوت رقيق‪ ،‬أو يقرؤُها له غيه وهو يستمع‪ .‬وكذلك يستقرىءُ أحاديثَ الرجال وحكاياتِ الصالي‬
‫وآثارَهم عند الوت‪ .‬وأن يكونَ خيُه مُتزايدا‪ ،‬ويافظ على الصلوات‪ ،‬واجتناب النجاسات‪ ،‬وغي ذلك‬
‫من وظائف الدين‪ ،‬ويصب على مشقة ذلك؛ وليحذ ْر من التساهل ف ذلك‪ ،‬فإن من أقبح القبائح أن‬
‫يكونَ آخِرُ عهده من الدنيا الت هي مزرعة الخرة التفريط فيما وجب عليه أو ندب إليه‪ .‬وينبغي له أن‬
‫ل يقبل قول من يذله عن شيء ما ذكرناه‪ ،‬فإن هذا ما يُبتلى به‪ ،‬وفاعل ذلك هو الصديق الاهل العدوّ‬
‫الفيّ فل يقبل تذيله‪ ،‬وليجتهد ف ختم عمره بأكمل الحوال‪ .‬ويستحبّ أن يوصي أهله وأصحابه‬
‫بالصب عليه ف مرضه‪ ،‬واحتمال ما يصدر منه‪ ،‬ويوصيهم أيضا بالصب على مصيبتهم به‪ ،‬ويتهد ف‬
‫وصيتهم بترك البكاء عليه‪ ،‬ويقول لم‪ :‬صحّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬ا َلّيتُ ُيعَذّبُ‬
‫ِببُكا ِء أهْلِ ِه عََليْهِ " (‪)20‬‬

‫ودلئل ما ذكرته ف هذا الباب معروفة مشهورة حذفتها اختصارا فإنا تتمل كراريس‪ .‬وإذا حضره‬
‫النعُ فليكثرْ من قول‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّه‪ .‬لتكون آخ َر كلمِه‪( .‬البخاري (‪ ، (4440‬ومسلم (‪(2444‬‬
‫‪ ،‬والوطأ ‪1/238‬ـ ‪ ،239‬والترمذي (‪ ، (3490‬وهو ف السند ‪>").6/89‬‬

‫‪154‬‬
‫‪ 3/379‬فقد روينا ف الديث الشهور ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه‬
‫لّنةَ" قال الاكم‬
‫قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ " :‬مَنْ كَان آخِرَ كَلمِه ل إِلهَ إِلّ اللّهُ دَخَ َل ا َ‬
‫أبو عبد اللّه ف كتابه الستدرك على الصحيحي‪ :‬هذا حديث صحيح الِسناد‪.‬‬

‫(‪)21‬‬

‫‪ 4/30‬وروينا ف صحيح مسلم وسنن أب داود والترمذي والنسائي وغيها‪ ،‬عن أب سعيد الدري‬
‫رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬ل ّقنُوا َموْتاكُمْ ل إِلهَ إِلّ اللّه" قال الترمذي‪:‬‬
‫هذا حديث حسن صحيح‪ .‬ورويناه ف صحيح مسلم أيضا من رواية أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫قال العلماء‪ :‬فإن ل يقل هو "ل إِله إِلّ اللّه" لقّنه مَنْ حضرَه‪ ،‬ويلقنه برفق مافةَ أن يضجرَ فيدّها (‬
‫‪ ، )22‬وإذا قالا مرّة ل يُعيدها عليه إل أن يتكلم بكلم آخر‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬ويستحبّ أن يكون اللقن‬
‫ت ويتّهمه‪.‬‬ ‫ج الي َ‬‫حرِ َ‬
‫ث متّهم‪ ،‬لئل يُ ْ‬
‫غي وار ٍ‬

‫واعلم أن جاعة من أصحابنا قالوا‪ُ :‬نَلقّ ُن ونقولُ (‪)23‬‬

‫ل إِله إلّ اللّه ممد رسول اللّه‪ ،‬واقتصر المهور على قول ل إِله إِلّ اللّه‪ ،‬وقد بسطتُ ذلك بدلئله‬
‫وبيان قائليه ف كتاب النائز من شرح الهذّب‪.‬‬

‫فائدة‪:‬‬

‫قال القرطب "صاحب كتاب الفهم شرح صحيح مسلم"‪ :‬ف تشديد الوت على النبياء فائدتان‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬تكميل فضائلهم ورفع درجاتم وليس ذلك نقصا ول عذابا‪ ،‬بل هو كما جاء "إن أشد الناس‬
‫بلءً النبياء‪ ،‬ث المثل فالمثل"‪ .‬والثانية‪ :‬أن يعرف اللقُ مقدار أل الوت‪ ،‬فقد يطلع الِنسان على‬
‫بعض الوتى ول يرى عليه حركة ول قلقا ويرى سهولة خروج روحه‪ ،‬فيظن المر سهلً ول يعرفُ ما‬
‫اليتُ فيه‪ ،‬فلما ذك َر النبياءُ الصادقون شدّة الوت مع كرامتهم على اللّه سبحانه‪ ،‬قطعَ الل ُق بشدة‬
‫الوت الذي يقاسيه اليت مطلقا؛ لِخبار الصادق عنه ما خل الشهيد قتيل الكفّار على ما ثبت ف‬
‫الديث‪)24( .‬‬

‫‪155‬‬
‫بابُ ما يقولُه بعد تَغميضِ اليّت‬

‫‪ 1/381‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ُأمّ سلمة‪ ،‬واسها هند رضي اللّه عنها‪ ،‬قالت‪ :‬دخلَ رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وآله وسلم على أب سلمة وقد شَقّ بصرُه‪ ،‬فأغمضَه ث قال‪" :‬إن الرّوحَ إذَا ُقِبضَ تَبعَهُ‬
‫خيْرٍ‪ ،‬فإنّ الَلئِ َك َة يُؤمّنُونَ على ما‬
‫الَبصَرُ‪ ،‬فَضجّ ناسٌ من أهلِه‪ ،‬فقال‪ :‬ل تَ ْدعُوا على أنْفُسكُمْ إِ ّل بِ َ‬
‫َتقُولُونَ‪ ،‬ث قال‪ :‬الّلهُ ّم ا ْغفِرْ َلبِي سََلمَة‪ ،‬وَارْفَعْ دَ َر َجتَهُ ف ا َلهْ ِديّيَ‪ ،‬وَاخُْلفْهُ ف َع ِقبِهِ ف الغَابِرِينَ‪ ،‬وَا ْغفِرْ‬
‫لَنا وَلَهُ يا رَبّ العالَمِيَ‪ ،‬وَافْسحْ لَهُ فِي َقبْ ِر ِه َوَنوّرْ لَهُ فِيهِ" قلت‪ :‬قولا "شقّ بصرُه" هو بفتح الشي‪،‬‬
‫وبصرُه برفع الراء فاعل شقّ‪ ،‬هكذا الرواية فيه باتفاق الفاظ وأهل الضبط‪ .‬قال صاحب الفعال‪ :‬يُقال‬
‫شقّ بصرُ اليت‪ ،‬ش ّق اليتُ بصرَه‪ :‬إذا شخص‪)25( .‬‬

‫‪ 2/382‬وروينا ف سنن البيهقي بإسناد صحيح‪ ،‬عن بكر بن عبد اللّه التابعي الليل قال‪:‬‬

‫إذا أغمضتَ الّيتَ فقل‪ :‬بسمِ اللّه‪ ،‬وعلى مّلةِ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وإذا حلته فقل‪ :‬بسم‬
‫اللّه‪ ،‬ث سبّحْ ما دمتَ تملُه‪)26( .‬‬

‫بابُ ما يُقا ُل عن َد اليّت‬

‫‪ 1/383‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ض ْرتُمُ الَرِيضَ َأوِ ا َليّتَ َفقُولُوا َخيْرا‪ ،‬فإ ّن الَلئ َكةَ ُي َؤ ّمنُونَ على ما َتقُولُونَ" قالت‪ :‬فلما‬ ‫وسلم‪" :‬إذَا َح َ‬
‫مات أبو سلمة أتيتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقلتُ‪ :‬يا رسولَ اللّه! إن أبا سلمةَ قد ماتَ‪ ،‬قال‪ :‬قُول‪:‬‬
‫سَنةً" فقلتُ‪ ،‬فأعقبن اللّه مَن هو خيٌ ل منه‪ :‬ممدا صلى اللّه‬ ‫"الّلهُ ّم اغْفِرْ ل وَلَهُ‪ ،‬وَأ ْع ِقْبنِي ِمنْهُ ُع ْقبَى حَ َ‬
‫عليه وسلم‪ .‬قلتُ‪ :‬هكذا وقع ف صحيح مسلم‪ ،‬وف الترمذي‪".‬إذَا َحضَ ْرتُ ُم الَرِيضَ" أوِ "ا َلّيتَ" على‬
‫الشكّ‪ .‬وروينا ف سنن أب داود وغيه "الّيتَ" من غي شك‪)27( .‬‬

‫‪ 2/384‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬عن معقل بن يسار الصحاب رضي اللّه عنه؛‬

‫أن النب صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬اقْ َرؤُوا يس على َموْتاكُمْ" قلت‪ :‬إسناده ضعيف‪ ،‬فيه مهولن‪ ،‬لكن‬
‫ل يضعفه أبو داود‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫وروى ابن أب داود‪ ،‬عن مُجالد‪ ،‬عن الشعبّ قال‪ :‬كانت النصارُ إذا َحضَرُوا قرؤوا عند اليت سورة‬
‫البقرة‪ .‬مُجالد ضعيف‪)28( .‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن مَاتَ له ميّت‬

‫‪ 1/385‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬ما مِ ْن َعبْ ٍد تُصيبُ ُه ُمصِيَبةٌ َفَيقُولُ‪ :‬إنّا لِلّ ِه وإنّا إِلَيْهِ رَا ِجعُونَ؛ الّلهُمّ أجُ ْرنِي فِي ُمصِيبَت‬
‫وأخْلِفْ ل َخيْرا ِمنْها إلّ َأجَ َرهُ اللّ ُه تَعال ف ُمصِيبَتِهِ وأخْلَفَ لَهُ َخيْرا ِمنْها"‪ ،‬قالت‪ :‬فلما توف أبو سلمة‬
‫قلت كما أمرن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فأخلف اللّه تعال ل خيا منه‪ :‬رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪)29( .‬‬

‫‪ 2/386‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أُم سلمة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫سبُ مُصِيبَتِي فأْجُ ْرنِي‬
‫وسلم‪":‬إِذَا أصَابَ أحَدَ ُك ْم ُمصِيَبةٌ َف ْلَيقُلْ‪ :‬إِنّا لِلّهِ وإنّا إَِليْهِ رَا ِجعُونَ‪ ،‬الّلهُ ّم ِعنْ َدكَ أ ْحتَ ِ‬
‫فِيها وأبْدِْلنِي بِها َخيْرا مِنها"‪)30(.‬‬

‫‪ 3/387‬وروينا ف كتاب الترمذي وغيه‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه أن رسول اللّه‬
‫ضتُ ْم وَلَ َد َعبْدِي؟ َفيَقولونَ‪:‬‬‫ت وَلَ ُد ال َعبْدِ قالَ اللّ ُه تَعال ِلمَلئكَتهِ‪َ :‬قَب ْ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا ما َ‬
‫ضتُمْ ثَمَ َرةَ فُؤا ِدهِ؟ فيقولونَ‪َ :‬نعَمْ‪َ ،‬فيَقولُ‪ :‬فَماذا قا َل َعبْدِي؟ َفَيقُولُونَ‪ :‬حَ ِم َدكَ وَا ْستَرْجَعَ‪،‬‬ ‫َنعَمْ‪َ :‬فيَقولُ‪َ :‬قَب ْ‬
‫ت الَمْدِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)31( .‬‬ ‫لّنةِ َوسَمّو ُه َبيْ َ‬ ‫َفَيقُولُ اللّ ُه تَعال‪ :‬اْبنُوا ِل َعبْدي بَيْتا ف ا َ‬

‫‪ 4/388‬وف معن هذا ما رويناه ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه‬
‫ص ِفيّ ُه مِنْ َأهْلِ‬
‫ضتُ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬يقُولُ اللّ ُه تَعال‪ ،‬ما ِل َعبْدِي الُ ْؤمِ ِن ِعنْدِي َجزَاءٌ إِذَا َقَب ْ‬
‫لّنةُ"‪)32(.‬‬ ‫سبَهُ إِ ّل ا َ‬
‫ال ّدنْيا ثُمّ ا ْحتَ َ‬

‫بابُ ما يقولُه مَ ْن بََلغَ ُه َموْتُ صَا ِحبِهِ‬

‫‪ 1/389‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬الَوْتُ فَ َزعٌ‪ ،‬فإذَا بَلَغَ أحَدَ ُك ْم وَفاةُ أخِيهِ َف ْليَقُلْ‪ِ( :‬إنَّا لِلّ ِه وإنّا إَِليْهِ رَا ِجعُونَ‪َ ،‬وِإنّا إل َربّنا‬
‫سنِيَ‪ ،‬وَا ْجعَلْ كِتابَهُ فِي عِّليّيَ‪ ،‬وَاخُْلفْهُ فِي َأهْلِهِ فِي الغابِرِينَ‪ ،‬وَل‬ ‫لَ ُمْنقَلِبونَ( الّلهُ ّم ا ْكتُبْ ُه ِعنْ َدكَ فِي الْمُحْ ِ‬
‫تَحْ ِرمْنا أ ْج َرهُ وَ َل َت ْفتِنّا َبعْ َدهُ"‪)33(.‬‬

‫‪157‬‬
‫بابُ ما يقولُه إذا بلَغه موتُ عد ّو الِسلم‬

‫‪ 1/390‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬أتيتُ رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم فقلتُ‪ :‬يا رسولَ اللّه! قد قتلَ اللّه ع ّز وج ّل أبا جهلٍ‪ ،‬فقال‪" :‬الَمْدُ لِلّهِ الّذِي نَصَ َر َعبْ َد ُه وَ‬
‫أعَزّ دِينَهُ"‪)34(.‬‬

‫بابُ تر ِي النيا َح ِة على الّيتِ وال ّدعَا ِء بدعوَى الاهليّة‬

‫أجعت ال ّمةُ على تري النياحة‪ ،‬والدعاء بدعوى الاهلية‪ ،‬والدعاء بالويل والثبور عند الصيبة‪.‬‬

‫‪ 1/391‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫س ِمنّا مَنْ لَ َط َم الُدُودَ‪َ ،‬وشَ ّق الُيُوبَ‪ ،‬وَدَعا بِ َد ْعوَى الاهِِلّيةِ" وف رواية‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لْي َ‬
‫لسلم "أوْ دَعا أ ْو شَقّ" بأو‪)35( .‬‬

‫‪ 2/392‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم برىء من الصالقة والالقة والشاقة‪.‬‬

‫قلت‪ :‬الصالقة‪ :‬الت ترفع صوتا بالنياحة؛ والالقة‪ :‬الت تلق شعرها عند الصيبة؛ والشاقة‪ :‬الت تش ّق‬
‫ثيابا عند الصيبة‪ ،‬وكل هذا حرام باتفاق العلماء‪ ،‬وكذلك يرم نشر الشعر ولطم الدود وخش الوجه‬
‫والدعاء بالويل‪)36( .‬‬

‫‪ 3/393‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن ُأ ّم عطيةَ رضي اللّه عنها قالت‪ :‬أخذَ علينا رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ف البيعة أن ل ننوح‪)37( .‬‬

‫‪ 4/394‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ب وَالنّيا َحةُ على ا َليّتِ"‪()38(.‬مسلم (‪، (67‬‬ ‫وسلم‪" :‬اْثنَتانِ فِي النّاسِ هُمَا ِبهِمْ ُكفْرٌ‪ :‬ال ّطعْنُ ف النّسَ ِ‬
‫والترمذي (‪(" . (1001‬مسلم (‪ ، (67‬والترمذي (‪(" . (1001‬مسلم (‪ ، (67‬والترمذي (‬
‫‪(" . (1001‬مسلم (‪ ، (67‬والترمذي (‪(". (1001‬مسلم (‪ ، (67‬والترمذي (‪. (1001‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ 5/395‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪ :‬لعن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم النائحة والستمعة‪.‬‬

‫واعلم أن النياحة‪ :‬رفع الصوت بالندب‪ ،‬والندب‪ :‬تعديد النادبة بصوتا ماسن اليت‪ ،‬وقيل‪ :‬هو البكاء‬
‫عليه مع تعديد ماسنه‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬ويرم رفع الصوت بإفراط ف البكاء‪.‬‬

‫وأما البكاء على اليت من غي ندب ول نياحة فليس برام‪)39( .‬‬

‫‪ 6/396‬فقد روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحن بن عوف وسعد بن أب وقاص وعبد اللّه بن‬
‫مسعود‪ ،‬فبكى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فلما رأى القو ُم بكاءَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ب ِبهَذَا َأ ْو يَرْ َحمُ‪،‬‬
‫ب َكوْا‪ ،‬فقال‪" :‬أل تَسْ َمعُونَ إنّ اللّ َه ل ُيعَذّبُ بِ َدمْ ِع ال َعيْ ِن ول بِحُ ْز ِن القَ ْلبِ‪ ،‬وََلكِ ْن ُيعَذّ ُ‬
‫وأشار إل لسانه صلى اللّه عليه وسلم"‪)40(.‬‬

‫‪ 7/397‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أُسامة بن زيد رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم رُِف َع إليه اب ُن ابنته وهو ف الوت‪ ،‬ففاضت عينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال له سعد‪ :‬ما‬
‫ب ِعبَا ِدهِ‪ ،‬وإنَا يَرْ َحمُ اللّ ُه تَعال مِ ْن عِبا ِدهِ‬
‫هذا يا رسول اللّه؟! قال‪" :‬هَ ِذهِ رَ ْح َمةٌ َجعَلَها اللّ ُه تَعال ف قُلو ِ‬
‫الرّحَماءَ"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬الرحاء‪ :‬رُوي بالنصب والرفع‪ ،‬فالنصبُ على أنه مفعول يرحم‪ ،‬والرفع على أنه خب إنّ‪ ،‬وتكون‬
‫ما بعن الذي‪)41( .‬‬

‫‪ 8/398‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ت عينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬ ‫دخل على ابنه إبراهيم رضي اللّه عنه وهو يود بنفسه‪ ،‬فجعل ْ‬
‫تذرفان‪ ،‬فقال له عبد الرحن بن عوف‪ :‬وأنت يا رسولَ اللّه؟! فقال‪" :‬يا بْ َن َعوْفٍ! ِإنَها رَحْ َمةٌ" ث‬
‫ك يا‬
‫ح َزنُ‪ ،‬وَ َل َنقُولُ إِ ّل ما يُرْضِي َربّنا‪ ،‬وَإنّا ِبفِرَاقِ َ‬
‫ب يَ ْ‬
‫أتبعها بأخرى فقال‪" :‬إنّ ال َعيْنَ تَ ْدمَعُ‪ ،‬وَالقَ ْل َ‬
‫ِإبْرَاهِيمُ لَ َمحْزُونُونَ" والحاديث بنحو ما ذكرته كثية مشهورة‪.‬‬

‫وأما الحاديث الصحيحة‪ :‬أن اليت يعذب ببكاء أهله عليه‪ ،‬فليست على ظاهرها وإطلقها‪ ،‬بل هي‬
‫مؤوّلة واختلف العلماء ف تأويلها على أقوال‪ :‬أظهرها ـ واللّه أعلم ـ أنا ممولة على أن يكون له‬

‫‪159‬‬
‫سبب ف البكاء إما بأن يكون أوصاهم به‪ ،‬أو غي ذلك‪ ،‬وقد جعت كل ذلك أو معظمه ف كتاب‬
‫النائز من شرح الهذب‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬ويوز (‪)42‬‬

‫بابُ الّتعْ ِزيَة‬

‫‪ 1/399‬روينا ف كتاب الترمذي والسنن الكبى للبيهقي‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه عن‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن عَزّى مُصَابا فَلَ ُه ِمثْلُ أَ ْج ِرهِ" وإسناده ضعيف‪)43( .‬‬

‫‪ 2/400‬وروينا ف كتاب الترمذي أيضا‪ ،‬عن أب برزة السلمي رضي اللّه عنه عن النبّ صلى اللّه‬
‫سيَ ُبرْدا ف الَّنةِ" قال الترمذي‪ :‬ليس إسناده بالقويّ‪)44( .‬‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن عَزّى ثَكْلَى كُ ِ‬

‫‪ 3/401‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما حديثا‬
‫ك يَا فاطِ َم ُة مِ ْن َبيْتكِ؟"‬
‫طويلً فيه أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال لفاطمة رضي اللّه عنها‪" :‬ما أخْ َرجَ ِ‬
‫ت إليهم ميّتهم أو ع ّزْيتُهم به‪)45( .‬‬
‫قالَت‪ :‬أتيتُ أهلَ هذا اليت فترح ُ‬

‫‪ 4/402‬وروينا ف سنن ابن ماجه والبيهقي‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن عمرو بن حزم رضي اللّه عنه‬

‫صيَْبتِهِ إِلّ كَساهُ اللّ ُه عَ ّز وَجَ ّل مِنْ حُلَلِ‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما مِ ْن ُم ْؤمِ ٍن ُيعَزّي أخا ُه بِ ُم ِ‬
‫الكَرَا َم ِة َيوْ َم القِيا َمةِ"‪)46(.‬‬

‫واعلم أن التعزية هي التصبي وذكر ما يسلّي صاحب اليت ويفّف حزنه ويهوّن مصيبته وهي مستحبة‪،‬‬
‫فإنا مشتملة على المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وهي داخلة أيضا ف قول اللّه تعال‪َ { :‬وتَعاوَنُوا‬
‫على البِ ّر والتَّ ْقوَى} وهذا من أحسن ما يُستدلّ به ف التعزية‪ .‬وثبت ف الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬وَاللّهُ فِي َعوْ ِن ال َعبْ ِد ما كانَ ال َعبْدُ ف َعوْن أخيه" (‪)47‬‬

‫واعلم أن التعزية مستحبّة قبل الدفن وبعده‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬يدخل وقت التعزية من حي يوت ويبقى إل‬
‫ثلثة أيام بعد الدفن‪ .‬والثلثة على التقريب ل على التحديد‪ ،‬كذا قاله الشيخ أبو ممد الوين من‬
‫أصحابنا‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬وتُكره التعزية بعد ثلثة أيام‪ ،‬لن التعزية لتسكي قلب الُصاب‪ ،‬والغالب‬
‫سكون قلبه بعد الثلثة‪ ،‬فل يدّد له الزن‪ ،‬هكذا قاله الماهي من أصحابنا‪ .‬وقال أبو العباس بن القاص‬

‫‪160‬‬
‫من أصحابنا‪ :‬ل بأس بالتعزية بعد الثلثة‪ ،‬بل يبقى أبدا وإن طال الزمان؛ وحكى هذا أيضا إمام الرمي‬
‫عن بعض أصحابنا‪ ،‬والختار أنا ل تفعل بعد ثلثة أيام إل ف صورتي استثناها أصحابنا أو جاعة‬
‫منهم‪ ،‬وها إذا كان العزّي أو صاحب الصيبة غائبا حال الدفن واتفق رجوعه بعد الثلثة‪ .‬قال أصحابنا‪:‬‬
‫التعزية بعد الدفن أفضل منها قبله‪ ،‬لن أهل اليت مشغولون بتجهيزه‪ ،‬ولن وحشتهم بعد دفنه لفراقه‬
‫أكثر‪ ،‬هذا إذا ل ي َر منهم جزعا شديدا‪ ،‬فإن رآه قدّم التعزية ليسكّنهم‪ ،‬واللّه تعال أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويستحبّ أن يعمّ بالتعزية جيعَ أهل اليت وأقاربه الكبار والصغار والرجال والنساء‪ ،‬إل أن‬
‫تكون امرأ ًة شاّبةً فل يعزّيها إل مارمُها‪ .‬وقال أصحابنا‪ :‬وتعزي ُة الصلحاء والضعفاء على احتمال الصيبة‬
‫والصبيان آكد‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قال الشافعي وأصحابنا رحهم اللّه‪ :‬يُكره اللوس للتعزية‪ .‬قالوا‪ :‬ويعن باللوس أن يتم َع‬
‫أهلُ اليت ف بيت ليقصدَهم مَن أراد التعزية‪ ،‬بل ينبغي أن َيتَصرّفوا ف حوائجهم ول فرقَ بي الرجال‬
‫ح به الحاملي‪ ،‬ونقله عن نصّ الشافعي رضي اللّه عنه‪ ،‬وهذه كراهةُ‬ ‫والنساء ف كراهة اللوس لا‪ ،‬صرّ َ‬
‫تنيه إذا ل يكن معها مُحدَثٌ آخر‪ ،‬فإن ضُ ّم إليها أمرٌ آخر من البدع الحرمة كما هو الغالب منها ف‬
‫العادة كان ذلك حراما من قبائح الحرمات فإنه ُمحَدَث‪ ،‬وثبت ف الديث الصحيح‪" :‬إنّ ك ّل مُحدَثٍ‬
‫بِدْعة‪ ،‬وك ّل بدعةٍ ضَللة" (رواه مسلم (‪ (867‬عن جابر رضي اللّه عنهما‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وأما لفظ ُة التعزية فل حج َر فيه‪ ،‬فبأيّ لفظ عزّاه حصلت‪ .‬واستحبّ أصحابُنا أن يقول ف‬
‫تعزية السلم بالسلم‪ :‬أعْظَمَ اللّهُ أجْ َركَ‪ ،‬وأحْسَ َن عَزَا َءكَ‪َ ،‬و َغفَ َر َليّتِكَ‪ .‬وف السلم بالكافر‪ :‬أعظم اللّه‬
‫أجرَك‪ .‬وأحسن عزاءَك‪ .‬وف الكافر بالسلم‪ :‬أَحسن اللّه عزاءك‪ ،‬وغفر ليّتك‪ .‬وف الكافر بالكافر‪ :‬أخلف‬
‫اللّه عليك‪)48(.‬‬

‫وأحسن ما يُعزّى به‪:‬‬

‫‪ 5/403‬ما روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أُسامة بن زيد رضي اللّه عنهما قال‪ :‬أرسل ْ‬
‫ت‬
‫إحدى بنات النبّ صلى اللّه عليه وسلم إليه تدعوه وتبه أ ّن صبيا لا أو ابنا ف الوت‪ ،‬فقال للرسول‪" :‬‬
‫ارْجعْ إَليْها فأخْبْها أنّ ِللّ ِه تَعال ما أخَ َذ وَلَ ُه ما أعْطَى‪ ،‬وكُ ّل َشيْ ٍء ِعنْدَ ُه بأجَ ٍل مُسَمّى‪ ،‬ف ُمرْها َف ْلَتصْبْ‬
‫حتَسبْ" وذكر تام الديث‪)49( .‬‬ ‫وَْلتَ ْ‬

‫‪161‬‬
‫قلت‪ :‬فهذا الديث من أعظم قواعد الِسلم‪ ،‬الشتملة على مهمات كثية من أصول الدين وفروعه‪،‬‬
‫والداب‪ ،‬والصب على النوازل كلّها‪ ،‬والموم والسقام وغي ذلك من العراض‪ .‬ومعن "أن للّه تعال ما‬
‫أخذ" أن العال كله ملك للّه تعال‪ ،‬فلم يأخذ ما هو لكم‪ ،‬بل أخذ ما هو له عندكم ف معن العارية؛‬
‫ومعن "وله ما أعطى" أن ما وهبه لكم ليس خارجا عن ملكه‪ ،‬بل هو له سبحانه يفعل فيه مايشاء‪ ،‬وكل‬
‫شيء عنده بأجلٍ مسمّى فل تزعوا‪ ،‬فإن من قبضه قد انقضى أجَله السمى‪ ،‬فمُحال تأخره أو تقدّمخ‬
‫عنه‪ ،‬فإذا علمتم هذا كله فاصبوا واحتسبوا ما نزل بكم‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪ 6/404‬وروينا ف كتاب النسائي بإسناد حسن‪ ،‬عن معاوية بن قرّة بن إياس‪ ،‬عن أبيه رضي اللّه‬
‫عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقدَ بعضَ أصحابه فسأل عنه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول اللّه! ُبَنيّهُ الذي رأيته‬
‫هلك‪ ،‬فلقيه النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فسأله عن بنيّه فأخبه بأنه هلك‪ ،‬فعزّاه عليه ث قال‪" :‬يا فُلنُ!‬
‫لّنةِ إِ ّل وَجَ ْدتَهُ قَ ْد َسَبقَكَ إَِليْهِ‬
‫أيّمَا كانَ أ َحبّ إَليْكَ‪َ :‬أ ْن تَ َمتّ َع بِهِ عُ ُم َركَ‪ ،‬أوْ ل تَأتِي غَدا بابا مِ ْن أْبوَابِ ا َ‬
‫َيفْتَحُهُ لَكَ‪ ،‬قال‪ :‬يا نبّ اللّه! بل يسبقن إل النة فيفتحها ل لو أحبّ إلّ‪ ،‬قال‪َ :‬فذَلِكَ لَكَ"‪)50(.‬‬

‫وروى البيهقي بإسناده ف مناقب الشافعي (‪ )51‬اللّه؛ أن الشافعي بلغه أن عبد الرحن بن مهدي رحه‬
‫ث إليه الشافعي رحه اللّه‪ :‬يا أخي ع ّز نفسك‬
‫ع عليه عبد الرحن جزعا شديدا‪ ،‬فبع َ‬‫اللّه مات له ابن فجَز َ‬
‫با َتعَزّى به غيُك‪ ،‬واستقبحْ من فعلك ما تستقبحُه من فعل غيك‪ .‬واعلم أن أمضّ الصائب فقدُ سرورٍ‬
‫وحرمانُ أجر‪ ،‬فكيف إذا اجتمعا مع اكتِساب وزر؟ فتناول حظّكَ يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبَه‬
‫وقد نأى عنك‪ ،‬ألمك اللّهُ عند الصائب صبا‪ ،‬وأحر َز لنا ولك بالصب أجرا‪ ،‬وكتب إليه‪:‬‬

‫إنّي ُمعَزّيكَ ل أن على ِث َقةٍ * مِ َن الُلُو ِد وََلكِ ْن ُسّنةُ الدّينِ‬

‫ق َبعْ َد َميّتِهِ * وَل ا ُلعَزّي وََلوْ عاشا إل حِيِ‬


‫فَمَا ا ُلعَزّى بِبا ٍ‬

‫وكتبَ رجلٌ إل بعض إخوانه يعزّيه بابنه‪ :‬أما بعد‪ ،‬فإنّ الول َد على والده ما عاش حُ ْز ٌن وفتنة‪ ،‬فإذا قدّمه‬
‫فصلة ورحة‪ ،‬فل تزعْ على ما فاتك من حزنه وفتنته‪ ،‬ول تضيّع ما عوّضك اللّه عزّوجلّ من صلته‬
‫ورحته‪.‬‬

‫وقال موسى بن الهدي لِبراهيم بن سال وعزّاه بابنه‪ :‬أسَرّك وهو بليّة وفتنة‪ ،‬وأحزنَك وهو صلوات‬
‫ورحة؟!‬

‫‪162‬‬
‫وعزّى رجلٌ فقال‪ :‬عليك بتقوى اللّه والصب‪ ،‬فبه يأخذ الحتسب‪ ،‬وإليه (‪)52‬‬

‫وعن ابن ُج َريْجٍ رحه اللّه قال‪ :‬من ل يتع ّز عند مصيبته بالجر والحتساب‪َ ،‬سلَ كما تَسْلُو البهائم‪.‬‬

‫وعن حُميد العرج قال‪ :‬رأيت سعيدَ بن جُبي رحه اللّه يقول ف ابنه ونظر إليه‪ :‬إن لعلم خي خلّة فيه‪،‬‬
‫قيل‪ :‬ما هي؟ قال‪ :‬يوت فأحتسبه‪.‬‬

‫وعن السن البصري رحه اللّه أن رجلً َجزِع على ولده وشكا ذلك إليه‪ ،‬فقال السن‪ :‬كان ابنك‬
‫ب عنك غيبة ال ْجرُ‬
‫يغيب عنك؟ قال‪ :‬نعم كانت غيبته أكثر من حضوره‪ ،‬قال‪ :‬فاتركه غائبا فإنه ل يغ ْ‬
‫لك فيها أعظم من هذه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا سعيد! هوّنت عنّي وجْدي على ابن‪.‬‬

‫وعن ميمون بن مهران قال‪ :‬عزّى رجل عم َر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه على ابنه عبد اللك رضي اللّه‬
‫عنه‪ ،‬فقال عمر‪ :‬المر الذي نزل بعبد اللك أم ٌر كنّا نعرفه‪ ،‬فلما وقع ل ننكره‪ .‬وعن بشر بن عبد اللّه‬
‫قال‪ :‬قام عمر بن عبد العزيز على قب ابنه عبد اللك فقال‪ :‬رحك اللّه يا بنّ! فقد كنت سارّا مولودا‪،‬‬
‫ف أبوه‬‫ت عبدُ اللك بن عمر كش َ‬‫وبارّا اشئا‪ ،‬وما أحبّ أن دعوتك فأجبتن‪ .‬وعن مسلمة قال‪ :‬لا ما َ‬
‫ت بك‪ ،‬ولقد عمرتَ مسرورا بك‪ ،‬وما‬ ‫عن وجهه وقال‪ :‬رحك اللّه يا بن! فقد سررت بك يوم بُشّرْ ُ‬
‫ت لتدعو أباك إل النة‪ .‬قال أبو السن‬ ‫أنت عليّ ساعة أنا فيها أسرّ من ساعت هذه‪ ،‬أما واللّه إن كن َ‬
‫الدائن‪ :‬دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه ف وجعه فقال‪ :‬يا بن! كيف تدك؟ قال‪ :‬أجدن ف القّ‪،‬‬
‫قال‪ :‬يا بنّ! لن تكون ف ميزان أحبّ إلّ من أن أكون ف ميزانك‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبتِ! لن يكون ما تُحبّ‬
‫أحبّ إلّ من أن يكون ما أحب‪.‬‬

‫وعن جُويرية بن أساء‪ ،‬عن عمّه‪ ،‬أن إخوة ثلثة شهدوا يوم تُسْتَرَ فاسْتشهدوا‪ ،‬فخرجتْ ُأمّهم إل‬
‫ستَرَ‪ ،‬فعرفتْه‪ ،‬فسألته عن أمور َبنِيها‪ ،‬فقال‪ :‬ا ْستُشهدوا‪،‬‬
‫السوق لبعض شأنا‪ ،‬فتلقاها رجلٌ حض َر تُ ْ‬
‫فقالت‪ :‬مُقبلي أو مُدبرين؟ قال‪ :‬مُقبلي‪ ،‬قالت‪ :‬المد للّه‪ ،‬نالوا الفو َز وحاطوا الذّمار‪ ،‬بنفسي هم وأب‬
‫وأمي‪ .‬قلت‪ :‬الذّمار بكسر الذال العجمة‪ ،‬وهم أهل الرجل وغيهم ما ي ّق عليه أن يميه‪ ،‬وقولا‬
‫حاطوا‪ :‬أي حفِظوا ورعوا‪.‬‬

‫ومات ابن الِمام الشافعي رضي اللّه عنه فأنشدَ‪:‬‬

‫وما الدّهرُ إِ ّل هكذا فاصْطبْ لهُ * ر ِزّيةُ ما ٍل أو فِراقُ َحبِيب‬

‫‪163‬‬
‫قال أبو السن الدائن‪ :‬مات السنُ وال ُد عبيد اللّه بن السن‪ ،‬وعبيدُ اللّه يومئذ قاضي البصرة وأميُها‪،‬‬
‫فكثر من يعزّيه‪ ،‬فذكروا ما يتبيّنُ به جزعُ الرجل من صبه‪ ،‬فأجعوا على أنه إذا ترك شيئا كان يصنعه‬
‫فقد جزع‪.‬‬

‫قلت‪ :‬والثار ف هذا الباب كثية‪ ،‬وإنا ذكرت هذه الحرف لئل يلو هذا الكتاب من الِشارة إل‬
‫طرف من ذلك واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف الِشارة إل بعض ما جرى من الطاعون ف الِسلم‪ .‬والقصود بذكره هنا التصبّر والمل‬
‫على التأسّي‪ ،‬وأن مصيبة الِنسان قليلة بالنسبة إل ما جرى قبله‪.‬‬

‫قال أبو السن الدائن‪ :‬كانت الطواعي الشهورة العظام ف الِسلم خسة‪ :‬طاعون شيويه بالدائن ف‬
‫عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سنة ستّ من الجرة‪ ،‬ث طاعون عمواس ف زمن عمر بن الطاب‬
‫رضي اللّه عنه كان بالشام‪ ،‬مات فيه خسة وعشرون ألفا‪ ،‬ث طاعون ف زمن ابن الزبي ف شوّال سنة‬
‫تسع وستي‪ ،‬مات ف ثلثة أيام ف ك ّل يوم سبعون ألفا‪ ،‬مات فيه لنس بن مالك رضي اللّه عنه ثلثة‬
‫وثانون ابنا‪ ،‬وقيل ثلثة وسبعون ابنا‪ ،‬ومات لعبد الرحن بن أب بكرة أربعون ابنا‪ ،‬ث طاعون الفتيات‬
‫ف شوّال سنة سبع وثاني‪ ،‬ث طاعون سنة إحدى وثلثي ومئة ف رجب‪ ،‬واشتدّ ف رمضان‪ ،‬وكان‬
‫يُحصى ف سكة الِربد ف كل يوم ألف جنازة‪ ،‬ث خفّ ف شوّال‪ .‬وكان بالكوفة طاعون سنة خسي‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬توف الغية بن شعبة‪ ،‬هذا آخر كلم الدائن‪.‬‬

‫وذكر ابن قُتيبة ف كتابه "العارف" عن الصمعي ف عدد الطواعي نو هذا‪ ،‬وفيه زيادة ونقص‪ .‬قال‪:‬‬
‫وسي طاعون الفتيات لنه بدأ ف العذارى بالبصرة وواسط والشام والكوفة‪ ،‬ويقال له‪ :‬طاعون الشراف‬
‫لِما مات فيه من الشراف‪ .‬قال‪ :‬ول يقع بالدينة ول مكة طاعون قطّ‪.‬‬

‫وهذا الباب واسع‪ ،‬وفيما ذكرته تنبيهٌ على ما تركته‪ ،‬وقد ذكرتُ هذا الفصل أبسط من هذا ف أوّل‬
‫شرح صحيح مسلم رحه اللّه‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ت وقرابتِه بوتِه وكراه ِة النّعي‬


‫بابُ جَواز إعلمِ أصحاب اليّ ِ‬

‫‪164‬‬
‫ت فل تُؤذنوا ب‬
‫‪ 1/405‬روينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن حذيفة رضي اللّه عنه قال‪ :‬إذا ِم ّ‬
‫أحدا‪ ،‬إن أخاف أن يكون نعيا‪ ،‬فإن سعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينهى عن النعي‪ .‬قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)53( .‬‬

‫‪ 2/406‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬إيّاكُ ْم وَالّنعْيَ‪ ،‬فإنّ الّنعْ َي مِ ْن عَمَ ِل الاهِِلّيةِ" وف رواية عن عبد اللّه ول يرفعه‪ .‬قال‬
‫الترمذي‪ :‬هذا أصحّ من الرفوع‪ ،‬وضعّف الترمذي الروايتي‪)54( .‬‬

‫‪ 3/407‬وروينا ف الصحيحي؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعى النجاشي إل أصحابه‪.‬‬

‫وروينا ف الصحيحي (البخاري (‪ ، (1377‬ومسلم (‪ ، " ( (956‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال ف ميت دفنوه بالليل ول يعلم به‪" :‬أفل ُكْنتُمْ آ َذْنتُمُونِي بِهِ؟"‪(.‬البخاري (‪ ، (1333‬ومسلم (‬
‫‪ ، (951‬وأبو داود (‪ ، (3204‬والترمذي (‪ ، (1022‬والنسائي ‪ ،4/72‬وهو ف الوطأ أيضا‬
‫‪1/226‬ـ ‪(" ).227‬البخاري (‪ ، (1333‬ومسلم (‪ ، (951‬وأبو داود (‪، (3204‬‬
‫والترمذي (‪ ، (1022‬والنسائي ‪ ،4/72‬وهو ف الوطأ أيضا ‪1/226‬ـ ‪).227‬‬

‫قال العلماء الحققون والكثرون من أصحابنا وغيهم‪ :‬يُستحبّ إعلمُ أهل اليت وقرابته وأصدقائه‬
‫ف بعثوا‬
‫لذين الديثي‪ .‬قالوا‪ :‬النعيُ النهي عنه إنا هو نعي الاهلية‪ ،‬وكانت عادتم إذا مات منهم شري ٌ‬
‫راكبا إل القبائل يقول‪ :‬نعايا فلن‪ ،‬أو يا نعايا العرب‪ :‬أي هلكت العرب بهلك فلن‪ ،‬ويكون مع النعي‬
‫ضجيج وبكاء‪.‬‬

‫وذكر صاحب الاوي من أصحابنا وجهي لصحابنا ف استحباب الِيذان باليت وإشاعة موته بالنداء‬
‫والِعلم‪ ،‬فاستحبّ ذلك بعضهُم للميت الغريب والقريب‪ ،‬لا فيه من كثرة الصلّي عليه والدّاعي له‪.‬‬
‫وقال بعضُهم‪ :‬يُستحبّ ذلك للغريب ول يُستحبّ لغيه‪ .‬قلت‪ :‬والختار استحبابه مطلقا إذا كان مرّد‬
‫ت فيه أقوالَ‬
‫إعلم (‪ :)55‬وقد أوضحتُ هذا البابَ ف شرح صحيح البخاري‪ ،‬وشرح الهذب‪ ،‬وجع ُ‬
‫الئمة مع الحاديث والثار‪ ،‬وقد لّصتُ مقاصده هنا‪ ،‬فمن أرادَ زيادة طالعَ ذلك‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف الِشارة إل بعض ما جرى من الطاعون ف الِسلم‬

‫والقصود بذكره هنا التصبّر والمل على التأسّي‪ ،‬وأن مصيبة الِنسان قليلة بالنسبة إل ما جرى قبله‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫قال أبو السن الدائن‪ :‬كانت الطواعي الشهورة العظام ف الِسلم خسة‪:‬‬

‫طاعون شيويه بالدائن ف عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سنة ستّ من الجرة‪.‬‬

‫ث طاعون عمواس ف زمن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه كان بالشام‪ ،‬مات فيه خسة وعشرون ألفا‪،‬‬
‫ث طاعون ف زمن ابن الزبي ف شوّال سنة تسع وستي‪ ،‬مات ف ثلثة أيام ف ك ّل يوم سبعون ألفا‪ ،‬مات‬
‫فيه لِأنس بن مالك رضي اللّه عنه‪ :‬ثلثة وثانون ابنا‪ ،‬وقيل ثلثة وسبعون ابنا‪ ،‬ومات لعبد الرحن بن‬
‫أب بكرة أربعون ابنا‪.‬‬

‫ث طاعون الفََتيَات ف شوّال سنة سبع وثاني‪.‬‬

‫ث طاعون سنة إحدى وثلثي ومائة ف رجب‪ ،‬واشتدّ ف رمضان‪ ،‬وكان يُحصَى ف سكة الِربد ف كل‬
‫يوم ألف جنازة‪ ،‬ث خفّ ف شوّال‪.‬‬

‫وكان بالكوفة طاعون سنة خسي‪ ،‬وفيه‪ :‬توف الغية بن شعبة‪ .‬هذا آخر كلم الدائن‪.‬‬

‫وذكر ابن قُتيبة ف كتابه "العارف" عن الصمعي ف عدد الطواعي نو هذا‪ ،‬وفيه زيادة ونقص‪ .‬قال‪:‬‬
‫وسي طاعون الفتيات لنه بدأ ف العذارى بالبصرة وواسط والشام والكوفة‪ ،‬ويقال له‪ :‬طاعون الشراف‬
‫لِما مات فيه من الشراف‪ .‬قال‪ :‬ول يقع بالدينة ول مكة طاعون قطّ‪.‬‬

‫وهذا الباب واسع‪ ،‬وفيما ذكرته تنبيهٌ على ما تركته‪ ،‬وقد ذكرتُ هذا الفصل أبسط من هذا ف أوّل‬
‫شرح صحيح مسلم رحه اللّه‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ت وقرابتِه (‪()1‬ف أ ‪ :‬وأقاربه ) " بوتِه وكراه ِة النّعي‬


‫ـ بابُ جَواز إعلمِ أصحاب اليّ ِ‬

‫‪ 1/405‬روينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن حذيفة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ت فل تُؤذنوا ب أحدا‪ ،‬إن أخاف أن يكون نعيا‪ ،‬فإن سعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫إذا مِ ّ‬
‫ينهى عن النعي‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪( .‬الترمذي (‪ ، )986‬وابن ماجه (‪ ، )1476‬وإسناده‬
‫حسن) (‪)2‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ 2/406‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬إيّاكُ ْم وَالّنعْيَ‪ ،‬فإنّ الّنعْ َي مِ ْن عَمَ ِل الاهِِلّيةِ" وف رواية عن عبد اللّه ول يرفعه‪ .‬قال‬
‫الترمذي‪ :‬هذا أصحّ من الرفوع‪ ،‬وضعّف الترمذي الروايتي‪ .‬الترمذي (‪)3()984‬‬

‫‪ 3/407‬وروينا ف الصحيحي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعى النجاشي إل أصحابه‪.‬‬

‫وروينا ف الصحيحي (البخاري (‪ ، )1377‬ومسلم (‪ ، ) )956‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‬
‫ف ميت دفنوه بالليل ول يعلم به‪" :‬أفل ُكْنتُمْ آ َذْنتُمُونِي بِهِ؟"‪..‬‬

‫قال العلماء الحققون والكثرون من أصحابنا وغيهم‪ :‬يُستحبّ إعلمُ أهل اليت وقرابته وأصدقائه‬
‫ف بعثوا‬
‫لذين الديثي‪ .‬قالوا‪ :‬النعيُ النهي عنه إنا هو نعي الاهلية‪ ،‬وكانت عادتم إذا مات منهم شري ٌ‬
‫راكبا إل القبائل يقول‪ :‬نعايا فلن‪ ،‬أو يا نعايا العرب‪ :‬أي هلكت العرب بهلك فلن‪ ،‬ويكون مع النعي‬
‫ضجيج وبكاء‪.‬‬

‫وذكر صاحب "الاوي" من أصحابنا وجهي لصحابنا ف استحباب الِيذان باليت وإشاعة موته بالنداء‬
‫والِعلم‪ ،‬فاستحبّ ذلك بعضهُم للميت الغريب والقريب‪ ،‬لا فيه من كثرة الصلّي عليه والدّاعي له‪.‬‬
‫وقال بعضُهم‪ :‬يُستحبّ ذلك للغريب ول يُستحبّ لغيه‪ .‬قلت‪ :‬والختار استحبابه مطلقا إذا كان مرّد‬
‫إعلم (‪)4‬‬

‫ب ما يُقالُ ف حَا ِل غُسْلِ الّيتِ وتَكفِينه‬


‫ـ با ُ‬

‫يُستحبّ الِكثار من ذكر اللّه تعال والدعاء للميت ف حال غسله وتكفينه‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬وإذا رأى‬
‫ث الناس بذلك‪،‬‬‫الغاس ُل من اليّت ما يُعجبه من استنارة وجهه وطيب ريه ونو ذلك استُحبّ له أن يدّ َ‬
‫وإذا رأى ما يَكره من سوا ِد وجه‪ ،‬ونتْنِ رائحة‪ ،‬وتغيّر عضو‪ ،‬وانقلب صورة‪ ،‬ونو ذلك حرّم عليه أن‬
‫يدّث أحدا به‪ ،‬واحتجوا‪:‬‬

‫‪ 1/408‬با رويناه ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬اذْ ُكرُوا مَحَاسِ َن َموْتاكُ ْم و ُكفّوا عَ ْن مَساوِيهِمْ" ( أبو داود (‪، )4900‬‬
‫والترمذي (‪ ، )1019‬وهو حديث حسن بشواهده‪ ).‬ضعفه الترمذي‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ 2/409‬وروينا ف "السنن الكبى" للبيهقي‪ ،‬عن أب رافع مول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن‬
‫ي مَ ّرةً"‪ ( .‬السنن‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن غَسّ َل َميّتا َف َكتَمَ عََليْ ِه َغفَرَ اللّهُ لَهُ أ ْرَبعِ َ‬
‫الكبى للبيهقي ‪ ،3/395‬والاكم ف الستدرك ‪ ،1/354‬وإسناده حسن‪ ).‬ورواه الاكم أبو عبد‬
‫اللّه ف الستدرك على الصحيحي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث صحيح على شرط مسلم‪.‬‬

‫ث إن جاهي أصحابنا أطلقوا السألة كما ذكرته‪ .‬وقال أبو الي اليمن صاحب "البيان" منهم‪ :‬لو كان‬
‫اليت مبتدعا مظهرا للبدعة‪ ،‬ورأى الغاس ُل منه ما يكره‪ ،‬فالذي يقتضيه القياس أن يتحدّث به ف الناس‬
‫ليكونَ ذلك زجرا للناس عن البدعة‪.‬‬

‫ـ بابُ َأذْكَا ِر الصّلة على اليّت‬

‫اعلم أن الصلة على اليت فرض كفاية‪ ،‬وكذلك غسله وتكفينه ودفنه‪ ،‬وهذا كلّه ممع عليه‪ .‬وفيما‬
‫يسقط به فرض الصلة أربعة أوجه‪:‬‬

‫أصحّها عند أكثر أصحابنا يسقط بصلة رجل واحد‪ .‬والثان‪ :‬يُشترط اثنان‪ .‬والثالث‪ :‬ثلثة‪ .‬والرابع‪:‬‬
‫أربعة؛ سواء صلّوا جاعة أو فُرادى‪.‬‬

‫وأما كيفية هذه الصلة فهي أن يكبَ أرب َع تكبيات ول بُ ّد منها‪ ،‬فإن أخلّ بواحدة ل تص ّح صلته‪ ،‬وإن‬
‫زاد خامسة ففي بطلن صلته وجهان لصحابنا‪ :‬الصحّ ل تبطل‪ ،‬ولو كان مأموما فكبّر إمامُه خامسة‪،‬‬
‫فإن قلنا إن الامسة تبطل الصلة فارقه الأموم كما لو قام إل ركعة خامسة‪ .‬وإن قلنا بالص ّح أنا ل‬
‫تبطل ل يفارقه ول يتابعه على الصحيح الشهور‪ ،‬وفيه وجه ضعيف لبعض أصحابنا أنه يتابعه‪ ،‬فإذا قلنا‬
‫بالذهب الصحيح أنه ل يتابعه فهل ينتظره ليسلّم معه‪ ،‬أم يسلّم ف الال؟ فيه وجهان‪ :‬الصحّ ينتظره‪،‬‬
‫وقد أوضحتُ هذا كلّه بشرحه ودلئله ف "شرح الهذّب"‪ .‬ويستحبّ أن يرف َع اليد مع كل تكبية‪.‬‬

‫ب فيه وما يبطله وغي ذلك من فروعه فعلى ما قدمته ف باب صفة الصلة‬
‫وأما صفة التكبي وما يستح ّ‬
‫وأذكارها‪.‬‬

‫وأما الذكارُ الت تُقال ف صلة النازة بي التكبيات‪ ،‬فيقرأ بعد التكبية الول الفاتة‪ ،‬وبعد الثانية‬
‫يُصلّي على النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وبعد الثالثة يدعو للميت‪ ،‬والواجب منه ما يقع عليه اسم الدعاء‪،‬‬
‫وأما الرابعة فل يب بعدها ذكر أصلً‪ ،‬ولكن يُستحبّ ما سأذكره إن شاء اللّه تعال‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫واختلف أصحابنا ف استحباب التعوّذ ودعاء الفتتاح عقيب التكبية الول قبل الفاتة وف قراءة السورة‬
‫ب الميع‪ ،‬والثان ل يُستحبّ‪ ،‬والثالث وهو الص ّح أنه‬
‫بعد الفاتة على ثلثة أوجه‪ :‬أحدُها يستح ّ‬
‫ب التأمي عقيب الفاتة‪.‬‬
‫يُستحبّ التعوّذ دون الفتتاح والسورة‪ .‬واتفقوا على أنه يستح ّ‬

‫‪ 1/410‬وروينا ف صحيح البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه صلى على جنازة فقرأ فاتة‬
‫الكتاب وقال‪ :‬لتعلموا أنا سنّة‪.‬‬

‫وقوله سنّة ف معن قول الصحاب‪ :‬من السّنة كذا‪ ،‬وكذا جاء ف سنن أب داود قال‪ :‬إنا من السنّة‪.‬‬
‫فيكون مرفوعا إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ما تقرّر وعُرف ف كتب الديث والصول‪.‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬والسنّة ف قراءتا الِسرار دون الهر‪ ،‬سواء صُلّيت ليلً أو نارا‪ ،‬هذا هو الذهب الصحيح‬
‫الشهور الذي قاله جاهي أصحابنا‪ .‬وقال جاعة منهم‪ :‬إن كانت الصلة ف النهار أسرّ‪ ،‬وإن كانت ف‬
‫حمّدٍ‪ ،‬ويُستحبّ أن‬
‫الليل جهر‪ .‬وأما التكبية الثانية فأق ّل الواجب عقيبها أن يقول‪ :‬الّلهُمّ صَ ّل على مُ َ‬
‫حمّدٍ‪ .‬ول يب ذلك عند جاهي أصحابنا‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬يب وهو شاذّ‬ ‫يقول‪ :‬وعلى آ ِل مُ َ‬
‫ضعيف‪.‬‬

‫ص عليه الشافعي‪ ،‬واتفق عليه‬


‫ويستحبّ أن يدعو فيها للمؤمني والؤمنات إن اتسع الوقت له‪ ،‬ن ّ‬
‫الصحاب‪ ،‬ونقل الزن (‪ )5‬عن الشافعي يُستحبّ أيضا أن يمد اللّه عزّ وجلّ‪ ،‬فقال باستحبابه‬
‫جاعات من الصحاب وأنكره جهورهم‪ ،‬فإذا قلنا باستحبابه بدأ بالمد للّه‪ ،‬ث بالصلة على النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪ ،‬ث يدعو للمؤمني والؤمنات‪ ،‬فلو خالف هذا الترتيب جاز وكان تاركا للفضل‪.‬‬

‫وجاءت أحاديث بالصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (‪ )6‬رويناها ف سنن البيهقي‪ ،‬ولكن‬
‫ت اختصار هذا الباب‪ ،‬إذ موضعُ بسطه كتب الفقه‪ ،‬وقد أوضحته ف شرح الهذب‪.‬‬ ‫قصد ُ‬

‫وأما التكبية الثالثة فيجب فيها الدعاء للميت‪ ،‬وأقلّه ما ينطلق عليه السم كقوله‪ :‬رحه اللّه‪ ،‬أو غفر اللّه‬
‫ف به ونو ذلك‪.‬‬ ‫له‪ ،‬أو اللهمّ اغفرْ له‪ ،‬أو ارحه‪ ،‬أو الط ْ‬

‫وأما الستحبّ فجاءت فيه أحاديث وآثار؛ فأما الحاديث فأصحّها‪:‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ 2/411‬ما رويناه ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عوف بن مالك رضي اللّه عنه قال‪ :‬صلّى رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول‪" :‬الّلهُمّ ا ْغفِرْ لَ ُه وَارْ َحمْهُ‪ ،‬وَعافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ‪،‬‬
‫ض مِنَ‬ ‫وأكْ ِرمْ ُنزُلَهُ‪َ ،‬و َوسّعْ ُمدْخَلَهُ‪ ،‬وَاغْسِلْ ُه بالَاءِ والثّلْ ِج وَالبَرَدِ‪ ،‬وَنقّهِ م َن الَطايا كما نَ ّقْيتَ الّثوْبَ الْبيَ َ‬
‫لّنةَ‪ ،‬وأعِ ْذهُ‬ ‫ال ّدَنسِ‪ ،‬وأبْدِلْهُ دَارا َخيْرا مِنْ دَا ِرهِ‪ ،‬وَأ ْهلً َخيْرا مِ ْن أهْلِهِ‪ ،‬وَ َزوْجا َخيْرا مِنْ َزوْجِهِ‪ ،‬وأدْخِلْ ُه ا َ‬
‫مِ ْن عَذَابِ ال َقبْرِ أو مِ ْن عَذَابِ النّارِ" حت تنيت أن أكون أنا ذلك اليت‪ .‬وف رواية لسلم "وَقِ ِه فْتَنةَ ال َقبْرِ‬
‫َوعَذَابَ النّارِ" ‪( .‬مسلم (‪)7( )963‬‬

‫‪ 3/412‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والبيهقي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه عن النبّ صلى‬
‫صغِيِنَا وَ َكبِينا‪ ،‬وَذَ َكرِنا وأُنْثانا‪،‬‬
‫حيّنا َو َميّتِنا‪ ،‬وَ َ‬
‫اللّه عليه وسلم أنه صلّى على جنازة فقال‪" :‬الّلهُمّ ا ْغفِرْ لِ َ‬
‫وشَاهِدِنا وغائِبِنا؛ الّلهُ ّم مَنْ أ ْحَيْيتَه ِمنّا فأ ْحيِهِ على ا ِلسْلمِ‪َ ،‬ومَ ْن َتوَفّْيتَ ُه ِمنّا َفَتوَفّهُ على الِيان؛ الّلهُمّ ل‬
‫تَحْ ِرمْنا أ ْج َرهُ وَ َل َت ْفتِنّا َبعْ َدهُ" (أبو داود (‪ ( ، )3201‬والترمذي (‪ ، )1024‬والبيهقي ‪،4/41‬‬
‫والاكم ف الستدرك ‪ ،1/358‬والنسائي (‪ )1080‬ف "اليوم والليلة"‪ ،‬وإسناده صحيح‪ ) .‬قال‬
‫الاكم أبو عبد اللّه‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم‪ .‬ورويناه ف سنن البيهقي وغيه‬
‫من رواية أب قتادة‪ .‬ورويناه ف كتاب الترمذي من رواية أب إبراهيم الشهليّ (‪ )8‬عن أبيه‪ ،‬وأبوه‬
‫صحاب‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬قال ممد بن إساعيل‪ ،‬يعن البخاري‪ :‬أصحّ‬
‫حيّنا َو َمّيتِنا" رواية أب إبراهيم الشهلي عن أبيه‪ .‬قال البخاري‪ :‬وأصحّ‬ ‫الروايات ف حديث "الّلهُ ّم اغْفِرْ ِل َ‬
‫شيء ف الباب حديث عوف بن مالك‪ .‬ووقع من رواية أب داود "فأ ْحيِهِ على الِيَانِ‪َ ،‬وتَوفّ ُه على‬
‫الِسْلمِ" والشهور ف معظم كتب الديث "فأ ْحيِهِ على ا ِلسْلمِ‪َ ،‬وَتوَفّهُ على الِيَانِ" كما قدّمناه‪.‬‬

‫‪ 4/413‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬سعت رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم يقول‪" :‬إذا صَّلْيتُ ْم على الَّيتِ فأ ْخِلصُوا لَهُ الدّعاءَ"‪ ( .‬أبو داود (‬
‫‪ ، )3199‬وابن ماجه (‪ ، )1497‬قال الافظ‪ :‬هذا حديث حسن‪) .‬‬

‫‪ 5/414‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف‬
‫ضتَ رُوحَها وأْنتَ‬‫لسْلم وأْنتَ َقَب ْ‬
‫الصلة على النازة "الّلهُ ّم أْنتَ َرّبهَا وأنْتَ َخَل ْقتَها وأْنتَ هَ َدْيَتهَا ل ِ‬
‫أعْلَ ُم بِسِرّها َوعَلِنيَِتهَا‪ِ ،‬جئْنا ُشفَعاءَ فا ْغفِرْ لَهُ " (أبو داود (‪ ، )3200‬وهو حديث حسن أخرجه‬
‫النسائي ف اليوم والليلة (‪ ، )1078‬والطبان ف "الدعاء"‪ ،‬الفتوحات ‪).4/176‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ 6/415‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬عن واثلة بن السقع رضي اللّه عنه قال‪ :‬صلّى بنا‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم على رجل من السلمي فسمعته يقول‪" :‬الّلهُ ّم إنّ فُلنَ ابْنَ فُلنَة فِي‬
‫ِذ ّمتِكَ (‪ )9‬وَ َحبْلِ جوَارِكَ (‪َ ، )10‬فقِهِ ِفتَْن َة القَبْر َوعَذَاب النّارِ‪ ،‬وأْنتَ أهْ ُل الوَفاءِ وَالَمْدِ؛ الّل ُه ّم فا ْغفِرْ‬
‫ت ال َغفُورُ الرّحِيمُ"‪( .‬أبو داود (‪ ، )3202‬وابن ماجه (‪ ، )1499‬وإسناده‬ ‫ك أنْ َ‬‫لَ ُه وَارْحَمْ ُه إنّ َ‬
‫حسن‪).‬‬

‫واختار الِمام الشافعي رحه اللّه دعا ًء التقطه من مموع هذه الحاديث وغيها فقال‪ :‬يقول‪ :‬الّلهُ ّم هَذَا‬
‫حبُوبُهُ وأ ِحبّاؤُ ُه فيها‪ ،‬إل ظُلْ َم ِة القَبْرِ ومَا ُه َو لقيهِ‪،‬‬ ‫ج مِنْ َروْحِ ال ّدنْيا َو َس َعتِها‪ ،‬ومَ ْ‬
‫عَبْ ُد َك ابْنُ عَبْ ِدكَ‪َ ،‬خرَ َ‬
‫ك وأْنتَ‬ ‫ت أعْلَ ُم بِهِ‪ ،‬الّلهُ ّم إنّهُ َنزَ َل بِ َ‬
‫حمّدا َعبْ ُدكَ وَ َرسُولُكَ‪ ،‬وأنْ َ‬ ‫شهَ ُد أنْ ل إِلهَ إِ ّل أنْتَ‪ ،‬وأ ّن مُ َ‬‫كانَ يَ ْ‬
‫ي إليك ُش َفعَاءَ لَهُ؛‬ ‫صبَحَ فَقيا إل رَ ْح َمتِكَ وأْنتَ َغِنيّ عَ ْن عَذَابِهِ‪ ،‬وََقدْ ِجْئنَاكَ رَا ِغبِ َ‬ ‫َخيْ ُر َمنْزُولٍ به‪ ،‬وأ ْ‬
‫الّلهُ ّم إنْ كَا َن مُحْسِنا فَ ِزدْ ف إِحْسَانِهِ‪َ ،‬وِإنْ كَا َن مُسِيئا َفتَجاوَزْ عَنْ ُه وََلقّهِ ِبرَحْ َمتِكَ رِضَا َك وَقِهِ ِفْتَنةَ ال َقبْرِ‬
‫ض عَنْ َجْنَبيْهِ‪ ،‬وََلقّ ِه بِرَ ْح َمتِكَ المْ َن مِ ْن عَذَابِكَ حتّى َتْبعَثَهُ إل‬ ‫َوعَذَابَهُ‪ ،‬وَافْسحْ لَهُ ف َقبْ ِرهِ‪ ،‬وَجافِ ال ْر َ‬
‫َجّنتِكَ يا أ ْرحَمَ الرّاحِ ِميَ! هذا نصّ الشافعي ف "متصر الزن" رحهما اللّه‪.‬‬

‫ل دعا لبويه فقال‪ :‬الّلهُمّ ا ْج َعلْهُ َلهُما فَرَطا‪ ،‬وا ْجعَلْهُ َلهُما سَلَفا‪،‬‬ ‫قال أصحابنا‪ :‬فإن كان اليت طف ً‬
‫ح ِر ْمهُما‬
‫صبْرَ على قُلوِبهِما‪ ،‬وَل َتفِْتْنهُما َبعْ َدهُ وَل تَ ْ‬‫وا ْجعَلْهُ َلهُما ُذخْرا‪َ ،‬وَثقّ ْل بِ ِه َموَازِيَنهُما‪ ،‬وأفرغ ال ّ‬
‫أجْ َرهُ‪ .‬هذا لفظ ما ذكره أبو عبد اللّه الزبيي من أصحابنا ف كتابه "الكاف"‪ ،‬وقاله الباقون بعناه‪،‬‬
‫حيّنا َو َميّتِنا‪ ،‬إل آخره‪ .‬قال الزبيي‪ :‬فإن كانتْ امرأةً قال‪" :‬‬ ‫وبنحوه قالوا‪ .‬ويقول معه‪ :‬الّلهُمّ ا ْغفِرْ لِ َ‬
‫الّلهُ ّم هَ ِذهِ َأ َمتُكَ‪ ،‬ث ُينَسّ ُق الكلم‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫وأما التكبية الرابعة فل يبُ بعدها ذ ْك ٌر بالتفاق‪ ،‬ولكن يستحبّ أن يقول ما نصّ عليه الشافعي رحه‬
‫ح ِرمْنا أجْ َرهُ‪ ،‬وَل َت ْفِتنّا َبعْ َدهُ‪ .‬قال أبو عليّ بن‬
‫اللّه ف كتاب "البويطي" قال‪ :‬يقول ف الرابعة‪ :‬الّلهُمّ َل تَ ْ‬
‫سَنةً‬
‫سَنةً وفِي الخِ َرةِ حَ َ‬
‫أب هريرة من أصحابنا‪ :‬كان التقدمون يقولون ف الرابعة { َربّنا آتنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬
‫ب النّار} [البقرة‪ .]201 :‬قال‪ :‬وليس ذلك بحكيّ عن الشافعي فإن فعله كان حسنا‪ ،‬قلت‪:‬‬ ‫وَقِنا عَذَا َ‬
‫يكفي ف حسنه ما قد قدّمناه ف حديث أنس ف باب دعاء الكرب‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫قلتُ‪ :‬ويُحتجّ للدعاء ف الرابعة‪:‬‬

‫‪171‬‬
‫با رويناه ف السنن الكبى للبيهقي (‪ ، )11‬عن عبد اللّه بن أب أوف رضي اللّه عنهما؛ أنه كبّر على‬
‫جنازة ابنه أربع تكبيات‪ ،‬فقام بعد الرابعة كقدر ما بي التكبيتي يستغفر لا ويدعو‪ ،‬ث قال‪ :‬كان‬
‫ث ساعةً حت ظننا أنه سيكبّر‬ ‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصنع هكذا‪ .‬وف رواية‪ :‬كبّ َر أربعا فمك َ‬
‫خسا‪ ،‬ث سلّم عن يينه وعن شاله‪ ،‬فلما انصرف قلنا له‪ :‬ما هذا؟ فقال‪ :‬إن ل أزيدكم على ما رأيتُ‬
‫رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصنعُ‪ ،‬أو هكذا صنعَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ .‬قال الاكم أبو‬
‫عبد اللّه‪ :‬هذا حديث صحيح‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وإذا فرغَ من التكبيات وأذكارها سلّمَ تسليمتي كسائر الصلوات‪ ،‬لا ذكرناه من حديث‬
‫عبد اللّه بن أب أوف‪ ،‬وحكم السلم على ما ذكرناه ف التسليم ف سائر الصلوات‪ ،‬هذا هو الذهب‬
‫الصحيح الختار‪ ،‬ولنا فيه هنا خلف ضعيف تركته لعدم الاجة إليه ف هذا الكتاب‪ ،‬ولو جاء مسبوقٌ‬
‫فأدرك الِمامَ ف بعض الصلة أحرمَ معه ف الال وقرأ الفاتة ث ما بعدها على ترتيب نفسه‪ ،‬ول يُوافق‬
‫الِمام فيما يقرؤه‪ ،‬فإن كبّ َر ث كبّ َر الِما ُم التكبية الخرى قبل أن يتمكن الأموم من الذكر سقطَ عنه‬
‫كما تسقط القراء ُة عن السبوق ف سائر الصلوات وإذا سلّ َم الِمامُ وقد بقي على السبوق ف النازة‬
‫ض التكبيات لزمه أن يأت با مع أذكارها على الترتيب‪ ،‬هذا هو الذهبُ الصحيح الشهور عندنا‪.‬‬ ‫بع ُ‬
‫ولنا قول ضعيف أنه يأت بالتكبيات الباقيات متواليات بغي ذكر اللّه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫لنَازة‬
‫ب ما يقولُه الاشي مع ا َ‬
‫ـ با ُ‬

‫يُستحبّ له أن يكون مشتغلً بذكر اللّه تعال‪ ،‬والفكر فيما يلقاه اليت وما يكون مصيُه وحاصلُ ما‬
‫كان فيه‪ ،‬وأن هذا آخرُ الدنيا ومصيُ أهلها؛ وليحذرْ كلّ الذر من الديث با ل فائدةَ فيه‪ ،‬فإن هذا‬
‫وقتُ فِكر وذكر تقب ُح فيه الغفلةُ واللهو والشتغال بالديث الفارغ‪ ،‬فإن الكلمَ با ل فائدة فيه منهيّ‬
‫عنه ف جيع الحوال‪ ،‬فكيف ف هذا الال‪.‬‬

‫واعلم أن الصوابَ الختا َر ما كان عليه السلفُ رضي اللّه عنهم السكوتُ (‪ )12‬ف حال السي مع‬
‫النازة فل يُرفع صوتٌ بقراءة ول ذكر ول غي ذلك‪ ،‬والكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكنُ لاطره‬
‫وأجعُ لفكره فيما يتعلق بالنازة وهو الطلوبُ ف هذا الال‪ ،‬فهذا هو القّ‪ ،‬ول تغت ّرنّ بكثرة من‬
‫ق الدَى‪ ،‬ول يض ّركَ قّلةُ‬ ‫يُخالفه‪ ،‬فقد قال أبو عليّ الفُضيل بن عِياض رضي اللّه عنه ما معناه‪ :‬الزمْ طر َ‬
‫ق الضللة‪ ،‬ول تغت ّر بكثرة الالكي‪.‬‬‫السالكي‪ ،‬وإياك وطر َ‬

‫‪172‬‬
‫وقد روينا ف سنن البيهقي (‪ )13‬ما يقتضي ما قلته‪ .‬وأما ما يفعله الهلةُ من القراءة على النازة‬
‫بدمشق وغيها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلم عن موضوعه فحرام بإجاع العلماء‪ ،‬وقد أوضحت‬
‫قبحه وغلظ تريه وفسق من تكّن من إنكاره فلم ينكره ف كتاب آداب القرّاء‪ ،‬واللّه الستعان‪.‬‬

‫ب ما يقولُه مَنْ مرّتْ به جنازة أو رآها‬


‫ـ با ُ‬

‫يستحبّ أن يقول‪ُ :‬سبْحا َن الَ ّي الّذي ل يَمُوتُ‪ .‬وقال القاضي المام أبو الحاسن الرويان من أصحابنا‬
‫ف كتابه "البحر"‪ :‬يُستحبّ أن يدعوَ ويقول‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه الَ ّي الّذي ل يَمُوتُ‪ ،‬فيستحبّ أن يدعوَ لا‬
‫ويثن عليها بالي إن كانت أهلً للثناء‪ ،‬ول يُجازف ف ثنائه‪.‬‬

‫ب ما يقولُه مَن يُدْخِ ْل اليّتَ قبَه‬


‫ـ با ُ‬

‫‪ 1/416‬روينا ف سنن أب داود والترمذي والبيهقي وغيها‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم كان إذا وضع اليت ف القب قال‪ ":‬بِاسْمِ اللّهِ‪َ ،‬وعَلى ُسنّة َرسُولِ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم" (أبو داود (‪ ، )3213‬والترمذي (‪ ، )1046‬والبيهقي ‪ .4/55‬وصححه ابن حبّان‪،‬‬
‫والاكم‪ ،‬ووافقه الذهب‪ ).‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬قال الشافعي والصحاب رحهم اللّه‪ :‬يُستحبّ‬
‫أن يدعو للميت مع هذا‪.‬‬

‫ومن حسن الدعاء ما نصّ عليه الشافعي رحه اللّه ف "متصر الزن" قال‪ :‬يقول الذين يدخلونه القب (‬
‫حبّ‬ ‫ق مَنْ كَا َن يُ ِ‬‫ك الشِحّاءُ (‪ )15‬مِ ْن أهْلِ ِه َووَلَ ِد ِه وَقَراَبتِهِ َوإِ ْخوَانِهِ‪ ،‬وَفَا َر َ‬ ‫‪ : )14‬الّلهُ ّم أسْلَمَهُ إَليْ َ‬
‫ج مِ ْن َس َعةِ ال ّدنْيا وَالَياةِ إل ظُلْ َم ِة ال َقبْ ِر وَضِيقِهِ‪َ ،‬ونَزَلَ بِكَ وأْنتَ َخيْ ُر َمنْزُو ٍل بِهِ‪ ،‬إ ْن عاَقبْتَهُ‬ ‫قُ ْربَهُ‪ ،‬وَ َخرَ َ‬
‫ت أهْلُ ال َع ْفوِ‪ ،‬أْنتَ َغِنيّ عَ ْن عَذَابِهِ َو ُهوَ َفقِيٌ إل رَ ْح َمتِكَ؛ الّل ُهمّ ا ْشكُرْ‬ ‫َفبِ َذنْبٍ‪ ،‬وإنْ َعفَوتَ َعنْ ُه فأنْ َ‬
‫ك المْنَ م ْن عَذَابِكَ‪ ،‬واكْفِهِ كل َهوْلٍ‬ ‫سَنتَهُ‪ ،‬وَا ْغفِ ْر َسيَّئتَهُ‪ ،‬وأعِ ْذ ُه مِ ْن عَذَابِ ال َقبْرِ‪ ،‬وَاجْمَعْ لَ ُه ِبرَحْ َمتِ َ‬
‫حَ َ‬
‫ك يا أ ْرحَمَ‬ ‫لّنةِ؛ الّلهُمّ اخُْلفْهُ فِي تَرِ َكتِهِ فِي الغابِرِينَ‪ ،‬وَارَْفعْهُ فِي عِّليّيَ‪َ ،‬وعُ ْد عََليْهِ بِ َفضْلِ َرحْ َمتِ َ‬ ‫دُونَ ا َ‬
‫الرّاحِمِيَ" ‪.‬‬

‫ب ما يقولُه بعدَ الدّفْن‬


‫ـ با ُ‬

‫السنّة لن كان على القب أن يثي ف القب ثلث حثيات بيديه جيعا من قِبل رأسه‪ .‬قال جاعة من‬
‫أصحابنا‪ :‬يُستحبّ أن يقول ف الثية الول‪ِ { :‬منْها خََلقْناكُم} وف الثانية‪{ :‬وفِيها ُنعِيدُكُمْ} وف‬

‫‪173‬‬
‫الثالثة‪َ { :‬ومِنْها نُخ ِر ُجكُمْ تا َرةً أُ ْخرَى} [طه‪ .]56:‬ويُستحبّ أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما‬
‫يُنحر جزور ويُقسم لمُها‪ ،‬ويشتغل القاعدون بتلوة القرآن‪ ،‬والدعاء للميت‪ ،‬والوعظ‪ ،‬وحكايات أهل‬
‫الي‪ ،‬وأحوال الصالي‪.‬‬

‫‪ 1/417‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬كنّا ف جنازة ف بقيع‬
‫الغرقد‪ ،‬فأتانا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقعدَ وقعدنا حولَه ومعه مِخصَرَة‪ ،‬فنكسَ وجع َل ينكتُ‬
‫ب َم ْقعَدُ ُه مِ َن النّا ِر َو َمقْعَ ُد ُه مِ َن الَّنةِ‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول‬
‫بخصرته‪ ،‬ث قال‪" :‬ما مِْنكُ ْم مِنْ أحَدٍ إِلّ َقدْ ُكتِ َ‬
‫اللّه! أفل نتكلُ على كتابنا؟ فقال‪ :‬اعْمَلُوا َفكُ ّل ُميَسّرٌ ِلمَا خُِلقَ لَهُ" وذكر تام الديث‪( .‬البخاري (‬
‫‪ ، )1362‬ومسلم (‪ ، )2647‬وأبو داود (‪ ، )4694‬والترمذي (‪ )2137‬و (‪( . )3341‬‬
‫‪))16‬‬

‫‪ 2/418‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه قال ‪:‬إذا دفنتمون أقيموا حول‬
‫س بكم وأنظرَ ماذا أراجعُ به رسلَ رب‪.‬‬
‫قبي قدر ما يُنحر جزور ويقسم لمها‪ ،‬حت أستأن َ‬

‫‪ 3/419‬وروينا ف سنن أب داود والبيهقي‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن عثمان رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان الن ّ‬
‫ب‬
‫ف عليه فقال‪" :‬اسَْت ْغفِرُوا لَخِيكُمْ‪َ ،‬وسَلُوا لَهُ الّتْثبِيتَ فإنّهُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم إذا فرغَ من دفن اليت وق َ‬
‫ال َن يُسْألُ" (أبو داود (‪ ، )3221‬والبيهقي ‪ ،4/56‬وحسّنه الافظ‪ ).‬قال الشافعي والصحاب‪:‬‬
‫يُستحبّ أن يقرؤوا عنده شيئا من القرآن‪ ،‬قالوا‪ :‬فإن ختموا القرآن كلّه كان حسنا‪.‬‬

‫‪ 4/420‬وروينا ف سنن البيهقي بإسناد حسن؛ أن ابن عمر استحبّ أن يقرأ على القب بعد الدفن أوّل‬
‫سورة البقرة وخاتتها‪ (.‬البيهقي ‪ 4/56‬وقال الافظ‪ :‬هذا موقوف حسن‪).‬‬

‫ي اليّت بعد الدفن فقد قال جاعة كثيون من أصحابنا باستحبابه‪ ،‬ومّن نصّ على‬ ‫فصل‪ :‬وأما تلق ُ‬
‫استحبابه‪ :‬القاضي حسي ف تعليقه‪ ،‬وصاحبه أبو سعد التول ف كتابه "التتمة"‪ ،‬والشيخ الِمام الزاهد‬
‫أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر القدسي‪ ،‬والِمام أبو القاسم الرافعي وغيهم‪ ،‬ونقله القاضي حسي‬
‫عن الصحاب‪ .‬وأما لفظه فقال الشيخ نصر‪ :‬إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول‪ :‬يا فلن بن فلن!‬
‫ذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا‪ :‬شهادة أن ل إِلهَ إِلّ اللّه وحده ل شريك له‪ ،‬وأن ممدا عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬وأن الساعة آتيةٌ ل ريب فيها‪ ،‬وأن اللّه يبعث مَن ف القبور‪ ،‬قل رضيت باللّه ربّا‪ ،‬وبالِسلم‬
‫دينا‪ ،‬وبحمد صلى اللّه عليه وسلم نبيّا وبالكعبة قبلة‪ ،‬وبالقرآن إماما‪ ،‬وبالسلمي إخوانا‪ ،‬ربّي اللّه ل‬

‫‪174‬‬
‫إِلهَ إِل هو‪ ،‬وهو ربّ العرش العظيم‪ ،‬هذا لفظ الشيخ نصر القدسي ف كتابه "التهذيب"‪ ،‬ولفظ الباقي‬
‫بنحوه‪ ،‬وف لفظ بعضهم نقص عنه‪ ،‬ث منهم مَن يقول‪ :‬يا عبد اللّه ابن أمة اللّه! ومنهم مَن يقول‪ :‬يا عبد‬
‫اللّه ابن حوّاء‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬يا فلن ـ باسه ـ ابن أمة اللّه‪ ،‬أو يا فلن ابن حوّاء‪ ،‬وكله بعن‪.‬‬

‫وسُئل الشيخ الِمام أبو عمرو بن الصلح رحه اللّه عن هذا التلقي فقال ف فتاويه‪ :‬التلقي هو الذي‬
‫نتاره ونعمل به‪ ،‬وذكره جاعة من أصحابنا الراسانيي قال‪ :‬وقد روينا فيه حديثا من حديث أب أمامة‬
‫ليس بالقائم إسناده (‪ ، )17‬ولكن اعتضد بشواهد وبعمل أهل الشام به قديا‪ .‬قال‪ :‬وأما تلقي الطفل‬
‫الرضيع فما له مُستند يُعتمد ول نراه‪ ،‬واللّه أعلم‪ .‬قلتُ‪ :‬الصواب أنه ل يلقن الصغي مطلقا‪ ،‬سواء كان‬
‫رضيعا أو أكب منه ما ل يبلغ ويصي مكلفا‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب وصّيةِ الّيتِ أنّ يُصّل َي عليه إنسا ٌن بعينه‪ ،‬أو أن يُدفن على صفةٍ مصوصةٍ وف َموْضعٍ‬
‫با ُ‬
‫مَخصوص‪ ،‬وكذلك الكف ُن وغيُه من أمورِه الت تُفعل والت ل تُفعل‬

‫‪ 1/421‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬دخلت على أب بكر رضي اللّه‬
‫عنه‪ :‬يعن وهو مريض‪ ،‬فقال‪ :‬ف كم كفّنتم النبّ صلى اللّه عليه وسلم؟ فقلت‪ :‬ف ثلثة أثواب‪ ،‬قال‪ :‬ف‬
‫ي يوم تُوف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قالت‪ :‬يوم الثني‪ ،‬قال‪ :‬فأيّ يوم هذا؟ قالت‪ :‬يوم‬
‫أّ‬
‫الثني‪ ،‬قال‪ :‬أرجو فيما بين وبي الليل‪ ،‬فنظر إل ثوب عليه كان يرّض فيه به رَدْع من زعفران‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اغسلوا ثوب هذا وزيدوا عليه ثوبي فكفّنون فيها‪ .‬قلت‪ :‬إن هذا خَلَق‪ ،‬قال‪ :‬إن اليّ أحقّ بالديد من‬
‫اليت‪ ،‬إنا هو للمهلة‪ ،‬فلم يتوفّ حت أمسى من ليلة الثلثاء‪ ،‬ودُفن قبل أن يُصبحَ‪( .‬البخاري (‬
‫‪ )1387‬والوطأ بلغا ‪).)18(1/224‬‬

‫قلت‪ :‬قولا رَدْع‪ ،‬بفتح الراء وإسكان الدال وبالعي الهملت‪ :‬وهو الثر‪ .‬وقوله للمهلة‪ ،‬روي بضم‬
‫اليم وفتحها وكسرها ثلث لغات والاء ساكنة‪ :‬وهو الصديد الذي يتحلّل من بدن اليت‪.‬‬

‫‪ 2/422‬وروينا ف صحيح البخاري؛ أن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه قال لا جُ ِرحَ‪ :‬إذا أنا ُقبِضتُ‬
‫فاحلون‪ ،‬ث سلّم وق ْل يستأذنُ عمر‪ ،‬فإن أذنتْ ل ـ يعن عائشةَ ـ فأدخلون‪ ،‬وإن ردّتن فردّون إل‬
‫مقابر السلمي‪( .‬البخاري (‪))19( )1392‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ 3/423‬ـ وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عامر بن سعد بن أب وقاص قال‪ :‬قال سعد‪ :‬الدوا ل‬
‫ب نصبا كما صُنع برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪( .‬مسلم (‪))20( )966‬‬
‫لدا‪ ،‬وانصبوا عليّ الل َ‬

‫‪ 4/424‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه؛ أنه قال وهو ف سياقة الوت‪:‬‬
‫ت فل تصحبن نائحة ول نار‪ ،‬فإذا دفنتمون فشنّوا عليّ التراب شنّا‪ ،‬ث أقيموا حول قبي قدر‬
‫إذا أنا م ّ‬
‫ما يُنحر جزور ويقسم لمها أستأنس بكم‪ ،‬وأنظر ماذا أراجع به رسل رب‪( .‬مسلم (‪).)21( )121‬‬

‫قلت‪ :‬قوله شنوا‪ ،‬روي بالسي الهملة وبالعجمة‪ ،‬ومعناه‪ :‬صبّوه قليلً قليلً‪.‬‬

‫وروينا ف هذا العن حديث حذيفة التقدم ف باب إعلم أصحاب اليت بوته‪ ،‬وغي ذلك من‬
‫الحاديث‪ ،‬وفيما ذكرناه كفاية وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ت ويتابع ف كلّ ما وصّى به‪ ،‬بل يُعرض ذلك على أهل العلم‪ ،‬فما أباحوه‬ ‫قلت‪ :‬وينبغي أن ل يقلد الي ُ‬
‫فعل ما ل فل‪ .‬وأنا أذكر من ذلك أمثلة‪ ،‬فإذا أوصى بأن يدفن ف موضع من مقابر بلدته‪ ،‬وذلك الوضع‬
‫معدن الخيار فينبغي أن يُحافظ على وصيته‪ ،‬وإذا أوصى بأن يُصلّي عليه أجنب فهل ُيقَدّم ف الصلة‬
‫على أقارب اليت؟ فيه خلف للعلماء‪ ،‬والصحيح ف مذهبنا أن القريب أول‪ ،‬لكن إن كان الوصَى له‬
‫مّن يُنسب إل الصلح أو الباعة ف العلم مع الصيانة والذكر السن‪ ،‬استحبّ للقريب الذي ليس هو ف‬
‫مثل حاله إيثاره رعاية لقّ اليت‪ ،‬وإذا أوصى بأن يُدفن ف تابوت ل تنفذ وصيته‪ ،‬إل أن تكون الرض‬
‫رخوة‪ ،‬أو نديّة يتاج فيها إليه‪ ،‬فتُنفذ وصيّته فيه ويكون من رأس الال؛ كالكفن‪ .‬وإذا أوصى بأن يُنقل‬
‫إل بلد آخر ل تنفّذ وصيّته‪ ،‬فإن النقل حرامٌ على الذهب الصحيح الختار الذي قاله الكثرن وصرّح به‬
‫الحققون‪ ،‬وقيل‪ :‬مكروه‪.‬‬

‫قال الشافعي رحه اللّه‪ :‬إل أن يكون بقرب مكة أو الدينة أو بيت القدس فيُنقل إليها لبكتها‪ .‬وإذا‬
‫أوصى بأن يُدفَن تته مِضربة أو مدة تتَ رأسه أو نو ذلك ل تُنفذ وصيّته‪ .‬وكذا إذا أوصى بأن يُكفّن‬
‫ف حرير‪ ،‬فإن تكفيَ الرجال ف الرير حرام‪ ،‬وتكفيُ النساء فيه مكروه وليس برام‪ ،‬والنثى ف هذا‬
‫كالرجل‪ .‬ولو أوصى بأن يُ َكفّن فيما زاد على عدد الكفن الشروع أو ف ثوب ل يَستر البدن ل تنفذ‬
‫وصيّته‪ .‬ولو أوصى بأن يُقرأ عند قبه أو يُتصدّق عنه وغي ذلك من أنواع القرب‪ُ ،‬نفّذَتْ إل أن يقترن‬
‫با ما ينع الشرع منها بسببه‪ .‬ولو أوصى بأن ُتؤَخّرَ جنازته زائدا على الشروع ل تنفذ‪ .‬ولو أوصى بأن‬
‫يُبن عليه ف مقبة مسبّلة للمسلمي ل تنفّذ وصيته‪ ،‬بل ذلك حرام‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫ب ما ينفعُ اليّتَ من َقوْل غيه‬
‫با ُ‬

‫أجع العلماء على أن الدعاء للموات ينفعهم ويَصلُهم (‪ . )22‬واحتجّوا بقول اللّه تعال‪{ :‬وَالّذِي َن‬
‫جاؤوا مِنْ بَعْ ِدهِ ْم َيقُولُونَ َربّنا ا ْغفِرْ لَنا ولِ ْخوَانِنا الّذين َسبَقُونا با ِليَانِ}[الشر‪ ]10:‬وغي ذلك من‬
‫اليات الشهورة بعناها‪ ،‬وف الحاديث الشهورة كقوله صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الّلهُ ّم ا ْغفِ ْر لهْ ِل َبقِيعِ‬
‫حيّنا َو َميِّتنَا" (أبو داود (‬
‫الغَرَْقدِ" (مسلم (‪ ) )974‬وكقوله صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الّلهُ ّم ا ْغفِرْ لِ َ‬
‫‪ ) )3201‬وغي ذلك‪.‬‬

‫واختلف العلماء ف وصول ثواب قراءة القرآن‪ ،‬فالشهور من مذهب الشافعي وجاعة أنه ل يَصل‪.‬‬
‫وذهب أحدُ بن حنبل وجاعةٌ من العلماء وجاعة من أصحاب الشافعي إل أنه يَصل‪ ،‬والختيار أن‬
‫ب الثناء على اليت‬
‫يقولَ القارئُ بعد فراغه‪" :‬اللهمّ أوص ْل ثوابَ ما قرأته إل فلن‪ ،‬واللّه أعلم‪ .‬ويُستح ّ‬
‫وذكر ماسنه‪.‬‬

‫‪1/425‬ـ وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال مرّوا بنازة فأثنوا عليها‬
‫خيا‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬وَ َجَبتْ" ث مرّوا بأخرى فأثنوا عليها شرّا ‪ ،‬فقال‪َ " :‬و َجبَتْ"‬
‫فقال عمر بن الطاب رضي اللّه عنه‪ :‬ما وجبت؟ قال‪" :‬هَذَا أْثَنيْتُ ْم عََليْهِ َخيْرَا َف َو َجبَتْ لَ ُه الَّنةُ‪َ ،‬وهَذَا‬
‫أثَْنْيتُمْ عََليْهِ َشرّا َفوَ َجَبتْ لَ ُه النّارُ‪ ،‬أْنتُ ْم ُشهَدَاءُ اللّه ف ال ْرضِ"‪( .‬البخاري (‪ ، )1367‬ومسلم (‬
‫‪ ، )949‬والترمذي (‪ ، )1058‬والنسائي ‪4/49‬ـ ‪).50‬‬

‫‪ 2/426‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب السود قال‪:‬قدمتُ الدينةَ فجلستُ إل عمرَ بن الطاب‬
‫رضي اللّه عنه‪ ،‬فمرّتْ بم جنازة‪ ،‬فأُثن على صاحبها خيٌ‪ ،‬فقال عمر‪ :‬وجبتْ‪ ،‬ث مُرّ بأخرى فأُثن على‬
‫صاحبها خيٌ‪ ،‬فقال عمر‪ :‬وجبتْ‪ ،‬ث مُ ّر بالثالثة فأُثن على صاحبها شرّ فقا َل عمرُ‪ :‬وجبتْ؛ قال أبو‬
‫السود‪ :‬فقلت‪ :‬وما وجبت يا أمي الؤمني؟! قال‪ :‬قلتُ كما قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪":‬أيّمَا مُسِْلمٍ‬
‫لَثةٌ" فقلنا‪ :‬واثنان‪ ،‬قال‪" :‬وَاثْنانِ"‪ ،‬ث ل‬
‫لّنةَ" فقلنا‪ :‬وثلثة؟ قال‪َ " :‬وَث َ‬
‫خيْرٍ أدْ َخلَهُ اللّهُ ا َ‬
‫َشهِدَ لَهُ أَ ْرَب َعةٌ بِ َ‬
‫نسأله عن الواحد‪( .‬البخاري (‪ ، )1368‬والترمذي (‪ ، )1059‬والنسائي ‪ ).4/51‬والحاديث‬
‫بنحو ما ذكرنا كثية‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب ال ْموَات‬
‫ب النّهي عن س ّ‬
‫با ُ‬

‫‪177‬‬
‫‪ 1/427‬روينا ف صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ضوْا إل ما قَ ّدمُوا"‪( .‬البخاري (‪ ، )1393‬وأبو داود (‬
‫سبّوا المْوَاتَ فإّنهُمْ قَدْ أ ْف َ‬
‫وسلم‪" :‬ل تَ ُ‬
‫‪ ، )4899‬والنسائي ‪4/52‬ـ ‪))23( .63‬‬

‫‪ 2/428‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬بإسناد ضعيف ضعّفه الترمذي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه‬
‫عنهما قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬اذْكُرُوا مَحاس َن َموْتاكُمْ‪ ،‬وكُفّوا عَ ْن مَساوِيهمْ"‪( .‬‬
‫أبوداود (‪ ، )4900‬والترمذي (‪))24( )1019‬‬

‫قلت‪ :‬قال العلماء‪ :‬يَحرم سبّ اليت السلم الذي ليس معلنا بفسقه‪ .‬وأما الكافرُ والُعلِ ُن بفسقه من‬
‫السلمي ففيه خلف للسلف وجاءت فيه نصوص متقابلة‪ ،‬وحاصلُه أنه ثبت ف النهي عن سبّ الموات‬
‫ما ذكرناه ف هذا الباب‪.‬‬

‫وجاء ف الترخيص ف سبّ الشرار أشياء كثية‪ ،‬منها ما قصّه اللّ ُه علينا ف كتابه العزيز وأمرنا بتلوته‬
‫ث كثية ف الصحيح‪ ،‬كالديث الذي ذكر فيه صلى اللّه عليه وسلم عمروَ‬ ‫وإشاعة قراءته؛ ومنها أحادي ُ‬
‫بن ليّ‪ ،‬وقصة أب رِغال (‪ ، )25‬والذي كان يسرقُ الاجّ بحجنه (‪ ، )26‬وقصة ابن ُجدْعان (‬
‫‪ )27‬وغيهم‪ ،‬ومنها الديث الصحيح الذي قدّمناه لا مرّت جنازة فأثنوا عليها شرّا فلم ينكر عليهم‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم بل قال‪" :‬وجبتْ"‪.‬‬

‫ت الكفار يوز ذكر‬


‫واختلف العلماءُ ف المع بي هذه النصوص على أقوال أصحّها وأظهرُها أن أموا َ‬
‫مساويهم‪ .‬وأما أمواتُ السلمي العلني بفسق أو بدعة أو نوها‪ ،‬فيجوز ذكرُهم بذلك إذا كان فيه‬
‫مصلحة لاجة إليه للتحذير من حالم‪ ،‬والتنفي من قبول ما قالوه والقتداء بم فيما فعلوه‪ ،‬وإن ل تكن‬
‫حاجة ل يزْ؛ وعلى هذا التفصيل ُتنَزّ ُل هذه النصوص‪ ،‬وقد أجعَ العلماءُ على جرح الجروح من الرواة‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب ما يقولُه زائ ُر القبور‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/429‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها‪ ،‬قالت‪ :‬كان رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم كّلمَا كان ليلتُها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يرجُ من آخر الليل إل البقيع فيقول‪" :‬‬
‫السّل ُم عََلْيكُمْ دَارَ َق ْومٍ ُمؤْمِنيَ‪ ،‬وَأتاكُ ْم ما تُوعَدُونَ‪ ،‬غَدا ُمؤَجّلُونَ‪ ،‬وَإنّا إنْ شاءَ اللّ ُه بِكُمْ لحقُونَ؛ الّلهُمّ‬

‫‪178‬‬
‫ا ْغفِ ْر لهْ ِل َبقِيعِ الغَرَْقدِ"‪( .‬مسلم (‪ ، )974‬والنسائي ‪ ،4/93‬وف "اليوم والليلة" (‪( )1092‬‬
‫‪))28‬‬

‫‪ 2/430‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عائشة أيضا أنا قالت‪ :‬كيف أقولُ يا رسولَ اللّه؟! ـ تعن ف‬
‫ي وَالُسْلميَ‪َ ،‬ويَ ْرحَمُ اللّ ُه الُسَْتقْ ِدمِيَ‬
‫زيارة القبور ـ قال‪" :‬قُول‪ :‬السّلمُ على أهْلِ الدّيا ِر مِ َن ا ُلؤْمن َ‬
‫ِمنْكُ ْم َو ِمنّا وَالُسْتأ ِخرِين‪ ،‬وَإنّا إنْ شاءَ اللّه ِبكُمْ ل ِحقُونَ"‪( .‬مسلم (‪))29( )103( )974‬‬

‫‪ 3/431‬ورَوينا بالسانيد الصحيحة ف سنن أب داود والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هُريرة رضيَ اللّه‬
‫عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم خرج إل القبة فقال‪" :‬السّل ُم عَلَيكُم دَارَ َق ْومٍ‬
‫ُم ْؤمِنِيَ‪ ،‬وإنّا إنْ شاءَ اللّ ُه ِبكُمْ ل ِحقُونَ"‪( .‬أبو داود (‪ ، )3237‬والنسائي ‪ ،4/91‬وابن ماجه (‬
‫‪))30( )4306‬‬

‫‪ 4/432‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪ :‬مرّ رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم بقبور أهل الدينة‪ ،‬فأقبلَ عليهم بوجهه فقال‪" :‬السّلمُ عََلْيكُ ْم يا أهْ َل ال ُقبُورِ! َي ْغفِرُ اللّهُ لَنا‬
‫وََلكُمْ‪ ،‬أْنتُ ْم سََلفُنا َونَحْ ُن بالثَرِ" ( الترمذي (‪ ، )1053‬وإسناده حسن‪ ).‬قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫حسن‪.‬‬

‫‪ 5/433‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن بريدة رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫يعلّمهم إذا خرجوا إل القابر أن يقول قائلهم‪" :‬السّل ُم عََليْكُ ْم أهْلَ الدّيا ِر مِ َن الؤْ ِمنِيَ‪ ،‬وإنّا إنْ شاءَ اللّهُ‬
‫بِكُمْ لَل ِحقُونَ‪ ،‬أسألُ اللّهُ َلنَا وَلكُمُ العافَيةَ"‪ .‬ورويناه ف كتاب النسائي وابن ماجه هكذا‪ ،‬وزاد بعد‬
‫قوله‪ :‬للحقون‪" :‬أنْتُمْ َلنَا فَ َرطٌ‪َ ،‬ونَحْنُ َلكُ ْم َتبَعٌ"‪( .‬مسلم (‪ ، )975‬والنسائي ‪ ،4/94‬وابن ماجه (‬
‫‪ ، )1547‬وهو عند النسائي ف "اليوم والليلة" (‪).)31()1091‬‬

‫‪ 6/434‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أتى‬
‫البقيعَ فقال‪":‬السّل ُم عََلْيكُمْ دار َق ْو ٍم ُمؤْ ِمنِيَ‪ ،‬أْنتُمْ لَنا َفرَطٌ‪ ،‬وإنّا بِكُمْ ل ِحقُونَ؛ الّلهُ ّم ل تَحْ ِرمْنا أ ْج َرهُمْ‬
‫وَل ُتضِلّنا َبعْ َدهُمْ"‪( .‬ابن السن (‪))32( )596‬‬

‫ويُستحب للزائر الِكثار من قراءة القرآن والذكر‪ ،‬والدعاء لهل تلك القبة وسائر الوتى والسلمي‬
‫أجعي‪ .‬ويُستحبّ الِكثار من الزيارة‪ ،‬وأن يكث َر الوقوفَ عند قبور أهل الي والفضل‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ب ني الزائر مَ ْن رآه يبكي جزعا عند قب‪ ،‬وأمرِه ِإيّاه بالص ِب ونيِهِ أيضا عن غي ذلك ما نى‬‫با ُ‬
‫الشرعُ عنه‬

‫‪ 1/435‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬م ّر النبّ صلى اللّه عليه‬
‫صبِرِي"‪( .‬البخاري (‪ ، )1283‬ومسلم (‪) .)926‬‬ ‫وسلم بامرأة تبكي عند قب فقال‪" :‬اتّقي اللّهَ وَا ْ‬

‫‪ 2/436‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وابن ماجه‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن بشي بن معبد ـ العروف‬
‫بابن الصاصية ـ رضي اللّه عنه قال‪ :‬بينما أنا أُماشي النبّ صلى اللّه عليه وسلم نظر فإذا رجل يشي‬
‫بي القبور عليه نعلن‪ ،‬فقال‪" :‬يا صَا ِحبَ السّْبِتيَّتيْنِ ألْ ِق ِسبِْتّيتَيْكَ" وذكر تام الديث‪( .‬أبو داود (‬
‫‪ ، )3230‬والنسائي ‪ ،4/296‬وابن ماجه (‪)33( . )1568‬‬

‫قلت‪ :‬السّبتية‪ :‬النعل الذي ل شعر عليها‪ ،‬وهي بكسر السي الهملة وإسكان الباء الوحدة‪ .‬وقد أجعت‬
‫المة على وجوب المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬ودلئله ف الكتاب والسنّة مشهورة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب البكاء والوف عند الرور بقبور الظالي وبصارعهم وإظهار الفتقار إل اللّه تعال والتحذير‬
‫با ُ‬
‫من الغفلة عن ذلك‬

‫‪ 1/437‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫جرَ ديارَ ثود ـ‪" :‬ل تَدْخُلُوا على َهؤُل ِء الُعَذّبيَ إِ ّل أنْ‬
‫وسلم قال لصحابه ـ يعن لا وصلوا الِ ْ‬
‫تَكُونُوا باكِيَ‪ ،‬فإنْ لَ ْم َتكُونُوا باكيَ فَل تَ ْدخُلُوا عََلْيهِ ْم ل يُصيُبكُم ما أصَاَبهُمْ"‪(.‬البخاري (‪، )433‬‬
‫وهو ف صحيح مسلم أيضا (‪.) )2980‬‬

‫•كتاب الذكار ف صلوات مصوصة‬


‫بابُ الذكارِ الستحّب ِة يو َم المعة وليلتها والدّعاء‬ ‫‪o‬‬

‫حبّ الِكثار من ذكر اللّه تعال بعد صلة‬ ‫ستَ َ‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬يُ ْ‬
‫المعة‬
‫بابُ الذْكَارِ الشروعةِ ف العِيدين‬ ‫‪o‬‬

‫ب التكبي ليلت العيدين‬‫‪ ‬فصل‪ :‬ويستح ّ‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬مشروعية التكبي ف العيدين‬

‫‪180‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬كيفية التكبي‬
‫بابُ الَذْكارِ ف العَشْر ا ُلوَلِ من ذي الِجّة‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب الذكار ف صلوات مصوصة‬

‫بابُ الذكارِ الستحّب ِة يو َم المعة وليلتها والدّعاء‬

‫يُستحبّ أن يُكْثرَ ف يومها وليلتها من قراءة القرآن والذكار والدعوات‪ ،‬والصلة على رسول اللّه(‬
‫صلى اللّه عليه وسلم) ويقرأ سورة الكهف ف يومها‪ .‬قال الشافعي رحه اللّه ف كتاب "المّ"‪ :‬وأستحبّ‬
‫قراءتَها أيضا ف ليلة المعة‪.‬‬

‫‪ 1/438‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه (صلى اللّه‬
‫عليه وآله وسلم ) ذك َر يو َم المعة فقال‪":‬في ِه سا َع ٌة ل ُيوَاِفقُها َعبْ ٌد مُسِْل ٌم َوهُوَ قَائِ ٌم ُيصَلّي يَسألُ اللّهَ‬
‫تَعال َشيْئا إِلّ أعْطا ُه إيّاهُ" وأشار بيده يقللها‪)1( .‬‬

‫قلت‪ :‬اختلفَ العلماءُ من السلف واللف ف هذه الساعة على أقوال كثية منتشرة غاية النتشار‪ ،‬وقد‬
‫جعتُ القوالَ الذكور َة فيها كلها ف شرح الهذّب وبيّنتُ قائلها‪ ،‬وأن كثيا من الصحابة على أنا بعد‬
‫العصر‪ .‬والراد بقائم ُيصَلّي‪ :‬من ينتظ ُر الصلة فإنه ف صلة‪ .‬وأصحّ ما جاء فيها‪:‬‬

‫‪ 2/439‬ما رويناه ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب موسى الشعري( رضي اللّه عنه)أنه قال‪ :‬سعتُ رسولَ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬ه َي ما َبيْنَ أ ْن يَجْلِس الِمامُ إل أنْ َي ْقضِ َي الصّلةَ" يعن يلس على‬
‫النب‪.‬‬

‫أما قراءةُ سورة الكهف‪ ،‬والصّلةُ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاءتْ فيهما أحاديث مشهورة‬
‫تركتُ نقلَها لطول الكتاب؛ لكونا مشهورة‪ ،‬وقد سبق جلة منها ف بابا‪)2( .‬‬

‫‪ 3/440‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ (صلى اللّه عليه وسلم )قال‪" :‬‬
‫ليّ ال َقيّو َم وأتُوبُ إَِليْهِ‬
‫ح َة َي ْومِ الُ ُم َعةِ َقبْلَ صَلةِ الغَدَاةِ‪ :‬أ ْسَتغْفِرُ اللّ َه الّذي ل إِلهَ إِ ّل ُهوَ ا َ‬ ‫صبِي َ‬
‫مَنْ قالَ َ‬
‫حرِ"‪)3(.‬‬ ‫ت ِمثْلَ َزبَ ِد البَ ْ‬‫ت َغفَرَ اللّهُ لَهُ ُذنُوبَ ُه وََلوْ كَاَن ْ‬
‫ثَلثَ مَرّا ٍ‬

‫‪181‬‬
‫‪ 4/441‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان رسولُ اللّه( صلى اللّه عليه وسلم) إذا‬
‫ب مَنْ‬‫دخل السجد يومَ المعة أخذ بعضادت الباب ث قال‪" :‬الّلهُمّ ا ْجعَلْن أوْجَ َه مَ ْن َتوَجّهَ إلَيْكَ‪ ،‬وأقْرَ َ‬
‫َتقَرّبَ إَِليْكَ‪ ،‬وأ ْفضَ َل مَ ْن سألَكَ وَ َر ِغبَ إَِليْكَ"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬يُستحبّ لنا نن أن نقول‪ :‬ا ْجعَلْن مِ ْن أوْجَ ِه مَ ْن َتوَجّهَ إَِليْكَ َومِنْ أقْرَبِ َومِنْ أَ ْفضَلِ‪ .‬فنيد لفظة (‬
‫‪)4‬‬

‫وأما القراءة الستحبة ف صلة المعة وف صلة الصبح يوم المعة فتقدّم بيانا ف باب أذكار الصلة‪.‬‬

‫‪ 5/442‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ب النّاسِ‪َ ،‬سبْعَ‬
‫ب الفَلَقِ‪ ،‬وَقُ ْل أعُو ُذ بِرَ ّ‬
‫وسلم‪" :‬مَنْ َقرَأ بَعْدَ صَل ِة الُ ُم َعةِ‪ُ :‬ق ْل ُهوَ اللّهُ أ َحدٌ‪ ،‬وَقُلْ َأعُوذُ بِرَ ّ‬
‫مَرّاتٍ أعا َذهُ اللّ ُه عَ ّز َوجَ ّل بِها مِنَ السّوءِ إل الُ ُم َع ِة الُخْرَى"‪)5(.‬‬

‫ضَيتِ الصّلةُ‬
‫ب الِكثار من ذكر اللّه تعال بعد صلة المعة‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬فإذَا ُق ِ‬ ‫ح ّ‬‫ستَ َ‬
‫فصل‪ :‬يُ ْ‬
‫فاْنتَشِرُوا ف ال ْرضِ وَابَْتغُوا مِنْ َفضْلِ اللّ ِه وَاذْ ُكرُوا اللّه َكثِيا َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُونَ}[المعة‪.[10:‬‬

‫بابُ الذْكَا ِر الشروعةِ ف العِيدين‬

‫اعلم أنه يُستحبّ إحياء ليلت العيدين بذكر اللّه تعال والصلة وغيها من الطاعات للحديث الوارد ف‬
‫حتَسِبا‬
‫ذلك‪" :‬مَنْ أَحْيا َليْلَت العِيدِ لَ ْم يَ ُمتْ َق ْلبُهُ َي ْو َم تَمُوتُ القُلُوبُ" ورُوي "مَنْ قَامَ َليْلَت العِي َديْنِ لِلّ ِه ُم ْ‬
‫ت القُلُوبُ" هكذا جاء ف رواية الشافعي وابن ماجه (‪ ، )6‬وهو حديث ضعيف‬ ‫ي تَمُو ُ‬ ‫لَ ْم يَ ُمتْ قَ ْلبُهُ ح َ‬
‫رويناه من رواية أب أمامة مرفوعا وموقوفا‪ ،‬وكلها ضعيف‪ ،‬لكن أحاديث الفضائل يُتسامح فيها كما‬
‫قدّمناه ف أوّل الكتاب‪.‬‬

‫واختلف العلماءُ ف القدر الذي يَحصل به الِحياءُ‪ ،‬فالظه ُر أنه ل يصل إل بعظم الليل‪ ،‬وقيل‪ :‬يَحصل‬
‫بساعة‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويستحبّ التكبي ليلت العيدين‪ ،‬ويُستحبّ ف عيد الفطر من غروب الشمس إل أن يُحرم‬
‫ت وغيها من الحوال‪ .‬ويُكثر منه عند ازدحام الناس‪،‬‬ ‫ف الصلوا ِ‬
‫الِمام بصلة العيد‪ ،‬ويُستحبّ ذلك خل َ‬
‫ويُ َكبّر ماشيا وجالسا ومضطجعا‪ ،‬وف طريقه‪ ،‬وف السجد‪ ،‬وعلى فراشه‪ ،‬وأما عيدُ الضحى فُي َكبّر فيه‬

‫‪182‬‬
‫من بعد صلة الصبح من يوم عَرَفة إل أن يصل َي العصر من آخر أيام التشريق‪َ ،‬وُي َكبّر خلفَ هذه ال َعصْرِ‬
‫ث يقطع‪ ،‬هذا هو الصحّ الذي عليه العمل‪ ،‬وفيه خلف مشهور ف مذهبنا ولغينا‪ ،‬ولكن الصحيح ما‬
‫ذكرناه‪ ،‬وقد جاء فيه أحاديث رويناها ف سنن البيهقي‪ ،‬وقد أوضحتُ ذلك كلّه من حيث الديث‬
‫ونقل الذهب ف شرح الهذّب وذكرتُ جيعَ الفروع التعلقة به‪ ،‬وأنا أُش ُي هنا إل مقاصده متصرة‪.‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬لفظ التكبي أن يقول‪" :‬اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ أ ْكبَرُ" هكذا ثلثا متواليات‪ ،‬ويكرّر هذا‬
‫على حسب إرادته‪ .‬قال الشافعي والصحاب‪ :‬فإن زادَ فقال‪" :‬اللّه أ ْكبَرُ كَبيا‪ ،‬والَمْدُ لِلّهِ كَثيا‪،‬‬
‫خِلصِيَ لَهُ الدي َن وََلوْ َك ِرهَ الكافِرُون‪ ،‬ل إِلهَ‬‫َوسُبْحانَ اللّ ِه ُبكْ َرةً وأصِيلً‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وَل َنعْبُدُ إِلّ ِإيّاهُ مُ ْ‬
‫ب وَحْ َدهُ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّه واللّهُ أ ْكبَرُ" كانَ حَسَنا‪.‬‬‫ق َوعْ َدهُ‪َ ،‬وَنصَ َر َعبْ َدهُ‪َ ،‬وهَ َزمَ الحْزَا َ‬
‫إِلّ اللّ ُه َوحْ َدهُ‪ ،‬صَ َد َ‬

‫وقال جاعة من أصحابنا‪ :‬ل بأسَ أن يقول ما اعتاده الناسُ‪ ،‬وهو "اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ أكْبَرُ اللّهُ أكْبَرُ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ‬
‫اللّهُ‪ ،‬واللّهُ أكْبَرُ اللّهُ أ ْكبَرُ ولِلّ ِه الَمْدُ"‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن التكبي مشروعٌ بعد ك ّل صلة تُصلّى ف أيام التكبي‪ ،‬سواء كانت فريضة أو نافلة أو‬
‫صلة جنازة‪ ،‬وسواءٌ كانت الفريضة مؤدّاة أو مقضية أو منذروة‪ ،‬وف بعض هذا خلف ليس هذا موضع‬
‫بسطه‪ ،‬ولكن الصحيح ما ذكرته وعليه الفتوى وبه العمل‪ ،‬ولو كبّ َر الِمامُ على خلف اعتقاد الأموم‬
‫بأن كان يَرى الِمامُ التكب َي يوم عرفة أو أيام التشريق‪ ،‬والأموم ل يَراه‪ ،‬أو عكسه‪ ،‬فهل يتابعه‪ ،‬أم يعمل‬
‫ت بالسلم من‬ ‫باعتقاد نفسه؟ فيه وجهان لصحابنا‪ :‬الص ّح يَعمل باعتقاد نفسه‪ ،‬لن القدوة انقطع ْ‬
‫الصلة بلف ما إذا كبّر ف صلة العيد زيادة على ما يراه الأموم‪ ،‬فإنه يُتابعه من أجل القُدوة‪.‬‬

‫سنّة أن يُكب ف صلة العيد قبل القراءة تكبياتٍ زوائد‪ ،‬فُي َكبّر ف الركعة الول سب َع‬ ‫فصل‪ :‬وال ّ‬
‫تكبيات سوى الفتتاح‪ ،‬وف الثانية خسَ تكبيات سوى تكبية الرفع من السجود‪ ،‬ويكو ُن التكبيُ ف‬
‫الول بعد دعاء الستفتاح وقبل التعوّذ‪ ،‬وف الثانية قبل التعوّذ‪ .‬ويستحبّ أن يقولَ بي كل تكبيتي‪:‬‬
‫سبحان اللّه والمد للّه ول إِله إِلّ اللّه واللّه أكب‪ ،‬هكذا قاله جهور أصحابنا‪ .‬وقال بعض أصحابنا‪:‬‬
‫ليْ ُر َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ قَديرٌ"‪.‬‬
‫ك وَلَ ُه الَمْدُ‪ِ ،‬بيَ ِدهِ ا َ‬
‫يقول‪" :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْ ُ‬

‫وقال أبو نصر بن الصباغ وغيه من أصحابنا‪ :‬إن قال ما اعتاده الناس فحَسَن‪ ،‬وهو "اللّهُ أ ْكبَرُ كَبيا‪،‬‬
‫والَ ْمدُ لِلّهِ َكثِيا‪َ ،‬و ُسبْحانَ اللّ ِه ُبكْ َرةً وأصِيلً" وكل هذا على التوسعة‪ ،‬ول َحجْرَ ف شيء منه‪ ،‬ولو ترك‬
‫ت صلته ول يسجد للسهو‪ ،‬ولكن فاتته‬ ‫ح ْ‬‫جيع هذا الذكر وترك التكبيات السبع والمس‪ ،‬ص ّ‬

‫‪183‬‬
‫الفضيلة؛ ولو نسي التكبيات حت افتتح القراءة ل يرجع إل التكبيات على القول الصحيح‪ .‬وللشافعي‬
‫قول ضعيف أنه يرجع إليها‪ .‬وأما الطبتان ف صلة العيد فيُستحبّ أن يُ َكبّرَ ف افتتاح الول تسعا‪ ،‬وف‬
‫الثانية سبعا‪ .‬وأما القراءة ف صلة العيد فقد تقدّم بيان ما يُستحبّ أن يقرأ فيها ف باب صفة أذكار‬
‫الصلة‪ ،‬وهو أنه يقرأ ف الول بعد الفاتة سورة "ق"‪ ،‬وف الثانية {اقْتَ َرَبتِ السّا َعةُ} وإن شاء ف الول‬
‫ك العْلَى} وف الثانية {هَل أتاكَ حَدِيثُ الغا ِشيَة‪.‬‬
‫{سَبّ ِح اسْم َربّ َ‬

‫ب الَذْكارِ ف العَشْر الُوَلِ من ذي الِجّة‬


‫با ُ‬

‫قال اللّه تعال‪َ { :‬ويَذْكُروا اسْمَ اللّهِ فِي أيّامٍ َمعْلُوماتٍ} [الج‪ [28:‬الية‪ .‬قال ابن عباس والشافعي‬
‫والمهور‪ :‬هي أيامُ العشر‪.‬‬

‫واعلم أنه يُستحبّ الِكثار من الذكار ف هذا العشر زيادةً على غيه‪ ،‬ويُستحب من ذلك ف يوم عَرَفة‬
‫أكثر من باقي العشر‪.‬‬

‫‪ 1/443‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أنه‬
‫قال‪" :‬ما العَمَلُ ف أيّامٍ أ ْفضَ َل ِمنْها ف هَ ِذهِ قالوا‪ :‬وَل الهادُ فِي سَبيل اللّه؟ قال‪ :‬وَل الِهادُ‪ ،‬إِلّ رَجُلٌ‬
‫شيْءٍ" هذا لفظ رواية البخاري وهو صحيح‪ .‬وف رواية الترمذي‪:‬‬ ‫ج يُخاطِ ُر بَنفْسِ ِه وَمالِه َفلَ ْم يَ ْرجِ ْع بِ َ‬
‫َخرَ َ‬
‫"ما مِ ْن أيّا ٍم العَمَ ُل الصّالِحُ فِيهنّ أ َحبّ إل اللّه تعال مِ ْن هَ ِذهِ ا َليّامِ العَشْرِ" وف رواية أب داود مثل هذه‪،‬‬
‫إل أنه قال‪" :‬مِ ْن هَ ِذ ِه اليّام" يعن العشر‪)7( .‬‬

‫‪ 2/444‬ورويناه ف مسند الِمام أب ممد عبد اللّه بن عبد الرحن الدارمي‪ ،‬بإسناد الصحيحي‪ ،‬قال‬
‫فيه‪:‬‬

‫جةِ‪ ،‬قيل‪ :‬ول الهاد؟" وذكر تامه‪ ،‬وف رواية "‬


‫"ما العَمَلُ فِي أيّامٍ أفْضَ َل مِ َن العَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الِ ّ‬
‫عَشْ ِر الضْحَى"‪)8(.‬‬

‫‪ 3/445‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪،‬عن النب صلى اللّه عليه‬
‫ت أنا وَالّنبِيّونَ مِنْ َقبْلِي‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل‬
‫وسلم قال‪َ " :‬خيْرُ الدّعاءِ دعا ُء َي ْومِ عَرََفةَ‪َ ،‬و َخيْرُ ما قُ ْل ُ‬
‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ قَدِيرٌ" ضعّفَ الترمذي إسناده‪)9( .‬‬ ‫شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْ ُ‬

‫‪184‬‬
‫‪ 4/446‬ورويناه ف موطأ الِمام مالك‪ ،‬بإسناد مرسل وبنقصان ف لفظه‪ ،‬ولفظه‪" :‬أ ْفضَلُ الدّعاءِ دعاءُ‬
‫ت أنا وَالنِّبيّو َن مِنْ َقبْلِي‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل َشرِيكَ لَهُ"‪.‬‬
‫َيوْ ِم عَرََفةَ‪ ،‬وأ ْفضَلُ ما قُ ْل ُ‬

‫س يوم عَرََفةَ‪،‬‬
‫وبلغنا عن سال (‪ )10‬بن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهم؛ أنه رأى سائلً يسألُ النا َ‬
‫فقال‪ :‬يا عاجزُ! ف هذا اليوم يُسأ ُل غيُ اللّه عزّ وجلّ؟‬

‫وقال البخاري ف صحيحه (‪ : )11‬كان عمر رضي اللّه عنه ُي َكبّرُ ف ُقّبتِهِ بن فيسمعه أهلُ السجد‬
‫ن تلك اليام‬
‫ن تكبيا‪ .‬قال البخاري "وكان ابنُ عم َر يُكبّر بِم ً‬ ‫فيُكبّرون ويُ َكبّر أهلُ السواق حت ترت ّج مِ ً‬
‫وخلف الصلوات‪ ،‬وعلى فراشه‪ ،‬وف فسطاطه وملسه ومشاه تلك اليام جيعا") ‪ :‬وكان ابن عمر وأبو‬
‫هريرة رضي اللّه عنهما يَخرجان إل السوق ف أيام العشر ُي َكبّران ويُ َكبّر الناسُ بتكبيها‪)12( .‬‬

‫•كتاب أذكار الصّيام‬


‫بابُ ما يقوله إذا رأى الللَ‪ ،‬وما يقولُ إذا رأى القمرَ‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫صوْم‪.‬‬‫بابُ الذكارِ الستحبّة ف ال ّ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقو ُل عن َد الِفْطَار‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما َيقُولُ إذا أفطرَ عندَ قوم‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَدعُو به إذا صَادَفَ ليلةَ القَدْر‬ ‫‪o‬‬

‫باب الَذْكَارِ ف العِْتكَاف‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب أذكار الصّيام‬

‫بابُ ما يقوله إذا رأى الللَ‪ ،‬وما يقولُ إذا رأى القمرَ‪.‬‬

‫‪ 1/473‬روينا ف مسند الدارمي وكتاب الترمذي‪ ،‬عن طلحة بن عبيد اللّه رضي اللّه عنه أن الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رأى اللل قال‪" :‬الّلهُ ّم أهِلّهُ عََليْنا باليُمْ ِن وَالِيانِ وَالسّل َمةِ وَا ِلسْلمِ َربّي‬
‫وَ َربّكَ اللّهُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)1( .‬‬

‫‪ 2/474‬وروينا ف مسند الدارمي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬كان رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم إذا رأى اللل قال‪" :‬اللّهُ أ ْكبَرُ‪ ،‬الّلهُ ّم أهِلّ ُه عََليْنا بالمْ ِن والِيْمَا ِن والسّل َم ِة والِسلمِ وَالّتوْفِيقِ‬
‫ب َوتَرْضَى‪َ ،‬ربّنا َو َربّكَ اللّهُ"‪)2(.‬‬
‫ح ّ‬
‫لِمَا تُ ِ‬

‫‪185‬‬
‫‪ 3/475‬وروينا ف سنن أب داود ف كتاب الدب‪ ،‬عن قتادة أنه بلغه؛أن نبّ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم كان إذا رأى الللَ قال‪":‬هِللٌ َخيْ ٍر وَ ُرشْدٍ‪ ،‬هِللُ َخيْ ٍر وَ ُرشْدٍ‪ ،‬هِللُ َخيْ ٍر وَ ُرشْدٍ‪ ،‬آ َمنْتُ باللّه‬
‫شهْرِ َكذَا"‪.‬‬‫شهْرِ كَذَا وجَا َء بِ َ‬
‫الّذي خََلقَكَ‪ ،‬ثَلث مراتٍ‪ ،‬ث يقول‪ :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذي َذ َهبَ بِ َ‬

‫وف رواية (‪ )3‬عن قتادة "أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رأى اللل صرف وجهَه عنه" هكذا‬
‫رواها أبو داود مُر َسلَي‪ .‬وف بعض نسخ أب داود‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬ليس ف هذا الباب عن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم حديث مُسند صحيح‪)4( .‬‬

‫‪ 476\5‬ورويناه ف كتاب ابن السن (‪ ، )5‬عن أب سعيد الدري‪ ،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫(‪)6‬‬

‫‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت أخذ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيدي‪ ،‬فإذا القمر حي طلع‬
‫فقال‪َ" :‬ت َعوّذِي باللّه مِ ْن شَ ّر هَذَا الغاسقِ إذَا وََقبَ" (‪)7‬‬

‫صوْم‪.‬‬
‫بابُ الذكارِ الستحبّة ف ال ّ‬

‫يُستحبّ أن يمعَ ف نيّة الصوم بي القلب واللسان كما قلنا ف غيه من العبادات‪ ،‬فإن اقتصر على‬
‫سنّة إذا شتمَه غيُه أو تَسَافَه عليه ف حال‬
‫القلب كفاه‪ ،‬وإن اقتصرَ على اللسان ل يزئه بل خلف‪ ،‬وال ّ‬
‫صومه أن يقول‪ :‬إن صائم إن صائم‪ ،‬مرتي أو أكثر‪.‬‬

‫‪1/478‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫جهَلْ ("فل يرفث ول يهل"‪ :‬قال ابن‬ ‫ث وَل َي ْ‬
‫صيَامُ ُجّنةٌ‪ ،‬فإذَا صامَ أ َحدُكُمْ فَل يَرُْف ْ‬ ‫عليه وسلم قال‪" :‬ال ّ‬
‫علّن‪ :‬كذا فيما وقفت عليه من نسخ‪ ،‬وفيه حذف وهو كما ف الصحيحي "فإذا كان أحدُكم صائما‬
‫جهَل" ول ينبّه على هذا الافظ ولعله على الصواب فيما وقف عليه من الصول‪ ،‬ث رأيته‬ ‫فل يرفثْ ول يَ ْ‬
‫ملحقا ف أصل مصحح) ‪َ ،‬وِإنِ امْ ُر ٌؤ قاتَلَهُ أو شاتَمَهُ َف ْليَقُلْ‪ :‬إن صَائِمٌ إن صَائِ ٌم َم ّرَتيْن"‪)8(.‬‬

‫قلت‪ :‬قيل إنه يقول بلسانه ويُسمع الذي شاته لعلّه ينجر‪ ،‬وقيل يقوله بقلبه لينكفّ عن السافهة ويافظ‬
‫على صيانة صومه‪ ،‬والوّل أظهر‪ .‬ومعن شاته‪ :‬شتمه متعرضا لشاتته‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫‪ 2/479‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسولُ اللّه‬
‫لَثةٌ َل تُ َردّ َد ْع َوُتهُم‪ :‬الصّائِمُ َحتّى ُيفْطِرَ‪ ،‬وَالِمامُ العادِلُ‪ ،‬وَ َد ْع َوةُ الَظْلُومِ" قال‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬ث َ‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬قلت‪ :‬هكذا الرواية "حت" بالتاء الثناة فوق‪)9( .‬‬

‫بابُ ما يقو ُل عن َد الِفْطَار‬

‫‪ 1/480‬روينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم إذا أفطر قال‪َ " :‬ذ َهبَ الظّمأُ‪ ،‬واْبتَّلتِ العُرُوقُ‪َ ،‬وثََبتَ ال ْجرُ إِنْ شاءَ اللّ ُه تَعال"‪.‬‬

‫ك بأنُ ْم ل ُيصِيُبهُ ْم ظَمأُ} [التوبة‪:‬‬


‫قلت‪ :‬الظمأ مهموز الخر مقصور‪ :‬وهو العطش‪ .‬قال اللّه تعال‪{ :‬ذل َ‬
‫ت مَن اشتبه عليه فتوهه مدودا‪)10( .‬‬ ‫‪ ]120‬وإنا ذكرت هذا وإن كان ظاهرا لن رأي ُ‬

‫‪ 2/481‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن معاذ بن زهرة أنه بلغه أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا‬
‫ت َوعَلى رِزْقِكَ أفْطَرْتُ" هكذا رواه مر َسلً‪)11( .‬‬
‫أفطر قال‪":‬الّلهُمّ لَكَ صُ ْم ُ‬

‫‪ 3/482‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن معاذ بن زهرة قال‪:‬كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا‬
‫أفطر قال‪" :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذي أعانَنِي َفصَ ْمتُ‪ ،‬وَ َرزََقنِي فأفْطَرْتُ"‪)12(.‬‬

‫‪ 4/483‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬كان النبّ صلى اللّه عليه‬
‫صمْنا‪ ،‬وَعلى رِزْقِكَ أَفْطَرْنا‪َ ،‬فَتقَبّ ْل ِمنّا إنّكَ أْنتَ السّمِيعُ (‪)13‬‬
‫وسلم إذا أفطر قال‪" :‬الّلهُمّ لَكَ ُ‬

‫‪ 5/484‬وروينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن أب مليكة عن عبد اللّه بن عمرو بن‬
‫العاص رضي اللّه عنهما قال‪ :‬سعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إنّ للصّائِ ِم ِعنْدَ فِ ْط ِرهِ‬
‫ك بِرَ ْح َمتِكَ‬ ‫لَ َد ْعوَ ًة ما تُ َردّ" قال ابن أب مُليكة‪ :‬سعتُ عبد اللّه بن عمرو إذا أفطرَ يقول‪":‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬
‫الّتِي َوسِ َعتْ كُ ّل َشيْء أنْ َت ْغفِرَ ل"‪)14(.‬‬

‫بابُ ما َيقُولُ إذا أفطرَ عن َد قوم‪.‬‬

‫‪ 1/485‬روينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن النب صلى اللّه‬
‫عليه وسلم جاء إل سعد بن عبادة فجاء ببز وزيت فأكل‪ ،‬ث قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أفْ َطرَ‬
‫عِنْدَكُمُ الصّائِمُونَ‪ ،‬وأكَ َل َطعَامَكُ ُم البْرَارُ‪ ،‬وَصَّلتْ عََليْكُ ُم ا َللَِئ َكةُ"‪)15(.‬‬

‫‪187‬‬
‫‪ 2/486‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا أفطر عند قوم‬
‫دعا لم فقال‪" :‬أفْ َط َر ِعنْدَكُ ُم الصّائِمُونَ" إل آخره‪)16( .‬‬

‫ب ما يَدعُو به إذا صَادَفَ ليل َة القَدْر‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/487‬روينا بالسانيد الصحيحة ف كتب الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيها‪ ،‬عن عائشة رضي‬
‫اللّه عنها قالت‪ :‬قلتُ يارسول اللّه! إن علمتُ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال‪" :‬قُول‪ :‬الّلهُ ّم إنّكَ َع ُفوّ‬
‫ب ال َع ْفوَ فاعْفُ َعنّي" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)17( .‬‬ ‫ح ّ‬
‫تُ ِ‬

‫قال أصحابَنا رحهم اللّه‪ :‬يُستحبّ أن يُكثِر فيها من هذا الدعاء‪ ،‬ويُستحبّ قراءةُ القرآن وسائر الذكار‬
‫والدعوات الستحبة ف الواطن الشريفة‪ ،‬وقد سب َق بيانا مموع ًة ومفرّقةً‪ .‬قال الشافعي رحه اللّه‪:‬‬
‫أستحبّ أن يكون اجتهادُه ف يومها كاجتهاده ف ليلتها‪ ،‬هذا نصّه‪ :‬ويستحبّ أن يُكثرَ فيها من‬
‫الدعوات بهمات السلمي‪ ،‬فهذا شعار الصالي وعباد اللّه العارفي‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫باب الَذْكَارِ ف ال ْعِتكَاف‬

‫يُستحبّ أن يُكثر فيه من تلوة القرآن وغيِه من الذكار‪.‬‬

‫•كتاب أذكار الجّ‬


‫فصل‪ :‬يُستحبّ أن يصلّي على رسول اللّه بعد التلبية‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬ما يفعله الحرم إذا وصل مكة‬ ‫‪‬‬

‫فصل ‪ :‬يستحب أن يرفع يديه ويدعوا عند الكعبة‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬ف أذكار الطواف‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬الدعاء ف اللتزم‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬الدعاء ف الِجْر‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬الدعاء ف البيت‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬ف أذكار السعي‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬ما يقوله ف خروجه من مكة إل عرفات‬ ‫‪‬‬

‫فصل‪ :‬ف الذكار والدعوات الستحبّات بعرفات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪188‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الذكار الستحبّة ف الِفاضة من عَرَفَة إل مزدلفة‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪:‬الذكار الستحبة ف الزدلفة والشعر الرام‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬الذكار الستحبّة ف الدفع من الشعر الرام إل منً‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف الذكار الستحبة بِن َيوْمَ النحر‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف الذكار الستحبة بِنً ف أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ ‬فصل ‪ :‬يستحب له التهليل والتكبي بعد الفراغ من من‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬فيما يقوله إذا شرب ماء زمزم‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ما يفعله إذا أراد الروج من مكة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف زيارة قب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫وأذكارها‬

‫كتاب أذكار الجّ‬

‫اعلم أن أذكار الجّ ودعواته كثية ل تنحصر‪ ،‬ولكن نُشي إل الهمّ من مقاصدها‪ .‬والذكار الت فيه‬
‫على ضربي‪ :‬أذكار ف سفره‪ ،‬وأذكار ف نفس الجّ‪ .‬فأما الت ف سفره فنؤخرها لنذكرَها ف أذكار‬
‫السفار‪ -‬إن شاء اللّه تعال‪ -‬وأما الت ف نفس الج فنذكرُها على ترتيب عمل ال ّج إن شاء اللّه تعال‪،‬‬
‫وأحذفُ الدلة والحاديث ف أكثرها خوفا من طول الكتاب‪ ،‬وحصول السآمة على مُطاِلعِهِ‪ ،‬فإن هذا‬
‫ب طويلٌ جدا‪ ،‬فلهذا أسلُك فيه الختصار إن شاء اللّه تعال‪.‬‬
‫البا َ‬

‫فأول ذلك‪ :‬إذا أراد الِحرام اغتسل وتوضأ ولبس إزاره ورداءه (‪ ، )1‬وقد قدّمنا ما يقوله التوضىء‬
‫والغتسل‪ ،‬وما يقول إذا لبس الثوب ث يُصلّي ركعتي‪ ،‬وتقدمت أذكار الصلة‪ ،‬ويُستحبّ أن يقرأ ف‬
‫الركعة الول بعد الفاتة {قُ ْل يا أّيهَا الكافِرُونَ} وف الثانية {قُ ْل ُهوَ اللّهُ أحَدٌ} فإذا فرغ من الصلة‬
‫ف الصلة‪ ،‬فإذا أراد الِحرام‬ ‫ت والذكار خل َ‬ ‫استحبّ أن يدعوَ با شاء‪ ،‬وتقدّم ذكرُ جُملٍ من الدعوا ِ‬
‫ت الجّ وأحرمتُ به للّه عزّوجلّ‪ ،‬لبّيك اللّهمّ‬ ‫نواه بقلبه‪ .‬ويُستحبّ أن يساعدَ بلسانه قلبه‪ ،‬فيقول‪ :‬نوي ُ‬
‫لبّيك إل آخر التلبية‪ .‬والواجب نيّة القلب واللفظ سنّة‪ ،‬فلو اقتصر على القلب أجزأه‪ ،‬ولو اقتصر على‬
‫اللسان ل يزئه‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫قال الِمام أبو الفتح سُليم بن أيوب الرازي‪ :‬لو قال يعن بعد هذا‪ :‬اللّهمّ لك أحرم نفسي وشعري‬
‫وبشري ولمي ودمي كان حسنا‪ .‬وقال غيه‪ :‬يقول أيضا‪ :‬الله ّم إن نويت ال ّج فأعنّي عليه وتقبله‬
‫من‪ ،‬ويلبّي فيقول‪ :‬لبيكَ اللّه ّم لبّيك‪ ،‬لبّيك ل شريك لك لبّيك‪ ،‬إن المد والنعمة لك والُلْك ل شريك‬
‫لك‪ .‬هذه تلبية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ويُستحبّ أن يقولَ ف أوّل تلبية يلبّيها‪ :‬لبّيك اللّهمّ‬
‫بجة إن كان أحرم بجة‪ ،‬أو لبّيك بعمرة إن كان أحرم با‪ ،‬ول يُعيد ذك َر الجّ والعمرة فيما يأت بعد‬
‫ذلك من التلبية على الذهب الصحيح الختار‪.‬‬

‫واعلم أن التلبي َة سّنةٌ لو تركها صحّ حجّه وعمرتُه ول شيء عليه‪ ،‬لكن فاتته الفضيل ُة العظيمة والقتداء‬
‫برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬هذا هو الصحيح من مذهبنا ومذهب جاهي العلماء‪ ،‬وقد أوجبها‬
‫بعضُ أصحابنا‪ ،‬واشترطَها لصحة الجّ بعضُهم‪ ،‬والصوابُ الوّل‪ ،‬لك ْن تُستحبّ الحافظة عليها للقتداء‬
‫برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وللخروج من اللف‪ ،‬واللّهُ أعلم‪.‬‬

‫ت به للّه تعال عن فلن‪ ،‬لبّيك اللّه ّم عن فلن إل آخر ما‬


‫وإذا أحرم عن غيه قال‪ :‬نويتُ الجّ وأحرم ُ‬
‫يقوله مَن يُحرم عن نفسه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويُستحبّ أن يصلّي على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد التلبية‪ ،‬وأن يدعوَ لنفسه ولن‬
‫ب الِكثار من‬‫أراد بأمور الخرة والدنيا‪ ،‬ويسألُ اللّه تعال رضوانَه والنّة‪ ،‬ويستعيذُ به من النار‪ ،‬ويُستح ّ‬
‫التلبية‪ ،‬ويستحبّ ذلك ف كلّ حال‪ :‬قائِما‪ ،‬وقاعدا‪ ،‬وماشيا‪ ،‬وراكبا‪ ،‬ومضطجعا‪ ،‬ونازلً‪ ،‬وسائرا‪،‬‬
‫ومُحْدِثا‪ ،‬وجُنبا‪ ،‬وحائضا‪ ،‬وعند تدّد الحوال وتغايرها زمانا ومكانا وغي ذلك‪ ،‬كإقبال الليل‬
‫والنهار‪ ،‬وعند السحار‪ ،‬واجتماع الرّفاق‪ ،‬وعند القيام والقعود‪ ،‬والصعود والبوط‪ ،‬والركوب والنول‪،‬‬
‫وأدبار الصّلواتِ‪ ،‬وف الساجد كلّها‪ ،‬والص ّح أنه ل يُلبّي ف حال الطواف والسعي‪ ،‬لن لما أذكارا‬
‫مصوصة‪.‬‬

‫ويُستحبّ أن يرف َع صوتَه بالتلبية بيث ل يش ّق عليه‪ ،‬وليس للمرأة رفع الصوت‪ ،‬لن صوتَها يُخاف‬
‫الفتتان به‪ .‬ويُستحبّ أن يُكرّر التلبية كل مرّة ثلث مرات فأكثر‪ ،‬ويأت با متوالية ل يقطعها بكلم ول‬
‫غيه‪ .‬وإن سلّم عليه إنسانٌ ر ّد السلم‪ ،‬ويُكره السلم عليه ف هذه الالة‪ ،‬وإذا رأى شيئا فأعجبه قال‪:‬‬
‫لبّيك إن العيشَ عيشُ الخرة‪ .‬اقتداءً برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫ف طوافَ الِفاضة إن قدّمه‬
‫واعلم أن التلبية ل تزا ُل مستحبةً حت يرميَ جرة العقبة يومَ النحر أو يطو َ‬
‫عليها‪ ،‬فإذا بدأ بواحد منهما قط َع التلبية مع أول شروعه فيه واشتغ َل بالتكبي‪ .‬قال الِمام الشافعي رحه‬
‫اللّه‪ :‬ويُلبّي العتمرُ حت يَستلم الركن‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا وصل الحرمُ إل حرم مكة ‪ -‬زاده اللّه شرفا‪ -‬استحبّ له أن يقولَ‪ :‬الّل ُه ّم هَذَا حَ َرمُ َ‬
‫ك‬
‫حرّمنِي على النارِ‪ ،‬وأ ّمنّي مِن عَذَابِكَ يَومَ َتْب َعثُ عِبا َدكَ‪ ،‬وَا ْجعَ ْلنِي مِن أولِيائِك وَأهْلِ طَا َعتِكَ‪،‬‬
‫وأمْنُكَ فَ َ‬
‫ويدعو با أحبّ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فإذا دخل مكة ووقع بصرُه على الكعبة ووصلَ السج َد استحبّ له أن يرفع يديه ويدعو؛‬
‫فقد جاء أنه يُستجاب دعا ُء السلم عند رؤيته الكعبة ويقول‪ :‬الّلهُمّ زِ ْد هَذَا الَبْيتَ تَشْريفا َوَتعْظِيما‬
‫شرِيفا َوَتكْرِيا َوَتعْظِيما َوبِرّا‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫َوتَكْرِيا َو َمهَابَةً‪ ،‬وَ ِز ْد مِن شَرّفَ ُه وكَرمَ ُه مِمّنْ حَجّه أو اعْتَ َمرَه تَ ْ‬
‫الّلهُ ّم أنْتَ السّل ُم َو ِمنْكَ السّلمُ‪َ ،‬حيّنا َربّنا بالسّلمِ‪ ،‬ث يدعو با شاء من خيات الخرة والدنيا‪ ،‬ويقول‬
‫عند دخول السجد ما قدّمناه ف أوّل الكتاب ف جيع الساجد‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف أذكار الطواف‪ :‬يُستحبّ أن يقول عند استلم الجر السود أولً‪ ،‬وعند ابتداء الطواف‬
‫سّنةِ نَِبيّكَ صلى‬
‫ك َوتَصدِيقا بِكِتابِكَ‪َ ،‬ووَفا ًء ِب َعهْ ِدكَ وَاتّباعا لِ ُ‬‫أيضا‪ :‬بِسمِ اللّهِ‪ ،‬واللّهُ أ ْكبَرُ‪ ،‬الّلهُمّ إيَانا بِ َ‬
‫اللّه عليه وسلم‪ .‬ويُستحبّ أن يكرّر هذا الذكر عند ماذاة الجر السود ف كل طوفة‪ ،‬ويقولُ ف رمله‬
‫شكُورا"‪ .‬ويقول ف‬ ‫ف الشواط الثلثة "الّلهُمّ ا ْجعَلْهُ َحجّا َمبْرُورا (‪ ، )2‬وذنْبا َمغْفُورا‪َ ،‬و َسعْيا مَ ْ‬
‫سَنةً‬
‫ف عَمّا َتعْلَ ْم وَأْنتَ العَ ّز الكْرَم‪ ،‬الّل ُهمّ َربّنا آتنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬
‫الربعة الباقية‪" :‬الّلهُ ّم اغْفِر وَارْ َحمْ‪ ،‬وَاعْ ُ‬
‫وف الخِرة حَسَن ًة وَقِنا عَذَابَ النّارِ"‪.‬‬

‫سَنةً إل آخره‪ ،‬قال‪:‬‬


‫ب ما يُقال ف الطواف‪ :‬الّلهُمّ َربّنا آتِنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬
‫قال الشافعي رحه اللّه‪ :‬أح ّ‬
‫وأُ ِحبّ أن يُقال ف كله‪ ،‬ويُستحبّ أن يدعوَ فيما بي طوافه با أحبّ من دين ودنيا‪ ،‬ولو دعا واحد‬
‫وأمّن جاعةٌ فحسن‪.‬‬

‫وحُكي عن السن رحه اللّه أن الدعاء يُستجاب هنالك ف خسة عشر موضعا‪ :‬ف الطواف‪ ،‬وعند‬
‫اللتزم‪ ،‬وتت اليزاب‪ ،‬وف البيت‪ ،‬وعند زمزم‪ ،‬وعلى الصفا والروة‪ ،‬وف السعى‪ ،‬وخلف القام‪ ،‬وف‬
‫عرفات‪ ،‬وف الزدلفة‪ ،‬وف من‪ ،‬وعند المرات الثلث‪ ،‬فمحروم مَن ل يَجتهد ف الدعاء فيها‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫ومذهب الشافعي وجاهيُ أصحابه أنه يُستحبّ قراء ُة القرآن ف الطواف لنه موضعُ ذكر‪ .‬وأفضلُ الذكر‬
‫قراءةُ القرآن‪ .‬واختار أبو عبد اللّه الليمي من كبار أصحاب الشافعي أنه ل يُستحبّ قراءة القرآن فيه‪،‬‬
‫والصحي ُح هو الول‪ .‬قال أصحابُنا‪ :‬والقراءةُ أفض ُل من الدعوات غي الأثورة‪ ،‬وأما الأثور ُة فهي أفضل‬
‫من القراءة على الصحيح‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬القراءة أفضل منها‪ .‬قال الشيخ أبو ممد الوين رحه اللّه‪ :‬يُستحبّ أن يقرأ ف أيام الوسم ختمةً‬
‫ف طوافه فيعظُم أجرُها (‪ ، )3‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ويُستحبّ إذا فرغَ من الطواف ومن صلة ركعت الطواف أن يدعوَ با أحبّ‪ ،‬ومن الدعاء النقول فيه‪" :‬‬
‫الّلهُمّ َأنَا َعبْ ُد َك وَابْ ُن َعبْ ِدكِ أَتْيتُكَ بِ ُذنُوبٍ َكثِيَةٍ (‪ )4‬وأعْما ٍل َسّيَئةٍ‪َ ،‬وهَذَا َمقَامُ العائِذِ بِكَ مِ َن النّارِ‪،‬‬
‫ت الغَفُورُ الرّحِيمُ"‪.‬‬ ‫ك أنْ َ‬ ‫فا ْغفِرْ ل إنّ َ‬

‫فصل‪ :‬ف الدعاء ف اللتزم‪ ،‬وهو ما بي الكعبة والجر السود‪ .‬وقد ق ّد ْمنَا أنه يُستجاب فيه الدعاء‪.‬‬

‫ك الَمْدُ َحمْدا ُيوَافِي ِنعَمَكَ‪َ ،‬ويُكافِىءُ َمزِي َدكَ‪ ،‬أ ْحمَ ُد َك بِجَمِي ِع‬ ‫ومن الدعوات الأثورة‪" :‬الّلهُمّ لَ َ‬
‫ك ما عَلِ ْمتُ مِنْها َومَا لَمْ َأعْلَمْ‪َ ،‬وعَلى كُلّ حالٍ؛‬ ‫ت ِمنْهَا َومَا لَمْ َأعْلَمْ على َجمِي ِع ِنعَمِ َ‬ ‫مَحَامِ ِد َك ما عَلِ ْم ُ‬
‫شيْطانِ الرّجِيمِ‪ ،‬وَأعِذْن مِنْ كُ ّل سُوءٍ‪،‬‬ ‫حمّدٍ؛ الّلهُ ّم أعِذنِي مِنَ ال ّ‬ ‫الّلهُمّ صَ ّل َوسَلّمْ على ُمحَمَّ ٍد َوعَلى آ ِل مُ َ‬
‫وََقنّ ْعنِي بِمَا رَزَ ْقَتنِي َوبَا ِركْ لِي فِيهِ؛ الّلهُمّ ا ْجعَ ْلنِي مِنْ أَ ْك َرمِ وَ ْف ِدكَ عََليْكَ‪ ،‬وألْ ِز ْمنِي َسبِيلَ ال ْسِتقَا َمةِ حتّى‬
‫ألْقاكَ يا رَبّ العالَمِيَ!" (‪ )5‬ثّ يدعو با أحب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف الدعاء ف الِجْر‪ ،‬بكسر الاء وإسكان اليم‪ ،‬وهو مسوب من البيت‪ .‬وقد قدّمنا أنه‬
‫يُستجاب الدعاءُ فيه‪.‬‬

‫ل َمعْرُوفَكَ فَأنِ ْلنِي َمعْرُوفا مِ ْن َمعْرُوفِكَ‬


‫ك مِ ْن ُش ّق ٍة َبعِي َد ٍة ُم َؤمّ ً‬
‫ب أَتيْتُ َ‬
‫ومن الدعاء الأثور (‪ )6‬فيه‪" :‬يا رَ ّ‬
‫ُتغْنِينِي بِهِ عَنْ َمعْرُوفِ مَ ْن ِسوَاكَ يا َمعْرُوفا با َلعْرُوفِ"‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف الدعاء ف البيت‪ ،‬وقد ق ّدمْنا أنه يُستجاب الدعاءُ فيه‪.‬‬

‫‪ 1/488‬وروينا ف كتاب النسائي‪ ،‬عن أُسامةَ بن زيد رضي اللّه عنهما؛أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫حدَ اللّه تعال وأثن عليه‬‫وسلم لا دخ َل البيتَ أتى ما استقبلَ من دُبر الكعبة فوضعَ وجهَه وخدّه عليه‪ ،‬و ِ‬

‫‪192‬‬
‫وسألَه واستغفرَه‪ ،‬ث انصرفَ إل كلّ ركنٍ من أركانِ الكعبةِ‪ ،‬فاستقبلَه بالتكبي والتهليل والتسبيح والثناء‬
‫على اللّه عزّوج ّل والسألة والستغفار‪ ،‬ث خرجَ‪)7( .‬‬

‫سنّة أن يُطيل القيام على الصفا‬ ‫فصل‪ :‬ف أذكار السعي‪ ،‬وقد تقدّم أنه يُستجاب الدعا ُء فيه‪ ،‬وال ّ‬
‫ويستقبل الكعبة فيُكبّر ويدعو فيقول‪" :‬اللّهُ أكْبَرُ اللّهُ أ ْكبَرُ اللّهُ أ ْكبَرُ ولِلّ ِه الَمْدُ‪ ،‬اللّهُ أ ْكبَ ُر على ما هَدَانا‪،‬‬
‫حيِي ويُمِيتُ بِيَ ِد ِه الَيْرُ‬ ‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد يُ ْ‬
‫والَ ْمدُ لِلّه على ما أولنا‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل َشرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫َوهُ َو على كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ أنَ َز َوعْ َدهُ‪َ ،‬ونَصَرَ عَبْ َدهُ‪َ ،‬وهَ َزمَ ال ْحزَابَ َوحْ َدهُ‪ ،‬ل إِلَهَ إِلّ اللّهُ‪،‬‬
‫جبْ َلكُمْ‪َ ،‬وِإنّكَ‬ ‫صيَ لَهُ الدّينَ وََلوْ كَ ِر َه الكافِرُون؛ الّلهُمّ ِإنّكَ قُ ْلتَ‪ :‬ا ْدعُونِي أسْتَ ِ‬ ‫وَل َن ْعبُدُ إِ ّل إيّاهُ‪ ،‬مُخِْل ِ‬
‫لسْل ِم أنْ ل َتنْ ِزعَ ُه ِمنّي حتّى َتَتوَفّان وأنَا مُسْلِمٌ"‪.‬‬ ‫ف الِيعادَ‪ ،‬وإنّي أسألُكَ كما هَ َدْيتِن ِل ِ‬ ‫ل تُخْلِ ُ‬

‫ث يدعو بيات الدنيا والخرة‪ ،‬ويكرّر هذا الذكر والدعاء ثلثَ مرّات‪ ،‬ول يُلبّي؛ وإذا وصل إل الروة‬
‫رَقَى عليها وقال الذكار والدعواتِ الت قالا على الصفا‪.‬‬

‫ح ّ‬
‫ب‬ ‫حبّكَ‪ ،‬ونُ ِ‬ ‫وروينا (‪ ، )8‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنه كان يقول على الصفا‪ :‬الّلهُمّ ا ْجعَلْنا نُ ِ‬
‫ك وإلَى أْنبِيائِكَ‬
‫ب عِبا َد َك الصّالِحِيَ؛ الّلهُمّ َحّببْنا إَليْكَ وَإل مَلِئكَتِ َ‬
‫ح ّ‬ ‫مَلِئ َكتَكَ وأْنبِيا َءكَ وَ ُرسُلَكَ‪َ ،‬ونُ ِ‬
‫سرَى‪ ،‬وَ َجّنبْنا العُسْرَى‪ ،‬وا ْغفِرْ لَنا ف الخِ َرةِ والول‪،‬‬ ‫حيَ؛ الّلهُ ّم يَسّرْنا لليُ ْ‬ ‫وَ ُرسُلِكَ وإل عِبا ِد َك الصّالِ ِ‬
‫وَا ْجعَلْنا مِنْ أئ ّم ِة ا ُلتّقِيَ"‪.‬‬

‫ت العَ ّز الكْ َرمُ؛‬


‫ك أنْ َ‬
‫ب ا ْغفِ ْر وَارْحَ ْم وَتاوَ ْز عَمّا َتعْلَ ُم إنّ َ‬
‫ويقول ف ذهابه ورجوعه بي الصفا والروة‪ :‬رَ ّ‬
‫ب النّارِ‪.‬‬
‫سَن ًة وَِقنَا عَذَا َ‬
‫سَنةً وفِي الخِ َرةِ حَ َ‬
‫الّلهُ ّم آتِنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬

‫ب القُلُوبِ (‪)9‬‬
‫ومن الدعية الختارة ف السعي وف كل مكان‪ :‬الّلهُ ّم يا ُمقَّل َ‬

‫ك مُوجِباتِ رَ ْح َمتِكَ‪َ ،‬وعَزَائِ َم َم ْغفِ َرتِكَ‪ ،‬وَالسّل َمةَ مِ ْن‬‫َثبّتْ قَ ْلبِي على دينِكَ (‪ ، )10‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬
‫ف وَال ِغنَى؛ الّلهُ ّم أ ِعنّي‬
‫لّنةِ‪ ،‬وَالنّجاةَ مِ َن النّارِ؛ الّلهُ ّم إنّي أسألُكَ الُدَى والّتقَى وال َعفَا َ‬ ‫كُ ّل إثْمٍ‪ ،‬وَال َفوْ َز با َ‬
‫ت ِمنْهُ وَما لَمْ َأعْلَمْ وأعُوذُ‬‫ك مِ َن الَيْرِ كُلّ ِه ما عَلِ ْم ُ‬
‫س ِن عِبَا َدتِك؛ الّلهُمّ إن أسألُ َ‬ ‫على ذِكْ ِر َك َو ُشكْ ِركَ وَحُ ْ‬
‫لّنةَ وَما قرّب إَِليْها مِنْ َقوْل أ ْو عَمَلٍ (‪، )11‬‬ ‫ت ِمنْهُ َومَا لَ ْم أعَْلمْ‪ ،‬وأسألُكَ ا َ‬
‫بِكَ مِنَ الشّرّ كُلّ ِه ما عَلِ ْم ُ‬
‫ك مِ َن النّا ِر َومَا َقرّبَ إَليْها مِننْ َقوْ ٍل أ ْو عَمَلٍ‪ .‬ولو قرأ القرآن كان أفضل‪ .‬وينبغي أن يمع بي‬ ‫وأعُو ُذ بِ َ‬
‫هذه الذكار والدعوات والقرآن‪ ،‬فإن أراد القتصار أتى بالهمّ‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫فصل‪ :‬ف الذكار الت يقولا ف خروجه من مكة إل عرفات‪ .‬يُستحبّ إذا خرجَ من مكة متوجها‬
‫ن أن يقول‪ :‬الّلهُ ّم إيّاكَ أرْجُو‪ ،‬وَلَكَ أ ْدعُو‪َ ،‬فَبّلغْنِي صَالِ َح أمَلِي‪ ،‬وا ْغفِرْ لِي ُذنُوبِي‪ ،‬وَامْنُ ْن عَل ّي بِما‬ ‫إل مِ ً‬
‫حبّ أن‬ ‫َمنَْنتَ بِ ِه على أهْلِ طا َعتِكَ إنّكَ على كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ (‪ .)12‬وإذا سار من مِنً إل َعرََفةَ استُ ِ‬
‫ك الكَ ِريَ أ َردْتُ‪ ،‬فا ْجعَلْ َذْنبِي َم ْغفُورَا‪ ،‬وَ َحجّي مَبْرُورا‪ ،‬وا ْرحَ ْمنِي‬ ‫ك َتوَجّهتُ‪َ ،‬ووَ ْجهَ َ‬ ‫يقول‪ :‬الّلهُمّ إَليْ َ‬
‫خيّبْن إنّكَ على ك ّل َشيْءٍ َقدِي ٌر ‪ .‬ويَُلبّي ويقرأ القرآن‪ ،‬ويُكثر من سائر الذكار والدعوات‪ ،‬ومن‬ ‫وَلَ ُت َ‬
‫ب النّارِ‪.‬‬
‫سَنةً وَقِنا عَذَا َ‬
‫سَنةً وف ال ِخ َرةِ حَ َ‬ ‫قوله‪ :‬الّلهُ ّم آتِنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬

‫فصل‪ :‬ف الذكار والدعوات الستحبّات بعرفات‪.‬‬

‫قد قدّمنا ف أذكار العيد حديث (‪ )13‬النبّ صلى اللّه عليه وسلم " َخيْرُ الدّعاءِ َي ْو َم عَرَفَة‪ ،‬وَ َخيْرُ ما ُق ْلتُ‬
‫ك وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُهوَ على كُ ّل َشيْءٍ َقدِيرٌ"‪.‬‬ ‫أنا وَالنِّبيّو َن مِنْ َقبْلِي‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل َشرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬

‫فيُستحبّ الِكثارُ من هذا الذكر والدعاء‪ ،‬ويَجتهدُ ف ذلك‪ ،‬فهذا اليوم أفض ُل أيام السنة للدعاء‪ ،‬وهو‬
‫غ الِنسانُ وُسعَه ف الذكر والدعاء وف‬ ‫مُعظم الج (‪ ، )14‬ومقصودُه والعوّل عليه‪ ،‬فينبغي أن يستفر َ‬
‫قراءة القرآن‪ ،‬وأن يدعوَ بأنواع الدعية‪ ،‬ويأت بأنواع الذكار‪ ،‬ويدعو لنفسه ويذكر ف ك ّل مكان‪،‬‬
‫ويدعو منفردا ومع جاعة‪ ،‬ويدعو لنفسه ووالديه وأقاربه ومشايه وأصحابه وأصدقائه وأحبابه‪ ،‬وسائر‬
‫مَن أحسن إليه وجيع السلمي‪ .‬وليحذر كلّ الذرِ من التقصي ف ذلك كله‪ ،‬فإن هذا اليوم ل يكن‬
‫تداركه‪ ،‬بلف غيه‪ .‬ول يتكلّفُ السجعَ ف الدعاء‪ ،‬فإنّه يُشغل القلبَ ويُذهبُ النكسار والضوعَ‬
‫والفتقار والسكنة والذلّة والشوع‪ ،‬ول بأس بأن يدعو بدعواتٍ مفوظة معه له أو غيه مسجوعة إذا ل‬
‫يشتغل بتكلّف ترتيبها ومراعاة إعرابا‪.‬‬

‫والسّنّة أن يفضَ صوته بالدعاء‪ ،‬ويكثر من الستغفار والتلفّظ بالتوبة من جيع الخالفات مع العتقاد‬
‫بالقلب ويلحّ ف الدعاء ويكرّره‪ ،‬ول يستبطىء الِجابة‪ ،‬ويفتح دعاءه ويتمه بالمد للّه تعال والثناء‬
‫عليه سبحانه وتعال‪ ،‬والصلة والتسليم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وليختمه بذلك وليحرص‬
‫على أن يكون مستقبلَ الكعبة وعلى طهارة‪.‬‬

‫‪ 2/489‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬أكثرُ دعاءِ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫سكِي‪،‬‬‫يوم عَرَفة ف الوقف‪" :‬الّلهُمّ لَكَ المدُ كالذي نقولُ‪ ،‬وخيا ما نقولُ؛ الّلهُمّ لَكَ صَلتِي َونُ ُ‬

‫‪194‬‬
‫ك مِ ْن عَذَابِ ال َقبْرِ‪َ ،‬و َو ْس َوسَ ِة الصّدْرِ‪،‬‬
‫ب تُرَاثي؛ الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫ي َومَمَاتِي‪ ،‬وإَليْكَ مآلِي‪ ،‬وَلَكَ رَ ّ‬ ‫َومَحْيا َ‬
‫ك مِ ْن شَرّ ما تي ُء بهِ الرّيحُ"‪)15(.‬‬ ‫ت المْرِ؛ الّلهُمّ إِن أعُو ُذ بِ َ‬
‫َوشَتا ِ‬

‫ب الِكثار من التلبية فيما بي ذلك‪ ،‬ومن الصّلة والسلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬ ‫ويُستح ّ‬
‫ب ال َعبَرات‪ ،‬وتُستقال العثرات‪ ،‬وترتى الطلبات‪،‬‬
‫وأن يُكثِ َر من البكاء مع الذكر والدعاء‪ ،‬فهنالك تُسك ُ‬
‫ف عظيم ومَجمع جليل‪ ،‬يتمعُ فيه خيار عباد اللّه الخلصي‪ ،‬وهو أعظم مامع الدنيا‪.‬‬ ‫وإنه لوق ٌ‬

‫سَنةً وَقِنا عَذَابَ النّارِ"‪.‬‬


‫سَن ًة وفِي ال ِخ َرةِ حَ َ‬
‫ومن الدعية الختارة (‪" : )16‬الّلهُمّ آتِنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬

‫ت َنفْسِي ظُلْما َكثِيا‪ ،‬وإنّه ل َي ْغفِرُ ال ّذنُوبَ إِ ّل أنْتَ‪ ،‬فاغْفرْ ل َمغْفِ َر ًة مِ ْن عن ِدكَ‪،‬‬ ‫"الّلهُمّ إن ظَلَ ْم ُ‬
‫ت الغَفُورُ الرّحِيمُ"‪.‬‬
‫ك أنْ َ‬
‫وَارْحَ ْمنِي إنّ َ‬

‫ب عليّ‬
‫"الّلهُ ّم اغْفِرْ ل َم ْغفِ َرةً ُتصْلِحْ بِها شأن فِي الدّا َريْنِ‪ ،‬وارْ َح ْمنِي َرحْ َم ًة أ ْسعَ ُد ِبهَا ف الدّا َريْنِ‪َ ،‬وتُ ْ‬
‫َتوَْب ًة َنصُوحا ل أْن ُكثُها أبَدا‪ ،‬وألْ ِز ْمنِي السِْتقَا َمةِ ل أَزي ُغ َعنْها أبَدا"‪.‬‬

‫صَيتِكَ‪،‬‬
‫ك عَ ْن َمعْ ِ‬
‫"الّلهُ ّم انْقُ ْلنِي مِنْ ذُلّ ا َل ْعصَِيةِ إل عِزّ الطّا َعةِ‪ ،‬وأ ْغِننِي بَللِكَ عَنْ حَرَامِكَ‪َ ،‬وبِطاعَتِ َ‬
‫ك عَمّن ِسوَاكَ"‪.‬‬ ‫َوبِ َفضْلِ َ‬

‫" َوَنوّرْ َق ْلبِي وََقبْرِي وأعِ ْذنِي مِنَ الشّرّ ُكلّهِ‪ ،‬واجْمَعْ ل الَيْرَ ُكلّهُ"‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف الذكار الستحبّة ف الِفاضة من عَرَفَة إل مزدلفة‪.‬‬

‫ب الِكثارُ من التلبية ف كل موطن‪ ،‬وهذا من آكدها‪ .‬ويُكثر من قراءة القرآن ومن‬ ‫قد تقدم أنه يُستح ّ‬
‫الدعاء‪ ،‬ويُستحبّ أن يقول (‪ : )17‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬واللّهُ أ ْكبَرُ‪ ،‬ويُكرّر ذلك‪.‬‬

‫ليْرِ أ ْكثَرَ ما‬


‫سكِي َووَّفقْنِي وارْزُ ْقنِي فيهِ مِنَ ا َ‬
‫ويقول (‪ : )18‬إَِليْكَ الّلهُمّ أ ْر َغبُ‪ ،‬وإيّاكَ أ ْرجُو‪َ ،‬فَت َقبّ ْل نُ ُ‬
‫لوَا ُد الكَ ِريُ‪.‬‬
‫خّيبْن إنّكَ أْنتَ اللّ ُه ا َ‬
‫أطُْلبُ‪ ،‬وَل تُ َ‬

‫وهذه الليلة هي ليلة العيد‪ ،‬وقد تق ّدمَ ف أذكار العيد بيان فضل إحيائها بالذكر والصلة‪ ،‬وقد انضمّ إل‬
‫شرف الليلة شرفُ الكان‪ ،‬وكونُه ف الرم والِحرام‪ ،‬ومَجم ُع الجيج‪ ،‬وعقيب هذه العبادة العظيمة‪،‬‬
‫وتلك الدعوات الكرية ف ذلك الوطن الشريف‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫فصل‪ :‬ف الذكار الستحبة ف الزدلفة والشعر الرام‪ .‬قال اللّه تعال‪{ :‬فإذَا أَفضْتُمْ (‪ )19‬مِ ْن‬
‫عَرَفَاتٍ فاذْكُرُوا اللّهَ (‪ )20‬عنْ َد الَشْعَ ِر الَرَامِ (‪ )21‬واذْكُرُوهُ كما هَدَاكُ ْم َوإِنْ ُكنْتُ ْم مِنْ َقْبلِهِ لَمِنَ‬
‫الضّالّي} [البقرة‪ ]198:‬فيُستحبّ الِكثارُ من الدعاء ف الزدلفة ف ليلته‪ ،‬ومن الذكار والتلبية وقراءة‬
‫القرآن فإنا ليلة عظيمة‪ .‬كما قدّمناه ف الفصل الذي قبل هذا‪.‬‬

‫ليْرِ كُلّهِ‪ ،‬وأ ْن تُصِْل َح شأنِي‬


‫ك أنْ تَ ْرزَُقنِي ف هَذَا الَكانِ جَوامِعَ ا َ‬
‫ومن الدعاء الذكور فيها‪ :‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬
‫ك َغيْ ُركَ‪ ،‬وَلَ يَجُو ُد بِهِ إِلّ أْنتَ (‪.)22‬‬
‫ف َعنّي الشّرّ ُكلّهُ‪ ،‬فإنّه َل َي ْفعَلُ ذل َ‬
‫كُلّهُ‪ ،‬وأنْ َتصْرِ َ‬

‫وإذا صلّى الصب َح ف هذا اليوم صلّها ف أوّل وقتها‪ ،‬وبالغَ ف تبكيها‪ ،‬ث يسيُ إل الشعر الرام‪ ،‬وهو‬
‫صعَدَه‪ ،‬وإل وقف‬ ‫جبل صغي ف آخر الزدلفة يُسمّى "قُزَح" بضم القاف وفتح الزاي‪ ،‬فإن أمكنه صعودُه َ‬
‫تتَه مستقبلَ الكعبة‪ ،‬فيَحمد اللّه تعال ويُكبّره ويُهلّله ويُوحّده ويُسبّحه ويُكثر من التلبية والدعاء‪،‬‬
‫ويُستحبّ أن يقولَ‪ :‬الّلهُمّ كما وََق ْفتَنا فِيهِ وأ َرْيتَنا إيّاه‪َ ،‬فوَّفقْنا لذِكْ ِركَ كما هَ َدْيتَنا‪ ،‬وَا ْغفِرْ لَنا وَارْحَمنَا‬
‫شعَ ِر الَرَامِ واذْ ُكرُوهُ كما‬ ‫كما َوعَ ْدتَنا ِب َقوْلِكَ وََقوْلُكَ الَقّ‪{ :‬فإذا أفضْتُ ْم مِ ْن عَرفاتٍ فاذْكُرُوا اللّه ِعنْدَ الَ ْ‬
‫س وا ْسَتغْفِرُوا اللّه إنّ اللّه َغفُورٌ‬ ‫ث أفاضَ النّا ُ‬‫هَداكُمْ وإنْ ُكنْتُ ْم مِنْ َقبْلهِ َلمِ َن الضّالّي‪ ،‬ثّ أفيضُوا مِنْ َحْي ُ‬
‫سَنةً‬
‫رَحيمٌ} [البقرة‪ 198 :‬ـ ‪ ]199‬ويُكثر من قوله‪َ { :‬رّبنَا آتِنا فِي ال ّدنْيا حَسَضَنةً وف الخِرةِ حَ َ‬
‫وَقِنا عَذاب النّارِ} [البقرة‪.]201 :‬‬

‫ك الَمْد كُلّهُ‪ ،‬وَلَكَ الكَمالُ كُلّهُ‪ ،‬ولك الَللُ كُلّهُ‪ ،‬ولك التقديس كُلّهُ‪،‬‬ ‫ويُستحبّ أن يقول‪" :‬الّلهُمّ لَ َ‬
‫الّلهُ ّم اغْفِرْ ل جَمي َع ما أسَْلفْتُهُ‪ ،‬وَاعْصِ ْمنِي فِيما بَ ِقيَ‪ ،‬وَارْزُقْن عَ َملً صَالِحا تَرْضَى بِ ِه عنّي يا ذَا ال َفضْلِ‬
‫العَظِيمِ" (‪)23‬‬

‫ك أنْ تَ ْرزَُقنِي َجوَامِ َع الَيْرِ ُكلّهِ‪ ،‬وأن‬


‫ص ِعبَا ِدكَ‪ ،‬وأَت َوسّلُ بِكَ إَِليْكَ‪ ،‬أسألُ َ‬
‫شفِعُ إِلَيْكَ َبوَا ّ‬
‫"الّلهُمّ إن أ ْستَ ْ‬
‫ت بِهِ عَلى أوْلِيائِكَ‪ ،‬وأنْ ُتصْلحَ حال ف الخِ َر ِة وَال ّدنْيا يا أرْ َحمَ الرّاحِمِيَ!" (‪)24‬‬ ‫تَمُ ّن عَل ّي بِمَا َمنَْن َ‬

‫فصل‪ :‬ف الذكار الستحبّة ف الدفع من الشعر الرام إل منً‪ .‬إذا أسفر الفج ُر انصرفَ من الشعر‬
‫ص على التلبية‬
‫الرام متوجها إل مِنً‪ ،‬وشعارهُ التلبيةُ والذكا ُر والدعا ُء والِكثارُ من ذلك كلّه‪ ،‬وليحر ْ‬
‫فهذا آخر زمنها‪ ،‬وربا ل يُقدّر له ف عمره تلبية بعدها‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫ن يُستحبّ أن‬ ‫ف من الشعر الرام ووص َل مِ ً‬ ‫فصل‪ :‬ف الذكار الستحبة بِن َيوْمَ النحر‪ .‬إذا انصر َ‬
‫ضتِكَ أسألُكَ أنْ‬ ‫يقول‪" :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي بَّل َغنِيها سالِما مُعاَفىً‪ ،‬الّلهُمّ هَ ِذهِ ِمنَى َق ْد أتَْيتُها وأنا َعبْدُكَ وف َقْب َ‬
‫ك مِ ْن الِرْمانِ وَا ُلصِيَبةِ ف دِينِي يا أ ْرحَمَ‬ ‫ت به على أوليائِكَ؛ الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬ ‫تَمُ ّن عَل ّي بِمَا َمنَْن َ‬
‫الرّاحِمِيَ!" (‪. )25‬‬

‫فإذا شرعَ ف رمي جرة العَقَبة قط َع التلبية مع أوّل حصاة واشتغلَ بالتكبي فيُكبّر مع كل حصاة‪ ،‬ول‬
‫يُس ّن الوقوف عندها للدعاء‪ ،‬وإذا كان معه هَدْي فنحرَه أو ذبه‪ ،‬استحبّ أن يقول عند الذبح أو النحر‪:‬‬
‫"بِسْمِ اللّهِ واللّهُ أكْبَرُ؛ الّل ُهمّ صَ ّل على مُحَمّ ٍد وعلى آلِه وسَلّم‪ ،‬الّلهُ ّم ِمنْكَ َوإَِليْكَ‪َ ،‬ت َقبّ ْل ِمنّي" أو َتقَبّلْ‬
‫مِنْ فُلنٍ إن كان يذبه عن غيه‪.‬‬

‫وإذا حلَقَ رأسه بعد الذبح فقد استحبّ بعض علمائنا أن يُمسك ناصيته‬

‫(‪ )26‬بيده حالة اللق ويُكبّر ثلثا ث يقول‪ :‬الَمْدُ للّه على ما هَدَانا‪ ،‬والَمْدُ لِلّ ِه على ما أْنعَ َم بِ ِه عََليْنا؛‬
‫ي وا ُلقَصّرِينَ‪ ،‬يا وَاسِعَ ا َل ْغفِ َرةِ‪,‬‬
‫صيَت َفتَ َقبّ ْل ِمنّي وَاغْفِرْ ل ُذنُوب‪ ،‬الّلهُمّ ا ْغفِرْ ل وللْ ُمحَّلقِ َ‬
‫الّلهُ ّم هَ ِذهِ نَا ِ‬
‫آمِي‪ .‬وإذا فرغ من اللق كبّر وقال‪ :‬الَمْدُ لِلّهِ الذي َقضَى َعنّا نُسُكَنا؛ الّلهُمّ ِزدْنا إيَانا َويَقِينا َوَتوْفِيقا‬
‫َوعَونا‪ ،‬وَا ْغفِرْ َلنَا ولبائِنا وُأمّهاتِنا والُسْلِميَ أجْ َمعِيَ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف الذكار الستحبة بِنً ف أيام التشريق‪.‬‬

‫شةَ الي (‪ )27‬الذلّ الصحاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬


‫‪ 3/490‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن نَُبيْ َ‬

‫ب َوذْكْرِ اللّ ِه تَعال"‪.‬‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أيّا ُم التّشْرِيقِ (‪ )28‬أيّامُ أكْ ٍل َوشُرْ ٍ‬
‫فيُستحبّ الِكثار من الذكار‪ ،‬وأفضلُها قراءة القرآن‪ .‬والسنّة أن يقف ف أيام الرمي كل يوم عند المرة‬
‫الول إذا رماها‪ ،‬ويستقبل الكعبة‪ ،‬ويمَد اللّه تعال‪ ،‬ويُكبّر‪ ،‬ويُهلّلُ‪ ،‬ويُسبّح‪ ،‬ويدعو مع حضور القلب‬
‫وخشوع الوارح‪ ،‬ويَمكثُ كذلك قدرَ قراءة سورة البقرة‪ ،‬ويفعلُ ف المرة الثانية وهي الوسطى‬
‫كذلك‪ ،‬ول يقفُ عند الثالثة‪ ،‬وهي جرة العقبة‪)29( .‬‬

‫ن فقد انقضى حجّه ول يبقَ ذك ٌر يتعلّق بال ّج لكنه مسافر‪ ،‬فيُستحبّ له‬
‫فصل‪ :‬وإذا نفرَ من مِ ً‬
‫التكبي والتهليل والتحميد والتمجيد وغي ذلك من الذكار الستحبة للمسافرين‪ .‬وسيأت بيانُها إن شاء‬
‫اللّه تعال‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫وإذا دخل مكة وأراد العتمار فعل ف عمرته من الذكار ما يأت به ف الجّ ف المور الشتركة بي‬
‫الجّ والعمرة‪ ،‬وهي‪ :‬الحرام والطواف والسعي والذبح واللق‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فيما يقوله إذا شرب ماء زمزم‪.‬‬

‫‪ 4/491‬روينا عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَاءُ زمْ َزمَ لِما‬
‫شُرِبَ لَهُ"‪ .‬وهذا ما عَمِلَ العلما ُء والخيارُ به‪ ،‬فشربُوه لطالبَ لم جليل ٍة فنالوها‪ .‬قال العلماء‪ :‬فيُستحبّ‬
‫لن شربَه للمغفرة أو للشفاء من مرضٍ ونو ذلك أن يقول عند شربه‪ :‬الّلهُ ّم إنّهُ بََل َغنِي أنّ َرسُولَ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ماءُ َز ْم َزمَ ِلمَا شُرِبَ لَهُ" الّلهُ ّم وإن أشْ َربُهُ ِلَت ْغفِرَ ل وَِلتَ ْفعَلَ ب َكذَا وكَذَا‪،‬‬
‫شفِيا بِهِ فَا ْشفِن‪ ،‬ونو هذا‪ ،‬واللّه أعلم‪)30( .‬‬ ‫فا ْغفِرْ ل أ ِو ا ْفعَلْ‪ .‬أو‪ :‬الّلهُمّ إن أشْ َربُهُ مُسْتَ ْ‬

‫فصل‪ :‬وإذا أراد الروج من مكة إل وطنه طافَ للوَدَاع‪ ،‬ث أتى اللتَزَم فالتزمه‪ ،‬ث قال‪" :‬الّلهُمّ‪ ،‬البَْيتُ‬
‫َبيْتُك‪ ،‬وَال َعبْ ُد َعبْ ُدكَ وَابْ ُن عَب ِد َك وابْ ُن أ َمتِكَ‪ ،‬حَ َم ْلتَنِي على ما سَخّرْتَ ل مِنْ خَ ْلقِكَ‪ ،‬حتّى َسيّ ْرتَن فِي‬
‫ت عَنّي فازْ َددْ عن رِضا َوإِلّ‬ ‫بِل ِدكَ‪َ ،‬وبَّل ْغَتنِي ِبِنعْ َمتِكَ حتّى أعَْنَتنِي على َقضَا ِء مَنا ِسكِكَ‪ ،‬فإنْ ُكنْتَ رَضِي َ‬
‫ك وَل ِببَْيتِكَ‪،‬‬ ‫فَمِ َن النَ َقبْ َل أ ْن يَنأى عَ ْن َبيْتِكَ دَارِي‪ ،‬هَذَا أوَانُ اْنصِرَاف‪ ،‬إنْ أ ِذْنتَ ل غَيْرَ مُسَْتبْدِ ٍل بِ َ‬
‫حْبنِي العافَِيةَ ف بَ َدنِي وَال ِعصْ َمةَ ف دِينِي‪ ،‬وأحْسِ ْن ُمْنقََلبِي‪،‬‬‫ك وَل عَنْ بَْيتِكَ‪ ،‬الّلهُمّ فأصْ ِ‬ ‫وَل رَا ِغبٍ عَنْ َ‬
‫ك ما أبْ َقْيتَنِي‪ ،‬واجْمَعْ ل َخيْرَي الخِرةِ وال ّدنْيا‪ ،‬إنّكَ على كُ ّل َشيْءٍ قدِيرٌ" (‪)31‬‬ ‫وَارْزُ ْقنِي طاعَتَ َ‬

‫ويفتتحُ هذا الدعا َء ويتمه بالثناء على اللّه سبحانه وتعال‪ ،‬والصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫كما تقدم ف غيه من الدعوات‪ .‬وإن كانت امرأة حائضا استحبّ لا أن تقف على باب السجد وتدعو‬
‫بذا الدعاء ث تنصرف‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف زيارة قب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأذكارها‪.‬‬

‫اعلم أنه ينبغي لكل من ح ّج أن يتوجه إل زيارة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫طريقه أو ل يكن‪ ،‬فإن زيارته صلى اللّه عليه وسلم من أه ّم القربات وأربح الساعي (‪ )32‬وأفضل‬
‫الطلبات‪ ،‬فإذا توجّه للزيارة أكث َر من الصلة عليه صلى اللّه عليه وسلم ف طريقه‪ ،‬فإذا وقعَ بصرُه على‬
‫أشجار الدينة وحَرمِها وما يَعرفُ با زاد من الصلة والتسليم عليه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وسألَ اللّه‬
‫تعال أن ينفعَه بزيارته صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وأن يُسعدَه با ف الدارين‪ ،‬وليقلْ‪ :‬الّلهُمّ افْتَ ْح عَل ّي أْبوَابَ‬

‫‪198‬‬
‫رَ ْح َمتِكَ وَارْزُ ْقنِي ف زِيا َرةِ َقبْ ِر َنِبيّكَ صلى اللّه عليه وسلم ما رز ْقتَ ُه أوْلِياءَ َك وأهْلَ طَا َعتِكَ وا ْغفِرْ ل‬
‫سؤُول‪ .‬وإذا أراد دخول السجد استحبّ أن يقولَ ما يقوله عند دخول باقي الساجد‪،‬‬ ‫وارْحنِي يا َخيْرَ مَ ْ‬
‫وقد قدّمناه ف أول الكتاب‪ ،‬فإذا صلّى تية السجد أتى القب الكري فاستقبله واستدبر القبلة على نو‬
‫أربع أذرع من جدار القب‪ ،‬وسلّم مقتصدا ل يرفع صوته‪ ،‬فيقول‪" :‬السّلمُ عََليْكَ يا َرسُولَ اللّه! السّلمُ‬
‫ي وَخَاتَ َم النِّبيّيَ!‬
‫ك يَا َسيّ ِد الُ ْرسَِل َ‬
‫ك يَا َحبِيبَ اللّهِ! السّل ُم عََليْ َ‬ ‫عََليْكَ يا خِ َيةَ اللّه مِنْ خَ ْلقِهِ! السّل ُم عََليْ َ‬
‫ي وَسائِ ِر الصّالِحِيَ؛ أ ْشهَ ُد أنّكَ بَّل ْغتَ‬ ‫ك وأهْلِ َبْيتِكَ وَعَلى النّبيّ َ‬ ‫ك وأصْحابِ َ‬ ‫السّل ُم عََليْكَ وَعلى آلِ َ‬
‫ت ا ُل ّمةَ‪َ ،‬فجَزَاكَ اللّهُ عَنّا أ ْفضَ َل مَا جَزَى َرسُولً عَنْ ُأ ّمتِهِ" (‪)33‬‬ ‫ح َ‬‫ت الماَنةَ‪َ ،‬ونَصَ ْ‬ ‫الرّساَلةَ‪ ،‬وأ ّديْ َ‬

‫وإن كان قد أوصاه أحدٌ بالسّلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪ :‬السّلم عليك يا رسولَ اللّه‬
‫من فلن بن فلن! ث يتأخرَ قدر ذراع إل جهة يينه فيُسلّم على أب بكر‪ ،‬ث يتأخرُ ذراعا آخرَ للسلم‬
‫على عُمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬ث يرجعُ إل موقفه الوّل قُبالة وجهِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫فيتوسلُ به ف ح ّق نفسه‪ ،‬ويتشف ُع به إل ربه سبحانه وتعال‪ ،‬ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه‬
‫ومَن أحس َن إليه وسائر السلمي‪ ،‬وأن يَجتهدَ ف إكثار الدعاء‪ ،‬ويغتنم هذا الوقف الشريف ويمد اللّه‬
‫تعال ويُسبّحه ويكبّره ويُهلّله ويُصلّي على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويُكثر من كل ذلك‪ ،‬ث يأت‬
‫الروضةَ بي القب والنب‪ ،‬فيُكثر من الدعاء فيها‪.‬‬

‫‪ 5/492‬فقد روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن رسول اللّه صلى‬
‫لّنةِ"‪)34(.‬‬
‫ض ٌة مِنْ رِياضِ ا َ‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما َبيْنَ قبي َو ِمنْبَرِي َروْ َ‬

‫وإذا أراد الروج من الدينة والسف َر استحبّ أن يُودّع السجد بركعتي‪ ،‬ويدعو با أحبّ‪ ،‬ث يأت القب‬
‫جعَ ْل هَذَا‬ ‫فيُسلّم كما سلّم أوّلً‪ ،‬ويُعيد الدعاء‪ ،‬ويُودّع النبّ صلى اللّه عليه وسلم ويقول‪" :‬الّلهُ ّم ل تَ ْ‬
‫ح َرمِ َرسُولِكَ‪َ ،‬ويَسّرْ ل ال َعوْدَ إِل الَ َر َميْ ِن َسبِيلً َسهَْلةً بِ َمنّكَ وََفضْلِكَ‪ ،‬وَارْز ْقنِي ال َع ْفوَ‬‫آخِرَ ال َعهْ ِد بِ َ‬
‫ي غانِمِيَ إل أوْطانِنا آ ِمنِيَ‬ ‫والعَافِيةَ ف ال ّدنْيا وال ِخ َرةِ‪ ،‬وَ ُردّنا سالِمِ َ‬

‫فهذا آخرُ ما وفّقن اللّه بمعه من أذكار الجّ‪ .‬وهي وإن كان فيها بعض الطول بالنسبة إل هذا الكتاب‬
‫فهي متصرة بالنسبة إل ما نفظه فيه‪ ،‬واللّه الكري نسأل أن يوفّقنا لطاعته‪ ،‬وأن يم َع بيننا وبي إخواننا‬
‫ف دار كرامته‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫وقد أوضحت ف كتاب الناسك ما يتعلّق بذه الذكار من التتمّات والفروع الزائدات‪ ،‬واللّه أعلم‬
‫بالصواب‪ ،‬وله المد والنعمة والتوفيق والعصمة‪.‬‬

‫وعن ال ُعتْبّ (‪ )35‬قال‪ :‬كنتُ جالسا عند قب النبّ صلى اللّه عليه وسلم فجاء أعرابّ فقال‪ :‬السلم‬
‫عليك يا رسول اللّه! سعتُ اللّه تعال يقول‪َ { :‬ولَ ْو أنّ ُه ْم ِإذْ ظَلَمُوا أْن ُفسَ ُه ْم جَاؤُوكَ فاسَْتغْ َفرُوا اللّهَ‬
‫واسَْتغْ َف َر َلهُ ُم ال ّرسُولُ ل َو َجدُوا ال ّلهَ تَوّابا َرحِيما} [النساء‪ ]64:‬وقد جئتُك مستغفرا من ذنب‪،‬‬
‫مستشفعا بك إل رب‪ ،‬ث أنشأ يقول‪:‬‬

‫ت بالقاع أعظُمُه * فطابَ من طيبه ّن القَاعُ والكمُ‬


‫يا خ َي مَنْ دُفن ْ‬

‫ت ساكنُهُ * فيه العفافُ وفيه الو ُد والك َرمُ‬


‫نفسي الفداءُ لقبٍ أن َ‬

‫قال‪ :‬ث انصرفَ‪ ،‬فحملتن عيناي فرأيت النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف النوم فقال ل‪ :‬يا عُتْبّ‪ ،‬القِ‬
‫ب فبشّره بأن اللّه تعال قد غفر له‪.‬‬
‫العرا ّ‬

‫•كتاب أذكار الهاد‬


‫‪ o‬بابُ استحباب سؤال الشهادة‬
‫‪ o‬باب حثّ الِمام أمي السرية على تقوى اللّه‬
‫‪ o‬باب بيان أن السنّة للِمام وأمي السرية إذا أراد غزوة أن يورّي بغيها‬
‫‪ o‬بابُ الدعاء لن يُقاتلُ أو يعم ُل على ما يُعي على القتال ف وجهه‬
‫‪ o‬بابُ الدعاء والتضرّع والتكبي عند القتال واستنجاز اللّه ما وعد من نصر‬
‫الؤمني‬
‫ت عِندَ القِتال لغي حَاجة‬ ‫صوْ ِ‬
‫‪ o‬بابُ النّهي عن رف ِع ال ّ‬
‫‪ o‬بابُ قولِ الرجلِ ف حَال القتا ِل أنا فلنٌ لِرعابِ عدّوه‬
‫‪ o‬بابُ استحبابِ الرّ َجزِ حالَ البارزة‬
‫‪ o‬باب استحباب إظهار الصّبِ والقوّة‬
‫‪ o‬بابُ ما يقولُ إذا َظهَر السلمون وغلبُوا عدوّهم‬
‫‪ o‬باب ما يقول إذا رأى هزيةً ف السلمي والعياذُ باللّه الكري‬
‫ت منه براعةٌ ف القتال‬ ‫‪ o‬بابُ ثنا ِء الِمام على من َظهَرَ ْ‬

‫‪200‬‬
‫بابُ ما يقولُه إذا رجع مِن الغَزْو‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب أذكار الهاد‬

‫أما أذكار سفره ورجوعه فسيأت ف كتاب أذكار السفر إن شاء اللّه تعال‪ .‬وأما ما يتصّ به فنذك ُر منه‬
‫ما حض َر الن متصرا‪.‬‬

‫بابُ استحباب سؤال الشهادة‪.‬‬

‫‪ 1/493‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم دخل على ُأمّ حَرَام ("على ُأمّ حرام"‪ :‬زاد ف رواية‪ :‬بنت مِلْحَان‪ ،‬وكانت تت عبادة بن‬
‫الصامت‪ ،‬وهي الغُ َمْيصَاء بالغي العجمة والصاد الهملة؛ والغمص والرمص‪ :‬نقص يكون ف العي‪ .‬قال‬
‫ف الصحاح‪ :‬الرمص بالتحريك‪ :‬وسخ يُجمع ف الوق‪ ،‬فإن سال فهو غمص‪ ،‬وإن جد فهو َرمَص) ‪،‬‬
‫س مِنْ ُأ ّمتِي عُرِضُوا عَليّ‬
‫فنام ث استيقظ وهو يضحك‪ ،‬فقالت‪ :‬وما يُضحكك يا رسول اللّه؟! قال‪" :‬نا ٌ‬
‫ح ِر مُلُوكا على السِ ّر ِة أوْ ِمثْ َل الُلُوك" فقالت‪ :‬يا رسولَ اللّه! ا ْدعُ‬
‫غُزَاةً ف سَبيلِ اللّه يَرْ َكبُونَ َثبَ َج هَذَا البَ ْ‬
‫اللّه أن يعلن منهم‪ ،‬فدعا لا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪)1( .‬‬

‫قلت‪ :‬ثبج البحر بفتح الثاء الثلثة وبعدها باء موحدة مفتوحة أيضا ث جيم‪ :‬أي ظهره؛ وأُمّ َحرَامٍ بالراء‪.‬‬

‫‪ 2/494‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن معاذ رضي اللّه عنه‪,‬أنه سع‬
‫ت أوْ ُقتِ َل فإنّ لَهُ أ ْجرَ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬مَنْ سألَ اللّهَ ال َقتْ َل مِ ْن َنفْسِهِ صَادِقا‪ ،‬ثّ ما َ‬
‫َشهِيدٍ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)2( .‬‬

‫‪ 3/495‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫"مَ ْن طََلبَ الشّها َدةَ صَادِقا ُأعْطِيها وََلوْ لَ ْم ُتصِبْهُ"‪)3(.‬‬

‫‪ 4/496‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن سهل بن حُنيف رضي اللّه عنه‪،‬أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫شهَدَا ِء وَإنْ ماتَ على‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ سألَ اللّ َه تَعال الشّهادَة ِبصِ ْدقٍ بَّلغَهُ اللّ ُه تَعال مَنازِلَ ال ّ‬
‫فِرَاشِهِ"‪)4(.‬‬

‫‪201‬‬
‫باب حثّ الِمام أمي السرية على تقوى اللّه تعال‪ ،‬وتعليمه إيّاه ما يتاج إليه من أمر قتال عدوّه‬
‫ومصالتهم وغي ذلك‪.‬‬

‫‪ 1/497‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن بريدة رضي اللّه عنه قال‪:‬كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫صتِه بتقوى اللّه تعال ومَ ْن معه من السلمي خيا‪ ،‬ث‬ ‫إذا أمّ َر أميا على جيشٍ أو سريةٍ‪ ،‬أوصاه ف خا ّ‬
‫قال‪" :‬اغزوا باسْمِ اللّه ف َسبِيلِ اللّهِ‪ ،‬قاتِلُوا مَنْ َكفَرَ باللّه‪ ،‬اغْزُوا وَل َتغُلّوا ول َتغْدِرُوا وَل تُ َمثّلوا وَل‬
‫َتقْتُلُوا وَلِيدا‪ ،‬وَإذا لقِيتَ عَ ُد ّو َك مِنَ الُشْرِ ِكيَ فا ْد ُعهُمْ إل ثلثِ خِصالٍ" وذكر الديث بطوله‪)5( .‬‬

‫باب بيان أن السنّة للِمام وأمي السرية إذا أراد غزوة أن يورّي بغيها‬

‫‪ 1/498‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪،‬عن كعب بن مالك رضي اللّه عنه قال‪ :‬ل يكن رسولُ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُريد سفرة إلّ ورّى بغيها‪)6( .‬‬

‫بابُ الدعاء لن يُقاتلُ أو يعم ُل على ما يُعي على القتال ف وجهه وذكر ما ُينَشّطُهم ويرّضُهم على‬
‫القتال‬

‫ي على القِتالِ} [النفال‪ ]65 :‬وقال تعال‪{ :‬وحَ ّرضِ‬


‫قال اللّه تعال‪{ :‬يا أيّها الّنبِيّ َح ّرضِ ا ُل ْؤمِنِ َ‬
‫ا ُل ْؤ ِمنِيَ} [النساء‪]84:‬‬

‫‪ 1/499‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬خرجَ رسولُ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم إل الندق فإذا الهاجرون والنصار يفرون ف غداة باردة‪ ،‬فلما رأى ما بم من الّنصَب‬
‫والوع قال‪" :‬الّلهُ ّم إنّ ال َعْيشَ َعْيشُ الخِ َرةِ‪ ،‬فاغْفِرْ لِلْنصَا ِر وَالُها ِج َرةِ"‪()7(.‬البخاري (‪، )4099‬‬
‫ومسلم (‪ ، )1805‬والترمذي (‪(" )3856‬البخاري (‪ ، )4099‬ومسلم (‪، )1805‬‬
‫والترمذي (‪(" )3856‬البخاري (‪ ، )4099‬ومسلم (‪ ، )1805‬والترمذي (‪(" )3856‬‬
‫البخاري (‪ ، )4099‬ومسلم (‪ ، )1805‬والترمذي (‪(")3856‬البخاري (‪ ، )4099‬ومسلم‬
‫(‪ ، )1805‬والترمذي (‪)3856‬‬

‫ب الدعاء والتضرّع والتكبي عند القتال واستنجاز اللّه ما وعد من نصر الؤمني‪.‬‬
‫با ُ‬

‫‪202‬‬
‫قال اللّه ع ّز وجلّ‪{ :‬يا أيّها الّذين آمَنُوا إذَا َلقِيتُمْ ِفَئةً فاْثُبتُوا وَاذْكُرُوا اللّه َكثِيا َلعَّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ‪ .‬وأطِيعُوا‬
‫صبِرُوا إنّ اللّه مَ َع الصّابِرِينَ‪ .‬وَل َتكُونُوا كالّذينَ‬ ‫اللّ َه وَ َرسُولَهُ وَل تَنا َزعُوا َفَتفْشَلُوا َوتَ ْذ َهبَ رِيُكُ ْم وَا ْ‬
‫س َويَصُدُونَ عَنْ َسبِيلِ اللّه} [النفال‪45 :‬ـ ‪ ]47‬قال بعض‬ ‫َخرَجُوا مِنْ دِيا ِرهِ ْم بَطَرا وَرِئاء النّا ِ‬
‫العلماء هذه الية الكرية أجع شيء جاء ف آداب القتال‪.‬‬

‫‪ 1/500‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫وهو ف ُقبّته‪" :‬الّلهُمّ إن أنْشُ ُد َك َعهْ َدكَ َو َوعْ َدكَ‪ ،‬الّلهُ ّم إنْ ِشْئتَ لَمْ تُ ْعبَ ْد َبعْ َد اليَ ْومِ‪ ،‬فأخذ أبو بكر رضي‬
‫ت على ربّك‪ ،‬فخرج وهو يقول‪َ { :‬سُيهْ َزمُ الَ ْمعُ‬ ‫ح َ‬ ‫ك يا رسول اللّه! فقد أَلْحَ ْ‬ ‫سبُ َ‬‫اللّه عنه بيده فقال‪ :‬حَ ْ‬
‫َوُيوَلّونَ ال ّدبُرَ‪ .‬بَلِ السّا َع ُة َموْعِ ُدهُ ْم وَالسّا َعةُ أَ ْدهَى وَأمَرّ} [القمر‪45:‬ـ ‪ "]46‬وف رواية "كان ذلك‬
‫يوم بدر" هذا لفظ رواية البخاري‪ .‬وأما لفظ مسلم فقال‪" :‬استقبل نبّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم القبلة ث‬
‫ت ما َوعَ ْدَتنِي‪ ،‬الّلهُ ّم إنْ َتهْلِكْ‬
‫جزْ ل ما َوعَ ْدَتنِي‪ ،‬الّلهُمّ آ ِ‬ ‫مَدَّ يديه فجعل يهتفُ بربه يقول‪" :‬الّلهُ ّم أنْ ِ‬
‫هَ ِذهِ العِصاَب ُة مِ ْن أهْ ِل الِسْلمِ ل ُت ْعبَدْ فِي ال ْرضِ‪ ،‬فما زال يهتف بربه مادّا يديه حت (‪)8‬‬

‫قلتُ‪ :‬يَهتف بفتح أوله وكسر ثالثه ومعناه‪ :‬يرفع صوته بالدعاء‪.‬‬

‫‪ 2/501‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن عبد اللّه بن أب أوف رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫س ث قامَ ف الناس فقال‪" :‬‬ ‫عليه وسلم ـ ف بعض أيامه الت لقي فيها العدو ـ انتظر حت مالتِ الشم ُ‬
‫أيّها النّاسُ ل َتتَ َمّنوْا ِلقَا َء العَ ُدوّ ("ل تتمنّوا لقاء العدو" قال الافظ ف الفتح‪ :‬قال ابن بطال‪ :‬حكمة النهي‬
‫أن الرء ل يعل ُم ما يؤول إليه المر‪ ،‬وهو نظي سؤال العافية من الفت) َوسَلُوا اللّ َه العاِفَيةَ‪ ،‬فإذَا لَقيتُموهُم‬
‫جرِيَ السّحابِ‪،‬‬ ‫ت ظِللِ السّيُوفِ‪ ،‬ث قال‪ :‬الّلهُ ّم ُمنْزِ َل الكِتَابِ‪ ،‬ومُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫لّنةَ تَ ْ‬
‫صبِرُوا‪ ،‬واعْلَمُوا أنّ ا َ‬‫فا ْ‬
‫وَهازِم ال ْحزَابِ‪ ،‬اهْ ِز ْمهُ ْم وَاْنصُ ْرنَا عََلْيهِمْ" وف رواية‪" :‬الّلهُ ّم ُمنْزِ َل الكتابِ‪ ،‬سَرِي َع الِسابِ‪ ،‬اهْ ِزمِ‬
‫الحْزَابَ‪ ،‬الّلهُمّ اهْ ِز ْمهُ ْم َوزَلْزِْلهُمْ"‪)9(.‬‬

‫‪ 3/502‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬صبّحَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم خيبَ‪،‬‬
‫فلما رأوْه قالوا‪ :‬ممد والميس‪ ،‬فلجؤوا إل الصن‪ ،‬فرفعَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم يديه فقال‪" :‬اللّهُ‬
‫أكْبَرُ خَ ِرَبتْ َخْيبَرُ‪ ،‬إنّا إذَا َنزَلْنا بِسا َحةِ َق ْومٍ فَساءَ صَباحُ ا ُلنْذَرِينَ"‪)10(.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ 4/503‬وروينا بالِسناد الصحيح‪ ،‬ف سنن أب داود‪ ،‬عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ِ" :‬ثْنتَا ِن ل تُرَدّانِ ـ أوْ قَلّما ُترَدّانِ ـ الدُعا ُء ِعنْ َد النّدَاءِ‪َ ،‬و ِعنْدَ البأسِ‬
‫ضهُ ْم َبعْضا" (‪)11‬‬
‫حِيَ يُلْجِمُ بَ ْع ُ‬

‫قلت‪ :‬ف بعض النسخ العتمدة "يُ ْلحِمُ" بالاء‪ ،‬وف بعضها باليم‪ ،‬وكلها ظاهر‪.‬‬

‫‪ 5/504‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬كان رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم إذا غزا قال‪" :‬الّلهُ ّم أْنتَ َعضُدِي َونَصيِي‪ ،‬بِكَ أحُو ُل َوبِكَ أصُولُ‪َ ،‬وبِكَ أُقاتِلُ"‪.‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬قُ ْلتُ‪ :‬معن َعضُدِي‪ :‬عون‪ .‬قال الطاب‪ :‬معن أحول‪ :‬أحتال‪ .‬قال‪ :‬وفيه‬
‫وجه آخر‪ ،‬وهو أن يكون معناه‪ :‬النع والدفع‪ ،‬من قولك‪ :‬حال بي الشيئي‪ :‬إذا منع أحدها من الخر‪،‬‬
‫فمعناه‪ :‬ل أمن ُع ول أدفعُ إل بك‪)12( .‬‬

‫‪ 6/505‬وروينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه‬
‫ج َعلُكَ ف نُحُو ِرهِمْ‪َ ،‬ونَعُو ُذ بِكَ‬
‫عنه‪:‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا خافَ قوما قال‪" :‬الّلهُ ّم إنّا نَ ْ‬
‫مِ ْن شُرُو ِرهِمْ"‪)13(.‬‬

‫‪ 7/506‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمارة بن َزعْكَ َرةَ رضي اللّه عنه قال‪:‬سعت رسولَ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إنّ اللّ َه تَعال َيقُولُ‪ :‬إ ّن َعبْدِي كُ ّل عَبْدِي‪ ،‬الّذي يَذْ ُك ُرنِي َو ُهوَ مُلقٍ قِ ْرنَهُ" يعن‬
‫عند القتال‪ .‬قال الترمذي‪ :‬ليس إسناده بالقويّ‪)14( .‬قلت‪َ :‬زعْكَرة بفتح الزاي والكاف وإسكان العي‬
‫الهملة بينهما‪.‬‬

‫‪ 8/507‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبَر "ل تَتَ ّمّنوْا ِلقَا َء العَ ُدوّ‪ ،‬فإّنكُمْ ل تَ ْدرُو َن ما ُتبْتَل ْو بِ ِه ِمْنهُمْ‪ ،‬فإذَا َلقِيتُمُوهُمْ‬
‫َفقُولُوا‪ :‬الّلهُ ّم أنْتَ َربّنا وَ َرّبهُمْ‪ ،‬وَقُلُوبُنا وَُقلُوبُهُ ْم ِبيَ ِدكَ‪ ،‬وإنّمَا َيغِْلُبهُ ْم أْنتَ"‪)15(.‬‬

‫‪ 9/508‬وروينا ف الديث الذي قدّمناه عن كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬كنّا مع‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف غزوةٍ فلق َي العَ ُدوّ‪ ،‬فسمعتُه يقول‪" :‬يا مالكَ َي ْومِ الدّينِ‪ ،‬إيّا َك َنعْبُ ُد وإيّاكَ‬
‫ستَعِيُ" فلقد رأيتُ الرّجا َل تُصرَع تضربُها اللئكةُ من بي أيديها ومن خلفها‪)16(.‬‬ ‫نَ ْ‬

‫وروى الِمام الشافعي رحه اللّه ف "المّ" (‪ )17‬بإسناد مُرسل‪،‬‬

‫‪204‬‬
‫ليُوشِ‪ ،‬وإقا َمةِ الصّلةِ‪َ ،‬ونُزُولِ‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬اطُْلبُوا اسْتِجاَبةَ الدّعا ِء عِنْ َد اْلتِقاءِ ا ُ‬
‫ال َغْيثِ"‪.‬‬

‫ب استحبابا متأكدا أن يقرأ ما تيسر له من القرآن‪ ،‬وأن يقول دعاء الكرب الذي قدّمنا‬ ‫قلت‪ :‬ويستح ّ‬
‫ش العَظيمِ‪ ،‬ل إِلهَ‬
‫ب العَ ْر ِ‬
‫ذكره‪ ،‬وأنه ف الصحيحي (‪" )18‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ العَظي ُم الَليمُ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ رَ ّ‬
‫ب العَ ْرشِ الكَ ِريِ"‪.‬‬‫ض وَرَ ّ‬‫ت وَرَبّ ال ْر ِ‬
‫إِلّ اللّهُ رَبّ السّ َموَا ِ‬

‫ويقول ما قدّمناه هناك ف الديث الخَر "ل إِلهَ إِلّ اللّهُ الَلِي ُم الكَريُ‪ ،‬سُبْحان اللّهِ رَبّ السّ َموَاتِ السّبْع‬
‫ب العَ ْرشِ العَظيم‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ أْنتَ َعزّ جا ُر َك وَجَ ّل ثَنا ُؤكَ"‪.‬‬
‫وَرَ ّ‬

‫سبُنا اللّ ُه َوِنعْ َم الوَكِيلُ"‪.‬‬


‫ويقول‪ :‬ما قدّمناه ف الديث الخر "حَ ْ‬

‫ويقول‪" :‬ل َح ْو َل وَل ُق ّوةَ إِلّ باللّه العَزي ِز الَكيم‪ ،‬ما شاء اللّهُ ل ُق ّوةَ إِلّ باللّه‪ ،‬ا ْعَتصَمْنا باللّه‪ ،‬ا ْسَت َعنّا‬
‫باللّه‪َ ،‬توَكّلْنا على اللّه"‪.‬‬

‫ليّ ال َقيّو ِم الّذي ل يَمُوتُ َأبَدَا‪ ،‬وَدََف ْعتُ َعنّا السّوءَ بل َحوْ َل وَل ُق ّوةَ‬
‫ي با َ‬
‫ويقول‪َ " :‬حصّْنتُنا ُكلّنا أجْ َمعِ َ‬
‫إِلّ باللّهِ العَل ّي العَظيمِ"‪.‬‬

‫ويقول‪" :‬يا قَ ِد َي الِحْسانِ! يا مَنْ إحْسانُهُ َف ْوقَ كُلّ إِحْسان! يا مالِكَ ال ّدنْيا والخِ َرةِ! يا َحيّ يا َقيّومَ! يا‬
‫ج ُزهُ َشيْ ٌء وَل َيتَعاظَمُهُ! اْنصُرْنا على أعْدَائنا َهؤُلءِ َو َغيْ ِرهِمْ‪ ،‬وأظْهِرْنا‬
‫ذَا الَل ِل والِكْرَامِ! يا مَ ْن ل ُيعْ ِ‬
‫عََلْيهِمْ فِي عاِفَي ٍة وَسل َم ٍة عامّة عاجلً" فكلّ هذه الذكورات جاء فيها حثّ أكيد‪ ،‬وهي مرّبة‪.‬‬

‫صوْتِ عِن َد القِتال لغي حَاجة‪.‬‬


‫ب النّهي عن رف ِع ال ّ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/509‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن قيس بن عُبا ٍد التابعي رحه اللّه ـ وهو بضم العي وتفيف الباء‬
‫ـ قال‪ :‬كانَ أصحابُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يَكرهون الصوْتَ عندَ القتال‪)19( .‬‬

‫بابُ قو ِل الرجلِ ف حَال القتالِ أنا فلنٌ لِرعابِ عدّوه‪.‬‬

‫‪ 1/510‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ,‬أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال َيوْمَ حُني‪" :‬أنا‬
‫النّبّ ل َكذِب‪ ،‬أنا ابْ ُن َعبْدِ الُطّلب"‪)20(.‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ 2/511‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن سلمة بن الكوع‪ :‬أن عليّا رضي اللّه عنهما لا بارز مرحبا‬
‫اليبي قال عليّ رضي اللّه عنه‪ :‬أنا الّذي سَ ّمْتنِي ُأمّي َحيْ َدرَة‪)21( .‬‬

‫‪ 3/512‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن سلمة أيضا أنه قال ف حال قتاله الذين أغاروا على اللقاح‪ :‬أنا‬
‫ابن الكوع‪ ،‬واليو ُم يومُ الرّضّع‪)22( .‬‬

‫ب استحبابِ الرّجَزِ حا َل البارزة‪.‬‬


‫با ُ‬

‫فيه الحاديث التقدمة ف الباب الذي قبل هذا‪.‬‬

‫‪ 1/513‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن الباء بن عازب رضي اللّه عنهما أنه قال له رجل‪:‬‬
‫أفررت يوم حُني عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال الباء‪ :‬لكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ل يفرّ‪ ،‬لقد رأيته وهو على بغلته البيضاء‪ ،‬وإن أبا سفيان بن الارث آخذ بلجامها‪ ،‬والنبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم يقول‪" :‬أنا الّنبِيّ ل كَذِبْ‪ ،‬أنا ابْ ُن َعبْد الُطِّلبْ" وف رواية "فنلَ ودعا واستنصرَ"‪)23(.‬‬

‫‪ 2/514‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن الباء أيضا قال‪ :‬رأيتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم ينقلُ معنا‬
‫ض بطنه وهو يقول‪:‬‬‫ب بيا َ‬‫التراب يومَ الحزاب‪ ،‬وقد وارى الترا ُ‬

‫ت ما ا ْهتَ َديْنا * وَل َتصَدَّقْنا وَل صَّليْنا‬


‫"الّلهُمّ َلوْل أْن َ‬

‫ت القْدَام إنْ لَقيْنا "‬


‫فأنْزِلَن ْن َسكِينَ ًة عََليْنا * َوَثبّ ِ‬

‫إ ّن الُل قَ ْد َب َغوْا عََليْنا * إذَا أرَادُوا ِفْتنَ ًة أَبيْنا"(‪ ()24‬البخاري (‪ ، )4106‬ومسلم (‪ ، )1803‬وهو‬
‫ف عمل اليوم والليلة للنسائي برقم (‪ (" )533‬البخاري (‪ ، )4106‬ومسلم (‪ ، )1803‬وهو‬
‫ف عمل اليوم والليلة للنسائي برقم (‪ (" )533‬البخاري (‪ ، )4106‬ومسلم (‪ ، )1803‬وهو‬
‫ف عمل اليوم والليلة للنسائي برقم (‪ (" )533‬البخاري (‪ ، )4106‬ومسلم (‪ ، )1803‬وهو‬
‫ف عمل اليوم والليلة للنسائي برقم (‪ (")533‬البخاري (‪ ، )4106‬ومسلم (‪ ، )1803‬وهو ف‬
‫"عمل اليوم والليلة" للنسائي برقم (‪)533‬‬

‫‪ 3/515‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬جعل الهاجرون والنصار يفرون‬
‫حمّدا‪ ،‬على‬
‫ح ُن الّذِينَ باَيعُوا مُ َ‬
‫الندق وينقلون التراب على ُمتُونم ـ أي ظهورهم ـ ويقولون‪ :‬نَ ْ‬

‫‪206‬‬
‫الِسْلم‪ ،‬وف رواية‪ :‬على الِها ِد ما َبقِينا أبَدا‪ ،‬والنبّ صلى اللّه عليه وسلم ييبهم "الّلهُ ّم إنّهُ ل َخيْرَ إِلّ‬
‫َخيْرُ ال ِخ َرةِ‪ ،‬فَبا ِركْ ف الْنصَا ِر والُهاجِرَة"‪)25(.‬‬

‫ح واستبشاره با حصل له من الرح ف سبيل اللّه وبا‬ ‫باب استحباب إظهار الصّ ِب والقوّة لن جُ ِر َ‬
‫يصي إليه من الشهادة‪ ،‬وإظهار السرور بذلك وأنّه ل ضي علينا ف ذلك بل هذا مطلوبُنا وهو نايةُ أملِنا‬
‫وغاي ُة سؤلِنا‪.‬‬

‫ي بِمَا‬‫سبَ ّن الّذينَ ُقتِلُوا فِي َسبِيلِ اللّهِ َأ ْموَاتا بَلْ أحْيا ٌء ِعنْدَ َرّبهِ ْم يُرْزَقُونَ‪ ،‬فَرِ ِح َ‬‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَ َل تَحْ َ‬
‫ف عََلْيهِ ْم وَل هُ ْم يَحْ َزنُونَ‬ ‫حقُوا ِبهِمْ مِنْ خَ ْل ِفهِ ْم أنْ لَ َخوْ ٌ‬ ‫ضلِ ِه َويَسَْتبْشِرُونَ بالّذِين َل ْم يَلْ َ‬
‫آتاهُمُ اللّ ُه مِنْ َف ْ‬
‫ستَبْشِرُو َن بِِنعْمَة مِنَ اللّ ِه وََفضْ ٍل وأنّ اللّ َه لُيضِيعُ أ ْج َر ا ُلؤْ ِمنِيَ‪ .‬الّذي َن اسْتَجَابُوا لِلّ ِه وَال ّرسُو ِل مِ ْن َبعْ ِد ما‬ ‫يَ ْ‬
‫س إنّ النّاس قَدْ جَ َمعُوا َلكُم‬ ‫سنُوا ِمْنهُم وَاّت َقوْا أجْرٌ عظِيمٌ‪ .‬الّذِين قالَ َلهُم النّا ُ‬ ‫أصَاَبهُمْ القَ ْرحُ لِلّذِينَ أحْ َ‬
‫س ُه ْم سُوءٌ‪،‬‬ ‫سبُنا اللّ ُه َوِنعْمَ الوكِيلُ‪ .‬فاْنقََلبُوا ِبنِعْ َم ٍة مِنَ اللّ ِه وََفضْلٍ لَ ْم يَمْسَ ْ‬
‫ش ْوهُم فَزَا َدهُمْ إيَانا وقالُوا حَ ْ‬ ‫فاخ َ‬
‫ضوَانَ اللّهِ‪ ،‬واللّهُ ذُو َفضْ ٍل عَظِيمٍ} [آل عمران‪ 169 :‬ـ ‪.]172‬‬ ‫واّتَبعُوا رِ ْ‬

‫‪ 1/516‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه ف حديث القرّاء أهل بئر‬
‫ت الكفّارُ بم فقتلوهم‪ :‬أن رجلً من الكفار طعنَ خا َل أنس وهو َحرَام بن مِلحان‪،‬‬‫َمعُونة الذين غدر ِ‬
‫ب الكعبة‪ .‬وسقط ف رواية مسلم "اللّه أكب"(‪ )26‬قلتُ‪ :‬حَرَام‬ ‫فأنفذه‪ ،‬فقال حَرام‪ :‬اللّه أكب فُزْتُ ور ّ‬
‫بفتح الاء والراء‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا َظهَر السلمون وغلبُوا عدوّهم‪.‬‬

‫ينبغي أن يُكثرَ عند ذلك من شكر اللّه تعال‪ ،‬والثناء عليه‪ ،‬والعتراف بأن ذلك من فضله ل بولنا‬
‫وقوتنا‪ ،‬وأن النصرَ من عند اللّه‪ ،‬وليحذروا من الِعجاب بالكثرة فإِنه يُخاف منها التعجيز؛ كما قال اللّه‬
‫ت ثُمّ‬
‫ض بِمَا رَ ُحَب ْ‬
‫جَبتْكُمْ َكثْ َرُتكُمْ فََل ْم ُتغْنِ َعْنكُ ْم َشيْئا وَضَاَقتْ عََلْيكُمُ ال ْر ُ‬
‫تعال‪{ :‬وََي ْومَ ُحَنيْنٍ إ ْذ أعْ َ‬
‫وَّليْتُ ْم مُ ْدبِرِينَ} [التوبة‪.]25:‬‬

‫باب ما يقول إذا رأى هزيةً ف السلمي والعياذُ باللّه الكري‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫يُستحبّ إذا رأى ذلك أن يفزعَ إل ذكر اللّه تعال واستغفاره ودعائه‪ ،‬واستنجاز ما وعدَ الؤمني من‬
‫نصرهم وإظهار دينه‪ ،‬وأن يدعوَ بدعاء الكرْب التقدم‪" :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه العَظِيمُ الَلِيمُ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ رَبّ‬
‫ب العَ ْرشِ الكَ ِريِ"‪.‬‬ ‫ت وَرَبّ ال ْرضِ رَ ّ‬
‫ش العَظِيمِ‪ ،‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ رَبّ السّ َموَا ِ‬
‫العَ ْر ِ‬

‫ويُستحبّ أن يدعو بغيه من الدعوات الذكورة التقدمة والت ستأت ف مواطن الوف واللكة‪ .‬وقد‬
‫قدّمنا ف باب الرجز الذي قبل هذا؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا رأى هزية السلمي‪ ،‬نزل‬
‫سَنةٌ}[الحزاب‪21 :‬‬
‫واستنصر ودعا‪ .‬وكان عاقبة ذلك النصر {َلقَ ْد كانَ َلكُمْ فِي َرسُولِ اللّه ُأ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫]‪.‬‬

‫‪ 1/517‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬لا كان يوم أُحُد وانكشف‬
‫صنَ َع هؤلء ـ يعن أصحابه ـ وأبرأ‬
‫السلمون‪ ،‬قال عمّي أنس بن النضر‪ :‬الّلهُمّ إن أعتذ ُر إليكَ ما َ‬
‫إليك ما صنع هؤلء ـ يعن الشركي ـ ث تقدَّم فقاتلَ حت استُشهد‪ ،‬فوجدنَا به بضعا وثانيَ ضربةً‬
‫بالسيف أو طعنةً برمح أو رميةً بسهم‪)27( .‬‬

‫ت منه براعةٌ ف القتال‪.‬‬


‫ب ثناءِ الِمام على من َظهَرَ ْ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/518‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سلمةَ بن الكوع رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل‬
‫ف قصة إغارة الكفار على سرح الدينة وأخذهم اللقاح وذهاب سلمة وأب قتادة ف أثرهم‪ ،‬فذكرَ‬
‫الديثَ إل أن قال‪ :‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬كانَ َخيْرَ فُرْسانِنا الَي ْومَ أبُو قَتا َد َة وَ َخيْرَ‬
‫رَجّاَلتِنا سَلَ َمةُ"‪)28(.‬‬

‫ب ما يقولُه إذا رجع مِن الغَزْو‬


‫با ُ‬

‫فيه أحاديثُ ستأت إن شاء اللّه تعال ف كتابِ أذْكَا ِر الُسَافر‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫•كتاب أذكار السافر‬


‫بابُ الستخارة والستشارة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ أذكارِه بعدَ استقرارِ عزمِه على السّفر‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫ج من بيتِه‪.‬‬
‫بابُ أذكارِه عندَ إرادتِه الرو َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ أذْكَارِه إذا خَرَج‪َ.‬‬ ‫‪o‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ ‬ما يقوله الودع للمسافر‬
‫ليْرِ‬
‫ب طَلبهِ الوصّيةَ من أهلِ ا َ‬ ‫بابُ اسْتحبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب وصيّة الُقيم السافرَ بالدعاء له‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا ركبَ داّبتَه‬ ‫‪o‬‬

‫ب سفينةً‬ ‫بابُ ما يَقولُ إذا رَ ِك َ‬ ‫‪o‬‬

‫ب الدعاء ف السفر‬ ‫بابُ استحبا َ‬ ‫‪o‬‬

‫باب تكبي السافر إذا صعد الثّنايا‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النّهي عن البالغةِ ف رَفْ ِع الصّوْتِ بالتكبي ونوه‬ ‫‪o‬‬

‫باب استحباب الُدَاء للسرعة ف السّي‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقول إذا انفلتت داّبتُهُ‬ ‫‪o‬‬

‫ص ْعبَةِ‬‫بابُ ما يقولُهُ على الدّاّبةِ ال ّ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا رأَى قري ًة يُريدُ دخولَها أول يريده‬ ‫‪o‬‬

‫ف ناسا أو غيَهم‬ ‫بابُ ما يَدعُو به إذا خا َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ السافرُ إذا َت َغوّلَت الغِيلن‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقولُ إذا عرضَ له شيطان‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا نز َل مَنلً‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا َرجَ َع مِن سَف ِرهِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه السافرُ بع َد صل ِة الصّبْح‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يقول إذا َرأَى بلدتَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا قَ ِدمَ من سفرهِ فدخل بيتَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقال لن َيقْ َدمُ من سفر‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقال لن َيقْ َدمُ من غزو‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقال لن َيقْ َدمُ من َح ّج وما يقولُه‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب أذكار السافر‬

‫‪209‬‬
‫اعلم أن الذكار الت تُستحبّ للحاضر ف الليل والنهار واختلف الحوال وغي ذلك ما تقدم تُستحبّ‬
‫للمسافر أيضا‪ ،‬ويَزيدُ السافرُ بأذكار فهي القصودةُ بذا الباب‪ ،‬وهي كثيةٌ منتشرة جدا‪ ،‬وأنا أختصرُ‬
‫ب لا أبوابا تناسبها‪ ،‬مستعينا باللّه‪ ،‬متوكلً عليه‪.‬‬
‫مقاصدها إن شاء اللّه تعال‪ ،‬وأُبوّ ُ‬

‫بابُ الستخارة والستشارة‬

‫اعلم أنه يُستحبّ لن خط َر بباله السفرُ أن يُشاو َر فيه مَن يعلمُ من حاله النصيحة والشفقة والبة ويث ُق‬
‫بدينه ومعرفته‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وشَاوِ ْرهُمْ فِي المْرِ} [آل عمران‪ ]159:‬ودلئلُه كثية‪ ،‬وإذا شاورَ‬
‫وظهرَ أنه مصلحةٌ استخارَ اللّه سبحانه وتعال ف ذلك‪ ،‬فصلّى ركعتي من غي الفريضة ودعا بدعاء‬
‫الستخارة الذي قدّمناه ف بابه‪ .‬ودلي ُل الستخارة الديث التقدّم عن صحيح البخاري (‪ ، )1‬وقد‬
‫قدّمنا هناك آداب هذا الدعاء وصفة هذه الصلة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ أذكارِه بعدَ استقرارِ عزمِه على السّفر‪.‬‬

‫فإذا استقرّ عزمُه على السفر فليجتهدْ ف تصيل أمور منها‪ :‬أن يوصي با يتاج إل الوصية به‪ ،‬وليُشه ْد‬
‫على وصيته‪ ،‬ويستحلّ كلّ من بينه وبينه معاملة ف شيء‪ ،‬أو مصاحبة‪ ،‬ويسترضي والديه وشيوخه ومن‬
‫يُندب إل برّه واستعطافه‪ ،‬ويتوبُ إل اللّه ويستغفره من جيع الذنوب والخالفات‪ ،‬وليطلبْ من اللّه‬
‫تعال العونةَ على سفره‪ ،‬وليجتهدْ على تعلّم ما يتاج إليه ف سفره‪ .‬فإن كان غازيا َتعَلّ َم ما يَحتاج إليه‬
‫الغازي من أمور القتال والدعوات وأمور الغنائم‪ ،‬وتعظيم تري الزية ف القتال وغي ذلك‪.‬‬

‫ب معه كتابا بذلك‪ ،‬ولو تعلّمها واستصحبَ‬


‫وإن كان حاجّا أو معتمرا تعلّ َم مناسكَ ال ّج أو استصح َ‬
‫ب كتابا فيه ما يتاج إليه‪.‬‬
‫كتابا كان أفضل‪ .‬وكذلك الغازي وغيه‪ ،‬ويُستحبّ أن يستصح َ‬

‫وإن كان تاجرا تعلّم ما يتاج إليه من أمور البيوع ما يص ّح منها وما يَبطل‪ ،‬وما ي ّل وما يَحرم‪،‬‬
‫ويُستحبّ ويكره ويباح‪ ،‬وما يَرجحُ على غيه‪ .‬وإن كان متعبّدا سائحا معتزلً للناس‪ ،‬تعلّم ما يتاج إليه‬
‫ف أمور دينه‪ ،‬فهذا أهمّ ما ينبغي له أن يطلبه‪ .‬وإن كان مّن يصيدُ تعلّم ما يتاج إليه أه ُل الصيد‪ ،‬وما‬
‫ي ّل من اليوان وما يَحرمُ‪ ،‬وما ي ّل به الصيد وما يَحرم‪ ،‬وما يشترط ذكاتُه‪ ،‬وما يكفي فيه قتل الكلب‬
‫أو السهم وغي ذلك‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫وإن كان راعيا تعلّم ما يتاج إليه ما قدّمناه ف ح ّق غيه مّن يعتزل الناس‪ ،‬وتعلّم ما يتاج إليه من الرف ِق‬
‫بالدّوابّ وطلب النصيحة لا ولهلها‪ ،‬والعتناء بفظها والتيقّظِ لذلك‪ ،‬واستأذنَ أهلَها ف ذبح ما يتاجُ‬
‫إل ذبه ف بعض الوقات لعارض وغي ذلك‪.‬‬

‫وإن كان رسولً من سلطان إل سلطان أو نوه اهت ّم بتعلّم ما يتاج إليه من آداب ماطبات الكبار‪،‬‬
‫وجوابات ما يَعرض ف الحاورات وما يلّ له من الضيافات والدايا وما ل يَحلّ‪ ،‬وما يَجب عليه من‬
‫مراعاة النصيحة وإظهار ما يُبطنه وعدم الغشّ والِداع والنفاق‪ ،‬والذر من التسبّب إل مقدمات الغدر‬
‫أو غيه ما يرم وغي ذلك‪.‬‬

‫وإن كان وكيلً أو عاملً ف قراض أو نوه تعلّم ما يَحتاج إليه ما يَجوز أن يشتريه وما ل يوز‪ ،‬وما‬
‫يَجوز أن يبي َع به وما ل يوز‪ ،‬وما يوز التصرّف فيه وما ل يوز‪ ،‬وما يُشترط الِشهاد فيه وما يب وما‬
‫يشترط فيه ول يب‪ ،‬وما يوز له من السفار وما ل يوز‪.‬‬

‫وعلى جيع الذكورين أن يتعلّم مَن أراد منهم ركوبَ البحر الالَ الت يوز فيها ركوبَ البحر‪ ،‬والال‬
‫الت ل يوز‪ ،‬وهذا كلّه مذكور ف كتب الفقه ل يليق بذا الكتاب استقصاؤه‪ ،‬وإنا غرضي هنا بيانُ‬
‫الذكار خاصة‪ ،‬وهذا التعلّم الذكور من جلة الذكار كما ق ّدمْته ف أول هذا الكتاب‪ ،‬وأسألُ اللّه‬
‫التوفيقَ وخاتة الي ل ولحبائي والسلمي أجعي‪.‬‬

‫ج من بيتِه‪.‬‬
‫بابُ أذكارِه عندَ إرادتِه الرو َ‬

‫يُستحبّ له عند إرادتِه الروجَ أن يصلّي ركعتي ‪:‬‬

‫‪ 1/519‬لديث الُ ْطعِم (‪()2‬ف الصل القطم قال الافظ‪ :‬هو سه ٌو نشأ عن تصحيف إنا هو‬
‫الُ ْطعِم‪ ،‬بسكون الطاء وكسر العي‪ .‬الفتوحات الربانية ‪ )5/105‬بن القدام الصنعان (ف الصل‬
‫الصحاب قال الافظ‪ ،‬إنا هو الصنعان‪ ،‬نسبة إل صنعاء دمشق‪ ،‬وقيل‪ :‬بل إل صنعاء اليمن‪ ،‬ث توّل‬
‫إل الشام‪ .‬وكان ف عصر صغار الصحابة‪ ،‬ول يثبت له ساع من صحاب‪ ،‬بل أرسله عن بعضهم‪ ،‬وجلّ‬
‫روايته عن التابعي؛ كمجاهد والسن‪(" )...‬ف الصل القطم قال الافظ‪ :‬هو سهوٌ نشأ عن تصحيف‬
‫إنا هو الُ ْطعِم‪ ،‬بسكون الطاء وكسر العي‪ .‬الفتوحات الربانية ‪ )5/105‬بن القدام الصنعان (ف‬
‫الصل الصحاب قال الافظ‪ ،‬إنا هو الصنعان‪ ،‬نسبة إل صنعاء دمشق‪ ،‬وقيل‪ :‬بل إل صنعاء اليمن‪ ،‬ث‬

‫‪211‬‬
‫توّل إل الشام‪ .‬وكان ف عصر صغار الصحابة‪ ،‬ول يثبت له ساع من صحاب‪ ،‬بل أرسله عن بعضهم‪،‬‬
‫وج ّل روايته عن التابعي؛ كمجاهد والسن‪(" )...‬ف الصل القطم قال الافظ‪ :‬هو سه ٌو نشأ عن‬
‫تصحيف إنا هو الُ ْطعِم‪ ،‬بسكون الطاء وكسر العي‪ .‬الفتوحات الربانية ‪ )5/105‬بن القدام الصنعان‬
‫(ف الصل الصحاب قال الافظ‪ ،‬إنا هو الصنعان‪ ،‬نسبة إل صنعاء دمشق‪ ،‬وقيل‪ :‬بل إل صنعاء‬
‫اليمن‪ ،‬ث توّل إل الشام‪ .‬وكان ف عصر صغار الصحابة‪ ،‬ول يثبت له ساع من صحاب‪ ،‬بل أرسله عن‬
‫بعضهم‪ ،‬وجلّ روايته عن التابعي؛ كمجاهد والسن‪ " )...‬رضي اللّه عنه‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما َخلّفَ أحَ ٌد ِعنْدَ َأهْلِهِ أ ْفضَلَ منْ رَ ْك َعتَيْ ِن يَرْ َك ُعهُما عنْ َدهُ ْم‬
‫حيَ يُرِي ُد َسفَرا" رواه الطبان‪ .‬قال بعض أصحابنا‪ :‬يُستحبّ أن يقرأ ف الول منهما بعد الفاتة {قُلْ‬
‫يا أّيهَا الكافِرُونَ} وف الثانية‪{ :‬قُ ْل ُهوَ اللّهُ أ َحدٌ}‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬يَقرأ ف الول بعد الفاتة {قُ ْل أعُوذُ‬
‫ب النّاسِ}‪ .‬فإذَا سلّم قرأ آيةَ الكرسي‪ ،‬فقد جاء‪ :‬أن من قرأ آية‬ ‫ب الفَلَقِ} وف الثانية {قُ ْل أعُو ُذ بِرَ ّ‬ ‫بِرَ ّ‬
‫الكرسي قبلَ خروجهِ من منلِه ل يصبْه شيءٌ يكرهُه حت يَرجع (‪ . )3‬ويُستحبّ أن يقرأ سورة {‬
‫لِيلفِ ُق َرْيشٍ} فقد قال الِمام السيد الليل أبو السن القزوين‪ ،‬الفقيه الشافعي‪ ،‬صاحب الكرامات‬
‫الظاهرة‪ ،‬والحوال الباهرة‪ ،‬والعارف التظاهرة‪ :‬إنه أمان من كل سوء‪ .‬قال أبو طاهر بن جحشويه‪:‬‬
‫ت سفرا وكنتُ خائفا منه فدخلتُ إل القزوين أسألُه الدعاءَ‪ ،‬فقال ل ابتداءً من ِقبَل نفسه‪ :‬مَن أرادَ‬ ‫أرد ُ‬
‫سفرا فف ِزعَ من عدوّ أو وحش فليقرأ {لِيلفِ قُ َرْيشٍ} فإنا أمانٌ من كلّ سوء‪ ،‬فقرأتُها فلم يعرض ل‬
‫عارض حت الن‪ .‬ويستحبّ إذا فرغ من هذه القراءة أن يدعو بإِخلص ورقّة‪ .‬ومن أحسن ما يقول‪:‬‬
‫ش ّق َة َسفَرِي‪ ،‬وَارْزُ ْقنِي مِنَ‬ ‫ك أتَوَكّلُ؛ الّلهُمّ ذَلّلْ ل صعُوَب َة أمْرِي‪َ ،‬و َسهّ ْل عَليّ مَ َ‬ ‫ي َوعََليْ َ‬
‫ك أسَْتعِ ُ‬
‫الّلهُ ّم بِ َ‬
‫ب اشْرَحْ ل صَدْرِي‪َ ،‬ويَسّرْ لِي أمْرِي‪ ،‬الّلهُمّ إن‬ ‫ف َعنّي كُ ّل شَرّ‪ .‬رَ ّ‬ ‫الَيْرِ أ ْكثَ َر مِمّا أطُْلبُ‪ ،‬وَاصْرِ ْ‬
‫ت عَليّ َوعَلْيهِ ْم بِ ِه مِنْ آ ِخ َرةٍ َو ُدنْيا‪،‬‬‫ك وأ ْسَتوْ ِدعُكَ َنفْسِي وَدِينِي وأهْلِي وأقارِب وكُ ّل ما أْنعَ ْم َ‬ ‫حفِظُ َ‬‫أسْتَ ْ‬
‫ي مِنْ ُك ّل سُوءٍ يا كَ ِريُ‪ .‬ويفتتح دعاءَه ويتمه بالتحميد للّه تعال‪ ،‬والصّلة والسلم على‬ ‫فا ْحفَ ْظنَا أجعَ َ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وإذا نضَ من جلوسه فليقلْ‪)4( :‬‬

‫‪ 2/520‬ما رويناه عن أنس رضي اللّه عنه‪:‬أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ل يرد سفرا إل قال‬
‫حي ينهض من جلوسه‪" :‬الّلهُمّ إَِليْكَ َتوَ ّجهْتُ‪َ ،‬وبِكَ ا ْعتَصَ ْمتُ؛ الّلهُ ّم اكْفن ما هَمّن َومَا ل َأهْتَمّ لَهُ‪،‬‬
‫خيْ ِر أْينَمَا َتوَ ّج ْهتُ"‪)5(.‬‬
‫الّلهُمّ َزوّ ْدنِي الّت ْقوَى‪ ،‬وَا ْغفِرْ ل َذْنبِي َووَ ّج ْهنِي ِللْ َ‬

‫بابُ أذْكَارِه إذا خَرَج‪َ.‬‬

‫‪212‬‬
‫قد تق ّدمَ ف أول الكتاب ما يقولُه الارجُ من بيته‪ ،‬وهو مُستحبّ للمسافر‪ ،‬ويُستحبّ له الِكثار منه‪،‬‬
‫ويُستحبّ أن يودّع أهله وأقاربَه وأصحابَه وجيانه‪ ،‬ويسألم الدعاء له ويدعو لم‪.‬‬

‫‪ 1/521‬وروينا ف مسند الِمام أحد بن حنبل وغيه‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهماعن رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‪" :‬إنّ اللّه تَعال إذا ا ْستُو ِدعَ َشيْئا َحفِظَهُ"‪)6(.‬‬

‫‪ 2/522‬وروينا ف كتاب ابن السن وغيه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫خلّفُ‪ :‬أسَْتوْ ِد ُعكُمُ اللّ َه الّذي ل َتضِي ُع َودَاِئعُهُ"‪)7(.‬‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ أَرَادَ أ ْن يُسافِرَ َف ْلَيقُلْ ِلمَ ْن يُ َ‬

‫‪ 3/523‬وروينا عن أب هريرة أيضا‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذا أرَاد أحَدُكُم‬
‫َسفَرا فَ ْلُيوَ ّدعْ إ ْخوَانَهُ‪ ،‬فإنّ اللّ َه تَعال جاعِلٌ فِي دُعاِئهِمْ َخيْرا"‪.‬‬

‫والسنّة أن يقول له مَن يودّعه‪:‬‬

‫‪ 4/524‬ما رويناه ف سنن أب داود‪ ،‬عن قزعة قال‪:‬قال ل ابن عمرَ رضي اللّه عنهما‪ :‬تعال أُودّعك‬
‫كما ودّعن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أ ْسَتوْ ِدعُ اللّهَ دِينَكَ وأماَنتَكَ وَ َخوَاتِيمَ عَ َملِكَ"‪)8(.‬‬

‫قال الِمام الطاب‪ :‬المانة هنا‪ :‬أهله ومن يلفه ومالُه الذي عند أمينه‪ .‬قال‪ :‬وذكر الدّين هنا لن السفر‬
‫مظنّة الشقة‪ ،‬فربا كان سببا لِهال بعض أمور الدين‪ .‬قلتُ‪ :‬قَزعة بفتح الزاي وإسكانا‪.‬‬

‫‪ 5/525‬ورويناه ف كتاب الترمذي أيضا عن نافع عن ابن عمر قال‪:‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫إذا ودّع رجلً أخذ بيده فل يدعها حت يكون الرجل هو الذي يدعُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫ويقولُ‪" :‬أ ْسَتوْ ِدعُ اللّهَ دِينَكَ وأماَنتَكَ وآ ِخ َر عَمَلِكَ"‪)9(.‬‬

‫‪ 6/526‬ورويناه أيضا ف كتاب الترمذي عن سال؛أن ابن عمر كان يقول للرجل إذا أراد سفرا‪ :‬ا ْدنُ‬
‫منّي أُودّعك كما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يودّعنا‪ ،‬فيقول‪" :‬أ ْستَوْ ِدعُ اللّهَ دِينَكَ وأمانَتَكَ‬
‫وَ َخوَاتِي َم عَمَلِكَ" قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪)10( .‬‬

‫‪ 7/527‬وروينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن عبد اللّه بن زيد الَطْ ِم ّي الصحاب‬
‫رضي اللّه عنه قال‪:‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا أراد أن يودّع اليش قال‪" :‬أسَْتوْ ِدعُ اللّهَ دِيَنكُمْ‬
‫وأماَنَتكُمْ َو َخوَاتِي َم أعْماِلكُمْ"‪)11(.‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ 8/528‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه قال‪:‬جاء رجل إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬يارسول اللّه إن أُريد سفرا فزوّدن‪ ،‬فقال‪َ " :‬زوّ َدكَ اللّ ُه التّ ْقوَى" قال‪ :‬زِدن‪ ،‬قال‪َ " :‬و َغفَرَ َذْنبَكَ"‬
‫ك الَيْرَ َحْيثُما ُكنْتَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)12( .‬‬ ‫قال‪ :‬زدن‪ ،‬قال‪َ " :‬ويَسّرَ لَ َ‬

‫ليْرِ‬
‫ب طَلبهِ الوصّيةَ من أهلِ ا َ‬
‫بابُ اسْتحبا ِ‬

‫‪ 1/529‬روينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه أن رجلً قال‪ :‬يا رسولَ‬
‫ك بتَ ْقوَى اللّ ِه تَعال‪ ،‬وَالتّ ْكبِيِ على كُ ّل شَرَفٍ‪ ،‬فلما ولّى‬
‫اللّه! إن أُريد أنْ أسافرَ فأوصن‪ ،‬قال‪" :‬عََليْ َ‬
‫الرجلُ قال‪ :‬الّلهُ ّم اطْوِ لَ ُه البَعِيدَ‪ ،‬و َهوّ ْن عََليْهِ السّفَرَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)13( .‬‬

‫بابُ استحباب وصيّة الُقيم السافرَ بالدعاء له ف مواطن الي ولو كان القيم أفضل من السافر‬

‫‪ 1/530‬روينا ف سنن أب داود والترمذي وغيها‪ ،‬عن عمرَ بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫استأذنتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف العمرة‪ ،‬فأ ِذنَ وقال‪" :‬ل َتنْسَنا يا أُ َخ ّي مِن دُعائِكَ" فقال كلمةً ما‬
‫يسرّن أنّ ل با الدنيا‪ .‬وف رواية قال‪" :‬أشْرِكْنا يا أخِي ف دُعائِكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‬
‫صحيح‪)14( .‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا ركبَ داّبتَه‬

‫ك وَالنْعامِ ما َترْ َكبُونَ ِلتَسْتَووا على ُظهُو ِر ِه ثُ ّم تَذْكُرُوا ِنعْ َمةَ َرّبكُمْ‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَ َجعَلَ َلكُ ْم مِ َن الفُلْ ِ‬
‫إذَا ا ْسَت َويْتُ ْم عََليْ ِه َوَتقُولُوا ُسبْحا َن الّذي سَخّرَ لَنا هَذََا وَما ُكنّا لَ ُه ُمقْ ِرنِيَ ‪ ،‬وَإنّا إل َربّنا َل ُمْنقَِلبُونَ} (‬
‫‪[ )15‬الزخرف‪12:‬ـ ‪]14‬‬

‫‪ 1/531‬وروينا ف كتب أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪،‬عن عل ّي بن ربيعة قال‪:‬‬


‫ت عليّ بن أب طالب رضي اللّه عنه أُت بدابّة ليكَبها‪ ،‬فلما وضعَ رجلَه ف الرّكاب قال‪ :‬بِاسْمِ‬ ‫شهد ُ‬
‫ي َوِإنّا إل َربّنا‬
‫اللّه‪ ،‬فلما استوى على ظهرها قال {الَمْدُ لِلّهِ الّذي سَخّرَ لَنا هَذَا َومَا ُكنّا لَ ُه ُمقْ ِرنِ َ‬
‫لَ ُمْنقَِلبُونَ} ث قال‪ :‬الَ ْمدُ لِلّهِ ثلث مرات‪ ،‬ث قال‪ :‬اللّهُ أكْبَ ُر ثلث مرات‪ ،‬ث قال‪ُ :‬سبْحانَك إن ظَلَ ْمتُ‬
‫ي شيء‬ ‫ضحِكَ! فقيل‪ :‬يا أمي الؤمني‪ ,‬من أ ّ‬ ‫َنفْسِي فا ْغفِرْ ل‪ ،‬إنّ ُه ل َيغْفِرُ ال ّذنُوبَ إِ ّل أنْتَ‪ ،‬ث َ‬
‫ضحِكَ! فقلتُ‪ :‬يا رسولَ اللّه‪,‬‬ ‫ت النبّ صلى اللّه عليه وسلم فعل مثلَ ما فعلتُ ث َ‬ ‫ضحكت؟ قال‪ :‬رأي ُ‬
‫جبُ مِ ْن عَبْ ِدهِ إذَا قالَ‪ :‬ا ْغفِرْ ل ُذنُوب‪َ ،‬يعْلَ ُم أنّهُ ل‬ ‫ك ُسبْحَانَ ُه َيعْ َ‬
‫ي شيء ضحكت؟ قال‪" :‬إنّ َربّ َ‬ ‫من أ ّ‬

‫‪214‬‬
‫ب َغيْرِي" هذا لفظ رواية أب داود‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬وف بعض النسخ‪ :‬حسن‬
‫َيغْفِرُ ال ّذنُو َ‬
‫صحيح‪)16( .‬‬

‫‪ 2/532‬وروينا ف صحيح مسلم ف كتاب الناسك‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما؛أن‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا استوى على بعيه خارجا إل سفر كبّر ثلثا‪ ،‬ث قال‪ُ " :‬سبْحانَ‬
‫الّذي سَخّرَ لَنا هَذَا وَما ُكنّا لَ ُه ُمقْرِنيَ‪َ ،‬وِإنّا إل َرّبنَا لَ ُمْنقَِلبُونَ‪ .‬الّلهُ ّم إنّا نَسألُكَ فِي سفَ ِرنَا هَذَا البِرّ‬
‫وَالّت ْقوَى‪َ ،‬ومِ ْن العَمَ ِل ما تَرْضَى‪ ،‬الّلهُ ّم َهوّن عََليْنا َسفَ َرنَا هَذَا‪ ،‬وَاطْ ِو َعنّا ُبعْ َدهُ‪ .‬الّلهُ ّم أْنتَ الصّا ِحبُ فِي‬
‫سفَ ِر وكآَب ِة الَنْ َظ ِر َوسُوءِ الُْنقََلبِ ف الَالِ‬
‫السّفَرِ وَالَلِي َفةُ ف الهْلِ‪ .‬الّل ُهمّ إن أعُو ُذ بِكَ مِنْ وَعْثاءِ ال ّ‬
‫والهْلِ‪ .‬وإذا رَجع قالنّ وزاد فيهنّ‪ :‬آِيبُو َن تائبُونَ عابدُونَ ل َربّنَا حامِدُون" هذا لفظ رواية مسلم‪ .‬زاد أبو‬
‫داود (‪)17‬‬

‫‪ 3/533‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن َسرْ ِجسَ رضي اللّه عنه قال‪:‬كان رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم إذا سافر يتعوّذ من َوعْثَاءِ السفر‪ ،‬وكآبة النقلب‪ ،‬والَوْ ِر بعد الكَوْن‪ ،‬ودعوة الظلوم‪،‬‬
‫وسوء النظر ف الهل والال‪)18( .‬‬

‫‪ 4/534‬وروينا ف كتاب الترمذي وكتاب النسائي وكتاب ابن ماجه‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن عبد‬
‫ت الصّا ِحبُ‬ ‫اللّه بن سَرْجِس رضي اللّه عنه قال‪:‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا سافر يقول‪" :‬الّل ُه ّم أنْ َ‬
‫لوْ ِر َبعْدَ‬
‫ك مِ ْن َوعْثاءِ السّفَ ِر وكآَبةِ ا ُلْنقََلبِ‪َ ،‬ومِ َن ا َ‬
‫سفَ ِر وَالَلِي َفةُ فِي الهْلِ؛ الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫فِي ال ّ‬
‫ال َك ْونِ‪َ ،‬ومِنْ َد ْعوَةِ الَ ْظلُومِ‪َ ،‬ومِ ْن سُوءِ ا َلنْظَرِ فِي الهْلِ وَالَالِ"‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫قال‪ :‬ويروى‪ :‬الور بعد الكوْر أيضا(‪)19‬‬

‫قلت‪ :‬ورواية النون أكثر‪ ،‬وهي الت ف أكثر أصول صحيح مسلم‪ ،‬بل هي الشهورة فيها‪ .‬والوَعْثاء بفتح‬
‫الواو وإسكان العي وبالثاء الثلثة وبالدّ‪ :‬هي الشِدّة‪ .‬والكآبة بفتح الكاف وبالدّ‪ :‬هو تغيّر النفس من‬
‫حزن ونوه‪ ,‬النقلب‪ :‬الرجع‪.‬‬

‫ب سفينةً‬
‫بابُ ما يَقولُ إذا رَ ِك َ‬

‫جرَاهَا َومُرْساها (‪ ()20‬مَجْراها ومَرْساها بفتح اليمي‬


‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَقالَ ارْ َكبُوا فيها بِسْمِ اللّ ِه مَ ْ‬
‫وضمّهما مع المالة وعدمها‪ ،‬مصدران؛ أي جريها ورسيها‪ ،‬أي منتهى سيها) "( مَجْراها ومَرْساها‬

‫‪215‬‬
‫بفتح اليمي وضمّهما مع المالة وعدمها‪ ،‬مصدران؛ أي جريها ورسيها‪ ،‬أي منتهى سيها) "( َمجْراها‬
‫ومَرْساها بفتح اليمي وضمّهما مع المالة وعدمها‪ ،‬مصدران؛ أي جريها ورسيها‪ ،‬أي منتهى سيها) "‬
‫( مَجْراها ومَرْساها بفتح اليمي وضمّهما مع المالة وعدمها‪ ،‬مصدران؛ أي جريها ورسيها‪ ،‬أي منتهى‬
‫سيها) "( مَجْراها ومَرْساها بفتح اليمي وضمّهما مع المالة وعدمها‪ ،‬مصدران؛ أي جريها ورسيها‪،‬‬
‫ك وَالنْعامِ ما َترْ َكبُونَ} [‬
‫أي منتهى سيها) " } [هود‪ ]41:‬وقال اللّه تعال‪{ :‬وَ َجعَلَ َلكُ ْم مِ َن الفُلْ ِ‬
‫الزخرف‪ ]12:‬اليتي‪.‬‬

‫‪ 1/535‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن السي بن عليّ رضي اللّه عنهما قال‪:‬قال رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬أمانٌ ُل ّمتِي مِ َن الغَ َرقِ إذَا رَ ِكبُوا أنْ َيقُولُوا‪{ :‬بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا ومُ ْرسَاها‪ ،‬إنّ ربّي‬
‫َل َغفُورٌ رَحِيمٌ} [هود‪َ { ]41:‬ومَا َقدَرُوا اللّه حَقّ قَ ْد ِرهِ} [الزمر‪ ]67:‬الية" هكذا هو ف النسخ "إذا‬
‫ركبوا" ل يقل السفينة‪)21( .‬‬

‫ب الدعاء ف السفر‬
‫بابُ استحبا َ‬

‫‪ 1/536‬روينا ف كتب أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول‬
‫ت ل شَكّ فِيهِنّ‪َ :‬د ْع َوةُ الَظْلُومِ‪ ،‬وَ َد ْعوَ ُة الُسافِرِ‪،‬‬
‫ستَجابا ٌ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ثَلثُ َد َعوَاتٍ مُ ْ‬
‫وَ َد ْع َوةُ الوَالِ ِد على وَلَ ِدهِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ ،‬وليس ف رواية أب داود "على ولده"‪)22(.‬‬

‫باب تكبي السافر إذا صعد الثّنايا وشبهها وتسبيحه إذا هَبَطَ الودية ونوها‬

‫صعِ ْدنَا َكبّ ْرنَا‪ ،‬وإذا نزلنا‬


‫‪ 1/537‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪:‬كنّا إذا َ‬
‫سبّحنا‪)23( .‬‬

‫‪ 2/358‬وروينا ف سنن أب داود ف الديث الصحيح الذي قدّمناه ف باب ما يقولُ إذا ركبَ دابّته‪،‬‬
‫عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم وجيوشُه إذا عَلَوا الثنايا كبّروا‪ ،‬وإذا‬
‫هَبَطوا سبّحُوا‪)24( .‬‬

‫‪ 3/539‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬كان النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم إذا َقفَل من الجّ أو العمرة ـ قال الراوي‪ :‬ول أعلمه إل قال‪ :‬الغزو ـ كلما أوف على‬
‫ثنية أو َفدْفَ ٍد كبّ َر ثلثا ث قال‪" :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَحْ َد ُه ل شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬لَهُ الُلْكُ‪ ،‬وَلَ ُه الَمْ ُد َو ُه َو عَلَى كُلّ‬

‫‪216‬‬
‫ص َدقَ اللّ ُه َوعْ َدهُ‪َ ،‬وَنصَ َر عَبْ َدهُ‪َ ،‬وهَ َزمَ الحْزَابَ‬
‫َشيْءٍ قَدِيرٌ‪ ،‬آيِبُونَ عابِدُونَ‪ ،‬ساجِدُونَ ِل َربّنا حامِدُونَ‪َ ،‬‬
‫وَحْ َدهُ" هذا لفظ رواية البخاري‪ ،‬ورواية مسلم مثله إل أنه ليس فيها "ول أعلمه إل قال الغزو" وفيها "‬
‫إذا قفل من اليوش أو السرايا أو ال ّج أو العمرة"‪)25(.‬‬

‫قلت‪ :‬قوله‪ :‬أوف‪ :‬أي ارتفع؛ وقوله‪ :‬فَدْفَد‪ ،‬هو بفتح الفاءين بينهما دال مهملة ساكنة وآخره دال‬
‫أخرى‪ :‬وهو الغليظ الرتفع من الرض؛ وقيل الفلة الت ل شيء فيها؛ وقيل غليظ الرض ذات الصى؛‬
‫وقيل اللد من الرض ف ارتفاع‪.‬‬

‫‪ 4/540‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪:‬كنّا مع النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فكنّا إذا أشرفنا على وادٍ هلّلنا وكبّرْنا وارتفعتْ أصواتُنا‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫سكُ ْم فإّنكُ ْم ل تَ ْدعُونَ أصَ ّم وَل غائِبا‪ ،‬إنّهُ َم َعكُ ْم إنّه سَمِيعٌ َقرِيبٌ"‪)26(.‬‬
‫يا أّيهَا النّاسُ ا ْرَبعُوا على أنْفُ ِ‬

‫قلتُ‪ :‬أرَبعُوا بفتح الباء الوحدة‪ ،‬معناه‪ :‬ارفقوا بأنفسكم‪.‬‬

‫وروينا ف كتاب الترمذي الديث التقدم (‪ )27‬ف باب استحباب طلبه الوصية أن رسول اللّه صلى‬
‫ك ِبَتقْوَى اللّه تَعال‪ ،‬وَالتّ ْكبِيِ على كُ ّل شَ َرفٍ"‪.‬‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬عََليْ َ‬

‫‪ 5/541‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا‬
‫ك الَمْد على كُلّ حالٍ"‪)28(.‬‬ ‫عل شرفا من الرض قال‪" :‬الّل ُهمّ لكَ الشّرَفُ على كُ ّل شَرَفٍ‪ ،‬وَلَ َ‬

‫بابُ النّهي عن البالغةِ ف رَفْ ِع الصّوْتِ بالتكبي ونوه‬

‫فيه حديث أب موسى ف الباب التقدم‪.‬‬

‫باب استحباب الُدَاء للسرعة ف السّي وتنشيط النفوس وترويها وتسهيل السّي عليها‬

‫فيه أحاديث كثية مشهورة‪.‬‬

‫باب ما يقول إذا انفلتت داّبتُهُ‬

‫‪ 1/542‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬إذَا اْنفََلتَتْ داّبةُ أحَدِكُ ْم بأ ْرضِ فَلةٍ َف ْليُنادِ‪ :‬يا عِبادَ اللّه! ا ْحبِسُوا‪ ،‬يا عِبادَ اللّهِ! ا ْحبِسُوا‪،‬‬

‫‪217‬‬
‫حبِسُهُ"(‪ .)29‬قلت‪ :‬حكى ل بعض شيوخنا الكبار ف العلم أنه‬ ‫فإنّ ِللّ ِه عَ ّز وَجَلّ ف ال ْرضِ حاصِرا سَيَ ْ‬
‫ت أنا م ّرةً‬
‫ف هذا الديث‪ ،‬فقاله؛ فحبسَها اللّه عليهم ف الال‪ .‬وكن ُ‬ ‫افلتت له دابّة أظنّها بغلة‪ ،‬وكان يَعر ُ‬
‫مع جاعة‪ ،‬فانفلتت منها بيم ٌة وعجزوا عنها‪ ،‬فقلته‪ ،‬فوقفت ف الال بغيِ سببٍ سوى هذا الكلم‪.‬‬

‫ص ْعبَةِ‬
‫بابُ ما يقولُهُ على الدّاّبةِ ال ّ‬

‫‪ 1/543‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن السيد الليل الجمع على جللته وحفظه وديانته وورعه‬
‫ونزاهته وبراعته؛ أب عبد اللّه يُونس بن عُبيد بن دينار البصري التابعي الشهور‪ ،‬رحه اللّه قال‪ :‬ليس‬
‫ت وَال ْرضِ‬
‫رجل يكونُ على داب ٍة صعبةٍ فيقولُ ف ُأ ُذنِها {أََف َغيْرَ دِينِ اللّ ِه َيْبغُونَ‪ ،‬وَلَهُ أسْلَ َم مَنْ ف السّ َموَا ِ‬
‫َطوْعا وكَرْها َوإِلَيْ ِه يُرْجَعونَ} [آل عمران‪ ]83 :‬إل وقفت بإذن اللّه تعال‪)30( .‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا رأَى قري ًة يُريدُ دخولَها أول يريده‬

‫‪ 1/544‬روينا ف سنن النسائي وكتاب ابن السن‪ ،‬عن صُهيب رضي اللّه عنه‪:‬أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫سبْعِ وَما أظْلَ ْلنَ‪ ،‬وَالَرْضيِن‬ ‫وسلم ل يرَ قري ًة يُريد دخولَها إل قال حي يَراهَا‪" :‬الّلهُمّ رَبّ الس َموَاتِ ال ّ‬
‫ح َومَا ذَ َريْنَ‪ ،‬أسألُكَ َخيْ َر هَ ِذهِ القَ ْرَي ِة وَ َخيْرَ‬
‫ي َومَا أضَْللْنَ‪ ،‬وَرَبّ الرّيا ِ‬
‫السّبْ ِع وَما أقَْللْنَ‪ ،‬وَرَبّ الشّياط ِ‬
‫ك مِ ْن شَرّها َوشَ ّر أهْلها َوشَرّ ما فِيها"‪)31(.‬‬ ‫أهْلِها َو َخيْ َر ما فيها‪َ ،‬وَنعُو ُذ بِ َ‬

‫‪ 2/545‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشةَ رضي اللّه تعال عنها قالت‪:‬كان رسولُ اللّه صلى‬
‫ف على أرضٍ يُريد دخولَها قال‪" :‬الّلهُمّ إن أسألُكَ مِنْ َخيْ ِر هَ ِذ ِه وَ َخيْرِ ما‬ ‫اللّه عليه وسلم إذا أشر َ‬
‫ك مِ ْن شَرّها َوشَرّ ما َج َمعْتَ فِيها‪ ،‬الّلهُمّ ارْزُقْنا َحيَاها‪َ ،‬وأَعِذْنا مِ ْن وَباهَا‪َ ،‬و َحبّبْنا‬
‫جَ َم ْعتَ فِيها‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫إل أهِْلهَا‪ ،‬وَ َحّببْ صَالِحي أهْلِها إَِليْنا"‪)32(.‬‬

‫ف ناسا أو غيَهم‬
‫بابُ ما يَدعُو به إذا خا َ‬

‫‪ 1/546‬روينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬بالِسناد الصحيح‪ ،‬ما قدّمناه من حديث أب موسى‬
‫جعَلُك ف نُحُو ِرهِمْ‪،‬‬
‫الشعري‪،‬أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا خافَ قوما قال‪":‬الّلهُ ّم إنّا نَ ْ‬
‫ك مِ ْن شُرُو ِرهِمْ" ويُستحبّ أن يدعوَ معه بدعاء الكرب وغيه ما ذكرناه معه‪)33( .‬‬ ‫َونَعُو ُذ بِ َ‬

‫بابُ ما يقولُ السافرُ إذا َت َغوّلَت الغِيلن‬

‫‪218‬‬
‫‪ 1/547‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا‬
‫َتغَوَّلتْ َلكُمُ الغِيلن فَنادُوا بالذَان"‪)34(.‬‬

‫قلت‪ :‬وال ِغْيلَنُ جنسٌ من ال ّن والشياطي وهم سَحَ َرتُُهم؛ ومعن تغوّلت‪ :‬تلوّنت ف صور؛ والراد ادفعوا‬
‫شرّها بالذان‪ ،‬فإن الشيطانَ إذا سع الذان أدبر‪ .‬وقد قدّمنا ما يشبُه هذا ف باب ما يقولُ إذا عرضَ‬
‫له شيطان‪ ،‬ف أوّل كتاب الذكار والدعوات للمور العارضات‪ ،‬وذكرنا أنه ينبغي أنه يشتغلَ بقراءة‬
‫القرآن لليات الذكورة ف ذلك‪.‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا نز َل مَنلً‬

‫‪ 1/548‬روينا ف صحيح مسلم وموطأ مالك وكتاب الترمذي‪ ،‬وغيها‪ ،‬عن خول َة بنتِ حكيم رضي‬
‫اللّه عنها قالت‪:‬سعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬مَ ْن نَزَ َل َمنْز ًل ثُمّ قالَ‪ :‬أعُو ُذ ِبكَلِماتِ اللّهِ‬
‫ت مِ ْن شَ ّر مَا خَلَقَ‪ ،‬لَم يَضُ ّر ُه َشيْءٌ حَت َي ْرتَحِ َل مِ ْن َمنْزِلِهِ ذلكَ"‪)35(.‬‬
‫التّامّا ِ‬

‫‪ 2/549‬وروينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمر الطاب رضي اللّه عنهما قال‪:‬كان‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سافَرَ فأقبلَ الليلُ قال‪" :‬يَا أ ْرضُ َربّي وَ َربّكِ اللّهُ‪ ،‬أعُوذُ باللّ ِه مِنْ‬
‫لّيةِ‬
‫ك مِ ْن أسَ ٍد وأسْوَدَ‪َ ،‬ومِنَ ا َ‬ ‫شَ ّر ِك َوشَرّ ما فِيكِ‪َ ،‬و َش ّر ما خُِلقِ فِيكِ‪َ ،‬وشَرّ ما يَدبّ عََليْكِ؛ أعُو ُذ بِ َ‬
‫وَال َعقْرَبِ‪َ ،‬ومِ ْن ساكِ ِن البَلَ ِد َومِ ْن وَالِ ٍد وَما وََلدَ" (‪)36‬قال الطاب‪ :‬قوله "ساكن البلد" هم النّ الذين‬
‫هم سكان الرض؛ والبلد من الرض‪ :‬ما كان مأوى اليوان وإن ل يكن فيه بناء ومنازل‪ .‬قال‪:‬‬
‫ويُحتمل أن يكون الراد بالوالد‪ :‬إبليس‪ ،‬وما ولد‪ :‬الشياطي‪ ،‬هذا كلم الطاب‪ ،‬والسود‪ :‬الشخص‪،‬‬
‫فكل شخص يُسمى أسود‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا رَجَ َع مِن سَف ِرهِ‬

‫صعِدَ الثنايا‪.‬‬
‫السنّة أن يقول ما قدّمناه ف حديث ابن عمر الذكور قريبا ف باب تكبي السافر إذا َ‬

‫‪ 1/550‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬أقبلنا مع النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫أنا وأبو طلحة‪ ،‬وصفيّة رديفته على ناقته‪ ،‬حت إذا كنّا بظهر الدينة قال‪" :‬آِيبُو َن تاِئبُونَ عابِدُون لِ َربّنا‬
‫حامِدُونَ" فلم يز ْل يقولُ ذلك حت قَ ِد ْمنَا الدينةَ‪)37( .‬‬

‫‪219‬‬
‫صبْح‬
‫ب ما يقولُه السافرُ بع َد صلةِ ال ّ‬
‫با ُ‬

‫اعلم أن السافر يستحبّ له أن يقول ما يقوله غيه بعد الصبح‪ ،‬وقد تقدم بيانه (‪)38‬‬

‫‪ 1/551‬ويُستحب له معه ما رويناه ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب برزة رضي اللّه عنه قال‪:‬كان‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا صلّى الصبح ـ قال الراوي‪ :‬ل أعلم إلّ قال ف سفر ـ رفع صوته‬
‫ي اّلتِي َجعَ ْلتَ‬
‫صلِحْ ل دين الّذي َجعَ ْلتَ ُه عِصْ َم َة أمْرِي‪ ،‬الّلهُمّ أصْلِحْ ل ُدْنيَا َ‬ ‫حت يسمع أصحابه‪" :‬الّلهُمّ أ ْ‬
‫صلِحْ ل آخِ َرتِي الت َجعَ ْلتَ إَِليْها َمرْجِعي ـ ثلث مرات ـ‬ ‫فِيها مَعاشِي ـ ثلثَ مرّات ـ الّلهُمّ أ ْ‬
‫الّلهُ ّم أعُو ُذ بِرِضَا َك مِ ْن سُخْطِكَ؛ الّلهُ ّم أعُو ُذ بِكَ ـ ثلثَ مرّات ـ ل مانِعَ لِمَا َأعْ َطيْتَ‪ ،‬وَل ُمعْ ِطيَ لِمَا‬
‫َمنَ ْعتَ‪ ،‬وَل َيْنفَعُ ذَا الَ ّد مِنكَ الَدّ"‪)39(.‬‬

‫باب ما يقول إذا َرأَى بلدتَه‬

‫الستحبّ أن يقو َل ما قدّمناه ف حديث أنس ف الباب الذي قبل هذا‪ ،‬وأن يقولَ ما قدّمناهُ ف باب ما‬
‫يقولُ إذا رأى قرية‪ ،‬وأن يقول‪" :‬الّلهُمّ ا ْجعَلْ لَنا ِبهَا قَرَارا وَرِزْقا حَسَنا"‪)40( .‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا َق ِدمَ من سفرهِ فدخل بيتَه‬

‫‪ 1/552‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬كان رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم إذا رجع من سفره‪ ،‬فدخلَ على أهله قال‪َ" :‬توْبا َتوْبا لِ َربّنا أوْبا‪ ،‬ل يُغادِرُ َحوْبا"‪)41(.‬‬

‫قلت‪ :‬توبا توبا‪ :‬سؤال للتوبة‪ ،‬وهو منصوب إما على تقدير‪ :‬تب علينا‪ ،‬وإما على تقدير نسألك توبا‬
‫توبا؛ وأوبا بعناه من آب إذا رجع‪ .‬ومعن ل يغادر‪ :‬ل يترك؛ و َحوْبا معناه‪ :‬إثا‪ ،‬وهو بفتح الاء‬
‫وضمّها لغتان‪.‬‬

‫ب ما يُقال لن َيقْ َدمُ من سفر‬


‫با ُ‬

‫يستحبّ أن يُقال‪ :‬الَمْد ِللّ ِه الّذِي سَلّمَكَ‪ ،‬أ ِو الَمْدُ ِللّ ِه الّذِي جَ َمعَ الشّمْ َل بِكَ‪ ،‬أو نو ذلك‪ ،‬قال اللّه‬
‫تعال‪َ{ :‬لئِنْ َشكَ ْرتُمْ لزِي َدّنكُمْ}[إبراهيم‪ ]7:‬وفيه أيضا حديث عائشة رضي اللّه عنها الذكور ف الباب‬
‫بعده‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫ب ما يُقال لن َيقْ َدمُ من غزو‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/553‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬كان رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت بيده‪()42( ،‬ابن السن (‪ )537‬قال الافظ‪ :‬وأخرجه‬ ‫وسلم ف غزو‪ ،‬فلما دخل استقبلتُه فأخذ ُ‬
‫مسلم والنسائي وأبو داود‪(" ).‬ابن السن (‪ )537‬قال الافظ‪ :‬وأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود‪" ).‬‬
‫(ابن السن (‪ )537‬قال الافظ‪ :‬وأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود‪(" ).‬ابن السن (‪ )537‬قال‬
‫الافظ‪ :‬وأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود‪(" ).‬ابن السن (‪ )537‬قال الافظ‪ :‬وأخرجه مسلم‬
‫والنسائي وأبو داود‪" ).‬فقلت‪ :‬الَ ْمدُ لِلّ ِه الّذي َنصَ َر َك وأعَ ّز َك وأكْ َرمَكَ‪.‬‬

‫ب ما يُقال لن َيقْ َدمُ من حَ ّج وما يقولُه‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/554‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬جا َء غلمٌ إل النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬إن أُري ُد الجّ‪ ،‬فمشى معه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬يا غُلمُ! َزوّ َدكَ اللّهُ‬
‫ليْرِ‪ ،‬وَ َكفَا َك الَمّ" فلما رجع الغلم سلّم على النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬يا‬ ‫الّت ْقوَى‪َ ،‬ووَ ّجهَكَ ف ا َ‬
‫ف َن َفقَتَكَ"‪)43(.‬‬
‫غُلمُ! َقبِلَ اللّهُ َحجّكَ‪َ ،‬وغَفَرَ َذْنبَكَ‪ ،‬وأ ْخلَ َ‬

‫‪ 2/555‬وروينا ف سنن البيهقي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ج وَلِ َم ِن اسَْت ْغفَرَ لَهُ الاج" قال الاكم‪ :‬هو صحيحٌ على شرط مسلم‪)44( .‬‬
‫وسلم‪" :‬الّلهُ ّم ا ْغفِرْ لِلْحا ّ‬

‫•كتاب أذكار الكل والشّرب‬


‫بابُ ما يقولُ إذا قُرّب إليه طعامُه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب قول صاحب الطعام ِلضِْيفَانِه ‪ :‬كُلوا‬ ‫‪o‬‬

‫باب التسمية عند الك ِل والشّربِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ل يعيبُ الطعا َم والشرابَ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ جواز قوله‪ :‬ل أشتهي هذا الطعام‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ مَدحِ الكلِ الطعامَ الذي يأك ُل منه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه من َحضَرَ الطعا ُم وهو صائمٌ إذا ل يُفطر‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَن ُدعِي لطعامٍ إذا َتِبعَه غيُه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ وَعْظِ ِه وتأديبِهِ مَ ْن يُسيءُ ف أكلِه‬ ‫‪o‬‬

‫‪221‬‬
‫بابُ استحباب الكَلمِ على الطّعام‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ ُه ويفعلُه من يأك ُل ول يَشبعُ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا أكلَ مع صَاحبِ عَا َهةٍ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب قولِ صاحبِ الطّعام لضيفهِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا فَ َرغَ من الطّعامِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ دعاءِ الدع ّو والضيفَ لهلِ الطّعامِ إذا فَ َرغَ من أكلهِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ دُعا ِء الِنسانِ لن َسقَاهُ ماءً أو لبنا ونوها‬ ‫‪o‬‬

‫ضيْفا‬‫بابُ دعا ِء الِنسان وتريضِه لن يُضيّفُ َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الثناءِ على مَنْ أكر َم ضيفَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب ترحيب الِنسان بضيفه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه بعدَ انصرافِه عن الطّعام‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب أذكار الكل والشّرب‬

‫بابُ ما يقولُ إذا قُرّب إليه طعامُه‬

‫‪ 1/556‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول ف الطعام إذا ُقرّبَ إليه‪" :‬الّلهُمّ با ِركْ لَنا فِيما رَزَ ْقتَنا‪ ،‬وَقِنا‬
‫عَذَابَ النّارِ‪ ،‬باسم اللّهِ"‪)1(.‬‬

‫بابُ استحباب قول صاحب الطعام ِلضِْيفَانِه عن َد تقدي الطّعام‪ :‬كُلوا‪ ،‬أو ما ف مَعناه‬

‫اعلم أنه يُستحبّ لصاحِب الطعام أن يقولَ لضيفه عند تقدي الطعام‪ :‬باسم اللّه‪ ،‬أو كُلوا‪ ،‬أو الصّلة‪ ،‬أو‬
‫نو ذلك من العبارات الصرّحة بالِذن ف الشروع ف الكل‪ ،‬ول يب هذا القول‪ ،‬بل يكفي تقديُ‬
‫الطعام إليهم‪ ،‬ولم الكل بجرّد ذلك من غي اشتراط لفظ‪ ،‬وقال بعض أصحابنا‪ :‬ل بدّ من لفظ‪،‬‬
‫والصوابُ الوّل‪ ،‬وما ورد ف الحاديث الصحيحة من لفظ الِذن ف ذلك‪ :‬ممول على الستحباب‪.‬‬

‫باب التسمية عند الك ِل والشّربِ‬

‫‪222‬‬
‫‪ 1/557‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عمر بن أب سلمة رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬سَمّ اللّهَ‪ ،‬وَكُ ْل ِبيَمِينِكَ"‪()2(.‬البخاري (‪ ، )5376‬ومسلم‬
‫(‪ ، )2022‬والوطأ ‪ ،2/934‬وأبو داود (‪ ، )3777‬والترمذي (‪ ، )1858‬وابن ماجه (‬
‫‪ ، )3267‬والنسائي (‪ . )278‬وتتمته‪ :‬وكُلْ ما يليكَ ‪(" ).‬البخاري (‪ ، )5376‬ومسلم (‬
‫‪ ، )2022‬والوطأ ‪ ،2/934‬وأبو داود (‪ ، )3777‬والترمذي (‪ ، )1858‬وابن ماجه (‬
‫‪ ، )3267‬والنسائي (‪ . )278‬وتتمته‪" :‬وكُلْ ما يليكَ"‪).‬‬

‫‪ 2/558‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا أكَلَ أحَدُكُمْ َف ْليَذْكُ ِر اسْمَ اللّ ِه تَعال ف أوّلِهِ‪ ،‬فإ ْن نَسِ َي أنْ‬
‫يَذْكُر اسْمَ اللّ ِه تَعال ف أوّلِهِ َف ْليَقُلْ‪ :‬باسم اللّ ِه أوّلَهُ وآخِ َرهُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح(‪)3‬‬

‫‪ 3/559‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬سعتُ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم يقول‪" :‬إِذَا دَ َخلَ الرّجُ ُل َبْيتَهُ فَذَكَرَ اللّ َه تَعال عنْدَ دُخُولِ ِه وَعنْ َد طَعامِهِ‪ ،‬قالَ الشّيْطانُ‪ :‬ل َمبِيتَ‬
‫شيْطانُ‪ :‬أ ْدرَ ْكتُمُ ا َلبِيتَ‪ ،‬وَإذَا لَ ْم يَذْكُرِ‬
‫َلكُ ْم وَل عَشاءَ‪َ ،‬وإِذَا َدخَلَ فََل ْم يَذْكُرِ اللّ َه تَعال عنْدَ دُخُولِهِ قالَ ال ّ‬
‫ت وَالعَشاء"‪)4(.‬‬ ‫اللّ َه تَعال ِعنْدَ طَعامِهِ قالَ‪ :‬أ ْدرَ ْكتُمُ ا َلبِي َ‬

‫‪ 4/560‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬ف حديث أنس الشتمل على معجز ٍة ظاهرةٍ من معجزا ِ‬
‫ت‬
‫رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم لّا دعا ُه أبو طلحةَ وأُ ّم سُليم للطعام‪ ،‬قال‪ :‬ث قال النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم "ائْ َذنْ ِلعَشَ َرةٍ" فأذن لم‪ ،‬فدخلُوا فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬كُلُوا وسَمّوا اللّ َه تَعال" فأكلُوا‬
‫حت فعلَ ذلك بثماني رجلً‪)5( .‬‬

‫‪ 5/561‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن حذيفة رضي اللّه عنه قال‪ :‬كنّا إذا حض ْرنَا مع رسو ِل‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم طعاما ل نض ْع أيدينا حت يبدأ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيضعُ يدَه‪ ،‬وإنّا‬
‫حضرنا معه مرّة طعاما فجاءت جارية كأنا تُدفعُ‪ ،‬فذهبتْ لتضعَ يدَها ف الطعام فأخذَ رسولُ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم بيدها‪ ،‬ث جاءَ أعرابّ كأنا يُدَْفعُ‪ ،‬فأخ َذ بيدِه‪ ،‬فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّ‬
‫ت ِبيَدِها‪،‬‬
‫ستَحِ ّل ِبهَا‪ ،‬فأخَذْ ُ‬
‫ستَحِلّ الطّعامَ أ ْن ل يُذْكَ َر اسْمُ اللّه عََليْه‪ ،‬وأنّهُ جا َء بَ ِذ ِه الا ِرَيةِ ِليَ ْ‬
‫الشّيْطا َن يَ ْ‬

‫‪223‬‬
‫ستَحِ ّل بِهِ‪ ،‬فأخَذْتُ بِيَ ِدهِ‪ ،‬وَالّذي َنفْسِي ِبيَدِه إنّ يَ َدهُ ف يَدِي مَ َع يَ ِدهِما" ث ذكر‬
‫فَجا َء بذا العْراِبيّ ِليَ ْ‬
‫اسم اللّه تعال وأكل‪)6( .‬‬

‫شيّ الصحاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬


‫‪ 6/562‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن أميّة بن َمخْ ِ‬

‫كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالسا ورج ٌل يأكلُ‪ ،‬فلم يُسمّ حت ل يبقَ من طعامه إل لقمة‪،‬‬
‫فلما رفعها إل فِيه قال‪ :‬باسم اللّه أوّله وآخرُه‪ ،‬فضحكَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم ث قال‪" :‬ما زَالَ‬
‫شيّ‪ ،‬بفتح اليم وإسكان الاء‬ ‫ت مَخْ ِ‬
‫الشّيْطا ُن يأكُ ُل َمعَهُ‪ ،‬فََلمّا ذَ َكرَ اسْمَ اللّ ِه ا ْسَتقَاءَ ما ف بَ ْطنِهِ" (‪)7‬قل ُ‬
‫وكسر الشي العجمتي وتشديد الياء؛ وهذا الديث ممول على أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم ل يعلمْ‬
‫تركَه التسمية إل ف آخر أمره‪ ،‬إذ لو علم ذلك ل يسكتْ عن أمره بالتسمية‪.‬‬

‫‪ 7/563‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عائشةَ رضي اللّه عنها قالت‪ :‬كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم يأكلُ طعاما ف ستة من أصحابه‪ ،‬فجاء أعرابّ فأكلَه بلقمتي‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬أما إنّهُ َل ْو سَمّى َلكَفاكُمْ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)8( .‬‬

‫سيَ أ ْن يُسَ ّميَ‬


‫‪ 8/564‬وروينا‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن نَ ِ‬
‫على طَعامِهِ‪ ،‬فَ ْلَيقْرأ‪ :‬قُ ْل ُهوَ اللّهُ أحَدٌ إذَا فَ َرغَ"‪)9(.‬‬

‫قلت‪ :‬أجع العلماءُ على استحباب التسمية على الطعام ف أوّلِه‪ ،‬فإن تركَ ف أوله عامدا أو ناسيا أو‬
‫مُكرها أو عاجزا لعارض آخر ث تكن ف أثناء أكلِه‪ ،‬استحبّ أن يسمّي للحديث التقدم ويقول‪ :‬باسم‬
‫اللّه أوله وآخره‪ ،‬كما جاء ف الديث‪ .‬والتسميةُ ف شرب الاء واللب والعسل والرق وسائر الشروبات‬
‫كالتسمية ف الطعام ف جيع ما ذكرناه‪ .‬قال العلماء من أصحابنا وغيهم‪ :‬ويُستحبّ أن يه َر بالتسمية‬
‫ليكونَ فيه تنبيهٌ لغيه على التسمية وليُقتدى به ف ذلك‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ ل يعيبُ الطعا َم والشرابَ‬

‫‪ 1/565‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬ما عابَ رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم طعاما قطّ‪ ،‬إن اشتهاه أكلَه‪ ،‬وإن كرهَه تركَه‪ .‬وف رواية لسلم‪ :‬وإن ل يشتهه‬
‫سكت‪)10( .‬‬

‫‪224‬‬
‫‪ 2/566‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن هُلْب (‪ )11‬الصحاب رضيَ اللّه عنه‬
‫قال‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسأله رجلٌ‪ :‬إن من الطعام طعاما أترّجُ منه؟ فقال‪" :‬ل‬
‫ت بِهِ الّنصْرانِّيةَ"‪)12(.‬‬
‫صدْ ِر َك َشيْءٌ ضَا َرعْ َ‬
‫جنّ ف َ‬
‫َيتَحَلّ َ‬

‫قلتُ‪ :‬هُلْب بض ّم الاء وإسكان اللم وبالباء الوحدة‪ .‬وقوله َيتَحَلّجَنّ‪ ،‬هو بالاء الهملة قبل اللم واليم‬
‫بعدها‪ ،‬هكذا ضبطه الروي والطاب والماهي من الئمة‪ ،‬وكذا ضبطناه ف أصول ساعنا سنن أب‬
‫داود وغيه بالاء الهملة‪ ،‬وذكره أبو السعادات ابن الثي بالهملة أيضا‪ ،‬ث قال‪ :‬ويُروى بالاء العجمة‪،‬‬
‫وها بعن واحد‪ .‬قال الطاب‪ :‬معناه ل يقع ف ريبة منه‪ .‬قال‪ :‬وأصله من اللج‪ :‬هو الركة‬
‫ت النصرانية‪ :‬أي قاربتها ف الشبه‪ ،‬فالضارعة‪:‬‬ ‫والضطراب‪ ،‬ومنه َحلْجُ القطن‪ .‬قال‪ :‬ومعن ضارع َ‬
‫القاربة ف الشبه‪.‬‬

‫بابُ جواز قوله‪ :‬ل أشتهي هذا الطعام أو ما اعتدتُ أكله ونو ذلك إذا دعت إليه حاجةٌ‬

‫ب لا‬
‫‪ 1/567‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن خالد بن الوليد رضي اللّه عنه ف حديث الضّ ّ‬
‫قدّموه مشويا إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فأهوى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيده إليه‪،‬‬
‫ضبّ يا‬‫ضبّ يا رسولَ اللّه! فرفعَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدَه‪ ،‬فقال خالد‪ :‬أحرام ال ّ‬ ‫فقالوا‪ :‬هو ال ّ‬
‫رسول اللّه؟! قال‪" :‬ل‪ ،‬وََلكِنّهُ لَ ْم َيكُ ْن بِأ ْرضِ َقوْمي فأ ِج ُدنِي أعافُهُ"‪)13(.‬‬

‫بابُ مَدحِ الكلِ الطعامَ الذي يأك ُل منه‬

‫‪ 1/568‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم سألَ أهلَه‬
‫الُ ْدمَ‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما عندنا إلّ خَلّ‪ ،‬فدعا به فجع َل يأك ُل منه ويقول‪ِ" :‬نعْ َم الُ ْد ُم الَلّ‪ِ ،‬نعْ َم الُ ْد ُم الَلّ"‪(.‬‬
‫‪)14‬‬

‫بابُ ما يقولُه من َحضَرَ الطعا ُم وهو صائمٌ إذا ل يُفطر‬

‫‪ 1/569‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫جبْ‪ ،‬فإنْ كانَ صَائِما ف ْليُصَلّ‪ ،‬وَإنْ كَا َن ُمفْطِرا َف ْليَ ْطعَمْ" قال العلماء‪ :‬معن‬
‫وسلم‪" :‬إذَا ُدعِيَ أَحَدُكُمْ َف ْليُ ِ‬
‫فليصل‪ :‬أي فلي ْدعُ‪)15( .‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ 2/570‬وروينا ف كتاب ابن السن وغيه‪ ،‬قال فيه‪" :‬فإنْ كا َن ُمفْطِرا َف ْليَأكُلْ‪ ،‬وَإنْ كَانَ صَائِما دَعا‬
‫لَ ُه بالبَرَ َكةِ"‪)16(.‬‬

‫بابُ ما يقولُه مَن ُدعِي لطعامٍ إذا َتِبعَه غيُه‬

‫‪ 1/571‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب مسعودٍ النصاري قال‪ :‬دعا رجلٌ النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم لطعا ٍم صنعَه له خامسَ خسةٍ‪ ،‬فتبعهُم رجلٌ‪ ،‬فلما بلغَ البابَ قال النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪ِ" :‬إنّ هَذَا اتَّبعَنا فإنْ ِشْئتَ َأنْ تأ َذنَ لَهُ‪َ ،‬وِإنْ ِشْئتَ َرجَعَ" قال‪ :‬بل آذنُ له يا رسولَ اللّه! (‪)17‬‬

‫بابُ وَعْظِ ِه وتأديبِهِ مَ ْن يُسيءُ ف أكلِه‬

‫‪ 1/572‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عمر بن أب سلمةَ رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫ت غلما ف حِجْر رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكانتْ يدي تطيشُ ف الصحفة‪ ،‬فقال ل رسولُ‬ ‫كن ُ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬يا غُلمُ! سَمّ اللّه تعال‪ ،‬وكُ ْل ِبيَمينِكَ‪ ،‬وكُ ْل مِمّا يَلِيكَ" وف ِروَاية ف‬
‫الصحيح قال‪ :‬أكلتُ يوما مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجعلتُ آكلُ من نواحي الصحفة‪ ،‬فقال‬
‫ل رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬كُ ْل مِمّا يَلِيكَ"‪ .‬قُلت‪ :‬قولُه تطِيشُ‪ ،‬بكسر الطاء وبعدها ياء مثناة‬
‫من تت ساكنة‪ ،‬ومعناه‪ :‬تتحرّك وتتدّ إل نواحي الصحفة ول تقتصرُ على موضع واحد‪)18( .‬‬

‫‪ 2/573‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جبلةَ بن سحيم قال‪ :‬أصاَبنَا عامُ سَن ٍة مع ابن‬
‫الزبي‪ ،‬فرزقنا‪ ،‬فكان عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما ي ّر بنا ونن نأكلُ‪ ،‬ويقولُ‪ :‬ل تقا ِرنُوا‪ ،‬فإن الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم نى عن الِقران‪ ،‬ث يقول‪ :‬إ ّل أنْ يَسْتأ ِذنَ الرّجُلُ أخاهُ‪)19( .‬‬

‫قلت‪ :‬قوله ل تقارنوا‪ :‬أي ل يأكل الرجل ترتي ف لقمة واحد‪.‬‬

‫‪ 3/574‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سلمة بن الكوع رضي اللّه عنه؛ أن رجلً أكل عن َد الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم بشماله‪ ،‬فقال‪" :‬كُ ْل ِبيَ ِمْينِكَ" (‪ ، )20‬قال‪ :‬ل أستطيعُ‪ ،‬قال‪" :‬ل ا ْستَ َطعْتَ" (‬
‫‪ ، )21‬ما منعه إل ال ِكبْر (‪ ، )22‬فما رفعها إل ِفيْه‪)23( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬هذا الرجل هو بُسر بضم الوحدة وبالسي الهملة‪ :‬ابن راعي العَي بالثناة وفتح العي‪ ،‬وهو‬
‫صحاب‪ ،‬وقد أوضحتُ حالَه‪ ،‬وشرح صحيح مسلم" واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫بابُ استحباب الكَلمِ على الطّعام‬

‫فيه حديث جابر (‪ )24‬الذي قدّمناه ف باب مدح الطعام‪ .‬قال الِمام أبو حامد الغزال ف "الِحياء"‪:‬‬
‫من آداب الطعام أن يتحدّثوا ف حال أكله بالعروف‪ ،‬ويتحدّثوا بكايات الصالي ف الطعمة وغيها‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُ ُه ويفعلُه من يأك ُل ول يَشبعُ‬

‫‪ 1/575‬روينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬عن وحشيّ بن حرب رضي اللّه عنه؛ أن أصحاب‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا‪ :‬يا رسولَ اللّه! إنّا نأك ُل ول نشبعُ‪ ،‬قال‪" :‬فََلعَّلكُم َت ْفتَرِقُونَ‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬فا ْجتَ ِمعُوا على طَعامِكُمْ واذْ ُكرُوا اسْمَ اللّ ِه ُيبَا َركْ َلكُمْ فيه"‪)25(.‬‬

‫ب عَا َهةٍ‬
‫بابُ ما يقولُ إذا أكلَ مع صَاح ِ‬

‫‪ 2/576‬روينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه؛ أن رسولَ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم أخ َذ بيدِ مذو ٍم فوضعَها معه ف القَصعةِ‪ ،‬فقال‪" :‬كُلْ باسم اللّ ِه ِث َقةً بِاللّ ِه َوَتوَ ّكلً عََليْهِ"‪(.‬‬
‫‪)26‬‬

‫ب استحباب قولِ صاحبِ الطّعام لضيفهِ ومَنْ ف معناهُ إذا رفع يده من الطعام "كُلْ" وتكريرُه‬
‫با ُ‬
‫ذلك عليه ما ل يتحقّ ْق أنه اكتفى منه وكذلك يفعلُ ف الشرابِ والطّيبِ ونو ذلك‬

‫اعلم أن هذا مُستحبّ‪ ،‬حت يُستحبّ ذلك للرجل مع زوجته وغيها من عيالِه‪ ،‬الذين يُتوهم منهم أنم‬
‫رفعوا أيديهم ولم حاجةٌ إل الطعام وإن قلّت‪.‬‬

‫وما يُستدّل به ف ذلك‪:‬‬

‫‪ 1/577‬ما رويناهُ ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل الشتمل على‬
‫ت ظاهرةٍ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬لا اشتدّ جوعُ أب هريرة وقعدَ على الطريق يستقرىءُ‬ ‫معجزا ٍ‬
‫مَن مَرّ به القرآن معرّضا بأن يُضيفه‪ ،‬ث بعثه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إل أهل الص ّفةِ فجاءَ بم‬
‫فأرْواهم أجعيَ من قدحِ لبٍ‪ ،‬وذكر الديث إل أن قال‪ :‬قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "‬
‫َبقِيتُ أنا وَأنْتَ" قلتُ‪ :‬صَدقتَ يا رسولَ اللّه! قال‪" :‬اقْعُدْ فا ْشرَبْ" فقعدتُ فشربتُ‪ ،‬فقال‪" :‬اشْرَبْ"‬

‫‪227‬‬
‫فَشَ ِرْبتُ‪ ،‬فَمَا زَا َل َيقُو ُل اشْرَبْ‪ ،‬حت قلتُ‪ :‬ل‪ ،‬والذي بعثك بالقّ ل أجد له مَسْلَكا‪ ،‬قال‪ :‬فأرِن‪،‬‬
‫ب الفضلةَ‪)27( .‬‬
‫فأعطيته القدحَ فحمد اللّه تعال وسّى وشر َ‬

‫بابُ ما يقولُ إذا َف َرغَ من الطّعامِ‬

‫‪ 1/578‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب أُمامةَ رضي اللّه عنه أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان‬
‫ن َعنْهُ َربّنا" وف‬‫سَتغْ ً‬
‫ع وَل مُ ْ‬
‫إذا رفع مائدته قال‪" :‬الَمْدُ ِللّهِ َكثِيا َطيّبا مُبارَكا فِيهِ َغيْ َر َمكْف ّي وَل ُموَ ّد ٍ‬
‫رواية "كان إذا َف َرغَ من طعامِه" وقال مرّة‪ :‬إذا رفع مائدته قال‪" :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذِي كَفانا وأ ْروَانا َغيْرَ‬
‫َمكْ ِفيّ ول َم ْكفُورٍ"‪)28(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬مكْفيّ بفتح اليم وتشديد الياء‪ ،‬هذه الرواية الصحيحة الفصيحة‪ ،‬ورواه أكثر الرواة بالمز وهو‬
‫فاسد من حيث العربية‪ ،‬سواء كان من الكفاية أو من كفأت الِناء‪ ،‬كما ل يقال ف مقروء من القراءة‪:‬‬
‫مقرىء‪ ،‬ول ف مرمىْ بالمز‪ .‬قال صاحب مطالع النوار ف تفسي هذا الديث‪ :‬الراد بذا الذكور كله‬
‫الطعام‪ ،‬وإليه يعود الضمي‪ .‬قال الربّ‪ :‬فالكفيّ‪ :‬الِناء القلوب للستغاء عنه كما قال "غي مستغن‬
‫عنه" أو لعدمه‪ ،‬وقوله غي مكفور‪ :‬أي غي محود نِعمَ اللّه سبحانه وتعال فيه‪ ،‬بل مشكورة‪ ،‬غي مستور‬
‫العتراف با والمد عليها‪.‬‬

‫وذهب الطاب إل أن الراد بذا الدعاء كله البارى سبحانه وتعال‪ ،‬وأن الضمي يعود إليه‪ ،‬وأن معن‬
‫قوله غي مكفيّ‪ :‬أنه يُ ْطعِ ُم ول يُ ْطعَ ُم كأنه على هذا من الكفاية‪ ،‬وإل هذا ذهب غيه ف تفسي هذا‬
‫الديث‪ :‬أي إن اللّه تعال مستغنٍ عن معي وظهي‪ ،‬قال‪ :‬وقوله ل مودّع‪ :‬أي غي متروك الطلب منه‬
‫والرغبة إليه‪ ،‬وهو بعن الستغن عنه‪ ،‬وينتصب ربنا على هذا بالختصاص أو الدح أو بالنداء كأنه قال‪:‬‬
‫يا ربنا اسع حدنا ودعاءنا‪ ،‬ومن رفعه قطعه وجعله خبا‪ ،‬وكذا قيده الصيلي كأنه قال‪ :‬ذلك ربّنا‪ :‬أي‬
‫أنت ربنا‪ ،‬ويص ّح فيه الكسر على البدل من السم ف قوله المد للّه‪.‬‬

‫وذكر أبو السعادات ابن الثي ف ناية الغريب نو هذا اللف متصرا‪ .‬وقال ومن رفع ربّنا فعلى‬
‫البتداء الؤخر‪ :‬أي ربنا غي مكفيّ ول مودع‪ ،‬وعلى هذا يرفع غي‪ .‬قال‪ :‬ويوز أن يكون الكلم راجعا‬
‫إل المد كأنه قال‪ :‬حدا كثيا غي مكفي ول مودّع ول مستغن عن هذا المد‪ .‬وقال ف قوله ول‬
‫مودّع‪ :‬أي غي متروك الطاعة‪ ،‬وقيل هو من الوداع وإليه يرجع‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫‪ 2/579‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬إنّ اللّه تعال َليَرْضَى عَ ِن ال َعبْدِ يأكُ ُل الكَْلةَ َفيَحْ َم ُدهُ عََليْها‪ ،‬ويَشْرَبُ الشّ ْرَبةَ َفيَحْمَ ُد ُه عََليْها"‪(.‬‬
‫‪)29‬‬

‫‪ 3/580‬وروينا ف سنن أب داود وكتاب "الامع" و"الشمائل" للترمذي‪ ،‬عن أب سعيد الدري‬
‫رضي اللّه عنه؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا فَرَغ من طعامه قال‪" :‬الَ ْمدُ لِلّ ِه الّذي أ ْطعَ َمنَا َوسَقانا َو َجعَلَنا‬
‫مُسْلِ ِميَ"‪)30(.‬‬

‫‪ 4/581‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن أب أيوب خالد بن زيد‬
‫النصاري رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أكَلَ أو شَرِبَ قال‪" :‬الَمْدُ لِلّهِ‬
‫الّذي أ ْطعَ َم َو َسقَى‪َ ،‬و َس ّوغَهُ‪ ،‬وَ َجعَلَ لَ ُه َمخْرَجا"‪)31(.‬‬

‫‪ 5/582‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن معاذ بن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ أكَ َل طَعاما فَقالَ‪ :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذِي أ ْطعَ َمنِي هَذَا وَرَزََقنِيهِ مِ ْن‬
‫غَيْرِ َحوْ ٍل ِمنّي وَلَ ُق ّوةٍ‪ُ ،‬غفِرَ لَ ُه ما َتقَ ّد َم مِنْ َذْنبِهِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬قال الترمذي‪ :‬وف الب‬
‫غ منه ـ عن عقبةَ بن عامر وأب سعيد وعائشة وأب أيوب وأب‬ ‫ـ يعن باب المد على الطعام إذا فر َ‬
‫هريرة‪)32( .‬‬

‫‪ 6/583‬وروينا ف سنن النسائي وكتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن عبد الرحن بن جُبي التابعي؛‬

‫بأنه حدّثه رجلٌ خدمَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم ثان سني أنه كان يسمعُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا‬
‫ت وأقَْنْيتَ‬
‫ت َو َسقَْيتَ وَأ ْغنَْي َ‬
‫قَرّبَ إليه طعاما يقول‪" :‬باسم اللّهِ" فإذا فَرغَ من طعامه قال‪" :‬الّلهُ ّم أطْعَ ْم َ‬
‫سنْتَ‪ ،‬فَلَكَ الَ ْمدُ على ما أعْ َطْيتَ"‪)33(.‬‬
‫َوهَ َديْتَ وأحْ َ‬

‫‪ 7/584‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم؛ أنه كان يقول ف الطعام إذا فرغَ‪" :‬الَ ْمدُ لِلّ ِه الّذي مَ ّن عََليْنا َوهَدَانا‪،‬‬
‫وَالّذي أشَْبعَنا وَأ ْروَانا‪ ،‬وكُ ّل الِحْسا ِن آتانا"(‪)34‬‬

‫‪229‬‬
‫‪ 8/585‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وكتاب ابن السن‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا أكَلَ أحَدُكُ ْم طَعاما" وف رواية ابن السن "مَ ْن أطْعَمَهُ اللّهُ‬
‫طَعاما فَ ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُمّ با ِركْ لَنا فِيهِ وأ ْطعِمْنا َخيْرا ِمنْهُ‪َ ،‬ومَ ْن سَقاهُ اللّهُ تعال َلبَنا فَ ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُمّ با ِركْ لَنا فِيهِ‬
‫س َشيْءٌ ُيجْزِىءُ منَ الطّعا ِم وَالشّرَابِ َغيْرَ الّلبَنِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)35( .‬‬ ‫وَزِدْنا ِمنْهُ‪ ،‬فإنّهُ َلْي َ‬

‫‪ 9/586‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد ضعيف‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫س ثلثة أنفاسٍ يمد اللّه تعال ف كل‬ ‫كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا شرب ف الِناء تن ّف َ‬
‫نفس‪ ،‬ويشكرُه ف آخره‪)36( .‬‬

‫بابُ دعا ِء الدعوّ والضيفَ لهلِ الطّعامِ إذا َف َرغَ من أكلهِ‬

‫‪ 1/587‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن بُسْرٍ ـ بضمّ الباء وإسكان السي الهملة ـ‬
‫الصحابّ‪ ،‬قال‪ :‬نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أب‪ :‬فقرّبنا إليه طعاما ووَ ْطَب ًة فأكل منها‪ ،‬ث‬
‫أُتَ بتمر فكان يأكلُه ويُلقي الّنوَى بي أصبعيه ويم ُع السبّاَبةَ والوُسطى ـ قال شعبة‪ :‬هو ظن وهو فيه‬
‫إن شاء اللّه تعال إلقا ُء النّوى بي الصبعي ـ ث أُت بشرابٍ فشربَه‪ ،‬ث ناولَه الذي عن يينه‪ ،‬فقال أب‪،‬‬
‫وأخ َذ بلجامِ دابّته‪ :‬ادعُ اللّهَ لنا‪ ،‬فقال‪" :‬الّلهُمّ با ِركْ َلهُمْ فِيما َرزَ ْقَتهُمْ‪ ،‬وَا ْغفِرْ َلهُ ْم وَارْحَ ْمهُمْ"‪)37(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬الوطبة بفتح الواو وإسكان الطاء الهملة بعدها باء موحدة‪ :‬وهي قربة لطيفة يكون فيها اللب‪.‬‬

‫‪ 1/588‬وروينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛ أن النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم جاء إل سعد بن عبادة رضي اللّه عنه‪ ،‬فجاء بب ٍز وزْيتٍ فأكل‪ ،‬ث قال النبّ صلى اللّه‬
‫صّلتْ عََلْيكُ ُم الَلِئ َكةُ"‪)38(.‬‬
‫عليه وسلم‪" :‬أفْطَ َر ِعنْدَكُ ُم الصّائِمُونَ‪ ،‬وأكَ َل طَعَا َمكُ ُم البْرَارُ‪ ،‬وَ َ‬

‫‪ 3/589‬وروينا ف سنن ابن ماجه‪ ،‬عن عبد اللّه بن الزبي رضي اللّه عنهما قال‪ :‬أفطرَ رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وآله وسلم عند سعد بن معاذ‪ ،‬فقال‪" :‬أفْطَ َر ِعنْدَكُ ُم الصّائِمُونَ" الديث‪)39( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬فهما قضيتان َج َرتَا لسعد بن عبادة وسعد بن معاذ‪.‬‬

‫‪ 4/590‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن رجل عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬صن َع أبو اليثم بن الّتّيهَان‬
‫للنبّ صلى اللّه عليه وسلم طعاما‪ ،‬فدعا النبّ صلى اللّه عليه وسلم وأصحابَه‪ ،‬فلما فرغوا‪ ،‬قال‪" :‬أثِيبُوا‬

‫‪230‬‬
‫ب َشرَابُهُ‪،‬‬
‫أخاكُمْ" قالوا‪ :‬يا رسول اللّه! وما إثابته؟ قال‪" :‬إنّ الرّجُلَ إذَا دُخ َل َبْيتُهُ فأُكِ َل طَعامُهُ َوشُرِ َ‬
‫ك إثاَبتُهُ"‪)40(.‬‬
‫فَ َد َعوْا لَهُ‪ ،‬فَذَلِ َ‬

‫بابُ دُعاءِ الِنسانِ لن َسقَاهُ ما ًء أو لبنا ونوها‬

‫‪ 1/591‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن القداد رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل الشهور قال‪ :‬فرفع النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم رأسَه إل السماء‪ ،‬فقال‪" :‬الّلهُمّ أ ْطعِ ْم مَ ْن أ ْطعَ َمنِي‪ ،‬وَاسْ ِق مَ ْن سَقانِي"‪)41(.‬‬

‫‪ 2/592‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عمرو بن الَمِقِ رضيَ اللّه عنه؛ أنه سقى رسولَ اللّه صلى‬
‫ت عليه ثانون سنةً ل يرَ شعر ًة بيضاء‪ )42( .‬قلت‪:‬‬ ‫اللّه عليه وسلم َلبَنا فقال‪ ":‬الّلهُمّ أمِْتعْهُ بِشَبابِه" فمرّ ْ‬
‫الَمِق بفتح الاء الهملة وكسر اليم‪.‬‬

‫‪ 3/593‬وروينا فيه‪ ،‬عن عمرو بن أخطب‪ ،‬بالاء العجمة وفتح الطاء رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سقَى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأتيتُه باء ف ججمة وفيها شعرة فأخرجتُها‪ ،‬فقال رسول اللّه‬ ‫اسْتَ ْ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الّلهُمّ جَمّلْهُ" قال الراوي‪ :‬فرأيته ابن ثلث وتسعي أسود الرأس واللحية‪( .‬‬
‫‪()43‬ابن السن (‪ )478‬وهو حديث حسن‪ ،‬أخرجه أحد وابن حبّان والاكم‪ .‬انظر الفتوحات‬
‫الربانية ‪(" )5/255‬ابن السن (‪ )478‬وهو حديث حسن‪ ،‬أخرجه أحد وابن حبّان والاكم‪ .‬انظر‬
‫الفتوحات الربانية ‪)5/255‬‬

‫قلت‪ :‬الُمْجُمة بيمي مضمومتي بينهما ميم ساكنة‪ ،‬وهي قدح من خشب وجعها جاجم‪ ،‬وبه سي‬
‫دير الماجم‪ ،‬وهو الذي كانت به وقعة ابن الشعث مع الجاج بالعراق‪ ،‬لنه كان يُعمل فيه أقداح من‬
‫خشب‪ ،‬وقيل‪ :‬سي به لنه ُبنِي من جاجم القتلى لكثرة من قُتل‪.‬‬

‫ضيْفا‬
‫بابُ دعا ِء الِنسان وتريضِه لن يُضيّفُ َ‬

‫‪ 1/594‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬جاء رجلٌ إل رسول‬
‫ف هَذَا رَ ِحمَهُ اللّهُ" فقام‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليضيفَه فلم يك ْن عندَه ما يضيفُه‪ ،‬فقال‪" :‬أل َرجُ ٌل ُيضِي ُ‬
‫رجل من النصار فانطلق به‪ .‬وذكر الديث‪)44( .‬‬

‫ب الثنا ِء على مَنْ أكر َم ضيفَه‬


‫با ُ‬

‫‪231‬‬
‫‪ 1/595‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬جاء رجلٌ إل الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬إن مهودٌ‪ ،‬فأرسلَ إل بعض نسائِه فقالتْ‪ :‬والذي بعثكَ بالقّ ما عندي إل‬
‫ف هَذَا الّليَْلةَ‬
‫ماءٌ‪ ،‬ث أرسلَ إل أخرى فقالت مثلَ ذلك‪ ،‬حت قلنَ كلهنّ مثلَ ذلك‪ ،‬فقال‪" :‬مَ ْن يُضِي ُ‬
‫رَ ِحمَهُ اللّهُ" فقام رجل من النصار فقال‪ :‬أنا يا رسولَ اللّه! فانطلقَ به إل رحلِه فقال لمرأته‪ :‬هل عندكِ‬
‫ج وأريه أنّا‬ ‫شيءٌ؟ قالت‪ :‬ل‪ ،‬إل قوتُ صبيان‪ ،‬قال‪ :‬فعلّليهم بشيء‪ ،‬فإذا دخلَ ضيفُنا فأطفئي السرا َ‬
‫نأكلُ‪ ،‬فإذا أهوى ليأك َل فقومي إل السّراجِ حت تطفئيه‪ ،‬فقعدُوا وأك َل الضيفُ‪ ،‬فلما أصبحَ غدا على‬
‫ضيْ ِفكُما الّليَْلةَ" فأنزل اللّه تعال‬
‫صْنعِكُما ِب َ‬
‫جبَ اللّهُ مِنْ ُ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال‪َ" :‬ق ْد عَ ِ‬
‫صةٌ} [الشر‪)45( .]9:‬‬ ‫سهِ ْم وََل ْو كانَ ِبهِمْ َخصَا َ‬
‫هذه الية { َوُيؤْثِرُونَ على أْنفُ ِ‬

‫قلتُ‪ :‬وهذا ممولٌ على أن الصبيان ل يكونوا متاجي إل الطعام حاجة ضرورية‪ ،‬لن العادةَ أن الصبّ‬
‫وإن كان شبعانا يطلبُ الطعامَ إذا رأى مَن يأكلُه‪ ،‬ويُحمل فع ُل الرجل والرأة على أنما آثرا بنصيبهما‬
‫ضيفهما‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب استحباب ترحيب الِنسان بضيفه وحده اللّه تعال على حصوله ضيفا عنده وسروره بذلك‬ ‫با ُ‬
‫وثنائه عليه لكونه جعلَه أهلً لذلك‬

‫‪ 1/596‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬من طرق كثية‪ ،‬عن أب هريرة وعن أب ُش َريْحٍ الزاعيّ‬
‫رضيَ اللّه عنهما؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَ ْن كانَ ُي ْؤمِنُ باللّ ِه وَالَي ْومِ ال ِخرِ فَ ْلُيكْ ِرمْ‬
‫ضْيفَهُ"‪)46(.‬‬‫َ‬

‫‪ 2/597‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬خرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت يومٍ ـ أو ليلةٍ ـ فإذا هو بأب بكر وعمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪" :‬ما أخْرَ َجكُما مِنْ بُيُوتِكُما‬ ‫وسلم ذا َ‬
‫هَ ِذهِ السّا َعةَ؟" قال‪ :‬الوع يا رسول اللّه! قال‪" :‬وأنا وَالّذي َنفْسِي ِبيَدِهِ لَ ْخرَجَن الّذي أخْ َر َجكُما‪،‬‬
‫قُومُوا" فقاموا معه‪ ،‬فأتى رجلً من النصار‪ ،‬فإذا ليس هو ف بيته‪ ،‬فلما رأتْهُ الرأ ُة قالتْ‪ :‬مرحبَا وأهلً‪،‬‬
‫فقالَ لا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أيْنَ فُلنٌ؟" قالت‪ :‬ذهبَ يستعذبُ لنا من الاء‪ ،‬إذ جاء‬
‫النصاريّ فنظر إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وصاحبيه‪ ،‬ث قال‪ :‬المد للّه‪ ،‬ما أح ٌد اليوم أكرمُ‬
‫أضيافا منّي‪ .‬وذكر تام الديث‪)47( .‬‬

‫ب ما يقولُه بع َد انصرافِه عن الطّعام‬


‫با ُ‬

‫‪232‬‬
‫‪ 1/598‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشةَ رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫سوَ لَهُ ُقلُوبُكُمْ"‪)48(.‬‬
‫وسلم‪" :‬أذِيبُوا طَعامَكُ ْم بِذِ ْكرِ اللّ ِه عَ ّز وَجَ ّل وَالصّلةِ‪ ،‬وَل تَنَامُوا عََليْهِ َفَتقْ ُ‬

‫•كتاب السلم والستئذان‬


‫بابُ فضلِ السّل ِم والمرِ بإفشائه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ كيفيّة السّلم‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬السلم ثلثا‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬أقل السّلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يشترط أن يكون جواب السلم على الفور‬
‫بابُ كراهة السلم بالشارة باليد‬ ‫‪o‬‬

‫سلَم‬
‫بابُ ُحكْمِ ال ّ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل ‪ :‬حكم من سلم على غيه من وراء ستار‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬يستحب أن يرد على البلغ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬كيفية السلم على الصم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬كيفية السلم على الصب‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬حكم تكرار السلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا تلقى رجلن فسلّم كلّ واح ٍد منهما على‬
‫صاحبه دفعة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا لقي إنسانا فقال البتدىء‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬السنّة أن السلّم يبدأ بالسلم قبل كل كلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬البتداء بالسلم أفضل‬
‫ب فيها السّلمُ‬ ‫ح ّ‬‫بابُ الحوالِ الت يُستَ َ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬الحوالُ الت يُكره فيها السلم‬


‫بابُ مَن يُسلّمُ عليه ومن ل يُسلّ ُم عليه ومَ ْن يُر ّد عليه ومن ل يُ َردّ عليه‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪:‬حكم السلم على أهل الذمّة‬


‫‪ ‬فرع ‪ :‬إذا مرّ واحدٌ على جاعة فيهم‬
‫مسلمون أو مسلم وكفّار‬

‫‪233‬‬
‫ب فيه‬‫‪ ‬فرع ‪ :‬إذا كتب كتابا إل مشرك وكت َ‬
‫سلما أو نوَه‬
‫‪ ‬فرع ‪ :‬فيما يقولُ إذا عَادَ ذَميّا‪ .‬اعلم أن‬
‫أصحابنا اختلفوا ف عيادة الذميّ‬
‫ب منه‬
‫ع َومَنْ اقترف ذنبا عظيما ول َيتُ ْ‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬أما البتد ُ‬
‫فينبغي أن ل يسلّم عليهم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬وأما الصبيان فالسنّة أن يسلّم عليهم‪.‬‬
‫بابٌ ف آدابٍ ومسائلَ من السّلم‬ ‫‪o‬‬

‫ص طائفة منهم‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا لقي رجلٌ جاعةً فأراد أن ي ّ‬


‫بالسلم كره‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا مشى ف السوق أو الشوارع الطروقة كثيا ونو‬
‫ذلك ما يكثر فيه التلقون‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا سلّمتْ جاعةٌ على رجل فقال‪ :‬وعليكم السلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا دخل إنسانٌ على جاعة قليلة يعمّهم سلمٌ واحد‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يستحبّ إذا دخل بيته أن يُسلّم وإن ل يكن فيه أحد‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا كان جالسا مع قوم ث قام ليفارقهم‪ ،‬فالسنّة أن‬
‫يُسلّم عليهم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا مرّ على واحد أو أكثر وغلبَ على ظنه أنه إذا‬
‫سلّم ل يردّ عليه‬
‫باب الستئذان‬ ‫‪o‬‬

‫ق الباب‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ينبغي إذا استأذن على إنسان بالسلم أو بد ّ‬
‫فقيل له‪ :‬مَنْ أنتَ؟‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ل بأس أن يصف نفسه با يعرف إذا ل يعرفه‬
‫الخاطب بغيه‬
‫بابُ ف مسائل تتف ّرعُ على السّلم‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬مسألة‪ :‬التحيّة عند الروج من المّام‬


‫‪ ‬مسألة‪ :‬إذا ابتدأ الارّ المرور عليه فقال‪ :‬صبّحكَ اللّه بالي‬
‫‪234‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا أراد تقبيل يد غيه‪ ،‬إن كان ذلك لزهده‬
‫وصلحه أو علمه أو شرفه‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ول بأس بتقبيل وجه اليت الصال للتبّك‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف الصافحة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره حْنيُ الظهر ف كل حال لكل أحد‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إكرام الداخل بالقيام‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يستحبّ استحبابا متأكدا زيارة الصالي والِخوان‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف استحباب طلب الِنسان من صاحبه الصال أن‬
‫يزورَه‬
‫ت العَاطسِ وحُكم التّثَاؤُب‬ ‫بابُ تَشْمِي ِ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬اتفق العلماء على أنه يُستحبّ للعاطس أن يقولَ‬


‫عقب عطاسه‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا ل يمد العاطس ل يُشَ ّمتُ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا قال العاطسُ لفظا آخ َر غي المد للّه ل يستحقّ‬
‫التشميت‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا عَ َطسَ ف صلته يُستحبّ أن يقول‪ :‬المد للّه‪،‬‬
‫ويُسمع نفسَه‬
‫‪ ‬فصل‪:‬السنّة إذا جاءَه العطاسُ أن يضعَ يدَه أو ثوبَه أو نو‬
‫ض صوتَه‬ ‫ذلك على فمه وأن يف َ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا تَك ّر َر العطاسُ من إنسان متتابعا‪ ،‬فالسنّة أن‬
‫يشمّته لكل مرّة إل أن يبلغ ثلث مرّات‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا عَ َطسَ ول يمد اللّه تعال فقد قدّمنا أنه ل‬
‫يُشمّت‬
‫س يهوديّ‪.‬‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬فيما إذا عَ َط َ‬
‫س عِنْ َدهُ َف ُهوَ حَقّ‬
‫‪ ‬فصل ‪:‬مَنْ حَدّثَ حَدِيثا َفعَ َط َ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا تثاءب فالسنّة أن ير ّد ما استطاع‬
‫بابُ الَ ْدحِ‬ ‫‪o‬‬

‫‪235‬‬
‫‪ ‬أحاديث النع‬
‫‪ ‬أحاديث الِباحة‬
‫بابُ مدح الِنسان نفسه وذكر ماسنه‬ ‫‪o‬‬

‫بابٌ ف مسائل تتعلّق با تقدّم‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬مسألة‪ :‬يُستحبّ إجابةُ مَن ناداك بلبّيك وسعديك أو لبّيك‬


‫وحدها‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬ول بأس بقوله للرجل الليل ف علمه أو صلحه‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬إذا احتاجتْ الرأة إل كلم غي الحارم ف بيع أو‬
‫شراء‬

‫كتاب السلم والستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق با‬

‫قال اللّه سبحانه وتعال‪{ :‬فإذَا َدخَ ْلتُ ْم ُبيُوتا فَسَلّمُوا على أْنفُسِكُم ِتّيةً مِ ْن عِنْدِ اللّ ِه ُمبَارَ َك ًة َطيَّبةً} [‬
‫النور‪]61 :‬‬

‫حيّوا بِأحْسَنَ مِنْها أوْ رُدّوها}[النساء‪.]86:‬‬


‫حّيةٍ فَ َ‬
‫وقال تعال‪{ :‬وَإذَا ُحّيْيتُمْ ِبتَ ِ‬

‫وقال تعال‪{ :‬ل تَدْ ُخلُوا ُبيُوتا َغيْ َر ُبيُوِتكُمْ حتّى تَسْتأنِسُوا َوتُسَلّمُوا على أهْلِها}[النور‪]27:‬‬

‫سَتأْ ِذنُوا كما ا ْستَأ َذ َن الّذِي َن مِنْ َقبِْلهِمْ} [النور‪.]59:‬‬


‫وقال تعال‪{ :‬وَإذَا بَلَ َغ الطْفا ُل ِمْنكُ ُم الُلُمَ فَ ْليَ ْ‬

‫ضيْفِ ِإبْرَاهِي َم الُكْ َرمِيَ إِذْ َدخَلُوا عََليْهِ فَقالُوا سَلما‪ ،‬قا َل سَلمٌ} [‬
‫وقال تعال‪َ { :‬وهَ ْل أتَاكَ َحدِيثُ َ‬
‫الذاريات‪]24:‬‬

‫سنّة والِجاع‪ .‬وأما أفراد مسائله وفروعه فأكث ُر من أن تُحصر‪،‬‬ ‫واعلم أن أصلَ السّلمِ ثابتٌ بالكتاب وال ّ‬
‫وأنا أختصرُ مقاصدَه ف أبواب يسية إن شاء اللّه تعال‪ ،‬وبه التوفيق والداية والِصابة والرعاية‪.‬‬

‫بابُ فضلِ السّل ِم والم ِر بإفشائه‬

‫‪ 1/599‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما؛‬

‫‪236‬‬
‫أنّ رجلً سأل رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬أيّ الِسلم َخيْرٌ؟ قال‪" :‬تُ ْطعِمُ الطّعامَ‪َ ،‬وَتقْرأُ السّلم‬
‫على مَ ْن َعرَ ْفتَ َومَنْ لَ ْم َتعْ ِرفْ"‪)1(.‬‬

‫‪ 2/600‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫خََلقَ اللّ ُه عَ ّز وَجَلّ آ َدمَ على صُو َرتِهِ طُولُ ُه ِستّونَ ذِرَاعا‪َ ،‬فلَمّا خََلقَهُ قال‪ :‬ا ْذ َهبْ فَسَلّمْ على أُوَلئِكَ‪َ :‬نفَرٍ‬
‫حّيةُ ذُ ّرّيتِكَ‪ ،‬فقال‪ :‬السّل ُم عََليْكُمْ‪ ،‬فَقالُوا‪:‬‬
‫حّيتُكَ َوتَ ِ‬
‫حيّونَكَ فإّنهَا تَ ِ‬
‫مِنَ الَلئِ َكةِ ُجلُوسٍ فا ْستَمِ ْع ما يُ َ‬
‫السّل ُم عََليْكَ وَرَحْ َمةُ اللّهُ‪َ ،‬فزَادُوهُ‪ :‬وَ َرحْ َمةُ اللّهِ"‪)2(.‬‬

‫‪ 3/601‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن الباء بن عازب رضي اللّه عنهما قال‪ :‬أمرنا رسولُ اللّه صلى‬
‫ع النائز‪ ،‬وتشميتِ العاطسِ‪ ،‬ونص ِر الضعيفِ‪ ،‬وع ْونِ الظلومِ‪،‬‬
‫اللّه عليه وسلم بسبع‪ :‬بعيادةِ الريض‪ ،‬واتّبا ِ‬
‫وإفشاءِ السّلمِ‪ ،‬وإبرا ِر القَسَم‪ .‬هذا لفظ إحدى روايات البخاري‪)3( .‬‬

‫‪ 4/602‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫لّنةَ حتّى ُت ْؤمِنُوا‪ ،‬وَل ُت ْؤ ِمنُوا حتّى تابّوا‪ ،‬أوْل أدُّلكُ ْم على شَيْءٍ إِذَا َفعَ ْلتُمُوهُ‬
‫وسلم‪" :‬ل تَدْ ُخلُوا ا َ‬
‫تَحاَببْتُمْ؟ أفْشُوا السّلمَ َبْينَكُمْ"‪)4(.‬‬

‫‪ 5/603‬وروينا ف مسند الدارمي وكتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬وغيها بالسانيد اليدة‪ ،‬عن عبد اللّه‬
‫بن سلم رضي اللّه عنه قال‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬يا أيّهَا النّاسُ أفْشُوا السّلمَ‪،‬‬
‫لنّ َة بِسَلمٍ" قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح‪.‬‬ ‫وأ ْطعِمُوا الطّعامَ‪ ،‬وَصِلُوا الرْحامَ وَصَلّوا وَالنّاسُ نِيا ٌم تَدْ ُخلُوا ا َ‬
‫(‪)5‬‬

‫‪ 6/604‬وروينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن‪ ،‬عن أب أُمامةَ رضي اللّه عنه قال‪ :‬أمَ َرنَا نبيّنا صلى اللّه‬
‫عليه وسلم أن نُفشيَ السّلمَ‪)6( .‬‬

‫‪ 7/605‬وروينا ف موطأ الِمام مالك رضي اللّه عنه‪ ،‬عن إسحاق بن عبد اللّه بن أب طلحة‪،‬‬

‫أن الطّفيلَ بن أُبّ بن كعب أخبَه أنه كان يأت عبدَ اللّه بن عمر فيغدو معه إل السوق‪ ،‬قال‪ :‬فإذَا غدوْنا‬
‫إل السوق ل يرّ بنا عبدُ اللّه على َسقّاطٍ ول صاحبِ َبْي َعةٍ ول مِسكي ول أحدٍ إلّ سلّم عليه؛ قال‬
‫ت عبدَ اللّه بن عمر يوما‪ ،‬فاستتبعن إل السوق‪ ،‬فقلتُ له‪ :‬ما تصن ُع بالسوق وأنتَ ل تقفُ‬ ‫الطّفيلُ‪ :‬فجئ ُ‬
‫س بنا هاهنا‬
‫على البيْ ِع ول تسألُ عن السّل ِع ول تسومُ ول تلسُ ف مالس السوق؟ قال‪ :‬وأقولُ اجل ْ‬

‫‪237‬‬
‫نتحدّثْ‪ ،‬فقال ل ابن عمر‪ :‬يا أبا بطن ـ وكان الطفيلُ ذا بطن ـ إنا نغدو من أجل السلم نُسَلّم على‬
‫مَن لقيناه‪)7( .‬‬

‫‪ 8/606‬وروينا ف صحيح البخاري عنه‪ ،‬قال‪ :‬وقال عمّار رضي اللّه عنه‪ :‬ثلثٌ من جَمعهنّ فقد‬
‫جعَ الِيانَ؛ الِنصافُ من نفسك‪ ،‬وبذلُ السّلم للعال‪ ،‬والِنفاقُ من الِقتار‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫وروينا هذا ف غي البخاري مرفوعا إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫ف يقتضي أن يؤدّي إل اللّه‬‫قلت‪ :‬قد جعَ ف هذه الكلمات الثلث خياتِ الخرة والدنيا‪ ،‬فإ ّن الِنصا َ‬
‫تعال جيع حقوقه وما أمره به‪ ،‬ويتنب جيع ما ناه عنه‪ ،‬وأن يؤدّي إل الناس حقوقهم‪ ،‬ول يطلب ما‬
‫ليس له‪ ،‬وأن ينصف أيضا نفسه فل يوقعها ف قبيح أصلً‪ .‬وأما بذ ُل السلم للعال فمعناه لميع الناس‪،‬‬
‫فيتضمن أن ل يتكب على أحد‪ ،‬وأن ل يكون بينه وبي أحد جفاء يتنع من السلم عليه بسببه‪ .‬وأما‬
‫الِنفاق من القتار فيقتضي كمال الوثوق باللّه تعال والتوكل عليه والشفقة على السلمي إل غي ذلك‪،‬‬
‫نسأل اللّه تعال الكري التوفيق لميعه‪.‬‬

‫بابُ كيفيّة السّلم‬

‫اعلم أن الفضل أن يقول السلم‪ :‬السّلمُ عََلْيكُ ْم وَ َرحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪ ،‬فيأت بضمي المع وإن كان‬
‫السلّم عليه واحدا‪ ،‬ويقولُ الجيب‪َ :‬وعََلْيكُمُ السّلمُ وَرَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَركاتُه‪ ،‬ويأت بواو العطف ف قوله‪:‬‬
‫وعليكم‪.‬‬

‫ومّن نصّ على أن الفضل ف البتدىء أن يقول "السلم عليكم ورحة اللّه وبركاته" الِمام أقضى القضاة‬
‫سيَر‪ ،‬والِمام أبو سعد التول من أصحابنا ف كتاب‬‫أبو السن الاورديّ ف كتابه "الاوي" ف كتاب ال ّ‬
‫"صلة المعة" وغيها‪.‬‬

‫‪ 1/607‬ودليله ما رويناه ف مسند الدارمي وسنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عمران بن الصي رضي‬
‫اللّه عنهما قال‪" :‬جاء رجلٌ إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬فردّ عليه ث جلس‪،‬‬
‫فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬عَشْرٌ‪ ،‬ث جاء آخر فقال‪ :‬السلم عليكم ورحة اللّه‪ ،‬فردّ عليه ث جلس‪،‬‬

‫‪238‬‬
‫فقال‪ :‬عِشْرُونَ‪ ،‬ث جاء آخر فقال‪ :‬السلم عليكم ورحة اللّه وبركاتُه‪ ،‬فردّ عليه فجلس‪ ،‬فقال‪" :‬ثلثُونَ"‬
‫‪ .‬فقال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬

‫وف رواية لب داود‪ ،‬من رواية معاذ بن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬زيادة على هذا‪ ،‬قال‪" :‬ث أتى آخر فقال‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحة اللّه وبركاته ومغفرته‪ ،‬فقال‪ :‬أ ْرَبعُونَ‪ ،‬وقال‪َ :‬هكَذَا َتكُو ُن الفَضَائِلُ"‪)9(.‬‬

‫‪ 2/608‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان رجلٌ ي ّر‬
‫بالنبّ صلى اللّه عليه وسلم يَرعى دوابّ أصحابه فيقول‪ :‬السلم عليك يا رسول اللّه! فيقول له النبّ‬
‫ضوَانُهُ"‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول اللّه!‬ ‫صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬وعََليْكَ السّل ُم وَرَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُ ُه َو َم ْغفِ َرتُهُ َورِ ْ‬
‫ك َوهُ َو َينْصَ ِرفُ بأ ْجرِ‬
‫تُسَلّم على هذا سلما ما تُسلّمه على أحدٍ من أصحابك؟ قال‪َ " :‬ومَا يَ ْمَن ُعنِي مِنْ ذل َ‬
‫ِبضْ َع َة عَشَرَ َر ُجلً؟"‪)10(.‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬فإن قال البتدىء‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬حصل السّلمُ‪ ،‬وإن قال‪ :‬السلم عليكَ‪ ،‬أو سلم‬
‫ك السلم‪ ،‬أو وعليكم السلم‪ ،‬فإن حذف الواو فقال‪:‬‬‫عليكَ‪ ،‬حصل أيضا‪ .‬وأما الواب فأقلّه‪ :‬وعلي َ‬
‫ص عليه إمامنا‬
‫عليكم السّلم أجزأه ذلك وكان جوابا‪ ،‬هذا هو الذهب الصحيح الشهور الذي ن ّ‬
‫الشافعي رحه اللّه ف "الُم" وقال به جهور من أصحابنا‪ .‬وجزم أبو سعد التولّي من أصحابنا ف كتابه "‬
‫التتمة" بأنه ل يزئه ول يكون جوابا‪ ،‬وهذا ضعيف أو غلط‪ ،‬وهو مالفٌ للكتاب والسنّة ونصّ إمامنا‬
‫الشافعي‪.‬‬

‫أما الكتاب فقال اللّه تعال‪{ :‬قالُوا سَلما‪ ،‬قا َل سَلمٌ} [هود‪ ]69:‬وهذا وإن كان شرعا لِما َقبْلنا فقد‬
‫جاء شرعنا بتقريره‪ ،‬وهو حديث أب هريرة الذي قدّمناه (‪ )11‬ف جواب اللئكة آدم صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فإن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أخبنا "أن اللّه تعال قال‪ :‬هي تيتك وتية ذرّيتك" وهذه المة‬
‫داخلة ف ذرّيته‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫واتفق أصحابنا على أنه لو قال ف الواب‪ :‬عليكم ل يكن جوابا‪ ،‬فلو قال‪ :‬وعليكم بالواو فهل يكون‬
‫جوابا؟ فيه وجهان لصحابنا؛ ولو قال البتدىء‪ :‬سلم عليكم‪ ،‬أو قال‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬فللمُجيب أن‬
‫يقول ف الصورتي‪ :‬سلم عليكم‪ ،‬وله أن يقول‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬قالُوا سَلما‪ ،‬قالَ‬
‫سَلمٌ} قال الِمام أبو السن الواحديّ من أصحابنا‪ :‬أنت ف تعريف السلم وتنكيه باليار؛ قلت‪:‬‬
‫ولكن اللف واللم أول‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫فصل‪:‬‬

‫‪ 3/609‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم؛ أنه كان‬
‫إذا تكلم بكلمة أعادها ثلثا حت تُفهم عنه‪ ،‬وإذا أتى على قوم فسلّم عليهم سلّ َم عليهم ثلثا‪)12( .‬‬

‫قلت‪ :‬وهذا الديث ممولٌ على ما إذا كان المعُ كثيا‪ ،‬وسيأت بيان هذه السألة وكلم الاوردي‬
‫صاحب الاوي فيها إن شاء اللّه تعال‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وأقل السّلم الذي يصي به مؤدّيا سنّة السلم أن يرفع صوته بيث يُسمع السلّم عليه‪ ،‬فإن‬
‫ل يُسْمعه ل يكن آتيا بالسلم‪ ،‬فل يب الردّ عليه‪ .‬وأق ّل ما يسقط به فرض ر ّد السلم أن يرفع صوتَه‬
‫بيث يسمعه السلّم‪ ،‬فإن ل يسمعه ل يسقط عنه فرض الردّ‪ ،‬ذكرها التول وغيه‪.‬‬

‫قلت‪ :‬والستحبّ أن يرفع صوته رفعا يسمعه به السلّم عليه أو عليهم ساعا مققا‪ ،‬وإذا تشكك ف أنه‬
‫ض صوتَه‬
‫يسمعهم زاد ف رفعه‪ ،‬واحتاط واستظهر‪ ،‬أما إذا سلّم على أيقاظ عندهم نيام‪ ،‬فالسنّة أن يف َ‬
‫بيث يَحصل ساعُ اليقاظ ول يستيقظ النيام‪.‬‬

‫‪ 4/610‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬ف حديث القداد رضي اللّه عنه الطويل‪ ،‬قال‪ :‬كنّا نرفع للنبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم نَصيبه من اللب‪ ،‬فيجيء من الليل فيسلّم تسليما ل يُوقظ نائما ويُسمِع اليقظانَ‪ ،‬وجعل‬
‫ل ييئن النوم‪ ،‬وأما صاحباي فناما‪ ،‬فجاء النبّ صلى اللّه عليه وسلم فسلّم كما كان يُسلّم‪ .‬واللّه أعلم‪.‬‬
‫(‪)13‬‬

‫فصل‪ :‬قال الِمام أبو ممد القاضي حسي‪ ،‬والِمام أبو السن الواحدي وغيها من أصحابنا‪:‬‬
‫ويُشترط أن يكون الواب على الفور‪ ،‬فإن أخّرَه ث ردّ ل يع ّد جوابا‪ ،‬وكان آثا بترك الردّ‪.‬‬

‫بابُ ما جاء ف كَراه ِة الِشارة بالسّلم باليد ونوها بل لفظ‬

‫‪ 1/611‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جدّه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫شبّهَ ِب َغيْ ِرنَا‪ ،‬ل تَشَّبهُوا بالَيهُو ِد َو ل بالّنصَارَى‪ ،‬فإ ّن تَسْلِي َم اليَهُو ِد الِشا َرةُ‬
‫وسلم قال‪َ" :‬لْيسَ ِمنّا مَ ْن تَ َ‬
‫بالصَابِعِ‪َ ،‬وتَسْلِيمَ الّنصَارَى الِشارَ ُة بالكَفّ" قال الترمذي‪ :‬إسناده ضعيف‪)14( .‬‬

‫‪240‬‬
‫‪ 2/612‬قلت‪ :‬وأما الديث الذي رويناه ف كتاب الترمذي عن أساءَ بنت يزيد‪ :‬أن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم مرّ ف السجد يوما‪ ،‬وعُصبَة من النساء قُعود‪ ،‬فأشار بيده بالتسليم‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫حسن‪ ،‬فهذا ممول على أنه صلى اللّه عليه وسلم جع بي اللفظ والِشارة‪ ،‬يد ّل على هذا أن أبا داود‬
‫روى هذا الديث‪ ،‬وقال ف روايته‪ :‬فسلّ َم علينا‪)15( .‬‬

‫سلَم‬
‫بابُ ُحكْمِ ال ّ‬

‫اعلم أن ابتداء السّل ِم سّنةٌ مستحبّة ليس بواجب‪ ،‬وهو سّنةٌ على الكفاية‪ ،‬فإن كان السلّم جاعة كفى‬
‫عنهم تسليمُ واحد منهم‪ ،‬ولو سلّموا كلّهم كان أفضل‪ .‬قال الِمام القاضي حسي من أئمة أصحابنا ف‬
‫كتاب "السي" من تعليقه‪ :‬ليس لنا سنّة على الكفاية إل هذا‪ .‬قلت‪ :‬وهذا الذي قاله القاضي من الصر‬
‫يُنكر عليه‪ ،‬فإن أصحابنا رحهم اللّه قالوا‪ :‬تشميتُ العاطسِ سّنةٌ على الكفاية كما سيأت بيانه قريبا إن‬
‫شاء اللّه تعال‪ .‬وقال جاعة من أصحابنا بل كلهم‪ :‬الُضحية سّنةٌ على الكفاية ف حقّ كل أهل بيت‪،‬‬
‫فإذا ضحّى واحد منهم حصل الشّعار والسنّة لميعهم‪ .‬وأما ر ّد السلم‪ ،‬فإن كان السلّم عليه واحدا‬
‫تعيّنَ عليه الردّ‪ ،‬وإن كانوا جاعةً كان ر ّد السلم فرضُ كفايةٍ عليهم‪ ،‬فإن ردّ واحد منهم سقطَ الرج‬
‫عن الباقي‪ ،‬وإن تركوه كلّهم أثوا كلّهم‪ ،‬وإن ردّوا كلّهم فهو النهاية ف الكمال والفضيلة‪ ،‬وكذا قاله‬
‫أصحابنا‪ ،‬وهو ظاهر حسن‪ .‬واتفق أصحابنا على أنه لو ر ّد غيُهم ل يسقط الر ّد عنهم‪ ،‬بل يب عليهم‬
‫أن يردّوا‪ ،‬فإن اقتصروا على ردّ ذلك الجنبّ أثوا‪.‬‬

‫‪ 1/613‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫س أنْ يَ ُردّ أحَ ُدهُمْ"(‪(.)16‬أبو داود‬
‫يُجْزِىءُ عَنِ الَما َعةِ إذَا مَرّوا أ ْن يُسَلّمَ أ َح ُدهُمْ‪ ،‬ويُجْزِى ُء عَ ِن الُلُو ِ‬
‫(‪ )5210‬وهو حديث حسن‪ ،‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬الفتوحات الربانية ‪(." )5/305‬أبو داود (‬
‫‪ )5210‬وهو حديث حسن‪ ،‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬الفتوحات الربانية ‪(." )5/305‬أبو داود (‬
‫‪ )5210‬وهو حديث حسن‪ ،‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬الفتوحات الربانية ‪(." )5/305‬أبو داود (‬
‫‪ )5210‬وهو حديث حسن‪ ،‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬الفتوحات الربانية ‪(.")5/305‬أبو داود (‬
‫‪ )5210‬وهو حديث حسن‪ ،‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬الفتوحات الربانية ‪)5/305‬‬

‫‪ 2/614‬وروينا ف الوطأ‪ ،‬عن زيد بن أسلم أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا سَلّ َم وَاحِدٌ‬
‫مِ َن القَ ْومِ أَجْزَأ َعْنهُمْ" قلت‪ :‬هذا مرسل صحيح الِسناد‪)17( .‬‬

‫‪241‬‬
‫فصل‪ :‬قال الِمام أبو سعد التول وغيه‪ :‬إذا نادى إنسان إنسانا من خلف ستر أو حائط فقال‪:‬‬
‫السلم عليك يا فلن! أو كتب كتابا فيه‪ :‬السلم عليك يا فلن‪ ،‬أو السلم على فلن‪ ،‬أو أرسل رسولً‬
‫وقال‪ :‬سلّم على فلن‪ ،‬فبلغه الكتاب أو الرسول‪ ،‬وجب عليه أن ير ّد السلم؛ وكذا ذكر الواحدي‬
‫وغيه أيضا أنه يب على الكتوب إليه ر ّد السلم إذا بلغه السلم‪.‬‬

‫‪ 3/615‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قال ل رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم "هَذَا ِجبْرِي ُل َيقْرُأ عََليْكِ السّلمَ" قالت‪ :‬قلتُ‪ :‬وعليه السلم ورحة اللّه وبركاته‪.‬‬
‫هكذا وقع ف بعض روايات الصحيحي "وبركاته" ول يقع ف بعضها‪ ،‬وزيادة الثقة مقبولة‪ ،‬ووقع ف‬
‫كتاب الترمذي "وبركاته" وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬ويُستحبّ أن يرسلَ بالسلم إل مَن غاب عنه‪.‬‬
‫(‪)18‬‬

‫فصل‪ :‬إذا بعث إنسان مع إنسان سلما‪ ،‬فقال الرسول‪ :‬فلن يسلّم عليك‪ ،‬فقد قدّمنا أنه يب عليه‬
‫أن يردّ على الفور‪ ،‬ويستحبّ أن ير ّد على البلّغ أيضا‪ ،‬فيقول‪ :‬وعليك وعليه السلم‪.‬‬

‫‪ 4/616‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن غالب القطان‪ ،‬عن رجل قال‪ :‬حدّثن أب عن جدي قال‪:‬‬

‫بعثن أب إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬ائته فأقرئه السلم‪ ،‬فأتيته فقلت‪ :‬إن أب يُقرئك‬
‫السلم‪ ،‬فقال‪" :‬عََليْكَ السّل ُم وَعلى أبِيكَ السّلمُ" (‪ ، )19‬وإسناده ضعيف لوجود ماهيل فيه‪).‬قلت‪:‬‬
‫وهذا وإن كان رواية عن مهول‪ ،‬فقد قدّمنا أن أحاديثَ الفضائل يُتسامح فيها عند أهل العلم كلهم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قال التول‪ :‬إذا سلم على أصمّ ل يسمع فينبغي أن يتلفظ بلفظ السلم لقدرته عليه‪ ،‬ويشي‬
‫باليد حت يصل الِفهام ويستح ّق الواب‪ ،‬فلو ل يمع بينهما ل يستح ّق الواب‪ .‬قال‪ :‬وكذا لو سلّم‬
‫عليه أصمّ وأراد الرد فيتلفظ باللسان ويشي بالواب ليحصل به الِفهام ويسقط عنه فرض الواب‪ .‬قال‪:‬‬
‫ولو سلّم على أخرس فأشار الخرس باليد سقط عنه الفرض لن إشارته قائمة مقام العبارة‪ ،‬وكذا لو‬
‫س بالِشارة يستح ّق الواب كما ذكرنا‪.‬‬
‫سلّم عليه أخر ُ‬

‫ب ل يب عليه الواب‪ ،‬لن الصبّ ليس من أهل الفرض‪ ،‬وهذا‬ ‫فصل‪ :‬قال التول‪ :‬لو سلّم على ص ّ‬
‫ب له الواب‪ .‬قال القاضي حسي وصاحبه التولّي‪ :‬ولو سلّم‬‫الذي قاله صحيح‪ ،‬لكن الدب والستح ّ‬
‫الصب على بالغ‪ ،‬فهل يب عليه الرد؟ فيه وجهان ينبنيان على صحة إسلمه‪ ،‬إن قلنا يص ّح إسلمُه كان‬

‫‪242‬‬
‫سلمُه كسلم البالغ فيجب جوابُه‪ .‬وإن قلنا ل يصحّ إسلمه ل يب ر ّد السلم لكن يُستحبّ‪ .‬قلت‪:‬‬
‫حيّوا بِأحْسَنَ مِنْها أوْ‬
‫حّيةٍ فَ َ‬
‫الصحيح من الوجهي وجوب ر ّد السلم لقول اللّه تعال‪َ { :‬وإِذَا ُحّيْيتُمْ ِبتَ ِ‬
‫رُدّوها} [النساء ‪ ]86‬وأما قولما إنه مبنّ على إسلمه‪ ،‬فقال الشاشي‪ :‬هذا بناء فاسد‪ ،‬وهو كما قال‬
‫واللّه أعلم‪ .‬ولو سلم بالغ على جاعة فيهم صبّ فردّ الصبّ ول ير ّد منهم غيُه‪ ،‬فهل يسقط عنهم؟ فيه‬
‫وجهان‪ :‬أصحّهما ـ وبه قال القاضي حسي وصاحبه التول ـ ل يسقط لنه ليس أهلً للفرض‪ ،‬والردّ‬
‫فرض فلم يسقط به كما ل يسقط به الفرض ف الصلة على النازة‪ .‬والثان هو قول أب بكر الشاشي‪،‬‬
‫صاحب الستظهري‪ ،‬من أصحابنا أنه يسقط‪ ،‬كما يصحّ أذانه للرجال ويسقط عنهم طلب الذان‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وأما الصلة على النازة فقد اختلف أصحابُنا ف سقوط فرضها بصلة الصبّ على وجهي مشهورين‪:‬‬
‫الصحيحُ منهما عند الصحاب أنه يسقط‪ ،‬ونصّ عليه الشافعي‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا سلّم عليه إنسان ث لقيه على قرب يُس ّن له أن يُسلّم عليه ثانيا وثالثا وأكثر‪ ،‬اتفق عليه‬
‫صحابنا‪ ،‬ويدل عليه‪:‬‬

‫‪ 5/617‬ما رويناه ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه عنه ف حديث السيء‬
‫صلته؛ أنه جاء فصلّى‪ ،‬ث جاء إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم فسلّم عليه‪ ،‬فر ّد عليه السلم‪ ،‬وقال‪" :‬‬
‫ارْجِعْ َفصَ ّل فإنّكَ لَ ْم ُتصَلّ" فرجعَ فَصلّى‪ ،‬ث جاء فسلّم على النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬حت فعلَ ذلك‬
‫ثلثَ مرّاتٍ‪)20( .‬‬

‫‪ 6/618‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬إِذَا َل ِقيَ أ َحدُكُمْ أخاهُ فَ ْليُسَلّ ْم عََليْهِ‪ ،‬فإنْ حاَلتْ َبْيَنهُما شَجَرَة أوْ جِدَا ٌر أوْ َحجَ ٌر ثُمّ َل ِقيَهُ فَ ْليُسَلّمْ‬
‫عََليْهِ"‪)21(.‬‬

‫‪ 7/619‬وروينا ف كتاب ابن السنّ‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان أصحابُ رسولِ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يتماشَون‪ ،‬فإذا استقبلتهم شجرة أو أكَمة فتفرّقوا يينا وشالً ث التقوا من ورائها‪ ،‬سلّم‬
‫بعضُهم على بعضٍ‪)22( .‬‬

‫فصل‪ :‬إذا تلقى رجلن فسلّم كلّ واح ٍد منهما على صاحبه دفعة واحدة أو أحدها بعد الخر‪،‬‬
‫فقال القاضي حسي وصاحبه أبو سعد التولّي‪ :‬يَصي كلّ واحد منهما مبتدئا بالسلم فيجب على كلّ‬

‫‪243‬‬
‫واحد منهما أن يردّ على صاحبهِ‪ .‬وقال الشاشي‪ :‬هذا فيه نظر‪ .‬فإن هذا اللفظ يَصلح للجواب‪ ،‬فإذا كان‬
‫أحدها بعد الخر كان جوابا‪ ،‬وإن كان دفعة ل يكن جوابا‪ ،‬وهذا الذي قاله الشاشي هو الصواب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا لقي إسانا فقال البتدىء "وعليكم السلم" قال التول‪ :‬ل يكون ذلك سلما‪ ،‬فل‬
‫يستح ّق جوابا‪ ،‬لنّ هذه الصيغة ل تصلح للبتداء‪ .‬قلت‪ :‬أما إذا قال‪ :‬عليك‪ ،‬أو عليكم السلم‪ ،‬بغي‬
‫واو‪ ،‬فقطع الِمام أبو السن الواحدي بأنه سلم يتحتم على الخاطَب به الواب‪ ،‬وإن كان قد قلب‬
‫اللفظ العتاد‪ ،‬وهذا الذي قاله الواحدي هو الظاهر‪ .‬وقد جزم أيضا إمام الرمي به فيجب فيه الواب‬
‫لنه يُسمّى سلما‪ ،‬ويتمل أن يُقال ف كونه سلما وجهان كالوجهي لصحابنا فيما إذا قال ف تلّله‬
‫من الصلة "عليكم السلم" هل يصل به التحلّل أم ل؟ الص ّح أنه يصل‪ ،‬ويتمل أن يُقال‪ :‬إن هذا ل‬
‫يستحق فيه جوابا بكل حال‪.‬‬

‫‪ 8/620‬لا رويناه ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬وغيها بالسانيد الصحيحة عن أب جزي الجيم ّي‬
‫الصحاب رضي اللّه عنه‪ ،‬واسه جابر بن سليم‪ ,‬وقيل سليم بن جابر (‪ )23‬قال‪ :‬لقيتُ رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم ف بعض سكك الدينة وعليه ثوب قِطْري وهو بكسر القاف وسكون الهملة‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫عليك السلم يا رسول اللّه! فقال‪ :‬عليك السلم تيّة الوتى‪ ،‬قل السلم عليكم قالا مرّتي أو ثلثا‬
‫قال الافظ بعد تريه‪ :‬حديث صحيح أخرجه النسائي) " ؛ ‪ ،‬قال‪ :‬أتيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم فقلت‪ :‬عليك السلم يا رسول اللّه‪ ،‬قال‪" :‬ل َتقُ ْل عََليْكَ السّلمُ‪ ،‬فإنّ عََليْك السّلمُ ِتّيةُ ا َل ْوتَى" (‬
‫‪)24‬‬

‫قلت‪ :‬ويتمل أن يكون هذا الديث ورد ف بيان الحسن والكمل‪ ،‬ول يكون الراد أن هذا ليس‬
‫بسلم‪ ،‬واللّه أعلم‪ .‬وقد قال الِمام أبو حامد الغزال ف الِحياء‪ :‬يكره أن يقول ابتداء "عليكم السلم"‬
‫لذا الديث‪ ،‬والختار أنه يُكره البتداء بذه الصيغة‪ ،‬فإن ابتدأ وجب الواب لنه سلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬السنّة أن السلّم يبدأ بالسلم قبل كل كلم‪ ،‬والحاديث الصحيحة وعمل سلف المة‬
‫وخلفها على وفق ذلك مشهورة‪ ،‬فهذا هو العتمد ف دليل الفصل‪.‬‬

‫‪ 9/621‬وأما الديث الذي رويناه ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬السّلمُ َقبْ َل الكَلمِ" فهو حديث ضعيف‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬هذا حديث منكر‪( .‬‬
‫‪)25‬‬

‫‪244‬‬
‫فصل‪ :‬البتداء بالسلم أفضل لقوله صلى اللّه عليه وسلم ف الديث الصحيح‪" :‬وَ َخيْ ُرهُما الّذي َيبْدأُ‬
‫بالسّلمِ" (‪()26‬البخاري (‪ ، )6077‬ومسلم (‪(" ) )2560‬البخاري (‪ ، )6077‬ومسلم (‬
‫‪(" ) )2560‬البخاري (‪ ، )6077‬ومسلم (‪(" ) )2560‬البخاري (‪ ، )6077‬ومسلم (‬
‫‪(") )2560‬البخاري (‪ ، )6077‬ومسلم (‪ . ) )2560‬فينبغي لكل واحد من التلقي أن‬
‫يرص على أن يبتدىء بالسلم‪.‬‬

‫‪ 10/622‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد جيد‪ ،‬عن أب أُمامة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إ ّن أوْلَى النّاسِ باللّ ِه مَ ْن بَدَأهُمْ بالسّلمِ" وف رواية الترمذي عن‬
‫أب أُمامة‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول اللّه! الرجلن يلتقيان أيّهما يبدأ بالسلم؟ قال‪" :‬أوْلهُما باللّه تعال" قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)27( .‬‬

‫ب فيها السّلمُ‪ ،‬والت يُكر ُه فيها‪ ،‬والت يُباح‬


‫ح ّ‬
‫بابُ الحوالِ الت يُستَ َ‬

‫اعلم أنّا مأمورون بإفشاء السلم كما قدّمناه‪ ،‬لكنه يتأكد ف بعض الحوال ويفّ ف بعضها‪ .‬ونُهي عنه‬
‫ف بعضها‪ ،‬فأما أحوال تأكده واستحبابه فل تنحصر‪ ،‬فإنا الصل فل نتكلف التعرّض لفرادها‪.‬‬

‫واعلم أنه يدخل ف ذلك السلم على الحياء والوتى‪ ،‬وقد قدّمنا ف كتاب أذكار النائز كيفية السلم‬
‫على الوتى‪ .‬وأما الحوال الت يُكره فيها أو يفّ أو يُباح فهي مستثناة من ذلك فيحتاج إل بيانا‪ ،‬فمن‬
‫ذلك إذا كان السلّم عليه مشتغلً بالبول أو الماع أو نوها فيُكره أن يُسلّم عليه‪ ،‬ولو سلّم ل يستحقّ‬
‫جوابا‪ ،‬ومن ذلك من كان نائما أو ناعسا‪ ،‬ومن ذلك من كان مُصليا أو مؤذنا ف حال أذانه أو إقامته‬
‫الصلةَ‪ ،‬أو كان ف حام أو نو ذلك من المور الت ل يُؤثر السلم عليه فيها‪ ،‬ومن ذلك إذا كان يأكلُ‬
‫واللقمة ف فمه‪ ،‬فإن سلّم عليه ف هذه الحوال ل يستحقّ جوابا‪ .‬أما إذا كان على الكل وليست‬
‫س بالسلم‪ ،‬ويبُ الواب‪ .‬وكذلك ف حال البايعة وسائر العاملت يُسلّم ويب‬ ‫اللقمةُ ف فمه فل بأ َ‬
‫الواب‪ .‬وأما السلم ف حال خطبة المعة فقال أصحابنا‪ :‬يُكره البتداء به لنم مأمورون بالِنصات‬
‫للخطبة‪ ،‬فإن خالفَ وسلّم فهل يُ َردّ عليه؟ فيه خلف لصحابنا‪ ،‬منهم مَن قال‪ :‬ل ُيرَ ّد عليه لتقصيه‪،‬‬
‫ت سنّة رَدّ عليه واحد من‬ ‫ب ل ير ّد عليه‪ ،‬وإن قلنا إن الِنصا َ‬
‫ومنهم مَن قال‪ :‬إن قلنا إن الِنصاتَ واج ٌ‬
‫الاضرين‪ ،‬ول يردّ عليه أكثر من واحد على كل وجه‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫وأما السّلمُ على الشتغل بقراءة القرآن‪ ،‬فقال الِمام أبو السن الواحدي‪ :‬الول ترك السلم عليه‬
‫لشتغاله بالتلوة‪ ،‬فإن سلّم عليه كفاه الر ّد بالِشارة‪ ،‬وإن ردّ باللفظ استأنف الستعاذة ث عاد إل‬
‫التلوة‪ ،‬هذا كلم الواحدي‪ ،‬وفيه نظر؛ والظاهر أن يُسلّم عليه ويب الردّ باللفظ‪ .‬أما إذا كان مشتغلً‬
‫بالدعاء مستغرقا فيه ممع القلب عليه‪ ،‬فيحتمل أن يُقال هو كالشتغل بالقراءة على ما ذكرناه‪ ،‬والظهر‬
‫عندي ف هذا أنه يُكره السلم عليه‪ ،‬لنه يتنكد به ويشقّ عليه أكثر من مشقة الكل‪ .‬وأما اللبّي ف‬
‫الِحرام فيُكره أن يُسلّم عليه‪ ،‬لنه يُكره له قطعُ التلبية‪ ،‬فإن سلّم عليه ر ّد السلمَ باللفظ‪ ،‬نصّ عليه‬
‫الشافعي وأصحابنا رحهم اللّه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قد تقدمت الحوالُ الت يُكره فيها السلم‪ ،‬وذكرنا أنه ل يستح ّق فيها جوابا فلو أراد السلّم‬
‫عليه أن يتبع بردّ السلم هل يشرع له‪ ،‬أو يُستحبّ؟ فيه تفصيل؛ فأما الشتغل بالبول ونوه فيُكره له‬
‫ردّ السلم‪ ،‬وقد قدّمنا هذا ف أول الكتاب؛ وأما الكل ونوه فيُستحبّ له الواب ف الوضع الذي ل‬
‫ت صلتُه إن كان عالا‬‫يب؛ وأما الصلّي فيحرم عليه أن يقول‪ :‬وعليكم السلم‪ ،‬فإن فعلَ ذلك بطل ْ‬
‫بتحريه‪ ،‬وإن كان جاهلً ل تبطل على أصحّ الوجهي عندنا‪ ،‬وإن قال عليه السلم بلفظ الغَيبة ل تبطل‬
‫صلتُه لنه دعاءٌ ليس بطاب‪ .‬والستحبّ أن ير ّد عليه ف الصلة بالِشارة ول يتلفظ بشيء‪ ،‬وإن ردّ‬
‫بعد الفراغ من الصلة باللفظ فل بأس‪ .‬وأما الؤذّن فل يُكره له ر ّد الواب بلفظه العتاد‪ ،‬لن ذلك يسي‬
‫ل يُبطلُ الذا َن ول يُخلّ به‪.‬‬

‫بابُ مَن يُسلّمُ عليه ومن ل يُسلّ ُم عليه ومَ ْن يُر ّد عليه ومن ل يُ َر ّد عليه‬

‫اعلم أنّ الرجلَ السلمَ الذي ليس بشهور بفسق ول بدعة يُسَلّم ويُسَلّم عليه‪ ،‬فيُسنّ له السلم‪ ،‬ويب‬
‫الردّ عليه‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬والرأةُ مع الرأة كالرجل مع الرجل‪ .‬وأما الرأة مع الرجل؛ فقال الِمام أبو سعد‬
‫التولّ‪ :‬إن كانت زوجته أو جاريتَه أو مرَما من مارمه‪ ،‬فهي معه كالرجل‪ ،‬فيستحبّ لكل واحد منهما‬
‫ابتداء الخر بالسلم‪ ،‬ويب على الخر ر ّد السلم عليه؛ وإن كانت أجنبيةً‪ ،‬فإن كانت جيل ًة يُخاف‬
‫الفتتان با ل يُسَلّم الرجل عليها‪ ،‬ولو سلّمَ ل يز لا ر ّد الواب‪ ،‬ول تسلّم هي عليه ابتداءً‪ ،‬فإن سلّمتْ‬
‫ل تستحق جوابا فإن أجابا كُره له‪ ،‬وإن كانت عجوزا ل يفتت با جاز أن تسلّم على الرجل‪ ،‬وعلى‬
‫الرجل ر ّد السلم عليها؛ وإذا كانت النساء جعا فيُسلّم عليهنّ الرجل‪ ،‬أو كان الرجالُ جعا كثيا‬
‫فسلّموا على الرأة الواحدة جاز‪ ،‬إذا ل يف عليه ول عليهنّ ول عليها أو عليهم فتنة‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫‪ 1/623‬روينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه وغيها‪ ،‬عن أساءَ بنت يزيدَ رضي اللّه عنها‬
‫قالت‪ :‬م ّر علينا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف نسوة فسلّم علينا‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكرته لفظ رواية أب داود‪ .‬وأما رواية الترمذي ففيها عن أساء‪ :‬أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم مرّ ف السجد يوما وعصبةٌ من النساء قعود‪ ،‬فألوى بيده بالتسليم‪)1( .‬‬

‫‪ 2/624‬وروينا ف كتاب ابن السنّ‪ ،‬عن جرير بن عبد اللّه رضي اللّه عنه‪ :‬أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم م ّر على نسوة فسلّم عليهنّ‪)2( .‬‬

‫ت فينا امرأةٌ‪ .‬وف‬


‫‪ 3/625‬وروينا ف صحيح البخاري عن سهل بن سعدٍ رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬كان ْ‬
‫رواية‪ :‬كانتْ لنا عجوزٌ تأخذُ من أصول السّلق فتطرحُه ف القِدْر وتكركرُ َحبّاتٍ من شعي‪ ،‬فإذا صلّينا‬
‫المعة انصرفنا نُسلّم عليها فتقدمه إلينا‪ )3( .‬قلت‪ :‬تكركر معناه‪ :‬تطحن‪.‬‬

‫ت النبّ‬
‫‪ 4/626‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ُأمّ هانء بنت أب طالب رضي اللّه عنها قالت‪ :‬أتي ُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يومَ الفتح وهو يغتسلُ‪ ،‬وفاطمة تسترُه‪ ،‬فسلّمتُ‪ .‬وذكرت الديث‪)4( .‬‬

‫فصل‪ :‬وأما أهل الذمّة فاختلف أصحابُنا فيهم‪ ،‬فقطعَ الكثرون بأننه ل يوز ابتداؤهم بالسلم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬ليس هو برام‪ ،‬بل هو مكروه‪ ،‬فإن سلّمُوا هم على مسلم قال ف الردّ‪ :‬وعليكم‪ ،‬ول يزيدُ‬
‫على هذا‪.‬‬

‫وحكى أقضى القضاة الاورديّ وجها لبعض أصحابنا‪ ،‬أنه يوز ابتداؤهم بالسلم‪ ،‬لك ْن يقتصرُ السلّم‬
‫على قوله‪ :‬السلم عليك‪ ،‬ول يذكرُه بلفظ المع‪.‬‬

‫وحكى الاوردي وجها أنه يقول ف الردّ عليهم إذا ابتدأوا‪ :‬وعليكم السلم‪ ،‬ولكن ل يقول ورحة اللّه‪،‬‬
‫وهذان الوجهان شاذان ومردودان‪.‬‬

‫‪ 5/627‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ضَيقِهِ"‪)5(.‬‬
‫ضطَرُوهُ إل أ ْ‬
‫قال‪" :‬لَتبْدأوا اليَهُو َد وَل النّصَارَى بالسّلمِ‪ ،‬فإذَا لقيتُمْ أ َح َدهُمْ ف طَريقٍ فا ْ‬

‫‪ 6/628‬وروينا ف صحيح البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬إذَا سَلّ َم عََلْيكُ ْم أهْ ُل الكِتابِ َفقُولُوا‪َ :‬وعََليْكُمْ"‪)6(.‬‬

‫‪247‬‬
‫‪ 7/629‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عمرَ رضي اللّه عنهما؛ أن رسول صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬إِذَا سَلّ َم عََليْكُ ُم الَيهُو ُد فإنّمَا َيقُولُ أحَ ُدهُم‪ :‬السّامُ عََليْكَ‪َ ،‬فقُلْ‪َ :‬وعََليْكَ" وف السألة أحاديث كثية‬
‫بنحو ما ذكرنا‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫حبّ أن يستر ّد سلمَه فيقول له‪:‬‬


‫قال أبو سعد التول‪ :‬ولو سلّم على رجل ظنّه مسلما فبان كافرا يست َ‬
‫رُدّ عليّ سلمي؛ والغرض من ذلك أن يوحشه ويظهرَ له أنه ليس بينهما ألفة‪ .‬ورُوي أن ابن عمر رضي‬
‫اللّه عنهما سلّم على رجلٍ‪ ،‬فقيل إنه يهودي‪ ،‬فتبعه وقال له‪ :‬ر ّد عل ّي سلمي (‪)7‬‬

‫قلت‪ :‬وقد روينا ف موطأ مالك (‪ )8‬رحه اللّه أن مالكا سُئل عمّن سلّم على اليهوديّ أو النصران هل‬
‫يستقيله ذلك؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فهذا مذهبُه‪ .‬واختاره ابن العرب الالكي‪.‬‬

‫قال أبو سعد‪ :‬لو أراد تية ذميّ فعلَها بغي السلم بأن يقول‪ :‬هداك اللّه‪ ،‬أو أنعم اللّه صباحك‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ت بالي أو بالسعادة أو بالعافية‪ ،‬أو‬
‫ح َ‬
‫صبّ ْ‬
‫هذا الذي قاله أبو سعد ل بأس به إذا احتاج إليه فيقول‪ُ :‬‬
‫صبّحَك اللّه بالسرور أو بالسعادة والنعمة أو بالسرّة أو ما أشبه ذلك‪ .‬وأما إذا ل يتج إليه فالختيار أن‬
‫ل يقول شيئا‪ ،‬فإن ذلك بسطٌ له وإيناس وإظهار صورة ودّ‪ ،‬ونن مأمورون بالِغلظ عليهم ومنهيّون‬
‫عن ودّهم فل نظهره‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فرع ‪ :‬إذا مرّ واحدٌ على جاعة فيهم مسلمون أو مسلم وكفّار‪ ،‬فالسنّة أن يُسلّم عليهم ويقصد‬
‫السلمي أو السلم‪.‬‬

‫‪ 8/630‬روينا ف صحيح البخاري ومسلم‪ ،‬عن أُسامةَ بن زيد رضي اللّه عنهما؛ أن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم مرّ على ملسٍ فيه أخلطٌ من السلمي والشركي َعبَدة الوثان واليهود‪ ،‬فسلّم عليهم النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪)9( .‬‬

‫فرع ‪ :‬إذا كتب كتابا إل مشرك وكتبَ فيه سلما أو نوَه فينبغي أن يكتب‪:‬‬

‫‪ 9/631‬ما رويناه ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬ف حديث أب سفيان رضي اللّه عنه ف قصة هرقل‪:‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتبَ‪" :‬من مم ٍد عبدِ اللّه ورسولِه‪ ،‬إل هرقلَ عظيمِ الرومِ‪ ،‬سلمٌ‬
‫على مَن اتّب َع الُدى"‪)10(.‬‬

‫‪248‬‬
‫فرع ‪ :‬فيما يقولُ إذا عَادَ ذَميّا‪ .‬اعلم أن أصحابنا اختلفوا ف عيادة الذميّ‪ ،‬فاستحبّها جاعة ومنعها‬
‫جاعة؛ وذكر الشاشي الختلف ث قال‪ :‬الصوابُ عندي أن يُقال‪ :‬عيادة الكافر ف الملة جائزة‪،‬‬
‫والقربة فيها موقوفة على نوع حرمة تقترن با من جوار أو قرابة‪ ،‬قلت‪ :‬هذا الذي ذكره الشاشيّ حسن‪.‬‬

‫‪ 10/632‬فقد روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان غلمٌ يهوديّ يدُم النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فمرضَ‪ ،‬فأتاه النبّ صلى اللّه عليه وسلم يعودُه‪ ،‬فقعدَ عند رأسه‪ ،‬فقال له‪" :‬أسْلِمْ"‬
‫فنظر إل أبيه وهو عنده‪ ،‬فقال‪ :‬أط ْع أبا القاسم‪ ،‬فأسلم‪ ،‬فخرجَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول‪" :‬‬
‫الَمدُ لِلّ ِه الّذي أْنقَ َذهُ مِ َن النّارِ"‪)11(.‬‬

‫‪ 11/633‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن السيّب بن َحزْن والد سعيد بن السيّب رضي‬
‫ت أبا طالب الوفاةُ‪ ،‬جاءه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬يا عَمّ! قُلْ ل‬
‫اللّه عنه قال‪ :‬لا حضر ْ‬
‫إِلهَ إِلّ اللّهُ" وذكر الديث بطوله‪)12( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬فينبغي لعائد الذميّ أن يرغّبه ف الِسلم‪ ،‬ويبيّن له ماسنَه‪ ،‬ويثّه عليه‪ ،‬ويرّضه على معاجلته قبل‬
‫أن يصيَ إل حال ل ينفعه فيها توبته‪ ،‬وإن دعا له دعا بالداية ونوها‪.‬‬

‫ب منه‪ ،‬فينبغي أن ل يسلّم عليهم ول ير ّد عليهم‬


‫ع َومَنْ اقترف ذنبا عظيما ول َيتُ ْ‬
‫فصل‪ :‬وأما البتد ُ‬
‫السلم‪ ،‬كذا قاله البخاري وغيه من العلماء‪ .‬واحت ّج المام أبو عبد اللّه البخاري ف صحيحه ف هذه‬
‫السألة‪:‬‬

‫‪ 12/634‬با رويناه ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬ف قصة كعب بن مالك رضي اللّه عنه حي‬
‫تلّف عن غزوة تبوك هو ورفيقان له‪ ،‬فقال‪ :‬ونى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن كلمنا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وكنتُ آت رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأُسلّم عليه فأقولُ‪ :‬هل ح ّر َك شَفتيه بر ّد السلم أم لقال‬
‫البخاري‪ :‬وقال عبدُ اللّه بن عمرو‪ :‬ل تسلّموا على شَ َربَة المر‪ )13( .‬قلتُ‪ :‬فإن اضّطُر إل السلم‬
‫على الظلمة‪ ،‬بأن دخل عليهم وخاف ترتب مفسدة ف دينه أو دنياه أو غيها إن ل يسلّم‪ ،‬سلّم عليهم‪.‬‬
‫قال الِمام أبو بكر بن العرب‪ :‬قال العلماء‪ :‬يسلّم‪ ،‬وينوي أن السلم اسم من أساء اللّه تعال‪ ،‬العن‪ :‬اللّه‬
‫عليكم رقيب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وأما الصبيان فالسنّة أن يسلّم عليهم‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫‪ 13/635‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ,‬أنه م ّر على صبيانٍ فسّل َم‬
‫عليهم وقال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم يفعله‪ .‬وف رواية لسلم عنه‪ :‬أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم م ّر على غِلمانٍ فسلّم عليهم‪)14( .‬‬

‫‪ 14/636‬وروينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬بإسناد الصحيحي‪ ،‬عن أنس‪ ،‬أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ن وغيه‪ ،‬قال فيه فقال‪" :‬السّلمُ‬ ‫وسلم مرّ على غلمانٍ يَلعبون فسلّم عليهم ورويناهُ ف كتاب ابن الس ّ‬
‫صبْيانُ"‪)15(.‬‬ ‫عََليْكُمْ يا ِ‬

‫بابٌ ف آدابٍ ومسائلَ من السّلم‬

‫‪ 1/637‬روينا ف صحيح البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسولُ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬يُسَلّمُ الرّا ِكبُ على الَاشِي‪ ،‬وَالَاشِي على القاعِدِ‪ ،‬وَالقَلِيلُ على الكثي" وف رواية‬
‫للبخاري‪" :‬يُسَلّ ُم الصّغ ُي على الكَبيِ‪ ،‬وَالَاشِي على القاعِدِ‪ ،‬وَالقَلِي ُل على الكَثِيِ"‪)16(.‬‬

‫قال أصحابُنا وغيُهم من العلماء‪ :‬هذا الذكور هو السنّة‪ ،‬فلو خالفوا فسلّم الاشي على الراكب‪ ،‬أو‬
‫الالس عليهما ل يُكره‪ ،‬صرّح به الِمام أبو سعد التول وغيه‪ ،‬وعلى مقتضى هذا ل يُكره‪ .‬ابتداء‬
‫الكثيين بالسلم على القليل‪ ،‬والكبي على الصغي‪ ،‬ويكونُ هذا تركا لا يستحقّه من سلم غيه عليه‪،‬‬
‫ب هو فيما إذا تلقى الثنان ف طريق‪ ،‬أما إذا وَ َردَ على قعود أو قاعد؛ فإن الوار َد يبدأُ بالسلم‬‫وهذا الد ُ‬
‫على كل حال‪ ،‬سواء كان صغيا أو كبيا‪ ،‬قليلً أو كثيا‪ ،‬وسّى أقضى القضاة هذا الثان سنّة‪ ،‬وسّى‬
‫الوّل أدبا وجعلَه دون السنّة ف الفضيلة‪.‬‬

‫ص طائفة منهم بالسلم كره‪ ،‬لن القصد من‬‫فصل‪ :‬قال التول‪ :‬إذا لقي رجلٌ جاعةً فأراد أن ي ّ‬
‫السلم الؤانسة واللفة‪ ،‬وف تصيص البعض إياش للباقي‪ ،‬وربا صار سببا للعداوة‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا مشى ف السوق أو الشوارع الطروقة كثيا ونو ذلك ما يكثر فيه التلقون‪ ،‬فقد ذك َر‬
‫ي أن السلم هنا إنا يكونُ لبعض الناس دون بعض‪ .‬قال‪ :‬لنه لو سلّم على ك ّل مَن‬ ‫أقضى القضاة الاورد ّ‬
‫لقي لتشاغل به عن كل مهمّ‪ ،‬ولرج به عن العُرْف‪ .‬قال‪ :‬وإنا يُقصد بذا السلم أحدُ أمرين‪ :‬إما‬
‫اكتساب ودّ‪ ،‬وإما استدفاع مكروه‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫فصل‪ :‬قال التولّي‪ :‬إذا سلّمتْ جاعةٌ على رجل فقال‪ :‬وعليكم السلم‪ ،‬وقصد الردّ على جيعهم‬
‫ض الصلة‬
‫ض الردّ ف حقّ جيعهم‪ ،‬كما لو صلّى على جنائزَ دفعةً واحدةً فإنه يُسقط فر َ‬
‫سقط عنه فر ُ‬
‫على الميع‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قال الاوردي‪ :‬إذا دخل إنسانٌ على جاعة قليلة يعمّهم سلمٌ واحد‪ ،‬اقتصر على سلم واحد‬
‫على جيعهم‪ ،‬وما زاد من تصيص بعضهم فهو أدب‪ ،‬ويكفي أن ير ّد منهم واحدٌ‪ ،‬فمن زاد منهم فهو‬
‫أدب‪ .‬قال‪ :‬فإن كان جعا ل ينتش ُر فيهم السلم الواحد كالامع والجلس الفل؛ فسنّة السلم أن‬
‫يبتدىء به الداخل ف أوّل دخوله إذا شاه َد القو َم ويكون مؤديا سنّة السلم ف حقّ جيع مَن سعه‪،‬‬
‫ويدخلُ ف فرض كفاية الردّ جيعُ مَن سعه‪ ،‬فإن أرا َد اللوس فيهم سقط عنه سنّة السلم فيمن ل يسمعه‬
‫من الباقي‪ ،‬وإن أراد أن يلس فيمن بعدَهم مّن ل يسمع سلمه التقدّم ففيه وجهان لصحابنا‪ :‬أحدُها‬
‫أن سنّة السلم عليهم قد حصلت بالسلم على أوائلهم لنم جع واحد‪ ،‬فلو أعاد السلم عليهم كان‬
‫ي أهل السجد ر ّد عليه سقط به فرض الكفاية عن جيعهم‪ .‬والوجه الثان أن سنّة‬ ‫أدَبا‪ ،‬وعلى هذا أ ّ‬
‫السلم باقية لن ل يبلغهم سلمه التقدم إذا أراد اللوس فيهم‪ ،‬فعلى هذا ل يسقط فرض ر ّد السلم‬
‫التقدم عن الوائل بر ّد الواخر‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويستحبّ إذا دخل بيته أن يُسلّم وإن ل يكن فيه أحد‪ ،‬وليقل‪ :‬السّلمُ عََليْنا وعلى عِبادِ اللّهِ‬
‫حيَ‪ .‬وقد قدّمنا (‪ )17‬ف أول الكتاب بيان ما يقوله إذا دخل بيته‪ .‬وكذا إذا دخل مسجدا أو‬ ‫الصّالِ ِ‬
‫بيتا لغيه ليس فيه أحد يُستحبّ أن يُسلّم وأن يقول‪ :‬السّل ُم عََليْنا وَعلى عِبادِ اللّ ِه الصّالِحِيَ‪ ،‬السّلمُ‬
‫عََليْكُ ْم أهْ َل البَْيتِ وَرَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا كان جالسا مع قوم ث قام ليفارقهم‪ ،‬فالسنّة أن يُسلّم عليهم‪.‬‬

‫‪ 2/638‬فقد روينا ف سنن أب داود والترمذي وغيها‪ ،‬بالسانيد اليدة‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه‬
‫جِلسِ فَ ْليُسَلّمْ فإذَا أَرَا َد أنْ َيقُومَ‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا اْنَتهَى أحَدُكُمْ إل الَ ْ‬
‫ستِ الُول بأحَ ّق مِنَ الخِ َرةِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)18( .‬‬ ‫فَ ْليُسَلّمْ‪ ،‬فََليْ َ‬

‫قلت‪ :‬ظاهر هذا الديث أنه يب على الماعة ر ّد السلم على هذا الذي سلّم عليهم وفارقهم‪ ،‬وقد قال‬
‫الِمامان‪ :‬القاضي حسي وصاحبه أبو سعد التولّي‪ :‬جرتْ عاد ُة بعض الناس بالسلم عند مفارقة القوم‪،‬‬
‫ب جوابه ول يب؛ لن التحية إنا تكون عند اللقاء ل عند النصراف‪ ،‬وهذا‬ ‫وذلك دعا ٌء يُستح ّ‬

‫‪251‬‬
‫كلمُهما‪ ،‬وقد أنكره الِمام أبو بكر الشاشي ‪ -‬الخي من أصحابنا ‪ -‬وقال‪ :‬هذا فاسد‪ ،‬لن السّلمَ‬
‫سّنةٌ عند النصراف كما هو سنّة عند اللوس‪ ،‬وفيه هذا الديث‪ ،‬وهذا الذي قاله الشاشي هو‬
‫الصواب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا مرّ على واحد أو أكثر وغلبَ على ظنه أنه إذا سلّم ل ير ّد عليه‪ ،‬إما لتكبّر المرور عليه‪،‬‬
‫وإما لِهاله الارّ أو السلم‪ ،‬وإما لغي ذلك‪ ،‬فينبغي أن يُسلّم ول يتركه لذا الظنّ‪ ،‬فإنّ السلمَ مأمورٌ به‪،‬‬
‫والذي ُأمِ َر به الارّ أن يُسلّم ول يؤمر بأن يصل الردّ مع أن المرور عليه قد يُخطىء الظنّ فيه ويردّ‪ .‬وأما‬
‫قول مَن ل تقيق عنده‪ :‬إن سلمَ الا ّر سبب لصول الِث ف حقّ المرور عليه فهو جهالة ظاهرة وغباوة‬
‫بيّنة‪ ،‬فإن الأمورات الشرعية ل تسقط عن الأمور با بثل هذه اليالت‪ ،‬ولو نظرنا إل هذا اليال‬
‫الفاسد لتركنا إنكار النكر على مَن فعله جاهلً كونه منكرا‪ ،‬وغلب على ظننا أنه ل ينجر بقولنا‪ ،‬فإن‬
‫إنكارنا عليه وتعريفنا له قبحه يكون سببا لِثه إذا ل يقلع عنه‪ ،‬ول شكّ ف أنّا ل نترك الِنكار بثل‬
‫هذا‪ ،‬ونظائر هذا كثية معروفة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ويُستحبّ لن سلّم على إنسان وأسعه سلمه وتوجّه عليه الردّ بشروطه فلم يرد؛ أن يلّله من ذلك‬
‫فيقول؟ أبرأته من حقّي ف ر ّد السلم‪ ،‬أو جعلتُه ف ِح ّل منه ونو ذلك‪ ،‬ويلفظ بذا‪ ،‬فإنه يسقط به حقّ‬
‫هذا الدمي‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪ 3/639‬وقد روينا ف كتاب ابن السن عن عبد الرحن بن شبل الصحاب رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫س ِمنّا"‪.‬‬
‫جبْ فََلْي َ‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ أجَابَ السّلمَ َف ُهوَ لَهُ‪َ ،‬ومَنْ لَ ْم يُ ِ‬

‫ويُستحبّ لن سلّم على إنسان فلم يرد عليه أن يقول له بعبارة لطيفة‪ :‬ر ّد السلم واجبٌ‪ ،‬فينبغي لك أن‬
‫تر ّد عليّ ليسقطَ عنك الفرضُ‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫باب الستئذان‬

‫ستَأنِسُوا َوتُسَلّمُوا على أهْلها} [‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬يَا أّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا ل تَدْ ُخلُوا ُبيُوتا َغيْ َر ُبيُوِتكُمْ َحتّى تَ ْ‬
‫ستَأْ ِذنُوا كما اسْتَأ َذنَ الّذِي َن مِنْ َقبِْل ِهمْ} [‬
‫النور‪ ]27:‬وقال تعال‪َ { :‬وإِذَا بََل َغ الطْفا ُل ِمنْكُ ُم الُلُمَ َف ْليَ ْ‬
‫النور‪.]59:‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ 1/640‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال‬
‫ك َوإِلّ فَارْ ِجعْ"‪.‬‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ال ْستِئْذَانُ ثَلثٌ‪ ،‬فإنْ ُأ ِذنَ لَ َ‬

‫ورويناه ف الصحيحي أيضا‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه وغيه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪)19( .‬‬

‫‪ 2/641‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬إنّمَا ُجعِ َل ال ْستِئْذَانُ مِنْ أ ْج ِل الَبصَرِ"‪.‬‬

‫وروينا الستئذان ثلثا من جهات كثية‪ .‬والسنّة أن يُسلّم ث يستأذن فيقوم عند الباب بيث ل ينظرُ إل‬
‫مَن ف داخله‪ ،‬ث يقول‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬أأدخل؟ فإن ل يبْه أحدٌ قال ذلك ثانيا وثالثا‪ ،‬فإن ل يبْه أحدٌ‬
‫انصرف‪)20( .‬‬

‫‪ 3/642‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن ربعيّ بن حِراش‪ ،‬بكسر الاء الهملة وآخره‬
‫شي معجمة‪ ،‬التابعي الليل‪ ،‬قال‪ :‬حدّثنا رجل من بن عامر استأذن على النبّ صلى اللّه عليه وسلم وهو‬
‫ف بيت‪ ،‬فقال‪ :‬أألُ؟ فقالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم لادمه‪" :‬ا ْخرُجْ إل هَذَا َفعَلّمْ ُه ال ْسِتئْذَانَ‪،‬‬
‫َفقُلْ لَهُ‪ :‬قُلْ‪ :‬السّلمُ عََلْيكُمْ‪ ،‬أأدْخُلُ؟" فسمعه الرجلُ فقال‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬أأدخلُ؟ فأذنَ له النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم فدخلَ‪)21( .‬‬

‫‪ 4/643‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن كَلَدَة بن الَنْبل الصحاب رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬أتي ُ‬
‫ت‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم فدخلتُ عليه ول أسلّم‪ ،‬فقالَ النبّ‪" :‬ارْجِعْ َفقُلْ‪ :‬السّلمُ عََلْيكُمْ َأأَدْ ُخلُ؟" قال‬
‫لنْبل بفتح الاء الهملة وبعدها‬ ‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪))22( .‬قلت‪َ :‬كلَدة بفتح الكاف واللم‪ .‬وا َ‬
‫نون ساكنة ث باء موحدة ث لم‪.‬‬

‫وهذا الذي ذكرناه من تقدي السلم على الستئذان هو الصحيح‪ .‬وذكر الاوردي فيه ثلثة أوجه‪:‬‬
‫أحدها هذا‪ .‬والثان تقدي الستئذان على السلم‪ ،‬والثالث وهو اختياره‪ ،‬إن وقعت عي الستأذن على‬
‫صاحب النل قبل دخوله قدّم السلم‪ ،‬وإن ل تقع عليه عينه قدّم الستئذان‪ .‬وإذا استأذن ثلثا فلم يُؤذن‬
‫ب الالكي فيه ثلثة مذاهب‪ :‬أحدُها‬ ‫له وظنّ أنه ل يسمع فهل يزيدُ عليها؟ حكى الِمام أبو بكر بن العر ّ‬

‫‪253‬‬
‫يعيده‪ .‬والثان ل يعيده‪ .‬والثالث إن كان بلفظ الستئذان التقدم ل يعدْه‪ ،‬وإن كان بغيه أعاده؛ قال‪:‬‬
‫والص ّح أنه ل يعيدُه بال‪ ،‬وهذا الذي صحّحه هو الذي تقتضيه السنّة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وينبغي إذا استأذن على إنسان بالسلم أو بدقّ الباب فقيل له‪ :‬مَنْ أنتَ؟ أن يقول‪ :‬فلنُ بن‬
‫فلن‪ ،‬أو فلنٌ الفلن‪ ،‬أو فلنٌ العروف بكذا‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬بيث يصل التعريف التامّ به‪ ،‬ويُكره‬
‫أن يقتصر على قوله أنا‪ ،‬أو الادم‪ ،‬أو بعض الغلمان‪ ،‬أو بعض الحبّي‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫‪ 5/644‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم ف حديث الِسراء الشهور‪ ،‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫صعِدَ ب ِجبْرِيلُ إل السّماءِ ال ّدنْيا فَا ْسَتفْتَحَ‪َ ،‬فقِيلَ‪ :‬مَ ْن هَذَا؟ قَالَ‪ِ :‬جبْرِيلُ‪ ،‬قيلَ‪َ :‬ومَنْ‬‫عليه وسلم‪" :‬ثُمّ َ‬
‫صعِدَ ب إل السّما ِء الثّاِنيَ ِة والثّالَِث ِة وَسائِرِهنّ‪َ ،‬ويُقالُ ف بابِ كُلّ سَاءٍ‪ :‬مَ ْن هَذَا؟‬ ‫حمّدٌ‪ ،‬ثُمّ َ‬
‫َمعَكَ؟ قالَ‪ :‬مُ َ‬
‫َفَيقُولُ‪ :‬جْبرِيلُ"‪)23(.‬‬

‫‪ 6/645‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬حديثَ أب موسى لا جلسَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم على بئر‬
‫البستان؛ جاء أبو بكر فاستأذن‪ ،‬فقال‪ :‬مَنْ؟ قال‪ :‬أبو بكر‪ ،‬ث جاء عمر فاستأذن‪ ،‬فقال‪ :‬مَن؟ قال‪ :‬عمر‪،‬‬
‫ث عثمان كذلك‪)24( .‬‬

‫‪ 7/646‬وروينا ف صحيحيهما أيضا‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬أتيتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫فدققتُ البابَ‪ ،‬فقال‪" :‬مَنْ ذَا؟ فَقلتُ‪ :‬أنا‪ ،‬فقال‪ :‬أنَا أنَا" كأنه كرهها‪)25( .‬‬

‫فصل‪ :‬ول بأس أن يصف نفسه با يعرف إذا ل يعرفه الخاطب بغيه‪ ،‬وإن كان فيه صورة تبجيل‬
‫له بأن يكنّي نفسه‪ ،‬أو يقول أنا الفت فلن‪ ،‬أو القاضي‪ ،‬أو الشيخ فلن‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪.‬‬

‫‪ 8/647‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أمّ هانء بنت أب طالب رضي اللّه عنها‪ ،‬واسها‬
‫فاختة على الشهور‪ ،‬وقيل فاطمة‪ ،‬وقيل هند‪ ،‬قالت‪ :‬أتيتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يغتسل‬
‫وفاطمةُ تستُره‪ ،‬فقال‪" :‬مَ ْن هَ ِذهِ؟" فقلتُ‪ :‬أنا ُأمّ هانء‪)26( .‬‬

‫‪ 9/648‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه‪ ،‬واسه جُندب‪ ،‬وقيل بُ َريْ ٌر بض ّم الباء‬
‫تصغي برّ‪ ،‬قال‪ :‬خرجتُ ليلةً من الليال فإذا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يشي وحدَه‪ ،‬فجعلتُ‬
‫أمشي ف ظلّ القمر‪ ،‬فالتفتَ فرآن فقال‪" :‬مَ ْن هَذَا؟" فقلت‪ :‬أبو ذرّ‪)27( .‬‬

‫‪254‬‬
‫‪ 10/649‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب قتادة الارث بن رِبعي رضي اللّه عنه ف حديث اليضأة‬
‫الشتمل على معجزات كثية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى جل من فنون العلوم‪ ،‬قال فيه أبو‬
‫قتادة‪ :‬فرفع النبّ صلى اللّه عليه وسلم رأسه فقال‪" :‬مَ ْن هَذَا؟"(‪ )28‬قلت‪ :‬أبو قتادة‪ .‬قلت‪ :‬ونظائر هذا‬
‫كثية‪ ،‬وسببه الاجة‪ ،‬وعدم إرادة الفتخار‪.‬‬

‫ويقرب من هذا‪:‬‬

‫‪ 11/650‬ما رويناه ف صحيح مسلم عن أب هريرة‪ ،‬واسه عبد الرحن بن صخر على الصحّ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫قلتُ‪ :‬يا رسول اللّه! ادعُ اللّه أن يهديَ ُأمّ أب هريرة‪ ...‬وذكر الديثَ إل أن قال فرجعتُ فقلت‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه! قد استجاب اللّه دعوتك وهدى ُأمّ أب هريرة‪)29( .‬‬

‫بابُ ف مسائل تتف ّرعُ على السّلم‬

‫مسألة‪ :‬قال أبو سعد التولّي‪ :‬التحيّة عند الروج من المّام بأن يُقال له‪ :‬طابَ حّامُك‪ ،‬ل أصل‬
‫ستَ‪ .‬قلت‪ :‬هذا‬ ‫ت فل نَجِ ْ‬
‫لا؛ ولكن روي أن عليّ رضي اللّه عنه قال لرجل خرج من المّام‪ :‬طَهَرْ َ‬
‫الحلّ ل يص ّح فيه شيء‪ ،‬ولو قال إنسان لصاحبه على سبيل الودة والؤالفة واستجلب الودّ‪ :‬أدام اللّه‬
‫لك النعيم ونو ذلك من الدعاء فل بأس به‪.‬‬

‫مسألة‪ :‬إذا ابتدأ الارّ المرور عليه فقال‪ :‬صبّحكَ اللّه بالي‪ ،‬أو بالسعادة‪ ،‬أو قوّاك اللّه‪ ،‬ول أوح َ‬
‫ش‬
‫اللّه منك‪ ،‬أو غي ذلك من اللفاظ الت يستعملها الناسُ ف العادة‪ ،‬ل يستحقّ جوابا؛ لكن لو دعا له قبالة‬
‫ذلك كان حسنا‪ ،‬إل أ ْن َيتْ ُركَ جوابَه بالكلية زجرا ف تلّفه وإهاله السلم‪ ،‬وتأديبا له ولغيه ف العتناء‬
‫بالبتداء بالسلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا أراد تقبيل يد غيه‪ ،‬إن كان ذلك لزهده وصلحه أو علمه أو شرفه وصيانته أو نو ذلك‬
‫من المور الدينية ل يُكره بل يُستحبّ؛ وإن كان لغناه ودنياه وثروته وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا‬
‫ونو ذلك فهو مكروه شديد الكراهة‪ .‬وقال التولّي من أصحابنا‪ :‬ل يوز‪ ،‬فأشار إل أنه حرام‪.‬‬

‫‪ 1/651‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن زارع رضي اللّه عنه‪ ،‬وكان ف وفد عبد القيس قال‪ :‬فجعلْنا‬
‫نتبادرُ من رواحلنا فنقبّلُ يدَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم ورجلَه‪)1( .‬‬

‫‪255‬‬
‫قلتُ‪ :‬زارع بزاي ف أوّله وراء بعد اللف‪ ،‬على لفظ زَارع النطة وغيها‪.‬‬

‫‪ 2/652‬وروينا ف سنن أب داود أيضا‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قصةً قال فيها‪ :‬فدنونا ـ يعن‬
‫من النبّ صلى اللّه عليه وسلم ـ ف َقبّلنا يده‪)2( .‬‬

‫وأما تقبيل الرجُل خدّ ولده الصغي‪ ،‬وأخيه‪ ،‬وقُبلة غي خدّه من أطرافه ونوها على وجه الشفقة والرحة‬
‫سّنةٌ‪ .‬والحاديث فيه كثية صحيحة مشهورة وسواء الولد الذكر والنثى‪.‬‬ ‫واللطف ومبة القرابة‪ ،‬ف ُ‬
‫وكذلك قبلته ولد صديقه وغيه من صغار الطفال على هذا الوجه‪ .‬وأما التقبي ُل بالشهوة فحرام‬
‫بالتفاق‪ .‬وسواء ف ذلك الوالد وغيه‪ ،‬بل النظر إليه بالشهوة حرام بالتفاق على القريب والجنب‪.‬‬

‫‪ 3/653‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪َ :‬قبّلَ النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم السنَ بن عليّ رضي اللّه عنهما وعنده القرعُ بن حابس التميمي‪ .‬فقال القرعُ‪ :‬إن ل‬
‫ت منهم أحدا‪ ،‬فنظرَ إليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ث قال‪" :‬مَ ْن ل َيرْحَمُ ل‬
‫عشرةً من الولد ما قبّل ُ‬
‫يُرْ َحمُ"‪)3(.‬‬

‫‪ 4/654‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قدم ناسٌ من العراب على رسول‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقالوا‪ُ :‬ت َقبّلُونَ صبيانَكم؟ فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬لكنّا واللّه ما نُ َقبّلُ‪ ،‬فقال رسول‬
‫ع ِمنْكُمُ الرّ ْح َمةَ؟" هذا لفظ إحدى الروايات‪،‬‬ ‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أ َو أمْلِكُ أ ْن كانَ اللّهُ تَعال نَ َز َ‬
‫وهو مروي بألفاظ‪)4( .‬‬

‫‪ 5/655‬وروينا ف صحيح البخاري وغيه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬أخذَ رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ابنَه إبراهيم ف َقبّله وشّه‪)5( .‬‬

‫‪ 6/656‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن الباء بن عازب رضي اللّه عنهما قال‪ :‬دخلتُ مع أب بكر‬
‫رضي اللّه عنه أوّلَ ما قَ ِد َم الدينةَ‪ ،‬فإذا عائش ُة ابنته رضي اللّه عنها مضطجعةٌ قد أصابَها حُمّى‪ ،‬فأتاها أبو‬
‫بكر فقال‪ :‬كيف أنتِ يا بنيّة؟! وقبّلَ خدّها‪)6( .‬‬

‫‪ 7/657‬وروينا ف كتب الترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن صفوان بن عَسّال‬
‫الصحابّ رضي اللّه عنه‪ ،‬وعَسّال بفتح العي وتشديد السي الهملتي‪ ،‬قال‪ :‬قال يهوديّ لصاحبه‪ :‬اذهب‬

‫‪256‬‬
‫بنا إل هذا النبّ‪ ،‬فأتيا رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسأله عن تسعِ آياتٍ بيّناتٍ‪ ،‬فذك َر الديثَ إل‬
‫قوله‪ :‬فقبّلوا يدَه ورجلَه وقال‪ :‬نشهدُ أنك نبّ‪)7( .‬‬

‫‪ 8/658‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بالِسناد الصحيح الليح‪ ،‬عن إِياس بن َد ْغفَل قال‪ :‬رأيتُ أبا نضرة‬
‫َقبّل خدّ السن بن عليّ رضي اللّه عنهما‪)8( .‬‬

‫قلت‪ :‬أبو َنضْ َر َة بالنون والضاد العجمة‪ :‬اسه النذر بن مالك بن قطعة‪ ،‬تابعي ثقة‪ .‬و َد ْغفَل بدال مهملة‬
‫مفتوحة ث غي معجمة ساكنة ث فاء مفتوحة ث لم‪.‬‬

‫وعن ابن عمر (‪ )9‬رضي اللّه عنهما أنه كان يقبّل ابنه سالا ويقول‪ :‬اعجبوا من شيخ ُي َقبّلُ شيخا‪.‬‬

‫وعن سهل بن عبد اللّه التستري السيد الليل أحد أفراد زهّاد المة وعبّادها رضي اللّه عنه أنه كان يأت‬
‫ث به حديثَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬ ‫أبا داود السجستان ويقول‪ :‬أخرج ل لسانكَ الذي تُحدّ ُ‬
‫لَُقبّله فيقبّلُه‪ .‬وأفعالُ السلف ف هذا الباب أكثر من أن تُحصر‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ول بأس بتقبيل وجه اليت الصال للتبّك‪ ،‬ول بأس بتقبيل الرجُل وجه صاحبه إذا قدم من‬
‫سفر ونوه‪.‬‬

‫‪ 9/659‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها ف الديث الطويل ف وفاة رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قالت‪ :‬دخ َل أبو بكر رضي اللّه عنه فكشفَ عن وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ب عليه ف َقبّله‪ ،‬ث بكى‪)10( .‬‬
‫وسلم ث أك ّ‬

‫‪ 10/660‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬ق ِدمَ زيدُ بنُ حارثةَ الدين َة‬
‫ع البابَ‪ ،‬فقامَ إليه النبّ صلى اللّه عليه وسلم يرّ‬‫ورسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف بيت‪ ،‬فأتاه فقر َ‬
‫ثوبَه‪ ،‬فاعتنقه وقبّله‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)11( .‬‬

‫وأما العانق ُة وتقبيلُ الوجه لغي الطفل ولغي القادم من سفر ونوه فمكروهان‪ ،‬نصّ على كراهتهما أبو‬
‫ممد البغويّ وغيه من أصحابنا‪.‬‬

‫ويدلّ على الكراهة‪:‬‬

‫‪257‬‬
‫‪ 11/661‬ما رويناه ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رجل‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه! الرجل منّا يَلقى أخاه أو صديقه أينحن له؟ قال‪" :‬ل" قال‪ :‬أفيلتزمه ويقبّله؟ قال‪" :‬ل" قال‪:‬‬
‫فيأخذه بيده ويصافحُه؟ قال‪َ" :‬نعَمْ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)12( .‬‬

‫قلت‪ :‬وهذا الذي ذكرناه ف التقبيل والعانقة‪ ،‬وأنه ل بأس به عند القدوم من سفر ونوه‪ ،‬ومكروه‬
‫كراهة تنيه ف غيه‪ ،‬وهو ف غي المرد السن الوجه؛ فأما المردُ السنُ فيحرم بكلّ حال تقبيله‪،‬‬
‫سواء قدم مَن سفر أم ل‪ .‬والظاهر أن معانقته كتقبيله‪ ،‬أو قريبة من تقبيله‪ ،‬ول فرق ف هذا بي أن يكون‬
‫القبّل والقبّل رجلي صالي أو فاسقي‪ ،‬أو أحدُها صالا‪ ،‬فالمي ُع سواء‪ .‬والذهبُ الصحيح عندنا‬
‫تري النظر إل المرد السن ولو كان بغي شهوة‪ ،‬وقد أمن الفتنة‪ ،‬فهو حرام كالرأة لكونه ف معناها (‬
‫‪)13‬‬

‫فصل‪ :‬ف الصافحة‪ :‬اعلم أنا سنّة مم ٌع عليها عند التلقي‪.‬‬

‫ت الصافحةُ ف‬
‫ت لنس رضي اللّه عنه أكان ِ‬
‫‪ 12/662‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن قتادة قال‪ :‬قل ُ‬
‫أصحاب النبّ صلى اللّه عليه وسلم؟ قال‪ :‬نعم‪)14( .‬‬

‫‪ 13/663‬وروينا ف صحيح البخاري ومسلم ف حديث كعب بن مالك رضي اللّه عنه ف قصة‬
‫توبته قال‪ :‬فقام إلّ طلحة بن عبيد اللّه رضي اللّه عنه يُهرول‪ ،‬حت صافحن وهنّأن‪)15( .‬‬

‫‪ 14/664‬وروينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَا مِ ْن مُسِْل َميْنِ يَ ْلَتقِيانِ فَيتَصافَحانِ إِلّ غُفرَ َلهُما َقبْلَ َأ ْن َيتَفَرّقَا"(‪)16‬‬

‫‪ 15/665‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن الباء رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسولُ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما مِ ْن مُسِْل َميْنِ يَ ْلَتقِيانِ إ ّل غُفرَ َلهُما َقبْ َل أنْ يََتفَرّقا"‪)17(.‬‬

‫‪ 16/666‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رجلٌ‪ :‬يا رسو َل‬
‫اللّه! الرج ُل منّا يلقى أخاه أو صديقه أينحن له؟‪ ،‬قال‪" :‬ل" قال‪ :‬أفيلتزمه ويقبله؟ قال‪" :‬ل" قال‪ :‬فيأخذ‬
‫بيده ويصافحه؟ قال‪َ" :‬نعَمْ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ .‬وف الباب أحاديث كثية‪)18( .‬‬

‫‪258‬‬
‫‪ 17/667‬وروينا ف موطأ الِمام مالك رحه اللّه‪ ،‬عن عطاء بن عبد اللّه الراسانّ قال‪ :‬قال ل‬
‫ب الغِلّ‪َ ،‬وَتهَا َدوْا تَحابّوا َوتَ ْذ َهبِ الشّحْناءُ" قلت‪ :‬هذا‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬تصَافَحُوا يَ ْذهَ ِ‬
‫حديث مرسل‪)19( .‬‬

‫س من الصافحة بعد صلت الصبح‬ ‫واعلم أن هذه الصافحة مستحبّة عند كل لقاء‪ ،‬وأما ما اعتاده النا ُ‬
‫والعصر‪ ،‬فل أصلَ له ف الشرع على هذا الوجه‪ ،‬ولكن ل بأس به‪ ،‬فإن أصل الصافحة سنّة‪ ،‬وكونم‬
‫حافَظوا عليها ف بعض الحوال‪ ،‬وفرّطوا فيها ف كثي من الحوال أو أكثرها‪ ،‬ل يرج ذلك البعض عن‬
‫كونه من الصافحة الت ورد الشرع بأصلها‪.‬‬

‫وقد ذكر الشيخ الِمام أبو ممد عبد السلم رحه اللّه ف كتابه "القواعد" أن البدع على خسة أقسام‪:‬‬
‫واجبة‪ ،‬ومرّمة‪ ،‬ومكروهة‪ ،‬ومستحبّة‪ ،‬ومباحة‪ .‬قال‪ :‬ومن أمثلة البدع الباحة الصافحة عقب الصبح‬
‫والعصر‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وينبغي أن يترز من مصافحة المرد السن الوجه‪ ،‬فإن النظ َر إليه حرام كما قدّمنا ف الفصل‬
‫الذي قبل هذا‪ ،‬وقد قال أصحابنا‪ :‬ك ّل مَن َح ُر َم النظ ُر إليه حَ ُرمَ مسّه‪ ،‬بل السّ أشدّ‪ ،‬فإنه ي ّل النظر إل‬
‫الجنبية إذا أراد أن يتزوّجها‪ ،‬وف حال البيع والشراء والخذ والعطاء ونو ذلك‪ ،‬ول يوز مسّها ف‬
‫شيء من ذلك‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويُستحبّ مع الصافحة‪ ،‬البشاشة بالوجه‪ ،‬والدعاء بالغفرة وغيها‪.‬‬

‫‪ 18/668‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال ل رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ف َشيْئا‪ ،‬وََلوْ أ ْن تَ ْلقَى أخا َك ِبوَجْ ِه طَلِيقٍ"‪)20(.‬‬
‫حقِ َر ّن مِ َن ا َلعْرُو ِ‬
‫وسلم‪" :‬ل تَ ْ‬

‫‪ 19/669‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن الباء بن عازب رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قال رسولُ اللّه‬
‫حةٍ تَنَاثَرَتْ خَطاياهُما بَيَنهُما"‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّ الُسْلِ َميْنِ إذَا اْلَتقَيا َفَتصَافَحَا َوَتكَاشَرَا ِبوُ ّد َوَنصِي َ‬
‫وف رواية "إذَا اْلَتقَى الُسْلِمانِ َفتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللّ َه تَعال وَا ْستَ ْغفَرَا‪َ ،‬غفَرَ اللّ ُه عَ ّز وَجَلّ َلهُمَا"‪)21(.‬‬

‫‪ 20/670‬وروينا فيه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَا مِ ْن َعبْ َديْنِ‬
‫سَتقْبِلُ أحَ ُدهُما صَا ِحبَهُ َفُيصَافِحَهُ َفُيصَلّيانِ على الّنبِيّ صلى اللّه عليه وسلم إِلّ لَ ْم َيَتفَرّقَا‬
‫ُمتَحاّبيْنِ ف اللّ ِه يَ ْ‬
‫حتّى ُت ْغفَرَ ُذنُوبُمَا ما َتقَ ّد َم منْها وَما تَأخّرَ"‪)22(.‬‬

‫‪259‬‬
‫‪ 21/671‬وروينا فيه‪ ،‬عن أنس أيضا‪ ،‬قال‪ :‬ما أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيدِ رجلٍ‬
‫سَن ًة وَقِنا عَذَابَ النّارِ"‪)23(.‬‬
‫سَن ًة وَف الخِ َرةِ حَ َ‬
‫ففارقه حت قال‪" :‬الّلهُ ّم آتِنا ف الدّنيا حَ َ‬

‫فصل‪ :‬ويُكره حْنيُ الظهر ف كل حال لكل أحد‪ ،‬ويدلّ عليه ما قدّمنا ف الفصلي التقدمي من‬
‫حديث أنس‪ ،‬وقوله‪ :‬أينحن له؟ قال‪" :‬ل" وهو حديث حسن كما ذكرناه ول يأت له معارض فل‬
‫مصيَ إل مالفته‪ ،‬ول يغت ّر بكثرة مَن يفعله مّن ينسب إل علم أو صلح وغيها من خصال الفضل‪،‬‬
‫فإن القتداء إنا يكون برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَما آتاكُمُ ال ّرسُولُ فَخُذُوهُ‪،‬‬
‫َومَا نَهاكُ ْم َعنْهُ فَاْنتَهُوا} [الشر‪ ]7:‬وقال تعال‪{ :‬فَ ْلَيحْذَ ِر الّذي َن يُخاِلفُونَ عَ ْن أمْ ِر ِه أنْ ُتصِيَبهُمْ ِفْتَنةٌ أوْ‬
‫ُيصِيَبهُ ْم عَذَابٌ ألِيمٌ} [النور‪.]63:‬‬

‫وقد قدّمنا ف كتاب النائز (‪ ، )24‬عن الفضيل بن عياض رضي اللّه عنه ما معناه‪ :‬اتّب ْع طُ ُرقَ الدى‪،‬‬
‫ول يضرّك قلّة السالكي‪ ،‬وإياك وطرق الضللة‪ ،‬ول تغت ّر بكثرة الالكي‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وأما إكرام الداخل بالقيام‪ ،‬فالذي نتاره أنه مستحبّ لن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو‬
‫صلح أو شرف أو ولية مصحوبة بصيانة‪ ،‬أو له ولدة أو رحم مع س ّن ونو ذلك‪ ،‬ويكون هذا القيام‬
‫للبِ ّر والِكرام والحترام ل للرياء والِعظام‪ ،‬وعلى هذا الذي اخترناه استمرّ عمل السلف واللف‪ ،‬وقد‬
‫جعت ف ذلك جزءا جعت فيه الحاديث والثار وأقوال السلف وأفعالم الدّالة على ما ذكرته‪ ،‬ذكرت‬
‫فيه ما خالفها وأوضحت الواب عنه‪ ،‬فمن أشكل عليه من ذلك شيء ورغب ف مطالعة ذلك الزء‬
‫رجوت أن يزول إشكاله إن شاء اللّه تعال‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يستحبّ استحبابا متأكدا زيارة الصالي والِخوان واليان والصدقاء والقارب‬
‫وإكرامهم وبرّهم وصلتهم‪ ،‬وضبط ذلك يتلف باختلف أحواله ومراتبهم وفراغهم‪ .‬وينبغي أن تكون‬
‫زيارته لم على وجه ل يكرهونه وف وقت يرتضونه‪ .‬والحاديث والثار ف هذا كثية مشهورة‪ ،‬ومن‬
‫أحسنها‪:‬‬

‫‪ 22/672‬ما رويناه ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫"أن رجلً زارَ أخا له ف قرية أخرى‪ ،‬فأرصدَ اللّه تعال على مَ ْدرَجتِه مَلَكا‪ ،‬فلما أتى عليه قال‪ :‬أين‬
‫ك عليه من نعمة ت ُربّها؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬غيَ أن أحببتُه ف‬ ‫تُريد؟ قال‪ :‬أُريدُ أخا ل ف هذه القرية‪ ،‬قال‪ :‬هل ل َ‬
‫اللّه تعال‪ ،‬قال‪ :‬فإن رسولُ اللّه إليك بأن اللّه تعال قد أحبّكَ كما أحببتَه فيه"‪)25(.‬‬

‫‪260‬‬
‫قلت‪ :‬مدرجتُه بفتح اليم والراء‪ :‬طريقه‪ .‬ومعن تَ ُربّها‪ :‬أي تفظها وتراعيها وتربيها كما يُربّي الرجلُ‬
‫ولدَه‪.‬‬

‫‪ 23/673‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة أيضا قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ت وَطابَ مَمْشاكَ‪َ ،‬وَتَبوّأتَ‬
‫عليه وسلم‪" :‬مَنْ عا َد مَرِيضا‪ ،‬أوْ زَارَ أخا لَهُ ف اللّ ِه تَعال‪ ،‬نادَا ُه مُنا ٍد بأ ْن ِطبْ َ‬
‫مِ َن الَّن ِة مَنِلً"‪)26(.‬‬

‫فصل‪ :‬ف استحباب طلب الِنسان من صاحبه الصال أن يزورَه‪ ،‬وأن يكثرَ من زيارته‪.‬‬

‫‪ 24/674‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم لبيل صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما يَ ْمَنعُكَ أ ْن تَزُورَنا أ ْكثَ َر مِمّا تَزُورُنا؟ فنلتْ {وَما َنَتنَزّلُ إِ ّل بِأمْرِ‬
‫َربّكَ‪ ،‬لَ ُه ما بَيْ َن أيْدِينا وَما خَ ْلفَنا} [مري‪)27( ]64:‬‬

‫ت العَاطسِ وحُكم التّثَاؤُب‬


‫بابُ تَشْمِي ِ‬

‫‪ 1/675‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫حبّ العُطاسَ‪َ ،‬وَيكْ َرهُ التَثاؤُبَ‪ ،‬فإذا عَ َطسَ أ َحدُكُ ْم وَحَ ِمدَ اللّ َه تَعال كان َحقّا على‬ ‫قال‪" :‬إنّ اللّ َه تَعال يُ ِ‬
‫شيْطان‪ ،‬فإذا َتثَاءَبَ أ َحدُكُمْ‬
‫كُ ّل مُسْلِ ٍم َس ِمعَهُ أ ْن َيقُولَ لَهُ‪ :‬يَ ْرحَمُكَ اللّهُ‪ .‬وأمّا التّثاؤُبُ فإنّما ُهوَ مِنَ ال ّ‬
‫شيْطانُ"‪)28( .‬‬ ‫ك ِمنْهُ ال ّ‬
‫ضحِ َ‬
‫فَ ْليَ ُر ّدهُ ما ا ْستَطاعَ‪ ،‬فَإن أحدَكم إذا تَثاءَبَ َ‬

‫س سببه ممود‪ ،‬وهو خفّة السم الت تكون لقلة الخلط وتفيف‬ ‫قلتُ‪ :‬قال العلماء‪ :‬معناه أن العطا َ‬
‫سهّلُ الطاعة‪ ،‬والتثاؤب بضدّ ذلك‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬
‫الغذاء‪ ،‬وهو أمر مندوب إليه لنه يُضعف الشهوة ويُ َ‬

‫‪ 2/676‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة أيضا‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا‬
‫عَ َطسَ أحَدُكُمْ َف ْلَيقُل‪ :‬الَمْدُ ِللّهِ‪ ،‬وَْلَيقُلْ لَهُ أخُو ُه أوْ صَاحبُهُ‪ :‬يَرْ َحمُكَ اللّهُ‪ ،‬فإذَا قالَ لَهُ‪َ :‬يرْحَمُكَ اللّهُ‪،‬‬
‫فَ ْلَيقُلْ‪َ :‬يهْدِيكُمُ اللّ ُه َوُيصْلِحُ باَلكُمْ" قال العلماء‪ :‬بالكم‪ :‬أي شأنكم‪)29( .‬‬

‫‪ 3/677‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬عَ َطسَ رجلن عند النبّ‬
‫س فلن فشمّته‪،‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فشمّت أحدَها ول يشمّت الخر‪ ،‬فقال الذي ل يشمّته‪ :‬عَ َط َ‬
‫وعطستُ فلم تشمّتن‪ ،‬فقال‪" :‬هَذَا َحمِدَ اللّ َه تَعال‪ ،‬وَإنّكَ َل ْم تَحْ َمدِ اللّ َه تَعال"‪)30(.‬‬

‫‪261‬‬
‫‪ 4/678‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب موسى الشعريّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه‬
‫ش ّمتُوهُ‪ ،‬فإنْ لَ ْم يَحْ َمدِ اللّهَ فَل‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إذَا عَ َطسَ أ َحدُكُمْ َفحَمِدَ اللّ َه تَعال فَ َ‬
‫تُشَ ّمتُوهُ"‪)31(.‬‬

‫‪ 5/679‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن الباء رضي اللّه عنه قال‪ :‬أمَرَنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫بسبع‪ ،‬ونانا عن سبع‪ :‬أمَرَنا بعيادة الريض‪ ،‬واتباع النازة‪ ،‬وتشميت العاطس‪ ،‬وإجابة الداعي‪ ،‬وردّ‬
‫السلم‪ ،‬ونصر الظلوم‪ ،‬وإبرار القسم‪)32( .‬‬

‫‪ 6/680‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب هريرة عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬حَ ّق الُسْلِ ِم على‬
‫الُسِْلمِ خَ ْمسٌ‪ :‬رَدّ السّلمِ‪َ ،‬وعِيا َدةُ الَرِيض‪ ،‬وَاتّباعُ الَنائِز‪ ،‬وإجاَبةُ ال ّد ْع َوةِ‪َ ،‬وتَشْمِيتُ العاطِس" وف رواية‬
‫لسلم " َحقّ الُسِْلمِ على الُسْلِ ِم ِستّ‪ :‬إذَا َلقِيتَهُ فَسَلّ ْم عََليْهِ‪َ ،‬وِإذَا َدعَاكَ فأ ِجبْهُ‪َ ،‬وإِذَا ا ْسَتنْصَحَكَ فَاْنصَحْ لَهُ‪،‬‬
‫َوإِذَا عَ َطسَ َفحَمِدَ اللّه تَعال فَشَ ّمتْهُ‪َ ،‬وإِذَا َم ِرضَ َفعُ ْدهُ‪َ ،‬وإِذَا مَاتَ فَاّتِبعْهُ"‪)33(.‬‬

‫فصل‪ :‬اتفق العلماء على أنه يُستحبّ للعاطس أن يقولَ عقب عطاسه‪ :‬المد للّه‪ ،‬فلو قال‪ :‬المد‬
‫للّه ربّ العالي كان أحسن‪ ،‬ولو قال‪ :‬المد للّه على كل حال كان أفضل‪.‬‬

‫‪ 7/681‬روينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪ِ" :‬إذَا عَ َطسَ أحَدُ ُكمْ فَ ْلَيقُلِ‪ :‬الَمْدُ لِلّهِ على كُلّ حالٍ‪ ،‬وَْلَيقُلْ أخُو ُه أوْ صَا ِحبُهُ‪:‬‬
‫يَرْ َحمُكَ اللّه‪َ ،‬ويَقُو ُل ُهوَ‪َ :‬يهْدِيكُمُ اللّ ُه َوُيصْلِ ُح بَاَلكُمْ"‪)34(.‬‬

‫ل عَ َطسَ إل جنبه فقال‪:‬‬ ‫‪ 8/682‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ أن رج ً‬
‫المدُ للّه والسّلم على رسول اللّه‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬وأنا أقول‪ :‬المدُ للّه والسلمُ على رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪ ،‬وليس هكذا علّمنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬علّمنا أن نقول‪" :‬الَمْدُ ِللّهِ على‬
‫كُلّ حالٍ"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ويُستحبّ لكل مَن سعه أن يقول لَه‪ :‬يرحك اللّه‪ ،‬أو يرحكم اللّه‪ ،‬أو رحكم اللّه‪ ،‬ويُستحبّ‬
‫للعاطس بعد ذلك أن يقول‪ :‬يهديكم اللّه ويُصلح بالكم‪ ،‬أو يغفر اللّه لنا ولكم (‪)36( )35‬‬

‫‪ 9/683‬وروينا ف موطأ مالك‪ ،‬عنه‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ أنه قال‪ :‬إذا عَ َطسَ‬
‫أحدُكم فقيل له‪ :‬يرحُك اللّه‪ ،‬يقول‪ :‬يرحنا اللّه وإياكم‪ ،‬ويغفرُ اللّه لنا ولكم‪)37( .‬‬

‫‪262‬‬
‫ت وهو قوله يرحك اللّه سنّة على الكفاية‬ ‫وكل هذا سنّة ليس فيه شيء واجب‪ ،‬قال أصحابنا‪ :‬والتشمي ُ‬
‫لو قاله بعضُ الاضرين أجزأ عنهم‪ ،‬ولكن الفضل أن يقوله كلّ واحد منهم؛ لظاهر قوله صلى اللّه عليه‬
‫سلِ ٍم سَ ِمعَ ُه أنْ َي ُقوْلَ لَهُ‪ :‬يَرْ َحمُكَ اللّهُ"‬
‫وسلم ف الديث الصحيح الذي قدّمناه "كانَ َحقّا على كُ ّل مُ ْ‬
‫هذا الذي ذكرناه من استحباب التشميت هو مذهبنا‪ :‬واختلف أصحابُ مالك ف وجوبه‪ ،‬فقال القاضي‬
‫عبد الوهاب‪ :‬هو سنّة‪ ،‬ويُجزىء تشميتُ واحد من الماعة كمذهبنا‪ ،‬وقال ابن ُم َزيْنٍ‪ :‬يَلزم كلّ واحد‬
‫منهم‪ ،‬واختاره ابن العرب الالكي‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا ل يمد العاطس ل يُشَ ّمتُ؛ للحديث التقدم‪ .‬وأقلّ المد والتشميت وجوابِه أن يرفعَ‬
‫صوتَه بيث يُسمِعُ صاحبَه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا قال العاطسُ لفظا آخ َر غي المد للّه ل يستحقّ التشميت‪.‬‬

‫‪ 10/684‬روينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن سال بن عبيد الشجعي الصحاب رضي اللّه تعال‬
‫عنه قال‪ :‬بينا ن ُن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ عَ َطسَ رجلٌ من القوم‪ ،‬فقال‪ :‬السلم عليكم‪،‬‬
‫ك َوعَلى ُأمّكَ‪ ،‬ث قال‪ :‬إذَا عَ َطسَ أحَدُكُمْ َف ْليَحْ َمدِ اللّهَ ـ‬ ‫فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬وعََليْ َ‬
‫فذكر بعض الحامد ـ وَْليَقُلْ لَ ُه مَ ْن ِعنْ َدهُ‪ :‬يَرْحَمُكَ اللّهُ‪ ،‬وَلْيَ ُردّ ـ يعن عليهم ـ َي ْغفِرُ اللّهُ لَنا وََلكُمْ"‪(.‬‬
‫‪)38‬‬

‫فصل‪ :‬إذا عَ َطسَ ف صلته يُستحبّ أن يقول‪ :‬المد للّه‪ ،‬ويُسمع نفسَه‪ ،‬هذا مذهبنا‪ .‬ولصحاب‬
‫مالك ثلثة أقوال‪ :‬أحدُها هذا‪ ،‬واختاره ابن العرب‪ .‬والثان يمد ف نفسه‪ ،‬والثالث قاله سحنون‪ :‬ل‬
‫يمَد جهرا ول ف نفسه‪.‬‬

‫ض صوتَه‪.‬‬
‫فصل‪:‬السنّة إذا جاءَه العطاسُ أن يضعَ يدَه أو ثوبَه أو نو ذلك على فمه وأن يف َ‬

‫‪ 11/685‬روينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن أب هريرةَ رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان رسولُ اللّه‬
‫ض با صوتَه‪ .‬ـ شكّ الراوي‬‫صلى اللّه عليه وسلم إذا عطَس وضعَ يدَه أو ثوبَه على فِيه‪ ،‬وخفضّ أو غ ّ‬
‫أيّ اللفظي قال ـ قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح‪)39( .‬‬

‫‪ 12/686‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن الزبي رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫صوْتِ بالتّثاؤُبِ والعُطاسِ"‪)40(.‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّ اللّ َه عَزّ وَجَ ّل َيكْ َرهُ رَفْ َع ال ّ‬

‫‪263‬‬
‫‪ 13/687‬وروينا فيه‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫شيْطانِ"‪)41(.‬‬‫سةُ الشّدِيدَ ُة مِنَ ال ّ‬
‫يقول‪" :‬التّثاؤُبُ الرّفِي ُع وَالعَطْ َ‬

‫فصل‪ :‬إذا تَك ّر َر العطاسُ من إنسان متتابعا‪ ،‬فالسنّة أن يشمّته لكل مرّة إل أن يبلغ ثلث مرّات‪.‬‬

‫‪ 14/688‬روينا ف صحيح مسلم وسنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن سلمة بن الكوع رضي اللّه عنه؛‬

‫س عندَه رجلٌ‪ ،‬فقال له‪ :‬يَ ْرحَمُكَ اللّهُ‪ ،‬ث عَ َطسَ أخرى فقال له‬
‫أنه سعَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ ،‬وعَ َط َ‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الرّجُ ُل مَزْكُومٌ" هذا لفظ رواية مسلم‪ .‬وأما رواية أب داود والترمذي‬
‫فقال‪ :‬قال سلمة‪ :‬عَ َطسَ رجل عندَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا شاهدٌ‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى‬
‫س الثانية أو الثالثة‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬ ‫اللّه عليه وسلم‪" :‬يَرْ َحمُكَ اللّهُ" ث عَ َط َ‬
‫يَرْ َحمُكَ اللّهُ‪ ،‬هَذَا َرجُ ٌل مَزْكُومٌ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)42( .‬‬

‫‪ 15/689‬وأما الذي رويناه ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عبيد اللّه بن رفاعة الصحابّ رضي اللّه‬
‫س ثَلثا‪ ،‬فإنْ زَا َد فإ ْن ِشئْتَ فَشَ ّمتْ ُه وَإنْ‬
‫ت العا ِط ُ‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬يُشَ ّم ُ‬
‫ِشئْتَ فَل" فهو حديث ضعيف‪ ،‬قال فيه الترمذي‪ :‬حديث غريب وإسناده مهول‪)43( .‬‬

‫‪ 16/690‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد فيه رجل ل أتقق حاله‪ ،‬وباقي إسناده صحيح عن أب‬
‫هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪ِ" :‬إذَا عَ َطسَ أَ َحدُكُمْ فَ ْليُشَمّتهُ‬
‫جَلِيسُهُ‪َ ،‬وِإنْ زَاد على ثَلثَة َف ُهوَ َمزْكُومٌ‪ ،‬وَل يُشَ ّمتُ َبعْ َد ثَلثٍ"‪)44(.‬‬

‫واختلف العلماء فيه‪ ،‬فقال ابن العرب الالكي‪ :‬قيل يقال له ف الثانية‪ :‬إنك مزكوم‪ ،‬وقيل يقال له ف‬
‫الثالثة‪ ،‬وقيل ف الرابعة‪ ،‬والص ّح أنه ف الثالثة‪ .‬قال‪ :‬والعن فيه أنك لست مّن يُشمّت بعد هذا‪ ،‬لن هذا‬
‫الذي بك زكامٌ ومرض ل خفّة العطاس‪ .‬فإن قيل‪ :‬فإذا كان مرضا فكان ينبغي أن يُدعى له ويُشمّت‪،‬‬
‫لنه أحقّ بالدعاء من غيه؟ فالواب أنه يُستحبّ أن يُدعى له لكن غي دعاء العطاس الشروع‪ ،‬بل دعاء‬
‫السلم للمسلم بالعافية والسلمة ونو ذلك‪ ،‬ول يكون من باب التشميت‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا عَ َطسَ ول يمد اللّه تعال فقد قدّمنا أنه ل يُشمّت‪ ،‬وكذا لو حد اللّه تعال ول يسمعه‬
‫الِنسان ل يشمّته‪ ،‬فإن كانوا جاعة فسمعه بعضُهم دون بعض فالختار أنه يُشمّته من سعه دون غيه‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫وحكى ابن العرب خلفا ف تشميت الذين ل يسمعوا المد إذا سعوا تشميتَ صاحبهم‪ ،‬فقيل يشمّته‬
‫لنه عرف عطاسه وحده بتشميت غيه‪ ،‬وقيل ل‪ ،‬لنه ل يسمعه‪.‬‬

‫ب لن عنده أن يذكّره المد‪ ،‬هذا هو الختار‪.‬‬


‫واعلم أنه إذا ل يمد أصلً يُستح ّ‬

‫وقد روينا ف معال السنن للخطاب نوه عن الِمام الليل إبراهيم النخعي‪ ،‬وهو باب النصيحة والمر‬
‫بالعروف‪ ،‬والتعاون على ال ّب والتقوى‪ ،‬وقال ابن العرب‪ :‬ل يفعل هذا وزعم أنه َجهْلٌ من فاعله‪ .‬وأخطأ‬
‫ف زعمه‪ ،‬بل الصواب استحبابه لا ذكرناه‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫س يهوديّ‪.‬‬
‫فصل‪ :‬فيما إذا عَ َط َ‬

‫‪ 17/691‬روينا ف سنن أب داود والترمذي وغيها‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن أب موسى الشعري‬
‫رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان اليهو ُد يتعاطسُونَ عندَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يَرْجُون أن يقولَ لم‪:‬‬
‫حكُم اللّ ُه فيقولُ‪" :‬يَهديكُم اللّ ُه َوُيصْلِحُ باَلكُمْ"‪ :‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)1( .‬‬
‫ير ُ‬

‫فصل‪ :‬روينا ف مسند أب يعلى الوصلي (‪ ،)2‬وهو حديث ضعيف‪ ،‬وأخرجه الطبان والدارقطن‬
‫ف الفراد‪ ،‬والبيهقي وقال‪ :‬إنه منكر‪ ،‬وقال غيه‪ :‬إنه باطل ولو كان سنده كالشمس‬

‫س ِعنْ َدهُ‬
‫عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ حَدّثَ حَدِيثا َفعَ َط َ‬
‫َف ُهوَ حَقّ" كل إسناده ثقات مُتقنون إل بقية بن الوليد فمختلف فيه‪ ،‬وأكث ُر الفاظ والئمة يتجّون‬
‫بروايته عن الشاميي‪ ،‬وقد روي هذا الديث عن معاوية بن يي الشامي‬

‫فصل‪ :‬إذا تثاءب فالسنّة أن ير ّد ما استطاع للحديث الصحيح الذي قدّمناه‪ .‬والسنّة أن يضع يده‬
‫على فيه‪.‬‬

‫‪ 18/692‬لا رويناه ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫ك بِيَ ِدهِ على فَمِهِ‪ ،‬فإنّ الشّيْطا َن يَدْخُلُ"‪)3(.‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ َف ْليُمْسِ ْ‬

‫قلتُ‪ :‬وسواء كان التثاؤب ف الصلة أو خارجها‪ ،‬يستحبّ وض ُع اليد على الفم‪ ،‬وإنا يكره للمصلّي‬
‫وض ُع يده على فمه ف الصلة إذا ل تكن حاجة كالتثاؤب وشبهه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫ب الَدْحِ‬
‫با ُ‬

‫اعلم أ ّن مدح الِنسان والثناءَ عليه بميل صفاته قد يكون ف وجه المدوح‪ ،‬وقد يكون بغي حضوره‪،‬‬
‫ح ويدخل ف الكذب فيحرُم عليه بسبب‬ ‫فأما الذي ف غي حضورِه فل من َع منه إل أن يُجازف الاد ُ‬
‫ب هذا الدح الذي ل كذبَ فيه إذا ترتب عليه مصلحةٌ ول يرّ إل‬ ‫الكذب ل لكونه مدحا‪ ،‬ويُستح ّ‬
‫مفسدة بأن يبلغَ المدوحَ فيفتت به‪ ،‬أو غي ذلك‪ .‬وأما الدحُ ف وجه المدوح فقد جاءت فيه أحاديث‬
‫تقتضي إباحتَه أو استحبابه‪ ،‬وأحاديث تقتضي النع منه‪ .‬قال العلماء‪ :‬وطريق المع بي الحاديث أن‬
‫يُقال‪ :‬إن كان المدوحُ عنده كمالُ إيان وحسنُ يقي ورياض ُة نفس ومعرف ٌة تامة بيث ل يفتت ول يغترّ‬
‫ب به نفسُه فليس برام ول مكروه‪ ،‬وإن خيف عليه شيءٌ من هذه المور كُ ِرهَ مدحُه‬ ‫بذلك ول تلع ُ‬
‫كراهةً شديدة‪.‬‬

‫فمن أحاديث النع‪:‬‬

‫ح عثمانَ رضي اللّه‬


‫‪ 1/693‬ما رويناه ف صحيح مسلم عن القداد رضي اللّه عنه؛ أن رجلً جعلَ يد ُ‬
‫عنه‪ ،‬فعمدَ القدا ُد فجثا على ركبتيه‪ ،‬فجع َل يثو ف وجهه الصباءَ‪ ،‬فقال له عثمانُ‪ :‬ما شأنُك؟ فقال‪:‬‬
‫إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إِذَا رأْيتُم الَدّاحِيَ فا ْحثُوا ف وُجُو ِههِمْ التّرابَ"‪)4(.‬‬

‫‪ 2/694‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪ :‬سع النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم رجلً يُثن على رجل ويُطريه ف الِدْ َحةِ‪ ،‬فقال‪" :‬أَهَْل ْكتُ ْم أوْ قَ َط ْعتُ ْم َظهْرَ الرّجُلِ"‪.‬‬

‫قلتُ‪ :‬قوله يُطْريه‪ :‬بضم الياء وإسكان الطاء الهملة وكسر الراء وبعدها ياء مثناة تت‪ .‬والِطراء‪ :‬البالغة‬
‫ف الدح وماوزة الدّ‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الدح‪)5( .‬‬

‫‪ 3/695‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب بكرة رضي اللّه عنه؛ أن رجلً ذُ ِك َر عندَ النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ت ُعنُقَ صَا ِحبِكَ ـ يقوله‬ ‫وسلم‪ ،‬فأثن عليه رجلٌ خيا‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬ويْحَكَ قَ َط ْع َ‬
‫ك وَحَسِيبُهُ‬
‫سبُ َكذَا وكَذَا إنْ كا َن يَرَى أنّهُ كَذَلِ َ‬
‫مرارا ـ إنْ كانَ أحَدُكُمْ مادِحا َل مَحَاَلةَ َف ْلَيقُلْ‪ :‬أحْ ِ‬
‫اللّ ُه وَل ُيزَكّي على اللّهِ أحَدا"‪)6(.‬‬

‫أحاديث الِباحة فكثيةٌ ل تنحصر‪ ،‬ولكن نُشي إل أطراف منها‪:‬‬ ‫وأما‬

‫‪266‬‬
‫ك باْثنَيْنِ اللّ ُه‬
‫فمنها قوله صلى اللّه عليه وسلم ف الديث الصحيح لب بكر رضي اللّه عنه "ما ظَنّ َ‬
‫ت ِمْنهُم (‪ " )8‬أي لستَ من الذين يُسبلون أُزرَهم خيلء‪ .‬وف‬ ‫س َ‬ ‫ثاِلثُهُما؟" (‪ )7‬وف الديث الخر "لَ ْ‬
‫حَبتِهِ َومَالِهِ أبُو بَكْرٍ‪ ،‬وََلوْ كُنتُ ُمتّخِذا مِنْ‬ ‫الديث الخر "يا أبا بَكْرٍ! ل َتبْكِ‪ ،‬إنّ أمَ ّن النّاسِ عَليّ ف صُ ْ‬
‫ت أبا َبكْرٍ خَلِيلً" (‪ )9‬وف الديث الخر "أ ْرجُو أ ْن َتكُونَ ِمْنهُم" (‪()10‬البخاري‬ ‫ل لتّخَذْ ُ‬
‫ُأمّتِي خَلِي ً‬
‫(‪ ، )3666‬ومسلم (‪(" )86( )1027‬البخاري (‪ ، )3666‬ومسلم (‪ )86( )1027‬أي‬
‫لّنةِ" (‪ )11‬وف‬ ‫من الذين يُدْعون من جيع أبواب النة لدخولا‪ .‬وف الديث الخر "ائْ َذنْ لَ ُه َوبَشّ ْر ُه با َ‬
‫الديث الخر "اْثبُتْ أُحُ ُد فإنّمَا عََليْكَ نَبّ وَصِدّي ٌق َو َشهِيدَانِ " (‪." )12‬‬

‫لّنةَ فَرأيْتُ َقصْرا‪َ ،‬فقُ ْلتُ‪ :‬لِمَ ْن هَذَا؟ قالُوا‪ِ :‬لعُمَرَ‪،‬‬


‫تا َ‬‫وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬دَخَ ْل ُ‬
‫ت َغيْ َرتَكَ" (‪ )13‬فقال عمر رضي اللّه عنه‪ :‬بأب وأمي يا رسول اللّه! أعليك‬ ‫ت أنْ أدْخُلَهُ فَذَكَرْ ُ‬
‫فأرَدْ ُ‬
‫شيْطانُ سَالِكا فَجّا إِ ّل سَلَكَ َفجّا َغيْرَ فَجّكَ" (‪. )14‬‬ ‫أغار؟‪ .‬وف الديث الخر "ياعُمَرُ! ما َل ِقيَكَ ال ّ‬

‫لنّةِ" (‪)15‬‬
‫وف الديث الخر "ا ْفتَحْ ِل ُعثْمانَ َوبَشّ ْر ُه با َ‬

‫وف الديث الخر قال لعليّ‪" :‬أْنتَ ِمنّي وأنا ِمنْكَ" (‪)16‬‬

‫وف الديث الخر قال لعليّ‪" :‬أما تَرْضَى أنْ َتكُو َن ِمنّي بِ َمنْزَِل ِة هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟" (‪)17‬‬

‫وف الديث الخر قال لبلل "سَ ِم ْعتُ دَفّ نَعَْليْكَ ف الَّنةِ" (‪)18‬‬

‫وف الديث الخر قال لُبّ بن كعب "ِلَي ْهنَ ْأ َك العِ ْل ُم أبا النْذِرِ" (‪()19‬مسلم (‪ ، )810‬وفيه‪ :‬ليهنكَ‬
‫وأبو داود (‪(" )1460‬مسلم (‪ ، )810‬وفيه‪" :‬ليهنكَ" وأبو داود (‪)1460‬‬

‫وف الديث الخر قال لعبد اللّه بن َسلَم "أنْتَ على ا ِلسْلمِ حتّى تَمُوتَ" (‪)20‬‬

‫ب مِنْ ِفعَاِلكُما" (‪)21‬‬


‫ج َ‬
‫ضحِكَ اللّ ُه عَ ّز وَجَلّ‪ ،‬أ ْو عَ ِ‬
‫وف الديث الخر قال للنصاري " َ‬

‫وف الديث الخر قال للنصار "أْنتُمْ مِنْ أ َحبّ النّاس إِلّ" (‪)22‬‬

‫حّبهُما اللّهُ تَعال وَ َرسُولُهُ‪ :‬الِلْ َم وَالناة"‬


‫وف الديث الخر قال لشجّ عبد القيس‪" :‬إ ّن فيكَ َخصَْلَتيْنِ ُي ِ‬
‫(‪)23‬‬

‫‪267‬‬
‫وكلّ هذه الحاديث الت أشرت إليها ف الصحيح مشهورة‪ ،‬فلهذا ل أضفها‪ ،‬ونظائر ما ذكرناه من‬
‫مدحه صلى اللّه عليه وسلم ف الوجه كثية‪ .‬وأما مدح الصحابة والتابعي فمن بعدهم من العلماء‬
‫والئمة الذين يُقتدى بم رضي اللّه عنهم أجعي فأكثر من أن تُحصر‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫قال أبو حامد الغزال ف آخر كتاب الزكاة من الِحياء‪ :‬إذا تصدق إنسان بصدقة فينبغي للخذ منه أن‬
‫ب الشكر عليها ونشرها فينبغي للخذ أن يفيَها لن قضاء حقه أن ل‬ ‫ح ّ‬
‫يَنظر‪ ،‬فإن كان الداف ُع مّن يُ ِ‬
‫حبّ الشكر ول يقصده فينبغي أن‬ ‫ينصره على الظلم وطلبه الشكر ظلم‪ ،‬وإن علم من حاله أنه ل يُ ِ‬
‫يشكرَه ويظهر صدقته‪ .‬وقال سفيان الثوري رحه اللّه‪ :‬مَن عرف نفسه ل يضرّه مدح الناس‪ .‬قال أبو‬
‫حامد الغزال بعد أن ذكر ما سبق ف أول الباب‪ :‬فدقائق هذه العان ينبغي أن يلحظها من يُراعي قلبَه‪،‬‬
‫فإن أعمالَ الوارح مع إهال هذه الدقائق ضحكة للشيطان وشاتة له‪ ،‬لكثرة التعب وقلة النفع‪ ،‬ومثل‬
‫هذا العلم هو الذي يقال فيه‪ :‬إن تعلم مسألة منه أفضل مِنْ عبادة سنة‪ ،‬إذ بذا العلم تيا عبادة العمر ‪،‬‬
‫وبالهل به توت عبادة العمر كله وتتعطل‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ب مدح الِنسان نفسه وذكر ماسنه‬


‫با ُ‬

‫سكُمْ} [النجم‪ ]32:‬اعلم أن ذكرَ ماسن نفسه ضربان‪ :‬مذموم‪،‬‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬فَل تُزَكّوا أْنفُ َ‬
‫ومبوب‪ ،‬فالذمومُ أن يذكرَه للفتخار وإظهار الرتفاع والتميّز على القران وشبه ذلك؛ والحبوبُ أن‬
‫يكونَ فيه مصلحة دينية‪ ،‬وذلك بأن يكون آمرا بعروف أو ناهيا عن منكر أو ناصحا أو مشيا بصلحة‬
‫أو معلما أو مؤدبا أو واعظا أو مذكّرا أو مُصلحا بي اثني أو يَدف ُع عن نفسه شرّا أو نو ذلك‪ ،‬فيذكر‬
‫ماسنَه ناويا بذلك أن يكون هذا أقربَ إل قَبول قوله واعتماد ما يذكُره‪ ،‬أو أن هذا الكلم الذي أقوله‬
‫ل تدونه عند غيي فاحتفظوا به أو نو ذلك‪ ،‬وقد جاء ف هذا العن ما ل يصى من النصوص كقول‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم "أنا الّنبِي ل كَذِبْ" "أنا َسيّ ُد وَلَد آدَم" "أنا أوّ ُل مَ ْن َتنْشَقّ َعنْهُ ال ْرضُ" ‪:‬أنا‬
‫أعْلَ ُمكُمْ باللّ ِه وأتْقاكُمْ" "إن أبِيتُ عنْدَ رب" وأشباهه كثية‪ ،‬وقال يوسف صلى اللّه عليه وسلم‪{" :‬‬
‫ا ْجعَلْن على َخزَائِنِ ال ْرضِ إن َحفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف‪ ]55:‬وقال شعيب صلى اللّه عليه وسلم‪{ :‬‬
‫حيَ} [القصص‪.]27:‬‬ ‫َستَجِ ُدنِي إنْ شاءَ اللّهُ مِ َن الصّالِ ِ‬

‫‪ 1/696‬وقال عثمان رضي اللّه عنه حي حُصر ما رويناه ف صحيح البخاري أنه قال‪ :‬ألستم تعلمون‬
‫ش العُسْ َرةِ َفلَ ُه الَّنةُ؟" فجهّزتم‪ ،‬ألستم تعلمون‬
‫أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ َج ّهزَ َجْي َ‬

‫‪268‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ َح َف َر بِئرَ رُومَة َفلَ ُه الَّنةُ" فحفرتا؟ فصدّقوه با قاله‪( .‬‬
‫‪)24‬‬

‫‪ 2/697‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه أنه قال حي شكاه أهل‬
‫الكوفة إل عمر بن الطاب رضي اللّه عنه وقالوا‪ :‬ل يُحسن يصلي‪ ،‬فقال سعد‪ :‬واللّه إنّي لول رجل‬
‫من العرب رمى بسهم ف سبيل اللّه تعال‪ ،‬ولقد كنّا نغزو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وذكر‬
‫تام الديث‪)25( .‬‬

‫‪ 3/698‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬والذي فلق البّة وبرأَ النسمةَ‪ ،‬إنه‬
‫ل "أنه ل يبن إل مؤمنٌ ول يبغضن إل منافق"‪)26(.‬‬ ‫لعه ُد النبّ صلى اللّه عليه وسلم إ ّ‬

‫قلتُ‪ :‬بَ َرَأ مهموز معناه خلق؛ والنسمة‪ :‬النفس‪.‬‬

‫‪ 4/699‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب وائل قال‪ :‬خطبنا ابنُ مسعود رضي اللّه عنه فقال‪ :‬واللّه لقد‬
‫أخذتُ من ف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بضعا وسبعي سورة‪ ،‬ولقد علمَ أصحابُ رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم أن مِ ْن أعلمهم بكتاب اللّه تعال وما أنا بيهم‪ ،‬ولو أعلم أن أحدا أعل ُم منّي‬
‫لرحلتُ إليه‪)27( .‬‬

‫‪ 5/700‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه سئل عن البدنة إذا أزحفت‪،‬‬
‫فقال‪ :‬على البي سقطتَ ـ يعن نفسَه ـ وذكر تام الديث‪)28( .‬‬

‫ونظائر هذا كثية ل تنحصر‪ ،‬وكلّها ممولة على ما ذكرنا‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫بابٌ ف مسائل تتعلّق با تقدّم‬

‫مسألة‪ :‬يُستحبّ إجاب ُة مَن ناداك بلبّيك وسعديك أو لبّيك وحدها‪ ،‬ويُستحبّ أ ْن يقول لن ورد‬
‫عليه مرحّبا‪ ،‬وأن يقول لن أحسن إليه أو رأى منه فعلً جيلً‪ :‬حفظك اللّه وجزاك اللّه خيا‪ ،‬وما‬
‫أشبهه‪ ،‬ودلئل هذا من الديث الصحيح كثية مشهورة‪.‬‬

‫مسألة‪ :‬ول بأس بقوله للرجل الليل ف علمه أو صلحه أو نو ذلك‪ :‬جعلن اللّه فداكَ‪ ،‬أو فِداكَ‬
‫أب وأُمي وما أشبهه‪ ،‬ودلئل هذا من الديث الصحيح كثية مشهورة حذفتها اختصارا‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫مسألة‪ :‬إذا احتاجتْ الرأة إل كلم غي الحارم ف بيع أو شراء أو غي ذلك من الواضع الت يوز‬
‫لا كلمه فيها فينبغي أن تفخّ َم عبارتَها وتغلظها (‪ )29‬ول تليّنها مافةً من طمعه فيها‪.‬‬

‫قال الِمام أبو السن الواحدي من أصحابنا ف كتابه "البسيط"‪ :‬قال أصحابنا‪ :‬الرأة مندوبة إذا خاطبتِ‬
‫ت مَحرما عليها‬
‫الجانبَ إل الغِلْظة ف القالة‪ ،‬لن ذلك أبعد من الطمع ف الريبة‪ ،‬وكذلك إذا خاطب ْ‬
‫بالصاهرة‪ ،‬أل ترى أن اللّه تعال أوصى ُأمّهات الؤمني وهنّ مرّمات على التأبيد بذه الوصية‪ ،‬فقال‬
‫ض ْع َن بال َقوْ ِل فَيَطْمَ َع الّذي ف قَلِْبهِ‬
‫تعال‪{ :‬يا نساءَ النّبّ َلسْتُنّ كَأحَ ٍد ِمنَ النّسا ِء إِ ِن اتّقَيُْت ّن فَل تَخْ َ‬
‫َمرَضٌ} [الحزاب‪ ]32:‬قلتُ‪ :‬هذا الذي ذكره الواحدي من تغليظ صوتا‪ ،‬كذا قاله أصحابنا‪ .‬قال‬
‫الشيخ إبراهيم الروزي من أصحابنا‪ :‬طريقُها ف تغليظه أن تأخذ ظهرَ كفّها بفيها وتُجيب كذلك‪ ،‬واللّه‬
‫أعلم‪ .‬وهذا الذي ذكره الواحديّ من أن الحرّم بالصاهرة كالجنب ف هذا ضعيف وخلف الشهور‬
‫ت الؤمني فإننّ ُأمّهاتٌ ف تري‬
‫عند أصحابنا؛ لنه كالَحرم بالقرابة ف جواز النظر واللوة‪ .‬وأما ُأمّها ُ‬
‫نكاحهنّ ووجوب احترامهنّ فقط‪ ،‬ولذا ي ّل نكاح بناتنّ‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫•كتاب أذكار النّكاح وما يتعلّق به‬


‫باب ما يقوله من جاء يطب امرأةً من أهلها لنفسه أو لغيه‬ ‫‪o‬‬

‫باب عرض الرجل بنته للزواج من أهل الي‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه عند َعقْ ِد النّكَاح‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقالُ للزوج بع َد عق ِد النّكاح‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يُقال له بالرّفاء والبني‬


‫باب ما يقول الزوجُ إذا دخلت عليه امرأتُه ليلة الزّفاف‬ ‫‪o‬‬

‫باب ما يُقالُ للرجل بعدَ دُخولِ أهلهِ عليه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه عن َد المَاع‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ مُلعبةِ الرجلِ امرَأتَه ومازحته لا ولطف عبارتِه معها‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ بيان أدبِ ال ّزوِجِ مع أصهاره ف الكلم‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يُقال عند الولدة وتألّم الرأة بذلك‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الَذَان ف أُ ُذ ِن الولُود‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الدعا ِء عن َد تَحنيكِ الطفل‬ ‫‪o‬‬

‫‪270‬‬
‫كتاب أذكار النّكاح وما يتعلّق به‬

‫باب ما يقوله من جاء يطب امرأةً من أهلها لنفسه أو لغيه‬

‫يُستحبّ أن يبدأ الاطبُ بالمد للّه والثناء عليه والصّلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويقول‪:‬‬
‫أشهدُ أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّه وحدَه ل شريكَ له‪ ،‬وأشه ُد أنّ ممدا عب ُد ُه ورسولُه جئتكم راغبا ف فتاتِكم‬
‫فُلنة أو ف كريتِكم فُلنة بنت فلن أو نو ذلك‪.‬‬

‫‪ 1/701‬روينا ف سنن أب داود وابن ماجه وغيها‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪ُ " :‬كلّ كَلمٍ" وف بعض الروايات "كُ ّل أمْ ٍر ل ُيبْدأُ فِيه بالَمْد لِلّهِ َف ُهوَ أجْ َذمُ"‬
‫وروي "أقْطَعُ" وها بعن‪ .‬هذا حديث حسن‪ .‬وأجذم باليم والذال العجمة ومعناه‪ :‬قليل البكة‪)1( .‬‬

‫‪ 2/702‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن أب هريرة‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬كُلّ‬
‫شهّدٌ َف ِهيَ كاليَدِ الَذْماءِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)2( .‬‬
‫خ ْطَبةٍ َلْيسَ فِيها تَ َ‬

‫باب عرض الرجل بنته وغيها من إليه تزويها على أهلِ الفض ِل والي ليتزوجُوها‬

‫‪ 1/703‬روينا ف صحيح البخاري؛ أن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه لا تُوف َز ْوجُ بنته حفصة‬
‫ت عليه حفصةَ فقلتُ‪ :‬إن شئتَ أنكحتُك حفصة بنتَ عمر‪،‬‬ ‫رضي اللّه عنهما قال‪ :‬لقيتُ عثمان فعرض ُ‬
‫فقال‪ :‬سأنظر ف أمري‪ ،‬فلبثتُ ليال ث لقين فقال‪ :‬قد بدا ل أن ل أتزوّج يومي هذا‪ ،‬قال عمر‪ :‬فلقيتُ‬
‫حتُك حفصةَ بنتَ عمر‪ ،‬فصمتَ أبو بكر رضي اللّه‬ ‫أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه فقلتُ‪ :‬إن شئتَ أنك ْ‬
‫عنه‪ ،‬وذكر تام الديث‪)3( .‬‬

‫ب ما يقولُه عند َعقْ ِد الّنكَاح‬


‫با ُ‬

‫يُستحبّ أن يطبَ بي يدي العقد خطبةً تشتملُ على ما ذكرناهُ ف الباب الذي قب َل هذا وتكونُ أطولَ‬
‫من تلك‪ ،‬وسواء خطبَ العاق ُد أو غيُه‪.‬‬

‫وأفضلُها‪:‬‬

‫‪271‬‬
‫‪ 1/704‬ما روينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬وغيها‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن‬
‫عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫سَت ْغفِ ُرهُ َوَنعُو ُذ بِ ِه مِ ْن شُرُو ِر‬


‫ستَعِينُهُ َونَ ْ‬
‫علّمنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطبة الاجة‪" :‬الَمْدُ ِللّ ِه نَ ْ‬
‫َأنْفُسِنا‪ ،‬مَ ْن َيهْدِ اللّهُ َفلَ مُضِلّ لَهُ‪َ ،‬ومَ ْن ُيضْلِلْ فَل هادِيَ لَهُ‪ ،‬وأ ْشهَ ُد أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وأشْهَدُ َأ ّن مُحَمّدا‬
‫س اّتقُوا َرّبكُمُ الّذي خََل َقكُ ْم مِ ْن َن ْفسٍ وَا ِح َدةٍ وَ َخلَ َق ِمنْها َزوْجَها‪َ ،‬وَبثّ ِمْنهُما‬ ‫عَبْ ُد ُه وَ َرسُولُهُ {يا أّيهَا النّا ُ‬
‫رِجَالً َكثِيا َونِساءً‪ ،‬واّتقُوا اللّهَ الذي تَساءَلُو َن بِهِ والرْحا َم إنّ اللّهَ كا َن عََلْيكُمْ رَقِيبا} [النساء‪{ .]1:‬يا‬
‫أيّهَا الّذينَ آ َمنُوا اتّقُوا اللّهَ حَ ّق تُقاتِهِ وَل تَمُوتُنّ إِلّ وَأْنتُ ْم مُسْلِمُون} [آل عمران‪{ ]102 :‬يا أّيهَا الّذين‬
‫آمَنوا اّتقُوا اللّه وَقُولُوا َقوْ ًل سَدِيدا ُيصْلِحْ َلكُ ْم أعْماَلكُمْ‪ ،‬ويَ ْغفِرْ َلكُمْ ُذنُوَبكُمْ‪َ ،‬ومَ ْن يُطِعِ اللّ َه وَ َرسُولَهُ َفقَدْ‬
‫فَازَ َفوْزَا عَظِيما} [الحزاب‪ ."]71:‬هذا لفظ إحدى روايات أب داود‪.‬‬

‫وف رواية له أخرى (‪ )4‬بعد قوله ورسوله "أ ْرسَلَ ُه بالَ ّق بَشِيا َونَذِيرا َبيْنَ يَدَيِ السّا َعةِ‪ ،‬مَ ْن يُطِعِ اللّه‬
‫صهِما فإنّ ُه ل َيضُرّ إِلّ َنفْسَ ُه وَل يَضُرّ اللّهَ شَيْئا" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫وَ َرسُولَهُ َفقَدْ َرشَدَ‪َ ،‬ومَ ْن َيعْ ِ‬

‫قال أصحابنا‪ :‬ويُستحبّ أن يقول مع هذا‪ :‬أُزوّجك على ما أمر اللّه به من إمساك بعروف أو تسريح‬
‫بإحسان‪ ،‬وأق ّل هذه الطبة‪ :‬الَمْدُ ِللّ ِه وَالصّلةُ على َرسُولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أُوصِي بَِت ْقوَى اللّهِ‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪)5( .‬‬

‫ت بشيء منها ص ّح النكاح باتفاق العلماء‪ .‬وحكي عن داود‬


‫واعلم أن هذه الطبة سنّة‪ ،‬لو ل يأ ِ‬
‫الظاهري رحه اللّه أنه قال‪ :‬ل يصحّ‪ ،‬ولكن قال ‪.‬العلماء الحققون‪ :‬ل تعدّوا خلفَ داود خلفا معتبا‪،‬‬
‫ق الِجاعُ بخالفته‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬
‫ول ينخر ُ‬

‫وأما الزوجُ فالذهب الختار أنه ل يطب بشيء‪ ،‬بل إذا قال له الولّ‪ :‬زوّجتك فلنة‪ .‬يقول متصلً به‪:‬‬
‫قبلتُ تزويها؛ وإن شاء قال‪ :‬قبلتُ نكاحَها‪ ،‬فلو قال‪ :‬المد للّه والصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قبلتُ‪ ،‬صحّ النكاحُ‪ ،‬ول يضرّ هذا الكلم بي الِياب والقبول؛ لنه فصل يسي له تعلق بالعقد‪.‬‬
‫وقال بعض أصحابنا‪ :‬يبط ُل به النكاح؛ وقال بعضهم‪ :‬ل يبطلُ بل يُستحبّ أن يأت به‪ ،‬والصوابُ ما‬
‫قدّمناه أنه ل يأت به ولو خالف فأتى به ل يَبطل النكاح‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب ما يُقالُ للزوج بع َد عق ِد النّكاح‬


‫با ُ‬

‫‪272‬‬
‫السنّة أن يُقال له‪ :‬باركَ اللّه لك‪ ،‬أو باركَ اللّه عليك‪ ،‬وج َع بينكما ف خي‪ .‬ويُستحبّ أن يُقال لكلّ‬
‫واحد من الزوجي‪ :‬بارَك اللّه لكلّ واحدٍ منكما ف صاحبه‪ ،‬وج َع بينكما ف خي‪.‬‬

‫‪ 1/705‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال لعبد الرحن بن عوف رضي اللّه عنه حي أخبه أنه تزوّج‪" :‬با َركَ اللّهُ لَكَ"‪)6( .‬‬

‫‪ 2/706‬وروينا ف الصحيح أيضا أنه صلى اللّه عليه وسلم قال لابر رضي اللّه عنه حي أخبه أنه‬
‫تزوّج‪" :‬با َركَ اللّ ُه عََليْكَ"‪)7( .‬‬

‫‪ 3/707‬وروينا بالسانيد الصحيحة ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه وغيها‪ ،‬عن أب هريرة‬
‫رضي اللّه عنه؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا رفأ الِنسانُ‪ ،‬أي‪ :‬إذا تزوّج قال‪" :‬بَا َركَ اللّهُ لك‪ ،‬وبا َركَ عََليْكَ‪،‬‬
‫وَجَ َم َع بَْيَنكُما ف َخيْرٍ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫فصل‪ :‬ويُكره أن يُقال له بالرّفاء والبني‪ ،‬وسيأت دلي ُل كراهته إن شاء اللّه تعال ف كتاب حفظ‬
‫اللسان ف آخر الكتاب‪ .‬والرّفاء بكسر الراء وبالدّ‪ :‬وهو الجتماع‪.‬‬

‫باب ما يقول الزوجُ إذا دخلت عليه امرأتُه ليلة الزّفاف‬

‫يُستحبّ أن يُسَ ّميَ اللّهَ تعال‪ ،‬ويأخ َذ بناصيتهَا أو َل ما يَلقاها ويقول‪ :‬بارَك اللّهَ لكلّ واحدٍ منّا ف‬
‫صاحبه‪ ،‬ويقول معه‪:‬‬

‫‪ 1/708‬ما رويناه بالسانيد الصحيحة ف سنن أب داود وابن ماجه وابن السن وغيها‪ ،‬عن عمرو‬
‫بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إِذَا تَ َزوّجَ أحَدُكُ ُم امْرأةً أوِ ا ْشتَرَى خَادما فَ ْلَيقُلِ‪ :‬الّلهُمّ إِن أسألُكَ‬
‫َخيْرَها وَ َخيْرَ ما َجبَ ْلتَها عََليْهِ‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ مِنْ شَرّها َوشَرّ ما َجبَ ْلتَها (‪ )9‬عََليْهِ‪َ .‬وإِذَا اشْتَرَى َبعِيا فَلْيأْخُذْ‬
‫صَيتِها وَْليَ ْدعُ بالبَرَ َكةِ ف الَرأة والْخَا ِدمِ"‪)10(.‬‬ ‫بِذِ ْر َوةِ ِسنَامِ ِه وَْليَقُ ْل ِمثْلَ ذلكَ" وف رواية "ثُ ّم ليأْخُ ْذ بِنا ِ‬

‫‪273‬‬
‫باب ما يُقالُ للرجل بعدَ دُخولِ أهل ِه عليه‬

‫‪ 1/709‬روينا ف صحيح البخاري وغيه عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬بن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم بزينب رضي اللّه عنها‪ ،‬فأول ببز ولم‪ ..‬وذكر الديث ف صفة الوليمة وكثرة مَن دُعي إليها‪ .‬ث‬
‫قال‪ :‬فخرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فانطلق إل حجرة عائشة فقال‪" :‬السّل ُم عََلْيكُمْ أهْ َل الَبيْتِ‬
‫وَرَحْ َمةُ اللّ ِه َوبَرَكَاتُهُ" فقالت‪ :‬وعليك السلم ورحة اللّه‪ ،‬كيف وجدتَ أهلك؟ بارك اللّه لك‪ ،‬فتقرّى‬
‫ُحجَر نسائه كلّه ّن يقولُ لنّ كما يقول لعائشة‪ ،‬ويقلن له كما قالت عائشة‪)11( .‬‬

‫ب ما يقولُه عن َد المَاع‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/710‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ ،‬من طرق كثية‪،‬‬

‫شيْطا َن‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬ل ْو أنّ أ َحدَكُمْ إذَا أتى أهْلَهُ قالَ‪ :‬بِسْمِ اللّه الّلهُمّ َجّنبْنا ال ّ‬
‫ضيَ َبْيَنهُمَا وَلَدٌ لَ ْم َيضُ ّرهُ" وف رواية للبخاري "َل ْم َيضُ ّرهُ َشيْطانٌ أبَدا"‪(.‬‬ ‫شيْطانَ ما َرزَ ْقتَنا َف ُق ِ‬
‫وَ َجّنبِ ال ّ‬
‫‪)12‬‬

‫ب مُلعبةِ الرجلِ امرَأتَه ومازحته لا ولطف عبارتِه معها‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/711‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال ل رسول اللّه صلى‬
‫ت ِبكْرا تُل ِعبُها َوتُلعِبُكَ"‬
‫ل تَ َزوّ ْج َ‬
‫ت ثيبا‪ ،‬قال‪َ :‬ه ّ‬
‫ت ِبكْرا َأمْ َثيّبا؟ قلت‪ :‬تَزوّج ُ‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬تَ َزوَّ ْج َ‬
‫‪()13(.‬البخاري (‪ ، )6387‬ومسلم (‪(")110( )715‬البخاري (‪ ، )6387‬ومسلم (‬
‫‪)110( )715‬‬

‫‪ 2/712‬وروينا ف كتاب الترمذي وسنن النسائي‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫سُنهُمْ خُلُقا وألْ َط ُفهُ ْم لهْلِهِ"‪)14(.‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أكمَ ُل ا ُل ْؤمِنِيَ إِيانَا أحْ َ‬

‫ب بيان أدبِ ال ّز ِوجِ مع أصهاره ف الكلم‬


‫با ُ‬

‫اعلم أنه يستحبّ للزوج أن ل ياطب أحدا من أقارب زوجته بلفظ فيه ذكر جاع النساء‪ ،‬أو تقبيلهنّ‪،‬‬
‫أو معانقتهنّ‪ ،‬أو غي ذلك من أنواع الستمتاع بنّ‪ ،‬أو ما يتضمن ذلك أو يُستد ّل به عليه أو يفهم منه‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫ل مَذّا ًء‬
‫‪ 1/713‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬كنت رج ً‬
‫فاستحييتُ أن أسألَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم لكان ابنته منّي‪ ،‬فأمرتُ القدادَ فسألَه‪)15( .‬‬

‫ب ما يُقال عند الولدة وتألّم الرأة بذلك‬


‫با ُ‬

‫ينبغي أن يُكثر من دُعاء الكَرْب الذي قدّمناه‪.‬‬

‫‪ 1/714‬وروينا ف كتاب ابن السن عن فاطمة رضي اللّه عنها؛ أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ب بنتَ جحشٍ أن يأتيا فيقرآ عندها آية الكرسي‪ ،‬و{إن ربّكم اللّهُ} [‬
‫لا دنا ولدها أمرَ ُأمّ سلمة وزين َ‬
‫العراف‪ ]54:‬إل آخر الية‪ ،‬ويعوّذاها بالعوّذتي‪)16( .‬‬

‫ب الَذَان ف أُ ُذنِ الولُود‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/715‬روينا ف سنن أب داود والترمذي وغيها‪ ،‬عن أب رافع رضي اللّه عنه مول رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال؛ رأيتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أذّن ف أُذن السي بن عليّ حيَ‬
‫ولدتهُ فاطمةُ بالصلة ـ رضي اللّه عنهم ـ قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)17( .‬‬

‫قال جاعة من أصحابنا‪ :‬يُستحبّ أن يؤذّن ف أُذنه اليمن ويُقيم الصلة ف أُذنه اليسرى‪.‬‬

‫‪ 2/716‬وقد روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن السي بن عليّ رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن وُلِدَ لَ ُه َموْلُودٌ فأ ّذنَ ف ُأ ُذنِهِ اليُ ْمنَى‪ ،‬وأقامَ ف ُأ ُذنِهِ اليُسْرَى لَمْ تَضُ ّرهُ ُأمّ‬
‫صبْيانِ"‪)18(.‬‬ ‫ال ّ‬

‫بابُ الدعاءِ عن َد تَحنيكِ الطفل‬

‫‪ 1/717‬روينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬كانَ رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يُؤتى بالصبيان فيدعو لم وينّكُهم‪ .‬وف رواية‪ :‬فيدعو لم بالبكة‪)19( .‬‬

‫‪ 2/718‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أساء بنت أب بكر رضي اللّه عنها قالت‪ :‬حلتُ‬
‫ت بقباءَ‪ ،‬ث أتيتُ به النّب صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫بعبد اللّه بن الزبي بكة‪ ،‬فأتيتُ الدينةَ فنلتُ قباءَ فولد ُ‬

‫‪275‬‬
‫فوضعَه ف حِجره ث دعا بتمرةٍ فمضغَها ث تفلَ ف فِيه‪ ،‬فكانَ أوّل شيء دخل جوفَه ريقُ رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ث حّنكَه بالتمرة‪ ،‬ث دعا له وباركَ عليه‪)20( .‬‬

‫‪ 3/719‬وروينا ف صحيحهما‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪ :‬وُلد ل غلمٌ‪ ،‬فأتيتُ به‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم فسمّاه إبراهيم‪ ،‬وحنّكه بتمرةٍ‪ ،‬ودعا له بالبكة‪ ،‬هذا لفظ البخاري ومسلم إل‬
‫قوله "ودعا له بالبكة" فإنه للبخاري خاصة‪)21( .‬‬

‫•كتاب الساء‬
‫بابُ تَسْمِيةِ ا َلوْلُود‬ ‫‪o‬‬

‫سقْط‬ ‫بابُ تَسْمِيةِ ال ّ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب تَحسيِ السم‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ بيانِ أحبّ الساءِ إل اللّه عزّ وجلّ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب التهنئة وجواب الُ َهنّأ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النهي عن التسميةِ بالساءِ ا َلكْرُوهة‬ ‫‪o‬‬

‫باب ذكر الِنسان من يتبعُه من ولد أو غلم‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ نداءِ مَ ْن ل يُعرف اسُه‬ ‫‪o‬‬

‫باب ني الولد والتعلم والتلميذ أن يُنادي أباه ومعلّمه وشيخه باسه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب تغيي السم إل أحس َن منه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ جَوازِ ترخي ِم السمِ إذَا ل َيتَأذّ بذلك صاحبُه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النهي عن الَلقابِ الت َيكْ َرهُها صاحبُها‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ جَوا ِز واستحباب اللقبِ الذي يُحبّه صاحبُه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ جوا ِز الكِن واستحباب ماطبةِ أَهْ ِل ال َفضْل با‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ كُنيةِ الرجل ِبأَكبِ أولدِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ كُنية الرجلِ الذي له أول ٌد بغيِ أولدِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النّهي ع ِن التّ َكنّي بأب القَاسِم‬ ‫‪o‬‬

‫باب َجوَاز تكنيةِ الكَافِر والبتدع والفاسق‬ ‫‪o‬‬

‫باب جواز تكنية الرجل بأب فُلنة وأب فُلن والرأة بُأ ّم فلن وُأمّ فُلنة‬ ‫‪o‬‬

‫‪276‬‬
‫كتاب الساء‬

‫بابُ تَسْمِيةِ ا َلوْلُود‬

‫السّنّة أن يُسمّى الولود ف اليوم السابعِ من ولدته أو يوم الولدة‪.‬‬

‫‪ 1/720‬فأما استحبابه يومَ السابع فِلمَا رَويناه ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمرو بن شُعيب‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن جده؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم أم َر بتسمية الولود يومَ سابعهِ‪ ،‬ووضعِ الذى عنه‪ ،‬والعقّ‪ .‬قال الترمذي‪:‬‬
‫حديث حسن‪)1( .‬‬

‫‪ 2/721‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيها‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن‬
‫سرة بن جُندب رضي اللّه عنه؛‬

‫ي ِبعَقِيقَتِ ِه تُ ْذبَ ُح َعنْهُ َي ْو َم سابِعِهِ‪ ،‬ويُحَْلقُ‪،‬‬


‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬كُ ّل غُلمٍ َرهِ ٌ‬
‫َويُسَمّى" قال الترمذي‪ :‬حديثٌ حسن صحيح‪ .‬وأما يوم الولدة فلِما رويناه ف الباب التقدم من حديث‬
‫أب موسى‪)2( .‬‬

‫‪ 3/722‬وروينا ف صحيح مسلم وغيه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬وُلِدَ ل الّليَْل َة غُلمٌ فَسَ ّمْيتُ ُه باسْمِ أب‪ :‬إبْرَاهِيم صلى اللّه عليه وسلم"‪)3(.‬‬

‫ت به النبّ‬
‫‪ 4/723‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬وُلد لب طلح َة غلمٌ‪ ،‬فأتي ُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فحنّكَه‪ ،‬وسّاه عبد اللّه‪)4( .‬‬

‫‪ 5/724‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن سهل بن سعد الساعدي رضي اللّه عنه قال‪ :‬أُت بالنذر بن أب‬
‫ُأسَيْد إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حي وُلد‪ ،‬فوضعه النبّ صلى اللّه عليه وسلم على فخذه وأبو‬
‫أُسيد جالسٌ‪ ،‬فَل ِهيَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم بشيء بي يديه‪ ،‬فأمر أبو أُسيد بابنه فا ْحتُمِل من على فخذ‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فأقلبُوه‪ ،‬فاستفاقَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬أيْ َن الصِّبيّ؟" فقال أبو‬
‫أُسيد‪ :‬أقلبناه يا رسول اللّه‪ .‬قال‪" :‬ما اسْمُهُ؟" قال‪ :‬فلن‪" ،‬قال‪ :‬ل‪ ،‬وََلكِ ِن اسْمُهُ ا ُلنْذِرُ" فسمّاه يومئذ‬
‫النذر‪)5( .‬‬

‫‪277‬‬
‫قلت‪ :‬قوله لِي‪ ،‬بكسر الاء وفتحها لغتان‪ :‬الفتح لطيء‪ ،‬والكسر لباقي العرب‪ ،‬وهو الفصيح الشهور‪،‬‬
‫ومعناه‪ :‬انصرف عنه‪ ،‬وقيل اشتغل بغيه‪ ،‬وقيل نسيه‪ ،‬وقوله استفاق‪ :‬أي ذكره‪ ،‬وقوله فأقلبوه‪ :‬أي َردّوه‬
‫إل منلم‪.‬‬

‫سقْط (‪)6‬‬
‫بابُ تَسْمِيةِ ال ّ‬

‫يُستحبّ تسميتُه‪ ،‬فإن ل يُعلم أذكرٌ هو أو أنثى‪ُ ،‬سمّي باسم يَصلحُ للذكر والُنثى كأساء وهند وهُنيدة‬
‫ب تسمي ُة السقط لديث ورد فيه‬ ‫وخارجة وطلحة وعُمية وزُرْعة ونو ذلك‪ .‬قال الِمام البغوي‪ :‬يُستح ّ‬
‫(‪ ، )7‬وكذا قاله غيه من أصحابه‪ .‬قال أصحابنا‪ :‬ولو مات الولود قبل تسميته استُحبّ تسميتُه‪.‬‬

‫بابُ استحباب تَحسيِ السم‬

‫‪ 1/725‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬بالِسناد اليد‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫سنُوا أسْماءَكُمْ"‪)8( .‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إّنكُمْ تُ ْد َع ْونَ َي ْو َم القِيا َمةِ بأسْمائكُمْ وأسا ِء آبائِكُمْ فأحْ ِ‬

‫بابُ بيانِ أحبّ الساءِ إل اللّه عزّ وجلّ‬

‫‪ 1/726‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬إنّ أ َحبّ أسْمائكُمْ إل اللّه عَ ّز وَ َج ّل َعبْدُ اللّه‪َ ،‬و َعبْدُ الرّ ْحمَنِ"‪)9(.‬‬

‫‪ 2/727‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬وُلد لرج ٍل منّا غلمٌ‬
‫فسمّاه القاسم‪ ،‬فقلنا‪ :‬ل ُن َكنّيك أبا القاسم ول كرامة‪ ،‬فأخبَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال‪َ " :‬سمّ‬
‫ك عَبْدَ الرّحْمَنِ"‪)10(.‬‬
‫اْبنَ َ‬

‫‪ 3/728‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وغيها‪ ،‬عن أب وُهيب الشمي الصحاب رضي اللّه عنه‬
‫قال‪:‬‬

‫ب السْماءِ إل اللّه تَعال َعبْدُ اللّه‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬تَسَمّوا بأسْما ِء الْنبِياءِ‪ ،‬وَأ َح ّ‬
‫ب َومُ ّرةُ"‪)11(.‬‬ ‫ث َوهّامٌ‪ ،‬وأ ْقبَحُها‪ :‬حَرْ ٌ‬
‫َوعَبْدُ الرّحْمَن‪ ،‬وأصْدَقُها‪ :‬حَارِ ٌ‬

‫بابُ استحباب التهنئة وجواب الُ َهنّأ‬

‫‪278‬‬
‫يُستحبّ تنئة الولود له‪ ،‬قال أصحابنا‪ :‬ويُستحبّ أن ُي َهنّأ با جاءَ عن السي رضي اللّه عنه أنه علّم‬
‫ت الواهبَ‪ ،‬وبلغَ أشدّه ورُزقت برّه‪.‬‬
‫إنسانا التهنئة فقال‪ :‬قل‪ :‬باركَ اللّه لكَ ف الوهوب لك‪ ،‬وشكر َ‬
‫حبّ أن ير ّد على الُهنء فيقول‪ :‬باركَ اللّه لك‪ ،‬وبارَك عليك‪ ،‬وجزاكَ اللّه خيا‪ ،‬ورزقك اللّه مثلَه‪،‬‬‫ويُسْتَ َ‬
‫أو أجزلَ اللّه ثوابَك‪ ،‬ونو هذا‪.‬‬

‫بابُ النهي عن التسميةِ بالساءِ ا َلكْرُوهة‬

‫‪ 1/729‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سرة بن جندب رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ك َتقُو ُل أثَ ّم ُهوَ؟ فَل‬
‫ك يَسَارا‪ ،‬وَل رَباحا‪ ،‬وَل نَجاحا‪ ،‬وَل أفَْلحَ‪ ،‬فإنّ َ‬
‫عليه وسلم‪" :‬ل تُسَ ّميَ ّن غُلمَ َ‬
‫يَكُونُ‪َ ،‬فَتقُولُ‪ :‬ل‪ .‬إنّمَا هُنّ أَ ْربَعٌ فَل تَزِيدونَ عَليّ"‪)12(.‬‬

‫‪ 2/730‬وروينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬من رواية جابر‪ ،‬وفيه أيضا النهي عن تسميته بركة‪)13( .‬‬

‫‪ 3/731‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ك المْلكِ" وف رواية "أخن" بدل "أخنع"‪.‬‬ ‫وسلم قال‪" :‬إنّ أ ْخنَ َع اسْ ٍم ِعنْدَ اللّ ِه تَعال رَجُ ٌل تَسَمّى مَلِ َ‬
‫ك المْلكِ‪ ،‬ل مَلِكَ إِلّ‬
‫وف رواية لسلم "أغْيَظُ َرجُ ٍل ِعنْدَ اللّ ِه َيوْ َم القِيا َمةِ وأ ْخبَثُهُ َرجُلٌ كَانَ يُسَمّى مَلِ َ‬
‫اللّهُ" قال العلماء‪ :‬معن أخنع وأخن‪ :‬أوضع وأذلّ وأرذل‪ .‬وجاء ف الصحيح عن سفيان بن عيينة قال‪:‬‬
‫ملك الملك مثل شاهان شاه‪)14( .‬‬

‫باب ذكر الِنسان من يتبعُه من ولد أو غلم أو متعلمٍ أو نوهم باس ٍم قبيحٍ ليؤ ّدبَه ويزجرَه عن‬
‫القبيح وير ّوضَ نفسَه‬

‫‪ 1/732‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن بُسْرٍ الازن الصحاب رضي اللّه عنه‪ ،‬وهو بضمّ‬
‫الباء الوحدة وإسكان السي الهملة‪.‬‬

‫ت منه قبل أن أُبلغَه إياه‪،‬‬


‫ف مِن ِعنَب‪ ،‬فأكل ُ‬
‫قال‪ :‬بعثتن أُمي إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ِبقِطْ ٍ‬
‫فلما جئتُ به أَخَذَ بأُذن وقال‪" :‬يا غُدَرُ"‪)15(.‬‬

‫‪ 2/733‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد الرحن بن أب بكر الصديق رضي اللّه عنهما‬
‫ف حديثه الطويل الشتمل على كرامة ظاهرة للصديق رضي اللّه عنه‪ ،‬ومعناه‪:‬‬

‫‪279‬‬
‫أن الصديق رضي اللّه عنه ضيّفَ جاعةً وأجلسَهم ف منله وانصرفَ إل رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم فتأخّرَ رجوعُه‪ ،‬فقال عند رجوعه‪ :‬أعشّيتمُوهم؟ قالُوا‪ :‬ل‪ ،‬فأقبل على ابنه عبد الرحن فقال‪ :‬يا‬
‫ع َو َسبّ‪)16( .‬‬‫غُْنثَرُ َفجَ ّد َ‬

‫قلتُ‪ :‬قوله‪ :‬غنثر‪ ،‬بغي معجمة مضمومة‪ ،‬ث نون ساكنة ث تاء مثلثة مفتوحة ومضمومة ث راء‪ ،‬ومعناه‪:‬‬
‫يا لئيم‪ ،‬وقوله‪ :‬فج ّدعَ‪ ،‬وهو باليم والدال الهملة‪ ،‬ومعناه‪ :‬دعا عليه بقطع النف ونوه‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ نداءِ مَ ْن ل يُعرف اسُه‬

‫ب ول مَلَقٌ (‪ )17‬كقولك‪ :‬يا أخي‪ ،‬يا فقيه‪ ،‬يا‬


‫ينبغي أن يُنادى بعبارةٍ ل يتأذّى با‪ ،‬ول يكون فيها كذ ٌ‬
‫فقي‪ ،‬يا سيدي‪ ،‬يا هذا‪ ،‬يا صاحبَ الثوب الفلن أو النعل الفلن أو الفرس أو المل أو السيف أو‬
‫الرمح‪ ،‬وما أشبه هذا على حسب حال الُنَادى وا ُلنَادِي‪.‬‬

‫‪ 1/734‬وقد روينا ف سنن أب داود والنسائي وابن ماجه‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن بَشي بن معبد العروف‬
‫صيَة رضي اللّه عنه قال‪ :‬بينما أنا أُماشي النبّ صلى اللّه عليه وسلم نظرَ فإذا رجلٌ يشي بي‬ ‫لصَا ِ‬
‫بابن ا َ‬
‫سْبتِّيَتيْنِ! َويْحَكَ أَلْ ِق ِسبِْتّيتَيْكَ" وذكر تام الديث‪)18( .‬قلتُ‪:‬‬
‫القبور عليه نعلن فقال‪" :‬يا صَاحبَ ال ّ‬
‫النعالُ السّبتِيةُ بكسر السي‪ :‬الت ل شع َر عليها‪.‬‬

‫‪ 2/735‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن جاري َة النصاري الصحاب رضي اللّه عنه‪ ،‬وهو باليم قال‪:‬‬

‫ت عندَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم وكان إذا ل يفظ اسم الرجل قال‪" :‬يا بنَ عبد اللّه!"‪)19( .‬‬
‫كن ُ‬

‫باب ني الولد والتعلم والتلميذ أن يُنادي أباه ومعلّمه وشيخه باسه‬

‫‪ 1/736‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪" :‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم رأى‬
‫ستَسِبّ لَهُ‪ ،‬وَل تَجِْلسْ‬
‫ش أمامَهُ‪ ،‬ول تَ ْ‬
‫ل معه غلم‪ ،‬فقال للغلم‪ :‬مَ ْن هَذَا؟ قال‪ :‬أب‪ ،‬قال‪ :‬فَل تَ ْم ِ‬ ‫رج ً‬
‫َقبْلَهُ‪ ،‬وَل تَ ْدعُهُ باسْمِهِ"‪)20(.‬‬

‫ل يتعرّض فيه لن يسبّك أبوك زجرا لك وتأديبا على فعلك‬


‫ستَسِبّ له‪ :‬أي ل تفعل فع ً‬
‫قلت‪ :‬معن ل تَ ْ‬
‫القبيح‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫‪ 2/737‬وروينا فيه‪ ،‬عن السيد الليل العبد الصال التفق على صلحه عبيد اللّه بن َزحْر‪ ،‬بفتح الزاي‬
‫وإسكان الاء الهملة رضي اللّه عنه قال‪ :‬يُقال من العقوق أن تُسَمّي أباك باسه‪ ،‬وأن تش َي أمامَه ف‬
‫طريق‪)21( .‬‬

‫بابُ استحباب تغيي السم إل أحس َن منه‬

‫فيه حديثُ سهلِ به سعدٍ الساعدي الذكور ف باب تسمية الولود ف قصة النذر بن أب ُأسَيْد‪.‬‬

‫‪ 1/738‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛ أن زينبَ كان اسُها ب ّرةَ‪،‬‬
‫فقيل‪ :‬تزكَي نفسها‪ ،‬فسمّاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زينب‪.‬‬

‫ب بنت أب سلمة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬فقال رسول اللّه صلى‬
‫‪ 2/739‬وف صحيح مسلم‪ ،‬عن زين َ‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬سوها زينب" قالت‪ :‬ودخلت عليه زينب بنت جحش واسها برة‪ ،‬فسمّاها زينبَ‪( .‬‬
‫البخاري (‪ ، )6192‬ومسلم (‪. )2141‬‬

‫(‪)22‬‬

‫حوّلَ رسولُ اللّه‬


‫‪ 3/740‬وف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬كانت جويريةُ اسها برّة‪ ،‬فَ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم اسَها جويرية‪ ،‬وكان يكرهُ أن يُقال َخرَج من عند برّة‪)23( .‬‬

‫‪ 4/741‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن سعيد بن السيب بن حَزْن عن أبيه‪ ،‬أن أباه جاء إل النب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬ما اسْمُكَ؟" قال‪َ :‬حزْن‪ ،‬فقال‪" :‬أْنتَ َسهْلٌ" قال‪ :‬ل أُغيّر اسا سّانيه أب‪،‬‬
‫قال ابنُ السيب‪ :‬فما زالت الزونة فينا بعد(‪()24‬البخاري (‪(" )6190‬البخاري (‪.)6190‬‬

‫قلتُ‪ :‬الزونة‪ :‬غلظ الوجه وشيء من القساوة‪.‬‬

‫‪ 5/742‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم غيّرَ‬
‫اسم عاصية وقال‪" :‬أنت جيلة" وف رواية لسلم أيضا‪ :‬أن ابنةً لعمرَ كان يُقال لا عاصية‪ ،‬فسمّاها‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جيلة‪()25( .‬مسلم (‪ )14( )2139‬و (‪ ، )15‬وهو ف سنن أب‬
‫داود (‪(" )4952‬مسلم (‪ )14( )2139‬و (‪ ، )15‬وهو ف سنن أب داود (‪)4952‬‬

‫‪281‬‬
‫‪ 6/743‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن أُسامة بن َأخْدَريّ الصحاب رضي اللّه عنه ـ‬
‫ل ُيقَال له أصرم كان ف‬
‫وأخدري بفتح المزة والدال الهملة وإسكان الاء العجمة بينهما ـ أن رج ً‬
‫النفَر الذين أتوْا رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما اسْمُكَ؟"‬
‫قال‪ :‬أَصْرَم‪ ،‬قال‪" :‬بَ ْل أنْتَ زُ ْر َعةُ"‪)26(.‬‬

‫‪ 7/744‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وغيها‪ ،‬عن أب ُش َريْح هانء الارثي الصحاب رضي اللّه‬
‫عنه؛ أنه لا وَفَدَ إل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع قومه سعهم يُكنّونه بأب الكم‪ ،‬فدعاه رسول‬
‫لكْمُ فَِل َم ُتكَنّى أبا الَكَمِ؟" فقال‪ :‬إن قومي‬ ‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬إنّ اللّهَ هُ َو الَكَ ُم َوإَِليْهِ ا ُ‬
‫ت بينَهم‪ ،‬فرضي كِل الفريقي‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬ ‫إذا اختلفوا ف شيء أتون فحكم ُ‬
‫" مَا أحْسَ َن هَذَا‪ ،‬فَمَا لَكَ م َن الوَلَدِ؟" قال‪ :‬ل شُريح‪ ،‬ومُسلم‪ ،‬وعبدُ اللّه‪ ،‬قال‪" :‬فَ َمنْ أَ ْكبَ ُرهُمْ؟" قلت‪:‬‬
‫شريحُ‪ ،‬قال‪" :‬فأْنتَ أبُو شُ َريْحٍ"‪.‬‬

‫قال أبو داود (‪ :)27‬وغيّر النبّ صلى اللّه عليه وسلم اس َم العاصي‪ ،‬وعزيز‪ ،‬و َعتْلَة (‪ ، )28‬وشيطان‪،‬‬
‫والكم‪ ،‬وغراب‪ ،‬وحباب‪ ،‬وشهاب‪ ،‬فسمّاه هاشا‪ ،‬وسّى حَرْبا سِلْما‪ ،‬وسى الضطجع النبعث‪ ،‬وأرضا‬
‫يُقال لا عَقِرَة (‪ )29‬سّاها خضرة‪ ،‬و ِش ْعبَ الضللة سّاه ِش ْعبَ الُدى‪ ،‬وبنو الزّينة سّاهم بن ال ّرشْدَة‪،‬‬
‫وسّى بن مُغوية بن ِر ْشدَة‪ .‬قال أبو داود‪ :‬تركتُ أسانيدها للختصار‪ .‬قلتُ‪َ :‬عتْلة بفتح العي الهملة‬
‫وسكون التاء الثناة فوق‪ ،‬قاله ابن ماكول‪ ،‬قال‪ :‬وقال عبد الغن‪َ :‬عتَلة‪ :‬يعن بفتح التاء أيضا‪ ،‬قال‪ :‬وسّاه‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم ُعتْبة‪ ،‬وهو عتبة بن عبد السلمي‪)30( .‬‬

‫بابُ جَوازِ ترخي ِم السمِ إذَا ل َيتَأذّ بذلك صاحبُه‬

‫‪ 1/745‬روينا ف الصحيح‪ ،‬من طرق كثية؛ أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم رخّمَ أساء جاعة‬
‫من الصحابة‪ ،‬فمن ذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم لب هريرة رضي اللّه عنه" ‪:‬يا أبا هِرّ"‪.‬‬

‫وقوله صلى اللّه عليه وسلم لعائشةَ رضي اللّه عنها‪" :‬يا عَاِئشُ" (‪)31‬‬

‫وف كتاب ابن السن (‪ )32‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال لُسامة "يا ُأ َسيْمُ" وللمقدت "يا قُ َديْمُ"‪( .‬‬
‫‪)33‬‬

‫بابُ النهي عن الَلقابِ الت َيكْ َرهُها صاحبُها‬

‫‪282‬‬
‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَل َتنَابَزُوا باللْقابِ} [الجرات‪ ]11 :‬واتفق العلماء على تري تلقيب الِنسان با‬
‫يكره‪ ،‬سواء كان له صفة؛ كالعمش‪ ،‬والجلح‪ ،‬والعمى‪ ،‬والعرج‪ ،‬والحول‪ ،‬والبرص‪ ،‬والشج‪،‬‬
‫والصفر‪ ،‬والحدب‪ ،‬والصمّ‪ ،‬والزرق‪ ،‬والفطس‪ ،‬والشتر‪ ،‬والثرم‪ ،‬والقطع‪ ،‬والزمن‪ ،‬والقعد‪،‬‬
‫والشلّ‪ ،‬أو كان صفة لبيه أو لمه أو غي ذلك ما يَكره‪ .‬واتفقوا على جواز ذكره بذلك على جهة‬
‫التعريف لن ل يعرفه إل بذلك‪ .‬ودلئل ما ذكرته كثرة مشهورة حذفتها اختصارا واستغناءً بشهرتا‪.‬‬

‫بابُ جَوا ِز واستحباب اللقبِ الذي يُحبّه صاحبُه‬

‫فمن ذلك أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه‪ ،‬اسه عبد اللّه بن عثمان‪ ،‬لقبه عتيق‪ ،‬هذا هو الصحيح الذي‬
‫سيَر والتواريخ وغيهم‪ .‬وقيل اسه عتيق‪ ،‬حكاه الافظ أبو‬ ‫عليه جاهي العلماء من الحدّثي وأهل ال ِ‬
‫القاسم بن عساكر ف كتابه الطراف‪ ،‬والصواب الول‪ ،‬واتفق العلماء على أنه لقبُ خي‪ .‬واختلفوا ف‬
‫سبب تسميته عتيقا‪ ،‬فروينا عن عائشة رضي اللّه عنها من أوجه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬أبُو بَكْ ٍر َعتِيقُ اللّهِ م َن النّارِ" (‪ )34‬قال‪ :‬فمن يومئذ سُ ّميَ عتيقا‪ .‬وقال مصعب بن الزبي وغيه‬
‫من أهل النسب‪ :‬سُمّي عتيقا لنه ل يكن ف نسبه شيء يُعاب به‪ ،‬وقيل غي ذلك‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪ 1/746‬ومن ذلك أبو تراب لقبٌ لعليّ بن أب طالب رضي اللّه عنه‪ ،‬وكُنيته أبو السن‪ ،‬ثبت ف‬
‫الصحيح‪،‬‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجده نائما ف السجد وعليه التراب‪ ،‬فقال‪ُ" :‬ق ْم أبا تُرَابٍ! قُمْ أَبَا‬
‫تُرابٍ!" فلزمه هذا اللقب السن الميل‪)35( .‬‬

‫‪ 2/747‬وروينا هذا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سهل بن سعد‪ ،‬قال سهل‪ :‬وكانت أحبّ‬
‫أساء عل ّي إليه‪ ،‬وإن كان ليفرح أن يُدعى با‪ .‬هذا لفظ رواية البخاري‪)36( .‬‬

‫‪ 3/748‬ومن ذلك ذو اليدين واسه الِرْباق ـ بكسر الاء العجمة وبالباء الوحدة وآخره قاف ـ‬
‫كان ف يديه طول‪ ،‬ثبت ف الصحيح؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعوه "ذا اليدين" واسه الِرْباق‪ ،‬رواه البخاري بذا اللفظ ف‬
‫أوائل كتاب ال ّب والصلة‪ .‬البخاري (‪)37‬‬

‫‪283‬‬
‫بابُ جوا ِز الكِن واستحباب ماطبةِ أَهْ ِل ال َفضْل با‬

‫ص والعوامّ‪ ،‬والدب أن‬ ‫هذا الباب أشهر من أن نذكر فيه شيئا منقولً‪ ،‬فإن دلئله يشترك فيها الوا ّ‬
‫يُخاطب أهل الفضل ومن قاربم بالكنية‪ ،‬وكذلك إنْ كتبَ إليه رسالة‪ ،‬وكذا إن رَوى عنه روايةً‪،‬‬
‫فيُقال‪ :‬حدّثنا الشيخ أو الِمام أبو فلن‪ ،‬فلن بن فلن وما أشبهه؛ والدبُ أن ل يذكرَ الرج ُل كنيتَه ف‬
‫كتابه ول ف غيه‪ ،‬إل أن ل يُعرف إل بكنيته‪ ،‬أو كانت الكنية أشهرَ من اسه‪ .‬قال النحاس‪ :‬إذا كانت‬
‫الكنية أشهر‪ ،‬يُكن على نظيه ويُسمّى لن فوقه‪ ،‬ث يلحق بـ‪ :‬العروف أبا فلن أو بأب فلن‪.‬‬

‫بابُ كُنيةِ الرجل ِبأَكبِ أولدِه‬

‫ُكنّي نبيّنا ممّدٌ صلى اللّه عليه وسلم أبا القاسم بابنه القاسم‪ ،‬وكان أكبَ بنيه‪ .‬وف الباب حديث أب‬
‫شريح (‪ )38‬الذي قدّمناه ف باب استحباب تغيي السم إل أحسن منه‪.‬‬

‫بابُ كُنية الرجلِ الذي له أول ٌد بغيِ أولدِه‬

‫ف به‪ ،‬ول بأس بذلك بابُ كُني ِة مَنْ ل يُولَد له‪ ،‬وكُنية الصغيِ‬
‫هذا الباب واس ٌع ليُحصى مَن يتّص ُ‬

‫‪ 1/749‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم أحسنَ الناس خلقا‪ ،‬وكان ل أخ يُقال له أبو عمي ـ قال الراوي‪ :‬أحسبه قال فَطِيمٌ ـ وكان‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم إذا جاءَه يقول‪" :‬يا أبا عُ َميْرٍ! ما َفعَ َل النُ َغيْرُ" ُنغَ ٌر كا َن يلعبُ به‪ .‬البخاري (‬
‫‪)39‬‬

‫‪ 2/750‬وروينا بالسانيد الصحيحية ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها‪ ،‬قالت‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه! كلّ صواحب لنّ كُن‪ ،‬قال‪" :‬فا ْكتَنِي باْبنِكَ عَبْدِ اللّه" قال الراوي‪ :‬يعن عبد اللّه بن الزبي‪،‬‬
‫وهو ابن أختها أساء بنت أب بكر‪ ،‬وكانت عائشةُ ُت َكنّى ُأمّ عبد اللّه‪ .‬قلت‪ :‬فهذا هو الصحيح العروف‪.‬‬
‫(‪)40‬‬

‫‪ 3/751‬وأما ما رويناه ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬أسقطتُ من النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم َسقْطا فسمّاه عبد اللّه‪ ،‬وكنّان بُأمّ عبد اللّه‪ .‬فهو حديث ضعيف‪)41( .‬‬

‫‪284‬‬
‫وقد كان من الصحابة جاعات لم كن قبل أن يُولد لم‪ ،‬كأب هريرة‪ ،‬وأنس‪ ،‬وأب حزة‪ ،‬وخلئق ل‬
‫يُحصون من الصحابة والتابعي فمن بعدهم‪ ،‬ول كراهةَ ف ذلك بل هو مبوبٌ بالشرط السابق‪.‬‬

‫بابُ النّهي ع ِن التّ َكنّي بأب القَاسِم‬

‫‪ 1/752‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جاعة من الصحابة منهم جابر وأبو هريرة رضي‬
‫اللّه عنهما؛‬

‫أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬سَمّوا باسْمي وَل ُتكَنّوا ِب ُكنَْيتِي" (‪)42‬قلت‪ :‬اختلف العلماء‬
‫ف التكنّي بأب القاسم على ثلثة مذاهب‪ :‬فذهب الشافعي رحه اللّه ومَ ْن وافقه إل أنه ل يَحِلّ لحد أن‬
‫َيتَ َكنّى أبا القاسم‪ ،‬سواء كان اسه ممدا أو غيه‪ ،‬ومّن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الئمةُ‬
‫ظ الثقات الثبات الفقهاء الحدّثون‪ :‬أبو بكر البيهقي‪ ،‬وأبو ممد البغوي ف كتابه "التهذيب" ف‬ ‫الفّا ُ‬
‫أول كتاب الكاح‪ ،‬وأبو القاسم بن عساكر ف تاريخ دمشق‪.‬‬

‫والذهب الثان‪ :‬مذهب مالك رحه اللّه أنه يوز التكنّي بأب القاسم لن اسه ممد ولغيه‪ ،‬ويعل النهي‬
‫خاصا بياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫والذهب الثالث‪ :‬ل يوز لن اسه ممد ويوز لغيه‪ .‬قال الِمام أبو القاسم الرافعي من أصحابنا‪ :‬يُشبه‬
‫أن يكون هذا الثالث أصحّ‪ ،‬لن الناس ل يزالوا يكتنون به ف جيع العصار من غي إنكار‪ ،‬وهذا الذي‬
‫قاله صاحب هذا الذهب فيه مالفة ظاهرة للحديث‪.‬‬

‫وأما إطباق الناس على فعله مع أن ف التكني به والكنّي الئمة العلم‪ ،‬وأهل ال ّل والعقد والذين‬
‫يُقتدى بم ف مهمات الدين ففيه تقوية لذهب مالك ف جوازه مطلقا‪ ،‬ويكونون قد فهموا من النهي‬
‫الختصاص بياته صلى اللّه عليه وسلم كما هو مشهور من سبب النهي ف تكنّي اليهود بأب القاسم‬
‫ومناداتم يا أبا القاسم للِيذاء‪ ،‬وهذا العن قد زال‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫باب َجوَاز تكنيةِ الكَافِر والبتدع والفاسق إذا كان ل يُعرف إل با أو خِيفَ من ذِكْره باسِه فتنة‬

‫ت يَدَا أب َل َهبٍ} واسه عبد العزّى‪ ،‬قيل‪ :‬ذكر بكنيته لنه يُعرف با‪ ،‬وقيل‪ :‬كراهةً‬
‫قال اللّه تعال‪َ{ :‬تبّ ْ‬
‫لسه حيثُ جُعل عبدا للصنم‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫‪ 1/753‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ُأسَامةَ بن زيد رضي اللّه عنهما؛ أن رسولَ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ركبَ على حار ليعودَ سعدَ بن عبادة رضي اللّه عنه‪ ..‬فذكر الديث ومرور النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم على عبد اللّه بن َأبّ سلول النافق‪ ،‬ث قال‪ :‬فسا َر النبّ صلى اللّه عليه وسلم حت‬
‫ي َسعْدُ! ألَ ْم تَسْمَعْ إل ما قا َل أبُو حُبابٍ‬
‫دخلَ على سعد بن عبادة‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أ ْ‬
‫ـ يُريد عبد اللّه بن أُبّ ـ قالَ‪ :‬كَذَا وكَذَا" وذكر الديث‪)43( .‬‬

‫قلت‪ :‬تكرّر ف الديث تكنيةُ أب طالبٍ واسُه عبدُ مناف‪ ،‬وف الصحيح "هَذَا َقبْرُ أب رِغالٍ" (‪)44‬‬
‫ونظائر هذا كثية‪ ،‬هذا كله إذا وجد الشرط الذي ذكرناه ف الترجة‪ ،‬فإن ل يُوجد‪ ،‬ل يزد على السم؛‬
‫كما رويناه ف صحيحيهما (‪ )45‬؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب‪" :‬مِ ْن مُحَمّ ٍد َعبْدِ اللّهِ‬
‫وَ َرسُولِهِ إل هِرَقْلَ" فسمّاه باسه ول يكنّه ول لقبه بلقب ملك الروم وهو قيصر‪ ،‬ونظائرُ هذا كثية‪ ،‬وقد‬
‫أمرنا بالِغلظ عليهم‪ ،‬فل ينبغي أن نُكنيَهم ول نرق َق لم عبارة ول نلي لم قولً ول نظهر لم ودّا ول‬
‫مؤالفة‪.‬‬

‫باب جواز تكنية الرجل بأب فُلنة وأب فُلن والرأة بُأمّ فلن وُأمّ فُلنة‬

‫اعلم أن هذا كلّه ل َحجْ َر فيه‪ ،‬وقد تكنّى جاعاتٌ من أفاضل سلف المة من الصحابة والتابعي فمن‬
‫بعدهم بأب فلنة‪ ،‬فمنهم عثمان بن عفان رضي اللّه عنه له ثلث كن‪ :‬أبو عمرو‪ ،‬وأبو عبد اللّه‪ ،‬وأبو‬
‫ليلى‪ ،‬ومنهم أبو الدرداء وزوجته ُأمّ الدرداء الكبى صحابية اسها خية‪ ،‬وزوجته الخرى ُأمّ الدرداء‬
‫جيْمة‪ ،‬وكانت جليلة القدر فقيهة فاضلة موصوفة بالعقل الوافر والفضل الباهر وهي‬ ‫الصغرى اسها هُ َ‬
‫تابعية‪ .‬ومنهم أبو ليلى والد عبد الرحن بن أب ليلى‪ ،‬وزوجته ُأمّ ليلى‪ ،‬وأبو ليلى وزوجته صحابيان‪.‬‬
‫ومنهم أبو أُمامة وجاعات من الصحابة‪ .‬ومنهم أبو َريْحانة‪ ،‬وأبو َرمْثة‪ ،‬وأبو ِريْمة‪ ،‬وأبو عَمْرة بشي بن‬
‫عمرو‪ ،‬وأبو فاطمة الليثي‪ ،‬قيل اسه عبد اللّه بن أنيس‪ ،‬وأبو مري الزدي‪ ،‬وأبو رَُقيّة تيم الداري‪ ،‬وأبو‬
‫كرية القدام بن معد يكرب‪ ،‬وهؤلء كلّهم صحابة‪.‬‬

‫ومن التابعي‪ :‬أبو عائشة مسروقُ الجدع وخلئق ل يُحصون‪.‬‬

‫قال السمعان ف "النساب"‪ :‬سُمّي مسروقا‪ ،‬لنه سرقه إنسانٌ وهو صغي ث وُجد‪ .‬وقد ثبت ف‬
‫الحاديث الصحيحة تكنية النبّ صلى اللّه عليه وسلم أبا هريرة بأب هريرة‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫•كتاب الذكار التفرّقة‬
‫بابُ استحباب حد اللّه تعال والثناء عليه عن َد البِشارةِ با يَسُرّه‬ ‫‪o‬‬

‫ح الكَ ْلبِ‬
‫ك وني َق الِمار ونُبا َ‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا سع صِياحَ الدّي ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا رأى الريق‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه عن َد القِيام مِنَ الجلسِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ دُعا ِء الَالسِ ف جعٍ لنفسِه ومَ ْن َمعَه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ كَراه ِة القِيَام مِن الجلسِ قب َل أنْ يذكرَ اللّه تعال‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الذّكْرِ ف الطّ ِريْق‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا َغضِبَ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب إعلمِ الرّجُلِ من يُحبّه أنّه يبّه‬ ‫‪o‬‬

‫ض أو غيِه‬ ‫بابُ ما يقولُ إذا رَأى مُبتلى بر ٍ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب حدِ اللّه تعال للمسؤول عن حاله‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا دخلَ السّوقَ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب قو ِل الِنسانِ لن تزوّجَ تزوّجا مُستحبا‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا نظرَ ف الِرْآة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل عن َد الِجَامَة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا َطنّتْ أُذُنه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا خَ ِدرَتْ رِ ْجلُه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ جَواز دُعاء الِنسان على مَ ْن ظََلمَ السلمي أو ظلَمه وحدَه‬ ‫‪o‬‬

‫ع والَعاصي‬ ‫بابُ التبّي مِنْ أَهلِ البد ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا شرعَ ف إزال ِة مُنكر‬ ‫‪o‬‬

‫حشٌ‬ ‫بابُ ما يَقو ُل مَ ْن كانَ ف لسانِه فُ ْ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُه إذا عَثَرَتْ دَابّتُه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ بيانِ أنه يُستحبّ لكبي البلد إذا مات الوال أن يطب الناس‬ ‫‪o‬‬

‫صنَعَ معروفا إليه‬ ‫بابُ دُعا ِء الِنسانِ لن َ‬ ‫‪o‬‬

‫ب مُكافأةِ ا ُلهْدي بالدعاءِ لل ُم ْهدَى له إذا دَعا له عن َد الدية‬ ‫بابُ استحبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫ت إليه هدّيةٌ فردّها لعن شرعي‬ ‫ب اعتذا ِر مَن أُهدي ْ‬ ‫بابُ اسْتحبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫‪287‬‬
‫بابُ ما يقولُ لن أزا َل عنه أذىً‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا رَأى البَاكُورة مِن الثمر‬ ‫‪o‬‬

‫ب القتصَادِ ف الوعظة والعلم‬ ‫بابُ استحبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫ث عليها‬ ‫بابُ َفضْل الدّلَلةِ على الي والَ ّ‬ ‫‪o‬‬

‫ث مَ ْن سُئلَ علما ل يعلمُه ويعل ُم أنّ غيَه يعرفُه على أن يَ ُد ّل عليه‬ ‫بابُ ح ّ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل مَن دُعي إل ُحكْمِ اللّهِ تعال‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‬
‫بابُ الِعراض عن الاهلي‬ ‫‪o‬‬

‫ظ الِنسا ِن مَ ْن هُو أج ّل منه‬ ‫بابُ وَع ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ المر بالوفاءِ بالعه ِد وال َوعْدِ‬ ‫‪o‬‬

‫ض عليه مالَه أو غيَه‬ ‫بابُ استحباب دُعاء الِنسان لن عَ َر َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه السلمُ للذميّ إذا فع َل به َمعْرُوفا‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه إذا رَأى مِن نفسِه أو ولده فأعجبَهُ‬ ‫‪o‬‬

‫ب وما يَكره‬ ‫ح ّ‬‫بابُ ما يقول إذا رأى ما يُ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا نظَرَ إل السّماء‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقول إذا تطيّ َر بشيء‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل عندَ دُخول المّام‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا اشترى غُلما‬ ‫‪o‬‬

‫ليْ ِل ويُدعى ل ُه به‬ ‫بابُ ما يقو ُل مَن ل يَثبتُ على ا َ‬ ‫‪o‬‬

‫ث الناسَ با ل يَفهمونه‬ ‫بابُ نيِ العال وغيِه أن يُحدّ َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استنصات العال حاضري ملسِه‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه الرج ُل الُقتدى به إذا فعل شيئا ف ظاهره مالف ٌة للصواب‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه التابعُ للمتبوعِ إذا فعلَ ذلك أو نوه‬ ‫‪o‬‬

‫لثّ على الُشَاورة‬ ‫بابُ ا َ‬ ‫‪o‬‬

‫ب الكَلَم‬ ‫لثّ على ِطيْ ِ‬ ‫بابُ ا َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب بيان الكلم وإيضاحه للمخاطب‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الزاح‬ ‫‪o‬‬

‫‪288‬‬
‫بابُ الشّفاعَة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ استحباب التّبْش ِي والتّهنئةِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ جَواز التعجّب بلفظ التّسبي ِح والتّهلي ِل ونوها‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الم ِر بالعروف والنّهي عن النكرِ‬ ‫‪o‬‬

‫كتاب الذكار التفرّقة‬

‫ع با إن‬
‫اعلم أن هذا الكتاب أنث ُر فيه إن شاء اللّه تعال أبوابا متفرّقة من الذكار والدعواتِ يعظم النتفا ُ‬
‫شاء اللّه تعال‪ ،‬وليس لا ضابطٌ نلتز ُم ترتيبها بسببه‪ ،‬واللّه الوفّق‪.‬‬

‫بابُ استحباب حد اللّه تعال والثناء عليه عن َد البِشارةِ با يَسُرّه‬

‫اعلم أنه يُستحبّ لن تدّدتْ له نعم ٌة ظاهرة‪ ،‬أو اندفعتْ عنه نقمةٌ ظاهرة أن يسجد شكرا للّه تعال‪،‬‬
‫وأن يمدَ اللّه تعال أو يثن عليه با هو أهله‪ ،‬والحاديث والثار ف هذا كثية مشهورة‪.‬‬

‫‪ 1/754‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عمرو بن ميمون ف مقتل عمر بن الطاب رضي اللّه عنه ف‬
‫حديث الشورى الطويل؛‬

‫أن عمر رضيَ اللّه عنه أرس َل ابنه عبد اللّه إل عائشة رضي اللّه عنها يستأذنُها أن يُدفن مع صاحبيه‪ ،‬فلما‬
‫ب يا أم َي الؤمني‪ ،‬أ ِذَنتْ‪ ،‬قال‪ :‬المدُ للّه ما كان‬
‫أقبلَ عبدُ اللّه قال عمر‪ :‬ما لديك؟ قال‪ :‬الذي تُح ّ‬
‫شيءٌ أهمّ إلّ من ذلك‪)1(.‬‬

‫ح الكَ ْلبِ‬
‫بابُ ما يقولُ إذا سع صِياحَ الدّيكِ وني َق الِمار ونُبا َ‬

‫‪ 1/755‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرةَ رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ت َشيْطانا؛ وَإذا سَ ِم ْعتُمْ صِياحَ‬
‫شيْطانِ‪ ،‬فإّنهَا رأ ْ‬
‫ق الَمِيِ َفَت َعوّذُوا باللّه مِنَ ال ّ‬
‫وسلم قال‪" :‬إذَا َس ِمعْتُ ْم ُنهَا َ‬
‫ت مَلَكا"‪)2( .‬‬ ‫ال ّديَ َكةِ فا ْسأَلُوا اللّه مِنْ َفضْلِ ِه فإنّها رأ ْ‬

‫‪ 2/756‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى‬
‫ح الكِلبِ َونَهِي َق الَمِيِ بالّليْلِ َفتَ َعوّذُوا باللّهِ‪ ،‬فإّنهُ ّن يَ َريْ َن ما ل تَ َر ْونَ"‪(.‬‬
‫اللّه عليه وسلم‪":‬إذَا سَ ِم ْعتُ ْم نُبا َ‬
‫‪)3‬‬

‫‪289‬‬
‫ب ما يَقولُ إذا رأى الريق‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/757‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عمرو بن شُعيب‪ ،‬عن أبيه عن جدّه رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إِذَا رأيْتُ ُم الَرِيقَ َف َكبّرُوا‪ ،‬فَِإ ّن التّ ْكبِيَ يُطْفئُهُ"‪)4(.‬‬

‫ويُستحبّ أن يدعوَ مع ذلك بدعاء الكرْب وغيه ما قدّمناه ف كتاب الذكار للمور العارضات وعند‬
‫العاهات والفات‪.‬‬

‫ب ما يقولُه عن َد القِيام مِنَ الجلسِ‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/758‬روينا ف كتاب الترمذي وغيه‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬مَنْ َجَلسَ فِي َمجِْلسٍ َف َكثُرَ فِيهِ لغَطُهُ فَقالَ َقبْ َل أنْ َيقُومَ مِ ْن َمجْلِسِهِ ذلكَ‪ :‬سُبْحانَكَ الّلهُمّ‬
‫وبِحَمْ ِدكَ‪ ،‬أ ْشهَ ُد أنْ ل إِلهَ إِلّ أْنتَ أسَْت ْغفِ ُركَ وأتُوبُ إِلَيْكَ‪ ،‬إِ ّل غُفِرَ لَهُ ما كَانَ ف مَجْلِسِهِ ذلكَ" قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)5( .‬‬

‫‪ 2/759‬وروينا ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬عن أب برزةَ رضي اللّه عنه ـ واسه نضلة ـ قال‪ :‬كان‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول بأخَ َرةٍ إذا أراد أن يقوم من الجلس‪ُ :‬سبْحانَكَ الّلهُ ّم وبِحَ ْم ِدكَ‪،‬‬
‫أ ْشهَدُ أنْ ل إِلهَ إِ ّل أْنتَ‪ ،‬أ ْسَتغْفِ ُر َك وأتُوبُ إَِليْكَ‪ ،‬فقال رجل‪ :‬يا رسول اللّه! إنك لتقول قولً ما كنتَ‬
‫تقولُه فيما مضى‪ ،‬قال‪ :‬ذلكَ َكفّا َرةٌ لِمَا َيكُونُ ف الَجِْلسِ" ورواه الاكم ف الستدرك من رواية عائشة‬
‫رضي اللّه عنها وقال‪ :‬صحيح الِسناد‪ .‬قلت‪ :‬قوله بأَخَرة‪ ،‬وهو بمزة مقصورة مفتوحة وبفتح الاء‪،‬‬
‫ومعناه‪ :‬ف آخر المر‪)6( .‬‬

‫‪ 3/760‬وروينا ف حلية الولياء‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬مَن أحبّ أن يكتالَ بالكيال الوف‬
‫ب العزّة عمّا يَصفون‪ ،‬وسلمٌ على الرسلي‪ ،‬والمدُ‬ ‫فليقلْ ف آخر ملسه أو حي يقول‪ :‬سبحانَ ربّك ر ّ‬
‫للّه رب العالي‪)7( .‬‬

‫بابُ دُعاءِ الَالسِ ف ج ٍع لنفسِه ومَ ْن َمعَه‬

‫‪ 1/761‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قلّما كانَ رسولُ اللّه صلى‬
‫شيَتِكَ ما‬
‫اللّه عليه وسلم يقومُ من ملس حت يدع َو بؤلء الدعوات لصحابه‪" :‬الّلهُ ّم اقْسِمْ لَنا مِنْ خَ ْ‬

‫‪290‬‬
‫ك ما تُبَّلغُنا بِهِ َجّنتَكَ‪َ ،‬ومِ َن اليَقي ما ُتهَ ّونُ بِهِ عََليْنا َمصَائبَ ال ّدنْيا؛‬ ‫يَحُو ُل َبْينَنا وَبيْنَ مَعاصِيكَ‪َ ،‬ومِ ْن طا َعتِ َ‬
‫ث منّا‪ ،‬وَا ْجعَلْ ثأْرنا على مَنْ ظَلَمَنا‪،‬‬ ‫الّلهُ ّم َمّتعْنا بأسْماعنا وأْبصَارِنا وَُق ّوتِنا ما أ ْحَييْتَنا‪ ،‬وا ْجعَلْ ُه الوَارِ َ‬
‫جعَلِ ال ّدنْيا أ ْكبَ َر هَمّنا وَل َمبْلَغَ عِلْمِنا‪ ،‬وَل‬
‫جعَ ْل ُمصِيَبتَنا ف دِينِنا‪ ،‬وَل َت ْ‬ ‫واْنصُرْنا على مَنْ عادَانا وَل تَ ْ‬
‫تُسَلّط عََليْنا مَنْ ل َيرْحُنا" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)8( .‬‬

‫بابُ كَراهةِ ال ِقيَام مِن الجلسِ قبلَ أنْ يذكرَ اللّه تعال‬

‫‪ 1/762‬روينا بالِسناد الصحيح ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال‬
‫س ل يَذْكُرُونَ اللّ َه تَعال فِيهِ إِلّ قامُوا عَنْ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَا مِنْ َق ْو ٍم َيقُومُونَ مِ ْن َمجْل ٍ‬
‫س َرةً"‪)9(.‬‬‫مثْلِ جِي َفةِ حِما ٍر وكانَ َلهُمْ حَ ْ‬

‫‪ 3/763‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب هريرة أيضا‪ ،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ َق َع َد َمقْعَدا‬
‫لَ ْم يَذْكُرِ اللّ َه تَعال فِيهِ كاَنتْ عََليْهِ مِنَ اللّ ِه ِت َرةٌ‪َ ،‬ومَ ِن اضْ َطجَ َع َمضْجَعا ل يَذْكُرُ اللّ َه تَعال في ِه كاَنتْ عََليْهِ‬
‫مِنَ اللّه تِ َرةٌ"‬

‫(‪)10‬قلت‪ :‬تِرَة بكسر التاء وتفيف الراء‪ ،‬ومعناه‪ :‬نقص‪ ،‬وقيل تبعة؛ ويوز أن يكون حسرة كما ف‬
‫الرواية الخرى‪.‬‬

‫‪ 3/764‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب هريرة أيضا‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما‬
‫جلِسا لَ ْم يَذْ ُكرُوا اللّ َه تَعال فِيهِ ولَ ْم ُيصَلّوا على َنبِيّهمْ فِيهِ إِ ّل كانَ عََلْيهِ ْم تِ َرةٌ‪ ،‬فإنْ شاءَ‬
‫جَلَس َق ْو ٌم مَ ْ‬
‫عَذبُمْ‪ ،‬وَإنْ شا َء َغفَرَ َلهُم" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬

‫(‪)11‬‬

‫بابُ الذّكْرِ ف الطّ ِريْق‬

‫‪ 1/765‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫جلِسا لَ ْم يَذْكُرُوا اللّ َه عَ ّز وَ َجلّ فِيهِ إِ ّل كاَنتْ عََلْيهِ ْم تِ َرةٌ‪ ،‬ومَا سَلَكَ َرجُلٌ‬
‫قال‪" :‬ما مِنْ َق ْومٍ َجلَسُوا مَ ْ‬
‫طَرِيقا لْ يَذْكُرِ اللّ َه عَ ّز وَ َجلّ فِيه إِ ّل كاَنتْ عََليْ ِه تِرةٌ"‪)12(.‬‬

‫‪291‬‬
‫‪ 2/766‬وروينا ف كتاب ابن السن ودلئل النبوّة للبيهقي‪ ،‬عن أب أُمام َة الباهلي رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫أتى رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم جبيلُ صلى اللّه عليه وسلم وهو بتبوك فقال‪" :‬يا مُحَمّدُ! ا ْشهَدْ‬
‫جَنا َز َة مُعاوَِي َة بْ ِن مُعاوَِي َة الُ َزنِيّ‪ ،‬فخرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ونزلَ جبي ُل عليه السلم ف‬
‫سبعي ألفا من اللئكة‪ ،‬فوضعَ جناحَه الين على البال فتواضعتْ ووضع جناحَه اليسر على الرضي‬
‫فتواضعت‪ ،‬حت نظرَ إل مكة والدينة‪ ،‬فصلّى عليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجبي ُل واللئكةُ‬
‫عليهم السلم؛ فلما فرغ قال‪ :‬يا جْبرِيل! بِ َم بَلَ َغ مُعا ِوَيةُ هَ ِذ ِه الَنْزَِلةَ؟ قال‪ِ :‬بقِرَا َءتِه‪ُ :‬ق ْل ُهوَ اللّه أ َحدٌ قائما‬
‫وَرَاكبا ومَاشيا"‪.‬‬

‫(‪)13‬‬

‫ضبَ‬
‫بابُ ما يقولُ إذا َغ ِ‬

‫ك مِنَ‬
‫ي ال َغيْظَ} [آل عمران‪ ]134:‬الية‪ ،‬وقال تعال‪{ :‬وإمّا َينْ َز َغنّ َ‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَالكاظم َ‬
‫الشّيْطا ِن نَ ْزغٌ فا ْسَتعِذْ باللّهِ ِإنّهُ ُهوَ السّمِيعُ العليمُ} [فصلت‪.]36:‬‬

‫‪ 1/767‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬ليسَ الشدي ُد بالصّر َعةِ‪ ،‬إنا الشديدُ الذي يلكُ نفسَ ُه عند الغضب"‪)14(.‬‬

‫‪ 2/768‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬ما َتعُدّونَ الصّ َر َعةَ فيكُمْ؟ قلنا‪ :‬الذي ل تصرعُه الرجالُ‪ ،‬قال‪َ :‬لْيسَ بذلكَ‪ ،‬وََل ِكنّهُ الّذي يَمْلكُ‬
‫ع الناسَ كثيا‬ ‫َنفْسَهُ ِعنْ َد الغَضَب" (‪)15‬قلت‪ :‬الصّرَعة بضم الصاد وفتح الراء‪ ،‬وأصله الذي يَصر ُ‬
‫كالُمزة واللّمزة الذي يَهمزهم كثيا‪.‬‬

‫‪ 3/769‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن معاذ بن أنس الهن الصحاب رضي اللّه‬
‫عنه‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ كَظَ َم َغيْظا َوهُوَ قادِ ٌر على أ ْن ُيَنفّذَهُ دَعاهُ اللّ ُه ُسبْحانَ ُه َوتَعال‬
‫خيّ َرهُ مِ َن الُورِ ما شاءَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫على رُؤوس الَلئِقِ َي ْو َم القِيا َمةِ حتّى يُ َ‬

‫(‪)16‬‬

‫‪292‬‬
‫صرَد الصحاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫‪ 4/770‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سليمان بن ُ‬

‫سَتبّان‪ ،‬وأحدُها قد احرّ وجهُه وانتفختْ أوداجُه‪،‬‬ ‫كنتُ جالسا مع النبّ صلى اللّه عليه وسلم ورجلن يَ ْ‬
‫ب َعنْهُ ما يَجدُ‪َ ،‬لوْ قالَ‪ :‬أعُوذُ باللّه‬
‫فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إن لعْلَمُ كَِل َمةً َلوْ قاَلهَا َل َذهَ َ‬
‫ب ِمنْهُ ما َيجِدُ" فقالوا له‪ :‬إن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ :‬ت َعوّذْ باللّه منَ‬ ‫مِنَ الشّيْطانِ الرّجيمِ‪َ ،‬ذهَ َ‬
‫الشّيْطانِ الرّجِيم‪ ،‬فقال‪ :‬وهل ب من جنون؟‬

‫(‪)17‬‬

‫‪ 5/771‬ورويناه ف كتاب أب داود والترمذي بعناه‪ ،‬من رواية عبد الرحن بن أب ليلى عن معاذ بن‬
‫جبل رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬هذا مرسل‪ .‬يعن أن عبد الرحن ل‬
‫يُدْرك معاذا‪.‬‬

‫(‪)18‬‬

‫‪ 6/772‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬دخ َل عل ّي النبّ صلى اللّه‬
‫ف الِفصل من أنفي فعركه ث قال‪" :‬يا ُع َويْشُ قُول‪ :‬الّل ُهمّ ا ْغفِرْ ل‬ ‫عليه وسلم وأنا َغضْب‪ ،‬فأخ َذ بطر ِ‬
‫َذْنبِي وأ ْذ ِهبْ غَيْظَ قَ ْلبِي‪ ،‬وأجِرْن مِنَ الشّيْطانِ"‪.‬‬

‫(‪)19‬‬

‫‪ 7/773‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عطيةَ بن عرو َة السعديّ الصحاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫شيْطانَ خُلق من النار ‪ ،‬وإنا تطفأ‬


‫ضبَ مِنَ الشّيْطانِ‪َ ،‬وإِنّ ال ّ‬
‫قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إِ ّن الغَ َ‬
‫النار بالاء ‪ ،‬فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " (‪)20‬‬

‫بابُ استحباب إعلمِ الرّجُلِ من يُحبّه أنّه يبّه‪ ،‬وما يقولُه له إذا أعلمَه‬

‫‪ 1/774‬روينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن القدام بن معد يكرب رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى‬
‫حبّهُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪( .‬‬ ‫خبِ ُر ُه أنّهُ ُي ِ‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪ِ" :‬إذَا أ َحبّ الرّ ُجلُ أخاهُ َف ْليُ ْ‬
‫‪)1‬‬

‫‪293‬‬
‫ل كان عندَ النبّ صلى اللّه عليه‬ ‫‪ 2/775‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛ أن رج ً‬
‫وسلم‪ ،‬فمرّ رجلٌ فقال‪ :‬يا رسول اللّه! إن لحبّ هذا‪ ،‬فقال له النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أعْلَ ْمتَهُ؟"‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪" :‬أعِْلمْهُ" فلحقه فقال‪ :‬إن أُحبك ف اللّه‪ ،‬قال‪ :‬أحبّك الذي أحببتن له‪)2( .‬‬

‫‪ 4/777‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن يزي َد بن نعامة الضبّ قال‪ :‬قالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬إذَا آخَى الرّ ُجلُ الرّجُلَ َف ْليَسْأَلْ ُه عَ ِن اسْمِ ِه وَاسْ ِم أبيه َومّ ْن ُهوَ‪ ،‬فإنّه أوْصَلُ لِلْ َم َو ّدةِ"‪.‬‬

‫قال الترمذي‪ :‬حديث غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه‪ ،‬قال‪ :‬ول نعلم ليزي َد بن نعامة ساعا من النبّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬ويُروى عن ابن عمر عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم نو هذا‪ ،‬ول يصحّ‬
‫إسناده‪)3( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬وقد ا ْختُلف ف صحبة (‪ )4‬يزي َد بن نعامة فقال عبد الرحن بن أب حات‪ :‬ل صحبةَ له‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وحكى البخاري أن له صحبة‪ ،‬قال‪ :‬وغَلِطَ‪.‬‬

‫ض أو غيِه‬
‫بابُ ما يقولُ إذا رَأى مُبتلى بر ٍ‬

‫‪ 1/778‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"مَنْ رأى ُمْبتَلىً فَقالَ‪ :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي عافان مِمّا ابْتل َك بِهِ وََفضَّلنِي على َكثِ ٍي مِمّنْ خَلَ َق َت ْفضِيلً‪ ،‬لَمْ‬
‫ك البَلءُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)5( .‬‬ ‫ُيصِبْهُ ذل َ‬

‫‪ 2/779‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمرَ بن الطاب رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ب بَلءٍ فَقالَ‪ :‬الَ ْمدُ لِلّ ِه الّذي عافانِي مِمّا اْبتَل َك بِهِ وََفضَّلنِي على َكثِ ٍي مِمّنْ‬
‫وسلم قال‪" :‬مَنْ رأى صَا ِح َ‬
‫ك البَل ِء كائِنا ما كانَ ما عاش" ضعّفَ الترمذي إسنادَه‪)6( .‬‬ ‫خََل َق تَفضِيلً إِ ّل عُوِفيَ مِنْ ذل َ‬

‫قلتُ‪ :‬قال العلماءُ من أصحابنا وغيهم‪ :‬ينبغي أن يقولَ هذا الذك َر سِرّا بيثُ يُسم ُع نفسَه ول يُسمعُه‬
‫البتلى لئل يتألّمَ قلبُه بذلك‪ ،‬إل أن تكون بلّيتُه معصيةً فل بأس أن يُسمعَه ذلك إن ل يفْ من ذلك‬
‫مفسدة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ استحباب حدِ اللّه تعال للمسؤول عن حاله أو حال مبُوبه مع جوابه إذا كان ف جوابه إخبارٌ‬
‫بطيبِ حالِه‬

‫‪294‬‬
‫‪ 1/780‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ أن عليّا رضيَ اللّه عنه خرجَ من‬
‫عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف وجعهِ الذي تُوف فيه‪ ،‬فقال الناسُ‪ :‬يا أبا حسنٍ! كيف أصبحَ‬
‫صبَ َح بِحَ ْمدِ اللّه تَعال بارئا"‪)7(.‬‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال‪" :‬أ ْ‬

‫بابُ ما يقولُ إذا دخلَ السّوقَ‬

‫‪ 1/781‬روينا ف كتاب الترمذي وغيه‪ ،‬عن عمرَ بن الطاب رضي اللّه عنه؛ أن رسولَ اللّه صلى‬
‫ك وَلَ ُه الَمْدُ‪،‬‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ دَخَلَ السّوقَ فقالَ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَ ْح َدهُ ل شَريكَ لَهُ‪ ،‬لَ ُه الُلْ ُ‬
‫سَنةٍ‪،‬‬
‫حيِي ويُمِيتُ َو ُهوَ َح ّي ل يَمُوتُ‪ ،‬بِيَ ِد ِه الَيْ ُر َو ُهوَ على ُك ّل شَيْءٍ قَدِيرٌ‪ :‬كَتبَ اللّهُ لَهُ ألْفَ ألْفِ حَ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ف َسّيْئةٍ‪ ،‬وَرََفعَ لَهُ ألْفَ ألْفِ دَ َرجَة" (‪)8‬رواه الاكم أبو عبد اللّه ف الستدرك على‬ ‫َومَحَا َعنْهُ ألْفَ ألْ ِ‬
‫لّنةِ" وفيه من الزيادة‪ :‬قال‬ ‫الصحيحي من طرق كثية‪ ،‬وزاد فيه ف بعض طرقه " َوبَن لَ ُه َبيْتا ف ا َ‬
‫الراوي‪ :‬فقدمتُ خراسان‪ ،‬فأتيتُ ُقتَيبةَ بن مسلم فقلتُ‪ :‬أتيتكَ بدية فحدّثته بالديث‪ ،‬فكان قتيبةُ بن‬
‫ق فيقولُها ث ينصرف‪ .‬ورواه الاكم أيضا من رواية ابن عمر عن‬ ‫ت السو َ‬‫مُسلم يركبُ ف موكبه حت يأ َ‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬قال الاكم‪ :‬وف الباب عن جابر وأب هريرة وبُريدة السلمي وأنس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وأقربُها من شرائط هذا الكتاب حديث بُريدة (‪ )9‬بغي هذا اللفظ‪ ،‬فرواه بإسناده عن بُريدة قال‪ :‬كان‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل السوق قال‪" :‬باسْمِ اللّهِ‪ ،‬الّلهُ ّم إنّي أسألُكَ َخْي َر هَ ِذهِ السّوقِ‬
‫ك أنْ أُصِيبَ فِيها يَمِينا فاجِ َرةً‪ ،‬أوْ‬ ‫ك مِ ْن شَرّها َوشَرّ ما فِيهَا؛ الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬‫وَ َخيْرَ ما فِيها‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫ص ْف َقةً خاسِ َرةً"‪.‬‬
‫َ‬

‫ل يَستحسنُه الشرعُ‪:‬‬
‫بابُ استحباب قو ِل الِنسانِ لن تزوّجَ تزوّجا مُستحبا‪ ،‬أو اشترى أو فعل ِف ْع ً‬
‫ت ونوه‬ ‫أصبتَ أو أحسن َ‬

‫‪ 1/782‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال ل رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬تَ َزوّ ْجتَ يا جاِبرُ؟! قلت‪ :‬نَعم‪ ،‬قال‪ِ :‬بكْرا َأ ْم َثيّبا؟ قلتُ‪ :‬ثيّبا يا رسول اللّه! قال‪ :‬ف َهلّ جا ِرَيةً‬
‫تُل ِعبُها َوتُلعِبُكَ؟" أو قال‪" :‬تُضَا ِح ُكهَا وُتضَا ِحكُكَ"‪ .‬قلت‪ :‬إن عبد اللّه ـ يعن أباه ـ تُوف وتركَ‬
‫تس َع بناتٍ ‪ -‬أو سبعا ً‪ -‬وإن كرهتُ أن أجيئهنّ بثلهنّ‪ ،‬فأحببتُ أنْ أجيءَ بامرأ ٍة تقومُ عليهنّ‬
‫صْبتَ" وذكر الديث‪)10( .‬‬ ‫وتُصِْلحُهنّ‪ ،‬قال‪" :‬أ َ‬

‫بابُ ما يقولُ إذا نظرَ ف الِرْآة‬

‫‪295‬‬
‫‪ 1/783‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا‬
‫سْنتَ َخ ْلقِي َفحَسّنْ ُخُلقِي"‪)11(.‬‬
‫نظر ف الرآة قال‪" :‬الَمْد لِلّهِ‪ ،‬الّلهُمّ كما حَ ّ‬

‫ورويناه فيه‪ ،‬من رواية ابن عباس بزيادة‪.‬‬

‫‪ 2/784‬ورويناه فيه‪ ،‬من رواية أنس قال‪ :‬كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا نظرَ وجهَه ف‬
‫سنَها‪ ،‬وَ َجعَلَن مِنَ الُسْلِميَ"‪(.‬‬
‫الرآةِ قال‪" :‬الَمْدُ ِللّ ِه الّذي َسوّى خَلْقي َفعَدّلَهُ‪ ،‬وَكَ ّرمَ صُو َر َة وَ ْجهِي َفحَ ّ‬
‫‪)12‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل عن َد الِجَامَة‬

‫‪ 1/785‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت َمنْ َف َعةَ حِجامَتِهِ"‪)13(.‬‬
‫وسلم‪" :‬مَنْ قَرأ آيَة الكُ ْر ِسيّ ِعنْ َد الِجا َمةِ كاَن ْ‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا َطنّتْ أُذُنه‬

‫‪ 1/786‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب رافع رضي اللّه عنه مول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا َطنّتْ أُ ُذنُ أحَدِكُمْ َف ْليَذْكُ ْرنِي وَلُيصَ ّل عَليّ وْلَيقُلْ‪ :‬ذَ َكرَ‬
‫خيْ ٍر مَنْ ذَكَ َرنِي"‪)14(.‬‬
‫اللّ ُه بِ َ‬

‫بابُ ما يقولُه إذا خَ ِدرَتْ رِ ْجلُه‬

‫‪ 1/787‬روينا ف كتاب ابن السن عن اليثم بن حنش قال‪ :‬كنّا عندَ عبد اللّه بن عمر رضي اللّه‬
‫ب الناس إليك‪ ،‬فقال‪ :‬يا ممّدُ صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫عنهما فخدِرَتْ رجلُه‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬اذكر أح ّ‬
‫فكأنا نُشِطَ من ِعقَال‪)15( .‬‬

‫‪ 2/788‬وروينا فيه‪ ،‬عن مُجاهد قال‪َ :‬خدِرَتْ رِجلُ رج ٍل عند ابن عباس‪ ،‬فقال ابنُ عباس رضي اللّه‬
‫ب الناس إليك‪ ،‬فقال‪ :‬ممّدٌ صلى اللّه عليه وسلم فذهبَ َخدَرُه‪)16( .‬‬ ‫عنهما‪ :‬اذكر أح ّ‬

‫وروينا فيه (‪ ، )17‬عن إبراهيم بن النذر الزامي أح ِد شيوخ البخاري الذين روى عنهم ف صحيحه‬
‫قال‪ :‬أهلُ الدينة يَعجبون من حُسن بيت أب العتاهية‪:‬‬

‫‪296‬‬
‫وتَخْدَرُ ف بعضِ الحاييِ ِرجْلُهُ * فإنْ ل يَق ْل يا ُعتْب ل يذهبِ الَ َدرْ‬

‫بابُ جَواز دُعاء الِنسان على مَ ْن ظََلمَ السلمي أو ظلَمه وحدَه‬

‫ص الكتاب والسنّة‪ ،‬وأفعالُ سلف المة‬ ‫اعلم أن هذا الباب واسعٌ جدا‪ ،‬وقد تظاهرَ على جوازه نصو ُ‬
‫وخلفها‪ ،‬وقد أخبَ اللّه سبحانه وتعال ف مواضع كثية معلومة من القرآن عن النبياء صلواتُ اللّه‬
‫وسلمُه عليهم بدعائهم على الكفّار‪.‬‬

‫‪ 1/789‬روينا ف صحيح البخاري ومسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه‪ :‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال يوم الحزاب‪َ " :‬ملَ اللّه ُقبُو َرهُ ْم َوبُيُوَتهُمْ نارا كما َشغَلُونا عَنِ الصّل ِة ال ُوسْطَى"‪)18(.‬‬

‫‪ 2/790‬وروينا ف الصحيحي‪ ،‬من طرق‪ :‬أنه صلى اللّه عليه وسلم دعا على الذين قَتلوا القرّاءَ رضي‬
‫صّيةَ"‪)19(.‬‬‫اللّه عنهم‪ ،‬وأدامَ الدعاءَ عليهم شهرا يقولُ‪" :‬الّلهُ ّم اْلعَنْ ِر ْعلً َوذَ ْكوَانَ َو ُع َ‬

‫‪ 3/791‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل ‪،‬ف قصة أب جهلٍ‬
‫ضعُوا َسلَ الزور على ظهر النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فدعا عليهم وكان‬ ‫وأصحابه من قريش حي وَ َ‬
‫ك ِبقُ َرْيشٍ" ثلثَ مرّاتٍ‪ ،‬ث قال‪" :‬الّلهُ ّم عليكَ بأب َجهْلٍ‪َ ،‬و ُعْتَبةَ‬
‫إذا دعا‪ ،‬دعا ثلثا ث قال‪" :‬الّلهُ ّم عََليْ َ‬
‫بْنِ رَبيعَةَ" وذكر تام السبعة‪ ،‬وتام الديث‪)20( .‬‬

‫‪ 4/792‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ن يُوسُفَ"‪)21(.‬‬ ‫كان يدعو‪" :‬الّلهُ ّم اشْدُ ْد وَطأتَكَ على ُمضَرَ؛ الّل ُهمّ ا ْجعَلْها عََلْيهِ ْم ِسنِيَ كَسِ ّ‬

‫‪ 5/793‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سلمةَ بن الكوع رضي اللّه عنه‪ :‬أن رجلً أكل بشماله عند‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬كُلْ بِيَمِينِكَ" قال‪ :‬ل أستطيع‪ ،‬قال‪" :‬ل اسْتَ َط ْعتَ" ما منَعه إل‬
‫الكبُ‪ ،‬قال‪ :‬فما رفعَها إل ِفيْه‪)22( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬هذا الرجل هو بُسر ـ بضم الباء وبالسي الهملة ـ ابن راعي العي الشجعي‪ ،‬صحاب‪ ،‬ففيه‬
‫جواز الدعاء على مَن خالف الكم الشرعي‪.‬‬

‫‪ 6/794‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم عن جابر بن سرة قال‪ :‬شكا أه ُل الكوفة سعدَ بن أب‬
‫وقاص رضي اللّه عنه إل عمر رضي اللّه عنه‪ ،‬فعزلَه واستعملَ عليهم‪ ..‬وذك َر الديثَ إل أن قال‪ :‬أرسل‬

‫‪297‬‬
‫ع مسجدا إل سأ َل عنه ويُثنون معروفا‪ ،‬حت‬ ‫معه عمر رجا ًل أو رجلً إل الكوفة يسألُ عنه‪ ،‬فلم يد ْ‬
‫دخل مسجدا لبن عَْبسٍ‪ ،‬فقامَ رج ٌل منهم يُقال له أُسامة بن قتادة‪ُ ،‬ي َكنّى أبا سعدة فقال‪ :‬أما إذا نشدتنا‬
‫فإن سعدا ل يسيُ بالسريّة‪ ،‬ول يَقسِ ُم بالسويّة‪ ،‬ول يَعدِلُ ف القضية‪ .‬قال سعد‪ :‬أما واللّه لدعونّ‬
‫بثلث‪ :‬اللهمّ إن كان عبدُك هذا كاذبا قام رياءً وسعةً فأطلْ عمرَه‪ ،‬وأطلْ فقرَه‪ ،‬وعرّضْه للفت‪ .‬فكانَ‬
‫بعد ذلك يقول‪ :‬شيخ مفتون أصابتن دعوة سعد‪ .‬قال عبد اللك بن عُمي الراوي‪ ،‬عن جابر بن سرة‪:‬‬
‫فأنا رأيتُه بعدُ قد سقطَ حاجباه على عينيه من الكِبَر‪ ،‬وإنه ليتع ّرضُ للجواري ف الطرق فيغمزُهنّ‪( .‬‬
‫‪)23‬‬

‫‪ 7/795‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن عروة بن الزبي؛ أن سعيدَ بن زيد رضي اللّه عنهما خاص ْمتُه‬
‫ت أنه أخذ شيئا من أرضها‪ ،‬فقال سعيد‬ ‫ت أوْس ـ وقيل‪ :‬أُويس ـ إل مروان بن الكم‪ ،‬وادّع ْ‬ ‫أروى بن ُ‬
‫رضي اللّه عنه‪ :‬أنا كنتُ آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سعتُ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟‬
‫قال‪ :‬ما سعتَ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال‪ :‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫ض ظُلْما ُطوّقَهُ إل َسبْعِ أرَضِيَ" قال مروان‪ :‬ل أسألُك بيّن ًة بعد هذا‪ ،‬فقال‬
‫"مَنْ أخَ َذ شبْرا مِنَ ال ْر ِ‬
‫سعيد‪ :‬الله ّم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلْها ف أرضها‪ ،‬قال‪ :‬فما ماتتْ حت ذهبَ بصرُها‪ ،‬وبينما‬
‫هي تشي ف أرضها إذ وقعتْ ف حفرة فماتت‪)24( .‬‬

‫ع والَعاصي‬
‫بابُ التبّي مِنْ أَهلِ البد ِ‬

‫‪ 1/796‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب بُردة بن أب موسى قال‪ :‬وجع أبو موسى رضي‬
‫اللّه عنه وجعا‪ ،‬فغُشي عليه ورأسُه ف حِجر امرأة من أهله‪ ،‬فصاحت امرأةٌ من أهله فلم يستطعْ أن يردّ‬
‫شيئا‪ ،‬فلما أفاق قال‪ :‬أنا بري ٌء مّن برىء منه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فإن رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم برىءَ من الصّالقةِ والَالقةِ والشّاقةِ‪ .‬قلت‪ :‬الصّالقةُ‪ :‬الصائحة بصوت شديد؛ والالقةُ‪ :‬الت‬
‫تلق رأسَها عند الصيبة؛ والشّاقةُ‪ :‬الت تش ّق ثيابَها عند الصيبة‪)25( .‬‬

‫‪ 2/797‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن يي بن يَعمر قال‪ :‬قلتُ لبن عمر رضي اللّه عنهما‪ :‬أبا عبد‬
‫الرحن! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرأون القرآن ويزعمون أن ل قَدَر‪ ،‬وأ ّن المرَ أُنُفٌ‪ ،‬فقال‪ :‬إذا لقيت‬
‫أولئك فأخبهم أنّي بري ٌء منهم وأنم بَرآءُ من (‪)26‬قلت‪ُ :‬أنُف بضمّ المزة والنون‪ :‬أي مُستأنف ل‬
‫يتقدّم به علم ول قدر‪ ،‬وكذب أهل الضللة‪ ،‬بل سبق علم اللّه تعال بميع الخلوقات‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫ب ما يقولُه إذا شرعَ ف إزالةِ مُنكر‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/798‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬دخل النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم مكة يوم الفتح‪ ،‬وحول الكعبة ثلثائةٍ وستون ُنصُبا‪ ،‬فجع َل يطعنُها بعود كان ف يده‪،‬‬
‫ويقول‪" :‬جاءَ الَقّ‪ ،‬وَ َزهَ َق الباطلُ‪ ،‬إ ّن الباطِ َل كانَ َزهُوقا جاءَ الَ ّق وَما ُيبْدِى ُء الباطِ ُل وما ُيعِيدُ"‪)27(.‬‬

‫حشٌ‬
‫ب ما يَقولُ مَ ْن كانَ ف لسانِه ُف ْ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/799‬روينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن‪ ،‬عن حُذيفةَ رضي اللّه عنه قال‪ :‬شكوتُ إل رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ذَرَبَ لسان‪ ،‬فقال‪" :‬أيْنَ أْنتَ مِنَ ال ْسِتغْفارِ؟ إن َل ْسَتغْفِرُ اللّ َه َع ّز وَجَلّ كُ ّل َي ْومٍ‬
‫ِمَئةَ مَ ّرةِ"‪)28(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬الذَْب بفتح الذال العجمة والراء‪ ،‬قال أبو زيد وغيه من أهل اللغة‪ :‬هو فُحش اللسان‪.‬‬

‫ب ما يَقولُه إذا َعثَرَتْ دَاّبتُه‬


‫با ُ‬

‫ف الن ّ‬
‫ب‬ ‫‪ 1/800‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب الليح التابعي الشهور عن رجل قال‪ :‬كنتُ ردي َ‬
‫شيْطانُ‪ ،‬فإنّكَ إذَا قُ ْلتَ‬
‫س الشيطان‪ ،‬فقال‪" :‬ل َتقُ ْل َت ِعسَ ال ّ‬ ‫صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فعثرت دابّته فقلتُ‪َ :‬ت ِع َ‬
‫ك تَعاظَمَ حتّى َيكُو َن ِمثْ َل الَبْيتِ‪َ ،‬وَيقُولُ‪ِ :‬بقُ ّوتِي‪ ،‬وََلكِنْ قُلْ‪ :‬باسْمِ اللّهِ‪ ،‬فإنّكَ إذَا قُ ْلتَ ذلك َتصَاغَرَ‬
‫ذل َ‬
‫حت يَكُونَ ِمثْلَ الذّبابِ" قلتُ‪ :‬هكذا رواه أبو داود عن أب الليح عن رجل هو رَديف النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ 2/801‬ورويناه ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أب الليح عن أبيه‪ ،‬وأبوه صحاب اسه أُسامة على الصحيح‬
‫الشهور‪ ،‬وقيل فيه أقوال أُخَر‪.‬‬

‫وكِل الروايتي صحيحة متصلة‪ ،‬فإن الرجل الجهول ف رواية أب داود صحاب‪ ،‬والصحابة رضي اللّه‬
‫لهَال ُة بأعيانم‪ .‬وأما قوله َتعَس‪ ،‬فقيل معناه‪ :‬هلك‪ ،‬وقيل سقط‪ ،‬وقيل عثر‪،‬‬
‫عنهم كلّهم عدولٌ ل تضرّ ا َ‬
‫وقيل لزمه الشرّ‪ ،‬وهو بكسر العي وفتحها‪ ،‬والفتح أشهر‪ ،‬ول يذكر الوهري ف صِحاحه غيه‪)29( .‬‬

‫ب لكبي البلد إذا مات الوال أن يطب الناس يُسكّنهم ويعظُهم ويأمُرهم بالصبِ‬
‫ب بيا ِن أنه يُستح ّ‬
‫با ُ‬
‫والثباتِ على ما كانُوا عليه‬

‫‪299‬‬
‫‪ 1/802‬روينا ف الديث الشهور ف خطبة أب بكر الصديق رضي اللّه عنه يوم وفاة النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم وقوله رضي اللّه عنه‪ :‬مَنْ كان يعبدُ ممّدا‪ ،‬فإنّ ممّدا قد ماتَ‪ ،‬ومَ ْن كانَ يعبدُ اللّه‪ ،‬فإنّ اللّه‬
‫حيّ ل يوت‪)30( .‬‬

‫ت الغيةُ بن شعبة وكان أميا على‬ ‫‪ 2/803‬وروينا ف الصحيحي‪ ،‬عن جرير بن عبد اللّه أنه يوم ما َ‬
‫البصرة والكوفة‪ ،‬قام جريرٌ فحمِد اللّه تعال وأثن عليه وقال‪ :‬عليكم باتقاء اللّه وحدَه ل شريكَ له‪،‬‬
‫والوقا َر والسكينةَ حت يأتيَكم أميٌ فإنا يأتيكم الن‪)31( .‬‬

‫صنَعَ معروفا إليه أو إل النّاسِ كلّهم أو بعضِهم‪ ،‬والثنا ِء عليه وتريضه على‬
‫بابُ دُعاءِ الِنسانِ لن َ‬
‫ذلك‬

‫‪ 1/804‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما قال‪ :‬أتى الن ّ‬
‫ب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم اللءَ‪ ،‬فوضعتُ له وَضوءا‪ ،‬فلما خرج قال‪" :‬مَ ْن وَضَ َع هَذَا؟" فأُخب‪ ،‬قال‪" :‬الّلهُمّ‬
‫َف ّقهْهُ" زاد البخاري "َف ّقهْهُ ف الدّينِ"‪.‬‬

‫‪ 2/805‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب قتادة رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل العظيم الشتمل على‬
‫ت متعدّداتٍ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪ :‬فبينا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسيُ‬ ‫معجزا ٍ‬
‫حت اْبهَارّ الليل وأنا إل جنبه‪ ،‬فنَعَس رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمالَ عن راحلته فأتيتُه فدعّمتُه من‬
‫غي أن أُوقظَه حت اعتدل على راحلته‪ ،‬ث سارَ حت َتهَوّر الليلُ مال عن راحلته‪ ،‬فدعّمتُه من غي أن‬
‫أوقظَه حت اعتدل على راحلته‪ ،‬ث سارَ حت إذا كان من آخر السّحَر مالَ ميلة هي أش ّد من اليلتي‬
‫الُوَلَييْن حت كاد ينجفلُ‪ ،‬فأتيتُه فدعّمته‪ ،‬فرفعَ رأسَه فقال‪" :‬مَنْ هَذَا؟" قلتُ‪ :‬أبو قتادة‪ ،‬قال‪َ " :‬متَى كان‬
‫هَذَا مَسِيكَ مِنّي؟" قلتُ‪ :‬ما زال هذا مسيي منذ الليلة‪ ،‬قال‪َ " :‬حفِظَكَ اللّه بِما َحفِ ْظتَ بِ ِه َنِبيّهُ" وذكر‬
‫الديث‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ابا ّر بوصل المزة وإسكان الباء الوحدة وتشديد الراء ومعناه‪ :‬انتصف؛ وقوله توّرَ‪ :‬أي ذهب‬
‫معظمه؛ وانفل باليم‪ :‬سقط؛ ودعّمته‪ :‬أسندته‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫‪ 3/806‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أُسامةَ بن زيد رضي اللّه عنهما‪ ،‬عن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫صنِعَ إِلَيْه َمعْرُوفٌ فَقالَ لِفاعِلِهِ‪َ :‬جزَاك اللّهُ َخيْرا‪َ ،‬فقَ ْد أبْلَغَ ف الثّناء" قال الترمذي‪:‬‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ ُ‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫‪ 4/807‬وروينا ف سنن النسائي وابن ماجه وكتاب ابن السن‪ ،‬عن عبد اللّه بن أب ربيعة الصحاب‬
‫رضي اللّه عنه قال‪ :‬استقرضَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم منّيَ أربعي ألفا‪ ،‬فجاءَه مال فدفعَه إلّ وقال‪" :‬‬
‫ف الَمْدُ والداءُ"‪.‬‬
‫ك ومَالِكَ‪ ،‬إنّمَا جَزَاءُ السّلَ ِ‬
‫با َركَ اللّهُ لَكَ ف أهْلِ َ‬

‫‪ 5/808‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جرير بن عبد اللّه البَجَليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫ت لثعمَ يُقال له الكعبة اليمانية‪ ،‬ويُقال له ذو الَلَصة‪ ،‬فقال ل رسولُ اللّه صلى اللّه‬ ‫كان ف الاهلية بي ٌ‬
‫صةِ؟" فنفرتُ إليه ف مئة وخسي فارسا من أحس فكسّ ْرنَا‬ ‫ت مُرِيِي مِنْ ذِي الََل َ‬
‫عليه وسلم‪" :‬هَ ْل أنْ َ‬
‫وقتلنَا مَن وجدنا عنده‪ ،‬فأتيناه فأخبناه‪ ،‬فدعا لنا ولحس‪ .‬وف رواية‪ :‬فبّك رسُول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم على خيلِ أحس ورجالا خسَ مرّات‪.‬‬

‫‪ 6/809‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم أتى زمزمَ وهم يَسقون ويَعملون فيها‪ ،‬فقال‪" :‬اعْمَلُوا فإّنكُمْ على عَمَلٍ صَالِحٍ"‪.‬‬

‫ب استحبابِ مُكافأ ِة ا ُلهْدي بالدعاءِ لل ُمهْدَى له إذا دَعا له عن َد الدية‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/810‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالتْ‪ :‬أَهديتُ لرسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم شاةٌ قال‪" :‬اقْسِمِيها" فكانت عائشةُ إذا رجعتِ الادمُ تقولُ‪ :‬ما قالُوا؟ تقولُ الادمُ‪ :‬قالوا‪:‬‬
‫باركَ اللّه فيكم‪ ،‬فتقول عائشة‪ :‬وفيهم بارك اللّه‪ ،‬نردّ عليهم مث َل ما قالوا‪ ،‬ويَبقى أجرُنا لنا‪)32( .‬‬

‫ب اسْتحبابِ اعتذارِ مَن أُهديتْ إليه هدّيةٌ فردّها لعن شرعي بأن يكون قاضيا أو واليا أو كان‬
‫با ُ‬
‫فيها شُبهة أو كان له عذرٌ غي ذلك‬

‫ص ْعبَ بن َجثّامةَ رضي اللّه‬ ‫‪ 1/811‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ أن ال ّ‬
‫ح ِرمُونَ‬
‫ش وهو مُحْ ِرمٌ‪ ،‬فردَّه عليه وقال‪َ" :‬لوْل أنّا مُ ْ‬‫عنه أهدى إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم حارَ و ْح ٍ‬
‫َل َقبِلْنا ِمنْكَ" (‪)33‬قلت‪َ :‬جثّامة بفتح اليم وتشديد الثاء الثلثة‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫بابُ ما يقولُ لن أزالَ عنه أذىً‬

‫‪ 1/812‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن سعيد بن السيب‪ ،‬عن أب أيَوبَ النصاري رضي اللّه عنه؛‬
‫أنه تناول من ليةِ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أذىً‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَسَحَ‬
‫ك يا أبا أَيوبَ! ما تَكْ َرهُ" وف رواية عن سعد؛ أ ّن أبا أيوب أخذ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬ ‫اللّ ُه عَنْ َ‬
‫وسلم شيئا‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل َيكُنْ بِكَ السّو ُء يا أبا َأيّوبَ‪ ،‬ل َيكُ ْن بِكَ السّوءُ"‬
‫‪)34(.‬‬

‫‪ 2/813‬وروينا فيه‪ ،‬عن عبد اللّه بن بكر الباهلي قال‪ :‬أخ َذ عمرُ رضي اللّه عنه من لية رجلٍ أو‬
‫ف عنّا السوءُ منذ‬
‫رأسه شيئا‪ ،‬فقال الرجلُ‪ :‬صرفَ اللّه عنك السوء‪ ،‬فقال عمر رضي اللّه عنه‪ :‬صُر َ‬
‫ت يداك خيا‪)35( .‬‬‫أسلمنا‪ ،‬ولكن إذا أُخذ عنك شيء فقل‪ :‬أخذ ْ‬

‫بابُ ما يقولُ إذا رَأى البَاكُورة مِن الثمر‬

‫‪ 1/814‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬كانَ النّاسُ إذا رأوْا أوّل الثمر‬
‫جاؤوا به إل رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فإذا أخذَه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬الّلهُمّ‬
‫با ِركْ لَنا ف ثَمَرِنا‪ ،‬وبَا ِركْ لَنا ف مَدِينَتِنا‪ ،‬وبَا ِركْ لَنا ف صَاعِنا‪ ،‬وبَا ِركْ لَنا ف مُدّنا‪ ،‬ث يدعُو أصغرَ وليدٍ له‬
‫فيُعطيه ذلك الثمرَ" وف رواية لسلم أيضا "بَرَ َكةً مع بركة‪ ،‬ثُم يعطيه أصغر من يَحضُره من الولدان" وف‬
‫رواية الترمذي "أصغرَ ولي ٍد يراهُ" وف رواية لبن السن‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه تعال عنه‪ :‬رأيتُ‬
‫رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬إذا أُت بباكورةٍ وضعَها على عينيه ث على شفتيه وقال‪" :‬الّلهُمّ كمَا‬
‫أرْيتَنا أوّلَهُ فأرِنا آ ِخ َرهُ" ث يُعطيه مَنْ يكونُ عندَه من الصبيان‪)36( .‬‬

‫ب استحبابِ القتصَادِ ف الوعظة والعلم‬


‫با ُ‬

‫ل يُمِلّهم‪ ،‬لئل‬
‫ب لن وعظَ جاعةً أو ألقى عليهم عِلْما أن يقتصدَ ف ذلك ول يُطوّل تطوي ً‬
‫اعلم أنه يُستح ّ‬
‫ب حلوتُه وجللتُه من قلوبم‪ ،‬ولئل َيكْ َرهُوا العلمَ وساعَ الي فيقعُوا ف الحذور‪.‬‬
‫يَضجروا وتذه َ‬

‫‪ 1/815‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن شقيق بن سلمة قال‪ :‬كان ابنُ مسعودٍ يُذكّرنا ف‬
‫ت أنك ذكّرتَنا كل يوم‪ ،‬فقال‪ :‬أما إنه ينعن من‬
‫كل خيس‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬يا أبا عبد الرحن! لودد ُ‬

‫‪302‬‬
‫ذلك أنّي أكره أنْ ُأمِلّكم‪ ،‬وإن أتوّلكم بالوعظة كما كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتخوّلنا با‬
‫مافةَ السآمة علينا‪)37( .‬‬

‫‪ 2/816‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عمّار بن ياسر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬سعتُ رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إن طُولَ صَلةِ الرّ ُج ِل وَِقصَرَ خُ ْطَبتِ ِه َمئِّن ٌة مِنْ ِف ْقهِهِ‪ ،‬فأطِيلوا الصّل َة واقْصِرُوا‬
‫الُطَْبةَ"‪)38(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬مئنّة‪ ،‬بيم مفتوحة ث هزة مكسورة ث نون مشددة‪ :‬أي علمة دالّة على فقهه‪.‬‬

‫س كانَ للشيطان فيه نصيب‪.‬‬


‫وروينا عن ابن شهابٍ الزهريّ رحه اللّه قال‪ :‬إذا طالَ الَجل ُ‬

‫لثّ عليها‬
‫بابُ َفضْل الدّلَلةِ على الي وا َ‬

‫قال اللّه تعال‪َ { :‬وتَعاونُوا على البِ ّر والّت ْقوَى} [الائدة‪.]2:‬‬

‫‪ 1/817‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ك مِنْ أُجُو ِرهِمْ شَيْئا‪َ ،‬ومَنْ‬
‫ى كانَ ل ُه مِنَ ال ْج ِر ِمثْلُ أُجُو ِر مَ ْن َتبِعَهُ‪ ،‬ل َيْنقُصُ ذل َ‬ ‫قال‪" :‬مَن دَعا إل هُد ً‬
‫ك مِ ْن آثامِهِ ْم َشيْئا"‪)39(.‬‬ ‫دَعا إل ضَلَلةٍ كَانَ عََليْهِ مِ َن ا ِلثْ ِم ِمثْ ُل آثامِ مَ ْن َتِبعَهُ ل َيْن ُقصُ ذل َ‬

‫‪ 2/818‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن أب مسعود النصاري البدريّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ دَلّ على َخيْرٍ َفلَ ُه ِمثْلُ أجْ ِر فاعِلِهِ"‪)40(.‬‬

‫‪ 3/819‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سهل بن سعدٍ رضي اللّه عنه؛ أن رسولَ اللّه‬
‫ك مِنْ‬‫ل وَاحِدا َخْيرٌ لَ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال لعليّ رضي اللّه عنه‪َ" :‬فوَاللّهِ َل ْن َيهْدِيَ اللّ ُه بِكَ رَ ُج ً‬
‫حُ ْم ِر النّعَمِ"‪)41(.‬‬

‫وروينا ف الصحيح قوله صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬واللّهُ ف َع ْونِ ال َعبْدِ ما كا َن العَبْدُ ف َعوْنِ أخِيهِ" (‪)42‬‬
‫والحاديث ف هذا الباب كثية ف الصحيح مشهورة‪.‬‬

‫ث مَ ْن سُئلَ علما ل يعلمُه ويعلمُ أ ّن غيَه يعرفُه على أن يَدُ ّل عليه‬


‫بابُ ح ّ‬

‫‪303‬‬
‫فيه الحاديث الصحيحة التقدمةُ ف الباب قبلَه‪ ،‬وفيه حديث "الدين النصيحة" (‪ )43‬وهذا من‬
‫النصيحة‪.‬‬

‫‪ 1/820‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن شُريحِ بن هانءٍ قال‪ :‬أتيتُ عائشةَ رضي اللّه عنها أسألُها عن‬
‫ك بعليّ بن أب طالب رضي اللّه عنه فاسألْه‪ ،‬فإنه كان يُسافر مع رسول‬ ‫السح على الفّي‪ ،‬فقالتْ‪ :‬علي َ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فسألناه‪ .‬وذكر الديث‪.‬‬

‫‪ 2/821‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬الديث الطويل ف قصة سعد بن هشام بن عامر لا أرادَ أن يسأل‬
‫عن وترِ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأتى ابنَ عباس يسألُه عن ذلك‪ ،‬فقال ابن عباس‪ :‬أل أدلّكَ على‬
‫أعلمِ أهلِ الرض بوتر رسول اللّه عليه وسلم؟ قال‪ :‬مَن؟ قال‪ :‬عائشة ف ْأتِها فاسألا‪ .‬وذكر الديث‪( .‬‬
‫‪)44‬‬

‫‪ 3/822‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عمران بن حِطّانَ‪ ،‬قال‪ :‬سألتُ عائشةَ رضي اللّه عنها عن‬
‫س فاسألْه‪ ،‬فسألتُه‪ ،‬فقال‪ :‬س ِل ابنَ عمر‪ ،‬فسألتُ ابنَ عمر‪ ،‬فقال‪ :‬أخبن أبو‬ ‫الرير فقالتْ‪ :‬ائتِ ابنَ عبا ٍ‬
‫حفص‪ :‬يعن عمرَ بن الطاب رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪ِ" :‬إنّمَا يَ ْلَبسُ‬
‫الَرِيرَ ف ال ّدنْيا مَنْ ل خَلقَ لَهُ ف الخِ َرةِ"‪)45(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬ل خلق‪ :‬أي ل نصيبَ‪ .‬والحاديث الصحيحة بنحو هذا كثية مشهورة‪.‬‬

‫ب ما يَقولُ مَن دُعي إل ُحكْمِ اللّهِ تعال‬


‫با ُ‬

‫ينبغي لن قال له غيُه‪ :‬بين وبينَك كتاب اللّه أو سنّة رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬أو أقوال علماء‬
‫السلمي‪ ،‬أو نو ذلك‪ ،‬أو قال‪ :‬اذهبْ معي إل حاكم السلمي‪ ،‬أو الفت لفص ِل الصومةِ الت بيننا‪ ،‬وما‬
‫أشبَه ذلك‪ ،‬أن يقولَ‪ :‬سعنا وأطعنا‪ ،‬أو سعا وطاعةً‪ ،‬أو نعم وكرامة‪ ،‬أو شبه ذلك‪ ،‬قال اللّه تعال‪ِ{ :‬إنّمَا‬
‫حكُ َم َبيَْنهُ ْم أنْ َيقُولُوا سَ ِمعْنا وأ َطعْنا َوأُوَلئِكَ هُمُ‬
‫كانَ َقوْ َل ا ُل ْؤمِنيَ إذَا ُدعُوا إل اللّه وَ َرسُولِهِ ِليَ ْ‬
‫ا ُلفِْلحُونَ} [النور‪.]51:‬‬

‫فصل ‪:‬ينبغي لن خاصمَه غيُه أو نازعَه ف أمر فقال له‪ :‬اتّقِ اللّهَ تعال‪ ،‬أو َخفِ اللّهَ تعال‪ ،‬أو راقبِ‬
‫اللّهَ‪ ،‬أو اعلم أنّ اللّه تعال مطّل ٌع عليك‪ ،‬أو اعلم أنّ ما تقوله يُكتب عليك وتُحاسبُ عليه‪ ،‬أو قال له‪:‬‬
‫حضَرا} [آل عمران‪ ]30 :‬أو {اتّقُوا َيوْما‬ ‫قال اللّه تعال‪َ{ :‬ي ْومَ تَجدُ كُ ّل َن ْفسٍ ما عَ ِمَلتْ مِنْ َخيْ ٍر مُ ْ‬

‫‪304‬‬
‫تُرْ َجعُونَ فِيهِ إل اللّه} [البقرة‪ ]281:‬أو نو ذلك من اليات‪ ،‬وما أشبه ذلك من اللفاظ؛ أن يتأدّبَ‬
‫ويقول‪ :‬سعا وطاعةً‪ ،‬أو أسألُ اللّه التوفيقَ لذلك‪ ،‬أو أسألُ اللّه الكريَ لطفه‪ ،‬ث يتلطّفُ ف ماطبة مَن‬
‫قال له ذلك‪ ،‬وليحذرْ كلّ الذرِ من تساهلهِ عند ذلك ف عبارته‪ ،‬فإن كثيا من الناس يتكلمون عند‬
‫ذلك با ل يَليق‪ ،‬وربا تكلّم بعضُهم با يكون كفرا‪ ،‬وكذلك ينبغي إذا قال له صاحبه‪ :‬هذا الذي فعلتَه‬
‫خلف حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو نو ذلك‪ ،‬أن ل يقول‪ :‬ل ألتز ُم الديثَ‪ ،‬أو ل أعملُ‬
‫ث متروكَ الظاهر لتخصيص أو تأوي ٍل أو‬‫بالديث‪ ،‬أو نو ذلك من العبارات الستبشعة؛ وإن كان الدي ُ‬
‫نو ذلك‪ ،‬بل يقول عند ذلك‪ :‬هذا الديثُ مصوصٌ أو متأوّ ٌل أو متروكُ الظاهر بالِجاع‪ ،‬وشبه ذلك‪.‬‬

‫بابُ الِعراض عن الاهلي‬

‫ض عَنِ الاهليَ} [العراف‪ ]199:‬وقال‬ ‫ف وَأعْر ْ‬ ‫قال اللّه سبحانه وتعال‪{ :‬خُ ِذ ال َع ْفوَ َوْأمُ ْر بالعُرْ ِ‬
‫تعال‪َ { :‬وإِذَا سَ ِمعُوا الّل ْغوَ أعْرَضُوا عَنْهُ وقالُوا لَنا أعْمالُنا وََلكُ ْم أعْماُلكُ ْم سَلمٌ عََلْيكُ ْم ل َنبَْتغِي الاهِلِي}‬
‫صفَحِ‬
‫ض عَمّ ْن َتوَل عَنْ ذِكْرِنا} [النجم‪ ]9:‬وقال تعال‪{ :‬فا ْ‬ ‫[القصص‪ ]55:‬وقال تعال‪{ :‬فأعْ ِر ْ‬
‫صفْ َح الَمِيلَ} [الجر‪]85:‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪ 1/823‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬لا كان‬
‫ف العربِ ف القسمة‪ ،‬فقال رجلٌ‪ :‬واللّه إن‬ ‫يومُ حُني آثرَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ناسا من أشرا ِ‬
‫هذه قسم ٌة ما عُد َل فيها‪ ،‬وما أُريدَ فيها وجهُ اللّه‪ ،‬فقلت‪ :‬واللّه لخبنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫فأتيتُه فأخبتُه با قال‪ ،‬فتغيّرَ وجهُه حت كان كالصِرْف‪ ،‬ث قال‪َ :‬فمَ ْن َيعْدِلُ إذَا لَ ْم َيعْدِلِ اللّ ُه َو َرسُولُهُ‪ ،‬ث‬
‫صبَرَ" قلت‪ :‬الصرف بكسر الصاد الهملة وإسكان‬ ‫قال‪ :‬يَ ْرحَمُ اللّه مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأ ْكثَ َر مِ ْن هَذَا َف َ‬
‫الراء‪ ،‬وهو صبغ أحر‪)1( .‬‬

‫‪ 2/824‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪ :‬قَ ِد َم عُيينة بنُ حصن بن‬
‫حذيفة‪ ،‬فنل على ابن أخيه الرّ بن قيس‪ ،‬وكانَ من النفرِ الذين يُدنيهم عمرُ رضي اللّه عنه‪ ،‬وكان‬
‫القرّاءُ أصحابُ ملسِ عمرَ رضي اللّه عنه ومشاورته ُكهُو ًل كانوا أو شبّانا‪ ،‬فقال عيينة لبن أخيه‪ :‬يا بن‬
‫أخي‪ ،‬لك وجهٌ عن َد هذا المي فاستأذنْ ل عليه‪ ،‬فاستأذنَ فأذنَ له عمر‪ ،‬فلما دخلَ قال‪ِ :‬ه ْي يا بن‬
‫الطاب‪ ،‬فو اللّه ما تُعطينا الزل ول تكمُ فينا بالعدل‪ ،‬فغضبَ عمرُ رضي اللّه عنه حت همّ أن يُوقع‬
‫به‪ ،‬فقال له الرّ‪ :‬يا أميَ الؤمني! إن اللّه تعال قال لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم‪{" :‬خُ ِذ ال َع ْفوَ وأمُرْ‬

‫‪305‬‬
‫ف وأعْ ِرضْ عَ ِن الاهِلِيَ} [العراف‪ ]199:‬وإن هذا من الاهلي‪ ،‬واللّه ما جاوزَها عمرُ حي‬
‫بالعُرْ ِ‬
‫تلها عليه‪ ،‬وكان وقّافا عند كتاب اللّه تعال‪ . )2( .‬و"هِي"‪ :‬بكسر الاء وسكون الياء‪ ،‬كلمة تديد‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬هي ضمي وثّ مذوف أي‪ :‬هي داهية‪ .‬وف نسخة هيه باء السكت ف آخره‪ ،‬وف أخرى إيه‪،‬‬
‫وها بعن‪ :‬زدن‪).‬‬

‫ظ الِنسا ِن مَ ْن هُو أج ّل منه‬


‫بابُ وَع ِ‬

‫فيه حديثُ ابن عباس ف قصة عمر رضي اللّه عنه ف الباب قبلَه‪.‬‬

‫ظ والم ُر بالعروف والنهيُ‬ ‫ب ما تتأك ُد العناي ُة به‪ ،‬فيجبُ على الِنسان النصيح ُة والوع ُ‬ ‫اعلم أن هذا البا َ‬
‫عن النكر لكل صغي وكبي إذا ل يغلبْ على ظنه ترّتبُ مفسدةٍ على وعظه‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬ا ْدعُ إل‬
‫سنُ} [النحل‪ ]125:‬وأما الحاديثُ‬ ‫سَنةِ‪ ،‬وَجادِْلهُمْ باّلتِي ِهيَ أحْ َ‬
‫لكْ َمةِ وَا َلوْعِ َظ ِة الَ َ‬
‫ك با ِ‬
‫َسبِيلِ َربّ َ‬
‫بنحو ما ذكرنا فأكثرُ من أن تُحصر‪.‬‬

‫وأما ما يفعله كثيٌ من الناس من إهال ذلك ف حقّ كبار الراتب وتوههم أنّ ذلك حياء‪ ،‬فخطأٌ صري ٌح‬
‫وجه ٌل قبيحٌ‪ ،‬فإن ذلك ليس بياء‪ ،‬وإنا هو َخوَ ٌر ومهانةٌ وضعفٌ وعجزٌ‪ ،‬فإن الياءَ خيٌ كلّه‪ ،‬والياءُ ل‬
‫يأت إل بي‪ ،‬وهذا يأت بشرٌ‪ ،‬فليس بياء‪ ،‬وإنا الياءُ عند العلماء الربانيي والئمة الحققي‪ُ :‬خلُق يبعثُ‬
‫على ترك القبيح‪ ،‬وينعُ من التقصي ف حقّ ذي القّ‪ ،‬وهذا معن ما رويناه عن الُنيد رضي اللّه عنه ف‬
‫رسالة القشيي قال‪ :‬الياءُ رؤيةُ اللء‪ ،‬ورؤيةُ التقصي‪ ،‬فيتولد بينهما حالة تُسمّى حياء‪ .‬وقد أوضحتُ‬
‫هذا مبسوطا ف أوّل شرح صحيح مسلم‪ ،‬وللّه المد‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ المر بالوفاءِ بالعه ِد وال َوعْدِ‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَأوْفُوا ِب َعهْدِ اللّهِ إذَا عاهَ ْدتُم} [النحل‪ ]91:‬وقال تعال‪{ :‬يا أيّها الّذي َن أ َمنُوا أوْفُوا‬
‫سؤُولً}[السراء‪ .]34:‬واليات ف‬ ‫بالعُقُودِ} [الائدة‪ ]1:‬وقال تعال‪{ :‬وأوْفُوا بال َعهْ ِد إنّ ال َعهْ َد كانَ مَ ْ‬
‫ذلك كثية‪ ،‬ومن أشدّها قوله تعال‪{ :‬يا أيّها الّذينَ أمَنوا لِمَ تَقُولُونَ ما ل َت ْفعَلُونَ‪َ ،‬كبُ َر َمقْتا ِعنْدَ اللّ ِه أنْ‬
‫َتقُولُوا ما ل َت ْفعَلُونَ} [الصف‪]3:‬‬

‫‪306‬‬
‫‪ 1/825‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرةَ رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬آَي ُة الُنافِ ِق ثَلثٌ‪ :‬إذَا حَدّثَ كَذَبَ‪َ ،‬وإِذَا َوعَدَ أ ْخلَفَ‪َ ،‬وإِذَا اؤْتُمِنَ خانَ" زاد ف رواية‬
‫سلِمٌ" والحاديث بذا العن كثية‪ ،‬وفيما ذكرناه كفاية‪)3( .‬‬ ‫" َوإِنْ صَا َم وَصَلّى وَ َزعَ َم أنّهُ مُ ْ‬

‫وقد أجعَ العلماءُ على أن مَن وعد إنسانا شيئا ليس بنهيّ عنه فينبغي أن يفي بوعده‪ ،‬وهل ذلك واجبٌ‬
‫أو مستحبّ؟ فيه خلف بينهم؛ ذهب الشافع ّي وأبو حنيفة والمهورُ إل أنه مستحبّ‪ ،‬فلو تركه فاته‬
‫الفضل وارتكب الكروه كراهة تنيه شديدة‪ ،‬ولكن ل يأث؛ وذهبَ جاعةٌ إل أنه واجب‪ ،‬قال الِمامُ أبو‬
‫ت الالكية مذهبا‬ ‫بكر بن العرب الالكي‪ :‬أج ّل مَن ذهبَ إل هذا الذهب عمرُ بن عبد العزيز‪ ،‬قال‪ :‬وذهب ِ‬
‫ثالثا أنه إن ارتبط الوع ُد بسبب كقوله‪ :‬تزوّج ولك كذا‪ ،‬أو احلف أنك ل تشتمن ولك كذا‪ ،‬أو نو‬
‫ذلك‪ ،‬وجب الوفاء‪ ،‬وإن كان وعدا مُطلقا ل يب‪ .‬واستدلّ مَن ل يوجبه بأنه ف معن البة‪ ،‬والبة ل‬
‫تلزم إل بالقبض عند المهور‪ ،‬وعند الالكية‪ :‬تلزم قبل القبض‪.‬‬

‫ض عليه مالَه أو غيَه‬


‫بابُ استحباب دُعاء الِنسان لن عَ َر َ‬

‫‪ 1/826‬روينا ف صحيح البخاري وغيه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬لا قدموا الدينة نزل عب ُد‬
‫الرحن بن عوف على سعد بن الربيع فقال‪ :‬أُقاسك مال وأنزل لك عن إحدى امرأتّ‪ ،‬قال‪ :‬بارك اللّه‬
‫لك ف أهلك ومالك‪)4( .‬‬

‫بابُ ما يقولُه السلمُ للذميّ إذا فع َل به َمعْرُوفا‬

‫اعلم أنه ل يوز أن يُدعى له بالغفرة وما أشبهها ما ل يُقال للكفار‪ ،‬لكن يوزُ أن يُدعى بالداية وصحةِ‬
‫البدن والعافية وشبهِ ذلك‪.‬‬

‫‪ 1/827‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪ :‬استسقى النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫فسقاه يهوديّ‪ ،‬فقال له النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬جَمّلَكَ اللّهُ" فما رأى الشيب حت ماتَ‪)5( .‬‬

‫ك شيئا فأعجبَهُ وخاف أن يصيبه بعينه‬


‫بابُ ما يقولُه إذا رَأى مِن نفسِه أو ولده أو مالِه أو غي ذل َ‬
‫وأ ْن يتض ّررَ بذلك‬

‫‪307‬‬
‫‪ 1/828‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬ال َعيْنُ حَقّ"‪)6(.‬‬

‫‪ 2/829‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن ُأمّ سلمة رضي اللّه عنها‪ :‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم رأى ف‬
‫بيتها جاريةً ف وجهها سفعة فقال‪" :‬ا ْستَرْقُوا َلهَا‪ ،‬فإ ّن ِبهَا النّظْ َرةَ"‪)7(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬السّفعة بفتح السي الهملة وإسكان الفاء‪ :‬هي تغيّر وصفرة‪ .‬وأما النظرة فهي العي‪ ،‬يُقال صبّ‬
‫منظور‪ :‬أي أصابته العي‪.‬‬

‫‪ 3/830‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬ال َعيْنُ حَقٌ‪ ،‬وََل ْو كانَ َشيْ ٌء سابَقَ القَدَ َر َسَب َقتْهُ ال َعيْنُ‪ ،‬وَ ِإذَا ا ْسُتغْسلْتم فاغْسِلُوا"‪)8(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬قال العلماء‪ :‬الستغسال أن يُقال للعائن‪ ،‬وهو الصائب بعينه الناظر با بالستحسان‪ :‬اغسلْ داخلَ‬
‫إِزارك ما يلي اللد باء‪ ،‬ث يُصبّ على العي‪ ،‬وهو النظور إليه‪.‬‬

‫وثبت عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬كان يُؤمر العائن أن يَتوضأ ث يغتسل منه العي‪ .‬رواه أبو داود (‬
‫‪ )9‬بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪ 4/831‬وروينا ف كتاب الترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن أب سعيد الدريّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتعوّ ُذ من الانّ وعي الِنسان حت نزلت العوّذتان‪ ،‬فلما نزلتا‬
‫أخذَ بما وتر َك ما سواها‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)10( .‬‬

‫‪ 5/832‬وروينا ف صحيح البخاري حديث ابن عباس؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يُعوّذ‬
‫السن والسي‪ُ" :‬أعِيذُكُما بِكَلِماتِ اللّ ِه التّا ّم ِة مِنْ كُ ّل َشيْطانٍ وَها ّم ٍة وَمنْ كُ ّل َعيْنٍ َل ّمةٍ‪ ،‬ويقول‪ :‬إن‬
‫أباكما كا َن يعوّذ بما إساعي َل وإسحاقَ"‪)11(.‬‬

‫‪ 6/833‬وروينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬عن سعيد بن حكيم رضي اللّه عنه قال‪ :‬كان النبّ صلى اللّه‬
‫ف أن يُصيبَ شيئا بعينه قال‪" :‬الَلّهُمّ با ِركْ فِيهِ وَل َتضُ ّرهُ"‪)12(.‬‬
‫عليه وسلم إذا خا َ‬

‫‪ 7/834‬وروينا فيه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ,‬أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ رأى‬
‫جبَهُ فَقالَ‪ :‬ما شَاءَ اللّهُ ل ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ‪ ،‬لَ ْم َيضُ ّرهُ"‪)13(.‬‬
‫َشيْئا فَأعْ َ‬

‫‪308‬‬
‫‪ 8/835‬وروينا فيه‪ ،‬عن سهل بن حنيف رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫جبُهُ ف َنفْسِهِ أ ْو مَالِهِ فَ ْلُيبَ ّركْ عََليْهِ‪ ،‬فإ ّن العَيْنَ حَقّ"‪)14(.‬‬
‫إذَا رأى أحَدُكُ ْم ما ُيعْ ِ‬

‫‪ 9/836‬وروينا فيه‪ ،‬عن عامر بن ربيعة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫ع بالبَرَ َكةِ" ‪)15(.‬‬
‫جبُهُ فَ ْليَ ْد ُ‬
‫جبَ ُه ما ُيعْ ِ‬
‫إِذَا رأى أحدُكم من نفسِه ومالِه وأعْ َ‬

‫وذكر الِمامُ أبو ممد القاضي حسي من أصحابنا رحهم اللّه ف كتابه التعليق ف الذهب قال‪ :‬نظ َر‬
‫ت منهم‬‫ض النبياء ـ صلواتُ اللّه وسلمُه عليهم أجعي ـ إل قومه يوما فاستكثَرهم وأعجبُوه‪ ،‬فما َ‬ ‫بع ُ‬
‫صنَْتهُمْ لَمْ‬
‫ك ِعنَْتهُمْ‪ ،‬وََل ْو أنّكَ إ ْذ ِعْنَتهُمْ َح ّ‬
‫ف ساعة سبعون ألفا‪ ،‬فأوحى اللّه سبحانه وتعال إليه‪ :‬أنّ َ‬
‫صنُْتكُ ْم بالَ ّي القَيّومِ الّذي ل‬ ‫صُنهُمْ؟ فأوحى اللّه تعال إليه‪ :‬تقولُ‪َ :‬ح ّ‬ ‫َيهِْلكُوا‪ ،‬قال‪ :‬وَبأيّ َشيْءٍ أُ َح ّ‬
‫ت أبَدا‪َ ،‬ودََف ْعتُ َعنْكُمُ السّو َء بِل َحوْ َل وَل ُقوّةَ إِلّ باللّ ِه العَِليّ العَظيمِ‪ .‬قال العلّق عن القاضي‬ ‫يَمُو ُ‬
‫حسي‪ :‬وكان عادة القاضي رحه اللّه إذا نظرَ إل أصحابه فأعجبَه سَ ْمتُهم وحسنُ حالم‪ ،‬حصّنهم بذا‬
‫الذكور‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب وما يَكره‬
‫ح ّ‬
‫بابُ ما يقول إذا رأى ما يُ ِ‬

‫‪ 1/837‬روينا ف كتاب ابن ماجه وابن السن‪ ،‬بإسناد جيد‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬كان‬
‫حبّ قال‪" :‬الَمْدُ لِلّ ِه الّذي ِبِنعْ َمتِهِ َتتِ ّم الصّالِحاتُ" وإذا‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا رأى ما يُ ِ‬
‫رأى ما يكره قال‪" :‬الَ ْمدُ لِلّهِ على كلّ حالٍ" قال الاكم أبو عبد اللّه‪ :‬هذا حديث صحيح الِسناد(‬
‫‪)16‬‬

‫بابُ ما يقولُ إذا نظَرَ إل السّماء‬

‫ت هَذَا بَا ِطلً ُسبْحانَكَ َفقِنا عَذَابَ النّار} [آل عمران‪ ]191:‬إل‬
‫يُستحبّ أن يقول‪َ { :‬ربّنا ما خََل ْق َ‬
‫آخر اليات‪ ،‬لديث ابن عباسٍ رضي اللّه عنهما الخرّج ف صحيحيهما أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال ذلك‪ ،‬وقد سب َق بيانُه (‪ ، )17‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ ما يَقول إذا تطيّ َر بشيء‬

‫‪309‬‬
‫‪ 1/838‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن معاوية بن الكم السلميّ الصحاب رضي اللّه عنه قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫ك َشيْءٌ َيجِدُونَه ف صُدُو ِرهِمْ‪ ،‬فَل َيصُ ّدّنهُمْ"‪)18(.‬‬
‫يارسول اللّه! منّا رجال يتطيون‪ ،‬قال‪" :‬ذل َ‬

‫‪ 2/839‬وروينا ف كتاب ابن السن وغيه‪ ،‬عن عروة (‪ )19‬بن عامر الهنّ رضي اللّه عنه قال‬
‫سُئل النبّ صلى اللّه عليه وسلم عن ال ّطيَرة فقال‪" :‬أصْدَقُها الفأَلُ‪ ،‬وَل يَ ُر ّد مُسْلِما‪َ ،‬وإِذَا رأيتُ ْم مِنَ ال ّطيَ َرةِ‬
‫َشيْئا َتكْ َرهُونَهُ فَقولُوا‪ :‬الّلهُم ل يأتِي بالَسَناتِ إِلّ َأْنتَ‪ ،‬وَل يَ ْذ َهبُ بالسّيّئاتِ إِلّ أْنتَ‪ ،‬وَل َحوْ َل وَل‬
‫ُق ّوةَ إِلّ بالِ"‪)20(.‬‬

‫بابُ ما يَقو ُل عندَ دُخول المّام‬

‫قيل‪ :‬يستحبّ أن يُس ّميَ اللّه تعال‪ ،‬وأنْ يسألَه الّنةَ‪ ،‬ويستعيذَه من النار‪.‬‬

‫‪ 1/840‬روينا ف كتاب ابن السن‪ ،‬بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫لّنةَ وَا ْستَعا َذهُ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ِ" :‬نعْ َم البَْيتُ الَمّا ُم يَدْ ُخلُهُ الُسِْلمُ‪ ،‬إذَا َدخَلَهُ سألَ اللّ َه عَ ّز وَجَ ّل ا َ‬
‫مِ َن النّارِ"‪)21(.‬‬

‫بابُ ما يَقولُ إذا اشترى غُلما أو جَاريةً أو داّبةً‪ ،‬وما يقولُه إذا قَضى َديْنا‬

‫يُستحبّ ف الوّل أن يأخ َذ بناصيته ويقول‪ :‬الّلهُمّ إن أسألُكَ َخيْ َر ُه وَ َخيْ َر مَا ُجبِ َل عََليْهِ‪ ،‬وَأعُو ُذ بِكَ مِنْ‬
‫شَ ّر ِه َوشَرّ ما ُجبِ َل عََليْهِ‪.‬‬

‫وقد سبق ف كتاب أذكار النكاح الديث الوارد ف نو ذلك ف سنن أب داود وغيه‪ ،‬ويقول ف قضاء‬
‫ك وَمالِكَ" و" َجزَاكَ َخيْرا" (‪)22‬‬
‫الدّين "با َركَ اللّهُ لَكَ ف أهْلِ َ‬

‫ليْ ِل ويُدعى ل ُه به‬


‫بابُ ما يقو ُل مَن ل يَثبتُ على ا َ‬

‫‪ 1/841‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جرير بن عبد اللّه البجليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫شكوتُ إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم أن ل أثبتُ على اليل‪ ،‬فضربَ بيده ف صدري وقال‪" :‬الّلهُ ّم َثبّتْهُ‬
‫وَا ْجعَلْهُ هادِيا َمهْ ِديّا"‪)23(.‬‬

‫‪310‬‬
‫ث الناسَ با ل يَفهمونه‪ ،‬أو يُخافُ عليهم من تريف معناه وحلِهِ‬
‫بابُ نيِ العال وغيِه أن يُحدّ َ‬
‫على خلف الراد منه‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَما أَ ْرسَلْنا مِنْ َرسُولٍ إِ ّل بِلِسانِ َق ْومِهِ ِلُيبَيّنَ َلهُمْ} [إبراهيم‪.]4:‬‬

‫‪ 1/842‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعاذ رضي‬
‫ت يا مُعاذُ؟!"‪)24(.‬‬
‫اللّه عنه حي طوّل الصلة بالماعة‪" :‬أفتّا ٌن أنْ َ‬

‫‪ 2/843‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬حدّثوا الناسَ با يَعرفون‪ ،‬أتِبّون‬
‫أن يُكذّب اللّ ُه ورسولُه صلى اللّه عليه وسلم؟(‪ ()25‬البخاري (‪ ، )127‬والراد بقوله "يعرفون" أي‪:‬‬
‫يفهمون‪).‬‬

‫بابُ استنصات العال والواعظِ حاضري ملسِه ليتوَفّروا على استماعِه‬

‫‪ 1/844‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن جرير بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‪ :‬قال ل النبّ‬
‫ت الناسَ‪ ،‬ث قال‪ :‬ل تَرْ ِجعُوا َبعْدي ُكفّارا يَضْرِبُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ف حجة الوداع‪" :‬اسَْتْنصِ ِ‬
‫ب َب ْعضٍ"‪)26(.‬‬
‫ضكُمْ رِقا َ‬
‫َبعْ ُ‬

‫صوَابٌ‬
‫بابُ ما يقولُه الرج ُل الُقتدى به إذا فعل شيئا ف ظاهره مالف ٌة للصوابِ مع أنه َ‬

‫اعلم أنه يُستحبّ للعال والعلّم والقاضي والفت والشيخ الربّي وغيهم مّن يقتدى به ويؤخذ عنه‪ :‬أن‬
‫يتنب الفعا َل والقوا َل والتصرّفات الت ظاهرها خلف الصواب وإن كان مقّا فيها‪ ،‬لنه إذا فعلَ ذلك‬
‫ترّتبَ عليه مفاسد من جلتها‪ :‬توهم كثي مّن يعلم ذلك منه أن هذا جائز على ظاهره بكل حال‪ ،‬وأن‬
‫يبقى ذلك شرعا وأمرا معمولً به أبدا‪ ،‬ومنها وقوع الناس فيه بالتنقص‪ ،‬واعتقادهم نقصه وإطلق‬
‫ألسنتهم بذلك؛ ومنها أن الناس يُسيئون الظ ّن به فينفرون عنه‪ ،‬وُيَنفّرون غيهم عن أخذ العلم عنه‬
‫وتَسقط رواياته وشهادته‪ ،‬ويبطلُ العمل بفتواه‪ ،‬ويذهبُ ركون النفوس إل ما يقولُه من العلوم‪ ،‬وهذه‬
‫مفاسد ظاهرة؛ فينبغي له اجتناب أفرادها‪ ،‬فكيف بجموعها؟ فإن احتاج إل شيء من ذلك وكان مقّا‬
‫ف نفس المر ل يظهره‪ ،‬فإن أظهرَه أو ظه َر أو رأى الصلحةَ ف إظهاره ليعلم جوازه وحكمُ الشرع فيه‪،‬‬
‫فينبغي أن يقولَ‪ :‬هذا الذي فعلتُه ليس برام‪ ،‬أو إنا فعلتُه لتعلموا أنه ليس برام إذا كان على هذا الوجه‬
‫الذي فعلتُه‪ ،‬وهو كذا وكذا‪ ،‬ودليلُه كذا وكذا‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫‪ 1/845‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سهل بن سعدٍ الساعديّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬رأي ُ‬
‫ت‬
‫رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قا َم على الِنب‪ ،‬فكبّر على الرض‪ ،‬ث عادَ إل النب حت فرغَ من صلتِه‪،‬‬
‫ت هَذَا ِلتَأتَمّوا بِي وَِلتَعَلّمُوا صَلت" والحاديثُ ف هذا‬
‫صَنعْ ُ‬
‫ث أقب َل على الناس فقال‪" :‬أيّها النّاسُ! إنّمَا َ‬
‫صفِّيةُ" (‪)27‬‬ ‫الباب كثيةٌ كحديث "إّنهَا َ‬

‫وف البخاري (‪ : )28‬أن عليّا شربَ قائما وقال‪ :‬رأيتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعلَ كما‬
‫رأيتمون فعلتُ‪ .‬والحاديثُ والثارُ ف هذا العن ف الصحيح مشهورة‪.‬‬

‫بابُ ما يقولُه التابعُ للمتبوعِ إذا فعلَ ذلك أو نوه‬

‫اعلم أنه يُستحبّ للتابع إذا رأى من شيخه وغيه مّن يُقتدى به شيئا ف ظاهره مالفة للمعروف أن‬
‫يسأله عنه بنيّة السترشاد‪ ،‬فإن كان قد فعلَه ناسيا تداركَه‪ ،‬وإن كان فعلَه عامِدا وهو صحيحٌ ف نفس‬
‫المر‪َ ،‬بيّنه له‪:‬‬

‫‪ 1/846‬فقد روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أُسامة بن زيد رضي اللّه عنهما قال‪ :‬دف َع‬
‫رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم من عَرََفةَ حت إذا كان بالشّعب نزلَ‪ ،‬فَبا َل ث توضأ‪ ،‬فقلتُ‪ :‬الصل َة يا‬
‫رسول اللّه؟! فقال‪" :‬الصّلةُ أمامَكَ"‪)29(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬إنا قال أُسامة ذلك‪ ،‬لنه ظنّ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم نسي صلة الغرب‪ ،‬وكان قد دخل‬
‫وقتها قربَ خروجه‪.‬‬

‫‪ 2/847‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬قولَ سعد بن أب وقاص‪ :‬يا رسولَ اللّه! ما لك عن فلن؟ واللّه إن‬
‫لراه مؤمنا‪)30( .‬‬

‫‪ 3/848‬وف صحيح مسلم‪ ،‬عن بريدة؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم صلّى الصلواتِ يومَ الفتح‬
‫صنَ ْعتُ ُه يا عُمَرُ!" ونظائر‬
‫بوُضوء واحد‪ ،‬فقال عمر‪ :‬لقد صنعتَ اليومَ شيئا ل تك ْن تصنعه‪ ،‬فقال‪" :‬عَمْدا َ‬
‫هذا كثية ف الصحيح مشهورة‪)31( .‬‬

‫لثّ على الُشَاورة‬


‫بابُ ا َ‬

‫‪312‬‬
‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَشاوِ ْرهُمْ ف المْرِ} [آل عمران‪ ]159 :‬والحاديثُ الصحيحةُ ف ذلك كثيةٌ‬
‫مشهورة‪.‬‬

‫وتُغن هذه الية الكرية عن كلّ شيء‪ ،‬فإنه إذا أمرَ اللّه سبحانه وتعال ف كتابه نصّا جليّا‪ ،‬نبّه نبيّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم بالشاورة مع أنه أكمل اللق‪ ،‬فما الظن بغيه؟‪.‬‬

‫واعلم أنه يُستحبّ لن همّ بأمر أن يُشاور فيه مَن يَث ُق بدينه وخبته وحذقه ونصيحته ووَرَعه وشفقته‪.‬‬
‫ويُستحبّ أن يُشاور جاعة بالصفة الذكورة ويستكثر منهم‪ ،‬ويعرّفهم مقصودَه من ذلك المر‪ ،‬ويُبيّن‬
‫لم ما فيه من مصلحة ومفسدة إن علم شيئا من ذلك‪ ،‬ويتأكّدُ الم ُر بالشاورة ف ح ّق ولة المور العامة‬
‫كالسلطان والقاضي ونوها‪ ،‬والحاديث الصحيحة ف مشاورة عمر بن الطاب رضي اللّه عنه أصحابَه‬
‫ورجوعِه إل أقوالم كثية مشهورة‪ ،‬ث فائدة الشاورة القَول من الستشار إذا كان بالصفة الذكورة‪ ،‬ول‬
‫تظهر الفسدة فيما أشار به‪ ،‬وعلى الستشار بذل الوسع ف النصيحة وإعمال الفكر ف ذلك‪.‬‬

‫‪ 1/849‬فقد روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن تيم الداريّ رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫حةُ‪ ،‬قالوا‪ :‬لن يا رسول اللّه؟! قال‪ِ :‬للّ ِه وكِتابِ ِه وَ َرسُولِهِ وأئ ّم ِة الُسْلِمِيَ‬
‫وسلم أنه قال‪" :‬الدّي ُن النّصِي َ‬
‫وَعا ّمِتهِمْ"‪)32(.‬‬

‫‪ 2/850‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ستَشا ُر ُم ْؤتَمَنٌ"‪)33(.‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الُ ْ‬

‫ب الكَلَم‬
‫لثّ على ِطيْ ِ‬
‫بابُ ا َ‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَا ْخ ِفضْ َجنَاحَكَ لِل ُم ْؤ ِمنِيَ} [الجر‪]88:‬‬

‫‪ 1/851‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عديّ بن حات رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬اّتقُوا النّا َر وََل ْو بِشِ ّق تَمْ َرةٍ‪ ،‬فَ َمنْ لَ ْم يَجِدْ َفبِكَِل َمةٍ طَّيَبةٍ"‪)34(.‬‬

‫‪ 2/852‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫صدََقةٌ‪ ،‬وتُعِيُ‬
‫س َتعْدِ ُل َبيْنَ الْثنَيْنِ َ‬
‫صدََقةٌ‪ ،‬كُ ّل َي ْومٍ تَ ْطلُعُ فِيهِ الشّ ْم ُ‬
‫س عََليْهِ َ‬
‫وسلم‪" :‬كُ ّل سُلمَى مِ َن النّا ِ‬

‫‪313‬‬
‫صدََقةٌ‪ ،‬قال‪ :‬وَالكَِل َمةُ ال ّطيَّبةُ صَدََقةٌ‪َ ،‬وِبكُلّ خُ ْط َوةٍ‬
‫الرّجُلَ ف دَاّبتِهِ َفَتحْمِلُ ُه عََليْها أ ْو تَرْفَعُ لَ ُه عَليْها مَتاعَهُ َ‬
‫صدََقةٌ‪ ،‬وتُميطُ الذَى عَنِ الطّرِيقِ صَدََقةٌ"‪)35(.‬‬ ‫تَمشِيها إل الصّلةِ َ‬

‫سلَمَى بضم السي وتفيف اللم‪ :‬أح ُد مفاصل أعضاء الِنسان‪ ،‬وجعه‪ :‬سُل َميَات بضم السي‬‫قلتُ‪ :‬ال ّ‬
‫وفتح اليم وتفيف الياء‪ ،‬وتقدم ضبطها ف أوائل الكتاب‪.‬‬

‫‪ 3/853‬وروينا ف صحيح مسلم عن أب ذرّ رضي اللّه عنه قال‪:‬قال ل النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫حقِ َر ّن مِنَ ا َلعْرُوفِ َشيْئا وََلوْ َأنْ تَ ْلقَى أخَا َك ِبوَجْ ٍه طَلْقٍ"‪)36(.‬‬
‫ل تَ ْ‬

‫بابُ استحباب بيان الكلم وإيضاحه للمخاطب‬

‫‪ 1/854‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬كان كلم رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ل يفهمه ك ّل مَن يسمعُه‪)37( .‬‬
‫عليه وسلم كلما فص ً‬

‫‪ 2/855‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬أنه كان‬
‫إذا تكلّم بكلمة أعادها ثلثا حت تُفهم عنه‪ ،‬وإذا أتى على قوم فسلّم عليهم‪ ،‬سلّم عليهم ثلثا‪)38( .‬‬

‫بابُ الزاح‬

‫‪ 1/856‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم كان يقو ُل لخيه الصغي‪" :‬يا أبا عُ َميْرٍ ما َفعَلَ الّن َغيْرُ"‪.‬‬

‫‪ 2/857‬وروينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن أنس أيضا؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال له‪" :‬‬
‫يا ذَا الُ ُذنَيْنِ" قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح‪)39( .‬‬

‫ل أتى النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسولَ اللّه!‬
‫‪ 3/858‬وروينا ف كتابيهما أيضا؛أن رج ً‬
‫احلن‪ ،‬فقال‪" :‬إن حامِلُكَ على وَلَ ِد النّاَقةِ" فقال‪ :‬يا رسولَ اللّه! وما أصن ُع بولد الناقة؟ فقال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬وهَ ْل تَل ُد الِبلَ إِلّ النّوقُ؟" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)40( .‬‬

‫‪ 4/859‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قالوا‪ :‬يا رسولَ اللّه! إنك‬
‫تداعبنا‪ .‬قال‪" :‬إن ل أقُولُ إِلّ َحقّا" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)41( .‬‬

‫‪314‬‬
‫‪ 5/860‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬عن النب صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬ل تُمَارِ أخاكَ وَل تُما ِزحْ ُه وَل تَعِ ْد ُه َم ْوعِدا َفُتخِْلفَهُ"‪)42(.‬‬

‫ح النهيّ عنه‪ ،‬هو الذي فيه إفراط ويُداوم عليه‪ ،‬فإنه يُورث الضحك وقسو َة القلب‪،‬‬ ‫قال العلماء‪ :‬الزا ُ‬
‫ويُشغل عن ذكر اللّه تعال والفكر ف مهمات الدين‪ ،‬ويؤولُ ف كثي من الوقات إل الِيذاء‪ ،‬ويُورث‬
‫الحقاد‪ ،‬ويُسقطُ الهاب َة والوقارَ‪ .‬فأما ما سَِلمَ من هذه المور فهو الباحُ الذي كان رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم يفعله‪ ،‬فإنه صلى اللّه عليه وسلم إنا كان يفعله ف نادر من الحوال لصلحة وتطييب نفس‬
‫الخاطب ومؤانسته‪ ،‬وهذا ل منعَ منه قطعا‪ ،‬بل هو سّن ٌة مستحبةٌ إذا كان بذه الصفة‪ ،‬فاعتمدْ ما نقلناه‬
‫ج إليه‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬
‫عن العلماء وحقّقناه ف هذه الحاديث وبيان أحكامها‪ ،‬فإنه ما يَعظمُ الحتيا ُ‬

‫بابُ الشّفاعَة‬

‫ب الشفاعة إل ولة المر وغيهم من أصحاب القوق والستوفي لا ما ل تكن شفاع ًة‬ ‫اعلم أنه تُستح ّ‬
‫ف ح ّد أو شفاعةً ف أمر ل يوز تركهُ؛ كالشفاعة إل ناظ ٍر على طفل أو منون أو وقف‪ ،‬أو نو ذلك ف‬
‫ترك بعض القوق الت ف وليته‪ ،‬فهذه كلّها شفاعة مرّمة ترم على الشافع‪ ،‬ويرم على الشفوع إليه‬
‫قبولا‪ ،‬ويرم على غيها السعي فيها إذا علمها؛ ودلئلُ جيع ما ذكرته ظاهرة ف الكتاب والسنّة‬
‫شفَعْ َشفَا َعةً‬
‫سَن ًة َيكُنْ لَ ُه نَصِيبٌ ِمنْها‪َ ،‬ومَ ْن يَ ْ‬
‫شفَ ْع شَفاعَةً حَ َ‬
‫وأقوال علماء المة‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬مَ ْن يَ ْ‬
‫َسيَّئ ًة َيكُنْ لَهُ ِكفْ ٌل ِمنْها‪ ،‬وكانَ اللّهُ على كُ ّل َشيْءٍ ُمقِيتا} [النساء‪ ]85:‬القيت‪ :‬القتدر والقدّر‪ ،‬هذا‬
‫قول أهل اللغة‪ ،‬وهو مك ّي عن ابن عباس وآخرين من الفسرين‪ .‬وقال آخرون منهم القيت‪ :‬الفيظ‪،‬‬
‫وقيل القيت‪ :‬الذي عليه قوت كل دابة ورزقها‪ .‬وقال الكلب‪ :‬القيت الجازي بالسنة والسيئة‪ ،‬وقيل‬
‫القيت الشهيد‪ ،‬وهو راجع إل معن الفيظ‪ .‬وأما الكِفْل فهو الظ والنصيب‪ ،‬وأما الشفاعة الذكورة ف‬
‫الية‪ :‬فالمهور على أنا هذه الشفاعة العروفة‪ ،‬وهي شفاعة الناس بعضهم ف بعض؛ وقيل الشفاعة‬
‫السنة أن يشفع إيانه بأنه يقاتل الكفار‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪ 1/861‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه قال‪:‬كان النب‬
‫صلى اللّه عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال‪" :‬ا ْش َفعُوا ُتؤْجَرُوا‪َ ،‬وَي ْقضِي اللّه على‬
‫لسانِ َنِبيّهِ ما أ َحبّ" وف رواية "ما شاءَ" وف رواية أب داود "ا ْش َفعُوا إِلّ ِلُتؤْجَرُوا‪ ،‬وَْليَ ْقضِ اللّهُ على‬
‫لِسانِ َنِبيّهِ ما شاءَ" وهذه الرواية توضّح معن رواية الصحيحي‪)43( .‬‬

‫‪315‬‬
‫‪ 2/862‬وروينا ف صحيح البخاري‪،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ف قصة بريرة وزوجها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قال لا النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لوْ رَاجعتِيهِ؟ قالت‪ :‬يا رسول اللّه تأمرن؟ قال‪ :‬إنا أ ْشفَعُ‪ ،‬قالتْ‪ :‬ل‬
‫حاجةَ ل فيه"‪)44(.‬‬

‫‪ 3/863‬وروينا ف صحيح البخاري‪،‬عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬لا َق ِدمَ عيينةُ بن حصن بن حذيفة بن بدر‬
‫نز َل على ابن أخيه ال ّر بن قيس‪ ،‬وكانَ من النفر الذين يُدنيهم عمرُ رضي اللّه عنه‪ ،‬فقال عيينة‪ :‬يا بن‬
‫أخي! لك وجهٌ عند هذا المي فاستأذنْ ل عليه‪ ،‬فاستأذنَ له عمرَ‪ ،‬فلما دخل قال‪ :‬هي يا بن الطاب!‬
‫فو اللّه ما تُعطينا الزلَ ول تك ُم بيننا بالعدل‪ ،‬فغضبَ عمر حت همّ أن يُوقع به‪ ،‬فقال الرّ‪ :‬يا أميَ‬
‫ض عَنِ‬
‫الؤمني! إن اللّه ع ّز وجلّ قال لنبيه صلى اللّه عليه وسلم‪ُ { :‬خ ِذ ال َع ْف َو َوأْمُرْ بالعُ ْرفِ‪ ،‬وأعْ ِر ْ‬
‫الاهِلي} [العراف‪ ]199 :‬وإن هذا من الاهلي‪ ،‬فو اللّه ما جاوزها عمرُ حي تلها عليه‪ ،‬وكان‬
‫وقّافا عند كتاب اللّه تعال‪)45( .‬‬

‫بابُ استحباب التّبْش ِي والتّهنئةِ‬

‫حيَى} [آل عمران‪]39:‬‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬فَنا َدتْ ُه الَلِئ َكةُ وهُو قائِ ٌم يُصلّي ف الِحْرابِ أنّ اللّ َه ُيبَشّ ُركَ ِبيَ ْ‬
‫وقال تعال‪{ :‬ولّا جاءتْ ُرسُلُنا إبرَاهِيمَ بالبُشْرَى} [العنكبوت‪ ]31:‬وقال تعال‪{ :‬وَلَقَدْ جاءَتْ ُرسُلُنا‬
‫إبْرَاهِي َم بالبُشْرَى} [هود‪ ]69:‬وقال تعال‪َ{ :‬فبَشّ ْرنَاهُ بِغُلم حَلِيمٍ} [الصّافات‪ ]101:‬وقال تعال‪{ :‬‬
‫قالُوا ل تَخَفْ َوبَشّرُو ُه ِبغُل ٍم عَلِيمٍ} [الذاريات‪ ]28:‬وقال تعال‪{ :‬قالُوا ل َتوْجَ ْل إنّا نُبشّ ُر َك ِبغُلمٍ‬
‫حقَ‬‫ح َق وَمنْ وَرَاءِ إسْ َ‬ ‫ح َكتْ َفبَشّرْناها بإسْ َ‬ ‫عَلِيمٍ} [الجر‪ ]53:‬وقال تعال‪{ :‬وَامْرأتُهُ قائِ َمةٌ َفضَ ِ‬
‫ت الَلِئ َكةُ يا مَ ْريَمُ ِإنّ اللّ َه يُبَشّ ُر َك ِبكَلِ َم ٍة ِمنْهُ} الية[آل‬‫َيعْقُوبََ} [هود‪ ]71:‬وقال تعال‪{ :‬إِذ قَاَل ِ‬
‫ك الّذي ُيبَشّرُ اللّهُ عبا َد ُه الّذينَ آ َمنُوا وَعَ ِملُوا الصّالات} [الشورى‪:‬‬ ‫عمران‪ ،]45:‬وقال تعال‪{ :‬ذل َ‬
‫سنَهُ} [الزمر‪17:‬ـ ‪ ]18‬وقال‬ ‫ستَمِعونَ ال َقوْلَ َفَيتّبِعونَ أحْ َ‬ ‫‪ ]23‬وقال تعال‪َ{ :‬فبَشّ ْر عِبادِ‪ ،‬الّذينَ يَ ْ‬
‫ي والُ ْؤمِناتِ‬ ‫تعال‪{ :‬وَأبْشِرُوا بالَّن ِة الّت ُكْنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصّلت‪ ]30:‬وقال تعال‪{ :‬يَ ْو َم تَرى ا ُلؤْ ِمنِ َ‬
‫حتِها الْنهَارُ} [الديد‪ ]12:‬وقال‬ ‫شرَاكُمُ الَي ْومَ َجنّاتٌ َتجْرِي مِ ْن َت ْ‬ ‫سعَى نُو ُرهُمْ بَيْنَ َأيْدِيهِ ْم وبأيَاِنهِمْ بُ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫ضوَا ٍن وَ َجنّاتٍ َلهُمْ فِيها َنعِي ٌم ُمقِيمٌ} [التوبة‪.]21:‬‬ ‫تعال‪{ :‬يُبَشّ ُرهُمْ َرّبهُمْ ِبرَحْ َم ٍة ِمنْ ُه وَرِ ْ‬

‫وأما الحاديث الواردة ف البشارة فكثية جدا ف الصحيح مشهورة‪ ،‬فمنها حديث تبشي خدية رضي‬
‫اللّه عنها ببيت ف النة من قصب ل نصبَ فيه ول صخب (‪ . )46‬ومنها حديث كعب بن مالك‬

‫‪316‬‬
‫رضي اللّه عنه الخرّج ف الصحيحي (‪ )47‬ف قصة توبته قال‪ :‬سعت صوت صارخ يقو ُل بأعلى‬
‫ب الناسُ يبشروننا‪ ،‬وانطلقتُ أتأمّم رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬ ‫صوته‪ :‬يا كعبَ بن مالك أبشر‪ ،‬فذه َ‬
‫وسلم يتلقان الناسُ فوجا فوجا يهنئون بالتوبة‪ ،‬ويقولون‪ :‬ليهنئك توبةُ اللّه تعال عليك حت دخلتُ‬
‫السجدَ‪ ،‬فإذا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم حولَه الناس‪ ،‬فقام طلح ُة بن عبيد اللّه يُهرول حت صافحن‬
‫وهنّأن‪ ،‬وكان كعبٌ ل ينساها لطلحة؛ قال كعبُ‪ :‬فلما سلّمتُ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫خيْ ِر َي ْومٍ مَرّ عََليْكَ ُمنْ ُذ وَلَدتْكَ ُأمّكَ"‪.‬‬
‫قال وهو ُيبْرقُ وجهُه من السرور‪" :‬أبْشِ ْر ِب َ‬

‫بابُ جَواز التعجّب بلفظ التّسبي ِح والتّهلي ِل ونوها‬

‫‪ 1/864‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم لقيه وهو ُجنُب‪ ،‬فانس ّل فذهبَ فاغتسلَ‪ ،‬فتفقّده النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فلما جاء قال‪" :‬أيْنَ‬
‫ت يا أبا هُ َرْي َرةَ؟!" قال‪ :‬يا رسول اللّه! لقيتن وأنا ُجنُب فكرهتُ أن أُجالسَك حت أغتسل‪ ،‬فقال‪" :‬‬ ‫ُكنْ َ‬
‫جسُ"‪)48(.‬‬ ‫ُسبْحانَ اللّه! إنّ ا ُل ْؤمِ َن ل يَنْ ُ‬

‫‪ 2/865‬وروينا ف صحيحيهما عن عائشة رضي اللّه عنها‪:‬أن امرأة سألتِ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ص ًة مِ ْن مِسْكٍ َفتَ َطهّري ِبهَا‪ ،‬قالت‪ :‬كيف‬
‫عن غسلها من اليض‪ ،‬فأمرَها كيف تغتسلُ قال‪" :‬خُذِي ِفرْ َ‬
‫أتطهرُ با؟ قال‪ :‬تَطَهرِي ِبهَا‪ ،‬قالت‪َ :‬كيْفَ؟ قال‪ :‬سبْحانَ اللّهِ! تَ َطهّرِي‪ ،‬فاجتذبتُها إلّ فقلتُ‪ :‬تتبعي أثرَ‬
‫الدم"‪)49(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬هذا لفظ إحدى روايات البخاري‪ ،‬وباقيها روايات مسلم بعناه‪ ،‬والفِرصة بكسر الفاء وبالصاد‬
‫الهملة‪ :‬القطعة‪ .‬والسك بكسر اليم‪ :‬وهو الطيب العروف‪ ،‬وقيل اليم مفتوحة‪ ،‬والراد اللد‪ ،‬وقيل‬
‫أقوال كثية‪ :‬والختار أنا تأخذ قليلً من مسك فتجعله ف قطنة أو صوفة أو خرقة أو نوها فتجعله ف‬
‫الفرج لتُطّيبَ الحلّ وتزيلَ الرائحةَ الكريهة؛ وقيل‪ :‬إن الطلوب منه إسراع علوق الولد‪ ،‬وهو ضعيف‪،‬‬
‫واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪ 3/866‬وروينا ف صحيح مسلم عن أنس رضي اللّه عنه‪:‬أن أُختَ ال ّرَبيّع ُأمّ حارثة جرحت إنسانا‪،‬‬
‫فاختصموا إل النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال‪" :‬القِصَاصَ ال ِقصَاصَ"‪ .‬فقالت ُأمّ ال ُرَبيّع‪ .‬يا رسول اللّه!‬
‫أتقتصّ من فلنة واللّه ل يُقتصّ منها؟ فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬سُبْحانَ اللّ ِه يا ُأمّ ال ُربَيّع!‬

‫‪317‬‬
‫ال ِقصَاصُ كتابُ اللّه"(‪ )50‬قلتُ‪ :‬أصل الديث ف الصحيحي‪ ،‬ولكن هذا الذكور لفظ مسلم وهو‬
‫غرضنا هنا‪ ،‬وال ُرَبيّع‬

‫بضم الراء وفتح الباء الوحدة وكسر الياء الشددة‪.‬‬

‫‪ 4/867‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عِمرانَ بن الُصي رضي اللّه عنهما ف حديثه الطويل‪ :‬ف قصة‬
‫ت إن نّاها اللّه تعال لتنحرنّها‪،‬‬
‫الرأة الت أُسرت‪ ،‬فانفلتتْ وركبتْ ناقةَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬ونذر ْ‬
‫فجاءت فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ُ " :‬سبْحانَ اللّه! ِبْئسَ ما َج َزتْها"‪)51(.‬‬

‫‪ 5/868‬وروينا ف صحيح مسلم‪،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه‪ ،‬ف حديث الستئذان أنه‬
‫قال عمر رضي اللّه عنه‪ ...‬الديث‪ ،‬وف آخره‪ :‬يا ابْ َن الَطابِ! ل َتكُونَ ّن عَذَابا على أصْحابِ َرسُول‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬سبحانَ اللّه! إنا سعتُ شيئا فأحببتُ أن أتََثّبتَ‪)52( .‬‬

‫‪ 6/869‬وروينا ف الصحيحي ف حديث عبد اللّه بن سلم الطويل لا قيل‪:‬إنك من أهل النة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫سبحان اللّه! ما ينبغي لحد أن يقول ما ل يعلم‪ ،‬وذكر الديث‪)53( .‬‬

‫بابُ الم ِر بالعروف والنّهي عن النكرِ‬

‫هذا الباب أه ّم البواب‪ ،‬أو من أهّها لكثرة النصوص الواردة فيه‪ ،‬لعظم موقعه وشدّة الهتمام به‪ ،‬وكثرة‬
‫تساهل أكثر الناس فيه‪ ،‬ول يكن استقصاء ما فيه هنا لكن ل ن ّل بشيء من أصوله‪ ،‬وقد صنّفَ العلماء‬
‫فيه متفرّقات‪ ،‬وقد جعتُ قطعةً منه ف أوائل شرح صحيح مسلم‪ ،‬ونبّهت فيه على مهمات ل يُستغن‬
‫ف َوَيْنهَ ْونَ عَن النكَر‬ ‫ليْرِ؛ ويأْمرونَ با َلعْرو ِ‬‫عن معرفتها‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَلَْتكُ ْن ِمنْكُمْ ُأ ّم ٌة يَ ْدعُونَ إل ا َ‬
‫ك هُمُ ا ُلفِْلحُونَ} [آل عمران‪ ]104 :‬وقال تعال‪{ :‬خُ ِذ ال َع ْفوَ وْأمُ ْر بالعُرْفِ} [العراف‪:‬‬ ‫وأُولَئِ َ‬
‫ف َوَيْنهُو َن عَنِ ا ُلْنكَرِ}‬
‫ت َب ْعضُهُ ْم أوْلِيا ُء َبعْضٍ‪ ،‬يأْمُرُو َن بالَعْرُو ِ‬
‫‪ ]199‬وقال تعال‪{ :‬وَا ُل ْؤ ِمنُو َن وا ُلؤْمنا ُ‬
‫[التوبة‪ ]71:‬وقال تعال‪{ :‬كانُوا ل َيتَناهَ ْونَ عَنْ ُمْنكَرٍ َفعَلُوهُ} [الائدة‪ ]79:‬واليات بعن ما ذكرته‬
‫مشهورة‪.‬‬

‫‪ 1/870‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪:‬سعتُ رسولَ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬مَنْ رأى ِمنْكُ ْم ُمْنكَرا فَ ْلُي َغيّ ْرهُ ِبيَ ِدهِ‪ ،‬فإنْ لَم يَسْتَ ِطعْ َفبِلِسانِهِ‪ ،‬فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ‬
‫ضعَفُ الِيَانِ"‪)54(.‬‬ ‫َفِبقَ ْلبِهِ‪ ،‬وَذلكَ أ ْ‬

‫‪318‬‬
‫‪ 2/871‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن حذيفة رضي اللّه عنه‪،‬عن النب صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫ث عََلْيكُمْ عِقابا‬
‫وَالّذِي نَفْسِي بِيَ ِدهِ َلَتأْمُ ُر ّن با َلعْرُوفِ‪ ،‬وََلتَْن َهوُ ّن عَ ِن الُْنكَرِ‪َ ،‬أوْ َليُو ِشكَنّ اللّ ُه تَعال أن َيْبعَ َ‬
‫ستَجَابَ َلكُمْ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)55( .‬‬ ‫ِمنْهُ‪ ،‬ثُ ّم تَ ْدعُونَهُ فَل يُ ْ‬

‫‪ 3/872‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬بأسانيد صحيحةعن أب بكر‬
‫الصديق رضي اللّه عنه قال‪ :‬يا أيّها الناس‪ ،‬إنكم تقرؤون هذه الية‪{ :‬يا أيّها الّذينَ آمَنُوا عََلْيكُ ْم أْنفُسَكُمْ‬
‫ل يَضُرّ ُك ْم مَنْ ضَلّ إذَا اهْتَ َدْيتُ ْم }[الائدة‪ ]105:‬وإن سعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬‬
‫ب ِمنْهُ"‪)56(.‬‬ ‫ك أنْ َيعُ ّمهُمُ اللّ ُه ِبعِقا ٍ‬
‫إِ ّن النّاسَ إذَا رأوا الظّالِمَ فََل ْم يأخُذُوا على يَ َديْ ِه أوْشَ َ‬

‫‪ 4/873‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وغيها‪ ،‬عن أب سعيد‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬أ ْفضَلُ الهادِ كَلِ َم ُة عَدْلٍ عنْ َد سُ ْلطَانٍ جائرٍ"‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)57( .‬‬

‫قلت‪ :‬والحاديثُ ف الباب أشهر من أن تُذكر‪ ،‬وهذه الية الكرية ما يَغت ّر با كثي من الاهلي‬
‫ويملونا على غي وجهها‪ ،‬بل الصواب ف معناها‪ :‬أنكم إذا فعلتم ما أُمرت به فل يَضرّكم ضَلل ُة مَن‬
‫ضلّ‪ .‬ومن جلة ما أمروا به المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬والية قريبة العن من قوله تعال‪{ :‬ما‬
‫على ال ّرسُولِ إِ ّل البَلغُ} [العنكبوت‪.]18:‬‬

‫واعلم أن المر بالعروف والنهي عن النكر له شروط وصفات معروفة ليس هذا موضع بسطها‪ ،‬وأحسنُ‬
‫مظانّها إحياء علوم الدين‪ ،‬وقد أوضحتُ مهماتا ف شرح مسلم‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫•كتاب حفظ اللّسان‬


‫بابُ حفظ اللسان‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ينبغي أن يفظ الرء لسانه‬


‫بابُ تري الغِيبَ ِة والنّمِيمَة‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ بيانِ ُمهِمّاتٍ تتعلّقُ ب ّد الغِيبَة‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬يرم ذكر الغيبة وساعها‬


‫بابُ بَيانِ ما يَدَْف ُع به الغيبةَ عن نفسِه‬ ‫‪o‬‬

‫ح مِن الغِيبَة‬‫بابُ بَيانِ ما ُيبَا ُ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬الوّل‪ :‬التظلم‬

‫‪319‬‬
‫‪ ‬الثان‪ :‬الستعانة على تغيي النكر‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬الستفتاء‬
‫‪ ‬الرابع‪ :‬تذير السلمي من الش ّر ونصيحتهم‬
‫‪ ‬الامس‪ :‬أن يكون مُجاهرا بفسقه أو بدعته‬
‫‪ ‬السادس‪ :‬التعريف‬
‫بابُ أمرِ م ْن سَم َع غيبةَ شيخِهِ أو صاحب ِه أو غيِها‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ال ِغْيَبةِ بالقَ ْلبِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ َكفّارةِ الغيْب ِة والّت ْوَبةِ منها‬ ‫‪o‬‬

‫بابٌ ف النميمة‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ُ ‬مَنْ حُمِلت إليه نيمة لزمه أمور‪:‬‬


‫‪ ‬الول‪ :‬أن ل يصدقه‬
‫‪ ‬الثان‪ :‬أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبّح‬
‫فعله‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬أن يبغضَه ف اللّه تعال‬
‫‪ ‬الرابع‪ :‬أن ل يظ ّن بالنقول عنه السوء‬
‫‪ ‬الامس‪ :‬أن ل يملَك ما حُكي لك على‬
‫التجسس‬
‫‪ ‬السادس‪ :‬أن ل يرضى لنفسه ما نى النمّامَ‬
‫عنه‬
‫بابُ النهي عن َنقْ ِل الَديثِ إل وُلةِ الُمور‬ ‫‪o‬‬

‫ب الثّابتةِ‬‫بابُ النّهي عن الطعن ف ا َلنْسَا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النّهي عن ال ْفتِخَار‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النهي عن إظهار الشماتة بالسلم‬ ‫‪o‬‬

‫ي والسّخْرِي ِة منهم‬ ‫بابُ تَحريِ ا ْحتِقار السلم َ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ غِلَظِ تر ِي شَهادةِ الزّور‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النهي عن الَ ّن بالعَطِّي ِة ونوِها‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ النّهي عن الّلعْن‬ ‫‪o‬‬

‫‪320‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف جواز لعن أصحاب العاصي‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬لعن السلم حرام‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬حكم من لعن من ل يستحق‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ما يوز فعله للمر بالعروف‬
‫ضعَفاء‬
‫بابُ النّهي عن انتها ِر ال ُفقَراءِ وال ّ‬ ‫‪o‬‬

‫ظ يُكرهُ استعمالُها‬ ‫بابٌ ف ألفا ٍ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل ‪ :‬ما ورد ف تسمية العنب‬


‫ك النّاسُ َف ُه َو أهَْلكُهُمْ‬
‫‪ ‬فصل‪:‬إِذَا قالَ الرّ ُج ُل هَلَ َ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬النهي عن قول ما شاء ال وشاء فلن‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يقول‪ :‬مُطرنا بنوْءِ كذا‬
‫ت كذا فأنا يهوديّ أو نصران‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬يرمُ أن يقولَ إن فعل ُ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يرم عليه تريا مغلّظا أن يقولَ لسلم‪ :‬يا كافر!‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم ما لو دعى مسلم على مسلم‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم ما لو أكرهَ الكفّار مسلما على كلمة الكفر‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم ما لو أكره السلمُ كافرا على الِسلم‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬إذا نط َق الكافرُ بالشهادتي بغي إكراه‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما يقال للخليفة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يرم أن يقول للسلطان شاهان شاه‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف لفظ السيد‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يقول الملوك لالكه‪ :‬رب‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم من قال مولي‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف النهي عن سبّ الريح‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره سبّ المى‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف النهي عن سبّ الديك‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف النهي عن الدعاء بدعوى الاهلية‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يُسمّى الح ّرمُ صفرا‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يرمُ أن يُدعى بالغفرة‬
‫‪321‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يرم سبّ السلم من غي سبب‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬اللفاظ الذمومة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬اللفاظ الكروة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يكره أن يقال ‪ :‬وحق هذا التم‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يرم أن يقال ‪ :‬أنعم اللّه بك عينا‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ف النهي أن يتناجى الرجلن إذا كان معهما ثالث‬
‫وحده‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ني الرأة أن تبَ زوجَها بس ِن بدنِ امرأةٍ أخرى‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يُقال للمتزوّج‪ :‬بالرّفا ِء والبني‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يكره أن يقال لشخص عن الغضب أذكر ال‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬أقبح اللفاظ الذمومة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يقولَ ف الدّعاء‪ :‬اللّهم اغفر ل إن شئت‬
‫ف بغي أساء اللّه تعال وصفاته‬ ‫‪ ‬فصل‪ :‬ويُكره الل ُ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره إكثارُ اللف ف البيع‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يُقال قوسُ قزح‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره للِنسان إذا ابتُلي بعصيةٍ أو نوها أن ي َب غيَه‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يَحر ُم على الكلّف أن يدّث عبدَ الِنسان‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما يقال عند إخراج مال الصدقة ‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ما ينهى عن فعله ف الصلة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما يكره ف البيوع‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يكره أن يسألُ بوجه اللّه تعال غي النة‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره منعُ من سألَ باللّه تعال وتشفّع به‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يكره أن يقال أطالَ اللّه بقاءَك‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ل يُكره قول الِنسان لغيه‪ :‬فِداكَ أب وأُمي‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ما يُذمّ من اللفاظ‪ :‬الِراء والِدال والُصومة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره التقعيُ ف الكلم‬
‫‪ ‬فصل‪:‬حكم السمر بعد العشاء‬
‫‪322‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن تُسمّى العشاء الخرة العتمة‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ف الُنهى عنه إفشاءُ السرّ‪،‬‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يُسألَ الرجلُ‪ :‬فيم ضربَ امرأتَه؟ من غي‬
‫حاجة‪.‬‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ما ورد ف الشعر‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬وما يُنهى عنه الفحشُ‪ ،‬وبذاءةُ اللسان‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ير ُم انتها ُر الوالد والوالدة‬
‫ب وبيان أقسامهِ‬ ‫بابُ النهي عن الكَذ ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الثّ على التثّبت فيما يكي ِه الِنسانُ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ التعريض والتورية‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ما يقولُه ويفعلُه مَنْ تكلّ َم بكلمٍ قبيح‬ ‫‪o‬‬

‫ت مكروهةً‬
‫بابٌ ف ألفاظٍ حُكي عن جاعةٍ من العلماء كراهتُها وليس ْ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬فيما يكره قوله‬


‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يقولَ افعلْ كذا على اسم اللّه‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يكره أن يقال جعَ اللّه بيننا ف مستقرُ رحته‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يكره أن يقول توكّلتُ على رب الربّ الكري‬
‫‪ ‬فصل‪:‬ل يقلْ‪ :‬اللهمّ أجِرْنا من النار‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يكره أن يُسمّى الطوافُ بالبيت شوطا أو دورا‬
‫‪ ‬فصل‪:‬يكره أن يقال صُمنا رمضانَ‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يُكره أن يقولَ‪ :‬سورة البقرة‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬يكره أن يقول‪ :‬إن اللّه تعال يقول ف كتابه‬

‫كتاب حفظ اللّسان‬

‫بابُ حفظ اللسان‬

‫ظ مِنْ َقوْلٍ إِلّ لَ َديْهِ رَقِيبٌ َعتِيدٌ} [ق‪ ]18:‬وقال اللّه تعال‪{ :‬إنّ َربّ َ‬
‫ك‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬وما يَ ْلفِ ُ‬
‫لَبالِ ْرصَادِ} [الفجر‪ .]14:‬وقد ذكرت ما يَسّ َرهُ اللّه سبحانه وتعال من الذكار الستحبة ونوها فيما‬

‫‪323‬‬
‫سبقَ‪ ،‬وأردتُ أن أض ّم إليها ما يُكره أو يَحرم من اللفاظ ليكونَ الكتابُ جامعا لحكام اللفاظ‪ ،‬ومُبيّنا‬
‫أقسامَها‪ ،‬فأذكرُ من ذلك مقاص َد يتاج إل معرفتها كلّ متدين‪ ،‬وأكثرُ ما أذكره معروف‪ ،‬فلهذا أترك‬
‫الدلة ف أكثره‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أنه لكلّ مكلّف أن يفظَ لسانَه عن جيع الكلم إل كلما تظهرُ الصلحة فيه‪ ،‬ومت‬
‫استوى الكلمُ وتركُه ف الصلحة‪ ،‬فالسنّة الِمساك عنه‪ ،‬لنه قد ينج ّر الكلم الباح إل حرام أو مكروه‪،‬‬
‫بل هذا كثي أو غالب ف العادة‪ ،‬والسلمة ل يعدلُها شيء‪.‬‬

‫‪ 1/874‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه عن النب صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬مَ ْن كانَ ُي ْؤمِنُ باللّ ِه وَالَي ْومِ ال ِخرِ فَ ْلَيقُلْ َخيْرا أوْ ِلَيصْ ُمتْ"‪ )1( .‬قلت‪ :‬فهذا الديث التفق‬
‫على صحته نصّ صريح ف أنه ل ينبغي أن يتكلم إل إذا كان الكلم خيا‪ ،‬وهو الذي ظهرت له‬
‫ك ف ظهور الصلحة فل يتكلم‪ .‬وقد قال الِمام الشافعي رحه اللّه‪ :‬إذا أراد الكلم‬ ‫مصلحته‪ ،‬ومت ش ّ‬
‫فعليه أن يفكر قبل كلمه‪ ،‬فإن ظهرت الصلحة تكلّم‪ ،‬وإن شكّ ل يتكلم حت تظهر‪.‬‬

‫‪ 2/875‬وروينا ف صحيحيهماعن أب موسى الشعري قال‪ :‬قلتُ يا رسولُ اللّه‪ ،‬أيّ السلمي أفضلُ؟‬
‫قال‪" :‬مَ ْن سَِلمَ الُسِْلمُونَ مِنْ لِسانِ ِه َويَ ِدهِ"‪)2( ..‬‬

‫‪ 3/876‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫لّنةَ"‪)3(.‬‬
‫حَييْهِ وَما بيَ ِرجَْليْهِ‪ ،‬أضْمَنْ لَ ُه ا َ‬
‫وسلم قال‪" :‬مَ ْن يَضْ َمنْ ل ما بيَ َل ْ‬

‫‪ 4/877‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة‪،‬أنه سع النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫يقول‪ِ" :‬إ ّن ال َعبْ َد َيتَكَلّ ُم بِالْكَِل َم ِة مَا يََتَبيّنُ فِيها يَ ِز ّل ِبهَا إِلَى النّا ِر أْبعَد مِمّا َبيْ َن الَشْ ِرقِ وَا َلغْرِبِ" وف رواية‬
‫البخاري‪" :‬أْبعَدُ ِممّا َبيْنَ الَشْ ِرقِ" من غي ذكر الغرب‪ ،‬ومعن يتبي‪ :‬يتفكر ف أنا خي أم ل‪)4( .‬‬

‫‪ 5/878‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إ ّن العَبْدَ‬
‫ضوَانِ اللّ ِه تَعال ما يُ ْلقِي َلهَا با ًل يَرْفَعُ اللّ ُه تَعال با دَرَجاتٍ‪ ،‬وَإ ّن ال َعبْدَ َلَيتَكَلّمُ‬
‫َليََتكَلّ ُم بالكَلِ َم ِة مِنْ رِ ْ‬
‫بالكَِل َم ِة مِ ْن سَخْطِ اللّ ِه تَعال ل يُ ْلقِي لَها بالً َي ْهوِي بِها ف َج َهنّمَ" قلت‪ :‬كذا ف أصول البخاري "يَرْفَعُ‬
‫اللّ ُه بِها دَرَجاتٍ" وهو صحيح‪ :‬أي درجاته‪ ،‬أو يكون تقديره‪ :‬يرفعه‪ ،‬ويُلقي بالقاف‪)5( .‬‬

‫‪324‬‬
‫‪ 6/879‬وروينا ف موطأ الِمام مالك وكتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن بلل بن الارث الزن رضي‬
‫ضوَانِ اللّ ِه تَعال ما‬ ‫اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إنّ الرّجُلَ َلَيَتكَلّ ُم بالكَلِ َم ِة مِنْ رِ ْ‬
‫ضوَانَهُ إل َيوْ ِم يَلْقاهُ‪َ ،‬وِإنّ الرّجُلَ َلَيَتكَلّ ُم بالكَلِ َمةِ‬ ‫كَانَ يَظُن أ ْن َتبْلُ َغ مَا بََل َغتْ؛ َي ْكتُبُ اللّ ُه تَعال لَ ُه ِبهَا رِ ْ‬
‫خطَهُ إل َي ْومِ َي ْلقَاهُ" قال‬ ‫مِ ْن سَخَطِ اللّ ِه تَعال ما كا َن يَظُ ّن أنْ َتبْلُ َغ مَا بََل َغتْ؛ َيكُْتبُ اللّ ُه تَعال بِها سَ َ‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)6( .‬‬

‫‪ 7/880‬وروينا ف كتاب الترمذي والنسائي وابن ماجه‪،‬عن سفيان بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬يا رسول اللّه! حدّثن بأمر أعتصم به‪ ،‬قال‪" :‬قُلْ َرّبيَ اللّ ُه ثُمّ ا ْسَتقِمْ" قلت‪ :‬يا رسول اللّه! ما‬
‫أخوف ما ياف عليّ؟ فأخذ بلسان نفسه ث قال‪" :‬هَذَا"‪.‬‬

‫قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)7( .‬‬

‫‪ 8/881‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫س َوةٌ ل ْل َق ْلبِ‪ ،‬وَإنّ‬
‫لمَ ِب َغيْرِ ذِكْرِ اللّهِ‪ ،‬فإنّ َكثْ َرةَ الكَل ِم ِب َغيْرِ ذِكْرِ اللّهِ تَعال قَ ْ‬
‫عليه وسلم‪" :‬ل ُتكْثِرُوا ال َك َ‬
‫س مِنَ اللّ ِه تَعال القَ ْلبُ القَاسِي"‪)8(.‬‬ ‫أبْعَ َد النّا ِ‬

‫‪ 9/882‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب هريرة قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن وَقاهُ اللّه تَعال َشرّ‬
‫حَييْهِ‪َ ،‬وشَ ّر ما َبيْنَ رِ ْجَليْهِ دَ َخ َل الَّنةَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)9( .‬‬
‫ما بَيْنَ َل ْ‬

‫‪ 10/883‬وروينا فيه‪ ،‬عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال‪:‬قلتُ يا رسولَ اللّه‪ ،‬ما النجاة؟ قال‪" :‬‬
‫ك َبْيتُكَ وَابْكِ على َخطِيَئتِكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)10( .‬‬ ‫ك وَْليَسَعْ َ‬
‫أمْسِكْ عََليْكَ لِسانَ َ‬

‫‪ 11/884‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا‬
‫صبَحَ ابْنُ آدَم فإنّ العْضَاءَ كُلّها ُت َكفّرُ اللّسَانَ َفَتقُولُ‪ :‬اتقِ اللّهَ فِينا فإنا نَحْ ُن ِمنْكَ‪ ،‬فإنِ ا ْسَتقَ ْمتَ‬ ‫أ ْ‬
‫جتَ ا ْعوَجَجْنا"‪)11(.‬‬ ‫اسَْتقَمْنا‪ ،‬وَإنِ ا ْعوَ َج ْ‬

‫‪ 12/885‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن ُأ ّم حبيبة رضي اللّه عنها‪،‬عن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬كُلّ كَلمِ ابْنِ آ َد َم عََليْهِ ل لَهُ‪ ،‬إِ ّل أمْرا بِ َمعْرُوفٍ‪َ ،‬وَنهْيا عَ ْن ُمنْكَرٍ‪ ،‬أوْ ذِكْرا للّه تَعال"‪(.‬‬
‫‪)12‬‬

‫‪325‬‬
‫‪ 13/886‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن معاذ رضي اللّه عنه قال‪:‬قلت‪ :‬يا رسول اللّه! أخبن بعمل‬
‫ت عَ ْن عَظِي ٍم وإنّهُ َليَسِيٌ على مَ ْن يَسّ َرهُ اللّ ُه تَعال عََليْهِ‪:‬‬
‫يُدخلن النة ويُباعدن من النار‪ ،‬قال‪َ :‬لقَ ْد سألْ َ‬
‫ح ّج الَبْيتَ‪ ،‬ث قال‪ :‬أل‬ ‫َتعْبُدُ اللّهَ َل تُشْ ِر ُك بِ ِه َشيْئا‪َ ،‬وُتقِي ُم الصّلةَ‪ ،‬وُتؤْتِي الزّكاةَ‪َ ،‬وَتصًومُ َر َمضَانَ‪َ ،‬وتَ ُ‬
‫ص ْومُ ُجّنةٌ‪ ،‬وَالصّدََق ُة تُ ْطفِىءُ الَطِيئَةَ كما يُطْفىءُ الَا ُء النارَ‪ ،‬وَصَلةُ الرّ ُجلِ ف‬ ‫ليْرِ؟ ال ّ‬
‫ك على أبْوَابِ ا َ‬ ‫أدُلّ َ‬
‫س المْرِ‬ ‫َجوْفِ الّليْلِ‪ ،‬ث تل {َتتَجافَى ُجنُوبُهُ ْم عَ ِن ا َلضَاجعِ} حت بلغ {َيعْمَلُونَ} ث قال‪ :‬أل أُ ْخبِ ُركَ برأ ِ‬
‫س المْ ِر ا ِلسْلمُ‪َ ،‬وعَمُو ُد ُه الصّلةُ‪ ،‬وَذِ ْر َوةُ‬ ‫وَعمُو ِدهِ َوذِ ْر َوةِ سَنامِهِ؟ قلت‪ :‬بلى يا رسول اللّه! قال‪ :‬رأ ُ‬
‫َسنَامِ ِه الِهادُ‪ ،‬ث قال‪ :‬أل أُ ْخبِ ُركَ بِمَلكِ ذلكَ ُكلّهُ؟ قلت‪ :‬بلى يا رسول اللّه! فأخذ بلسانه ث قال‪ :‬كُفّ‬
‫عََليْكَ هَذَا‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول اللّه! وإنا لؤاخذون با نتكلم به؟ فقال‪َ :‬ثكَِلتْكَ ُأمّكَ‪َ ،‬وهَ ْل َي ُكبّ النّاسَ ف‬
‫النّا ِر على وُجُو ِههِمْ إِلّ َحصَائِدُ ألْسَِنِتهِمْ؟" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪ .‬قلت‪ :‬الذّروة بكسر‬
‫الذال العجمة وضمّها‪ :‬وهي أعله‪)13( .‬‬

‫‪ 14/887‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"منْ حُسْ ِن إسْلمِ الَرْ ِء تَرْكُ ُه ما ل َي ْعنِيهِ" حديث حسن‪)14( .‬‬

‫‪ 15/888‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ص َمتَ نَجا" (‪)15‬إسناده ضعيف‪ ،‬وإنا ذكرته لُبيّنه لكونه مشهورا‪ ،‬والحاديث الصحيحة‬ ‫قال‪" :‬مَنْ َ‬
‫بنحو ما ذكرته كثية‪ ،‬وفيما أشرت به كفاية لن وفّق‪ ،‬وسيأت إن شاء اللّه ف باب الغيبة ُجمَل من‬
‫ذلك‪ ،‬وباللّه التوفيق‬

‫وأما الثار عن السلف وغيهم ف هذا الباب فكثية‪ ،‬ول حاجة إليها مع ما سبق‪ ،‬لكن ننبّه على عيونٍ (‬
‫‪ )16‬منها‪:‬‬

‫بلغنا أن قسّ بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا‪ ،‬فقال أحدها لصاحبه‪ :‬كم وجدت ف ابن آدم من‬
‫العيوب؟ فقال‪ :‬هي أكثر من أن تُحصى‪ ،‬والذي أحصيتُه ثانيةُ آلف عيب‪ ،‬ووجدتُ خصلةً إن‬
‫ت العيوبَ كلّها‪ ،‬قال‪ :‬ما هي؟ قال‪ :‬حفظ اللسان‪.‬‬
‫استعملتها ستر َ‬

‫ضيْل بن عياض رضي اللّه عنه قال‪ :‬مَ ْن عَ ّد كلمَه من عمله ق ّل كلمُه فيما ل‬
‫وروينا عن أب عل ّي الفُ َ‬
‫يعنيه‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫وقال الِمامُ الشافعيّ رحه اللّه لصاحبه ال ّربِيع‪ :‬يا ربيعُ! ل تتكلم فيما ل يعنيك‪ ،‬فإنك إذا تكلّمتَ‬
‫بالكلمة ملكتكَ ول تلكها‪.‬‬

‫وروينا عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪ :‬ما من شيء أحقّ بالسجن من اللسان‪ .‬وقال غيُه‪:‬‬
‫َمثَلُ اللسان َمثَلُ السّبُع إن ل تُوثقه عَدَا عليك‪.‬‬

‫ت سلمةٌ وهو الصل‪،‬‬ ‫وروينا عن الستاذ أب القاسم القُشيي رحه اللّه ف رسالته الشهورة قال‪ :‬الصم ُ‬
‫ف الصال‪ ،‬قال‪ :‬سعت أبا عليّ الدقاق‬ ‫والسكوتُ ف وقته صفةُ الرجال؛ كما أن النطق ف موضعه أشر ُ‬
‫رضي اللّه عنه يقول‪ :‬مَ ْن سكتَ عن ال ّق فهو شيطانٌ أخرس‪ .‬قال‪ :‬فأما إيثار أصحاب الجاهدة‬
‫ت الدح‪ ،‬واليل‬ ‫ظ النفس وإظهار صفا ِ‬
‫السكوتَ فلِمَا علموا ما ف الكلم من الفات‪ ،‬ث ما فيه من ح ّ‬
‫إل أن يتميزَ بي أشكاله بسن النطق وغي هذا من الفات‪ ،‬وذلك نعتُ أرباب الرياضة‪ ،‬وهو أحدُ‬
‫أركانم ف حكم النازلة وتذيب اللق‪ ،‬وما أنشدوه ف هذا الباب‪:‬‬

‫احفظْ لسانَك أيّها الِنسانُ * ل يلدغنّك إنه ثُعبانُ‬

‫كم ف القابرِ من قتيلِ لسانِه * قد كانَ هابَ لقاءَه الشجعانُ‬

‫(‪)17‬‬

‫وقال ال ّريَا ِشيّ رحه اللّه‪:‬‬

‫شغْلً * ِلَنفْسِي عن ذنوب بن ُأمَيّه‬


‫لعمرُك إنّ ف ذنب لَ ُ‬

‫على ربّي حِسَابُهمُ إليه * َتنَاهَى عِلمُ ذلكَ ل إِليّهْ‬

‫وليسَ بضائري ما قَ ْد أت ْوهُ * إذا ما اللّه أصلحَ ما لديّهْ‬

‫بابُ تري الغِيبَ ِة والنّمِيمَة‬

‫اعلم أن هاتي الصلتي من أقبح القبائح وأكثرها انتشارا ف الناس‪ ،‬حت ما يسل ُم منهما إل القليل من‬
‫الناس‪ ،‬فلعموم الاجة إل التحذير منهما بدأتُ بما‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫فأما الغيبة‪ :‬فهي ذكرُك الِنسانَ با فيه ما يكره‪ ،‬سواء كان ف بدنه أو دينه أو دنياه‪ ،‬أو نفسه أو خَلقه‬
‫أو خُلقه‪ ،‬أو ماله أو ولده أو والده‪ ،‬أو زوجه أو خادمه أو ملوكه‪ ،‬أو عمامته أو ثوبه‪ ،‬أو مشيته‬
‫وحركته وبشاشته‪ ،‬وخلعته وعبوسه وطلقته‪ ،‬أو غي ذلك ما يتعلق به‪ ،‬سواء ذكرته بلفظك أو‬
‫ت إليه بعينك أو يدك أو رأسك أو نو ذلك‪ .‬أما البدن فكقولك‪ :‬أعمى‬ ‫كتابك‪ ،‬أو رمزتَ أو أشر َ‬
‫أعرج أعمش أقرع‪ ،‬قصي طويل أسود أصفر‪ .‬وأما ال ّديْنُ فكقولك‪ :‬فاسق سارق خائن‪ ،‬ظال متهاون‬
‫ب الغيبة‪ .‬وأما‬
‫بالصلة‪ ،‬متساهل ف النجاسات‪ ،‬ليس بارّا بوالده‪ ،‬ل يض ُع الزكاة مواضعَها‪ ،‬ل يتن ُ‬
‫الدنيا‪ :‬فقليلُ الدب‪ ،‬يتهاو ُن بالناس‪ ،‬ل يرى لحد عليه حقا‪ ،‬كثيُ الكلم‪ ،‬كث ُي الكل أو النوم‪ ،‬ينامُ ف‬
‫غي وقته‪ ،‬يلسُ ف غي موضعه‪ ،‬وأما التعلّق بوالده فكقوله‪ :‬أبوه فاسق‪ ،‬أو هندي أو نبطي أو زني‪،‬‬
‫إسكاف بزاز ناس نار حداد حائك‪ .‬وأما الُلُق فكقوله‪ :‬سيء اللق‪ ،‬متكبّر مُرَاء‪ ،‬عجول جبّار‪،‬‬
‫ف القلب‪ ،‬مُتهوّر عبوس‪ ،‬خليع‪ ،‬ونوه‪ .‬وأما الثوب‪ :‬فواسع الكمّ‪ ،‬طويل الذيل‪َ ،‬وسِ ُخ الثوب‬ ‫عاجز ضعي ُ‬
‫ونو ذلك‪ ،‬ويُقاس الباقي با ذكرناه‪ .‬وضابطُه‪ :‬ذكرُه با يكره‪.‬‬

‫وقد نقل الِمام أبو حامد الغزال إجاع السلمي على أن الغيبة‪ :‬ذكرُك غيَك با يك َرهُ‪ ،‬وسيأت الديث‬
‫الصحيح الصرّح بذلك‪.‬‬

‫وأما النميمة‪ :‬فهي نق ُل كلم الناس بعضِهم إل بعضٍ على جه ِة الِفساد‪ .‬هذا بيانما‪.‬‬

‫وأما حكمهما‪ ،‬فهما مرّمتان بإجاع السلمي‪ ،‬وقد تظاهرَ على تريهما الدلئلُ الصريةُ من الكتاب‬
‫ضكُمْ بَعْضا} [الجرات‪ ]12:‬وقال تعال‪{ :‬وَيْلٌ‬ ‫والسنّة وإجاع المة‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَل َيغَْتبْ َب ْع ُ‬
‫ِلكُلّ هُمَ َزةٍ لُمَ َزةٍ} [المزة‪ ]1:‬وقال تعال‪{ :‬هَمّا ٍز مَشّا ٍء ِبنَمِيمٍ} [القلم‪)18( ]11:‬‬

‫‪ 1/889‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن حذيفة رضي اللّه عنه عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫لّنةَ نَمّامٌ"‪)19(.‬‬
‫وسلم قال‪" :‬ل يَ ْدخُ ُل ا َ‬

‫‪ 2/890‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫م ّر بقبين فقال‪" :‬إّنهُما ُيعَذّبانِ ومَا ُيعَذّبانِ ف كَبي" قال‪ :‬وف رواية البخاري‪" :‬بلى إنّه كَبيٌ‪ ،‬أمّا‬
‫ستَتِ ُر مِ ْن َبوْلِهِ"‪)20(.‬‬
‫أحَ ُدهُما فَكانَ يَمْشِي بالنّمِي َمةِ‪ ،‬وأما ال َخرُ فَكا َن ل يَ ْ‬

‫قلتُ‪ :‬قال العلماء‪ :‬معن وما يُعذّبان ف كبي‪ :‬أي ف كبي ف زعمهما أو كبي تركه عليهما‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫‪ 3/891‬وروينا ف صحيح مسلم وسنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه‬
‫عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أتَدْرُو َن ما ال ِغْيَبةُ؟" قالوا‪ :‬اللّ ُه ورسولُه أعلمُ‪ ،‬قال‪" :‬ذِكْ ُركَ‬
‫أخاكَ بِمَا يَكْ َرهُ" قيل‪ :‬أفرأيتَ إ ْن كانَ ف أخي ما أقولُ؟ قال‪" :‬إ ْن كانَ فِي ِه ما َتقُولُ َف َقدِ ا ْغَتبْتَهُ‪ ،‬وَإنْ لَمْ‬
‫يَكُنْ فِي ِه ما َتقُولُ َفقَ ْد َبهَتّهُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)21( .‬‬

‫‪ 4/892‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب بكرة رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫ضكُمْ حَرَامٌ‬
‫عليه وسلم قال ف خطبته يوم النحر بِمنً ف حجة الوداع‪" :‬إنّ دِماءَكُ ْم وَأ ْموَالَكُ ْم وأعْرَا َ‬
‫عََليْكُمْ‪َ ،‬كحُ ْر َم ِة َي ْومِكُ ْم هَذَا‪ ،‬ف بََلدِكُ ْم هَذَا ف َشهْرِكُمْ هَذَا‪ ،‬أل هَ ْل بَّل ْغتُ؟"‪)22(.‬‬

‫‪ 5/893‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالتْ‪:‬قلتُ للنبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪ :‬حسبُك من صفيّة كذا وكذا ـ قال بعضُ الرواة‪ :‬تعن قصية ـ فقال‪َ" :‬لقَدْ قُ ْلتِ كَلِ َمةً َلوْ‬
‫ت إنسانا وأنّ ل كَذَا‬ ‫ت بِمَا ِء البَحْرِ َلمَزَ َجتْهُ" قالت‪ :‬وحكيتُ له إنسانا فقال‪" :‬ما أُ ِحبّ أن َحكَْي ُ‬
‫مُزِ َج ْ‬
‫وكَذَا" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)23( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬مزجته‪ :‬أي خالطته مالطة يتغيُ با طعمُه أو ريُه لشدّة نتنها وقبحها‪ ،‬وهذا الديث من أعظم‬
‫الزواجر عن الغيبة أو أعظمها‪ ،‬وما أعلم شيئا من الحاديث يبلغُ ف الذمّ لا هذا البلغ { َومَا َينْط ُق عَنِ‬
‫الَوَى إنْ ُهوَ إ ّل وَ ْحيٌ يُوحَى} [النجم‪ ]3:‬نسألُ اللّه الكري لطفه والعافية من كل مكروه‪.‬‬

‫‪ 6/894‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫س يَخْمِشُو َن وُجُو َههُمْ وَصُدُو َرهُمْ‪َ ،‬فقُ ْلتُ‪ :‬مَ ْن هؤُلءِ يا‬ ‫ت ِبقَ ْومٍ َلهُ ْم أظْفا ٌر مِ ْن نُحا ٍ‬
‫ج بِي مَ َررْ ُ‬
‫"لَمّا عُ ِر َ‬
‫ضهِمْ"‪)24(.‬‬ ‫س َويَ َقعُونَ ف أعْرَا ِ‬
‫ِجبْرِيلُ؟ قال‪َ :‬هؤُلءِ الّذي َن يأكُلُونَ ُلحُومَ النّا ِ‬

‫‪ 7/895‬وروينا فيه‪ ،‬عن سعيد بن زيد رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إ ّن مِن‬
‫أ ْربَى الرّبا السْتِطاَلةَ ف عِ ْرضِ الُسْلِ ِم ِب َغيْرِ َحقّ"‪)25(.‬‬

‫‪ 8/896‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬الُسْلِمُ أخُو الُسْلِ ِم ل يَخونُ ُه وَل يَكْ ِذبُ ُه وَل يَخْذُلُهُ‪ ،‬كُ ّل الُسْلِ ِم على الُسْلِمِ َحرَامٌ عرْضُ ُه ومَالُهُ‬
‫ح ِقرَ أخاهُ الُسْلمَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪( .‬‬ ‫ب امْرِى ٍء مِنَ الش ّر أنْ يَ ْ‬ ‫س ِ‬
‫وَ َدمُهُ‪ ،‬التّ ْقوَى ها هنا‪ ،‬بِح ْ‬
‫‪)26‬‬

‫‪329‬‬
‫قلتُ‪ :‬ما أعظم نفع هذا الديث وأكثر فوائده‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫بابُ بيانِ ُمهِمّاتٍ تتعلّقُ ب ّد الغِيبَة‬

‫قد ذكرنا ف الباب السابق أن الغيبة‪ :‬ذكرك النِسان با يكره‪ ،‬سواء ذكرته بلفظك أو ف كتابك‪ ،‬أو‬
‫ت إليه بعينك أو يدك أو رأسك‪ .‬وضابطُه‪ :‬ك ّل ما أفهمت به غيك نقصان مسلم فهو‬ ‫رمزتَ أو أشر َ‬
‫غيبة مرّمة‪ ،‬ومن ذلك الحاكاة بأن يشي متعارجا أو مُ َط ْأطِئا أو على غي ذلك من اليئات‪ ،‬مريدا‬
‫حكاية هيئة من َيَتَنقّصُهُ بذلك‪ ،‬فكلّ ذلك حرام بل خلف‪ ،‬ومن ذلك إذا ذَك َر مُصنفُ كتاب شخصا‬
‫بعينه ف كتابه قائلً‪ :‬قال فلن كذا مريدا تنقيصه (‪ )27‬والشناعةَ عليه‪ ،‬فهو حرام‪ ،‬فإن أرادَ بيانَ غلطه‬
‫لئل يُقلّ َد أو بيانَ ضعفه ف العلم لئل يُغت ّر به ويُقبل قوله‪ ،‬فهذا ليس غيبة‪ ،‬بل نصيحة واجبة يُثاب عليها‬
‫إذا أراد ذلك‪ ،‬وكذا إذا قال الصنف أو غيه‪ :‬قال قوم أو جاعة كذا‪ ،‬وهذا غلط أو خطأ أو جَهالة‬
‫وغفلة‪ ،‬ونو ذلك فليس غيبة‪ ،‬إنا الغيبة ذكر الِنسان بعينه أو جاعة معيني‪.‬‬

‫ض الناس أو بعض الفقهاء‪ ،‬أو بعضُ من يَدّعي العلم‪ ،‬أو بعضُ‬ ‫ومن الغيبة الحرّمة قولك‪ :‬فعل كذا بع ُ‬
‫ض مَن رأيناه‪،‬‬
‫الفتي‪ ،‬أو بعض مَن يُنسب إل الصلح أو يَدّعي الزهدَ‪ ،‬أو بعض مَن م ّر بنا اليوم‪ ،‬أو بع َ‬
‫أو نو ذلك إذا كان الخاطب يفهمه بعينه؛ لصول التفهيم‪.‬‬

‫ومن ذلك غيبة التفقهي والتعبدين‪ ،‬فإنم يعرضون بالغيبة تعريضا يفهم به كما يفهم بالصريح‪ ،‬فيُقال‬
‫لحدهم‪ :‬كيف حال فلن؟ فيقول‪ :‬اللّه يُصلحنا‪ ،‬اللّه يغفر لنا‪ ،‬اللّه يُصلحه‪ ،‬نسأل اللّه العافية‪ ،‬نمدُ اللّه‬
‫ب علينا وما‬‫الذي ل يبتلنا بالدخول على الظلمة‪ ،‬نعوذ باللّه من الشرّ‪ ،‬اللّه يُعافينا من قلّة الياء‪ ،‬اللّه يتو ُ‬
‫أشبه ذلك ما يُفهم منه تنقّصه‪ ،‬فكل ذلك غيبة مرّمة‪ ،‬وكذلك إذا قال‪ :‬فلن يُبتلى با ابتلينا به كلّنا‪ ،‬أو‬
‫ماله حيلة ف هذا‪ ،‬كلّنا نفعلُه‪ ،‬وهذه أمثلة وإل فضابط الغيبة‪ :‬تفهيمك الخاطب نقص إنسان كما سبق‪،‬‬
‫وكلّ هذا معلوم من مقتضى الديث الذي ذكرناه ف الباب الذي قبل هذا عن صحيح مسلم وغيه ف‬
‫ح ّد الغيبة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن الغيبة كما يرم على الغتاب ذكرها‪ ،‬يرم على السامع استماعها وإقرارها فيجب‬
‫على من سع إنسانا يبتدىء بغيبة مرّمة أن ينهاه إن ل يَخَفْ ضررا ظاهرا‪ ،‬فإن خافه وجب عليه‬
‫الِنكا ُر بقلبه ومفارقةُ ذلك الجلس إن تكن من مفارقته‪ ،‬فإن قدر على الِنكار بلسانه أو على قطع‬
‫ت وهو يشتهي بقلبه استمرارُه‪،‬‬
‫الغيبة بكلم آخر لزمه ذلك‪ ،‬فإن ل يفعل عصى‪ ،‬فإن قال بلسانه أسك ْ‬

‫‪330‬‬
‫فقال أبو حامد الغزال‪ :‬ذلك نفاقٌ ل يرجُه عن الِث‪ ،‬ول بدّ من كراهته بقلبه‪ ،‬ومت اضطرّ إل القام ف‬
‫ذلك الجلس الذي فيه الغيبة وعجز عن الِنكار أو أنكر فلم يُقبل منه ول يُمكنه الفارقة بطريق حرم‬
‫عليه الستماع والِصغاء للغيبة‪ ،‬بل طريقه أن يذكرَ اللّه تعال بلسانه وقلبه‪ ،‬أو بقلبه‪ ،‬أو يفكر ف أمر‬
‫آخر ليشتغل عن استماعها‪ ،‬ول يضرّه بعد ذلك السماع من غي استماع وإصغاء ف هذه الالة‬
‫الذكورة‪ ،‬فإن تكن بعد ذلك من الفارقة وهم مستمرّون ف الغيبة ونوها وجب عليه الفارقة‪ ،‬قال اللّه‬
‫سيَنّكَ‬
‫ض َعْنهُمْ حتّى يوضُوا ف َحدِيثٍ َغيْ ِرهِ وَإمّا ُينْ ِ‬
‫تعال‪َ { :‬وإِذَا رأْيتَ الّذينَ َيخُوضُونَ ف آياتِنا فأعْ ِر ْ‬
‫الشّيْطانُ فَل َتقْعُ ْد َبعْدَ الذّكْرَى مَعَ ال َق ْومِ الظّاِلمِيَ} [النعام‪.]68:‬‬

‫وروينا عن إبراهيم بن أدهم رضي اللّه عنه؛ أنه دُعي إل وليمة‪ ،‬فحضرَ‪ ،‬فذكروا رجلً ل يأتم‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫ت موضعا يُغتاب فيه الناس‪ ،‬فخرج ول يأكلْ‬
‫إنه ثقيل‪ ،‬فقال إبراهيم‪ :‬أنا فعلتُ هذا بنفسي حيثُ حضر ُ‬
‫ثلثة أيام‪ .‬وما أنشدوه ف هذا‪:‬‬

‫ع القبيحِ * كصَ ْونِ اللسا ِن عن النّطْ ِق بِهْ‬


‫َوسَ ْمعَكَ صُنْ عن سا ِ‬

‫ك لقائِلِه فانتبِهْ‬
‫ع القبيحِ * شري ٌ‬
‫فإنّكَ عندَ سا ِ‬

‫بابُ بَيانِ ما يَدَْف ُع به الغيبةَ عن نفسِه‬

‫اعلم أن هذا الباب له أدل ٌة كثيةٌ ف الكتاب والسنّة‪ ،‬ولكن أقتص ُر منه على الِشارة إل أحرف‪ ،‬فمن‬
‫كان موفّقا انزجرَ با‪ ،‬ومن ل يكن كذلك فل ينجر بجلدات‪.‬‬

‫وعمدة الباب أن يعرضَ على نفسه ما ذكرناه من النصوص ف تري الغيبة‪ ،‬ث يفكر ف قول اللّه تعال‪:‬‬
‫سبُونَ ُه هَيّنا َوهُ َو ِعنْدَ اللّهِ‬
‫ب َعتِيدٌ} [ق‪ ]18:‬وقوله تعال‪{ :‬وَتَحْ َ‬ ‫ظ مِنْ َق ْولٍ إِلّ َل َديْهِ رَقِي ٌ‬
‫{ما يَ ْلفِ ُ‬
‫عَظِيمٌ} [النور‪ ]15:‬وما ذكرناه من الديث الصحيح "إنّ الرّجُل َليََتكَلّ ُم بالكَلِ َم ِة مِ ْن َسخَطِ اللّه تعال‬
‫ما يُ ْلقِي لَها با ًل َي ْهوِي ِبهَا ف َج َهنّمَ" (‪ )28‬وغي ذلك ما قدّمناه ف باب حفظ اللسان وباب الغيبة‪،‬‬
‫ويضمّ إل ذلك قولم‪ :‬اللّه معي‪ ،‬اللّه شاهدي‪ ،‬اللّه ناظر إلّ‪.‬‬

‫وعن السن البصري رحه اللّه أن رجلً قال له‪ :‬إنك تغتابن‪ ،‬فقال‪ :‬ما بلغَ قدرُك عندي أن أحكّمَكَ ف‬
‫حسنات‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫ت مُغتابا أحدا لغتبتُ والديّ لنما أحقّ بسنات‪.‬‬
‫وروينا عن ابن البارك رحه اللّه قال‪ :‬لو كن ُ‬

‫ح مِن الغِيبَة‬
‫ب بَيا ِن ما ُيبَا ُ‬
‫با ُ‬

‫اعلم أ ّن الغيب َة وإن كانت مرّمة فإنا تُباح ف أحوال للمصلحة‪ ،‬والُجوّ ُز لَا غرض صحيح شرعي ل‬
‫يكن الوصو ُل إليه إل با‪ ،‬وهو أحد ستة أسباب‪:‬‬

‫الوّل‪ :‬التظلم‪ ،‬فيجوز للمظلوم أن يتظلّم إل السلطان والقاضي وغيها مّن له ولية أو له قدرة‬
‫على إنصافه من ظاله فيذك ُر أن فلنا ظلمن وفعل ب كذا وأخذ ل كذا‪ ،‬ونو ذلك‪.‬‬

‫الثان‪ :‬الستعانة على تغيي النكر وردّ العاصي إل الصواب‪ ،‬فيقول لن يرجو قدرته على إزالة‬
‫النكر‪ :‬فلن يعملُ كذا فازجرْه عنه ونو ذلك‪ ،‬ويكون مقصوده التوسل إل إزالة النكر‪ ،‬فإن ل يقصد‬
‫ذلك كان حراما‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬الستفتاء‪ ،‬بأن يقولَ للمفت‪ :‬ظلمن أب أو أخي أو فلن بكذا‪ ،‬فهل له ذلك أم ل؟ وما‬
‫طريقي ف اللص منه وتصيل حقّي ودفع الظلم عن؟ ونو ذلك‪.‬‬

‫وكذلك قوله‪ :‬زوجت تفع ُل معي كذا‪ ،‬أو زوجي يفعلُ كذا ونو ذلك‪ ،‬فهذا جائز للحاجة‪ ،‬ولكن‬
‫الحوط أن يقول‪ :‬ما تقولُ ف رجل كان من أمره كذا‪ ،‬أو ف زوج أو زوجة تفعلُ كذا‪ ،‬ونو ذلك‪،‬‬
‫فإنه يصل به الغرض من غي تعيي‪ ،‬ومع ذلك فالتعيي جائز لديث هند الذي سنذكره إن شاء اللّه‬
‫تعال وقولُها‪ :‬يا رسول اللّه! إن أبا سفيانَ رجلٌ شحيح‪ ..‬الديث‪ .‬ول ينهها رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬تذير السلمي من الش ّر ونصيحتهم‪ ،‬وذلك من وجوه‪:‬‬

‫منها جرح الجروحي من الرواة للحديث والشهود‪ ،‬وذلك جائز بإجاع السلمي‪ ،‬بل واجب للحاجة‪.‬‬

‫ومنها ما استشارك إنسان ف مصاهرته أو مشاركته أو إيداعه أو الِيداع عنده أو معاملته بغي ذلك‬
‫وجب عليك أن تذكر له ما تعلمه منه على جهة النصيحة‪ ،‬فإن حصل الغرض بجرّد قولك ل تصلحُ لك‬
‫معاملتُه أو مصاهرُته أو ل تفع ْل هذا أو نو ذلك ل تز الزيادةُ بذكر الساوىء‪ ،‬وإن ل يصل الغرض إل‬
‫ت مَن يشتري عبدا معروفا بالسرقة أو الزنا أو الشرب أو‬‫بالتصريح بعينه فاذكره بصريه‪ .‬ومنها إذا رأي َ‬

‫‪332‬‬
‫غيها‪ ،‬فعليك أن تبيّن ذلك للمشتري إن ل يكن عالا به‪ ،‬ول يتصّ بذلك‪ ،‬بل كل من علم بالسلعة‬
‫البيعة عيبا وجب عليه بيانه للمشتري إذا ل يعلمه‪.‬‬

‫ومنها إذا رأيت متفقها يتردّدُ إل مبتدعٍ أو فاس ٍق يأخذ عنه العلم ِخ ْفتَ أن يتضرّرَ التفقّه بذلك‪ ،‬فعليك‬
‫نصيحته ببيان حاله‪ ،‬ويُشترط أن يقص َد النصيحةَ‪ ،‬وهذا ما يُغلَطُ فيه‪ ،‬وقد يَحم ُل الُتكلمَ بذلك السدُ‪،‬‬
‫س الشيطانُ عليه ذلك‪ ،‬ويُخيّ ُل إليه أنه نصيح ٌة وشفقةٌ‪ ،‬فليتفطّنْ لذلك‪.‬‬
‫أو يَُلّب ُ‬

‫ومنها أن ل يكون له ولية ل يقوم با على وجهها‪ ،‬إما بأن ل يكون صالا لا‪ ،‬وإما بأن يكون فاسقا‬
‫أو مغفلً ونو ذلك‪ ،‬فيجب ذكر ذلك لن له عليه ولية عامة ليزيلَه ويُولّي من يَصلحُ‪ ،‬أو يعلم ذلك منه‬
‫لتعامله بقتضة حاله ول يغت ّر به‪ ،‬وأن يسعى ف أن يثّه على الستقامة أو يستبدل به‪.‬‬

‫الامس‪ :‬أن يكون مُجاهرا بفسقه أو بدعته كالجاهر بشرب المر‪ ،‬أو مصادرة الناس وأخذ‬
‫الُكس‪ ،‬وجباية الموال ظلما‪ ،‬وتولّي المور الباطلة‪ ،‬فيجوز ذكره با يُجاهر به ويرم ذكره بغيه من‬
‫العيوب إل أن يكون لوازه سبب آخر ما ذكرناه‪.‬‬

‫السادس‪ :‬التعريف‪ ،‬فإذا كان الِنسان معروفا بلقب كالعمش والعرج والص ّم والعمى والحول‬
‫والفطس وغيهم‪ ،‬جاز تعريفه بذلك بنيّة التعريف‪ ،‬ويرمُ إطلقُه على جهة النقص‪ ،‬ولو أمكن التعريف‬
‫بغيه كان أول‪ .‬فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء ما تُباح با الغيبة على ما ذكرناه‪.‬‬

‫ومّن نصّ عليها هكذا الِمام أبو حامد الغزال ف الِحياء وآخرون من العلماء‪ ،‬ودلئلُها ظاهرة من‬
‫الحاديث الصحيحة الشهورة‪ ،‬وأكثرُ هذه السباب ممع على جواز الغيبة با‪.‬‬

‫ل استأذنَ على الن ّ‬


‫ب‬ ‫‪ 1/897‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛ أن رج ً‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬ائْ َذنُوا لَ ُه ِبْئسَ أخُو العَشيَةِ" احت ّج به البخاري على جواز غيبة أهل الفساد‬
‫وأهل ال ّرَيبِ‪)29( .‬‬

‫‪ 2/898‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬قسمَ رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قسمةً‪ ،‬فقال رجلٌ من النصار‪ :‬واللّه ما أرادَ ممدٌ بذا وجهَ اللّه تعال‪ ،‬فأتيتُ‬
‫ي بأكْثَ َر مِ ْن هَذَا‬
‫رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبتُه‪ ،‬فتغيّرَ وجهُه وقال‪" :‬رَ ِحمَ اللّ ُه مُوسَى َلقَدْ أُوذِ َ‬
‫صبَرَ" وف بعض رواياته‪ :‬قال ابن مسعود‪ :‬فقلتُ ل أرف ُع إليه بعد هذا حديثا‪)30( .‬‬ ‫َف َ‬

‫‪333‬‬
‫قلتُ‪ :‬احت ّج به البخاري ف إخبار الرجل أخاه با يُقال فيه‪.‬‬

‫‪ 3/899‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عائشةَ رضي اللّه عنها قالت‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬مَا أظُنّ فُلنا وَفُلنا َيعْرِفا ِن مِنْ دِينِنا َشيْئا"‪)31(.‬‬

‫قال الليث بن سعد ـ أحد الرواة ـ‪ :‬كانا رجلي من النافقي‪.‬‬

‫‪ 4/900‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن زيد بن أرقمَ رضي اللّه عنه قال‪:‬خرجنا مع‬
‫س فيه شدةٌ‪ ،‬فقال عبدُ اللّه بن أُبّ‪ :‬ل تُنفقوا على‬ ‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف سفر فأصابَ النا َ‬
‫مَن عند رسول اللّه حت يَْن َفضّوا من حوله‪ ،‬وقال‪ :‬لئن رجعنَا إل الدينة ليُخْرِ َج ّن العزّ منها الذلّ‪،‬‬
‫فأتيتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم فأخبتُه بذلك‪ ،‬فأرسلَ إل عبد اللّه بن أُبّ‪ .‬وذكر الديث‪ ،‬وأنزل اللّه‬
‫تعال تصديقه‪{ :‬إذَا جَا َءكَ الُنافِقونَ} [النافقون‪)32( .]1:‬‬

‫وف الصحيح حديث هند (‪ )33‬امرأة أب سفيان وقولا للنب صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إن أبا سفيان‬
‫رجل شحيح" إل آخره‪.‬‬

‫صعْلُوكٌ‪ ،‬وأمّا أبُو‬


‫وحديث فاطمة بنت قيس (‪ )34‬وقول النبّ صلى اللّه عليه وسلم لا‪" :‬أما معاوَِيةُ َف ُ‬
‫َجهْمٍ فَل َيضَع العَصَا عَ ْن عاتِقِهِ"‪.‬‬

‫بابُ أمرِ م ْن سَم َع غيبةَ شيخِهِ أو صاحب ِه أو غيِها‬

‫اعلم أنه ينبغي لن سع غِيبةَ مسلم أن يردّها ويزجرَ قائلَها‪ ،‬فإن ل ينج ْر بالكلم زجرَه بيده‪ ،‬فإن ل‬
‫يستطع باليدِ ول باللسان‪ ،‬فارقَ ذلكَ الجلس‪ ،‬فإن س َع غِيَبةَ شيخه أو غيه مّن له عليه حقّ‪ ،‬أو كانَ‬
‫من أهل الفضل والصّلح‪ ،‬كان العتناءُ با ذكرناه أكثر‪.‬‬

‫‪ 1/901‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"مَنْ َر ّد عَنْ عِ ْرضِ أخِيهِ رَدّ اللّ ُه عَ ْن وَ ْجهِ ِه النّا َر َيوْ َم القِيا َمةِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)35( .‬‬

‫‪ 2/902‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬ف حديث عِتبان بكسر العي على الشهور‪ ،‬و ُحكِي‬
‫بضمّها رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل الشهور قال‪:‬قام النبّ صلى اللّه عليه وسلم يُصلّي‪ ،‬فقالوا‪ :‬أين‬

‫‪334‬‬
‫حبّ اللّ َه ورسولَه‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل‬‫مالك بن الدّخْشُم؟ فقال رجل‪ :‬ذلك منافق ل يُ ِ‬
‫ك َوجْهَ اللّهِ؟"‪)36(.‬‬ ‫َتقُلْ ذلكَ‪ ،‬أل تَرَاهُ قَدْ قالَ ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬يُرِي ُد بِذل َ‬

‫‪ 3/903‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن السن البصري رحه اللّه‪:‬أن عائذ بن عمرو وكان من‬
‫أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخلَ على عُبيد اللّه بن زياد فقال‪ ":‬أي بنّ إن سعتُ رسولَ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬إ ّن شَرّ ال ّرعَاء الُطَ َمةُ‪ ،‬فإيّاكَ أ ْن َتكُونَ ِمْنهُمُ‪ ،‬فقال له‪ :‬اجلسْ‪ ،‬فإنا‬
‫أنتَ من نُخالة أصحابِ ممّدٍ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬وهل كانتْ لم نالةٌ؟! إنا كانت النّخَالةُ‬
‫بعدَهم وف غيِهم"‪)37(.‬‬

‫‪ 4/904‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن كعب بن مالك رضي اللّه عنه ف حديثه الطويل ف قصة توبته‬
‫قال‪:‬قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم وهو جالسٌ ف القوم بتبوك "ما َفعَلَ َك ْعبُ بْنُ مالِكٍ؟" فقال رجلٌ من‬
‫بن سَلِمة‪ :‬يا رسول اللّه! حبسَه بُرداهُ والنظرُ ف عِ ْط َفيْه‪ ،‬فقال له مُعاذُ بن جبل رضي اللّه عنه‪ :‬بئسَ ما‬
‫قلتَ‪ ،‬واللّه يا رسولَ اللّه! ما علمنا عليه إل خيا‪ ،‬فسكتَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪)38( .‬‬

‫قلت‪ :‬سَلِمة بكسر اللم؛ وعِطْفاه‪ :‬جانباه‪ ،‬وهو إشارة إل إعجابه بنفسه‪.‬‬

‫‪ 5/905‬ورويناه ف سنن أب داود‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه وأب طلحة رضي اللّه عنهم قال‪:‬قال رسول‬
‫ك فيهِ حُ ْر َمتُ ُه َويُْنَت َقصُ فِي ِه مِنْ‬
‫خذُ ُل امْ َرأَ مُسْلِما ف َموْضِ ٍع ُتنَْتهَ ُ‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما مِن امْرى ٍء يَ ْ‬
‫حبّ فِي ِه ُنصْ َرتَهُ‪ ،‬ومَا مِ ْن امْرىِ ٍء َيْنصُ ُر مُسْلِما ف َموْضِ ٍع ُيْنتَ َقصُ فِيهِ مِنْ‬ ‫عِرْضَهِ إِلّ خَذَلَهُ اللّهُ ف َموْطِ ٍن يُ ِ‬
‫عِرْضِهِ‪َ ،‬وُينَْتهَك فِيهِ مِنْ حُ ْر َمتِ ِه إل نَصَ َرهُ اللّهُ ف َموْطِ ٍن يُحِب ُنصْ َرتَهُ"‪)39(.‬‬

‫‪ 6/906‬وروينا فيه‪ ،‬عن معاذ بن أنس‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مَنْ َحمَى ُم ْؤمِنا مِ ْن‬
‫حمَ ُه َيوْ َم القِيا َم ِة مِنْ نارِ َج َهنّمَ‪َ ،‬ومَنْ َرمَى مُسْلِما‬
‫مُنافِقٍ ـ أُراه قال ـ َبعَثَ اللّ ُه تَعال مَلَكا يَحْمِي لَ ْ‬
‫ج مِمّا قَالَ"‪)40(.‬‬ ‫خرُ َ‬ ‫بِشَيْ ٍء يُري ُد َشْينَهُ َحبَسَهُ اللّهُ على جِسْرِ َج َهنّمَ حتّى يَ ْ‬

‫بابُ ال ِغْيَبةِ بالقَ ْلبِ‬

‫اعلم أن سوء الظنّ حرام مثل القول‪ :‬فكما يرم أن تدّث غيك بساوىء إنسان‪ ،‬يرم أن تدّث نفسك‬
‫بذلك وتسيء الظنّ به‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬ا ْجَتنِبُوا َكثِيا مِنَ الظّنّ} [الجرات‪.]12:‬‬

‫‪335‬‬
‫‪ 1/907‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫ب الَدِيثِ"‪)41(.‬‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬إيّاكُ ْم وَالظّ ّن فإنّ الظّنّ أكْذِ ُ‬

‫والحاديثُ بعن ما ذكرته كثية‪ ،‬والراد بذلك عقدُ القلب (‪ )42‬وحكمُ ُه على غيك بالسوء‪ ،‬فأما‬
‫الواطر وحديث النفس إذا ل يستقرّ ويستمرّ عليه صاحبُه فمعف ٌو عنه باتفاق العلماء‪ ،‬لنه ل اختيارَ له‬
‫ف وقوعه‪ ،‬ول طريقَ له إل النفكاك عنه‪ ،‬وهذا هو الراد با ثبتَ ف الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪" :‬إنّ اللّ َه تَجَاوَزَ ُلمّتِي ما حَ ّدَثتْ بِ ِه أْنفُسَها ما لَمْ تََتكَلّم بِ ِه أ ْو َتعْمَلْ" (‪ )43‬قال‬
‫العلماء‪ :‬الراد به الواطر الت ل تستقرّ‪ .‬قالوا‪ :‬وسواءٌ كان ذلك الاطِ ُر غِيبة أو كفرا أو غيَه؛ فمن‬
‫خطرَ له الكفرُ مرّد خَطَرٍ من غي تعمّدٍ لتحصيله‪ ،‬ث صَرفه ف الال فليس بكافر ول شيء عليه‪.‬‬

‫وقد قدّمنا ف باب الوسوسة ف الديث الصحيح أنم قالوا‪ :‬يا رسولَ اللّه! يدُ أحدُنا ما يتعاظمُ أن‬
‫صرِي ُح الِيَانِ" (‪ " )44‬وغي ذلك ما ذكرناه هناك وما هو ف معناه‪.‬‬‫يتكلّمَ به‪ ،‬قال‪" :‬ذلكَ َ‬

‫ب العفو ما ذكرناه من تعذّ ٍر اجتنابه‪ ،‬وإنا المكن اجتناب الستمرار عليه فلهذا كان الستمرار‬
‫وسب ُ‬
‫وعقد القلب حراما‪ .‬ومهما عرضَ لك هذا الاطرُ بالغيبة وغيها من العاصي وجبَ عليك دفعُه‬
‫بالِعراض عنه وذكر التأويلت الصارفة له عن ظاهره‪.‬‬

‫قال الِمام أبو حامد الغزال ف الِحياء (‪ : )45‬إذا وقع ف قلبك ظ ّن السوء فهو من وسوسة الشيطان‬
‫يلقيه إليك‪ ،‬فينبغي أن تُكذّبه فإنه أفس ُق الفسّاق‪ ،‬وقد قال اللّه تعال‪{ :‬إنْ جاءَكُمْ فاسِ ٌق بَِنبَإ َفَتبَّينُوا أنْ‬
‫صبِحُوا على ما َفعَ ْلتُ ْم نَا ِدمِيَ} [الجرات‪ ]6:‬فل يوز تصديق إبليس‪ ،‬فإن كان‬ ‫ُتصِيبُوا َقوْما بِجَهاَلةٍ َفتُ ْ‬
‫هناك قرينة تدل على فساد واحتمل خلفه‪ ،‬ل تز إساءة الظنّ؛ ومن علمة إساءة الظنّ أن يتغيّر قلبُك‬
‫معه عمّا كان عليه‪ ،‬فتنف ُر منه وتستثقله وتفتر عن مراعاته وإكرامه والغتمام بسيّئته‪ ،‬فإ ّن الشيطانَ قد‬
‫يقرّبُ إل القلب بأدن خيالٍ مساوى َء الناس‪ ،‬ويُلقي إليه أن هذا من فطنتك وذكائك وسرعة تنبّهك‪،‬‬
‫وإن الؤمن ينظر بنور اللّه تعال‪ ،‬وإنا هو على التحقيق ناطقٌ بغرور الشيطان وظلمته‪ ،‬وإن أخ َبكَ عدلٌ‬
‫بذلك فل تُصدّقه ول تُكذّبه لئل تُسيءَ الظنّ بأحدها؛ ومهما خطرَ لك سوءٌ ف مسلمٍ ف ِزدْ ف مراعاته‬
‫وإكرامه‪ ،‬فإن ذلك يُغيظُ الشيطانَ ويدفعُه عنك فل يُلقي إليك مثلَه خِيفةً من اشتغالك بالدعاء له‪،‬‬
‫ك فيها فانصحْه ف الس ّر ول يدعنّك الشيطانُ فيدعوك إل‬ ‫جةٍ ل ش ّ‬ ‫ومهما عرفتَ هفوةَ مسلم ب ّ‬
‫اغتيابِه‪ ،‬وإذا وعظتَهُ فل تعِظْه وأنت مسرو ٌر باطّلعِك على نقصِه فينظ ُر إليك بعي التعظيم وتنظ ُر إليه‬

‫‪336‬‬
‫بالستصغار‪ ،‬ولكن اقص ْد تليصَه من الِث وأنت حزينٌ كما تزنُ على نفسك إذا دخلَك نقصٌ‪ ،‬وينبغي‬
‫أن يكون تركُه لذلك النقص بغي وعظك أحبّ إليك من تركه بوعظك‪ .‬هذا كلم الغزال‪.‬‬

‫قلت‪ :‬قد ذكرنا أنه يبُ عليه إذا عرضَ له خاط ٌر بسوء الظن أن يقطعَه‪ ،‬وهذا إذا ل تدعُ إل الفكر ف‬
‫ذلك مصلحةٌ شرعية‪ ،‬فإذا دعتْ جا َز الفكرُ ف نقيصته والتنقيب عنها كما ف جرح الشهود والرواة‬
‫وغي ذلك ما ذكرناه ف باب ما يُباح من الغيبة‪.‬‬

‫بابُ َكفّار ِة الغيْبةِ والّتوَْب ِة منها‬

‫اعلم أن كلّ من ارتكب معصيةً لزمه البادرةُ إل التوبة منها‪ ،‬والتوبةُ من حقوق اللّه تعال يُشترط فيها‬
‫ثلثة أشياء‪ :‬أن يُقلع عن العصية ف الال‪ ،‬وأن يندمَ على فعلها‪ ،‬وأن يَع ِزمَ ألّ يعود إليها‪.‬‬

‫والتوبةُ من حقوق الدميي يُشترط فيها هذه الثلثة‪ ،‬ورابع‪ :‬وهو ردّ الظلمة إل صاحبها‪ ،‬أو طلب‬
‫ب على الغتاب التوبة بذه المور الربعة‪ ،‬لن الغيبة حقّ آدمي‪ ،‬ول بدّ‬ ‫عفوه عنها والِبراء منها؛ فيج ُ‬
‫من استحلله مَن اغتابَه‪ ،‬وهل يكفيه أن يقول‪ :‬قد اغتبتُك فاجعلن ف حلّ‪ ،‬أم ل بُدّ أن يبيّنَ ما اغتابه‬
‫به؟ فيه وجهان لصحاب الشافعي رحهم اللّه‪ :‬أحدها يُشترط بيانُه‪ ،‬فإن أبرأه من غي بيانه ل يصحّ؛‬
‫كما لو أبرأه عن مال مهول‪ .‬والثان ل يُشترط‪ ،‬لن هذا ما يُتسامحُ فيه فل يُشترط علمه بلف الال‪.‬‬
‫ب الغيبةِ ميّتا أو غائبا‬‫والوّل أظهرُ‪ ،‬لن الِنسانَ قد يسمحُ بالعفو عن غيبة دو َن غِيبة؛ فإن كان صاح ُ‬
‫فقد تعذّ َر تصيلُ الباءة منها؛ لكن قال العلماء‪ :‬ينبغي أن يُكث َر الستغفار له والدعاء ويُكثر من‬
‫السنات‪.‬‬

‫واعلم أنه يُستحبّ لصاحب الغِيبة أن يبئه منها ول يبُ عليه ذلك لنه ت ّبعٌ وإسقاطُ حقّ‪ ،‬فكان إل‬
‫خِيته‪ ،‬ولكن يُستحبّ له استحبابا متأكدا الِبراء‪ ،‬ليخّلصَ أخاه السلم من وبال هذه العصية‪ ،‬ويفوزَ‬
‫ي ال َغيْظَ‬
‫هو بعظيم ثواب اللّه تعال ف العفو ومبة اللّه سبحانه وتعال‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَالكاظِمِ َ‬
‫سنِيَ} [آل عمران‪ ]134 :‬وطريقهُ ف تطبيب نفسه بالعفو أن‬ ‫حبّ الُحْ ِ‬‫س وَاللّ ِه ُي ِ‬
‫ي عَ ِن النّا ِ‬
‫وَالعَافِ َ‬
‫ت ثوابَه وخلصَ أخي السلم‪،‬‬ ‫يذكّ َر نفسَه أن هذا المر قد وقعَ‪ ،‬ول سبيلَ إل رفعه فل ينبغي أن أُفوّ َ‬
‫صبَ َر َو َغفَرَ إِن ذلكَ لَمِ ْن عَ ْز ِم المُورِ} [الشورى‪ ]43:‬وقال تعال‪{ :‬خُذِ‬
‫وقد قال اللّه تعال‪َ { :‬ولَنْ َ‬
‫ال َع ْفوَ} [العراف‪ .]199:‬واليات بنحو ما ذكرنا كثية‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫وف الديث الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬وَاللّهُ ف َعوْ ِن ال َعبْدِ ما كَانَ ال َعبْدُ ف‬
‫ض فهو شيطان‪ .‬وقد أنشد‬ ‫َعوْنِ أخيهِ" (‪ . )46‬وقد قال الشافعي رحه اللّه‪ :‬من اسْتُرضي فلم ير َ‬
‫التقدّمونَ (‪: )47‬‬

‫قيلَ ل قد أساءَ إليك فلنٌ * ومُقام ال َفتَى على الذّ ّل عَارُ‬

‫ب عِندنَا العْتذَارُ‬
‫ث عُذْرا * دِيةُ الذن ِ‬
‫قلتُ قدْ جا َءنَا وأ ْحدَ َ‬

‫فهذا الذي ذكرنا ُه من الثَ على الِبراء عن الغيبة هو الصواب‪ .‬وأما ما جاء عن سعيد بن السيب أنه‬
‫قال‪ :‬ل أُ َحلّ ُل مَن ظلمن‪ ،‬وعن ابن سيين‪ :‬ل أُحرّمها عليه فأُحلُّلهَا له‪ ،‬لن اللّه تعال حرّم الغيب َة عليه‪،‬‬
‫وما كنتُ لُحَلّلَ ما حرّمه اللّه تعال أبدا‪ .‬فهو ضعيفٌ أو غلطٌ‪ ،‬فإن الُبىءَ ل يلّلُ مرّما‪ ،‬وإنا يُسقط‬
‫حقا ثبتَ له‪ ،‬وقد تظاهرت نصوصُ الكتاب والسنّة على استحباب العفو وإسقاط القوق الختصّة‬
‫بالسقِط‪ .‬أو يُحمل كل ُم ابن سيين على أن ل أُبيح غيبت أبدا‪ ،‬وهذا صحيح‪ ،‬فإن الِنسانَ لو قال‪:‬‬
‫أبتُ عرضي لن اغتابن ل يَصرْ مباحا‪ ،‬بل يَحرمُ على كل أحد غِيبتُه كما يَحرم غيبة غيه‪.‬‬

‫ج مِنْ بَْيتِهِ قالَ ِإنّي َتصَدّ ْقتُ ِبعِرْضِي‬


‫ض ْمضَمٍ‪ ،‬كانَ إذَا َخرَ َ‬
‫وأما الديث‪" :‬أَيعْجِزُ أحَدُكُ ْم أنْ َيكُونَ كأب َ‬
‫على النّاسِ" (‪ )48‬فمعناه‪ :‬ل أطلبُ مَظلمت مّن ظلمن ل ف الدنيا ول ف الخرة‪ ،‬وهذا يَنفعُ ف‬
‫إسقاط مَظلمة كانت موجودة قبل الِبراء‪ .‬فأما يدثُ بعدَه فل بدّ من إبراء جديد بعدَها‪ ،‬وباللّه‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫بابٌ ف النميمة‬

‫قد ذكرنا تريها ودلئلَها وما جاء ف الوعيد عليها وذكرنَا بيا َن حقيقتها ولكنه متصرٌ‪ ،‬ونزي ُد الن ف‬
‫شرحه‪ .‬قال الِمام أبو حامد الغزال رحه اللّه‪ :‬النميمةُ إنا تُطلق ف الغالب على مَن يَنمّ قو َل الغي إل‬
‫القول فيه‪ ،‬كقوله‪ :‬فلن يقولُ فيك كذا‪ ،‬وليست النميم ُة مصوصةً بذلك‪ ،‬بل حدّها كشف ما يكره‬
‫كشفُه‪ ،‬سواء كرهه النقول عنه‪ ،‬أو النقول إليه‪ ،‬أو ثالث‪ ،‬وسواء كان الكشفُ بالقول أو الكتابة أو‬
‫ح ِقيْ َقةُ‬
‫الرمز أو الِياء أو نوها‪ ،‬وسواء كان النقو ُل من القوال أو العمال‪ ،‬وسواء كان عيبا أو غيه‪َ ،‬ف َ‬
‫النميمة إفشاءُ الس ّر وهتكُ الستر عمّا يُكره كشفُه‪ ،‬وينبغي للِنسان أن يسكتَ عن كلّ ما رآهُ من‬

‫‪338‬‬
‫أحوال الناس إل ما ف حكايته فائدةٌ لسلم أو دف ُع معصية‪ ،‬وإذا رآ ُه يُخفي مالَ نفسه فذكره فهو نيمة‪.‬‬
‫قال‪ :‬وك ّل مَنْ حُمِلت إليه نيمة وقيل له‪ :‬قال فيك فلن كذا‪ ،‬لزمه ستة أمور‪:‬‬

‫الول‪ :‬أن ل يصدقه‪ ،‬لن النّمامَ فاس ٌق وهو مردود الب‪.‬‬

‫الثان‪ :‬أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبّح فعله‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن يبغضَه ف اللّه تعال فإنه بغيض عند اللّه تعال‪ ،‬والبغضُ ف اللّه تعال واجب‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬أن ل يظ ّن بالنقول عنه السوء لقول اللّه تعال‪{ :‬ا ْجتَِنبُوا َكثِيا مِنَ الظنّ} [الجرات‪12:‬‬
‫]‪.‬‬

‫الامس‪ :‬أن ل يملَك ما حُكي لك على التجسس والبحث عن تقيق ذلك‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬ول‬
‫تَجَسّسُوا} [الجرات‪.)12:‬‬

‫السادس‪ :‬أن ل يرضى لنفسه ما نى النمّامَ عنه فل يكي نيمته‪.‬‬

‫ل بشيء‪ ،‬فقال عمر‪ :‬إن شئتَ نظرنَا ف‬ ‫وقد جاء أن رجلً ذَكَرَ لعمرَ بن عبد العزيز رضي اللّه عنه رج ً‬
‫أمرك‪ ،‬فإن كنتَ كاذبا فأنتَ من أهل هذه الية‪{ :‬إنْ جاءَكُمْ فاسِ ٌق بِنَبإ َفَتبَّينُوا} [الجرات‪ ]6:‬وإن‬
‫ت عفونا عنك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫كنتَ صادقا فأنتَ من أهل هذه الية‪{ :‬هَمّا ٍز مَشّا ٍء بنَمِيمٍ} [القلم‪ ]11:‬وإن شئ َ‬
‫العفو يا أم َي الؤمني! ل أعودُ إليه أبدا‪.‬‬

‫ورفع إنسانٌ رُقعةً إل الصاحب بن عبّاد يثّه فيها على أخذ مال يتيم‪ ،‬وكان ما ًل كثيا‪ ،‬فكتبَ على‬
‫ظهرها‪ :‬النميمةُ قبيح ٌة وإن كانت صحيحةً‪ ،‬والّيتُ رحه اللّه‪ ،‬واليتيمُ جبَه اللّه‪ ،‬والا ُل ثَمّ َرهُ اللّه‪،‬‬
‫والساعي لعنه اللّه‪.‬‬

‫ف َمفْسدةٍ ونوِهَا‬
‫ب النهي عن َنقْلِ الَديثِ إل وُل ِة الُمور إذا ل تَ ْدعُ إليه ضرورةٌ لو ِ‬
‫با ُ‬

‫‪ 1/908‬روينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل ُيبَّلغْن أحَدٌ منْ أصْحابِي عَنْ أ َح ٍد َشيْئا‪ ،‬فإن أُ ِحبّ أنْ أَخْ ُرجَ إَِليْكُ ْم وأنا سَلِيمُ‬
‫الصّدْرِ"‪)49(.‬‬

‫‪339‬‬
‫ب النّهي عن الطعن ف ا َلنْسَابِ الثّابتةِ ف ظاهِر الشّ ْرعِ‬
‫با ُ‬

‫سؤُولً}‬
‫ك بِ ِه عِلْمٌ ِإنّ السّ ْم َع وَالَبصَ َر وَال ُفؤَادَ كُلّ أُوَلئِكَ كا َن َعنْهُ مَ ْ‬
‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَ َل َتقْفُ ما َلْيسَ لَ َ‬
‫[الِسراء‪.]36:‬‬

‫‪ 1/909‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم؛ "اْثنَتانِ ف النّاسِ هُمَا بِهمْ ُكفْرٌ‪ :‬ال ّطعْنُ ف النّسَبِ‪ ،‬وَالنّيا َحةُ على ا َليّت"‪)50(.‬‬

‫بابُ النّهي عن ال ْفتِخَار‬

‫سكُمْ ُه َو أعْلَ ُم بِمَ ِن اّتقَى} [النجم‪]32:‬‬


‫قال اللّه تعال‪{ :‬فَل تُزَكّوا أْنفُ َ‬

‫‪ 1/910‬وروينا ف صحيح مسلم وسنن أب داود وغيها‪ ،‬عن عياض بن حِمار الصحاب رضي اللّه‬
‫عنه قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّ اللّ َه تَعال أوْحَى إلّ أ ْن َتوَاضَعُوا حتّى ل َيبْغيَ أحَدٌ‬
‫على أ َحدٍ‪ ،‬وَل َيفْخَرَ أ َحدٌ على أ َحدٍ"‪)1(.‬‬

‫بابُ النهي عن إظهار الشماتة بالسلم‬

‫‪ 1/911‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن واثلةَ بن السقع رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬ل تُ ْظهِرِ الشّماَتةَ لخِيكَ َفيَرْحَمُهُ اللّهُ َويَْبتَلِيكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)2( .‬‬

‫ي والسّخْرِي ِة منهم‬
‫بابُ تَحريِ ا ْحتِقار السلم َ‬

‫ت وَالّذينَ ل يَجدُونَ إل ُجهْ َدهُ ْم‬ ‫ي مِنَ ا ُل ْؤمِنِيَ ف الصّدَقَا ِ‬


‫قال اللّه تعال‪{ :‬الّذِينَ يلْ ِمزُونَ الُ ّطوّعِ َ‬
‫َفيَسْخَرُو َن ِمْنهُمْ َسخِرَ اللّ ُه ِمْنهُ ْم َولُ ْم عَذَابٌ ألِيمٌ} [التوبة‪ ]79:‬وقال تعال‪{ :‬يا أيّها الّذين آمَنُوا ل‬
‫يَسخَرُ َق ْو ٌم مِنْ َق ْو ٍم عَسَى أنْ َيكُونُوا َخيْرا ِمْنهُ ْم وَل نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَى أ ْن َيكُنّ َخيْرا ِمْنهُ ّن وَل تَ ْلمِزُوا‬
‫سكُ ْم وَل تَابَزُوا باللْقابِ} الية [الجرات‪ ،]11:‬وقال تعال‪{ :‬وَيْلٌ ِلكُ ّل هُ َم َزةٍ لُ َم َزةٍ} [المزة‪:‬‬ ‫أنْفُ َ‬
‫‪.]1‬‬

‫ع المة منعقدٌ على تري ذلك‪ ،‬واللّه‬


‫وأما الحاديث الصحيحةُ ف هذا الباب فأكثرُ من أن تُحصر‪ ،‬وإجا ُ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫‪ 1/912‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ضكُمْ على َب ْعضٍ وكُونُوا‬ ‫وسلم‪" :‬ل تَحاسَدُوا‪ ،‬وَل تَناجَشُوا‪ ،‬وَل تَبا َغضُوا‪ ،‬وَ َل تَدَابَرُوا‪َ ،‬و ل َيبْغِ َب ْع ُ‬
‫حقِ ُرهُ‪ ،‬الّت ْقوَى هَاهُنا ـ ويشيِ إل صدره‬ ‫خذُلُ ُه وَل يَ ْ‬
‫عِبادَ اللّهِ إخْوانا‪ ،‬الُسلِمُ أخُو الُسْلِ ِم ل يَظْلِمُهُ وَل يَ ْ‬
‫حقِرَ أخا ُه الُسْلِمَ‪ ،‬كُ ّل الُسْلِ ِم على الُسْلِمِ َحرَامٌ‪َ :‬دمُهُ ومَالُهُ‬
‫سبِ امْرى ٍء مِنَ الشّ ّر أ ْن يَ ْ‬ ‫ثلثَ مرات ـ ِبحَ ْ‬
‫َوعِرْضُهُ"‪)3(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬ما أعظم نفع هذا الديث وأكثر فوائده لن تدبره‪.‬‬

‫‪ 2/913‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬
‫لّنةَ مَنْ ف قَ ْلبِ ِه ِمثْقالُ ذَ ّر ٍة مِنْ ِكبْرٍ‪ ،‬فقال رجلٌ‪ :‬إن الرج َل يُحبّ أن يكون ثوبُه حسنا ونعلُه‬
‫"ل يَدْخُل ا َ‬
‫ط النّاسِ"‪)4(.‬‬
‫ب الَمالَ‪ ،‬الكِبْ ُر بَ َط ُر الَ ّق وَغَمْ ُ‬
‫ح ّ‬
‫حسنةً‪ ،‬قال‪ :‬إنّ اللّهَ جَمِي ٌل يُ ِ‬

‫قلتُ‪ :‬بَطر ال ّق بفتح الباء والطاء الهملة وهو دفعه وإبطاله‪ ،‬وغمطٌ بفتح الغي العجمة وإسكان اليم‬
‫وآخره طاء مهملة‪ ،‬ويروى غمص بالصاد الهملة ومعناها واحد وهو الحتقار‪.‬‬

‫بابُ غِلَظِ تر ِي شَهادةِ الزّور‬

‫ك بِ ِه عِلْمٌ إنّ‬
‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَا ْجَتنِبُوا َقوْلَ الزّورِ} [الج‪ ]30:‬وقال تعال‪{ :‬وَل َتقْفُ ما َلْيسَ لَ َ‬
‫سؤُولً} [الِسراء‪.]36:‬‬
‫ك كانَ َعنْهُ مَ ْ‬
‫السّمْ َع وَالَبصَ َر وَالفُؤادَ كُلّ أُوَلئِ َ‬

‫‪ 1/914‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب بكرة نُفيع بن الارث رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬أل ُأَنّبئُكُ ْم بأكْبَ ِر الكَبائرِ؟ ـ ثلثا ـ قلنا‪ :‬بلى يا رسول اللّه!‬
‫ق الوالِ َديْنِ‪ ،‬وكان متكئا فجلسَ فقال‪ :‬أل وََقوْلُ الزّور َوشَها َدةُ الزّورِ" فما‬
‫قال‪ :‬ا ِلشْرَاكُ باللّهِ‪َ ،‬و ُعقُو ُ‬
‫زال يُكرّرها حت قلنا‪ :‬ليته سكت‪)5( .‬‬

‫قلت‪ :‬والحاديثُ ف هذا الباب كثية‪ ،‬وفيما ذكرته كفاية‪ ،‬والِجاع منعقد عليه‪.‬‬

‫بابُ النهي عن الَ ّن بالعَطِّي ِة ونوِها‬

‫‪341‬‬
‫صدَقاِتكُمْ بالَ ّن وَالذَى} [البقرة‪ ]264:‬قال الفسرون‪:‬‬
‫قال اللّه تعال‪{ :‬يا أّيهَا الذينَ آ َمنُوا ل ُتبْطِلُوا َ‬
‫أي ل تُبطلوا ثوابَها‪.‬‬

‫‪ 1/915‬ـ وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫ثَلَث ٌة ل يُكَلّ ُمهُمُ اللّ ُه َي ْومَ ال ِقيَامَ ِة وَل َينْظُرُ إَِلْيهِمْ وَل يُزَكّيه ْم وََلهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ"‪ ،‬قال‪ :‬فقرأها رسولُ اللّه‬
‫سبِلُ‪،‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ثلثَ مَرّاتٍ‪ ،‬قال أبو ذرّ‪ :‬خابُوا وخَسِروا مَن هم يا رسولَ اللّه؟! قال‪" :‬الُ ْ‬
‫وَا َلنّانُ‪ ،‬وَالُْنفِ ُق سِ ْل َعتَهُ باْلحَلِفِ الكاذِبِ"‪)6(.‬‬

‫بابُ النّهي عن الّلعْن‬

‫‪ 1/916‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ثابت بن الضحّاك رضي اللّه عنه‪ ،‬وكان من‬
‫أصحاب الشجرة قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لعْنُ ا ُل ْؤمِنِ َكقَتْلِهِ"‪)7(.‬‬

‫‪ 2/917‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬ل َيْنبَغِي ِلصِدّي ٍق أ ْن يَكُونَ َلعّانا"‪)8(.‬‬

‫‪ 3/918‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬ل َيكُونُ الّلعّانُونَ ُشفَعا َء وَل ُشهَدَا َء َي ْومَ القِيا َمةِ"‪)9(.‬‬

‫‪ 4/919‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن سرة بن جندب رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫ضبِهِ وَل بالنّارِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل تَل َعنُوا بَِل ْعَنةِ اللّ ِه وَل ِب َغ َ‬
‫(‪)10‬‬

‫‪ 5/920‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ش وَل البَذيء" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)11( .‬‬ ‫وسلم‪َ" :‬لْيسَ ا ُل ْؤمِنُ بال ّطعّانِ وَل الّلعّان وَل الفا ِح ِ‬

‫‪ 6/921‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫صعِدَتِ الّل ْعَنةُ إل السّماءِ َفُتغْلَ ُق أْبوَابُ السّماءِ دُوَنهَا‪ ،‬ثّ َت ْهبِطُ إل ال ْرضِ‬
‫وسلم‪" :‬إنّ ال َعبْد إذَا َلعَ َن َشيْئا َ‬
‫َفُتغْلَ ُق أْبوَابُها دُونَها‪ ،‬ثُ ّم تأخُ ُذ يَمِينا َوشِمالً‪ ،‬فإذَا لَ ْم َتجِ ْد مَساغا رَ َج َعتْ إل الّذي ُلعِنَ‪ ،‬فإن كان أ ْهلً‬
‫ك َوإِلّ رَ َج َعتْ إل قائِلِها"‪)12(.‬‬ ‫لِذَلِ َ‬

‫‪342‬‬
‫‪ 7/922‬وروينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬مَنْ َلعَ َن َشيْئا َلْيسَ بأهْلٍ رَ َج َعتِ الّلعْنَة عََليْهِ"‪)13(.‬‬

‫‪ 8/923‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عمران بن الصي رضي اللّه عنهما قال‪:‬بينما رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم ف بعض أسفاره وامرأة من النصار على ناقة َفضَجِرَتْ فلعنتها‪ ،‬فسمعَها رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فقال‪" :‬خُذُوا ما عََليْها وَ َدعُوها فإنّها مَ ْلعُوَنةٌ" قال عمران‪ :‬فكأن أراها الن تشي‬
‫ف الناس ما يَعرض لا أحد‪)14( .‬‬

‫قلت‪ :‬اختلف العلماء ف إسلم حصي والد عمران وصحبته‪ ،‬والصحيح إسلمه وصحبته‪ ،‬فلهذا قلت‬
‫رضي اللّه عنهما‪.‬‬

‫‪ 9/924‬وروينا ف صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن أب برزة رضي اللّه عنه قال‪:‬بينما جاريةٌ على ناق ٍة عليها‬
‫ض متاع القوم‪ ،‬إذ بصرتْ بالنبّ صلى اللّه عليه وسلم وتضاي َق بم البلُ فقالت‪ :‬حَلْ اللّه ّم العنها‪،‬‬ ‫بع ُ‬
‫فقالَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل ُتصَا ِحبُنا ناَق ٌة عََليْها َلعَْنةٌ" وف رواية‪" :‬ل تُصَا ِحبُنا رَاحَِل ٌة عََليْها َل ْعَنةٌ‬
‫مِنَ اللّ ِه تَعال"‪)15(.‬‬

‫قلت‪ :‬حَ ْل بفتح الاء الهملة وإسكان اللم‪ ،‬وهي كلمة تزجر با الِبل‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف جواز لعن أصحاب العاصي غي العيني والعروفي؛ ثبت ف الحاديث الصحيحة‬
‫الشهورة‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه الوَاصَِل َة وَالُسَْتوْصَِلةَ" (‪ )16‬الديث‪ ،‬وأنه قال‪" :‬‬
‫صوّرِينَ" (‪ )18‬وأنه قال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه مَ ْن َغيّرَ‬ ‫َلعَنَ اللّهُ آكِلَ الرّبا" (‪ )17‬الديث‪ ،‬وأنه قال‪َ" :‬لعَنَ اللّهُ ا ُل َ‬
‫ضةَ (‪ )20‬وأنه قال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه مَنْ َلعَنَ‬ ‫س ِرقُ الَبيْ َ‬
‫مَنارَ ال ْرضِ" (‪ )19‬وأنه قال "َلعَنَ اللّهُ السّا ِرقَ يَ ْ‬
‫وَالِ َديْهِ‪ ،‬وََلعَنَ اللّ ُه مَنْ َذبَحَ ِلغَيْرِ اللّهِ" (‪ )21‬وأنه قال "مَنْ أ ْحدَثَ فِينا حَدَثا أوْ آوَى ُمحْدِثا َفعََليْهِ َلعَْنةُ‬
‫صتِ اللّه َو َرسُولَهُ"‬ ‫صّيةَ عَ َ‬
‫ل وَذَ ْكوَا َن َوعُ َ‬
‫جعِيَ" (‪ )22‬وأنه قال‪" :‬الّلهُ ّم اْلعَنْ ِر ْع ً‬ ‫اللّ ِه وَالَلئِ َك ِة وَالنّاسِ أ َ‬
‫ت عََلْيهِمُ الشّحُومُ فج َملُوها‬ ‫(‪ )23‬وهذه ثلث قبائل من العرب‪ ،‬وأنه قال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه الَيهُودَ حُ ّر َم ْ‬
‫فَباعُوها" (‪ )24‬وأنه قال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه الَيهُو َد وَالنّصَارَى اتّخَذُوا ُقبُو َر أنْبِياِئهِمْ مَسَاجِدَ" (‪ )25‬وأنه "لعن‬
‫التشبهي من الرجال بالنساء والتشبهات من النساء بالرجال" (‪)26‬‬

‫‪343‬‬
‫ت إليها‬
‫وجيع هذه اللفاظ ف صحيحي البخاري ومسلم بعضها فيهما وبعضها ف أحدها‪ ،‬وإنا أشر ُ‬
‫ول أذكر طرقها للختصار‪.‬‬

‫‪ 10/925‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر‪:‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم رأى حِمارا قد ُوسِمَ ف‬
‫وجهه فقال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه الّذي َوسَمَهُ"‪)27(.‬‬

‫‪ 11/926‬وف الصحيحي‪ ،‬أن ابن عمر رضي اللّه عنهما م ّر بفتيان من قُريش قد نَصبوا طيا وهم‬
‫يرمونه‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬لعن اللّه من فع َل هذا‪ ،‬إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬لعَنَ اللّ ُه مَنِ‬
‫ح غَرَضا"‪)28(.‬‬ ‫خ َذ َشيْئا فِيهِ الرّو ُ‬
‫اتّ َ‬

‫فصل‪ :‬اعلم أن لعن السلم الصون حرامٌ بإجاع السلمي‪ ،‬ويوزُ لعنُ أصحاب الوصاف الذمومة‬
‫كقولك‪ :‬لعن اللّه الظالي‪ ،‬لعن اللّه الكافرين‪ ،‬لعن اللّه اليهود والنصارى‪ ،‬ولعن اللّه الفاسقي‪ ،‬لعن اللّه‬
‫الصوّرين‪ ،‬ونو ذلك ما تقدّم ف الفصل السابق‪.‬‬

‫ف بشيءٍ من العاصي؛ كيهودي أو نصران أو ظال أو زانٍ أو مصوّرٍ أو‬ ‫وأما لعن الِنسان بعينه مّن اتّصَ َ‬
‫سارقٍ أو آكلِ ربا‪ ،‬فظواهر الحاديث أنه ليس برام‪ .‬وأشارَ الغزال إل تريه إل ف ح ّق مَن عَلِ ْمنَا أنه‬
‫مات على الكفر كأب لب وأب جهل وفرعونَ وهامانَ وأشباههم‪ ،‬قال‪ :‬لن اللعن هو الِبعاد عن رحة‬
‫اللّه تعال‪ ،‬وما ندري ما يُتم به لذا الفاسق أو الكافر‪ .‬قال‪ :‬وأما الذين لعنَهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم بأعيانم فيجو ُز أنه صلى اللّه عليه وسلم عَلِ َم موتَهم على الكفر‪ .‬قال‪ :‬ويقربُ من اللعن الدعاء‬
‫على الِنسان بالشرّ حت الدعاء على الظال؛ كقول الِنسان‪ :‬ل أصحّ اللّه جسمَه‪ ،‬ول سلّمه اللّه‪ ،‬وما‬
‫جرى مراه‪ ،‬وكلّ ذلك مذمومٌ‪ ،‬وكذلك لعنُ جيع اليوانات والماد فكلّه مذموم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬حكى أبو جعفرُ النحاس عن بعض العلماء أنه قال‪ :‬إذا لعن الِنسا ُن ما ل يستحقّ اللعن‪،‬‬
‫فليباد ْر بقوله‪ :‬إلّ أن يكون ل يستحقّ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويوزُ للمر بالعروف والناهي عن النكر وكلّ مؤدّب أن يقولَ لن ياطبه ف ذلك المر‪:‬‬
‫ويلك‪ ،‬أو يا ضعيفَ الال! أو يا قلي َل النظر لنفسه! أو يا ظالَ نفسه! وما أشبه ذلك بيث ل يتجاوز‬
‫إل الكذب‪ ،‬ول يكون فيه لفظُ قذفٍ‪ ،‬صريا كان أو كنايةً أو تعريضا‪ ،‬ولو كان صادقا ف ذلك‪ ،‬وإنا‬
‫ض منه التأديب والزجر‪ ،‬وليكونَ الكلمُ أوقعَ ف النفس‪.‬‬ ‫يوزُ ما قدّمناه ويكون الغر ُ‬

‫‪344‬‬
‫‪ 12/927‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ق بدنةً‪ ،‬فقال‪" :‬ارْ َكبْها"‪ ،‬فقال‪ :‬إنا بدنة‪ ،‬قال‪" :‬ارْ َكبْها"‪ ،‬قال‪ :‬إنا بدنة‪ ،‬قال ف‬
‫ل يسو ُ‬‫وسلم رأى رج ً‬
‫الثالثة‪ :‬ارْكَبْها َويْلَك"‪.‬‬

‫‪ 13/928‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه قال‪:‬بينا نن عند رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم وهو يَقسم قَسْما أتاه ذو الويصرة‪ ،‬رجلٌ من بن تيم‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اللّه!‬
‫ك َومَ ْن َيعْدِلُ إِذَا لَ ْم أعْدِلْ"‪ ()29(.‬البخاري (‬
‫اعدل‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬ويْلَ َ‬
‫‪ ، )6163‬ومسلم (‪ (" )1064‬البخاري (‪ ، )6163‬ومسلم (‪ (")1064‬البخاري (‬
‫‪ ، )6163‬ومسلم (‪)1064‬‬

‫‪ 14/929‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عديّ بن حات رضي اللّه عنه‪:‬أن رجلً خطبَ عندَ رسول‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬مَ ْن يُطع اللّه ورسولَه فقد رشدَ‪ ،‬ومَ ْن يعصهِمَا فقد غوى‪ ،‬فقال رسول‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ِ" :‬بْئسَ الَطِيبُ أْنتَ‪ُ ،‬قلْ‪َ :‬ومَ ْن َيعْصِ اللّ َه وَ َرسُولَهُ"‪)30(.‬‬

‫‪ 15/930‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬أيضا‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما‪:‬أن عبدا لاطب‬
‫رضي اللّه عنه جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يشكو حاطبا فقال‪ :‬يا رسولَ اللّه! ليدخل ّن حاطبٌ‬
‫النّارَ‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬كَ َذْبتَ ل يَ ْدخُلُها‪ ،‬فإنّ ُه َشهِ َد بَدْرا وَالُ َدْيبَِيةَ"‪)31(.‬‬

‫‪ 16/931‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬قولَ أب بكر الصديق رضي اللّه عنه لبنه عبد‬
‫الرحن حي ل يده عشّى أضيافه‪ :‬يا غنثر‪ ،‬وقد تقدم بيان هذا الديث ف كتاب الساء‪)32( .‬‬

‫‪ 17/932‬وروينا ف صحيحيهما‪ :‬أن جابرا صلّى ف ثوب واحد وثيابه موضوعة عنده‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫فعلتَ هذا؟ فقال‪ :‬فعلته ليان الهّا ُل مثلكُم‪ ،‬وف رواية‪ :‬ليان أحق مثلك‪.‬‬

‫(‪)33‬‬

‫ضعَفا ِء واليتيم والسّائ ِل ونوهم‪ ،‬وإلن ُة القوْل لم والتواضعُ معهم‬


‫بابُ النّهي عن انتها ِر ال ُفقَراءِ وال ّ‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬فأمّا الَيتِيمَ فَل َت ْقهَرْ‪ ،‬وأمّا السّائلَ فَل َتْنهَرْ} [الضحى‪9 :‬ـ ‪ ]10‬وقال تعال‪{ :‬وَل‬
‫شيّ ُيرِيدُو َن وَ ْجهَهُ} إل قوله تعال‪َ{ :‬فتَطْ ُر َدهُمْ َفَتكُونَ مِنَ‬
‫تَطْ ُر ِد الّذِينَ يَ ْدعُونَ َرّبهُ ْم بالغَدَا ِة وَالعَ ِ‬

‫‪345‬‬
‫شيّ يُريدُو َن‬
‫صبِ ْر َنفْسَكَ مَ َع الّذِي َن يَ ْدعُونَ َرّبهُ ْم بالغَدَاةِ وَالعَ ِ‬
‫الظّالِمِيَ} [النعام‪ ]52:‬وقال تعال‪{ :‬وَا ْ‬
‫وَ ْجهَ ُه وَل تَعْ ُد َعْينَا َك َعْنهُمْ} [الكهف‪ ]28 :‬وقال تعال‪{ :‬وَا ْخ ِفضْ جَناحَكَ للِ ُم ْؤ ِمنِيَ} [الجر‪88:‬‬
‫]‪.‬‬

‫‪ 1/933‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عائذ بن عمرو بالذال العجمة الصحاب رضي اللّه عنه؛أن أبا‬
‫ت سيوفُ اللّه من عنق عدوّ اللّه‬ ‫سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلل ف نفر‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما أخذ ْ‬
‫مأخذها‪ ،‬فقال أبو بكر رضي اللّه عنه‪ :‬أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدِهم‪ ،‬فأتى النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ضْبتَ َربّكَ" فأتاهم فقال‪:‬‬
‫ك أ ْغضَْبَتهُمْ؟ َلئِنْ ُكْنتَ أ ْغضَْبَتهُمْ َلقَ ْد أغْ َ‬
‫وسلم فأخبه‪ ،‬فقال‪" :‬يا أبا َبكْرٍ! َلعَلّ َ‬
‫يا إخوتاه! أغضبتُكم؟ فقالوا‪ :‬ل‪)34( .‬‬

‫ف حقها من عنقه لسوء فعاله‪.‬‬


‫قلت‪ :‬قوله مأخذَها‪ ،‬بفتح الاء‪ :‬أي ل تستو ِ‬

‫ظ يُكرهُ استعمالُها‬
‫بابٌ ف ألفا ٍ‬

‫‪ 1/934‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن سهل بن حُنيف‪ ،‬وعن عائشة رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫ستْ َنفْسِي"‪)35(.‬‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ل َيقُولَنّ أحَدُكُمْ َخبَُثتْ نَفْسِي‪ ،‬وَلَكِنْ ِلَيقُلْ َلقِ َ‬

‫‪ 2/935‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ستْ َنفْسِي" (‪)36‬قال العلماء‪ :‬معن‬ ‫وسلم قال‪" :‬ل َيقُولَنّ أحَدُ ُكمْ جا َشتْ َنفْسِي‪ ،‬وَلَكِنْ ِلَيقُلْ َلقِ َ‬
‫َلقِسَتْ وجاشت‪ :‬غثت؛ قالوا‪ :‬وإنا ُكرِه خبثت للفظ البث والبث‪.‬‬

‫قال الِمام أبو سليمان الطاب‪ :‬لقست وخبثت معناها واحد‪ ،‬وإنا كُره خبث للفظ البث وبشاعة‬
‫السم منه‪ ،‬وعلّمهم الدب ف استعمال السن منه وهجران القبيح‪ ،‬وجاشت باليم والشي العجمة‪،‬‬
‫ولقست بفتح اللم وكسر القاف‪.‬‬

‫فصل‪:‬‬

‫‪ 3/936‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم‪َ " :‬يقُولُونَ الكَ ْرمَ‪ ،‬إنّمَا الكَ ْرمُ َق ْلبُ ال ْؤمِنِ" وف رواية لسلم "ل تُسَمّوا العِنَب الكَ ْرمَ‪ ،‬فإنّ‬
‫الكَ ْر َم الُسْلِمُ" وف رواية "فإ ّن الكَ ْرمَ قَلْب ا ُلؤْمِنِ"‪)37(.‬‬

‫‪346‬‬
‫‪ 4/937‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن وائلَ بن حِجر رضي اللّه عنه عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫لبََلةَ"‪)38(.‬‬
‫ب وا َ‬
‫قال‪" :‬ل َتقُولُوا الكَ ْرمَ‪ ،‬وََلكِنْ قُولُوا العَِن َ‬

‫قلت‪ :‬الَبَلة بفتح الاء والباء‪ ،‬ويُقال أيضا بإسكان الباء قاله الوهري وغيُه‪ ،‬والراد من هذا الديث‬
‫ض الناس اليوم تُسمّيه كذلك‪ ،‬ونى‬ ‫النهي عن تسمية العنب كرما‪ ،‬وكانت الاهليةُ تسمّيه كرما‪ ،‬وبع ُ‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم عن هذه التسمية‪ ،‬قال الِمام الطاب وغيه من العلماء‪ :‬أشفق النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم أن يدعوهم حسنُ اسها إل شربِ المر التخذة من ثرها فسلبَها هذا السم‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪:‬‬

‫‪ 5/938‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ك النّاسُ َف ُهوَ أهَْل ُكهُمْ"‪)39(.‬‬
‫قال‪" :‬إِذَا قالَ الرّجُ ُل هَلَ َ‬

‫قلت‪ :‬روي أهلكُهم برفع الكاف وفتحها‪ ،‬والشهور الرفع‪ ،‬ويُؤيّده أنه جاء ف رواية رويناها ف حلية‬
‫الولياء ف ترجة سفيان الثوري "َف ُه َو مِ ْن أهَْلكِهمْ" قال الِمام الافظ أبو عبد اللّه الميدي ف المع بي‬
‫الصحيحي ف الرواية الول‪ ،‬قال بعض الرواة‪ :‬ل أدري هو بالنصب أم بالرفع؟ قال الميدي‪ :‬والشهر‬
‫الرفع‪ :‬أي أشدّهم هلكا‪ ،‬قال‪ :‬وذلك إذا قال على سبيل الزراء عليهم والحتقار لم وتفضيل نفسه‬
‫ض علمائنا يقولُ‪ ،‬هذا كلم الميدي‪ .‬وقال‬ ‫عليهم‪ ،‬لنه ل يدري سرّ اللّه تعال ف خلقه‪ ،‬هكذا كان بع ُ‬
‫س وهلكوا ونو ذلك‪ ،‬فإذا فعل‬ ‫ب الناسَ ويذك ُر مساويهم ويقول‪ :‬فس َد النّا ُ‬ ‫الطاب‪ :‬معناه‪ :‬ل يزا ُل يعي ُ‬
‫ذلك فهو أهلكُهم‪ :‬أي أسوأ حالً فيما يَلحقُه من الِث ف عيبهم والوقيعة فيهم‪ ،‬وربا أدّاه ذلك إل‬
‫العجب بنفسه ورؤيته أن له فضلً عليهم‪ ،‬وأنه خي منهم فيهلك‪ ،‬هذا كلم الطاب فيما رويناه عنه ف‬
‫كتابه "معال السنن"‪.‬‬

‫‪ 6/939‬وروينا ف سنن أب داود رضي اللّه عنه قال‪ :‬حدّثنا القعنب‪ ،‬عن مالك‪ ،‬عن سهل بن أب‬
‫صال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أب هريرة فذكر هذا الديث‪ ،‬ث قال‪:‬قال مالكٌ‪ :‬إذا قال ذلك تزنا لا يرى ف‬
‫الناس قال‪ :‬يعن من أمر دينهم فل أرى به بأسا‪ ،‬وإذا قال ذلك عجبا بنفسه وتصاغرا للناس فهو الكروه‬
‫الذي يُنهى عنه‪)40( .‬‬

‫‪347‬‬
‫قلتُ‪ :‬فهذا تفسي بإسناد ف ناية من الصحة وهو أحسن ما قيل ف معناه وأوجز‪ ،‬ول سيما إذا كان عن‬
‫الِمام مالك رضي اللّه عنه‪.‬‬

‫فصل‪:‬‬

‫‪ 7/940‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن حذيفةَ رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬ل َتقُولُوا ما شاءَ اللّ ُه وَشاءَ فُلنٌ‪ ،‬وََلكِنْ قولُوا ما شَاءَ اللّهُ ثُ ّم ما شَاءَ فُلنٌ"‪)41(.‬‬

‫قال الطاب وغيه‪ :‬هذا إرشادٌ إل الدب‪ ،‬وذلك أن الواو للجمع والتشريك‪ ،‬وث للعطف مع الترتيب‬
‫والتراخي‪ ،‬فأرشدَهم صلى اللّه عليه وسلم إل تقدي مشيئة اللّه تعال على مشيئة مَن سواه‪ .‬وجاء عن‬
‫إبراهيم النخعي أنه كان يكرهُ أن يقول الرجل‪ :‬أعوذ باللّه وبك؛ ويوز أن يقول‪ :‬أعوذ باللّه ث بك؛‬
‫قالوا‪ :‬ويقول‪ :‬لول اللّه ث فلن لفعلت كذا‪ ،‬ول تقل‪ :‬لول اللّه وفلن‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويُكره أن يقول‪ :‬مُطرنا بنوْءِ كذا‪ ،‬فإن قاله معتقدا أن الكوكب هو الفاعل فهو كفر‪ ،‬وإن‬
‫قاله معتقدا أن اللّه تعال هو الفاعل وأن النوْءَ الذكور علمة لنول الطر ل يكفر‪ ،‬ولكنه ارتكب‬
‫مكروها لتلفظه بذا اللفظ الذي كانت الاهلية تستعملُه‪ ،‬مع أنه مشتركٌ بي إرادة الكفر وغيه‪ ،‬وقد‬
‫قدّمنا الديث الصحيح التعلق بذا الفصل ف باب ما يقول عند نزول الطر‪.‬‬

‫ت كذا فأنا يهوديّ أو نصران‪ ،‬أو بريءٌ من السلم ونو ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫فصل‪ :‬يرمُ أن يقولَ إن فعل ُ‬
‫قاله وأرا َد حقيقة تعليق خروجه عن الِسلم بذلك صارَ كافرا ف الال وجرتْ عليه أحكامُ الرتدّين‪،‬‬
‫ب عليه التوبة‪ ،‬وهي أن يُقلعَ ف الال عن معصيته‬ ‫وإن ل يُردْ ذلك ل يكفرْ‪ ،‬لكن ارتكبَ مرّما‪ ،‬فيج ُ‬
‫ويندمَ على ما فعل ويَعْ ِز َم على أن ل يعو َد إليه أبدا ويستغفر اللّه تعال ويقول‪ :‬ل إله إلّ اللّه ممدٌ رسولُ‬
‫اللّه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يرم عليه تريا مغلّظا أن يقولَ لسلم‪ :‬يا كافر!‬

‫‪ 8/941‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا قالَ الرّجُلُ لخِيهِ‪ :‬يا كافِرٌ! َفقَدْ با َء بِها أحَ ُدهُما‪ ،‬فإن كانَ كما قال َوإِلّ‬
‫ت عََليْهِ"‪.‬‬
‫رَ َج َع ْ‬

‫‪348‬‬
‫‪ 9/942‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه أنه سع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ل بال ُكفْ ِر أوْ قَا َل عَ ُدوّ اللّه ـ وََلْيسَ كَذَلِكَ ـ إلّ حا َر عََليْهِ" وهذا لفظ رواية‬
‫يقول‪" :‬مَنْ دَعا رَ ُج ً‬
‫مسلم‪ ،‬ولفظ البخاري بعناه‪ ،‬ومعن حارَ‪ :‬رجع‪)42( .‬‬

‫فصل‪ :‬لو دعا مسلم على مسلم فقال‪ :‬اللّه ّم اسلبه الِيانَ عصى بذلك‪ ،‬وهل يكفر الداعي بجرد‬
‫هذا الدعاء؟ فيه وجهان لصحابنا حكاها القاضي حسي من أئمة أصحابنا ف الفتاوى أصحّهما ل‬
‫يكفر‪ ،‬وقد يُحت ّج لذا بقول اللّه تعال إخبارا عن موسى صلى اللّه عليه وسلم‪َ { :‬ربّنا اطْ ِمسْ على‬
‫أ ْموَاِلهِ ْم وَاشْ ُددْ على قُلُوِبهِمْ فَل ُيؤْ ِمنُوا} الية [يونس‪ ،]88 :‬وف هذا الستدلل نظر‪ ،‬وإن قلنا إنّ‬
‫شرعَ من قبلنَا شرعٌ لنا‪.‬‬

‫ص القرآن (‬
‫فصل‪ :‬لو أكرهَ الكفّار مسلما على كلمة الكفر فقالا وقلبه مطمئ ّن بالِيان ل يكفر بن ّ‬
‫قال تعال‪{ :‬إِ ّل مَن أُكره وقلبه مطمئن بالِيان} [النحل‪ )]106:‬وإجاع السلمي‪ ،‬وهل الفضل أن‬
‫يتكلّم با ليصو َن نفسَهُ من القتل؟ فيه خسةُ أوجه لصحابنا‪ ،‬الصحيحُ أن الفضلَ أن يصبَ للقتل ول‬
‫يتكلّم بالكفر‪ ،‬ودلئلُه من الحاديث الصحيحة وفعل الصحابة رضي اللّه عنهم مشهورة‪ ،‬والثان‬
‫الفضلُ أن يتكلّ َم ليصو َن نفسَه من القتل‪ .‬والثالث إن كان ف بقائه مصلحةٌ للمسلمي بأن كان يرجو‬
‫النكايةَ ف العدوّ أو القيام بأحكام الشرع‪ ،‬فالفضلُ أن يتكلّم با‪ ،‬وإن ل يكن كذلك فالصبُ على القتل‬
‫أفضل‪ .‬والرابع إن كان من العلماء ونوهم مّن يُقتدى بم فالفض ُل الصب لئل يغت ّر به العوامّ‪ .‬والامسُ‬
‫ب عليه التكلّم لقول اللّه تعال‪{ :‬وَل تُ ْلقُوا بأيْدِيكُمْ إل الّتهُْل َكةِ} [البقرة‪ ]195:‬وهذا الوجه‬
‫أنه ي ُ‬
‫ضعيف جدا‪.‬‬

‫فصل‪ :‬لو أكره السلمُ كافرا على الِسلم فنطقَ بالشهادتي‪ ،‬فإن كان الكافرُ حربيا ص ّح إسلمه‪،‬‬
‫لنه إكراه بقّ؛ وإن كان ذميّا ل يصِرْ مسلما لنّا التزمنا الكفّ عنه‪ ،‬فإكراهُه بغي حق‪ ،‬وفيه قولٌ‬
‫ضعيفٌ أنه يصيُ مسلما لنه أمره بالقّ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬إذا نط َق الكافرُ بالشهادتي بغي إكراه‪ ،‬فإن كان على سبيل الكاية بأن قال‪ :‬سعتُ زيدا‬
‫يقول‪ :‬ل إِله إِلّ اللّه ممدٌ رسولُ اللّه‪ .‬ل يُحكم بإسلمه‪ ،‬وإن نط َق بما بعد استدعاء مسلم بأن قال له‬
‫مسلمٍ‪ :‬قل ل إِله إلّ اللّه ممدٌ رسولُ اللّه‪ ،‬فقالما‪ ،‬صا َر مسلما؛ وإن قالما ابتداءً ل حكاي ًة ول‬

‫‪349‬‬
‫باستدعاء‪ ،‬فالذهبُ الصحي ُح الشهورُ الذي عليه جهور أصحابنا أنه يصيُ مسلما‪ ،‬وقيل ل يصيُ‬
‫لحتمال الكاية‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ينبغي أن ل يُقال للقائم بأمر السلمي خليفة اللّه‪ ،‬بل يُقال الليفة‪ ،‬وخليفةُ رسولِ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم وأميُ الؤمني‪.‬‬

‫روينا ف شرح السنّة للِمام أب ممد البغوي رضي اللّه عنه قال رحه اللّه‪ :‬ل بأسَ أن يُسمّى القائم بأمر‬
‫السلمي أمي الؤمني والليفة‪ ،‬وإن كان مالفا لسية أئمة العدل لقيامه بأمر الؤمني وسع الؤمني له‪.‬‬
‫ف الاضي قبلَه وقام مقامه‪ .‬قال‪ :‬ول يُسمى أحدٌ خليفة اللّه تعال بعد آدم‬ ‫قال‪ :‬ويُسمّى خليفة لنه خل َ‬
‫وداود عليهما الصلة والسلم‪ .‬قال اللّه تعال‪{ :‬إن جاعِلٌ ف ال ْرضِ خَلِي َفةً} [البقرة‪ ]30:‬وقال‬
‫تعال‪{ :‬يا دَاوُ َد إنّا َجعَلْناكَ خَلِيفةً ف ال ْرضِ} [ص‪ ]26:‬وعن ابن أب مُليكة أن رجلً قال لب بكر‬
‫الصديق رضي اللّه عنه‪ :‬يا خليفة اللّه! فقال‪ :‬أنا خليفة ممد صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وأنا راضٍ بذلك‪.‬‬

‫وقال رجلٌ لعمرَ بن الطاب رضي اللّه عنه‪ :‬يا خليفة اللّه! فقال‪ :‬ويلَك لقد تناولتَ تناو ًل بعيدا‪ ،‬إن‬
‫ت أبا حفص‪ ،‬فلو دعوتن به قبلتُ‪ ،‬ث‬ ‫ت ف ُكنّي ُ‬
‫ُأمّي سّتن عمر‪ ،‬فلو دعوتن بذا السم قبلتُ‪ ،‬ث َكبِر ُ‬
‫وليتمون أمورَكم فسمّيتُون أمَي الؤمني‪ ،‬فلو دعوتن بذاك كفاك‪.‬‬

‫وذكر الِمام أقضى القضاة أبو السن الاوردي البصري الفقيه الشافعي ف كتابه "الحكام السلطانية" أن‬
‫الِما َم سُ ّميَ خليفةً؛ لنه خلفَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف أُمته‪ ،‬قال‪ :‬فيجوز أن يُقال الليفة‬
‫على الِطلق‪ ،‬ويوز خليفة رسول اللّه‪.‬‬

‫قال‪ :‬واختلفوا ف جواز قولنا خليفة اللّه‪ ،‬فجوّزه بعضُهم لقيامه بقوقه ف خلقه‪ ،‬ولقوله تعال‪{ :‬هُوَ‬
‫الّذِي َجعََلكُمْ خَلئِفَ ف ال ْرضِ} [فاطر‪ ]39:‬وامتنع جهورُ العلماء من ذلك ونسبُوا قائلَه إل‬
‫الفجور‪ ،‬هذا كلم الاوردي‪.‬‬

‫قلتُ‪ :‬وأوّلُ مَن سُمّي أميَ الؤمني عمر بن الطاب رضي اللّه عنه‪ ،‬ل خلف ف ذلك بي أهل العلم‪.‬‬
‫وأما ما توهه بعضُ الهلة ف مسيلمة فخطأٌ صريح وجهلٌ قبيح مالف لِجاع العلماء‪ ،‬وكُتبهم‬
‫متظاهرة على نقل التفاق على أن أوّل مَن سُمّي أميَ الؤمني عمر بن الطاب رضي اللّه عنه‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫وقد ذكر الِمام الافظ أبو عمر بن عبد البّ ف كتابه "الستيعاب" ف أساء الصحابة رضي اللّه عنهم‬
‫بيان تسمية عمر أمي الؤمني أوّلً‪ ،‬وبيان سبب ذلك‪ ،‬وأنه كان يُقال ف أب بكر رضي اللّه عنه خليفة‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يرمُ تريا غليظا أن يقولَ للسلطان وغيه من اللق شاهان شاه‪ ،‬لن معناه ملك اللوك‪،‬‬
‫ول يُوصف بذلك غي اللّه سبحانه وتعال‪.‬‬

‫‪ 10/943‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هُريرة رضي اللّه عنه عن النبّ قال‪" :‬إ ّن‬
‫ك المْلكِ" وقد قدّمنا بيان هذا ف كتاب الساء‪ ،‬وأن سفيانَ‬ ‫أ ْخنَ َع اسْ ٍم عِنْدَ اللّ ِه تَعال رَجُ ٌل يُسَمّى مَلِ َ‬
‫بن عيينة قال‪ :‬ملك الملك مثل شاهان شاه‪)43( .‬‬

‫فصل‪ :‬ف لفظ السيد‪ .‬اعلم أن السيد يُطلق على الذي يفوق قومَه ويرتفعُ قدرُه عليهم‪ ،‬ويُطلق على‬
‫الزعيم والفاضل‪ ،‬ويُطلق على الليم الذي ل يستفزّه غضبُه‪ ،‬ويُطلق على الكري وعلى الالك وعلى‬
‫ث كثي ٌة بإطلق سيد على أهل الفضل‪.‬‬ ‫الزوج‪ ،‬وقد جاءت أحادي ُ‬

‫‪ 11/944‬فمن ذلك ما رويناه ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب بكرةَ رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه‬
‫صعِدَ بالسن بن عليّ رضي اللّه عنهما النبَ فقال‪" :‬إنّ اْبنِي هَذَا َسيّدٌ‪ ،‬وََلعَلّ اللّه تعال أنْ‬ ‫عليه وسلم َ‬
‫ُيصْلِ َح بِ ِه بَيْنَ ِفَئَتيْ ِن مِنَ الُسِْلمِيَ"‪)44(.‬‬

‫‪ 12/945‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب سعيد الدري رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال للنصار لا أقبل سعد بن معاذ رضي اللّه عنه‪" :‬قُومُوا إل َسيّدِكُمْ" أو "‬
‫َخيْرِكُمْ" كذا ف بعض الروايات "سيّدكم أو خيِكم" وف بعضها "سيّدكم" بغي شك‪)45( .‬‬

‫‪ 13/946‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن سعدَ بن عبادة رضي اللّه عنه‬
‫ل أيقتله؟ الديث‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫قال‪ :‬يا رسولَ اللّه! أرأيتَ الرجلَ يدُ مع امرأته رج ً‬
‫وسلم‪" :‬انْظُرُوا إل ما َيقُولُ َسيّدُكُمْ"‪ ()46(.‬مسلم (‪ )1498‬ولفظه‪ :‬اسعوا إل ما يقول سيّدُكم ‪،‬‬
‫قال ابن علّن‪ :‬وأخرجه مالك ف الوطأ‪ ،‬وأبو داود‪ (" ).‬مسلم (‪ )1498‬ولفظه‪ :‬اسعوا إل ما يقول‬
‫سيّدُكم ‪ ،‬قال ابن علّن‪ :‬وأخرجه مالك ف الوطأ‪ ،‬وأبو داود‪ (").‬مسلم (‪ )1498‬ولفظه‪" :‬اسعوا‬
‫إل ما يقول سيّدُكم"‪ ،‬قال ابن علّن‪ :‬وأخرجه مالك ف الوطأ‪ ،‬وأبو داود‪).‬‬

‫‪351‬‬
‫وأما ما وردَ ف النهي‪:‬‬

‫‪ 14/947‬فما رويناه بالِسناد الصحيح ف سنن أب دَاود‪ ،‬عن بريدة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول‬
‫ك َسيّدا َفقَ ْد أسْخَ ْطتُمْ َربّكُ ْم عَ ّز َوجَلّ"‪(.‬‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل َتقُولُوا لِلمُنافِ ِق َسيّدٌ‪ ،‬فإنّه إنْ يَ ُ‬
‫‪)47‬‬

‫قلت‪ :‬والمع بي هذه الحاديث أنه ل بأس بإطلق فلن سيد‪ ،‬ويا سيدي‪ ،‬وشبه ذلك إذا كان السوّد‬
‫فاضلً خيّرا‪ ،‬إما بعلم‪ ،‬وإما بصلح‪ ،‬وإما بغي ذلك؛ وإن كان فاسقا‪ ،‬أو متهما ف دينه‪ ،‬أو نو ذلك‬
‫كُره له أن يقال سيّد‪ .‬وقد روينا عن الِمام أب سليمان الطاب ف معال السنن ف المع بينهما نو‬
‫ذلك‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن يقول الملوك لالكه‪ :‬رب‪ ،‬بل يقول‪ ،‬سيدي‪ ،‬وإن شاء قال‪ :‬مولي‪ .‬ويُكره للمالك‬
‫أن يقول‪ :‬عبدي وأمت‪ ،‬ولكن يقول‪ :‬فتايَ وفتات أو غلمي‪.‬‬

‫‪ 15/948‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ي َو َموْليَ؛ وَل َيقُلْ‬ ‫وسلم قال‪" :‬ل َيقُلْ أ َحدُكُ ْم أطْعِمْ َربّكَ‪ ،‬وَضّىءْ َربّكَ‪ ،‬اسْقِ َربّكَ‪ ،‬وَلَْيقُلْ‪َ :‬سيّدِ ِ‬
‫ي وَفَتاتِي َوغُلمي" وف رواية لسلم‪" :‬وَل َيقُلْ أحَدُكُمْ َربّي وَْليَقُلْ‬ ‫أحَدُكُ ْم عبْدِي أ َمتِي‪ ،‬وَْلَيقُلْ‪ :‬فَتا َ‬
‫َسيِدي َو َموْليَ" وف رواية له‪" :‬ل َيقُولَنّ أ َحدُكُ ْم َعبْدِي وَأ َمتِي‪َ ،‬فكُّلكُ ْم َعبِيدٌ‪ ،‬وَل َيقُ ِل ال َعبْدُ رَب وَْلَيقُلْ‬
‫َسيّدِي" وف رواية له‪" :‬ل َيقُولَنّ أحَدُكُ ْم َعبْدِي وَأمَت‪ ،‬كُّلكُ ْم َعبِيدُ اللّهِ‪ ،‬وكُ ّل نِسائِكُمْ إماءُ اللّهِ‪ ،‬وََلكِنْ‬
‫ِلَيقُلْ غُلمي وَجا ِريَتِي وَفَتايَ وَفَتاتِي"‪.‬‬

‫ب باللف واللم إلّ على اللّه تعال خاصة‪ ،‬فأما مع الضافة فيقال‪ :‬ر ّ‬
‫ب‬ ‫قلتُ‪ :‬قال العلماء‪ :‬ل يُطلق الر ّ‬
‫الال‪ ،‬وربّ الدار‪ ،‬وغي ذلك‪ .‬ومنه قول النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف الديث الصحيح ف ضالّة الِبل "‬
‫ب الصّ َريْمة وال ُغنَيْمة‪ ،‬ونظائره ف الديث كثية مشهورة‪.‬‬
‫َدعْها حتّى َيلْقاها َربّها" (‪ : )48‬ر ّ‬

‫وأما استعمال حلة الشرع ذلك فأمر مشهور معروف‪ .‬قال العلماء‪ :‬وإنا كره للمملوك أن يقول لالكه‪:‬‬
‫رب‪ ،‬لن ف لفظه مشاركة للّه تعال ف الربوبية‪ .‬وأما حديث "حت يلقاها ربّها" و"ربّ الصرية" وما ف‬
‫معناها‪ ،‬فإنا استعمل لنا غي مكلفة‪ ،‬فهي كالدار والال‪ ،‬ول شك أنه ل كراهة ف قول ربّ الدار‬
‫وربّ الال‪ .‬وأما قول يوسف صلى اللّه عليه وسلم‪{ :‬اذكرن عند ربك} [يوسف‪ ]42:‬فعنه جوابان‪:‬‬

‫‪352‬‬
‫أحدها أنه خاطبه با يعرفه‪ ،‬وجاز هذا الستعمال للضرورة‪ ،‬كما قال موسى صلى اللّه عليه وسلم‬
‫للسامري‪{ :‬وَانْظُرْ إل إلك} [طه‪ ]97:‬أي الذي اتذته إلا‪ .‬والواب الثان أن هذا شرعُ مَنْ َقبْلنَا‪،‬‬
‫وشرعُ من قبلنا ل يكون شرعا لنا إذا ورد شرعُنا بلفه‪ ،‬وهذا ل خلف فيه‪ .‬وإنا اختلف أصحاب‬
‫الصول ف شرع من قبلنا إذا ل يردْ شرعُنا بوافقته ول مالفته‪ ،‬هل يكون شرعا لنا أم ل؟‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قال المام أبو جعفر النحاس ف كتابه "صناعة الكتاب"‪ :‬أما الول فل نعلم اختلفا بي‬
‫العلماء أنه ل ينبغي لحد أن يقول لحد من الخلوقي‪ :‬مولي‪ .‬قلت‪ :‬وقد تقدم ف الفصل السابق‬
‫جواز إطلق مولي‪ ،‬ول مالفة بينه وبي هذا‪ ،‬فإن النحاس تكلّم ف الول باللف واللم‪ ،‬وكذا قال‬
‫النحاس‪ :‬يقال سيد لغي الفاسق‪ ،‬ول يقال السيد باللف واللم لغي اللّه تعال؛ والظهر أنه ل بأس بقوله‬
‫الول والسيد باللف واللم بشرطه السابق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف النهي عن سبّ الريح‪ .‬وقد تقدم الديثان ف النهي عن سبّها وبيانما ف باب ما يقول إذا‬
‫هاجت الريح (‪.)49‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره سبّ المى‪.‬‬

‫‪ 16/949‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه‪:‬أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخلَ‬
‫ك يا ُأمّ السّائِبِ! ـ أو يا ُأمّ السيّب ـ تُزَ ْفزِفِيَ؟" قالت‪:‬‬ ‫على ُأمّ السائب أو ُأمّ السيب فقال‪" :‬ما لَ ِ‬
‫سبّي الُمّى‪ ،‬فإنّها تُ ْذ ِهبُ خَطايا بن آ َدمَ كَمَا يُ ْذ ِهبُ الكِيُ َخبَثَ‬
‫المّى ل باركَ اللّه فيها‪ ،‬فقال‪" :‬ل تَ ُ‬
‫الَدِيدِ"‪)50(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬تزفزفي‪ :‬أي تتحركي حركة سريعة‪ ،‬ومعناه‪ :‬ترتعد‪ ،‬وهو بضم التاء وبالزاي الكرّرة‪ ،‬وروي‬
‫أيضا بالراء الكرّرة‪ ،‬والزاي أشهر؛ ومّن حكاها ابن الثي؛ وحكى صاحب الطالع الزاي‪ ،‬وحُكي الراء‬
‫مع القاف؛ والشهور أنه بالفاء سواء بالزاي أو بالراء‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف النهي عن سبّ الديك‪.‬‬

‫‪ 17/950‬روينا ف سنن أب داود بإسناد صحيح‪ ،‬عن زيد بن خالد الهن رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل تَسُبّوا الدّيكَ‪ ،‬فإنّ ُه يُوقِظُ لِلصّلةِ"‪)51(.‬‬

‫‪353‬‬
‫فصل‪ :‬ف النهي عن الدعاء بدعوى الاهلية وذمّ استعمال ألفاظهم‪.‬‬

‫‪ 18/951‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى‬
‫ليُوبَ وَدعا بِ َدعْوى الَاهِلّيةِ" وف رواية "أوْ‬
‫ب الُدُو َد َوشَ ّق ا ُ‬
‫س ِمنّا مَنْ ضَرَ َ‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬لْي َ‬
‫شَ ّق أوْ دعا" بأو‪)52( .‬‬

‫فصل‪ :‬ويُكره أن يُسمّى الح ّرمُ صفرا‪ ،‬لن ذلك من عادة الاهلية‪.‬‬

‫ب والّذينَ آمَنُوا‬
‫فصل‪ :‬يرمُ أن يُدعى بالغفرة ونوها لن مات كافرا‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬ما كانَ لِلنّ ّ‬
‫ي وََلوْ كَانُوا أُول ُق ْربَى مِ ْن َبعْد ما َتبَيّنَ َلهُ ْم أّنهُمْ أصْحابُ الَحِيمِ} [التوبة‪:‬‬
‫سَتغْفِرُوا لِ ْلمُشْرِكِ َ‬
‫أ ْن يَ ْ‬
‫‪ ]113‬وقد جاء الديث بعناه‪ ،‬والسلمون ممعون عليه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يرم سبّ السلم من غي سبب شرعي يوّز ذلك‪.‬‬

‫‪ 19/952‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى‬
‫ب الُسْلِمِ فُسُوقٌ"‪.‬‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬سِبا ُ‬

‫ورويناه ف صحيح مسلم‪ ،‬وكتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ .‬وصحّ أن رسول‬
‫ستَبّا ِن ما قال‪َ ،‬فعَلى البادِى ِء ِمْنهُما ما لَ ْم َي ْعتَدِ الَ ْظلُومُ" قال الترمذي‪:‬‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬الُ ْ‬
‫حديث حسن صحيح‪)53( .‬‬

‫فصل‪ :‬ومن اللفاظ الذمومة الستعملة ف العادة قوله لن ياصمه‪ ،‬يا حار! يا تيس! يا كلب! ونو‬
‫ذلك؛ فهذا قبيح لوجهي‪ :‬أحدها أنه كذب‪ ،‬والخر أنه إيذاء؛ وهذا بلف قوله‪ :‬يا ظال! ونوه‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يُسامح به لضرورة الخاصمة‪ ،‬مع أنه يصدق غالبا‪ ،‬فق ّل إنسانٌ إل وهو ظال لنفسه ولغيها‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قال النحاس‪ :‬كر َه بعضُ العلماء أن يُقال‪ :‬ما كان معي َخلْقٌ إلّ اللّه‪ .‬قلت‪ :‬سبب الكراهة‬
‫ل وهو هنا مُحال‪ ،‬وإنا الراد هنا الستثناء‬ ‫بشاعةُ اللفظ من حيث أن الصل ف الستثناء أن يكون متص ً‬
‫النقطع‪ ،‬تقديرُه ولكن كان اللّه معي‪ ،‬مأخوذ من قوله‪َ { :‬وهُ َو َم َعكُمْ} َوَينْبغي أن يُقال بد َل هذا‪ :‬ما‬
‫كان معي أحدٌ إلّ اللّه سبحانه وتعال‪ ،‬قال‪ :‬وكره أن يُقال‪ :‬اجلس على اسم اللّه‪ ،‬وليقلْ اجلس باسم‬
‫اللّه‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫س عن بعض السلف أنه يُكره أن يقو َل الصائمُ‪ :‬وح ّق هذا الات الذي على‬ ‫فصل‪ :‬حكى النحّا ُ‬
‫فمي‪ ،‬واحتجّ له بأنه إنا يُختم على أفواه الكفار‪ ،‬وف هذا الحتجاج نظر‪ ،‬وإنا حجته أنه حلفٌ بغي اللّه‬
‫سبحانه وتعال‪ ،‬وسيأت النهي عن ذلك إن شاء اللّه تعال قريبا‪ ،‬فهذا مكروهٌ لا ذكرنا‪ ،‬ولا فيه من‬
‫إظهار صومه لغي حاجة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪:‬‬

‫‪ 20/953‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عبد الرزاق‪ ،‬عن معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬أو غيه‪،‬عن عمران بن‬
‫الصي رضي اللّه عنهما قال‪ :‬كنّا نقول ف الاهلية‪ :‬أنعم اللّه بك عينا‪ ،‬وأنعم صباحا‪ ،‬فلما كان‬
‫الِسلم نُهينا عن ذلك‪ .‬قال عبد الرزاق‪ :‬قال معمر‪ :‬يُكره أن يقول الرجل‪ :‬أنعم اللّه بك عينا‪ ،‬ول بأس‬
‫أن يقول‪ :‬أنعم اللّه عينَك‪ .‬قلتُ‪ :‬هكذا رواه أبو داود عن قتادة أو غيه‪ ،‬ومثل هذا الديث قال أهل‬
‫ت به‬
‫العلم‪ :‬ل يُحكم له بالصحة‪ ،‬لن قتادة ثقة وغيُه مهول‪ ،‬وهو متمل أن يكون عن الجهول فل يثب ُ‬
‫حكم شرعي‪ ،‬ولكن الحتياط للِنسان اجتناب هذا اللفظ لحتمال صحته‪ ،‬ولن بعض العلماء يتجّ‬
‫بالجهول‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ف النهي أن يتناجى الرجلن إذا كان معهما ثالث وحده‪.‬‬

‫‪ 21/954‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫ختَِلطُوا بالنّاسِ مِنْ أجْ ِل أنّ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إذَا ُكْنتُمْ ثَلثَة فَل َيَتنَاجَى اْثنَانِ دُونَ الخَرِ حتّى تَ ْ‬
‫ك يُحْزنُهُ"‪)54(.‬‬
‫ذل َ‬

‫‪ 22/955‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫لَثةً فَل َيَتنَاجَى اثْنانِ دُو َن الثّاِلثِ" (‪)55‬ورويناه ف سنن أب داود‪ ،‬وزاد ـ قال أبو‬
‫قال‪ " :‬إِذَا كانُوا َث َ‬
‫ت لبن عمر‪ :‬فأربعة؟ قال‪ :‬ل يضرّك‪.‬‬ ‫صال الراوي ـ عن ابن عمر‪ :‬قل ُ‬

‫ع إليه حاجة شرعية‬


‫فصل‪ :‬ف ني الرأة أن تبَ زوجَها أو غيَه بس ِن بدنِ امرأةٍ أخرى إذا ل تد ُ‬
‫من رغبة ف زواجها ونو ذلك‪.‬‬

‫‪ 23/956‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل تُباشِرِ الرأةُ الَرأةَ َفَتصِفُها ل َز ْوجِها كأنّ ُه َينْظُرُ إَِلْيهَا"‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫(‪)56‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن يُقال للمتزوّج‪ :‬بالرّفا ِء والبنيَ‪ ،‬وإنا يُقال له‪ :‬باركَ اللّه لك وباركَ عليك‪ ،‬كما‬
‫ذكرناه ف كتاب النكاح‪.‬‬

‫فصل‪ :‬روى النّحاسُ عن أب بكر ممد بن يي ـ وكان أح َد الفقهاء الدباء ـ أنه قال‪ :‬يُكره أن‬
‫يُقال لح ٍد عند الغضب‪ :‬اذكر اللّه تعال؛ خوفا من أن يملَه الغضبُ على الكفر‪ ،‬قال‪ :‬وكذا ل يُقال‬
‫له‪ :‬ص ّل على النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬خوفا من هذا‪.‬‬

‫ف على شي ٍء فيتورّع‬ ‫فصل‪ :‬من أقبح اللفاظ الذمومة‪ ،‬ما يَعتادُه كثيون من الناس إذا أرادَ أن يَحلِ َ‬
‫عن قوله‪ :‬واللّه‪ ،‬كراهيةَ النث أو إجللً للّه تعال وتصوّنا عن اللف‪ ،‬ث يقول‪ :‬اللّه يعلم ما كان كذا‪،‬‬
‫أو لقد كان كذا ونوه‪ ،‬وهذه العبارةُ فيها خطرٌ‪ ،‬فإن كان صاحبُها متيقنا أن المر كما قال فل بأس‬
‫با‪ ،‬وإن كان تشكّكَ ف ذلك فهو من أقبح القبائح لنه تع ّرضَ للكذب على اللّه تعال‪ ،‬فإنه أخبَ أن اللّه‬
‫تعال يعل ُم شيئا ل يتيق ُن كيف هو‪ .‬وفيه دقيقة أخرى أقبحُ من هذا‪ ،‬وهو أنه تعرّض لوصف اللّه تعال‬
‫بأنه يعلمُ المرَ على خلف ما هو‪ ،‬وذلك لو تقّقَ كان كافرا‪ ،‬فينبغي للنِسان اجتنابُ هذه العبارة‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ويُكره أن يقولَ ف الدّعاء‪ :‬اللّهم اغفر ل إن شئت‪ ،‬أو إن أردتَ‪ ،‬بل يزمُ بالسألة‪.‬‬

‫‪ 24/957‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬ل َيقُولَنّ أحَدُكُمْ‪ :‬الّلهُمّ ا ْغفِرْ لِي إ ْن ِشئْتَ‪ ،‬الّلهُمّ ارْ َح ْمنِي إنْ ِشْئتَ‪ِ ،‬لَيعْ ِز ِم الَسأل َة فإنّهُ‬
‫ل مُكْ ِرهَ لَهُ"‪ .‬وف رواية لسلم "ولَك ْن لَيعْ ِز ْم وَْليُعظِمِ ال ّر ْغَبةَ‪ ،‬فإنّ اللّه ل َيتَعاظَمُ ُه َشيْ ٌء أعْطاهُ"‪)57(.‬‬

‫‪ 25/958‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ستَكْ ِرهَ لَهُ"‪)58(.‬‬
‫"إذَا دَعا أحَدُكُمْ فَ ْلَيعْ ِزمِ السألةَ وَل َيقُولَنّ اللّه ّم إنْ ِشْئتَ فأعْطِن فإنّه ل مُ ْ‬

‫فصل‪ :‬ويُكره اللفُ بغي أساء اللّه تعال وصفاته‪ ،‬سواءٌ ف ذلك النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪،‬‬
‫والكعبة‪ ،‬واللئكة‪ ،‬والمانة‪ ،‬والياة‪ ،‬والروح‪ ،‬وغي ذلك‪ .‬ومن أشدّها كراهة‪ :‬اللف بالمانة‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ 26/959‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‪،‬عن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬إنّ اللّ َه يَنْهاكُ ْم أنْ َتحِْلفُوا بأباِئكُمْ‪ ،‬فَ َم ْن كانَ حَالِفا َف ْليَحْلِفْ باللّه أوْ ِليَصمُت" وف‬
‫سكُتْ"‪)59(.‬‬ ‫رواية ف الصحيح "َفمَ ْن كانَ حالِفا فَل يَحْلِفْ إِلّ باللّ ِه أوْ ِليَ ْ‬

‫وروينا ف النهي عن اللف بالمانة تشديدا كثيا‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬

‫‪ 27/960‬ما رويناه ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن بُريدة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫ف بالماَنةِ َفَلْيسَ ِمنّا"‪)60(.‬‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ َحلَ َ‬

‫فصل‪ :‬يُكره إكثارُ اللف ف البيع ونوه وإن كان صادقا‪.‬‬

‫‪ 28/961‬روينا ف صحيح مسلم عن أب قتادة رضي اللّه عنه أنه سع رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم يقول‪" :‬إيّاكُمْ و َكثْ َر َة الَلِفِ ف الَبيْ ِع فإنّ ُه يُْنفِ ُق ثُ ّم يَ ْمحَقُ"‪)61(.‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن يُقال قوسُ قزح لذه الت ف السماء‪.‬‬

‫‪ 29/962‬روينا ف حلية الولياء لب نعيم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫ح َشيْطانٌ‪ ،‬وََلكِنْ قُولُوا َقوْسَ اللّ ِه عَ ّز وَ َجلّ‪ ،‬ف ُهوَ أما ٌن لهْلِ‬
‫وسلم قال‪ " :‬ل تَقُولُوا َقوْسَ ُقزَحَ‪ ،‬فإنّ قُ َز َ‬
‫ال ْرضِ" (‪)62‬قلت‪ :‬قُزح بضم القاف وفتح الزاي‪ ،‬قال الوهري وغيه‪ :‬هي غي مصروفة وتقولُه‬
‫العوامّ قدح بالدال وهو تصحيف‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره للِنسان إذا ابتُلي بعصيةٍ أو نوها أن يبَ غيَه بذلك‪ ،‬بل ينبغي أن يتوب إل اللّه‬
‫تعال فيقل َع عنها ف الال ويند َم على ما فعل ويعزم أن ل يعود إل مثلها أبدا؛ فهذه الثلثة هي أركان‬
‫التوبة ل تص ّح إل باجتماعها‪ ،‬فإن أخبَ بعصيته شيخَه أو شبهَه مّن يرجو بإخباره أن يعلّمه مرجا من‬
‫معصيته‪ ،‬أو ليعلّمَه ما يَسلمُ به من الوقوع ف مثلها‪ ،‬أو يعرّفَه السببَ الذي أوقعه فيها‪ ،‬أو يدعوَ له أو‬
‫نوَ ذلك فل بأسَ به‪ ،‬بل هو حسنٌ‪ ،‬وإنا يُكره إذا انتفتْ هذه الصلحةُ‪.‬‬

‫‪ 30/963‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬سعتُ رسولَ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬كُلّ ُأمّتِي معافً إل الُجاهِرينَ‪ ،‬وإنّ مِنَ الُجاهَ َر ِة أنْ َيعْمَلَ الرّجُل بالّليْلِ‬

‫‪357‬‬
‫ستُ ُرهُ َربّهُ‪،‬‬
‫ت يَ ْ‬
‫عَ َملً ثًمّ يُصْب ُح وَقَ ْد َستَ َر ُه تَعال عََليْهِ‪َ ،‬فَيقُولُ‪ :‬يا فُلنُ! عَ ِم ْلتُ البارِ َحةَ كَذَا وكَذَا‪ ،‬وَقَ ْد با َ‬
‫َويُصْب ُح َيكْشِفُ ِستْرَ اللّ ِه عََليْهِ"‪)63(.‬‬

‫فصل‪:‬يَحرمُ على الكلّف أن يدّث عب َد الِنسان أو زوجته أو ابنه أو غلمَه ونوَهم با يُفسدهم به‬
‫عليه‪ ،‬إذا ل يك ْن ما يُحدّثهم به أمرا بعروف أو نيا عن منكر‪ .‬قال اللّه تعال‪َ { :‬وَتعَاوَنوا على البِرّ‬
‫ظ مِنْ َق ْولٍ إِلّ َل َديْهِ رَقِيبٌ‬
‫وَالّت ْقوَى وَل َتعَا َونُوا على ا ِلثْ ِم وَالعُ ْدوَانِ} [الائدة‪ ]2:‬وقال تعال‪{ :‬ما يَ ْلفِ ُ‬
‫عَتِيدٌ} [ق‪.]18:‬‬

‫‪ 31/964‬وروينا ف كتاب أب داود والنسائي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ َخّببَ َزوْ َج َة امْرِى ٍء أ ْو مَمْلُوكَهُ َفَلْيسَ ِمنّا"‪)64(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬خّببَ باء معجمة ث باء موحدة مكرّرة ومعناه‪ :‬أفسده وخدعه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ينبغي أن يُقال ف الال الخرج ف طاعة اللّه تعال‪ :‬أنفقتُ وشبهُه‪ ،‬فيقال‪ :‬أنفقتُ ف حجت‬
‫ألفا‪ ،‬وأنفقتُ ف غزوت ألفي‪ ،‬وكذا أنفقتُ ف ضيافة ضيفان‪ ،‬وف خِتان أولدي‪ ،‬وف نكاحي‪ ،‬وشبه‬
‫ذلك‪ :‬ول يقولُ ما يقوله كثيون من العوامّ‪ :‬غَ ِر ْمتُ ف ضيافت‪ ،‬وخسرتُ ف حجت‪ ،‬وضيّعت ف‬
‫ت وضيّعت ونوها يكونُ ف‬‫ت وشبهه يكونُ ف الطاعات‪ .‬وخسرتُ وغرِم ُ‬ ‫سفري‪ .‬وحاصلهُ أن أنفق َ‬
‫العاصي والكروهات‪ ،‬ول تُستعمل ف الطاعات‪.‬‬

‫ستَعيُ)‬‫فصل‪ :‬ما يُنهى عنه ما يقولُه كثيون من الناس ف الصلة إذا قال الِمام (إيّاكَ َن ْعبُ ُد وإيّا َك نَ ْ‬
‫فيقول الأموم‪ :‬إياك نعبد وإياك نستعي‪ ،‬فهذا ما ينبغي تركه والتحذير منه‪ ،‬فقد قال صاحب "البيان" من‬
‫أصحابنا‪ :‬إنّ هذا يُبطل الصلة إل أن يقصد به التلوة‪ ،‬وهذا الذي قاله وإن كان فيه نظرٌ‪ ،‬والظاه ُر أنه‬
‫ل ُيوَافق عليه‪ ،‬فينبغي أن يُجتنبَ‪ ،‬فإنه وإن ل يُبط ِل الصلةَ فهو مكروهٌ ف هذا الوضع‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ما يتأكد النهيُ عنه والتحذيرُ منه ما يقولُه العوا ّم وأشباهُهم ف هذه الكوس الت تُؤخذُ ما‬
‫يبيع أو يشتري ونوها‪ ،‬فإنم يقولون‪ :‬هذا حقّ السلطان‪ ،‬أو عليك حقّ السلطان ونو ذلك من‬
‫العبارات الشتملة على تسميته حقا أو لزما ونو ذلك‪ ،‬وهذا من أشدّ النكرات وأشنع الستحدثات‪،‬‬
‫حت قال بعضُ العلماء‪ :‬من سّى هذا حقا فهو كافرٌ خارجٌ عن ملّة الِسلم‪ ،‬والصحيحُ أنه ل يكفرُ إل‬

‫‪358‬‬
‫إذا اعتقده حقا مع علمه بأنه ظلم؛ فالصوابُ أن يُقال فيه الكسُ أو ضريبةُ السلطان أو نو ذلك من‬
‫العبارات‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يكره أن يسألُ بوجه اللّه تعال غي النة‪.‬‬

‫‪ 32/965‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫لّنةُ"‪)1(.‬‬
‫وسلم‪" :‬ل يُسأ ُل ِبوَجْهِ اللّهِ إلّ ا َ‬

‫فصل‪ :‬يُكره منعُ من سألَ باللّه تعال وتشفّع به‪.‬‬

‫‪ 33/966‬روينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬بأسانيد الصحيحي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‬
‫قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَ ْن ا ْستَعا َذ باللّهِ فأعِيذُوهُ‪َ ،‬ومَنْ سألَ باللّ ِه تَعال فأعْطُوهُ‪،‬‬
‫صنَعَ إَِليْكُ ْم َمعْرُوفا َفكَاِفئُوهُ‪ ،‬فإنْ لَ ْم تَجِدُوا ما تُكافِئُونَهُ فا ْدعُوا لَهُ َحتّى تَ َروْا‬
‫َومَنْ دَعاكُمْ فأجِيبُوهُ‪َ ،‬ومَنْ َ‬
‫أنّكُمْ قَدْ كافأْتُمُوهُ"‪)2(.‬‬

‫فصل‪:‬الشه ُر أنه يُكره أن يُقال‪ :‬أطالَ اللّه بقاءَك‪ .‬قال أبو جعفر النحّاس ف كتابه "صناعة الكتاب"‬
‫ص فيه بعضُهم‪ .‬قال إساعيل بن إسحاق‪ :‬أوّلُ مَن‬ ‫‪ :‬كَ ِر َه بعضُ العلماء قولم‪ :‬أطالَ اللّه بقاءك‪ ،‬ور ّخ َ‬
‫كتب أطالَ اللّه بقاءَك الزنادقة‪ .‬وروي عن حاد بن سلمة رضي اللّه عنه أن مكاتبة السلمي كانت من‬
‫فلن إل فلن‪ ،‬أما بعد‪ :‬سلمٌ عليك‪ ،‬فإن أحدُ اللّه الذي ل إِله إِ ّل هو‪ ،‬وأسألُه أن يصّليَ على ممد‬
‫وعلى آل ممد‪ .‬ث أحدثتِ الزنادقةُ هذه الكاتبات الت أوّلُها‪ :‬أطالَ اللّه بقاءَك‪.‬‬

‫فصل‪ :‬الذهبُ الصحي ُح الختار أنه ل يُكره قول الِنسان لغيه‪ :‬فِداكَ أب وأُمي‪ ،‬أو جعلن اللّه‬
‫فداك‪ ،‬وقد تظاهرتْ على جواز ذلك الحاديثُ الشهورة الت ف الصحيحي وغيها‪ ،‬وسوا ٌء كانَ‬
‫البوان مسلمي أو كافرين‪ ،‬وكَ ِرهَ ذلك بعضُ العلماء إذا كانا مسلمي‪ .‬قال النحاس‪ :‬وكرهَ مالكُ بن‬
‫أنس‪ :‬جعلن اللّه فداك‪ ،‬وأجازَه بعضُهم‪ .‬قال القاضي عياض‪ :‬ذهبَ جهورُ العلماء إل جواز ذلك‪،‬‬
‫سواءٌ كان الفديّ به مسلما أو كافرا‪ .‬قلت‪ :‬وقد جاء من الحاديث الصحيحة ف جواز ذلك مال‬
‫يصى وقد نبهت على جل منها ف صحيح مسلم‬

‫‪359‬‬
‫فصل‪ :‬وما يُذمّ من اللفاظ‪ :‬الِراء والِدال والُصومة‪ .‬قال الِمام أبو حامد الغزال‪ :‬الراء‪ :‬طعنُك‬
‫ف كلم الغي لِظهار خَلل فيه‪ ،‬لغي غرض سوى تقي قائله وإظهار مزّيتِك عليه؛ قال‪ :‬وأما الدالُ‬
‫فعبارةٌ عن أمر يتعلّ ُق بإظهار الذاهب وتقريرها‪.‬‬

‫ف به مقصودَه من مال أو غيه‪ ،‬وتارة يكون ابتدا ًء وتارة‬


‫قال‪ :‬وأما الصومةُ فلِجَاجٌ ف الكلم ليستو َ‬
‫يكون اعتراضا؛ والِراء ل يكون إل اعتراضا‪ .‬هذا كلم الغزال‪.‬‬

‫واعلم أن الدال قد يكون بقّ‪ ،‬وقد يكون بباطل‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَل تُجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إِلّ باّلتِي‬
‫هِيَ أحْسَنُ} [العنكبوت‪ ]41:‬وقال تعال‪{ :‬وَجادِْلهُمْ باّلتِي ِهيَ أَحْسَنُ} [النحل‪ ]125:‬وقال‬
‫ف على القّ‬ ‫تعال‪{ :‬ما يُجادِلُ ف آياتِ اللّهِ إلّ الّذِينَ َكفَروا} [غافر‪ ]4:‬فإن كان الدالُ للوقو ِ‬
‫وتقريرِه كان ممودا‪ ،‬وإن كان ف مدافعة القّ أو كان جدا ًل بغي علم كان مذموما‪ ،‬وعلى هذا‬
‫التفصيل تني ُل النصوص الواردة ف إباحته وذمّه‪ ،‬والجادلة والدال بعن‪ ،‬وقد أوضحتُ ذلك مبسوطا‬
‫ف تذيب الساء واللغات‪.‬‬

‫ت شيئا أذهبَ للدين ول أنقصَ للمروءة ول أضيعَ للذة ول أشغلَ للقلب من‬ ‫قال بعضُهم‪ :‬ما رأي ُ‬
‫ب به الِمامُ الغزال‬ ‫الصومة‪ .‬فإن قلتَ‪ :‬ل بُ ّد للِنسان من الصومة لستبقاء حقوقه‪ .‬فالوابُ ما أجا َ‬
‫أن الذمّ التأكّدَ إنا هو لن خاص َم بالباطل أو غي عل ٍم كوكيل القاضي‪ ،‬فإنه يتوكّ ُل ف الصومة قبل أن‬
‫يعرفَ أن القّ ف أيّ جانب هو فيخاصمُ بغي علم‪ .‬ويدخلُ ف الذمّ أيضا مَن يطلبُ َحقّه لكنه ل‬
‫ب للِيذاء والتسليط على خصمه‪ ،‬وكذلك من خَلَطَ‬ ‫يقتصرُ على قدرِ الاجة‪ ،‬بل يظه ُر اللد َد والكذ َ‬
‫ت تُؤذي‪ ،‬وليس له إليها حاجة ف تصيل حقه‪ ،‬وكذلك مَن يملُه على الصومة مضُ‬ ‫بالصومة‪ ،‬كلما ٍ‬
‫جتَه بطريق الشرع من غي لَ َددٍ‬ ‫العِناد لقهر الصم وكسره‪ ،‬فهذا هو الذموم‪ ،‬وأما الظلومُ الذي ينصرُ ح ّ‬
‫وإسرافٍ وزيادةِ لاجٍ على الاجة من غي قصدِ عنادٍ ول إيذاء‪ ،‬ففعلُه هذا ليس حراما‪ ،‬ولكن الول‬
‫تركُه ما وجد إليه سبيلً‪ ،‬لنّ ضبطَ اللسان ف الصومة على ح ّد العتدال متعذّر‪ ،‬والصومةُ تُوغرُ‬
‫ج الغضبُ حص َل الق ُد بينهما حت يفرح كل واحد بساءةِ الخر‪،‬‬ ‫الصدو َر وتي ُج الغضبَ‪ ،‬وإذا ها َ‬
‫ويزنُ بسرّته ويُطلق اللسانَ ف عرضه‪ ،‬فمن خاصمَ فقد تع ّرضَ لذه الفات‪ ،‬وأقلّ ما فيه اشتغالُ القلب‬
‫حت أنه يكون ف صلته وخاطره معلقٌ بالحاجّة والصومة فل يَبقى حالُه على الستقامة؛ والصومةُ‬
‫مبدأ الشرّ‪ ،‬وكذا الِدال والِراء‪ .‬فينبغي أن ل يفت َح عليه بابَ الصومة إل لضرورة ل بُ ّد منها‪ ،‬وعند‬
‫ذلك يُحفظُ لسانَه وقلبَه عن آفات الصومة‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫‪ 34/967‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫ك إثْما أ ْن ل تَزَا َل مُخَاصِما"‪ (.‬الترمذي (‪ )1995‬وقال‪ :‬إنه حديث غريب؛ أي‬
‫عليه وسلم‪َ " :‬كفَى بِ َ‬
‫ضعيف‪).‬‬

‫‪ .‬قلتُ‪ :‬القُحَم بضم القاف وفتح الاء الهملة‪ :‬هي الهالك‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره التقعيُ ف الكلم بالتشدّق وتكلّف السجع والفَصاحة والتصنّع بالقدمات الت يَعتادُها‬
‫التفاصحون وزخارف القول‪ ،‬فكلّ ذلك من التكلّف الذموم‪ ،‬وكذلك تكلّف السجع‪ ،‬وكذلك التحريّ‬
‫ف دقائق الِعراب ووحشي اللغة ف حال ماطبة العوامّ؛ بل ينبغي أن يقصدَ ف ماطبته لفظا يفهمُه‬
‫صاحبُه فهما جليّا ول يستثقلُه‪.‬‬

‫‪ 35/968‬روينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما؛أن‬
‫خلّل بِلِسانِهِ كما َتتَخَلّلُ‬
‫ض البَلِي َغ مِنَ الرّجا ِل الّذي َيتَ َ‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إنّ اللّ َه ُيْبغِ ُ‬
‫الَبقَ َرةُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)3( .‬‬

‫‪ 36/969‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ك ا ُلتَنَ ّطعُونَ" قالا ثلثا‪ )4( .‬قال العلماء‪ :‬يعن بالتنطعي‪ :‬البالغي ف المور‪.‬‬
‫قال‪" :‬هَلَ َ‬

‫‪ 37/970‬وروينا ف كتاب الترمذي عن جابر رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ل وأْبعَدَكُمْ‬
‫ضكُمْ إ ّ‬
‫ل وأقْ َربِكُ ْم ِمنّي َمجْلِسا َي ْومَ ال ِقيَا َمةِ أحا ِسُنكُمْ أخْلقا‪ ،‬وَإ ّن أْبغَ َ‬
‫قال‪" :‬إنّ مِنْ أ َحبّكُمْ إ ّ‬
‫ِمنّي َي ْومَ القِيا َم ِة الثّرْثارُو َن وَا ُلتَشَدّقُونَ وَا ُلتَ َفْي ِقهُونَ‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اللّه قد علمنا الثرثارون والتشدّقون‪،‬‬
‫فما التفيقهون؟ قال‪ :‬ا ُلتَ َكبّرُون" قال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن‪ .‬قال‪ :‬والثرثار‪ :‬هو الكثي الكلم؛‬
‫والتش ّدقُ‪ :‬مَن يتطاو ُل على الناس ف الكلم ويبذو عليهم‪ ، )5( .‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن غريب من‬
‫هذا الوجه‪ ،‬وف الباب عن أب هريرة‪.‬‬

‫ث بالديث الباح ف غي هذا الوقت وأعن بالُباح‬‫فصل‪ :‬ويُكره لن صلى العشاء الخرة أن يتحدّ َ‬
‫الذي استوى فعله وتركه‪ .‬فأما الديث الحرّم ف غي هذا الوقت أو الكروه فهو ف هذا الوقت أشدّ‬
‫تريا وكراهة‪ .‬وأما الديثُ ف الي كمذاكرة العلم وحكايات الصالي ومكارم الخلق والديث‬
‫مع الضيف فل كراهةَ فيه‪ ،‬بل هو مستحبّ‪ ،‬وقد تظاهرت الحاديثُ الصحيحةُ به‪ ،‬وكذلك الديثُ‬

‫‪361‬‬
‫للغدر والمور العارضة ل بأس به‪ ،‬وقد اشتهرت الحاديثُ بكل ما ذكرتُه‪ ،‬وأنا أُشيُ إل بعضها‬
‫متصرا‪ ،‬وأرمزُ إل كثي منها‪).‬‬

‫واعلم أنه ل يدخلُ ف الذمّ تسي ألفاظ الطب والواعظ إذا ل يكن فيها إفراط وإغراب لن القصودَ‬
‫منها تييج القلوب إل طاعة اللّه عزّ وجلّ‪ ،‬ولسن اللفظ ف هذا أثر ظاهر‪.‬‬

‫‪ 38/971‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب بَرزةَ رضي اللّه عنه؛أن رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم كان يكر ُه النومَ قبل العِشاء والديثَ بعدَها‪)6( .‬‬

‫وأما الحاديث بالترخيص ف الكلم للمور الت قدّمتُها فكثيةٌ‪.‬‬

‫‪ 39/972‬فمن ذلك حديث ابن عمر ف الصحيحي‪:‬أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلّى‬
‫س ِمَئةِ َسَن ٍة ل َيبْقَى مِمّ ْن ُهوَ‬
‫العشاءَ ف آخر حياته‪ ،‬فلما سلّم قال‪" :‬أرأْيتُكُمْ َليَْلَتكُ ْم هَ ِذهِ‪ ،‬فإنّ على رأ ِ‬
‫ض الَي ْومَ أحَدٌ"‪)7(.‬‬
‫على َظهْرِ ال ْر ِ‬

‫‪ 40/973‬ومنها حديث أب موسى الشعري رضي اللّه عنه‪ ،‬ف صحيحيهما؛أن رسولَ اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم أعتم بالصلة حت ابارّ الليلُ‪ ،‬ث خرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فصلّى بم‪ ،‬فلما‬
‫قضَى صلته قال لن حضره‪" :‬على ِرسِْلكُمْ ُأعَلّ ْمكُمْ‪ ،‬وأبْشِرُوا أ ّن مِ ْن ِنعْ َمةِ اللّه عََليْكُ ْم أنّهُ َلْيسَ مِنَ النّاسِ‬
‫صلّى أحَ ٌد هَ ِذهِ السّا َع َة َغيْرَكُمْ"‪)8(.‬‬ ‫أحَ ٌد ُيصَلّي هَ ِذهِ السّا َعةَ َغيْرَكُمْ" أو قال‪" :‬ما َ‬

‫‪ 41/974‬ومنها حديث أنس ف صحيح البخاري؛أنم انتظروا النبّ صلى اللّه عليه وسلم فجاءَهم‬
‫قريبا من شطر الليل‪ ،‬فصلّى بم‪ :‬يعن العشاء قال‪ :‬ث خطبَنا فقال‪ " :‬أل إ ّن النّاسَ قَدْ صَّلوْا ثُمّ رَقَدُوا‪،‬‬
‫وَإّنكُمْ لَ ْن تَزَالُوا ف صَلةٍ ما اْنتَظَ ْرتُ ُم الصّلةَ"‪.‬‬

‫ومنها حديث ابن عباس (‪ " )9‬رضي اللّه عنهما‪ ،‬ف مبيته ف بيت خالته ميمونة قوله‪ :‬إن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم صلّى العشاءَ‪ ،‬ث دخلَ فحدّثَ أهلَه‪ ،‬وقوله‪" :‬نَامَ الغَُليْم؟"‪)10(.‬‬

‫ومنها حديث عبد الرحن (البخاري (‪ ، )602‬ومسلم (‪ . )2057‬وتقدم برقم ‪ " )2/733‬بن‬
‫أب بكر رضي اللّه عنهما ف قصة أضيافه واحتباسه عنهم حت صلّى العشاء‪ ،‬ث جاء وكلّمهم‪ ،‬وكلّم‬

‫‪362‬‬
‫امرأتَه وابنه وتكرّر كلمُهم‪ ،‬وهذان الديثان ف الصحيحي‪ ،‬ونظائرُ هذا كثية ل تنحصرُ‪ ،‬وفيما‬
‫ذكرناه أبل ُغ كفاية‪ ،‬وللّه المد‪.‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن تُسمّى العشاء الخرة العتمة‪ ،‬للحاديث الصحيحة الشهورة ف ذلك ويُكره أيضا‬
‫أن تُسمّى الغرب عشاء‪.‬‬

‫‪ 42/975‬روينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن عبد اللّه بن ُم َغفّل الزن رضي اللّه عنه ـ وهو بالغي‬
‫العجمة ـ قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل َتغِْلَبنّكُ ُم ا َلعْرَابُ على اسمِ صَلتِكُ ُم ا َلغْرِبِ"‬
‫قال‪ :‬وتقول العرابُ‪ :‬هي العشاء‪)11( .‬‬

‫وأما الحاديث الواردة بتسمية عَتَ َمةً كحديث‪" :‬لو َيعْلَمُو َن ما ف الصّبْ ِح وَال َعتَ َمةِ َلَت ْوهُمَا وََلوْ َحبْوا" (‬
‫ت بيانا لكون النهي ليس للتحري بل للتنيه‪ .‬والثان أنه خُوطبَ‬ ‫‪ )12‬عنها من وجهي‪ :‬أحدها أنا وقع ْ‬
‫ف أنه يلتبس عليه الراد لو سّاها عشاءً‪.‬‬
‫با مَن يا ُ‬

‫وأما تسمية الصبح غداةً فل كراهة فيه على الذهب الصحيح‪ ،‬وقد كثرتِ الحاديثُ الصحيحةُ ف‬
‫س بتسمية الغرب والعشاء‬ ‫استعمال غداة‪ ،‬وذكر جاعة من أصحابنا كراهة ذلك‪ ،‬وليس بشيء‪ ،‬ول بأ َ‬
‫عشاءين‪ ،‬ول بأس بقول العشاء الخرة‪ .‬وما نُقل عن الصمعي أنه قال‪ :‬ل يُقال العشاء الخرة فغلط‬
‫ظاهر‪ ،‬فقد ثبتَ ف صحيح مسلم (‪ )13‬؛ أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أيّمَا امْرأةٍ أصَاَبتْ‬
‫شهَ ْد َمعَنا العِشاءَ ال ِخ َرةَ"‪.‬‬
‫بَخُورا فَل تَ ْ‬

‫وثبت ف ذلك كلمُ خلئ َق ل يُحصون من الصحابة ف الصحيحي وغيها‪ ،‬وقد أوضحتُ ذلك كلّه‬
‫بشواهده ف تذيب الساء واللغات‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وما يُنهى عنه إفشاءُ السرّ‪ ،‬والحاديثُ فيه كثية‪ ،‬وهو حرامٌ إذا كان فيه ضررٌ أو إيذاء‪.‬‬

‫‪ 43/976‬روينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن جابر رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬إذَا حَدّثَ الرّجُ ُل بالَدِيثِ ثُ ّم اْلَتفَتَ َف ِهيَ أماَنةٌ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)14( .‬‬

‫فصل‪ :‬يُكره أن يُسألَ الرجلُ‪ :‬فيم ضربَ امرأتَه؟ من غي حاجة‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫قد روينا ف أوّل هذا الكتاب ف حفظ اللسان والحاديث الصحيحة ف السكوت عمّا ل تظهر فيه‬
‫الصلحة‪ ،‬وذكرنا الديث الصحيح "منْ حُسْ ِن إسْلمِ الَرْ ِء تَرْكُ ُه ما ل َي ْعنِيه" (‪)15‬‬

‫‪ 44/977‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن عمر بن الطاب رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫ب امْرأتَهُ"‪)16(.‬‬
‫ضرَ َ‬
‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ل يُسألُ الرّجُلُ‪ :‬فيمَ َ‬

‫فصل‪ :‬أما الشعر فقدروينا ف مسند أب يعلى الوصلي (‪ ، )17‬بإسناد حسن‪،‬‬

‫عن عائشة رضي اللّه عنهما‪ ،‬قالت‪ :‬سُئل رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الشعر فقال‪ُ " :‬ه َو كلمٌ‬
‫سنُهُ حَسَنٌ‪ ،‬وََقبِيحُهُ َقبِيحٌ" قال العلماء‪ :‬معناه‪ :‬أ ّن الشعرَ كالنثر‪ ،‬لكن التج ّر َد له والقتصا َر عليه‬
‫حَ َ‬
‫ث الصحيحةُ بأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سع الشعرَ‪ ،‬وأمرَ حسان بن‬ ‫مذمومٌ‪ .‬وقد ثبتَت الحادي ُ‬
‫حكْ َمةً" (‪ )18‬وكل ذلك‬ ‫ثابت بجاء الكفّار‪ .‬وثبتَ أنه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إ ّن مِنَ الشّعْرِ َل ِ‬
‫على حسب ما ذكرناه‪.‬‬

‫ث الصحيحة فيه كثية معروفة‪ .‬ومعناه‪:‬‬ ‫فصل‪ :‬وما يُنهى عنه الفحشُ‪ ،‬وبذاءةُ اللسان؛ والحادي ُ‬
‫التعبيُ عن المور الستقبحة بعبارة صرية‪ ،‬وإن كانتْ صحيح ًة والتكلّمُ با صادق‪ ،‬ويقعُ ذلك كثيا ف‬
‫ألفاظ الوقاع ونوها‪ .‬وينبغي أن يستعملَ ف ذلك الكنايات ويعبّر عنها بعبارة جيلة يُفهم با الغرضُ‪،‬‬
‫وبذا جا َء القرآن العزيز والسنة الصحيحة الكرّمة‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬أُحِلّ َلكُمْ َليَْل َة الصّيامِ الرَّفثُ إل‬
‫ضكُمْ إل َبعْضٍ} [النساء‪:‬‬ ‫نِسائِكُمْ} [البقرة‪ ]187:‬وقال تعال‪{ :‬وَ َكيْفَ تَأخُذُونَ ُه وَقَدْ أ ْفضَى َب ْع ُ‬
‫‪ ]21‬وقال تعال‪{ :‬وَإ ْن طَّلقْتُمُوهُ ّن مِنْ َقبْ ِل أنْ تَمَسّوهُنّ} [البقرة‪ ]237 :‬واليات والحاديث‬
‫الصحيحة ف ذلك كثية‪.‬‬

‫قال العلماء‪ :‬فينبغي أن يستعملَ ف هذا وما أشبهَه من العبارات الت يُستحي من ذكرها بصريح اسها‬
‫الكنايات الفهمة‪ ،‬فيُكنّي عن جاع الرأة بالِفضاءِ والدخو ِل والعاشر ِة والوِقاع ونوها‪ ،‬ول يُصرّح‬
‫بالنّيل والماع ونوها‪ ،‬وكذلك يُكنّي عن البول والتغوّط بقضاء الاجة والذهاب إل اللء‪ ،‬ول‬
‫ح بالِرَاءة والبول ونوها‪ ،‬وكذلك ذك ُر العيوب كالبص والبَخَر والصّنان وغيها‪ ،‬يعبّر عنها‬ ‫يصرّ ُ‬
‫بعبارات جيلة يُفهم منها الغرض‪ ،‬ويُلحق با ذكرناه من المثلة ما سواه‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫واعلم أن هذا كلّه إذا ل تدعُ حاجةٌ إل التصريح بصريح اسه‪ ،‬فإن دعتْ حاجةٌ لغرض البيان والتعليم‬
‫وخِيفَ أن الخاطَب ل يفهم الجاز‪ ،‬أو يفه ُم غيَ الراد صرّح حينئذ باسه الصريح ليحص َل الِفهامُ‬
‫القيقي ‪,‬وعلى هذا يمل ما جاء من التصريح ف الحاديث بثل هذا فإن ذلك ممول على الاجة كما‬
‫ذكرنا‪ ,‬فإن تصيل الفهام ف هذا أول من مراعاة مرّد الدب‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫‪ 45/978‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى‬
‫ش وَل البَذِيء" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لْيسَ ا ُل ْؤمِنُ بال ّطعّا ِن وَل الّلعّا ِن وَل الفا ِح ِ‬
‫(‪)19‬‬

‫‪ 46/979‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى‬
‫حشُ ف شَيْءٍ إ ّل شانَهُ‪ ،‬وَما كانَ الَياءُ ف َشيْءٍ إلّ زَانَهُ" قال الترمذي‪:‬‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬ما كان الفُ ْ‬
‫حديث حسن‪)20( .‬‬

‫فصل‪ :‬ير ُم انتها ُر الوالد والوالدة وشبههما تريا غليظا‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَقَضَى َربّكَ أنْ َل َتعْبُدُوا‬
‫ف وَل َتْنهَ ْرهُما وَقُلْ‬
‫إِلّ إيّاهُ وبالْوَالِ َديْنِ إحْسَانا إمّا َيبُْلغَ ّن ِعنْ َدكَ ال ِكبَرَ أحَ ُدهُما أوْ كِلهُما فَل َتقُلْ َلهُما أُ ّ‬
‫صغِيا} الية[‬ ‫َلهُما َقوْلً كَريا‪ .‬وَا ْخفِضْ َلهُما جَناحَ الذّ ّل مِنَ الرّ ْح َم ِة وَقُلْ رَبّ ارْ َح ْمهُما كما َربّيَان َ‬
‫الِسراء‪23:‬ـ ‪.]25‬‬

‫‪ 47/980‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه‬
‫عنهما؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬مِنَ الكَبائ ِر َشتْمُ الرّجُ ِل وَالِ َديْهِ‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اللّه‪،‬‬
‫سبّ ُأمّهُ"‪)21(.‬‬ ‫سبّ أبَا الرّ ُجلِ ‪َ ،‬ويَسُبّ ُأمّهُ َفيَ ُ‬
‫وهل يشتُم الرجلُ والديه؟ قال‪َ :‬نعَمْ‪ ،‬يَ ُ‬

‫‪ 48/981‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪ :‬كان تت امرأةٌ‬
‫وكنتُ أُحبها‪ ،‬وكان عم ُر يكرهُها‪ ،‬فقال ل‪ :‬طّلقْها‪ ،‬فأبيتُ‪ ،‬فأتى عمرُ رضي اللّه عنه النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم فذكرَ ذلك له‪ ،‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬طَّلقْها" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‬
‫صحيح‪)22( .‬‬

‫ب وبيان أقسامهِ‬
‫ب النهي عن الكَذ ِ‬
‫با ُ‬

‫‪365‬‬
‫ت نصوصُ الكتاب والسنّة على تري الكذب ف الملة‪ ،‬وهو من قبائح الذنوب وفواحش‬ ‫قد تظاهر ْ‬
‫العيوب‪ .‬وإجاعُ المة منعقدٌ على تريه مع النصوص التظاهرة‪ ،‬فل ضرورة إل نقل أفرادها‪ ،‬وإنا الهمّ‬
‫بيان ما يُستثن منه والتنبيه على دقائقه‪ ،‬ويكفي ف التنفي منه الديث التفق على صحته‪:‬‬

‫‪ 1/982‬وهو ما رويناه ف صحيحيهما عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪" :‬آَيةُ الُنافِ ِق ثَلثٌ‪ :‬إذا َحدّثَ كَذَبَ‪َ ،‬وإِذَا َوعَدَ أخْلَفَ‪َ ،‬وِإذَا اؤتُمن خَانَ"‪)23(.‬‬

‫‪ 2/983‬وروينا ف صحيحيهما عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما؛أن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬أَ ْربَ ٌع مَنْ ُكنّ فِيهِ كا َن مُنافِقا خالِصا‪َ ،‬ومَنْ كَاَنتْ فِيهِ َخصَْل ٌة ِمنْهُنّ كَاَنتْ فِيهِ َخصَْلةٌ‬
‫مِ ْن نِفاقٍ حتّى يَ َدعَها‪ِ :‬إذَا اؤتُمِن خانَ‪ ،‬وَإذَا حَدّثَ كَذَبَ‪َ ،‬وإِذَا عاهَ َد غَدَرَ‪َ ،‬وِإذَا خاصَمَ َفجَرَ" وف‬
‫رواية مسلم "إذا وعدَ أخلفَ" بدل "وإذا اؤتُمِن خان"‪)24(.‬‬

‫وأما الستثن منه‪:‬‬

‫‪ 3/984‬فقد روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ُأمّ كلثوم رضي اللّه عنها؛أنا سعت رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يقول‪َ" :‬لْيسَ الكَذّابُ الّذي ُيصْلِ ُح َبيْ َن النّاسِ َفَينْمّي َخيْرا أ ْو َيقُولُ َخيْرا" هذا القدر‬
‫ف صحيحيهما‪ .‬وزاد مسلم ف رواية له‪ :‬قالت ُأمّ كلثوم‪ :‬ول أسعه يُر ّخصُ ف شيء ما يقول الناس إل‬
‫ف ثلث ـ يعن‪ :‬الرب‪ ،‬والِصلح بي الناس‪ ،‬وحديث الرجل امرأته والرأة زوجها‪)25( .‬فهذا‬
‫حديث صريح ف إباحة بعض الكذب للمصلحة‪ ،‬وقد ضبط العلما ُء ما يُباح منه‪.‬‬

‫وأحس ُن ما رأيتُه ف ضبطه‪ ،‬ما ذكرَه الِمامُ أبو حامد الغزال فقال‪ :‬الكلمُ وسيلةٌ إل القاصد‪ ،‬فك ّل‬
‫مقصودٍ ممو ٍد يُمكن التوص ُل إليه بالصدق والكذب جيعا‪ ،‬فالكذبُ فيه حرامٌ لعدم الاجة إليه‪ ،‬وإن‬
‫ب فيه مباحٌ إن كان تصيل ذلك القصود مباحا‪،‬‬ ‫أمك َن التوصل إليه بالكذب ول يكن بالصدق فالكذ ُ‬
‫ب الكذبُ بإخفائه‪ ،‬وكذا‬ ‫وواجبٌ إن كان القصود واجبا‪ ،‬فإذا اختفى مسلم من ظال وسأل عنه‪ :‬وج َ‬
‫لو كان عندَه أو عن َد غيه وديعة وسأل عنها ظا ٌل يُريدُ أخذَها وجبَ عليه الكذب بإخفائها‪ ،‬حت لو‬
‫أخبَه بوديعةٍ عندَه فأخذَها الظالُ قهرا‪ ،‬وجبَ ضمانُها على الُودع الُخب‪ ،‬ولو استحلفَه عليها‪ ،‬لزمَه أن‬
‫يَحلفَ ويورّي ف يينه‪ ،‬فإن حلفَ ول يورّ‪ ،‬حنثَ على الصحّ‪ ،‬وقيل ل ينثُ‪ ،‬وكذلك لو كان‬
‫مقصودُ حَرْبٍ أو إصلحِ ذاتِ البي أو استمالة قلب الجن عليه ف العفو عن الناية ل يصل إل‬
‫بكذب‪ ،‬فالكذبُ ليس برام‪ ،‬وهذا إذا ل يصل الغرضُ إل بالكذب‪ ،‬والحتياطُ ف هذا كلّه أن يورّي؛‬

‫‪366‬‬
‫ومعن التورية أن يقص َد بعبارته مقصودا صحيحا ليس هو كاذبا بالنسبة إليه‪ ،‬وإن كان كاذبا ف ظاهر‬
‫اللفظ‪ ،‬ولو ل يقصد هذا بل أطلق عبار َة الكذب فليس برام ف هذا الوضع‪ .‬قال أبو حامد الغزال‪:‬‬
‫ض مقصودٌ صحيح له أو لغيه‪ ،‬فالذي له مثلُ أن يأخذَه ظا ٌل ويسألَه عن‬ ‫وكذلك كل ما ارتبط به غر ٌ‬
‫ماله ليأخذَه فله أن ينكرَه‪ ،‬أو يسألَه السلطانُ عن فاحش ٍة بينَه وبيَ اللّه تعال ارتكبَها فله أن ينكرَها‬
‫ويقول ما زنيتُ‪ ،‬أو ما شربتُ مثلً‪.‬‬

‫ض غيه‪ ،‬فمثل أن‬ ‫وقد اشتهرتِ الحاديث بتلقي الذين أقرّوا بالدود الرجوع عن الِقرار‪ .‬وأما غر ُ‬
‫يُسأَلَ عن سرّ أخيه فينك َرهُ ونو ذلك‪ ،‬وينبغي أن يُقابِلَ بي مَفسدةِ الكذب والفسدةِ الترتبة على‬
‫الصدق؛ فإن كانت الفسدةُ ف الصدق أشدّ ضررا فله الكذبُ‪ ،‬وإن كان عكسُه‪ ،‬أو شكّ‪َ ،‬ح ُر َم عليه‬
‫الكذبُ؛ ومت جازَ الكذبُ فإن كان البيحُ غرضا يتعلّ ُق بنفسه فيستحبّ أن ل يكذبَ‪ ،‬ومت كان‬
‫متعلقا بغيه ل تز السامةُ ب ّق غيه؛ والزمُ تركه ف كل موضعٍ أُبيحَ إل إذا كان واجبا‪.‬‬

‫ب هو الِخبار عن الشيء‪ ،‬بلف ما هو‪ ،‬سواء تعمدتَ ذلك أم‬ ‫واعلم أن مذهبَ أهل السنّة أن الكذ َ‬
‫جهلته‪ ،‬لكن ل يأثُ ف الهل وإنا يأثُ ف العمد‪ ،‬ودليلُ أصحابنا تقييد النبّ صلى اللّه عليه وسلم "مَنْ‬
‫ب عَل ّي ُمتَعَمّدا َف ْلَيتَبَوأ َمقْعَ َد ُه مِ َن النّارِ" (‪)26‬‬
‫كَذَ َ‬

‫ث على التثّبت فيما يكيهِ الِنسا ُن والنهي عن التحديث بكلّ ما سعَ إذا ل يظنّ صحته‬
‫ب ال ّ‬
‫با ُ‬

‫ك بِ ِه عِلْ ٌم إنّ السّ ْم َع وَالَبصَ َر وَالفُؤادَ كُلّ أُوَلئِكَ كا َن َعنْهُ مَسْؤولً}‬‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَل َتقْفُ ما َلْيسَ لَ َ‬
‫ب َعتِيدٌ} [ق‪ ]18 :‬وقال تعال‪{ :‬إنّ‬ ‫ظ مِنْ َق ْولٍ إِلّ َل َديْهِ رَقِي ٌ‬‫[الِسراء‪ ]36:‬وقال تعال‪{ :‬ما يَ ْلفِ ُ‬
‫َربّكَ لَبالِ ْرصَادِ} [الفجر‪.]14:‬‬

‫‪ 1/985‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن حفص بن عاصم التابعي الليل عن أب هريرة رضي اللّه‬
‫ث ِبكُلّ ما سَ ِمعَ" (‪)27‬ورواه مسلم‬
‫حدّ َ‬
‫عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ " :‬كفَى بالَرْءِ كَذِبا أنْ يُ َ‬
‫من طريقي‪ :‬أحدها هكذا‪ .‬والثان عن حفص بن عاصم‪ ،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم مرسلً ل يذكر‬
‫أبا هريرة‪ ،‬فتُق ّد ُم روايةُ مَن أثبت أبا هريرة‪ ،‬فإن الزيادة من الثقة مقبولة‪ ،‬وهذا هو الذهب الصحيحُ‬
‫الختارُ الذي عليه أه ُل الفقه والصول والحقّقون من الحدّثي‪ ،‬أن الديث إذا روي من طريقي أحدها‬
‫مرسلٌ والخر متصلٌ‪ ،‬قدّم التصل وحكم بصحة الديث‪ ،‬وجاز الحتجاج به ف كل شيء من الحكام‬
‫وغيها‪ .‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫‪ 2/986‬وروينا ف صحيح مسلم‪،‬عن عمرَ بن الطاب رضي اللّه عنه قال‪ :‬بسبِ الرءِ من الكذ ِ‬
‫ب‬
‫أن يدّثِ بكلّ ما سعَ‪ .‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه مثله‪)28( .‬‬

‫والثارُ ف هذا الباب كثية‪.‬‬

‫‪ 3/987‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن أب مسعود‪ ،‬أو حذيفة بن اليمان‪ ،‬قال‪:‬سعتُ‬
‫رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪ِ" :‬بْئسَ مَ ِطّيةُ الرّجُلِ َزعَمُوا"‪)29(.‬‬

‫قال الِمام أبو سليمان الطاب فيما رويناه عنه ف معال السنن‪ :‬أص ُل هذا الديث أن الرجلَ إذا أرا َد‬
‫الظعن ف حاجة والسي إل بلد ركب مطية وسار حت يبلغ حاجته‪ ،‬فشبّ َه النبّ صلى اللّه عليه وسلم ما‬
‫يق ّدمُ الرج ُل أمامَ كلمه ويتوصل به إل حاجته من قولم‪( :‬زعموا) بالطيّة‪ ،‬وإنا يُقال‪( :‬زعموا) ف‬
‫حديث ل سند له ول ثبت‪ ،‬إنا هو شيء يُحكى على سبيل البلغ‪ ،‬فذمّ النبّ صلى اللّه عليه وسلم من‬
‫الديث ما هذا سبيلُه‪ ،‬وأمر بالتوثق فيما يكيه والتثبت فيه‪ ،‬فل يَرويه حت يكون معزوّا إل ثبت‪ ،‬هذا‬
‫كلمُ الطاب‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫ب التعريض والتورية‬
‫با ُ‬

‫اعلم أن هذا الباب من أه ّم البواب‪ ،‬فإنه ما يكث ُر استعمالُه وتع ّم به البلوى‪ ،‬فينبغي لنا أن نعتن‬
‫بتحقيقه‪ ،‬وينبغي للواقف عليه أن يتأملَه ويعملَ به‪ ،‬وقد قدّمنا ف الكذب من التحري الغليظ‪ ،‬وما ف‬
‫ض معناها‪:‬‬‫إطلق اللسان من الطر‪ ،‬وهذا البابُ طريقٌ إل السلمة من ذلك‪ .‬واعلم أن التوريةَ والتعري َ‬
‫ف ظاهره‪ ،‬وهذا‬ ‫أن تُطلقَ لفظا هو ظاهرٌ ف معن وتري ُد به معنً آخر يتناوله ذلك اللفظ‪ ،‬لكنه خل ُ‬
‫ضربٌ من التغرير والداع‪ .‬قال العلماء‪ :‬فإن دعتِ إل ذلك مصلح ٌة شرعيةٌ راجح ٌة على خداعِ‬
‫الخااطب أو حاجة ل مندوح َة عنها إل بالكذب فل بأس بالتعريض‪ ،‬وإن ل يكن شيءٌ من ذلك فهو‬
‫مكروٌه وليس برام‪ ،‬إل أن يُتوصَل به إل أخذ باطل أو دفع حقّ‪ ،‬فيصيُ حينئذ حراما‪ ،‬هذا ضابطُ‬
‫الباب‪.‬‬

‫فأما الثار الواردةُ فيه‪ ،‬فقد جاء من الثار ما يُبيحه وما ل يُبيحه‪ ،‬وهي ممولةٌ على هذا التفصيل الذي‬
‫ذكرناه‪ .‬فمما جاء ف النع‪:‬‬

‫‪368‬‬
‫ضعّفه أبو داود‪ ،‬فيقتضي أن يكون‬
‫‪ 1/988‬ما رويناه ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد فيه ضعفٌ لكن ل ُي َ‬
‫حسنا عنده كما سبق بيانه‪ ،‬عن سفيان بن أسد ـ بفتح المزة ـ رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫ك بِ ِه ُمصَ ّدقٌ‬
‫سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪َ " :‬كبُرَتْ خِياَنةً أ ْن تُحَدّثَ أخاكَ حَدِيثا ُهوَ لَ َ‬
‫ت بِهِ كاذِبٌ"‪)30(.‬‬ ‫وأْن َ‬

‫وروينا عن ابن سيين رحه اللّه أنه قال‪ :‬الكلمُ أوسعُ من أن يكذب ظريفٌ‪ .‬مثال التعريض الباح ما‬
‫قاله النخعي رحه اللّه‪ :‬إذا بلغ الرجلَ عنك شيءٌ قلتَه فقل‪ :‬اللّه يعلم ما قلتُ من ذلك من شيء‪ ،‬فيتوهم‬
‫السامعُ النف َي ومقصودُك اللّه يعلم الذي قلتُه‪ .‬وقال النخعيّ أيضا‪ :‬ل تقلْ لبنك‪ :‬أشتري لك سكرا‪ ،‬بل‬
‫قل‪ :‬أرأيتَ لو اشتريت لك سكرا؟ وكان النخعي إذا طلبه رجلٌ قال للجارية‪ :‬قول له اطلبه ف السجد‪.‬‬
‫وقال غيه‪ :‬خرج أب ف وقت قبل هذا‪ .‬وكان الشعب يطّ دائرة ويقول للجارية‪ :‬ضعي أصبعك فيها‬
‫وقول‪ :‬ليس هو هاهنا‪ .‬ومثل هذا قول الناس ف العادة لن دعاهُ لطعام أنا على نيّة؛ موها أنه صائم‬
‫ومقصودُه على نيّة ترك الكل؛ ومثلُه‪ :‬أبصرتَ فلنا؟ فيقول ما رأيتُه‪ :‬أي ما ضربتُ رئته‪ .‬ونظائرُ هذا‬
‫ف بالطلق‬‫ف باللّه تعال أو حل َ‬
‫كثية‪ .‬ولو حلف على شيء من هذا وورّى ف يينه ل ينثْ‪ ،‬سواء حل َ‬
‫أو بغيه‪ ،‬فل يقعُ عليه الطلق ول غيه‪ ،‬وهذا إذا ل يلّفه القاضي ف دعوى؛ فإن حّلفَه القاضي ف‬
‫دعوى فالعتبار بنيّة القاضي إذا حلّفه باللّه تعال‪ ،‬فإن حلّفه بالطلق بالعتبار بنيّة الالف‪ ،‬لنه ل يوز‬
‫للقاضي تليفه بالطلق فهو كغيه من الناس‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫قال الغزال‪ :‬ومن الكذب الحرّم الذي يُوجب الفسقَ ما جرتْ به العاد ُة ف البالغة كقوله‪ :‬قلتُ لك مِئة‬
‫مرّة‪ ،‬وطلبتُك مِئةَ مرّة ونوه بأنه ل يُراد به تفهيم الرات بل تفهيم البالغة‪ ،‬فإن ل يكن طلبَه إل مرّة‬
‫واحدة كان كاذبا‪ ،‬وإن طلبه مرّات ل يُعتاد مثلُها ف الكثرة ل يأث‪ ،‬وإن ل يبل ْغ مئة مرّة وبينهما‬
‫درجات يتع ّرضُ البالغُ للكذب فيها‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ودليل جواز البالغة وأنه ل يُعدّ كذبا‪:‬‬

‫لهْمِ فَل َيضَ ُع ال َعصَا‬


‫‪ 2/989‬ما رويناه ف الصحيحي‪،‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أمّا أبُو ا َ‬
‫عَ ْن عاِتقِهِ‪ ،‬وأمّا مُعاوَيةُ فَل مالَ لَهُ"(‪ ()31‬البخاري (‪ ، )5321‬ومسلم (‪ ، )1480‬وقد تقدم ف‬
‫باب ما يباح من الغيبة رقم ‪ 317‬ص ‪ (" ).529‬البخاري (‪ ، )5321‬ومسلم (‪، )1480‬‬
‫وقد تقدم ف باب ما يباح من الغيبة رقم ‪ 317‬ص ‪ (" ).529‬البخاري (‪ ، )5321‬ومسلم (‬

‫‪369‬‬
‫‪ ، )1480‬وقد تقدم ف باب ما يباح من الغيبة رقم ‪ 317‬ص ‪ (" ).529‬البخاري (‪)5321‬‬
‫‪ ،‬ومسلم (‪ ، )1480‬وقد تقدم ف باب ما يباح من الغيبة رقم ‪ 317‬ص ‪ (" ).529‬البخاري (‬
‫‪ ، )5321‬ومسلم (‪ ، )1480‬وقد تقدم ف باب ما يباح من الغيبة رقم ‪ 317‬ص ‪(").529‬‬
‫البخاري (‪ ، )5321‬ومسلم (‪ ، )1480‬وقد تقدم ف باب ما يباح من الغيبة رقم ‪ 317‬ص‬
‫‪ ).529‬ومعلوم أنه كان له ثوب يلبسه‪ .‬وأنه كان يض ُع العصا ف وقت النوم وغيه‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ب ما يقولُه ويفعلُه مَنْ تكلّ َم بكل ٍم قبيح‬


‫با ُ‬

‫ك مِنَ الشّيْطَا ِن نَ ْزغٌ فَا ْسَتعِذْ باللّهِ} [فصّلت‪ ]36:‬وقال تعال‪{ :‬إِ ّن الّذينَ‬ ‫قال اللّه تعال‪َ { :‬و إمّا يَنْ َز َغنّ َ‬
‫ف مِنَ الشّيْطا ِن تَذَكّرُوا فإذَا هُ ْم ُمبْصِرونَ} [العراف‪ ]201 :‬وقال تعال‪{ :‬‬ ‫سهُ ْم طائِ ٌ‬
‫اّت َقوْا إذَا مَ ّ‬
‫سهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فا ْستَ ْغفَرُوا لِ ُذنُوِبهِ ْم َومَ ْن َي ْغفِرُ ال ّذنُوبَ إِلّ اللّ ُه وَلَمْ‬
‫ش ًة أ ْو ظَلَمُوا أنْفُ َ‬ ‫وَالّذِينَ إذَا َفعَلُوا فاحِ َ‬
‫حتِها الَْنهَارُ‬‫جرِي مِ ْن تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬‫ُيصِرّوا على ما َفعَلُوا َوهُ ْم َيعْلَمُونَ‪ .‬أُولَئِكَ َجزَاؤُهم َم ْغفِ َرٌة مِنْ َربّه ْم وَ َجنّا ٌ‬
‫خَالِدِينَ فِيها وَنعْمَ أجْ ُر العامِلِيَ} [آل عمران‪135 :‬ـ ‪.]136‬‬

‫‪ 1/990‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬مَنْ حََلفَ فَقالَ ف حَِلفِ ِه باللّتِ والعُزّى َف ْلَيقُلْ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪َ ،‬ومَنْ قالَ ِلصَا ِحبِهِ‪ :‬تَعالَ‬
‫أُقامِ ْركَ َف ْلَيتَصَ ّدقْ" ‪ (.‬البخاري (‪ ، )4860‬ومسلم (‪ ، )1647‬ويُفيد الديث‪:‬‬

‫أـ حرمة اللف بالصنام‪ ،‬فإن مَن حلف با معظّما لا كان كافرا ويب عليه تديد إيانه‪.‬‬

‫ب ـ حرمة الدعوة إل القمار‪ ،‬وأن كفارة ذلك التوبة منها‪ ،‬والِسراع إل التصدّق با تيسر له‪>").‬‬

‫واعلم أن مَن تكلم برام أو فعله وجب عليه البادرة إل التوبة‪ ،‬ولا ثلثة أركان‪ :‬أن يقلع ف الال عن‬
‫العصية‪ ،‬وأن يندمَ على ما فعل‪ ،‬وأن يعزمَ أن ل يعود إليها أبدا‪ ،‬فإن تعلّق بالعصية حق آدمي وجب‬
‫عليه مع الثلثة رابع‪ ،‬وهو ردّ الظلمة إل صاحبها أو تصيل الباءة منها‪ ،‬وقد تقدم بيان هذا‪ ،‬وإذا تابَ‬
‫مِنْ ذنبٍ فينبغي أن يتوبَ من جيع الذنوب؛ فلو اقتص َر على التوبة من ذنب صحّت توبتُه منه؛ وإذا تابَ‬
‫من ذنب توبةً صحيحةً كما ذكرنا ث عاد إليه ف وقت أث بالثان ووجب عليه التوبة منه‪ ،‬ول تبط ْل توبتُه‬
‫من الوّل؛ هذا مذهبُ أهل السنّة خلفا للمعتزلة ف السألتي‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫بابٌ ف ألفاظٍ حُكي عن جاعةٍ من العلماء كراهتُها وليستْ مكروهةً‬

‫‪370‬‬
‫ب ما تدعو الاجةُ إليه لئل يغت ّر بقولٍ باط ٍل ويعوّل عليه‪.‬‬
‫اعلم أن هذا البا َ‬

‫واعلم أن أحكامَ الشرع المسة‪ ،‬وهي‪ :‬الِيابُ‪ ،‬والندبُ‪ ،‬والتحريُ‪ ،‬والكراهةُ‪ ،‬والِباحة‪ ،‬ل يثب ُ‬
‫ت‬
‫شيء منها إل بدليل‪ ،‬وأدلة الشرع معروفة‪ ،‬فما ل دلي َل عليه ل يُلتفتُ إليه ول يتاج إل جواب‪ ،‬لنه‬
‫ليس بجة ول يُشتغل بوابه؛ ومع هذا فقد تبعَ العلماءُ ف مثل هذا بذكر دليلٍ على إبطاله‪ ،‬ومقصودي‬
‫ت أن قائلً كرهَه ث قلت‪ :‬ليس مكروها‪ ،‬أو هذا باطلٌ أو نو ذلك‪ ،‬فل حاجةً‬ ‫بذه القدمة أ ّن ما ذكر ُ‬
‫ت متبّعا به‪ ،‬وإنا عقدتُ هذا الباب لُبيّن الطأَ فيه من الصواب‬‫إل دليل على إبطاله وإن ذكرتُه كن ُ‬
‫لئل يُغت ّر بللة مَن يُضاف إليه هذا القول الباطل‪.‬‬

‫واعلم أن ل أُسّي القائلي بكراهة هذه اللفاظ لئل تسقطَ جللتُهم ويُساء الظ ّن بم‪ ،‬وليس الغرض‬
‫حتْ عنهم أم ل تصحّ‪ ،‬فإن‬ ‫القدح فيهم‪ ،‬وإنا الطلوب التحذير من أقوال باطلة نُقلت عنهم‪ ،‬سواء أص ّ‬
‫حتْ ل تقدحْ ف جللتهم كما عرف‪ ،‬وقد أُضيف بعضُها لغرض صحيح بأن يكونَ ما قاله متملً‬ ‫صّ‬
‫فينظر غيي فيه‪ ،‬فلعلّ نظره يُخالف نظري فيعتضدُ نظرُه بقول هذا الِمام السابق إل هذا الكم‪ ،‬وباللّه‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫فمن ذلك ما حكاهُ الِمامُ أبو جعفر النحاس ف كتابه "شرح أساء اللّه تعال سبحانه" عن بعض العلماء‬
‫ق يرجو الثواب‪ .‬قلتُ‪ :‬هذا الكم خطأ صريح‬ ‫أنه كره أن يُقال‪ :‬تصدّق اللّه عليكَ‪ ،‬قال‪ :‬لن التص ّد َ‬
‫وجه ٌل قبيح‪ ،‬والستدلل أشدّ فسادا‪.‬‬

‫وقد ثبت ف صحيح مسلم (‪ )32‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ف قصر الصلة‪" :‬صَدََقةٌ‬
‫صدََقتَهُ"‪.‬‬
‫َتصَ ّدقَ اللّ ُه ِبهَا عََلْيكُمْ فا ْقبَلُوا َ‬

‫س أيضا عن هذا القائل التقدّم أنه كره أن يُقال‪ :‬اللّهمّ أعتقن من‬ ‫فصل‪ :‬ومن ذلك ما حكاهُ النحّا ُ‬
‫النار‪ ،‬قال‪ :‬لنه ل يعتق إل مَن يطلب الثواب‪ .‬قلتُ‪ :‬وهذه الدعوى والستدلل من أقبح الطأ وأرذل‬
‫ث الصحيحة الصرّحة بإعتاق اللّه تعال مَن شاء من‬ ‫الهالة بأحكام الشرع‪ ،‬ولو ذهبتُ أتتبعُ الحادي َ‬
‫خلقه لطال الكتاب طو ًل مُ ِملّ‪ ،‬وذلك كحديث "مَ ْن أ ْعتَقَ رََقَبةً أ ْعتَقَ اللّ ُه تَعال ِبكُ ّل عُضْو ِمنْها ُعضْوا‬
‫ِمنْهُ مِ َن النّارِ" (‪ )33‬وحديث "ما مِ ْن َيوْمٍ أ ْكثَ ُر أنْ ُي ْعتِقَ اللّ ُه تَعال فِيهِ َعبْدا مِ َن النّا ِر مِ ْن َي ْومِ عَرَفَة" (‬
‫‪)34‬‬

‫‪371‬‬
‫فصل‪ :‬ومن ذلك قو ُل بعضهم‪ :‬يُكره أن يقولَ افع ْل كذا على اسم اللّه‪ ،‬لن اسَه سبحانه على كلّ‬
‫شيءٍ‪ .‬قال القاضي عياض وغيُه‪ :‬هذا القول غلط‪ ،‬فقد ثبتت الحاديث الصحيحة‪ :‬أن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال لصحابه ف الضحية‪" :‬ا ْذبَحُوا على اسْمِ اللّه" (‪ )35‬أي قائلي باسم اللّه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ومن ذلك ما رواه النحاسُ عن أب بكر ممد بن يي قال‪ :‬وكان من الفقهاء الدباء العلماء‪،‬‬
‫قال‪ :‬ل تقلْ‪ :‬جعَ اللّه بيننا ف مستقرُ رحته‪ ،‬فرحةُ اللّه أوسعُ من أن يكون لا قرار؛ قال‪ :‬ل تقلْ‪ :‬ارحنا‬
‫برحتك‪ .‬قلت‪ :‬ل نعلمُ لا قاله ف اللفظي حجة‪ ،‬ول دليلَ له فيما ذكره‪ ،‬فإن مرا َد القائل بستقرّ الرحة‪:‬‬
‫النة‪ ،‬ومعناه‪ :‬ج َع بيننا ف النة الت هي دار القرار ودار القامة ومل الستقرار‪ ،‬وإنا يدخلها الداخلون‬
‫برحة اللّه تعال‪ ،‬ث من دخلَها استق ّر فيها أبدا‪ ،‬وأمِ َن الوادث والكدار‪ ،‬وإنا حصل له ذلك برحة اللّه‬
‫تعال‪ ،‬فكأنه يقول‪ :‬اجع بيننا ف مستق ّر نناله برحتك‪.‬‬

‫س عن هذا الذكور‪ ،‬قال‪ :‬ل تقل‪ :‬توكّلتُ على رب الربّ الكري‪،‬‬‫فصل‪ :‬ومن ذلك ما حكاهُ النحّا ُ‬
‫وقل‪ :‬توكلت على رب الكري‪ .‬قلتُ‪ :‬ل أصلَ لا قال‪.‬‬

‫فصل‪ :‬روى النحّاسُ عن أب بكر التقدم قال‪ :‬ل يقلْ‪ :‬اللهمّ أجِرْنا من النار ول يقل‪ :‬اللهمْ ارزقنا‬
‫شفاعةَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم فإنا يُشفعُ لن استوجبَ النار‪ .‬قلتُ‪ :‬هذا خطأ فاحش وجَهالة بيّنة‪،‬‬
‫ت على حكايته‪ ،‬فكم من‬ ‫ف الغترار بذا الغلط وكونه قد ذكرَ ف كتب مصنفه لا تاسر ُ‬ ‫ولول خو ُ‬
‫حديث ف الصحيح جاء ف ترغيب الؤمني الكاملي بوعدهم شفاعة النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬لقوله‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قا َل ِمثْلَ ما َيقُو ُل الُؤَ ّذنُ َحّلتْ لَ ُه شَفاعَت" (‪ )36‬وغي ذلك‪.‬‬

‫ظ الفقيه أبو الفضل عِياض رحه اللّه ف قوله‪ :‬قد عُرف بالنقل الستفيض سؤا ُل‬
‫ولقد أحسن الِمام الاف ُ‬
‫السلف الصال رضي اللّه عنهم شفاعةَ نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم ورغبتهم فيها قال‪ :‬وعلى هذا ل يُلتفت‬
‫إل كراهة مَن كَ ِرهَ ذلك لكونا ل تكونُ إل للمذنبي‪ ،‬لنه ثبتَ ف الحاديث ف صحيح مسلم (‪)37‬‬
‫وغيه إثبات الشفاعة لقوام ف دخولم النة بغي حساب‪ ،‬ولقوم ف زيادة درجاتم ف النة؛ قال‪ :‬ثّ‬
‫كل عاقل معترف بالتقصي‪ ،‬متاجٌ إل العفو‪ ،‬مشفقٌ من كونه من الالكي؛ ويلز ُم هذا القائل َأنْ ل يدعوَ‬
‫ف ما عُرف من دعاء السلف واللف‪.‬‬ ‫بالغفرة والرحة‪ ،‬لنما لصحاب الذنوب‪ ،‬وكلّ هذا خل ُ‬

‫ف بالبيت شوطا أو‬


‫فصل‪ :‬ومن ذلك ما حُكي عن جاعة من العلماء أنم كرهوا أن يُسمّى الطوا ُ‬
‫دورا‪ ،‬قالوا‪ :‬بل يُقال للمرّة الواحدة طوفة‪ ،‬وللمرتي طوفتان‪ ،‬وللثلث طوفات‪ ،‬وللسبع طواف‪ .‬قلتُ‪:‬‬

‫‪372‬‬
‫وهذا الذي قالوه ل نعلمُ له أصلً‪ ،‬ولعلّهم كرهوه لكونه من ألفاظ الاهلية‪ ،‬والصوابُ الختار أنه ل‬
‫كراهةَ فيه‪.‬‬

‫‪ 2/991‬فقد روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪ :‬أمرهم رسو ُل‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يرملوا ثلثةَ أشواط ول ينعْه أن يأمرَهم أن يرملوا الشواطَ كلّها إل الِبقاء‬
‫عليهم‪)38( .‬‬

‫فصل‪ :‬ومن ذلك‪ :‬صُمنا رمضانَ‪ ،‬وجاء رمضانُ‪ ،‬وما أشبه ذلك إذا أُريد به الشهر‪ .‬واختلف ف‬
‫كراهته؛ فقال جاعة من التقدمي‪ :‬يُكره أن يُقال رمضان من غي إضافة إل الشهر‪ ،‬رُوي ذلك عن‬
‫ب أصحابنا أنه يُكره أن يُقال‪ :‬جاء‬
‫السن البصري وماهد‪ .‬قال البيهقي‪ :‬الطريق إليهما ضعيف؛ ومذه ُ‬
‫رمضانُ‪ ،‬ودخل رمضانُ‪ ،‬وحضر رمضانُ‪ ،‬وما أشبه ذلك ما ل قرينة تدلّ على أن الرادَ الشهرُ‪ ،‬ول‬
‫ب صومُ‬
‫ت رمضانَ‪ ،‬وي ُ‬ ‫ت رمضانَ‪ ،‬وقم ُ‬ ‫يُكره إذا ذُكر معه قرينة تدلّ على الشهر‪ ،‬كقوله‪ :‬صم ُ‬
‫رمضان‪ ،،‬وحض َر رمضانُ الشهر البارك‪ ،‬وشبه ذلك‪ ،‬هكذا قاله أصحابنا ونقله الِمامان‪ :‬أقضى القضاة‬
‫أبو السن الاوردي ف كتابه "الاوي" وأبو نصر الصباغ ف كتابه "الشامل" عن أصحابنا‪ ،‬وكذا نقله‬
‫غيُها من أصحابنا عن الصحاب مطلقا‪ ،‬واحتجّوا بديث‪:‬‬

‫‪ 3/992‬رويناه ف سنن البيهقي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪" :‬ل َتقُولُوا َر َمضَانُ‪ ،‬فإنّ َر َمضَا َن اسْ ٌم مِ ْن أسْماءِ اللّ ِه تَعال‪ ،‬وََلكِنْ قُولُوا‪َ :‬شهْرُ َر َمضَانَ" وهذا‬
‫الديث ضعيف ضعّفه البيهقيّ والضعف عليه ظاهر‪ ،‬ول يذكرْ أح ٌد رمضانَ ف أساء اللّه تعال مع كثرة‬
‫مَ ْن صنّف فيها‪ .‬والصوابُ واللّه أعلم‪ ،‬ما ذهب إليه الِمام أبو عبد اللّه البخاري ف صحيحه وغي واحد‬
‫من العلماء الحقّقي أنه ل كراهةَ مطلقا كيفما قال‪ ،‬لن الكراهةَ ل تثبتُ إل بالشرع‪ ،‬ول يثبتْ ف‬
‫كراهته شيء‪ ،‬بل ثبتَ ف الحاديث جواز ذلك‪ ،‬والحاديث فيه من الصحيحي وغيها أكثر من أن‬
‫تُحصر‪.‬‬

‫ولو تفرّغتُ لمع ذلك رجوتُ أن يبلغ أحاديثه مئي‪ ،‬لكن الغرضَ يصل بديث واحد‪ ،‬ويكفي من‬
‫ذلك كله‪:‬‬

‫‪373‬‬
‫‪ 4/993‬ما رويناه ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى‬
‫صفّدَتِ الشّياطِيُ " (‬
‫ب النّارِ وَ ُ‬
‫ت أْبوَا ُ‬
‫ب الَّن ِة َوغُّلقَ ْ‬
‫ت أْبوَا ُ‬
‫ح ْ‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إذَا جَاءَ َر َمضَانُ ُفتّ َ‬
‫‪ )39‬منها صوم رمضان‪ ،‬وأشبا ُه هذا كثيةٌ معروفة‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ومن ذلك ما نُقل عن بعض التقدمي أنه يُكره أن يقولَ‪ :‬سورة البقرة‪ ،‬وسورة الدخان‪،‬‬
‫والعنكبوت‪ ،‬والروم‪ ،‬والحزاب‪ ،‬وشبه ذلك؛ قالوا‪ :‬وإنا يُقال السورة الت يُذكر فيها البقرة‪ ،‬والسورة‬
‫الت يُذكر فيها النساء وشبه ذلك‪ .‬قلتُ‪ :‬وهذا خطأ مالف للسنّة‪ ،‬فقد ثبت ف الحاديث استعمال ذلك‬
‫فيما ل يُحصى من الواضع كقوله صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬اليَتا ِن مِنْ آخِرِ سُورَ ِة البَقَ َر ِة مَنْ قَرأهُما ف‬
‫َليَْلةٍ َكفَتَاه" (‪ )40‬وهذا الديث ف الصحيحي وأشباهُه كثية ل تنحصر‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ومن ذلك ما جاء عن مُطرف رحه اللّه أنه كره أن يقول‪ :‬إن اللّه تعال يقول ف كتابه؛ قال‪:‬‬
‫وإنا يُقال‪ :‬إن اللّه تعال قال‪ :‬كأنه كره ذلك لكونه لفظا مضارعا‪ ،‬ومقتضاهُ الا ُل أو الستقبالُ‪ ،‬وقول‬
‫اللّه تعال هو كلمُه‪ ،‬وهو قدي‪ .‬قلتُ‪ :‬وهذا ليس بقبول‪ ،‬وقد ثبتَ ف الحاديث الصحيحة استعمالُ‬
‫ذلك من جهات كثية‪ ،‬وقد نبّهتُ على ذلك ف شرح صحيح مسلم‪ ،‬وف كتاب آداب القرّاء‪ ،‬قال اللّه‬
‫تعال‪{ :‬واللّه يقول القّ} [الحزاب‪.]4:‬‬

‫وف صحيح مسلم (‪ ، )41‬عن أب ذرّ قال‪ :‬قال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬يقُولُ اللّ ُه عَ ّز وَجَلّ‪{ :‬مَنْ‬
‫سَنةِ َفلَ ُه عَشْ ُر أمْثاِلهَا} [النعام‪.]160:‬‬
‫جا َء بالَ َ‬

‫•كتاب جامع الدّعوات‬


‫باب دعوات مهمة مستحبّة ف جيع الوقات‬ ‫‪o‬‬

‫بابٌ ف آدابِ الدعاء‬ ‫‪o‬‬

‫ب الدعاء عشرة‬‫‪ ‬آدا ُ‬


‫‪ ‬الول‪ :‬أن يترصّ َد الزمان‬
‫الشريفة‬
‫‪ ‬الثان‪ :‬أن يغتنمَ الحوالَ‬
‫الشريفة‬

‫‪374‬‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬استقبالُ القبلة ورفعُ‬
‫اليدين ويسحُ بما وجهه ف‬
‫آخره‪.‬‬
‫ض الصوت بي‬ ‫‪ ‬الرابع‪ :‬خف ُ‬
‫الخافتة والهر‪.‬‬
‫‪ ‬الامس؛ أن ل يتكلّف‬
‫السجعَ‬
‫ع والشوعُ‬ ‫‪ ‬السادس‪ :‬التض ّر ُ‬
‫والرهبة‬
‫‪ ‬السابع‪ :‬أن يزمَ بالطلب‬
‫ويُوقن بالِجابة‬
‫‪ ‬الثامن‪ :‬أن يُلحّ ف الدعاء‬
‫ويكرّره ثلثا ول يستبطىء‬
‫الِجابة‪.‬‬
‫‪ ‬التاسع‪ :‬أن يفتتح الدعاء‬
‫بذكر اللّه تعال‬
‫‪ ‬العاشر‪ :‬التوب ُة وردّ الظال‬
‫‪ ‬فصل‪ :‬ما فائدة الدعاء مع أن القضاءَ ل َمرَدّ له؟‬
‫بابُ دعا ِء الِنسان وتوسّله بصالِ عملهِ إل اللّه تعال‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬أحسن ما جاءَ عن السلف ف الدعاء‬


‫س ِح الوَجْهِ بما‬
‫بابُ رَفعِ اليدين ف الدعا ِء ث مَ ْ‬ ‫‪o‬‬

‫ب تَكريرِ الدّعاء‬
‫باب استحبا ِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ الثّ على حُضور القلب ف الدّعاء‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ فضلِ الدعاء بظهر الغيب‬ ‫‪o‬‬

‫س َن إليه‪ ،‬وصفة دُعائِه‬ ‫بابُ استحباب الدعاءِ لن أَحْ َ‬ ‫‪o‬‬

‫باب استحباب طلب الدعاءِ من أهل الفضلِ‬ ‫‪o‬‬

‫بابُ ني الكلّفِ عن دعائه على نفسه وولده وخادمه وماله ونوها‬ ‫‪o‬‬

‫‪375‬‬
‫‪ o‬بابُ الدليل على أنّ دعاء السلم يُجاب بطلوبه أو غيه وأنه ل يستعجلُ‬
‫الِجابة‬

‫كتاب جامع الدّعوات‬

‫باب دعوات مهمة مستحبّة ف جيع الوقات‬

‫اعلم أن غرضنا بذا الكتاب ذكر دعواتٍ مهمّة مستحبّة ف جيع الوقات غي متصّة بوقت أو حال‬
‫مصوص‪..‬‬

‫ب واسعٌ جدا ل يكن استقصاؤهُ ول الِحاطة بعشاره‪ ،‬لكن أُشيُ إل أه ّم الهمّ من‬ ‫واعلم أن هذا البا َ‬
‫عيونه‪ .‬فأوّلُ ذلك الدعواتُ الذكوراتُ ف القرآن الت أخبَ اللّه سبحانه وتعال با عن النبياء صلواتُ‬
‫اللّه وسلمُه عليهم وعن الخيار وهي كثية معروفةٌ؛ ومن ذلك ما صحّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم أنه فعلَه أو علّمه غيَه؛ وهذا القسم كثي جدا تقدّم جلٌ منه ف البواب السابقة‪ ،‬وأنا أذك ُر منه‬
‫هنا جُملً صحيح ًة تُضمّ إل أدعية القرآن وما سبق‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫‪ 1/994‬روينا بالسانيد الصحيحة ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن النعمان بن‬
‫بشي رضي اللّه عنهما‪،‬‬

‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬الدّعا ُء ُهوَ العبادَة" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)1( .‬‬

‫‪ 2/995‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد جيد‪،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪ :‬كان رسول اللّه‬
‫ع ما سوى ذلك‪)2( .‬‬ ‫صلى اللّه عليه وسلم يَستحبّ الوامعَ من الدعاء ويد ُ‬

‫‪ 3/996‬وروينا ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‬

‫س َشيْءٌ أكْ َرمَ على اللّ ِه تَعال مِنَ الدّعاءِ"‪)3(.‬‬


‫عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪َ" :‬لْي َ‬

‫‪ 4/997‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب هريرة قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ‬
‫ستَجِيبَ اللّ ُه تَعال لَ ُه عنْدَ الشّدَائِ ِد وَالكُرَبِ فَ ْلُي ْكثِرِ الدّعاءَ ف الرّخاءِ"‪.‬‬
‫سَ ّرهُ أ ْن يَ ْ‬

‫(‪)4‬‬

‫‪376‬‬
‫‪ 5/998‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪ :‬كان أكثرُ دعا ِء النبّ‬
‫سَن ًة وَِقنَا عَذَابَ النّارِ"‪.‬‬
‫سَنةً وف الخِ َرةِ حَ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الّلهُمّ آتنا ف ال ّدنْيا حَ َ‬

‫زاد مسلم ف روايته قال‪ :‬وكان أنس إذا أرادَ أن يدعوَ بدعوة دعا با‪ ،‬فإذا أرادَ أن يدع َو بدعاء دعا با‬
‫فيه‪)5( .‬‬

‫‪ 6/999‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان‬
‫ك الُدَى والّتقَى وَال َعفَافَ وَال ِغنَى"‪)6(.‬‬
‫يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬

‫‪ 7/1000‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن طارق بن أشيم الشجعي الصحاب رضي اللّه عنه قال‪:‬‬

‫كان الرجل إذا أسلم علّمه النبّ صلى اللّه عليه وسلم الصلة‪ ،‬ث أمرَه أن يدعوَ بذه الكلمات "الّلهُ ّم‬
‫ا ْغفِرْ ل وَارْحَ ْمنِي وَاهْدِن وَعافِن وَارْزُقْن" وف رواية أُخرى لسلم عن طارق‪ :‬أنه سع النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم وأتاه رجل فقال‪ :‬يا رسول اللّه! كيف أقول حي أسألُ ربّي؟ قال‪ُ" :‬قلِ الّلهُ ّم اغْفرْ ل‬
‫جمَعُ لَكَ ُدنْياكَ وآخِ َرتَكَ"‪)7(.‬‬
‫وَارْحَمْن وَعافن وَارْزُقْن؛ فإ ّن َهؤُلءِ تَ ْ‬

‫‪ 8/1001‬وروينا فيه‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى‬
‫ف القُلُوبِ صَرّفْ ُقلُوبَنا على طاعَتِكَ"‪)8(.‬‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬الّلهُ ّم يا ُمصَرّ َ‬

‫‪ 9/1002‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪َ" :‬ت َعوّذُوا باللّ ِه مِنْ َجهْ ِد البَلءِ‪َ ،‬ودَ َركِ الشّقاءِ‪َ ،‬وسُوءِ ال َقضَاءِ‪َ ،‬وشَمَاَتةِ العْدَاءِ" وف رواية‬
‫ت أنا واحدة‪ ،‬ل أدري أيّتهنّ‪ ..‬وف رواية قال سفيان‪ :‬أشكّ‬ ‫عن سفيان أنه قال‪ :‬ف الديث ثلث‪ ،‬وزد ُ‬
‫أن زدتُ واحدة منها‪)9( .‬‬

‫‪ 10/1003‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬قال‪ :‬كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫لبْنِ وَالَ َر ِم وَالبُخْلِ‪ ،‬وأعُوذُ بِكَ مِ ْن عَذَابِ‬ ‫وسلم يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِك مِ َن العَجْ ِز وَالكَسَلِ وَا ُ‬
‫ال َقبْرِ‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ مِنْ ِفتَْن ِة الَحيَا وَالَماتِ" وف رواية "وَضَلَعِ ال ّديْ ِن َوغََلَبةِ الرّجالِ"‪.‬‬

‫(‪)10‬‬

‫قلت‪ :‬ضَلَع الدين‪ :‬شدّته وثقلُ حله‪ .‬والحيا والمات‪ :‬الياة والوت‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫‪ 11/1004‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص‪،‬عن أب بكر الصديق رضي‬
‫اللّه عنهم؛ أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ علّمن دُعاءً أدعُو به ف صَلت‪ ،‬قال‪" :‬قُلِ الّلهُمّ‬
‫ك أنْتَ‬
‫ت َنفْسِي ظُلْما َكثِيا وَل َي ْغفِرُ ال ّذنُوبَ إِ ّل أْنتَ فا ْغفِرْ ل َمغْفِ َر ًة مِ ْن ِعنْ ِدكَ‪ ،‬وَارْ َحمْن إنّ َ‬
‫إنّي ظَلَ ْم ُ‬
‫ال َغفُورُ الرّحِيمُ"‪)11(.‬‬

‫قلتُ‪ :‬روي كثيا بالثلثة‪ ،‬وكبيا بالوحدة‪ ،‬وقد قدّمنا بيانه ف أذكار الصلة‪ ،‬فيستحبّ أن يقول الداعي‬
‫كثيا كبيا‪ ،‬يمع بينهما‪ ،‬وهذا الدعاء وإن كان ورد ف الصلة فهو حسن نفيس صحيح فيُستحبّ ف‬
‫كل موطن‪ ،‬وقد جاء ف رواية "وف بيت"‪.‬‬

‫‪ 12/1005‬وروينا ف صحيحيهما‪ ،‬عن أب موسى الشعري رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم أنه كان يدعو بذا الدعاء‪" :‬الّلهُ ّم اغْفِرْ ل َخطِيئَت وَ َجهْلي وَإسْرَافِي ف أمْرِي‪ ،‬ومَا أْنتَ أعْلَ ُم بِهِ‬
‫ك ِعنْدِي؛ الّلهُمّ ا ْغفِرْ ل ما قَ ّد ْمتُ ومَا‬
‫ِمنّي؛ الّلهُ ّم اغْفِرْ ل َجدّي َوهَزْل َوخَطَئي َوعَمْدي وَكُلّ ذل َ‬
‫ت وَما أعَْلْنتُ وَما أْنتَ أعْلَ ُم بِ ِه ِمنّي‪ ،‬أْنتَ ا ُلقَ ّدمُ وأْنتَ ا ُلؤَخّ ُر وأنْتَ على ك ّل َشيْءٍ‬
‫ت َومَا أسْرَرْ ُ‬
‫أخّرْ ُ‬
‫قَدِيرٌ"‪)12(.‬‬

‫‪ 13/1006‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان‬
‫ت َومِ ْن شَ ّر مَا لَ ْم أعْمَلْ"‪)13(.‬‬
‫يقول ف دعائه‪" :‬الّلهُ ّم إنّي َأعُو ُذ بِكَ مِ ْن شَ ّر ما عَمِ ْل ُ‬

‫‪ 14/1007‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬كان دعاء رسول اللّه‬
‫ك وَجَمِيعِ‬
‫حوّ ِل عافيتك وَفَجْأةِ ِنقْ َمتِ َ‬
‫ك َوتَ َ‬
‫ك مِنْ َزوَا ِل ِنعْ َمتِ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫سُخْطِكَ"‪)14(.‬‬

‫‪ 15/1008‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه قال‪:‬ل أقول لكم إل كما‬
‫ج ِز وَالكَسَ ِل وَالُبْنِ‬
‫كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪ ،‬كان يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِكَ مِ َن العَ ْ‬
‫ت وَِليّها َو َموْلها‪،‬‬
‫ت َنفْسِي َت ْقوَاها‪ ،‬وَزَكّها أنْتَ َخيْرُ مَنْ زَكّاها‪ ،‬أْن َ‬ ‫ب ال َقبْرِ‪ ،‬الّلهُمّ آ ِ‬
‫وَالبُخْلِ وَالَ ّم َوعَذَا ِ‬
‫شبَعُ‪َ ،‬ومِنْ َدعْ َو ٍة ل يُسْتَجَابُ‬‫ب ل يَخْشَعُ‪ ،‬وَم ْن َن ْفسٍ ل تَ ْ‬
‫ك مِ ْن عِلْ ٍم ل َيْنفَعُ‪َ ،‬ومِنْ قَ ْل ٍ‬
‫الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫َلهَا" ‪)15(.‬‬

‫‪378‬‬
‫‪ 16/1009‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ك الُدَى وَالسّدادَ"‪)16(.‬‬
‫وسلم‪" :‬قُلِ الّل ُهمّ اهْدِن َوسَدّ ْدنِي" وف رواية‪" :‬الّلهُمّ إن أسألُ َ‬

‫‪ 17/1010‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪:‬جاء أعرابّ إل‬
‫النبّ صلى اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسولَ اللّه! علّمن كلما أقوله‪ ،‬قال‪ُ" :‬قلْ ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَحْ َدهُ ل‬
‫شَرِيكَ لَهُ‪ ،‬اللّهُ أكْبَرُ َكبِيا‪ ،‬وَالَمْدُ لِلّه َكثِيا‪ ،‬سُبْحانَ اللّهِ رَبّ العالَمِيَ‪ ،‬ل َحوْ َل وَل ُق ّوةَ إِلّ باللّ ِه العَزِيزِ‬
‫الَكيمِ‪ ،‬قال‪ :‬فهؤلء لرب فما ل؟ قال‪ :‬قُلِ الّلهُ ّم ا ْغفِرْ ل وَارْ َحمْن وَاهْدن وَارْزُ ْقنِي وَعافن" شكّ‬
‫الراوي ف "وعافن"‪)17(.‬‬

‫‪ 18/1011‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬كان رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ي اّلتِي فيها مَعاشِي‪،‬‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬الّل ُهمّ أصْلِحْ ل دِين الّذي ُهوَ ِعصْ َم ُة أمْرِي‪ ،‬وَأصْلِحْ ل ُدنْيا َ‬
‫وأصْلِحْ ل آ ِخ َرتِي الّت فيها مَعادي‪ ،‬وَا ْجعَ ِل الَياةَ زيا َدةً ل ف كُلّ َخيْرٍ‪ ،‬وَا ْجعَ ِل ا َلوْتَ را َحةً ل مِنْ كُلّ‬
‫شَرّ"‪)18(.‬‬

‫‪ 19/1012‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن رسولَ اللّه‬
‫ك أَنبْتُ‪َ ،‬وبِكَ‬
‫ت َوعََليْكَ َتوَكّ ْلتُ‪َ ،‬وإِلَيْ َ‬
‫ك أسَْل ْمتُ‪َ ،‬وبِكَ آ َمنْ ُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم كان يقول‪" :‬الّلهُمّ لَ َ‬
‫ت وَالِنّ وا ِلْنسُ‬ ‫ت الَ ّي الّذي َل يَمو ُ‬ ‫ص ْمتُ؛ الّلهُ ّم إنّي َأ ُعوْ ُذ ِبعِ ّزتِكَ ل إِلهَ إِلّ أْنتَ أ ْن تُضِلّن‪ ،‬أنْ َ‬
‫خا َ‬
‫يَمُوتُونَ"‪)19(.‬‬

‫‪ 20/1013‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬عن بُريدةَ رضي اللّه عنه؛‬

‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سع رجلً يقول‪ :‬اللّهمّ إن أسألك بأن أشه ُد أنك أنتَ اللّه ل إِلهَ‬
‫إِلّ أنتَ الح ُد الصمدُ الذي ل يلد ول يولد ول يكن له كفوا أحد‪ .‬فقال‪َ" :‬لقَ ْد سأْلتَ اللّ َه تَعال‬
‫بالسْمِ الّذي إذَا ُسئِ َل بِ ِه أعْطَى‪َ ،‬وإِذَا ُد ِعيَ أجابَ" وف رواية "َلقَ ْد سأْلتَ اللّ َه باسْمهِ العْظَمِ" قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)20( .‬‬

‫‪ 21/1014‬وروينا ف سنن أب داود والنسائي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أنه كان مع رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم جالسا ورجل يُصلّي ث دعا‪ :‬اللّهمّ إن أسألك بأنّ لكَ المدُ ل إِله إِلّ أنتَ النّانُ‬

‫‪379‬‬
‫بديعُ السّماواتِ والرض‪ ،‬يا ذا اللل والِكرام يا ح ّي يا قيّوم‪ .‬فقال النبّ صلى اللّه عليه وسلم‪َ" :‬لقَدْ‬
‫دَعا اللّ َه تَعال باسْم ِه العَظيمِ الّذي إذَا دُعيَ بهِ أجابَ‪َ ،‬وإِذَا ُسئِ َل بِهِ أعْطَى"‪)21(.‬‬

‫‪ 22/1015‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪ ،‬بالسانيد الصحيحة‪ ،‬عن‬
‫عائشة رضي اللّه عنها؛‬

‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كا َن يدعو بؤلء الكلماتِ‪" :‬الّل ُهمّ إن أعُو ُذ بِكَ مِنْ ِفتَْن ِة النّارِ َوعَذَابِ‬
‫النّارِ‪ ،‬وَم ْن شَرّ ال ِغنَى وَالفَقْرِ" هذا لفظ أب داود‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪)22( .‬‬

‫‪ 23/1016‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن زياد بن ِعلَقَة‪ ،‬عن عَمّه‪ ،‬وهو قُ ْطَبةُ بن مالك رضي اللّه‬
‫عنه قال‪:‬‬

‫ك مِ ْن ُمنْكَرَاتِ الخْلقِ وَالعْمالِ‪ ،‬وَال ْهوَاءِ"‬


‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ ب َ‬
‫قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)23( .‬‬

‫‪ 24/1017‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي والنسائي‪ ،‬عن َشكَل بن حُميد رضي اللّه عنه ـ‬
‫وهو بفتح الشي العجمة والكاف ـ قال‪:‬‬

‫ك مِ ْن شَ ّر سَ ْمعِي وَمنْ شَ ّر َبصَرِي‪َ ،‬ومِنْ‬


‫قلتُ‪ :‬يا رسولَ اللّه! علّمن دعاء‪ ،‬قال‪ُ" :‬قلِ الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫شَرّ لِسان‪َ ،‬ومِنْ شَرّ قَلْب وَم ْن شَ ّر َمِنيّي" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)24( .‬‬

‫‪ 25/1018‬وروينا ف كتاب أب داود والنسائي‪ ،‬بإسنادين صحيحي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛‬

‫لنُو ِن وَالُذَامِ‪َ ،‬وسَيّءِ‬


‫ص وَا ُ‬
‫ك مِ َن البَ َر ِ‬
‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِ َ‬
‫السْقامِ"‪)25(.‬‬

‫‪ 26/1019‬وروينا فيهما‪ ،‬عن أب اليَسَر الصحاب رضي اللّه عنه ـ وهو بفتح الياء الثناة تت‬
‫والسي الهملة‬

‫‪380‬‬
‫أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو "الّلهُمّ إن أعُو ُذ بِكَ مِ َن الَ ْدمِ‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ مِ َن التّ َردّي‪،‬‬
‫خبّ َطنِي الشّيْطا ُن عِنْ َد ا َلوْتِ؛ وأعُو ُذ بِكَ أ ْن أمُوتَ‬
‫ق وَالَ َرمِ‪ ،‬وَأعُو ُذ بِكَ أن َيتَ َ‬
‫ق وَالَ َر ِ‬
‫ك مِ َن الغَ َر ِ‬
‫وأعُو ُذ بِ َ‬
‫ك مُ ْدبِرا‪ ،‬وأعُو ُذ بِكَ أن أمُوتَ لَديغا" هذا لفظ أب داود‪ ،‬وف رواية له "وَالغَمّ"‪)26(.‬‬ ‫فِي َسبِيلِ َ‬

‫‪ 27/1020‬وروينا فيهما؛ بالِسناد الصحيح‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬كان رسولُ اللّه‬
‫ك مِ َن الِياَنةِ‬
‫س الضّجِيعُ‪ ،‬وَأعُو ُذ بِ َ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬الّلهُمّ إن أعو ُذ بِكَ م َن الوع فَإنّهُ بْئ َ‬
‫ستِ البطاَنةُ"‪)27(.‬‬
‫فإنّها ِبئْ َ‬

‫‪ 28/1021‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه؛أن مُكاتبا جاءه فقال‪ :‬إن عجزتُ‬
‫ت عَلمنيهنّ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم لو كا َن عَليكَ‬ ‫عن كتابت فأعنّي‪ ،‬قال‪ :‬أل أُعلّمُك كلما ٍ‬
‫ك عَمّ ْن ِسوَاكَ"‬
‫صيْرٍ َديْنا أدّاهُ عنك؟ ُقلِ‪" :‬الّلهُ ّم اكْفن بِحَللِكَ عَنْ حَرامِكَ‪ ،‬وَأ ْغنِن ِب َفضْلِ َ‬
‫مثلُ جبل ِ‬
‫قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)28( .‬‬

‫‪ 29/1022‬وروينا فيه‪ ،‬عن عمران بن الصي رضي اللّه عنهما؛أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم علّمَ‬
‫أباه حصينا كلمتي يدعو بما‪" :‬الّلهُمّ أْلهِ ْمنِي ُرشْدِي‪ ،‬وَأعِ ْذنِي مِ ْن َش ّر َنفْسِي" قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫حسن‪)29( .‬‬

‫‪ 30/1023‬وروينا فيهما‪ ،‬بإسناد ضعيف‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫ق َوسُوءِ الخْلقِ"‪)30(.‬‬ ‫عليه وسلم كان يقولُ‪" :‬الّلهُمّ إن أعُو ُذ بكَ منَ الشّقاقِ وَالنّفا ِ‬

‫‪ 31/1024‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن شهر بن حوشب‪ ،‬قال‪:‬قلتُ ُلمّ سلمة رضي اللّه عنها‪:‬‬
‫يا ُأمّ الؤمني! ما أكثرَ دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا كان عندكِ؟ قالت‪ :‬كان أكثرُ دعائه‪" :‬‬
‫ب َثبّت قَلْب على دِينكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)31( .‬‬ ‫يا ُمقَّلبَ القُلُو ِ‬

‫‪ 32/1025‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬كان رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫ث ِمنّي‪ ،‬ل إِلهَ إِ ّل أنْتَ‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬الّل ُهمّ عافن ف جَسَدِي‪ ،‬وَعافن ف َبصَرِي‪ ،‬وَا ْجعَلْ ُه الوَارِ َ‬
‫ش العَظِيمِ‪ ،‬وَالَ ْمدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِيَ"‪)32(.‬‬
‫ب العَ ْر ِ‬
‫الَلِيمُ الكَ ِريُ‪ُ ،‬سبْحانَ اللّه رَ ّ‬

‫‪ 33/1026‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫حبّكَ‪ ،‬وَالعَ َم َل الّذي‬
‫ب مَ ْن يُ ِ‬
‫ك وَ ُح ّ‬
‫كانَ مِنْ دُعاءِ دَاوُدَ صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬الّلهُمّ إن أسألُكَ ُحبّ َ‬

‫‪381‬‬
‫ل مِ ْن َنفْسِي وَأهْلِي وَم َن الَا ِء البا ِردِ" قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫ُيبَّلغُنِي ُحبّكَ؛ الّلهُمّ ا ْجعَلْ ُحبّكَ أ َحبّ إِ ّ‬
‫حسن‪)33( .‬‬

‫‪ 34/1027‬وروينا فيه‪ ،‬عن سعد بن أب وقاص رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ك إنّي ُكْنتُ مِنَ‬
‫وسلم‪َ " :‬د ْعوَةُ ذِي النّونِ إذْ دَعا َربّهُ وَ ُهوَ ف بَ ْط ِن الُوتِ‪ :‬ل إِلهَ إِلّ أْنتَ ُسبْحانَ َ‬
‫ع بِها َرجُ ٌل مُسْلِمٌ ف َشيْءٍ َقطّ إِلّ ا ْستَجابَ لَهُ" قال (‪ )34‬أبو عبد اللّه‪ :‬هذا‬ ‫الظالِمِيَ‪ ،‬فإنّهُ لَ ْم يَ ْد ُ‬
‫صحيح الِسناد‪.‬‬

‫‪ 35/1028‬وروينا فيه وف كتاب ابن ماجه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه؛أن رجلً جاء إل النبّ صلى‬
‫ي الدعاء أفضل؟ قال‪" :‬سَلْ َربّكَ العاِفَيةَ وَالُعافاةَ ف ال ّدنْيا‬ ‫اللّه عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسولَ اللّه! أ ّ‬
‫وال ِخ َرةِ‪ .‬ث أتاه ف اليوم الثان فقال‪ :‬يا رسولَ اللّه! أيّ الدعاء أفضل؟ فقال له مثل ذلك‪ .‬ث أتاه ف‬
‫اليوم الثالث فقال له مثل ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فإذَا ُأعْطِيتَ العاِفَيةَ ف ال ّدنْيا وُأعْطِيتَها ف الخرة َفقَدْ أفْلَحْت" قال‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)35( .‬‬

‫‪ 36/1029‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن العباس بن عبد الطلب رضي اللّه عنه قال‪:‬قلت‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه! علّمن شيئا أسأله اللّه تعال‪ ،‬قال‪" :‬سَلُوا اللّ َه العاِفَيةَ" فمكثت أياما ث جئت فقلت‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه! علّمن شيئا أسأله اللّه تعال‪ ،‬فقال‪" :‬يا َعبّاسُ‪ ،‬يا عَمّ َرسُول اللّهِ‪ ،‬سَلُوا اللّ َه العاِفَيةَ ف ال ّدنْيا‬
‫وال ِخرَة" قال الترمذي‪ :‬هذا حديث صحيح‪)36( .‬‬

‫‪ 37/1030‬وروينا فيه‪ ،‬عن أب أمامة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬دعا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ت بدعاءٍ كثيٍ ل نفظ منه شيئا‪ ،‬فقال‪" :‬أَلَ‬ ‫بدعاء كثي ل نفظ منه شيئا‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول اللّه! دعو َ‬
‫ك مُحَمّدٌ صلى اللّه عليه‬ ‫أدُّلكُ ْم ما يَجْ َمعُ ذلكَ كُلّهُ؟ َتقُولُ‪ :‬الّلهُمّ إن أسألُكَ مِنْ َخيْ ٍر ما سألَكَ منْ ُه نَِبيّ َ‬
‫ستَعا ُن َوعََليْكَ‬
‫وسلم‪َ ،‬وَنعُو ُذ بِكَ مِ ْن شَ ّر ما اسْتَعا َذ َك ِمنْهُ َنِبيّكَ ُمحَمّدٌ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وأنْتَ الُ ْ‬
‫البَلغُ‪ ،‬وَل َحوْ َل وَل ُق ّوةَ إِلّ باللّهِ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)37( .‬‬

‫‪ 38/1031‬وروينا فيه‪ ،‬عن أنس رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ألِظّوا‬
‫بِياذَا الَل ِل وَالِكْرامِ"‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫ورويناه ف كتاب النسائي‪ ،‬من رواية ربيعة بن عامر الصحاب رضي اللّه عنه‪ ،‬قال الاكم‪ :‬حديث‬
‫صحيح الِسناد‪)38( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬ألِظّوا بكسر اللم وتشديد الظاء العجمة‪ ،‬ومعناه‪ :‬الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها‪.‬‬

‫‪ 39/1032‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬‬

‫كان النبّ صلى اللّه عليه وسلم يدعو ويقول‪" :‬رَبّ أ ِعنّي وَل ُتعِ ْن عَليّ‪ ،‬وَاْنصُ ْرنِي وَل َتنْصُ ْر عََليّ‪،‬‬
‫ك شاكِرا‪ ،‬لَكَ‬ ‫ي وَانْصُ ْرنِي على مَ ْن َبغَى عَليّ‪ .‬رَبّ ا ْجعَ ْلنِي لَ َ‬ ‫وَا ْمكُرْ ل وَل تَ ْمكُرْ عَليّ‪َ ،‬ويَسّ ْر هُدَا َ‬
‫ك مُجِيبا أ ْو مُنيبا‪َ ،‬ت َقبّلْ َت ْوَبتِي‪ ،‬وَاغْسِلْ َح ْوبَت‪ ،‬وَأ ِجبْ َد ْعوَت‪،‬‬
‫ك مِ ْطوَاعا‪ ،‬إَِليْ َ‬
‫ذَاكِرا‪ ،‬لَكَ رَاهِبا‪ ،‬لَ َ‬
‫جتِي‪ ،‬وَاهْدِ َق ْلبِي‪َ ،‬وسَدّدْ لِسان‪ ،‬وَاسْلُ ْل سَخِي َمةَ َق ْلبِي" وف رواية الترمذي "أوّاها ُمنِيبا" قال‬ ‫َوثَّبتْ حُ ّ‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫قلتُ‪ :‬السخيمة بفتح السي الهملة وكسر الاء العجمة‪ ،‬وهي القد وجعها سخائم‪ ،‬هذا معن‬
‫السخيمة هنا‪.‬‬

‫وف حديث آخر "مَ ْن سَ ّل سَخِي َمتَهُ ف طَرِي ِق الُسْلِ ِميَ َفعََليْهِ َل ْعَنةُ اللّهِ" (‪)39‬‬

‫‪ 40/1033‬وروينا ف مسند الِمام أحد بن حنبل رحه اللّه وسنن ابن ماجه‪ ،‬عن عائشة رضي اللّه‬
‫عنها؛‬

‫ليْرِ كُلّهِ عاجِلِهِ وآ ِجلِهِ‪ ،‬ما عَلِ ْمتُ مِنْهُ‬ ‫أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال لا‪" :‬قُول الّلهُمّ إن أسألُكَ مِنَ ا َ‬
‫لّنةَ َومَا‬‫ت ِمنْهُ َومَا لَ ْم أعْلَمْ‪ ،‬وأسألُكَ ا َ‬ ‫وَما َل ْم أعْلَمُ‪ ،‬وأعُوذُ بِكَ مِنَ الشّرّ ُكلّهِ عاجله وآجِلهِ‪ ،‬ما عَلِ ْم ُ‬
‫ك مِ َن النّا ِر َومَا قَرّبَ إَِليْها مِنْ َقوْ ٍل أوْ عَ َملٍ‪ ،‬وأسألُكَ َخيْرَ ما‬‫قَرّبَ إَِليْها مِنْ َقوْ ٍل أوْ عَمَلٍ‪ ،‬وأعُو ُذ بِ َ‬
‫ك مُحَمّدٌ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وَ َأعُو ُذ بِكَ مِنْ شَ ّر ما اسْتَعا َذ َك ِمنْهُ َعبْ ُدكَ‬ ‫ك بِ ِه َعبْدُ َك وَ َرسُولُ َ‬
‫سألَ َ‬
‫جعَ َل عاِقبَتَهُ َرشَدا" (‪)40‬‬ ‫ك ما َقضَْيتَ ل مِ ْن أمْ ٍر أ ْن تَ ْ‬ ‫وَ َرسُولُكَ ُمحَمّدٌ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وأسألُ َ‬

‫‪ 42/1035‬وفيه‪ ،‬عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال‪:‬جاء رجلٌ إل رسول اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم فقال‪" :‬وَا ُذنُوبا ُه وَا ُذنُوباهُ! مرّتي أو ثلاثا‪ ،‬فقال له رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬قُلِ‬
‫الّلهُ ّم َم ْغفِ َرتُكَ أ ْوسَ ُع مِنْ ُذنُوب‪ ،‬وَرَ ْح َمتُكَ أ ْرجَى ِعنْدِي مِ ْن عَمَلي‪ ،‬فقالا‪ ،‬ث قال‪ :‬عُدْ‪ ،‬فعاد‪ ،‬ث قال‪:‬‬

‫‪383‬‬
‫عُدْ‪ ،‬فعاد‪ ،‬فقال‪ُ :‬قمْ َفقَ ْد ُغفِرَ لَكَ"‪ .)41(.‬ومعن مغفرتك أوسع من ذنوب أي إن ذنوب وإن‬
‫عظمت فمغفرتك أعظم منها‪ .‬وما أحسن قول الِمام الشافعي‪:‬‬

‫تعاظمن ذنب فلما قرنتُه * بعفوكَ رب كانَ عفوكَ أعظما‬

‫‪ 43/1036‬وفيه‪ ،‬عن أب أمامة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّ ِللّهِ‬
‫ل بِمَ ْن َيقُولُ يا أرْحَمَ الرّا ِحمِيَ‪ ،‬فَ َم ْن قالا ثلثا قالَ لَ ُه الَلَكُ‪ :‬إنّ أ ْرحَمَ الرّاحِميَ قَدْ‬
‫تَعال مَلَكا ُموَكّ ً‬
‫أ ْقبَلَ عََليْكَ فَسَلْ"‪)42(.‬‬

‫بابٌ ف آدابِ الدعاء‬

‫اعلم أن الذهب الختار الذي عليه الفقهاء والحدّثون وجاهي العلماء من الطوائف كلها من السلف‬
‫جبْ َلكُمْ} [غافر‪ ]60:‬وقال‬
‫واللف‪ :‬أن الدعاء مستحبّ‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬وَقالَ َرّبكُمُ ا ْدعُونِي أ ْستَ ِ‬
‫تعال‪{ :‬ا ْدعُوا َرّبكُمْ تَضَرّعا وَ ُخ ْفَيةً} [العراف‪ ]55 :‬واليات ف ذلك كثية مشهورة‪.‬‬

‫وأما الحاديث الصحيحة فهي أشهر من أن تُشهر‪ ،‬وأظهر من أن تُذكر‪ ،‬وقد ذكرنا قريبا ف الدعوات‬
‫ما به أبلغ كفاية‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫ف الناسُ ف أن الفضل الدعاء أم‬ ‫وروينا ف رسالة الِمام أب القاسم القشييّ رضي اللّه عنه قال‪ :‬اختل َ‬
‫السكوت والرضا؟ فمنهم من قال‪ :‬الدعاء عبادة للحديث السابق "الدّعا ُء ُهوَ العِبادَة" (‪ )43‬ولنّ‬
‫الدعاءَ إظها ُر الفتقار إل اللّه تعال‪ .‬وقالت طائفة‪ :‬السكوت والمودُ تت جريان الكم أتّ‪ ،‬والرضا با‬
‫سبق به القدر أول‪ .‬وقال قوم‪ :‬يكون صاحبُ دعاءٍ بلسانه ورضا بقلبه ليأتَ بالمرين جيعا‪.‬‬

‫قال القشيي‪ :‬والول أن يُقال‪ :‬الوقات متلفة؛ ففي بعض الحوال الدعاء أفضل من السكوت وهو‬
‫الدب‪ ،‬وف بعض الحوال السكوت أفضل من الدعاء وهو الدب‪ ،‬وإنا يُعرف ذلك بالوقت؛ فإذا‬
‫وجدَ ف قلبه إشارةً إل الدعاء‪ ،‬فالدعاءُ أول به؛ وإذا وجد إشارةً إل السكوت فالسكوتُ أتّ‪ .‬قال‪:‬‬
‫ويص ّح أن يُقال ما كان للمسلمي فيه نصيب‪ ،‬أو للّه سبحانه وتعال فيه حقّ‪ ،‬فالدعاء أول لكونه عبادة‪،‬‬
‫وإن كان لنفسك فيه حظّ فالسكوت أتّ‪ .‬قال‪ :‬ومن شرائط الدعاء أن يكون مطعمُه حللً‪ .‬وكان يي‬
‫بن معاذ الرازي رضي اللّه عنه يقول‪ :‬كيف أدعوك وأنا عاصٍ؟ وكيف ل أدعوك وأنت كري؟‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫ومن آدابه‪ :‬حضور القلب‪ ،‬وسيأت دليله إن شاء اللّه تعال‪ .‬وقال بعضُهم‪ :‬الراد بالدعاء إظها ُر الفاقة‪،‬‬
‫وإل فاللّه سبحانه وتعال يفعلُ ما يشاء‪.‬‬

‫ب الدعاء عشرة‪:‬‬
‫آدا ُ‬ ‫وقال الِمام أبو حامد الغزال ف الِحياء‪:‬‬

‫الول‪ :‬أن يترصّ َد الزمان الشريفة؛ كيوم َعرَفَة وشهر رمضان ويوم المعة والثلث الخي من الليل‬
‫ووقت السحار‪.‬‬

‫الثان‪ :‬أن يغتنمَ الحوالَ الشريفة؛ كحالة السجود‪ ،‬والتقاء اليوش‪ ،‬ونزول الغيث‪ ،‬وإقامة الصلة‬
‫وبعدَها‪ .‬قلتُ‪ :‬وحالة رقّة القلب‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬استقبالُ القبلة ورفعُ اليدين ويسحُ بما وجهه ف آخره‪.‬‬

‫ض الصوت بي الخافتة والهر‪.‬‬


‫الرابع‪ :‬خف ُ‬

‫الامس؛ أن ل يتكلّف السجعَ وقد فسّر به العتداء ف الدعاء‪ ،‬والول أن يقتصر على الدعوات‬
‫الأثورة‪ ،‬فما كل أحد يُحسن الدعاءَ فيخاف عليه العتداء‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬ادعُ بلسان الذلّة والفتقار‪،‬‬
‫ل بلسان الفصاحة والنطلق‪ ،‬ويُقال‪ :‬إن العلماء والبدال ل يزيدون ف الدعاء على سبع كلمات‬
‫ويشهد له ما ذكره اللّه سبحانه وتعال ف آخر سورة البقرة { َربّنا ل ُتؤَاخِذْنا} إل آخرها [البقرة‪:‬‬
‫‪ ]286‬ل يب سبحانه ف موضع عن أدعية عباده بأكثر من ذلك‪ .‬قلتُ‪ :‬ومثلهُ قول اللّه سبحانه وتعال‬
‫ف سورة إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم‪َ { :‬وإِذْ قالَ ِإبْرَاهِيمُ‪ :‬رَبّ ا ْجعَ ْل هَذَا البََلدَ آمِنا} إل آخره [‬
‫إبراهيم‪ .]35:‬قلتُ‪ :‬والختار الذي عليه جاهي العلماء أنه ل حجرَ ف ذلك‪ ،‬ول تُكرهُ الزياد ُة على‬
‫ب الِكثارُ من الدعاء مطلقا‪.‬‬ ‫السبع‪ ،‬بل يُستح ّ‬

‫ليْرَاتِ َويَ ْدعُونَنا‬


‫ع والشوعُ والرهبة‪ ،‬قال اللّه تعال‪{ :‬إّنهُ ْم كانُوا يُسا ِرعُونَ ف ا َ‬
‫السادس‪ :‬التض ّر ُ‬
‫َرغَبا وَ َرهَبا وكانُوا لَنا خا ِشعِيَ} [النبياء‪ ]90:‬وقال تعال‪{ :‬ا ْدعُوا َرّبكُ ْم َتضَرّعا وَ ُخ ْفَيةً} [العراف‪:‬‬
‫‪.]55‬‬

‫‪385‬‬
‫السابع‪ :‬أن يزمَ بالطلب ويُوقن بالِجابة ويصدقَ رجاءه فيها‪ ،‬ودلئلُه كثي ٌة مشهورة‪ .‬قال سفيان‬
‫بن عُيينة رحه اللّه‪ :‬ل ينعنّ أحدَكم من الدعاء ما يعلمُه من نفسه‪ ،‬فإن اللّه تعال أجاب شرّ الخلوقي‬
‫إبليس إذ {قال أنْظِ ْرنِي إل َيوْ ِم ُيْبعَثُونَ‪ .‬قالَ ِإنّكَ م َن ا ُلنْظَرِينَ} [العراف‪14 :‬ـ ‪.]15‬‬

‫الثامن‪ :‬أن يُلحّ ف الدعاء ويكرّره ثلثا ول يستبطىء الِجابة‪.‬‬

‫التاسع‪ :‬أن يفتتح الدعاء بذكر اللّه تعال‪ .‬قلتُ‪ :‬وبالصلة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد‬
‫المد للّه تعال والثناء عليه‪ ،‬ويتمه بذلك كله أيضا‪.‬‬

‫العاشر‪ :‬وهو أهّها والصل ف الِجابة‪ ،‬وهو التوب ُة وردّ الظال والِقبال على اللّه تعال‪.‬‬

‫فصل‪ :‬قال الغزال‪ :‬فإن قيل‪ :‬فما فائدة الدعاء مع أن القضاءَ ل مَ َردّ له؟ فاعلم أن من جلة القضاء‬
‫س سبب لدفع السلح‪ ،‬والاءُ‬ ‫ردّ البلء بالدعاء‪ ،‬فالدعاءُ سببٌ لر ّد البلء ووجود الرحة‪ ،‬كما أن التر َ‬
‫سببٌ لروج النبات من الرض؛ فكما أن الترسَ يدفع السه َم فيتدافعان‪ ،‬فكذلك الدعاءُ والبلء‪ ،‬وليس‬
‫حَتهُمْ}‬
‫من شرط العتراف بالقضاء أن ل يملَ السلح‪ ،‬وقد قال اللّه تعال‪{ :‬وَلْيَأخُذُوا حِ ْذ َرهُمْ وَأسِْل َ‬
‫[النساء‪ ]102:‬فقدّرَ اللّه تعال المرَ وقدّ َر سبَبه‪ .‬وفيه من الفوائد ما ذكرناه‪ ،‬وهو حضور القلب‬
‫والفتقار‪ ،‬وها ناية العبادة والعرفة‪ ،‬واللّه أعلم‪.‬‬

‫بابُ دعا ِء الِنسان وتوسّله بصالِ عملهِ إل اللّه تعال‬

‫‪ 1/1037‬روينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬حديث أصحاب الغار‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه‬
‫عنهما قال‪:‬‬

‫سعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬انْ َطلَ َق ثَلثَ ُة َنفَ ٍر مِمّنْ كان َقبَْلكُمْ حتّى آوَاهُ ُم الَبيتُ إل‬
‫ت عََلْيهِ ُم الغارَ‪ ،‬فَقالُوا‪ :‬إنّهُ ل ُينْجِيكُمْ مِ ْن هَ ِذهِ الصّخْ َرةِ‬
‫سدّ ْ‬
‫لبَلِ فَ َ‬‫صخْ َرٌة مِ َن ا َ‬
‫غارٍ فَدَ َخلُوهُ‪ ،‬فاْنحَدَرَتْ َ‬
‫إلّ أ ْن تَ ْدعُوا اللّ َه تَعال بصَالِ أعْماِلكُمْ‪ .‬قالَ َرجُ ٌل ِمْنهُمْ‪ :‬الّلهُ ّم إنّهُ كانَ ل أَبوا ِن َشيْخانِ َكبِيَانِ‪ ،‬و ُكنْتُ‬
‫ل أُ ْغبِقُ َقبَْلهُما أ ْهلً وَل مالً"‪ .‬وذكر تام الديث الطويل فيهم‪ ،‬وأن كلّ واحد منهم قال ف صال‬
‫ج َعنّا ما نَحْنُ فِيهِ" فانفرج ف دعوة كلّ واحدٍ‬ ‫عمله‪" :‬الّلهُ ّم إنْ ُكنْتُ قَدْ َفعَ ْلتُ ذلكَ اْبتِغاءَ َو ْجهِكَ َف َفرّ ْ‬
‫شيءٌ منها وانفرجتْ كلّها عقب دعوة الثالث "فخرجوا يشون"‬

‫‪386‬‬
‫(‪)44‬قلتُ‪ :‬أُغبق بضم المزة وكسر الباء‪ :‬أي أسقي‪.‬‬

‫وقد قال القاضي حسي من أصحابنا وغيه ف صلة الستسقاء كلما معناه‪ :‬أنه يُستحبّ لن وقعَ ف‬
‫شدّة أن يدعوَ بصال عمله‪ ،‬واستدلوا بذا الديث‪ ،‬وقد يُقال ف هذا شيء‪ :‬لن فيه نوعا من ترك‬
‫ب الدعاء الفتقار‪ ،‬ولكن ذكرَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم هذا‬ ‫الفتقار الطلق إل اللّه تعال‪ ،‬ومطلو ُ‬
‫الديث ثناءً عليهم‪ ،‬فهو دلي ٌل على تصويبه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وباللّه التوفيق‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ومن أحسن ما جاءَ عن السلف ف الدعاء؛ ما حُكي عن الوزاعيّ رحه اللّه تعال قال‪:‬‬
‫خرج الناسُ يستسقون‪ ،‬فقام فيهم بللُ بن سعد‪ ،‬فحمدَ اللّه تعال وأثن عليه ث قال‪ :‬يا معشر مَن‬
‫سنِي مِ ْن سَبيلٍ}‬
‫حضر! ألستم مقرّين بالِساءة؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬فقال‪ :‬اللّه ّم إنّا سعناك تقول‪{ :‬ما عَلى الحْ ِ‬
‫[التوبة‪ ]91:‬وقد أقررنا بالِساءة‪ ،‬فهل تكون مغفرتك إل لثلنا؟ اللّه ّم اغف ْر لنا وارحنا واسقنا‪ ،‬فرفع‬
‫يديه ورفعوا أيديهم فسُقوا‪ .‬وف معن هذا أنشدوا‪:‬‬

‫أنا الُذْنبُ الَطّا ُء والعف ُو واسعٌ * ولو ل يكنْ ذنبٌ لا وق َع العَ ْفوُ‬

‫س ِح الوَجْهِ بما‬
‫بابُ رَفعِ اليدين ف الدعا ِء ث مَ ْ‬

‫‪ 1/1038‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عمر بن الطاب رضي اللّه تعال عنه قال‪:‬كان رسولُ اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم إذا رفع يديه ف الدعاء ل يطّهما حت يسحَ بما وجهَه‪.‬‬

‫‪ 2/1039‬وروينا ف سنن أب داود عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم‬
‫نوه‪ ،‬وف إسناد كل واحد ضعفٌ‪ .‬وأما قول الافظ عبد الق رحه اللّه تعال‪ :‬إن الترمذي قال ف‬
‫الديث الوّل‪ :‬إنه حديث صحيح‪ ،‬فليس ف النسخ العتمدة من الترمذي أنه صحيح‪ ،‬بل قال‪ :‬حديث‬
‫غريب‪)45(.‬‬

‫ب تَكريرِ الدّعاء‬
‫باب استحبا ِ‬

‫‪ 1/1040‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‪:‬أنّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫وسلم كان يُعجبُه أن يدعوَ ثلثا‪ ،‬ويستغفرَ ثلثا‪)46( .‬‬

‫بابُ الثّ على حُضور القلب ف الدّعاء‬

‫‪387‬‬
‫اعلم أن مقصود الدعاء هو حضور القلب كما سبق بيانه‪ ،‬والدلئل عليه أكثر من أن تُحصر‪ ،‬والعلم به‬
‫أوضح من أن يذكر‪ ،‬لكن نتبّك بذكر حديث فيه‪.‬‬

‫‪ 1/1041‬روينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه تعال عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى‬
‫ستَجِيبُ دُعا ًء مِنْ قَ ْلبٍ‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬ا ْدعُوا اللّ َه وَأنْتُ ْم مُوِقنُو َن بالِجاَبةِ‪ ،‬وَاعْلَمُوا أنّ اللّه تَعال ل يَ ْ‬
‫غافِ ٍل لهٍ" إسنادُه فيه ضعف‪)47( .‬‬

‫بابُ فضلِ الدعاء بظهر الغيب‬

‫قال اللّه تعال‪{ :‬والّذِينَ جاؤُوا مِ ْن َبعْ ِدهِ ْم َيقُولُون‪َ :‬ربّنا ا ْغفِرْ َلنَا ولِخْوانِنا الّذين سََبقُونا بالِيَانِ} [‬
‫ي وَا ُلؤْمِناتِ} [ممد‪ ]19:‬وقال تعال إخبارا عن‬ ‫الشر‪ ]10:‬وقال تعال‪{ :‬وَا ْسَتغْفِرْ ِل َذنْبِك ولل ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ي َيوْ َم َيقُو ُم الِسابُ} [إبراهيم‪]41:‬‬ ‫إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم‪َ { :‬ربّنا ا ْغفِرْ ل وَِلوَالِدَيّ وِللْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ي وَلِمَنْ دَخَلَ بَْيِتيَ ُم ْؤمِنا‬
‫ب ا ْغفِرْ ل ولِوالِدَ ّ‬ ‫وقال تعال‪ :‬إخبارا عن نوح صلى اللّه عليه وسلم‪{ :‬رَ ّ‬
‫ي وَا ُل ْؤمِناتِ} [نوح‪.]28:‬‬ ‫وَللْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬

‫‪ 1/1042‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب الدرداء رضي اللّه تعال عنه؛أنه سعَ رسولَ اللّه صلى‬
‫ك بِ ِمثْلٍ" وف رواية‬ ‫اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬مَا مِ ْن َعبْ ٍد مُسْل ٍم يَ ْدعُو لخِي ِه بِ َظهْ ِر ال َغيْبِ إِلّ قَا َل الَلَكُ‪ :‬وَلَ َ‬
‫أخرى ف صحيح مسلم عن أب الدرداء أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول‪َ " :‬د ْع َوةُ الَرْءِ‬
‫ك ا ُلوَكّلُ‬ ‫خيْرٍ‪ ،‬قالَ الَلَ ُ‬‫ك ُموَكّلٌ كُلّما دَعا لخِي ِه بِ َ‬ ‫ستَجاَبةٌ‪ِ ،‬عنْدَ رأس ِه مَلَ ٌ‬ ‫ب مُ ْ‬‫الُسِْلمِ لخِي ِه بِ َظهْ ِر بال َغيْ ِ‬
‫ي وَلَكَ بِ ِمْثلِهِ" (‪)48‬‬ ‫بِهِ‪ :‬آ ِم َ‬

‫‪ 2/1043‬وروينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن ابن عمر رضي اللّه تعال عنهما؛أن رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬أسْ َرعُ الدّعاءِ إجاَبةً َد ْع َوةُ غاِئبٍ لِغائبٍ" ضعّفه الترمذي‪)49(.‬‬

‫س َن إليه‪ ،‬وصفة دُعائِه‬


‫بابُ استحباب الدعاءِ لن أَحْ َ‬

‫هذا الباب فيه أشياء كثية تقدمت ف مواضعها‪ .‬ومن أحسنها‪:‬‬

‫‪388‬‬
‫‪ 1/1044‬ما روينا ف الترمذي‪ ،‬عن أُسامة بن زيد رضي اللّه تعال عنهما‪ ،‬قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى‬
‫صنِعَ إَِليْهِ َمعْرُوفٌ فَقالَ لِفاعِلِهِ‪ :‬جَزَاكَ اللّهُ َخيْرا‪َ ،‬فقَ ْد أبَْلغَ ف الثّناءِ" قال الترمذي‪:‬‬
‫اللّه عليه وسلم‪" :‬مَن ُ‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫صنَعَ‬
‫وقد قدّمنا قريبا ف كتاب حفظ اللسان ف الديث الصحيح قوله صلى اللّه عليه وسلم‪َ " :‬ومَنْ َ‬
‫إَِليْكُ ْم َمعْرُوفا فَكاِفئُوهُ‪ ،‬فإنْ َل ْم تَجدُوا ما تُكاِفئُونَهُ فا ْدعُوا لَهُ حتّى تَ َروْا أّنكُمْ قَدْ كاف ْأتُمُوهُ"‪)50(.‬‬

‫ب منه‪ ،‬والدعاء ف‬
‫باب استحباب طلب الدعاءِ من أهل الفض ِل وإن كان الطالبُ أفضل من الطلو ِ‬
‫الواضعِ الشريفة‬

‫اعلم أن الحاديث ف هذا الباب أكثرُ من أن تُحصر‪ ،‬وهو مم ٌع عليه‪ ،‬ومن أدلّ ما يستدلّ به‪:‬‬

‫‪ 1/1045‬ما روينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن عمر بن الطاب رضي اللّه تعال عنه قال‪:‬‬

‫استأذنتُ النبّ صلى اللّه عليه وسلم ف العمرة‪ ،‬فأذنَ وقال‪" :‬ل َتنْسَنا يا أُ َخ ّي مِنْ دُعائِكَ" فقال كلمة ما‬
‫يسرّن أن ل با الدنيا‪ .‬وف رواية قال‪" :‬أشْرِكَنا يا أُ َخيّ ف دُعائِكَ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‬
‫صحيح‪ ،‬وقد ذكرناه ف أذكار السافر(‪)51‬‬

‫ب ني الكلّفِ عن دعائه على نفسه وولده وخادمه وماله ونوها‬


‫با ُ‬

‫‪ 1/1046‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن جابر رضي اللّه تعال عنه قال‪:‬قال رسولُ اللّه‬
‫سكُمْ‪ ،‬وَل تَ ْدعُوا على أوْلدِكُمْ‪ ،‬وَل تَ ْدعُوا على َخ َدمِكمْ‪ ،‬ول‬ ‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل تَ ْدعُوا على أنْفُ ِ‬
‫ب ِمْنكُمْ"‪.‬‬
‫ستَجا َ‬
‫تَ ْدعُوا على أ ْموَالِكُمْ‪ ،‬ل تُواِفقُوا مِنَ اللّ ِه ساعَ ًة ِنيْ َل فيها عَطاءٌ َفيُ ْ‬

‫ب فيها ويُعطى مطلوبَه‪.‬‬


‫قلتُ‪ :‬نيل بكسر النون وإسكان الياء‪ ،‬ومعناه‪ :‬ساعة إجابة يَنالُ الطال ُ‬

‫وروى مسلم هذا الديث ف آخر صحيحه وقال فيه‪" :‬ل تَ ْدعُوا على أْنفُسِكُ ْم وَل تَ ْدعُوا على أوْلدِ ُكمْ‪،‬‬
‫ستَجِيبَ َلكُمْ"‪.‬‬ ‫وَل تَ ْدعُوا على أ ْموَالِكُمْ‪ ،‬ل تُوافِقُوا مِنَ اللّ ِه َتعَال سا َع ًة يُسألُ فيها عَطاءٌ َفيَ ْ‬

‫(‪)52‬‬

‫بابُ الدليل على أنّ دعاء السلم يُجاب بطلوبه أو غيه وأنه ل يستعج ُل الِجابة‬

‫‪389‬‬
‫ك عِبادِي َعنّي فإن قَرِيبٌ ُأجِيبُ َد ْع َوةَ الدّاعِ إذَا دَعانِ} [البقرة‪]186:‬‬
‫قال اللّه تعال‪َ { :‬وإِذَا سألَ َ‬
‫جبْ َلكُمْ} [غافر‪.]60:‬‬ ‫وقال تعال‪{ :‬ا ْدعُونِي أسْتَ ِ‬

‫‪ 1/1047‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن عُبادة بن الصامت رضي اللّه تعال عنه‪:‬أن رسولَ اللّه‬
‫ض مُسْلِ ٌم يَ ْدعُو اللّ َه تَعال بِ َد ْعوَةٍ إ ّل آتاهُ اللّ ُه إيّاها‪ ،‬أوْ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ما على وَجْهِ ال ْر ِ‬
‫ع بإثْ ٍم أوْ قَطِي َعةِ رَحِمٍ" فقال رجل من القوم‪ :‬إذا نكثر‪ ،‬قال‪" :‬اللّه‬ ‫صَرَفَ عَنْ ُه مِنَ السّوءِ ِمثْلَها ما لَ ْم يَ ْد ُ‬
‫أكْثَرُ" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪ .‬ورواه الاكم أبو عبد اللّه ف الستدرك على الصحيحي من‬
‫رواية أب سعيد الدري‪ ،‬وزاد فيه "أ ْو يَدّ ِخرَ لَ ُه مِنَ الجْ ِر ِمثْلَها"‪)53(.‬‬

‫‪ 2/1048‬وروينا ف صحيحي البخاري ومسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه تعال عنه‪،‬عن النبّ صلى‬
‫جبْ ل"‪)54(.‬‬ ‫ستَ َ‬
‫ستَجَابُ ل َحدِكُمْ ما لَ ْم َيعْجَلْ َفيَقُولَ‪ :‬قَدْ َد َعوْتُ فَلَ ْم يُ ْ‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬يُ ْ‬

‫•كتاب الستغفار‬
‫باب الستغفار‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ما يتعلّق بالستغفار‬


‫ص ْمتِ َي ْومٍ إل الليل‬
‫بابُ النّهي عن َ‬ ‫‪o‬‬

‫‪ ‬فصل‪ :‬ف آخر ما قصدتُه من هذا الكتاب‬


‫‪ ‬الديث الول‬
‫‪ ‬الديث الثان‬
‫‪ ‬الديث الثالث‬
‫‪ ‬الديث الرابع‬
‫‪ ‬الديث الامس‬
‫‪ ‬الديث السادس‬
‫‪ ‬الديث السابع‬
‫‪ ‬الديث الثامن‬
‫‪ ‬الديث التاسع‬
‫‪ ‬الديث العاشر‬
‫‪ ‬الديث الادي عشر‬

‫‪390‬‬
‫الديث الثان عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث الثالث عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث الرابع عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث الامس عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث السادس عشر‬ ‫‪‬‬

‫السابع عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث الثامن عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث التاسع عشر‬ ‫‪‬‬

‫الديث العشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الادي والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الثان والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الثالث والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الرابع والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الامس والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث السادس والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث السابع والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الثامن والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث التاسع والعشرون‬ ‫‪‬‬

‫الديث الثلثون‬ ‫‪‬‬

‫خاتة‬ ‫‪‬‬

‫كتاب الستغفار‬

‫باب الستغفار‬

‫اعلم أن هذا الكتاب من أه ّم البواب الت يعتن با ويافظ على العمل به‪ .‬وقصدت بتأخيه التفاؤلَ بأن‬
‫يتم اللّه الكري لنا به‪ ،‬نسأله ذلك وسائر وجوه الي ل ولحبائي وسائر السلمي آمي‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫شيّ وَا ِلبْكارِ} [غافر‪ ]55 :‬وقال تعال‪{ :‬‬ ‫ك بالعَ ِ‬
‫حمْدِ َربّ َ‬ ‫قال اللّه تعال‪{ :‬وَاسَْت ْغفِرْ لِ َذْنبِكَ َوسَبّ ْح بِ َ‬
‫وَا ْسَت ْغفِرْ لِ َذْنبِكَ وَل ْل ُم ْؤ ِمنِيَ وا ُل ْؤمِناتِ} [ممد‪ ]19:‬وقال تعال‪{ :‬وَا ْسَتغْفِرُوا اللّ َه إنّ اللّ َه كا َن غَفُورا‬
‫حتِها النارُ خالِدِينَ‬ ‫ت تَجْرِي مِنْ تَ ْ‬ ‫رَحِيما} [النساء‪ ]106:‬وقال تعال‪{ :‬لِلّذي َن اّتقَوْا عِنْدَ َرِبهِمْ َجنّا ٌ‬
‫ضوَانٌ مِنَ اللّهِ‪ ،‬وَاللّ ُه َبصِيٌ بالعِبادِ‪ ،‬الّذي َن َيقُولُونَ َربّنا آ َمنّا فا ْغفِرْ لَنا ُذنُوبَنا وَقِنا‬ ‫ج مُ َطهّ َرةٌ وَرِ ْ‬ ‫فِيها وأ ْزوَا ٌ‬
‫ي وَالُسَْت ْغفِرِينَ بالسحَارِ} [آل عمران‪15:‬ـ ‪]17‬‬ ‫ي وَا ُلنْ ِفقِ َ‬
‫ي وَالقانِتِ َ‬‫عَذَابَ النّارِ‪ ،‬الصّابِرِي َن وَالصّادِقِ َ‬
‫سَت ْغفِرُونَ} [النفال‪]33:‬‬ ‫وقال تعال‪{ :‬وَما كانَ اللّهُ ِلُيعَ ّذَبهُ ْم وَأنْتَ فِيهِ ْم وَما كانَ اللّ ُه ُمعَ ّذَبهُ ْم َوهُمْ يَ ْ‬
‫سهُمْ ذَكَرُوا اللّ َه فا ْسَتغْفَرُوا لِ ُذنُوِبهِمْ‪َ ،‬ومَ ْن َي ْغفِرُ‬ ‫ش ًة أوْ ظََلمُوا أْنفُ َ‬ ‫وقال تعال‪{ :‬وَالّذينَ إذَا َفعَلُوا فاحِ َ‬
‫ال ّذنُوبَ إِلّ اللّهُ؟ وَلَ ْم ُيصِرّوا على ما َف َعلُوا َوهُ ْم َيعْلَمُونَ} [آل عمران‪ ]135 :‬وقال تعال‪َ { :‬ومَنْ‬
‫سَت ْغفِرِ اللّ َه يَجِدِ اللّ َه َغفُورا رَحِيما} [النساء‪ ]110 :‬وقال تعال‪{ :‬‬ ‫َيعْمَ ْل سُوءا أ ْو يَظِْل ْم َنفْسَهُ ثُ ّم يَ ْ‬
‫وأ ِن اسَْت ْغفِرُوا َربّكُ ْم ثُ ّم تُوبُوا إَِليْهِ‪ }..‬الية [هود‪ ،]3:‬وقال تعال إخبارا عن نوح صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫{َفقُ ْلتُ ا ْسَتغْفِرُوا َرّبكُ ْم إنّهُ كا َن َغفّارا} [نوح‪ ]10 :‬وقال تعال حكاية عن هود صلى اللّه عليه‬
‫وسلم‪َ { :‬ويَا َق ْومِ ا ْسَتغْفِرُوا َرّبكُ ْم ثُ ّم تُوبُوا إَليْهِ‪ }..‬الية [هود‪ ،]52:‬واليات ف الستغفار كثية‬
‫معروفة‪ ،‬ويصل التنبيه ببعض ما ذكرناه‪.‬‬

‫وأما الحاديث الواردة ف الستغفار فل يكن استقصاؤها‪ ،‬لكن أُشي إل أطراف من ذلك‪.‬‬

‫‪ 1/1049‬روينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن الغرّ الزنّ الصحابّ رضي اللّه تعال عنه‪:‬أن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم قال‪" :‬إنّهُ َليُغانُ على َق ْلبِي‪ ،‬وإن َل ْسَت ْغفِرُ اللّهَ ف الَي ْومِ ِمئَة مَ ّرةٍ"‪)1(.‬‬

‫‪ 2/1050‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬سعتُ رسول اللّه صلى اللّه‬
‫ي َمرّة"‪()2(.‬البخاري (‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬واللّه إنّي َل ْسَت ْغفِرُ اللّ َه وأتُوبُ إلَيهِ فِي اليَ ْو ِم أكثَ َر مِن َسبْعِ َ‬
‫‪ ، )6307‬والترمذي (‪(" )3255‬البخاري (‪ ، )6307‬والترمذي (‪(" )3255‬البخاري (‬
‫‪ ، )6307‬والترمذي (‪(" )3255‬البخاري (‪ ، )6307‬والترمذي (‪(" )3255‬البخاري (‬
‫‪ ، )6307‬والترمذي (‪(")3255‬البخاري (‪ ، )6307‬والترمذي (‪)3255‬‬

‫‪ 3/1051‬وروينا ف صحيح البخاري أيضا‪ ،‬عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه‬
‫عليه وسلم قال‪َ " :‬سيّ ُد السْتغْفا ِر أنْ يقُو َل العَبْدُ‪ :‬الّلهُ ّم أْنتَ َربّي ل إِلهَ إِلّ َأْنتَ خََل ْقَتنِي وأنا َعبْ ُدكَ‪ ،‬وأنا‬
‫ك ِبِنعْ َمتِكَ عل ّي وأبُو ُء بِ َذنْب‪،‬‬
‫صنَ ْعتُ‪ ،‬أبُوءُ لَ َ‬
‫ك مِ ْن شَرّ مَا َ‬‫على َعهْ ِد َك َو َوعْدِ َك ما اسْتَ َط ْعتُ‪ ،‬أَعُو ُذ بِ َ‬

‫‪392‬‬
‫سيَ َف ُهوَ مِنْ‬
‫ت مِ ْن َي ْومِهِ َقبْلَ أ ْن يُمْ ِ‬
‫فا ْغفِرْ ل فإنّ ُه ل َي ْغفِرُ ال ّذنُوبَ إِ ّل أنْتَ؛ مَنْ قَاَلهَا بالنّها ِر مُوقِنا بِها فَمَا َ‬
‫لنّةِ"‪)3(.‬‬ ‫لّنةِ‪َ ،‬ومَنْ قَاَلهَا مِنَ الّليْ ِل َو ُه َو موقِن با َفمَاتَ َقبْ َل أنْ ُيصْبحَ َف ُهوَ مِ ْن أهْ ِل ا َ‬‫َأهْلِ ا َ‬

‫قلت‪ :‬أبوء بضم الباء وبعد الواو هزة مدودة‪ ،‬ومعناه‪ :‬أق ّر وأعترف‪.‬‬

‫‪ 4/1052‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي وابن ماجه‪،‬عن ابن عمر رضي اللّه تعال عنهما‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ب اغْفِرْ ل َوُتبْ عََل ّي إنّكَ أْنتَ‬
‫كنّا نعدّ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ف الجلس الواحد ِمَئةَ مرّة‪" :‬ر ّ‬
‫الّتوّابُ الرّحيمُ" قال الترمذي‪ :‬حديث صحيح‪)4( .‬‬

‫‪ 5/1053‬وروينا ف سنن أب داود وابن ماجه‪ ،‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪:‬قال رسولُ اللّه‬
‫خرَجا َومِنْ كُ ّل هَمّ َفرَجا‪ ،‬وَرَزَقَهُ‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ َل ِزمَ ال ْستِغْفارَ َجعَلَ اللّهُ لَهُ مِنْ كُلّ ضِي ٍق مَ ْ‬
‫حتَسِبُ"‪)5(.‬‬‫مِنْ َحْيثُ ل َي ْ‬

‫‪ 6/1054‬وروينا ف صحيح مسلم‪ ،‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫سَتغْفِرُونَ اللّ َه تَعال َفيَغفِرُ‬
‫وسلم‪" :‬وَالّذي َنفْسِي ِبيَ ِدهِ َلوْ لَمْ تُ ْذنِبُوا َل َذهَبَ اللّ ُه ِبكُمْ‪َ ،‬ولَاءَ ِب َق ْومٍ يُ ْذِنبُونَ َفيَ ْ‬
‫َلهُمْ"‪)6(.‬‬

‫‪ 7/1055‬وروينا ف سنن أب داود‪ ،‬عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه تعال عنه؛أن رسول اللّه صلى‬
‫اللّه عليه وسلم كان يُعجبه أن يدع َو ثلثا‪ ،‬ويستغف َر ثلثا‪ .‬وقد تقدم هذا الديث قريبا ف جامع‬
‫الدعوات(‪)7‬‬

‫‪ 8/1056‬وروينا ف كتاب أب داود والترمذي‪ ،‬عن مول لب بكر الصديق رضي اللّه تعال عنه قال‪:‬‬

‫ي مَ ّرةً" قال الترمذي‪:‬‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما أصَ ّر مَ ِن ا ْستَ ْغفَ َر وَإنْ عادَ ف الَيوْ ِم َسْبعِ َ‬
‫ليس إسناده بالقويّ‪)8( .‬‬

‫‪ 9/1057‬وروينا ف كتاب الترمذي‪ ،‬عن أنس رضي اللّه تعال عنه قال‪:‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬قالَ اللّ ُه تَعال‪ :‬يا بْنَ آ َدمَ! إّنكَ ما َد َع ْوتَنِي وَ َر َج ْوتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ما كا َن منْكَ وَ ل‬
‫ك عَنانَ السّما ِء ثُ ّم اسَْت ْغفَ ْرَتنِي َغفَرْتُ لَكَ‪ ،‬يابْنَ آ َدمَ! َل ْو أتَْيَتنِي ِبقُرَابِ‬
‫أُبال‪ ،‬يا بْنَ آ َدمَ! َل ْو بََل َغتْ ُذنُوبُ َ‬
‫ك ِبقُرَابِها َم ْغفِ َرةً" قال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪)9( .‬‬ ‫ال ْرضِ خَطايَا ثُ ّم أتَْيَتنِي ل تُشْ ِر ُك بِي َشيْئا َلَتيْتُ َ‬

‫‪393‬‬
‫قلت‪ :‬عنان السماء بفتح العي‪ :‬وهو السحاب‪ ،‬واحدتا عنانة؛ وقيل العنان‪ :‬ما عنّ لك منها‪ ،‬أي ما‬
‫اعترضَ وظهر لك إذا رفعت رأسك‪ .‬وأما قراب الرض فروي بضم القاف وكسرها‪ ،‬والضم هو‬
‫الشهور‪ ،‬ومعناه‪ :‬ما يُقارب ِم ْلئَها‪ ،‬ومّن حكى كسرها صاحب الطالع‪.‬‬

‫‪ 10/1058‬وروينا ف سنن ابن ماجه‪ ،‬بإسناد جيد عن عبد اللّه بن بُسْ ٍر ـ بضم الباء وبالسي‬
‫الهملة ـ رضي اللّه تعال عنه قال‪:‬‬

‫صحِيفَتِ ِه اسِْتغْفارا َكثِيا"‪)10(.‬‬


‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬طُوبَى ِلمَ ْن وَجَدَ ف َ‬

‫‪ 11/1059‬وروينا ف سنن أب داود والترمذي‪ ،‬عن ابن مسعود رضي اللّه تعال عنه‪ ،‬قال‪:‬قال‬
‫رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مَنْ قالَ‪ :‬أسَْت ْغفِرُ اللّ َه الّذي ل إِلهَ إِلّ ُه َو الَ ّي القَيّومَ وأتُوبُ إِليْهِ‪،‬‬
‫ُغفِرَتْ ُذنُوبُهُ وَإنْ كَانَ قَدْ َف ّر مِنَ الزّ ْحفِ" قال الاكم‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط البخاري‬
‫ومسلم‪)11( .‬‬

‫قلتُ‪ :‬وهذا الباب واسع جدا‪ ،‬واختصاره أقرب إل ضبطه‪ ،‬فنقتصر على هذا القدر منه‪.‬‬

‫فصل‪ :‬وما يتعلّق بالستغفار ما جاء عن الرّبيع بن ُخَثيْم رضي اللّه تعال عنه قال‪ :‬ل يقلْ أحدُكم‪:‬‬
‫ب عليّ‪ ،‬وهذا الذي‬
‫أستغفر اللّه وأتوب إليه فيكون ذنبا وكذبا إن ل يفعل‪ ،‬بل يقولُ‪ :‬اللّهمّ اغفر ل وتُ ْ‬
‫قاله من قوله‪ :‬اللّه ّم اغفر ل وتب عليّ حسن‪.‬‬

‫ب مغفرتَه‪ ،‬وليس ف‬
‫وأما كراهيته أستغفرُ اللّه وتسميته كذبا فل نُوافق عليه‪ ،‬لن معن أستغفرُ اللّه أطل ُ‬
‫هذا كذب‪ ،‬ويكفي ف ردّه حديث ابن مسعود الذكور قبله‪.‬‬

‫وعن الفُضيل رضي اللّه تعال عنه‪ :‬استغفا ٌر بل إقلع توب ُة الكذّابي‪ ،‬ويُقاربه ما جا َء عن رابعة العدوية‬
‫رضي اللّه تعال عنها قالت‪ :‬استغفارُنا يتاجُ إل استغفار كثي‪.‬‬

‫ض العراب أنه تعلّ َق بأستار الكعبة وهو يقول‪ :‬اللّهمّ إن استغفاري مع إصراري لؤم‪ ،‬وإن تركي‬ ‫وعن بع ِ‬
‫ل بالنعم مع غِناكَ عن‪ ،‬وَأتََب ّغضُ إليك بالعاصي‬
‫حّببُ إ ّ‬
‫سعَة عفوك لعجز‪ ،‬فكم تَتَ َ‬
‫الستغفارَ مع علمي ب َ‬
‫مع فقري إليك‪ ،‬يا مَن إذا وَع َد وَفّى‪ ،‬وإذا توعّ َد تاوز وعفا‪ ،‬أدخلْ عظيمَ جُرمي ف عظيم عفو َك يا‬
‫أرحم الراحي‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫ص ْمتِ َي ْومٍ إل الليل‬
‫بابُ النّهي عن َ‬

‫‪ 1/1060‬روينا ف سنن أب داود‪ ،‬بإسناد حسن‪ ،‬عن عليّ رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬حفظتُ عن رسول‬
‫اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ل ُيتْم(‪(()12‬ل يُتْم‪ :‬بسكون التاء‪ .‬يعن أنه إذا احتلم ل تر عليه أحكام‬
‫صغار اليتام)) "((ل يُتْم‪ :‬بسكون التاء‪ .‬يعن أنه إذا احتلم ل تر عليه أحكام صغار اليتام)) "((ل ُيتْم‪:‬‬
‫بسكون التاء‪ .‬يعن أنه إذا احتلم ل تر عليه أحكام صغار اليتام)) "((ل ُيتْم‪ :‬بسكون التاء‪ .‬يعن أنه إذا‬
‫احتلم ل تر عليه أحكام صغار اليتام)) "‬

‫ت َي ْومٍ إل الّليْلِ"‪)13(.‬‬
‫عْدَ ا ْحتِلم‪ ،‬وَل صُما َ‬

‫وروينا ف معال السنن للِمام أب سليمان الطاب رضي اللّه عنه قال ف تفسي هذا الديث‪ :‬كان أهل‬
‫ت ول ينطق‪ ،‬فنُهوا‪ :‬يعن ف‬
‫ف اليومَ والليلة فيصم ُ‬
‫الاهلية من نُسْكهم الصّماتُ‪ ،‬وكان أحدُهم يعتك ُ‬
‫الِسلم عن ذلك‪ ،‬وأُمروا بالذكر والديث بالي‪.‬‬

‫‪ 2/1061‬وروينا ف صحيح البخاري‪ ،‬عن قيس بن أب حازم رحه اللّه قال‪:‬دخل أبو بكر الصديق‬
‫س يُقال لا زينب فرآها ل تتكلم‪ ،‬فقال‪ :‬ما لا ل تتكلم؟ فقالوا‪:‬‬
‫رضي اللّه عنه على امرأة من أحْ َم َ‬
‫جتْ ُمصْ ِمَتةً‪ ،‬فقال لا‪ :‬تكلمي فإن هذا ل يَحِلّ‪ ،‬هذا من عمل الاهلية‪ ،‬فتكلّمتْ‪)14( .‬‬ ‫َح ّ‬

‫الحاديث الت عليها مدار السلم‬

‫فصل‪ :‬ف آخر ما قصدتُه من هذا الكتاب‪ ،‬وقد رأيتُ أن أضمّ إليه أحاديث تتمّ ماس ُن الكتاب با‬
‫إن شاء اللّه تعال‪ ،‬وهي الحاديث الت عليها مدارُ الِسلم (‪ ، )15‬وقد اختلفَ العلما ُء فيها اختلفا‬
‫منتشرا‪ ،‬وقد اجتم َع مِن تداخل أقوالم مع ما ضممتُه إليها ثلثون حديثا‪.‬‬

‫‪ 1062‬الديث الول‪ :‬حديثُ عمر بن الطاب رضي اللّه عنه‪":‬إنّمَا العْما ُل بالّنيّاتِ" وقد سبق‬
‫بيانَه ف أول هذا الكتاب‪)16(.‬‬

‫‪ 1063‬الديث الثان‪ :‬عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‪:‬قالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬‬
‫س ِمنْهُ َف ُهوَ َردّ" رويناه ف صحيحي البخاري ومسلم‪)17( .‬‬‫مَنْ أحْدَثَ ف أمْ ِرنَا هَذَا ما َلْي َ‬

‫‪395‬‬
‫‪ 1064‬الثالث‪ :‬عن النعمان بن بشي رضيَ اللّه عنهما قال‪:‬سعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫شَتبِهاتٌ ل َيعَْل ُمهُنّ َكثِيٌ مِ َن النّاسِ‪ ،‬فَمَ ِن اّتقَى‬
‫وسلم يقول‪" :‬إ ّن الَللَ َبيّ ٌن وَإنّ الَرَامَ بَيّنٌ‪َ ،‬وَبْينَهُما مُ ْ‬
‫شبُهاتِ وَقَعَ ف الَرَامِ‪ ،‬كالرّاعي َي ْرعَى َحوْ َل الِمَى‬ ‫ت اسْتَبأ لِدِينِهِ َوعِرْضِهِ‪َ ،‬ومَ ْن وَقَعَ ف ال ّ‬‫الشّبُها ِ‬
‫ك أنْ َي ْرتَعَ فِيهِ‪ ،‬أ َل وإنّ ِلكُ ّل مَلِكٍ حِمىً‪ ،‬ألَ وَإنّ حِمَى اللّ ِه تَعال مَحَا ِرمُهُ‪ ،‬أل وَإنّ ف الَسَدِ‬ ‫يُوشِ ُ‬
‫سدَتْ فَسَ َد الَسَدُ كُلّهُ أ َل َوهِ َي القَ ْلبُ" رويناه ف‬ ‫حتْ صَلَ َح الَسَدُ كُلّهُ‪َ ،‬وِإذَا فَ َ‬ ‫ُمضْ َغةً إذَا صََل َ‬
‫صحيحيهما‪)18( .‬‬

‫‪ 1065‬الرابع‪ :‬عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬حدّثنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو‬
‫ي َي ْومَا نُ ْط َفةً‪ ،‬ثُ ّم َيكُو ُن عََل َقةً ِمثْلَ ذلكَ‪،‬‬
‫جمَعُ َخ ْلقُهُ ف بَطْنِ ُأمّهِ أَ ْرَبعِ َ‬
‫الصادق الصدوق‪" :‬إنّ أحَدَكُ ْم يُ ْ‬
‫ض َغ ًة ِمثْلَ ذلكَ‪ ،‬ثُ ّم يُ ْرسَ ُل الَلَكُ َفَينْفُخُ فِيهِ الرّوحَ‪َ ،‬ويُ ْؤمَ ُر بأ ْربَعِ كَلِماتٍ‪ :‬بِ َكتْب ِرزْقِ ِه وَأجَلِهِ‬ ‫ثُ ّم َيكُونُ ُم ْ‬
‫َوعَمَلِ ِه َو َشقِيّ َأ ْو َسعِيدٍ‪َ ،‬فوَالّذي ل إِل َه غَيْ ُر ُه إنّ أحَدَكُمْ َلَيعْمَ ُل ِبعَمَ ِل أهْ ِل الَّنةِ حتّى ما َيكُونُ َبْينَهُ َوَبْينَها‬
‫إلّ ذِرَاعٌ َفيَسْبِ ُق عََليْ ِه الكِتابُ َفَيعْمَ ُل ِبعَمَ ِل أهل النّارِ في ْدخُلُها‪ ،‬وَإنّ أ َحدَكُمْ َلَيعْمَ ُل ِبعَمَ ِل أهْ ِل النّارِ َحتّى‬
‫لّنةِ َفيَ ْدخُلُها" رويناه ف‬ ‫سبِ ُق عََليْهِ الكِتابُ َفَيعْمَ ُل ِبعَمَلِ أه ِل ا َ‬ ‫ما يَكُونُ َبْينَهُ وَبْينَها إِلّ ِذرَاعٌ َفيَ ْ‬
‫صحيحيهما‪)19( .‬‬

‫‪ 1066‬الامس‪ :‬عن السن بن عليّ رضي اللّه عنهما‪ ،‬قال‪َ :‬حفِظتُ من رسولِ اللّه صلى اللّه‬
‫ع ما يَرِيبُكَ إل ما ل يَرِيبُكَ" رويناه ف الترمذي واننسائي‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫عليه وسلم‪َ " :‬د ْ‬
‫صحيح‪ .‬قوله يَريبك بفتح الياء وضمّها لغتان‪ ،‬والفتح أشهر‪)20( .‬‬

‫‪ 1067‬السادس‪ :‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬مِنْ‬
‫حُسْ ِن إسْلمِ الَرْ ِء تَرْكُ ُه ما ل َي ْعنِيهِ" رويناه ف كتاب الترمذي وابن ماجه‪ ،‬وهو حسن‪.‬‬

‫‪ 1068‬السابع‪ :‬عن أنس رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬ل ُي ْؤمِنُ أحَدُكُمْ‬
‫حبّ لخِي ِه ما يُحبّ ِلَنفْسِهِ" رويناه ف صحيحيهما‪)21( .‬‬
‫حتّى ُي ِ‬

‫‪ 1069‬الثامن‪ :‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬إنّ اللّ َه‬
‫ي بِمَا أمَ َر بِهِ الُ ْر َسلِيَ‪ ،‬فَقا َل تَعال‪{ :‬يا أّيهَا ال ّرسُلُ‬ ‫ب ل يَ ْقبَلُ إِ ّل طَيّبا‪ ،‬وَإنّ اللّ َه تَعال أمَ َر الُ ْؤ ِمنِ َ‬
‫تَعال طَّي ٌ‬
‫ت وَاعْ َملُوا صَالِحا إنّي بِما َتعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [الؤمنون‪ ]51:‬وَقالَ تعال‪{ :‬يا أيّها الّذِينَ‬ ‫كُلُوا مِنَ الطّيّبا ِ‬
‫آ َمنُوا كُلُوا مِ ْن َطيّباتِ مَا رَزَ ْقنَاكُمْ} [البقرة‪ ]172:‬ثُمّ ذَكَرَ الرّ ُج َل يُطِيلُ السّفَ َر أشْعث أ ْغبَ َر يَمُ ّد يَ َديْهِ‬

‫‪396‬‬
‫ستَجابُ‬
‫إل السّماءِ‪ :‬يا رَبّ يا رَبّ‪َ ،‬ومَ ْطعَمُهُ حَرَا ٌم َومَشْ َربُهُ حَرَا ٌم َومَ ْلبَسُهُ حَرَا ٌم َوغُذِي بالَرَامِ‪ ،‬فأنّى يُ ْ‬
‫لِذَلِكَ؟" رويناه ف صحيح مسلم‪)22( .‬‬

‫ن وغيه‬
‫ضرَ َر وَل ضِرَارَ" رويناه ف الوطأ مرسلً‪ ،‬وف سنن الدارقط ّ‬
‫‪ 1070‬التاسع‪ :‬حديث "ل َ‬
‫من طرق متصلً‪ ،‬وهو حسن‪)23( .‬‬

‫‪ 1071‬العاشر‪ :‬عن تيم الداري رضي اللّه عنه‪:‬أن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬الدّين‬
‫ي وَعامِّتهِم" رويناه ف مسلم‪)24( .‬‬‫حةُ‪ ،‬قلنا‪ :‬لن؟ قال‪ :‬لِلّهِ‪ ،‬وَِلكِتابِهِ‪ ،‬وَلِرسُولهِ‪ ،‬و َلئِ ّمةِ الُسْلِ ِم َ‬
‫الّنصِي َ‬

‫‪ 1072‬الادي عشر‪ :‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أنه سعَ النبّ صلى اللّه عليه وسلم يقول‪" :‬ما‬
‫ك الّذي َن مِنْ َقبِْلكُمْ َكثْ َر ُة مَسائِِلهِمْ‬
‫َنهَْيُتكُمْ عَنْهُ فا ْجَتِنبُوهُ‪ ،‬وَما أمَ ْرتُكُ ْم بِهِ فا ْفعَلُوا ِمنْهُ ما ا ْستَ َطعْتُ ْم فإنّما أهْلَ َ‬
‫وَا ْختِلفهُ ْم على أنْبِياِئهِمْ" رويناه ف صحيحيهما‪)25( .‬‬

‫‪ 1073‬الثان عشر‪ :‬عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه قال‪:‬جاءَ رجلٌ إل النبّ صلى اللّه عليه‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا رسول اللّه! دُلّن على عمل إذا عملتُه أحبّن اللّه وأحبّن الناس؟ فقال‪" :‬ا ْزهَدْ ف ال ّدنْيا‬
‫حبّكَ النّاسُ" حديث حسن رويناه ف كتاب ابن ماجه‪)26( .‬‬ ‫حبّكَ اللّهُ‪ ،‬وَازْهَدْ فِيما ِعنْ َد النّاس ُي ِ‬
‫يُ ِ‬

‫‪ 1074‬الثالث عشر‪ :‬عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫شهَ ُد أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وأنّي رَسولُ اللّه إِلّ بإ ْحدَى ثَلثٍ‪ :‬الّثيّبِ الزّانِي‪،‬‬
‫"ل يَحِلّ َدمُ امْرِى ٍء مُسْل ٍم يَ ْ‬
‫وَالّن ْفسِ بالّن ْفسِ‪ ،‬وَالتّا ِركِ لِدِينِهِ ا ُلفَا ِرقِ للجَمَا َعةِ" رويناه ف صحيحيهما‪.‬‬

‫(‪)27‬‬

‫‪ 1075‬الرابع عشر‪ :‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫حمّدا َرسُولُ اللّهِ‪َ ،‬وُيقِيمُوا الصّلةَ‪َ ،‬ويُ ْؤتُوا‬
‫شهَدُوا أنْ ل إِلهَ إِلّ اللّ ُه وَأنّ مُ َ‬‫ت أنْ أُقَاتِ َل النّاسَ حتّى يَ ْ‬
‫ُأمِرْ ُ‬
‫ك عَصَمُوا ِمنّي دِما َءهُ ْم وَأ ْموَالَهمْ إِ ّل بِحَ ّق ا ِل ْسلَمِ‪ ،‬وَحِساُبهُمْ على اللّه تعال"‬ ‫الزّكاة‪ ،‬فإذَا َفعَلُوا ذل َ‬
‫رويناه ف صحيحيهما‪)28( .‬‬

‫‪397‬‬
‫‪ 1076‬الامس عشر‪ :‬عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال‪:‬قالَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫"ُبنِ َي الِسْلمُ على َخ ْمسٍ‪ :‬شَها َدةِ أن ل إِلهَ إِلّ اللّهُ‪ ،‬وأنّ ُمحَمّدا َرسُولُ اللّهِ‪ ،‬وَإقا ِم الصّلةِ‪ ،‬وَإيتاءِ‬
‫ص ْومِ َر َمضَانَ" رويناه ف صحيحيهما‪)29( .‬‬ ‫الزّكاةِ‪ ،‬وَالَجّ‪ ،‬وَ َ‬

‫السادس عشر‪ :‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما؛أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫‪1077‬‬
‫ي على مَنْ‬
‫"َلوْ يُعْطَى النّاسُ بِ َد ْعوَاهُمْ‪ ،‬ل ّدعَى رجا ٌل أ ْموَالَ َق ْو ٍم وَ ِدمَا َءهُمْ‪َ ،‬لكِ ِن الَبّيَنةُ على الُدّعِي وَاليَمِ ُ‬
‫أنْكَرَ" هو حسن بذا اللفظ‪ ،‬وبعضه ف الصحيحي‪)30( .‬‬

‫ص َة بن معبد رضي اللّه عنه؛أنه أتى رسولَ اللّه صلى اللّه صلى اللّه‬ ‫‪ 1078‬السابع عشر‪ :‬عن وَابِ َ‬
‫ت تَسأ ُل عَ ِن البِ ّر وَالِثْمِ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬ا ْستَ ْفتِ قَ ْلبَكَ‪ :‬البِرّ ما اطْمأنّت إَِليْهِ‬
‫عليه وسلم فقال‪ِ " :‬جْئ َ‬
‫س وَأ ْفتَ ْوكَ" حديث‬ ‫س َوتَرَدّدَ ف الصّدْرِ‪ ،‬وَإنْ أفْتاكَ النّا ُ‬
‫الّنفْس وَاطْمأنّ إَِليْهِ القَ ْلبُ‪ ،‬وَالِثْمُ ما حاكَ ف الّن ْف ِ‬
‫حسن رويناه ف مسندَيْ أحد والدارمي وغيها‪.‬‬

‫وف صحيح مسلم‪ ،‬عن النواس بن سعانَ رضي اللّه عنه‪،‬عن النبّ صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬البّ‪ :‬حُسْنُ‬
‫الُلُقِ‪ ،‬وَالِثْمُ ما حاكَ ف َنفْسِكَ وَكَ ِر ْهتَ أ ْن يَطِّل َع عََليْهِ النّاسُ"‪)31(.‬‬

‫‪ 1079‬الثامن عشر‪ :‬عن شَدّادِ بن أوسٍ رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪:‬‬
‫سنُوا ال ّذبْحَ‪،‬‬
‫حتُمْ فأحْ ِ‬
‫سنُوا ال ِقتَْل َة َوإِذَا َذبَ ْ‬
‫"إنّ اللّ َه تَعال َكَتبَ الِحْسانَ على كُلّ شَيْءٍ‪ ،‬فإذَا َقتَ ْلتُمْ فأحْ ِ‬
‫حتَهُ" رويناه ف مسلم‪ ،‬والقِتلة بكسر أولا‪)32( .‬‬ ‫وَْليُحِدّ أحَدُ ُك ْم َشفْ َرتَهُ وَْليُ ِرحْ َذبِي َ‬

‫‪ 1080‬التاسع عشر‪ :‬عن أب هريرةَ رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‪" :‬‬
‫ضْيفَهُ" رويناه‬
‫مَنْ كَانَ ُي ْؤمِنُ باللّ ِه وَاليَ ْومِ الخِرِ فَ ْلُيكْ ِرمْ جا َرهُ‪َ ،‬ومَ ْن كا َن ُي ْؤمِنُ باللّهِ وَالَي ْومِ الخِرِ فَ ْلُيكْ ِرمْ َ‬
‫ف صحيحيهما(‪)33‬‬

‫‪ 1081‬العشرون‪ :‬عن أب هريرة رضي اللّه عنه؛أن رجلً قالَ للنب صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬أوصن‬
‫ضبْ" رويناه ف البخاري‪)34(.‬‬ ‫قال‪" :‬ل َت ْغضَبْ" فردّد مِرارا‪ ،‬قال‪" :‬ل َتغْ َ‬

‫‪ 1082‬الادي والعشرون‪ :‬عن أب ثعلبة الُشنّ رضي اللّه عنه‪،‬عن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ضيّعُوها‪ ،‬وَحَدّ ُحدُودا فَل َت ْعتَدُوها‪ ،‬وَ َح ّرمَ أشْياءَ فَل‬
‫وسلم قال‪" :‬إنّ اللّ َه عَ ّز وَجَلّ فَ َرضَ فَرَاِئضَ فَل ُت َ‬

‫‪398‬‬
‫حثُوا َعنْها" رويناه ف سنن الدارقطن بإسناد‬
‫َتنَْت ِهكُوها‪َ ،‬وسَ َكتَ عَنْ أشْياءَ رَ ْح َمةً َلكُ ْم غَيْ َر نِسْيانٍ فَل َتبْ َ‬
‫حسن‪)35( .‬‬

‫‪ 1083‬الثان والعشرون‪ :‬عن معاذٍ رضي اللّه عنه قال‪:‬قلت‪ :‬يا رسول اللّه! أخبن بعمل يُدخلُن‬
‫ت عَ ْن عَظِيمٍ‪ ،‬وَإنّهُ َليَسِيٌ على مَ ْن يَسّ َرهُ اللّ ُه تَعال عََليْهِ؛ َت ْعبُدُ اللّهَ‬
‫الن َة ويُباعدن من النار؟ قال‪َ" :‬لقَ ْد سألْ َ‬
‫ل تُشْركُ بِ ِه َشيْئا‪َ ،‬وُتقِي ُم الصّلةَ‪َ ،‬وُت ْؤتِي الزّكّاةَ‪َ ،‬وتَصُومُ َر َمضَانَ‪َ ،‬وتَحُ ّج البَْيتَ‪ ،‬ث قال‪ :‬أل َأدُلّكَ على‬
‫ص ْومُ ُجّنةٌ‪ ،‬وَالصّدََق ُة تُ ْطفِىءُ الَطِيَئةَ كما يُطْفىءُ الَا ُء النّارَ‪ ،‬وَصَلةُ الرّ ُجلِ ف َجوْفِ‬ ‫ليْرِ؟" ال ّ‬
‫أبْوَابِ ا َ‬
‫الّليْلِ‪ ،‬ث تل {تَتَجافَى ُجنُوُبهُ ْم عَن ا َلضَاجِع} حت بلغ" {يَعْ َملُونَ} [السجدة‪16:‬ـ ‪ ]17‬ث قال‪ :‬أل‬
‫أُ ْخبِ ُر َك بِرأْس المْ ِر َوعَمُو ِد ِه وَ ِذ ْر َوةِ سنَامِهِ؟ قلتُ‪ :‬بَلَى يا رسولَ اللّهِ! قالَ‪ :‬رأسُ المر الِسلمُ‪ ،‬وعمودهُ‬
‫الصلةُ‪ ،‬وذِ ْر َوةُ سَنامِ ِه الِهادُ‪ ،‬ث قال‪ :‬أل أُ ْخبِ ُر َك بِمِلكِ ذلكَ كُلّهِ؟ قلت‪ :‬بلى يا رسول اللّه! فأخذ‬
‫ف عََليْكَ هَذَا‪ ،‬فقلتُ‪ :‬يا نبّ اللّه! وإنّا لؤاخَذُونَ با نتكلم به؟ فقال‪َ :‬ثكَِلتْكَ ُأمّكَ‪،‬‬ ‫بلسانه‪ ،‬ث قال‪ :‬كُ ّ‬
‫سنَتِهِمْ؟" رويناه ف الترمذي‬ ‫َوهَلْ َي ُكبّ النّاسَ ف النّارِ على وُجُوهِهِمْ‪ ،‬أ ْو على مَناخِرهِم إلّ َحصَائِدُ ألْ ِ‬
‫وقال‪ :‬حسن صحيح‪)36( .‬‬

‫وذِروة السنام‪ :‬أعله‪ ،‬وهي بكسر الذال وضمّها‪ .‬وملك المر بكسر اليم‪ :‬أي مقصوده‪.‬‬

‫‪ 1084‬الثالث والعشرون‪ :‬عن أب ذرّ ومعاذ رضي اللّه عنهماعن رسول اللّه صلى اللّه عليه‬
‫خلُقٍ حَسَنٍ" رويناه ف‬
‫س بِ ُ‬
‫سنَة تَمْحُها‪ ،‬وخَاِل ِق النّا َ‬
‫وسلم قال‪" :‬اتّقِ اللّهَ َحْيثُما ُكْنتَ‪ ،‬وأتْبعِ السّّيَئةَ الَ َ‬
‫الترمذي وقال‪ :‬حسن‪ ،‬وف بعض نسخه العتمدة‪ :‬حسن صحيح‪)37( .‬‬

‫‪ 1085‬الرابع والعشرون‪ :‬عن العِرباضِ بن ساريةَ رضي اللّه عنه‪ ،‬قال‪َ :‬وعَظَنا رسولُ اللّه صلى اللّه‬
‫ت منها العيون‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسولَ اللّه! كأنا موعظ ُة مُودّع‬ ‫عليه وسلم موعظةً وَجِلت منها القلوب‪ ،‬وذرف ْ‬
‫سيَرَى‬
‫فأوصنا‪ ،‬قال‪" :‬أُوصِيكُ ْم ِبتَ ْقوَى اللّهِ‪ ،‬وَالسّمْ ِع وَالطّا َعةِ وَإنْ تأمّ َر عََلْيكُ ْم عَبْدٌ‪ ،‬وَإنّ ُه مَ ْن َي ِعشْ ِمْنكُمْ فَ َ‬
‫ي َعضّوا عََليْها بالنّواجِذِ‪ ،‬وَإيّاكُمْ َومُحْدَثاتِ‬ ‫سّنتِي َو ُسّنةِ الَُلفَاءِ الرّاشِدينَ ا َلهْ ِديّ َ‬
‫ا ْختِلفا َكثِيا‪َ ،‬فعَليْكُم ب ُ‬
‫الُمُورِ‪ ،‬فإنّ كُ ّل بِ ْد َعةٍ ضَلَلةٌ" رويناه ف سنن أب داود والترمذي وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪)38( .‬‬

‫‪ 1086‬الامس والعشرون‪ :‬عن أب مسعود البدريّ رضي اللّه عنه قال‪:‬قال رسول اللّه صلى اللّه‬
‫صنَ ْع مَا ِشئْتَ" رويناه ف‬
‫ستَحِ فا ْ‬
‫س مِنْ كَلمِ الّنُبوّ ِة الُول‪ :‬إذَا لَ ْم تَ ْ‬
‫عليه وسلم‪" :‬إنّ مِمّا أدْ َر َك النّا ُ‬
‫البخاري‪)39( .‬‬

‫‪399‬‬
‫‪ 1087‬السادس والعشرون‪ :‬عن جابر رضي اللّه عنه‪:‬أن رجلً سألَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه‬
‫ت الللَ‪ ،‬وحرّمتُ الرامَ‪ ،‬ول أزدْ‬ ‫ت رمضانَ‪ ،‬وأحلل ُ‬ ‫صّلْيتُ الكتوبات‪ ،‬وصم ُ‬
‫وسلم فقال‪ :‬أرأيتَ إذا َ‬
‫على ذلك شيئا؛ أدخ ُل النة؟ قال‪َ" :‬نعَمْ" رويناه ف مسلم‪)40( .‬‬

‫‪ 1088‬السابع والعشرون‪ :‬عن سفيانَ بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‪:‬قلت‪ :‬يا رسول اللّه! قل ل‬
‫ف الِسلم قولً ل أسأ ُل عنه أحدا غيك‪ ،‬قال‪ُ" :‬قلْ آ َمنْتُ باللّ ِه ثُ ّم اسَْتقِمْ" رويناه ف مسلم‪.‬‬

‫قال العلماءُ‪ :‬هذا الديث من جوامع كلمه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬وهو مطابق لقول اللّه تعال‪{ :‬إنّ‬
‫ح َزنُونَ} [فصّلت‪ ]30:‬قال جهور‬ ‫ف عََلْيهِ ْم وَل هُ ْم يَ ْ‬
‫الّذينَ قالُوا‪َ :‬ربّنا اللّ ُه ثُ ّم اسْتَقامُوا فَل َخوْ ٌ‬
‫العلماء‪ :‬معن الية والديث‪ :‬آمنوا والتزموا طاعةَ اللّه‪)41(.‬‬

‫‪ 1089‬الثامن والعشرون‪ :‬حديث عمر بن الطاب رضي اللّه عنه ف سؤال جبيل النبّ صلى‬
‫اللّه عليه وسلم عن الِيان والِسلم والِحسان والساعة‪ ،‬وهو مشهور ف صحيح مسلم وغيه‪)42( .‬‬

‫ف النبّ صلى اللّه عليه‬ ‫‪ 1090‬التاسع والعشرون‪ :‬عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‪":‬كنتُ خَ ْل َ‬
‫حفَظْكَ‪ ،‬ا ْحفَظِ اللّ َه تَجِ ْد ُه تُجاهَكَ‪ ،‬إذَا‬ ‫وسلم يوما فقال‪" :‬يا غُلمُ! إن ُأعَلّمُكَ كَلِماتٍ‪ :‬ا ْحفَظِ اللّ َه يَ ْ‬
‫شيْءٍ لَمْ‬
‫سَأْلتَ فاسألِ اللّهَ‪َ ،‬وإِذَا ا ْستَ َعْنتَ فا ْسَتعِنْ باللّهِ؛ وَاعَْل ْم أنّ ا ُل ّمةَ َلوِ ا ْجتَ َم َعتْ على أنْ َيْن َفعُو َك بِ َ‬
‫شيْءٍ لَ ْم َيضُرُوكَ إِل بِشَيءٍ قد َكتَبَهُ‬ ‫َينْ َفعُوكَ إِ ّل بِشَيْءٍ قَدْ َكَتبَهُ اللّهُ لَكَ‪َ ،‬وإِنِ ا ْجتَ َمعُوا على أ ْن َيضُرُوكَ بِ َ‬
‫حفُ" رويناه ف الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح؛ وف‬ ‫ت الصّ ُ‬ ‫اللّ ُه عََليْكَ‪ ،‬رُِف َعتِ القْلمُ وَ َج ّف ِ‬
‫رواية غي الترمذي زيادة "ا ْحفَظِ اللّ َه تَج ْد ُه أمامَكَ‪َ ،‬تعَرّفْ إل اللّه ف الرّخا ِء َيعْرِفْكَ ف الشّ ّدةِ‪ ،‬وَاعْلَمْ أنّ‬
‫صبْرِ‪ ،‬وأنّ‬ ‫ما أخْطأكَ لَمْ يَكُنْ ِلُيصِيبَكَ‪َ ،‬ومَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ ِليُخْ ِطئَكَ" وف آخره "وَاعْلَ ْم أنّ الّنصْ َر مَ َع ال ّ‬
‫ج مَ َع الكَرْبِ‪ ،‬وأ ّن مَ َع العُسْ ِر يُسرا" هذا حديث عظيم الوقع‪)43( .‬‬ ‫الفَ َر َ‬

‫‪ 1091‬الثلثون‪ :‬وبه اختتامها واختتام الكتاب‪ ،‬فنذكره بإسناد مستطرف‪ ،‬ونسأل اللّه الكري‬
‫خاتة الي‪ ،‬أخبنا شيخنا الافظ أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسيّ ث الدمشقي رحه اللّه تعال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أخبنا أبو طالب عبد اللّه وأبو منصور يُونس وأبو القاسم حسي بن هبة اللّه بن مصري وأبو يَعلى حزة‬
‫وأبو الطاهر إساعيل‪ ،‬قالوا‪ :‬أخبنا الافظ أبو القاسم عليّ بن السي ـ هو ابن عساكر ـ قال‪ :‬أخبنا‬
‫الشريفُ أبو القاسم عليّ بن إبراهيم بن العباس السين خطيب دمشق‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا أبو عبد اللّه ممد‬
‫بن علي بن يي بن سلوان‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا أبو القاسم الفضل بن جعفر‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا أبو بكر عبد الرحن‬

‫‪400‬‬
‫بن القاسم بن الفرج الاشيّ قال‪ :‬أخبنا أبو مسهر قال‪ :‬أخبنا سعيدُ بن عبد العزيز عن ربيعةَ بن يزيدَ‬
‫عن أب إدريسَ الولن‪ ،‬عن أب ذرّ رضي اللّه عنه‪،‬‬

‫عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬عن جبيلَ صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬عن اللّه تبارك وتعال أنه قال‪" :‬‬
‫يا عِبادي! إن َح ّر ْمتُ الظّ ْلمَ على َنفْسِي َو َجعَ ْلتُهُ بَْيَنكُمْ مُحَرّما فَل تَظّالَمُوا؛ يا عِبادي! إِّنكُ ُم الّذينَ‬
‫ب وَل أُبال‪ ،‬فا ْسَتغْفِرُون أغْفِرْ َلكُمْ؛ يا عبادي! كُّلكُمْ‬ ‫تُخْ ِطئُونَ بالّليْ ِل وَالّنهَارِ‪ ،‬وأنا الّذي أ ْغفِرُ ال ّذنُو َ‬
‫سكُمْ؛‬ ‫س ْوتُ ُه فا ْستَكْسُونِي أكْ ِ‬
‫جائعٌ إ ّل مَ ْن أطْعَ ْمتُهُ فا ْستَ ْطعِمُونِي ُأ ْطعِمْكُمْ؛ يا عبادي! كُّلكُمْ عارٍ إِ ّل مَنْ كَ َ‬
‫جرِ قَ ْلبِ رَ ُج ٍل ِمنْكُمْ لَ ْم َيْن ُقصْ ذلكَ منْ‬ ‫يا عِبادي! َلوْ أ ّن أوّلَكُمْ وآ ِخرَكُ ْم وَإنْسَكُ ْم وَ ِجّنكُ ْم كانُوا على أفْ َ‬
‫سكُ ْم وَ ِجّنكُـ ْم كانُوا على أتْقَى َق ْلبِ رَجُ ٍل ِمْنكُمْ لَمْ‬ ‫مُ ْلكِي َشيْئا؛ يا عِبادي! َل ْو أنّ أوَّلكُمْ وآخِرَ ُك ْم وَإنْ َ‬
‫سكُ ْم وَ ِجّنكُمْ كانُوا ف صَعي ٍد وَاحدٍ‬ ‫يَزِدْ ذلكَ ف مُلْكي َشيْئا؛ يا عِبادِي! َل ْو أنّ أوَّلكُمْ وآخِرَكُ ْم وَإنْ َ‬
‫ح ُر أنْ‬
‫ص البَ ْ‬
‫ك مِ ْن ُم ْلكِي َشيْئا إِلّ كما َيْنقُ ُ‬ ‫فَسألُونِي فأعْ َطْيتُ كُ ّل إنْسانٍ ِمْنهُمْ ما سألَ لَ ْم َيْنقُصْ ذل َ‬
‫خيَطُ فِيه غَمْس ًة وَاح َدةً؛ يا عِبادي! إنّما ِهيَ أعْماُلكُمْ أ ْحفَظُها عََلْيكُمْ‪ ،‬فَمَ ْن َوجَدَ َخيْرا فَ ْليَحْ َمدِ‬ ‫ُيغْ َمسَ الِ ْ‬
‫اللّ َه عَ ّزوَجَلّ‪َ ،‬ومَ ْن وَ َج َد َغيْرَ ذَلِكَ فَل يَلُومَنّ إِ ّل َنفْسَهُ"‪)44(.‬‬

‫قال أبو مسهر‪ :‬قال سعيدُ بن عبد العزيز‪ :‬كان أبو إدريس إذا حدّثَ بذا الديث جثا على ركبتيه‪.‬‬

‫هذا حديث صحيح‪ ،‬رويناه ف صحيح مسلم وغيه‪ ،‬ورجال إسناده من إل أب ذرّ رضي اللّه عنه كلّهم‬
‫دمشقيون‪ ،‬ودخل أبو ذرّ رضي اللّه عنه دمشق‪ ،‬فاجتمع ف هذا الديث جل من الفوائد‪ :‬منها صحة‬
‫إسناده َومَتنه‪ ،‬وعلوّه وتسلسله بالدمشقيي رضي اللّه عنهم وبارك فيهم‪ ،‬ومنها ما اشتمل عليه من البيان‬
‫لقواعد عظيمة ف أصول الدين وفروعه والداب ولطائف القلوب وغيها‪ ،‬وللّه المد‪.‬‬

‫روينا عن الِمام أب عبد اللّه أحد بن حنبل رحه اللّه تعال ورضي عنه قال‪ :‬ليس لهل الشام حديث‬
‫أشرف من هذا الديث‪.‬‬

‫خاتة‬

‫هذا آخ ُر ما قصدتُه من هذا الكتاب‪ ،‬وقد مَنّ اللّه الكريُ فيه با هو أهلٌ له من الفوائد النفيسة والدقائق‬
‫ت القائق ومَطلُوبَاتِها‪ .‬ومن تفسي آياتٍ من القرآن العزيز‬ ‫اللطيفة من أنواع العلوم ومهماتا‪ ،‬ومُستجادَا ِ‬
‫وبيانِ الراد با‪ ،‬والحاديث الصحيحة وإيضاح مقاصدها‪ ،‬وبيان نُ َكتٍ من علوم السانيد ودقائ ِق الفقه‬

‫‪401‬‬
‫ت القلوب وغيها‪ ،‬واللّه الحمودُ على ذلك وغيه من نعمه الت ل تُحصى‪ ،‬وله الِنّة أن هدان‬ ‫ومعامل ِ‬
‫لذلك‪ ،‬ووفّقن لمعه ويَسّرَه عليّ‪ ،‬وأعانن عليه َومَنّ علي بإتامه؛ فله السحم ُد والمتنانُ والفضلُ‬
‫خ صال أنتفعُ با تقرّبن إل اللّه الكري‪ ،‬وانتفاع‬‫وال ّطوْلُ والشكرانُ‪ .‬وأنا راجٍ من فضل اللّه تعال دعوة أ ٍ‬
‫مسل ٍم راغب ف الي ببعض ما فيه أكون مساعدا له على العمل برضاة ربّنا‪.‬‬

‫وأستودعُ اللّه الكريَ اللطيفَ الرحيمَ منّي ومن والديّ‪ ،‬وجيعِ أحبابنا وإخواننا ومَنْ أحس َن إلينا وسائ ِر‬
‫السلمي‪ :‬أديانَنا وأماناتِنا وخواتِيمَ أعمالنا‪ ،‬وجيعَ ما أنعمَ اللّ ُه تَعال به علينا‪ ،‬وأسألُه سبحانه لنا أجعي‬
‫سلوكَ سبيل الرشاد والعِصْمة من أحوال أهل ال ّزيْغ والعِناد‪ ،‬والدّوامَ على ذلك وغيه من الي ف ازدياد‪،‬‬
‫ع إليه سبحانه أن يرزقنا التوفيقَ ف القوال والفعال للصواب‪ ،‬والريَ على آثار ذوي البصائر‬ ‫وأتض ّر ُ‬
‫ت وإليه متاب‪ ،،‬حسبنا اللّه ونِعمَ‬‫واللباب‪ ،‬إنه الكري الواسعُ الوهّاب‪ ،‬وما توفيقي إل باللّه عليه توكل ُ‬
‫الوكيل‪ ،‬ول حو َل ول قوّة إل باللّه العزيز الكيم‪.‬‬

‫والمدُ للّه ربّ العالي أوّلً وآخرا وظاهرا وباطنا‪ ،‬وصلواتُه وسلمُه الطيبان التّان الكملن على‬
‫سيدنا ممد خي خلقه أجعي‪ ،‬كلما ذكره الذاكرون‪ ،‬و َغفَل عن ذكره الغافلون‪ ،‬وعلى سائر النبيّيَ‬
‫وآل كل وسائر الصالي‪.‬‬

‫قال جامعه أبو زكريا مي الدين _ عفا ال عنه‪ :‬فرغت من جعه ف الحرم سنة سبع وستي وستمائة‪,‬‬
‫سوى أحرف القتها بعد ذلك وأجزت روايته لميع السلمي‪.‬‬

‫ت نسخ الكتاب من موقع نداء اليان‬


‫مكتبة مشكاة السلمية‬
‫الثني الوافق ‪ 1/1425/ 24‬هـ‬

‫‪402‬‬

You might also like