Professional Documents
Culture Documents
ص ُ خت ْ َ م ُ
جِ ها َ ْ منِ
َ
سن ّة ال ُّ
لبي العباس شيخ السلم أحمد بن
تيمية رحمه الله
اختصره
الشيخ عبد الله الغنيمان
المدرس بقسم الدراسات العليا
بالجامعة السلمية (سابقاً)
بالمدينة المنورة
الجزء الول 1 4 1 0ﻫﺜﻫﻫ
المقدمة
الحمد ل مظهر الحق ومعليه ،وقاطع الباطل وذويه ،قال ال تعالى :
صفُون[،
طلِ فَيَ ْد َمغُهُ فَإِذَا ُهوَ زَا ِهقْ وَ َلكُمُ ا ْلوَ ْيلُ ِممّا تَ ِ
علَى الْبَا ِ
] َبلْ َنقْذِف ُبِا ْلحَق ّ َ
1
طلَ كاَ نَ َزهُوقًا [ ُ ] ،قلْ جَا َء ا ْلحَقّ َومَا
طلُ إِنّ الْبَا ِ
ق الْبَا ِ
] وَ ُق ْل جَا َء ا ْلحَقّ وَزَهَ َ
طلُ َومَا ُيعِيد [ .أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ،وأشهد أن ل إله
يُبْ ِدئُ الْبَا ِ
إل ال وحده ل شريسك له ،وأشهسد أن محمدا عبده ورسسوله ،أرسسله بالهدى
ودين الحق ،ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
أما بعد (:فإن منهاج السنة النبوية في نقض دعاوى الرافضة والقدرية )
من أع ظم ك تب المام المجا هد ال صابر الم صابر ش يخ ال سلم أح مد بن ع بد
الحل يم بن ع بد ال سلم بن تيم ية ،قد نا ضل ف يه عن ال حق وأهله ،ود حض
البا طل وفض حه .وشباب ال سلم اليوم بأ مس الحا جة إلى قراءة هذا الكتاب ،
ومعر فة محتواه ح يث أ طل الر فض على كل بلد من بلد ال سلم ،وغير ها
بوج هه الكر يه ،وك شر عن أنيا به الكال حة ،وأل قى حبائله أمام من ل يعرف
حقيقته ،مظهرا غير مبطن ديدن كل منافق مفسد ختال ،فاغتر به من يجهل
حقيقته ،ومن لم يقرأ مثل هذا الكتاب.
والغالب على مذاهسب أهسل البدع والهواء ،أنهسا تتراجسع عسن الشطسح
وعظيسم الضلل مسا عدا مذهسب الرفسض فإنسه يزداد بمرور اليام تطرفسا
وانحدارا ،وتماديسا فسي محاربسة أولياء ال وأنصسار دينسه ،وقسد ملئت كتسب
الرافضسة بالسسباب والشتائم واللعنات لخيسر خلق ال بعسد النسبياء ،أعنسي ،
أصسحاب رسسول ال ، eورضسي ال عنهسم ،وهسم ل يتورعون عسن تكفيسر
ال صحابة ،ول سيما كبار هم و سادتهم ،م ثل أ بي ب كر ال صديق ،وع مر بن
الخطاب ،وعثمان بن عفان ،وإخوانهم _ رضوان ال عليهم _ الذين اطفؤوا
نار المجوس ،وهدموا معبودات هم ،وإكفار ال صحابة و من يتول هم في كتب هم
المعتمدة عند هم ل يح صره ن قل ،ف هم يتعبدون بل عن صحابة ر سول ال ، e
ويعتقدون أن الشيعسة بأئمتهسم هسم الناس ،ومسا عداهسم همسج للنار وإلى النار ،
وال ل يقبل من مسلم حسنة مهما بالغ في الحسان ما لم يكن شيعيا كما في
كتابهسم (الوافسي ،الباب السسابع والثامسن بعسد المائة ) ،وفسي ( الكافسي ) أحسد
2
الكتب الموثوق بها -عندهم -ما يبين عن حقدهم الدفين على السلم ومن
جاء بسه ،ومسن حمله واعتنقسه ،وهسم يرون أن القرآن نزل لشيئيسن أحدهمسا :
الثناء و المدح على علي بن أبى طالب tوإعلء شأنه وذريته ،والثاني :ثلب
أصحاب رسول ال eوذكر معايبهم ،ولهذا قالوا :إنه ضاع من القرأن ثلثاه
أو ثلثة أرباعه ،وهم يعتمدون في دينهم على الكذب الذي يلصقونه بأئمتهم ،
والدعاءات الكاذبسة فصساروا مسن أكذب الناس ،وأكثرهسم تصسديقا للكذب ،
وت صديقا بالبا طل ،و مع ذلك يرمون ال صحابة بالنفاق ،ونبت هل إلى ال تعالى
أن يزيدهم غيظا وأن يكبتهم بكمدهم وكل من غاظه السلم .
و لمسا كان كتاب منهاج السسنة مشتمل على مباحسث مطولة .وغيسر
مطولة في الرد على القدرية والمتكلمين وغيرهم من سائر الطوائف أحببت أن
أجرد مسا يخسص الرافضسة مسن الرد عليهسم فيمسا يتعلق بالخلفسة والصسحابة
وأمهات المؤمنين وغير ذلك .ولم أضف إليه شيئا من عندي ،ل في أصله ،
ول تعليقا ،لن كلم المام ابن تيمية فيه من القوة والرصانة والمتانة ما يغني
عن كل تعليق ،وعليه من نور الحق ووضوح البيان وقوة الحجة ما ل يحتاج
إلى غيره .فال يجزيه على جهاده ومنافحته عن السلم وأهله خير الجزاء ،
ونسسأله تعالى أن يشركنسا معسه فسي جهاده وجزائه إنسه خيسر مسسؤول ،وأكرم
مأمول ،وصسلى ال وسسلم وبارك على نبينسا محمسد وعلى آله وأزواجسه
وأصحابه .
;l
3
ن أُوتُو هُ
ن النّا سِ فِيمَا اخْتَ َلفُوا فِي ِه َ ،ومَا اخْتَلَ فَ فِي ِه ِإلّ الّذِي َ
حكُ مَ بَ ْي َ
بِا ْلحَقّ لِ َي ْ
ن آمَنُوا ِلمَا اخْتَلَفُوا فِي هِ
مِ نْ َبعْ ِد مَا جَاءَ ْتهُم الْبَيّنَا تُ َبغْيًا بَيْ َنهُ مْ َفهَدَى الُ الّذِي َ
صرَاطٍ ُمسْ َتقِيم[ (.)1
ق بِإِذْ ِن ِه وَالُ َيهْدِي َمنْ َيشَا ُء إِلَى ِ
مِنَ ا ْلحَ ّ
وأشهسد أن محمدا عبده ورسسوله ختسم بسه أنسبياءه ،وهدى بسه أولياءه ،ونعتسه
سكُم عَزِيزٌ عَلَيْ ِه مَا عَنِتّ مْ
بقوله في القرآن الكريم َ ] :لقَ ْد جَا َءكُ مْ رَ سُولٌ مِ نْ أَ ْنفُ ِ
ي الُ َل إِلَ هَ ِإلّ
ن َتوَّلوْا َف ُقلْ حَ سْبِ َ
ص عَلَ ْيكُ مْ بِا ْل ُم ْؤمِنِي نَ َرؤُو فٌ َرحِيم .فَإِ ْ
حَرِي ٌ
ش ا ْلعَظِ يم [( . )2صلى ال عل يه أف ضل صلة
ت وَ ُهوَ رَبّ ا ْلعَرْ ِ
ُهوَ عَلَيْ هِ َت َوكّلْ ُ
وأكمل تسليم .
4
فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها ،ولم يكن
هناك مسن أهسل العلم بالنبوة والمتابعسة لهسا مسن يظهسر أنوارهسا الماحيسة لظلمسة
الضلل ،ويكشف ما في خلفها من الفك والشرك والمحال .
وهسم مسن أكذب الناس فسي النقليات ،ومسن أجهسل الناس فسي العقليات ،
يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالضطرار أنه من الباطيل ،ويكذبون
بالمعلوم من الضطرار المتواتر أعظم تواتر في المة جيل بعد جيل .
5
ول يميزون فسسي نقلة العلم ورواة الخبار بيسسن المعروف الكذب ،أو
الغلط ،أو الج هل ،ب ما ين قل ،وب ين العدل الحا فظ الضا بط المعروف بالعلم ،
والثار ،وعمدتهم في نفس المر على التقليد ،وإن ظنوا إقامته بالبرهانيات .
فتارة يتبعون المعتزلة والقدرية ،وتارة يتبعون المجسمة والجبرية .
وهسم مسن أجهسل هذه الطوائف بالنظريات ،ولهذا كانوا عنسد عامسة أهسل
العلم والد ين ،من أج هل الطوائف الداخل ين في الم سلمين ،ومن هم من أد خل
على الديسن مسن الفسساد ،مسا ل يحصسيه إل رب العباد فملحدة السسماعيلية ،
والنصيرية ،وغيرهم من الباطنية المنافقين ،من بابهم دخلوا .
ولهذا كانست الشيعسة المتقدمون الذيسن صسحبوا عليسا ،أو كانوا فسي ذلك
الزمان ،لم يتنازعوا فسي تفضيسل أبسي بكسر وعمسر ،وإنمسا كان نزاعهسم فسي
)1(1انظر البخاري ج 5ص 7فضائل أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم وسنن أبي داود
ج 4ص 288وابن ماجه ج 1ص 39وغيرها .
6
تفض يل علي وعثمان ،وهذا م ما يعترف به علماء الشي عة الكابر من الوائل
والواخر حتى ذكر مثل ذلك أبو القاسم البلخي .
قال :سأل سائل شريك بن عبد ال ،فقال له أيهما أفضل أبو بكر أو علي ؟
فقال له :أ بو ب كر .فقال له ال سائل :تقول هذا وأ نت شي عي ؟ فقال له ن عم .
من لم ي قل هذا فل يس شيع يا ،وال ل قد ر قى هذه العواد علي ،فقال :أل إن
خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر ،ثم عمر فكيف نرد قوله ؟ وكيف نكذبه ؟
. ()1
وال ما كان كذابا .نقل هذا عبد الجبار الهمداني في كتاب تثبيت النبوة
قال ذكره أبسو القاسسم البلخسي فسي النقسض على ابسن الراوندي على
اعتراضه على الجاحظ .
هو القاضي عماد الدين أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد الهمداني شيخ المعتزلة )1(1
في وقته وكتابه تثبيت دلئل النبوة من أحسن الكتب في هذا الباب وانظر هذا الثر فيه ج
2ص .549
7
( فصل )
وال تعالى قسد أمسر بالصسدق والبيان ،ونهسى عسن الكذب والكتمان ،فيمسا
يحتاج إلى معرفته وإظهاره ،كما قال صلى ال تعالى عليه وسلم في الحديث
المت فق عل يه (( :البيعان بالخيار مالم يتفر قا فإن صدقا وبي نا ،بورك له ما في
بيعهما ،وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما )) (. )2
ل سيما الكتمان إذا ل عن آ خر هذه ال مة أول ها ،ك ما في ال ثر (إذا ل عن
آخسر هذه المسة أولهسا ،فمسن كان عنده علم فليظهره ،فإن كاتسم العلم يومئذ
ككاتم ما أنزل ال على محمد )(. )3
وذلك أن أول هذه المة هم الذين قاموا بالدين ،تصديقا وعلما وعمل ،
وتبلي غا ،فالط عن في هم ط عن في الد ين ،مو جب للعراض ع ما ب عث ال به
)3(3رواه ابن ماجه في سننه ج 1ص 97-96عن جابر مرفوعا ،و هو ضعيف .
8
النبيين .
وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع ،فإنما كان قصده الصد
عسن سسبيل ال ،وإبطال مسا جاءت بسه الرسسل عسن ال تعالى ،ولهذا كانوا
يظهرون ذلك بحسسب ضعسف الملة ،فظهسر فسي الملحدة حقيقسة هذه البدعسة
المضلة .
وهذا حال أهل البدع المخالفة للكتاب والسنة ،فإنهم إن يتبعون إل الظن
و ما تهوى الن فس ،ففي هم ج هل وظلم ،ل سيما الراف ضة ،فإن هم أع ظم ذوى
الهواء جهل وظل ما ،يعادون خيار أولياء ال تعالى -من ب عد ال نبيين ،من
السسابقين الوليسن ،مسن المهاجريسن والنصسار ،والذيسن اتبعوهسم بإحسسان tم
ورضوا عنسه ،و يوالون الكفار والمنافقيسن مسن اليهود والنصسارى والمشركيسن
وأصناف الملحدين ،كالنصيرية والسماعيلية وغيرهم من الضالين ،فتجدهم
أو كثيرا من هم إذا اخت صم خ صمان في رب هم من المؤمن ين والكفار ،واختلف
الناس فيمسا جاءت بسه النسبياء فمنهسم مسن آمسن ومنهسم مسن كفسر ،سسواء كان
سل الكتاب
سلمين وأهس
سن المسس
سي بيس
سل ،كالحروب التس
الختلف بقول أو عمس
والمشركين .
تجدهم يعاونون المشركين وأهل الكتاب على المسلمين أهل القرآن ،كما
9
قد جربه الناس منهم غير مرة ،في مثل إعانتهم للمشركين من الترك وغيرهم
على أهل السلم ،بخراسان والعراق والجزيرة والشام ،وغير ذلك .
من أعظم الحوادث التي كانت في السلم ،في المائة الرابعة والسابعة،
فإ نه ل ما قدم كفار الترك إلى بلد ال سلم ،وق تل من الم سلمين ما ل يح صى
سم الناس عداوة للمسسسلمين ومعاونسسة
عدده إل رب النام ،كانوا مسسن أعظس
للكافرين ،وهكذا معاونتهم لليهود أمر شهير ،حتى جعلهم الناس لهم كالحمير.
( فصل )
وهذا الم صنف سمى كتا به :منهاج الكرا مة في معر فة الما مة ،و هو
خليق بأن يسمى :منهاج الندامة ،كما أن من ادعى الطهارة ،وهو من الذين
لم يرد ال أن يطهسر قلوبهسم ،بسل مسن أهسل الجبست والطاغوت والنفاق ،كان
وصفه بالنجاسة والتكدير ،أولى من وصفه بالتطهير .
10
وبين هم وب ين الن صارى من المشاب هة في الغلو والج هل ،واتباع الهوى
وغ ير ذلك من أخلق الن صارى ،ما أشبهوا به هؤلء من و جه وهؤلء من
وجه ،وما زال الناس يصفونهم بذلك .
وقد ثبت عن الشعبي أنه قال :ما رأيت أحمق من الخشبية ،لو كانوا
مسن الطيسر لكانوا رخمسا ،ولو كانوا مسن البهائم لكانوا حمرا ،وال لو طلبست
منهسم ان يملؤا هذا البيست ذهبسا على أن أكذب على علي لعطونسي ،وال مسا
أكذب عليه أبدا ،وقد روى هذا الكلم عنه مبسوطا لكن ،الظهر أن المبسوط
من كلم غيره .
ومنهم عبد ال بن سبأ من يهود صنعاء ،نفاه إلى سباباط ،وعبد ال بن
يسسار نفاه إلى خاذر ،وآيسة ذلك أن محنسة الرافضسة ،محنسة اليهود .قالت
اليهود :ل يصلح الملك إل في آل داود ،وقالت الرافضة ل تصلح المامة إل
فسي ولد علي ،وقالت اليهود :ل جهاد فسي سسبيل ال حتسى يخرج المسسيح
الدجال ،وينزل سيف من ال سماء ،وقالت الراف ضة :ل جهاد في سبيل ال
حتى يخرج المهدي ،وينادي مناد من السماء .
11
واليهود يؤخرون الصسلة إلى اشتباك النجوم ،وكذلك الرافضسة يؤخرون
المغرب إلى اشتباك النجوم ،والحد يث عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم
سسي على الفطرة مالم يؤخروا المغرب إلى اشتباك
سسه قال ((:ل تزال أمتس
أنس
النجوم))(. )1
واليهود تزول عسن القبلة شيئا ،وكذلك الرافضسة ،واليهود تنود فسي
الصسلة ،وكذلك الرافضسة ،واليهود تسسدل أثوابهسا فسي الصسلة ،وكذلك
الرافضة .
واليهود ل يخل صون السسلم على المؤمنيسن إنمسا يقولون :السسام علي كم _
والسسام الموت _ وكذلك الرافضسة ،واليهود ل يأكلون الجرى( )2والمرماهسى .
والذناب ،وكذلك الرافضة.
واليهود يسستحلون أموال الناس كلهسم ،وكذلك الرافضسة .وقسد أخبرنسا ال
عنهم في القرآن أنهم ]:قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ا ُلمِيّينَ سَبِيل [( )3وكذلك الرافضة.
)1(1رواه أبو داود في السنن ج 1ص 169وابن ماجه ج 1ص 225وأحمد في المسند ج
4ص 147وج 5ص 422
)2(2نوع من السمك زعموا أن السمك خاطب عليا إل هذين النوعين منه .
)1(3الية 75من سورة آل عمران .
12
الرافضة ،يقولون غلط جبريل بالوحي على محمد .
أمروا بالستغفار لهم ،فسبوهم والسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة ،
ل تقوم لهسم رايسة ،ول يثبست لهسم قدم ول تجتمسع لهسم كلمسة ،ول تجاب لهسم
دعوة ،دعوت هم مدحو ضة ،وكلمت هم مختل فة ،وجمع هم متفرق ،كل ما أوقدوا
نارا للحرب أطفأها ال .
( قلت ) :هذا الكلم بعضه ثابت عن الشعبي كقوله :لو كانت الشيعة
مسن البهائم لكانوا حمرا ،ولو كانست مسن الطيسر لكانوا رخمسا ،فإن هذا ثابست
عنه .
قال ابسن شاهيسن :حدثنسا محمسد بسن العباس النحوي ،حدثنسا ابراهيسم
الحربي ،حدثنا أبو الربيع الزهراني ،حدثنا وكيع بن الجراح ،حدثنا مالك بن
مغول ،فذكره وأما السياق المذكور ،فهو معروف عن عبد الرحمن بن مالك
بن مغول ،عن أبيه ،عن الشعبي .
)1(1هو خشيش بن أصرم بن السود ،أبو عاصم ،النسائي توفي سنة ، 253وأنظر
تهذيب التهذيب ج 3ص 142
13
عن هؤلء القوم ،وقد كنت فيهم رأسا ،قال رأيتهم يأخذون بأعجاز ل صدور
لها .
ثم قال لي :يا مالك لو أردت أن يعطو ني رقاب هم عبيدا ،أو يملؤا لي
بي تي ذه با ،أو يحجوا إلى بي تي هذا ،على أن اكذب على علي tلفعلوا ،ول
.وال أكذب عليه أبدا ،يا مالك إني قد درست أهل الهواء فلم أر فيهم أحمق
من الخشب ية ،فلو كانوا من الط ير لكانوا رخ ما ،ولو كانوا من الدواب لكانوا
حمرا ،يا مالك لم يدخلوا في ال سلم رغ بة ف يه ل ول ره بة من ال ،ول كن
مقتا من ال عليهم ،وبغيا منهم على أهل السلم .
يا مالك إن محنت هم مح نة اليهود ،قالت اليهود :ل ي صلح الملك إل في
آل داود ،وكذلك قالت الرافضة :ل تصلح المامة إل في ولد علي .
وقالت اليهود :ل جهاد في سبيل ال حتى يخرج المسيح الدجال وينزل
سيف من ال سماء ،وكذلك الراف ضة قالوا :ل جهاد في سبيل ال ح تى يخرج
الرضا من آل محمد وينادي مناد من السماء اتبعوه .
14
وقالت اليهود :فرض ال علينسا خمسسين صسلة فسي كسل يوم وليلة ،
وكذلك قالت الرافضة .
واليهود ل يصسلون المغرب حتسى تشتبسك النجوم ،وقسد جاء عسن النسبي
صلى ال تعالى عليه وسلم (( :ل تزال أمتي على السلم مالم تؤخر المغرب
سلوا
سة ،واليهود إذا صس
إلى اشتباك النجوم ))( )1مضاهاة لليهود ،وكذلك الرافضس
زالوا عن القبلة شيئا ،وكذلك الرافضة.
سة .واليهود
سرارى ،وكذلك الرافضس
واليهود ل يرون العزل عسن السس
15
يحرمون الجرى والمرماهى ،وكذلك الرافضة .
ثم قال يا مالك :وفضلهم اليهود والنصارى بخصلة ،قيل لليهود :من
خ ير أ هل ملت كم ؟ قالوا :أ صحاب مو سى ،وق يل للن صارى من خ ير أ هل
ملت كم؟ قالوا :حواري عي سى ،وق يل للراف ضة من شر أ هل ملت كم ؟ قالوا :
حواري محمد _ يعنون بذلك طلحة والزبير _ أمروا بالستغفار لهم فسبوهم ،
والسسيف مسسلول عليهسم إلى يوم القيامسة ،ودعوتهسم مدحوضسة ،ورايتهسم
مهزومة ،وأمرهم متشتت ،كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها ال ،ويسعون في
الرض فسادا ،وال ل يحب المفسدين .
16
17
متى سموا رافضة وكذا الزيدية
( قلت ) :ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة وزيدية ،
فإ نه ل ما سئل عن ا بي ب كر وع مر .فتر حم عليه ما ،رف ضه قوم فقال ل هم :
رفضتموني ،فسموا رافضة ،لرفضهم إياه ،وسمي من لم يرفضه من الشيعة
زيديسا ،لنتسسابهم إليسه ،ولمسا صسلب كانست العباد تأتسي إلى خشبتسه بالليسل ،
فيتعبدون عندها .
والشعبي توفي في أوائل خلفة هشام ،أواخر خلفة يزيد بن عبد الملك
أخيه ،سنة خمس ومائة ،أو قريبا من ذلك .فلم يكن لفظ الرافضة معروفا إذ
ذاك .
وبهذا وغيره يعرف كذب لفسظ الحاديسث المرفوعسة التسي فيهسا لفسظ
الرافضة ،ولكن كانوا يسمون بغير ذلك السم ،كما يسمون بالخشبية لقولهم
إنا ل نقاتل بالسيف إل مع إمام معصوم ،فقاتلوا بالخشب .
18
ت أَيْدِيهِم [(.)2
َمغْلُو َلةً غُلّ ْ
لم ي قل ذلك كل يهودي ،بل في هم من قال ذلك .و ما ذكره موجود في
الرافضة .
ومثل قولهم أنه ل يقع الطلق إل بالشهاد على الزوج مشابهة لليهود ،
ومثل تنجيسهم لبدان غيرهم من المسلمين وأهل الكتاب وتحريمهم لذبائحهم ،
وتنجيسهم ما يصيب ذلك من المياه والمائعات ،وغسل النية التي يأكل منها
غيرهسم ،مشابهسة للسسامرة الذيسن هسم شسر اليهود ،ولهذا تجعلهسم الناس فسي
المسلمين كالسامرة في اليهود .
وأ ما سائر حماقات هم فكثيرة جدا ،م ثل كون بعض هم ل يشرب من ن هر
19
حفره يز يد ،مع أن ال نبي eوالذ ين كانوا م عه كانوا يشربون من آبار وأنهار
حفرها الكفار .
ومثسل كونهسم يكرهون التكلم بلفسظ العشرة ،أو فعسل أي شيسء يكون
عشرة ،ح تى في البناء ل يبنون على عشرة أعمدة ،ول بعشرة جذوع ون حو
ذلك ،لكونهم يبغضون خيار الصحابة _ وهم العشرة _ المشهود لهم بالجنة ،
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن
زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح رضوان
ال عليهسم أجمعيسن ،يبغضون هؤلء إل علي بسن أبسي طالب ، tويبغضون
السابقين الولين من المهاجرين والنصار ،الذين بايعوا رسول ال ، eتحت
الشجرة ،وكانوا ألفا وأربعمائة .
وقد أخبر ال أنه قد رضي عنهم .وثبت في صحيح مسلم وغيره ،عن
جابر أي ضا .أن غلم حا طب بن أ بي بلت عة قال :يا ر سول ال وال ليدخلن
. ()1
)) حاطب النار ،فقال النبي (( : eكذبت ،إنه شهد بدرا والحديبية
وهم يتبرؤون من جمهور هؤلء .بل يتبرؤون من سائر أصحاب رسول
ال ، eإل نفرا قليل نحسو بضعسة عشسر ،ومعلوم أنسه لو فرض فسي العالم
عشرة مسن أكفسر الناس ،لم يجسب هجسر هذا السسم لذلك ،كمسا أنسه سسبحانه
ْضن َولَ
فين الَر ِ
ْسندُونَ ِ
ْطن ُيف ِ
ِسنَعةُ َره ٍ
َانن فِي ا ْلمَدِي َنةِ ت ْ
وتعالى لمسا قال َ ]:وك َ
يُصْ ِلحُون [ (.)2
لم يجب هجر اسم التسعة مطلقا ،بل اسم العشرة قد مدح ال مسماه في
20
ن لَ ْم َيجِدْ فَ صِيَامُ ثَل َث ِة أَيّا مٍ فِي
موا ضع ،كقوله تعالى في مت عة ال حج َ ] :فمَ ْ
عشْرَةٌ كَامِلَة [(. )1
جعْتُمْ تِ ْلكَ َ
حجّ َوسَبْ َعةٍ إِذَا َر َ
ا ْل َ
ن لَيْ َلةً َوأَ ْت َممْنَاهَا ِبعَشْر فَتَمّ مِيقَا تُ
وقال تعالى َ ]:ووَاعَدْنَا مُو سَى ثَلثِي َ
رَ ّب ِه أَرْ َبعِينَ لَيْلَة [(. )2
عشْرٍ[ .
وقال تعالى َ ] :واٌلْ َفجْ ِر وَلَيَالٍ َ
وقد ثبت في الصحيح أن النبي eكان يعتكف العشر الواخر من شهر
(. )3
رمضان حتى توفاه ال تعالى
. ()4
وقال في ليلة القدر التمسوها في العشر الواخر
ما من أيام الع مل ال صالح (( و قد ث بت في ال صحيح أن ال نبي eقال :
فيهن أحب إلى ال من هذه اليام العشر)) ( )5نظائر ذلك متعددة .
ومن العجيب أنهم يوالون لفظ التسعة ،وهم يبغضون التسعة من العشرة
فإنهم يبغضونهم إل عليا ،وكذلك هجرهم لسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن
يتسسمى بذلك ،حتسى يكرهون معاملتسه ،ومعلوم أن هؤلء لو كانوا مسن أكفسر
الناس ،لم يشرع أن ل يت سمى الر جل بم ثل أ سمائهم ،ف قد كان في ال صحابة
من اسمه الوليد .
21
وفي الصحابة من اسمه عمرو ،وفي ()7
ن خَ َلقْ تُ َوحِيدًا [
تعالى ] :ذَرْنِي َومَ ْ
المشركين من اسمه عمرو بن عبدود ،وأبو جهل اسمه عمرو بن هشام .
وفي الصحابة من اسمه هشام مثل هشام بن حكيم ،وأبو جهل كان اسم
أب يه هشا ما .و في ال صحابة من ا سمه عق بة م ثل أ بي م سعود عق بة بن عمرو
البدري ،وعقبة بن عامر الجهني ،وكان في المشركين عقبة بن أبي معيط .
وكثير منهم يزعم أنهم كانوا منافقين ،وكان النبي eيعلم أنهم منافقون،
وهو مع هذا يدعوهم بها ،وعلي بن أبي طالب tقد سمى بها أولده فعلم أن
جواز الدعاء بهذه السسماء سسواء كان ذلك المسسمى بهسا مسسلما أو كافرا أمسر
معلوم من د ين السسلم ،ف من كره أن يد عو أحدا بهسا كان من أظهسر الناس
مخالفة لدين السلم ،ثم مع هذا إذا تسمى الرجل عندهم باسم علي ،أو جعفر
أو حسن او حسين أو نحو ذلك ،عاملوه وأكرموه ،ول دليل لهم في ذلك على
أنه منهم .
22
ومن حماقاتهم أيضا أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها ،
كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غائب فيه.
وإمسا فسي غيسر ذلك يتوجهون إلى المشرق ،وينادون بأصسوات عاليسة
يطلبون خروجه ،ومن المعلوم أنه لو كان موجودا وقد أمره ال بالخروج فإنه
يخرج ،سواء نادوه أو لم ينادوه ،وإن لم يؤذن له فهو ل يقبل منهم ،وإنه إذا
خرج فإن ال يؤيده ويأتيسه بمسا يركبسه ،وبمسن يعينسه وينصسره ،ل يحتاج أن
يوقف له دائما من الدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم
يحسسنون صسنعا ،وال سسبحانه وتعالى قسد عاب فسي كتابسه مسن يدعسو مسن ل
ن مِن
ك وَالّذِي نَ تَدْعُو َ
ي ستجيب دعاءه فقال تعالى ] :ذَ ِلكُ مُ الُ رَ ّبكُ مْ لَ ُه ا ْلمُلْ ُ
س ِمعُواْ مَا
س َمعُواْ دُعَآ َءكُ مْ وَ َل ْو َ
طمِي ٍر إِن تَ ْدعُوهُ مْ لَ يَ ْ
دُونِ هِ مَا َيمْ ِلكُو نَ مِن ِق ْ
ك مِ ْثلُ خَبِيرٍ [()1هذا مع
ا سْتَجَابُواْ َلكُ مْ وَ َيوْ مَ ا ْلقِيَا َمةِ َي ْكفُرُو نَ ِبشِ ْر ِككُ مْ وَ َل يُنَبّئُ َ
أن الصنام موجودة ،وكان يكون بها أحيانا شياطين تتراءى لهم وتخاطبهم .
23
و المقصسود أن كليهمسا يدعسو مسن ل ينفسع دعاؤه ،وإن كان أولئك
اتخذوهسم شفعاء آلهسة ،وهؤلء يقولون هسو إمام معصسوم فهسم يوالون عليسه .
ويعادون عل يه كموالة المشرك ين على آلهت هم ،ويجعلو نه رك نا في اليمان ل
يتم الدين إل به ،كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك وقال تعالى ] :مَا
س كُونُواْ عِبَادا لّي
حكْمَ وَالنّ ُبوّةَ ُث ّم َيقُولَ لِلنّا ِ
شرٍ أَن ُيؤْتِ َيهُ الُ ا ْلكِتَابَ وَا ْل ُ
كَانَ لِ َب َ
ب وَ ِبمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ
ن ِبمَا كُنتُمْ ُتعَّلمُونَ ا ْلكِتَا َ
مِن دُونِ الِ وَ َلكِن كُونُواْ رَبّانِيْ ِي َ
ِنن أَرْبَابَا أَيَ ْأمُرُك ُم بِا ْل ُكفْرِ َبعْدَ إِذْ أَنت ُم
ُمن أَن تَ ّتخِذُواْ ا ْلمَلَ ِئ َكةَ وَالنّبِْيي َ
َ .ولَ يَ ْأمُ َرك ْ
ّمسْ ِلمُونَ [(. )1
فإذا كان مسن يتخسذ الملئكسة والنسبيين أربابسا بهذه الحال ،فكيسف بمسن
يت خذ إما ما معدوما ل وجود له؟ وقد قال تعالى ] :ا ّتخَذُواْ َأحْبَارَهُ مْ َورُهْبَا َنهُ مْ
أَرْبَابَا مّن دُونِ الِ وَا ْلمَسِيحَ ابْنَ َمرْيَمَ َومَآ ُأمِرُو ْا ِإلّ لِ َيعْبُدُو ْا إِ َلهَا وَاحِدا ل إِلَهَ
ن [( )2و قد ث بت في الترمذي وغيره من حد يث
عمّ ا ُيشْ ِركُو َ
ِإلّ ُه َو سُ ْبحَا َنهُ َ
يا ر سول ال ما عبدو هم .فقال :إن هم أحلوا ل هم (( عدي بن حا تم أ نه قال :
()3
)) الحرام وحرموا عليهسم الحلل فأطاعوهسم ،فكانست تلك عبادتهسم إياهسم
فهؤلء اتخذوا أناسا موجودين ،أربابا .
24
ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه مثل اتخاذهم نعجة وقد تكون نعجة
حمراء ،لكون عائشة تسمى الحميرا يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها،
وغير ذلك ،ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة و مثل ا تخاذهم حلسا مملوءا سمنا
يشقون بطنه فيخرج السمن فيشربونه ،ويقولون هذا مثل ضرب عمر وشرب
دمه .
ومثسل تسسمية بعضهسم لحماريسن مسن حمسر الرحسا أحدهمسا بأبسي بكسر ،
وال خر بع مر ثم عقو بة الحمار ين جعل من هم تلك العقو بة عقو بة ل بي ب كر
وعمر ،وتارة يكتبون أسماءهم على اسفل أرجلهم حتى أن بعض الولة جعل
يضرب رجلي مسن فعسل ذلك ويقول إنمسا ضربست أبسا بكسر وعمسر ،ول أزال
أضربهما حتى أعدمهما .
ومنهم من يعظم أبا لؤلؤة المجوسي الكافر الذي كان غلما للمغيرة بن
شعبة ،لما قتل عمر ،ويقولون :واثارات أبي لؤلؤة فيعظمون كافرا مجوسيا
باتفاق المسلمين لكونه قتل عمر . t
ومن حماقات هم إظهار هم لما يجعلونه مشهدا ،فكم كذبوا الناس ،وادعوا
أن فسي هذا المكان ميتسا مسن أهسل البيست ،وربمسا جعلوه مقتول ،فيبنون ذلك
مشهدا ،وقسد يكون ذلك كافرا أو قسبر بعسض الناس ،ويظهسر ذلك بعلمات
كثيرة .
ومعلوم أن عقوبة الدواب المسماة بذلك ونحو هذا الفعل ل يكون إل من
ف عل أح مق الناس وأجهل هم ،فإ نه من المعلوم أ نا لو أرد نا أن نعا قب فرعون
25
وأبا لهب وأبا جهل وغيرهم ممن ثبت بإجماع المسلمين أنهم من أكفر الناس
مثل هذه العقوبة لكان هذا من أعظم الجهل ،لن ذلك ل فائدة فيه بل إذا قتل
كا فر ،يجوز قتله أو مات ح تف أن فه ،لم ي جز ب عد قتله أو مو ته أن يم ثل به
فل ي شق بط نه أو يجدع أن فه وأذ نه ول تق طع يده إل أن يكون ذلك على سبيل
المقابلة .
فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره ،عن بريدة ،عن النبي ، eأنه كان
إذا بعسث أميرا على جيسش أو سسرية ،أوصساه فسي خاصسة نفسسه بتقوى ال ،
وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا وقال (( :اغزو في سبيل ال ،قاتلوا من
وفسي ()1
)) كفسر بال ،ل تغلوا ،ول تغدروا ،ول تمثلوا ،ول تقتلوا ،وليدا
السنن أنه كان في خطبته يأمر بالصدقة ،وينهى عن المثلة(. )2
مع أن التمثيل بالكافر بعد موته فيه نكاية بالعدو ،ولكن نهى عنه لنه
زيادة إيذاء بل حاجسة ،فإن المقصسود كسف شره بقتله ،وقسد حصسل .فهؤلء
الذيسن بيغضونهسم لو كانوا كفارا وقسد ماتوا لم يكسن لهسم بعسد موتهسم أن يمثلوا
بأبدانهم ،ل يضربونهم ،ول يشقون بطونهم ول ينتفون شعورهم ،مع أن في
ذلك نكاية فيهم .أما إذا فعلوا ذلك بغيرهم ظنا أن ذلك يصل إليهم كان غاية
الج هل ،فك يف إذا كان بمحرم كالشاة ال تي يحرم إيذاؤ ها بغ ير حق ،فيفعلون
ما ل يحصل لهم به منفعة أصل بل ضرر في الدين والدنيا ،والخرة ،مع
تضمنه غاية الحمق والجهل .
ومن حماقتهم إقامة المأتم والنياحة على من قتل من سنين عديدة ،ومن
المعلوم أن المقتول وغيره من المو تى إذا ف عل م ثل ذلك ب هم ع قب موت هم كان
ذلك م ما حر مه ال ور سوله ،ف قد ث بت في ال صحيح عن ال نبي eأ نه قال :
26
. ()1
)) ليسس منسا مسن لطسم الخدود ،وشسق الجيوب ،ودعسا بدعوى الجاهليسة ((
وثبت في الصحيح عنه أنه برئ من الحالقة والصالقة والشاقة( . )2فالحالقة لتي
تحلق شعرهسا عنسد المصسيبة ،والصسالقة التسي ترفسع صسوتها عنسد المصسيبة
بالمصيبة والشاقة التي تشق ثيابها .
وفي الصحيح عنه أنه قال ((:من نيح عليه فإنه يعذب ،بما نيح عليه))(.)3
وفي الصحيح عنه أنه قال (( :إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تلبس يوم
. ()4
)) القيامة درعا من جرب ،وسربال من قطران
والحاديسث فسي هذا المعنسى كثيرة ،وهؤلء يأتون مسن لطسم الخدود ،
وشق الجيوب ،ودعوى الجاهلية ،وغير ذلك من المنكرات بعد الموت بسنين
كثيرة ما لو فعلوه ع قب مو ته لكان ذلك من أع ظم المنكرات ال تي حرم ها ال
ورسوله ،فكيف بعد هذه المدة الطويلة ؟ .
ومن المعلوم أنه قد قتل من النبياء وغير النبياء ظلما وعدوانا من هو
أفضل من الحسين ،قتل أبوه ظلما ،وهو أفضل منه ،وقتل عثمان بن عفان،
وكان قتله اول الفتن العظيمة التي وقعت بعد موت النبي ، eوترتب عليه من
الشر والفساد أضعاف ما ترتب على قتل الحسين .
وقتل غير هؤلء ومات ،وما فعل أحد من المسلمين ول غيرهم مأتما
ول نيا حة على م يت ،ول قت يل ب عد مدة طويلة من قتله ،إل هؤلء الحم قى
. ()5
الذين لو كانوا من الطير لكانوا رخما ،ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا
)1(5اتخاذهم يوم عاشوراء مأتما على الحسين هو من أجل إيقاد نار الغل والحقد على أهل
السنة لنهم في تصويرهم هم الذين قتلوه ،وليس ذلك حبا للحسين وأهل بيته .
27
ومن ذلك أن بعضهم ل يوقد خشب الطرفاء ،لنه أبلغه أن دم الحسين
و قع على شجرة من الطرفاء .ومعلوم أن تلك الشجرة بعين ها ل يكره وقود ها
ولو كان عليها من أي دم كان ،فكيف بسائر الشجر الذي لم يصبه الدم ؟
28
ومن حماقاتهم ما يطول وصفها ول يحتاج أن تنقل بإسناد ،ولكن ينبغي
أن يعلم مع هذا أن المقصود أنه من ذلك الزمان القديم يصفهم الناس بمثل هذا،
من ع هد التابع ين وتابعي هم ك ما ث بت ب عض ذلك ،إ ما عن الش عبي ،وإ ما أن
يكون من كلم عبد الرحمن ،وعلى التقديرين فإن المقصود حاصل ،فإن عبد
الرحمن كان في زمن تابعي التابعين .
وإنمسا ذكرنسا هذا لن عبسد الرحمسن كثيسر مسن الناس ل يحتسج بروايتسه
المفردة ،إما لسوء حظه ،وإما لتهمته في تحسين الحديث ،وإن كان له علم
ومعرفة بأنواع من العلوم ،ولكن ل يصلح للعتضاد ،والمتابعة ،كمقاتل بن
سليمان ،ومح مد بن ع مر الواقدي ،وأمثاله ما ،فإن كثرة الشهادات والخبار
قد توجب العلم ،وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا حتى يحصل العلم
بمخبر الخبار المتواترة ،وإن كان المخبرون من أهل الفسوق ،إذا لم يحصل
بينهم تشاغر وتواطؤ .
والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله ،وإن لم يقبل
بمجرد إخبار المخبر به .
فلهذا ذكرنا ما ذكره عبد الرحمن بن مالك بن مغول ،فإن غاية ما فيه
أنه قاله ذاكرا الثر وعبد الرحمن هذا يروي عن أبيه ،وعن العمش ،وعن
عب يد ال بن ع مر ،ول يح تج بمفردا ته ،فإ نه ضع يف.وم ما ينب غي أن يعرف
أن مسا يوجسد فسي جنسس الشيعسة مسن القوال والفعال المذمومسة ،وإن كان
أضعاف ما ذكرناه ل كن قد ل يكون هذا كله في المام ية الث ني عشر ية ،ول
في الزيدية ولكن يكون كثير منه في الغالية ،وفي كثير من عوامهم مثل ما
يذ كر عن هم من تحر يم ل حم الج مل ،وأن الطلق يشترط ف يه ر ضا المرأة ،
ونحو ذلك مما يقوله من يقوله من عوامهم وإن كان علماؤهم ل يقولون ذلك ،
ولكسن لمسا كان أصسل مذهبهسم مسستند إلى جهسل ،كانوا أكثسر الطوائف كذبسا
29
وجهل.
30
( فصل )
فإن الرافضسة فسي الصسل ليسسوا أهسل علم ،وخسبرة بطريسق النظسر
والمناظرة ،ومعرفة الدلة ،وما يدخل فيها من المنع والمعارضة ،كما أنهم
أج هل الناس بمعر فة المنقولت ،والحاد يث والثار ،والتمي يز ب ين صحيحها
وضعيفها ،وإنما عمدتهم في المنقولت على تواريخ منقطعة السناد ،وكثير
منها من وضع المعروفين بالكذب وباللحاد .
وعلماؤهم يعتمدون على نقل مثل أبي مخنف لوط بن علي ،وهشام بن
مح مد بن ال سائب ،وأمثاله ما من المعروف ين بالكذب ع ند أ هل العلم ،مع أن
أمثال هؤلء هم أجل من يعتمدون عليه ،في النقل إذ كانوا يعتمدون على من
هو في غاية الجهل والفتراء ،ممن ل يذكر في الكتب ،ول يعرفه أهل العلم
بالرجال .
وقسد اتفسق أهسل العلم بالنقسل والروايسة والسسناد على أن الرافضسة أكذب
الطوائف ،والكذب فيهم قديم ،ولهذا كان أئمة السلم يعلمون امتيازهم بكثرة
الكذب .
قال أبو حاتم الرازي سمعت يونس بن عبد العلى يقول قال أشهب بن
31
ع بد العز يز :سئل مالك عن الراف ضة فقال :ل تكلم هم ول ترو عن هم فإن هم
يكذبون .
وقال أبو حاتم حدثنا حرملة قال سمعت الشافعي يقول :لم أر أحدا أشهد
بالزور من الرافضة .
وشريسك هسو شريسك بسن عبسد ال القاضسي ،قاضسي الكوفسة مسن أقران
الثوري وأ بي حني فة ،و هو من الشي عة ،الذي يقول بل سانه أ نا من الشي عة .
وهذه شهاد ته في هم .وقال أ بو معاو ية سمعت الع مش يقول :أدر كت الناس
وما يسمونهم إل الكذابين ،يعني أصحاب المغيرة بن سعيد .
وروى أبسو القاسسم الطسبري :كان الشافعسي يقول :مسا رأيست فسي أهسل
الهواء قوما أشهد بالزور من الرافضة ،وهذا المعنى إن كان صحيحا فاللفظ
الول هو الثابت عن الشافعي .
32
وهسم يقرون بذلك ،حيسث يقولون ديننسا التقيسة ،وهسو أن يقول أحدهسم بلسسانه
خلف مسا فسي قلبسه ،وهذا هسو الكذب والنفاق ،ويدعون مسع هذا أنهسم هسم
المؤمنون دون غيرهم من أهل الملة .
ويصسفون السسابقين الوليسن بالردة والنفاق ،فهسم فسي ذلك كمسا قيسل :
(رمت ني بدائ ها وان سلت ) ،إذ ل يس في المظهر ين لل سلم أقرب إلى النفاق
والردة منهم ،ول يوجد المرتدون والمنافقون في طائفة أكثر مما يوجد فيهم ،
واعتسبر ذلك بالغاليسة مسن النصسيرية وغيرهسم ،وبالملحدة والسسماعيلية
وأمثالهم.
ول على القياس ،وإن كان جليسا واضحسا .وأمسا أعمدتهسم فسي النظسر
والعقليات :فقد اعتمد متأخروهم على كتب المعتزلة في الجملة .
33
ب كر وع مر وعثمان رضوان ال علي هم أجمع ين ،بل هم متفقون على ت ثبيت
خلفة الثلثة ،وأما التفضيل فأئمتهم وجمهورهم كانوا يفضلون أبا بكر وعمر
tما ،وفي متأخريهم من توقف في التفضيل وبعضهم فضل عليا ،فصار بينهم
وب يم الزيد ية ن سب را جح من ج هة المشار كة ،في التوح يد والعدل والما مة
والتفضيل .
34
الفصل الول
قال المصسنف الرافضسي أمسا بعسد :فهذه رسسالة شريفسة ،ومقالة لطيفسة
اشتملت على أ هم المطالب في أحكام الد ين ،وأشرف م سائل الم سلمين و هي
م سألة الما مة ،ال تي يح صل ب سبب إدراك ها ن يل در جة الكرا مة ،و هي أ حد
أركان اليمان ،المسستحق بسسببه الخلود فسي الجنان ،والتخلص مسن غضسب
الرحمسن ،فلقسد قال رسسول ال (( : eمسن مات ولم يعرف إمام زمانسه مات
مي تة جاهل ية )) .خد مت بها خزانة السلطان العظم مالك رقاب المم ،ملك
ملوك طوائف العرب والعجسم ،مولى النعسم ومسسدي الخيسر والكرم ،شاهنشاه
المكرم غياث الملة والحسق والديسن ( أولجايسو خدابنده ) ،قسد لخصست فيسه
خلصة الدلئل ،وأشرت إلى رؤوس المسائل ،وسميتها منهاج الكرامة ،في
معرفة المامة ،وقد رتبتها على فصول .الفصل الول في نقل المذاهب في
هذه المسألة ،ثم ذكر الفصل الثاني في أن مذهب المامية واجب التباع ،ثم
ذ كر الف صل الثالث في الدلة على إما مة علي tب عد ر سول ال ، eثم ذ كر
الفصل الرابع في الثني عشر ثم ذكر الفصل الخامس في إبطال خلفة أبي
بكر وعمر وعثمان ،فيقال الكلم على هذا من وجوه :
( أحدها ) :أن يقال أول أن القائل :أن مسألة المامة أهم المطالب في
أحكام الديسن ،وأشرف مسسائل المسسلمين ،كذب بإجماع المسسلمين ،سسنيهم
وشيعيهم ،بل هو كفر ،فإن اليمان بال ورسوله أهم من مسألة المامة .
35
أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل ال وأني رسول ال ،ويقيموا الصلة ،
()1
)) ويؤتوا الزكاة ،فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ،إل بحقها
شهُ ُر ا ْلحُرُمنُ فَاقْتُلُواْ ا ْل ُمشْ ِركِيننَ حَيْثنُ
خ الَ ْ
وقسد قال تعالى ] :فَإِذَا انسنَ َل َ
ْصندٍ َفإِن تَابُواْ َوأَقَامُواْ
ُمن ُكلّ َمر َ
ْصنرُو ْهُ وَاقْعُدُواْ َله ْ
ُمن وَاح ُ
ُمن َوخُذُوه ْ
َوجَد ّتمُوه ْ
ال صّلَةَ وَآ َت ُواْ ال ّزكَاةَ َفخَلّو ْا سَبِي َلهُ ْم [( . )2وكذلك قال لعلي ل ما بع ثه إلى خ يبر
وكذلك كان النبي . eيسير في الكفار فيحقن دماءهم بالتوبة من الكفر ل يذكر
ل هم الما مة بحال و قد قال تعالى ب عد هذا ] :فَإِن تَابُواْ َوأَقَامُواْ ال صّلَ َة وَآ َت ُواْ
ن [(. )3
خوَانُ ُكمْ فِي الدّي ِ
ال ّزكَاةَ فَ ِإ ْ
أوليس الذين آمنوا بالنبي eفي حياته واتبعوه باطنا وظاهرا ولم يرتدوا
ولم يبدلوا هم أفضل الخلق باتفاق المسلمين أهل السنة والشيعة ،فكيف يكون
أفضسل المسسلمين ل يحتاج إلى أهسم المطالب فسي الديسن ؟ وأشرف مسسائل
36
المسلمين ؟ .
فإن ق يل إن ال نبي eكان هو المام في حيا ته ،وإن ما يحتاج إلى المام
بعد مماته فلم تكن هذه المسألة أهم مسائل الدين في حياته وإنما صارت أهم
مسائل الدين بعد موته قيل :الجواب عن هذا من وجوه :
( أحدهنا ) :أنسه بتقديسر صسحة ذلك ل يجوز أن يقال إنهسا أهسم مسسائل
الد ين مطل قا ،بل في و قت دون و قت ،و هي في خ ير الوقات لي ست أ هم
الطالب في أحكام الدين ول أشرف مسائل المسلمين .
( الثانني ) :أن يقال اليمان بال ورسسوله فسي كسل زمان ومكان أعظسم
من مسألة المامة ،فلم تكن في وقت من الوقات ل الهم ول الشرف .
( الثالث ) :أن يقال فقد كان يجب بيانها من النبي eلمته الباقين من
بعده ،كما بين لهم أمور الصلة والزكاة والصيام والحج ،وعين أمر اليمان
بال وتوحيده واليوم الخر .
( أحدها ) :أن قول القائل المامة أهم المطالب في أحكام الدين إما أن
ير يد به إما مة الث ني ع شر أو إما مة إمام كل زمان بعي نه في زما نه بح يث
يكون ال هم في زمان نا اليمان بإما مة محمدالمنت ظر ،وال هم في زمان الخلفاء
الربعة اليمان بإمامة علي عندهم ،والهم في زمان النبي eاليمان بإمامته
.
37
وإما أن يريد به اليمان بأحكام المامة مطلقا غير معين .وإما أن يريد
به مع نى راب عا ،أ ما الول ف قد علم بالضطرار أن هذا لم ي كن معلو ما شائ عا
ب ين ال صحابة ول التابع ين بل الشي عة تقول أن كل وا حد إن ما يع ين ب نص من
قبله ،فبطل أن يكون هذا أهم أمور الدين.
وأيضا فإن كان هذا هو أهم المطالب في الدين فالمامية آخر الناس في
صفقة هذا الد ين ،لن هم جعلوا المام المع صوم ،هو المام المعدوم الذي لم
ينفع هم في الد ين والدن يا ،فلم ي ستفيدوا م أ هم المور الدين ية شيئا من منا فع
الدين ول الدنيا .
وإن قالوا :إن المراد أن اليمان بحكسم المامسة مطلقسا هسو أهسم أمور
الديسن ،كان هذا أيضسا باطل للعلم الضروري أن غيرهسا مسن أمور الديسن أهسم
منها ،وإن أريد معني رابع فل بد من بيانه لنتكلم عليه .
( الوجه الثاني ) أن يقال إن النبي eلم تجب طاعته على الناس لكونه
إما ما ،بل لكو نه ر سول ال إلى الناس ،وهذا المع نى ثا بت له ح يا ومي تا ،
فوجوب طاع ته على من بعده كوجوب طاع ته على أ هل زما نه ،وأ هل زما نه
فيهسم الشاهسد الذي يسسمع أمره ونهيسه ،وفيهسم الغائب الذي بلغسه الشاهسد أمره
38
ونهيه .
حتى إنه eإذا أمر ناسا معينين بأمور وحكم في أعيان معينة بأحكام لم
ي كن حك مه وأمره مخت صا بتلك المعينات ،بل كان ثاب تا في نظائر ها وأمثال ها
()1
)) إلى يوم القيا مة ،فقوله eل من شهده ((:ل ت سبقوني بالركوع ول بال سجود
هو حكم ثابت لكل مأموم بإمام أن ل يسبقه بالركوع ول بالسجود ،وقوله لمن
لم أشعسر فحلقست قبسل أن أرمسي .قال :ارم ول حرج .ولمسن قال (( قال :
.أمر لمن كان مثله . ()2
)) نحرت قبل أن أحلق .قال :احلق ول حرج
وكذلك قوله لعائ شة tا ل ما حا ضت و هي معتمرة (( :ا صنعي ما ي صنع
،وأمثاله هذا كثيسر ،بخلف المام إذا ()3
)) الحاج غيسر أن ل تطوفسي بالبيست
أطيع .
39
ت مِن قَبْلِ هِ
حمّدٌ ِإلّ رَ سُولٌ قَ ْد خَلَ ْ
م عه ،ف هو ك ما قال سبحانه ف يه ] :وَمَا ُم َ
عقِبَيْ هِ فَلَن
ب عَلَى َ
عقَا ِبكُ مْ وَمَن يَنقَلِ ْ
ت َأوْ قُ ِت َل انقَلَبْتُ مْ عَلَى أَ ْ
سلُ أَفَإِيْن مّا َ
الرّ ُ
بيسن سسبحانه وتعالى أنسه ليسس ()1
ِينن [
َسنَيجْزِي الُ الشّاكِر َ
يَضُ ّر الَ شَيْئا و َ
بمو ته ول ق تل ينت قض ح كم ر سالته ،ك ما ينت قض ح كم الما مة بموت الئ مة
وقتل هم ،وأ نه ل يس من شر طه أن يكون خالدا ل يموت ،فإ نه ل يس هو ر با
وإنما هو رسول قد خلت من قبله الرسل .
40
بعض السامعين ،لكن هذا لتفاضل الناس في معرفة أمره ونهيه ،ل لتفاضلهم
في وجوب طاعته عليهم .
فما تجب طاعة ولي أمر بعده إل كما تجب طاعة ولة المور في حياته
فطاع ته شاملة لجم يع العباد شمول واحدا ،وإن تنو عت خدمت هم في البلغ و
السماع والفهم ،فهؤلء يبلغهم من أمره ما لم يبلغ هؤلء ،وهؤلء يسمعون
من أمره ما لم ي سمعه هؤلء ،وهؤلء يفهمون من أمره ما ل يفهمه هؤلء ،
وكل من أمر بما أمر به الرسول وجبت طاعته ،طاعة ل ورسوله ل له .
ودين المسلمين بعد موته طاعة ال ورسوله ،وطاعتهم لولي المر فيما
أمروا بطاع ته ف يه هو طا عة ل ور سوله ،وأ مر ولي ال مر الذي أمره ال أن
يأمرهم به ،وقسمه وحكمه هو طاعة ل ورسوله ،فأعمال الئمة والمة في
حياته ومماته التي يحبها ال ويرضاها ،كلها طاعة ل ورسوله .
41
ما يطاع فيه يطاع بأنه رسول ال ولو قدر أنه كان إماما مجردا لم يطع حتى
تكون طاعته داخلة في طاعة رسول آخر .
فإن قيل أطيع بإمامته طاعة داخلة في رسالته كان هذا عديم التأثير ،
فإن مجرد ر سالته كاف ية في وجوب طاع ته ،بخلف المام فإ نه إن ما ي صير
إماما بأعوان ينفذون أمره ،وإل كان كآحاد أهل العلم والدين ،فإن قيل أنه e
لما صار له شوكة بالمدينة صار له مع الرسالة إمامة بالعدل ،قيل بل صار
رسول له أعوان وأنصار ينفذون أمره ،ويجاهدون من خالفه وهو ما دام في
الرض من بل صار رسول له أعوان وأنصار ينفذون أمره ،ويجاهدون من
خالفسه وهسو مسا دام فسي الرض مسن يؤمسن بال ورسسوله له أنصسار وأعوان
ينفذون أمره ويجاهدون من خال فه فلم ي ستفد بالعوان ما يحتاج أن يض مه إلى
الرسسالة مثسل كونسه إمامسا أو حاكمسا أو ولى أمسر إذا كان هذا كله داخسل فسي
رسالته ،ولكن بالعوان حصل له كمال قدرة أوجبت عليه من المر والجهاد
ما لم ي كن واج با بدون القدرة ،والحكام تختلف باختلف حال القدرة والع جز
والعلم وعدمه كما تختلف باختلف الغنى والفقر والصحة والمرض ،والمؤمن
مط يع ل في ذلك كله ،و هو مط يع لر سول ال في ذلك كله ،ومح مد ر سول
ال فيما أمر به ونهى عنه مطيع ل في ذلك كله.
وإن قالت المامية :المامة واجبة بالعقل بخلف الرسالة فهي أهم
مسن هذا الوجسه ،قيسل :الوجوب العقلي فيسه نزاع كمسا سسيأتي ،وعلى القول
بالوجوب العقلي فمسا يجسب مسن المامسة جزء مسن أجزاء الواجبات العقليسة ،
وغ ير الما مة أو جب من ذلك كالتوح يد ،وال صدق والعدل ،وغ ير ذلك من
الواجبات العقلية.
42
من أجزاء الرسالة ،فاليمان بالرسول يحصل به مقصود المامة ،في حياته
وبعد مماته بخلف المامة ،وأيضا فمن ثبت عنده أن محمدا رسول ال وأن
طاعته واجبة عليه واجتهد في طاعته بحسب المكان إن قيل أنه يدخل الجنة
فقد استغنى عن مسألة المامة .
وإن قيسل ل يدخسل الجنسة كان هذا خلف نصسوص القرآن ،فإنسه
سبحانه أوجب الجنة لمن أطاع ال ورسوله في غير موضع كقوله تعالى]:مَ نْ
ن النّبِيّي نَ وَال صّدّيقِينَ
ك مَ َع الّذِي نَ أَ ْنعَ مَ الُ عَلَ ْيهِ مْ مِ َ
ُيطِ عِ الَ وَالرّ سُولَ فَُأوْلَئِ َ
ك َرفِيقا[(.)1
حسُنَ ُأوْلَئِ َ
شهَدَاء وَالصّا ِلحِين َو َ
وَال ّ
ِنن َتحْتِهَا الَنْهَار
ّاتن َتجْرِي م ْ
ُهن جَن ٍ
ِعن الَ وَرَسنُو َلهُ يُ ْدخِل ُ
َنن ُيط ِ
] َوم ْ
خَالِدِينَ فِيها وَذَلِكَ ا ْل َفوْز العَظِيم[(. )2
وأيضا فصاحب الزمان الذي يدعون إليه ،ل سبيل للناس إلى معرفته
ول معرفة ما يأمرهم به ،وما ينهاهم عنه ،وما يخبرهم به ،فإن كان أحد ل
يصير سعيدا إل بطاعة هذا الذي ل يعرف أمرهول نهيه لزم أن ل يتمكن أحد
من طر يق النجاة وال سعادة وطا عة ال ،وهذا من أع ظم تكل يف ما ل يطاق
وهم من أعظم الناس إحالة له .
وإن قيل بل هو يأمر بما عليه المامية ،قيل فل حاجة إلى وجوده ،
ول شهوده ،فإن هذا معروف سواء كان هو ح يا أو مي تا ،و سواء كان شاهدا
أو غائبسا ،وإذا كان معرفسة مسا أمسر ال بسه الخلق ممكنسا بدون هذا المام
المنت ظر ،علم أ نه ل حا جة إل يه ول يتو قف عل يه طا عة ال ول نجاة أ حد ول
سسعادته ،وحينئذ فيمتنسع القول بجواز إمامسة مثسل هذا ،فضل عسن القول
بوجوب إمامة مثل هذا،وهذا أمر بيّن لمن تدبره .
43
لكسن الرافضسة مسن أجهسل الناس ،وذلك أن فعسل الواجبات العقليسة
والشرعيسة إمسا أن يكون موقوفسا على معرفسة مسا يأمسر بسه ،وينهسى عنسه هذا
المنت ظر وإ ما أن ل يكون موقو فا ،فإن كان موقو فا لزم تكل يف ما ل يطاق ،
وأن يكون فعسل الواجبات وترك المحرمات موقوفسا على شرط ل يقدر عليسه
عامة الناس ،بل ول أحد منهم فإنه ليس في الرض من يدعي دعوة صادقة
أنه رأى هذا المنتظر ،أو سمع كلمه .
فلزمهسم أحسد أمريسن ،إمسا بطلن قولهسم وإمسا أن يكون ال قسد آيسس
عباده من رحم ته وأو جب عذا به لجم يع الخلق،الم سلمين وغير هم وعلى هذا
التقدير فهم أوّل الشقياء ،المعذبين فإنه ليس لحد منهم طريق إلى معرفة أمر
هذا المام ،الذي يعتقدون أنه موجود غائب ،ول نهيه ول خبره ،بل عندهم
مسن القوال المنقولة عسن شيوخ الرافضسة مسا يذكرون أنسه منقول عسن الئمسة
المتقدميسن على هذا المنتظسر ،وهسم ل ينقلون شيئا عسن المنتظسر وإن قدر أن
بعضهم نقل عنه شيئا علم أنه كاذب ،وحينئذ فتلك القوال إن كانت كافية فل
حاجة إلى المنتظر ،وإن لم تكن كافية فقد أقروا بشقائهم وعذابهم ،حيث كانت
سعادتهم موقوفة على آمر ل يعلمون بماذا أمر.
وقد رأيت طائف من شيوخ الرافضة كابن العود الحلي يقول :إذا
44
اختل فت المام ية على قولين أحدهما يعرف قائله والخر ل يعرف قائله ،كان
القول الذي ل يعرف قائله هسو القول الحسق الذي يجسب اتباعسه لن المنتظسر
المعصوم في تلك الطائفة .
وكان أصسل ديسن هؤلء الرافضسة مبنيسا على مجهول ،ومعدوم ،ل
على موجود ول معلوم ،يظنون أن إمامهسم موجود معصسوم ،وهسو مفقود
معدوم ،ولو كان موجودا معصسوما فهسم معترفون بأن هم ل يقدرون أن يعرفوا
أمره ونهيه ،كما كانوا يعرفون أمر آبائه ونهيهم ،والمقصود بالمام إنما هو
طاعة أمره ،فإذا كان العلم بأمره ممتنعا كانت طاعته ممتنعة ،فكان المقصود
به ممتنعا ،وإذا كان المقصود به ممتنعا لم يكن في إثبات الوسيلة فائدة أصل،
بل كان إثبات الو سيلة ال تي ل يح صل ب ها مق صودها من باب ال سفه والع بث
والعذاب القبيسح باتفاق أهسل الشرع ،وباتفاق العقلء القائليسن بتحسسين العقول
وتقبيح ها ،بل باتفاق العقلء مطل قا ،فإن هم إذا ف سروا القب يح ب ما ي ضر كانوا
متفقين على أن معرفة الضار يعلم بالعقل .
واليمان بهذا المام الذي ليس فيه منفعة بل مضرة في العقل والنفس
والبدن والمال وغير ذلك قب يح شر عا وعقل ،ولهذا كان المتبعون له من أب عد
الناس عن مصلحة الدين والدنيا ،ل تنتظم لهم مصلحة دينهم ول دنياهم ،إن
لم يدخلوا في طاعة غيرهم .كاليهود الذين ل تنتظم لهم مصلحة إل بالدخول
في طاعة من هو خارج عن دينهم .
45
والدنيا ل تحصل إل به عندهم ،وهم لم يحصل لهم بهذا المنتظر مصلحة في
الدين ول في الدنيا ،والذين كذبوا به لم تفتهم مصلحة في الدين ول في الدنيا،
بل كانوا أقوم بمصالح الدين والدنيا من أتباعه .
فعلم بذلك أن قولهسم فسي المامسة ل ينال بسه إل مسا يورث الخزى
والندا مة ،وأ نه ل يس ف يه ش يء من الكرا مة ،وان ذلك إذا كان أع ظم مطالب
الدين فهم أبعد الناس عن الحق والهدى ،في أعظم مطالب الدين ،وإن لم يكن
أعظم مطالب الدين ظهر بطلن ما ادّعوه من ذلك .فث بت بطلن قولهم على
التقديرين ،وهو المطلوب.
فإن قال هؤلء الرافضسة :إيماننسا بهذا المنتظسر المعصسوم مثسل إيمان
كثيسر مسن شيوخ الزهسد والديسن بالياس والخضسر والغوث والقطسب ،ورجال
الغيسب ،ونحسو ذلك مسن الشخاص الذيسن ل يعرفون وجودهسم ،ول بماذا
يأمرون ،ول عن ماذا ينهون ،فكيف يسوغ لمن يوافق هؤلء أن ينكر علينا
ما ندعيه ؟ قيل الجواب من وجوه :
(أحدهنا ) :أن اليمان بوجود هؤلء ليسس واجبسا عنسد أحسد مسن علماء
الم سلمين وطوائف هم المعروف ين ،وإن كان ب عض الغلة يو جب على أ صحابه
اليمان بوجود هؤلء ،ويقول إنه ل يكون مؤمنا وليا ل إل من يؤمن بوجود
هؤلء في هذه الزمان ،كان قوله مردودا ،كقول الرافضة
46
وحينئذ ،فيقال هذا القول أيضا باطل باتفاق علماء المسلمين وأئمتهم،
فإن العلم بالواجبات والمستحبات وفعل الواجبات والمستحبات كلها ليس موقوفا
على الت صديق بوجود هؤلء ،و من ظن من أ هل الن سك والز هد والعا مة أن
شيئا مسن الديسن واجبسا أو مسستحبا موقوف على التصسديق بوجود هؤلء فهذا
جاهسل ضال ،باتفاق أهسل العلم واليمان العالميسن بالكتاب والسسنّة ،إذ قسد علم
بالضرار من دين السلم أن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم لم يشرع لمته
التصديق بوجود هؤلء ،ول أصحابه كانوا يجعلون ذلك من الدين ،ول أئمة
المسلمين وأيضا .
47
م ثل أ نه ب كل ش يء عل يم ،أو على كل ش يء قد ير ،ون حو ذلك ك ما
يقول بعضهسم فسي النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم وفسي شيوخسه :أن علم
أحد هم ينط بق على علم ال وقدر ته منطب قة على قدرة ال ،فيعلم ما يعل مه ال
ويقدر و يقدر على ما يقدر ال عل يه ،فهذه المقالت ،و ما يشبه ها من ج نس
قول النصارى ،والغالية في عليّ ،وهي باطلة بإجماع المسلمين .
48
ل وجود للياس والخضر
49
وقال: ()1
شهَدَاءَ وَال صّا ِلحِين َوحَ سُنَ ُأوْلَئِ كَ َرفِيقًا [
ن النّبِيّي نَ َو ال صّدّيقِينَ وَال ّ
مِ َ
ص الَ وَرَسُو َلهُ
ن َيعْ ِ
] َومَنْ ُيطِ ِع الَ وَرَسُو َلهُ يُ ْدخِلْ ُه جَناّت [ إلى قوله َ ] :ومَ ْ
وَيَ َتعَدّ حُدُودَهُ يُ ْدخِ ْلهُ نَارًا خَالِدًا فِيها وَ َل ُه عَذَابٌ ُمهِين [(.)2
فقسد بيسن ال فسي القرآن أن مسن أطاع ال ورسسوله كان سسعيدا ،فسي
الخرة ومسن عصسى ال ورسسوله وتعدّى حدوده كان معذبا ،وهذا هسو الفرق
بين السعداء والشقياء ،ولم يذكر المامة.
فإن قال قائل :أن المامة داخلة في طاعة ال ورسوله .قيل نهايتها
أن تكون كبعسض الواجبات ،كالصسلة والزكاة والصسيام والحسج وغيسر ذلك ،
م ما يد خل في طا عة ال ور سوله ،فك يف تكون هي وحد ها أشرف م سائل
الم سلمين وأ هم مطالب الد ين ؟ فإن ق يل ل يمكن نا طا عة الر سول إل بطا عة
المام ،فإنه هو الذي يعرف الشرع .قيل هذا هو دعوى المذهب ،ول حجة
فيه ،ومعلوم أن القرآن لم يدل على هذا كما دل على سائر أصول الدين ،وقد
تقدم أن هذا المام الذي يدعونه لم ينتفع به أحد في ذلك ،وسيأتي إن شاء ال
تعالى أن ما جاء به الرسول ل يحتاج في معرفته إلى أحد من الئمة.
50
أصول الدين عند المامية
(الو جه الثا ني)( )1أن يقال :أ صول الد ين ع ند المام ية أرب عة ،التوح يد
والعدل والنبوة ،والما مة ،هي آ خر المرا تب ،والتوح يد والعدل والنبوة ق بل
ذلك ،وهسم يدخلون فسي التوحيسد نفسي الصسفات ،والقول بأن القرآن مخلوق ،
وأن ال ل يرى فسي الخرة ،ويدخلون في العدل التكذ يب بالقدر ،وأن ال ل
يقدر أن يهدي من يشاء ،ول يقدر أن ي ضل من يشاء ،وأ نه قد يشاء ما ل
يكون ،ويكون ما ل يشاء ،وغ ير ذلك ،فل يقولون أ نه خالق كل ش يء ،ول
أ نه على كل ش يء قد ير ،ول أ نه ما شاء ال كان ،و ما لم ي شأ لم ي كن ،ل كن
التوحيد والعدل والنبوة مقدمة على المامة ،فكيف تكون المامة أشرف وأهم؟
وأيضا فالما مة إن ما أوجبو ها لكون ها لط فا في الواجبات ،ف هي واج بة وجوب
الوسائل ،فكيف تكون الوسيلة أشرف وأهم من المقصود .
(الوجه الثالث) :أن يقال إن كانت المامة أهم مطالب الدين ،وأشرف
مسائل المسلمين ،فأبعد الناس عن هذا الهم الشرف هم الرافضة ،فإنهم قد
قالوا في المامة أسخف قول وأفسده في العقل والدين ،كما سنبينه إن شاء ال
تعالى إذا تكلمنا عن حججهم .
)1(1الوجه الول ما تقدم في ص 38على قول الرافضة أن المامة أهم أمور الدين .
51
وأي من فرض إما ما ناف عا في ب عض م صالح الد ين والدن يا كان خيرا م من ل
ينتفع به في شيء من مصالح المامة .
ولقد طلب مني بعض أكابر شيوخهم الفضلء أن يخلو بي وأتكلم معه
فسي ذلك فخلوت بسه وقررت له مسا يقولونسه فسي هذا الباب كقولهسم إن ال أمسر
العباد ونها هم ،في جب أن يف عل ب هم الل طف الذي يكونون عنده أقرب إلى ف عل
الواجسب ،وترك القبيسح ،لن مسن دعسا شخصسا ليأكسل طعامسا فإذا كان مراده
الكل فعل ما يعين على ذلك من السباب ،كتلقيه بالبشر وإجلسه في مجالس
مناسبة وأمثال ذلك .
وإن لم يكن مراده أن يأكل عبس في وجهه وأغلق الباب ،ونحو ذلك
وهذا أخذوه من المعتزلة ،ليس هو من أصول شيوخهم القدماء.
ثم قالوا والمام ل طف ،لن الناس إذا كان ل هم إمام يأمر هم بالوا جب
وينهاهم عن القبيح كانوا أقرب إلى فعل المأمور ،وترك المحظور ،فيجب أن
يكون لهسم إمام ،ول بسد أن يكون معصسوما ،لنسه إذا لم يكسن معصسوما لم
يح صل به المق صود ،ولم تدع الع صمة ل حد ب عد ال نبي صلى ال تعالى عل يه
وسلم إل لعل يّ فتعين أن يكون هو إياه ،للجماع على انتقاء ما سواه وبسطت
52
له العبارة في هذه المعانى .
ثسم قالوا :وعليّس نسص على الحسسن ،والحسسن على الحسسين إلى أن
انتهت النوبة إلى المنتظر محمد بن الحسن صاحب السرداب الغائب ،فاعترف
أن هذا تقريسر مذهبهسم على غايسة الكمال ،قلت له :فأنسا وأنست طالبان للعلم
والحق والهدى وهم يقولون من لم يؤمن بالمنتظر فهو كافر ،فهذا المنتظر هل
رأيتسه ،أو رأيست مسن رآه ،أو سسمعت بخسبره ،أو تعرف شيئا مسن كلمسه ،
الذي قاله هو ،أو ما أمر به أو نهى عنه مأخوذا عنه كما يؤخذ من الئمة ؟
قال :ل .قلت :فأي فائدة في إيماننا هذا ؟ وأي لطف يحصل لنا بهذا ؟.
ثسم كيسف يجوز أن يكلفنسا ال تعالى بطاعسة شخسص ونحسن ل نعلم مسا
يأمرنسا بسه ول مسا ينهانسا عنسه ،ول طريسق لنسا إلى معرفسة ذلك بوجسه مسن
الوجوه ،وهم من أشد الناس إنكارا لتكليف ما ل يطاق ،فهل يكون في تكليف
ما ل يطاق أبلغ من هذا ؟
فقال :إثبات هذا مبنسي على تلك المقدمات .قلت :لكسن المقصسود لنسا
من تلك المقدمات هو ما يتعلق بنا نحن ،وإل فما علينا مما مضى إذا لم يتعلق
المر بنا منه أمر ول نهى .
وإذا كان كلمنسا فسي تلك المقدمات ل يحصسل لنسا فائدة ول لطفسا ول
يفيدنسا إل تكليسف مسا ل يقدر عليسه ،علم ان اليمان بهذا المنتظسر مسن باب
الجهل والضلل ،ل من باب اللطف والمصلحة .
والذي عند المامية من النقل عن الئمة الموتى إن كان حقا يحصل به
سسعادتهم فل حاجسة بهسم إلى المنتظسر ،وإن كان باطل فهسم أيضسا لم ينتفعوا
بالمنت ظر في رد هذا البا طل ،فلم ينتفعوا بالمنت ظر ل في إثبات حق ول في
نفي باطل ،ول أمر بمعروف ول نهي عن منكر ،ولم يحصل به لواحد منهم
53
شيء من المصلحة واللطف والمنفعة المطلوبة من المامة .
54
ل يحصل بمعرفة المام خير إن لم يعمل صالحا
ولو آ من بال نبي وع صاه ،وض يع الفرائض وتع ّد الحدود كان م ستحقا
للوع يد ع ند المام ية و سائر طوائف الم سلمين ،فك يف ب من عرف المام و هو
عليس حسسنة ل
ّ مضيّع للفرائض متعدّ للحدود ؟ وكثيسر مسن هؤلء يقول حسب
ي فل حا جة إلى
ي ضر مع ها سيئة ،وإن كا نت ال سيئات ل ت ضر مع حب عل ّ
المام المع صوم ،الذي هو ل طف في التكل يف ،فإ نه إذا لم يو جد إن ما تو جد
ي كافيا فسواء وجد المام أو لم يوجد ..
سيئات ومعاص ،فإن كان حب عل ّ
وال تعالى وصف المؤمنين وأحوالهم ،والنبي صلى ال تعالى عليه وسلم قد
فسسر اليمان ،وذكسر شعبسه ،ولم يذكسر ال ول رسسوله المامسة ،فسي أركان
اليمان ففي الحديث الصحيح حديث جبريل لما أتى النبي صلى ال تعالى عليه
وسلم في صورة أعرابي ،وسأله عن السلم ،واليمان ،والحسان ،قال له
السلم :أن تشهد أن ل إله إل ال ،وأن محمدا رسول ال ،وتقيم الصلة ((
55
وتؤتي الزكاة ،وتصوم رمضان ،وتحج البيت ،قال واليمان :أن تؤمن بال
وملئك ته وكت به ور سله واليوم ال خر والب عث ب عد الموت وتؤ من بالقدر خيره
ولم يذكر المامة . ()1
)) وشره
فإمسا أن يحتسج بمسا يقوم الدليسل على صسحته نحسن وهسم ،أو ل يحتسج
بشيء من ذلك نحن ول هم ،فإن تركوا الرواية رأسا أمكن أن نترك الراوية
.
ن الّذِينَ
وهب أنّا ل نحتج بالحديث فقد قال ال تعالى ] :إ ِ ّنمَا ال ُم ْؤمِنُو َ
علَى رَبّهِم
إِذَا ُذكِرَ الُ َوجِلَ تْ قُلُو ُبهُ مْ َوإِذَا تُلِيَ تْ عَلَ ْيهِ مْ آيَاتُ هُ زَادَتْهُم إِيمَانًا وَ َ
حقًا
ن ُأوْلَئِكَ هُ ُم ال ُم ْؤمِنُونَ َ
ن الصّل َة َو ِممّا َرزَقْنَاهُمْ يُ ْن ِفقُو ْ
يَ َت َوكّلُون الّذِينَ ُيقِيمُو َ
ْقن كَرِينم [( .)2فشهسد لهؤلء باليمان مسن
َاتن عِنْدَ رَبّهِم َومَ ْغفِرَ ٌة وَرِز ٌ
لَهُم َد َرج ٍ
ن الّذِينَ آمنُوا بِالِ وَرَسُو ِل ِه ُثمّ
غير ذكر للمامة وقال تعالى ] :إِ ّنمَا الُم ْؤمِنو َ
56
سهِمْ فِي سَبِي ِل ال ُأوْلَئِكَ هُمُ الصّادِقُون [(.)3
لَمْ يَرْتَابُوا َوجَاهَدُوا بِ َأ ْموَا ِلهِمْ َوأَنْفُ ِ
فجعلهم صادقين في اليمان من غير ذكر للمامة .
وأي ضا فن حن نعلم بالضطرار من د ين مح مد بن ع بد ال صلى ال
تعالى عليسه وسسلم أن الناس كانوا إذا أسسلموا لم يجعسل إيمانهسم موقوفسا على
معرفة المامة ،ولم يذكر لهم شيئا من ذلك .
ومسا كان أحسد أركان اليمان ل بسد أن يسبينه الرسسول لهسل اليمان
ليحصسل لهسم بسه اليمان ،فإذا علم بالضطرار أن هذا ممسا لم يكسن الرسسول
يشترطه في اليمان ،علم أن اشتراطه في اليمان من أقوال البهتان .
فإن قيسل هنسا قسد دخلت فسي عموم النسص ،أو هسي مسن باب ل يتسم
الواجب إل به ،أو دل عليه نص آخر .
قيل هذا كله لو صح لكان غايته أن تكون من بعض فروع الد ين ،ل
تكون مسن أركان اليمان ،فإن ركسن اليمان مسا ل يحصسل اليمان إل بسه
كالشهادت ين ،فل يكون الر جل مؤم نا ح تى يش هد أن ل إله إل ال وأن محمدا
رسسول ال ،فلو كانست المامسة ركنسا فسي اليمان ل يتسم إيمان أحسد إل بسه ،
لوجب أن يبينه الرسول بيانا عاما قاطعا للعذر كما بين الشهادتين ،واليمان
بالملئ كة والك تب والر سل واليوم ال خر ،فك يف ون حن نعلم بالضطرار من
دينسه أن الذيسن دخلوا فسي دينسه أفواجسا لم يشترط على أحسد منهسم فسي اليمان
بالمامة ،مطلقا ول معينا .
(الوجه السادس ) :قوله قال رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم من
مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .
فيقال له أوّل من روى هذا الحديث بهذا اللفظ ،وأين إسناده؟ وكيف يجوز أن
يحتج بنقل عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم من غير بيان الطريق الذي به
يثبت أن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم قاله ،هذا لو كان مجهول الحال عند
57
أ هل العلم بالحد يث ،فك يف وهذا الحد يث بهذا الل فظ ل يعرف ،إن ما الحد يث
المعروف م ثل روى م سلم في صحيحه عن نافع قال :جاء ع بد ال بن عمر
إلى عبد ال بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية ،
فقال اطرحوا لبي عبد الرحمن وسادة ،فقال إني لم آتك لجلس أتيتك لحدثك
حدي ثا سمعت ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم يقوله سمعته يقول (( من
خلع يدا من طا عة ل قى ال يوم القيا مة ل ح جة له ،و من مات ل يس في عن قه
. ()1
)) بيعة مات ميتة جاهلية
وهذا ضسد قول الرافضسة ،فإنهسم أعظسم الناس مخالفسة لولة المور
وأبعد الناس عن طاعتهم إل كرها ،ونحن نطالبهم أول بصحة النقل ثم بتقدير
أن يكون ناقله واحد ،فكيف يجوز أن يثبت أصل اليمان بخبر مثل هذا الذي
ل يعرف له ناقل ،وإن عرف له ناقل أمكن خطؤه وكذبه ،وهل يثبت أصل
اليمان إل بطريق علمي.
(الو جه ال سابع ) :أن يقال إن كان هذا الحد يث من كلم ال نبي صلى
ال تعالى عل يه و سلم فل يس ف يه ح جة لهذا القائل ،فإن ال نبي صلى ال تعالى
عليه وسلم قد قال مات ميتة جاهلية .
58
والسنّة ،فكيف يكفر بما دون ذلك .
( الو جه الثا من ) :أن هذا الحد يث الذي ذكره ح جة على الراف ضة ،
لنهسم ل يعرفون إمام زمانهسم ،فإنهسم يدّعون أنسه الغائب المنتظسر محمسد بسن
الحسن ،الذي دخل سرداب سامرّا ،سنة ستين ومائتين أو نحوهما ولم يعد ،
بل كان عمره إما سنتين ،وإما ثلثا ،وإما خمسا أو نحو ذلك وله الن على
قولهم أكثر من أربعمائة سنة ولم ير له عين ول أثر ،ول سمع له حس ول
خبر .
فليسس فيهسم أحسد يعرفسه ل بعينسه ،ول صسفته ،لكسن يقولون أن هذا
الش خص الذي لم يره أ حد ،ولم ي سمع له خبر هو إمام زمان هم ،ومعلوم أن
هذا ليس هو معرفة بالمام ،ونظير هذا أن يكون لرجل قريب من بني عمه
فسي الدنيسا ول يعرف شيئا مسن أحواله ،فهذا ل يعرف ابسن عمسه وكذلك المال
الملتقط إذا عرف أن له مالكا ولم يعرف عينه لم يكن عارفا لصاحب اللقطة ،
59
بل هذا أعرف لن هذا يمكن ترتيب بعض أحكام الملك والنسب عليه .
60
تنازعوا بعد النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ،في مسائل أشرف من هذه .
وأمسا على عهسد الخلفاء الثلثسة فلم يظهسر نزاع ،إل مسا جرى يوم
ال سقيفة ،و ما انف صلوا ح تى اتفقوا ،وم ثل هذا ل يعسد نزا عا ،ولو قدّر أن
النزاع في ها كان ع قب موت ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم فل يس كل ما
تنوزع فيه عقب موته صلى ال تعالى عليه وسلم يكون أشرف مما تنوزع فيه
بعد موته بدهر طويل .
فإن كانست أهسم مسسائل الديسن وهسم لم ينتفعوا بالمقصسود منهسا ،فقسد
فاتهسم مسن الديسن أهمسه وأشرفسه ،وحينئذ فل ينتفعون بمسا حصسل لهسم مسن
التوح يد ،والعدل ل نه يكون ناق صا بالن سبة إلى مق صود الما مة ،في ستحقون
العذاب .
61
فأي سسعى أضسل مسن سسعى مسن يتعسب التعسب الطويسل ،ويكثسر القال
والقيل ،ويفارق جماعة المسلمين ،ويلعن السابقين والتابعين ،ويعاون الكفار
والمنافقين ،ويحتال بأنواع الحيل ،ويسلك ما أمكنه من السبل ويعتض بشهود
الزور ،ويدلى أتباعسه بحبسل الغرور ،ويفعسل مسا يطول وصسفه ،ومقصسوده
بذلك أن يكون له إمام يدله على أمسر ال ونهيسه ،ويعرّفسه مسا يقربسه إلى ال
تعالى ،ثم إنه لما علم اسم ذلك المام ونسبه لم يظفر بشيء من مطلوبه ،ول
وصل إليه شيء من تعليمه وإرشاده ،ول أمره ول نهيه ،ول حصل له من
جهتسه منفعسة ،ول مصسلحة أصسل ،إل إذهاب نفسسه وماله ،وقطسع السسفار
وطول النتظار بالليل والنهار ،ومعاداة الجمهور ،لداخل في سرداب ،ليس
له عمل ول خطاب .
ولو كان موجودا بيق ين ل ما ح صل به منف عة لهؤلء الم ساكين ،فك يف
وعقلء الناس يعلمون أن ليسس معهسم إل الفلس ،وأن الحسسن بسن علي
العسكري لم ينسل ولم يعقب ،كما ذكر ذلك محمد بن جرير الطبري ،وعبد
الباقي بن قانع ،وغيرهما من أهل العلم بالنسب .
وهم يقولون أنه دخل في السرداب بعد موت أبيه ،وعمره إما سنتان
وإما ثلث وإما خمس ،وإما نحو ذلك ،ومثل هذا بنص القرآن يتيم ،يجب أن
يح فظ له ماله ح تى يؤ نس م نه الر شد ،ويحض نه من ي ستحق حضان ته من
قرابته ،فإذا صار له سبع سنين أمر بالطهارة والصلة .
فمن ل توضأ ول صلى ،وهو تحت حجر وليه في نفسه وماله بنص
القرآن لو كان موجودا يشهده العيان ،فما جاز أن يكون هو إمام أهل اليمان،
فكيف إذا كان معدوما أو مفقودا مع طول هذه الغيبة .
والمرأة إذا غاب ولي ها زوّج ها الحا كم أو الولي الحا ضر ،لئل تفوت
مصلحة المامة مع طول هذه المدة ،مع هذا المام المفقود .
62
63
(فصسسل)
قال الرافضني :لمسا بعسث ال محمدا صسلى ال تعالى عليسه وسسلم قام
بث قل الر سالة ،و نص على أن الخلي فة بعده علي بن أ بي طالب عل يه ال سلم ،
ثم من بعده على ولده الح سن الز كي ،ثم على ولده الح سين الشهيد ،ثم على
علي بن الحسين زين العابدين ،ثم على محمد بن علي الباقر ،ثم على جعفر
بن محمد الصادق ،ثم على موسى بن جعفر الكاظم ،ثم على عليّ بن موسى
الر ضا ،ثم على مح مد بن علي الجواد ،ثم على علي بن مح مد الهادي ،ثم
على الحسسن بسن علي العسسكري ،ثسم على الخلف الحجسة محمسد بسن الحسسن
المهدي ،عليهم الصلة والسلم وأن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم لم يمت
إل عن وصية بالمامة ،وقال :وأهل السنّة ذهبوا إلى خلف ذلك كله .
(فصسسسسل)
والثانيسة أنهسا ثبتست بالنسص الخفسي ،والشارة قال وبهذا قال الحسسن
64
البصري ،وجماعة من أهل الحديث ،وبكر ابن أخت عبد الواحد ،والبيهسية
من الخوارج.
قال ابن حامد والدليل على إثبات ذلك بالنص ،أخبار من ذلك ما أسنده
البخاري ،عن ج ير بن مط عم قال (( :أ تت امرأة إلى ال نبي صلى ال تعالى
عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه ،قالت أرأيت إن جئت فلم أجدك ،كأنها تريد
وذ كر له سياقا آ خر وأحاد يث ()1
)) الموت ،قال :إن لم تجدي ني فأ تي أ با ب كر
أُخر .قال وذلك نص على إمامته .
قال وحديسث سسفيان ،عسن عبسد الملك بسن عميسر ،عسن ربعسي ،عسن
اقتدوا (( حذيفة ابن اليمان ،قال :قال رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم :
. ()2
)) بالذين من بعدي أبي بكر وعمر
وأسسند البخاري ،عسن أبسي هريرة ،قال سسمعت رسسول ال صسلى ال
تعالى عل يه وسلم .قال (( :بيّنا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو ،فنزعت
منها ما شاء ال ،ثم أخذها ابن أبي قحافة ،فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين وفي
نزعه ضعف ول يغفر له ضعفه ،ثم استحالت غربا فأخذها عمر بن الخطاب
قال : ()3
)) فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر ،حتى ضرب الناس بعطن
65
وذلك نص في المامة .
قال :ويدل عليه ما أخبرنا أبو بكر بن مالك ،وروى عن مسند أحمد ،
عن حماد بن سلمة ،عن علي بن زيد بن جدعان ،عن عبد الرحمن بن أبي
أيكم (( بكرة ،عن أبيه ،قال :قال رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم يوما:
رأى رؤيا فقلت :أنا رأيت يا رسول ال كأن ميزانا دلي من السماء ،فوزنت
بأبي بكر فرجحت بأبي بكر ،ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح ،أبو بكر بعمر ثم
وزن ع مر بعثمان فر جح ع مر بعثمان ثم ر فع الميزان ،فقال ال نبي صلى ال
تعالى عليه وسلم (( خلفة نبوه ،ثم يؤتي ال الملك لمن يشاء))(.)1
قال وأسسند أبسو داود عسن جابر النصساري ،قال :قال رسسول ال
رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول (( صلى ال تعالى عليه وسلم :
ال ،ونيط عمر بأبي بكر ،ونيط عثمان بعمر )) ،قال جابر فلما قمنا من عند
رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم .قلنا أما الصالح فرسول ال صلى ال
تعالى عليه وسلم ،وأما نوط بعضهم ببعض ،فهم ولة هذا المر الذي بعث
ال به نبيه .
قال :و من ذلك حد يث صالح بن كي سان ،عن الزهري ،عن عروة،
عسن عائشسة –رضسي ال عنهسا ، -قالت :دخسل عليّس رسسول ال صسلى ال
تعالى عليسه وسسلم .اليوم الذي بدئ فيسه ،فقال(( ادعسي لي أباك وأخاك ،حتسى
أكتب لبي لكر كتابا ،ثم قال يأبى ال والمسلمون إل أبا بكر ،وفي لفظ فل
. ()2
)) يطمع في هذا المر طامع
و هذا الحديث في الصحيحين ورواه من طريق أبي داود الطيالسي ،
عن ابن أبي مليكة ،عن عائشة ،قالت :لما ثقل رسول ال صلى ال تعالى
عليه وسلم قال (( :ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر لكتب لبي بكر كتابا،
،وذكسر )) ل يختلف عليسه ثسم قال معاذ ال أن يختلف المؤمنون فسي أبسي بكسر
66
أحاديث تقديمه في الصلة ،وأحاديث أُخر لم أذكرها لكونها ليست مما يثبته
أهل الحديث .
وقال أ بو مح مد بن حزم في كتا به الملل والن حل :اختلف الناس في
الما مة ب عد ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ،فقالت طائ فة :إن ال نبي
صلى ال تعالى عل يه و سلم لم ي ستخلف أحدا ،ثم اختلفوا فقال بعض هم :ل كن
لمسا اسستخلف أبسا بكسر على الصسلة كان ذلك دليل على أنسه أولهسم بالمامسة
والخلفسة على المسر ،وقال بعضهسم :ل ولكسن كان أثبتهسم فضل ،فقدموه
لذلك ،وقالت طائفسة :بسل نسص رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم على
استخلف أبي بكر بعده ،على أمور الناس نصا جليا .
قال أبو محمد وبهذا نقول :لبراهين أحدها أطباق الناس كلهم ،وهم
ن دِيَارِ ِهمْ َوَأمْوَا َلهُم
ن ُأخْ ِرجُوا مِ ْ
ن الّذِي َ
الذين قال ال فيهم ِ ] :للفقراءِ ا ْل ُمهَاجِرِي َ
ن ال وَ َرسُو َل ُه أُولَئِكَ هُم
ضوَانًا وَيَنْصُرُو َ
ن الِ و َرِ ْ
ضلً مِ َ
َيبْ َتغُونَ فَ ْ
[ (. )1
الصّادِقُون
فقسد اتفسق هؤلء الذيسن شهسد ال لهسم بالصسدق ،وجميسع إخوانهسم مسن
النصار tم ،على أن سموه خليفة رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم .
ومعنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه المرء ،ل الذي يخلفه دون
أن يستخلفه هو ،ل يجوز غير هذا البتة في اللغة بل خلف ،يقال :استخلف
فلن فل نا يستخلفه ف هو خليف ته وم ستخلفه ،فإن قام مكا نه دون أن ي ستخلفه لم
يقل إل خلف فلن فلنا يخلفه فهو خالف .
سن
سلة ،لوجهيس
ستخلف على الصس
قال :ومحال أن يعنوا بذلك السس
ضروريين .
( أحدهما ) :أنه لم يستحق أبو بكر قط هذا السم على الطلق في
حياة النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ،وهو حينئذ خليفته على الصلة فصح
يقينا أن خلفته المسمى بها هي غير خلفته على الصلة .
67
(والثا ني):أن كل من ا ستخلفه ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم
في حياته ،كعليّ في غزوة تبوك ،وابن أم مكتوم في غزوة الخندق ،وعثمان
بسن عفان فسي غزوة ذات الرقاع ،وسسائر مسن اسستخلفه على البلد باليمسن ،
والبحرين ،والطائف ،وغيرها ،لم يستحق أحد منهم بل خلف بين أحد من
الئ مة أن ي سمى خلي فة ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ،-ف صح يقي نا
بالضرورة التي ل محيد عنها أنها الخلفة بعده ،على أمته .
ومسن المحال أن يجمعوا على ذلك ،وهسو لم يسستخلفه نصسا ،ولو لم
ي كن هاه نا إل ا ستخلفه في ال صلة ،لم ي كن أ بو ب كر أولى بهذا ال سم من
سسائر مسن ذكرناه ،قال :وأيضسا فإن الروايسة قسد صسحت .أن امرأة قالت :يسا
فأ تي (( ر سول ال :أرأ يت إن رج عت فلم أجدك ،كأن ها تع ني الموت ؟ قال :
قال :وهذا نص جلى على استخلف أبي بكر . ()1
)) أبا بكر
قال :وأيضا فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة أن رسول ال صلى
لقد هممت أن (( ال تعالى عليه وسلم قال لعائشة في مرضه الذي توفي فيه :
أبعث إلى أبيك وأخيك وأكتب كتابا وأعهد عهدا لكيل يقول قائل :أنا أحق أو
. ()2
)) يتمنى متمنى ،ويأبى ال ورسوله والمؤمنون إل أبا بكر
وروى أيضسا – ويأبسى ال والنسبيون إل أبسا بكسر – قال :فهذا نسص
جلى على ا ستخلفه صلى ال تعالى عل يه و سلم – أ با ب كر على ول ية ال مة
بعده .
قال :واحتج من قال لم يستخلف بالخبر المأثور عن عبد ال بن عمر،
عن عمر ،أنه قال إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر ،
وإل استخلف فلم يستخلف من هو خير مني ،يعني رسول ال صلى ال تعالى
عل يه و سلم (.)3وب ما روى عن عائ شة tا ،أن ها سئلت :من كان ر سول ال
68
()4
صلى ال تعالى عليه وسلم مستخلفا لو استخلف ؟
قال :ومسن المحال أن يعارض إجماع الصسحابة الذي ذكرنسا عنهسم ،
والثران الصحيحان المسندان إلى رسول ال صلى تعالى ال عليه وسلم ،من
لفظه بمثل هذين الثرين الموقوفين على عمر وعائشة ،مما ل تقوم به حجة
ظاهرة .مع أن هذا ال ثر خ فى على ع مر ،ك ما خ فى عل يه كث ير من أ مر
رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،كالسستئذان وغيره ،وأنسه أراد
ا ستخلفا بع هد مكتوب ،ون حن ن قر أن ا ستخلفه لم ي كن بع هد مكتوب ،وأ ما
الخسبر فسي ذلك عسن عائشسة tا فكذلك أيضسا ،وقسد يخرج كلهمسا عسن سسؤال
سائل .وإنما الحجة في روايتهما ل في قولهما .
(قلت ):الكلم في تثبيت خلفة أبي بكر و غيره مبسوط في غير هذا
الموضع ،وإنما المقصود هنا البيان لكلم الناس في خلفته ،هل حصل عليها
نص خفى أو جلى ،وهل تثبت بذلك أو بالختيار،من أهل الحل والعقد فقد تبين
أن كثيرا مسن السسلف والخلف قالوا فيهسا بالنسص الجلى،أو الخفسى ،وحينئذ فقسد
ب طل قدح الراف ضي في أ هل ال سنة بقوله:ان هم يقولون ان ال نبي eلم ي نص إلى
إمامة أحد،وانه مات عن غير وصية.
وكذلك ان هذا القول لم يقله جميعهم،فان كان حقا فقد قاله بعضهم،وان
كان الحق هو نقيضه فقد قال بعضهم ذلك،فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن
أهل السنّة ،أيضا فلو قدر أن القول بالنص هو الحق لم يكن في ذلك حجة
للشيعة فإن الرواندية تقول بالنص على العباس كما قالوا هم بالنص على علي.
69
وخالفت أمر الر سول صلى ال تعالى عل يه وسلم عنادا ،ومنهم من قال :إن
النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة ،يعني هو نص خفي .
فهذان قولن للرواندية ،كالقولين للشيعة ،فإن المامية تقول :أنه نص علي
بن أبي طالب من طريق التصريح والتسمية ،بأن هذا هو المام من بعدي .
فاسمعوا له وأطيعوا ،والزيدية تخالفهم في هذا .
ثم من الزيدية من يقول :إنما نص عليه بقوله :من كنت موله فعل يّ
موله ،وأ نت م ني بمنزلة هارون من مو سى ،وأمثال ذلك من ال نص الخ في
الذي يحتاج إلى تأ مل لمعناه ،وح كي عن الجارود ية من الزيد ية :أن ال نبي
صلى ال تعالى عليه وسلم نص على عليّ بصفة لم توجد إل فيه ،ل من جهة
التسمية ،فدعوى الرواندية في النص من جنس دعوى الرافضة ،وقد ذكر في
المامية أقوال أخرى .
والمقصسود هنسا أن كثيرا مسن أهسل السسنّة يقولون :أن خلفتسه تثبست
بال نص ،و هم ي سندون ذلك إلى أحاد يث معروفة صحيحة ،ول ر يب أن قول
هؤلء أوجه من قول من يقول أن خلفة علي أو العباس ثبتت بالنص.
فإن هؤلء ليسس معهسم إل مجرد الكذب والبهتان الذي يعلم بطلنسه
بالضرورة كل من كان عارفا بأحوال السلم ،أو استدلل بألفاظ ل تدل على
ذلك ،كحديث استخلفه في غزوة تبوك ،ونحوه مما سنتكلم عليه إن شاء ال
70
تعالى .
71
ثم النصار جميعهم بايعوا أبا بكر إل سعد بن عبادة لكونه هو الذي
كان يطلب الول ية ،ولم ي قل قط أ حد من ال صحابة أن ال نبي صلى ال تعالى
عليسه وسسلم نسص على غيسر أبسي بكسر ل على العباس ول على علي ،ول
غيره ما ،ول اد عى العباس ول علي –ول أ حد م من يحبه ما –الخل فة لواحدٍ
منهما ،ول أنه منصوص عليه ،بل ول قال أحد من الصحابة أن في قريش
من هو أ حق ب ها من أ بي ب كر ،ل من ب ني ها شم ول من غ ير ب ني ها شم ،
وهذا كله ممسا يعلمسه العلماء العالمون بالثار والسسنن والحديسث ،وهسو معلوم
عندهم بالضطرار.
فصارت ثابتة بالنص والجماع جميعا لكن النص دل على رضا ال
ورسوله بها وأنها حق وأن ال أمر بها وقدرها وأن المؤمنين يختارونها وكان
هذا أبلغ من مجرد العهد بها لنه حينئذ كان يكون طريق ثبوتها مجرد العهد .
وأما إذا كان المسلمون قد اختاروه من غير عهد ودلت النصوص على
صسوابهم فيمسا فعلوه ،ورضسا ال ورسسوله بذلك ،كان ذلك دليل على أن
الصديق كان فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره ما علم المسلمون به أنه
أحقهم بالخلفة ،فإن ذلك ل يحتاج فيه إلى عهد خاص ،كما قال النبي صلى
ادعي لي (( ال تعالى عليه وسلم .لما أراد أن يكتب لبي بكر فقال لعائشة :
أباك وأخاك ح تى أك تب ل بي ب كر كتا با فإ ني أخاف أن يتم نى متم نى ،ويقول
قائل أنسا أولى ،ويأبسى ال والمؤمنون إل أبسا بكسر ))( )1أخرجاه فسي الصسحيحين
و في البخاري (( :ل قد هم مت أن أر سل إلى أ بي ب كر واب نه ،وأع هد أن يقول
72
فبين صلى ال ()2
)) القائلون ،أو يتم نى المتمنون ،ويدفع ال ويأبى المؤمنون
تعالى عليه وسلم أنه يريد ان يكتب كتابا خوفا ثم علم أن المر واضح ظاهر ،
ليس مما يقبل النزاع فيه ،والمة حديثة عهد بنبيها ،وهم خير أمة أخرجت
للناس ،وأفضل قرون هذه المة فل يتنازعون في هذا المر الواضح الجلي .
فإن النزاع إنمسا يكون لخفاء العلم ،أو لسسوء القصسد وكل المريسن
منتسف ،فإن العلم بفضيلة أبسي بكسر جلى ،وسسوء القصسد ل يقسع مسن جمهور
ال مة الذ ين هم أف ضل القرون ،ولهذا قال يأ بى ال والمؤمنون إل أ با ب كر ،
فترك ذلك لعلمسه بأن ظهور فضيلة أبسى بكسر الصسديق واسستخلفه لهذا المسر
يغني عن العهد ،فل يحتاج إليه ،فتركه لعدم الحاجة وظهور فضيلة الصديق ،
واستحقاقه وهذا أبلغ من العهد .
73
(فصنننننل)
وأمسا قول الرافضسي :إنهسم يقولون المام بعسد رسسول ال صسلى ال
تعالى عل يه و سلم –أ بو ب كر بمباي عة ع مر ،بر ضا أرب عة ،فيقال له ل يس هذا
قول أئمسة السسنّة ،وإن كان بعسض أهسل الكلم يقول أن المامسة تنعقسد ببيعسة
أربعسة ،كمسا قال بعضهسم :تنعقسد ببيعسة اثنيسن ،وقال بعضهسم :تنعقسد ببيعسة
وا حد ،فل يس هذه أقوال أئ مة ال سنّة ،بل الما مة عند هم تث بت بمواف قة أ هل
الشوكسة عليهسا ،ول يصسير الرجسل إمامسا حتسى يوافقسه ،أهسل الشوكسة الذيسن
يح صل بطاعت هم له مق صود الما مة ،فإن المق صود من الما مة إن ما يح صل
بالقدرة والسلطان ،فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان ،صار إماما ،
ولهذا قال أئ مة ال سنّة من صار له قدرة و سلطان ،يف عل به ما مق صود الول ية
فهسو مسن أولي المسر ،الذيسن أمسر ال بطاعتهسم ،مسا لم يأمروا بمعصسبة ال،
فالما مة ملك و سلطان ،والملك ل ي صير مل كا بمواف قة وا حد ول اثن ين ،ول
أرب عة ،إل أن تكون مواف قة غير هم بح يث ي صير مل كا بذلك ،وهكذا كل أ مر
يفت قر إلى المعاو نة عل يه ،ل يح صل إل بح صول من يمكن هم التعاون عل يه ،
ولهذا لما بويع علي tوصار معه شوكة صار إماما .
وأمنا قوله :ثسم عثمان بسن عفان بنسص عمسر على سستة هسو أحدهسم
فاختاره بعضهم ،فيقال أيضا عثمان لم يصر إماما باختيار بعضهم بل بمبايعة
الناس له ،وجميع المسلمين بايعوا عثمان بن عفان لم يتخلف عن بيعته أحد .
فلمسا بايعسه ذوو الشوكسة والقدرة صسار إمامسا ،وإل لو قدر أن عبسد
74
الرحمسن بايعسه ولم يبايعسه غيره علي ول غيره مسن الصسحابة أهسل الشوكسة لم
يصر إماما .
ولكن عمر لما جعلها شورى في ستة :عثمان وعلي وطلحة والزبير
و سعد وع بد الرح من بن عوف ثم أ نه خرج طل حة والزب ير و سعد باختيار هم
وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف ،واتفق الثلثة باختيارهم على أن
عبد الرحمن بن عوف ل يتولى ويولى أحد الرجلين .
و ذكرهم أنهم كلهم قدموا عثمان فبايعوه ،ل عن رغبة أعطاهم إياها
ول عن ره بة أخاف هم ب ها ،ولهذا قال غ ير وا حد من ال سلف والئ مة كأيوب
السختياني وأحمد بن حنبل والدارقطني وغيرهم :من قدم عليا على عثمان فقد
أزرى بالمهاجريسن والنصسار ،وهذا مسن الدلة الدالة على ان عثمان أفضسل
لنهم قدموه باختيارهم ،واشتوارهم .
وأ ما قوله :ثم علي بمباي عة الخلق له فتخ صيصه عليّا بمباي عة الخلق
دون أبي بكر وعمر وعثمان كلم ظاهر البطلن ،وذلك أنه من المعلوم لكل
من عرف سيرة القوم ،أن اتفاق الخلق ومبايعتهسم ل بي ب كر وع مر وعثمان
أع ظم من اتفاق هم على بي عة علي tوعن هم أجمع ين و كل أحد يعلم أن هم اتفقوا
على بيعة عثمان أعظم من اتفاقهم على بيعة علي والذين بايعوا عثمان في أول
المر أفضل من الذين بايعوا عليّا ،فإنه بايعه علي وعبد الرحمن بن عوف و
طل حة والزبير بن العوام وعبد ال بن م سعود والعباس بن عبد المطلب وأبي
بن ك عب وأمثال هم مع سكينة وطمأني نة ،وب عد مشاورة الم سلمين ثل ثة أيام ،
وأما علي tفإنه بويع عقب قتل عثمان ، tوالقلوب مضطربة ،مختلفة وأكابر
75
ال صحابة متفرقون وأح ضر طل حة إحضارا ح تى قال من قال أن هم جاءوا به
مكرها ،وأنه قال بايعت واللج على قفىّ وكان لهل الفتنة بالمدينة شوكة لما
قتلوا عثمان ،وماج الناس لقتله مو جا عظي ما ،وكث ير من ال صحابة لم يبا يع
عليّا كعبد ال بن عمر وأمثاله ،وكان الناس معه ثلثة أصناف ،صنف قاتلوا
معسه ،وصسنف قاتلوه ،وصسنف لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معسه ،فكيسف يجوز أن
يقال فسي علي بمبايعسة الخلق له ،ول يقال مثسل ذلك فسي مبايعسة الثلثسة ولم
يختلف عليهم أحد لما بايعهم الناس ،كلهم ل سيما عثمان .
وأما أبو بكر tفتخلف عن بيعته سعد لنهم كانوا قد عينوه للمارة ،
فبقي في نفسه ما يبقى في نفوس البشر ،ولكن هو مع هذا tلم يعارض ،ولم
يدفع حقا ،ول أعان على باطل .
بل قد روى المام أحمد بن حنبل رحمه ال في مسند الصديق عن عثمان ،
عن أبي معاوية عن داود بن عبد ال الودي ،عن حميد بن عبد الرحمن هو
الحميري فذكر حديث السقيفة وفيه :أن الصديق قال (( :ولقد علمت يا سعد
أن رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم قال وأنت قاعد قريش ولة هذا المر
فبرّ الناس تبع لبرهم ،وفاجرهم تبع لفاجرهم ،قال ،فقال له سعد :صدقت
. نحن الوزراء وأنتم المراء ))
()1
76
النصوص الكثيرة ،في صحة خلفة غيره وهذا أمر معلوم عند أهل الحديث
يروون ،في صحة خل فة الثل ثة ن صوصا كثيرة بخلف خل فة علي ،فإن
نصوصها قليلة .
فإن الثلثة اجتمعت المة عليهم ،فحصل بهم مقصود المامة ،وقوتل
بهم الكفار وفتحت بهم المصار ،وخلفة علي لم يقاتل فيها كافر .ول ف تح
مصر وإنما كان السيف بين أهل القبلة .
وأما النص الذي تدعيه الرافضة فهو كال نص الذي تدعيه الرواند ية ،
على العباس وكلهما معلوم الفساد بالضرورة عند أهل العلم ،ولو لم يكن في
إثبات خلفسة علي إل هذا لم تثبست له إمامسة قسط ،كمسا لم تثبست للعباس إمامسة
بنظيره .
سن ،
سم :أن المام بعده الحسس
سم اختلفوا فقال بعضهس
سا قوله :ثس
وأمس
وبعضهم قال أنه معاوية ،فيقال أهل السنّة لم يتنازعوا في هذا بل هم يعلمون
أن الحسن بايعه أهل العراق مكان أبيه،وأهل الشام كانوا مع معاوية قبل ذلك.
77
فسي معصسية ال تعالى – بسل يشارك فيمسا يفعله مسن طاعسة ال ،فيغزى معسه
الكفار ،ويصلى معه الجمعة ،والعيدان ويحج معه ،ويعاون في إقامة الحدود ،
والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وأمثال ذلك .
ويقولون :أنه قد تولى غير هؤلء بالمغرب من بني أمية ،ومن بني
علي .
كمسا يقال سستون سسنة مسع إمام جائر خيسر مسن ليلة واحدة بل إمام ،
ويروى عن علي tأ نه قال (( :ل بد للناس من إمارة ،برة كا نت أو فاجرة ،
قيل له هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ؟ قال :يؤمن بها السبيل ،ويقام
بها الحدود ،ويجاهد بها العدوّ ،ويقسم بها الفيء )) ذكره علي بن مع بد في
كتاب الطاعة والمعصية .
والناس ل يمكنهسم بقاء أيام قليلة بل ولة أمور ،بسل كانست أمورهسم
تفسد ،فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إل من ل يعرف ،ول يدري
ما يقول ،ول يقدر على شيء من أمور المامة ،بل هو معدوم .
78
وأ ما آباؤه فلم ي كن ل هم قدرة و سلطان الما مة ،بل كان ل هل العلم
والدين منهم إمامة أمثالهم من جنس الحديث ،والفتيا ونحو ذلك ،لم يكن لهم
سلطان لشوكة ،فكانوا عاجزين عن المامة ،سواء كانوا أولى بالولية أو لم
يكونوا أولى .
فبكسل حال مسا مكنوا ول ولوا ،ول كان يحصسل بهسم المطلوب ،مسن
الوليسة لعدم القدرة والسسلطان ،ولو أطاعهسم المؤمسن لم يحصسل له بطاعتهسم
الم صالح ال تي تح صل بطا عة الئ مة من جهاد العداء ،وإي صال الحقوق إلى
مستحقيها ،أو بعضهم وإقامة الحدود.
فإن قال القائل :إن الواحسد مسن هؤلء أو مسن غيرهسم إمام أي ذو
سلطان وقدرة ،يحصل بهما مقاصد المامة ،كان هذا مكابر للحس .
ولو كان ذلك كذلك لم يكسن هناك متول يزاحمهسم ،ول يسستبد المسر
دونهم ،وهذا ل يقوله أحد .وإن قال أنهم أئمة بمعنى أنهم هم الذين يجب أن
يولوا ،وأن الناس عصوا بترك توليتهم .
سن لم
ستحق أن يولى القضاء ،ولكس
فهذا بمنزلة أن يقال فلن كان يسس
يول ظلما وعدوانا .
ومسن المعلوم أن أهسل السسنّة ل ينازعون فسي أنسه كان بعسض أهسل
الشو كة ب عد الخلفاء الرب عة ،يولون شخ صا وغيره أولى بالول ية م نه ،و قد
كان ع مر بن ع بد العز يز يختار أن يولى القا سم بن مح مد بعده لك نه لم ي طق
ذلك ،لن أهسل الشوكسة لم يكونوا موافقيسن على ذلك .وحينئذ فأهسل الشوكسة
الذ ين قدّموا المرجوح وتركوا الرا جح ،والذي تولى بقوّ ته وقوة أتبا عه ظل ما
وبغيا ،فيكون إثم هذه الولية على من ترك الواجب مع قدرته على فعله ،أو
أعان على الظلم .
79
وأما من لم يظلم ول أعان ظالما وإنما أعان على البر والتقوى فليس
عل يه من هذا ش يء .ومعلوم أن صالحي المؤمن ين ل يعاونون الولة إل على
البر والتقوى ،ل يعاونونهم على الثم والعدوان .
وأهسل السسنّة يقولون ينبغسي أن يولى الصسلح للوليسة ،إذا أمكسن إمسا
وجوبا عند أكثرهم ،وإما استحبابا عند بعضهم ،وإن من عدل عن الصلح
مع قدرته لهواه فهو ظالم ،ومن كان عاجزا عن تولية الصلح مع محبته لذلك
فهو معذور .
ويقولون :من تولى فإنه يستعان به على طاعة ال بحسب المكان ،
ول يعان إل على طاعة ال ،ول يستعان به على معصية ال ،ول يعان على
معصية ال تعالى .
أفليسس قول أهسل السسنّة فسي المامسة خيرا مسن قول مسن يأمسر بطاعسة
معدوم ،أو عاجز ل يمكنه العانة المطلوبة من الئمة ،ولهذا كانت الرافضة
ل ما عدلت عن مذ هب أ هل ال سنّة في معو نة أئ مة الم سلمين وال ستعانة ب هم ،
دخلوا في معاونة الكفار والستعانة بهم .
80
المقهور .
نعم ذاك يستحق أن يولى ،لكن ما ولى ،فالثم على من ضيع حقه ،
وعدل عنه ل على من لم يضع حقه ولم يتعد .وهم يقولون :أن المام وجب
نصسبه ،لن لطسف ومصسلحة للعباد ،فإذا كان ال ورسسوله يعلم أن الناس ل
يولون هذا المعيسن إذا أمروا بوليتسه كان أمرهسم بوليسة مسن يولونسه وينتفعون
بوليته أولى ،من أمرهم بولية من ل يولونه ،ول ينتفعون بوليته .
كما قيل في إمامة الصلة والقضاء ،وغير ذلك ،فكيف إذا كان ما
يدعو نه من ال نص من أع ظم الكذب والفتراء؟ وال نبي صلى ال تعالى عل يه
و سلم قد أ خبر أم ته ب ما سيكون ،و ما ي قع بعده ،من التفرق فإذا نص لم ته
على إمامسة شخسص يعلم أنهسم ل يولونسه ،بسل يعدلون عنسه ويولون غيره –
يح صل ل هم بولي ته مق صود الولة – وأ نه إذا أف ضت النو بة إلى المن صوص
ح صل من سفك دماء ال مة ما لم يح صل بغ ير المن صوص ،ولم يح صل من
مقاصسد الوليسة مسا حصسل بغيسر المنصسوص ،كان الواجسب العدول عسن
المنصوص .
مثال ذلك أن ولىّ المسر إذا كان عنده شخصسان ،ويعلم أنسه إن ولى
أحدهما أطيع وفتح البلد ،وأقام الجهاد ،وقهر العداء ،وأنه إذا ولى الخر
لم يطع ،ولم يفتح شيئا من البلد ،بل يقع في الرعية الفتنة والفساد ،كان من
المعلوم ل كل عا قل أ نه ينب غي أن يولي من يعلم أ نه إذا وله ح صل به الخ ير
والمنفعة ،ل من إذا وله لم يطع وحصل بي نه وبين الرعية الحرب والفت نة .
فك يف مع علم ال ور سوله بحال ول ية الثل ثة؟ و ما ح صل في ها من م صالح
المة ،في دينها ودنياها ،ل ينص عليها وينص على ولية من ل يطاع بل
يحارب ويقاتل ،حتى ل يمكنه قهر العداء ول إصلح الولياء .
وهسل يكون مسن ينسص على وليسة هذا دون ذاك إل جاهل إن لم يعلم
81
الحال أو ظالما مفسدا .إن علم .وال ورسوله بريء من الجهل والظلم .
ولو كان للرجسسل ولد وهناك مؤدبان إذا أسسسلمه إلى أحدهمسسا تعلم
وتأدب ،وإذا أسسلمه إلى الخسر فرّ وهرب ،أفليسس إسسلمه إلى ذاك أولى ؟
ولو قدر أن ذاك افضل ،فأ يّ منفعة في فضيلته إذا لم يحصل للولد به منفعة
لنفوره عنه .
ولو خطب المرأة رجلن أحدهما افضل من الخر لكن المرأة تكرهه،
وإن تزو جت به لم تط عه ،بل تخا صمه وتؤذ يه ،فل تنت فع به ول ينت فع هو
بها ،والخر تحبه ويحصل به مقاصد النكاح ،أفليس تزويجها بهذا المفضول
أولى باتفاق العقلء ؟ ونص من ينص على تزويجها بهذا أولى من النص على
تزويجها بهذا .
فكيسف يضاف إلى ال ورسسوله مسا ل يرضاه إل ظالم ،أو جاهسل ،
وهذا ونحوه ممسا يعلم بسه بطلن النسص بتقديسر أن يكون علي هسو الفضسل
الحق ،بالمارة ،لكن ل يحصل بوليته إل ما حصل ،وغيره ظالم يحصل
به ما حصل من المصالح ،فكيف إذا لم يكن المر كذلك ،ل في هذا ول في
هذا .
82
الذي له القدرة على عمسل مقصسود الوليسة ،كمسا أن إمام الصسلة هسو الذي
ي صلي بالناس ،و هم يأتمون به ل يس إمام ال صلة من ي ستحق أن يكون إما ما
وهو ل يصلي بأحد ،لكن هذا ينبغي أن يكون إماما ،والفرق بين المام وبين
من ينبغي أن يكون هو المام ل يخفى على الطغام .
ويقولون أنسه يعاون على البر والتقوى ،دون الثسم والعدوان ،ويطاع
في طاعة ال دون معصيته ،ول يخرج عليه بالسيف ،وأحاديث النبي صلى
ال تعالى عليه وسلم إنما تدل على هذا .
كما في الصحيحين ،عن ابن عباس –رضي ال عنهما – عن النبي صلى ال
تعالى عليه وسلم قال((:من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ،فإنه ليس
()1
)) أحد من الناس يخرج عن السلطان شبرا فمات عليه إل مات ميتة جاهلية
فجعل المحذور هو الخروج عن السلطان ومفارقة الجماعة وأمر بالصبر على
ما يكره من الم ير لم ي خص بذلك سلطانا معينا ول أميرا معي نا ول جما عة
معينة .
ومضمون مسا ذكره أن الناس اختلفوا بعسد النسبي صسلى ال تعالى عليسه
وسسلم فيجسب النظسر فسي الحسق واعتماد النصساف ،ومذهسب الماميسة واجسب
التباع لربعة وجوه ،لنه أحقها ،وأصدقها ،ولنهم باينوا جميع الفرق في
أصسول العقائد ،ولنهسم جازمون بالنجاة لنفسسهم ،ولنهسم أخذوا دينهسم عسن
الئمة المعصومين ،وهذا حكاية لفظه .
83
عمرو بن سعد ملك الرى أيا ما ي سيرة ،ل ما خ ير بي نه وب ين ق تل الح سين مع
علمه ،بأن من قتله في النار ،واختياره ذلك في شعره حيث يقول :
أم أصبسح مأثوما بقتل حسين أاترك ملك الرىّ والرى منيتي
حجاب وملك الرىّ قرة عيني وفي قتله النار التي ليس دونها
وبعضهم اشتبه المر عليه ،ورأى لطالب الدنيا مبايعا ،فقلده وبايعه
وق صر في نظره ،فخ فى عل يه ال حق فا ستحق المؤاخذة من ال تعالى بإعطاء
الحق لغير مستحقه بسبب إهمال النظر ،وبعضهم قلد لقصور فطنته ،ورأى
الجسم الغفيسر فتابعهسم ،وتوهسم أن الكثرة تسستلزم الصسواب ،وغفسل عسن قوله
وبعضهسم طلب ()2
شكُور [
ِين ال ّ
ِنن عِبَاد َ
] وَقَلِي ُل م ْ ()1
ُمن [
تعالى ] :وَ َقلِيلٌ مَا ه ْ
ال مر لنف سه ب حق له وباي عه القلون الذ ين أعرضوا عن الدن يا وزينت ها ،ولم
يأخذ هم في ال لو مة لئم بل أخل صوا ل واتبعوا ما أمروا به من طا عة من
يستحق التقديم .
وحيث حصل للمسلمين هذه البلية ،وجب على كل أحد النظر في الحق
واعتماد النصساف ،وأن يقسر الحسق مسستقره ،ول يظلم مسستحقه ،فقسد قال
و إنمسا كان مذهسب الماميسة واجسب ()3
تعالى َ] :ألَ َلعْ َنةُ الِ عَلَى الظّا ِلمِينن [
التباع لوجوه هذا لفظه .
فيقال :أنه قد جعل المسلمين بعد نبيهم أربعة أصناف ،،وهذا من أعظم
الكذب فإنه لم يكن من في الصحابة المعروفين أحد من هذه الصناف الربعة،
فضل عن أن ل يكون فيهم أحد إل من هذه الصناف .
84
إ ما طالب لل مر بغ ير حق كأ بي ب كر في زع مه .وإ ما طالب لل مر
بحق كعلي في زعمه .
وهذا كذب على علي ، tوعلى أبي بكر ، tفل علي طلب المر لنفسه
قبل قتل عثمان ،ول أبو بكر طلب المر لنفسه فضل عن أن يكون طلبه بغير
حق .
وجعل القسمين الخرين إما مقلدا لجل الدنيا ،وإما مقلدا لقصوره في
النظر ،وذلك أن النسان يجب عليه ان يعرف الحق وأن يتبعه ،وهو الصراط
المسستقيم صسراط الذيسن أنعسم ال عليهسم ،مسن النسبيين والصسديقين ،والشهداء
وال صالحين ،غ ير المغضوب علي هم ،ول الضال ين .وهذا هو ال صراط الذي
أمرنا أن نسأله هدايتنا إياه ،في كل صلة بل في كل ركعة .
وهذه المة خير المم ،وخيرها القرن الول ،كان القرن الول أكمل
الناس في العلم النافع ،والعمل الصالح .
وادعسى أن منهسم مسن طلب المسر لنفسسه بحسق يعنسي عليا ،وهذا ممسا
علم نا بالضطرار أ نه لم ي كن ،فلزم من ذلك على قول هؤلء أن تكون ال مة
كلها كانت ضالة ،بعد نبيها ليس فيها مهتد .
فتكون اليهود ولنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا منهم ،لنهم كما قال
85
تعالىَ ] :ومِن ْن َقوْمِن مُوسنَى ُأ ّمةً َيهْدُونَن بِالحَقّ وَهُم ْن َيعْدِلُون [( . )1و قد أ خبر
ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم أن اليهود والن صارى افتر قت على أكثر من
سبعين فر قة ،في ها واحدة ناج ية ،وهذه ال مة على مو جب ما ذكروه لم ي كن
فيهم بعد موت النبي صلى ال تعالى عليه وسلم أمة تقوم بالحق ول تعدل به،
وإذا لم يكن ذلك في خيار قرونهم ففيما بعد ذلك أولى .
فيلزم من ذلك ان يكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا من
خ ير أ مة أخر جت للناس ،فهذا لزم ل ما يقوله هؤلء المفترون ،فإذا كان هذا
في حكايته لما جرى عقب موت النبي صلى ال تعالى عليه وسلم من اختلف
المة ،فكيف سائر ما ينقله ويستدل به ،ونحن نبين ما في هذه الحكاية من
الكاذيب من وجوه كثيرة ،فنقول :
ما ذكره هذا المفترى من قوله :أنه لما عمت البلية على كافة المسلمين
بموت النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم .واختلف الناس بعده ،وتعددت
آراؤهسم بحسسب تعدد أهوائهسم ،فبعضهسم طلب المسر لنفسسه ،وتابعسه أكثسر
الناس طلبا للدنيا ،كما اختار عمر بن سعد ،ملك الرى أياما يسيرة لما خير
بينه وين قتل الحسين ،مع علمه بان في قتله النار واختياره ذلك في شعره .
وعموم لفظه يشمل عليا وغيره ،وهؤلء الذين وصفهم بهذا ،هم الذين أثنى
ال عليهم هو ورسوله ،ورضي ال عنهم ووعدهم الحسنى ،كما قال تعالى :
ِينن اتّبَعُوهُم بِ ِإحْسنَان tم
ِرينن وَالَنْصنَار الّذ َ
ِنن ال ُمهَاج َ
ُونن م َ
]وَالسنّا ِبقُونَ ا َلوّل َ
ك ال َفوْزُ
ت َتجْرِي َتحْتها الَ ْنهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِ َ
وَرَضُوا عَنْ ُه َوأَعَدّ َلهُمْ جَنّا ٍ
86
ن َمعَ هُ َأشِدّاءَ عَلَى ال ُكفّارِ
حمّدٌ رَ سُولُ الِ وَالّذِي َ
العَظِ يم [ (. )1وقال تعالى ُ ُ ] :م َ
ضوَانًا سِيمَاهُم في
ن الِ وَرِ ْ
ل مِ َ
سجّدًا يَبْ َتغُو نَ فَضْ ً
حمَا َء بَيْ َنهُ مْ تَرَاهُ مْ ُر ّكعًا ُ
ُر َ
ك مَثَُلهُ مْ في ال ّتوْرَاةِ َ ،ومَثَُلهُ مْ في الِإ ْنجِيل كَ َزرْ عٍ
سجُودْ ذَلِ َ
ُوجُو ِههِم ِم نْ أَثَ ِر ال ّ
علَى سُو ِق ِه ُي ْعجِ بُ الزّرّا عَ لِ َيغِي ظَ ِبِ هم
شطْأَ هُ فآزَرَ هُ فَا سْ َتغْ َلظَ فَا سْ َتوَى َ
ج َ
َأخْرَ َ
ُمن َمغْفِرَ ًة َوَأجْرا
عمِلُوا الصنّا ِلحَاتِ مِ ْنه ْ
ُمن وَ َ
ِينن آمَنُوا مِ ْنه ْ
الكُفّار ،وَعَدَ الُ الّذ َ
عظِيمًا [(. )2
َ
ُسن ِهمْ
ِمن َوأَنْف ِ
ِينن آمَنُوا وَهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا بِ َأ ْموَا ِله ْ
وقال تعالى ] :إِنّ الّذ َ
في سَبِي ِل الِ وَالّذِي نَ آ َووْا وَنَ صَرُوا َأوْلَئِ كَ بَعضُهم َأوْلِيَا َء َبعْض –إلى قوله –
ِينن آمَنُوا مِن بَعند
ْقن كَرِينم وَالّذ َ
حقّان لَهُم َم ْغفِرَةٌ وَ ِرز ٌ
ُونن َ
ُمن ال ُم ْؤمِن َ
ِكن ه ُ
ُأوْلَئ َ
. ()3
ك مِ ْنكُم [
وَهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا َم َعكُم فَُأوْلَئِ َ
ق مِ نْ قَ ْبلِ ا ْلفَتْ حِ وَقَاتَل أُولَئِ كَ
ن أَنْفَ َ
وقال تعالى ] :لَ يَ سْ َتوِي مِ ْنكُم مَ ْ
حسْنَى [(. )4
ن أَنْ َفقُوا مِنْ َبعْد َوقَاتَلُوا َوكُلّ وَعَ َد الُ ال ُ
ن الّذِي َ
جةً مِ َ
عظَ ُم دَ َر َ
أَ ْ
ن دِيَارِهِ ْم َوَأمْوَالِهِم
وقال تعالى ِ] :للفقرا ِء ا ْل ُمهَاجِرِي نَ الّذِي نَ ُأخْ ِرجُوا مِ ْ
ن ال َورَ سُو َل ُه ُأوْلَئِ كَ هُم ال صّادِقُون
ن الِ وَرِضوانًا وَيَنْ صُرُو َ
ل مِ َ
يَبْ َتغُو نَ فَضْ ً
ن تَ َبوّؤا الدّارَ وَالِيمَان مِن قَبْ ِلهِم ُيحِبّون مَن هَاجَ َر إِلَ ْيهِم َولَ َيجِدُو نَ في
وَالّذِي َ
ن ِبهِمْ خَصَاصَة َومَن
سهِم وَ َل ْو كَا َ
ن عَلَى أَنْف ِ
جةً ِممّا أُوتُوا وَ ُيؤْثِرُو َ
صُدُو ِرهِم حَا َ
ن جَاءُوا مِن َبعْدِهِم َيقُولُو نَ رَبّنَا
يُو قَ شُحّ َنفْ سِهِ فَُأوْلَئِ كَ هُ مُ ا ْل ُمفْ ِلحُون وَالّذِي َ
ِينن
ل لِلّذ َ
ج َعلْ فني قُلُوبِنَا غِ ّ
سنبَقُونَا بِالِيمَان َولَ َت ْ
ِينن َ
خوَانِنَا الّذ َ
غفِرْ لَنَا َو ِل ْ
اْ
آمَنُوا رَبّنَا إِنّكَ رَءُوفٌ َرحِيم [(. )5
87
الذ ين جاءوا من بعد هم ،ي ستغفرون ل هم وي سألون ال أن ل يج عل في قلوب هم
غل لهم ،وتتضمن أن هؤلء الصناف هم المستحقون للفيء .
وروى أيضا بإسناده عن مالك بن أنس أنه قال ((:من سب السلف فليس
88
ن َبعْدِهِم [
()1
ن جَاءُوا مِ ْ
له في الفيء نصيب )) لن ال تعالى يقول ] :وَالّذِي َ
-اليسة – وهذا معروف عسن مالك ،وغيسر مالك مسن أهسل العلم كأبسي عبيسد
. ()2
القاسم بن سلم
وكذلك ذكره أبو حكيم النهرواني ،من أصحاب أحمد وغيره من الفقهاء،
وروى أيضا عن الحسن بن عمارة ،عن الحكيم عن مقسم عن ابن عباس tما
.قال (( :أ مر ال بال ستغفار ل صحاب ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ،
. وهو يعلم أنهم يقتتلون ))
()3
وقال عروة قالت لي عائشسة tا (( :يسا ابسن أختسي أمروا بالسستغفار
. لصحاب النبي صلى ال تعالى عليه وسلم .فسبوهم ))
()4
89
وروى ابن بطة بالسناد الصحيح عن عبد ال بن أحمد قال حدثني أبي .
حدثنا معاوية .حدثنا رجاء عن مجاهد عن ابن عباس رضي ال عنهما قال :
(( ل ت سبوا أ صحاب مح مد فإن ال تعالى قد أمر نا بال ستغفار ل هم و هو يعلم
أنهم سيقتلون ))(.)1
و من طر يق أح مد ،عن ع بد الرح من بن مهدي ،وطر يق غيره عن
وكيع ،وأبي نعيم ثلثتهم ،عن الثوري ،عن نسير بن ذعلوق ،سمعت عبد
ال بن عمر يقول (( :ل تسبوا أصحاب محمد ،فلمقام أحدهم ساعة يعني مع
النبي صلى ال تعالى عليه وسلم خير من عمل أحدكم أربعين سنة )).
وفي رواية وكيع ( خير من عبادة أحدكم عمره ) .
ت الشّجَرَة
ك َتحْ َ
ن اُلمُؤمِنِي نَ إِ ْذ يُبَا ِيعُونَ َ
ع ِ
ي الُ َ
ض َ
وقال تعالى َ] :ل قد رَ ِ
سكِي َنةَ عَلَيْهِم َوأَثَا َبهُ مْ فَتْحًا َقرِيبًا َو َمغَانِ مَ كَثِيرَةً
َفعَلِ مَ مَا في قُلُو ِبهِ مْ َفأَنْ َزلَ ال ّ
جلَ َلكُم
حكِيمًا وَعَ َدكُم الُ َمغَانِ مَ كَثِيَرةً تَأخُذُو َنهَا َف َع ّ
يَ ْأخُذُو َنهَا وَكَا نَ الُ عَزِيزا َ
صرَاطًا مُسْ َتقِيمًا
هَذِ ِه َوكَفّ أيدي النّاسِ عَ ْنكُم وَلِ َتكُو نَ آيةً للمُؤمِنِين وَيهْديكُم ِ
()2
ن الُ عَلَى ُكلّ شَيءٍ قَدِيرًا [
ط الُ ِبهَا َوكَا َ
علَ ْيهَا قَ ْد َأحَا َ
َوأُخْرَى َلمْ َتقْدِرُوا َ
وقد أخبر ال أنه سبحانه وتعالى رضي عنهم ،وأنه علم ما في قلوبهم ،
وأنه أثابهم فتحا قريبا .
90
ولهذا سئل النبي صلى ال تعالى عليه وسلم (( أو فتح هو ؟ فقال :نعم ))(.)1
91
()1
ب عَلَ ْيهِم إِنّ ُه بِهِم رَءُو فٌ َرحِ يم[
ق مِ ْنهَ مْ ُثمّ تَا َ
َبعْدِ مَا كَا نَ َيزِي غُ قُلُو بَ فَرِي ٍ
ِينن آمَنُوا
.فجمسع بينهسم وبيسن رسسول ال فسي التوبسة .وقال تعالى ] :إِنّ الّذ َ
ن آ َووْا وَنَ صَرُوا
وَهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا ِبَأ ْموَالِهِم َوأَ ْنفُ سِهِم في سَبِيلِ ال ،وَالّذِي َ
ُأوْلَئِ كَ َبعْضُهُم َأوْلِيَا َء بَعْض ،وَالّذِي نَ آمَنُوا وَلَ مْ ُيهَاجِرُوا –إلى قوله تعالى –
ك مِ ْنكُم [( )2فأثبت الموالة
وَالّذِي نَ آمَنُوا مِن بَعد َوهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا َم َعكُم فَُأوْلَئِ َ
ن آمَنُوا َل تَ ّتخِذُوا ال َيهُودَ وَالنّ صَارَى َأوْلِيَاءَ
بينهم وقال للمؤمنين َ ]:يا أَ ّيهَا الّذِي َ
َبعْضهُم َأوْلِيَا َء بَعْض وَمَن يَ َتوَلّهُم مِ ْنكُم ْن فَإِنّهُن مِنْهُم إِنّ الَ َل َيهْدِي ال َقوْ مَ
ن آمَنُوا الّذي نَ ُيقِيمُو نَ
الظّا ِلمِ ين –إلى قوله – إِنّمَا وَلِ ّيكُ ُم ال وَرَ سُو َل ُه وَالّذِي َ
ن يَ َت َولّ الَ وَرَ سُو َل ُه وَالّذِي نَ آمَنُوا
ال صّلةَ وَ ُيؤْتُو نَ ال ّزكَاةَ وَهُ مْ رَاكِعُون َ ،ومَ ْ
ُونن و َالمُؤمِنَات
ُمن الغَالِبُون [( . )3وقال تعالى ] :وَالمُؤمِن َ
ْبن ال ِ ه ُ
فَإِن ّ َحِز َ
ضهُم َأوْلِيَاء َبعْض[ (.)4
َبعْ َ
فأث بت الموالة بين هم ،وأمر هم بموالت هم ،والراف ضة ت تبرأ من هم ول
تتولهم ،وأصل الموالة المحبة ،وأصل المعاداة البغض ،وهم يبغضونهم ول
يحبونهم .
و قد و ضع ب عض الكذاب ين حدي ثا مفترى ،أن هذه ال ية نزلت في علي
ل ما ت صدق بخات مه في ال صلة ،وهذا كذب بإجماع أ هل العلم بالن قل ،وكذ به
بيّن من وجوه كثيرة .
منها أن قوله الذين صيغة جمع .وعلي واحد .
ومنهسا أن الواو ليسست واو الحال إذ لو كان كذلك لكان ل يسسوغ أن
يتولى إل مسن أعطسى الزكاة فسي حال الركوع .فل يتولى سسائر الصسحابة
والقرابة .
92
ومنها ان المدح إنما يكون بعمل واجب أو مستحب ،وإيتاء الزكاة في
نفسس الصسلة ليسس واجسب ول مسستحب ،باتفاق علماء الملة ،فإن الصسلة
شغل.
ومنهسا أنسه لو كان إيتاؤهسا فسي الصسلة حسسنا لم يكسن فرق بيسن حال
الركوع وغير الركوع ،بل إيتاؤها في القيام و القعود أمكن .
ومنها أن عليا لم يكن عليه زكاة على عهد النبي صلى ال عليه وسلم.
ومنها أن إيتاء غير الخاتم في الزكاة خير من إيتاء الخاتم ،فإن أكثر
الفقهاء يقولون ل يجزئ إخراج الخاتم في الزكاة .
ومنهسا أن هذا الحديسث فيسه أنسه أعطاه السسائل ،والمدح فسي الزكاة أن
يخرجها ابتداء ويخرجها على الفور ،ل ينتظر أن يسأله سائل .
ومن ها أن الكلم في سياق الن هي عن موالة الكفار ،وال مر بموالة
المؤمنين ،كما يدل عليه سياق الكلم ،وسيجيء إن شاء ال تعالى تمام الكلم
على هذه الية ،فإن الرافضة ل يكادون يحتجون بحجة إل كانت حجة عليهم
ل لهم ،كاحتجاجهم بهذه ال ية على الولية التي هي المارة ،وإنما هي في
الولية التي هي ضد العداوة .
والرافضسة مخالفون لهسا ،والسسماعيلية والنصسيرية ونحوهسم يوالون
الكفار ،من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين ،ويعادون المؤمنين من
المهاجريسن والنصسار والذيسن اتبوعهسم بإحسسان إلى يوم الديسن ،وهذا أمسر
مشهور .
يعادون خيار عباد ال المؤمن ين ويوالون اليهود والن صارى والمشرك ين
ك مِ نَ
ن اتّبَعَ َ
من الترك وغيرهم ،وقال تعالى َ ] :يا أَ ّيهَا النّبِيّ حَ سْبُكَ الُ َومَ ِ
ا ْل ُم ْؤمِنِين[( . )1أي ال كافيك ومن اتبعك من المؤمنين ،والصحابة أفضل من
صرُ الِ وَالفَتْح وَ َرأَيْتَ
اتبعه من المؤمنين ،وأولهم و قال تعالى ] :إِذَا جَا َء نَ ْ
ن َتوّابًا
ك وَا سْ َتغْفِرْ ُه إِنّ هُ كَا َ
حمْدِ رَبّ َ
ن الِ أَ ْفوَاجًا فَ سَ ّبحْ ِب َ
ن في دِي ِ
س يَ ْدخُلُو َ
النّا َ
93
[.
والذ ين رآ هم ال نبي eيدخلون في د ين ال أفوا جا هم الذ ين كانوا على
ْنن
ّفن بَي َ
ِينن َوأَل َ
َصنرِ ِه وَبِا ْل ُم ْؤمِن َ
َكن بِن ْ
عصسره ،وقال تعالى ُ ] :ه َو الّذِي أَيّد َ
.و إنما أيده في حياته بالصحابة ،و قال تعالى : ()1
قُلُو ِب ِهمْ [
ُونن عِنْدَ
ُمن مَا َيشَاء َ
ُمن الم ّتقُون َله ْ
ِكن ه ُ
ِهن ُأوْلَئ َ
قب َِصندّ َ
قو َِالصندْ ِ
] وَالّذِي جَا َء ب ّ
ع ِملُوا وَ َيجْزِيَه ُم
َسن َوأَ الّذِي َ
ُمن أ ْ
ْسننِين لِ ُي َكفّرَ ال ُ عَ ْنه ْ
ِكن جَزَا ُء ا ْل ُمح ِ
ِمن ذَل َ
رَ ّبه ْ
ن الّذِي كَانُوا َي ْعمَلُون [(. )2
حسَ ِ
َأجْرَهُم بِ َأ ْ
وهذا الصسنف الذي يقول الصسدق ،ويصسدق بسه خلف الصسنف الذي
يفتري الكذب أو يكذب بال حق ،ل ما جاءه ك ما سنبسط القول فيه ما إن شاء ال
تعالى .
والصسحابة الذيسن كانوا يشهدون أن ل إله إل ال ،وأن محمدا رسسول
ال ،وأن القرآن حق ،هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به ،بعد النبياء
وليسس فسي الطوائف المنتسسبة إلى القبلة أعظسم افتراء للكذب على ال وتكذيبسا
بال حق من المنت سبين إلى التش يع .ولهذا ل يو جد الغلو في طائ فة أك ثر م ما
يوجد فيهم .
ومن هم من اد عى إله ية الب شر ،واد عى النبوة في غ ير ال نبي صلى ال
تعالى عليه وسلم ،وادعى العصمة في الئمة ،ونحو ذلك مما هو أعظم مما
يوجسد فسي سسائر الطوائف ،واتفسق أهسل العلم أن الكذب ليسس فسي طائفسة مسن
لمٌ عَلَى
حمْ ُد ِلِ وَ سَ َ
المنتسبين إلى القبلة أكثر منه فيهم ،وقال تعالى ُ] :قلِ ا ْل َ
صطَفَى [ .قال طائ فة من ال سلف هم أ صحاب مح مد صلى ال
عِبَادِ هِ الّذِي نَ ا ْ
تعالى عل يه وسلم ،ول ر يب أن هم أفضل الم صطفين من هذه ال مة ،ال تي قال
سهِ
طفَيْنَا مِ نْ عِبَادِنَا َفمِنْهُم ظَالِ ٌم لِ َنفْ ِ
صَنا ْ
ب الّذِي َ
ال في ها ُ ]:ثمّ َأوْرَثْنَا ا ْلكِتَا َ
ضلُ الكَبِير جَنّات
ن ال ذَلِ كَ ُه َو الفَ ْ
َومِنْهُم ُمقْتَ صِد َومِنْهُم سَا ِبقٌ بِا ْلخَ ْيرَا تِ بِإِذْ ِ
94
سهُم فِيها حَرِير
ب وَُلؤُْلؤًا وَلِبَا ُ
ن أَ سَاوِ َر مِ نْ ذَ َه ٍ
عَدْ نٍ يَ ْدخُلُو َنهَا ُيحَّلوْ نَ فِيهَا مِ ْ
حمْدُ ِلِ الّذي أَذْهَ بَ عَنّا الحَزَن إِنّ رَبّنَا َلغَفُو ٌر شَكُور الّذِي َأحَلّنَا دَارَ
وَقَالوا ا ْل َ
ب َولَ َي َمسّنَا فيها ُلغُوب [(. )1
ال ُمقَا َمةِ مِنْ فَضْ ِلهِ َل َي َمسّنَا فيها نَص ٌ
فأمة محمد صلى ال تعالى عليه وسلم الذين أورثوا الكتاب بعد المتين
قبلهم اليهود والنصارى .
وقد أخبر ال تعالى أنهم الذين اصطفى .
وتواتر عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم أنه قال (( :خير القرون
القرن الذي بعثت فيه ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم )) ،ومحمد صلى ال
تعالى عليه وسلم وأصحابه هم المصطفون ،من المصطفين من عباد ال وقال
()2
حمَا َء بَيْنَهُم [
تعالى ُ ] :محمدٌ رَ سُو ُل الِ وَالّذِي نَ َمعَ هُ َأشِدّا َء عَلَى ا ْلكُفّارُ ُر َ
ع ِملُوا الصّا ِلحَاتِ
ن آمَنُوا مِ ْنكُمْ وَ َ
إلى آخر السورة .وقال تعالى ]وَعَدَ الُ الّذِي َ
ن مِن قَبْ ِلهِم وَلَ ُي َمكّنَنّ َل ُهمْ دِي َنهُمُ الّذِي
ض َكمَا اسْ َتخْلَفَ الّذِي َ
لَيَسْ َتخْ ِلفَ ّنهُم في الَ ْر ِ
خوْ ِفهِ مْ َأمْنًا َيعْبُدُونَنِي َل ُيشْ ِركُو نَ بِي شَيْئًا
ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبْ ِدلَنّهُم مِ نْ َبعْدِ َ
سقُون [( . )3فقد وعد ال الذين آمنوا وعملوا
َومَ نْ َكفَرَ َبعْ َد ذَلِ كَ فَُأوْلَئِ كَ هُ مُ الفَا ِ
الصالحات بالستخلف ،كما وعدهم في تلك الية مغفرة وأجرا عظيما ،وال
ل يخلف الميعاد .
فدل ذلك أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين
ُمن
ِيتن َلك ُ
السسلم ،وهسو الديسن الذي ارتضاه لهسم ،كمسا قال تعالى ] :وَرَض ُ
ا ِلسْل َم دينًا [( )4وبدلهم بعد خوفهم أمنا لهم ( )5المغفرة والجر العظيم .
وهذا يسستدل بسه على وجهيسن :على أن المسستخلفين مؤمنون عملوا
95
الصالحات ،لن الوعد لهم ل لغيرهم ،ويستدل به على ان هؤلء مغفور لهم،
ولهسم أجسر عظيسم ،لنهسم آمنوا وعملوا الصسالحات ،فتناولتهسم اليتان – آيسة
النور وآية الفتح .
من المعلوم أن هذه النعوت منطب قة على ال صحابة على ز من أ بي بكسر
وعمر وعثمان ،فإنه إذ ذاك حصل الستخلف ،وتمكن الدين والمن ،بعد
الخوف ل ما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ،ومصسر وخرا سان ،
وأفريقية .
ول ما ق تل عثمان وح صلت الفت نة لم يفتحوا شيئا من بلد الكفار ،بل
طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان ،وكان بعضهم يخاف بعضا .
وحينئذ قسد دل القرآن على إيمان أبسي بكسر وعمسر وعثمان ،ومسن كان
معهسم فسي زمسن السستخلف والتمكيسن والمسن ،والذيسن كانوا فسي زمسن
ال ستخلف والتمك ين وال من أدركوا ز من الفت نة كعلي وطل حة وأ بي مو سى
الشعري ،ومعاويسة وعمرو بسن العاص ،دخلوا فسي اليسة لنهسم اسستخلفوا
ومكنوا ،وأمنوا .
و أ ما من حدث في ز من الفت نة كالراف ضة الذ ين حدثوا في ال سلم ،
في ز من الفت نة والفتراق ،وكالخوارج المارق ين ،فهؤلء لم يتناول هم ال نص ،
فلم يدخلوا في من وصف باليمان والعمل ال صالح ،المذكورين في هذه الية ،
لنهم أول ليسوا من الصحابة المخاطبين بهذا .
ولم يحصسل لهسم مسن السستخلف والتمكيسن والمسن بعسد الخوف مسا
حصل للصحابة ،بل ل يزالون خائفين مقلقلين غير ممكنين .
فإن قيل لما قال وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ولم يقل
وعدهم كلهم .قيل كما قال وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ،ولم
يقل وعدكم .
و"من" تكون لبيان الجنس فل يقتضي أن يكون قد بقي من المجرور بها
س مِ نَ
ش يء خارج ،عن ذلك الج نس ك ما في قوله تعالى َ] :فاجتنبوْا ال ّرجْ َ
96
ا َلوْثَان [( )1فإنسه ل يقتضسى أن يكون مسن الوثان ما ليسس بر جس ،وإذا قلت
ثو با من حر ير ،ف هو كقولك ثوب حر ير ،وكذلك قولك باب من حد يد ف هو،
كقولك باب حديسد ،وذلك ل يقتضسي أن يكون هناك حريسر وحديسد غيسر
المضاف إل يه ،وإن كان الذي يت صوره كل يا ،فإن الج نس الكلي ،هو مسا ل
يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه ،وإن لم يكن مشتركا فيه في الوجود .
فإذا كا نت من بيان الج نس ،كان التقد ير و عد ال الذ ين آمنوا وعملوا
الصالحات من هذا الجنس ،وإن كان الجنس كلهم مؤمنين صالحين ،وكذلك
إذا قال وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات من هذا الجنس والصنف مغفرة
وأجرا عظيما ،لم يمنع ذلك أن يكون جميع هذا الجنس مؤمنين صالحين .
ت مِ ْنكُنّ
ن َيقْنُ ْ
ولما قال لزواج النبي صلى ال تعالى عليه وسلمَ ] :ومَ ْ
ن َوأَعْتَدْنَا َلهَا ِرزْقًا كَرِيمًا [( )2لم
لِ َورَ سُو ِلهِ وَ َت ْع َملْ صَالِحا ُنؤْ ِتهَا َأجْ َرهَا مَرّتَيْ ِ
يمنع أن يكون كل منهن تقنت ل ورسوله ،وتعمل صالحا ،ولما قال تعالى :
ْسنهِ
َبن رَبّكُم عَلَى َنف ِ
لمٌ عَليَكُم كَت َ
سن َ
ُونن بِآيَاتِنَا َف ُقلْ َ
ِينن ُي ْؤمِن َ
َكن الّذ َ
] َوإِذَا جَاء َ
غفُورٌ
ن َبعْدِ هِ َوأَ صْ َلحَ فَإِنّ هُ َ
جهَا َلةٍ ُثمّ تَا بَ ِم ْ
ع ِملَ مِ ْنكُم سُوءا ِب َ
ن َ
حمَة أَنّ هُ مَ ْ
ال ّر ْ
َرحِي ٌم [ ( )3لم يمنع أن يكون كل من هم متصفا بهذه ال صفة ،ول يجوز ان يقال
أنهسم لو عملوا سسوءا بجهالة ثسم تابوا مسن بعسد ذلك وأصسلحوا لم يغفسر إل
لبعضهم.
ولهذا تدخل من هذه في النفي لتحقيق نفي الجنس كما في قوله تعالى :
] ()5
ن إِلَ ٍه ِإلّ ال[
عمَ ِلهِم مِن شَيء[( )4وقوله تعالىَ ] :ومَا مِ ْ
] َومَا التّنَاهُم مِن َ
97
َفمَا مِ ْنكُم مِن َأحَدٍ عَ ْن ُه حَاجِزِين [(. )6
ولهذا إذا دخلت في النفي تحقسيقا أو تقديرا أفادت نفسي الجنس قطعا ،
(فالتحق يق ما ذ كر والتقد ير كقوله تعالى] :ل إله إل ال[ وقولهَ ] :لرَيْ بَ ف يه[
ونحو ذلك بخلف ما إذا لم تكن "من"موجودة كقولك (( ما رأيت رجل )) فإنها
ظاهرة لنفي الجنس ،ولكن قد يجوز أن ينفي بها الواحد من الجنس ،كما قال
سيبويه :يجوز أن يقال ما رأيت رجل ،بل رجلين .
ف تبين أ نه يجوز إرادة الوا حد ،وإن كان الظا هر ن في الج نس ،بخلف
ما إذا دخلت (من ) فإنه ينفي الجنس قطعا ،ولهذا لو قال لعبيده من أعطاني
منكم ألفا فهو حر فأعطاه كل واحد ألفا عتقوا كلهم .
وكذلك لو قال وا حد لن سائه من أبرأت ني من كن من صداقها ف هي طالق
فأبرأنه كلهن ،طلقن كلهن .
فإن المقصسود بقوله منكسن بيان جنسس المعطسى والمسبرئ ل إثبات هذا
الحكم لبعض العبيد والزواج .
فإن ق يل فهذا ك ما ل يم نع أن يكون كل المذكور مت صفا بهذه ال صفة فل
يوجسب ذلك أيضسا ،فليسس فسي قوله وعسد ال الذيسن آمنوا منكسم و عملوا
الصالحات ما يقتضي أن يكونوا كلهم كذلك .
قيسل :نعسم ونحسن ل ندعسي أن مجرد هذا اللفسظ دل على ان جميعهسم
موصسوفون باليمان والعمسل الصسالح ،ولكسن مقصسودنا أن (مسن ) ل ينافسى
شمول هذا الوصسف لهسم فل يقول قائل ان الخطاب دل على ان المدح شملهسم
وعمهم بقوله محمد رسول ال والذين معه إلى آخر الكلم ،ول ريب أن هذا
مدح ل هم ب ما ذ كر ،من ال صفات ،و هو الشدة على الكفار ،والرح مة بين هم
والركوع والسجود يبتغون فضل من ال ورضوانا ،والسيما في وجوههم من
أ ثر ال سجود ،وان هم يبتدئون من ض عف إلى كمال القوة والعتدال ،كالزرع
والوعسد بالمغفرة والجسر العظيسم ،ليسس على مجرد هذه الصسفات بسل على
98
اليمان والعمل الصالح .
فذكر ما به يستحقون الوعد ،وإن كانوا كلهم بهذه الصفة ،ولول ذكر
ذلك لكان يظن انهم بمجرد ما ذكر يستحقون المغفرة والجر العظيم ولم يكن
فيه بيان سبب الجزاء ،بخلف ما إذا ذكر اليمان والعمل الصالح .
فإن الحكم إذا علق باسم مشتق مناسب كان ما منه الشتقاق سبب الحكم.
فإن قيل فالمنافقون كانوا في الظاهر مسلمين ،قيل المنافقون لم كونوا
متصفين بهذه الصفات ،ولم يكونوا مع الرسول والمؤمنين ولم يكونوا منهم ،
ن عِنْدِ هِ فَيُ صْ ِبحُوا
ي بِالفَتْ حِ َأوْ َأمْرٍ مِ ْ
ن يَأْتِ َ
كما قال ال تعالى َ ] :فعسى الُ أَ ْ
سمُوا
ن آمَنوا أَ َه ُؤلَ ِء الّذِي نَ أَقْ َ
سهِم نَا ِدمِين ،وَ َيقُولُ الّذِي َ
عَلَى مَا أَ سَرّوا في أَ ْنفُ ِ
وقوله ()1
عمَالُهُم فَاَ صْ َبحُوا خَا سِرِين [
جهْدَ أَ ْيمَانِهِم إِنّهُم َل َمعَكُم حَب طت أَ ْ
بِالِ َ
جعَلَ فِتْ َنةَ النّا سِ
ن النّا سِ َم نْ َيقُولُ آمَنّا بِالِ فَإِذَا أُوذوى في الِ َ
تعالىَ ] :ومِ َ
س ال بِأَعْلَم بِمَا
ك لَ َيقُولن إِنّ ا َمعَكُم َأوَ لَيْ َ
ن جَا َء نَ ص ٌر مِ نْ رَبّ َ
كَعَذَا بَ الِ وَلَئِ ْ
ن ا ْلمُنَا ِفقِين [(. )2
ن ال الّذِينَ آمَنُوا مِ ْنكُم وَلَ َيعْ َلمَ ّ
في صُدُور العَا َلمِين وَلَ َيعْ َلمَ ّ
فأخبرأن المنافقين ليسوا من المؤمنين ،ول من أهل الكتاب .
هؤلء ل يجدون في طائفة من المتظاهرين بالسلم ،أكثر منهم في
الرافضة ،ومن انطوى إليهم .فدل هذا على ان المنافقين لم يكونوا من الذين
آمنوا معه ،والذين كانوا منافقين منهم من تاب عن نفاقه وانتهى عنه ،وهم
ن وَالّذِي نَ في ُقلُو ِبهِم َمرَ ضٌ
الغالب بدليل قوله تعالى َ ] :لئ نْ لَ ْم يَنْتَ هِ المْنُا ِفقُو َ
ك بِهِم ثُمّ لَ ُيجَاوِرُونَ كَ فِيهَا إلّ َقلِيلً َم ْلعُونِي نَ
جفُو نَ في ا ْلمَدِي َنةِ ِل ُنغْرِيَنّ َ
وَا ْلمُ ْر َ
ل [(. )3
أَيْ َنمَا ُث ِقفُوا ُأخِذُوا وَقُتّلُوا َتقْتِي ً
فل ما لم يغره ال ب هم ،ولم يقتل هم تقتيل ،بل كانوا يجاورو نه بالمدي نة
فدل ذلك على أنهسم انتهوا ،والذيسن كانوا معسه بالحديبيسة كلهسم بايعوه تحست
99
الشجرة ،إل الجد بن قيس فإنه اختبأ خلف جمل أحمر .
وكذا حاء في الحديث كلهم يدخل الجنة إل صاحب الجمل الحمر ،
وبالجملة فل ريب أن المنافقين كانوا مغمورين مقهورين ،أذلء ،ل سيما في
آخسر أيام الرسسول .eوفسي غزوة تبوك لن ال تعالى قال َ] :يقولون لئن
رَجعننا إِلَى ا ْلمَدِي َن ِة لَ َيخْ ُرجَنّ الَعَزّ مِنْهَا الَ َذلّ وَل العِزّةُ َلِرَسنُو ِلهِ وَلِ ْلمُؤمِنِينن
ن لَ َيعْ َلمُون[(. )1
وِ َلكِن ا ْلمُنَا ِفقِي َ
فأخبر أن العزة للمؤمنين ،ل للمنافقين ،فعلم أن العزة والقوة كانت في
المؤمنين ،وأن المنافقين كانوا أذلء بينهم .
فيمتنع أن تكون الصحابة الذين كانوا أعز المسلمين من المنافقين ،بل
ذلك يقتضى أن من كان أعز كان أعظم إيمانا .
ومن المعلوم أن السابقين الولين من المهاجرين والنصار ،الخلفاء
الراشديسن وغيرهسم كانوا اعسز الناس ،وهذا كله ممسا يسبين أن المنافقيسن كانوا
ذليلين في المؤمنين .
فل يجوز أن يكون العزاء مسن الصسحابة منهسم ،ولكسن هذا الوصسف
مطابق للمتصفين به من الرافضة وغيرهم ،والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر
منه في سائر الطوائف .
بل ل بد لكل منهم من شعبة نفاق ،فإن أساس النفاق الذي بني عليه ،
الكذب ،وأن يقول الر جل بل سانه ما ل يس في قل به ،ك ما ا خبر ال تعالى عن
المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
والراف ضة تج عل هذا من أ صول دين ها وت سميه التق ية وتح كى هذا عن
أئمسة أهسل البيست الذيسن برأهسم ال عسن ذلك ،حتسى يحكوا ذلك عسن جعفسر
الصادق أنه قال التقية ديني ودين آبائي و قد نزه ال المؤمنين من أهل البيت
وغيرهم عن ذلك.
بل كانوا من أع ظم الناس صدقا وتحقي قا لليمان ،وكان دين هم التقوى
100
ُونن
ِنن د ِ
ِينن َأوْلِيَا َء م ْ
ِنونن الكَا ِفر َ
ل التقيسة ،وقول ال تعالى ] :لَ يَ ّتخِ ِذ ا ْل ُم ْؤم َ
ن الِ في شَيء إلّ أَنْ تَ ّتقُوا مِ ْنهُم ُتقَاه[(.)1إنما
ن َيفْعَل ذَلِكَ فَلَيْسمِ َ
ا ْل ُم ْؤمِنِين َومَ ْ
هو المر بالتقاء من الكافرين ،ل المر بالنفاق والكذب .
وال تعالى قد أباح لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها ،إذا كان قلبه
مطمئنا باليمان ،لكن لم يكره أحدا من أهل البيت على شيء من ذلك ،حتى
أن أبا بكر tلم يكره أحدا ل منهم ،ول من غيرهم على متابع ته ،فضل على
ان يكرههم على مدحه ،والثناء عليه.
بسل كان علي وغيره مسن أهسل البيست يظهرون ذكسر فضائل الصسحابة
والثناء عليهم والترحم عليهم والدعاء لهم ولم يكن أحد يكرههم على شيء منه
باتفاق الناس .
و قد كان ز من ب ني أم ية وب ني العباس خلق عظ يم دون عل يّ وغيره في
اليمان والتقوى يكرهون منهسم أشياء ول يمدحونهسم ول يثنون عليهسم ،ول
يقربونهم ،ومع هذا لم يكن هؤلء يخافونهم ،ولم يكن أولئك يكرهونهم مع أن
الخلفاء الراشديسن كانوا باتفاق الخلق أبعسد عسن قهسر الناس وعقوبتهسم على
طاعتهم ،من هؤلء .
فإذا كان لم يكسن الناس مسع هؤلء مكرهيسن على ان يقولوا بألسسنتهم
خلف ما في قلوبهم ،فكيف يكونون مكرهين مع الخلفاء على ذلك ،بل على
الكذب وشهادة الزور وإظهار الكفر ،كما تقوله الرافضة من غير ان يكرههم
أحد على ذلك .
فعلم أن مسا تتظاهسر بسه الرافضسة هسو مسن باب الكذب والنفاق ،وأنهسم
يقولوا بأل سنتهم ما ل يس في قلوب هم ،ل من باب ما يكره المؤ من عل يه ،من
التكلم بالكفسر وهؤلء أسسرى المسسلمين ،فسي بلد الكفار غالبهسم يظهرون
دينهسم،والخوارج مسع تظاهرهسم بتكفيسر الجمهور ،وتكفيسر عثمان وعلي ومسن
ولهما يتظاهرون بدينهم.
101
وإذا سكنوا بين الجماعة ،سكنوا على الموافقة والمخالفة ،والذي يسكن
في مدائن الراف ضة فل يظ هر الر فض وغاي ته إذا ض عف ان ي سكت عن ذ كر
مذهبه ل يحتاج أن يتظاهر بسب الخلفاء والصحابة ،إل أن يكونوا قليل .
فك يف ي ظن بعلي tوغيره من أ هل الب يت أن هم كانوا اض عف دي نا من
السرى في بلد الكفر ،ومن عوام أهل السنة ،ومن النواصب ،مع أنا قد
علمنسا بالتواتسر أن أحدا لم يكره علي ّا ول أولده على ذكسر فضائل الخلفاء ،
والترحم عليهم ،بل كانوا يقولون ذلك من غير إكراه ،ويقوله أحدهم لخاصته
كما ثبت ذلك بالنقل المتواتر .
عمِلوا
ن آمَنُوا مِنْكُم وَ َ
وأي ضا ف قد يقال في قوله تعالى ] :وَعَدَ الُ الّذِي َ
ال صّا ِلحَات [ أن ذلك و صف الجملة ب صفة تتض من حال هم ع ند الجتماع كقوله
علَى
شطْأَ هُ فَآزَرَهُ فَا سْ َتغْ َلظَ فَا سْ َتوَى َ
ج َ
ع َأخْرَ َ
تعالى َ ] :ومَثَُلهُم في الِ ْنجِيلِ كَزَ ْر ٍ
ع لِيَغي ظَ ِبهِم الكُفّار [ والمغفرة والجر في الخرة يحصل
سُوقِه ُي ْعجِ بُ الزّرّا َ
لكل واحد واحد ،فل بد ان يتصف بسبب ذلك ،وهو اليمان والعمل الصالح،
إذ قد يكون في الجملة منافقا .
و في الجملة ما في القرآن من خطاب المؤمن ين والمتق ين والمح سنين ،
ومدحهم والثناء عليهم ،فهم أول من دخل في ذلك من هذه المة ،وأفضل من
دخل في ذلك من هذه المة كما استفاض عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم
خ ير القرون القرن الذي بع ثت في هم ،ثم الذ ين (( من غ ير و جه أ نه قال :
يلونهم ،ثم الذين يلونهم ))(. )1
(قوله :فبعضهم طلب المر لنفسه بغير حق ،وبايعه اكثر الناس طلبا
للدنيا ) .
102
وهذا إشارة إلى أبي بكر فإنه هو الذي بايعه أكثر الناس ،ومن المعلوم
أن أبا بكر لم يطلب المر لنفسه ،ل بحق ول بغير حق ،بل قال :قد رضيت
لكم أحد هذين الرجلين ،إما عمر بن الخطاب وإما أبا عبيدة .
قال عمر :فوال لن أقدم فتضرب عنقي ل يقرّبني ذلك إلى إثم أحب إلي من
. ()1
أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ،وهذا اللفظ في الصحيحين
وقسد روى عنسه انسه قال :أقيلونسي ،أقيلونسي ،فالمسسلمون اختاروه
وبايعوه ،لعلمهسم بأنسه خيرهسم ،كمسا قال له عمسر يوم السسقيفة بمحضسر
المهاجر ين والن صار أ نت سيدنا وخير نا ،وأحب نا إلى ر سول ال صلى ال
تعالى عليه وسلم ولم ينكر ذلك أحد ،وهذا أيضا في الصحيحين(. )2
والمسسلمون اختاروه كمسا قال النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم فسي الحديسث
ادعسى لي أباك وأخاك حتسى أكتسب لبسي بكسر كتابسا ،ل (( الصسحيح لعائشسة :
يختلف عليه الناس من بعدي ،ثم قال يأبى ال والمؤمنون أن يتولى غير أبي
فال هو وله قدرا ،وشرعا ،وأمر المؤمنين ،بوليته ،وهداهم إلى ()3
)) بكر
أن ولوه من غير أن يكون طلب ،ذلك لنفسه .
فإن أبا بكر لم يعطهم دنيا ،وكان قد أنفق ماله في حياة النبي صلى ال
تعالى عل يه و سلم ،ول ما ر غب ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم في ال صدقة
()4
)) جاء بماله كله ،فقال له((:ما تركت لهلك .قال :تركت لهم ال ،ورسوله
103
و قد علم الخاص والعام ز هد ع مر ،وأ بي عبيدة ،وأمثاله ما ،وإنفاق
النصار أموالهم كأسيد بن حضير ،وأبي طلحة ،وأبي أيوب وأمثالهم .
ولم يكسن عنسد موت النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم لهسم بيست مال
يعطيهم ما فيه ،ول كان هناك ديوان للعطاء يفرض لهم فيه ،والنصار كانوا
في أملكهم ،وكذلك المهاجرون من كان له شيء من مغ نم أو غيره ف قد كان
له .
وكانت سيرة أبي بكر في قسم الموال التسوية ،وكذلك سيرة علي ، t
فلو بايعوا عليّا أعطاهم ما أعطاهم أبو بكر ،مع كون قبيلته أشرف القبائل ،
وكون بني عبد مناف وهم أشراف قريش الذين هم اقرب العرب من بني أمية
وغيرهم إذ ذلك كأبي سفيان بن حرب وغيره ،وبني هاشم كالعباس وغيره ،
كانوا معه .
(الوجنه الرابنع ) :أن يقال :أهسل السسنّة مسع الرافضسة كالمسسلمين مسع
104
النصسارى ،فإن المسسلمين يؤمنون بأن المسسيح عبسد ال ورسسوله ،ول يغلون
فيه غلو النصارى ،ول يجفون جفاء اليهود .
فإن النصراني ل يمكنه أن يجيب عن شبهة اليهودي( )1إل بما يجيب به المسلم،
فإن لم يدخسل فسي ديسن السسلم وإل كان منقطعسا مسع اليهودي ،فإنسه إذا أمسر
باليمان بمحمد صلى ال تعالى عليه وسلم .
وإن كان القدح في المسيح باطل فالقدح في محمد أولى بالبطلن ،فإنه
إذا بطلت الشبهسة القويسة فالضعيفسة أولى بالبطلن ،وإذا ثبتست الحجسة التسي
)1(1يعنسي أن اليهود يرمون مريسم بالفجور ،ومسا دام النصسراني يكذب مسا نزل على
مح مد صلى ال عل يه و سلم ل يمك نه الرد على اليهود في أ مر عي سى .لن عي سى أ مر
باليمان بمحمد صلى ال عليه وسلم فإذا امتنع النصارى من اليمان بمحمد صلى ال عليه
وسلم صار ذلك فيه كذيب لعيسى .
105
غيرها أقوى منها فالقوية أولى بالثبات .
فقال القاضي ثنتان قدح فيهما ورميتا بالزنا إفكا وكذبا ،مريم وعائشة
فأما مريم فجاءت بالولد تحمله من غير زوج ،وأما عائشة فلم تأت بولد مع
أنه كان لها زوج ،فأبهت النصارى .
وكان مضمون كلمسه أن ظهور براءة عائشسة أعظسم مسن ظهور براءة
مريم ،وأن الشبهة إلى مريم أقرب منها إلى عائشة ،فإذا كان مع هذا قد ثبت
كذب القادحين في مريم ،فثبوت قدح الكاذبين في عائشة أولى .
106
الم سجد الحرام وإخراج أهله م نه أ كبر ع ند ال ،فإن هذا صد ع ما ل تح صل
النجاة والسسعادة إل بسه ،وفيسه مسن انتهاك المسسجد الحرام مسا هسو أعظسم مسن
انتهاك الشهر الحرام.
لكن في هذا النوع قد اشتملت كل من الطائفتين على ما يذم ،وأما النوع
الول فيكون كل من الطائفتين ل يستحق الذم ،بل هناك شبه في الموضعين ،
وأدلة فسي الموضعيسن وأدلة أحسد الصسنفين أقوى وأظهسر ،وشبهتسه أضعسف
وأخفى ،فيكون أولى بثبوت الحق مما تكون أدلته أضعف ،وشبهته أقوى .
هذا حال النصارى واليهود مع المسلمين ،وهو حال أهل البدع مع أهل
السسنّة لسسيما الرافضسة ،وهكذا أمسر أهسل السسنّة مسع الرافضسة فسي أبسي بكسر
وعلي ،فإن الرافضي ل يمكنه أن يثبت إيمان علي وعدالته وأنه من أهل الجنة
فضل عن إمامته إن لم يثبت ذلك لبي بكر وعمر وعثمان .
وإل فمتسسى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تسسساعده الدلة ،كمسسا أن
النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الدلة .
فإذا قالت له الخوارج الذ ين يكفرون عليّا ،أو النوا صب الذ ين يف سقونه
أ نه كان ظال ما طال با للدن يا ،وأ نه طلب الخل فة لنف سه ،وقا تل علي ها بال سيف
وق تل على ذلك ألو فا من الم سلمين ،ح تى ع جز عن انفراده بال مر ،وتفرق
عليسه أصسحابه وظهروا عليسه فقتلوه ،فهذا الكلم إن كان فاسسد ففسساد كلم
الراف ضي في أ بي ب كر وع مر أع ظم ،وإن كان ما قاله في أ بي ب كر وع مر
متوجها مقبول ،فهذا أولى بالتوجيه والقبول .
لنسه مسن المعلوم للخاصسة والعامسة أن مسن وله الناس باختيارهسم
ورضا هم من غ ير أن يضرب أحدا بال سيف ول ع صى ول أع طى أحدا م من
وله مسن مال واجتمعوا عليسه فلم يول أحسد مسن أقاربسه ،وعترتسه ،ول خلف
لورثته مالً من مال المسلمين ،وكان له مال قد أنفقه في سبيل ال ،فلم يأخذ
بدله ،وأو صى أن يرد إلى ب يت مال هم ما كان عنده ل هم ،و هو جرد قطي فة ،
وبكر وأمة سوداء ،ونحو ذلك .
107
حتى قال عبد الرحمن بن عوف لعمر :أتسلب هذا آل أبي بكر ،قال
كل وال ل يتحنث فيها أبو بكر وأتحملها أنا ،وقال يرحمك ال يا أبا بكر لقد
أتعبت المراء بعدك .
ثم مع هذا لم يقتل مسلما على وليته ،ول قاتل مسلما بمسلم ،بل قاتل
بهم المرتدين عن دينهم ،والكفار حتى شرع بهم في فتح المصار واستخلف
القوي الميسن العبقري ،الذي فتسح المصسار ونصسب الديوان ،وعسم بالعدل
والحسان .
فإن جاز للرافضسي أن يقول إن هذا كان طالبسا للمال والرياسسة ،أمكسن
النا صبي أن يقول :كان علي ظال ما طال با للمال والريا سة ،قا تل على الول ية
ح تى ق تل الم سلمون بعضهم بعضا ،ولم يقا تل كافرا ولم يح صل للمسلمين في
مدة وليته إل شر وفتنة في دينهم ودنياهم .
فإن جاز أن يقال :علي كان مريدا لو جه ال ،والتق صير من غيره من
ال صحابة ،أو يقال كان مجتهدا م صيبا ،وغيره مخ طئ مع هذه الحالة فإ نه
يقال كان أ بو ب كر وع مر مريد ين و جه ال م صيبين والراف ضة مق صرون في
معرفة حقهم مخطئون في ذمهم بطريق الولى والحرى .
فإن أبا بكر وعمر كان بعدهما عن شبة طلب المال والرياسة أشد من
بعد علي عن ذلك ،وشبهة الخوارج الذين ذموا عليّا وعثمان وكفروهما أقرب
مسن شبهسة الرافضسة الذيسن ذموا أبسا بكسر وعمسر وكفروهمسا ،فكيسف بحال
ال صحابة والتابع ين الذ ين تخلفوا عن بيع ته أو قاتلوه فشبهت هم أقوى من شب هة
من قدح في أ بي ب كر وع مر وعثمان ،فإن أولئك قالوا ما يمكن نا أن نبا يع إل
من يعدل علي نا ،ويمنع نا م من ظلم نا ،ويأ خذ حق نا م من ظلم نا ،فإذا لم يف عل
هذا كان عاجزا أو ظالما ،وليس علينا أن نبايع عاجزا أو ظالما .
وهذا الكلم إذا كان باطل ،فبطلن قول مسن يقول أن أبسا بكسر وعمسر
كانا ظالمين طالبين للرياسة والمال أبطل وأبطل ،وهذا المر ل يستريب فيه
من له بصر ومعرفة ،وأين شبهة مثل أبي موسى الشعري الذي وافق عمرو
108
على عزل علي ومعاوية ،وأن يجعل المر شورى في المسلمين ،من شبهة
عبد ال بن سبأ وأمثاله الذين يدعون أنه إمام معصوم ،وأنه إله أو نبي .
بل أين شبهة الذين رأوا أن يولوا معاوية من شبهة الذين يدعون أنه إله
أو نسبي ،فإن هؤلء كفار باتفاق المسسلمين بخلف أولئك ،وممسا يسبين هذا أن
الرافضسة تعجسز عسن إثبات إيمان علي وعدالتسه ،مسع كونهسم على مذهسب
الرافضسة ،ول يمكنهسم ذلك إل إذا صساروا مسن أهسل السسنة ،فإذا قالت لهسم
الخوارج وغير هم م من تكفره ،أو تف سقه ،ل ن سلم أ نه كان مؤمنا ،بل كان
كافرا أو ظال ما ،ك ما يقولون هم في أ بي ب كر وع مر لم ي كن ل هم دل يل على
إيمانه وعدله ،إل وذاك الدليل على أبي بكر وعمر وعثمان أدل .
فإن احتجوا بما تواتر من إسلمه وهجرته وجهاده ف قد تواتر ذلك عن
هؤلء ،بل تواتر إسلم معاوية ويزيد وخلفاء بني أمية وبني العباس وصلتهم
وصسيامهم ،وجهادهسم للكفار فإن ادعوا فسي واحسد مسن هؤلء النفاق ،أمكسن
الخارجى أن يدعى النفاق فيه(. )1
وإذا ذكروا شب هة ،ذ كر ما هو أع ظم من ها ،وإذا قالوا ما تقوله أ هل
الفرية ،من أن أبا بكر وعمر كانا منافقين في الباطن ،عدوين للنبي صلى ال
تعالى عل يه وسلم .أفسدا دي نه ،بحسب المكان أمكن الخار جى ان يقول ذلك
في علي ويو جه ذلك بأن يقول :كان يح سد ا بن ع مه وأ نه كان ير يد إف ساد
دي نه فلم يتم كن من ذلك في حيا ته وحياة الخلفاء الثل ثة ح تى سعى في ق تل
الخليفة الثالث ،وأوقد الفتنة ،حتى غلى في قتل أصحاب محمد ،وأمته بغضا
له وعداوة ،وأنه كان مباطنا للمنافق ين الذين ادعوا فيه الله ية والنبوة ،وكان
يظ هر خلف ما يب طن ،لن دي نه التق ية ،فل ما أحرق هم بالنار ،أظ هر إنكار
ذلك ،وإل فكان في الباطن معهم .
ولهذا كانست الباطنيسة مسن اتباعسه ،وعندهسم سسره ،وهسم ينقلون عنسه
109
الباطن الذي ينتحلونه ،ويقول الخارجى مثل هذا الكلم الذي يروج على كثير
مسن الناس أعظسم ،ممسا يروج كلم الرافضسة فسي الخلفاء الثلثسة ،لن شبهسة
الرافضة أظهر فسادا من شبهة الخوارج ،وهم أصح منهم عقل ،ومقصدا .
والراف ضة أكذب وأف سد دي نا ،وإن أرادوا إثبات إيما نه وعدال ته ب نص
القرآن عل يه ،ق يل القرآن عام وتناوله له ل يس بأع ظم من تناوله لغيره ،و ما
من آ ية يدعون اخت صاصها به إل أم كن أن يد عى اخت صاصها أو اخت صاص
مثلها أو أعظم منها بأبي بكر وعمر .
فباب الدعوى بل حجسة ممكنسة ،والدعوى فسي فضسل الشيخيسن أمكسن
منها في فضل غيرهما ،وإن قالوا ثبت ذلك بالنقل والرواية ،فالنقل والرواية
في أولئك أكثر وأشهد ،فإن ادعوا تواترا ،فالتواتر هناك أصح ،وإن اعتمدوا
على ن قل ال صحابة فنقل هم لفضائل أ بي ب كر وع مر أك ثر ،ثم هم يقولون :أن
ال صحابة ارتدوا إل نفرا قليل فك يف تق بل روا ية هؤلء في فضيلة أ حد ،ولم
يكسن فسي الصسحابة رافضسة كثيرون ،يتواتسر نقلهسم ،فطريسق النقسل مقطوعسا
علي هم ،إن لم ي سلكوا طر يق أ هل ال سنة ،ك ما هو مقطوع على الن صارى في
إثبات نبوة المسيح إن لم يسلكوا طريق المسلمين .
وهذا كمسن أراد أن يثبست فقسه ابسن عباس دون علي ،أو فقسه علقمسة
والسود دون ابن مسعود ،ونحو ذلك من المور التي يثبت فيها للشيء حكم
دون ما هو أولى بذلك الحكم منه ،فإن هذا تناقض ممتنع عند من سلك طريق
العلم والعدل .
ولهذا كانت الرافضة من أجهل الناس وأضلهم ،كما أن النصارى من
أجهل الناس ،والراف ضة من أخبث الناس ،كما أن اليهود من أخبث الناس ،
ففيهم نوع من ضلل النصارى ،ونوع من خبث اليهود .
(الوجنه الخامنس) :أن يقال :تمثيسل هذا بقصسة عمسر بسن سسعد طالبسا
للرياسة والمال مقدما على المحرّم لحل ذلك فيلزم أن يكون السابقون الولون
بهذه الحال ،وهذا أبوه سعد بن أ بي وقاص ،كان من أز هد الناس في المارة
110
والول ية ،ول ما وق عت الفت نة اعتزل الناس في ق صره بالعق يق ،وجاءه ع مر
ابنسه هذا فلمسه على ذلك ،وقال له الناس فسي المدينسة يتنازعون الملك وأنست
اذ هب فإ ني سمعت ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم يقول إن (( هه نا؟ فقال :
ال يحب العبد التقي الغني الخفيّ ))(. )1
هذا ولم ي كن قد ب قي أ حد من أ هل الشورى غيره وغ ير علي ر ضي
ال عنهمسا ،وهسو الذي فتسح العراق ،وأذل جنود كسسرى وهسو آخسر العشرة
موتا.
فإذا لم يح سن أن يش به باب نه ع مر أيش به به أ بو ب كر وع مر وعثمان ،
هذا وهسم ل يجعلون محمسد بسن أبسي بكسر بمنزلة أبيسه ،بسل يفضلون محمدا
ويعظمو نه ،ويتولو نه لكونه آذى عثمان وكان من خواص أصحاب علي ل نه
كان ربي به ،وي سبون أباه أبا بكر ويلعنو نه ،فلو أن النواصب فعلوا بع مر بن
سعد مثل ذلك فمدحوه على قتل الحسين ،لكونه كان من شيعة عثمان ،ومن
المنتصرين له ،وسبوا أباه سعد لكونه تخلف عن القتال مع معاوية والنتصار
لعثمان ،هل كانت النواصب لو فعلت ذلك إل من جنس الرافضة .
بل الراف ضة شر من هم ،فإن أ با ب كر أف ضل من سعد ،وعثمان كان
أبعد عن استحقاق القتل من الحسين ،وكلهما مظلوم وشهيد رضي ال تعالى
عنهما ،ولهذا كان الفساد الذي حصل في المة بقتل عثمان أعظم من الفساد
الذي حصل في المة بقتل الحسين .
وعثمان من ال سابقين الول ين و هو خلي فة مظلوم طلب م نه أن ينعزل
بغير حق فلم ينعزل ولم يقاتل عن نفسه حتى قتل ،والحسين tلم يكن متوليا
وإن ما كان طال با للول ية ،ح تى رأى أن ها متعذرة وطلب م نه لي ستأسر ليح مل
إلى يزيد مأسورا ،فلم يجب إلى ذلك وقاتل حتى قتل مظلوما ،شهيدا ،فظلم
عثمان كان أعظم وصبره وحلمه كان أكمل ،وكلهما مظلوم شهيد ،ولو مثل
مم ثل طلب علي والح سين لل مر بطلب ال سماعيلية كالحا كم وأمثاله وقال إن
)1(1انظر المسند ج 3ص 26تحقيق أحمد شاكر ،وانظر صحيح مسلم ج 4ص .2277
111
علي والحسسين كانسا ظالميسن طالبيسن للرياسسة مسن غيسر حسق ،بمنزلة الحاكسم
وأمثاله من ملوك بني عبيد ،أما كان يكون كاذبا مفتريا في ذلك لصحة إيمان
الحسن والحسين ،ودينهما وفضلهما ،ولنفاق هؤلء وإلحادهم .
وكذلك من شبه عليا والحسين ببعض من قام من الطالبيين أو غيرهم
بالحجاز ،أو الشرق أو الغرب يطلب الوليسة بغيسر حسق ،ويظلم الناس فسي
أموالهم وأنفسهم ،أما كان يكون ظالما كاذبا ؟ فالمشبه بأبي بكر وعمر بعمر
بن سعد أولى بالكذب والظلم ،ثم غاية عمر بن سعد وأمثاله ،أن يعترف بأنه
طلب الدنيسا بمعصسية يعترف أنهسا معصسية ،وهذا ذنسب كثيسر وقوعسه مسن
المسلمين .
وأ ما الشي عة فكثيرمن هم يعترفون بأن هم إن ما ق صدوا بالملك إف ساد د ين
السسلم ،ومعاداة النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم كمسا يعرف ذلك مسن
خطاب الباطنية وأمثالهم ،من الداخلين في الشيعة ،فإنهم يعترفون بأنهم في
الحقي قة ل يعتقدون د ين ال سلم ،وإن ما يتظاهرون بالتش يع لقلة ع قل الشي عة
وجهلهم ليتوصلوا بهم إلى أغراضهم .
وأوّل هؤلء ،بل خيارهم هو المختار بن أبي عبيد الكذاب ،فإنه كان
أمير الشيعة ،وقتل عبيد ال بن زياد ،وأظهر النتصار للحسين ،حتى قتل
قاتله وتقرب بذلك إلى محمسد بسن الحنفيسة وأهسل البيست ،ثسم ادعسى النبوة وأن
جبريل يأتيه ،وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم
. ()1
)) أنه قال (( :سيكون في ثقيف كذاب ومبير
112
وأعظم ذنبا من عمر بن سعد .
فهذا الشيعي شر من ذلك الناصبي ،بل والحجاج بن يوسف خير من
المختار بن أبي عبيد ،فإن الحجاج كان مبيرا كما سماه النبي صلى ال تعالى
عليه وسلم –يسفك الدماء بغير حق ،والمختار كان كذابا يدعى الوحي وإتيان
جبر يل إل يه ،وهذا الذ نب أع ظم من ق تل النفوس ،فإن هذا ك فر وإن لم ي تب
منه كان مرتدا ،والفتنة أعظم من القتل .
وهذا باب مطرد ل تجسد أحدا ممسن تذمسه الشيعسة بحسق أو باطسل إل
وفي هم من هو شر م نه ،ول ت جد أحدا م من تمد حه الشي عة إل وفي من تمد حه
الخوارج من هو خير منه ،فإن الروافض شر من النواصب ،والذين تكفرهم
أو تفسقهم الروافض ،هم أفضل من الذين تكفرهم أو تفسقهم النواصب .
وأ ما أ هل ال سنة فيتولون ج مع لمؤمن ين ،ويتكلمون بعلم وعدل لي سوا
مسن أهسل الجهسل ،ول مسن أهسل الهواء ،ويتسبرءون مسن طريقسة الروافسض
والنواصب جميعا ،ويتولون السابقين الولين كلهم ،ويعرفون قدر الصحابة ،
وفضلهسم ،ومناقبهسم ،ويرعون حقوق أهسل البيست التسي شرعهسا ال لهسم ،ول
يرضون بما فعله المختار ونحو من الكذابين ،ول ما فعل الحجاج ونحوه من
الظالمين .
ويعلمون مسع هذا مراتسب السسابقين الوليسن ،فيعلمون أن لبسي بكسر
وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيهما أحد ،من الصحابة ل عثمان
ول علي ول غيره ما ،وهذا كان متف قا عل يه في ال صدر الول ،إل أن يكون
خلف شاذ ل يعبأ به .
حتى إن الشيعة الولى أصحاب علي لم يكونوا يرتابون في تقديم أبي
بكر وعمر عليه ،فكيف وقد ثبت عنه من وجوه متواترة أنه كان يقول :خير
هذه المة بعد نبيها أبو بكر وعمر ،ولكن كان طائفة من شيعة علي ،تقدمه
على عثمان ،وهذه المسألة أخفى من تلك ،ولهذا كان أئمة أهل السنة متفقين
على تقد يم أ بي ب كر وع مر ك ما في مذ هب أ بي حني فة ،والشاف عي ،ومالك ،
113
وأح مد بن حن بل ،والثورى ،والوزا عي ،والل يث بن سعد ،و سائر أئ مة
المسلمين ،من أهل الفقه والحديث والزهد والتفسير من المتقدمين والمتأخرين.
وأما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما ،وهي
إحدى الروايتين عن سفيان الثوري ،ثم قيل إنه رجع عن ذلك لما اجتمع به
أيوب السسختياني ،وقال مسن قدم عليسا على عثمان فقسد أزرى بالمهاجريسن
والن صار ،و سائر أئ مة ال سنة على تقد يم عثمان و هو مذ هب جماه ير أ هل
الحديث وعليه يدل النص ،والجماع والعتبار .
وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من تقديم جعفر أو تقديم طلحة أو
نحسو ذلك فذلك فسي أمور مخصسوصة ل تقديمسا عامسا ،و كذلك مسا ينقسل عسن
بعضهم في علي .
وأما قوله :فبعضهم اشتبه المرعليه ورأى لطالب الدنيا مبايعا فقلده ،
وباي عه وق صر في نظره فخ في عل يه ال حق فا ستحق المؤاخذة من ال تعالى ،
بإعطاء ال حق لغ ير م ستحقه ،قال :وبعض هم قلد لق صور فطن ته ،ورأى الجم
الغفير فتابعهم ،وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب ،وغفل عن قوله تعالى :
. شكُور [
()2
] ،وَقَلِيلٌ ِمنْ عِبَا ِديَ ال ّ ]وَ َقلِيلٌ مَا هُم [
()1
114
فيقال له هذا من الكذب الذي ل يعجز عنه أحد ،والرافضة قوم بهت
فلو طلب من هذا المفتري دليل على ذلك لم يكن له على ذلك دليل ،وال تعال
قسد حرم القول بغيسر علم ،فكيسف إذا كان المعروف ضسد مسا قاله فلو لم نكسن
ن حن عالم ين بأحوال ال صحابة لم ي جز أن نش هد علي هم ب ما ل نعلم من ف ساد
الق صد ،والج هل بالم ستحق .قال تعالى ] :ول تق فُ ما ل يس لك به علم إنّ
وقال تعالى َ] :ها أَنْتُمْ ()1
ك كان عنهُ مَسئولً [
سمْعَ وَالبَصَ َر وَالفُؤَادَ ُكلّ أولئِ َ
ال ّ
س َلكُم بِ هِ عِلْم [( )2فكيف
ججْتُ مْ فِيمَا َلكُم بِ ِه عِلْ مُ فَلِ مَ ُتحَاجّو نَ فِيمَا لَ ْي َ
َهؤُل ِء حَا َ
إذا ك نا نعلم أن هم كانوا أك مل هذه ال مة عقل ،وعل ما ،ودي نا ،ك ما قال في هم
عبد ال بن مسعود (( :من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ،فإن الحي
ل تؤمسن عليسه الفتنسة ،أولئك أصسحاب محمسد كانوا وال أفضسل هذه المسة ،
وأبر ها قلو با ،وأعمق ها عل ما وأقل ها تكل فا ،قوم اختار هم ال ل صحبة نبيه ،
وإقامسة دينسه ،فأعرفوا لهسم فضلهسم ،واتبعوهسم ،فسي آثارهسم وتمسسكوا بمسا
اسستطعتم مسن أخلقهسم ،ودينهسم فإنهسم كانوا على الهدى المسستقيم ))( . )3رواه
غير واحد منهم ابن بطة ،عن قتادة .
وروى هو وغيره بال سانيد المعرو فة إلى زر ب نت حبيش ،قال :قال ع بد
ال بن مسعود (( :إن ال تبارك وتعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد
صلى ال تعالى عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه ،وابتعثه برسالته
،ثم ن ظر في قلوب العباد ب عد قلب مح مد صلى ال تعالى عل يه و سلم فو جد
قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه ،يقاتلون على دينه ،فما
رآه المسلمون حسنا فهو عند ال حسن ،وما رآه المسلمون سيئا فهو عند ال
115
سيء ))(. )1
وفي رواية قال أبو بكر بن عياش الراوي لهذا الثر ،عن عاصم بن
أبي النجود ،عن زر بن حبيش عن عبد ال بن مسعود ، tوقد رأى أصحاب
رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم جميعا أن يستخلفوا أبا بكر .
فقول عبد ال بن مسعود كانوا أبر هذه المة قلوبا ،وأعمقها علما ،
وأقلها تكلفا ،كلم جامع بين فيه حسن قصدهم ونياتهم ،ببر القلوب وبين فيه
كمال المعرفة ودقتها بعمق العلم ،وبين فيه تيسر ذلك عليهم وامتناعهم من
القول بل علم ،بقلة التكلف وهذا خلف مسسا قاله هذا المفترى الذي وصسسف
أكثر هم بطلب الدن يا ،وبعض هم بالج هل ،إ ما عجزا وإ ما تفري طا والذي قاله
ع بد ال حق فإن هم خ ير هذه ال مة ،ك ما تواترت بذلك الحاد يث عن ال نبي
خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ، (( صلى ال تعالى عليه وسلم حيث قال :
ثم الذين يلونهم ،ثم الذ ين يلونهم ))(. )2وهم أفضل المة الوسط الشهداء على
الناس ،الذين هداهم ال لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ،وال يهدي من يشاء
إلى صراط مستقيم ،فليسوا من المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم ،ول
من الضالين الجاهلين ،كما قسمهم هؤلء المفترون ،إلى ضلل وغواة ،بل
لهم كمال العلم ،وكمال القصد .
إذ لو لم يكسن كذلك للزم أن ل تكون هذه المسة خيسر المسم ،وأن ل
يكونوا خير المة وكلهما خلف الكتاب والسنة ،وأيضا فالعتبار العقلي يدل
على ذلك ،فإن من تأمل أمة محمد صلى ال تعالى عليه وسلم ،وتأمل أحوال
اليهود والن صارى وال صابئين والمجوس والمشرك ين ،تبين له من فضيلة هذه
المسة على سسائر المسم فسي العلم النافسع ،والعمسل الصسالح ،مسا يضيسق هذا
الموضع عن بسطه .
والصسحابة أكمسل المسة فسي ذلك بدللة الكتاب والسستة والجماع ،
116
والعتبار ولهذا ل تجد أحدا من أعيان المة إل وهو معترف بفضل الصحابة
عل يه ،وعلى أمثاله ،وت جد من ينازع في ذلك كالراف ضة من أج هل الناس ،
ولهذا ل يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي ،ول في أئمة الحديث
ول في أئمة الزهد والعبادة ،ول في أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة رافضي،
ول في الملوك الذين نصروا السلم وأقاموه وجاهدوا عدوه من هو رافضي،
ول في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي .
وأكثر ما تجد الرافضة إما في الزنادقة المنافقين الملحدين ،وإما في
جهال ل يس ل هم علم بالمنقولت ول بالمعقولت ،قد ن شأ بالبوادي والجبال ،
وتجسبروا على المسسلمين ،فلم يجالسسوا أهسل العلم والديسن ،وإمسا فسي ذوي
الهواء م من قد ح صل له بذلك ريا سة ومال ،أوله ن سب يتع صب به كف عل
أهل الجاهلية ،وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين ،فليس في
هؤلء رافضي ،لظهور الجهل والظلم في قولهم ،و تجد ظهور الرفض في
شر الطوائف كالنصيرية والسماعيلية ،والملحدة الطرقية ،وفيهم من الكذب
والخيا نة وإخلف الو عد ما يدل على نفاق هم ،ك ما في ال صحيحين عن ال نبي
آيسة المنافسق ثلث ،إذا حدث كذب ، (( صسلى ال تعالى عليسه وسسلم أنسه قال :
وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ))( –)1زاد مسلم – (( وإن صام وصلى وزعم
أنه مسلم )) وأكثر ما توجد هذه الثلث في طوائف أهل القبلة في الرافضة.
وأي ضا فيقال لهذا المفترى :هب أن الذ ين بايعوا ال صديق كانوا ك ما
ذكرت إ ما طالب دن يا وإ ما جا هل ،ف قد جاء ب عد أولئك في قرون ال مة ،من
يعرف كل أحد زكاءهم ،وذكاءهم .
م ثل سعيد بن الم سيب ،الح سن الب صري ،وعطاء بن أ بي رباح ،
وإبراهيسم النخعسي ،وعلقمسة ،والسسود ،وعسبيدة السسلماني ،وطاوس ،
ومجا هد ،و سعيد بن جبير ،وأ بي الشعثاء جابر بن ز يد ،وعلي بن ز يد ،
وعلي بسن الحسسين ،وعبيسد ال بسن عبسد ال بسن عتبسة ،وعروة بسن الزبيسر ،
117
والقا سم بن مح مد بن أ بي ب كر ،وأ بي ب كر بن ع بد الرح من بن الحرث بن
هشام ،ومطرف بن الشخير ،ومحمد بن واسع ،وحبيب العجمى ،ومالك بن
دينار ،ومكحول ،والح كم بن عت بة ،ويز يد بن أ بي حبيب ،و من ل يح صي
عددهم إل ال .
ثم بعد هم أيوب السختياني ،وعبد ال بن عون ،ويو نس بن عبيد ،
وجعفر بن محمد ،والزهري ،وعمرو بن دينار ،ويحيى بن سعيد النصاري،
وربيعة بن أبي عبد الرحمن ،وأبو الزناد ،ويحيى بن أبي كثير ،وقتادة ،
ومنصسور بسن المعتمسر ،والعمسش ،وحماد بسن أبسي سسليمان ،وهشام
الدستوائي ،وسعيد بن أبي عروبة .
و من ب عد هؤلء م ثل ،مالك بن ا نس ،وحماد بن ز يد ،وحماد بن
سسلمة ،والليسث بسن سسعد ،والوزاعسي ،وأبسي حنيفسة ،وابسن أبسي ليلى ،
وشريك ،وابن أبي ذئب ،وابن الماجشون .
ومن بعدهم ،مثل يحيى بن سعيد القطان ،وعبد الرحمن بن مهدي ،
ووكيع بن الجراح ،وعبد الرحمن بن القاسم ،وأشهب بن عبد العزيز ،وأبي
يوسسف ،ومحمسد بسن الحسسن ،والشافعسي ،وأحمسد بسن حنبسل ،وإسسحق بسن
راهو يه ،وأ بي عب يد ،وأ بي ثور ،و من ل يح صى عدده إل ال تعالى ،م من
ليس لهم غرض في تقديم غير الفاضل ل لجل رياسة ،ول مال .
وممسن هسم اعظسم الناس نظرا فسي العلم وكشفسا لحقائقسه ،وهسم كلهسم
متفقون على تفضيل أبي بكر وعمر .
بل الشي عة الولى الذ ين كانوا على ع هد علي كانوا يفضلون أ با ب كر
وعمر ،قال أبي القاسم سألت مالكا عن أبي بكر وعمر ،فقال :مارأيت أحدا
م من اقتدى به ي شك في تقديمه ما .يع ني على علي وعثمان فح كى إجماع أ هل
المدينة على تقديمهما.
وأهل المدينة لم يكونوا مائلين الى بني أمية كما كان أهل الشام ،بل
قد خلعوا بيعة يزيد ،وحاربهم عام الحرة وجرى بالمدينة ما جرى .
118
ولم يكن أيضا قتل علي منهم أحدا كما قتل من أهل البصرة ومن أهل
الشام ،بل كانوا يعدّونه من علماء المدينة ،إلى أن خرج منها ،وهم متفقون
على تقديم أبي بكر وعمر .
وروى البيهقسي بإسسناده عسن الشافعسي .قال :لم يختلف الصسحابة
والتابعون في تقديم أبي بكر وعمر ،وقال شريك بن أبي نمر :وقال له قائل
أي ما أف ضل أبو ب كر أو علي ؟ فقال له :أ بو بكر .فقال له ال سائل :تقول هذا
و أنت من الشيعة ؟ فقال :نعم إنما الشيع يّ من يقول هذا ،وال لقد رقى علىّ
هذه العواد ،فقال :أل إن خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر وعمر أفكنا نردّ
قوله ،أفكنا نكذبه ،وال ما كان كذابا(. )1
وذ كر هذا القا ضي ع بد الجبار في كتاب تث بت النبوة له ،وعزاه إلى
كتاب أبي القاسم البلخي ،الذي صنفه في النقض على ابن الرواندي اعتراضه
على الجاحظ(. )2
فكيف يقال مع هذا أن الذين بايعوه كانوا طلب الدنيا ،أو جهال،ولكن
هذا وصسف الطاعسن فيهسم ،فإنسك ل تجسد فسي طوائف القبلة أعظسم جهل مسن
الرافضة ،ول أكثر حرصا على الدنيا ،وقد تدبرتهم فوجدتهم ل يضيفون إلى
ال صحابة عي با إل و هم أع ظم الناس ات صافا به ،وال صحابة اب عد ع نه ،ف هم
أكذب الناس بل ريب كمسيلمة الكذاب ،إذ قال :أنا نبي صادق ،ولهذايصفون
أنفسسهم باليمان ،ويصسفون الصسحابة بالنفاق ،وهسم أعظسم الطوائف نفاقسا ،
والصحابة أعظم الخلق إيمانا .
وأ ما قوله :وبعض هم طلب ال مر لنف سه ب حق وباي عه القلون الذ ين
اعرضوا عسن الدنيسا وزينتهسا ،ولم تأخذهسم بال لومسة لئم ،بسل أخلصسوا ل
واتبعوا ما أمروا به من طاعة من يستحق التقديم ،وحيث حصل للمسلمين هذه
119
البلية ،وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد النصاف ،وأن يقر الحق
مقره ،ول يظلم مستحقه ،فقد قال تعالىََ] :ألَ َلعْ َنةَ الِ عَلَى الظّا ِلمِين [(. )1
فيقال له أول :قسد كان الواجسب أن يقال لمسا ذهسب طائفسة إلى كذا ،
وطائ فة إلى كذا ،و جب أن ين ظر أي القول ين أ صح ،فأ ما إذا رض يت إحدى
الطائفتيسن باتباع الحسق ،والُخرى باتباع الباطسل ،فإن كان هذا قسد تسبين فل
حاجة إلى النظر ،وإن لم يتبين بعد لم يذكر حتى يتبين .
ويقال له ثان يا :قولك :أ نه طلب ال مر لنف سه ب حق ،وباي عه القلون
كذب على علي ، tفإ نه لم يطلب ال مر لنف سه في خل فة أ بي ب كر ،وع مر
وعثمان ،وإنما طلبه لما قتل عثمان وبويع وحينئذ فأكثر الناس كانوا معه ،لم
يكسن معسه القلون وقسد اتفسق أهسل السسنة والشيعسة على أن عليسا لم يدع إلى
مبايعته في خلفة أبي بكر وعمر وعثمان ،ول بايعه على ذلك أحد.
ولكن الرافضة تدعى أنه كان يريد ذلك ،وتعتقد أنه المام المستحق
للمامة ،دون غيره ،لكن كان عاجزا عنه وهذا لو كان حقا لم يفدهم ،فإنه
لم يطلب المر لنفسه ،ول تابعه أحد على ذلك ،فكيف إذا كان باطل.
وكذلك قوله بايعه القلون ،كذب على الصحابة فإنه لم يبايع منهم أحد
لعلي على عهد الخلفاء الثلثة ،ول يمكن أحد أن يدعي هذا ،ولكن غاية ما
يقول القائل انه كان فيهم من يختار مبايعته ،ونحن نعلم أن عليا لما تولى كان
كثير من الناس يختار ولية معاوية ،وولية غيرهما ،ولما بويع عثمان كان
في نفوس بعض الناس ميل إلى غيره ،فمثل هذا ل يخلو من الوجود .
وقسد كان رسسول ال صسلى ال تعالى عل يه وسسلم بالمدينسة وبهسا ومسا
ن الَعْرَاب مُنَا ِفقُون وَمِن
حوْلَكُم مِ َ
ن َ
حول ها منافقون ،ك ما قال تعالى َ ] :و ِممّ ْ
ن َنعْ َلمُهُم [( )2و قد قال تعالى عن
أَ ْهلِ ا ْلمَدِي َنةِ َمرَدُوا عَلَى ال ّنفَا قِ ل َتعْ َلمُهُم َنحْ ُ
120
()1
عظِيم[
ن َ
ج ٍل مِنَ ا ْلقَرْيَتَيْ ِ
علَى َر ُ
المشركين ] :وَقَالُوا َل ْو َل نَ َزلَ هَذَا ا ْلقُرْآنَ َ
فأحبوا أن ينزل القرآن على من يعظمونه من أهل مكة والطائف ،قال تعالى :
سمْنَا بَيْ َنهُم َمعِيشَ َتهُم في ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا وَ َر َفعْنَا
ح َمةَ رَبّكَ َنحْنُ قَ َ
سمُونَ َر ْ
] أَهُمْ َيقْ ِ
. ()2
ضهُم َفوْقَ َبعْض دَ َرجَات [
َبعْ َ
وأما ما وصفه لهؤلء بأنهم الذين أعرضوا عن الدنيا وزينتها ،وأنهم
ل تأخذهم في ال لومة لئم ،فهذا من أبين الكذب ،فإنه لم ير الزهد والجهاد
في طائ فة أقل م نه في الشي عة ،والخوارج المارقون كانوا أز هد منهم وأع ظم
قتال ،حتى يقال في المثل حملة خارجية وحروبهم مع جيوش بني أمية وبني
العباس وغيره ما بالعراق والجزيرة وخراسسان والمغرب وغيرهمسا معروفسة ،
وكانت لهم ديار يتحيزون فيها ل يقدر عليهم أحد .
وأما الشيعة فهم دائما مغلوبون ،مقهورون منهزمون ،وحبهم للدنيا
وحرصهم عليها ظاهر ،ولهذا كاتبوا الحسين ، tفلما أرسل إليهم ابن عمه،
ثم قدم بنف سه غدروا به ،وباعوا الخرة بالدنيا ،وأسلموه إلى عدوه ،وقاتلوه
مع عدوه ،فأي زهد عند هؤلء ،وأي جهاد عندهم .
وقد ذاق منهم علي بن أبي طالب tمن الكاسات المرة ما ل يعل مه
إل ال ،حتى دعا عليهم ،فقال :اللهم إني سئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيرا
منهسم ،وأبدلهسم بسي شرا منسي ،وقسد كانوا يغشونسه ويكاتبون مسن يحاربسه ،
ويخونونه في الوليات ،والموال ،هذا ولم يكونوا بعد صاروا رافضة ،إنما
سسمعوا شيعسة علي لمسا افترق الناس فرقتيسن ،فرقسة شايعست أولياء عثمان ،
وفر قة شاي عت أولياء عل يا ر ضى ال عنه ما ،فأولئك خيار الشي عة ،و هم من
شر الناس معاملة لعلي بن أبي طالب ، tوابنيه سبطى رسول ال صلى ال
تعالى عليه وسلم وريحانته في الدنيا الحسن والحسين ،وهم أعظم الناس قبول
للوم اللئم في الحق ،وأسرع الناس إلى الفتنة ،وأعجزهم عنها ،يغرون من
121
يظهرون ن صره من أ هل الب يت ،ح تى إذا اطمأن إلي هم ولم هم عل يه اللئم ،
خذلوه وأ سلموه وآثروا عل يه الدن يا ،ولهذا أشار عقلء الم سلمين ون صحاؤهم
على الحسين أن ل يذهب إليهم ،مثل عبد ال بن عباس ،وعبد ال بن عمر ،
وأبسي بكسر بسن عبسد الرحمسن بسن الحرث بسن هشام وغيرهسم ،لعلمهسم بأنهسم
يخذلو نه ،ول ين صرونه ،ول يوفون له ب ما كتبوا به إل يه ،وكان ال مر ك ما
رأى هؤلء ،ونفذ فيهم دعاء عمر بن الخطاب ،ثم دعاء علي بن أبي طالب.
حتى سلط ال عليهم الحجاج بن يوسف ،كان ل يقبل من محسنهم ،
ول يتجاوز عن مسيئهم ،ودب شرهم إلى من لم يكن منهم ،حتى عم الشر ،
وهذه كتب المسلمين التي ذكر فيها زهاد المة ليس فيهم رافضي .
كيف والرافضي من جنس المنافقين ،مذهبه التقية فهل هذا حال من
ل تأخذه بال لومة لئم ،إنما هذه حال من نعته ال في كتابه بقوله َ] :يا أَ ّيهَا
سوْفَ يَأْتِي الَ ِبقَو مٍ ُيحِبّهُم وَ ُيحِبّونَ هُ
ن آمَنُوا مَ نْ يَرتَدّ مِ ْنكُ مْ عَ نْ دِيِن هِ فَ َ
الّذِي َ
ن في سَبِي ِل الِ َو َل َيخَافُو نَ
ن أَعِزّ ٍة عَلَى ا ْلكَا ِفرِ ين ُيجَاهِدُو َ
أَذِّلةٍ عَلَى ا ْل ُم ْؤمِنِي َ
ن َيشَاء وَالُ وَاسِ ٌع عَلِيم [ (. )1
ض ُل الِ ُيؤْتِيهِ مَ ْ
َل ْو َمةَ لَ ِئمْ ذَِلكَ فَ ْ
وهذه حال من قا تل المرتد ين ،وأول هم ال صديق ،و من اتب عه إلى يوم
القيامسة ،فهسم الذيسن جاهدوا المرتديسن ،كأصسحاب مسسيلمة الكذاب ،ومانعسي
الزكاة ،وغيره ما و هم الذ ين فتحوا الم صار ،وغلبوا فارس والروم ،وكانوا
أزهد الناس ،كما قال عبد ال بن مسعود لصحابه :أنتم أكثر صلة وصياما
من أصحاب محمد ،وهم كانوا خيرا منكم ،قالوا :لما يا أبا عبد الرحمن ،
قال :لن هم كانوا ،أز هد في الدن يا ،وأر غب في الخرة ،فهؤلء هم الذ ين
لتأخذهم في ال لومة لئم .
بخلف الرافضسة ،فإنهسم أشسد الناس خوفسا مسن لوم اللئم ،ومسن
علَ ْيهِم هُم ا ْلعَ ُدوّ فَاحْ َذرْهُم
حةٍ َ
عدوّهم ،وهم كما قال تعالى َ] :يحسبونَ ُكلّ صَ ْي َ
122
قَاتَ َلهُ ُم الُ أَنّى ُيؤْ َفكُون [(. )2ول يعيشون في أهل القبلة إل من جنس اليهود في
أ هل الملل .ثم يقال :من هؤلء الذ ين زهدوا في الدن يا ،ولم تأخذهم في ال
لو مة لئم ،م من لم يبا يع أ با ب كر وع مر وعثمان tم ،وبا يع عل يا ،فإ نه من
المعلوم أن في ز من الثل ثة لم ي كن أ حد منحازا عن الثل ثة مظهرا لمخالفت هم
ومبايعسة علي ،بسل كسل الناس كانوا مبايعيسن لهسم فغايسة مسا يقال أنهسم كانوا
يكتمون تقديم علي وليست هذه حال من ل تأخذه في ال لومة لئم .
وأ ما في حال ول ية علي ف قد كان tمن أك ثر الناس لو ما ل من م عه
على قلة جهاد هم ،ونكول هم عن القتال ،فأ ين هؤلء الذ ين ل تأخذ هم في ال
لومة لئم ،من هؤلء الشيعة ،وإن كذبوا على أبي ذر من الصحابة وسلمان
وعمار وغيرهم ،فمن المتواتر أن هؤلء كانوا من أعظم الناس تعظيما لبي
بكر وعمر ،واتباعا لهما ،وإنما ينقل عن بعضهم التعنت على عثمان ،ل
على أبي بكر وعمر ،وسيأتي الكلم على ما جرى لعثمان . t
ففي خلفة أبي بكر وعمر وعثمان ،لم يكن أحد يسمى من الشيعة ،
ول تضاف الشي عة إلى أ حد ل عثمان ول علي ول غيره ما ،فل ما ق تل عثمان
تفرق المسسسسسسلمون ،فمال قوم إلى عثمان ،ومال قوم إلى علي واقتتلت
الطائفتان ،وق تل حينئذ شي عة عثمان شي عة علي ،و في صحيح م سلم عن سعد
بن هشام أنه أراد أن يغزو في سبيل ال وقدم المدي نة فأراد أن يبيع عقارا له
فيها فيجعله في السلح والكراع ،ويجاهد الروم حتى يموت ،فلما قدم المدينة
لقي أناسا من أهل المدينة ،فنهوه عن ذلك وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك
في حياة النبي صلى ال تعالى عليه وسلم نهاهم نبي ال صلى ال تعالى عليه
وسلم .وقال (( :أليس لكم بي أسوة ؟)) ،فلما حدثوه بذلك راجع امرأته ،وقد
كان طلق ها وأش هد على رجعت ها .فأ تى ا بن عباس و سأله عن و تر ر سول ال
صلى ل تعالى عليه وسلم .فقال ابن عباس :أل أدلك علىأعلم أهل الرض
123
بوتر رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم ؟ فقال من ؟ قال :عائشة رضى
ال عنها ،فأتها فاسألها ثم ائتني فاخبرني ،بردها عليك ،قال فانطلقت إليها
فأتيت على حكيم بن افلح فاستلحقته إليها فقال :ما أنا بقاربها لني نهيتها أن
تقول في هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما ل مضيا .
قال :فأقسسمت عليسه فجاء فانطلقنسا إلى عائشسة رضسى ال عنهسا و
ذكرا
الحديسث ( ،)1وقال معاويسة لبسن عباس أنست على ملة علي ،فقال ل على ملة
علي ،ول على ملة عثمان ،أنسا على ملة رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه
وسلم .
وكانت الشيعة أصحاب علي يقدمون عليه أبا بكر وعمر ،وإنما كان
النزاع في تقديمه على عثمان ،ولم يكن حينئذ يسمى أحد ل إماميا ول رافضيا
وإن ما سموا راف ضة ،و صاروا راف ضة ،ل ما خرج ز يد بن علي بن الح سين
بالكوفة ،في خلفة هشام ،فسألته الشيعة عن أبي بكر وعمر ،فترحم عليهما
فرفضسه قوم ،فقال رفضتمونسي رفضتمونسي .فسسموا رافضسة ،وتوله قوم
فسموا زيدية ،لنتسابهم إليه .
ومسن حينئذ انقسسمت الشيعسة ،إلى رافضسة إماميسة وزيديسة ،وكلمسا
زادوا في البدعة زادوا في الشر ،فالزيدية خير من الرافضة ،أعلم وأصدق
وأزهد ،وأشجع .
ثم ب عد أ بي ب كر ،ع مر بن الخطاب هو الذي لم ت كن تأخذه في ال
لومسة لئم ،وكان أزهسد الناس باتفاق الخلق كمسا قيسل فيسه رحسم ال عمسر لقسد
تركه الحق ما له من صديق .
ونحن ل ندعي العصمة لكل صنّف من أهل السنّة ،وإنما ندعي أنهم
ل يتفقون على ضللة ،وأن كسل مسسألة اختلف فيهسا أهسل السسنّة والجماعسة
والرافضة ،فالصواب فيها مع أهل السنّة .
124
وحيث تصيب الرافضة ،فل بد أن يوافقهم على الصواب بعض أهل
السنّة ،وللروافض خطأ ل يوافقهم أحد عليه من أهل السنّة ،وليس للرافضة
مسألة واحدة ل يوافقهم فيها أحد فانفردوا بها عن جميع أهل السنّة والجماعة
إل وهم مخطئون فيها كإمامة الثنى عشر ،وعصمتهم .
(فصسسسل )
قال الرافضي (( :وذهب جميع من عدا المامية والسماعيلية إلى أن
النبياء والئمة غير معصومين ،فجوّزوا بعثة من يجوز عليه الكذب والسهو
والخطأ والسرقة ،فأي وثوق يبقى للعامة في أقوالهم ،وكيف يحصل النقياد
إلي هم ،وك يف ي جب اتباع هم مع تجو يز أن يكون ما يأمرون به خ طأ ؟ ولم
يجعلوا الئمسة محصسورين فسي عدد معيسن ،بسل كان مسن بايسع قرشيسا انعقدت
إمام ته عند هم ،وو جب طاع ته على جميع الخلق إذا كان م ستور الحال ،وإن
كان على غاية من الكفر والفسوق والنفاق )).
فيقال :الكلم على هذا من وجوه :
أحدهنا :أن يقال :مسا ذكرتسه عسن الجمهور مسن نفسي العصسمة عسن
النسبياء وتجويسز الكذب والسسرقة والمسر بالخطسأ عليهسم ،فهذا كذب على
الجمهور ،فإن هم متفقون على أن ال نبياء مع صومون في تبل يغ الر سالة ،ول
يجوز أن يستقر في شيء من الشريعة خطأ باتفاق المسلمين ،وكل ما يبلّغونه
عن ال عز وجل من المر والنهي يجب طاعتهم فيه باتفاق المسلمين ،وما
أخبروا به وجب تصديقهم فيه بإجماع المسلمين ،وما أمروهم به ونهوهم عنه
وجبت طاعتهم فيه عند جميع فرق المة ،إل عند طائفة من الخوارج يقولون:
إن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم معصوم فيما يبلّغه عن ال ،ل فيما يأمر
هو به وينهى عنه .وهؤلء ضُلّل باتفاق أهل السنّة والجماعة .
وقد ذكرنا غير مرة أنه إذا كان في بعض المسلمين من قال قول خطأ
لم ي كن ذلك قد حا في الم سلمين ،ولو كان كذلك لكان خ طأ الراف ضة عي با في
125
دين المسلمين ،فل يُعرف في الطوائف أكثر خطأ وكذبا منهم ،وذلك ل يضر
المسلمين شيئا ،فكذلك ل يضرهم وجود مخطئ آخر غير الرافضة.
وأكثر الناس – أو كثير منهم – ل يجوّزون عليهم الكبائر ،والجمهور
الذ ين يجوزون ال صغائر – هم و من يجوّز الكبائر – يقولون :إن هم ل ُي َقرّون
عليها ،بل يحصل لهم بالتوبة منها من المنزلة أعظم مما كان قبل ذلك ،كما
تقدم التنبيه عليه .
وبالجملة فل يس في الم سلمين من يقول :أ نه ي جب طا عة الر سول مع
جواز أن يكون أمره خطأ ،بل هم متفقون على أن المر الذي يجب طاعته ل
يكون إل صسوابا .فقوله (( :كيسف يجسب اتباعهسم مسع تجويسز أن يكون مسا
يأمرون به خطأ ؟ قول ل يلزم أحدا من المة .
وللناس في تجو يز الخ طأ علي هم في الجتهاد قولن معروفان ،و هم
متفقون على أنهسم ل يقرّون عليسه ،وإنمسا يطاعون فيمسا أقرّوا عليسه ،ل فيمسا
غيّره ال ونهى عنه ،ولم يأمر بالطاعة فيه .
وأما عصمة الئمة فلم يَقُل بها – إل كما قال – المامية والسماعيلية.
وناهيسك بقول لم يوافقهسم عليسه إل الملحدة المنافقون ،الذيسن شيوخهسم الكبار
أكفر من اليهود والنصارى والمشركين ! .وهذا دأب الرافضة دائما يتجاوزون
عن جما عة الم سلمين إلى اليهود والن صارى والمشرك ين في القوال والموالة
والمعاونة والقتال وغير ذلك .
فهسل يوجسد أضسل مسن قوم يعادون السسابقين الوليسن مسن المهاجريسن
والنصار ،ويوالون الكفار والمنافقين ؟ وقد قال ال تعالى ] :أَلَمْ َترَ إِلَى الّذِينَ
ب الُ عَلَ ْيهِم مّا هُم مِ ْنكُم وَل َمِ ْنهُم وَ َيحْ ِلفُونَ عَلَى ا ْلكَذِبِ وَهُمْ
َتوَلّوا َق ْومًا غَضِ َ
َيعْ َلمُون .أَعَدّ ال ُ لَه ُم عَذَاب ًا شَدِيدًا إِنّه ُم سنَا َء م َا كَانُوا َي ْعمَلُون ،اتّخَذُوا
أَ ْيمَا َنهُم جُ ّنةً فَصَدّوا عَن سَبِيلِ الِ فَ َلهُم عَذَابٌ ُمهِين .لَن ُتغْنِي عَ ْنهُم َأ ْموَا َلهُم
صحَابُ النّارِ هُ مْ فِيهَا خَالِدُون َ .يوْ مَ يَ ْبعَ ُثهُم
ك أَ ْ
ن الِ شَيئًا ُأوْلَئِ َ
َولَ َأ ْولَدهُم ِم َ
جمِيعًا فَ َيحْ ِلفُو نَ لَ ُه كَمَا َيحْ ِلفُو نَ لَكُم وَ َيحْ سَبُونَ أَنّهُم عَلَى شَيْ ٍء َألَ إِنّهُم
الُ َ
126
ب الشّ ْيطَان
ك حِزْ ُ
حوَذَ عَلَ ْي ِهمُ الشّ ْيطَان فَأَ ْنسَا ُهمْ ِذكْرَ ال ُأوْلَئِ َ
ُهمُ الكَاذِبون .اسْ َت ْ
َألَ إِنّ حِزْ بَ الشّ ْيطَا نِ هُ مُ ا ْلخَا سِرُون .إِنّ الّذِي نَ ُيحَادّو نَ الَ وَرَ سُو َلهُ ُأوْلَئِ كَ
في الَذَلّ ين .كَتَ بَ الُ لَغْلِ َبنّ أَنَا وَرُ سِلِي إِنّ الَ َقوِيّ عَزِ يزَ ،ل َتجِدُ َقوْمًا
ن حَادّ الَ وَرَ سُو َل ُه وَ َلوْ كَانُوا آبَاءَهُم أَو
ن بِالِ وَالْ َيوْمِ الخِر ُيوَادّو نَ َم ْ
ُي ْؤمِنُو َ
ن َوأَيّدَهُمْ ِبرُوحٍ
عشِيرَ َتهُمْ ُأوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُو ِبهِم الِيمَا َ
خوَا َنهُمْ َأوْ َ
أَبْنَاءَهُم أو ِإ ْ
ن َتحْتِهَا الَنْهَارَ خَالِدِي نَ فِي ها tم وَرَضُوا عَنْ هُ
ت َتجْرِي ِم ْ
مِنْه وَيُ ْدخِلُهُم جَنّا ٍ
ن حِزْبَ الِ ُهمُ ا ْل ُمفْلِحُون [(.)1
ب ال َألَ إِ ّ
ُأوْلَئِكَ حِزْ ُ
فهذه اليات نزلت في المنافقين ،وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم
في الرافضة ،حتى أنه ليس في الروافض إل من فيه شعبة من شعب النفاق .
ك ما فال ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم (( :أر بع من كن ف يه كان مناف قا
خالصا ،ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من خصل النفاق حتى
يدعهسا :إذا حدّث كذب ،وإذا اؤتمسن خان ،وإذا عاهسد غدر ،وإذا خاصسم
فجر)) أخرجاه في الصحيحين(. )2
س مَا قَ ّدمَ تْ
ن َكفَرُوا لَبِئْ َ
ن الّذِي َ
قال تعالى َ ]:ت َرىَ كَثِيرًا مِ ْنهُ مْ يَ َتوَّلوْ َ
خطَ الُ عَلَ ْيهِمْ وَفِي ا ْلعَذَابِ هُم خَالِدُون .وَلَو كَانُوا ُي ْؤمِنُونَ
سِن َ
سهُم أَ ْ
َلهُم أَ ْنفُ ُ
()3
بِالِ وَالنّبِ يّ َومَا أُ ْن ِزلَ إِلَيْ ِه مَا ا ّتخَذُوهُم َأوْلِيَا َء وَ َلكِنّ كَثِيرًا مِ ْنهُ مْ فَا سِقُون [
ن بَنِي إِ سْرَائِيلَ عَلَى لِ سَانِ دَاوُ َد وَعِي سَى
ن الّذِي نَ َكفَرُوا مِ ْ
وقال تعالى ُ] :لع َ
ن مُ ْنكَرٍ َفعَلُو هُ
ع ْ
ن َ
صوْا َوكَانُوا َيعْتَدُون .كَانُوا لَ يَتَنَا َهوْ َ
ن مَرْيَ مَ ذَلِ كَ ِبمَا عَ َ
ابْ ِ
. ()4
ن الّذِينَ َكفَرُوا [
س مَا كَانُوا َي ْفعَلُونَ ،تَرَى كَثِيرًا مِ ْنهُم يَ َتوَّلوْ َ
لَبِئْ َ
و هم غال با ل يتناهون عن من كر فعلوه ،بل ديار هم أك ثر البلد منكرا
من الظلم والفواحش وغير ذلك ،وهم يتولون الكفار الذين غضب ال عليهم ،
127
ن َتوَلّوا
فليسوا مع المؤمنين ول مع الكفار ،كما قال تعالى ] :أَلَ مْ تَ َر إِلَى الّذِي َ
َق ْومًا غَضِبَ الُ عَلَ ْي ِهمْ مَا هُم مِ ْنكُم َولَ مِ ْنهُم [(. )1
ولهذا هم ع ند جماه ير الم سلمين نوع آ خر ،ح تى إن الم سلمين ل ما
قاتلوهم بالجبل الذي كانوا عاصين فيه بساحل الشام ،يسفكون دماء المسلمين،
ويأخذون أموالهسم ،ويقطعون الطريسق ،اسستحلل لذلك وتدينسا بسه ،فقاتلهسم
صنف من التركمان ،ف صاروا يقولون :ن حن م سلمون ،فيقولون :ل ،أن تم
جنس آخر خارجون عن المسلمين لمتيازهم عنهم .
ب وَ ُهمْ َيعْ َلمُون [(. )2
ن عَلَى الْكَذِ ِ
وقد قال ال تعالى ] :وَ َيحْ ِلفُو َ
وهذا حال الرافضة ،وكذلكَ ] :ا ّتخَذُوا أَ ْيمَا َنهُ مْ جُ ّنةً فَ صَدّوا عَ نْ سَبِيلِ
ن مَنْ حَا ّد الَ
ن بِالِ وَالْ َي ْومِ الخِرِ ُيوَادّو َ
ال [ إلى قوله ] :لَ َتجِدُ َق ْومًا ُي ْؤمِنُو َ
وكثير منهم يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادّته ()3
وَرَ سُولَه [...الية
للمسسلمين .ولهذا لمسا خرج الترك الكفار مسن جهسة المشرق فقاتلوا المسسلمين
وسسفكوا دماءهسم ،ببلد خراسسان والعراق والشام والجزيرة وغيرهسا ،كانست
الرافضة معاونة لهم على قتال المسلمين ،ووزير بغداد المعروف بالعلقمي هو
وأمثاله كانوا من أع ظم الناس معاو نة ل هم على الم سلمين ،وكذلك الذ ين كانوا
بالشام بحلب وغيرها من الراف ضة كانوا من أشد الناس معاو نة لهم على قتال
المسلمين .وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون بالشام كانت الرافضة من
أعظسم أعوانهسم ،وكذلك إذا صسار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضسة
من أعظم أعوانهم ،فهم دائما يوالون الفار من المشركين واليهود والنصارى ،
ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم .
ثم إن هذا ادّعى عصمة الئمة دعوى لم يقم عليها حجة ،إل ما تقدم
مسن أن ال لم يخسل العالم مسن أئمسة معصسومين لمسا فسي ذلك مسن المصسلحة
128
واللطسف ،ومسن المعلوم المتيقسن أن هذا المنتظسر الغائب المفقود لم يحصسل بسه
ش يء من الم صلحة والل طف ،سواء كان مي تا ،ك ما يقوله الجمهور ،أو كان
ح يا ،ك ما تظ نه المام ية .وكذلك أجداده المتقدمون لم يح صل ب هم ش يء من
الم صلحة والل طف الحا صلة من إمام مع صوم ذي سلطان ،ك ما كان ال نبي
صلى ال تعالى عليه وسلم بالمدينة بعد الهجرة ،فإنه كان إمام المؤمنين الذي
يجب عليهم طاعته ،ويحصل بذلك سعادتهم ،ولم يحصل بعده أحد له سلطان
تُدعى له العصمة إل علي ّ tزمن خلفته .
سي كان
سلحة التس
سف و المصس
سن المعلوم بالضرورة أن حال اللطس
ومس
المؤمنون فيها زمن الخلفاء الثلثة ،أعظم من اللطف والمصلحة الذي كان في
خل فة علي ز من القتال و الفت نة والفتراق ،فإذا لم يو جد من يد عي المام ية
فيه أنه معصوم وحصل له السلطان بمبايعة ذي الشوكة إل عليّ وحده ،وكان
م صلحة المكلف ين والل طف الذي ح صل ل هم في دين هم ودنيا هم في ذلك الزمان
أ قل م نه في ز من الخلفاء الثل ثة ،عُلم بالضرورة أن ما يدّعو نه من الل طف
والمصلحة الحاصلة بالئمة المعصومين باطل قطعا.
وهو من جنس الهدى واليمان الذي ُيدّعى في رجال الغيب بجبل لبنان
وغيره مسن الجبال مثسل جبسل قاسسيون بدمشسق ،ومغارة الدم ،وجبسل الفتسح
بم صر ،ون حو ذلك من الجبال والغيران ،فإن هذه الموا ضع ي سكنها ال جن ،
ويكون ب ها شياط ين ،ويتراءون أحيا نا لب عض الناس ،ويغيبون عن الب صار
في أكثر الوقات ،فيظن الجهال أنهم رجال من النس ،وإنما هم رجال من
الجن .
ن بِ ِرجَالٍ ِم نَ ا ْلجِنّ
س َيعُوذُو َ
كما قال تعالى َ ] :وإِنّ هُ كَا نَ ِرجَا ٌل مِ نَ الِنْ ِ
فَزَادُو ُهمْ رَ َهقًا [(. )1
وهؤلء يؤ من ب هم وب من ينتحل هم من المشا يخ طوائف ضالون ،ل كن
المشايخ الذين ينتحلون رجال الغيب ل يحصل بهم من الفساد ما يحصل بالذين
129
يدّعون المام المعصوم ،بل المفسدة والشر الحاصل في هؤلء أكثر ،فإنهم
يدّعون الدعوة إلى إمام مع صوم ،ول يو جد ل هم أئ مة ذووا سيف ي ستعينون
بهسم ،إل كافسر أو فاسسق أو منافسق أو جاهسل ،ل تخرج رؤوسسهم عسن هذه
القسام .
والسماعيلية شر منهم ،فإن هم يدعون إلى المام المعصوم ،ومنتهى
دعوتهم إلى رجال ملحدة منافقين ف سّاق ،ومنهم من هو شر في الباطن من
اليهود والنصارى .
فالداعون إلى المعصسوم ل يدعون إلى سسلطان معصسوم ،بسل إلى
سلطان كفور أو ظلوم ،وهذا أمر مشهور يعرفه كل من له خبرة بأحوالهم .
ن آمَنُوا َأطِيعُوا الَ َوأَطِيعُوا الرّ سُولَ
و قد قال تعالى َ] :يا أَيّهَا الّذِي َ
َوأُولِي ا َلمْرِ مِ ْنكُ مْ فَإِ نْ تَنَازَعْتُ مْ فِي شَيْءٍ فَرُدّو هُ إِلَى الِ وَالرّ سُولِ إِ نْ كُنْتُ مْ
ن بِالِ وَالْ َيوْ مِ الخِر ذَلِ كَ خَيْ ٌر َوَأحْ سَنُ َت ْأوِيلً [( ،)1فأ مر ال المؤمن ين
ُت ْؤمِنُو َ
عنسد التنازع بالرد إلى ال والرسسول ،ولو كان للناس معصسوم غيسر الرسسول
صلى ال تعالى عليه وسلم لمرهم بالرد إليه ،فدل القرآن على أنه ل معصوم
إل الرسول صلى ال تعالى عليه وسلم .
(فصسسسل )
وأ ما قوله (( :ولم يجعلوا الئ مة مح صورين في عدد مع ين )) فهذا
ِينن آمَنُوا َأطِيعُوا ال َ َوأَطِيعُوا
حسق .وذلك أن ال تعالى قال َ] :ينا أَيّه َا الّذ َ
ال ّرسُولَ َوأُولِي ا َلمْ ِر مِ ْنكُم [ ،ولم يوقّتهم بعدد معين .
وكذلك قال النبي صلى ال تعالى عليه وسلم في الحاديث الثابتة عنه
المستفيضة لم يوقّت ولة المور في عدد معين .ففي الصحيحين عن أبي ذر
قال (( :إن خليلي أوصساني أن أسسمع وأطيسع وإن كان عبدا حبشيسا مجدّع
130
الطراف ))(.)1
( فصسسسل )
وأما قوله عنهم (( كل من بايع قرشيا انعقدت إمامته ووجبت طاعته
على جميسع الخلق إذا كان مسستور الحال ،وإن كان على غايسة مسن الفسسق
والكفر والنفاق )) .
فجوابه من وجوه :
أحدها :أن هذا ليس من قول أهل السنة والجماعة ،وليس مذهبهم أنه
بمجرد مباي عة وا حد قر شي تنع قد بيع ته ،وي جب على جم يع الناس طاع ته ،
وهذا وإن كان قد قاله بعض أهل الكلم ،فليس هو قول أهل السنة والجماعة،
بل قد قال عمر بن الخطاب (( : tمن بايع رجل بغير مشورة المسلمين ،فل
يبايسع هسو ول الذي بايعسه ت ِغرّة أن يُقتل )) .الحديسث رواه البخاري ،وسسيأتي
بكماله إن شاء ال تعالى .
الوجه الثاني :أنهم ل يوجبون طاعة المام في كل ما يأمر به ،بل
ل يوجبون طاعتسه إل فيمسا تسسوغ طاعتسه فيسه فسي الشريعسة ،فل يجوّزون
طاعته في معصية ال وإن كان إماما عادلً ،وإذا أمرهم بطاعة ال فأطاعوه:
مثل ان يأمرهم بإقامة الصلة وإيتاء الزكاة ،والصدق والعدل والحج والجهاد
في سبيل ال ،فهم في الحقيقة إنما أطاعوا ال ،والكافر والفاسق إذا أمر بما
هو طاعة ل لم تحرم طاعة ال ول يسقط وجوبها لجل أمر ذلك الفاسق بها ،
كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه ول يسقط وجوب اتباع الحق لكونه قد قاله
فاسق ،فأهل السنة ل يطيعون ولة المور مطل قا ،إنما يطيعونهم في ض من
طاعة الرسول صلى ال تعالى عليه وسلم .
()2
كما قال تعالىَ ]:أطِيعُوا الَ َوأَطِيعُوا ال ّرسُولَ َوأُولِي ا َلمْ ِر مِ ْنكُم[
131
فأمر بطاعة ال مطلقا ،وأمر بطاعة الرسول لنه ل يأمر إل بطاعة ال ]َم نْ
و ج عل طا عة أولي ال مر داخلة في ذلك ، ()1
ُيطِ عِ الرّ سُولَ َفقَدْ َأطَا عَ ال [
ُولين ا َلمْرِ مِنْكُم ) ولم يذكسر لهسم طاعسة ثالثسة ،لن ولي المسر ل
فقال َ ( :وأ ِ
يطاع طاعة مطلقة ،إنما يطاع في المعروف.
()2
كما قال النبي صلى ال تعالىعليه وسلم((:إنما الطاعة في المعروف
))
()4
)) وقال ((:ل طاعة في معصية ال ))()3و((ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق
. ()5
)) وقال (( :من أمركم بمعصية ال فل تطيعوه
وقال هؤلء الرافضسة المنسسوبين إلى شيعسة علي ّ tأنسه تجسب طاعسة
غير الرسول صلى ال تعالى عليه وسلم مطلقا في كل ما أمر به ،أفسد من
قول من كان من سوبا إلى شي عة عثمان tمن أ هل الشام من أ نه ي جب طا عة
ولي المر مطلقا ،فإن أولئك كانوا يطيعون ذا السلطان وهو موجود ،وهؤلء
يوجبون طاعة معصوم مفقود .
وأيضسا فأولئك لم يكونوا يدّعون فسي أئمتهسم العصسمة التسي تدعيهسا
الرافضة ،بل كانوا يجعلونهم كالخلفاء الراشدين وأئمة العدل الذين يقلدون فيما
ل تعرف حقي قة أمره ،أو يقولون :إن ال يق بل من هم الح سنات ويتجاوز عن
السيئات .وهذا أهون ممن يقول :أنهم معصومون ول يخطئون .
فتسبين ان هؤلء المنسسوبين إلى النصسب مسن شيعسة عثمان ،وإن كان
فيهم خروج عن بعض الحق والعدل ،فخروج المامية عن الحق والعدل أكثر
وأشد ،فكيف بقول أئمة السنة الموافق للكتاب والسنة ،وهو المر بطاعة ولي
المر فيما يأمر به من طاعة ال ،دون ما يأمر به من معصية ال .
132
( فصسل )
قال الرافضني (( :وذهسب الجميسع منهسم إلى القول بالقياس ،والخسذ
بالرأي ،فأدخلوا فسي ديسن ال مسا ليسس منسه ،وحرّفوا أحكام الشريعسة ،
وأحدثوا مذا هب أرب عة لم ت كن في ز من ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ول
زمن صحابته ،وأهملوا أقاويل الصحابة ،مع أنهم ن صّوا على ترك القياس ،
وقالوا :أول من قاس إبليس )) .
فيقال الجواب عن هذا من وجوه :
أحدها :أن دعواه على جميع أهل السنة المثبتين لمامة الخلفاء الثلثة
أنهم يقولون بالقياس دعوى باطلة ،قد عُرف فيهم طوائف ل يقولون بالقياس ،
كالمعتزلة البغدادي ين ،وكالظاهر ية كداود وا بن حزم وغيره ما ،وطائ فة من
أهل الحديث والصوفية .
وأيضا ففي الشيعة من يقول بالقياس كالزيدية .فصار النزاع فيه بين
الشيعية كما هو بين أهل السنة والجماعة .
الثاني :أن يقال :القياس ولو قيل :إنه ضعيف هو خير من تقليد من
لم يبلغ في العلم مبلغ المجتهد ين ،فإن كل من له علم وإن صاف يعلم أن م ثل
مالك والليث بن سعد والوْزاعي وأبي حنيفة والثّوري وابن أبى ليلى ،ومثل
الشافعسي وأحمسد إسسحاق وأبسى عبيسد وأبسى َثوْر أعلم وأفقسه مسن العسسكريين
أمثالهما.
وأيضا فهؤلء خير من المنتظر الذي ل يعلم ما يقول ،فإن الواحد من
هؤلء إن كان عنده نص منقول عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم فل ريب
أن ال نص الثا بت عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم مقدّم على القياس بل
ريب ،وإن لم يكن عنده نص ولم يقل بالقياس كان جاهل ،فالقياس الذي يفيد
الظسن خيسر مسن الجهسل الذي ل علم معسه ول ظسن ،فإن قال هؤلء كسل مسا
يقولو نه هو ثا بت عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم كان هذا أض عف من
133
قول من قال كل ما يقوله المجتهد فإنه قول النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ،
فإن هذا يقوله طائ فة من أ هل الرأي ،وقول هم أقرب من قول الراف ضة ،فإن
قول أولئك كذب صريح .
وأي ضا فهذا كقول من يقول :ع مل أ هل المدي نة متل قى عن ال صحابة
وقول الصحابة متلقى عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ،وقول من يقول :
مسا قاله الصسحابة في غيسر مجاري القياس فإ نه ل يقوله إل توقيفسا عن ال نبي
صلى ال تعالى عليه وسلم ،وقوله من يقول :قول المجتهد أو الشيخ العارف
هو إلهام من ال ووحي يجب اتباعه .
فإن قال :هؤلء تنازعوا .
ق يل وأولئك تنازعوا ،فل يم كن أن تدّ عي دعوى باطلة إل أم كن معارضت هم
بمثلها أو بخير منها ول يقولون حقّا إل كان في أهل السنة والجماعة من يقول
مثل ذلك الحق أو ما هو خير منه ،فإن البدعة مع السنة كالكفر مع اليمان .
حسَنَ َت ْفسِيرا[(. )1
ق َوَأ ْ
ك ِبمَ َثلٍ ِإلّ جِئْنَاكَ بِا ْلحَ ّ
وقد قال تعالى َ ] :ولَ يَأْتُونَ َ
الثالث :أن يقال الذ ين أدخلوا في د ين ال ما ل يس م نه وحرّفوا أحكام
الشريعة ،ليسوا في طائفة أكثر منهم في الرافضة ،فإنهم أدخلوا في دين ال
من الكذب على ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ما لم يكذ به غير هم ،
وردّوا من ال صدق ما لم يرده غير هم ،وحرّفوا القرآن تحريفا لم يحرّ فه أ حد
ن آمَنُوا
غير هم م ثل قول هم :إن قوله تعالى ] :إِنّمَا وَلِ ّيكُ مُ الَ وَرَ سُو َل ُه وَالّذِي َ
نزلت في عل يّ ل ما ()2
ن ال صّلَ َة وَ ُيؤْتُو نَ ال ّزكَاةَ وَهُ مْ رَا ِكعُون [
ن ُيقِيمُو َ
الّذِي َ
تصدق بخاتمه في الصلة .
ُجس ِم ْنهُمَسا اللّؤْلُؤُ
س [( : )3علي وفاطمسة َ] ،يخر ُ
ح َريْن ِ
س ا ْل َب ْ
وقوله تعالى َ] :مرَج َ
134
ص ْينَاهُ فِي ِإمَامٍ ُمبِين [
()2
ح َ
شيْءٍ َأ ْ
وَا ْل َم ْرجَان [( : )1الحسن والحسين َ ] ،وكُلّ َ
ع ْمرَانَ [
()3
ل ِإ ْبرَاهِيم وَآلَ ِ
ل اصْطَفَى آ َدمَ َونُوحًا وَآ َ
علي بن أبي طالب ]ِإنّ ا َ
هسم آل أبسي طالب واسسم أبسي طالب عمران َ] ،فقاتلوا َأ ِئمّةَ ا ْلكُف ْر[(: )4طلحسة
هم بنو أمية ] ،إِنّ الَ َي ْأ ُمرُكُم َأ نْ ()5
جرَةَ ا ْلمَ ْلعُونَةَ فِي الْ ُقرْآن [
شَوالزبير] ،وَال ّ
عمَلُ كَ [(: )7لئن أ شر كت ب ين
ح َبطَنّ َ
ش َركْ تَ َل َي ْ
ن َأ ْ
َت ْذبَحُوا بَ َقرَة[(: )6عائ شة و ]َلئ ْ
أبي بكر وعلي في الولية .
وكسل هذا وأمثاله وجدتسه فسي كتبهسم .ثسم مسن هذا دخلت السسماعيلية
والنصسيرية فسي تأويسل الواجبات والمحرّمات ،فهسم أئمسة التأويسل ،الذي هسو
تحر يف الكلم عن مواض عه ،و من تدبر ما عند هم و جد ف يه من الكذب في
المنقولت ،والتكذيب بالحق منها والتحريف لمعانيها ،مال يوجد في صنف
من المسلمين ،فهم قطعا أدخلوا في دين ال ما ليس منه أكثر من كل أحد ،
وحرّفوا كتابه تحريفا لم يصل غيرهم إلى قريب منه .
الوجه الرابع :قوله (( :وأحدثوا مذاهب أربعة لم تكن في زمن النبي
صلى ال تعالى عليه وسلم ول زمن صحابته ،وأهملوا أقاويل الصحابة )).
فيقال له :متى كان مخالفة الصحابة والعدول عن أقاويلهم منكرا عند
المامية ؟ وهؤلء متفقون على محبة الصحابة وموالتهم وتفضيلهم على سائر
القرون وعلى أن إجماعهم حجة ،وعلى أنه ليس لهم الخروج عن إجماعهم ،
بسل عامسة الئمسة المجتهديسن يصسرّحون بأنسه ليسس لنسا أن نخرج عسن أقاويسل
الصسحابة ،فكيسف يطعسن عليهسم بمخالفسة الصسحابة مسن يقول :إن إجماع
135
الصحابة ليس بحجة ،وينسبهم إلى الكفر والظلم ؟
فإن كان إجماع الصحابة حجة فهو حجة على الطائفتين ،وإن لم يكن
حجة فل يحتج به عليهم .
وإن قال :أهل السنة يجعلونه حجة ،وقد خالفوه .
قيل :أما أهل السنة فل يتصور أن يتفقوا على مخالفة إجماع الصحابة
،وأ ما المام ية فل ر يب أن هم متفقون على مخال فة إجماع العترة النبو ية ،مع
مخالفسة إجماع الصسحابة ،فإن لم يكسن فسي العترة النبويسة –بنسو هاشسم – على
عهد النبي صلى ال تعالى عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رصى
ال عن هم من يقول بإما مة الث نى ع شر ول بع صمة أ حد ب عد ال نبي صلى ال
تعالى عليه وسلم ،ول بكفر الخلفاء الثلثة ،بل ول من يطعن في إمامتهم ،
بل ول من ينكر الصفات ،ول من يكذب بالقدر .
فالماميسة بل ريسب متفقون على مخالفسة إجماع العترة النبويسة ،مسع
مخالفتهسم لجماع الصسحابة ،فكيسف ينكرون على مسن لم يخالف ل إجماع
الصحابة ول إجماع العترة ؟ .
الوجه الخامس :أن قوله (( :أحدثوا مذاهب أربعة لم تكن على عهد
رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم )) .إن أراد بذلك أنهسم اتفقوا على أن
يحدثوا هذه المذاهب مع مخالفة الصحابة فهذا كذب عليهم ،فإن هؤلء الئمة
لم يكونوا في عصر واحد ،بل أبو حنيفة توفى سنة خمسين ومائة ومالك سنة
ت سع و سبعين ومائة ،والشاف عي سنة أر بع ومائت ين ،وأح مد بن حن بل سنة
إحدى وأربعيسن ومائتيسن ،وليسس فسي هؤلء مسن يقلد الخسر ،ول مسن يأمسر
باتّباع الناس له ،بل كل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة ،وإذا قال غيره
قول يخالف الكتاب والسنة عنده رده ،ول يوجب على الناس تقليده.
وإن قلت ان هذه المذاهب اتّبعهم الناس ،فهذا لم يحصل بموطأة ،بل
ات فق أن قو ما اتّبعوا هذا ،وقو ما اتبعوا هذا ،كالحجاج الذ ين طلبوا من يدل هم
على الطريق ،فرأى قوم هذا الدليل خبيرا فاتّبعوه ،وكذلك الخرون .
136
وإذا كان كذلك لم ي كن في ذلك اتفاق أ هل ال سنة على با طل ،بل كل
قوم منهسم ينكرون مسا عنسد غيرهسم مسن الخطسأ ،فلم يتفقوا على أن الشخسص
المعيّن عل يه أن يق بل من كل من هؤلء ما قاله ،بل جمهور هم ل يأمرون
العام يّ بتقليد ش خص معيّن غير النبي صلى ال تعالى عليه وسلم في كل ما
يقوله.
وال تعالى قد ضمن العصمة للمة ،فمن تمام العصمة أن يجعل عددا
من العلماء إن أخطأ الواحد منهم في شيء كان الخر قد أصاب فيه حتى ل
يض يع ال حق ،ولهذا ل ما كان في قول بعض هم من الخ طأ م سائل ،كب عض
المسائل التي أوردها ،كان الصواب في قول الخر ،فلم يتفق أهل السنة على
ضللة أصل ،وأما خطأ بعضهم في بعض الدين ،فقد قدّمنا في غير مرة أن
هذا ل ي ضر ،كخ طأ ب عض الم سلمين .وأ ما الشي عة ف كل ما خالفوا ف يه أ هل
السنة كلهم فهم مخطئون فيه ،كما أخطأ اليهود والنصارى في كل ما خالفوا
فيه المسلمين .
الوجنه السنادس :أن يُقال :قوله (( :إن هذه المذاهسب لم تكسن فسي
زمن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ول الصحابة ))إن أراد أن القوال التي
ل هم لم تن قل عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ول عن ال صحابة ،بل
تركوا قول النبي صلى ال تعالى عليه وسلم والصحابة وابتدعوا خلف ذلك ،
فهذا كذب عليهم ،فإنهم لم يتفقوا على مخالفة الصحابة ،بل هم – وسائر أهل
ال سنة – متبعون لل صحابة في أقوال هم ،وإن قدّر أن ب عض أ هل ال سنّة خالف
ال صحابة لعدم عل مه بأقاويل هم ،فالباقون يوافقون ويثبتون خ طأ من يخالف هم ،
وإن أراد أن ن فس أ صحابها لم يكونوا في ذلك الزمان ،فهذا ل محذور ف يه .
فمن المعلوم أن كل قرن يأتي يكون بعد القرن الول .
الوجه السابع :قوله (( :وأهملوا أقاويل الصحابة )) كذب منه ،بل
كتب أرباب المذاهب مشحونة بنقل أقاويل الصحابة والستدلل بها ،وإن كان
عنسد كسل طائفسة منهسا مسا ليسس عنسد الخرى .وإن قال :أردت بذلك أنهسم ل
137
يقولون :مذهب أبي بكر وعمر ونحو ذلك ،فسبب ذلك أن الواحد من هؤلء
جمع الثار وما استنبطه منها ،فأضيف ذلك إليه ،كما تضاف كتب الحديث
إلى من جمع ها ،كالبخاري وم سلم وأ بي داود ، ،وك ما تضاف القراءات إلى
من اختارها ،كنافع وابن كثير .
وغالب ما يقوله هؤلء منقول عمن قبلهم ،وفي قول بعضهم ما ليس
منقول عمن قبله ،لكنه استنبطه من تلك الصول .ثم قد جاء بعده من تعقب
أقواله فبيّن من ها ما كان خ طأ عنده ،كل ذلك حف ظا لهذا الد ين ،ح تى يكون
فم تى ()1
ن ا ْلمُنْكَر [
أهله ك ما و صفهم ال به ] َي ْأمُرُو نَ بِا ْل َمعْرُو فِ وَيَ ْن َهوْ نَ عَ ِ
وقع من أحدهم منكر خطأ أو عمدا أنكره عليه غيره .
ول يس العلماء بأع ظم من ال نبياء ،و قد قال تعالى ] :وَدَاوُدَ وَ سُلَ ْيمَانَ
ِمن شَاهِدِينن .
ح ْكمِه ْ
َمن الْ َقوْم َوكُنّان ِل ُ
ِيهن غَن ُ
َتن ف ِ
ْثن إِذ َن َفش ْ
َانن فِي ا ْلحَر ِ
ح ُكم ِ
إِذْ َي ْ
حكْما وَعِ ْلمًا [(. )2
ن وَكُلّ آتَيْنَا ُ
َف َف ّهمْناهَا سُلَ ْيمَا َ
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر tما أن النبي صلى ال تعالى عليه
وسلم قال لصحابه عام الخندق (( :ل يصلين أحد العصر إل في بني قريظة ،
فأدركتهم صلة العصر في الطريق ،فقال بعضهم:لم يُرد منا تفويت الصلة ،
ف صلّوا في الطر يق .وقال بعض هم :ل ن صلي إل في ب ني قري ظة ،ف صلوا
فهذا دل يل ()3
)) الع صر ب عد ماغر بت الش مس،ف ما عنّف واحدة من الطائفت ين
على أن المجتهديسن يتنازعون فسي فهسم كلم رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه
وسلم ،وليس كل واحد منهم آثما .
الوجنه الثامنن :أن أهسل السسنة لم يقسل أحسد منهسم إن إجماع الئمسة
الربعسة حجسة معصسومة ،ول قال :إن الحسق منحصسر فيهسا ،وإن مسا خرج
عنهسا باطسل ،بسل إذا قال مسن ليسس مسن أتباع الئمسة ،كسسفيان الثوري
138
والوزاعي والَليْث بن سعد ومن قبلهم ومن بعدهم من المجتهدين قول يخالف
قول الئمة الربعة ُ ،ردّ ما تنازعوا فيه إلى ال ورسوله ،وكان القول الراجح
هو القول الذي قام عليه الدليل .
الوجه التاسع :قوله (( :الصحابة نصوا على ترك القياس )) .يقال
[له] :الجمهور الذيسن يثبتون القياس قالوا :قسد ثبست عسن الصسحابة أنهسم قالوا
بالرأي واجتهاد الرأي وقاسوا ،كما ثبت عنهم ذم ما ذموه من القياس .قالوا:
وكل القولين صحيح ،فالمذموم القياس المعارض للنص ،كقياس الذين قالوا :
إنما البيع مثل الربا ،وقياس إبليس الذي عارض به أمر ال له بالسجود لدم ،
وقياس المشركين الذين قالوا :أتأكلون ما قتلتم ول تأكلون ما قتله ال ؟ قال ال
ن َأطَعْ ُتمُوهُ مْ إِ ّنكُم
تعالى َ ] :وإِنّ الشّيَاطِي نَ لَيُوحُو نَ إِلَى َأوْلِيَا ِئهِ مْ لِ ُيجَادِلُوكُ مْ َوإِ ْ
ال ُمشْ ِركُون [(. )1
وكذلك القياس الذي ل يكون الفرع فيسه مشاركسا للصسل فسي مناط
الحكم ،فالقياس يُذم إما لفوات شرطه ،وهو عدم المساواة في مناط الحكم ،وإما
لوجود مان عه ،و هو ال نص الذي ي جب تقدي مه عل يه ،وإن كا نا متلزمَيْن في
نفسس المسر ،فل يفوت الشرط إل والمانسع موجود ،ول يوجسد المانسع إل
والشرط مفقود .
فأمسا القياس الذي يسستوي فيسه الصسل والفرع فسي مناط الحكسم ولم
يعارضه ماهو أرجح منه ،فهذا هو القياس الذي يتبع .
ول ريب أن القياس فيه فاسد ،وكثير من الفقهاء قاسوا أقيسة فاسدة ،
بعضها باطل بالنص ،وبعضها مما اتفق على بطلنه ،لكن بطلن كثير من
القياس ل يقتضي بطلن جميعه ،كما أن وجود الكذب في كثير من الحديث ل
يوجب كذب جميعه .
(فنصنننل)
قال الرافضني (( :الوجسه الثانسي :فسي الدللة على وجوب اتّباع
139
مذهسب الماميسة :مسا قاله شيخنسا المام العظسم خواجسه نصسير الملة والحسق
والدين محمد بن الحسن الطوسي ،قدّس ال روحه ،وقد سألته عن المذاهب
سستفترق أمتسي على ثلث (( فقال :بحثنسا عنهسا وعسن قول رسسول ال : e
،و قد ع ين الفرقسة ()1
)) وسسبعين فرقسه ،من ها فرقسة ناجيسة ،والباقسي فسى النار
الناجية والهالكة في حديث أخر صحيح متفق عليه ،وهو قوله (( :مثل أهل
بيتي كمثل سفينة نوح :من ركبها نجا ،ومن تخلف عنها غرق )) ،فوجدنا
الفرقه الناجية هي فرقة المامية ،لنهم باينوا جميع المذاهب ،وجميع المذاهب
قد اشتركت في أصول العقائد )).
فيقال :الجواب من وجوه:
أحدها :أن هذا المامي قد كّفر من قال :ان ال موجب بالذات ،كما
تقدم من قوله :يلزم أن يكون ال موجبا بذاته ل مختارا فيلزم الكفر .
وهذا الذي جعله شيخسه العظسم واحتسج بقوله ،هسو ممسن يقول بأن ال
مو جب بالذات ،ويقول بقدم العالم،كمسا ذكرذلك فسى كتاب ((شرح الشارات))
له .فيلزم على قوله أن يكون شي خه هذا الذي اح تج به كافرا ،والكا فر ل يُق بل
قوله في دين المسلمين .
الثانني :أن هذا الرجسل قسد اشتهسر عنسد الخاص والعام أنسه كان وزيسر
الملحدة الباطنيسة السسماعيلية باللموت( ، )2ثسم لمسا قدم الترك المشركون الى
بلد الم سلمين ،وجاءوا الى بغداد ،دار الخل فة ،كان هذا منج ما مشيرا لملك
الترك المشرك ين هول كو أشار عل يه بق تل الخلي فة ،وق تل أ هل العلم والد ين،
وا ستبقاء أ هل ال صناعات والتجارات الذ ين ينفعو نه في الدن يا ،وأ نه ا ستولى
على الوقسف الذي للمسسلمين ،وكان يعطسي منسه مسا شاء ال لعلماء المشركيسن
وشيوخهم من البخشية السحرة وأمثالهم وأنه لما بنى الرّصد الذي بمراغة على
طريسق الصسابئة المشركيسن ،كان أبخسس الناس نصسيبا منسه مسن كان إلى أهلِ
140
الملل أقرب ،وأوفرهسم نصسيبا مسن كان أبعدهسم عسن الملل ،مثسل الصسابئة
المشركيسن ومثسل المعطّلة وسسائر المشركون ،وإن ارتزقوا بالنجوم والطسب
ونحو ذلك .
ومن المشهور عنه وعن أتباعه الستهتار بواجبات السلم ومحرّماته،
سن
سن محارم ال مس
سلوات ،ول ينزعون مس
ل يحافظون على الفرائض كالصس
الفواحش والخمر وغير ذلك من المنكرات ،حتى أنهم في شهر رمضان يُذكر
عن هم من إضا عة ال صلوات ،وارتكاب الفوا حش ،وشرب الخ مر – ما يعر فه
أهل الخبرة بهم ،ولم يكن لهم قوة وظهور إل مع المشركين ،الذين دينهم شر
من دين اليهود والنصارى .
ولهذا كان كل ما قوى ال سلم في الم غل وغير هم من ترك ،ض عف
أمر هؤلء لفرط معاداتهم للسلم وأهله .ولهذا كانوا من أنقص الناس منزلة
عند المير نوروز المجاهد في سبيل ال الشهيد ،الذي دعا ملك المغل غازان
إلى السلم ،والتزم له أن ينصره إذا أسلم ،وقتل المشركين الذين لم يسلموا
مسن البخشيسة السسحرة وغيرهسم ،وهدم البذخانات ،وكسسر الصسنام ومزق
سدنتها كل ممزق ،وألزم اليهود والنصارى بالجزية والصغار ،وبسببه ظهر
السلم في المغل وأتباعهم .
وبالجملة فأمر هذا الطوسى وأتبا عه عند المسلمين أشهر وأعرف من
أن يعرف ويوصسف .ومسع هذا فقسد قيسل :إنسه كان آخسر عمره يحافسظ على
الصلوات الخمس ويشتغل بتفسير البغوى والفقه ونحو ذلك .فإن كان قد تاب
من اللحاد فال يقبل التوبة عن عباده ،ويعفو عن السيئات .وال تعالى يقول:
حمَة ال إنّ الَ َي ْغفِر
س ِهمْ ل َتقْنَطوا مِن ّر ْ
]َ يا عباِد يَ الّذِي نَ أَ سْرَفوا عَلَى أنف ِ
ب جميعا [(. )1
الذُنو َ
لكن ما ذكره عن هذا ،إن كان قبل التوبة لم يُقبل قوله ،وإن كان بعد
التوبة لم يكن قد تاب من الرفض ،بل من اللحاد وحده .وعلى التقديرين فل
141
يُق بل قوله .والظ هر أ نه إن ما كان يجت مع به وبأمثاله ل ما كان منج ما للم غل
المشركين ،واللحاد معروف من حاله إذ ذلك .
ف من يقدح في م ثل أ بي ب كر وع مر وعثمان ،وغير هم من ال سابقين
الوّليسن مسن المهاجريسن والنصسار ،ويطعسن على مثسل مالك والشافعسي وأي
حني فة وأح مد بن حن بل وأتباع هم ،ويعير هم بغلطات بعض هم في م ثل إبا حة
الشطر نج والغناء ،ك يف يل يق به أن يح تج لمذه به بقول م ثل هؤلء الذ ين ل
سوله ،ول
سا حرم ال ورسس
سر ،ول يحرّمون مس
يؤمنون بال ول باليوم الخس
يدينون د ين ال حق ،وي ستحلون المحرّمات المج مع على تحريم ها ،كالفوا حش
والخ مر ،في م ثل ش هر رمضان ،الذ ين أضاعوا ال صلة واتّبعوا الشهوات ،
وخرقوا سسياج الشرائع ،واسستخفّوا بحرمات الديسن ،وسسلكوا غيسر طريسق
المؤمنين ،فهم كما قيل فيهم :
من فرقة فلسفسية الدين يشكو بليسسة
إل لجسل التقيسة ل يشهدون صسلة
سياسسة مسدنسية ول ترى الشرع إل
مناهجسافلسسفيسة ويؤثسرون عليسه
ولكسن هذا حال الرافضسة :دائمسا يعادون أولياء ال المتقيسن سس مسن
السابقين الولين ،من المهاجرين والنصار ،والذين اتّبعوا بإحسان ،ويوالون
الكفّار والمنافقيسن .فإن أعظسم الناس نفاقسا فسي المنتسسبين إلى السسلم هسم
الملحدة الباطن ية ال سماعيلية ،ف من اح تج بأقوال هم في ن صرة قوله ،مع ما
تقدم من طع نه على أقوال أئمة المسلمين – كان من أع ظم الناس موالة ل هل
النفاق ،ومعاداة لهل اليمان .
ومسن العجسب أن هذا المصسنف الرافضسي الخسبيث الكذّاب المفتري ،
يذ كر أ با ب كر وع مر وعثمان ،و سائر ال سابقين والوّل ين والتابع ين ،و سائر
أئمة المسلمين ،من أهل العلم والدين بالعظائم التي يفتريها عليهم هو وإخوانه،
ويجيء إلى من قد اشتُهر عند المسلمين بمحادته ل ورسوله ،فيقول (( :قال
142
شيخنا العظم )) ،ويقول ((قدس ال روحه )) مع شهادته بالكفر عليه وعلى
أمثاله ،ومع لعنة طائفته لخيار المؤمنين من الولين والخرين .
ن أُوتُوا
ن َترَ إِلَى الّذِين َ
وهؤلء داخلون فسي معنسى قوله تعالى ] :أَلَم ْ
ت وَالطّاغُو تِ وَ َيقُولُو نَ لِلّذِي نَ َكفَرُوا َهؤُلءِ
ن بِا ْلجِبْ ِ
نَ صِيبًا ِم نَ ا ْلكِتَا بِ ُي ْؤمِنُو َ
ن يَ ْلعَنِ الُ َفلَنْ َتجِ َد
ن َلعَ َنهُمُ الُ َومَ ْ
ك الّذِي َ
ن الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلً ُ .أوْلَئِ َ
أَهْدَى مِ َ
143
كل ملة ،والن صيرية هم من غلة الراف ضة الذ ين يدّعون إله ية عل يّ وهؤلء
أكفر من اليهود والنصارى باتفاق المسلمين .
والسسماعيلية الباطنيسة أكفسر منهسم ،فإن حقيقسة قولهسم التعطيسل .أمسا
أ صحاب الناموس ال كبر والبلغ الع ظم ،الذي هو آ خر المرا تب عند هم ،
فهم من الدهرية القائلين بأن العالم ل فاعل له :ل علة ول خالق .ويقولون :
ليس بيننا وبين الفلسفة خلف إل في واجب الوجود ، ،فإنهم يثبتونه ،وهو
ش يء ل حقي قة له ،وي ستهزئون بأ سماء ال عز و جل ،ول سيما هذا ال سم
الذي هو ال ،فإن منهم من يكتبه على أسفل قدميه ويطؤه .
وأ ما من هو دون هؤلء فيقول بال سابق وبالتالي ،الذ ين عبّروا به ما
عن العقل والنفس عند الفلسفة ،وعن النور والظلمة عند المجوس ،وركّبوا
لهم مذهبا من مذاهب الصابئة والمجوس ظاهره التشيع .
ول ريسب أن المجوس والصسابئة شسر مسن اليهود والنصسارى ،ولكسن
تظاهروا بالتشيع .
قالوا :لن الشيعة أ سرع الطوائف استجابة لنا ،لما في هم من الخروج
عن الشريعة ،ولما فيهم من الجهل وتصديق المجهولت .
ولهذا كان أئمتهم في الباطن فلسفة ،كالنصير الطوسي هذا ،وكسنان
البصسري الذي كان بح صونهم بالشام ،وكان يقول :قد رَفَ عت عن هم ال صوم
والصلة والحج والزكاة .
فإذا كانست السسماعيلية إنمسا يتظاهرون فسي السسلم بالتشيسع ،ومنسه
دخلوا وبسه ظهروا ،وأهله هسم المهاجريسن إليهسم ،ل إلى ال ورسسوله ،وهسم
أنصسارهم ل أنصسار ال ورسسوله – عُلم أن شهادة السسماعيلية للشيعسة بأنهسم
على حق شهادة مردودة باتفاق العقلء .
فإن هذا الشاهد :إن كان يعرف أن ما هو عليه مخالف لد ين ال سلم
في البا طن ،وإن ما أظ هر التش يع لين فق به ع ند الم سلمين ،ف هو محتاج إلى
تعظ يم التش يع ،وشهاد ته له شهادة المرء نف سه ،ف هو كشهادة الد مي لنف سه ،
144
لكنسه فسي هذه الشهادة يعلم أنسه يكذب ،وإنمسا كذب فيهسا كمسا كذب فسي سسائر
أحواله ،وإن كان يعت قد د ين ال سلم في البا طن ،وي ظن أن هؤلء على د ين
السلم ،كان أيضا شاهدا لنفسه ،لكن مع جهله وضلله .
وعلى التقديرين فشهادة المرء لنفسه ل تُقبل ،سواء علم كذب نفسه أو
اعتقد صدق نفسه .كما في السنن عن النبي صلى ال تعالى عل يه وسلم أ نه
قال (( :ل تُق بل شهادة خ صم ول ظن ين ول ذي غ مر على أخ يه ))( . )1وهؤلء
ظنّاء متهمون ذو غمر على أهل السنة والجماعة ،فشهادتهم مردودة
خصمان أ ِ
بكل طريق .
الوجننه الرابننع :أن يُقال :أول أنتسسم قوم ل تحتجون بمثسسل هذه
الحاديسث ،فإن هذا الحديسث إنمسا يرويسه أهسل السسنة بأسسانيد أهسل السسنة ،
والحديث نفسه ليس في الصحيحين ،بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كابن
حزم وغيره ،ول كن قد رواه أ هل ال سنن ،كأ بي داود والترمذي وا بن ما جة ،
. ()2
ورواه أهل المسانيد ،كالمام أحمد وغيره
فمن أين لكم على أصولكم ثبوته حتى تحتجوا به ؟ وبتقدير ثبوته فهو
من أخبار الحاد ،فكيف يجوز أن تحتجوا في أصل من أصول الدين وإضلل
جميع المسلمين – إل فرقة واحدة – بأخبار الحاد التي ل يحتجون هم بها في
الفروع العملية ؟!.
وهل هذا إل من أعظم التناقض والجهل ؟!
الوجه الخامس :أن الحديث روى تفسيره فيه من وجهين :أحدهما :
من كان (( أ نه صلى ال تعالى عل يه و سلم سأل عن الفر قة الناج ية ،فقال :
هسم (( وفسي الروايسة الخرى قال : )) على مثسل مسا أنسا عليسه اليوم وأصسحابي
الجماعة )) .وكل من التفسيرين يناقض قول المامية ،ويقتضي أنهم خارجون
)1(1انظر المسند ج 10ص 224وج 11ص 163 ، 138تحقيق أحمد شاكر .
)2(2يعني حديث الفتراق رواه أبو داود ج 5ص 5 ، 4والترمذي رقم 3991في
الفتن ،وقال :إنه حسن صحيح وغيرهما وله طرق كثيرة .
145
عن الفرقة الناجية ،فإنهم خارجون عن جماعة المسلمين :يكفرون أو يفسّقون
أئمة الجماعة ،كأبي بكر وعمر وعثمان ،دع معاوية وملوك بني أمية وبني
العباس ،وكذلك يكفّرون أو يفسسسّقون علماء الجماعسسة وعبّادهسسم ،كمالك
والثوري والوزا عي والل يث بن سعد وأ بي حني فة والشاف عي وأح مد وإ سحاق
وأبسي عبيسد وإبراهيسم بسن أدهسم والفضيسل بسن عياض وأبسي سسليمان الدارانسي
ومعروف الكرخي وأمثال هؤلء ،وهم أبعد الناس عن معرفة سير الصحابة
والقتداء ب هم ،ل في حياة ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ول بعده ،فإن
هذا إنمسا يعرفسه أهسل العلم بالحديسث والمنقولت ،والمعرفسة بالرجال الضعفاء
والثقات ،و هم من أع ظم الناس جهل بالحد يث وبغ ضا له ،ومعاداة لهله ،
فإذا كان وصف الفرقة الناجية :أتباع الصحابة على عهد رسول ال صلى ال
تعالى عليه وسلم ،وذلك شعار السنة والجماعة – كانت الفرقة الناجية هم أهل
السنة والجماعة ،فالسنة ما كان صلى ال تعالى عليه وسلم هو وأصحابه عليه
في عهده ،مما أمرهم به وأقرّهم عليه أو فعله هو ،والجماعة هم المجتمعون
الذ ين ما فرّقوا دين هم وكانوا شي عا ،فالذ ين فرّقوا دين هم وكانوا شي عا خارجون
عن الجما عة قسد برّأ ال نسبيه منهسم ،فعُلم بذلك أن هذا وصسف أهسل السسنة و
الجما عة ،ل و صف الراف ضة ،وأن هذا الحد يث و صف الفر قة الناج ية باتّباع
سنته التي كان عليها هو وأصحابه ،وبلزوم جماعة المسلمين .
من كان على مثل ما أنا عليه اليوم (( فإن قيل :فقد قال في الحديث :
وأصسحابي )) ،فمسن خرج عن تلك الطري قة بعده لم يكسن على طريقسة الفرقسة
الناجية ،وقد ارتد ناس بعده فليسوا من الفرقة الناجية .
قل نا :ن عم وأش هر الناس بالردة خ صوم أ بي ب كر ال صديق tوأتبا عه
كم سيلمة الكذّاب وأتبا عه وغير هم .وهؤلء تتول هم الراف ضة ك ما ذ كر ذلك
غير واحد من شيوخهم ،مثل هذا المامي وغيره ،ويقولون :إنهم كانوا على
حق ،وأن ال صديق قاتل هم بغ ير حق .ثم مِن أظ هر الناس ردة الغال ية الذ ين
حرّقهم علي ّ tبالنار لما ادّعوا فيه اللهية وهم السبائية أتباع عبد ال بن سبأ
146
الذين أظهروا سب أبي بكر وعمر .
وأول من ظ هر ع نه دعوى النبوة من المنت سبين إلى ال سلم المختار
بن أبي عبيد وكان من الشيعة ،فعُلم أن أعظم الناس ردة هم في الشيعة أكثر
منهسم فسي سسائر الطوائف ،ولهذا ل يُعرف ردة أسسوأ حال مسن ردة الغاليسة
كالنصسيرية ،ومسن ردة السسماعيلية الباطنيسة ونحوهسم ،وأشهسر الناس بقتال
المرتدين هو أبو بكر الصديق ، tفل يكون المرتدون في طائفة أكثر منها في
خصوم أبي بكر الصديق ،فدل ذلك على أن المرتدين الذين لم يزالوا مرتدين
على أعقابهم ،هم بالرافضة أوْلى منهم بأهل السنة والجماعة .
وهذا بيّن يعرفه كل عاقل يعرف السلم وأهله ،ول يستريب أحد أن
جنسس المرتديسن فسي المنتسسبين إلى التشيسع أعظسم وأفحسش كفرا مسن جنسس
المرتدين المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة ،إن كان فيهم مرتد.
الو جه ال سادس :أن يقال :هذه الح جة ال تي اح تج ب ها الطو سي على
أن المامية هم الفرقة الناجية كذب في وصفها ،كما هي باطلة في دللتها .
وذلك أن قوله (( :باينوا جم يع المذا هب ،وجم يع المذا هب قد اشتر كت في
أ صول العقائد )) إن أراد بذلك أن هم باي نو جم يع المذا هب في ما اخت صوا به ،
فهذا شأن جميسع المذاهسب ،فإن الخوارج أيضسا باينوا جميسع المذاهسب فيمسا
اخت صوا به من التكف ير بالذنوب ،و من تكفيسر علي ، tومسن إ سقاط طا عة
الر سول فيما لم ي خبر به عن ال ،وتجويز الظلم عليه في ق سْمهِ والجور في
حكمه ،وإسقاط اتّباع السنة المتواترة التي تخالف ما يُظن أنه ظاهر القرآن ،
كقطع السارق من المنكب وأمثال ذلك .
الوجنه السنابع :أن يُقال :مباينتهسم لجميسع المذاهسب هسو على فسساد
قولهم أدل منه على صحة قولهم ؛ فإن مجرد انفراد طائفة عن جميع الطوائف
ل يدل على أنه هو الصواب ،واشتراك أولئك في قول ل يدل على أنه باطل.
فإن قيل :إن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم جعل أمته ثلثا وسبعين
فرقسة كلهسا فسي النار إل واحدة ،فدل على أنهسا ل بسد أن تفارق هذه الواحدة
147
سائر الثنتين وسبعين فرقة .
قل نا :نعم .وكذلك يدل الحديث على مفار قة الثنتين وسبعين بعض ها بع ضا ،
كمسا فارقست هذه الواحدة .فليسس فسي الحديسث مسا يدل على اشتراك الثنتيسن
وال سبعين في أ صول العقائد ،بل ل يس في ظا هر الحد يث إل مباي نة الثلث
والسسبعين كسل طائفسة للخرى .وحينئذ فمعلوم أن جهسة الفتراق جهسة ذم ل
جهة مدح ،فإن ال تعالى أمر بالجماعة والئتلف ،وذم التفريق والختلف،
وقال َ ] :ولَ َتكُونوا ()1
فقال تعالى ] :واْعتَ صِموا ِبحَ ْبلِ الِ جميعًا وَل َتفَرّقوا [
ت َوأُولَئِ كَ َلهُ مْ عَذَا بٌ عَظي مٌ .
ن َبعْدِ ما جاءَهُ مُ الْبَيّنَا ْ
كالّذي نَ َتفَرّقُوا وَاخْتَلَفوا مِ ْ
سوَدّتْ وُجو ُههُم[ (. )2
سوَدّ وُجوهٌ فَ َأمّا الّذينَ ا ْ
ض وُجو ٌه وَ َت ْ
َي ْومَ تَبْيَ ْ
قال ابسن عباس وغيره :تسبيض وجوه أهسل السسنة وتسسودّ وجوه أهسل
ت مِ ْنهُمْ
البدعة والفرقة .وقال تعالى ] :إنّ الّذينَ فَرّقوا دِي َنهُمْ وَكانوا شِ َيعًا لَسْ َ
ِنن َبعْدِ منا جاءَ ْتهُمُن
ُوهن م ْ
ّذينن أُوت ُ
فيهن ِإلّ ال َ
َفن ِيءٍ [( )3وقال ] :وَمنا اخْتَل َ
فني شَ ْ
ب ِإلّ مِ نْ بَع ِد ما
ن اُوتوا الكِتا َ
ق الّذي َ
وقال ] :وَ ما َتفَرّ َ البَيّنا تُ َبغْيًا بَينَهُم [
()4
148
الحسن بن موسى النوبختي وغيره في تعديد فرق الشيعة .
وأمسا أهسل الجماعسة فهسم أقسل اختلفسا فسي أصسول دينهسم مسن سسائر
الطوائف ،و هم أقرب إلى كل طائ فة من كل طائ فة إلى ضدّ ها ،ف هم الو سط
في أهل السلم كما أن أهل السلم هم الوسط في أهل الملل :هم وسط في
باب صفات ال بين أهل التعطيل وأهل التمثيل .
خيسر المور أوسسطها )) وحينئذ (( وقال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم :
أهل السنة والجماعة خير الفرق.
و في باب القدر ب ين أ هل التكذ يب به وأ هل الحتجاج به ،و في باب
السسماء والحكام بيسن الوعيديسة والمرجئة ،وفسي باب الصسحابة بيسن الغلة
والجفاة ،فل يغلون فسي عليّس غلو الرافضسة ،ول يكفّرونسه تكفيسر الخوارج ،
ول يكفّرون أبا بكر وعثمان كما تكفّرهم الروافض ،ول يكفّرون عثمان وعليا
كما يُكفرهما الخوارج .
الوجه الثامن :أن يقال :إن الشيعة ليس لهم قول واحد اتفقوا عليه ،
فإن القول الذي ذكره هذا قول مسن أقوال الماميسة ،ومسن الماميسة طوائف
تخالف هؤلء في التوحيد والعدل ،كما تقدم حكايته .وجمهور الشيعة تخالف
المام ية في الث نى ع شر ،فالزيد ية وال سماعيلية وغير هم متفقون على إنكار
إمامة الثنى عشر.
وهؤلء الماميسة الثنسا عشريسة يقولون :إن أصسول الديسن أربعسة :
التوحيسد ،والعدل ،والنبوة ،والمامسة .وهسم مختلفون فسي التوحيسد والعدل
والمامسة .وأمسا النبوة فغايتهسم أن يكونوا مقرّيسن بهسا كإقرار سسائر المسة.
واختلفهم في المامة أعظم من اختلف سائر المة ،فإن قالت الثنا عشرية
:نحن أكثر من هذه الطوائف ،فيكون الحق معنا دونهم .قيل لهم :وأهل
السسنة أكثسر منكسم ،فيكون الحسق معهسم دونكسم ،فغايتكسم أن تكون سسائر فرق
المامية معكم بمنزلتكم مع سائر المسلمين ،والسلم هو دين ال الذي يجمع
أهل الحق .
149
(فصسسسل )
قال الرافضني (( :الوجنه الثالث:أن الماميسة جازمون بحصسول النجاة
لهسم ولئمتهسم ،قاطعون بذلك ،وبحصسول ضدهسا لغيرهسم .وأهسل السسنة ل
يجيزون ول يجزمون بذلك ل لهم ول لغيرهم .فيكون اتّباع أولئك أوْلى ،لنّا
لو فرضنا مثل خروج شخصين من بغداد يريدان الكوفة ،فوجدا طريقين سلك
كل منهما طريقا ،فخرج ثالث يطلب الكوفة :فسأل أحدهما :إلى أين تذهب؟
فقال إلى الكو فة .فقال له :هل طري قك تو صلك إلي ها ؟ و هل طري قك آ من أم
مخوف ؟ وهل طريق صاحبك تؤديه إلى الكوفة ؟ وهل هو آمن أم مخوف ؟
فقال :ل أعلم شيئا من ذلك .ثم سأل صاحبه فقال أعلم أن طري قي يو صّلني
إلى الكوفة ،وأنه آمن ،وأعلم أن طريق صاحبي ل يؤديه إلى الكوفة ،وأنه
ليسس بآمسن ،فإن الثالث إن تابسع الول عدّه العقلء سسفيها ،وإن تابسع الثانسي
نُسب إلى الخذ بالحزم )) .
هكذا ذكره فسي كتابسه ،والصسواب أن يُقال :وسسأل الثانسي فقال له
الثاني :ل أعلم أن طريقي تؤديني إلى الكوفة ول أعلم أنه آمن أم مخوف .
والجواب على هذا من وجوه :
أحدهنا :أن يُقال :إن كان اتّباع الئمسة الذيسن ُتدّعسى لهسم الطاعسة
المطل قة ،وأن ذلك يو جب ل هم النجاة واج با ،كان اتّباع خلفاء ب ني أم ية الذ ين
كانوا يوجبون طاعسة أئمتهسم طاعسة مطلقسة ويقولون :إن ذلك يوجسب النجاة
مصيبين على الحق ،وكانوا في سبّهم عليا وغيره وقتالهم لمن قاتلوه من شيعة
عل يّ م صيبين ،لن هم كانوا يعتقدون أن طا عة الئ مة واج بة في كل ش يء ،
وأن المام ل يؤاخذه ال بذنب ،وأنه ل ذنب لهم فيما أطاعوا فيه المام ،بل
150
أولئك أوْلى بالحجة من الشيعة ،لنهم كانوا مطيعين أئمة أقامهم ال ونصيهم
وأيّد هم وملّك هم ،فإذا كان مذ هب القدر ية أن ال ل يف عل إل ما هو ال صلح
لعباده ،كان تولية أولئك الئمة مصلحة لعباده .
ومعلوم ان اللطسف والمصسلحة التسي حصسلت بهسم أعظسم مسن اللطسف
والمصلحة التي حصلت بإمام معدوم أو عاجز .ولهذا حصل لتّباع خلفاء بني
أمية من المصلحة في دينهم ودنياهم ،أعظم مما حصل لتّباع المنتظر ؛ فإن
هؤلء لم يحصل لهم إمام يأمرهم بشيء من المعروف ،ول ينهاهم عن شيء
من المن كر ،ول يعين هم على ش يء من م صلحة دين هم ول دنيا هم ،بخلف
أولئك ؛ فإنهم انتفعوا بأئمتهم منافع كثيرة في دينهم ودنياهم ،أعظم مما انتفع
هؤلء بأئمتهم .
فتسبين أنسه إن كانست حجسة هؤلء المنتسسبين إلى مشايعسة علي ّ t
صسحيحة ،فحجسة أولئك المنتسسبين إلى مشايعسة عثمان tأوْلى بالصسحة ،وإن
كا نت باطلة فهذه أب طل من ها .فإذا كان هؤلء الشي عة متفق ين مع سائر أ هل
السنة على أن جزم أولئك بنجاتهم إذا أطاعوا أولئك الئمة طاعة مطلقة خطأ
وضلل ،فخ طأ هؤلء وضلل هم إذا جزموا بنجات هم لطاعت هم ل من يدّ عي أ نه
نائب المعصوم – والمعصوم ل عين له ول أثر – أعظم وأعظم ؛ فإن الشيعة
ليس لهم أئمة يباشرونهم بالخطاب ،إل شيوخهم الذين يأكلون أموالهم بالباطل،
ويصدّونهم عن سبيل ال.
الوجه الثاني :أن هذا المثل إنما كان يكون مطابقا لو ثبت مقدمتان :
إحداهمسا :أن لنسا إمامسا معصسوما .والثانيسة :أنسه أمسر بكذا وكذا .وكلتسا
المقدمتيسن غيسر معلومسة ،بسل باطلة .دع المقدمسة الولى ،بسل الثانيسة ،فإن
الئمة الذين يدّعى فيهم العصمة قد ماتوا منذ سنين كثيرة ،والمنتظر له غائب
أك ثر من أربعمائة وخم سين سنة ،وعند آخرين هو معدوم لم يوجد .والذ ين
يُطاعون شيوخ من شيوخ الرافضة ،أو كتب صنّفها بعض شيوخ الراف ضة ،
وذكروا أن ما فيها منقول عن أولئك المعصومين .وهؤلء الشيوخ المصنّفون
151
ليسوا معصومين بالتفاق ،ول مقطوعا لهم بالنجاة .
فإذا الراف ضة ل يتّبعون إل أئ مة ل يقطعون بنجات هم ول سعادتهم ،
فلم يكونوا قاطعيسن ل بنجاتهسم ،ول بنجاة أئمتهسم الذيسن يباشرونهسم بالمسر
والنهي ،وهم أئمتهم ،وإنما هم في انتسابهم إلى أولئك الئمة ،بمنزلة كثير
من أتباع شيوخ هم الذ ين ينت سبون إلى ش يخ قد مات من مدة ،ول يدرون بماذا
أمسر ،ول عماذا نهسى ،بسل له اتباع يأكلون أموالهسم بالباطسل ويصسدون عسن
سبيل ال ،يأمرونهم بالغلو في ذلك الشيخ وفي خلفائه ،وأن يتخذوهم أربابا ،
وكما تأمر شيوخ الشي عة أتباعهم ،وكما تأ مر شيوخ النصارى أتباعهم ،ف هم
يأمرونهسم بالشراك بال وعبادة غيسر ال ،ويصسدونهم عسن سسبيل ال ،
سول ال ،فإن
سة شهادة أن ل إله إل ال وان محمدا رسس
سن حقيقس
فيخرجون عس
التوح يد أن نع بد ال وحده ،فل يُد عى إل هو ،ول يُخ شى إل هو ،ول يت قى
إل هو ،ول يتو كل إل عل يه ،ول يكون الد ين إل له ،ل ل حد من الخلق ،
وأن ل نتخذ الملئكة والنبيين أربابا ،فكيف بالئمة والشيوخ والعلماء والملوك
وغيرهم !؟
والرسول صلى ال تعالى عليه وسلم هو المبلّغ عن ال أمره ونهيه ،
فل يُطاع مخلوق طاعة مطلقة إل هو ،فإذا جُعل الغمام والشيخ كأنه إله يُدعى
مع مغيبه وبعد موته ،ويُستغاث به ،ويُطلب منه الحوائج ،والطاعة إنما هي
لشخص حاضر يأمر بما يريد ،وينهى عمّا يريد كان الميت مشبّها بال تعالى،
وال حي مشبها بر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ،فيخرجون عن حقي قة
السلم الذي أصله شهادة أن ل إله إل ال ،وشهادة أن محمدا رسول ال .
ثم إن كثيرا منهم يتعلّقون بحكايات تُنقل عن ذلك الشيخ ،وكثير منها
كذب عليسه ،وبعضهسا خطسأ منسه ،فيَعدِلون عسن النقسل الصسدق عسن القائل
المعصسوم إلى نقسل غيسر مصسدّق عسن قائل غيسر معصسوم .فإذا كان هؤلء
مخطئين في هذا ،فالشيعة أكثر وأعظم خطأ ،لنهم أعظم كذبا فيما ينقلونه
عن الئمة ،وأعظم غلوا في دعوى عصمة الئمة .
152
الوجنه الثالث :منسع الحكسم فسي هذا المثال الذي ضربسه وجعله أصسل
قاس عل يه،فان الر جل إذا قال له أ حد الرجل ين:طري قى آ من يو صلني،وقال له
ال خر:ل علم لي بأن طري قي آ من يو صلني،أو قال ذلك الول ،لم يح سن في
الع قل ت صديق الول بمجرد قوله ،بل يجوز ع ند العقلء أن يكون هذا محتال
عل يه ،يكذب ح تى ي صحبه في الطر يق فيقتله ويأ خذ ماله ،ويجوز أن يكون
جاهل ل يعرف مسا فسي الطريسق مسن الخوف ،وأمسا ذاك الرجسل فلم يضمسن
للسسائل شيئا ،بسل رده إلى نظره ،فالحزم فسي مثسل هذا أن ينظسر الرجسل أيّس
الطريقين أولى بالسلوك :أحد ذينك الطريقين أو غيرهما .
فتسبين أن مجرد القدام على الحزم ل يدل على علم صساحبه ول على
صدقه ،وأن التوقف والمساك حتى يتبين الدليل هو عادة العقلء .
الوجه الرابع :أن يقال :قوله (( :إنهم جازمون بح صول النجاة لهم
دون أهل السنة )) كذب ،فإنه إن أراد بذلك أن كل واحد ممن اعتقد اعتقادهم
يدخل الجنة ،وإن َترَك الواجبات و َفعَل المحرمات ،فليس هذا قول المامية ،
ول يقوله عاقل .
عليس حسسنة ل يضسر معهسا سسيئة ،فل يضره ترك
ّ وإن كان حسب
الصلوات ،ول الفجور بالعلويّات ،ول نيل أغراضه بسفك دماء بني هاشم إذا
كان يحب عليّا .
فإن قالوا :المحبة الصادقة تستلزم الموافقة ،عاد المر إلى أنه ل بد
من أداء الواجبات وترك المحرمات .وإن أراد بذلك أن هم يعتقدون أن كل من
اعتقسد العتقاد الصسحيح ،وأدى الواجبات ،وترك المحرّمات يدخسل الجنسة –
فهذا اعتقاد أهل السنة ؛ فإنهم يجزمون بالنجاة لكل من اتّقى ال ،كما نطق به
القرآن.
وإنما يتوقفون في الشخص المعين لعدم العلم بدخوله في المتيقن ،فإنه
إذا علم أ نه مات على التقوى عُلم أ نه من أ هل الج نة .ولهذا يشهدون بالج نة
ل من ش هد له الر سول صلى ال تعالى عل يه و سلم ،ول هم في من ا ستفاض في
153
الناس حسن الثناء عليه قولن .
ف تبين أ نه ل يس في المام ية جزم محمود اختُ صوا به عن أ هل ال سنة
والجماعسة .وإن قالوا :إنّا نجزم لكسل شخسص رأيناه ملتزما للواجبات عندنسا
تاركا للمحرمات ،بأنه من أهل الجنة ،من غير أن يخبرنا بباطنه معصوم .
قيل :هذه المسألة ل تتعلق بالمامية ،بل إن كان إلى هذا طريق صحيح فهو
لهل السنة ،وهم بسلوكه أحذق ،وإن لم يكن هنا طريق صحيح إلى ذلك ،
كان ذلك قول بل علم ،فل فضيلة فيه ،بل في عدمه .
ففسي الجملة ل يدّعون عل ما صسحيحا إل وأهسل ال سنة أ حق بسه ،و ما
ادّعوه من الجهل فهو نقص وأهل السنة أبعد عنه .
الو جه الخا مس :أن أ هل ال سنة يجزمون بح صول النجاة لئمت هم أع ظم من
جزم الرافضسة .وذلك أن أئمتهسم بعسد النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم هسم
السسابقون الوّلون مسن المهاجريسن والنصسار ،وهسم جازمون بحصسول النجاة
لهؤلء ،فإنهم يشهدون ان العشرة في الجنة ،ويشهدون أن ال قال لهل بدر:
(( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )) ،بل يقولون :إنه ((ل يدخل النار أحد
با يع ت حت الشجرة )) ك ما ث بت ذلك في ال صحيح عن ال نبي صلى ال تعالى
.فهؤلء أكثر من ألف وأربعمائة إمام لهل السنة ،يشهدون أنه ()1
عليه وسلم
ل يدخل النار منهم أحد ،وهي شهادة بعلم ،كما دل على ذلك الكتاب والسنة.
الو جه ال سادس :أن يقال :أ هل ال سنة يشهدون بالنجاة :إ ما مطل قا ،
وإما معينا ،شهادة مستندة إلى علم .وأما الرافضة فإنهم إن شهدوا شهدوا بما
ل يعلمون ،أو شهدوا بالزور الذي يعلمون أنسه كذب ،فهسم كمسا قال الشافعسي
رحمه ال :ما رأيت قوما أشهد بالزور من الرافضة .
الوجنه السنابع :أن المام الذي شهسد له بالنجاة :إمسا أن يكون هسو
المطاع في كل شيء وإن نازعه غيره من المؤمنين ،أو هو مطاع فيما يأمر
بسه مسن طاعسة ال ورسسوله ،وفيمسا يقوله باجتهاده إذا لم يعلم أن غيره أوْلى
154
منسه ،ونحسو ذلك .فإن كان المام هسو الول ،فل إمام لهسل السسنة بهذا
العتبار إل رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،وهسم يقولون كمسا قال
مجاهد والحاكم ومالك وغيرهم :كل أحد يُؤخذ من قوله ويُترك إل رسول ال
عليه السلم .وهم يشهدون لمام هم أ نه خير الخلئق ،ويشهدون ان كل من
ائتم به ،ففعل ما أُمر به وترك ما نُهى عنه ،دخل الجنة .وهذه الشهادة بهذا
وهذا هم في ها أ تم من الراف ضة من شهادت هم للع سكر ِييْن وأمثاله ما بأ نه من
أطاعهم دخل الجنة .
فثبت أن إمام أهل السنة أكمل ،وشهادتهم له ولهم إذا أطاعوه أكمل ،
ول سواء .
،فع ند المقابلة يُذ كر الخ ير ()1
ول كن قال ال تعالى ] :ءآل خَيْرٌ َأمّ ا ُيشْرِكون [
المحض على الشر المحض ،وإن كان الشر المحض ل خير فيه .
وإن أرادوا بالمام المام المقيّد ،فذاك ل يُوجب أهل السنة طاعته ،
إن لم ي كن ما أ مر به مواف قا ل مر المام المطلق ر سول ال صلى ال تعالى
عليه وسلم ،وهم إذا أطاعوه فيما أمر ال بطاعته فيه ،فإنما هم مطيعون ل
ورسوله ،فل يضرهم توقفهم في المام المقيّد :هل هو في الجنة أم ل ؟ .
الوجه الثامن :أن يُقال :إن ال قد ضمن السعادة لمن أطاعه وأطاع رسوله ،
وتوعّد بالشقاء لمن لم يفعل ذلك ،فمناط السعادة طاعة ال ورسوله .كما قال
علَ ْيهِ مْ مّ نَ
ن أَ ْنعَ َم الُ َ
تعالى ] :وَمَن ُيطِ ْع الَ وَالرّ سُولَ فَُأوْلئِ كَ َم َع الّذي َ
وأمثال ذلك ()2
شهَداءْ وَالصّالِحينَ َوحَسَنَ أولَئِكَ رَفيقًا [
ن وَالصّدّيقينَ وال ّ
النّبِيّي َ
.
وإذا كان كذلك وال تعالى يقول ] :فاتّقوا ال ما ا سْ َتطَعْ ُتمْ [( )3ف من اجت هد في
طاعة ال ورسوله بحسب استطاعته كان من أهل الجنة .
155
فقول الرافضة :لن يدخل الجنّة إل من كان إماميا ،كقول اليهود والنصارى :
ك َأمَانّ ّيهُ مْ قُلْ هَاتُوا ُبرْهَا َنكُ مْ
ن كَا نَ هُودًا َأوْ نَ صَارَى ،تِلْ َ
جنّ َة ِإلّ مَ ْ
ن َي ْدخُلَ ا ْل َ
]َل ْ
ع ْندَ َربّ هِ َولَ
جرُ هُ ِ
جهَ ُه ِلِ وَ ُهوَ ُمحْ سِنٌ فَلَ هُ َأ ْ
ن أَ سَْلمَ َو ْ
إِ نْ ُك ْنتُ مْ صَادِقِين ،بَلَى َم ْ
خَ ْوفٌ عََل ْيهِمْ َولَ ُه ْم َيحْ َزنُون [(. )1
ومسن المعلوم أن المنتظسر الذي يدّعيسه الرافضسي ل يجسب على أحسد
طاعتسه ،فإنسه ل يُعلم له قول منقول عنسه ،فإذا مسن أطاع الرسسول صسلى ال
تعالى عل يه و سلم د خل الج نة وإن لم يؤ من بهذا المام ،و من آ من بهذا المام
لم يدخسل الجنسة إل إذا أطاع الرسسول صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،فطاعسة
الر سول صلى ال تعالى عل يه و سلم هي مدار ال سعادة وجودا وعد ما ،و هي
الفار قة ب ين أ هل الج نة والنار ،ومح مد صلى ل تعالى عل يه و سلم فرّق ب ين
الناس ،وال سبحانه وتعالى قد دل الخلق على طاعته بما بينه لهم ،فتبين أن
أهل السنة جازمون بالسعادة والنجاة لمن كان من أهل السنّة .
(فصسسسل)
قال الراف ضي :الو جه الرا بع :أن المام ية أخذوا مذهب هم عن الئ مة
المعصسومين المشهوريسن بالفضسل والعلم ولزهسد والورع ،والشتغال فسي كسل
وقست بالعبادة والدعاء وتلوة القرآن ،والمداومسة على ذلك مسن زمسن الطفولة
إلى آ خر الع مر ،ومنهم من يعلم الناس العلوم ،ونزل في حق هم ] :ه ْل أَتَى [
وآ ية الطهارة ،وإيجاب المودة ل هم ،وآ ية البتهال وغ ير ذلك .وكان علي ّ t
ي صلّي في كل يوم وليلة ألف رك عة ،ويتلو القرآن مع شدّة ابتلئه بالحروب
والجهاد .
فأولهم عليّ بن أبي طالب tكان أفضل الخلق بعد رسول ال eوجعله
وواخاه رسسول ال ()2
ُسن ُكمْ [
ال نفسس رسسول ال حيسث قالَ ] :وأَنْفُسنَنا َوأَنْف َ
156
وزوّجه ابنته ،و َفضْلُهُ ل يخفى وظهرت منه معجزات كثيرة ،حتى ادّعى قوم
فيسه الربوبيسة وقتلهسم ،وصسار إلى مقالتهسم آخرون إلى هذه الغايسة كالغلة
والن صيرية .وكان ولداه سبطا ر سول ال eسيدا شباب أ هل الج نة ،إمام ين
بنسص النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،وكانسا أزهسد الناس وأعلمهسم فسي
زمانهما ،وجاهدا في ال حق جهاده حتى قتل ،ولبس الحسن الصوف تحت
ثيا به الفاخرة من غير أن يشعر أحد بذلك ،وأخذ النبي صلى ال تعالى عليه
وسسلم يومسا الحسسين على فخذه اليمسن ،وإبراهيسم على فخذه اليسسر ،فنزل
جبرائيل عليه السلم وقال :إن ال تعالى لم يكن ليجمع لك بينهما ،فاختر من
شئت منه ما ،فقال ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم :إذا مات الح سين بك يت
أ نا وعل يّ وفاط مة ،وإذا مات إبراه يم بك يت أ نا عل يه ،فاختار موت إبراه يم
فمات بعسد ثلثسة أيام ،وكان إذا جاء الحسسين بعسد ذلك يقبله ويقول :أهل
ومرحبا بمن فديته بابني إبراهيم .
وكان علي بن الحسين زين العابدين يصوم نهاره ويصوم ليله ،ويتلو
الكتاب العزيسز ،ويصسلّي كسل يوم وليلة ألف ركعسة ،ويدعسو كسل ركعتيسن
بالدعية المنقولة عنه وعن آبائه ثم يرمي الصحيفة كالمتضجر ،ويقول :أنّى
لي بعبادة عل يّ ،وكان يبكي كثيرا حتى أخذت الدموع من لحم خديه ،وسجد
حتى سمى ذا الثَفِنات ،وسماه رسول ال eسيد العابدين .
وكان قد حج هشام بن عبد الملك فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يمكنه من
الزحام ،فجاء زين العابدين فوقف الناس له و َت َنحّوْا عن الحجر حتى استلمه ،
ولم يبق عند الحجر سواه ،فقال هشام بن عبد الملك :من هذا فقال الفرزدق
وذكسر أبيات الشعسر المشهورة فبعسث إليسه المام زيسن العابديسن بألف دينار ،
فرد ها ،وقال :إن ما قلت هذا غضبا ل ولر سوله ،ف ما آ خذ عل يه أجرا ،فقال
عي بن الحسين :نحن أهل بيت ل يعود إلينا ما خرج منا فقبلها الفرزدق .
وكان بالمدينة قوم يأتيهم رزقهم ليل ول يعرفون ممن هو ،فلما مات
زين العابدين ،انقطع ذلك عنهم وعرفوا أنه كان منه .
157
وكان اب نه مح مد البا قر أع ظم الناس زهدا وعبادة ،بَ َقرَ ال سجو ُد جبهتَه ،وكان
أعلم أهل وقته ،سمّاه رسول ال eالباقر ،وجاء جابر بن عبد ال النصاري
إليه وهو صغير في ال ُكتّاب ،فقال له :جدّك رسول ال eيسلّم عليك .فقال
:وعلى جدّي السلم .فقيل لجابر كيف هو ؟ قال كنت جالسا عند رسول ال
eوالحسين في حجره وهو يلعبه ،فقال :يا جابر يولد له ولد اسمه عليّ إذا
كان يوم القيا مة نادى منادٍ :لي قم سيد العابد ين ،فيقوم ولده ،ثم يولد له مولود
ا سمه مح مد البا قر ،يب قر العلم بقرا ،فإذا رأي ته فاقرئه م ني ال سلم .وروى
عنه أبي حنيفة وغيره .
وكان ابنسه الصسادق عليسه السسلم أفضسل أهسل زمانسه وأعبدهسم ،قال
علماء السسيرة :إنسه اشتغسل بالعبادة عسن طلب الرياسسة ،وقال عمسر بسن أبسي
المقدام :ك نت إذا نظرت إلى جع فر بن مح مد ال صادق عل مت أ نه من سللة
النبيين ،وهو الذي نشر فقه المامية ،والمعارف الحقيقية ،والعقائد اليقينية ،
وكان ل يخبر بأمر إل وقع ،وبه سمّوه الصادق المين .
وكان عبسد ال بسن الحسسن جمسع أكابر العلوييسن للبيعسة لولديسه ،فقال
الصسادق :هذا المسر ل يتسم ،فاغتاظ مسن ذلك ،فقال :إنسه لصساحب القباء
ال صفر ،وأشار بذلك إلى المن صور ،فل ما سمع المن صور بذلك فرح لعل مه
بوقوع ما يُ خبر به ،وعلم أن ال مر ي صل إل يه ،ول ما هرب كان يقول :أ ين
قول صادقهم ؟ وبعد ذلك انتهى المر إليه .
وكان ابنه موسى الكاظم ُيدْعى بالعبد الصالح ،وكان أعبد أهل زمانه،
يقوم الليل ويصوم النهار ،وسمّي الكاظم لنه كان إذ بلغه عن أحد شيء بعث
إليسه بمال .ونقسل فضله الموافسق والمخالف .قال ابسن الجوزي مسن الحنابلة:
روي عن شقيق البلخي قال :خرجت حاجّا سنة تسع وأربعين ومائة ،فنزلت
القادسية فإذا شاب حسن الوجه شديد السمرة ،عليه ثياب صسوف مشتمل
بشملة ،في رجل يه نعلن ،و قد جلس منفردا عن الناس ،فقلت في نف سي :
ل على الناس ،وال لمضيسن إليسه
هذا الفتسى مسن الصسوفية يريسد أن يكون كَ ّ
158
أوبّخه ،فدنوت منه فلما رآني مقبل قال :يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن
بعض الظن إثم .
فقلت فسي نفسسي :هذا عبسد صسالح قسد نطسق على مسا فسي خاطري ،
للحقنسه ول سألنّه أن يحاللنسي ،فغاب على عي ني ،فل ما نزلنسا واق صة إذا به
يصلي ،وأعضاؤه تضطرب ،ودموعه تتحادر ،فقلت :أمضي إليه وأعتذر،
ع ِملَ
ن وَ َ
ن تَا بَ وَآ َم َ
غفّارٌ ِلمَ ْ
فأوجز في صلته ،ثم قال :يا شقيق َ ] :وإِنّي َ
فقلت :هذا من البدال ،قد تكلم على سرّي مرت ين . ()1
صَا ِلحًا ثُمّ اهْتَدَى [
فل ما نزل نا زبالة إذا به قائم على البئر وبيده ركوة ير يد ان ي سقي ماء ف سقطت
الركوة من يده في البئر فرفع طرفه إلى السماء وقال :
ء وقوتي إذا أردت الطعاما أنت ربي إذا ظمئت إلى الما
يا سيدي مالي سواها قال شق يق :فوال ل قد رأ يت البئر قد ارت فع ماؤ ها فا خذ
الركوة وملها وتو ضأ وصلى أر بع ركعات ،ثم مال إلى كثيب ر مل هناك ،
فج عل يق بض بيده ويطر حه في الركوة ويشرب فقلت :أطعم ني من ف ضل ما
رزقك ال أو ما أنعم ال عليك ،فقال :يا شقيق لم تزل نعم ال علينا ظاهرة
وباط نة فأح سن ظ نك بر بك ،ثم ناول ني الركوة فشر بت من ها فإذا هو سويق
وسكر ،ما شربت وال ألذ منه ول أطيب منه ريحا فشبعت ورويت .وأقمت
أياما ل أشتهي طعاما ول شرابا ،ثم لم أره حتى دخلت مكة ،فرأيته ليلة إلى
جا نب ق بة الميزاب ن صف الل يل ي صلّي بخشوع وأن ين وبكاء ،فلم يزل كذلك
حتى ذهب الليل ،فلما طلع الفجر جلس في مصله يسبح ،ثم قام إلى صلة
الفجسر ،وطاف بالبيست أسسبوعا ،وخرج فتبعتسه ،فإذا له حاشيسة وأموال
وغلمان ،وهو على خلف ما رأيته في الطريق ،ودار به الناس يسلّمون عليه
ويتسبركون بسه ،فقلت لهسم :مسن هذا ؟ قالوا موسسى بسن جعفسر ،فقلت :قسد
عجبت أن تكون هذه العجائب إل لمثل هذا السيد .هذا رواه الحنبلي .
وعلى يده تاب بشر الحافي لنه عليه السلم اجتاز على داره ببغداد ،
159
فسسمع الملهسي وأصسوات الغناء والقصسب يخرج مسن تلك الدار ،فخرجست
جار ية وبيد ها قما مة الب قل ،فر مت ب ها في الدرب ،فقال ل ها :يا جار ية ،
صاحب هذا الدار حرّ أم ع بد ؟ فقالت :بل حر ،فقال :صدقت لو كان عبدا
لخاف من موله .فلما دخلت الجارية قال مولها وهو على مائدة السكر :ما
أبطأك علي نا ؟ قالت :حدث ني ر جل بكذا وكذا ،فخرج حاف يا ح تى ل قى مول نا
موسى بن جعفر فتاب على يده .
والجواب عننه منن وجوه :أحدهنا :أن يقال :ل نسسلم أن الماميسة
أخذوا مذهبهم عن أهل البيت :ل الثنا عشرية ول غيرهم ،بل هم مخالفون
لعليس tوأئمسة أهسل البيست فسي جميسع أصسولهم التسي فارقوا فيهسا أهسل السسنة
ّ
والجما عة :توحيد هم ،وعدل هم ،وإمامت هم ،فإن الثا بت عن علي tو أئ مة
أهسل البيست مسن إثبات الصسفات ل ،وإثبات القدر ،وإثبات خلفسة الخلفاء
الثلثسة ،وإثبات فضيلة أبسي بكسر وعمسر tمسا ،وغيسر ذلك مسن المسسائل كله
يناقض مذهب الرافضة.
والنقسل بذلك ثابست مسستفيض فسي كتسب أهسل العلم ،بحيسث إن معرفسة
المنقول في هذا الباب عن أئمة أهل البيت يوجب علما ضروريا بأن الرافضة
مخالفون لهم ل موافقون لهم .
الثاني :أن يقال :قد عُلم أن الشيعة مختلفون اختلفا كثيرا في مسائل
المامة والصفات والقدر ،وغير ذلك من مسائل أصول دينهم .فأي قول لهم
والمأخوذ عن الئمة المعصومين ،حتى مسائل المامة ،قد عُرف اضطرابهم
فيها .
وقسد تقدم بعسض اختلفهسم فسي النسص وفسي المنتظسر فهسم فسي الباقسي
المنت ظر على أقوال :من هم من يقول ببقاء جع فر بن مح مد ،ومن هم من يقول
ببقاء ابنه موسى بن جعفر ،ومنهم من يقول ببقاء محمد بن عبد ال بن حسن،
ومنهسم مسن يقول ببقاء محمسد بن الحنف ية ،وهؤلء يقولون :نسص عليّ على
الح سن والح سين ،وهؤلء يقولون على مح مد بن الحنف ية ،وهؤلء يقولون :
160
أوصى عليّ بن الحسين إلى ابنه أبي جعفر ،وهؤلء يقولون :إلى ابنه عبد
ال ،وهؤلء يقولون :أوصى إلى محمد بن عبد ال بن الحسن بن الحسين ،
وهؤلء يقولون :إن جع فر أو صى إلى اب نه إ سماعيل ،وهؤلء يقولون :إلى
ابنه محمد بن إسماعيل ،وهؤلء يقولون :إلى ابنه محمد ،وهؤلء يقولون :
إلى ابنه عبد ال ،وهؤلء يقولون :إلى ابنه موسى ،وهؤلء يسوقون النص
إلى مح مد بن الح سن ،وهؤلء ي سوقون ال نص إلى ب ني عب يد ال بن ميمون
القدّاح الحاكم وشيعته ،وهؤلء يسوقون النص من بني هاشم إلى بني العباس،
ويمت نع ان تكون هذه القوال المتناق ضة مأخوذة عن مع صوم ،فب طل قول هم :
إن أقوالهم مأخوذة عن معصوم .
سوما ،فإذا كان
سب أن عليّا كان معصس
الوجننه الثالث :أن يُقال :هس
الختلف ب ين الشي عة هذا الختلف ،و هم متنازعون هذا التنازع ،ف من أ ين
يُعلم صحة بعض هذه القوال عن عل يّ دون الخر ،وكل منهم يدّعي أن ما
يقوله إنما أخذه عن المعصومين ؟ وليس للشيعة أسانيد أهل السنة حتى يُنظر
في ال سناد وعدالة الرجال .بل إن ما هي منقولت منقط عة عن طائ فة عُرف
فيها كثرة الكذب وكثرة التناقض في النقل فهل يثق عاقل بذلك ؟
ونصس هذا على هذا كان هذا
ّ س هذا على هذا ،
وإن ادعوا تواتسر نص ّ
معارضا بدعوى غيرهم مثل هذا التواتر ،فإن سائر القائلين بالنص إذا ادعوا
مثل هذه الدعوى لم يكن بين الدعويين فرق .
فهذه الوجوه وغيرها تبين أن بتقدير ثبوت عصمة عليّ tفمذهبهم ليس
مأخوذا عنه ،فنفس دعواهم العصمة في عليّ مثل دعوى النصارى اللهية في
المسيح .مع أن ما هم عليه ليس مأخوذا عن المسيح .
الو جه الرا بع :أن هم في مذهب هم محتاجون إلى مقدمت ين :إحداه ما :
ع صمة من يضيفون المذ هب إل يه من الئ مة ،والثان ية ثبوت ذلك الن قل عن
المام .وكلتا المقدمتين باطلة ،فإن المسيح ليس بإله ،بل هو رسول كريم ،
وبتقد ير ان يكون إل ها أو ر سول كري ما فقوله حق ،ل كن ما تقوله الن صارى
161
ل يس من قوله ،ولهذا كان في علي ّ tش به من الم سيح :قوم غلوا ف يه فوق
قدره ،وقوم نق صوه دون قدره ف هم كاليهود ،هؤلء يقولون عن الم سيح :إ نه
عليس :هؤلء يقولون :إنسه
ّ إله .وهؤلء يقولون :كافسر ولد بغيّةس .وكذلك
إله ،وهؤلء يقولون :إنه كافر ظالم .
الو جه الخا مس :أن يقال :قد ث بت لعل يّ بن أ بي طالب ،tوالح سن ،
والح سين ،وعلي بن الح سين ،واب نه مح مد ،وجع فر بن مح مد من المنا قب
والفضائل ما لم يذكره هذا المصنف الرافضي.وذكر أشياء من الكذب تدل على
جهل ناقلها ،مثل قوله :نزل في حقهم ] :ه ْل أَتَى[ فإن سورة ]هَل أَتىَ [ مكّية
باتفاق العلماء ،وعل يّ إن ما تزوج فاط مة بالمدي نة ب عد الهجرة ،ولم يد خل ب ها
إل بعد غزوة بدر ،ووُلد له الحسن في السنة الثالثة من الهجرة ،والحسين في
السنة الرابعة من الهجرة بعد نزول ] :هل أتى [بسنين كثيرة .
فقول القائل :إن ها نزلت في هم ،من الكذب الذي ل يخ فى على من له
علم بنزول القرآن وعلم بأحوال هؤلء السادة الخيار .
وأما آية الطهارة فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت وذهاب الرجس
عنهم ،وإنما فيها المر لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم .فإن
طهِيرًا[( )1كقوله
طهّ َركُمْ َت ْ
ت وَ ُي َ
ب عَ ْنكُمُ ال ّرجْسَ أَ ْه َل الْبَيْ ِ
قوله ]إِ ّنمَا يُرِي ُد الُ لِيُذْهِ َ
طهّ َركُم[( )2وقولهُ] :
ن يُرِي ُد لِ ُي َ
ج وَ َلكِ ْ
ن حَرَ ٍ
ج َعلَ عَلَ ْيكُمْ مِ ْ
تعالى َ] :ما ُيرِيدُ الُ لِ َي ْ
ن الّذِي نَ مِ نْ قَبْ ِلكُ مْ وَيَتُو بَ عَلَيْكُم وَالُ عَلِي مٌ
ن لَكُم وَ َيهْدِيَكُم سُنَ َ
يرِي ُد الُ لِيُبَيّ َ
ش َهوَا تِ أَ نْ َتمِيلُوا
ب عَلَ ْيكُ مْ وَ ُيرِيدُ الّذِي نَ يَتّ ِبعُو نَ ال ّ
ن يَتُو َ
حكِ يم .وَالُ يُرِي ُد أَ ْ
َ
ضعِيفًا [(. )3
ق الِ ْنسَانُ َ
خفّفَ عَ ْنكُم َوخُلِ َ
عظِيمًا .يُري ُد الُ أَنْ ُي َ
مَيْلً َ
فالرادة ه نا متضم نة لل مر والمح بة والر ضا ،ولي ست هي المشيئة
المسستلزمة لوقوع المراد ؛ فإنسه لو كان كذلك لكان قسد طهّرس كسل مسن أراد ال
162
طهارته .وهذا على قول هؤلء القدرية الشيعة أوجه ،فإن عندهم أن ال يريد
ما ل يكون ،ويكون ما ل يريد .
ُمن
طهّ َرك ْ
ْتن وَ ُي َ
ن الرّج َز أَ ْهلَ الْبَي ِ
ِبن عَ ْنكُم ُ
فقوله ] :إِنّمَنا يُرِي ُد الُن لِيُذْه َ
طهِيرا[ إذا كان هذا بف عل المأمور وترك المحظور ،كان ذلك متعل قا بإرادت هم
َت ْ
طهّروا وإل فل .
وأفعالهم ،فإن فعلوا ما أُمروا به ُ
وهسسم يقولون :إن ال ل يخلق أفعالهسسم ،ول يقدر على تطهيرهسسم
وإذهاب الر جز عن هم .وأ ما المثبتون للقدر فيقولون :إن ال قادر على ذلك ،
حظَر حصلت الطهارة وذهاب الرجس .
فإذا ألهمهم فعل ما َأ َمرَ وترك ما َ
ومما يبين أن هذا مما أُمروا به ل مما أُخبروا بوقوعه ،ما ثبت في
ي وفاطمة وحسن وحسين ،ثم قال :
الصحيح أن النبي eأدار الكساء على عل ّ
اللهم هؤلء أهل بيتي ،فأذهب عنهم الجس وطهّرهم تطهيرا )) .وهذا الحديث ((
رواه مسلم في صحيحه عن عائشة ،ورواه أهل السنن عن أم سلمة (. )1
وهو يدل على ضد قول الرافضة من وجهين :أحدهما :أنه دعا لهم
بذلك ،وهذا دليل على أن الية لم تخبر بوقوع ذلك ،فإنه لو كان قد وقع لكان
يثنى على ال بوقوعه ويشطره على ذلك ،ل يقتصر على مجرد الدعاء به .
سم
سس عنهس
ني :أن هذا يدل على أن ال قادر على إذهاب الرجس
الثانن
وتطهيرهسم ،وذلك يدل على أنسه خالق أفعال العباد .وممسا يسبين ان اليسة
ت مِ ْنكُنّ
متضمنة للمر والنهي قوله في سياق الكلم َ ] :يا نِ سَا َء النّبِيّ مَ نْ يَ ْأ ِ
ك عَلَى الِ يَ سِيرًا َ .ومَ نْ
ن ذَلِ َ
ض ْعفَيْن َوكَا َ
ف َلهَا ا ْلعَذَا بُ ِ
حشَ ٍة مُبَيّ َنةٍ يُضَاعَ ْ
ِبفَا ِ
َيقْنُ تْ مِ ْنكُنّ ِلِ َورَ سُو ِلهِ وَ َت ْع َملْ صَا ِلحًا ُنؤْ ِتهَا َأجْرَهَا مَرّتَ ْي نِ َوأَعْتَدْنَا َلهَا رِ ْزقًا
ضعْ نَ بِا ْل َق ْولِ
ن كَ َأحَدٍ مِ نَ النّ سَاءِ إِ نِ ا ّتقَيْتُ نّ َفلَ َتخْ َ
كَرِيمًا .يَا نِ سَاءَ النّبِيّ لَ سْتُ ّ
ض وَقُ ْل نَ َق ْولً َمعْرُوفًا .وَ َقرْ نَ فِي بُيُوتِكُنّ َو َل تَبَ ّرجْ نَ
طمَ عَ الّذِي فِي قَلْبِ هِ َمرَ ٌ
فَ َي ْ
)1(1انظر مسلم :ج 4ص 1883والترمذي :ج 5ص 30وج 5ص 328والمسند :ج
6ص .298، 292
163
طعْ نَ الَ وَرَ سُو َل ُه إِنّمَا
ج ا ْلجَاهِلِ ّي ِة الُولَى َوأَ ِقمْ نَ ال صّلَ َة وَآتِي نَ ال ّزكَاةَ َوَأ ِ
تَبَرّ َ
طهِيرًا .وَا ْذكُرْ نَ مَا يُتْلَى
طهّ َركُ مْ َت ْ
ب عَ ْنكُ مُ ال ّرجْ سَ أَ ْه َل الْبَيْ تِ وَ ُي َ
يُرِي ُد الُ لِيُذْهِ َ
ل كَانَ َلطِيفًا خَبِيرًا [(. )1
نا َ
ت الِ وَا ْلحِ ْك َمةِ إِ ّ
فِي بُيُو ِتكُنّ مِنْ آيَا ِ
وهذا السياق يدل على ان ذلك أمر ونهي ،ويدل على أن أزواج النبي
eمن أهل بيته ،فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن ،و يدل على أن قوله :
ت [ع مّ غ ير أزوا جه ،كعلي وفاط مة وح سن
] لِيُ ْذهِ بَ عَ ْنكُ مُ ال ّرجْ سَ أَ ْهلَ الْبَيْ ِ
وحسين رضى ال عنهم لنه ذكره بصيغة التذكير لما اجتمع المذكر والمؤنث،
وهؤلء خُصسّوا بكونهسم مسن أهسل البيست بالولى مسن أزواجسه ،فلهذا خصسّهم
بالدعاء لمسا أدخلهسم فسي الكسساء ،كمسا أن مسسجد قُباء أسسس على التقوى ،
ومسجده eأيضا أسس على التقوى وهو أكمل في ذلك ،فلما نزل قوله تعالى:
ن َتقُو مَ فِيه ِرجَا ٌل ُيحِبّو نَ أَ نْ
علَى ال ّت ْقوَى مِ نْ َأ ّولِ َيوْ مٍ َأحَقّ أَ ْ
]َلمسجدٌ أُ سّسَ َ
ب سبب م سجد قباء ،تناول الل فظ لم سجد ()2
طهِرِينن [
طهّرُوا وَالُ ُيحِبّ ا ْل ُم ّ
يَ َت َ
قباء ولمسجده eبطريق الولى .
وكذلك قوله في إيجاب المودة ل هم غلط .ف قد ث بت في ال صحيح عن
سعيد بن جبير أن ا بن عباس ر ضى ال عنه ما سئل عن قوله تعالى ُ]:قلْ لَ
ْهن َأجْرًا ِإلّ ا ْل َموَدّةَ فِي ا ْلقُرْبَى [ ( )3قال :فقلت :إل أن تودّوا ذوى
َسنأَُلكُمْ عَلَي ِ
أ ْ
قر بى مح مد .eفقال ا بن عباس :عَجل تَ ،إ نه لم ي كن ب طن من قر يش إل
لرسول ال eمنهم قرابة .فقال :قل ل أسألكم عليه أجرا إل أن تودوني في
القرابة التي بيني وبينكم .
فا بن عباس كان من كبار أ هل الب يت وأعلم هم بتف سير القرآن ،وهذا
تفسيره الثابت عنه .ويدل على ذلك أنه لم يقل :إل المودة لذوى القربى .و
لكن قال :إل المودة في القربى .أل ترى أنه لما أراد ذوى قرباه قال :
164
، ()1
سهُ وَلِلرّ سُولِ وَلِذِي ا ْلقُرْبَى[
خمُ َ
ن شَيْءٍ فَِإنّ لِ ُ
]وَاعْ َلمُوا أَ ّنمَا غَ ِنمْتُم مِ ْ
ول يُقال :المودة في ذوى القربى .وإنما يقال :المودة لذوى القربى .فكيف
وقد قال قل ل أسألكم عليه أجرا إل المودة في القربى ؟!
ويسبين ذلك ان الرسسول eل يسسال أجرا أصسلً إنمسا أجره على ال ،
وعلى الم سلمين موالة أ هل الب يت ل كن بأدلة أخرى غ ير هذه ال ية ،ولي ست
موالتنا أهل البيت من أجر النبي eفي شيء.
وأيضا فإن هذه الية مكية ،ولم يكن عليّ قد تزوج بفاطمة ول وُلد له
أولد .
وأ ما آ ية البتهال ف في ال صحيح أن ها ل ما نزلت أ خذ ال نبي eب يد عليّ
وفاط مة وح سن وح سين ليبا هل ب هم( ،)2ل كن خ صّهم بذلك لن هم كانوا أقرب
إليه من غيرهم ،فإنه لم يكن له ولد ذكر إذ ذاك يمشي معه .ولكن كان يقول
فهما ابناه ون ساؤه إذ لم يكن قد ب قي له ب نت )) عن الح سن ((:إن ابني هذا سيد
إل فاطمة tا ،فإن المباهلة كانت لما قدم وفد نجران ،وهم نصارى ،وذلك كان
بعد فتح مكة ،بل كان سنة تسع ،فهذه الية تدل على كمال اتّصالهم برسول
ال ،eكما دل على ذلك حديث الكساء ،ولكن هذا ل يقتضي أن يكون الواحد
منهسم أفضسل مسن سسائر المؤمنيسن ول أعلم منهسم ،لن الفضيلة بكمال اليمان
والتقوى ل بقرب النسب .
كما قال تعالى ] :إِنّ أَكْ َر َمكُ ْم عِنْدَ الِ أَتْقَاكُم [( )3وقد ث بت ان الصديق
كان أت قى ال مة بالكتاب وال سنة ،وتواتر عن ال نبي eأ نه قال ((:لو ك نت متخذا
من أهل الرض خليل لتخذت أبا بكر خليل ))( ، )4وهذا بسوط في موضعه .
وأما ما نقله عن عليّ أنه كان يصلّي كل يوم وليلة ألف ركعة ،فهذا يدل على
165
جهله بالفضيلة وجهله بالوا قع .أ ما أوّل فلن هذا ل يس بفضيلة ،فإ نه قد ث بت
في الصحيح عن النبي eأنه كان ل يزيد في الليل على ثلث عشرة ركعة(.)1
وثبت عنه في الصحيح أنه قال (( : eأفضل القيام قيام داود ،كان ينام نصف
الليل ،ويقوم ثلثه ،وينام سدسه))(.)2
وأيضا فقوله :إن علي بن أي طالب كان أفضل الخلق بعد رسول ال
eدعوى مجردة ،ينازعه فيها جمهور المسلمين من الوّلين والخرين .
وقوله :جعله ال ن فس ر سول ال eح يث قال َ ] :وأَنْفُ سَنَا َوأَ ْنفُ سَ ُكمْ [
وواخاه .
فيقال :أمسا حديسث المؤاخاه فباطسل موضوع ،فإن النسبي eلم يؤاخ
أحدا ،ول آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض ،ول بين النصار بعضهم
مع ب عض ،ول كن آ خى ب ين المهاجر ين والن صار ،ك ما آ خى ب ين سعد بن
الرب يع وع بد الرح من بن عوف ،وآ خى ب ين سلمان الفار سي وأ بي الدرداء ،
كما ثبت ذلك في الصحيح .وأما قولهَ ] :وأَنْفُ سَنَا َوأَنْفُ سَ ُكمْ [ فهذا مثل قوله :
()3
ت بِأَ ْن ُفسِهِم خَيْرًا [
س ِمعْ ُتمُوهُ ظَنّ ا ْل ُم ْؤمِنُونَ وَا ْل ُم ْؤمِنَا ُ
]َ ل ْو َل إِذْ َ
نزلت في ق صة عائ شة tا في ال فك ،فإن الوا حد من المؤمن ين من أن فس
المؤمنين والمؤمنات .
لعليس ،كمسا أن تزويجسه عثمان بابنتيسه
ّ وأمسا تزويجسه فاطمسة ففضيلة
سمّي ذو النورين .وكذلك تزوجه بنت أبي بكر
فضيلة لعثمان أيضا ،ولذلك ُ
وبنت عمر فضيلة لهما ،فالخلفاء الربعة أصهاره eورضي ال عنهم .
وأ ما قوله (( :وظهرت م نه معجزات كثيرة )) فكأ نه ي سمّى كرامات
ي أف ضل من
الولياء معجزات ،وهذا إ صلح لكث ير من الناس .فيقال :عل ّ
كثيسر ممسن له كرامات ،والكرامات متواترة عسن كثيسر مسن عوام أهسل السسنة
166
ي ،فكيف ل تكون الكرامات ثابتة لعليّ t
الذين يفضلون أبا بكر وعمر على عل ّ
؟ وليس في مجرد الكرامات ما يدل على أنه أفضل من غيره .
وأما قوله (( :حتى ادّعى قوم فيه الربوبية و قتلهم )) .
فهذه مقالة جاهل في غاية الجهل لوجوه :أحدها :أن معجزات النبي
eأعظم بكثير وما ادّعى فيه أحد من الصحابة اللهية .
الثاني :أن معجزات الخليل وموسى أعظم بكثير وما ادّعى أحد فيهما
اللهية .
الثالث :إن معجزات نبينسا ومعجزات موسسى أعظسم مسن معجزات
المسيح ،وما ادّعيت فيهما اللهية كما ادعيت في المسيح .
الرا بع :أن الم سيح ادع يت ف يه الله ية أع ظم م ما ادع يت في مح مد
وإبراهيم وموسى ،ولم يدل ذلك ل على أنه أفضل منهم ول على أن معجزاته
أبهر .
الخا مس :أن دعوى الله ية فيه ما دعوى باطلة تقابل ها دعوى باطلة ،
وهسي دعوى اليهود فسي المسسيح ،ودعوى الخوارج فسي علي ّس ؛ فإن الخوارج
كفّروا عليّا ،فإن جاز أن يُقال :إن ما ادّع يت ف يه الله ية لقوة الشب هة .وجاز
أن يقال ،إنمسا ادّعسى فيسه الكفسر لقوة الشبهسة ،وجاز أن يقال ،صسدرت منسه
ذنوب اقتضت أن يكفّره بها الخوارج .
والخوارج أك ثر وأع قل وأد ين من الذ ين ادّعوا ف يه الله ية ،فإن جاز
الحتجاج بمثسل هذا ،وجُعلت هذه الدعوى منقبسة ،كان دعوى المبغضيسن له
ودعوى الخوارج مثلبة أقوى وأقوى ،وأين الخوارج من الرافضة الغالية ؟!
فالخوارج مسن أعظسم الناس صسلة وصسياما وقراءة للقرآن ،ولهسم
جيوش وعسساكر ،وهسم متدينون بديسن السسلم باطنا و ظاهرا .والغاليسة
المدّعون لللهيسة إمسا أن يكونوا مسن أجهسل الناس ،وإمسا أن يكونوا مسن أكفسر
الناس ،والغالية كفّار بإجماع العلماء ،وأما الخوارج فل يكفّرهم إل من يكفّر
المامية ،وعلي tلم يكن يكفّرهم ،ول أمر بقتل الواحد المقدور عليه منهم،
167
كما أمر بتحريق الغالية ،بل لم يقاتلهم حتى قتلوا عبد ال بن خبّاب وأغاروا
على سرح الناس .
عليس ومسن سسائر الصسحابة والعلماء أن الخوارج
ّ فثبست بالجماع مسن
خ ير من الغال ية ،فإن جاز لشيع ته أن تج عل دعوى الغال ية الله ية ف يه ح جة
على فضيلتسه كان لشيعسة عثمان ان يجعلوا دعوى الخوارج لكفره حجسة على
نقيضه بطريق الوْلى ،فعلم أن هذه الحجة إنما يحتج بها جاهل ،ثم أنها تعود
عليه ل له ،ولهذا كان الناس يعلمون أن الرافضة أجهل وأكذب من الناصبة .
وأ ما قوله (( :وكان ولده سبطا ر سول ال eسيدا شباب أ هل الج نة
إمامين بنص النبي . ))e
فيقال :الذي ثبست بل شسك عسن النسبي eفسي الصسحيح أنسه قال عسن
الح سن (( :إن اب ني هذا سيد ،وإن ال سيصلح به ب ين فئت ين عظيمت ين من
الم سلمين ))( . )1وث بت ع نه في ال صحيح أ نه كان يقعده وأ سامة بن ز يد على
()2
)) اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما (( فخذه ويقول :
وهذا يدل على أن مسا فعله الحسسن مسن ترك القتال على المامسة ،
وق صد ال صلح ب ين الم سلمين كان محبو با يح به ال ور سوله ولم ي كن ذلك
معصية ،بل كان ذلك أحب إلى ال ورسوله من اقتتال المسلمين ،ولهذا أحبه
وأحب أسامة بن زيد ودعا لهما ،فإن كلهما كان يكره القتال في الفتنة ،فأما
أ سامة فلم يقا تل ل مع علي ول مع معاو ية ،والح سن كان دائما يش ير على
عليس بترك القتال ،وهذا نقيسض مسا عليسه الرافضسة مسن أن ذلك الصسلح كان
ّ
م صيبة وكان ذل ،ولو كان هناك إمام مع صوم ي جب على كل أ حد طاع ته ،
ومن تولّى غيره كانت وليته باطلة ل يجوز أن يجاهد معه ول يصلي خلفه ،
لكان ذلك الصلح من أعظم المصائب على أمة محمد eوفيه فساد دينها ،فأي
فضيلة كانست تكون للحسسن بذلك حتسى يُثنسى عليسه بسه ؟ وإنمسا غايتسه أن يُعذر
)1(1البخاري ج 3ص 186ومواضع أخر منه وسنن أبي داود ج 4ص .299
)2(2انظر المسند ج 5ص . 210 ، 205
168
لضع فه عن القتال الوا جب وال نبي eج عل الح سن في ال صلح سيدا محمودا ،
ولم يجعله عاجزا معذورا ،ولم ي كن الح سن أع جز عن القتال من الح سين بل
كان أقدر على القتال من الحسين ،والحسين قاتل حتى قُتل ،فإن كان ما فعله
الح سين هو الف ضل الوا جب ،كان ما فعله الح سن تر كا للوا جب أو عجزا
عنه ،وإن كان ما فعله الحسن هو الفضل الصلح ،دل على أن ترك القتال
هو الف ضل ال صلح ،وأن الذي فعله الح سن أ حب إلى ال ور سوله م ما فعله
غيره ،وال ير فع درجات المؤمن ين المتق ين بعض هم على ب عض ،وكل هم في
الجنة ،رضى ال عنهم أجمعين .
ثم إن كان ال نبي eجعله ما إمام ين لم يكو نا قد ا ستفادا الما مة بن صّ
عل يّ ،ولستفادها الحسين بنص الحسن عليه ،ول ريب أن الحسن والحسين
ريحانتا النبي eفي الدنيا .وقد ثبت أنه eأدخلهما مع أبويهما تحت الكساء ،
وأ نه )) الل هم هؤلء أ هل بي تي فأذ هب عن هم الر جس وطهّر هم تطهيرا (( وقال:
دعالهما في المباهلة ،وفضائلهما كثيرة ،وهما من أجلء سادات المؤمن ين .
وأما كونهما أزهد الناس وأعلمهم في زمانهم فهذا قول بل دليل .
وأما قوله (( :وجاهدا في ال حق جهاده حتى قتل )).
فهذا كذب عليهمسا ،فإن الحسسن تخلّى عسن المسر وسسلّمه إلى معاويسة
وم عه جيوش العراق ،و ما كان يختار قتال الم سلمين قط ،وهذا متوا تر من
سيرته .
وأما موته ،فقد قيل :إنه مات مسموما ،وهذه شهادة له وكرامة في
حقّه ،لكن لم يمت مقاتل .
والحسين tما خرج يريد القتال ،ولكن ظن أن الناس يطيعونه ،فلما
رأى انصرافهم عنه ،طلب الرجوع إلى وطنه أو الذهاب إلى الثغر ،أو إتيان
يزيسد ،فلم يمكّنسه أولئك الظلمسة ل مسن هذا ول مسن هذا ،وطلبوا أن يأخذوه
أسسيرا إلى يزيسد ،فامتنسع مسن ذلك وقاتسل حتسى قُتسل مظلومًا شهيدا ،لم يكسن
قصده ابتدا ًء أن يُقاتل .
169
وأما قوله عن الحسن :إنه لبس الصوف تحت ثيابه الفاخرة .
فهذا من جنس قوله في علي :إنه كان يصلي ألف ركعة ،فإن هذا ل
فضيلة ف يه ،وهو كذب .وذلك أن ل بس ال صوف ت حت ثياب الق طن وغيره لو
كان فاضل لكان النسبي eشرعسه لمتسه ،إمسا بقوله أو بفعله ،أو كان يفعله
أ صحابه على عهده ،فل ما لم يفعله هو ول أ حد من أ صحابه على عهده ،ول
ر غب ف يه ،دل على أ نه ل فضيلة ف يه ،ول كن ال نبي eل بس في ال سفر ج بة
صوف فوق ثيابه .
وأمسا الحديسث الذي رواه أن النسبي eأخسذ يوما الحسسين على فخذه
الي من وولده إبراه يم على فخذه الي سر ،فنزل جبر يل وقال :إن ال تعالى لم
يكسن ليجمسع لك بينهمسا فاختسر مسن شئت منهمسا .فقال النسبي (( :eإذا مات
الح سن بك يت أ نا وعلي وفاط مة ،وإذا مات إبراه يم بك يت أ نا عل يه )) فاختار
موت إبراهيسم ،فمات بعسد ثلثسة أيام .وكان إذا جاء الحسسين بعسد ذلك يقبّله
ل ومرحبا بمن فديته بابني إبراهيم )) .
ويقول :أه ً
فيقال :هذا الحديث لم يروه أحد من أهل العلم ،ول يُعرف له إسنادا
ول يُعرف في ش يء من ك تب الحد يث .وهذا النا قل لم يذ كر له إ سنادا ،ول
عزاه إلى كتاب حديث ،ولكن ذكره على عادته في روايته أحاديث مسيّبة بل
زمام ول خطام .
ومسن المعلوم أن المنقولت ل يُميّز بيسن صسدقها وكذبهسا إل بالطرق
الدالة على ذلك ،وإل فدعوى النقل المجرد بمنزلة سائر الدعاوى .
ثم يقال :هذا الحد يث كذب موضوع باتفاق أ هل المعر فة بالحد يث ،و هو من
أحاديث الجهّال ،فإن ال تعالى ليس في جمعه بين إبراهيم والحسين أعظم مما
في جم عه ب ين الح سن والح سين على مقت ضى الحد يث ،فإن موت الح سن أو
الحسين إذا كان أعظم من موت إبراهيم ،فبقاء الحسن أعظم من بقاء إبراهيم،
وقد بقى الحسن مع الحسين .
(فصسسسسل)
170
ي بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علما ودينا .
أما عل ّ
قال يحيى بن سعيد (( :هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة )) .وقال
محمد بن سعد في (( الطبقات ))(( كان ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا)).
وروى عن حمّاد بن زيد عن يحيى بن سعيد النصاري قال (( :سمعت عليّ
بن الحسين ،وكان أفضل هاشمي أدركته ،يقول :يا أيها الناس أحبونا حب
السلم ،فما برح بنا حبكم حتى صار عارا علينا )) .
وأ ما ما ذكره من قيام ألف رك عة ،ف قد تقدّم أن هذا ل يم كن إل على
وجسه يكره فسي الشريعسة ،أو ل يمكسن بحال ،فل يصسلح ذكسر مثسل هذا فسي
المناقب .وكذلك ما َذ َكرَه من تسمية ر سول ال صلى ل عل يه و سلم له سيد
العابدين هو شيء ل أصل له ،ولم يروه أحد من أهل العلم والدين .
وكذلك أ بو جع فر مح مد بن عل يّ من خيار أ هل العلم والد ين .وق يل
إنما سمى الباقر لنه بَ َقرَ العلم ،ل لجل بقر السجود جبهته .وأما كونه أعلم
أهل زمانه فهذا يحتاج إلى دليل ،والزهري من أقرانه ،وهو عند الناس أعلم
ل تسميته بالباقر عن النبي eل أصل له عند أهل العلم ،بل هو من
منه ،ونَقْ ُ
الحاديسث الموضوعسة .وكذلك حديسث تبليسغ جابر له السسلم هسو مسن
الموضوعات عند أهل العلم بالحديث .
وجع فر ال صادق tمن خيار أ هل العلم والد ين .وقال عمرو بن أ بي
المقدام ((:كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سللة النبيين)).
وأما قوله (( اشتغل بالعبادة عن الرياسة )) .
وهذا تنا قض من المام ية ،لن الما مة عند هم وا جب عل يه أن يقوم
بها وبأعبائها ،فإنه ل إمام في وقته إل هو ،فالقيام بهذا المر العظيم لو كان
واجبا لكان أوْلى من الشتغال بنوافل العبادات .
وأما قوله :إنه (( :هو الذي نشر فقه المامية ،والمعارف الحقيقية،
والعقائد اليقينية )).
فهذا الكلم يستلزم أحد أمرين :إما أنه ابتدع في العلم ما لم يكن يعلمه
171
من قبله .وإ ما أن يكون الذ ين قبله ق صّروا في ما ي جب علي هم من ن شر العلم .
وهل يشك عاقل أن النبي eبيّن لمته المعارف الحقيقية والعقائد اليقينية أكمل
بيان ؟ وأن أصحابه تلقّوا ذلك عنه وبلّغوه إلى المسلمين؟
وهذا يقتضسي القدح :إمسا فيسه ،وإمسا فيهسم .بسل ُكذِب على جعفسر
الصادق أكثر مما ُكذِب على من قبله ،فالفة وقعت من الكذّابين عليه ل منه .
ولهذا نُ سب إل يه أنواع من الكاذ يب ،م ثل كتاب ((البطا قة )) و((الجَفْر)) و
((الهَفْت )) والكلم في النجوم .
(فصسسسل)
وأما من بعد جعفر فموسى بن جعفر ،قال فيه أبو حاتم الرازي :
(( ث قة صدوق إمام من أئ مة الم سلمين )) .قلت :مو سى ولد بالمدي نة سنة
بضع وعشرين ومائة ،وأقدمه المهدي إلى بغداد ثم رده إلى المدينة ،وأقام بها
عمْرةٍ ،فحمسل موسسى معسه إلى
إلى أيام الرشيسد ،فقدم هارون منصسرفا مسن ُ
بغداد ،وحبسه بها إلى أن تُوفي في محبسه .
وأما من بعد موسى فلم يؤخذ عنهم من العلم ما يذكر به أخبارهم في
كتب المشهورين بالعلم وتواريخهم ،ول هم في التفسير وغيره أقوال معروفة،
ول كن ل هم من الفضائل والمحا سن ما هم له أ هل t ،م أجمع ين ،ومو سى بن
جعفر مشهور بالعبادة والنسك .
وأمسا الحكايسة المذكورة عسن شقسسق البلخسى فكذب ،فإن هذه الحكايسة
تخالف المعروف من حال موسى بن جعفر .
أما قوله (( :تاب على يديه بشر الحافي )) فمن أكاذيب من ل يعرف
حاله ول حال بشسر ،فإن موسسى بسن جعفسر لمسا قدم بسه الرشيسد إلى العراق
حبسه ،فلم يكن ممن يجتاز على دار بشر وأمثاله من العامة .
(فصسسسل)
عليس الرضسا أزهسد أهسل زمانسه وكان
ّ قال الرافضني (( :وكان ولده
172
أعلمهم وأخذ عنه فقهاء الجمهور كثيرا ،وولّه المأمون لعلمه بما هو عليه من
الكمال والفضل .ووعظ يوما أخاه زيدا ،فقال :يا زيد ما أنت قائل لرسول
سسَفكْتَ الدماء ،وأخذت الموال مسن غيسر حلهسا وأخفست السسبل ،
ال eإذا َ
وغرّك حمقى أهل الكوفة؟ وقد قال رسول ال :eإن فاطمة أحصنت فرجها ،
فحرم ال ذريتها على النار وفي رواية :إن عليا قال :يا رسول ال لم سميت
فاطمسة ؟ قال :لن ال فطمهسا وذريتهسا مسن النار ،فل يكون الحصسان سسببا
لتحر يم ذريت ها على النار وأ نت تظلم .وال ما نالوا ذلك إل بطا عة ل ،فإن
أردت أن تنال بمعصية ال ما نالوا بطاعته ،إنك إذا لكرم على ال منهم .
وضرب المأمون اسمه على الدراهم والدنانير ،وكتب إلى أهل الفاق
ببيعته ،وطرح السواد ولبس الخضرة )) .
فيقال :مسن المصسائب التسي ابتُلي بهسا ولد الحسسين انتسساب الرافضسة
إلي هم و تعظيم هم ومدح هم ل هم ،فإن هم يُمدحون ب ما ل يس بمدح ،ويدّعون ل هم
دعاوى ل ح جة ل ها ،ويذكرون من الكلم ما لو لم يُعرف فضلهسم من غيسر
كلم الرافضة ،لكان ما تذكره الرافضة بالقدح أشبه منه في المدح ،فإن علي
بن موسى له من المحاسن والمكارم المعروفة ،والممادح المناسبة لحاله اللئقة
به ،ما يعرفه بها أهل المعرفة .وأما هذا الرافضي فلم يذكر له فضيلة واحدة
بحجة .
وأمنا قوله (( :إن كان أزهسد الناس وأعلمهسم )) فدعوى مجردة بل
دليل ،فكل من غل في شخص أمكنه أن يدّعى له هذه الدعوى .كيف والناس
يعلمون أنه كان في زمانه من هو أعلم منه ،ومن هو أزهد منه ،كالشافعي
وإسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل وأشهب بن عبد العزيز ،وأبي سليمان
الداراني ،ومعروف الكرخي ،وأمثال هؤلء .
وأ ما قوله (( :إ نه أ خذ عن فقهاء الجمهور كثيرا )) فهذا من أظ هر
الكذب .هؤلء فقهاء الجمهور المشهوريسن لم يأخذوا عنسه مسا هسو معروف ،
وإن أخذ عنه بعض من ل يُعرف من فقهاء الجمهور فهذا ل يُنكر ،فإن طلبة
173
الفقهاء قد يأخذون من المتوسطين في العلم ،ومن هم دون المتوسطين .
ومسا ذكره بعسض الناس مسن أن معروفسا الكرخسي كان خادماله ،وأنسه
أسلم على يديه ،أو أن الخرقة متصلة منه إليه ،فكله كذب باتفاق من يعرف
هذا الشأن .
والحديسث الذي ذكره عسن النسبي eعسن فاطمسة هسو كذب باتفاق أهسل
المعر فة بالحد يث ،ويظ هر كذ به لغ ير أ هل الحد يث أي ضا ؛ فإن قوله (( :إن
فاطمسة أحصسنت فرجهسا فحرّم ال ذريتهسا على النار )) يقتضسي أن إحصسان
فرجهسا هسو السسبب لتحريسم ذريتهسا على النار وهذا باطسل قطعسا ،فإن سسارّة
أحصنت فرجها ،ولم يحرّم ال جميع ذريتها على النار .
وأي ضا فت سمية جبر يل ر سول ال إلى مح مد eخادما له عبارة من ل
يعرف قدر الملئكة ،وقدر إرسال ال لهم إلى النبياء .و لكن الرافضة غالب
حججهم أشعار تليق بجهلهم وظلمهم ،وحكايات مكذوبة تليق بجهلهم وكذبهم ،
وما ُي ْثبِت أصول الدين بمثل هذه الشعار ،إل ليس معدودا من أولي البصار.
(فصسسسل)
قال الرافضني (( :وكان ولده محمسد بسن علي الجواد على منهاج أبيسه
في العلم والت قى والجود ،ول ما مات أبوه الر ضا ش غف بح به المأمون لكثرة
عل مه ودي نه ووفور عقله مع صغر سنه ،وأراد أن يزوّ جه ابن ته أم الف ضل ،
وكان قسد زوّج أباه الرضسا عليسه السسلم بابنتسه أم حسبيب ،فغلظ ذلك على
العباسيين واستنكروه وخافوا أن يخرج المر منهم ،وأن يبايعه كما بايع أباه ،
فاجتمسع الدنون منهسم وسسألوه ترك ذلك ،وقالوا :إنسه صسغير السسن ل علم
عنده ،فقال :أنا أعرف منكم به ،فإن شئتم فامتحنوه ،فرضوا بذلك ،وجعلوا
للقاضسي يحيسى بسن أكثسم مالً كثيرا على امتحانسه فسي مسسألة يعجزه فيهسا ،
فتواعدوا إلى يوم ،وأحضره المأمون وحضسر القاضسي وجماعسة العباسسيين ،
174
فقال القا ضي :أ سألك عن ش يء ؟ فقال عل يه ال سلم سل فقال :ما تقول في
ُمحْرِم ق تل صيدا؟ فقال له عل يه ال سلم قتله في حل أو حرم ،عال ما كان أو
جاهل ،مبتدئا بقتله أو عائذا ،مسن صسغار الصسيد كان أم مسن كبارهسا ،عبدا
كان المُحرم أو حرّا ،صغيرا كان أو كبيرا ،من ذوات الط ير كان ال صيد أم
من غير ها ؟ فتح ير يح يى بن أك ثم ،وبان الع جز في وج هه ،ح تى عرف
جماعسة أهسل المجلس أمره ،فقال المأمون لهسل بيتسه :عرفتسم الن مسا كنتسم
تنكرونسه ،ثسم أقبسل المام فقال :أتخطسب ؟ قال :نعسم فقال :أخطسب لنفسسك
خط بة النكاح ،فخ طب وع قد على خم سمائة در هم جيادا كم هر جد ته فاط مة
عليها السلم ،ثم تزوج بها .
عليس الجواد كان مسن أعيان بنسي
ّ والجواب أن يقال :إن محمسد بسن
سسّميَ الجواد ،ومات وهسو
هاشسم ،وهسو معروف بالسسخاء والسسؤدد .ولهذا ُ
شاب ابن خمس وعشرين سنة ،ولد سنة خمس وتسعين ومات سنة عشرين
أو سنة تسع عشرة ،وكان المأمون زوّجه بابنته ،وكان يرسل إليه في السنة
ألف ألف درهم ،واستقدمه المعتصم إلى بغداد ،ومات بها .
وأمسا مسا ذكره فإنسه مسن نمسط مسا قبله ،فإن الرافضسة ليسس لهسم عقسل
صسريح ول نقسل صسحيح ،ول يقيمون حقسا ،ول يهدمون باطل ،ل بحجسة
وبيان ،ول بيد وسنان ،فإنه ليس فيما ذكره ما يثبت فضيلة محمد بن عل يّ ،
فضل عن ثبوت إمامته ،فإن هذه الحكاية التي حكاها عن يحيى بن أكثم من
الكاذيسب التسي ل يفرح بهسا إل الجهال ،ويحيسى بسن أكثسم كان أفقسه وأعلم
حرِم ق تل صيدا ،فإن
وأف ضل من أن يطلب تعج يز ش خص بأن ي سأله عن ُم ْ
صغار الفقهاء يعلمون حكم هذه المسألة ،فليست من دقائق العلم ول غرائبه ،
ول مما يختص به المبرّزون في العلم .
( فصسسسل )
قال الرافضي ((:وكان ولده عل يّ الهادي ،ويُقال له :العسكري ،لن
المتوكسل أشخصسه مسن المدينسة إلى بغداد ،ثسم منهسا إلى سُسرّ مسن رأى ،فأقام
175
سرّ من رأى فأقام ب ها عشر ين
بمو ضع عند ها يقال له الع سكر ،ثم انت قل إلى ُ
سنة وت سعة أش هر ،وإن ما أشخ صه المتو كل ل نه كان يب غض عليّ ا ، tفبلّ غه
ي بالمدي نة ،وم يل الناس إل يه ،فخاف م نه ،فد عا يح يى بن هبيرة
مقام عل ّ
وأمره بإحضاره ،فضج أهل المدينة لذلك خوفا عليه ،لنه كان محسنا إليهم ،
ملزما للعبادة في الم سجد ،فحلف يح يى أ نه ل مكروه عل يه ،ثم فتّ ش منزله
فلم ي جد ف يه سوى م صاحف وأدع ية وك تب العلم ،فع ظم في عي نه ،وتولى
خدمته بنفسه ،فلما قدم بغداد بدأ بإسحاق بن إبراهيم الطائي وإلى بغداد .فقال
له :يسا يحيسى هذا الرجسل قسد ولده رسسول ال ،eوالمتوكسل مسن َتعْلَم ،فإن
حرض ته عليه قتله ،وكان ر سول ال eخ صمك يوم القيا مة ،فقال له يحيى :
وال مسا وقعست منسه إل على خيسر .قال :فلمسا دخلت على المتوكسل أخسبرته
بح سن سيرته وور عه وزهده فأكر مه المتو كل ،ثم مرض المتو كل فنذر إن
عوفيَس تصسدّق بدراهسم كثيرة ،فسسأل الفقهاء عسن ذلك فلم يجسد عندهسم جوابسا
ي الهادي ،فسأله فقال :تصدّق بثلثة وثمانين درهما ،فسأله
فبعث إلى عل ّ
()1
المتوكل عن السبب ،فقال :لقوله تعالىَ]:لقدْ نَ صَ َر ُكمُ الُ فِي َموَاطِ نَ كَثِيرَ ًة [
وكا نت لموا طن هذه الجملة ،فإن ال نبي eغزا سبعا وعشر ين غزاة ،وب عث
ستا وخمسين سرية .قال المسعودي :نُمى إلى المتوكل بعليّ بن محمد أن في
منزله سلحا من شيعته من أهل قُم وأنه عازم على الملك ،فبعث إليه جماعة
من التراك ،فهجموا داره ليل فلم يجدوا في ها شيئا ،ووجدوه في ب يت مغلق
عليه وهو يقرأ وعليه مُدرعة من صوف ،وهو جالس على الرمل والحصى
متوجهسا إلى ال تعالى يتلو القرآن ،فحُمسل على حالتسه تلك إلى المتوكسل ،
وأُدخسل عليسه وهسو فسي مجلس الشراب ،والكأس فسي يسد المتوكسل ،فعظّمسه
وأجلسسه إلى جانبسه ،وناوله الكأس ،فقال :وال مسا خامسر لحمسي ودمسي قسط
ن جَنّا تٍ وَعُ ُيوُن[.
فأعفني ،فأعفاه وقال له :أسمعني صوتا ،فقالَ]:ك مْ تَرَكوا مِ ْ
176
فقال :أنشدنى شعرا ،فقال :إني قليل الرواية للشعر ،فقال ل بد من ()2
اليات
ذلك ،فأنشده :
ب الرجسسال فما أغنتهسم القُلَسلُ
غُلْ ُ باتوا على قلسل الجبال تحرسهم
وأسكنوا حفسرا يا بئس ما نسزلسوا واستُنزلوا بعد عسزٍمسن معاقلهم
أيسسن السسسرّة والتيسسجان س صسسارخ مسن بسسعد دفنهسم
ناداهُم ُ
والحسلسل
من دونسها تُضرب الستار والكِلسلُ أيسن الوجسوه التي كانت منعّمة
تلك الوجسو ُه عليهسا السدود يقتتسل فسأفصح القبر عن ُهمْ حين ساءَُل ُهمْ
فأصسبحوا بعسد طول الكسسل قسد قسد طال مسا أكلوا دهرا ومسا شربوا
أُكلسوا
فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته )) .
فيقال :هذا الكلم من جنس ما قبله ،لم يذكر منقبة بحجة صحيحة ،
بل ذكر ما يعلم العلماء أنه من الباطل ،فإ نه ذكر في الحكا ية أن والي بغداد
كان إ سحاق بن إبراه يم الطائي ،وهذا من جهله ،فإن إ سحاق بن إبراه يم هذا
خزاعي معروف هو وأهل بيته،كانوا من خزاعة،فإنه إسحاق بن إبراهيم بن
الحسين بن مصعب ، ،وابن عمه عبد ال بن طاهر بن الحسين بن مصعب
أمير خراسان المشهورالمعلومة سيرته ،وابن هذا محمد بن عبد ال بن طاهر
كان نائ با على بغداد في خل فة المتو كل وغيره ،و هو الذي صلّى على أح مد
بن حنبل لما مات ،وإسحاق بن إبراهيم هذا كان نائبا لهم في إمارة المعتصم
والوا ثق وب عض أيام المتو كل ،وهؤلء كل هم من خزا عة لي سوا من ط يئ و هم
أهل بيت مشهورون .
وأما الفُتيا التي ذكرها من أن المتوكل نذر إن عُوفِ يَ يتصدّق بدراهم
كثيرة ،وأنه سأل الفقهاء عن ذلك فلم يجد عندهم جوابا ،وأن عل يّ بن محمد
177
َصن َر ُكمْ ال فني
أمره أن يتصسدق بثلثسة وثمانيسن درهمسا ،لقوله تعالى ] :لقدْ ن َ
مَواطِنَ كَثيرَ ًة [( ، )1وأن المواطن كانت هذه الجملة ،فإن النبي صلى ال تعالى
عليسه وسسلم غزا سسبعا وعشريسن غزاة ،وبعسث سستا وخمسسين سسرية ،فهذه
ي بن موسى مع المأمون ،وهي دائرة بين أمرين:
الحكاية أيضا تحكى عن عل ّ
إما أن تكون كذبا ،وإما أن تكون جهل ممن أفتى بذلك .
فإن قول القائل :له عليّ درا هم كثيرة ،أو وال لعط ين فل نا درا هم
كثيرة ،أو لتصدقن بدراهم كثيرة ،ل يُحمل على ثلث وثمانين عند أحد من
علماء المسلمين .
والحجة المذكورة باطلة لوجسسوه :
أحدها :أن قول القائل :إن المواطن كانت سبعا وعشرين غزاة وستا
وخم سين سرية ،ل يس ب صحيح ،فإن ال نبي eلم ي غز سبعا وعشر ين غزاة
باتفاق أهل العلم بالسير ،بل أقل من ذلك.
الثانني :أن هذه اليسة نزلت يوم حنيسن ،وال قد أخسبر بمسا كان ق بل
ذلك ،في جب أن يكون ما تقدّم ق بل ذلك موا طن كثيرة ،وكان ب عد يوم حن ين
غزوة الطائف وغزوة تبوك ،وكثير من السرايا كانت بعد يوم حنين كالسرايا
التي كانت بعد فتح مكة مثل إرسال جرير بن عبد ال إلى ذي الخلصة وأمثال
ذلك.
وجر ير إن ما أ سلم ق بل موت ال نبي eبن حو سنة ،وإذا كان كث ير من
الغزوات والسسرايا كانست بعسد نزول هذه اليسة ،امتنسع أن تكون هذه اليسة
المخبرة عن الماضي إخبارا بجميع المغازي والسرايا .
الثالث :أن ال لم ين صرهم في جم يع المغازي ،بل يوم أ حد تولوا ،
وكان يوم بلء وتمحيسص .وكذلك يوم مؤتسة وغيرهسا مسن السسرايا لم يكونوا
منصسورين فيهسا ،فلو كان مجموع المغازي والسسرايا ثلثسا وثمانيسن فإنهسم لم
ينصروا فيها كلها ،حتى يكون مجموع ما نصروا فيه ثلثا وثمانين .
178
الرا بع :أنه بتقدير أن يكون المراد بالكثير في الية ثلثا وثمان ين ،
فهذا ل يقتضي اختصاص هذا القدر بذلك ؛ فإن لفظ ((الكثير)) لفظ عام يتناول
اللف واللفيسن واللف ،وإذا عمّ أنواعسا مسن المقاديسر ،فتخصسيص بعسض
المقادير دون بعض تحكّم .
ض الَ َقرْضًا حَ سَنًا
ن ذَا الّذِي ُيقْ ِر ُ
الخا مس :أن ال تعالى قالَ] :م ْ
،وال يضا عف الح سنة إلى سبعمائة ض عف ()1
ضعَافًا كَثِيرَة [
عفَ هُ لَ هُ أَ ْ
فَيُضَا ِ
بنسص القرآن ،وقسد ورد أنسه يضاعفهسا ألفسى ألف حسسنة ،فقسد سسمّى هذه
الضعاف كثيرة ،وهذه المواطن كثيرة .
ن ال وَالُ مَعَ
غلَبَتْ فِ َئ ًة كَثِيرَةً بِإِ ْذ ِ
وقد قال تعالى َ ] :كمْ مِنْ فِ َئةٍ َقلِي َلةٍ َ
ال صّا ِبرِين [( )2والكثرة هه نا تتناول أنوا عا من المقاد ير ،لن الفئات المعلو مة
مع الكثرة ل تح صر في عدد مع ين ،و قد تكون الفئة القليلة أل فا والفئة الكثيرة
ثلثة آلف ،فهي قليلة بالنسبة إلى كثرة عدد الخرى .
( فصسسسسل)
قال الرافضي (( :وولده مولنا المهدي محمد عليه السلم .روى ابن
الجوزى بإسناده إلى ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :
يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ،اسمه كاسمي وكنيته كنيتي ،يمل ((
179
الواجب في ح كم ال الثابت ب نص القرآن وال سنة والجماع أن يكون محضونا
عند من يحضنه في بدنه ،كأمه ،وأم أمه ،ونحوهما من أهل الحضانة ،وأن
يكون ماله ع ند من يحف ظه :أ ما و صى أب يه إن كان له و صى ،وإ ما غ ير
الوصى :إما قريب ،وإما نائب لدى السلطان ،فإنه يتيم لموت أبيه .
وال تعالى يقول ] :وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَى إِذَا بَ َلغُوا ال ّنكَا حَ َفإِ نْ آنَ سْ ُتمْ
. مِ ْنهُم ُرشْدًا فَادْ َفعُوا إِلَ ْيهِم َأ ْموَا َلهُ مْ َولَ تَ ْأكُلُوهَا إِ سْرَافًا وَبِدَارًا أَ نْ َيكْبَرُوا [
()1
فهذا ل يجوز ت سليم ماله إل يه ح تى يبلغ النكاح ويؤ نس م نه الر شد ،ك ما ذ كر
ال تعالى ذلك في كتابه ،فكيف يكون من يستحق الحجر عليه في بدنه وماله
إماما لجميع المسلمين معصوما ،ل يكون أحدا مؤمنا إل باليمان به ؟!
ثم إن هذا باتفاق منهم :سواء ُقدّر وجوده أو عدمه ،ل ينتفعون به ل
في د ين ول في دن يا ،ول علّ مَ أَحدا شيئا ،ول يعرف له صفة من صفات
الخ ير ول ال شر ،فلم يح صل به ش يء من مقا صد الما مة ول م صالحها ،ل
الخا صة ول العا مة ،بل إن قدّر وجوده ف هو ضرر على أ هل الرض بل ن فع
أصل ،فإن المؤمنين به لم ينتفعوا به ،ول حصل لهم به لطف ول مصلحة،
والمكذّبون به يعذّبون عندهم على تكذيبهم به ،فهو شر محض ل خير فيه ،
وخلق مثل هذا ليس من فعل الحكيم العادل .
وإذا قالوا :إن الناس بسبب ظلمهم احتجب عنهم .
قيل :أول :كان الظلم موجودا في زمن آبائه ولم يحتجبوا .
وقيل :ثانيا :فالمؤمنون به طبّقوا الرض فهلّ اجتمع بهم في بعض
الوقات أو أرسل إليهم رسول يعلّمهم شيئا من العلم والدين ؟!
وقيل :ثالثا :قد كان يمكنه أن يأوي إلى كثير من المواضع التي فيها
شيعتسه ،كجبال الشام التسي كان فيهسا الرافضسة عاصسية ،وغيسر ذلك مسن
المواضع العاصية .
وق يل :راب عا :فإذا كان هو ل يمك نه أن يذ كر شيئا من العلم والد ين
180
ل حد ،ل جل هذا الخوف ،لم ي كن في وجوده ل طف ول م صلحة ،فكان هذا
مناق ضا ل ما أثبتوه .بخلف من أر سل من ال نبياء و ُكذّب ،فإ نه بلّغ الر سالة ،
وح صل ل من آ من به من الل طف والم صلحة ما هو من ن عم ال عل يه .وهذا
المنتَظَر لم يحصل به لطائفته إل النتظار لمن ل يأتي ،ودوام الحسرة واللم،
ومعاداة العالم ،والدعاء الذي ل يسسستجيبه ال ،لنهسسم يدعون له بالخروج
والظهور من مدة أكثر من أربعمائة وخم سين سنة لم يحصل شيء من هذا .
ثم إن عمر واحد من المسلمين هذه المدة أمر يعرف كذبه بالعادة المطّردة في
أمة مح مد ،فل يُعرف أحد وُلد في د ين السلم وعاش مائة وعشرين سنة ،
فضل عن هذا الع مر .و قد ث بت في ال صحيح عن ال نبي eأ نه قال في آ خر
عمره (( :أرأيتكسم ليلتكسم هذه ،فإنسه على رأس مائة سسنة منهسا ل يبقسى على
وجه الرض ممن هو اليوم عليها أحد ))(. )1
فمن كان في ذلك الوقت له سنة ونحوها لم يعش ؟أكثر من مائه سنة
قطعا .وإذا كانت العمار في ذلك العصر ل تتجاوز هذا الحد ،فما بعده من
الع صار أوْلى بذلك في العادة الغال بة العا مة ،فإن أعمار ب ني آدم في الغالب
كلما تأخر الزمان قصرت ولم تطل ،فإن نوحا عليه السلم لبث في قومه ألف
سنة إل خم سين عا ما ،وآدم عل يه ال سلم عاش ألف سنة ،ك ما ث بت ذلك في
ححَه( ، )2فكان العمر في ذلك الزمان طويل ،
حديث صحيح رواه الترمذي وص ّ
ثم أعمار هذه المة ما بين الستين إلى السبعين ،وأقلهم من يَجوز ذلك ،كما
. ()3
ثبت ذلك في الحديث الصحيح
واحتجاجهسم بحياة الخضسر احتجاج باطسل ،فمسن الذي يسسلّم لهسم بقاء
الخ ضر .والذي عل يه سائر العلماء المحققون أ نه مات ،وبتقد ير بقائه فل يس
هو من هذه المة .
181
ولهذا يوجد كثير من الكذّابين من الجن والنس ممن يدّعي أنه الخضر
ويظن من رآه أنه الخضر ،وفي ذلك من الحكايات الصحيحة التي نعرفها ما
يطول وصفها هنا .
وكذلك المنت ظر مح مد بن الح سن ،فإن عددا كثيرا من الناس يدّ عي
كل واحد منهم أنه محمد بن الحسن ،منهم من يظهر ذلك لطائفة من الناس ،
ومنهم من يكتم ذلك ول يظهره إل للواحد أو الثنين ،وما من هؤلء إل من
َيظْ َهرُ كذبه كما يظهر كذب من يدّعي أنه الخضر .
( فصسسسسسل )
وقوله :روى ا بن الجوزي بإ سناده إلى ا بن ع مر :قال :قال ر سول
ال (( :eيخرج فسي آخسر الزمان رجسل مسن ولدي ،اسسمه كاسسمي ،وكنيتسه
كنيتي ،يمل الرض عدل كما ملئت جورا،فذلك هو المهدي))
فيقال :الجواب من وجوه :
أحد ها :إن كم ل تحتجون بأحاد يث أ هل ال سنة ،فم ثل هذا الحد يث ل
يفيدكم فائدة .وإن قلتم :هو حجة على أهل السنة ،فنذكر كلمهم فيه .
الثاني :إن هذا من أخبار الحاد ،فكيف يثبت به أصل الدين الذي ل
يصح اليمان إل به ؟
الثالث :أن لفسظ الحديسث حجسة عليكسم ل لكسم ،فإن لفظسه (( :يواطسئ
فالمهدي الذي أخبر به النبي eاسمه محمد )) اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي
بن عبد ال ل محمد بن الحسن .وقد رُوي عن عل يّ tأنه قال :هو من ولد
ي ،ل من ولد الحسين بن عليّ .
الحسن بن عل ّ
وأحاديسث المهدي معروفسة ،رواهسا المام أحمسد وأبسو داود والترمذي
لو لم يبق من (( وغيرهم ،كحديث عبد ال بن مسعود عن النبي eأنه قال :
الدن يا إل يوم لطوّل ال ذلك اليوم ح تى يب عث ف يه رجل من أ هل بي تي يوا طئ
ا سمه ا سمي وا سم أب يه ا سم أ بي ،يمل الرض ق سطا وعدل ك ما ملئت ظل ما
182
وجورا ))(. )1
الرابنع :أن الحديسث الذي ذكره ،وقوله (( :اسسمه كاسسمي ،وكنيتسه
فلم يروه أ حد )) كني تي )) ولم ي قل (( :يوا طئ ا سمه ا سمي وا سم أب يه ا سم أ بي
من أهل العلم بالحديث في كتب الحديث المعروفة ،بهذا اللفظ .فهذا الرافضي
لم يذكر الحديث بلفظه المعروف في كتب الحديث ،مثل مسند أحمد ،وسنن
أبي داود والترمذي ،وغير ذلك من الكتب .وإنما ذكره بلفظ مكذوب لم يروه
أحد منهم .
وقوله :إن ابسسن الجوزي رواه بإسسسناده :إن أراد العالم المشهور
صاحب المصنّفات الكثيرة أبا الفرج ،فهو كذب عليه .وإن أراد سبطه يوسف
بن قز أوغلى صاحب التار يخ الم سمى (( بمرآة الزمان )) و صاحب الكتاب
المصسنّف فسي ((الثنسى عشسر ))الذي سسمّاه (( إعلم الخواص )) فهذا الرجسل
ج في أغراضه بأحاد يث
يذ كر في مصنفاته أنوا عا من الغ ثّ والسمين ،ويحت ّ
كثيرة ضعيفسة وموضوعسة ،وكان يصسنّف بحسسب مقاصسد الناس :يصسنّف
للشي عة ما ينا سبهم ليعوّضوه بذلك ،وي صنّف على مذ هب أ بي حني فة لب عض
الملوك لينال بذلك أغراضه ،فكانت طريقته طريقة الواعظ الذي قيل له :ما
مذهبك ؟ قال :في أي مدينة ؟
ولهذا يوجسد فسي بعسض كتبسه ثلب الخلفاء الراشديسن وغيرهسم مسن
الصحابة رضوان ال عليهم لجل مداهنة من قصد بذلك من الشيعة ،ويوجد
في بعضها تعظيم الخلفاء الراشدين وغيرهم .
( فصسسسسل)
قال الراف ضي (( :فهؤلء الئ مة الفضلء المع صومون ،الذ ين بلغوا
الغا ية في الكمال ،ولم يتخذوا ما ات خذ غير هم من الئ مة المشتغل ين بالملك
)1(1انظر سنن أبي داود ج 4ص 151والترمذي ج 3ص 343والمسند ج 2ص 117
.
183
وأنواع المعا صي والمل هي ،وشرب الخمور والفجور ،ح تى فعلوا بأقارب هم
على ما هو المتواتر بين الناس .قالت المامية :فال يحكم بيننا وبين هؤلء ،
وهو خير الحاكمين )).
قال (( :وما أحسن قول الشاعر:
وتعلم أن الناس في نقل أخسسبار إذا شئت أن ترضي لنفسك مذهبا
وأحمد والمروىّ عن كسعب أحبار فدع عنك قول الشافعي ومالسسك
روى جدنا عن جبرئيل عن الباري)) ووال أناسسا قولهسم وحديثهسم
والجواب من وجوه :
أحدها :أن يقال :أما دعوى العصمة في هؤلء فلم تذكر عليها حجة
إل ما ادّعي ته من أ نه ي جب على ال أن يج عل للناس إما ما مع صوما ،ليكون
لطفا ومصلحة في التكليف ،وقد تبين فساد هذه الحجة من وجوه :أدناها أن
هذا مفقود ل موجود ،فإنسه لم يوجسد إمام معصسوم حصسل بسه لطسف ول
مصسلحة ،ولو لم يكسن فسي الدليسل على انتفاء ذلك إل المنتظسر الذي قسد عُلم
بصريح العقل أنه لم ينتفع به أحد ،ل في دين ول في دنيا ،ول حصل لحد
من المكلّفين به مصلحة ول لطف ،لكان هذا دليل على بطلن قولهم ،فكيف
مع كثرة الدلئل على ذلك ؟
الو جه الثا ني :أن قوله (( :كل وا حد من هؤلء قد بلغ الغا ية في
الكمال )) هو قول مجرد عن الدل يل ،والقول بل علم يم كن كل أ حد أن يقابله
بمثله .وإذا ادّعسى المدّعسي هذا الكمال فيمسن هو أشهسر فسي العلم والديسن مسن
الع سكريين وأمثاله ما من ال صحابة والتابع ين ،و سائر أئ مة الم سلمين ،لكان
ذلك أوْلى بالقبول .ومسن طالع أخبار الناس علم أن الفضائل العلميسة والدينيسة
المتواترة عن غير واحد من الئمة أكثر مما ينقل عن العسكريين وأمثالهما من
الكذب ،دع الصدق .
الثالث :أن قوله (( :هؤلء الئمسة )) إن أراد بذلك أنهسم كانوا ذوى
سسلطان وقدرة معهسم السسيف ،فهذا كذب ظاهسر ،وهسم ل يدّعون ذلك ،بسل
184
يقولون :إنهم عاجزون ممنوعون مغلوبون مع الظالمين ،لم يتمكن أحد منهم
عليس بسن أبسي طالب ،مسع أن المور اسستصعبت عليسه ،
ّ مسن المامسة ،إلّ
ونصف المة – أو أقل أو أكثر – لم يبايعوه ،بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم ،
وكث ير من هم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا م عه ،و في هؤلء من هو أف ضل من الذ ين
عليس
ّ قاتلوه وقاتلوا معسه ،وكان فيهسم مسن فضلء المسسلمين مسن لم يكسن مسع
مثلهم ،بل الذين تخلّفوا عن القتال معه وله كانوا أفضل ممن قاتله وقاتل معه .
وإن أراد أنسه كان لهسم علم وديسن يسستحقون بسه أو كانوا أئمسة ،فهذه
الدعوى إذا صحت ل تُوجب كونهم أئمة يجب على الناس طاعتهم ،كما أن
اسستحقاق الرجسل أن يكون إمام مسسجد ل يجعله إمامسا ،واسستحقاقه أن يكون
قاضيسا ل يصسيّره قاضيسا ،واسستحقاقه أن يكون أميسر الحرب ل يجعله أميسر
الحرب .والصلة ل تصح إل خلف من يكون إماما .وكذلك الحكم بين الناس
إن ما يف صله ذو سلطان وقدرة ل من ي ستحق أن يولّى القضاء ،وكذلك الج ند
إنما يقاتلون مع أمير عليهم ل مع من لم يؤمّر وإن كان يستحق أن يؤمّر .
الو جه الرا بع :أن يقال ما تعنون بال ستحقاق ؟ أتعنون أن الوا حد من
هؤلء كان يجسب أن يولى المامسة دون سسائر قريسش ؟ أم تريدون أن الواحسد
منهم من جملة من يصلح للخلفة ؟ فإن أردتم الول فهو ممنوع مردود ،وإن
أردتم الثاني فذلك قدر مشترك بينهم و بين خلق كثير من قريش .
الوجه الخامس :أن يقال المام هو الذى يؤتم به وذلك على وجهين :
أحد ها :أن ير جع إل يه في العلم و الد ين بح يث يطاع باختيار المط يع ،لكو نه
عالما بأمر ال عزوجل آمرا به ،فيطيعه المطيع لذلك ،وإن كان عاجزا عن
إلزامه الطاعة .
والثانسي :أن يكون صساحب يسد وسسيف ،بحيسث يطاع طوعسا وكرهسا
لكونه قادرا على إلزام المطيع بالطاعة .
الو جه ال سادس :أن يقال :قوله (( :لم يتخذوا ما اتخذه غير هم من
الئمسة المشتغليسن بالملك والمعاصسي )) كلم باطسل .وذلك أنسه إن أراد أهسل
185
السسنة يقولون :إنسه يؤتسم بهؤلء الملوك فيمسا يفعلونسه مسن معصسية ال ،فهذا
كذب علي هم .فإن علماء أ هل ال سنة المعروف ين بالعلم ع ند أ هل ال سنة متفقون
على أنه ل يُقتدى بأحد في معصية ال ،ول يُتخذ إماما في ذلك .
وإن أراد ان أهل ال سنة ي ستعينون بهؤلء الملوك فيما يُحتاج إليهم ف يه
من طا عة ال ،ويعاونون هم على ما يفعلو نه من طا عة ال ،فيقال ل هم :إن
كان اتخاذهسم أئمسة بهذا العتبار محذورا ،فالرافضسة أدخسل منهسم فسي ذلك ،
فإنهم دائما يستعينون بالكفّار والفجّار على مطالبهم ،ويعاونون الكفّار والفجّار
على كث ير من مآرب هم ،وهذا أ مر مشهود في كل زمان ومكان ،ولو لم ي كن
إل صساحب هذا الكتاب (( منهاج الندامسة )) وإخوانسه ،فإنهسم يتخذون المغسل
والكفار أو الفسّاق أو الجهال أئمة بهذا العتبار .
الوجه السابع :أن يقال الئمة الذين هم مثل هؤلء الذين ذكرهم في
كتا به وادّ عى ع صمتهم ،ل يس ل هم سلطان تح صل به مقا صد الما مة ،ول
يكفي الئتمام بهم في طاعة ال ،ول في تحصيل ما ل بد منه مما يعين على
طا عة ال ،فإن لم ي كن ل هم ملك ول سلطان لم يم كن أن ت صلّي خلف هم جم عة
ول جماعة ،ول يكونون أئمة في الجهاد ول في الحج ،ول تُقام بهم الحدود ،
ول تُف صل ب هم الخ صومات ،ول ي ستوفي الر جل ب هم حقو قه ال تي ع ند الناس
والتي في بيت المال ،ول يؤمّن بهم السبل ،فإن هذه المور كلها تحتاج إلى
ل مسن له أعوان على ذلك ،بسل القادر على
قادر يقوم بهسا ،ول يكون قادرا إ ّ
ذلك كان غيرهسم ،فمسن طلب هذه المور مسن إمام عاجسز عنهسا كان جاهل
ظالما ،ومن استعان عليها بمن هو قادر عليها كان عالما مهتديا مسدّدا ،فهذا
يحصّل مصلحة دينه ودنياه ،والول تفوته مصلحة دينه ودنياه .
الوجه الثامن :أن يقال :دعوى كون جميع الخلفاء كانوا مشتغلين بما
ذكره من الخمور والفجور كذب علي هم ،والحكايات المنقولة في ذلك في ها ما
هو كذب ،وقد عُلم أن فيهم العدْل الزاهد كعمر بن عبد العزيز والمهدى بال ،
وأكثرهم لم يكن مظهرا لهذه المنكرات من خلفاء بني أمية وبني العباس ،وإن
186
كان أحدهسم قسد يُبتلى ببعسض الذنوب ،وقسد يكون تاب منهسا ،وقسد يكون له
حسنات كثيرة تمحو تلك السيئات ،وقد يُبتلى بمصائب تكفّر عنه خطاياه .ففي
الجملة الملوك ح سناتهم كبار و سيئاتهم كبار ،والوا حد من هؤلء وإن كان له
ذنوب ومعاص ل تكون لحاد المؤمنيسن ،فلهسم مسن الحسسنات مسا ليسس لحاد
المسلمين :من المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وإقامة الحدود ،وجهاد
العدو ،وإيصسال كثيسر مسن الحقوق إلى مسستحقيها ،ومنسع كثيسر مسن الظلم ،
وإقامة كثير من العدل .
ونحسن ل نقول :إنهسم كانوا سسالمين مسن المظالم والذنوب ،كمسا ل
نقول :إن أكثسر المسسلمين كانوا سسالمين مسن ذلك ،لكسن نقول :وجود الظلم
والمعا صي من ب عض الم سلمين وولة أمور هم وعامت هم ل يم نع أن يشارك
فيما يعمله من طاعة ال .
وإن قال :مرادى بهؤلء الئ مة الث نا ع شر .ق يل له :ما رواه عل يّ
بن الح سين وأبو جع فر وأمثاله ما من حديث جد هم ،فمقبول من هم كما يرو يه
أمثاله .ولول أن الناس وجدوا عنسد مالك والشافعسي وأحمسد أكثسر ممسا وجدوه
ع ند مو سى بن جع فر ،وعلي بن مو سى ،ومح مد بن علي ،ل ما عدلوا عن
هؤلء إلى هؤلء .وإل فأي غرض ل هل العلم والد ين أن يعدلوا عن مو سى
بن جعفر إلى مالك بن أنس ،وكلهما من بلد واحد ،في عصر واحد ؟
فإن زعم زاعم أنه كان عندهم من العلم المخزون ما ليس عند أولئك
لكن كانوا يكتمونه ،فأي فائدة للناس في علم يكتمونه ؟ فعلم ل يَقال به ككنز
ل يُنفق منه ،وكيف يأتم الناس بمن ل يبين لهم العلم المكتوم ،كالمام المعدوم
،وكله ما ل يُنت فع به ،ول يح صل به ل طف ول م صلحة .وإن قالوا :بل
كانوا يبينون ذلك لخوا صّهم دون هؤلء الئمة .قيل :أول :هذا كذب عليهم،
فإن جع فر بن مح مد لم يج يء بعده مثله .و قد أ خذ العلم ع نه هؤلء الئ مة ،
كمالك ،وا بن عيي نة ،والثوري ،وا بن جر يج ،ويح يى بن سعيد ،وأمثال هم
من العلماء المشاهير العيان .
187
ثسم مسن ظسن بهؤلء السسادة أنهسم يكتمون علمهسم ويخصسّون بسه قومسا
مجهولين ليس لهم في المة لسان صدق ،فقد أساء الظن بهم ؛ فإن في هؤلء
مسن المحبسة ل ولرسسوله ،والطاعسة له ،والرغبسة فسي حفسظ دينسه وتبليغسه ،
وموالة من واله ،ومعاداة من عاداه ،وصيانته عن الزيادة والنقصان ،ما ل
يوجسد قريسب منسه لحسد مسن شيوخ الشيعسة .وهذا أمسر معلوم بالضرورة لمسن
عرف هؤلء وهؤلء .واع تبر هذا م ما تجده في كل زمان من شيوخ ال سنة
وشيوخ الرافضة ،كمصنّف هذا الكتاب ،فإنه عند المامية أفضلهم في زمانه،
بل يقول ب عض الناس :ل يس في بلد المشرق أف ضل م نه في ج نس العلوم
مطلقا .ومع هذا فكلمه يدل على أنه من أجهل خلق ال بحال النبي eوأقواله
وأعماله ،فيروى الكذب الذي يظهسر أنسه كذب مسن وجوه كثيرة ،فإن كان
عال ما بأ نه كذب ،ف قد ث بت ع نه eأ نه قال (( :من حدّث ع ني بحد يث و هو
يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين )) وإن كان جاهل بذلك دلّ على أنه من أجهل
الناس بأحوال النبي eكما قيل :
وإن كنت تسدري فالمصيبة أعظسم فإن كنت ل تدري فتلسك مصيبسة
(فصسسسل)
قال الرافضني (( :ومسا أظسن أحدا مسن المحصسّلين وقسف على هذه
المذاهب واختار غير مذهب المامية باطنا ،وإن كان في الظاهر يصير إلى
غيره طل با لدن يا ،ح يث وُض عت ل هم المدارس والر بط والوقاف ح تى ت ستمر
لبني العباس الدعوة ويُشيدوا للعامة اعتقاد إمامتهم )).
فيقال :هذا الكلم ل يقوله إل مسن هسو مسن أجهسل الناس بأحوال أهسل
ال سنة ،أو من هو من أع ظم الناس كذ با وعنادا ،وبطل نه ظا هر من وجوه
كثيرة ؛ فإنه من المعلوم أن السنة كانت قبل أن تُبنى المدارس أقوى وأظهر ،
فإن المدارس إنما بُنيت في بغداد في أثناء المائة الخامسة :بنيت النظامية في
حدود السستين والربعمائة ،وبنيتسا على مذهسب واحسد مسن الئمسة الربعسة .
188
والمذاهسب الربعسة طبقست المشرق والمغرب ،وليسس لحسد منهسم مدرسسة ،
والمالكية في المغرب ل يُذكر عندهم ولد العباس.
ثم السنة كانت قبل دولة بني العباس أظهر منها وأقوى في دولة بني
العباس ،فإن بني العباس دخل في دولتهم كثير من الشيعة وغيرهم من أهل
أبدع .ثم أن أهل السنة متفقون على أن الخلفة ل تختص ببني العباس ،وإنه
لو تولهما بعض العلويين أو الموييين أو غيرهم من بطون قريش جاز ،ثم
من المعلوم أن علماء ال سنة ،كمالك وأح مد وغيره ما ،من أب عد الناس عن
مداهنة الملوك أو مقاربتهم ،ثم إن أهل السنة إنما يعظّمون الخلفاء الراشدين ،
وليس فيهم أحد من بني العباس .
ثم من المعلوم لكل عاقل أنه ليس في علماء المسلمين المشهورين أحد
راف ضي ،بل كل هم متفقون على تجه يل الراف ضة وتضليل هم ،وكتب هم كل ها
شاهدة بذلك ،وهذه كتب الطوائف كلها تنطق بذلك ،مع أنه ل أحد يلجئهم إلى
ذكر الرافضة ،وذكر جهلهم وضللهم .
وهم دائما يذكون من جهل الرافضة وضللهم ما يُعلم معه بالضطرار
أنهم يعتقدون أن الرافضة من أجهل الناس وأضلهم ،وأبعد طوائف المة عن
الهدى .كيسف ومذهسب هؤلء الماميسة قسد جمسع عظائم البدع المنكرة ،فإنهسم
جهميسة قدريسة رافضسة ،وكلم السسلف والعلماء فسي ذم كسل صسنف مسن هذه
ال صناف ل يح صيه إل ال ،والك تب مشحو نة بذلك ،كك تب الحد يث والثار
والفقه والتفسير والصول والفروع وغير ذلك ،وهؤلء الثلثة شر من غيرهم
من أهل البدع كالمرجئة والحرورية .
وال يعلم أنسي مسع كثرة بحثسي وتطلعسي إلى معرفسة أقوال الناس
ومذاهب هم ما عل مت رجل له في ال مة ل سان صدق يُت هم بمذ هب المام ية ،
فضل عن أن يُقال :إنه يعتقده في الباطن .
و قد اتّ هم بمذ هب الزيد ية الح سن بن ال صالح بن ح يّ ،وكان فقي ها
صالحا زاهدا ،وقيل :إن ذلك كذب عليه ،ولم ينقل أحد عنه :إنه طعن في
189
أبي بكر وعمر ،فضل عن أن يشك في إمامتهما ،واتّهم طائفة من الشيعة
الولى بتفض يل عل يّ على عثمان ،ولم يُت هم أ حد من الشي عة الولى بتفض يل
عل يّ على أ بي ب كر وع مر ،بل كا نت عا مة الشي عة الولى الذ ين يحبون عليّ ا
يفضّلون عليسه أبسا بكسر وعمسر ،لكسن كان فيهسم طائفسة ترجّحسه على عثمان ،
وكان الناس في الفتنة صاروا شيعتين :شيعة عثمانية ،وشيعة علوية .وليس
كل من قا تل مع عل يّ كان يفضله على عثمان ،بل كان كث ير منهسم يفضّل
عثمان على عليّ ،كما هو قول سائر أهل السنة .
( فصسسسسل)
قال الرافضني (( :وكثيرا مسا رأينسا مسن يتديسن فسي الباطسن بمذهسب
المام ية ،ويمن عه عن إظهار ح بّ الدن يا وطلب الريا سة ،و قد رأ يت ب عض
أئمسة الحنابلة يقول :إنسي على مذهسب الماميسة فقلت :لم تدرس على مذهسب
الحنابلة ؟ فقال :ل يس في مذهب كم البغلت والمشاهرات .وكان أ كبر مدر سي
الشافعيسة فسي زماننسا حيسث توفسي أوصسى أن يتولى أمره فسي غُسسله وتجهيزه
ب عض المؤمن ين ،وأن يُد فن في مش هد مول نا الكا ظم ،وأش هد عل يه أ نه كان
على مذهب المامية )).
والجواب :أن قوله (( :وكثيرا ما رأي نا )) هذا كذب ،بل قد يو جد
في ب عض المنت سبين إلى مذ هب الئ مة الرب عة من هو في الباطن راف ضي ،
كما يوجد في المظهرين للسلم من هو في الباطن منافق ،فإن الرافضة لما
كانوا من جنس المنافقين يخفون أمرهم احتاجوا أن يتظاهروا بغير ذلك ،كما
احتاج المنافقون أن يتظاهروا بغ ير الك فر ،ول يو جد هذا إل في من هو جا هل
بأحوال النبي eوأمور المسلمين كيف كانت في أول السلم .وأما من عرف
السلم كيف كان ،وهو مق ّر بأن محمدا رسول ال باطنا وظاهرا ،فإنه يمتنع
أن يكون في البا طن رافض يا ،ول يُت صور أن يكون في البا طن رافض يا إل
زنديق منافق ،أو جاهل بالسلم كيف كان مُفرط في الجهل .
190
والحكا ية ال تي ذكر ها عن ب عض الئ مة المدر سين ذ كر لي ب عض
البغدادي ين أن ها كذب مفترى ،فإن كان صادقا في ما نقله عن ب عض المدر سين
من هؤلء وهؤلء ،فل يُن كر أن يكون في المنت سبين إلى الئ مة الرب عة من
هسو زنديسق ملحسد مارق مسن السسلم ،فضل عسن أن يكون رافضيسا .ومسن
استدل بزندقة بعض الناس في الباطن على أن علماء المسلمين كلهم زنادقة ،
كان من أجهل الناس ،كذلك من استدل برفض بعض الناس في الباطن .
( فصسسسسل )
قال الرافضني (( :الوجسه الخامسس :فسي بيان وجوب اتباع مذهسب
المامية أنهم لم يذهبوا إلى التعصب في غير الحق ،بخلف غيرهم ،فقد ذكر
الغزالي والماوردي ،وهما إمامان للشافعية ،أن تسطيح القبور هي المشروع،
لكسن لمسا جعلتسه الرافضسة شعارا لهسم عدلنسا عنسه إلى التسسنيم ،وذكسر
الزمخشري ،وكان مسن أئمسة الحنفيسة ،فسي تفسسير قوله تعالى ُ ] :هوَ الّذِي
أ نه يجوز بمقت ضى هذه الية أن يُصلّى على آحاد ()1
يُ صَلّي عَلَ ْيكُم َومَلَ ِئكَتَ هُ [
المسسلمين ،لكسن لمسا اتخذت الرافضسة ذلك فسي أئمتهسم منعناه .وقال مصسنف
(( الهدا ية )) من الحنف ية :إن المشروع التخ تم في اليم ين ،ول كن ل ما اتخذ ته
الرافضسة جعلنسا التختسم فسي اليسسار ،وأمثال ذلك كثيسر فانظسر إلى مسن يغيّر
الشريعسة ويبدّل الحكام التسي ورد بهسا النسص عسن النسبي eويذهسب إلى ضسد
الصواب معاندة لقوم معينين ،فهل يجوز اتّباعه والمصير إلى أقواله ؟))
والجواب من طريقت ين :أحدهما :أن هذا الذي ذكره هو بالراف ضة
ألصق .
والثاني :أن أئمة السنة براء من هذا .
أ ما الطر يق الول فيقال :ل نعلم طائ فة أع ظم تع صبا في البا طل من
الراف ضة ،ح تى إن هم دون سائر الطوائف عُرف من هم شهادة الزور لموافق هم
191
على مخالفهم ،وليس في التعصب أعظم من الكذب ،وحتى أنهم في التعصب
جعلوا للبنست جميسع الميراث ،ليقولوا :إن فاطمسة رضسى ال عنهسا ورثست
ر سول ال eدون ع مه العباس ، tوح تى أن في هم من حرّم ل حم الج مل لن
عائ شة قاتلت على ج مل ،فخالفوا كتاب ال و سنة ر سوله eوإجماع ال صحابة
والقرا بة ل مر ل ينا سب ذلك ،فإن ذلك الج مل الذي ركب ته عائ شة ر ضى ال
عنها مات ،ولو فرض أنه ح يّ فركوب الكفّار على الجمال ل يوجب تحريمها،
و ما زال الكفّار يركبون جمال ويغنم ها الم سلمون من هم ،ولحم ها حلل ل هم ،
فأي شيسء فسي ركوب عائشسة للجمسل ممسا يوجسب تحريسم لحمسه ؟وغايسة مسا
يفرضون أن ب عض من يجعلو نه كافرا ر كب جمل ،مع أن هم كاذبون مفترون
فيما يرمون به أم المؤمنين رضى ال عنها .
ومسن تعصسبهم أنهسم ل يذكرون اسسم (( العشرة )) بسل يقولون تسسعة
وواحسد ،وإذا بنوا أعمدة أو غيرهسا ل يجعلونهسا عشرة ،وهسم يتحرّون ذلك
في كثير من أمورهم .
بعليس أو جعفسر أو الحسسن أو
ّ ومسن تعصسبهم أنهسم إذا وجدوا مسسمّى
الح سين بادروا إلى إكرا مه ،مع أ نه قد يكون فا سقا ،و قد يكون في البا طن
سنيا ،فإن أهل السنة يسمّون بهذه السماء .كل هذا من التعصب والجهل ،
و من تع صبهم وجهل هم أن هم يُبغضون ب ني أم ية كل هم لكون بعض هم كان م من
يبغض عليّا .
وقد كان في بني أمية قوم صالحون ماتوا قبل الفتنة ،وكان بنو أمية
اكثر القبائل عمّال للنبي ،eفإنه لما فتح مكة استعمل عليها عتّاب ابن أسيد بن
أبي العاصي بن أمية ،واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ،وأخويه
أَبان بن سعيد وسعيد بن سعيد على أعمال أُخر ،واستعمل أبا سفيان بن حرب
بن أم ية على نجران أو اب نه يز يد ،ومات و هو علي ها ،و صاهر نبي ال e
ببناته الثلث لبني أمية ، ،فزوّج أكبر بناته زينب بأبي العاص بن الربيع بن
أمية بن عبد شمس ،وحمد صهره لما أراد عليّ أن يتزوج ببنت أبي جهل ،
192
فذكسر صسهرا له مسن بنسي أميسة بسن عبسد شمسس فأثنسى عل يه فسي مصساهرته ،
وقال((:حدثني فصدقني ،ووعدني فوفّى لي)) .وزوّج ابنتيه لعثمان بن عفان ،
واحدة بعد واحدة ،وقال ((:لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها عثمان)) .
وكذلك من جهلهسم وتعصسبهم أنهسم يبغضون أهسل الشام ،لكونهسم كان
فيهم أول من يبغض عليّا .ومعلوم أن مكة كان فيها كفّار ومؤمنون ،وكذلك
المدينة كان فيها مؤمنون ومنافقون ،والشام في هذه العصار لم يبق فيه من
يتظا هر بب غض عل يّ ،ول كن لفرط جهل هم ي سحبون ذ يل الب غض .وكذلك من
جهلهم أنهم يذمون من ينتفع بشيء من آثار بني أمية ،كالشرب من نهر يزيد،
ويزيد لم يحفره ولكن وسّعه ،وكالصلة في جامع بناه بنو أمية .ومن المعلوم
أن النسبي eكان يصسلّي إلى الكعبسة التسي بناهسا المشركون ،وكان يسسكن فسي
الم ساكن ال تي بنو ها ،وكان يشرب من ماء البار ال تي حفرو ها ،ويل بس من
الثياب التسي نسسجوها ،ويعامسل بالدراهسم التسي ضربوهسا .فإذا كان ينتفسع
بم ساكنهم وملب سهم ،والمياه ال تي أنبطو ها ،والم ساجد ال تي بنو ها ،فك يف
بأهل القبلة ؟ !
سه
سر نهرا ،لم يكره الشرب منس
سد كان حافرا وحفس
فلو فرض أن يزيس
بإجماع المسلمين ،ولكن لفرط تعصبهم كرهوا ما يضاف إلى من يبغضونه .
ول قد حدث ني ث قة أ نه كان لر جل من هم كلب فدعاه آ خر من هم :بك ير ،
فقال صساحب الكلب :أتسسمي كلبسي بأسسماء أصسحاب النار ؟ فاقتتل على ذلك
حتى جرى بينهما دم .فهل يكون أجهل من هؤلء ؟!
وأ ما الطر يق الثا ني في الجواب فنقول :الذي عل يه أئ مة ال سلم إن
كان مشروعا لم يُترك لمجرد فعسل أهسل البدع :ل الرافضسة ول غيرهسم .
وأصسول الئمسة كلهسم توافسق هذا ،منهسا مسسألة التسسطيح الذي ذكرهسا ،فإن
مذهب أبي حنيفة وأحمد أن تسنيم القبور أفضل ،كما ثبت في الصحيح أن قبر
النبي eكان مسنّما ،ولن ذلك أبعد عن مشابهة أبنية الدنيا ،وأمنع عن القعود
على القبور .والشاف عي ي ستحب الت سطيح ل ما رُوى من ال مر بت سوية القبور ،
193
فرأى أن التسسوية هسي التسسطيح .ثسم إن بعسض أصسحابه قال :إن هذا شعار
الرافضة فيُكره ذلك ،فخالفه جمهور الصحاب وقالوا :بل هو المستحب وإن
فعلته الرافضة .
وكذلك الج هر بالب سملة هو مذ هب الراف ضة ،وب عض الناس تكلّم في
الشافعسي بسسببها ،وبسسبب القنوت ،ونسسبه إلى قول الرافضسة والقدريسة ،لن
المعروف فسي العراق إن الجهسر كان مسن شعار الرافضسة ،وأن القنوت فسي
الف جر كان من شعار القدر ية الراف ضة ،ح تى أن سفيان الثوري وغيره من
الئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة ،لنه كان عندهم من شعار
الرافضسة ،كمسا يذكرون المسسح على الخفيسن لن تركسه كان مسن شعار
الراف ضة ،و مع هذا فالشاف عي ل ما رأى أن هذا هو ال سنة كان ذلك مذه به وإن
وافق قول الرافضة .
وكذلك إحرام أهسل العراق مسن العقيسق يسستحب عنده ،وإن كان ذلك
مذهب الرافضة ،ونظائر هذا كثيرة .
(فصسسسسل )
قال الرافضي (( :مع أنهم ابتدعوا أشياء ،واعترفوا بأنها بدعة ،وأن
كل بد عة ضللة ،و كل ضللة فإن م صيرها النار )) .وقال (( ال نبي eقال :
من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو ر ّد )) ،ولو ردوا عنها كرهته نفوسهم (( :e
ونفرت قلوبهم ،كذكر الخلفاء في خطبهم ،مع أنه بالجماع لم يكن في زمن
النبي ،eول في زمن أحد من الصحابة والتابعين ،ول في زمن بني أمية ،
ول في صدور ولية العباسيين ،بل شيء أحدثه المنصور لما وقع بينه وبين
العلوية خلف،فقال:وال لرغمن أنفي وأنوفهم وأرفع عليهم بني تيم وعدي ،
وذكر الصحابة في خطبته ،واستمرت هذه البدعة إلى هذا الزمان )).
فيقال :الجواب من وجوه :أحد ها :أن ذكر الخلفاء على المنبر كان
على ع هد ع مر بن ع بد العز يز ،بل قد رُوى أ نه كان على ع هد ع مر بن
194
الخطاب . t
الوجه الثاني :أنه قيل :أن عمر بن عبد العزيز ذكر الخلفاء الربعة
لما كان بعض بني أمية يسبّون عليا ،فعوّض عن ذلك بذكر الخلفاء والترضّي
عنهم ،ليمحو تلك السنة الفاسدة .
الوجه الثالث :أن ما ذكره من إحداث المنصور وقصده بذلك باطل ،
فإن أبا بكر وعمر tما توليا الخلفة قبل المنصور وقبل بني أمية ،فلم يكن في
ذ كر المن صور له ما إرغام لن فه ول لنوف ب ني عل يّ ،إل لو كان ب عض ب ني
تيْم أو ب عض ب ني عدي ينازع هم الخل فة ،ولم ي كن أ حد من هؤلء ينازع هم
فيها .
الوجه الرابع :أن أهل السنة ل يقولون :إن ذكر الخلفاء الربعة في
الخط بة فر ضٌ ،بل يقولون :إن القت صار على عل يّ وحده ،أو ذ كر الث نى
عشسر هسو البدعسة المنكرة التسي لم يفعلهسا أحسد ،ل مسن الصسحابة ،ول مسن
التابعين ،ول من بني أمية ،ول من بني العباس .كما يقولون :إن سب عليّ
أو غيره من السلف بدعة منكرة ،فإن كان ذكر الخلفاء الربعة بدعة ،مع أن
كثيرا من الخلفاء فعلوا ذلك ،فالقتصار على عل يّ ،مع أنه لم يسبق إليه أحد
مسن المسة أوْلى أن يكون بدعسة ،وإن كان ذكسر عليّ لكونسه أميسر المؤمنيسن
م ستحبا ،فذ كر الرب عة الذ ين هم الخلفاء الراشدون أوْلى بال ستحباب ،ل كن
الراف ضة من المطفف ين :يرى أحد هم ال َقذَاة في عيون أ هل ال سنة ،ول يرى
الجذع المعترض في عينه .
و من المعلوم أن الخلفاء الثل ثة ات فق علي هم الم سلمون ،وكان ال سيف
في زمانهم مسلول على الكفار ،مكفوفا عن أهل السلم .وأما عليّ فلم يتفق
المسسلمون على مبايعتسه ،بسل وقعست الفتنسة تلك المدة ،وكان السسيف فسي تلك
المدة مكفو فا عن الكفار م سلولً على أ هل ال سلم ،فاقت صار المقت صر على
ذكر عل يّ وحده دون من سبقه ،هو ترك لذكر الئمة وقت اجتماع المسلمين
وانتصسارهم على عدوهسم ،واقتصسار على ذكسر المام الذي كان إمامسا وقست
195
افتراق المسلمين وطلب عدوهم لبلدهم .
( فصسسسسل)
نصس ال تعالى عليسه فسي
ّ قال الرافضسي (( :وكمسسح الرجليسن الذي
ْسنحُوا
ِقن وَام َ
ُمن َوأَيْدِيَك ُم إِلَى ا ْلمَرَاف ِ
ْغسنلُوا ُوجُو َهك ْ
كتابسه العزيسز فقال َ]:فا ِ
سكُمْ َوأَ ْرجُ َلكُمْ إِلَى ا ْل َكعْبَيْن [( ، )1وقال ابن عباس (( :عضوان مغسولن،
بِ ُرؤُو ِ
وعضوان ممسوحان ،فغيروه وأوجبوا الغسل )) .
فيقال :الذيسن نقلوا عسن النسبي eالوضوء قول وفعل ،والذيسن تعلّموا
الوضوء م نه وتوضؤوا على عهده ،و هو يرا هم ويقر هم عل يه ونقلوه إلى من
بعد هم ،أك ثر عددا من الذ ين نقلوا ل فظ هذه ال ية ،فإن جم يع الم سلمين كانوا
يتوضؤون على عهده ،ولم يتعلموا الوضوء إل منه e؛ فإن هذا العمل لم يكن
معهودا عند هم في الجاهل ية ،و هم قد رأوه يتو ضأ ما ل يح صى عدده إل ال
تعالى ،ونقلوا عنه ذكر غسل الرجل ين فيما شاء ال من الحد يث ،حتى نقلوا
و يل للعقاب وبطون (( ع نه من غ ير و جه في ال صحاح وغير ها أ نه قال :
القدام مسن النار)) ،مسع أن الفرض إذا كان مسسح ظهسر القدم ،كان غسسل
الجميع كلفة ل تدعو إليها الطباع ،كما تدعو الطباع إلى طلب الرئاسة والمال
فإن جاز أن يقال :إن هم كذبوا وأخطؤوا في ما نقلوه ع نه من ذلك ،كان الكذب
والخطأ فيما نُقل من لفظ الية أقرب إلى الجواز .
وإن ق يل بل لف ظت ال ية بالتوا تر الذي ل يم كن الخ طأ ف يه ،فثبوت
التواتر في نقل الوضوء عنه أوْلى وأكمل ،ولفظ الية ل يخالف ما تواتر من
ال سنّة ،فإن الم سح ج نس تح ته نوعان :ال سالة ،وغ ير ال سالة ،ك ما تقول
العرب :تمسسّحت للصسلة ،فمسا كان بالسسالة فهسو الغسسل ،وإذا خسص أحسد
النوعين باسم الغسل ف قد ي خص النوع الخر باسم الم سح ،فالمسح يُقال على
المسسح العام الذي يندرج فيسه الغسسل ،ويُقال على الخاص الذي ل يندرج فيسه
196
الغسل.
و في القرآن ما يدل على أ نه لم يُرد بم سح الرجل ين الم سح الذي هو
قسيم الغسل ،بل المسح الذي الغسل قسم منه ؛ فإنه قال ] :إلى الكعبين [ ولم
ي قل :إلى الكعاب ،ك ما قال ] :إلى المرا فق [ ،فدل على أ نه ل يس في كل
ر جل ك عب وا حد ،ك ما في كل يد مر فق وا حد ،بل في كل ر جل كعبان ،
فيكون تعالى قد أمر بالمسح إلى العظمين الناتئين ،وهذا هو الغسل ،فإن من
يمسسح المسسح الخاص يجعسل المسسح لظهور القدميسن ،وفسي ذكره الغسسل فسي
العضوين الوّليْن والمسح في الخرين ،التنبيه على أن هذين العضوين يجب
فيهمسا المسسح العام ،فتارة يُجزئ المسسح الخاص ،كمسا فسي مسسح الرأس
والعمامة والمسح على الخفين ،وتارة ل بد من المسح الكامل الذي هو غسل،
كما في الرجلين المكشوفتين .
وقد تواترت السنة عن النبي eبالمسح على الخفين وبغسل الرجلين ،
والرافضسة تخالف هذه السسنة المتواترة ،كمسا تخالف الخوارج نحسو ذلك ،ممسا
يتوهمون أ نه مخالف لظا هر القرآن ،بل توا تر غ سل الرجل ين والم سح على
الخفين عن النبي eأعظم من تواتر قطع اليد في ربع دينار ،أو ثلثة دراهم ،
أو عشرة دراهم ،أو نحو ذلك .
وفسي الجملة فالقرآن ليسس فيسه نفسي إيجاب الغسسل ،بسل فيسه إيجاب
المسح ،فلو قدّر أن السنة أوجبت قدرا زائدا على ما أوجبه القرآن لم يكن في
هذا رف عا لمو جب القرآن ،فك يف إذا ف سّرته وبيّ نت معناه ؟ وهذا مب سوط في
موضعه .
( فصسسسسل )
قال الرافضي (( :وكالمتعتين اللتين ورد بهما القرآن ،فقال في متعة
ن ا ْلهَدْي [( )1وتأسّف النبي
حجّ َفمَا اسْتَ ْيسَ َر مِ َ
الحج َ] :فمنْ َتمَتّ َع بِا ْل ُعمْرَةِ إِلَى ا ْل َ
eعلى فوات ها ل ما حجّ قار نا ،وقال لو ((ا ستقبلت من أمرى ما ا ستدبرت ل ما
197
ِهن مِ ْنهُنّ فَأْتُوهُنّ
سسقت الهدى )) وقال فسي متعسة النسساء َ] :فمنا اْسنَتمْتَعْ ُتمْ ب ِ
واستمرت فعلهما مدة زمان النبي eومدة خلفة أبي بكر ()1
ُأجُو َرهُنّ فَرِيضَة [
،وب عض خل فة عمر ،إلى أن صعد المنبر ،وقال (( :متعتان كانتا محللت ين
على عهد رسول ال eوأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما )) .
والجواب أن يقال :أمسا متعسة الحسج فمتفسق على جوازهسا بيسن أئمسة
المسسلمين ،ودعواه أن أهسل السسنة ابتدعوا تحريمهسا كذب عليهسم ،بسل أكثسر
علماء السنة يستحبون المتعة ويرجّحونها أو يوجبونها .والمتعة اسم جامع لمن
ل من
اعتمر في أشهر الحج وجمع بينها وبين الحج في سفر واحد ،سواء ح ّ
إحرا مه بالعمرة ثم أحرم بال حج ،أو أحرم بال حج ق بل طوا فه بالب يت و صار
قارنا ،أو بعد طوافه بالبيت وبين الصفا والمروة قبل التحلل من إحرامه لكونه
ساق الهدى ،أو مطلقا .وقد يراد بالمتعة مجرد العمرة في أشهر الحج .
وأكثر العلماء ،كأحمد وغيره من فقهاء الحديث ،وأبي حنيفة وغيره
من فقهاء العراق ،والشافعي في أحد قوْلَيه ،وغيره من فقهاء مكة :يستحبون
المتعة .
وأ ما مت عة الن ساء المتنازع في ها فل يس في ال ية ن صّ صريح بحل ها ،
ن تَبْ َتغُوا ِبَأ ْموَا ِلكُم ُمحْ صِنِينَ غَيْرَ
حلّ َلكُ مْ مَا َورَاءَ ذَ ِلكُم أَ ْ
فإنه تعالى قال َ ] :وُأ ِ
ح عَلَ ْيكُ مْ
ض ًة َولَ جُنَا َ
مُ سَا ِفحِين فَمَا ا سْتَمْ َتعْ ُتمْ بِ هِ مِ ْنهُنّ فَآتُوهُنّ ُأجُورَهُنّ فَرِي َ
حكِيمًا َ .ومَ نْ لّ ْم يَسْ َتطِعْ
ن عَلِيمًا َ
فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ ِمنْ َبعْدِ ا ْلفَرِيضَة إِنّ الَ كَا َ
ن يَ ْنكِ حَ ا ْل ُمحْصَنَاتِ ا ْل ُم ْؤمِنَاتِ [( )2الية .فقوله َ ]:فمَا اسْ َتمْتَعْ ُتمْ بِ هِ
ط ْولً أَ ْ
مِ ْنكُمْ َ
مِ ْنهُنّ [ يتناول كسل مسن دخسل بهسا مسن النسساء ،فإنسه أمسر بأن يعطسى جميسع
الصداق ،بخلف المطلّقة قبل الدخول التي لم يستمتع بها فإنها ل تستحق إل
نصفه .
ْضن
ُمن إِلَى َبع ٍ
َهن وَقَ ْد أَفْضَى َبعْضُك ْ
ْفن تَ ْأخُذُون ُ
وهذا كقوله تعالى َ ] :وكَي َ
198
.فج عل الفضاء مع الع قد موج با ل ستقرار ()3
ن مِ ْنكُ مْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [
َوأَخَذْ َ
الصداق ،يبيّن ذلك أنه ليس لتخصيص النكاح المؤقت بإعطاء الجر فيه دون
النكاح المؤ بد مع نى ،بل إعطاء ال صداق كامل في المؤ بد أوْلى ،فل بد أن
تدل الية على المؤبد :إما بطريق التخصيص ،وإما بطريق العموم .
يدل على ذلك أنه ذكر بعد هذا نكاح الماء ،فعُلم أن ما ذُكر كان في
نكاح الحرائر مطلقا .فإن قيل :ففي قراءة طائفة من السلف َ ] :فما اْس َتمْ َتعْتُمْ
سمّى [ ق يل :أوّل :لي ست هذه القراءة متواترة ،وغايت ها
جلٍ مُ َ
بِ ِه مِ ْنهُنّ إِلَى َأ َ
أن تكون كأخبار الحاد .ونحسن ل ننكسر أن المتعسة أحلت فسي أوّل السسلم ،
لكن الكلم في دللة القرآن على ذلك .
الثانسي :أن يقال :هذا الحرف إن كان نزل ،فل ريسب أنسه ليسس ثابتسا
مسن القراءة المشهورة ،فيكون منسسوخا ،ويكون نزوله لمسا كانست المتعسة
حرّمت نسخ هذا الحرف ،ويكون المر باليتاء في الوقت تنبيها
مباحة ،فلما ُ
على اليتاء فسي النكاح المطلق .وغايسة مسا يقال إنهمسا قراءتان ،وكلهمسا
حق.والمر باليتاء في الستمتاع إلى أجل مسمّى واجب إذا كان ذلك حلل ،
وإنما يكون ذلك إذا كان الستمتاع إلى أجل مسمّى حلل ،وهذا كان في أول
السسلم ،فليسس فسي اليسة مسا يدل على أن السستمتاع بهسا إلى أجسل مسسمّى
حلل ،فإنه لم يقل :وأحل لكم أن تستمتعوا بهن إلى أجل مسمّى ،بل قال :
]َفما اْس َتمْتَعْ ُتمْ بِ ِه مِ ْنهُنّ فَآتُوهُنّ ُأجُورَهُنّ [ فهذا يتناول ما وقع من الستمتاع
:سواء كان حلل ،أو كان في وطء شبهة .
ولهذا يجسب المهسر فسي النكاح الفاسسد بالسسنة والتفاق .والمتمتسع إذا
اعتقد حلّ المتعة و َفعَلَها فعليه المهر ،وأما الستمتاع المحرّم فلم تتناوله الية؛
فإنه لو استمتع بالمرأة من غير عقد مع مطاوعتها ،لكان زنا ،ول مهر فيه .
وإن كانت مستكرهة ،ففيه نزاع مشهور .
وأ ما ما ذكره من ن هي ع مر عن مت عة الن ساء ،ف قد ث بت عن ال نبي
199
eأنسه حرّم متعسة النسساء بعسد الحلل .هكذا رواه الثقات فسي الصسحيحين
وغيرهما عن الزهري عن عبد ال والحسن ابنى محمد بن الحنفية عن أبيهما
محمد بن الحنفية ،عن علي بن أبي طالب ، tأنه قال لبن عباس tلما أباح
المت عة :إ نك امرؤ تائه ،إن ر سول ال eحرّم المت عة ولحوم الح مر الهل ية
عام خ يبر( ، )1رواه عن الزهري أعلم أ هل زما نه بال سنة وأحفظ هم ل ها ،أئ مة
السلم في زمنهم ،مثل مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وغيرهما ،ممن اتفق
المسلمون على علمهم وعدلهم وحفظهم ،ولم يختلف أهل العلم بالحديث في أن
هذا حديث صحيح متلقى بالقبول ،ليس في أهل العلم من طعن فيه .
وكذلك ثبت في الصحيح أنه حرّمها في غزاة الفتح إلى يوم القيامة(. )2
وقسد تنازع رواة حديسث علي ّ : tهسل قوله (( :عام خيسبر )) توقيست لتحريسم
حمُر فقط أو له ولتحريم المتعة ؟ فالول قول ابن عيينة وغيره ،قالوا :إنما
ال ُ
حرّمت عام الفتح .ومن قال بالخر قال :إنها حرّمت ثم أحلّت ثم حرّمت .
وادعت طائفة ثالثة أنها أحلّت بعد ذلك ،ثم حرّمت في حجة الوداع.
فالروايات المسستفيضة المتواترة متواطئة على أنسه حرّم المتعسة بعسد
إحللها .والصواب أنها بعد أن حرّمت لم تُحل ،وأنها إنما حرّمت عام فتح
مكسة ولم تُحسل بعسد ذلك ،ولم تحرّم عام خيسبر ،بسل عام خيسبر حرّمست لحوم
حمُر فأنكر علي بن أبي
حمُر الهلية .وكان ابن عباس يبيح المتعة ولحوم ال ُ
ال ُ
طالب tذلك عليه ،وقال له :إن رسول ال eحرّم متعة النساء وحرّم لحوم
الحمسر يوم خيسبر ،فقرن علي ّ tبينهمسا فسي الذكسر لمسا روى ذلك لبسن عباس
رضى ال عنهمما ،لن ابن عباس كان يبيحهما .وقد روى عن ابن عباس t
أنه رجع عن ذلك لما بلغه حديث النهي عنهما .
فأهسل ال سنة اتبعوا عل يا وغيره من الخلفاء الراشديسن فيمسا رووه عن
النبي .e
200
والشيعة خالفوا عليّا فيما رواه عن النبي ،eواتبعوا قول من خالفه .
وأيضسا فإن ال تعالى إنمسا أباح فسي كتابسه الزوجسة وملك اليميسن ،
والمتم تع ب ها لي ست واحدة منه ما ،فإن ها لو كا نت زو جة لتوار ثا ،ولوج بت
عليها عدة الوفاة ،ولحقها الطلق الثلث ؛ فإن هذه أحكام الزوجة في كتاب ال
تعالى ،فلمسا انتفسى عنهسا لوازم النكاح دل على انتفاء النكاح فإن انتفاء اللزم
يقتضي انتفاء الملزوم .وال تعالى إنما أباح في كتابه الزواج وملك اليمين ،
علَى
جهِ مْ حَا ِفظُونِ .إلّ َ
وحرّم ما زاد على ذلك بقوله تعالى ] :وَالّذِي نَ هُ مْ ِلفُرُو ِ
َنن ابْتَغَى وَرَا َء ذَلِكَن
َتن أَ ْيمَانُهم ْن فَإِ ّنهُم ْن غَ ْيرُ مَلُومِينن َ .فم ْ
ِمن َأوْ مَا مَ َلك ْ
أَ ْزوَاجِه ْ
فَُأوْلَئِكَ ُه ُم الْعَادُون [(. )1
والمستمتع بها بعد التحريم ليست زوجة ول ملك يمين ،فتكون حراما
ب نص القرآن .أ ما كون ها لي ست مملو كة فظا هر ،وأ ما كون ها لي ست زو جة
فلنتفاء لوازم النكاح فيهسا ،فإن مسن لوازم النكاح كونسه سسببا للتوارث وثبوت
عدة الوفاة فيسه ،والطلق الثلث ،وتنصسيف المهسر بالطلق قبسل الدخول ،
وغير ذلك من اللوازم .
( فصسسسل )
قال الرافضي (( :ومنع أبو بكر فاطمة إرثها فقالت يا ابن أبي قحافة
أترث أباك ول أرث أ بي ؟ والت جأ فسي ذلك إلى روا ية انفرد ب ها – وكان هو
نحن معاشر النبياء ل (( الغريم لها ،لن الصدقة تحل ّله – لن النبي eقال:
على أن ما رووه ع نه فالقرآن يخالف ذلك ،لن )) نُورث ،ما تركناه صدقة
ن [(. )2ولم يجعل
حظّ الُنْثَيَي ْ
ال تعالى قالُ ]:يوصيكمُ الُ فِي َأوْل ِدكُم لِل ّذكَ ِر مِ ْثلُ َ
ث سُلَ ْيمَانَ
ال ذلك خا صا بال مة دو نه ،eوكذّب روايت هم فقال تعالى َ ] :ووَرِ َ
201
ن وَرَائِي وَكَانَ تِ
ي مِ ْ
خفْ تُ ا ْل َموَالِ َ
،وقال تعالى عن زكريا َ ] :وإِنّي ِ ()1
دَاوُد [
ن آلِ َي ْعقُوب [(. )2
ث مِ ْ
ك وَلِيّا .يَرِثُنِي وَيَرِ ُ
ن لّدُنْ َ
امْ َرأَتِي عَاقِرا َفهَبْ لِي مِ ْ
والجواب عن ذلك من وجوه :أحد ها :أن ما ذ كر من قول فاط مة
رضى ال عنها :أترث أباك ول أرث أبي ؟ ل يُعلم صحته عنها ،وإن صح
فليس فيه حجة ،لن أباها صلوات ال وسلمه عليه ل يُقاس بأحد من البشر ،
وليس أبو بكر أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم كأبيها ،ول هو ممن حرّم ال عليه
صدقة الفرض والتطوع كأبي ها ،ول هو أي ضا م من ج عل ال محب ته مقد مة
على محبة الهل والمال ،كما جعل أباها كذلك .
والفرق بيسن النسبياء وغيرهسم أن ال تعالى صسان النسبياء على أن
يورّثوا دنيسا ،لئل يكون ذلك شبهسة لمسن يقدح فسي نبوتهسم بأنهسم طلبوا الدنيسا
وخلّفوا لورثت هم .وأ ما أ بو ب كر ال صديق وأمثاله فل نبوة ل هم يُقدح في ها بم ثل
ذلك ،كما صان ال تعالى نبينا عن الخط والشعر صيانة لنبوّته عن الشبهة ،
وإن كان غيره لم يحتج إلى هذه الصيانة .
الثا ني :أن قوله (( :والت جأ في ذلك إلى روا ية انفرد ب ها )) كذب ؛
رواه عنه أبو بكر وعمر )) فإن قول النبي (( :eل نُورَثُ ما تركنا فهو صدقة
وعثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد
المطلب وأزواج ال نبي eوأ بو هريرة ،والروا ية عن هؤلء ثاب تة في ال صحاح
فقول القائل :إن أ با ب كر ()3
والم سانيد ،مشهورة يعلم ها أ هل العلم بالحد يث
انفرد بالرواية ،يدل على فرط جهله أو تعمده الكذب .
الثالث :قوله (( :وكان هسو الغريسم لهسا )) كذب ،فإن أبسا بكسر tلم
يدع هذا المال لنفسسه ول لهسل بيتسه ،وإنمسا هسو صسدقة لمسستحقيها كمسا أن
المسجد حق للمسلمين .
202
الرابع :أن الصديق tلم يكن من أهل هذه الصدقة ،بل كان مستغنيا
عنها ،ول انتفع هو ول أحد من أهله بهذه الصدقة ؛ فهو كما لو شهد قوم من
الغنياء على رجل أ نه و صّى بصدقة للفقراء ؛ فإن هذه شهادة مقبولة بالتفاق
.
الخامنس :أن هذا لو كان فيسه مسا يعود نفعسه على الراوي له مسن
الصحابة لقُبلت روايته لنه من باب الرواية ل من باب الشهادة ،والمحدّث إذا
حدّث بحديث في حكومة بينه وبين خصمه قُبلت روايته للحديث ،لن الرواية
تتضمن حكما عاما يدخل فيه الراوي وغيره .وهذا من باب الخير ،كالشهادة
برؤ ية الهلل ؛ فإن ما أ مر به ال نبي eيتناول الراوي وغيره ،وكذلك ما ن هى
عنه ،وكذلك ما أباحه .
وهذا الحديسث تضمّنس روايسة بحكسم شرعسي ،ولهذا تضمسن تحريسم
الميراث على ابنة أبي بكر عائشة tا ،وتضمن تحريم شرائه لهذا الميراث من
الور ثة واتّها به لذلك من هم ،وتض من وجوب صرف هذا المال في م صارف
الصدقة .
السنادس :أن قوله (( :على مسا رووه فالقرآن يخالف ذلك ،لن ال
ولم يجعل ال ()1
حظّ الُنْثَيَيْن [
تعالى قالُ ]:يوصيك ُم الُ فِي َأ ْولَدِكُمْ لِلّ َذكَرِ مِ ْث ُل َ
لمّة دونه .e
ذلك خاصا با ُ
فيقال :أول :ليس في عموم لفظ الية ما يقتضي أن النبي eيورث ،
حظّ الُنْثَيَيْن فَِإنْ كُنّ
فإن ال تعالى قال ُ ]:يوصيكمُ الُ فِي َأ ْولَ ِدكُمْ لِلّ َذكَرِ مِ ْث ُل َ
ت وَاحِدَةً فَلَهَا النّ صْفُ َولَ َبوَيْ هِ
ق اثْنَتَيْ نِ فَ َلهُنّ ثُلُثَا مَا تَرَك َوإِ نْ كَانَ ْ
نِ سَاءً َف ْو َ
ن لَ ُه وَلَدٌ َو َورِثَ هُ
ن لَ مْ َيكُ ْ
ِل ُكلّ وَاحِدٍ مِ ْن ُهمَا ال سّدُسُ ِممّا تَرَ كَ إِ نْ كَا نَ لَ ُه وَلَدٌ َفإِ ْ
لمّ هِ ال سُدُس [( )2وفي الية الخرى ] :
خوَةٌ َف ُ
ن لَ هُ ِإ ْ
ن كاَ َ
لمّ هِ الثُّلثُ فَإِ ْ
أَ َبوَا هُ فَ ُ
ن كَا نَ َلهُنّ وَلَدٌ فَ َلكُ مُ
ك أَ ْزوَاجُكُ مْ إِ نْ ل َم ْيَكُن َلهُنّ وَلَد فَإِ ْ
ف مَا تَرَ َ
وَ َلكُ مْ نِ صْ ُ
203
ْنن غيرَ
َصنّيةٍ يُوصنَى بِهَا َأوْ دَي ٍ
منن َبعْ ِد و ِ
ُعن ِممّان َترَك ْن [ –إلى قولهْ ] -
الرّب ُ
مُضَارّ [( . )1
وهذا الخطاب شامسل للمقصسودين بالخطاب وليسس فيسه مسا يوجسب أن
النبي eمخاطب بها .
الوجنه التاسنع :أن يقال :كون النسبي eل يُورث ثبست بالسسنة
المقطوع بها وبإجماع الصحابة وكل منهما دليل قطعي ،فل يُعارض ذلك بما
يُظن أنه العموم ،وإن كان عموما فهو مخصوص ،لن ذلك لو كان دليل لما
كان إل ظنيا ،فل يعارض القطعي ؛ إذ الظنى ل يعارض القطعي .
وذلك أن هذا الخبر رواه غير واحد من الصحابة في أوقات ومجالس،
وليس فيهم من ينكره ،بل كلهم تلقّاه بالقبول والتصديق .ولهذا لم يُصرّ أحد
من أزوا جه على طلب الميراث ،ول أ صرّ ال عم على طلب الميراث ،بل من
طلب من ذلك شيئا فأ خبر بقول ال نبي eر جع عن طل به .وا ستمر ال مر على
ي ،فلم يغير شيئا من ذلك ول قسم له
ذلك على عهد الخلفاء الراشدين إلى عل ّ
تركة .
الوجه العاشر :أن يقال :إن أبا بكر وعمر قد أعطيا عليّا وأولده من
المال أضعاف أضعاف ما خلّفه النبي eمن المال .والمال الذي خلّفه النبي e
لم ينتفع واحد منهما منه بشيء ،بل سلّمه عمر إلى العباس tم يليانه ويفعلن
فيه ما كان النبي eيفعله .وهذا مما يوجب انتفاء التهمة عنهما في ذلك .
ن دَاوُد [(.)2وقوله
ث سُلَ ْيمَا َ
الوجه الحادىعشر :أن قوله تعالى ] َووَرِ َ
()3
ك وَلِيّا َ .يرِثُنِي وَيَرِثُ ِمنْ آ ِل َي ْعقُوب [
ن لّدُنْ َ
ب لِي مِ ْ
تعالىعن زكريا َ]:فه ْ
.ل يدل على محل النزاع .لن الرث اسم جنس تحته أنواع ،والدال على ما
204
به الشتراك ل يدل على ما به المتياز .فإذا ق يل :هذا حيوان ،ل يدل على
أنه إنسان أو فرس أو بعير .
وذلك أن لفظ ((الرث )) يُستعمل في إرث العلم والنبوة والملك وغير
صطَفَيْنَا مِن ْن
ذلك من أنواع النتقال .قال تعالى ُ ] :ثمّ َأوْرَثْنَا الْكِتَا بَ الّذِي نَ ا ْ
عِبَادِنَا [(. )1
ن .الّذِي نَ َيرِثُو نَ ا ْلفِرْ َدوْ سَ هَ مْ فِيهَا
وقال تعالى ُ ] :أوْلَئِ كَ هُ مُ الوَارِثُو َ
خَالِدُون [( .)2وغيرها كثير في القرآن .
وقال النسبي (( :eإن النسبياء لم يورثوا دينارا ول درهمسا ،وإنمسا
. ()3
رواه أبو داود وغيره )) ورثوا العلم ،فمن أخذه أخذ بحظ وافر
الو جه الثالث ع شر :أن يقال :المراد بهذا الرث إرث العلم والنبوة
سنلَ ْيمَانَ دَاوُد [ ،ومعلوم
ِثن ُ
ونحسو ذلك ل إرث المال .وذلك لنسه قال َ ]:ووَر َ
أن داود كان له أولد كثيرون غير سليمان ،فل يختص سليمان بماله .
وأيضا فليس في كونه ورث ماله صفة مدح ،ل لداود ول لسليمان ،
فإن اليهودي والنصسراني يرث ابنسه ماله ،واليسة سسيقت فسي بيان المدح
لسليمان،وما خصه ال به من النعمة .
وأيضسا فإرث المال هسو مسن المور العاديسة المشتركسة بيسن الناس ،
ص عن النبياء إذ ل فائدة
كالكل ،والشرب ،ودفن الميت .ومثل هذا ل يُق ّ
ص ما فيه عبرة وفائدة تستفاد ،وإل فقول القائل (( :مات فلن
فيه ،وإنما يُق ّ
وورث ابنُسه ماله )) مثسل قوله (( :ودفنوه )) ومثسل قوله (( :أكلوا وشربوا
وناموا )) ونحو ذلك مما ل يحسن أن يُجعل من قصص القرآن .
(فصسسسسل)
قال الرافضي (( :ولما ذكرت فاطمة أن أباها رسول ال eوهبها فدَك
205
قال ل ها :هات أ سودا وأح مر يش هد لك بذلك ،فجاءت بأم أي من ،فشهدت ل ها
بذلك ،فقال :امرأة ل يق بل قول ها .و قد رووا جمي عا أن ر سول ال eقال :أم
أي من امرأة من أ هل الج نة ،فجاء أم ير المؤمن ين فش هد ل ها بذلك ،فقال :هذا
بعلك يجرّه إلى نف سه ول نح كم بشهاد ته لك ،و قد رووا جمي عا أن ر سول ال
eقال :عليّ مع الحق ،والحق معه يدور معه حيث دار لن يفترقا حتى يردا
عليّ الحوض ،فغضبت فاطمة عليها السلم عند ذلك وانصرفت ،وحلفت أن
ل تكلمه ول صاحبه حتى تلقى أباها وتشكو إليه ،فلما حضرتها الوفاة أوصت
عليّا أن يدفنها ليل ول يدع أحدا منهم يصلّي عليها ،وقد رووا جميعا أن النبي
eقال :يسا فاطمسة إن ال تعالى يغضسب لغضبسك ويرضسى لرضاك ،ورووا
جميعا أنه قال فاطمة بضعة مني ،من آذاها فقد آذاني ،ومن آذاني فقد آذى
ال .ولو كان هذا الخبر صحيحا حقا لما جاز له ترك البغلة التي خلفها النبي
eو سيفه وعمام ته ع ند أم ير المؤمن ين عل يّ ،ول ما ح كم له ب ها ل ما ادّعا ها
العباس ،ولكان أهل البيت الذين طهّرهم ال في كتابه من الرجس مرتكبين ما
ل يجوز ،لن الصدقة عليهم محرّمة .وبعد ذلك جاء إليه مال البحرين وعنده
جابر بسن عبسد ال النصساري ،فقال له :إن النسبي eقال لي :إذا أتسى مال
البحر ين حثوث لك ،ثم حثوت لك ،ثل ثا ،فقال له :تقدم ف خذ بعدد ها ،فأ خذ
من بيت مال المسلمين من غير بيّنة بل بمجرد قوله )) .
والجواب :أن في هذا الكلم من الكذب والبهتان والكلم الفا سد ما ل
يكاد يحصى إل بكلفة ،ولكن سنذكر من ذلك وجوها إن شاء ال تعالى .
أحد ها :أن ما ذ كر من ادّعاء فاط مة ر ضى ال عن ها َفدَاك فإن هذا
يناقسض كونهسا ميراثسا لهسا ،فإن كان طلبهسا بطريسق الرث امتنسع أن يكون
بطر يق اله بة ،وإن كان بطر يق اله بة امت نع أن يكون بطر يق الرث ،ثم إن
كا نت هذه ه بة في مرض الموت ،فر سول ال eمنزّه ،إن كان يُورث ك ما
يورث غيره ،أن يو صى لوارث أو يخ صه في مرض موته بأك ثر من حقه ،
وإن كان في صحته فل بد أن تكون هذه هبة مقبوضة ،وإل إذا وهب الواهب
206
بكلمسه ولم يقبسض الموهوب شيئا حتسى مات الواهسب كان ذلك باطل عنسد
جماهير العلماء ،فكيف يهب النبي َ eفدَك لفاطمة ول يكون هذا أمرا معروفا
ع ند أ هل بي ته والم سلمين ،ح تى تخ تص بمعرف ته أم أي من أو علي ر ضى ال
عنهما ؟
الوجنه الثانني :أن ادعاء فاطمسة ذلك كذب على فاطمسة ،وقسد قال
المام أ بو العباس بن سريج في الكتاب الذي صنّفه في الرد على عي سى بن
أبان ل ما تكلّم م عه في باب اليم ين والشا هد ،واحت جّ ب ما احت جّ ،وأجاب عمّ ا
عارض به عيسى بن أبان ،قال :وأما حديث البحتري بن ح سّان عن زيد بن
علي أن فاط مة ذكرت ل بي ب كر أن ر سول ال eأعطا ها َفدَك ،وأن ها جاءت
برجسل وامرأة ،فقال :رجسل مسع رجسل ،وامرأة مسع امرأة ،فسسبحان ال مسا
أع جب هذا ! قد سألت فاط مة أ با ب كر ميراث ها وأخبر ها عن ر سول ال eأ نه
قال :ل نُورث ،و ما ح كى في ش يء من الحاد يث أن فاط مة ادّعت ها بغ ير
الميراث ،ول أن أحدا شهد بذلك .
ولقد روى جرير عن مغيرة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال في َفدَك:
(( إن فاطمة سألت النبي eأن يجعلها لها فأبى ،وأن النبي eكان ينفق منها
ضعَفَة ب ني ها شم ويزوّج م نه أ ّيمِ هم ،وكا نت كذلك حياة الر سول
ويعود على َ
eأمر صدقة وقبلت فاطمة الحق ،وإني أُشهدكم أني رددتها إلى ما كانت عليه
في عهد رسول ال .e
ولم يُسمع أن فاطمة رضى ال عنها ا ّد عت أن النبي eأعطاها إياها
في حديث ثابت متصل ،ول أن شاهدا شهد لها .ولو كان ذلك لحُكي ،لنها
خصسومة وأمسر ظاهسر تنازعست فيسه المسة وتحادثست فيسه ،فلم يقسل أحسد مسن
المسلمين :شهدت النبي eأعطاها فاطمة ول سمعت فاطمة تدّعيها حتى جاء
البحتري بن ح سّان يحكى عن زيد شيئا ل ندري ما أصله ،ول من جاء به ،
وليس من أحاديث أهل العلم :فضل بن مرزوق عن البحتري عن زيد ،وقد
كان ينب غي ل صاحب الكتاب أن ي كف عن ب عض هذا الذي ل مع نى له ،وكان
207
الحديث قد حسن بقول زيد :لو كنت أنا لقضيت بما قضى أبو بكر .وهذا مما
ل يثبت على أبي بكر ول فاطمة لو لم يخالفه أحد ،ولو لم تجر فيه المناظرة
ويأ تي في ها الروا ية ،فك يف و قد جاءت ؟ وأ صل المذ هب أن الحد يث إذا ث بت
عن ر سول ال ،eثم قال أ بو ب كر بخل فه ،إن هذا من أ بي ب كر رح مه ال
كنحو ما كان منه في الجدّة ،وأنه متى بلغه الخبر رجع إليه .
ولو ثبست هذا الحديسث لم يكسن فيسه حجسة ،لن فاطمسة لم تقسل :إنسي
أحلف مع شاهدي فمنعت .ولم يقل أبو بكر :إني ل أرى اليمين مع الشاهد .
قالوا :وهذا الحد يث غلط ؛ لن أ سامة بن ز يد يروى عن الزهري عن مالك
حدَثان قال :كا نت لر سول ال eثلث صفايا :ب نو النض ير ،
بن أوس بن ال َ
حبُسا
وخيبر وفدك .فأما بنو النضير فكانت حُبسا لنوائبه .وأما َفدَك فكانت ُ
لبناء ال سبيل ،وأ ما خ يبر فجزّأ ها ر سول ال eثل ثة أجزاء :جزئ ين ب ين
المسسلمين ،وجزءا نفقسة لهله ،فمسا فَضَلَ عسن نفقسة أهله جعله بيسن فقراء
المهاجرين جزئين .
وروى الل يث عن عق يل عن ا بن شهاب عن عروة عن عائ شة أن ها
أخسبرته أن فاطمسة بنست رسسول ال eأرسسلت إلى أبسي بكسر الصسديق تسسأله
ميراثها من ر سول ال eمما أفاء ال عليه بالمدي نة وفدك وما ب قي من خمس
خيبر،فقال أبو بكر:إن رسول ال eقال:ل نورث ما تركنا صدقة،وإنما يأكل
آل مح مد من هذا المال،وإ نى وال ل أغ ير شيئا من صدقة ر سول ال eعن
حال ها ال تي كا نت علي ها في ع هد ر سول ال ،eولعملن في ها ب ما ع مل به
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا(.)1
و قد روى عن أ نس أن أ با ب كر قال لفاط مة و قد قرأت عل يه إ ني أقرأ
مثسل مسا قرأت ول يبلغسن علمسي أن يكون قاله كله .قالت فاطمسة :هسو لك
ولقراب تك ؟ قال :ل وأ نت عندي م صدّقة أمي نة ،فإن كان ر سول ال eع هد
208
إليك في هذا ،أو وعدك فيه موعدا أو أوجبه لكم حقّا صدّقتك .فقالت:لغيرأن
رسول ال eقال حين أنزل عليه (( :أبشروا يا آل محمد وقد جاءكم ال عز
وجل بالغنى )) .قال أبو بكر :صدق ال ورسوله وصدقت ،فلكم الفيء ،ولم
يبلغ علمي بتأويل هذه أن أستلم هذا السهم كله كامل إليكم ،ولكن الفيء الذي
يسسعكم .وهذا يسبيّن أن أبسا بكسر كان يقبسل قولهسا ،فكيسف يرده ومعسه شاهسد
وامرأة؟ ولكنه يتعلق بشيء يجده .
سم فيذلك
سبي eيُورث فالخصس
نه الثالث :أن يقال :إن كان النس
الوجن
أزواجه وعمه ،ول تُقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ول رجل واحد بكتاب ال
وسسنة رسسوله eواتفاق المسسلمين ،وإن كان ل يُورث فالخصسم فسي ذلك
المسسلمون ،فكذلك ل يقبسل عليهسم شهادة امرأة واحدة ول رجسل واحسد باتفاق
الم سلمين ،ول ر جل وامرأة .ن عم يُح كم في م ثل ذلك بشهادة ويم ين الطالب
عنسد فقهاء الحجاز وفقهاء أصسحاب الحديسث .وشهادة الزوج لزوجتسه فيهسا
قولن مشهوران للعلماء ،هما روايتان عن أحمد :إحداهما :ل تُقبل ،وهي
مذهب أبي حنيفة ومالك والليث بن سعد والوزاعي وإسحاق وغيرهم .
والثان ية :تُق بل ،و هي مذ هب المام الشاف عي وأ بي ثور وا بن المنذر
وغير هم .فعلى هذا لو قدّر صحة هذه الق صة لم ي جز للمام أن يح كم بشهادة
رجسل واحسد وامرأة واحدة باتفاق المسسلمين ،ل سسيما وأكثرهسم ل يجيزون
شهادة الزوج ،و من هؤلء من ل يح كم بشا هد ويم ين ،و من يح كم بشا هد
ويمين لم يحكم للطالب حتى يحلّفه .
الو جه الرا بع :قوله (( :فجاءت بأم أي من فشهدت ل ها بذلك ،فقال :
أم أي من امرأة (( امرأة ل يُق بل قول ها .و قد رووا جمي عا أن ر سول ال eقال:
. )) من أهل الجنة
الجواب :أن هذا احتاج جا هل مفرط في الج هل ير يد أن يح تج لنف سه
فيحتج عليها ،فإن هذا القول لو قاله الحجّاج بن يوسف والمختار بن أبي عبيد
وأمثاله ما لكان قد قال حقّا ،فإن امرأة واحدة ل يُق بل قول ها في الح كم بالمال
209
لمدعٍ يريد أن يأخذ ما هو في الظاهر لغيره ،فكيف إذا حُكى مثل هذا عن أبي
بكر الصديق t؟!
وأمسا الحديسث الذي ذكره وزعسم أنهسم رووه جميعسا ،فهذا الخسبر ل
يعرف في شيء من دواوين السلم ول يُعرف عالم من علماء الحديث رواه .
وأم أيمن هي أم أسامة بن زيد ،وهي حاضنة النبي ،eوهي من المهاجرات،
ولها حق وحرمة ،لكن الرواية عن النبي eل تكون بالكذب عليه وعلى أهل
العلم .وقول القائل (( :رووا جميعسا )) ل يكون إل فسي خسبر متواتسر ،فمسن
ين كر حديث النبي eأنه ل يُورث ،وقد رواه أكابر الصحابة ،ويقول :إن هم
جميعا رووا هذا الحديث ،إنما يكون من أجهل الناس وأعظمهم جحدا للحق .
الوجه الخامس :قوله ((:إن عليّا شهد لها فردّ شهادته لكونه زوجها))
فهذا مع أنه كذب لو صح ليس يقدح ،إذ كانت شهادة الزوج مردودة عند أكثر
العلماء ،ومن قبلها منهم لم يقبلها حتى يتم النصاب إما برجل آخر وإما بامرأة
مسع امرأة ،وأمسا الحكسم بشهادة رجسل وامرأة مسع عدم يميسن المدّعسي فهذا ل
يسوغ .
الوجنه السنادس :قوله :إنهسم رووا جميعسا أن رسسول ال eقال :
ي مع ال حق ،وال حق م عه يدور ح يث دار ،ولن يفتر قا ح تى يردا عليّ
((عل ّ
الحوض )) من أع ظم الكلم كذ با وجهل ،فإن هذا الحد يث لم يروه أ حد عن
ال نبي :eل بإ سناد صحيح ول ضع يف .فك يف يقال :إن هم جمي عا رووا هذا
الحديسث ؟ وهسل يكون أكذب ممسن يروى عسن الصسحابة والعلماء أنهسم رووا
حدي ثا،والحد يث ل يُعرف عن وا حد من هم أ صل ؟ بل هذا من أظ هر الكذب .
ولو قيسل رواه بعضهسم ،وكان يمكسن صسحته لكان ممكنسا ،فكيسف وهسو كذب
قطعا على النبي e؟!
بخلف إخباره أن أم أيمسن فسي الجنسة ،فهذا يمكسن أنسه قاله ،فإن أم
أيمن امرأة صالحة من المهاجرات ،فإخباره أنها في الجنة ل يُنكر ،بخلف
قوله عن رجل من أصحابه أنه مع الحق وأن الحق يدور معه حيثما دار ولن
210
يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ؛ فإنه كلم ينزّه عنه رسول ال .e
أما أول :فلن الحوض إنما َي ِردُه عليه أشخاص ،كما قال للنصار :
،وقال (( :إن حو ضي لب عد من ()1
)) ا صبروا ح تى تلقو ني على الحوض ((
بيسن أيلة إلى عدن ،وإن أول الناس ورودا فقراء المهاجريسن الشعسث رؤوسسا
الدنسس ثيابسا الذيسن ل ينكحون المتنعّمات ول تفتسح لهسم أبواب السسدد ،يموت
. ()2
أحدهم وحاجته في صدره ل يجد لها قضاء )) رواه مسلم وغيره
وأما الحق فليس من الشخاص الذين يردون الحوض .وقد روى أنه
إنسي تارك فيكسم الثقليسن :كتاب ال وعترتسى أهسل بيتسي ،ولن يفترقسا (( قال :
.فهو من هذا النمط ،وفيه كلم يذكر في موضعه )) حتى يردا عليّ الحوض
إن شاء ال .
الو جه ال سابع :أن ما ذكره عن فاط مة أ مر ل يل يق ب ها ،ول يح تج
بذلك إل رجل جاهل يحسب أنه يمدحها وهو يجرحها ؛ فإنه ليس فيما ذكره ما
يوجب الغضب عليه ،إذ لم يحكم –لو كان ذلك صحيحا – إل بالحق الذي ل
ي حل لم سلم أن يح كم بخل فه .و من طلب أن يُح كم له بغ ير ح كم ال ور سوله
فغ ضب وحلف أن ل يكلّم الحا كم ول صاحب الحا كم ،لم ي كن هذا م ما ُيحْ مد
عل يه ول م ما يذم به الحا كم ،بل هذا إلى أن يكون جر حا أقرب م نه إلى أن
يكون مد حا .ون حن نعلم أن ما يح كى عن فاط مة وغير ها من ال صحابة من
القوادح كثيسر منهسا كذب وبعضهسا كانوا فيسه متأوليسن .وإذا كان بعضهسا ذنبسا
فليس القوم معصومين ،بل هم مع كونهم أولياء ال ومن أهل الجنة لهم ذنوب
يغفرها ال لهم .
وكذلك ما ذكره من إيصائها أن تُدفن ليل ول يُصلّى عليها أحد منهم ،
ل يحكيه عن فاطمة ويحتج به إل رجلٌ جاهل يطرق على فاطمة ما ل يليق
بهسا ،وهذا لو صسح لكان بالذنسب المغفور أوْلى منسه بالسسعي المشكور ،فإن
211
صلة الم سلم على غيره زيادة خيسر ت صل إل يه ،ول ي ضر أف ضل الخلق أن
ي صلّي عل يه شر الخلق ،وهذا ر سول ال eي صلى عل يه وي سلم عل يه البرار
والفجار بسل والمنافقون ،وهذا إن لم ينفعسه لم يضره ،وهسو يعلم أن فسي أمتسه
منافقين ولم ينه أحد من أمته عن الصلة عليه .
وأمنا قوله (( :ورووا جميعسا أن النسبي eقال :يسا فاطمسة إن ال يغضسب
لغضبك ،ويرضى لرضاك )) فهذا كذب منه ،ما رووا هذا عن النبي ،eول
يُعرف هذا في ش يء من ك تب الحد يث المعرو فة ،ول له إ سناد معروف عن
النسبي :eل صسحيح ول حسسن .ونحسن إذا شهدنسا لفاطمسة بالجنسة ،وبأن ال
يرضى عنها ،فنحن لبي بكر وعمر وعثمان وعل يّ وطلحة والزبير وسعيد
وعبد الرحمن بن عوف بذلك نشهد ،ونشهد بان ال تعالى أخبر برضاه عنهم
ن وَالَنْصَارَ
ن ا ْل ُمهَاجِرِي َ
ن ا َلوّلُو نَ ِم َ
في غير موضع ،كقوله تعالى ] :وَالسّابِقُو َ
ن اتّبَعُوهُم بِ ِإحْ سَانٍ tمْ وَرَضُوا عَنْه [( ، )1وقوله تعالى َ ] :لقدْ رَضِ يَ الُ
وَالّذِي َ
شجَرَة [(. )2و قد ث بت أن ال نبي eتو فى و
عَ نِ ا ْل ُم ْؤمِنِي نَ إِذْ يُبَا ِيعُونَ كَ َتحْ تَ ال ّ
هو عن هم راض ،و من ر ضى ال ع نه ور سوله ل يضره غ ضب أ حد من
الخلق عليه كائنا من كان.
وأ ما قوله (( :رووا جمي عا أن فاط مة بض عة م ني من آذا ها آذا ني ،
و من آذا ني آذى ال )) فإن هذا الحد يث لم يرو بهذا الل فظ ،بل روى بغيره ،
ي لبنة أبي جهل ،لما قام النبي eخطيبا
كما روى في سياق حديث خطبة عل ّ
فقال (( :إن اب ني هشام بن المغيرة ا ستأذنوني أن ينكحوا ابنت هم عل يّ بن أ بي
طالب ،وإني ل آذن ،ثم ل آذن ،ثم ل آذن ،إنما فاطمة بضعة مني يريبني
مسا رابهسا ،ويؤذينسي مسا آذاهسا ،إل أن يريسد ابسن أبسي طالب أن يطلق ابنتسي
وينكح ابنتهم )).
الوجه الثامن :أن قوله ((:لو كان هذا الخبر صحيحا حقّا لما جاز له
212
ترك البغلة والسيف و العمامة عند عليّ والحكم له بها لما ادّعاها العباس )).
فيقال :و من ن قل أن أ با ب كر وع مر حك ما بذلك ل حد ،أو تر كا ذلك
عند أحد على أن ذلك ملك له ،فهذا من أ ْبيَن الكذب عليهما ،بل غاية ما في
عليس والعباس
ّ هذا أن يُترك عنسد مسن يُترك عنده ،كمسا ترك صسدقته عنسد
ليصرفاها في مصارفها الشرعية .
وأما قوله (( :ولكان أهل البيت الذين طهّرهم ال في كتابه مرتكبين
ما ل يجوز )) .
فيقال له :أولً :إن ال تعالى لم يخسبر أنسه طهّر جميسع أهسل البيست
وأذ هب عن هم الر جس ،فإن هذا كذب على ال .ك يف ون حن نعلم أن في ب ني
ها شم من ل يس بمطهّر من الذنوب ،ول أذ هب عن هم الر جس ،ل سيما ع ند
الرافضة ،فإن عندهم كل من كان من بني هاشم يحب أبا بكر عمر tما فليس
ج وَ َلكِ نْ
ن حَرَ ٍ
ج َعلَ عَلَيْكُم مِ ْ
بمطهّ ر ،وال ية إن ما قال في ها َ ] :ما يُرِي ُد الُ لِ َي ْ
شكُرُون [()1وقولهُ]:يرِيدُ الُ ِليُبَين َلكُم
طهّ َركُمْ وَلِيُ ِتمّ ِن ْعمَتَهُ عَلَ ْيكُم َلعَّلكُمْ َت ْ
يُرِي ُد لِ ُي َ
ب عَلَ ْيكُم [( ، )2ونحو ذلك مما فيه بيان أن
ن مِ نْ قَبْ ِلكُم وَيَتُو َ
ن الّذِي َ
وَ َيهْدِيَكُم سُنَ َ
ال يحسب ذلك لكسم،ويرضاه لكسم،ويأمركسم بسه فمسن فعلة حصسل له هذا المراد
المحبوب المرضي ،ومن لم يفعله لم يحصل له ذلك
وأما قوله (( :لن الصدقة محرمة عليهم )) .
فيقال له :أول المحرم عليهسم صسدقة الفرض ،وأمسا صسدقات التطوع
ف قد كانوا يشربون من المياه الم سبّلة ب ين م كة والمدي نة ،ويقولون :إن ما حرّم
حرّم علينسسا التطوع .وإذا جاز أن ينتفعوا بصسسدقات
علينسسا الفرض ،ولم ي َ
الجانسب ال تي هسي تطوع ،فانتفاع هم بصسدقة ال نبي eأولى وأحرى؛ فإن هذه
الموال لم ت كن زكاة مفروضة على النبي صلى ال عل يه و سلم ،وهي أوساخ
الناس التي حرّمت عليهم ،وإنما هي من الفيء الذي أفاءه ال على رسوله ،
213
والفيء حلل لهم ،والنبي eجعل ما جعله ال له من الفيء صدقة ،إذ غايته
أن يكون مل كا للنبي eت صدّق به على الم سلمين ،وأ هل بي ته أ حق بصدقته ؛
فإن الصدقة على المسلمين صدقة ،والصدقة على القرابة صدقة وصلة .
الوجه التاسع :في معارضته بحديث جابر tفيقال :جابر لم يدّع حقا
لغيره يُنتزع من ذلك الغ ير ويُج عل له ،وإن ما طلب شيئا من ب يت المال يجوز
سه كان أوْلى
سبي ،eفإذا وعده بس
سه النس
سه إياه ،ولو لم يعده بس
للمام أن يعطيس
بالجواز ،فلهذا لم يفتقر إلى بيّنة .
أمسا قصسة فاطمسة رضسى ال عنهسا فمسا ذكروه مسن دعواهسا الهبسة والشهادة
المذكورة ونحو ذلك ،لو كان صحيحا لكان بالقدح فيمن يحتجون له أشبه منه
بالمدح .
(فصسسسسل)
قال الرافضي (( :وقد روى عن الجماعة كلهم أن النبي eقال في حق
أبي ذر (( :ما أقلّت الغبراء ،ول أظلّت الخضراء على ذي له جة أصدق من
أبي ذر )) ،ولم يسمّوه صدّيقا ،وسمّوا أبا بكر بذلك مع أنه لم يرد مثل ذلك
في حقه )).
فيقال :هذا الحديث لم يروه الجماعة كلهم ،ول هو في الصحيحين ،
ول هو في ال سنن ،بل هو مروي في الجملة وبتقد ير صحته و ثبو ته ،ف من
المعلوم ان هذا الحديث لم يرد به أن أبا ذر أصدق من جميع الخلق ،فإن هذا
ي بن أبي
يلزم منه أن يكون أصدق من النبي ،eومن سائر النبيين ،ومن عل ّ
طالب وهذا خلف إجماع المسسلمين كلهسم مسن السسنة والشيعسة ،فعُلم أن هذه
الكل مة معنا ها أن أ با ذر صادق ،ل يس غيره أك ثر تحرّ يا لل صدق م نه .و ل
يلزم إذا كان بمنزلة غيره فسي تحرّي الصسدق ،أن يكون بمنزلتسه فسي كثرة
صدَقَ فيه وصدّق به .وذلك
الصدق والتصديق بالحق ،وفي عظم الحق الذي َ
أ نه يقال :فلن صادق الله جة إذا تحرّى ال صدق ،وإن كان قل يل العلم ب ما
جاءت به النبياء ،والنبي eلم يقل :ما أقلت الغبراء أعظم تصديقا من أبي
214
ذر .بل قال :أصدق لهجة ،والمدح للصدّيق الذي صدّق النبياء ليس بمجرد
كو نه صادقا ،بل في كو نه م صدّقا لل نبياء .وت صديقه لل نبي eهو صدق
خاص ،فالمدح بهذا الت صديق –الذي هو صدق خاص –نوع ،والمدح بن فس
كونه صادقا من نوع آخر .فكل صدّيق صادق ،وليس كل صادق صدّيقا .
(فصسسسسسل )
قال الرافضي (( :وسمّوه خليفة رسول ال ،eولم يستخلفه في حياته
ول ب عد وفا ته عند هم ،ولم ي سمّوا أم ير المؤمن ين خلي فة ر سول ال مع أ نه
استخلف في عدة مواطن ،منها :أنه استخلفه على المدينة المنورة في غزوة
تبوك ،وقال له :إن المدينسة ل تصسلح إل بسي أو بسك ،أمسا ترضسى أن تكون
مني بمنزلة هارون من موسى ،إل أنه ل نبي بعدي .
وأمّر أ سامة بن ز يد على الج يش الذ ين في هم أ بو ب كر وع مر ،ومات
ولم يعزله ،ولم يسمّوه خليفة ،ولما تولى أبو بكر غضب أسامة ،وقال :إن
رسول ال eأمّرني عليك ،فمن استخلفك عل يّ ؟ فمشى إليه هو وعمر حتى
استرضياه ،وكانا يسمّيانه مدة حياته أميرا )) .
والجواب منن وجوه :أحدهسا :أن الخليفسة إمسا أن يكون معناه :الذي
يخلف غيره وإن كان لم يسستخلفه ،كمسا هسو المعروف فسي اللغسة ،وهسو قول
الجمهور .وإما أن يكون معناه :من استخلفه غيره ،كما قاله طائفة من أهل
الظاهر و الشيعة ونحوهم .فإن كان هو الوّل ؛ فأبو بكر خليفة رسول ال ،e
ل نه خل فه ب عد مو ته ،ولم يخلف ر سول ال eأ حد ب عد مو ته إل أ بو ب كر ن
فكان هو الخليفة دون غيره ضرورة ،فإن الشيعة وغيرهم ل ينازعون في أنه
ي ال مر بعده ،و صار خلي فة له ي صلّي بالم سلمين ،ويق يم
هو الذي صار ول ّ
في هم الحدود ،ويقسسم بينهسم الف يء ،ويغزو بهسم العدو ،ويولّي عليهسم العمال
215
والمراء ،وغير ذلك من المور التي يفعلها ولة المور .
فهذه باتفاق الناس إن ما باشر ها ب عد مو ته أ بو ب كر ،فكان هو الخلي فة
للرسول eفيها قطعا .لكن أهل السنة يقولون :خلفه وكان هو أحق بخلفته
والشيعة يقولون :عل يّ كان هو الحق لكن تصح خلفة أبي بكر ،ويقولون :
ما كان يحلّ له أن ي صير هو الخلي فة ،ل كن ل ينازعون في أ نه صار خلي فة
بالف عل ،و هو م ستحق لهذا ال سم ،إذ كان الخلي فة من خَلَ فَ غيره على كل
تقدير.
وأمسا إن قيسل :إن الخليفسة مسن اسستخلفه غيره ،كمسا قاله بعسض أهسل
السسنة وبعسض الشيعسة ،فمسن قال هذا مسن أهسل السسنة فإنسه يقول :إن النسبي
eاستخلف أبا بكر إما بالنص الجل يّ ،كما قال بعضهم ،وإما بالنص الخف يّ .
ي من هم من يقول بال نص الجل يّ ،ك ما
ك ما أن الشي عة القائل ين بال نص على عل ّ
تقوله الماميسة ،ومنهسم مسن يقول بالنسص الخفيّس ،كمسا تقوله الجاروديسة مسن
الزيد ية .ودعوى أولئك لل نص الجل يّ أو الخف يّ على أ بي ب كر أقوى وأظ هر
بكث ير من دعوى هؤلء لل نص على عل يّ ،لكثرة الن صوص الدالّة على ثبوت
خلفة أبي بكر ،وأن عليّا لم يدل على خلفته إل ما يُعلم أنه كذب ،أو يُعلم أنه
ل دللة فيه .
وعلى هذا التقد ير فلم ي ستخلف ب عد مو ته أحدا إل أ با ب كر ،فلهذا كان
هو الخلي فة ،فإن الخلي فة المطلق هو من خل فه ب عد مو ته ،أو ا ستخلفه ب عد
موته .وهذان الوصفان لم يثبتا إل لبي بكر ؛ فلهذا كان هو الخليفة .
وأمسا اسستخلفه لعليّس على المدينسة ،فذلك ليسس مسن خصسائصه ،فإن
النبي eكان إذا خرج في غزاة استخلف على المدينة رجل من أصحابه ،كما
استخلف ابن أم مكتوم تارة ،وعثمان ابن عفان تارة .
ي على أَكثر وأفضل مما استخلف عليه
وإذا كان قد استخلف غير عل ّ
عليّا ،وكان ذلك اسستخلفا مقيّدا على طائفسة معينسة فسي مغيبسه ،ليسس هسو
ا ستخلفا مطلقا ب عد مو ته على أم ته ،لم يطلق على أ حد من هؤلء أ نه خلي فة
216
عليس بذلك فغيره مسن الصسحابة
ّ رسسول ال eإل مسع التقييسد .وإذا سس ّميَ
المستخلفين أوْلى بهذا السم ،فلم يكن هذا من خصائصه .
وأيضا فالذي يخلف المَطاع بعد موته ل يكون إل أفضل الناس .وأما
الذي يخلفه في حال غزوه لعدوه ،فل يجب أن يكون أفضل الناس ،بل العادة
جار ية بأ نه ي ستصحب في خرو جه لحاج ته إل يه في المغازي من يكون عنده
أف ضل م من ي ستخلفه على عياله ،لن الذي ين فع في الجهاد هو شري كه في ما
يفعله ،فهو أعظم ممن يخلفه على العيال ،فإن نفع ذاك ليس كنفع المشارك له
في الجهاد .
وال نبي eإن ما ش به عليّا بهارون في أ صل ال ستخلف ل في كماله ،
ولعل يّ شركاء في هذا ال ستخلف .يبين ذلك أن مو سى ل ما ذ هب إلى ميقات
ر به لم ي كن م عه أ حد يشار كه في ذلك ،فا ستخلف هارون على جم يع قو مه .
والنبي eلما ذهب إلى غزوة تبوك أخذ معه جميع المسلمين إل المعذور ،ولم
يستخلف عليّا إل على العيال وقليل من الرجال ،فلم يكن استخلفه كاستخلف
موسى لهارون ،بل ائتمنه في حال مغيبه ،كما ائتمن موسى هارون في حال
مغيبه ،فبيّن له النبي eأن الستخلف ليس لنقص مرتبة المستخلَف ،بل قد
يكون لمان ته ك ما ا ستخلف مو سى هارون على قو مه ،وكان عل يّ خرج إل يه
يبكي وقال :أتذرني مع الصبيان والنساء ؟ كأنه كره أن يتخلف عنه .
وأما قوله (( :إنه قال له :إن المدينة ل تصلح إل بي أو بك )) فهذا
كذب على النسبي eل يُعرف فسي كتسب العلم المعتمدة .وممسا يسبين كذبسه أن
النسبي eخرج من المدي نة غ ير مرة وم عه عليسّ .ول يس بالمدينسة ل هو ول
عليّ .فكيف يقول :إن المدينة ل تصلح إل بي أو بك ؟
والراف ضة من فرط جهلهسم يكذبون الكذب الذي ل يخفسى على من له
بالسيرة أدنى علم .
وأما قوله (( :إنه أمّر أسامة tعلى الجيش الذين فيهم أبو بكر وعمر
)) .
217
فمن الكذب الذي يعرفه من له أدنى معرفة بالحديث ؛ فإن أبا بكر لم
ي كن في ذلك الج يش ،بل كان ال نبي eي ستخلفه في ال صلة من ح ين مرض
إلى أن مات ،وأسسامة قسد رُوي أ نه قسد عقسد له الرايسة قبسل مرضسه ،ثسم لمسا
مرض أ مر أ با ب كر أن ي صلّي بالناس ،ف صلى ب هم إلى أن مات ال نبي ،eفلو
قدر أنه أُمر بالخروج مع أسامة قبل المرض لكن أمره له بالصلة تلك المدة ،
مع إذنه لسامة أن يسافر في مرضه ،موجبا لنسخ إمرة أسامة عنه ،فكيف
إذا لم يؤمّر عليه أسامة بحال ؟
وقوله (( :ومات ولم يعزله )).
فأ بو ب كر أن فذ ج يش أ سامة tب عد أن أشار الناس عل يه برده خو فا من
العدو .وقال :وال ل أحلَ راية عقدها رسول ال ،eمع أنه كان يملك عزله
،كمسا كان يملك ذلك رسسول ال ،eلنسه قام مقامسه ،فيعمسل مسا هسو أصسلح
للمسلمين .
وأ ما ما ذكره من غ ضب أ سامة ل ما تولّى أ بو ب كر ،ف من الكاذ يب
السسمجة ،فإن محبسة أسسامة tلبسي بكسر وطاعتسه له أشهسر وأعرف مسن أن
تُن كر ،وأ سامة من أب عد الناس عن الفر قة والختلف ،فإ نه لم يقا تل ل مع
عل يّ ول مع معاو ية واعتزل الفت نة .وأ سامة لم ي كن من قر يش ،ول م من
ي صلح للخل فة ،ول يخ طر بقل به أن يتول ها ،فأي فائدة له في أن يقول م ثل
هذا القول ليّس مسن تولى المسر ،مسع علمسه أنسه ل يتولّى المسر أحسد إل كان
خليفة عليه ،ولو قدّر أن النبي eأمّره على أبي بكر ثم مات ،فبموته صار
المسر إلى الخلي فة من بعده ،وإل يه ال مر فسي إنفاذ الج يش أو حبسسه ،وفسي
تأمير أسامة أو عزله .وإذا قال :أمّرني عليك فمن استخلفك عليّ ؟ قال :من
ا ستخلفني على جم يع الم سلمين ،وعلى من هو أف ضل م نك .وإذا قال :أ نا
عليس قبسل أن أُسستخلف ،فبعسد أن صسرت خليفسة
ّ أمّرنسي عليسك .قال :أمّرك
صرت أنا المير عليك .
ومثل هذا ل ينكره إل جاهل .وأسامة أعقل وأتقى وأعلم من أن يتكلم
218
بمثل هذا الهذيان لمثل أبي بكر .
وأعجب من هذا قول هؤلء المفترين :أنه مشى هو وعمر إليه حتى
اسسترضياه ،مسع قولهسم :إنهمسا قهرا عليّا وبنسي هاشسم وبنسي عبسد مناف ،ولم
ي سترضياهم ،و هم أ عز وأقوى وأك ثر وأشرف من أ سامة ، tفأي حا جة ب من
قهروا بني هاشم وبني أمية وسائر بني عبد مناف ،وبطون قريش والنصار
والعرب ،إلى أن يسترضوا أسامة بن زيد ،وهو من أضعف رعيتهم ،ليس
له قسبيلة ول عشيرة ،ول معسه مال ول رجال ،ولول حسب النسبي eإياه
وتقديمه له لم يكن إل كأمثاله من الضعفاء ؟.
فإن قلتسم :إنهمسا اسسترضياه لحسب النسبي eله .فأنتسم تقولون :إنهسم
بدّلوا عهده ،وظلموا و صيّه وغ صبوه ،ف من ع صى ال مر ال صحيح ،وبدل
الع هد البيّن ،وظلم واعتدى وق هر ،ولم يلت فت إلى طا عة ال ور سوله ،ولم
ير قب في آل مح مد إلّ ول ذ مة ،يرا عى م ثل أ سامة بن ز يد وي سترضيه ؟
و هو قد ردّ شهادة أم أي من ولم ي سترضيها ،وأغ ضب فاط مة وآذا ها ،و هي
أحق بالسترضاء .فمن يفعل هذا أي حاجة به إلى استرضاء أسامة بن زيد ؟
وإنما يُسترضى الشخص للدين أو للدنيا ،فإذا لم يكن عندهم دين يحملهم على
ا سترضاء من ي جب ا سترضاؤه ،ول هم محتاجون في الدن يا إل يه ،فأي داع
يدعوهسم إلى اسسترضائه ؟! والرافضسة مسن جهلهسم وكذبهسم يتناقضون تناقضسا
كثيرا بيّنا إذ هم في قول مختلف ،يُوفك عنه من أُفك.
( فصسسسسل )
قال الرافضي (( :وسمّوا عمر الفاروق ،ولم يسموا عليّا عليه السلم
بذلك ،مع أن ر سول ال eقال ف يه :هذا فاروق أم تي يفرق ب ين أ هل ال حق
والباطسل .وقال ابسن عمسر :مسا كنسا نعرف المنافقيسن على عهسد النسبي eإل
ببغضهم عليّا عليه السلم )) .
فيقال :أوّل :أ ما هذان الحديثان فل ي ستريب أ هل المعر فة بالحد يث
219
أنهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي eولم يرو واحدٌ منهما في شيء
من كتب العلم المعتمدة ،ول لواحد منهما إسناد معروف.
ويقال :ثان يا :من اح تج في م سألة فرع ية بحد يث فل بد ان ي سنده ،
فك يف في م سائل أ صول الد ين ؟ وإل فمجرد قول القائل (( :قال ر سول ال
))eليس حجة باتفاق أهل العلم .ولو كان حجة لكان كل حديث قال فيه واحد
من أ هل ال سنة (( :قال ر سول ال ))eح جة ،ون حن نقنع في هذا الباب بأن
ُيرْوى الحديثُ بإسناد معروفون بالصدق من أي طائفة كانوا .
لكن إذا لم يكن الحديث له إسناد ،فهذا الناقل له ،وإن كان لم يكذبه
بسل نقله مسن كتاب غيره ،فذلك الناقسل لم يعرف عمّن نقله .ومسن المعروف
كثرة الكذب في هذا الباب وغيره ،فكيف يجوز لحد أن يشهد على رسول ال
eبما لم يعرف إسناده ؟
ويقال :ثال ثا :من المعلوم ل كل من له خبرة أن أ هل الحد يث أع ظم
الناس بحثا عن أقوال ال نبي ،eوطل با لعلم ها ،وأر غب الناس في اتّباع ها ،
ى يخالف ها ،فلو ث بت عند هم أن ال نبي eقال لعل يّ
وأب عد الناس عن اتّباع هو ً
هذا ،لم ي كن أ حد من الناس أوْلى من هم باتّباع قوله ،فإن هم يتّبعون قوله إيمانا
به ،ومحبة لمتابعته ،ول لغرض لهم في الشخص الممدوح .
فلو ثبت عندهم أن النبي –eقال لعليّ :هذا فاروق أمتي ،لقبلوا ذلك
(( ،ونقلوه ،كما نقلوا قوله لبي عبيدة (( :هذا أم ين هذه المة ))()1وقوله للزب ير:
سا قبلوا ونقلوا قوله لعليسّ
سر ))( )2وكمس
ى الزبيس
سبي حوارىّ وحوار ّ
سل نس
إن لكس
لعطين الراية غدا رجل يحب ال ورسوله ،ويحبه ال ورسوله ))( )3وحديث ((
الكساء لما قال لعليّ وفاطمة وحسن وحسين ((:اللهم هؤلء أهل بيتي ،فأذهب
220
وأمثال ذلك . ()1
)) عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا
ل مسن الحديثيسن يُعلم بالدليسل أنسه كذب ،ل يجوز
ويقال :رابعسا :ك ّ
عليس أو غيره فاروق هذه
ّ نسسبته إلى النسبي .eفإنسه يقال :مسا المعنسى بكون
المسة يفرق بيسن الحسق والباطسل ؟ إن عنسى بذلك أنسه يميّز بيسن أهسل الحسق
والباطسل ،فيميّز بيسن المؤمنيسن والمنافقيسن ،فهذا أمسر ل يقدر عليسه أحدٌ مسن
ب مُنَا ِفقُونَ
ن الَعْرَا ِ
حوْ َلكُمْ مِ َ
البشر :ل نبي ول غيره .وقد قال تعالىِ ] :مّنْ َ
ق لَ َتعْ َل ُمهُم َنحْنُ َنعْ َل ُمهُم [( )2كان النبي eل
َومِنْ أَ ْه ِل ا ْلمَدِي َنةِ مَرَدُوا عَلَى ال ّنفَا ِ
ن كل منافق في مدينته وفيما حولها ،فكيف يعلم ذلك غيره ؟
يعلَم عي َ
ومح بة الراف ضة لعل يّ باطلة ،فإن هم يحبّون ما لم يو جد ،و هو المام
المع صوم المن صوص على إمام ته ،الذي ل إمام ب عد ال نبي eإل هو ،الذي
كان يعتقد أن أبا بكر وعمر رضى ال عنهما ظالمان معتديان أو كافران ،فإذا
تبيّن لهم يوم القيامة أن عليّا لم يكن أفضل من واحد من هؤلء ،وإنما غايته
أن يكون قريبا مسن أحدهسم ،وأنسه كان مقرّا بإمامتهسم وفضلهسم ،ولم يكسن
معصسوما ل هسو ول هسم ول كان منصسوصا على إمامتسه ،تسبين لهسم أنهسم لم
يكونوا يحبون عليّا ،بل هم من أعظم الناس بغضا لعلي ّ tفي الحقيقة ،فإنهم
يبغضون من اتصف بالصفات التي كانت في عل يّ أكمل منها في غيره :من
إثبات إمامة الثلثة وتفضيلهم ،فإن عليّا tكان يفضّلهم ويقرّ بإمامتهم .فتبيّن
أنهم مبغضون لعليّ قطعا .
وبهذا يتبين الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن عل يّ tأنه قال:
إنه لعهد النبي الميّ إليّ أنه((ل يحبني إل مؤمن ول يبغضني إلمنافق ))()3إن
كان هذا محفو ظا ثاب تا عن ال نبي صلى ال عل يه و سلم ،فإن الراف ضة ل تح به
على مسا هسو عليسه ،بسل محبتهسم مسن جنسس محبسة اليهود لموسسى والنصسارى
221
عليس وصسفاته ،كمسا تبغسض اليهود
ّ لعيسسى ،بسل الرافضسة تبغسض نعوت
والنصسارى نعوت موسسى وعيسسى ،فإنهسم يبغضون مسن أقسر نبوة محمسد ،e
وكانا مقرين بها صلى ال عليهم أجمعين .
(فصسسسسسل)
قال الراف ضي (( :وأعظموا أ مر عائ شة على با قي ن سوانه ،مع أ نه
عل يه ال سلم كان يك ثر من ذ كر خدي جة ب نت خويلد ،وقالت له عائ شة :إ نك
تك ثر من ذكر ها ،وقد أبدلك ال خيرا منها .فقال :وال ما ُبدّلت ب ها ما هو
خ ير من ها ؛ صدّقتني إذ كذب ني الناس ،وآوت ني إذ طرد ني الناس ،وأ سعدتني
بمالها ،ورزقني ال الولد منها ،ولم أرزق من غيرها )).
والجواب أول :أن يقال :إن أهسل السسنة ليسسوا مجمعيسن على أن
عائشة أفضل نسائه ،بل قد ذهب إلى ذلك كثير من أهل السنة ،واحتجوا بما
فسي الصسحيحين عسن أبسي موسسى وعسن أنسس رضسى ال عنهمسا أن النسبي
eقال((:فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ))(.)1
والثريد هو أفضل الطعمة لنه خبز ولحم ،كما قال الشعر :
فسذاك أمسانسة ال الثسسريسد إذا مسا الخسبز تأدمسسه بلحسسم
وذلك أن ال ُبرّ أفضل القوات ،واللحم أفضل الدام ،كما في الحديث
سسيد إدام أهسل الدنيسا (( الذي رواه ابسن قتيبسة وغيره عسن النسبي eأنسه قال :
والخرة اللحسسم ))( .)2فإذا كان اللحسسم سسسيد الدام ،وال ُبرّ سسسيد القوات ،
ومجموعها الثر يد ،لكان الثريد أفضل الطعام .وقد صح من غير وجه عن
ف ضل عائ شة على الن ساء كف ضل الثر يد على (( ال صادق الم صدوق أ نه قال :
سائر الطعام )).
و في ال صحيح عن عمرو بن العاص tقال :قلت يا ر سول ال :أي
222
. )) أبوها (( الناس أحب إليك ؟ قال (( :عائشة )) .قلت :من الرجال ؟ قال :
. ()1
قلت :ثم من ؟ قال (( :عمر)) وسمّى رجال
:إن )) وهؤلء يقولون :قوله لخديجسة (( :مسا أبدلنسي ال بخيسر منهسا
صح معناه :ما أبدلني بخير لي منها ؛ لن خديجة نفعته في أول السلم نفعا
لم يقم غيرها فيه مقامها ،فكانت خيرا له من هذا الوجه ،لكونها نفعته وقت
الحا جة ،ل كن عائ شة صحبته في آ خر النبوة وكمال الد ين ،فح صل ل ها من
العلم واليمان ما لم يح صل ل من لم يدرك إل أول ز من النبوة ،فكا نت أف ضل
بهذه الزيادة ،فإن المة انتفعت بها أكثر مما انتفعت بغيرها ،وبلغت من العلم
والسنة ما لم يبلغه غيرها ،فخديجة كان خيرها مقصورا على نفس النبي ،e
لم تبلّغ عنه شيئا ،ولم تنت فع بها المة كما انتفعوا بعائ شة ،ول كان الد ين قد
كمل حتى تعلمه ويحصل لها من كمال اليمان به ما حصل لمن علمه وآمن به
بعد كماله .
( فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :وأذاعت سر رسول ال صلى ل عليه وسلم ،وقال
لها النبي :eإنك تقاتلين عليّا وأنت ظالمة له ،ثم إنها خالفت أمر ال في قوله
تعالى ] :وقرن فني بيوتكنن [ ،وخرجست فسي مل مسن الناس لتقاتسل عليّاس على
غير ذنب ،لن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان ،وكانت هي في كل وقت
تأمر بقتله ،وتقول اقتلوا نعثل ،قتل ال نعثل ،ولما بلغها قتله فرحت بذلك،
ثم سألت :من تولى الخل فة ؟ فقالوا عل يّ .فخر جت لقتاله على دم عثمان ،
لعليس على ذلك ؟ وكيسف اسستجاز طلحسة والزبيسر وغيرهمسا
ّ فأي ذنسب كان
مطاوعت ها على ذلك ؟ وبأي و جه يلقون ر سول ال e؟ مع أن الوا حد م نا لو
تحدث مع امرأة غيره وأخرج ها من منزل ها و سافر ب ها كان أ شد الناس عداوة
له ،وك يف أطاع ها على ذلك عشرات ألوف من الم سلمين ،و ساعدوها على
223
حرب أمير المؤمنين ،ولم ينصر أحد منهم بنت رسول ال eلما طلبت حقها
من أبي بكر ،ول شخص واحد كلّمه بكلمة واحدة )) .
والجواب :أن يقال :أما أهل السنة فإنهم في هذا الباب وغيره قائمون
بالقسط شهداء ل ،وقولهم حق وعدل ل يتناقض .وأما الرافضة وغيرهم من
أ هل البدع ف في أقوال هم من البا طل والتنا قض ما ننبّ ه إن شاء ال تعالى على
بعضسه ،وذلك أن أهسل السسنة عندهسم أن أهسل بدر كلهسم فسي الجنسة ،وكذلك
أمّهات المؤمن ين :عائ شة وغير ها ،وأ بو ب كر وع مر وعثمان وعل يّ وطل حة
والزب ير هم سادات أ هل الج نة ب عد ال نبياء ،وأ هل ال سنة يقولون :إن أ هل
الجنة ليس من شرطهم سل متهم عن الخطأ ،بل ول عن الذنب ،بل يجوز
أن يذنب الرجل منهم ذنبا صغيرا أو كبيرا ويتوب منه .وهذا متفق عليه بين
المسلمين ،ولو لم يتب منه فالصغائر مغفورة باجتناب الكبائر عند جماهيرهم،
بل وعند الكثرين منهم أن الكبائر قد تمحى بالحسنات التي هي أعظم منها ،
وبالمصائب المكفّرة وغير ذلك .
وإذا كان هذا أصسلهم فيقولون :مسا يذكسر عسن الصسحابة مسن السسيّئات
كث ير م نه كذب ،وكث ير م نه كانوا مجتهد ين ف يه ،ول كن لم يعرف كث ير من
الناس وجه اجتهادهم ،وما ُقدّر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور
ل هم :إ ما بتو بة ،وإ ما بح سنات ماح ية ،وإ ما بم صائب مكفّرة ،وإ ما بغ ير
ذلك؛ فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه :إنهم من أهل الجنة فامتنع
أن يفعلوا ما يوجب النار ل محالة ،وإذا لم يمت أحد منهم ،على موجب النار
لم يقدح ما سوى ذلك في ا ستحقاقهم للج نة .ون حن قد علم نا أن هم من أ هل
الجنسة ،ولو لم يُعلم أن أولئك المعيّنيسن فسي الجنسة لم يجسز لنسا أن نقدح فسي
ا ستحقاقهم للج نة بأمور ل نعلم أن ها تو جب النار ،فإن هذا ل يجوز في آحاد
المؤمنين الذين لم يُعلم أنهم يدخلون الجنة ،ليس لنا أن نشهد لحد منهم بالنار
لمور محتملة ل تدل على ذلك ،فكيسف يجوز م ثل ذلك في خيار المؤمن ين ،
والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد واحد منهم باطنا وظاهرا ،وحسناته وسيئاته
224
واجتهادا ته ،أ مر يتعذر علي نا معرف ته ؟! فكان كلم نا في ذلك كلما في ما ل
نعلمسه ،والكلم بل علم حرام ،فلهذا كان المسساك عمّا شجسر بيسن الصسحابة
خيرا مسن الخوض فسي ذلك بغيسر علم بحقيقسة الحوال ،إذ كان كثيسر مسن
الخوض فسي ذلك – أو أكثره – كلما بل علم ،وهذا حرام لو لم يكسن فيسه
ى يطلب فيسه دفسع
هوىً ومعارضسة الحسق المعلوم ،فكيسف إذا كان كلما بهو ً
الحق المعلوم؟
وأمسا قوله (( :وأذاعست سسرّ رسسول ال ))eفل ريسب أن ال تعالى
ت بِ ِه َوَأظْهَرَ هُ الُ
يقول َ ] :وإِذْ أَ سَ ّر النّبِيّ إِلَى َبعْ ضِ أَ ْزوَاجِ هِ حَدِيثا فَ َلمّ ا نَبّأَ ْ
ت مَ نْ أَنْبَأَ كَ هَذَا قَالَ
ن َبعْ ضٍ فَ َلمّا نَبّأَهَا بِ هِ قَالَ ْ
ض عَ ْ
ف َبعْضَ هُ َوأَعْرَ َ
عَلَيْ ِه عَرّ َ
يِ ا ْلعَلِيمُ ا ْلخَبِير[(. )1
نَبّأَن َ
. ()2
وقد ثبت في الصحيح عن عمر أنها عائشة وحفصة
فيقال :أول :هؤلء يعمدون إلى نصسوص القرآن التسي فيهسا ذكسر
ب ومعا صٍ بيّ نة ل من ن صّت ع نه من المتقدم ين يتأوّلون الن صوص بأنواع
ذنو ٍ
التأويلت ،وأهسل السسنة يقولون :بسل أصسحاب الذنوب تابوا منهسا ورفسع ال
درجاتهم بالتوبة .
وهذه الية ليست أوْلى في دللتها على الذنوب من تلك اليات ،فإن
كان تأويل تلك سائغا كان تأويل هذه كذلك ،وإن كان تأويل هذه باطل فتأويل
تلك أبطل .
ويقال :ثانيا :بتقدير أن يكون هناك ذنب لعائشة وحفصة ،فيكونان قد
صغَتْ قُلُو ُبكُما [،
تابتا منه .وهذا ظاهر لقوله تعالى ] :إِ نْ تَتُوبَا إِلَى الِ َفقَدْ َ
فدعاهما ال تعالى إلى التوبة ،فل يظن بهما أنهما لم يتوبا ،مع ما ثبت من
علو درجتهمسا ،وأنهمسا زوجتسا نبيّنسا فسي الجنسة ،وأن ال خيرهسن بيسن الحياة
الدن يا وزينت ها وب ين ال ور سوله والدار الخرة ،فاخترن ال ور سوله والدار
225
الخرة ،ولذلك حرّم ال عل يه أن يت َبدّل ب هن غير هن ،وحرم عل يه أن يتزوج
عليهن ،واختُلف في إباحة ذلك له بعد ذلك ،ومات عنهن وهن أمهات المؤمنين
بنسص القرآن .ثسم قسد تقدّم أن الذنسب يُغفسر ويُعفسى عنسه بالتوبسة وبالحسسنات
الماحية وبالمصائب المكفرة .
ويقال :ثالثا :المذكور عن أزواجه كالمذكور عمّن شُهد له بالجنة من
أ هل بي ته وغير هم من ال صحابة ،فإن عليّ ا ل ما خ طب اب نة أ بي ج هل على
فاطمة ،وقام النبي eخطيبا فقال (( :إن بني المغيرة استأذنوني أن ينكحوا عليّا
ابنتهسم ،وإنسي ل آذن ثسم ل آذن ثسم ل آذن ،إل أن يريسد ابسن أبسي طالب أن
يطلق ابنتي ويتزوج ابنتهم ،إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني
ما آذاها )) فل يُظن بعلي tأنه ترك الخطبة في الظاهر فقط ،بل تركها بقلبه
وتاب بقلبه عما كان طلبه وسعى فيه.
)) وأما الحديث الذي رواه وهو قوله لها((:تقاتلين عليّا وأنت ظالمة له
فهذا ل يُعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة ،ول له إسناد معروف ،وهو
بالموضوعات المكذوبات أشبه منه بالحاديث الصحيحة ،بل هو كذب قطعا ،
فإن عائشسة لم تقاتسل ولم تخرج لقتال ،وإنمسا خرجست لقصسد الصسلح بيسن
المسلمين ،وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ،ثم تبين لها فيما بعد أن
ترك الخروج كان أوْلى ،فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها .
وأ ما قوله (( :وخال فت أ مر ال في قوله تعالى ] :وَقَ ْر نَ فِي بُيُو ِتكُنّ
ن تَبَرّ جَ ا ْلجَاهِلِ ّي ِة الُولَى[(. )1ف هي tلم ت تبرج تبرج الجاهل ية الولى.
َولَ تَبَ ّرجْ َ
وال مر بال ستقرار في البيوت ل ينا في الخروج لم صلحة مأمور ب ها ،ك ما لو
خر جت لل حج وللعمرة أو خر جت مع زوج ها في سفره ،فإن هذه ال ية قد
نزلت في حياة النبي ،eوقد سافر بهن رسول ال eبعد ذلك كما سافر في
حجة الوداع بعائشة رضى ال عنها وغيرها ،وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها
فأردفها خلفه ،وأعمرها من التنعيم .
226
وأمنا قوله ((:إنهسا خرجست فسي مل مسن الناس تقاتسل عليّاس مسن غيسر
ذنب)) .
فهذا أول :كذب علي ها .فإن ها لم تخرج لق صد القتال ،ول كان أي ضا
طلحسة والزبيسر قصسدهما قتال عليّس ،ولو قدر أنهسم قصسدوا القتال ،فهذا هسو
صِلحُوا
القتال المذكور في قوله تعالى َ ] :وإِ نْ طَا ِئفَتَا نِ مِ نَ ا ْل ُم ْؤمِنِي نَ اقْتَتَلُوا فَأَ ْ
ن َبغَ تْ ِإحْدَا ُهمَا عَلَى ا ُلخْرَى َفقَاتِلُوا الّتِي تَ ْبغِي حَتّى َتفِيء إِلَى َأمْرِ
بَيْ َن ُهمَا فَإِ ْ
سطِين .إِ ّنمَا
سطُوا إِنّ الَ ُيحِبّ ا ْل ُمقْ ِ
صِلحُوا بَيْ َن ُهمَا بِالعَ ْدلِ َوأَقْ ِ
ال فَإِنْ فَاءَتْ فَأَ ْ
خوَ ْيكُم [( )1فجعلهم مؤمنين أخوة مع القتتال.
ن أَ َ
خوَةٌ فَأَ صْ ِلحُوا بَيْ َ
ا ْل ُم ْؤمِنُو نَ إ ْ
وإذا كان هذا ثابتا لمن هو دون أولئك المؤمنين فهم به أوْلى وأحرى.
وأما قوله (( :إن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان )) .
فجوابنه منن وجوه :أحدهنا :أن يقال :أول :هذا مسن أظهسر الكذب
وأَبينسه ؛ فإن جماهيسر المسسلمين لم يأمروا بقتله ،ول شاركوا فسي قتله ،ول
رضوا بقتله .
أمسا أول :فلن أكثسر المسسلمين لم يكونوا بالمدينسة ،بسل كانوا بمكسة
واليمسن والشام والكوفسة والبصسرة ومصسر وخراسسان ،وأهسل المدينسة بعسض
المسلمين .
وأ ما ثان يا :فلن خيار الم سلمين لم يد خل وا حد من هم في دم عثمان ل
قتسل ول أمسر بقتله ،وإنمسا قتله طائفسة مسن المفسسدين فسي الرض مسن أوباش
القبائل وأهسل الفتسن ،وكان علي ّ tيحلف دائمسا (( :إنسي مسا قتلت عثمان ول
مالت على قتله )) ويقول (( :اللهم العن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل
والجبل )) .وغاية ما يقال :إنهم لن ينصروه حق النصرة ،وأنه حصل نوع
من الفتور والخذلن ،ح تى تم كن أولئك المف سدون .ول هم في ذلك تأويلت ،
ومسا كانوا يظنون أن المسر يبلغ إلى مسا بلغ ،ولو علموا ذلك لسسدّوا الذريعسة
وحسموا مادة الفتنة .
227
الثاني :أن هؤلء الرافضة في غاية التناقض والكذب ؛ فإنه من المعلوم
أن الناس أجمعوا على بي عة عثمان ما لم يجمعوا على قتله ؛ فإن هم كلهم بايعوه
فسي جميسع الرض .فإن جاز الحتجاج بالجماع الظاهسر ،فيجسب أن تكون
بيع ته حقّا لحصول الجماع عليها .وإن لم يجز الحتجاج به ،بطلت حجت هم
بالجماع على قتله .ل سيما و من المعلوم أ نه لم يبا شر قتله إل طائ فة قليلة .
ثم إنهم ينكرون الجماع على بيعته ،ويقولون :إنما بايع أهل الحق منهم خوفا
وكرهسا .ومعلوم أنهسم لو اتفقوا كلهسم على قتله ،وقال قائل :كان أهسل الحسق
كارهين لقتله لكن سكتوا خوفا وتقيّة على أنفسهم ،لكان هذا أقرب إلى الحق ،
لن العادة قد جرت بأن من يريد قتل الئ مة يخ يف من يناز عه ،بخلف من
يريد مبايعة الئمة ،فإنه ل يخيف المخالف ،كما يخيف من يريد قتله ،فإن
المريديسن للقتسل أسسرع إلى الشسر وسسفك الدماء وإخافسة الناس مسن المريديسن
للمبايعسة .فقول أهسل السسنّة خسبر صسادق وقول حكيسم ،وقول الرافضسة خسبر
كاذب وقول سسفه ،فأهسل السسنّة يقولون الميسر والمام والخليفسة ذو السسلطان
الموجود ،الذي له القدرة على عمل مقصود الولية ،كما أن إمام الصلة هو
الذي ي صلي بالناس ،و هم يأتمون به ل يس إمام ال صلة من ي ستحق أن يكون
إماما وهو ل يصلي بأحد ،لكن هذا ينبغي أن يكون إماما ،والفرق بين المام
وبين من ينبغي أن يكون هو المام ل يخفى على الطغام .
ويقولون أنسه يعاون على البر والتقوى ،دون الثسم والعدوان ،ويطاع
في طاعة ال دون معصيته ،ول يخرج عليه بالسيف ،وأحاديث النبي صلى
ال تعالى عليه وسلم إنما تدل على هذا .
228
جاهل ية ))( )1فج عل المحذور هو الخروج عن ال سلطان ومفار قة الجما عة وأ مر
بال صبر على ما يكره من الم ير لم ي خص بذلك سلطانا معينا ول أميرا معي نا
ول جماعة معينة .
ومضمون مسا ذكره أن الناس اختلفوا بعسد النسبي صسلى ال تعالى عليسه
وسسلم فيجسب النظسر فسي الحسق واعتماد النصساف ،ومذهسب الماميسة واجسب
التباع لربعة وجوه ،لنه أحقها ،وأصدقها ،ولنهم باينوا جميع الفرق في
أصسول العقائد ،ولنهسم جازمون بالنجاة لنفسسهم ،ولنهسم أخذوا دينهسم عسن
الئمة المعصومين ،وهذا حكاية لفظه .
أم أصبسح مأثوما بقتل حسين أاترك ملك الرىّ والرى منيتي
حجاب وملك الرىّ قرة عيني وفي قتله النار التي ليس دونها
وبعضهم اشتبه المر عليه ،ورأى لطالب الدنيا مبايعا ،فقلده وبايعه
وق صر في نظره ،فخ فى عل يه ال حق فا ستحق المؤاخذة من ال تعالى بإعطاء
الحق لغير مستحقه بسبب إهمال النظر ،وبعضهم قلد لقصور فطنته ،ورأى
الجسم الغفيسر فتابعهسم ،وتوهسم أن الكثرة تسستلزم الصسواب ،وغفسل عسن قوله
229
وبعضهسم طلب ()2
شكُور [
ِين ال ّ
ِنن عِبَاد َ
] وَقَلِي ُل م ْ ()1
ُمن [
تعالى ] :وَ َقلِيلٌ مَا ه ْ
ال مر لنف سه ب حق له وباي عه القلون الذ ين أعرضوا عن الدن يا وزينت ها ،ولم
يأخذ هم في ال لو مة لئم بل أخل صوا ل واتبعوا ما أمروا به من طا عة من
يستحق التقديم .
وحيث حصل للمسلمين هذه البلية ،وجب على كل أحد النظر في الحق
واعتماد النصساف ،وأن يقسر الحسق مسستقره ،ول يظلم مسستحقه ،فقسد قال
و إنمسا كان مذهسب الماميسة واجسب ()3
تعالى َ] :ألَ َلعْ َنةُ الِ عَلَى الظّا ِلمِينن [
التباع لوجوه هذا لفظه .
فيقال :أنه قد جعل المسلمين بعد نبيهم أربعة أصناف ،،وهذا من أعظم
الكذب فإنه لم يكن من في الصحابة المعروفين أحد من هذه الصناف الربعة،
فضل عن أن ل يكون فيهم أحد إل من هذه الصناف .
وهذا كذب على علي ، tوعلى أبسي بكسر ، tفل علي طلب المسر
لنف سه ق بل ق تل عثمان ،ول أ بو ب كر طلب ال مر لنف سه فضل عن أن يكون
طلبه بغير حق .
وجعل القسمين الخرين إما مقلدا لجل الدنيا ،وإما مقلدا لقصوره في
النظر ،وذلك أن النسان يجب عليه ان يعرف الحق وأن يتبعه ،وهو الصراط
المسستقيم صسراط الذيسن أنعسم ال عليهسم ،مسن النسبيين والصسديقين ،والشهداء
وال صالحين ،غ ير المغضوب علي هم ،ول الضال ين .وهذا هو ال صراط الذي
230
أمرنا أن نسأله هدايتنا إياه ،في كل صلة بل في كل ركعة .
وهذه المة خير المم ،وخيرها القرن الول ،كان القرن الول أكمل
الناس في العلم النافع ،والعمل الصالح .
وادعسى أن منهسم مسن طلب المسر لنفسسه بحسق يعنسي عليا ،وهذا ممسا
علم نا بالضطرار أ نه لم ي كن ،فلزم من ذلك على قول هؤلء أن تكون ال مة
كلها كانت ضالة ،بعد نبيها ليس فيها مهتد .
فتكون اليهود ولنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا منهم ،لنهم كما قال
تعالىَ ] :ومِن ْن َقوْمِن مُوسنَى ُأ ّمةً َيهْدُونَن بِالحَقّ وَهُم ْن َيعْدِلُون [( . )1و قد أ خبر
ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم أن اليهود والن صارى افتر قت على أكثر من
سبعين فر قة ،في ها واحدة ناج ية ،وهذه ال مة على مو جب ما ذكروه لم ي كن
فيهم بعد موت النبي صلى ال تعالى عليه وسلم أمة تقوم بالحق ول تعدل به،
وإذا لم يكن ذلك في خيار قرونهم ففيما بعد ذلك أولى .
فيلزم من ذلك ان يكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا من
خ ير أ مة أخر جت للناس ،فهذا لزم ل ما يقوله هؤلء المفترون ،فإذا كان هذا
في حكايته لما جرى عقب موت النبي صلى ال تعالى عليه وسلم من اختلف
المة ،فكيف سائر ما ينقله ويستدل به ،ونحن نبين ما في هذه الحكاية من
231
الكاذيب من وجوه كثيرة ،فنقول :
ما ذكره هذا المفترى من قوله :أنه لما عمت البلية على كافة المسلمين
بموت النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم .واختلف الناس بعده ،وتعددت
آراؤهسم بحسسب تعدد أهوائهسم ،فبعضهسم طلب المسر لنفسسه ،وتابعسه أكثسر
الناس طلبا للدنيا ،كما اختار عمر بن سعد ،ملك الرى أياما يسيرة لما خير
بينه وين قتل الحسين ،مع علمه بان في قتله النار واختياره ذلك في شعره .
فيقال في هذا الكلم من الكذب ،والباطل وذم خيار المة ،بغير حق
مسا ل يخفسى مسن وجوه ( .أحدهمنا ) :قوله تعددت آراؤهسم بحسسب تعدد
أهوائهم ،فيكون كلهم متبعين أهوائهم ،ليس فيهم طالب حق ،ول مريد لوجه
ال تعالى والدار الخرة ،ول من كان قوله عن اجتهاد واستدلل .
وعموم لفظه يشمل عليا وغيره ،وهؤلء الذين وصفهم بهذا ،هم الذين أثنى
ال عليهم هو ورسوله ،ورضي ال عنهم ووعدهم الحسنى ،كما قال تعالى :
ِينن اتّبَعُوهُم بِ ِإحْسنَان tم
ِرينن وَالَنْصنَار الّذ َ
ِنن ال ُمهَاج َ
ُونن م َ
]وَالسنّا ِبقُونَ ا َلوّل َ
ك ال َفوْزُ
ت َتجْرِي َتحْتها الَ ْنهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِ َ
وَرَضُوا عَنْ ُه َوأَعَدّ َلهُمْ جَنّا ٍ
ن َمعَ هُ َأشِدّاءَ عَلَى ال ُكفّارِ
حمّدٌ رَ سُولُ الِ وَالّذِي َ
العَظِ يم [ (. )1وقال تعالى ُ ُ ] :م َ
ضوَانًا سِيمَاهُم في
ن الِ وَرِ ْ
ل مِ َ
سجّدًا يَبْ َتغُو نَ فَضْ ً
حمَا َء بَيْ َنهُ مْ تَرَاهُ مْ ُر ّكعًا ُ
ُر َ
ك مَثَُلهُ مْ في ال ّتوْرَاةِ َ ،ومَثَُلهُ مْ في الِإ ْنجِيل كَ َزرْ عٍ
سجُودْ ذَلِ َ
ُوجُو ِههِم ِم نْ أَثَ ِر ال ّ
علَى سُو ِق ِه ُي ْعجِ بُ الزّرّا عَ لِ َيغِي ظَ ِبِ هم
شطْأَ هُ فآزَرَ هُ فَا سْ َتغْ َلظَ فَا سْ َتوَى َ
ج َ
َأخْرَ َ
ُمن َمغْفِرَ ًة َوَأجْرا
عمِلُوا الصنّا ِلحَاتِ مِ ْنه ْ
ُمن وَ َ
ِينن آمَنُوا مِ ْنه ْ
الكُفّار ،وَعَدَ الُ الّذ َ
عظِيمًا [(. )2
َ
ُسن ِهمْ
ِمن َوأَنْف ِ
ِينن آمَنُوا وَهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا بِ َأ ْموَا ِله ْ
وقال تعالى ] :إِنّ الّذ َ
في سَبِي ِل الِ وَالّذِي نَ آ َووْا وَنَ صَرُوا َأوْلَئِ كَ بَعضُهم َأوْلِيَا َء َبعْض –إلى قوله –
232
ِينن آمَنُوا مِن بَعند
ْقن كَرِينم وَالّذ َ
حقّان لَهُم َم ْغفِرَةٌ وَ ِرز ٌ
ُونن َ
ُمن ال ُم ْؤمِن َ
ِكن ه ُ
ُأوْلَئ َ
. ()1
ك مِ ْنكُم [
وَهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا َم َعكُم فَُأوْلَئِ َ
ق مِ نْ قَ ْبلِ ا ْلفَتْ حِ وَقَاتَل أُولَئِ كَ
ن أَنْفَ َ
وقال تعالى ] :لَ يَ سْ َتوِي مِ ْنكُم مَ ْ
حسْنَى [(. )2
ن أَنْ َفقُوا مِنْ َبعْد َوقَاتَلُوا َوكُلّ وَعَ َد الُ ال ُ
ن الّذِي َ
جةً مِ َ
عظَ ُم دَ َر َ
أَ ْ
ن دِيَارِهِ ْم َوَأمْوَالِهِم
وقال تعالى ِ] :للفقرا ِء ا ْل ُمهَاجِرِي نَ الّذِي نَ ُأخْ ِرجُوا مِ ْ
ن ال َورَ سُو َل ُه ُأوْلَئِ كَ هُم ال صّادِقُون
ن الِ وَرِضوانًا وَيَنْ صُرُو َ
ل مِ َ
يَبْ َتغُو نَ فَضْ ً
ن تَ َبوّؤا الدّارَ وَالِيمَان مِن قَبْ ِلهِم ُيحِبّون مَن هَاجَ َر إِلَ ْيهِم َولَ َيجِدُو نَ في
وَالّذِي َ
ن ِبهِمْ خَصَاصَة َومَن
سهِم وَ َل ْو كَا َ
ن عَلَى أَنْف ِ
جةً ِممّا أُوتُوا وَ ُيؤْثِرُو َ
صُدُو ِرهِم حَا َ
ن جَاءُوا مِن َبعْدِهِم َيقُولُو نَ رَبّنَا
يُو قَ شُحّ َنفْ سِهِ فَُأوْلَئِ كَ هُ مُ ا ْل ُمفْ ِلحُون وَالّذِي َ
ِينن
ل لِلّذ َ
ج َعلْ فني قُلُوبِنَا غِ ّ
سنبَقُونَا بِالِيمَان َولَ َت ْ
ِينن َ
خوَانِنَا الّذ َ
غفِرْ لَنَا َو ِل ْ
اْ
آمَنُوا رَبّنَا إِنّكَ رَءُوفٌ َرحِيم [(. )3
233
ثسم قرأ ] للفقراء المهاجرينن الذينن أخرجوا منن ديارهنم وأموالهنم
يبتغون فضل من ال ورضوانا ،هؤلء المهاجرون ،وهذه منزلة قد مضت،
ثم قرا والذ ين تبوءوا الدار واليمان من قبل هم يحبون من ها جر إلي هم ول
يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا .ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
خصا صة[ .
وروى أيضا بإسناده عن مالك بن أنس أنه قال ((:من سب السلف فليس
ن َبعْدِهِم [
()3
ن جَاءُوا مِ ْ
له في الفيء نصيب )) لن ال تعالى يقول ] :وَالّذِي َ
-اليسة – وهذا معروف عسن مالك ،وغيسر مالك مسن أهسل العلم كأبسي عبيسد
. ()4
القاسم بن سلم
وكذلك ذكره أبو حكيم النهرواني ،من أصحاب أحمد وغيره من الفقهاء،
وروى أي ضا عن الح سن بن عمارة ،عن الحك يم عن مق سم عن ا بن عباس
رضسى ال عنهمسا .قال (( :أمسر ال بالسستغفار لصسحاب النسبي صسلى ال
. ()5
تعالى عليه وسلم ،وهو يعلم أنهم يقتتلون ))
وقال عروة قالت لي عائشسة رضسى ال عنهسا (( :يسا ابسن أختسي أمروا
234
. ()1
بالستغفار لصحاب النبي صلى ال تعالى عليه وسلم .فسبوهم ))
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري tقال .قال رسول ال صلى
ال تعالى عليه وسلم (( ل تسبوا أصحابي فلو ان أحدهم أنفق مثل أُحد ذهبا ما
بلغ مد أحدهم ول نصيفه))(. )2
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة tأن رسول ال صلى ال تعالى عليه
وسلم قال (( :ل تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد
ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه ))(. )3
وفي صحيح مسلم أيضا عن جابر بن عبد ال قال :قيل لعائشة (( :إن
نا سا يتناولون أ صحاب ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ،ح تى أ با ب كر
وع مر ،فقالت و ما تعجبون من هذا ،انق طع عن هم الع مل ،فأ حب ال أن ل
. ()4
يقطع عنهم الجر ))
وروى ابن بطة بالسناد الصحيح عن عبد ال بن أحمد قال حدثني أبي .
حدثنا معاوية .حدثنا رجاء عن مجاهد عن ابن عباس رضى ال عنهما قال :
(( ل ت سبوا أ صحاب مح مد فإن ال تعالى قد أمر نا بال ستغفار ل هم و هو يعلم
أنهم سيقتلون ))(.)5
و من طر يق أح مد ،عن ع بد الرح من بن مهدي ،وطر يق غيره عن
وكيع ،وأبي نعيم ثلثتهم ،عن الثوري ،عن نسير بن ذعلوق ،سمعت عبد
ال بن عمر يقول (( :ل تسبوا أصحاب محمد ،فلمقام أحدهم ساعة يعني مع
النبي صلى ال تعالى عليه وسلم خير من عمل أحدكم أربعين سنة )).
وفي رواية وكيع ( خير من عبادة أحدكم عمره ) .
235
ت الشّجَرَة
ك َتحْ َ
ن اُلمُؤمِنِي نَ إِ ْذ يُبَا ِيعُونَ َ
ع ِ
ي الُ َ
ض َ
وقال تعالى َ] :ل قد رَ ِ
سكِي َنةَ عَلَيْهِم َوأَثَا َبهُ مْ فَتْحًا َقرِيبًا َو َمغَانِ مَ كَثِيرَةً
َفعَلِ مَ مَا في قُلُو ِبهِ مْ َفأَنْ َزلَ ال ّ
جلَ َلكُم
حكِيمًا وَعَ َدكُم الُ َمغَانِ مَ كَثِيَرةً تَأخُذُو َنهَا َف َع ّ
يَ ْأخُذُو َنهَا وَكَا نَ الُ عَزِيزا َ
صرَاطًا مُسْ َتقِيمًا
هَذِ ِه َوكَفّ أيدي النّاسِ عَ ْنكُم وَلِ َتكُو نَ آيةً للمُؤمِنِين وَيهْديكُم ِ
()1
ن الُ عَلَى ُكلّ شَيءٍ قَدِيرًا [
ط الُ ِبهَا َوكَا َ
علَ ْيهَا قَ ْد َأحَا َ
َوأُخْرَى َلمْ َتقْدِرُوا َ
وقد أخبر ال أنه سبحانه وتعالى رضي عنهم ،وأنه علم ما في قلوبهم ،
وأنه أثابهم فتحا قريبا .
236
ن وَالَنْصَار [()1هم هؤلء الذين أنفقوا من قبل الفتح قاتلوا
ن ا ْل ُمهَاجِرِي َ
ا َلوّلُونَ ِم َ
،وأهسل بيعسة الرضوان كلهسم منهسم ،وكانوا أكثسر مسن ألف وأربعمائة ،وقسد
ذهسب بعضهسم إلى أن السسابقين الوّليسن ،هسم مسن صسلى إلى القبلتيسن ،وهذا
ضع يف ،فإن ال صلة إلى القبلة المن سوخة ل يس بمجرده فضيلة ،ولن الن سخ
ليس من فعلهم ،الذي يفضلون به ،ولن التفضيل بالصلة إلى القبلتين لم يدل
عليسه دليسل شرعسي ،كمسا دل على التفضيسل بالسسبق إلى النفاق والجهاد ،
والمبايعة تحت الشجرة .
وقسد علم بالضطرار أنسه كان فسي هؤلء السسابقين الوليسن أبسو بكسر ،
وعمسر ،وعثمان ،وعلي ،وطلحسة ،والزبيسر ،وبايسع النسبي eبيده عسن
عثمان ،لنه كان غائبا قد أرسله إلى أهل مكة ليبلغهم رسالته ،وبسببه بايع
النبي eالناس ،لما بلغه أنهم قتلوه :وقد ثبت في صحيح مسلم ،عن جابر
بن ع بد ال tأ نه قال (( :ل يد خل النار أ حد با يع ت حت الشجرة ))( ، )2و قال
ُوهن فني
ِينن اتّ َبع ُ
ِينن وَالَنْصنَار الّذ َ
علَى النّبِي وَال ُمهَاجِر َ
َابن الُ َ
تعالى َ] :لق ْد ت َ
ب عَلَ ْيهِم إِنّ هُ ِبهِم
ق مِ ْنهَ مْ ُثمّ تَا َ
ن يَزِي غُ قُلُو بَ فَرِي ٍ
عةِ العُ سْرَة مِن َبعْ ِد مَا كَا َ
سَا َ
رَءُو فٌ َرحِيم [(. )3فجمع بينهم وبين رسول ال في التوبة .وقال تعالى ] :إِنّ
ِينن
سنبِي ِل ال ،وَالّذ َ
ُسنهِم فني َ
ِينن آمَنُوا وَهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا بِ َأ ْموَالِهِم َوأَ ْنف ِ
الّذ َ
جرُوا –إلى
ضهُم َأوْلِيَا َء َبعْض ،وَالّذِي نَ آمَنُوا وَلَ مْ ُيهَا ِ
ك َبعْ ُ
صرُوا ُأوْلَئِ َ
آ َووْا وَنَ َ
()4
ك مِنْكُم [
قوله تعالى –وَالّذِي نَ آمَنُوا مِن بَ عد َوهَاجَرُوا َوجَاهَدُوا َمعَكُم فَُأوْلَ ِئ َ
ِينن آمَنُوا لَ تَ ّتخِذُوا ال َيهُودَ
فأثبست الموالة بينهسم وقال للمؤمنيسنَ ]:ينا أَيّهَا الّذ َ
وَالنّصَارَى َأوْلِيَا َء َبعْضهُم َأوْلِيَاءَ َبعْض َومَن يَ َتوَّلهُم مِ ْنكُمْ َفإِنّهُ مِ ْنهُم إِنّ الَ لَ
ِينن آمَنُوا
ُمن ال وَرَسنُو َل ُه وَالّذ َ
ْمن الظّا ِلمِينن –إلى قوله – إِنّم َا وَلِ ّيك ُ
َيهْدِي ال َقو َ
237
ن يَ َت َولّ الَ وَرَ سُو َلهُ
ن ال صّلةَ وَ ُيؤْتُو نَ ال ّزكَاةَ وَهُ مْ رَاكِعُون َ ،ومَ ْ
الّذي نَ ُيقِيمُو َ
ن وَ
ن آمَنُوا َفإِنّ َحِزْ بَ الِ هُ ُم الغَالِبُون [( . )1وقال تعالى ] :وَالمُؤمِنُو َ
وَالّذِي َ
ضهُم َأوْلِيَاء َبعْض[ (.)2
المُؤمِنَات َبعْ َ
فأث بت الموالة بين هم ،وأمر هم بموالت هم ،والراف ضة ت تبرأ من هم ول
تتولهم ،وأصل الموالة المحبة ،وأصل المعاداة البغض ،وهم يبغضونهم ول
يحبونهم .
و قد و ضع ب عض الكذاب ين حدي ثا مفترى ،أن هذه ال ية نزلت في علي
ل ما ت صدق بخات مه في ال صلة ،وهذا كذب بإجماع أ هل العلم بالن قل ،وكذ به
بيّن من وجوه كثيرة .
منها أن قوله الذين صيغة جمع .وعلي واحد .
ومنهسا أن الواو ليسست واو الحال إذ لو كان كذلك لكان ل يسسوغ أن
يتولى إل مسن أعطسى الزكاة فسي حال الركوع .فل يتولى سسائر الصسحابة
والقرابة .
ومنها ان المدح إنما يكون بعمل واجب أو مستحب ،وإيتاء الزكاة في
نفسس الصسلة ليسس واجسب ول مسستحب ،باتفاق علماء الملة ،فإن الصسلة
شغل.
ومنهسا أنسه لو كان إيتاؤهسا فسي الصسلة حسسنا لم يكسن فرق بيسن حال
الركوع وغير الركوع ،بل إيتاؤها في القيام و القعود أمكن .
ومنها أن عليا لم يكن عليه زكاة على عهد النبي صلى ال عليه وسلم.
ومنها أن إيتاء غير الخاتم في الزكاة خير من إيتاء الخاتم ،فإن أكثر
الفقهاء يقولون ل يجزئ إخراج الخاتم في الزكاة .
ومنهسا أن هذا الحديسث فيسه أنسه أعطاه السسائل ،والمدح فسي الزكاة أن
يخرجها ابتداء ويخرجها على الفور ،ل ينتظر أن يسأله سائل .
238
ومن ها أن الكلم في سياق الن هي عن موالة الكفار ،وال مر بموالة
المؤمنين ،كما يدل عليه سياق الكلم ،وسيجيء إن شاء ال تعالى تمام الكلم
على هذه الية ،فإن الرافضة ل يكادون يحتجون بحجة إل كانت حجة عليهم
ل لهم ،كاحتجاجهم بهذه ال ية على الولية التي هي المارة ،وإنما هي في
الولية التي هي ضد العداوة .
والرافضسة مخالفون لهسا ،والسسماعيلية والنصسيرية ونحوهسم يوالون
الكفار ،من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين ،ويعادون المؤمنين من
المهاجريسن والنصسار والذيسن اتبوعهسم بإحسسان إلى يوم الديسن ،وهذا أمسر
مشهور .
يعادون خيار عباد ال المؤمن ين ويوالون اليهود والن صارى والمشرك ين
ك مِ نَ
ن اتّبَعَ َ
من الترك وغيرهم ،وقال تعالى َ ] :يا أَ ّيهَا النّبِيّ حَ سْبُكَ الُ َومَ ِ
ا ْل ُم ْؤمِنِين[( . )1أي ال كافيك ومن اتبعك من المؤمنين ،والصحابة أفضل من
صرُ الِ وَالفَتْح وَ َرأَيْتَ
اتبعه من المؤمنين ،وأولهم و قال تعالى ] :إِذَا جَا َء نَ ْ
ن َتوّابًا
ك وَا سْ َتغْفِرْ ُه إِنّ هُ كَا َ
حمْدِ رَبّ َ
ن الِ أَ ْفوَاجًا فَ سَ ّبحْ ِب َ
ن في دِي ِ
س يَ ْدخُلُو َ
النّا َ
[.
والذ ين رآ هم ال نبي eيدخلون في د ين ال أفوا جا هم الذ ين كانوا على
ْنن
ّفن بَي َ
ِينن َوأَل َ
َصنرِ ِه وَبِا ْل ُم ْؤمِن َ
َكن بِن ْ
عصسره ،وقال تعالى ُ ] :ه َو الّذِي أَيّد َ
.و إنما أيده في حياته بالصحابة ،و قال تعالى : ()2
قُلُو ِب ِهمْ [
ُونن عِنْدَ
ُمن مَا َيشَاء َ
ُمن الم ّتقُون َله ْ
ِكن ه ُ
ِهن ُأوْلَئ َ
قب َِصندّ َ
قو َِالصندْ ِ
] وَالّذِي جَا َء ب ّ
ع ِملُوا وَ َيجْزِيَه ُم
َسن َوأَ الّذِي َ
ُمن أ ْ
ْسننِين لِ ُي َكفّرَ ال ُ عَ ْنه ْ
ِكن جَزَا ُء ا ْل ُمح ِ
ِمن ذَل َ
رَ ّبه ْ
ن الّذِي كَانُوا َي ْعمَلُون [(. )3
حسَ ِ
َأجْرَهُم بِ َأ ْ
وهذا الصسنف الذي يقول الصسدق ،ويصسدق بسه خلف الصسنف الذي
239
يفتري الكذب أو يكذب بال حق ،ل ما جاءه ك ما سنبسط القول فيه ما إن شاء ال
تعالى .
والصسحابة الذيسن كانوا يشهدون أن ل إله إل ال ،وأن محمدا رسسول
ال ،وأن القرآن حق ،هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به ،بعد النبياء
وليسس فسي الطوائف المنتسسبة إلى القبلة أعظسم افتراء للكذب على ال وتكذيبسا
بال حق من المنت سبين إلى التش يع .ولهذا ل يو جد الغلو في طائ فة أك ثر م ما
يوجد فيهم .
ومن هم من اد عى إله ية الب شر ،واد عى النبوة في غ ير ال نبي صلى ال
تعالى عليه وسلم ،وادعى العصمة في الئمة ،ونحو ذلك مما هو أعظم مما
يوجسد فسي سسائر الطوائف ،واتفسق أهسل العلم أن الكذب ليسس فسي طائفسة مسن
لمٌ عَلَى
حمْ ُد ِلِ وَ سَ َ
المنتسبين إلى القبلة أكثر منه فيهم ،وقال تعالى ُ] :قلِ ا ْل َ
صطَفَى [ .قال طائ فة من ال سلف هم أ صحاب مح مد صلى ال
عِبَادِ هِ الّذِي نَ ا ْ
تعالى عل يه وسلم ،ول ر يب أن هم أفضل الم صطفين من هذه ال مة ،ال تي قال
سهِ
طفَيْنَا مِ نْ عِبَادِنَا َفمِنْهُم ظَالِ ٌم لِ َنفْ ِ
صَنا ْ
ب الّذِي َ
ال في ها ُ ]:ثمّ َأوْرَثْنَا ا ْلكِتَا َ
ضلُ الكَبِير جَنّات
ن ال ذَلِ كَ ُه َو الفَ ْ
َومِنْهُم ُمقْتَ صِد َومِنْهُم سَا ِبقٌ بِا ْلخَ ْيرَا تِ بِإِذْ ِ
سهُم فِيها حَرِير
ب وَُلؤُْلؤًا وَلِبَا ُ
ن أَ سَاوِ َر مِ نْ ذَ َه ٍ
عَدْ نٍ يَ ْدخُلُو َنهَا ُيحَّلوْ نَ فِيهَا مِ ْ
حمْدُ ِلِ الّذي أَذْهَ بَ عَنّا الحَزَن إِنّ رَبّنَا َلغَفُو ٌر شَكُور الّذِي َأحَلّنَا دَارَ
وَقَالوا ا ْل َ
ب َولَ َي َمسّنَا فيها ُلغُوب [(. )1
ال ُمقَا َمةِ مِنْ فَضْ ِلهِ َل َي َمسّنَا فيها نَص ٌ
فأمة محمد صلى ال تعالى عليه وسلم الذين أورثوا الكتاب بعد المتين
قبلهم اليهود والنصارى .
وقد أخبر ال تعالى أنهم الذين اصطفى .
وتواتر عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم أنه قال (( :خير القرون
القرن الذي بعثت فيه ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم )) ،ومحمد صلى ال
تعالى عليه وسلم وأصحابه هم المصطفون ،من المصطفين من عباد ال وقال
240
()1
حمَا َء بَيْنَهُم [
تعالى ُ ] :محمدٌ رَ سُو ُل الِ وَالّذِي نَ َمعَ هُ َأشِدّا َء عَلَى ا ْلكُفّارُ ُر َ
ع ِملُوا
سورة .وقال تعالى ] :وَعَ َد الُن الّذِين نَ آمَنُوا مِ ْنكُم نْ وَ َ
سر السس
إلى آخس
ن مِن قَبْ ِلهِم وَلَ ُي َمكّنَنّ َلهُ مْ
ض َكمَا ا سْ َتخْلَفَ الّذِي َ
ال صّا ِلحَاتِ لَيَ سْ َتخْلِفَ ّنهُم في الَرْ ِ
خوْ ِفهِ ْم َأمْنًا َيعْبُدُونَنِي َل ُيشْ ِركُو نَ
ن َبعْدِ َ
دِي َنهُ مُ الّذِي ارْتَضَى َلهُم وَلَيُبْدِلَ ّنهُم مِ ْ
ن كَفَ َر َبعْدَ ذَلِكَ فَُأوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُون [( . )2فقد وعد ال الذين آمنوا
بِي شَيْئًا َومَ ْ
وعملوا الصسالحات بالسستخلف ،كمسا وعدهسم فسي تلك اليسة مغفرة وأجرا
عظيما ،وال ل يخلف الميعاد .
فدل ذلك أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين
ُمن
ِيتن َلك ُ
السسلم ،وهسو الديسن الذي ارتضاه لهسم ،كمسا قال تعالى ] :وَرَض ُ
ا ِلسْل َم دينًا [( )3وبدلهم بعد خوفهم أمنا لهم ( )4المغفرة والجر العظيم .
وهذا يسستدل بسه على وجهيسن :على أن المسستخلفين مؤمنون عملوا
الصالحات ،لن الوعد لهم ل لغيرهم ،ويستدل به على ان هؤلء مغفور لهم،
ولهسم أجسر عظيسم ،لنهسم آمنوا وعملوا الصسالحات ،فتناولتهسم اليتان – آيسة
النور وآية الفتح .
من المعلوم أن هذه النعوت منطب قة على ال صحابة على ز من أ بي بكسر
وعمر وعثمان ،فإنه إذ ذاك حصل الستخلف ،وتمكن الدين والمن ،بعد
الخوف ل ما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ،ومصسر وخرا سان ،
وأفريقية .
ول ما ق تل عثمان وح صلت الفت نة لم يفتحوا شيئا من بلد الكفار ،بل
طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان ،وكان بعضهم يخاف بعضا .
وحينئذ قسد دل القرآن على إيمان أبسي بكسر وعمسر وعثمان ،ومسن كان
241
معهسم فسي زمسن السستخلف والتمكيسن والمسن ،والذيسن كانوا فسي زمسن
ال ستخلف والتمك ين وال من أدركوا ز من الفت نة كعلي وطل حة وأ بي مو سى
الشعري ،ومعاويسة وعمرو بسن العاص ،دخلوا فسي اليسة لنهسم اسستخلفوا
ومكنوا ،وأمنوا .
و أ ما من حدث في ز من الفت نة كالراف ضة الذ ين حدثوا في ال سلم ،
في ز من الفت نة والفتراق ،وكالخوارج المارق ين ،فهؤلء لم يتناول هم ال نص ،
فلم يدخلوا في من وصف باليمان والعمل ال صالح ،المذكورين في هذه الية ،
لنهم أول ليسوا من الصحابة المخاطبين بهذا .
ولم يحصسل لهسم مسن السستخلف والتمكيسن والمسن بعسد الخوف مسا
حصل للصحابة ،بل ل يزالون خائفين مقلقلين غير ممكنين .
فإن قيل لما قال وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ولم يقل
وعدهم كلهم .قيل كما قال وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ،ولم
يقل وعدكم .
و"من" تكون لبيان الجنس فل يقتضي أن يكون قد بقي من المجرور بها
س مِ نَ
ش يء خارج ،عن ذلك الج نس ك ما في قوله تعالى َ] :فاجتنبوْا ال ّرجْ َ
ا َلوْثَان [( )1فإنسه ل يقتضسى أن يكون مسن الوثان ما ليسس بر جس ،وإذا قلت
ثو با من حر ير ،ف هو كقولك ثوب حر ير ،وكذلك قولك باب من حد يد ف هو،
كقولك باب حديسد ،وذلك ل يقتضسي أن يكون هناك حريسر وحديسد غيسر
المضاف إل يه ،وإن كان الذي يت صوره كل يا ،فإن الج نس الكلي ،هو مسا ل
يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه ،وإن لم يكن مشتركا فيه في الوجود .
فإذا كا نت من بيان الج نس ،كان التقد ير و عد ال الذ ين آمنوا وعملوا
الصالحات من هذا الجنس ،وإن كان الجنس كلهم مؤمنين صالحين ،وكذلك
إذا قال وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات من هذا الجنس والصنف مغفرة
وأجرا عظيما ،لم يمنع ذلك أن يكون جميع هذا الجنس مؤمنين صالحين .
242
ت مِ ْنكُنّ
ن َيقْنُ ْ
ولما قال لزواج النبي صلى ال تعالى عليه وسلمَ ] :ومَ ْ
ن َوأَعْتَدْنَا َلهَا ِرزْقًا كَرِيمًا [( )1لم
لِ َورَ سُو ِلهِ وَ َت ْع َملْ صَالِحا ُنؤْ ِتهَا َأجْ َرهَا مَرّتَيْ ِ
يمنع أن يكون كل منهن تقنت ل ورسوله ،وتعمل صالحا ،ولما قال تعالى :
ْسنهِ
َبن رَبّكُم عَلَى َنف ِ
لمٌ عَليَكُم كَت َ
سن َ
ُونن بِآيَاتِنَا َف ُقلْ َ
ِينن ُي ْؤمِن َ
َكن الّذ َ
] َوإِذَا جَاء َ
غفُورٌ
ن َبعْدِ هِ َوأَ صْ َلحَ فَإِنّ هُ َ
جهَا َلةٍ ُثمّ تَا بَ ِم ْ
ع ِملَ مِ ْنكُم سُوءا ِب َ
ن َ
حمَة أَنّ هُ مَ ْ
ال ّر ْ
َرحِي ٌم [ ( )2لم يمنع أن يكون كل من هم متصفا بهذه ال صفة ،ول يجوز ان يقال
أنهسم لو عملوا سسوءا بجهالة ثسم تابوا مسن بعسد ذلك وأصسلحوا لم يغفسر إل
لبعضهم.
ولهذا تدخل من هذه في النفي لتحقيق نفي الجنس كما في قوله تعالى :
] ()4
ن إِلَ ٍه ِإلّ ال[
عمَ ِلهِم مِن شَيء[( )3وقوله تعالىَ ] :ومَا مِ ْ
] َومَا التّنَاهُم مِن َ
َفمَا مِ ْنكُم مِن َأحَدٍ عَ ْن ُه حَاجِزِين [(. )5
ولهذا إذا دخسلت في النفي تحقيقا أو تقديرا أفسادت نفي الجنس قطعا ،
(فالتحق يق ما ذ كر والتقد ير كقوله تعالى] :ل إله إل ال[وقولهَ ] :لرَيْ بَ ف يه [
ونحو ذلك بخلف ما إذا لم تكن "من"موجودة كقولك (( ما رأيت رجل )) فإنها
ظاهرة لنفي الجنس ،ولكن قد يجوز أن ينفي بها الواحد من الجنس ،كما قال
سيبويه :يجوز أن يقال ما رأيت رجل ،بل رجلين .
ف تبين أ نه يجوز إرادة الوا حد ،وإن كان الظا هر ن في الج نس ،بخلف
ما إذا دخلت (من ) فإنه ينفي الجنس قطعا ،ولهذا لو قال لعبيده من أعطاني
منكم ألفا فهو حر فأعطاه كل واحد ألفا عتقوا كلهم .
وكذلك لو قال وا حد لن سائه من أبرأت ني من كن من صداقها ف هي طالق
243
فأبرأنه كلهن ،طلقن كلهن .
فإن المقصسود بقوله منكسن بيان جنسس المعطسى والمسبرئ ل إثبات هذا
الحكم لبعض العبيد والزواج .
فإن ق يل فهذا ك ما ل يم نع أن يكون كل المذكور مت صفا بهذه ال صفة فل
يوجسب ذلك أيضسا ،فليسس فسي قوله وعسد ال الذيسن آمنوا منكسم و عملوا
الصالحات ما يقتضي أن يكونوا كلهم كذلك .
قيسل :نعسم ونحسن ل ندعسي أن مجرد هذا اللفسظ دل على ان جميعهسم
موصسوفون باليمان والعمسل الصسالح ،ولكسن مقصسودنا أن (مسن ) ل ينافسى
شمول هذا الوصسف لهسم فل يقول قائل ان الخطاب دل على ان المدح شملهسم
وعمهم بقوله محمد رسول ال والذين معه إلى آخر الكلم ،ول ريب أن هذا
مدح ل هم ب ما ذ كر ،من ال صفات ،و هو الشدة على الكفار ،والرح مة بين هم
والركوع والسجود يبتغون فضل من ال ورضوانا ،والسيما في وجوههم من
أ ثر ال سجود ،وان هم يبتدئون من ض عف إلى كمال القوة والعتدال ،كالزرع
والوعسد بالمغفرة والجسر العظيسم ،ليسس على مجرد هذه الصسفات بسل على
اليمان والعمل الصالح .
فذكر ما به يستحقون الوعد ،وإن كانوا كلهم بهذه الصفة ،ولول ذكر
ذلك لكان يظن انهم بمجرد ما ذكر يستحقون المغفرة والجر العظيم ولم يكن
فيه بيان سبب الجزاء ،بخلف ما إذا ذكر اليمان والعمل الصالح .
فإن الحكم إذا علق باسم مشتق مناسب كان ما منه الشتقاق سبب الحكم.
فإن قيل فالمنافقون كانوا في الظاهر مسلمين ،قيل المنافقون لم كونوا
متصفين بهذه الصفات ،ولم يكونوا مع الرسول والمؤمنين ولم يكونوا منهم ،
ن عِنْدِ هِ فَيُ صْ ِبحُوا
ي بِالفَتْ حِ َأوْ َأمْرٍ مِ ْ
ن يَأْتِ َ
كما قال ال تعالى َ ] :فعسى الُ أَ ْ
سمُوا
ن آمَنوا أَ َه ُؤلَ ِء الّذِي نَ أَقْ َ
سهِم نَا ِدمِين ،وَ َيقُولُ الّذِي َ
عَلَى مَا أَ سَرّوا في أَ ْنفُ ِ
وقوله ()1
عمَالُهُم فَاَ صْ َبحُوا خَا سِرِين [
جهْدَ أَ ْيمَانِهِم إِنّهُم َل َمعَكُم حَب طت أَ ْ
بِالِ َ
244
ج َعلَ فِتْ َنةَ
في الِ َ ن َيقُو ُل آمَنّ ا بِالِ فَإِذَا أُو ذوى
س مَ ْ
تعالى َ ] :ومِ نَ النّا ِ
س ال ِبأَعْلَم
ن جَاءَ نَصرٌ ِمنْ رَبّكَ لَ َيقُولن إِنّا َم َعكُم َأوَ لَيْ َ
ب الِ وَلَئِ ْ
النّاسِ َكعَذَا َ
()1
ن آمَنُوا مِ ْنكُم وَلَ َيعْ َلمَنّ ا ْلمُنَا ِفقِين [
ِبمَا في صُدُور العَا َلمِين وَلَ َيعْ َلمَنّ ال الّذِي َ
فأخبرأن المنافقين ليسوا من المؤمنين ،ول من أهل الكتاب .
هؤلء ل يجدون في طائفة من المتظاهرين بالسلم ،أكثر منهم في
الرافضة ،ومن انطوى إليهم .فدل هذا على ان المنافقين لم يكونوا من الذين
آمنوا معه ،والذين كانوا منافقين منهم من تاب عن نفاقه وانتهى عنه ،وهم
ن وَالّذِي نَ في ُقلُو ِبهِم َمرَ ضٌ
الغالب بدليل قوله تعالى َ ] :لئ نْ لَ ْم يَنْتَ هِ المْنُا ِفقُو َ
ك بِهِم ثُمّ لَ ُيجَاوِرُونَ كَ فِيهَا إلّ َقلِيلً َم ْلعُونِي نَ
جفُو نَ في ا ْلمَدِي َنةِ ِل ُنغْرِيَنّ َ
وَا ْلمُ ْر َ
ل [(. )2
أَيْ َنمَا ُث ِقفُوا ُأخِذُوا وَقُتّلُوا َتقْتِي ً
فل ما لم يغره ال ب هم ،ولم يقتل هم تقتيل ،بل كانوا يجاورو نه بالمدي نة
فدل ذلك على أنهسم انتهوا ،والذيسن كانوا معسه بالحديبيسة كلهسم بايعوه تحست
الشجرة ،إل الجد بن قيس فإنه اختبأ خلف جمل أحمر .
وكذا حاء في الحديث كلهم يدخل الجنة إل صاحب الجمل الحمر ،
وبالجملة فل ريب أن المنافقين كانوا مغمورين مقهورين ،أذلء ،ل سيما في
آخسر أيام الرسسول .eوفسي غزوة تبوك لن ال تعالى قال َ] :يقولون لئن
رَجعننا إِلَى ا ْلمَدِي َن ِة لَ َيخْ ُرجَنّ الَعَزّ مِنْهَا الَ َذلّ وَل العِزّةُ َلِرَسنُو ِلهِ وَلِ ْلمُؤمِنِينن
ن لَ َيعْ َلمُون[(. )3
وِ َلكِن ا ْلمُنَا ِفقِي َ
فأخبر أن العزة للمؤمنين ،ل للمنافقين ،فعلم أن العزة والقوة كانت في
المؤمنين ،وأن المنافقين كانوا أذلء بينهم .
فيمتنع أن تكون الصحابة الذين كانوا أعز المسلمين من المنافقين ،بل
ذلك يقتضى أن من كان أعز كان أعظم إيمانا .
245
ومن المعلوم أن السابقين الولين من المهاجرين والنصار ،الخلفاء
الراشديسن وغيرهسم كانوا اعسز الناس ،وهذا كله ممسا يسبين أن المنافقيسن كانوا
ذليلين في المؤمنين .
فل يجوز أن يكون العزاء مسن الصسحابة منهسم ،ولكسن هذا الوصسف
مطابق للمتصفين به من الرافضة وغيرهم ،والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر
منه في سائر الطوائف .
بل ل بد لكل منهم من شعبة نفاق ،فإن أساس النفاق الذي بني عليه ،
الكذب ،وأن يقول الر جل بل سانه ما ل يس في قل به ،ك ما ا خبر ال تعالى عن
المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
والراف ضة تج عل هذا من أ صول دين ها وت سميه التق ية وتح كى هذا عن
أئمسة أهسل البيست الذيسن برأهسم ال عسن ذلك ،حتسى يحكوا ذلك عسن جعفسر
الصادق أنه قال التقية ديني ودين آبائي و قد نزه ال المؤمنين من أهل البيت
وغيرهم عن ذلك.
بل كانوا من أع ظم الناس صدقا وتحقي قا لليمان ،وكان دين هم التقوى
ُونن
ِنن د ِ
ِينن َأوْلِيَا َء م ْ
ِنونن الكَا ِفر َ
ل التقيسة ،وقول ال تعالى ] :لَ يَ ّتخِ ِذ ا ْل ُم ْؤم َ
ن تَ ّتقُوا مِ ْنهُم ُتقَاه[(.)1
ن َيفْعَل ذَِلكَ فَلَيْسَ ِمنَ الِ في شَيء إلّ أَ ْ
ا ْل ُم ْؤمِنِين َومَ ْ
إنما هو المر بالتقاء من الكافرين ،ل المر بالنفاق والكذب .
وال تعالى قد أباح لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها ،إذا كان قلبه
مطمئنا باليمان ،لكن لم يكره أحدا من أهل البيت على شيء من ذلك ،حتى
أن أبا بكر tلم يكره أحدا ل منهم ،ول من غيرهم على متابع ته ،فضل على
ان يكرههم على مدحه ،والثناء عليه.
بسل كان علي وغيره مسن أهسل البيست يظهرون ذكسر فضائل الصسحابة
والثناء عليهم والترحم عليهم والدعاء لهم ولم يكن أحد يكرههم على شيء منه
باتفاق الناس .
246
و قد كان ز من ب ني أم ية وب ني العباس خلق عظ يم دون عل يّ وغيره في
اليمان والتقوى يكرهون منهسم أشياء ول يمدحونهسم ول يثنون عليهسم ،ول
يقربونهم ،ومع هذا لم يكن هؤلء يخافونهم ،ولم يكن أولئك يكرهونهم مع أن
الخلفاء الراشديسن كانوا باتفاق الخلق أبعسد عسن قهسر الناس وعقوبتهسم على
طاعتهم ،من هؤلء .
فإذا كان لم يكسن الناس مسع هؤلء مكرهيسن على ان يقولوا بألسسنتهم
خلف ما في قلوبهم ،فكيف يكونون مكرهين مع الخلفاء على ذلك ،بل على
الكذب وشهادة الزور وإظهار الكفر ،كما تقوله الرافضة من غير ان يكرههم
أحد على ذلك .
فعلم أن مسا تتظاهسر بسه الرافضسة هسو مسن باب الكذب والنفاق ،وأنهسم
يقولوا بأل سنتهم ما ل يس في قلوب هم ،ل من باب ما يكره المؤ من عل يه ،من
التكلم بالكفسر وهؤلء أسسرى المسسلمين ،فسي بلد الكفار غالبهسم يظهرون
دينهسم،والخوارج مسع تظاهرهسم بتكفيسر الجمهور ،وتكفيسر عثمان وعلي ومسن
ولهما يتظاهرون بدينهم.
وإذا سكنوا بين الجماعة ،سكنوا على الموافقة والمخالفة ،والذي يسكن
في مدائن الراف ضة فل يظ هر الر فض وغاي ته إذا ض عف ان ي سكت عن ذ كر
مذهبه ل يحتاج أن يتظاهر بسب الخلفاء والصحابة ،إل أن يكونوا قليل .
فك يف ي ظن بعلي tوغيره من أ هل الب يت أن هم كانوا اض عف دي نا من
السرى في بلد الكفر ،ومن عوام أهل السنة ،ومن النواصب ،مع أنا قد
علمنسا بالتواتسر أن أحدا لم يكره علي ّا ول أولده على ذكسر فضائل الخلفاء ،
والترحم عليهم ،بل كانوا يقولون ذلك من غير إكراه ،ويقوله أحدهم لخاصته
كما ثبت ذلك بالنقل المتواتر .
عمِلوا
ن آمَنُوا مِنْكُم وَ َ
وأي ضا ف قد يقال في قوله تعالى ] :وَعَدَ الُ الّذِي َ
ال صّا ِلحَات [ أن ذلك و صف الجملة ب صفة تتض من حال هم ع ند الجتماع كقوله
علَى
شطْأَ هُ فَآزَرَهُ فَا سْ َتغْ َلظَ فَا سْ َتوَى َ
ج َ
ع َأخْرَ َ
تعالى َ ] :ومَثَُلهُم في الِ ْنجِيلِ كَزَ ْر ٍ
247
ع لِيَغي ظَ ِبهِم الكُفّار [ والمغفرة والجر في الخرة يحصل
سُوقِه ُي ْعجِ بُ الزّرّا َ
لكل واحد واحد ،فل بد ان يتصف بسبب ذلك ،وهو اليمان والعمل الصالح،
إذ قد يكون في الجملة منافقا .
و في الجملة ما في القرآن من خطاب المؤمن ين والمتق ين والمح سنين ،
ومدحهم والثناء عليهم ،فهم أول من دخل في ذلك من هذه المة ،وأفضل من
دخل في ذلك من هذه المة كما استفاض عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم
خ ير القرون القرن الذي بع ثت في هم ،ثم الذ ين (( من غ ير و جه أ نه قال :
يلونهم ،ثم الذين يلونهم ))(. )1
(قوله :فبعضهم طلب المر لنفسه بغير حق ،وبايعه اكثر الناس طلبا
للدنيا ) .
وهذا إشارة إلى أبي بكر فإنه هو الذي بايعه أكثر الناس ،ومن المعلوم
أن أبا بكر لم يطلب المر لنفسه ،ل بحق ول بغير حق ،بل قال :قد رضيت
لكم أحد هذين الرجلين ،إما عمر بن الخطاب وإما أبا عبيدة .
قال عمر :فوال لن أقدم فتضرب عنقي ل يقرّبني ذلك إلى إثم أحب إلي من
. ()2
أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ،وهذا اللفظ في الصحيحين
و قد روى ع نه ا نه قال :أقيلو ني ،أقيلو ني ،فالم سلمون اختاروه وبايعوه ،
لعلمهسم بأنسه خيرهسم ،كمسا قال له عمسر يوم السسقيفة بمحضسر المهاجريسن
والن صار أ نت سيدنا وخير نا ،وأحب نا إلى ر سول ال صلى ال تعالى عل يه
وسلم ولم ينكر ذلك أحد ،وهذا أيضا في الصحيحين(. )3
248
والمسسلمون اختاروه كمسا قال النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم فسي
ادعى لي أباك وأخاك حتى أكتب لبي بكر كتابا، (( الحديث الصحيح لعائشة :
ل يختلف عليسه الناس مسن بعدي ،ثسم قال يأبسى ال والمؤمنون أن يتولى غيسر
فال هو وله قدرا ،وشرعا ،وأمر المؤمنين ،بوليته ،وهداهم ()1
)) أبي بكر
إلى أن ولوه من غير أن يكون طلب ،ذلك لنفسه .
فإن أبا بكر لم يعطهم دنيا ،وكان قد أنفق ماله في حياة النبي صلى ال
تعالى عل يه و سلم ،ول ما ر غب ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم في ال صدقة
()2
)) جاء بماله كله ،فقال له((:ما تركت لهلك .قال :تركت لهم ال ،ورسوله
ولم يكسن عنسد موت النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم لهسم بيست مال
يعطيهم ما فيه ،ول كان هناك ديوان للعطاء يفرض لهم فيه ،والنصار كانوا
في أملكهم ،وكذلك المهاجرون من كان له شيء من مغ نم أو غيره ف قد كان
له .
وكانت سيرة أبي بكر في قسم الموال التسوية ،وكذلك سيرة علي ، t
فلو بايعوا عليّا أعطاهم ما أعطاهم أبو بكر ،مع كون قبيلته أشرف القبائل ،
وكون بني عبد مناف وهم أشراف قريش الذين هم اقرب العرب من بني أمية
وغيرهم إذ ذلك كأبي سفيان بن حرب وغيره ،وبني هاشم كالعباس وغيره ،
249
كانوا معه .
(الوجنه الرابنع ) :أن يقال :أهسل السسنّة مسع الرافضسة كالمسسلمين مسع
النصسارى ،فإن المسسلمين يؤمنون بأن المسسيح عبسد ال ورسسوله ،ول يغلون
فيه غلو النصارى ،ول يجفون جفاء اليهود .
250
فإن النصراني ل يمكنه أن يجيب عن شبهة اليهودي( )1إل بما يجيب به
المسلم ،فإن لم يدخل في دين السلم وإل كان منقطعا مع اليهودي ،فإنه إذا
أمر باليمان بمحمد صلى ال تعالى عليه وسلم .
وإن كان القدح في المسيح باطل فالقدح في محمد أولى بالبطلن ،فإنه
إذا بطلت الشبهسة القويسة فالضعيفسة أولى بالبطلن ،وإذا ثبتست الحجسة التسي
غيرها أقوى منها فالقوية أولى بالثبات .
)1(1يعني أن اليهود يرمون مريم بالفجور ،وما دام النصراني يكذب ما نزل على محمد
صلى ال عليه وسلم ل يمكنه الرد على اليهود في أمر عيسى .لن عيسى أمر باليمان
بمحمد صلى ال عليه وسلم فإذا امتنع النصارى من اليمان بمحمد صلى ال عليه وسلم
صار ذلك فيه كذيب لعيسى .
251
فقال القاضي ثنتان قدح فيهما ورميتا بالزنا إفكا وكذبا ،مريم وعائشة
فأما مريم فجاءت بالولد تحمله من غير زوج ،وأما عائشة فلم تأت بولد مع
أنه كان لها زوج ،فأبهت النصارى .
وكان مضمون كلمسه أن ظهور براءة عائشسة أعظسم مسن ظهور براءة
مريم ،وأن الشبهة إلى مريم أقرب منها إلى عائشة ،فإذا كان مع هذا قد ثبت
كذب القادحين في مريم ،فثبوت قدح الكاذبين في عائشة أولى .
252
فضل عن إمامته إن لم يثبت ذلك لبي بكر وعمر وعثمان .
وإل فمتسسى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تسسساعده الدلة ،كمسسا أن
النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الدلة .
فإذا قالت له الخوارج الذ ين يكفرون عليّا ،أو النوا صب الذ ين يف سقونه
أ نه كان ظال ما طال با للدن يا ،وأ نه طلب الخل فة لنف سه ،وقا تل علي ها بال سيف
وق تل على ذلك ألو فا من الم سلمين ،ح تى ع جز عن انفراده بال مر ،وتفرق
عليسه أصسحابه وظهروا عليسه فقتلوه ،فهذا الكلم إن كان فاسسد ففسساد كلم
الراف ضي في أ بي ب كر وع مر أع ظم ،وإن كان ما قاله في أ بي ب كر وع مر
متوجها مقبول ،فهذا أولى بالتوجيه والقبول .
لنسه مسن المعلوم للخاصسة والعامسة أن مسن وله الناس باختيارهسم
ورضا هم من غ ير أن يضرب أحدا بال سيف ول ع صى ول أع طى أحدا م من
وله مسن مال واجتمعوا عليسه فلم يول أحسد مسن أقاربسه ،وعترتسه ،ول خلف
لورثته مالً من مال المسلمين ،وكان له مال قد أنفقه في سبيل ال ،فلم يأخذ
بدله ،وأو صى أن يرد إلى ب يت مال هم ما كان عنده ل هم ،و هو جرد قطي فة ،
وبكر وأمة سوداء ،ونحو ذلك .
حتى قال عبد الرحمن بن عوف لعمر :أتسلب هذا آل أبي بكر ،قال
كل وال ل يتحنث فيها أبو بكر وأتحملها أنا ،وقال يرحمك ال يا أبا بكر لقد
أتعبت المراء بعدك .
ثم مع هذا لم يقتل مسلما على وليته ،ول قاتل مسلما بمسلم ،بل قاتل
بهم المرتدين عن دينهم ،والكفار حتى شرع بهم في فتح المصار واستخلف
القوي الميسن العبقري ،الذي فتسح المصسار ونصسب الديوان ،وعسم بالعدل
والحسان .
فإن جاز للرافضسي أن يقول إن هذا كان طالبسا للمال والرياسسة ،أمكسن
النا صبي أن يقول :كان علي ظال ما طال با للمال والريا سة ،قا تل على الول ية
ح تى ق تل الم سلمون بعضهم بعضا ،ولم يقا تل كافرا ولم يح صل للمسلمين في
253
مدة وليته إل شر وفتنة في دينهم ودنياهم .
فإن جاز أن يقال :علي كان مريدا لو جه ال ،والتق صير من غيره من
ال صحابة ،أو يقال كان مجتهدا م صيبا ،وغيره مخ طئ مع هذه الحالة فإ نه
يقال كان أ بو ب كر وع مر مريد ين و جه ال م صيبين والراف ضة مق صرون في
معرفة حقهم مخطئون في ذمهم بطريق الولى والحرى .
فإن أبا بكر وعمر كان بعدهما عن شبة طلب المال والرياسة أشد من
بعد علي عن ذلك ،وشبهة الخوارج الذين ذموا عليّا وعثمان وكفروهما أقرب
مسن شبهسة الرافضسة الذيسن ذموا أبسا بكسر وعمسر وكفروهمسا ،فكيسف بحال
ال صحابة والتابع ين الذ ين تخلفوا عن بيع ته أو قاتلوه فشبهت هم أقوى من شب هة
من قدح في أ بي ب كر وع مر وعثمان ،فإن أولئك قالوا ما يمكن نا أن نبا يع إل
من يعدل علي نا ،ويمنع نا م من ظلم نا ،ويأ خذ حق نا م من ظلم نا ،فإذا لم يف عل
هذا كان عاجزا أو ظالما ،وليس علينا أن نبايع عاجزا أو ظالما .
وهذا الكلم إذا كان باطل ،فبطلن قول مسن يقول أن أبسا بكسر وعمسر
كانا ظالمين طالبين للرياسة والمال أبطل وأبطل ،وهذا المر ل يستريب فيه
من له بصر ومعرفة ،وأين شبهة مثل أبي موسى الشعري الذي وافق عمرو
على عزل علي ومعاوية ،وأن يجعل المر شورى في المسلمين ،من شبهة
عبد ال بن سبأ وأمثاله الذين يدعون أنه إمام معصوم ،وأنه إله أو نبي .
بل أين شبهة الذين رأوا أن يولوا معاوية من شبهة الذين يدعون أنه إله
أو نسبي ،فإن هؤلء كفار باتفاق المسسلمين بخلف أولئك ،وممسا يسبين هذا أن
الرافضسة تعجسز عسن إثبات إيمان علي وعدالتسه ،مسع كونهسم على مذهسب
الرافضسة ،ول يمكنهسم ذلك إل إذا صساروا مسن أهسل السسنة ،فإذا قالت لهسم
الخوارج وغير هم م من تكفره ،أو تف سقه ،ل ن سلم أ نه كان مؤمنا ،بل كان
كافرا أو ظال ما ،ك ما يقولون هم في أ بي ب كر وع مر لم ي كن ل هم دل يل على
إيمانه وعدله ،إل وذاك الدليل على أبي بكر وعمر وعثمان أدل .
254
فإن احتجوا بما تواتر من إسلمه وهجرته وجهاده ف قد تواتر ذلك عن
هؤلء ،بل تواتر إسلم معاوية ويزيد وخلفاء بني أمية وبني العباس وصلتهم
وصسيامهم ،وجهادهسم للكفار فإن ادعوا فسي واحسد مسن هؤلء النفاق ،أمكسن
. الخارجى أن يدعى النفاق فيه
()1
255
اعتمدوا على نقل الصحابة فنقلهم لفضائل أبي بكر وعمر أكثر ،ثم هم يقولون
:أن الصحابة ارتدوا إل نفرا قليل فكيف تقبل رواية هؤلء في فضيلة أحد ،
ولم يكن في الصحابة رافضة كثيرون ،يتواتر نقلهم ،فطريق النقل مقطوعا
عليهم ،إن لم يسلكوا طريق أهل السنة ،كما هو مقطوع على النصارى في
إثبات نبوة المسيح إن لم يسلكوا طريق المسلمين .
وهذا كمسن أراد أن يثبست فقسه ابسن عباس دون علي ،أو فقسه علقمسة
والسود دون ابن مسعود ،ونحو ذلك من المور التي يثبت فيها للشيء حكم
دون ما هو أولى بذلك الحكم منه ،فإن هذا تناقض ممتنع عند من سلك طريق
العلم والعدل .
ولهذا كانت الرافضة من أجهل الناس وأضلهم ،كما أن النصارى من
أجهل الناس ،والراف ضة من أخبث الناس ،كما أن اليهود من أخبث الناس ،
ففيهم نوع من ضلل النصارى ،ونوع من خبث اليهود .
(الوجنه الخامنس) :أن يقال :تمثيسل هذا بقصسة عمسر بسن سسعد طالبسا
للرياسة والمال مقدما على المحرّم لحل ذلك فيلزم أن يكون السابقون الولون
بهذه الحال ،وهذا أبوه سعد بن أ بي وقاص ،كان من أز هد الناس في المارة
والول ية ،ول ما وق عت الفت نة اعتزل الناس في ق صره بالعق يق ،وجاءه ع مر
ابنسه هذا فلمسه على ذلك ،وقال له الناس فسي المدينسة يتنازعون الملك وأنست
اذ هب فإ ني سمعت ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم يقول إن (( هه نا؟ فقال :
ال يحب العبد التقي الغني الخفيّ ))(. )1
هذا ولم ي كن قد ب قي أ حد من أ هل الشورى غيره وغ ير علي ر ضى
ال عنهمسا ،وهسو الذي فتسح العراق ،وأذل جنود كسسرى وهسو آخسر العشرة
موتا.
فإذا لم يح سن أن يش به باب نه ع مر أيش به به أ بو ب كر وع مر وعثمان ،
) 1(1انظر المسند ج 3ص 26تحقيق أحمد شاكر ،وانظر صحيح مسلم ج 4ص
.2277
256
هذا وهسم ل يجعلون محمسد بسن أبسي بكسر بمنزلة أبيسه ،بسل يفضلون محمدا
ويعظمو نه ،ويتولو نه لكونه آذى عثمان وكان من خواص أصحاب علي ل نه
كان ربي به ،وي سبون أباه أبا بكر ويلعنو نه ،فلو أن النواصب فعلوا بع مر بن
سعد مثل ذلك فمدحوه على قتل الحسين ،لكونه كان من شيعة عثمان ،ومن
المنتصرين له ،وسبوا أباه سعد لكونه تخلف عن القتال مع معاوية والنتصار
لعثمان ،هل كانت النواصب لو فعلت ذلك إل من جنس الرافضة .
بل الراف ضة شر من هم ،فإن أ با ب كر أف ضل من سعد ،وعثمان كان
أبعد عن استحقاق القتل من الحسين ،وكلهما مظلوم وشهيد رضي ال تعالى
عنهما ،ولهذا كان الفساد الذي حصل في المة بقتل عثمان أعظم من الفساد
الذي حصل في المة بقتل الحسين .
وعثمان من ال سابقين الول ين و هو خلي فة مظلوم طلب م نه أن ينعزل
بغير حق فلم ينعزل ولم يقاتل عن نفسه حتى قتل ،والحسين tلم يكن متوليا
وإن ما كان طال با للول ية ،ح تى رأى أن ها متعذرة وطلب م نه لي ستأسر ليح مل
إلى يزيد مأسورا ،فلم يجب إلى ذلك وقاتل حتى قتل مظلوما ،شهيدا ،فظلم
عثمان كان أعظم وصبره وحلمه كان أكمل ،وكلهما مظلوم شهيد ،ولو مثل
مم ثل طلب علي والح سين لل مر بطلب ال سماعيلية كالحا كم وأمثاله وقال إن
علي والحسسين كانسا ظالميسن طالبيسن للرياسسة مسن غيسر حسق ،بمنزلة الحاكسم
وأمثاله من ملوك بني عبيد ،أما كان يكون كاذبا مفتريا في ذلك لصحة إيمان
الحسن والحسين ،ودينهما وفضلهما ،ولنفاق هؤلء وإلحادهم .
وكذلك من شبه عليا والحسين ببعض من قام من الطالبيين أو غيرهم
بالحجاز ،أو الشرق أو الغرب يطلب الوليسة بغيسر حسق ،ويظلم الناس فسي
أموالهم وأنفسهم ،أما كان يكون ظالما كاذبا ؟ فالمشبه بأبي بكر وعمر بعمر
بن سعد أولى بالكذب والظلم ،ثم غاية عمر بن سعد وأمثاله ،أن يعترف بأنه
طلب الدنيسا بمعصسية يعترف أنهسا معصسية ،وهذا ذنسب كثيسر وقوعسه مسن
المسلمين .
257
وأ ما الشي عة فكثيرمن هم يعترفون بأن هم إن ما ق صدوا بالملك إف ساد د ين
السسلم ،ومعاداة النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم كمسا يعرف ذلك مسن
خطاب الباطنية وأمثالهم ،من الداخلين في الشيعة ،فإنهم يعترفون بأنهم في
الحقي قة ل يعتقدون د ين ال سلم ،وإن ما يتظاهرون بالتش يع لقلة ع قل الشي عة
وجهلهم ليتوصلوا بهم إلى أغراضهم .
وأوّل هؤلء ،بل خيار هم هو المختار بن أ بي عب يد الكذاب ،فإ نه
كان أمير الشيعة ،وقتل عبيد ال بن زياد ،وأظهر النتصار للحسين ،حتى
قتل قاتله وتقرب بذلك إلى محمد بن الحنفية وأهل البيت ،ثم ادعى النبوة وأن
جبريل يأتيه ،وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم
. ()1
)) أنه قال (( :سيكون في ثقيف كذاب ومبير
258
أو تفسقهم الروافض ،هم أفضل من الذين تكفرهم أو تفسقهم النواصب .
وأ ما أ هل ال سنة فيتولون ج مع لمؤمن ين ،ويتكلمون بعلم وعدل لي سوا
مسن أهسل الجهسل ،ول مسن أهسل الهواء ،ويتسبرءون مسن طريقسة الروافسض
والنواصب جميعا ،ويتولون السابقين الولين كلهم ،ويعرفون قدر الصحابة ،
وفضلهسم ،ومناقبهسم ،ويرعون حقوق أهسل البيست التسي شرعهسا ال لهسم ،ول
يرضون بما فعله المختار ونحو من الكذابين ،ول ما فعل الحجاج ونحوه من
الظالمين .
ويعلمون مسع هذا مراتسب السسابقين الوليسن ،فيعلمون أن لبسي بكسر
وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيهما أحد ،من الصحابة ل عثمان
ول علي ول غيره ما ،وهذا كان متف قا عل يه في ال صدر الول ،إل أن يكون
خلف شاذ ل يعبأ به .
حتى إن الشيعة الولى أصحاب علي لم يكونوا يرتابون في تقديم أبي
بكر وعمر عليه ،فكيف وقد ثبت عنه من وجوه متواترة أنه كان يقول :خير
هذه المة بعد نبيها أبو بكر وعمر ،ولكن كان طائفة من شيعة علي ،تقدمه
على عثمان ،وهذه المسألة أخفى من تلك ،ولهذا كان أئمة أهل السنة متفقين
على تقد يم أ بي ب كر وع مر ك ما في مذ هب أ بي حني فة ،والشاف عي ،ومالك ،
وأح مد بن حن بل ،والثورى ،والوزا عي ،والل يث بن سعد ،و سائر أئ مة
المسلمين ،من أهل الفقه والحديث والزهد والتفسير من المتقدمين والمتأخرين.
وأما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما ،وهي
إحدى الروايتين عن سفيان الثوري ،ثم قيل إنه رجع عن ذلك لما اجتمع به
أيوب السسختياني ،وقال مسن قدم عليسا على عثمان فقسد أزرى بالمهاجريسن
والن صار ،و سائر أئ مة ال سنة على تقد يم عثمان و هو مذ هب جماه ير أ هل
الحديث وعليه يدل النص ،والجماع والعتبار .
وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من تقديم جعفر أو تقديم طلحة أو
نحسو ذلك فذلك فسي أمور مخصسوصة ل تقديمسا عامسا ،و كذلك مسا ينقسل عسن
259
بعضهم في علي .
وأما قوله :فبعضهم اشتبه المرعليه ورأى لطالب الدنيا مبايعا فقلده ،
وباي عه وق صر في نظره فخ في عل يه ال حق فا ستحق المؤاخذة من ال تعالى ،
بإعطاء ال حق لغ ير م ستحقه ،قال :وبعض هم قلد لق صور فطن ته ،ورأى الجم
الغفير فتابعهم ،وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب ،وغفل عن قوله تعالى :
. شكُور [
()2
] ،وَقَلِيلٌ ِمنْ عِبَا ِديَ ال ّ ()1
]وَ َقلِيلٌ مَا هُم [
فيقال لهذا المفترى :الذي ج عل ال صحابة الذ ين بايعوا أ با ب كر ثل ثة
أصناف أكثرهم طلبوا الدنيا وصنف قصروا في النظر ،وصنف عجزوا عنه،
لن ال شر إ ما أن يكون لف ساد الق صد .وإ ما أن يكون للج هل ،والج هل إ ما أن
يكون لتفريط في النظر ،وإما أن يكون لعجز عنه .
وذكر أنه كان في الصحابة وغيرهم من قصر في النظر حين بايع أبا
بكسر ،ولو نظسر لعرف الحسق ،وهذا يؤاخسذ على تفريطسه ،بترك النظسر
الواجب ،وفيهم من عجز عن النظر ،فقلد الجم الغفير ،يشير بذلك إلى سبب
مبايعة أبي بكر .
فيقال له هذا من الكذب الذي ل يعجز عنه أحد ،والرافضة قوم بهت
فلو طلب من هذا المفتري دليل على ذلك لم يكن له على ذلك دليل ،وال تعال
قسد حرم القول بغيسر علم ،فكيسف إذا كان المعروف ضسد مسا قاله فلو لم نكسن
ن حن عالم ين بأحوال ال صحابة لم ي جز أن نش هد علي هم ب ما ل نعلم من ف ساد
الق صد ،والج هل بالم ستحق .قال تعالى ] :ول تق فُ ما ل يس لك به علم إنّ
وقال تعالى َ] :ها أَنْتُمْ ()3
ك كان عنهُ مَسئولً [
سمْعَ وَالبَصَ َر وَالفُؤَادَ ُكلّ أولئِ َ
ال ّ
س َلكُم بِ هِ عِلْم [( )4فكيف
ججْتُ مْ فِيمَا َلكُم بِ ِه عِلْ مُ فَلِ مَ ُتحَاجّو نَ فِيمَا لَ ْي َ
َهؤُل ِء حَا َ
260
إذا ك نا نعلم أن هم كانوا أك مل هذه ال مة عقل ،وعل ما ،ودي نا ،ك ما قال في هم
عبد ال بن مسعود (( :من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ،فإن الحي
ل تؤمسن عليسه الفتنسة ،أولئك أصسحاب محمسد كانوا وال أفضسل هذه المسة ،
وأبر ها قلو با ،وأعمق ها عل ما وأقل ها تكل فا ،قوم اختار هم ال ل صحبة نبيه ،
وإقامسة دينسه ،فأعرفوا لهسم فضلهسم ،واتبعوهسم ،فسي آثارهسم وتمسسكوا بمسا
اسستطعتم مسن أخلقهسم ،ودينهسم فإنهسم كانوا على الهدى المسستقيم ))( . )1رواه
غير واحد منهم ابن بطة ،عن قتادة .
وروى هسو وغيره بالسسانيد المعروفسة إلى زر بنست حسبيش ،قال :
قال ع بد ال بن م سعود (( :إن ال تبارك وتعالى ن ظر في قلوب العباد فو جد
قلب محمسد صسلى ال تعالى عليسه وسسلم خيسر قلوب العباد فاصسطفاه لنفسسه ،
وابتعثه برسالته ،ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى ال تعالى عليه
وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه ،يقاتلون على
دي نه ،ف ما رآه الم سلمون ح سنا ف هو ع ند ال ح سن ،و ما رآه الم سلمون سيئا
فهو عند ال سيء ))(. )2
وفي رواية قال أبو بكر بن عياش الراوي لهذا الثر ،عن عاصم بن
أبي النجود ،عن زر بن حبيش عن عبد ال بن مسعود ، tوقد رأى أصحاب
رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم جميعا أن يستخلفوا أبا بكر .
فقول ع بد ال بن م سعود كانوا أبر هذه ال مة قلو با ،وأعمق ها عل ما ،وأقل ها
تكلفا ،كلم جامع بين فيه حسن قصدهم ونياتهم ،ببر القلوب وبين فيه كمال
المعرفة ودقتها بعمق العلم ،وبين فيه تيسر ذلك عليهم وامتناعهم من القول
بل علم ،بقلة التكلف وهذا خلف مسا قاله هذا المفترى الذي وصسف أكثرهسم
بطلب الدن يا ،وبعض هم بالج هل ،إ ما عجزا وإ ما تفري طا والذي قاله ع بد ال
) 3(1انظر المسند ج 5ص 211تحقيق أحمد شاكر ،وقال الهيثمي :رواه أحمد
والبزار ،والطبراني في الكبير .مجمع الزوائد ج 1ص 177
) 1(2انظر المرجع السابق .
261
حق فإن هم خ ير هذه ال مة ،ك ما تواترت بذلك الحاد يث عن ال نبي صلى ال
تعالى عليه وسلم حيث قال (( :خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ،ثم الذين
يلون هم ،ثم الذ ين يلون هم ))(. )1و هم أف ضل ال مة الو سط الشهداء على الناس ،
الذيسن هداهسم ال لمسا اختلفوا فيسه مسن الحسق بإذنسه ،وال يهدي مسن يشاء إلى
صراط مستقيم ،فليسوا من المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم ،ول من
الضالين الجاهلين ،كما قسمهم هؤلء المفترون ،إلى ضلل وغواة ،بل لهم
كمال العلم ،وكمال القصد .
إذ لو لم يكسن كذلك للزم أن ل تكون هذه المسة خيسر المسم ،وأن ل
يكونوا خير المة وكلهما خلف الكتاب والسنة ،وأيضا فالعتبار العقلي يدل
على ذلك ،فإن من تأمل أمة محمد صلى ال تعالى عليه وسلم ،وتأمل أحوال
اليهود والن صارى وال صابئين والمجوس والمشرك ين ،تبين له من فضيلة هذه
المسة على سسائر المسم فسي العلم النافسع ،والعمسل الصسالح ،مسا يضيسق هذا
الموضع عن بسطه .
والصسحابة أكمسل المسة فسي ذلك بدللة الكتاب والسستة والجماع ،
والعتبار ولهذا ل تجد أحدا من أعيان المة إل وهو معترف بفضل الصحابة
عل يه ،وعلى أمثاله ،وت جد من ينازع في ذلك كالراف ضة من أج هل الناس ،
ولهذا ل يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي ،ول في أئمة الحديث
ول في أئمة الزهد والعبادة ،ول في أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة رافضي،
ول في الملوك الذين نصروا السلم وأقاموه وجاهدوا عدوه من هو رافضي،
ول في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي .
وأكثر ما تجد الرافضة إما في الزنادقة المنافقين الملحدين ،وإما في
جهال ل يس ل هم علم بالمنقولت ول بالمعقولت ،قد ن شأ بالبوادي والجبال ،
وتجسبروا على المسسلمين ،فلم يجالسسوا أهسل العلم والديسن ،وإمسا فسي ذوي
الهواء م من قد ح صل له بذلك ريا سة ومال ،أوله ن سب يتع صب به كف عل
262
أهل الجاهلية ،وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين ،فليس في
هؤلء رافضي ،لظهور الجهل والظلم في قولهم ،و تجد ظهور الرفض في
شر الطوائف كالنصيرية والسماعيلية ،والملحدة الطرقية ،وفيهم من الكذب
والخيا نة وإخلف الو عد ما يدل على نفاق هم ،ك ما في ال صحيحين عن ال نبي
آيسة المنافسق ثلث ،إذا حدث كذب ، (( صسلى ال تعالى عليسه وسسلم أنسه قال :
– زاد مسسلم – (( وإن صسام وصسلى ()1
)) وإذا وعسد أخلف وإذا اؤتمسن خان
وأكثسر مسا توجسد هذه الثلث فسي طوائف أهسل القبلة فسي )) وزعسم أنسه مسسلم
الرافضة.
وأي ضا فيقال لهذا المفترى :هب أن الذ ين بايعوا ال صديق كانوا ك ما
ذكرت إ ما طالب دن يا وإ ما جا هل ،ف قد جاء ب عد أولئك في قرون ال مة ،من
يعرف كل أحد زكاءهم ،وذكاءهم .
م ثل سعيد بن الم سيب ،الح سن الب صري ،وعطاء بن أ بي رباح ،
وإبراهيسم النخعسي ،وعلقمسة ،والسسود ،وعسبيدة السسلماني ،وطاوس ،
ومجا هد ،و سعيد بن جبير ،وأ بي الشعثاء جابر بن ز يد ،وعلي بن ز يد ،
وعلي بسن الحسسين ،وعبيسد ال بسن عبسد ال بسن عتبسة ،وعروة بسن الزبيسر ،
والقا سم بن مح مد بن أ بي ب كر ،وأ بي ب كر بن ع بد الرح من بن الحرث بن
هشام ،ومطرف بن الشخير ،ومحمد بن واسع ،وحبيب العجمى ،ومالك بن
دينار ،ومكحول ،والح كم بن عت بة ،ويز يد بن أ بي حبيب ،و من ل يح صي
عددهم إل ال .
ثم بعد هم أيوب السختياني ،وعبد ال بن عون ،ويو نس بن عبيد ،
وجعفر بن محمد ،والزهري ،وعمرو بن دينار ،ويحيى بن سعيد النصاري،
وربيعة بن أبي عبد الرحمن ،وأبو الزناد ،ويحيى بن أبي كثير ،وقتادة ،
ومنصسور بسن المعتمسر ،والعمسش ،وحماد بسن أبسي سسليمان ،وهشام
الدستوائي ،وسعيد بن أبي عروبة .
263
و من ب عد هؤلء م ثل ،مالك بن ا نس ،وحماد بن ز يد ،وحماد بن
سسلمة ،والليسث بسن سسعد ،والوزاعسي ،وأبسي حنيفسة ،وابسن أبسي ليلى ،
وشريك ،وابن أبي ذئب ،وابن الماجشون .
ومن بعدهم ،مثل يحيى بن سعيد القطان ،وعبد الرحمن بن مهدي ،
ووكيع بن الجراح ،وعبد الرحمن بن القاسم ،وأشهب بن عبد العزيز ،وأبي
يوسسف ،ومحمسد بسن الحسسن ،والشافعسي ،وأحمسد بسن حنبسل ،وإسسحق بسن
راهو يه ،وأ بي عب يد ،وأ بي ثور ،و من ل يح صى عدده إل ال تعالى ،م من
ليس لهم غرض في تقديم غير الفاضل ل لجل رياسة ،ول مال .
وممسن هسم اعظسم الناس نظرا فسي العلم وكشفسا لحقائقسه ،وهسم كلهسم
متفقون على تفضيل أبي بكر وعمر .
بل الشي عة الولى الذ ين كانوا على ع هد علي كانوا يفضلون أ با ب كر
وعمر ،قال أبي القاسم سألت مالكا عن أبي بكر وعمر ،فقال :مارأيت أحدا
م من اقتدى به ي شك في تقديمه ما .يع ني على علي وعثمان فح كى إجماع أ هل
المدينة على تقديمهما.
وأهل المدينة لم يكونوا مائلين الى بني أمية كما كان أهل الشام ،بل
قد خلعوا بيعة يزيد ،وحاربهم عام الحرة وجرى بالمدينة ما جرى .
ولم يكن أيضا قتل علي منهم أحدا كما قتل من أهل البصرة ومن أهل
الشام ،بل كانوا يعدّونه من علماء المدينة ،إلى أن خرج منها ،وهم متفقون
على تقديم أبي بكر وعمر .
وروى البيهقسي بإسسناده عسن الشافعسي .قال :لم يختلف الصسحابة
والتابعون في تقديم أبي بكر وعمر ،وقال شريك بن أبي نمر :وقال له قائل
أي ما أف ضل أبو ب كر أو علي ؟ فقال له :أ بو بكر .فقال له ال سائل :تقول هذا
و أنت من الشيعة ؟ فقال :نعم إنما الشيع يّ من يقول هذا ،وال لقد رقى علىّ
هذه العواد ،فقال :أل إن خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر وعمر أفكنا نردّ
264
قوله ،أفكنا نكذبه ،وال ما كان كذابا(. )1
وذ كر هذا القا ضي ع بد الجبار في كتاب تث بت النبوة له ،وعزاه إلى
كتاب أبي القاسم البلخي ،الذي صنفه في النقض على ابن الرواندي اعتراضه
على الجاحظ(. )2
فكيف يقال مع هذا أن الذين بايعوه كانوا طلب الدنيا ،أو جهال،ولكن
هذا وصسف الطاعسن فيهسم ،فإنسك ل تجسد فسي طوائف القبلة أعظسم جهل مسن
الرافضة ،ول أكثر حرصا على الدنيا ،وقد تدبرتهم فوجدتهم ل يضيفون إلى
ال صحابة عي با إل و هم أع ظم الناس ات صافا به ،وال صحابة اب عد ع نه ،ف هم
أكذب الناس بل ريب كمسيلمة الكذاب ،إذ قال :أنا نبي صادق ،ولهذايصفون
أنفسسهم باليمان ،ويصسفون الصسحابة بالنفاق ،وهسم أعظسم الطوائف نفاقسا ،
والصحابة أعظم الخلق إيمانا .
وأ ما قوله :وبعض هم طلب ال مر لنف سه ب حق وباي عه القلون الذ ين
اعرضوا عسن الدنيسا وزينتهسا ،ولم تأخذهسم بال لومسة لئم ،بسل أخلصسوا ل
واتبعوا ما أمروا به من طاعة من يستحق التقديم ،وحيث حصل للمسلمين هذه
البلية ،وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد النصاف ،وأن يقر الحق
مقره ،ول يظلم مستحقه ،فقد قال تعالىََ] :ألَ َلعْ َنةَ الِ عَلَى الظّا ِلمِين [(. )3
فيقال له أول :قسد كان الواجسب أن يقال لمسا ذهسب طائفسة إلى كذا ،
وطائ فة إلى كذا ،و جب أن ين ظر أي القول ين أ صح ،فأ ما إذا رض يت إحدى
الطائفتيسن باتباع الحسق ،والُخرى باتباع الباطسل ،فإن كان هذا قسد تسبين فل
حاجة إلى النظر ،وإن لم يتبين بعد لم يذكر حتى يتبين .
ويقال له ثان يا :قولك :أ نه طلب ال مر لنف سه ب حق ،وباي عه القلون
265
كذب على علي ، tفإ نه لم يطلب ال مر لنف سه في خل فة أ بي ب كر ،وع مر
وعثمان ،وإنما طلبه لما قتل عثمان وبويع وحينئذ فأكثر الناس كانوا معه ،لم
يكسن معسه القلون وقسد اتفسق أهسل السسنة والشيعسة على أن عليسا لم يدع إلى
مبايعته في خلفة أبي بكر وعمر وعثمان ،ول بايعه على ذلك أحد.
ولكن الرافضة تدعى أنه كان يريد ذلك ،وتعتقد أنه المام المستحق
للمامة ،دون غيره ،لكن كان عاجزا عنه وهذا لو كان حقا لم يفدهم ،فإنه
لم يطلب المر لنفسه ،ول تابعه أحد على ذلك ،فكيف إذا كان باطل.
وكذلك قوله بايعه القلون ،كذب على الصحابة فإنه لم يبايع منهم أحد
لعلي على عهد الخلفاء الثلثة ،ول يمكن أحد أن يدعي هذا ،ولكن غاية ما
يقول القائل انه كان فيهم من يختار مبايعته ،ونحن نعلم أن عليا لما تولى كان
كثير من الناس يختار ولية معاوية ،وولية غيرهما ،ولما بويع عثمان كان
في نفوس بعض الناس ميل إلى غيره ،فمثل هذا ل يخلو من الوجود .
وقسد كان رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم بالمدينسة وبهسا ومسا
ن الَعْرَاب مُنَا ِفقُون وَمِن
حوْلَكُم مِ َ
ن َ
حول ها منافقون ،ك ما قال تعالى َ ] :و ِممّ ْ
ن َنعْ َلمُهُم [( )1و قد قال تعالى عن
أَ ْهلِ ا ْلمَدِي َنةِ َمرَدُوا عَلَى ال ّنفَا قِ ل َتعْ َلمُهُم َنحْ ُ
()2
عظِيم[
ن َ
ج ٍل مِنَ ا ْلقَرْيَتَيْ ِ
علَى َر ُ
المشركين ] :وَقَالُوا َل ْو َل نَ َزلَ هَذَا ا ْلقُرْآنَ َ
فأحبوا أن ينزل القرآن على من يعظمونه من أهل مكة والطائف ،قال تعالى :
سمْنَا بَيْ َنهُم َمعِيشَ َتهُم في ا ْلحَيَاةِ الدّنْيَا وَ َر َفعْنَا
ح َمةَ رَبّكَ َنحْنُ قَ َ
سمُونَ َر ْ
] أَهُمْ َيقْ ِ
. ()3
ضهُم َفوْقَ َبعْض دَ َرجَات [
َبعْ َ
وأما ما وصفه لهؤلء بأنهم الذين أعرضوا عن الدنيا وزينتها ،وأنهم
ل تأخذهم في ال لومة لئم ،فهذا من أبين الكذب ،فإنه لم ير الزهد والجهاد
في طائ فة أقل م نه في الشي عة ،والخوارج المارقون كانوا أز هد منهم وأع ظم
266
قتال ،حتى يقال في المثل حملة خارجية وحروبهم مع جيوش بني أمية وبني
العباس وغيره ما بالعراق والجزيرة وخراسسان والمغرب وغيرهمسا معروفسة ،
وكانت لهم ديار يتحيزون فيها ل يقدر عليهم أحد .
وأما الشيعة فهم دائما مغلوبون ،مقهورون منهزمون ،وحبهم للدنيا
وحرصهم عليها ظاهر ،ولهذا كاتبوا الحسين ، tفلما أرسل إليهم ابن عمه،
ثم قدم بنف سه غدروا به ،وباعوا الخرة بالدنيا ،وأسلموه إلى عدوه ،وقاتلوه
مع عدوه ،فأي زهد عند هؤلء ،وأي جهاد عندهم .
وقد ذاق منهم علي بن أبي طالب tمن الكاسات المرة ما ل يعل مه
إل ال ،حتى دعا عليهم ،فقال :اللهم إني سئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيرا
منهسم ،وأبدلهسم بسي شرا منسي ،وقسد كانوا يغشونسه ويكاتبون مسن يحاربسه ،
ويخونونه في الوليات ،والموال ،هذا ولم يكونوا بعد صاروا رافضة ،إنما
سسمعوا شيعسة علي لمسا افترق الناس فرقتيسن ،فرقسة شايعست أولياء عثمان ،
وفر قة شاي عت أولياء عل يا ر ضى ال عنه ما ،فأولئك خيار الشي عة ،و هم من
شر الناس معاملة لعلي بن أبي طالب ، tوابنيه سبطى رسول ال صلى ال
تعالى عليه وسلم وريحانته في الدنيا الحسن والحسين ،وهم أعظم الناس قبول
للوم اللئم في الحق ،وأسرع الناس إلى الفتنة ،وأعجزهم عنها ،يغرون من
يظهرون ن صره من أ هل الب يت ،ح تى إذا اطمأن إلي هم ولم هم عل يه اللئم ،
خذلوه وأ سلموه وآثروا عل يه الدن يا ،ولهذا أشار عقلء الم سلمين ون صحاؤهم
على الحسين أن ل يذهب إليهم ،مثل عبد ال بن عباس ،وعبد ال بن عمر ،
وأبسي بكسر بسن عبسد الرحمسن بسن الحرث بسن هشام وغيرهسم ،لعلمهسم بأنهسم
يخذلو نه ،ول ين صرونه ،ول يوفون له ب ما كتبوا به إل يه ،وكان ال مر ك ما
رأى هؤلء ،ونفذ فيهم دعاء عمر بن الخطاب ،ثم دعاء علي بن أبي طالب .
حتى سلط ال عليهم الحجاج بن يوسف ،كان ل يقبل من محسنهم ،
ول يتجاوز عن مسيئهم ،ودب شرهم إلى من لم يكن منهم ،حتى عم الشر ،
وهذه كتب المسلمين التي ذكر فيها زهاد المة ليس فيهم رافضي .
267
كيف والرافضي من جنس المنافقين ،مذهبه التقية فهل هذا حال من
ل تأخذه بال لومة لئم ،إنما هذه حال من نعته ال في كتابه بقوله َ] :يا أَ ّيهَا
سوْفَ يَأْتِي الَ ِبقَو مٍ ُيحِبّهُم وَ ُيحِبّونَ هُ
ن آمَنُوا مَ نْ يَرتَدّ مِ ْنكُ مْ عَ نْ دِيِن هِ فَ َ
الّذِي َ
ن في سَبِي ِل الِ َو َل َيخَافُو نَ
ن أَعِزّ ٍة عَلَى ا ْلكَا ِفرِ ين ُيجَاهِدُو َ
أَذِّلةٍ عَلَى ا ْل ُم ْؤمِنِي َ
ن َيشَاء وَالُ وَاسِ ٌع عَلِيم [ (. )1
ض ُل الِ ُيؤْتِيهِ مَ ْ
َل ْو َمةَ لَ ِئمْ ذَِلكَ فَ ْ
وهذه حال من قا تل المرتد ين ،وأول هم ال صديق ،و من اتب عه إلى يوم
القيامسة ،فهسم الذيسن جاهدوا المرتديسن ،كأصسحاب مسسيلمة الكذاب ،ومانعسي
الزكاة ،وغيره ما و هم الذ ين فتحوا الم صار ،وغلبوا فارس والروم ،وكانوا
أزهد الناس ،كما قال عبد ال بن مسعود لصحابه :أنتم أكثر صلة وصياما
من أصحاب محمد ،وهم كانوا خيرا منكم ،قالوا :لما يا أبا عبد الرحمن ،
قال :لن هم كانوا ،أز هد في الدن يا ،وأر غب في الخرة ،فهؤلء هم الذ ين
لتأخذهم في ال لومة لئم .
بخلف الرافضسة ،فإنهسم أشسد الناس خوفسا مسن لوم اللئم ،ومسن
علَ ْيهِم هُم ا ْلعَ ُدوّ فَاحْ َذرْهُم
حةٍ َ
عدوّهم ،وهم كما قال تعالى َ] :يحسبونَ ُكلّ صَ ْي َ
قَاتَ َلهُ ُم الُ أَنّى ُيؤْ َفكُون [(. )2ول يعيشون في أهل القبلة إل من جنس اليهود في
أ هل الملل .ثم يقال :من هؤلء الذ ين زهدوا في الدن يا ،ولم تأخذهم في ال
لومة لئم ،ممن لم يبايع أبا بكر وعمر وعثمان رضى ال عنهم ،وبايع عليا،
فإ نه من المعلوم أن في ز من الثل ثة لم ي كن أ حد منحازا عن الثل ثة مظهرا
لمخالفتهم ومبايعة علي ،بل كل الناس كانوا مبايعين لهم فغاية ما يقال أنهم
كانوا يكتمون تقديم علي وليست هذه حال من ل تأخذه في ال لومة لئم .
وأ ما في حال ول ية علي ف قد كان tمن أك ثر الناس لو ما ل من م عه
على قلة جهاد هم ،ونكول هم عن القتال ،فأ ين هؤلء الذ ين ل تأخذ هم في ال
268
لومة لئم ،من هؤلء الشيعة ،وإن كذبوا على أبي ذر من الصحابة وسلمان
وعمار وغيرهم ،فمن المتواتر أن هؤلء كانوا من أعظم الناس تعظيما لبي
بكر وعمر ،واتباعا لهما ،وإنما ينقل عن بعضهم التعنت على عثمان ،ل
على أبي بكر وعمر ،وسيأتي الكلم على ما جرى لعثمان . t
ففي خلفة أبي بكر وعمر وعثمان ،لم يكن أحد يسمى من الشيعة ،
ول تضاف الشي عة إلى أ حد ل عثمان ول علي ول غيره ما ،فل ما ق تل عثمان
تفرق المسسسسسسلمون ،فمال قوم إلى عثمان ،ومال قوم إلى علي واقتتلت
الطائفتان ،وق تل حينئذ شي عة عثمان شي عة علي ،و في صحيح م سلم عن سعد
بن هشام أنه أراد أن يغزو في سبيل ال وقدم المدي نة فأراد أن يبيع عقارا له
فيها فيجعله في السلح والكراع ،ويجاهد الروم حتى يموت ،فلما قدم المدينة
لقي أناسا من أهل المدينة ،فنهوه عن ذلك وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك
في حياة النبي صلى ال تعالى عليه وسلم نهاهم نبي ال صلى ال تعالى عليه
وسلم .وقال (( :أليس لكم بي أسوة ؟)) ،فلما حدثوه بذلك راجع امرأته ،وقد
كان طلق ها وأش هد على رجعت ها .فأ تى ا بن عباس و سأله عن و تر ر سول ال
صلى ل تعالى عليه وسلم .فقال ابن عباس :أل أدلك علىأعلم أهل الرض
بوتسر رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ؟ فقال من ؟ قال :عائشسة tا ،
فأتها فاسألها ثم ائتني فاخبرني ،بردها عليك ،قال فانطلقت إليها فأتيت على
حك يم بن افلح فا ستلحقته إلي ها فقال :ما أ نا بقارب ها ل ني نهيت ها أن تقول في
هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما ل مضيا .
قال :فأقسمت عليه فجاء فانطلقنسا إلى عائشة رضى ال عنها وذكرا
الحديسث( ،)1وقال معاويسة لبسن عباس أنست على ملة علي ،فقال ل على ملة
علي ،ول على ملة عثمان ،أنسا على ملة رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه
وسلم .
وكانت الشيعة أصحاب علي يقدمون عليه أبا بكر وعمر ،وإنما كان
269
النزاع في تقديمه على عثمان ،ولم يكن حينئذ يسمى أحد ل إماميا ول رافضيا
وإن ما سموا راف ضة ،و صاروا راف ضة ،ل ما خرج ز يد بن علي بن الح سين
بالكوفة ،في خلفة هشام ،فسألته الشيعة عن أبي بكر وعمر ،فترحم عليهما
فرفضسه قوم ،فقال رفضتمونسي رفضتمونسي .فسسموا رافضسة ،وتوله قوم
فسموا زيدية ،لنتسابهم إليه .
ومسن حينئذ انقسسمت الشيعسة ،إلى رافضسة إماميسة وزيديسة ،وكلمسا
زادوا في البدعة زادوا في الشر ،فالزيدية خير من الرافضة ،أعلم وأصدق
وأزهد ،وأشجع .
ثم ب عد أ بي ب كر ،ع مر بن الخطاب هو الذي لم ت كن تأخذه في ال
لومسة لئم ،وكان أزهسد الناس باتفاق الخلق كمسا قيسل فيسه رحسم ال عمسر لقسد
تركه الحق ما له من صديق .
ونحن ل ندعي العصمة لكل صنّف من أهل السنّة ،وإنما ندعي أنهم
ل يتفقون على ضللة ،وأن كسل مسسألة اختلف فيهسا أهسل السسنّة والجماعسة
والرافضة ،فالصواب فيها مع أهل السنّة .
وحيث تصيب الرافضة ،فل بد أن يوافقهم على الصواب بعض أهل
السنّة ،وللروافض خطأ ل يوافقهم أحد عليه من أهل السنّة ،وليس للرافضة
مسألة واحدة ل يوافقهم فيها أحد فانفردوا بها عن جميع أهل السنّة والجماعة
إل وهم مخطئون فيها كإمامة الثنى عشر ،وعصمتهم .
(فصسسسل )
قال الرافضي (( :وذهب جميع من عدا المامية والسماعيلية إلى أن
النبياء والئمة غير معصومين ،فجوّزوا بعثة من يجوز عليه الكذب والسهو
والخطأ والسرقة ،فأي وثوق يبقى للعامة في أقوالهم ،وكيف يحصل النقياد
إلي هم ،وك يف ي جب اتباع هم مع تجو يز أن يكون ما يأمرون به خ طأ ؟ ولم
يجعلوا الئمسة محصسورين فسي عدد معيسن ،بسل كان مسن بايسع قرشيسا انعقدت
270
إمام ته عند هم ،وو جب طاع ته على جميع الخلق إذا كان م ستور الحال ،وإن
كان على غاية من الكفر والفسوق والنفاق )).
فيقال :الكلم على هذا من وجوه :
أحدهنا :أن يقال :مسا ذكرتسه عسن الجمهور مسن نفسي العصسمة عسن
النسبياء وتجويسز الكذب والسسرقة والمسر بالخطسأ عليهسم ،فهذا كذب على
الجمهور ،فإن هم متفقون على أن ال نبياء مع صومون في تبل يغ الر سالة ،ول
يجوز أن يستقر في شيء من الشريعة خطأ باتفاق المسلمين ،وكل ما يبلّغونه
عن ال عز وجل من المر والنهي يجب طاعتهم فيه باتفاق المسلمين ،وما
أخبروا به وجب تصديقهم فيه بإجماع المسلمين ،وما أمروهم به ونهوهم عنه
وجبت طاعتهم فيه عند جميع فرق المة ،إل عند طائفة من الخوارج يقولون:
إن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم معصوم فيما يبلّغه عن ال ،ل فيما يأمر
هو به وينهى عنه .وهؤلء ضُلّل باتفاق أهل السنّة والجماعة .
وقد ذكرنا غير مرة أنه إذا كان في بعض المسلمين من قال قول خطأ
لم ي كن ذلك قد حا في الم سلمين ،ولو كان كذلك لكان خ طأ الراف ضة عي با في
دين المسلمين ،فل يُعرف في الطوائف أكثر خطأ وكذبا منهم ،وذلك ل يضر
المسلمين شيئا ،فكذلك ل يضرهم وجود مخطئ آخر غير الرافضة.
وأكثر الناس – أو كثير منهم – ل يجوّزون عليهم الكبائر ،والجمهور
الذ ين يجوزون ال صغائر – هم و من يجوّز الكبائر – يقولون :إن هم ل ُي َقرّون
عليها ،بل يحصل لهم بالتوبة منها من المنزلة أعظم مما كان قبل ذلك ،كما
تقدم التنبيه عليه .
وبالجملة فل يس في الم سلمين من يقول :أ نه ي جب طا عة الر سول مع
جواز أن يكون أمره خطأ ،بل هم متفقون على أن المر الذي يجب طاعته ل
يكون إل صسوابا .فقوله (( :كيسف يجسب اتباعهسم مسع تجويسز أن يكون مسا
يأمرون به خطأ ؟ قول ل يلزم أحدا من المة .
وللناس في تجو يز الخ طأ علي هم في الجتهاد قولن معروفان ،و هم
271
متفقون على أنهسم ل يقرّون عليسه ،وإنمسا يطاعون فيمسا أقرّوا عليسه ،ل فيمسا
غيّره ال ونهى عنه ،ولم يأمر بالطاعة فيه .
وأما عصمة الئمة فلم يَقُل بها – إل كما قال – المامية والسماعيلية.
وناهيسك بقول لم يوافقهسم عليسه إل الملحدة المنافقون ،الذيسن شيوخهسم الكبار
أكفر من اليهود والنصارى والمشركين ! .وهذا دأب الرافضة دائما يتجاوزون
عن جما عة الم سلمين إلى اليهود والن صارى والمشرك ين في القوال والموالة
والمعاونة والقتال وغير ذلك .
فهسل يوجسد أضسل مسن قوم يعادون السسابقين الوليسن مسن المهاجريسن
والنصار ،ويوالون الكفار والمنافقين ؟ وقد قال ال تعالى ] :أَلَمْ َترَ إِلَى الّذِينَ
ب الُ عَلَ ْيهِم مّا هُم مِ ْنكُم وَل َمِ ْنهُم وَ َيحْ ِلفُونَ عَلَى ا ْلكَذِبِ وَهُمْ
َتوَلّوا َق ْومًا غَضِ َ
َيعْ َلمُون .أَعَدّ ال ُ لَه ُم عَذَاب ًا شَدِيدًا إِنّه ُم سنَا َء م َا كَانُوا َي ْعمَلُون ،اتّخَذُوا
أَ ْيمَا َنهُم جُ ّنةً فَصَدّوا عَن سَبِيلِ الِ فَ َلهُم عَذَابٌ ُمهِين .لَن ُتغْنِي عَ ْنهُم َأ ْموَا َلهُم
صحَابُ النّارِ هُ مْ فِيهَا خَالِدُون َ .يوْ مَ يَ ْبعَ ُثهُم
ك أَ ْ
ن الِ شَيئًا ُأوْلَئِ َ
َولَ َأ ْولَدهُم ِم َ
جمِيعًا فَ َيحْ ِلفُو نَ لَ ُه كَمَا َيحْ ِلفُو نَ لَكُم وَ َيحْ سَبُونَ أَنّهُم عَلَى شَيْ ٍء َألَ إِنّهُم
الُ َ
ب الشّ ْيطَان
ك حِزْ ُ
حوَذَ عَلَ ْي ِهمُ الشّ ْيطَان فَأَ ْنسَا ُهمْ ِذكْرَ ال ُأوْلَئِ َ
ُهمُ الكَاذِبون .اسْ َت ْ
َألَ إِنّ حِزْ بَ الشّ ْيطَا نِ هُ مُ ا ْلخَا سِرُون .إِنّ الّذِي نَ ُيحَادّو نَ الَ وَرَ سُو َلهُ ُأوْلَئِ كَ
في الَذَلّ ين .كَتَ بَ الُ لَغْلِ َبنّ أَنَا وَرُ سِلِي إِنّ الَ َقوِيّ عَزِ يزَ ،ل َتجِدُ َقوْمًا
ن حَادّ الَ وَرَ سُو َل ُه وَ َلوْ كَانُوا آبَاءَهُم أَو
ن بِالِ وَالْ َيوْمِ الخِر ُيوَادّو نَ َم ْ
ُي ْؤمِنُو َ
ن َوأَيّدَهُمْ ِبرُوحٍ
عشِيرَ َتهُمْ ُأوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُو ِبهِم الِيمَا َ
خوَا َنهُمْ َأوْ َ
أَبْنَاءَهُم أو ِإ ْ
ن َتحْتِهَا الَنْهَارَ خَالِدِي نَ فِي ها tم وَرَضُوا عَنْ هُ
ت َتجْرِي ِم ْ
مِنْه وَيُ ْدخِلُهُم جَنّا ٍ
ن حِزْبَ الِ ُهمُ ا ْل ُمفْلِحُون [(.)1
ب ال َألَ إِ ّ
ُأوْلَئِكَ حِزْ ُ
فهذه اليات نزلت في المنافقين ،وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم
في الرافضة ،حتى أنه ليس في الروافض إل من فيه شعبة من شعب النفاق .
ك ما فال ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم (( :أر بع من كن ف يه كان مناف قا
272
خالصا ،ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من خصل النفاق حتى
يدعهسا :إذا حدّث كذب ،وإذا اؤتمسن خان ،وإذا عاهسد غدر ،وإذا خاصسم
فجر)) أخرجاه في الصحيحين(. )1
س مَا قَ ّدمَ تْ
ن َكفَرُوا لَبِئْ َ
ن الّذِي َ
قال تعالى َ ]:ت َرىَ كَثِيرًا مِ ْنهُ مْ يَ َتوَّلوْ َ
خطَ الُ عَلَ ْيهِمْ وَفِي ا ْلعَذَابِ هُم خَالِدُون .وَلَو كَانُوا ُي ْؤمِنُونَ
سِن َ
سهُم أَ ْ
َلهُم أَ ْنفُ ُ
بِالِ وَالنّبِ يّ َومَا أُ ْن ِزلَ إِلَيْ ِه مَا ا ّتخَذُوهُم َأوْلِيَا َء وَ َلكِنّ كَثِيرًا مِ ْنهُ مْ فَا سِقُون [
()2
273
ن مَنْ حَا ّد الَ
ن بِالِ وَالْ َي ْومِ الخِرِ ُيوَادّو َ
ال [ إلى قوله ] :لَ َتجِدُ َق ْومًا ُي ْؤمِنُو َ
وكثير منهم يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادّته ()1
وَرَ سُولَه …[.الية
للمسسلمين .ولهذا لمسا خرج الترك الكفار مسن جهسة المشرق فقاتلوا المسسلمين
وسسفكوا دماءهسم ،ببلد خرسسان والعراق والشام والجزيرة وغيرهسا ،كانست
الرافضة معاونة لهم على قتال المسلمين ،ووزير بغداد المعروف بالعلقمي هو
وأمثاله كانوا من أع ظم الناس معاو نة ل هم على الم سلمين ،وكذلك الذ ين كانوا
بالشام بحلب وغيرها من الراف ضة كانوا من أشد الناس معاو نة لهم على قتال
المسلمين .وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون بالشام كانت الرافضة من
أعظسم أعوانهسم ،وكذلك إذا صسار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضسة
من أعظم أعوانهم ،فهم دائما يوالون الفار من المشركين واليهود والنصارى ،
ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم .
ثم إن هذا ادّعى عصمة الئمة دعوى لم يقم عليها حجة ،إل ما تقدم
مسن أن ال لم يخسل العالم مسن أئمسة معصسومين لمسا فسي ذلك مسن المصسلحة
واللطسف ،ومسن المعلوم المتيقسن أن هذا المنتظسر الغائب المفقود لم يحصسل بسه
ش يء من الم صلحة والل طف ،سواء كان مي تا ،ك ما يقوله الجمهور ،أو كان
ح يا ،ك ما تظ نه المام ية .وكذلك أجداده المتقدمون لم يح صل ب هم ش يء من
الم صلحة والل طف الحا صلة من إمام مع صوم ذي سلطان ،ك ما كان ال نبي
صلى ال تعالى عليه وسلم بالمدينة بعد الهجرة ،فإنه كان إمام المؤمنين الذي
يجب عليهم طاعته ،ويحصل بذلك سعادتهم ،ولم يحصل بعده أحد له سلطان
تُدعى له العصمة إل علي ّ tزمن خلفته .
سي كان
سلحة التس
سف و المصس
سن المعلوم بالضرورة أن حال اللطس
ومس
المؤمنون فيها زمن الخلفاء الثلثة ،أعظم من اللطف والمصلحة الذي كان في
خل فة علي ز من القتال و الفت نة والفتراق ،فإذا لم يو جد من يد عي المام ية
فيه أنه معصوم وحصل له السلطان بمبايعة ذي الشوكة إل عليّ وحده ،وكان
274
م صلحة المكلف ين والل طف الذي ح صل ل هم في دين هم ودنيا هم في ذلك الزمان
أ قل م نه في ز من الخلفاء الثل ثة ،عُلم بالضرورة أن ما يدّعو نه من الل طف
والمصلحة الحاصلة بالئمة المعصومين باطل قطعا.
وهو من جنس الهدى واليمان الذي ُيدّعى في رجال الغيب بجبل لبنان
وغيره مسن الجبال مثسل جبسل قاسسيون بدمشسق ،ومغارة الدم ،وجبسل الفتسح
بم صر ،ون حو ذلك من الجبال والغيران ،فإن هذه الموا ضع ي سكنها ال جن ،
ويكون ب ها شياط ين ،ويتراءون أحيا نا لب عض الناس ،ويغيبون عن الب صار
في أكثر الوقات ،فيظن الجهال أنهم رجال من النس ،وإنما هم رجال من
الجن .
ن بِ ِرجَالٍ ِم نَ ا ْلجِنّ
س َيعُوذُو َ
كما قال تعالى َ ] :وإِنّ هُ كَا نَ ِرجَا ٌل مِ نَ الِنْ ِ
فَزَادُو ُهمْ رَ َهقًا [(. )1
وهؤلء يؤ من ب هم وب من ينتحل هم من المشا يخ طوائف ضالون ،ل كن
المشايخ الذين ينتحلون رجال الغيب ل يحصل بهم من الفساد ما يحصل بالذين
يدّعون المام المعصوم ،بل المفسدة والشر الحاصل في هؤلء أكثر ،فإنهم
يدّعون الدعوة إلى إمام مع صوم ،ول يو جد ل هم أئ مة ذووا سيف ي ستعينون
بهسم ،إل كافسر أو فاسسق أو منافسق أو جاهسل ،ل تخرج رؤوسسهم عسن هذه
القسام .
والسماعيلية شر منهم ،فإن هم يدعون إلى المام المعصوم ،ومنتهى
دعوتهم إلى رجال ملحدة منافقين ف سّاق ،ومنهم من هو شر في الباطن من
اليهود والنصارى .
فالداعون إلى المعصسوم ل يدعون إلى سسلطان معصسوم ،بسل إلى
سلطان كفور أو ظلوم ،وهذا أمر مشهور يعرفه كل من له خبرة بأحوالهم .
ِينن آمَنُوا َأطِيعُوا الَ َوأَطِيعُوا الرّسنُولَ
وقسد قال تعالى َ] :ينا أَيّهَا الّذ َ
َوأُولِي ا َلمْرِ مِ ْنكُ مْ فَإِ نْ تَنَازَعْتُ مْ فِي شَيْءٍ فَرُدّو هُ إِلَى الِ وَالرّ سُولِ إِ نْ كُنْتُ مْ
275
ن بِالِ وَالْ َيوْ مِ الخِر ذَلِ كَ خَيْ ٌر َوَأحْ سَنُ َت ْأوِيلً [( ،)1فأ مر ال المؤمن ين
ُت ْؤمِنُو َ
عنسد التنازع بالرد إلى ال والرسسول ،ولو كان للناس معصسوم غيسر الرسسول
صلى ال تعالى عليه وسلم لمرهم بالرد إليه ،فدل القرآن على أنه ل معصوم
إل الرسول صلى ال تعالى عليه وسلم .
(فصسسسل )
وأ ما قوله (( :ولم يجعلوا الئ مة مح صورين في عدد مع ين )) فهذا
ِينن آمَنُوا َأطِيعُوا الَن َوأَطِيعُوا
حسق .وذلك أن ال تعالى قال َ ]:ينا أَيّهَنا الّذ َ
ال ّرسُولَ َوأُولِي ا َلمْ ِر مِ ْنكُم [ ،ولم يوقّتهم بعدد معين .
وكذلك قال النبي صلى ال تعالى عليه وسلم في الحاديث الثابتة عنه
المستفيضة لم يوقّت ولة المور في عدد معين .ففي الصحيحين عن أبي ذر
قال (( :إن خليلي أوصساني أن أسسمع وأطيسع وإن كان عبدا حبشيسا مجدّع
الطراف ))(. )2
( فصسسسل )
وأما قوله عنهم (( كل من بايع قرشيا انعقدت إمامته ووجبت طاعته
على جميسع الخلق إذا كان مسستور الحال ،وإن كان على غايسة مسن الفسسق
والكفر والنفاق )) .
فجوابه من وجوه :
أحدها :أن هذا ليس من قول أهل السنة والجماعة ،وليس مذهبهم أنه
بمجرد مباي عة وا حد قر شي تنع قد بيع ته ،وي جب على جم يع الناس طاع ته ،
وهذا وإن كان قد قاله بعض أهل الكلم ،فليس هو قول أهل السنة والجماعة،
276
بل قد قال عمر بن الخطاب (( : tمن بايع رجل بغير مشورة المسلمين ،فل
يبايسع هسو ول الذي بايعسه ت ِغرّة أن يُقتل )) .الحديسث رواه البخاري ،وسسيأتي
بكماله إن شاء ال تعالى .
الوجه الثاني :أنهم ل يوجبون طاعة المام في كل ما يأمر به ،بل
ل يوجبون طاعتسه إل فيمسا تسسوغ طاعتسه فيسه فسي الشريعسة ،فل يجوّزون
طاعته في معصية ال وإن كان إماما عادلً ،وإذا أمرهم بطاعة ال فأطاعوه:
مثل ان يأمرهم بإقامة الصلة وإيتاء الزكاة ،والصدق والعدل والحج والجهاد
في سبيل ال ،فهم في الحقيقة إنما أطاعوا ال ،والكافر والفاسق إذا أمر بما
هو طاعة ل لم تحرم طاعة ال ول يسقط وجوبها لجل أمر ذلك الفاسق بها ،
كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه ول يسقط وجوب اتباع الحق لكونه قد قاله
فاسق ،فأهل السنة ل يطيعون ولة المور مطل قا ،إنما يطيعونهم في ض من
طاعة الرسول صلى ال تعالى عليه وسلم .
()1
كما قال تعالىَ ] :أطِيعُوا الَ َوَأطِيعُوا ال ّرسُولَ َوأُولِي ا َلمْرِ مِ ْنكُم [
فأمر بطاعة ال مطلقا ،وأمر بطاعة الرسول لنه ل يأمر إل بطاعة ال ]َم نْ
و ج عل طا عة أولي ال مر داخلة في ذلك ، ()2
ُيطِ عِ الرّ سُولَ َفقَدْ َأطَا عَ ال [
ُولين ا َلمْ ِر مِنْكُم [ ولم يذكسر لهسم طاعسة ثالثسة ،لن ولي المسر ل
فقال َ ] :وأ ِ
يطاع طاعة مطلقة ،إنما يطاع في المعروف.
()3
كما قال النبي صلى ال تعالىعليه وسلم((:إنما الطاعة في المعروف
))
277
وقال هؤلء الرافضسة المنسسوبين إلى شيعسة علي ّ tأنسه تجسب طاعسة
غير الرسول صلى ال تعالى عليه وسلم مطلقا في كل ما أمر به ،أفسد من
قول من كان من سوبا إلى شي عة عثمان tمن أ هل الشام من أ نه ي جب طا عة
ولي المر مطلقا ،فإن أولئك كانوا يطيعون ذا السلطان وهو موجود ،وهؤلء
يوجبون طاعة معصوم مفقود .
وأيضسا فأولئك لم يكونوا يدّعون فسي أئمتهسم العصسمة التسي تدعيهسا
الرافضة ،بل كانوا يجعلونهم كالخلفاء الراشدين وأئمة العدل الذين يقلدون فيما
ل تعرف حقي قة أمره ،أو يقولون :إن ال يق بل من هم الح سنات ويتجاوز عن
السيئات .وهذا أهون ممن يقول :أنهم معصومون ول يخطئون .
فتسبين ان هؤلء المنسسوبين إلى النصسب مسن شيعسة عثمان ،وإن كان
فيهم خروج عن بعض الحق والعدل ،فخروج المامية عن الحق والعدل أكثر
وأشد ،فكيف بقول أئمة السنة الموافق للكتاب والسنة ،وهو المر بطاعة ولي
المر فيما يأمر به من طاعة ال ،دون ما يأمر به من معصية ال .
( فصسل )
قال الرافضني (( :وذهسب الجميسع منهسم إلى القول بالقياس ،والخسذ
بالرأي ،فأدخلوا فسي ديسن ال مسا ليسس منسه ،وحرّفوا أحكام الشريعسة ،
وأحدثوا مذا هب أرب عة لم ت كن في ز من ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ول
زمن صحابته ،وأهملوا أقاويل الصحابة ،مع أنهم ن صّوا على ترك القياس ،
وقالوا :أول من قاس إبليس )) .
فيقال الجواب عن هذا من وجوه :
أحدها :أن دعواه على جميع أهل السنة المثبتين لمامة الخلفاء الثلثة
أنهم يقولون بالقياس دعوى باطلة ،قد عُرف فيهم طوائف ل يقولون بالقياس ،
كالمعتزلة البغدادي ين ،وكالظاهر ية كداود وا بن حزم وغيره ما ،وطائ فة من
أهل الحديث والصوفية .
278
وأيضا ففي الشيعة من يقول بالقياس كالزيدية .فصار النزاع فيه بين
الشيعية كما هو بين أهل السنة والجماعة .
الثاني :أن يقال :القياس ولو قيل :إنه ضعيف هو خير من تقليد من
لم يبلغ في العلم مبلغ المجتهد ين ،فإن كل من له علم وإن صاف يعلم أن م ثل
مالك والليث بن سعد والوْزاعي وأبي حنيفة والثّوري وابن أبى ليلى ،ومثل
الشافعسي وأحمسد إسسحاق وأبسى عبيسد وأبسى َثوْر أعلم وأفقسه مسن العسسكريين
أمثالهما.
وأيضا فهؤلء خير من المنتظر الذي ل يعلم ما يقول ،فإن الواحد من
هؤلء إن كان عنده نص منقول عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم فل ريب
أن ال نص الثا بت عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم مقدّم على القياس بل
ريب ،وإن لم يكن عنده نص ولم يقل بالقياس كان جاهل ،فالقياس الذي يفيد
الظسن خيسر مسن الجهسل الذي ل علم معسه ول ظسن ،فإن قال هؤلء كسل مسا
يقولو نه هو ثا بت عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم كان هذا أض عف من
قول من قال كل ما يقوله المجتهد فإنه قول النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ،
فإن هذا يقوله طائ فة من أ هل الرأي ،وقول هم أقرب من قول الراف ضة ،فإن
قول أولئك كذب صريح .
وأي ضا فهذا كقول من يقول :ع مل أ هل المدي نة متل قى عن ال صحابة
وقول الصحابة متلقى عن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ،وقول من يقول :
مسا قاله الصسحابة في غيسر مجاري القياس فإ نه ل يقوله إل توقيفسا عن ال نبي
صلى ال تعالى عليه وسلم ،وقوله من يقول :قول المجتهد أو الشيخ العارف
هو إلهام من ال ووحي يجب اتباعه .
فإن قال :هؤلء تنازعوا .
ق يل وأولئك تنازعوا ،فل يم كن أن تدّ عي دعوى باطلة إل أم كن معارضت هم
بمثلها أو بخير منها ول يقولون حقّا إل كان في أهل السنة والجماعة من يقول
مثل ذلك الحق أو ما هو خير منه ،فإن البدعة مع السنة كالكفر مع اليمان .
279
حسَنَ َت ْفسِيرا[(. )1
ق َوَأ ْ
ك ِبمَ َثلٍ ِإلّ جِئْنَاكَ بِا ْلحَ ّ
وقد قال تعالى َ ] :ولَ يَأْتُونَ َ
الثالث :أن يقال الذ ين أدخلوا في د ين ال ما ل يس م نه وحرّفوا أحكام
الشريعة ،ليسوا في طائفة أكثر منهم في الرافضة ،فإنهم أدخلوا في دين ال
من الكذب على ر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ما لم يكذ به غير هم ،
وردّوا من ال صدق ما لم يرده غير هم ،وحرّفوا القرآن تحريفا لم يحرّ فه أ حد
ن آمَنُوا
غير هم م ثل قول هم :إن قوله تعالى ] :إِنّمَا وَلِ ّيكُ مُ الَ وَرَ سُو َل ُه وَالّذِي َ
نزلت في عل يّ ل ما ()2
ن ال صّلَ َة وَ ُيؤْتُو نَ ال ّزكَاةَ وَهُ مْ رَا ِكعُون [
ن ُيقِيمُو َ
الّذِي َ
تصدق بخاتمه في الصلة .
ُجن مِ ْنهُم َا
ْنن [( : )3علي وفاطمسة َ] ،يخر ُ
َجن الْ َبحْرَي ِ
وقوله تعالى َ] :مر َ
الّلؤُْلؤُ وَا ْلمَ ْرجَان [( : )4الحسن والحسين َ ] ،وكُ ّل شَيْءٍ َأحْ صَيْنَاهُ فِي ِإمَا مٍ مُبِين
ع ْمرَا نَ
طفَى آدَ مَ وَنُوحًا وَآ َل إِبْرَاهِ يم وَآلَ ِ
صَ[()5علي بن أ بي طالب ]إِنّ الَ ا ْ
[()6هسم آل أبسي طالب واسسم أبسي طالب عمرانَ]،فقاتلواأَ ِئ ّمةَ ا ْلكُف ْر[(: )7طلحسة
هم بنو أمية ] ،إِنّ الَ يَ ْأمُ ُركُم أَنْ ()8
شجَرَةَ ا ْلمَ ْلعُو َنةَ فِي ا ْلقُرْآن [
والزبير] ،وَال ّ
عمَلُ كَ [( : )10لئن أشركت بين
ن َأشْ َركْ تَ لَ َيحْ َبطَنّ َ
تَذْ َبحُوا َبقَرَة[(: )9عائشة و ]َلئ ْ
أبي بكر وعلي في الولية .
وكسل هذا وأمثاله وجدتسه فسي كتبهسم .ثسم مسن هذا دخلت السسماعيلية
280
والنصسيرية فسي تأويسل الواجبات والمحرّمات ،فهسم أئمسة التأويسل ،الذي هسو
تحر يف الكلم عن مواض عه ،و من تدبر ما عند هم و جد ف يه من الكذب في
المنقولت ،والتكذيب بالحق منها والتحريف لمعانيها ،مال يوجد في صنف
من المسلمين ،فهم قطعا أدخلوا في دين ال ما ليس منه أكثر من كل أحد ،
وحرّفوا كتابه تحريفا لم يصل غيرهم إلى قريب منه .
الوجه الرابع :قوله (( :وأحدثوا مذاهب أربعة لم تكن في زمن النبي
صلى ال تعالى عليه وسلم ول زمن صحابته ،وأهملوا أقاويل الصحابة )).
فيقال له :متى كان مخالفة الصحابة والعدول عن أقاويلهم منكرا عند
المامية ؟ وهؤلء متفقون على محبة الصحابة وموالتهم وتفضيلهم على سائر
القرون وعلى أن إجماعهم حجة ،وعلى أنه ليس لهم الخروج عن إجماعهم ،
بسل عامسة الئمسة المجتهديسن يصسرّحون بأنسه ليسس لنسا أن نخرج عسن أقاويسل
الصسحابة ،فكيسف يطعسن عليهسم بمخالفسة الصسحابة مسن يقول :إن إجماع
الصحابة ليس بحجة ،وينسبهم إلى الكفر والظلم ؟
فإن كان إجماع الصحابة حجة فهو حجة على الطائفتين ،وإن لم يكن
حجة فل يحتج به عليهم .
وإن قال :أهل السنة يجعلونه حجة ،وقد خالفوه .
قيل :أما أهل السنة فل يتصور أن يتفقوا على مخالفة إجماع الصحابة
،وأ ما المام ية فل ر يب أن هم متفقون على مخال فة إجماع العترة النبو ية ،مع
مخالفسة إجماع الصسحابة ،فإن لم يكسن فسي العترة النبويسة –بنسو هاشسم – على
عهد النبي صلى ال تعالى عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضى
ال عن هم من يقول بإما مة الث نى ع شر ول بع صمة أ حد ب عد ال نبي صلى ال
تعالى عليه وسلم ،ول بكفر الخلفاء الثلثة ،بل ول من يطعن في إمامتهم ،
بل ول من ينكر الصفات ،ول من يكذب بالقدر .
فالماميسة بل ريسب متفقون على مخالفسة إجماع العترة النبويسة ،مسع
مخالفتهسم لجماع الصسحابة ،فكيسف ينكرون على مسن لم يخالف ل إجماع
281
الصحابة ول إجماع العترة ؟ .
الوجه الخامس :أن قوله (( :أحدثوا مذاهب أربعة لم تكن على عهد
رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم )) .إن أراد بذلك أنهسم اتفقوا على أن
يحدثوا هذه المذاهب مع مخالفة الصحابة فهذا كذب عليهم ،فإن هؤلء الئمة
لم يكونوا في عصر واحد ،بل أبو حنيفة توفى سنة خمسين ومائة ومالك سنة
ت سع و سبعين ومائة ،والشاف عي سنة أر بع ومائت ين ،وأح مد بن حن بل سنة
إحدى وأربعيسن ومائتيسن ،وليسس فسي هؤلء مسن يقلد الخسر ،ول مسن يأمسر
باتّباع الناس له ،بل كل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة ،وإذا قال غيره
قول يخالف الكتاب والسنة عنده رده ،ول يوجب على الناس تقليده.
وإن قلت ان هذه المذاهب اتّبعهم الناس ،فهذا لم يحصل بموطأة ،بل
ات فق أن قو ما اتّبعوا هذا ،وقو ما اتبعوا هذا ،كالحجاج الذ ين طلبوا من يدل هم
على الطريق ،فرأى قوم هذا الدليل خبيرا فاتّبعوه ،وكذلك الخرون .
وإذا كان كذلك لم ي كن في ذلك اتفاق أ هل ال سنة على با طل ،بل كل
قوم منهسم ينكرون مسا عنسد غيرهسم مسن الخطسأ ،فلم يتفقوا على أن الشخسص
المعيّن عل يه أن يق بل من كل من هؤلء ما قاله ،بل جمهور هم ل يأمرون
العام يّ بتقليد ش خص معيّن غير النبي صلى ال تعالى عليه وسلم في كل ما
يقوله.
وال تعالى قد ضمن العصمة للمة ،فمن تمام العصمة أن يجعل عددا
من العلماء إن أخطأ الواحد منهم في شيء كان الخر قد أصاب فيه حتى ل
يض يع ال حق ،ولهذا ل ما كان في قول بعض هم من الخ طأ م سائل ،كب عض
المسائل التي أوردها ،كان الصواب في قول الخر ،فلم يتفق أهل السنة على
ضللة أصل ،وأما خطأ بعضهم في بعض الدين ،فقد قدّمنا في غير مرة أن
هذا ل ي ضر ،كخ طأ ب عض الم سلمين .وأ ما الشي عة ف كل ما خالفوا ف يه أ هل
السنة كلهم فهم مخطئون فيه ،كما أخطأ اليهود والنصارى في كل ما خالفوا
فيه المسلمين .
282
الوجنه السنادس :أن يُقال :قوله (( :إن هذه المذاهسب لم تكسن فسي
زمن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم ول الصحابة ))إن أراد أن القوال التي
ل هم لم تن قل عن ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ول عن ال صحابة ،بل
تركوا قول النبي صلى ال تعالى عليه وسلم والصحابة وابتدعوا خلف ذلك ،
فهذا كذب عليهم ،فإنهم لم يتفقوا على مخالفة الصحابة ،بل هم – وسائر أهل
ال سنة – متبعون لل صحابة في أقوال هم ،وإن قدّر أن ب عض أ هل ال سنّة خالف
ال صحابة لعدم عل مه بأقاويل هم ،فالباقون يوافقون ويثبتون خ طأ من يخالف هم ،
وإن أراد أن ن فس أ صحابها لم يكونوا في ذلك الزمان ،فهذا ل محذور ف يه .
فمن المعلوم أن كل قرن يأتي يكون بعد القرن الول .
الوجه السابع :قوله (( :وأهملوا أقاويل الصحابة )) كذب منه ،بل
كتب أرباب المذاهب مشحونة بنقل أقاويل الصحابة والستدلل بها ،وإن كان
عنسد كسل طائفسة منهسا مسا ليسس عنسد الخرى .وإن قال :أردت بذلك أنهسم ل
يقولون :مذهب أبي بكر وعمر ونحو ذلك ،فسبب ذلك أن الواحد من هؤلء
جمع الثار وما استنبطه منها ،فأضيف ذلك إليه ،كما تضاف كتب الحديث
إلى من جمع ها ،كالبخاري وم سلم وأ بي داود ، ،وك ما تضاف القراءات إلى
من اختارها ،كنافع وابن كثير .
وغالب ما يقوله هؤلء منقول عمن قبلهم ،وفي قول بعضهم ما ليس
منقول عمن قبله ،لكنه استنبطه من تلك الصول .ثم قد جاء بعده من تعقب
أقواله فبيّن من ها ما كان خ طأ عنده ،كل ذلك حف ظا لهذا الد ين ،ح تى يكون
فم تى ()1
ن ا ْلمُنْكَر [
أهله ك ما و صفهم ال به ] َي ْأمُرُو نَ بِا ْل َمعْرُو فِ وَيَ ْن َهوْ نَ عَ ِ
وقع من أحدهم منكر خطأ أو عمدا أنكره عليه غيره .
ول يس العلماء بأع ظم من ال نبياء ،و قد قال تعالى ] :وَدَاوُدَ وَ سُلَ ْيمَانَ
ِمن شَاهِدِينن .
ح ْكمِه ْ
َمن الْ َقوْم َوكُنّان ِل ُ
ِيهن غَن ُ
َتن ف ِ
ْثن إِذ َن َفش ْ
َانن فِي ا ْلحَر ِ
ح ُكم ِ
إِذْ َي ْ
283
حكْما وَعِ ْلمًا [(. )1
ن وَكُلّ آتَيْنَا ُ
َف َف ّهمْناهَا سُلَ ْيمَا َ
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر tما أن النبي صلى ال تعالى عليه
وسلم قال لصحابه عام الخندق (( :ل يصلين أحد العصر إل في بني قريظة،
فأدركتهسم صسلة العصسر فسي الطريسق ،فقال بعضهسم :لم يُرد منسا تفويست
الصسلة ،فصسلّوا فسي الطريسق .وقال بعضهسم :ل نصسلي إل فسي بنسي
()2
)) قريظة،فصلوا العصر بعد ماغربت الشمس،فما عنّف واحدة من الطائفتين
فهذا دليسل على أن المجتهديسن يتنازعون فسي فهسم كلم رسسول ال صسلى ال
تعالى عليه وسلم ،وليس كل واحد منهم آثما .
الوجنه الثامنن :أن أهسل السسنة لم يقسل أحسد منهسم إن إجماع الئمسة
الربعسة حجسة معصسومة ،ول قال :إن الحسق منحصسر فيهسا ،وإن مسا خرج
عنهسا باطسل ،بسل إذا قال مسن ليسس مسن أتباع الئمسة ،كسسفيان الثوري
والوزاعي والَليْث بن سعد ومن قبلهم ومن بعدهم من المجتهدين قول يخالف
قول الئمة الربعة ُ ،ردّ ما تنازعوا فيه إلى ال ورسوله ،وكان القول الراجح
هو القول الذي قام عليه الدليل .
الوجه التاسع :قوله (( :الصحابة نصوا على ترك القياس )) .يقال
[له] :الجمهور الذيسن يثبتون القياس قالوا :قسد ثبست عسن الصسحابة أنهسم قالوا
بالرأي واجتهاد الرأي وقاسوا ،كما ثبت عنهم ذم ما ذموه من القياس .قالوا:
وكل القولين صحيح ،فالمذموم القياس المعارض للنص ،كقياس الذين قالوا :
إنما البيع مثل الربا ،وقياس إبليس الذي عارض به أمر ال له بالسجود لدم ،
وقياس المشركين الذين قالوا :أتأكلون ما قتلتم ول تأكلون ما قتله ال ؟ قال ال
ن َأطَعْ ُتمُوهُ مْ إِ ّنكُم
تعالى َ ] :وإِنّ الشّيَاطِي نَ لَيُوحُو نَ إِلَى َأوْلِيَا ِئهِ مْ لِ ُيجَادِلُوكُ مْ َوإِ ْ
ال ُمشْ ِركُون [(. )3
284
وكذلك القياس الذي ل يكون الفرع فيسه مشاركسا للصسل فسي مناط
الحكم ،فالقياس يُذم إما لفوات شرطه ،وهو عدم المساواة في مناط الحكم ،وإما
لوجود مان عه ،و هو ال نص الذي ي جب تقدي مه عل يه ،وإن كا نا متلزمَيْن في
نفسس المسر ،فل يفوت الشرط إل والمانسع موجود ،ول يوجسد المانسع إل
والشرط مفقود .
فأمسا القياس الذي يسستوي فيسه الصسل والفرع فسي مناط الحكسم ولم
يعارضه ماهو أرجح منه ،فهذا هو القياس الذي يتبع .
ول ريب أن القياس فيه فاسد ،وكثير من الفقهاء قاسوا أقيسة فاسدة ،
بعضها باطل بالنص ،وبعضها مما اتفق على بطلنه ،لكن بطلن كثير من
القياس ل يقتضي بطلن جميعه ،كما أن وجود الكذب في كثير من الحديث ل
يوجب كذب جميعه .
(فنصنننل)
قال الرافضني (( :الوجسه الثانسي :فسي الدللة على وجوب اتّباع
مذهسب الماميسة :مسا قاله شيخنسا المام العظسم خواجسه نصسير الملة والحسق
والدين محمد بن الحسن الطوسي ،قدّس ال روحه ،وقد سألته عن المذاهب
فقال :بحثنسا عنهسا وعسن قول رسسول ال ((: eسستفترق أمتسي على ثلث
،و قد ع ين الفرقسة ()1
)) وسسبعين فرقسه ،من ها فرقسة ناجيسة ،والباقسي فسى النار
الناجية والهالكة في حديث أخر صحيح متفق عليه ،وهو قوله (( :مثل أهل
بيتي كمثل سفينة نوح :من ركبها نجا ،ومن تخلف عنها غرق )) ،فوجدنا
الفرقه الناجية هي فرقة المامية ،لنهم باينوا جميع المذاهب ،وجميع المذاهب
قد اشتركت في أصول العقائد )).
فيقال :الجواب من وجوه:
أحدها :أن هذا المامي قد كّفر من قال :ان ال موجب بالذات ،كما
تقدم من قوله :يلزم أن يكون ال موجبا بذاته ل مختارا فيلزم الكفر .
285
وهذا الذي جعله شيخسه العظسم واحتسج بقوله ،هسو ممسن يقول بأن ال
مو جب بالذات ،ويقول بقدم العالم،كمسا ذكرذلك فسى كتاب ((شرح الشارات))
له .فيلزم على قوله أن يكون شي خه هذا الذي اح تج به كافرا ،والكا فر ل يُق بل
قوله في دين المسلمين .
الثانني :أن هذا الرجسل قسد اشتهسر عنسد الخاص والعام أنسه كان وزيسر
الملحدة الباطنيسة السسماعيلية باللموت( ، )1ثسم لمسا قدم الترك المشركون الى
بلد الم سلمين ،وجاءوا الى بغداد ،دار الخل فة ،كان هذا منج ما مشيرا لملك
الترك المشرك ين هول كو أشار عل يه بق تل الخلي فة ،وق تل أ هل العلم والد ين،
وا ستبقاء أ هل ال صناعات والتجارات الذ ين ينفعو نه في الدن يا ،وأ نه ا ستولى
على الوقسف الذي للمسسلمين ،وكان يعطسي منسه مسا شاء ال لعلماء المشركيسن
وشيوخهم من البخشية السحرة وأمثالهم وأنه لما بنى الرّصد الذي بمراغة على
طريسق الصسابئة المشركيسن ،كان أبخسس الناس نصسيبا منسه مسن كان إلى أهلِ
الملل أقرب ،وأوفرهسم نصسيبا مسن كان أبعدهسم عسن الملل ،مثسل الصسابئة
المشركيسن ومثسل المعطّلة وسسائر المشركون ،وإن ارتزقوا بالنجوم والطسب
ونحو ذلك .
ومن المشهور عنه وعن أتباعه الستهتار بواجبات السلم ومحرّماته،
سن
سن محارم ال مس
سلوات ،ول ينزعون مس
ل يحافظون على الفرائض كالصس
الفواحش والخمر وغير ذلك من المنكرات ،حتى أنهم في شهر رمضان يُذكر
عن هم من إضا عة ال صلوات ،وارتكاب الفوا حش ،وشرب الخ مر – ما يعر فه
أهل الخبرة بهم ،ولم يكن لهم قوة وظهور إل مع المشركين ،الذين دينهم شر
من دين اليهود والنصارى .
ولهذا كان كل ما قوى ال سلم في الم غل وغير هم من ترك ،ض عف
أمر هؤلء لفرط معاداتهم للسلم وأهله .ولهذا كانوا من أنقص الناس منزلة
عند المير نوروز المجاهد في سبيل ال الشهيد ،الذي دعا ملك المغل غازان
286
إلى السلم ،والتزم له أن ينصره إذا أسلم ،وقتل المشركين الذين لم يسلموا
مسن البخشيسة السسحرة وغيرهسم ،وهدم البذخانات ،وكسسر الصسنام ومزق
سدنتها كل ممزق ،وألزم اليهود والنصارى بالجزية والصغار ،وبسببه ظهر
السلم في المغل وأتباعهم .
وبالجملة فأمر هذا الطوسى وأتبا عه عند المسلمين أشهر وأعرف من
أن يعرف ويوصسف .ومسع هذا فقسد قيسل :إنسه كان آخسر عمره يحافسظ على
الصلوات الخمس ويشتغل بتفسير البغوى والفقه ونحو ذلك .فإن كان قد تاب
من اللحاد فال يقبل التوبة عن عباده ،ويعفو عن السيئات .وال تعالى يقول:
حمَة ال إنّ الَ َي ْغفِر
س ِهمْ ل َتقْنَطوا مِن ّر ْ
]َ يا عباِد يَ الّذِي نَ أَ سْرَفوا عَلَى أنف ِ
ب جميعا [(. )1
الذُنو َ
لكن ما ذكره عن هذا ،إن كان قبل التوبة لم يُقبل قوله ،وإن كان بعد
التوبة لم يكن قد تاب من الرفض ،بل من اللحاد وحده .وعلى التقديرين فل
يُق بل قوله .والظ هر أ نه إن ما كان يجت مع به وبأمثاله ل ما كان منج ما للم غل
المشركين ،واللحاد معروف من حاله إذ ذلك .
ف من يقدح في م ثل أ بي ب كر وع مر وعثمان ،وغير هم من ال سابقين
الوّليسن مسن المهاجريسن والنصسار ،ويطعسن على مثسل مالك والشافعسي وأي
حني فة وأح مد بن حن بل وأتباع هم ،ويعير هم بغلطات بعض هم في م ثل إبا حة
الشطر نج والغناء ،ك يف يل يق به أن يح تج لمذه به بقول م ثل هؤلء الذ ين ل
سوله ،ول
سا حرم ال ورسس
سر ،ول يحرّمون مس
يؤمنون بال ول باليوم الخس
يدينون د ين ال حق ،وي ستحلون المحرّمات المج مع على تحريم ها ،كالفوا حش
والخ مر ،في م ثل ش هر رمضان ،الذ ين أضاعوا ال صلة واتّبعوا الشهوات ،
وخرقوا سسياج الشرائع ،واسستخفّوا بحرمات الديسن ،وسسلكوا غيسر طريسق
المؤمنين ،فهم كما قيل فيهم :
من فرقة فلسسفية الدين يشكسو بليسة
287
إل لجسل التقيسة ل يشهدون صسلة
سياسسة مدنيسسة ول ترى الشرع إل
منساهجا فلسفسية ويؤثسرون عليسسه
ولكسن هذا حال الرافضسة :دائمسا يعادون أولياء ال المتقيسن سس مسن
السابقين الولين ،من المهاجرين والنصار ،والذين اتّبعوا بإحسان ،ويوالون
الكفّار والمنافقيسن .فإن أعظسم الناس نفاقسا فسي المنتسسبين إلى السسلم هسم
الملحدة الباطن ية ال سماعيلية ،ف من اح تج بأقوال هم في ن صرة قوله ،مع ما
تقدم من طع نه على أقوال أئمة المسلمين – كان من أع ظم الناس موالة ل هل
النفاق ،ومعاداة لهل اليمان .
ومسن العجسب أن هذا المصسنف الرافضسي الخسبيث الكذّاب المفتري ،
يذ كر أ با ب كر وع مر وعثمان ،و سائر ال سابقين والوّل ين والتابع ين ،و سائر
أئمة المسلمين ،من أهل العلم والدين بالعظائم التي يفتريها عليهم هو وإخوانه،
ويجيء إلى من قد اشتُهر عند المسلمين بمحادته ل ورسوله ،فيقول (( :قال
شيخنا العظم )) ،ويقول ((قدس ال روحه )) مع شهادته بالكفر عليه وعلى
أمثاله ،ومع لعنة طائفته لخيار المؤمنين من الولين والخرين .
ن أُوتُوا
ن َترَ إِلَى الّذِين َ
وهؤلء داخلون فسي معنسى قوله تعالى ] :أَلَم ْ
ت وَالطّاغُو تِ وَ َيقُولُو نَ لِلّذِي نَ َكفَرُوا َهؤُلءِ
ن بِا ْلجِبْ ِ
نَ صِيبًا ِم نَ ا ْلكِتَا بِ ُي ْؤمِنُو َ
ن َتجِدَ
ن الُ فَلَ ْ
ك الّذِينَ َلعَ َن ُه ُم الُ َومَنْ يَ ْلعَ ِ
ن الّذِينَ آمَنُوا سَبِيلً ُ .أوْلَئِ َ
أَهْدَى مِ َ
َلهُ نَصِيرًا [(.)1
فإن هؤلء المام ية أوتوا ن صيبا من الكتاب ،إذ كانوا مقرّ ين بب عض
مسا فسي الكتاب المنزّل ،وفيهسم شعبسة مسن اليمان بالجبست وهسو السسحر ،
والطاغوت و هو كل ما يع بد من دون ال ،فإن هم يعظّمون الفل سفة المتضم نة
لذلك ،ويرون الدعاء والعبادة للموتسسسى ،واتخاذ المسسسساجد على القبور ،
ويجعلون السفر إليها حجا له مناسك ،ويقولون (( :مناسك حج المشاهد )).
288
وحدثنسي الثقات أن فيهسم مسن يرون الحسج إليهسا أعظسم مسن الحسج إلى
البيست العتيسق ،فيرون الشراك بال أعظسم مسن عبادة ال ،وهذا مسن أعظسم
اليمان بالطاغوت .
وهم يقولون لمن يقرّون بكفره من القائلين بقدم العالم ودعوة الكواكب،
والمسوّغين للشرك :هؤلء أهدى من الذين آمنوا سبيل ،فإنهم فضّلوا هؤلء
الملحدة المشركيسن على السسابقين الوّليسن مسن المهاجريسن والنصسار والذيسن
اتبعوهم بإحسان .وليس هذا ببدع من الرافضة ،فقد عُرف من موالتهم لليهود
والنصسارى والمشركيسن ،ومعاونتهسم على قتال المسسلمين ،مسا يعرفسه الخاص
والعام ،حتى قيل :أنه ما اقتتل يهودي ومسلم ،ول مشرك ومسلم – إل كان
الرافضي مع اليهودي والنصراني والمشرك.
الوجه الثالث :أنه قد عرف كل أحد أن السماعيلية والنصيرية هم
من الطوائف الذين يظهرون التشيع ،وإن كانوا في الباطن كفّارا منسلخين عن
كل ملة ،والن صيرية هم من غلة الراف ضة الذ ين يدّعون إله ية عل يّ وهؤلء
أكفر من اليهود والنصارى باتفاق المسلمين .
والسسماعيلية الباطنيسة أكفسر منهسم ،فإن حقيقسة قولهسم التعطيسل .أمسا
أ صحاب الناموس ال كبر والبلغ الع ظم ،الذي هو آ خر المرا تب عند هم ،
فهم من الدهرية القائلين بأن العالم ل فاعل له :ل علة ول خالق .ويقولون :
ليس بيننا وبين الفلسفة خلف إل في واجب الوجود ، ،فإنهم يثبتونه ،وهو
ش يء ل حقي قة له ،وي ستهزئون بأ سماء ال عز و جل ،ول سيما هذا ال سم
الذي هو ال ،فإن منهم من يكتبه على أسفل قدميه ويطؤه .
وأ ما من هو دون هؤلء فيقول بال سابق وبالتالي ،الذ ين عبّروا به ما
عن العقل والنفس عند الفلسفة ،وعن النور والظلمة عند المجوس ،وركّبوا
لهم مذهبا من مذاهب الصابئة والمجوس ظاهره التشيع .
ول ريسب أن المجوس والصسابئة شسر مسن اليهود والنصسارى ،ولكسن
تظاهروا بالتشيع .
289
قالوا :لن الشيعة أ سرع الطوائف استجابة لنا ،لما في هم من الخروج
عن الشريعة ،ولما فيهم من الجهل وتصديق المجهولت .
ولهذا كان أئمتهم في الباطن فلسفة ،كالنصير الطوسي هذا ،وكسنان
البصسري الذي كان بح صونهم بالشام ،وكان يقول :قد رَفَ عت عن هم ال صوم
والصلة والحج والزكاة .
فإذا كانست السسماعيلية إنمسا يتظاهرون فسي السسلم بالتشيسع ،ومنسه
دخلوا وبسه ظهروا ،وأهله هسم المهاجريسن إليهسم ،ل إلى ال ورسسوله ،وهسم
أنصسارهم ل أنصسار ال ورسسوله – عُلم أن شهادة السسماعيلية للشيعسة بأنهسم
على حق شهادة مردودة باتفاق العقلء .
فإن هذا الشاهد :إن كان يعرف أن ما هو عليه مخالف لد ين ال سلم
في البا طن ،وإن ما أظ هر التش يع لين فق به ع ند الم سلمين ،ف هو محتاج إلى
تعظ يم التش يع ،وشهاد ته له شهادة المرء نف سه ،ف هو كشهادة الد مي لنف سه ،
لكنسه فسي هذه الشهادة يعلم أنسه يكذب ،وإنمسا كذب فيهسا كمسا كذب فسي سسائر
أحواله ،وإن كان يعت قد د ين ال سلم في البا طن ،وي ظن أن هؤلء على د ين
السلم ،كان أيضا شاهدا لنفسه ،لكن مع جهله وضلله .
وعلى التقديرين فشهادة المرء لنفسه ل تُقبل ،سواء علم كذب نفسه أو
اعتقد صدق نفسه .كما في السنن عن النبي صلى ال تعالى عل يه وسلم أ نه
قال (( :ل تُق بل شهادة خ صم ول ظن ين ول ذي غ مر على أخ يه ))( . )1وهؤلء
ظنّاء متهمون ذو غمر على أهل السنة والجماعة ،فشهادتهم مردودة
خصمان أ ِ
بكل طريق .
الوجننه الرابننع :أن يُقال :أول أنتسسم قوم ل تحتجون بمثسسل هذه
الحاديسث ،فإن هذا الحديسث إنمسا يرويسه أهسل السسنة بأسسانيد أهسل السسنة ،
والحديث نفسه ليس في الصحيحين ،بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كابن
حزم وغيره ،ول كن قد رواه أ هل ال سنن ،كأ بي داود والترمذي وا بن ما جة ،
)1(1انظر المسند ج 10ص 224وج 11ص 163 ، 138تحقيق أحمد شاكر .
290
. ()2
ورواه أهل المسانيد ،كالمام أحمد وغيره
فمن أين لكم على أصولكم ثبوته حتى تحتجوا به ؟ وبتقدير ثبوته فهو
من أخبار الحاد ،فكيف يجوز أن تحتجوا في أصل من أصول الدين وإضلل
جميع المسلمين – إل فرقة واحدة – بأخبار الحاد التي ل يحتجون هم بها في
الفروع العملية ؟!.
وهل هذا إل من أعظم التناقض والجهل ؟!
الوجه الخامس :أن الحديث روى تفسيره فيه من وجهين :أحدهما :
من كان (( أ نه صلى ال تعالى عل يه و سلم سأل عن الفر قة الناج ية ،فقال :
هسم (( وفسي الروايسة الخرى قال : )) على مثسل مسا أنسا عليسه اليوم وأصسحابي
الجماعة )) .وكل من التفسيرين يناقض قول المامية ،ويقتضي أنهم خارجون
عن الفرقة الناجية ،فإنهم خارجون عن جماعة المسلمين :يكفرون أو يفسّقون
أئمة الجماعة ،كأبي بكر وعمر وعثمان ،دع معاوية وملوك بني أمية وبني
العباس ،وكذلك يكفّرون أو يفسسسّقون علماء الجماعسسة وعبّادهسسم ،كمالك
والثوري والوزا عي والل يث بن سعد وأ بي حني فة والشاف عي وأح مد وإ سحاق
وأبسي عبيسد وإبراهيسم بسن أدهسم والفضيسل بسن عياض وأبسي سسليمان الدارانسي
ومعروف الكرخي وأمثال هؤلء ،وهم أبعد الناس عن معرفة سير الصحابة
والقتداء ب هم ،ل في حياة ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم ول بعده ،فإن
هذا إنمسا يعرفسه أهسل العلم بالحديسث والمنقولت ،والمعرفسة بالرجال الضعفاء
والثقات ،و هم من أع ظم الناس جهل بالحد يث وبغ ضا له ،ومعاداة لهله ،
فإذا كان وصف الفرقة الناجية :أتباع الصحابة على عهد رسول ال صلى ال
تعالى عليه وسلم ،وذلك شعار السنة والجماعة – كانت الفرقة الناجية هم أهل
السنة والجماعة ،فالسنة ما كان صلى ال تعالى عليه وسلم هو وأصحابه عليه
في عهده ،مما أمرهم به وأقرّهم عليه أو فعله هو ،والجماعة هم المجتمعون
)2(2يعني حديث الفتراق رواه أبو داود ج 5ص 5 ، 4والترمذي رقم 3991في
الفتن ،وقال :إنه حسن صحيح وغيرهما وله طرق كثيرة .
291
الذ ين ما فرّقوا دين هم وكانوا شي عا ،فالذ ين فرّقوا دين هم وكانوا شي عا خارجون
عن الجما عة قسد برّأ ال نسبيه منهسم ،فعُلم بذلك أن هذا وصسف أهسل السسنة و
الجما عة ،ل و صف الراف ضة ،وأن هذا الحد يث و صف الفر قة الناج ية باتّباع
سنته التي كان عليها هو وأصحابه ،وبلزوم جماعة المسلمين .
من كان على مثل ما أنا عليه اليوم (( فإن قيل :فقد قال في الحديث :
وأصسحابي )) ،فمسن خرج عن تلك الطري قة بعده لم يكسن على طريقسة الفرقسة
الناجية ،وقد ارتد ناس بعده فليسوا من الفرقة الناجية .
قل نا :ن عم وأش هر الناس بالردة خ صوم أ بي ب كر ال صديق tوأتبا عه
كم سيلمة الكذّاب وأتبا عه وغير هم .وهؤلء تتول هم الراف ضة ك ما ذ كر ذلك
غير واحد من شيوخهم ،مثل هذا المامي وغيره ،ويقولون :إنهم كانوا على
حق ،وأن ال صديق قاتل هم بغ ير حق .ثم مِن أظ هر الناس ردة الغال ية الذ ين
حرّقهم علي ّ tبالنار لما ادّعوا فيه اللهية وهم السبائية أتباع عبد ال بن سبأ
الذين أظهروا سب أبي بكر وعمر .
وأول من ظ هر ع نه دعوى النبوة من المنت سبين إلى ال سلم المختار
بن أبي عبيد وكان من الشيعة ،فعُلم أن أعظم الناس ردة هم في الشيعة أكثر
منهسم فسي سسائر الطوائف ،ولهذا ل يُعرف ردة أسسوأ حال مسن ردة الغاليسة
كالنصسيرية ،ومسن ردة السسماعيلية الباطنيسة ونحوهسم ،وأشهسر الناس بقتال
المرتدين هو أبو بكر الصديق ، tفل يكون المرتدون في طائفة أكثر منها في
خصوم أبي بكر الصديق ،فدل ذلك على أن المرتدين الذين لم يزالوا مرتدين
على أعقابهم ،هم بالرافضة أوْلى منهم بأهل السنة والجماعة .
وهذا بيّن يعرفه كل عاقل يعرف السلم وأهله ،ول يستريب أحد أن
جنسس المرتديسن فسي المنتسسبين إلى التشيسع أعظسم وأفحسش كفرا مسن جنسس
المرتدين المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة ،إن كان فيهم مرتد.
الو جه ال سادس :أن يقال :هذه الح جة ال تي اح تج ب ها الطو سي على
أن المامية هم الفرقة الناجية كذب في وصفها ،كما هي باطلة في دللتها .
292
وذلك أن قوله (( :باينوا جم يع المذا هب ،وجم يع المذا هب قد اشتر كت في
أ صول العقائد )) إن أراد بذلك أن هم باي نو جم يع المذا هب في ما اخت صوا به ،
فهذا شأن جميسع المذاهسب ،فإن الخوارج أيضسا باينوا جميسع المذاهسب فيمسا
اخت صوا به من التكف ير بالذنوب ،و من تكفيسر علي ، tومسن إ سقاط طا عة
الر سول فيما لم ي خبر به عن ال ،وتجويز الظلم عليه في ق سْمهِ والجور في
حكمه ،وإسقاط اتّباع السنة المتواترة التي تخالف ما يُظن أنه ظاهر القرآن ،
كقطع السارق من المنكب وأمثال ذلك .
الوجنه السنابع :أن يُقال :مباينتهسم لجميسع المذاهسب هسو على فسساد
قولهم أدل منه على صحة قولهم ؛ فإن مجرد انفراد طائفة عن جميع الطوائف
ل يدل على أنه هو الصواب ،واشتراك أولئك في قول ل يدل على أنه باطل.
فإن قيل :إن النبي صلى ال تعالى عليه وسلم جعل أمته ثلثا وسبعين
فرقسة كلهسا فسي النار إل واحدة ،فدل على أنهسا ل بسد أن تفارق هذه الواحدة
سائر الثنتين وسبعين فرقة .
قل نا :ن عم .وكذلك يدل الحد يث على مفار قة الثنت ين و سبعين بعض ها
بعضسا ،كمسا فارقست هذه الواحدة .فليسس فسي الحديسث مسا يدل على اشتراك
الثنت ين وال سبعين في أ صول العقائد ،بل ل يس في ظا هر الحد يث إل مباي نة
الثلث وال سبعين كل طائ فة للخرى .وحينئذ فمعلوم أن ج هة الفتراق ج هة
ذم ل جهسة مدح ،فإن ال تعالى أمسر بالجماعسة والئتلف ،وذم التفريسق
والختلف ،فقال تعالى ] :واْعتَ صِموا ِبحَ ْب ِل الِ جميعًا وَل َتفَرّقوا [()1وقال] :
ُمن
ِكن َله ْ
َاتن َوأُولَئ َ
ُمن الْبَيّن ْ
ِنن َبعْدِ منا جاءَه ُ
ّذينن َتفَرّقُوا وَاخْتَلَفوا م ْ
َولَ َتكُونوا كال َ
سوَدّتْ وُجو ُههُم[(.)2
نا ْ
سوَدّ وُجوهٌ َفَأمّا الّذي َ
ض وُجوهٌ وَ َت ْ
عَذَابٌ عَظيمٌَ .ي ْومَ تَبْيَ ْ
قال ابسن عباس وغيره :تسبيض وجوه أهسل السسنة وتسسودّ وجوه أهسل البدعسة
ت مِ ْنهُ مْ في
والفر قة .وقال تعالى ] :إنّ الّذي نَ فَرّقوا دِي َنهُ مْ وَكانوا شِيَعًا لَ سْ َ
293
شَيْ ٍء [( )1وقال ] :وَما اخْتَلَ فَ في ِه ِإلّ الّذي نَ أُوتُو هُ ِم نْ َبعْدِ ما جاءَ ْتهُ مُ البَيّنا تُ
ن اُوتوا الكِتا بَ ِإلّ مِ نْ بَع ِد ما جاءَ ْتهُ مُ
ق الّذي َ
وقال ] :وَما َتفَرّ َ ()2
َبغْيًا بَي َنهُم [
البَيّ َنةُ [(. )3
وإذا كان كذلك فأع ظم الطوائف مفار قة للجما عة و افترا قا في نف سها
أولى الطوائف الذم ،و أقلها افترا قا ومفار قة للجما عة أقرب ها إلى ال حق .وإذا
كانت المامية أوْلى بمفارقة سائر طوائف المة فهم أبعد عن الحق ،ل سيما
و هم في أنف سهم أك ثر اختل فا من جم يع فرق ال مة ،ح تى يقال :إن هم ثنتان
ض أصحابه ،وقال :
وسبعون فرقة .وهذا القدر فيما نقله عن هذا الطوسي بع ُ
كان يقول :الشيعة تبلغ فرقهم ثنتين وسبعين فرقة ،أو كما قال .وقد صنّف
الحسن بن موسى النوبختي وغيره في تعديد فرق الشيعة .
وأمسا أهسل الجماعسة فهسم أقسل اختلفسا فسي أصسول دينهسم مسن سسائر
الطوائف ،و هم أقرب إلى كل طائ فة من كل طائ فة إلى ضدّ ها ،ف هم الو سط
في أهل السلم كما أن أهل السلم هم الوسط في أهل الملل :هم وسط في
باب صفات ال بين أهل التعطيل وأهل التمثيل .
خيسر المور أوسسطها )) وحينئذ (( وقال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم :
أهل السنة والجماعة خير الفرق.
و في باب القدر ب ين أ هل التكذ يب به وأ هل الحتجاج به ،و في باب
السسماء والحكام بيسن الوعيديسة والمرجئة ،وفسي باب الصسحابة بيسن الغلة
والجفاة ،فل يغلون فسي عليّس غلو الرافضسة ،ول يكفّرونسه تكفيسر الخوارج ،
ول يكفّرون أبا بكر وعثمان كما تكفّرهم الروافض ،ول يكفّرون عثمان وعليا
كما يُكفرهما الخوارج .
الوجه الثامن :أن يقال :إن الشيعة ليس لهم قول واحد اتفقوا عليه ،
294
فإن القول الذي ذكره هذا قول مسن أقوال الماميسة ،ومسن الماميسة طوائف
تخالف هؤلء في التوحيد والعدل ،كما تقدم حكايته .وجمهور الشيعة تخالف
المام ية في الث نى ع شر ،فالزيد ية وال سماعيلية وغير هم متفقون على إنكار
إمامة الثنى عشر.
وهؤلء الماميسة الثنسا عشريسة يقولون :إن أصسول الديسن أربعسة :
التوحيسد ،والعدل ،والنبوة ،والمامسة .وهسم مختلفون فسي التوحيسد والعدل
والمامسة .وأمسا النبوة فغايتهسم أن يكونوا مقرّيسن بهسا كإقرار سسائر المسة.
واختلفهم في المامة أعظم من اختلف سائر المة ،فإن قالت الثنا عشرية:
نحن أكثر من هذه الطوائف ،فيكون الحق معنا دونهم .قيل لهم :وأهل السنة
أك ثر من كم ،فيكون ال حق مع هم دون كم ،فغايت كم أن تكون سائر فرق المام ية
مع كم بمنزلت كم مع سائر الم سلمين ،وال سلم هو د ين ال الذي يج مع أ هل
الحق .
(فصسسسل )
قال الرافضني (( :الوجنه الثالث:أن الماميسة جازمون بحصسول النجاة
لهسم ولئمتهسم ،قاطعون بذلك ،وبحصسول ضدهسا لغيرهسم .وأهسل السسنة ل
يجيزون ول يجزمون بذلك ل لهم ول لغيرهم .فيكون اتّباع أولئك أوْلى ،لنّا
لو فرضنا مثل خروج شخصين من بغداد يريدان الكوفة ،فوجدا طريقين سلك
كل منهما طريقا ،فخرج ثالث يطلب الكوفة :فسأل أحدهما :إلى أين تذهب؟
فقال إلى الكو فة .فقال له :هل طري قك تو صلك إلي ها ؟ و هل طري قك آ من أم
مخوف ؟ وهل طريق صاحبك تؤديه إلى الكوفة ؟ وهل هو آمن أم مخوف ؟
فقال :ل أعلم شيئا من ذلك .ثم سأل صاحبه فقال أعلم أن طري قي يو صّلني
إلى الكوفة ،وأنه آمن ،وأعلم أن طريق صاحبي ل يؤديه إلى الكوفة ،وأنه
ليسس بآمسن ،فإن الثالث إن تابسع الول عدّه العقلء سسفيها ،وإن تابسع الثانسي
نُسب إلى الخذ بالحزم )) .
295
هكذا ذكره فسي كتابسه ،والصسواب أن يُقال :وسسأل الثانسي فقال له
الثاني :ل أعلم أن طريقي تؤديني إلى الكوفة ول أعلم أنه آمن أم مخوف .
والجواب على هذا من وجوه :
أحدهنا :أن يُقال :إن كان اتّباع الئمسة الذيسن ُتدّعسى لهسم الطاعسة
المطل قة ،وأن ذلك يو جب ل هم النجاة واج با ،كان اتّباع خلفاء ب ني أم ية الذ ين
كانوا يوجبون طاعسة أئمتهسم طاعسة مطلقسة ويقولون :إن ذلك يوجسب النجاة
مصيبين على الحق ،وكانوا في سبّهم عليا وغيره وقتالهم لمن قاتلوه من شيعة
عل يّ م صيبين ،لن هم كانوا يعتقدون أن طا عة الئ مة واج بة في كل ش يء ،
وأن المام ل يؤاخذه ال بذنب ،وأنه ل ذنب لهم فيما أطاعوا فيه المام ،بل
أولئك أوْلى بالحجة من الشيعة ،لنهم كانوا مطيعين أئمة أقامهم ال ونصيهم
وأيّد هم وملّك هم ،فإذا كان مذ هب القدر ية أن ال ل يف عل إل ما هو ال صلح
لعباده ،كان تولية أولئك الئمة مصلحة لعباده .
ومعلوم ان اللطسف والمصسلحة التسي حصسلت بهسم أعظسم مسن اللطسف
والمصلحة التي حصلت بإمام معدوم أو عاجز .ولهذا حصل لتّباع خلفاء بني
أمية من المصلحة في دينهم ودنياهم ،أعظم مما حصل لتّباع المنتظر ؛ فإن
هؤلء لم يحصل لهم إمام يأمرهم بشيء من المعروف ،ول ينهاهم عن شيء
من المن كر ،ول يعين هم على ش يء من م صلحة دين هم ول دنيا هم ،بخلف
أولئك ؛ فإنهم انتفعوا بأئمتهم منافع كثيرة في دينهم ودنياهم ،أعظم مما انتفع
هؤلء بأئمتهم .
فتسبين أنسه إن كانست حجسة هؤلء المنتسسبين إلى مشايعسة علي ّ t
صحيحة ،فح جة أولئك المنت سبين إلى مشاي عة عثمان tأوْلى بال صحة ،وإن
كا نت باطلة فهذه أب طل من ها .فإذا كان هؤلء الشي عة متفق ين مع سائر أ هل
السنة على أن جزم أولئك بنجاتهم إذا أطاعوا أولئك الئمة طاعة مطلقة خطأ
وضلل ،فخ طأ هؤلء وضلل هم إذا جزموا بنجات هم لطاعت هم ل من يدّ عي أ نه
نائب المعصوم – والمعصوم ل عين له ول أثر – أعظم وأعظم ؛ فإن الشيعة
296
ليس لهم أئمة يباشرونهم بالخطاب ،إل شيوخهم الذين يأكلون أموالهم بالباطل،
ويصدّونهم عن سبيل ال.
الوجه الثاني :أن هذا المثل إنما كان يكون مطابقا لو ثبت مقدمتان :
إحداهمسا :أن لنسا إمامسا معصسوما .والثانيسة :أنسه أمسر بكذا وكذا .وكلتسا
المقدمتيسن غيسر معلومسة ،بسل باطلة .دع المقدمسة الولى ،بسل الثانيسة ،فإن
الئمة الذين يدّعى فيهم العصمة قد ماتوا منذ سنين كثيرة ،والمنتظر له غائب
أك ثر من أربعمائة وخم سين سنة ،وعند آخرين هو معدوم لم يوجد .والذ ين
يُطاعون شيوخ من شيوخ الرافضة ،أو كتب صنّفها بعض شيوخ الراف ضة ،
وذكروا أن ما فيها منقول عن أولئك المعصومين .وهؤلء الشيوخ المصنّفون
ليسوا معصومين بالتفاق ،ول مقطوعا لهم بالنجاة .
فإذا الراف ضة ل يتّبعون إل أئ مة ل يقطعون بنجات هم ول سعادتهم ،
فلم يكونوا قاطعيسن ل بنجاتهسم ،ول بنجاة أئمتهسم الذيسن يباشرونهسم بالمسر
والنهي ،وهم أئمتهم ،وإنما هم في انتسابهم إلى أولئك الئمة ،بمنزلة كثير
من أتباع شيوخ هم الذ ين ينت سبون إلى ش يخ قد مات من مدة ،ول يدرون بماذا
أمسر ،ول عماذا نهسى ،بسل له اتباع يأكلون أموالهسم بالباطسل ويصسدون عسن
سبيل ال ،يأمرونهم بالغلو في ذلك الشيخ وفي خلفائه ،وأن يتخذوهم أربابا ،
وكما تأمر شيوخ الشي عة أتباعهم ،وكما تأ مر شيوخ النصارى أتباعهم ،ف هم
يأمرونهسم بالشراك بال وعبادة غيسر ال ،ويصسدونهم عسن سسبيل ال ،
سول ال ،فإن
سة شهادة أن ل إله إل ال وان محمدا رسس
سن حقيقس
فيخرجون عس
التوح يد أن نع بد ال وحده ،فل يُد عى إل هو ،ول يُخ شى إل هو ،ول يت قى
إل هو ،ول يتو كل إل عل يه ،ول يكون الد ين إل له ،ل ل حد من الخلق ،
وأن ل نتخذ الملئكة والنبيين أربابا ،فكيف بالئمة والشيوخ والعلماء والملوك
وغيرهم !؟
والرسول صلى ال تعالى عليه وسلم هو المبلّغ عن ال أمره ونهيه ،
فل يُطاع مخلوق طاعة مطلقة إل هو ،فإذا جُعل الغمام والشيخ كأنه إله يُدعى
297
مع مغيبه وبعد موته ،ويُستغاث به ،ويُطلب منه الحوائج ،والطاعة إنما هي
لشخص حاضر يأمر بما يريد ،وينهى عمّا يريد كان الميت مشبّها بال تعالى،
وال حي مشبها بر سول ال صلى ال تعالى عل يه و سلم ،فيخرجون عن حقي قة
السلم الذي أصله شهادة أن ل إله إل ال ،وشهادة أن محمدا رسول ال .
ثم إن كثيرا منهم يتعلّقون بحكايات تُنقل عن ذلك الشيخ ،وكثير منها
كذب عليسه ،وبعضهسا خطسأ منسه ،فيَعدِلون عسن النقسل الصسدق عسن القائل
المعصسوم إلى نقسل غيسر مصسدّق عسن قائل غيسر معصسوم .فإذا كان هؤلء
مخطئين في هذا ،فالشيعة أكثر وأعظم خطأ ،لنهم أعظم كذبا فيما ينقلونه
عن الئمة ،وأعظم غلوا في دعوى عصمة الئمة .
الوجنه الثالث :منسع الحكسم فسي هذا المثال الذي ضربسه وجعله أصسل
قاس عل يه،فان الر جل إذا قال له أ حد الرجل ين:طري قى آ من يو صلني،وقال له
ال خر:ل علم لي بأن طري قي آ من يو صلني،أو قال ذلك الول ،لم يح سن في
الع قل ت صديق الول بمجرد قوله ،بل يجوز ع ند العقلء أن يكون هذا محتال
عل يه ،يكذب ح تى ي صحبه في الطر يق فيقتله ويأ خذ ماله ،ويجوز أن يكون
جاهل ل يعرف مسا فسي الطريسق مسن الخوف ،وأمسا ذاك الرجسل فلم يضمسن
للسسائل شيئا ،بسل رده إلى نظره ،فالحزم فسي مثسل هذا أن ينظسر الرجسل أيّس
الطريقين أولى بالسلوك :أحد ذينك الطريقين أو غيرهما .
فتسبين أن مجرد القدام على الحزم ل يدل على علم صساحبه ول على
صدقه ،وأن التوقف والمساك حتى يتبين الدليل هو عادة العقلء .
الوجه الرابع :أن يقال :قوله (( :إنهم جازمون بح صول النجاة لهم
دون أهل السنة )) كذب ،فإنه إن أراد بذلك أن كل واحد ممن اعتقد اعتقادهم
يدخل الجنة ،وإن َترَك الواجبات و َفعَل المحرمات ،فليس هذا قول المامية ،
ول يقوله عاقل .
عليس حسسنة ل يضسر معهسا سسيئة ،فل يضره ترك
ّ وإن كان حسب
الصلوات ،ول الفجور بالعلويّات ،ول نيل أغراضه بسفك دماء بني هاشم إذا
298
كان يحب عليّا .
فإن قالوا :المحبة الصادقة تستلزم الموافقة ،عاد المر إلى أنه ل بد
من أداء الواجبات وترك المحرمات .وإن أراد بذلك أن هم يعتقدون أن كل من
اعتقسد العتقاد الصسحيح ،وأدى الواجبات ،وترك المحرّمات يدخسل الجنسة –
فهذا اعتقاد أهل السنة ؛ فإنهم يجزمون بالنجاة لكل من اتّقى ال ،كما نطق به
القرآن.
وإنما يتوقفون في الشخص المعين لعدم العلم بدخوله في المتيقن ،فإنه
إذا علم أ نه مات على التقوى عُلم أ نه من أ هل الج نة .ولهذا يشهدون بالج نة
ل من ش هد له الر سول صلى ال تعالى عل يه و سلم ،ول هم في من ا ستفاض في
الناس حسن الثناء عليه قولن .
ف تبين أ نه ل يس في المام ية جزم محمود اختُ صوا به عن أ هل ال سنة
والجماعسة .وإن قالوا :إنّا نجزم لكسل شخسص رأيناه ملتزما للواجبات عندنسا
تاركا للمحرمات ،بأنه من أهل الجنة ،من غير أن يخبرنا بباطنه معصوم .
قيل :هذه المسألة ل تتعلق بالمامية ،بل إن كان إلى هذا طريق صحيح فهو
لهل السنة ،وهم بسلوكه أحذق ،وإن لم يكن هنا طريق صحيح إلى ذلك ،
كان ذلك قول بل علم ،فل فضيلة فيه ،بل في عدمه .
ففسي الجملة ل يدّعون عل ما صسحيحا إل وأهسل ال سنة أ حق بسه ،و ما
ادّعوه من الجهل فهو نقص وأهل السنة أبعد عنه .
الوجه الخامس :أن أهل السنة يجزمون بحصول النجاة لئمتهم أعظم
من جزم الرافضة .وذلك أن أئمتهم بعد النبي صلى ال تعالى عليه وسلم هم
السسابقون الوّلون مسن المهاجريسن والنصسار ،وهسم جازمون بحصسول النجاة
لهؤلء ،فإنهم يشهدون ان العشرة في الجنة ،ويشهدون أن ال قال لهل بدر:
،بل يقولون :إ نه ((ل يد خل النار أ حد )) اعملوا ما شئ تم ف قد غفرت ل كم ((
بايع تحت الشجرة )) كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى ال تعالى عليه
299
.فهؤلء أك ثر من ألف وأربعمائة إمام ل هل ال سنة ،يشهدون أ نه ل ()1
و سلم
يدخل النار منهم أحد ،وهي شهادة بعلم ،كما دل على ذلك الكتاب والسنة .
الو جه ال سادس :أن يقال :أ هل ال سنة يشهدون بالنجاة :إ ما مطل قا ،
وإما معينا ،شهادة مستندة إلى علم .وأما الرافضة فإنهم إن شهدوا شهدوا بما
ل يعلمون ،أو شهدوا بالزور الذي يعلمون أنسه كذب ،فهسم كمسا قال الشافعسي
رحمه ال :ما رأيت قوما أشهد بالزور من الرافضة .
الوجنه السنابع :أن المام الذي شهسد له بالنجاة :إمسا أن يكون هسو
المطاع في كل شيء وإن نازعه غيره من المؤمنين ،أو هو مطاع فيما يأمر
بسه مسن طاعسة ال ورسسوله ،وفيمسا يقوله باجتهاده إذا لم يعلم أن غيره أوْلى
منسه ،ونحسو ذلك .فإن كان المام هسو الول ،فل إمام لهسل السسنة بهذا
العتبار إل رسسول ال صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،وهسم يقولون كمسا قال
مجاهد والحاكم ومالك وغيرهم :كل أحد يُؤخذ من قوله ويُترك إل رسول ال
عليه السلم .وهم يشهدون لمام هم أ نه خير الخلئق ،ويشهدون ان كل من
ائتم به ،ففعل ما أُمر به وترك ما نُهى عنه ،دخل الجنة .وهذه الشهادة بهذا
وهذا هم في ها أ تم من الراف ضة من شهادت هم للع سكر ِييْن وأمثاله ما بأ نه من
أطاعهم دخل الجنة .
فثبت أن إمام أهل السنة أكمل ،وشهادتهم له ولهم إذا أطاعوه أكمل ،
ول سواء .
ول كن قال ال تعالى ] :ءآل خَيْرٌ َأمّ ا ُيشْرِكون [(،)2فع ند المقابلة يُذ كر
الخير المحض على الشر المحض ،وإن كان الشر المحض ل خير فيه .
وإن أرادوا بالمام المام المقيّد ،فذاك ل يُوجب أهل السنة طاعته ،
إن لم ي كن ما أ مر به مواف قا ل مر المام المطلق ر سول ال صلى ال تعالى
عليه وسلم ،وهم إذا أطاعوه فيما أمر ال بطاعته فيه ،فإنما هم مطيعون ل
300
ورسوله ،فل يضرهم توقفهم في المام المقيّد :هل هو في الجنة أم ل ؟ .
الوجه الثامن :أن يُقال :إن ال قد ضمن السعادة لمن أطاعه وأطاع
رسوله ،وتوعّد بالشقاء لمن لم يفعل ذلك ،فمناط السعادة طاعة ال ورسوله .
ك مَ َع الّذي نَ أَ ْنعَ َم الُ عَلَ ْيهِ مْ
كما قال تعالى َ ] :ومَن ُيطِ ْع الَ وَالرّ سُولَ فَُأوْلئِ َ
وأمثال ()1
ن َوحَ سَنَ أولَئِ كَ رَفيقًا [
شهَداءْ وَال صّالِحي َ
مّ نَ النّبِيّي نَ وَال صّدّيقينَ وال ّ
ذلك .
وإذا كان كذلك وال تعالى يقول ] :فاتّقوا ال ما ا سْ َتطَعْ ُتمْ [( )2ف من اجت هد في
طاعة ال ورسوله بحسب استطاعته كان من أهل الجنة .
فقول الرافضسة :لن يدخسل الجن ّة إل مسن كان إماميسا ،كقول اليهود
ن كَا نَ هُودًا َأوْ نَ صَارَى ،تِلْ كَ َأمَانّ ّيهُ مْ ُقلْ
خلَ ا ْلجَ ّنةَ ِإ ّل مَ ْ
والنصارى َ] :ل نْ يَ ْد ُ
جهَ هُ ِلِ وَ ُهوَ ُمحْ سِنٌ َفلَ هُ
هَاتُوا ُبرْهَا َنكُ مْ إِ نْ كُنْتُ مْ صَا ِدقِين َ ،بلَى مَ نْ أَ سْ َلمَ َو ْ
خوْفٌ عَلَ ْي ِهمْ َولَ ُه ْم َيحْزَنُون [(. )3
َأجْرُهُ عِنْدَ رَ ّب ِه َولَ َ
ومسن المعلوم أن المنتظسر الذي يدّعيسه الرافضسي ل يجسب على أحسد
طاعتسه ،فإنسه ل يُعلم له قول منقول عنسه ،فإذا مسن أطاع الرسسول صسلى ال
تعالى عل يه و سلم د خل الج نة وإن لم يؤ من بهذا المام ،و من آ من بهذا المام
لم يدخسل الجنسة إل إذا أطاع الرسسول صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،فطاعسة
الر سول صلى ال تعالى عل يه و سلم هي مدار ال سعادة وجودا وعد ما ،و هي
الفار قة ب ين أ هل الج نة والنار ،ومح مد صلى ل تعالى عل يه و سلم فرّق ب ين
الناس ،وال سبحانه وتعالى قد دل الخلق على طاعته بما بينه لهم ،فتبين أن
أهل السنة جازمون بالسعادة والنجاة لمن كان من أهل السنّة .
(فصسسسل)
301
قال الراف ضي :الو جه الرا بع :أن المام ية أخذوا مذهب هم عن الئ مة
المعصسومين المشهوريسن بالفضسل والعلم ولزهسد والورع ،والشتغال فسي كسل
وقست بالعبادة والدعاء وتلوة القرآن ،والمداومسة على ذلك مسن زمسن الطفولة
إلى آ خر الع مر ،ومنهم من يعلم الناس العلوم ،ونزل في حق هم ] :ه ْل أَتَى [
وآ ية الطهارة ،وإيجاب المودة ل هم ،وآ ية البتهال وغ ير ذلك .وكان علي ّ t
ي صلّي في كل يوم وليلة ألف رك عة ،ويتلو القرآن مع شدّة ابتلئه بالحروب
والجهاد .
س بسن أبسي طالب tكان أفضسل الخلق بعسد رسسول ال
فأولهسم علي ّ
وواخاه ر سول ()1
سكُ ْم [
eوجعله ال ن فس ر سول ال ح يث قالَ ]:وأَ ْنفُ سَنا َوأَ ْنفُ َ
ال وزوّجه ابنته ،و َفضْلُ ُه ل يخفى وظهرت منه معجزات كثيرة ،حتى ادّعى
قوم ف يه الربوب ية وقتل هم ،و صار إلى مقالت هم آخرون إلى هذه الغا ية كالغلة
والن صيرية .وكان ولداه سبطا ر سول ال eسيدا شباب أ هل الج نة ،إمام ين
بنسص النسبي صسلى ال تعالى عليسه وسسلم ،وكانسا أزهسد الناس وأعلمهسم فسي
زمانهما ،وجاهدا في ال حق جهاده حتى قتل ،ولبس الحسن الصوف تحت
ثيا به الفاخرة من غير أن يشعر أحد بذلك ،وأخذ النبي صلى ال تعالى عليه
وسسلم يومسا الحسسين على فخذه اليمسن ،وإبراهيسم على فخذه اليسسر ،فنزل
جبرائيل عليه السلم وقال :إن ال تعالى لم يكن ليجمع لك بينهما ،فاختر من
شئت منه ما ،فقال ال نبي صلى ال تعالى عل يه و سلم :إذا مات الح سين بك يت
أ نا وعل يّ وفاط مة ،وإذا مات إبراه يم بك يت أ نا عل يه ،فاختار موت إبراه يم
فمات بعسد ثلثسة أيام ،وكان إذا جاء الحسسين بعسد ذلك يقبله ويقول :أهل
ومرحبا بمن فديته بابني إبراهيم .
وكان علي بن الحسين زين العابدين يصوم نهاره ويصوم ليله ،ويتلو
الكتاب العزيسز ،ويصسلّي كسل يوم وليلة ألف ركعسة ،ويدعسو كسل ركعتيسن
بالدعية المنقولة عنه وعن آبائه ثم يرمي الصحيفة كالمتضجر ،ويقول :أنّى
302
لي بعبادة عل يّ ،وكان يبكي كثيرا حتى أخذت الدموع من لحم خديه ،وسجد
حتى سمى ذا الثَفِنات ،وسماه رسول ال eسيد العابدين .
وكان قد حج هشام بن عبد الملك فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يمكنه من
الزحام ،فجاء زين العابدين فوقف الناس له و َت َنحّوْا عن الحجر حتى استلمه ،
ولم يبق عند الحجر سواه ،فقال هشام بن عبد الملك :من هذا فقال الفرزدق
وذكسر أبيات الشعسر المشهورة فبعسث إليسه المام زيسن العابديسن بألف دينار ،
فرد ها ،وقال :إن ما قلت هذا غضبا ل ولر سوله ،ف ما آ خذ عل يه أجرا ،فقال
عي بن الحسين :نحن أهل بيت ل يعود إلينا ما خرج منا فقبلها الفرزدق .
وكان بالمدينة قوم يأتيهم رزقهم ليل ول يعرفون ممن هو ،فلما مات
زين العابدين ،انقطع ذلك عنهم وعرفوا أنه كان منه .
وكان ابنه محمد الباقر أعظم الناس زهدا وعبادة ،بَ َقرَ السجو ُد جبهتَه،
وكان أعلم أهسل وقتسه ،سسمّاه رسسول ال eالباقسر ،وجاء جابر بسن عبسد ال
الن صاري إل يه و هو صغير في ال ُكتّاب ،فقال له :جدّك ر سول ال eي سلّم
عل يك .فقال :وعلى جدّي ال سلم .فق يل لجابر ك يف هو ؟ قال ك نت جال سا
عند رسول ال eوالحسين في حجره وهو فهذا لو ُقدّر أن جميع الناس ظهر
من هم ال مر بقتله ،فك يف وجمهور هم أنكروا قتله ،ودا فع ع نه من دا فع في
بيته ،كالحسن بن عليّ وعبد ال بن الزبير وغيرهما ؟
ثسم دعوى المدّعسي الجماع على قتسل عثمان مسع ظهور النكار مسن
جماه ير ال مة له وقيام هم في النت صار له والنتقام م من قتله،أظ هر كذ با من
دعوى المدّعى إجماع المة على قتل الحسين . t
فلو قال قائل:إن الح سين ق تل بإجماع الناس،لن الذ ين قاتلوه وقتلوه لم
يدفعهم أحد عن ذلك،لم يكن كذبه بأظهر من كذب المدّعى للجماع على قتل
عثمان؛فإن الحسسين tلم يعظسم إنكار المسة لقتله،كمسا عظسم إنكارهسم لقتسل
عثمان،ول انتصر له جيوش كالجيوش الذين انتصرت لعثمان،ول انتقم أعوانه
من أعدائه كما انتقم أعوان عثمان من أعدائه،ول حصل بقتله من الفتنة والشر
303
والفساد ما حصل بقتل عثمان ،ول كان قتله أعظم إنكارا عند ال وعند رسوله
وعنسد المؤمنيسن مسن قتسل عثمان؛فإن عثمان مسن أعيان السسابقين الوليسن مسن
ي وطلحة والزبير ،وهو خليفة للمسلمين أجمعوا على
المهاجرين من طبقة عل ّ
بيع ته ،بل لم ُيشْ هر في ال مة سيفا ول ق تل على ولي ته أحدا ،وكان يغزو
بالم سلمين الكفّار بال سيف ،وكان ال سيف في خلف ته ك ما كان في خل فة أ بي
بكر وعمر مسلول على الكفّار ،مكفوفا عن أهل القبلة .
وأمنا قوله (( :إن عائشسة كانست فسي كسل وقست تأمسر بقتسل عثمان ،
وتقول فسي كسل وقست:اقتلوا نعثل ،قتسل ال نعثل ،ولمسا بلغهسا قتله فرحست
بذلك)).
فيقال له :أول :أين النقل الثابت عن عائشة بذلك ؟
ويقال :ثانيسا :المنقول الثابست عنهسا يكذّب ذلك ،ويسبين أنهسا أنكرت
قتله ،وذمّت من قتله ،ودعت على أخيها محمد وغيره لمشاركتهم في ذلك .
ويقال :ثالثا :هب أن واحدا من الصحابة :عائشة أو غيرها قال في
ذلك على وجه الغضب ،لنكاره بعض ما ينكر ،فليس قوله حجة ،ول يقدح
ذلك ل في إيمان القائل ول المقول له ،بل قد يكون كلهما وليّا ل تعالى من
أهل الجنة ،ويظن أحدهما جواز قتل الخر ،بل يظن كفره ،وهو مخطئ في
هذا الظن .
والكلم فسي الناس يجسب أن يكون فسي علم وعدل ،ل بجهسل وظلم ،
كحال أ هل البدع ؛ فإن الراف ضة تع مد إلى أقوام متقارب ين في الفضيلة ،تر يد
أن تجعسل أحدهمسا معصسوما مسن الذنوب والخطايسا ،والخسر مأثوما فاسسقا أو
كافرا ،فيظهر جهلهم وتناقضهم ،كاليهودي والنصراني إذا أراد أن يثبت نبوّة
موسسى أو عيسسى ،مسع قدحسه فسي نبوة محمسد ،eفإنسه يظهسر عجزه وجهله
وتناقضه .
وأ ما قوله (( :إن ها سألت من تولّى الخل فة ؟ فقالوا :عل يّ فخر جت
لقتاله على دم عثمان فأي ذنب كان لعليّ في ذلك ؟)).
304
فيقال له :أول :قول القائل إن عائشسة وطلحسة والزبيسر اتهموا عليّاس
بأنه قتل عثمان وقاتلوه على ذلك –كذب بيّن ،بل إنما طلبوا القتلة الذين كانوا
تحيّزوا إلى عليّ ،وهم يعلمون أن براءة عليّ من دم عثمان كبراءتهم وأعظم ،
ل كن القتلة كانوا قد أووا إل يه ،فطلبوا ق تل القتلة ،ول كن كانوا عاجز ين عن
ذلك هم وعليّ ،لن القوم كانت لهم قبائل يذبّون عنهم .
والفتنة إذا وقعت عجز العقلء فيها عن دفع السفهاء ،فصار الكابر
رضى ال عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها .وهذا شأن الفتن كما
نةً [(. )1وإذا
ن خَاص َ
ن ظَ َلمُوا مِ ْنكُم ْ
ن الّذِين َ
نيَبَ ّ
قال تعالى ] :وَاتّقُوا فِتْ َن ًة لَ تُص ِ
وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إل من عصمه ال .
وأيضا قوله (( :أي ذنب كان لعليّ في قتله؟ )) .
تناقض منه ،فإنه يزعم أن عليّا كان ممن يستحل قتله وقتاله ،وممن
ألّب عليه وقام في ذلك ،فإن عليّا tنسبه إلى قتل عثمان كثير من شيعته ومن
شي عة عثمان ،هؤلء لبغض هم لعثمان وهؤلء لبغض هم لعل يّ ،وأ ما جماه ير
المسلمين فيعلمون كذب الطائفتين عَلَى عليّ .
والرافضة تقول :إن عليّا كان ممن يستحل قتل عثمان ،بل وقتل أبي
بكر وعمر ،وترى أن العانة على قتله من الطاعات والقربات .فكيف يقول
من هذا اعتقاده :أ يّ ذ نب كان لعل يّ على ذلك ؟ وإن ما يل يق هذا التنز يه لعل يّ
بأقوال أهل السنة ،لكن الرافضة من أعظم الناس تناقضا .
وأما قوله (( :وكيف استجاز طلحة والزبير وغيرهما مطاوعته على
ذلك ؟ وبأي وجه يلقون رسول ال e؟ مع ان الواحد منا لو تحدث مع امرأة
غيره وأخرجها من منزلها وسافر بها كان أشد الناس عداوة له )) .
فيقال :هذا مسن تناقسض الرافضسة وجهلهسم ؛ فإنهسم يرمون عائشسة
بالعظائم ،ثم منهم من يرميها بالفاحشة التي برّأها ال منها ،وأنزل القرآن في
ذلك .
305
ثسم إنهسم لفرط جهلهسم يدّعون ذلك فسي غيرهسا مسن نسساء النسبياء ،
فيزعمون أن امرأة نوح كانست َب ِغيّاس ،وأن البسن الذي دعاه نوح لم يكسن منسه
ع َملٌ غَيْ ُر صَالِح [(. )1أن هذا الولد
وإن ما كان من ها ،وأن مع نى قوله ] :إِنّ هُ َ
َهن [( . )2يريدون :
ُوحن ابْن ُ
مسن عملٍ غيسر صسالح .ومنهسم مسن يقرأ ] :وَنَادَى ن ٌ
س مِنْ أَ ْهلِكَ [ .و يتأوّلون قولسه تعالى :
ابنها ،ويحتجون بقوله ] :إِ ّنهُ لَيْ َ
ن مِ نْ
ت عَبْدَيْ ِ
ح وَامْ َرأَ َة لُو طٍ كَانَتَا َتحْ َ
ن َكفَرُوا امْ َرأَةَ نُو ٍ
ل لِلّذِي َ
] ضرَ بَ الُ مَثَ ً
عِبَادِنَا صنَا ِلحَيْنِ َفخَانَتَاهُمَا [( )3على أن امرأة نوح خانتسه فسي فراشسه ،وأنهسا
كانت قَحبة .
وضاهوا فسي ذلك المنافق ين والفا سقين أ هل الفسك الذ ين رموا عائ شة
بالفك والفاحشة ولم يتوبوا ،و فيهم خطب النبي eفقال ((:يا أيها الناس من
يعذرنسي مسن رجسل بلغنسي أذاه فسي أهلي ،وال مسا علمست على أهلي إل
خيرا،ولقد ذكروا رجل ،وال ما علمت عليه إل خيرا ))(. )4
ومن المعلوم أنه من أعظم أنواع الذى للنسان أن يكذب على امرأته
رجل ويقول إنها بغى ويجعل الزوج زوج قحبة ،فإن هذا من أعظم ما يشتم
بسه الناس بعضهسم بعضسا ،حتسى أنهسم يقولون فسي المبالغسة :شتمسه بالزاى
والقاف مبالغة في شتمه .
والرمي بالفاحشة – دون سائر المعاصي – جعل ال فيه حد القذف ،
لن الذى الذي يحصل به للمرمى ل يحصل مثله بغيره ،فإنه لو ُرمِ يَ بالكفر
أمكنه تكذيب الرامي بما يظهره من السلم ،بخلف الرمي بالفاحشة ؛ فإنه
ل يمكنه تكذيب المفترى بما يضاد ذلك ،فإن الفاحشة تخفى وتكتم مع تظاهر
النسان بخلف ذلك ،وأما أهل السنة فعندهم أنه ما بغت امرأة نبي قط ،وأن
306
ا بن نوح كان اب نه .ك ما قال ال تعالى و هو أ صدق القائل ين ] :وَنَادَى نُو حٌ
ن ابْنِي مِن ْأَهْلِي[.
ي ا ْركَبْ َمعَنَا [ ،وقال]:إِ ّ
ابْنَه [ ،وكما قال نوح َ ] :يا ُبن ّ
فال ور سوله يقولن :إ نه اب نه ،وهؤلء الكاذبون المفترون المؤذون لل نبياء
يقولون :إنه ليس ابنه .وال تعالى لم يقل :إنه ليس ابنك ،ولكن قال ] :إِنّ هُ
س مِنْ أَهِْلكَ [ .
لَيْ َ
ثم من جهل الرافضة أنهم يعظّمون أنساب النبياء :آباءهم وأبناءهم
ويقدحون في أزواج هم ؛ كل ذلك ع صبية واتّباع هوى ح تى يعظّمون فاط مة
والحسن والحسين ،ويقدحون في عائشة أم المؤمنين ،فيقولون – أو من يقول
منهسم : -إن آزر أبسا إبراهيسم كان مؤمنسا ،وأن أبوي النسبي eكانسا مؤم َنيْنسِ،
حتسى ل يقولون :إن النسبي يكون أبوه كافرا ،فإذا كان أبوه كافرا أمكسن أن
يكون ابنه كافرا ،فل يكون في مجرد النسب فضيلة .
وأمنا قوله (( :كيسف أطاعهسا على ذلك عشرات ألوف مسن المسسلمين
و ساعدوها على حرب أم ير المؤمن ين ،ولم ين صر أ حد من هم ب نت ر سول ال
eلما طلبت حقّها من أبي بكر ، tول شخص واحد كلّمه بكلمة واحدة )) .
فيقال :أول :هذا مسن أعظسم الحجسج عليسك ؛ فإنسه ل يشسك عاقسل أن
القوم كانوا يحبون ر سول ال eويعظمو نه ويعظمون قبيلته وبن ته أع ظم م ما
يعظمون أبا بكر وعمر،ولو لم يكن هو رسول ال صلى ال عليه وسلم.فكيف
إذا كان هو رسول ال eالذي هو أحب إليهم من أنفسهم وأهليهم؟ول يستريب
عا قل أن العرب-قري شا وغ ير قر يش-كا نت تد ين لب ني ع بد مناف وتعظّم هم
أعظسم ممسا يعظّمون بنسي تيسم وعدي،ولهذا لمسا مات رسسول ال eوتولّى أبسو
بكر،قيل لبي قحافة:مات رسول ال .eفقال:حدث عظيم،فمن ولي بعده؟ قالوا
أ بو ب كر .قال :أو رض يت ب نو ع بد مناف وب نو مخزوم ؟ قالوا :ن عم .قال :
ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء ،أو كما قال .
ولهذا جاء أبو سفيان إلى عل يّ فقال :أرضيتم أن يكون هذا المر في
ب ني ت يم ؟ فقال :يا أ با سفيان إن أ مر ال سلم ل يس كأ مر الجاهل ية ،أو ك ما
307
قال.
فإذا كان المسلمون كلهم ليس فيهم من قال :إن فاطمة رضى ال عنها
مظلو مة ،ول أن ل ها حقًا ع ند أ بي ب كر وع مر ر ضى ال عنه ما ول أنه ما
ظلماهسا ،ول تكلّم أحسد فسي هذا بكلمسة واحدة-دل ذلك على أن القوم كانوا
يعلمون أنها ليست مظلومة ،إذ لو علموا أنها مظلومة لكان تركهم لنصرتها :
إ ما عجزا عن ن صرتها ،وإ ما إهمال وإضا عة لحق ها ،وإ ما بغ ضا في ها ،إذ
الفعسل الذي يقدر عليسه النسسان إذا أراده إرادة جازمسة فعله ل محالة ،فإذا لم
يرده – مع قيام المقت ضى لراد ته –فإ ما أن يكون جاهل به ،أو له معارض
يمنعه من إرادته ،فلو كانت مظلومة مع شرفها وشرف قبيلتها وأقاربها ،وأن
أبا ها أف ضل الخلق وأحب هم إلى أم ته ،و هم يعلمون أن ها مظلو مة –لكانوا إ ما
عاجزين عن نصرتها ،وإما أن يكون لهم معارض عارض إرادة النصر مع
بغضهسا ،وكل المريسن باطسل ؛ فإن القوم مسا كانوا كلهسم عاجزيسن أن يتكلم
واحد منهم بكلمة حق ،وهم كانوا أقدر على تغيير ما هو أعظم من هذا .
وهذا وغيره ممسا يسبيّن أن المسر على نقيسض مسا تقوله الرافضسة مسن
أكاذيب هم ،وأن القوم كانوا يعلمون أن فاط مة لم ت كن مظلو مة أ صل ،فك يف
ينتصر القوم لعثمان حتى سفكوا دماءهم ، ،ول ينتصرون لمن هو أحب إليهم
من عثمان ،وهو رسول ال eوأهل بيته ؟!
(فصسسسسسسل )
قال الراف ضي (( :و سمّوها أم المؤمن ين ولم ي سمّوا غير ها بذلك ،ولم
يسمّوا أخاها محمد بن أبي بكر -مع عظم شأنه وقربه من منزلة أبيه وأخته
عائشة أم المؤمنين – فلم يسموه خال المؤمنين ،وسموا معوية بن أبي سفيان
خال المؤمن ين ،لن أخ ته أم حبي بة ب نت أ بي سفيان إحدى زوجات ال نبي ،e
وأخت محمد بن أبي بكر وأبوه أعظم من أخت معاوية ومن أبيها )) .
والجواب أن يقال :أمسا قوله (( إنهسم سسموا عائشةرضسى ال عنهسا أم
المؤمنين ولم يسموا غيرها بذلك )).
308
فهذا من البهتان الواضح الظاهر لكل أحد ،وما أدرى هل هذا الرجل
وأمثاله يتعمّدون الكذب ،أم أعمسى ال أبصسارهم لفرط هواهسم ،حتسى خفسى
عليهم أن هذا كذب ؟ وهم ينكرون على بعض النواصب أن الحسن لما قال لهم
أما تعلمون أني ابن فاطمة بنت رسول ال e؟ قالوا :وال ما نعلم ذلك .وهذا
ل يقوله ول يج حد ن سب الح سين إل متعمدا للكذب والفتراء ،و من أع مى ال
بصسيرته باتّباع هواه حتسى يخفسى عليسه مثسل هذا ؟ فإن عيسن الهوى عمياء .
والرافضسة أعظسم جحدا للحسق تعمدا ،وأعمسى مسن هؤلء ؛ فإن منهسم – مسن
المنتسبين إليهم – كالنصيرية وغيرهم من يقول :إن الحسن و الحسين ما كانا
أولد عل يّ ،بل أولد سلمان الفار سي .ومن هم من يقول :إن عليّ ا لم ي مت،
وكذلك يقولون عن غيره .
ومنهم من يقول :إن أبا بكر وعمر ليسا مدفونين عند النبي صلى ال
عليه وسلم،ومنهم من يقول:إن رقية وأم كلثوم زوجتى عثمان ليستا بنتى النبي
صلى ال عليه وسلم،ولكن هما بنتا خديجة من غيره.ولهم في المكابرات وجحد
العلومات بالضرورة أعظم مما لولئك النواصب الذين قتلوا الحسين.وهذا مما
يبين أنهم أكذب وأظلم وأجهل من قتلة الحسين.
وذلك أ نه من المعلوم أن كل واحدة من أزواج ال نبي eيقال ل ها ((أم
المؤمنيسن))عائشسة،وحفصسة،و زينسب بنست جحسش ،وأم سسلمة ،و سسودة بنست
زمعة،وميمونة بنت الحارث الهللية،وجويرية بنت الحارث المصطلقية،وصفية
بنت حي بن أخطب الهارونية،رضي ال عنهن.وقد قال ال تعالى]:النبيّ أولى
بالمؤمنينن منن أنفسنهم وأزواجنه أمهاتهنم[( . )1وهذا أمسر معلوم للمسة علمسا
عاما،وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح هؤلء بعد موته على غيره،وعلى
وجوب احترامهسن؛فهسن أمهات المؤمنيسن فسي الحرمسة والتحريسم،ولسسن أمهات
المؤمنين في المحرمية،فل يجوز لغير أقاربهن الخلوة بهن،ول السفر بهن،كما
يخلو الرجل ويسافر بذوات محارمه.
309
وأما قوله((:وعظم شأنه)).
فإن أراد عظسم نسسبه،فالنسسب لحرمسة له عندهسم،لقدحهسم فسي أبيسه
وأخ ته.وأ ما أ هل ال سنة فإن ما يعظّمون بالتقوى،ل بمجرد الن سب.قال تعالى]:إِنّ
أَكْ َر َمكُ مْ عِنْ َد الِ أَتْقَاكُم[( . )1وإن أراد ع ظم شأ نه ل سابقته وهجر ته ون صرته
وجهاده ،ف هو ل يس من ال صحابة :ل من المهاجر ين ول من الن صار .وإن
أراد بعظم شأنه أنه كان من أعلم الناس وَأ ْديَنهم ،فليس المر كذلك .
وأما قوله (( :وأخت محمد وأبوه أعظم من أخت معاوية وأبيها )) .
فيقال :هذه الحجسة باطلة على الصسلين .وذلك أن أهسل السسنة ل
يفضلون الرجل إل بنفسه ،فل ينفع محمدا قربه من أبي بكر وعائشة ،ول
يضر معاوية أن يكون ذلك أفضل نسبا منه ،وهذا أصل معروف لهل السنة،
ك ما لم ي ضر ال سابقين الوّل ين من المهاجر ين والن صار الذ ين أنفقوا من ق بل
الفتح وقاتلوا ،كبلل وصهيب وخبّاب وأمثالهم ،أن يكون من تأخر عنهم من
الطلقاء وغيرهم ،كأبي سفيان بن حرب وابنيه معاوية ويزيد وأبي سفيان بن
الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونحوهم ،أعظم نسبا منهم .
(فصسسسسل)
قال الرافضي (( :مع أن رسول ال eلعن معاوية الطليق بن الطليق
اللع ين بن اللع ين ،وقال :إذا رأي تم معاو ية على م نبري فاقتلوه .وكان من
المؤل فة قلوب هم ،وقا تل عليّ ا و هو عند هم را بع الخلفاء ،إمام حق ،و كل من
حارب إمام حق فهو باغ ظالم )) .
قال (( :و سبب ذلك مح بة مح مد بن أ بي بكسر لعل يّ عل يه ال سلم ،
ومفارقته لبيه ،وبغض معاوية لعل يّ ومحاربته له .وسموه كاتب الوحي ولم
يكتب له كلمة واحدة من الوحي ،بل كان يكتب له رسائل .وقد كان بين يدي
النبي eأربعة عشر نفسا يكتبون الوحي ،أولهم وأخصهم وأقربهم إليه عليّ بن
310
أ بي طالب عل يه ال سلم ،مع أن معاو ية لم يزل مشر كا بال تعالى في مدة كون
النبي eمبعوثا يكذّب بالوحي ويهزأ بالشرع)).
والجواب:أن يقال((أما ما ذكره من أن النبي eلعن معاوية وأمر بقتله
إذا رؤى على المنبر ،فهذا الحديث ليس في شيء من كتب السلم التي يرجع
إليها في علم النقل،وهو عند أهل المعرفة بالحديث كذب موضوع مختلق على
ال نبي صلى ال عل يه و سلم،وهذا الراف ضي الراوي له لم يذ كر له إ سنادا ح تى
ينظر فيه،وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي في الموضوعات.
وم ما يبيّن كذ به أن م نبر ال نبي eقد صعد عل يه ب عد معاو ية من كان
معاو ية خيرا م نه باتفاق الم سلمين.فإن كان ي جب ق تل من صعد عل يه لمجرد
الصعود على المنبر،وجب قتل هؤلء كلهم.ثم هذا خلف المعلوم بالضطرار
من د ين ال سلم ،فإن مجرد صعود الم نبر ل يب يح ق تل م سلم.وإن أ مر بقتله
لكو نه تولّى ال مر و هو ل ي صلح،في جب ق تل كل من تولّى ال مر ب عد معاو ية
ممن معاوية أفضل منه.وهذا خلف ما تواترت به السنن عن النبي eمن نهيه
عن قتل ولة المور وقتالهم،كما تقدم بيانه.
ثم المة متفقة على خلف هذا ؛ فإنها لم تقتل كل من تولّى أمرها ول
ا ستحلّت ذلك .ثم هذا يو جب من الف ساد والهرج ما هو أع ظم من ول ية كل
ظالم ،فكيف يأمر النبي eبشيء يكون فعله أعظم فسادا من تركه ؟ !
وأما قوله (( :إنه الطليق ابن الطليق )) .
فهذا ليس نعت ذم ،فإن الطلقاء هم مسلمة الفتح ،الذين أسلموا عام فتح مكة ،
وأطلقهسم النسبي ،eوكانوا نحوا مسن أل َفىْ رجسل ،وفيهسم مسن صسار مسن خيار
المسسلمين ،كالحارث بسن هشام ،وسسهل بسن عمرو ،وصسفوان بسن أمي ّة ،
وعكرمة بن أبي جهل ،ويزيد بن أبي سفيان ،وحكيم بن حزام ،وأبي سفيان
بسن الحارث بسن عبسد المطلب ابسن عسم النسبي eالذي كان يهجوه ثسم حسسن
إسلمه ،وعتّاب بن أسيد الذي ولّه النبي eمكة لما فتحها ،وغير هؤلء ممن
حسُنَ إسلمه .
َ
311
ومعاو ية ممسن حَسسُن إسسلمه باتفاق أهسل العلم .ولهذا ولّه ع مر بسن
الخطاب tموضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام ،وكان
يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس ،وكان أحد المراء الذين بعثهم أبو بكر
وع مر لف تح الشام :يز يد بن أ بي سفيان ،وشرحب يل بن ح سنة ،وعمرو بن
العاص ،مع أبي عُبيدة بن الجراح ،وخالد بن الوليد ،فلما توفي يزيد بن أبي
سفيان ولّى عمر مكانه أخاه معاوية ،وعمر لم تكن تأخذه في ال لومة لئم ،
وليس هو ممن يحابى في الولية ،ول كان ممن يحب أبا سفيان أباه ،بل كان
من أع ظم الناس عداوة لب يه أ بي سفيان ق بل ال سلم ،ح تى أ نه ل ما جاء به
العباس يوم فتسح مكسة كان عمسر حريصسا على قتله ،حتسى جرى بينسه وبيسن
العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لبي سفيان .فتولية عمر لب نه
معاوية ليس لها سبب دنيوي ،ولول استحقاقه للمارة لما أمّره .
وأما قوله (( :كان معاوية من المؤَلّفة قلوبهم )) .
نعم وأكثر الطلقاء كلهم من المؤلفة قلوبهم ،كالحارث بن هشام ،وابن
أخيه عكرمة بن أبي جهل ،وسهيل بن عمرو ،وصفوان بن أمية ،وحكيم بن
حزام ،وهؤلء من خيار الم سلمين .والمؤلّ فة قلوب هم غالب هم ح سُن إ سلمه ،
وكان الرجل منهم يُسلم أول النهار رغبة منه في الدنيا ،فل يجيء آخر النهار
إل والسلم أحب إليه مما طلعت عليه الشمس .
وأ ما قوله (( :وقا تل عليّ ا و هو عند هم را بع لخلفاء إمام حق ،و كل
من قاتل إمام حقٍ فهو باغ ظالم )) .
فيقال له :أول :الباغسي قسد يكون متأوّل معتقدا أنسه على حسق ،وقسد
يكون متعمدا يعلم أ نه با غٍ ،و قد يكون َب ْغيُ هُ مركّ با من شب هة وشهوة ،و هو
الغالب .وعلى كل تقدير فهذا ل يقدح فيما عليه أهل السنة ؛ فإنهم ل ينزّهون
معاوية ول من هو أفضل منه من الذنوب ،فضل عن تنزيههم عن الخطأ في
الجتهاد ،بسل يقولون :إن الذنوب لهسا أسسباب تُدفسع عقوبتهسا مسن التوبسة
والستغفار ،والحسنات الماحية ،والمصائب المكفّرة ،وغير ذلك .وهذا أمر
312
يعم الصحابة وغيرهم .
ويقال لهنم :ثانينا :أمسا أهسل السسنة فأصسلهم مسستقيم مطّرد فسي هذا
الباب .وأما أنتم فمتناقضون .وذلك أن النواصب – من الخوارج وغيرهم –
الذ ين يكفّرون عليّ ا أو يف سّقونه أو يشكّون في عدال ته من المعتزلة والمروان ية
وغير هم ،لو قالوا ل كم :ما الدل يل على إيمان عل يّ وإمام ته وعدله ؟ لم ي كن
لكم حجة ؛ فإنكم إن احتججتم بما تواتر من إسلمه وعبادته ،قالوا لكم :وهذا
متوا تر عن ال صحابة ،والتابع ين والخلفاء الثل ثة ،وخلفاء ب ني أم ية كمعاو ية
ويزيد وعبد الملك وغيرهم ،وأنتم تقدحون في إيمانهم ،فليس قدحنا في إيمان
علي ّس وغيره إل وقدحكسم فسي إيمان هؤلء أعظسم ،والذيسن تقدحون أنتسم فيهسم
أعظسم مسن الذيسن نقدح نحسن فيهسم .وإن احتججتسم بمسا فسي القرآن مسن الثناء
والمدح .قالوا :آيات القرآن عامة تتناول أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم مثل
ما تتناول عليّ ا وأع ظم من ذلك .وأن تم قد أخرج تم هؤلء من المدح والثناء
فإخراجنا عليّا أيسر .وإن قلتم بما جاء عن النبي eفي فضائله :قالوا :هذه
الفضائل روتهسا الصسحابة الذيسن رووا فضائل أولئك ،فإن كانوا عدول فاقبلوا
الجميع ،وإن كانوا ف سّاقا فإن جاءكم فا سق بنبأٍ فتبيّنوا ،وليس لحد أن يقول
في الشهود :إن هم إن شهدوا لي كانوا عدول ،وإن شهدوا عل يّ كانوا ف سّاقا ،
أو :إن شهدوا بمدح مسن أحببتسه كانوا عدول ،وإن شهدوا بمدح مسن أبغضتسه
كانوا فسّاقا .
وأ ما قوله((إن سبب ذلك مح بة مح مد بن أ بي ب كر لعل يّ ،ومفارق ته
لبيه )) .
فكذب بيّن .وذلك أن محمد بن أبي بكر في حياة أبيه لم يكن إل طفل
له أقل من ثلث سنين ،وبعد موت أبيه كان من أشد الناس تعظيما لبيه ،وبه
كان يتشرف ،وكانت له بذلك حرمة عند الناس .
وأمنا قوله (( :إن سسبب قولهسم لمعاويسة :إنسه خال المؤمنيسن دون
محمد ،إن محمدا هذا كان يحب عليّا ،ومعاوية كان يبغضه )) .
313
فيقال :هذا كذب أي ضا؛ فإن ع بد ال بن ع مر كان أ حق بهذا المع نى
مسن هذا وهذا ،و هو لم يقاتسل ل مسع هذا ول مسع هذا ،وكان معظّمسا لعل يّ ،
محبا له ،يذ كر فضائله ومناق به ،وكان مباي عا لمعاو ية ل ما اجت مع عل يه الناس
غ ير خارج عل يه ،وأخ ته أف ضل من أ خت معاو ية ،وأبوه أف ضل من أ بي
معاويسة ،والناس أ كثسر محبسة وتعظيما له مسن معاويسة ومحمسد ،ومسع هذا فلم
يشتهر عنه أنه خال المؤمنين .فعُلم أنه ليس سبب ذلك ما ذكره .
( فصسسسسسل )
وأما قول الرافضي (( :وسمّوه كاتب الوحي ولم يكتب له كلمة واحدة
من الوحي )) .
فهذا قول بل حجة ول علم ،فما الدليل على أنه لم يكتب كلمة واحدة
من الوحي ،وإنما كان يكتب له رسائل ؟
وقوله (( :إن كتاب الو حي كانوا بض عة ع شر أخ صّهم وأقرب هم إل يه
عليّ )) .
فل ريب أن عليّا كان ممن يكتب له أيضا ،كما كتب الصلح بينه وبين
المشركين عام الحديبية .ولكن كان يكتب له أبو بكر وعمر أيضا ،ويكتب له
زيد بن ثابت بل ريب .
ن
ففي الصحيحين أن زيد بن ثابت لما نزلتّ ]:ل َيسْ َتوِي ا ْلقَاعِدُونَ مِ َ
ا ْل ُم ْؤمِنِين[(. )1كتبها له(. )2وكتب له أبو بكر وعمر ،وعثمان ،وعليّ ،وعامر
بن فهيرة ،وعبد ال بن الرقم ،وأبيّ بن كعب ،وثابت بن قيس ،وخالد بن
سعيد بن العاص،وحنظلة بن الربيع السدي ،وزيد بن ثابت ومعاوية،وشُرحبيل
بن حسنة رضى ال عنهم .
وأما قوله ((:إن معاوية لم يزل مشركا مدة كون النبي eمبعوثا)) .
314
فيقال :ل ريب أن معاوية وأباه وأخاه وغيرهم أسلموا عام فتح مكة ،
ق بل موت ال نبي eبن حو من ثلث سنين ،فك يف يكون مشر كا مدة المب عث ،
ومعاو ية tكان ح ين بُ عث ال نبي eصغيرا ،كا نت ه ند ترقّ صه .ومعاو ية t
أ سلم مع م سلمة الف تح ،م ثل أخ يه يز يد ،و سهيل بن عمرو ،و صفوان بن
أميسة ،وعكرمسة بسن أبسي جهسل ،وأبسي سسفيان بسن حرب وهؤلء كانوا قبسل
إسلمهم أعظم كفرا ومحاربة للنبي eمن معاوية .
(فصسسسسسسل)
قال الراف ضي (( :وكان بالي من يوم الف تح يط عن على ر سول ال ،e
ت إلى ديسن
وكتسب إلى أبيسه صسخر بسن حرب يعيّره بإسسلمه ،ويقول :أَصَسبَوْ َ
محمد؟ .
والجواب :أمنا قوله (( :كان باليمسن يطعسن على النسبي eوكتسب إلى
أبيه صخر بن حرب يعيّره بإسلمه)) .
فهذا من الكذب المعلوم ؛ فإن معاوية إنما كان بمكة ،لم يكن باليمن ،
وأبوه أسسلم قبسل دخول النسبي eمكسة بمسر الظهران ليلة نزل بهسا ،وقال له
من (( العباس :إن أبا سفيان يحب الشرف .فقال النبي صلى ال عليه وسلم:
دار أبي سفيان فهو آمن ،ومن دخل المسجد فهو آمن ،ومن ألقى السلح فهو
آمن ))(. )1
وأمنا قوله (( :إن الفتسح كان فسي رمضان لثمان مسن مقدم النسبي
eالمدينة )) فهذا صحيح .
ش ْركِ ِه هار با من ال نبي ،e
وأ ما قوله (( :إن معاو ية كان مقي ما على ِ
لنسه كان قدر أهدر دمسه ،فهرب إلى مكسة ،فلمسا لم يجسد له مأوى صسار إلى
النبي eمضطرا ،فأظ هر السلم ،وكان إ سلمه ق بل موت النبي eبخم سة
أشهر )) .
315
فهذا من أظهر الكذب ؛ فإن معاوية أسلم عام الفتح باتفاق الناس ،وقد
تقدّم قوله (( :إ نه من المؤل فة قلوب هم )) والمؤل فة قلوب هم أعطا هم ال نبي eعام
حنين من غنائم َهوَازن ،وكان معاوية ممن أعطاه منها ،والنبي eكان يتألّف
ال سادة المطاع ين في عشائر هم ،فإن كان معاو ية هار با لم ي كن من المؤل فة
قلوبهسم ،ولو لم يسسلم إل قبسل موت النسبي eبخمسسة أشهسر لم يُعسط شيئا مسن
غنائم حنين .
ومن كانت غايته أن يؤمن لم يحتج إلى تأليف .
وم ما يبين كذب ما ذكره هذا الراف ضي أ نه لم يتأ خر إ سلم أ حد من
قريش إلى هذه الغاية ،وأهل السير والمغازى متفقون على أنه لم يكن معاوية
ممن أُهدر دمه عام الفتح .
وأما قوله (( :إنه استحق أن يُوصف بذلك دون غيره )) .
ففريسة على أهسل السسنة ؛ فإنسه ليسس فيهسم مسن يقول :إن هذا مسن
خصائص معاوية ،بل هو واحد من كتاب الوحي .وأما عبد ال بن سعد بن
أبي سرح فارتد عن السلم ،وافترى على النبي ،eثم إنه عاد إلى السلم.
الية. وأما قوله ((:إنه نزل فيه ] :ولكن مّن شرح بالكفر صدرا [
()1
فهسو باطسل ؛ فإن هذه اليسة نزلت بمكسة ،لمسا أُكره عمّار وبلل على
الكفسر .وردة هذا كانست بالمدينسة بعسد الهجرة ،ولو ُقدّر أنسه نزلت فيسه هذه
الية؛ فالنبي َ eقبِل إسلمه وبايعه .
وأمنا قوله (( :وقسد روى عبسد ال بسن عمسر قال :أتيست النسبي e
فسمعته يقول (( :يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي )) فطلع معاوية .
وقام ال نبي eخطي با ،فأ خذ معاو ية ب يد اب نه يز يد وخرج ولم ي سمع الخط بة ،
فقال ال نبي (( :eل عن ال القائد والمقود ،أي يوم يكون لل مة مع معاو ية ذي
316
الساءة )) .
فالجواب أن يقال أول :نحسن نطالب بصسحة الحديسث ؛ فإن الحتجاج
بالحديسث ل يجوز إل بعسد ثبوتسه .ونحسن نقول هذا فسي مقام المناظرة ،وإل
فنحن نعلم قطعا أنه كذب .
ويقال ثانينا :هذا الحديسث مسن الكذب الموضوع باتفاق أهسل المعرفسة
بالحديث ،ول يوجد في شيء من دواوين الحديث التي يُرجع إليها في معرفة
الحديث ،ول له إسناد معروف .
وهذا المح تج به لم يذ كر له إ سناد .ثم من جهله أن يروي م ثل هذا
عسن عبسد ال بسن عمسر ،وعبسد ال بسن عمسر كان مسن أبعسد الناس عسن ثلب
الصحابة ،وأروى الناس لمناقبهم ،وقوله في مدح معاوية معروف ثابت عنه ،
ح يث يقول :ما رأ يت ب عد ر سول ال eأَ سْوَد من معاو ية .ق يل له :ول أ بو
بكر و عمر ؟ فقال :كان أبو بكر وعمر خيرا منه ،وما رأيت بعد رسول ال
eأسود من معاوية .
قال أحمد بن حنبل :السيد الحليم يعني معاوية ،وكان معاوية كريما
حليما .
ثسم إن خطسب النسبي eلم تكسن واحدة ،بسل كان يخطسب فسي الجمسع
والعياد والحسج وغيسر ذلك .ومعاويسة وأبوه يشهدان الخطسب ،كمسا يشهدهسا
الم سلمون كل هم .افتراه ما في كل خط بة كا نا يقومان و ُي َمكّنان من ذلك ؟ هذا
قدح فسي النسبي eوفسي سسائر المسسلمين ،إذ يمكّنون اثنيسن دائمسا يقومان ول
يحضران الخطبسة ول الجمعسة .وإن كانسا يشهدان كسل خطبسة ،فمسا بالهمسا
يمتنعان من سماع خطبة واحدة قبل أن يتكلم بها ؟.
وأما قوله ((:إنه بالغ في محاربة علي )) .
فل ريب أنه اقتتل العسكران :عسكر علي ومعاوية بصفين ،ولم يكن
معاو ية م من يختار الحرب إبتداء ،بل كان من أ شد الناس حر صا على أن ل
يكون قتال ،وكان غيره أحرص على القتال منه .
317
(فصسسسسل)
إذا تبين هذا فيقال :قول الراف ضة من أف سد القوال وأشد ها تناق ضا ؛
فإن هم يعظّمون ال مر على من قا تل عليّ ا ،ويمدحون من ق تل عثمان ،مع أن
الذم وال ثم ل من ق تل عثمان أع ظم من الذم وال ثم ل من ق تل عليّ ا ،فإن عثمان
كان خليفة اجتمع الناس عليه ،ولم يقتل مسلما ،وقد قتلوه لينخلع من المر ،
ي في طلبه لطاعتهم
فكان عذره في أن يستمر على وليته أعظم من عذر عل ّ
ص َبرَ عثمان حتى قُتل مظلوما شهيدا من غير أن يدفع عن نفسه ،وعليّ
له ،و َ
بدأ بالقتال أصحاب معاوية ،ولم يكونوا يقاتلونه ،ولكن امتنع من بيعته .
وإن قيل :إن عثمان فعل أشياء أنكروها .
قيل :تلك الشياء لم تبح خلعه ول قتله ،وإن أباحت خلعه وقتله كان
ما نقموه على عليّ أوْلى أن يبيح ترك مبايعته .
وأمنا قوله (( :الخلفسة ثلثون سسنة )) ونحسو ذلك .فهذه الحاديسث لم
ت كن مشهورة شهرة يعلم ها م ثل أولئك ؛ إن ما هي من ن قل الخا صة ل سيما
وليست من أحاديث الصحيحين وغيرهما.وإذا كان عبد الملك بن مروان خَفِ يَ
عليه قول النبي eلعائشة رضى ال عنها ((:لول أن قومك حديثوعهد بالجاهلية
ون حو ذلك ح تى ()1
)) لنق ضت الكع بة ،ولل صقتها بالرض ،ولجعلت ل ها باب ين
هدم ما فعله ابن الزبير ،ثم لما بلغه ذلك قال :وددت أنّي وليته من ذلك ما
توله .مع أن حد يث عائ شة رضى ال عنها ثابت صحيح مت فق على صحته
عنسد أهسل العلم ،فلن يخفسى على معاويسة وأصسحابه قوله (( :الخلفسة بعدي
ثلثون سنة ثم تصير ملكا )) بطريق الوْلى ،مع أن هذا في أول خلفة علي ّ
tل يدل على عل يّ عينا ،وإن ما عُل مت دلل ته على ذلك ل ما مات ، tمع أ نه
ليس نصّا في إثبات خليفة معيّن .وهم يقولون :
إذا كان ل ينصفنا إما تأويل منه وإما عجزا منه عن نصرتنا ،فليس
)1(1الحديث في البخاري ج 2ص 146ومسلم ج 2ص .968
318
علينا أن نبايع من نُظلم بوليته .
وأما قوله (( :إن معاوية قتل جمعا كثيرا من خيار الصحابة )) .
فيقال :الذيسن قُتلوا قُتلوا مسن الطائفتيسن ؛ قتسل هؤلء مسن هؤلء ،
وهؤلء من هؤلء .وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين لم يكونوا
عليس ومعاويسة رضسى ال عنهممسا أطلب
ّ يطيعون ل عليّا ول معاويسة ،وكان
ل كف الدماء من أك ثر المقتتل ين ،ل كن غُل با في ما و قع .والفت نة إذا ثارت ع جز
الحكماء عن إطفاء نارها ،وكان في العسكرين مثل الشتر النخعي ،وهاشم
بسن عُتبسة المرقال ،وعبسد الرحمسن بسن خالد بسن الوليسد ،وأبسي العور
السسلمى،ونحوهسم مسن المحرضيسن على القتال :قوم ينتصسرون لعثمان غايسة
.النتصار ،وقوم ينفّرون عنه ،وقوم ينتصرون لعليّ وقوم ينفّرون عنه
وأ ما ما ذكره من ل عن عل يّ ،فإن التل عن و قع من الطائفت ين ك ما
وقعست المحاربسة ،وكان هؤلء يلعنون رؤوس هؤلء فسي دعائهسم ،وهؤلء
يلعنون رؤوس هؤلء فسي دعائهسم .وقيسل :إن كسل طائفسة كانست تقنست على
الخرى .والقتال باليد أعظم من التلعن باللسان .
ثم من العجب أن الرافضة تنكر سب عليّ ،وهم يسبّون أبا بكر وعمر
tوأصسحابه مسا كانوا يكفّرون وعثمان ويكفّرونهسم ومسن والهسم .ومعاويسة
عليّا ،وإنما يكفّره الخوارج المارقون ،والرافضة شر منهم .
ول ريب أنه ل يجوز سب أحد من الصحابة :ل عل يّ ول عثمان ول
غيره ما ،و من سب أ با ب كر وع مر وعثمان ف هو أع ظم إث ما م من سب عليّ ا ،
وإن كان متأول فتأويله أفسد من تأويل من سب عليّا .
وأما قوله (( :إن معاوية سمّ الحسسسن )).
فهذا م ما ذكره ب عض الناس ،ولم يث بت ذلك ببيّ نة شرع ية ،أو إقرار
مع تبر ،ول بن قل يُجزم به .وهذا م ما ل يم كن العلم به ،فالقول به قول بل
علم .
وأما قوله (( :وقتل ابنه يزيد مولنا الحسين ونهب نساءه )) .
319
فيقال :إن يز يد لم يأ مر بق تل الح سين باتفاق أ هل الن قل ،ول كن ك تب
إلى ابسن زياد أن يمنعسه عسن وليسة العراق .والحسسين tكان يظسن أن أهسل
العراق ين صرونه ويفون له ب ما كتبوا إل يه ،فأر سل إلي هم ا بن ع مه م سلم بن
عق يل ،فل ما قتلوا م سلما وغدروا به وبايعوا ا بن زياد ،أراد الرجوع فأدرك ته
ال سرية الظال مة ،فطلب أن يذ هب إلى يز يد،أو يذ هب إلى الث غر،أو ير جع إلى
بلده ،فلم يمكّنوه من ش يء من ذلك ح تى ي ستأسر ل هم ،فامت نع ،فقاتلوه ح تى
قُتل مظلوما ، tولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجّع على ذلك ،وظهر البكاء في
داره ،ولم ي سب له حري ما أ صل ،بل أكرم أ هل بي ته ،وأجاز هم ح تى ردّ هم
إلى بلدهم .
وأمنا قوله (( :وكسسر أبوه ثنيّة النسبي ،eوأكلت أمّه كبسد حمزة عسم
النبي . ))e
فل ريسب أن أبسا سسفيان بسن حرب كان قائد المشركيسن يوم أُحُسد ،
وكُسرت ذلك اليوم ثنيّة النبي ،eكسرها بعض المشركين .لكن لم يقل أحد :
إن أبا سفيان باشر ذلك ،وإنما كسرها عُتبة بن أبي وقاص ،وأخذت هند كبد
حمزة فلكتها ،فلم تستطع أن تبلعها فلفظتها .
وكان هذا ق بل إ سلمهم ،ثم ب عد ذلك أ سلموا وح سن إ سلمهم وإ سلم
هند ،وكان النبي eيكرمها ،والسلم َيجُبّ ما قبله ،وقد قسال ال تعالى :
ن يَنْ َتهُوا ُيغْفَر َلهُم مَا قَ ْد سَلَفَ [(. )1
ن كَفَرُوا إِ ْ
] ُقلْ ِللذِي َ
(فصسسسسل )
قال الرافضني (( :وسسمّوا خالد بسن الوليسد سسيف ال عنادا لميسر
المؤمنين ،الذي هو أحق بهذا السم ،حيث قتل بسيفه الكفّار)) .
فيقال :أما تسمية خالد بن الوليد بسيف ال فليس هو مختصا به ،بل
320
هكذا جاء في الحد يث ()1
)) سيف من سيوف ال سلّه ال على المشركين (( هو
عن ال نبي .eوال نبي eهو أول من سمّاه بهذا ال سم ،ك ما ث بت في صحيح
البخاري من حديث أيوب السختياني ،عن حميد بن هلل ،عن أنس بن مالك
tأن النبي َ eنعَى زيدا و جعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيه خبرهم ،فقال
أخذ الراية زيد فأُصيب ،ثم أخذها جعفر فأُصيب ،ثم أخذها ابن رواحة (( :
فأُ صيب وعيناه تذرفان ،ح تى أخذ ها سيف من سيوف ال خالد ح تى ف تح ال
عليهم ))(.)2
ي أحق بهذا السسسم )).
وأما قوله (( :عل ّ
فيقال :أول :مسن الذي نازع فسي ذلك ؟ ومسن قال :إن عليّاس لم يكسن
سسيفا مسن سسيوف ال وقول النسبي eالذي ثبست فسي الصسحيح يدل على أن ل
سيوفا متعددة ،ول ريب أن عليّا من أعظمها .وما في المسلمين من يفضّل
خالدا على عليّس ،حتسى يقال :إنهسم جعلوا هذا مختصسّا بخالد .والتسسمية بذلك
وق عت من ال نبي eفي الحد يث ال صحيح ،ف هو eالذي قال :إن خالدا سيف
من سيوف ال.
ي أجلّ قدرا من خالد ،وأجلّ من أن تجعل فضيلته
ثم يقال :ثانيا :عل ّ
أنسه سسيف مسن سسيوف ال ؛ فإن عليّاس له مسن العلم والبيان والديسن واليمان
والسابقة ما هو به أعظم من أن تُجعل فضيلته أنه سيف من سيوف ال ؛ فإن
ي كان القتال أ حد فضائله ؛ بخلف خالد فإ نه كان
ال سيف خا صته القتال ،وعل ّ
هو فضيلته التي تميّز بها على غيره ،لم يتقدم بسابقة ول كثرة علم ول عظيم
زهد ،وإنما تقدم بالقتال ؛ فلهذا عبّر عن خالد بأنه سيف من سيوف ال .
وقوله (( :إن عليّا قتل بسيفه الكفار )) .
فل ريب أنه لم يقتل إل بعض الكفّار .وكذلك سائر المشهورين بالقتال
مسن الصسحابة كعمسر والزبيسر وحمزة والمقداد وأبسي طلحسة والبراء بسن مالك
321
وغيرهسم رضسى ال عنهسم ،مسا منهسم مسن أحسد إل قتسل بسسيفه طائفسة مسن
شرَكَ في دمه .
الكفّار.والبراء بن مالك قتل مائة رجل مبارزة ،غير من َ
وأما قوله (( :وقال فيه رسول ال :eعليّ سيف ال وسهم ال )).
فهذا الحديسث ل يُعرف فسي شيسء مسن كتسب الحديسث ،ول له إسسناد
معروف ،ومعناه با طل ؛ فإن عليّاس ل يس هو وحده سسيف ال وسسهمه .وهذه
العبارة يقتضي ظاهرها الحصر.
وكذلك ما ن قل عن عل يّ tأ نه قال على الم نبر (( :أ نا سيف ال على
أعدائه ورحمته لوليائه )) .
سن إن كان قاله فمعناه
سحة .لكس
سناد له ،ول يُعرف له صس
فهذا ل إسس
صحيح ،وهو قدر مشترك بينه وبين أمثاله .
وأما قوله (( :وخالد لم يزل عدوا لرسول ال eمكذّبا له )) .
فهذا كان قبل إسلمه ،كما كان الصحابة كلهم مكذّبين له قبل السلم،
من بني هاشم وغير بني هاشم ،مثل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،
وأخيه ربيعة ،وحمزة عمه ،وعقيل ،وغيره .
جذِيمسة ليأخسذ منهسم الصسدقات ،
وقوله (( :وبعثسة النسبي eإلى بنسي َ
فخا نه وخال فه على أمره وق تل الم سلمين ،فقام ال نبي eخطي با بالنكار عل يه
رافعا يديه إلى السماء حتى شوهد بياض إبطيه ،وهو يقول (( :اللهم إني أبرأ
ثم أن فذ إل يه بأم ير المؤمن ين لتل فى فار طه ،وأمره أن )) إل يك م ما صنع خالد
يسترضى القوم من فعله )) .
فيقال :هذا النقل فيه من الجهل والتحريف ما ل يخفى على من يعلم
السيرة ؛ فإن النبي eأرسله إليهم بعد فتح مكة ليسلموا ،فلم يحسنوا أن يقولوا:
أسلمنا ،فقالوا :صبأنا صبأنا ،فلم يقبل ذلك منهم،وقال :إن هذا ليس بإسلم
،فقتل هم ،فأن كر ذلك عل يه من م عه من أعيان ال صحابة ،ك سالم مولى أ بي
حذي فة ،وع بد ال بن ع مر ،وغيره ما .ول ما بلغ ذلك ال نبي eر فع يد يه إلى
.ل نه خاف أن يطال به )) اللهم إ ني أبرأ إليك مما صنع خالد (( ال سماء وقال :
322
َصنوْكَ َف ُقلْ إِنّين
ِنن ع َ
ال بمسا جرى عليهسم مسن العدوان .وقسد قال تعالى َ ]:فإ ْ
ن [( ،)1ثم أر سل عليّ ا ،وأر سل م عه مال ،فأعطا هم ن صف
بَرِي ٌء ِممّ ا َت ْعمَلُو َ
الديات ،وضمن لهم ما تلف حتى مِيَلغَة الكلب ،ودفع إليهم ما بقي احتياطا
لئل يكون بقي شيء لم يعلم به .
ومسع هذا فالنسبي صسلى ال لم يعزل خالدا عسن المارة ،بسل مسا زال
يؤمّره ويقدّمه ،لن المير إذا جرى منه خطأ أو ذنب أُمر بالرجوع عن ذلك،
وأُقرّ على وليته ،ولم يكن خالدا معاندا للنبي ،eبل كان مطيعا له ،ولكن لم
يكن في الفقه والدين بمنزلة غيره ،فخفى عليه حكم هذه القضية .
ويُقال :إنه كان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ،وكان ذلك مما حرّكه
على قتلهم .وعليّ كان رسول في ذلك .
وأما قوله (( :إنه أمره أن يسترضى القوم من فعله )) .
فكل مُ جاهل ؛ فإنما أرسله لنصافهم وضمان ما تلف لهم ،ل لمجرد
السترضاء .
وكذلك قوله عن خالد (( :إنه خانه وخالف أمره وقتل المسلمين )).
كذب على خالد ؛فإن خالدا لم يتعمد خيانة النبي صلى ال عليه وسلم،
ول مخالفة أمره ،ول قتل من هو مسلم معصوم عنده ،ولكنه أخطأ كما أخطأ
أسامة بن زيد في الذي قتله بعد أن قال :ل إله إل ال ،وقتل السرية لصاحب
الغنَيمْةَ الذي قال :أنا مسلم ،فقتلوه وأخذوا غنمه .
(فصسسسسسل)
قال الرافضني (( :ولمسا قُبسض النسبي eوأنفذه أبسو بكسر لقتال أهسل
اليمامة قتل منهم ألفا ومائتي نفر مع تظاهرهم بالسلم ،وقتل مالك بن نويرة
صبرا و هو م سلم ،وعرّس بامرأ ته ،و سمّوا ب ني حني فة أ هل الردة لن هم لم
يحملوا الزكاة إلى أبي بكر لنهم لم يعتقدوا إمامته ،واستحلّ دماءهم وأموالهم
323
ون ساءهم ح تى أن كر ع مر عل يه ،ف سمّوا ما نع الزكاة مرتدا ،ولم ي سمّوا من
ا ستحلّ دماء الم سلمين ومحار بة أم ير المؤمن ين مرتدا ،مع أن هم سمعوا قول
النبي (( :eيا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي ،ومحارب رسول ال eكافر
بالجماع )) .
والجواب بعند أن يقال :ال أكسبر على هؤلء المرتديسن المفتريسن ،
أتباع المرتدّيسن الذيسن برزوا بمعاداة ال ورسسوله وكتابسه ودينسه ،ومرقوا مسن
السلم ونبذوه وراء ظهورهم ،وشاقّوا ال ورسوله وعباده المؤمنين ،وتولوا
أهل الردة والشقاق ،فإن هذا الفصل وأمثاله من كلمهم يحقق أن هؤلء القوم
المتع صبين على ال صدّيق tوحز به ،من ج نس المرتدّ ين الكفار ،كالمرتد ين
الذين قاتلهم الصديق . t
وذلك أن أهسل اليمامسة هسم بنوا حنيفسة الذيسن كانوا قسد آمنوا بمسسيلمة
الكذاب ،الذي ادّعسى النبوة فسي حياة النسبي ،eوكان قسد قدم المدينسة وأظهسر
السلم ،وقال :إن جعل محمد لي المر من بعده آمنت به .ثم لما صار إلى
اليما مة ادّ عى أ نه شر يك ال نبي eفي النبوّة ،وأن ال نبي eصدّقه على ذلك ،
عنْفُوة .وكان قد صنّف قرآ نا يقول ف يه (( :والطاحنات
وش هد له ال َرجّال بن ُ
طحنا ،فالعاجنات عجنا ،فالخابزات خبزا ،إهالة وسمنا ،إن الرض بيننا و
ب ين قر يش ن صفين و ل كن قر يش قوم ل يعدلون )) .و م نه قوله لع نه ال :
(( يا ضفدع ب نت ضفدع ين ،نقّي كم تنقّ ين ،ل الماء تكدّر ين .ول الشارب
تمنعين .رأسك في الماء وذنبك في الطين )) .ومنه قوله لعنه ال (( :الفيل
وما أدراك ما الفيل ،له زلوم طويل ،إن ذلك من خلق ربنا الجليل )) ونحو
ذلك من الهذيان السمج الذي قال فيه الصديق رضي ال عنه لقومه لما قرؤوه
عليه (( :ويلكم أين يذهب بعقولكم ،إن هذا كلم لم يخرج من إله )) .
وكان هذا الكذّاب قسد كتسب للنسبي (( :eمسن مسسيلمة رسسول ال إلى
مح مد ر سول ال .أ ما ب عد فإ ني قد أُشر كت في ال مر م عك )) .فك تب إل يه
رسسول ال (( :eمسن محمسد رسسول ال إلى مسسيلمة الكذّاب )) .فلمسا توفسي
324
رسول ال eبعث إليه أبو بكر خالد بن الوليد فقاتله بمن معه من المسلمين ،
بعد أن قاتل خالد بن الوليد طليحة السديّ ،الذي كان أيضا قد ادّعى النبوة ،
واتبعه طوائف من أهل نجد ،فلما نصر ال المؤمنين على هؤلء وهزموهم ،
وقُ تل ذلك اليوم عُكا شة بن مح صن ال سدي ،وأ سلم ب عد ذلك طلي حة ال سدي
هذا ،ذهبوا ب عد ذلك إلى م سيلمة الكذّاب باليما مة ،ول قى المؤمنون في حر به
شدة عظيمة ،وقتل في حربه طائفة من خيار الصحابة مثل زيد بن الخطاب ،
وثابت بن قيس بن الشمّاس ،وأُسيد بن حضير وغيرهم .
و في الجملة فأ مر م سيلمة الكذّاب وادعاؤه النبوة واتّباع ب ني حني فة له
باليمامسة ،وقتال الصسدّيق لهسم على ذلك ،أمسر متواتسر مشهور ،قسد علمسه
الخاص والعام ،كتوا تر أمثاله .ول يس هذا من العلم الذي تفرّد به الخا صّة ،
بل علم الناس بذلك أظهر من علمهم بقتال الجمل وصفّين ،فقد ذُكر عن بعض
أهسل الكلم أنسه أنكسر الجمسل وصسفّين ،وهذا النكار – وإن كان باطل – فلم
نعلم أحدا أنكسر قتال أهسل اليمامسة ،وأن مسسيلمة الكذاب ادّعسى النبوة ،وأنهسم
قاتلوه على ذلك .
لكن هؤلء الرافضة من جحدهم لهذا وجهلهم به بمنزلة إنكارهم لكون
أبي بكر وعمر دفنا عند النبي ،eوإنكارهم لموالة أبي بكر وعمر للنبي ،e
ودعوا هم أ نه ن صّ على عل يّ بالخل فة .بل من هم من ين كر أن تكون زي نب
ورقيّة وأم كلثوم من بنات النبي ،eويقولون :إنهن لخديجة من زوجها الذي
كان كافرا قبل النبي .e
ومن هم من يقول :إن ع مر غ صب ب نت عل يّ ح تى زوّ جه ب ها ،وأ نه
تزوج غ صبا في ال سلم .ومن هم من يقول :إن هم بعجوا ب طن فاط مة ح تى
أُ سقطت ،وهدموا سقف بيت ها على من ف يه ،وأمثال هذه الكاذ يب ال تي يعلم
من له أد نى علم ومعر فة أن ها كذب ،ف هم دائ ما يعمدون إلى المور المعلو مة
المتواترة ينكرون ها ،وإلى المور المعدو مة ال تي ل حقي قة ل ها يثبتون ها .فل هم
ن َأظْلَ ُم ِممّ نِ افْ َترَى عَلَى الِ كَذِبًا َأوْ كَذّ بَ
أوفر نصيب من قوله تعالى َ ] :ومَ ْ
325
ق [( ، )1فهم يفترون الكذب ويكذّبون بالحق ،وهذا حال المرتدين .
بِا ْلحَ ّ
وهم يدّعون أن أبا بكر وعمر ومن اتّبعهما ارتدّوا عن السلم .وقد
علم الخاص والعام أن أ با ب كر هو الذي قا تل المرتدّ ين ،فإذا كانوا يدّعون أن
أ هل اليما مة مظلومون قُتلوا بغ ير حق ،وكانوا منكر ين لقتال أولئك متأوّل ين
ل هم ،كان هذا م ما يح قق أن هؤلء الخلف ت بع لهؤلء ال سلف ،وأن ال صدّيق
وأتباعه يقاتلون المرتدّين في كل زمان.
وقوله (( :إنهم سمّوا بني حنيفة مرتدين ،لنهم لم يحملوا الزكاة إلى
أبي بكر )) .
فهذا من أظهر الكذب وأ ْبيَ نه ؛ فإنه إنما قا تل بني حني فة لكونهم آمنوا
بمسيلمة الكذّاب ،واعتقدوا نبوّته .وأما مانعوا الزكاة فكانوا قوما آخرين غير
بني حنيفة .وهؤلء كان قد وقع لبعض الصحابة شبهة في جواز قتالهم .وأما
بنو حنيفة فلم يتوقف أحد في وجوب قتالهم .وأما مانعوا الزكاة فإن عمر بن
(( الخطاب tقال :يا خليفة رسول ال كيف تقاتل الناس وقد قال رسول ال :e
أُمرت أن أقاتسل الناس حتسى يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمدا رسسول ال ،
فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحقّها وحسابهم على ال )) .فقال
عنَاقا
فإن الزكاة من حقها .وال لو منعوني َ )) أبو بكر :ألم يقل (( :إل بحقها
أو عُقال كانوا يؤدّونه إلى رسول ال eلقاتلهم عليه ))(.)2
وهؤلء لم يقاتلوهم لكونهم لم يؤدوها إلى الصدّيق ؛ فإنهم لو أعطوها
بأنفسهم لمستحقيها ولم يؤدوها إليه لم يقاتلهم .هذا قول جمهور العلماء ،كأبي
حنيفة وأحمد وغيرهما .وقالوا :إذا قالوا :نحن نؤديها بأنفسنا ول ندفعها إلى
المام ،لم يكن له قتالهم .فإن الصدّيق tلم يقاتل أحدا على طاعته ،ول ألزم
أحدا بمبايعته .ولهذا لما تخلّف عن بيعته سعد لم يكرهه على ذلك .
فقول القائل (( :سمّوا بني حنيفة أهل الردة لنهم لم يحملوا الزكاة إلى
326
أبي بكر ،لنهم لم يعتقدوا إمامته )) من أظهر الكذب والفرية .وكذلك قوله :
(( إن عمر أنكر قتال بني حنيفة )) .
وأما قوله (( :ولم يسمّوا من استحل دماء المسلمين ،ومحاربة أمير
المؤمن ين ،مرتدا ،مع أن هم سمعوا قول ال نبي (( :eيا عل يّ حر بك حر بي
وسلمك سلمي ومحارب رسول ال eكافر بالجماع )) .
فيقال في الجواب :أول :دعواهم أنهم سمعوا هذا الحديث من النبي
eأو ع نه كذب علي هم ،ف من الذي ن قل عن هم أن هم سمعوا ذلك ؟ وهذا الحد يث
ليس في شيء من كتب علماء الحديث المعروفة ،ول رُوي بإسناد معروف .
ولو كان النبي eقاله لم يجب أن يكونوا قد سمعوه ،فإنه لم يسمع كلّ منهم كل
مسا قاله الرسسول ،eفكيسف إذا لم يُعلم أن النسبي eقاله ،ول روي بإسسناد
معروف ؟ بل ك يف إذا عُلم أ نه كذب موضوع على ال نبي eباتفاق أ هل العلم
بالحديث ؟.
وعلي ّ tلم يكن قتاله يوم الجمل وصفّين بأمر من النبي ،eوإنما كان
رأيا رآه .
وقال أبو داوُد في سننه (( :حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم الهذلي ،حدثنا
ا بن عليّه ،عن يونس ،عن الح سن ،عن قيس بن عبّاد قال :قلت لعل يّ : t
أخبرنا عن مسيرك هذا :أعهد عهده إليك رسول ال ،eأم رأى رأيتَه ؟ قال:
ما عهد إليّ رسول ال eشيئا ،ولكنه رأى رأيته ))(.)1
ي ي سير
ولو كان محارب عل يّ محاربا لر سول ال eمرتدا ،لكان عل ّ
ي يوم الج مل ل ما قاتل هم أ نه لم
في هم ال سيرة في المرتد ين .و قد توا تر عن عل ّ
يتّ بع مدبر هم ،ولم يُجهّز على جريح هم ،ولم يغ نم ل هم مالً ،ول سبى ل هم
ذر ية ،وأ مر مناد يه ينادي في ع سكره :أن ل ُيتّ بع ل هم مُدبر ول يُج هز على
جريحهسم ،ول تُغنسم أموالهسم .ولو كانوا عنده مرتدّيسن لجهسز على جريحهسم
واتّ بع مدبر هم .وكا نت عائ شة في هم ،فإن قل تم :إن ها لي ست أمّ نا كفر تم بكتاب
327
ال ،وإن قلتم :هي أمنا واستحللتم وطأها كفرتم بكتاب ال .
وإن كان أولئك مرتدين ،وقد نزل الحسن عن أمر المسلمين ،وسلّمه
إلى كا فر مر تد ،كان المع صوم عند هم قد سلّم أ مر الم سلمين إلى المرتد ين .
وليس هذا من فعل المؤمنين ،فضل عن المعصومين .
س ،لكان
وأيضسا فإن كان أولئك مرتدّون ،والمؤمنون أصسحاب علي ّ
الكفار المرتدّون منتصرين على المؤمنين دائما .
وال تعالى يقول في كتابه ]:إنّا لَنَنْ صُرُ رُ سُلَنَا وَالّذِي نَ آمَنُوا فِي ا ْلحَيَاةِ
ِنن
ُومن ا َلشْهَاد [(،)1وأيضسا فإن ال تعالى يقول فسي كتابسه َ ] :وإ ْ
ْمن ُيق ُ
الدّنْيَا وَ َيو َ
ن اقْتَتَلُوا َفأَصْ ِلحُوا بَيْ َن ُهمَا [(،)2فقد جعلهم مؤمنين إخوة مع
ن ا ْل ُم ْؤمِنِي َ
ن مِ َ
طَا ِئفَتَا ِ
القتتال والبغي .
تمرق مار قة (( وأي ضا ف قد ث بت في ال صحيح عن ال نبي eأ نه قال :
.وقال ((:إن ابني )) على حين فُرقة من المسلمين تقتلهم أوْلى الطائفتين بالحق
هذا سيد ،وسيصلح ال به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) .و قال لعمّار:
لم يقل :الكافرة(. )3 )) تقتلك الفئة الباغية ((
328
ل ترجعوا بعدي كفّارا (( (( :eسسباب المسسلم فسسوق ،وقتاله كفسر))( .)1وقال :
عليس كافرا لذلك – لم تكسن حجتكسم
ّ فيكون ()2
)) يضرب بعضكسم رقاب بعسض
أقوى من حجتهم ؛ لن الحاديث التي احتجّوا بها صحيحة .
وأيضسا فيقولون :قتسل النفوس فسساد ،فمسن قتسل النفوس على طاعتسه
كان مريدا للعلو في الرض والفساد .و هذا حال فرعون وال تعالى يقول :
]تلك الدارُ الخرةُ نجعلهنا للذينن ل يريدون علوا فني الرض ول فسنادا
والعاق بة للمتق ين [()3؛ ف من أراد العلو في الرض والف ساد لم ي كن من أ هل
السعادة في الخرة .وليس هذا كقتال الصدّيق للمرتدين ولمانعي الزكاة ؛ فإن
الصسدّيق إنمسا قاتلهسم على طاعسة ال ورسسوله ،ل على طاعتسه .فإن الزكاة
فرضس عليهسم ،فقاتلهسم على القرار بهسا ،وعلى أدائهسا ،بخلف مسن قاتسل
ٌ
ليُطاع هو .
قال الرافضي ((:وقد احسن بعض الفضلء في قوله :شر من ابليس من
لم ي سبقه في سالف طاع ته ,وجرى م عه في ميدان مع صيته .ول شك ب ين
العلماء ان ابليس كان اعبد من الملئكة ,وكان يحمل العرش وحده ستة آلف
سسنة ,ولمسا خلق ال آدم وجعله خليفسة فسي الرض ,وامره بالسسجود فاسستكبر
فاستحق اللعنة والطرد ,ومعاوية لم يزل في الشراك وعبادة الصنام الى ان
اسلم بعد ظهور النبي eبمدة طويلة ,ثم استكبر عن طاعة ال في نصب امير
المؤمنين عليه اماما ,وبايعه الكل بعد قتل عثمان وجلس مكانه ,فكان شرا من
ابليس )) .
329
اما اول :فلن ابليس اكفر من كل كافر ,وكل من دخل النار فمن اتباعه.
كما قال تعالى ]:لمل نّ جهنّم منك وممن تبعك منهم أجمعين[ ( .)1وهو المر
لهم بكل قبيح المزيّن لهم فكيف يكون أحد شرا منه ؟ ل سيما من المسلمين ,
ل سيما من الصحابة؟
ثم هل يقول من يؤمن بال واليوم الخر :أن من أذنب ذنبا من المسلمين
يكون شرا مسن إبليسس ؟ أوليسس هذا ممسا يعلم فسساده بالضطرار مسن ديسن
السلم؟وقائل هذا كافر كفرا معلوما بالضرورة من الدين .وعلى هذا فالشيعة
دائما يذنبون ,فيكون كل منهم شرا من إبليس .ثم إذا قالت الخوارج :إن علياّ
أذنب فيكون شرا من إبليس –لم يكن للروافض حجة إل دعوى عصمته .وهم
ل يقدرون أن يقيموا حجسة على الخوارج بإيمانسه وإمامتسه وعدالتسه ,فكيسف
يقيمون ح جة علي هم بع صمته؟ ول كن أ هل ال سنة تقدر أن تق يم الح جة بإيما نه
وإمامته ,لن ما تحتج به الرافضة منقوض ومعارض بمثله ,فيبطل الحتجاج
به.
ثم إذا قام الدليل على قول الجمهور الذي دل عليه القرآن كقوله تعالى:
]وعصى آدم ربّه فغوى[( ,)3لزم أن يكون آدم شرا من ابليس .
330
وفي الجملة فلوازم هذا القول وما فيه من الفساد يفوق الحصر والتعداد.
وأما ثانيا :فهذا الكلم كلم بل حجة ,بل هو باطل في نفسه .فلم قلت:
إن شرا من إبل يس من لم ي سبقه في سالف طا عة وجرى معه ميدان مع صية؟
وذلك أن احدا ل يجري مسع إبليسس فسي ميدان معصسيته كلهسا ,فل يتصسور أن
يكون في الدمي ين من ي ساوي إبل يس في مع صيته ,بح يث ي ضل الناس كل هم
ويغويهم.
وأما طاعة إبليس المتقدمة فهي حابطة بكفره بعد ذلك ,فإن الردة تحبط
الع مل ,ف ما تقدم من طاع ته :إن كان طا عة ف هي حاب طة بكفره ورد ته ,و ما
يفعله من المعا صي ل يماثله أ حد ف يه ,فامت نع أن يكون أ حد شرا م نه ,و صار
نظيسر هذا المرتسد الذي يقتسل النفوس ويزنسي ويفعسل عامسة القبائح بعسد سسابق
طاعاتسه ,فمسن جاء بعده ولم يسسبقه إلى تلك الطاعات الحابطسة ,وشاركسه فسي
قليل من معاصيه ,ل يكون شرا منه ,فكيف يكون أحدا شرا من إبليس ؟؟
ويقال ثالثا :ما الدليل على أن إبليس كان أعبد الملئكة ؟ وأنه كان يحمل
العرش وحده ستة آلف سنة؟ أو أنه كان من حملة العرش في الجملة؟ أو أنه
كان طاووس الملئ كة؟ أو أ نه ما ترك في ال سماء رق عة ول في الرض بق عة
إل وله في ها سجدة ورك عة؟ ون حو ذلك م ما يقوله ب عض الناس ؟ فإن هذا أ مر
إن ما يعلم بالن قل ال صادق ,ول يس في القرآن ش يء من ذلك ول في ذلك خبر
صحيح عن ال نبي .eو هل يح تج بم ثل هذا في أ صول الد ين إل من هو من
331
أعظم الجاهلين؟!!
وأعجسب مسن ذلك قوله (( :ول شسك بيسن العلماء أن إبليسس كان أعبسد
الملئكة)) .
فيقال :من الذي قال هذا من علماء الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء
المسلمين ؟ فضل عن أن يكون هذا متفقا عليه بين العلماء ؟ وهذا شيء لم يقله
قط عالم يق بل قوله من علماء الم سلمين ,و هو أ مر ل يعرف إل بالن قل ,ولم
ينقل هذا أحد عن النبي eل بإسناد صحيح ول ضعيف .فإن كان قاله بعض
الوعّاظ أو المصسنفين فسي الرقائق ,أو بعسض مسن ينقسل فسي التفسسير مسن
السرائيليات مال أسناد له ,فمثل هذا ل يحتج به في جرزة بقل ,فكيف يحتج
به في جعل إبليس خيرا من كل من عصى ال من بني آدم ويجعل الصحابة
من هؤلء الذين إبليس خير منهم؟
332
كذ با ،لن الح جة على بقاء إيمان هؤلء أظ هر ،وشب هة الخوارج أظ هر من
شبهة الروافض .
ويقال :هذه الدعوى إن كا نت صحيحة ،ففي ها من القدح والغضا ضة
بعل يّ والح سن وغيره ما ما ل يخ في .وذلك أ نه كان مغلو با مع المرتدّ ين ،
وكان الحسن قد سلّم أمر المسلمين إلى المرتدّين ،فيكون نصر ال لخالد على
الكفار أعظم من نصره لعليّ .وال سبحانه وتعالى عدل ل يظلم واحدا منهما،
فيكون ما استحقه خالدا أعظم مما استحقه عليّ ،فيكون أفضل عند ال منه .
ويقال :قوله (( :وبايعه الكل بعد عثمان )) .
إن لم يكسن هذا حجسة فل فائدة فيسه ،وإن كان حجسة فمبايعتهسم لعثمان
كان اجتماعهم عليها أعظم .وأنتم ل ترون الممتنع عن طاعة عثمان كافرا ،
بل مؤمنا تقيّا .
ويقال :اجتماع الناس على مباي عة أ بي ب كر كا نت على قول كم أك مل ،
وأن تم وغير كم تقولون :إن عليّ ا تخلف عن ها مدة .فيلزم على قول كم أن يكون
عل يّ مستكبرا عن طاعة ال في نصب أبي بكر عليه إماما ،فيلزم حينئذ كفر
عليس باطسل ،فلزم
ّ عليس بمقتضسى حجتكسم ،أو بطلنهسا فسي نفسسها .وكفسر
ّ
بطلنها .
ويقال :قولكم (( :بايعه الكل بعد عثمان )) .
من أظهر الكذب ،فإن كثيرا من المسلمين :إما النصف ،وإما أقل أو
أكثر لم يبايعوه ،ولم يبايعه سعد بن أبي وقاص ول ابن عمر ول غيرهما .
ويقال :قولكم (( :إنه جلس مكانسسه )) .
كذب ؛ فإن معاو ية لم يطلب ال مر لنف سه ابتداء ،ول ذ هب إلى عل يّ
لينز عه عن إمار ته ،ول كن امت نع هو وأ صحابه عن مبايع ته ،وب قي على ما
كان عل يه واليا على من كان وال يا عل يه في ز من ع مر وعثمان .ول ما جرى
حكم الحكمين إنما كان متوليا على رعيته فقط .فإن أريد بجلوسه في مكانه أنه
استبد بالمر دونه في تلك البلد ،فهذا صحيح ،لكن معاوية tيقول :إني لم
333
أنازعه شيئا هو في يده ،ولم يثبت عندي ما يوجب عل يّ دخولي في طاعته .
وهذا الكلم سواء كان ح قا أو باطل ل يو جب كون صاحبه شرّا من إبل يس ،
ومن جعل أصحاب رسول ال eشرّا من إبليس ،فما أبقى غاية في الفتراء
على ال ورسوله والمؤمنين ،والعدوان على خير القرون في مثل هذا المقام ،
وال ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد ،والهوى إذا
بلغ بصاحبه إلى هذا الحد فقد أخرج صاحبه عن ربقة العقل ،فضل عن العلم
والد ين ،فن سأل ال العاف ية من كل بليّة ،وإن حقّ ا على ال أن يذل أ صحاب
م ثل هذا الكلم ،وينت صر لعباده المؤمن ين – من أ صحاب نبيه وغير هم – من
هؤلء المفترين الظالمين .
(فصسسسسل )
قال الرافضي (( :وتمادى بعضهم في التعصب حتى اعتقد إمامة يزيد
بن معاوية مع ما صدر عنه من الفعال القبيحة من قتل المام الحسين ونهب
أمواله وسبى نسائه ودورانهم في البلد على الجمال بغير قتب ،ومولنا زين
العابديسن مغلول اليديسن ،ولم يقنعوا بقتله حتسى رضّوا أضلعسه وصسدره
بالخيول ،وحملوا رؤوسهم على القنا مع أن مشايخهم رووا أن يوم قتل الحسين
مطرت السماء دما .وقد ذكر ذلك الرافعي في (( شرح الوجيز )) وذكر ابن
سعد في (( الطبقات )) أن الحمرة ظهرت في السماء يوم قتل الحسين ولم تر
ق بل ذلك .وقال أي ضا :ما ر فع حجرا في الدن يا إل وتح ته دم عبيط ،ول قد
مطرت السماء مطرا بقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت .قال الزهري :ما
ب قى أحد من قاتلي الحسين إل وعوقب في الدن يا :إما بالقتل وإما بالع مى أو
سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة .
وكان رسول ال eيكثر الوصية للمسلمين في ولديه الحسن والحسين
ويقول ل هم :هؤلءوديع تي عند كم .وأنزل ال تعالى ] :قُل لّ أ سأَُلكُ ْم عَلَيْهِن
334
أَجرًا إلّ ا ْل َموَدّةَ في القُرْبَى [(.)1
والجواب :أمنا قوله (( :وتمادى بعضهسم فسي التعصسب حتسى اعتقسد
إمامة يزيد بن معاوية )) .
إن أراد بذلك أ نه اعت قد أ نه من الخلفاء الراشد ين والئ مة المهدي ين ،
كأ بي ب كر وع مر وعثمان وعل يّ ،فهذا لم يعتقده أ حد من علماء الم سلمين .
وإن اعت قد م ثل هذا ب عض الجهال ،ك ما يحكى عن ب عض الجهال من الكراد
ونحو هم أ نه يعت قد أن يز يد من ال صحابة ،و عن بعض هم أ نه من ال نبياء ،
وبعض هم يعت قد أ نه من الخلفاء الراشد ين المهدي ين ،فهؤلء لي سوا من أ هل
العلم الذ ين يح كى قول هم .و هم مع هذا الج هل خ ير من جهال الشي عة ومل
حدت هم الذ ين يعتقدون إله ية عل يّ ،أو نبو ته ،أو يعتقدون أن با طن الشري عة
يناقض ظاهرها ،كما تقول السماعيلية والنصيرية وغيرهم من أنه يسقط عن
خواصهم الصوم والصلة والحج والزكاة ،وينكرون المعاد .
وأ ما علماء أ هل ال سنة الذ ين ل هم قول يُح كى فل يس في هم من يعت قد أن
يزيد وأمثاله من الخلفاء الراشدين والئمة المهديين ،كأبي بكر وعمر وعثمان
وعلي رضى ال عنهم ،بل أهل السنة يقولون بالحديث الذي في السنن :
. ()2
)) خلفة النبوة ثلثون سنة ثم تصير ملكا ((
وإن أراد باعتقادهسم إمامسة يزيسد ،أنهسم يعتقدون أنسه كان ملك جمهور
المسلمين وخليفتهم في زمانه صاحب السيف ،كما كان أمثاله من خلفاء بني
أمية وبني العباس ،فهذا أمر معلوم لكل أحد ،ومن نازع في هذا كان مكابرا؛
فإن يز يد بو يع ب عد موت أب يه معاو ية ،و صار متول يا على أ هل الشام وم صر
والعراق وخراسان وغير ذلك من بلد المسلمين .
وهذا معنى كونه إماما وخليفة وسلطانا ،كما أن إمام الصلة هو الذي
يصسلّي بالناس .فإذا رأينسا رجل يصسلّي بالناس كان القول بأنسه إمام أمرا
335
مشهودا مح سوسا ل يم كن المكابرة ف يه .وأ ما كو نه برّا أو فاجرا ،أو مطي عا
أو عاصيا ،فذاك أمر آخر .
فأهل السنّة إذا اعتقدوا إمامة الواحد من هؤلء :يزيد ،أو عبد الملك ،
أو المن صور ،أو غير هم – كان بهذا العتبار .و من نازع في هذا ف هو شبيه
بمسن نازع فسي وليسة أبسي بكسر وعمسر وعثمان ،وفسي ملك كسسرى وقيصسر
والنجاشي وغيرهم من الملوك .
وأمسا كون الواحسد مسن هؤلء معصسوما ،فليسس هذا اعتقاد أحسد مسن
علماء المسسلمين ،وكذلك كونسه عادل فسي كسل أموره ،مطيعسا ل فسي جميسع
أفعاله ،ليس هذا اعتقاد أحد من أئمة المسلمين .
وأما مقتل الحسين tفل ريب أنه قُتل مظلوما شهيدا ،كما قُتل أشباهه
من المظلومين الشهداء .وقتل الحسين معصية ل ورسوله ممن قتله أو أعان
على قتله أو رضي بذلك ،وهو م صيبة أصيب ب ها الم سلمون من أهله وغ ير
أهله ،وهو في حقّه شهادة له ،ورفع درجة ،وعلو منزلة ؛ فإنه وأخاه سبقت
لهمسا مسن ال السسعادة ،التسي ل تُنال إل بنوع مسن البلء ،ولم يكسن لهمسا مسن
ال سوابق ما ل هل بيته ما ،فإنه ما ترب يا في ح جر ال سلم ،في عز وأمان ،
فمات هذا مسموما وهذا مقتول ،لينال بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء .
وليس ما وقع من ذلك بأعظم من قتل النبياء ؛ فإن ال تعالى قد أخبر
أن بنسي إسسرائيل كانوا يقتلون النسبيين بغيسر حسق .وقتسل النسبي أعظسم ذنبسا
وم صيبة ،وكذلك ق تل عل يّ tأع ظم ذن با وم صيبة ،وكذلك ق تل عثمان tأع ظم
ذنبا ومصيبة .إذا كان كذلك فالواجب عند المصائب الصبر والسترجاع ،كما
يحبه ال ورسوله .
( فصسسسسل)
336
وصسار الشيطان بسسبب قتسل الحسسين tيُحدث للناس بدعتيسن :بدعسة
الحزن والنوح يوم عاشوراء ،مسن اللطسم والصسراخ والبكاء والعطسش وإنشاد
المراثي ،وما يُفضى إليه ذلك من سبّ السلف ولعنتهم ،وإدخال من ل ذنب
له مسع ذوي الذنوب ،حتسى يسسب السسابقون الولون ،وتقرأ أخبار مصسرعه
ن ذلك ف تح باب الفت نة والفر قة ب ين
ال تي كث ير من ها كذب .وكان ق صد من س ّ
ال مة ؛ فإن هذا ل يس واج با ول م ستحبا باتفاق الم سلمين ،بل إحداث الجزع
والنيا حة للم صائب القدي مة من أع ظم ما حرّ مه ال ور سوله .وكذلك بد عة
السرور والفرح .
وأ ما ما ذكره من سبي ن سائه والذرارى ،والدوران ب هم في البلد ،
وحمل هم على الجمال بغ ير أقتاب ،فهذا كذب وبا طل :ما سبى الم سلمون –
ول الح مد – هاشميةً قط ،ول ا ستحلت أ مة مح مد eسبى ب ني ها شم قط ،
ول كن أ هل الهوى والج هل يكذبون كثيرا ،ك ما تقول طائ فة من هم :إن الحجاج
قتل الشراف ،يعنون بني هاشم .
(فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :وتوقف جماعة ممن ل يقول بإمامته في لعنه مع
أنه عندهم ظالم بقتل الحسين ونهب حريمه .وقد قال ال تعالى ]:أَل َلعْ َنةُ الِ
ِلمينن [(.)1وقال أبسو الفرج ابسن الجوزي مسن شيوخ الحنابلة عسن ابسن
على اَلظّا َ
عباس رضسى ال عنهمسا قال :أوحسى ال تعالى إلى محمسد صسلى ال عليسه
وسلم :إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ،وإني قاتل بابن بنتك سبعين
السسدّي وكان مسن فضلئهسم قال :نزلت بكربلء
ألفسا وسسبعين ألفسا .وحكسى ُ
وم عي طعام للتجارة ،فنزل نا على ر جل فتعشي نا عنده ،وتذاكر نا ق تل الح سين
وقلنا :ما شرك أحد في قتل الحسين إل ومات أقبح موته .فقال الرجل :ما أ
كذبكم ،أنا شركت في دمه وكنت ممن قتله فما أصابني شيء .قال :فلما كان
337
من آخر الليل إذا أنا بصائح .قلنا مالخبر ؟ قالوا قام الرجل يصلح المصباح
فاحترقت إصبعه ،ثم دب الحريق في جسده فاحترق .قال السدى :فأنا وال
رأيته وهو حممة سوداء .وقد سأل مهنا بن يحيى أحمد بن حنبل عن يزيد ،
فقال :هو الذي فعل ما فعل .قلت :وما فعل ؟ قال :نهب المدينة .وقال له
صسالح ولده يوما :إن قومنسا ينسسبوننا إلى تولى يزيسد .فقال :يسا بنسي وهسل
يتولى يزيد أحد يؤمن بال واليوم الخر ؟ فقال :لم ل تلعنه .فقال :وكيف ل
ألعن من لعنه ال في كتابه ؟ فقلت :وأين لعن يزيد ؟ فقال :في قوله تعالى ] :
ِكن
ُمن َ .أوْلئ َ
ْضن وَ ُت َقطّعُوا أَ ْرحَا َمك ْ
ْسندُوا فِي الَر ِ
ُمن أَن ُتف ِ
ِنن َتوَلّيْت ُ
َسنيْتُ ْم إ ْ
َفهلْ ع َ
ص ّم ُهمْ َوأَعْمَى أَبْ صَارَ ُهمْ [(، )1ف هل يكون ف ساد أع ظم من
ن َلعَ َنهُ مْ الُ فأَ َ
الّذي َ
القتل ونهب المدينة ثلثة أيام وسبى أهلها ؟ َو َقتَلَ جمعا من وجوه الناس فيها
مسن قريسش والنصسار والمهاجريسن مسن يبلغ عددهسم سسبعمائة ،وقتسل مسن لم
يعرف مسن عبدٍ أو حرٍ أو امرأة عشرة آلف ،وخاض الناس فسي الدماء حتسى
و صلت الدماء إلى قبر ر سول ال eوامتلت الرو ضة والم سجد ،ثم ضرب
الكعبة بالمنجنيق وهدمها وأحرقها .
وقال رسول ال (( :eإن قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف
شدّ يداه ورجله بسلسل من نار ينكس في النار حتى يقع
عذاب أهل النار وقد ُ
في قعر جهنم ،وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتن ريحه ،وهو
فيها خالد وذائق العذاب الليم ،كلما نضجت جلودهم بدّل ال لهم الجلود حتى
يذوقوا العذاب ،ل يفتّر عنهم ساعة ،ويسقى من حميم جهنم ،الويل لهم من
عذاب ال عز وجل .وقال عليه الصلة والسلم :اشتد غضب ال وغضبي
على من أراق دم أهلي وآذاني في عترتي)).
والجواب :أن القول في لع نة يز يد كالقول في لع نة أمثاله من الملوك
الخلفاء وغيرهم ،ويزيد خير من غيره :خير من المختار بن أبي عبيد الثقفي
أمير العراق ،الذي أظهر النتقام من قتلة الحسين ؛ فإن هذا ادّعى أن جبريل
338
يأتيه .وخير من الحجاج بن يوسف ؛ فإنه أظلم من يزيد باتفاق الناس.
ومع هذا فيُقال :غاية يزيد وأمثاله من الملوك أن يكونوا فسّاقا ،فلعنة
الفاسسق المعيّنس ليسست مأمورا بهسا ،إنمسا جاءت السسنّة بلعنسة النواع ،كقول
لعن ال (( لعن ال السارق ؛ يسرق البيضة فتقطع يده ))( .)1وقوله : (( النبي :
ل عن ال آ كل الر با وموكله وكات به (( حدَ ثا أو آوى محد ثا ))(.)2وقوله
من أحدث َ
(( ،لعسن ال الخمسر ()4
)) لعسن ال المحَلّلَ والمحَلّلَ له (( وقوله : ()3
وشاهديسه
))
339
في النار حتى يقع في قعر جهنم ،وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهم من شدة
نتن ريحه ،وفيها خالد )) إلى آخره .
فهذا من أحاد يث الكذّاب ين الذ ين ل ي ستحيون من المجاز فة في الكذب
على رسسول ال ،eفهسل يكون على واحسد نصسف عذاب أهسل النار ؟ أو يُقدّر
نصف عذاب أهل النار ؟ وأين عذاب آل فرعون وآل المائدة والمنافقين وسائر
الكفار ؟ وأين قتلة النبياء ،وقتلة السابقين الوّلين ؟.
وقاتل عثمان أعظم إثما من قاتل الحسين .فهذا الغلو الزائد يقابل بغلو
الناصسبة ،اللذيسن يزعمون أن الحسسين كان خارجيسا ،وأنسه كان يجوز قتله ،
من أتاكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرّق جماعتكم ، (( لقول النبي :e
فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان )).رواه مسلم(. )1
وأهسل السسنّة والجماعسة يردّون غلو هؤلء وهؤلء ،ويقولون :إن
الح سين قُ تل مظلو ما شهيدا،وإن الذ ين قتلوه كانوا ظالم ين معتد ين .وأحاد يث
النسبي eالتسي يأمسر فيهسا بقتال المفارق للجماعسة لم تتناوله ؛فإنسه tلم يفرّق
الجماعسة ،ولم يُقتسل إل وهسو طالب للرجوع إلى بلده ،أو إلى الثغسر ،أو إلى
يز يد ،داخل في الجما عة ،معر ضا عن تفر يق ال مة .ولو كان طالب ذلك
أ قل الناس لو جب إجاب ته إلى ذلك ،فك يف ل ت جب إجا بة الح سين إلى ذلك ؟
ولو كان الطالب لهذه المور من هو دون الحسين لم يجز حبسه ول إمساكه ،
فضل عن أسره وقتله .
وكذلك قوله :اشتسد غضسب ال على مسن أراق دم أهلي وآذانسي فسي
عترتي .
كلم ل ينقله عن ال نبي eول ين سبه إل يه إل جا هل .فإن العا صم لدم
الح سن والح سين وغيره ما من اليمان والتقوى أع ظم من مجرد القرا بة ،ولو
كان الرجل من أهل بيت النبي eوأتى بما يبيح قتله أو قطعه ،كان ذلك جائزا
بإجماع المسلمين .
340
ك ما ث بت ع نه في ال صحيح أ نه قال (( :إن ما أهلك من كان قبل كم أن هم
كانوا إذا سرق في هم الشر يف تركوه ،وإذا سرق في هم الضع يف أقاموا عل يه
.فقد أخبر أن ()1
)) الحد .وأيم ال لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها
أعسز الناس عليسه مسن أهله لو أتسى بمسا يوجسب الحسد لقامسه عليسه ،فلو زنسى
الهاشمي وهو محصن رُجم حتى يموت باتفاق علماء المسلمين ،ولو قتل نفسا
عمدا عدوا نا مح ضا لجاز قتله به ،وإن كان المقتول من الحب شة أو الروم أو
الترك أو الديلم .
فدماء الهاشمييسن ()2
)) فإن النسبي eقال (( :المسسلمون تتكافسأ دماؤهسم
وغ ير الهاشمي ين سواء إذا كانوا أحرارا م سلمين باتفاق ال مة ،فل فرق ب ين
إرا قة دم الهاش مي وغ ير الهاش مي إذا كان ب حق ،فك يف ي خص ال نبي eأهله
بأن يشتد غضب ال على من أراق دماءهم .
فإن ال حرّم ق تل الن فس إل ب حق ،فالمقتول ب حق لِ مَ يش تد غ ضب ال
على من قتله ،سواء كان المقتول هاشميا أو غير هاشمي؟ .
وإن ق تل بغ ير حق ،ف من يَقْتُل مؤم نا متعمدا فجزاؤه جه نم خالدا في ها
وغ ضب ال عل يه ولع نه وأ عد له عذا با عظي ما .فالعا صم للدماء والمب يح ل ها
يشترك في ها ب نو ها شم وغير هم ،فل يض يف م ثل هذا الكلم إلى ر سول ال
eإل منافق يقدح في نبوته ،أو جاهل ل يعلم العدل الذي بُعث به .e
فإن إيذاء ر سول ال eحرام )) من آذا ني في عتر تي (( وكذلك قوله :
في عترته وأمته وسنته وغير ذلك .
(فصسسسسل)
قال الرافضي (( :فلينظر العاقل أي الفريقين أحق بالمن :الذي نزّه
341
ال وملئك ته وأ نبياءه وأئم ته ؛ ونزّه الشرع عن الم سائل الردّ ية ،و من يب طل
ال صلة بإهمال ال صلة على أئمت هم ،ويذ كر أئ مة غير هم ،أم الذي ف عل ضد
ذلك واعتقد خلفه ؟ )).
والجواب أن يقال :ما ذكرتموه من التنزيه إنما هو تعطيل وتنقيض ل
ول نبيائه .بيان ذلك أن قول الجهم ية نفاة ال صفات يتض من و صف ال تعالى
ب سلب صفات الكمال ال تي يشا به في ها الجمادات والمعدومات ،فإذا قالوا :إ نه
ل تقوم به حياة ول علم ول قدرة ،ول كلم ول مشيئة ،ول حب ول بغض ،
ول ر ضا ول سخط ،ول يُرى ول يف عل بنف سه فعلً ،ول يقدر أن يت صرف
بنفسه ،كانوا قد شبّهوه بالجمادات المنقوصات ،وسلبوه صفات الكمال ،فكان
هذا تنقيصسا وتعطيل ل تنزيهسا ،وإنمسا التنزيسه أن ينزّه عسن النقائص المنافيسة
لصفات الكمال ،فينزّه عن الموت وال سّنة والنوم ،والعجز والجهل والحاجة ،
كما نزّه نفسه في كتابه ،فيُجمع له بين إثبات صفات الكمال ،ونفي النقائص
المنافية للكمال ،وينزّه عن مماثلة شيء من المخلوقات له في شيء من صفاته
،وينزّه عن النقائص مطل قا ،وينزّه في صفات الكمال أن يكون له في ها مثلٌ
من المثال .
وأمسا النسبياء فإنكسم سسلبتموهم مسا أعطاهسم ال مسن الكمال وعلو
الدرجات ،بحقيقة التوبة والستغفار ،والنتقال من كمال إلى ما هو أكمل منه،
وكذّبتم ما أخبر ال به من ذلك وحرّفتم الكلم عن مواضعه ،وظننتم أن انتقال
الدمي من الجهل إلى العلم ،ومن الضلل إلى الهدى ،ومن الغي إلى الرشاد
،تنقّصا ،ولم تعلموا أن هذا من أعظم نعم ال وأعظم قدرته ،حيث ينقل العباد
من الن قص إلى الكمال ،وأ نه قد يكون الذي يذوق ال شر والخ ير ويعرفه ما ،
يكون حبه للخير وبغضه للشر أعظم ممن ل يعرف إل الخير .كما قال عمر
بن الخطاب (( : tإنما تُن قض عرى السلم عروة عروة إذا نشأ في السلم
من ل يعرف الجاهلية )) .
وأمسا تنزيسه الئمسة فمسن الفضائح التسي يُسستحيا من ذكرهسا ،ل سسيما
342
المام المعدوم الذي ل يُنتفع به ل في دين ول دنيا .
وأمسا تنزيسه الشرع عسن المسسائل الردّيسة ،فقسد تقدم أن أهسل السسنّة لم
يتفقوا على مسألة ردّية ،بخلف الرافضة ؛ فإن لهم من المسائل الردّية ما ل
يوجد لغيرهم .
وأما قوله (( :ومن يبطل الصلة بإهمال الصلة على أئمتهم ،ويذكر
أئمة غيرهم )) .
فإما أن يكون المراد بذلك أن تجب الصلة على الئمة الثنى عشر ،
أو على واحد معيّن غير النبي eمنهم أو من غيرهم .
وإ ما أن يكون المراد وجوب ال صلة على آل ال نبي .eفإن أراد الول
فهذا من أع ظم ضلل هم وخروج هم عن شري عة مح مد e؛ فإ نا ن حن و هم نعلم
بالضطرار أن النبي eلم يأمر المسلمين أن يصلّوا على الثنى عشر :ل في
الصلة ،ول في غير الصلة ،ول كان أحد من المسلمين يفعل شيئا من ذلك
على عهده ،ول نقل هذا أحد عن النبي :eل بإسناد صحيح ول ضعيف،ول
كان يجسب على أحسد فسي حياة رسسول ال eأن يتخسذ أحدا مسن الثنسى عشسر
إماما ،فضل عن أن تجب الصلة عليه في الصلة.
وكانت صلة المسلمين صحيحة في عهده بالضرورة والجماع .فمن
أوجب الصلة على هؤلء في الصلة ،وأبطل الصلة بإهمال الصلة عليهم ،
فقد غيّر دين النبي محمد eوبدّله ،كما بدّلت اليهود والنصارى دين النبياء.
وإن قيل:المراد أن يصلى على آل محمد،وهم منهم .
قيل:آل محمد يدخل فيهم بنو هاشم وأزواجه،وكذلك بنو المطلب على
أ حد القول ين.وأك ثر هؤلء تذمّ هم المام ية؛ فإن هم يذمون ولد العباس ،ل سيما
خلفاؤهم ،وهم من آل محمد ،eويذمّون من يتولى أبا بكر وعمر .وجمهور
بني هاشم يتولون أبا بكر وعمر ،ول يتبرأ منهم صحيح النسب من بني هاشم
إل نفر قليل بالنسبة إلى كثرة بني هاشم .وأهل العلم والدين منهم يتولون أبا
بكر وعمر رضى ال عنهما .
343
و من الع جب من هؤلء الراف ضة أن هم يدّعون تعظ يم آل مح مد عل يه
أفضسل الصسلة والسسلم ،وهسم سسعوا فسي مجيسء التتسر الكفّار إلى بغداد دار
الخل فة ،ح تى قتلت الكفار من الم سلمين ما ل يح صيه إل ال تعالى من ب ني
ها شم وغير هم وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمئة ألف وني فا و سبعين أل فا
وقتلوا الخليفة العباسي ،وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين .
فهذا هو الب غض لل مح مد eبل ر يب .وكان ذلك من ف عل الكفار
بمعاونسة الراف ضة ،وهسم الذي سعوا في سسبي الهاشميات ونحو هم إلى يزيسد
وأمثاله ،فما يعيبون على غيرهم بعيب إل وهو فيهم أعظم.
(فصسسسسسل)
قال الرافضني (( :السسادس :أن الماميسة لمسا رأوا فضائل أميسر
المؤمنين وكمالته ل تحصى قد رواها المخالف والموافق ،ورأوا الجمهور قد
نقلوا عن غيره من الصحابة مطاعن كثيرة ،ولم ينقلوا في عل يّ طعنا ألبتة ،
اتّبعوا قوله وجعلوه إماما ل هم ح يث نزّ هه المخالف والموا فق ،وتركوا غيره ،
ح يث روى ف يه من يعت قد إمام ته من المطا عن ما يط عن في إمام ته .ون حن
نذ كر ه نا شيئا ي سيرا م ما هو صحيح عند هم ونقلوه في المعت مد من قول هم
وكتبهم ،ليكون حجة عليهم يوم القيامة .
ف من ذلك ما رواه أ بو الح سن الندل سي في (( الج مع ب ين ال صحاح
السستة )) موطسأ مالك وصسحيحي البخاري ومسسلم وسسنن أبسي داود وصسحيح
الترمذي و صحيح الن سائي عن أم سلمة زوج ال نبي eأن قوله تعالى ] :إِنّ ما
طهّ َر ُكمْ َتطْهيًرا [(.)1أنزلت في بيتها
ب عَ ْن ُكمُ ال ّرجْسَ أَ ْه َل الْبَيْتِ وَ ُي َ
ل لِيُذْهِ َ
يُري ُد ا ُ
وأ نا جالسسة ع ند الباب ،فقلت :يسا ر سول ال ألسست مسن أ هل الب يت ؟ فقال
إنسك على خيسر إنسك مسن أزواج النسبي .eقالت :وفسي البيست رسسول ال ((
eوعل يّ وفاط مة والح سن والح سين فجلل هم بك ساء ،وقال :الل هم هؤلء أ هل
344
. )) بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
والجواب أن يقال :إن الفضائل الثابتة في الحاديث الصحيحة لبي بكر
وع مر أك ثر وأع ظم من الفضائل الثاب تة لعل يّ ،والحاد يث ال تي ذكر ها هذا
وذ كر أن ها في ال صحيح ع ند الجمهور ،وأن هم نقلو ها في المعت مد من قول هم
ن الكذب على علماء الجمهور ؛ فإن هذه الحادي ال تي
وكتب هم ،و هو من أ ْبيَ َ
ذكرها أكثرها كذب أو ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث ،والصحيح الذي
فيها ليس ف يه ما يدل على إما مة عل يّ ول فضيل ته عَلَى أبي بكر وعمر ،بل
وليست من خصائصه ،بل هي من فضائل شاركه فيها غيره ،بخلف ما ثبت
من فضائل أبي بكر وعمر ؛ فإن كثيرا منها خصائص لهما ،ل سيما فضائل
أبي بكر ،فإن عامتها خصائص لم يشركه فيها غيره .
وأما ما ذكره من المطا عن ،فل يم كن أن يوجّه على الخلفاء الثل ثة
من مطعن إل وُجه عَلَى عليّ ما هو مثله وأعظم منه .
ف تبين أن ما ذكره في هذا الو جه من أع ظم البا طل ،ون حن نبيّن ذلك
تفصيل .
سه المخالف
سث نزّهس
سم حيس
سا لهس
سم جعلوه إمامس
وأمننا قوله ((:إنهس
والموافق،وتركوا غيره حيث روى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن
في إمامته )).
فيقال :هذا كذب بيّن ؛ فإن عليّا tلم ينزّهه المخالفون ،بل القادحون
في عليّ طوائف متعددة ،وهم أفضل من القادحين في أبي بكر وعمر وعثمان
،والقادحون فيه أفضل من الغلة فيه ،فإن الخوارج متفقون على كفره ،وهم
عند المسلمين كلهم خير من الغلة الذين يعتقدون إلهيته أو نبوته ،بل هم –
والذين قاتلوه من الصحابة والتابعين –خير عند جماهير المسلمين من الرافضة
الثنى عشرية ،الذين اعتقدوه إماما معصوما .
وأبو بكر وعمر وعثمان ليس في المة من يقدح فيهم إل الرافضة ،
سا ،
سر ويترضّون عنهمس
سر وعمس
سا بكس
والخوارج المكفّرون لعلي سّ يوالون أبس
345
والمروانية الذين َينْسبون عليّا إلى الظلم ،ويقولون :إنه لم يكن خليفة يوالون
أبا بكر وعمر مع أنهما ليسا من أقاربهم ،فكيف يُقال مع هذا :إن عليّا نزّهه
المؤالف والمخالف بخلف الخلفاء الثلثة ؟
ومن المعلوم أن المنزّهين لهؤلء أعظم وأكثر وأفضل ،وأن القادحين
في عل يّ –حتى بالكفر والفسوق والعصيان – طوائف معروفة ،وهم أعلم من
الرافضة وَأ ْديَن ،والرافضة عاجزون معهم علما ويدا ،فل يمكن الرافضة أن
تقيم عليهم حجة تقطعهم بها ،ول كانوا معهم في القتال منصورين عليهم .
والذيسن قدحوا فسي علي ّ tوجعلوه كافرا وظالمسا ليسس فيهسم طائفسة
معرو فة بالردة عن ال سلم ،بخلف الذ ين يمدحو نه ويقدحون في الثل ثة ،
كالغالية الذين يدّعون إلهيته من النصيرية وغيرهم ،وكالسماعيلية الملحدة
الذين هم شر من النصيرية ،وكالغالية الذين يدّعون نبوّته ؛ فإن هؤلء كفار
مرتدّون ،كفرهم بال ور سوله ظاهر ل يخفى على عالم بد ين السلم ،فمن
اعتقد في بشر اللهية ،أو اعتقد بعد محمد eنبيا ،أو أنه لم يكن نبيا بل كان
عليّ هو النبي دونه وإنما غلط جبريل ؛ فهذه المقالت ونحوها مما يظهر كفر
أهلها لمن يعرف السلم أدنى معرفة .
بخلف من يكفّ ر عليّ ا ويلع نه من الخوارج ،وم من قاتله ولع نه من
أصحاب معاوية وبني مروان وغيرهم ؛ فإن هؤلء مقرّين بالسلم وشرائعه
:يقيمون ال صلة ،ويؤتون الزكاة ،وي صومون رمضان ،ويحجون الب يت
العت يق ،ويحرّمون ما حرم ال ور سوله ،ول يس في هم ك فر ظا هر ،بل شعائر
السلم وشرائعه ظاهرة فيهم معظمة عندهم ،وهذا أمر يعرفه كل من عرف
أحوال السلم،فكيف يدّعى مع هذا أن جميع المخالفين نزّهوه دون الثلثة؟
(فصسسسسسل)
وأ ما حد يث الك ساء ف هو صحيح رواه أح مد والترمذي من حد يث أم
سلمة،ورواه م سلم في صحيحه من حد يث عائ شة.قالت:خرج ال نبي eذات
346
غداة وعل يه مرط مرحّل من ش عر أ سود،فجاء الح سن بن علي فأدخله ،ثم جاء
الحسين فأدخله معه،ثم جاءت فاطمة فأدخلها،ثم جاء علّي فأدخله،ثم قال ]:إِ ّنمَا
طهِيرا [(.)1
طهّر ُكمْ َت ْ
ب عَ ْن ُكمُ ال ّرجْسَ أَ ْه َل الْبَيْتِ وَ ُي َ
ل لِيُذْهِ َ
يُرِيد ُا َ
وهذا الحديسث قسد شركسه فيسه فاطمسة وحسسن وحسسين رضسى ال
عن هم،فل يس هو من خ صائصه.ومعلوم أن المرأة ل ت صلح للما مة ،فعُلم أن
هذه الفضيلة ل تختص بالئمة ،بل يشركهم فيها غيرهم .ثم إن مضمون هذا
لحديسث أن النسبي eدعسا لهسم بأن يذهسب عنهسم الرجسس ويطهّرهسم تطهيرا .
وغايسة ذلك أن يكون دعسا لهسم بأن يكونوا مسن المتّقيسن الذيسن أذهسب ال عنهسم
الرجس وطهّرهم ،واجتناب الرجس واجب على المؤمنين ،والطهارة مأمور
بها كل مؤمن .
طهّ َركُمْ
ج وَ َلكِن ُيرِيد ُلِ ُي َ
ن حَرَ ٍ
علَ ْيكُمْ مِ ْ
ج َعلَ َ
قال ال تعالى]:ماْ ُيرِيدُ الُ لِ َي ْ
وَلِيُ ِتمّ ِن ْعمَ َتهُ عَلَ ْي ُكمَ [(.)2
طهّ ُر ُهمْ وَتُ َزكّي ِهمْ ِبهَا [(.)3
وقال ] :خ ْذ مِنْ َأ ْموَا ِلهِم صَدَقةً ُت َ
طهّرِينْ [(. )4
ن وَ ُيحِبّ المُ َت َ
وقال تعالى ] :إِنّ الَ ُيحِبّ ال ّتوّابِي َ
فغاية هذا أن يكون هذا دعاء لهم بفعل المأمور وترك المحظور .
والصدّيق tقد أخبر ال عنه بأنه ]:الَ ْتقَى .الذِي ُيؤْتِي مَالَ هُ يَ َت َزكّى.
َسنوْفَ
ّهن الَعْلَى .وَل َ
ْهن رَب ِ
ِنن ِن ْع َمةٍ ُتجْزَى ِ .إ ّل ابْتِغَا َء َوج ِ
َهن م ْ
وَم َا َلحَدٍ عِنْد ُ
يَرْضَى [(. )5
وأيضا فإن السابقين الوّلين من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم
ت َتجْرِي َتحْ َتهَا الَ ْنهَارَ
بإحسان رضى ال عنهم ورضوا عنه َ ] :وأَعَدّ َلهُمْ جَنّا ٍ
)1(1الية 33من سورة الحزاب .وانظر مسلم ج 4ص 1883والمسند ج 6ص ، 292
304، 298والترمذي ج 5ص 30وتقدم تخريجه أيضا.
)1(2الية 6من سورة المائدة .
)2(3الية 103من سورة التوبة .
)3(4الية 222من سورة البقرة .
)4(5اليات 21 – 17من سورة الليل .
347
ِكن ا ْل َفوْ ُز ا ْلعَظِينم [(. )1ل بسد أن يكونوا قسد فعلوا المأمور
ِينن فِيه َا أَبَدًا َذل َ
خَالِد َ
وتركوا المحظور ،فإن هذا الرضوان وهذا الجزاء إنمسسا يُنال بذلك .وحينئذ
فيكون ذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من الذنوب بعض صفاتهم .فما دعا به
ال نبي eل هل الك ساء هو ب عض ما و صف ال به ال سابقين الوّل ين .وال نبي
eد عا لغ ير أ هل الك ساء بأن ي صلّي ال علي هم ،ود عا لقوام كثير ين بالج نة
والمغفرة وغ ير ذلك ،م ما هو أع ظم من الدعاء بذلك ،ولم يلزم أن يكون من
دعا له بذلك أفضل من السابقين الوّلين .
ولكسن أهسل الكسساء لمسا كان قسد أوجسب عليهسم اجتناب الرجسس وفعسل
التطهيسر ،دعسا لهسم النسبي eبأن يعينهسم على فعسل مسا أمرهسم بسه لئل يكونوا
مستحقين للذم والعقاب ،ولينالوا المدح والثواب.
(فصسسسسل)
ن آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُ مُ
قال الراف ضي (( :في قوله تعالى ] :يا أَيّهَا الّذِي َ
جوَاكُ مْ صَدَ َقةً [( .)2قال أمير المؤمنين عل يّ بن أبي
ي َن ْ
ن يَدَ ْ
الرّ سُول َفقَ ّدمُوا بَ ْي َ
طالب : tلم يع مل بهذه ال ية غيري ،و بي خ فف ال عن هذه ال مة أ مر هذه
الية )) .
والجواب أن يقال :ال مر بال صدقة لم ي كن واج با على الم سلمين ح تى
عليس،t
ّ يكونوا عصساة بتركسه ،وإنمسا أُمسر بسه مسن أراد النجوى إذ ذاك إل
فتصدّق لجل المناجاة .
وهذا كأمره بالهَ ْدىِ لمسن تمتسع بالعمرة إلى الحسج ،وأمره بالهدي لمسن
أُحصر .
(فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :وعن محمد بن كعب القرظي قال :افتخر طلحة بن
348
شي بة من ب ني ع بد الدار وعباس بن ع بد المطلب وعليّ بن أ بي طالب .فقال
طل حة بن شي بة :م عي مفات يح الب يت ،ولو أشاء بتّ ف يه .وقال العباس :أ نا
صاحب ال سقاية والقائم علي ها ،ولو أشاء بتّ في الم سجد .وقال عل يّ :ما
أدري ما تقولن ،ل قد صليت إلى القبلة ستة أش هر ق بل الناس ،وأ نا صاحب
سجِدِ ا ْلحَرَامِ َكمَ نْ
عمَارَةَ ا ْلمَ ْ
سقَا َيةَ ا ْلحَاجّ وَ ِ
الجهاد .فأنزل ال تعالى َ] :أجَعَلْتُ ْم ِ
ن عِنْدَ الِ وَالُ لَ
ن بِالِ وَبِالْ َيوْ مِ الخِ َر َوجَاهَدَ فِي سَبِي ِل الِ لَ يَ سْ َتوُو َ
آمَ َ
َيهْدِي ا ْل َقوْمَ الظّا ِلمِين [(. )1
والجواب أن يقال :هذا اللفسظ ل يعرف فسي شيسء مسن كتسب الحديسث
المعتمدة ،بل دللت الكذب عليه ظاهرة .منها :أن طلحة بن شيبة ل وجود
له ،وإن ما خادم الكع بة هو شي بة بن عثمان بن طل حة .وهذا م ما يبين لك أن
الحد يث لم ي صح .ثم ف يه قول العباس (( :لو أشاء بتّ في الم سجد )) فأ يّ
كبير أمره في مبيته في المسجد حتى يتبجح به ؟.
ثم ف يه قول عل يّ (( :صليت ستة أش هر ق بل الناس )) فهذا م ما يُعلم
بطل نه بالضرورة ،فإن ب ين إ سلمه وإ سلم ز يد وأ بي ب كر وخدي جة يوما أو
نحوه ،فكيف يصلّي قبل الناس بستة أشهر ؟!
وأيضا فل يقول :أنا صاحب الجهاد ،وقد شاركه فيه عدد كثير جدا .
(فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :ومنها ما رواه أحمد بن حنبل عن أنس بن مالك ،
قال :قلنا لسلمان :سل النبي eمن وصيه ،فقال له سلمان :يا رسول ال من
وصيك ؟ فقال :يا سلمان من كان وصّى موسى ؟ فقال :يوشع بن نون .قال
:فإن وصيي ووارثي يقضى ديْني وينجز موعدي عليّ بن أبي طالب)) .
والجواب :أن هذا الحديسسث كذب موضوع باتفاق أهسسل المعرفسسة
بالحد يث ،ل يس هو في م سند المام أح مد بن حن بل .وأح مد قد صنّف كتا با
349
وعليس
ّ فسي(( فضائل الصسحابة )) ذكسر فيسه فضسل أبسي بكسر وعمسر وعثمان
وجما عة من ال صحابة ،وذ كر ف يه ما رُوي في ذلك من صحيح وضع يف
للتعريسف بذلك ،وليسس كسل مسا رواه يكون صسحيحا .ثسم إن فسي هذا الكتاب
زيادات من رواية القطيعي عن شيوخه .وهذه الزيادات التي زادها القطيعي
غالبها كذب ،كما سيأتي ذكر بعضها إن شاء ال ،وشيوخ القطيعي يروون
عن من في طب قة أح مد .وهؤلء الراف ضة جهّال إذا رأوا ف يه حدي ثا ظنوا أن
القائل لذلك أح مد بن حن بل ،ويكو نه القائل لذلك هو القطي عى ،وذاك الر جل
من شيوخ القطيعى الذين يروون عن من في طبقة أحمد .و وكذلك في المسند
زيادات زادها ابنه عبد ال ،لسيما في مسند عل يّ بن أبي طالب ، tفإنه زاد
زيادات كثيرة .
(فصسسسسل)
قال الرافضني (( :وعسن يزيسد بسن أبسي مريسم عسن علي ّ : tقال :
انطل قت أنا ورسول ال eحتى أتينا الكعبة ،فقال لي رسول ال :eاجلس ،
فصعد على منكبى ،فذهبت لنهض به ،فرأى مني ضعفا ،فنزل وجلس بي
نبي ال eوقال :اصعد على منكبى ،فصعدت على منكبه .قال :فنهض بي
.قال :فإنه تخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء ،حتى صعدت عَلَى البيت
وعليه تمثال صفر أو نحاس ،فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه
و من خل فه ،حتسى اسستمكنت منسه قال لي ر سول ال :eاقذف بسه فقذ فت به
فتكسر كما تنكسر القوارير ،ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول ال eنستبق حتى
توارينا في البيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس )) .
والجواب :أن هذا الحديسث إن صسح فليسس فيسه شيسء مسن خصسائص
ي ؛ فإن ال نبي eكان ي صلّي و هو حا مل أما مة ب نت
الئ مة ول خ صائص عل ّ
أ بي العاص بن الرب يع على منك به ،إذا قام حمل ها ،وإذا سجد وضعها .وكان
350
وكان يقبسل ()1
إذا سسجد جاء الحسسن فارتحله ،ويقول (( :إن ابنسي ارتحلنسي
))
زبيبة الحسن .فإذا كان يحمل الطفلة والطفل لم يكن في حمله لعلي ما يوجب
أن يكون ذلك من خصائصه ،بل قد أشركه فيه غيره و إنما حمله لعجز عل يّ
عسن حمله ،فهذا يدخسل فسي مناقسب رسسول ال ،eوفضيلة مسن يحمسل النسبي
eأعظسم مسن فضيلة مسن يحمله النسبي ،eكمسا حمله يوم أحسد مسن حمله مسن
ال صحابة ،م ثل طل حة بن عب يد ال ،فإن هذا ن فع ال نبي ،eوذاك نف عه ال نبي
،eومعلوم أن نفعسه بالنفسس والمال أعظسم مسن انتفاع النسسان بنفسس النسبي
eوماله .
(فصسسسسسل)
قال الرافضني (( :وعسن ابسن أبسي ليلى قال :قال رسسول ال :e
الصدّيقون ثلثة :حبيب النجارمؤمن آل ياسين ،وحزقيل مؤمن آل فرعون ،
وعليّ بن أبي طالب وهو أفضلهم )) .
والج ننواب :أن هذا كذب على ر سول ال ،eفإ نه قد ث بت ع نه في
الصحيح أنه وصف أبا بكر tبأنه صدّيق .وفي الصحيح عن ابن مسعود t
عسن النسبي eأنسه قال (( :عليكسم بالصسدق ،فإن الصسدق يهدي إلى البر ،وإن
البر يهدي إلى الج نة ،ول يزال الر جل ي صدق ويتحرى ال صدق ح تى يك تب
ع ند ال صدّيقا .وإيا كم والكذب ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور ،وإن الفجور
يهدي إلى النار ،ول يزال الرجسل يكذب ويتحرّى الكذب حتسى يُكتسب هنسد ال
.فهذا يبيّن أن الصدّيقون كثيرون . ()2
)) كذابا
وأيضا فقد قال تعالى عن مريم ابنة عمران إنها صدّيقة ،وهي امرأة.
351
وقال ال نبي ((: eك مل من الرجال كث ير ،ولم يك مل من الن ساء إل أر بع))(.)1
فالصديقون من الرجال كثيرون .
فصسسسسل)
قال الراف ضي (( :و عن ر سول ال eأ نه قال لعلي (( :أ نت م ني وأ نا
منك )).
والجواب :أن هذا حد يث صحيح أخرجاه في ال صحيحين من حد يث
ي وجع فر وز يد في اب نة حمزة ،فق ضى ب ها
البراء بن عازب ،لمّا تنازع عل ّ
أ نت م ني وأ نا م نك )) .وقال (( لخالت ها ،وكا نت ت حت جع فر ،وقال لعل يّ :
. ()2
)) أشبهت خَلْقِي وخُلُقي )).وقال ليزيد (( :أنت أخونا ومولنا (( لجعفر :
لكسن هذا اللفسظ قسد قاله النسبي eلطائفسة مسن أصسحابه ،كمسا فسي
إن الشعري ين إذا (( ال صحيحين عن أ بي مو سى الشعري أن ال نبي eقال :
أرملوا في الغزو أو قلت نفقة عيالهم في المدينة جمعوا ما كان معهم في ثوب
واحد ،ثم قسموه بينهم بالسوية .هم مني وأنا منهم ))(.)3
فروى مسسلم فسي )) وكذلك قال عسن جليسبيب (( :هسو منسي وأنسا منسه
صحيحه عن أبي برزة قال :كنا مع النبي eفي مغزى له .فأفاء ال عليه ،
فقال لصحابه (( :هل تفقدون من أحد ؟)) .قالوا :نعم ،فلنا وفلنا .ثم قال :
هل تفقدون من أ حد ؟ )) قالوا :ن عم ،فل نا وفل نا وفل نا .ثم قال (( :هل ((
تفقدون من أ حد ؟)) قالوا :ل .قال(( :لك ني أف قد جَُل ْيبِيبًا ،فاطلبوه)) فطلبوه في
القتلى ،فوجدوه إلى ج نب سبعة قد قتل هم ثم قتلوه فأ تى ال نبي eفو قف عل يه
قال : )) فقال (( ق تل سبعة ثم قتلوه .هذا م ني وأ نا م نه ،هذا م ني وأ نا م نه
فوضعه على ساعديه ،ليس له إل ساعدا النبي .eقال :فحفر له فوضع في
)2(1انظر البخاري :مع الفتح ج 6ص 446و ، 471ومسلم :ج 4ص .1886
)3(2انظر البخاري :ج 3ص 184وغيره .
)1(3انظر البخاري ج 3ص 138ومسلم ج 4ص . 1945 – 1944
352
قبره ،ولم يذكر غسل ))(.)1
ل يس من خ صائصه ، )) أ نت م ني وأ نا م نك (( ف تبيّن أن قوله لعل يّ :
بل قال ذلك للشعريين ،وقاله لجليبيب .وإذا لم يكن من خصائصه ،بل قد
شار كه في ذلك غيره من دون الخلفاء الثل ثة في الفضيلة ،لم ي كن دالّ على
الفضلية ول على المامة .
(فصسسسسسل )
قال الرافضني (( :و عن عمرو بن ميمون قال :لعل يّ بن أ بي طالب
عشر فضائل ليست لغيره .قال له النبي ((: eلبعثن رجل ل يخزيه ال أبدا،
يحب ال ورسوله ،ويحبه ال ورسوله ،فاستشرف إليها من استشرف .قال :
أ ين عل يّ بن أ بي طالب ؟ .قالوا :هو أر مد في الر حى يط حن .قال :و ما
كان أحدهم يطحن .قال :فجاء وهو أرمد ل يكد أن يبصر .قال :فنفثت في
عين يه ثم هز الرا ية ثل ثا وأعطا ها إياه ،فجاء ب صفية ب نت حي يّ .قال :ثم
بعث أبا بكر بسورة التوبة ،فبعث عليّا خلفه فأخذها منه وقال :ل يذهب بها
إل رجل هو مني وأنا منه )).
وقال لبني عمه :أيكم يواليني في الدنيا والخرة ؟ قال :وعل يّ معهم
جالس فأبَوْا ،فقال عل يّ :أنا أواليك في الدنيا والخرة .قال :فتركه ،ثم أقبل
على ر جل ر جل من هم ،فقال :أي كم يوالي ني في الدن يا والخرة ؟ فَأبَوْا ،فقال
عليّ :أنا أواليك في الدنيا والخرة ،فقال :أنت وليي في الدنيا والخرة .
قال :وكان عل يّ أول من أ سلم من الناس ب عد خدي جة .قال :وأ خذ
رسول ال eثوبه فوضعه على عل يّ وفاطمة والحسن والحسين ،فقال] :إِنّما
طهّ َر ُكمْ َتطْهيًرا [(.)2
ب عَ ْن ُكمُ ال ّرجْسَ أَ ْه َل البَيْتِ وَ ُي َ
ل لِيُذْهِ َ
يُري ُد ا ُ
قال :وشرى عل يّ نفسه ولبس ثوب رسول ال eثم نام مكانه ،وكان
353
المشركون يرمونه بالحجارة .
وخرج النبي eبالناس في غزاة تبوك ،فقال له عل يّ :أخرج معك ؟
قال :ل فب كى عليّ ،فقال له :أ ما تر ضى أن تكون م ني بمنزلة هارون من
موسى ؟ أل أنك لست بنبي ،ل ينبغي أن أذهب إل وأنت خليفتي .
وقال له رسول ال :eأنت وليي في كل مؤمن بعدي .
قال :وسسّد أبواب المسسجد إل باب عل يّ .قال :وكان يدخسل الم سجد
جُنبا ،وهو طريقه ليس له طريق غيره .
وقال له :من كنت موله فعليّ موله .
وعن النبي eمرفوعا أنه بعث أبا بكر في براءة إلى مكة ،فسار بها
ثل ثا ثم قال لعل يّ (( :الح قه فردّه وبلغ ها أ نت ،فف عل .فل ما قدم أ بو ب كر على
النبي eبكى وقال :يا رسول ال حدث فيّ شيء ؟ قال :ل ،ولكن أمرت أن
. )) ل يبلغها إل أنا أو رجل مني
والجواب :أن هذا ل يس م سندا بل هو مر سل لو ث بت عن عمرو بن
ميمون ،وفيسه ألفاظ هسي كذب على رسسول ال ،eكقوله :أمسا ترضسى أن
تكون منسي بمنزلة هارون مسن موسسى ،غيسر أنسك لسست بنسبي ،ل ينبغسي أن
أذ هب إل وأ نت خليف تي .فإن ال نبي eذ هب غ ير مرة وخليف ته على المدي نة
غ ير عل يّ ،ك ما اعت مر عمرة الحديب ية وعل يّ م عه وخليف ته غيره ،وغزا ب عد
ي م عه
ذلك خ يبر وم عه عل يّ وخليف ته بالمدي نة غيره ،وغزا غزوة الف تح وعل ّ
ح َنيْ نا والطائف وعل يّ م عه وخليف ته بالمدي نة
وخليف ته في المدي نة غيره ،وغزا ُ
غيره ،وحج حجة الوداع وعليّ معه وخليفته بالمدينة غيره ،وغزا غزوة بدر
ي وخليفته بالمدينة غيره .
ومعه عل ّ
وكل هذا معلوم بالسانيد الصحيحة وباتفاق أهل العلم بالحديث ،وكان
عليّ معه في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال .
فإن قيسل :اسستخلفه يدل على انسه ل يسستخلف إل الفضسل ،لزم أن
يكون عليّ مفضول في عا مة الغزوات ،و في عمر ته وحج ته ،ل سيما و كل
354
مرة كان يكون السسستخلف على رجال مؤمنيسسن ،وعام تبوك مسسا كان
ع َذرَ ال ،وعلى الثلثسة الذيسن
السستخلف إل على النسساء والصسبيان ومسن َ
خُلّفوا أو ُمتّ هم بالنفاق ،وكا نت المدي نة آم نة ل يُخاف على أهل ها ،ول يحتاج
المستخلِف إلى جهاد ،كما يحتاج في أكثر الستخلفات .
س )) فإن هذا ممسا
وكذلك قوله (( :وسسد البواب كلهسا إلّ باب علي ّ
وضعته الشيعة على طريق المقابلة ،فإن الذي في الصحيح عن أبي سعيد عن
ى فسي ماله
إن أم ّن الناس عل ّ (( النسبي eأنسه قال فسي مرضسه الذي مات فيسه
و صحبته أ بو ب كر ،ولو ك نت متخذا خليلً غ ير ربّي لتخذت أ با ب كر خليلً ،
ولكن أخوة السلم ومودّته ،ل يبقين في المسجد خَوْخة إل سُدت إل خوخة
.رواه ا بن عباس أيضا في ال صحيحين .وم ثل قوله (( :أ نت ()1
)) أ بي ب كر
وليي في كل مؤمن بعدي )) فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث ،
والذي فيه من الصحيح ليس هو من خصائص الئمة ،بل ول من خصائص
علي ّس ،بسل قسد شاركسه فيسه غيره ،مثسل كونسه يحسب ال ورسسوله ويحبسه ال
ورسوله ،ومثل استخلفه وكونه منه بمنزلة هارون من موسى ،ومثل كون
عل يّ مولى مَن ال نبي eموله فإن كل مؤ من موالٍ ل ور سوله ،وم ثل كون
((براءة )) ل يبلّغهسا إل رجسل مسن بنسي هاشسم ؛ فإن هذا يشترك فيسه جميسع
الهاشميين ،لما رُوى أن العادة كانت جارية بأن ل ينقض العهود ول يحلّها إل
رجل من قبيلة المطاع .
(فصسسسسسسل)
قال الرافضي (( :ومنها ما رواه أخطب خوارزم عن النبي eأنه قال
:يا عل يّ لو أن عبدا ع بد ال عز و جل م ثل ما قام نوح في قو مه ،وكان له
م ثل أُحُد ذهبا فأنف قه في سبيل ال ،وم ّد في عمره ح تى حج ألف عام على
قدميسه ،ثسم قُتسل بيسن الصسفا والمروة مظلومسا ،ثسم لم يوالك يسا علي ،لم يشسم
355
رائحة الجنة ولم يدخلها .
وقال رجسل لسسلمان :مسا أشدّ حبسك لعلي ّس .قال :سسمعت رسسول ال
eيقول :من أحب عليّا فقد أحبني ،ومن أبغض عليّا فقد أبغضني .وعن أنس
عليس سسبعين ألف مَلَك
ّ قال :قال رسسول ال (( :eخلق ال مسن نور وجسه
يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة)) .
و عن ا بن ع مر قال :قال ر سول ال :eمن أ حب عليّ ا ق بل ال ع نه
صلته وصيامه وقيا مه واستجاب دعاءه .أل ومن أ حب عليّ ا أعطاه ال ب كل
عرق من بد نه مدي نة في الج نة :أل و من أ حب آل مح مد أ من من الح ساب
والميزان والصراط .أل ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله في الجنة مع
ال نبياء أل و من أب غض آل مح مد جاء يوم القيا مة مكتوبا ب ين عين يه (( :آ يس
من رحمة ال )).
وعن عبد ال بن مسعود قال :سمعت رسول ال eيقول :من زعم
أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض عليّا فهو كاذب ليس بمؤمن .
وعن أبي برزة قال :قال رسول ال eونحن جلوس ذات يوم :والذي
نفسسي بيده ل تزول قدم عبسد يوم القيامسة حتسى يسسأله ال تبارك وتعالى عسن
أربع :عن عمره في مَ أفناه ،وعن جسده في مَ أبله ،وعن ماله ممّ اكتسبه وفي مَ
أنف قه ،و عن حُب نا أ هل الب يت .فقال له ع مر :ف ما آ ية حب كم من بعدكسم ؟
فو ضع يده على رأس عل يّ بن أبي طالب و هو إلى جان به فقال :إن حبي من
بعدي حب هذا .
و عن ع بد ال بن ع مر قال :قال ر سول ال eو قد سئل :بأي ل غة
خاطبك ربك ليلة المعراج ؟ فقال :خاطبني بلغة عل يّ ،فألهمني أن قلت :يا
رب خاطبتنسي أم عليّس ؟ فقال :يسا محمسد أنسا شيسء لسست كالشياء ،ل أقاس
بالناس ول أوصسف بالشياء ،خلقتسك مسن نوري وخلقست عليّاس مسن نورك
فاطلعست عَلَى سسرائر قلبسك ،فلم أجسد إلى قلبسك أحبّ مسن عليّس ،فخاطبتسك
بلسانه كيما يطمئن قلبك .
356
سول ال :eلو أن الرياض أقلم ،
سن عباس قال :قال رسس
سن ابس
وعس
والبحر مداد ،والج نّ ح سّاب ،والنس كتّاب ما أحصوا فضائل عل يّ بن أبي
طالب .
وبالسسناد قال :قال رسسول ال :eإن ال تعالى جعسل الجسر عَلَى
فضائل عل يّ ل يُحصى كثرة ،فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّا بها غفر ال
له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ،ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملئكة
تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ،ومن استمع فضيلة من فضائله غفر ال
له الذنوب التي اكتسبها بالستماع ،ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر ال
له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ،ثم قال :النظر إلى وجه أمير المؤمنين عل يّ
عبادة ،وذكره عبادة ،ل يقبل ال إيمان عب ٍد إلّ بوليته والبراءة من أعدائه .
وعن حكيم بن حزام عن أبيه عن جده عن النبي eأنه قال َ :لمُبارزة
عليّ لعمرو بن عبد و ّد يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة .
وعسن سسعد بسن أبسي وقاص قال :أمسر معاويسة بسن أبسي سسُفيان سسعدا
بالسسبّ فأبسى ،فقال :مسا منعسك أن تسسبّ عليّس بسن أبسي طالب ؟ قال :ثلث
ي من حمر
قالهن رسول ال eفلن أسبّه ،لن يكون لي واحدة منهن أحب إل ّ
النعم :سمعت رسول ال eيقول لعل يّ وقد خلّفه في بعض مغازيه ،فقال له
عليّ :تخلف ني مع الن ساء وال صبيان ؟ فقال له ر سول ال :eأ ما تر ضى أن
تكون م ني بمنزلة هارون من مو سى ؟ إل أ نه ل نبي بعدي .و سمعته يقول
يوم خيبر :لعطين الراية رجلً يحب ال ورسوله ويحبه ال ورسوله .قال :
فتطاولنسا فقال :ادعوا لي عليّاس ،فأتاه وبسه رمسد ،فبصسق فسي عينيسه و دفسع
ْعن أَبْنَاءَنَا
الرايسة إليسه ،ففتسح ال عليسه .وأنزلت هذه اليسة َ ] :فقُ ْل َتعَا َلوْا نَد ُ
ُمن [( .)1دعسا رسسول ال eعليّاس وفاطمسة والحسسن والحسسين فقال :
َوأَبنَا َءك ْ
((هؤلء أهلي)).
والجواب :أن أخ طب خوارزم هذا له م صنّف في هذا الباب ف يه من
357
الحاديث المكذوبة ما ل يخفى كذبه على من له أدنى معرفة بالحديث ،فضلً
عن علماء الحديث ،وليس هو من علماء الحديث ول ممن يُرجع إليه في هذا
الشأن البتسة .وهذه الحاديسث ممسا يعلم أهسل المعرفسة بالحديسث أنهسا مسن
المكذوبات .وهذا الرجل قد ذكر أنه يذكر ما هو صحيح عندهم ،ونقلوه في
المعت مد من قول هم وكتب هم ،فك يف يذ كر ما أجمعوا على أ نه كذب موضوع ،
ولم يُرو فسي شيسء مسن كتسب الحديسث المعتمدة ،ول صسححه أحسد مسن أئمسة
الحديث .
فالعشرة الول كل ها كذب إلى آ خر حد يث :قتله لعمرو بن ع بد ودّ .
وأما حديث سعد لما أمره معاوية بالسبّ فأبى ،فقال :ما منعك أن تسبّ عل يّ
بسن أبسي طالب ؟ فقال :ثلث قالهسن رسسول ال eفلن أسسبّه ،لن يكون لي
واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم ..الحديث .فهذا صحيح رواه مسلم في
صحيحه( )1وف يه ثلث فضائل لعليّ ل كن لي ست من خ صائص الئ مة ول من
عليس :يسا
ّ عليس ،فإن قوله وقسد خلّفسه فسي بعسض مغازيسه فقال له
ّ خصسائص
رسول ال تخلّفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول ال :eأما ترضى أن
تكون منسي بمنزلة هارون مسن موسسى ؟ أل أنسه ل نسبي بعدي ،ليسس مسن
خ صائصه ؛ فإ نه ا ستخلف عَلَى المدي نة غ ير وا حد ،ولم ي كن هذا ال ستخلف
ي :أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ لن النبي
أكمل من غيره .ولهذا قال له عل ّ
eكان في كل غزاة يترك بالمدي نة رجال من المهاجر ين والن صار ،إل في
غزوة تبوك فإنه أمر المسلمين جميعهم بالنفير ،فلم يتخلف بالمدينة إل عا صٍ
س السستخلف ،وقال :
أو معذور غيسر النسساء والصسبيان .ولهذا كره علي ّ
أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ يقول تتركني مخلفا ل تستصحبني معك ؟ فبيّن
له النسبي eأن السستخلف ليسس نقصسا ول غضاضسة ؛ فإن موسسى اسستخلف
هارون على قو مه لمان ته عنده ،وكذلك أ نت ا ستخلفتك لمان تك عندي ،ل كن
مو سى ا ستخلف نبيّ ا وأ نا ل نبي بعدي .وهذا ت شبيه في أ صل ال ستخلف ،
358
فإن موسى استخلف هارون على جميع بني إسرائيل ،والنبي eاستخلف عليّا
على قل يل من الم سلمين ،وجمهور هم ا ستصحبهم في الغزاة .وت شبيه بهارون
ل يس بأع ظم من ت شبيه أ بي ب كر وع مر :هذا بإبراه يم وعي سى ،وهذا بنوح
ومو سى ؛ فإن هؤلء الرب عة أف ضل من هارون ،و كل من أ بي ب كر وع مر
عليس ،مسع أن
ّ شبسه باثنيسن ل بواحسد ؛ فكان هذا التشسبيه أعظسم مسن تشسبيه
استخلف عليّ له فيه أشباه وأمثال من الصحابة .
(فصسسسسسل)
قال الرافضني (( :وعسن عامسر بسن واثلة قال :كنست مسع عليّس عليسه
لحتجنس عليكسم بمسا ل يسستطيع عربيّكسم ول
ّ السسلم يوم الشورى يقول لهسم :
عجميّكم تغيير ذلك ،ثم قال :أنشدكم بال أيها النفر جميعا ،أفيكم أحد وحّد
ال تعالى قبلي ؟ قالوا الل هم ل .قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد له أخ م ثل
أخسي جعفسر الطيّار فسي الجنسة مسع الملئكسة غيري ؟ قالوا :اللهسم ل .قال :
فأنشدكم بال :هل فيكم أحد له ع مّ مثل عمي حمزة أسد ال وأسد رسوله سيد
الشهداء غيري ؟ قالوا :الل هم ل .قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد له زو جة
مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري ؟ قالوا :اللهم ل .
قال :فأنشدكم بال هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطيّ الحسن والحسين سيدا
شباب أ هل الج نة غيري ؟ قالوا :الل هم ل .قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد
ناجى رسول ال eعشر مرات قدّم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا :اللهم
ل .قال :فأنشدكسم بال هسل فيكسم أحسد قال له رسسول ال :eمسن كنست موله
فعليس موله ،اللهسم وال مسن واله ،وعاد مسن عاداه ،ليبلغ الشاهسد الغائب
ّ
غيري ؟ قالوا :الل هم ل .قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد قال له ر سول ال
:eاللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإل يّ يأكل معي من هذا الطير ،فأتاه فأ كل
م عه غيري؟ قالوا :الل هم ل .قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد قال له ر سول
ال :eلعطين الراية رجل يحب ال ورسوله ويحبه ال ورسوله ،ل يرجع
359
حتى يفتح ال على يديه إذ رجع غيري منهزما غيري؟ قالوا :اللهم ل .قال:
فأنشدكم بال هل فيكم أحد قال له رسول ال eلبني وكيعة :لتنته نّ أو لبعث نّ
إليكسم رجل نفسسه كنفسسي وطاعتسه كطاعتسي ،ومعصسيته كمعصسيتي يفصسلكم
بالسسيف غيري ؟ قالوا :اللهسم ل .قال :فأنشدكسم بال هسل فيكسم أحسد قال له
رسول ال eكذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري ؟ قالوا :اللهم ل .
قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد سلّم عل يه في ساعة واحدة ثل ثة آلف من
الملئكة :جبرائيل وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول ال eمن
القل يب غيري ؟ قالوا:الل هم ل .قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد نودي به من
ي غيري؟ قالوا :اللهم ل .قال
السماء :ل سيف إل ذو الفقار ،ول فتى إل عل ّ
:قال :فأنشد كم بال هل في كم أ حد قال له جبر يل هذه هي الموا ساة ،فقال له
ر سول ال :eإ نه م ني وأ نا م نه .فقال جبر يل :وأ نا منك ما غيري؟ قالوا :
اللهسم ل .قال فأنشدكسم بال هسل فيكسم أحسد قال له رسسول ال صسلى ال عليسه
وسلم :تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ،على لسان النبي eغيري ؟ قالوا:
اللهم ل .قال فأنشدكم بال هل فيكم أحد قال له رسول ال :eإني قاتلت على
تنزيل القرآن وأنت تقاتل على تأويله غيري ؟ قالوا :اللهم ل .قال :فأنشدكم
بال هل في كم أ حد ُردّت عل يه الش مس ح تى صلى الع صر في وقت ها غيري ؟
قالوا :اللهسم ل .قال فأنشدكسم بال هسل فيكسم أحسد أمره رسسول ال eأن يأخسذ
((براءة )) من أبي بكر ،فقال له أبو بكر :يا رسول ال أنزل فيّ شيء ؟ فقال
له رسول ال :eإنه ل يؤدّي عني إل عليّ غيري ؟ قالوا :اللهم ل .
قال:فأنشدكم بال هل فيكم أحد قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم:
ل يحبك إل مؤمن ول يبغضك إل منافق كافر غيري؟ قالوا :اللهم ل .
قال:فأنشدكم بال هل تعلمون أنه أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي فقلتم في
ذلك ،فقال ر سول ال :eما أ نا سددت أبواب كم ول فت حت با به ،بل ال سد
أبوابكم وفتح بابه غيري؟ قالوا :اللهم ل .
قال:فأنشدكسم بال أتعلمون أنسه ناجانسي يوم الطائف دون الناس فأطال
360
ذلك ،فقلتم :ناجاه دوننا ،فقال :ما أنا انتجيته بل ال انتجاه غيري ؟ قالوا :
اللهم نعم .
قال:فأنشدكم بال أتعلمون أن رسول ال eقال :الحق مع عل يّ وعل يّ
مع الحق يزول الحق مع عليّ كيفما زال ؟ قالوا :اللهم نعم .
قال:فأنشدكسم بال أتعلمون أن رسسول ال eقال :إنسي تارك فيكسم
الثقل ين :كتاب ال وعتر تي أ هل بي تي ،لن تضلوا ما ا ستمسكتم به ما ،ولن
يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ؟ قالوا :اللهم نعم .
قال:فأنشدكم بال هل فيكم أحد وقى رسول ال eبنفسه من المشركين
واضطجع في مضجعه غيري ؟ قالوا :اللهم ل .
قال:فأنشد كم بال هل في كم أ حد بارز ع مر بن ع بد ودّ العامري ح يث
دعاكم إلى البراز غيري ؟ قالوا :اللهم ل.
قال:فأنشدكم بال هل فيكم أحد نزل ف يه آية التطه ير ح يث يقول ]إِنّمَا
طهّ َركُ مْ َتطْهيًرا[()1غيري ؟ قالوا :
ب عَ ْنكُ مُ ال ّرجْ سَ أَ ْه َل البَيْ تِ وَ ُي َ
يُري ُد ال لِيُذْهِ َ
اللهم ل.
قال:فأنشدكم بال هل فيكم أحد قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم:
أنت سيد المؤمنين غيري؟ قالوا :اللهم ل .
قال:فأنشدكم بال هل فيكم أحد قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم:
ما سألت ال شيئا إل وسألت لك مثله غيري ؟ قالوا :اللهم ل .
لعليس أربسع
ّ ومنهسا مسا رواه أبسو عمرو الزاهسد عسن ابسن عباس قال :
خصال ليست لحد من الناس غيره ،هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع النبي
،eوهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف ،وهو الذي صبر معه يوم حنين،
وهو الذي غسّله وأدخله قبره .
وعسن النسبي eقال :مررت ليلة المعراج بقوم تُشرشسر أشداقهسم ،
سة .قال :
سن هؤلء ؟ قال :قوم يقطعون الناس بالغيبس
سل مس
سا جبريس
فقلت :يس
361
ومررت بقوم وقسد ضوضؤا ،فقلت :يسا جبريسل مسن هؤلء ؟ قال :هؤلء
الكفار .قال :ثم عدلنا عن الطريق فلما انتهينا إلى السماء الرابعة رأيت عليّا
ي قد سبقنا .قال :ل ليس هذا عليّا .قلت :
يصلّي ،فقلت :يا جبريل هذا عل ّ
فمن هو ؟ قال :إن الملئكة المقرّبين والملئكة الكروبيين لما سمعت فضائل
عل يّ وخاصته وسمعت قولك فيه :أنت مني بمنزلة هارون من موسى إل أنه
ل نبي بعدي ،اشتا قت إلى عل يّ ،فخلق ال تعالى مَلَ كا على صورة عل يّ ،
فإذا اشتاقت إلى عليّ جاءت إلى ذلك المكان ،فكأنها قد رأت عليّا .
و عن ا بن عباس قال :إن الم صطفى eقال :ذات يوم و هو نش يط :
أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى .قال :فقوله :أنا الفتى ،يعني هو فتى العرب،
وقوله ا بن الف تى ،يع ني إبراه يم من قوله تعالىَ ] :
س ِمعْنا فَتًى يَ ْذكُرُهُ ْم ُيقَالُ لَ هُ
إِبْرَاهِي مُ [( ،)1وقوله أ خو الفتى ،يعني عليّا ،وهو مع نى قول جبريل في يوم
بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول :ل سيف إل ذو الفقار ولفتى
إل عليّ.
و عن ا بن عباس قال :رأ يت أ با ذر و هو متعلق بأ ستار الكع بة و هو
يقول من عرف ني ف قد عرف ني ،و من لم يعرف ني فأ نا أ بو ذر ،لو صمتم ح تى
تكونوا كالوتار ،وصسليتم حتسى تكونوا كالحنايسا ،مسا نفعكسم ذلك حتسى تحبوا
عليّا )).
والجواب :أما قوله عن عامر بن واثلة وما ذكره يوم الشورى ،فهذا
كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث ،ولم يقل علي ّ tيوم الشورى شيئا من هذا
ن ؟ قال
ول ما يشابهه ،بل قال له عبد الرحمن بن عوف : tلئن أمرتك لتعدل ّ
:نعسم .قال :وإن بايعست عثمان لتسسمعن وتطيعسن ؟ قال :نعسم .وكذلك قال
لعثمان .ومكث عبد الرحمن ثلثة أيام يشاور المسلمين .
ف في ال صحيحين 0وهذا ل فظ البخاري( - )2عن عمرو بن ميمون في
362
مقتل عمر بن الخطاب (( : tفلما فُرغَ من دفنه اجتمع هؤلء الرهط فقال عبد
الرح من :اجعلوا أمر كم إلى ثل ثة من كم .قال الزب ير :قد جعلت أمري إلى
عليس .وقال طلحسة :قسد جعلت أمري إلى عثمان .وقال سسعد :قسد جعلت
ّ
أمري إلى عبد الرحمن .فقال عبد الرحمن :أيكم تبرأ من هذا المر فنجعله
ت الشيخان .فقال
إل يه وال عل يه وال سلم لينظرن أفضل هم في نف سه ؟ فأُ سْكِ َ
ع بد الرح من :أتجعلو نه إليّ وال عَلَيّ أن ل آلو عن أفضل كم .قال :ن عم ،
فأ خذ ب يد أحده ما فقال :لك قرا بة من ر سول ال eوالقدم في ال سلم ما قد
علمت ،فال عليك لئن أمّرتك لتعدلن ولئن أمّرت عليك لتسمعن ولتطيعن .ثم
خل بالخر فقال له مثل ذلك ،فلما أخذ الميثاق قال :ارفع يدك يا عثمان )) .
وفي هذا الحديث الذي ذكره الرافضي أنواع من الكاذيب التي نزّه ال
عليّا عنها ،مثل احتجاجه بأخيه وعمه وزوجته ،وعل يّ tأفضل من هؤلء ،
وهسو يعلم أن أكرم الخلق عنسد ال أتقاهسم .ولو قال العباس :هسل فيكسم مثسل
أ خي حمزة وم ثل أولد إخو تي مح مد وعلي وجع فر ؟! لكا نت هذه الح جة من
ج نس تلك ،بل احتجاج الن سان بب ني إخو ته أع ظم من احتجا جه بع مه .ولو
قال عثمان :هل في كم من تزوج بنتَى نبي لكان من ج نس قول القائل :هل
في كم من زوج ته كزوج تي ؟ وكا نت فاط مة قد ما تت ق بل الشورى ك ما ما تت
زوجتا عثمان ،فإنها ماتت بعد موت النبي e
بنحو ستة أشهر .
وكذلك قوله (( :هل فيكم مَنْ له ولد كولدي ؟)) .
وف يه أكاذ يب متعددة ،م ثل قوله (( ما سألت ال شيئا إل و سألت لك
مثله )) .وكذلك قوله (( :ل يؤدّي عني إل عليّ )) من الكذب .
وقال الخطا بي في كتاب (( شعار الد ين )) (( :وقوله :ل يؤدّي ع ني
إل رجل من أهل بيتي )) هو شيء جاء به أهل الكوفة عن زيد بن ُي َثيْع ،وهو
متهم في الرواية منسوب إلى الرفض .وعامة من بلّغ عنه غير أهل بيته ،فقد
بعسث رسسول ال eأسسعد بسن زرارة إلى المدينسة يدعوا الناس إلى السسلم ،
363
ويعلّم الن صار القرآن ،ويفقه هم في الد ين .وب عث العلء بن الحضر مي إلى
البحرين في مثل ذلك ،وبعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن ،وبعث عتاب بن
أسيد إلى مكة .فأين قول من زعم أنه ل يبلّغ عنه إل رجل من أهل بيته ؟!
وأ ما حد يث ا بن عباس فف يه أكاذ يب :من ها قوله :كان لواؤه م عه في
كسل زحسف ،فإن هذا مسن الكذب المعلوم ،إذ لواء النسبي eكان يوم أُحسد مسع
مصعب بن عمير باتفاق الناس ،ولواؤه يوم الفتح كان مع الزبير بن العوام ،
وأمره رسول ال eأن يركز رايته بالحجون ،فقال العباس للزبير بن العوام:
أهاهنا أمرك رسول ال eأن تركز الراية ؟ أخرجه البخاري في صحيحه(. )1
وكذلك قوله (( :وهو الذي صبر معه يوم حُنين )) .
و قد عُلم أ نه لم ي كن أقرب إل يه من العباس بن ع بد المطلب ،وأ بي
سفيان بن الحارث بن ع بد المطلب ،والعباس آ خذ بلجام بغل ته ،وأ بو سفيان
قال : )) بسن الحارث آخسذ بركابسه ،وقال له النسبي (( :eناد أصسحاب السسمرة
فقلت بأعلى صسوتي :أيسن أصسحاب السسمرة ؟ فوال كأن عطفتهسم عليّس حيسن
سسمعوا صسوتي عطفسة البقسر على أولدهسا ،فقالوا :يالبيسك يالبيسك .والنسبي
ونزل عن بغلته وأخذ كفّا )) أنا النبي ل كذب أنا ابن عبد المطلب (( eيقول :
قال العباس : )) انهزموا ورب الكعبسة (( مسن حصسى فرمسى بهسا القوم وقال :
فوال ما هو إل أن رما هم فمازلت أرى حدّ هم كليل وأمر هم مدبرا ،ح تى ((
364
حاضر لجللة العباس ،وأن عليّا أولهم بمباشرة ذلك .
وكذلك قوله (( :هسو أوّل عربسي وعجمسي صسلّى )) يناقسض مسا هسو
المعروف عن ابن عباس .
(فصسسسسل)
وأمسا حديسث المعراج وقوله فيسه :إن الملئكسة المقرّبيسن والملئكسة
الكروبيين لما سمعت فضائل عل يّ وخاصته وقول النبي صلى ال عليه وسلم:
أ ما تر ضى أن تكون م ني بمنزلة هارون من مو سى ؟ )) اشتا قت إلى علي ((
365
(فصسسسسل)
وكذلك الحديسث المذكور عسن ابسن عباس :أن المصسطفى eقال ذات
يوم و هو نش يط ((:أ نا الف تى ا بن الفتى أ خو الفتى )) قال :فقوله :أ نا الف تى:
يع ني ف تى العرب ،وقوله :ا بن الف تى ،يع ني إبراه يم الخل يل صلوات ال
ى يَ ْذكُرُهُم ُيقَالُ لَ ُه إِبْرَاهِيم [( ،)1وقوله أخو الفتى
عليه ،من قوله َ] :سمعنا فت ً
:يعني عليّا ،وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو
فرح وهو يقول :ل سيف إل ذو الفقار ،ول فتى إل عليّ)) .
فإن هذا الحديسث مسن الحاديسث المكذوبسة الموضوعسة باتفاق أهسل
المعرفة بالحديث ،وكذبه معروف من غير جهة السناد من وجوه .
منها :أن لفظ ((الفتى )) في الكتاب والسنّة ولغة العرب ليس هو من
أسماء المدح ،كما ليس هو من أسماء الذم ،ولكنه بمنزلة اسم الشاب والكهل
والش يخ ون حو ذلك ،والذ ين قالوا عن إبراه يم :سمعنا ف تى يذكر هم يُقال له
حدَث .
إبراهيم ،هم الكفار ،ولم يقصدوا مدحه بذلك ،وإنما الفتى كالشاب ال َ
ومنها :أن النبي eأجلّ من أن يفتخر بجده ،وابن عمه .
ومن ها :أن ال نبي eلم يؤاخ عليّ ا ول غيره ،وحد يث المؤاخاة لعل يّ ،
ومؤاخاة أبي بكر لعمر من الكاذيب .وإنما آخى بين المهاجرين والنصار ،
ولم يؤاخ بين مهاجريّ ومهاجريّ.
ومنها :أن هذه المناداة يوم بدر كذب .
ومن ها :أن ذا الفقار لم ي كن لعل يّ ،وإن ما كان سيفا من سيوف أ بي
جهسل غنمسه المسسلمون منسه يوم بدر ،فلم يكسن يوم بدر ذو الفقار مسن سسيوف
الم سلمين ،بل من سيوف الكفّار ،ك ما روى ذلك أ هل ال سنن .فروى المام
أحمد والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس أن النبي eتنفل سيفه ذا ال َفقَار يوم
366
بدر(. )1
ومنها :أن النبي eكان بعد النبوة كهل قد تعدّى سن الفتيان .
(فصسسسسسل)
وأمسا حديسث أبسي ذر الذي رواه الرافضسي فهسو موقوف عليسه ليسس
مرفو عا ،فل يح تج به ،مع أن نقله عن أ بي ذر ف يه ن ظر ،و مع هذا ف حب
عل يّ وا جب ،ول يس ذلك من خ صائصه ،بل علي نا أن نح به ،ك ما علي نا أن
نحب عثمان وعمر وأبا بكر ،وأن نحب النصار .
ففي الصحيح عن النبي eأنه قال (( :آية اليمان حب النصار ،وآية
وفي صحيح مسلم عن عل يّ tأنه قال (( :إنه لعهد ()2
)) النفاق بغض النصار
النبي المّي إليّ أنه ل يحبني إل مؤمن ول يبغضني إل منافق ))(.)3
(فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :ومنها ما نقله صاحب (( الفردوس )) في كتابه عن
ي ح سنة ل ت ضر مع ها سيئة
معاذ بن ج بل عن ال نبي eأ نه قال (( :حب عل ّ
وبغضه سيئة ل ينفع معها حسنة )).
والجواب :أن كتاب ((الفردوس )) فيه من الحاديث الموضوعات ما
شاء ال ،وم صنفه شيرو يه بن شهردار الديل مي وإن كان من طل بة الحد يث
ورواتسه ،فإن هذه الحاديسث التسي جمعهسا وحذف أسسانيدها ،نقلهسا مسن غيسر
اعتبار لصسحيحها وضعيفهسا وموضوعهسا ؛ فلهذا كان فيسه مسن الموضوعات
أحاديث كثيرة جدا .
وهذا الحديسث ممسا يشهسد المسسلم بأن النسبي eل يقوله؛ فإن حسب ال
)1(1انظر سنن الترمذي ج 3ص 61-60وسنن ابن ماجة ج 2ص 939والمسند ج 4
ص 147– 146تحقيق أحمد شاكر .
)2(2انظر البخاري ج 1ص 9ومسلم ج 1ص . 85
)3(3انظر مسلم ج 1ص 86وتقدم .
367
ورسسوله أعظسم مسن حسب علي ّس ،والسسيئات تضسر مسع ذلك .وقسد قال النسبي
eيضرب ع بد ال بن حمار في الخ مر ،وقال (( :إ نه ي حب ال ور سوله )).
وكسل مؤمسن فلبسد أن يحسب ال ورسسوله ،والسسيئات تضره .وقسد أجمسع
المسسلمون وعُلم بالضطرار مسن ديسن السسلم أن الشرك يضسر صساحبه ول
يغفره ال لصساحبه ،ولو أحسب عليّس بسن أبسي طالب ؛ فإن أباه أبسا طالب كان
يح به و قد ضره الشرك ح تى د خل النار ،والغال ية يقولون إن هم يحبو نه و هم
كفّار من أهل النار .
وبالجملة فهذا القول ك فر ظا هر يُ ستتاب صاحبه ،ول يجوز أن يقول
هذا من يؤمن بال واليوم الخر.
وكذلك قوله (( :وبغضه سيئة ل ينفع معها حسنة )) فإن من أبغضه
إن كان كافرا فكفره هو الذي أشقاه ،وإن كان مؤمنا نفعه إيمانه وإن أبغضه .
وكذلك الحديث الذي ذكره عن ابن مسعود أن النبي eقال (( :حب
آل محمد يوما خير من عبادة سنة ،ومن مات عليه دخل الجنة .وقوله عن
عل يّ :أ نا وهذا ح جة ال على خل قه –ه ما حديثان موضوعان ع ند أ هل العلم
بالحد يث .وعبادة سنة في ها اليمان وال صلوات الخ مس كل يوم و صوم ش هر
رمضان ،وقسد أجمسع المسسلمون على أن هذا ل يقوم مقامسه حسب آل محمسد
شهرا ،فضل عن حبهم يوما .
وكذلك ح جة ال على عباده قا مت بالر سل ف قط .ك ما قال تعالى] :لئلّ
جةٌ َبعْدَ الرّ سُل [(.)1ولم ي قل :ب عد الر سل والئ مة أو
حّعلَى الِ ُ
َيكُو نَ لِلنّا سِ َ
الوصياء أو غير ذلك .
عليس لم يخلق ال النار ))
ّ وكذلك قوله (( :لو اجتمسع الناس عَلَى حسب
عليس لم
ّ مسن أبيسن الكذب باتفاق أهسل العلم واليمان ،ولو اجتمعوا على حسب
ينفعهسم ذلك حتسى يؤمنوا بال وملئكتسه وكتبسه ورسسله واليوم الخسر ويعملوا
صالحا ،وإذا فعلوا ذلك دخلوا الجنة ،وإن لم يعرفوا عليّا بالكلية ،ولم يخطر
368
بقلوبهم ل حبه ول بغضه .
(فصسسسسسل)
وكذلك الحديسث الذي ذكره فسي العهسد الذي عهده ال فسي علي ،وأنسه
راية الهدى وإمام الولياء ،وهو الكلمة التي ألزمها للمتقين … الخ .
فإن هذا كذب موضوع باتفاق أهسل المعرفسة بالحديسث والعلم .ومجرد
رواية صاحب (( الحلية )) ونحوه ل تفيد ول تدل على الصحة ؛ فإن صاحب
((الحل ية )) قد روى في فضائل أ بي ب كر وع مر وعثمان وعل يّ والولياء
وغيرهم أحاديث ضعيفة بل موضوعة باتفاق العلماء ،وهو وأمثاله من الحفاظ
الثقات أهل الحديث ثقات فيما يروونه عن شيوخهم ،لكن الفة ممن هو فوقهم.
وكذلك حديث عمّار وابن عباس كلهما من الموضوعات .
(فصسسسسسسل)
قال الراف ضي (( :وأ ما المطا عن في الجما عة ف قد ن قل الجمهور من ها
أشياء كثيرة :حتى صنّف الكلبي كتابا ((في مثالب الصحابة )) ولم يذكر فيه
منقصة واحدة لهل البيت )) .
والجواب أن يقال :قبل الجوبة المفصلة عن ما يُذكر من المطاعن
أن ما يُنقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان :أحدهما :ما هو كذب :إما
كذب كله ،وإمسا محرّف قسد دخله مسن الزيادة والنقصسان مسا يُخرجسه إلى الذم
والط عن .وأك ثر المنقول من المطا عن ال صريحة هو من هذا الباب يروي ها
الكذّابون المعروفون بالكذب ،مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ،ومثل هشام بن
محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذّابين .ولهذا استشهد هذا الرافضي
ب ما صنّفه هشام الكل بي في ذلك ،و هو من أكذب الناس ،و هو شي عي يروى
عن أبيه وعن أبي مخنف ،وكلهما متروك كذّاب .
النوع الثانني :مسا هسو صسدق .وأكثسر هذه المور لهسم فيهسا معاذيسر
تخرج ها عن أن تكون ذنو با ،وتجعل ها من موارد الجتهاد ،ال تي إن أ صاب
369
المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر .وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء
الراشدين من هذا الباب ،وما ُقدّر من هذه المور ذنبا محققا فإن ذلك ل يقدح
في ما عُلم من فضائل هم و سوابقهم وكون هم من أ هل الج نة ،لن الذ نب المح قق
يرتفع عقابه في الخرة بأسباب متعددة .
منهنا :التو بة الماح ية .و قد ث بت عن أئ مة المام ية أن هم تابوا من
الذنوب المعروفة عنهم .
ومنها :الحسنات الماحية للذنوب ؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات .وقد
س ّيئَاتِكُم [(.)1
ع ْنكُم َ
عنْ ُه ُنكَ ّفرُ َ
ج َت ِنبُوا َكبَا ِئرَ مَا ُت ْنهَ ْونَ َ
قال تعالى ِ ]:إنْ َت ْ
ومنها :المصائب المكفّرة .
ومنها :دعاء المؤمنين بعضهم لبعض ،وشفاعة نبيهم ،فما من سبب
يسقط به الذم والعقاب عن أحد من المة إل والصحابة أحق بذلك ،فهم أحق
بكل مدح ،ونفي كل ذم ممن بعدهم من المة .
قال الرافضي (( :وقد ذكر غيره منها أشياء كثيرة ،ونحن نذكر منها
شيئا يسيرا .منها ما رووه عن أبي بكر أنه قال على المنبر :إن النبي eكان
يعتصسم بالوحسي ،وإن لي شيطانسا يعترينسي ،فإن اسستقمت فأعينونسي ،فإن
زغت فقوموني ،وكيف يجوز إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه ،مع أن
الرعية تحتاج إليه ؟)).
والجواب أن يقال :هذا الحديسث مسن أكسبر فضائل الصسديق tوأدلهسا
على أنه لم يكن يريد علوًا في الرض ول فسادا ،فلم يكن طالب رياسة ،ول
كان ظالمسا ،وإنسه إنمسا كان يأمسر الناس بطاعسة ال ورسسوله فقال لهسم :إن
استقمت على طاعة ال فأعينوني عليها ،وإن زغت عنها فقوّموني .كما قال
أيضا :أيها الناس … أطيعوني ما أطعت ال ،فإذا عصيت ال فل طاعة لي
عليكم .
والشيطان الذي يعتريه يعتري جميع بني آدم ؛ فإنه ما من أحد إل وقد
370
وكّل ال به قرينه من الملئكة وقرينه من الجن .
ومقصود الصديق بذلك :إني لست معصوما كالرسول صلى ال عليه
وسسلم .وهذا حسق .وقول القائل:كيسف تجوز إمامسة مسن يسستعين على تقويمسه
بالرعيسة؟كلم جاهسل بحقيقسة المامسة.فإن المام ليسس هسو ربّاس لرعيتسه حتسى
يستغني عنهم ،ول هو رسول ال إليهم حتى يكون هو الواسطة بينهم وبين ال.
وإنما هو والرعية شركاء يتعاونون هم وهو على مصلحة الدين والدنيا؛ فل بد
له من إعانت هم ،ول بد ل هم مسن إعان ته ،كأميسر القافلة الذي يسسير بهسم فسي
الطريسق :إن سسلك بهسم الطريسق اتّبعوه ،وإن أخطسأ عسن الطريسق نبّهوه
وأرشدوه ،وإن خرج علي هم صائل ي صول علي هم تعاون هو و هم على دف عه .
لكن إذا كان أكملهم علما وقدرة ورحمة كان ذلك أصلح لحوالهم .
(فصسسسسسل)
قال الراف ضي (( :وقال :أقيلو ني فل ست بخير كم ،وعليّ في كم .فإن
كانت إمامته حقّا كانت استقالته منها معصية ،وإن كانت باطلة لزم الطعن )).
والجواب :أن هذا كذب ،ل يس ف يه ش يء من ك تب الحد يث ،ول له
إسناد معلوم .
فإنه لم يقل ((وعليّ فيكم ))بل الذي ثبت عنه في الصحيح أنه قال يوم
السقيفة :بايعوا أحد هذين الرجلين :عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح .
فقال له ع مر :بل أ نت سيدنا وخير نا وأحب نا إلى ر سول ال .eقال ع مر :
كنست وال لن أُقدّم فتُضرب عنقسي ،ل يقرّبنسي ذلك إلى إثسم ،أحسب إليّس مسن
تأمّري على قوم فيهم أبو بكر(. )1
371
ثسم لو قال (( :وعليّ فيكسم )) لسستخلفه مكان عمسر ؛ فإن أمره كان
مطاعا.
وأما قوله (( :إن كانت إمامته حقّا كانت استقالته منها معصية )) .
فيقال :إن ثبت أنه قال ذلك ،فإن كونها حقا إما بمعنى كونها جائزة ،
والجائز يجوز تركه .وإما بمعنى كونها واجبة إذا لم يولّوا غيره ولم يقيلوه .
وأما إذا أقالوه وولّوا غيره لم تكن واجبة عليه .
والنسان قد يعقد بيعا أو إجارة ،و يكون العقد حقا ،ثم يطلب القالة،
وهو لتواضعه و ثقل الحمل عليه قد يطلب القالة ،و إن لم يكن هناك من هو
أحق بها منه .و تواضع النسان ل يسقط حقه .
(فصسسسسسل)
قال الرافضني (( :وقال عمسر :كانست بيعسة أبسي بكسر فَلْتسة وقسى ال
الم سلمين شر ها ،ف من عاد إلى مثل ها فاقتلوه .ولو كا نت إمام ته صحيحة لم
ي ستحق فاعل ها الق تل ،فيلزم تطرق الط عن إلى ع مر .وإن كا نت باطلة ،لزم
الطعن عليهما معا )) .
والجواب :أن ل فظ الحد يث سيأتي .قال ف يه (( :فل يغترن امرؤ أن
يقول (( :إن ما كا نت بي عة أ بي ب كر فل تة فت مت .أل وإنّ ها قد كا نت كذلك ،
ول كن وقى الُ شرّها ،وليس في كم من تقطع إل يه العناق مثل أبي بكر )) .
ومعناه أن بي عة أ بي ب كر بودر إلي ها من غ ير تر يث ول انتظار ،لكو نه كان
متعيّ نا لهذا ال مر .ك ما قال ع مر (( :ل يس في كم من تُق طع إل يه العناق م ثل
أبي بكر )).
وكان ظهور فضيلة أبي بكر على من سواه ،وتقديم رسول ال eله
على سائر ال صحابة أمرا ظاهرا معلو ما .فكا نت دللة الن صوص على تعيي نه
تُغ نى عن مشاورة وانتظار وتر يث ،بخلف غيره ؛ فإ نه ل تجوز مبايع ته إل
372
ب عد المشاورة والنتظار والتر يث .ف من با يع غ ير أ بي ب كر عن غ ير انتظار
وتشاور لم يكن له ذلك .
(فصسسسسسسل)
قال الرافضي (( :وقال أبو بكر عند موته :ليتني كنت سألت رسول
ال eهل للنصار في هذا المر حق ؛ وهذا يدل على أنه في شكٍ من إمامته
ولم تقع صوابا )) .
والجواب :أن هذا كذب على أبسي بكسر ، tوهسو لم يذكسر له إسسنادا
.ومعلوم أن من اح تج في أي م سألة كا نت بش يء من الن قل ،فل بد أن يذ كر
إسنادا تقوم به الحجة .فكيف بمن يطعن في السابقين الوّلين بمجرد حكاية ل
إسناد لها ؟
ثم يقال :هذا يقدح فيما تدّعونه من النص على عل يّ ؛ فإنه لو كان قد
ي لم يكن للنصار فيه حق ،ولم يكن في ذلك شك .
نصّ على عل ّ
(فصسسسسسسل)
قال الراف ضي (( :وقال ع ند احتضاره :ل يت أ مي لم تلد ني ! يا ليت ني
كنت تبنة في لبنة .مع أنهم قد نقلوا عن النبي eأنه قال :ما من محتضر
يحتضر إل ويرى مقعده من الجنة والنار )).
والجواب :أن تكلمه بهذا عند الموت غير معروف ،بل هو باطل بل
ريب .بل الثابت عنه أنه لما احتُضر ،وتمثلت عنده عائشة بقول الشاعر :
إذا حشرجت يوما وضاق بهاالصدرُ لعُمرك ما يغني الثراءُ عن الفتى
سكْرَةُ
فكشف عن وجهه ،وقال :ليس كذلك ،ولكن قولي َ ] :وجَاءَ تْ َ
ك مَا ُكنْتَ ِمنْ ُه َتحِيدُ[(.)1
ت بِا ْلحَقّ ذَِل َ
المَوْ ِ
373
ولكن نقل عنه أنه قال في صحته :ليت أمي لم تلدني ! ونحو هذا قاله
خوفا – إن صح الن قل ع نه .وم ثل هذا الكلم منقول عن جما عة أن هم قالوه
خيّرت بيسن أن
خوفا وهيبسة مسن أهوال يوم القيامسة ،حتسى قال بعضهسم :لو ُ
أحاسب وأدخل الجنة ،وبين أن أصير ترابا ،لخترت أن أصير ترابا .وروى
المام أحمد عن أبي ذر أنه قال :وال لوددت أني شجرة تعضد .
(فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :وقال أبو بكر :ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت
بيدي على يد أحد الرجل ين ،فكان هو الم ير وك نت الوز ير )) .قال (( :و هو
يدل على أنه لم يكن صالحا يرتضى لنفسه المامة )).
والجواب :أن هذا إن كان قاله فهو أدلّ دليل على أن عليّا لم يكن هو
المام ؛ وذلك أن قائل هذا إنما يقوله خوفا من ال أن يضيع حق الولية ،وأنه
إذا ولّى غيَره ،وكان وزيرا له ،كان أبرأ لذمتسه .فلو كان عليّس هسو المام ،
لكا نت تولي ته ل حد الرجل ين إضا عة للما مة أي ضا ،وكان يكون وزيرا لظالم
غيره ،وكان قد باع آخرته بدنيا غيره .وهذا ل يفعله من يخاف ال ،ويطلب
براءة ذمته .
(فصسسسسسل)
قال الرافضني (( :وقال رسسول ال eفسي مرض موتسه ،مرة بعسد أخرى ،
مكررا لذلك :أنفذوا ج يش أ سامة ،ل عن ال المتخلف عن ج يش أ سامة .وكان
الثلثة معه ،ومنع عمر أبو بكر من ذلك )).
والجواب :أن هذا من الكذب المتفق على أنه كذب عند كل من يعرف
السيرة ،ولم ينقل أحد من أهل العلم أن النبي eأرسل أبو بكر أو عثمان في
ج يش أ سامة .وإن ما رُوى ذلك في ع مر .وك يف ير سل أ با ب كر في ج يش
أ سامة ،و قد ا ستخلفه ي صلّي بالم سلمين مدة مر ضه .وكان ابتداء مر ضه من
يوم الخميسس إلى الخميسس إلى يوم الثنيسن ،اثنسى عشسر يومسا ،ولم يقدّم فسي
374
ال صلة بالم سلمين إل أ با ب كر بالن قل المتوا تر ،ولم ت كن ال صلة ال تي صلّها
أبو بكر بالمسلمين في مرض النبي eصلةً ول صلتين ،ول صلة يوم ول
ن ما تدع يه الراف ضة من التلب يس ،وأن عائ شة قدّم ته بغ ير
يوم ين ،ح تى يُظَ ّ
أمره ،بل كان يصلّي بهم مدة مرضه ؛ فإن الناس متفقون على أن النبي eلم
ي صل ب هم في مرض مو ته ولم ي صل ب هم إل أ بو ب كر ،وعلى أ نه صلّى ب هم
عدة أيام .وأقل ما قيل :أنّه صلّى بهم سبع عشرة صلة ؛ صلّى بهم صلة
العشاء الخرة ليلة الجمعسة ،وخطسب بهسم يوم الجمعسة .هذا مسا تواترت بسه
الحاد يث ال صحيحة ،ولم يزل ي صلّي ب هم إلى ف جر يوم الثن ين .صلّى ب هم
صلة الفجر ،وكشف النبي eالستارة ،فرآهم يصلّون خلف أبي بكر ،فلما
رأوه كادوا يفتنون في صلتهم ،ثُم أر خى ال ستارة .وكان ذلك آ خر عهد هم
به ،وتوفي يوم الثنين حين اشتد الضحى قريبا من الزوال .
(فصسسسسسل)
قال الرافضي (( :وأيضا لمْ ُيوَلّ النبي eأبا بكر البتة عمل في وقته،
بل ولّى عليه عمرو بن العاص تارة وأسامة أخرى .ولما أنفذه بسورة ((براءة
)) ردّه بعسد ثلثسة أيام بوحسي مسن ال ،وكيسف يرتضسي العاقسل إمامسة مسن ل
يرتضيه النبي eبوحي من ال لداء عشر آيات من ((براءة ))؟!)).
والجواب :أن هذا مسن َأبْيَن الكذب ؛ فإنسه مسن المعلوم المتواتسر عنسد
أهل التفسير والمغازى والسير والحديث والفقه وغيرهم :أن النبي eاستعمل
أبا بكر على الحج عام تسع ،وهو أول حج كان في السلم من مدينة رسول
ال ،eولم يكن قبله حج في السلم ،إل الحجة التي أقامها عتاب بن أسيد بن
أبي العاص بن أمية من مكة ؛ فإن مكة فتحت سنة ثمان ،وأقام الحج ذلك
العام عتاب بن أسيد ،الذي استعمله النبي eعلى أهل مكة ثم أمّر أبا بكر سنة
375
تسع للحج ،بعد رجوع النبي eمن غزوة تبوك ،وفيها َأمَر أبا بكر بالمناداة
فسي الموسسم :أن ل يحسج بعسد العام مشرك ،ول يطوف بالبيست عُريان .ولم
يؤمّر النبي eغير أبي بكر على مثل هذه الولية ؛ فولية أبي بكر كانت من
خصسائصه ،فإن النسبي eلم يؤمّرس على الحسج أحدا كتأميسر أبسي بكسر ،ولم
ي ستخلف على ال صلة أحدا كا ستخلف أ بي ب كر ،وكان عليّ من رعي ته في
هذه الحجة ؛ فإنه لحقه فقال :أمير أو مأمور ؟ فقال عل يّ :بل مأمور .وكان
عل يّ يصلّي خلف أبي بكر مع سائر المسلمين في هذه الولية ،ويأتمر لمره
كما يأتمر له سائر من معه ،ونادى عليّ مع الناس في هذه الحجة بأمر أبي
بكر .
عليس
ّ وأمسا وليسة غيسر أبسي بكسر فكان يشاركسه فيهسا غيره ،كوليسة
وغيره؛ فلم يكن لعل يّ ولية إل ولغيره مثلها ،بخلف ولية أبي بكر ،فإنها
ل ال نبي eعلى أ بي ب كر ل أ سامة بن ز يد ول عمرو
من خ صائصه ،ولم يو ّ
بن العاص .
فأما تأمير أسامة عليه فمن الكذب المتفق على كذبه .
عمْرا في سرية
وأما قصة عمرو بن العاص ،فإن النبي eكان أرسل َ
،وهسي غزوة ذات السسلسل ،وكانست إلى بنسي عذرة ،وهسم أخوال عمرو ،
فأمّر عمرا ليكون ذلك سببا لسلمهم ،للقرابة التي له منهم .ثم أردفه بأبي
عبيدة ،ومعه أبو بكر وعمر و غيرهما من المهاجرين .و قال :
عمْرا قال :أصسلّي بأصسحابي وتصسلّي
تطاوعسا ول تختلفسا )) فلمسا لحسق َ ((
بأصحابك .قال :بل أنا أصلّي بكم ؛ فإنما أنت مدد لي .فقال له أبو عبيدة :
إن رسسول ال eأمرنسي أن أطاوعسك ،فإن عصسيتني أطعتسك .قال :فإنسي
أعصيك .فأراد عمرو أن ينازعه في ذلك ،فأشار عليه أبو بكر أن ل يفعل .
ورأى أبو بكر أن ذلك أصلح للمر ،فكانوا يصلّون خلف عمرو ،مع علم كل
أحد أن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة أفضل من عمرو .
وأما قول الرافضي :إنه لما أنفذه ببراءة ردّه بعد ثلثة أيام ؛ فهذا من
376
الكذب المعلوم ؟أنه كذب .فإن النبي eلما أمّر أبا بكر على الحج ،ذهب كما
أمره ،وأقام ال حج في ذلك العام ،عام ت سع ،للناس ،ولم ير جع إلى المدي نة
حتى قضى الحج ،وأنفذ فيه ما أمره به النبي ،eفإن المشركين كانوا يحجون
البيست ،وكانوا يطوفون بالبيست عراة ،وكان بيسن النسبي eوبيسن المشركيسن
عهود مطلقة ،فبعث أبا بكر وأمره أن ينادي :أن ل يحج بعد العام مشرك ،
ول يطوف بالبيست عُريان .فنادى بذلك مسن أمره أبسو بكسر بالنداء ذلك العام ،
ي بن أبي طالب من جملة من نادى بذلك في الموسم بأمر أبي بكر ،
وكان عل ّ
ولكن لما خرج أبو بكر أردفه النبي eبعليّ بن أبي طالب لينبذ إلى المشركين
العهود .
قالوا :وكان مسسن عادة العرب أن ل يعقسسد العهود ول يفسسسخها إل
المطاع ،أو رجل من أهل بيته َ .ف َبعَث عليّا لجل فسخ العهود التي كانت مع
ي ي صلّي خلف أ بي
المشرك ين خا صة ،لم يبع ثه لش يء آ خر .ولهذا كان عل ّ
ب كر ،ويد فع بدف عه في ال حج ،ك سائر رع ية أ بي ب كر الذ ين كانوا م عه في
الموسم.
(فصسسسل)
قال الرافضي(( :وقطع يسار سارق ،ولم يعلم أن القطع لليد اليمنى)).
ل هذا ،من أظهر الكذب .
والجواب :أن قول القائل :إن أبا بكر يجه ُ
ولوقدّر أن أبا بكركان يجيز ذلك ،لكان ذلك قول سائغا ؛ لن القرآن ليس في
ظاهره ما يعيّ ن اليم ين ،ل كن تعي ين اليم ين في قراءة ا بن م سعود ] :فاقطعوا
أيمانهما [ وبذلك مضت السنة .ولكن أين النقل بذلك عن أبي بكر tأنه قطع
اليسسرى ؟ وأيسن السسناد الثابست بذلك ؟ وهذه كتسب أهسل العلم بالثار موجودة
ل يس في ها ذلك ،ول ن قل أ هل العلم بالختلف ذلك قول ،مع تعظيم هم ل بي
بكر . t
(فصسسسل)
377
قال الرافضي (( :وأحرق الفجاءة السلمى بالنار ،وقد نهى النبي eعن
الحراق بالنار )).
الجواب :أن الحراق بالنار عن عليّ أشهر وأظهر منه عن أبي بكر.
وأنه قد ثبت في الصحيح أن عليّا ُأتِ يَ بقوم زنادقة من غلة الشيعة ،فحرّقهم
بالنار ،فبلغ ذلك ابن عباس ،فقال :لو كنت أنا لم أحرّقهم بالنار ،لنهي النبي
مسن بدّل دينسه (( eأن ُي َعذّب بعذاب ال ،ولضربست أعناقهسم ،لقول النسبي :e
فاقتلوه )) .فبلغ ذلك عليّا فقال :ويح ابن أم الفضل ما أسقطه عَلَى الهنات(. )1
فعليّس حرق جماعسة بالنار .فإن كان مسا فعله أبسو بكسر منكرا ،ففعسل
عل يّ أنكر منه ،وإن كان فعل عل يّ مما ل يُنكر مثله على الئمة ،فأبو بكر
أوْلى أن ل يُنكر عليه .
(فصسسسل)
قال الراف ضي َ (( :وخَفِ يَ عل يه أك ثر أحكام الشري عة ،فلم يعرف ح كم
الكللة ،وقال :أقول في ها برأ يي ،فأن يك صوابا ف من ال ،وإن يك خ طأ
فمني ومن الشيطان .وقضى بالجد بسبعين قضية .وهو يدل على قصوره في
العلم )).
والجواب :أن هذا من أع ظم البهتان .ك يف يخ فى عل يه أك ثر أحكام
الشريعسة ،ولم يكسن بحضرة النسبي eمسن يقضسى ويُفتسى إل هسو ؟! ولم يكسن
النبي eأكثر مشاورة لحدٍ من الصحابة م نه له ولعمر .ولم يكن أحدٌ أعظم
اختصاصا بالنبي eمنه ثم عمر .
وقد ذكر غير واحد ،مثل منصور بن عبد الجبّار السمعاني وغيره ،
إجماع أهل العلم على أن الصدّيق أعلم المة .وهذا بيّنٌ ،فإن المة لم تختلف
في ولي ته في م سألة إل ف صلّها هو بعلم يبيّنه ل هم ،وح جة يذكر ها ل هم من
الكتاب وال سنة .كما بيّ ن لهم موت ال نبي ،eوتثبيتهم على اليمان ،وقراء ته
378
عليهسم اليسة ،ثسم بيّنس لهسم موضسع دفنسه ،وبيّنس لهسم قتال مانعسي الزكاة لمسا
استراب فيه عمر ،وبيّن لهم أن الخلفة في قريش في سقيفة بني ساعدة ،لمّا
ظن من ظن أنها تكون في غير قريش .
و قد ا ستعمله ال نبي eعلى أول ح جة ح جت من مدي نة ال نبي .eوعِلْ مُ
المناسك أدقّ ما في العبادات ،لول سعة علمه بها لم يستعمله .وكذلك الصلة
استخلفه فيها ،ولول علمه بها لم يستخلفه .ولم يستخلف غيره ل في حج ول
في صلة .
وكتاب ال صدقة ال تي فرض ها ر سول ال eأخذه أ نس من أ بي ب كر .
وهو أصح ما رُوى فيها ،وعليه اعتمد الفقهاء .
و في الجملة ل يُعرف ل بي ب كر م سألة من الشري عة غلط في ها ،و قد
عُرف لغيره مسائل كثيرة ،كما بسط في موضعه .
وأما قول الرافضي (( :لم يعرف حكم الكللة حتى قال فيها برأيه )).
فالجواب :أن هذا مسن أعظسم علمسه .فإن هذا الرأي الذي رآه فسي
الكللة قد ات فق عل يه جماه ير العلماء بعده ؛ فإن هم أخذوا في الكللة بقول أ بي
بكسر ،وهسو مسن ل ولد له ول والد ،والقول بالرأي هسو معروف عسن سسائر
الصحابة ،كأبي بكر وعمر وعثمان وعل يّ وابن مسعود وزيد بن ثابت ومعاذ
بن ج بل ،ل كن الرأي الموا فق لل حق هو الذي يكون ل صاحبه أجران ،كرأي
الصدّيق ،فإن هذا خير من الرأي الذي غاية صاحبه أن يكون له أجر واحد .
عبَاد لعل يّ :أرأ يت م سيرك هذا :ألع هد عهده إل يك
و قد قال ق يس بن ُ
رسول ال eأم رأى رأيته ؟ فقال :بل رأى رأيته .رواه أبو داود وغيره(.)1
فإن كان مثل هذا الرأي الذي حصل به من سفك الدماء ما حصل ،ل
يمنسع صساحبه أن يكون إماما ،فكيسف بذلك الرأي الذي اتفسق جماهيسر العلماء
على حسنه .
وأما ما ذكره من قضائه في الجد بسبعين قضية ،فهذا كذب .وليس
379
هو قول أ بي ب كر ،ول نُ قل هذا عن أ بي ب كر بل ن قل هذا عن أ بى ب كر يدل
على غاية جهل هؤلء الروافض وكذبهم .
(فصسسسل)
قال الراف ضي :فأي ن سبة له ب من قال (( :سلوني ق بل أن تفقدو ني ،
سلوني عن طرق السماء فإني أعرف بها من طرق الرض )).
قال أ بو البحتري :رأ يت عليّ ا صعد الم نبر بالكو فة ،وعل يه مدر عة
كا نت لر سول ال eمتقلدا ل سيف ر سول ال eمتعم ما بعما مة ر سول ال .e
وفي أصبعه خاتم رسول ال eفقعد على المنبر ،وكشف عن بطنه ،فقال :
سسلوني مسن قبسل أن تفقدونسي ،فإنمسا بيسن الجوانسح منسى علم جسم ،هذا سسفط
العلم ،هذا لعاب رسول ال ،eهذا ما زقّني رسول ال eزقّا من غير وحي
إل يّ ،فوال لو ثُن يت لي و سادة فجل ست علي ها لفت يت أ هل التوراة بتورات هم ،
وأهسل النجيسل بإنجيلهسم ،حتسى يُنطسق ال التوراة والنجيسل فتقول :صسدق
عليّ ،قد أفتاكم بما أنزل ال فيّ ،وأنتم تتلون الكتاب ،أفل تعقلون )).
والجواب :أ ما قول عل يّ (( :سلوني )) فإن ما كان يخا طب بهذا أ هل
جهّالً لم يدركوا النبي .eوأما
الكوفة ليعلّمهم العلم والدين ؛ فإن غالبهم كانوا ُ
أبو بكر فكان الذ ين حول منبره هم أكابر أصحاب النبي ،eالذين تعلّموا من
ر سول ال eالعلم والد ين ،فكا نت رع ية أ بي ب كر أعلم ال مة وَأ ْديَن ها .وأ ما
ي يخاطبهم فهم من جملة عوام الناس التابعين ،وكان كثير منهم
الذين كان عل ّ
مسن شرار التابعيسن .ولهذا كان علي ّ tيذمّهسم ويدعسو عليهسم ،وكان التابعون
بمكة والمدينة والشام والبصرة خيرا منهم .
وقسد جمسع الناس القضيسة والفتاوى المنقولة عسن أبسي بكسر وعمسر
وعثمان وعل يّ ،فوجدوا أَ صْ َوبَها وأدلّ ها على علم صاحبها أمور أ بي ب كر ثم
ع مر .ولهذا كان ما يُو جد من المور ال تي وُ جد ن صٌ يخالف ها عن ع مر أ قل
مما وُجد عن عل يّ ،وأما أبو بكر فل يكاد يوجد ن صّ يخالفه ،وكان هو الذي
380
يفصل المور المشتبهة عليهم ،ولم يكن يُعرف منهم اختلف على عهده.وعامة
ما تنازعوا فيه من الحكام كان بعد أبي بكر .
والحديث المذكور عن عليّ كذب ظاهر ل تجوز نسبة مثله إلى عليّ ؛
فإن عليّاس أعلم بال وبديسن ال مسن أن يحكسم بالتوراة والنجيسل ،إذ كان
الم سلمون متفق ين على أ نه ل يجوز لم سلم أن يح كم ب ين أ حد إل ب ما أنزل ال
في القرآن .وإذا تحاكم اليهود والنصارى إلى المسلمين لم يجز لهم أن يحكموا
بينهم إل بما أنزل ال في القرآن .
وإذا كان مسن المعلوم بالكتاب والسسنة والجماع ،أن الحاكسم بيسن
اليهود والنصارى ل يجوز أن يحكم بينهم إل بما أنزل ال على محمد ،سواء
وافق ما بأيديهم من التوراة والنجيل أو لم يوافقه ،كان من نسب عليّا إلى أنه
يحكسم بالتوراة والنجيسل بيسن اليهود والنصسارى ،أو يفتيهسم بذلك ،ويمدحسه
بذلك :إما أن يكون من أجهل الناس بالدين ،وبما يُمدح به صاحبه ،وإما أن
يكون زندي قا ملحدا أراد القدح في عل يّ بم ثل هذا الكلم الذي ي ستحق صاحبه
الذم والعقاب ،دون المدح والثواب .
( فصسسسل)
قال الراف ضي (( :وروى البيه قي بإ سناده عن ر سول ال eأ نه قال :
من أراد أن ين ظر إلى آدم في عل مه ،وإلى نوح في تقواه ،وإلى إبراه يم في
حلمه ،وإلى موسى في هيبته ،وإلى عيسى في عبادته ،فلينظر إلى عل يّ بن
أبي طالب ،فأثبت له ما تفرّق فيهم )).
والجواب أن يقال أول :أ ين إ سناد هذا الحد يث ؟ والبيه قي يروي في
الفضائل أحاد يث كثيرة ضعي فة ،بل موضو عة ،ك ما جرت عادة أمثاله من
أهل العلم .
ويقال ثانيا :هذا الحديث كذب موضوع على رسول ال eبل ريب
عنسد أهسل العلم بالحديسث ،ولهذا ل يذكره أهسل العلم بالحديسث ،وإن كانوا
381
حراصا على جمع فضائل عل يّ ،كالنسائي ؛ فإنه قصد أن يجمع فضائل عل يّ
فسي كتاب سسماه (( الخصسائص )) ،والترمذي قسد ذكسر أحاديسث متعددة فسي
فضائله ،وفيها ما هو ضعيف بل موضوع ،ومع هذا لم يذكروا هذا ونحوه .
(فصسسسل)
قال الرافضني (( :قال أبسو عمسر الزاهسد :قال أبسو العباس :ل نعلم
أحدا قال بعد نبيه (( :سلوني )) من شيثٍ إلى محمدٍ إل عليّ ،فسأله الكابر :
أبو بكر وعمر وأشباههما ،حتى انقطع السؤال .ثم قال بعد هذا :يا ُك َميْل بن
زياد ،إن ههنا لعلما جما لو أصبت له حملة )).
والجواب :أن هذا النقل إن صح عن ثعلب ؛ فثعلب لم يذكر له إسنادا
ح تى يُح تج به .ول يس ثعلب من أئ مة الحد يث الذ ين يعرفون صحيحه من
سقيمه ،حتى يُقال :قد صح عنده .كما إذا قال ذلك أحمد أو يحيى بن معين
أو البخاري ونحو هم .بل من هو أعلم من ثعلب من الفقهاء يذكرون أحاد يث
كثيرة ل أصل لها ،فكيف ثعلب ؟! وهو قد سمع هذا من بعض الناس الذين ل
يذكرون ما يقولون عن أحد .
وعلي ّ tلم ي كن يقول هذا بالمدي نة ،ل في خل فة أ بي ب كر ول ع مر
ول عثمان ،وإنما كان يقول هذا في خلفته في الكوفة ،ليعلم أولئك الذين لم
يكونوا يعلمون مسا ينبغسي لهسم علمسه .وكان هذا لتقصسيرهم فسي طلب العلم ،
وكان علي ّ tيأمرهم بطلب العلم والسؤال .
وحديسث ُكمَيْسل بسن زياد يدل على هذا ؛ فإن كميل مسن التابعيسن لم
يصسحبه إل بالكوفسة ،فدل عَلَى أنسه كان يرى تقصسيرا مسن أولئك عسن كونهسم
حملة للعلم ،ولم يكسن يقول هذا فسي المهاجريسن والنصسار ،بسل كان عظيسم
الثناء عليهم .
وأ ما أ بو ب كر فلم ي سأل عليّ ا قط عن ش يء .وأ ما ع مر فكان يشاور
الصحابة :عثمان وعليّا وعبد الرحمن وابن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم .
382
ي من أهل الشورى .
فكان عل ّ
( فصسسسل)
قال الرافضي (( :وأهمل حدود ال فلم يقتص من خالد بن الوليد ول
حدّه حيسث قتسل مالك بسن نويرة ،وكان مسسلما ،وتزوج امرأتسه فسي ليلة قتله
وضاجعها .وأشار عليه عمر بقتله فلم يفعل )).
والجواب أن يقال أولً :إن كان ترك قتل قاتل المعصوم مما يُنكر على
ي ؛ فإن عثمان خير من
الئمة ،كان هذا من أعظم حجة شيعة عثمان عَلَى عل ّ
ملء الرض من مثل مالك بن نويرة ،وهو خليفة المسلمين ،وقد قُتل مظلوما
شهيدا بل تأو يل م سوّغ لقتله .وعل يّ لم يق تل َقتَلَ ته ،وكان هذا من أع ظم ما
امتن عت به شي عة عثمان عن مبايعة عل يّ ،فإ نْ كان عل يّ له عذر شرعي في
ترك قتل قتلة عثمان ،فعذر أبي بكر في ترك قتل قاتل مالك بن نويرة أقوى ،
وإن لم ي كن ل بي ب كر عذر في ذلك فعل يّ أَوْلى أن ل يكون له عذر في ترك
قتل قتلة عثمان .
وأمسا مسا تفعله الرافضسة مسن النكار على أبسي بكسر فسي هذه القضيسة
ال صغيرة ،وترك إنكار ما هو أع ظم من ها عَلَى عل يّ ،فهذا من فرط جهل هم
وتناقضهم .
وكذلك إنكارهسم عَلَى عثمان كونسه لم يقتسل عُبيسد ال بسن عمسر
بالهرمزان ،هو من هذا الباب .
س كان معذورا فسي ترك قتسل قتلة عثمان ،لن
وإذا قال القائل :علي ّ
شروط الستيفاء لم توجد :إما لعدم العلم بأعيان ال َقتَلة ،وإما لعجزه عن القوم
لكونهم ذوى شوكة ،ونحو ذلك .
قيل :فشروط ال ستيفاء لم توجد في قتل قا تل مالك بن نويرة ،وق تل
قاتل الهرمزان ،لوجود الشبهة في ذلك .والحدود تُدرأ بالشّبهات .
وعليس
ّ وإذا قالوا :عمسر أشار عَلَى أبسي بكسر بقتسل خالد بسن الوليسد ،
383
أشار عَلَى عثمان بقتل عبيد ال بن عمر .
ق يل :وطل حة والزب ير وغيره ما أشاروا عَلَى عل يّ بق تل قتلة عثمان ،
مع أن الذ ين أشاروا عَلَى أ بي ب كر بال َقوَد ،أقام علي هم حجّة سلّموا ل ها :إ ما
لظهور الحق معه ،وإما لكون ذلك مما يسوغ فيه الجتهاد.
وعليّس لمسا يوافسق الذيسن أشاروا عل يه بالقود ،جرى بينسه وبينهسم مسن
الحروب ما قد عُلم .وق تل قتلة عثمان أهون م ما جرى بالج مل و صفّين فإذا
كان في هذا اجتهاد سائغ ،ففي ذلك أوْلى .
وإن قالوا :عثمان كان مباح الدم .
ق يل ل هم :فل ي شك أ حد في أن إبا حة دم مالك بن نُويرة أظ هر من
إباحسة دم عثمان ،بسل مالك بسن نويرة ل يُعرف أنسه كان معصسوم الدم ،ولم
يث بت ذلك عند نا .وأ ما عثمان ف قد ث بت بالتوا تر ون صوص الكتاب وال سنة أ نه
كان معصوم الدم .وبين عثمان ومالك بن نويرة من الفرق ما ل يحصى عدده
إل ال تعالى .
ومن قال :إن عثمان كان مباح الدم ،لم يمكنه أن يجعل عليّا معصوم
س
الدم ،ول الحسسين ؛ فإن عصسمة دم عثمان أظهسر مسن عصسمة دم علي ّ
والح سين .وعثمان أب عد عن موجبات الق تل من علي والح سين .وشُب هة َقتَلة
عثمان أضعف بكثير من شبهة َقتَلَة عليّ والحسين ؛ فإن عثمان لم يقتل مسلما،
ول قا تل أحدا على ولي ته ولم يطلب قتال أ حد على ولي ته أ صل؛ فإن و جب
أن يُقال :مسن قتسل خلقسا مسن المسسلمين على وليتسه إنسه معصسوم الدم ،وإنسه
مجتهد فيما فعله ،فَلَن يُقال :عثمان معصوم الدم ،وإنه مجتهد فيما فعله من
الموال والوليات بطريق الوْلى والحرى .
ثم يُقال :غا ية ما يُقال في ق صة مالك بن نويرة :إ نه كان مع صوم
الدم وإن خالدا قتله بتأويل ،وهذا ل يبيح قتل خالد ،كما أن أسامة بن زيد لما
يا (( قتل الرجل الذي قال :ل إله إل ال .وقال له النبي صلى ال عليه وسلم:
أ سامة أقتل ته ب عد أن قال :ل إله إل ال ؟ يا أ سامة أقتل ته ب عد أن قال :ل إله
384
فأنكر عليه قتله ،ولم ()1
)) إل ال ؟يا أ سامة أقتل ته بعد أن قال :ل إله إل ال ؟
يوجب عليه قَوَدا ول دِية ول كفّارة .
وأما ما ذكره من تزوجه بامرأته ليلة قتله ,فهذا مما لم يعرف ثبوته .
ولو ثبت لكان هناك تأويل يمنع الرجم .والفقهاء مختلفون في عدة الوفاة :هل
تجب للكافر ؟ على قولين .وكذلك تنازعوا هل يجب على الذميّة عدة الوفاة ؟
على قولين مشهورين للمسلمين .بخلف عدة الطلق ,فإن تلك سببها الوطء,
فل بد من براءة الر حم .وأ ما عدة الوفاة فت جب بمجرد الع قد ,فإذا مات ق بل
الدخول بها فهل تعتد من الكافر أم ل ؟ فيه نزاع .و كذلك إن دخل بها ,وقد
حاضت بعد الدخول حيضة .
هذا إذا كان الكا فر أ صليا .وأ ما المر تد إذا ق تل ,أو مات على رد ته .
ففي مذهب الشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد ليس عليها عدة وفاة بل عدة
فرقسة بائنسة ,لن النكاح بطسل بردة الزوج .وهذه الفرقسة ليسست طلقا عنسد
الشاف عي وأح مد ,و هي طلق ع ند مالك وأ بي حني فة ,ولهذا لم يوجبوا علي ها
عدة وفاة ,بل عدة فرقة بائنة ,فإن كان لم يدخل بها فل عدة عليها ,كما ليس
عليها عدة من طلق .
385
وبالجملة فنحسن لم نعلم أن القضيسة وقعست على وجسه ل يسسوغ فيهسا
الجتهاد والط عن بم ثل ذلك من قول من يتكلم بل علم ,وهذا م ما حرّ مه ال
ورسوله.
(فصسسسل)
قال الرافضي (( :وخالف أمر النبي eفي توريث بنت النبي eومنعها
فدكا ,وتسمّى بخليفة رسول ال eمن غير أن يستخلفه)) .
الجننواب :اما الميراث فجميع المسلمين مع أبي بكر في ذلك ,ما خل
ب عض الشي عة ,و قد تقدم الكلم في ذلك ,وبيّ نا أن هذا من العلم الثا بت عن
النبي ,eوأن قول الرافضة باطل قطعا .
ثسم لو احتسج محتسج بان عليا كان يمنسع المال ابسن عباس وغيره مسن بنسي
ها شم ,ح تى ا خذ ا بن عباس ب عض مال الب صرة وذ هب به .لم ي كن الجواب
عن علي إل بأنه إمام عادل .
وهذا الجواب هو في حق أ بي بكر بطر يق الولى والحرى .وأبو ب كر
أعظم محبة لفاطمة ومرعاة لها من علي لبن عباس .وابن عباس بعلي أشبه
من فاط مة بأ بي ب كر ,فإن ف ضل أبي ب كر على فاط مة أع ظم من ف ضل عل يّ
على ابن عباس .
(فصسسسل)
وأ ما ت سميته بخلي فة ر سول ال ؛ فإن الم سلمين سمّوه بذلك .فإن كان
الخلي فة هو الم ستخلَف ،ك ما ادّعاه هذا ،كان ر سول ال eقد ا ستخلفه ،ك ما
386
يقول ذلك من يقوله من أ هل ال سنّة .وإن كان الخلي فة هو الذي خَلَ فَ غيرَه –
وإن كان لم ي ستخلفه ذلك الغ ير ك ما يقوله الجمهور – لم يح تج في هذا ال سم
إلى الستخلف .
والستعمال الموجود في الكتاب وال سنة يدل على أن هذا ال سم يتناول
جعَلْنَاكُ مْ
كل من خَلَ فَ غيره :سواء استخلفه أو لم يستخلفه ،كقوله تعالى] :ثمّ َ
ن َبعْدِ ِهمْ لِنَ ْنظُ َر كَيْفَ َت ْعمَلونَ [(.)1
خَلئِفَ في الَ ْرضِ مِ ْ
(فصسسسل)
قال الراف ضي (( :ومن ها ما رووه عن ع مر .روى أ بو نُع يم الحا فظ
في كتا به (( حل ية الولياء )) أ نه قال ل ما احتُ ضر قال :يا ليت ني ك نت كب شا
لقو مي ف سمنّوني ما بدا ل هم ،ثم جاء هم أ حب قوم هم إلي هم فذبحو ني ،فجعلوا
نصسفي شوا ًء ونصسفي قديدا ،فأكلونسي ،فأكون عذرة ول أكون بشرا .وهسل
ت تُرابًا [(.)2
هذا إل مسا ٍو لقول الكافر ] :يا لَيْتَني كُنْ ُ
سد احتضاره :لو أن لي ملء الرض
سن عباس عنس
قال (( :وقال لبس
ذهباومثله معسه لفتديست بسه نفسسي مسن هول المطلع.وهذا مثسل قوله]:وَ َل ْو أَنّ
جمِيعا َومِثْلَهُ َمعَهُ لفْتَ َدوْا بِهِ مِنْ سُوءِ ا ْلعَذَاب[ِ(.)3
للذّينَ ظَ َلمُوا مَا في الَرْضِ َ
فلينظر المنصف العاقل قولَ الرجلين عند احتضارهما ،وقول عليّ :
متى ألقاها ..؟ متى يُبعث أشقاها متى ألقى الحبة ..؟ محمدا وحزبه
وقوله حين قتله ابن ملجم :فزت ورب الكعبة )) .
والجواب :أن في هذا الكلم من الجهالة ما يدل على فرط جهل قائله؛
وذلك أن ما ذكره عن عليّ قد نُقل مثله عمّن هو دون أبي بكر وعمر وعثمان
وعل يّ ،بل نُقل مثله عمّن يكفّر عل يّ بن أبي طالب من الخوارج .كقول بلل
387
عتيسق أبسي بكسر عنسد الحتضار ،وامرأتسه تقول :واحرباه ،وهسو يقول :
واطرباه غدا ألقى الحبة محمدا وحزبه .
وكان عمسر قسد دعسا لمسا عارضوه فسي قسسمة الرض فقال (( :اللهسم
اكفني بللً وذويه ))فما حال الحَوْل وفيهم عين َتطْ ِرفُ.
وروى أبو نُعيم في (( الحلية ))(( :حدثنا القطيعى ،حدثنا الحسن بن
عبد ال ،حدثنا عامر بن سيّار ،حدثنا عبد الحميد بن بهرام ،عن شهر بن
حوشب ،عن عبد الرحمن بن غنم ،عن الحارث بن عمير ،قال :طُعن معاذ
وأبو عبيدة وشُرحبيل بن حسنة وأبو مالك الشعري في يوم واحد .فقال معاذ:
إ نه رح مة رب كم ،ودعوة نبيكم ،وق بض الصالحين قبلكم .الل هم آت آل معاذ
النصيب الوفر من هذه الرحمة .فما أمسى حتى طُعن ابنه عبد الرحمن ِب ْكرُه
الذي كان يُكنّ ى به ،وأ حب الخلق إل يه .فر جع من الم سجد فوجده مكرو با .
ت الحق من ربك فل تكونن من
فقال :يا عبد الرحمن كيف أنت ؟ قال :يا أب ِ
الممترين .قال :وأنا إن شاء ال ستجدني من الصابرين .فأمسكه َليْلَ هُ ثم دفنه
من الغد .وطُ عن معاذ ،فقال ح ين اشتدّ به النزع ،نزع الموت ،فنزع نزعا
خنْقَك ،
لم ينزعسه أحسد ،وكان كلمسا أفاق فتسح طرفسه ،وقال :رب أخنقنسي َ
فوعزتك إنك لتعلم أن قلبي يحبك ))(.)1
ي ،قال ها
وكذلك قوله :فزت ورب الكع بة .قد قال ها من هو دون عل ّ
عامر بن فُهيرة مَوْلَى أبي بكر الصديق لما قُتل يوم بئر معونة .وكان قد بعثه
النبي eمع سرية ِقبَل نجد .قال العلماء بالسير :طعنه جبّار بن سَلْمى فأنفذه.
فقال عامسر :فزت وال .فقال جبّار :مسا قوله فزت وال ؟ قال عروة بسن
الزبير :يرون أن الملئكة دفنته(. )2
وشبيب الخارجي لما طُعن دخل في الطعنة ،وجعل يقول :وعجلت
إليك ربِ لترضى .
388
واعرف شخ صا من أ صحابنا ل ما حضر ته الوفاة ج عل يقول :حب يبي
هاقد جئتك ،حتى خرجت نفسه .ومثل هذا كثير .
وأما خوف عمر وخشيته من ال لكمال علمه ؛ فإن ال تعالى يقول ] :
ن عِبَادِ ِه ا ْلعُ َلمَاءُ [(.)1
خشَى الَ مِ ْ
إِ ّنمَا َي ْ
وقد كان النبي eيصلّي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء(.)2
وأ ما قول الراف ضي (( :و هل هذا إل م ساوٍ لقول الكا فر ] :يَا لَيْتَنِي
كُنْتُ تُرَابا [(.)3
فهذا جهل منه ؛ فإن الكافر يقول ذلك يوم القيامة ،حين ل تُقبل توبة ،
ول تنفع حسنة .وأما من يقول ذلك في الدنيا ،فهذا يقوله في دار العمل على
وجه الخشية ل ،فيُثاب على خوفه من ال .
وقد قالت مريم ]:ياَلَيْتَنِي مِتّ قَ ْبلَ هَذَا َوكُنْ تُ نَسْيًا مَنْسِيّا [(.)4ولم يكن
هذا كتمنّي الموت يوم القيامة .
ول يُج عل هذا كقول أ هل النار ،ك ما أ خبر ال عن هم بقوله ]:وَنَا َدوْا
ن ظَ َلمُوا مَا في
ك [( .)5وكذلك قوله ] :وَ َلوْ أَنّ لِلّذِي َ
علَيْنَا رَبّ َ
ك لِ َيقْ ضِ َ
يَا مَالِ ُ
ن سُو ِء ا ْلعَذَا بِ َيوْ مَ القِيَا َمةِ وَبَدَا َلهُ مْ
جمِيعًا َومِثْلَ هُ َمعَ هُ لَافْتَ َدوْا بِ ِه مِ ُ
ض َ
الَرْ ِ
مّ نَ الِ مَا لَ مْ َيكُونُوا َيحْتَ سِبُونَ [()6؛ فهذا إخبار عن حالهم يوم القيامة حين ل
ينفع توبة ول خشية .
وأ ما في الدن يا ،فالع بد إذا خاف ربّ ه كان خو فه م ما يثي به ال عل يه ،
ف من خاف ال في الدن يا أمّ نه يوم القيا مة ،و من ج عل خوف المؤ من من ر به
في الدنيا كخوف الكافر في الخرة ،فهو كمن جعل الظلمات كالنور ،والظل
389
كالحرور ،والحياء كالموات .
(فصسسسل)
قال الرافضي (( :وروى أصحاب الصحاح الستة من مسند ابن عباس
أن رسول ال eقال في مرض موته:ائتوني بدواة و بياض ،أكتب لكم كتابا ل
تضلّون به من بعدي .فقال عمر :إن الرجل َل َي ْهجُر ،حسبُنا كتاب ال .فكثر
خ ُرجُوا عني ،ل ينبغي التنازع
الّلغَط .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :ا ْ
لديّ .فقال ابن عباس :الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول ال
.eوقال ع مر ل ما مات ر سول ال :eما مات مح مد ول يموت ح تى يق طع
ت َوإِ ّنهُ مْ مَيّتُو نَ
ك مَيّ ٌ
أيدي رجال وأرجلهم .فلما نهاه أبو بكر وتل عليه ] :إنّ َ
عقَابِكُمْ [()2قال :كأني ما سمعت
ن مّاتَ َأوْ قُ ِتلَ ا ْنقَلَبْتُمْ عَلَى أَ ْ
[( ،)1وقوله َ ]:أفَإِ ْ
هذه الية )).
والجواب :أن يقال :أ ما ع مر ف قد ث بت من عل مه وفضله ما لم يث بت
لحد غير أبي يكر .ففي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي eأنه كان يقول:
حدّثون ،فإن ي كن في أم تي أ حد فع مر )).قال ا بن
قد كان في ال مم قبل كم ُم َ ((
ل قد كان في من كان قبلكم (( منهم فإ نه عمر بن الخطاب )) وفي لفظ للبخاري :
من ب ني إ سرائيل رجال يكلّمون من غ ير أن يكونوا أ نبياء فإن ي كن في أم تي
منهم أحد فعمر ))(.)4
بينا أنا نائم إذ رأيت (( وفي الصحيح عن ابن عمر عن النبي eقال:
390
قدحا أتيت به فيه لبن ،فشربت منه حتى أني لرى ال ّريّ يخرج من أظفاري ،
ثم أعطيت فضلى عمر بن الخطاب )) .قالوا :فما أوّلته يا رسول ال ؟ قال :
. ()1
)) العلم ((
وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال :قال رسول ال (( :eبينا أنا نائم
رأ يت الناس يُعرضون عليّ وعلي هم ق مص ،من ها ما يبلغ الثدي ،ومن ها ما
يبلغ دون ذلك ،ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه)).قالوا:ما أوّلت ذلك
. ()2
)) يا رسول ال ؟قال (( :الدين
وأمسا قصسة الكتاب الذي كان رسسول ال eيريسد أن يكتبسه ،فقسد جاء
مبيّنسا ،كمسا فسي الصسحيحين عسن عائشسة tا قالت :قال رسسول ال eفسي
مرضه ((:ادعى لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا ،فإني أخاف أن يتمنى متمنّ
. ()3
)) ويقول قائل :أنا أوْلَى ،ويأبى ال والمؤمنون إل أبا بكر
وفسي صسحيح البخاري عسن القاسسم بسن محمسد ،قال :قالت عائشسة :
. )) ((وارأ ساه .فقال ر سول ال (( :eلو كان وأ نا ح يّ فا ستغفر لك وأد عو لك
قالت عائ شة (( :واثكله ،وال إ ني لظ نك ت حب مو تى ،فلو كان ذلك لظللت
بل (( آخر يومك ُم َعرّسا ببعض أزواجك .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم:
أنا وارأساه .لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد :أن يقول القائلون
أو يتمنى المتمنّون ،ويدفع ال ويأبى المؤمنون ))(.)4
وأ ما ع مر فاشت به عل يه هل كان قول ال نبي eمن شدة المرض ،أو
كان من أقواله المعروفة .والمرض جائز على النبياء .ولهذا قال (( :ماله ؟
أهجر ؟ )) فشكّ في ذلك ولم يجزم بأنه هجر .والشك جائز على عمر ،فإنه
ل معصوم إل النبي .eل سيما وقد شك بشبهة ؛ فإن النبي eكان مريضا ،
391
فلم يدر أكلمسه كان مسن وهسج المرض ،كمسا يعرض للمريسض ،أو كان مسن
كل مه المعروف الذي ي جب قبوله .وكذلك ظن أ نه لم ي مت ح تى تبين أ نه قد
مات .
والنبي eقد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة ،فلما رأى
أن الشك قد وقع ،علم أن الكتاب ل يرفع الشك ،فلم يبق فيه فائدة ،وعلم أن
ال يجمعهم على ما عزم عليه ،كما قال ((:ويأبى ال والمؤمنون إل أبا بكر)) .
وقول ابسن عباس (( :إن الرزيسة مسا حال بيسن رسسول ال eوبيسن أن
يكتب الكتاب )) يقتضي أن هذا الحائل كان رزية ،وهو رزية في حق من شك
في خلفة الصدّيق ،أو اشتبه عليه المر ؛ فإنه لو كان هناك كتاب لزال هذا
الشك .فأما من علم أن خلفته حق فل رزّية في حقه ،ول الحمد .
عليس فهسو ضال باتفاق عامسة
ّ ومسن توهّم أن هذا الكتاب كان بخلفسة
الناس من علماء السنة والشيعة .أما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبي بكر
وتقديمه .وأما الشيعة القائلون بأن عليّا كان هو المستحق للمامة ،فيقولون :
ص على إمام ته ق بل ذلك ن صّا جل يا ظاهرا معرو فا ،وحينئذ فلم ي كن
إ نه قد ن ّ
يحتاج إلى كتاب .
وإن ق يل :أن ال مة جحدت ال نص المعلوم المشهور ،فلن تك تم كتا با
حضره طائفة قليلة أوْلى وأحرى.
وأيضسا فلم يكسن يجوز عندهسم تأخيسر البيان إلى مرض موتسه ،ول
يجوز له ترك الكتاب ل شك من شك ،فلو كان ما يكت به في الكتاب م ما ي جب
بيانسه وكتابتسه ،لكان النسبي eيسبيّنه ويكتبسه ،ول يلتفست إلى قول أحدٍ ،فإنسه
أطوع الخلق له ،فعُلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجبا ،ول كان فيه
من الدين ما تجب كتابته حينئذ ،إذ لو وجب لفعله ،ولو أن عمر tاشتبه عليه
أمر ،ثم تبيّن له أوشك في بعض المور ،فليس هو أعظم ممن يفتى ويقضى
بأمور ويكون ال نبي eقد ح كم بخلف ها ،مجتهدا في ذلك ،ول يكون قد علم
حكم النبي صل ال عليه وسلم ؛ فإن الشك في الحق أخف من الجزم بنقيضه .
392
وكسل هذا إذا كان باجتهاد سسائغ كان غايتسه أن يكون مسن الخطسأ الذي
رفع ال المؤاخذة به .ك ما ق ضى عليّ في الحامل المتوفّى عن ها زوجها أنها
تعت ّد أبعد الجلين ،مع ما ثبت في الصحاح عن النبي eأنه لما قيل له :إن
أ با ال سنابل بن بع كك أف تى بذلك ل سبيعة ال سلمية .فقال ر سول ال صلى ال
ت فانكحي من شئت))(.)1فقد كذّب النبي
عليه وسلم((:كذب أبو السنابل ،بل حلل ِ
eهذا الذي أف تى بهذا .وأ بو ال سنابل لم ي كن من أ هل الجتهاد ،و ما كان له
أن يف ِتيَ بهذا مع حضور النبي .e
وأما عليّ وابن عباس رضى ال عنهما وإن كانا أفتيا بذلك ،لكن كان
س َبيْعة .
ذلك عن اجتهاد ،وكان ذلك بعد موت النبي ،eولم يكن بلغهما قصة ُ
(فصسسسل)
قال الراف ضي (( :ول ما وع ظت فاط مة أ با ب كر في فَدَك ،ك تب ل ها
كتابا بها ،وردها عليها ،فخرجت من عنده ،فلقيها عمر بن الخطاب فحرق
الكتاب ،فد عت عل يه ب ما فعله أ بو لؤلؤة به وعطّل حدود ال فلم يحدّ المغيرة
بن شعبة ،وكان يعطي أزواج النبي eمن بيت المال أكثر مما ينبغي ،وكان
يع طي عائ شة وحف صة في كل سنة عشرة آلف در هم .وغيّ ر ح كم ال في
المنفيين ،وكان قليل المعرفة في الحكام )).
والجواب :أن هذا مسن الكذب الذي ل يسستريب فيسه عالم ،ولم يذكسر
هذا أحد من أهل العلم بالحديث ،ول يُعرف له إسناد .وأبو بكر لم يكتب َفدَكا
قط لحد :ل لفاطمة ول غيرها ،ول دعت فاطمة على عمر .
وما فعله أبو لؤلؤة كرامة في حق عمر ، tوهو أعظم ممّا فعله ابن
ملجم بعلي ّ ، tوما فعله قتلة الحسين tبه .فإن أبا لؤلؤة كافرٌ قتل عمر كما
يقتل الكافر المؤمن .وهذه الشهادة أعظم من شهادة من يقتله مسلم ؛ فإن قتيل
393
الكا فر أع ظم درج ًة من قت يل الم سلمين ،وق تل أ بي لؤلؤة لع مر كان ب عد موت
فاط مة ،بمدة خل فة أ بي ب كر وع مر إل ستة أش هر ،ف من أ ين يُعرف أن قتله
كان بسبب دعاء حصل في تلك المدة.
والداعسي إذا دعسا عَلَى مسسلم بأن يقتله كافسر ،كان ذلك دعاء له ل
)) عليه ،كما كان النبي eيدعو لصحابه بنحو ذلك ،كقوله (( :يغفر ال لفلن
فيقولون :لو أمتعتنا به ! وكان إذا دعا لحد بذلك استُشهد(.)1
ولو قال قائل أن عليّ ا ظلم أ هل صفّين والخوارج ح تى دعوا عل يه ب ما
فعله ابن ملجم ،لم يكن هذا أبعد عن المعقول من هذا .وكذلك لو قال إن آل
سفيان بن حرب دعوا على الحسين بما فُعل به .
وأما قول الرافضي(( :وعطّل حدود ال فلم يحدّ المغيرة بن شعبة)).
فالجواب:أن جماه ير العلماء على ما فعله ع مر في ق صة المغيرة.وأن
البيّنسة إذا لم تكمسل حدّ الشهود.ومسن قال بالقول الخسر لم ينازع فسي أن هذه
مسألة اجتهاد .وقد تقدّم أن ما يرد على علي بتعط يل إقامة القصاص والحدود
على قتلة عثمان أع ظم .فإذا كان القادح في علّي مبطل،فالقادح في ع مر أولى
بالبطلن.
وقوله(( :وكان يعطسي أزواج النسبي eمسن بيست المال أكثسر ممسا
ينبغي.وكان يعطي عائشة وحفصة من المال في كل سنة عشرة آلف درهم)).
فالجواب:أ ما حف صة فكان ينق صها من العطاء لكون ها ابن ته،ك ما ن قص
ع بد ال بن ع مر.وهذا من كمال احتيا طه في العدل،وخو فه مقام ر به،ونه يه
نف سه عن الهوى.و هو كان يرى التفض يل في العطاء بالف ضل،فيع طي أزواج
النبي eأعظم مما يعطي غيرهن من النساء،كما كان يعطي بني هاشم من آل
أبي طالب وآل العباس أكثر مما يعطي من عداهم من سائر القبائل.فإذا فضّل
شخصسا كان لجسل اتصساله برسسول ال صسلى ال عليسه وسسلم،أو لسسابقته
واسستحقاقه.وكان يقول:ليسس أحسد أحسق بهذا المال مسن أحسد،وإنمسا هسو الرجسل
394
وغناؤه ،والرجسل وبلؤه ،والرجسل وسسابقته ،والرجسل وحاجتسه .فمسا كان
يعطي من يُتهم على إعطائه بمحاباة في صداقة أو قرابة ،بل كان ينقص ابنه
وابنته ونحوهما عن نظرائهم في العطاء ،وإنما كان يفضّل بالسباب الدين ية
المحضة ،ويفضّل أهل بيت النبي eعلى جميع البيوتات ويقدّمهم .
ي ول غيرهما .فإن
وهذه السيرة لم يسرها بعده مثله ل عثمان ول عل ّ
قُدح ف يه بتفض يل أزواج ال نبي ،eفليُقدح ف يه بتفض يل رجال أ هل ب يت ر سول
ال ،eبل وتقديمهم على غيرهم .
(فصسسسل)
وأما قوله (( :وغيّر حكم ال في المنفيين )).
فالجواب :أن التغي ير لح كم ال ب ما ينا قض ح كم ال ،م ثل إ سقاط ما
أوجبه ال ،وتحريم ما أحلّه ال .والنفي في الخمر كان من باب التعزير الذي
ُهس ول
يسسوغ فيسه الجتهاد .وذلك أن الخمسر لم يقدّر النسبي eحدّهسا :ل َقدْر ُ
عثْكول
صسفتُ ُه ،بسل جوّز فيهسا الضرب بالجريسد والنعال ،وأطراف الثياب و ُ
الن خل .والضرب في حد القذف والز نا إن ما يكون بال سوط .وأ ما العدد في
الخمر فقد ضرب الصحابة أربعين ،وضربوا ثمانين .وقد ثبت في الصحيح
سنّة ))(.)1
عن علي ّ tأنه قال (( :وكُلّ ُ
(فصسسسل)
قال الرافضني (( :وكان قليسل المعرفسة بالحكام :أمسر برجسم حامسل .
فقال له عليسّ :إن كان لك عليهسا سسبيل ،فل سسبيل لك على مسا فسي بطنهسا .
فأمسك .وقال :لول عليّ لهلك عمر )).
والجواب :أن هذه الق صة إن كا نت صحيحة ،فل تخلو من أن يكون
عمسر لم يعلم أنهسا حامسل ،فأخسبره عليّ بحملهسا .ول ريسب أن الصسل عدم
العلم ،والمام إذا لم يعلم أن المسستحقة للقتسل أو الرجسم حامسل ،فعرّفسه بعسض
)1(1انظر صحيح مسلم ج 3ص 1332– 1331وسنن أبي داود ج 4ص . 228
395
الناس بحال ها ،كان هذا من جملة إخباره بأحوال الناس المغيّبات ،و من ج نس
ما يشهد به عنده الشهود .وهذا أمر ل بد منه مع كل أحد من النبياء والئمة
وغيرهم ،وليس هذا من الحكام الكلية الشرعية .
وإ ما أن يكون ع مر قد غاب ع نه كون الحا مل ل تر جم ،فل ما ذكّره
عل يّ ذ كر ذلك ،ولهذا أم سك .ولو كان رأ يه أن الحا مل تر جم لرجم ها ،ولم
يرجع إلى رأي غيره .و قد مضت سنة النبي eفي الغامدية ،لما قالت :
اذ هبي ح تى تضع يه ))(.)1ولو قدّر (( (( إ ني حبلى من الز نا فقال ل ها ال نبي e
أنه خفى عليه علم هذه المسألة حتى عرفه ،لم يقدح ذلك فيه ،لن عمر ساس
المسسلمين وأهسل الذمّة ،يعطسي الحقوق ،ويقيسم الحدود ،ويحكسم بيسن الناس
كلهم .وفي زمنه انتشر السلم ،وظهر ظهورا لم يكن قبله مثله ،وهو دائما
يق ضى ويُف تى ،ولول كثرة عل مه لم يُ طق ذلك .فإذا خف يت عل يه قض ية من
مائة ألف قضية ثم عرفها ،أو كان نسيها فذكرها ،فأي عيب في ذلك ؟!
وعلي ّ tقد خَفِ يَ عليه من سنة رسول ال eأضعاف ذلك ،ومنها ما
مات ولم يعرفه .
(فصسسسل)
قال الرافضي (( :وأمر برجم مجنونة ،فقال له عل يّ :tإن القلم رُفع
عن المجنون حتى يفيق ،فأمسك .وقال :لول عليّ لهلك عمر )).
والجواب :أن هذه الزيادة ليسست معروفسة فسي هذا الحديسث .ورجسم
المجنونسة ل يخلو :إمسا أن يكون لم يعلم بجنونهسا فل يقدح ذلك فسي علمسه
بالحكام ،أو كان ذاهل عسن ذلك ف ُذكّرس بذلك ،أو يظسن الظان أن العقوبات
لدفسع الضرر فسي الدنيسا .والمجنون قسد يُعاقسب لدفسع عدوانسه على غيره مسن
العقلء والمجانين .والزنا هو من العدوان ،فيُعاقب على ذلك حتى يتبين له
أن هذا من باب حدود ال تعالى التي ل تقام إل على المكلف .
396
والشري عة قد جاءت بعقو بة ال صبيان على ترك ال صلة ،ك ما قال :e
((مروهم بالصلة لسبع واضربوهم عليها لعشر،وفرّقوا بينهم في المضاجع))(.)2
والمجنون إذا صسال ولم يندفسع صسياله إل بقتله قُتسل ،بسل البهيمسة إذا
صسالت ولم يندفسع صسيالها إل بقتلهسا قُتلت ،وإن كانست مملوكسة لم يكسن على
قاتلها ضمان للمالك عند جمهور العلماء ،كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم .
وبالجملة فما ذكره من المطاعن في عمر وغيره يرجع إلى شيئين :
إما نقص العلم ،وإما نقص الدين .ونحن الن في ذكره .فما ذكره من منع
فاطمة ومحاباته في القَ سْم ودرء الحد ونحو ذلك يرجع إلى أنه لم يكن عادل
بسل كان ظالمسا .ومسن المعلوم للخاص والعام أن عدل عمسر tمل الفاق ،
وصسار يُضرب بسه المثسل ،كمسا قيسل :سسيرة العمريسن ،وأحدهمسا عمسر بسن
الخطاب ،والخر قيل :إنه عمر بن عبد العزيز ،وهو قول أحمد بن حنبل
وغيره من أ هل العلم والحد يث وق يل :هو أ بو ب كر وع مر ،و هو قول أ بي
عبيدة وطائفة من أهل اللغة والنحو .
)1(2رواه أبو داود ج 1ص 193وأحمد ج 10ص 218-217تحقيق أحمد شاكر .
397
فهرس الزء الول لختصر منهاج السنة
الصفحة الوضوع
وجوب إظهار العلم ول سيما عندما يعلن آخر هذه المة أولا
مت سيت الرافضة بذا السم ,وكذا الزيدية وبذلك يعرف كذب
الرافضة أكذب الناس وهذا فيهم قدي ,وليسوا أهل علم ..............
398
الصفحة الوضوع
يلزم الرافضة ف قولم ف النتظر أن اللق أشقياء جيعا وهم اشقاهم .....
399
الصفحة الوضوع
انتهوا عن النفاق......................................................
اللحدة يتظاهرون بالتشيع لقلة عقل الشيعة ومقصدهم إفساد الدين ...
تقسيم الرافضي الصحابة إل أصحاب هوى أو جهل ظال أو مقلد لظال ..
على السلمي.........................................................
400
الصفحة الوضوع
استدلل الرافضي بشذوذ مذهبهم على أنم على الق والرد عليه .......
أهل السنة أعظم جزما بنجاة أئمتهم كالعشرة وأهل بدر ,وأهل بيعة
الرضوان..............................................................
جهل الرافضي ف استدلله على إمامة عليّ بأنه كان يصلي كل ليلة
جهل الرافضي ف قوله جعله ال نفس رسوله – يعن علي ابن أب طالب..
قول علي بن السي للرافضة (( :ما زال حبكم بنا حت صار
401
الصفحة الوضوع
شدة تعصب الرافضة ومن أجل ذلك جعلوا للبنت جيع الياث ليقولوا
إن فاطمة رضي ال عنها ورثت أباها رسول ال صلى ال عليه وسلم..
دعوى الرافضي أن أهل السنة ابتدعوا أشياء ل تكن .مثل ذكر اللفاء
402
الصفحة الوضوع
دعوى الرافضي أن أبا بكر منع فاطمة إرثها من أبيها رسول ال عليه
السلم..............................................................
كذب الرافضي فيما نسبه إل الرسول صلى ال عليه وسلم أنه قال :
عليه ................................................................
نقمة الرافضي على أهل السنة لنم سوا عمرا الفاروق دون علي .....
عيب الرافضي أهل السنة بتعظيمهم عائشة رضي ال عنها والرد عليه
وبيان خزيه........................................................
الصفحة الوضوع
403
دعوى الرافضي أن السلمي أجعوا على قتل عثمان رضي ال عنه......
قد يرمي الرجل الخر بالكفر أو النفاق غية على الق ويكون كل
كذب الرافضي على أهل السنة بأنم خصوا معاوية بأنه كاتب وحي ..
404
الصفحة الوضوع
دعوى الرافضي أن معاوية طيلة حياة النب كان كافرا وأنه هرب إل
قتالم ..............................................................
تعجيز الرافضة أن يقيموا دليل على إيان عليّ رضي ال عنه على
أصلهم..............................................................
405
الصفحة الوضوع
بطلن كون إبليس كان اعبد اللئكة ,وإنه كان يمل العرش ,أو من
حلته.................................................................
كذب الرافضة وخرافاتم الت زعموا وقوعها بسبب قتل السي رضي
ال عنه...............................................................
أهل السنة يقولون بإمامة يزيد بن معاوية ونوه بعن ذو سلطان بغض
ادخل الشيطان بسبب مقتل السي على الناس أمورا شنيعة من سب
من هم آل النب صلى ال عليه وسلم الذين ترم عليهم الزكاة؟ .......
406
الصفحة الوضوع
خاصة بما..........................................................
الحاديث الت يعتمد عليها الرافضي ف فضائل علي وأنه الوصي كلها
كذب .............................................................
الرسول صلى ال عليه وسلم شبه أبو بكر بإبراهيم وعيسـى ,وشبه
عمر بنوح وموسى وذلك أبلغ قوله لعلي :وأنت من بنلة هارون من
ظاهره كفر)).......................................................
407
الصفحة الوضوع
عيب الرافضة أبا بكر الصديق بقوله (( :أقيلون فلست بيكم ,
وجوابه )) .......................................................
قوله :إنه قال عند موته :ليت أمي ل تلدن وبيان بطلنه .............
إذا تكلم الرجل بكلم يتمن فيه ما ل يكون يعذر إذا كان الامل
عيب الرافضي أبا بكر على قوله (( :ليتن ف ظلة بن ساعدة ضربت
زعم الرافضي –وهو مكذوب -أن الرسول صلى ال عليه وسلم لعن
من تلف عن جيش أسـامة ,ث ادعى كاذبا أن اللفاء الثلثة كانوا
زعم الرافضي –وهم مكذوب -أن النب صلى ال عليه وسلم ل يولّ
408
الصفحة الوضوع
الوليات الت ولها النب صلى ال عليه وسلم أبا بكر كانت خصائض
كذب الرافضي ف زعمه أن أبا بكر رضي ال عنه قطع يسار سارق ...
الدلئل على كمال الصديق رضي ال عنه ف العلم والسياسة والتقوى ..
مدح الرافضة لعلي يعود قدحا وذما ,وهكذا أئمتهم لن رأس مالم
الكذب..............................................................
الرافضة يعيبون أبا بكر لنه ل يقتص من خالد لا قتل مالك بن نويرة ,
زعم الرافضي الكذوب أن أبا بكر منع فاطمة إرثها ,وعابه بتسمية
دعوى الرافضي أن أبا بكر وعمر تنيا عدم الوجود أو أنما بيمة تؤكل
اشـتبه على عمر قول النب صلى ال عليه وسـلم (( :ائتون بكتاب
409
الصفحة الوضوع
من قال أن الكتاب الذي هم النب أن يكتبه ف خلفة عليّ ,فهو ضال
أنواع من أكاذيب الرافضي على أمي الؤمني عمر رضي ال عنه وبيان
بطلنا...............................................................
زعم الرافضي أن أمي الؤمني عمر رضي ال عنه عطل حدود ال ......
بالحكام.............................................................
410