You are on page 1of 355

‫تأليف‬

‫‪0106761219‬‬
‫ش العزيز بالله ـ الزيتون ـ القاهرة‬

‫ـــ ‪ 1‬ـــ‬
‫حقوق الطبع‬
‫متاحة لكل مسلم يريد توزيعه‬
‫مجانا‬
‫دون حذف أو إضافة أو تغيير وليس‬
‫لي غرض تجاري‬

‫الطبعة الولى ‪2005 /1426 -‬‬

‫رقم اليداع بدار الكتب‬


‫‪2005 / 2835‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الترقيم الدولي ‪I . S . B . N -‬‬
‫ـــ ‪ 2‬ـــ‬
‫‪977 - 17 - 2008 - 2‬‬

‫إن المـد ل نمده ونسـتعينه ونسـتغفره‬


‫ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪،‬‬
‫مـن يهده ال فل مضـل له ومـن يضلل فل هادي‬
‫له‪ ،‬وأشهـد أن ل إله إل ال وحده ل شريـك له‬
‫وأش هد أن ممدا ع بد ال ور سوله‪ .‬الل هم صلي‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا ‪.‬‬
‫أما بعد ‪.‬‬
‫فإن أشرف الوسـائل وأعلهـا وأقواهـا فيمـا‬
‫يتقرب بـه العبـد إل ال أن يتوسـل إليـه بأسـائه‬
‫السن‪ ،‬وقد أمرنا ال ف كتابه أن ندعوه با فقال‬
‫‪ :‬وَلِ الس ْـمَا ُء السـْن فَادعُوه باـ َو َذرُوا‬

‫ـــ ‪ 3‬ـــ‬
‫جزَون م َا كَانُوا‬
‫سـي ْ‬
‫أسـمَاِئ ِه َُ‬
‫حدُون ف ِي ْ‬
‫الذِيـن يُل ِ‬
‫َي ْعمَلون [العراف‪. ]1 8 0 :‬‬
‫و ف ال صحيحي من حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن‬
‫سعِي ا ْسمَا مِائة‬
‫سعَة َوِت ْ‬
‫رسول ال قال‪( :‬إن لِ ِت ْ‬
‫إل وَا ِحدًا َم ْن أ ْحصَاهَا َدخَل النة) ‪.‬‬
‫‪1‬‬‫( )‬

‫قال ابن القيم‪( :‬فالعلم بأسائه وإحصاؤها أصل‬


‫لسـائر العلوم‪ ،‬فمـن أحصـى أسـاءه كمـا ينبغـي‬
‫أحصـى جيـع العلوم‪ ،‬إذ إحصـاء أسـائه أصـل‬
‫لحصـاء كـل معلوم؛ لن العلومات هـي مـن‬
‫مقتضاها ومرتبطة با) ( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ويذ كر ا بن الق يم أن مرا تب إح صاء ال ساء‬


‫السن الت من أحصاها دخل النة ثلث مراتب‪:‬‬

‫‪1‬صحيح البخاري (‪ ،)6957‬ومسلم (‪. )2677‬‬


‫‪2‬بدائع الفوائد ‪. 1/171‬‬
‫ـــ ‪ 4‬ـــ‬
‫الرتبة الول إحصاء ألفاظها وعددها‪ .‬الرتبة الثانية‬
‫فهم معانيها ومدلولا‪ .‬الرتبة الثالثة دعاؤه با) ( ) ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ـة على اختلف‬ ‫ـن العلوم أن علماء المـ‬‫ومـ‬


‫مذاهبهم اتفقوا على أنه ل يوز أن يسمى ال تعال‬
‫ول أن يب عنه إل با سى به نفسه أو أخب به عن‬
‫نفسه ف كتابه أو على لسان رسوله دون زيادة‬
‫أو نقصان ل يتجاوز القرآن والديث ‪ ،‬يب أنن‬
‫ن سمي ال ب ا ع ند ما جاء ف الكتاب و صحيح‬
‫السنة بذكر أساء ال نصا ؛ لن أساء ال السن‬
‫توقيفية ل مال للعقل فيها؛ فالعقل ل يكنه بفرده‬
‫أن يتعرف على أسـاء ال التـ تليـق بلله؛ ول‬
‫يكنه أيضا إدراك ما يستحقه الرب من صفات‬
‫الكمال والمال؛ فتسمية رب العزة واللل با ل‬
‫يسـم بـه نفسـه قول على ال بل علم‪ ،‬وهـو أمـر‬

‫‪3‬السابق ‪. 1/171‬‬
‫ـــ ‪ 5‬ـــ‬
‫على عباده ‪.‬‬ ‫حرمه ال‬
‫قال ابن حزم‪( :‬ل يوز أن ي سمى ال تعال ول‬
‫أن يب ع نه إل با سى به نف سه أو أ خب به عن‬
‫نفسه ف كتابه أو على لسان رسوله أو صح به‬
‫إجاع جيع أ هل السلم التي قن ول مزيد‪ ،‬وحت‬
‫وإن كان العنـصـحيحا فل يوز أن يطلق عليـه‬
‫تعال اللفظ ‪.‬‬
‫وقد علمنا يقينا أن ال بن السماء فقال‪:‬‬
‫سمَا َء بنيْناهَا [الذاريات‪ ،]4 7 :‬ول يوز أن‬ ‫وَال ّ‬
‫ـباغ النبات‬ ‫ـه تعال خلق أصـ‬ ‫ـمى بناء‪ ،‬وأنـ‬ ‫يسـ‬
‫س ُن‬
‫واليوان وأ نه تعال قال‪ :‬صِبغ َة الِ َو َم ْن أ ْح َ‬
‫مِن الِ صـِبغة [البقرة‪ ،]1 3 8 :‬ول يوز أن‬
‫يسـمى صـباغا‪ ،‬وأنـه تعال سـقانا الغيـث ومياه‬
‫الرض ول ي سمى سقاء ول ساقيا‪ ،‬وهكذا كل‬

‫ـــ ‪ 6‬ـــ‬
‫شيء ل يسم به نفسه) ( )‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫وقال المام النووي‪( :‬أساء ال توقيفية ل تطلق‬


‫عليه إل بدليل صحيح) ( ) ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫واحتـج المام الغزال على أن ال ساء ال سن‬


‫توقيفيـة بالتفاق على أنـه ل يوز لنـا أن نسـمي‬
‫ر سول ال با سم ل ي سمه به أبوه ول سى به‬
‫نفسـه‪ ،‬وكذا كـل كـبي مـن اللق‪ ،‬قال‪ :‬فإذا‬
‫امتنع ذلك ف حق الخلوقي فامتناعه ف حق ال‬
‫أول ( )‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫وقال المام السيوطي‪( :‬اعلم أن أساء ال تعال‬


‫توقيفية بعن أنه ل يوز أن يطلق اسم ما ل يأذن له‬

‫‪4‬الفصل ‪. 2/108‬‬
‫‪5‬شرح النووي ‪. 7/188‬‬
‫‪6‬فتح الباري ‪. 11/223‬‬
‫ـــ ‪ 7‬ـــ‬
‫ـا‬
‫ـد ورد بإطلق مـ‬
‫الشرع‪ ،‬وإن كان الشرع قـ‬
‫يرادفه) ( ) ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫وقال أبـو القاسـم القشيي‪( :‬السـاء تؤخـذ‬


‫توقي فا من الكتاب وال سنة والجاع‪ ،‬ف كل ا سم‬
‫ورد فيها وجب إطلقه ف وصفه‪ ،‬وما ل يرد ل يز‬
‫ولو صح معناه) ( ) ‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫وقال ابن الوزير الرتضى‪( :‬فأساء ال وصفاته‬


‫توقيفية شرعية‪ ،‬وهو أعز من أن يطلق عليه عبيده‬
‫الهلة مـا رأوا مـن ذلك‪ ،‬فل يوز تسـميته رب‬
‫الكلب والنازير ونو ذلك من غي إذن شرعي‪،‬‬
‫وإنا يسمى با سى به نفسه) ( ) ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫‪7‬شرح سنن ابن ماجة ‪. 1/275‬‬


‫‪8‬سبل السلم ‪. 4/109‬‬
‫‪9‬إيثار الق ‪. 1/314‬‬
‫ـــ ‪ 8‬ـــ‬
‫والقوال ف ذلك كثية ي عز إح صاؤها وكل ها‬
‫تدل على أن عقيدة أهـل السـنة والماعـة مبنيـة‬
‫على أن ال ساء ال سن توقيف ية‪ ،‬وأ نه ل بد ف‬
‫كل اسم من دليل نصي صحيح يُذكر فيه السم‬
‫ـ تاه ال ساء ال سن‬ ‫بلفظـه‪ ،‬ومـن ثـفإن دورن ا‬
‫المـع والحصـاء ثـ الفـظ والدعاء وليـس‬
‫الشتقاق والنشاء ‪.‬‬
‫السؤال الذي يطرح نفسه كضرورة ملحة ف‬
‫التعرف على أساء ال‪ :‬ما هي الساء السن الت‬
‫ندعو ال با ؟ وكيف اشتهرت الساء الت يعرفها‬
‫عامة السلمي حت الن ؟‬
‫التفق على ثبوته‬
‫هو الشارة إل العدد تسعة وتسعي‬
‫إن التفق على ثبوته وصحته عن رسول ال‬
‫ـــ ‪ 9‬ـــ‬
‫هو الشارة إل العدد تسعة وتسعي الذي ورد ف‬
‫الصحيحي من حديث أب هريرة ‪ ،t‬لكن ل يثبت‬
‫عن ال نب تعي ي ال ساء ال سن أو سردها ف‬
‫نـص واحـد‪ ،‬وهذا أمـر ل يفـى على العلماء‬
‫الراسخي قديا وحديثا والحدثي منهم خصوصا‪،‬‬
‫إذا ك يف ظهرت ال ساء ال ت يفظ ها الناس م نذ‬
‫قرون ؟!‬
‫ثلثة من رواة الديث‬
‫اجتهدوا ف جع الساء السن‬
‫فـ نايـة القرن الثانـ ومطلع القرن الثالث‬
‫الجري حاول ثلثـة مـن رواة الديـث جعهـا‬
‫باجتهادهم؛ إما استنباطا من القرآن والسنة أو نقل‬
‫عن اجتهاد الخرين ف زمانم؛ الول منهم وهو‬
‫أشهرهم وأسبقهم الوليد بن مسلم مول بن أمية‬

‫ـــ ‪ 10‬ـــ‬
‫(ت‪1 9 5 :‬هـ)‪،‬وهو عند علماء الرح والتعديل‬
‫كثي التدليس ف الديث ( )‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫والثا ن ع بد اللك ال صنعان‪ ،‬و هو عند هم‬


‫منـ ل يوز الحتجاج بروايتـه لنـه ينفرد‬
‫بالوضوعات ( )‪ .‬أ ما الثالث ف هو ع بد العز يز‬
‫‪11‬‬

‫بن الصي‪ ،‬وهو ضعيف ذاهب الديث كما‬


‫ذكر المام مسلم ( )‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫هؤلء الثلثة اجتهدوا فج مع كل من هم قرابة‬


‫التسعة والتسعي اسا ث فسر با حديث أب هريرة‬
‫الذي أشار فيه النب إل هذا العدد ‪.‬‬
‫ما جعه الوليد بن مسلم‬

‫‪10‬تقريب التهذيب لبن حجر ‪. 2/336‬‬


‫‪11‬الكاشف للذهب ‪. 2/214‬‬
‫‪12‬الضعفاء والتروكي ‪.2/109‬‬
‫ـــ ‪ 11‬ـــ‬
‫هو الذي اشتهر منذ أكثر من ألف عام‬
‫لكن ما جعه الوليد بن مسلم هو الذي اشتهر‬
‫ب ي الناس م نذ أك ثر من ألف عام ف قد جع ثان ية‬
‫وتسـعي اسـا بالضافـة إل لفـظ الللة وهـي‪:‬‬
‫سلَم الؤ ِم ُن الهَيم ُن‬ ‫س ال ّ‬‫الرح ُن الرّحيم اَللِك القدّو ُ‬
‫ـ ّو ُر الغفا ُر‬‫ال َعزِي ُز الَبا ُر الت َكبّر الالِق البارِي ُء الصـ َ‬
‫ض الباسِط‬ ‫ب الرّزاق الفتاح ال َعلِيم القَاِب ُ‬ ‫ال َقهّا ُر ال َوهّا ُ‬
‫ص ُي الَكَم‬ ‫سمِي ُع الب ِ‬ ‫ض الرّاِف ُع ال عز الذِل ال ّ‬ ‫الاف ُ‬
‫ف الَب ُي ا َللِيم ال َعظِيم الغفُو ُر الشكُو ُر‬ ‫العَدل اللطِي ُ‬
‫ب الَليل ال َكرِي‬ ‫ظ القِيت ا َلسِي ُ‬ ‫ال َعِليّ الكَب ُي ا َلفِي ُ‬
‫َاسـ ُع الكِيـم ال َودُو ُد اَلجِي ُد‬ ‫ِيبـ الو ِ‬
‫ِيبـ الج ُ‬ ‫الرق ُ‬
‫الباعِث الشهِي ُد الَق ال َو ِك يل ال َقوِيّ اَلتِيُ ال َولِيّ‬
‫ح يي ال ِم يت الَيّ‬ ‫ح صِي البدِي ُء العِي ُد ال ْ‬ ‫ا َلمِي ُد ال ْ‬
‫ـ َم ُد القَا ِد ُر القت ِد ُر‬
‫ال َقيّوم الوَا ِج ُد الَا ِج ُد الوَا ِح ُد الصـّ‬
‫ـ الوَالِي‬ ‫ال َقدّم ال َؤ ّخ ُر الوّل ال ِخ ُر الظا ِه ُر الباطِن ـ ُ‬

‫ـــ ‪ 12‬ـــ‬
‫ـ‬
‫ّابـ النتقـم ال َعُف ّو ال ّرءُوف مَالِك ُ‬
‫التعالِي ال ّب التو ُ‬
‫ِعـالغنِيّ‬
‫َامـالقسـِط الَام ُ‬ ‫اللكـذُو الل ِل وَال ْكر ِ‬ ‫ِ‬
‫الغنِي الَاِن ُع الضّا ّر الناِف ُع النو ُر الَادِي البدِي ُع الباقِي‬
‫صبُور ( )‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫الوَارِث ال ّرشِي ُد ال ّ‬
‫الساء الت كان يدث با‬
‫الوليد ل تكن متطابقة ف كل مرة‬
‫ولننظـر كيـف اشتهرت السـاء التـاجتهـد‬
‫الوليد بن مسلم ف جعها ؟!‬
‫كان الول يد كثيا ما يدث الناس بد يث أ ب‬
‫هريرة ‪ t‬التفـق عليـه والذي يشيـ إجال إل‬
‫إح صاء ت سعة وت سعي ا سا ث يتب عه ف أغلب‬
‫الحيان بذ كر ال ساء ال ت تو صل إلي ها باجتهاده‬

‫‪13‬الترمذي (‪ ،)3507‬وانظر ضعيف الامع (‪. )1943‬‬


‫ـــ ‪ 13‬ـــ‬
‫كتفسي شخصي منه للحديث ‪.‬‬
‫وقـد نقلت عنـه مدرجـة مـع كلم النـب ؛‬
‫وألقت أو بع ن آ خر أل صقت بالد يث النبوي‪،‬‬
‫و ظن أغلب الناس ب عد ذلك أن ا نص من كلم‬
‫ال نب فحفظو ها وانتشرت ب ي العا مة والا صة‬
‫حت الن ‪.‬‬
‫ومع أن المام الترمذي لا دون تلك الساء ف‬
‫سننه مدرجة مع الديث النبوي نبه على غرابتها‪،‬‬
‫وهو يقصد بغرابتها ضعفها وعدم ثبوتا كما ذكر‬
‫ذلك الشيخ اللبان رحه ال ‪.‬‬
‫بل من المور العجيبة الت ل يعرفها الكثيون‬
‫ـ‬
‫أن السـاء التـكان الوليـد بـن مسـلم يذكره ا‬
‫للناس ل تكن واحدة ف كل مرة‪ ،‬ول تكن متطابقة‬
‫قط‪ ،‬بل يتنوع اجتهاده عند اللقاء فيذكر للناس‬

‫ـــ ‪ 14‬ـــ‬
‫أ ساء أخرى متل فة ع ما ذكره ف اللقاء ال سابق‪،‬‬
‫فالساء الت رواها عنه الطبان وضع الوليد فيها‬
‫القائم الدائم بدل من القابض الباسط اللذين وردا‬
‫فـ روايـة الترمذي الشهورة‪ ،‬واسـتبدل أيضـا‬
‫الرشيـد بالشديـد‪ ،‬والعلى والحيـط والالك بدل‬
‫من الودود والجيد والكيم ‪.‬‬
‫وأي ضا فإن ال ساء ال ت روا ها ع نه ا بن حبان‬
‫وضع فيها الرافع بدل من الانع ف رواية الترمذي‪،‬‬
‫و ما رواه ع نه ا بن خزية و ضع ف يه الا كم بديل‬
‫عن الك يم والقر يب بديل عن الرق يب‪ ،‬والول‬
‫بديل من الوال‪ ،‬والحد مكان الغن ‪.‬‬
‫و ف روا ية البيه قي ا ستبدل الول يد الق يت‬
‫بديل مـن الغيـث‪ ،‬ورويـت عنـه أيضـا بعـض‬
‫الروايات اختلفت عن رواية الترمذي ف ثلثة‬

‫ـــ ‪ 15‬ـــ‬
‫وعشرين اسا ( )‪ ،‬والعجيب أن الساء الدرجة‬
‫‪14‬‬

‫عند الترمذي هي الشتهرة فقط ‪.‬‬


‫اتفق الفاظ من أئمة الديث‬
‫على أن الساء الشهورة ل يرد ف تعيينها‬
‫حديث صحيح‬
‫والقصـد أن هذه السـاء التـيفظهـا الناس‬
‫ليست نصا من كلم النب ‪ ،‬وإنا هي ملحقة أو‬
‫ملصقة أو كما قال الحدثون مدرجة مع قول النب‬
‫سعِي ا ْسمَا مِائة إل وَا ِحدًا) ‪.‬‬
‫سعَة َوِت ْ‬
‫‪( :‬إن لِ ِت ْ‬
‫وهذا أمر قد يكون غريبا على عامة الناس لكنه ل‬
‫يفى على أ هل العلم والعر فة بدي ثه ‪ ،‬قال ا بن‬
‫ح جر‪( :‬والتحق يق أن سردها من إدراج الرواة)‬

‫‪14‬فتح الباري ‪. 11/216‬‬


‫ـــ ‪ 16‬ـــ‬
‫( ) ‪ .‬وقال الميـالصـنعان‪( :‬اتفـق الفاظ مـن‬
‫‪15‬‬

‫أئ مة الد يث أن سردها إدراج من ب عض الرواة)‬


‫( )‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫وقال ابن تيمية عن رواية الترمذي وابن ماجه‪:‬‬


‫(و قد ات فق أ هل العر فة بالد يث على أن هات ي‬
‫الروايتي ليستا من كلم النب وإنا كل منهما‬
‫من كلم بعض السلف) ( ) ‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫وقال أيضا‪( :‬ل يرد ف تعيين ها حديث صحيح‬


‫عن النب ‪ ،‬وأشهر ما عند الناس فيها حديث‬
‫الترمذي الذي رواه الول يد بن م سلم عن شع يب‬
‫عن أ ب حزة‪ ،‬وحفاظ أ هل الديث يقولون‪ :‬هذه‬

‫‪15‬بلوغ الرام ص ‪. 346‬‬


‫‪16‬سبل السلم ‪. 4/108‬‬
‫‪17‬دقائق التفسي ‪. 2/473‬‬
‫ـــ ‪ 17‬ـــ‬
‫الزيادة ما جعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من‬
‫أهل الديث‪ ،‬وفيها حديث ثان أضعف من هذا‬
‫رواه ا بن ما جه‪ ،‬و قد روي ف عدد ها غ ي هذ ين‬
‫النوعي من جع بعض السلف) ( ) ‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫وقد ذكر أيضا أنه إذا قيل بتعيينها على ما ف‬


‫حد يث الترمذي مثل ف في الكتاب وال سنة أ ساء‬
‫ليست ف ذلك الديث مثل اسم الرب فإنه ليس‬
‫ف حد يث الترمذي‪ ،‬وأك ثر الدعاء الشروع إن ا‬
‫هـو بذا السـم‪ ،‬وكذلك اسـم النان والوتـر‬
‫والطيب والسبوح والشاف؛ كلها ثابتة ف نصوص‬
‫صحيحة؛ وتتبع هذا المر يطول ( ) ‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫ولا كان هذا حال الساء السن الت حفظها‬

‫‪18‬الفتاوى الكبى ‪. 1/217‬‬


‫‪19‬السابق ‪. 1/217‬‬
‫ـــ ‪ 18‬ـــ‬
‫الناس لك ثر من ألف عام‪ ،‬وأنشد ها كل من شد‪،‬‬
‫وكتبت على الوائط ف كل مسجد‪ ،‬فل بد من‬
‫ت نبيه اللي ي من السلمي على ما ث بت في ها من‬
‫الساء و ما ل يث بت‪ ،‬ث تعريف هم بالساء السن‬
‫الصحيحة الثابتة ف الكتاب والسنة ؟ وكيف يكن‬
‫ـ إن‬
‫ـ بسـهولة ؟ وسـوف نذكره ا‬ ‫أن نتعرف عليه ا‬
‫شاء ال بأدلتها ومعانيها‪ ،‬وكيف ندعو ال با ؟ ‪.‬‬
‫أجع العلماء على أن الساء السن‬
‫توقيفية على النص‬
‫ات فق علماء ال مة على اختلف مذاهب هم أ نه‬
‫ي ب الوقوف على ما جاء فـالكتاب و صحيح‬
‫السنة بذكر أساء ال نصا دون زيادة أو نقصان؛‬
‫لن أ ساء ال السن توقيف ية ل مال للع قل في ها؛‬
‫فالعقـل ل يكنـه بفرده أن يتعرف على أسـاء ال‬

‫ـــ ‪ 19‬ـــ‬
‫الت تليق بلله؛ ول يكنه أيضا إدراك ما يستحقه‬
‫الرب مـن صـفات الكمال والمال؛ فتسـمية‬
‫رب العزة واللل ب ا ل ي سم به نف سه قول على‬
‫ال بل علم‪ ،‬وهو أمر حرمه ال على عباده ‪.‬‬
‫قال ابن حزم‪( :‬ل يوز أن ي سمى ال تعال ول‬
‫أن يب ع نه إل با سى به نف سه أو أ خب به عن‬
‫نفسه ف كتابه أو على لسان رسوله أو صح به‬
‫إجاع جيع أ هل السلم التي قن ول مزيد‪ ،‬وحت‬
‫وإن كان العنـصـحيحا فل يوز أن يطلق عليـه‬
‫تعال اللفظ ‪.‬‬
‫وقد علمنا يقينا أن ال بن السماء فقال‪:‬‬
‫سمَا َء بنيْناهَا [الذاريات‪ ،]4 7 :‬ول يوز أن‬ ‫وَال ّ‬
‫ـباغ النبات‬ ‫ـه تعال خلق أصـ‬ ‫ـمى بناء‪ ،‬وأنـ‬‫يسـ‬
‫س ُن‬
‫واليوان وأنه تعال قال‪ :‬صِبغ َة الِ َو َم ْن أ ْح َ‬
‫مِن الِ صـِبغة [البقرة‪ ،]1 3 8 :‬ول يوز أن‬
‫ـــ ‪ 20‬ـــ‬
‫يسـمى صـباغا‪ ،‬وأنـه تعال سـقانا الغيـث ومياه‬
‫الرض ول ي سمى سقاء ول ساقيا‪ ،‬وهكذا كل‬
‫شيء ل يسم به نفسه) ( )‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫وقال المام النووي‪( :‬أساء ال توقيفية ل تطلق‬


‫عليه إل بدليل صحيح) ( ) ‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫واحتــج المام الغزال على أن الســاء‬


‫السن توقيفية بالتفاق على أنه ل يوز لنا أن‬
‫نسمي رسول ال باسم ل يسمه به أبوه ول‬
‫سى به نفسه‪ ،‬وكذا كل كبي من اللق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فإذا امت نع ذلك ف حق الخلوق ي فامتنا عه ف‬
‫حق ال أول ( ) ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫‪20‬الفصل ‪. 2/108‬‬
‫‪21‬شرح النووي ‪. 7/188‬‬
‫‪22‬فتح الباري ‪. 11/223‬‬
‫ـــ ‪ 21‬ـــ‬
‫وقال المام السيوطي‪( :‬اعلم أن أساء ال تعال‬
‫توقيفية بعن أنه ل يوز أن يطلق اسم ما ل يأذن له‬
‫ـا‬
‫ـد ورد بإطلق مـ‬ ‫الشرع‪ ،‬وإن كان الشرع قـ‬
‫يرادفه) ( ) ‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫وقال أبـو القاسـم القشيي‪( :‬السـاء تؤخـذ‬


‫توقي فا من الكتاب وال سنة والجاع‪ ،‬ف كل ا سم‬
‫ورد فيها وجب إطلقه ف وصفه‪ ،‬وما ل يرد ل يز‬
‫ولو صح معناه) ( ) ‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫وقال ابن الوزير الرتضى‪( :‬فأساء ال وصفاته‬


‫توقيفية شرعية‪ ،‬وهو أعز من أن يطلق عليه عبيده‬
‫الهلة مـا رأوا مـن ذلك‪ ،‬فل يوز تسـميته رب‬
‫الكلب والنازير ونو ذلك من غي إذن شرعي‪،‬‬

‫‪23‬شرح سنن ابن ماجة ‪. 1/275‬‬


‫‪24‬سبل السلم ‪. 4/109‬‬
‫ـــ ‪ 22‬ـــ‬
‫وإنا يسمى با سى به نفسه) ( ) ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫والقوال ف ذلك كثية ي عز إح صاؤها وكل ها‬


‫تدل على أن عقيدة أهـل السـنة والماعـة مبنيـة‬
‫على أن ال ساء ال سن توقيف ية‪ ،‬وأ نه ل بد ف‬
‫كل اسم من دليل نصي صحيح يُذكر فيه السم‬
‫ـ تاه ال ساء ال سن‬ ‫بلفظـه‪ ،‬ومـن ثـفإن دورن ا‬
‫المـع والحصـاء ثـ الفـظ والدعاء وليـس‬
‫الشتقاق والنشاء ‪.‬‬
‫كيف نتعرف على أساء ال السن‬
‫الثابتة ف الكتاب والسنة ؟‬
‫وال سؤال الذي يطرح نف سه‪ :‬ما هي ال ساء‬
‫السن الت ندعو ال با ؟ وكيف يكن التعرف‬

‫‪25‬إيثار الق ‪. 1/314‬‬


‫ـــ ‪ 23‬ـــ‬
‫علي ها ؟ قال ا بن الوز ير‪( :‬تي يز الت سعة والت سعي‬
‫يتاج إل نص مت فق على صحته أو توف يق ربا ن‪،‬‬
‫وقـد عدم النـص التفـق على صـحته فـتعيينهـا‪،‬‬
‫فينبغي ف تعيي ما تعي منها الرجوع إل ما ورد ف‬
‫كتاب ال بن صه أو ما ورد ف الت فق على صحته‬
‫من الديث) ( )‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫والرجوع إل ما أشار إل يه ا بن الوز ير م سألة‬


‫أ كب من طا قة فرد وأو سع من دائرة م د؛ لن‬
‫الشرط الول وال ساسي ف إح صاء ال ساء هو‬
‫فحص جيع الن صوص القرآنية وجيع ما ورد ف‬
‫السنة النبوية ما وصل إلينا ف الكتبة السلمية‪،‬‬
‫وهذا المر يتطلب استقصاء شامل لكل اسم ورد‬
‫فـالقرآن‪ ،‬وكذلك كـل نـص ثبـت فـالسـنة‪،‬‬
‫ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات اللف من‬

‫‪26‬العواصم ‪. 7/228‬‬
‫ـــ ‪ 24‬ـــ‬
‫الحاد يث النبو ية وقراءت ا كل مة كل مة لتحق يق‬
‫القول ف إسم واحد ‪.‬‬
‫ـر‬‫ـن قدرة البشـ‬
‫وذلك فـ العادة خارج عـ‬
‫الحدودة وأيامهم العدودة؛ ولذلك ل يقم أحد من‬
‫أهل العلم سلفا وخلفا بتتبع الساء حصرا‪ ،‬وإنا‬
‫جع كل منهم ما استطاع باجتهاده ووسعه‪ ،‬وكان‬
‫أغلب هم يكت في بروا ية الترمذي‪ ،‬أو ما رآه صوابا‬
‫ع ند ا بن ما جة والا كم‪ ،‬فيقوم بشر حه وتف سيه‬
‫كمـا فعـل كثيـمـن الئمـة كالزجاج والطابـ‬
‫والبيهقـي والقشيي والغزال والرازي والقرطـب‬
‫وغيهم من القدامى والعاصرين ‪.‬‬
‫ولا يسر ال السباب ف هذا العصر أصبح‬
‫من المكن إناز مثل هذا البحث ف وقت قصي‬
‫ن سبيا‪ ،‬وذلك با ستخدام الك مبيوتر والو سوعات‬
‫اللكترونية الت قامت على خدمة القرآن الكري‪،‬‬
‫ـــ ‪ 25‬ـــ‬
‫وحوت آلف الكتـب العلميـة واشتملت على‬
‫الراجـع ال صلية للسـنة النبويـة وكتـب التفسـي‬
‫ـ الكثيـ‬
‫والفقـه والعقائد والدب والنحـو وغيه ا‬
‫والكثي ‪.‬‬
‫لقد كان لرتباط التقنية الديثة بجال العقيدة‬
‫أثر كبي ف ظهور الفاجأة الت ل تكن متوقعة‪،‬‬
‫وهي تصديق البحث الاسوب لقول النب ‪( :‬إن‬
‫سعِي ا ْسمَا مِائة إل وَا ِحدًا) ‪.‬‬
‫سعَة َوِت ْ‬
‫ِل ِت ْ‬
‫ولنبدأ أول بذكـر الشروط أو الضوابـط التـ‬
‫يتم كن من خلل ا أي م سلم أن يتعرف ب سهولة‬
‫ويسر على كل اسم من الساء السن‪ ،‬والدليل‬
‫على تلك الشروط من كتاب ال‪:‬‬
‫الشرط الول للحصاء‬
‫ثبوت السم نصا ف القرآن أو صحيح السنة‬
‫ـــ ‪ 26‬ـــ‬
‫طالا أنه ل يصح عن النب حديث ف تعينها‬
‫وسردها فل بد لحصائها من وجود السم نصا‬
‫ف القرآن أو صحيح السنة‪ ،‬وهذا الشرط مأخوذ‬
‫من قوله تعال‪َ :‬ولِ ال ْسمَا ُء ال سْن فَادعُوه با‬
‫ـظ السـاء يدل على أن أناـ معهودة‬ ‫‪ ،‬ولفـ‬
‫موجودة‪ ،‬فاللف واللم للعهـد‪ ،‬ولاـكان دورنـا‬
‫ـاء دون الشتقاق‬ ‫ـو الحصـ‬ ‫ـاء هـ‬
‫حيال السـ‬
‫والنشاء‪ ،‬فإن الحصــاء ل يكون إل لشيــء‬
‫موجود ومعهود ول يعرف ذلك إل با نص عليه‬
‫القرآن أو ثبت ف صحيح السنة ‪.‬‬
‫ومعلوم من مذ هب أ هل ال سنة والما عة أن‬
‫ال ساء توقيف ية على الدلة ال سمعية‪ ،‬ول بد في ها‬
‫من تري الدليل بطريقة علمية تضمن لنا مرجعية‬
‫السـم إل كلم ال ورسـوله ‪ ،‬ول يكون ذلك‬
‫إل بالرجوع إل ما ورد ف القرآن الكري بنصه أو‬

‫ـــ ‪ 27‬ـــ‬
‫صح ف السنة؛ فمحيط الرسالة ل ترج عن هذه‬
‫الدائرة ‪.‬‬
‫أما القواعد الت يعتمد عليها ف تييز الديث‬
‫القبول من الردود‪ ،‬والصحيح من الضعيف فهي‬
‫قواعـد الحدثيـ‪ ،‬أو مـا عرف بعلم مصـطلح‬
‫الديث الذي يشترط ف الديث الصحيح اتصال‬
‫السند بنقل العدل الضابط عن مثله إل منتهاه من‬
‫غ ي شذوذ ول علة‪ ،‬وعلى ما هو مع تب أي ضا ف‬
‫قواعدهم وأصولم ( ) ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫وليـس كـل مـا نسـب إل النـب يقبـل بل‬


‫ضابط أو نقاش‪ ،‬فل بد من الترابط العلمي التصل‬
‫بي رواة السند؛ بيث يتلقى الراوي اللحق عن‬
‫السـابق؛ فل يكون بيـاثنيـمـن رواة الديـث‬

‫‪27‬النهل الروي لبن جاعة ص ‪ 33‬بتصرف ‪.‬‬


‫ـــ ‪ 28‬ـــ‬
‫فجوة زمنية أو مسافة مكانية يتعذر معها اللقاء أو‬
‫يستحيل معها التلقي والداء ‪.‬‬
‫ك ما يلزم أي ضا ات صاف الرواة بالعدالة‪ ،‬و هى‬
‫صفة خلق ية تكت سبها الن فس الن سانية‪ ،‬وت مل‬
‫صـاحبها على ملزمـة التقوى والروءة ومانبـة‬
‫الف سوق والبتداع؛ فل يعرف بارتكاب كبية أو‬
‫إصـرار على صـغية‪ ،‬ول بـد أن يتصـف الراوي‬
‫أيضا بالضبط‪ ،‬والتثبت من الفظ‪ ،‬والسلمة من‬
‫الطأ‪ ،‬وانعدام الوهم مع القدرة على استحضار ما‬
‫حفظـه‪ ،‬وهذا شرط فـ جيـع رواة الديـث‬
‫الصحيح من أول السند إل آخره ‪.‬‬
‫يضاف إل ذلك عدم مالفـة الراوي لنـ هـو‬
‫أوثق منه وأثبت‪ ،‬ول يكون ف روايته أيضا علة‬
‫قادحـة أو سـبب ظاهـر يؤدي إل ال كم بعدم‬
‫ثبوت الديث‪ ،‬فالطريق الوحيد العتمد ف ثبوت‬
‫ـــ ‪ 29‬ـــ‬
‫ال سنة هو اللتزام بقوا عد الحدث ي وأ صولم ف‬
‫معرفتها ( ) ‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫أما الكم على ثبوت أحاديث النب بالرؤية‬


‫العقلية أو الصول الكلمية أو الناهج الفلسفية أو‬
‫الكشوفات الذوق ية فل مال له ول عبة به؛ لن‬
‫الراء العقل ية كثية ومتضار بة والواج يد الذوق ية‬
‫متلفة ومتغية‪ ،‬فالكم على حديث الرسول ف‬
‫تلك الالة يكمه الوى ويسوقه استحسان النفس‬
‫‪.‬‬
‫أ ما ال ساء ال ت ل تتوا فق مع هذا الشرط م ا‬
‫اشت هر ف جع الول يد بن م سلم الدرج ف روا ية‬
‫الترمذي‪ ،‬والشهور ب ي الناس م نذ أك ثر من ألف‬
‫عام فهما الواجد والاجد ‪.‬‬

‫‪28‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪. 1/27‬‬


‫ـــ ‪ 30‬ـــ‬
‫وف غي تلك الرواية ما ل يثبت أيضا من أساء‬
‫ِيـ‬
‫ال السـن النظيـف والسـخي والنان وا ْلو ّ‬
‫والف ضل والن عم ورمضان وآم ي وال عز والقيام‬
‫لنا جيعا ل تثبت إل ف روايات ضعيفة أو موقوفة‬
‫أو قراءة شاذة ‪.‬‬
‫الشرط الثان للحصاء‬
‫علمية السم واستيفاء العلمات اللغوية‬
‫يشترط ف جع الساء السن وإحصائها من‬
‫الكتاب وال سنة أن يرد ال سم ف ال نص مرادا به‬
‫العلمية ومتميزا بعلمات السية العروفة ف اللغة‪،‬‬
‫كأن يدخل عليه حرف الر كما ورد ف قوله ‪:‬‬
‫وَتو كل َعلَى الَيّ الذِي ل يوت [الفرقان‪:‬‬
‫‪ ،]5 8‬أو يرد السم منونا كقوله تعال‪ :‬سَلٌم‬
‫ِنـرَب َرحِيـم [يـس‪ ،]5 8 :‬أو تدخـل‬ ‫قَول م ْ‬

‫ـــ ‪ 31‬ـــ‬
‫عليه ياء النداء كما ثبت ف دعاء النب ‪( :‬يَا َحيّ‬
‫يَا َقيّوم) ( )‪ ،‬أو يكون السم معرفا باللف واللم‬
‫‪29‬‬

‫ـ ال ْعلَى‬
‫ـ َم َربّك َ‬
‫ح اس ْ‬
‫ـّب ِ‬
‫‪ :‬سَ‬ ‫كقوله‬
‫[العلى‪ ،]1 :‬أو يكون الع ن م سندا إل يه ممول‬
‫َنـ فَاسـْأل بـه خ َبيا‬‫عليـه كقوله‪ :‬ال ّر ْحم ُ‬
‫[الفرقان‪ ،]5 9 :‬فهذه خسـعلمات يتميـز باـ‬
‫السم عن الفعل والرف وقد جعها ابن مالك ف‬
‫قوله‪:‬‬
‫بالر والتنوين والندا وأل‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪30‬‬
‫ومسند للسم تييز حصل‬
‫فل بـد إذا أن تتحقـق فـ السـاء السـن‬
‫علمات السم اللغوية ‪.‬‬

‫‪29‬صحيح أب داود ‪.1326‬‬


‫‪30‬شرح ابن عقيل ‪.1/21‬‬
‫ـــ ‪ 32‬ـــ‬
‫‪َ :‬ولِ ال ْسمَا ُء‬ ‫ودل يل هذا الشرط قوله‬
‫السـمَا ُء‬
‫ْ‬ ‫السـْن فَادعُوه باـ ‪ ،‬وقوله‪ :‬فَله‬
‫السْن ‪ ،‬ول يقل‪ :‬ول الوصاف السن أو فله‬
‫الفعال ال سن‪ ،‬وشتان بيـال ساء والوصـاف‬
‫والفعال؛ فالوصف يتبع الوصوف ول يقوم بنفسه‬
‫كالعلم والقدرة والعزة والك مة والرح ة وال بة‪،‬‬
‫وإنا يقوم الوصف بوصوفه ويقوم الفعل بفاعله إذ‬
‫ل ي صح أن نقول‪ :‬الرح ة ا ستوت على العرش أو‬
‫العزة أجرت الشمـس أو العلم والكمـة والبـة‬
‫أنزلت الكتاب وأظهرت على النب ما غاب من‬
‫السرار ‪.‬‬
‫فهذه كلهـا أوصـاف ل تقوم بنفسـها بلف‬
‫الساء السن الدالة علي السمى الذي اتصف با‬
‫كالرح ن الرح يم والعز يز العل يم وال بي الك يم‬
‫القد ير‪ ،‬ك ما أن مع ن الدعاء بال ساء ال سن ف‬

‫ـــ ‪ 33‬ـــ‬
‫قوله تعال‪ :‬فَادعُوه با أن تدخل على الساء‬
‫أداة النداء سـواء ظاهرة أو مضمرة‪ ،‬والنداء مـن‬
‫علمات السية ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن كثيا من الساء الشتهرة على‬
‫ألسنة الناس ليست من الساء السن‪ ،‬وإنا هي‬
‫فـحقيقتهـا أوصـاف أو أفعال ل تقوم بنفسـها‪،‬‬
‫فكثي من العلماء ورواة الديث جعلوا الرجعية ف‬
‫علمية السم إل أنفسهم وليس إل النص الثابت‪،‬‬
‫فاشتقوا ل أسـاء كثية مـن الوصـاف والفعال‪،‬‬
‫وهذا يعارض ما اتفق عليه السلف ف كون الساء‬
‫السن توقيفية على النص ‪.‬‬
‫من الذي سى ال‬
‫الافض العز الذل العدل الليل الباعث ؟‬
‫إذا كان ال مر كذلك فمـن الذي سـى ال‬
‫ـــ ‪ 34‬ـــ‬
‫ح صِي‬ ‫الافض العز الذِل العَدل ا َلِل يل الباعِث ال ْ‬
‫الب ِد يء الِع يد ال ِم يت الق سِط الغنِي الَاِن ُع الضّا ّر‬
‫صبُور ؟‬
‫النافِع الباقِي ال ّرشِيد ال ّ‬
‫هذه جيعها ليست من أساء ال السن لن ال‬
‫ل ي سم نف سه ب ا‪ ،‬وكذلك ل ترد ف صحيح‬
‫ال سنة‪ ،‬وإن ا ساه ب ا الول يد بن م سلم ض من ما‬
‫أدرجـه باجتهاده فـ روايـة الترمذي الشهورة‪،‬‬
‫فالافض مثل ل يرد ف القرآن أو السنة اسا‪ ،‬وإنا‬
‫ورد بصيغة الفعل فيما صح عن النب أنه قال‪:‬‬
‫ِضـ‬
‫َنامـيَخف ُ‬
‫أنـي َ‬
‫(إن الَ َل يَنام َو َل َينْبغِي لَه ْ‬
‫ط َوَي ْرَفعُه) ( ) ‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫سَ‬
‫ال ِق ْ‬
‫ول يوز لنا أن نشتق ل من كل فعل اسا‪،‬‬
‫ـ سـبحانه‬
‫ـ ال فـذلك قـط‪ ،‬وإناـأمرن ا‬
‫ول يولن ا‬

‫‪31‬صحيح مسلم (‪. )179‬‬


‫ـــ ‪ 35‬ـــ‬
‫بإحصـاء أسـائه وجعهـا وحفظهـا ثـدعاؤه باـ‪،‬‬
‫فدورنـا حيال السـاء السـن الحصـاء وليـس‬
‫الشتقاق والنشاء ‪.‬‬
‫ولو أصر أحد على تسمية ال بالافض وأجاز‬
‫لنفسه ذلك فيلزمه تسميته البناء لنه بن السماء‪،‬‬
‫والسقاء لنه سقى الغيث وسقى أهل النة شرابا‬
‫طهورا‪ ،‬والدمدم لنه دمدم على ثود‪ ،‬والدمر لنه‬
‫د مر على الكافر ين‪ ،‬والطا مس ل نه ط مس على‬
‫أعينهـم‪ ،‬والاسـخ لنـه مسـخهم على مكانتهـم‪،‬‬
‫والقطع لنه قطع اليهود أما ‪.‬‬
‫وكذلك يلزمـه تسـمية ال النسـي لنـه‬
‫أن ساهم ذكره‪ ،‬والف جر ل نه ف جر الرض عيو نا‪،‬‬
‫والا مل لنه ح ل نو حا على ذات ألواح ود سر‪،‬‬
‫صبّا‬
‫والصباب والشقاق لنه قال‪ :‬أنا صَببنا الَا َء َ‬
‫ـ [عبـس‪،]2 5 / 2 6 :‬‬ ‫ـ الرْضَـشق ا‬
‫ثـشقَقن ا‬
‫ـــ ‪ 36‬ـــ‬
‫وغ ي ذلك من مئات الفعال ف الكتاب وال سنة‬
‫والت سيقلبها دون حق إل أساء ‪.‬‬
‫ويقال هذا أي ضا ف اشتقاق الول يد بن م سلم‬
‫وغيه لسـيه للمعـز الذل حيـث اشتـق هذيـن‬
‫‪ :‬ق ِل اللهـم مَالِكَـاللك‬ ‫ال سي من قوله‬
‫ك من تشا ُء وَتعِز‬ ‫ع الل َ‬ ‫ك َم ْن تشا ُء وَتْن ِز ُ‬
‫تؤتِي الل َ‬
‫ك عَلى ك ّل‬ ‫َم ْن تشا ُء وَتذِل َم ْن تشا ُء بي ِد َك الْي ُر إن َ‬
‫ـب‬ ‫ش ْي ٍء َقدِي ٌر [آل عمران‪ ،]2 6 :‬فال أخـ‬
‫أ نه يؤ ت ويشاء وينع وي عز ويذل‪ ،‬ول يذ كر ف‬
‫الية بعد مالك اللك واسه القدير سوى الفعال‪،‬‬
‫فاشتقوا ل ا سي من فعل ي وتركوا على قيا سهم‬
‫اسـي آخريـن‪ ،‬فيلزمهـم تسـمية ال بالؤت ِي‬
‫ع فضل عن تسميته بالشيء طالا أن الرجعية‬ ‫وَالْن ِز ُ‬
‫ف علم ية ال سم إل الرأي والشتقاق دون التت بع‬
‫والحصاء ‪.‬‬

‫ـــ ‪ 37‬ـــ‬
‫وكذلك العدل ل يرد فـ القرآن اسـا أو فعل‬
‫ول دليـل لنـسـى ال بذا السـم سـوى المـر‬
‫‪ :‬إن الَـ يَأم ُر بِالعَد ِل‬ ‫بالعدل ف ـ قوله‬
‫والحسان [النحل‪ . ]9 0 :‬أما الليل فلم يرد‬
‫ـ فـالكتاب أو صـحيح السـنة‪ ،‬ولكـن ورد‬ ‫اس ا‬
‫ك‬‫وصف اللل ف قوله تعال‪َ :‬ويَبقَى َوجْه َرّب َ‬
‫ـ [الرحنـ‪ ،]2 7 :‬وفرق‬ ‫ذُو الل ِل وَال ْكرَام ِ‬
‫كبي بي السم والوصف ‪.‬‬
‫ح صِي ل دل يل على إثبات‬ ‫وكذلك الباعِث ال ْ‬
‫هذيـن السـي‪ ،‬والذي ورد فـ القرآن والسـنة‬
‫صفات الفعال ف قط كقوله تعال‪ :‬يَو َم يَبعَث هم‬
‫ال َجمِيعا َفيُنّبئُه ْم ِبمَا َعمِلوا أ ْحصَاه ال وَنسُوه وَال‬
‫ــي‬ ‫َعلَى ك ّل ش ْي ٍء شهِي ٌِد [الجادلة‪ ،]6 :‬وهـ‬
‫كثية ف القرآن والسنة ‪.‬‬
‫ومن اللحظ أن الوليد بن مسلم اشتق الباعث‬
‫ـــ ‪ 38‬ـــ‬
‫من قوله‪( :‬يَبعَث هم) والح صي من قوله‪( :‬أ ْح صَاه‬
‫ال) ترك النبئ من قوله‪( :‬فَينّبئُه مْ) لن الية ل يرد‬
‫فيها بعد اسم ال الشهيد سوى الفعال الت اشتق‬
‫من ها فعل ي وترك الثالث ف ح ي أن تلك ال ساء‬
‫جيع ها ل ترد ن صا صريا ف الكتاب أو صحيح‬
‫السنة ‪.‬‬
‫ـ‬
‫وكذلك القول فـاسـيه البدِيـء العِيـد فهم ا‬
‫اسان ل دليل على ثبوتما‪ ،‬فقد استند من سى ال‬
‫بذين السي إل اجتهاده ف الشتقاق من الفعلي‬
‫ئ َوُيعِي ُد‬
‫الذين وردا ف قوله ‪ :‬إنه ه َو يُب ِد ُ‬
‫ـن‬ ‫ـاء ال السـ‬ ‫[البوج‪ ،]1 3 :‬ومعلوم أن أسـ‬
‫توقيفية على النص‪ ،‬وليس ف الية سوى الفعلي‬
‫فقط ‪.‬‬
‫أ ما الضار النا فع فهذان ال سان ب عد الب حث‬
‫الاسـوب تـبي أن ما ل يردا ف القرآن أو ال سنة‪،‬‬
‫ـــ ‪ 39‬ـــ‬
‫ول يس لن سى ال بما إل اجتهاده ف الشتقاق‬
‫ك‬
‫من العن الذي ورد ف قوله تعال‪ :‬قل ل أ ْمِل ُ‬
‫ضرّا إل مَا شا َء ال [العراف‪:‬‬
‫لِنف سِي نفعا وَل َ‬
‫‪ .]1 8 8‬ول يُذكر ف الية النص على السم أو‬
‫حت الفعل‪ ،‬ول يرد الضار اسا ول وصفا ول فعل‬
‫‪.‬‬
‫وعمليـة البحـث الاسـوب أصـبحت يسـية‬
‫للتعرف على عدم ثبوت اسم المِيت القسِط الغنِي‬
‫صبُور ؟‪.‬‬
‫الَانِع الباقِي الرشِيد ال ّ‬
‫الشرط الثالث للحصاء‬
‫إطلق السم دون إضافة أو تقييد‬
‫والقصـود بذا الشرط أن يرد السـم مطلقـا‬
‫دون تقي يد ظا هر أو إضا فة مقتر نة ب يث يف يد‬
‫الدح والثناء على ال بنفسه‪ ،‬لن الضافة والتقييد‬
‫ـــ ‪ 40‬ـــ‬
‫يدان مــن إطلق الســن والكمال على قدر‬
‫الضاف وشأ نه‪ ،‬و قد ذ كر ال أ ساءه بطل قة‬
‫السـمَا ُء السـْن أي‬
‫السـن فقال‪ :‬وَلِ ْ‬
‫البالغة مطلق السن بل حد ول قيد ‪.‬‬
‫قال القرطـب‪( :‬وحسـن السـاء إناـ يتوجـه‬
‫بتحسي الشرع لطلقها والنص عليها) ( )‪.‬‬
‫‪32‬‬

‫ويد خل ف الطلق أي ضا اقتران السم بالعلو‬


‫الطلق فوق اللئق؛ لن معا ن العلو هي ف حد‬
‫ـد الطلق كمال على‬ ‫ذاتاـ إطلق؛ فالعلو يزيـ‬
‫كمال وجال فوق المال ‪.‬‬
‫وكذلك أيضـا إذا ورد السـم معرفـا باللف‬
‫واللم مطل قا ب صيغة ال مع والتعظ يم فإ نه يز يد‬
‫الطلق عظ مة وجال وح سنا وكمال وين في ف‬

‫‪32‬تفسيالقرطب ‪.10/343‬‬
‫ـــ ‪ 41‬ـــ‬
‫القابـل أي احتمال لتعدد الذوات أو دللة المـع‬
‫على غي التعظيم والجلل ‪.‬‬
‫قال ابـن تيميـة فـ تقريـر الشروط الثلثـة‬
‫السابقة‪( :‬الساء السن العروفة هي الت يدعى‬
‫ال با‪ ،‬وهي الت جاءت ف الكتاب والسنة‪ ،‬وهي‬
‫الت تقتضي الدح والثناء بنفسها) ( ) ‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫وإذا كا نت ال ساء ال سن ل تلو ف أغلب ها‬


‫من تصور التقييد العقلي بالمكنات وارتباط آثارها‬
‫بالخلوقات كالالق واللق والرازق والرزاق‪ ،‬أو‬
‫ـ يتعلق ببعـض الخلوقات‬‫ل تلو مـن ت صيص م ا‬
‫دون بعـض؛ كال ساء الدالة على صـفات الرح ة‬
‫والغفرة مثـل الرحيـم والرءوف والغفور فإن ذلك‬
‫التقييد ل يدخل تت الشرط الذكور ‪.‬‬

‫‪33‬شرح العقيدة الصفهانية ص ‪.19‬‬


‫ـــ ‪ 42‬ـــ‬
‫وإنا الق صود هو التقي يد بالضافة الظاهرة ف‬
‫النـص أو الركبـة مـن إضافـة اسـم الشارة إل‬
‫الوصـف‪ ،‬فل يدخـل فـأسـاء ال السـن إفراد‬
‫البالغ وإطل قه‪ ،‬إذا ال سن ه نا ف تقييده؛ فل بد‬
‫ل بالِغ‬
‫من ذكره مضافا كما ف قوله تعال‪ :‬إن ا َ‬
‫أ ْم ِر ِه [الطلق‪ ،]3 :‬ول ي صح إطلقه ف حق‬
‫ال‪ ،‬بل يذكر كما ورد النص ‪.‬‬
‫وكذلك الخزي يذكر مضافا دون إطلق كما‬
‫ورد ف قوله ال تعال‪ :‬وَأن الَ ْمزِي الكَاِف ِر ين‬
‫[التوبة‪ ،]2 :‬وكذلك ليس من أسائه السن‬
‫العدو لنـه مقيـد كمـا فـقوله‪ :‬فَإن الَ َع ُد ّو‬
‫لِلكَاِفرِيـن [البقرة‪ ،]9 8 :‬وليـس مـن أسـائه‬
‫الادع لنه مقيد‪ ،‬وحسنه ف تقييده كما ف قوله‬
‫ل وَه َو خا ِدعُه ْم‬
‫‪ :‬إن الناِفقِي يُخا ِدعُون ا َ‬
‫‪:‬‬ ‫[النساء‪ . ]1 4 2 :‬وكذلك التم ف قوله‬

‫ـــ ‪ 43‬ـــ‬
‫وَال متِم نُو ِر ِه [ال صف‪ ،]8 :‬والفالق والخرج‬
‫فـ قوله تعال‪ :‬إن ال َ فَالِق الَبّـوَالنوى ‪..‬‬
‫ت [النعام‪. ]9 5 :‬‬ ‫ج اَلّي ِ‬
‫َو ْم ِر ُ‬
‫فالسم الطلق كالرحن الرح يم اللك القدوس‬
‫السلم الؤمن الهيمن هو العن بالسن الطلق‪ ،‬أما‬
‫السم الركب والضاف والقيد فحسنه وكماله ف‬
‫أن يذ كر ك ما ورد به ال نص القرآ ن أو النبوي‪،‬‬
‫وأن تدعوا ال بـه كمـا هـو فتقول‪ :‬يـا ذا اللل‬
‫ـ‬
‫ـ ذو‪ ،‬أو ي ا‬
‫ـ ذا الطول‪ ،‬ول تقـل‪ :‬ي ا‬
‫والكرام‪ ،‬وي ا‬
‫طول‪ ،‬وتقول أي ضا ك ما قال ال نب ‪ ( :‬يا مقلب‬
‫القلوب)‪ ،‬ول تدعو فتقول‪ :‬يا مقلب فقط من غي‬
‫الضافة الواردة ف النص ‪.‬‬
‫ومثال ما ل يتوافق مع شرط الطلق ما ورد‬
‫مضا فا أو مقيدا ا سم ال الغا فر والقا بل والشد يد‬
‫والفاطر والاعل والتوف والرافع والطهر والهلك‬
‫ـــ ‪ 44‬ـــ‬
‫والفي والنل والسريع والح يي والرف يع والنور‬
‫والبديـع والكاشـف والصـاحب والليفـة والقائم‬
‫والزارع والوسع والنشيء والاهد والامع والبم‬
‫والستعان والافظ والعال والعلم والنتقم والغالب‬
‫والصادق وغي ذلك من الساء القيدة والضافة ‪.‬‬
‫فهذه أساء تذكر ف حق ال على الوضع الذي‬
‫قيدت به‪ ،‬ويد عى ب ا على ما ورد ف ال نص من‬
‫غي إطلق‪ ،‬لن ذلك هو كمالا وحسنها ‪.‬‬
‫الشرط الرابع لحصاء‬
‫الساء السن دللة السم على الوصف‬
‫والقصود بدللة السم على الوصف أن يكون‬
‫اسـا على مسـمى؛ لن القرآن بيـأن أسـاء ال‬
‫أعلم وأوصــاف‪ ،‬فقال تعال فــ الدللة على‬
‫علميت ها‪ :‬ق ِل ادعُوا الَ أ ِو ادعُوا ال ّر ْحمَن أيّا مَا‬
‫ـــ ‪ 45‬ـــ‬
‫السـمَا ُء السـْن ‪ ،‬فكلهـا تدل على‬
‫تدعُوا فَله ْ‬
‫مسمى واحد؛ ول فرق ب ي الرحن أو الرحيم أو‬
‫اللك أو القدوس أو ال سلم إل آ خر ما ذ كر ف‬
‫الدللة على ذاته ‪.‬‬
‫وقال فـكوناـدالة على الوصـاف‪ :‬وَلِ‬
‫السـمَا ُء السـْن فَادعُوه باـ ‪ ،‬فدعاء ال باـ‬
‫ْ‬
‫ـ يناسـب حاجتـه‬ ‫مرتبـط بال العبـد ومطلبـه وم ا‬
‫واضطراره من ض عف أو ف قر أو ظلم أو ق هر أو‬
‫مرض أو جهـل أو غيـ ذلك مـن أحوال العباد‪،‬‬
‫فالضعيـف يدعـو ال باسـه القادر القتدر القوي‪،‬‬
‫والفق ي يدعوه با سه الرازق الرزاق الغ ن والقهور‬
‫الظلوم يدعوه با سه الي القيوم‪ ،‬إل غي ذلك ما‬
‫ينا سب أحوال العباد وال ت ل ترج على اختلف‬
‫تنوع ها ع ما أظ هر ل م من أ سائه ال سن ‪ .‬ولو‬
‫كانت الساء جامدة ل تدل على وصف ول معن‬

‫ـــ ‪ 46‬ـــ‬
‫ل تكن حسن‪ ،‬لن ال أثن با على نفسه فقال‪:‬‬
‫وَل ال ْسمَا ُء ال سْن والا مد ل مدح ف يه ول‬
‫دللة له على الثناء ‪.‬‬
‫كما أنه يلزم أيضا من كونا جامدة أنه ل معن‬
‫ل ا‪ ،‬ول قي مة لتعداد ها‪ ،‬أو الدعوة إل إح صائها‪،‬‬
‫ويترتب على ذلك أيضا رد حديث أب هريرة ف‬
‫سعِي ا ْسمَا) ‪.‬‬
‫سعَة َوِت ْ‬
‫الصحيحي‪( :‬إن ِل ِت ْ‬
‫أمـا مثال مـا ل يتحقـق فيـه شرط الدللة على‬
‫الوصف من الساء الامدة ما صح عن النب‬
‫ب الد ْه َر‬
‫س ّ‬
‫أنه قال‪( :‬قَا َل ال ‪ :‬يُؤذِينِي اب ُن آ َد َم َي ُ‬
‫َلبـاللْي َل وَالنهَارَ) ؛‬
‫( )‬
‫‪34‬‬
‫وَأنـا الد ْهرُ‪ ،‬بيدِي ال ْم ُر أق ُ‬
‫فالدهر اسم ل يمل معن يلحقه بالساء السن‪،‬‬
‫كما أنه ف حقيقته اسم للوقت والزمن‪ ،‬فمعن أنا‬

‫‪34‬صحيح البخاري (‪. )4549‬‬


‫ـــ ‪ 47‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪35‬‬
‫الدهر أي خالق الدهر‬
‫ويل حق بذلك أي ضا الروف القط عة ف أوائل‬
‫ال سور وال ت اعتب ها الب عض من أ ساء ال‪ ،‬فل‬
‫ي صح أن تد عو ال ب ا فتقول ف قوله تعال (أل)‪:‬‬
‫اللهم يا ألف‪ ،‬أو يا لم‪ ،‬أو يا ميم اغفري ل ‪.‬‬
‫الشرط الامس للحصاء‬
‫دللة الوصف على الكمال الطلق‬
‫والقصـود أن يكون الوصـف الذي دل عليـه‬
‫ال سم ف مطلق المال والكمال فل يكون الع ن‬
‫عنـد ترد اللفـظ منقسـما إل كمال أو نقـص أو‬
‫يتمـل شيئا يدـ مـن إطلق الكمال والسـن‪،‬‬
‫السـمَا ُء‬
‫‪ :‬وَلِ ْ‬ ‫ودليـل ذلك الشرط قوله‬

‫‪35‬فتح الباري ‪. 10/566‬‬


‫ـــ ‪ 48‬ـــ‬
‫السْن فَادعُوه با وكذلك قوله‪ :‬تبا َر َك اسْم‬
‫ـ ذِي الل ِل وَال ْكرَام [الرحنـ‪،]7 8 :‬‬ ‫َربّك َ‬
‫فالية تعن أن اسم ال تنه وتجد وتعظم وتقدس‬
‫عن كل نقص؛ لنه له مطلق السن واللل‬
‫وكل معان الكمال والمال ‪.‬‬
‫وعلى ذلك ليـس مـن أسـائه السـن الاكـر‬
‫والادع والفاتـن والضـل والسـتهزئ والكايـد‬
‫والنتقم والطبيب والليفة ونوها لن ذلك يكون‬
‫كمال ف موضع ونقصا ف آخر‪ ،‬فل يوصف ال‬
‫به إل ف موضع الكمال فقط كما ورد نصه مقيدا‬
‫ف القرآن والسنة ‪.‬‬
‫تلك هي الشروط أو الضوابط أو السس الت‬
‫ل ال ْسمَا ُء السْن فَادعُوه‬
‫تضمنها قوله تعال‪َ :‬و ِ‬
‫با [العراف‪. ]1 8 0 :‬‬

‫ـــ ‪ 49‬ـــ‬
‫ـ ورد فـالكتاب والسـنة مـن‬ ‫وعنـد تتبـع م ا‬
‫خلل الو سوعات اللكترون ية‪ ،‬وا ستخدام تقن ية‬
‫البحث الاسوبية‪ ،‬وما ذكره متلف العلماء الذين‬
‫تكلموا ف إحصاء الساء‪ ،‬والذين بلغ إحصاؤهم‬
‫جيعا ما يزيد على الائتي والثماني اسا ث مطابقة‬
‫هذه الشروط على ما جعوه فإن النتيجة الت يكن‬
‫لي باحث أن يصل إليها هي تسعة وتسعون اسا‬
‫دون ل فظ الللة ت صديقا لقول ال نب ‪( :‬إ ّن لِ‬
‫سعِي اسَا مِائة إل وَا ِحدًا َم ْن أ ْحصَاهَا َد َخ َل‬
‫تسعَة وَت ْ‬
‫الَنة) ‪.‬‬
‫وسـوف نذكرهـا إن شاء ال اسـا اسـا مـع‬
‫مت صر وج يز نذ كر ف يه الدل يل على كل ا سم‪،‬‬
‫ـز لعناه‪ ،‬وكيفيـة الدعاء بـه على‬
‫وشرح موجـ‬
‫مقتضى ما وردت به أدعية القرآن الكري وما ثبت‬
‫عن النب وأصحابه ‪ ،‬وكذلك ما ينبغي على‬

‫ـــ ‪ 50‬ـــ‬
‫ال سلم من سلوك عملي يبي أ ثر كل ا سم ف‬
‫توحيده ل ‪ ،‬تقي قا للدعاء بال ساء دعاء م سألة‬
‫ودعاء عبادة ‪.‬‬

‫هو ال الذي ل إله إل هو‬


‫ّوسـالسـّل ُم‬‫ِكـالقد ُ‬ ‫َنـال ّرحِيـم اَلل ُ‬ ‫ال ّر ْحم ُ‬
‫ئ‬‫ِقـ البَا ِر ُ‬
‫َيمنـ ال َعزِي ُز ا َلبّا ُر الت َكّب ُر الَال ُ‬
‫ِنـ اله ُ‬ ‫الؤم ُ‬
‫ص ُي‬
‫سمِي ُع الَب ِ‬
‫ص ّو ُر ال ّو ُل ال ِخ ُر الظا ِه ُر البَا ِط ُن ال ّ‬‫ال َ‬

‫ـــ ‪ 51‬ـــ‬
‫ـ الَـب ُي الوِت ُر‬ ‫ـ ُي ال َعُف ّو ال َقدِي ُر اللطِيف ُ‬ ‫الَولَى النص ِ‬
‫ا َلمِي ُل الَيـي السـّت ُي الك َب ُي التعَا ُل الوَا ِح ُد ال َقهّا ُر‬
‫الَق ال بي ال َقوِيّ اَلتِيُ الَيّ ال َقيّوم ال َعلِيّ ال َع ِظ يم‬
‫شكُو ُر ا َللِيم الوَا ِس ُع ال َعلِيم التواب ا َلكِيم الغِنيّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب الغفُو ُر الوَدو ُد‬ ‫ب الجي ُ‬ ‫ص َم ُد ال َقرِي ُ‬
‫ال َكرِي ال َح ُد ال ّ‬
‫َتاحـالشّهي ُد ال َقدّم‬ ‫َفيظـالَجي ُد الف ُ‬ ‫ال َولِي ّ الَمي ُد ال ُ‬
‫ق‬
‫ط الرّا ِز ُ‬ ‫ض البَا ِس ُ‬‫سّع ُر القَاِب ُ‬‫ك القتدِر ال َ‬ ‫الؤخّر اَللِي ُ‬
‫ِكـ‬
‫اللقـالَال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّانـالشا ِك ُر الَنانّ القَا ِد ُر‬
‫القَا ِه ُر الدي ُ‬
‫ب الشافِي‬ ‫س ُن ا َل سي ُ‬ ‫ح ِ‬‫ب ال ْ‬‫ق الوَكي ُل الرقي ُ‬ ‫ال ّرزّا ُ‬
‫ب الَكَم ال ْكرَم‬ ‫سّي ُد ال ّطّي ُ‬‫ت ال ّ‬ ‫الرّفي ُق ال ْع طي القي ُ‬
‫ث‬
‫ح الوَا ِر ُ‬ ‫ب ا َلوَا ُد ال سّبو ُ‬ ‫ف ال َوهّا ُ‬ ‫الَب ّر الغفّا ُر الرّءو ُ‬
‫ب العْلى الَلُه ‪.‬‬ ‫ال ّر ّ‬

‫‪ - 1‬الرّحن‬
‫ق ِل ادْعوا الَ أ ِو ادْعوا الرّحن‬ ‫‪:‬‬ ‫قال ال‬
‫ـــ ‪ 52‬ـــ‬
‫أيّا ما تدْعوا فل ُه ال سْما ُء ال سْن [ال سراء‪:‬‬
‫‪ .]1 1 0‬والرحن هو الت صف بالرح ة العا مة‬
‫حيـث خلق عباده ورزقهـم‪ ،‬وهداهـم سـبلهم‪،‬‬
‫ـ خولمـ‪ ،‬واسـتخلفهم فـأرضـه‪،‬‬ ‫وأمهلهـم فيم ا‬
‫وا ستأمنهم ف مل كه ليبلو هم أي هم أح سن عمل‪،‬‬
‫و من ث فإن رح ة ال ف الدن يا و سعتهم جي عا؛‬
‫فشملت الؤمني والكافرين ‪.‬‬
‫والرح ة تف تح أبواب الرجاء وال مل‪ ،‬وتب عث‬
‫على صال الع مل‪ ،‬وتد فع أبواب الوف واليأس‬
‫وتشعر الشخص بالمن والمان ‪.‬‬
‫ومن حديث أب هريرة أنه سع رسول ال‬
‫ك عِن َد ُه‬
‫س َ‬ ‫يقول‪َ ( :‬ج عل ال الرّح َة ماَئَة ُج ْز ٍء فأ ْم َ‬
‫ض ُج ْزءًا وَا ِحدًا‪،‬‬
‫سعِي ُج ْزءًا وَأنزَل فِي الر ِ‬ ‫ِتسْعة َوِت ْ‬
‫ك ا ُل ْز ِء يَترَاحَم الَلق َح ت تر فع الفرَس‬ ‫ف من ذِل َ‬

‫ـــ ‪ 53‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪36‬‬
‫حَاِف َرهَا عن وَل ِدهَا خَشَي َة أن تصِيَبهُ)‬
‫و من الدعاء الثا بت با سه الرح ن‪ :‬الل هم إ ن‬
‫ت ا ِل التام ِة من ش ّر ما خَلق َو َذرَأ َوَبرَأ‪،‬‬‫أعوذ ِب َكلِما ِ‬
‫ج‬
‫َو من ش ّر ما َينِل من ال سّماءِ‪َ ،‬و من ش ّر ما َي ْع ُر ُ‬
‫ق‬
‫ت اللْي ِل وَالنهَا ِر وَمن ش ّر كُل طَا ِر ٍ‬
‫فِيهَا‪ ،‬وَمن ش ّر ِف ِ‬
‫خْي ٍر يَا رَح ُن ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪37‬‬
‫إل طَارِقا يَطرُق ِب َ‬
‫رَح ن الدن يا وال ِخرَة ورحِيم ُه ما‪ ،‬تعطِيه ما من‬
‫تشاء‪ ،‬وتنع منهما من تشاء‪ ،‬ار َحمْن رَحة تغنين‬
‫با عن رِحة من سِواك ( )‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫صفُون ‪.‬‬
‫اللهم أنت الرّح ُن السْتعا ُن على ما َي ِ‬
‫وتوحيـد ال فـاسـه الرحنـيقتضـي امتلء‬
‫‪36‬صحيح البخاري (‪. )5654‬‬
‫‪37‬السلسلة الصحيحة (‪. )840‬‬
‫‪38‬صحيح الترغيب والترهيب (‪. )1821‬‬
‫ـــ ‪ 54‬ـــ‬
‫القلب بالرحةـوالبـواليان‪ ،‬فيحرص السـلم‬
‫على ما ينفع أخاه النسان‪ ،‬سواء كان من الؤمني‬
‫أو غيهم‪ ،‬فيحب للمؤمني ما يب لنفسه؛ يوقر‬
‫كبيهم وير حم صغيهم ويب قي رح ته مو صولة‬
‫إلي هم‪ ،‬يفرح بفرح هم ويزن لزن م ‪ .‬أ ما رح ته‬
‫بالكافرين فيحرص على دعوتم ويطفئ النار الت‬
‫ترقهم‪ ،‬ويتهد ف نصحهم والخذ على أيدهم‪،‬‬
‫وقـد ثبـت أن رسـول ال قال‪( :‬الرّاحِمون‬
‫ض يَر َح ْم ُك ْم من‬
‫يَرحَمهُم الرّحنُ‪ ،‬ارحَموا أهْل الر ِ‬
‫فِي السّماءِ) ( )‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫‪ - 2‬ال ّرحِيم‬
‫ـ ال ّرحِيـم‬
‫قال تعال‪ :‬تنِي ٌل مـن الرّحن ِ‬
‫[فصلت‪ ،]2 :‬وقوله ‪ :‬سَلٌم قول من َربّ‬

‫‪39‬صحيح الامع (‪. )3522‬‬


‫ـــ ‪ 55‬ـــ‬
‫َرحِي ٍم [يس‪. ]5 8 :‬‬
‫والرح يم هو الت صف بالرحة الا صة ال ت‬
‫ينال ا الؤمنون ف الدن يا والخرة‪ ،‬ف قد هدا هم إل‬
‫توحيده وعبوديته‪ ،‬وأكرمهم ف الخرة بنته‪ ،‬ومن‬
‫عليهم ف النعيم برؤيته‪ ،‬ورحة ال ل تقتصر على‬
‫الؤمني فقط؛ بل تتد لتشمل ذريتهم من بعدهم‬
‫إكراما لم ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سه الرح يم ما صح عن أ ب‬
‫ب كر أ نه قال لل نب ‪( :‬علمْنِي دُعاءً أدْ عو‬
‫لتِي‪ ،‬قال‪ :‬قلِ اللهُم إنـ ظَلم ْت‬ ‫صـ َ‬
‫بـه فِي َ‬
‫نف سِي ظُلمًا كِثيًا َولَ يَغ ِفرُ الذنُو بَ إل أ نت‪،‬‬
‫فاغفِر لِي مغفِرَة من عِندِ كَ وَار َحمْنِي إنكَ أنت‬
‫الغفُور ال ّرحِيم) ( ) ‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫‪40‬صحيح البخاري (‪. )799‬‬


‫ـــ ‪ 56‬ـــ‬
‫وصح عن ابن عمر أنه قال‪( :‬إن كُنا لنع ّد‬
‫جلِس الوَاح ِد ماَئ َة م ّرةٍ‪ :‬رَبّ‬
‫ِل َر سو ِل الِ فِي ال ْ‬
‫( )‬
‫‪41‬‬
‫ك أنت التوّاب ال ّرحِيم)‬ ‫اغفِر لِي وَتب عل ّى إن َ‬
‫‪.‬‬
‫اللهم إن عملت سوءا وظلمت نفسي‪ ،‬أتوب‬
‫إليـك وأسـتغفرك‪ ،‬فاغفـر ل إنـك أنـت الغفور‬
‫ض ّر وَأنـت أرح َم‬
‫مسـن َي ال ّ‬
‫الرحيـم ‪ .‬ربـ إنـ ِّ‬
‫ـ فِي رَحتِكَـإنـك أنـت‬ ‫الرّاحِميـ‪ ،‬اللهـم أ ْدخِلن ا‬
‫الغفور الرحيم ‪.‬‬
‫وتوحيـد ال فـاسـه الرحيـم يقتضـي امتلء‬
‫القلب برحةـ الولء والبـ والوفاء الذي يدفـع‬
‫النفـس إل حـب الؤمنيـوالرأفـة بمـوالرص‬
‫علي هم‪ ،‬و قد كان ال نب رحي ما بأ صحابه حبي با‬

‫‪41‬صحيح أب داود (‪. )1357‬‬


‫ـــ ‪ 57‬ـــ‬
‫رفيقا قريبا صديقا‪.‬‬
‫و صح من حد يث عياض ‪ t‬أن رسول الِ‬
‫صدّق‬‫ط مت َ‬
‫سٌ‬
‫قال‪( :‬وَأهْل الَن ِة ثلَثة‪ :‬ذُو سلطَا ٍن مق ِ‬
‫ب لكُل ذي قربَى‬ ‫م َو فق‪َ ،‬ورَجُل َرحِي ٌم َرِق يق القل ِ‬
‫ف ذُو ِعيَال) ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪42‬‬
‫ف متع ّف ٌ‬ ‫وَمسْلمٍ‪ ،‬وَعفِي ٌ‬

‫ك‬
‫‪ - 3‬الل ُ‬
‫ك الَق ل إل َه إل ُه َو‬
‫قال تعال‪ :‬فتعال ا ُل الِل ُ‬
‫ش ال َكرِيِ [الؤمنون‪. ]1 1 6 :‬‬ ‫رَب العر ِ‬
‫و صح من حد يث أبِى ُه َريْرَة ‪ t‬أن رَ سول‬
‫ال قال‪َ( :‬ينِل الُ إل السـّماءِ الدّنيَا كُل‬
‫ليْل ٍة حِ ي َيمْضِي ثلث الل ْي ِل الوّل فيَقول‪ :‬أ نا‬
‫اللِكـُ‪ ،‬أنـا اللِكـُ‪ ،‬مـن ذَا الذي يَدْعونِـي‬

‫‪42‬صحيح مسلم (‪. )2865‬‬


‫ـــ ‪ 58‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪43‬‬
‫فأسْتجِيبَ لهُ ؟)‬
‫ِكـسـبحانه مـن له اللك‪ ،‬وهـو الذي له‬ ‫والل ُ‬
‫المر والن هي ف ملك ته‪ ،‬يت صرف ف خل قه بأمره‬
‫وفعله‪ ،‬وليـس لحـد فضـل عليـه فـقيام ملكـه‬
‫وتدب ي أمره‪ ،‬فل خالق للكون إل ال‪ ،‬ول مدبر له‬
‫سواه‪ ،‬ف هو اللك ال ق القائم ب سياسة خل قه إل‬
‫غايتهـم ‪ .‬فاللك مـن بيده اللك الطلق التام الذي‬
‫ل يشاركه فيه أحد‪ ،‬قال سبحانه وتعال‪ :‬تبَا َر َك‬
‫ـ اللك َو ُه َو على كُـل ش ْي ٍء قدِي ٌر‬
‫الذي ِبَيدِهـِ‬
‫[اللك‪. ]1 :‬‬
‫و من الدعاء با سه اللك ما صح من حد يث‬
‫ك َل‬
‫على عن النب أنه قال‪( :‬اللهُم أنت الِل ُ‬
‫إل َه إ ّل أنت‪ ،‬أنت َربّي وَأنا عب ُد كَ‪ ،‬ظَلمْت نفسي‬

‫‪43‬صحيح مسلم (‪. )758‬‬


‫ـــ ‪ 59‬ـــ‬
‫وَاعْترَفت ِبذَنبِي‪ ،‬فاغفِر ل ُذنُوبِي جَميعًا‪ ،‬إن ُه َل يَغ ِف ُر‬
‫ب إ ّل أنت) ( ) ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫الذنُو َ‬
‫وصح من حديث ابن مسعود ‪ t‬أن رسول‬
‫ْسـيْنا وَأمْسـَى‬
‫ال كان إذا أمسـى قال‪( :‬أم َ‬
‫لمْدُ لِ‪ ،‬لَ إل هَ إلّ ال وَحدَ هُ لَ‬
‫الل كُ لِ‪ ،‬وَا َ‬
‫شرِي كَ ل هُ‪ ،‬ل هُ الل كُ وَل هُ المْدُ وَهُوَ على كُل‬
‫شيْءٍ قدِيرٌ) ( ) ‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫ومن آثار توحيد ال ف اسه اللك تعظيم اللك‬


‫الوحـد ومبتـه‪ ،‬وموال ته وطاعتـه‪ ،‬وتوحيده فـ‬
‫عبوديته‪ ،‬والستجابة لدعوته‪ ،‬والغية على حرمته‪،‬‬
‫ومراقبته ف السر والعلن‪ ،‬ورد المر إليه‪ ،‬وحسن‬
‫التوكل عليه‪ ،‬ودوام الفتقار إليه ‪.‬‬

‫‪44‬صحيح مسلم (‪. )771‬‬


‫‪45‬السابق (‪ ،)2723‬وف الصباح يقول‪ :‬أصبحنا ‪.‬‬
‫ـــ ‪ 60‬ـــ‬
‫وأعظـم جرم فـحـق اللك الوحـد منازعتـه‬
‫على ملكه أو نسبة شيء منه إل غيه‪ ،‬فمن الظلم‬
‫العظيم أن يدعي أحد من اللق ما ليس له بق ف‬
‫أي معن من معان الربوبية‪ ،‬أو ينسب لنفسه اللك‬
‫على وجه الصالة ل على وجه المانة والعبودية‪،‬‬
‫فالنيـة الشركيـة كانـت ول تزال مصـدرا للظلم‬
‫وسوء الاتة‪ ،‬فالوحد يغار على اللك الوحد أن‬
‫يرى غيه يُعبـد فـ ملكتـه‪ ،‬ولذلك كان الشرك‬
‫أق بح ش يء ف قلوب الوحد ين‪ ،‬وكان توح يد ال‬
‫زينة حياة الوحدين ‪.‬‬

‫‪ - 4‬القدّوس‬
‫ك‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الذي ل إل َه إل ُه َو الِل ُ‬
‫ح‬
‫سّب ُ‬
‫‪ُ :‬ي َ‬ ‫القدّوس [ال شر‪ ،]2 3 :‬وقال‬
‫س‬
‫ك القدّو ِ‬ ‫ض الِل ِ‬
‫ت وَما فِي الر ِ‬
‫ِل ما فِي السّماوَا ِ‬

‫ـــ ‪ 61‬ـــ‬
‫العزِي ِز ا َلكِيم [المعة‪. ]1 :‬‬
‫والقدوس سبحانه هو النفرد بأوصاف الكمال‬
‫الذي ل تضرب له المثال‪ ،‬فهو النه الطهّر الذي‬
‫ل نقص فيه بوجه من الوجوه ‪.‬‬
‫والتقديس خلصة التوحيد الق لنه إفراد ال‬
‫سـبحانه بذاتـه وأوصـافه وأفعاله عـن القيسـة‬
‫التمثيل ية والقوا عد الشمول ية ال ت ت كم ذوات‬
‫الخلوق ي وأو صافهم وأفعال م‪ ،‬فال نزه نف سه‬
‫ِهـش ْيٌء‬
‫ْسـكَمثل ِ‬
‫عـن كـل نقـص فقال‪ :‬لي َ‬
‫[الشورى‪ ،]1 1 :‬ث أثبت لنفسه أوصاف الكمال‬
‫ـ ُي‬ ‫والمال فقال‪َ :‬و ُه َو الســّميع البَصـ ِ‬
‫[الشورى‪ ،]1 1 :‬فل يكون التقديس تقديسا ول‬
‫التنيه تنيها إل بنفي وإثبات ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه القدوس ما صح عن عائشة‬

‫ـــ ‪ 62‬ـــ‬
‫رضـي ال عنهـا أن رسـول ال كان يقول فـ‬
‫ّوسـرَب ال َلِئ َك ِة‬
‫ح قد ٌ‬
‫ركوعـه وسـجوده‪( :‬سـبو ٌ‬
‫وَالرّوح) ( ) ‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫ل‬‫وصح عنها أيضا أنا قالت‪( :‬كَان رَسول ا ِ‬


‫ـن اللْي ِل َكّب َر عشرًا َوحَم َد عشرًا‪،‬‬‫إذَا هَبّـ مـ‬
‫ـ عشرًا‪ ،‬وَقال‪:‬‬ ‫ح ْمدِهـ ِ‬
‫وَقال‪ :‬ســبحَان ال َوِب َ‬
‫ّوسـعشرًا‪ ،‬وَاسـْتغف َر عشرًا‪،‬‬ ‫ِكـالقد ِ‬ ‫سـبحَان الل ِ‬
‫ك من ضِي ِق‬ ‫َوهَلل عشرًا‪ ،‬ث قال‪ :‬اللهم إن أعو ُذ ِب َ‬
‫ص َلةَ)‬
‫ح ال ّ‬
‫الدّنيَا َوضِي ِق يَوم ال ِقيَام ِة عشرًا‪ ،‬ث يَفتِت ُ‬
‫( )‪.‬‬
‫‪47‬‬

‫ومن آثار توحيد ال ف اسه القدوس تنيهه عن‬


‫وصف العباد له إل ما وصف الرسلون فيصف ال‬

‫‪46‬صحيح مسلم (‪. )487‬‬


‫‪47‬صحيح أب داود (‪. )4242‬‬
‫ـــ ‪ 63‬ـــ‬
‫با وصف به نفسه وبا وصفه به رسوله من غي‬
‫تر يف ول تعط يل‪ ،‬و من غ ي تكي يف ول تث يل‪،‬‬
‫ويعلم أن ما ُوصِف ال به من ذلك فهو حق ليس‬
‫فيه لغز ول أحاجي ‪.‬‬
‫ومـن آثار السـم على السـلم أيضـا أن ينه‬
‫نف سه عن العا صي والذنوب‪ ،‬ويطلب العو نة من‬
‫ر به أن يف ظه ف سعه وب صره وبد نه من ج يع‬
‫النقائص والعيوب ‪.‬‬

‫‪ - 5‬السّلم‬
‫ك‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الذي ل إل َه إل ُه َو الِل ُ‬
‫القدّوس السـّلم [ال شر‪ . ]2 3 :‬وصـح من‬
‫حديث أ ب هريرة ‪ t‬أن ال نب قال‪‌( :‬إن ال سّلم‬
‫اسْم من أسْماء ا ِل تعال فأفشُوه بَينكم) ( ) ‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫‪48‬صحيح الامع (‪. )2518‬‬


‫ـــ ‪ 64‬ـــ‬
‫والسـلم هـو الذي سـلم مـن النقائص‬
‫والعيوب‪ ،‬سلم ف ذا ته بنوره وجلله‪ ،‬ف من جاله‬
‫و سبحات وج هه احت جب عن خل قه رح ة ب م‬
‫وابتلء ل م‪ ،‬و هو الذي سلم ف صفاته بكمال ا‬
‫وعلو شأن ا‪ ،‬و سلم ف أفعاله بطل قة قدر ته ونفاذ‬
‫مشيئ ته‪ ،‬وكمال عدله وبالغ حكمتـه‪ ،‬وهـو الذي‬
‫يد عو إل سبل ال سلم ودار ال سلم باتباع من هج‬
‫السلم‪ ،‬فكل سلمة منشأها منه وتامها عليه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه السلم ما صح عن ثوبان‬
‫‪ t‬أنه قال‪( :‬كَان رَسول الِ إذَا ان صَرَف من‬
‫لتِهِ ا سْتغفرَ ثلَثا وَقال‪ :‬اللهُم أ نت ال سّلَم‬
‫صَ َ‬
‫للِ وَالكْرَام)‬
‫السـلَم تبَارَك ْت ذَا الَ َ‬
‫َمنكـ ّ‬
‫و َ‬
‫( )‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫‪49‬صحيح مسلم (‪. )591‬‬


‫ـــ ‪ 65‬ـــ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه السلم أن‬
‫ي سلم السلمون من ل سانه ويده‪ ،‬وأن يأ من جاره‬
‫من وأذي ته‪ ،‬ويؤ ثر إخوا نه على نف سه وحاج ته ‪.‬‬
‫و من ذلك أي ضا أن يف شي ال سلم ويلتزم بتح ية‬
‫السلم‪ ،‬وأن يسلك سبل السلم ال ت تؤدي إل‬
‫دار السلم ‪.‬‬

‫‪ - 6‬الؤ ِم ُن‬
‫ك‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الذي ل إل َه إل ُه َو الِل ُ‬
‫القدّوس السّلم الؤْم ُن [الشر‪. ]2 3 :‬‬
‫والؤ من سبحانه هو الذي أ من الناس أل يظلم‬
‫أحدا من هم‪ ،‬وأ من من آ من به من عذا به‪ ،‬و هو‬
‫الج ي الذي ي ي الظلوم ويؤم نه من الظال‪ ،‬و هو‬
‫الذي يصدق الؤمني ويشهد لم إذا وحدوه‪ ،‬وهو‬
‫الذي يصـدق فـوعده وهـو عنـد ظـن عبده ل‬

‫ـــ ‪ 66‬ـــ‬
‫ييب أمله ول يذل رجاءه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بقتضى اسه الؤمن ما ور ف قول‬
‫ال تعال‪َ :‬رّب نا آم نا ِب ما أنزَلت وَاتَب ْع نا ال ّر سول‬
‫فاكْتبنـا مـع الشا ِهدِيـن [آل عمران‪،]5 3 :‬‬
‫وقوله ‪َ :‬ربّنا آمنا فاغفِر لنا وَار َحمْنا وَأنت‬
‫َخْي ُر الرّاحِمي [الؤمنون‪. ]1 0 9 :‬‬
‫وصح عن عبد ال الزرقي ‪ t‬أن النب قال ‪:‬‬
‫ك الن ِع يم يَوم ال ِعيْلةِ‪ ،‬وَالمْن يَوم‬‫(الل هم إ ن أ سْأل َ‬
‫ك من ش ّر ما أ ْع َطيْت نا‬ ‫الَو فِ‪ ،‬الل هم إ ن عائِذ ِب َ‬
‫وَش ّر ما منعْت‪ ،‬اللهم َحبّب إليْنا اليان َو َزيّن ُه ف‬
‫صيَان‬ ‫قلوِب نا‪َ ،‬و َك ّر ْه إلْي نا الكُف َر وَال ُف سوق وَال ِع ْ‬
‫سلِمي وَأحيِنا‬ ‫وَاجْعلنا من الرّا ِشدِين‪ ،‬اللهم توَفنا م ْ‬
‫سلِمي وَألِقنا بِال صّاِلحِي غْي َر َخزَايَا َو َل مفتونِي‪،‬‬ ‫م ْ‬
‫صدّون‬ ‫ك َوَي ُ‬‫اللهم قات ِل الكَف َرَة الذين ُيكَذبون رُسل َ‬
‫عن َسبِيِلكَ‪ ،‬وَاجْعل علْي ِه ْم َر ْج َز َك وَعذَاَبكَ‪ ،‬اللهم‬
‫ـــ ‪ 67‬ـــ‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)5 0‬‬
‫ب إل َه الَق)‬
‫قات ِل الكَف َرَة الذين أوتوا الكِتا َ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الؤمن ثقته‬
‫أن المن والمان والراحة والطمئنان مرجعها إليه‬
‫اليان به‪ ،‬ويقي نه أن ر به سينصر الظلوم ولو ب عد‬
‫حي‪ ،‬فيلجأ إليه معتمدا عليه مستغيثا به مفتقرا إليه‬
‫أن ييه من ظلم الظال ي وك يد الاقد ين‪ ،‬فو عد‬
‫ال لعباده الؤمني كائن ل مالة ‪.‬‬

‫‪ - 7‬الهيْم ُن‬
‫ك‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الذي ل إل َه إل ُه َو الِل ُ‬
‫القدّوس ال سّلم الؤْم ُن ال َهيْم ُن العزِي ُز ا َلبّا ُر الت َكّب ُر‬
‫[الشر‪. ]2 3 :‬‬
‫والهي من سبحانه هـو الرقيـب الح يط بل قه‬

‫‪50‬السند (‪ )15531‬وصحيح الدب الفرد ( ‪. )6 9 9‬‬


‫ـــ ‪ 68‬ـــ‬
‫الذي ل يرج عن قدر ته مقدور‪ ،‬ول ين فك عن‬
‫حك مه مفطور‪ ،‬ملك على عرشـه‪ ،‬ل ي فى عل يه‬
‫شيء ف ملكته‪ ،‬يعلم جيع أحوالم‪ ،‬ول يعزب عنه‬
‫شيء من أعمالم‪ ،‬وهو القاهر فوقهم بعلو شأنه‪،‬‬
‫م يط بالعال ي‪ ،‬مهي من على اللئق أجع ي‪ ،‬كل‬
‫ش يء إل يه فق ي‪ ،‬و كل أ مر عل يه ي سي‪ ،‬ل يعجزه‬
‫شيء‪ ،‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصي ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بقتضى السم ومعناه ما صح من‬
‫حديـث الباء ‪ t‬أن النـب قال له‪( :‬إذَا أتيْـت‬
‫ج ْع على‬ ‫ض َط ِ‬
‫ص َلةِ‪ ،‬ث ا ْ‬
‫ك فت َوضّأ ُوضُو َء َك لِل ّ‬
‫ضجَع َ‬
‫م ْ‬
‫ك اليْم نِ‪ ،‬ث ق ِل اللهم أ سْلمْت َو ْجهِي إلْي كَ‪،‬‬ ‫شِق َ‬
‫وَفوّضْت أ ْمرِي إلْي كَ‪ ،‬وَأ َلأْت َظهْري إلْي كَ‪ ،‬رَغبَة‬
‫ك إ ّل إلْي كَ‪،‬‬ ‫َو َرهْبَة إلْي كَ‪َ ،‬ل ملجَأ َو َل منجَا من َ‬
‫ك الذي‬ ‫ك الذي أنزَلت‪َ ،‬وبِنِبّي َ‬ ‫الل هم آم نت ِبكِتاِب َ‬
‫ك فأ نت على الفِط َرِة‬ ‫أر سَلت‪ ،‬فإن مت من ليْلِت َ‬

‫ـــ ‪ 69‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪51‬‬
‫وَاجْعلهُن آ ِخ َر ما تتكَلم به)‬
‫وث بت أي ضا أن أعراب يا قال لل نب ‪( :‬علم ن‬
‫دعاء لعـل ال أن ينفعنـبـه قال‪ :‬قـل اللهـم لك‬
‫المد كله‪ ،‬وإليك يرجع المر كله) ( )‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الهيمن أن‬


‫يتقي ال فيما استرعاه وخوله لعلمه أن ال مهيمن‬
‫رقيب مطلع على سره‪ ،‬ويازيه على ظلمه وكبه‪،‬‬
‫وأنه سيعاقبه عاجل أو آجل ‪.‬‬
‫وربا رأى العاصي سلمة ماله وبدنه فظن أنه‬
‫ل عقوبـة‪ ،‬لكـن ال يلي للظال حتـ إذا أخذه ل‬
‫سبَن ا َل غافِل عما َيعْمل‬
‫يفلته‪ ،‬قال تعال‪ :‬وَل ت َ‬
‫ص فِي ِه الب صَا ُر‬
‫خ ُ‬
‫الظالون إنا ُي َؤ ّخ ُر ُه ْم ليَو ٍم تش َ‬

‫‪51‬صحيح البخاري (‪. )244‬‬


‫‪52‬صحيح الترغيب والترهيب (‪. )1576‬‬
‫ـــ ‪ 70‬ـــ‬
‫[إبراهيم‪. ]4 2 :‬‬
‫والو حد ل ف ا سه الهي من ي صدع بالق ول‬
‫ياف لومة لئم‪ ،‬فإن النفس قوامها بربا ومرجعها‬
‫إل خالقهـا‪ ،‬وهـو مهيمـن عليهـا وعلى اللئق‬
‫أجعي؛ فيدفعه ذلك إل أن يتعزز بعزة ال‪ ،‬ويعمل‬
‫ف مرضاته‪ ،‬ويلص له النية ابتغاء وجهه‪ ،‬فيستعي‬
‫به متوكل عليه آخذا بأسباب القوة راضيا بقضائه‬
‫وقدره ‪.‬‬

‫‪ - 8‬العَزيز‬
‫ل العزِي ُز ا َلكِيم‬ ‫قال تعال‪ :‬يَا موسَى إن ُه أنا ا ُ‬
‫ك ُل َو العزِي ُز‬
‫[النمل‪ ،]9 :‬وقال ‪ :‬وَإن َرّب َ‬
‫ال ّرحِيم [الشعراء‪. ]1 2 2 :‬‬
‫والعز يز سبحانه هو الغالب على أمره‪ ،‬له علو‬
‫الشأن والق هر ف مل كه‪ ،‬و هو اللك على عر شه‪،‬‬
‫ـــ ‪ 71‬ـــ‬
‫التوحد ف اسه ووصفه‪ ،‬النفرد بأوصاف الكمال‪،‬‬
‫عزيز ل مثيل له‪ ،‬متوحد ل شبيه له‪ ،‬فالعز إزاره‪،‬‬
‫والكبياء رداؤه ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سه العز يز ما ور ف قوله تعال‪:‬‬
‫ك‬
‫َربّنا ل تْعلنا فِتنة لِلذين كَفرُوا وَاغفِر لنا َربّنا إن َ‬
‫ِيمـ [المتحنـة‪ ،]5 :‬وكذلك‬ ‫أنـت العزِي ُز ا َلك ُ‬
‫صح من حد يث عائ شة ر ضي ال عن ها أن ال نب‬
‫إلهـ إل ال‬‫كان إذا تضور مـن الليـل قال‪( :‬ل َ‬
‫ت والرض وما َبيْنهما‬ ‫ب السّماوا ِ‬ ‫الوا ِح ُد القهار‪ ،‬ر ّ‬
‫العزيز الغفار) ( ) ‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫وصح من حديث عثمان بن أب العاص ‪ t‬أنه‬


‫قال‪ :‬أت يت ال نب و ب و جع قد كاد يهلك ن‪،‬‬
‫ت‬
‫ك سَبع مرّا ٍ‬
‫فقال ر سول ال ‪( :‬ا ْم سَح ُه ِبيَميِن َ‬

‫ضوّر تلوى وت ـقلبُ‬


‫‪ 53‬صحيح الا مع (‪ ،)4693‬ومع ن َت َ‬
‫ظهرا ِلبَط ٍن من ِشدّة المى والل ‪.105‬‬
‫ـــ ‪ 72‬ـــ‬
‫َو قل‪ :‬أعو ُذ ِب ِع ّزِة ال وَق ْد َرِت ِه من ش ّر ما أ ِجدُ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ب ال ما كَان ب‪ ،‬فل ْم أزَل‬ ‫ففعلت َذِل كَ‪ ،‬فأ ْذ َه َ‬
‫آم ُر به أهلي وَغْي َر ُهمْ) ‪.‬‬
‫( )‬ ‫‪54‬‬

‫ومـن الدعيـة النبويـة التـتناسـب اسـم ال‬


‫ك َل إل َه إ ّل أ نت أن‬
‫العز يز‪ :‬الل هم إ ن أعو ُذ ِبِع ّزِت َ‬
‫تضلن‪ ،‬أنت الي الذي َل يَموت‪ ،‬وَالِن وَالنس‬
‫يَموتون‪ ،‬الل هم إ ن أ سألك بعز تك أن تنج ن من‬
‫النار‪ ،‬اللهم أعز السلم والسلمي ‪.‬‬
‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه العزيـز‬
‫شعوره بظهر العزة الت يشعر با السلم ف توحيده‬
‫لربه وعبوديته وحبه‪ ،‬وكل عمل يزيده من قربه‪،‬‬
‫ويقينه أن العزة ف إتباع أمره‪ ،‬وأنه سبحانه العزيز‬
‫الذي جعـل العزة لنـبيه وأتباعـه وحزبـه‪ ،‬ول‬

‫‪54‬صحيح الامع (‪. )346‬‬


‫ـــ ‪ 73‬ـــ‬
‫يرضى لنفسه بديل عن عزة السلم وأهله ‪.‬‬

‫‪ - 9‬ا َلبّار‬
‫ك‬‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الذي ل إل َه إل ُه َو الِل ُ‬
‫القدّوس ال سّلم الؤْم ُن ال َهيْم ُن العزِي ُز ا َلبّا ُر الت َكّب ُر‬
‫د ‪t‬‬ ‫[الشر‪ ،]2 3 :‬وصح من حديث أبِي َسعِي ٍ‬
‫ض يَوم ال ِقيَا مة خُبزَة‬ ‫أن النبِي قال‪( :‬تكُو ُن الر ُ‬
‫ُمـ‬
‫وَا ِحدَة‪ ،‬يَتكَفؤُهَا ا َلبّا ُر ِبَيدِهـِ‪ ،‬كَمـا َيكْفـأ أ َح ُدك ْ‬
‫‪55‬‬
‫خُبزَت ُه فِي السّفرِ‪ُ ،‬نزُل ل ْه ِل الَنةِ) ( ) ‪.‬‬
‫والبار سـبحانه هـو الذي يبـالفقـر بالغنـ‬
‫والرض بالصـحة‪ ،‬واليبـة والفشـل بالتوفيـق‬
‫والمل‪ ،‬والوف والزن بالمن والطمئنان‪ ،‬فهو‬
‫جبار متصـف بكثرة جـبه حوائج اللئق‪ .‬وهـو‬
‫البار ف علوه على خلقه‪ ،‬ونفاذ مشيئته ف ملكه‪،‬‬
‫‪55‬صحيح البخاري (‪. )6155‬‬
‫ـــ ‪ 74‬ـــ‬
‫فل غالب لمره‪ ،‬ول معقـب لكمـه‪ ،‬فمـا شاء‬
‫كان‪ ،‬ومـا ل يشـأ ل يكـن ‪.‬والبار اسـم دل على‬
‫معن من معان العظمة والكبياء‪ ،‬وهو ف حق ال‬
‫وصـف ممود مـن معان الكمال والمال‪ ،‬وفـ‬
‫حق العباد وصف مذموم من معان النقص ‪.‬‬
‫اللهـم اغفِر لِي وَار َحمْنِي وَاج ْبنِي وَا ْهدِنِي‬
‫ـوت واللكوت‬ ‫ـبحان ذي البـ‬ ‫وَارزُقنِـي‪ ،‬سـ‬
‫والكبياء والعظمة‪ ،‬اللهم اغفر ل ذنوب وخطاياي‬
‫كلهـا‪ ،‬اللهـم أنعشنـواجـبن واهدنـلصـال‬
‫العمال والخلق‪ ،‬فإنـه ل يهدي لصـالها ول‬
‫يصرف سيئها إل أنت ‪.‬‬
‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه البار‬
‫الضوع ل بوت ال‪ ،‬فينفـي الوحـد عـن نفسـه‬
‫التجب والستكبار‪ ،‬ويلي للحق إذا ظهر نوره من‬
‫غ ي إنكار‪ ،‬ف هو دائم النك سار والفتقار والتو بة‬
‫ـــ ‪ 75‬ـــ‬
‫والستغفار‪ ،‬رغبة ف ربه أن يب كسره وأن يغفر‬
‫ذنبـه‪ ،‬وأن يديـ فقره إليـه‪ ،‬وأن يُقوّم نفسـه إذا‬
‫تردت عليه ‪.‬‬

‫‪ - 1 0‬التكّب ُر‬
‫ك‬‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الذي ل إل َه إل ُه َو الِل ُ‬
‫القدّوس ال سّلم الؤْم ُن ال َهيْم ُن العزِي ُز ا َلبّا ُر الت َكّب ُر‬
‫[الشر‪.]2 3 :‬‬
‫وبسند صحيح عن ابن عمر عن النب‬
‫عن رب العزة أ نه قال‪( :‬أ نا ا َلبّارُ‪ ،‬أ نا الت َكّبرُ‪ ،‬أ نا‬
‫سهُ) ( )‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫ج ُد نف َ‬
‫الِلكُ‪ ،‬أنا التعالِ‪ ،‬يُم ّ‬
‫والتكب سبحانه ذو الكبياء وهو اللك العظيم‬
‫التعال القا ِه ُر لعتا ِة خَلقِهــِ‪ ،‬إذا نازعوه العظمــة‬

‫‪56‬صحيح ابن ماجة (‪. )164‬‬


‫ـــ ‪ 76‬ـــ‬
‫ق صمهم ‪.‬والت كب أي ضا هو الذي ت كب عن كل‬
‫سـوء وتكـب عـن ظلم عباده‪ ،‬وتكـب عـن قبول‬
‫الشرك ف العبادة‪ ،‬فل يقبل منها إل ما كان خالصا‬
‫لوجهه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بقتضى اسه التكب ومعناه ما صح‬
‫أن أعراب يا جاء إل ال نب فقال‪( :‬علم ن َكلَمًا‬
‫ك ل ُه ا ُل‬
‫أقولهُ؟ قال قل‪َ :‬ل إل َه إ ّل ا ُل وَح َد ُه َل شرِي َ‬
‫أ ْكَب ُر ك َبيًا‪ ،‬وَا َل ْم ُد لِ َكِثيًا‪ ،‬سـبحَان الِ رَبّ‬
‫العاليـ‪َ ،‬ل حَول َو َل ق ّوَة إ ّل بِال ِ العزِي ِز ا َلكِيـم‪،‬‬
‫قال‪ :‬ف َه ُؤ َل ِء ِل َرّب ي ف ما ل؟ قال‪ :‬ق ِل اللهُم اغفِر ل‬
‫وارحن وَا ْه ِدنِي وَارزُقنِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫ومن دعاء موسى الذي يناسب السم‪:‬‬


‫إن عذت ِب َربّي َو َرّب ُك ْم من كُل مت َكّب ٍر ل ُيؤْم ُن ِبيَوم‬

‫‪57‬صحيح مسلم (‪. )2696‬‬


‫ـــ ‪ 77‬ـــ‬
‫ب [غافر‪ . ]2 7 :‬اللهم إن أسألك يا ال‬ ‫ا ِلسَا ِ‬
‫يا عزيز يا جبار يا متكب‪ ،‬ل شريك لك‪ ،‬أسألك‬
‫بذه الساء أن تصلي على ممد عبدك ورسولك‬
‫وعلى آل ممد ‪.‬‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه التكب نفي‬
‫ال كب عن الن فس بالتوا ضع‪ ،‬ون في الشرك عن‬
‫الفعـل بالخلص‪ ،‬وأن يلع العبـد عـن نفسـه‬
‫أوصـاف الربوبيـة؛ فل يتعال ول يتكـب‪ ،‬ولكـن‬
‫يتواضـع ل التكـب‪ ،‬وصـح عـن النـب ‪( :‬أ َل‬
‫ف لو أقسَم‬
‫ضّع ٍ‬
‫ف مت َ‬
‫ضعِي ٍ‬ ‫أخِب ُر ُك ْم بِأهْل الَنةِ‪ ،‬كُل َ‬
‫ُمـبِأهْل النا ِر كُل عتـل‬
‫على الِ لَبرّهُـأ َل أخِب ُرك ْ‬
‫ظ مسْت ْكِبرٍ) ( ) ‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫َجوّا ٍ‬

‫‪58‬صـحيح البخاري (‪ ،)4633‬والعتـل هـو الشديـد الافـ‬


‫الغليظ من الناس والواظ هو الموع النوع الذي يمع الال‬
‫من أي ج هة وي نع صرفه ف سبيل ال‪ ،‬والعظري هو ال فظ‬
‫الغليظ التـكب‪.‬‬
‫ـــ ‪ 78‬ـــ‬
‫وصح من حديث ابن مسعود ‪ t‬أ ِن النب‬
‫قال‪( :‬ل َيدْخُل الَن َة من كَان فِي قلِب ِه مثقال ذَر ٍة‬
‫من ِكبٍ) ( ) ‪.‬‬
‫‪59‬‬

‫‪ - 1 1‬الَالِقُ‬
‫لهـ‬
‫الصـّو ُر ُ‬
‫ئ َ‬ ‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الَالِق البَا ِر ُ‬
‫السْما ُء ا ُلسْن [الشر‪. ]2 4 :‬‬
‫وقد صح من حديث عمران أن ال نب‬
‫صَيِة الالق) ( )‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫ق فِي م ْع ِ‬
‫قال‪َ ( :‬ل طَاع َة لِمخلو ٍ‬
‫والالق سبحانه هـو الذي أوجـد الشياء من‬
‫العدم براتـب القضاء والقدر‪ ،‬فأنشأهـا بعلمـه‪،‬‬
‫وكتب ها ف اللوح بقل مه‪ ،‬وشاء كون ا بأمره‪ ،‬ف تم‬

‫‪59‬صحيح مسلم (‪. )91‬‬


‫‪60‬مشكاة الصابيح ( ‪. )3 6 9 6‬‬
‫ـــ ‪ 79‬ـــ‬
‫وجود ها بقضائه وقدره‪ ،‬فال خالق كل ش يء‬
‫تقديرا وقدرة‪ ،‬قدرها بعلمه تقديرا‪ ،‬ورتبها بشيئته‬
‫ترتيبا‪ ،‬وركبها بقدرته تركيبا ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بالسم قوله ‪ :‬إن فِي خَل ِق‬
‫ت‬‫ف اللْي ِل وَالنهَا ِر ليا ٍ‬
‫ض وَاختِل ِ‬
‫ت وَالر ِ‬ ‫ال سّماوَا ِ‬
‫َابـ الذيـن َي ْذ ُكرُون ال ِقيَامـا وَقعودا‬
‫لولِي اللب ِ‬
‫ت‬‫َلقـ السـّماوَا ِ‬
‫ِمـ َويَتف ّكرُون ف ِي خ ِ‬
‫وَعلى ُجنُوِبه ْ‬
‫ك ف ِق نا‬
‫ض َرّب نا ما خَل قت َهذَا بَاطِل سبحَان َ‬
‫وَالر ِ‬
‫ب النا ِر [آل عمران‪. ]1 9 0 / 1 9 1 :‬‬ ‫عذَا َ‬
‫وقال‪ :‬قل أعو ُذ ِب َربّ الفل ِق من ش ّر ما خَلق‬
‫ت فِي‬
‫ب َو من ش ّر النفاثا ِ‬
‫َو من ش ّر غا ِس ٍق إذَا وَق َ‬
‫س َد [الفلق‪]1 / 5 :‬‬ ‫العق ِد وَمن ش ّر حَا ِس ٍد إذَا َح َ‬
‫‪.‬‬
‫أن ال نب قال‪:‬‬ ‫و صح من حد يث شداد‬

‫ـــ ‪ 80‬ـــ‬
‫( َسّي ُد ا ِلسْتغفا ِر أن تقول اللهُم أنت َربّى‪َ ،‬ل إل َه إ ّل‬
‫أنت‪ ،‬خلقتن وَأنا عب ُدكَ‪ ،‬وَأنا على ع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك‬
‫ك من ش ّر ما صَنعْت‪ ،‬أبو ُء‬ ‫ما ا سْتطعْت‪ ،‬أعو ُذ ِب َ‬
‫ك عل ّى وَأبو ُء بذ نب‪ ،‬اغفِر لِى‪ ،‬فإن ُه َل‬ ‫ك ِبِنعْمت َ‬
‫ل َ‬
‫ب إ ّل أ نت ‪ .‬قال َو من قالَا من النهَا ِر‬ ‫يَغ ِف ُر الذنُو َ‬
‫سىَ‪ ،‬ف ُه َو من‬ ‫موقنًا با‪ ،‬فمات من يَوم ِه قبل أن ُي ْم ِ‬
‫أ ْه ِل الَنةِ‪ ،‬وَمن قالَا من اللْي ِل َو ْه َو موِق ٌن با‪ ،‬فمات‬
‫‪61‬‬
‫صِبحَ‪ ،‬ف ْه َو من أ ْه ِل الَنةِ) ( ) ‪.‬‬
‫قبل أن ُي ْ‬
‫وصح من حديث ابن عمر ‪ t‬أنه أمر رجل‬
‫إذا أخـذ مضجعـه أن يقول‪( :‬اللهـم خَلقـت‬
‫لكـ ماتَا وَميَاهَا‪ ،‬إن‬
‫نفسـي وَأنـت توَفاهَا‪َ ،‬‬
‫أحيَيْتهَا فاحفظهَا‪ ،‬وَإن أمتهَا فاغفِر لَا‪ ،‬الل هم‬
‫إن أسْألكَ العافِيَةَ‪ ،‬فقال لهُ َرجُل‪ :‬أسَمعْت هَذَا‬
‫من عمرَ ؟ فقال‪ :‬من خَيْرٍ من عمرَ‪ ،‬من رَسولِ‬

‫‪61‬صحيح البخاري ( ‪. )5 9 4 7‬‬


‫ـــ ‪ 81‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪62‬‬
‫ال )‬
‫وصح أيضا أن النب قال‪( :‬من نزَل منِل ث‬
‫ت من ش ّر ما خَلق‪ْ ،‬ل‬
‫ل التاما ِ‬
‫تا ِ‬
‫قال‪ :‬أعو ُذ ِب َكلِما ِ‬
‫ض ّرُه ش ْيٌء حَت يَرتِل من م ِنِلِه َذِلكَ) ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪63‬‬
‫َي ُ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الالق إيانه‬
‫بأن مـا قدره ال وكتبـه فـ اللوح كائن ل مالة‪،‬‬
‫وأ نه سيخلقه بشيئ ته وقدر ته‪ ،‬فيؤ من بتقد ير ال‬
‫ويعمـل بشريعتـه‪ ،‬ول يضرب أحدهاـ بالخـر‪،‬‬
‫ويعلم أنـه ميسـر لاـخلق له‪ ،‬ويسـتعي بـه على‬
‫طاعتـه وتقواه‪ ،‬ويشكـر ال بعـد أدائهـا أن وفقـه‬
‫وهداه ‪.‬‬
‫ـ أن يش كر‬
‫و من آثار ال سم على الع بد أيض ا‬

‫‪62‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 1 2‬‬


‫‪63‬السابق ( ‪. )2 7 0 8‬‬
‫ـــ ‪ 82‬ـــ‬
‫خالقه أن سلمه ف كل جزء من بدنه‪ ،‬فقد صح أن‬
‫النب قل‪( :‬خُلق كُل إن سَا ٍن من َبنِي آدَم على‬
‫سِتي وَث َلثِماَئ ِة مف صِل‪ ،‬ف من َكّب َر الَ‪َ ،‬وحَم َد الَ‪،‬‬
‫جرًا عن‬‫ح الَ‪ ،‬وَاسْتغف َر الَ‪ ،‬وَعزَل َح َ‬ ‫َوهَلل ا َل َو َسّب َ‬
‫َطرِي ِق الناسِ‪ ،‬أو شوكَة أو عظمًا عن َطرِي ِق النا سِ‪،‬‬
‫ستّي‬
‫ك ال ّ‬ ‫ف أو نَى عن من َك ٍر ع َد َد تِل َ‬ ‫وَأم َر بِم ْعرُو ٍ‬
‫ح‬
‫وَالث َلثِماَئ ِة السلَمى‪ ،‬فإن ُه َي ْمشِي يَومِئ ٍذ وَق ْد زَح َز َ‬
‫سُه ع ِن النارِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫نف َ‬
‫ومن أثر السم على العبد إيانه بأن الالق ف‬
‫ذا ته وأو صافه يتلف عن الخلوق‪ ،‬فل يُزي نن له‬
‫الشيطان أن يضـع الالق لحكام الخلوق‪ ،‬بـل‬
‫يسـتعذ بال مـن نزغـه ووسـواسه‪ ،‬فقـد صـح أن‬
‫ر سول الِ قال‪َ ( :‬ل َيزَال الناس يَت سَاءَلون َح ت‬
‫يُقال َهذَا خَلق الُ الَلق ف من خَلق الَ ف من َو َج َد‬

‫‪64‬السابق ( ‪. )1 0 0 7‬‬
‫ـــ ‪ 83‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪65‬‬
‫ك شْيئًا فليَقل‪ :‬آمنت بِالِ)‬
‫من َذِل َ‬
‫وكذلك ل يتش به بال في ما انفرد به من اللق‬
‫والربوب ية؛ فيم ثل التماث يل ويتش به بال ف اللق‬
‫والتصوير ‪.‬‬

‫ئ‬
‫‪ - 1 2‬البَار ُ‬
‫ص ّو ُر لهُـ‬
‫ئ ال َ‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الَالِق البَا ِر ُ‬
‫السْما ُء ا ُلسْن [الشر‪. ]2 4 :‬‬
‫والبارئ هـو السـال الال مـن النقائص‬
‫والعيوب‪ ،‬الذي له الكمال الطلق ف ذاته وصفاته‬
‫وأفعاله‪ ،‬تنه عـن كل نقـص‪ ،‬وتقدس عـن كـل‬
‫عيب‪ ،‬ل شبيه له ول مثيل‪ ،‬ول ند له ول نظي ‪.‬‬
‫البارئ سبحانه هو الذي وهب الياة للحياء‪،‬‬

‫‪65‬صحيح مسلم ( ‪. )1 3 4‬‬


‫ـــ ‪ 84‬ـــ‬
‫وخلق الشياء صالة ومناسبة للغاية الت أراد ها‪،‬‬
‫وخلق النسـان للبتلء‪ ،‬وهـو الذي يُتِم الصـنعة‬
‫على وجـه التدبيـ‪ ،‬ويظهـر القدور وفـق سـابق‬
‫التقدير‪ ،‬وهو الذي أبرأ اللق‪ ،‬وفصل كل جنس‬
‫عن الخر‪ ،‬وصور كل ملوق با ينساب الغاية من‬
‫خلقه ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سه البارئ ما صح من حديث‬
‫عبد الرحن التميمي ‪ t‬أن جبيل علم رسول‬
‫ت ال ت‬ ‫ت ال التاما ِ‬ ‫ال أن يقول‪( :‬أعو ُذ ِب َكلِما ِ‬
‫َل ُيجَاو ُزهُن َب ّر َو َل فا ِج ٌر من ش ّر ما خَلق َو َذرَأ َوَبرَأ)‬
‫( )‪ ،‬و صح أي ضا من حد يث عائ شة ر ضي ال‬ ‫‪66‬‬

‫عن ها أن ا قالت‪( :‬كَان إذَا اشتكَى َر سول الِ‬


‫رَقا ُه ِج ِب يل قال‪ :‬بِا سْم الِ يبِيكَ‪َ ،‬و من كُل دَا ٍء‬
‫سدَ‪ ،‬وَش ّر كُل ذي‬ ‫يَشفِي كَ‪ ،‬وَمن ش ّر حَا ِس ٍد إذَا َح َ‬

‫‪66‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )8 4 0‬‬


‫ـــ ‪ 85‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪67‬‬
‫عْينٍ)‬
‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه البارئ أن‬
‫يبأ إل ال من كل شهوة تالف أمره‪ ،‬ومـن‬
‫كل شبهة تالف خبه‪ ،‬ومن كل ولء لغي دينه‬
‫وشرعه‪ ،‬ومن كل بدعة تالف سنة نبيه ‪ ،‬ومن‬
‫كـل معصـية تؤثـر على مبـة ال وقربـه‪ ،‬ورضاه‬
‫سبحانه عن عبده ‪.‬‬
‫وينبغـي على العبـد أن يتقـي ال فـعمله؛‬
‫فيخلص فيه ويتقنه ما استطاع‪ ،‬توحيدا وخشية لن‬
‫ـانعها‪ ،‬ومنحـه قوة التفكيـ والبداع‪،‬‬ ‫أبرأ صـ‬
‫فالبارئ له الق الطلق ف أن يعبد وأن يطاع‬
‫‪.‬‬

‫صوّر ُ‬
‫‪ - 1 3‬ال َ‬
‫‪67‬صحيح مسلم ( ‪. )2 1 8 5‬‬
‫ـــ ‪ 86‬ـــ‬
‫لهـ‬
‫الصـّو ُر ُ‬
‫ئ َ‬ ‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الُ الَالِق البَا ِر ُ‬
‫السْما ُء ا ُلسْن [الشر‪. ]2 4 :‬‬
‫وال صور سبحانه هو مبدع صور الخلوقات‬
‫ومزينها بكمته‪ ،‬ومعطي كل ملوق صورته على‬
‫ما اقت ضت مشيئ ته وحكم ته‪ ،‬و هو الذي صور‬
‫الناس ف الرحام أطوارا‪ ،‬ونوع هم أشكال‪ ،‬وك ما‬
‫صـور البدان فتعددت‪ ،‬والشكال فتنوعـت نوع‬
‫أيضـا فـالخلق والسـلوك والطباع والواهـب‬
‫والفكار والقدرة على البداع‪ ،‬و هو الذي صور‬
‫الخلوقات بشتـ أنواع الصـور الليـة والفيـة‬
‫والسية والعقلية‪ ،‬فل يتماثل جنسان‪ ،‬أو يتساوى‬
‫نوعان‪ ،‬بـل ل يتسـاوى فردان‪ ،‬فلك ٍل صـورته‬
‫وسيته‪ ،‬وما يصه وييزه عن غيه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه الصور ما صح عن النب‬
‫ك‬
‫جدْت‪َ ،‬وِب َ‬
‫ك َس َ‬
‫أنه كان إذا سجد قال‪( :‬اللهم ل َ‬
‫ـــ ‪ 87‬ـــ‬
‫ج َد َوجْهِي للذي خَلق ُه‬ ‫ك أ سْلمْت‪َ ،‬س َ‬ ‫آم نت‪ ،‬وَل َ‬
‫أحسـُن‬
‫َكـال َ‬ ‫َصـَرُه تبَار َ‬
‫سـمْع ُه َوب َ‬‫َصـّو َرُه وَشـق َ‬
‫و َ‬
‫ـ عبدُكـَ‪ ،‬ظَلمْت نفسـِي‪،‬‬ ‫الَاِلقِيـأنـت َرّب ي وَأن ا‬
‫وَاعْترَفت ِبذَنبِي‪ ،‬فاغفِر لِي ُذنُوبِي جَميعًا إن ُه َل يَغ ِف ُر‬
‫َقـ َل‬ ‫لحسـِن الخل ِ‬ ‫َ‬ ‫ُوبـإ ّل أنـت‪ ،‬وَا ْهدِنِي‬
‫الذن َ‬
‫سـَئهَا َل‬ ‫َاصـرِف عنـ َّي‬ ‫لحسـهَا إ ّل أنـت و ْ‬ ‫َِن‬ ‫َي ْهدِي‬
‫ف عن َسّيَئهَا إ ّل أنت) ‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫( )‬
‫ص ِر ُ‬
‫َي ْ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الصور أن‬
‫يراعي العبد توحيد ال فيه‪ ،‬فل يتشبه به فيما انفرد‬
‫به من الربوبية‪ ،‬ويقع ف شرك التصوير‪ ،‬وقد صح‬
‫من حد يث سعيد بن أ ب ال سن أ نه قال‪( :‬جَا َء‬
‫ص ّو ُر هَذ ِه‬
‫س ‪ t‬فقال‪ :‬إن َرجُل أ َ‬ ‫َرجُل إل اب ِن عبّا ٍ‬
‫ص َو َر فأفِتنِي فِيهَا‪ ،‬وف رواية أحد قال‪ :‬معِيشتِي‬ ‫ال ّ‬
‫من صَنع ِة َيدِي وَإن أصْنع هَذ ِه التصَاوِيرَ‪ ،‬فقال لهُ‪:‬‬

‫‪68‬صحيح مسلم ( ‪. )7 7 1‬‬


‫ـــ ‪ 88‬ـــ‬
‫ا ْد ُن م ن‪ ،‬ف َد نا من هُ‪ ،‬ث قال‪ :‬ا ْد ُن م ن‪ ،‬ف َد نا َح ت‬
‫ك بِما سَمعْت من‬ ‫َوضَع َي َد ُه على َرْأ ِسهِ‪ ،‬قال‪ :‬أنّبُئ َ‬
‫َر سول الِ ‪ ،‬سَمعْت َر سول الِ يَقول‪ :‬كُل‬
‫ص ّو َرهَا نف سًا‬
‫ص ّو ٍر فِي النا ِر َيجْعل ل ُه ِبكُل صُو َرٍة َ‬‫م َ‬
‫فتعذب ُه فِي َج َه نم‪ ،‬و ف روا ية أح د قال‪ :‬فرَبَا لَا‬
‫ابنـ‬
‫لهـ ُ‬ ‫الرّجُل رَبوَة شدِيدَة وَاصـْف ّر َو ْجهُهـُ‪ ،‬فقال ُ‬
‫ك بذَا‬
‫ك إن أَبيْت إ ّل أن ت صْنع‪ ،‬فعلْي َ‬ ‫ح َ‬
‫عبّا سٍ‪َ :‬وْي َ‬
‫جرِ‪ ،‬وَكُل ش ْي ٍء ليْسَـفِيهِـرُوحـٌ‪ ،‬وفـروايـة‬ ‫الش َ‬
‫ج َر َو ما َل‬‫أح د‪ :‬إن ُك نت َل ب ّد فاعِل فا صْن ِع الش َ‬
‫س له) ( ) ‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫نف َ‬

‫‪ - 1 4‬الوّل‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الول وَال ِخ ُر وَالظّا ِه ُر‬
‫وَالبَا ِط ُن َو ُه َو ِبكُل ش ْي ٍء علِي ٌم [الديد‪.]3 :‬‬

‫‪69‬صحيح مسلم ( ‪ ،)2 1 1 0‬ومسند أحد ( ‪. )3 3 9 4‬‬


‫ـــ ‪ 89‬ـــ‬
‫وصـح مـن حديـث أبِى ُه َرْيرَة ‪ t‬أن النـب‬
‫ك شيء) ( ) ‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫س قبل َ‬ ‫قال‪( :‬اللهُم أنت الوّل فلْي َ‬
‫والول سبحانه هو الذي ل ي سبقه ف الوجود‬
‫شيء‪ ،‬وهو الذي عل بذاته وشأنه فوق كل شيء‪،‬‬
‫و هو ال ستغن بنف سه عن كل ش يء‪ ،‬وأول ية ال‬
‫تقدمه على كل من سواه ف الزمان‪ ،‬وتقدمه على‬
‫غيه تقدما مطلقا ف كل وصف كمال فل يدانيه‬
‫ول يساويه أحد من خلقه لنه سبحانه منفرد بذاته‬
‫ووصـفه وفعله‪ ،‬فالول هـو التصـف بالوليـة‪،‬‬
‫ووصـف الوليـة وصـف ذاتـ يدل على مطلق‬
‫القبل ية‪ ،‬وعلو الشأن والفوق ية ول يس ذلك ل حد‬
‫سواه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با سه الول ما صح عن ال نب‬

‫‪70‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 1 3‬‬


‫ـــ ‪ 90‬ـــ‬
‫أنـه كان إذا آوى إل فراشـه قال‪( :‬اللهـم رَب ّ‬
‫ش العظِيم‪َ ،‬ربّنا‬‫ض َو َربّ العر ِ‬ ‫ت َو َربّ الر ِ‬‫ال سّموَا ِ‬
‫ب وَالنوَى‪ ،‬وَمنِل التورَا ِة‬ ‫ب كُل شيء‪ ،‬فالِق ا َل ّ‬ ‫َو َر ّ‬
‫وَالنِي ِل وَالفُرقانـِ‪ ،‬أعو ُذ بِكَـمـن ش ّر كُل شيـء‬
‫ك‬‫س قبل َ‬ ‫صَيِتهِ‪ ،‬اللهم أنت الوّل فلْي َ‬ ‫أنت آخِذ بِنا ِ‬
‫َكـشيـء‪ ،‬وَأنـت‬ ‫ْسـَب ْعد َ‬
‫شيـء‪ ،‬وَأنـت ال ِخ ُر فلي َ‬
‫الظّا ِه ُر فليْسَـفوقكَـشيـء وَأنـت البَاطِنُـفليْسَـ‬
‫( )‬
‫‪71‬‬
‫ض عنا ال ّديْن وَاغنِنا من الفقرِ)‬
‫ك شيء‪ ،‬اق ِ‬ ‫دُون َ‬
‫‪.‬‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الول معرفة‬
‫العبد أن ال هو الول الغن بذاته وصفاته‪ ،‬فلم‬
‫يكتسـب وصـفا كان مفقودا أو كمال ل يكـن‬
‫موجودا‪ ،‬كمـا هـو الال بيـ الخلوقات فـ‬
‫اكتسـاب أوصـاف الكمال‪ ،‬فإذا علم السـلم أن‬

‫‪71‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 1 3‬‬


‫ـــ ‪ 91‬ـــ‬
‫أصله من طي وله بداية وناية‪ ،‬وحياته إل وقت‬
‫وح ي أي قن أن ما قام به من الكمال مرج عه إل‬
‫ـق ال‬‫ـه تعود إل توفيـ‬
‫رب العاليـ‪ ،‬وأن طاعتـ‬
‫وفضله‪ ،‬وأن الفرع ل مالة سيجع إل أصله ‪.‬‬
‫أما أثر السم على سلوك العبد فيظهر من مبة‬
‫الول ية ف طلب ال ي‪ ،‬وطلب ال سبقية ف التزام‬
‫ال مر‪ ،‬وحرصـه على الزيـد والزيـد مـن ال جر‪،‬‬
‫فت جد توح يد ال ف ا سه الول باد يا عل يه ع ند‬
‫مداومته على الصلة ف أول وقتها‪ ،‬وحرصه على‬
‫الصف الول‪ ،‬وماهدة الخرين ف استباقهم إليه‪،‬‬
‫وكذلك يف عل ف سائر العبادات أو ال سارعة ف‬
‫اليات ‪.‬‬

‫‪ - 1 5‬ال ِخ ُر‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الوّل وَال ِخ ُر وَالظا ِه ُر‬

‫ـــ ‪ 92‬ـــ‬
‫ِيمـ [الديـد‪،]3 :‬‬
‫ِنـ َو ُه َو بِكُل ش ْي ٍء عل ٌ‬
‫وَالبَاط ُ‬
‫و صح من حد يث أبِى ُه َرْيرَة ‪ t‬أن النبِي قال‪:‬‬
‫س َب ْع َد َك شيء) ( ) ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫(وَأنت الخِر فلْي َ‬
‫وال خر سبحانه هو الت صف بالبقاء والخر ية‬
‫فهو الخر الذي ليس بعده شيء‪ ،‬الباقي بعد فناء‬
‫اللق‪ ،‬يبقى ببقائه‪ ،‬وما سواه يبقى بإبقائه‪ ،‬وشتان‬
‫بي بقائه وبقاء ملوقاته‪ ،‬كالنة والنار وما فيهما‪،‬‬
‫فال نة ملو قة بقضائه وقدره وكائ نة بأمره‪ ،‬و هي‬
‫رهن مشيئته وحكمه؛ فمشيئة ال حاكمة على ما‬
‫يبقى فيها وما ل يبقى‪ ،‬فالبقاء ليس من طبيعتها ول‬
‫من خ صائصها الذات ية‪ ،‬بل من طبيعت ها جيع ها‬
‫الفناء‪ ،‬واللود ليـس لذات الخلوق أو طـبيعته‪،‬‬
‫وإنا هو بدد دائم من ال تعال‪ ،‬وإبقاء مستمر ل‬
‫ينقطع ‪ .‬أما ذاته وصفاته كوجهه وعزته وعلوه‬

‫‪72‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 1 3‬‬


‫ـــ ‪ 93‬ـــ‬
‫ورح ته ويده وقدر ته ومل كه وقو ته ف هي صفات‬
‫باقية ببقائه ملزمة لذاته‪ ،‬حيث البقاء صفة ذاتية ل‬
‫لنه الخر الذي ليس بعده شيء ‪.‬‬
‫وال خر سبحانه هو تنت هي إل يه أمور اللئق‬
‫كلهـــا إيادا وإمدادا‪ ،‬وبقاء والتجاء‪ ،‬وقضاء‬
‫وتقديرا‪ ،‬فبيده سبحانه تصريف القادير‪.‬‬
‫و من الدعاء با سه ال خر ما ث بت أن ال نب‬
‫كان يدعو بؤلء الكلمات‪( :‬اللهم أنت الول ل‬
‫ش يء قبلك‪ ،‬وأ نت ال خر فل ش يء بعدك‪ ،‬أعوذ‬
‫بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك‪ ،‬وأعوذ بك‬
‫من ال ث والك سل و من عذاب ال قب‪ ،‬و من فت نة‬
‫القب‪ ،‬وأعوذ بك من الأث والغرم‪ ،‬اللهم نق قلب‬
‫من الطايا كما نقيت الثوب البيض من الدنس‪،‬‬
‫الل هم با عد بي ن وب ي خطيئ ت ك ما بعدت ب ي‬

‫ـــ ‪ 94‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪73‬‬
‫الشرق والغرب)‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الخر أن‬
‫تعله وحده غايتـك التـل غايـة لك سـواه‪ ،‬ول‬
‫مطلوب لك وراءه‪ ،‬فك ما انت هت إل يه الوا خر‪،‬‬
‫وكان بعد كل آخر‪ ،‬فكذلك اجعل نايتك إليه‪،‬‬
‫فإن إل ر بك النت هى‪ ،‬انت هت ال سباب والغايات‬
‫فليس وراءه مرمى ينتهي إليه طريق ‪.‬‬
‫والذي وحد ال ف اسه الخر يعود بافتقاره إل‬
‫ر به‪ ،‬ويعل الرجع ية ف فعله إل ما اختاره لعبده‪،‬‬
‫لعلمــه أنــه مالك الرادات ورب القلوب‬
‫والنيات‪ ،‬ي صرفها ك يف شاء‪ ،‬ف ما شاء أن يزي غه‬
‫من ها أزا غه‪ ،‬و ما شاء أن يقي مه من ها أقا مه‪ ،‬ف هو‬
‫ـا‪،‬‬
‫ـه ابتداعـ‬ ‫ـبحانه الذي ابتدع اللق بقدرتـ‬ ‫سـ‬

‫‪73‬مستدرك الاكم ( ‪. )1 9 2 2‬‬


‫ـــ ‪ 95‬ـــ‬
‫واخترعهم على مشيئته اختراعا‪ ،‬وهو الذي ينجي‬
‫مـن قضائه بقضائه‪ ،‬وهـو الذي يعيـذ بنفسـه مـن‬
‫نف سه‪ ،‬وال مر كله له‪ ،‬وال كم كله له‪ ،‬ما شاء‬
‫كان‪ ،‬و ما ل ي شأ ل ي كن‪ ،‬ف سبحان من ل يو صل‬
‫إليه إل به‪ ،‬ول يطاع إل بشيئته‪ ،‬ول ينال ما عنده‬
‫من الكرا مة إل بطاع ته‪ ،‬ول سبيل إل طاع ته إل‬
‫بتوفيقه ومعونته‪ ،‬فعاد المر كله إليه‪ ،‬كما ابتدأ‬
‫المر كله منه‪ ،‬فهو سبحانه الول والخر ‪.‬‬

‫‪ - 1 6‬الظاهِر‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الول وَال ِخ ُر وَالظّا ِه ُر‬
‫ِيمـ [الديـد‪،]3 :‬‬ ‫ِنـ َو ُه َو بِكُل ش ْي ٍء عل ٌ‬
‫وَالبَاط ُ‬
‫و صح من حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن النبِي قال‪:‬‬
‫ك شيء) ( ) ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫س فوق َ‬‫(وَأنت الظّا ِه ُر فلْي َ‬

‫‪74‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 1 3‬‬


‫ـــ ‪ 96‬ـــ‬
‫ـو النفرد بعلو الذات‬‫ـبحانه هـ‬‫ـر سـ‬ ‫والظاهـ‬
‫والفوقية‪ ،‬وعلو الغلبة والقهر‪ ،‬وعلو الشأن وانتفاء‬
‫الشبه والثلية‪ ،‬فهو الظاهر ف كل معان الكمال‪،‬‬
‫و هو ال بي الذي أبدى ف خل قه حج جه الباهرة‪،‬‬
‫وبراهينـه الظاهرة‪ ،‬أحاط بكـل شيـء علمـا‪،‬‬
‫وأح صى كل ش يء عددا‪ ،‬ف هو الذي ظ هر فوق‬
‫كل شيء‪ ،‬واستوى على عرشه فعل عليه ‪.‬‬
‫والظا هر أي ضا هو الذي بدا بنور حكم ته مع‬
‫احتجابه بعال الغيب‪ ،‬وبدت آثاره لخلوقاته ف عال‬
‫الشهادة‪ ،‬فال اسـتخلف النسـان فـملكـه‪،‬‬
‫واسـتأمنه على أرضـه فاقتضـى السـتخلف‬
‫والبتلء أن يرانا ول نراه ‪.‬‬
‫وهـو سـبحانه أيضـا الظاهـر العيـالذي أقام‬
‫اللئق وأعانمـورزقهـم‪ ،‬ودبر أمرهـم وهداهـم‬
‫سبلهم ف هو الع ي للخلئق على الع ن العام و هو‬
‫ـــ ‪ 97‬ـــ‬
‫نصي الوحدين من عباده على العن الاص ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه الظاهر ما ثبت من حديث‬
‫الباء بن عازب ‪ t‬أن ال نب قال له‪( :‬إذَا أتيْت‬
‫ج ْع على‬ ‫ض َط ِ‬
‫ص َلِة ث ا ْ‬‫ك فت َوضّأ وُضو َء َك لِل ّ‬ ‫ضجَع َ‬
‫م ْ‬
‫ك اليْم نِ‪ ،‬ث قلِ‪ :‬اللهم أ سْلمْت َو ْجهِي إلْيكَ‪،‬‬ ‫شِق َ‬
‫ك وَألَأت َظهْري إلْي كَ‪ ،‬رَغبَة‬ ‫وَفوّضْت أ ْمرِي إلْي َ‬
‫ك إ ّل إلْي كَ‪،‬‬ ‫َو َرهْبَة إلْي كَ‪َ ،‬ل ملجَأ َو َل منجَا من َ‬
‫ك الذي‬ ‫ك الذي أنزَلت‪َ ،‬وبِنِبّي َ‬ ‫الل هم آم نت ِبكِتاب َ‬
‫ك فأ نت على الفِط َرِة‬ ‫أر سَلت‪ ،‬فإن مت من ليْلِت َ‬
‫وَاجْعلهُن آ ِخ َر ما تتكَلم به) ‪.‬‬
‫‪75‬‬‫( )‬

‫و صح من حد يث شداد بن أوس ‪ t‬أنه قال‪:‬‬


‫(كَان رَسـول الِ يُعلمنـا أن نقول‪ :‬اللهُم إنـ‬
‫ك عزِيةـ الرّش ِد‬
‫ك الثبَات فـ ال ْمرِ‪ ،‬وَأسـْأل َ‬
‫أسـْأل َ‬

‫‪75‬صحيح البخاري ( ‪. )2 4 4‬‬


‫ـــ ‪ 98‬ـــ‬
‫ك‬
‫ك َو ُح سْن عبَا َدِت كَ‪ ،‬وَأ سْأل َ‬‫ك ُش ْك َر ِنعْمت َ‬‫وَأ سْأل َ‬
‫ك من ش ّر ما تعْلم‬ ‫ِلسَانًا صَادِقا وَقلبًا َسلِيمًا وَأعو ُذ ِب َ‬
‫ك‬
‫ك من َخْي ِر ما تعْلم‪ ،‬وَأ سْتغ ِف ُر َك ما تعْلم إن َ‬ ‫وَأ سْأل َ‬
‫أنت علّم ال ُغيُوبِ) ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪76‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الظاهر إيانه‬


‫بقدرة ال ف الشياء‪ ،‬وأ نه الظا هر الذي ا ستوى‬
‫على عر شه ف ال سماء‪ ،‬وأ نه الهي من على سائر‬
‫الشياء‪ ،‬وأنه سبحانه منفرد باللق والتدبي‪ ،‬وقائم‬
‫باللك والتقدير‪ ،‬وإذا نظر العبد إل وجوه الكمة‬
‫ف إظهار السباب وتصريفها وابتلء العباد بتقليبها‬
‫أخـذ باـ على وجـه الضرورة واللزوم ليقاع‬
‫الحكام على الحكوم‪ ،‬فمــن وافــق الشرائع‬
‫والسـنن اسـتحق مـن ال الثواب‪ ،‬ومـن خالف‬
‫وابتدع استحق منه العقاب‪ ،‬وكل عبد سيلقي ما‬

‫‪76‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )3 2 2 8‬‬


‫ـــ ‪ 99‬ـــ‬
‫دون ف أم الكتاب ‪.‬‬
‫وطال ا أن ال غالب على أمره وظا هر فوق‬
‫خلقه‪ ،‬فإن مراده سينفذ ف ملكه‪ ،‬ولن يرج ذلك‬
‫عـن كمال عدله‪ ،‬فكان ابتلء العباد مـن خلل‬
‫دعوتم لليان بتوحيد الربوبية من جهة‪ ،‬وإلزامهم‬
‫بتوحيد العبودية من جهة أخرى ‪.‬‬

‫‪ - 1 7‬البَاطِن‬
‫قال تعال‪ُ :‬ه َو الوّل وَال ِخ ُر وَالظّا ِه ُر‬
‫ِيمـ [الديـد‪،]3 :‬‬ ‫ِنـ َو ُه َو بِكُل ش ْي ٍء عل ٌ‬
‫وَالبَاط ُ‬
‫ْسـ‬
‫ِنـفلي َ‬
‫وصـح أن النب ِي قال‪( :‬وَأنـت البَاط ُ‬
‫ك شيء) ( ) ‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫دُون َ‬
‫والباطن سبحانه هو الحتجب عن أبصار اللق‬

‫‪77‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 1 3‬‬


‫ـــ ‪ 100‬ـــ‬
‫الذي ل يرى ف الدنيا‪ ،‬احتجب بذاته عن أبصار‬
‫الناظرين لكمة أرادها ف الناس أجعي‪ ،‬فال يُرى‬
‫فـالخرة ول يرى فـالدنيـا لنـه شاء أن تقوم‬
‫اللئق على معنـ البتلء‪ ،‬ولو رأيناه فـ الدنيـا‬
‫وانكشـف عنـا الغطاء؛ لتعطلت حكمـة ال فـ‬
‫تدبيه الشياء‪ ،‬فكيـف يتحقـق اليان بال وننـ‬
‫نراه؟ وكيـف تسـتقيم الشرائع إل فـ التباع‬
‫ومالفة العبد هواه ؟‬
‫وإذا كان ال ل يرى ف الدن يا ابتلءا فإ نه‬
‫يرى فـ الخرة إكرامـا وجزاءا‪ ،‬إكرامـا لهـل‬
‫طاعته‪ ،‬وزيادة ف النعيم لهل مبته‪ ،‬وال مع‬
‫أ نه الباطـن الذي احتجـب عـن أبصـار الناظريـن‬
‫للله وحكم ته وكماله وعز ته و سبحاته وعظم ته‬
‫إل أن حقي قة وجوده نور يض يء ب صائر الؤمن ي‪،‬‬
‫فهـو القريـب الجيـب الذي يسـمع دعاء اللئق‬

‫ـــ ‪ 101‬ـــ‬
‫أجعي ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سه البا طن ما تقدم ف ال ساء‬
‫السـابقة‪ ،‬وكذلك الدعاء‪ :‬اللهـم اغفـر ل مغفرة‬
‫ظاهرة وباطنـه ل تغادر ذنبـا‪ ،‬اللهـم احفظنـفـ‬
‫ولدي ‪ ..‬ويسمي ما يشاء ‪.‬‬
‫وهذا دعاء نبوي رواه الترمذي وحسنه اللبان‬
‫من حديث ابن عباس ‪ t‬أنه قال‪( :‬قال رَسول ال‬
‫لِلعبّا سِ‪ :‬إذَا كَان غدَا ُة الثنْي ِن فأتن أنت َووَل ُد َك‬
‫ك ال ب ا َووَل َد كَ‪ ،‬فغدَا‬ ‫َح ت أدْع َو ُل ْم ِب َد ْع َوٍة يَنفع َ‬
‫وَغدَو نا مع ُه َوأَلَب سَنا ِك سَا ًء ث قال‪ :‬الل هم اغ فر‬
‫س َووَل ِد ِه مغ ِفرَة ظَا ِهرَة َوبَا ِط نة َل تغا ِد ُر ذَنبًا‪،‬‬‫للعبّا ِ‬
‫اللهم احفظ ُه ف وَل ِدهِ) ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪78‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه الباطـن‬

‫‪78‬صحيح الترمذي ( ‪. )2 9 6 2‬‬


‫ـــ ‪ 102‬ـــ‬
‫ـو الذي يقدر المور‬
‫ـه أن ال هـ‬ ‫إقراره ويقينـ‬
‫ويدبر ها‪ ،‬وأن السباب ال ت أظهر ها بكم ته هي‬
‫كاللة بيـد صـانعها وال من ورائهـم م يط‪ ،‬هـو‬
‫الباطن القادر الفاعل حقيقة الذي استتر عن خلقه‬
‫بلطائف القدرة وخفايـا الشيئة‪ ،‬فالوحـد يشهـد‬
‫الول ية من ال ف كل ش يء‪ ،‬والخر ية ب عد كل‬
‫ش يء‪ ،‬والعلو والفوق ية فوق كل ش يء‪ ،‬والقرب‬
‫والدنو دون كل شيء‪.‬‬
‫سبق كل شيء بأوليته‪ ،‬وب قى بعد كل شيء‬
‫بآخري ته‪ ،‬وعل على كل ش يء بظهوره‪ ،‬ود نا من‬
‫كل ش يء ببطو نه‪ ،‬فل تواري م نه سا ُء ساءً‪ ،‬ول‬
‫أرضـأرضـا‪ ،‬ول يجـب عنـه ظاه ُر باطنـا‪ ،‬بـل‬ ‫ُ‬
‫الباطن له ظاهر‪ ،‬والغيب عنده شهادة‪ ،‬والبعيد منه‬
‫قريـب‪ ،‬والسـر عنده علنيـة‪ ،‬ل يزل أول وآخرا‬
‫وظاهرا وباطنا ‪.‬‬

‫ـــ ‪ 103‬ـــ‬
‫‪ - 1 8‬السّميع‬
‫ِهـش ْيٌء َو ُه َو السـّميع‬
‫ْسـكَمثل ِ‬
‫قال تعال‪ :‬لي َ‬
‫ص ُي [الشورى‪. ]1 1 :‬‬
‫الَب ِ‬
‫والسـميع هـو التصـف بالسـمع كوصـف‬
‫ذات وال ساع كو صف ف عل‪ .‬وال سمع و صف‬
‫ذا ت حقي قي نؤ من به على ظا هر ال ب ف ح قه‪،‬‬
‫وظاهر الب ف حقه ليس كالظاهر ف حق البشر‪،‬‬
‫لننا ما رأينا ال أو كيفية سعه‪ ،‬وما رأينا مثيل‬
‫لذاته ووصفه‪ ،‬وهو سبحانه يسمع السر وأخفى ‪.‬‬
‫أ ما ال ساع لغيه كو صف ف عل ل فل نه‬
‫يتعلق بشيئته سبحانه كما قال‪ :‬إن ال ُي سْمع‬
‫من يَشا ُء [فاطر‪. ]2 2 :‬‬
‫وقـد يكون وصـف الفعـل على العنـالاص‬
‫الذي ف يه إجا بة الدعاء‪ ،‬ك ما صح عن ال نب‬
‫ـــ ‪ 104‬ـــ‬
‫مرفوعا‪( :‬وَإذَا قال سَمع ال لِمن حَم َد ُه فقولوا َربّنا‬
‫لك ا َل ْمدُ) ( ) ‪.‬‬
‫‪79‬‬

‫‪:‬‬ ‫ومن الدعاء باسه السميع ما ورد ف قوله‬


‫ك سَميع‬‫ك ذ ّريّة َطّيبَة إن َ‬
‫رَبّ هَب لِي من لدُن َ‬
‫الدّعا ِء [آل عمران‪َ :]3 8 :‬ربّنـا تقبّلـ منـا‬
‫ك أنت السّميع العلِيم [البقرة‪.]1 2 7 :‬‬ ‫إن َ‬
‫و صح أن ر سول ال كَان إذَا قام من اللْي ِل‬
‫ح ْم ِد َك وَتبَا َر َك‬
‫ك الل هم َوِب َ‬‫َكّب َر ث يَقول‪ ( :‬سبحَان َ‬
‫ك وَتعال َج ّد َك َو َل إل َه غْي ُر كَ‪ ،‬ث يَقول‪َ :‬ل‬ ‫ا سْم َ‬
‫إل َه إ ّل ال‪ ،‬ث َل ثا ث يَقول‪ :‬ال أ ْكَب ُر َكِبيًا ث َل ثا‪،‬‬
‫أعو ُذ بِال ال سّمي ِع العِل يم من الشْيطَا ِن ال ّر ِج يم من‬
‫خ ِه وَنفِثهِ‪ ،‬ث يَقرَأ) ( ) ‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫َه ْم ِزِه وَنف ِ‬

‫‪79‬صحيح مسلم ( ‪. )4 1 5‬‬


‫‪80‬مشكاة الصابيح ( ‪. )1 2 1 7‬‬
‫ـــ ‪ 105‬ـــ‬
‫وثبت أن رسول ال كان يقول‪( :‬اللهُم إن‬
‫ب َل يَخ شع‪َ ،‬ودُعا ٍء َل ُي سْمع‪،‬‬ ‫ك من قل ٍ‬ ‫أعو ُذ ِب َ‬
‫ك من‬
‫س َل تشبَع‪ ،‬وَمن عِل ٍم َل يَنفع أعو ُذ ِب َ‬
‫وَمن نف ٍ‬
‫َه ُؤ َلِء الرَبعِ) ‪.‬‬
‫( )‬ ‫‪81‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه ال سميع‬


‫يقينه أن ال من فوق عرشه يسمع كل صغية‬
‫و كبية ف خل قه‪ ،‬وأ نه سبحانه متو حد ف سعه‬
‫وب صره‪ ،‬له الكمال الطلق ف وصفه‪ ،‬عل يم بسره‬
‫ونواه‪ ،‬فل ي سمع إل ما ي به ال ويرضاه ويراق به‬
‫ويشاه‪ ،‬ول ياف من أحد سواه ‪.‬‬

‫‪ - 1 9‬الَبصِي‬
‫ص ُي‬
‫قال تعال‪ :‬فاسْت ِع ْذ بِا ِل إن ُه ُه َو السّميع الَب ِ‬
‫[غافر‪. ]5 6 :‬‬
‫‪81‬صحيح الترمذي ( ‪. )2 7 6 9‬‬
‫ـــ ‪ 106‬ـــ‬
‫والبصي هو التصف بالبصر‪ ،‬والبصر صفة‬
‫من صفات ذا ته تل يق بلله ي ب إثبات ا ل دون‬
‫تثيل أو تكييف‪ ،‬أو تعطيل أو تريف‪ ،‬فهو الذي‬
‫يرى عال الغيـب والشهادة‪ ،‬ويرى الشياء كلهـا‬
‫مهما خفيت أو ظهرت ومهما دقت أو عظمت ‪.‬‬
‫وهـو سـبحانه وتعال مطلع على خلقـه يعلم‬
‫خائ نة الع ي و ما ت فى ال صدور‪ ،‬ل ي فى عل يه‬
‫شيـء مـن أعمال العباد‪ ،‬فالسـر عنده علنيـة‬
‫والغ يب عنده شهادة‪ ،‬يرى دب يب النملة ال سوداء‬
‫على الصخرة الصماء ف الليلة الظلماء ويرى نياط‬
‫عروقها وماري القوت ف أعضائها ‪.‬‬
‫وهـو البصـي الذي ينظـر للمؤمنيـ بكرمـه‬
‫ورحته‪ ،‬وين عليهم بنعمته وجنته‪ ،‬ويزيدهم كرما‬
‫بلقائه ورؤيتـه‪ ،‬ول ينظـر إل الكافريـن إيقاعـا‬
‫لعقوبتـه‪ ،‬فهـم ملدون فـالعذاب مجوبون عـن‬
‫ـــ ‪ 107‬ـــ‬
‫رؤيته ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه البصي ما ورد ف دعائه ‪:‬‬
‫ِسـنِي نُورًا‪،‬‬
‫(اللهـم اجْعـل فِي قلبِي نُورًا‪ ،‬وَفِي ل َا‬
‫صرِي نُورًا‪،‬‬ ‫وَا ْج عل فِي َس ْمعِي نُورًا وَا ْج عل فِي َب َ‬
‫وَاجْعل من خَلفِي نُورًا‪َ ،‬و من أما مي نُورًا‪ ،‬وَا ْج عل‬
‫من فوقِي نُورًا وَمن تتِي نُورًا‪ ،‬اللهم أ ْع ِطنِي نُورًا)‬
‫( )‪.‬‬ ‫‪82‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه البصي هو‬


‫ارتقاء الع بد لرت بة الح سان‪ ،‬وتأثره الدائم بكمال‬
‫الراقبة‪ ،‬كما صح من حديث عمر ‪ t‬أن النب‬
‫ك ترَاهُ‪ ،‬فإن لْ‬
‫ل كَأن َ‬
‫قال عن الحسان‪( :‬أن تعْب َد ا َ‬
‫تكُن ترَاُه فإن ُه َيرَاكَ) ( )‪.‬‬
‫‪83‬‬

‫‪82‬صحيح مسلم ( ‪. )7 6 3‬‬


‫‪83‬صحيح البخاري ( ‪. )5 0‬‬
‫ـــ ‪ 108‬ـــ‬
‫فو جب على الع بد أن يرا قب ر به ف طاع ته‪،‬‬
‫ويو قن أ نه من فوق عر شه ب صي بعباد ته‪ ،‬عل يم‬
‫سَيرَى‬
‫بإخلصه ونيته‪ ،‬قال ‪ :‬وَقل اعْملوا ف َ‬
‫ا ُل عمل ُك ْم َورَسول ُه وَالؤْمنُون [التوبة‪،]1 0 5 :‬‬
‫ومن توحيد ال ف اسه البصي أن ننظر ف خلق ال‬
‫وآثار صنعته‪ ،‬وكمال قدرته وبالغ حكم ته‪ ،‬وغي‬
‫ذلك مـن السـباب الظاهرة وأن نعتـب بفعله فـ‬
‫المم الغابرة ‪.‬‬

‫‪ - 2 0‬ال ْولَى‬
‫قال تعال‪ :‬وَاعْت صِموا بِالِ ُه َو مول ُك ْم فنِعْم‬
‫ص ُي [الج‪. ]7 8 :‬‬ ‫الول َوِنعْم الن ِ‬
‫والول سبحانه هو من ير كن إل يه الوحدون‬
‫ويعت مد عل يه الؤمنون ف الشدة والرخاء وال سراء‬
‫والضراء ‪.‬‬

‫ـــ ‪ 109‬ـــ‬
‫وال جعـل وليتـه للموحديـن مشروطـة‬
‫بالسـتجابة لمره‪ ،‬والعمـل فـ طاعتـه وقربـه‪،‬‬
‫والسعي إل مرضاته وحبه‪ ،‬فقد صح ف الديث‬
‫ل قال‪ :‬من عادَى لِي َوِليّا فق ْد آذَنت ُه‬ ‫القدسي‪( :‬إن ا َ‬
‫ب إلّ عبدِي بِشي ٍء أ َحبّ إلّ ما‬ ‫بِالَر بِ‪ ،‬وَما تق ّر َ‬
‫افت َرضْت علْيهِ‪ ،‬وَما َيزَال عبدِي يَتقرّب إلّ بِالنوَاِف ِل‬
‫حَت أ ِحّبهُ‪ ،‬فإذَا أحبَبت ُه كُنت َسمْع ُه الذي َيسْمع به‪،‬‬
‫ش با َو ِرجْل ُه‬‫ص ُر به‪َ ،‬وَي َد ُه التِي يَب ُط ُ‬
‫ص َرُه الذي يُب ِ‬
‫َوَب َ‬
‫التِي َي ْمشِي با‪ ،‬وَإن سَألنِي ل ْع ِطيَنهُ‪ ،‬وَلِئ ِن اسْتعا َذنِي‬
‫لعِيذَنهُ‪ ،‬وَما ت َر ّددْت عن شي ٍء أنا فاعِل ُه ت َر ّددِي عن‬
‫س الؤْمنِ‪َ ،‬ي ْك َرُه الوت وَأنا أ ْك َرُه مسَاءَتهُ) ( ) ‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫نف ِ‬
‫ومن الدعاء باسم ال الول قوله ‪َ :‬ربّنا ل‬
‫تؤَا ِخ ْذ نا إن ن سِينا أو أخطَأ نا َرّب نا وَل ت مل علْي نا‬
‫إ صْرا َك ما حَملت ُه على الذ ين من قبِل نا َرّب نا وَل‬

‫‪84‬البخاري ( ‪. )6 1 3 7‬‬
‫ـــ ‪ 110‬ـــ‬
‫ـ‬‫ـ وَاغفِر لن ا‬ ‫ْفـعن ا‬‫ـ بـه وَاع ُ‬ ‫ـ ل طَاق َة لن ا‬‫ـما‬ ‫تَملن ا‬
‫وَار َحمْنا أنت مولنا فان صُرنا على القوم الكَاِفرِين‬
‫ُصـبَنا إل‬ ‫[البقرة‪ ،]2 8 6 :‬وقوله‪ :‬قـل لن ي ِي‬
‫َتبـ ال لنـا ُه َو مولنـا وَعلى ال فليَت َو ّك ِل‬ ‫مـا ك َ‬
‫الؤْمنُون [التوبة‪ ،]5 1 :‬و صح عن ر سول ال‬
‫ج ِز‬
‫ِكـ مـن الع ْ‬ ‫أنـه قال‪( :‬اللهـم إنـ أعو ُذ ب َ‬
‫ب القبِ‪ ،‬اللهم‬ ‫ب وَا َلرَم وَعذَا ِ‬
‫س ِل وَالبخ ِل وَا ُل ِ‬
‫وَال َك َ‬
‫ت نف سي تقوَاهَا‪َ ،‬و َزكّهَا أ نت َخْي ُر من َزكّاهَا‪،‬‬ ‫آ ِ‬
‫ب َل‬ ‫ك من قل ٍ‬ ‫أنت َوِلّيهَا وَمو َلهَا‪ ،‬اللهم إن أعو ُذ ِب َ‬
‫يَخشع‪ ،‬وَمن نفس َل تشبَع‪َ ،‬وعِل ٍم َل يَنفع‪َ ،‬و َد ْع َوٍة‬
‫َل يستجَاب لَا) ( )‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الول أن‬


‫ياهد نفسه ف طاعة موله‪ ،‬فل يعصي له أمرا ول‬
‫يرد له خبا‪ ،‬فيث بت ما أثب ته ال لنفسه من كمال‬

‫‪85‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 2 2‬‬


‫ـــ ‪ 111‬ـــ‬
‫ا سه وو صفه‪ ،‬و ما أثب ته ر سوله وهذا مقت ضى‬
‫تعظيم العبد لربه ف اسه الول ‪.‬‬
‫ومـن آثار السـم على العبـد تقوى ال فيمـن‬
‫وله علي هم وابتله بم من الرع ية‪ ،‬ف قد صح أن‬
‫ِمهـ‬
‫ُمـ خَاد ُ‬ ‫رسـول ال قال‪( :‬إذَا صـَنع ل َح ِدك ْ‬
‫طَعام ُه ث جَا َء ُه به وَق ْد وَل َح ّرُه َو ُدخَان ُه فليُق ِع ْد ُه مع ُه‬
‫ض ْع فِي‬ ‫فلَيْأكُل‪ ،‬فإن كَان الطّعام منشفوها قليل فلَي َ‬
‫َي ِدِه من ُه أكْلة أو أكْلتْينِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪86‬‬

‫و صح أي ضا أ نه قال‪( :‬الل هم من وَلَ من أ ْم ِر‬


‫أمت شْيئًا فشق علْي ِه ْم فاشقق علْي هِ‪ ،‬وَمن وَل من‬
‫أ ْم ِر أمت شْيئًا فرَفق ب ْم فارفُق به) ( ) ‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫‪86‬السـابق ( ‪ )1 6 6 3‬ومعنـ مشفوهـا أي تكاثرت عليـه‬


‫الشفاة فأصبح قليل ‪.‬‬
‫‪87‬صحيح مسلم ( ‪. )1 8 2 8‬‬
‫ـــ ‪ 112‬ـــ‬
‫ص ُي‬
‫‪ - 2 1‬الن ِ‬
‫قال تعال‪ :‬وَاعْت صِموا بِالِ ُه َو مول ُك ْم فنِعْم‬
‫ص ُي [الج‪. ]7 8 :‬‬ ‫الول َوِنعْم الن ِ‬
‫والنصي سبحانه هو الذي ينصر رسله وأنبياءه‪،‬‬
‫وين صر أولياءه على أعدائ هم ف الدن يا ويوم يقوم‬
‫الشهاد‪ ،‬وهـو الذي ينصـر السـتضعفي ويرفـع‬
‫الظلم عن الظلومي‪ ،‬ويي الضطر إذا دعاه‪ ،‬وهو‬
‫حسب من توكل عليه‪ ،‬وكاف من لأ إليه‪ ،‬يؤيد‬
‫بن صره من يشاء‪ ،‬ول غالب ل ن ن صره ول نا صر‬
‫ل ن خذله‪ ،‬ف من توله وتول شر عه وا ستنصر به‪،‬‬
‫وتو كل عل يه‪ ،‬وانق طع بكلي ته إل يه توله وحف ظه‬
‫و صانه وحر سه‪ ،‬و من خا فه واتقاه آم نه ما ياف‬
‫ويذر‪ ،‬وجلب إليه كل ما يتاج إليه وأكثر ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه النصي ما ورد ف قوله تعال‪:‬‬

‫ـــ ‪ 113‬ـــ‬
‫َرّب نا أفرِغ علْي نا صَبا وَث بت أقدَام نا وَان صُرنا‬
‫على القوم الكَاِفرِين [البقرة‪.]2 5 0 :‬‬
‫وقوله‪َ :‬ربّنا اغفِر لنا ُذنُوبَنا وَإ ْسرَافنا فِي أ ْمرِنا‬
‫وَثبّت أقدَامنا وَانصُرنا على القوم الكَاِفرِين [آل‬
‫عمران‪. ]1 4 7 :‬‬
‫وث بت أن ال نب كان يد عو فيقول‪( :‬الل هم‬
‫ك أ صُول‬ ‫ك أحُول َوِب َ‬ ‫صيِي‪ِ ،‬ب َ‬ ‫ضدِي وَن ِ‬ ‫أ نت ع ُ‬
‫ِتابـ َو ْمرِي‬
‫ِكـأقاتِل) ‪( .‬اللهـم منِل الك ِ‬ ‫‪88‬‬ ‫( )‬
‫َوب َ‬
‫ب ا ْه ِز ْم ُه ْم وَان صُرنا علْي ِهمْ)‬
‫ب َوهَازِم الحزَا ِ‬
‫سحَا ِ‬‫ال ّ‬
‫َصـرِي وَاجْعلهُمـا‬ ‫ِسـْمعِي َوب َ‬ ‫‪( .‬اللهـم متعْنِي ب َ‬ ‫( )‬
‫‪89‬‬

‫الوَارِث من‪ ،‬وَان صُرنِي على من يَظلِمنِي َو ُخ ْذ من ُه‬

‫‪88‬صحيح أب داود (‪. )2291‬‬


‫‪89‬صحيح مسلم (‪. )1742‬‬
‫ـــ ‪ 114‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪90‬‬
‫بِثْأرِي)‬
‫(رَبّ َأ ِع ن َو َل تعِن علي‪ ،‬وَان صُرنِي َو َل تن صُر‬
‫علي وَامْك ُر لِي َو َل تك ُر علي‪ ،‬وَا ْهدِن ِي َويَسـّر‬
‫ُهدَاي إل‪ ،‬وَانصُرنِي على من بَغى علي) ( ) ‪.‬‬
‫‪91‬‬

‫ك ما َيحُول َبيْننا َوَبيْن‬


‫س ْم لنا من خَشَيِت َ‬ ‫(اللهم اق ِ‬
‫ك ما تبَلغُنا به جَنت كَ‪ ،‬وَمن‬ ‫معا صِيكَ‪ ،‬وَمن طَاعِت َ‬
‫ت الدّنيَا‪ ،‬وَمت ْع نا‬‫الَيقِيِ ما َت ّو ُن به علْي نا م صِيبَا ِ‬
‫بِأسْماعِنا وَأبصَارِنا وَق ّوتِنا ما أحَييْتنا‪ ،‬وَاجْعل ُه الوَارِث‬
‫م نا‪ ،‬وَا ْج عل ثْأ َر نا على من ظَلم نا‪ ،‬وَان صُرنا على‬
‫من عادَا نا‪َ ،‬و َل ْت عل م صِيبَتنا ف دِيِن نا‪َ ،‬و َل تْع ِل‬
‫الدّنيَا أ ْكَب َر هَم نا َو َل مبلغ عِلم نا‪َ ،‬و َل ت سَلط علْي نا‬

‫‪90‬السلسلة الصحيحة (‪. )3170‬‬


‫‪91‬صحيح الامع (‪. )3485‬‬
‫ـــ ‪ 115‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪92‬‬
‫من َل يَرحَمنا)‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه النصي أن‬
‫ينصر حزب ال ورسوله ‪ ،‬ليقينه بنصر ال لم‪،‬‬
‫وأن الغلبة كتبها لم‪ ،‬ولو طال المتحان والبتلء‪،‬‬
‫فالو حد يقرن ن صره ب صبه‪ ،‬ويث بت على من هج‬
‫نبيه ‪ ،‬ول ييأس من النصر مهما طال الصب ‪.‬‬

‫‪ - 2 2‬العف ّو‬
‫[الج‪6 0 :‬‬ ‫ل لعف ّو غفو ٌر‬
‫قال تعال‪ :‬إن ا َ‬
‫]‪ ،‬و صح من حد يث عائِش َة ر ضي ال عن ها أن ا‬
‫قالت‪( :‬يَا رَسول الِ أرَأيْت إن وَافقت ليْل َة القد ِر‬
‫ك عف ّو تِب العف َو‬ ‫ما أدعو ؟ قال‪ :‬تقولِي‪ :‬اللهُم إن َ‬
‫ف عن) ( )‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫فا ْع ُ‬
‫‪92‬السابق (‪. )1268‬‬
‫‪93‬صحيح الامع (‪. )4423‬‬
‫ـــ ‪ 116‬ـــ‬
‫والعف ّو سبحانه هو الذي يب الع فو وال ستر‪،‬‬
‫ـ كان شأناـ‪ ،‬ويسـتر‬ ‫ويصـفح عـن الذنوب مهم ا‬
‫العيوب ول يب الهر با‪ ،‬يعفو عن السيء َك َرمًا‬
‫وإح سانًا‪ ،‬ويف تح وا سع رحته فضل وإنعا ما ح ت‬
‫يزول اليأس من القلوب‪ ،‬وتتعلق ف رجائ ها بعلم‬
‫الغيوب ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسه العفو ما ورد ف قوله تعال‪:‬‬
‫َربّنا ل تؤَا ِخذْنا إن نسِينا أو أخ َطأْنا َربّنا وَل تمل‬
‫عليْنا إصْرا كَما حَملت ُه على الذين من قبلِنا َربّنا وَل‬
‫ـ‬
‫ـ وَاغفِر لن ا‬ ‫ـ بـه وَاعفُـعن ا‬‫ـ ل طَاق َة لن ا‬
‫ـما‬ ‫تَملن ا‬
‫وَار َحمْنا أنت مولنا فان صُرنا على القوم الكَاِفرِين‬
‫[البقرة‪. ]2 8 6 :‬‬
‫ك ع ُف ّو تِب العف َو‬ ‫ومن دعاء النب ‪( :‬اللهُم إن َ‬
‫ك العاِفَيَة فِي الدّنيَا‬
‫ف ع ن) (اللهُم إ ن أ سْأل َ‬ ‫فا ْع ُ‬
‫ك العف َو وَالعاِفَيَة فِي دِينِي‬
‫وَال ِخ َرةِ‪ ،‬اللهُم إن أ سْأل َ‬
‫ـــ ‪ 117‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪94‬‬
‫َودُنيَاي وَأ ْهلِي وَمالِي)‬
‫و من دعاء ال نب ع ند ال صلة على ال يت‪:‬‬
‫(اللهُم اغفِر ل هُ وَار َحمْ هُ‪ ،‬وَعافِ هِ وَاعْ فُ عن هُ‬
‫َأوسـعْ م ْدخَلهـُ‪ ،‬وَاغسـِلهُ بِالاءِ‬
‫ِمـ نُزُلهـُ‪ ،‬و ِ‬
‫وَأ ْكر ْ‬
‫َنقهـ مـن الَطَايَا كَمـا يُنقـى‬ ‫َالثلجـ وَالبَرَدِ‪ ،‬و ِ‬
‫و ِ‬
‫الثوب البَيضُ من الدّنسِ) ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪95‬‬

‫ومن دعاء أب بكر الصديق ‪( :t‬أسْأل ا َل العف َو‬


‫وَالعاِفَيةَ) ( ) ‪.‬‬
‫‪96‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الع فو أن‬


‫يع فو ع من ظل مه‪ ،‬ويعرض عن الاهل ي‪ ،‬ويي سر‬
‫على العسرين طلبا لعفو ال عند لقائه‪ ،‬وقد وجه‬

‫‪94‬الدب الفرد (‪. )1200‬‬


‫‪95‬صحيح مسلم (‪. )963‬‬
‫‪96‬مشكاة الصابيح (‪. )2489‬‬
‫ـــ ‪ 118‬ـــ‬
‫النب أئمة السلمي وولتم إل درء الشبهة عن‬
‫الحكومي؛ لن الطأ ف العفو خي من الطأ ف‬
‫العقوبة ‪.‬‬

‫‪ - 2 3‬القدِير‬
‫قال ال تعال‪ :‬يَخلق مـا يَشا ُء َو ُه َو العلِيـم‬
‫القدِي ُر [الروم‪. ]5 4 :‬‬
‫والقد ير سبحانه هو الذي يتول تنف يذ القاد ير‬
‫ويلق ها على ما جاء ف سابق التقد ير؛ فمرا تب‬
‫ـة والشيئة‬‫ـب‪ ،‬العلم والكتابـ‬ ‫ـع مراتـ‬ ‫القدر أربـ‬
‫والقدرة التـ باـ يلق الشياء‪ ،‬فالرتبـة الول‬
‫تنا سب ا سه القادر‪ ،‬والراب عة تنا سب ا سه القد ير‬
‫فالقادر سبحانه هو الذي يقدر القادير ف علمه‪ ،‬أو‬
‫هو الذي قدر كل ش يء ق بل ت صنيعه وتكوي نه‪،‬‬
‫ونظم أمور اللق قبل إياده وإمداده‪ ،‬فالقادر يدل‬

‫ـــ ‪ 119‬ـــ‬
‫على التقدير ف الرتبة الول‪.‬‬
‫أ ما القد ير فيدل على القدرة وتنف يذ القدر ف‬
‫الرت بة الراب عة‪ ،‬فالقد ير هو الذي يلق و فق سابق‬
‫التقد ير‪ ،‬والقدر من التقد ير والقدرة م عا‪ ،‬فبداي ته‬
‫ف التقدير ونايته ف القدرة وحصول القدر‪ ،‬كما‬
‫قال ال تعال‪َ :‬وكَان أ ْم ُر الِــ قدَرا مقدُورا‬
‫[الحزاب‪. ]3 8 :‬‬
‫ومـن الدعاء باسـه القديـر مـا صـح مـن‬
‫حد يث عبادة بن ال صامت ‪ t‬أ نِ ال نب قال‪:‬‬
‫( من تعارّ من الل ْيلِ فقال‪ :‬لَ إل هَ إل ال وَحدَ هُ‬
‫لمْدُ‪ ،‬وَهُوَ على‬
‫لَ شرِي كَ ل هُ‪ ،‬ل هُ الل كُ‪ ،‬وَل ُه ا َ‬
‫لمْدُ لِ‪ ،‬وَسـبحَان ال‪َ ،‬ولَ‬ ‫كُل شيْءٍ قدِيرٌ؛ ا َ‬
‫ـ إل ال وَال أكْبَرُ‪َ ،‬و َل حَول َولَ ق ّو َة إل‬ ‫إلهـ َ‬
‫بِال؛ ث قال‪ ،‬اللهم اغفِر ل‪ ،‬أو دَعا اسْتجِيبَ‪،‬‬

‫ـــ ‪ 120‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪97‬‬
‫فإن ت َوضّأ َوصَلى قبِلت صَلَته)‬
‫وصح من حديث ابن مسعود ‪ t‬أن رسول ا ِل‬
‫ك لِ‪،‬‬ ‫سيْنا وَأ ْم سَى الل ُ‬‫كان إذا أمسى قال‪( :‬أ ْم َ‬
‫ك‬‫ك لهُ‪ ،‬ل ُه الل ُ‬ ‫وَا َل ْم ُد ِل َل إل َه إ ّل ا ُل وَح َدُه َل شرِي َ‬
‫ك‬‫وَل ُه ا َل ْم ُد َو ُه َو على كُل ش ْي ٍء قدِيرٌ‪ ،‬اللهُم أ سْأل َ‬
‫ك من ش ّر هَذ ِه الليْل ِة وَش ّر‬ ‫َخْي َر هَذ ِه الليْلةِ‪ ،‬وَأعو ُذ ِب َ‬
‫س ِل َو سو ِء‬‫ك من ال َك َ‬ ‫ما َب ْعدَهَا‪ ،‬اللهُم إ ن أعو ُذ ِب َ‬
‫ال ِكَبرِ‪ ،‬اللهُم إنـأعو ُذ بِكَـمـن عذَابٍـفِي النا ِر‬
‫ب ف القبِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫وَعذَا ٍ‬
‫ِلمكـ‬
‫ومـن الدعاء النبوي الثابـت‪( :‬اللهـم ِبع َ‬
‫ك على الَل قِ‪ ،‬أحين ما عِلمْت ا َليَا َة‬
‫ب وَق ْد َرِت َ‬
‫الغْي َ‬
‫َخْيرًا ل‪ ،‬وتوف ن إذَا علِمْت الوَفاة َخيًا ل‪ ،‬الل هم‬

‫‪97‬صحيح البخاري (‪. )1103‬‬


‫‪98‬صحيح مسلم (‪. )2723‬‬
‫ـــ ‪ 121‬ـــ‬
‫ك‬‫ب وَالشهَا َدةِ‪ ،‬وَأ سْأل َ‬ ‫ك ف الغْي ِ‬ ‫ك خَشيَت َ‬ ‫وَأ سْأل َ‬
‫ص َد ف‬ ‫ك الق ْ‬ ‫ضبِ‪ ،‬وَأسْأل َ‬ ‫َكلِم َة الَق ف ال ّرضَا وَالغ َ‬
‫ك ق ّرَة‬
‫ك نعيمًا َل يَنفدُ‪ ،‬وَأ سْأل َ‬ ‫الفق ِر وَال ِغ ن‪ ،‬وَأ سْأل َ‬
‫ك ال ّرضَا َء َب ْع َد القضَا ِء‬
‫ـ َل تنقطِـع‪ ،‬وَأس ـْأل َ‬ ‫عيْن ٍ‬
‫ك لذ َة الن َظ ِر‬
‫ش َب ْع َد الو تِ‪ ،‬وَأ سْأل َ‬ ‫ك بَر َد العْي ِ‬
‫وَأ سْأل َ‬
‫ضرّا َء مضِر ٍة‬ ‫ك ف غْي ِر َ‬ ‫ك وَالشوق إل لِقاِئ َ‬ ‫إل َو ْج ِه َ‬
‫ـ ِبزِين ِة اليانـِ‪ ،‬وَاجْعلنـا‬ ‫وَل فِتن ٍة مضِلةٍ‪ ،‬اللهـم َزيّن ا‬
‫ُهدَاة مهْتدِين) ( ) ‪.‬‬
‫‪99‬‬

‫وث بت عن ال نب من حد يث جابر أنه‬


‫قال‪( :‬كَان رَسول الِ يُعلمنا ا ِل ْسِتخَا َرَة فِي المو ِر‬
‫القرآنـيَقول‪ :‬إذَا هَم‬
‫ِ‬ ‫كَمـا يُعلمنـا السـو َرَة مـن‬
‫ض ِة ث‬ ‫أ َح ُد ُك ْم بِال ْم ِر فليَر َك ْع َركْعتْي ِن من غْي ِر الفرِي َ‬
‫ِلمكـ وسـتقدرك‬ ‫خ ُي َك ِبع َ‬ ‫ِليَق ِل اللهُـم إنـ أسـْت ِ‬
‫ك تق ِد ُر‬
‫ك العظِيم‪ ،‬فإن َ‬ ‫ضِل َ‬‫ك من ف ْ‬ ‫بِق ْد َرِت كَ‪ ،‬وَأ سْأل َ‬

‫‪99‬صحيح الامع (‪. )1301‬‬


‫ـــ ‪ 122‬ـــ‬
‫َو َل أق ِد ُر وَتعْلم َو َل أعْلم وَأنت علّم ال ُغيُوبِ‪ ،‬اللهُم‬
‫إن كُنـت تعْلم أن َهذَا ال ْم َر َخْي ٌر لِي فِـي دِينِـي‬
‫وَمعاشِي وَعاِقَبِة أ ْمرِي فاقدُر ُه لِي َوَيسّر ُه لِي ث بَا ِر ْك‬
‫لِي فِيهـِ‪ ،‬وَإن كُنـت تعْلم أن َهذَا ال ْم َر ش ّر لِي فِي‬
‫صرِفنِي‬ ‫صرِف ُه عن وَا ْ‬ ‫دِينِي وَمعاشِي وَعاِقَب ِة أ ْمرِي فا ْ‬
‫عن هُ‪ ،‬وَاقدُر لِي ا َلْي َر حَيْث كَان ث أرضِنِي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َوُيسَمي حَاجَتهُ) ( )‪.‬‬
‫‪100‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه القدير يقينه‬


‫بأن القضاء والقدر أمر واقع متوم‪ ،‬وذلك ل يعن‬
‫أ نه م ب مظلوم‪ ،‬ف هو ف دار ابتلء م ي ف فعله‪،‬‬
‫ما سب على ذن به‪ ،‬وأن البتلء له وجهان‪ :‬وجـه‬
‫يتعلق بقدرة ال وفعله ب نا‪ ،‬وو جه يتعلق بفعل نا تاه‬
‫فعله‪ ،‬ومدى التزامنا بأمره وشرعه‪ ،‬فإذا أيقن العبد‬
‫بذلك ظهرت آثار اليان على حركا ته و سكناته‪،‬‬

‫‪100‬صحيح البخاري (‪. )6018‬‬


‫ـــ ‪ 123‬ـــ‬
‫فلن يتـج بالقدر على عصـيانه ومالفاتـه‪ ،‬لعمله‬
‫ويقينه أن التقدير الحكم ل بد بالضرورة أن يسبق‬
‫التخليــق والتصــنيع‪ ،‬وأن ال أحكــم‬
‫للمخلوقات غاياتاـ‪ ،‬وقضـى فـ اللوح أسـبابا‬
‫ومعلولتا‪ ،‬فلن يتغي بنيان اللق إل بعد استكماله‬
‫وتامه‪ ،‬ولن يتبدل سابق الكم ف سائر اللك إل‬
‫بقيامه وكماله‪ ،‬وتلك مشيئة ال ف خلقه ‪.‬‬

‫ف‬
‫‪ - 2 4‬اللطي ُ‬
‫ِيفـ‬
‫قال تعال‪ :‬أل َيعْلم مـن خَلق َو ُه َو اللط ُ‬
‫ا َلِب ُي [اللك‪. ]1 4 :‬‬
‫و صح من حد يث عائ شة ر ضي ال عن ها أن‬
‫النـب قال ل ا‪( :‬لتخِبرِينِي أو ليُخِبرَنـاللطِيفُـ‬
‫الِبيُ) ( ) ‪.‬‬
‫‪101‬‬

‫‪101‬صحيح مسلم (‪. )974‬‬


‫ـــ ‪ 124‬ـــ‬
‫واللطيـف سـبحانه هـو الذي اجْتمـع له العلم‬
‫بدَقائق الصَال وإي صَالا إل من قدرها له من خَلقه‬
‫مع الرفق ف الفِعل والتنفيذ‪ ،‬وال سبحانه لطيف‬
‫ب منهم‪ ،‬يعامل الؤمني بعطف‬ ‫بعباده رفيق بم قري ٌ‬
‫ورأفة وإحسان‪ ،‬ويدعو الخالفي إل النابة والتوبة‬
‫والغفران‪ ،‬مهما بلغ بم الذنب والرم والعصيان‪،‬‬
‫و هو لط يف بعباده يعلم دقائق أحوال م‪ ،‬ول ي فى‬
‫عليه شيء ما ف صدورهم ‪.‬‬
‫واللطيف أيضا هو الذي ييسر للعباد أمورهم‬
‫وي ستجيب من هم دعائ هم ف هو الح سن إلي هم ف‬
‫خفاء و ستر من ح يث ل يعلمون‪ ،‬فنع مه علي هم‬
‫سابغة ظاهرة ل ي صيها العادون‪ ،‬ول ينكر ها إل‬
‫الاحدون‪ ،‬و هو الذي يرزق هم بفضله من ح يث‬
‫ل يتسبون‪ ،‬كما أنه ياسب الؤمني حسابا يسيا‬
‫بفضله ورحته‪ ،‬وياسب غيهم من الخالفي وفق‬

‫ـــ ‪ 125‬ـــ‬
‫عدله وحكمته ‪.‬‬
‫و من الدعاء القرآن با سه اللط يف ما ورد ف‬
‫ف لِما‬
‫قوله تعال عن يوسف ‪ :‬إن َربّي لطِي ٌ‬
‫يَشا ُء إن ُه ُه َو العلِيم ا َلكِيم [يوسف‪.‌]1 0 0 :‬‬
‫اللهـم إنـك لطيـف لاـتشاء‪ ،‬وأنـت العليـم‬
‫الكيـم‪ ،‬ارفـع عنـالبلء والشقاء‪ ،‬وأعذنـمـن‬
‫الشيطان الرجيم ‪.‬‬
‫(الل هم ال طف ب ف تي سي كل َع سي؛ فإن‬
‫تي سي كل َع سي عَل يك َي سي‪ ،‬وأ سألك الُي سْر‬
‫والعافاة ف الدنيا والخرة) ( )‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه اللطيف أن‬


‫يتلطف للمسلمي‪ ،‬وينو على اليتامى والساكي‪،‬‬

‫‪102‬ف رفعه ضعف وقد يكون من دعاء أب هريرة ‪ ،S‬انظر‬


‫ضعيف الامع (‪. )1181‬‬
‫ـــ ‪ 126‬ـــ‬
‫وي سعى للوفاق بيـالتخاصـمي‪ ،‬وينت قي لطائف‬
‫القول ف حديثه مع الخرين‪ ،‬ويبش ف وجوههم‪،‬‬
‫وي مل قول م على ما يتمناه مـن ال ستمعي؛ فإن‬
‫الظـن أكذب الديـث‪ ،‬وقـد ذم ال أناسـا مـن‬
‫ـ بفريـة‬
‫النافقيـاتموا أم الؤمنيـرضـي ال عنه ا‬
‫باطلة‪ ،‬فرفع ال قدرها ورد كيديهم لا‪ ،‬وقد كان‬
‫النب لطيفا بأهله رحيما بم ‪.‬‬
‫ل قال‪( :‬أ َل أخِبرُك ْم بِمن‬ ‫وثبت أن رسول ا ِ‬
‫ْهـالنا ُر على كـل‬ ‫يَحرُم على النا ِر أو بِمـن ترُم علي ِ‬
‫ل‬
‫ب َهيّن لّي ٍن َسهْل) ( )‪ ،‬ومن حديث عبد ا ِ‬
‫‪103‬‬
‫قرِي ٍ‬
‫بن الارث ‪ t‬قال‪( :‬ما رَأيت أ َحدًا أكث َر تبَسمًا من‬
‫رَسول ا ِل ) ( ) ‪.‬‬
‫‪104‬‬

‫‪103‬صحيح الترغيب والترهيب (‪. )2676‬‬


‫‪104‬صحيح الترمذي (‪. )2880‬‬
‫ـــ ‪ 127‬ـــ‬
‫‪ - 2 5‬الب ُي‬
‫ـ َو ُه َو‬
‫قال تعال‪َ :‬و ُه َو القا ِه ُر فوق ِعبَادِهــ ِ‬
‫ا َلكِيم ا َلِب ُي [النعام‪. ]1 8 :‬‬
‫وال بي سبحانه هو العالِم ب ا كَان‪ ،‬و ما هو‬
‫كائن‪ ،‬ومـا سـيكون‪ ،‬ومـا لو كان كيـف يكون‬
‫ول يس ذلك إل ل ‪ ،‬ف هو الذي ل ي فى عل يه‬
‫شيـء فـ الرض ول فـ السـماء‪ ،‬ول يتحرك‬
‫متحرك ول ي سكن إل بعل مه‪ ،‬ول ت ستقيم حيا ته‬
‫إل بأمره ‪.‬‬
‫ـ‬
‫ـ خبي ي ا‬
‫و من الدعاء باسـه ال بي‪ :‬اللهـم ي ا‬
‫بصـي‪ ،‬سـبحانك وبمدك‪ ،‬توكلت عليـك فـ‬
‫مسألت وأنت عليم بذنب‪ ،‬فاغفر ل وعافن ويسر‬
‫أمري ‪ ..‬ويسمي ما يشاء من حوائجه ‪.‬‬
‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه البـي‬
‫ـــ ‪ 128‬ـــ‬
‫اعتماده على تدبي ربه ف كل صغية وكبية من‬
‫أمره‪ ،‬فطال ا آ من الع بد بأن ال خبي‪ ،‬سلم له ف‬
‫جيع شئونه مطلق التدبي‪ ،‬وهذا شأن أهل التوحيد‬
‫واليق ي أل يالفوا مراد ال وتدبيه‪ ،‬بل ي سلموا‬
‫إليه أمورهم ثقة ف كمال تدبيه‪ ،‬سواء كان تدبيا‬
‫كونيا على مقتضى حكمته ف ترتيب البتلء‪ ،‬أو‬
‫كان تدبيا شرع يا يتعلق با أمر هم به أو نا هم أو‬
‫ـم‪ ،‬فل ينازعون ال فـ تدبيه‬ ‫ندبمـ أو دعاهـ‬
‫وشرعه‪ ،‬ويسلمون بالرضا لقضائه وقدره؛ ليقينهم‬
‫أ نه اللك ال بي القادر القديـر‪ ،‬القابـض على‬
‫نواصـي اللق والتول شئون اللك‪ ،‬وتيقنهـم مـع‬
‫ذلك أنه الكيم ف أفعاله وأنا ل ترج عن العدل‬
‫والكمة والفضل والرحة‪ ،‬فالذي وحد ال ف اسه‬
‫البي يتار ال وكيل كفيل‪ ،‬وال إذا تول أمر‬
‫ع بد بم يل عناي ته كفاه وأغناه وأ سعده ف الدن يا‬

‫ـــ ‪ 129‬ـــ‬
‫والخرة ‪.‬‬

‫‪ - 2 6‬الوت ُر‬
‫قال رسول ‪( :‬ل تِسعَة وتِسعُون ا سًا مِائَة إل‬
‫وا ِحدًا‪َ ،‬ل َيحْفظهَا أح ٌد إِل َد خل ا َل نة‪ ،‬و هو وت ٌر‬
‫ب الوتر) ( ) ‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫ح ّ‬ ‫ُي ِ‬
‫وصـح مـن حديـث علي ‪ t‬أنـه قال‪ :‬أوت َر‬
‫َر سُول ال ثّ قال‪( :‬يَا أهل القرآ ِن أوِترُوا‪ ،‬فإِن‬
‫ب الوِترَ) ( ) ‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫ح ّ‬
‫ا َل وِت ٌر ُي ِ‬
‫والوتـر سـبحانه هـو الواحـد الذي ل يتشفـع‬
‫بشريك‪ ،‬انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا‪ ،‬ل تعتدل‬
‫الخلوقات ول ت ستقر إل بالزوج ية‪ ،‬ول ت نأ على‬

‫‪105‬صحيح البخاري (‪. )6047‬‬


‫‪106‬صحيح ابن ماجة (‪. )959‬‬
‫ـــ ‪ 130‬ـــ‬
‫الفردية والحدية‪ ،‬فالرجل ل يهنأ إل بزوجته ول‬
‫يش عر بال سعادة إل مع أ سرته‪ ،‬فيا عى ف قراره‬
‫ضروريات أولده وزوج ته‪ ،‬ول ي كن أن ت ستمر‬
‫الياة الت قدرها ال على خلقه بغي الزوجية‪ ،‬حت‬
‫ف تكوين أدق الواد الطبيعية‪ ،‬كل ذرة تتزاوج مع‬
‫أخواتا‪ ،‬سواء كانت سالبة أو موجبة‪ ،‬فهذه بناية‬
‫اللق بتقدير الق‪ ،‬بنيت على الزوجية والشفع‪،‬‬
‫أ ما رب نا فذا ته و صفاته وتر ية‪ ،‬و هو سبحانه‬
‫العزيـز بل ذل‪ ،‬والقديـر بل عجـز‪ ،‬والقوي بل‬
‫ضعـف‪ ،‬والعليـم بل جهـل‪ ،‬وهـو اليـالذي ل‬
‫يوت‪ ،‬والقيوم الذي ل ينام ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه الوتر‪( :‬اللهمّ إن‬
‫ص َم ُد الذِي لْ‬
‫ك الوا ِح ُد الحد ال ّ‬
‫ك يَا أل بأن َ‬
‫أسأل َ‬
‫يَل ْد ولْـيُولدْ‪ ،‬ولْـيَكُـن له كُفوا أح ٌد أن تغف َر ل‬

‫ـــ ‪ 131‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪107‬‬
‫ك أنت الغفو ُر ال ّرحِيم)‬
‫ذنوب‪ ،‬إن َ‬
‫المد ل الوا حد الحد الو تر ال صمد الذِي ل‬
‫يتخذ ولدا‪ ،‬ول يكن له شريك ف اللك‪ ،‬ول يكن‬
‫له ول من الذل‪ ،‬سبحان ال والمد ل وال أكب‪،‬‬
‫اللهـم إنـأسـألك باسـك الوتـر أن تعلنـمـن‬
‫الوحدين‪ ،‬وأن تلحقن بالصالي ‪.‬‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الوتر مبته‬
‫للتوح يد والوتر ية ف كل قول أو ف عل‪ ،‬فيغت سل‬
‫وترا‪ ،‬ويستجمر وترا‪ ،‬ويستنثر وترا‪ ،‬ويعل آخر‬
‫صلته بالل يل وترا‪ ،‬وإذا اكت حل فليكت حل وترا‪،‬‬
‫ـل التمرات وترا‪،‬‬
‫ـت وترا‪ ،‬ويأكـ‬ ‫ـل اليـ‬‫ويغسـ‬
‫ويشرب وترا‪ ،‬وصح أن رسول ال قال لنس‬
‫ض ْع َي َد َك حيْث تشتكِي وقل‪:‬‬
‫‪( :‬إِذا اشتكيْت؛ ف َ‬

‫‪107‬صحيح أب داود (‪. )869‬‬


‫ـــ ‪ 132‬ـــ‬
‫بس ِم ال أعُوذ بعِز ِة ال وق ْدرَته مِن ش ّر مَا أ ِج ُد مِن‬
‫( ‪)1 0 8‬‬
‫ك وِترًا)‬
‫وجعي هَذا‪ّ ،‬ث ارف ْع َي َدكَ‪ّ ،‬ث أ ِع ْد ذل َ‬
‫‪.‬‬

‫‪ -2 7‬الَمي ُل‬
‫صح من حد يث ا بن م سعود ‪ t‬أن ال نب‬
‫ب ا َلمَال) ( ) ‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫ح ّ‬
‫قال‪( :‬إِن ا َل َجمِي ٌل ُي ِ‬
‫والميـل سـبحانه هـو التصـف بالمال‬
‫الطلق ف الذات والساء والصفات والفعال‪،‬‬
‫و صح عن ال نب أ نه قال‪( :‬حِجَا به النورُ لو‬
‫كَش فه لحْرَق سُبُحات وجْ هه مَا انت هى إِليْه‬
‫َبصَرُه مِن خلقه) ( ) ‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫‪108‬السلسلة الصحيحة (‪. )1258‬‬


‫‪109‬صحيح مسلم (‪. )91‬‬
‫‪110‬صحيح مسلم (‪. )179‬‬
‫ـــ ‪ 133‬ـــ‬
‫أ ما جال الذات وكيف ية ما هو عل يه فأ مر ل‬
‫يدركـه سـواه ول يعلمـه إل ال‪ ،‬وليـس عنـد‬
‫الخلوقي منه إل تعريفات تعرف با إل من أكرمه‬
‫من عباده‪ ،‬وأما جال صفاته فكلها صفات كمال‪،‬‬
‫وأفعاله كلها حكمة‪ ،‬ومصلحة وعدل ورحة‪ ،‬وأما‬
‫جال الساء فتبارك ربنا ف أسائه السن ‪.‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ا سه الم يل‪( :‬الل هم‬
‫اغننـ بالعلم‪ ،‬وزينـ باللم‪ ،‬وأكرمنـ بالتقوى‬
‫ك لذة النظ ِر إِل‬ ‫وجلن بالعافية) ( )‪( ،‬اللهمَأسأل َ‬
‫‪111‬‬

‫ضرّا َء مضِر ٍة‬


‫ِكـ فـغْي ِر َ‬
‫ْهكـوالشوق إل لقائ َ‬ ‫وج َ‬
‫و َل فِت نة مضِلةٍ‪ ،‬اللهمّ َزّي نا بزي نة اليَا ِن وا ْجعَل نا‬
‫هدَاة مهتدِين) ( ) ‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫‪111‬الفردوس بأثور الطاب (‪. )1906‬‬


‫‪112‬صحيح الامع (‪. )1301‬‬
‫ـــ ‪ 134‬ـــ‬
‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل فـاسـه الميـل‬
‫اتصافه بمال الظهر والوهر‪ ،‬أما جال الظهر فقد‬
‫صح أن النب ‪( :‬إن ال تعال جيل يب المال‪،‬‬
‫ويبـ أن يرى أثـر نعمتـه على عبده‪ ،‬ويبغـض‬
‫البؤس والتباؤس) ( ) ‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫ـ‬
‫وجال الظهـر يفسـده العجـب والتكـب‪ ،‬أم ا‬
‫جال الوهر فله السبقية على الظهر‪ ،‬وهو حسن‬
‫العتقاد ف ال‪ ،‬وأن المال القيقي أن يفهم العبد‬
‫حقيقـة الياة‪ ،‬فيسـتعي بال فـكمال العبوديـة‪،‬‬
‫ويرضى با قسمه له ف باب الربوبية‪ ،‬وأن اللل‬
‫ـو ل‬ ‫الطلق القائم على الكمال والمال إنا ـ هـ‬
‫وحده ‪.‬‬

‫‪ -2 8‬الَي ّي‬

‫‪113‬السابق (‪. )1742‬‬


‫ـــ ‪ 135‬ـــ‬
‫صح من حديث َيعْلى بن أمية ‪ t‬أن رسول ال‬
‫حبّ اليَا َء وال سّت َر‬‫قال‪( :‬إن الَ حِي ّى سِت ٌي ُي ِ‬
‫فإذا اغتسَل أح ُد ُك ْم فليَستتر) ( ‪.‬‬
‫‪114‬‬‫)‬

‫وث بت من حد يث سلمان ‪ t‬أن ر سول ال‬


‫َكـ وتعَال حيـي كَريٌ‬ ‫ُمـ تبَار َ‬
‫قال‪( :‬إن َرّبك ْ‬
‫يَستحْيي مِن عَبْدِه إذا رَف عَ يَ َديْه إليْه أن َيرُدّها‬
‫صِفرًا) ( ) ‪.‬‬
‫‪115‬‬

‫واليي سبحانه هو الذي تكفل بعباده وضمن‬


‫أرزاقهم‪ ،‬يسمع دعاءهم ول ييب رجاءهم‪ ،‬وهو‬
‫الذي يوفق أولياءه إل الطاعة واليان‪ ،‬ويعصمهم‬
‫من هوى الن فس وو سواس الشيطان‪ ،‬و هو الذي‬
‫يقبل توبة الذنبي من عباده مهما عظمت ذنوبم‬

‫‪114‬صحيح أب داود (‪. )3387‬‬


‫‪115‬صحيح ابن ماجة (‪. )3117‬‬
‫ـــ ‪ 136‬ـــ‬
‫ـ ل تغرر النفـس أو تطلع الشمـس مـن مغرب ا‪،‬‬ ‫ما‬
‫يب ال ستر في سترها علي هم‪ ،‬ويدعو هم إل الياء‬
‫م نه‪ ،‬لنه ل يس ل م مل جأ سواه‪ ،‬ول رب ل م إل‬
‫ال‪ ،‬وحياء الرب تعال ل تدركـــه الفهام‪ ،‬ول‬
‫تكيفه العقول فإنه حياء كرم وبر وجود وجلل ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بقتضى اسم ال اليي‪ :‬اللهم إنك‬
‫ح يي كر ي‪ ،‬رف عت يدي إل يك فل ترد ن خائ با‪،‬‬
‫اللهم إن ل أمل من دعائك‪ ،‬ول أيأس من رجائك‬
‫فزد ن من كر مك وعطائك‪ ،‬الل هم اغ فر ذنو ب‪،‬‬
‫وا ستر عيو ب‪ ،‬واحفظ ن بف ظك وحيائك فإ نك‬
‫حيي ستي تب الياء والستر‪.‬‬
‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه ال يي أن‬
‫تكون حليـة العبـد وزينتـه ولباسـه بعـد تقوى ال‬
‫الياء‪ ،‬ف قد صح أن ر سول ال قال‪( :‬مَا كَان‬
‫ْشـفِي ش ْي ٍء إل شانـه‪ ،‬ومَا كَان اليَا ُء فِي‬
‫الفح ُ‬
‫ـــ ‪ 137‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪116‬‬
‫شي ٍء إل زَانه)‬
‫وثبت عن ابن مسعود ‪ t‬أن رسول ال‬
‫حيُوا مِن ال حق اليَاءِ‪ ،‬قلنا‪ :‬يَا َرسُول‬ ‫قال‪( :‬است ْ‬
‫س ذاكَ‪ ،‬ولكن‬ ‫ال إنا لنستحْيي وال ْم ُد ل‪ ،‬قال‪ :‬لْي َ‬
‫س ومَا‬
‫حيَاء مِن ال حق اليَا ِء أن تْفظ الرّأ َ‬ ‫الِسِت ْ‬
‫وعَى‪ ،‬وتْفظ البَطن ومَا حوى‪ ،‬وتتذ ّك َر الوت‬
‫والبلى‪ ،‬ومَن أرَا َد ال ِخرَة ت َر َك زينة الدّنيَا‪ ،‬فمَن فعَل‬
‫حيَا مِن ال حق اليَاءِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫ك فق ِد است ْ‬‫ذل َ‬

‫‪ -2 9‬السّت ُي‬
‫صح عن ال نب أ نه قال‪( :‬إن الَ حلي ٌم‬
‫والسـرَ) ( )‪ ،‬وتقدم‬
‫‪118‬‬
‫سـيٌ‪ُ ،‬يحِبّ اليَا َء ّت‬
‫حيـي ِت‬

‫‪116‬صحيح الامع (‪. )5655‬‬


‫‪117‬السابق (‪. )935‬‬
‫‪118‬صحيح أب داود (‪. )3387‬‬
‫ـــ ‪ 138‬ـــ‬
‫الدليل أيضا مقرونا مع اسم ال اليي ‪.‬‬
‫والستي سبحانه هو الذي يب الستر ويبغض‬
‫القبائح‪ ،‬ويأمـر بسـتر العورات ويبغـض الفضائح‬
‫يسـتر العيوب على عباده وإن كانوا باـماهريـن‬
‫ويغفر الذنوب مهما عظمت طالا كان الع بد من‬
‫الوحد ين‪ ،‬وإذا ستر ال عبدا ف الدن يا ستره يوم‬
‫القيا مة‪ ،‬و صح من حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن ال نب‬
‫قال‪َ ( :‬ل َي ست ُر ال عَلى َعْب ٍد ف الدنيَا إل سَترَه‬
‫ال يَو َم القيَا َمةِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫و صح أي ضا أ نه قال‪( :‬إن الَ ُيدْنِي الؤمِن‬


‫ذنبـ‬
‫َعـعَليْه كَنفـه ويَسـترُه فيَقول‪ :‬أت ْعرِف َ‬
‫فَيض ُ‬
‫أيـرَب‬
‫َمـ ْ‬ ‫ذنبـكَذا ؟ فيَقول‪ :‬نع ْ‬
‫َ‬ ‫كَذا ؟ أت ْعرِف‬
‫حتـإذا ق ّررَه بذنوبـه‪ ،‬ورَأى فـنفسـِه أنـه هَلك‬

‫‪119‬صحيح مسلم (‪. )2590‬‬


‫ـــ ‪ 139‬ـــ‬
‫قال‪ :‬سَترتا عَليْك ف الدّنيَا‪ ،‬وأنا أغ ِف ُرهَا لك اليَو َم‬
‫ب حسَناته‪ ،‬وأمّا الكاِف ُر والنافِقون فيَقول‬ ‫فُي ْعطَى كِتا َ‬
‫الشهَا ُد َه ُؤ َلِء ال ِذ ين كَذبُوا عَلى رَب ْم أ َل ل ْع نة ال‬
‫عَلى الظالِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪120‬‬

‫ومـن الدعاء باسـم ال السـتي مـا صـح مـن‬


‫حديث ابن عمر ‪ t‬أنه قال‪( :‬لْ َيكُن َرسُول ال‬
‫ت ِح ي ُي ْم سِي و ِح ي ُي صْبحُ‪:‬‬ ‫ع َه ُؤ َلِء ال ّدعَوا ِ‬
‫َي َد ُ‬
‫ك العَاِفيَة فِي الدّنيَا وال ِخ َرةِ‪ ،‬اللهمّ‬
‫اللهمّ إن أسأل َ‬
‫ك العَفو والعَاِفيَة فِي دِينِي ودُنيَاي وأهلي‬ ‫إن أسأل َ‬
‫ومَال‪ ،‬اللهمّ ا ستر عَورَاتِي وآمِن رَوعَاتِي‪ ،‬اللهمّ‬
‫ي َيدَي ومِن خلفِي‪ ،‬وعَن َيمِينِي وعَن‬ ‫احْفظنِي مِن ب ِ‬
‫ِشمَال ومِن فوقِي وأعُوذ بعَظمَتـك أن أغتال مِن‬
‫ْتتِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫‪120‬صحيح البخاري (‪. )2309‬‬


‫‪121‬صحيح الامع (‪. )1274‬‬
‫ـــ ‪ 140‬ـــ‬
‫(اللهم استر عورت‪ ،‬وآمن روعت‪ ،‬واقض عن‬
‫دين) ( ) ‪.‬‬ ‫‪122‬‬

‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الستي أن‬


‫يسـتر على نفسـه وغيه الرمـة‪ ،‬وأن يكثـر مـن‬
‫الطاعة والتهجد ف الظلمة‪ ،‬وقد صح أن رسول‬
‫ال قال‪( :‬ومَن سَت َر مسلمًا سَترَه ال يَو َم القيَا َمةِ)‬
‫( )‪ ،‬وقال ‪( :‬كُل أمّتِي معَا ف إل الجَاه ِر ين‪،‬‬ ‫‪123‬‬

‫وإن مِن الجَا نة أن َيعْمَل الرّجُل بالليْل َعمَل‪ ،‬ثّ‬


‫يُصـْبح وق ْد سـَترَه ال‪ ،‬فيَقول‪ :‬يَـا فلَن َعمِلت‬
‫ح‬
‫البَا ِر حة كَذا وكَذا‪ ،‬وق ْد بَات َي سترُه َر به وُي صْب ُ‬
‫‪124‬‬
‫َي ْكشِف سِت َر ال عَنه) ( ) ‪.‬‬

‫‪122‬السابق (‪. )1262‬‬


‫‪123‬صحيح البخاري (‪. )2310‬‬
‫‪124‬صحيح البخاري (‪. )5721‬‬
‫ـــ ‪ 141‬ـــ‬
‫ب مِن‬‫وصح أن رسول ال قال‪( :‬ومَن أ صَا َ‬
‫ـ‬
‫ـرَه ال فهـو إل ال‪ ،‬إن شا َء عَف ا‬
‫ذلكَـشْيئًا ثّ سَت‬
‫‪.‬‬ ‫)‬
‫‪125‬‬‫(‬
‫عَنه‪ ،‬وإن شا َء عَاقبه)‬

‫‪ -3 0‬الكَبي‬
‫قال تعال‪ :‬عَال الغيْـب والشهَاد ِة الكَـب ُي‬
‫ك بأن ال هو‬ ‫التعال [الرعد‪ ،]9 :‬وقال‪ :‬ذل َ‬
‫الق وأن مَا َي ْدعُون مِن دُونه البَاطِل وأن الَ هو‬
‫العَل ّي الكَب ُي [لقمان‪. ]3 0 :‬‬
‫والكـبي سـبحانه هـو الواسـع العظيـم عظمـة‬
‫مطل قة ف الذات وال صفات والفعال‪ ،‬ف هو الذي‬
‫كرسـّه‬
‫وسـَع ِي‬
‫ِ‬ ‫كـب وعل فـذاتـه‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫والرضـ [البقرة‪ ،]2 5 5 :‬وروي‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫السـمَاوا ِ‬
‫ّ‬
‫عن ا بن عباس ‪ t‬أنه قال‪ ( :‬ما ال سماوات السبع‬
‫‪125‬السابق (‪. )18‬‬
‫ـــ ‪ 142‬ـــ‬
‫والرضون ال سبع ف يد ال إل كخردلة ف يد‬
‫أحدكم) ( ) ‪.‬‬ ‫‪126‬‬

‫و هو ال كبي ف أو صافه فل سي له ول مث يل‪،‬‬


‫ول شبيه ول نظ ي‪ ،‬و هو ال كبي ف أفعاله فعظ مة‬
‫اللق تشهد بكماله وجلله‪ ،‬وهو سبحانه التصف‬
‫بالكبياء‪ ،‬ومن نازعه ف وصفه قسمه وعذبه ‪.‬‬
‫إلهـإل ال‬‫ومـن الدعاء باسـم ال الكـبي‪َ ( :‬ل َ‬
‫ـ له ال أ ْكَب ُر كَـبيًا‪ ،‬وال ْم ُد ل‬
‫و ْحدَه َل شرِيكـَ‬
‫كثيًا‪ُ ،‬سبْحان ال رَب العَالِي‪َ ،‬ل حول و َل قوة إل‬
‫بال العَزيز الكِي مِ‪ ،‬اللهمّ اغفِر ل وارحن واه ِدنِي‬
‫وارزُقنِي) ( )‪( ،‬ال أ ْكَب ُر كَبيًا وال ْم ُد ل كثيًا‬
‫‪127‬‬

‫‪126‬تفسي الطبي ‪. 24/25‬‬


‫‪127‬صحيح مسلم (‪. )2696‬‬
‫ـــ ‪ 143‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪128‬‬
‫و ُسبْحان ال ُب ْكرَة وأصِيل)‬
‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه الكـبي‬
‫خضوعه ل بتوحيد بالعبودية‪ ،‬وأن يلع عن نفسه‬
‫أو صاف الربوب ية‪ ،‬ول ينازع ر به أو يتش به به ف‬
‫الكبياء والفوقية‪ ،‬فيى ضآلة نفسه ووصفه مهما‬
‫بل غت به الريا سة والاكم ية‪ ،‬ول يغ ضب لموره‬
‫الشخصـية‪ ،‬بـل يغار إذا انتهكـت حرمات ال‬
‫ويتق بل الن صح من آحاد الرع ية‪ ،‬وأن يكون أمي نا‬
‫راعيا على قدر المانة والسئولية ‪.‬‬
‫وإذا أخذته العزة بأنه الكبي ف أرضه والمي‬
‫على بلده تذكر أن ال متوحد ف اسه ووصفه؛‬
‫وأنه الكبي الذي ل يتخذ ولدا ول يكن له شريك‬
‫ف اللك ‪.‬‬

‫‪128‬صحيح مسلم (‪. )601‬‬


‫ـــ ‪ 144‬ـــ‬
‫‪ -3 1‬التعَال‬
‫قال تعال‪ :‬عَال الغيْـب والشهَا َدِة الكَـب ُي‬
‫التعال [الرعـد‪ ،]9 :‬وصـح مـن حديـث ابـن‬
‫ـ‬‫عمـر ‪ t‬أن رسـول ال قال‪( :‬يَقول ال ‪ :‬أن ا‬
‫ج ُد‬
‫ا َلبّارُ‪ ،‬أنـا التكـبُ‪ ،‬أنـا اللكـُ‪ ،‬أنـا التعال‪ُ ،‬ي َم ّ‬
‫نفسَه) ( ) ‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫والتعَال سبحانه هو القاه ُر فوق عباده بقدر ته‬


‫التا ّمةِ‪ ،‬فالسم يدل على علو القهر وهو أحد معان‬
‫العلو‪ ،‬فالتعال هو الستعلي على كل شيء بقدرته‪،‬‬
‫قد أحاط بكل شيء علما‪ ،‬وقهر كل شيء ذل‪،‬‬
‫فخضعـت له الرقاب‪ ،‬ودانـت له العباد طوعـا‬
‫وكرها‪ ،‬فكل شيء تت قهره وسلطانه وعظمته‪،‬‬
‫ليس فوقه شيء ف قهره وقوته‪ ،‬فل غالب له ول‬

‫‪129‬مسند المام أحد (‪.)5608‬‬


‫ـــ ‪ 145‬ـــ‬
‫منازع‪ ،‬ملك فوق عرشه عل بذاته وشأنه وقهره‪،‬‬
‫قال تعال‪ :‬مَا اتذ ال مِن ول ٍد ومَا كَان َمعَه مِن‬
‫ب كُل إل ٍه بَا خلق ولعَل َب ْعضُه ْم عَلى‬
‫إل ٍه إذا لذ َه َ‬
‫ض ُسبْحان ال َعمّا َي صِفون [الؤمنون‪]9 1 :‬‬ ‫َب ْع ٍ‬
‫‪.‬‬
‫ومن الدعاء بعن اسه التعال ما ورد ف دعاء‬
‫‪ :‬إ ن عُذت ب َر ب ورَب ُك ْم مِن كُل‬ ‫مو سى‬
‫متك ٍب ل يُؤمِن بيو ِم ا ِلسَاب [غافر‪. ]2 7 :‬‬
‫و صح من حد يث ا بن م سعود ‪ t‬أن ال نب‬
‫ْعلكـفِي‬
‫ـ قال‪( :‬اللهمّ إنـا ن َ‬ ‫كان إذا خاف قوم ا‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪130‬‬
‫ك مِن ُشرُورِهمْ)‬
‫نُورِه ْم ونعُوذ ب َ‬
‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه التعال‬
‫أن يضع بفقره وذله لربه‪ ،‬فهو ل على الدوام‬

‫‪130‬صحيح الامع (‪. )4706‬‬


‫ـــ ‪ 146‬ـــ‬
‫ذليل خاضع‪ ،‬وف جناب عزه مسكي متواضع‬
‫لعلمـه أن التعال ل يدفعـه عـن مراده دافـع‪،‬‬
‫وليـس له شريـك ول منازع‪ ،‬ل يلع الوحـد‬
‫عن نف سه رداء العبود ية لينازع ر به ف الق هر‬
‫والشأن والفوقيــة‪ ،‬أو يشاركــه فــ العلو‬
‫والكبياء وعظ مة الو صاف وال ساء‪ ،‬فالعلو‬
‫والعظمة والعزة ل تليق إل بالتوحد التعال ‪.‬‬

‫‪ -3 2‬الوَا ِح ُد‬
‫الرضـ‬
‫ُ‬ ‫َومـتبَدل‬
‫قال ال سـبحانه وتعال‪ :‬ي َ‬
‫ض وال سّماوات وَب َرزُوا ل الوا ِح ِد القهار‬
‫غْي َر الر ِ‬
‫[إبراهيم‪.]4 8 :‬‬
‫الواحد سبحانه هو القائم بنفسه النفرد بوصفه‬
‫الذي ل يفتقر إل غيه أزَل وأبَدا‪ ،‬وهو الكامل ف‬
‫ذا ته وأ سائه و صفاته وأفعاله‪ ،‬كان ول ش يء م عه‬

‫ـــ ‪ 147‬ـــ‬
‫ول شيء قبله‪ ،‬ومازال بأسائه وصفاته واحدا أول‬
‫قبـل خلقـه‪ ،‬فوجود الخلوقات ل يزده كمال كان‬
‫مفقودا‪ ،‬أو يز يل نق صا كان موجودا‪ ،‬فالوحدان ية‬
‫قائمـة على معنـالغنـبالنفـس والنفراد بكمال‬
‫الو صف ‪ ،‬خلق اللق بل مع ي ول ظه ي‪ ،‬و من‬
‫انفرد باللق انفرد باللك‪ ،‬فل يس ل حد ف مل كه‬
‫شرك‪ ،‬وصلح العال بأسره قائم على وحدانيته ف‬
‫تدبيـ خلقـه‪ ،‬فلو كان للعال إلان ربان معبودان‬
‫لفسد نظامه واختلت أركانه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الواحد ما صح أن َرسُول‬
‫صلَته وهو‬ ‫ج َد إذا َر ُج ٌل ق ْد قضى َ‬ ‫ال دَخل الس ِ‬
‫ك الوا ِح ُد‬
‫ك يَا أل بأن َ‬‫يَتش ّه ُد فقال‪( :‬اللهمّ إن أسأل َ‬
‫ص َم ُد الذِي ْل يَل ْد و ْل يُول ْد و ْل َيكُن له كُفوا‬
‫الح ُد ال ّ‬
‫ك أنـت الغفو ُر ال ّرحِيـم‪،‬‬ ‫أح ٌد أن تغ ِف َر ل ذنو ب إن َ‬

‫ـــ ‪ 148‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪131‬‬
‫فقال َرسُول ال ‪ :‬ق ْد غ ِف َر له ثلَثا)‬
‫وصح أيضا أن النب كان يقول ف دبر كل‬
‫ك له‪،‬‬ ‫صلة إذا سلم‪( :‬ل إل َه إل ال و ْحدَه ل شرِي َ‬
‫اللكـ وله ال ْم ُد وهـو على كـل ش ْي ٍء قدِيرٌ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫له‬
‫اللهمّ ل مَانِع لا أعْطيْت ول م ْعطِي لا مَنعْت‪ ،‬ول‬
‫يَنف ُع ذا ا َل ّد مِنك ا َلدّ) ( ) ‪.‬‬
‫‪132‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الواحد أن‬


‫يتجلى توحيده ل ف كل قول أو فعل‪ ،‬فيكثر من‬
‫ترد يد الشهادة والذ كر عمل با ورد عن ر سول‬
‫إلهـ إل ال و ْحدَه ل‬
‫ال أنـه قال‪( :‬م َن قال ل َ‬
‫ك له‪ ،‬له اللك وله ال ْم ُد وهو على كل ش ْي ٍء‬ ‫شرِي َ‬
‫ب‬‫قدِي ٌر فِي يَوم مِائة َم ّرةٍ‪ ،‬كَا نت له عدْل عش ِر رِقا ٍ‬

‫‪131‬صحيح أب داود (‪. )869‬‬


‫‪132‬صحيح البخاري (‪. )5971‬‬
‫ـــ ‪ 149‬ـــ‬
‫سـيّئةٍ‪،‬‬
‫ِبـ له مِائة حسـَنة ومِي َت عنـه مِائة َ‬ ‫وكت َ‬
‫ذلكـحتـ‬ ‫ْطانـيَومَه َ‬ ‫وكَانـت له حِرزًا مِن الشي ِ‬
‫ت أح ٌد بأفضَل ِممّا جَا َء به إل َرجُل‬
‫ُي ْم سِي‪ ،‬ولْ َيْأ ِ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪133‬‬‫(‬
‫عمِل أكْث َر مِنه)‬
‫وكذلك يكون السلم ثابتا ف الق ل ياف ف‬
‫ال لو مة لئم‪ ،‬اعتقادا م نه أن أموره تر جع إل ال‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬فيتوكل عليه‪ ،‬ويلجأ إليه‪،‬‬
‫ويسـتعي بـه‪ ،‬ويعتمـد عليـه‪ ،‬فال هـو النفرد‬
‫بالوحدان ية وعلو الق هر وله كمال القدرة وال كم‬
‫والمر‪ ،‬فمن وحد ال ف هذا السم أدرك الغاية‬
‫من خل قه‪ ،‬وأح سن التو كل على ر به‪ ،‬ول يضره‬
‫إعراض اللق ثقة ف وعد ال تعال ‪.‬‬

‫‪ -3 3‬القهّا ُر‬

‫‪133‬صحيح البخاري (‪. )6040‬‬


‫ـــ ‪ 150‬ـــ‬
‫قال تعال‪ :‬قـل ال خالق كـل ش ْي ٍء وهـو‬
‫الوا ِح ُد القهار [الرعد‪. ]1 6 :‬‬
‫والقهار سبحانه هو الذي له علو القهر باعتبار‬
‫الكثرة والتعيي ف الزء‪ ،‬أو باعتبار نوعية القهور‪،‬‬
‫فال أهلك قوم نوح وقهرهـم وقهـر قوم عاد‬
‫وثود‪ ،‬وقهر فرعون وهامان والنمرود‪ ،‬وقهر قوم‬
‫ـ جهـل والشركيـ‪ ،‬وقهـر الفرس‬ ‫لوط‪ ،‬وقهـر أب ا‬
‫وال صليبيي‪ ،‬ف هو سبحانه قهار ل كل مت كب جبار‪،‬‬
‫كث ي الق هر للظال ي‪ ،‬يق هر من ناز عه ف ألوهي ته‬
‫وعبادتـه وربوبيتـه وحاكميتـه وأسـائه وصـفاته‪،‬‬
‫وقهره سبحانه عظيم أليم ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال القهار مـا صـح عـن‬
‫رسـول ال أنـه كان إذا تقلب مـن شدة الل‬
‫وتضور من الليل قال‪( :‬ل إله إل ال الواحد القهار‬
‫رب السماوات والرض وما بينهما العزيز الغفار)‬
‫ـــ ‪ 151‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪134‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه القهار قهر‬


‫الن فس على الطا عة واليان‪ ،‬فيقهر ها بال ستغفار‬
‫والتوبـة‪ ،‬ويقهـر وسـواس الشيطان بالسـتعاذة‪،‬‬
‫ويق هر الشب هة والهل باليق ي ونور العلم‪ ،‬ويق هر‬
‫كل ظال جبار بالستعاذة بال الواحد القهار ‪ .‬ومن‬
‫أثار الســم على الســلم أن يليــ للفقراء‬
‫والسـتضعفي‪ ،‬وينوا على اليتامـى والسـاكي‪،‬‬
‫ويعفو عند القدرة عن السيئي‪ ،‬وثبت أن النب‬
‫ـت‬ ‫ـ م ّم ٍد بيدِه إن كنـ‬ ‫قال‪( :‬ثلث والذِي نفس ُ‬
‫صدَقة فت صَدقوا‪،‬‬ ‫ص مَال مِن َ‬ ‫لالفا عليْهن‪ ،‬ل يَنق ُ‬
‫ول يَعفو عْب ٌد عن مَظلم ٍة َيبْتغي با و ْج َه ال إل رَفعه‬
‫ب مَسأل ٍة إل‬
‫ح عْب ٌد بَا َ‬
‫ال با عِزا يَو َم القيَا َمةِ‪ ،‬ول يَفت ُ‬

‫‪134‬صحيح ابن حبان (‪. )5530‬‬


‫ـــ ‪ 152‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪135‬‬
‫ب فقر)‬
‫فتح ال عليْه بَا َ‬

‫‪ -3 4‬الَق‬
‫ك الق ل إل َه إل ه َو‬
‫قال تعال‪ :‬فتعال ال الل ُ‬
‫ش ال َكرِي [الؤمنون‪.]1 1 6 :‬‬
‫ب العر ِ‬
‫َر ّ‬
‫والقـ سـبحانه هـو التصـف بالوجود الدائم‬
‫والياة والقيومية والبقاء‪ ،‬فل يلحقه زوال أو فناء‪،‬‬
‫وكل أوصاف الق كاملة جامعة للكمال والمال‬
‫والعظمـة واللل‪ ،‬وهـو الذي يقـالقـويقول‬
‫الق‪ ،‬وإذا و عد فوعده الق‪ ،‬ودي نه حق وكتا به‬
‫حق‪ ،‬و ما أخب عنه حق‪ ،‬وما أمر به حق‪ ،‬و هو‬
‫الذي يق الق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الق ما صح أن النب‬

‫‪135‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )814‬‬


‫ـــ ‪ 153‬ـــ‬
‫لكـ‬
‫كان إذا قام مـن الليـل يتهجـد قال‪( :‬اللهمّ َ‬
‫ت والرض ومَن فِي هن‪،‬‬ ‫سمَاوا ِ‬
‫ال ْم ُد أ نت قّي م ال ّ‬
‫ت والرض ومَن‬ ‫ولكَـال ْم ُد لكَـملك السّـمَاوا ِ‬
‫ت والرض‪،‬‬ ‫سمَاوا ِ‬‫ك ال ْم ُد أ نت نو ُر ال ّ‬
‫فِي هن‪ ،‬ول َ‬
‫ك ال ْم ُد أ نت ال ق‪ ،‬وو ْع ُد َك ال ق ‪ ،‬ولقا ُؤ َك‬‫ول َ‬
‫حق ‪ ،‬وقول كَ حق‪ ،‬والَ نة حق‪ ،‬والنارُ حق‪،‬‬
‫وال نبيون حق‪ ،‬وممّدٌ حق‪ ،‬وال سّاعة حق‪،‬‬
‫ْكـ‬
‫وبكـ آمَنـت‪ ،‬وعلي َ‬ ‫َ‬ ‫لكـ أسـلمْت‬ ‫اللهم ّ َ‬
‫صمْت‪ ،‬وإليْكَ‬ ‫توكّلت‪ ،‬وإليْكَ أنبْت‪ ،‬وبكَ خا َ‬
‫حا َكمْت‪ ،‬فاغفِر ل مَا قدمْت ومَا أخرت‪ ،‬ومَا‬
‫أسرَرت ومَا أعْلنت‪ ،‬أنت القدّم وأنت الؤَخرُ‪،‬‬
‫ل إلهَ إل أنت) ( ) ‪.‬‬
‫‪136‬‬

‫وكذلك ما ورد ف قوله تعال‪ :‬رَب احْك ْم‬


‫بال ق و َرّب نا ال ّرحْمَن ال ستعان على مَا ت صِفون‬

‫‪136‬صحيح البخاري (‪. )1069‬‬


‫ـــ ‪ 154‬ـــ‬
‫ح بين نا وب ي قو ِم نا‬
‫[ال نبياء‪َ ،]1 1 2 :‬رّب نا افت ْ‬
‫بالق وأنت خْي ُر الفاِتحِي [العراف‪. ]8 9 :‬‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الق التزامه‬
‫بالق ف أموره كلها‪ ،‬وأولا التزامه بق ال عليه‬
‫وهو توحيد العبادة ل‪ ،‬وال وعد عباده تفضل‬
‫منه وتكرما أل يعذب من وف منهم حقه ول يشرك‬
‫به شيئا‪ ،‬أما العباد فليس لم حق على ربم لنه ل‬
‫ف ضل ل حد عل يه‪ ،‬ل كن ال حق‪ ،‬وقوله حق‬
‫ووعده صـدق‪ ،‬فلو أن عبده وحده ودان ديـن‬
‫الق فقد نال الفضل وأزيد من العدل ‪.‬‬
‫ـ على سـلوكه أن يقول‬‫ومـن أثار ال سم أيض ا‬
‫ـدق ول يكذب أبدا‪،‬‬ ‫ـد بالصـ‬ ‫القـ وأن يشهـ‬
‫وكذلك يصـب على القـ‪ ،‬ويتواصـى بـه ثقـة‬
‫وتوحيدا ف اسم ال الق‪ ،‬وأن يصدع بالق ول‬
‫يستحيي منه‪ ،‬ول يشى ف ال لومة لئم ‪.‬‬
‫ـــ ‪ 155‬ـــ‬
‫ي‬
‫‪ - 3 5‬الب ُ‬
‫قال تعال‪ :‬يَو َمِئ ٍذ يُوفيهـم ال دِينهـم القـ‬
‫وَيعْلمون أن ا َل هو الق البي [النور‪. ]2 5 :‬‬
‫والبي سبحانه هو النفرد بوصفه الباين للقه‪،‬‬
‫وهـو اللك على عرشـه‪ ،‬الرقيـب على ملكـه‪،‬‬
‫القريـب مـن عبده‪ ،‬يسـمع كلمـه ويرى أفعاله‪،‬‬
‫ويعلم سره ونواه‪ ،‬له مطلق العلو والفوق ية‪ ،‬و هو‬
‫الذي أبان لكـل ملوق علة وجوده وغايتـه‪ ،‬وأبان‬
‫لم طلقة قدرته مع بالغ حكمته‪ ،‬وأبان لم الدلة‬
‫القاط عة على وحداني ته‪ ،‬وأبان ل م دين هم بأحكام‬
‫شريعتـه‪ ،‬ول يعذب أحدا من خل قه إل بعـد بيان‬
‫حجتـه‪ ،‬خاطـب عباده بكـل أنواع البيان‪ ،‬وأقام‬
‫حجته بكل أنواع البهان ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال البي ما صح‬

‫ـــ ‪ 156‬ـــ‬
‫عـن النـب أنـه قال‪( :‬اللهمّ رَبّ جِبْرَائِيـل‬
‫سمَاواتِ والرض‬ ‫ومِيكَائِيل وإسرَافِيل‪ ،‬فاطِرَ ال ّ‬
‫عال الغيْب والشهَا َدةِ‪ ،‬أ نت تْ كم ب ي عِبَادِ كَ‬
‫فِيمَا كَانوا فِيه َيخْتلفون‪ ،‬اه ِدنِي لا اخْتلف فِيه‬
‫م ِن القـ بإذنـك‪ ،‬إنـك تدِي م َن تشاءُ إل‬
‫صِرَاطٍ مستقيم) ( ) ‪.‬‬
‫‪137‬‬

‫وكذلك يد عو ال سلم به طل با لبيان ما أغلق‬


‫عليه من المور والسائل العلمية‪ ،‬أو ما خفي عليه‬
‫أو ضاع منـه ماـ ل يده مـن أموره الشخصـية‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬اللهم بي ل كذا‪ ،‬أو بي ل ف مسألة كذا‬
‫‪ ..‬ويسمي ما يشاء ‪.‬‬
‫وقـد صـح أن النـب دعاء فقال فـ شأن‬

‫‪137‬صحيح مسلم (‪. )770‬‬


‫ـــ ‪ 157‬ـــ‬
‫التلعنيـ‪( :‬اللهمّ بيـ) ( )‪ ،‬ودعـا عمـر بـن‬
‫‪138‬‬

‫الطاب ف المر فقال‪( :‬اللهمّ بي لنا ف ال ْم ِر‬


‫بيانا شِفاءً) ( ) ‪.‬‬
‫‪139‬‬

‫ومن ث فالسلم يدعو با شاء ما يناسب اسم‬


‫ـ ول ي د دليل‬ ‫ال ال بي‪ ،‬ل سيما إن كان مظلوم ا‬
‫لباءتـه‪ ،‬أو كان عاجزا عـن بيان حجتـه؛ فالدعاء‬
‫بالسم أن يذكره ف دعائه يتقرب به إل ربه طلبا‬
‫لاجته‪ ،‬كقوله‪ :‬اللهم أنت الق البي‪ ،‬فرج كرب‪،‬‬
‫وارفع الظلم عن ‪.‬‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه البي ماهدته‬
‫لنفسه ليبقى باديا بسمت اليان وأخلق القرآن‪،‬‬
‫كما أنه يصدع بالق ول ياف جائرا ول سلطان‪،‬‬

‫‪138‬صحيح البخاري (‪. )5004‬‬


‫‪139‬سنن أب داود (‪. )3670‬‬
‫ـــ ‪ 158‬ـــ‬
‫لن غيـ ال أيـا كان بقاؤه بإبقاء ال وقدرتـه‪،‬‬
‫فالوحد ل ف اسه البي يب ظهور الق ولو على‬
‫لسـان خصـومه‪ ،‬كمـا قال المام الشافعـي‪( :‬مـا‬
‫ناظرت أحدا وأحببـت أن يطـئ‪ ،‬بـل أن يوفـق‬
‫ويسدد ويعان‪ ،‬ويكون عليه من ال رعاية وحفظ‪،‬‬
‫وما كلمت أحدا قط وأنا أبال أن يظهر الق على‬
‫لسان أو لسانه) ( ) ‪.‬‬
‫‪140‬‬

‫ي‬
‫‪ -3 6‬القو ُ‬
‫ِيفـب ِعبَادِه يَرزُق مَن يَشا ُء‬
‫قال تعال‪ :‬ال لط ٌ‬
‫ي العزي ُز [الشورى‪. ]1 9 :‬‬ ‫وهو الق ِو ّ‬
‫والقوي هـو الوصـوف بالقوة الطلقـة‪ ،‬ل‬
‫يغلبه غالب ول ينعه مانع‪ ،‬ول يرد قضاءه راد ول‬
‫يدف عه دا فع‪ ،‬و هو القادر على إتام فعله القوي ف‬
‫‪140‬حلية الولياء ‪.118 /9‬‬
‫ـــ ‪ 159‬ـــ‬
‫بطشه وأخذه‪ ،‬له اللق والمر ف ملكه‪ ،‬قوي ف‬
‫ذاته ل يعتريه ضعف أو قصور‪ ،‬قيوم ل يتأثر بوهن‬
‫أو فتور‪ ،‬ينصر من نصره ويذل من خذله‪ ،‬كتب‬
‫الغلبة لنفسه ورسله وجند وحزبه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال القوي ما صح‬
‫عن النب أنه قال‪( :‬مَن تعا ّر مِن الليْل فقال‪ :‬ل‬
‫إلهَـإل ال و ْحدَه ل شرِيكَـله‪ ،‬له اللك وله ال ْم ُد‬
‫وهو على كل ش ْي ٍء قدِيرٌ؛ ال ْم ُد ل‪ ،‬و ُسبْحان ال‪،‬‬
‫ـ إل ال‪ ،‬وال أ ْكَب ُر ول حول ول قوة إل‬ ‫ول إلهـ َ‬
‫بال‪ ،‬ثّ قال‪ :‬اللهمّ اغفِر ل‪ ،‬أو دَعا استجِيبَ‪ ،‬فإن‬
‫توضّأ وصَلى قبلت صَلته) ( ) ‪.‬‬
‫‪141‬‬

‫وث بت من حد يث أ نس ‪ t‬أن ر سول ال‬


‫ـ ث ّ قال‪ :‬ال ْم ُد ل الذي‬
‫قال‪( :‬مَـن أك َل طعامً ا‬

‫‪141‬صحيح البخاري (‪. )1103‬‬


‫ـــ ‪ 160‬ـــ‬
‫أطعمن هَذا الطعا َم و َرزَقنِيه مِن غْي ِر حو ٍل مِن ول‬
‫س‬‫قو ٍة غ ِف َر له مَا تقد َم مِن ذنبه ومَا تأخر‪ ،‬ومَن لب َ‬
‫ـ‬‫ثوبًـا فقال‪ :‬ال ْم ُد ل الذي كسـان هَذا الثوب َ‬
‫و َرزَقنِيه مِن غْي ِر حو ٍل مِن ول قو ٍة غ ِف َر له مَا تقد َم‬
‫مِن ذنبه ومَا تأخر) ( ) ‪.‬‬
‫‪142‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه القوي أن‬


‫يتعزز بقوة ال‪ ،‬فيصـدع بالقـ ول ياف فـ ال‬
‫لو مة لئم‪ ،‬وأن ي سَخر قو ته ف طا عة ال ومب ته‪،‬‬
‫ويأ خذ أحكام الكتاب بنت هى عز مه وا ستطاعته‪،‬‬
‫وأل يظلم أحدا وكله ال برعاي ته وأن يع تب بف عل‬
‫ال وقدرته فيمن أهلك هم بعدله وحكمته‪ ،‬وصح‬
‫مـن حديـث أبـهريرة ‪ t‬أن رسـول ال قال‪:‬‬
‫ِنـ‬
‫(الؤمِـن القوِي خْي ٌر وأحبّـإل ال مِـن الؤم ِ‬
‫ص على مَا يَنف ُع كَ‪،‬‬
‫ضعِي فِ‪ ،‬وفِي كل خْيرٌ‪ ،‬ا ْح ِر ْ‬
‫ال ّ‬

‫‪142‬صحيح الامع (‪. )6086‬‬


‫ـــ ‪ 161‬ـــ‬
‫ك شيءٌ‪ ،‬فل‬ ‫جزْ‪ ،‬وإن أصـَاَب َ‬
‫واسـتعِن بال ول ت ْع ِ‬
‫تقل‪ :‬لو أن فعلت كَان كَذا وكَذا‪ ،‬ولكِن قل‪ :‬ق َد ُر‬
‫ال ومَا شا َء فعـل‪ ،‬فإن لو تفتحُـعمَل الشيْطانـِ)‬
‫( )‪.‬‬
‫‪143‬‬

‫‪ - 3 7‬التيُ‬
‫قال تعال‪ :‬إن الَ هو ال ّرزّاق ذو القو ِة الِت ي‬
‫[الذاريات‪. ]5 8 :‬‬
‫والتيـسـبحانه هـو القوي فـذاتـه الشديـد‬
‫الوا سع ال كبي الح يط‪ ،‬فل تنق طع قو ته ول تتأ ثر‬
‫قدرته‪ ،‬فالتي هو القوي الشديد التناهي ف القوة‬
‫والقدرة‪ ،‬الذي ل تتناقص قوته ول تضعف قدرته‪،‬‬
‫والذي ل يلحقـه فـأفعاله مشقـة ول كلفـة ول‬
‫تعبـٌ‪ ،‬فال مـن حيـث إنـه بالغ القدرة تامهـا‬
‫‪143‬صحيح مسلم (‪. )2663‬‬
‫ـــ ‪ 162‬ـــ‬
‫قوي‪ ،‬ومن حيث إنه شديد القوة متِي ‪.‬‬
‫واسم ال التي يدعو به كل مؤمن ضعيف أو‬
‫مهزوم أو مقهور أو مظلوم أن يعينـه ال ويقويـه‬
‫وينحه ويعطية‪ ،‬وأن يفرغ عليه صبا ويرجه من‬
‫كل بلء شديد وقع فيه‪ ،‬وصح من حديث شداد‬
‫بن أوس ‪ t‬أ نه قال‪ :‬كَان َر سُول ال يُعلم نا أن‬
‫ك‬
‫ك الثبَات فِي المر وأسأل َ‬ ‫نقول‪( :‬اللهمّ إن أسأل َ‬
‫ك ُش ْك َر ِن ْعمَتـك وحُسـن‬ ‫عزيَـة الرّش ِد وأسـأل َ‬
‫ك لسَانًا صَا ِدقًا وقلبًا سَليمًا‪ ،‬وأعُوذ‬
‫ِعبَادَتك‪ ،‬وأسأل َ‬
‫ك مِن خْي ِر مَا تعْلم‬
‫بكَـمِن ش ّر مَا تعْلم‪ ،‬وأسـأل َ‬
‫وأسـتغ ِف ُر َك ِممّاـ تعْلم‪ ،‬إنـك أنـت علم ال ُغيُوب)‬
‫( )‪.‬‬
‫‪144‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه التي ثبات‬

‫‪144‬السلسلة الصحيحة (‪. )3228‬‬


‫ـــ ‪ 163‬ـــ‬
‫الؤمـن على إيانـه وعقيدتـه‪ ،‬ويقينـه أن توحيـد‬
‫العبود ية ل هو سبيل سعادته‪ ،‬فل ي يد أبدا عن‬
‫توجيـه النـب وسـنته‪ ،‬مهمـا تعددت بـه أنواع‬
‫البلء‪ ،‬ومهما تقلبت أحواله بي السراء والضراء‪،‬‬
‫والذي و حد ال ف ا سه الت ي قوي العزية ف‬
‫الخـذ بالحكام ذو نظرة حكيمـة فـ قضايـا‬
‫السلم‪ ،‬ومع متانته ف الدين ينبغي أن يوغل فيه‬
‫بر فق فيكون و سطا حكي ما لي نا حلي ما ف دعو ته‬
‫للخرين ‪.‬‬

‫‪ -3 8‬ا َل ّي‬
‫إلهـإل هـو فا ْدعُوه‬
‫قال تعال‪ :‬هـو اليّ ل َ‬
‫مْلصِي له الدّين [غافر‪. ]6 5 :‬‬
‫والي سبحانه هو الدائم ف وجوده الباقي حيا‬
‫بذاتـه على الدوام أزل وأبدا‪ ،‬ل تأخذه سـنة ول‬

‫ـــ ‪ 164‬ـــ‬
‫نوم‪ ،‬وهذا الوصـف ليـس لسـواه‪ ،‬فأي طاغوت‬
‫عبـد مـن دون ال‪ ،‬إن كان حيـا فحياتـه تغالبهـا‬
‫الغفلة والسنات‪ ،‬وإن قاومها وأراد البقاء عددا من‬
‫السـاعات‪ ،‬فإن النوم يراوده ويأتيـه فضل عـن‬
‫حتميـة الوت الذي سـيوافيه‪ ،‬فل ينفرد بكمال‬
‫الياة ودوامها باللزوم إل الي القيوم ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الي ما صح عن ال نب‬
‫أ نه قال‪( :‬مَن قال‪ :‬أ ستغ ِف ُر ال الذِي ل إل َه إل‬
‫ب إليْه‪ ،‬غ ِف َر له وإن كَان ف ّر‬
‫هو اليّ القيّوم وأتو ُ‬
‫مِن ال ّزحْف) ( ) ‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫و من حد يث ا بن عباس ‪ t‬أن ر سول ال‬


‫كان يقول‪( :‬اللهمّ ل كَ أ سلمْت وب كَ آ َم نت‬
‫صمْت‬‫ك خا َ‬‫وعليْكَ توكّلت‪ ،‬وإليْ كَ أنبْت‪ ،‬وب َ‬

‫‪145‬صحيح الترغيب والترهيب (‪. )1622‬‬


‫ـــ ‪ 165‬ـــ‬
‫إلهـ إل أنـت أن‬
‫اللهم ّ إنـ أعُوذ بعزتـك ل َ‬
‫ـ الذِي ل يَموت والِـن‬
‫تضلنـ‪ ،‬أنـت الي ُ‬
‫والنسُ يَموتون) ( ‪.‬‬
‫)‬ ‫‪146‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه ال ي أن‬


‫يوجه حياته على أنه ف دار ابتلء سيعقبها سؤال‬
‫وجزاء‪ ،‬وأن اللك ل فـ البدء عنـد إنشاء اللق‬
‫فلم يكن من الحياء سواه‪ ،‬وكذلك اللك له عند‬
‫زوال الرض لن النفرد بالياة هو ل‪ ،‬فالو حد ل‬
‫ينسب اللك لغيه إل على سبيل المانة والبتلء‪،‬‬
‫ويستعي بربه ف السراء والضراء‪ ،‬ول يشرك به ف‬
‫الحبــة والوف والرجاء‪ ،‬أو يتوجــه إل غيه‬
‫ـتلزم إثبات‬
‫بالسـتغاثة والدعاء؛ لن الدعاء يسـ‬
‫الياة بالضرورة‪ ،‬والياة أصــل لوصــف العلم‬
‫والغنـوالقدرة والسـمع والبصـر والقوة والشيئة‬

‫‪146‬صحيح مسلم (‪. )2717‬‬


‫ـــ ‪ 166‬ـــ‬
‫والعزة والعظ مة‪ ،‬وغ ي ذلك م ا هو لزم لجا بة‬
‫الدعاء‪ ،‬وقد نفي ال ذلك عن النداد جيعها لنا‬
‫أموات غي أحياء ‪.‬‬
‫و من أع ظم الرم أن يق تل السلم نف سه يئ سا‬
‫من الياة وقد علم أن النفرد بالحياء والماتة هو‬
‫ال‪ ،‬بل قد نى النب عن مرد تن الوت فكيف‬
‫بعظم الث ف النتحار ‪.‬‬

‫‪ -3 9‬القيّو ُم‬
‫إلهـإل هـو اليّ القيّوم ل‬
‫قال تعال‪ :‬ال ل َ‬
‫تأخُذه سِنة ول نو ٌم [البقرة‪. ]2 5 5 :‬‬
‫والقيوم سبحانه هو القائم بنفسه الباقي بكماله‬
‫وو صفه على الدوام أزل وأبدا دون تغ ي أو تأث ي‪،‬‬
‫والقائم بتدبيـ أمور خلقـه فـ إنشائهـم وتول‬
‫أرزاق هم وتد يد آجال م وأعمال م‪ ،‬و هو العل يم‬
‫ـــ ‪ 167‬ـــ‬
‫ب ستقرّهم وم ستودعهم‪ ،‬و هو الذي يقوم به كل‬
‫موجود حتـ ل يُتصـور وجود شيـء ول دوام‬
‫وجوده إل بقيوميته وإقامته له ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال القيوم مـا صـح مـن‬
‫حديث أنس ‪ t‬ف الدعاء باسم ال العظم‪( :‬الله ّم‬
‫ك ال ْم َد ل إل َه إل أنت النان َبدِي ُع‬
‫ك بأن ل َ‬
‫إن أسأل َ‬
‫ت والرض يَا ذا الَلل وال ْكرَا ِم يَا حيّ يَا‬ ‫سمَاوا ِ‬
‫ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫‪147‬‬‫)‬ ‫(‬
‫قيّوم إن أسألكَ)‬
‫و من حد يث أن سِ أي ضا ‪ t‬أ نه قال‪( :‬كَان‬
‫النـب إذا َكرَبـه أمْرٌ‪ ،‬وفـ روايـة أخرى إذا‬
‫حيـ ي َا قيّوم ب َر ْحمَتـك‬
‫حزبـه أمـر قال‪ :‬ي َا ُ‬
‫أستغيث) ( ) ‪.‬‬
‫‪148‬‬

‫‪147‬مشكاة الصابيح (‪. )2290‬‬


‫‪148‬صحيح الامع ( ‪. )4777‬‬
‫ـــ ‪ 168‬ـــ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه القيوم يقينه‬
‫أن ال قائم بالقسـط والتدبيـ ومنفرد بالشيئة‬
‫والتقدير‪ ،‬عنده خزائن كل شيء‪ ،‬ل ينله إل بقدر‬
‫معلوم‪ ،‬وأنـه كفيـل بأمره ورزقـه فاعتمـد الوحـد‬
‫على ربه ف كل شيء‪ ،‬ووثق به دون كل شيء‪،‬‬
‫وقنع منه بأدن شيء‪ ،‬وصب على ما ابتله به‪ ،‬فل‬
‫يطمع ف سواه‪ ،‬ول يرجو إل إياه‪ ،‬ول يش هد ف‬
‫العطاء إل مشيئ ته‪ ،‬ول يرى ف ال نع إل حكم ته‪،‬‬
‫ول يعاين ف القبض والبسط إل قدرته وقيوميته‪،‬‬
‫فيكثر من دعائه وذكره‪ ،‬لسيما إذا حزبه هم أو‬
‫لقه كرب ‪.‬‬

‫‪ - 4 0‬ال َعِل ّي‬


‫ـمَاوات‬ ‫ـيّه الس ّ‬
‫قال ال تعال‪ :‬وسـِع كرس ِ‬
‫والرض ول َيؤُودُه حِفظُهمَا و هو العليّ الع ِظ يم‬

‫ـــ ‪ 169‬ـــ‬
‫[البقرة‪. ]2 5 5 :‬‬
‫والعلي سبحانه هو الذي عل بذاته فوق جيع‬
‫خلقــه‪ ،‬فاســم ال العلي دل على علو الذات‬
‫والفوقيـة‪ ،‬فهـو سـبحانه عال على عرشـه بكيف ية‬
‫حقيقية معلومة ل مهولة لنا‪ ،‬ودائما ما يقترن اسم‬
‫ال العلي باسه العظيم‪ ،‬وكذلك عند ذكر العرش‬
‫والكرسي‪ ،‬ولا ذكر ال إعراض اللق عن عبادته‬
‫أعلم نـبيه فـ أعقاب ذلك أنـه اللك الذي ل‬
‫يزول عن عرشه بإعراض الرعية كشأن اللوك من‬
‫خل قه‪ ،‬ل نه ال ستغن بذا ته‪ ،‬اللك ف ا ستوائه ل‬
‫يفتقر إل أحد ف قيام ملكه أو استقراره‪ ،‬ومن قال‬
‫لنبيه ‪ :‬فإن تولوا فقل حسب ال ل إل َه إل هو‬
‫ش العظِي ِم [التوبة‪:‬‬
‫عليْه توكّلت وهو َربّ العر ِ‬
‫‪ ،]1 2 9‬واليات كثية وواض حة ف إثبات علو‬
‫الذات والفوقية‪ ،‬والثابت الصحيح أن معان العلو‬

‫ـــ ‪ 170‬ـــ‬
‫عنـد السـلف ثلثـة معان دلت عليهـا أسـاء ال‬
‫الشت قة من صفة العلو‪ ،‬فا سم ال العلي دل على‬
‫ـه العلى دل على علو الشأن‪،‬‬ ‫علو الذات‪ ،‬واسـ‬
‫واسه التعال دل على علو القهر ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال العلي ما صح من حديث‬
‫عبادة ‪ t‬أن النب قال‪( :‬مَن تعا ّر مِن الليْل فقال‬
‫ك له‪ ،‬له‬
‫حِي يَستيقِظ‪ :‬ل إل َه إل ال و ْحدَه ل شرِي َ‬
‫اللك وله ال ْم ُد وهو على كل شيء قدِيرٌ‪ُ ،‬سبْحان‬
‫ال‪ ،‬وال ْم ُد ل ول إل َه إل ال‪ ،‬وال أ ْكَبرُ‪ ،‬ول حول‬
‫ول قوة إل بال العلي العظِي ِم ‪ ،‬ثّ دَعا‪ :‬رَب اغفِر‬
‫ل غ ِفرَ له) ( )‪ ،‬ومن حديث أب هريرة ‪ t‬أن‬
‫‪149‬‬

‫ال نب قال‪ ( :‬من قال ح ي يأوي إل فرا شه‪:‬‬


‫ل إله إل ال وحده ل شريـك له‪ ،‬له اللك وله‬
‫المد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ل حول ول‬

‫‪149‬صحيح الكلم الطيب (‪. )43‬‬


‫ـــ ‪ 171‬ـــ‬
‫قوة إل بال العلي العظ يم‪ ،‬سبحان ال وال مد‬
‫ل ول إله إل ال وال أكـب‪ ،‬غفرت له ذنوبـه‬
‫أو خطاياه‪ ،‬وإن كانت مثل زبد البحر) ( ) ‪.‬‬
‫‪150‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه العلي توحيد‬


‫ال بتعظيمه وطاعته‪ ،‬والدعوة إل مبته وعبوديته‪،‬‬
‫ل سيما إذا أي قن أن الن فع ف ذلك يعود عل يه ل‬
‫على ر به‪ ،‬وأن ال غ ن ف علوه ل يفت قر إل أ حد‬
‫من خلقه‪ ،‬وأنه مهما مدحناه وأثنينا عليه فهو أعلى‬
‫من وصفنا‪ ،‬وأجل من مدحنا‪ ،‬ل نصي ثناء عليه‬
‫هو ك ما أث ن على نفسه‪ ،‬هو أ هل الثناء والجد‪،‬‬
‫ومد حه وتوحيده أ حق ما قال الع بد‪ ،‬وإذا كا نت‬
‫اللئكة ف السماء تشع عند ساع قوله‪ ،‬وتفزع‬
‫ع ند إلقاء وح يه فحري بالع بد أن ي شع ل سماع‬
‫قوله ويل ي قل به ع ند ذكره‪ ،‬وأن يتذلل ب ي يدي‬

‫‪150‬صحيح الترغيب والترهيب (‪. )607‬‬


‫ـــ ‪ 172‬ـــ‬
‫موله فيكن إليه‪ ،‬ويعتمد عليه‪ ،‬ثقة ف أنه العلى‬
‫ول علي على الطلق سواه ‪.‬‬

‫‪ - 4 1‬ال َع ِظِي ُم‬


‫ك العظِي ِم‬
‫ح با س ِم رَب َ‬
‫قال ال تعال‪ :‬ف سَب ْ‬
‫[الاقة‪ ،]5 2 :‬وقال سبحانه‪ :‬إنه كَان ل يُؤمِن‬
‫بال العظِي ِم [الاقة‪. ]3 3 :‬‬
‫والعظ يم سبحانه هو الذي جاو َز ق ْدرُه حدود‬
‫العقل لللته وعظمته‪ ،‬وجل عن تصور الحاطة‬
‫بكنهه وحقِيقته‪ ،‬فهو العظيم الواسع الكبي ف ذاته‬
‫و صفاته‪ ،‬فعظ مة الذات دل علي ها سعة كرسـيه‬
‫السماوات والرض ‪.‬‬
‫أما عظمة الصفات فال له علو الشأن فيها‪،‬‬
‫ليس كمثله شيء ف كل ما وصف به نفسه ف‬
‫كتابه وسنة نبيه ‪.‬‬
‫ـــ ‪ 173‬ـــ‬
‫وإذا كان عرشه سبحانه قد وصفه بالعظمة‬
‫وخصـه بالضافـة إليـه والسـتواء عليـه‪ ،‬فمـا‬
‫بالك بعظمة من استوى عليه‪ ،‬وينبغي أن نعلم‬
‫أن عظمة ال ف ذاته ل تكيّف ول تدّ لطلقة‬
‫الو صف وعجز نا عن معرف ته‪ ،‬فن حن ل نر ال‬
‫ول نر له مثيل ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال العظيم ما صح عن أب‬
‫هريرة ‪ t‬أن ال نب قال‪( :‬كَلمتا ِن خفِيفتا ِن على‬
‫الل سَانِ‪ ،‬ثقِيلتا ِن فِي الِيزَا ِن حبيبتا ِن إل ال ّر ْح َم نِ‪،‬‬
‫ُسبْحان ال العظِي ِم ُسبْحان ال وب ْمدِه) ( ) ‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫و صح من حد يث ع بد ال بن عمرو ‪ t‬عن‬
‫النب أنه كان إذا دخل السجد قال‪( :‬أعُوذ بال‬
‫العظِي ِم وبوجْهه ال َك ِر ِي وسُلطانه الق ِد ِي مِن الشيْطا ِن‬

‫‪151‬صحيح البخاري (‪. )6043‬‬


‫ـــ ‪ 174‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪152‬‬
‫ال ّرجِيمِ)‬
‫ومـن حديـث ابـن عباس ‪ t‬أن النـب قال‪:‬‬
‫صرِي نورًا وفِي‬
‫(اللهمّ اجْعل فِي قلب نورًا وفِي َب َ‬
‫َسـرِي نورًا‬
‫سَـْمعِي نورًا وعـن َيمِينِي نورًا وعـن ي َا‬
‫وفوقِي نورًا وتتِي نورًا وأمَامِي نورًا وخلفِي نورًا‬
‫وعظ ْم ل نورًا) ( ) ‪.‬‬
‫‪153‬‬

‫(اللهمّ احفظنِي مِن بيِ َيدَي ومِن خلفِي وعن‬


‫َيمِينِي وعن ِشمَال ومِن فوقِي‪ ،‬وأعُوذ بعظمَتك أن‬
‫أغتال مِن ْتتِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪154‬‬

‫وصح من حديث عبد ال بن مسعود ‪ t‬أنه‬


‫قال‪( :‬إذا كان على أحدكــــم إمام ياف‬

‫‪152‬صحيح أب داود ( ‪. )441‬‬


‫‪153‬صحيح مسلم ( ‪. )763‬‬
‫‪154‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )659‬‬
‫ـــ ‪ 175‬ـــ‬
‫تغطرسه أو ظلمه فليقل‪ :‬اللهم رب السماوات‬
‫ال سبع ورب العرش العظ يم‪ ،‬كن ل جارا من‬
‫فلن بن فلن وأحزا به من خلئ قك أن يفرط‬
‫علي أحـد منهـم أو يطغـى‪ ،‬عـز جارك وجـل‬
‫ثناؤك ول اله إل أنت) ( ) ‪.‬‬
‫‪155‬‬

‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل فـاسـه العظيـم‬


‫تعظيمـه حدود ال وشعائره باتباع النـب فـ‬
‫ذلك؛ لنه ليس بعد تعظيم النب لربه تعظيم‪،‬‬
‫فال صحابة الذ ين عا صروه هم سلفنا ال صال‪،‬‬
‫و هم الذ ين آمنوا ب ب ال و صدقوه ونفذوا أمره‬
‫وأحبوه‪ ،‬ففي باب الب كالصفات وسائر الغيبيات‬
‫أثبتوا ما أثبته ال لنفسه وما أثبته رسوله من غي‬
‫تريف ول تعطيل ومن غي تكييف ول تثيل‪ ،‬وف‬
‫باب المـر أطاعوا ربمـ عـن مبـة وتعظيـم‪،‬‬

‫‪155‬صحيح البخاري ف الدب الفرد ( ‪. )707‬‬


‫ـــ ‪ 176‬ـــ‬
‫يسارعون إل مرضاته‪ ،‬ويغارون على حرماته‪،‬‬
‫ويؤدون الواجبات ويسـارعون فـاليات حتـ‬
‫أ صبحت الباحات لدي هم طاعات وقربات تش هد‬
‫بتوحيدهم ل وعبوديته وتعظيمه ومبته ‪.‬‬

‫‪ - 4 2‬الشكُو ُر‬
‫ـ حسـَنا‬
‫قال ال تعال‪ :‬إن تق ِرضُوا الَ قرض ا‬
‫حليمـ‬
‫لكمـوال شكو ٌر ٌ‬‫لكمـويَغفِر ْ‬
‫ُيضَاعِفـه ْ‬
‫[التغابن‪. ]1 7 :‬‬
‫والشكور سبحانه هو الذي يزكو عنده القليل‬
‫مـن أعمال العباد‪ ،‬ويضاعـف لمـ الزاء فيثيـب‬
‫الشا كر على شكره‪ ،‬وير فع درج ته وي ضع ع نه‬
‫وزره‪ ،‬فشكـر العبـد ل تعال ثناؤه عليـه بذكـر‬
‫إحسانه إليه‪ ،‬وشكر الق للعبد ثناؤه عليه بذكر‬
‫طاعته له ‪.‬‬

‫ـــ ‪ 177‬ـــ‬
‫والشكور سبحانه هو أول ب صفة الش كر من‬
‫كـل شكور بـل هـو الشكور على القيقـة؛ فإنـه‬
‫يعطي العبد ويوفقه لا يشكره عليه‪ ،‬ويشكر القليل‬
‫من الع مل والعطاء فل ي ستقله‪ ،‬ويش كر ال سنة‬
‫بع شر أمثال ا إل أضعاف مضاع فة‪ ،‬ويش كر عبده‬
‫بأن يثن عليه بي ملئكته وف ملئه العلى‪ ،‬ويلقي‬
‫له الش كر ب ي عباده‪ ،‬ويشكره بفعله‪ ،‬فإذا ترك له‬
‫شيئا أعطاه أفضل منه‪ ،‬وإذا بذل له شيئا رده عليه‬
‫أضعا فا مضاع فة‪ ،‬و هو الذي وف قه للترك والبذل‪،‬‬
‫وشكره على هذا وذاك ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه الشكور قوله تعال‬
‫‪ :‬رَب أوزعنِـي أن أشك َر‬ ‫عـن سـليمان‬
‫ِن ْعمَتك التِي أنعمْت عليّ وعلى وال َديّ وأن أ ْعمَل‬
‫ِكـ‬
‫صـَالا ترضَاه وأ ْدخِلن ِي ب َر ْحمَتـك ف ِي ِعبَاد َ‬
‫الصّالِي [النمل‪. ]1 9 :‬‬

‫ـــ ‪ 178‬ـــ‬
‫وقوله‪ :‬رَب أوزعنِي أن أشك َر ِن ْع َم تك التِي‬
‫أنعمْت عليّ وعلى وال َديّ وأن أ ْعمَل صَالا ترضَاه‬
‫ك وإنـمِن‬ ‫ح ل فِي ذريّتِي إنـتبْت إلْي َ‬ ‫وأ صْل ْ‬
‫السلمِي [الحقاف‪. ]1 5 :‬‬
‫وصح أن رسول ال أخذ بيد معاذ ‪ t‬وقال‬
‫له‪ ( :‬يا معاذ وال إ ن لح بك‪ ،‬وال إ ن لح بك‪،‬‬
‫ك يَا معاذ ل تدَعن ف ُدبُر كل صَلة‬ ‫فقال‪ :‬أوصِي َ‬
‫تقول‪ :‬اللهمّ أ ِع ن على ِذ ْك ِر َك و ُش ْك ِر َك و ُح س ِن‬
‫ِعبَادَتك) ( ) ‪.‬‬
‫‪156‬‬

‫وصح أيضا من حديث شداد بن أوس ‪ t‬أنه‬


‫قال‪( :‬كَان َرسُول ال يُعلمنا أن نقول‪ :‬الله ّم إن‬
‫ك عزيَة الرّشدِ‪،‬‬
‫ك الثبَات ف ال مر‪ ،‬وأ سأل َ‬ ‫أ سأل َ‬
‫ك‬
‫ك ُش ْك َر ِن ْع َم تك و ُح سن ِعبَا َد تك‪ ،‬وأ سأل َ‬
‫وأ سأل َ‬

‫‪156‬صحيح الامع ( ‪. )7969‬‬


‫ـــ ‪ 179‬ـــ‬
‫ك مِن ش ّر مَا‬ ‫ل سَانًا صَادِقا وقلبًا سَليمًا وأعُوذ ب َ‬
‫ك مِن خيْر مَا تعلم‪ ،‬وأ ستغ ِف ُر َك ِم ّم ا‬‫تعْلم‪ ،‬وأ سأل َ‬
‫‪157‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫تعْلم إنك أنت علم ال ُغيُوب)‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الشكور أن‬
‫يشكـر ال بالقلب واللسـان والوارح‪ ،‬فشكـر‬
‫القلب هو تصور النعمة والعتراف با إل النعم‪،‬‬
‫والعزم على تصـديق خـبه وطاعـة أمره‪ ،‬وشكـر‬
‫اللسـان هـو الثناء على النعـم بذكـر فضله ومنتـه‬
‫وحده على نعمتـه‪ ،‬وأمـا شكـر الوارح فهـو‬
‫خضوعهـا وانقيادهـا واسـتسلمها بالسـتجابة‬
‫لحكام عبوديته ‪.‬‬

‫‪ - 4 3‬ا َللِي ُم‬


‫ـ ومَغ ِفرَة خْي ٌر مِـن‬
‫قال تعال‪ :‬قو ٌل َم ْعرُوف ٌ‬
‫‪157‬السلسلة الصحيحة (‪. )3228‬‬
‫ـــ ‪ 180‬ـــ‬
‫حليمـ [البقرة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ى وال غنِي ّ‬
‫صـدَقة يَتبعُه َا أذ ً‬
‫َ‬
‫‪. ]2 6 3‬‬
‫والل يم سبحانه هو ال صبور الذي ي هل ول‬
‫يهمـل‪ ،‬بـل يتجاوز عـن الزلت‪ ،‬ويعفـو عـن‬
‫السـيئات‪ ،‬فهـو سـبحانه يهـل عباده الطائعيـ‬
‫ليزدادوا مـن الطاعـة والثواب‪ ،‬ويهـل العاصـي‬
‫لعلهم يرجعون إل الطاعة والصواب ‪.‬‬
‫ولو أنه عجل لعباده الزاء ما نا أحد من أليم‬
‫ح‬
‫العقاب‪ ،‬ولكـن ال هـو الليـم ذو الصـّف ِ‬
‫والناةِ‪ ،‬ا ستخلف الن سان ف أر ضه وا سترعاه‪،‬‬
‫واستبقاه إل يوم موعود وأجل مدود‪ ،‬فأجل بلمه‬
‫عقاب الكافرين‪ ،‬وعجل بفضله ثواب الؤمني ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الليـم مـا صـح مـن‬
‫حديث ابن عباس ‪ t‬أنه قال‪ ( :‬كَان النب َي ْدعُو‬

‫ـــ ‪ 181‬ـــ‬
‫عِن َد الكَرب‪ ،‬ل إل َه إل ال العظِيم الليم‪ ،‬ل إل َه إل‬
‫ش العظِي مِ)‬
‫ت والرض رَبّ العر ِ‬ ‫سمَاوا ِ‬ ‫ال رَبّ ال ّ‬
‫( )‪.‬‬ ‫‪158‬‬

‫صرِي‬‫سدِي وعاِفنِي فِي َب َ‬ ‫(اللهمّ عاِفنِي فِي َج َ‬


‫واجْعله الوارِث م ن‪ ،‬ل إل َه إل ال الل يم ال َك ِر ي‪،‬‬
‫ِيمـ وال ْم ُد ل رَب‬
‫العرشـ العظ ِ‬
‫ِ‬ ‫سـبْحان ال رَب‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬
‫‪159‬‬ ‫(‬
‫العالِي)‬
‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الل يم أن‬
‫يكون الوحد حليما صبورا يتأن ف رأيه وحكمه‪،‬‬
‫ويفكـر فـقوله وفعله ليتخيـ مـا هـو أنفـع له‬
‫وللخر ين‪ ،‬وأن يو سع صدره ويك ظم غي ظه إن‬
‫أ ساء إل يه أ حد من الاقد ين‪ ،‬ويبادر بالعتذار‬

‫‪158‬صحيح البخاري (‪. )5985‬‬


‫‪159‬رواه الترمذي وحسنه (‪. )3480‬‬
‫ـــ ‪ 182‬ـــ‬
‫والتوبـة والسـتغفار إن أسـاء لحـد مـن‬
‫السلمي‪ ،‬فإن ال حليم يب اللم والناة وقد‬
‫صح أن النب قال ل شج بن ع بد القيس‪:‬‬
‫ك خ صْلت ْينِ يُحِبهمَا ال‪ ،‬الِلم والناة)‬
‫(إن فِي َ‬
‫( )‪ ،‬وثبـت أيضـا أن النـب قال‪( :‬إن ال‬ ‫‪160‬‬

‫ي ب الغ ن الل يم التع فف‪ ،‬ويب غض البذ يء‬


‫الفاجر السائل اللحّ) ( ) ‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫‪ - 4 4‬الوا ِس ُع‬
‫الدليــل على الســم قول ال تعال‪ :‬ول‬
‫ب فأيْنمَا تولوا فثمّ وجْه ال إن الَ‬
‫الشرِق والغ ِر ُ‬
‫وا ِس ٌع علي ٌم [البقرة‪. ]1 1 5 :‬‬
‫والوا سع سبحانه هو الذي و سع عل مه ج يع‬
‫‪160‬صحيح مسلم (‪. )17‬‬
‫‪161‬صحيح الترغيب والترهيب (‪. )819‬‬
‫ـــ ‪ 183‬ـــ‬
‫العلومات‪ ،‬ووسعت قدرته جيع القدورات ووسع‬
‫سـعه جيـع السـموعات‪ ،‬ووسـع رزقـه جيـع‬
‫الخلوقات‪ ،‬فله مطلق المال والكمال فـ الذات‬
‫والصفات والفعال‪ ،‬وهو الكث ُي العطا ِء يده سحاء‬
‫الل يل والنهار‪ ،‬و سعت َر ْح َم ته كل ش يء‪ ،‬و هو‬
‫الحيط بكل شيء ‪.‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ا سم ال الوا سع قوله‬
‫تعال عن نبيه شعيب ‪ :‬و سِع رَبنا كل ش ْي ٍء‬
‫ح بين نا وب ي قو ِم نا‬
‫عِل ما على ال توكّل نا َرّب نا افت ْ‬
‫بالق وأنت خْي ُر الفاِتحِي [العراف‪. ]8 9 :‬‬
‫وسـعْت‬
‫ـ ِ‬ ‫وقوله تعال عـن حلة العرش‪َ :‬ربّن ا‬
‫كل ش ْي ٍء َرحْمَة وعِل ما فاغفِر لل ِذ ين تابُوا واتبعُوا‬
‫ت‬‫ب ا َلحِي ِم َربّنا وأ ْدخِله ْم جَنا ِ‬
‫ك وقِه ْم عذا َ‬ ‫سَبيل َ‬
‫ع ْد ٍن التِي وعد ُت ْم ومَن صَلح مِن آبَائِه ْم وأزْواجِه ْم‬
‫م إنك أنت العزي ُز الكِيم [غافر‪7 / 8 :‬‬ ‫وذرّيات ْ‬
‫ـــ ‪ 184‬ـــ‬
‫]‪.‬‬
‫وصـح مـن حديـث عوف بـن مالك ‪ t‬أن‬
‫رسول ال صلى على جنازة فقال‪( :‬اللهمّ اغفِر‬
‫له وارحه‪ ،‬وعافِه واعْف عنه‪ ،‬وأ ْك ِر ْم نزُله ووس ْع‬
‫والثلجـ والَب َر ِد ونقـه م ِن‬
‫ِ‬ ‫مدْخله‪ ،‬واغسـِله بالا ِء‬
‫ب الب يض مِن الدن سِ‪،‬‬ ‫الطايَا كَمَا نقيْت الثو َ‬
‫وأْبدِله دَارًا خْيرًا مِـن دَارِه‪ ،‬وأهل خْيرًا مِـن أهله‪،‬‬
‫وزَوجًا خْيرًا مِن زَوجِه وأ ْدخِله ا َل نة‪ ،‬وأعِذه مِن‬
‫عذاب القْبرِ‪ ،‬أو مِن عذاب النار) ( ) ‪.‬‬
‫‪162‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الواسع أن‬


‫يوسع العبد على نفسه وإخوانه‪ ،‬ويسأل ال بواسع‬
‫كر مه وإح سانه أن يو سع عل يه ف صبه وإيا نه‪،‬‬
‫وأن يثـق فـ سـعة الرزق مهمـا طالت أيام بلئه‬

‫‪162‬صحيح مسلم (‪. )963‬‬


‫ـــ ‪ 185‬ـــ‬
‫وامتحانه‪ ،‬فإن ال واسع العطاء واسع الغن واسع‬
‫الفضل‪ ،‬وسعة كرمه وفضله ل تتناقض مع حكمته‬
‫وعدله‪ ،‬بل هو سبحانه يضع فضله مواضعه لسعته‬
‫ورحته‪ ،‬وينعه من ليس من أهله لعدله وحكمته ‪.‬‬

‫‪ - 4 5‬العَلي ُم‬
‫سمِي ُع‬
‫سَي ْكفِيكَهم الُ وه َو ال ّ‬
‫قال ال تعال‪ :‬ف َ‬
‫العلِيم [البقرة‪. ]1 3 7 :‬‬
‫والعليم سبحانه هو الذي َعلِم ما كان‪ ،‬وما هو‬
‫كائن‪ ،‬ومـا سـيكون‪ ،‬ومـا لو كان كيـف يكون‪،‬‬
‫أحاط عِلمه بميع الشياء ظاهرها وباطِنها‪ ،‬دقِيقها‬
‫وجليل ها‪ ،‬ف ما من صغية و كبية ف خل قه إل‬
‫وتعلقت بعلمه‪ ،‬فعلمه بالشيء قبل كونه هو سر‬
‫ال ف خل قه‪ ،‬ضن به على عباده‪ ،‬ل يعل مه ملك‬
‫مقرب ول نب مرسل‪ ،‬وهذا علم التقدير‪ ،‬ومفتاح‬

‫ـــ ‪ 186‬ـــ‬
‫ما سيصي إل يوم الفصل عند تقرير الصي‪ ،‬من‬
‫هم أهل النة ؟ ومن هم أهل السعي ؟ فكل أمور‬
‫الغ يب قدر ها سبحانه ف الزل‪ ،‬ومفتاح ها عنده‬
‫وحده ول يزل ‪.‬‬
‫وكذلك علمه بالشيء وهو ف اللوح الحفوظ‬
‫ب عد كتاب ته‪ ،‬وق بل إنفاذ أمره ومشيئ ته‪ ،‬فال تعال‬
‫ك تب مقاد ير اللئق ف اللوح الحفوظ ق بل أن‬
‫يلقهم بمسي ألف سنة‪ ،‬ث علمه سبحانه بالشيء‬
‫حال كو نه وتنفيذه‪ ،‬وو قت خل قه وت صنيعه‪ ،‬ف هو‬
‫الذي يعلم ما تمل كل أن ثى و ما تغ يض الرحام‬
‫وما تزداد‪ ،‬وهو الذي يعلم ما يلج ف الرض‪ ،‬وما‬
‫يرج منها‪ ،‬وما ينل من السماء‪ ،‬وما يعرج فيها‪،‬‬
‫ـ مـن فوق‬ ‫ـ مـن صـغية ول كـبية إل توله ا‬ ‫وم ا‬
‫عرشه ‪.‬‬
‫ث عل مه سبحانه بالش يء ب عد كو نه وتلي قه‬
‫ـــ ‪ 187‬ـــ‬
‫وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتقيقه‪ ،‬فال عال با‬
‫كان وما هو كائن وما سيكون وما لو كان كيف‬
‫يكون على ما اقتضته حكمته البالغة ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال العليـم قوله تعال عـن‬
‫سمِي ُع‬‫إبراه يم ‪ :‬رَب نا تقبّل ِم نا إنك أنت ال ّ‬
‫العليــم [البقرة‪ ،]1 2 7 :‬وقوله‪ :‬وإمّاــ‬
‫َينَغ نك مِن الشيْطا ِن نزْغ فا ستعِذ بال إ نه َسمِي ٌع‬
‫عليمـ [العراف‪ ،]2 0 0 :‬وقـد صـح مـن‬ ‫ٌ‬
‫حد يث أ ب سعيد ‪ t‬أن ال نب قال‪( :‬أعُوذ بال‬
‫سمِي ِع العلي ِم مِن الشيْطا ِن ال ّرجِي ِم مِن َهمْزه ونفخِه‬
‫ال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬‫‪163‬‬ ‫(‬
‫ونفثه)‬
‫و من دعاء ال نب ‪( :‬اللهمّ رَبّ جِبْرَائِ يل‬
‫سمَاواتِ والرض‬ ‫ومِيكَائِيل وإسرَافِيل‪ ،‬فاطِرَ ال ّ‬

‫‪163‬صحيح أب داود (‪. )701‬‬


‫ـــ ‪ 188‬ـــ‬
‫عال الغيْب والشهَادةِ أنـت تْكـم بيـ عِبَادِكَـ‬
‫فِيمَا كَانوا فِيه َيخْتلفون‪ ،‬اه ِدنِي لا اختلف فِيه‬
‫مِن الق بإذنك إنك تدِي مَن تشاءُ إل صِرَاطٍ‬
‫مستقيم) ( ) ‪.‬‬
‫‪164‬‬

‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه العل يم‬


‫ـا يراه باجتهاده وهواه‪،‬‬
‫تقديهـ هدي ال على مـ‬
‫وتقد ي حك مه على ح كم من سواه؛ لن العا قل‬
‫يعلم أ نه من المور البديه ية أن القوان ي الوضع ية‬
‫ـ‬
‫مـن قبـل الشرعيـفـالجالس التشريعيـة مهم ا‬
‫بل غت ف كمال ا فلن ت صل إل كمال الن هج ف‬
‫الشريعة السلمية؛ فشتان بي علم البشر ومقارنته‬
‫بالعليم سبحانه وتعال؛ فالنسان مهما بلغ علمه أو‬
‫عل شأنه ف سن القواني عندما يضع تشريعا أو‬
‫تعديل ل يراعـي الصـلحة فـالدنيـا على وجـه‬

‫‪164‬صحيح مسلم (‪. )770‬‬


‫ـــ ‪ 189‬ـــ‬
‫الكمال‪ ،‬ول ينظــر بأي حال مــن الحوال إل‬
‫ال صي ع ند الب عث والآل‪ ،‬فل يرا عي ع ند و ضع‬
‫قوانينـه قضيـة النعيـم البدي أو العذاب التمـي‪،‬‬
‫و من ث ترج أحكا مه قا صرة لق صور مدركا ته‬
‫العلمية والعقلية‪ ،‬أما الحكام التكليفية الت حلتها‬
‫اليات القرآن ية والحاد يث النبو ية ف هي صادرة‬
‫عـن العليـم التوحـد فـال ساء والصـفات الذي‬
‫أحاط بكل شيء علما‪ ،‬وأحصى كل شيء عددا‪،‬‬
‫ول ي فى عل يه ش يء ف الرض ول ف ال سماء‪،‬‬
‫فمن توحيد ال ف اسه العليم أن يتخي العبد منهج‬
‫ال منهجـا له فـ الياة؛ هذا فضل عـن كون‬
‫القواني الخالفة لشرع ال هي حكم بغي ما أنزل‬
‫ال ‪.‬‬
‫ومن آثار توحيد ال ف اسه العليم أن يتواضع‬
‫العال لربه؛ فيتصاغر ف نفسه مقدار علمه توحيدا‬

‫ـــ ‪ 190‬ـــ‬
‫ل ف عل مه‪ ،‬وأنه مه ما بلغ عل مه ففوق كل ذي‬
‫علم عليـم‪ ،‬ومـن ثـ يرص على دوام التذلل له‬
‫والفتقار‪ ،‬ويبلغ العلم ول يحده عنـد السـؤال‪،‬‬
‫ويزداد بعلمـه قربـة لربـه لن التقوى مفتاح العلم‬
‫بال كما قال‪ :‬واتقوا ا َل ويُعلمكم ال وال بكل‬
‫ش ْي ٍء علي ٌم [البقرة‪. ]2 8 2 :‬‬

‫ب‬
‫‪ - 4 6‬التوَا ُ‬
‫الدليـل على السـم قوله تعال‪ :‬فتلقـي آدَم‬
‫ب ال ّرحِيم‬
‫ب عليْه إنه هو التوا ُ‬
‫ت فتا َ‬
‫مِن رَبه كَلما ٍ‬
‫[البقرة‪. ]3 7 :‬‬
‫والتواب سـبحانه هـو الذي يقبـل التوبـة عـن‬
‫عباده حال ب عد حال‪ ،‬ف ما من ع بد ع صاه وبلغ‬
‫ع صيانه مداه‪ ،‬ث ر غب ف التو بة إل يه إل ف تح له‬
‫ـ ل تغرغـر‬
‫أبواب رحتـه‪ ،‬وفرح بتوبـة وعودتـه م ا‬

‫ـــ ‪ 191‬ـــ‬
‫النفس أو تطلع الشمس من مغربا ‪.‬‬
‫والتواب هو الذي ير جع إل يه تي سي أ سباب‬
‫التو بة لعباده مرة بعـد أخرى‪ ،‬ب ا يُظهره ل م مـن‬
‫آياته‪ ،‬ويسوق إلي هم من تنبيهاته‪ ،‬ويطلعهم عليه‬
‫مـن تويفاتـه وتذيراتـه‪ ،‬حتـإذا اطلعوا بتعريفـه‬
‫على خطـر العاصـي والذنوب اسـتشعروا الوف‬
‫ـر ويتوب‪،‬‬ ‫ـه فعادوا إل التواب لعله يغفـ‬‫بتخويفـ‬
‫فتوبـة ال على عبده نوعان‪ :‬إذن وتوفيـق وإلام‪،‬‬
‫وقبول وإثابة وإكرام ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال التواب مـا صـح مـن‬
‫حديث ابن عمر ‪ t‬أنه قال‪( :‬كنا لن ُع ّد ل َرسُول ال‬
‫ب‬
‫س الوا ِح ِد مِائة مَرةٍ‪ :‬رَب اغفِر ل وت ْ‬
‫ف الجْل ِ‬
‫‪ ،‬ومـن‬‫)‬ ‫‪165‬‬ ‫(‬
‫التوابـ ال ّرحِيـم)‬
‫ُ‬ ‫علي إنـك أنـت‬

‫‪165‬السلسلة الصحيحة (‪. )2603‬‬


‫ـــ ‪ 192‬ـــ‬
‫حديث عمر ‪ t‬أن رسول ال قال‪( :‬مَن توضّأ‬
‫إلهـ إل ال‬
‫فأحْسـَن ال ُوضُو َء ث ّ قال‪ :‬أش َه ُد أن ل َ‬
‫ك له وأش َه ُد أن م ّمدًا عْبدُه و َرسُوله‪،‬‬
‫و ْحدَه ل شرِي َ‬
‫اللهمّ اجْعلنِي مِن التوابي واجْعلنِي مِن التطهرِين‪،‬‬
‫فِت حت له ثَانِيَة أبْواب ال نة َيدْخُل مِن أيّهَا شاء)‬
‫( )‪.‬‬
‫‪166‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه التواب أن‬


‫ي سارع بالتو بة دون تاخي ها‪ ،‬فيقلع عن الذ نب‬
‫ند ما على تفر يط الن فس ب سوء أدب ا وتق صيها‪،‬‬
‫ويعزم عزمــا أكيدا أل يعود إل مالفــة أحكام‬
‫العبوديـة التـخلق لتنفيذهـا‪ ،‬فال تواب يعيـد‬
‫الع بد ال صادق ف توب ته إل سابق وده ومب ته‪ ،‬إذا‬
‫ـــق‬ ‫أقلع وندم واعتذر وقدم‪ ،‬وكان حاله ينطـ‬
‫بالضعف والسكنة‪ ،‬وأن الذنب إنا كان بغلبة من‬

‫‪166‬صحيح الامع ( ‪. )6167‬‬


‫ـــ ‪ 193‬ـــ‬
‫الشيطان‪ ،‬أو قوة من و سواس الن فس بالع صيان‪،‬‬
‫وأنه ل يكن منه ما كان عن استهانة بقه ول‬
‫جهل بقدره‪ ،‬ول إنكارا لطلعـه على سـره‪ ،‬ول‬
‫استهانة بوعيده‪ ،‬وأنه طامع ف مغفرته متكل على‬
‫عفوه‪ ،‬وحسن ظنه بربه ورجاء لكرمه وطمعا ف‬
‫سعة حلمه‪ ،‬فهذا مقتضى التوبة الصادقة وتوحيد‬
‫ال ف اسه التواب ‪.‬‬

‫‪ - 4 7‬ا َلكِي ُم‬


‫ـ إل ُه َو‬‫ـ ل إله َ‬‫قال ال تعال‪ :‬شه َد ال أنه ُ‬
‫ط ل إل َه إل ُه َو‬
‫سِ‬
‫واللئِكَة وأولو العِل ِم قاِئ ما بالق ْ‬
‫العزي ُز الكِيم [آل عمران‪. ]6 :‬‬
‫والك يم سبحانه هو الت صف بك مة حقيق ية‬
‫عائدة إل يه‪ ،‬وقائ مة به ك سائر صفاته‪ ،‬وال ت من‬
‫أجلها خلق فسوى‪ ،‬وقدر فهدى‪ ،‬وأسعد وأشقى‬

‫ـــ ‪ 194‬ـــ‬
‫وأ ضل وهدى‪ ،‬وم نع وأع طى‪ ،‬ف هو الُح ِك ُم للق‬
‫الشياء على مقتضى حكمته‪ ،‬وهو الكيم ف فعله‬
‫وخل قه حك مة تا مة اقت ضت صدور هذا اللق‪،‬‬
‫ونتج عنها ارتباط العلول بعلته والسبب بنتيجته‪،‬‬
‫وتي سي كل ملوق لغاي ته‪ ،‬وإذا كان ال يف عل‬
‫ما يشاء ول يرد له قضاء‪ ،‬ما شاء كان‪ ،‬وما ل يشأ‬
‫ل يكـن‪ ،‬إل أنـه الكيـم الذي يضـع الشياء فـ‬
‫مواضعها ويعلم خواصها ومنافعها ويرتب أسبابا‬
‫ونتائجها فكما ل يرج مقدور عن علمه ومشيئته‬
‫وقضائه وقدر ته‪ ،‬فهكذا ل يرج ش يء عن عدله‬
‫وحكم ته‪ ،‬فم صدر ذلك الك مة ال ت دل علي ها‬
‫اسه الكيم ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سم ال الك يم ما ورد ف قول‬
‫ال تعال‪َ :‬ربّنا ل تعَلنا فِتنة للذِين كَفرُوا واغفِر‬
‫لنا َربّنا إنك أنت العزي ُز الكِيم [المتحنة‪،]5 :‬‬

‫ـــ ‪ 195‬ـــ‬
‫وث بت أن أعراب يا جاء إل ر سول ال فقال‪:‬‬
‫إلهـ إل ال‬
‫(علمْنِي كَلمًا أقوله‪ ،‬قال‪ :‬قـل ل َ‬
‫وحْدَه ل شرِيكَ له‪ ،‬ال أكَْبرُ كَبيًا‪ ،‬والمْدُ ل‬
‫سـبْحان ال رَب العالِيـ‪ ،‬ل حول ول‬ ‫كثيًا‪ُ ،‬‬
‫قوة إل بال العز يز الكِي مِ‪ ،‬قال‪ :‬فهَؤُلءِ لرَب‪،‬‬
‫فم َا ل ؟ قال‪ :‬قـل اللهم ّ اغف ِر ل وارحنـ‬
‫واه ِدنِي وارزقنِي) ( )‪.‬‬
‫‪167‬‬

‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل ف اسـه الكيـم‬


‫اختياره لنهـج ال هاديـا ودليل‪ ،‬فيسـعد بـه ول‬
‫ير ضى ع نه بديل‪ ،‬لعل مه ويقي نه أ نه العلى شأ نا‬
‫وال سى قدرا وكمال‪ ،‬بل ل و جه للمقار نة ب ي‬
‫من هج من و ضع الع بد ورؤي ته وآ خر من و حي‬
‫خالقه‪ ،‬فالذي وحد ال ف اسه الكيم هو العبد‬
‫الربان الؤمن النقي التقي الول الذي يسمع بسمع‬

‫‪167‬صحيح مسلم (‪. )2696‬‬


‫ـــ ‪ 196‬ـــ‬
‫ال‪ ،‬ول يسمع إل ما يرضيه‪ ،‬ويبصر بنور ال فل‬
‫يرى إل ما يرضيه ‪.‬‬
‫ومن آثار السم أيضا أن يدعو السلم إل ربه‬
‫بالك مة والوع ظة ال سنة‪ ،‬وأن يت صف بالب صية‬
‫والوسطية ف عقيدته ودعوته للكتاب والسنة ‪.‬‬

‫ن‬
‫‪ - 4 8‬الغ ُ‬
‫ت ومَا فِي‬
‫السـمَاوا ِ‬
‫قال تعال‪ :‬له مَا فِي ّ‬
‫الرض وإن الَ لو الغِنيّ المِي ُد [الج‪]6 4 :‬‬
‫‪.‬‬
‫والغ ن سبحانه هو ال ستغن عن اللق بذا ته‬
‫ـ فقراء إل إنعامـه‬‫وصـفاته وسـلطانه‪ ،‬واللق جيع ا‬
‫وإحسانه‪ ،‬فل يفتقر إل أح ٍد ف شي ٍء وكل ملوق‬
‫مفتقر إليه‪ ،‬وهذا هو الغن الطلق ول يُشارِك َه فيه‬
‫غيُه ‪.‬‬
‫ـــ ‪ 197‬ـــ‬
‫والغن أيضا هو الذي يُغن من يشا ُء من عِباده‬
‫على قدر حكمتـه وابتلئه‪ ،‬وأي غنـ سـوى ال‬
‫فغناه نسب مقيد‪ ،‬أما غن الق سبحانه فهو كامل‬
‫مطلق ‪.‬‬
‫ـ بلغ الخلوق ف غناه فهـو فقيـإل ال‬ ‫ومهم ا‬
‫ـر واللك‬‫ـبحانه النفرد باللق والتقديـ‬
‫ـه سـ‬ ‫لنـ‬
‫والتدبي‪ ،‬فهو الالك لكل شيء التصرف بشيئته‬
‫ـ يشاء مـن‬‫فـخلقـه أجعيـ‪ ،‬يعطـي من يشاء م ا‬
‫ـ ي صه مـن حياتـه‬ ‫فضله‪ ،‬وقسـم لكـل ملوق م ا‬
‫ورزقه‪ ،‬عطاؤه ل يتنع‪ ،‬ومدده ل ينقطع وخزائنه‬
‫ملى ل تنفـد‪ ،‬واتصـاف غيـال بالغنـل ينـع‬
‫كون القـ متوحدا فـغناه وهذا واضـح معلوم‬
‫مضطرد ف جيع أوصافه بدللة اللزوم ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الغن ما ثبت من حديث‬
‫أم الؤمنيـ عائشـة رضـي ال عنهـا فـ دعاء‬
‫ـــ ‪ 198‬ـــ‬
‫الستسقاء أن النب قال‪( :‬وق ْد أ َمرَكم ال أن‬
‫ب لك مْ‪ ،‬ثّ قال‪ :‬المْدُ‬ ‫ت ْدعُوه ووعدَك ْم أن يَستجِي َ‬
‫َومـ‬
‫َلكـ ي ِ‬
‫ِيمـ م ِ‬ ‫َنـ ال ّرح ِ‬
‫ل رَب العالِيـ ال ّر ْحم ِ‬
‫الدّي نِ‪ ،‬ل إل هَ إل ال يَفعل مَا يُرِيدُ‪ ،‬اللهمّ أنت‬
‫إلهـ إل أنـت الغنِي ونْن الفقرَاءُ‪ ،‬أنزل‬ ‫ال ل َ‬
‫عليْنا الغيْث‪ ،‬واجْعل مَا أنزَلت لنا قوة وبَلغا‬
‫إل حِيٍ) ( ) ‪.‬‬
‫‪168‬‬

‫وصح عن أب هريرة ‪ t‬أن النب كان يقول‬


‫ت ورَبّ‬‫سمَاوا ِ‬
‫إذا أوى إل فرا شه‪( :‬اللهمّ رَبّ ال ّ‬
‫ب كل شيء‪ ،‬فالق الب والنوى‪ ،‬منل‬ ‫الرض و َر ّ‬
‫ك مِن ش ّر كل‬ ‫التورَا ِة وال ِن يل والقرآ نِ‪ ،‬أعُوذ ب َ‬
‫س‬
‫صيَته‪ ،‬أ نت الول فلْي َ‬ ‫ذِي شر أ نت آخِذ بنا ِ‬
‫س َب ْع َد َك شيء‪ ،‬وأنت‬
‫ك شيء‪ ،‬وأنت ال ِخ ُر فلْي َ‬ ‫قبْل َ‬
‫س‬
‫ك ش يء‪ ،‬وأ نت البَا طن فلْي َ‬ ‫س فوق َ‬
‫الظاه ُر فلْي َ‬

‫‪168‬صحيح الامع ( ‪. )2310‬‬


‫ـــ ‪ 199‬ـــ‬
‫دُونك شيء‪ ،‬اقض عن الديْن وأغِننِي مِن الفقرِ)‬
‫( )‪ ،‬و صح أي ضا أن ر سول ال كان يقول‪:‬‬ ‫‪169‬‬

‫بكـمِن الكَسـَل وا َلرَمِـوالأْثِ‬‫(اللهمّ إنـأعُوذ َ‬


‫والغ َرمِ‪ ،‬ومِن فِتنة القْب ِر وعذاب القْب ِر ومِن فِتنة النا ِر‬
‫ك مِن‬ ‫وعذاب النارِ‪ ،‬ومِن ش ّر فِتنة الغِن‪ ،‬وأعُوذ ب َ‬
‫ح الدجّال‪،‬‬ ‫فِتنة الفقرِ‪ ،‬وأعُوذ ب كَ مِن فِتنة ال سِي ِ‬
‫اللهمّ اغ سِل ع ن خطايَاي بَاءِ الثل جِ والبَرَدِ‪،‬‬
‫ب البيض‬ ‫ونق قلب مِن الطايَا َكمَا نقيْت الثو َ‬
‫مِن الدن سِ‪ ،‬وبَاعِدْ بينِي وب ي خطايَايَـ كَمَا‬
‫بَاعدْت بي الشرِقِ والغرِب) ( ) ‌‪.‬‬
‫‪170‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الغن حسن‬


‫إدراكه لعن الغن الفعلي‪ ،‬فمن أغناه ال من فضله‬
‫فإن غناه القي قي أن يضع لربه ويتواضع لل قه‪،‬‬

‫‪169‬السابق ( ‪. )4424‬‬
‫‪170‬صحيح البخاري (‪. )6007‬‬
‫ـــ ‪ 200‬ـــ‬
‫ويعلم أنه مستخلف ف أرضه مبتلى ف ملكه؛ فيد‬
‫الفضـل لربـه‪ ،‬ويشكره على نعمـه‪ ،‬لعلمـه أن ال‬
‫متوحد ف غناه ‪.‬‬
‫وأ ما أثره ال سم على من ابتله ال بال نع ف هو‬
‫ـ عـن سـؤال غيـال‪،‬‬ ‫ظهوره بظهـر الغنـتعفف ا‬
‫وعل مه أن الغ ن غ ن الن فس‪ ،‬ول ين عه تعف فه أن‬
‫ـ للفضـل وزيادة فـال جر‬ ‫يأخـذ بال سباب طلب ا‬
‫وحفا ظا على النع مة‪ ،‬لتقو ية الن فس وال مة على‬
‫جهادها ف الدعوة إل ال ‪.‬‬

‫‪ - 4 9‬الكَر ُي‬
‫ك‬
‫قال ال تعال‪ :‬يَا أّيهَا النسَان مَا غر َك برَب َ‬
‫ال َك ِر ِي [النفطار‪. ]6 / 7 :‬‬
‫الكر ي سبحانه هو الوا سع ف ذا ته و صفاته‬
‫وأفعاله‪ ،‬مـن سـعته وسـع كرسـيه السـماوات‬
‫ـــ ‪ 201‬ـــ‬
‫والرض‪ ،‬و من سعة عر شه و صف بالكرم‪ ،‬و هو‬
‫سبحانه الكري له الجد والعزة‪ ،‬والرفعة والعظمة‬
‫والعلو والكمال فل س ّي له كما قال‪ :‬هَل تعْلم‬
‫له َس ِميّا [مري‪ ،]6 5 :‬وهو الذي كرّم النسان‬
‫لا حل المانة فشرفه وابتله واستخلفه ف أرضه‬
‫وأ ستأمنه ف مل كه‪ ،‬وفضله على كث ي من خل قه‬
‫تفضيل ‪.‬‬
‫و هو الذي ب شر عباده الؤمن ي بال جر الكر ي‬
‫الواسـع والغفرة الواسـعة والرزق الواسـع وهـو‬
‫الواد الذي ل ينفـذ عطاؤه ول ينقطـع سـحاؤه‪،‬‬
‫الذي يعطي ما يشاء لن يشاء وكيف يشاء بسؤال‬
‫وغ ي سؤال‪ ،‬و هو الذي ل ين إذا أع طى فيكدر‬
‫العطية بالن‪ ،‬وهو سبحانه يعفو عن الذنوب ويستر‬
‫العيوب ويازي الؤمنيـ بفضله ويازي العصـاة‬
‫بعدله فأي كرم ف الوجود يسمو إل كرمه ؟ ‪.‬‬

‫ـــ ‪ 202‬ـــ‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الكريـمـا صـح مـن‬
‫حديـث علي بـن أبـطالب ‪ t‬أنـه قال‪( :‬قال ل‬
‫ت إذا قلت هن غف َر‬ ‫ك كَلما ٍ‬
‫َر سُول ال ‪ :‬أل أعلم َ‬
‫ك وإن كنت مَغفورًا ل كَ‪ ،‬قال‪ :‬قل ل إل َه إل‬ ‫ال ل َ‬
‫ال العل ّى العظِيم‪ ،‬ل إل َه إل ال الليم ال َكرِي‪ ،‬ل إل َه‬
‫ش العظِيمِ) ( )‪.‬‬
‫‪171‬‬
‫إل ال‪ُ ،‬سبْحان ال رَب العر ِ‬
‫وكان النـب إذا دخـل السـجد قال‪( :‬أعُوذ‬
‫بال العظِي ِم وبو ْج هه ال َكرِيِ‪ ،‬و سُلطانه القدِيِ مِن‬
‫ذلكـ قال الشيْطان‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْطانـ ال ّرجِيمـِ‪ ،‬فإذا قال‬
‫الشي ِ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪172‬‬‫(‬
‫ُحفِظ مِن سَاِئ َر اليَوم)‬
‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الكر ي أن‬
‫يتحلى بوصـف الكرم والسـخاء والود والعطاء‪،‬‬

‫‪171‬صحيح الامع ( ‪. )2621‬‬


‫‪172‬صحيح الترغيب ( ‪. )1606‬‬
‫ـــ ‪ 203‬ـــ‬
‫لعلمه أن الكري هو ال‪ ،‬ولذلك ينفق ابتغاء وجهه‬
‫ول ي ش على نفسـه الفقـر أبدا فإن خزائن ال ل‬
‫تنفذ ‪.‬‬
‫وقد صح من حديث أنس ‪( :t‬أن َرجُل سَأل‬
‫ال نب غنمًا ب ي َجبَلْي ِن ؟ فأعْطاه إيّاه فأ تى قومَه‬
‫ي قو ِم أسلموا فوال إن م ّمدًا لُي ْعطِي عطا ًء‬ ‫فقال‪ :‬أ ْ‬
‫مَا يَخاف الفقرَ؛ فقال أن سٌ‪ :‬إن كَان ال ّرجُل ليُسلم‬
‫مَا ُيرِي ُد إل الدّنيَا فمَا ُي سلم ح ت يَكون ال سلم‬
‫ب إليْه مِن الدّنيَا ومَا علْيهَا) ( ) ‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫أح ّ‬

‫‪ - 5 0‬ال َح ُد‬
‫قال تعال‪ :‬قلْ هُوَ ال أحَدٌ‬
‫[الخلص‪. ]1 :‬‬

‫‪173‬صحيح مسلم (‪. )2312‬‬


‫ـــ ‪ 204‬ـــ‬
‫وصـح مـن حديـث أبـهريرة ‪ t‬أن النـب‬
‫قال‪( :‬قال ال تعال‪ :‬كذبنـابـن آدمَـول يكـن له‬
‫ي‬
‫ذلك‪ ،‬وشتمن ول يكن له ذلك‪ ،‬فأما تكذيُبه إيا َ‬
‫فقوله لن يعيدنـكمـا بدأن ِي‪ ،‬وليـس أول اللق‬
‫ي فقوله اتذ‬ ‫بأهون عليّ من إعادته‪ ،‬وأما شتمه إيا َ‬
‫ال ولدا‪ ،‬وأنـا الحـد الصـمدُ‪ ،‬ل أل ْد ول أولد‪ ،‬ول‬
‫يكن ل كفوا أحد) ( ) ‪.‬‬
‫‪174‬‬

‫والحد سبحانه هو النفرد بذاته ووصفه الباين‬


‫لغيه‪ ،‬فالحد ية هي النفراد ون في الثل ية‪ ،‬وتع ن‬
‫انفراده سبحانه بذاته وصفاته وأفعاله عن القيسة‬
‫والقوا عد والقوان ي ال ت ت كم ذوات الخلوق ي‬
‫وصفاتم وأفعالم؛ فل مثيل له فنحكم على كيفية‬
‫أوصـافه مـن خلله ول يسـتوي مـع سـائر اللق‬
‫فيسري عليه قانون أو قياس أو قواعد تكمه كما‬

‫‪174‬صحيح البخاري (‪. )4690‬‬


‫ـــ ‪ 205‬ـــ‬
‫تكمهم‪ ،‬لنه التصف بالتوحيد النفرد عن أحكام‬
‫العبيد ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الحـد مـا صـح مـن‬
‫(سـمِع النـب َرجُل‬‫حديـث ُب َرْيدَة ‪ t‬أنـه قال‪َ :‬‬
‫يَقول‪ :‬اللهمّ إن أسألكَ بأنك أ نت ال الحد‬
‫صمَدُ الذِي لْ يَلدْ ولْ يُولدْ ولْ يَ كن له كفوا‬
‫ال ّ‬
‫أحدٌ‪ ،‬فقال رَسـُول ال‪ :‬لق ْد سـَأل ال َ باسـِه‬
‫الع ظم الذِي إذا سُئِل به أعْ طى وإذا ُدعِ يَ به‬
‫أجَابَ) ( ) ‪.‬‬
‫‪175‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الحد تعظيم‬


‫الع بد لر به تعظي ما يدعوه إل تنف يذ أمره وت صديق‬
‫خـبه‪ ،‬ول يقدم على قول ال ورسـوله مـا‬
‫ا ستحسنه برأ يه وعقله‪ ،‬فيعت قد أن ما أ خب ال به‬

‫‪175‬صحيح ابن ماجة ( ‪. )3111‬‬


‫ـــ ‪ 206‬ـــ‬
‫عنه نفسه ظاهر ف حقه‪ ،‬يصه وحده دون غيه‪،‬‬
‫ويفرق بي النصوص الت تدل على الخلوق وتلك‬
‫الت تدل على الالق ‪.‬‬
‫ومعلوم أننـا ل نـر ال ول نـر له شبيهـا أو‬
‫مثيل‪ ،‬والشيء ل يعرف إل برؤيته أو برؤية نظيه‪،‬‬
‫فو جب على من و حد ال ف ا سه ال حد أل أن‬
‫يطبق قواني الاذبية الرضية على استواء ال على‬
‫عرشـه‪ ،‬أو على حلة العرش‪ ،‬أو يطبـق مقاييسـنا‬
‫الزمانية على نزول ال إل السماء الدنيا ف الثلث‬
‫الخي من الليل‪ ،‬لن ذلك ينطبق على اللق ول‬
‫ينط بق على الالق‪ ،‬ف هو سبحانه أ حد منفرد عن‬
‫قواني البشر وأحكامهم ‪.‬‬

‫ص َم ٌد‬
‫‪ - 5 1‬ال ّ‬
‫قل هو‬ ‫الدل يل على ال سم قول ال تعال‪:‬‬

‫ـــ ‪ 207‬ـــ‬
‫ال أحد ال الصّم ُد [الخلص‪. ]1 / 2 :‬‬
‫وال صمد سبحانه هو ال سيد الذي له الكمال‬
‫الطلق ف كل شيء‪ ،‬وهو الستغن عن كل شيء‪،‬‬
‫و كل من سواه مفت قر إل يه‪ ،‬ي صمد إل يه ويعت مد‬
‫عليه‪ ،‬وهو الدائم الكامل ف جيع صفاته وأفعاله ل‬
‫نقص فيه بوجه من الوجوه‪ ،‬وليس فوقه أحد ف‬
‫كماله‪ ،‬وهو الذي يصمد إليه الناس ف حوائجهم‬
‫ـ‬
‫وسـائر أمورهـم‪ ،‬فالمور أصـمدت إليـه وقيامه ا‬
‫وبقاؤها عليه‪ ،‬ل يقضي فيها غيه ول يضي فيها‬
‫إل أمره وقدره‪ ،‬وهـو القصـود إليـه فـالرغائب‬
‫والستغاث به عند الصائب الذي يطعم ول يطعَم‪،‬‬
‫ول يلد ول يولد ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بالسم ما صح من حديث بريدة‬
‫‪ t‬أن النب سع رجل يقول‪( :‬اللهم إِن أسألك‬
‫بأ نك أ نت ال الح ُد ال صّم ُد الذِي ل يلد ول يولد‬
‫ـــ ‪ 208‬ـــ‬
‫ول يك ُن له كُفوا أحدٌ‪ ،‬فقال رَسـُول ال ‪ :‬لقـد‬
‫سَأل ال باسه العظم الذِي إِذا ُسئِل به أعطَى وإِذا‬
‫دُعي به أجَابَ) ( )‪.‬‬
‫‪176‬‬

‫ج َد فإذا َر ُج ٌل‬
‫وثبت أيضا أن النب دَخل الس ِ‬
‫صلَته و هو يتشه ُد فقال‪( :‬الل هم إ ن‬ ‫قد ق ضى َ‬
‫أ سألك يا أل بأ نك الوا ِح ُد الح ُد ال صّم ُد الذِي ل‬
‫يلد ول يولد ول يكُــن له كُفوا أح ٌد أن تغف َر ل‬
‫ذنو ب إ نك أ نت الغفور الر ِح يم‪ ،‬فقال َر سُول ال‬
‫‪ :‬قد غف َر له ثلَثا) ( ) ‪.‬‬
‫‪177‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الصـمد‬


‫صـدقه فـالركون إليـه‪ ،‬وحسـن التوكـل عليـه‪،‬‬
‫فيعت مد على ال ق بل الر كة وال سكون‪ ،‬ث يأ خذ‬

‫‪176‬صحيح ابن ماجة ( ‪. )3111‬‬


‫‪177‬صحيح أب داود ( ‪. )8 6 9‬‬
‫ـــ ‪ 209‬ـــ‬
‫بالسباب ح يث ما يكون‪ ،‬وير ضى با ق سمه ال‬
‫ليقينـه أن تقسـيم القاديـر بيديـه‪ ،‬وأن البتدأ منـه‬
‫والنتهى إليه ‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ - 5 2‬القرَي ُ‬
‫قال تعال‪ :‬قـل إِن ضَللت فإِناـ أض ِل عَلى‬
‫نف سِي وِإ ِن اهتدَيت فبما يوحِي إِل رَب إِنه سَمي ٌع‬
‫قريب [سبأ‪. ]5 0 :‬‬
‫والقر يب سبحانه هو الذي يقرب من خل قه‬
‫كما شاء وكيف شاء‪ ،‬وهو من فوق عرشه أقرب‬
‫إل عبده مـن حبـل الوريـد‪ ،‬فالخلوقات كلهـا‬
‫بالن سبة إل يه تتقارب من صغرها إل عظ مة ذا ته‬
‫و صفاته‪ ،‬ول يقدر أ حد على إحا طة ب عد ما ب ي‬
‫العرش والرض من سعته وامتداده‪ ،‬وهو سبحانه‬
‫يسـمع ويرى وهـو بالنظـر العلى وعلى العرش‬

‫ـــ ‪ 210‬ـــ‬
‫استوى‪ ،‬فهو القريب العليم بالسرائر الذي يعلم ما‬
‫تكنـه الضمائر‪ ،‬وهـو سـبحانه قريـب بالعلم‬
‫والحاطـة والقدرة فيمـا يتعلق باللئق أجعيـ‪،‬‬
‫وقر يب بالل طف والن صرة وهذا خاص بالؤمن ي‪،‬‬
‫من تقرب منه شبا تقرب منه زراعا ومن تقرب‬
‫م نه زراعا تقرب منه باعا‪ ،‬و هو أي ضا قريب من‬
‫ـن يطلعون على قوله‬ ‫ـه الذيـ‬ ‫عبده بقرب ملئكتـ‬
‫وفعله ويدونون كـل صـغية وكـبية مـن سـعيه‬
‫وكسبه ‪.‬‬
‫ـ صـح مـن‬ ‫ومـن الدعاء باسـم ال القريـب م ا‬
‫حديث معاذ ‪ t‬مرفوعا‪( :‬اللهم إِن أسألك حُبك‬
‫وحُب من ي بك‪ ،‬وحُب عَم ٍل يقرب إِل ُح بك)‬
‫( )‪ ،‬و صح من حد يث عائ شة ر ضي ال عن ها‬ ‫‪178‬‬

‫ب إِليها من‬
‫مرفوعا‪( :‬اللهم إِن أسألك الَنة وما قر َ‬

‫‪178‬مشكاة الصابيح ( ‪. )7 4 8‬‬


‫ـــ ‪ 211‬ـــ‬
‫ب إِليها‬
‫قو ٍل أو عَملٍ‪ ،‬وأعُوذ بك من النار وما قر َ‬
‫مـن قو ٍل أو عَملٍ‪ ،‬وأسـألك أن تعَل كُل قضا ٍء‬
‫قضيته ل خيًا) ( ) ‪.‬‬
‫‪179‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف السم سعيه ف‬


‫ابتغاء القرب من ر به‪ ،‬والتزا مه ب كل ع مل يؤدي‬
‫إل مرضاته وحبه‪ ،‬فيبادر بالتوبة والوبة قريبا‪ ،‬وأن‬
‫يكون هي نا لي نا سهل قري با‪ ،‬وأن يق يم حدود ال‬
‫فيمـن كان بعيدا أو قريبـا‪ ،‬وأن يعلم أن القرب‬
‫القيقـي فـالطاعـة واليان‪ ،‬قال تعال‪ :‬ومـا‬
‫أموالكُم ول أول ُدكُم بالتِي تقربكُم عندَنا زُلفى إِل‬
‫من آمن وعَمل صَالا فأولئِك لم جَزا ُء الضّعف با‬
‫ت آمنون [سبأ‪. ]3 7 :‬‬ ‫عَملوا وهم ف الغرفا ِ‬

‫ب‬
‫‪ - 5 3‬الجي ُ‬

‫‪179‬صحيح الامع ( ‪. )1 2 7 6‬‬


‫ـــ ‪ 212‬ـــ‬
‫قال تعال‪ :‬فا ستغفروه ث توبوا إِل يه إِن َر ب‬
‫قريب مِيب [هود‪ ،]6 1 :‬وقال ‪ :‬ولقد‬
‫ح فلنِعم الجِيبون [الصافات‪. ]7 5 :‬‬ ‫نادَانا نو ٌ‬
‫والجِيـب سـبحانه هـو الذي يقابـل السـؤال‬
‫والدعاء بالقبول والعَطاء‪ ،‬الذي ي يب الض طر إذا‬
‫دعاه ويغ يث اللهوف إذا ناداه‪ ،‬ويك شف ال سوء‬
‫عن أوليائه ويرفع البلء عن أحبائه‪ ،‬وكل اللئق‬
‫مفتقرة إل يه‪ ،‬ول قوام لياتا إل عل يه‪ ،‬ل مل جأ لا‬
‫منه إل إليه‪ ،‬والجيب حكيم ف إجابته قد يعجل أو‬
‫يؤ جل على ح سب ال سائل وال سؤال‪ ،‬أو يل طف‬
‫بعبده فيختار له ما يناسب كل حال‪ ،‬أو يدخر ما‬
‫ينفعه عند الصي والآل‪ ،‬لكن ال تعال ييب عبده‬
‫ول ييب ظنه كما وعده ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب السم ما ورد ف قوله‬
‫تعال‪ :‬وإِذا سَألك عبَادِي عَن فإِن قريب أجِيب‬
‫ـــ ‪ 213‬ـــ‬
‫ـجِيبوا ل وليؤمنوا بـ‬ ‫دَعو َة الداع إِذا َدعَانِـفليس ت‬
‫لعَلهـم يرشدُون [البقرة‪ ،]1 8 6 :‬وصـح أن‬
‫النـب قال‪( :‬ادعُوا ال وأنتـم موقِنون با ِلجَاَبةِ‪،‬‬
‫ب غا فل‬ ‫واعلموا أن ال ل ي ستجِيب ُدعَا ًء من قل ٍ‬
‫‪ ،‬ومـن حديـث زيـد بـن أرقـم ‪t‬‬ ‫لَهـٍ)‬
‫)‬
‫‪180‬‬ ‫(‬

‫قلبـ ل‬
‫ٍ‬ ‫مرفوعـا‪( :‬اللهـم إنـ أعُوذ بـك مـن‬
‫يشعُ ومن نفسٍ ل تشبَعُ وعلم ل ينفعُ ودَعوةٍ‬
‫ل يستجَاب لا) ( ) ‪.‬‬
‫‪181‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف السم يقينه أن‬


‫ال ي يب دعوة الداعـي إذا دعاه‪ ،‬وأنـه ل ي يب‬
‫رجاء من الت جأ إل يه واعت مد عل يه‪ ،‬فيحرص على‬
‫الدعاء ويلح ف يه‪ ،‬ويتخ ي و قت الرجاء‪ ،‬كو قت‬
‫نزوله سـبحانه إل السـماء فـجوف الليـل قبيـل‬

‫‪180‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )5 9 4‬‬


‫‪181‬صحيح مسلم ( ‪. )2 7 2 2‬‬
‫ـــ ‪ 214‬ـــ‬
‫الفجر؛ فهو أعظم وقت لنيل الغفرة والثواب‪ ،‬ول‬
‫يتعجل ربه ف إجابة الدعاء‪ ،‬وأل يهر بالنداء اتقاء‬
‫للفتنة والرياء‪ ،‬وأن يذر من التجاوز والعتداء ف‬
‫ـ مـن‬‫ـ قريب ا‬
‫ـ لين ا‬
‫ـ هين ا‬
‫الدعاء‪ ،‬وأن يكون متواضع ا‬
‫إخوانه ميبا لدعوتم ‪.‬‬

‫‪ - 5 4‬الغفو ُر‬
‫قال تعال‪ :‬نب ْئ عبَادِي أن أنا الغفور الرحِيم‬
‫[الجر ‪. ]4 9‬‬
‫والغفور سبحانه هو الذي يستر العيوب ويغفر‬
‫الذنوب مه ما كان مقدار ها‪ ،‬ومه ما تعاظ مت‬
‫النفـس وتادت فـ جرمهـا وعصـيانا فهـو‬
‫سـبحانه يغفـر الكبائر والصـغائر جيعهـا‪ ،‬فلو‬
‫أراد العبـد الرجوع إل الرب فإن باب الغفرة‬
‫مفتوح ف كل وقت ما ل تغرر النفس أو تطلع‬

‫ـــ ‪ 215‬ـــ‬
‫الشمس من مغربا ‪.‬‬
‫ومن الدعاء بالسم ما صح أن أبا بكر الصديق‬
‫لتِي‬
‫‪ t‬قال للنب ‪( :‬عَلمنِي ُدعَا ًء أدعُو به ف صَ َ‬
‫قال‪ :‬قل اللهم إِن ظلمت نف سِي ظلما كِثيًا‬
‫ولَ يغفر الذنوبَ إل أنت‪ ،‬فاغفر ل مغفرَة من‬
‫عندِك‪ ،‬وارحن ِي إِنـك أنـت الغفور الرحِيـم)‬
‫( )‪.‬‬
‫‪182‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـالسـم كثرة‬


‫السـتغفار الوقائي العام وكثرة السـتغفار الاص‬
‫مهما بلغت كيفية الذنب وجانيته على العبد‪ ،‬أما‬
‫الستغفار العام فهو الذي يتاط به من التفكي ف‬
‫الذنب قبل وقوعه‪ ،‬ويقضي به على خواطر النفس‬
‫وهوا ها وإلام ها عن طغيان ا‪ ،‬و قد كان ال نب‬

‫‪182‬صحيح البخاري ( ‪. )7 9 9‬‬


‫ـــ ‪ 216‬ـــ‬
‫يطاط لنفسه ويكثر من الستغفار ف اليوم أكثر‬
‫من سبيعي مرة وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما‬
‫تأخر ‪.‬‬
‫أما الستغفار الاص فيبادر فيه العبد بالتوبة لو‬
‫و قع ف الع صيان أو ا ستجاب ف غفلة الن سيان‬
‫للشيطان‪ ،‬فمهما بلغت عظمة الذنب فإن للغفور‬
‫باب مغفرة ل يغلق ‪.‬‬

‫‪ - 5 5‬الوَدو ُد‬
‫َرشـ‬
‫قال تعال‪ :‬وهـو الغفور الودُود ذو الع ِ‬
‫الجِي ُد [البوج‪. ]1 4 / 1 5 :‬‬
‫والودود سـبحانه هـو الذي يبـ رسـله‬
‫وأولياءه‪ ،‬ويتودد إليهـم بالغفرة والرحةـ فيضـى‬
‫عنهم ويتقبل أعمالم ويوددهم إل خلقه فيحبب‬
‫عباده فيهم‪ ،‬وال سبحانه ودود يؤيد رسله وعباده‬
‫ـــ ‪ 217‬ـــ‬
‫الصالي بعيته الاصة فل ييب رجاءهم ول يرد‬
‫دعاءهم‪ ،‬وهو عند حسن ظنهم به‪ ،‬وهو الودود‬
‫لعا مة خل قه بوا سع كر مه و سابغ نع مه يرزق هم‬
‫ويؤخر العقاب عنهم لعلهم يرجعون إليه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الودود‪( :‬اللهم ذا البل‬
‫الشدِي ِد والمر الرشِيدِ‪ ،‬أسألك المن يوم الوعيدِ‪،‬‬
‫معـالقربيـالشهودِ‪ ،‬الركـع‬ ‫والَنـة يوم اللودِ‪َ ،‬‬
‫سجُو ِد الوفي بالعُهودِ‪ ،‬إِنك َرحِيم ودُودٌ‪ ،‬وأنت‬‫ال ّ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪183‬‬ ‫(‬
‫تفعل ما تريدُ)‬
‫ومن دعاء أب معلق النصاري ‪ t‬وكان قد‬
‫تعرض للهلك على يد سارق‪( :‬اللهم يا ودود‬
‫يا ذا العرش الج يد‪ ،‬يا فعال ل ا ير يد‪ ،‬أ سألك‬
‫بعزتـك التـ ل ترام وملكـك الذي ل يضام‬

‫‪183‬رواه الترمذي ف سننه ( ‪. )3 4 1 9‬‬


‫ـــ ‪ 218‬ـــ‬
‫وبنورك الذي مل أركان عرشـك أن تكفينـ‬
‫شر هذا اللص) ( ) ‪.‬‬
‫‪184‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الودود كثرة‬


‫وده للمسـلمي‪ ،‬وحـب اليـللخريـن فيحـب‬
‫للعا صي التو بة والغفرة‪ ،‬وللمط يع الثبات وح سن‬
‫النلة‪ ،‬ويعفو عمن أساء إليه ويلي مع البعيد كما‬
‫يليـ مـع أقرب الناس إليـه ويكون ودودا قريبـا‬
‫لطيفا ميبا‪ ،‬راعيا ببه لهله وعشيته‪ ،‬ومن أعظم‬
‫الود مودة الرجـل لزوجتـه ورفقـه باـ‪ ،‬وكذلك‬
‫مودة الرأة لزوجها ‪.‬‬

‫‪ - 5 6‬ال َو ّل‬
‫الدليـل على السـم قوله تعال‪ :‬وهـو الذِي‬
‫ينل الغ يث من بَع ِد ما قنطُوا وين شر َر َح ته و هو‬
‫‪184‬الصابة ف تييز الصحابة ( ‪. )1 0 5 5 1‬‬
‫ـــ ‪ 219‬ـــ‬
‫الول الميد [الشورى‪. ]2 8 :‬‬
‫والول سـبحانه هـو التول لمور خلقـه القائِم‬
‫على تدبي ملكه‪ ،‬الذي يسك السماء أن تقع على‬
‫الرض إل بإذنـه‪ ،‬ووليـة ال لعبده على وجهيـ‬
‫يشملهما معن السم‪ ،‬الوجه الول‪ :‬الولية العامة‬
‫وهـي وليـة ال لشئون عباده وتكفله بأرزاقهـم‬
‫وتدبيه لحوالم وتكينهم من الفعل والستطاعة‪،‬‬
‫وذلك بتيسـي السـباب ونتائجهـا وترتيـب‬
‫العلولت على عللها‪ ،‬الوجه الثان‪ :‬الولية الاصة‬
‫و هي ول ية ال للمؤمن ي ول ية ح فظ وتدب ي‬
‫وعصمة ومبة ونصرة‪ ،‬سواء كان تدبيا كونيا‬
‫أو شرعيـا؛ وشرطهـا اليان وتقيـق الخلص‬
‫والتابعة ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الول ما صح من حديث‬
‫أنس ‪ t‬مرفوعا‪( :‬يا ول السلم وأهله ثبتن حت‬
‫ـــ ‪ 220‬ـــ‬
‫ألقاك) ( )‪ ،‬و ف روا ية أخرى‪ ( :‬يا ول ال سلم‬
‫‪185‬‬

‫وأهله م سكن بال سلم ح ت ألقاك عل يه) ( ) ‪.‬‬


‫‪186‬‬

‫ض أنت وليّي ف الدنيا‬‫ت والر ِ‬ ‫اللهم فاطِر السّماوا ِ‬


‫وال ِخ َرِة توفنِي مسلما وألِقنِي بالصّالِي ‪.‬‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الول حفظ‬
‫حدود ال وموالته على من سواه ول يتم ذلك إل‬
‫بالخلص ل وحده والقبال عليـه بالكليـة‪ ،‬ثـ‬
‫الطاعة لحكام التكليف وتوحيد والعبودية‪ ،‬فول‬
‫ال حقـا هـو مـن توالت طاعاتـه تترا مـن غيـ‬
‫عصيان‪ ،‬ومن تول الق حفظه ف القلب واللسان‬
‫وسائر الركان‪ ،‬وتول توفيقه وتكينه وإقداره علي‬
‫الطاعات ودرجة الحسان ‪.‬‬

‫‪185‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )1 8 2 3‬‬


‫‪186‬السابق ( ‪. )1 4 7 6‬‬
‫ـــ ‪ 221‬ـــ‬
‫‪ - 5 7‬ا َلمِي ُد‬
‫س أن تم الفقرَا ُء إِل ال‬
‫قال تعال‪ :‬يا أي ها النا ُ‬
‫وال هو الغن المي ُد [فاطر‪. ]1 5 :‬‬
‫والم يد سبحانه هو ال ستحق للح مد والثناء‬
‫فهو سبحانه الحمود على ما خلق وشرع ووهب‬
‫ونزع وضر ونفع وأعطى ومنع‪ ،‬وأمسك السماء‬
‫عن الرض أن تقع‪ ،‬وفرش الرض فانبسط سهلها‬
‫واتسع‪ ،‬وهو الحمود على حكمته ف خلق العباد‬
‫ومعا صيهم وإيان م وكفر هم‪ ،‬وعلى خلق الر سل‬
‫وأعدائهم‪ ،‬وهو الحمود على عدله ف أعدائه كما‬
‫هو الحمود على فضله وإنعامه على أوليائه‪ ،‬فكل‬
‫ذرة مـن ذرات الكون شاهدة بمده‪ ،‬وإن مـن‬
‫شيء إل يسبح بمده ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الميـد مـا صـح مـن‬

‫ـــ ‪ 222‬ـــ‬
‫حديث كعب بن عُج َرَة ‪ t‬أنه قال‪ ( :‬سَألنا َر سُول‬
‫صلَة عَليكُم‬‫ال فقل نا‪ :‬يا َر سُول ال‪ ،‬ك يف ال ّ‬
‫ت فإِن ال قد عَلم نا ك يف ن سَلم ؟ قال‪:‬‬ ‫أ هل البَي ِ‬
‫قولوا‪ :‬الل هم صَل عَلى مم ٍد وعَلى آل مم ٍد ك ما‬
‫صَليت عَلى إِبرَاه يم وعَلى آل إِبرَاه يم ِإ نك حي ٌد‬
‫ـ‬
‫مِيدٌ‪ ،‬اللهـم بَارك ْـعَلى مم ٍد وعَلى آل مم ٍد كم ا‬
‫بَارَكْت عَلى إِبرَاه يم وعَلى آل إِبرَاه يم ِإ نك حي ٌد‬
‫مِيدٌ) ( )‪،‬‬
‫‪187‬‬

‫ومن حديث أب هريرة ‪ t‬أن النب قال‪( :‬من‬


‫س فكث َر فيه لغطُه فقال قبل أن يقوم‬
‫س ف مل ٍ‬ ‫جَل َ‬
‫من مل سِه ذلك‪ :‬سُبحانك الل هم وبمدِك‪ ،‬أشه ُد‬
‫أن ل إِله إل أ نت أ ستغفرك وأتوب إِل يك‪ ،‬إل غف َر‬
‫له ما كان ف مل سِه ذلك) ( )‪ ،‬وكان عمر بن‬
‫‪188‬‬

‫‪187‬صحيح البخاري ( ‪. )3 1 9 0‬‬


‫‪188‬صحيح الامع ( ‪. )6 1 9 2‬‬
‫ـــ ‪ 223‬ـــ‬
‫الطاب ‪ t‬يهر بؤلء الكلمات‪( :‬سُبحانك اللهم‬
‫ـك وتعَال جَدك و َل إِله غيك)‬
‫وبمدِك تبَارَك اسـ‬
‫( )‪.‬‬
‫‪189‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الميد يقينه‬


‫بأن المـد يتضمـن مدح الحمود بصـفات كماله‬
‫ونعوت جلله مع مبته والرضا عنه والضوع له‪،‬‬
‫فل يكون حامدا مـن جحـد صـفات الحمود ول‬
‫من أعرض عن مبته والضوع له‪ ،‬والوحد يمده‬
‫ال أن وفق قلبه وهداه لختيار اليان‪ ،‬ويمده‬
‫بذكـر اللسـان والثاء بالمـد ل التـتل اليزان‬
‫ويمده بفعــل الوارح والركان وطلب العون‬
‫وزيادة اليان ‪.‬‬

‫ظ‬
‫‪ - 5 8‬الَفي ُ‬

‫‪189‬صحيح البخاري ( ‪. )4 0 4 2‬‬


‫ـــ ‪ 224‬ـــ‬
‫ورد ال سم ف قوله تعال‪ :‬و َر بك عَلى كُل‬
‫شي ٍء حفيـظ [سـبأ‪ ،]2 1 :‬وقـد اقترن بالعلو‬
‫الذي يزيد الطلق كمال على كمال ‪.‬‬
‫والف يظ سبحانه هو العل يم الهي من الرق يب‬
‫على خلقـه‪ ،‬الذي ل يعزُب عنـه مثقال ذرة فـ‬
‫مل كه‪ ،‬و هو الذي ي فظ أعمال الكلف ي‪ ،‬والذي‬
‫شرف بفظها الكرام الكاتبي‪ ،‬وهو الفيظ الذي‬
‫يفظ عليهم أساعهم وأبصارهم وجلودهم لتشهد‬
‫عليهم يوم اللقاء‪ ،‬وهو الفيظ لن يشا ُء من الشر‬
‫والذى والبلء ‪.‬‬
‫وهـو الذي يفـظ أهـل التوحيـد واليان‬
‫ويعصـمهم مـن الوى وشبهات الشيطان‪ ،‬ويول‬
‫ـ‬
‫بيـالرء وقلبـه مـن الوقوع فـالعصـيان‪ ،‬ويهي أ‬
‫السباب لتوفيقه إل الطاعة واليان‪ ،‬وهو حفيظ‬
‫لخلوقا ته يبقي ها على حال ا لغايات ا وين ظم ترا بط‬
‫ـــ ‪ 225‬ـــ‬
‫العلل بعلولتا ‪.‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ال سم ما صح من‬
‫حديـث أبـ هريرة ‪ t‬أن النـب قال‪( :‬إِذا أوى‬
‫فلينفضـفرَاشـه بدَاخِل ِة إِزاره‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أحدُكُم إِل فرَاشِه‬
‫فإِنه ل يدري ما خلفه عَليه ث يقول‪ :‬باسك رَب‬
‫سكْت نف سِي‬ ‫ض عت َج نب و بك أرفعُه‪ ،‬إِن أم َ‬ ‫وَ‬
‫فارحهـا‪ ،‬وإِن أرسـَلتها فاحفظهـا باـ تفـظ بـه‬
‫الصّالِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪190‬‬

‫ومـن حديـث ابـن عمـر ‪ t‬أنـه قال‪( :‬ل يكُن‬


‫َواتـحِيـيسـِي‬ ‫َعـه ُؤ َلِء الدع ِ‬
‫رَسـُول ال يد ُ‬
‫و ِح ي ي صْبحُ‪ :‬الل هم ِإ ن أ سألك العَافي َة ف الدن يا‬
‫وال ِخ َرةِ‪ ،‬اللهم إِن أسألك العَفو والعَافي َة ف دِينِي‬
‫ودُنياي وأهلي ومال الل هم ا ستر عَورَاتِي‪ ،‬وآ من‬

‫‪190‬صحيح البخاري ( ‪. )6 9 5 8‬‬


‫ـــ ‪ 226‬ـــ‬
‫رَوعَاتِي‪ ،‬اللهم احفظنِي من َبيِ يدَي ومن خلفي‬
‫وعَن يينِي وعَن شِمال ومن فوقِي وأعُوذ بعَظمتك‬
‫أن أغتال من تتِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪191‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـهذا السـم‬


‫الف يظ يقي نه أن ال يتول حف ظه بنوع ي من‬
‫التدب ي‪ ،‬تدب ي كو ن قدري جبي‪ ،‬وتدب ي دي ن‬
‫شر عي اختياري‪ ،‬و هو مبتلى ب ي هذ ين التدبيين‬
‫ومطالب بوقفـه تاه النوعيـ‪ ،‬فالول يؤمـن فيـه‬
‫بقدر ال وإحاطته به قبل خلقه وحال وجوده وبعد‬
‫موته‪ ،‬وأنه ل مشيئة للعبد إل بتوفيق ال ومشيئته‪،‬‬
‫والثان يفظ العبد فيه شرعه وتدبي ال له ليقينه‬
‫أنه السبيل الوحيد لسعادته ف الدنيا والخرة‪ ،‬وأن‬
‫من ح فظ ال ف تدبيه الشر عي حفظه ف تدبيه‬
‫الكونـ‪ ،‬وعصـمه فـسـكونه وحركتـه‪ ،‬وتوله‬

‫‪191‬صحيح الامع ( ‪. )1 2 7 4‬‬


‫ـــ ‪ 227‬ـــ‬
‫بف ظه ومعي ته‪ ،‬فت جد الو حد قائ ما مداو ما على‬
‫طاعته مافظا على أحكام العبودية ل يضيع فرضا‬
‫واجبـا ول سـنة مندوبـة‪ ،‬ول يقرب جرمـا ول‬
‫يتجاوز حدوده؛ بل يفظ التوجيهات النبوية بحبة‬
‫وحرص ورغبة وصدق نية ‪.‬‬

‫‪ - 5 9‬الجِي ُد‬
‫ت‬
‫قال تعال‪ :‬قالوا أتعجَبي من أ مر ال رح ُ‬
‫ت ِإ نه حي ٌد ِم يد‬
‫ال وَبرَكا ته عَليكُم أ هل البَي ِ‬
‫[هود‪. ]7 3 :‬‬
‫والج يد سبحانه هو الذي عل وارت فع بذا ته‬
‫فوق كل شيء‪ ،‬له الجد ف أسائه وصفاته وأفعاله‬
‫فمجد الذات اللية بيّن ف وعلوه واستوائه على‬
‫عرشه‪ ،‬وكيفية جال الذات أو كيفية ما هو عليه‬
‫أمر ل يدركه سواه ول يعلمه إل ال‪ ،‬وليس عند‬

‫ـــ ‪ 228‬ـــ‬
‫الخلوقي منه إل ما أخب به عن نفسه من كمال‬
‫وصفه وجلل ذاته وكمال فعله‪ ،‬أما مد أوصافه‬
‫فله علو الشأن فيها ل سي له ول نظي ول شبيه له‬
‫ول مث يل‪ ،‬فالجد و صف جا مع ل كل أنواع العلو‬
‫ال ت يت صف ب ا العبود‪ ،‬وعظم ته ف علوه عظ مة‬
‫حقيق ية ف هو الج يد ح قا و صدقا‪ ،‬وم د الظال ي‬
‫زورا وإف كا‪ ،‬وأي عا قل سيقر ب جد أفعاله وبالغ‬
‫كرمه وإنعامه ووجوده وإحسانه‪ ،‬فهو الذي أوجد‬
‫الخلوقات وحفظهـا وهداهـا ورزقهـا‪ ،‬فسـبحان‬
‫الجيد ف ذاته وصفاته وأفعاله ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه الجيد ما صح من‬
‫حديث أب سعيد ‪ t‬أن رسول ال كان إذا قام‬
‫من الليل كب ث يقول‪ ( :‬سُبحانك اللهم وبمدِك‬
‫وتبَارَك اسك وتعَال جَدك و َل إِله غيك‪ ،‬ث يقول‪:‬‬
‫ل إِله إل ال ث َل ثا‪ ،‬ث يقول‪ :‬ال أ ْكبَر كبيا ث َل ثا‪،‬‬

‫ـــ ‪ 229‬ـــ‬
‫أعُوذ بال ال سّميع العَليم من الشيطَا ِن الرجِيم من‬
‫هزه ونفخِه ونفثِه) ( ) ‪.‬‬
‫‪192‬‬

‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الج يد أن‬


‫يعظم ال ف قلبه ويعتقد ف علوه على خلقه‪،‬‬
‫وأن يكون فـ قوله وفعله مترفعـا عـن النقائص‬
‫والعيوب‪ ،‬سـريع التوبـة مـن العاصـي والذنوب‪،‬‬
‫يســموا بمتــه إل الدرجات العلى والفردوس‬
‫العلى ف الرف يق العلى‪ ،‬و من آثار ال سم أي ضا‬
‫يقي الوحد بأن عزه ومده ف توحيده ل وعبوديته‬
‫وقربه وطاعته والرضا بحبته والفوز بنته‪ ،‬وليس‬
‫مده ف طلب الاه ورفعته أو الال وزينته‪ ،‬فال‬
‫ج عل دار القرار جزاء ل ن طرح عن نف سه العلو‬
‫وال ستكبار‪ ،‬وم د ال بتوح يد ال ساء وال صفات‬
‫والفعال‪ ،‬فل بد أن يع ظم كلم ال ول يهون من‬

‫‪192‬مشكاة الصابيح ( ‪. )1 2 1 7‬‬


‫ـــ ‪ 230‬ـــ‬
‫شأنه أو يقصر ف تنفيذ أمره‪ ،‬أو يتردد ف تصديق‬
‫خبه ‪.‬‬

‫ح‬
‫‪ - 6 0‬الفَتا ُ‬
‫ح بَين نا‬
‫قال تعال‪ :‬قل يم ُع بَين نا رَب نا ث يفت ُ‬
‫ح العَليم [سبأ‪. ]2 6 :‬‬ ‫بالق وهو الفتا ُ‬
‫والفتاح سبحانه هو الذي يف تح أبواب الرح ة‬
‫والرزق لعباده أجعي‪ ،‬ويفتح أبواب الحنة والفتنة‬
‫لبتلء الؤمن ي ال صادقي وتييز هم عن الاحد ين‬
‫والشركيـ‪ ،‬وهـو الذي يفتـح على عباده بواسـع‬
‫كرمـه وفضله فيبدعوا بعقولمـفـإعمار أرضـه‪،‬‬
‫ويهتدوا في ما ا ستخلفهم بوح يه وشر عه‪ ،‬فيؤمنوا‬
‫بربوبي ته ويققوا التوح يد ف ألوهي ته‪ ،‬ويف تح ما‬
‫يشاء عليهـم بكمتـه‪ ،‬وعلى مـا قضاه فـخلقـه‬
‫بتقديره وقدر ته‪ ،‬والفتاح سبحانه هو الذي يكم‬

‫ـــ ‪ 231‬ـــ‬
‫بي عباده يوم القيامة فيما كانوا فيه يتلفون ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه الفتاح ما ورد ف‬
‫ـ بال ق‬
‫ـ وبَيـقومن ا‬
‫ـ افتـح بَينن ا‬
‫قوله تعال‪ :‬رَبن ا‬
‫ح ي [العراف‪ ،]8 9 :‬و صح‬ ‫وأ نت خ ي الفاِت ِ‬
‫من حديث أب حيد ‪ t‬أن النب قال‪( :‬إِذا دَخل‬
‫أبوابـ‬
‫َ‬ ‫ج َد فليقـل‪ :‬اللهـم افتـح ل‬ ‫أحدكُم السـ ِ‬
‫ج فلي قل الل هم ِإ ن أ سألك من‬ ‫رَح تك‪ ،‬وإِذا خ َر َ‬
‫فضْلك) ( ) ‪.‬‬
‫‪193‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الفتاح أن‬


‫يعتمد على ربه قبل الخذ بالسباب‪ ،‬وأن يطلب‬
‫م نه مفا تح الرزق دون ح ساب؛ فيح سن التو كل‬
‫ـ إذا فتحـت‬‫عليـه والركون إليـه ويذر مـن الدني ا‬
‫عليه‪ ،‬فمفتاح الي كله ف توحيد ال ومتابعة‬

‫‪193‬صحيح مسلم ( ‪. )7 1 3‬‬


‫ـــ ‪ 232‬ـــ‬
‫نـبيه فقـد ثبـت مـن حديـث أبـهريرة ‪ t‬أن‬
‫ر سول ال قال‪ ( :‬ما قال عَبدٌ‪ :‬ل إِله إل ال قطّ‬
‫مل صًا إل فتِحت له أبواب ال سّما ِء حت تفضِي إِل‬
‫ب الكبَاِئرَ) ( ) ‪.‬‬
‫‪194‬‬
‫ش ما اجتن َ‬
‫العَر ِ‬

‫‪ - 6 1‬الشّهي ُد‬
‫الدليـل على السـم قوله تعال‪ :‬وهـو عَلى‬
‫ك ُل شي ٍء شهي ٌد [سـبأ‪ ،]4 7 :‬فالسـم ورد‬
‫مقرونا بالعلو والفوقية‪ ،‬وهو يزيد الطلق كمال‬
‫على كمال ‪.‬‬
‫والشهيد سبحانه هو الرقيب على خلقه أينما‬
‫كانوا وحيث ما كانوا‪ ،‬حا ضر شه يد‪ ،‬أقرب إلي هم‬
‫مـن حبـل الوريـد‪ ،‬يسـمع ويرى‪ ،‬وهـو بالنظـر‬
‫العلى‪ ،‬وعلى العرش اسـتوى‪ ،‬فالقلوب تعرفـه‪،‬‬
‫‪194‬صحيح الامع ( ‪. )5 6 4 8‬‬
‫ـــ ‪ 233‬ـــ‬
‫والعقول ل تكيفـه‪ ،‬شهادتـه للقـه شهادة إحاطـة‬
‫شاملة‪ ،‬تشمل العلم والرؤية والتدبي والقدرة ‪.‬‬
‫والشهيـد سـبحانه هـو الذي شهـد لنفسـه‬
‫بالوحدانية والقيام بالقسط‪ ،‬وشهادته حكم وقضاء‬
‫وإعلم‪ ،‬وبيان وإخبار وإلزام‪ ،‬فال يشهـد بصـدق‬
‫الؤمني إذا وحدوه‪ ،‬ويشهد لرسله وملئكته فيما‬
‫نقلوه أو بلغوه‪ ،‬وشهادتـه لنفسـه بالوحدانيـة فوق‬
‫كل شهادة‪ ،‬وأقسم أنه سيلقي عباده ب عد الوت‬
‫وعند العادة ‪.‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ال سم ما صح من‬
‫حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن ال نب قال‪ ( :‬من قال‪:‬‬
‫اللهم إِن أشهدُك وأشهد م َلئِكتك وحل َة عَرشِك‬
‫وأش هد من ف ال سماوات و من ف الرض أ نك‬
‫أنـت ال ل إِله إل أنـت وحدك ل شريـك لك‪،‬‬
‫وأشهـد أن ممدًا عَبدُك ورَسـُولك‪ ،‬مـن قال ا مرة‬
‫ـــ ‪ 234‬ـــ‬
‫اعتق ال ثلثه من النار‪ ،‬ومن قالا مرتي أعتق ال‬
‫ثلث يه من النار‪ ،‬و من قال ا ثل ثا أع تق ال كله من‬
‫النار) ( ) ‪.‬‬
‫‪195‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الشه يد‬


‫شهاد ته بال ق ولو أغض بت سائر اللق‪ ،‬وأع ظم‬
‫شهادة وأجـل شهادة هـي شهادة التوحيـد ونبـذ‬
‫الشرك‪ ،‬وتلك أعظـم شهادة شهـد باـرب العزة‬
‫واللل‪ ،‬وشهدت باـ اللئكـة وسـائر النـبياء‪،‬‬
‫وأولو العلم وجيـع الولياء‪ ،‬هاجـر النـب مـن‬
‫أجلها وخاصمه قومه بسببها‪ ،‬وتبأ إبراهيم من‬
‫والده لكفره باـ‪ ،‬فحري بنـوحـد ال فـاسـه‬
‫الشهيد أن يدد إيانه بقولا ويكثر من ذكرها وأن‬
‫يوت موقنا با ‪.‬‬

‫‪195‬السلسلة الصحيحة ‪. )2 6 7 ( 1 / 5 3 4‬‬


‫ـــ ‪ 235‬ـــ‬
‫‪ - 6 2‬القَد ُم‬
‫صح من حديث ابن عباس ‪ t‬أن النب قال‪:‬‬
‫(أنت القد ُم وأنت الؤخرُ‪ ،‬ل إِله إل أنت أو ل إِله‬
‫غيك) ( ) ‪.‬‬
‫‪196‬‬

‫والقدم سـبحانه هـو الذي يقدم ويؤخـر وفـق‬


‫مشيئ ته وإراد ته‪ ،‬فالتقد ي من أنواع التدب ي الذي‬
‫يتعلق بف عل ال ف خل قه‪ ،‬و هو كو ن وشر عي‪،‬‬
‫فالتقد ي الكو ن هو تقد ير ال ف خل قه وتكوي نه‬
‫وفعله ك ما ورد ذلك ف قوله‪ :‬لكُل أم ٍة أ َج ٌل‬
‫إِذا جَا َء أجلهــم فل يســتْأخِرون ســَاعَة ول‬
‫يستقدِمون [يونس‪. ]4 9 :‬‬
‫و من التقد ي التعلق بالتدب ي الكو ن ا صطفاء‬
‫الق لن شاء من خلقه‪ ،‬وتقدي بعض خلقه على‬
‫‪196‬صحيح البخاري ( ‪. )1 0 6 9‬‬
‫ـــ ‪ 236‬ـــ‬
‫بعضـه بناء على حكمتـه فـ ابتلء الخلوقات‬
‫واصطفاء من شاء للرسالت ‪.‬‬
‫أما التقدي الشرعي فهو متعلق بحبة ال لفعل‬
‫دون ف عل وتقد ي ب عض الحكام على ب عض‪ ،‬ل ا‬
‫تقتضيـه الصـلحة التـ تعود على العباد‪ ،‬فالقدم‬
‫سـبحانه هـو الذي يقدم الشياء ويضَعهـا فـ‬
‫مواضِعها على مقتضى الكمة والستحقاق‪ ،‬فمن‬
‫استحق التقدي قدمه‪ ،‬ومن استحق التأخي أخره‪،‬‬
‫وال تعال أيضــا هــو القدم الذي قدم الحباء‬
‫وع صمهم من مع صيته‪ ،‬وقدم ر سول ال على‬
‫النبياء تشريفا له على غيه‪ ،‬وقدم أنبياءه وأولياءه‬
‫على غيهـم فاصـطفاهم وطهرهـم ونصـرهم‬
‫وأكرمهم ‪.‬‬
‫‪t‬‬‫ومن الدعاء باسم ال القدم ما صح من علي‬
‫أن النـب كان إذا سـجد قال‪( :‬اللهـم لك‬
‫ـــ ‪ 237‬ـــ‬
‫ج َد‬
‫سـ َ‬
‫سـجَدت‪ ،‬وبـك آمنـت‪ ،‬ولك أسـلمت َ‬ ‫َ‬
‫وجهي للذِي خلقه وصَورَه فأحسَن صُورَته‪ ،‬وشق‬
‫صرَه وتبَارَك ال أحسَن الالقِي‪ ،‬وإِذا سَلم‬
‫سَمعَه وَب َ‬
‫من ال صّلِة قال‪ :‬الل هم اغ فر ل ما قد مت و ما‬
‫أخرت وما أسرَرت وما أعلنت وما أسرَفت‪ ،‬وما‬
‫أنـت أعلم بـه منـأنـت القدم والؤَخـر ل إِله إل‬
‫أنت) ( ) ‪.‬‬
‫‪197‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه القدم أن‬


‫يقدم منهـج ال على أي منهـج سـواه‪ ،‬ول يقدم‬
‫عليـه عقله وهواه‪ ،‬ويذر مـن الشهوة والشبهـة‬
‫ويراقب ما قدمته يداه‪ ،‬ويزن أوليات العبودية ف‬
‫التزاماتـه‪ ،‬ويراعـي مـا قدمـه ال فـ أحكامـه‬
‫وتشريعاته‪ ،‬ويعمل ف الدن يا كأنه غريب أو عابر‬
‫سبيل ‪.‬‬

‫‪197‬صحيح مسلم ( ‪. )7 7 1‬‬


‫ـــ ‪ 238‬ـــ‬
‫‪ - 6 3‬الؤخّر‬
‫تقدم من حديث ابن عباس ‪ t‬أن النب قال‪:‬‬
‫(أنت القد ُم وأنت الؤَخر‪ ،‬ل إِله إل أنت‪ ،‬أو ل إِله‬
‫غيك) ( ) ‪.‬‬
‫‪198‬‬

‫والؤخـر سـبحانه هـو الذي يؤخـر الشياء‬


‫ضعُها ف مواضعها‪ ،‬إما تأخيا كونيا وإما تأخيا‬
‫في َ‬
‫شرعيا على مقتضى الكمة والبتلء‪ ،‬وهو الذي‬
‫يؤخـر العذاب عمـن عصـاه لعلهـم يتوبوا إليـه‪،‬‬
‫والفرق بي الخر والؤخر أن الخر دل على صفة‬
‫من صفات الذات‪ ،‬والؤ خر دل على صفة من‬
‫صفات الفعل ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الؤخر ما تقدم عند ذكر‬
‫اسم ال القدم‪ ،‬وصح من حديث أب موسى ‪ t‬أن‬
‫‪198‬صحيح البخاري ( ‪. )1 0 6 9‬‬
‫ـــ ‪ 239‬ـــ‬
‫النـب كان يدعـو بذا الدعاء‪( :‬رَب اغفـر ل‬
‫خطِيَئتِي وجَهلي‪ ،‬وإِسرَاف ف أمري كُله‪ ،‬وما أنت‬
‫أعلم بـه منـ‪ ،‬اللهـم اغفـر ل خطَاياي وعَمدِي‪،‬‬
‫وجَهلي وهزل‪ ،‬وكُل ذلك عندِي‪ ،‬الل هم اغ فر ل‬
‫ما قد مت و ما أخرت و ما أ سرَرت و ما أعل نت‪،‬‬
‫أنـت القدم وأنـت الؤَخـر وأنـت عَلى كُل ش ْى ٍء‬
‫قدِيرٌ) ( ) ‪.‬‬
‫‪199‬‬

‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الؤ خر أن‬


‫يراعي أحكام العبودية ف تأخي ما أخره وتقدي ما‬
‫قدمــه‪ ،‬فل يقدم الســتحبات على الواجبات‪،‬‬
‫والكروهات على الحرمات‪ ،‬وقد حذر ال من‬
‫رَف َع صوته ف حضرة نبيه وأنذره أن يبط عمله‬
‫بالكل ية‪ ،‬فك يف ب ن ن ى حك مه وو صف شر عه‬
‫بالرجع ية‪ ،‬وقدم عل يه تشريعات وضع ية أو أحكام‬

‫‪199‬صحيح البخاري ( ‪. )6 0 3 5‬‬


‫ـــ ‪ 240‬ـــ‬
‫عرفية‪ ،‬فينبغي لن وحد ال ف اسه الؤخر أن يذر‬
‫مـن تقديـ مـا أخره ال ولو اجتمـع اللق على‬
‫تقديهـ‪ ،‬أو يؤخـر مـا قدمـه ولو اجتمعوا على‬
‫ـ ملك ل ل ل م‪ ،‬ودخول ال نة‬ ‫تأخيه‪ ،‬فإن الدني ا‬
‫بإذنه هو دون إذنم‪ ،‬وقد جعل ال النجاة ف‬
‫شر عه دون شرع هم ‪ .‬و من آثار ال سم أي ضا أن‬
‫يأخذ السلم بالرخصة ف التقدي والتأخي‪ ،‬ويتبع‬
‫السنة ف ذلك طالا صح فيه الدليل ‪.‬‬

‫ك‬
‫‪ 6 4‬ذ اللِي ُ‬
‫ت ون ٍر ف مق َع ِد‬
‫قال تعال‪ :‬إِن التقي ف جَنا ٍ‬
‫ك مقتدِر [القمر‪. ]5 5 :‬‬ ‫ق عن َد ملي ٍ‬
‫صِد ٍ‬
‫الليك سبحانه هو من اتصف باللكية واللك‬
‫معـا‪ ،‬ولعلو الطلق فـ ذلك‪ ،‬والفرق بيـ الالك‬
‫واللك والليك‪ ،‬أن الالك صاحب الِلك أو من له‬

‫ـــ ‪ 241‬ـــ‬
‫ملكيـة الشيـء‪ ،‬ول يلزم أن يكون اللك له‪ ،‬فقـد‬
‫ك على الالك وملكي ته فيح جر علي ها أو‬ ‫يؤ ثر الِل ُ‬
‫ك فهو أعم من‬ ‫ينازعه فيها أو يسلبها منه‪ ،‬أما الِل ُ‬
‫ِكـ‬
‫الالك لنـه غالب قاهـر فوق كـل مالك‪ ،‬فالل ُ‬
‫مهيمـن على اللك‪ ،‬وإن ل تكـن له اللكيـة إل‬
‫بضرب من الق هر وم نع الغ ي من الت صرف في ما‬
‫يلكون‪ ،‬والل يك هو من له كمال اللك ية واللك‬
‫معا مع دوامها أزل وأبدا ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الليـك مـا صـح مـن‬
‫حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن أ با ب كر ال صديق ‪ t‬قال‪:‬‬
‫صبَحت وإذا‬ ‫(يا رَسول ال مرنِي بشي ٍء أقوله إذا أ ْ‬
‫أمسـَيت‪ ،‬قال‪ :‬قل‪ :‬اللهـم عَال الغيـب والشّها َدةِ‪،‬‬
‫ت والر ضِ‪ ،‬رَب كُل شي ٍء ومليكه‬ ‫فا ِط َر ال سّماوا ِ‬
‫أشه ُد أن ل إِله ِإ ّل أنت أعُوذ بك من شر نف سِي‪،‬‬
‫صبَحت‬ ‫ومن شر الشيطَا ِن وشِركِه‪ ،‬قال‪ :‬قله إذا أ ْ‬

‫ـــ ‪ 242‬ـــ‬
‫ضجَعَك) ( )‪ ،‬و من‬
‫‪200‬‬
‫وإذا أم سَيت وإِذا أخذت م ْ‬
‫حد يث ا بن ع مر ‪ t‬أن ر سول ال كان يقول‬
‫إذا أخذ مضج عه‪( :‬الم ُد ل الذِي كفانِي وآوانِي‬
‫وأطعَمنِي وسَقانِي‪ ،‬والذِي من عَلي فأفضَل‪ ،‬والذِي‬
‫أعطَان ِي فأجزل‪ ،‬الم ُد ل عَلى كُل حالٍ‪ ،‬اللهـم‬
‫رَب كُل شي ٍء وملي كه وإِله كُل شيءٍ‪ ،‬أعُوذ بك‬
‫من النار) ( ) ‪.‬‬
‫‪201‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه الليـك‬


‫حر صه على كمال التوح يد والعبود ية‪ ،‬وخضوع‬
‫الع بد للي كه بالكل ية‪ ،‬فقل به يطمئن ب به‪ ،‬ول سانه‬
‫رطب بذكره‪ ،‬وبدنه يسعى لقربه‪ ،‬فالنفس مبتلة‬
‫بالكب والعجب والرياء‪ ،‬وحب الدح والعز والغن‬
‫والسـتعلء‪ ،‬ومبتلة بأخلق الشياطيـ والكـر‬

‫‪200‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )2 7 5 3‬‬


‫‪201‬صحيح أب داود ( ‪. )4 2 2 9‬‬
‫ـــ ‪ 243‬ـــ‬
‫والك يد وأو صاف ال سفهاء‪ ،‬ومبتلة بطبائع البدن‬
‫و حب ال كل والشرب والن ساء‪ ،‬و هي مع ذلك‬
‫كله مطال بة بأو صاف الطا عة م ثل الوف والذل‬
‫والفتقار‪ ،‬والتواضع والرجاء والنكسار‪ ،‬والذكر‬
‫والدعاء والستغفار‪ ،‬وأن لا ذلك إن ل يتداركها‬
‫الليك الذي خلقها وحركها‪ ،‬وهداها ودبر أمرها‬
‫ورزقها ووفقها إل ما يبه ويرضاه ‪.‬‬

‫‪ - 6 5‬القت ِد ُر‬
‫ورد مع اسه الليك‪ ،‬وقال تعال‪ :‬ولقد جَاء‬
‫آل فرعَون النذر كذبوا بآياتنا كُلها فأخذناهم أخذ‬
‫عَزي ٍز مقت ِد ٍر [القمر‪. ]4 2 :‬‬
‫والقتدر سبحانه هو الذي يقدر الشياء بعل مه‬
‫وينفذها بقدرته‪ ،‬فالقتدر اسم يمع دللة اسم ال‬
‫القادر والقدير معا‪ ،‬فالقادر هو الذي يقدر القادير‬

‫ـــ ‪ 244‬ـــ‬
‫ف علمه قبل وجودها وخلقها‪ ،‬والقدير هو الذي‬
‫يلق بقدر ته و فق سابق التقد ير‪ ،‬أ ما القتدر ف قد‬
‫ج ع ب ي العني ي ف كمال التقد ير والقدرة م عا‪،‬‬
‫ولذلك جع القرآن بي اسم ال الليك والقتدر ف‬
‫مو ضع وا حد لوحدة الدللة على ا سي ف كل‬
‫ت ون ٍر‬
‫منهما كما قال تعال‪ :‬إِن التقي ف جَنا ٍ‬
‫ك مقتدِر [الق مر‪5 5 :‬‬ ‫ق عن َد ملي ٍ‬
‫ف مق َع ِد صِد ٍ‬
‫]‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه القتدر ما صح ف‬
‫دعاء السـتخارة‪( :‬اللهـم إِنـأسـتخيك بعلمـك‬
‫وأستقدِرك بقدرَتك‪ ،‬وأسألك من فضْلك ال َعظِيم‪،‬‬
‫فإِنـك تقدِر و َل أقدِر وتعلم و َل أعلم وأنـت َعلّم‬
‫الغيوب) ( ) ‪.‬‬
‫‪202‬‬

‫‪202‬صحيح البخاري ( ‪. )1 1 0 9‬‬


‫ـــ ‪ 245‬ـــ‬
‫وما روى عن سعيد بن السيب أنه كان يدعو‬
‫به ويقول‪( :‬اللهم إنك مليك مقتدر وإن ما تشاء‬
‫من أمر يكون‪ ،‬قال سعيد‪ :‬فما سألت ال شيئا با‬
‫إل استجاب ل) ( ) ‪.‬‬
‫‪203‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه القتدر‬


‫ـع‬‫ـه على جيـ‬ ‫ـر ال وقدرتـ‬‫ـ تقديـ‬‫اعتقاده فـ‬
‫الوجودات‪ ،‬وإيانه بلقه وتدبيه لميع الكائنات‪،‬‬
‫وينه ال أن يكون فـ ملكـه شيـء ل يقدر‬
‫عليـه‪ ،‬فيثبـت التقديـر السـابق على اللق‪ ،‬وأن‬
‫العباد يعملون وفق ما قدره الق‪ ،‬وأن ال خلق‬
‫الدنيـا بأسـباب تؤدي إل نتائج وعلل تؤدي إل‬
‫معلولت‪ ،‬وأن السـبب والنتيجـة ملوقان براتـب‬
‫القدر وهاـبيـالتقديـر والقدرة‪ ،‬سـواء ارتبـط‬
‫العلول بعل ته أو انف صل عن عل ته‪ ،‬فأ هل اليق ي‬

‫‪203‬كتاب الدعاء لب عبد الرحن الضب ص ‪.2 4 2‬‬


‫ـــ ‪ 246‬ـــ‬
‫ينظرون إل السباب ويعلمون أن ال خالقها وهو‬
‫الذي يقلبها‪ ،‬وأنا ف ترابطها أو انفصالا صادرة‬
‫عن كمال الك مة ف ابتلء العباد‪ ،‬و من ث فإن‬
‫الو حد يعلق أفعاله على مشيئة ال وقدر ته‪ ،‬سواء‬
‫فـماضيـه أو حاضره ومسـتقبله‪ ،‬ول بـد له مـن‬
‫ـ بالنتائج بعـد يقينـه فـ‬
‫ال خذ بال سباب والرض ا‬
‫تقدير ال‪ ،‬فل يتغافل عن قدرته بدعوى النشغال‬
‫فـالنظـر إل حكمتـه‪ ،‬ول يتواكـل عـن الخـذ‬
‫بأسـباب معيشتـه بدعوى النشغال فـالنظـر إل‬
‫قدرته وهذا مقتضى التوحيد ف اسم ال القتدر ‪.‬‬

‫‪ - 6 6‬الس ّع ُر‬
‫صح من حد يث أ نس بن مالك ‪ t‬أن ال نب‬
‫ط الرازق‬‫ض البَا ِس ُ‬
‫قال‪( :‬إِن ال هو ال سَعر القاب ُ‬
‫س أح ٌد منكُم يطالبنِي‬‫وإن لرجُو أن ألقي ال ولي َ‬

‫ـــ ‪ 247‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪204‬‬
‫بظلم ٍة ف دَم ول مالٍ)‬
‫والسعر سبحانه هو الذي يزيد الشيء ويرفع‬
‫من قيمته‪ ،‬أو تأثيه ومكانته‪ ،‬فيقبض ويبسط وفق‬
‫مشيئته وحكمته‪ ،‬والتسعي وصف كمال ف حقه‪،‬‬
‫وهـو مـن صـفات فعله ومـن حكمـه وأمره ول‬
‫اعتراض لحد من خلقه عليه‪ ،‬فهو الذي يرخص‬
‫الشياء ويغلي ها و فق تديره الكو ن أو ما أ مر به‬
‫العباد ف تدبيه الشرعي ‪.‬‬
‫والسعر سبحانه هو الذي يسعر بعدله العذاب‬
‫على أعدائه‪ ،‬وهذا حقـه وتدبيه الكونـ‪ ،‬حيـث‬
‫أوجـد النار وزادهـا سـعيا على الكفار‪ ،‬ول‬
‫يعذب بالنار فــ الدنيــا إل رب النار وهذا‬
‫تدبيه الشرعي ‪.‬‬

‫‪204‬صحيح ابن ماجه ( ‪. )1 7 8 7‬‬


‫ـــ ‪ 248‬ـــ‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال السعر ما ثبت‬
‫من حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن رجل قال‪ ( :‬سَعر يا‬
‫َر سُول ال‪ ،‬قال‪ :‬إِنا يرف ُع ال ويف ضُ‪ ،‬إِن لرجُو‬
‫وليسـلح ٍد عندِي مظلمـة‪ ،‬قال‬‫َ‬ ‫أن ألقـى ال‬
‫آخر‪ :‬سَعر‪ ،‬فقال‪ :‬ادعُو ال ) ‪ ،‬اللهم أنت‬
‫)‬
‫‪205‬‬ ‫(‬

‫ال سعر القابـض الباسـط الرازق ‪ ,‬يسـر أسـعارنا‪،‬‬


‫ووسع أرزاقنا وأعنا على تدبي أحوالنا‪ ،‬وأن نتقيك‬
‫ف قوتنا وقوت أولدنا وما وليتنا‪ ،‬اللهم باعد بيننا‬
‫وبينا عذاب السعي ‪.‬‬
‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه السعر أن‬
‫يتقي ال ف معاملته لسيما إن كان من التجار فل‬
‫يستغل الناس ف زيادة السعار‪ ،‬أو يفي القوات‬
‫سـعيا للتفرد والحتكار‪ ،‬بـل يكون حريصـا على‬
‫نفعهـم‪ ،‬صـبورا على دَينهـم‪ ،‬مراعيـا لاجتهـم‬

‫‪205‬مسند المام أحد ( ‪. )8 8 3 9‬‬


‫ـــ ‪ 249‬ـــ‬
‫وفقر هم‪ ،‬سحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقت ضى‪،‬‬
‫يأ خذ بأ سباب الرزق ف تار ته وك سبه‪ ،‬ويرا قب‬
‫ال فـالتعا مل مع خل قه‪ ،‬توحيدا لربـه فـاسـه‬
‫السعر‪.‬‬
‫وقد صح من حديث أب سعيد الدري ‪ t‬أن‬
‫صدُوق الم ي م َع ال نبيّي‬‫ال نب قال‪( :‬التاجِر ال ّ‬
‫والصّديقِي والشهدَاءِ) ( ‪.‬‬
‫)‬
‫‪206‬‬

‫ض‬
‫‪ - 6 7‬القاِب ُ‬
‫تقدم الدليل عند ذكر اسم ال السعر‪( :‬إِن ال‬
‫ط الرازق) ‪.‬‬
‫ض البَا ِس ُ‬
‫هو السَعر القاب ُ‬
‫والقابضـسـبحانه هـو الذي يسـك الرزاق‬
‫ُ‬
‫ويقبضـ الرواح عنـد المات‬
‫ُ‬ ‫بلطفـه وحِكمتـه‪،‬‬

‫‪206‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )1 7 8 2‬‬


‫ـــ ‪ 250‬ـــ‬
‫بأمره وقدرتـه‪ ،‬وقبضـه تعال وإمسـاكه وصـف‬
‫حقيقـي ل نعلم كيفيتـه‪ ،‬نؤمـن بـه علي ظاهره‬
‫وحقيقته‪ ،‬كما أراد ال ورسوله ف سنته‪ ،‬فهو‬
‫القابـض كمـا يليـق بلله وعظمتـه‪ ،‬ل نثـل ول‬
‫ضيّق السباب على‬ ‫نكيف ول نعطل ول نرف‪ ،‬ي َ‬
‫قوم ابتلء وامتحا نا‪ ،‬ويو سّع على آخر ين اختبارا‬
‫وإمهال وافتتانا ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه القابض ما صح من‬
‫حديـث ابـن رفاعـة ‪ t‬أن النـب كان يدعـو‪:‬‬
‫ط لا قَبضْت‪،‬‬‫ض لا َب سَطت و َل بَا ِس َ‬
‫(اللهم ل قاب َ‬
‫و َل هادِي لاـأضْللت و َل مضـل لنـهدَيـت و َل‬
‫ب لا‬
‫معطِي لا منعت و َل ماِن َع لا أعطَيت‪ ،‬و َل مقر َ‬
‫بَاعَدت و َل مبَاع َد لا قربت‪ ،‬وأعوذ بك من شر ما‬
‫أعطَيتنا وشر ما منعت منا) ( )‪ ،‬ومن حديث‬
‫‪207‬‬

‫‪207‬أحد ف السند ( ‪. )1 5 8 9 1‬‬


‫ـــ ‪ 251‬ـــ‬
‫ا بن عباس ‪ t‬مرفو عا‪( :‬الل هم إِ ن أ سألك ف عل‬
‫َاتـ وح ُب السـَاكِيِ‪،‬‬
‫اليَاتـِ‪ ،‬وترك النكر ِ‬
‫وإِذا أرَدت بعبَادِك فتنـة فاقبضْن ِي إِليـك غيَ‬
‫مفتونٍ) ( ) ‪.‬‬
‫‪208‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه القابض أل‬


‫ي مد ملو قا ول يذ مه ل جل أ نه أعطاه أو من عه‪،‬‬
‫ليقينـه أن ال هـو العطـي الول قبـل إجراء‬
‫ال سباب على أيدي هم و هو القا بض البا سط‪ ،‬فلم‬
‫يشكر من كان سببا ف رزقه إل لن ال مدحهم‬
‫وأمره بشكرهم‪ ،‬وإن ذم الذين كانوا سببا ف منع‬
‫رزقه أو مقتهم فلجل مالفتهم ل وموافقتهم لوى‬
‫أنفسهم‪ ،‬فال مدح النفقي وذم المسكي‪ ،‬وقد‬
‫وكل ال ملكي ينلن من السماء‪ ،‬أحدها يدعو‬
‫لكل منفق‪ ،‬والخر يدعو على كل مسك‪ ،‬فحسن‬

‫‪208‬صحيح الامع ( ‪. )5 9‬‬


‫ـــ ‪ 252‬ـــ‬
‫التوكـل على ال مـن آثار اليان بتوحيده فـ‬
‫اسه القابض‪ ،‬وكل ما يناله العبد من الي والعطاء‬
‫فهو رزقه الكتوب ف سابق القضاء‪ ،‬وما ناله فيه‬
‫مـن الحكام سـيصله فـوقتـه بالتمام‪ ،‬والكتوب‬
‫أزل لن يكون لغيه من اللق أبدا و من ث ي صب‬
‫عنـد البلء ويشكـر عنـد الرخاء وتلك حقيقـة‬
‫البتلء الت لا خلق النسان ‪.‬‬

‫ط‬
‫‪ - 6 8‬البا ِس ُ‬
‫تقدم الدليل عند ذكر اسم ال السعر‪( :‬إِن ال‬
‫ط الرازق) ‪.‬‬
‫ض البَا ِس ُ‬
‫هو السَعر القاب ُ‬
‫والباسِط سبحانه هو الذي يبسُط الرزق لعباده‬
‫بُوده ورحتـه‪ ،‬ويوسـعه عليهـم ببالغ كرمـه‬
‫وحكمته‪ ،‬فيبتليهم بذلك على ما تقتضيه مشيئته‪،‬‬
‫فإن شاء وسع‪ ،‬وإن شاء قتر فهو القابض الباسط‪،‬‬

‫ـــ ‪ 253‬ـــ‬
‫والباسط سبحانه هو الذي يبسط يده بالتوبة لن‬
‫أسـاء‪ ،‬وهـو الذي يلي لمـفيترددوا بيـالوف‬
‫والرجاء ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسه الباسط ما ثبت من‬
‫دعاء ال نب ‪( :‬الل هم اب سُط عَلي نا من َبرَكا تك‬
‫ورَحتك وفضْلك ورزقِك‪ ،‬اللهم إن أسألك النعيم‬
‫الِق يم الذِي ل يول و َل يزُول‪ ،‬الل هم ِإ ن أ سألك‬
‫النعيـم يوم العَيل ِة والمـن يوم الوف‪ ،‬اللهـم إِنـ‬
‫عَائِذ بك من شر ما أعطَيتنا وشر ما منعت‪ ،‬اللهم‬
‫حبب إِلينا الِيان وزيّنه ف قلوبنا وكره إِلينا الكُف َر‬
‫والف سُوق والع صْيان واجعَلنا من الرا ِشدِين‪ ،‬اللهم‬
‫توف نا م سلمي وأحِي نا م سلمي وألِق نا بال صّالِي‬
‫غ َي خزايا و َل مفتوِن ي‪ ،‬الل هم قاتل الكف َرَة الذِين‬
‫يكذّبون ر سُلك وي صُدون عَن سَبيلك‪ ،‬واجعَل‬
‫عَلي هم رَجزك وعَذابَك‪ ،‬الل هم قاتل الكف َرَة الذِين‬

‫ـــ ‪ 254‬ـــ‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)2 0 9‬‬
‫ب إِله الق)‬
‫أوتوا الكِتا َ‬
‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه البا سط‬
‫انبسـاط القلب وانشراحـه بتوحيـد ال فيسـعد‬
‫الوحد بطاعته لربه‪ ،‬ويأمل ف رحته وقربه‪ ،‬فال‬
‫يقبض القلوب بإعراضها ويبسطها لليان بإقبالا‪،‬‬
‫فيقلب للعبـد نوازع اليـفـقلبـه‪ ،‬وقرينـه مـن‬
‫اللئكة يهتف له بأمر ربه‪ ،‬حت يصبح قلبه على‬
‫أبيـض مثـل الصـفا ل تضره فتنـة مـا دامـت‬
‫السـماوات والرض‪ ،‬وهذا هـو البسـط القيقـي‬
‫والتوفيق اللي ف بلوغ العبد درجة اليان‪ ،‬فيجد‬
‫البسـوط نورا يضيـء له النان واللسـان وسـائر‬
‫الركان ‪.‬‬
‫ومن آثار السم اعتقاد الوحد أن الطاعة سبب‬

‫‪209‬صحيح الدب الفرد ( ‪. )6 9 9‬‬


‫ـــ ‪ 255‬ـــ‬
‫ف ب سط الرزق‪ ،‬وأن ب سطه ابتلء من ال للع بد‪،‬‬
‫فينب غي أن يش كر ع ند ب سطه‪ ،‬وأن ي صب ع ند‬
‫قبضه ‪.‬‬

‫‪ - 6 9‬الرّازق‬
‫تقدم الدليل عند ذكر اسم ال السعر‪( :‬إِن ال‬
‫ط الرازق) ‪.‬‬
‫ض البَا ِس ُ‬
‫هو السَعر القاب ُ‬
‫والرازق ســبحانه هــو الذي يرزق اللئق‬
‫أجعي‪ ،‬وهو الذي قدر أرزاقهم قبل خلق العالي‪،‬‬
‫و هو الذي تك فل با ستكمالا ولو ب عد ح ي‪ ،‬فلن‬
‫توت نفـس إل باسـتكمال رزقهـا كمـا أخبنـا‬
‫الصادق المي ‪( :‬أيها الناس اتقوا ال وأجلوا ف‬
‫الطلب فإِن نفسًا لن توت حت تستو َف رزقها وإِن‬
‫أبطَأ عَن ها‪ ،‬فاتقوا ال وأجلوا ف الطلب خُذوا ما‬

‫ـــ ‪ 256‬ـــ‬
‫حل و َدعُوا ما حرم) ( )‪ ،‬فالرازق اسم يدل على‬
‫‪210‬‬

‫و صف الرزق العام والشا مل للخلئق ف التقد ير‬


‫الزل والتقدير اليثاقي‪ ،‬حيث قدر سبحانه وتعال‬
‫أمور خلقهم ورزقهم معا قبل وجودهم‪ ،‬وكتب‬
‫أرزاق هم ف الدن يا والخرة ق بل إنشائ هم‪ ،‬فالرزق‬
‫وصــف عام يتعلق بعموم اللق فــ عال اللك‬
‫واللكوت‪ ،‬أو رزق الدن يا ورزق الخرة‪ ،‬ح ت إن‬
‫مـا يتناوله العبـد مـن الرام هـو داخـل فـهذا‬
‫الرزق‪ ،‬فالكفار قد يرزقون بأ سباب مر مة‪ ،‬و قد‬
‫يرزقون رزقا حسنا‪ ،‬وقد ل يرزقون إل بتكلف ‌‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الرازق ما ثبت‬
‫من حد يث أ نس ‪ t‬أن ر سول ال قال‪َ ( :‬م ْن‬
‫أ َك َل َطعَام ًا ثـ قال‪ :‬الَم ُد ل الذِي أط َعمَن ِي هذا‬
‫الطعَا َم َورَزقنِيه ِم ْن غي حَول مِن َو َل قو ٍة غ ِف َر له مَا‬

‫‪210‬صحيح الامع ( ‪.‌ )2 7 4 2‬‬


‫ـــ ‪ 257‬ـــ‬
‫س ثوبًا فَقال ا َل ْم ُد ل الذي‬‫تقَد َم ِم ْن ذنْبه‪َ ،‬و َم ْن َلِب َ‬
‫ب َورَزقنِيه ِم ْن غي حَو ٍل مِن َو َل‬ ‫كسان هذا الث ْو َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪211‬‬‫(‬
‫قو ٍة غ ِف َر لَه مَا تقد َم مِن ذْنبِه)‬
‫و صح من حد يث ا بن عباس ‪ t‬أن ال نب‬
‫قال‪( :‬لو أن أحدَهـم إِذا أرَا َد أن يأتِـي أهله قال‪:‬‬
‫باسم ال‪ ،‬اللهم جَنبنا الشيطَان وجَنب الشيطَان ما‬
‫رَزقت نا‪ ،‬فِإ نه إن يقدر بَينه ما ول ٌد ف ذلك‪ ،‬ل يضُره‬
‫شيطَا ٌن أَبدًا) ( ) ‪.‬‬
‫‪212‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الرازق إفراد‬


‫ال بتقدير الرزاق والنع والعطاء والتوكل عليه ف‬
‫الشدة والرخاء‪ ،‬اعتقادا منه أنه ل خالق إل ال ول‬
‫مدبر للكون سواه‪ ،‬وأن الذي يرزق بأسباب قادر‬

‫‪211‬صحيح الترمذي (‪. )2751‬‬


‫‪212‬صحيح البخاري ( ‪. )6 0 2 5‬‬
‫ـــ ‪ 258‬ـــ‬
‫على أن يرزق مـن غيـأسـباب طالاـأنـه الالق‬
‫الرازق الدبر‪ ،‬فل يس للع بد سبيل ف طلب الرزق‬
‫ب عد ال خذ بال سباب إل تقوى ال ‪ ،‬ويقي نه أن‬
‫اللك من فوق عرشه كفيل بأمره ورزقه فيتو كل‬
‫عليه وينقطع إليه‪ ،‬ل يطمع ف سواه‪ ،‬ول يرجو إل‬
‫إياه‪ ،‬ول يش هد ف العطاء إل مشيئ ته ول يرى ف‬
‫النع إل حكمته‪ ،‬ول يعاين ف القبض والبسط إل‬
‫قدرته‪ ،‬عند ذلك يقق توحيد ال ف اسه الرازق ‪.‬‬

‫‪ - 7 0‬القَا ِه ُر‬
‫قال تعال‪ :‬وهـو القاهـر فوق عبَادِه وهـو‬
‫الكِيم البي [النعام‪. ]1 8 :‬‬
‫والقاهر سبحانه هو الغالب على جيع اللئق‬
‫على العنـالعام‪ ،‬الذي يعلو فـقهره وقوتـه‪ ،‬فل‬
‫غالب له ول منازع‪ ،‬بـل كـل شيـء تتـقهره‬

‫ـــ ‪ 259‬ـــ‬
‫وسلطانه‪ ،‬ويستحيل أن يكون للعال إل إله واحد‪،‬‬
‫لن ال قاهر فوق عباده له علو القهر والغلبة‪ ،‬فلو‬
‫فرضنا وجود إلي اثني متلفي ومتضادين وأراد‬
‫أحدها شيئا خالفه الخر‪ ،‬فل بد عند التنازع من‬
‫غالب وخا سر‪ ،‬فالذي ل تن فذ إراد ته هو الغلوب‬
‫العاجـز والذي نفذت إرادتـه هـو القاهـر القادر‪،‬‬
‫وهو سبحانه الذي قهر كل شيء وخضع للله‬
‫كل شيء‪ ،‬وذل لعظمته وكبيائه كل شيء‪ ،‬وعل‬
‫على عرشه فوق كل شيء ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال القاهر ما صح‬
‫من حديث السن أنه قال‪( :‬عَلمنِي َرسُول ال‬
‫ت ال ِو تر‪ :‬الل هم اه ِد ن‬
‫ت أقول ن ف قنو ِ‬ ‫كلما ٍ‬
‫فيمن هدَيت‪ ،‬وعَافنِي فيمن عَافيت‪ ،‬وتولنِي فيمن‬
‫ـ‬
‫ـ أعطَيـت‪ ،‬وقِنِي شـر م ا‬ ‫توليـت‪ ،‬وبَارك ْـل فيم ا‬
‫قض يت‪ِ ،‬إ نك تق ضي و َل يق ضى عَل يك‪ ،‬وِإ نه ل‬

‫ـــ ‪ 260‬ـــ‬
‫يذِل من واليت و َل يع ّز من عَادَيت‪ ،‬تبَارَكت رَبنا‬
‫وتعَاليت) ( ) ‪.‬‬
‫‪213‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه القاهـر‬


‫خضوعه الكامل ل توحيدا له ف اسه القاهر‪،‬‬
‫وال ستعلء على العداء بعزة ال سلم ث قة ويقي نا‬
‫ف ربه القاهر‪ ،‬وقد صح من حديث عقبة بن عامر‬
‫‪ t‬أن رسول ال قال‪( :‬ل تزال ع صَابَة من أمتِي‬
‫يقاتِلون عَلى أمر ال قاهرين ل َعدُوهم ل يضُرهم من‬
‫)‬
‫‪214‬‬ ‫(‬
‫خالفهم حت تْأتِيهم السّاعَة وهم عَلى ذلك)‬
‫‪.‬‬
‫وال وعد الؤمني بالعلو والنصرة والتمكي‬
‫والغلبـة‪ ،‬ورتـب ذلك على توحيـد العبـد لربـه‬

‫‪213‬مشكاة الصابيح ( ‪. )1 2 7 3‬‬


‫‪214‬صحيح مسلم ( ‪. )1 9 2 4‬‬
‫ـــ ‪ 261‬ـــ‬
‫والتجائه إل يه‪ ،‬ث صدق التو كل عل يه‪ ،‬ث ال خذ‬
‫بأ سباب القوة ما ا ستطاع إل ذلك سبيل؛ فإتقان‬
‫الخذ بأسباب القوة من علمات التوحيد‪ ،‬لن ال‬
‫قادر على أن يق هر الظال ي بأمره الكو ن لك نه‬
‫جعـل العباد مبتليـبتدبيه الشرعـي‪ ،‬لتظهـر آثار‬
‫أ سائه في هم‪ ،‬فل بد للموحد ين أن ي ستعينوا بال‬
‫القاهـر أول ثـيتقنوا الخـذ بأسـباب القوة عنـد‬
‫اللقاء لينت صروا على العداء‪ ،‬وذلك يش مل كل‬
‫ما هو ف مقدور الب شر من العدة واللة والقوة‬
‫واليلة‪ ،‬وتقديـ الخلص والصـدقة ورد الظال‬
‫وصلة الر حم‪ ،‬ودعاء ملص‪ ،‬وأ مر بعروف ونى‬
‫عـن منكـر‪ ،‬وأمثال ذلك مـن السـباب الوجبـة‬
‫للنصر ‪.‬‬

‫‪ - 7 1‬الديّا ُن‬

‫ـــ ‪ 262‬ـــ‬
‫صح من حديث جابر بن عبد ال ‪ t‬أن النب‬
‫ت يسمعُه‬ ‫قال ‪( :‬يشر ال العبَا َد فينادِيهم ب صَو ٍ‬
‫ـ‬
‫ـ اللكـُ‪ ،‬أن ا‬
‫ـ يسـمعُه مـن قربـَ‪ ،‬أن ا‬ ‫مـن َبُع َد كم ا‬
‫الديان) ( ) ‪.‬‬
‫‪215‬‬

‫والديان سـبحانه هـو الذي دانـت له الليفـة‬


‫وعنت له الوجوه وذلت لعظمته البابرة‪ ،‬وخضع‬
‫لعز ته كل عز يز‪ ،‬ملك قا هر على عرش ال سماء‬
‫مهيمن‪ ،‬لعزته تعنوا الوجوه وتسجد‪ ،‬يرضى على‬
‫من يستحق الرضا ويثيبه ويكرمه ويدنيه‪ ،‬ويغضب‬
‫على من يستحق الغضب ويعاقبه ويهينه ويقصيه‪،‬‬
‫فيعذب من يشاء وير حم من يشاء‪ ،‬ويع طي من‬
‫يشاء‪ ،‬وينع من يشاء‪ ،‬ويقرب من يشاء‪ ،‬ويقصي‬
‫من يشاء‪ ،‬فهـو الديان الذي يديـن العباد أجعيـ‪،‬‬
‫ك تب أعمال م ف هي حاضرة ول يغادر صغية ول‬

‫‪215‬ظلل النة ف تريج السنة ( ‪. )5 1 4‬‬


‫ـــ ‪ 263‬ـــ‬
‫كبية إل أظهرها لم ف الخرة ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الديان ما ورد‬
‫فـ قوله تعال‪ُ :‬ه َو اليـ ل إِله إِل هـو فادعُوه‬
‫مل صِي له الد ين الم ُد ل رَب العَال ي [غا فر‪:‬‬
‫‪ ،]6 5‬و من حد يث عائ شة ر ضي ال عن ها أن ا‬
‫قالت‪( :‬قلت يـا رَسـُول ال ابـن جُدعَان كان فـ‬
‫الَاهلي ِة ي صِل الرحِم ويط عم ال سكِي‪ ،‬ف هل ذاك‬
‫نافعُه ؟ قال‪ :‬ل ينفعُه‪ ،‬إِنه ل يقل يوما رَب اغفر ل‬
‫خطِيَئتِي يوم الدينِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪216‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الديان أن‬


‫ياسـب نفسـه على كسـبه اسـتعدادا للقاء ربـه‪،‬‬
‫وأعلى أنواع الوازنـة أن يوازن بيـ مقدار مـا‬
‫يكتسـبه مـن اليـبيـث ل تشتبـه عليـه الفتنـة‬

‫‪216‬صحيح مسلم ( ‪. )2 1 4‬‬


‫ـــ ‪ 264‬ـــ‬
‫بالنع مة‪ ،‬فين ظر إل ما أن عم ال به عل يه من خ ي‪،‬‬
‫صحة كان أو فرا غا أو عل ما أو طا عة أو مال أو‬
‫سؤددا أو غي ذلك ما يعد كمال له ف الدنيا‪ ،‬فإن‬
‫وجـد ذلك ماـيقربـه إل ال شكره على نعمتـه‪،‬‬
‫وسـعى بالزيـد فـتوحيده وعبوديتـه‪ ،‬وإن وجـد‬
‫تقصيا وبعدا التجأ إل ال أن ينجيه واستغاث‬
‫به من عذابه وفتنته ‪.‬‬
‫ومـن دعاء العبادة أن الوحـد ياسـب الناس‬
‫على ما ظ هر من هم‪ ،‬وي كل بواطن هم للح سيب‬
‫الديان‪ ،‬وأن ييسـر عـن العسـرين‪ ،‬ويتجاوز عـن‬
‫الفقراء والساكي ‪.‬‬

‫‪ - 7 2‬الشا ِك ُر‬
‫ـ خيا فإِن ال‬
‫ـن تطَوع َ‬
‫قال ال تعال‪ :‬ومـ‬
‫شا ِك ٌر عَليم [البقرة‪. ]1 5 8 :‬‬

‫ـــ ‪ 265‬ـــ‬
‫والشاكـر سـبحانه يازي العباد على أعمالمـ‬
‫ويضاعف لم من أجورهم‪ ،‬فيقابل شكرهم بزيادة‬
‫النعم ف الدنيا وواسع الغفرة ف الخرة ‪.‬‬
‫وال شا كر ير ضى بأعمال العباد وإن قلت‬
‫تكريا لم ودعوة للمزيد‪ ،‬مع أنه سبحانه قد بي‬
‫ما ل م من و عد أو وع يد‪ ،‬لك نه شا كر يتف ضل‬
‫بضاعفة الجر‪ ،‬ويقبل التوبة ويحو ما يشاء من‬
‫ـ وعـن شكرنـا‪ ،‬ل يفت قر إل‬ ‫الوزر‪ ،‬وال غنـعن ا‬
‫طاعتنا أو شيء من أعمالنا‪ ،‬لكنه يدح من أطاعه‬
‫ويث ن عل يه ويثي به ليعود الن فع علي نا فيش كر على‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الشاكر ما‬
‫صح من حديث أب هريرة ‪ t‬أن رسول ال‬
‫قال‪( :‬أتِبون أن تتهدُوا فــ الدعَاءِ‪ ،‬قولوا‪:‬‬
‫ـا عَلى شكْرك وذِكْرك وحُس ـنِ‬ ‫ـم أعنـ‬‫اللهـ‬
‫ـــ ‪ 266‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪217‬‬
‫عبَادَتك)‬
‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الشا كر‬
‫شكره على نع مه ال سابغة‪ ،‬وش كر الناس على ما‬
‫أجرى ال على أيديهم من السباب‪ ،‬فقد صح من‬
‫حد يث أ ب هريرة ‪ t‬أن ال نب قال‪( :‬ل يشكُر‬
‫ال من ل يشكُر النا سَ) ( )‪ ،‬وثبت من حديث‬
‫‪218‬‬

‫ثوبان ‪ t‬أن بعض أصحاب النب سألوه‪( :‬لو علمنا‬


‫أي الال خيـفنتخذه ؟ فقال‪ :‬أفضله لسـَا ٌن ذا ِك ٌر‬
‫)‬
‫‪219‬‬ ‫(‬
‫ب شا ِكرٌ‪ ،‬وزوجَة مؤمنة تعينه عَلى إِيانه)‬
‫وقل ٌ‬
‫‪.‬‬

‫‪ - 7 3‬النا ُن‬

‫‪217‬صحيح الامع ( ‪. )8 1‬‬


‫‪218‬السابق ( ‪. )7 7 1 9‬‬
‫‪219‬صحيح الترغيب ( ‪. )1 9 1 3‬‬
‫ـــ ‪ 267‬ـــ‬
‫صح من حديث أنس ‪ t‬أنه كان معَ رَسُول‬
‫ال جَال سًا و َرجُلٌ ي صَلي ث َدعَا‪( :‬اللهم إِن‬
‫ـت النان‬ ‫ـألك بأن لك المدَ ل إِله إل أنـ‬ ‫أسـ‬
‫ـ يـا ذا الَلَل‬ ‫ت والرض ِ‬ ‫ـ السـّماوا ِ‬ ‫بَدِيع ُ‬
‫والِكْرَام يا حي يا قيوم‪ ،‬فقال ال نب ‪ :‬ل قد‬
‫َدعَا ال باسه العَظِيم الذِي إِذا دُعي به أجَا بَ‪،‬‬
‫وإِذا سُئِل به أعطَى) ( ) ‪.‬‬
‫‪220‬‬

‫والنان سـبحانه هـو العظيـم البات الوافـر‬


‫العطا يا‪ ،‬الذي ين عم غ َي فا ِخ ٍر بالِنعام‪ ،‬والذي يبدأ‬
‫بالنوال ق بل ال سؤال‪ ،‬و هو الع طي ابتداء وانتهاء‪،‬‬
‫فلله ال نة على عباده‪ ،‬ول منـة لحـد عليـه‪ ،‬فهـو‬
‫الح سن إل الع بد والن عم عل يه‪ ،‬ول يطلب الزاء‬
‫ـ‬
‫فـإحسـانه إليـه‪ ،‬بـل أوجـب بفضله لعباده حق ا‬
‫عليه‪ ،‬م نة منه وتكر ما إن هم وحدوه ف العبادة‪،‬‬

‫‪220‬صحيح أب داود ( ‪. )1 3 2 5‬‬


‫ـــ ‪ 268‬ـــ‬
‫ول يشركوا به شيئا ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال النان ما ورد ف حديث‬
‫أ نس ال سابق‪ ،‬أ ما آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه‬
‫النان أن يود بنفسه وماله ف سبيل دينه وإخوانه‬
‫رغبـة فـالقرب مـن ربـه النان‪ ،‬وقـد صـح مـن‬
‫س‬
‫حد يث ا بن عباس ‪ t‬أن ال نب قال‪ِ( :‬إ نه لي َ‬
‫س أح ٌد أمن عَلي ف نفسِه وماله من أب َبكْر‬‫من النا ِ‬
‫س خليل‬ ‫ب ِن أ ب قحافةَ‪ ،‬ولو ُك نت متخذًا من النا ِ‬
‫لَتذت أبَا َب ْك ٍر خليل ولكِن خُلة الِسلَم أفضل)‬
‫( )‪.‬‬
‫‪221‬‬

‫‪ - 7 4‬القا ِد ُر‬
‫الدل يل على السم قوله تعال‪ :‬فقدَر نا فِن عم‬
‫القادِرون [الرسلت‪. ]2 3 :‬‬
‫‪221‬صحيح البخاري ( ‪. )4 5 5‬‬
‫ـــ ‪ 269‬ـــ‬
‫والقادر سـبحانه هـو الذي يقدر القاديـر فـ‬
‫علمه‪ ،‬وعلمه الرتبة الول من قضائه وقدره‪ ،‬فال‬
‫قدر كل ش يء ق بل ت صنيعة وتكوي نه‪ ،‬ون ظم‬
‫أمور اللق قبل إياده وإمداده‪ ،‬ث كتب ف اللوح‬
‫هذه العلومات ودوناـ بالقلم فـكلمات‪ ،‬وكـل‬
‫ملوق مهما عظم شأنه أو قل حجمه كتب ال ما‬
‫يصه ف اللوح الحفوظ‪ ،‬ث يشاء بكمته وقدرته‬
‫أن يكون المـر واقعـا على مـا سـبق فـتقديره‪،‬‬
‫ـر والقدرة‪،‬‬ ‫ولذلك فإن القدر مبن ـ على التقديـ‬
‫فبداي ته ف التقد ير و هو علم ح ساب القاد ير‪ ،‬أو‬
‫العلم الا مع التام لساب النظام العام الذي ي سي‬
‫عليه الكون من بدايته إل نايته‪ ،‬ونايته ف القدرة‪،‬‬
‫فالقادر هو الذي قدر القادير قبل اللق والتصوير‪،‬‬
‫واسم ال القادر دللته تتوجه إل الرتبة الول من‬
‫مراتب القدر‪ ،‬وهي العلم والتقدير وإمكانية تقيق‬
‫القدر ‪.‬‬
‫ـــ ‪ 270‬ـــ‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال القادر مـا صـح مـن‬
‫حديـث جابر ‪ t‬أنـه قال‪( :‬لاـنزلت‪ :‬قـل هـو‬
‫القادِر عَلى أن يبعَث عَليكُم عَذابا من فوِقكُم ‪،‬‬
‫قال َرسُول ال ‪( :‬أعُوذ بوجهك‪ ،‬قال‪ :‬أو من‬
‫تتـأرجُلكُم ‪ ،‬قال ‪ :‬أعُوذ بوجهـك أو‬ ‫ِ‬
‫س َب عض ‪ ،‬قال‬‫ضكُم َبْأ َ‬
‫سكُم شِي عا وي ِذ يق بَع َ‬‫يلب َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪222‬‬
‫َرسُول ال ‪ :‬هذا أهون أو هذا أيسَر)‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه القادر إيانه‬
‫بعلم ال السـابق وتقديره الشياء‪ ،‬وأن ذلك سـر‬
‫ال ف خلقة ل يعلمه ملك مقرب ول نب مرسل‪،‬‬
‫وأن هذا العلم هـو علم مفاتـح الغيـب وتقديـر‬
‫المور‪ ،‬فإذا كان هذا اعتقاد الوحد ف اسه القادر‬
‫ركن إل ربه واعتمد عليه‪ ،‬ول يش أحدا سواه‪،‬‬
‫ومـن آمـن بالقادر ل يأت عرافـا ول منجمـا ول‬

‫‪222‬صحيح البخاري ( ‪. )4 3 5 2‬‬


‫ـــ ‪ 271‬ـــ‬
‫ساحرا ول كاهنا ول مدعيا لعرفة الغيب لن علم‬
‫التقد ير سر ب يد القادر وحده‪ ،‬ل يطلع عل يه ملك‬
‫مقرب ول نـب مرسـل‪ ،‬ول ينبغـي للموحـد أن‬
‫يعارض العلم السـابق والتقديـر التمـي بالتواكـل‬
‫والستناد للمذهب البي ‪.‬‬

‫ق‬
‫‪ - 7 5‬ال ّل ُ‬
‫ت‬
‫أوليسـ الذِي خلق السـّماوا ِ‬
‫َ‬ ‫قال تعال‪:‬‬
‫ـ بقادِر عَلى أن يلق مثلهـم بَلى وهـو‬
‫والرض َ‬
‫اللق العَليم [يس‪. ]8 1 :‬‬
‫الفرق بيـالالق واللق أن الالق هـو الذي‬
‫ينشـئ الشيـء مـن العدم بتقديـر وعلم ثـبشيئة‬
‫وت صنيع وخلق عن قدرة وغ ن‪ ،‬أ ما اللق ف هو‬
‫الذي يبدع ف خلقه كما وكيفا حيث شاء‪ ،‬فيعيد‬
‫ما خلق ويكرره ك ما كان‪ ،‬بل يلق خل قا جديدا‬

‫ـــ ‪ 272‬ـــ‬
‫أحسـن ماـكان ‪ .‬واللق أيضـا هـو الذي يقدر‬
‫الخلق وينوعهـا فـتقسـيمها بيـالعباد‪ ،‬فهـو‬
‫القدر للخلق والخلق‪ ،‬العليــم بأهــل الوفاق‬
‫والنفاق ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال اللق ما أثر من دعاء‬
‫جابر بن ع بد ال ‪( :t‬الل هم إ نك خلق عظ يم‪،‬‬
‫إنـك سـيع عليـم‪ ،‬إنـك غفور رحيـم‪ ،‬إنـك رب‬
‫العرش العظ يم‪ ،‬إ نك الب الواد الكر ي‪ ،‬اغ فر ل‬
‫وارحن وعافن وارزقن واجبن وارفعن واهدن‬
‫ول تضلنـ وأدخلنـ النـة برحتـك يـا أرحـم‬
‫الراحي) ( ) ‪.‬‬
‫‪223‬‬

‫ومـن حديـث علي ‪ t‬أن النـب دعـا فـ‬


‫سجوده فقال‪( :‬اللهم لك َسجَدت‪ ،‬وبك آمنت‪،‬‬

‫‪223‬الفردوس بأثور الطاب ‪. )1 8 0 0 ( 1 / 4 4 1‬‬


‫ـــ ‪ 273‬ـــ‬
‫ج َد وجهي للذِي شق‬
‫ولك أسلمت أنت رَب‪َ ،‬س َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪224‬‬
‫صرَه‪ ،‬تبَارَك ال أحسَن الالقِي)‬
‫سَمعَه وَب َ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه اللق إيانه‬
‫بكمال علم ال وحكمتـه‪ ،‬وأنـه الذي يبدع فـ‬
‫خلقه كما وكيفا بكمال قدرته‪ ،‬وأن ال ل يعجزه‬
‫ش يء ف مل كه‪ ،‬و هو سبحانه غالب على أمره‪،‬‬
‫خلق الدنيـا بأسـباب تؤدي إل نتائج وعلل تؤدي‬
‫إل معلولت‪ ،‬السـبب والنتيجـة ملوقان بعلم ال‬
‫ومشيئته وتقديره وقدرته سواء ارتبط العلول بعلته‬
‫أو انف صل عن عل ته أو ارت بط ال سبب بنتيج ته أو‬
‫انف صل عن نتيج ته‪ ،‬كل ذلك ل يؤ ثر ف قدرة‬
‫اللق ول يدـ مـن الكمال والطلق‪ ،‬ولكـن‬
‫ترابـط العلل والسـباب أو انفصـالا ظاهـر عـن‬
‫كمال العدل والكمة‪ ،‬فالدن يا دار ابتلء وامتحان‬

‫‪224‬صحيح الكلم الطيب ( ‪. )8 7‬‬


‫ـــ ‪ 274‬ـــ‬
‫ول بد أن يتازها النسان‪ ،‬وهو فيها بي نازعي‬
‫نفسيي وندين معروضي بي إرادته ومي فيهما‬
‫بيـجنـة ونار‪ ،‬كـل ذلك ليؤول الناس إل سـابق‬
‫التقدير‪ ،‬وما دون ف الكتاب من تقرير الصي فل‬
‫تغي ف ول تبديل ‪.‬‬

‫ك‬
‫‪ - 7 6‬الاِل ُ‬
‫صح من حديث عن أب هريرة ‪ t‬أن النب‬
‫قال‪( :‬إِن أخنـع اسـم عن َد ال َر ُج ٌل تسـَم ٰى ملك‬
‫الم َل ِك ل مالك إل ال ) ( ) ‪.‬‬
‫‪225‬‬

‫الالك سـبحانه هـو الذي يلك الشياء كلهـا‬


‫وي صَرفها على إرادته ل يتنع عليه منها شيء هو‬
‫التصرف ف اللك والقادر عليه‪ ،‬مُلكه عن أصالة‬
‫واستحقاك لنه الالق الي القيوم الوارث للعباد‬
‫‪225‬صحيح مسلم ( ‪. )2 1 4 3‬‬
‫ـــ ‪ 275‬ـــ‬
‫جيعا‪ ،‬فاستحقاق اللك سببه أمران‪:‬‬
‫الول‪ :‬صـناعة الشيـء وإنشائه واختراعـه بل‬
‫مع ي‪ ،‬فملوك الدن يا ل ي كن لحد هم أن يؤ سس‬
‫ملكه بهده منفردا‪ ،‬فل بد له من ظهي أو معي‪،‬‬
‫سواء من أهله وقرابته‪ ،‬أو حزبه وجاعته‪ ،‬أو قبيلته‬
‫وعشيته‪ ،‬أما الالك فهو التفرد باللكية حقيقة‪،‬‬
‫فل أحـد سـاعده فـإنشاء اللق أو عاونـه على‬
‫استقرار اللك أو يسك السماء معه أن تقع على‬
‫الرض ‪.‬‬
‫الثانـ‪ :‬دوام الياة ل نه يوجـب انتقال اللكيـة‬
‫وثبوت التملك‪ ،‬ومعلوم أن كـل مـن عليهـا فان‪،‬‬
‫وأن الياة و صف ذات ل والحياء و صف فعله‪،‬‬
‫فاللك بالضرورة سيئول إل خال قه ومال كه‪ ،‬و من‬
‫ث فإن اللك ل ف البتدأ عند إنشاء اللق فلم يكن‬
‫أحد سواه‪ ،‬واللك ل ف النتهى عند زوال الرض‬
‫ـــ ‪ 276‬ـــ‬
‫لنه لن يبق من اللوك سواه ‪.‬‬
‫و من الدعاء بال سم قوله تعال‪ :‬قل اللهـم‬
‫ع اللك من‬
‫ك تؤتِي اللك من تشا ُء وتن ُ‬ ‫مالك الل ِ‬
‫تشا ُء وتعـز مـن تشا ُء وتذِل مـن تشا ُء بيدِك اليـ‬
‫إِنك عَلى كُل شي ٍء قدِي ٌر [آل عمران‪.]2 6 :‬‬
‫وثبت من حديث أنس ‪ t‬أن رسول ال قال‬
‫لعاذ ‪( :t‬أل أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك‬
‫م ثل ج بل أ حد دي نا لداه ال ع نك‪ ،‬قل يا معاذ‪:‬‬
‫اللهـم مالك اللك تؤتـ اللك مـن تشاء وتنع‬
‫اللك منـتشاء وتعـز مـن تشاء وتذل مـن تشاء‬
‫بيدك الي إنك على كل شيء قدير‪ ،‬رحن الدنيا‬
‫والخرة ورحيمهمـا‪ ،‬تعطيهمـا مـن تشاء وتنـع‬
‫منهما من تشاء‪ ،‬ارحن رحة تغنين با عن رحة‬

‫ـــ ‪ 277‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪226‬‬
‫من سواك)‬
‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه الالك‬
‫اعتقاده أنـه عبـد فـملك سـيده مسـتخلف فـ‬
‫أرضـه‪ ،‬أميـعلى ملكـه‪ ،‬قـد ابتله فيمـا أعطاه‬
‫وامتح نه وخوله ا سترعاه‪ ،‬أيرد اللك إل الالك أم‬
‫ين سب لنف سه أو صاف الالق؟ فيت كب على العباد‬
‫بنعم ال‪ ،‬ويتعال عليهم با منحه وأعطاه‪ ،‬فالوحد‬
‫الصادق يتحرى ف قوله وفعله توحيد ال ف اسه‬
‫الالك‪ ،‬ل يتو كل إل عل يه ول يل جأ إل إل يه ليقي نه‬
‫أن أمور الرزق بيديه‪ ،‬وأن البتدا منه والنتهى إليه‪،‬‬
‫وهو إل الالك الوحد أذل من كل ذليل وأقل من‬
‫كل قل يل ول يل يق به إل التوا ضع والضوع ف‬
‫حال منعه أو عطائه ‪.‬‬

‫‪226‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )1 8 2 1‬‬


‫ـــ ‪ 278‬ـــ‬
‫‪ - 7 7‬الرّزاق‬
‫قال تعال‪ :‬إِن الَـ هُوَ الرّزاق ذو القوةِ‬
‫التِي [الذاريات‪. ]5 8 :‬‬
‫والرزاق سـبحانه هـو صـاحب العطاء التجدد‬
‫الذي يأخذه صاحبه ف كل تقدير يومي أو سنوي‬
‫أو عمري‪ ،‬فينال مـا قسـم له فـ التقديـر الزل‬
‫واليثا قي‪ ،‬والرزاق سبحانه هو الذي يتول تنف يذ‬
‫القدر فـ عطاء الرزق القسـوم بقتضـى اسـه‬
‫الرازق‪ ،‬والذي يرجـه فـالسـماوات والرض‪،‬‬
‫فإخراجه ف السماوات يعن أنه مقضي مكتوب‪،‬‬
‫وإخراجه ف الرض يعن أنه سينفذ ل مالة‪ ،‬فال‬
‫يتوله لظـة بلحظـة تنفيذا للمقسـوم فـ سـابق‬
‫التقديـر‪ ،‬فالرزاق كثيـالنفاق مفيـض بالرزاق‬
‫رز قا ب عد رزق مبال غة ف الرزاق‪ ،‬أل ترى أن ال‬

‫ـــ ‪ 279‬ـــ‬
‫ـ يُرزق مـن بعـض فـ‬ ‫رتـب أرزاق اللئق بعضه ا‬
‫سلسلة متوالية‪ ،‬رتبها ف خلقه‪ ،‬وأتقنها ف ملكه‪،‬‬
‫فتبارك من جعل رزق اللئق عليه‪ ،‬ضمن رزقهم‬
‫وسيؤديه لم كما وعد ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الرزاق ما صح‬
‫من حديث أب هريرة ‪ t‬أن النب قال‪( :‬ل يقل‬
‫أحدُكُم الل هم اغ فر ل إِن ِشئْت ارحنِي إِن ِشئْت‪،‬‬
‫ارزُقنِي إِن ِشئْت‪ ،‬وليعزم مسـألته إِنـه يفعـل مـا‬
‫يشاءُ‪ ،‬ل مكْره له) ( )‪ ،‬وث بت عن ع مر ‪ t‬أ نه‬
‫‪227‬‬

‫قال‪( :‬اللهم ارزُقنِي شهادَة ف سَبيلك واجعَل موتِي‬


‫ف بَل ِد َرسُولك ) ( ) ‪.‬‬
‫‪228‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الرزاق ثقته‬

‫‪227‬صحيح البخاري ( ‪. )7 0 3 9‬‬


‫‪228‬السابق ( ‪. )1 7 9 1‬‬
‫ـــ ‪ 280‬ـــ‬
‫ويقي نه أن الرزق سيصله كأ مر متوم وأن ال سعي‬
‫ف السباب إنا هو وقوع الحكام على الحكوم‪،‬‬
‫والذي وحـد ال حقـا ل بـد أن يتقلب فـإيانـه‬
‫بالسم بي حكمة ال وشريعته ومشيئته وقدرته‪،‬‬
‫فل ي سقط الشرائع والحكام ويتغا ضى ف سعيه‬
‫عن تي يز اللل من الرام‪ ،‬لحتجا جه بشيئة ال‬
‫وقدرته وأن اللئق مسيون على جب إرادته‪ ،‬ول‬
‫يعل السباب حاكمة تضر وتنفع بفردها فيشرك‬
‫ف توح يد ال‪ ،‬لن ال قد ير والقدرة صفته‪ ،‬و هو‬
‫الذي أعطى ومنع وض ّر ونفع وخلق وفعل وجعل‬
‫ل شريك له ف أسائه ول ظهي له ف أحكامه ‪.‬‬

‫‪ - 7 8‬الوَكي ُل‬
‫س قد‬
‫س إِن النا َ‬
‫قال تعال‪ :‬الذِين قال لم النا ُ‬
‫جَمعُوا لكُم فاخشوهم فزادَهم إِيانا وقالوا حسبنا‬

‫ـــ ‪ 281‬ـــ‬
‫ال ونِعم الوكِيل [آل عمران‪. ]1 7 3 :‬‬
‫والوكِيل سبحانه هو الذي توكل بالعالي خلقا‬
‫وتدبيا‪ ،‬وهدا ية وتقديرا‪ ،‬ف هو التو كل بل قه إياد‬
‫وإمدادا‪ ،‬وهـو الكف يل بأرزاق عباده وم صالهم‪،‬‬
‫وهو سبحانه وكيل الؤمني الذين ركنوا إل حوله‬
‫وقوته‪ ،‬وخرجوا من حولم وطولم وآمنوا بكمال‬
‫قدرتــه‪ ،‬وأيقنوا أنــه ل حول ول قوة إل بال‪،‬‬
‫وفوضوا إليه المر قبل سعيهم‪ ،‬واستعانوا به حال‬
‫كسبهم‪ ،‬وحدوه بالشكر بعد توفيقه لم ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سم ال الوك يل ما ورد ف قوله‬
‫تعال‪ :‬عَلى ال توكلنا رَبنا افتح بَيننا وبَي قومنا‬
‫ح ي [العراف‪،]8 9 :‬‬ ‫بال ق وأ نت خ ي الفاِت ِ‬
‫وقوله‪ :‬إِن توكلت عَلى ال رَب ورَبكُم ما من‬
‫ط‬
‫صـرَا ٍ‬
‫دَاب ٍة إِل هـو آخِذ بناصـِيتها إِن رَبـعَلى ِ‬
‫مستقيم [هود‪. ]5 6 :‬‬
‫ـــ ‪ 282‬ـــ‬
‫وث بت من حد يث أ ب بكرة ‪ t‬أن ر سول ال‬
‫قال‪َ ( :‬دعَوات الكْروب‪ :‬اللهـم رَحتـك أرجُو‬
‫ف َل تكلنِي إِل نف سِي طَرف َة عَيٍ وأ صْلح ل شأْنِي‬
‫كُله ل إِله إل أنت) ( )‪.‬‬
‫‪229‬‬

‫و صح من حد يث أ نس ‪ t‬أن ر سول ال‬


‫قال لفاطمة‪( :‬ما ينعك أن تسمعي ما أوصيك به‬
‫أن تقول إذا أصبحت وإذا أمسيت‪ :‬يا حي يا قيوم‬
‫برحتك أستغيث وأصلح ل شأن كله‪ ،‬ول تكلن‬
‫إل نفسي طرفة عي أبدا) ( ) ‪.‬‬
‫‪230‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الوكيل يقينه‬


‫أن ال قد ض من له الرزق فل يتوا كل عن طل به‪،‬‬
‫بل يأخذ بأسبابه ترزا من الطمع وفساد القلب‪،‬‬

‫‪229‬صحيح الامع ( ‪. )3 3 8 8‬‬


‫‪230‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )2 2 7‬‬
‫ـــ ‪ 283‬ـــ‬
‫ول يض يع حق الزو جة والولد بر غم أن أرزاق هم‬
‫ـبيل‬
‫ـل ذلك تارك للسـ‬ ‫على ال ‪ ،‬والذي يفعـ‬
‫والسـنة؛ فدرجات التوكـل ومراحله يبـ على‬
‫الوحد أل يقلل من شأنا ول يأخذ بواحدة ويدع‬
‫الخرى‪ ،‬أولاـ توجـه القلب إل ال على الدوام‬
‫لعلمـه أنـه على كـل شيـء قديـر‪ ،‬وأن ال سباب‬
‫كاللة ب يد ال صانع ي سيها ويدبر ها‪ ،‬ويو فق من‬
‫أخذ با أو يذله ‪.‬‬
‫والثانيـة توجـه الوارح إل السـباب لن ال‬
‫أثبـت آثارهـا لعانـ الكمـة وتصـريفه الشياء‬
‫وتقليب ها على سبيل البتلء‪ ،‬وإيقاع الحكام على‬
‫الحكوم وعود الزاء على الظال والظلوم بالعقاب‬
‫أو الثواب‪ ،‬وذلك ليكون التوكـل قائمـا بأحكام‬
‫الشرع‪ ،‬ملتزما بقتضى العطاء والنع ‪.‬‬
‫والثالثة تسليم التوكل ورضاه عن النتائج الت‬
‫ـــ ‪ 284‬ـــ‬
‫قدرت له؛ فالســتسلم لقضاء ال وقدره يكون‬
‫ـ وإل كان‬‫بعـد الخـذ بالسـباب‪ ،‬ول يأتـقبله ا‬
‫تواكل مرفو ضا‪ ،‬والع بد وقت ها يكون على ح سن‬
‫اليقيـوجيـل الصـب وحقيقـة الرضـا‪ ،‬فتسـكن‬
‫القلوب عنـد النوازل والبلء‪ ،‬وتطمئن النفوس إل‬
‫حكمـة البتلء‪ ،‬لعتقادهـم أن ال هـو الوكيـل‬
‫الذي يدبر اللئق كيفما يشاء ‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ - 7 9‬الرّقي ُ‬
‫دليـل السـم قوله تعال‪ :‬وكان ال عَلى‬
‫ك ُل شي ٍء رقِيبـا [الحزاب‪ ،]5 2 :‬فال‬
‫من فوق عر شه رق يب على خل قه‪ ،‬له الكمال‬
‫الطلق فـ إحاطتـه بلكـه‪ ،‬فإن أضفـت إل‬
‫الطلق اجتماع معانـ العلو كان ذلك مـن‬
‫جال الكمال ف السم والصفة ‪.‬‬

‫ـــ ‪ 285‬ـــ‬
‫والرق يب سبحانه هو الطلع على خل قه يعلم‬
‫كل صغية وكبية ف ملكه‪ ،‬ل يفى عليه شيء ف‬
‫الرض ول ف ال سماء‪ ،‬ومراق بة ال لل قه مراق بة‬
‫عن ا ستعلء وفوق ية‪ ،‬وقدرة و صمدية‪ ،‬ل تتحرك‬
‫ذرة إل بإذنه‪ ،‬ول تسقط ورقة إل بعلمه‪ ،‬ملك له‬
‫اللك كله‪ ،‬وله المـد كله‪ ،‬أزمـة المور كلهـا‬
‫بيد يه‪ ،‬وم صدرها م نه ومرد ها إل يه‪ ،‬م ستو على‬
‫عرشه ل تفى عليه خافية‪ ،‬عال با ف نفوس عباده‪،‬‬
‫مطلع على السر والعلنية‪ ،‬يسمع ويرى‪ ،‬ويعطي‬
‫وينـع ويثيـب ويعاقـب‪ ،‬ويكرم ويهيـ‪ ،‬ويلق‬
‫ويرزق وييت وييي‪ ،‬ويقدر ويقضي‪ ،‬ويدبر أمور‬
‫ملكته‪ ،‬فمراقبته للقه مراقبة حفظ دائمة وهيمنة‬
‫كاملة‪ ،‬وعلم وإحاطة ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب السم ما صح ف دعاء‬
‫ال سفر من حد يث ا بن ع مر ‪ t‬أن ر سول ال‬

‫ـــ ‪ 286‬ـــ‬
‫كان إذا ا ستوى على بعيه خار جا إل سفر كب‬
‫ثلثا ث قال‪( :‬سُبحان الذي سَخر لنا هذا وما كنا‬
‫له مقرني وإنا إل ربنا لنقلبون اللهم إنا نسْألك ف‬
‫ـ ترضـى‬‫سـفرنا هذا الب والتقوى ومـن العمـل م ا‬
‫اللهم هون عَلينا سفرنا هذا واطو عَنا بعده اللهم‬
‫ب ف السفر والليفة ف الهل اللهم‬ ‫أنت الصاح ُ‬
‫إن أعُوذ بك من وعثاء السفر وكآبة النظر وسُوء‬
‫النقلب فـالال والهـل‪ ،‬وإذا رجـع قالنـوزاد‬
‫فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) ( ) ‪.‬‬
‫‪231‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الرق يب‬


‫مراقبتـه لربـه فيعبده كأنـه يراه‪ ،‬مافظـا على‬
‫حدوده وشرعه‪ ،‬واتباعه لسنة نبيه فيوقن بأن‬
‫ال معـه مـن فوق عرشـه يتابعـه‪ ،‬يراه ويسـمع‪،‬‬
‫فيتقـي بإيانـه إل درجـة الحسـان‪ ،‬والحسـن‬

‫‪231‬صحيح مسلم ( ‪. )1 3 4 2‬‬


‫ـــ ‪ 287‬ـــ‬
‫أعلى درجـة من الؤمـن وال سلم‪ ،‬وجاع مع ن‬
‫الراقبـة دوام اللحظـة والتوجـه إل ال ظاهرا‬
‫وباطنـا‪ ،‬فياقـب ال تعال ويسـأله أن يرعاه فـ‬
‫مراقبتـه‪ ،‬لن ال قـد خـص الخلصـي بأل‬
‫يكلهم ف جيع أحوالم إل أحد سواه ‪.‬‬

‫س ُن‬
‫حِ‬
‫‪ - 8 0‬ال ْ‬
‫صح من حد يث شداد بن أوس ‪t‬أن ر سول‬
‫ال قال‪( :‬إ ّن ال مسْن يُحب الحسَان‪ ،‬فإذا‬
‫قتلتم فأح سِنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذبتم فأح سِنوا الذب حَ)‬
‫( )‪.‬‬
‫‪232‬‬

‫والحسن سبحانه هو الذي له كمال السن ف‬


‫أسائه وصفاته وأفعاله‪ ،‬فل شيء أكمل من ال ول‬
‫أجل من ال‪ ،‬و كل كمال وجال ف الخلوق من‬
‫‪232‬صحيح الامع ( ‪. )1 8 2 4‬‬
‫ـــ ‪ 288‬ـــ‬
‫آثار صنعته‪ ،‬ل يصي أحد من خلقه ثنا ًء عليه‪ ،‬بل‬
‫هو كما أثن على نفسه‪ ،‬ليس ف أفعاله عبث‪ ،‬ول‬
‫فـ أوامره سـفه‪ ،‬بـل أفعاله كلهـا ل ترج عـن‬
‫ال صلحة والك مة والعدل والف ضل والرح ة‪ ،‬إن‬
‫أع طى فبفضله ورح ته‪ ،‬وإن م نع أو عا قب فبعدله‬
‫وحكم ته‪ ،‬و هو الذي أح سن كل ش يء خل قه‪،‬‬
‫فأتقن صنعه‪ ،‬وأبدع كونه وهداه لغايته‪ ،‬وأحسن‬
‫إل خل قه بعموم نع مه وشول كر مه و سعة رز قه‬
‫على الرغـم مـن مالفـة أكثرهـم لمره ونيـه‪،‬‬
‫وأحسـن إل الؤمن ي فوعدهـم ال سن وعامل هم‬
‫بفضله‪ ،‬وأحسـن إل مـن أسـاء فأمهله ثـحاسـبه‬
‫بعدله ‪.‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ا سم ال الح سن ما‬
‫صح من حد يث جابر ‪ t‬أ نه قال‪( :‬كان ال نب‬
‫سكِي‬
‫ص َلتِي ون ُ‬
‫إِذا استفتح الصّلة ك َب ث قال‪ :‬إِن َ‬

‫ـــ ‪ 289‬ـــ‬
‫ومياي وماتِي ل رَب العَالي ل شر يك له وبذلك‬
‫س ِن‬
‫أمرت وأ نا من ال سلمي‪ ،‬الل هم اه ِد ن لح َ‬
‫س ِن الخ َل قِ‪ ،‬ل يهدِي لح سَنها إل‬ ‫العمال وأح َ‬
‫ق ل يقِي‬‫أ نت‪ ،‬وقِنِي َسّي َئ العمال و َسّي َئ الخ َل ِ‬
‫َسيّئها إل أنت) ( ) ‪.‬‬
‫‪233‬‬

‫ومن حديث عائشة رضي ال عنها أن رسول‬


‫ال كان يقول‪( :‬اللهم أح سَنت خَلقِي فأح سِن‬
‫خُلقِي) ( ) ‪.‬‬
‫‪234‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الح سن‬


‫يقينه بأن ال غن كري عزيز رحيم مسن إل‬
‫عباده مع غناه عنهم‪ ،‬شرع لعبده منهجا فيه كل‬
‫خ ي ور فع ع نه كل شر‪ ،‬ول يس ف ذلك جلب‬

‫‪233‬مشكاة الصابيح ( ‪. )8 2 0‬‬


‫‪234‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )2 6 5 7‬‬
‫ـــ ‪ 290‬ـــ‬
‫منف عة إل ال من الع بد‪ ،‬بل رح ة م نه وإح سانا‬
‫وتفضل وامتنانا‪ ،‬فهو سبحانه ل يلق خلقه ليتكثر‬
‫بم من قلة‪ ،‬ول ليعتز بم من ذلة‪ ،‬ول ليزقوه أو‬
‫ينفعوه أو يدفعوا ع نه‪ ،‬و هو ل يوال من يوال يه‬
‫ق الخلوق‪ ،‬وإن ا يوال‬
‫من الذل ك ما يوال الخلو ُ‬
‫أولياءه إحسانا ورحة ومبة لم‪ ،‬أما أثر السم على‬
‫سلوك الع بد ف هو بلو غه در جة الح سان‪ ،‬و هي‬
‫اتقان الطاعة بالراقبة فيعبد ال كأنه يراه‪ ،‬ويسن‬
‫تعامله مع اللق‪ ،‬بداية من رد السلم إل آخر ما‬
‫جاء بـه السـلم‪ ،‬وأفضـل العمال التـتتطلب‬
‫الخلص والتقان أداء الصـلة والحسـان إل‬
‫اليتيم‪ ،‬ومن الحسان عدم كفران العشي‪ ،‬وقلما‬
‫يكون ف النسوان ‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ - 8 1‬ا َلسُي ُ‬

‫ـــ ‪ 291‬ـــ‬
‫قال تعال‪ :‬وإِذا حُيّيتـــم بتحِيةٍ فحيوا‬
‫بأحسـَن من ها أو ردوهـا إِن ال كان عَلى كُل‬
‫شيءٍ حسِيبا [النساء‪. ]8 6 :‬‬
‫والسيب سبحانه هو العليم الكاف الذي قدر‬
‫أرزاق اللئق قبـل خلقهـم‪ ،‬ووعـد باسـتكمال‬
‫العباد لرزاق هم على مقت ضى حكم ته ف ترت يب‬
‫السباب‪ ،‬فضمن أل تنفد خزائنه من النفاق‪ ،‬وأن‬
‫كل سـينال نصـيبه مـن الرزاق‪ ،‬فهـو السـيب‬
‫الرزاق‪ ،‬و هو القد ير اللق‪ ،‬و هو سبحانه أي ضا‬
‫السـيب الذي يكفـي عباده إذا التجئوا إليـه أو‬
‫اسـتعانوا بـه واعتمدوا عليـه‪ ،‬وهـو الذي يصـي‬
‫أعداد الخلوقات وهيئاتاـ ومـا ييزهـا‪ ،‬ويضبـط‬
‫مقاديرها وخصائصها‪ ،‬ويصي أعمال الكلفي ف‬
‫متلف الدواوين‪ ،‬يصي أرزاقهم وأسبابم وأفعالم‬
‫ومآلمـ فـحال وجودهـم وبعـد موتمـوعنـد‬

‫ـــ ‪ 292‬ـــ‬
‫ح سابم يوم يقوم الشهاد ف هو الجازي للخلي قة‬
‫عند قدومها بسناتا وسيئاتا ‪.‬‬
‫والسيب أيضا هو الكري العظيم الجيد الذي‬
‫له علو الشأن ومعان الكمال‪ ،‬وله ف ذاته وصفاته‬
‫مطلق المال واللل ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال السيب قوله‬
‫س قد جَمعُوا‬ ‫س ِإنّ النا َ‬
‫تعال‪ :‬الذِين قال لُم النا ُ‬
‫سبُنا ال وِن ْع َم‬
‫لكُم فاخشوهم فزادَهم إِيانا وقالوا ح ْ‬
‫ال َوكِيل [آل عمران‪. ]1 7 3 :‬‬
‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه ال سيب‬
‫شعوره بعز العبودية وشرفها‪ ،‬وأنه بدونا ل قيمة‬
‫لسبه ونسبه‪ ،‬فالكمال اللئق بالنسان هو تكميل‬
‫العبود ية ل عل ما وعمل ظاهرا وباط نا‪ ،‬وأن ي قف‬
‫العبـد مـع نفسـه على الدوام لحاسـبتها‪ ،‬فيميـز‬

‫ـــ ‪ 293‬ـــ‬
‫حركاتا وسكناتا‪ ،‬فإن كان خاطر النفس عند الم‬
‫يقتضـي نيـة أو عقدا أو عزمـا أو فعل أو سـعيا‬
‫خالصـا ل أمضاه وسـارع فـ تنفيذه‪ ،‬وإن كان‬
‫لعاجـل دنيـا أو عارض هوى أو لوـأو غفلة نفاه‬
‫وسارع ف نفيه وتقييده‪ ،‬فالحاسبة هي القايسة بي‬
‫الي والشر بيزان الشرع والحكام وتيز اللل‬
‫والرام‪ ،‬واتقاء الشبهات ما استطاع ‪.‬‬

‫‪ - 8 2‬الشافِي‬
‫صح عن عَائِش َة ر ضي ال عن ها أن َر سُول ال‬
‫كان إِذا أتـمريضًا أو أتِي بـه قال‪( :‬أذهـب‬
‫س رَب الناسِ‪ ،‬اشف وأنت الشاف‪ ،‬ل شِفا َء إل‬ ‫البَا َ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪235‬‬‫(‬
‫شِفاؤُك‪ ،‬شِفا ًء ل يغادِر سَقما)‬
‫والشاف سبحانه هو الذي يرفع البأس والعلل‪،‬‬
‫‪235‬صحيح البخاري ( ‪. )5 3 5 1‬‬
‫ـــ ‪ 294‬ـــ‬
‫ويش في العل يل بالسباب والمل‪ ،‬ف قد يبأ الداء‬
‫مع انعدام الدواء‪ ،‬وقد يشفي الداء بلزوم الدواء‪،‬‬
‫ويرتب عليه أسباب الشفاء وكلها باعتبار قدرة‬
‫ال سواء‪ ،‬فهو الشاف الذي خلق أسباب الشفاء‪،‬‬
‫ورتب النتائج على أسبابا والعلولت على عللها‪،‬‬
‫فيشفـي باـ وبغيهـا‪ ،‬لن حصـول الشفاء عنده‬
‫يكمه قضاؤه وقدره‪ ،‬فالسباب سواء ترابط فيها‬
‫العلول بعلتـه أو انفصـل عنهـا هـي مـن خلق ال‬
‫وتقديره‪ ،‬ومشيئته وتدبيه‪ ،‬والخذ با لزم علينا‬
‫من قبل الكيم سبحانه لظهار الكمة ف الشرائع‬
‫والحكام وتييــز اللل مــن الرام‪ ،‬وظهور‬
‫التوحيد وحقائق السلم ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الشافـمـا صـح مـن‬
‫حديث عائشة رضي ال عنها أنا قالت‪( :‬كان إِذا‬
‫اشتكـى رَسـُول ال رَقاه جِبيـل‪ ،‬قال‪ :‬باسـم ال‬

‫ـــ ‪ 295‬ـــ‬
‫يبيك‪ ،‬ومن كُل دَا ٍء يشفيك‪ ،‬ومن شر حا ِس ٍد إِذا‬
‫س َد وشر كُل ذي َعيٍ) ( )‪ ،‬ومن حديث ابن‬
‫‪236‬‬
‫حَ‬
‫عباس أن النـب قال‪( :‬مـن عَا َد مريضًـا ل‬
‫يضُر أجله فقال عندَه سَب َع مرَارٍ‪ :‬أسأل ال ال َعظِيم‬
‫َرشـال َعظِيـم أن يشفيـك إل عَافاه ال مـن‬ ‫رَب الع ِ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬
‫‪237‬‬ ‫(‬
‫ذلك ال َرضِ)‬
‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه الشافـ‬
‫اعتقاده أن ال هــو الشافــ الذي يشفــي‬
‫بال سباب أو بدون ا لكـن يأخـذ ب ا لن ال علق‬
‫عليها الشرائع والحكام‪ ،‬وأعظم أثر للسم على‬
‫الع بد ف ر فع البلء وتام الشفاء أن ي صن نف سه‬
‫ـل اليان‬‫ـبيه ‪ ،‬وأن يعـ‬ ‫ـنة نـ‬
‫بكتاب ال وسـ‬
‫والعبود ية وقاء له من كل داء‪ ،‬فالو حي ف يه من‬

‫‪236‬صحيح مسلم ( ‪. )2 1 8 5‬‬


‫‪237‬صحيح الامع ( ‪. )5 7 6 6‬‬
‫ـــ ‪ 296‬ـــ‬
‫الدو ية ال ت تش في من المراض ما ل يه تد إلي ها‬
‫عقول أكابر الطباء‪ ،‬ول تصـل إليهـا علومهـم‬
‫وتاربم وأقيستهم من الدوية القلبية والروحانية‬
‫ـه‬‫ـل عليـ‬ ‫وقوة القلب واعتماده على ال والتوكـ‬
‫واللتجاء إليـه‪ ،‬والنكسـار بيـيديـه والتذلل له‬
‫وال صدقة والدعاء والتو بة وال ستغفار والح سان‬
‫إل اللق وإغاثة اللهوف والتفريج عن الكروب‪،‬‬
‫فإن هذه الدوية قد جربتها المم فوجدوا لا من‬
‫التأثي ف الشفاء ما ل يصل إليه علم أعلم الطباء‬
‫ول تربتـه ول قياسـه‪ ،‬فالقلب متـاتصـل برب‬
‫العاليــ وخالق الداء والدواء ومدبر الطبيعــة‬
‫ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غي‬
‫الدوية الت يعانيها القلب البعيد منه العرض عنه ‪.‬‬

‫‪ - 8 3‬ال ّرفِيق‬

‫ـــ ‪ 297‬ـــ‬
‫صح من حد يث عائ شة ر ضي ال عن ها أن‬
‫ب الرفق وَيعطِي‬
‫َرسُول ال قال‪ِ( :‬إ ّن ال رَفيق ي ُ‬
‫عَلي الر فق مَا ل يعطِي عَلى ال ُع نف و ما ل يعطِي‬
‫عَلي ما سِواه) ( ) ‪.‬‬
‫‪238‬‬

‫والرف يق سبحانه هو اللط يف بعباده القر يب‬


‫من هم‪ ،‬يغ فر ذنوب م وي ستر عيوب م‪ ،‬و هو الذي‬
‫تكفل بم من غي عوض أو حاجة‪ ،‬يسر أسبابم‬
‫وقدر أرزاقهم وهداهم لا يصلحهم فنعمته عليهم‬
‫سابغة‪ ،‬وحكمته فيهم بالغة‪ ،‬يب عباده الوحدين‬
‫ويتق بل صال أعمال م‪ ،‬ويقرب م وين صرهم على‬
‫عدوهم‪ ،‬ويعاملهم بعطف ورحة وإحسان‪ ،‬ويدعو‬
‫من خال فه إل التف كر والتذ كر والتو بة واليان‪،‬‬
‫فهو الرفيق الحسن ف خفاء وستر‪ ،‬وال رفيق‬
‫يتا بع عباده ف حركاتم و سكناتم‪ ،‬ويتولهم ف‬

‫‪238‬صحيح مسلم ( ‪. )2 5 9 3‬‬


‫ـــ ‪ 298‬ـــ‬
‫حلهم وترحالم بعية عامة وخاصة‪ ،‬وهو الرفيق‬
‫الذي ي مع عباده الوحد ين ف ال نة مع الرف يق‬
‫العلى ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الرفيق ما صح‬
‫من حديث عائشة رضي ال عنها أن رسول ال‬
‫د عا فقال‪( :‬الل هم من ول من أ مر أم ت شيئًا‬
‫فشق عَليهم فاشقق عَليه‪ ،‬ومن ول من أمر أمت‬
‫شيئًا فرَفق بم فارفق به) ( ) ‪.‬‬
‫‪239‬‬

‫ـر ل‬
‫ـم اغفـ‬‫ـب ‪( :‬اللهـ‬ ‫وكذلك دعاء النـ‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫‪240‬‬
‫وارحنِي وألِقنِي بالرفي ِق العلى)‬
‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل فـال سم رفقـه‬
‫بإخوانه‪ ،‬فيحب للعاصي التوبة والغفرة وللمطيع‬

‫‪239‬صحيح مسلم ( ‪. )1 8 2 8‬‬


‫‪240‬صحيح البخاري ( ‪. )4 1 7 6‬‬
‫ـــ ‪ 299‬ـــ‬
‫الثبات وحسن النلة‪ ،‬ويكون ودودا لعباد ال ؛‬
‫فيعفو عمن أساء إليه‪ ،‬ويلي مع البعيد كما يلي‬
‫مـع أقرب الناس إليـه‪ ،‬كمـا أن الرفـق فـسـائر‬
‫المور ثرة ل يضاهيها إل حسن اللق‪ ،‬والحمود‬
‫ف العبد أن يكون وسطا بي العنف واللي كما ف‬
‫سائر الخلق‪ ،‬و من أعظم الرفق وتوح يد ال ف‬
‫اسه الرفيق مودة الرجل لزوجته ورفقه با وكذلك‬
‫مودة الرأة لزوجها ‪.‬‬

‫‪ - 8 4‬ال ْعطِي‬
‫صح من حد يث معاو ية ‪ t‬أن ر سول ال‬
‫قال‪ ( :‬من ير ِد ال به خيًا يفق هه ف الدي نِ‪ ،‬وال‬
‫ال ْعطِي وأنا القاسِم) ( ) ‪.‬‬
‫‪241‬‬

‫والع طي سبحانه هو الذي أع طى كل ش يء‬


‫‪241‬صحيح البخاري ( ‪. )2 9 4 8‬‬
‫ـــ ‪ 300‬ـــ‬
‫خلقه وتول أمره ورزقه ف الدنيا والخرة‪ ،‬وعطاء‬
‫ال قد يكون عا ما أو خا صا‪ ،‬فالعطاء العام يكون‬
‫للخلئق أجعيـ‪ ،‬والعطاء الاص يكون للنـبياء‬
‫والرسلي وصال الؤمني‪ ،‬والعطاء العام هو تكي‬
‫الع بد من الف عل ومن حه القدرة والستطاعة‪ ،‬كل‬
‫على حسب رزقه أو قضاء ال وقدره‪ ،‬ومن العطاء‬
‫الاص استجابة الدعاء ونصرة النبياء والصالي‬
‫الولياء ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال العطي ما‬
‫صح من حديث أب سعيد ‪ t‬أن رسول ال‬
‫كان إِذا رفع رأسه من الركوع قال‪( :‬رَبنا لك‬
‫المدُ مل َء السـّماواتِ والرضـِ‪ ،‬وملءَ مـا‬
‫شِئْت مـن شيءٍ بَعدُ‪ ،‬أ هل الثناءِ والجدِ‪ ،‬أحـق‬
‫ما قال العَبدُ وكُلنا لك عَبدٌ‪ ،‬اللهم ل مانِ عَ ل ا‬
‫أعطَيت ولَ معطِي ل ا من عت ولَ ينف عُ ذا الَد‬

‫ـــ ‪ 301‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪242‬‬
‫منك الَد)‬
‫وكان رسـول ال إِذا فرغ مـن طعامـه‬
‫قال‪( :‬اللهـم أطعَمـت وأسـْقيْت‪ ،‬وأغنيـت‬
‫وأقن يت‪ ،‬وهدَ يت واجتبَيْت‪ ،‬فلك الم ُد عَلى‬
‫ما أعطَيت) ( ) ‪.‬‬
‫‪243‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه العطي تعلق‬


‫القلب بالتو حد ف عطائه‪ ،‬والتع فف عن سؤال‬
‫غيه أو دعائه‪ ،‬كمـا أن السـلم ينبغـي أن يكون‬
‫معطاء ول ي شى الف قر‪ ،‬و قد صح من حد يث‬
‫مالك بن نضلة ‪ t‬أن ر سول ال قال‪( :‬اليدِي‬
‫ث َل ثة‪ :‬في ُد ال العُل يا‪ ،‬وي ُد العطِى ال ت تلي ها‪ ،‬وي ُد‬
‫فأعطـالفض ْل و َل تعجـز عَن‬
‫ِ‬ ‫السـئِل السـّفلى؛‬
‫ّا‬

‫‪242‬صحيح مسلم ( ‪. )4 7 1‬‬


‫‪243‬صحيح الامع ( ‪. )4 7 6 8‬‬
‫ـــ ‪ 302‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪244‬‬
‫نفسِك)‬

‫‪ - 8 5‬القيتُ‬
‫ورد السـم فـ قوله تعال‪ :‬وكان ال عَلى‬
‫كُل شي ٍء مقِيتا [النساء‪ ،]8 5 :‬فال مقيت‬
‫من فوق عر شه له الكمال الطلق ف إقا تة خل قه‬
‫ورزق هم‪ ،‬فإذا أض يف إل الطلق اجتماع معا ن‬
‫العلو كان ذلك مـن جال الكمال فـ السـم‬
‫والصفة ‪.‬‬
‫والقيـت سـبحانه هـو الذي خلق القوات‬
‫وتكفـل بإيصـالا إل اللق‪ ،‬وهـو حفيـظ عليهـا‬
‫فيعطـي كـل ملوق قوتـه ورزقـه على مـا حدده‬
‫سـبحانه مـن زمان أو مكان أو كـم أو كيـف‬
‫وبقتضـى الشيئة والكمـة‪ ،‬فرب ا يعطـي الخلوق‬
‫‪244‬السابق ( ‪. )2 7 9 4‬‬
‫ـــ ‪ 303‬ـــ‬
‫قوتا يكفيه لمد طويل أو قصي كيوم أو شهر أو‬
‫سنة‪ ،‬وربا يبتليه فل يصل عليه إل بشقة وكلفة‪،‬‬
‫وال خلق القوات على متلف النواع‬
‫واللوان‪ ،‬ويسر أسباب نفعها للنسان واليوان‪،‬‬
‫وكما أنه سبحانه القيت الذي يوف كامل الرزق‪،‬‬
‫فإ نه أي ضا مق يت القلوب بالعر فة واليان‪ ،‬و هو‬
‫الافظ لعمال العباد بل نقصان ول نسيان ‪.‬‬
‫ـ‬
‫ومـن الدعاء باـيناسـب اسـم ال القيـت م ا‬
‫صح من حد يث أ ب هريرة أن ر سول ال‬
‫قال‪( :‬اللهـم ارزُق آل مم ٍد قوتـا) ( )‪ ،‬وفـ‬
‫‪245‬‬

‫رواية‪( :‬اللهم اجعَل رزق آل مم ٍد قوتا) ( ) ‪.‬‬


‫‪246‬‬

‫وثبت من حديث ابن عباس ‪ t‬أن رسول ال‬

‫‪245‬صحيح البخاري ( ‪. )6 0 9 5‬‬


‫‪246‬صحيح مسلم ( ‪. )1 0 5 5‬‬
‫ـــ ‪ 304‬ـــ‬
‫قال‪ ( :‬من أطعَمه ال َطعَا ما فليقل‪ :‬الل هم بَار ْك‬
‫لنا فيه وارزُقنا خيًا منه‪ ،‬ومن سَقاه ال لبَنا فليقل‪:‬‬
‫الل هم بَار ْك ل نا ف يه وزد نا م نه‪ ،‬فإ ن ل أعلم ما‬
‫ئ من الطعَام والشرَاب إل اللبَن) ( ) ‪.‬‬
‫‪247‬‬
‫يز ُ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه القيت العبد‬
‫أن يؤثر بقوته عامة السلمي ثقة ف أن القوت من‬
‫رب العالي لسيما إذا اشتد عليهم الكرب وقلت‬
‫لديهـم سـبل الكسـب‪ ،‬وينبغـي على السـلم أن‬
‫يكون طعا مه قو تا و سطا ل ي عل يده مغلولة ول‬
‫يكون مسرفا ملوما‪ ،‬وينبغي أن نفرق بي الرص‬
‫على أن يكون طعام الو حد قو تا وب ي والتجو يع‬
‫والبالغة ف الزهد‪ ،‬لن ال أمر بالقتصاد ف كل‬
‫شيــء‪ ،‬وبالصــب على الوع كابتلء ل حيلة‬
‫للن سان ف يه‪ ،‬ول يأ مر بتجو يع الن فس وتعذ يب‬

‫‪247‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )2 3 2 0‬‬


‫ـــ ‪ 305‬ـــ‬
‫البدن والبال غة ف الترك طل با للحك مة والعر فة؛‬
‫فالسلم ل يكثر من الكل الفوت للخي الكثي‪،‬‬
‫ف قد يكون ال كل واج با بقدر ما تقوم به البن ية‪،‬‬
‫ومندوبـا بقدر الشبـع الشرعـي القوي له على‬
‫التنفل‪ ،‬وجائز وهو ما فوقه بيث ل يورث فتورا‬
‫ـن العبادة‪ ،‬فالقوت إناـ يكون لقوام البدن ل‬ ‫عـ‬
‫لتسمينه وانشغاله عن ال فيصي علفا ل عابدا ‪.‬‬

‫‪ - 8 6‬السّي ُد‬
‫صح من حديث عَبدِ ال ب نِ الشخي ‪ t‬أنه‬
‫قال‪( :‬انطَلقت ف وفد َبنِي عَامرٍ إِل رَسُول ال‬
‫فقل نا‪ :‬أ نت سَيّدُنا‪ ،‬فقال‪ :‬ال سّيّدُ ال تَبَارَ كَ‬
‫َوَتعَالَى) ( ) ‪.‬‬
‫‪248‬‬

‫والد يث يدل دللة صرية على إثبات ا سم‬


‫‪248‬صحيح أب داود ( ‪. )4 0 2 1‬‬
‫ـــ ‪ 306‬ـــ‬
‫ال السـيد‪ ،‬وأن الذي ساه بذلك هـو ر سول ال‬
‫‪ ،‬وليس بعد قوله تعقيب؛ لنه يعن السيادة‬
‫الطل قة ال ت تتض من كل أو جه الكمال والمال‪،‬‬
‫فالسيد إطلقا هو رب العزة واللل‪ ،‬ول ينف‬
‫السـيادة القيدة التـتليـق بالخلوق‪ ،‬أو السـيادة‬
‫ـن الفاضلة والتفوق على‬‫ـبية الت ـ تتضمـ‬ ‫النسـ‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫وال سيد سبحانه و هو الذي ح قت له ال سيادة‬
‫الطلقـة‪ ،‬لنـه مالك اللق أجعيـ‪ ،‬ول مالك لمـ‬
‫سواه‪ ،‬فاللق كلهم عبيده وهو ربم وهو الذي‬
‫يلك نواصـيهم ويتولهـم‪ ،‬وهـو الالك الكريـ‬
‫الليم الذي يتول أمرهم ويسوسهم إل صلحهم‪،‬‬
‫فسيد اللق هو مالك أمر هم الذي إليه يرجعون‪،‬‬
‫وبأمره يعلمون وعـن قوله يصـدرون‪ ،‬فإذا كانـت‬
‫ـ له سـبحانه وتعال‬
‫اللئكـة والنـس والنـخلق ا‬

‫ـــ ‪ 307‬ـــ‬
‫ومل كا له‪ ،‬ل يس ل م غ ن ع نه طر فة ع ي‪ ،‬و كل‬
‫رغباتمـإليـه‪ ،‬وكـل حوائجهـم إليـه‪ ،‬كان هـو‬
‫سبحانه وتعال السيد على القيقة ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال السيد ما ورد من دعاء‬
‫ـن هارون‪:‬‬‫ـة الأمون بـ‬
‫المام أحدـ على الليفـ‬
‫(سـيدي غـر حلمـك هذا الفاجـر حتـترأ على‬
‫أولياءك بالضرب والقتل‪ ،‬اللهم فإن ل يكن القرآن‬
‫كلمك غي ملوق فاكفنا مؤنته‪ ،‬فجاءهم الصريخ‬
‫بوت الأمون ف الثلث الخي من الليل) ( ) ‪.‬‬
‫‪249‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ال سم مول ته‬


‫لالقه الذي انفرد بالسيادة الطلقة؛ فمن العلوم أنه‬
‫ل بد لكل عبد من سيد مالك‪ ،‬وأي عبد يالف‬
‫سيده فإنه آبق‪ ،‬ولا كان كل إنسان يلجأ إل قوة‬

‫‪249‬البدايــة والنهايــة ‪ ،1 0 / 3 3 2‬وحليــة الولياء‬


‫‪.9 / 1 9 5‬‬
‫ـــ ‪ 308‬ـــ‬
‫عل يا ع ند الضطرار‪ ،‬وير كن إل غ ن قوي ع ند‬
‫الفتقار‪ ،‬فحري بالعبـد الوحـد أن يلجـأ إل رب‬
‫العزة واللل؛ لن العبوديـة مبنيـة على معنـ‬
‫الضوع والطاعـة‪ ،‬فإن ل يكـن النسـان عبدا ل‬
‫فسيكون عبدا لغيه‪ ،‬فالعاقل من العبيد يتخي من‬
‫السـياد مـن يلك السـيادة الطلقـة على اللئق‬
‫أجعي ‪.‬‬
‫وينبغي تأدبا مع ال وتوحيدا له ف اسه السيد‬
‫أل يسـمي السـلم نفسـه أو ولده بذا السـم‬
‫مستغرقا للطلق معرفا؛ لن ذلك سوء أدب مع‬
‫ال جل شأنه وتقدست أساؤه ‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ - 8 7‬الطّي ُ‬
‫صح من حديث أب هريرة ‪ t‬أن رسول ال‬
‫قال‪( :‬أيهـا الناسُـإِن ال طَيـب ل يق بل إل‬

‫ـــ ‪ 309‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪250‬‬
‫طَيبا)‬
‫والطيب سبحانه هو التصف بالكمال والمال‬
‫ف ذاته وأسائه وصفاته‪ ،‬وهو أيضا طيب ف أفعاله‬
‫يف عل الك مل والحسـن‪ ،‬ف هو الذي أتقـن كل‬
‫شيء وأحسنه‪ ،‬فالكيم اسه والكمة صفته‪ ،‬وهي‬
‫بادية ف خلقه تشهد لكمال فعله وتشهد بأنه عليم‬
‫خـبي‪ ،‬والطيـب أيضـا هـو القدوس النه عـن‬
‫ـا‬
‫ـب الدنيـ‬ ‫ـو الذي طيـ‬ ‫النقائص والعيوب‪ ،‬وهـ‬
‫للموحديـن فأدركوا الغايـة منهـا وعلموا أناـ‬
‫وسيلتهم إل الخرة‪ ،‬وطيب النة لم باللود فيها‬
‫فشمروا إليهـا سـواعدهم‪ ،‬وضحوا مـن أجلهـا‬
‫بأموالم وأنفسهم رغبة ف القرب من ال ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الطيب ما صح‬

‫‪250‬صحيح مسلم ( ‪. )8 3 3 0‬‬


‫ـــ ‪ 310‬ـــ‬
‫مـن حديـث ابـن عباس ‪ t‬أن رسـول ال كان‬
‫يقول‪( :‬التحِيات البَارَكات الصـّلوات الطيبات ل‬
‫سلَم‬
‫سلَم عَليك أيها النب ورَحة ال وَبرَكاته‪ ،‬ال ّ‬‫ال ّ‬
‫ـ وعَلى عبَاد ال ال صّالِي‪ ،‬أشه ُد أن ل إِله إل‬
‫عَلين ا‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪251‬‬‫(‬
‫ال وأشه ُد أن ممدًا َرسُول ال)‬
‫و من حد يث أ ب أما مة ‪ t‬أن ال نب كان إذا‬
‫ر فع مائد ته قال‪( :‬الم ُد ل كِثيًا طَي با مبَارَكًا ف يه‬
‫غ َي م ْك ِف ّي َل ُم َودّع و َل ُمسْتغن عَنه رَبنا) ( ) ‪.‬‬
‫‪252‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الطيب أن‬


‫يتحرى اللل الطيـب فـطعامـه وحاجتـه وفعله‬
‫وكلمته‪ ،‬وكذلك ينفق من أجود ماله وأطيبه‪ ،‬ول‬
‫يبخـل على نفسـه وأهله بالطيـب مـن الباحات‪،‬‬

‫‪251‬صحيح مسلم ( ‪. )4 0 3‬‬


‫‪252‬صحيح البخاري ( ‪. )5 1 4 2‬‬
‫ـــ ‪ 311‬ـــ‬
‫وكذلك يتخي من الزوجات أطيبهن فإن الطيبيي‬
‫للطيبات‪ ،‬وأط يب أفعال الع بد أن يو حد الرب ف‬
‫أسائه وصفاته وكل ما انفرد به من أفعاله‪ ،‬فإن ال‬
‫هو أحسن الالقي الذي أحسن كل شيء خلقه‪،‬‬
‫ول يس ذلك لحد غيه‪ ،‬فك يف يدعو غي ال أو‬
‫يعظم أحدا سواه ‪.‬‬

‫‪ - 8 8‬الَك ُم‬
‫صح من حد يث ُشرَيْح ‪ t‬أن ر سول ال‬
‫فقال‪ِ( :‬إ ّن ال ه َو الكم وإِليه الكْم) ( ) ‪.‬‬
‫‪253‬‬

‫والكم سبحانه هو الذي يكم ف خلقه كما‬


‫أراد‪ ،‬إما حكما إلزاميا ل يرد‪ ،‬وإما حكما تكليفا‬
‫كابتلء للعباد‪ ،‬فحكمه سبحانه ف خلقه نوعان‪:‬‬

‫‪253‬صحيح أب داود ( ‪. )4 1 4 5‬‬


‫ـــ ‪ 312‬ـــ‬
‫أول‪ :‬حكـم يتعلق بالتدبيـ الكونـ وهـو‬
‫واقـع ل مالة لنـه يتعلق بالشيئة‪ ،‬ومشيئة ال‬
‫ل تكون إل بالعن الكون‪ ،‬فما شاء كان‪ ،‬وما‬
‫ل يشأ ل يكن‪ ،‬ومن ث ل راد لقضائه ل معقب‬
‫لك مه ول غالب لمره‪ ،‬و من هذا ال كم ما‬
‫لكْ مه‬
‫ب ُ‬
‫ورد ف قوله‪ :‬وال يْكُم ل ُمعَق َ‬
‫لسَاب [الرعد‪. ]4 1 :‬‬ ‫وه َو سَري ُع ا ِ‬
‫ثانيا‪ :‬حكم يتعلق بالتدبي الشرعي وهو حكم‬
‫تكليفي دين يترتب عليه ثواب أو عقاب وموقف‬
‫الكلفي يوم الساب‪ ،‬ومثاله ما جاء ف قوله تعال‪:‬‬
‫ـ الذِيـن آمنوا أوفوا بالعُقو ِد أحِلت لكُم‬
‫ـ أيه ا‬
‫يا‬
‫الصـ ِد‬
‫بيمـة النعَام إِل مـا يُتلى عَليكُم غ َي مِلي ّي‬
‫وأنتم حُرم إِن ال يكُم ما يري ُد [الائدة‪. ]1 :‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الكم ما صح‬
‫عن ال نب أ نه كان يد عو إذا افت تح صلته من‬
‫ـــ ‪ 313‬ـــ‬
‫الل يل‪( :‬الل هم رَب ِجبَاِئ يل وميكاِئ يل وِإ سرَافيل‪،‬‬
‫ت والرض‪ ،‬عَال الغيـب والشها َدةِ‪،‬‬ ‫فا ِط َر السـّماوا ِ‬
‫أنـت تكُم بَيـعبَادِك فيمـا كانوا فيـه يتلفون‪،‬‬
‫اه ِدنِي لا اختلف فيه من الق بإِذنِك إِنك ْتدِي من‬
‫ط مستقيم) ( ) ‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫صرَا ٍ‬
‫تشا ُء إِل ِ‬
‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الكم أل‬
‫يبت غي حك ما دون ال ف من هج حيا ته ك ما قال‬
‫تعال ف م كم آيا ته‪ِ :‬إ ِن الكْم إِل ل أم َر أل‬
‫س‬
‫تعبدُوا إِل إِياه ذلك الدين القيّم ولكِن أكث َر النا ِ‬
‫ل يعلمون [يو سف‪ ،]4 0 :‬و قد خا صم الزب َي‬
‫بن العوام ‪ t‬رج ٌل من النصار اختلفا على قناة الاء‬
‫التـتروي أرضهمـا‪ ،‬وكانـت أرض الزبيـقبـل‬
‫أرضـه والاء يرـأول على نله فأمـر النـب أن‬
‫ي سقي الزب ي أر ضه ث ير سل الاء لاره‪ ،‬فغ ضب‬

‫‪254‬صحيح مسلم ( ‪. )7 7 0‬‬


‫ـــ ‪ 314‬ـــ‬
‫النصـاري وادعـى أن الكـم مسـوبية‪ ،‬وأنـه‬
‫حكم لصال الزبي ‪ t‬عصبية‪ ،‬من أجل أنه مكي‬
‫مـن الهاجريـن‪ ،‬فغضـب النـب وتلون وجهـه‪،‬‬
‫وأمر الزبي أن يسق أرضه حت يغطي الاء أصول‬
‫ي ول عليه من‬ ‫نله ويبلغ ف أرضه إل مقدار الكعَب ِ‬
‫فعـل النصـاري أو قوله‪ ،‬فنل قوله تعال‪ :‬فل‬
‫ج َر بَينهم ث‬
‫ورَبك ل يؤمنون حت يكّموك فيما ش َ‬
‫ل يدُوا ف أنف سِهم حرَجًا م ا قض يت وي سَلموا‬
‫تسليما [النساء‪. ) ( )]6 5 :‬‬
‫‪255‬‬

‫‪ - 8 9‬الك َر ُم‬
‫قال تعال‪ :‬اقرَأ ورَبــك ال ْكرَم الذِي عَلم‬
‫بالقلم [العلق‪. ]3 :‬‬
‫والكرم سبحانه هو الذي ل يواز يه كرم ول‬
‫‪255‬صحيح البخاري ( ‪. )2 2 3 1‬‬
‫ـــ ‪ 315‬ـــ‬
‫يعادله فـكرمـه نظيـ‪ ،‬وقـد يكون الكرم بعنـ‬
‫الكري‪ ،‬لكن الفرق بي الكري والكرم أن الكري‬
‫دل على الصفة الذاتية والفعلية معا كدللته على‬
‫معانـ السـب والعظمـة والسـعة والعزة والعلو‬
‫والرفعة وغي ذلك من صفات الذات‪ ،‬وأيضا دل‬
‫على صفات الفعل فهو الذي يصفح عن الذنوب‪،‬‬
‫ول ين إذا أعطى فيكدر العطية بالن‪ ،‬وهو الذي‬
‫تعددت نعمـه على عباده بيـث ل تصـى‪ ،‬وهذا‬
‫كمال وجال فـ الكرم‪ ،‬أمـا الكرم فهـو النفرد‬
‫بكل ما سبق من أنواع الكرم الذات والفعلي‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه أكرم الكرم ي له العلو الطلق على خل قه‬
‫فـعظمـة الوصـف وحسـنه‪ ،‬ومـن ثـله جلل‬
‫الشأن ف كرمه‪ ،‬وهو جال الكمال وكمال المال‬
‫‪.‬‬
‫ل كرم يسـموا إل كرمـه‪ ،‬ول إنعام‬ ‫وال‬

‫ـــ ‪ 316‬ـــ‬
‫يرقى إل إنعامه‪ ،‬ول عطاء يوازي عطاءه‪ ،‬يعطى ما‬
‫يشاء ل ن يشاء ك يف يشاء ب سؤال وغ ي سؤال‪،‬‬
‫و هو يع فو عن الذنوب وي ستر العيوب‪ ،‬ويازي‬
‫الؤمني بفضله‪ ،‬والعرضي بعدله‪ ،‬فما أكرمه‪ ،‬وما‬
‫أرحه‪ ،‬وما أعظمه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الكرم ما ثبت عن ابن‬
‫مسعود ‪ t‬أنه كان يدعو ف السعي‪( :‬اللهم اغفر‬
‫وارحـم واعـف عَمـا تعلم وأنـت ال َع ّز ال ْكرَم‪،‬‬
‫اللهم آتنا ف الدنيا ح سَنة وف ال ِخ َرِة ح سَنة وقِنا‬
‫ب النار) ( )‪.‬‬
‫‪256‬‬
‫عَذا َ‬
‫ومـن حديـث عوف بـن مالك ‪ t‬فـ الدعاء‬
‫للميت‪( :‬اللهم اغفر له وارحه وعَافه واعف عَنه‬
‫وأكرم نزُله‪ ،‬وأو سِع مدخله‪ ،‬واغ سِله بالا ِء والثلج‬

‫‪256‬انظر مناسك الج والعمرة لللبان ص ‪.2 6‬‬


‫ـــ ‪ 317‬ـــ‬
‫ض‬
‫والَب َردِ‪ ،‬ونقه من الطَايا كما ينقى الثوب البي ُ‬
‫من الدنسِ) ( )‪.‬‬
‫‪257‬‬

‫و من آثار توح يد السلم ل ف ا سه الكرم أن‬


‫يُظهر آثار النعمة توحيدا ل ف السم‪ ،‬وأن يدرك‬
‫السـلم أن الكرام القيقـي هـو إكرام ال للعبـد‬
‫بالتوفيـق للطاعـة واليقيـ واليان‪ ،‬أمـا الكرام‬
‫بالنعمـة فهـي ابتلء تسـتوجب الشكـر ودرجـة‬
‫الحسان‪ ،‬وليس كما يظن البعض أنا دليل رضا‬
‫ومبة‪ ،‬فليست سعة الرزق إكراما ول ضيق الرزق‬
‫إهانـة‪ ،‬بـل الكرم القيقـي فـ تقوى ال سـرا‬
‫وعلنية ‪.‬‬

‫‪ - 9 0‬ال ّب‬
‫قال تعال‪ :‬إِنا كُنا من قبل ندعُوه إِنه هو البَر‬
‫‪257‬صحيح مسلم ( ‪. )9 6 3‬‬
‫ـــ ‪ 318‬ـــ‬
‫[الطور‪. ]2 8 :‬‬ ‫الرحِيم‬
‫والب سـبحانه هـو العَطوف على عبادة بـبه‬
‫ولطفه‪ ،‬فهو أهل الب والعطاء‪ ،‬يسن إل عباده ف‬
‫الرض أو فـالسـماء‪ ،‬يده ملى سـحاء بالليـل‬
‫والنهار‪ ،‬وكـل مـا أنفقـه منـذ خلق السـماوات‬
‫والرض ل يغض ما ف يده‪ ،‬والب هو الصادق‬
‫ف وعده الذي يتجاوز عن عبده وينصره ويميه‪،‬‬
‫ويقبل القليل منه وينميه‪ ،‬وهو الحسن إل عبادِه‬
‫الذي عَم بره وإحسانه جي َع خل قه ف ما من هم من‬
‫أحد إل وتكفل ال بأمره ورزقه ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الب مـا ورد مـن دعاء‬
‫ـ‬
‫ـ وقن ا‬
‫عائشـة رضـي ال عنهـا‪( :‬اللهـم مـن علين ا‬
‫عذاب السموم إنك أنت الب الرحيم) ( ) ‪.‬‬
‫‪258‬‬

‫‪258‬الصنف ف الحاديث والثار ( ‪. )6 0 3 6‬‬


‫ـــ ‪ 319‬ـــ‬
‫ولاـ أيضـا‪( :‬اللهـم إنـأدعُوك ال‪ ،‬وأدعُوك‬
‫ـئِك‬‫الرحنـ‪ ،‬وأدعُوك البَر الرحِيـم‪ ،‬وأدعُوك بأس ا‬
‫الُسن كُلها ما عَلمت منها وما ل أعلم أن تغف َر ل‬
‫وترحنِي) ( )‪ ،‬و من دعاء علي ‪( :t‬صلوات ال‬
‫‪259‬‬

‫الب الرح يم واللئ كة القرب ي وال نبيي وال صديقي‬


‫والشهداء والصالي‪ ،‬وما سبح لك من شيء يا‬
‫رب العال ي على م مد بن ع بد ال خا ت ال نبيي‬
‫وإمام التقي) ( ) ‪.‬‬
‫‪260‬‬

‫ومـن آثار توحيـد السـلم ل فـاسـه الب أن‬


‫يرا عي ف تعامله مع ر به الرص على أنواع الب‬
‫من ف عل اليات وترك النكرات‪ ،‬ول ي عل ه ه‬
‫فيما ل يعود عليه وعلى الخرين بالنفع‪ ،‬وكذلك‬
‫يعامل الخرين بسن اللق وصفاء النية‪ ،‬وهذا من‬

‫‪259‬ضعيف الترغيب والترهيب ( ‪. )1 0 2 2‬‬


‫‪260‬صفة صلة النب ‪ S‬ص ‪.1 7 3‬‬
‫ـــ ‪ 320‬ـــ‬
‫أعظـم الب‪ ،‬ومـن أعظـم الب أيضـا بر الوالديـن‬
‫والحسان إل البناء ف تربيتهم وف أسائهم ‪.‬‬

‫‪ - 9 1‬الغفا ُر‬
‫والرضـ ومـا‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫قال تعال‪ :‬رَب السـّماوا ِ‬
‫بَينهما العَزي ُز الغفار [ص‪. ]6 6 :‬‬
‫والغفار سبحانه هو الذي يستر الذنوب بفضله‬
‫ويتجاوز عن عبده بعفوه‪ ،‬وطال ا أن الع بد مو حد‬
‫فذنوبه تت مشيئة ال وحكمه‪ ،‬فقد يدخله النة‬
‫ابتداء‪ ،‬وقد يطهره من ذنبه‪ ،‬والغفور سبحانه هو‬
‫مـن يغفـر الذنوب العظام‪ ،‬والغفار هـو مـن يغفـر‬
‫الذنوب الكثية‪ ،‬غفور للك يف ف الذ نب‪ ،‬وغفار‬
‫للكم فيه ‪.‬‬
‫وال و ضع نظا ما دقي قا للئك ته ف تدو ين‬
‫الجر الوضوع على العمل فهي تسجل ما يدور‬
‫ـــ ‪ 321‬ـــ‬
‫فـمنطقـة حديـث النفـس دون وضـع ثواب أو‬
‫عقاب‪ ،‬وهذا يتطلب ا ستغفارا عا ما ل حو خوا طر‬
‫ال شر الناب عة من هوى الن فس‪ ،‬ويتطلب ا ستعاذة‬
‫لحو خواطر الشر النابعة من لة الشيطان‪ ،‬كما أنا‬
‫ت سجل ما يدور ف منط قة الك سب مع و ضع‬
‫الثواب والعقاب‪ ،‬وهـي تسـجل فعـل النسـان‬
‫الحدد بالزمان والكان ثـ تضـع الزاء الناسـب‬
‫بالسنات والسيئات‪ ،‬فإذا تاب الع بد من الذنب‬
‫ميت سيئاته وزالت وغفرت بأ ثر رج عي وبدلت‬
‫حســنات‪ ،‬فالوزر يقابله بالتوبــة الصــادقة‬
‫ح سنات‪ ،‬فال غفار كث ي الغفرة ل يزل ول‬
‫ـفح‬ ‫ـا وبالغفران والصـ‬ ‫ـو معروفـ‬ ‫يزال بالعفـ‬
‫موصوفا‪ ،‬وكل عبد مضطر إل عفوه ومغفرته‬
‫كما هو مضطر إل رحته وكرمه ‪.‬‬
‫ومـن الدعاء باسـم ال الغفار أن النـب‬

‫ـــ ‪ 322‬ـــ‬
‫كان إذا تضور مـن الليـل دعـا‪( :‬ل إله إل ال‬
‫ت والرْض وَمـا‬
‫الواحدٌ القهّار رب ّ السـمَاوا ِ‬
‫بَينهُما العزيز الغفار) ‪.‬‬
‫وث بت من دعاء ال نب ‪( :‬الل هم اغ فر ل ما‬
‫أسرَرت وما أعلنت) ( ) ‪.‬‬
‫‪261‬‬

‫ومـن حديـث أبـهريرة ‪ t‬أن رسـول ال‬


‫كان يقول ف سجوده‪( :‬اللهم اغفر ل ذنب كُله‪،‬‬
‫دِقه وجِله‪ ،‬وأوله وآ ِخرَه‪ ،‬و َع َلنِيته وسِره) ( ) ‪.‬‬
‫‪262‬‬

‫وصح أن رسول ال كان إذا أخذ مضجعه‬


‫ض عت َج نب‪ ،‬الل هم‬
‫من الل يل قال‪( :‬ب سم ال و َ‬
‫وأخسـ ْئ شيطَان ِي وفـك رهان ِي‬
‫ِ‬ ‫اغفـر ل ذنـب‬

‫‪261‬النسائي ( ‪.)1 1 2 4‬‬


‫‪262‬صحيح مسلم ( ‪. )4 8 3‬‬
‫ـــ ‪ 323‬ـــ‬
‫)‪.‬‬ ‫(‪263‬‬
‫واجعَلنِي ف الندِي العلى)‬
‫و من حد يث ع بد ال بن عباس ‪ t‬أن ال نب‬
‫قال‪( :‬إِن تغ فر اللهم تغفر جَما‪ ،‬وأي عَبدٍ لك‬
‫ل ألا) ( ) ‪.‬‬
‫‪264‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الغفار كثرة‬


‫الستغفار والتوبة إل ال مهما بلغت كمية الذنب‬
‫أو كثرته‪ ،‬فالغفار سبحانه كثي الغفرة‪ ،‬وال ل‬
‫يعذب م ستغفرا صدق ف توب ته‪ ،‬لن ال ستغفار‬
‫ال ق يتض من الطلب لم يع الذنوب وا ستغراقها‬
‫بيـث ل يدع ذنبـا إل تناولتـه‪ ،‬ثـ إجاع العزم‬
‫وال صدق بكلي ته علي التو بة ب يث ل يب قى عنده‬
‫تردد ول تلوم ول انتظار‪ ،‬بـل يمـع عليهـا كـل‬

‫‪263‬صحيح الامع ( ‪. )4 6 4 9‬‬


‫‪264‬السابق ( ‪. )1 4 1 7‬‬
‫ـــ ‪ 324‬ـــ‬
‫إراد ته وعزي ته مبادرا ب ا‪ ،‬ث تل يص التو بة من‬
‫الشوائب والعلل القاد حة ف إخل صها ووقوع ها‬
‫لحض الوف من ال وخشيته‪ ،‬والرغبة فيما لديه‬
‫والرهبة ما عنده ‪ .‬ومن آثار السم أيضا أن يستر‬
‫العبد على إخوانه عيوبم‪ ،‬ويغفر لم ذلتم توحيدا‬
‫ل ف اسه الغفار ‪.‬‬

‫ف‬
‫‪ - 9 2‬الرّءو ُ‬
‫َحتهـ‬
‫قال تعال‪ :‬وَلوْل فض ْل ال عَليك ُم َور ُ‬
‫وأ ّن ا َل رءُوف َرحِيم [النور‪. ]2 0 :‬‬
‫والرءوف سبحانه هو الذي يتعطف على عباده‬
‫الؤمنيـفيحفـظ أسـاعهم وأبصـارهم وحركات م‬
‫وسكناتم ف توحيد ال وطاعته‪ ،‬وهذا من كمال‬
‫الرأ فة بال صادقي‪ ،‬والرءوف أي ضا يدل على مع ن‬
‫التعطف على عباده الذنبي‪ ،‬فيفتح لم باب التوبة‬

‫ـــ ‪ 325‬ـــ‬
‫ما ل تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربا ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الرؤوف ما ورد ف قوله‬
‫تعال‪ :‬رَب نا اغ فر ل نا ولِخوان نا ال ِذ ين َسبَقونا‬
‫بالِيا ِن ول تعَل ف قلوب نا غِل لل ِذ ين آمنوا رَب نا‬
‫إِنك رءوف َرحِيم [الشر‪. ]1 0 :‬‬
‫ومـن دعاء ابـن مسـعود ‪( :t‬سـبحانك ل إله‬
‫غيك‪ ،‬اغ فر ل ذ نب وأ صلح ل عملي إ نك تغ فر‬
‫الذنوب ل ن تشاء وأ نت الغفور الرح يم‪ ،‬يا غفار‬
‫اغ فر ل‪ ،‬يا تواب تب علي‪ ،‬يا رح ن ارح ن‪ ،‬يا‬
‫عفو اعف عن‪ ،‬يا رءوف ارأف ب) ( ) ‪.‬‬
‫‪265‬‬

‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الرؤوف أن‬


‫يتل قلبه بالرحة والرأفة الت تشمل عامة السلمي‬
‫وخا صتهم‪ ،‬ول بد أن تكون الرأ فة ف موضع ها؛‬

‫‪265‬العجم الكبي ‪.5 7 /1 0‬‬


‫ـــ ‪ 326‬ـــ‬
‫فكما أنا من الخلق الميدة والصال العظيمة‬
‫إل أن الشدة أنفـع فـبعـض الواضـع‪ ،‬كإقامـة‬
‫الدود والخذ على أيدي الفسدين والظالي حي‬
‫ل ينفـع معهـم نصـح ول ليـ‪ ،‬وهذا يشبـه حال‬
‫ـ يضره أو جزع مـن تناول‬ ‫الريـض إذا اشتهـى م ا‬
‫الدواء الكريه‪ ،‬فالرأفة به أن يعان على شربه ‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ - 9 3‬ال َوهّا ُ‬
‫قال تعال‪ :‬رَب نا ل تزغ قلوَب نا بَع َد إِذ هدَيت نا‬
‫ب ل نا مِن ل ُد نك رَح ة ِإ نك أ نت الوَهاب‬ ‫وَه ْ‬
‫[آل عمران‪. ]8 :‬‬
‫والوهاب سـبحانه هـو الذي يكثـر العطاء بل‬
‫عوض‪ ،‬ويهـب مـا يشاء لنـ يشاء بل غرض‪،‬‬
‫ويعطـي الاجـة بغيـسـؤال‪ ،‬ويسـبغ على عباده‬
‫الن عم والفضال‪ ،‬نع مه كام نة ف الن فس وج يع‬

‫ـــ ‪ 327‬ـــ‬
‫الصنوعات‪ ،‬ظاهرة بادية ف سائر الخلوقات‪ ،‬نعم‬
‫وعطاء وجود وهبات تدل على أنه التوحد ف اسه‬
‫الوهاب ‪.‬‬
‫وال جل شأنه يهب العطاء ف الدنيا على سبيل‬
‫البتلء‪ ،‬ويهب العطاء ف الخرة على سبيل الجر‬
‫والزاء‪ ،‬فعطاؤه فـالدنيـا معلق بشيئتـه وابتلئه‬
‫للناس بكمتـه ليتعلق العبـد بربـه عنـد الطلب‬
‫والرجاء‪ ،‬ويسـعد بتوحيده وإيانـه بيـ الدعاء‬
‫والقضاء‪ ،‬وهذا أعظم فضل وأكب هبة وعطاء إذا‬
‫وفق ال عبده لدراك حقيقة البتلء ‪.‬‬
‫و من الدعاء با سم ال الوهاب ما ورد ف قوله‬
‫تعال‪ :‬رَبنا ل تزغ قلوبَنا بَع َد إِذ هدَيتنا وهب لنا‬
‫ك أنت الوَهاب [آل عمران‪:‬‬ ‫من لدُنك رحة إِن َ‬
‫‪ ،]8‬ومـن حديـث عائشـة رضـي ال عنهـا أن‬
‫رسول ال ‪( :‬كان إذا استيقظ من الليل قال‪ :‬ل‬
‫ـــ ‪ 328‬ـــ‬
‫إله إل أ نت سبحانك‪ ،‬الل هم إ ن أ ستغفرك لذ نب‬
‫وأسألك برحتك‪ ،‬اللهم زدن علما ول تزغ قلب‬
‫بعد إذ هديتن‪ ،‬وهب ل من لدنك رحة إنك أنت‬
‫الوهاب) ( ) ‪.‬‬
‫‪266‬‬

‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل ف اسـه الوهاب‬


‫اتصـافه بالكرم والعطاء والود والسـخاء‪ ،‬وصـح‬
‫من حديث ابن عباس ‪ t‬أن النب قال‪( :‬ل يل‬
‫ب هبَة ث ير ِج َع فيها إل من ولدِه‪ ،‬فمن‬
‫لح ٍد أن يه َ‬
‫فعَل ذلك فمثله كم ثل الكلب يأْكُل ث يقي ُء ث‬
‫يعُو ُد ف قيئِه) ( ) ‪.‬‬
‫‪267‬‬

‫ومن آثار السم أيضا الرضا با وهبه ال للعبد‬


‫من الولد‪ ،‬ذكرا كان أم أن ثى‪ ،‬فال عبة ب صلحهم‬

‫‪266‬مستدرك الاكم ( ‪. )1 9 8 1‬‬


‫‪267‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )2 6 1 2‬‬
‫ـــ ‪ 329‬ـــ‬
‫ودعائهـم فـعقبهـم ل بنوعهـم‪ ،‬وكفـى بالعبـد‬
‫تعر ضا ل قت ال أن يت سخط ما وه به‪ ،‬ك ما أن‬
‫التسـخط باـوهـب ال مـن الناث مـن أخلق‬
‫الاهلية الت ذمها ال تعال ‪.‬‬

‫‪ - 9 4‬ا َلوَا ُد‬


‫صح من حد يث سعد بن أ ب وقاص ‪ t‬أن‬
‫رســول ال قال‪( :‬إن ال جواد يبــ‬
‫الود) ( ) ‪.‬‬
‫‪268‬‬

‫والواد سبحانه هو الكا مل ف ذا ته وأ سائه‬


‫وصـفاته‪ ،‬الذي ينفـق على خلقـه بكثرة جوده‬
‫وكرمه وفضله ومدده‪ ،‬فل تنفد خزائنه ول ينقطع‬
‫سحاؤه ول يت نع عطاؤه‪ ،‬و هو سبحانه من فوق‬
‫عرشه عليم بوضع جوده ف خلقه‪ ،‬فل يعطي إل‬
‫‪268‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )2 3 6‬‬
‫ـــ ‪ 330‬ـــ‬
‫بقتضى عدله وحكمته‪ ،‬وما يقق مصلحة الشيء‬
‫وغايتـه‪ ،‬وهـو الذي يهدي عباده أجعيـإل جادة‬
‫الق البي‪ ،‬هداهم سبل الشرائع والحكام‪ ،‬وتييز‬
‫اللل من الرام‪ ،‬وب ي لم أسباب صلحهم ف‬
‫ـ على‬‫ـ والخرة ودعاهـم إل عدم إيثار الدني ا‬‫الدني ا‬
‫الخرة‪ ،‬فله ســبحانه الود كله‪ ،‬وجود جيــع‬
‫اللئق إل جوده أقـل مـن ذرة فـجبال الدنيـا‬
‫ورمالا ‪.‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ا سم ال الواد ما‬
‫صح من حد يث ا بن م سعود ‪ t‬أن ر سول ال‬
‫كان يدعو‪( :‬اللهم إن أسألك من كل خي‬
‫خزائ نه بيدك‪ ،‬وأعوذ بك من كل شر خزائ نه‬
‫بيدك) ( ) ‪.‬‬
‫‪269‬‬

‫‪269‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )1 5 4 0‬‬


‫ـــ ‪ 331‬ـــ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه الواد كثرة‬
‫الود ف سبيل ال‪ ،‬وأعله أن يود بنف سه لتكون‬
‫كل مة ال هي العل يا ‪ ،‬وأن يود بالريا سة ويتهن ها‬
‫بالتواضــع لفقراء الناس وحاجتهــم‪ ،‬وأن يود‬
‫براحته ورفاهيته وإجام نفسه تعبا وكدا ف مصلحة‬
‫غيه‪ ،‬وأن يود بالعلم وهـو مـن أعلى مراتـب‬
‫الود‪ ،‬وهـو أفضـل مـن الود بالال لن العلم‬
‫أشرف من الال‪ ،‬وقد اقتضت حكمة ال وتقديره‬
‫النافـذ أن ل ينفـع بـه بيل أبدا‪ ،‬ثـالود بالنلة‬
‫والشرف والاه ف الشفاعة والشي مع الرجل إل‬
‫ذي سلطان ونوه وذلك‪ ،‬ث الود بال سامة ل ن‬
‫شتمـه أو قذفـه أن يعله فـحـل‪ ،‬وكذلك الود‬
‫بالصب والحتمال واللق والبشر والبسطة‪ ،‬وترك‬
‫ما ف أيدي الناس من الن عم فيغبط هم علي ها ول‬
‫يلت فت ب سد إليهـا‪ ،‬ول يسـتشرف له بقلبـه ول‬
‫يتعرض له باله ول لسانه ‪.‬‬
‫ـــ ‪ 332‬ـــ‬
‫ح‬
‫سبّو ُ‬
‫‪ - 9 5‬ال ُ‬
‫صح عن عَاِئ شة ر ضي ال عن ها أن ال نب‬
‫س‬
‫ح قدو ٌ‬‫كان يقول ف ركو عه و ُسجُودِه‪ ( :‬سُبو ٌ‬
‫رَب ال َلئِك ِة والروحِ) ( ) ‪.‬‬
‫‪270‬‬

‫والسـبوح هـو الذي له أوصـاف الكمال‬


‫والمال بل نقص‪ ،‬وله الفعال القدسة عن الشر‬
‫ح ف آيا ته قلب ال سبح‬
‫وال سوء والع جز‪ ،‬في سب ُ‬
‫ـــة واللل‬ ‫تذكرا وتفكرا فل يرى إل العظمـ‬
‫والكمال والمال‪ ،‬ثـ يشاهـد آثار الوصـَاف‬
‫وكمال الفعال فيزداد تعظيمــا ل وتبعيدا له‬
‫من كل سوء‪ ،‬والسبوح أيضا هو الذي سبح‬
‫بمده الســبحون‪ ،‬وعجــز عــن وصــفه‬
‫الواصـفون‪ ،‬فسـبحان ربـك رب العزة عمـا‬

‫‪270‬صحيح مسلم ( ‪. )4 8 7‬‬


‫ـــ ‪ 333‬ـــ‬
‫ي صفون‪ ،‬قال سبحانه‪ :‬ت سَبحُ له ال سّماوات‬
‫ال سّب ُع والر ضُ و من في هن وإِن من شيءٍ إِل‬
‫يسـَبحُ بمدِه ولكِن ل تفقهون تسـبيحهم إِنـه‬
‫كان حليما غفورا [السراء‪. ]4 4 :‬‬
‫و من الدعاء ب ا ينا سب ا سم ال ال سبوح ما‬
‫صح من حديث عائشة رضي ال عنها أنا قالت‪:‬‬
‫ـجُودِه‪:‬‬‫(كان النـب يقول فـ ركُوعـه وس ُ‬
‫)‪،‬‬
‫‪271‬‬ ‫(‬
‫سُبحانك اللهم رَبنا وبمدِك اللهم اغفر ل)‬
‫وكان عمـر بـن الطاب ‪ t‬يهـر بؤلء الكلمات‬
‫ك‬
‫اسـ َ‬
‫فيقول‪( :‬سـُبحانك اللهـم وبمدِك تبَارَك ُ‬
‫وتعَال جَد َك و َل إِله غيك) ( ) ‪.‬‬
‫‪272‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه ال سبوح‬

‫‪271‬صحيح البخاري ( ‪. )7 6 1‬‬


‫‪272‬صحيح مسلم ( ‪. )3 9 9‬‬
‫ـــ ‪ 334‬ـــ‬
‫حسن توحيده ل‪ ،‬فيصف ال با وصف به نفسه‬
‫ف كتابه وف سنة رسوله ‪ ،‬ول يثل ول يكيف‪،‬‬
‫ول يعطـل ول يرف‪ ،‬بـل يصـدق بالبـوينفـذ‬
‫المـر‪ ،‬ومـن أبرز دلئل التوحيـد فـ اسـم ال‬
‫ال سبوح كثرة الت سبيح ليل ونارا و سرا وجهارا‪،‬‬
‫ب يث ي عل ال سلم جنا نه ول سانه وأركا نه عامرة‬
‫بذكره‪ ،‬وشاهدة ببه وسببا ف رحته وقربه ‪.‬‬

‫‪ - 9 6‬الوَارِثُ‬
‫وننـ‬
‫قال تعال‪ :‬وإِنـا لنح ْن نيِي ونيـت ُ‬
‫الوَارثون [الجر‪. ]2 3 :‬‬
‫والوارث سبحانه هو الباقي الدائم الذي يرث‬
‫اللئق ويبقـى بعـد فنائهـم‪ ،‬ومعلوم أن اللئق‬
‫يتعاقبون على الرض فيث التأخـر منهـم التقدم‪،‬‬
‫وي ستمر التوارث ح ت تنق طع الدن يا ول يب قى إل‬

‫ـــ ‪ 335‬ـــ‬
‫الوارث الذي له اللك فيث جيع الشياء بعد فناء‬
‫أهلها ‪.‬‬
‫والوارث سـبحانه هـو الذي كتـب الغلبـة‬
‫للمؤمنيـ ولو بعـد حيـ‪ ،‬وأورث الؤمنيـ ديار‬
‫الكافر ين وم ساكنهم ف ال نة‪ ،‬فج عل ل م البقاء‬
‫في ها ملد ين‪ ،‬وتور يث الؤمن ي ال نة ل يع ن أن ا‬
‫تشارك ال ف البقاء‪ ،‬لن خلد النة وأهلها إل ما‬
‫ل نايـة إناـ هـو بإبقاء ال وإرادتـه‪ ،‬فبقاء‬
‫الخلوقات ليس من طبيعتها ول من خصائصها‬
‫الذات ية‪ ،‬بل من طبيعت ها جي عا الفناء‪ ،‬أ ما بقاء‬
‫ال ودوا مه وميا ثه وأو صافه ف هي باق ية ببقائه‬
‫ملز مة لذا ته‪ ،‬لن البقاء صفة ذات ية له‪ ،‬ف هو‬
‫الوارث لميع اللئق ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال الوارث ما ثبت‬
‫مـن حديـث أبـهريرة ‪ t‬أن رسـول ال كان‬
‫ـــ ‪ 336‬ـــ‬
‫يدعـو فيقول‪( :‬اللهـم متعنِي بسـَمعي وبَصـَري‪،‬‬
‫واجعَلهمـا الوارث منـ‪ ،‬وانصـُرنِي عَلى مـن‬
‫يظلمنِي‪ ،‬وخُذ منه بثاري) ( ) ‪.‬‬
‫‪273‬‬

‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل فـاسـه الوارث‬


‫إظهار الغربة ف الدنيا والتزود من توحيد العبودية‬
‫ل‪ ،‬فتتوجــه الرادة والقوال والفعال على هذا‬
‫العن ‪.‬‬
‫و من آثار ال سم أي ضا أن يت قي ال ف حقوق‬
‫الرث‪ ،‬ول يظلم أحدا ماـفرض ال لكـل وارث‬
‫لسيما إن كانوا إناثا‪ ،‬وأن يعطي الساكي من مال‬
‫ال إذا حضروا القسمة أو ل يضروها‪ ،‬وينبغي أن‬
‫يو قن الو حد أن ال هو الذي يق سم الرزاق‪،‬‬
‫وأن الياث القيقـي هـو مياث العلم والخلق‪،‬‬

‫‪273‬صحيح الامع ( ‪. )1 3 1 0‬‬


‫ـــ ‪ 337‬ـــ‬
‫مياث عدن والنعيم والفردوس ‪.‬‬

‫ب‬
‫‪ - 9 7‬ال ّر ُ‬
‫الدليـل على السـم قوله تعال‪ :‬سـَلم قول‬
‫من َربّ َرحِيم [يس‪ ،]5 8 :‬وصح من حديث‬
‫ا بن عباس ‪ t‬أن ال نب قال‪( :‬أ َل وِإ ن ن يت أن‬
‫ع فعَظموا‬‫أقرَأ القرآن رَاكِعًا أو سَا ِجدًا فأ ما الركُو ُ‬
‫السـجُو ُد فاجتهدُوا فـالدعَا ِء‬
‫ـ ّ‬ ‫فيـه الرب وأم ا‬
‫‪.‬‬ ‫)‬‫‪274‬‬ ‫(‬
‫ب لكُم)‬
‫فقم ٌن أن يستجَا َ‬
‫والرب هــو التكفــل بلق الوجودات‬
‫وإنشائ ها‪ ،‬والقائم علي هدايت ها وإ صلحها‪ ،‬و هو‬
‫الذي نظم حياتا ودبر أمرها؛ فالرب سبحانه هو‬
‫التكفـل باللئق أجعيـ إيادا وإمدادا ورعايـة‬

‫‪274‬صحيح مسلم ( ‪. )4 7 9‬‬


‫ـــ ‪ 338‬ـــ‬
‫وحفظا وقياما على كل نفس با كسبت ‪.‬‬
‫وحقيقـة معنـالربوبيـة فـالقرآن تقوم على‬
‫ركنيـ اثنيـ‪ ،‬الول إفراد ال بتخليـق الشياء‬
‫وتكوين ها وإنشائ ها من العدم‪ ،‬ح يث أع طى كل‬
‫شيـء خلقـه وكمال وجوده‪ ،‬والثانـ إفراد ال‬
‫بتدبيـ المـر فـخلقـه كهدايتهـم والقيام على‬
‫شؤونمـوتصـريف أحوالمـوالعنايـة بمـ‪ ،‬فهـو‬
‫سبحانه الذي توكل باللئق أجعي ‪.‬‬
‫ـ ورد فـقوله‬ ‫ومـن الدعاء باسـم ال الرب م ا‬
‫تعال‪ :‬رَب نا ل تؤاخِذ نا إِن ن سِينا أو أخ َطْأ نا رَب نا‬
‫ول تمل عَلينا ِإصْرا كما حلته عَلى الذِين من قبلنا‬
‫رَبنا ول تملنا ما ل طَاقة لنا به واعف عَنا واغفر‬
‫لنا وارْحنا أنت مولنا فانصُرنا عَلى القوم الكافرين‬
‫[البقرة‪. ]2 8 6 :‬‬

‫ـــ ‪ 339‬ـــ‬
‫أوسـ ‪ t‬أن النـب‬
‫ومـن حديـث شداد بـن ٍ‬
‫قال‪( :‬سيّد الستغفار اللهم أنت رب ل إله إل أنت‬
‫خلقت ن وأ نا عبدُك‪ ،‬وأ نا على عهدِك ووعدِك ما‬
‫استطعت أبو ُء لك بنعمتك‪ ،‬وأبو ُء لك بذنب فاغفر‬
‫ك من‬‫ب إل أ نت‪ ،‬أعوذ ب َ‬‫ل؛ فإ نه ل يغ فر الذنو َ‬
‫شر مَا صنعت‪ ،‬إذا قال حي يسي فمات؛ دخل‬
‫النة‪ ،‬أو كان من أهل النة‪ ،‬وإذا قال حِي يصبح‬
‫فمات من يومه دخل النة) ( ) ‪.‬‬
‫‪275‬‬

‫و من آثار توح يد ال سلم ل ف ا سه الرب أن‬


‫يكتسي بثوب العبودية‪ ،‬وأن يلع عن نفسه رداء‬
‫الربوبيـة؛ لعلمـه أن النفرد باـ مـن له علو الشأن‬
‫والقهـر والفوقيـة‪ ،‬فيثبـت ل أوصـاف كماله‬
‫وعظمته‪ ،‬ول ينازع رب العالي ف إرادته وشريعته‬
‫أو يتخلف عـن هدي النـب وسـنته‪ ،‬فدعاء‬

‫‪275‬صحيح البخاري ( ‪. )5 9 4 7‬‬


‫ـــ ‪ 340‬ـــ‬
‫العبادة ه نا ع مل و سلوك وترب ية والتزام‪ ،‬وماهدة‬
‫وتضحية تدفع العبد إل أرقى درجات السلم ‪.‬‬
‫ومن دعاء العبادة أيضا أن يتقي العبد ربه فيمن‬
‫وله عليهـم‪ ،‬وأل يصـف نفسـه بأنـه رب كذا‬
‫تواضعا لربه وتوحيدا ل ف اسه ووصفه‪ ،‬وإن جاز‬
‫أن يصفه غيه بذلك ‪.‬‬

‫‪ - 9 8‬ال ْعلَى‬
‫اسـَم‬
‫ح ْ‬‫سـ ِ‬
‫الدليـل على السـم قوله تعال‪َ :‬ب‬
‫ك العَلى [العلى‪. ]1 :‬‬ ‫رَب َ‬
‫والعلى سبحانه هو التصف بعلو الشأن وهو‬
‫أ حد معا ن العلو‪ ،‬فال تعال عن ج يع النقائص‬
‫والعيوب التـتنافـألوهيتـه وربوبيتـه‪ ،‬وتعال فـ‬
‫أحديتـه عـن الشريـك والظهيـوالول والنصـي‪،‬‬

‫ـــ ‪ 341‬ـــ‬
‫وتعال ف عظم ته أن يش فع أ حد عنده دون إذ نه‪،‬‬
‫وتعال ف صمديته عن الصاحبة والولد‪ ،‬وأن يكون‬
‫له كفوا أحد‪ ،‬وتعال ف كمال حياته وقيوميته عن‬
‫ال سنة والنوم‪ ،‬وتعال ف قدر ته وحكم ته عن‬
‫العبث والظلم‪ ،‬تعال ف صفات كماله ونعوت‬
‫جلله عن التعطيل والتمثيل‪ ،‬فله الثل العلى‪،‬‬
‫وكـل كمال لبعـض الوجودات فالرب الالق‬
‫الصمد القيوم هو أول به إذا ورد به ال ب ف‬
‫ح قه‪ ،‬و كل ن قص أو ع يب ي ب أن ينه ع نه‬
‫بعــض الخلوقات الحدثــة فالرب الالق‬
‫القدوس السلم هو أول أن ينه عنه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء با يناسب اسم ال العلى ما صح‬
‫من حديث ابن عباس ‪ t‬أنه قال‪( :‬كان َرسُول ال‬
‫ـ ُدعَا ًء ندعُو بـه فـالقنوتِـمـن صَـ َلِة‬ ‫يعَلمن ا‬
‫ال صّبحِ‪ :‬الل هم اه ِد نا في من ه َد يت‪ ،‬وعَاف نا في من‬

‫ـــ ‪ 342‬ـــ‬
‫َاركـلنـا فيمـا‬
‫عَافيـت‪ ،‬وتولنـا فيمـن توليـت وب ْ‬
‫أع َط يت‪ ،‬وِق نا شر ما قض يت‪ِ ،‬إ نك تق ضى و َل‬
‫يقضى عَليك‪ ،‬إِنه ل يذِل من واليت تبَا َركْت رَبنا‬
‫وتعَاليت) ( ) ‪.‬‬
‫‪276‬‬

‫ومن حديث عائشة رضي ال عنها عن دعاء‬


‫النب قبل موته‪( :‬اللهم اغفر ل وارحنِي وألِقنِي‬
‫بالرفيقـ العلى) ( )‪ ،‬وكان النـب إذا أخـذ‬
‫‪277‬‬
‫ِ‬
‫مضجعه من الليل قال‪( :‬بسم ال وضَعت جَنب‪،‬‬
‫اللهم اغفر ل ذنب وأخسِئ شيطَان‪ ،‬وفك رهانِي‪،‬‬
‫ى العلى) ( ) ‪.‬‬
‫‪278‬‬
‫واجعَلنِي ف الن ِد ّ‬
‫ومن آثار توحيد السلم ل ف اسه العلى كثرة‬

‫‪276‬مشكاة الصابيح ( ‪. )1 2 7 3‬‬


‫‪277‬صحيح البخاري ( ‪. )4 1 7 6‬‬
‫‪278‬صحيح الامع ( ‪. )4 6 4 9‬‬
‫ـــ ‪ 343‬ـــ‬
‫سـجوده للمعبود‪ ،‬ولذلك كانـت الصـلة ركنـا‬
‫أساسيا من أركان السلم‪ ،‬وهى ف جلتها فيصل‬
‫ب ي الك فر واليان‪ ،‬لن ا تف صل ب ي ال صدق ف‬
‫حقيقـة الضوع والعبوديـة ومعانـالكـب والعلو‬
‫وأوصـاف الربوبيـة‪ ،‬فهـي اعتراف عملي مـن‬
‫الوحد بأنه عبد‪ ،‬وتوحيد واقعي ل الله الرب ‪.‬‬

‫‪ - 9 9‬الل ُه‬
‫ِلهـإِل ه َو‬
‫ِلهـ وا ِح ٌد ل إ َ‬
‫قال تعال‪ :‬وإِلك ُم إ ٌ‬
‫الرّحن ال ّرحِيم [البقرة‪. ]1 6 3 :‬‬
‫والله سبحانه هو العبود بق‪ ،‬الستحق للعبادة‬
‫وحده دون غيه‪ ،‬و قد قا مت كل مة التوح يد ف‬
‫ال سلم على مع ن اللوه ية‪ ،‬فالله هو ال ستحق‬
‫ـع له‬
‫ـه القلوب وتضـ‬ ‫للعبادة الألوه الذي تعظمـ‬
‫وتعبده عن مبة وتعظيم وطاعة وتسليم‪ ،‬أما الرب‬
‫ـــ ‪ 344‬ـــ‬
‫ـ‪ ،‬ولذلك‬‫فمعناه يعود إل النفراد باللق والتدبيـ‬
‫كان التوحيد الذي أمر ال به العباد هو توحيد‬
‫اللوه ية التض من لتوح يد الربوب ية‪ ،‬بأن يع بد ال‬
‫وحده ول يشرك بـه شيئا‪،‬ويكون الديـن كله ل‪،‬‬
‫فل ياف العبـد إل ال‪ ،‬ول يدعـو أحدا سـواه‬
‫ويكون الله سبحانه أ حب إل يه من كل ش يء؛‬
‫فالوحدون يبون ل‪ ،‬ويبغضون ل‪ ،‬ويعبدون ال‬
‫ويتوكلون عليه ‪.‬‬
‫ومن الدعاء باسم ال الله ما صح عن سعد بن‬
‫أب وقاص ‪ t‬أن النب قال‪( :‬دَعوة ذِي النو ِن إِذ‬
‫ت ل إِله إل أنت سُبحانك‬ ‫َدعَا وهو ف بَط ِن الو ِ‬
‫ع با َر ُج ٌل مسلم‬ ‫إِن كُنت من الظالي‪ ،‬فإِنه ل يد ُ‬
‫‪ ،‬ومـن‬ ‫‪279‬‬‫)‬ ‫(‬
‫ب ال له)‬
‫فـ شي ٍء قط ّ إل اسـتجَا َ‬

‫‪279‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪. )1 6 4 4‬‬


‫ـــ ‪ 345‬ـــ‬
‫حد يث ا بن عباس ‪ t‬أن ر سول ال كان يقول‬
‫عند الكرب‪( :‬ل إِله إل ال العَل ّى ال َعظِيم‪ ،‬ل إِله إل‬
‫ش ال َعظِيم‪،‬‬
‫ال الليم الكري‪ ،‬ل إِله إل ال رَب العَر ِ‬
‫ش‬
‫ض ورَب العَر ِ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫ل إِله إل ال رَب السّماوا ِ‬
‫ال َعظِيم) ( )‪.‬‬
‫‪280‬‬

‫ومـن آثار توحيـد ال سلم ل فـاسـه الله أن‬


‫يقق توحيد اللوهية على وجه الكمال‪ ،‬فهو الغاية‬
‫ال ت خلق ال الناس من أجل ها‪ ،‬و هو أول الد ين‬
‫وآخره وظاهره وباطنه‪ ،‬فوجب على السلم الذي‬
‫اعت قد أن إل ه هو الله ال ق‪ ،‬وأن كل ما سواه‬
‫خاضع له طوعا وكرها أن يوجه قصده وطلبه ف‬
‫الياة إل العمـل فـمرضاتـه‪ ،‬وأن يسـلك أقرب‬
‫الطرق والوسائل إليه‪ ،‬وهو طريق السنة والتباع‬

‫‪280‬صحيح الامع ( ‪. )4 5 7 1‬‬


‫ـــ ‪ 346‬ـــ‬
‫دون الوى والبتداع ‪.‬‬
‫وإذا وفقه ال إل الطاعة وأدى توحيد اللوهية‬
‫نسب الفضل ف طاعته إل ربه‪ ،‬وأنا كانت بعونته‬
‫وتوفيقـه لاـسـبق مـن قضائه وقدره‪ ،‬ول ينسـب‬
‫الفضل ف ذلك إل نفسه؛ أو ين به على ربه‪ ،‬فل‬
‫بـد له على الدوام مـن توحيـد العبادة والسـتعانة‬
‫معا‪ ،‬فيقى بمته مدارج السالكي ويقطع ف سعيه‬
‫إل ربه منازل السائرين يتقلب فيها بي إياك نعبد‬
‫وإياك نستعي ‪.‬‬

‫اسم ال العظم‬
‫ـم ال‬
‫ـل العلم يتفقون على أن اسـ‬
‫جهور أهـ‬
‫العظم هو (ال) ‪.‬‬
‫وهذا القول هو أصح القوال لسباب عديدة‬

‫ـــ ‪ 347‬ـــ‬
‫مفصلة ف مواضعها‪ ،‬وهذا السم هو الصل ف‬
‫إ سناد ال ساء ال سن إل يه‪ ،‬لن ال نب أضاف‬
‫سعَة‬
‫الت سعة والت سعي ا سا إل يه فقال‪( :‬إِنّ لِل ِه ِت ْ‬
‫اسـمَا مِاَئًة إِل وَا ِحدًا)‪ ،‬وهذا مـا أظهره‬
‫ِسـعِي ْ‬
‫َوت ْ‬
‫البحث الاسوب بمسة ضوابط كما تقدم‪ ،‬تسعة‬
‫وتسعون اسا تضاف إل لفظ الللة ‪.‬‬
‫وينبغي العلم بأن أساء ال كلها حسن وكلها‬
‫عظ مى‪ ،‬وو جه السن في ها أنا دالة على أح سن‬
‫وأعظـم وأقدس مسـمى وهـو ال ‪ ،‬فذاتـه فـ‬
‫ح سنها وجلل ا ل يس كمثل ها ش يء‪ ،‬وأ ساؤه ف‬
‫كمالا وجالا تنهت عن كل نقص وعيب‪ ،‬وقد‬
‫ك ذِي الَل ِل والكرام‬
‫قال تعال‪َ :‬تبَا َر َك ا ْس ُم َرّب َ‬
‫[الرحن‪. ]7 8 :‬‬
‫وهذا يسري على كل اسم تسمى به ال سواء‬

‫ـــ ‪ 348‬ـــ‬
‫غابت عنا معرفته أو علمناه‪ ،‬والسن والعظمة ف‬
‫أساء ال على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد‪،‬‬
‫ومن أجل ذلك تعرف ال إليهم بملة منها تكفي‬
‫لظهار معا ن الكمال ف عبوديت هم‪ ،‬وتقق كمال‬
‫الكمة ف أفعال خالقهم‪ ،‬فاسم ال العظم الذي‬
‫يناسـب حال فقرهـم العطـي الواد أو الحسـن‬
‫الوا سع الغ ن‪ ،‬وا سه الع ظم الذي ينا سب حال‬
‫ضعفهـم القادر القديـر أو القتدر الهيمـن القوي‪،‬‬
‫وفـحال الذلة وقلة اليلة يناسـبهم الدعاء باسـه‬
‫العز يز البار أو الت كب العلى التعال العلي‪ ،‬و ف‬
‫حال الندم بعـد اقتراف الذنـب يناسـبهم الدعاء‬
‫باسـه اللطيـف التواب أو الغفور الغفار اليـي‬
‫الستي‪ ،‬وف حال السعي والكسب يدعون الرازق‬
‫الرزاق أو النان ال سميع الب صي‪ ،‬و ف حال ال هل‬
‫والبحث عن أسباب العلم والفهم يناسبهم الدعاء‬

‫ـــ ‪ 349‬ـــ‬
‫باسه السيب الرقيب أو العليم الكيم البي‪ ،‬وف‬
‫حال الرب وقتال العدو فن عم الول ون عم الن صي‬
‫‪.‬‬
‫وهكذا كـل اسـم مـن السـاء السـن هـو‬
‫العظم ف موضعه‪ ،‬وعلى حسب حال العبد وما‬
‫ينفعـه‪ ،‬وال أسـاؤه ل تصـى ول تعـد وهـو‬
‫وحده الذي يعلم عدد ها‪ ،‬ف قد ث بت من حد يث‬
‫ا بن م سعود ‪ t‬أن ال نب قال ف دعاء الكرب‪:‬‬
‫ك أ ْو‬
‫س َ‬‫ك ِب ُك ّل ا ْس ٍم ُه َو ل كَ‪َ ،‬سمّيت به نف َ‬ ‫(أ سْأل َ‬
‫أنزَلت ُه فِي كتاِب كَ‪ ،‬أ ْو عَلمْت ُه أحَدا ِم ْن خَل ِق كَ‪ ،‬أ ْو‬
‫ب عِن َدكَ) ( ) ‪.‬‬
‫‪281‬‬
‫اسْتأثرْت ِبِه فِي عِل ِم الغْي ِ‬
‫وال من حكمته أنه يعطي كل مرحلة من‬
‫مراحل خلقه معرفة ما يناسبها من أسائه وصفاته‬

‫‪281‬السلسلة الصحيحة ( ‪. )199‬‬


‫ـــ ‪ 350‬ـــ‬
‫بيث تظهر فيها دلئل جلله وكماله‪ ،‬ففي مرحلة‬
‫البتلء وما ف الدنيا من شهوات وأهواء‪ ،‬وحكمة‬
‫ال فـتكليف نا بالشرائع والحكام‪ ،‬وتي يز اللل‬
‫مـن الرام‪ ،‬فـهذه الرحلة عرفنـا ال بملة مـن‬
‫أ سائه تتنا سب مع احتياجات نا وتوحيد نا له‪ ،‬فقال‬
‫سعِي ا ْسمَا مِائة إِل وَا ِحدًا َم ْن‬
‫سعَة َوِت ْ‬
‫‪ِ( :‬إ ّن لِ ِت ْ‬
‫أ ْح صَاهَا َدخَل النة) ‪ ،‬فالساء السن ال ت‬
‫‪282‬‬‫)‬ ‫(‬

‫تقدم ذكر ها هي ال ساء الطل قة ال ت تف يد الدح‬


‫والثناء على ال بنف سها دون إضا فة أو ترك يب أو‬
‫تقييد‪ ،‬وهي كلها حسن وعظمى ‪.‬‬
‫و قد ثب تت ب عض الروايات الرفو عة ال ت ذ كر‬
‫فيهـا النـب السـم العظـم على اعتبار اقتران‬
‫اسـي معـا يظهران كمال مصـوصا فوق عظمـة‬

‫‪282‬صحيح البخاري (‪ ،)6957‬ومسلم (‪. )2677‬‬


‫ـــ ‪ 351‬ـــ‬
‫ـ ورد فـاقتران اليـالقيوم‪،‬‬
‫ال سم النفرد‪ ،‬كم ا‬
‫والرحن الرحيم‪ ،‬والحد الصمد ‪.‬‬
‫وكل هذه الساء تعطي من معان الكمال ما ل‬
‫يعطيه كل اسم بفرده‪ ،‬وقد بينا ذلك مفصل ف‬
‫كتاب أساء ال السن الثابتة ف الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫أ سأل ال بأ سائه ال سن أن يغ فر ل ذ نب‬
‫وتقصيي‪ ،‬وما بدر من من سوء نظري وتدبيي‪،‬‬
‫وأن يرزق ن طاع ته وتقواه‪ ،‬وأن ي عل هذا الع مل‬
‫سببا ف ع تق رقب ت من النار يوم ألقاه‪ ،‬وأن يغ فر‬
‫لوالديّ ويزي زوج ت أم ع بد الرزاق خ ي الزاء‬
‫على ما قدمته من جهد كبي وعناء ف مساعدت‬
‫لخراج هذا العمل الفصل والختصر ‪.‬‬
‫كما أسأله سبحانه وتعال أن يغفر لكل من نقل‬
‫هذا الع مل أو نشره أو شر حه أو حف ظه أو جعله‬

‫ـــ ‪ 352‬ـــ‬
‫سببا ف توجيه السلمي إل توحيد رب العالي ف‬
‫أسائه السن وصفاته العل يا والتوسل إل ال با‪،‬‬
‫وأن يشفع فينا وفيه خات النبياء والرسلي ‪.‬‬
‫وكتبه‬
‫الفقي إل عفو ربه‬
‫د ‪ /‬ممود عبد الرازق الرضوان‬
‫الثان عشر من ذي القعدة سنة ‪.1 4 2 6‬‬

‫‪‬‬
‫ـــ ‪ 353‬ـــ‬
‫للمعرفة الموسوعية والدلة‬
‫التفصيلية‬
‫حول كل اسم من السماء‬
‫الحسنى‬
‫يمكن الرجوع إلى ‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب أسماء الله الحسنى الثابتة في‬
‫الكتاب والسنة لفضيلة الشيخ‬

‫يطلب من ‪ :‬مكتبة سلسبيل ت ‪0106761219‬‬


‫شارع العزيز بالله ـ الزيتون ـ القاهرة‬

‫‪ -2‬الصدار الرابع من المكتبة الصوتية‬


‫في العقيدة السلمية بعنوان ‪:‬‬
‫أسماء الله الحسنى لفضيلة الشيخ‬

‫تعمل على جميع مشغلت ‪MP3‬‬


‫يطلب من ‪ :‬شركة أجياد للعـلن‬
‫والبرمجيات‬
‫‪ 10‬ش حسن المأمون ـ الحي الثـامن ـ‬
‫مدينـة نصر ـ القاهرة‬
‫ت ‪0105341043 – 2703954 :‬‬
‫ـــ ‪ 354‬ـــ‬
‫‪abbas-shams@hotmail.com‬‬

‫لرائكم واستفساراتكم حول السماء‬


‫الحسنى‬
‫يمكن مراسلة المؤلف‬
‫على البريد اللكتروني التالي‬
‫‪ababm@hotmail.com‬‬

‫ـــ ‪ 355‬ـــ‬

You might also like