Professional Documents
Culture Documents
ممن المور دون أن أتصمّوره أو أفهممه؛ ولذلك فل معنمى للحكمم على الشيعمة دون أن تعرفهمم ،ول معنمى
سنّة والشيعة دون إدراك طبيعة كُلّ من الطرفين ،ول معنى كذلك للدلء بالرأي في قضية التقريب بين ال ّ
لقبول أو رفمض فتمح باب الحديمث عمن الشيعمة دون أن تعرف حقيقمة الممر ،ودرجمة خطورتمه ،وأولويتمه،
وعلقته بالمتغيرات الكثيرة التي تمر بها المة.
ل ممن همم
باختصمار شديمد أننما قبمل أن نتطوع بانتقاد المهاجميمن أو المدافعيمن عمن الشيعمة ل بُدّ أن نفهمم أو ً
الشيعة؟ وما هي جذورهم؟ وما هي الخلفية العقائدية والفقهية لهم؟ وما هو تاريخهم؟ وما هو واقعهم؟ وما
همي أهدافهمم وأحلمهمم؟ وعندهما نسمتطيع أن نُدلِي برأينما على بصميرة .وكمم ممن الناس غيّروا تمامًا ممن
آرائهم ،وتنازلوا عن كثير من أفكارهم بعد أن َوصَلتهم المعلومة الصحيحة ،والرؤية الواضحة.
من هم الشيعة؟!
إن القضيممة ليسممت قضيممة قوم يعيشون فممي بلد مممن البلد ،لهمما بعممض المشاكممل مممع الدول المجاورة ،إنممما
للقضية جذورٌ عقائدية وفقهية وتاريخية ل بُ ّد من العودة إليها..
يختلف كثيمر ممن المؤرخيمن حول البدايمة الحقيقيمة للشيعمة ،والذي يشتهمر عنمد الناس أن الشيعمة همم الذيمن
تشيعوا لعلي بمن أبمي طالب tفمي خلفمه ممع معاويمة بمن أبمي سمفيان رضمي ال عنهمما ،ولكمن هذا يعنمي أن
أتباع علي بمن أبمي طالب tهمم الشيعمة ،وأتباع معاويمة بمن أبمي سمفيان tهمم السّمنّة .وهذا لم يقبمل بمه أحمد،
سنّة يعتقدون أن الحق في الخلف الذي دار بين الصحابييْن الجليليْن كان في جانب علي ،tوأن معاوية فال ّ
tاجتهمد ولم يصمل إلى الصمواب فمي المسمألة ،وعليمه فانحياز فكمر السمّنة إلى علي بمن أبمي طالب tواضمح.
كما أن الفكار والمبادئ والعقائد التي يقول بها الشيعة لم تكن من أفكار ومبادئ علي بن أبي طالب أبدًا؛
ولذلك فل يصح أن يقال :إن بداية الشيعة كانت في هذا الزمن.
وممن المؤرخيمن ممن يقول :إن بدايمة الشيعمة كانمت بعمد اسمتشهاد الحسمين رضمي ال عنمه .وهذا رأي وجيمه
جدّا؛ فقمد خرج الحسمين tعلى خلفمة يزيمد بمن معاويمة ،واتجمه إلى العراق بعمد أن دعاه فريمق ممن أهلهما
إليهما ،ووعدوه بالنصمرة ،ولكنهمم تخّلوْا عنمه فمي اللحظات الخيرة ،وكان الممر أن اسمتُشهد الحسمين tفمي
كربلء ،فندمممت المجموعممة التممي قامممت باسممتدعائه ،وقرروا التكفيممر عممن ذنوبهممم بالخروج على الدولة
المويمة ،وحدث هذا الخروج بالفعمل ،وقُتمل منهمم عددٌ ،وعُرف هؤلء بالشيعمة .وهذا يفسمّر لنما شدة ارتباط
الشيعة بالحسين بن علي -رضي ال عنهما -أكثر من علي بن أبي طالب tنفسه ،وهم -كما نشاهد جميعًا
-يحتفلون بذكرى استشهاد الحسين رضي ال عنه ،ول يحتفلون بذكرى استشهاد علي بن أبي طالب .t
وممع ذلك فنشأة هذه الفِرقمة لم تكمن تعنمي إل نشوء فرقمة سمياسية تعترض على الحكمم الموي ،وتناصمر
سنّة ،بل إننا سنرى أن
فكرة الخروج عليها ،ولم يكن لها مبادئ عقائدية أو مذاهب فقهية مختلفة عن أهل ال ّ
1
سنّة يتكلمون بكل عقائد
القادة الوائل الذين يزعم الشيعة أنهم الئمة الشيعيّة الوائل ما هم إل رجال من ال ّ
ومبادئ السّنة.
اسمتقرت الوضاع نسممبيّا بعمد شهور ممن اسممتشهاد الحسمين ،tوظهمر فمي الفترة علي زيمن العابديممن بممن
الحسممين ،وكان مممن خِيار الناس ،ومممن العلماء الزهّاد ،ولم يكممن يُؤثَمر عنممه -رحمممه ال -أيّ مخالفات
عقائدية أو فكرية لما كان عليه الصحابة أو التابعون..
وكان من أبناء علي زين العابدين رجلن عظيمان على درجة عالية من الورع والتقوى ،هما محمد الباقر
وزيمد ..وكانما يتوافقان تمامًا ممع مما يقوله علماء السمّنة ممن الصمحابة والتابعيمن ،غيمر أن زيمد بمن علي -
رحممه ال -كان يختلف فمي أنمه يرى أن علي بمن أبمي طالب كان أولى بالخلفمة ممن أبمي بكمر الصمديق ،t
وهمو وإن كان يخالف بذلك إجماع المممة ،ويخالف أحاديمث كثيرة مباشرة رفعممت قدر أبمي بكمر الصمديق
وعمممر وعثمان yفوق عليّم ،tإل أن هذا الختلف ليممس اختلفًما عقائديّامم؛ فهممو يرى الفضممل للخلفاء
لوَل ،لكنمه يرى عليّام أفضمل .كمما أنمه يقول بجواز إماممة المفضول ،وهمو بذلك ل ينكمر الراشديمن الثلثمة ا ُ
إماممة الصمديق وعممر وعثمان ،tأمما غيمر هذه النقطمة فهمو يتفمق ممع أهمل السمّنة فمي كمل عقائدهمم ومبادئهمم
وفقههم.
ولقممد قام زيممد بممن علي بالخروج على الخلفممة المويممة مك ّررًا تجرِبممة جَدّه الحسممين بممن علي رضممي ال
عنهما ،وذلك في زمان هشام بن عبد الملك ،وانتهى المر بقتله سنة 122هم ،وقام أتباعه بتأسيس مذهب
على أفكاره عُرف فمي التاريمخ بالزيديّةم نسمبة إليمه (زيمد بمن علي) ،وهذا المذهمب وإن كان محسموبًا على
الشيعمة إل أنمه يتفمق ممع السّمنّة فمي كمل شيمء إل فمي تفضيمل عليّ على الخلفاء الراشديمن الثلثمة الوائل،
وأتباع هذا المذهمب منتشرون فمي اليممن ،وهمم أقرب الشيعمة للسّمنّة ،وتكاد ل تفرّقهمم عمن السمنة فمي معظمم
الحوال.
وممن الجديمر بالذكمر أن هناك طائفمة ممن أتباع زيمد بمن علي سمألوه عمن رأيمه فمي أبمي بكمر وعممر ،فترحّمم
عليهمما ،فرفضمه هؤلء ورفضوا الترحّمم على أبمي بكمر وعممر ،وانشقّوا عمن فرقتمه ،وهؤلء عُرفوا فمي
التاريمخ بالرافضضة؛ لنهمم رفضوا إماممة الشيخيمن أبمي بكمر وعممر ممن ناحيمة ،ورفضوا رأي زيمد بمن علي
من ناحية أخرى ،وهؤلء سيكون منهم من يؤسّس بعد ذلك مذهب "الثنا عشرية" أكبر مذاهب الشيعة.
ولقمد مات محممد الباقمر أخمو زيمد بمن علي قبمل أخيمه بثمانمي سمنوات (فمي سمنة 114همم) ،وترك ابنًا عالمًا
ل هممو جعفممر الصممادق ،وهممو أيضًما مممن العلماء الفذاذ ،وكان فقيهًما بارعًما ،وكان يقول بكممل عقائد
جلي ً
الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين.
وفمي أواخمر عهمد الخلفمة المويمة قاممت الحركمة العباسمية بنشاط لتجميمع الناس للنقلب على الخلفمة
الموية ،وتعاونت هذه الحركة مع المجموعات التي انشقت عن زيد بن عليّ ،وتم إسقاط الخلفة الموية
سممنة 132هممم ،وقامممت الخلفممة العباسممية بقيادة أبممي العباس الس مفّاح ثممم أبممي جعفممر المنصممور ،وشعممر
المتعاونون معهما بخيبمة أممل؛ إذ كانوا يريدون أن تكون الزعاممة فمي أحمد أحفاد علي بمن أبمي طالب .وممن
جديد قام هؤلء بالنقلب على الخلفة العباسية مكوّنين جماعة عُرفت بالطالبيين (نسبة إلى علي بن أبي
طالب )tفي مقابل العباسيين المنسوبين إلى العباس بن عبد المطلب .t
2
ل قضيمة الحكمم على أبمي بكمر وعممر؛ لنّ
وإلى هذه اللحظمة ليسمت هناك مخالفات عقائديمة وفقهيمة ،اللهُمّ إ ّ
فريقًا من هؤلء -وهم الذين انشقوا عن زيد بن علي -كانوا يرفضونهما ،بل ل يخفون لعنهما!
توفّي جعفر الصادق سنة 148هم ،وترك ابنًا اسمه موسى الكاظم ،الذي كان عالمًا أيضًا ،ولكن ليس على
مستوى أبيه ،وتوفّي أيضًا في عام 183هم ،تاركًا مجموعة من الولد منهم علي بن موسى الرضا.
ولقد أراد الخليفة العباسي المشهور المأمون أن يستوعب فتنة الطالبيين ،الذين يطالبون بالحكم لفرع علي
ل واسمعًا
بمن أبمي طالب ،tوليمس لفرع العباس t؛ فولّى علي بمن موسمى الرضما وليمة العهمد ،وأثار هذا جد ً
في العباسيين ،غير أن علي بن الرضا مات فجأةً سنة 203هم ،فا ّتهَم الطالبيون المأمون بقتله ،ومن جديد
توالت ثوراتهم على العباسيين كما كانت على المويين.
مرت السمنوات ،وهدأت جذور الثورات نسمبيّا ،وإلى هذه الفترة لم يكمن هناك مذهبٌم دينمي مسمتقل يُعرَف
ب كثيرة،
بمذهب الشيعة ،إنما كانت حركات سياسية للوصول إلى الحكم ،والعتراض على الحكام لسبا ٍ
ليست منها السباب العقائدية التي في مناهج الشيعة الن.
وممن اللفمت للنظمر أن هذه الدعوات النشقاقيمة عمن الحكمم وجدت لهما صمدًى واسمعًا جدّا فمي منطقمة فارس
(إيران حاليًا) ،وكان الكثيمر ممن سمكان هذه المناطمق على مدار السمنوات يشعرون بالحسمرة لذهاب مُلك
الدولة الفارسممية الضخمممة ،وانصممهارها فممي داخممل الدولة السمملمية ،وكانوا يرون أنفسممهم أعلى نس مبًا،
وأفضمل عرقًا ،وأعممق تاريخًا ممن المسملمين؛ لذلك ظهمر فيهمم مما يسممّى بالشعوبيّةض ،وهمي النتماء لشعمب
معيّنم وليمس للسملم ،وأظهمر بعضهمم حبّام جارفًا لجذوره الفارسمية بكمل مما فيهما ،حتمى النار التمي كانوا
يعبدون.
ولمما كان هؤلء ل طاقمة لهمم بمفردهمم للخروج على الدولة السملمية ،ولمما كانوا مسملمين على مدار عِدّة
عقود ممن السمنوات ،فقمد وجدوا فمي ثورات الطالبييمن حلّ بديلً؛ فهمم سمينضمون إليهما ليسمقطوا الخلفمة
السلمية التي أسقطت دولتهم قبل ذلك ،وهم في نفس الوقت لن يتركوا السلم الذي اعتنقوه منذ سنوات
طويلة ،ولكنهممم سمميحرّفونه بممما عندهممم مممن تراث الدولة الفارسممية ،وسمميطعّمونه بممما يضمممن اسممتمرارية
لمّةم السملمية ،وهمم لن يكونوا على قممة الهرم ،بمل سميأتون بالطالبييمن الذيمن الوضمع المضطرب فمي ا ُ
ينتمون إلى علي بمن أبمي طالب ،tوهمم جزء ممن آل بيمت النمبي ،rولهمم مكانمة فمي قلوب الناس ،ومِن ثَم
سيُكتب لمثل هذه الدعوة الستمرار.
وهكذا اتحدت جهود الشعوبييمن الفارسميين ممع طائفمة ممن الطالبييمن ممن آل البيمت ،لتكوّن كيانًا جديدًا بدأ
يتبلور ككيان مستقل ،ليس سياسيّا فقط بل دينيّا أيضًا.
وعودة إلى سملسلة الطالبييمن نجمد أنمه بعمد وفاة علي الرضضا الذي اختاره المأمون وليّام للعهمد ،ظهمر ابنمه
محمد الجواد ثم توفّي في سنة 220هم ،ليظهر ابنه علي بن محمد الهادي الذي توفي سنة 254هم ،ليظهر
أخيرًا الحسن بن علي الملقّب بالعسكري ،الذي توفي فجأةً سنة 260هم ،ولم يترك إل ابنًا صغيرًا عمره 5
سنوات اسمه محمد.
3
في كمل هذه السمنوات السمابقة كانت هذه الحركات النفصمالية ،والتمي تضمّ طرفًا من آل البيت وطرفًا ممن
الشعوبييمن الفارسميين ،كانوا يعطون قيادة هذه الفرقمة النفصمالية إلى البمن الكمبر لكمل واح ٍد ممن قيادات
الطالبييمن ،بدءًا ممن علي الرضما وانتهاءً بالحسضن العسضكري .أمما ممن سمبق علي الرضما مثمل أبيمه موسمى
الكاظمم ،أو جَدّه جعفمر الصمادق ،أو أبمي جَدّه محممد الباقمر فلم يكمن لهمم قيادة ثوريمة على الحكمم الموي أو
العباسي.
وكان من أشهر هذه الفرق التي ظهرت "الثنا عشرية" ،وهي الفرقة الموجودة الن في إيران والعراق
ولبنان ،وهي أكبر فرق الشيعة في زماننا المعاصر.
وبدأ قادة هذه الفرقة يضيفون إلى السلم ما يناسب الموقف الذي يتعرضون له الن ،وما يضمن لفرقتهم
أن تُكمِل المشوار في ظل غياب قائد لهم..
ع خطيرة إلى الدين السلمي ،وزعموا أنها جزء ل يتجزأ من السلم ،وأصبحت هذه لقد أضافوا عدّة بد ٍ
البدع بالتالي جزءًا من عقيدتهم وتكوينهم؛ ومن هذه البدع ما هو خاص بالمامة ،فأرادوا أن يحلوا مشكلة
عدم وجود إمام الن؛ فقالوا :إن الئمة اثنا عشر فقط! وقالوا :إن هؤلء الئمة هم بالترتيب كما يلي-1 :
علي بن أبي طالب -2 .الحسن بن علي -3 .الحسين بن علي -4 .علي زين العابدين بن الحسين -5 .محمد
الباقر بن زين العابدين -6 .جعفر الصادق بن محمد الباقر -7 .موسى الكاظم -8 .علي الرضا -9 .محمد
الجواد -10 .علي الهادي -11 .الحسن بن علي العسكري -12 .محمد بن الحسن العسكري.
ومن هنا عُرفت هذه الفرقة بأنها اثنا عشرية ،ولكي يفسروا انتهاء الئمة إلى هنا قالوا :إن الطفل الصغير
محممد بمن الحسمن العسمكري لم يمُتمْ ،بمل دخمل فمي أحمد السمراديب بجبمل ممن الجبال ،وأنمه يعيمش حتمى الن
(أكثمر ممن ألف سمنة حتمى الن) ،وأنمه سميعود فمي يومٍم مما ليحكمم العالم ،وهمو عندهمم المهديّم المنتظمر،
وزعموا أن الرسول rقد أوصى بأسماء هؤلء الئمة الثني عشر ،ولكنّ الصحابة yكتموا ذلك ،وبذلك
فهُ مْ يكفّرون عامّة الصحابة ،وبعضهم يف سّقهم دون التكفير؛ لنهم كتموا أمر الئمة هؤلء .ثم أدخلوا من
الفارسمية نظام حتميمة الميراث فمي الئممة ،فقالوا :إن المام ل بُ ّد أن يكون البمن الكمبر بدءًا ممن علي بمن
أبمي طالب tومرورًا بكمل الئممة ممن بعده .وهذا -كمما همو معلوم -ليمس فمي السملم أبدًا ،وحتمى الدول
سنّية التي حدث فيها التوارث كالخلفة الموية والعباسية والسلجوقية واليوبية والعثمانية لم السلمية ال ّ
يقولوا بأن هذا التوارث شيء من الدين ،أو أنه ل بُ ّد أن يكون في عائلة معيّنة .وأدخلوا أيضًا من الفارسية
مسممألة التقديممس للعائلة الحاكمممة ،فقالوا بعصمممة المام ،وأن هؤلء الئمممة المذكوريممن معصممومون مممن
الخطمأ ،وبالتالي يأخمذ كلمهمم حكمم القرآن ،وكذلك حكمم الحديمث النبوي ،بمل إنّ معظمم قواعدهمم الفقهيمة
والشرعيممة الن مسممتمدة مممن أقوال الئمممة ،سممواءٌ قالوهمما أو نُسممبت إليهممم زورًا .وأكثممر مممن ذلك يقول
الخوميني زعيم الثورة اليرانية في كتابه الحكومة السلمية ..." :وإن من ضروريات مذهبنا أن لئمتنا
مقامًا ل يبلغمه ملكٌم مقرّب ،ول نمبي مرسمل[ !!"]1وممن هنما كانمت عداوتهمم بالغمة للصمحابة جميعًا (إل
مجموعمة قليلة ل تزيمد على ثلثمة عشمر) ،وتشممل هذه العداوة بعضًا ممن أهمل البيمت مثمل العباس tعمم
4
حبْر المّة رضي ال عنهما .ول يخفى أن هذا الطعن والتكفير لهما؛
الرسول ،rوابنه عبد ال بن عباس َ
لخلف الثني عشرية مع الخلفة العباسية.
وكان أيضًا من بدعهم أنهم حكموا على معظم المصار السلمية بأنها دار كفر ،حيث كفّروا أهل المدينة
ومكة وأهل الشام ،وكذلك أهل مصر ،وقالوا في ذلك كلمات نسبوها إلى رسول ال ،rفهي تعتبر عندهم
جزءًا ممن الديمن ،وهذه الكلمات موجودة فمي مراجعهمم الصملية ،مثمل ُكتُب الكافمي وبحار النوار وتفسمير
القمي وتفسير العياشي والبرهان وغير ذلك من مراجع.
سنّة ،ويرفضون كل كتب الصّحاح والسّنة؛ فل البخاري ول مسلم ول وبالتبعية فهم ل يقبلون كل علماء ال ّ
الترمذي ول النسمائي ،ول أبمي حنيفمة أو مالك أو الشافعمي أو ابمن حنبمل ،كذلك ل خالد بمن الوليمد ول سمعد
بمن أبمي وقاص ول عممر بمن عبمد العزيمز ول موسمى بمن نصمير ،ول نور الديمن محمود ول صملح الديمن،
ول قطز ول محمد الفاتح ،وهكذا..
ونتيجة َنبْذهم للصحابة وللتابعين ولكتب الحديث والتفسير ،فإنهم اعتمدوا على القوال المنسوبة لئمتهم،
وهممي فممي غايممة الضعممف مممن ناحيممة الروايممة؛ ولذلك ظهرت عندهممم البدع المنكرة الكثيرة ،فممي العقائد
والعبادات والمعاملت وغيرهما .ونحمن ل نقصمد فمي هذا المقال تقصمّي هذه البدع ،فإنّ هذا يحتاج إلى عِدّة
كتبمٍ ،ولكمن نشيمر إلى أصمل المشكلة فقمط؛ حتمى نفهمم تبعاتهما ،وإلّ فالحديمث سميطول إذا تحدثنما عمن بدع
التقيّةم والرّجْعمة ،وبدع القول بتحريمف القرآن ،وبدع سموء العتقاد فمي ال ،Uوبدع الضرحمة ومما يفعمل
عندها ،وبنائها في المساجد ،والبدع المنكرة التي تُفعل في ذكرى يوم استشهاد الحسين ،tوغير ذلك من
آلف البدع التي أصبحت ركنًا أصيلً في الدين عند الثني عشرية.
وكمل مما ذكرناه حتمى الن مما همو إل جزء ممن فكمر فرقمة الثنمي عشريمة ،وهناك العديمد ممن الفرق غيرهما
قاممت فمي هذه الفترة ممن التاريمخ ،خاصمّة فمي الفترة المعروفمة فمي التاريمخ بفترة "حيرة الشيعمة" ،والتمي
بدأت في منتصف القرن الثالث الهجري بعد وفاة الحسن العسكري (المام الحادي عشر عندهم).
وبداي ًة مممن هذا التوقيممت بدأت تظهممر المؤلفات والكتممب التممي ترس مّخ هذه العقائد والفكار ،وانتشرت هذه
المناهج بشدّة في منطقة فارس خاصة ،وفي بلد العالم السلمي بشكل عام ،ولك نْ دون إقامة دولة تتبنّى
هذا الفكمر بشكلٍ رسممي .ولكمن عنمد نهايات القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابمع الهجري ،حدثتْم
تطورات خطيرة أدّتْم إلى وصمول الشيعمة إلى الحكمم فمي بعمض المناطمق ،وكان لهذا تداعيات رهيبمة على
المة السلمية ،وهذا ما سنتناوله في المقال القادم بإذن ال.
ونعيد القول بأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ،فإننا لكي نأخذ قرارًا في أمر من المور ،أو قضية
ممن القضايما ل بُ ّد ممن العلم أولً ،وبعمد أن تتوفّرم المعلوممة الصمادقة نسمتطيع عندهما أن نقول :هذا يجوز،
لوْلى كذا وكذا .أما الكلم بالعاطفة دون دراسة فهذا يُورِد المهالك..وهذا ل يجوز ،أو ا َ
5