You are on page 1of 24

‫الدستور و حقوق النسان‬

Created by Colors Mania


1
‫حقوق المرأة‬
‫المدخل‪:‬‬

‫حقوق المرأة‬
‫لفظ يدل على ما يمنح للمرأة من حريات في العالم الحديث‪.‬‬

‫اختلفت نظرة الشعوب إلى المرأة عبر التاريخ‪ ,‬ففي المجتمعات البدائية الولى كانت‬
‫غالبيتها امومية‪ ،‬وللمرأة السلطة العليا‪ .‬ومع تقدم المجتمعات وخصوصا الولى‬
‫ظهرت في حوض الرافدين‪ ،‬مثل شريعة[اورنامو] التي شرعت ضد الغتصاب وحق‬
‫الزوجة بالوراثة من زوجها‪ .‬شريعة [اشنونا] اضافت إلى حقوق المرأة حق الحماية‬
‫ضد الزوجة الثانية‪ .‬وشريعة بيت عشتار حافظت على حقوق المرأة المريضة‬
‫والعاجزة وحقوق البنات الغير متزوجات‪ .‬واخيرا فقوانين حمورابي التي احتوت على‬
‫‪ 92‬نصا من اصل ‪ 282‬تتعلق بالمرأة‪ ,‬وقد اعطت شريعة حمورابي للمرأة حقوقا‬
‫كثيرا من اهمها‪ :‬حق البيع والتجارة والتملك والوراثة والتوريث‪ ،‬كما ان لها الولوية‬
‫على الزوجة الثانية في السكن والملكية وحفظ حقوق الوراثة والحضانة والعناية عند‬
‫المرض‪ .‬كما شهد للعصر البابلي بوصول ملكة سمير اميس إلى السلطة لمدة خمس‬
‫سنوات‪.‬‬
‫في العهد الغريقي لم يكن للمرأة الحرة الكثير من الحقوق‪ ،‬فقد عاشت مسلوبة‬
‫الرادة ول مكانة اجتماعية لها وظلمها القانون اليوناني فحرمت من الرث وحق‬
‫الطلق ومنع عنها التعلم‪ .‬في حين كانت للجواري حقوقا أكثر من حيث ممارسة الفن‬
‫والغناء والفلسفة والنقاش مع الرجال‪.‬‬
‫في مدينة إسبارطة اليونانية كان وضع المرأة أفضل‪ ،‬فقد منحت المرأة هناك حقوق‬
‫حيث حصلت على بعض المكاسب التي ميزتها على أخواتها في بقية المدن اليونانية‬
‫وذلك بسبب انشغال الرجال بالحروب والقتال‪.‬‬
‫ومع تقدم الحضارة الغريقية وبروز بعض النساء في نهاية العهد الغريقي إزدادت‬
‫حقوق المرأة الغريقية ومشاركتها في الحتفالت والبيع والشراء‪ ,‬لم يكن ينظر‬
‫للم{أة كشخص منفرد وانما جزء من العائلة وبالتالي فأن الحقوق كانت على قيم‬
‫مختلفة عما نعرفه اليوم ومن الصعب المقارنة على اسس القيم الحالية‪ .‬ولكون‬
‫المرأة جزء من العائلة فأن الساس هو الحقوق التي تتضمن النسجام والبقاء‪ ،‬لذلك‬
‫كانت العائلة تخضع للرجل الذي يتولى حماية العائلة‪.‬‬
‫في العصر الروماني حصلت المرأة على حقوق أكثر مع بقائها تحت السلطة التامة‬
‫للب أو لحكم سيدها أن كانت جارية‪ ,‬أما المتزوجة فقد كان يطبق عليها نظام غريب‬
‫أما أن تكون تحت سلطة وسيادة الزوج أو أن تعاشر زوجها وتبقى مع أهلها‬
‫وسلطتهم‪ .‬وقد تركت لنا الثار الكثير من المعلومات التي تشير إلى ان امرأة كانت‬
‫تصبح قاضي وكاهن وبائع ولها حقوق البيع والشراء والوراثة كما كان لديها ثرواتها‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫في عهد الفراعنة في مصر كانت للمرأة حقوق لم تحصل عليها أخواتها في‬
‫الحضارات السابقة‪ ,‬فقد وصلت للحكم وأحاطتها الساطير‪ .‬كانت المرأة المصرية لها‬
‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬
‫‪2‬‬
‫سلطة قوية على إدارة البيت والحقل واختيار الزوج‪ ،‬كما انها شاركت في العمل من‬
‫اجل إعالة البيت المشترك‪ .‬كان الفراعنة يضحون بالمرأة للنيل تعبيرا عن مكانتها‬
‫بينهم‪ ،‬إذ يضحى بالفضل والجمل في سبيل الحصول على رضى اللهة‪.‬‬
‫أما في الصين فقد ظلمت المرأة ظلما كبيرا فقد سلب الزوج ممتلكاتها ومنع زواجها‬
‫بعد وفاته‪ ,‬وكانت نظرة الصينيين لها كحيوان معتوه حقير ومهان‪ .‬وفي الهند لم تكن‬
‫المرأة بحال أحسن فقد كانت تحرق أو تدفن مع زوجها بعد وفاته‪.‬‬
‫وفي فارس منحها زرادشت حقوق اختيار الزوج وتملك العقارات وإدارة شؤونها‬
‫المالية‪ ,‬ولزالت المرأة الفارسية تتمتع حتى الن بوضع اجتماعي أفضل من نظيرتها‬
‫العربية‪ .‬كما لزالت هذه المكانة المتميزة موجودة عند المرأة الكردية‪ ،‬التي تتمتع‬
‫بحريات كبيرة وتقاليد عريقة‬

‫النظرة إلى المرأة لدى الديانات‬


‫عند اليهود فقد كانت المرأة تعامل معاملة الغانية والمومس والمخربة للحكم‬
‫والملك‪ ,‬ولم تخ ُ‬
‫ل كتبهم الدينية من الستهانة بها و تحقيرها ومنعها من الطلق‪.‬‬
‫المسيحية اعتبرت المرأة والرجل جسدا واحدا‪ ،‬لقوامة ولتفضيل بل مساواة تامة‬
‫في الحقوق والواجبات‪ .‬وحرم الطلق وتعدد الزوجات‪ ،‬واعطيت قيما روحية اكبر‪.‬‬
‫واعطيت لمؤسسة الزواج تقديسا خاصا ومساواة في الحقوق بين الطرفين‪.‬‬
‫اما السلم فقد وضع عدة تشريعات تكفل لها جميع حقوقها ووضعت هذه التشريعات‬
‫دور معين و نهج محدد لدور كل من المرأة و الرجل في الحياة و حقوق و واجبات كل‬
‫منهما‬

‫المرأة في السلم‬

‫وفي الجاهلية في جزيرة العرب فقد شاركت المرأة في الحياة الجتماعية و الثقافية‬
‫في الوقت الذي كانت تؤد به البنات بسبب الفقر وانتشرت الرايات الحمر وسبيت‬
‫وبيعت واشترت‪ ،‬بالضبط كما بيع العبيد من الرجال‪ .‬والمرأة كانت لها حقوق كثيرة‬
‫مثل التجارة وامتلك الموال والعبيد‪ ،‬كما كان الحال مع خديجة زوجة الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ .‬كما كان لها الحق في اختيار الزوج او رفضه‪ .‬وكان منهم الشاعرات‬
‫المشهورات‪.‬‬
‫أما في السلم فقد تحسنت وتعززت بعض حقوق المرأة‪ ،‬وقد أعطى السلم المرأة‬
‫حقوقها سواءً المادية كالرث وحرية التجارة والتصرف بأموالها إلى جانب إعفائها من‬
‫النفقة حتى ولو كانت غنية أو حقوقها المعنوية بالنسبة لذاك العهد ومستوى نظرته‬
‫إلى الحريات بشكل عام وحرية المرأة بشكل خاص‪.‬‬
‫يكفل المرأة في السلم اربع ذكور ويحاسبون عليها امام الله الب والخ والزوج‬
‫والولد ان يكون لها ولى امر صالح يرعاها في كل شئون حياتها فهى أمانة الله التى‬
‫ارسلها مع ابينا آدم لم يكتب الله على المرأة الشقاء بل كتب على ابينا والذكور من‬
‫بعده من ولده فهى ل تكلف بالعمل ويكفى بها انها تعانى آلم الولده ومتعة الذكر‬
‫ورعايته واولده يقوم ولى أمر المرأة الصالح بتعليمها كل شئ عن دينها وعن حقها‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪3‬‬
‫فيه كما علمه الله في كتابه ويحفظ لها كرامتها ويعلمها الحياء وكل المور النسائية‬
‫حتى اذا قاربت البلوغ سألها ان كانت تريد الزواج او تستأذنه هى في ذلك وتقوم‬
‫النساء او الم بهذا الدور عن الب او الولى في سؤال وليته البكر لضرورة الحياء فإن‬
‫ارادت فيخبر عنها الخطاب واهل الصلح ليأتوا لرؤيتها فإن قبلت وإل فالذى يليه حتى‬
‫ترضى ولها سبع أيام و ليالى ترى فيها ان كانت ترغب في زوجها او ل منمعاملة‬
‫وخلفة عن قرب ووضوح فإن رأى انها ترغب اكمل زواجة بالدخول والبناء وإل‬
‫فيطلقها ولها نصف المهر ان تركها عذراء يتبع ان شاء الله‬
‫ل يقتصر دور المرأة في السلم على كونها إمتدادا للرجل‪ ،‬رغم أن بعض العلماء‬
‫والمؤرخون يختزلون دورها نسبة للرجل‪ :‬فهي إما أمه أو أخته أو زوجته‪ .‬أما واقع‬
‫الحال أن المرأة كانت لها أدوارها المؤثرة في صناعة التاريخ السلمي بمنأى عن‬
‫الرجل‪ .‬فنرى المرأة صانعة سلم (كدور السيدة أم سلمة في درء الفتنة التي كادت‬
‫تتبع صلح الحديبية)‪ ..‬ونراها محاربة (حتى تعجب خالد بن الوليد من مهارة احدى‬
‫المقاتلين قبل أكتشافه أن ذلك المحارب أمرأة)‪ ..‬ودورها في الفتاء بل وحفظ‬
‫الميراث السلمي نفسه‪.‬‬
‫ويتميز السلم في هذا المجال بمرونته في تناوله للمرأة‪ .‬فقد وضع السس التي‬
‫ن القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع‬ ‫تكفل للمرأة المساواة والحقوق‪ ..‬كما س ّ‬
‫إستغللها جسديا أو عقليا‪ ..‬ثم ترك لها الحرية في الخوض في مجالت الحياة‪ .‬وكما‬
‫ذكرنا‪ :‬لعل العائق أمام أن تنول المرأة وضعها العادل في المجتمعات الشرقية هو‬
‫العادات والموروثات الثقافية والجتماعية التي تضرب بجذورها في أعماق نفسية‬
‫الرجل الشرقي الذكورية وليس العائق الدين أو العقيدة‪.‬‬
‫فمن ناحية العقيدة‪ :‬حطّم السلم المعتقد القائل بأن حوّاء (الرمز النثوي) هي جالبة‬
‫الخطيئة أو النظرات الفلسفية القائلة بأن المرأة هي رجل مشوّه‪ .‬فأكّد السلم أن‬
‫آدم وحوّاء كانا سواءا في الغواية أوالعقاب أوالتوبة‪ ..‬كما أن الفروق الفسيولوجية‬
‫بين الرجل والمرأة ل تنقص من قدر أي منهما‪ :‬فهي طبيعة كل منهم المميزة والتي‬
‫تتيح له أن يمارس الدور المثل من الناحية الجتماعية‪ .‬وكل هذا منصوص عليه في‬
‫الموروث السلمي والمصادر النقلية من الكتاب والحاديث‪.‬‬

‫بيان حول حقوق المرأة ومنزلتها في السلم‬

‫الحمد لله رب العالمين والصلة و السلم على أشرف النبياء والمرسلين نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ...‬أما بعد ‪:‬‬
‫فقد جاءت هذه الشريعة شريعة السلم خاتمة الشرائع المنزلة من عند الله بما فيه‬
‫صلح أمر العباد في المعاش والمعاد ومن ذلك ‪ :‬الدعوة إلى كل فضيلة والنهي عن‬
‫كل رذيلة ‪ ،‬وصيانة المرأة وحفظ حقوقها خلفا ً لهل الجاهلية قديما ً وحديثا ً الذين‬
‫يظلمون المرأة ويسلبون حقوقها جهارا ً أو بطرق ماكرة ‪ ،‬كالذين يدّعون الهتمام‬
‫بشؤون المرأة ويدْعون إلى تحريرها من الحدود الشرعية لتلحق بالمرأة الغربية‬
‫الكافرة ‪ ،‬ويسندهم في ذلك أعداء السلم سيّما في هذه اليام التي تتعرض فيها‬
‫المة السلمية إلى حملة شرسة من عدوها بقيادة الحكومة المريكية لصدها عن‬
‫دينها من خلل ما يدّعونه من حقوق المرأة ومنها تغيير مناهج العلوم الشرعية ‪.‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪4‬‬
‫وعمل ً بواجب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم نتقدم إلى‬
‫المة بهذا البيان الذي نؤكد فيه على أصل من الصول الشرعية يتعلق بالمرأة وهو ‪:‬‬
‫وجوب اليمان بالفوارق بين الرجل والمرأة ‪ ،‬وأن كل دعوة للمساواة المطلقة بينهما‬
‫فهي دعوة باطلة شرعا ً وعقل ً حيث إن لكل من الجنسين وظيفة تختلف عن الخر‬
‫وهم مشتركون في جميع مسائل الدين أصوله وفروعه إل في أشياء مخصوصة‬
‫للفوارق التي بين الرجل والمرأة وكذلك في شؤون الحياة ك ٌّ‬
‫ل فيما يخصه ‪.‬‬

‫وقد دل الشرع والعقل والحس على فضل جنس الرجل على جنس المرأة ‪ ،‬قال‬
‫َ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل ال ّذِي‬ ‫مث‬‫ن ِ‬ ‫س الذ ّكَُر كَالنثَى } آل عمران ‪ ، 36‬وقال تعالى ‪ { :‬وَلهُ ّ‬ ‫تعالى ‪ { :‬وَلَي ْ َ‬
‫م } البقرة ‪ ، 228‬وقال تعالى‬ ‫حكُي ٌ‬ ‫ه عَزِيٌز َ‬ ‫ة َوالل ّ ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن دََر َ‬ ‫ل عَلَيْهِ َّ‬ ‫جا ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ف َولِل ّ ِ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن بِال ْ َ‬ ‫عَلَي ْ ِه َّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ما أنفَقُوا ْ ِ‬ ‫ض وَب ِ َ‬ ‫م عَلى بَعْ ٍ‬
‫ضهُ ْ َ‬ ‫ه بَعْ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ما فَ َّ‬ ‫ساء ب ِ َ‬ ‫ن عَلَى الن ِّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل قَوَّا ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫‪ { :‬الّرِ َ‬
‫م } النساء ‪ ، 34‬ولذلك كانت القوامة للرجل ‪ ،‬وحتى عند الذين يدّعون‬ ‫َ‬
‫موَالِهِ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫المساواة بين الرجل والمرأة ويحاربون التمييز ضد المرأة يندر عندهم تولية المرأة‬
‫في المناصب العليا في الدولة كالرئاسة والوزارة ‪ ،‬والقضاء والدارة وسائر الوليات ‪،‬‬
‫فيجب أن يعلم أن كل ميثاق أو اتفاقية تتضمن ما يخالف شريعة السلم فإنه باطل ل‬
‫يجوز الدخول فيه هذا وقد أبطل السلم كل تميز ضد المرأة كان في الجاهلية مما‬
‫يتضمن ظلمها وهضم حقوقها وامتهان كرامتها ‪ ،‬ومن فروع هذا الصل ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬وجوب الحجاب على المرأة ‪ ،‬وتحريم إبدائها لزينتها ‪:‬‬
‫إن الحجاب شريعة محكمة قد أوجبها الله على المؤمنات كما قال تعالى ‪َ { :‬وقُل‬
‫َ َ‬ ‫ل ِّل ْمؤْمنات يغْضضن م َ‬
‫ما ظَهََر ِ‬
‫من ْ َها‬ ‫ن إ ِ ّل َ‬ ‫ن زِينَت َ ُه ّ‬ ‫ن وََل يُبْدِي َ‬ ‫جهُ َّ‬ ‫ن فُُرو َ‬ ‫حفَظ ْ َ‬ ‫ن وَي َ ْ‬ ‫صارِهِ َّ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫ُ ِ َ ِ َ ُ ْ َ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن إ ِ ّل لِبُعُولَت ِ ِه َّ‬ ‫َ‬
‫ن أوْ آبَاء‬ ‫ن أوْ آبَائ ِ ِه َّ‬ ‫ن زِينَتَهُ َّ‬ ‫ن وََل يُبْدِي َ‬ ‫جيُوب ِ ِه َّ‬ ‫ن عَلَى ُ‬ ‫مرِهِ َّ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ضرِب ْ َ‬ ‫وَلْي َ ْ‬
‫ن أوَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أ ْو أبْنَاء بُعُولَتِهِ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بُعُولَت ِ ِه َّ‬
‫خوَاتِهِ َّ َ ْ‬ ‫ن أوْ بَنِي أ َ‬ ‫خوَان ِ ِه َّ‬ ‫ن أوْ بَنِي إ ِ ْ‬ ‫خوَان ِ ِه َّ‬ ‫ن أو ْ إ ِ ْ‬ ‫ن أوْ أبْنَائِهِ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ل ال ّذِي َ‬ ‫ل أوِ الط ِّفْ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ن غَيْرِ أوْلِي اْلِْرب َ ِ‬
‫َ‬ ‫ن أ ِو التَّابِعِي َ‬ ‫مانُهُ َّ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫ملَك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن أ ْو َ‬ ‫سائِهِ َّ‬ ‫نِ َ‬
‫ن وَتُوبُوا‬ ‫من زِينَت ِ ِه َّ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن لِيُعْل َ َ‬ ‫جلِهِ َّ‬ ‫ن بِأْر ُ‬ ‫ضرِب ْ َ‬ ‫ساء وََل ي َ ْ‬
‫َ‬
‫ت الن ِّ َ‬ ‫م يَظْهَُروا عَلَى عَوَْرا ِ‬
‫َ‬ ‫لَ ْ‬
‫َ‬
‫ن } النور ‪ ، 31‬فجمع سبحانه في هذه الية‬ ‫حو َ‬ ‫م تُفْل ِ ُ‬ ‫ن لَعَل ّك ُ ْ‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ميعا ً أيُّهَا ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫إِلَى الل ّهِ َ‬
‫بين الغاية وهو حفظ الفروج والوسيلة لذلك وهو غض البصر ‪ ،‬وستر الزينة ‪ ،‬ونهى‬
‫عن إبدائها ولو بالحركة التي تدل عليها ‪ ،‬وفي هذه الداب التي اشتملت عليها هذه‬
‫الية صيانة لكرامة المرأة ‪ ،‬وسد ٌ لذرائع الفساد في المجتمع ليكون المجتمع المسلم‬
‫َ‬
‫ب عَنك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ه لِيُذْه ِ َ‬ ‫ما يُرِيد ُ الل ّ ُ‬ ‫طاهرا ً وسالما ً من فشوّ الرذيلة فيه ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ { :‬إِن َّ َ‬
‫م تَطْهِيرا ً } الحزاب ‪. 33‬‬ ‫ت وَيُطَهَِّرك ُ ْ‬ ‫ل الْبَي ْ ِ‬ ‫س أَهْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫الّرِ ْ‬
‫فيجب على المرأة المسلمة أن تعمل بوصايا ربها ‪ ،‬وأن تتوب من كل ما يخالف ذلك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن لَعَل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ميعا ً أي ُّ َها ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫لتفوز بالصلح والفلح قال تعالى ‪ { :‬وَتُوبُوا إِلَى الل ّهِ َ‬
‫ن } النور ‪ ، 31‬وذلك ل يتحقق إل بثياب الحشمة وهي الساترة لجميع بدنها ‪،‬‬ ‫حو َ‬ ‫تُفْل ِ ُ‬
‫غير ضيقة ول شفافة ‪ ،‬وإذ قد أجمع العلماء على وجوب ستر المرأة لشعرها ونحرها‬
‫َ‬
‫ن } النور‬ ‫من زِينَتِهِ َّ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن لِيُعْل َ َ‬ ‫جلِهِ َّ‬ ‫ن بِأْر ُ‬ ‫ضرِب ْ َ‬ ‫ورجليها ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ { :‬وََل ي َ ْ‬
‫‪ ، 31‬فستر الوجه الذي هو مجمع المحاسن أوجب وأوجب ‪ ،‬ول يجوز أن يُتخذ خلف‬
‫بعض العلماء وسيلة لستباحة ما قام الدليل على تحريمه ‪ ،‬فإن الواجب عند التنازع‬
‫الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ‪ { :‬فَإِن تَنَاَزعْت ُ ْ‬
‫م‬
‫خيٌْر‬ ‫ك َ‬ ‫خرِ ذَل ِ َ‬ ‫ن بِاللّهِ وَالْيَوْم ِ ال ِ‬ ‫منُو َ‬ ‫م تُؤْ ِ‬ ‫ل إِن كُنت ُ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫يءٍ فَُردُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالَّر ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫فِي َ‬
‫ن تَأ ِويل } النساء ‪.59‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ومن المصائب التي حلت بالمجتمعات السلمية فشوّ السفور والتبرج الذي هو‬
‫ساق المسلمين ‪ ،‬ولن ذلك مفتاح لما يريده الكفار‬ ‫مطلب للكفار والمنافقين وف ّ‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪5‬‬
‫بالمسلمين من النحلل وفساد الحوال وهو طريق الفاسقين لنيل شهواتهم المحرمة‬
‫َ‬
‫ت أَن‬ ‫ن ال َّ‬
‫شهَوَا ِ‬ ‫ن يَتَّبِعُو َ‬‫‪ ،‬قال تعالى في بيان مراد الكافرين والفاسقين ‪ { :‬وَيُرِيد ُ ال ّذِي َ‬
‫ميْل ً عَظِيما ً } النساء ‪ ، 27‬والميل العظيم ل يتحقق إل بشيوع الفاحشة ‪،‬‬ ‫ميلُوا ْ َ‬
‫تَ ِ‬
‫ودواعيها مما يفضي إلى استحللها كما وقع في بعض البلد السلمية من إباحة‬
‫ه لمنع هذا الفساد‬ ‫ض ‪ ،‬وتعطيل الحدود التي شرع الل ُ‬ ‫القانون للزنا إذا كان عن ترا ٍ‬
‫المدمر للمة !‬
‫وقد سلك الكفار وتلميذهم للوصول إلى غاياتهم ؛ طريق التدرج ‪ ،‬فبدأوا في بلدنا‬
‫بمحاربة ستر المرأة وجهها مستغلين للخلف في ذلك ‪ ،‬ثم بتشويه عباءات الحشمة ‪،‬‬
‫صرة وقصيرة مع التشبه بالرجال بوضعها على‬ ‫والغراءات بعباءات الفتنة من مخ ّ‬
‫الكتف ‪ ،‬ولن يقف أولئك عند ذلك ‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬وجوب قرار المرأة في بيتها فل تخرج إل لضرورة أو حاجة مباحة أو عمل‬
‫ه من الداب على المرأة المسلمة ‪،‬‬ ‫مشروع على وجه ليس فيه مخالفة لما فرض الل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جاهِلِي ّةِ الولى } الحزاب ‪، 33‬‬ ‫ْ‬ ‫ن تَبَُّر َ‬
‫ج ال َ‬ ‫ن َوَل تَبََّر ْ‬
‫ن فِي بُيُوتِك ُ َّ‬
‫قال الله تعالى ‪ { :‬وَقَْر َ‬
‫ج َ‬
‫ولقد هُيّئ للمرأة في عصر الحضارة الغربية كل السباب التي تلغي من الواقع واجب‬
‫القرار في البيت ‪ ،‬ونفّر المستغربون المرأةَ من القرار في البيت حتى شبهوا البيت‬
‫بالسجن ‪ ،‬ووصفوا التي ل تخرج الخروج المنشود لهم بأنها محبوسة بين أربعة جدران‬
‫‪.‬‬

‫من طعن في شرع الله وعارضه فهو كافر ‪ ،‬ومن خالفه بعمله فهو‬ ‫فيجب أن يعلم أن َ‬
‫ص ‪ ،‬ولقد كان مما تذم به المرأة أن تكون خّراجة ولجة ‪ -‬وهي التي تكثر الخروج‬ ‫عا ٍ‬
‫من غير حاجة ‪-‬والتي هذه حالها ‪ ،‬صفو حسنها ‪ ،‬وتصنعها للشارع ‪ ،‬ومكان العمل‬
‫والجتماع ‪ ،‬وكدرها لبيتها وزوجها ‪ ،‬وبئست المرأة هذه ‪ ،‬ومما تمدح به المرأة قرارها‬
‫في بيتها مع قيامها بحقوق ربها وزوجها وأولدها ونعمت المرأة هذه ‪.‬‬
‫هذا ومن أقبح خداع المستغربين وتغريرهم للمرأة المسلمة ‪ ،‬تعظيمهم للعاملة خارج‬
‫المنزل حتى ولو كانت مضيفة في طائرة ‪ ،‬وتهوينهم من عمل المرأة في بيتها قياماً‬
‫بحق زوجها وتربية أولدها مع أنه هو الصل والعظم أثرا ً في المة والجدى في‬
‫تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة ‪.‬‬

‫ومن هؤلء المخادعين من يلبس فيدعي أن المرأة قادرة على أن تجمع بين واجباتها‬
‫في المنزل وواجباتها الوظيفية ‪ ،‬وهذه الدعوى أول من يكذبها النساء المنصفات من‬
‫ل شيء على ذلك أن أي امرأة عاملة ل بد لها أن تستقدم امرأة‬ ‫العاملت ‪ ،‬وأد ّ‬
‫تخلفها في البيت إل ما ندر ‪.‬‬
‫وإمعانا في المكر وتمويه الحقائق تشويها ً للحق وتزينا ً للباطل يقوم دعاة التغريب في‬
‫وسائل العلم بالشادة والتبجيل بمن يكون لها تميّز في الخروج عن حدودها الفطرية‬
‫والشرعية ولو بعمل ل يمكن أن تمارسه النساء إل في صورة شاذة كقيادة الطائرة ‪،‬‬
‫وكذا الشادة ببناتنا في مزاولة العمال المدنسة لكرامتهن كالتمثيل مع الرجال‬
‫وكالغناء والعمل مع الرجال [ سكرتيرة ] وغيرها من العمال المختصة بالرجال ‪،‬‬
‫ولصحيفة عكاظ والوطن والرياض تميز في هذا الباطل‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬وجوب تميز النساء عن الرجال وذلك بعدم الختلط في العمل والتعليم‬
‫والمتنزهات ‪ ،‬وباجتناب كل عمل يؤدي إلى ذلك كالعمل في العلم وشركات‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪6‬‬
‫الطيران والمصانع والمستشفيات ‪ ،‬فإن الختلط بين الرجال والنساء في هذه‬
‫المجالت ونحوها يشتمل على أنواع من المنكرات كالسماع والنظر الحرام والخلوة‬
‫المحرمة والتبرج والسفور ‪ ،‬وكل هذه أسباب تجّر إلى الفاحشة ‪ ،‬ولهذا جاءت‬
‫ساء‬
‫ة وَ َ‬ ‫ن فَا ِ‬
‫ح َ‬
‫ش ً‬ ‫الشريعة بسد هذه البواب ‪ ،‬قال تعالى ‪ { :‬وَل َ تَقَْربُوا ْ الّزِنَى إِن َّ ُ‬
‫ه كَا َ‬
‫سبِيل ً } السراء ‪ ، 32‬ومن الماكن التي يجب على المسلمة أن تحذرها المشاغل‬ ‫َ‬
‫النسائية ‪ ،‬ومحلت [ التخسيس] !! فإن هذه الماكن وإن كانت مخصصة للنساء فإنها‬
‫غير مأمونة لنه يرتكب في بعضها أو كثير منها أمور محرمة ‪ -‬بعلم المرتادة لهذه‬
‫الماكن أو بغير علمها ‪ -‬كالتصوير وكشف العورات التي ل يحل النظر إليها ول من‬
‫سها عند التدليك ‪،‬‬ ‫المرأة إلى المرأة بل قد يصل المر إلى كشف العورة المغلظة وم ّ‬
‫مع أن كثيرا ً من العاملت في هذه الماكن مدربات على قلة الحياء ‪ ،‬بل ومنهن‬
‫الكافرات مما يجعل هذه الماكن بؤرا ً للفساد ومصيدة لصحاب الفجور ‪ ،‬فالتردد‬
‫على تلك الماكن سبيل إلى خلع ثوب الحياء ‪ ،‬بل والوقوع في الفاحشة الكبرى ‪.‬‬

‫وبعد فمن المعلوم أن أعظم باب دخل منه على المرأة المسلمة لتغريبها بنزع حجابها‬
‫وإخراجها عن قرارها والزج بها في بحر الختلط ‪ ،‬هو التعليم العصري المستمدة‬
‫خططه وأهدافه وصيغته من منظمة اليونسكو ‪ ،‬ومن أفكار تلميذ الغرب المفتونين‬
‫بهم المنفّذين لهداف الكفار من حيث يشعرون أو ل يشعرون ‪ ،‬لكن لتعليم المرأة‬
‫في المملكة تميز فرضه واقع المجتمع فإن هذا التميز‪ -‬بزعمهم ‪ -‬في طريقه‬
‫للضمحلل على سبيل التدرج حسب استعداد المجتمع للتغيير المرسومة خططه‬
‫سلفا ً ‪ ،‬وأبرز ما تم في ذلك دمج تعليم البنات مع تعليم البنين تحت وزارة واحدة وما‬
‫ينشأ عن ذلك ‪ ،‬مما يحقق مكاسب لهواة التغريب ‪ ،‬وهذا لن تعليم المرأة في‬
‫المملكة كان في نشأته مشروطا ً ومحدودا ً ‪ ،‬ولم يزل يُطور حتى ذهبت الحدود‬
‫ق من تميزه عن التعليم في سائر المجتمعات المغّربة إل عدم‬ ‫وخفت القيود ‪ ،‬ولم يب َ‬
‫الختلط في العم الغلب مع ما تميزت به المملكة في تعليم البنين والبنات من‬
‫عناية بالعلوم الشرعية ‪.‬‬
‫ولسنا بهذا ننكر تعليم المرأة ‪ ،‬التعليم الذي يربي فيها الخلق الكريمة ‪ ،‬ويجعلها‬
‫بصيرة في دينها قادرة على تربية النشء التربية الصالحة ‪ ،‬بل هذا مما جاءت به‬
‫شريعة السلم التي اشتملت على الفضائل والكمالت وما به صلح الدنيا والخرة‬
‫ومن كمال الشريعة أن جاءت من الحكام بما يناسب كل ً من الرجل والمرأة بحسب‬
‫طبيعته وتكوينه لنها تنزيل من حكيم حميد ‪ ،‬وهو أعلم بما يصلح عباده فل يجوز أن‬
‫نسوي المرأة بالرجل في أسلوب تعليمها ‪ ،‬ول فيما تتلقاه من العلوم أو تزاوله من‬
‫العمال لختلف وظيفتيهما واستعدادهما العقلي والجسدي ‪.‬‬

‫وعلى هذا الساس بنى العلماء الفتوى بتحريم قيادة المرأة للسيارة لن ذلك يؤدي‬
‫إلى مفاسد كثيرة ‪ ،‬ومخالفات شرعية مما يتعلق بأحكام المرأة في المجتمع ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك ل يزال المستغربون والعصرانيون يدعون إلى فتح الباب أمام المرأة لقيادة‬
‫السيارة ليحققوا بذلك مطلبا ً مضافا ً إلى ما تحقق من مطالبهم مما يزعمونه حقوقاً‬
‫للمرأة وهي المطالب التي يتم بها تغريب المرأة المسلمة ‪.‬‬
‫ومن أعظم السباب التي مكنت لهؤلء من الوصول إلى مآربهم ومطالبهم عدم‬
‫الغيرة على العراض والحرمات أو ضعفها ‪ ،‬فإن الغيرة هي الغضب حماية للعرض‬
‫والكرامة ‪ ،‬وهي من أشرف الخلق ‪ ،‬فإن كانت لله كانت أكمل وأفضل ‪ ،‬وقد كان‬
‫َ‬
‫ن غَيَْرةِ َ‬
‫سعْدٍ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫جبُو َ‬
‫صلى الله عليه وسلم أكمل الناس غيرة ‪ ،‬ولهذا قال ‪ ( :‬أتَعْ َ‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪7‬‬
‫َ‬ ‫واللَّه َلَنا أَغْير منه والل َّه أَغْير منِي وم َ‬
‫ما ظَهََر ِ‬
‫من ْ َها‬ ‫ش َ‬
‫ح َ‬‫م الْفَوَا ِ‬ ‫ل غَيَْرةِ الل ّهِ َ‬
‫حَّر َ‬ ‫ج ِ‬
‫نأ ْ‬‫َ ِ ْ‬ ‫َُ ِ ّ‬ ‫َُ ِ ْ ُ َ ُ‬ ‫َ ِ َ‬
‫ن ) البخاري كتاب التوحيد ‪ ،‬وكان صلى الله عليه وسلم ل ينتقم لنفسه ‪ ،‬فإذا‬ ‫ما بَط َ َ‬‫وَ َ‬
‫ت حرمات الله انتقم لربه ‪.‬‬ ‫انتُهك ْ‬
‫فعلى المسلمين أن يقتدوا بنبيهم في غيرته وسائر أخلقه الكريمة صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ليشرفوا بذلك وليتميز مجتمع المسلمين بالطهر والعفاف ‪ ،‬فل يطمع فيهم‬
‫الطامعون من دعاة الفساد من الكفار والمنافقين والمخدوعين ‪.‬‬
‫ه من أمة السلم حماة للدين ودعاة مصلحين آمرين بالمعروف ناهين عن‬ ‫هيأ الل ُ‬
‫ن يريد الشر بأمة السلم ‪ ،‬وفق الله ولة المر إلى كل‬ ‫م ْ‬‫ه بهم أنوف َ‬ ‫المنكر يُرغم الل ُ‬
‫خير وجعلهم هداة مهتدين ‪ ..‬إنه تعالى خير مسؤول ‪ ،‬وخير مرجوّ ومأمول ‪.‬‬

‫المرأة اليوم‬

‫وأما في العصر الحديث فإن وضع المرأة في كل بلد تابع لسياسة هذا البلد أكثر من‬
‫تبعيته لدين أهل هذا البلد بفارق كبير‪( .‬فاطمة)‬
‫ففي البلدان الديموقراطية الغربية نجد المرأة قد حصلت على حرية تامة في كل‬
‫مجالت الحياة ‪ ،‬ففي الطفولة تتضمن النظمة العلمانية الديمقراطية معاملة‬
‫متساوية بين البنت والصبي وتمنع التمييز على اساس الجنس‪ ،‬كما تقدم لهم‬
‫المكانيات للتتطور المتناسق والمنسجم‪ .‬ومن عمر الثامنة عشر يحق للمرأة‬
‫النفصال عن اهلها‪ ،‬تماما مصل الشاب‪ ،‬ويعتبرها القانون فردا حرا وبالغا‪ .‬ويحق‬
‫للمرأة العمل لعالة نفسها وعائلتها‪ ،‬كما يحق لها الحصول على دعم المجتمع‬
‫وحمايته الجتماعية‪ .‬وتحصل على كل المؤهلت من دراسة وتتطوير للوصول إلى‬
‫نفس مستويات البداع عند الرجل‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ما زالت هناك إحصائيات مثيرة عن العنف ضد المرأة في الغرب‬
‫ففي فرنسا وحدها تموت أكثر من ‪ 3‬نساء شهريا ً نتيجة لهذا العنف‪ .‬ممايشير بوضوح‬
‫ان الرث الحضاري لضطهاد المرأة التاريخي لم يتخلص الغرب منه حتى الن‪،‬‬
‫بالرغم من التغييرات الكبيرة جرت على حياة المرأة ومفاهيمها وحقوقها‪.‬‬

‫أما في البلدان العربية فبالرغم من أن دساتير معظم هذه الدول تنص على الحقوق‬
‫التي كفلها السلم للمرأة ‪ ،‬واحيانا أكثر من ذلك عند البلدان التي تبنت بعض النظمة‬
‫ل عربية‬
‫العلمانية‪ ،‬كمنع التعدد في تونس أو تماثل الرث بين الذكر والنثى في دو ٍ‬
‫أخرى‪ .‬فالزال وضع المرأة مماثل لوضعه التاريخي خلل العصور السابقة‪ ،‬بسبب‬
‫الموروث الثقافي المهين عن المرأة وبسبب التمييز القانوني والفيزيائي‪ ،‬كما تشير‬
‫الحصائيات إلى ان معدلت العنف ضد المرأة في البلدان ذات التشريع السلمي ‪،‬‬
‫مثل السعودية‪ ،‬لتقل عن مستوياتها في البلدان الخرى‪.‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪8‬‬
‫حقوق النساء النسانية حديثا‬

‫منذ أن قامت العديد من الدول العربية بتنظيم الحقوق النساء في تشريعات خاصة‪,‬‬
‫يطرح علينا الهتمام بحقوق النساء عدة تساؤلت‬
‫م هذه التساؤلت بدور التشريعات المحلية في العتراف بحقوق النساء‬ ‫و تتعلّق أه ّ‬
‫في العالم العربي إذ أن كل دارس لهذه التشريعات يدرك النقائص التي تحيط بها‬
‫والتفاوت في العتراف بهذه الحقوق حسب المجالت‪.‬‬
‫في المجال العائلي تبقى حقوق النساء محدودة و ل يعتمد مبدأ المساواة بين‬
‫الجنسين إل ّ في بعض الدول وبالنسبة لبعض الحقوق المتصلة خاصة بالموافقة على‬
‫الزواج وشروط الزواج والزواج بواحدة والطلق والمسؤولية إزاء الطفال‪.‬‬
‫في المجالت الجتماعية والقتصادية والثقافية ترتكز معظم التشريعات على هذا‬
‫المبدأ فيما يتعلق بالحقّ في التعليم والحق في الشغل وفي الضمانات والحيطة‬
‫الجتماعية‪.‬‬
‫في المجال السياسي يختلف الوضع حسب الدول‪ .‬في البعض منها تتمتّع النساء‬
‫بالحقوق السياسية وخاصة بالحقّ في النتخاب والحق في الترشح والحقّ في تولي‬
‫المسؤوليات في مراكز أخذ القرار لكن تبقى مطروحة كيفية ممارسة هذه الحقوق‬
‫والتمتع بها على أرض الواقع‪ .‬وفي البعض الخر من هذه الدول ل تتمتع النساء بتاتا‬
‫بهذه الحقوق ول تتوفر فيهن صفة المواطنة‪.‬‬
‫ونلحظ نفس الشيء بالنسبة للحقوق المتصلة بالكرامة وباحترام كيان النساء‬
‫وحرمتهن الجسدية والمعنوية إذ تنعدم في معظم الدول العربية التشريعات التي‬
‫ل أشكال العنف وتعاقب مرتكبيه مهما كانت العلقة التي تربطهم‬ ‫تحمي النساء من ك ّ‬
‫بها ومهما كان الفضاء الذي يمارس فيه العنف‬
‫و بصفة عامة‪ ،‬تبقى النساء العربيات في غالب الدول محرومة من التمتّع ببعض‬
‫الحقوق ومن ممارستها ولم ترتقي بعد إلى المواطنة ول إلى المساواة رغم أهمية‬
‫الدور الذي تلعبه في هذه المجتمعات‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬واقتناعا منا بأن تطور هذه المجتمعات العربية وإرساء الديمقراطية والتنمية فيها‬
‫ن إلى صفة المواطنة‬ ‫مرتبتطان بالنهوض بأوضاع النساء القانونية وبالرتقاء به ّ‬
‫الحقيقية‪ ،‬فإننّا نرى من الضروري الرجوع إلى النصوص القانونية التي تقّر مبدأ‬
‫المساواة بين الجنسين لمعرفتها و المطالبة باعتمادها من قبل الدول حتى تكسب‬
‫ل الفضاءات‬ ‫ل المجالت وك ّ‬ ‫النساء كافة الحقوق وتتمتّع بنفس الحقوق والرجال في ك ّ‬
‫مة والخاصة العائلية والقتصادية والجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية‪.‬‬ ‫العا ّّ‬
‫وهذه النصوص هي معظمها نصوصا دولية أقرتها في مراحل معينة وبصفة تدريجية‬
‫منظمة المم المتحدة وهياكلها المختصة‪.‬‬
‫وهذا ما يدفعنا إلى دراستها وإلى تقديمها وإلى البحث في السس التي ترتكز عليها‬
‫وطبيعة الحقوق التي تقرها‪ .‬كما سنتعرض إلى كيفية حماية هذه الحقوق عبر الليات‬
‫الدولية‪:‬‬

‫تطور الصكوك الدولية التي تعترف بحقوق النساء‬


‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬
‫‪9‬‬
‫منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس منظمة المم المتحدة‪ ،‬بدأت تظهر إلى‬
‫الوجود عدّة نصوص دولية تعتمد مبدأ المساواة بين الجنسين‪.‬‬
‫سنتولى ذكر أهم هذه النصوص و المبادئ التي ترتكز عليها حسب تاريخ صدورها‪.‬‬
‫فمنذ ‪ ،1945‬اعتبر ميثاق المم المتحدة مبدأ المساواة بين الجنسين كمبدأ أساسي‬
‫للمنظمة وأحد أهدافه مؤكدا في توطئته… "اليمان بحقوق النسان الساسية‬
‫وبكرامة النسان وقيمته وبالحقوق المتساوية للنساء والرجال"‪.‬‬
‫النص الكامل لميثاق المم المتحدة‬
‫ن‪:‬‬
‫ص الفصل الول من هذا الميثاق أ ّ‬ ‫كما ن ّ‬
‫"أحد مقاصد المم المتحدة هو تحقيق التعاون الدولي في تعزيز احترام حقوق‬
‫النسان والحريات الساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك بل تمييز بسبب الجنس‬
‫أو اللغة أو الدين"‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ,‬جاء العلن العالمي لحقوق النسان سنة ‪ 1948‬ليؤكد من جديد‬
‫على أهمية هذا المبدأ معلنا أن ‪:‬‬
‫النص الكامل للعلن العالمي لحقوق النسان‬
‫ل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا العلن دونما‬ ‫"لك ّ‬
‫تمييز من أي نوع ول سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين‬
‫أو الرأي سياسيا وغير سياسيا أو الصل الوطني أو الجتماعي أو الثروة أو المولد أو‬
‫أي وضع آخر"و مؤكدا أن حق التمتع بهذه الحقوق والحريات الساسية "يكون على‬
‫أساس المساواة في الكرامة والحقوق" [‪.]1‬‬
‫ما لشك فيه حقق هذا العلن مكسبا هاما للنساء وللمجموعة البشرية بأكملها‬ ‫م ّ‬
‫عندما أقّر مبدأ المساواة بين الجنسين في الكرامة والحقوق‪ .‬لكنّه بقي محدودا إذ لم‬
‫يتعّرض إلى حقوق النساء بصريح العبارة بل تجاهل البعض منها واكتفى بإعلن مبدأ‬
‫المساواة بين الجنسين من بين مجموعة من مبادئ أقّرها المجتمع الدولي في ذلك‬
‫ل ذلك باستثناء اعترافه للنساء مثل الرجال بحقّ التزوج وتأسيس أسرة‬ ‫الوقت‪ .‬ك ّ‬
‫وموافقة كل الطرفين على الزواج موافقة حّرة دون إكراه وبالمساواة في الحقوق‬
‫عند الزواج وخلل قيام الزواج وعند انحلله حسبما جاء في الفصل ‪ 16‬منه الذي‬
‫يعترف‪:‬‬
‫ن البلوغ حقّ التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد‬ ‫‪ -1‬للرجل والمرأة‪ ،‬متى أدركا س ّ‬
‫بسبب العرق أو الجنسية أو الدين‪ .‬وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلل‬
‫قيام الزواج ولدى انحلله‪.‬‬
‫‪ -2‬ل يعقد الزواج إل ّ برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كامل ل إكراه فيه‪.‬‬
‫مة التي ذكرها‬ ‫لذا‪ ،‬ولسد ّ هذه النقائص وتجاوز ثغرات العلن و لتطبيق المبادئ العا ّ‬
‫العلن وتأسس عليها‪ ،‬وربّما لتأكيد بعض أحكامه وتطويرها ظهرت منذ بداية‬
‫الخمسينات‪ ،‬مجموعة من التفاقيات الدولية الخاصة بالنساء نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬التفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة الصادرة في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1952‬التي‬
‫تعترف للنساء "بحق التصويت في جميع النتخابات وبأهلية النتخاب في جميع الهيئات‬
‫المنتخبة بالقتراع العام وتقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة وك ّ‬
‫ل‬
‫ذلك بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز"‪.‬‬
‫النص الكامل للتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪10‬‬
‫‪ -‬التفاقية بشأن جنسية المرأة المتزوجة الصادرة في ‪ 29‬جانفي ‪ 1957‬والتي تنص‬
‫على موافقة الدول على أنّه‪:‬‬
‫"ل يجوز لنعقاد الزواج أو انحلله بين أحد مواطنيها وبين أجنبي ول لتغيير الزوج‬
‫لجنسيته أثناء الحياة الزوجية أن يكون بصورة آلية ذا أثر على جنسية الزوجة‪."...‬‬
‫كما أنّه "ل يجوز للدولة عند اكتساب أحد مواطنيها باختياره جنسية دولة أخرى ول‬
‫لتخلي أحد مواطنيها عن جنسيته أن يمنع زوجة هذا المواطن من الحتفاظ‬
‫بجنسيتها"‪.‬‬
‫وتعترف هذه التفاقية للمرأة الجنبية المتزوجة بحقها في اكتساب جنسية زوجها إذا‬
‫طلبت ذلك [‪.]2‬‬
‫النص الكامل للتفاقية الخاصة بجنسية المرأة المتزوجة‬
‫‪ -‬التفاقية الخاصة بالرضا على الزواج والحد ّ الدنى لسن الزواج وتسجيل عقود‬
‫الزواج الصادرة في ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1962‬التي تتعّرض إلى شروط عقد الزواج برضاء‬
‫الطرفين رضاء كامل ل إكراه فيه وبتحديد سن الزواج وبحضور السلطة المختصة عند‬
‫إبرام عقد الزواج وحضور شهود وبتسجيل عقود الزواج في سجل رسمي مناسب [‬
‫‪.]3‬‬
‫النص الكامل لتفاقية الرضا بالزواج والحد الدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج‬
‫ورغم إصدار كل هذه التفاقيات‪ ,‬لم يشهد وضع النساء القانوني تغيرا ملحوظ إذ بقي‬
‫على حاله حتى نهاية الستينات مع تطور المجتمع الدولي وتحصل الدول المستعمرة‬
‫على استقللها وانخراط عدد كبير من هذه الدول في منظمة المم المتحدة وكذلك‬
‫بعد ظهور المنظمات غير الحكومية وتقسيم الدول إلى معسكرين غربي وشرقي‬
‫متوازنين‪.‬‬
‫في ذلك الوقت بدأ يتسع مفهوم "حقوق النسان" ليشمل إضافة إلى الحقوق‬
‫التقليدية التي اكتسبها النسان بعد الثورة الفرنسية أي الحقوق السياسية والمدنية‬
‫والتي يجب أن تضمنها الدول الحقوق الخرى الضرورية للنمو البشري والتنمية أي‬
‫الحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية التي تتوّلى الدول تنظيمها وتوفير الظروف‬
‫الملئمة لممارستها‪.‬‬
‫فاعتمدت الجمعية العمومية لمنظمة المم المتحدة سنة ‪ 1966‬عهدين يترجمان‬
‫التوازن الدولي السائد في ذلك الوقت‪:‬‬
‫‪ -‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪ -‬العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫ل واحد إلى مجموعة‬ ‫تكمن أهمية هذين النصين في تكامل الواحد بالخر إذ يتعرض ك ّ‬
‫من الحقوق المرتبطة بمواطنة النسان بإنسانيته وبدوره في النهوض بالمجتمع وفي‬
‫ي لهذين العهدين وفي العتراف بكافة الحقوق والحريات الساسية‬ ‫الطابع الشمول ّ‬
‫للنساء والرجال بدون تمييز‪.‬‬
‫ويرتكز كل عهد على مبدأ المساواة بين الجنسين حسبما أقّر الفصل الثالث‬
‫ن الدول الطراف تتعهّد بضمان مساواة الذكور بالناث‬ ‫المشترك لكليهما الذي ينص"أ ّ‬
‫ق التمتّع بجميع الحقوق المنصوص عليها في هذين العهدين‪."...‬‬ ‫في ح ّ‬
‫وتمثّل هذه النصوص شوطا هاما وبادرة أساسية في نشر الوعي بحقوق النسان‬
‫للنساء والرجال وفي الحساس بضرورة العتراف بها وبحمايتها‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الفترة تدعمت هذه الحركة بتدعيم الهتمام بحقوق النسان بصفة عامة‬
‫وتكثيف النضالت العالمية من أجل حمايتها‪.‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪11‬‬
‫وفي هذا الطار وتحت ضغط المنظمات غير الحكومية والدور الذي لعبته في تحقيق‬
‫المساواة بين الجنسين والنهوض بأوضاع النساء القانونية تدعم الهتمام بحقوق‬
‫م تنظيم المؤتمرات الدولية الخاصة بالنساء منذ مكسيكو سنة ‪ 1975‬التي‬ ‫النساء وت ّ‬
‫نتج عنها القتناع بضرورة الرتقاء بالنساء إلى صفة المواطنة والعتراف لهن بكافة‬
‫الحقوق والحريات‪.‬‬
‫وأثناء المؤتمر الثاني للمرأة المنعقد في كوبنهاقن سنة ‪ ،1979‬تم التفاق على‬
‫مشروع اتفاقية خاصة بإلغاء كل مظاهر التمييز المسلط على النساء اعتمدتها‬
‫الجمعيّة العموميّة لمنظمة المم المتحدة في ‪ 17‬سبتمبر ‪ .1979‬وهي اتفاقية تعتبر‬
‫ص دولي ينظم حقوق النساء‪.‬‬ ‫من ّ‬‫إلى حد الن أه ّ‬

‫أهمية التفاقية الدولية الخاصة بإلغاء ك ّ‬


‫ل مظاهر التمييز المسلط‬
‫على النساء‬
‫في نهاية الستينات وبالتحديد سنة ‪ 1967‬اعتمدت الجمعيّة العمومية لمنظمة المم‬
‫المتحدّة العلن العالمي الخاص بإلغاء التمييز ضد المرأة [‪.]1‬‬
‫النص الكامل لعلن القضاء على التمييز ضد المرأة‬
‫يمثل هذا العلن المرحلة الولى والساسية لدفع الدول على بلورة التفاقية‪ .‬تلتها‬
‫فيما بعد اعتماد التفاقية كنص شامل ومصدر للعتراف بإنسانية النساء و بكرامتهن‪.‬‬
‫تعتبر هذه التفاقية من أهم النصوص القانونية التي صادقت عليها الدول ومنها ‪16‬‬
‫دولة عربية وهي المغرب والجزائر وتونس والجماهيرية العربية الليبية ومصر ولبنان‬
‫والردن والعربية السعودية والعراق والكويت واليمن والبحرين وموريتانيا وجزر‬
‫القمور وجيبوتي وسوريا‪.‬‬
‫قائمة الدول العربية التي وقعت أو صادقت أو انضمت إلى التفاقية ابتداء من تشرين‬
‫الثاني ‪ /‬نوفمبر ‪2002‬‬
‫( المصدر ‪)UNIFEM :‬‬
‫ويمكن أن تصادق عليها في القريب بقية الدول العربية إذ لم تكف المؤتمرات الدولية‬
‫والمنظمات غير حكومية على المطالبة بالمصادقة على هذه التفاقية من قبل ك ّ‬
‫ل‬
‫الدول وبرفع التحفظات التي قدّمت في شأن بعض الحقوق التي اعترفت بها‬
‫ن أغلب الدول العربية المصادقة على هذه التفاقية قدمت تحفظات‬ ‫التفاقية خاصة أ ّ‬
‫ص حقوق النساء داخل العائلة وإزاء الطفال وذلك‬ ‫وبيانات عامة أو مفصلة تخ ّ‬
‫ص الحقوق السياسية‬ ‫باستثناء الكويت التي أضافت إلى هذه التحفظات تحفظات تخ ّ‬
‫للنساء نظرا إلى أن المرأة الكويتية ل تتمتّع إلى حد ّ الن بحقوقها السياسية‪.‬‬
‫وهذه التحفظات غير مقبولة لنها ل تتماشى مع أحكام التفاقية التي تحجر إبداء أي‬
‫تحفظ يكون منافيا لموضوع التفاقية وغرضها و تحد من قيمة التفاقية وطابعها‬
‫الشمولي ونظام التساوي الذي تريد إرسائه‪.‬‬
‫وتكمن أهميّة هذه التفاقية في اعتمادها على بعض المبادئ الساسية وفي التنصيص‬
‫على الحقوق النسانية للنساء‪.‬‬
‫‪ )1‬المبادئ المؤسسة للتفاقية‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪12‬‬
‫تهدف هذه التفاقية إلى ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين في الحقوق‬
‫ل مظاهر التمييز‬ ‫والكرامة‪ .‬وهذا ما يظهر من خلل عنوان التفاقية أي إلغاء ك ّ‬
‫المسلط على النساء‪.‬‬
‫و مفهوم التمييز لم يظهر بظهور هذه التفاقية بل برز في المنتظم الدولي منذ‬
‫ل مظاهر التمييز العنصري للتأكيد على وجوده‬ ‫إصدار التفاقية الدولية الخاصة بإلغاء ك ّ‬
‫وللعمل على إلغائه لتحقيق المساواة بين الجناس [‪.]2‬‬
‫وفيما يتعلّق بهذه التفاقية فقد انطلقت من وجود تمييز واسع النطاق ضد المرأة كما‬
‫م على أساس‬ ‫حددّه الفصل الول منها باعتباره "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يت ّ‬
‫الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط العتراف للمرأة بحقوق النسان‬
‫وبالحريات الساسية في الميادين السياسية والقتصادية والجتماعية والثقافية‬
‫والمدنية أو في أي ميدان أخر‪.]3[ "...‬‬
‫فاستعمال مصطلح التمييز في التفاقيات والنصوص الدولية يفترض وجود معايير‬
‫معينة لتحديده‪.‬‬
‫الول ‪ :‬يتعلق بالشخاص أو المجموعات البشرية التي تتعّرض إلى تفرقة أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعيار‬
‫استبعاد أو تقييد على أساس الجنس أي النساء‪.‬‬
‫المعيار الثاني ‪ :‬يخص المجال أي مجال حقوق النسان والحريات الساسية‪.‬‬
‫المعيار الثالث ‪ :‬يتعلّق بالميادين وهي بصورة عامة الميادين التي شملتها الشرعة‬
‫الدولية لحقوق النسان وما يمكن أن تنظمه النصوص الموالية التي ستصدر عن‬
‫منظمة المم المتحدة أي الميادين السياسية والقتصادية والجتماعية والثقافية‬
‫والمدنية وأي ميدان آخر‪.‬‬
‫ل هذه المعايير ووجدت يمكن التأكد من وجود تمييز واعتباره انتهاك‬ ‫فإذا ثبتت ك ّ‬
‫وعدم احترام لمبدأ المساواة بين الجنسين يهدف بالساس إلى تضييق مجال‬
‫العتراف بكافة الحقوق وضمان التمتّع بها‪.‬‬
‫وبصفة عامة و إضافة إلى مبدأ عدم التمييز بين الجنسين تعتمد هذه التفاقية على‬
‫المبادئ النسانية العالمية التي تقوم على اليمان بحقوق النسان الساسية وبكرامة‬
‫الفرد وقدره وبتساوي الرجل والمرأة في الحقوق‪.‬‬
‫وفي هذا السياق تعتبر حقوق المرأة من مكوّنات النسانية وهي مرتبطة بالمرأة‬
‫كإنسان متمتع بمجموعة من الحقوق والمسؤوليات‪ .‬ويعني هذا المفهوم أن حقوق‬
‫المرأة هي جزء ل يتجزأ من حقوق النسان‪.‬‬
‫ن حقوق النساء جزء من حقوق النسان التي‬ ‫وقد أقّر بيان وبرنامج عمل "فيانا" أ ّ‬
‫تتكفّل الدول بالنهوض بها وبحمايتها" [‪.]4‬‬
‫إعلن وبرنامج عمل فيينا‬
‫ن هذه الحقوق حقوق عالمية وأساسية للنسان وهي‬ ‫وأعلن هذا البيان بالخصوص أ ّ‬
‫حقوق متكاملة و مرتبطة ببعضها البعض‪.‬‬
‫وكما هو معلوم لم يكن من السهل الوصول إلى هذا العلن إل ّ بعد مجهودات جبّارة‬
‫قامت بها المنظمات غير الحكومية العالمية في تدعيم الترابط والتماثل بين حقوق‬
‫النسان وحقوق النسان للنساء حتى تخضع هذه الحقوق إلى نفس الليات الحمائية‬
‫وتتمتع بنفس القيمة القانونية والسياسية‪.‬‬
‫وقد شرعت هذه المنظمات في بلورة هذا المفهوم بعد أن لحظت كثرة النتهاكات‬
‫القائمة على أساس الجنس التي تتعّرض إليها حقوق النساء وقلة اهتمام نشطاء‬
‫حقوق النسان بها رغم أهميتها وتكريسها في قتل البنات والنساء وتعنيفهن‬
‫واغتصابهن وتجويعهن أو تعليفهن‪.‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪13‬‬
‫ونتيجة لهذا الوضع ظهر من جهة فصل بين حقوق النسان بصفة عامة وحقوق‬
‫النسان للنساء بصفة خاصة واخضاعهما إلى تعامل مختلف من قبل هؤلء النشطاء‬
‫كما ظهر من جهة أخرى خرق وتمييز في معالجة هذه الحقوق في الصكوك والليات‬
‫الدولية الصادرة عن منظمة المم المتحدة والتي اهتمت بالساس بحقوق النسان‬
‫مة دون التأكيد على حقوق النسان للنساء‪.‬‬ ‫العا ّ‬
‫وفي هذا الصدّد وعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر العلن العالمي لحقوق النسان‬
‫الذي أكّد على التمييز العنصري والحقوق القتصادية والجتماعية والسياسية ووضع‬
‫المفقودين والحقوق الجماعية‪ ...‬وتجاهل حقوق النساء في الفضاءات الخاصة‬
‫والحقوق النجابية والعنف المسلط على النساء وانتهاك حرمة النساء البدنية‬
‫والمعنوية والممارسات والتقاليد القائمة على الجنس‪...‬‬
‫مة التي‬‫فأدى هذا التجاهل بالطبع إلى خلق بون وتمييز بين حقوق النسان العا ّ‬
‫مة وحقوق النسان للنساء التي تتمتع‬ ‫تمارس في الفضاءات العامة وتتمتّع بحماية ها ّ‬
‫بها النساء عادة في الفضاء العائلي والتي ل يعتبرها البعض حقوق إنسانية وتبقى غير‬
‫محمية لنها تمارس في إطار العادات والتقاليد البوية وتخرق من طرف أفراد العائلة‬
‫ل من قبل ممثلي الدولة في غالب الوقات رغم أنّها تشكّل تعد على كرامتهن‬
‫وحرمتهن بنفس عنوان ونفس ظروف التعدّيات الخرى على حقوقهن النسانية‪.‬‬
‫فلتفادي هذه النظرة التمييزية لحقوق النسان للنساء أصبح من الضروري البحث عن‬
‫الربط والتطابق بين حقوق النسان وحقوق النسان للنساء و تم اعتماد معيار واحد‬
‫ل أجزائه مرتبطة ببعضها البعض وغير‬ ‫يكمن في اعتبار حقوق النسان كيان موحد ك ّ‬
‫قابلة للنفصال والتجزئة والتصرف‪.‬‬
‫ويبدو هذا العتبار شرطا لحترام كرامة النسان ونتيجة لوحدة كيانه إذ يفترض‬
‫عمومية وعالمية النسان وعدم قبول العتراف ببعض الحقوق دون غيرها‪.‬‬
‫فالحق ل يمكن أن يرتقي إلى مرتبة الحق النساني إل ّ إذا ارتبط بالنسان المتمتع‬
‫مة والخاصة وهذا ما يقتضي تعدّد الحقوق واختلفها وتمتعها من‬ ‫بكافة الحقوق العا ّ‬
‫قبل شخص واحد وهو النسان‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون هذا النسان إمرأة أو رجل أي كائن متمتع بحقوق إنسانية عالمية‬
‫ل هذه الحقوق ول تعترف بأي تدرج‬ ‫وبكرامة ترفض الحواجز التي تقف أمام التمتع بك ّ‬
‫هرمي لها‪.‬‬
‫وقد أكّدت الصكوك الدولية الصادرة منذ أواخر الستينات على وحدة حقوق النسان‬
‫معترفة "بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء المجموعة البشرية وبحقوقهم المتساوية‬
‫التي ل يمكن التصرف فيها"‪ .‬وهذا ما نجده على سبيل المثال في التوطئة المشتركة‬
‫للعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق القتصادية والثقافية‬
‫والجتماعية وكذلك في الفصل الرابع من العهد الدولي الخاص بالحقوق الجتماعية‬
‫والثقافية والقتصادية الذي يرفض إخضاع هذه الحقوق إلى قيود باستثناء القيود التي‬
‫تنص عليها القوانين المحلية‪.‬‬
‫كل هذه الحكام تؤكد عالمية حقوق النسان وعدم قبول أي تمييز وأي اختلف في‬
‫ل هذه الحقوق‪.‬‬ ‫العتراف بك ّ‬
‫م المكاسب التي حققتها المجموعة البشرية وخاصة‬ ‫أما العالمية فهي كذلك من أه ّ‬
‫النساء والتي تندرج في إطار فلسفة إنسانية وظاهرة اجتماعية تطورت بتطور‬
‫المجتمع وتغير مفهومها بتغير المجتمع‪ .‬فتحدثنا عن الجيل الول لحقوق النسان‬
‫للتأكيد عن الحقوق المدنية والسياسية ثم انتقلنا إلى الجيل الثاني مع بلورة الحقوق‬
‫القتصادية والجتماعية والثقافية والن أصبحنا نتحدث عن الجيل الثالث لحقوق‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪14‬‬
‫النسان مع تكريس الحقوق الجماعية والتضامنية وحقوق التنمية والديمقراطية‬
‫والسلم وكذلك عن الجيل الرابع الذي يركز على احترام جسد النسان وعدم‬
‫استعماله‪.‬‬
‫ولم يقترن ظهور هذه الحقوق بظهور الحضارات ولكن بفقدان الحقوق والليات‬
‫المعترفة بها ولغرض العتراف بها على الصعيد العالمي من قبل كافة الدول والهيئات‬
‫الرسمية والمنظمات الدولية‪ .‬وقد تزامن ظهورها بتطور القانون الدولي و المواثيق‬
‫والصكوك الدولية واعتمادها من قبل الجمعية العامة لمنظمة المم المتحدة‪.‬‬
‫كما أن الحقوق المعلن عنها من خلل هذه الجيال هي عادة حقوق غير معترف بها‬
‫ومفقودة على الصعيد المحلي وما التأكيد عليها إل ّ لغرض ضمانها والتمتع بها من قبل‬
‫النساء والرجال دون تقييد يستند غالبا على الخصوصيات الحضارية والثقافية والدينية‪.‬‬
‫إذ لحظنا في بعض الحيان اللتجاء إلى "مفهوم الخصوصية الثقافية‪ "...‬وإستعماله‬
‫من قبل منتهكي هذه الحقوق ومن قبل أولئك الذين يرفضون العتراف للنساء لكافة‬
‫ما يؤدي إلى الحد ّ من مجالت هذه‬ ‫الحقوق ويضعهن في مرتبة دونية وتمييزية‪ .‬م ّ‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫فتظهر الخصوصية كحاجز أمام العلن عن حقوق النسان بينما يكون بالمكان أن‬
‫ل النساء والرجال‬ ‫تكون مصدر إثراء وأساس خصوصي لتركيز الحقوق النسانية لك ّ‬
‫ممة وممارسة اجتماعية حقيقية‪.‬‬ ‫وذلك حتى تكون حقوق النسان للنساء مع ّ‬
‫و بصفة عامة يؤكد مصطلح حقوق النسان للنساء على عالمية هذه الحقوق وعدم‬
‫س بها أو انتهاكها بالعتماد على الخصوصيات الثقافية أو الحضارية والدينية التي‬ ‫الم ّ‬
‫يمكن أن تحد ّ من مجالتها كما هو طارئ الن في المنطقة العربية السلمية حيث‬
‫نلحظ أن بعض الدول أو الجهات السياسية المحلية أو الجهوية تنطلق من‬
‫الخصوصيات الدينية والحضارية لتضييق مجال حقوق النساء سواء بعدم المصادقة‬
‫على التفاقية أو بوضع تحفظات عند المصادقة أو بإصدار تشريعات تمييزية ذات‬
‫صبغة جهوية أو محلية أو بتعويض مبدأ عدم التمييز بين الجنسين بمبدأ النصاف بين‬
‫الجنسين (‪.)équité‬‬
‫فما هي الحقوق التي اعترفت بها التفاقية ؟‬
‫‪ )2‬الحقوق التي اعترفت بها التفاقية للنساء‬
‫إن العتراف بحقوق النسان للنساء يعني العتراف بكافة الحقوق وليس بجزء منها‬
‫كما بينّا ذلك في الجزء الوّل من هذه الفقرة‪ .‬وهذا ما تؤكده هذه التفاقية إذ تعترف‬
‫للنساء بمجموعة الحقوق السياسية والقتصادية والثقافية والجتماعية مثل الحق في‬
‫التصويت و الحق في تحمل المسؤوليات السياسية و الحق في التعليم والعمل‬
‫والضمان الجتماعي والرعاية الجتماعية والصحية‪.‬‬
‫كما تعترف هذه التفاقية بنفس الحقوق والمسؤوليات في المجال العائلي سواء كان‬
‫ذلك عند اختيار الزوج وعند إبرام عقد الزواج أو عند الطلق وتجاه الطفال أو عند‬
‫إسناد الجنسية للطفال‪.‬‬
‫ومع العتراف بهذه الحقوق ونظرا للوضع التمييزي السائد وللقضاء عليه يصبح من‬
‫ل الدول الطراف في التفاقية سياسة و تدابير و إجراءات تهدف‬ ‫الضروري أن تتخذ ك ّ‬
‫القضاء على جميع أشكال التمييز‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته هذه التفاقية من خلل المواد التي تضمنتها وخاصة المادة الثانية منها‬
‫التي تطلب من الدول الطراف أن تتعهّد ‪:‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪15‬‬
‫‪ -‬بإدماج مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها‬
‫المناسبة الخرى وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلل التشريع وغيره من‬
‫الوسائل المناسبة‪.‬‬
‫ل تمييز‬ ‫ل التدابير المناسبة التشريعية وغير التشريعية والجزائية لحظر ك ّ‬ ‫‪ -‬اتخاذ ك ّ‬
‫ضد المرأة‪.‬‬
‫‪ -‬فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان‬
‫الحماية الفعالة للمرأة عن طريق المحاكم المختصة والمؤسسات الخرى‪.‬‬
‫المتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي‬ ‫‪-‬‬
‫شخص أو منظمة أو مؤسسة‪.‬‬
‫اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتغيير أو إبطال العمل بالقوانين والنظمة‬ ‫‪-‬‬
‫والعراف والممارسات التمييزية‪.‬‬
‫إلغاء جميع الحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اتخاذ التدابير الخاصة المؤقتة التي تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين‬ ‫‪-‬‬
‫الرجل والمرأة‪.‬‬
‫خت الدول الطراف هذه السياسة للقضاء على التمييز المسلط على النساء‬ ‫فإذا تو ّ‬
‫بمختلف أشكاله يمكن للنساء أن تتمتع بكافة الحقوق أو على القل أن توفّر الظروف‬
‫الملئمة للتمتع بها‪.‬‬
‫ل المكاسب التي جاءت بها التفاقية منذ ‪ 1979‬فهي تترجم عن الوضع السائد‬ ‫رغم ك ّ‬
‫في ذلك الوقت ودرجة الوعي بالحقوق التي كانت معلنة ولهذا السبب تجاهلت‬
‫ل أشكال العنف وحقوق البنات‪ .‬لكنها‬ ‫الحقوق النجابية والجنسية وحماية النساء من ك ّ‬
‫ل الحوال بادرت بوضع جملة من التدابير لحماية حقوق النساء وتلتها اعتماد‬ ‫في ك ّ‬
‫الجمعيّة العمومية لمنظمة المم المتحدة إعلن القضاء على العنف المسلّط على‬
‫النساء في ديسمبر ‪.1993‬‬
‫النص الكامل للعلن بشأن القضاء على العنف ضد المرأة‬
‫يعتبر هذا العلن من أهم إنجازات المنظمات غير الحكومية التي بذلت جهدا كبيرا‬
‫لحث الدول على قبوله‪.‬‬
‫ّ‬
‫فمن مكاسبه تعريف العنف بوصفه انتهاك لحقوق النسان للنساء وتمييز مسلط‬
‫س من كرامتهن البدنية والمعنوية‪ ،‬واتساع مفهومه واختلف أشكاله معنوي‬ ‫عليهن وم ّ‬
‫وجسدي وجنسي والتأكيد على مجموعة الجراءات التي يجب أن تتخذها الدول‬
‫للقضاء عليه [‪. ]5‬‬

‫الحملة العالمية الخاصة بالعنف ضد النساء‬


‫انطلقت منذ ‪ 8‬مارس من هذه السنة الحملة الدولية التي تنظمها منظمة العفو‬
‫الدولية ضد العنف المسلط على النساء وأصدرت بهذه المناسبة تقرير عالمي حول‬
‫هاته الظاهرة‪.‬‬
‫و لسائل أن يتسائل اليوم لماذا لم تنظم هذه الحملة إل في بداية هذه السنة و الحال‬
‫أن هذه المنظمة عريقة و موجودة منذ بداية الستينات و قد قامت بعدة نشاطات في‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪16‬‬
‫مجال حقوق النسان سواء لحترامها أو لوضع نصوص دولية لحمايتها أو للتنديد‬
‫بخرقها أو لمساندة ضحايا و مساجين حقوق إلنسان‪.‬‬
‫فعل منذ نشأتها اهتمت هذه المنظمة مثل بقية المنظمات النسانية بحقوق النسان‬
‫بصفة عامة و لم تهتم بحقوق النساء بصفة خاصة أو حقوق تنفرد بها النساء و لم‬
‫تبلور خطط عمل أو سياسات لحماية حقوق النساء‬
‫و قد انجر عن هذا الوضع فرق بين الحقوق العامة التي تمارس في الفضاءات العامة‬
‫و التي تلقي مساندة عريضة من قبل المنظمات النسانية و حماية دولية فعلية و‬
‫الحقوق الخاصة بالنساء التي تمارس في الفضاءات الخاصة بعيدا عن أنظار‬
‫الناشطين الحقوقيين و دون الخضوع إلى أي مراقبة دولية و محلية و تخترق من قبل‬
‫أفراد العائلة أو المجموعة البشرية التي تنتمي إليها النساء‬
‫كما إ نجر عن هذا الوضع تمييز بين النساء و الرجال بسبب الجنس و بسبب طبيعة‬
‫النظام القائم و هو في أغلب الحالت نظام أبوي مؤسس على سيطرة الرجال و‬
‫دونية النساء‪.‬‬
‫لهذه السباب و مع تكوين المنظمات غير الحكومية في العالم و تدعيم دور‬
‫المنظمات إلنسانية و الحقوقية و خاصة بعد ظهور المنظمات النسوية التي عملت‬
‫على بلورة فكر نسوى يقوم على استنكار هذه الهيمنة الذكورية و فضحها و يعمل‬
‫على تبديل ثقافة التمييز بثقافة المساواة و على إقرار نفس الحقوق للنساء و‬
‫الرجال في كل الفضاءات و المجالت العامة و الخاصة كثرت النضالت من أجل‬
‫العتراف بدور النساء الفعلي في كل المجتمعات و من أجل المساواة الفعلية و‬
‫المواطنة الحقيقية‪.‬‬
‫وبمناسبة تنظيم المؤتمر العالمي لحقوق إلنسان في فيانا سنة ‪ 1993‬نضجت هذه‬
‫الفكرة و حاولت المنظمات غير الحكومية النسائية خاصة العمل ليجاد مفاهيم جديدة‬
‫ترتكز على اعتبار حقوق إلنسان كيان موحد غير قابل للتجزئة و التقييد ‪.‬كما تعتبر‬
‫في نفس السياق أن حقوق النساء هي جزء من حقوق إلنسان‪.‬‬
‫ومنذ انعقاد هذا المؤتمر تطور التماثل بين حقوق إلنسان و حقوق النساء و أدمجت‬
‫حقوق إلنسان للنساء في منضومة منظمة ألمم المتحدة و خاصة في هياكلها التي‬
‫تعمل على حماية حقوق إلنسان ومنها لجنة حقوق إلنسان‪.‬‬
‫إذ تم منذ ذلك الوقت اتخاذ مجموعة من التوصيات و القرارات العالمية من اجل‬
‫حماية حقوق النساء و الهتمام بها بنفس الدرجة و القيمة التي تحضي بها بقية حقوق‬
‫ألنسان التي تمارس في كل الفضاءات‪.‬‬
‫و في نفس الفترة اعتمدت الجمعية العامة لمنظمة ألمم المتحدة إلعلن العالمي‬
‫الخاص بالعنف المسلط على النساء و أنشئت لدى لجنة حقوق إلنسان خطة‬
‫المقررة الخاصة بالعنف ضد المرآة‪ ،‬أسبابه ونتائجه‪.‬‬
‫و قد تكلفت هذه المقررة منذ البداية بإعداد تقاريرسنوية حول العنف المسلط على‬
‫النساء و تلقت العديد من الشكاوى و تنقلت الى عدة دول لمعاينة حالت العنف و‬
‫حماية النساء المعنفات و وجهت رسائل الى السلط المختصة لمطالبتهم بالتدخل‬
‫لفائدة النساء المعنفات و اخذ كل الجراءات الكفيلة لمعاقبة مرتكبيه‬
‫أما المنظمات إلنسانية المحلية و العالمية فقد بدأت بدورها و شيئا فشيئا تعالج هذه‬
‫المسألة لكن تبقي أكثر المنظمات التي تهتم بهذه الظاهرة بصفة جدية هي‬
‫المنظمات غير الحكومية النسائية التي نظمت العديد من القاءات و الندوات لتحديد‬
‫هذه الظاهرة كما فتحت مراكز للستماع للنساء المعنفات و لمساندتهن و حتى‬
‫مأوي للستقبال اللواتي يتركن بيوتهن أو ليس لهن بيوت‪.‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪17‬‬
‫كما نظمت بعض المنظمات غير الحكومية حملت للتنديد بالعنف المسلط على‬
‫النساء أخذت في بعض الحالت شكل المحاكمات الصورية التي تتلقى شهادات‬
‫النساء ضحايا العنف بمختلف أشكاله و غي مختلف الفضاءات‪.‬‬
‫و ما هذه الحملة التي تنظمها منظمة العفو الدولية إل شكل من أشكال النضالت‬
‫التي تقوم بها المنظمات لتحسين أوضاع النساء عبر التصدي للعنف المسلط عليهن‬
‫لذا تطرح علينا اليوم كيفية تحديد هذه الظاهرة و كيفية مقاومتها و كيفية حماية‬
‫النساء المعنفات‬
‫‪ -1‬تحديد مفهوم العنف المسلط على النساء‬
‫لتحديد مفهوم العنف و في غياب التشريعات المحلية ل بد من الرجوع الى النصوص‬
‫الدولية المتعلقة بالموضوع‬
‫أ‪ .‬مكاسب العلن العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة‬
‫عندما نطلع على العلن العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة المسلط على‬
‫النساء يمكن لنا ان نستنتج ان العنف ضد المرأة هو ‪:‬‬
‫"أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى او‬
‫معاناة بدنيين أو جنسيين أو نفسيين للمرأة بما في ذلك التهدبد باقتراف مثل هذا‬
‫الفعل أو الكراه أو الحرما ن التعسفي من الحرية سواء اوقع ذلك في الحياة العامة‬
‫ام الخاصة"‬
‫كما جاء في المادة الثانية من هذا العلن أن العنف هو ‪:‬‬
‫‪ -‬العنف الجسدي و الجنسي و النفسي الذي يقع في إطار السرة‬
‫‪ -‬العنف الجسدي و الجنسي و النفسي الذي يقع في الطار العام للمجتمع‬
‫‪ -‬العنف الجسدي و الجنسي و النفسي الذي تقترفه الدولة او تتغاضى عنه حيثما‬
‫وقع‬
‫فمن خلل هذا التحديد للعنف يمكن ان نقدم معاييره‪:‬‬
‫فهو الذي‪:‬‬
‫‪ -‬يقوم على أساس الجنس و ل يمكن أن يكون انحراف اجتماعي كما يعتقد البعض‬
‫‪ -‬يمارس في كل الفضاءات الخاصة من قبل أفراد العائلة مثل الزواج والباء‬
‫والخوة و القارب وفي الفضاء المهني من قبل الزملء و المديرين وفي الفضاء العام‬
‫من طرف ممثلي الدولة و أي مواطن في الشارع‬
‫‪ -‬يمكن ان يكون جسدي او جنسي او معنوي و يأخذ أشكال متعددة‬
‫‪ -‬يمكن ان يمارس بفعل القانون السائد أو العادات و التقاليد‬
‫هذا العنف يحد من تحقيق المساواة بين الجنسين و من المن و الحرية و السلمة و‬
‫الكرامة‬
‫هذا العنف ينتهك حق النساء في الحياة و يحد تمتعهن بحقوق النسان للنساء‬
‫كما يمكن ان يحرمها من الحق في الحماية المتساوية و من الحق في التحرر من‬
‫جميع اشكال التمييز‬
‫هذا العنف يمكن أن يستمد شرعيته من الموروث الثقافي الذي يؤسس النظام‬
‫البوي السائد في العديد من الدول و العربية منها خاصة و الذي يكتسي في بعض‬
‫الحيان صفة القداسة عندما يقوم على قواعد او قوانين مستمدة من الدين تطبق‬
‫بصفة خاصة في المجال العائلي و في الفضاء الخاص و تنشأ علقات تمييزية بين‬
‫النساء و الرجال‬
‫و يمكن ان يجد العنف جذوره في العادات و التقاليد التمييزية الراسخة المضرة‬
‫بصحة النساء و بسلمتهن‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪18‬‬
‫و يمكن كذلك أن تكون له أسس قانونية و اقتصادية و سياسية نتيجة لبعض‬
‫الختيارات القتصادية التي أدت إلى تأنيث الفقر و البطالة أو وقفت حاجزا أمام‬
‫تواجد النساء في مراكز أخذ القرار أو ممارسة الحقوق السياسية و الحريات العامة‬
‫و يمكن أن ينتج العنف عن النزاعات المسلحة و الحروب التي يمكن ان تأخذ مظاهر‬
‫مشيئة مثل الغتصاب الذي يمارس على النساء بصفة فردية او جماعية زمن الحروب‬
‫او الجرائم ضد النسانية التي تكون النساء ضحيتها‪.‬‬
‫ب‪ -‬مكاسب التفاقية الدولية الخاصة بالغاء كل مظاهر التمييز المسلط على النساء‬
‫لم تتعرض هذه التفاقية بصريح العبارة إلى العنف و أكتفت بالتأكيد على التمسك‬
‫بكرامة النسان و قدره و بالمساواة بين النساء و الرجال‬
‫‪.‬كما اعتبرت هذه التفاقية ان التمييز ضد النساء يمثل إنتهاكا لمبدأي لمساواة في‬
‫الحقوق و احترام كرامة النسان و عقبة أمام مشاركة النساء ‪ ،‬على قدم المساواة‬
‫مع الرجل‪،‬في حياة بلدها السياسية و الجتماعية و القتصادية و الثقافية‬
‫لكن و أعتمادا على هذه التفاقية و لتاويل أحكامها صدر عن لجنة السيداو وهي‬
‫اللجنة المكلفة بالسهر على تطبيق احكام التفاقية التوصية رقم ‪ 19‬لسنة ‪1991‬‬
‫حول العنف ضد المرأة‬
‫اعتبرت هذه التوصية في النقطة عدد ‪: 1‬‬
‫" العنف القائم على أساس الجنس شكل من أشكال التمييز ضد المرأة يعطل‬
‫بصورة جدية قدرة المرأة على التمتع بحقوقها و حرياتها على أساس من التساوي‬
‫مع الرجل"‬
‫و جاء في النقطة ‪ 6‬من هذه التوصية ما يلي‪:‬‬
‫"تعرف التفاقية في مادتها الولى التمييز ضد المرأة‪.‬و يشمل التمييز العنف ضد‬
‫المرآة القائم على أساس الجنس أي الموجه ضد المرآة بصفتها امرأة ‪ ،‬أو ذاك الذي‬
‫يلحق للمرآة بصورة غير متوازنة و يشمل ذلك الفعال التي تلحق الذى أو المعاناة‬
‫الجسدية أو العقلية أو الجنسية ‪ ،‬و التهديد بمثل هذه الفعال و القهر و أشكال‬
‫الحرمان الخرى من الحرية‪.‬‬
‫هكذا و بالعتماد على هذه النصوص يمكن ان نقدم التعريف التالي للعنف المسلط‬
‫على النساء‪ -:‬انتهاك لحقوق النسان للنساء يمتد من زمن الحرب إلى السلم‬
‫‪ -‬تمييز مسلط على النساء يجد أسسه في النظام البوي الدوني الراسخ لتبعية‬
‫النساء للرجال و في السياسات و الختيارات القتصادية‬
‫‪ -‬هو مس من كرامة النساء‬
‫‪ -‬هو تعدي على حرمة النساء و كيانها الجسدي و المعنوي و الجنسي‬
‫كل هذه التعريفات تمكننا من التفكير في كيفية التصدي لهذه الظاهرة‬
‫‪ -2‬كيفية التصدي لظاهرة العنف‬
‫للتصدي لهذه الظاهرة ل بد ان نتوجه في بداية المر الى النساء المعنفات ثم الى‬
‫الجهات المختصة‬
‫أ‪ .‬مساندة و مساعدة النساء المعنفات‬
‫تلعب المنظمات غير الحكومية دورا رئيسيا في مساندة النساء ضحايا العنف و في‬
‫مصاحبتهن في كل فعل يردن القيام به و الوقوف الى جانبهن‬
‫و الملحظ أن من اهم مظاهر المساندة التي يمكن ان تقوم بها هذه المنظمات هو‬
‫تشجيع النساء على كسر جدار الصمت على العنف و حثهن على الخروج من العزلة‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪19‬‬
‫إذ عادة ما تفكر النساء أن العنف المسلط عليهن هو حالة شاذة منفردة و تخشى‬
‫التصريح بآلمها و عندما يكون العنف ممارس داخل الفضاء العائلى تفضل النساء‬
‫ملزمة الصمت عوض فضح اسرار عائلية و خاصة‬
‫أما عندما يتعلق العنف بالطفال و البنات خاصة و يأخذ مظهر التعدي الجنسي و‬
‫سفاح القربى من قبل الب او أحد افراد العائلة فعادة ما فتجد الم نفسها مجبرة‬
‫على كتم السر خوفا من الفضيحة و المس من شرف العائلة‬
‫و كذلك الشأن بالنسبة للغتصاب الزوجي الذي يمارسه الزوج على زوجته إذ تبين‬
‫الشهادات أن النساء يخفن من التعبير عن العنف المسلط عليهن لن العائلة تقف‬
‫بصفة عامة إلى جانب الزوج بتعلة انها مطالبة بالقيام بوجباتها الزوجية حتى و أن كان‬
‫ذلك بالكراه‬
‫نفس الشيء نلحظه عند النساء للواتي تعرضن إلى تحرش جنسي في أماكن العمل‬
‫‪.‬فكثيرا ما تفضل هاته النساء الصمت خوفا من العقلية السائدة التي تحملها مسوؤلية‬
‫هذه الفعال و خشية من فقدان العمل بعد تقديم شكوى ضد مرتكب التحرش‬
‫الجنسي الذي عادة ما يكون العرف المباشر أو زميل من الزملء‬
‫فكسر جدار الصمت يشجع النساء على الخروج من العزلة و الشعور بضرورة الدفاع‬
‫عن كرامتهن و يمكنهن من البحث عن مساعدة قانونية و نفسية كما يقنعهن بعدم‬
‫تحمل المسؤولية و النتقال من وضع الضحية الى المسوؤلة‬
‫و يمكن التعبير على العنف النساء من القوة و من القتناع بضرورة اللتجاء الى‬
‫المحاكم و الجهزة الدارية لتقديم الشكاوى و الدفاع على حقوقهن و على كرامتهن‬
‫النسانية و كسب الثقة في أنفسهن و تجاوز الخوف الذي يحيطهن في بعض الحيان‬
‫ب‪ .‬مطالبة الدولة بمعالجة هذه الظاهرة‬
‫ل بد ان نعمل اليوم في اتجاه الدولة لحثها على تناول مسألة العنف المسلط على‬
‫النساء بصفة جدية و ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬باعتبار العنف ظاهرة اجتماعية تقتضي معالجة صحيحة و ليس مجرد حالت شاذة‬
‫يكفي التدخل لفائدة هؤلء النساء لحلها والقيام ببحوث علمية و ميدانية حول هذه‬
‫الظاهرة‬
‫‪ -‬باعتبار العنف انتهاك لحقوق النسان للنساء و جريمة ضد إنسانية النساء‬
‫‪ -‬باتخاذ سياسات وطنية للقضاء على العنف و تطوير الساليب الوقائية و التصدي‬
‫لكل التبريرات السياسية و الثقافية و الدينية التي تشرع استعمال العنف‬
‫‪ -‬بوضع قانون خاص لحماية النساء المعنفات مهما كان المجال الذي يمارس فيه‬
‫العنف لتفادي نقائص القانون الذي ل يهتم بهذه المسألة إل في حالت معينة و لرفع‬
‫الحصانة التي تحيط بعض مرتكبي العنف‬
‫‪ -‬بمعاقبة مرتكبي العنف و حماية الشهود و تخفيف الدلة حتى يسهل تقديمها و تعتمد‬
‫عند إصدار الحكام‬
‫‪ -‬بحماية النساء ضحايا العنف لكي ل تتحول من وضع الضحية الى وضع المتهمة و‬
‫تنتهك حقوقهن‬
‫‪ -‬بتوفير المساعدة المادية و النفسية والقانونية و تقديم الخدمات الصحية و العلج‬
‫للنساء المعنفات‬
‫‪ -‬بالمصادقة على التفاقيات الدولية التي تتعلق بحقوق النساء و خاصة التفاقية‬
‫الدولية الخاصة بالغاء كل مظاهر التمييز المسلط على النساء و البروتوكول‬
‫الختياري الملحق للتفاقية حتى يسهل تقديم الشكاوي لدى لجنة السيداو عنذ انتهاك‬
‫حق من الحقوق التي أقرتها التفاقية‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪20‬‬
‫‪ -‬بتبني تعريف العنف كما حدده العلن العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة‬
‫المسلط على النساء و التعريف بكل الصكوك و الليات الدولية المتعلقة بالموضوع‬
‫مثل المقررة الخاصة بالعنف اسبابه و نتائجه لدى لجنة حقوق النسان‬
‫‪ -‬بتمكين المنظمات غير الحكومية من كل المكانيات و كل وسائل العلم لتنظيم‬
‫الحملت الوقائية و التحسيسية حول هذه الظاهرة‬
‫فاذا شرعنا في العمل على قضاء العنف المسلط على النساء نكون حققنا شوطا في‬
‫احترام كرامة النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين‬

‫الحماية الدولية لحقوق النساء‬


‫يمكن حماية حقوق النساء عن طريق الليات الدولية العامة والمتعلقة بحماية حقوق‬
‫النسان مثل لجنة حقوق النسان التابعة لمنظمة المم المتحدة وهياكلها المختصة‬
‫بالنساء والتي بدأت منذ ‪ 1993‬في إدماج حقوق النساء في حقوق النسان‬
‫وإخضاعهم إلى نفس الجراءات و الوسائل الحمائية‪.‬‬
‫ومن بين هذه الليات يمكن أن نذكرالمقررة الخاصة بالعنف المسلط على النساء‪،‬‬
‫أسبابه ونتائجه لدى لجنة حقوق النسان وكذلك لجنة حقوق النساء في منظمة المم‬
‫المتحدة رغم أنّها لجنة حكومية تتكون فقط من ممثلي الدول‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالليات التعاقدية المرتبطة بالتفاقيات الدولية فمعظم التفاقيات التي‬
‫ظهرت منذ بداية الستينات أنشأت هياكل وميكانيزمات للسهر على تطبيق أحكامها‪.‬‬
‫وهذا ما نجده كذلك في التفاقية الخاصة بإلغاء كل مظاهر التمييز‪.‬‬
‫‪ )1‬حماية حقوق النساء عبر آليات السهر على تطبيق النصوص الدولية‬
‫ل مظاهر التمييز ضد النساء على إنشاء‬ ‫تنص المادة ‪ 17‬من التفاقية الخاصة بإلغاء ك ّ‬
‫لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة من أجل دراسة التقدّم المحرز في تنفيذ‬
‫أحكامها‪.‬‬
‫وتتألف اللجنة من ‪ 23‬خبيرا ينتخبون بالقتراع السري من بين قائمة أشخاص‬
‫ترشحهم الدول الطراف من ذوي المكانة الخلقية الرفيعة والكفاءة العالية في ميدان‬
‫حقوق النساء‪.‬‬
‫أثناء النتخاب يولى العتبار للتوزيع الجغرافي العادل ولتمثيل مختلف الحضارات‬
‫والنظم القانونية‪.‬‬
‫ومنذ نشأتها تكوّنت اللجنة من خبيرات فيما عدا استثناء واحد تعلّق بخبير من السويد‬
‫م انتخابه لمدة سنتين انتهت سنة ‪ 1984‬ولم يجدّد ترشحه فيما بعد‪.‬‬ ‫ت ّ‬
‫تقوم اللجنة بالسهر على تطبيق أحكام التفاقية وذلك عبر تقارير تقدمها الدول‬
‫الطراف عما اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل نفاذ أحكام‬
‫هذه التفاقية وعن التقدم المحرز في هذا الصدّد وعن العوامل والصعوبات التي تؤثر‬
‫على مدى تطبيقها‪.‬‬
‫وتقدّم هذه التقارير في غضون سنة من بدء النفاذ بالتفاقية بالنسبة للدولة المعنية‬
‫ل أربع سنوات على القل وكذلك كلّما طلبت اللجنة ذلك‪.‬‬ ‫وبعد ذلك ك ّ‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪21‬‬
‫ووفقا لتوجيهات وتعليمات وضعتها اللجنة خاصة منذ ‪ 1982‬يجب أن يتضمن ك ّ‬
‫ل‬
‫تقرير جزئين‪.‬‬
‫من تقديم للطار العام لتطبيق التفاقية والجراءات القانونية التي‬ ‫الجزء الوّل يتض ّ‬
‫اتخذتها الدول الطراف لتنفيذ التفاقية‪.‬كما يتضمن تقديم المؤسسات والسلطة‬
‫المكلّفة بتطبيق مبدأ المساواة بين الجنسين والطرق والوسائل القانونية المستعملة‬
‫لحماية النساء المستهدفة للتمييز والسياسات المتوخات للنهوض بأوضاع النساء‬
‫ولتمكينهن من التمتع بحقوقهن‪.‬‬
‫ما الجزء الثاني من التقرير فمن المفروض أن يحتوي على معلومات تتعلق بتقديم‬ ‫أ ّ‬
‫كل مادة من التفاقية والتدابير الدستورية والقانونية والدارية والجراءات المتبعة‬
‫لتطبيق هذه المواد و الصعوبات التي تعرقل تطبيق التفاقية‬
‫بصفة عامة تؤكد اللجنة على ضرورة احتواء التقارير على تقديم موضوعي وضافي‬
‫للليات القانونية التي ظهرت لتسهيل تطبيق أحكام التفاقية وتقديم لمدى تنفيذها‬
‫وآثارها على الواقع الملموس‪.‬‬
‫لكن في بعض الحالت تكتفي الدول الطراف وخاصة العربية منها بتقديم الليات‬
‫والجراءات المتبعة دون العتناء بمدى تطبيق هذه الليات والعراقيل التي تعترضها أو‬
‫العادات والتقاليد والعقليات التي تعرقل التمتع بالحقوق التي اعترفت بها التفاقية‪.‬‬
‫ل جوانب الموضوع‪ .‬وهذا ما أدى إلى‬ ‫فتبقى التقارير ناقصة وغير كافية لللمام بك ّ‬
‫ّ‬
‫إعداد تقارير بديلة من قبل المنظمات غير الحكومية تسلم إلى لجنة المنظمات غير‬
‫الحكومية ‪ .cedaw‬وهذا ما وقع مثل بالنسبة للتقرير الذي قدمته لول مرة الدولة‬
‫التونسية أو التقرير الموالي حيث اكتفت بعرض مطول للمؤسسات التي أنشئت‬
‫والجراءات القانونية التي صدرت منذ المصادقة على التفاقية دون التأكيد على‬
‫الصعوبات والحواجز التي تقف حاجزا أمامها‪.‬‬
‫و بعد أن تتلقّى التقارير تقوم اللجنة بدراستها وعرضها وتبدي مقترحات وتوصيات‬
‫عامة مبنية على دراسة التقارير الرسمية وغير الرسمية والمعلومات الواردة من‬
‫الدول الطراف‪.‬‬
‫وتدرج كل المقترحات والتوصيات العامة في تقرير اللجنة مشفوعة بتعليقات الدول‬
‫الطراف والخبراء إن وجدت‪.‬‬
‫من المؤكد أن المقترحات والتوصيات التي تقدمها اللجنة ل تكتسي أي طابع جزائي‬
‫أو إجرائي فهي عادة ل تعلن أن دولة تنتهك التفاقية بصفة صريحة بل تكتفي بدل عن‬
‫ذلك بالشارة إلى نقائص سياسة الدولة من خلل سلسلة من السئلة والتعليقات‪.‬‬
‫مما يجعل دور اللجنة مقتصر بصفة خاصة على تقديم توصيات ليس لها أي طابع‬
‫قانوني إلزامي يمكن للدول أن تأخذها أو ل بعين العتبار‪.‬‬
‫وفي الواقع فإن عمل اللجنة يبقى محدودا ومنحصرا في الملحظات التي تبديها في‬
‫شأن بعض التضييقات والتصّرفات التمييزية التي تواجهها النساء وغير كافي لجبار‬
‫الدول المعنية على احترامها إل ّ عن طريق العمل التو عوي والتحسيسي بضرورة‬
‫تطبيق أحكام التفاقية أو التشهير الدولي بالنتهاكات ‪.mobilisation de la haute‬‬
‫بصفة عامة بذلت اللجنة عمل هاما جدا من أجل المصادقة على التفاقية واعتبرت أن‬
‫من مهامها التعبير عن موقفها تجاه التحفظات التي تقدمت في شأن أحكام التفاقية‬
‫من قبل العديد من الدول ولكن عملها يبقى غير كافي ما دامت النساء غير قادرات‬
‫وليس لهن الكفاءات للدفاع عن نفسها بصفة مباشرة نظرا لغياب الوسائل الدفاعية‬
‫الفردية لتقديم الشكاوي‪ .‬وهذا هو موضوع البروتوكول الختياري الملحق للتفاقية‪.‬‬
‫‪ )2‬حماية حقوق النساء عبر آليات الدفاع‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪22‬‬
‫منذ ‪ 1993‬صادق المؤتمر العالمي لحقوق النسان على توصية تؤكد على ضرورة‬
‫إصدار "بروتوكول اختياري لتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز المسلط على‬
‫النساء" الغرض منه تمكين النساء والرجال المنتفعين بأحكام هذه التفاقية بالحق في‬
‫تقديم شكاوي عند انتهاك حق من الحقوق التي تتضمنها هذه التفاقية ويكون ذلك‬
‫على غرار ما هو معمول به في إطار لجنة حقوق النسان الساهرة على تطبيق‬
‫أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ إعداد البروتوكول‬
‫الختياري الملحق بالمعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫النص الكامل للبروتوكول الختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز‬
‫ضد المرأة‬
‫ومنذ ‪ 1994‬قامت لجنة من الخبراء ببلورة مشروع بروتوكول اختياري اعتمدته‬
‫الجمعية العامة لمنظمة المم المتحدة في ‪ 6‬أكتوبر ‪ 1999‬وإلى حد ّ الن لم تصادق‬
‫عليه أي دولة عربية من بين الدول المصادقة عليه رغم أنه دخل حيز التنفيذ‪.‬على‬
‫المستوى العالمي‪.‬‬
‫يهدف هذا البروتوكول إلى تفادي نقائص اختصاصات اللجنة المكلفة بالسهر على‬
‫احترام التفاقية ‪ CEDAW‬واتساع مهامها وتمكينها من قبول الشكاوي أو الدعاوى‬
‫المقدمة من قبل المواطنين والمواطنات بصفة مباشرة أو عن طريق المنظمات غير‬
‫الحكومية والتي يدّعون فيها انتهاك لحقوقهم‪.‬‬
‫وحسبما جاء في أحكام هذا البروتوكول يمكن لللجنة أن تطلب من الدولة القائمة‬
‫بالنتهاك أن تتخذ الجراءات اللزمة لتفادي ارتكاب أي ضرر تجاه ضحايا النتهاكات‪.‬‬
‫كما يمكن لللجنة أن تنظر في الشكاوي وأن تقوم بدراسة الملفات المعروضة عليها‬
‫بعد أن تتوفر الشروط التي وضعها البروتوكول والتي ل تختلف جوهريا عن الشروط‬
‫التي وضعها البروتوكول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫وهي شروط متصلة بضرورة المصادقة على التفاقية والبروتوكول من قبل الدولة‬
‫ل الدلة والمعلومات التي تؤكد‬ ‫التي ينتمي إليها أصحاب الشكاوي وبضرورة توفير ك ّ‬
‫وجود النتهاك وباستنفاذ جميع طرق التظلّم المحلية المتاحة وعدم عرض نفس‬
‫المسألة على أي لجنة أو هيكل آخر للنظر في النتهاك‪.‬‬
‫بهذا الجراء الجديد تشرع اللجنة (‪ )CEDAW‬في حماية حقوق النسان للنساء‬
‫ل البحاث والزيارات والدراسات اللزمة للتأكيد من صحة‬ ‫وبإمكانها القيام بك ّ‬
‫الشكوى‪.‬‬
‫وإذا تأكدت من ذلك يتسنى لها توجيه ملحظات وتوصيات للدولة للجابة على الدعوى‬
‫المقدّمة‪.‬‬
‫تمثل اللجنة (‪ )CEDAW‬إلى حد ّ الن أهم هيكل مؤهل للقيام بهذه المهمة في غياب‬
‫الهياكل الدولية المختصة بالنظر في النتهاكات الخاصة بحقوق النساء ونظرا‬
‫لمحدودية الهياكل القائمة وخاصة لجنة أوضاع النساء التي لزالت غير مؤهلة لقبول‬
‫الشكاوي المتعلقة بحقوق النسان للنساء أو المقررة الخاصة بالعنف لدى لجنة‬
‫حقوق النسان والتي ترى مهامها منحصرة في كل ما يتعلّق بالعنف‪.‬‬
‫لكن مصير هذه اللجنة يبقى مرتبط بإرادة الدول وباقتناعهم بضرورة المصادقة على‬
‫التفاقية من جهة وعلى البروتوكول من جهة أخرى وبالخضوع إلى مراقبة دولية‬
‫لتصرفاتهم وأعمالهم‪.‬‬
‫ومهما كان المر فإن اتساع مهام اللجنة يمثّل خطوة نحو تدعيم الحماية الدولية‬
‫لحقوق النسان للنساء التي لزالت تتطلب مزيدا من المجهودات من قبل الحكومات‬
‫والمنظمات غير الحكومية حتى تسند لها مهام فعلية ل تنحصر فقط في التنديد‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪23‬‬
‫ل‬‫والتشويه بالنتهاكات بل تتسع لتصل إلى العقوبات المدنية والجزائية وإلى اتخاذ ك ّ‬
‫ل تمييز والشروع نحو تحقيق المساواة بين الجنسين مثلما تم إقراره‬ ‫التدابير لحضر ك ّ‬
‫في ‪ 1998‬ضمن التفاقية الدولية الخاصة بإحداث محكمة جنائية دولية والتي مازالت‬
‫تنتظر مصادقة الدول العربية بإستثناء الردن و جيبوتي‪./.‬‬

‫‪Created by Colors‬‬ ‫‪Mania‬‬


‫‪24‬‬

You might also like