Professional Documents
Culture Documents
الرابط التالي.
http://www.shorouk.com/ebooks
األربعون القدسية
بسم اهلل الرحمن الرحيم
املقــــدمـــــة
احلمد هلل ،والصالة والسالم عىل سىدنا
رسول اهلل ،وعىل آله وصحبه ومن وااله،
وبعد..
فهذه جمموعة خمتارة من األحادىث
ٍ
ترمجة ملعانىها إىل نقدمها مع
القدسىةِّ ،
اللغة اإلنجلىزىة ،بالطرىقة نفسها التى
اتبعناها من قبل عند تقدمة «األربعنى
النووىة» لإلمام النووى.
ولعله من املفىد ،أن نقدم بنى ىدى هذه
املجموعة دراسة خمترصة عن معنى احلدىث
القدسى ،ومصادره وكتبه ،واملوضوعات
التى ىدور حوهلا ،ثم نبنى االعتبارات
التى روعىت ىف اختىار األحادىث وإعداد
الرتمجة.
معنى احلدىث القدسى:
احلدىث القدسى ،هو رضب خاص
من األحادىث ،التى ُتروى عن النبى ﷺ،
فىسندها إىل اهلل عز وجل .وبسبب هذا
اإلسناد اكتسبت هذه األحادىث صفة
أىضا للسبب نفسه تسمى ً
القدسىة ،وقد َّ
األحادىث اإلهلىة ،واألحادىث الربانىة.
وقد وردت ىف بىان معنى احلدىث
القدسى طائفة من التعرىفات واألقوال
القدىمة واملتأخرة التى تستأهل اإلشارة.
فمن أقدم هذه التعرىفات :ما أورده
السىد الرشىف اجلرجانى املتوىف سنة 816
هـ ىف كتابه «التعرىفات»؛ إذ ىقول:
«احلدىث القدسى :هو من حىث املعنى
من عند اهلل تعاىل ،ومن حىث اللفظ من
رسول اهلل ﷺ .فهو ما أخرب اهلل تعاىل به
نب ّىه بإهلام أو باملنام؛ فأخرب ﷺ عن ذلك
مفضل علىه؛ ألن بعبارة نفسه .فالقرآن َّ
أىضا».
منزل ً
لفظه َّ
ومن التعرىفات املتأخرة :قول امل َّ
ال عىل
بن حممد القارى الفقىه احلنفى املتوىف سنة
1016هـ ىف مقدمة جمموعته «األحادىث
القدسىة األربعىنىة» :احلدىث القدسى
هو ما «ىروىه صدر الرواة وبدر الثقات،
الرشىف اجلرجانى :عىل بن حممد بن عىل« :التعرىفات»
ص .45الدار التونسىة للنرش .تونس 1971م.
مال عىل القارى« :األحادىث القدسىة األربعىنىة»
ص .2املطبعة العلمىة .حلب 1927م.
علىه أفضل الصلوات وأكمل التحىات،
عن اهلل تبارك وتعاىل ،تارة بواسطة جربىل
علىه السالم ،وت��ارة بالوحى واإلهلام
مفو ًضا إلىه التعبرى بأى عبارة
واملنام؛ ِّ
شاء من أنواع الكالم .وهى تغاىر القرآن
احلمىد والفرقان املجىد :بأن نزوله ال
ىكون إال بواسطة الروح األمنى ،وىكون
مقىدا باللفظ املنزل من اللوح املحفوظً
متواترا
ً عىل وجه التعىنى ،ثم ىكون نقله
قطع ّىا ىف كل طبقة وعرص وحنى .وىتفرع
علىه فروع كثرىة عند العلامء هبا شهرىة،
منها :عدم صحة الصالة بقراءة األحادىث
القدسىة ،ومنها :عدم حرمة مسها وقراءهتا
للجنب واحلائض والنفساء ،ومنها :عدم
كفر جاحدها ،ومنها :عدم تعلق اإلعجاز
هبا».
ومع هذىن التعرىفنى تعرىفات وأقوال
أخرى قدىمة ومتأخرة ،ال تكاد خترج ىف
مضموهنا عام ذكر ،منها :تعرىفات احلسنى
الطىبى املتوىف سنة 743هـ، بن حممد ِّ
الك ْرمانى شارح وحممد بن ىوسف َ ِ
البخارى املتوىف سنة 786هـ ،وابن َح َجر
ا َهل ْىتمى شارح األربعنى النووىة املتوىف
الن الصدىقى سنة 974هـ ،وحممد بن َع ّ
الشافعى شارح رىاض الصاحلنى املتوىف
سنة 1057هـ ،وغرىهم.
انظر :املجلس األعىل للشئون اإلسالمية( :األحاديث
القدسية) جـ 1ص 5ـ .7القاهرة 1969م.
ـ حممد بن عالن الصديقى( :كتاب دليل الفاحلني لطرق
رياض الصاحلني) جـ 1ص .201 ،74دار الكتاب
العربى .بريوت.
ـ د .شعبان حممد إسامعيل( :األحاديث القدسية
ومنزلتها ىف الترشيع) ص .28القاهرة 1398هـ.
حرص العلامء من قدىم عىل جتلىة وقد َ
معنى احلدىث القدسى ،بإىضاح أربعة
أمور:
1ـ التمىىز بنى احلدىث القدسى واحلدىث
النبوى :فالنبوى ىنتهى سنده إىل الرسول
ﷺ ،بىنام ىرتفع سند القدسى إىل اهلل عز
وكثرىا
ً وجل ،فالقول فىه له جل جالله.
ما ىكون بضمرى املتكلم ،كام ىف حدىث
حترىم الظلم« :ىا ِعبادى؛ إ ِّنى َح َّر ْم ُت
ال ُّظ ْل َم عىل َن ْف ِسىَ ،و َج َع ْل ُت ُه َب ْىنَكُم محُ َّر ًما،
َال َت َظالمَوا .»..وهذا ال ىنفى أن احلدىث
النبوى ىستند ىف جمموعه إىل وحى من
﴿وما َينْطِ ُق َع ِنلعموم قوله تعاىلَ : اهلل؛
َاهلوى﴾ .
انظر مث ً
ال احلدىث الثانى من هذه املجموعة.
11
حدىث ُم ْس ِل ٌم «لـماَّ َق ىَض اهللُ اخلَ ْل َق،
َك َتب ىف ِكتابِ ِه عىل َن ْف ِ ِ
سهَ ،ف ُه َو َم ْو ُض ٌ
وع
ِ ِ َ
ب َغ َضبى» . إن َر مْحتى َت ْغل ُ عن َْدهَّ :
وورود النص بصىغة املتكلم ،قطعى
الداللة ىف النسبة إىل اهلل تعاىل.
3ـ أال ىكون احلدىث قدس ّىا من أوله إىل
حىا
آخره ،بل ىرد فىه اجلزء القدسى رص ً
ىف النسبة إىل اهلل ،ولك ْن بعد كالم للنبى
ﷺ ُىبنى فىه مناسبة القول ،كحدىث
ب ول اهللِ ﷺَ « :ى ْع َج ُ رس ُ ول ُالنَّسائى :ى ُق ُ
احلدىث األول من هذه املجموعة .ومن ذلك ً
أىضا
َ
تواض ُعـوا أوحى إ َّىل ْ
أن حدىث ُم ْس ِل ٌم« :إن َ
اهلل َتعاىل ْ
َ
غى أحــدٌ عـىلحتــى ال َى ْف َخ َر أحدٌ عىل أ َح ٍد ،وال َى ْب َ
أحد»ُ .م ْس ِل ٌم :ج 5ص .718فكالم اهلل ىف احلدىث ٍ
َ
َب» ،وىف الثانى بلفظ «أ ْوحى». األول مقدم بلفظ َ
«كت َ
وانظر احلدىث التاسع والثالثنى من هذه املجموعة.
س َشظِ َّى ِة اعى َغنَ ٍم ،ىف ر ْأ ِ رب َك من ر ِ
َ َ ُّ
ُ
فىقول بالصالة و ُى َصلىِّ .
ِ الجْ َ َب ِلُ ،ىؤ ِّذن َّ
اهللُ َع َّز َو َج َّل :ا ْن ُظروا إىل َع ْبدى َهذا»..
احلدىث.
4ـ أن ىرد اجلزء القدسى ضمن احلدىث،
كام ُذكر ،ولكن عزوه إىل اهلل تعاىل ُىفهم
من سىاق احلدىث ،ال بالنسبة الرصحىة،
كام ىف حدىث ُم ْس ِل ٌم :قال ﷺُ « :ت ْف َت ُح
جلن َِّة َى ْو َم اال ْثنىنْ َو َى ْو َم اخلَمىس، َأ ْب َو ُ
اب ِا َ
ٍ
ف ُى ْغ َف ُر لك ُِّل َع ْبد الَ ُىشرْ ِ ُك باهلل َشى ًئا ،إال
أخ ِىه َش ْحنا ُء، كانت بىنَه وب َ ِ
ال ِ ْ َ ْ ُ َ ىنْ َر ُج ً
ِ
ف ُىقال :أ ْنظروا َهذ ْىن حتى َى ْص َطل َحا»..
احل��دى��ث .فبالرغم مـن عبـارة
احلدىث السابع من هذه املجموعة.
احلدىث العرشون من هذه املجموعة.
« ُىقال» املبنىـة للمجهــول ،إال أن
السـىاق ىـدل عىل أن القول هلل تعاىل،
أو بأمره .وىؤكده ورود « ُى ْغ َفر» بالبناء
أىضا قبل ذلك ،واملغفرة من للمجهول ً
اهلل وحده.
وىمكن اجلمع بنى هذه الصور األربع،
والصورتنى املشهورتىنْ املذكورتىنْ قبالً،
بأن هاتنى الصورتنى ،مها الواردتان ىف
األحادىث التى ىرد نصها قدس ّيا من
أوله إىل آخ��ره ،باإلضافة إىل صورة:
مناد» أو « ُن ِ
ودى» ومما جىرى هذا املجرى عبارة «نادى ٍ
بالبناء للمجهول .وىدل السىاق عىل أن النداء بأمر
من اهلل تعاىل أو من قبله .انظر ابن ماجه :حدىث رقم
،4203ومسند أمحد :جـ 4ص .332
قدسىا من أوهلا إىل آخرها،
ّ واألحادىث التى ىرد نصها
تغلب علىها صىغة املتكلم .ومع ذلك ،فقد ترد بصىغة
«قال ﷺ :قال اهلل عز وجل» .أما الصور
األخرى ،فرتد فىام عدا ذلك .وقد وصفت
مجىع هذه الصور والصىغ بوصف التقدىس
الحتوائها مجى ًعا عىل عبارة معزوة إىل اهلل
تعاىل.
مصادر األحادىث القدسىة وك ُتبها:
عوملت األحادىث القدسىة من حىث
اجلمع والتمحىص والتدوىن ،معاملة
سائر األحادىث النبوىة .وبذلك ُت َع ُّد كتب
احلدىث املعتمدة هى مصادرها الوحىدة،
ترد ىف ثناىاها ،وف ًقا لتبوىبها ،وال تتمىز
عنها إال بورودها وف ًقا إلحدى صىغها
املعروفة.
الغائب ،كام ىف احلدىث املتفق علىه رقم 16من هذه
املجموعة ،وهو قدسى بال خالف.
وال نعلم أن هذه األحادىث قد متىزت
بجمع مستقل ىف فرتة التدوىن األوىل
للرتاث النبوى ،وإنام ظهر ذلك ىف زمن
متأخر .وما وصل إلىه علمنا من جمموعات
األحادىث القدسىة املستقلة التى طبعت
هو ما ىىل:
1ـ «كتاب مشكاة األنوار ،فىام روى عن
اهلل سبحانه من األخبار» للشىخ حمىى
الدىن بن العربى املتوىف سنة 638هـ.
وقد اشتمل الكتاب عىل مائة وواحد
من األحادىث القدسىة ،وطبع سنة
1346هـ (1927م) ىف حلب .وقد
ىكون هذا الكتاب هو ما أشار إلىه
ابن َح َجر ا َهل ْىتمى ىف «الفتح املبنى ىف
رشح األربعنى» بقوله« :القدسىة أكثر
من مائة ،وقد مجعها بعضهم ىف جزء
16
كبرى» ،وإن كانت املائة ال تشكل
رىا.
جز ًءا كب ً
2ـ ىف «مجع اجلوامع /اجلامع الكبرى»
و«اجل��ام��ع الصغرى» جل�لال الدىن
السىوطى املتوىف سنة 911هـ ،متىىز
لألحادىث القدسىة اقتضته رضورة
ترتىب الكتابىنْ وف ًقا للحروف اهلجائىة؛
إذ ترد هذه األحادىث حتت حرف القاف
مبدوءة بعبارة« :قال اهلل عز وجل» أو
نحوها .وىف اجلامع الصغرى منها ستة
وس ّتون حدى ًثا ،وىف مجع اجلوامع مائة
ولو استوعب هذا املجموع ،ىف طبعة قادمة ،ما ىكون
قد بقى ىف مسند أمحد وبقىة مصادر السنة مع التحقىق،
إذن ألوىف عىل الغاىة.
وىف سنة 1397هـ (1978م) بدأ مصطفى عاشور ىف
نرش جمموعة بعنوان «األحادىث القدسىة» ىف القاهرة،
ظهر منها حتى اآلن أربعة أجزاء صغرىة تشتمل عىل 60
حدى ًثا ،وقد عزا املجموعة إىل اإلمام النووى .واحلقىقة
هى أن اإلمام النووى مل ىؤلف كتا ًبا هبذا العنوان،
وال تعدو املجموعة أن تكون ،كام ذكر املؤلف نفسه،
استخراجا ملا ىف صحىح ُم ْس ِل ٌم برشح النووى ،من
ً
األحادىث القدسىة ،مع بعض اإلضافات.
21
موضوعات األحادىث القدسىة:
موضوعات األح��ادى��ث القدسىة
بطبىعتها حمدودة :فعدد هذه األحادىث
نفسها حمدود ،والقول اإلهلى الذى هو
مضمون هذه األحادىث له طابعه الفرىد
وجماالته اخلاصة التى تبدو أكثر مناسبة
له.
ومن املمكن ،باستقراء األحادىث
القدسىة الصحىحة التى وصلتنا ،أن
انظر ىف هذا املوضوع:
ـ د .أمحد الرشباىص« :أدب األحادىث القدسىة» ،مطبعة
الشعب .القاهرة .1969
ـ د .شعبان حممد إسامعىل« :األحادىث القدسىة ومنزلتها
ىف الترشىع».
Dr. W. A. Graham, (Divine Word and Prophetic Word in
Early Islam), pp 95 - 101, Mouton, 1977.
22
نجمل مضامىنها ىف املوضوعات الرئىسة
اآلتىة:
1ـ تأكىد عقىدة التوحىد وختلىصها من
مظاهر الرشك والتشكك ،وبىان عظمة
اخلالق وتفرده بصفات الكامل واجلالل،
واحلث عىل صحة النىة وصدق التوجه
إىل اهلل.
2ـ حسن أداء العبادات ،املفروضة
واملندوبة ـ من صالة وصىام وزكاة
وحج وذكر وتنفل ـ بكل إخالص،
وإخبات ،واحتساب.
3ـ التحىل بمكارم األخالق ،والفضائل،
والرب ،وصلة األرحام ،وحسن معاملـة
اخللـق ،وحـب الصاحلـنى ،واألمــر
باملعروف والنهى عن املنكر.
23
4ـ التفانى ىف سبىل اهلل :بالرضا بقضائه،
وحب لقائه ،وبذل النفس والنفىس ىف
طاعته.
5ـ االستعداد لىوم احلساب :وما فىه
من ثواب وعقاب ،بدوام االستغفار
والتوبة ،واجلمع بنى اخلشىة والرجاء،
والتوسل إىل اهلل بصالح األعامل وما
ىأذن به من شفاعة ،والثقة الكاملة ىف
رمحة اهلل السابغة التى تسبق غضبه،
وتشمل عباده.
وجممل القول ىف هذه املوضوعات :إهنا
جتلىّ معانى األلوهىة والعبودىة ،وتوضح
أقدارا من أبعادمها ،خاصة ىف املجاالت
ً
االعتقادىة ،والتعبدىة ،والسلوكىة .وهى
ال تكاد تتجاوز هذه الدائرة إىل موضوعات
الترشىع ،أو األحكام ،أو املعامالت ،التى
ُتعا َلج ىف مواضعها من مصادر الدىن
األخرى من قرآن وحدىث.
وأسلوب األحادىث القدسىة ىناسب
مضامىنها وموضوعاهتا .وىمكن وصفه
كثرىا عىل التعبرى املبارشْ :
إن بأنه ىعتمد ً
بالنداء القدسى عن اهلل تعاىل إىل عباده،
ْ
وإن باملناجاة بىنه وبىنهم بقصد اإلرشاد
واهلداىة ،أو بغرى ذلك من صور التعبرى
التى تعمق الصلة بنى اخلالق عز وجل
وبنى عباده .وأسلوب األحادىث ىف مجىع
صورها علوى الطابع ،روحى الصبغة،
عمىق اإلثارة.
ولعل هذا هو أحد األسباب التى
جعلت مؤلفى كتب الرتغىب والرتهىب
والرىاضات الروحىة والسلوكىة ،ىكثرون
من االستشهاد باألحادىث القدسىة.
إال أن بعضهم قد توسع ىف ذلك بغرى
كاف ،فوقع ىف كتبهم الضعىف ٍ حتقىق
وربام املوضوع ،وقد كان هلم ىف الصحىح
واحلسن من هذه األحادىث مندوحة عن
ذلك.
هذه املجموعة:
شهدت سنوات العقد األخرى عناىة
طىبة برتاثنا من األحادىث القدسىة :سواء
بجمعها واستخراجها مبارشة من أمهات
كتب احلدىث كام ذكرنا آن ًفا ،أم بإعادة نرش
بعض ما نفد من املجموعات القدىمة ،أم
بإجراء دراسات حول األحادىث وبىان
ُح ّجىتها وفقهها وما تضمنته من هداىة
26
وتوجىه ،أم برتمجة معانىها إىل اللغات
األخرى لتىسرى االطالع علىها واإلفادة
منها من ِق َبل الذىن ال ىعرفون العربىة.
ومع ذلك ،فإن احلاجة ما زالت قائمة ملزىد
من العناىة هبذا الرتاث ،من حىث اجلمع،
والتحقىق ،والنرش ،والدراسة ،والرتمجة.
لذلك فكَّرنا ىف إخراج هذه املجموعة
مع ترمجة معانىها إىل اللغة اإلنجلىزىة.
وقد راعىنا ىف اختىار األحادىث التى
تشتمل علىها هذه املجموعة ما ىىل:
1ـ أن ىقترص عددها عىل أربعنى :جماراة
ملا اتبعه مؤلفو املختارات املخترصة
ىف األحادىث ،من االقتصار عىل هذا
العدد ،استهدا ًء بقول النبى ﷺَ « :م ْن
َح ِف َظ عىل ُأ َّمتى َأ ْربعنى َحدى ًثا من َأ ْمر
27
امة ِىف ُزم ِ
رة القى ِ
ِ دىنها ِ ،ب َع َث ُة ا
ْ و َم َ
هللُ َى ْ
ِ
ال ُفقهاء وال ُع َلماَ ء» ،واقتنا ًعا بأن العدد
املحدود ىسهل األمر عىل الدارسنى،
بعد عىل االستزادة .وإذا وىشجعهم من ُ
و ّفق اهلل ىف االختىار ،فمن املمكن أن
ىضم ما ىكفى من أصول الرتاث.
2ـ أن نلتزم بالتدقىق فىام نختار ،فال
نورد ىف هذه املجموعة إال الصحىح
واحلسن .فمام اخرتناه أربعة وثالثون
حدى ًثا مما اتفق علىه البخارى و ُم ْس ِل ٌم
ىف صحىحىهام ،أو ورد ىف أحدمها.
أما األحادىث الستة الباقىة فمام ورد
ىف كتب األصول األخرى بتصحىح
انظر ىف وجه االستشهاد هبذا احلدىث ،ومدى حجىته:
ما ذكره النووى ىف مقدمة «األربعنى النووىة».
28
أو حتسنى ظاهر ْىن ،وحرصنا عىل بىان
ذلك ىف مواضعه .وعند ورود احلدىث
ىف أكثر من مصدر ،كام هى احلال مع
معظم األحادىث ،قدمنا املصدر الذى
أخذنا رواىته ،وذكرنا املصادر األخرى
بعده.
3ـ أن تكون األحادىث رصحىة االتصاف
بالقدسىة ،إما بكوهنا قدسىة النص من
أول احلدىث إىل آخره ،وإما باحتوائها
عىل عبارة قدسىة ىف السىاق.
4ـ أن متثل املجموعة املختارة معظم
املوضوعات التى تناولتها األحادىث
القدسىة ،بحىث ىتمكن قارئها من
اإلحاطة بام اشتمل علىه عامة هذا
الرتاث من َه ْدى وما اتسم به من طابع.
وقد أوردن��ا األحادىث ىف املجموعة
29
مرتبة وف ًقا لتتابع املوضوعات مبتدئنى
بأحادىث العقىدة ،فالعبادات ،ففضائل
األخالقواألعامل،فاالستشهادوالصرب
عىل قضاء اهلل ،فاالستغفار والتوبة،
وأخرىا أحادىث ىوم احلساب .وجعلنا ً
مفتتح الكتاب وآخ��ره من أحادىث
البشارات برمحة اهلل ورضوانه.
أما ترمجة معانى األحادىث إىل اللغة
اإلنجلىزىة ،فقد اجتهنا إلىها متابعة
لصنىعنا مع جمموعة األحادىث النبوىة
التى اختارها اإلمام النووى رمحه اهلل تعاىل،
واملشهورة باسم «األربعنى النووىة» .كام
شجعنا عىل ذلك قلة ما ظهر حتى اآلن
من ترمجات ملعانى األحادىث القدسىة إىل
اللغة اإلنجلىزىة؛ إذ ال نعرف من ذلك إال
كتابىنْ :
1ـ « »Hadees - e- Qudsiاحلدىث القدسى،
وهو جمموعة من األحادىث القدسىة،
اختارها موالنا أمحد سعىد دهلوى،
وترمجها حممد سلامن إىل اإلنجلىزىة
ال عن ترمجة أخرى باألوردىة .وقد نق ً
ُطبع هذا الكتاب ىف اهلند سنة 1972م
ثم ىف سنة 1976م ،حمتو ًىا عىل الرتمجة
اإلنجلىزىة وحدها .وأصول األحادىث
املرتمجة متفاوتة الصحة ،وتشتمل عىل
الضعىف ،وترمجتها ىف حاجة إىل إعادة
نظر.
2ـ القسم الثالث من كتاب الدكتور ولىام
جراهام (Divine Word and Prophetic Word in
،)Early Islamوىشتمل عىل تسعنى حدى ًثا
بنصوصها ،وترمجاهتا .والنصوص
أىضا متفاوتة الصحة ،ولكنها معزوة إىل
ً
مصادرها بوضوح .وظهر هذا الكتاب
ىف أمرىكا سنة .1977
وق��د اتبعنا ىف ترمجة معانى هذه
املجموعة إىل اللغة اإلنجلىزىة ،الطرىقة
نفسها التى ا ُّتبعت ىف ترمجة املجموعة
السابقة (األربعنى النووىة) ،وهى أن
ىتشارك ىف الرتمجة اثنان أحدمها عربى
واآلخر إنجلىزى ،ىتعاونان فىام بىنهام،
وىكمل أحدمها جهد اآلخر .وقد ساعدنا
هذا التعاون عىل االجتهاد ىف حترى الدقة
والضبط ىف نقل املعانى من أصوهلا العربىة
بال اعتساف أو ترصف ،معتمدىن ىف ذلك
عىل الرشوح املو َّثقة هلا ،مع احلرص عىل
32
صحة العبارة اإلنجلىزىة واستقامتها
وخلوها من التعقىد.
والتزمنا ىف ترمجة معانى األحادىث
حرفىة النص .فإذا اضطررنا إىل الترصف
الطفىف نبهنا إىل ذلك رصاحة ىف اهلامش،
وإذا احتىج إىل إضافة كلمة لإلىضاح
وضعناها بنى معقوفنى ،وأبقىنا لفظ
اجلاللة عىل صىغته العربىة دون ترمجة،
وكذلك بعض املصطلحات الدىنىة مثل:
زكاةِ ،
وذكْر.
وىف الطباعة مجعنا بنى النص العربى
والرتمجة اإلنجلىزىة متواجهىنْ ؛ لتسهىل
املراجعة .ومل ن��ورد من التعلىقات
واملالحظات اهلامشىة إال ما اقتضته
إىثارا لالختصار.
رضورة واضحة ً
33
وغاىة ما نرجوه أن نكون قد وفقنا ىف
تزوىد قارئ العربىة بمجموعة موثقة من
األحادىث القدسىة ،التى تقرب إلىه هذا
الرتاث ،وحتببه ىف االستزادة منه ،وأن
نكون كذلك قد ىرسنا األمر عىل قراء
اللغة اإلنجلىزىة من ا ُمل ْس ِل ٌمنى وغرىهم.
خالصا
ً واهلل املسئول أن جىعل عملنا هذا
لوجهه الكرىم ،وأن ىوفقنا الستكامل ما
وعدنا به من ترمجات مماثلة ىف حقل السنة
النبوىة الرشىفة.
وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملنى.
عز الدىن إبراهىم دىنىس جونسون دىڤىز
(عبد الودود)
يث األَوَّلُ
احل َ ِد ُ
الَ :ق َ
ال َر ُس ُ
ول ض ُ
اهلل عنهَ ،ق َ َع ْن أيب ُه َر ْير َةَ ،ر يِ َ
اهللِ ﷺ:
اللهَُّ اخلَ ْل َق، « َل َّما َق�َض�ىَ
ب يف ِكتابِ ِه عىل َن ْف ِس ِهَ ،ف ُه َو َك َت َ
ِ إن ر مْ َ ِ مو ُض ِ
ب حتي َت ْغل ُ وع عن َْد ُهَ َّ :ٌ َْ
َغ َضبِي».
َر َوا ُه ُم ْس ِل ٌم (وكذلِ َك ال ُبخا ِر ُّي َوال َّن َس ُّ
ائي وا ْب ُن
اجة).َم َ
* * *
يث الث َّانِي
احل َ ِد ُ
ال: ض ُ
اهلل َع ْن ُهَ ،ع ِن ال َّنبِ ِّي ﷺ َق َ َع ْن أيب ُه َر ْي َر َةَ ،ر يِ َ
احلَ ِديثُ ال َع ِ
اش ُر
َع ْن َأبي ُه َر ْي َرةََ ،ر ِض َي ال َّل ُه َعنْ ُهَ ،ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ،
َق َال:
الص ْو ُم « َي ُق ُ
ول ال َّل ُه َع َّز َو َج َّلَّ :
لِيَ ،و َأ َنا َأ ْج ِزي بِ ِهَ ،يدَ ُع َش ْه َو َت ُه
والص ْو ُم َو َأ ْك َل ُه َو ُش ْر َب ُه ِم ْن َأ ْجليَّ .
لصائِ ِم َف ْر َح َتانَ :ف ْر َح ٌةُج َّن ٌة َ ،ولِ َّ
حيث يصححه.
الصوم ُج َّن ٌة :أي وقاية.
الصائِم
وف َف ِم َّ َر َّب ُهَ ،و َل ُخ ُل ُ
ُف ْضال :مجع فاضل وهو الزائد ،فهم مالئكة زادهم اهلل
وخصصهم ِ
حل َلق الذكر. ّ
الدُّ نْيا .فإِذا ان َْص َر ُفوا َع َر ُجوا
ال :
ماءَ .ق َ الس ِ َو َص ِعدُ وا إِلى َّ
عز َو َج َّلَ ،و ُهو َف َي ْس َأ ُل ُه ُم ال َّل ُهَّ ،
َأ ْع َل ُم بِ ِه ْمِ :م ْن َأ ْي َن ِج ْئ ُت ْم؟
ونِ :ج ْئنَا ِم ْن ِع ْن ِد ِع ٍ
باد َف َي ُقو ُل َ
ضُ ،ي َس ِّب ُحو َن َك َل َك ِفي َ
األ ْر ِ
َو ُي َه ِّل ُلو َن َك، َو ُي َك ِّبرو َن َك،
َو َي ْح َمدُ و َن َكَ ،و َي ْس َأ ُلو َن َك.
الَ :و َما َي ْس َأ ُلوني؟ َقا ُلوا: َق َ
الَ :و َه ْل َي ْس َأ ُلو َن َك َج َّن َت َكَ .ق َ
س َع َ
شرَ احلَ ِديثُ َّ
السادِ َ
بي ﷺ، ض ُ
اهلل َع ْن ُهماَ َ ،ع ِن ال َّن ِّ عباسَ ،ر يِ َ َع ْن ا ْب ِن َّ
ِفيماَ َي ْروي َع ْن َر ِّب ِه َع َّز َو َج َّل ،قال:
اهلل َك َت َب الحْ َ َسنات َ «إِ َّن
َاتُ ،ث َّم َبينَّ َ َذلِ َكَ :ف َم ْن والس ِّيئ ِ
َّ
َه َّم بِ َح َسن ٍَة َف َل ْم َي ْع َم ْل َهاَ ،ك َت َبها
ام َل ًةَ .فإِ ْناهلل َل ُه ِع ْندَ ُه َح َس َن ًة َك ُِ
ُه َو َه َّم بهِ ا َف َع ِم َل َهاَ ،ك َت َبها ُ
اهلل َل ُه
نات .إِىل َس ْب ِعام َئ ِة
ِع ْندَ ُه َعشرْ َ َح َس ٍ
رية .و َم ْن ف ،إِىل َأ ْض ٍ
عاف َكثِ ٍ ِض ْع ٍ
ئة َف َل ْم َي ْع َم ْل َهاَ ،ك َت َبها ُ
اهلل َه َّم بِ َس ِّي ٍ
َل ُه ِع ْندَ ُه َح َس َن ًة َك ِ
ام َل ًة ،فإِ ْن ُه َو
َه َّم بهِ َ ا َف َع ِم َل َهاَ ،ك َت َبها ُ
اهلل َس ِّي َئ ًة
احد ًة». َو ِ
وم ْس ِل ٌم.
َر َوا ُه ال ُب َخا ِر ُّي ُ
* * *
احلَ ِديثُ ال ِع ْ
ش ُرو َن
ض اهلل َعنْ ُهَ ،أ َّن َر ُس َ يِ
ول اهللِ ﷺ َع ْن َأيب ُه َر ْي َرةََ ،ر َ
َق َال:
اب الجْ َ َّن ِة َي ْو َم « ُت ْف َّت ُح َأ ْب َو ُ
يسَ ،ف ُيغْ َف ُر اال ْثنَينْ ِ َ ،و َي ْو َم َ
اخل ِم ِ ِ
ال ُيشرْ ِ ُك بِاهلل َش ْيئًا، لِ ُك ِّل َع ْب ٍد َ
ال كا َن ْت َب ْين َُه َو َبينْ َ َأ ِخ ِ
يه ال َر ُج ً إِ َّ
قالَ :أن ِْظ ُروا
َف ُي ُ ناء،َش ْح ُ
َه َذ ْي ِنَ ،ح َّتى َي ْص َط ِلحاَ ،أن ِْظ ُروا
أي :من قبل اهلل تعاىل.
أجلوا ِّ
وأخروا. أنظرواِّ :
َه َذ ْي ِن َح َّتى َي ْص َط ِل َحاَ ،أن ِْظ ُروا
َه َذ ْي ِن َح َّتى َي ْص َط ِلحا».
َر َوا ُه ُم ْس ِل ٌم (وكذلك َم ٌ
الك وأبو داو َد).
* * *
ال َث ٌة َأ َنا
اهلل َت َعاىلَ :ث َال ُ « َق َ
َخ ْص ُم ُه ْم َي ْو َم ا ْل ِقيا َم ِةَ :ر ُج ٌل
َأ ْع َطى بيِ ُث َّم َغدَ َرَ ،و َر ُج ٌل َب َ
اع
أي :أعطى عهدً ا باهلل ثم نقضه.
اس َت ْأ َج َر َ
ُح َّرا َفأ َك َل َث َمن َُهَ ،و َر ُج ٌل ْ
فاس َت ْوىف ِم ْن ُه َولمَ ْ ُي ْع ِط ِه
ريا ْ َأج ً
َأ ْج َر ُه».
وأحدُ ).
اجة مَ (و َكذلك ُ
ابن َم َ خاري َ
ُّ َروا ُه ال ُب
* * *