Professional Documents
Culture Documents
أما سعي إيزنشتين فكان يستند على بناء مونتاج يتعارض مع سرد
القصة ،وكان ضروريًا عند إيزنشتين تدمير »الواقعية« من أجل
القتراب من الواقع ،وآمن أنه لتحقيق الواقع على الفنان أن يحطم
الواقعية وأن يفتت شكل أي مظهر ما للواقع ليعيد بناءه ،لكن
حسب مبدأ الواقع :الحقيقة المستترة يتم تجميع عناصرها
المتفرقة في وحدة تكوين تتركز فيه العلقة المتبادلة العضوية
للخليا التي تكونه .من هنا عارض إيزنشتين الربط بالصطدام،
منطلقًا كون صانع الفيلم يبني من المادة الخام ،بإحساسه الخاص،
علقات ليست كامنة في معنى اللقطة وأنه ل يوجه المعنى إنما
يبتكره .فصانع الفيلم يجب عليه أل يربط أجزاء المونتاج بشكل
آلي ووفقا لخط متتابع سائد ،لكن عليه أن يوزع وحدة عمله الكلية
توزيعًا اوركستراليًا بحيث يتلقى المشاهد حشدا من المؤثرات
المنظمة عبر مونتاج متآلف النغمات ،تستند على اختلفاتها في
عقله وتخلق عنده تأثيرا نهائيا وإحساسا بالكلية.
ومن الواضح أن بودوفكين ركز في علمه على قدرة المتفرج على
التداعي بينما ركز إيزنشتين على قدرة المتفرج على الستنباط.
وضع بودوفكين خمس طرق للمونتاج:
التناقض غنى /فقر
التوازي حدثان متتابعان ومترابطان ،يجريان في نفس الوقت.
التشابه ضرب عمال بالرصاص /ذبح ثور في مسلخ
التزامن حدثان متتابعان يجريان في نفس الوقت
اللزمة تكرار مشهد مميز ومحدد عدة مرات من أجل التأكيد على
فكرة السيناريو الساسية.
ووضع تيموشنكو بدوره خمسة عشر مبدأً في المونتاج يذكرها
ارنهايم ويجدها غير مرضية وغير نظامية ويجد أنها ليست على
ذات المستوى وأن بعضها ،منطقيًا ،كان يجب أن يتفرع من بعضها
الخر .كما أن بودوفكين وتيموشنكو قاما بمحاولة أخرى نسقا
فيها ،كما يبدو ،المبادئ التي سبق لكل منهما أن ثبتها ،ومع أنهما
وضعا في تصنيفهما المشترك أربعة مبادئ مونتاجية ،إل أنهما
قسما كل مبدأ إلى أكثر من حالة ووضعا لكل حالة أشكال عديدة.
كذلك وضع إيزنشتين ،بداية ،خمسة طرق فنية في المونتاج:
المونتاج المتري
المونتاج اليقاعي
المونتاج النغمي
المونتاج فوق النغمي
المونتاج الذهني
إن هدف المونتاج ،بالنسبة ليزنشتين ،هو خلق الفكار خلق واقع
جديد ،بدًل من دعم القصة أو الواقع القديم للتجربة .وكان
إيزنشتين وهو طالب مفتون بـــ»اليديوغرام« الشرقي )الرموز
ن
المصورة التي تدلل على كلمة( التي تتركب من عناصر ذات معا ٍ
ن جديدة تمامًا ،واعتبر بذلك مختلفة إلى حد بعيد من أجل خلق معا ٍ
»اليديوغرام« كمثال للمونتاج السينمائي.
وقد كانت نظرية إيزنشتين في المونتاج وليدة دراسته لـ )اللغة(
اليابانية ،فالكتابة بهذه اللغة تشبه الكتابة الهيروغليفية ،فالكلمات
فيها رسوم ،فكلمة )) بكاء (( في اللغة اليابانية تتألف من رسمين
رسم يمثل العين و رسم يمثل الماء و كلمة حزن تتألف من رسمي
سكين و قلب و كلمة غناء تتألف من رسمي فم و طائر .إن هذا
الرابط ليس مجرد إضافة فكرة إلى أخرى و إنما هو تفجير لهما
يؤدي إلى فكرة جديدة تمامًا.
وكان من اكتشافات إيزنشتين الهامة في »المدرعة بوتيمكين« هو
ابتكاره الفرق بين وقت الشاشة و الوقت الحقيقي ،حيث اتجه
إيزنشتين نحو »توسيع« الزمن الفني عبر »مد« وتطويل زمن
اللقطات ذات المغزى الكبير .وهذا التطويل السينمائي للوقت وصل
أقصاه في مشاهد مذبحة السللم في أوديسا.
وهناك من يؤكد على أن إيزنشتين اكتشف ووضع أمام
السينمائيين،في هذا المشهد الرائع الخالد في تاريخ السينما،
عرضًا جامعًا بحق لغلب مبادئ المونتاج مثل المونتاج اليقاعي
والمونتاج النغمي
وأصبح من المعروف :كما يبين يوتكيفيتش ،بأن إيزنشتين لم
ينطلق فقط من مبادئ الخراج إنما أيضاً من المبادئ الخاصة
ييي يييييييي وذلك حينما كان ،قبل التصوير ،
يجهز قائمة مونتاج لكل مشهد ومن ثم يبدأ ،بعد التصوير ،عمله
على طاولة المونتاج معالجة كل مشهد كما يفعل أحسن درامي،
لكنه وصل مع مريديه ،إلى استنتاج خاطئ ،حينما حاولوا أن
يسنوا من الحدث قانونًا دون معرفة قوانين جوهر الحدث ،إلى
درجة عد فيها إيزنشتين المونتاج الوسيلة الوحيدة السحرية
المؤثرة ،التي تصنع الفيلم .وبهذا أغفل دور السيناريو القيادي في
هذه العملية .وأخذ يعتقد ،كما لو أن تجسيد الشكل الكامل للفيلم،
يتم بشكل موضوعي ،في مرحلة المونتاج النهائية.
وكما يخبرنا ج .دادلي انرو فإن معظم الفلم ونظريات الفيلم تحمل
اليوم بصمات بودوفكين أكثر مما تحمل بصمات إيزنشتين إل ان
إيزنشتين هو الذي أشعل خيال كل الذي يتوقون إلى سينما جديدة.
ويكتب سيرغي يوتكيفيتش في دراسته عن إيزنشتين ،وهو
يتطرق إلى فيلمه الخالد المدرعة »بوتيمكين«:
»لم يترك أي فيلم في مرور الزمن بصماته الكبيرة على فن
السينما كما فعل فيلم إيزنشتين المدرعة بوتيمكين كفن سينمائي
ينتمي إلى أفضل إنجازات العقل النساني التي حققها اويريبيديس
شكسبير بيتهوفن ورامبرانت«.
وأخيرًا بوسعنا أن نتوقف عند اعتراف كوليشوف نفسه حينما
قال»:أريد أن أحكي بعض الشياء عن علقتي بإيزنشتين إذ أن
تأثيره على أعمالي كان متعددًا وأنا اعتقد انه أفضل المخرجين
جميعًا ،وأنا فخور في نفس الوقت وبإحساس مربك أنه كان
تلميذي .كان إيزنشتين بالطبع عبقريًا ،بينما امتلك أنا موهبة
محدودة «.