Professional Documents
Culture Documents
:مقـدمـة
تعتبر المحاكم الدارية أهم ركائز تأسمميس دولممة القممانون ،وذلممك مممن
خلل مراقبة أعمال الدارة ،وتمارس هممذه المحمماكم رقابتهمما مممن خلل
نوعين من الدعاوى ،هما دعوى اللغاء ودعوى القضاء الشامل.
دعوى اللغاء ليست دعوى بين خصموم ،بممل هممي موجهممة ضممد قممرار
صادر عن سلطة إدارية بإرادتها المنفردة قصد التوصل إلى إلغمماءه ،ول
يملك القاضي سوى سلطة إلغاء القرار إذا تممبين لممه عممدم شممرعيته ،أو
رفض الطلب إذا ثبت له أنه سليم من الناحية القانونية ،أو عممدم قبمموله
إذا انتفت إحدى الشكليات اللزمة لرفع الدعوى.
أما دعوى القضاء الشامل فهي خصومة قائمة بيممن طرفيممن ،يممدعي
أحدهما أنه وقع المساس بأحد مراكزه الذاتية أو الشخصية ،ويملك فيها
القاضي سلطات واسعة من أجل إرجاع الحق لصاحبه وتقرير التزامات
على الطرف الخر.
من خلل ممما سممبق يظهممر لنمما أن هنمماك اختلف واضممح بيممن دعمموى
اللغاء ودعمموى القضمماء الشممامل ،مممما يسمممح بتمييممز كممل منهممما عممن
الخرى.
وبممالرغم مممن هممذا الختلف ،فممإن القممرار الداري يكممون فممي بعممض
الحيان قاسما مشتركا بينهما ،وذلك في الحالمة المتي يمترتب فيهما عمن
القرار المطعون فيه بعدم المشروعية ضرر ما.
بحيممث يكممون قضمماء اللغمماء مختصمما بممالبت فممي مشممروعية القممرار،
والقضاء الشامل مختصا ببحث مسؤولية الدارة عن الضمرر الناتمج عمن
القرار.
هذه الحالة تضعنا أمام التساؤل التالي:
هل يمكن الحديث عن إمكانية الجمــع بيــن دعــوى اللغــاء
ودعوى القضاء الشامل؟
الجابة عن هذا التساؤل تتطلب منا:
أول :البحث فــي إمكانيــة الجمــع بيــن طلــب اللغــاء وطلــب
التعويض في مقال واحد ،وذلك من خلل المبحث الول.
ثانيا :البحث في مــدى الــترابط بيــن دعــوى اللغــاء ودعــوى
القضاء الشامل وذلك في المبحث الثاني.
سنتحدث في البداية عن إمكانية الجمع بين دعمموى اللغمماء ودعمموى
التعويض في القانون المقارن) المطلب الول( ،على أن نتحدث بعد
ذلك عن إمكانية الجمع بينهما في المغرب ) المطلب الثاني(.
المطلب الول :إمكانية الجمع في القانون المقارن
سنخصص هذا المطلب للحديث عن إمكانيممة الجمممع فممي كممل مممن
فرنسا ) الفقرة الولى( ،ومصر ) الفقرة الثانية(.
الفقرة الولى :إمكانية الجمع بين الدعويين في فرنسا
الصل في فرنسا هو استقلل كل من دعوى إلغاء le recours pour
excès de pouvoir
ودعوى القضاء الشامل .contentieuse plein de le recours
فإذا أراد المدعي الطعن في قرار إداري باللغاء و بالتعويض وجممب
عليه أن يرفع دعويين مستقلين أحداهما لللغاء و الخرى للتعويض.
وقد أجاز مجلس الدولة الفرنسي الجمممع بيممن عريضممتي اللغمماء و
القضاء الشامل لنظر فيهما في وقت واحد تفاديا لطول النتظار ،وذلك
مممع احتفمماظ كممل دعمموى باسممتقللها و إجراءاتهمما le régime de la
coexistence entre le recours pour excès de pouvoir et le recours de
.plein contentieuse
ولم يبح المجلس الجمممع بيممن طلممب اللغمماء وطلممب التعممويض فممي
عريضة دعوى واحدة – هي عريضة القضاء الشامل -إل في ثلثة أحكام
صدرت في 31مارس 1911هي قضايا ، argaing, bézie, blancولكممن
مجلس الدولة الفرنسي لممم يسممر فممي اتجمماه هممذه الحكممام الممتي بقيممة
وحيدة ،وظلت القاعدة هي عدم جواز الجمع بين طلممب اللغمماء وطلممب
التعويض في عريضة واحدة ،فممإذا ممما اشممتملت عريضممة دعمموى اللغمماء
على طلب التعويض ،فإن مجلس الدولة الفرنسممي يرفممض نظممر طلممب
التعويض ويباشر فقط وليته بصدد دعمموى اللغمماء والحكممم فيهمما ،ولعممل
مرجع ذلمك همو التيسمميرات المتي خمص بهما المشمرع الفرنسممي دعموى
اللغاء والتي تتمثل في العفاء من رسوم القيد وعممدم اشممتراط تقممديم
عريضتها عن طريق أحد المحامين.
الفقرة الثانية :إمكانية الجمع بين الدعويين في مصر
على خلف ما عليه المر في فرنسا ،فقد أجمماز المشممرع فممي مصممر
هذا السلوب ،إذ أقر إمكانية الجمع بين دعمموى اللغمماء ودعمموى القضمماء
الشامل في عريضة واحممدة هممي عريضممة دعمموى اللغمماء ،بحيممث يكممون
طلب إلغاء القمرار الداري غيمر المشمروع همو الطلمب الصملي ويكمون
طلب التعويض عن الضرار الناجمة عنه بمثابة طلب تابع لطلب اللغاء.
وتجد هذه المكانية سندها القممانوني فممي البنممد الثممامن مممن المممادة
العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة ،1972الممتي أسممندت
الختصمماص لمحمماكم المجلممس للفصممل فممي " طلبممات التعممويض عممن
القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة سواء رفعت بصفة أصلية
أو تبعية".
في هذه الحالة يملك القاضي الولية الكاملة -بالمعنى الفني الدقيق-
ليحكم بإلغاء القرار غير المشروع بالنسممبة للكافممة ،علوة علممى الحكممم
بالحقوق الشخصية الواجبة للطاعن.
ويرفع طلب التعويض بصفة احتياطية عنممد ممما يتممم تضمممين العريضممة
طلب إلغاء أصلي ،مع المطالبة بالتعويض كطلب احتيمماطي ،كممأن ترفممع
الدعوى بصفة أصلية للمطالبة بإلغاء قرار من القرارات ،مممع المطالبممة
احتياطيا بالتعويض عنه باعتبمماره عمل خطممأ ،وهممذا يحممدث عممادة عنممدما
يكون طلب اللغاء من المحتمل عدم قبوله شكل لعدم مراعاة مواعيممد
طلب اللغاء أو لعدم التظلم بالرغم من كممونه واجبمما قبممل طلبمما للغمماء,
ذلممك لن دعمموى التعممويض ل تخضممع لميعمماد رفممع الممدعوى أو اشممتراط
التظلم الوجوبي وإن كان وإن كانت تخضع لقواعد التقادم.
وفي مصر فقد كانت المحاكم العادية تختص وحدها بقضمماء التعممويض
إلى سنة ,1946فلما أنشئ مجلس الدولة و حتى صدور القانون رقممم
165لسنة 1955كممان الختصمماص بممالتعويض عممن الضممرار الممتي سممببها
القرارات الدارية مشتركا بيممن جهممتي القضمماء العممادي والداري ،وكممان
المدعي هو الذي يحدد جهة الختصاص وله الخيار ،فإذا لجأ إلممى إحممدى
الجهتين أصبحت هي المختصة وامتنع عليه التجاه إلى الخممرى ،وكممانت
كل جهة من جهتي القضاء العادي والداري تطبق قواعد قانونية مغايرة
لتلك التي تأخذ بها الخرى مما أدى إلى اختلف الحكممام الصممادرة فممي
دعماوى متماثلمة ،وبصمدور القمانون رقمم 165لسمنة 1955زالمت حالمة
الختصاص
المشترك وأصبح القضاء الداري دون غيره هممو المختممص بالفصممل فممي
طلبممات التعممويض عممن القممرارات الداريممة المعيبممة الممتي تسممبب ضممررا
للفراد ،وأيد القانون رقم 55لسنة 1959هذا التجاه.
وتبقى الشارة في الخير أن المشرع المصري نص بموجب المممادة
25مممن قممانون مجلممس الدولممة رقممم 47لسممنة 1972علممى إلزاميممة
مؤازرة المحامي في دعوى اللغماء ،بحيمث يعتمبر ذلمك إجمراء جوهريما،
يترتب على إغفاله بطلن العريضة.
كما أنه ليست هنمماك مجانيممة للتقاضممي )فممي إطممار دعمموى اللغمماء(،
سوى ما شرع في نظام العفاء المؤقت من دفع رسوم الدعاوى أمممام
القضاء ،وذلممك إلمى أن يفصممل فمي المدعوى ،وفمي همذه الحالممة يحكممم
بالرسوم على من يخسر دعواه.
بعد أن قمنا بإعطاء نظممرة مموجزة عممن أمكانيمة الجممع بيممن دعمموى
اللغمماء ودعمموى التعممويض فممي القممانون الفرنسممي والمصممري ،سممننتقل
لبحث إمكانية الجمع بينهما في المغرب.
المطالب الثاني :إمكانية الجمع بين الدعويين في المغرب
قبل إنشاء المحاكم الدارية ،لم تكن تثار إشكالية الجمع بيممن دعمموى
التعممويض ودعمموى اللغمماء ،علممى اعتبممار أن الغرفممة الداريممة بممالمجلس
العلى ،لم تكن مختصة إل في دعاوى اللغاء.
أما وقد أصبحت المحمماكم الداريممة مختصممة فيهممما معمما فهممل يمكممن
الجمع بين دعوى إلغاء قرار إداري لعدم شرعيته وطلممب التعممويض فممي
إطار المسؤولية الدارية عن الضرار التي قد تنتج عن هذا القرار.
لم يتعرض المشرع المغربي في القانون المحدث للمحمماكم الداريممة
ل للمنع ول للجازة ،مما يفتح المجال واسعا للجتهاد القضائي.
ومعلوم أن مسممطرة كممل مممن الطلممبين تختلممف تمممام الختلف عممن
الخرى ،إذ طلب اللغاء يسجل مجاناوداخل أجل قصير نسبيا،فممي حيممن
تؤدى الرسوم القضائية في طلبات التعويض باعتبارها تدخل فممي إطممار
القضاء الشامل ،كمما أن أجمل رفعهما طويممل مما دام أنهما تخضممع لجمل
التقادم الذي يختلف باختلف الحالت ،كما أن الحكممم باللغمماء ل يمكممن
شممموله بالنفمماذ المعجممل لتمموفر مسممطرته إيقمماف تنفيممذ القممرارات
المنصوص عليها في الفصل 24من قممانون المحمماكم الداريممة ،بينممما ل
يوجد ما يمنع من شمول الحكم بالتعويض بالنفاذ المعجل القضائي.
وقد عرضت هممذه الشممكالية فعل علممى المحمماكم الداريممة بممالمغرب،
فأجممازت إداريممة مكنمماس فممي أحممد أحكامهما،الجمممع بيممن طلممبي اللغمماء
والتعويض ،حيث حكمت بإلغاء قرار إداري صادر عن بلدية بوفكران ،إل
أنها رفضت التعويض بعلة عدم سمملوك الطمماعن لمسممطرة الفصممل 34
ممن ظهيمر 30/09/1976المتعلممق بالتنظيممم الجمماعي ،وقمد سمارت
المحكمة الداريممة بوجممدة فممي نفممس التجمماه ،حيممث قبلممت الجمممع بيممن
الطلممبين فممي عريضممة واحممدة ،فممألغت القممرار الداري المطعممون فيممه،
وصرحت بعدم قبول طلب التعويض لعدم أداء الرسم القضائي.
كما أن المحكمة الدارية بمكناس أكدت اتجاهها السابق ،بقبولها مرة
أخمممرى إمكانيمممة الجممممع بيمممن المممدعويين ممممن خلل الحكمممم رقمممم
90/2002/12ش ،ملممممممف 125/2001/12ش ،الصممممممادر بتاريممممممخ
/14/11/2002بين العلوي إدريس وجماعة شممرقاوة ،بحيممث جمماء فممي
تعليل هذا الحكممم أنممه ":ل مممانع مممن الجمممع بيممن طلممب اللغمماء وطلممب
التعويض في صحيفة دعوى واحدة."...
وقد صدر عن المحكممة الداريمة بالربماط ممؤخرا حكمم عمدد 1003
بتاريممخ ، 12/10/2004أجمازت فيممه الجممع بيمن طلممب اللغمماء وطلمب
التعويض في مقال واحد والبممت فيهممما معمما فممي حكممم واحممد ،طالممما ل
يوجد نص تشريعي يحول دون ذلك ،ففي غيمماب أي مممانع قممانوني ،فممإن
الصل هو إباحة الجمع.
وقد أوضح القاضي في هذا الحكم أن إمكانية الجمع رهينممة باسممتيفاء
بعممض الشممروط المتمثلممة فممي كممون كممل طلممب علممى حممدة ) اللغمماء
والتعممويض( ينبغممي أن تتمموفر فيممه الشممروط الممتي تجعلممه مقبممول لممدى
المحكمة ،ثم يتعين أن يوجد ترابط بين الطلبين كما هو الحال في هممذه
النازلة.
" حيث إنه طالما ل يوجد نص طالما ل يوجد نص صريح يمنع الجمممع
المذكور ،فإن القول بذلك المنع ينبغي أن يقوم على قاعدة تنسجم مممع
المبادئ التي تنظم الحق في التقاضي بما يضمن استمرارية هذا الحممق
وتفعيله وليس عرقلته وتعطيله ،لذلك فكلممما كممانت شممروط قبممول كممل
طلب على حدة متوفرة ،فإن الجمع بينهما في مقال واحد يصبح مقبول
خاصة في حالة الترابط بينهما".
وقد لقي هذا الجمع تأيد عدد من المهتمين ،فهكممذا نجممد كممل مممن
الستاذين آمال المشرفي وامحمد عنتري ،يقممولن ":ففممي واقممع المممر
ولئن ورد الطلبان في مقال واحد ،فإن القاضي يفصل بينها ،ويتأكد من
استجابة كل منهما لشروط القبول ،وفي حالة اليجاب يبت فيهما معمما،
والحكم الصادر يكون حكما يندرج ضمممن قضمماء اللغمماء بالنسممبة للشممق
الخاص المتعلمق بمراقبمة المشمروعية بمالنظر للحجيمة المتي يتمتمع بهما
وضمن القضاء الشامل بالنسبة للشق الخاص بجبر الضرر ،وليممس فممي
هذا الوضع ما يثير مبدئيا التحفظ والرفض ،لن منع الجمع بين الطلممبين
المستدل به عادة ،كما هو الشأن في القضية التي تهمنمما ل يسممتند إلممى
أساس وإنما هو نابع من مسمملمة غريبممة عممن واقعنمما ،فهممذا المنممع يجممد
ممبرارته لحقيقيمة فمي التقليمد اللمشمروط للحلمول المعممول بهما فمي
فرنسا ،ففي هذا البلد عدم جواز الجمع تمليه محددات خاصة ،أممما فممي
المغرب،فإن الوضع مختلف مما يممبرر الخممذ بحلممول مغممايرة تتلءم مممع
واقعنا وتستجيب لخصوصياته ،وبالنظر لهذه الخصوصمميات ،فممإن الجمممع
بيممن اللغمماء والتعممويض أمممر جممائز بممل وضممروري لتفعيممل القضمماء
الداري...علوة على ذلك ،فإن الحكم من خلل فصله في الطلبين مممع
الكتفمماء بمسممطرة قضممائية واحممدة ،يبسممط إلممى حممد كممبير مسممطرة
التقاضي ،ويجعلها أكثر في متناول المواطنين ،فكثيرة هي القضايا البت
ل يمكن حلها في كل جوانبها فقط بصدور حكممم اللغمماء وإنممما تسممتلزم
دعوى أخرى بطلممب التعممويض ،وغالبمما ممما تسممتنفذ المسمماطر القضممائية
طاقممة المتقاضممي وصممبره وإمكانيمماته الماديممة باستصممدار حكممم اللغمماء
لفائدته ،ويستعصممي عليممه عمليمما مواصمملة التقاضممي برفممع دعمموى ثانيممة
وربما ثالثة لسترداد حقه كامل وجبر الضرر الناتج عمن القمرار الملغمى،
فيتوقف في منتصف الطريق."... ،
وبجانب هذا الرأي ،هناك اتجاه معرض لهذا الجمع ،بممالرغم مممن أنممه
يقر بفوائد الجمع العملية ،لكنه يتساءل عن السند الذي اعتمممدت علممي
المحاكم الدارية للقممول بجممواز الجمممع بيممن الممدعويين ،فهممذه المحمماكم
تكتفي بالقول أنه ل يوجد ما يمنممع الجمممع دون أن تممبرز السمماس الممذي
يبرر هذا الجمع ،كما أن هذا التجمماه يممرى أن الجمممع ل يسمماير المنطممق
القانوني ،بممالنظر إلممى الختلف الموجممود بيممن كممل مممن دعمموى اللغمماء
ودعوى القضاء الشامل.
فهذا التجاه يرى أنه بقبممول هممذا الجمممع ،فممما الممذي يمنممع القاضممي
الداري من قبول دعوى المطالبة بعقار أو دعوى التطليق.
ومع كل ما ذكر فإننا نرى أنه ينبغي الدفاع على إمكانية الجمع بيممن
الدعويين ،نظرا للمزايا والفوائد التي تحققها للمتقاضين ،خصوصمما وأن
القضاء الداري وكما هو معلوم جاء من أجل ضممان حقموق الممواطنين
في مواجهة الدارة ،ومن أجل بناء دولة القانون ،هممذه الدولممة ل يمكممن
أن تقوم إذا لم يستطع الفراد التوصل إلى حقوقهم بسرعة ومن خلل
أقصر الطرق وأسهلها ،ثم بالنظر إلى طبيعة القضاء الداري.
وبالنسبة للمشاكل المسممطرية الممتي تعممترض إمكانيممة الجمممع ،فممإنه
يمكن التغلب عليها ،من خلل اعتبار دعوى اللغاء هي الدعوى الصلية،
في حين يتم اعتبار المطالبة بالتعويض ،مجرد طلب تبعي ،مممع محاولممة
المزاوجة بين شروط كل من الدعويين بشكل يضمن لكل واحدة منهما
استقللها.
مع الشارة إلممى أن هنمماك نمموع مممن الممدعاوى ل يمكممن تطممبيق هممذا
القتراح عليها ،بسبب عدم إمكانية القفممز علممى دعمموى اللغمماء والحكممم
في دعوى التعويض ،وهو المعروف بدعوى التسوية الفردية.
بممما أن القممرارات الداريممة الممتي يصممح أن تكممون محل لممدعاوى
التعويض ،هي نفس القممرارات الممتي يجمموز طلممب إلغائهمما ،بحيممث تتحممد
دعوى التعويض مع دعوى اللغاء من حيث القرار الذي ترفع كل منهممما
بصدده.
فإنه يحق لنا التسمماؤل :هل لبد مــن أن يكــون القــرار غيــر
مشروعا ،حتى يحق للمتضرر طلب التعويض عنه؟.
كما يحق لنا التساؤل أيضا:هل كـل السـباب المؤديــة للغــاء
تعتبر خطأ يترتب عنه التعويض؟
سنجيب عن هذين السؤالين من خلل المطلممبين المممواليين ،بحيممث
نخصممص الول لجابممة عممن السممؤال الول ،ونخصممص المطلممب الثمماني
لجابة عن السؤال الثاني.
المطلب الثاني :الترابط بين مشروعية القرار والتعويض
عنه
بالنسبة للقضاء المصري :فإنه ل يحكم بممالتعويض إل إذا ثبممت لممه أن
القممرار غيممر مشممروع ،بممأن شممابه وجممه مممن أوجممه عممدم المشممروعية
المعروفة وهي عيب الشكل والختصاص ،ومخالفة القانون والنحراف.
وهكذا فإنه إذا كان القرار سليما ومطابقا للقانون من جميع نواحيه،
فإن الدارة ل تسأل عن الضرار التي تترتب عليه.
ولشارة فإن هذا الموقف الذي ينهجه القضاء المصري ،لم يكن هممو
المعمممول بممه قبممل سممنة ،1956بحيممث أن القضمماء الداري كممان يأخممذ
بنظرية التعسف في اسممتعمال الحممق ،بمعنممى أن القاضممي الداري فممي
نطممماق قضممماء اللغممماء ل يراقمممب القمممرار إل فمممي حمممدود النحمممراف
بالسلطة) بالنسبة للمغرب نقول تجوز في استعمال السلطة( ،أما فيما
يتعلق بالتعويض فإن القاضي يحاسب الدارة على المسائل التي تكممون
نظرية" التعسف في استعمال الحقوق الدارية".
ومن أمثلة هذه الحكام ،نجمد الحكمم الصمادر فمي 15يمونيه 1950
الذي جاء فيه... ":إن المسؤولية الملقاة على الحكومة من حيممث إدارة
الشممؤون العامممة ورعايممة مصممالح الدولممة تقضممي بممأن يكممون لهمما حممق
مراقبتهم ،وفصل من تممراه غيممر صممالح للعمممل ،مراعمماة للصممالح العممام
وبممدون محاكمممة تأديبيممة ،إل أن حقهمما فممي ذلممك ليممس مطلقمما ،وإنممما
تستعمله في حدود المصلحة العامة ،فإن تعدت هذه الحدود ،وأصممدرت
قرارات الفصل عن هوى ،كان عملها
غير مشروع ،ولما كان الصل في تصرفات الدارة أنهمما للصممالح العممام،
وأن من أسباب العزل ما تقضممي المصمملحة العليمما للدولممة أو المصمملحة
الشخصية للموظممف عممدم الفصمماح عنهمما ،ترتممب علممى هممذا الصممل أن
الدارة غير ملزمممة بتسممبيب قراراتهمما ،فمممن يممدعي عليهمما مممن الفممراد
بالعدوان يقع على عاتقه عبء إثبات ذلك ،وإذا ممما طلممب إلغمماء القممرار
الداري الصادر في شأنه".
وهذا بخصوص دعمموى اللغمماء ،أممما بالنسممبة للممدعوى التعممويض فممإن
المحكمة اعتمدت ما يلي ":مما ل يتعارض مع مبدأ السابق الذي قممرره
الفقه الداري رعاية لشؤون الدولة ولتمكينها من عدم التعاون مممع مممن
ترى للصالح العام عدم معهم من الموظفين القابلين للعممزل ،أن يكممون
مع ذلك للموظف المفصول بغير طريق التأديب حممق اقتضمماء التعممويض
المناسب من الدولمة إذا مما قمام الممدليل ممن أوراق الممدعوى علممى أنمه
فصل في وقت غير لئق أو بطريقة تعسفية أو بغيممر مممبرر شممرعي ،إذا
ما تعذر عليه إقامة الدليل على إساءة استعمال السلطة ،توصممل للغمماء
قممرار فصممله ،ذلممك لن الدولممة إذا رغبممت فممي أن تضممحي بممالموظف
العمومي القابممل للعممزل ،بإحممالته للمعمماش قبممل بلمموغه السممن المقممرر
للتقاعد استعمال لحقها في حدود القانون وللصممالح العممام ،فممإنه ينبغممي
عليهمما أن تتحمممل فممي المموقت ذاتممه مخمماطر هممذا التصممرف ،فتعمموض
الموظف المفصول تعويضا معقول إذا ما تبين أنه فصل فممي وقممت غيممر
لئق أو بطريقة تعسفية ،أو بغير مبرر شرعي ،لما في ذلك من تطممبيق
صحيح لقواعد المسؤولية في الفقممه الداري ،وتغليممب لقواعممد العدالممة،
وتوفير الضمانات للدولة وموظفيها".
هذا هو موقف القضاء الداري قبل أن يعدل عنه بمقتضممى الحكممم
الصادر في 14أبريل ،1956الذي تم فيه رفض التعويض اسممتنادا إلممى
مشممروعية القممرار ،حيممث جمماء فيممه...":وإن المحكمممة لممم تسممتطع أن
تستنبط من ملف خدمته قرينة على أن القرار مشوب بسوء اسممتعمال
السلطة ،ومن ثم يكون القرار سليما ،خاليمما مممن عيممب البطلن فتنهممار
بذلك دعوى اللغاء ،كما تنهار دعوى التعويض أيضا ،إذ ل محل للتعويض
إل إذا كان القرار المطعون فيه باطل."...
وهكممذا فممإن أسمماس مسممؤولية الدارة فممي مصممر ،مؤسسممة علممى
إصدار قرار غير مشروع يشكل في حقها خطأ وينتج عنممه ضممرر للغيممر،
وبالتالي فإن هذه المسؤولية قائمة علممى الخطممأ ،وأركانهمما ثلثممة :خطممأ
وضرر والعلقة السببية.
هممذا بالنسممبة للقضمماء المصممري ،فمــا هــو موقــف القضــاء
المغربي؟
مممن خلل الطلع علممى الصممادرة عممن القضمماء الداري بممالمغرب،
يتضممح لنمما أن القضمماء المغربممي يميممل إلممى تأسمميس مسممؤولية الدارة
بخصمموص القممرار الداري علممى الخطممأ المتمثممل فممي عممدم مشممروعية
القرار.
من هذه الحكام ،نجد الحكم الصادر عممن المحكمممة الداريممة بالممدار
البيضاء ،عدد 119بتاريخ ،17/05/2000بين ظهيممر الممدين محمممد ضممد
وزير وزير التعليم العالي.
وتتمثل وقائع هذا الحكم في أن وزير التربية الوطنيممة أصممدر قممرار
يقضي بعزل السيد ظهير الدين محمد من أطر التعليم العممالي وتكمموين
الطر والبحممث العلمممي ،فتقممدم هممذا الخيممر بطلممب إلغمماء هممذا القممرار،
وبالفعل استجابة المحكمة الدارية بالدار البيضماء لطلبمه همذا بمقتضمى
الحكم عدد 227بتاريخ 20يونيو ،1996هذا الحكم تم تأييده من قبممل
الغرفة الدارية بالمجلس العلى مممن خلل القممرار عممدد 1298الصممادر
بتاريخ 25شتنبر .1997
بعد هذا قام السيد ظهير الدين محمد بالتقممدم بطلممب يرمممي إلممى
تعويضه عن الضرر الذي لحقه من جراء هذا القممرار الممذي قضممى بعممدم
مشروعيته.
وقد اسممتجابة المحكمممة الداريممة بالممدار البيضمماء لطلبممه هممذا ،ومممن
الحيثيممات الممتي اعتمممدت عليهمما نجممد ":حيممث إنممه مممن المبممادئ العامممة
للمسؤولية التقصيرية أن كل خطأ سمبب للغيمر ضمررا ماديمة أو معنويما
يلزم من ارتكبه بالتعويض عن هذا الضرر متى ثبتت أركممان المسممؤولية
وهي الخطأ والضرر وعلقة السببية ما بين الخطأ والضرر".
من خلل هذه الحيثيممة يظهممر لنمما أن المحكمممة اعتمممدت فممي تقريممر
التعويض على كون القرار غير مشروع.
هذا التوجه اعتمدته المحكمة الدارية بفمماس ،ممن خلل حكمهمما رقممم
1257الصادر بتاريخ ،8/11/2001بين الفمايق وعاممل فمماس المدينمة،
مع الشارة إلممى أن هممذه المحكمممة كممانت أكممثر وضمموحا مممن المحكمممة
الدارية بالدار البيضاء.
ومممما جمماء فممي هممذا الحكممم نجممد ":حيممث أسممس المممدعي مطممالبته
بالتعويض على صدور قرار نهائي عن الغرفة الدارية بالمجلس العلممى
قضممت بتأييممد الحكممم المسممتأنف الصممادر عممن إداريممة فمماس بتاريممخ
19/9/2001في الملف عدد 303غ 99/والقاضممي بإلغمماء القالممة عممدد
1/99الصادر عن عامل عمالة فاس المدينة.
وحيث إن طلب التعويض على الضرار اللحقة بالمدعي مممن جممراء
قمممرار إداري تمممم إلغممماؤه قضممماء رهيــن بمــدى مشــروعية هــذا
القرار ،ذلك أنه من المبادئ المتعارف عليها لدى القضمماء الداري أنممه
ل يحكم بالتعويض إل إذا أثبت أن القرار الذي كان سببا في الضرر غيممر
مشروع بأن شابه وجه من أوجه عدم المشروعية المعروفة وهي عيممب
الشكل والختصاص ومخالفة القانون والنحممراف ،وهممذا التجمماه كرسممه
الفقه والعمل القضائي ،ذلك أن المجلس العلى قمد اعتمبر فمي قمراره
عدد 21بتاريخ 1962والمنشممور بمجلممة RMDلسممنة ،1962ص 688
أن القرارات الدارية ل يمكنها مبدئيا ترتيب مسممؤولية السمملطة العامممة
إزاء الخواص إل إذا كانت هذه القرارات مشوبة بعدم المشروعية.
وحيث إن القرار المطلوب التعويض على أساسه ثبت لقضاء اللغاء
وبمقتضى حكممم حمائز لقموة الشمميء المقضمي بمه صمدوره حيممادا علممى
القانون وبالتالي اتسامه بعدم المشروعية ،مما يرتب مسممؤولية الدولممة
عن الضرار اللحقة بالمدعي."...
وهكذا فإن المحكمة الدارية بفمماس ربطممت بيممن عممدم مشممروعية
القرار والتعويض عنه ،كممما أن المحكمممة الداريممة بالربمماط تبنممت نفممس
التجاه.
وبجانب هذه الحكام ،هناك حكم أخر غاية فممي الهميممة ،هممو الحكممم
الصادر عن المحكمة الدارية بالدار البيضاء ،عممدد 928بتاريممخ /2 /17
2003بين شركة صوفرام ضد وزير الفلحة.
الممذي أقممر مسممؤولية الدولممة عممن الضممرار اللحقممة بممالغير بسممبب
القرارات الدارية المشروعة ،وفي ما يلي أهممم حيثيممات هممذا الحكممم" :
وحيث إن ما اعتمدته الطالبة في طلبها هو أن قرار السيد وزير الفلحة
عدد 1054/97الصادر بتاريخ 17/6/1999الممذي أدخممل هولنممدا ضمممن
الدول المحضور اسممتيراد الحيوانممات الحيممة والمنتجممات الحيوانيممة منهمما
ألحق بها ضررا جسيما يستوجب التعويض.
وحيث إنه خلفا لما ذهب إليه الوكيل القضائي بالمملكممة فممي كممون
الدعوى الحالية تحمل في طياتها البت في مشروعية أو عدم مشروعية
قرار وزير الفلحة الذي أصممبح محصممنا لمممرور أجممل الطعممن فيممه ،فممإن
الجتهادات القضممائية الداريممة ذهبممت إلممى إقممرار مسممؤولية الدارة عممن
القوانين والقرارات كانت مشروعة واستهدفت الصالح العام.
وحيث يؤخذ من وثائق الملف أن الشركة تقدمت بطلب إلى مديرية
الماشممية ،تلتمممس بمقتضمماه الممترخيص لهمما لسممتيراد مممادة الخميممرة
الحيوانية من هولندا صادفت صممدور قممرار وزيممر الفلحممة يجعممل هولنممدا
ضمن الدول المحظور اسممتيراد الحيوانممات الحيممة والمنتجممات الحيوانيممة
بعد ظهور مرض جنون البقر ،وأن هذا القرار وإن كان يستهدف حمايممة
المواطنين المغاربة ،فإن من شأنه أن يرتب مسؤولية السمملطة العامممة
عن الضرار اللحقممة بالمدعيممة ،إذ ل يمكممن تحميممل هممذه الخيممرة عممبئا
خاصا باسم الصالح العام والقول بخلف ذلك سيؤدي إلى انكسممار مبممدأ
المساواة أمام العباء العامة وبالتالي أمام القانون.
وحيث بناء على ما ذكر وتأسيسا على ما سممارت عليممه الجتهممادات
القضائية في الموضمموع تكممون مسممؤولية وزيممر الفلحممة قائمممة ،وتكممون
بالتالي كافة الدفوعات المقدمة من طمرف الوكالمة القضمائية للمملكمة
غير مؤسسة قانونا ويتعين ردها".
وبناء على هذه الحيثيات قضت المحكمة الدارية بالدار البيضاء على
المدعى عليهم بأدائهم للشركة المدعية مبلغ 125.473.35درهم.
فمن خلل هذا الحكم يتضح لنا أن هممذه المحكمممة لممم نتطلممب فممي
القرار أن يكون غير مشروع حتى يعطي الحق للمتضرر طلب التعويض
عنه ،بمعنى أنه ل يؤخذ بالمسممؤولية القائمممة علممى الخطممأ ،وإنممما يأخممذ
بالمسؤولية القائمة على تبعة المخاطر ،هممذه المسممؤولية الخيممرة هممي
من ابتداع القضاء والفقه الداريين في فرنسا.
والتعويض بناءا على هذه النظرية ،ل يعتبر جزاء على خطأ الدارة وإنما
يكون ممن قبيممل التمأمين أو المعونمة العادلمة ،فأسماس هممذا النموع ممن
المسؤولية هو تحقيق المسمماواة بيممن الممذين تصمميبهم أضممرار أشممد مممن
غيرهم ،فيتم تعويضهم ما دام أن الجميع يؤدون نفس التكاليف.
وبالرغم من هذا الحكم ،فإن التجاه السممائد فممي القضمماء المغربممي،
هو ارتباط بين قبول طلب التعويض وعدم مشروعية القرار الداري.
هذا بالنسبة إلى الترابط بين عدم مشروعية القرار والتعممويض عنممه،
وسننتقل بعد هممذا إلممى الجممواب عممن السممؤال الثمماني ،وذلممك ممن خلل
المطلب الموالي.
المطلب الثاني :الترابط بين السباب المؤدية للغاء
والتعويض
بالنسبة للقضاء الداري الفرنسي فإنه يميز بيممن أسممباب اللغمماء مممن
حيث كفايتها كأسباب للتعويض ،بحيث يعتبر بعض هذه السممباب موجبممة
للتعويض دائما -متى سببت ضررا ،-في حين اعتبر البعممض الخممر مرتبمما
لمسؤولية الدارة في بعض الحالت فقط.
-بالنسبة لعيب مخالفة القانون :إذا كنت مخالفة القممانون سممببها
هو أن القرار الداري خالف قاعدة " حجية الشمميء المقضممي بممه" فممإن
مجلممس الدولممة الفرنسممي يقضممي باسممتمرار بمسممؤولية الدارة ،لن
المخالفة فمي همذه الصممورة هممي جسمميمة لن الدارة تكمون قممد أخلممت
بقاعدة أساسية تستلزمها ضرورة استقرار الحياة الجتماعية.
كممما يرتممب مجلممس الدولممة الفرنسممي مسممؤولية الدولممة فممي حالممة
المتناع الدارة عن تطبيق القانون أو اللئحة ،كما تممم ترتيممب مسممؤولية
الدارة في حالة مخالفة القانون في صممورة انعممدام السممباب أو الخطممأ
في تطبيق القانون.
بالنسبة لعيب النحراف في استعمال السلطة :هممذا العيممب
جعله مجلس الدولة الفرنسمي باسمتمرار مصمدرا للمسمؤولية ،لن همذا
الخطمأ بطمبيعته يسمتوجب المسمؤولية إذا مما ترتمب عليمه ضمرر ،وممن
الحممالت الممتي قضممى فيهمما مجلممس الدولمة الفرنسممي بممالتعويض لعيممب
النحراف:
-رفض الدارة الترخيص لجمعية بتحصيل رسمموم مقابممل النتفمماع بقنمماة
من القنوات لجبارها على التنازل عن حقها ،حكم صادر في 10فممبراير
.1943
-رفض تعيين مواطن لسباب ل تتصممل بصممالح العمممل ،حكممم صممادر
في 30يونيو 1954قضية) .((Trébes
-بالنسبة لعيب الختصاص :هنا يحكم مجلس الدولة بممالتعويض
إذا كان سببه قيام الموظف بعمل ل يملكه إطلقا ،أي ل يملكممه هممو ول
غيره ،وبالتالي فإن المخالفة تكون جسمميمة مممما يممؤدي إلممى مسممؤولية
الدارة.
أما إذا كان عممدم الختصمماص سممببه هممو أن القممرار الداري هممو مممن
موظف بدل موظف أخممر ،فممإن مسممؤولية الدارة ل تكممون مقممررة فممي
جميع الحالت ،لن الضرر كان من الممكن أن يصيب الفممرد بنمماء علممى
ذات القرار فينا لو صدر من موظف مختص.
ومن الحالت التي قضى فيها مجلممس الدولممة بممالتعويض بنمماء علممى
عيب الختصاص:
-القرار الصادر من جهة مختصة بمنع أحد المواطنين من البنمماء ،صممادر
بتاريخ 22يوليوز 1925في قضية .héritiers guillemot
-فصل أحد الممموظفين ممن جهممة غيممر مختصمة ،قمرار الصمادر فمي 26
فبراير سنة 1943في قضية .delcourte
-في حين رفض مجلس الدولة أن يجعل من عيب الختصاص سببا في
التعويض ،في الحالة التي أخطأ فيها أحد المسؤولين فممي تحديممد نطمماق
سلطانه ،وكان القرار سليما من حيث الموضوع ،قضية . Bour
-بالنسبة لعيب الشكل :مجلس الدولة الفرنسممي ل يجعلممه مصممدرا
للمسممؤولية إل إذا كممان الشممكل أساسمميا ،أممما إذا كممان الشممكل ثانويمما
وبإمكممان الدارة أن تعيممد تصممحيح القممرار وفقمما للشممكلية المطلوبممة فل
تعويض عليه.
وهكذا نجد مجلس الدولة أصدر في 8فممبراير 1934حكممما بتعممويض
أحد الموظفين بسبب فصله من غير استشارة المجلس التأديبي ،وذلك
لن هذه الشكلية تعتبر أساسية.
أما إذا كانت الشكلية ثانوية ،كما لممو تصممرفت الدارة دون استشممارة
بعض اللجان ،وكان في مقدورها أن تأخذ رأيها بعممد ذلممك ،فممإن مجلممس
الدولة الدولة يرفض الحكم بالتعويض.
هذا التمموجه المعمممول بمه فممي فرنسما ،هممو نفسممه المتبممع ممن طممرف
القضاء الداري المصري ،وهو ما يظهممر مممن خلل اسممتعراض مضمممون
الحكم رقم 743الصادر في ،5/11/1966بحيث نمص علمى مما يلمي":
إن القضاء بالتعويض ليس من مستلزمات القضاء باللغاء بل لكممل مممن
القضممائيين أساسممه الخمماص الممذي يقمموم عليممه ،كممما أن عيممب عممدم
الختصاص أو عيب الشكل الذي قد يشوب القممرار الداري فيممؤدي إلممى
إلغائه ل يصلح حتممما وبالضممرورة أساسمما للتعممويض ممما لممم يكممن العيممب
مؤثرا في موضوع القرار فإذا كان القرار سليما فممي مضمممونه محمممول
على أسبابه المبررة رغم مخالفة قاعدة الختصمماص أو الشممكل فممإنه ل
يكون ثمة محل لمساءلة الجهة الدارية عنممه والقضمماء عليهمما بممالتعويض
لن القممرار كممان سيصممدر علممى أي حممال بممذات المضمممون لممو أن تلممك
القاعدة قد روعيت".
هذا بالنسبة لموقف القضاء الفرنسي والمصري ،فممماذا عممن القضمماء
الداري المغربي؟
من خلل الطلع الحكام الدارية التي لها علقة بالموضوع ،يظهر لنا
أن التجاه الداري في هذا الموضوع غيممر محممدد ،بحيممث أن هنمما أحكممام
قضممت بممالتعويض دون التمييممز بيممن أسممباب اللغمماء ،مثممل الصممادر عممن
إداريمة فاس
الصادر بتاريخ ،8/11/2001رقم ،1257بين الفايق ضد عامممل عمالممة
فاس المدينة ،الذي جاء فيه ...":ذلك أنه من المبممادئ المتعممارف عليهمما
لدى القضاء الداري أنه ل يحكم بالتعويض إل إذا أثبت أن القممرار الممذي
كان سببا في الضممرر غيممر مشممروع ،بممأن شممابه وجهمن أوجــه عــدم
المشــروعية المعروفــة وهــي عيــب الشــكل والختصــاص
ومخالفة القانون والنحراف."...
في حين نجد إدارية مراكش ،تشترط في عيب الشكل حتى يكممون
سممببا فممي اسممتحقاق التعممويض ،أن يكممون مممؤثرا فممي موضمموع القممرار
وجوهره ،بحيث جاء في هذا الحكم ":وحيممث إنممه حممتى علممى فممرض أن
السيد والي جهة مراكش وعامل المنممارة قممد أصممدر قممرار الهممدم ،دون
التأكد من مراعاة شكلية تبليممغ ذلممك القممرار إلممى المممدعي ،فممإن عيممب
الشممكل أو الجممراءات فممي القممرار الداري ل يكممون مصممدرا لمسممؤولية
الدارة والتعويض ما لم يكن مؤثرا في موضوع القرار وجوهره".
خـاتمـة
لقد عرفممت المنازعممات الداريممة تطمورا نوعيمما وارتفاعما كميما ،ومما
المعطيات الواقعية إل دليل على ذلك ،لكممن ل يجمموز أن نغفممل أن عممدد
القضمايا المتي عرضمت علمى المحكممة الداريمة ،ل يمثمل إل جمزءا ممن
النزاعات التي تكون الدارة طرفا فيها ،ويعمزى عمدول الممواطنين عمن
مقاضاة الدارة في جزء كبير إلى تكاليف الممدعاوى الداريممة وتعقيممداتها
المسطرية.
والجمع بين دعويي اللغاء والتعويض ،قد يسمماهم فممي تقليممص هممذه
الظاهرة ،إذا يعد ضمانة إضافية للحق في التقاضي ،ووسيلة لتعزيز هذا
الحق وإعطائه فعالية أكثر ،فالجمع بين طلممبي اللغمماء والتعممويض يمموفر
هذا الحق ويضمن استمراريته ويعطيه فعالية أكثر.
غير أنه يتعين التأكيد بأن الجمع ل ينبغي أخذه على إطلقه واعتبمماره
قاعدة عامة قابلة للتعميم في جميممع النزاعممات الداريمة ،حيممث بإمكمان
كل من أراد مقاضاة الدارة اللجوء إليه ،بل المر يقضي دراسممة دقيقممة
ومتأنية لكل نازلة على حدة ولكافة معطياتها الواقعية.
فالجمع يغني عن إقامة دعويين وما يكلف ذلممك مممن دراسممة الملممف
مرتين من طرف نفس القاضي المقرر أو من طرف قاضيين مقرريممن،
واسممتدعاء نفممس الطممراف للدلء بنفممس التصممريحات وتأكيممدها وتعممدد
الجلسات....
فإذا صح لدينا أن الضرورة تفرض اللجمموء إلممى إمكانيممة الجمممع بيممن
اللغاء والتعويض فممي عريضمة واحممدة ،أضممحى لزامما تقممدير الضممرورة
بقممدرها ،بتقممديم القضمماء الداري المغربممي للمزيممد مممن التوضمميح حممول
إمكانية هذا الجمع وتحديد شروط تحققممه ،إذا ممما كتممب لهممذا الجمممع أن
يصبح أمرا متواثرا ومستقرا عليه قضائيا.
-في مصر يعبر عن القضاء الشامل بعبارة القضاء الكامممل ،فممي حيممن
يستعمل المشرع اللبناني عبارة القضاء الشامل.
انظر في الموضوع:
أبو زيد )فهمي( " :القضمماء الداري ومجلممس الدولممة" ،ط ،4،1979
منشأة المعارف السكندرية ،ص .218
) زهدي( يكن " :القضماء الداري فممي لبنممان وفرنسمما" ،بمدون تاريممخ،
عدد الطبعة غير موجود ،دار الثقافة بيروت ،لبنان ،ص .181
-انظر:
إذا كانت دعوى اللغاء معروفممة فممي القممانون الفرنسممي بممدعوى تجمماوز
السمملطة ،فممإنه فممي المملكممة المغربيممة وقبممل صممدور قممانون المحمماكم
الدارية سنة 1991فكانت تعرف بدعوى اللغمماء بسممبب الشممطط فممي
استعمال السلطة حيث بعد صدور القانون رقم 41/90عوض المشممرع
المغربي مصطلح الشطط بكلمة التجاوز فأصبحت دعوى اللغاء تعرف
وفق الفصل 8من القانون السالف الذكر بدعوى اللغاء بسممبب تجمماوز
السلطة.
-حكم عدد 3 /12/94غ ،بتاريخ ،1994 /12 /01في الملف رقم /14
94/3غ ،لطلع على هذا الحكم ،انظر الملحق.
-انظر الملحق.
-انظر:
-إن أهم ميزة تميز القضاء الداري ،هي أنه قضاء إنشائي ،وليس
بقضاء يكتفي بتطبيق القوانين الموضوعة من قبل المشرع.
انظر الملحق.