You are on page 1of 210

‫القضاء‬

‫الداري‬
‫دراسة لسس ومبادئ القضاء‬
‫الداري في العراق‬

‫الستاذ الدكتور‬
‫مازن ليلو راضي‬
‫‪1‬‬
‫)ربنا آتنا من‬
‫لدنك رحمة وهيئ‬
‫!مرنا‬
‫‪ #‬أ‬‫لنا من‬
‫‪( %‬‬
‫!دا‬
‫رش‬
‫صدق ال العظيم‬
‫الكهف ‪10‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة عامة‬

‫إن وجود الدارة طرفا) في العلقة قانونية مع الفراد‪،‬‬


‫بما تتمتع به من سلطات وامتيازات كثيرة لشك يؤدي في‬
‫كثير من الحيان إلى ارتكاب الدارة بعض الخطاء عندما‬
‫تصدر قراراتها دون روية أو على عجل‪ ،‬وقد يحدث أن‬
‫تتجاهل الدارة بعض القواعد القانونية التي سنها المشرع‬
‫حفاظا) على مصلحة الفراد‪.‬‬
‫ولما كانت الدارة في اتصال مستمر مع الفراد فقد‬
‫تؤدي هذه الخطاء إلى الضرار بهم‪ ،‬ومن مقتضيات العدالة‬
‫ومقوماتها أن تخضع الدارة لحكم القانون وأن تكون كلمة‬
‫القانون هي العليا‪ ،‬ولبد لذلك من تنظيم رقابة قضائية‬
‫على أعمال الدارة تضمن سيادة حكم القانون ‪.‬‬
‫يقول الستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري في هذا‬
‫المعنى ‪ " :‬أن من كان مظلوما) وكان خصمه قويا)‬
‫كالدارة‪ ،‬فلبد من ملذ يلوذ به ويتقدم إليه بشكواه ول‬
‫شيء أكرم للدارة وأحفظ لمكانتها من أن تنزل مع خصمها‬
‫إلى ساحة القضاء تنصفه أو تنتصف منه وذلك أدنى إلى‬
‫الحق والعدل وأبقى للهيبة والحترام " ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد حمل القضاء الداري على كاهله عبء تحقيق‬
‫التوازن بين مقتضيات المصلحة العامة التي تسعى الدارة‬
‫إلى تحقيقها وبين حماية حقوق الفراد وحرياتهم من‬
‫عسف الدارة إذا ما اعتدت على هذه الحقوق ‪.‬‬
‫وقد مر القضاء الداري بتاريخ طويل قبل أن يصل إلى‬
‫ما هو عليه اليوم‪ ،‬فقد كانت الدارة في فرنسا تتمتع‬
‫بوظيفة مزدوجة فهي سلطة تنفيذية من جهة وقاضيه من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬فكانت الدارة تسمو على غيرها من الحقوق‪،‬‬
‫وبعد أن ظهر عجز الدارة القاضية عن حماية الفراد‬
‫وحقوقهم وتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬دعت الضرورة إلى‬
‫إصلح هذا الخلل وفي عام ‪ 1872‬منح مجلس الدولة‬
‫الفرنسي اختصاصا) قضائيا) باتا) فأخذت قسمات القضاء‬
‫الداري تتضح إل أن الدارة بقيت تمارس بعض‬
‫الختصاصات حتى عام ‪ 1889‬عندما أصبح مجلس الدولة‬
‫صاحب الختصاص في نظر المنازعات الدارية‪.‬‬
‫وقد سار المشرع المصري على نهج المشرع‬
‫الفرنسي منذ عام ‪ 1946‬بإنشاء مجلس الدولة المصري‬
‫أما في العراق فلم يأخذ المشرع بنظام ازدواجية حتى عام‬
‫‪ 1989‬حيث أصبح الغراق من دول القضاء المزدوج بعد‬
‫صدور قانون تعديل قانون مجلس شورى الدولة رقم‬
‫‪106‬لسنة ‪.1989‬‬
‫وقد أدى القضاء الداري في العراق دورا) مهما) في‬
‫مجال حسم المنازعات الدارية رغم حداثة عهده ‪ ،‬ويتميز‬
‫القضاء الداري بدوره الكبير في إنشاء وخلق القواعد‬
‫القانونية المتعلقة بنظام القانون العام على عكس القضاء‬
‫العادي الذي يكتفي بتطبيق القواعد المحددة سلفا)‪.‬‬
‫وسنحاول في هذه الدراسة أن نلم بموضوع الرقابة‬
‫على أعمال الدارة من خلل تقسيمه ثلثة أبواب‪ :‬الول‬
‫خصصناه للبحث في مبدأ المشروعية أما الباب الثاني‬
‫فتناولنا فيه نشأة القضاء الداري وتنظيمه‪ ،‬بينما تعلق‬
‫الباب الثالث بموضوع قضاء اللغاء‪ ،‬وفق التفصيل التي‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫الباب الول‪ :‬مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬مصادر مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬موازنة مبدأ المشروعية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الرقابة على أعمال الدارة‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه في‬
‫فرنسا‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه‬
‫في مصر‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نشأة القضاء الداري وتنظيمه‬
‫في العراق‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬قضاء اللغاء‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬شروط قبول دعوى اللغاء‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أوجه الطعن باللغاء‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬إجراءات رفع دعوى اللغاء والحكم‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الباب الول‬
‫مبـدأ الشروعيـة‬

‫مبـدأ الشروعيـة‬

‫يقصد بالمشروعية أن تخضع الدولة بهيائتها وأفرادها‬


‫جميعهم لحكام القانون وأن ل تخرج عن حدوده‪ ،‬ومن‬
‫مقتضيات هذا المبدأ أن تحترم الدارة في تصرفاتها أحكام‬
‫القانون‪ ،‬و إل عدت أعمالها غير مشروعة وتعرضت‬
‫للبطلن‪.‬‬
‫والساس الذي يقوم عليه المبدأ مرهون باختلف‬
‫الظروف السياسية والجتماعية والقتصادية في مختلف‬
‫الدول‪.‬‬
‫وغالبا) ما تتفق الدول على أن هذا الخضوع هو الذي‬
‫يمنح تصرفاتها طابع الشرعية ويضعها في مصاف الدول‬
‫القانونية وبخروجها عنه تصبح دولة بوليسية ‪Etat de‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪. Police‬‬
‫‪ -‬ينظر بخصوص مبدأ المشروعية ‪-:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – الكتاب الول – قضاء اللغاء –‬
‫دار الفكر العربي – القاهرة – ‪ – 1996‬ص ‪ 35‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬رأفت فودة – مصادر المشروعية الدارية ومنحنياتها – دار النهضة العربية –‬
‫القاهرة – ‪ – 1995‬ص ‪ 9‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – القضاء الداري – منشأة المعارف – السكندرية –‬
‫‪ – 1996‬ص ‪.11‬‬

‫‪6‬‬
‫ولبد للدولة القانونية من مقومات وعناصر طبيعية‬
‫جوهرية ومن هذه العناصر‪:‬‬
‫‪ .1‬وجود دستور يحدد النظام ويضع القواعد الساسية‬
‫لممارسة السلطة في الدولة ويبين العلقة بين‬
‫سلطاتها الثلث التشريعية والتنفيذية والقضائية‪.‬‬
‫‪ .2‬خضوع الدارة للقانون‪ :‬ويقتضي ذلك عدم جواز‬
‫إصدار الدارة أي عمل أو قرار أو أمر من دون‬
‫الرجوع لقانون وتنفيذا) لحكامه‪.‬‬
‫‪ .3‬التقيد بمبدأ تدرج القواعد القانونية ‪ :‬ويستند ذلك‬
‫إلى أن القواعد القانونية تتدرج بمراتب متباينة‬
‫بحيث يسمو بعضها على البعض الخر‪.‬‬
‫‪ .4‬تنظيم رقابة قضائية‪ :‬لكي تكتمل عناصر الدولة‬
‫القانونية لبد من وجود تنظيم للرقابة القضائية‬
‫على أعمال مختلف السلطات فيها‪ ،‬وتقوم بهذه‬
‫المهمة المحاكم على اختلف أنواعها سواء أكانت‬
‫عادية أم إدارية‪ ،‬تبعا) لطبيعة النظام القضائي‬
‫المعمول به في الدولة كأن يكون نظام قضاء موحد‬
‫أم نظام القضاء المزدوج‪.‬‬
‫ويمثل القضاء الداري في الدول التي تعمل به ركيزة‬
‫أساسية في حماية المشروعية وضمان احترام حقوق‬
‫وحريات الفراد من جور وتعسف الدارة‪ ،‬ويتسم هذا القضاء‬
‫بالخبرة والفاعلية في فض المنازعات التي تنشأ بين‬
‫الفراد والدارة لكونه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء‬
‫المدني وإنما قضاء) إنشائيا) ل يتورع عن ابتداع الحلول‬
‫المناسبة لتنظيم علقة الدارة بالفراد في ظل القانون‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – القضاء الداري – دار المطبوعات الجامعية بالسكندرية –‬
‫‪ – 1995‬ص ‪ 10‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪- Jean Rivero – Droit administrative précis Dalloz، 1970 – P 14 .‬‬
‫‪- Benot – Le droit administrative francais 1968 – P 77 .‬‬

‫‪7‬‬
8
‫الفصل الول‬
‫مصادر مبدأ المشروعية‬

‫إذا كانت الدارة تلتزم باحترام القانون وتطبيقه‪ ،‬فأن‬


‫المقصود بالقانون هنا القواعد القانونية جميعها أيا) كان‬
‫شكلها ‪.‬‬
‫ومصادر المشروعية هي مصادر القانون ذاته‬
‫كالدستور وما يلحق به من قيمة قانونية عليا كإعلنات‬
‫الحقوق ومقدمات الدساتير ثم يلي الدستور القوانين ثم‬
‫القرارات الدارية التنظيمية و الفردية والعرف والقضاء ‪.‬‬
‫وسنقسم هذه المصادر إلى نوعين ‪ :‬المصادر‬
‫المكتوبة والمصادر الغير مكتوبة ‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫المصادر المكتوبة‬

‫تشمل المصادر المكتوبة الدستور والتشريع العادي‬


‫)القانون( والتشريعات الفرعية أي اللوائح الدارية ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬التشريعـات الدستوريـة‬


‫تعــد التشــريعات الدســتورية أعلــى التشــريعات فــي‬
‫الدولة وتقع فـي قمة الهـرم القـانوني وتسمو على القواعد‬
‫القانونيـة الخـرى جميعـا) فهـي تحـدد شـكل الدولـة ونظـام‬
‫الحكـم فيهـا وعلقتـه بـالمواطنين وحقـوق الفـراد وحريـاتهم‪،‬‬
‫والختصاصــات الساســية لمختلــف الســلطات العامــة فــي‬
‫الدولة‪.‬‬
‫ومن ثم ينبغي أن تلتزم سلطات الدولة جميعها بالتقيد‬
‫بأحكامه و إل عدت تصرفاتها غير مشروعة‪ ،‬والدارة بوصفها‬

‫‪9‬‬
‫جهاز السلطة التنفيذية تلتزم بقواعد الدستور ول يحق لها‬
‫مخالفته في أعمالها إذ أن ذلك يعرض أعمالها لللغاء‬
‫)‪(1‬‬
‫والتعويض عما تسببه من أضرار ‪.‬‬
‫والقواعد الدستورية ل يقصد بها مجموعة القواعد‬
‫المكتوبة في وثيقة أو وثائق دستورية فحسب إذ من‬
‫الممكن أن تكون تلك القواعد غير مكتوبة في ظل دستور‬
‫عرفي يتمتع بسمو القواعد الدستورية المكتوبة ذاتها ‪.‬‬
‫كذلك تتمتع إعلنات الحقوق وما تضمنته هذه‬
‫العلنات من حقوق وحريات للفراد بقوة النصوص‬
‫الدستورية فل يجوز مخالفتها ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القانـــون‬


‫القوانين هي التشريعات التي تصدرها السلطة‬
‫التشريعية في الدولة وهي صاحبة الختصاص في ذلك‪،‬‬
‫وتأتي هذه التشريعات في المرتبة الثانية بعد الدستور من‬
‫حيث التدرج القانوني وتعد المصدر الثاني من مصادر‬
‫المشروعية ‪.‬‬
‫والدارة بوصفها السلطة التنفيذية تخضع لحكام‬
‫القوانين فإذا خالفت حكم القانون أو صدر عمل إداري‬
‫استنادا) إلى القانون غير دستوري وجب إلغاء ذلك العمل ‪.‬‬
‫والسلطة المختصة بإصدار القانون في العراق هي‬
‫البرلمان باعتباره ممثل) للدارة العامة ويشترط في‬
‫التشريعات التي يصدرها أن توافق أحكام الدستور وإل‬
‫كانت غير مشروعة وجديرة بالحكم بعد دستوريتها ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬اللوائح والنظمة‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫اللوائح هي قرارات إدارية تنظيمية تصدرها السلطة‬
‫التنفيذية وهي واجبة الحترام من حيث أنها تمثل قواعد‬
‫قانونية عامة مجردة تلي القانون في مرتبتها في سلم‬
‫التدرج القانوني ‪.‬‬
‫ومن ثم فإن هذه اللوائح أو النظمة هي بمثابة‬
‫تشريعات من الناحية الموضوعية لنها تتضمن قواعد‬
‫قانونية عامة مجردة تخاطب مجموع الفراد أو أفرادا)‬
‫معينين بصفاتهم ل ذواتهم‪ ،‬إل أنها تعد قرارات إدارية من‬
‫الناحية الشكلية لصدورها من السلطة التنفيذية ‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف اللوائح إلى عدة أنواع هي‪:‬‬
‫‪ .1‬اللوائح التنفيذية ‪ :‬وهي التي تصدرها الدارة‬
‫بغرض وضع القانون موضع التنفيذ‪ ،‬وهي تتقيد‬
‫بالقانون وتتبعه‪ ،‬ول تملك أن تعدل فيه أو تضف إليه‬
‫أو تعطل تنفيذه‪.‬‬
‫لوائح الضرورة ‪ :‬وهي اللوائح التي تصدرها‬ ‫‪.2‬‬
‫السلطة التنفيذية في غيبة البرلمان أو السلطة‬
‫التشريعية لمواجهة ظروف استثنائية عاجلة تهدد‬
‫أمن الدولة وسلمتها‪ ،‬فتملك السلطة التنفيذية من‬
‫خللها أن تنظم أمور ينظمها القانون أصل) ويجب أن‬
‫تعرض هذه القرارات على السلطة التشريعية في‬
‫أقرب فرصة لقرارها‪.‬‬
‫‪ .3‬اللوائح التنظيمية ‪ :‬وتسمى أيضا) اللوائح‬
‫المستقلة وهي اللوائح التي تتعدى تنفيذ القوانين‬
‫إلى تنظيم بعض المور التي لم يتطرق إليها‬
‫القانون فتقترب وظيفتها من التشريع ‪.‬‬
‫‪ .4‬لوائح الضبط ‪ :‬وهي تلك اللوائح التي تصدرها‬
‫الدارة بقصد المحافظة على النظام العام بعناصره‬
‫المختلفة‪ ،‬المن العام والصحة العامة و السكينة‬
‫العامة‪ ،‬وهي مهمة بالغة الهمية لتعلقها مباشرة‬
‫بحياة الفراد وتقيد حرياتهم لنها تتضمن أوامر‬
‫ونواهي وتوقع العقوبات على مخالفيها‪ ،‬مثل لوائح‬

‫‪11‬‬
‫المرور وحماية الغذية والمشروبات والمحال العامة‬
‫‪.‬‬
‫‪ .5‬اللوائح التفويضية ‪ :‬وهي اللوائح التي تصدرها‬
‫السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية‬
‫لتنظيم بعض المسائل الداخلة أصل) في نطاق‬
‫التشريع ويكون لهذه القرارات قوة القانون سواء‬
‫أصدرت في غيبة السلطة التشريعية أو في حالة‬
‫انعقادها ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫المصادر غير المكتوبة‬
‫تشمل المصادر غير المكتوبة للمشروعية على‬
‫المبادئ العامة للقانون والقضاء والعرف والدارة ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬المبادئ العامة للقانون‬


‫يقصد بالمبادئ العامة للقانون تلك المبادئ التي‬
‫يستنبطها القضاء ويعلن ضرورة التزام الدارة بها‪ ،‬والتي‬
‫يكشف عنها القاضي من خلل الضمير القانوني العام في‬
‫الدولة ويطبقها على ما يعرض عليه من منازعات ‪.‬‬
‫والمبادئ العامة للقانون ل يشترط ورودها في نص‬
‫قانوني مكتوب فقد تكون خارجة عنه يستخلصها القاضي‬
‫من طبيعة النظام القانوني وأهدافه القتصادية‬
‫والسياسية والجتماعية والقيم الدينية والثقافية السائدة‬
‫في المجتمع ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من اختلف الفقه حول القيمة القانونية‬
‫التي تتمتع بها المبادئ العامة للقانون‪ ،‬فقد استقر القضاء‬
‫على تمتع هذه المبادئ بقوة ملزمة للدارة بحيث يجوز‬
‫الطعن بإلغاء القرارات الصادرة عنها‪ ،‬وتتضمن انتهاكا) لهذه‬
‫المبادئ والتعويض عن الضرار التي تسببها الفراد ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ومن المبادئ القانونية العامة التي استخلصها مجلس‬
‫الدولة الفرنسي وأضحت قواعدا) أساسية في القانون‬
‫الداري ونظام القانون العام ‪ :‬مبدأ سيادة القانون‪ ،‬ومبدأ‬
‫عدم رجعية القرارات الدارية‪ ،‬ومبدأ المساواة أمام المرافق‬
‫العامة‪ ،‬ومبدأ المساواة أمام التكاليف العامة‪ ،‬ومبدأ الحق‬
‫في التقاضي‪ ،‬ومبدأ عدم المساس بالحقوق المكتسبة‪،‬‬
‫ونظرية الظروف الستثنائية ‪.‬‬
‫والقضاء الداري بهذا المعنى ل يخلق المبادئ العامة‬
‫للقانون إنما يقتصر دوره على كشفها والتحقق من وجودها‬
‫في الضمير القانوني للمة‪ ،‬ولذلك فمن الواجب على‬
‫الدارة والقضاء احترامها والتقييد بها باعتبارها قواعد ملزمة‬
‫شأنها في ذلك شأن القواعد المكتوبة ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬القضاء‬
‫الصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل‬
‫في المنازعات المعروضة أمامه‪ ،‬وهو ملزم قانونا) بالفصل‬
‫في المنازعة الداخلة في اختصاصه و إل اعتبر منكرا)‬
‫للعدالة‪ ،‬لذلك رسم المشرع للقاضي العادي السلوب‬
‫الذي يسلكه لفض المنازعة إذا لم يجد في القواعد‬
‫القانونية القائمة حل) للمنازعة ‪.‬‬
‫الصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل في‬
‫المنازعات المعروضة أمامه ‪ ،‬وهو ملزم قانونا) بالفصل في‬
‫المنازعة الداخلة في اختصاصه وإل اعتبر منكرا) للعدالة ‪،‬‬
‫لذلك رسم المشرع للقاضي السلوب الذي يسلكه لفض‬
‫المنازعة إذا لم يجد في القواعد القانونية حل) للمنازعة ‪.‬‬
‫وعلى ذلك ل يعد القضاء مصدرا) رسميا) للقانون لدوره‬
‫المتعلق بتطبيق النصوص التشريعية وتفسيرها وإزالة‬
‫غموضها وإزالة التعارض المحتمل بينها ‪ ،‬ول يتعدى‬
‫القاضي هذا المر ليصل إلى حد خلق قواعد قانونية خارج‬
‫)‪(1‬‬
‫نصوص التشريع ‪.‬‬
‫إل أن الطبيعة الخاصة لقواعد القانون الداري من‬
‫حيث عدم تقنينه وظروف نشأته وتعدد مجالت نشاطه ‪،‬‬
‫أدى إلى أن يتجاوز القضاء الداري دور القضاء العادي‬
‫ليتماشى مع متطلبات الحياة الدارية فيعمد إلى خلق‬
‫مبادئ وأحكام القانون الداري ‪ ،‬فيصبح القضاء مصدر‬
‫رسمي للقانون الداري بل من أهم مصادرها الرسمية ‪،‬‬
‫ويتعدى دوره التشريع في كثير من الحيان ‪.‬‬
‫وتتميز أحكام القضاء الداري بعدم خضوعها للقانون‬
‫المدني ‪ ،‬فالقاضي الداري إذا لم يجد في المبادئ‬
‫القانونية القائمة نصا) ينطبق على النزاع المعروض عليه‬
‫يتولى بنفسه إنشاء القواعد اللزمة لذلك دون أن يكون‬
‫مقيدا) بقواعد القانون المدني ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬رفعت محمد عبد الوهاب – المصدر السابق – ص ‪. 76‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪14‬‬
‫ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية‬
‫نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا تحدد‬
‫قيمتها بوصفها مصدرا) تفسيرا) على النقيض من أحكام‬
‫القضاء الداري التي تتميز بكونها حجة على الكافة ‪.‬‬
‫وفي ذلك يتبين أن للقضاء دورا) إنشائيا) كبيرا) في‬
‫مجال القانون الداري ومن ثم فهو يشكل مصدرا) رئيسيا)‬
‫من مصادر المشروعية ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء الداري فأن أحكامه تتميز بعدم‬
‫خضوعها للقانون المدني‪ ،‬فالقاضي الداري إذا لم يجد في‬
‫المبادئ القانونية القائمة نصا) ينطبق على النزاع المعروض‬
‫عليه يتولى بنفسه إنشاء القواعد اللزمة لذلك دون أن‬
‫يكون مقيدا) بقواعد القانون المدني فهو قضاء إنشائي‬
‫يبتدع الحلول المناسبة التي تتفق وطبيعة روابط القانون‬
‫العام واحتياجات المرافق العامة‪ ،‬ومقتضيات حسن سيرها‬
‫واستدامتها والتي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون‬
‫الخاص ‪.‬‬
‫ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية‬
‫نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا تحدد‬
‫قيمتها بوصفها مصدرا) تفسيريا) على النقيض من أحكام‬
‫القضاء الداري التي تتميز بكونها حجة على الكافة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬العرف الداري‬


‫العرف الداري هو مجموعة القواعد التي درجت‬
‫الدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من‬
‫نشاطها وتستمر فتصبح ملزمة لها وتعد مخالفتها مخالفة‬
‫للمشروعية تؤدي إلى إبطال تصرفاتها بالطرق المقررة‬
‫قانونا) ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ويأتي العرف الداري في مرتبة أدنى من مرتبة‬
‫القواعد القانونية المكتوبة مما يستلزم إل يخالف نصا) من‬
‫نصوص القانون‪ ،‬فهو مصدر تكميلي للقانون يفسر ويكمل‬
‫ما نقص منه ‪.‬‬
‫ويتبين من ذلك أن العرف الداري يتكون من عنصرين ‪:‬‬
‫عنصر معنوي يتمثل في شعور الفراد والدارة بأن القاعدة‬
‫التي سلكتها في تصرفاتها أصبحت ملزمة قانونا)‪ ،‬وعنصر‬
‫مادي يتمثل في العتياد على الخذ بتلك القاعدة بشكل‬
‫منتظم ومستمر بشرط أن يتبلور ذلك بمضي الزمن الكافي‬
‫لستقرارها ‪.‬‬
‫ومع ذلك فأن التزام الدارة باحترام العرف ل يحرمها‬
‫من أمكان تعديله أو تغييره نهائيا) إذا اقتضت ذلك المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬فالدارة تملك تنظيم القاعدة التي يحكمها العرف‬
‫بيد أن قيام العرف الجديد يتطلب توفر العنصرين السابقين‬
‫)‪(1‬‬
‫فل يتكون بمجرد مخالفة الدارة للعرف المطبق ‪.‬‬
‫أما إذا خالفت الدارة العرف في حالة فردية خاصة‬
‫دون أن تستهدف تعديله أو تغييره بدافع المصلحة العامة‬
‫فأن قرارها أو إجراءها المخالف للعرف يكون باطل) لمخالفته‬
‫)‪(2‬‬
‫مبدأ المشروعية ‪.‬‬
‫ويلزم لوجود العرف الداري إل يخالف نصا) مكتوبا)‪ ،‬فإذا‬
‫خالفت الدارة في مسلكها نصا) قانونيا)‪ ،‬فل يجوز القول‬
‫بوجود عرف إداري أو التمسك به‪.‬‬
‫والعرف الداري يعد مصدرا) للقواعد القانونية في‬
‫المجال الداري إل أنه ل يجوز اللجوء إليه إل إذا لم يجد‬
‫القاضي الداري في نصوص القوانين واللوائح ما يمكن‬
‫تطبيقه لحل النزاع‪ ،‬ويمكن القول بان دور العرف الداري‬
‫أقل أهمية في مجال القانون الداري منه في مجال‬
‫القانون الخاص‪ ،‬على اعتبار أن تكوينه يتطلب فترة طويلة‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمود حافظ – القضاء الداري – دار النهضة العربية – القاهرة – ص ‪. 38‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪16‬‬
‫من الثبات والستقرار في حين تتطور أحكام القانون‬
‫الداري وتتغير باستمرار‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫موازنة مبدأ المشروعية‬
‫إذا كان احترام حقوق الفراد وحرياتهم يقتضي وجود‬
‫قواعد صارمة تمنع الدارة من العتداء على مبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬فأن حسن سير المرافق العامة واستمرار أداء‬
‫الدارة وظيفتها يقتضيان منحها من الحرية ما يساعدها‬
‫في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب توخيا)‬
‫للمصلحة العامة ‪.‬‬
‫لذلك اعترف المشرع والقضاء والفقه ببعض المتيازات‬
‫التي تملكها الدارة وتستهدف موازنة مبدأ المشروعية‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫• السلطة التقديرية ‪.‬‬
‫• الظروف الستثنائية ‪.‬‬
‫• أعمال السيادة ‪.‬‬

‫المبحـث الول‬
‫السلطة التقديريـة‬
‫تمارس الدارة نشاطها بأتباع أسلوبين ‪ :‬الول أن‬
‫تمارس اختصاصا) مقيدا) وفيه يحدد المشرع الشروط لتخاذ‬
‫قراراها مقدما) ‪ .‬مثلما هو الحال في ترقية موظف‬
‫بالقدمية فقط فإذا ما توفرت هذه القدمية فأن الدارة‬
‫مجبرة على التدخل وإصدار قرارها بالترقية‪.‬‬
‫والسلوب الثاني يتمثل بممارسة الدارة اختصاصا)‬
‫تقديريا) إذ يترك المشرع للدارة حرية اختيار وقت وأسلوب‬
‫التدخل في إصدار قراراتها تبعا) للظروف ومن دون أن تخضع‬
‫للرقابة ‪.‬‬
‫فالمشرع يكتفي بوضع القاعدة العامة التي تتصف‬
‫بالمرونة تاركا) للدارة تقدير ملئمة التصرف‪ ،‬شريطة أن‬
‫تتوخى الصالح العام في أي عمل تقوم به وأن ل تنحرف‬
‫عن هذه الغاية وإل كان عملها مشوبا) بعيب إساءة‬
‫)‪(1‬‬
‫استعمال السلطة ‪.‬‬
‫إل أن حرية الدارة غير مطلقة في هذا المجال‬
‫فبالضافة إلى أنها مقيدة باستهداف قراراتها المصلحة‬
‫العامة تكون ملزمة بإتباع قواعد الختصاص والشكلية‬
‫المحددة قانونا)‪ ،‬بينما تنصرف سلطتها التقديرية إلى سبب‬
‫القرار الداري وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تبرر‬

‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد المنعم الحكيم – الرقابة على أعمال الدارة في الشريعة‬ ‫‪1‬‬

‫السلمية والنظم المعاصرة – دار الفكر العربي – القاهرة ‪ – 1976‬ص ‪.71‬‬

‫‪18‬‬
‫اتخاذ القرار والمحل وهو الثر القانوني المترتب عنه حال)‬
‫)‪(1‬‬
‫ومباشرة‪ ،‬فهنا تتجلى سلطة الدارة التقديرية ‪.‬‬
‫وقد منح المشرع للدارة هذه السلطة شعورا) منه‬
‫بأنها أقدر على اختيار الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ‬
‫القرار الملئم في ظروف معينة لنه مهما حاول ل يستطيع‬
‫أن يتصور جميع الحالت التي قد تطرأ في العمل الداري‬
‫ويرسم الحلول المناسبة لها‪ ،‬فالسلطة التقديرية ضرورة‬
‫لحسن سير العملية الدارية وتحقيق غاياتها‬

‫القضاء والسلطة التقديرية‪:‬‬


‫إذا كانت السلطة التقديرية استثناء) من مبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬فما دور القضاء في الرقابة على أعمال الدارة‬
‫الصادرة استنادا) إلى هذه السلطة ؟ ‪.‬‬
‫ذهب جانب من الفقه إلى أن القضاء يمتنع عن بسط‬
‫رقابته على أعمال الدارة المستندة إلى سلطتها‬
‫التقديرية‪ ،‬فالقاضي بحسب رأيهم يمارس رقابة‬
‫المشروعية وليس رقابة الملئمة ول يجوز له أن يمارس‬
‫سطوته على الدارة فيجعل من نفسه رئيسا) للسلطة‬
‫)‪(2‬‬
‫الدارية ‪.‬‬
‫في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى جواز تدخل‬
‫القاضي لمراقبة السلطة التقديرية على أساس ما يتمتع‬
‫به القاضي الداري من دور في الكشف عن قواعد القانون‬
‫الداري فيمكن له أن يحول بعض القضايا المندرجة في‬
‫السلطة التقديرية والمرتبطة بالملئمة إلى قضايا تندرج‬
‫تحت مبدأ المشروعية تلتزم الدارة بأتباعها و إل تعرضت‬
‫)‪(3‬‬
‫أعمالها للبطلن ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪.57‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪21‬‬
‫‪- Wade H.W.R Administrative law –oxford –1977- P 630 .‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد القادر باينه – القضاء الداري السس العامة والتطور التاريخي – دار‬ ‫‪3‬‬

‫توبقال للنشر المغرب – ‪ – 1985‬ص ‪. 24‬‬

‫‪19‬‬
‫والرأي الكثر قبول) في هذا المجال يذهب إلى أن‬
‫سلطة الدارة التقليدية ل تمنع من رقابة القضاء وإنما هي‬
‫التي تمنح الدارة مجال) واسعا) لتقدير الظروف الملئمة‬
‫لتخاذ قراراتها وهذه الحرية مقيدة بان ل تتضمن هذه‬
‫القرارات غلطا) بينا) أو انحرافا) بالسلطة‪ ،‬وهي بذلك ل‬
‫تتعارض مع مبدأ المشروعية بقدر ما تخفف من اختصاصات‬
‫الدارة المقيدة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الظروف الستثنائية‬

‫تواجه الدارة في بعض الوقات ظروفا) استثنائية‬


‫تجبرها على اتخاذ بعض الجراءات التي تعد غير مشروعة‬
‫في الظروف العادية حماية للنظام العام وحسن سير‬
‫المرافق العامة فتضفي على إجراءاتها تلك صفة‬
‫المشروعية الستثنائية ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فأن الظرف الستثنائي أيا) كانت صورته‬
‫حربا) أو كوارث طبيعية ل يجعل الدارة في منأى من رقابة‬
‫القضاء بشكل مطلق‪ ،‬فل يعدو المر أن يكون توسعا)‬
‫لقواعد المشروعية تأسيسا) على مقولة " الضرورات تبيح‬
‫المحظورات " ‪.‬‬
‫فالدارة تبقى مسئولة في ظل الظروف الستثنائية‬
‫على أساس الخطأ الذي قد يقع منها‪ ،‬غير أن الخطأ في‬
‫حالة الظروف الستثنائية يقاس بمعيار آخر ويوزن بميزان‬

‫‪20‬‬
‫مغاير لذلك الذي يوزن به في ظل الظروف العادية‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فيستلزم القضاء فيه أكبر من الجسامة ‪.‬‬
‫وتستمد نظرية الظروف الستثنائية وجودها من‬
‫القضاء الداري‪ ،‬غير أن المشرع قد تدخل مباشرة في‬
‫بعض الحالت لتحديد ما إذا كان الظرف استثنائيا) أم ل ‪.‬‬
‫وهو يمارس ذلك بأتباع أسلوبين‪ :‬الول‪ :‬أن يستصدر‬
‫قوانين تنظم سلطات الدارة في الظروف الستثنائية بعد‬
‫وقوعها‪ ،‬ويتسم هذا السلوب بحماية حقوق الفراد‬
‫وحرياتهم لنه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء إلى‬
‫سلطات الظروف الستثنائية إل بعد موافقة السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬ويعيبه أن هناك من الظروف ما يقع بشكل‬
‫مفاجئ ل يحتمل استصدار تلك التشريعات بالجراءات‬
‫‪2‬‬
‫الطويلة المعتادة ‪( ) .‬‬
‫اما السلوب الثاني فيتمثل في اعداد تشريعات معدة‬
‫سلفا لمواجهة الظروف الستثنائية‪.‬ول يخفى ما لهذا‬
‫السلوب من عيوب تتمثل في احتمال إساءة الدارة‬
‫سلطتها في إعلن حالة الظروف الستثنائية في غير وقتها‬
‫والستفادة مما يمنحه لها المشرع من صلحيات في تقييد‬
‫حريات الفراد وحقوقهم ‪.‬‬
‫وقد أخذ المشرع الفرنسي بالسلوب الخير إذ منحت‬
‫المادة السادسة عشر من دستور الجمهورية الخامسة‬
‫الصادر عام ‪ 1958‬رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات‬
‫واسعة من أجل مواجهة الظروف الستثنائية ‪.‬‬
‫وكذلك فعل المشرع االعراقي حيث حدد المشرع‬
‫العراقي هذه الحالت في قانون السلمة الوطنية رقم ‪4‬‬
‫لسنة ‪ 1965‬فيما يلي ‪:‬‬
‫‪- 1‬اذا حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او‬
‫قامت حالة حرب او اية حالة تهدد بوقوعها ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 53‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – القضاء الداري – في الجمهورية العربية الليبية –‬ ‫‪2‬‬

‫جامعة بنغازي – ‪ – 1974‬ص ‪. 71‬‬

‫‪21‬‬
‫‪- 2‬اذا حدث اضطراب خطير في المن العام اوتهديد‬
‫خطير له ‪.‬‬
‫‪- 3‬اذا حدث وباء عام او كارثة عامة ‪.‬‬
‫كذلك اصدر المشرع امر قانون الدفاع عن السلمة‬
‫الوطنية رقم )‪ (1‬لسنة ‪ 2004‬الذي خول رئيس الوزراء بعد‬
‫موافقة هيئة الرئاسة بالجماع اعلن حالة الطوارىء في‬
‫اية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر‬
‫حال جسيم يهدد الفراد في حياتهم ‪ ،‬وناشىء من حمله‬
‫مستمرة للعنف ‪ ،‬من أي عدد من الشخاص لمنع تشكيل‬
‫حكومة واسعة التمثيل في العراق او تعطيل المشاركة‬
‫السياسية السلمية لكل العراقيين او أي غرض اخر‪.‬‬

‫القضاء الداري ونظرية الظروف الستثنائية‪:‬‬


‫يمارس القضاء الداري دورا) مهما) في تحديد معالم‬
‫نظرية الظروف الستثنائية‪ ،‬ويضع شروط الستفادة منها‬
‫ويراقب الدارة في استخدام صلحياتهم الستثنائية حماية‬
‫لحقوق الفراد وحرياتهم‪ ،‬وهذه الشروط هي‪:‬‬
‫‪ .1‬وجود ظرف استثنائي يهدد النظام العام وحسن‬
‫سير المرافق العامة سواء تمثل هذا الظرف بقيام‬
‫حرب أو اضطراب أو كارثة طبيعية ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تعجز الدارة عن أداء وظيفتها باستخدام‬
‫سلطاتها في الظروف العادية‪ ،‬فتلجأ لستخدام‬
‫سلطاتها الستثنائية التي توافرها هذه النظرية ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تحدد ممارسة السلطة الستثنائية بمدة‬
‫الظرف الستثنائي فل يجوز الدارة أن تستمر في‬
‫الستفادة من المشروعية الستثنائية مدة تزيد‬
‫على مدة الظرف الستثنائي ‪.‬‬
‫أن يكون الجراء المتخذ متوازنا) مع خطورة الظرف‬ ‫‪.4‬‬
‫‪(1) .‬‬
‫الستثنائي وفي حدود ما يقتضه‬

‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪22‬‬
‫وللقضاء الداري دور مهم في الرقابة على احترام‬
‫الدارة لهذه الشروط وهو يميز هذه النظرية عن نظرية‬
‫أعمال السيادة التي تعد خروجا) على المشروعية ويمنع‬
‫القضاء من الرقابة على العمال الصادرة استنادا) إليها ‪.‬‬
‫كما تتميز عن نظرية السلطة التقديرية للدارة التي يكون‬
‫دور القضاء في الرقابة عليها محدودا) بالمقارنة مع رقابته‬
‫على أعمال الدارة في الظروف الستثنائية ‪.‬‬
‫فالقاضي في هذه الظروف يراقب نشاط الدارة ل‬
‫سيما من حيث أسباب قرارها الداري والغاية التي ترمي‬
‫إليها الدارة في اتخاذه ول يتجاوز في رقابته إلى العيوب‬
‫الخرى‪ ،‬الختصاص والشكل والمحل وهو ما استقر عليه‬
‫)‪(1‬‬
‫القضاء الداري في العديد من الدول ‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد مدحت على – نظرية الظروف الستثنائية – القاهرة – ‪ – 1978‬ص‬ ‫‪-‬‬
‫‪. 19‬‬
‫د‪ .‬محمود حافظ – المصدر السابق – ص ‪. 44‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬سعيد عبد المنعم الحكيم – المصدر السابق – ص ‪. 49‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬عبد القادر باينه – المصدر السابق – ص ‪. 28‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد القادر باينه – المصدر السابق – ص ‪. 28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪23‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫نظرية أعمال السيـادة‬
‫اختلف الفقه والقضاء في تعريف أعمال السيادة‪ ،‬وهي‬
‫في حقيقتها قرارات إدارية تصدر عن السلطة التنفيذية‬
‫وتتميز بعدم خضوعها لرقابة القضاء سواء أكان باللغاء أو‬
‫بالتعويض ‪(1) .‬‬
‫وهي بذلك تختلف عن نظريتي السلطة التقديرية‬
‫والظروف الستثنائية التي ل تعمل إل على توسيع سلطة‬
‫الدارة فهي تعد كما يذهب جانب من الفقه خروجا) صريحا)‬
‫على مبدأ المشروعية ‪.‬‬
‫وقد نشأت أعمال السيادة في فرنسا عندما حاول مجلس‬
‫الدولة الفرنسي أن يحتفظ بوجوده في حقبة إعادة‬
‫الملكية إلى فرنسا عندما تخلى عن الرقابة على بعض‬
‫أعمال السلطة التنفيذية ‪(2) .‬‬

‫وقد استلهم المشرع العراقي في قانون السلطة القضائية‬


‫رقم )‪ (26‬لسنة ‪) 1963‬الملغي( نظرية اعمال السيادة‬
‫و قد اصبح لها مصدرا تشريعيا في العراق حيث نصت‬

‫‪11‬‬
‫‪- J.m.Auby – Droit Administratif, Paris 1967، P 55 .‬‬
‫‪ -‬وفي ذلك ذهب الفقيه هوريو إلى أن أعمال السيادة من مظاهر السياسة‬ ‫‪2‬‬

‫القضائية المرنة والحكيمة لمجلس الدولة الفرنسي لمواجهة الزمات التي كانت‬
‫تهدد كيانه وكادت تقوض اركانه‪ ،‬فعلى أثر عودة الملكية في فرنسا عام ‪1814‬‬
‫عزمت الحكومة على إلغاء المجلس المذكور للتخلص من رقابته فلجأ إلى‬
‫التصالح مع الحكومة بأن تنازل عن بعض سلطاته في الرقابة على طائفة من‬
‫اعمال الحكومة مقابل الطمئنان إلى مصيره وضمان بقائه رقيبا ‪ j‬على سائر‬
‫العمال الدارية ‪ .‬ينظر ‪:‬‬
‫‪ -‬د ‪ .‬عبد الباقي نعمه عبد الله – نظرية أعمال السيادة في القانون المقارن –‬
‫مجلة القانون المقارن – ‪ -1977‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الفتاح ساير داير – نظرية أعمال السيادة – رسالة دكتوراه – القاهرة –‬
‫‪ – 1955‬ص ‪. 33‬‬

‫‪24‬‬
‫المادة )‪ (4‬منه على أن )ليس للمحاكم أن تنظر في كل‬
‫ما يعتبر من أعمال السيادة( واخذ بالحكم ذاته قانون‬
‫التنظيم القضائي رقم ‪ 160‬لسنة ‪ 1979‬حيث نص في‬
‫مادته العاشرة على انه )ل ينظر القضاء في كل ما يعتبر‬
‫من أعمال السيادة(‪.‬‬
‫وعند صدور القانون رقم )‪ (106‬لسنة ‪ 1989‬وهو‬
‫قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪65‬‬
‫لسنة ‪ 1979‬نص في مادته السابعة البند خامسا) على ما‬
‫يأتي )ل تختص محكمة القضاء الداري بالنظر في الطعون‬
‫المتعلقة بما يأتي ‪:‬‬
‫‪- 1‬أعمال السيادة وتعتبر من أعمال السيادة المراسيم‬
‫والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية(‪ .‬ويبدو أن‬
‫المش{رع لم يكتف‪ z‬بالنص على أعمال السيادة إبل اعتبر‬
‫المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية من‬
‫قبيل اعمال السيادة ول يخفى مالهذا التوجه من خطوره‬
‫على اعتبار ان اغلب مايصدر من رئيس الجمهورية هو‬
‫قرارات إدارية ليمكن تحصينها من رقابة القضاء واذا هذا‬
‫الوضع كان يجد من يبرره في دوله تتبع النظام الشمولي‬
‫في الحكم والداره فأن الصلحيات التي يمارسها رئيس‬
‫الجمهوريه والقرارات التي يصدرها في ظل دستور العراق‬
‫الحالي ليمكن اعتبارها بشكل من الشكال من قبيل‬
‫أعمال السيادة‪ .‬مما يقتضي تعديل المادة السابعة البند‬
‫خامسا) والغاء هذا الستثناء من رقابة القضاء الداري ‪.‬‬
‫وهو ما ينسجم مع توجه المشرع الدستوري العراقي في‬
‫الدستور الصادر عام ‪ 2005‬حيت ورد النص في الماده ‪97‬‬
‫)يحظر النص في القوانين على تحصين اي عمل او قرار‬
‫اداري من الطعن‪(.‬‬
‫ومع أن المشرع في العراق قد نص على وجود ما يسمى‬
‫بأعمال السيادة إل أنه آثر عدم وضع تعريف محدد لها على‬
‫غرار التشريعات الخرى‪ ،‬وترك ذلك إلى القضاء والفقه‪،‬‬
‫ولشك أن ضرورة وضع معيار لتمييز أعمال السيادة عن‬

‫‪25‬‬
‫سائر أعمال الدارة يحظى بأهمية خاصة‪ ،‬لن إطلق صفة‬
‫عمل السيادة على تصرف إداري معين يمنحه حصانة من‬
‫الرقابة القضائية ‪.‬‬
‫ول يخفى ما لهذا المر من تهديد لحقوق الفراد‬
‫وحرياتهم‪ ،‬وقد ظهر في سبيل هذا التمييز ثلثة معايير‬
‫نبينها فيما يلي ‪:‬‬

‫المطلب الول‪ :‬معيار الباعث السياسي‬


‫معيار الباعث السياسي هو المعيار الذي اعتمده‬
‫مجلس الدولة الفرنسي للخذ بنظرية أعال السيادة و ويعد‬
‫حكم مجلس الدولة في قضية ‪ Le Fitte‬الصادر في‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ 1/5/1822‬حجر الساس في اعتماد هذا المعيار ‪.‬‬
‫وبمقتضاه يعد العمل من أعمال السيادة إذا كان‬
‫الباعث عليه سياسيا)‪ ،‬أما إذا لم يكن الباعث سياسيا) فإنه‬
‫)‪(2‬‬
‫يعد من العمال الدارية التي تخضع لرقابة القضاء ‪.‬‬
‫وقد أخذ مجلس الدولة بهذا المعيار ليتلفى الصطدام‬
‫مـع الدارة لنـه معيـار مـرن يتيـح للدارة التخلـص مـن رقابـة‬
‫القضاء بمجرد تذرعها بأن الباعث على تصرفها سياسي ‪.‬‬
‫إل أن المجلس عدل عن هذا المعيار نتيجة لكثرة‬
‫النتقادات الموجهة له‪ ،‬وذلك في حكمه بتاريخ ‪19/2/1875‬‬
‫في قضية ‪ (3) . Prince Napoleon‬وحكم محكمة التنازع في‬
‫)‪(4‬‬
‫‪ 5/11/1880‬في قضية ‪. Marquigny‬‬
‫‪11‬‬
‫‪- C.E ler Mai 1822 La Fitte, Rec 371 .‬‬
‫تتعلق هذه القضية بالمطالبة بإيراد مبالغ خصصها نابليون بونابرت للميرة‬
‫‪ Borghere‬حيث رفضت الحكومة صرفها بالستناد للقانون الصادر في ‪ 12‬يناير‬
‫‪ 1816‬الذي حرم أعضاء أسرة نابليون من جميع الموال التي منحت لهم مجانا ‪. j‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 330‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – القضاء الداري ورقابته لعمال الدارة – القاهرة – ‪– 1968‬‬
‫ص ‪. 131‬‬
‫‪31‬‬
‫‪- C.E .Fevier 1875 – 2-95 G A n 38 edit P 14 .‬‬
‫‪42‬‬
‫‪- T.C 5 Nov 1880، Marquigny، D 1880 –3-12 .‬‬

‫‪26‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬معيار طبيعة العمل‬
‫نتيجة لما وجه إلى معيار الباعث السياسي من نقد‬
‫لجأ الفقه والقضاء إلى اعتماد طبيعة العمل ومفهومه‬
‫لتمييز عمل السيادة عن أعمال الدارة الخرى ‪ .‬وفي‬
‫سبيل ذلك ظهرت ثلثة اتجاهات ‪:‬‬

‫‪ -1‬التجاه الول‪:‬‬
‫ذهب التجاه الول إلى التمييز بين العمل الداري‬
‫والعمل الحكومي إذ عد العمل حكوميا) إذا قصد به تحقيق‬
‫مصلحة الجماعة السياسية كلها والسهر على احترام‬
‫دستورها‪ ،‬وسير هيئاتها العامة والشراف على علقاتها‬
‫مع الدول الجنبية وعلى أمنها الداخلي‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫العمال يندرج في ضمن أعمال السيادة ويمتنع عن رقابة‬
‫القضاء‪ ،‬أما النوع الخر الذي يتعلق بالتطبيق اليومي‬
‫للقوانين والشراف على علقات الفراد بالدارة المركزية أو‬
‫المحلية‪ ،‬وعلقات الهيئات الدارية‪ ،‬بعضها بالبعض الخر‬
‫فيندرج في ضمن أعمال الدارة العتيادية التي تخضع‬
‫لرقابة القضاء‪ (1) .‬وفي هذا التمييز يذهب الفقيه " هوريو‬
‫" إلى أن المهمة الحكومية تنحصر في وضع الحلول‬
‫للمور الستثنائية والسهر على تحقيق مصالح الدولة‬
‫الرئيسية أما الوظيفة الدارية فتتركز في تسيير المصالح‬
‫)‪(2‬‬
‫الجارية للجمهور ‪.‬‬

‫‪ -2‬التجاه الثاني‪:‬‬
‫ذهب هذا التجاه إلى أن أعمال السيادة أو الحكومة‬
‫هي العمال التي تستند إلى نصوص دستورية أما‬
‫العمال الدارية فتستند إلى نص تشريعي عادي أو‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 331‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Vedel G. Droit administrative. P.U.F Paris 1954 P 305 .‬‬

‫‪27‬‬
‫قرارات تنظيمية‪ (1) .‬ول يخفى ما لهذا التجاه من خطورة لنه‬
‫يمنح الدارة فرصة استغلل الدستور لدخال الكثير من‬
‫أعمالها في ضمن مجال أعمال السيادة ل سيما أن‬
‫الدستور يتضمن أمورا) هي في الغالب ذات طبيعة إدارية‬
‫بحتة كالنصوص الخاصة بتعيين بعض الموظفين في حين‬
‫تخرج بعض العمال من نطاق أعمال السيادة برغم‬
‫طبيعتها الحكومية ل لشيء إل لن الدستور لم ينص عليها‬
‫صراحة‪.‬‬

‫‪ -3‬التجاه الثالث‪:‬‬
‫نتيجة لعجز التجاهين السابقين عن التمييز بين أعمال‬
‫الحكومة والعمال الدارية الخرى اتجه الفقه نحو أسلوب‬
‫يقوم على تعريف أعمال الحكومة بأنها تلك العمال التي‬
‫تصدر عن السلطة التنفيذية بخصوص علقاتها بسلطة‬
‫أخرى كالسلطة التشريعية أو سلطة دولة أخرى ل تخضع‬
‫أعمالها لمراقبة القضاء‪ .‬وقد أبز هذا المعيار مفوض الدولة‬
‫" سيلييه ‪ " Celier‬ويعتمد رأيه على أساس أن العمال‬
‫الحكومة ل تخضع لرقابة القضاء الداري بوصف القاضي‬
‫الداري قاضي السلطة التنفيذية‪ ،‬ولما كانت السلطة‬
‫التقديرية ل تخضع لرقابته‪ ،‬فإن أي قرار صادر عن السلطة‬
‫التنفيذية ويمتد أثره إلى السلطة التشريعية يخرج عن‬
‫رقابة القضاء‪ .‬ومن جانب أخر يتصف القاضي الداري بأنه‬
‫قاضي وطني ل دولي ومن غير المعقول أن تمتد رقابته‬
‫لتشمل سلطة دولية وعلى ذلك فأن القرارات الصادرة عن‬
‫السلطة التنفيذية بصدد علقاتها مع سلطة أجنبية تخرج‬
‫)‪(2‬‬
‫عن رقابة القضاء الداري أيضا)‪.‬‬
‫وأيا) كان التجاه فأن التمييز بين أعمال الحكومة‬
‫وأعمال الدارة العادية بقى غير معتد به ويفتقر إلى‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمود محمد حافظ – المصدر السابق – ص ‪. 123‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬فاروق أحمد خماس‪ ،‬محمد عبد الله الدليمي – الوجيز في النظرية العامة‬ ‫‪2‬‬

‫للعقود الدارية – جامعة الموصل – ‪ – 1992‬ص ‪.57‬‬

‫‪28‬‬
‫أساس قانوني واضح مما دفع بالفقه إلى البحث عن معيار‬
‫آخر يقوم على أساس حصر أعمال السيادة وهو المعيار‬
‫الشائع في الوقت الحاضر ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬معيار القائمة القضائية‬


‫اتجه الفقهاء إلى اعتماد التجاه القضائي لتحديد ما‬
‫يعد من أعمال السيادة لعجزهم عن وضع معيار لتمييز‬
‫أعمال السيادة بشكل واضح ‪.‬‬
‫ولعل أول من نادى بهذه الفكرة العميد " هوريو "‬
‫الذي ذهب إلى أن " العمل الحكومي هو كل عمل يقرر‬
‫له القضاء الداري وعلى رأسه محكمة التنازع هذه‬
‫)‪(1‬‬
‫الصفة" ‪.‬‬
‫وبناء) على ذلك فأن تحديد أعمال السيادة يعتمد ما‬
‫يقرره القضاء فهو يبين هذه العمال ويحدد نطاقها‪ ،‬وقد‬
‫أسهم مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع في وضع‬
‫قائمة لعمال السيادة تتضمن مجموعة من العمال‬
‫أهمها ‪:‬‬

‫أول)‪ -‬العمال المتعلقة بعلقة الحكومة بالبرلمان‪:‬‬


‫وتشمل قرارات السلطة التنفيذية المتعلقة بالعملية‬
‫التشريعية كاقتراح مشروع قانون وإيداع هذا المشرع أو‬
‫سحبه‪ ،‬وكذلك القرارات الخاصة بانتخاب المجالس النيابية‬
‫والمنازعات الناشئة عنها‪ ،‬قرارات رئيس الجمهورية‬
‫المتعلقة بالعلقة بين السلطات الدستورية وممارسة‬
‫الوظيفة التشريعية مثل قرار اللجوء إلى السلطات‬
‫الستثنائية المنصوص عليها في المادة ‪ 16‬من دستور عام‬
‫‪ 1958‬الفرنسي‪ ،‬والمرسوم بطرح مشروع قانون‬
‫)‪(2‬‬
‫للستفتاء ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 332‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪21‬‬
‫‪- C.E. 2 mars 1962، Rubin de servens .‬‬
‫‪- C.E 19 Oct 1962، Brocas، Precite .‬‬

‫‪29‬‬
‫ثانيا)‪ -‬العمال المتصلة بالعلقات الدولية‬
‫والدبلوماسية‪:‬‬
‫فقد عد مجلس الدولة من قبيل أعمال السيادة‬
‫القرارات المتعلقة بحماية ممتلكات الفرنسيين في الخارج‬
‫)‪ ،(1‬ورفض عرض النزاع على محكمة العدل الدولية )‪،(2‬‬
‫وكذلك العمال المتعلقة بالمعاهدات والتفاقيات الدولية ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬

‫ثالثا)‪ -‬العمال المتعلقة بالحرب‪:‬‬


‫ومن هذه العمال حق الدولة في الستيلء على‬
‫السفن المحايدة الموجودة في المياه القليمية وقت‬
‫الحرب‪ (4)،‬وكذلك الوامر الصادرة بتغيير اتجاه السفن أو‬
‫)‪(5‬‬
‫الحجز عليها أو على ما تحمله من بضائع‪.‬‬
‫وعموما) فأن القاسم المشترك بين هذه العمال يتمثل‬
‫في تحصينها من رقابة القضاء إلغاء) وتعويضا)‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫فقد اعتبرها الفقه الداري ثغرة في بناء المشروعية‪،‬‬
‫وحول القضاء رأب هذا الصدع من خلل التجاه نحو تضييق‬
‫نطاق أعمال السيادة وإخراج بعض العمال ذات الطبيعة‬
‫الدارية منها‪ ،‬كذلك اتجه مجلس الدولة الفرنسي إلى‬

‫‪12‬‬
‫‪- C.E 2 mars 1966, Dame Cramencel.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪- C.E 9 Janu 1952 Geny Rec 79 .‬‬
‫‪ -‬استقر القضاء الداري الفرنسي على استثناء التدابير القابلة للنفصال‬ ‫‪3‬‬

‫‪ Detachable‬عن العلقات الدبلوماسية أو التفاقيات الدولية واخضعها لرقابة‬


‫لقضاء‪ ،‬من قبيل قرارات تسليم المجرمين فقد قرر مجلس الدولة عدم اعتبار‬
‫طلبات تسليم المجرمين الموجه من الحكومة الفرنسية إلى حكومة أجنبية من‬
‫أعمال السيادة ‪ .‬ينظر ‪:‬‬
‫‪ -‬مارسو لون – بروسبير في جي بريان – أحكام المبادئ في القضاء الداري‬
‫الفرنسي ترجمة ‪ :‬د‪ .‬أحمد يسري – منشأة المعارف السكندرية – ‪-1991‬‬
‫ص ‪. 33‬‬
‫‪41‬‬
‫‪- C. E 22 nov 1957 Myrtoon steam shipco . Rec 632 .‬‬
‫‪52‬‬
‫‪- C.E 3 nov 1922، Lichiardopoulos، Rec 793 .‬‬

‫‪30‬‬
‫التخفيف من أثر أعمال السيادة فقرر إمكان التعويض‬
‫عنها ‪.‬‬
‫فقد قرر المجلس بتاريخ ‪ 30/3/1966‬بأن الضرار‬
‫الناجمة عن حوادث توصف بأنها حوادث الحرب تفتح‬
‫للمضرور حقا) في التعويض تتحمله الدولة استنادا) إلى‬
‫نصوص لها قوة القانون ‪(1) .‬‬

‫ويبدو ان القضاء في العراق قد اتبع هذا السلوب في‬


‫تحديد اعمال السيادة فقد قضت محكمة التميز في حكمها‬
‫الصادر في ‪ …) 6/5/1966‬فانه وان كانت أعمال‬
‫السيادة حسبما جرى الفقه والقضاء من أنها تلك العمال‬
‫التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم ل سلطة‬
‫إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم‬
‫علقتها بالسلطات الخرى داخلية كانت أو خارجية أو‬
‫تتخذها اضطرارا) للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو‬
‫في الذود عن سيادتها في الخارج إما لتنظيم علقات‬
‫الحكومة بالسلطة العامة وإما لدفع الذى عن الدولة في‬
‫الداخل أو في الخارج وهي تارة أعمال منظمة لعلقة‬
‫الحكومة بالمجلس الوطني أو مجلس الدفاع وهي طورا)‬
‫تكون تدابير تتخذ للدفاع عن المن العام من اضطراب‬
‫داخلي بإعلن الحكام العرفية أو إعلن حالة الطوارئ‬
‫…()‪ . (2‬فالمحكمة بعد أن قسمت أعمال الحكومة إلى‬
‫أعمال الدارة العادية وأعمال تتخذها بصفتها سلطة حكم‬
‫لتنظيم علقاتها بالسلطات الخرى أو علقاتها الخارجية أو‬
‫تتخذها اضطرارا) للمحافظة على كيان الدولة‪ ،‬نجد أن‬
‫المحكمة تعود وتفصل هذه العمال من خلل إيراد قائمة‬
‫بالعمال التي تعد من قبيل أعمال السيادة ‪.‬‬

‫‪ -‬مارسولون – بروسبير في – جي – بريان – المصدر السابق – ص ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أورده محمود خلف حسين‪ ،‬الحماية القانونية للفراد في مواجهة أعمال الدارة في‬ ‫‪2‬‬

‫العراق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون‪ ،‬جامعة بغداد‪،1986 ،‬‬
‫ص ‪.184‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫الرقابة على أعمال الدارة‬
‫ممــا لشــك فيــه أن الدارة فــي قيامهــا بــأداء وظيفتهــا‬
‫تملـك أن تتقـص مـن بعـض حقـوق الفـراد وحريـاتهم‪ ،‬وحقهـا‬
‫هـــذا ل يمكـــن تركـــه دون ضـــابط يرســـم الحـــدود الـــتي ل‬
‫تتجاوزها مما يعرض تصرفاتها للبطلن ‪.‬‬
‫ويفـرض هـذا المبـدأ وجـود وسـائل وأجهـزة تراقـب عمـل‬
‫الدارة‪ ،‬وتختلــف هــذه الجهــزة بــاختلف الدولــة والنظــم‬
‫القانونيــة المتبعــة فيهــا إل أن المســتقر فــي اغلــب الــدول‬
‫وجــود أربعــة طــرق يضــمن مــن خللهــا الفــراد مشــروعية‬
‫أعمال الدارة في مواجهتهم وهي‪:‬‬
‫• الرقابة السياسية‪.‬‬
‫• الرقابة الدارية ‪.‬‬
‫• رقابة الهيئات المستقلة‪.‬‬
‫• الرقابة القضائية ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث الول‬
‫الرقابة السياسية‬

‫تتخــذ الرقابــة السياســية علــى أعمــال الدارة صــور)ا‬


‫مختلفــة‪ ،‬فقــد تتــم عــن طريــق الــرأي العــام وتمارســها‬
‫المؤسســات الجتماعيــة والحــزاب السياســية والنقابــات‬
‫المهنيـــة ‪ .‬كمـــا قـــد تمـــارس عـــن طريـــق المؤسســـات‬
‫البرلمانية‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬الرقابة عن طريق الرأي العام‬


‫يراد بمصطلح الرأي العام مجموعة الراء التي تسود‬
‫مجتمع معين في وقت ما بخصوص موضوعات معينة‬
‫)‪(1‬‬
‫تتعلق بمصالحهم العامة والخاصة ‪.‬‬
‫ويشترك في تكوين الرأي العام مختلف الهيئات و‬
‫التنظيمات الشعبية والنقابية والحزبية عن طريق طرح‬
‫أفكارها واتجاهاتها والدعوة إليها بمختلف الوسائل التي‬
‫تؤدى الصحافة والوسائل السمعية والبصرية دورا) كبيرا)‬
‫في نشرها وتعبئة الرأي العام وتوجيهه من خللها ‪.‬‬
‫ومن الواضح ان هذا النوع من الرقابة له الثر البالغ‬
‫في تنظيم أعمال الدارة ومنعها من التعسف في استعمال‬
‫السلطة في العراق لسيما الصحافة التي تمارس حرية‬
‫التعبير والرأي باعتبارها لسان المة والمعبرة عنها‪ ،‬والتي‬
‫‪ - 1‬للمزيد ينظر‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الشافعى أبو رأس – التنظيمات السياسية الشعبية – ‪ 1974‬ص ‪51‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سامى جمال الدين – القضاء الداري والرقابة على أعمال الدارة – دار‬
‫الجامعة الجديد ص ‪.182‬‬

‫‪33‬‬
‫غالبا) ما كشفت عن بعض التجاوزات من موظفي الدارة‬
‫العامة‪.‬‬
‫غير إن هذا الطريق من طرق الرقابة ل يتسع تأثيره إل‬
‫في الدول التي تكفل حرية التعبير عن طريق الرأي العام و‬
‫التي يبلغ فيها الرأي العام من النضج ما يؤهله القيام‬
‫بواجب الرقابة وعدم الخضوع لمصالح فئات معينة تسخر‬
‫الرادة الشعبية و الرأي العام لتحقيق أهدافها و مصالحها‬
‫الخاصة فتفقد بذلك حقيقة تعبيرها عن المصلحة العامة ‪.‬‬
‫ويشترك في تكوين الرأي العام مختلف الهيئات‬
‫والتنظيمات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني‬
‫والحزاب عن طريق طرح افكارها والدعوة اليها في مختلف‬
‫الوسائل التي تؤدي الصحافة والوسائل السمعية‬
‫والبصرية دورا) كبيرا) في نشرها وتعبئة الجماهير وتوجيههم‬
‫من خللها‪.‬‬
‫‪ -1‬مؤسسات المجتمع المدني‬
‫برز مفهوم المجتمع المدني في اطار افكار ورؤى‬
‫بعض المفكرين والفلسفة خلل القرنين السابع عشر‬
‫والثامن عشر والتي تعتمد افكارهم اساسا) على ان‬
‫النسان يستمد حقوقه من الطبيعة ل من قانون يضعه‬
‫البشر وهذه الحقوق لصيقة به تثبت بمجرد ولدته‪ .‬وان‬
‫المجتمع المتكون من اتفاق المواطنين قد ارتأى طواعية‬
‫الخروج من الحالة الطبيعية ليكون حكومة نتيجة عقد‬
‫اجتماعي اختلفوا في تحديد اطرافه‪.‬‬
‫والمفهوم المستقر للمجتمع المدني يقوم على‬
‫اساس انه مجموعة المؤسسات والفعاليات والنشطة‬
‫التي تحتل مركزا) وسطيا) بين العائلة باعتبارها الوحدة‬
‫الساسية التي ينهض عليها البنيان الجتماعي والنظام‬
‫القيمي في المجتمع من ناحية والدولة ومؤسساتها‬
‫واجهزتها ذات الصبغة الرسمية من جهة اخرى)‪.(1‬‬

‫)(‪-‬د‪ .‬عبد الحميد اسماعيل النصاري‪ ،‬نحو مفهوم عربي اسلمي للمجتمع‬ ‫‪1‬‬

‫المدني‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪34‬‬
‫وبهذا المعنى فان منظمات المجتمع المدني تساهم‬
‫بدور مهم في ضمان احترام الدستور وحماية حقوق الفراد‬
‫وحرياتهم وتمثل السلوب المثل في احداث التغيير‬
‫السلمي والتفاهم الوطني مع السلطة في سبيل تعزيز‬
‫الديمقراطية وتنشئة الفراد على اصولها وآلياتها‪ .‬فهي‬
‫الكفيلة بالرتقاء بالفرد وبث الوعي فيه وتعبئة الجهود‬
‫الفردية والجماعية للتأثير في السياسات العامة وتعميق‬
‫مفهوم احترام الدستور وسيادة القانون‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر ان العراق قد اهمل دور هذه‬
‫المؤسسات في وقت سيطرت فيه السلطة التنفيذية على‬
‫السلطتين التشريعية والقضائية اعتبارا) من تأسيس الدولة‬
‫العراقية وصدور القانون الساسي العراقي عام ‪1925‬‬
‫رغم ما منحه هذا الدستور من ضمانات في تأسيسها‪.‬‬
‫ومن ذلك ما ورد في نص المادة )‪ (26‬من القانون‬
‫الساسي التي منحت الملك حق تقييد الحريات بمراسيم‬
‫اثناء عطلة البرلمان او فضه او حله وكان‪ .‬لسيما‬
‫المرسوم رقم )‪ (19‬الصادر في ايلول عام ‪ 1954‬الذي الغت‬
‫فيه الحكومة كافة الجمعيات والنوادي ودور التمثيل‬
‫المجازة في العراق في ذلك الوقت والذي بلغ عددها )‬
‫‪ (468‬جمعية وناد في كافة انحاء العراق ‪.‬‬
‫واستمر الوضع على ما هو عليه في ظل النظام‬
‫الجمهوري رغم ما تحويه الدساتير الجمهورية من ضمانات‬
‫تأسيس هذه المؤسسات‪ .‬غير إنه وبعد سقوط النظام‬
‫الدكتاتوري عام ‪ 2003‬دخل العراق مرحلة جديدة انتشرت‬
‫فيه مؤسسات المجتمع المدني غير ان انتشارها لم‬
‫ينعكس بقوة على المجال السياسي ولعل ذلك عائدا) الى‬
‫عدم النضج والوعي اللزمين لدارتها‪.‬‬
‫فقد اورد دستور جمهورية العراق الحالي في المادة )‬
‫‪ (39‬منه‪ )):‬اول)‪ -:‬حرية تأسيس الجمعيات والحزاب‬
‫السياسية او النضمام اليها مكفولة وينظم ذلك القانون‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ثانيا)‪ -:‬ل يجوز اجبار احد على النضمام الى أي حزب او‬
‫جمعية او جهة سياسية او اجباره على الستمرار في‬
‫العضوية فيها ((‪.‬‬

‫‪ -2‬وسائل العلم‪.‬‬
‫تلعب وسائل العلم دورا) سياسيا) مهما) يساهم في‬
‫تعبئة الرأي العام الشعبي من خلل كتابات واقوال‬
‫المفكرين والصحف والفضائيات المرأية والمسموعة‬
‫والجتماعات والندوات التي تساهم في اطلع الجماهير‬
‫على المشاكل الكثر إلحاحا) والتي يتعرض لها المجتمع‬
‫وتكون مراقب جماعي لصالح الشعب من خلل انتقاد‬
‫سياسات الحكام وكشف فضائحهم وفسادهم وانتهاكهم‬
‫لسيادة القانون‪.‬‬
‫‪ -3‬الحزاب السياسية‪.‬‬
‫من اساسيات العمل الديمقراطي ان تسعى الحزاب‬
‫السياسية الى تحقيق التصال الجماهيري‪ .‬فالدور‬
‫الساسي الذي تقوم به الحزاب السياسية هو السعي‬
‫للحصول على تأييد الفراد لبرامجها السياسية والقتصادية‬
‫والجتماعية التي تعد بتنفيذها اذا ما وصلت الى السلطة‬
‫عبر النتخاب‪ .‬وحتى تحقيق ذلك تبقى الحزاب مراقبة‬
‫لعمل الداره لضمان احترامها للدستور وسيادة القانون‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر ان هذه الفرصة لم تتح للحزاب‬
‫السياسية في العراق فقد ضمن القانون الساسي‬
‫العراقي لعام ‪ 1925‬التعددية السياسية والتداول السلمي‬
‫للسلطة ولم تكن الحزاب السياسية باحسن حال) في ظل‬
‫النظام الجمهوري رغم ما حققته ثورة الرابع عشر من تموز‬
‫عام ‪ 1958‬من منجزات عن طريق منح الحزاب السياسية‬
‫حرية العمل وتشكيل حكومة ائتلفية ضمت كافة الحزاب‬
‫الوطنية القائمة‪.‬‬
‫اذ ان الواقع العملي لطبيعة النظام السياسي في‬
‫العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى عام ‪ 2003‬يخلو‬

‫‪36‬‬
‫من ضمانة وجود احزاب سياسية قوية ومعارضة‪ ،‬قادرة‬
‫على مراقبة السلطة وردها الى الصواب اذا ما انحرفت‬
‫عنه احتراما) للدستور وحقوق وحريات الفراد‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الرقابة عن طريق‬


‫البرلمان ‪.‬‬
‫يتمثل هذا الطريق من الرقابة برقابة البرلمان على‬
‫أعمال السلطة التنفيذية وذلك عن طريق الشكاوى‬
‫المقدمة من الفراد و المتظمنة طلباتهم التي قد يجد‬
‫البرلمان أنها علي قدر من الوجاهة مما يدعو إلى مواجهة‬
‫الوزراء بحق السؤال أو الستجواب أو سحب الثقة من‬
‫)‪(1‬‬
‫الوزارة كلها‪.‬‬
‫ويتحدد شكل الرقابة البرلمانية بما هو مرسوم في‬
‫الدستور‪ ،‬وهي تختلف من دولة إلى أخرى وتكون الرقابة‬
‫البرلمانية أقوى في النظم النيابية منها في النظم الخرى‪،‬‬
‫حيث تكون الوزارة مسؤولة أمام البرلمان مسؤولية‬
‫تضامنية ناهيك عن المسؤولية الفردية لكل وزير عن أعمال‬
‫وزارته ‪.‬‬

‫وقد كفل الدستور العراقي رقابة البرلمان على أعمال‬

‫الحكومة احتراما) لمبدأ المشروعية عن طريق توجيه‬

‫السؤال حول أمر يجهله أحد النواب ‪ ،‬فقد اجاز لخمسة‬

‫وعشرين عضوا) في القل من مجلس النواب طرح موضوع‬

‫عام للمناقشة لستيضاح سياسة واداء مجلس الوزراء‪،‬‬

‫ولعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضوا)‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪.77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪37‬‬
‫توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء‪،‬‬

‫لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم‪.‬‬

‫وقد ورد في المادة ‪ /61‬ثامنا) من الدستور ان لمجلس‬

‫النواب سحب الثقة من احد الوزراء بالغلبية المطلقة‪ ،‬ويعد‬

‫مستقيل) من تاريخ قرار سحب الثقة‪ ،‬كما يملك المجلس‬

‫بناء) على طلب خمس اعضائه وبالغلبية المطلقة لعدد‬

‫اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بعد‬

‫استجواب وجه له‪.‬‬

‫ولكن مع ما تتمتع به الرقابة البرلمانية على أعمال‬

‫الدارة من أهمية فإن دورها مقيد غالبا) بالرادة الحزبية‬

‫السائدة في البرلمان التي تكون في أحيان متوافقة مع‬

‫إرادة الحكومة لو صادف أنها من الحزب نفسه فتكون‬

‫الحكومة الخصم والحكم وهنا يختفي دور الرقابة‬

‫السياسية ول تحقق الحماية الكافية للفراد ضد تعسف‬

‫الدارة خاصة في الدول غير النيابية أو التي تأخذ بنظام‬

‫الحزب الواحد مما يقتضي تعزيزها بنوع أخر من أنواع‬

‫‪38‬‬
‫الرقابة‪ (1).‬كما ان عدم نضج الوعي السياسي لدى اعضاء‬

‫البرلمان وافتقارهم الى الخبرة وضعف المعارضة قد تؤدي‬

‫الى ضعف هذه الضمانة ويختفي دورها الحقيقي في‬

‫حماية حقوق الفراد وحرياتهم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الرقابة الدارية‬
‫الرقابة الدارية تتمثل في الرقابة الذاتية التي تقوم‬
‫بها الدارة على تصرفاتها للبحث في مشروعيتها وملءمتها‬
‫فهي رقابة مشروعية من حيث موافقتها للقانون بمعناه‬
‫العام ورقابة ملئمة من حيث تناسبها مع الهدف الذي‬
‫تسعى الدارة إلى تحقيقه ‪.‬‬
‫وتبدو أهمية هذا النوع من الرقابة في إتاحة الفرصة‬
‫للدارة التي تصدر قرارا) خاطئا) أن تعيد النظر في قراراها‬
‫فتصححه تعديل) أو إلغاء) أو تبديل)‪ ،‬وفي ذلك حفظ لكرامة‬
‫الدارة عندما تكتشف عدم مشروعية تصرفها أو عدم‬
‫ملئمته بالضافة إلى أن هذا النوع من الرقابة مجاني ول‬
‫)‪(2‬‬
‫يتطلب أي رسوم أو مصاريف ‪.‬‬
‫وهذه الرقابة أما أن تتم بشكل تلقائي وأما عن طريق‬
‫تظلم ذوي الشأن ‪.‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ −‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 63‬‬


‫‪ −‬د‪ .‬عبد القادر باينه – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 40‬‬
‫‪ −‬د‪ .‬سامي جمال الدين – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 202‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬فاروق أحمد خماس – الرقابة على أعمال الدارة – المصدر السابق – ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪. 77‬‬

‫‪39‬‬
‫المطلب الول‪ :‬الرقابة التلقائية‬
‫يتحقــق هــذا النــوع مــن الرقابــة الداريــة عنــدما تقــوم‬
‫الدارة تلقائيـا) ببحـث ومراجعـة تصـرفاتها لفحـص مشـروعيتها‬
‫ومــدى موافقتهــا للقــانون وملئمتهــا للهــدف المرجــو منهــا‪،‬‬
‫فتعمـد إلـى تصـحيح تصـرفاتها إلغـاء) أو تعـديل) وقـد يمـارس‬
‫هـذه الرقابـة الموظـف أو الجهـة الـتي أصـدرت القـرار‪ ،‬وقـد‬
‫يمارسها الرئيس الداري بما له من سلطة رئاسية عليه‪ ،‬أو‬
‫الهيئة المركزيــة بمــا لهــا مــن وصــايا إداريــة علــى الهيئات‬
‫اللمركزية ‪.‬‬
‫وقد تتم هذه الرقابة بناء) على تقارير لجنة أو هيئة‬
‫إدارية أخرى مهمتها مراقبة أعمال الدارة فتعمل على‬
‫إلغاء قراراتها غير المشروعة أو إبلغ الرئيس الداري بما‬
‫يتكشف لها من مخالفات قانونية ليتخذ الجراء المناسب‬
‫)‪(1‬‬
‫بخصوصها ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة بناء) على تظلم‬


‫تمارس هذه الرقابة عندما تكتشف الدارة عدم‬
‫مشروعية تصرفها أو عدم ملئمته نتيجة تظلم يقدم إليها‬
‫من صاحب المصلحة‪ ،‬وتختلف هذه التظلمات بحسب‬
‫الهمية التي يمنحها إياها المشرع‪ ،‬فتكون إجبارية أحيانا)‬
‫عندما يلزم الفراد باتباعها قبل سلوك طريق الطعن‬
‫القضائي فيكون شرطا) لقبول دعوى اللغاء‪ ،‬مثلما فعل‬
‫المشرع العراقي‪ ،‬حيث أخذ بفكرة التظلم الوجوبي و‬
‫يجعله ه شرطا) عاما) بالنسبة لدعوى اللغاء‪.‬‬
‫أما من حيث الجهة التي يقدم إليها التظلم فقد يكون‬
‫التظلم ولئيا• أو رئاسيا) أو إلى لجنة إدارية متخصصة ‪.‬‬
‫أول)‪ -‬التظلم الولئي‪ :‬وهو التظلم الذي يقدم إلى‬
‫الجهة التي أصدرت القرار ويطلب إليها إلغاء القرار أو تعديله‬
‫أو سحبه لعدم مشروعيته أو عدم ملئمته وتقوم الدارة‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪.64‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪40‬‬
‫بعد ذلك بفحص التظلم للتأكد من مدى مشروعيته واتخاذ‬
‫)‪(1‬‬
‫الجراءات اللزمة لتفادي ما شابه من عيوب‪.‬‬
‫ثانيا)‪ -‬التظلم الرئاسي‪ :‬وهذا التظلم يقدم من‬
‫صاحب المصلحة إلى رئيس من صدر عنه القرار محل‬
‫التظلم وقد يلجأ صاحب الشأن إلى هذا النوع من التظلم‬
‫بعد استنفاذ طريق التظلم الولئي إذا ما أصرت الجهة التي‬
‫أصدرت القرار على رأيها ورفضت تظلمه‪.‬‬
‫ثالثــــا)‪ -‬التظلــــم المــــوجه إلــــى لجنــــة‬
‫متخصصة‪:‬‬
‫يشـترط المشـرع فـي بعـض الحيـان أن يقـدم التظلـم‬
‫إلـى لجنـة إداريـة خاصـة يتـم تشـكيلها وفـق شـروط معينـة‬
‫ينــاط بهــا النظــر فــي مــدى مشــروعية وملئمــة القــرارات‬
‫الصادرة عن الدارة والتي يتم التظلم منها ‪.‬‬
‫وتفصل هذه اللجان في التظلمات المقدمة إلها من‬
‫دون الرجوع إلى الرئيس الداري وغالبا) ما ينتهي تطور‬
‫هذه اللجان إلى انتقالها نحو الرقابة القضائية كما هو‬
‫الشأن في مجلس الدولة الفرنسي ‪.‬‬
‫وأيا) كانت صورة الرقابة الدارية فهي ليست كافية‬
‫لضمان مشروعية تصرفات الدارة في مواجهة الفراد إذ‬
‫أنها تفتقر إلى الستقلل والحياد فهي تجمع صفتي‬
‫الخصم والحكم ول يأمن جانبها من هذه الجهة برغم ما‬
‫تتميز به هذه الرقابة من يسر إجراءاتها وقلة تكاليفها‬
‫بالمقارنة مع الرقابة القضائية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫رقابة الهيئات المستقلة‬
‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين – المصدر السابق – ص ‪. 205‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫مــن الوســائل الجديــدة الــتي اعتمــدتها بعــض الــدول‬
‫للرقابـة علـى أعمـال الدارة‪ ،‬اسـتحداث هيئات مسـتقلة عـن‬
‫السـلطتين التشـريعية والتنفيذيـة لتمـارس وظيفـة الرقابـة‬
‫على تصـرفات الدارة والبحث في مدى موافقتها للقانون ‪.‬‬
‫ونبحـث فيمـا يـأتي نمـاذج مـن هـذه الهيئات الـتي اعتمـدتها‬
‫بعض الدول )‪.(1‬‬

‫المطلب الول‪ :‬نظام المبودسمان ‪Ombouds man‬‬


‫أو المفوض البرلماني‬

‫والمبودســمان كلمــة ســويدية يــراد بهــا المفــوض أو‬


‫الممثـل ‪ .‬وهـو شـخص مكلـف مـن البرلمـان بمراقبـة الدارة‬
‫والحكومة وحماية حقوق الفراد وحرياتهم )‪.(2‬‬
‫وقـد اسـتحدثت السـويد هـذا النظـام فـي دسـتورها لعـام‬
‫‪ 1809‬ليكـون وسـيلة لتحقيـق التـوازن بيـن سـلطة البرلمـان‬
‫والســـلطة التنفيذيـــة وللحـــد مـــن تعســـف الخيـــرة فـــي‬
‫استخدامها لمتيازاتها في مواجهة الفراد ‪.‬‬
‫وقــد تطــور هــذا النظــام حــتى بــات يطلــق عليــه اســم‬
‫“حـــامي المـــواطن” فهـــو الشخــــص الـــذي يلجـــأ إليـــه‬
‫المــواطن طالب ـا) حمــايته وتــدخله إذ مــا صــادفته مشــاكل أو‬
‫)‪(3‬‬
‫صعوبات مع الحكومة أو الجهات الدارية‪.‬‬
‫وللمفوض البرلماني الحق في التدخل من تلقاء نفسه‬
‫أو بناء) على شكوى يتلقاها من الفراد أو بأي وسيلة أخرى‬
‫يعلـم مـن خللهـا بوقـوع مخالفـة فيعمـل علـى تـوجيه الدارة‬

‫‪ -‬د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬نظام المبودسمان أو المفوض البرلماني ضمانه لحقوق‬ ‫‪1‬‬

‫الفراد وحرياتهم‪ ،‬مجلة القادسية – جامعة القادسية – المجلد ‪ – 3‬العدد ‪،2‬‬


‫‪ ،1999‬العراق‪ ،‬ص ‪. 249‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حمدي عبد المنعم‪ ،‬نظام المبودسمان‪ ،‬مجلة العدالة – ابو ظبي‪ ،‬العدد‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،23‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ليلى تكل‪ ،‬المبودسمان‪ ،‬مكتبة النجلو المصرية‪ ،1991 ،‬ص ‪.1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪42‬‬
‫إلي وجوب اتباع أسلوب معين في عملها لتتدارك أخطائها‪،‬‬
‫وله استجواب أي موظف في هذا الشأن وله إقامة الدعوى‬
‫علـى المـوظفين المقصـرين فـي أداء واجبـاتهم ومطـالبتهم‬
‫بالتعويــــض لمـــن لحقـــه ضـــرر مـــن جـــراء التصـــرف غيـــر‬
‫)‪(1‬‬
‫المشروع‪.‬‬
‫هـذا ويقـدم المبودسـمان تقريـرا) سـنويا) إلـي البرلمـان‬
‫يتضمن ما قام به من أعمال خلل تلك السنة‪.‬‬
‫وبالنظر للنجاح الكبير لهذا النظام فقد أخذت العديد من‬
‫الدول بأنظمة مشابهة له كما حصل في فنلندا التي أخذت‬
‫بـه عـام ‪ 1919‬ثـم الـدانمارك بمقتضـى دسـتورها لعـام ‪1953‬‬
‫وتم انتخاب أول امبودسمان فيها عام ‪ 1955‬كذلك أخذت به‬
‫نيوزلنـدا والنرويـج عـام ‪ 1962‬والمملكـة المتحـدة وكنـدا عـام‬
‫‪.1967‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الوسيط الفرنسي ‪Le‬‬


‫‪mediateur‬‬
‫أخــذت فرنســا بنظــام مشــابه لنظــام المبودســمان‬
‫واســمته " الوســيط" لنــه يتوســط البرلمــان والحكومــة أو‬
‫لنه وسطا) بين الرقابة البرلمانية والقضائية )‪.(2‬‬
‫وبمـوجب القـانون رقـم "‪ "6‬فـي ‪ 3/1/1973‬يعيـن الوسـيط‬
‫لمدة ستة سـنوات غير قابلـة للتجديد مـن رئيس الجمهوريـة‬
‫بمرسـوم جمهـوري ول يمكـن عزلـه خلل هـذه المـدة أو إنهـاء‬
‫ممارســة أعمــال وظيفتــه‪ .‬إل عنــدما يتعــذر عليــه القيــام‬
‫بواجبـاته الوظيفيـة ويـترك أمـر تقريـر ذلـك إلـي لجنـة مكونـة‬
‫مــن نــائب رئيــس مجلــس الدولــة ورئيــس محكمــة النقــض‬
‫)‪(3‬‬
‫ورئيس ديوان الرقابة المالية‪ ،‬ويتخذ القرار بالجماع‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد انس قاسم‪ ،‬نظام المبودسمان السويدي مقارنا ‪ j‬بناظر المظالم‬ ‫‪1‬‬

‫والمحتسب في السلم – مجلة العلوم الدارية – القاهرة‪ ،‬عدد ‪ 1‬لسنة ‪،1975‬‬


‫ص ‪. 77‬‬
‫‪-‬د‪ .‬محمد انس قاسم‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 77‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫ويتمتـع الوسـيط باسـتقلل تـام فل يتلقـى أيـة تعليمـات‬
‫مـن أيـة سـلطة ول يمكـن إلقـاء القبـض عليـه أو ملحقتـه أو‬
‫تـوقيفه أو حجـزه بسـبب أعمـال وظيفتـه أو الراء الـتي يـدلي‬
‫بهــا ويلــتزم الوســيط بــان يقــدم تقريــرا) ســنويا) مفص ـل) عــن‬
‫نشـــاطه فـــي الســـنة الســـابقة إلـــي رئيـــس الجمهوريـــة‬
‫والبرلمان )‪.(1‬‬
‫ويملـك الوسـيط حـق تـوجيه الدارة إلـي مـا هـو كفيـل‬
‫بتحقيـق أهـدافها‪ ،‬وتسـهيل حـل الموضـوعات محـل للنـزاع‬
‫وتـوجيه الدارة إلـي اتبـاع أسـلوب معيـن فـي العمـل ويحـدد‬
‫الوســيط مـدة معينـة تجيـب الدارة علـى هـذا التـوجيه فـإذا‬
‫امتنعـت عـن الجابـة أو رفضـت الـرأي المقـترح برفـع الوسـيط‬
‫تقريرا) بذلك إلي رئيس الجمهورية‬
‫هــذا وقــد أوجــب القــانون الفرنســي علــى المــواطنين‬
‫الجابة على أسئلة واستفسارات الوسيط وله في ذلك أن‬
‫يطلب من الوزراء تسليم المستندات والملفات التي تخـص‬
‫الموضـوعات الـتي بحثهـا ول يجـوز لـه المتنـاع عـن ذلـك وان‬
‫كـانت الملفـات سـريه إل إذا تعلـق المـر بالـدفاع الـوطني أو‬
‫المصالح السياسية العليا )‪.(2‬‬
‫ويخــرج عــن اختصــاص الوســيط وفــق نــص المــادة "‪"8‬‬
‫مــن قــانون ســنة ‪ 1973‬الرقابــة علــى أعمــال الدارة فيمــا‬
‫يتعلــق بالمنازعــات ذات الطــابع الــوظيفي بســبب إناطــة‬
‫الفصــل بهــا إلــي مجلــس الدولــة‪ ،‬وحســبه كفيل) بتــوفير‬
‫الحماية اللزمة للموظفين ‪.‬‬
‫وللهميـة الـتي يتمتـع بهـا هـذا النظـام نجـد انـه كـان قـد‬
‫تلقى فـي عام ‪ 1974‬حـوالي ‪ 1659‬شكوى بينما وصل عدد‬

‫‪ -‬استاذنا الدكتور علي محمد بدير – الوسيط في النظام القانوني الفرنسي‬ ‫‪3‬‬

‫لحماية الفراد مجلة العلوم القانونية‪ ،‬كلية القانون – جامعة بغداد‪ ،‬المجلد ‪ 11‬ع‬
‫‪ ،1996 ،2‬ص ‪. 86‬‬
‫‪-‬د‪ .‬عبد القادر باينه‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د ‪ .‬علي محمد بدير‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 96‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫الشـكاوى الـتي تلقاهـا عـام ‪ 1991‬إلـي مـا يقـارب مـن ‪3000‬‬
‫شكوى بحسب آخر الحصاءات )‪.(1‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬هيئة الدعاء العام‬


‫السوفيتي‬
‫أنشــأ التحــاد الســوفيتي الســابق نظــام هيئة الدعــاء‬
‫العــام ســنة ‪ 1922‬وقــد افــرد لــه دســتور عــام ‪ 1936‬خمــس‬
‫مـواد لتحديـد اختصاصـاته ومـن اختصاصـاته الشـراف علـى‬
‫تنفيـذ النظمـة والقـوانين ومراقبـة تقيـد الدارة بهـا وشـرعية‬
‫إجراءاتها في حماية حقوق الفراد وحرياتهم ‪.‬‬
‫ويمكـن أن يباشـر وظيفتـه تلـك بمراقبـة الدارة تلقائيـا) أو‬
‫بنـاء علـى تظلـم يقـدم إليـه‪ ،‬ويعمـل علـى تصـحيح العمـال‬
‫والقــرارات غيــر الشــرعية الصــادرة عــن الدارة )‪ .(2‬ويقتصــر‬
‫عمل المدعي العام على التأكد من مطابقـة العمـل الداري‬
‫للقـانون دون البحـث فـي ملئمـة الجـراء الداري أو كفـايته‪،‬‬
‫علـى عكـس السـلوب الـذي اتبعـه المبودسـمان السـويدي‬
‫والوســيط الفرنســي حيــث يبحثــان فــي ملئمــة التصــرف‬
‫الداري بالضافة إلي مشروعيته )‪.(3‬‬
‫ويعـد هـذا النظـام مسـاعدا) للقضـاء فـي الرقابـة علـى‬
‫أعمـال الدارة وحاميـا) ل يحرمهـا فـي مواجهتهـا‪ ،‬ممـا حمـل‬
‫المشــرع الروســي علــى البقــاء عليــه بعــد تفكــك التحــاد‬
‫السـوفيتي علـى الرغـم مـا يكتنـف عملـه فـي بعـض الحيـان‬
‫مــن عــدم الــتزام الدارة بــآرائه وعــدم قــدرته علــى تغييــر‬
‫مسلكها إذا ما أصرت على رأيها ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مازن ليلو‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪251‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد القادر باينه‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 43‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حاتم علي لبيب‪ ،‬نظام المفوض البرلماني في اوربا‪ ،‬مجلة مصر المعاصرة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1971‬ص ‪. 9‬‬

‫‪45‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬تقدير رقابة الهيئات‬
‫المستقلة‬
‫تتمتـع هـذه النظـم بخصـائص تميزهـا عـن سـائر وسـائل‬
‫الرقابـة‪ ،‬فهـي علـى عكـس الرقابـة القضـائية ل تتطلـب أي‬
‫رسـوم أو مصـاريف‪ ،‬كمـا تتمتـع بصـفة السـرعة الـتي تفتقـر‬
‫إليها الرقابة القضائية ‪.‬‬
‫بالضـافة إلـي عـدم أشـترطها أيـة شـكلية فـي تقـديم‬
‫الشــكاوى كـذلك ل يشـترط فـي الشـكاوى تـوفر المصــلحة‬
‫لمقـدمها علـى نقيـض النـزاع القضـائي ‪ .‬ولـو أن بعـض النظـم‬
‫ذهـب إلـي اشـتراط ذلـك بعـد ازديـاد عـدد الشـكاوى المقدمـة‬
‫إليها ‪.‬‬
‫وغالبـا) مـا تراقـب هـذه الهيئات موضـوع ملئمـة قـرارات‬
‫الدارة في مواجهة الفراد وتستمد سلطتها تلك من مبادئ‬
‫العدالــة والقيــم العليــا فــي المجتمــع وروح القــانون ‪ .‬فض ـل)‬
‫عـن إسـهامها فـي اقـتراح وتعـديل التشـريعات وفـق مـا يلئم‬
‫التطبيق السليم لها بما يحقق الحفاظ على حقوق وحريات‬
‫المواطنين‪.‬‬
‫وممـا يؤخذ علـى هذه الهيئات أنهـا ليسـت ملزمـة باتخـاذ‬
‫إجـراء معيـن فـي الشـكوى المقدمـة إليهـا مـن جهـة ول تتمتـع‬
‫بسـلطة إصـدار قـرارات ملزمـة للدارة مـن جهـة أخـرى فهـو‬
‫يوجهها إلي اتباع أسلوب معين في تعاملها مع الفراد ومن‬
‫خلل ذلـك يطلـب تعـديل أو إلغـاء أو تبـديل قراراتهـا‪ ،‬فسـلطته‬
‫أدبية في هذا الشأن )‪.(1‬‬
‫‪ -‬من النظم المشابهة التي اهتمت بالحفاظ على حقوق الفراد وحرياتهم في‬ ‫‪1‬‬

‫التاريخ لسلمي )نظام الحسبه( القائم على مبدأين هما المر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر وقد يمارس هذا النظام المسلم بنفسه كما يملك ولي المر ان يعين‬
‫من يتوله انطلقا ‪ j‬من قوله تعالى “ ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير يأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” اليه ‪ 104‬آل عمران ‪ .‬ال‬
‫ان ولية المحتسب تختلف عن النظم السابقة في ان المحتسب ل يفصل ال في‬
‫المور الظاهرة من غير ادلة فل يمارس حق الستجواب أو سماع الشهود ‪.‬‬
‫للمزيد ينظر ‪ .:‬د‪ .‬سعيد عبد المنعم الحكيم‪ ،‬الرقابة على اعمال الدارة في‬
‫الشريعة السلمية والنظم الوضعيى ص ‪ . 71‬و ابي الحسن الماوردي ‪ :‬الحكام‬
‫السلطانية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪. 1966‬‬

‫‪46‬‬
‫ويبــدو ان المشــرع الدســتوري العراقــي قــد اخــذ لول‬
‫مـرة بهـذا السـلوب مـن الرقابـة فقـد ورد فـي نـص المـادة )‬
‫‪ (102‬منــــه ))تعـــد المفوضـــية العليـــا لحقـــوق النســـان‬
‫والمفوضــية العليــا المســتقلة للنتخابــات‪ ،‬وهيئة النزاهــة‬
‫هيئات مســتقلة‪ ،‬تخضــع لرقابــة مجلــس النــواب‪ ،‬وتنظــم‬
‫اعمالها بقانون ((‪.‬‬
‫و ل يســعنا إل ان نرجــو ان تعــوض هــذه الهيئات فــي‬
‫اختصاصـها السـتثناءات الخطيـرة الـتي شـابت وليـة القضـاء‬
‫علـى اعمـال الدارة والعيـوب الكـثيرة الـتي اكتنفـت الرقابـة‬
‫البرلمانيـة اذ ان النسـان العراقـي بحاجـة الـى المزيـد مـن‬
‫الحمايـــة وان فـــي اســـتحداث المفوضـــية العليـــا لحقـــوق‬
‫النسـان الـى جـانب هيئة النزاهـة الضـمانة الكيـدة لتـوفير‬
‫ذلك‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫الرقابـــة القضائيـــة‬
‫تعـد رقابـة القضـاء علـى أعمـال الدارة أهـم وأجـدى صـور‬
‫الرقابـة و اكثرهـا ضـمانا) لحقـوق الفـراد وحريـاتهم لمـا تتميـز‬
‫بــه الرقابــة القضــائية مــن اســتقلل وحيــاد ‪ .‬ومــا تتمتــع بــه‬
‫أحكــام القضــاء مــن قــوة وحجيــة يلــتزم الجميــع بتنفيــذها‬
‫واحترامهـــا بمـــا فـــي ذلـــك الدارة ‪ .‬وإل تعـــرض المخـــالف‬
‫للمسألة ‪.‬‬
‫ومـن المسـتقر وجـود نـوعين مـن نظـم الرقابـة القضـائية‬
‫علـى أعمـال الدارة ل يميـز النـوع الول بيـن الفـراد والدارة‬
‫فـي مراقبـة تصـرفاتهم ويخضـعهم لنظـام قضـائي واحـد هـو‬
‫القضـاء العـادي‪ ،‬ويسـمى بنظـام القضـاء الموحـد ‪ .‬أمـا الثـاني‬
‫فيســمى نظــام القضــاء المــزدوج ويتــم فيــه التمييــز بيــن‬

‫‪47‬‬
‫منازعــات الفــراد ويختــص بهــا القضــاء العــادي والمنازعــات‬
‫الدارية وتخضـع لقضاء متخصص هو القضاء الداري ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬نظام القضاء الموحد‬


‫يســود هــذا النظــام فــي إنكلــترا والوليــات المتحــدة‬
‫المريكيـة وبعـض الـدول الخـرى‪ ،‬ومقتضـاه أن تختـص جهـة‬
‫قضـائية واحـدة بـالنظر فـي جميـع المنازعـات الـتي تنشـأ بيـن‬
‫الفراد أنفسهم أو بينهم وبين الدارة أو بين الهيئات الدارية‬
‫نفسها‬
‫وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاق ا) مع مبدأ المشروعية‬
‫إذ يخضـع الفـراد والدارة إلـي قضـاء واحـد وقـانون واحـد ممـا‬
‫ل يسـمح بمنـح الدارة أي امتيـازات فـي مواجهـة الفـراد)‪.(1‬‬
‫بالضـافة إلـي اليسـر فـي إجـراءات التقاضـي إذا مـا قـورنت‬
‫بأسـلوب توزيـع الختصاصـات القضـائية بيـن القضـاء العـادي‬
‫والداري في نظام القضاء المزدوج ‪.‬‬
‫ومـع ذلـك فقـد وجـه النقـد إلـي هـذا النظـام مـن حيـث انـه‬
‫يقضــي علــى الســتقلل الــواجب تــوفره للدارة بتــوجيهه‬
‫الوامر إليها مما يعيق أدائها لعمالها‪ ،‬مما يدفع الدارة إلي‬
‫استصـدار التشـريعات الـتي تمنـع الطعـن فـي قراراتهـا‪ ،‬ول‬
‫يخفى ما لهذا من إضرار بحقوق الفراد وحرياتهم ‪.‬‬
‫ومـن جـانب آخـر فـأن نظـام القضـاء الموحـد يـؤدي إلـي‬
‫تقريـر مبـدأ المسـؤولية الشخصـية للمـوظفين ممـا يـدفعهم‬
‫إلـي الخشـية مـن أداء عملهـم بـالوجه المطلـوب خوفـا) مـن‬
‫المسـاءلة‪ ،‬وإذا مــا قـرر القضـاء تضـمين المـوظفين بنـاء) علـى‬
‫هــذا المبــدأ فــانه يحــرم المضــرورين مــن اقتضــاء التعــويض‬
‫المناسب لضعف إمكانية الموظف المالية غالبا) )‪.(2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- H. W. R. Wade، Administrative law، 1967 . P11 .‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬صبيح بشير مسكوني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 81‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 229‬‬

‫‪48‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نظام القضاء المزدوج‬
‫يقـوم هـذا النظـام علـى أسـاس وجـود جهـتين قضـائيتين‬
‫مســتقلتين‪ ،‬جهــة القضــاء العــادي وتختــص بالفصــل فــي‬
‫المنازعــات الــتي تنشــأ بيــن الفــراد أو بينهــم وبيــن الدارة‬
‫عنــدما تتصــرف كشــخص مــن أشــخاص القــانون الخــاص‪،‬‬
‫ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص‪.‬‬
‫وجهـة القضـاء الداري تختـص بالفصـل فـي المنازعـات‬
‫الـتي تنشـأ بيـن الفـراد والدارة عنـدما تظهـر الخيـرة بصـفتها‬
‫صــاحبة الســلطة وتتمتــع بامتيــازات ل يتمتــع بهــا الفــراد‬
‫ويطبــق القضــاء الداري علــى المنازعــة قواعــد القــانون‬
‫العام ‪.‬‬
‫وتعــد فرنســا مهــد القضــاء الداري ومنهــا انتشــر هــذا‬
‫النظــام فــي الكــثير مــن الــدول كبلجيكــا واليونــان‪ ،‬ومصــر‪،‬‬
‫والعراق‪ ،‬لما يتمتع به من خصائص مهمة‪ ،‬فالقضاء الداري‬
‫قضــاء إنشــائي يســهم فــي خلــق قواعــد القــانون العــام‬
‫المتميــزة عــن القواعــد العاديــة فــي ظــل القــانون الخــاص‬
‫والـتي يمكـن مـن خللهـا تحقيـق المصـلحة العامـة وحمايـة‬
‫حقوق الفراد وحرياتهم ‪.‬‬

‫وان وجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على اعمال‬


‫الســلطة التنفيذيــة يمثــل ضــمانة حقيقيــة لحقــوق الفــراد‬
‫وحرياتهم في مواجهة تعسف الدارة‪ ،‬وتتجلى اهمية وجود‬
‫قضـاء اداري متخصـص للفصـل فـي المنازعـات الداريـة فـي‬
‫ان رقابة القضاء على اعمال الدارة تعتبر الجزاء الكبر لمبدأ‬
‫الشـرعية والضـمانة الفعالـة لسـلمة تطـبيق القـانون والـتزام‬
‫حـدودة وبـه تكتمـل عناصـر الدولـة القانونيـة وحمايـة حقـوق‬
‫وحريات الفراد من جور وتعسف الدارة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد عبد الله الحراري‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 38‬‬

‫‪49‬‬
‫ول شــك فــي أن نظــام القضــاء المــزدوج كــان قــد نشــأ‬
‫أساسـا علـى مبـدأ الفصـل بيـن السـلطات ومـن مقتضـاه منـع‬
‫القضـاء العـادي مـن النظـر فـي المنازعـات الـتي تكـون الدارة‬
‫طرفا) فيها احترام ا) لستقلل السلطة التنفيذية‪ ،‬وهو ما وفر‬
‫للقضـاء الداري الكـثير مـن السـتقلل والخصوصـية يناسـب‬
‫وظيفتــه فــي الفصــل بالمنازعــات الداريــة وإنشــاء قواعــد‬
‫القانون الداري المتميزة أصل عن قواعد القانون الخاص‬
‫وقـــد اتســـم القضـــاء الداري بســـرعة الفصـــل فـــي‬
‫المنازعـات الداريـة و البسـاطة فـي الجـراءات ضـمانا) لحسـن‬
‫سـير المرافـق العامـة‪ ،‬المـر الـذي تمليـه طبيعـة المنازعـات‬
‫الدارية وتعلقها بالمصلحة العامة غالبا)‪.‬‬
‫وتعــد محكمــة القضــاء الداري فــي العــراق الــتي تــم‬
‫انشـــائها بصـــدور القـــانون رقـــم ‪ 106‬لســـنة ‪) 1989‬قـــانون‬
‫التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة‬
‫‪ ( 1979‬ركنــا) مهمــا) مــن اركــان احــترام القــانون فتختــص‬
‫بـالنظر فـي صـحة الوامـر والقـرارات الداريـة الـتي تصـدر عـن‬
‫الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والتعويض عنها‪.‬‬
‫فقــد ورد فــي المــادة الســابعة ‪ /‬ثانيــا) مــن القــانون‬
‫اعله‪:‬‬
‫)) يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي‪-:‬‬
‫‪ -1‬ان يتضــمن المــر او القــرار خرق ـا) او مخالفــة للقــانون‬
‫او النظمة والتعليمات‪.‬‬
‫‪ -2‬ان يكـــون المـــر او القـــرار قـــد صـــدر خلفـــا) لقواعـــد‬
‫الختصاص او معيبا) في شكله‪.‬‬
‫‪ -3‬ان يتضـمن المـر او القـرار خطـأ فـي تطـبيق القـوانين‬
‫او النظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف‬
‫فـي اسـتعمال السـلطة ويعتـبر فـي حكـم القـرارات او الوامـر‬
‫الـتي يجـوز الطعـن فيهـا رفـض او امتنـاع الموظـف او الهيئات‬
‫فـي دوائر الدولـة والقطـاع الشـتراكي عـن اتخـاذ قـرار او امـر‬
‫كان من الواجب عليه اتخاذه قانونا) ((‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ال انـه وجـه إلـي نظـام القضـاء المـزدوج بعـض النقـد مـن‬
‫حيث أن وجود جهتين قضائيتين في الدولة يؤدي من جانب‬
‫إلـي تعقيـد فـي الجـراءات وإربـاك الفـراد فـي اختيـار جهـة‬
‫التقاضـي ويـؤدي مـن جـانب آخـر إلـي تنـازع فـي الختصـاص‬
‫القضائي بين القضاء العادي والقضاء الداري‪.‬‬
‫إل أن هذه المشكلة أمكن حلها عن طريق إنشاء مرجع‬
‫للفصـل فـي تنـازع الختصـاص سـواء أكـان التنـازع إيجابيـا أم‬
‫سـلبيا) ‪ .‬وفـي فرنسـا تـم إنشـاء محكمـة تنـازع الختصـاص‬
‫الـتي تعـد مكملـة لنظـام القضـاء المـزدوج‪ ،‬وتعمـل علـى فـض‬
‫التنازع على الختصاص أو التعارض بين الحكام )‪.(1‬‬
‫كــذلك فــان المشــرع المصــري عهــد إلــي المحكمــة‬
‫الدسـتورية العليـا المنشـأة بمـوجب القـانون رقـم ‪ 48‬لسـنة‬
‫‪ .1979‬حسـم مشـكلة تنـازع الختصـاص‪ ،‬حيـث تنـص المـادة‬
‫‪ 25/2‬علــــى أن تختــــص المحكمــــة " … … … الفصــــل فــــي‬
‫تنـازع الختصـاص بتعيـن الجهـة المختصـة مـن جهـات القضـاء‬
‫أو الهيئات ذات الختصــاص القضــائي كمــا تختــص بالفصــل‬
‫فـي النـزاع الـذي يقـوم بشـأنه تنفيـذ حكميـن نهـائيين صـادر‬
‫أحــدهما مــن أيــة جهــة مــن جهــات القضــاء أو هيئة ذات‬
‫اختصاص قضائي والخرى من جهة أخرى" ‪.‬‬
‫امـا فـي العـراق فقـد انشـأ المشـرع فـي قـانون تعـديل‬
‫قــانون مجلــس شــورى رقــم ‪ 106‬لســنة ‪ 1989‬هيــأة تنــازع‬
‫الختصـاص تتـالف مـن سـتة اعضـاء ‪ :‬يختـار رئيـس محكمـة‬
‫التمييـز ثلثـه مـن بيـن اعضـاء المحكمـه ‪ ,‬امـا الثلثـه الخريـن‬
‫فيختــارهم رئيــس مجلــس شــورى الدولــة مــن بيــن اعضــاء‬
‫المجلــس وتجتمــع الهيــأة برئاســة رئيــس محكمــة التمييــز‬
‫لتتــولى النظــر فــي التنــازع الحاصــل فــي الختصــاص بيــن‬
‫القضــاء الداري والمحــاكم المــدنيه وتتخــذ الهيــأة قراراتهــا‬
‫بالتفاق او الكثرية ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪74‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫الباب الثاني‬
‫في نشأة القضاء الداري وتنظيمه‬
‫يرجـع الفضـل فـي نشـأة القضـاء الداري بصـفة عامـة‬
‫إلـي القضـاء الداري الفرنسـي الـذي أسـهم فـي إبـراز دوره‬
‫ووضع مبادئه بشكل ل يمكن تجاهله ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وعلـى ذلـك نجـد أن مـن المناسـب أن نبحـث فـي نشـأة‬
‫وتنظيــم القضــاء الداري الفرنســي ونعــرض بإيجــاز إلــي‬
‫القضــاء الداري المصــري قبــل أن نــدرس تنظيــم القضــاء‬
‫الداري في العراق‪.‬‬
‫وسيكون ذلك في ثلثة فصول على التوالي ‪:‬‬
‫الفصــل الول ‪ :‬نشــأة القضــاء الداري وتنظيمــه فــي‬
‫فرنسا ‪.‬‬
‫الفصــل الثــاني ‪ :‬نشــأة القضــاء الداري وتنظيمــه فــي‬
‫مصر ‪.‬‬
‫الفصــل الثــالث ‪ :‬نشــأة القضــاء الداري وتنظيمــه فــي‬
‫العراق ‪.‬‬

‫الفصل الول‬
‫نشأة القضاء الداري في فرنسا‬
‫للوقـوف علـى نشـأة القضـاء الداري فـي فرنسـا لبـد لنـا‬
‫من التطرق إلي بداية ظهوره وتنظيمه ونبين ذلك تباعا) في‬
‫مبحثين ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫المبحث الول‬
‫نشأة القضاء الداري في فرنسا‬
‫تعـد فرنسـا بحـق مهـد القضـاء الداري ومنهـا انتشـر إلـي‬
‫الـدول الخـرى وكـان ظهـور هـذا النظـام نتيجـة للفكـار الـتي‬
‫جــاءت بهــا الثــورة الفرنســية عــام ‪ 1789‬الــتي تقــوم فــي‬
‫السـاس علـى مبـدأ الفصـل بيـن السـلطات ومـن مقتضـياته‬
‫منـع المحـاكم القضـائية القائمـة فـي ذلـك الـوقت مـن الفصـل‬
‫فـي المنازعـات الداريـة للحفـاظ علـى اسـتقلل الدارة تجـاه‬
‫السلطة القضائية ‪.‬‬
‫وتأكيــدا) لهــذا التجــاه أصــدر رجــال الثــورة قــانون ‪24-16‬‬
‫أغسـطس ‪ 1790‬نـص علـى إلغـاء المحـاكم القضـائية الـتي‬
‫كانت تسمى بالبرلمانات وإنشاء ما يسمى بالدارة القاضية‬
‫أو الـوزير القاضـي كمرحلـة أولـى قبـل إنشـاء مجلـس الدولـة‬
‫الفرنسي ‪.‬‬
‫وفـي مرحلـة الدارة القاضـية كـان علـى الفـراد اللجـوء‬
‫إلـي الدارة نفسـها للتظلـم إليهـا وتقـديم الشـكوى‪ ،‬فكـانت‬
‫الدارة هي الخصم والحكم في الوقت ذاته وكان هذا المر‬
‫مقبـول) إلـي حـد مـا فـي ذلـك الـوقت بسـبب السـمعة السـيئة‬
‫لقضاء “ البرلمانات” التعسفية ‪.‬‬
‫وبنشــوء مجلــس الدولــة فــي ‪ 12‬ديســمبر ‪ 1799‬فــي‬
‫عهــد نـابليون بونـابرت وضـعت اللبنـة الولـى للقضـاء الداري‬
‫الفرنســـي مـــع أن اختصـــاص المجلـــس كـــان أول المـــر‬
‫استشــاريا) يتطلــب تصــديق القنصــل‪ .‬وبســبب الثقــة الــتي‬
‫كـان يحضـى بهـا المجلـس لـم يلبـث أن منـح اختصاصـا) قضـائيا)‬
‫باتـا) دون الحاجـة إلـي تعقيـب جهـة أخـرى وكان ذلـك بالقـانون‬
‫الصادر في ‪ 24‬مايو ‪. 1872‬‬
‫ومــع أن هــذا القــانون خــول المجلــس ســلطة البــت‬
‫النهـائي فـي المنازعـات الدارة فـانه أبقـى علـى اختصـاص‬
‫الدارة القاضـية فل يملـك الفـراد اللجـوء إلـي مجلـس الدولـة‬
‫إل فـي الحـوال الـتي ينـص عليهـا القـانون وفيمـا عـدا ذلـك‬

‫‪54‬‬
‫تختــص بــه الدارة القاضــية ‪ .‬ممــا أوجــد ازدواجــا) قضــائي )ا‬
‫واسـتمر هـذا الوضـع حـتى تاريـخ ‪ 13‬ديسـمبر ‪ 1889‬عنـدما‬
‫قبـل مجلـس الدولـة دعـوى قـدمها أحـد الفـراد مباشـرة مـن‬
‫دون المــرور علــى الدارة فــي قضــية ‪ Cadot‬وترتــب علــى‬
‫حكمــه فيهــا أن اصــبح مجلــس الدولــة صــاحب الختصــاص‬
‫العام في المنازعات الدارية ‪.‬‬
‫وبسـبب تراكـم العديـد مـن القضـايا أمـام مجلـس الدولـة‬
‫حدد المشرع اختصاصات مجلس الدولة على سبيل الحصر‬
‫أصــبحت المحــاكم الداريــة الــتي كــانت تســمى مجــالس‬
‫القاليم صاحبة الختصاص العام في المنازعات الدارية‪.‬‬
‫ثم أعقب ذلك بعض المراسيم والقرارات التي تضمنت‬
‫بعـض الصـلحات منهـا المراسـيم الربعـة الصـادرة فـي ‪30‬‬
‫يوليــو ‪ 1963‬المتعلقــة بتحديــد النظــام الساســي للعــاملين‬
‫فـي المجلـس وتنظيمـه الـداخلي ونشـاطه القضـائي‪ ،‬وتـم‬
‫تعديل هذا التنظيم بثلثة مراسيم أخرى في ‪ 26‬أغسطس‬
‫‪ 1975‬وبمرسـوم فـي ‪ 15‬ينـاير ‪ 1980‬وآخـر فـي ‪ 16‬ينـاير ‪1981‬‬
‫وأخيرا) في ‪. 1987‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫تنظيم مجلس الدولة الفرنسي‬
‫يمثـل مجلـس الدولـة فـي فرنسـا قمـة القضـاء الداري‬
‫فهــو يعلــو علــى المحــاكم الداريــة ســواء أكــانت نوعيــة أم‬
‫متخصصة)‪.(1‬‬
‫ويمتــاز أعضــاء المجلــس بمــؤهلت عاليــة ومتنوعــة‪،‬‬
‫ويـرأس المجلـس رئيـس الـوزراء أو الـوزير الول وعنـد غيـابه‬
‫وزيـر العـدل يتـم تقسـيم العمـل فـي المجلـس بحيـث يعمـل‬
‫العضـاء الصـغر سـنا) علـى تحضـير القضـايا والملفـات بينمـا‬
‫يتم اتخاذ القرارات النهائية من العضاء الكبر سنا) )‪.(2‬‬
‫ووفق ـا) للمرســوم الصــادر فــي ‪ 31‬يوليــو ‪ 1945‬المعــدل‬
‫بالمرســوم فــي ‪ 30‬ســبتمبر ‪ 1953‬يتكــون المجلــس مــن‬
‫العضاء التين ‪:‬‬

‫أول) – المندوبون ‪: Les auditeurs‬‬


‫وهـــم يشـــغلون أدنـــى درجـــات الســـلم الداري فـــي‬
‫المجلـس ويتـم تعيينهـم مـن بيـن خريجـي المدرسـة الوطنيـة‬
‫للدارة الـذين يقضـون مـدة سـنتين تحـت الختبـار يتـم نقلهـم‬
‫إلي وظيفة أخرى في حالة عدم إثبات كفاءتهم في العمل‬
‫)‪.(3‬‬
‫ويقســمون إلــي درجــتين الدرجــة الولــى توضــع فــي‬
‫الســلم الول للجهــاز الداري ويتــم ترقيتهــم إلــي الدرجــة‬
‫الثانية في حالة إثبات كفائتهم‪ ،‬وقد كانت الفكرة الساسية‬
‫تقـوم علـى أسـاس اقتصـار عمـل المنـدوبين علـى التمريـن‬
‫والتــدرب علــى عمــل المجلــس‪ ،‬أمــا الن فــانهم يشــاركون‬
‫بشكل فاعل في دراسة وتحضير ملفات القضايا ‪.‬‬

‫‪-‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 240‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬د‪ .‬عبد القادر باينة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 103‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪-J. Rivero – Droit administratif، 1970، P 178 .‬‬

‫‪56‬‬
‫ثانيا) – النواب ‪: Les maitres de requetes‬‬
‫ويتـم اختيـار ثلثـة أربـاعهم مـن المنـدوبين مـن الدرجـة‬
‫الولـى ويعيـن الربـع الخيـر منهـم مـن الحكومـة مـن خـارج‬
‫المجلس بشرط أن يتوفر فيهم أمران ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬بلوغ الثلثين من العمر على القل ‪.‬‬
‫الثــاني ‪ :‬أن ل تقــل خــدمتهم داخــل الدارة العموميــة‬
‫عن عشر سنوات ‪.‬‬
‫ويتـولى النـواب تقـديم المطالعـة بشـأن موضـوع النـزاع‬
‫ويختـار مـن بينهـم مفوضـو الحكومـة الـذين يعينـون بمرسـوم‬
‫ويقومـون بدراسـة الـدعاوى المطروحـة أمـام المجلـس مـن‬
‫ناحيـة الوقـائع والقـانون ويتولـون تكييفهـا واسـتخلص حكـم‬
‫القانون فيها ‪.‬‬
‫وهــم ل يمثلــون الحكومــة كمــا تــوحي تســميتهم فهــم‬
‫يعبرون عن وجهة نظر القانون التي يضمنونها في ما يمكن‬
‫اعتباره مشروع حكم كان له في كثير من الحيان دور مهم‬
‫في تأسيس العديد من مبادئ القانون العام )‪.(1‬‬

‫ثالث ا)‪ -‬مستشارو الدولة في الخدمة العادية‪Les :‬‬


‫‪conseillers d`Etat en service ordinaire‬‬

‫ويتـم اختيـار ثلـثيهم مـن بيـن النـواب عـن طريـق ترقيتهـم‬


‫ويختــار الثلــث البــاقي مــن الحكومــة بشــرط بلــوغهم ســن‬
‫الخامسة والربعين ‪.‬‬

‫‪-‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 86‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪57‬‬
‫ويتـــولى هـــؤلء مناقشـــة القضـــايا المعروضـــة علـــى‬
‫المجلـس واتخـاذ القـرارات النهائيــة ويبلـغ عـددهم حاليـا) )‪(79‬‬
‫مستشارا) ‪.‬‬

‫رابعا)‪ -‬رؤساء القسام ‪: Presidents de Section‬‬


‫ويبلـغ عـددهم خمسـة ويتولـون إدارة العمـل فـي أقسـام‬
‫المجلــس الخمســة وهــي أربعــة أقســام إداريــة )قســم‬
‫الماليــة‪ ،‬قســم الداخليــة‪ ،‬قســم الشــغال العامــة‪ ،‬القســم‬
‫الجتمـاعي ( والقسـم الخـامس منهـا وهـو القسـم القضـائي‬
‫الذي يختص بالفصل في المنازعات الدارية ‪.‬‬

‫خامسا)‪ -‬نائب رئيس المجلس ‪: Vice president‬‬


‫وهــو الرئيــس الفعلــي للمجلــس لن رئيــس المجلــس‬
‫وهـو الـوزير الول أو رئيــس الـوزراء وفـي حالـة غيـابه وزيـر‬
‫العـدل يقتصـر عملـه علـى تـولي رئاسـة الجمعيـة العموميـة‬
‫للمجلـس فـي المناسـبات الرسـمية ضـمانا) لنتقـال مجلـس‬
‫الدولة عن السلطة التنفيذية ‪.‬‬
‫بجـانب هـؤلء العضـاء الـدائمين هنـاك فئات تسـهم فـي‬
‫أعمال المجلس بشكل عارض ومنهم مستشارو الدولة في‬
‫الخدمــة غيــر العاديــة الــذين يتولــون المشــاركة فــي بعــض‬
‫الختصاصـــات الداريـــة دون القضـــائية وهـــم مـــن كبـــار‬
‫المـوظفين أو المتقاعـدين أو الشخصـيات المعروفـة تعينهـم‬
‫الحكومـة لمـدة أربـع سـنوات قابلـة للتجديـد بشـرط انقضـاء‬
‫سنتين على عملهم خارج المجلس ‪.‬‬
‫كـذلك يملـك الـوزراء الحضـور إلـي المجلـس والمشـاركة‬
‫فـي المناقشـات باسـتثناء القسـم القضـائي ومـن حقهـم أن‬
‫يطلبـوا مـن المجلـس اسـتدعاء أي شـخص للدلء برأيـه فـي‬
‫القضايا المعروضة ‪.‬‬
‫ويلحـظ أن أعضـاء مجلـس الدولـة ل يتمتعـون بمبـدأ عـدم‬
‫القابلية للعزل من الناحية القانونية على أن الواقع الفعلي‬

‫‪58‬‬
‫وتاريـخ المجلـس فـي مواجهـة الحكومـة يؤكـد وجــود هـذه‬
‫الحصـانة بسـبب المكانـة الراســخة للمجلــس فـي الضــمير‬
‫القـانوني ل يحرمهـا‪ ،‬وهـي الضـمانة الـتي مكنتـه مـن فـرض‬
‫استقلله عن الحكومة )‪.(1‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫اختصاص القضاء الداري الفرنسي‬
‫أول)‪ -‬اختصاصات مجلس الدولة‪:‬‬
‫يمـــارس مجلـــس الدولـــة فـــي فرنســـا نـــوعين مـــن‬
‫الختصاصات ‪ :‬اختصاصات استشارية وأخرى قضائية‪:‬‬

‫‪ –1‬الختصاصـــــــات الستشـــــــارية ‪attributions‬‬


‫‪: consultatives‬‬
‫الوظيفـة الساسـية لمجلـس الدولـة كـانت استشـارية‬
‫ومــا يــزال المجلــس يمــارس هــذه الوظيفــة فــي مجــالين‬
‫المجــــال التشــــريعي والمجــــال الداري ففــــي المجــــال‬
‫التشــريعي كــان المجلــس يشــارك فــي تحضــير القــوانين‬
‫وإعـــداد مشـــروعاتها ‪ .‬وفـــي ذلـــك نصـــت المـــادة ‪ 39‬مـــن‬
‫الدســـتور الفرنســـي لعـــام ‪ 1958‬علـــى وجـــوب إعـــداد‬
‫مشـروعات القـوانين الـتي تقترحهـا الحكومـة علـى البرلمـان‬
‫مـن مجلـس الدولـة إل أن القـوانين الـتي يقترحهـا البرلمـان ل‬
‫يستشار المجلس بشأنها‪.‬‬
‫أمـــا فـــي المجـــال الداري فـــان المجلـــس يمـــارس‬
‫اختصاصـه الستشـاري فـي ثلث حـالت ‪ :‬بصـفة إجباريـة إذ‬
‫‪-‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 240‬‬ ‫‪-‬‬


‫د‪ .‬صبيح بشير مسكوني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 113‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬القضاء الداري‪ ،‬الكتاب الول‪ ،‬قضا‬ ‫‪-‬‬
‫ص ‪. 68‬‬ ‫اللغاء‬

‫‪59‬‬
‫تلزم الحكومة باستشارته عند إصدارها للقرارات التنظيمية‬
‫وكــذلك عنــد إصــدارها للقــرارات الداريــة المعروفــة باســم‬
‫الوامر طبقا) للفصل ‪ 38‬من دستور ‪. 1958‬‬
‫وبصـفة اختياريـة فـي الحـالت الخـرى بنـاء) علـى رغبـة‬
‫الجهة طالبة المشورة ‪.‬‬
‫كذلك يجوز للمجلس أن يتدخل بنفسه لبداء رأيه لثارة‬
‫انتبـاه السـلطات العموميـة إلـي الصـلحات الـواجب مراعاتهـا‬
‫فـي المجـالت التشـريعية والتنظيميـة والداريـة الـتي يراهـا‬
‫مطابقـة للمصـلحة العامـة ‪ .‬وبصـدور قـانون عـام ‪ 1963‬اصـبح‬
‫مـن الـواجب علـى المجلـس أن يقـدم تقريـرا) سـنويا) للحكومـة‬
‫بشأن الصلحات التي يراها ضرورية ‪.‬‬

‫‪ -2‬الختصاصـــــــــات القضـــــــــائية ‪attributions‬‬


‫‪: contentieuses‬‬
‫إذا كــان الفتــاء هــو الغــرض الســاس الــذي أنشــئ‬
‫مجلـس الدولـة مـن اجلـه فقـد أضـحى الختصـاص القضـائي‬
‫يحتل الجانب المهم من دوره لن مجلس الدولة يمثل أعلى‬
‫درجات القضاء الداري في فرنسا بوصفه محكمة أول واخر‬
‫درجة ومحكمة استئناف أو محكمة نقض‪:‬‬

‫أ‪ -‬مجلس الدولة كمحكمة أول وآخر درجة ‪:‬‬


‫قبـل عـام ‪ 1954‬كـان مجلـس الدولـة يتمتـع باختصاصـات‬
‫واسـعة بوصـفه محكمـة أول وآخـر درجـة لنـه يمثـل الوليـة‬
‫العامة في مجال القضاء الداري‪ ،‬إل انه بصدور مرسوم ‪30‬‬
‫ســبتمبر ‪ 1953‬الــذي اصــبح نافــذا) فــي ينــاير‪ 1954‬أصــبحت‬
‫المحـاكم الداريـة صـاحبة الوليـة العامـة فـي نظـر المنازعـات‬
‫الداريـة وبسـبب تراكـم القضـايا المعروضـة أمـام المجلـس‬

‫‪60‬‬
‫وبغيــة الســراع فــي فــض المنازعــات اصــبح اختصــاص‬
‫المجلس كأول وآخر درجة محددا) بالقضايا التية ‪:‬‬
‫الـدعاوى المتعلقـة بإلغـاء القـرارات التنظيميـة والفرديـة‬
‫الصادرة بشكل مراسيم‪ ،‬وإلغاء قرارات الوزراء بسبب تجاوز‬
‫السلطة ‪.‬‬
‫المنازعــات المتعلقــة بــالموظفين المعينيــن بمراســيم‪،‬‬
‫فيما يتعلق بوظائفهم ‪.‬‬
‫الـدعاوى المرفوعــة ضـد القــرارات الداريــة الــتي يمتـد‬
‫نطاق تنفيذها إلي حدود أكثر من محكمة إدارية واحدة‪.‬‬
‫المنازعـات الداريـة الـتي تقـع فـي منـاطق ل تـدخل فـي‬
‫اختصاص محاكم إدارية ‪.‬‬

‫ب‪ .‬مجلس الدولة كمحكمة استئناف ‪:‬‬


‫يقوم المجلس بالنظر بصفته درجة ثانية في التقاضي‬
‫فــــي الحكــــام الصــــادرة مــــن المحــــاكم الداريــــة فــــي‬
‫المستعمرات ومحكمة المحاسبات‪.‬‬

‫جـ‪ .‬مجلس الدولة كمحكمة نقض ‪:‬‬


‫يمارس مجلس الدولة اختصاص محكمة نقض بالنسبة‬
‫للحكـام الصـادرة مـن محـاكم القضـاء الداري الـتي ل يجـوز‬
‫اســتئناف أحكامهــا أمــامه إل إذا نــص القــانون علــى خلف‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬المحاكم الدارية ‪:‬‬


‫أنشـأت المحـاكم الداريـة فـي فرنسـا بتاريـخ ‪ 30‬سـبتمبر‬
‫‪ 1953‬وهي وريثة في الواقع لمجالس القليم التي أنشأت‬
‫منــذ ‪ 16‬فــبراير ‪ 1800‬لتقــديم الســـتشارات والفتــاوى إلــي‬

‫‪61‬‬
‫المحـافظين ‪ .‬وكـذلك كـانت تمـارس اختصاصـا) قضـائيا) فيمـا‬
‫يتعلق بالضرائب المباشرة والشغال العامـة وبيع ممتلكات‬
‫الدولــة والمخالفــات الخاصــة بالبنــاء والمنازعــات الخاصــة‬
‫بالنتخابات الدارية المحلية)‪.(1‬‬
‫إل انه وبموجب المرسوم الصادر في ‪ 30‬سبتمبر ‪1953‬‬
‫أطلق على مجالس القاليم اسم المحاكم الدارية وتمتعت‬
‫بالوليــة العامــة فــي المنازعــات الداريــة‪ ،‬ول يخــرج مــن‬
‫اختصاصها إل الموضوعات التي حددها القانون وأناطها إلي‬
‫جهات قضائية أخرى‪.‬‬
‫وتملــك المحــاكم الداريــة بالضــافة إلــي اختصاصــها‬
‫القضــائي اختصاصـا) استشـاريا) يتمثـل بإصـدار المشـورة فـي‬
‫المســائل المعروضــة عليهــا مــن الدارة فــي نطــاق الحــدود‬
‫القليميــة للمحكمــة‪ ،‬وهــو اختصــاص ثــانوي إذا مــا قيــس‬
‫باختصاصها القضائي‪(2).‬‬
‫ويترأس كل محكمة رئيس وله نائب أو نائبان وعدد من‬
‫العضـاء ويعيـن رؤسـاء المحـاكم الداريـة وأعضـائها بواسـطة‬
‫مراســيم بنـاء) علـى اقتراحـات وزيـر الداخليـة وموافقـة وزيـر‬
‫العدل ‪.‬‬
‫وتقبــل الحكــام الصــادرة مــن المحــاكم الداريــة فــي‬
‫المنازعات الدارية الطعن أمام المحاكم الستئنافية أو أمام‬
‫مجلس الدولة وفقا) للقانون ‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪- G. Vedel et Delvlov`e، Droit administratif . 1984 P- 642-647‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 80‬‬ ‫‪-‬‬


‫سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 247‬‬ ‫‪-‬‬
‫صبيح بشير مسكوني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 116‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المصدر السابق ص ‪. 90‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪A. De laubedere، Traite de droit administratif، 1984، P- 455‬‬
‫د‪ .‬عبد الغني السيوي المرجع السابق ص ‪2- 82 - 81‬‬

‫‪62‬‬
‫ثالثا)‪ -‬المحاكم الدارية الستئنافية‪:‬‬
‫ورغـم إنشـاء المحـاكم الداريـة سـنة ‪ 1953‬واختصاصـها‬
‫بالفصـل فـي اغلـب المنازعـات الداريـة‪ ،‬فـان العبـء الواقـع‬
‫علــى عــاتق مجلــس الدولــة ظــل ثقيل)‪ ،‬إذ تــتراكم أمــامه‬
‫القضــايا ســواء باعتبارهــا محكمــة أول درجــة أو محكمــة‬
‫اسـتئناف أو محكمـة نقـض وهـذا مـا أدى إلـي التـأخير فـي‬
‫نظـر القضـايا وإصـدار الحكـام بشـأنها ولهـذا تـدخل المشـرع‬
‫الفرنســي فــي ســنة ‪ 1987‬وإنشــاء محــاكم جديــدة هــي‬
‫المحــاكم الداريــة الســتئنافية تتكــون مــن خمــس محــاكم‬
‫موزعـة علـى أنحـاء البلد لكـي يطعـن أمامهـا فـي الحكـام‬
‫الصادر من المحاكم الدارية )‪.(2‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫نشأة القضاء الداري وتنظيمه في‬
‫مصر‬
‫‪63‬‬
‫فـي هـذا القسـم مـن الدراسـة نبحـث فـي نشـأة القضـاء‬
‫الداري المصري وتنظيمه في مبحثين تباعا)‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫نشأة القضاء الداري‬

‫عرفت مصر نظام القضاء الداري منذ عام ‪ 1946‬وكانت‬


‫المحــاكم العاديــة قبــل هــذا التاريــخ هــي جهــة الختصــاص‬
‫الوحيدة للفصل في المنازعات كافة)‪.(1‬‬
‫إذ تـم إنشـاء مجلـس الدولـة المصـري بالقـانون رقـم ‪112‬‬
‫لســنة ‪1946‬بشــان مجلــس الدولــة واتبعــت مصــر منــذ هــذا‬
‫التاريــخ نظــام القضــاء المــزدوج ‪ .‬وقــد مــر مجلــس الدولــة‬
‫بتطــورات عــدة حــتى صــدور القــانون الحــالي رقــم ‪ 47‬لعــام‬
‫‪ 1972‬وتعديلته‪.‬‬
‫ووفقـا) لهـذا القـانون يعـد مجلـس الدولـة هيئة قضـائية‬
‫ملحقــة بــوزير العــدل‪ ،‬ويتكــون مــن رئيــس وعــدد مــن نــواب‬
‫الرئيــس والمستشــارين المســاعدين والنــواب والمنــدوبين‬
‫ومن مندوبين مساعدين ‪.‬‬
‫هذا ولم تؤثر تبعية المجلس لوزير العدل في استقلله‬
‫فـي ممارسـة وظيفتـه إذ ل تتعـدى هـذه التبعيـة منـح الـوزير‬
‫الشراف الداري وضمان حسن سير العمل الوظيفي‪ ،‬وهو‬
‫‪ -‬عرفت مصر عدة محاولت لنشاء مجلس دولة قبل عام ‪ 1946‬كان اولها عام‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1879‬عندما اصدر امرا ‪ j‬عاليا ‪ j‬بانشاء مجلس الدولة لكن لم يكتب له التطبيق‬
‫وكذلك في العوام ‪ 1883‬و ‪ 1939‬و ‪ 1941‬ولم يكتب لها النجاح ايضا ‪ j‬بسبب‬
‫الوضاع السياسية في ذلك الوقت ‪.‬‬
‫ينظر ‪:‬‬
‫د‪ .‬عثمان خليل عثمان‪ ،‬مجلس الدولة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ص ‪. 37‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 244‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 89‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪64‬‬
‫مـا أكـدته المـادة الولـى مـن القـانون رقـم ‪ 47‬لسـنة ‪“ 1972‬‬
‫مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة “ ‪.‬‬
‫ولـم يولـد المجلـس قويـا) منـذ نشـأته فقـد كـان القضـاء‬
‫العـادي صـاحب الوليـة العامـة فـي نظـر المنازعـات الداريـة‬
‫وكــانت اختصاصــات مجلــس الدولــة محــدده علــى ســبيل‬
‫الحصـــر فـــي القـــوانين الـــتي ســـبقت القـــانون الحـــالي‬
‫للمجلس ‪.‬‬
‫ففــي ظــل القــانون رقــم ‪ 112‬لســنة ‪ 1946‬والمعــدل‬
‫بالقـانون رقـم ‪ 9‬لسـنة ‪ 1949‬كـان القضـاء العـادي ينفـرد بنظـر‬
‫دعــاوى مســؤولية الدارة عــن أعمالهــا الماديــة ويختــص‬
‫بالشــتراك مــع المجلــس فــي نظــر طلبــات التعــويض عــن‬
‫القــرارات الداريــة ‪ .‬ويــترتب علــى رفــع دعــوى اللغــاء أو‬
‫التعــويض إلــي مجلــس الدولــة عــدم جــواز رفــع دعــوى‬
‫التعــويض أمــام المحــاكم العاديــة وإذا مــا رفعــت دعــوى‬
‫التعــويض أمــام المحــاكم العاديــة فــانه يمتنــع رفعهــا أمــام‬
‫مجلس الدولة ‪.‬‬
‫كمــا كــانت المحــاكم العاديــة تنفــرد بنظــر المنازعــات‬
‫الخاصـة بـالعقود الداريـة حـتى صـدور القـانون رقـم ‪ 9‬لسـنة‬
‫‪1949‬والمعــدل بالقــانون رقــم ‪ 112‬لســنة ‪ 1946‬الــذي منــح‬
‫المجلــس النظــر فــي منازعــات عقــود اللــتزام والشــغال‬
‫العامة وعقود التوريد بالشتراك مع المحاكم العادية‪.‬‬
‫وفـي ظـل القـانونين ‪ 165‬لسـنة ‪ 1955‬و ‪ 55‬لسـنة ‪1959‬‬
‫اســـتمرت المحـــاكم العاديـــة تنفـــرد بـــالنظر فـــي دعـــاوى‬
‫مســؤولية الدارة عــن أعمالهــا الماديــة فــي الــوقت الــذي‬
‫اســـتقل بـــه مجلـــس الدولـــة بنظـــر المنازعـــات المتعلقـــة‬
‫بالتعويض عن القرارات الدارية والعقود الدارية‪.‬‬
‫وبصـدور القـانون رقـم ‪ 47‬لسـنة ‪ 1972‬أصـبح اختصـاص‬
‫مجلس الدولة صـاحب الولية العامة بالنظر في المنازعات‬
‫الدارية ما لم ينص القانون على خلف ذلك )‪.(1‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 172‬من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ “ 1972‬مجلس الدولة هيئة‬ ‫‪1‬‬

‫قضائية مستقلة‪ ،‬ويختص بالفصل في المنازعات الدارية‪ ،‬وفي الدعاوى التأديبية‬

‫‪65‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫تنظيم مجلس الدولة المصري‬

‫نصت المادة الثانية في الفقرة الثانية منها من القانون‬


‫رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ “ 1972‬ويشــكل المجلــس مــن رئيــس ومــن‬
‫عــدد كــاف مــن نــواب الرئيــس‪ ،‬والــوكلء والمستشــارين‪،‬‬
‫والمستشــارين المســاعدين والنــواب والمنــدوبين ‪ .‬ويلحــق‬
‫بــالمجلس منــدوبون مســاعدون تســري عليهــم الحكــام‬
‫الخاصـة بالمنـدوبين عـدا شـرط الحصـول علـى دبلـومين مـن‬
‫دبلومات الدراسات العليا” ‪.‬‬
‫ومـن هـذا المـادة يتضـح أن مجلـس الدولـة يتكـون علـى‬
‫النحو التي ‪:‬‬

‫أول)– الرئيس ‪:‬‬


‫يعيـن بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة مـن بيـن نـواب رئيـس‬
‫المجلـس بعـد أخـذ رأي جمعيـة عموميـة تشـكل مـن رئيـس‬
‫مجلـس الدولـة ونـوابه ووكلئه والمستشـارين الـذين شـغلوا‬
‫وظيفة مستشار لمدة سنتين على القل‪.‬‬
‫ويعامل رئيس المجلس معاملة الوزير من حيث المرتب‬
‫والمعـاش ‪ .‬ويشـرف الرئيـس علـى أعمـال أقسـام المجلـس‬
‫المختلفــة ويتــولى توزيــع العمــل بينهــا والشــراف علــى‬
‫العمال الدارية وعلى المانة العامة للمجلس ‪.‬‬

‫ثانيا)– نواب الرئيس ‪:‬‬


‫يعيـن نـواب الرئيــس بقـرار مــن رئيـس الجمهوريـة بعـد‬
‫موافقـة الجمعيـة العموميــة للمجلـس ‪ .‬ولـم يحـدد القـانون‬
‫عـدد هـؤلء النـواب ‪ .‬بينمـا نـص علـى عـدد مـن نـواب الرئيـس‬
‫منهــم )نــائب رئيــس المجلــس لمحكمــة القضــاء الداري‪،‬‬
‫ويحدد اختصاصاته الخرى “ ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ونــائب رئيــس المجلــس للمحــاكم الداريــة ونــائب الرئيــس‬
‫لهيئة مفوض الدولة ونائب الرئيس للمحاكم التأديبية ونائب‬
‫الرئيــس لقســم الفتــوى‪ ،‬ونــائب الرئيــس لقســم التشــريع‬
‫ونـــائب الرئيـــس للجمعيـــة العموميـــة لقســـمي الفتـــوى‬
‫والتشـــريع‪ ،‬ونــائب الرئيــس لدارة التفــتيش الفنــي‪ ،‬ونــص‬
‫القـانون علـى أن يحـل اقدم نـواب الرئيـس محـل الرئيـس فـي‬
‫اختصاصاته عند غيابه ‪.‬‬

‫ثالثا)– وكلء مجلس الدولة ‪:‬‬


‫أعيـد هـذا المنصـب إلـي المجلـس بمـوجب القـانون رقـم‬
‫‪ 17‬لسـنة ‪ 1976‬بعـد أن نـص عليـه قـانون مجلـس الدولـة رقـم‬
‫‪ 55‬لسنة ‪ 1959‬واغفل قانون عام ‪ 1972‬النص عليه ‪.‬‬
‫ويتــم تعييــن هــؤلء بقــرار مــن رئيــس الجمهوريــة بعــد‬
‫موافقــة الجمعيــة العموميــة ويحلــون محــل نــواب الرئيــس‬
‫بحسب القدمية ‪.‬‬

‫رابع ـا)– المستشــارون والمستشــارون المســاعدون‬


‫والنواب والمندوبون ‪:‬‬
‫يعيـن هـؤلء بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة بعـد موافقـة‬
‫المجلـــس الخـــاص بالشــؤون الداريـــة ‪ .‬ويتولـــون العمــل‬
‫بأقســام المجلــس المختلفــة كــل حســب اختصاصــه الــذي‬
‫رسمه القانون ‪.‬‬

‫خامسا)– المندوبون المساعدون ‪:‬‬


‫ويلحقــون بمجلــس الدولــة وتســري عليهــم الحكــام‬
‫الخاصــة بالمنــدوبين ويعينــون بالســلوب الــذي يعيــن بــه‬
‫المنـدوبون عـدا شـرط الحصـول علـى دبلـومين مـن دبلومـات‬
‫الدراسات العليا ‪.‬‬

‫سادسا)– المين العام ‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫وهو بدرجة مستشار ينتدب بقرار من رئيس المجلس‪،‬‬
‫ويعـاون الرئيـس فـي تنفيـذ اختصاصـاته لسـيما بمـا يتعلـق‬
‫بالعمــال الداريــة ‪ .‬كمــا يقــوم برئاســة المكتــب الفنــي‬
‫الخـاص بإعـداد البحـوث وأعمـال الترجمـة والمكتبـة وإصـدار‬
‫مجلة المجلس ومجموعات الحكام والفتاوى‪.‬‬
‫ومـــن الجــدير بالملحظـــة أن أعضــاء مجلـــس الدولـــة‬
‫يتمتعــون بامتيــاز عــدم قــابليتهم للعــزل‪ ،‬بالســتناد إلــي مــا‬
‫نصـــت بـــه المـــادة )‪ (91‬مـــن قـــانون المجلـــس بقولهـــا “‬
‫أعضــاء مجلــس الدولــة مــن درجــة منــدوب فمــا فوقهــا غيــر‬
‫قابلين للعزل ويسري بالنسبة لهؤلء جميع الضمانات التي‬
‫يتمتع بها رجال القضاء‪ ،‬وتكون الهيئة المشكلة منها مجلس‬
‫التــأديب هــي الجهــة المختصــة فــي كــل مــا يتصــل بهــذا‬
‫الشأن‪.‬‬
‫ومــع ذلــك إذا اتضــح أن أحــدهم فقــد الثقــة والعتبــار‬
‫اللـذين تتطلبهـم الوظيفـة أو فقـد أسـباب الصـلحية لدائهـا‬
‫لغيــر الســباب الصــحية‪ ،‬أحيــل إلــي المعــاش أو نقــل إلــي‬
‫وظيفـة معادلـة غيـر قضـائية بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة بعـد‬
‫موافقة مجلس التأديب“‪(1 ).‬‬

‫‪ -‬تعديل هذا النص بمقتضى القانون رقم ‪ 136‬لسنة ‪ . 1984‬وحيث ان هذا‬ ‫‪1‬‬

‫التعديل يشمل المندوبين بعدم القابلية للعزل فقد سحب هذا الحكم على‬
‫المندوبين المساعدين لنص القانون تسري على المندوبين المساعدين الحكام‬
‫الخاصة بالمندوبين ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫اختصاصات مجلس الدولة المصري‬
‫حـدد المشـرع اختصاصـات مجلـس الدولـة باختصاصـات‬
‫استشــارية إفتائيــة واختصاصــات تشــريعية واختصاصــات‬
‫قضائية ‪:‬‬

‫أول)– الختصاص الستشاري ‪:‬‬


‫يمـارس قسـم الفتـوى بمجلـس الدولـة وظيفـة الفتـاء‬
‫وإبداء الرأي غير الملزم قانونا) للدارة فيما تعرضه عليه ‪.‬‬
‫ويتكــون قســم الفتــوى مــن إدارات تخصصــيه لجهــات‬
‫الدارة المختلفـــة مثــل إدارة رئاســة الجمهوريــة ورئاســة‬
‫مجلــس الــوزراء والمحافظــات والــوزارات والهيئات العامــة ‪.‬‬
‫ويرأس كل إدارة منها مستشارا) أو مستشار مساعد ‪.‬‬
‫وعلـى الرغـم مـن أن الصـل فـي إبـداء الفتـوى اختيـاري‬
‫يلـزم القـانون الخيـر أحيانـا باسـتفتاء إدارة الفتـوى المختصـة‬
‫كمـا فـي حالـة إبـرام أو قبـول أو إجـازة أي عقـد أو صـلح أو‬
‫تحكيـم أو تنفيـذ قـرار محكميـن فـي مـادة تزيـد قيمتهـا علـى‬
‫خمسة آلف جنيه )‪.(1‬‬

‫ثانيا) – اختصاص الصياغة والعداد ‪:‬‬

‫تنص المادة )‪ (58‬من قانون مجلس الدولة المصري رقم ‪ 47‬لسنة ‪: 1972‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫“ وليجوز لية وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو تقبل‬
‫أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها‬
‫على خمسة الف جنيه بغير استفتاء الدارة المختصة “ ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫يتـولى قسـم التشـريع بمجلــس الدولـة مهمــة صــياغة‬
‫مشروعات القوانين والقرارات التي تحال إلي المجلس من‬
‫دون البحث في موضوعها أو الحكم على ملءمتها )‪.(2‬‬
‫وقـد ميـز القـانون بيـن الصـياغة والعـداد فجعـل الولـى‬
‫إلزاميـة والثانيـة اختياريـة ‪ .‬وفـي ذلـك نصـت المـادة ‪ 63‬مـن‬
‫القــانون رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ “ 1972‬علــى كــل وزارة أو مصــلحة‬
‫قبـل استصـدار أي قـانون أو قـرار مـن رئيـس الجمهوريـة ذي‬
‫صـفة تشـريعية أو لئحـة‪ ،‬أن تعـرض المشـروع المقـترح علـى‬
‫قسـم التشـريع لمراجعـة صـياغته‪ ،‬ويجـوز لهـا أن تعهـد إليـه‬
‫بإعداد هذه التشريعات “‪.‬‬
‫وقـد أنـاط القـانون فـي المـادة ‪ 64‬منـه مهمـة الصـياغة‬
‫والعداد في حالت الستعجال إلي لجنة تشكل من رئيس‬
‫قســم التشــريع‪ ،‬أو مــن يقــوم مقــامه ‪ .‬وأحــد مستشــاري‬
‫القســـم ينتـــدبه رئيـــس القســـم‪ ،‬ورئيـــس إدارة الفتـــوى‬
‫المختصـــة ‪ .‬بينمـــا تختـــص الجمعيـــة العموميـــة لقســـمي‬
‫الفتــوى والتشــريع بمراجعــة مشــروعات القــوانين وقــرارات‬
‫ورئيـس الجمهوريـة ذات الصـبغة التشـريعية واللـوائح الـتي‬
‫يرى قسم التشريع إحالتها لهميتها ‪.‬‬
‫وفي حالة عدم اللتزام بعرض مشروعات اللوائح على‬
‫قســم التشــريع أو الجمعيــة العموميــة لقســمي الفتــوى‬
‫والتشـــريع يـــترتب البطلن‪ ،‬مـــع أن الدارة ل تتقيـــد دائمـــا)‬
‫بالصـيغة الـتي أعـدها المجلـس وتملـك تعـديلها إذا اقتنعـت‬
‫بعدم ملئمتها‬
‫ثالثا)– الختصاص القضائي ‪:‬‬
‫يعـد القسـم القضـائي مـن أهـم أقسـام مجلـس الدولـة‬
‫وهـو يتـألف طبقـا) للمــادة الثالثـة مـن قـانون مجلـس الدولـة‬
‫من‪:‬‬

‫‪ -1‬المحكمة الدارية العليا ‪:‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬محمد العبادي‪ ،‬قضاء اللغاء‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عمان ‪ 1995‬ص ‪. 34‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 136‬‬

‫‪70‬‬
‫هـي المرجـع العلـى فـي القسـم القضـائي بمجلـس‬
‫الدولـة المصـري ‪ .‬اسـتحدثها القـانون رقـم ‪ 165‬لسـنة ‪1955‬‬
‫ويرأســها رئيــس المجلــس‪ ،‬وتصــدر أحكامهــا مــن دوائر مــن‬
‫خمسـة مستشـارين ‪ .‬وقـد تـم إنشـاء دوائر لفحـص الطعـون‬
‫تشـكل مـن ثلثـة مستشـارين مـن أعضـاء المحكمـة الداريـة‬
‫العليا‪ ،‬ومقرها القاهرة ‪.‬‬
‫تختص هذه المحكمة بالنظر في الطعون المقدمة ضد‬
‫الحكام الصادرة من محكمة القضاء الداري أو من المحاكم‬
‫التأديبية في الحالت التية ‪:‬‬
‫أ– إذا كــان الحكــم المطعــون فيــه مبني ـا) علــى مخالفــة‬
‫القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا وقــع فــي الحكــم المطعــون فيــه بطلن فــي‬
‫الجراءات اثر في الحكم ‪.‬‬
‫جــ‪ -‬إذا صـدر الحكـم علـى خلف حكـم سـابق حـاز قـوة‬
‫الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا أو لم يدفع‪.‬‬

‫‪ -2‬محكمة القضاء الداري ‪:‬‬


‫كـــانت محكمـــة القضـــاء الداري‪ ،‬المحكمـــة الداريـــة‬
‫الوحيــدة عنــد إنشــاء المجلــس عــام ‪ 1946‬وعلــى أثــر زيــادة‬
‫عبئها وكثرة المعروض عليها من القضايا‪ ،‬استحدثت اللجـان‬
‫القضائية التي حلت محلها المحاكم الدارية عام ‪.1954‬‬
‫وطبقـا) للمـادة الرابعـة مـن قـانون مجلـس الدولـة‪ ،‬يـرأس‬
‫محكمــة القضــاء الداري نــائب رئيــس المجلــس‪ ،‬وتصــدر‬
‫أحكامها من دوائر تشكل من ثلثة مستشارين ‪.‬‬
‫وتمارس المحكمة نوعين من الختصاصات ‪:‬‬

‫أ– اختصاصات باعتبارها محكمة أول درجة ‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫تختــص بنظــر المنازعــات الداريــة الــتي لــم يجعلهــا‬
‫المشـــرع مـــن اختصـــاص المحـــاكم الداريـــة أو المحـــاكم‬
‫التأديبية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اختصاصات باعتبارها محكمة استئناف ‪:‬‬
‫مـن جـانب آخـر تختـص المحكمـة بالفصـل فـي الطعـون‬
‫الـتي ترفـع إليهـا ضـد الحكـام الصـادرة مـن المحـاكم الداريـة‬
‫باعتبارها محكمة استئناف أو محكمة ثاني درجة ‪.‬‬

‫‪ -3‬المحاكم الدارية ‪:‬‬


‫علـى أثـر تراكـم القضـايا المعروضـة أمـام محكمـة القضـاء‬
‫الداري انشـأ المشـرع لجانـا) قضـائية للنظـر فـي المنازعـات‬
‫الخاصة بموظفي الدولة بموجب المرسوم بقانون رقم ‪160‬‬
‫لسنة ‪. 1952‬‬
‫وبسـبب فشـل هـذه التجربـة وعـدم تحقيـق الهـدف منهـا‪،‬‬
‫اصــدر المشــرع القــانون رقــم ‪ 147‬لســنة ‪ 1954‬القاضــي‬
‫بإنشاء المحاكم الدارية وإلغاء اللجان القضائية ‪.‬‬
‫وطبقــا) للمــادة الخامســة مــن قــانون مجلــس الدولــة‬
‫تشـكل هـذه المحـاكم مـن دوائر برئاسـة مستشـار وعضـوية‬
‫اثنيـن مـن النـواب علـى القـل‪ ،‬ويكـون مقـر المحـاكم الداريـة‬
‫فـي القـاهرة والسـكندرية ويجـوز إنشـاء محـاكم إداريـة فـي‬
‫المحافظات بقرار من رئيس المجلس‪.‬‬
‫تختص المحاكم الدارية بنظر بعض المنازعات الخاصة‬
‫بشـؤون المـوظفين مـن المسـتويين الول والثـاني ومنازعـات‬
‫العقود الدارية متى كانت قيمتها ل تجاوز خمسمائة جنيه‪.‬‬

‫‪ -4‬المحاكم التأديبية ‪:‬‬


‫تعـد المجـالس التأديبيـة الـتي يتـم تشـكيلها مـن رجـال‬
‫الدارة المرجع في نظر المنازعات الخاصة بتأديب العاملين‪،‬‬
‫وبسـبب الشـكاوى المتعلقـة بعمـل هـذه المجـالس ‪ .‬أصـدر‬
‫المشــرع المصــري القــانون رقــم ‪ 117‬لســنة ‪ 1958‬بشــان‬
‫النيابـة الداريـة والـذي انشـقت بمـوجبه المحـاكم التأديبيـة‬

‫‪72‬‬
‫تختـص بمنازعـات المـوظفين المعينيــن فـي وظـائف دائمـة‬
‫والخاصة بالمخالفات المالية والدارية التي تقع منهم ‪.‬‬
‫وتتكـــون المحـــاكم التأديبيـــة مـــن نـــوعين ‪ :‬محـــاكم‬
‫للعـــاملين مـــن مســـتوى الدارة العليـــا ومقرهـــا القـــاهرة‬
‫والسـكندرية وتشـكل كـل دائرة منهـا مـن ثلثـة مستشـارين‪،‬‬
‫والمحـاكم للعـاملين مـن المسـتويات الول والثـاني والثـالث‬
‫ومـن بمسـتواهم‪ ،‬وتتـألف مـن دوائر تتشـكل كـل دائرة منهـا‬
‫برئاسـة مستشـار مسـاعد علـى القـل‪ ،‬وعضـوية اثنيـن مـن‬
‫النواب على القل‪.‬‬
‫ويتــولى أعضــاء النيابــة الداريــة الدعــاء أمــام المحــاكم‬
‫التأديبيــة‪ ،‬ويطعــن فــي الحكــام الصــادرة مــن المحــاكم‬
‫التأديبيـة أمـام المحكمـة الداريـة العليـا وقـد ادمـج المشـرع‬
‫المحـاكم التأديبيـة فـي مجلـس الدولـة وجعلهـا جـزء منـه‪.‬فقـد‬
‫نصــت المــادة )‪ (3‬مــن القــانون رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ 1972‬بشــأن‬
‫مجلـس الدولـة‪ ،‬علـى يتكـون القسـم القضـائي فـي مجلـس‬
‫الدولــة مــن المحكمــة الداريــة العليــا‪ ،‬ومحكمــة القضــاء‬
‫الداري‪ ،‬المحاكم الدارية والمحاكم التأديبية ‪.‬‬

‫‪ -5‬هيئة مفوضي الدولة ‪:‬‬


‫تــم اســتحداث هــذه الهيئة فــي ظــل القــانون رقــم ‪165‬‬
‫لســنة ‪ 1955‬وتعـد طبقـا) للقــانون الحــالي جــزءا) مــن القســم‬
‫القضــائي لمجلــس الدولــة ‪ .‬وتؤلــف مــن أحــد نــواب رئيــس‬
‫المجلـــس رئيســـا) ومـــن عـــدد كـــاف مـــن المستشـــارين‬
‫والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين ‪.‬‬
‫وعلــى الرغــم مــن أن تســمية المفــوض بــأنه مفــوض‬
‫الدولـة‪ ،‬هـو ل يمثـل الحكومـة وتتعلـق وظيفتـه بالـدفاع عـن‬
‫القانون والسعي لتحقيق المصلحة العامة ‪.‬‬
‫وتختص هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى وتهيئتها‬
‫للمرافعة وتقديم الرأي القانوني المناسب فيها‪ ،‬وللمفوض‬
‫أن يعــرض علــى الطرفيــن تســوية النــزاع علــى أســـاس‬

‫‪73‬‬
‫المبـادئ القانونيـة الـتي اسـتقرت عليهـا المحكمـة الداريـة‬
‫العليـا‪ ،‬وإذا لـم يتـم حسـم النـزاع بهـذه الصـورة فـأن للمفـوض‬
‫أن يقــوم بتقــديم تقريــر عــن الــدعوى يحــدد وقــائع الــدعوى‬
‫والــرأي القــانوني الــذي يقــترحه والســانيد القانونيــة لهــذا‬
‫الـرأي ويجـوز لـذوي الشـأن أن يطلعـوا علـى هـذا التقريـر وإذا‬
‫ما صدر الحكم فأن لرئيس هيئة مفوضي الدولة الحق في‬
‫الطعـن فيـه أمـام المحكمـة الداريـة العليـا ‪ .‬كمـا تملـك هيئة‬
‫المفوضـــين الفصـــل فـــي طلبـــات العفـــاء مـــن الرســـوم‬
‫القضائية ‪.‬‬
‫ويعـد حضـور ممثـل هيئة مفوضـي الدولـة ضـروريا) لصـحة‬
‫جلســـات محـــاكم مجلــــس الدولـــة باســـتثناء المحـــاكم‬
‫التأديبية ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫نشأة القضاء الداري وتنظيمه في‬
‫العراق‬
‫اتبـع العـراق فـي أول عهـد تنظيمهـا القضـائي أسـلوبا)‬
‫متميـزا) فلـم ياخـذ بنظـام القضـاء المـزدوج كمـا فعلـت فرنسـا‬
‫ومصــر‪ ،‬بــل اتبعــت أســلوبا) يتمثــل فــي ازدواجيــة القــانون‬
‫ووحـدة القضـاء والـذي بمـوجبه كـان القضـاء العـادي يبسـط‬
‫سلطانه على جميع المنازعات في الدولة وبغض النظر عن‬
‫أطرافهـا سواء أكـانوا مـن الفراد العاديين أم جهـة من جهـات‬
‫الدارة إل أنه عدلت عن هذا التوجه منذ صدور القانون رقم‬
‫)‪ ( 106‬لســنة‪ 1989‬قــانون التعــديل الثــاني لقــانون مجلــس‬
‫شورى الدولة رقم )‪ (65‬لسنة ‪ 1979‬حيث اصبح العراق من‬
‫الدول ذات النظام القضائي المزدوج‪،‬‬

‫المبحث الول‬
‫نشأة القضاء الداري‬
‫بصــدور القــانون رقــم ‪ 106‬لســنه ‪ 1989‬قــانون التعــديل‬
‫الثـاني لقـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪ 60‬لسـنه ‪1979‬‬
‫انشـأ لول مـرة فـي العـراق قضـاء إداريـا مسـتقل إلـى جـانب‬
‫القضاء العادي وبات العراق كالنظام القضائي المزدوج‪.‬‬
‫أمـا قبـل هـذا التاريـخ فقـد عـرف العـراق بمـوجب القـانون‬
‫‪ 140‬مــا يســمى بالمحــاكم الداريــة وهــي محــاكم تختــص‬
‫بـالنظر فـي المنازعـات الـتي تكـون الدارة طرفـا فيهـا بصـرف‬
‫النظــر كــون عــن المنازعــة ذات طبيعــة إداريــة مدنيــة لــذلك‬
‫كـانت جـزء مـن القضـاء العـادي وقـد تـم الغـاء هـذه المحـاكم‬
‫بالقــانون رقــم ‪ 16‬لســنة ‪ 1989‬كمــا عــرف قضــاء مجلــس‬
‫النضـباط العـام الـذي يتـولى مهمـة الفصـل فـي المنازعـات‬
‫التي تنشأ بين الموظف والدولة استنادا إلى قانون انضباط‬
‫‪75‬‬
‫مــوظفي الدولــة القطــاع الشــتراكي رقــم ‪ 69‬لســنة ‪1936‬‬
‫وقانون الخدمة المدنية رقم ‪ 24‬لسنة ‪.1960‬‬
‫وإذا ذهب البعض إلى أن العراق قد أخذ بنظام القضاء‬
‫المـزدوج قبـل عـام ‪ 1989‬بالسـتناد إلـى اختصـاص مجلـس‬
‫النضــباط العــام ‪ ,‬فــان المســتقر لــدى غالبيــة الفقهــاء أن‬
‫النظــام القضــائي المــزدوج لــم يظهــر إل بعــد صــدور قــانون‬
‫التعــديل الثــاني لقــانون مجلــس شــورى الدولــة عــام ‪1989‬‬
‫والمتضمن إنشاء محكمة القضاء الداري إلى جانب مجلس‬
‫النضباط العام‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫تنظيم مجلس شورى الدولة‬
‫أوردت المــادة الولــى المعدلــة مــن مجلــس شــورى‬
‫الدولــة " يؤســس مجلــس يســمى مجلــس شــورى الدولــة‬
‫يرتبـط إداريـا بـوزارة العـدل يكـون مقـره فـي بغـداد ويتـألف مـن‬
‫رئيـس ونـائبين للرئيـس وعـدد مـن المستشـاري ل يقـل عـن‬
‫اثنى عشرة ومن عدد من المستشارين المساعدين ل يزيد‬
‫على نصف عدد المستشاري" ‪.‬‬
‫فــي حيــن نصــت الفقــرة الولــى مــن المــادة الثانيــة‬
‫المعدلــة مــن القــانون المــذكور علــى أن " يتكــون المجلــس‬
‫مــــن الهيئة العامــــة وهيئة الرئاســــة والهيئة الموســــعة‬
‫ممجلـس النضـباط العـام ومحكمـة القضـاء الداري وعـدد مـن‬
‫الهيئات المتخصصـة حسـب الحاجـة" ونـبين فيمـا يلـي هـذه‬
‫الهيئات واختصاصاتها‪:‬‬
‫أول‪ :‬الهيئة العامــة‪ :‬وتتـــألف مـــن الرئيـــس ونـــائبيه‬
‫والمستشــارين وتعقــد برئاســة الرئيــس وعنــد غيــابه اقــدم‬
‫نــائبيه ويحضــر المستشــارين المســاعدون الهيئة العامــة‬
‫ويشتركون في النقاش دون حق التصويت‪.‬‬
‫وتختــص الهيئة العامــة كــأعلى هيئة فــي المجلـــس‬
‫بالعمــل علــى توحيــد المبــادئ الحكــام واســتقرارها فيمــا‬
‫يختـص بـه المجلـس فـي مجـال التقنيـن وابـداء الـرأي فـي‬

‫‪76‬‬
‫المسـائل القانونيـة كمـا تمـارس الهيئة العامـة فـي مجلـس‬
‫شـورى الدولـة اختصاصـات محكمـة التمييـز المنصـوص عليهـا‬
‫فـي قـانون المرافعـات المدنيـة‪ ,‬عنـد النظـر فـي الطعـن فـي‬
‫القــرارات الصــادرة مــن مجلــس النضــباط العــام‪ (1).‬وتتخــذ‬
‫الهيئة العامـة قراراتهـا باغلبيـة عـدد العضـاء الحاضـرين واذا‬
‫تساوتالصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس‪.‬‬

‫ثانيــا ‪ :‬هيئة الرئاســة‪ :‬تتـــالف هيئة الرئاســـه مـــن‬


‫الرئيــس ونــائبيه ورؤســاء الهيئات المتخصصــة وتقــدم هيئة‬
‫الرئاسة كل ستة اشهر وكلما رات ذلك الى ديوان الرئاسة‬
‫تقريـرا متضـمنا مـا اظهرتـه الحكـام والبحـوث مـن نقـص فـي‬
‫التشـريع القـائم او غمـوض فيـه او حـالت اسـاءة اسـتعمال‬
‫الســلطة مــن ايــة جهــة مــن جهــات الدارة او مجــاوزة تلــك‬
‫الجهات لسلطاتها‪.‬‬
‫ثالثــــا ‪ :‬الهيئه المتخصصــــه‪ :‬وتتــــالف كــــل هيئه‬
‫متخصصـــه مـــن رئيـــس بعنـــوان مستشـــار وعـــدد مـــن‬
‫المستشــارين المســاعدين شــرط ان لتزيــد نســبتهم علــى‬
‫ثلث عدد المستشارين ‪.‬‬
‫ولـم يحـدد المشـرع عـدد الهيئات المتخصصـه وتـرك ذلـك‬
‫لمقتضـيات الحاجـة وتخصـص هـذه الهيئات بـالظر فيمـا يحيلـه‬
‫رئيـــس المجلـــس مـــن مشـــروعات التشـــريعات والقصـــايا‬
‫المعروضه على المجلس لدراستها وابداء الراي فيها ‪.‬‬
‫ويخضـع مـا تنجـزه الهيئه فـي مجـال التقنيـن للمراجعـة‬
‫النهـائيه مـن الهيئه العامـة ‪ .‬امـا المشـوره القـانونيه فيخضـع‬
‫رايهـا لمصـادقة رئيـس المجلـس او الهيئه العـامه ‪ ,‬وللرئيـس‬
‫ان يعـترض علـى راي الهيئه المتخصصـه ويحيلـه الـى الهيئه‬
‫الموسعة‪.‬‬

‫‪ -1‬كما كانت تمارس الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة اختصاصات محكمة التمييز المنصوص عليها في قانون‬
‫المرافعات المدنية‪ ,‬عند النظر في الطعن في القرارات الصادرة من محكمة القضاء الداري ومجلس النضباط العام لكن‬
‫بصدور قانون المحكمة التحادية العليا اصبح الختصاص بنظر الطعون المتعلقة بقرارات من محكمة القضاء الداري‬
‫من اختصاص المحكمة التحادية العليا‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫رابعـا ‪ :‬الهيئة الموسـعة ‪ :‬وهـي هيئة مؤقتـة تتكـون‬
‫كلمــا اقتضــت الحاجــة وتتــالف مــن هيئتيــن متخصصــتين‬
‫يعينهمـا الرئيـس وتعقـد برئاسـة احـد نـائبيه ويحضـر اجتماعهـا‬
‫المستشـارين المساعدينويشـتركون فـي النقـاش دون حـق‬
‫التصويت ‪.‬‬
‫وتجتمــع هــذه الهيئه عنــدما ليتفــق رئيــس المجلــس‬
‫والهيئه المتخصصــه علــى راي واحــد فــي غيــر مشــروعات‬
‫القـوانين فعنـد اذن تجتمـع الهيئه المتخصصـة برئاسـة رئيـس‬
‫المجلـس لبحـث الموضـوع ثانيـة فـاذا صـدر القـرار بالتفـاق‬
‫اصــبح نهائيــا ‪ .‬امــا اذا لــم يتــم التفــاق علــى راي موحــد‬
‫فـالرئيس امـام خيـاران ‪ :‬امـا ان يحيـل الموضـوع الـى الهيئة‬
‫العامـــةاو الـــى هيئة تشـــكل مـــن الهيئه المتخصصـــة ذات‬
‫العلقـــة وهيئه اخـــرى يعينهـــا الرئيـــس مـــن بيـــن الهيئات‬
‫المتخصصـــه الخـــرى وتســـمى هـــاتين الهيئتيـــن ) الهيئه‬
‫الموسـعة(‪ .‬وتصـدر قـرارا نهائيـا بالتفـاق او بـالكثريه ‪ ,‬امـا‬
‫اذا تســاوت الصــوات فيرجــح الجــانب الــذي يصــوت معــة‬
‫الرئيس ‪.‬‬
‫خامسا ‪:‬مجلس النضباط العام ‪:‬‬
‫يتكــون مجلــس النضــباط العــام وفقــا التعــديل الثــاني‬
‫لمجلـس شـورى الدولـة مـن رئيـس مجلـس شـورى الدولـة‬
‫رئيسا واعضاء مجلس الشورى اعضاء طبيعيين فيه‪ ،‬وينعقد‬
‫مجلــس النضــباط العــام لممارســة اختصاصــاته برئاســة‬
‫الرئيس وعضوين من اعضاء مجلس الشورى‪ ،‬ويجوز انتداب‬
‫القضـاة مـن الصـنف الول والثـاني لعضـوية مجلـس النضـباط‬
‫العام من غير المنتدبين لعضوية مجلس شورى الدولة‪.‬‬
‫وقد كان مجلس النضباط العام قائما قبل صدور قانون‬
‫التعـديل الثـاني لقـانون مجلـس شـورى الدولـة إذ تـم انشـاءه‬
‫بمـوجب قـانون انضـباط مـوظفي الدولـة رقـم ‪ 41‬لسـنة ‪1929‬‬
‫ثـم تـولى ديـوان التـدوين القـانوني وظيفـة مجلـس النضـباط‬
‫العـام بمـوجب قـانون ديـوان التـدوين القـانوني رقـم ‪ 49‬لسـنة‬
‫‪ 1933‬وعنـدما صـدر قـانون انضـباط مـوظفي الدولـة رقـم ‪69‬‬

‫‪78‬‬
‫لسـنة ‪ 1936‬أحـال فـي تشـكيل المجلـس الـى مـا ينـص عليـه‬
‫قـانون ديـوان التـدوين القـانوني‪ ،‬ثـم صـدر القـانون رقـم ‪12‬‬
‫لسنة ‪ 1942‬بتعديل القانون المذكور‪.‬‬
‫وعنــدما صــدر قــانون مجلــس شــورى الدولــة رقــم ‪65‬‬
‫لسـنة ‪ 1979‬ألغـى قـانون ديـوان التـدوين القـانوني باسـتثناء‬
‫المــادة السادســة المتعلقــة بتشــكيل مجلــس النضــباط‬
‫العام‪.‬‬
‫ثـم صـدر قـرار مجلـس قيـادة الثـورة المنحـل رقـم ‪1717‬‬
‫فـــي ‪ 21/12/1981‬ليجعـــل مجلـــس النضـــباط العـــام هيئة‬
‫مستقلة تماما عن مجلس شورى الدولة‪ ،‬يتكون من رئيس‬
‫وعضـــوين يســـميهم وزيـــر العـــدل علـــى ان يكـــون رئيـــس‬
‫المجلس من بين قضاة محكمة التمييز او المستشارين في‬
‫مجلـس شـورى الدولـة او مـن قضـاة الصـنف الول وان يكـون‬
‫العضـوان مـن قضـاة الصـنف الثـاني فـي القـل والمشـرفين‬
‫العـدليين والمستشـارين المسـاعدين والمـدراء العـامين فـي‬
‫وزارة العــدل‪ ،‬ويجــوز تســمية رئيــس وعضــو احتيــاط او اكــثر‬
‫ليحل محل من يغيب منهم‪.‬‬
‫واخيـرا وبصـدور قـانون التعـديل الثـاني لقـانون مجلـس‬
‫شـــورى الدولـــة )القـــانون رقـــم ‪ 106‬لســـنة ‪ ( 1989‬عـــاد‬
‫مجلـس النضـباط العـام الـى مجلـس شـورى الدولـة ليصـبح‬
‫هيئة مـن هيئاتـه ليمـارس اختصاصـات المنصـوص عليهـا فـي‬
‫قــانون انضــباط مــوظفي الدولــة والقطــاع العــام الحــالي‬
‫المعدل رقم ‪ 14‬لسنة ‪ 1991‬وقانون الخدمة المدنية‪.‬‬
‫سادســـا‪ :‬محكمـــة القضـــاء الداري‪ :‬لعـــل هـــذه‬
‫المحكمة هي الستحداث الكثر اهمية الذي جاء به القانون‬
‫رقـم ‪ 106‬لسـنة ‪ 1989‬اذ ورد النـص علـى تشـكيل المحكمـة‬
‫برئاسـة قاضـي مـن الصـنف الول اومستشـار فـي مجلـس‬
‫شــورى الدولــة وعضــوين مــن القضــاة ل يقــل صــنفهما عــن‬
‫الصــنف الثــاني مــن صــنوف القضــاة او مــن المستشــارين‬
‫المســاعدين فــي مجلــس شــورى الدولــة‪ .‬ويجــوز انتــداب‬
‫القضــاة مــن الصــنف الول او الثــاني الــى محكمــة القضــاء‬

‫‪79‬‬
‫الداري مـن غيـر المنتـدبين لعضـوية مجلـس شـورى الدولـة‬
‫وتمـارس المحكمـة مهمـة النظـر فـي صـحة القـرارات الداريـة‬
‫الغاء وتعويضا ويكون قرار المحكمة خاضعا للطعن فيه لدى‬
‫المحكمة التحادية العليا‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬هيئة التنازع‪ :‬وهـي هيئة قضـائية تتكـون مـن‬
‫ستة اعضاء ثلثة يختارهم رئيس محكمة التمييز من اعضاء‬
‫المحكمــة وثلثــة اخــرون يختــارهم رئيــس مجلــس شــورى‬
‫الدولــة مــن بيــن اعضــاء المجلــس وتجتمــع برئاســة رئيــس‬
‫محكمــة التمييــز وتختــص بحســم اشــكالت التنــازع فــي‬
‫الختصاص بين القضاء العادي والقضاء الداري‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫الختصاصات غير القضائيه لمجلس‬
‫شورى الدولة‬
‫يضـطلع مجلـس شـورى الدولـة بعـدة وظـائف منهـا مـا يتعلـق‬
‫بالتقنين والستشارة القانونية‪.‬‬

‫المطلــب الول‪ :‬وظيفــة المجلــس فــي مجــال‬


‫التقنين‪.‬‬
‫يمــارس مجلــس شــورى الدولــة طبقــا للمــادة الخامســة‬
‫المعدلـة مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪ 65‬لسـنة‬
‫‪ 1979‬المعـــدل اعـــداد وصـــياغة مشـــروعات التشـــريعات‬
‫المتعلقـة بـالوزارات او الجهـات غيـر المرتبطـة بـوزارة بطلـب‬
‫من الوزير المختـص او الرئيس العلى للجهـه غيـر المرتبطة‬
‫بــوزالرة بعــد ان يرفــق بهــا مــا يتضــمن اســس التشــريع‬
‫المطلـوب مـع جميـع اولويـاته وآراء الـوزارات او الجهـات ذات‬
‫العلقة ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫كمـا يختـص المجلـس بتـدقيق جميـع مشـروعات التشـريعات‬
‫المعـدة مـن الـوزارات او الجهـات غيـر المرتبطـة بـوزارة مـن‬
‫حيث الشكل والموضوع على النحو التي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تلـتزم الـوزارات او الجهـات غيـر المرتبطـة بـوزارة بعـرض‬
‫مشروع القانون على الوزارات ذات الصلة لبيان رايها بشأنه‬
‫قبل عرضه على المجلس‪.‬‬
‫‪ -2‬يرسـل المشــروع التشــريع الــى المجلــس بكتــاب موقــع‬
‫من الوزير المختـص او الرئيس العلى للجهـه غيـر المرتبطة‬
‫بــوزارة مــع اســبابه المــوجبه وآراءالــوزارات او الجــات ذات‬
‫العلقــة مشــفوعا بجميــع العمــال التحضــيرية‪ ,‬ول يجــوز‬
‫رفعــه الــى ديــوان الرئاســة مباشــرة ال فــي الحــول الــتي‬
‫ينسبها الديوان ‪.‬‬
‫‪ -3‬يتـولى المجلـس دراسـة الموضـوع واعـادة صـياغتة عنـد‬
‫القتضـاء واقـتراح البـدائل الـتي يراهـا ضـرورية وابـداء الـراى‬
‫فيــه ورفعــه مــع توصــيات المجلــس الــى ديــوان الرئاســة‬
‫وارســال نســخة مــن المشــروع وتوصــيات المجلــس الــى‬
‫الوزارة او الجهه ذات العلقة‪.‬‬
‫وفـي كـل ذلـك يسـاهم المجلـس فـي ضـمان وحـدة وحـدة‬
‫التشـــريع وتوحيـــد اســـس الصـــياغة التشـــريعية وتوحيـــد‬
‫المصـطلحات والتعـابير القانونيـة كمـا يلـتزم المجلـس بتقـديم‬
‫تقريـر كـل سـتة اشـهر الـى ديـوان الرئاسـة يتضـمن مـا يكتنـف‬
‫التشريع القائم من نقص او غموض‪.‬‬

‫المطلـب الثـاني ‪ :‬وظيفـة المجلـس فـي مجـال‬


‫الراي والمشورة‪:‬‬
‫اشـارت المـادة السادسـة مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة‬
‫الــى الختصاصــات الستشــارية لمجلــس شــورى الدولــة‬
‫والتي يمكن اجمالها فيما يلى‪:‬‬
‫ابــداء المشــورة القانونيــة فــي المســائل الــتي‬ ‫‪-1‬‬
‫تعرضها عليه الجهات العليا‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ابـــداء المشـــورة القانونيـــة فـــي التفاقيـــات‬ ‫‪-2‬‬
‫والمعاهدات الدوليه قبل عقدها او النضمام اليها‪.‬‬
‫ابــداء الــرأي فــي المســائل المختلــف فيهــا بيــن‬ ‫‪-3‬‬
‫الـوزارات او بينهـا وبيـن الجهـات غيـر المرتبطـه بـوزارة اذا‬
‫احتكـــم اطـــراف القضـــية الـــى المجلـــس ويكـــون راي‬
‫المجلس ملزما لها‪.‬‬
‫‪ -4‬ابداء الرأي في المسائل القانونية اذا حصل تردد لدى‬
‫احـدى الـوزارات اوالجهـات غيـر المرتبطـه بـوزارة علـى ان‬
‫تشــفع بــرأي الــدائرة القانونيــة فيهــا مــع تحديــد النقــاط‬
‫المطلـوب ابـداء الـراى بشـأنها والسـباب الـتي دعـت الـى‬
‫عرضــها علــى المجلــس ويكــون رايــه ملزمــا للــوزارة او‬
‫الجهه طالبة الرأي‪..‬‬
‫توضيح الحكام القانونية عند استيضاح عنها من‬ ‫‪-5‬‬
‫قبل احدى الوزارات او الجهات غير المرتبطه بوزارة‪.‬‬

‫ومــن الجــدير بالــذكر انــه ليجــوز لغيــر الــوزير المختــص او‬


‫الرئيس العلى للجهات غير المرتبطه بوزارة عرض القضايا‬
‫علـــى المجلـــس ‪ ,‬وليجـــوز ان يبـــدي المجلـــس رأيـــة او‬
‫مشورته في القضايا المعروضة على القضاء وفي القرارات‬
‫التي لها مرجع قانوني للطعن‪(1).‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫الختصاصات القضائية لمجلس شورى الدولة‬
‫يمارس مجلس شورى الدولة اختصاصاته القضائية باعتباره‬
‫قضــاء اداريــا مــن خلل هيئتيــن قضــائيتين همــا مجلــس‬
‫النضباط العام و محكمة القضاء الداري ‪.‬‬

‫المطلب الول ‪ :‬الختصاصات القضائية لمجلس النضباط العام‬

‫‪ - 1‬المادة )‪ (8‬من قانون مجلس شورى الدوله المعدل ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫كـــان مجلـــس النضـــباط العـــام يمـــارس اختصاصـــاته‬
‫القضـائية قبـل صـدور قـانون مجلـس شـورى الدولـة و قـانون‬
‫تعديله الثاني ‪،‬فقد كان يمارس اختصاصاته بموجب قوانين‬
‫سـابقة هـي قـانون الخدمـة المدنيـة رقـم )‪ (24‬لسـنة ‪ 1960‬و‬
‫قـانون انضـباط مـوظفي الدولـة رقـم )‪ (69‬لسـنة ‪ 1936‬الـذي‬
‫حـــل محلـــه قـــانون انضـــبلط مـــوظفي الدولـــة و القطـــاع‬
‫الشتراكي رقم )‪ (14‬لسنة ‪1991‬‬
‫غيـر ان نـص المـادة السـابعة مـن قـانون مجلـس شـورى‬
‫الدولـة المعـدل بقـانون التعـديل الثـاني قـد نصـت علـى ان‬
‫مجلـس شـورى الدولـة يمـارس فـي مجـال القضـاء الداري‬
‫الختصاصـــات التـــالي ذكرهـــا ‪))..‬اول ‪:‬وظـــائف مجلـــس‬
‫النضــباط العــام ‪ ((..‬و مــن ثــم اصــبح المجلــس فــي ضــمن‬
‫تشكيلت مجلس شورى الدولة ‪.‬‬
‫و يمــارس المجلــس و ظيفتــه القضــائية فــي مجــالين‬
‫رئيسيين‪:‬‬
‫‪ -‬اختصاصاته في مجال انضباط موظفي الدولة ‪.‬‬
‫‪ -‬باختصاصـاته فـي مجـال النظـر فـي دعـاوى الخدمـة‬
‫المدنية ‪.‬‬

‫اول‪ :‬اختصاصــاته فــي مجــال انضــباط مــوظفي‬


‫الدولة‬
‫يختـص مجلـس النضـباط العـام بنظـر الطعـون المقدمـة‬
‫ضــد العقوبــات التأديبيــة الصــادرة وفقــا لقــانون انضــباط‬
‫مــوظفي الدولــة و القطــاع العــام المعــدل رقــم )‪ (14‬لســنة‬
‫‪ 1991‬الختصاصات القضائية لمجلس النضباط العام ‪.‬‬
‫وفـي سـبيل بيـان اختصـاص مجلـس النضـباط العـام فـي‬
‫مجال انضباط موظفي الدولة نجد أنه من المناسب أن نبين‬
‫مفهـوم الموظـف العـام ابتـداء) والعقوبـات الـتي يمكـن ايقاعهـا‬
‫على الموظف وولية مجلس النضباط العام في كل ذلك ‪.‬‬
‫تعريف الموظف العام‬

‫‪83‬‬
‫لــم يــرد فــي معظــم التشــريعات تعريــف منظــم يحــدد‬
‫المقصــود بــالموظف العــام ‪ (1).‬ويرجــع ذلــك إلــى اختلف‬
‫الوضع القانوني للموظف العام بين دولة وأخرى وإلى صفة‬
‫التجدد المضطرد للقانون الداري ‪.‬‬
‫واكتفت أغلب التشريعات الصادرة في ميدان الوظيفة‬
‫العامة بتحديد معني الموظف العام في مجال تطبيقها ‪(2).‬‬
‫غيــر انــه وعلــى عكــس أغلــب التشــريعات نجــد أن‬
‫المشـرع العراقـي قـد درج علـى تعريـف الموظـف العـام فـي‬
‫صــلب قــوانين الخدمــة المدنيــة وقــوانين انضــباط مــوظفي‬
‫الدولـة ‪ ،‬فقـد عرفـه فـي المـادة الولـى مـن قـانون انضـباط‬
‫مـــوظفي الدولـــة رقـــم ‪ 14‬لســـنة ‪ 1991‬المعـــدل " كـــل‬
‫شـخص عهـدت إليـه وظيفـة داخـل ملك الـوزارةأو الجهـة غيـر‬
‫المرتبطة بوزارة " ‪.‬‬
‫وعلـى ذلـك نـرى انـه يلـزم للتمتـع بصـفة الموظـف العـام‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يعهــد إليــه بعمــل دائم ‪ :‬يشــترط لضــفاء صــفة‬
‫الموظـف العـام أن يشـغل العامـل وظيفـة دائمـة داخلـة فـي‬
‫نظـام المرفـق العـام ‪ ,‬وبـذلك ل يعـد العـاملون بصـورة مؤقتـة‬
‫أو موسمية كالخبراء والمشاورين القانونيون موظفين ‪.‬‬
‫ومـن متممـات العمـل الـدائم أن تكـون الوظيفـة داخلـه‬
‫ضمن الملك الدائم في الوحدة الدارية ‪.‬‬
‫ومن الواجب عدم الخلط بين الموظف الذي يعمل بعقد‬
‫مـؤقت فـي وظيفـة دائمـة والوظيفـة المؤقتـة أو الموسـمية‬
‫لن شاغل الوظيفة الولى يعد موظفا) عاما) ولو أمكن فصله‬
‫بانتهاء مدة العقد ‪.‬‬
‫أما الثانية فل يعد شاغلها موظف ا) عام ا) تغليب ا) للطبيعة‬
‫اللئحيــة لعلقــة شــاغل الوظيفــة الدائمــة بــالدارة علــى‬
‫العلقة التعاقدية ‪.‬‬

‫‪Plantey (A) – Trate Pratique de la fonction Publique Libairie general de droit de - 1‬‬
‫‪. Jurisprudence –1971 – P 19‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬عبد الحميد كمال حشيش – دراسات في الوظيفة العامة في النظام الفرنسي – دار النهضة العربي – القاهرة –‬
‫‪ – 1977‬ص ‪. 165‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -2‬أن يعمــل الموظــف فــي خدمــة مرفــق عــام تــديره‬
‫الدولــة أو أحــد أشــخاص القــانون العــام ‪ :‬ل يكفــى لعتبــار‬
‫الشـخص موظفـا) عامـا) أن يعمـل فـي وظيفـة دائمـة إنمـا يلـزم‬
‫أن يكون عملـه هذا فـي خدمة مرفق عام ‪Le Service Public‬‬
‫وللمرفـق العـام معنيـان ‪ :‬المعنـى العضـوي ويفيـد المنظمـة‬
‫الـتي تعمـل علـى أداء الخـدمات وإشـباع الحاجـات العامـة ‪،‬‬
‫ويتعلق هذا التعريف بالدارة أو الجهاز الداري‬
‫أمـا المعنـى الخـر فهـو المعنـى الموضـوعي ويتمثـل‬
‫بالنشــاط الصــادر عــن الدارة بهــدف إشــباع حاجــات عامــة‬
‫وقــــــد‬ ‫والذي يخضع لتنظيم وإشراف ورقابة الدولة ‪(1) .‬‬
‫كــان المعنــى العضــوي المعنــى الشــائع فــي القضــائين‬
‫الفرنسي والمصري ثم جمعا بين المعنيين بتطور أحكامهما‬
‫ومن ثم استقرا على المعنى الموضوعي ‪.‬‬
‫ويشترط لكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة‬
‫أو أحـد أشـخاص القـانون العـام هـذا المرفـق إدارة مباشـرة ‪.‬‬
‫وبـذلك ل يعـد الموظفـون فـي المرافـق الـتي تـدار بطريقـة‬
‫اللـــتزام مـــوظفين عمـــوميين ‪ .‬وكـــذلك العـــاملون فـــي‬
‫الشـركات والمنشـآت الـتي ل تتمتـع بالشخصـية العتباريـة‬
‫العامة ولو تم إنشائها بقصد إشباع حاجات عامة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكـون توليـة الوظيفـة العامـة بواسـطة السـلطة‬
‫المختصــة ‪:‬الشــرط الخيــر اللزم لكتســاب صــفة الموظــف‬
‫العـــام هـــو أن يتـــم تعيينـــه بقـــرار مـــن الســـلطة صـــاحبة‬
‫الختصاص بالتعيين ‪.‬‬
‫فل يعـد موظفـا) عامـا) مـن يسـتولي علـى الوظيفـة دون‬
‫قــرار بــالتعيين كــالموظف الفعلــي ‪.‬كمــا أن مجــرد تســليم‬
‫العمـل أو تقاضـي المرتـب ل يكفـي لعتبـار المرشـح معينـا)‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬
‫د‪ .‬محمد فؤاد مهنا – القانون الداري المصري والمقارن – الجزء الول – ‪ – 1958‬ص ‪. 89‬‬
‫د‪ .‬ثروت بدوي – مبادئ القانون الداري – مصر – ‪ – 1973‬ص ‪. 80‬‬
‫د ‪ .‬عثمان خليل عثمان – نظرية المرافق العامة – القاهرة – ‪ – 1958‬ص ‪. 245‬‬
‫د‪ .‬توفيق شحاته – مبادئ القانون الداري – ‪ – 1955‬ص ‪. 384‬‬

‫‪85‬‬
‫في الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بإدارة القانونية ممن‬
‫يملك التعيين ‪(1) .‬‬

‫واجبات الموظف العام‬

‫يجــب أن يــؤدي الموظــف العــام مهــام معينــة ضــمان )ا‬


‫لحســـن ســـير الوظيفـــة العامـــة ‪ ,‬وقـــد تعـــرض المشـــرع‬
‫لواجبـــات المـــوظفين‪ .‬ولبـــد مـــن الشـــارة إلـــى أن هـــذه‬
‫الواجبـات ليسـت محـددة علـى سـبيل الحصـر ‪ ,‬وإنمـا هـي‬
‫واجبــات عامــة ناتجــة عــن طبيعــة الوظيفــة العامــة اذا مــا‬
‫خالفهـا فـانه يعـرض نفسـه للمسـائله والتـاديب ‪ ,‬وقـد نـص‬
‫المشـرع علـى الساسـية منهـا فـي المـادة الثـالثه مـن قـانون‬
‫انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل ومن اهمها ‪:‬‬

‫أداء العمل‬ ‫‪-1‬‬


‫طاعة الرؤساء‬ ‫‪-2‬‬
‫احترام القوانين واللوائح‬ ‫‪-3‬‬
‫عدم إفشاء أسرار الوظيفة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫المحافظة على شرف وكرامة الوظيفة‬ ‫‪-5‬‬
‫عدم جواز الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫تأديب الموظف العام‬

‫إذا اخــل الموظــف العــام بــواجب مــن واجبــات الوظيفــة‬


‫اعله ‪ ،‬لبد أن يعاقب أو يجازى تأديبيا) ‪.‬‬
‫فـي العـادة ل يضـع المشـرع تعريفـا) محـددا) للجريمــة‬
‫التأديبيـة )‪ (2‬كمـا هـو الشـان فـي الجريمـة الجنائيـة ويكتفـي‬
‫‪ -1‬د‪ .‬محمد عبد ال الحراري – أصول القانون الداري الليبي – الجزء الثاني – ‪ – 1995‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ - 2‬اعتاد بعض الدارسين استعمال عبارة الجرائم التاديبية وهذا مما ل تجيزة اللغة الن الوصف يوقع فى التناقض‬
‫فالجريمة لتؤدب بل هى مفسدة للداب ولكن المواخذة عليها هى التى توصف بالتاديبية اما عبارة الجرائم ذات العقوبة‬
‫التادبية فاستعمال ليخالف القواعد اللغوية ومع ذالك آثرت استعمال عبارة ) الجرائم التادبية ( رغم مخالفتها جريا‪ Ÿ‬على‬

‫‪86‬‬
‫غالبــا) بــإيراد الوجبــات والمحظــورات وينــص علــى أن كــل‬
‫موظف يجب أن يلتزم بهذه الواجبات ويمتنع عن كل ما يخل‬
‫بها ‪.‬‬
‫ولعـل خشـية المشـرع فـي إضـفاء وصـف الجريمـة علـى‬
‫المخالفات التأديبية يعود إلى التشابه الذي قد يحصل بينها‬
‫وبين الجريمة في المجال الجنائي ‪:‬‬
‫لكـن الفقـه مـن جـانبه قـد سـد النقـص فـي هـذا المجـال‬
‫فقد عرف الدكتور مغـاورى محمـد شاهين الجريمـة التأديبية‬
‫بأنهـا إخلل بـواجب وظيفـي أو الخـروج علـى مقتضـاها بمـا‬
‫ينعكس عليها ‪(1) .‬‬
‫كمـا عرفهـا السـتاذ محمـد مختـار محمـد عثمـان بانهـا كـل‬
‫فعـل أو امتنـاع عـن فعـل مخـالف لقاعـدة قانونيـة أو لمقتضـى‬
‫الـواجب يصـدر مـن العامـل اثنـاء اداء الوظيفـة أو خارجهـا ممـا‬
‫ينعكس عليها بغير عذر مقبول ‪(2) .‬‬
‫ومـن الملحـظ ان هـذه التعـاريف قـد جـاءت خاليـة مـن‬
‫الشـارة الـى دور الرادة بوصـفها ركـن مـن اركـان الجريمـة‬
‫التأديبيـة ليمكـن ان تقـوم الجريمـة بـدونه وان هـذا التجـاه لـو‬
‫اصـبح اتجاهـا) عامـا) فـانه سـيؤدى الـى مسـاواه حسـن النيـة‬
‫مــن المــوظفين بســيئ النيــه ولشــك ان ذلــك يقــود الــى‬
‫التطبيق العشوائى للمساءلة التأديبية مما يترك اثرا) سلبيا)‬
‫على العمل فى المرفق ‪.‬‬
‫ويمكننــا تعريــف الجريمــة التأديبيــة بأنهــا كــل فعــل أو‬
‫امتنـاع إرادي يصـدر عـن الموظـف مـن شـانة الخلل بـواجب‬
‫من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون فهذا التعريف‬
‫يجمـع بيـن جنبـاته أركـان الجريمـة التأديبيـة كافـة مـن ركـن‬
‫مادي ومعنوي وشرعي وركن الصفة ‪.‬‬

‫ماذهب اليه اغلب الفقهاء‪.‬‬


‫‪ - 1‬د‪ .‬مغاوري محمد شاهين – القرار التأديبي وضماناته ورقابته القضائية بن الفاعلية والضمان – مكتبة النجلو‬
‫المصرية – ‪ – 1986‬ص ‪. 205‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬محمد مختار محمد عثمان – الجريمة التأديبية بين القانون الداري وعلم الدارة – ط ‪ – 1‬دار الفكر العربي –‬
‫‪ – 1973‬ص ‪. 66‬‬

‫‪87‬‬
‫العقوبات التأديبية‬
‫العقوبــات التأديبيــة او النضــباطية كمــا اطلــق عليهــا‬
‫المشـرع العراقـي تمثـل جـزاء الخلل بالواجبـات الوظيفيـة‬
‫وهـذه العقوبـات توقـع علـى مرتكـبي الجـرائم التأديبيـة وهـى‬
‫محـددة علـى سـبيل الحصـر ول يمكـن تزاوجهـا وإيقـاع عقوبـة‬
‫أخـرى غيرهـا ‪ .‬وقـد حـدد المشـرع العراقـي فـي المـادة )‪(8‬‬
‫فــي قــانون انضــباط مــوظفي الــدوله رقــم ‪ 14‬لســنة ‪1991‬‬
‫المعـدل العقوبـات الـتي يجـوز ان توقـع علـى الموظـف العـام‬
‫وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬لفــــت النظــــر‪ :‬ويكــــون باشــــعار الموظــــف تحريريــــا‬
‫بالمخالفه التي ارتكبها وتوجيهه تحسين سلوكه الوظيفي‬
‫ويترتب علـى هذه العقـوبه تاخيرالترفيع او الزياده مـدة ثلثـة‬
‫اشهر ‪.‬‬
‫‪- 2‬النـــذار ‪ :‬ويكـــون باشـــعار الموظـــف تحريريـــا بالمخـــالفه‬
‫الـــتي ارتكبهـــا وتحـــذيره مـــن الخلل بواجبـــات الـــوظيفته‬
‫مسـتقبل ويـترتب علـى هـذه العقـوبه تـاخيرالترفيع او الزيـاده‬
‫مدة ستة اشهر ‪.‬‬
‫‪- 3‬قطـع الراتـب ‪ :‬ويكـون بخصـم القسـط اليـومي مـن راتـب‬
‫الموظـف لمـدة لتتجـاوز عشـرة ايـام بـامر تحريـري تـذكر فيـه‬
‫المخـــالفه الـــتي ارتكبهـــا الموظـــف واســـتوجبت فـــرض‬
‫العقــوبه ‪ ,‬ويــترتب عليهــا تــاخير الــترفيع او الزيــاده خمســة‬
‫اشـهر فـي حالـة قطـع الراتـب لمـدة لتتجـاوز خمسـة ايـام ‪,‬‬
‫وشـهر واحـد عـن كـل يـوم مـن ايـام قطـع الراتـب فـي حالـة‬
‫تجاوز مدة العقوبه خمسة ايام ‪.‬‬
‫‪ - 4‬التوبيــخ ‪ :‬ويكــون باشــعار الموظــف تحريريــا بالمخــالفه‬
‫الــتي ارتكبهــا والســباب الــتي جعلــت ســلوكه غيــر مــرض‬
‫ويطلــب اليــه وجــوب اجتنــاب المخــالفه لتحســين ســلوكه‬
‫الـوظيفي ويـترتب علـى هذه العقـوبه تاخيرالترفيع او الزيـاده‬
‫مدة سنه واحدة‬
‫‪ -5‬انقـاص الراتـب‪ :‬ويكـون بقطـع مبلـغ مـن راتـب الموظـف‬
‫بنسـبه لتتجـاوز ‪ %10‬مـن راتبـه الشـهري لمـدة لتقـل عـن‬

‫‪88‬‬
‫سـتة اشـهر و لتزيـد علـى سـنتين ويتـم ذلـك بـامرتحريري‬
‫يشــعر الموظــف بالفعــل الــذي ارتكبــه ويــترتب علــى هــذه‬
‫العقوبة تاخيرالترفيع او الزياده مدة سنتين ‪.‬‬
‫‪ -6‬تنزيــل الــدرجه‪ :‬ويكــون بــامر تحريــري يشــعر الموظــف‬
‫بالفعل الذي ارتكبه ويترتب على هذه العقوبة‪:‬‬
‫أ –بالنســـبه للموظـــف الخاضـــع لقـــوانين او انظمـــه او‬
‫قواعــد او تعليمــات خــدمه تاخــذ بنظــام الــدرجات المــاليه‬
‫والـترفيع ‪ ,‬تنزيـل راتـب الموظـف الـى الحـد الدنـى للـدرجه‬
‫التي دون درجته مباشره مع منحه العلوات التي نالها في‬
‫الـدرجه المنـزل منهـا ) بقيـاس العلوة المقـررة فـي الـدرجه‬
‫المنـزل اليهـا ( ويعـاد الراتـب الـذي كـان يتقاضـاه قبـل تنزيـل‬
‫درجته بعد قضائه ثلث سنوات من تاريخ فرض العقوبه مع‬
‫تدوير المدة المقضيه في راتبه الخير قبل فرض العقوبة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬بالنســبه للموظــف الخاضــع لقــوانين او انظمــه او‬
‫قواعـد او تعليمـات خـدمه تاخـذ بنظـام الزيـادة كـل سـنتين ‪,‬‬
‫تخفيــض زيــادتين مــن راتــب الموظــف ‪ ,‬ويعــاد الــى الراتــب‬
‫الــذي كــان يتقاضــاه قيــل تنزيــل درجتــه بعــد قضــائه ثلثــة‬
‫سـنوات مـن تاريـخ فـرض العقـوبه مـع تـدوير المـدة المقضـية‬
‫في مرتبه الخير قبل فرض العقوبه‪.‬‬
‫ج ‪ -‬بالنســبه للموظــف الخاضــع لقــوانين او انظمــه او‬
‫قواعــد او تعليمــات خــدمه تاخــذ بنظــام الزيــادة الســنويه ‪,‬‬
‫تخفيـض ثلثـة زيـادات سـنويه مـن راتـب الموظـف مـع تـدوير‬
‫المدة المقضيه في راتبه الخير قبل فرض العقوبه‬
‫‪ - 7‬الفصــل ‪:‬أجــاز المشــرع فــي المــادة‪ )(8‬مــن قــانون‬
‫انضـباط مـوظفي الـدوله والقطـاع الشـتراكي إيقـاع عقوبـة‬
‫الفصـل علـى الموظـف العـام و يكـون بتنحيـة الموظـف عـن‬
‫الوظيفــة مــدة تحــدد بقــرار الفصــل يتضــمن الســباب الــتي‬
‫استوجبت فرض هذه العقوبه عليه على النحو التي‪:‬‬
‫أ – مـدة لتقـل عـن سـنة ولتزيـد علـى ثلث سـنوات‬
‫اذا عـوقب الموظـف بـاثنين مـن العقوبـات التاليـة او باحـداهما‬
‫لمرتيـن وارتكـب فـي المـرة الثالثـة خلل خمـس سـنوات مـن‬

‫‪89‬‬
‫تاريـــخ فـــرض العقوبـــة الولـــى فعل يســـتوجب معـــاقبته‬
‫باحدها‪.‬‬
‫‪ -‬التوبيخ‬
‫‪ -‬انقاص الراتب‬
‫‪ -‬تنزيل الدرجه‬
‫ب – مـدة بقـائه فـي السـجن اذا حكـم عليـه بـالحبس‬
‫او السـجن عـن جريمـة غيـر مخلـة بالشـرف وذلـك اعتبـارا مـن‬
‫تاريـخ صـدور الحكـم عليـه ‪ ,‬وتعتـبر مـدة موقـوفيته مـن ضـمن‬
‫مـدة الفصـل ولتسـترد منـه انصـاف الرواتـب المصـروفه لـه‬
‫خلل مدة سحب اليد ‪.‬‬
‫‪ -8‬العــزل ‪ :‬ويكــون بتنحيــة الموظــف عــن الوظيفــة‬
‫نهائيــا ولتجــوز اعــادة تــوظيفه فــي دوائر الــدوله والقطــاع‬
‫الشــتراكي ‪ ,‬وذلــك بقــرار مســبب مــن الــوزير فــي احــدى‬
‫الحالت التيه‪:‬‬
‫أ‪ -‬اذا ثبــت ارتكــابه فعل خطيــرا يجعــل بقــاءه فــي‬
‫خدمة الدوله مضرا بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫ب‪ -‬اذا حكــم عليــه عــن جنايــة ناشــئه عــن وظيفتــه‬
‫وارتكبها بصفته الرسمية‪.‬‬
‫ج‪ -‬اذا عــوقب بالفصــل ثــم اعيــد تــوظيفه فــارتكب‬
‫فعل يستوجب الفصل مرة اخرى ‪.‬‬

‫شرعية العقوبة التأديبية‬


‫ل يجــوز توقيــع أي عقوبــة تأديبيــة لــم ينــص عليهــا‬
‫المشـــرع ‪ ،‬تطبيقـــا) لمبـــدأ " شـــرعية العقوبـــة " مـــع تـــرك‬
‫الحريــة للدارة فــي اختيــار العقوبــة المناســبة للمخالفــة‬
‫التأديبية ‪.‬‬
‫وعلـى هـذا السـاس ل يجـوز لسـلطة التـأديب أن توقـع‬
‫على الموظف عقوبة لم ترد ضمن القائمة المحدودة قانون ا)‬
‫وليــس لهــا إيقــاع عقوبــة مقنعــة مــن خلل القــرار بانتــداب‬
‫الموظـف أو نقلـه ول تبتغـي الدارة مـن وراء ذلـك إل معـاقبته‬
‫بغير الطريق التأديبي ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫فمـن المقـرر فـي الفقـه والقضـاء الدارييـن أن القـانون‬
‫التـأديبي شـأنه شـأن القـانون الجنـائي إنمـا هـو يقـوم علـى‬
‫مبــدأ – ل عقوبــة إل بنــص – ولهــذا فــأنه ل يجــوز لي ســبب‬
‫مــن الســباب أن يعــاقب مــن ثبــت ارتكــابه لجريمــة تأديبيــة‬
‫بعقوبة لم ينص عليها القانون ‪.‬‬
‫ويتفـرع مـن مبـدأ شـرعية العقوبـة التأديبيـة أيضـا عـدم‬
‫جـواز أن توقـع الدارة علـى الموظـف أكـثر مـن عقوبـة تأديبيـة‬
‫على الفعل الواحد ‪.‬‬

‫السلطات التأديبيه الرئاسية‬


‫نضم قانون انضباط موظفي سلطة الرؤساء الداريين‬
‫فـي ايقـاع العقوبـات التأديبيـة فـي حالـة مخالفـة المـوظفين‬
‫لواجبـاته الوظيفيـة ‪ ,‬ويكـون اختصـاص هـؤلء الرؤسـاء كـامل)‬
‫مــن حيــث تــوجيه التهــام وتكييــف الخطــأ وإصــدار العقوبــة‬
‫المناسبة ‪.‬‬
‫وقـد حـدد المشـرع فـي المـادة )‪ (11‬مـن قـانون انضـباط‬
‫مـوظفي الجهـات المختصـه بفـرض العقوبـات النضـباطيه او‬
‫التاديبيه وفق التفصيل التي‪.‬‬
‫‪- 1‬الرئاسه ومجلس الوزراء ‪:‬‬
‫نـص المشـرع فـي المـادة )‪ (14‬مـن مـن قـانون انضـباط‬
‫مــوظفي الــدوله والقطــاع العــام المعــدل علــى انــه‪ ) :‬اول‪:‬‬
‫لرئيــس الجمهوريــة أو مــن يخــوله فــرض ايــا مــن العقوبــات‬
‫المنصـوص عليهـا فـي هـذا القـانون علـى المـوظفين التـابعين‬
‫لـه ‪.‬ثانيـا لرئيـس مجلـس الـوزراء او الـوزير او رئيـس الـدائرة‬
‫الغيـــر مرتبطـــة بـــوزارة فـــرض احـــدى العقوبـــات التاليـــة‬
‫والمشموله باحكام هذا القانون ‪.‬‬
‫أ ‪-‬انقاص الراتب‬
‫ب ‪-‬تنزيل الدرجة‬
‫ج ‪-‬الفصل‬

‫‪91‬‬
‫د ‪-‬العزل‪.‬‬
‫ثالثــــا‪ :‬للموظــــف بمــــوجب الفقــــرات )اول( و ) ثانيــــا (‬
‫من هذه المادة الطعن في قرار فرض العقوبة وفقا لحكام‬
‫المادة )‪ (15‬من هذا القانون (‪.‬‬

‫‪- 2‬الوزير‪:‬‬
‫يملــك الــوزير بالســناد إلــى المــادة )‪ (12‬فــرض عقوبــة‬
‫لفـت النظـر او النـذار او قطـع الراتـب علـى الموظـف الـذي‬
‫يشـغل وظيفـة مـديرعام فمـا فـوق‪.‬امـا اذا تـبين لـه ان المـدير‬
‫عـام فمـا فـوق قـد ارتكـب فعل يسـتوجب عقـوبه اشـد فعليـه‬
‫ان يعرض المر على مجلس الوزراء متضمنا القتراح بفرض‬
‫احـدى العقوبـات المنصـوص عليهـا فـي القـانون ويكـون قـرار‬
‫مجلـس الـوزراء بهـذا الشـأن خاضـعا للطعـن فيـه وفقـا لحكـام‬
‫المادة )‪ (15‬من القانون ‪.‬‬
‫‪- 3‬رئيس الدائرة او الموظف المخول له فرض‬
‫العقوبة‪:‬‬
‫ولـه فـرض العقوبـات التــاليه علـى الموظـف المخـالف‬
‫لوجبات الوظيفة العامة‬
‫أ ‪-‬لفت النظر‬
‫ب ‪-‬النذار‬
‫ج ‪-‬قطع الراتب لمدة لتتجاوز خمسة ايام‬
‫د‪ -‬التوبيخ‬
‫امــا اذا اوصــت اللجنــه التحقيقيــه بفــرض عقوبــة اشــد‬
‫فعلـى رئيـس الـدائرة او الموظـف المخـول احالتهـا الـى الـوزير‬
‫لتخاذ القرار بشأنها ‪.‬‬

‫الجراءات التأديبية‬
‫نــص المشــرع العراقــي فــي المــادة )‪ (10‬مــن قــانون‬
‫انضــباط مــوظفي الدولــة والقطــاع العــام المعــدل علــى‬

‫‪92‬‬
‫الجـراءات الـواجب اتباعهـا فـي ايقـاع العقوبـات النضـباطية‬
‫علـى الموظـف المخـالف ‪.‬فتطلبـت تشـكيل لجنـة تحقيقيـة‬
‫مـن رئيـس وعضـوين مـن ذوي الخـبرة علـى ان يكـون احـدهم‬
‫حاصــل علــى شــهادة جامعيــة اوليــة فــي القــانون ‪ .‬تتــولى‬
‫هـذة اللجنـة التحقيـق تحريريـا مـع الموظـف ‪ .‬وتوصـي الـى‬
‫السلطة الرئاسيه بالعقوبه المقترحه اذا كان فعل الموظف‬
‫يكون مخالفة لواجبات الموظف او توصي بغلق التحقيق اذا‬
‫لــم يشــكل فعلــه اي مخالفــة ‪ ,‬امــا اذا تــبين لهــا ان فعــل‬
‫الموظف يشكل جريمة نشأت من وظيفته او ارتكبها بصفته‬
‫الرســمية فيجــب عليهــا ان توصــي باحــالته الــى المحــاكم‬
‫المختصة ‪.‬‬
‫مـن جـانب آخـر للـوزير ولرئيـس الـدائرة اسـنادا الـى نـص‬
‫المــادة )‪ - 10‬رابعــا ( مــن القــانون فــرض اي مــن عقوبــات‬
‫لفـت النظـر والنـذار وقطـع الراتـب مباشـرة بعـد اسـتجواب‬
‫الموظــف ول شــك ان فــي ذلــك اخلل بالضــمانات الــواجب‬
‫توافرها للموظف خاصة ‪.‬‬

‫الطعن بقرار فرض العقوبه‪:‬‬


‫عنــدما صــدر قــانون انضــباط مــوظفي الــدوله رقــم ‪14‬‬
‫لسـنة ‪ 1991‬نـص علـى الطعـن فـي القـرارات الصـادرة بايقـاع‬
‫العقوبــة النضــباطية فــي المــادة )‪ (11‬منــه ‪ ,‬وقــد جعــل‬
‫القرارات المتضمنة عقوبة لفت النظر والنذار وقطع الراتب‬
‫باتـة ليجـوز الطعـن بهـا امـام مجلـس النضـباط العـام ‪ .‬كمـا‬
‫نــص علــى اعتبــارجميع العقوبــات الصــادره مــن رئاســة‬
‫الجمهورية ومجلس الوزراء باتة ل جوز الطعن فيها ‪.‬‬
‫ال انـه وبصـدور القـانون رقـم )‪ (5‬لسـنة ‪ ) 2008‬قـانون‬
‫التعــديل الول لقــانون انضــباط مــوظفي الدولــة والقطــاع‬
‫الشــتراكي( لــم تعــد هــذه العقوبــات باتــة واصــبح مــن‬
‫الممكـن الطعـن فيهـا جميعـا امـام مجلـس النضـباط العـام‬
‫كمــا تغيــرت تســمية القــانون الــى قــانون انضــباط مــوظفي‬
‫الدولـــة والقطـــاع العـــام رقـــم ‪ 14‬لســـنة ‪ , 1991‬ولشـــك ان‬

‫‪93‬‬
‫هـذا التـوجه محمـود مـن المشـرع وفـي احـترام للضـمانات‬
‫الواجب مراعاتها في النظام التاديبي‪.‬‬
‫هـذا ولمجلـس النضـباط العـام ان يصـدر الحكـام التيـة‬
‫في الطعون المقدمة اليه ‪:‬‬
‫أــ رد الطعــن مــن الناحيــة الشــكلية مثــل عــدم التظلــم مــن‬
‫القرار لدى الجهة الدارية التي اصدرته او فوات مدة الطعن‬
‫‪.‬‬
‫ب ــ المصـادقة علـى القـرار المطعـون فيـه اذا وجـد المجلـس‬
‫ان ذلك القرار موافق للقانون ‪.‬‬
‫ج ــ للمجلـس تخفيـض العقوبـة اذا كـانت العقوبـة ل تتناسـب‬
‫مع جسامة الخطأ‬
‫دــ للمجلـس الغـاء العقوبـة اذا وجـد ان القـرار المطعـون بـه‬
‫معيب ‪.‬‬

‫مدة الطعن امام مجلس النضباط العام‪:‬‬


‫اشــترط المشــرع العراقــي قبــل الطعــن فــي القــرار‬
‫الداري الخــاص بفــرض العقوبــة التظلــم مــن القــرار امــام‬
‫الجهــة الــتي اصــدرته خلل ثلثيــن يومــا مــن تاريــخ تبليــغ‬
‫الموظـف بقـرار فـرض العقوبـة وعلـى هـذه الجهـه البـت فـي‬
‫التظلـم خلل ثلثيـن يومـا مـن تاريـخ التظلـم وعنـد عـدم البـت‬
‫يعــد ذلــك رفضــا للتظلــم يجــوز عنــده الطعــن لــدى مجلــس‬
‫النضباط العام خلل ثلثين يوما من تاريخ الرفض الصريح او‬
‫الحكمـي للتظلـم‪ (1).‬ويعـد القـرار غيـر المطعـون فيـه خلل‬
‫المدد المنصوص عليه اعله باتا‪.‬‬
‫ويجـوز الطعـن بقـرار مجلـس النضـباط العـام لـدى الهيئة‬
‫العامـة لمجلـس شـورى الدولـة خلل ثلثيـن يومـا مـن تاريـخ‬
‫التبلــغ بــه او اعتبــاره مبلغــا ‪ ,‬ويكــون قــرار الهيئة العامــة‬
‫الصادر نتيجة الطعن باتا وملزما‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنظر المادة )‪ /15‬ثانيا ‪ ,‬ثالثا‪ ,‬ثالثا ( من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل رقم ‪ 14‬لسنة ‪1991‬‬

‫‪94‬‬
‫ثانيـا ‪ :‬اختصاصـات المجلـس فـي مجـال النظـر‬
‫في دعاوى الخدمة‬
‫يختــص مجلــس النضــباط العــام بــالنظر فــي دعــاوى‬
‫المــوظفين الناشــئة عــن حقــوق الخدمــة بمــوجب قــانون‬
‫الخدمــة المدنيــة رقــم)‪ (24‬لســنة ‪ 1960‬المعــدل و النظمــة‬
‫الصادرة بمقتضاه ‪.‬‬
‫و مــن قبيــل الــدعاوى مــا يتعلــق بالمنازعــات الخاصــة‬
‫بـالرواتب و المخصصـات المسـتحقة للمـوظفين و احتسـاب‬
‫القـدم للـترفيع بسـبب الحصـول علـى شـهادات الختصـاص‬
‫الجامعيـــة و اجتيـــاز الـــدورات التدريبيـــة و احتســـاب مـــدد‬
‫ممارســة المهنــة عنــد التعييــن و اعــادة التعييــن و القــرارات‬
‫الخاصة بالتعيين او الترفيع او منح العلوات او الستغناء عن‬
‫الخدمـة فـي فـترة التجربـة او اعـادة الموظـف المرفـع الـى‬
‫وظيفته السابقة في فترة التجربة ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫و قـد مـد مجلـس النضـباط العـام اختصاصـاته لتشـمل‬
‫المنازعـات الناشـئة عـن تطـبيق بعـض قـرارات مجلـس قيـادة‬
‫الثــورة المنحـل ‪ ،‬فقـد بحـث فــي الـدعاوى المتعلقــة بـاجور‬
‫المحاضرات الضافية و مكافأة نهاية الخدمة و غيرها ‪.‬‬
‫ووليــة مجلــس النضــباط العــام بالنســبة الــى هــذه‬
‫المنازعـات وليـة قضـاء كامـل ل تقـف عنـد مجـرد الغـاء القـرار ‪،‬‬
‫فلـه ان يحكـم بتعـديل القـرار المطعـون فيـه او التعـويض عـن‬
‫الضرار التي الحقها بالمدعي ‪.‬‬

‫وقـد اوضـحت الفقـرة الثالثـة مـن المـادة )‪ (59‬مـن قـانون‬


‫الخدمــة المدنيــة رقــم )‪ (24‬لســنة ‪ 1960‬انــه يتــوجب علــى‬
‫الموظــف اقامــة الــدعوى بــالحقوق الناشــئة عــن تطــبيق‬
‫القـانون المـذكور خلل ثلثيـن يومـا مـن تاريـخ التبلـغ بـالقرار‬
‫المطعون فيه اذا كان الموظف داخل العراق ‪ ،‬و ستين يوما‬
‫اذا كان خارج العراق ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ومـن ثـم فـانه لـم يسـتلزم المشـرع التظلـم مـن القـرارات‬
‫المتعلقــة بحقــوق الخدمــة المدنيــة قبــل الطعــن فــي قــرار‬
‫الداره المتعلق بشؤون الخدمة المدنية‪.‬‬
‫و يكـون حكـم مجلـس النضـباط العـام اسـتنادا الـى المـادة )‬
‫‪ (59‬مــن القــانون المــذكور خاضــعا للطعــن فيــه امــام الهيئة‬
‫العامـة لمجلـس شـورى الدولـة و يعـد حكـم مجلـس النضـباط‬
‫العـام غيـر المطعـون فيـه و حكـم الهيئة العامـة فـي مجلـس‬
‫شورى الدولة الصادر نتيجة الطعن باتا ‪.‬‬

‫المطلـــب الثـــاني ‪ :‬اختص?????اص محكمـــة القضـــاء‬


‫الداري‬
‫الهيئة القضــائية الخــرى الــتي يتكــون منهــا مجلــس‬
‫شورى الدولة هي محكمة القضاء الداري ‪.‬‬
‫وتعــد محكمــة القضــاء الداري فــي العــراق الــتي تــم‬
‫انشـــائها بصـــدور القـــانون رقـــم ‪ 106‬لســـنة ‪) 1989‬قـــانون‬
‫التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة‬
‫‪ ( 1979‬وفقــا للبنــد ) ثانيــا( مــن المــادة الســابعة الجهــه‬
‫ذات الختصـاص بالنظر في صحة الوامـر والقرارات الدارية‬
‫الــتي تصــدر عــن المــوظفين والهيئات والهيئات فــي دوائر‬
‫الدولة والتعويض عنها‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫فقــد ورد فــي المــادة الســابعة ‪ /‬ثانيــا) مــن القــانون‬
‫اعله‪:‬‬
‫)) يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي‪-:‬‬
‫‪ -1‬ان يتضــمن المــر او القــرار خرق ـا) او مخالفــة للقــانون‬
‫او النظمة والتعليمات‪.‬‬
‫‪ -2‬ان يكـــون المـــر او القـــرار قـــد صـــدر خلفـــا) لقواعـــد‬
‫الختصاص او معيبا) في شكله‪.‬‬
‫‪ -3‬ان يتضـمن المـر او القـرار خطـأ فـي تطـبيق القـوانين‬
‫او النظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف‬
‫فـي اسـتعمال السـلطة ويعتـبر فـي حكـم القـرارات او الوامـر‬
‫الـتي يجـوز الطعـن فيهـا رفـض او امتنـاع الموظـف او الهيئات‬
‫فـي دوائر الدولـة والقطـاع الشـتراكي عـن اتخـاذ قـرار او امـر‬
‫كان من الواجب عليه اتخاذه قانونا) ((‪.‬‬

‫ومـن الجـدير بالـذكر ان المشـرع العراقـي قـد اخـرج مـن‬


‫اختصاصـات محكمـة القضـاء الداري الطعـون فـي القـرارات‬
‫التية ‪:‬‬
‫‪ -1‬اعمـــال الســـيادة واعتـــبر مـــن اعمـــال الســـيادة‬
‫المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية ‪.‬‬
‫‪ -2‬القـــرارات الداريـــة الـــتي تتخـــذ تنفيـــذا) لتوجيهـــات‬
‫رئيس الجمهورية وفقا) لصلحياته الدستورية ‪.‬‬
‫‪ -3‬القـرارات الداريـة الـتي رسـم القـانون طريقـا) للتظلـم‬
‫منها او العتراض عليها او الطعن فيها ‪.‬‬
‫وفـي ضـوء ذلـك يتـبين ان اختصاصـات المحكمـة محـدودة‬
‫جـدا) فهـي علوة علـى حصـر اختصاصـها بـالنظر فـي صـحة‬
‫الوامــر والقــرارات الداريــة‪ ,‬نجــد ان المشــرع قــد اســتثنى‬
‫العديـد مـن القـرارات الداريـة مـن قبيـل المراسـيم والقـرارات‬
‫الصـادرة مـن رئيـس الجمهوريـة والـتي اعتبرهـا مـن اعمـال‬
‫السـيادة ‪ .‬وهـو امـر يتنـافى مـع مبـدأ المشـروعية وضـرورة‬
‫خضـوع الدارة للقـانون ويفتـح المجـال امـام تعسـفها وانتهـاك‬
‫حقـوق الفـراد وحريـاتهم ‪ .‬كمـا ان المتتبـع لطبيعـة النظـام‬

‫‪97‬‬
‫القــانوني العراقــي يجــد انــه زاخــر بالنصــوص الــتي ترســم‬
‫طريق ـا) للتظلــم مــن القــرارات الصــادرة مــن بعــض الجهــات‬
‫الداريــة امــام الدارة نفســها او امــام لجــان اداريــة او شــبه‬
‫قضــائية وان اســتثناء المــادة الســابعة مــن قــانون مجلــس‬
‫شـورى الدولـة هـذا النـوع مـن القـرارات مـن وليـة محكمـة‬
‫القضــاء الداري يقضــي علــى ضــمانة مهمــة مــن ضــمانات‬
‫التقاضـي ويحـرم الفـراد مـن السـتفادة مـن قضـاء مسـتقل‬
‫متخصص بالمنازعات الدارية ‪.‬‬
‫ومـع ذلـك نتلمـس توجهـا آخـر مـن المشـرع الدسـتوري‬
‫العراقـي فـي الدسـتور الصـادر عـام ‪ 2005‬حيـت ورد النـص‬
‫فـي المـاده ‪) 97‬يحظـر النـص فـي القـوانين علـى تحصـين اي‬
‫عمل او قرار اداري من الطعن‪(.‬‬
‫ومـن المهـم القـول ان قـرار محكمـة القضـاء الداري كـان‬
‫قـابل للطعـن بـه تمييـزا لـدى الهيئة العامـة لمجلـس شـورى‬
‫الدولة خلل ثلثين يوما مـن تاريخ التبلـغ بـه او اعتبـاره مبلغا‬
‫حـتى أصـدر مجلـس الـوزراء – بعـد موافقـة مجلـس الرئاسـة‬
‫– وحســب صــلحياته التشــريعية المــر المرقــم )‪ (30‬لســنة‬
‫‪ 2005‬فـي ‪24/2/2005‬قـانون المحكمـة التحاديـة العليـا الـذي‬
‫جعل من اختصاصها النظر في الطعون المقدمة في احكام‬
‫محكمــة القضــاء الداري حيــث نصــت المــادة )‪ (1‬منــه علــى‬
‫)تنشــأ محكمــة تســمى المحكمــة التحاديــة العليــا ‪،‬ويكــون‬
‫مقرها في بغداد تمارس مهامها بشكل مستقل ل سلطان‬
‫عليها لغير القانون(‪.‬‬
‫وقـد نصـت المـادة الرابعـة مـن القـانون علـى اختصاصـات‬
‫المحكمة وهي ‪:‬‬
‫) أول" ‪ :‬الفصـــل فـــي المنازعـــات الـــتي تحصـــل بيـــن‬
‫الحكومــة التحاديــة وحكومــات القــاليم والمحافظــات‬
‫والبلديات والدارات المحلية ‪.‬‬
‫ثانيــا" ‪ :‬الفصــل فـــي المنازعــات المتعلقـــة بشــرعية‬
‫القـــوانين والقـــرارات والنظمـــة والتعليمـــات والوامـــر‬
‫الصـادرة مـن أيـة جهـة تملـك حـق إصـدارها وإلغـاء الـتي‬

‫‪98‬‬
‫تتعـارض منهـا مـع أحكـام قـانون إدارة الدولـة العراقيـة‬
‫للمرحلــة النتقاليــة ويكــون ذلــك بنــاء" علــى طلــب مــن‬
‫محكمة أو جهة رسمية أو من مدع بمصلحة ‪.‬‬
‫ثالثــا" ‪ :‬النظــر فــي الطعــون المقدمــة علــى الحكــام‬
‫والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الداري ‪.‬‬
‫رابعـــا" ‪ :‬النظـــر بالـــدعاوى المقامـــة أمامهـــا بصـــفة‬
‫اسـتئنافية وينظـم اختصاصـها بقـانون اتحـادي (‪ .‬بعـد صـدور‬
‫الدســـتور ونفـــاذه أورد بعـــض المتغيـــرات علـــى تشـــكيل‬
‫المحكمــة عمــا كــانت عليــه فــي قانونهــا رقــم )‪ (30‬لســنة‬
‫‪ .2005‬أضـــاف الدســـتور اختصاصـــات جديـــدة فأصـــبحت‬
‫اختصاصـاتها كمـا هـو وارد فـي المـادتين ) ‪/ 52‬ثانيـا) ( و )‬
‫‪.(93‬‬
‫)‪ (1‬وبصــدور هــذا القــانون اصــبح الطعــن باحكــام محكمــة‬
‫‪ - 1‬وارد في المادتين ) ‪/52‬ثانيا ‪ ( j‬و )‪ (93‬من الدستور ان اختصاصات المحكمة‬
‫كالتي‪:‬‬
‫] تختص المحكمة التحادية العليا بما يأتي ‪:‬‬
‫أول‪ -:‬الرقابة على دستورية القوانين والنظمة النافذة ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -:j‬تفسير نصوص الدستور ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -:j‬الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين التحادية ‪ ,‬والقرارات‬
‫والنظمة والتعليمات والجراءات الصادرة عن السلطة التحادية ويكفل القانون‬
‫حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الفراد وغيرهم حق الطعن المباشر‬
‫لدى المحكمة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ -: j‬الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة التحادية ‪ ,‬وحكومات‬
‫القاليم والمحافظات والبلديات والدارات المحلية ‪.‬‬
‫خامسا ‪ -: j‬الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات القاليم أو‬
‫المحافظات ‪.‬‬
‫سادسا•‪ -:‬الفصل في التهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس‬
‫الوزراء والوزراء وينظم ذلك بقانون ‪.‬‬
‫سابعا‪ -:j‬المصادقة على النتائج النهائية للنتخابات العامة لعضوية مجلس النواب‪.‬‬
‫ثامنا ‪-: j‬‬
‫الفصل في تنازع الختصاص بين القضاء التحادي ‪ ,‬والهيئات القضائية للقاليم‬
‫والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ‪.‬‬
‫الفصل في تنازع الختصاص فيما بين الهيئات القضائية للقاليم ‪ ,‬أو المحافظات غير‬
‫المنتظمة في إقليم ‪[.‬‬

‫‪99‬‬
‫القضـاء الداري امـام المحكمـة التحاديـة العليـا خلل ثلثيـن‬
‫يومــا مــن تاريــخ التبلــغ بــه او اعتبــاره مبلغــا ويكــون قــرار‬
‫المحكمـة غيـر المطعون فية وقرار المحكمـة التحاديـة العليـا‬
‫الصادر نتيجة الطعن باتا ‪.‬‬

‫وفــي الجــزء التــالي مــن الدراســة نبحــث فــي دعــوى‬


‫اللغاء امـام محكمـة القضـاء الداري ومجلـس النضـباط العام‬
‫وشروط اقامتها ومواعيدها‪.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫قضاء اللغاء‬

‫تعريف دعوى اللغاء‪:‬‬


‫دعـوى اللغـاء هـي دعـوى قضـائية ترفـع إلـى القضـاء‬
‫لعــدام قــرار إداري صــدر بخلف مــا يقضــي بــه القــانون‬
‫وتسـمى أيضـا) دعـوى تجـاوز السـلطة وتعـد مـن أهـم وسـائل‬
‫حماية المشروعية ‪.‬‬
‫وقـد كـان للقضـاء الفرنسـي الريـادة فـي إنشـاء دعـوى‬
‫اللغـاء‪ (1)،‬وكـان مجلـس الدولـة صـاحب الوليـة العامـة بنظـر‬
‫الــدعاوى الداريــة منــذ عــام ‪ 1872‬وبســبب تزايــد الطعــون‬
‫المقدمـة إلـى المجلـس أصـدر الصـلح التشـريعي فـي ‪30‬‬
‫ســبتمبر ‪ 1953‬الــذي جعــل مجلــس الدولــة صــاحب الوليــة‬
‫العامــة بنظــر الــدعاوى الداريــة الــتي لــم يمنــح القــانون‬
‫اختصــاص النظــر فيهــا إلــى محــاكم إداريــة أخــرى ويمكــن‬
‫اســتئناف أحكــام المحــاكم الداريــة أمــام مجلــس الدولــة‬
‫الفرنسي إل إذا نص القانون على خلف ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – قضاء اللغاء – دار المطبوعات الجامعية ‪ ،1998‬ص ‪. 29‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪100‬‬
‫ومــن ثــم فــإن دعــوى اللغــاء فــي فرنســا تنظــر علــى‬
‫درجــتين تعــرض الولــى أمــام المحــاكم الداريــة والدرجــة‬
‫الثانيــة تعــرض أمــام مجلــس الدولــة أمــام مجلــس الدولــة‬
‫بوصفه محكمة الستئناف ‪.‬‬
‫أمـا فـي مصـر فـإن دعـوى اللغـاء ظهـرت بنشـؤ مجلـس‬
‫الدولــة بمقتضــى القــانون رقــم ‪ 112‬لســنة ‪ 1946‬وكــانت‬
‫محكمـة القضـاء الداري تختـص دون غيرهـا فـي الفصـل فـي‬
‫دعاوى إلغاء القرارات الدارية‪ ،‬ولما أنشأت المحاكم الدارية‬
‫والتأديبيـة أسـهمت مـع محكمـة القضـاء الداري بنظـر دعـوى‬
‫اللغـاء كل) حسـب اختصاصـها وتنظـر المحكمـة الداريـة العليـا‬
‫في مصر دعوى اللغاء عندما يقدم إليها الطعن في أحكام‬
‫محكمـة القضـاء الداري بينمـا تنظـر محكمـة القضـاء الداري‬
‫فــي الطعــون الــتي ترفــع إليهــا فــي الحكــام الصــادرة مــن‬
‫المحاكم الدارية ‪(1) .‬‬
‫وعلـى ذلـك فـإن دعـوى اللغـاء تنظـر فـي مصـر علـى‬
‫درجـتين أيضـا) الدرجـة الولـى أمـام محـاكم القضـاء الداري أو‬
‫المحــاكم الداريــة كـل حســب اختصاصــها‪ ،‬والدرجــة الثانيــة‬
‫عنـدما تفصـل المحكمـة الداريـة العليـا فـي الطعـون المقدمـة‬
‫إليهـا مـن محـاكم القضـاء الداري وعنـدما تفصـل الخيـرة فـي‬
‫الطعون المقدمة إليها من المحاكم الدارية ‪.‬‬
‫أما في العراق فقد نشأت دعوى اللغاء بنشوء القضاء‬
‫الداري بصــدور القــانون رقــم ‪ 106‬لســنة ‪) 1989‬قــانون‬
‫التعـديل الثـاني لقـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪65‬‬
‫لســـنة ‪ ( 1979‬لتختـــص بـــالنظر فـــي صـــحة الوامـــر‬
‫والقـرارات الداريـة الـتي تصـدر عـن المـوظفين والهيئات‬
‫فــي دوائر الدولــة والتعــويض عنهــا‪ .‬وكــانت محكمــة‬
‫القضــاء الداري فــي محلــس شــورى الدولــة تختــص‬
‫بقضــاء اللغــاء بصــفتها قاضــي اول درجــه وقــد اجــاز‬
‫القانون الطعن بقرار محكمة القضاء الداري تمييزا لدى‬
‫الهيئة العامـــة لمجلـــس شـــورى الـــدوله ) المـــادة ‪7‬‬

‫‪ -‬المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪. 1972‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪101‬‬
‫‪/‬ثانيـا ‪/‬ط( ‪ .‬ال انـه واسـتنادا" للمـادة‪ 44‬مـن قـانون إدارة‬
‫الدولـة العراقيـة للمرحلـة النتقاليـة والقسـم الثـاني مـن‬
‫ملحقــه وبنــاءا" علــى موافقــة مجلــس الرئاســة أصــدر‬
‫مجلـس الـوزراء قـانون المحكمـة التحاديـة العليـا رقـم ‪30‬‬
‫لسـنة ‪ 2005‬الـذي منـح المحكمـة التحاديـة العليـا فـي‬
‫العــراق اختصـاص النظــر فـي الطعــون المقدمــة علــى‬
‫الحكـــام والقـــرارات الصـــادرة مـــن محكمـــة القضـــاء‬
‫الداري‪.‬‬

‫طبيعة دعوى اللغاء ‪:‬‬


‫دعـوى اللغـاء دعـوى موضـوعية أو عينيـة تقـوم علـى‬
‫مخاصـمة القـرار الداري غيـر المشـروع ‪ ،‬وهـي موجهـة ضـد‬
‫القـرار الداري ويتعيـن لقبـول الـدعوى ان يكـون القـرار قائمـا)‬
‫ومنتجا) لثاره عند اقامة الدعوى )‪.(1‬‬
‫وقـد ذهـب جـانب مـن الفقـه الفرنسـي إلـى أن دعـوى‬
‫اللغـاء ليسـت دعـوى بيـن أطـراف ولكنهـا دعـوى موجهـة ضـد‬
‫قرار وأنه إذا كان هناك مدع في إجراءات دعوى اللغاء فأنه‬
‫ل يوجد بالمعنى الدقيق للكلمة مدعى عليـه‪ ،‬وهـو كما بينـا‬
‫ممــا يميــز دعــوى اللغــاء مــن دعــوى القضــاء الكامــل الــتي‬
‫تتعلــق بتــأثير القــرار فــي مركــز قــانوني شخصــي فتكــون‬
‫الدعوى شخصية في هذه الصورة ‪.‬‬
‫كمــا تتميــز دعــوى اللغــاء فــي أن الحكــم فيهــا يتمتــع‬
‫بحجيـة قبـل الكافـة فـإذا تضـمن الحكـم إلغـاء القـرار الداري‬
‫موضـــوع الـــدعوى فتعتـــبر جميـــع الجـــراءات والتصـــرفات‬
‫القانونية والدارية التي تمت بموجبه ملغاة من تاريخ صدور‬
‫ذلك القرار ‪.‬‬

‫ومــن الجــدير بالــذكر ان ســلطة القاضــي فــي دعــوى‬


‫اللغــاء تنحصــر فــي التحقــق مــن صــحة ومشــروعية القــرار‬
‫د‪ .‬محمد عبد السلم مخلص – نظرية المصلحة في دعوى اللغاء – دار‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الفكر العربي – القاهرة ‪ ، 1981 0‬ص ‪. 79‬‬

‫‪102‬‬
‫الداري ومـدى مـوافقته للقـانون فـأذا رفـع احـد الفـراد الـى‬
‫القضـاء الداري بطلـب الغـاء قـرار اداري فـأن هـذة الـدعوى‬
‫تخـول القاضـي فحـص مشـروعية القـرار الداري فـاذا تـبين‬
‫مخالفته للقانون حكم بالغائه ولكن دون ان يمتد حكمه الى‬
‫أكــثر مــن ذلــك ‪ ،‬فليــس لــه تعــديل القــرار المطعــون فيــه أو‬
‫أسـتبدال غيـره بـه ‪ .‬وعلـى هـذا السـاس يكـون قضـاء اللغـاء‬
‫علـى عكـس القضـاء الكامـل الـذي يخـول للقاضـي سـلطات‬
‫كاملة لحسم النزاع ‪ ،‬فالقاضي ليقتصر على الغاء قرار غير‬
‫مشــروع ‪ ،‬وانمــا يرتــب علــى الوضــع غيــر المشــروع جميــع‬
‫نتــائجه القانونيــة لنــه يتعلــق بــالحقوق الشخصــية لرافــع‬
‫الـدعوى فلـه ان يحكـم بالغـاء القـرار و التعـويض عـن الضـرار‬
‫التي ألحقها بالمدعي ومن ذلك المنازعات المتعلقة بقضاء‬
‫التعويض عن اعمال الدارة الضاره‬

‫كمـا يتمتـع الحكـم فـي دعـوى اللغـاء بحجيـة مطلقـة‬


‫فـي مواجهـة الكافـة فـي الـوقت الـذي يكـون فيـه الحكـم فـي‬
‫دعـوى القضـاء الكامـل ذو حجيـة نسـبية تقتصـر علـى اطـراف‬
‫النزاع ‪.‬‬
‫وقـد اجـاز المشـرع العراقـي فـي المـادة السـابعة مـن‬
‫قــانون مجلــس شــورى الدولــة الجمــع بيــن دعــوى اللغــاء‬
‫والقضــاء الكامــل فــي طلــب واحــد فيكــون التعــويض تابع ـا)‬
‫لللغــاء ان كــان لــه مقتضــى‪ ,‬ومــن ثــم ل تختــص محكمــة‬
‫القضـاء الداري بـالنظر فـي طلبـات التعـويض اذا رفعـت اليهـا‬
‫بصفه اصلية وانما يختص بها القضاء العادي‪.‬‬
‫وقد اسـتقر العمـل على أن يقدم المشرع علـى تحديد‬
‫ميعـاد يتـوجب خللـه رفـع دعـوى اللغـاء لمسـوغات عمليـة‬
‫وقانونية يمتنع على الفراد طلب اللغاء بعد انقضائها وهي‬
‫شـهران فـي القـانون الفرنسـي وسـتون يومـا) فـي القـانون‬
‫المصـري وسـتين يومـا مـن تاريـخ البـت فـي التظلـم او مـن‬
‫تاريـخ انتهـاء الثلثيـن يومـا الـواجب علـى الدارة البـت فيـه اذا‬
‫امتنعـت عـن ذلـك فـي العـراق ‪ .‬فـي حيـن ليتقيـد الطـاعن‬

‫‪103‬‬
‫فــي دعــوى القضــاء الكامــل بهــذة المواعيــد القصــيرة وانمــا‬
‫يخضع لمدد التقادم العادية‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫الفصل الول‬
‫شروط قبول دعوى اللغاء‬

‫يجـب تـوفر بعـض الشـروط لقبـول دعـوى اللغـاء حـتى‬


‫يتمكـن القضـاء مـن نظـر الـدعوى ومخاصـمة القـرار الداري‪،‬‬
‫فـإذا لـم تـوفر هـذه الشـروط كلهـا أو بعضـها حكـم القاضـي‬
‫بعدم قبول الدعوى دون النظر في موضوعها‪.‬‬
‫وللبحـــث فـــي شـــروط قبـــول دعـــوى اللغـــاء نتنـــاول‬
‫بالدراسة المور التية‪:‬‬
‫الشروط المتعلقة بالعمل الداري المطعون فيه ‪.‬‬
‫الشروط المتعلقة برافع الدعوى ‪.‬‬
‫الشرط الخاص بتظلم صاحب الشأن‬
‫الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى ‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫الشروط المتعلقة بالعمـل الداري‬

‫عنـدما تمـارس الدارة نشـاطها فإنهـا تعمـد إلـى نـوعين‬


‫مـن العمـال يسـمى النـوع الول العمـال الماديـة وهـي تلـك‬
‫العمـال الـتي تجريهـا الهيئات الداريـة ول تهـدف مـن جرائهـا‬
‫إلـى أحـداث آثـار قانونيـة مباشـرة‪ ،‬أمـا النـوع الثـاني فيسـمى‬
‫بالعمــال والتصــرفات القانونيــة وهــي تلــك العمــال الــتي‬
‫تجريهــا الدارة وتقصــد بهــا أحــداث آثــار قانونيــة‪ ،‬أمــا بخلــق‬
‫مراكـز قانونيـة جديـدة أو جـراء تعـديل فـي المراكـز القانونيـة‬
‫القائمة أو إنهائها ‪.‬‬
‫وهـذه التصـرفات القانونيـة تتخـذ مظهريـن الول يتمثـل‬
‫بالعمـال القانونيـة الصـادرة عـن الدارة بالشـتراك مـع بعـض‬
‫الفــراد أو بــالهيئات الداريــة الخــرى فــي ظــل مــا يســمى‬
‫بعقــود الدارة وينطــوي النــوع الثــاني عــن التصــرفات الــتي‬

‫‪105‬‬
‫تقـوم بهـا الدارة مـن جـانب واحـد بإرادتهـا المنفـردة وتشـمل‬
‫القرارات الدارية ‪.‬‬
‫والقــرارات الداريــة هــي موضــوع دعــوى اللغــاء فــإذا‬
‫انتفى القرار الداري أضحى من غير الممكن قبول الدعوى‬
‫دون الحاجة للبحث في الشروط الخرى ‪.‬‬
‫وعلـى ذلـك نجـد أن مـن المناسـب البحـث فـي موضـوع‬
‫القرار الداري وتمييزه عما قد يختلط به ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف القرار الداري‬


‫نال موضوع القرار الداري عناية الكثير من الفقهاء‪ ،‬كما‬
‫أسـهم القضـاء الداري فـي الكشـف عـن الكـثير مـن ملمحـه‪،‬‬
‫ومع اختلف تعريفات الفقه والقضاء للقرار الداري من حيث‬
‫اللفاظ فأنه ينم عن مضمون واحد ‪.‬‬
‫فقــد عرفــه العميــد " دوجــي " بــأنه كــل عمــل إداري‬
‫يصـدر بقصـد تعـديل الوضـاع القانونيـة كمـا هـي قائمـة وقـت‬
‫صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة ‪.‬‬
‫فـي‬ ‫)‬ ‫بـأنه كـل "عمـل إداري يحـدث تغييـرا‬ ‫"‬ ‫وعرفـه بونـار‬
‫الوضاع القانونية القائمة‪( ).‬‬
‫‪1‬‬

‫أمــا فــي الفقــه العربــي فقــد عرفــه الــدكتور " ســامي‬


‫جمــال الــدين " بــأنه تعــبير عــن الرادة المنفــردة لســلطة‬
‫إدارية بقصد أحداث أثر قانوني معين ‪(2) .‬‬
‫وجــاء فــي تعريــف الــدكتور " ماجــد راغــب الحلــو " بــأن‬
‫القرار الداري هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن سلطة‬
‫إدارية ويرتب أثارا) قانونية ‪(3) .‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمدي ياسين عكاشة‪ ،‬القرار الداري في قضاء مجلس الدولة‪ ،‬منشأة‬ ‫‪1‬‬

‫المعارف‪ ،‬السكندرية‪ ،1987 ،‬ص ‪. 170‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬الدعوى الدارية والجراءات أمام القضاء الداري‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫منشأة السكندرية‪ ،1990 ،‬ص ‪. 49‬‬


‫‪ -‬د ‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 273‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪106‬‬
‫امـا فـي العـراق فقـد جـاء فـي تعريـف الـدكتور " شـاب‬
‫تومـا منصــور " بـأن القـرار الداري هـو عمـل قـانوني يصـدر‬
‫عـن السـلطة الداريـة مـن جـانب واحـد ويحـدث اثـرا) قانونيـا ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فـي حيـن عرفـة القضـاء الداري المصـري بـانه أفصـاح‬
‫الدارة عـن إرادتهـا الملزمــة بمـا لهـا مــن سـلطة بمقتضــي‬
‫القــوانين واللــوائح بقصــد أحــداث أثــر قــانوني معيــن ابتغــاء‬
‫مصلحة عامة ‪(2) .‬‬

‫المطلـــب الثـــاني‪ :‬تمييـــز القـــرار الداري عـــن‬


‫أعمال الدولة الخرى‬
‫تمـارس الدولـة وفقـا) لمبـدأ الفصـل بيـن سـلطات ثلثـة‬
‫مهـــام أو وظـــائف هـــي الوظيفـــة التشـــريعية والوظيفـــة‬
‫القضـائية والوظيفـة التنفيذيـة‪ ،‬فالوظيفـة التشـريعية تتضـمن‬
‫مهمـة وضـع القواعـد السـلوكية العامـة والمجـردة وتختـص‬
‫بممارســة الســلطة التشــريعية‪ ،‬أمــا الوظيفــة القضــائية‬
‫فتتضــمن الفصــل فــي المنازعــات وتختــص بهــا الســلطة‬
‫القضــائية‪ ،‬أمــا الوظيفــة التنفيذيــة فتختــص بهــا الســلطة‬
‫التنفيذية ‪.‬‬
‫غيــر أن هــذا المبــدأ ل يعنــى الفصــل التــام بيــن هــذه‬
‫السلطات إذ ل تقتصر كل جهة على ممارسة وظيفة خاصة‬
‫وإنمــا تمــارس بعــض العمــال الداخلــة أصــل) فــي نشــاط‬
‫السلطات الخرى‪(3).‬‬
‫فالسـلطة التشـريعية تمـارس عمل) إداريـا) عنـدما تصـدر‬
‫الميزانية والسلطة التنفيذية قد تقوم بالفصل في خصومه‬
‫عـن طريـق اللجـان الداريـة ذات الختصـاص القضـائي‪ ،‬بينمـا‬

‫‪ - 1‬د‪ .‬شاب توما منصور – القانون الداري –الكتاب الثاني – الطبعة الولى ‪ 1980‬ص ‪397‬‬
‫‪ - 2‬حكم المحكمة القضاء الداري المصري في الدعوى ‪ 263‬لسنة ‪ 1‬ق جلسة ‪ 7/1/1948‬س ‪2‬‬
‫ص ‪.222‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد كامل ليله‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬الدولة و الحكومة‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1963‬ص ‪. 565‬‬

‫‪107‬‬
‫يمـــارس القضـــاء بعـــض الختصاصـــات الداريـــة المتعلقـــة‬
‫بمـوظفي الهيئات القضـائية فضـل) عـن وظيفتـه الصـلية فـي‬
‫الفصل في المنازعات ‪.‬‬
‫لـذلك كـان مـن الـواجب تمييـز القـرار الداري عـن أعمـال‬
‫السلطة التشريعية والسلطة القضائية ثم نبحث في تمييز‬
‫القرار الداري عن العمل المادي للدارة والعقود الدارية ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬القرارات الدارية والعمال التشريعية‪:‬‬


‫القــرارات الداريــة تقبــل الطعــن باللغــاء أمــام القضــاء‬
‫الداري وعلــى العكــس مــن ذلــك فــإن القــوانين ل يمكــن‬
‫الطعــن فيهــا إل بــالطريق الدســتوري المقــرر )‪ ،( 1‬ويــتردد‬
‫الحــديث بيــن معيــارين لتحديــد صــفة العمــل تشــريعية أم‬
‫لدارية ‪.‬‬

‫‪ .1‬المعيار الشكلي‪:‬‬
‫وفق ـا) للمعيــار الشــكلي أو العضــوي يتــم الرجــوع إلــى‬
‫الهيئة الـتي أصـدرت العمـل أو الجـراءات الـتي اتبعـت فـي‬
‫إصداره دون النظر إلى موضوعه‪ ،‬فإذا كان العمل صادرا) من‬
‫السـلطة التشـريعية فهـو عمـل تشـريعي‪ ،‬أمـا إذا كـان صـادرا)‬
‫مـن إحـدى الهيئات الداريـة بوصـفها فرعـا) مـن فـروع السـلطة‬
‫التنفيذية فهو عمل إداري ‪.‬‬
‫ومـن ثـم يمكـن تعريـف العمـل الداري وفـق هـذا المعيـار‬
‫بـأنه كـل عمـل صـادر مـن فـرد أو هيئة تابعـة للدارة أثنـاء أداء‬
‫وظيفتها ‪.‬‬
‫فهــذا المعيــار يقــف عنــد صــفة القــائم بالعمــل دون أن‬
‫يتعــدى ذلــك إلــى طبيعــة العمــل ذاتــه‪ ،‬وهــو معيــار ســهل‬
‫التطـبيق لـو الـتزمت كـل سـلطة بممارسـة نشـاطها وأخـذت‬
‫بمبــدأ الفصــل التــام بيــن الســلطات‪ ،‬إل أن طبيعــة العمــل‬
‫تقتضـي فـي أحيـان كـثيرة وجـود نـوع مـن التـداخل والتعـاون‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 289‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪108‬‬
‫بيـن السـلطات ممـا دعـى بـالفقه إلـى البحـث عـن معيـار آخـر‬
‫للتمييز بين القرارات الدارية والعمال التشريعية ‪.‬‬

‫‪ .2‬المعيار الموضوعي‪:‬‬
‫يعتمـــد المعيـــار الموضـــوعي علـــى طبيعـــة العمـــل‬
‫وموضـــوعه بصـــرف النظـــر عـــن الجهـــة الـــتي أصـــدرته أو‬
‫الجـراءات الـتي اتبعـت فـي إصـداره فـإذا تمثـل العمـل فـي‬
‫قاعـدة عامـة مجـردة فأنشـأ مركـزا) قانونيـا) عامـا) اعتـبر عمل)‬
‫تشـريعيا) أمـا إذا تجسـد فـي قـرار فـردي يخـص فـردا) أو أفـرادا)‬
‫معينيــن بــذواتهم فأنشــأ مركــزا) قانونيــا) خاصــا) اعتــبر عمل)‬
‫إداريا) ‪(1) .‬‬
‫وينقد أنصار هذا التجاه المعيار الشكلي لنه يقف عند‬
‫الشـكليات وعـدم الهتمـام بطبيعـة العمـل وجـوهره‪ ،‬ويـأتي‬
‫فـي مقدمـة أنصـار التجـاه الموضـوعي الفقيـه دوجـي وبونـار‬
‫وجيز ‪.‬‬
‫ويـؤمن هـؤلء الفقهـاء بـأن القـانون يقـوم علـى فكرتيـن‬
‫أساســـيتين همـــا فكرتـــا المراكـــز القانونيـــة والعمـــال‬
‫القانونية ‪(2) :‬‬
‫‪ .1‬المراكــز القانونيــة‪ :‬وهــي الحالــة الــتي يوجــد فيهــا‬
‫الفرد إزاء القانون وتقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬المراكــز القانونيــة العامــة أو الموضــوعية ‪ :‬وهــو كــل‬
‫مركز يكون محتواه واحد بالنسبة لطائفة معينة من الفراد‪،‬‬
‫فترسـم حـدوده ومعـالمه قواعـد مجـردة متماثلـة لجميـع مـن‬
‫يشغلون هذا المركز ومثله مركز الموظف العام في القانون‬
‫العام والرجل المتزوج في القانون الخاص ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المراكــز القانونيــة الشخصــية أو الفرديــة ‪ :‬وهــي‬
‫المراكـز الـتي يحـدد محتواهـا بالنسـبة لكـل فـرد علـى حـده‪،‬‬
‫وهـي بهـذا تختلـف مـن شـخص إلـى آخـر ول يمكـن أن يحـدد‬

‫‪11‬‬
‫‪- Andere de Laubader – Traite elementaire de droit administrative T1 –1973- P226.‬‬
‫‪ -‬للمزيد ينظر ‪ :‬د‪ .‬محمود محمد حافظ – القرار الداري – دار النهضة العربية –‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -1993‬ص ‪ 15‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫القـانون مقـدما) هـذه المراكـز لنهـا تتميـز بــأنها خاصـة وذاتيـة‬
‫ومثلـه مركـز الـدائن أو المـدين فـي القـانون الخـاص ومركـز‬
‫المتعاقد مع الدارة في القانون العام ‪.‬‬

‫‪ .2‬العمــال القانونيــة ‪ :‬وتمتــاز بأنهــا متغيــرة ومتطــورة‬


‫بحسب الحاجة ويتم هذا التغيير أما بإرادة المشرع أو بإرادة‬
‫شـــاغلها ويقســـم " دوجـــي " هـــذه العمـــال إلـــى ثلثـــة‬
‫أقسام ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أعمـال مشـرعة‪ :‬وهـي كـل عمـل قـانوني ينشـئ أو‬
‫يعـدل أو يلغـى مركـزا) قانونيـا) عامـا) أو موضــوعيا) ومـن هـذه‬
‫العمــال القــوانين المشــرعة واللــوائح والنظمــة‪ ،‬والــتي‬
‫تتضمن قواعد تنظيمية عامة وغير شخصية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أعمــــال شخصــــية أو ذاتيــــة‪ :‬وهــــي العمــــال‬
‫القانونيـة الـتي تنشـئ أو تتعلـق بمراكـز شخصـية ل يمكـن‬
‫تعـديلها إل بـإرادة أطرافـه وأوضـح مثـال علـى هـذه العمـال‬
‫العقود ‪.‬‬
‫جـــ‪ -‬أعمــال شــرطية‪ :‬وهــي العمــال الصــادرة بصــدد‬
‫فـرد معيـن وتسـند إليـه مركـزا) عامـا)‪ ،‬فهـي تجسـيد لقاعـدة‬
‫عامـة علـى حالـة أو واقعـة فرديـة‪ ،‬ومثـاله فـي القـانون العـام‬
‫قرار التعيين في وظيفة عامة‪ ،‬فهذا القرار يعد عمل) شرطيا)‬
‫لنـه ل ينشـئ للموظـف مركـزا) شخصـيا)‪ ،‬لن هـذا المركـز كـان‬
‫قائما) وسابقا) على قرارا التعيين ‪.‬‬

‫ويخلــص " دوجــي " الــى ان العمــل التشــريعي هــو‬


‫الـذي يتضـمن قاعـدة عامـة موضـوعية " قـوانين أو اللـوائح "‬
‫بغـض النظـر عـن الهيئة أو الجـراءات المتبعـة لصـداره‪ ،‬فـي‬
‫حيـن يعـد إداريـا) إذا اتسـم بطـابع الفرديـة وهـذا يصـدق علـى‬
‫القرارات والعمال الفردية والعمال الشرطية ‪(1) .‬‬

‫‪ -‬للمزيد ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ليون دوجي – دروس في القانون العام – ترجمه ‪ :‬د‪ .‬رشدي خالد –‬
‫منشورات مركز البحوث القانونية – بغداد ‪. 1981‬‬

‫‪110‬‬
‫ويبـدو أن المشـرع والقضـاء الفرنسـيان يأخـذان بالمعيـار‬
‫الشــكلي فالصــل أن ل يقبــل الطعــن باللغــاء ضــد أعمــال‬
‫السلطة التشريعية سواء في القوانين أو القرارات الصادرة‬
‫مـن البرلمـان‪ ،‬واعتمـد المشـرع علـى ذلـك فـي المـر الصـادر‬
‫فـي ‪ 31/7/1945‬المنظـم لمجلـس الدولـة‪ ،‬إذ نـص علـى أن‬
‫محل الطعن بسبب تجاوز السلطة هو العمال الصادرة من‬
‫السلطات الدارية المختلفة ‪.‬‬
‫إل أن القضــاء الفرنســي لجــأ فــي بعــض الحــالت إلــى‬
‫الخــذ بالمعيــار الموضــوعي للتمييــز بيــن العمــال الداريــة‬
‫والعمــال التشــريعية قــابل) الطعــن باللغــاء فــي أعمــال‬
‫البرلمـــان المتعلقـــة بتســـيير الهيئة التشـــريعية كـــاللوائح‬
‫الداخليــة للبرلمــان والقــرارات الصــادرة بتعييــن مــوظفيه‪ ،‬ل‬
‫ســيما بعــد صــدور المــر النظــامي فــي ‪ 17/11/1958‬الــذي‬
‫ســمح لمــوظفي المجــالس برفــع المنازعــات ذات الطــابع‬
‫الفردي إلى القضاء الداري ‪(1) .‬‬
‫وهـو التجـاه الـذي اعتمـده القضـاء الداري المصـري فهـو‬
‫وأن اعتمــد المعيــار الشــكلي قاعــدة عامــة فــي الكــثير مــن‬
‫أحكامه إل انه اعتبر في أحكام أخرى القرارات الصادرة من‬
‫مجلـس الشـعب بإسـقاط عضـوية أحـد أعضـاءه عمل) إداريـا)‬
‫يقبل الطعن فيه باللغاء ‪(2) .‬‬
‫امـا فـي العـراق فـأن اختصـاص محكمـة القضـاء ينحصـر بنظـر‬
‫طلبـــات اللغـــاء المتعلقـــة بـــالقرارات الداريـــة ول يمتـــد‬
‫اختصاصـــها للبحـــث فـــي مشـــروعية أعمـــال الســـلطة‬
‫التشـريعية أخـذا) بالمعيـار الشـكلي فـي التمييـز بيـن أعمـال‬
‫الســلطة التشــريعية والقــرارات الداريــة‪ ,‬ومــن مقتضــيات‬
‫اعتمـاد القضـاء الداري فـي العـراق المعيـار الشـكلي انـه ل‬
‫يجـوز الطعـن امـامه فـي العمـال التشـريعيه الصـادرة مـن‬
‫البرلمــان عمومــا و بغــض النظــر الطبيعــة الحقيقيــة للعمــل‬

‫‪ -‬د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – المصدر السابق – ص ‪. 296‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪ :‬حكم المحكمة الدارية العليا في ‪ 9/4/1977‬مجموعة المبادئ ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 2183‬وحكم الصادر في ‪ 28/1/1978‬مجموعة المبادئ ص ‪. 2204‬‬

‫‪111‬‬
‫وهـي نتيجـة غيـر مقبولـة فـي ضـوء الكـم الكـبير مـن العمـال‬
‫ذات الطبيعــة الداريــة الصــادرة مــن البرلمــان لســيما تلــك‬
‫المتعلقة بشؤون اعضائة ‪.‬‬

‫ممـا قـاد نحـو العتمـاد علـى المعيـار المـزدوج الـذي ل‬


‫يعد العمل تشريعيا لمجرد انه صادر من السلطه التشريعية‬
‫مالم يتضمن قاعدة عامه مجرده ‪.‬‬
‫أمــا التصــرفات الخــرى الــتي يباشــرها خــارج نطــاق‬
‫التشـريع فهـي ذات طبيعـة إداريـة تخضـع لرقابـة المشـروعية‬
‫وتـدخل ضـمن وليـة القضـاء الداري باعتبارهـا قـرارات إداريـة‬
‫ومـن مقتضـيات هـذا المعيـار ايضـا انـه ليـس جـل مايصـدر مـن‬
‫الدارة قــرار اداري‪ ,‬ففــي حكــم حــديث لمحكمــة القضــاء‬
‫الداري ذهبـت الـى عـدم اختصاصـها بنظـر فـي قـرار ايقـاع‬
‫الحجز على المصوغات الذهبية الصادراستنادا قرار مجلس‬
‫قيـــادة الثـــورة المنحـــل رقـــم ‪ 120‬فـــي ‪ 1996-10-30‬لن‬
‫المحكمة تختص بالنظر في صحة الوامر والقرارات الدارية‬
‫الـــتي تصــدر عــن المــوظفين والهيئات فـــي دوائر الدولــة‬
‫والقطـاع الشـتراكي ولتختـص بـالنظر بقـرار مجلـس قيـادة‬
‫‪1‬‬
‫الثورة والذي له قوة القانون وليس قرارا اداري ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬القرارات الدارية والعمال القضائية‪:‬‬


‫يشـترك القضـاء مـع الدارة فـي سـعيهما الحـثيث نحـو تطـبيق‬
‫القـانون وتنفيـذه علـى الحـالت الفرديـة‪ ،‬فهمـا ينقلن حكـم‬

‫‪ - 1‬حكمها في الدعوى المرقمة ‪ 85/2004‬والمصدق من المحكمة النحادية العليا عدد ‪/2‬اتحادية‪/‬تمييز‪ 2005/‬غير‬
‫منشور‬

‫‪112‬‬
‫القـانون مـن العموميـة والتجريـد إلـى الخصوصـية والواقعيـة‬
‫وذلك بتطبيقه على الحالت الفردية ‪(1) .‬‬
‫ويظهـر التشـابه بينهمـا أيضـا فـي أن الدارة شـأنها شـأن‬
‫القضــاء تســهم فــي معظــم الحيــان بوظيفــة الفصــل فــي‬
‫المنازعــات مــن خلل نظرهــا فــي تظلمــات الفــراد وفــي‬
‫الحــالتين يكــون القــرار الداري الصــادر مــن الدارة والحكــم‬
‫القضـــائي الصـــادر مـــن الســـلطة القضـــائية أداة لتنفيـــذ‬
‫القانون ‪.‬‬
‫ومع هذا التقارب سعى الفقه والقضاء إلى إيجاد معيار‬
‫للتمييز بين العمل القضائي والعمل الداري لخطورة النتائج‬
‫المترتبة على الخلط بينهما‪ ،‬فالقرارات الدارية يجوز بصورة‬
‫عامــة إلغاؤهــا وتعــديلها وســحبها‪ ،‬أمــا الحكــام القضــائية‬
‫فطرق الطعن فيها محددة تشريعيا) على سبيل الحصر ‪.‬‬
‫وبـــرزت فـــي مجـــال التمييـــز بيـــن القـــرارات الداريـــة‬
‫والعمـال القضـائية نظريـات عـدة يمكـن حصـرها فـي ضـمن‬
‫معيارين ‪:‬‬

‫‪ .1‬المعيار الشكلي‪:‬‬
‫يقـوم هـذا المعيـار علـى أسـاس أن العمـل الداري هـو‬
‫ذلك العمل أو القرار الذي يصدر عن فرد أو هيئة تابعة لجهة‬
‫الدارة بصـرف النظـر عـن مضـمون وطبيعـة العمـل أو القـرار‬
‫ذاتــه‪ ،‬بينمــا يعــد العمــل قضــائيا) إذا صــدر عــن جهــة منحهــا‬
‫القانون ولية القضاء وفقا) لجراءات معينة‪ ،‬بصرف النظر عن‬
‫مضمون وطبيعة العمل ‪.‬‬
‫وهـذا المعيـار منتقـد مـن حيـث أنـه ليـس جـل العمـال‬
‫القضائية أحكام ا)‪ ،‬بل أن منها ما يعد أعمال) إدارية بطبيعتها‪،‬‬
‫ومــن جــانب آخــر نجــد أن المشــرع كــثيرا) مــا يخــول الجهــات‬
‫الداريـة سـلطة الفصـل فـي بعـض المنازعـات فيكـون لهـذه‬
‫الجهات اختصاص قضائي ‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬رمزي الشاعر – المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية – مجلة العلوم‬ ‫‪1‬‬

‫القانونية والقتصادية – س ‪11‬ع ‪ 2‬يوليو ‪ – 1969‬ص ‪. 7‬‬

‫‪113‬‬
‫وعلــى هــذا الســاس فــإن المعيــار الشــكلي ل يكفــي‬
‫لتمييز العمال الدارية عن الحكام القضائية ‪.‬‬

‫‪ .2‬المعيار الموضوعي‪:‬‬
‫المعيار الموضوعي أو المادي يقوم على أساس النظر‬
‫فــي موضــوع وطبيعــة العمــل نفســه دون اعتبــار بالســلطة‬
‫الــتي أصــدرته‪ ،‬واعتمــد هــذا المعيــار عناصــر عــدة يتــم مــن‬
‫خللهـا التوصـل إلـى طبيعـة ومضـمون العمـل‪ ،‬فيكـون العمـل‬
‫قضــائيا)‪ ،‬إذ تضــمن علــى " إدعــاء بمخالفــة القــانون‪ ،‬وحــل‬
‫قـانوني للمسـألة المطروحـة يصـاغ فــي تقريـر‪ ،‬وقـرار هـو‬
‫النتيجة الحتمية للتقرير الذي انتهي إليه القاضي " ‪(1) .‬‬
‫فـي حيـن يكـون العمـل إداريـا) إذا صـدر مـن سـلطة تتمتـع‬
‫باختصاص تقديري وليس من سلطة تتمتع باختصاص مقيد‬
‫كما في أحكام القضاء‪ ،‬وأن يصدر بشكل تلقائي وليس بناء)‬
‫علـى طلـب مـن الفـراد وأن يكـون الغـرض مـن العمـل إشـباع‬
‫حاجات عامة‪.‬‬
‫ول شــك أن هــذه العناصــر ل تكفــي لتمييــز العمــال‬
‫الداريـة عـن أعمـال القضـاء‪ ،‬لن الكـثير مـن قـرارات الدارة‬
‫إنما يصدر عن اختصاص مقيد‪ ،‬وكثيرا) منها ل يصدر إل بطلب‬
‫من الفراد‪.‬‬
‫والدارة عنــدما تفصــل فــي المنازعــات باعتبارهــا جهــة‬
‫ذات اختصــاص قضــائي إنمــا يقــترب نشــاطها مــن نشــاط‬
‫القضاء ويهدف إلى حماية النظام القانوني للدولة‪.‬‬
‫إزاء ذلـك نشـأ معيـار مختلـط يقـوم علـى أسـاس المـزج‬
‫بيـن المعيـارين الشـكلي والموضـوعي إذ ينظـر إلـى طبيعـة‬
‫العمـــل مـــن ناحيـــة‪ ،‬والشـــكل الـــذي يظهـــر فيـــه العمـــل‬
‫والجراءات المتبعة لصدوره من ناحية أخرى ‪.‬‬
‫والمتتبـع لحكـام مجلـس الدولـة فـي فرنسـا يجـد أنـه‬
‫يأخـذ فـي الغـالب بالمعيـار الشـكلي لتمييـز العمـل القضـائي‬

‫‪ -‬د‪ .‬هاشم خالد – مفهوم العمل القضائي في ضوء الفقه وأحكام القضاء –‬ ‫‪1‬‬

‫مؤسسة شباب الجامعة – ‪ -1990‬ص ‪. 17‬‬

‫‪114‬‬
‫عــن القــرار الداري إل أنــه يتجــه فــي بعــض الحيــان إلــى‬
‫المعيــار الموضــوعي فهــو يمــزج بيــن المعيــارين الشــكلي‬
‫والموضـوعي لن العمـل القضـائي الـذي ل يعـد قـرارا) إداريـا)‬
‫ول يخضع للطعن أمام القضاء الداري ل يشمل حتم ا) كل ما‬
‫يصدر عن الجهة القضائية ‪(1) .‬‬
‫ويبـدو أن القضـاء الداري المصـري قد واكـب هذا التجـاه‬
‫فقــد قضــت محكمــة القضــاء الداري ‪ " :‬أن شــراح القــانون‬
‫العــام قــد اختلفــوا فــي وضــع معــايير التفرقــة بيــن القــرار‬
‫الداري والقرار القضائي فمنهم من أخذ بالمعيار الشكلي‪،‬‬
‫ويتضمن أن القرار القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها‬
‫القـانون وليـة القضـاء‪ ،‬ومنهـم مـن أخـذ بالمعيـار الموضـوعي‬
‫وهـو ينتهـي إلـى أن القـرار القضـائي هـو الـذي يصـدر فـي‬
‫خصومة لبيان حكم القانون فيها و بينما رأى آخرون أن يؤخذ‬
‫بالمعيـــارين معـــا) – الشـــكلي والموضـــوعي – وقـــد اتجـــه‬
‫القضاء في فرنسا ثم في مصر إلى هذا الرأي الخير وعلى‬
‫أن الراجــح هــو الخــذ بالمعيــارين معـ )ا مــع بعــض الضــوابط‪،‬‬
‫وبيان ذلك أن القرار القضائي يفترق عن القرار الداري في‬
‫أن الول يصــدر مــن هيئة قــد اســتمدت وليــة القضــاء مــن‬
‫قــانون محــدد لختصاصــها مــبين لجراءاتهــا ومــا إذا كــان مــا‬
‫تصـدره مــن أحكـام نهائيـا) أو قـابل) للطعـن مـع بيـان الهيئات‬
‫الـتي تفصـل فـي الطعـن فـي الحالـة الثانيـة وأن يكـون هـذا‬
‫القـرار حاسـما) فـي خصـومة‪ ،‬أي فـي نـزاع بيـن طرفيـن مـع‬
‫بيان القواعد التي تطبق عليه ووجه الفصل فيه" ‪(2).‬‬

‫ومن الجدير بالذكر انة ينحصر اختصاص محكمة القضاء‬


‫بنظــر طلبــات اللغــاء المتعلقــة بــالقرارات الداريــة ول يمتــد‬
‫اختصاصـها للبحـث فـي مشـروعية أعمـال السـلطة القضـائية‬

‫‪11‬‬
‫‪- De laubadere – Traite droit administrptif – OP –Cit – P 223 .‬‬
‫‪ -‬حكمها رقم ‪ 3940‬لسنة ‪7‬ق في ‪ 13/2/1954‬المجموعة ‪ 1‬لسنة ‪ 9‬بند ‪101‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪. . 128‬‬

‫‪115‬‬
‫أخذا) بمبدأ استقلل القضاء و بالمعيار الشكلي في التمييز‬
‫بين أعمال السلطة القضائية والقرارات الدارية‪.‬‬
‫‪ .‬ويتــبين ذلــك مــن تــوجه محكمــة القضــاء الداري فــي‬
‫العــراق حيــث قضـت )… ومــن جهــة أخــرى وجـد أن الطعــن‬
‫فـي هـذه الـدعوى ينصـرف فـي حقيقتـه إلـى حكـم جـزائي‬
‫واجـب التنفيـذ ليـس للقضـاء الداري وليـة عليـه ممـا يكـون‬
‫طعن المدعيين في هذه الدعوى غير معتبر‪ ،‬عليه واستنادا)‬
‫‪1‬‬
‫(‪().‬‬ ‫إلى ما تقدم قرر رد الدعوى …‬
‫كمـا جـاء فـي فتـوى لمجلـس شـورى الدولـة أن ) قـرار‬
‫الحجـز هـو قـرار إداري تصـدره وفقـا) للصـلحيات المخولـة لهـا‬
‫فــي حيــن أن العقوبــات الســالبة للحريــة وهــي الســجن‬
‫والحبـس واليـداع بالنسـبة للحـداث هـي قـرارات تصـدر عـن‬
‫المحـاكم المختصـة وتأسيسـا علـى مـا تقـدم يـرى المجلـس‬
‫أن قرار الحجز الصادر عن وزير الداخلية ل يعد بمنزلة الحكم‬
‫القضائي () ‪(2‬‬
‫كمـا اخـذت المحكمـة التحاديـة العليـا بالتجـاة ذاتـه‬
‫فـي الـدعوى ‪ / 10‬اتحاديـة ‪ 2005 /‬بتاريـخ ‪ 2006 / 5 / 29‬و‬
‫الذي طلبت فيه محكمة التمييز التحادية بموجب النظر في‬
‫دســــتورية نــــص المــــادة )‪ /20‬أول – ثالثــــا ( مــــن قــــانون‬
‫التقاعـد الموحـد رقـم ‪ 27‬لسـنة ‪ 2006‬والبـت فـي شـرعيته‬
‫باعتبــار ان قــرار لجنــة تــدقيق قضــايا المتقاعــدين عمــل‬
‫قضـائي ول يجـوز تمييـزة امـام مجلـس شـورى الدولـة حيـث‬
‫تــرى الهيئة العامــة ‪ -‬لمحكمــة التمييــز ‪ -‬وبــرأي بــان النــص‬
‫المــذكور غيــر دســتوري علــى اســاس بــان المــادة ‪ 47‬مــن‬
‫دســـتور جمهوريـــة العـــراق نصـــت بـــان تكـــون الســـلطات‬
‫التحاديـة مــن السـلطات التشـريعية والتنفيذيـة والقضـائية‬
‫تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين‬
‫السلطات ‪.‬‬

‫‪- 11‬قرار محكمة القضاء الداري العدد ‪ 27/2001‬في ‪ 2/5/2000‬منشور في مجلة العدالة‪،‬‬
‫العدد الول‪ ،2002 ،‬ص ‪92‬‬
‫‪-2 2‬فتوى مجلس شورى الدولة رقم ‪ 2000 / 9‬في ‪ 23/2/2000‬المنشورة في مجلة‬
‫العدالة‪،‬العدد الول ‪ ،2001 ،‬ص ‪145‬‬

‫‪116‬‬
‫وحيث أن مجلس شورى الدولة يرتبط بوزارة العدل ول‬
‫يعــد مــن أجهــزة الســلطة القضــائية فهــو تــابع للســلطة‬
‫التنفيذيـة ويتكـون مـن رئيـس وأعضـاء غـالبيتهم المطلقـة مـن‬
‫غيـر القضـاة وبالتـالي فـان نظـر الطعـون مـن قبـل المجلـس‬
‫المذكور يخل بمبدأ الفصل بين السلطات وان المادة ‪ 29‬من‬
‫قــانون المرافعــات المدنيــة رقــم ‪ 83‬لســنة ‪ 1969‬نصــت بــان‬
‫تســري وليــة المحــاكم المدنيــة علــى جميــع الشــخاص‬
‫الطبيعيـة والمعنويـة بمـا فـي ذلـك الحكومـة وتختـص بالفصـل‬
‫في كافة المنازعات إل ما استثنى بنص خاص وان التشريع‬
‫المـذكور مـن شـانه الخلل بهـذا المبـدأ خاصـة وان الدسـتور‬
‫الدائم وقبلـه قـانون إدارة الدولة العراقيـة للمرحلـة النتقاليـة‬
‫نـص علـى اسـتقللية القضـاء سـيما وان المشـرع أوجـب أن‬
‫يـرأس هيئة قضـايا المتقاعـدين قاضـي منتـدب مـن مجلـس‬
‫القضـاء وأعضـاء آخريـن فل يجـوز النظـر تميـزا" فـي القـرارات‬
‫الصادرة منها من قبل هيئة قضائية ‪.‬‬
‫وقـد خلصـت المحكمـة التحاديـة العليـا الـى مـايلي ‪) :‬‬
‫أن الفقرة )أ( من البند أول" من المادة‪ 20‬من قانون التقاعد‬
‫الموحـد رقـم ‪ 27‬لسـنة ‪ 2006‬نصـت بتشـكيل لجنـة تسـمى )‬
‫لجنــة تــدقيق قضــايا المتقاعــدين ( برئاســة قاضــي مــن‬
‫الصـــنف الثـــاني ينتـــدبه مجلـــس القضـــاء وعضـــوين مـــن‬
‫المـوظفين القـانونيين ل تقـل درجتهمـا عـن مـدير احـدهما مـن‬
‫وزارة المالية والخر من وزارة الدفاع تتخذ قراراتها بالكثرية‬
‫وينظر في جميع قضايا التقاعد المعترض عليها الناشئة من‬
‫تطـبيق أحكـام القـانون المـذكور ‪ ,‬لـذا تجـد هـذه المحكمـة أن‬
‫هذه اللجنة هي لجنة خاصة شكلت بموجب قانون التقاعد‬
‫الموحـد رقـم ‪ 27‬لسـنة ‪ 2006‬للنظـر فـي شـؤون المتقاعـدين‬
‫مــن مــوظفي الدولــة مــن حيــث الحقــوق التقاعديــة وان‬
‫القــرارات الــتي تصــدرها هــي قــرارات إداريــة ذات طبيعــة‬
‫خاصـة تغلـب عليهـا الصـفة الداريـة وليسـت قـرارات قضـائية‬
‫صـرفة بـالرغم مـن أن اللجنـة يترأسـها قاضـي ينتـدبه مجلـس‬
‫القضـاء لـذا فـان القـرارات الـتي تصـدرها تعتـبر قـرارات ذات‬

‫‪117‬‬
‫طبيعـة خاصـة وحيـث أن البنـد أول" مـن المـادة ‪ 20‬مـن قـانون‬
‫التقاعــد الموحــد عيــن مرجــع الطعــن فــي القــرارات الــتي‬
‫تصـدرها اللجنـة المـذكورة لـدى الهيئة العامـة لـذا للسـباب‬
‫المتقدمـة فـان النـص المتقـدم المنصـوص عليـه فـي البنـد‬
‫ثالثــا" مــن المــادة ‪ 20‬مــن قــانون التقاعــد الموحــد رقــم ‪27‬‬
‫لسنة ‪ 2006‬ل يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ‬
‫استقلل القضاء والتدخل في شؤون السلطة القضائية من‬
‫قبـل السـلطة التنفيذيـة ويكـون طلـب الهيئة العامـة لمحكمـة‬
‫التميز المشار إليه أعله غير وارد ‪ ,‬لذا قرر رد الطلب ( )‪(1‬‬
‫ومــن ذلــك يتــبين ان المحكمــة التجاديــة العليــا قــد‬
‫اعتمـدت المعيـار الشـكلي مـن خلل عـدها القـرارات الـتي‬
‫تصـدرها لجنـة تـدقيق قضـايا المتقاعـدين قـرارات إداريـة ذات‬
‫طبيعـة خاصـة تغلـب عليهـا الصـفة الداريـة وليسـت قـرارات‬
‫قضائية بحكم صدورها من جهة ادارية‪.‬‬
‫ومــن مقتضــيات اعتمــاد القضــاء الداري فــي العــراق‬
‫المعيــار الشــكلي انــه ل يجــوز الطعــن امــامه فــي العمــال‬
‫القضــائية الصــادره مــن رجــال القضــاء والدعــاء العــام الان‬
‫القضاء الداري ليمكن ان يتجاهل المعيار الموضوعي على‬
‫سـبيل السـتثناء مـن الصـل العـام فتسـبغ الصـفة الداريـة‬
‫علـى أعمـال الجهـة القضـائية ذات الطبيعـة الداريـة وتجيـز‬
‫الطعــن فيهــا باللغــاء كتلــك القــرارت المتعلقــة بانظبــاط‬
‫مـــوظفي الجهـــاز القضـــائي وشـــؤون خـــدمتهم اســـتنادا‬
‫للمعيار المزدوج الذي ل يعد العمل قضائيا لمجرد انه صادر‬
‫مــن الســلطه القضــائية وإنمــا يشــترط فيــه أن يفصــل فــي‬
‫خصـومه قانونيـة أو يتعلـق بـإجراءات الفصـل فيهـا أو تنفيـذ‬
‫الحكم الصادر بخصوصها ‪.‬‬

‫ثالثا)‪ -‬القرارات الدارية والعمال المادية‪:‬‬


‫العمــل المــادي مجــرد واقعــة ماديــة غيــر مــؤثرة فــي‬
‫المراكــز القانونيــة الــتي تتصــل بهــا‪ ،‬فــإذا كــان وجــود الثــر‬

‫‪-1‬منشور في الموقع اللكتروني للمحكمة ‪http://iraqijudicature.org/fedraljud.html‬‬

‫‪118‬‬
‫القـانوني هـو معيـار القـرارات الداريـة‪ ،‬فـأن غيبـه هـذا الثـر‬
‫تصبح هي معيار العمال المادية ‪(1) .‬‬
‫والعمــال الماديــة أمــا أن تكــون أفعــال) أداريــة أرادتهــا‬
‫الدارة وتـدخلت لتحقيقهـا مثـل الجـراءات التنفيذيـة الـتي ل‬
‫تسـمو لمرتبـة القـرار الداري كهـدم المنـازل اليلـة للسـقوط‬
‫تنفيذا) لقرار الدارة بالهدم ‪.‬‬
‫وقد تكون أفعال) غير إرادية تقع بطريق الخطأ والهمال‬
‫مثل حوادث السير يسببها أحد موظفي الدارة ‪.‬‬
‫والعمـال الماديـة ل تعتـبر مـن قبيـل العمـال القانونيـة‬
‫الداريــة لنهــا ل ترتــب آثــارا) قانونيــة مباشــرة وتخــرج هــذه‬
‫العمال من نطاق الطعن باللغاء أمام القضاء الداري ‪.‬‬
‫ومـن الجـدير بالـذكر أن عـدم اعتبـار العمـل المـادي قـرارا)‬
‫إداريـا) وأن كـان يمنـع الطعـن فيـه باللغـاء فـأنه يصـح أن يكـون‬
‫محل) لمنازعة تختص المحاكم المدنية بنظرها كما يمكن أن‬
‫يكون محل) لمنازعة إدارية تمس مصالح الفراد عندما يكون‬
‫محل) لطلب التعويض على أساس دعوى القضاء الكامل ‪.‬‬
‫رابعا)‪ -‬القرارات الدارية والعقد الداري‪:‬‬
‫بينـا أن التصـرفات القانونيـة الـتي تجريهـا الدارة وتقصـد‬
‫بها إلى أحداث الثار القانونية أما أن تتمثل بالتصرفات التي‬
‫تقـوم بهـا الدارة مـن جـانب واحـد وبإدارتهـا المنفـردة وتشـمل‬
‫القرارات والوامر الدارية ‪.‬‬
‫وأمـا أن تتمثـل بالعمـال القانونيـة الصـادرة عـن الدارة‬
‫بالشتراك مع بعض الفراد بحيث تتوافق الرادتان وتتجهان‬
‫نحـو إحـداث اثـر قـانوني معيـن وتلجـأ الدارة إلـى إتبـاع هـذا‬
‫السلوب لتحقيق هدفها في إشباع الحاجـات العامة‪ ،‬وفـق‬
‫ما يمكن تسميته بعقود الدارة ‪.‬‬
‫والعقــود الــتي تبرمهــا الدارة ل تخضــع لنظــام قــانوني‬
‫واحـد‪ ،‬فهـي علـى نـوعين‪ :‬الول عقـود الدارة الـتي تخضـع‬
‫للقانون الخاص والتي تماثل العقود التي يبرمها الفراد في‬
‫نطـاق القـانون الخـاص‪ ،‬والنـوع الثـاني هـي العقـود الداريـة‬
‫‪ - 1‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار الداري‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬بدون سنة طبع‪،‬‬
‫ص ‪. 94‬‬

‫‪119‬‬
‫الـتي تخضـع للقـانون العـام والـتي تبرمهـا الدارة باعتبارهـا‬
‫سلطة عامة تستهدف تنظيم مرفق عام‪.‬‬
‫ولـم ينـص قـانون مجلـس شـورى الدولـة علـى اختصـاص‬
‫محكمـة القضـاء الداري بنظـر المنازعـات المتعلقـة بـالعقود‬
‫الداريــة فهــي مــن اختصــاص المحــاكم العاديــة ‪ ،‬بحكــم أن‬
‫وليتها تنحصر بإلغاء القرارات الدارية والتعويض عنها ‪.‬‬
‫ومـع ذلك فقد استقر القضـاء الداري فـي فرنسا ومصر‬
‫علــى أن القــرارات الداريــة الســابقة علــى إبــرام العقــد‬
‫والممهــدة لنعقــاده مثــل قــرارات لجــان فحــص العطــاءات‪،‬‬
‫ولجـان البـت فـي العطـاءات وقـرار اسـتبعاد أحـد المتقـدمين‬
‫وقرار إرساء المناقصة أو المزايدة وقرار إلغائها هي قرارات‬
‫إداريـة مسـتقلة عـن العقـد يجـوز الطعـن بهـا بـدعوى اللغـاء ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وتســـمى هـــذه النظريـــة بنظريـــة العمـــال الداريـــة‬
‫المنفصـلة ‪ Le theorie des actes detachable‬ومقتضـاها أنـه‬
‫يستطيع كل من له مصلحة من الغير أن يطعن باللغاء في‬
‫هـذه القـرارات‪ ،‬أمـا المتعاقـدون فليـس لهـم أن يطعنـوا فـي‬
‫هذه القرارات إل أمام قاضي العقد ‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن إلغاء القرار الداري المنفصل عن‬
‫العقـد ل يـؤدي تلقائيـا) إلـى إلغـاء العقـد‪ ،‬فيظـل العقـد نافـذا) و‬
‫ملزمـا) لطرافـه إلـى أن يفصـل القضـاء العـادي فـي المنازعـة‬
‫المتعلقة به ‪.‬‬

‫المطلــب الثــالث‪ :‬خصــائص القــرار الداري المطعــون‬


‫فيه‬
‫يجـب أن تتـوافر فـي القـرار الداري خصـائص عـدة لكـي‬
‫يمكــن الطعــن فيــه أمــام القضــاء الداري‪ ،‬فل يمكــن قبــول‬
‫الطعن فيه لمجرد أنه قد اكتسب صفة القرار الداري ‪.‬‬

‫‪ -‬عدل عليا ‪ 387/2000‬مجلة نقابة المحاميين العداد الول والثاني ‪– 2002‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪. 117‬‬

‫‪120‬‬
‫أول) ‪ :‬أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية ‪:‬‬
‫يشترط في القرار الداري أن يصدر من سلطة إدارية‬
‫وطنيـة سـواء أكـانت داخـل حـدود الدولـة أو خارجهـا مـن دون‬
‫النظـر إلـى مركزيـة السـلطة أو عـدم مركزيتهـا ‪ ,‬والعـبرة فـي‬
‫تحديـد مـا إذا كـانت الجهـة الـتي أصـدرت القـرار وطنيـة أم ل‬
‫ليــس بجنســية أعضــائها ‪ ,‬وإنمــا بمصــدر الســلطة الــتي‬
‫تستمد منها ولية إصدار القرار ‪.‬‬
‫ولنكـون أمـام قـرار إداري ينبغـي أن يصـدر هـذا القـرار‬
‫مـن شـخص عـام لـه الصـفة الداريـة وقـت إصـداره ول عـبرة‬
‫بتغيــر صــفته بعــد ذلــك ‪ ,‬وهــو مــا يميــز القــرار الداري عــن‬
‫العمــال التشــريعية والقضــائية الــتي بيناهــا وفق ـا) للمعيــار‬
‫الشــكلي ‪ ,‬إذ يتــم النظــر إلــى صــفة الجهــة الــتي قــامت‬
‫بالعمل والجراءات المتبعة في إصداره ‪.‬‬

‫ووفقـا) لهـذا الشـرط ل يمكـن اعتبـار القـرارات الصـادرة‬


‫عـن أشـخاص القـانون الخـاص قـرارات إداريـة إل فـي حـالتين‬
‫اعــترف فيهمــا القضــاء الداري بالصــفة الداريــة للقــرارات‬
‫الصــادرة مــن أشــخاص القــانون الخــاص ‪ ,‬تتعلــق الحالــة‬
‫الولـى بـالقرارات الصـادرة عـن الموظـف الفعلـي أو الظـاهر ‪,‬‬
‫وهـو شـخص تدخل خلفـا) للقـانون فـي ممارسـة اختصاصـات‬
‫وظيفـة عامـة ‪ ,‬متخـذا) مظهـر الموظـف القـانوني المختـص ‪.‬‬
‫)‪ (1‬أمـا فـي الحالـة الثانيـة فتتعلـق بـالقرارات الصـادرة مـن‬
‫ملتزم المرافق العامة ‪(2) .‬‬
‫ثانيا) ‪ :‬صدور القرار بالدارة المنفردة للدارة ‪.‬‬
‫يجـب أن يصـدر القـرار مـن جـانب الدارة وحـدها ‪ ,‬وهـو‬
‫مـا يميـز القـرار الداري عـن العقـد الداري الـذي يصـدر باتفـاق‬
‫أرادتيـــن ســـواء أكـــانت هـــاتين الرادتيـــن لشخصـــين مـــن‬
‫‪ - 1‬ينظر ‪ :‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – نظرية الظاهر في القانون الداري – مجلة الحقوق والشريعة‬
‫الكويتية – س ‪ 4‬ع ‪1‬ص ‪. 58‬‬
‫د‪ .‬زهدي يكن – القانون الداري – المكتبة العصرية – بيروت – ج ‪ – 2‬ص ‪. 386‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬عصمت عبد ال – مبادئ ونظريات القانون الداري – دار النهضة العربية – القاهرة ‪-‬‬
‫‪ -1998‬ص ‪. 22‬‬

‫‪121‬‬
‫أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص‬
‫القانون الخاص ‪.‬‬
‫والقــول بضــرورة أن يكــون العمــل الداري صــادرا) مــن‬
‫جـانب الدارة وحـدها ليكتسـب صـفة القـرار الداري ل يعنـي‬
‫أنـه يجـب أن يصـدر مـن فـرد واحـد ‪ ,‬فقـد يشـترك فـي تكـوينه‬
‫أكـثر مـن فرد كل منهـم يعمل فـي مرحلـة مـن مراحـل تكوينه‬
‫لن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة ‪(1) .‬‬

‫ثالثا) ‪ :‬ترتيب القرار لثار قانونية ‪.‬‬


‫لكـي يكـون القـرار إداريـا) يجـب أن يرتـب آثـارا) قانونيـة‬
‫وذلـك بإنشاء أو تعديل أو إلغـاء مركـز قـانوني معيـن ‪ ,‬فـإذا لـم‬
‫يترتب على العمل الداري ذلك فإنه ل يعد قرارا) إداريا) ‪.‬‬
‫لهـذا نجـد القضـاء الداري الفرنسـي يشـترط فـي القـرار‬
‫المطعــون فيــه باللغــاء أن ينتــج ضــررا) برافــع الــدعوى ‪(2) .‬‬
‫ومن ثم تكون له مصلحة في إلغاء هذا القرار ويتطلب توفر‬
‫عنصرين أساسين للقول بوجود مصلحة للطاعن هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬وجـوب تولـد آثـار قانونيـة عـن القـرار المطعـون فيـه ‪,‬‬
‫ومـن ثـم يجـب اسـتبعاد القـرارات الـتي ل يحـدث آثـارا) قانونيـة‬
‫من نطاق دعوى اللغاء ‪(3) .‬‬
‫‪ -2‬أن يحمـل القـرار قابليـة أحـداث آثـار قانونيـة بنفسـه ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫وبنــاء) علــى ذلــك فــإن العمــال التمهيديــة والتقــارير‬
‫والمذكرات التحضرية التي تسبق اتخاذ القرار ل تعد قرارات‬
‫إداريــة لعــدم تحقــق هــذين العنصــرين ‪ ,‬ونجــد أنــه مــن‬
‫المناسب أن نبين مضمون بعض هذه العمال ‪:‬‬
‫أ‪ -‬العمــال التمهيديــة والتحضــرية ‪ :‬وهــي مجموعــة‬
‫مـــن القـــرارات الـــتي تتخـــذها الدارة وتتضـــمن رغبـــات‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد سعيد حسين أمين – مبادئ القانون الداري – دار الثقافة الجامعية – ‪ – 1997‬ص ‪521‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- F.Benoit – Le Droit Administratif Frncais , Dalloz , 1968 , P 577 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Marcel Waline – Traite de droit Administratif 1963 , P 452 .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Auby et Drago – Traite de contentieux Administratif – 1963 , T 11 , P 460 .‬‬

‫‪122‬‬
‫واستشــارات وتحقيقــات تمهيــدا لصــدار قــرار إداري وهــذه‬
‫العمال ل تولد آثارا) قانونية ول يجوز الطعن فيها باللغاء ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المنشــورات والوامــر المصــلحية ‪ :‬وهــي العمــال‬
‫الـتي تتضـمن تعليمـات وتوجيهـات صـادرة مـن رئيـس الـدائرة‬
‫إلـى مرؤوسـيه لتفسـير القـوانين أو اللـوائح وكيفيـة تطبيقهـا‬
‫وتنفيـــذها ‪ ,‬مـــا دامـــت هـــذه المنشـــورات لـــم تتعـــد هـــذا‬
‫المضمون أما إذا تضمنت أحداث آثار في مراكز الفراد فأنها‬
‫تصبح قرارات إدارية يقبل الطعن فيها باللغاء ‪.‬‬
‫ج‪ -‬العمــال اللحقــة لصــدور القــرار ‪ :‬الصــل أن هــذه‬
‫العمال ل ترتب آثرا) قانونيا) لنها أما أن تكون بمثابة إجراءات‬
‫تنفيذيـة لقـرارات سـابقة فل يقبـل الطعـن فيهـا باللغـاء لنهـا‬
‫تنصــب علــى تســهيل تنفيــذ القــرار الداري الســابق ‪ ,‬ول‬
‫تشـير إلـى قـرارات مسـتقبلة فل يكـون الثـر المـترتب عليهـا‬
‫حال) ‪.‬‬
‫د‪ -‬الجـــراءات الداخليـــة ‪ :‬وتشـــمل إجـــراءات التنظيـــم‬
‫ســــيرها بانتظــــام‬ ‫للمرافق العامة التي تضمن حسن‬
‫واطـراد ‪ ,‬والجـراءات الـتي يتخـذها الرؤسـاء الداريـون فـي‬
‫موظفيهم المتعلقة بتقسيم العمل في المرفق‬ ‫مواجهة‬
‫وتبصير الموظفين بالطريق المثل لممارسة وظائفهم ‪.‬‬
‫وهـذا النـوع مـن الجـراءات ل يـدخل مـن ضـمن القـرارات‬
‫الداريـة الـتي يجـوز الطعـن بهـا أمـام دوائر القضـاء الداري‬
‫لنها ل تؤثر في المراكز القانونية للفراد ‪.‬‬

‫رابعا – ان يكون القرار الداري نهائيا) ‪:‬‬


‫يشـترط فـي القـرار الداري ليكـون محل) لـدعوى اللغـاء‬
‫ان يكـون قـرارا) اداريـا) نهائيـا) ‪ .‬ويقصـد بالنهائيـة وفقـا) لمـا هـو‬
‫مسـتقر فـي الفقـه والقضـاء هـو عـدم خضـوع القـرار الصـادر‬
‫من الدارة لتصديق جهة اخرى ‪.‬‬
‫وبمعنــى آخــر ان يكــون القــرار قــد اســتنفذ جميــع‬
‫المراحـل التحضـيرية اللزمـة لصـداره ‪ ،‬وصـدر مـن السـلطة‬

‫‪123‬‬
‫الـتي تملـك البـت فـي امـره نهائيـا) دون ان يكـون لزمـا) لنفـاذه‬
‫وجــوب عرضــه علــى ســلطة اعلــى لعتمــاده أو التصــديق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وتختلط الصفة النهائية بالنفاذ ‪ ،‬لن القرار النهائي هو‬
‫القــرار الــذي يكــون نافــذا) بمجــرد صــدوره ‪ ،‬ال ان النهائيــة ل‬
‫تمنــع مــن جــواز ســحبه مــن الجهــة الــتي اصــدرته أو وقــف‬
‫تنفيــذه)‪.(1‬وكــذلك ليمنــع مــن الطعــن فــي القــرار ان تقــوم‬
‫الجهــة المختصــة باصـداره بطلــب رأي بعــض الجهــات علـى‬
‫سـبيل السـتئناس مـا دام لهـا وحـدها فـي النهايـة سـلطة‬
‫التقـدير فـي المـر بغيـر لـزوم مـن تدخل لحـق مـن أي سـلطة‬
‫اخرى للتصديق على قرارها)‪.(2‬‬
‫وعلـى ذلـك فـالقرار الـذي يصـلح محل) للطعـن باللغـاء‬
‫يجـب ان ينفـذ لكـي يصـبح المركـز القـانوني الـذي يحـدثه حـال‬
‫ومـؤثرا) امـا الجـراءات التنفيذيـة أو اجـراءات التنظيـم الـداخلي‬
‫الــتي لتــؤثر فــي مركــز قــانوني ‪ ،‬فل ينطبــق عليهــا وصــف‬
‫القرار الداري )‪.(3‬‬

‫د‪ .‬حمدي ياسين عكاشة – القرار الداري في قضاء مجلس الدولة – منشأة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫المعارف ‪ ، 1987‬ص ‪.25‬‬


‫د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط – المصدر السابق – ص ‪. 25‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪() De laubader – Trait’e element de droit administratif P- 253 .‬‬
‫وفي هذا المعنى قضت المحكمة الدارية العليا في مصر )) القرارات التي تصدرها‬
‫مجالس تأديب العاملين بهيئة النقل العام بالقاهرة هي مجرد اعمال تحضيرية تخضع‬
‫لتصديق السلطة الرئاسية ‪ ،‬وليس لها منزلة الحكام التأديبية التي يجوز الطعن فيها‬
‫مباشرة امام المحكمة الدارية العليا وان القرار الصادر بالتصديق على قرار مجلس‬
‫التأديب هو القرار الداري النهائي الذي يرد عليه الطعن(( حكمها في جلسة ‪ 22‬يناير‬
‫‪ 1972‬القضية ‪ 357‬السنة ‪ 13‬ق المجموعة ‪ ،‬ص ‪. 156‬‬

‫‪124‬‬
‫هــذا وقــد درج المشــرع المصــري )‪ ،( 1‬علــى اشــتراط‬
‫النهائيـة فـي القـرارات الداريــة القابلـة للطعـن باللغـاء ‪ .‬امـا‬
‫فـي العـراق فـان المشـرع العراقـي لـم ينـص علـى شـرط أن‬
‫يكـون القـرار نهائيـا) غيـر ان قضـاء محكمـة القضـاء الداري فـي‬
‫العــراق يتطلــب تــوافر هــذا الشــرط ‪ ,‬وفــي ذلــك قضــت‬
‫محكمــة القضــاء الداري فــي حكمهــا ‪/ 11‬قضــاء إداري ‪1991‬‬
‫الصـــادر فـــي ‪ …) 26/1/1991‬قـــررت المحكمـــة رد الـــدعوى‬
‫حيــث لــم يكــن قــرارا) نهائيــا) وحاســما) وحيــث أن القــرارات‬
‫الداريـة الـتي يطعـن فيهـا أمـام هـذه المحكمـة هـي فقـط‬
‫القرارات النهائية الحاسمة (‪(2).‬‬
‫وقد أيدت الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة قرار‬
‫محكمــة القضــاء الداري المــذكور وذلــك بقرارهــا المرقــم‬
‫‪/ 40‬إداري – تمييـز ‪ 1991/‬الصـادر فـي ‪ 24/12/1991‬حيـث جـاء‬
‫فـي قرارهـا )إذ لـم تصـدر الجهـة الداريـة قـرارا) نهائيـا) فـأن‬
‫ذلـك ل يجـوز الطعـن فيـه أمـام محكمـة القضـاء الداري لن‬

‫حرص المشرع المصري على النص على ان تكون القرارات الدارية التي‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫تقبل الطعن باللغاء قرارات نهائية ‪ .‬فقد نصت المادة العاشرة من قانون مجلس‬
‫الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬على شرط النهائية بالنسبة لجميع القرارات الدارية التي‬
‫يجوز الطعن فيها باللغاء امام مجلس الدولة في البنود الخاصة بهذه القرارات على‬
‫النحو التي ‪:‬‬
‫ثالثا ‪ : j‬الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات‬ ‫‪-‬‬
‫الدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترفيه أو يمنح‬
‫العداوات ‪.‬‬
‫خامسا ‪ : j‬الطلبات التي يقدمها الفراد او الهيئات بالغاء القرارات‬ ‫‪-‬‬
‫الدارية النهائية ‪.‬‬
‫سادسا ‪ : j‬الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات‬ ‫‪-‬‬
‫الدارية في المنازعات والضرائب والرسوم وفقا ‪ j‬للقانون الذي ينظم‬
‫كيفية نظر هذه المنازعات امام مجلس الدولة ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ : j‬الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من‬ ‫‪-‬‬
‫جهات ادارية لها اختصاص قضائي ‪ ،‬فيما عدا القرارات الصادرة من‬
‫هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل وذلك متى كان مرجع‬
‫الطعن عدم الختصاص أو عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو‬
‫اللوائح ‪ ،‬أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها ‪.‬‬
‫تاسعا ‪ : j‬الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بالغاء‬ ‫‪-‬‬
‫القرارات النهائية للسلطات التأديبية ‪.‬‬
‫‪ - 12‬اشار اليه‪ .‬صالح إبراهيم احمد المتيوتي ‪ ،‬شروط الطعن امام محكمة القضاء الداري في‬
‫العراق‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون ‪ ،‬جامعة بغداد ‪ ،1994 ،‬ص ‪. 26‬‬

‫‪125‬‬
‫القرارات التي يطعن فيها أمامها هي فقط القرارات النهائية‬
‫الحاسمة ()‪.(1‬‬

‫خامسـا) – ان ليكـون القـرار الداري محصـنا) مـن الطعـن‬


‫باللغاء ‪.‬‬
‫إن مـــن مظـــاهر ســـيادة القـــانون ان تخضـــع جميـــع‬
‫تصــرفات الدولــة لرقابــة القضــاء ‪ ،‬فهــو الوســيلة الوحيــدة‬
‫للحفـاظ علـى حقـوق الفـراد فـي مواجهـة الدولـة بهيئاتهـا‬
‫المختلفــة التشــريعية والتنفيذيــة )‪.(2‬فالقضــاء وحــدة يملــك‬
‫تقــويم الدارة واجبارهــا علــى احــترام المشــروعية اذا مــا‬
‫حــادت عنهــا ول شــك ان فــي ذلــك ضــمانة مهمــة لحمايــة‬
‫حقــوق الفــراد وحريــاتهم ‪ ،‬تتــم مــن خلل الســماح للفــراد‬
‫بــالطعن فــي قــرارات الدارة اذا مســت مصــالحهم طــالبين‬
‫الغائها أو التعويض عنها ‪.‬‬
‫واذا كــان الصــل خضــوع الدارة لرقابــة القضــاء فــان‬
‫مستلزمات المصلحة العامة قد قضت بالتخفيف من صرامة‬
‫المبـدأ فسـمحت بموازنـة مبـدأ خضـوع الدارة للقـانون ‪ ،‬وقـد‬
‫بينـا فـي حـديثنا عـن مبـدأ المشـروعية هـذا الموضـوع بشـيء‬
‫من التفصيل ‪.‬‬
‫ال ان الــدول تبــالغ احيانــا) فــي اســتبعاد الكــثير مــن‬
‫القـــرارات الداريـــة مـــن الخضــــوع للطعـــن امـــام القضـــاء‬
‫لعتبــارات مختلفــة فبالضــافة الــى اعمــال الســيادة الــتي‬
‫اخرجهــا المشــرع مــن رقابــة القضــاء فــي قــانون الســلطة‬
‫القضــائية رقــم )‪ (26‬لســنة ‪) 1963‬الملغــي( فــي المــادة‪()4‬‬
‫منـه و قـانون التنظيـم القضـائي رقـم ‪ 160‬لسـنة ‪ 1979‬فـي‬
‫مادته العاشرة و القانون رقم )‪ (106‬لسنة ‪ 1989‬وهو قانون‬
‫التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة‬
‫‪ 1979‬في مادته السابعة البند خامس )ا ‪.‬‬

‫‪ -21‬المصدر نفسة ‪-‬ص ‪26‬‬


‫‪G. Vedel, Droit administratif presses Universite,‬‬ ‫‪De France , paris P-‬‬ ‫‪()2‬‬
‫‪. 266‬‬

‫‪126‬‬
‫فأننــا نجــد ان المشــرع العراقــي قــد اخــرج القــرارات‬
‫الداريـة الـتي تتخـذ تنفيـذا) لتوجيهـات رئيـس الجمهوريـة وفقـا)‬
‫لصــلحياته الدســتورية)‪ , (3‬كمــا اخــرج العديــد مــن القــرارات‬
‫الخاصـة بتطـبيق بعـض التشـريعات مـن رقابـة القضـاء ومـن‬
‫خلل تتبع أحكام القضاء نلمس التزامه بتطبيق ما جاءت به‬
‫تلــك التشــريعات المانعــة فنجــده يحكــم بعــدم قبــول كافــة‬
‫الدعاوى التي موضوعها قرارات إدارية منع المشرع القضاء‬
‫من قبول الطعن فيها باللغاء أمامه ‪ ،‬ومن ذلك ما جاء بحكم‬
‫محكمـــة القضـــاء الداري الصـــادر فـــي ‪) 22/9/2004‬لـــدى‬
‫التـدقيق والمداولـة وجـد أن ابـن المـدعي طـالب فـي الصـف‬
‫الثــالث فــي مدرســة بلط الشــهداء التابعــة لتربيــة بغــداد‬
‫الكـرخ ‪ 2 /‬وانـه فصـل مـن المدرسـة للعـام الدراسـي ‪/ 2003‬‬
‫‪ 2004‬بمــوجب قــرار المدرســة المرقــم ‪ 12‬فــي ‪28/2/2004‬‬
‫وذلــك لتجــاوز غيابــاته المــدد المقــررة البالغــة )‪ (26‬يوم ـا) وان‬
‫المــدعي اعــترض علــى القــرار لــدى تربيــة بغــداد الكــرخ ‪2/‬‬
‫وزارة التربيــة دون نتيجــة ولــدفع وكيلــه المــدعي عليــه ‪/‬‬
‫إضـافة لـوظيفته انـه بمـوجب القـانون رقـم )‪ (34‬لسـنة ‪1998‬‬
‫قـانون وزارة التربيـة وبالمـادة )‪ (38‬منـه منعـت المحـاكم مـن‬
‫ســماع الــدعاوى الــتي تقــام علــى وزارة التربيــة أو الــدوائر‬
‫التابعة لها في كل ما يتعلق بالقبول والنتقال أو المتحانات‬
‫أو العقوبـات النضـباطية الـتي تفـرض علـى التلميـذ والطلب‬
‫بسـبب الرسـوب وكغيـره ولكـون الـوزارة والـدوائر كـل حسـب‬
‫اختصاصـه حـق البـت فـي الشـكوى الـتي تنشـأ مـن هـذه‬
‫المــور عليــه ومــن كــل مــا تقــدم يتضــح أن المــدعي ســلك‬
‫طريـق الشـكوى لـدى المـدعي عليـه وان القـانون رقـم )‪(34‬‬
‫‪ -3‬ومن أحكام القضاء الداري بهذا الشأن حكم محكمة القضاء الداري رقم ‪ /12‬قضاء إداري‪/‬‬
‫‪ 1992‬في ‪) 13/2/1992‬وان القرارات التي تصدر عن ديوان الرئاسة هي التي تتم بناء‪ j‬على‬
‫توجيهات السيد رئيس الجمهورية حسب الختصاصات الممنوحة له بموجب القانون ‪ ،‬خاصة‬
‫وان المر المشار إليه آنفا قد صدر مخاطبا ‪ j‬جهة التنفيذ تحريريا‪ ،j‬عليه وحيث أن اختصاصات‬
‫مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة ‪ 1979‬المعدل بالقانون رقم ‪ 106‬لسنة ‪ .1989‬كما أن‬
‫هذه المحكمة ل تختص بالقرارات الدارية التي تتخذ تنفيذا ‪ j‬لتوجيهات رئيس الجهورية وفقا ‪j‬‬
‫لصلحياته الدستورية تطبيقا ‪ j‬لمنطوق المادة )‪ (7‬خامسا ‪ / j‬ب ‪ /‬وحيث أن القرار المطعون فيه‬
‫قد صدر عن المدعي عليه تنفيذا ‪ j‬لمر ديوان الرئاسة فتكون دعوى المدعيين واجبه الرد لعدم‬
‫اختصاص هذه المحكمة في نظر القرار المطعون فيه لذا قرر بالتفاق رد دعوى المدعيين(‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫لســنة ‪ 1998‬قــانون وزارة التربيــة وبالمــادة )‪ (38‬منــه منــع‬
‫المحـاكم مـن سـماع الـدعاوى الـتي تقـام علـى وزارة التربيـة‬
‫والـدوائر التابعـة لهـا أو المـدارس أو المعاهـد لـذا قـرر الحكـم‬
‫‪1‬‬
‫()(‪.‬‬ ‫برد دعوى المدعي …‬
‫ول شـــك ان هـــذة الســـتثناءات تتنـــافى مـــع مبـــدأ‬
‫المشـروعية وضـرورة خضـوع الدارة للقـانون وتفتـح المجـال‬
‫امـام تعسـفها وانتهـاك حقـوق الفـراد وحريـاتهم‪ .‬علوة علـى‬
‫عـدم دسـتوريتها فقـد نـص الدسـتور العراقـي الصـادر عـام‬
‫‪ 2005‬فــي المــاده ‪) 97‬يحظـــر النـــص فــي القـــوانين علــى‬
‫تحصين اي عمل او قرار اداري من الطعن‪(.‬‬

‫سادسـا‪ :‬ان ليكـون للقـرار الداري طريقـا خاصـا للطعـن‬


‫فيه‬
‫اخــرج المشــرع فــي القــانون رقــم ‪ 106‬لســنة ‪1989‬‬
‫)قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪65‬‬
‫لســنة ‪ .(1979‬وبعــد أن كــان منتظــرا منــه ان يبســط وليــة‬
‫القضــاء الداري علــى جميــع المنازعــات الــتي تكــون الدارة‬
‫طرفـا) فيهـا بوصـفها سـلطة عامـة‪ ،‬مـن اختصاصـات محكمـة‬
‫القضــاء الداري العديــد مــن القــرارات الداريــة ممــا حــد مــن‬
‫ســلطة القضــاء الداري ‪,‬اذ نصــت المــادة الســابعة‪ /‬البنــد‬
‫خامســـا)‪ /‬الفقرتيـــن جــــ مـــن القـــانون علـــى اســـتبعاد‬
‫) القـرارات الداريـة الـتي رسـم القـانون طريقـا) للتظلـم منهـا‬
‫أو العتراض عليها أو الطعن فيها(‪.‬‬
‫‪،‬‬
‫ومن التشريعات التي رسم المشرع طريقا للطعن في‬
‫القــرارات الداريــة الناشــئة عــن تطبيقهــا قــانون الصــلح‬
‫الزراعـي رقـم ‪ 17‬لسـنة ‪ 1970‬وقـانون التقاعـد المـدني رقـم‬
‫‪ 20‬لســنة ‪ 1970‬وقــانون الســتملك رقــم ‪ 12‬لســنة ‪1980‬‬
‫الى غير ذلك من تشريعات يحفل بها النظام القانوني عين‬

‫‪ ()1‬قرار محكمة القضاء الداري المرقم ‪ 60/2004‬والصادر في ‪ 22/9/2004‬غير منشور‬

‫‪128‬‬
‫لهــا المشــرع العراقــي مرجعــا للطعــن فيهــا امــام لجــان او‬
‫مجالس ادارية ذات اختصاص قضائي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الشروط المتعلقه برافع دعوى اللغاء‬

‫من المسلم به عدم قبول أي دعوى ما لم تكن لرافعها‬


‫مصـلحة مـن أقامتهـا‪ ،‬ومـتى مـا قـامت المصـلحة عنـد رفـع‬
‫الـدعوى‪ ،‬فل بـد أيضـا) مـن أن تتـوافر فيـه أهليـة المخاصـمة‬
‫لدى القضاء ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬شرط المصلحة‬


‫المصـلحة شـرط أساسـي لقبـول الـدعاوى كافـة ومنهـا‬
‫دعـوى اللغـاء أمـام محكمـة القضـاء الداري‪ ،‬تعـرف المصـلحة‬
‫عمومــا) بأنهــا )الفــائدة أو المنفعــة الــتي يمكــن أن يحصــل‬
‫عليهـــا رافعهـــا فـــي حالـــة إجـــابته إلـــى طلبـــه ()‪ (1‬ومـــن‬
‫المستقر قضاء) أنه ل يقبل أي طلب أو دفع ل يكون لصاحبه‬
‫فيه مصلحة قائمة يقرها القانون‪.‬‬

‫)( د‪ .‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 319‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪129‬‬
‫إل أن المصـلحة فـي دعـوى اللغـاء تتميـز عـن تلـك الـتي‬
‫تتطلبهـا الـدعاوى العاديـة أمـام المحـاكم العاديـة أو دعـوى‬
‫القضاء الكامل ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬طبيعة المصحة في دعوى اللغاء‪:‬‬


‫إذا كـان المسـتقر فـي قـوانين المرافعـات أن المصـلحة‬
‫الـتي تـبرر قبـول الـدعوى يجـب أن تسـتند إلـى حـق اعتـدى‬
‫عليــه أو مهــدد بالعتــداء عليــه‪ ،‬فــأن المصــلحة فــي دعــوى‬
‫اللغـاء ل يشـترط فيهـا أن تسـتند إلـى حـق لرافعهـا اعتـدت‬
‫عليه الدارة أو هددت بالعتداء عليه ‪.‬‬
‫فقد درج الفقه والقضاء الداريان على أنه يكفي لقبول‬
‫دعـوى اللغـاء تـوفر شـرط المصـلحة الشخصـية مباشـرة دون‬
‫السـتناد إلـى حـق مكتسـب للطـاعن كمـا هـو الشـأن فـي‬
‫القضاء المدني ‪.‬‬
‫وعدم اشتراط استناد المصلحة في دعوى اللغاء إلى‬
‫حــق للطــاعن أدى إلــى اتســاع ميــداينها بوصــفها دعــوى‬
‫موضـوعية تخاصـم القـرارات الداريـة غيـر المشـروعة‪ ،‬بقصـد‬
‫حماية مبدأ المشروعية ‪(1) .‬‬
‫وعـزز هـذا التجـاه أن المشـرع الفرنسـي فـي القـانون‬
‫الساسـي الـذي نظـم مجلـس الدولـة الفرنسـي الصـادر فـي‬
‫‪ ،24/2/1872‬وفـي القـانون الحـالي فـي للمجلـس لـم يشـترط‬
‫تـوفر المصـلحة لـدى الطـاعن فـي دعـوى اللغـاء ثـم ليـس‬
‫للقضـاء أن يقيـد الـدعوى بهـذا الشـرط‪ ،‬ممـا دفـع جـانب مـن‬
‫الفقه إلى القول بأن دعوى اللغاء دعوى حسبة ‪(2) .‬‬
‫غيـر أن جـانب أخـر منهـم ذهـب إلـى أن صـمت المشـرع‬
‫الفرنسـي عـن اشـتراط المصـلحة فـي دعـوى اللغـاء يعـود‬
‫إلـى أنـه قـد تـرك لقضـاء مجلـس الدولـة أمـر تنظيـم دعـوى‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪.184‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد عبد السلم مخلص –نظرية المصلحة في دعوى اللغاء – المصدر‬ ‫‪2‬‬

‫السابق – ص ‪.112‬‬

‫‪130‬‬
‫اللغـاء‪ ،‬فهـذه الـدعوى فـي معظـم أحكامهـا هـي مـن خلـق‬
‫القضاء ‪(1) .‬‬
‫وأيـا) كـان المـر فـأن القضـاء الداري فـي فرنسـا و مصـر و‬
‫العــراق قــد اشــترط تــوافر المصــلحة لــدى الطــاعن باللغــاء‬
‫لقبول دعواه ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬أوصاف المصلحة في دعوى اللغاء‪:‬‬


‫يشترط القضاء توافر أوصاف معينة في المصلحة حتى‬
‫يتـم قبـول دعـوى اللغـاء‪ ،‬وتتحـدد هـذه الوصـاف فـي ضـرورة‬
‫أن تكـون هـذه المصـلحة شخصـية ومباشـرة) مـن ناحيـة وأن‬
‫تتعلق بمصلحة مادية أو أدبية من ناحية أخرى ‪.‬‬
‫وقد اشترط المشرع العراقي في المادة السابعة من‬
‫قـانون مجلـس شـورى الدولـة أن يكـون الطعـن المقـدم إلـى‬
‫محكمــة القضــاء الداري مــن )ذي مصــلحة معلومــة وحالــة‬
‫وممكنة … ( ‪.‬‬

‫‪ .1‬المصلحة الشخصية المباشرة‪:‬‬


‫اتفـق الفقـه والقضـاء علـى أن المصـلحة المـبررة لقبـول‬
‫دعـوى اللغـاء أمـام القضـاء الداري لبـد أن تكـون مصـلحة‬
‫شخصـية فل تقبـل الـدعوى مـن شـخص ل مصـلحة لـه فـي‬
‫إلغاء القرار الداري‪ ،‬مهما كانت صلته بصاحب المصلحة ‪.‬‬
‫فالمصـلحة الشخصـية هـي سـند قبـول دعـوى اللغـاء‬
‫وهــي غايتهــا‪ ،‬ومــا تحقيــق المشــروعية فــي القــرار محــل‬
‫الطعن سوى تأكيد هذه المصلحة وحمايتها ‪(2) .‬‬
‫وتتضح المصلحة الشخصية من خلل الصلة الشخصية‬
‫للمــدعي بــالقرار المطعــون فيــه والضــرر الــذي تســببه لــه‪،‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪.540‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف –المصدر السابق – ص ‪. 213‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪131‬‬
‫وبمعنـى آخـر أن يكـون الطـاعن فـي حالـة قانونيـة يـؤثر فيهـا‬
‫القرار المطعون فيه تأثيرا) مباشرا) ‪.‬‬
‫مــع ذلــك يجــوز أن تتحــد المصــلحة عنــد مجموعــة مــن‬
‫الفـراد وتكـون المصـلحة شخصـية تـبرر قبـول دعـوى اللغـاء‪،‬‬
‫مثلما هو الحال في مصلحة المنتفعين من مرفق عام تقرر‬
‫إلغـاؤه ففـي هـذه الحالـة يجـوز أن ترفـع دعـوى واحـدة تجمـع‬
‫هـؤلء الفـراد الـذين ل ينتمـون إلـى طائفـة أو جماعـة تتمتـع‬
‫بالشخصية المعنوية ‪(1) .‬‬

‫‪ .2‬المصلحة المادية والمصلحة الدبية‪:‬‬


‫اسـتقر القضـاء الداري علـى أنـه يكفـي لقبـول دعـوى‬
‫اللغاء أن يكون للطاعن مصلحة شخصية مباشرة‪ ،‬مادية أو‬
‫أدبيــة‪ ،‬ومــن المثلــة علــى المصــلحة الماديــة " مصــلحة‬
‫الطاعن بإلغـاء قرار الدارة المتعلق بغلـق محلـه التجاري‪ ،‬أو‬
‫رفضها منحه رخصة مزاولة مهنة معينة " ‪.‬‬
‫وتتمثـل المصـلحة الدبيـة بقـرارات الداريـة الـتي تمـس‬
‫سـمعة الموظـف واعتبـاره‪ ،‬عنـدما يطلـب إلغـاء قـرار تـأديبه‬
‫المقنـع علـى الرغـم مـن أنـه أحيـل علـى المعـاش بنـاء) علـى‬
‫رغبتـه)‪ ،( 2‬أو كمـا لـو تعلـق القـرار بغلـق مكـان للعبـادة أو منـع‬
‫ممارسة الشعائر الدينية فيه ‪.‬‬

‫‪ .3‬المصلحة المحققة والمصلحة المحتملة‪:‬‬

‫‪ -‬ينظر في ذلك ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين – دعوى اللغاء أمام القضاء الداري – دار الكتب‬
‫القانونية – ‪– 1998‬ص ‪.365‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد عبد السلم مخلص المصدر السابق – ص ‪.35‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 153‬‬
‫‪ -‬محكمة القضاء الداري المصري بتاريخ ‪ 18/1/1955‬المجموعة الجزء الثاني ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.1023‬‬

‫‪132‬‬
‫مــن المتفــق عليــه أنــه يجــب أن يكــون لرافــع الــدعوى‬
‫مصـلحة محققـة حـتى يمكـن قبـول دعـوى اللغـاء‪ ،‬ويتحقـق‬
‫ذلك بصفة عامة إذا حصل ضرر حال بمصلحة الطاعن سواء‬
‫من الناحية المادية أو الدبية ‪.‬‬
‫ويظهـر الشـك عنـدما تكـون المصـلحة محتملـة وعنـدما ل‬
‫يكـون الضـرر واقعـا) فعل) علـى الطـاعن وإنمـا يحتمـل الوقـوع‬
‫فترفع الدعوى ل لدفع الضرر الذي وقع بالفعل وإنما لتوقي‬
‫الضرر قبل وقوعه ‪.‬‬
‫وإذا نظرنــا إلــى اتجــاه المشــرع فــي الــدعاوى العاديــة‬
‫نجــده قــد توســع فــي تفســير المصــلحة وســمح بقبــول‬
‫المصلحة المحتملة على سبيل الستثناء لدفع ضرر محدق‬
‫أو لستيثاق حق يخشى زوال دليله ‪.‬‬
‫وإذا كـان المـر كـذلك فـي الـدعاوى العاديـة الـتي تسـتند‬
‫فيهـا المصـلحة إلـى حـق فـأن التوسـع فـي شـرط المصـلحة‬
‫فـي دعـوى اللغـاء يكـون مـن بـاب أولـى‪ ،‬ل سـيما أن انتظـار‬
‫الطاعن حتى تصبح مصلحته محققة فيه مخاطرة من حيث‬
‫احتمـال فـوات مـدة الطعـن وهـي قصـيرة غالبـا) ‪ .‬المـر الـذي‬
‫دعـــى المشـــرع العراقـــي الـــى أجـــازة قبـــول المصـــلحة‬
‫المحتملـة فـي دعـوى اللغـاء صـراحة وذلـك فـي الفقـرة )د (‬
‫مــن المــادة الســابعة مــن قــانون مجلــس شــورى الدولــة‬
‫المعـدل رقـم )‪ (65‬لسـنة ‪ 1979‬والـتي نصـت علـى )بنـاء علـى‬
‫طعـــن ذي مصـــلحة معلومـــة وحالـــة ممكنـــة ومـــع ذلـــك‬
‫فالمصــلحة المحتملــة تكفــي إذا كــان هنــاك مــا يــدعو إلــى‬
‫التخوف من إلحاق ضرر بذوي الشأن( ‪.‬‬
‫ومـن جـانب آخـر فـأن دعـوى اللغـاء مـن حيـث طبيعتهـا‬
‫تنتمـي إلـى القضـاء الموضـوعي وتسـتهدف تحقيـق مصـلحة‬
‫عامـة وهـذه المصـلحة محققـة دائمـا) لن الجماعـة يعنيهـا أن‬

‫‪133‬‬
‫تتـم المشـروعية علـى الـوجه الكمـل )‪،( 1‬وليـس فـي قضـاء‬
‫محكمة القضاء الداري ما يخالف هذا التجاه ‪.‬‬
‫ثالثا)‪ -‬وقت توفر المصلحة‪:‬‬
‫ل خلف فـي ضـرورة تـوفر المصـلحة عنـد رفـع الـدعوى‬
‫وإل حكـم بعـدم قبولهـا‪ ،‬ويظهـر الخلف حـول وجـوب اسـتمرار‬
‫المصلحة حتى الفصل في الدعوى ‪.‬‬
‫فقــد اســتقر مجلــس الدولــة الفرنســي علــى الكتفــاء‬
‫بقيام المصلحة وقت رفع الدعوى وعدم اشتراط استمرارها‬
‫إلـى وقـت الفصـل فيهـا ‪ .‬فـإذا زالـت هـذه المصـلحة يسـتمر‬
‫في نظر الدعوى وإصدار حكمه ‪(1) .‬‬
‫وأيـد الفقـه هـذا التـوجه مـن المجلـس علـى أسـاس أن‬
‫دعــوى اللغــاء دعــوى موضــوعية تــوجه إلــى ذات القــرار‬
‫الداري وتهــدف إلــى حمايــة مبــدأ المشــروعية وســيادة‬
‫القانون وهي ترفع لتحقيق مصلحة الجماعة بالضافة إلى‬
‫المصلحة الخاصة للطاعن ‪.‬‬
‫أما مجلس الدولة المصري فقد تردد في أحكامه إذ أنه‬
‫أخـذ أحيانـا) بضـرورة تـوفر المصـلحة فـي وقـت رفـع دعـوى ول‬
‫يتطلب استمرارها حتى الفصل فيها ‪.‬‬
‫ويعــود فــي أحيــان أخــرى ليشــترط وجــود المصــلحة‬
‫واسـتمرارها لحيـن الفصـل فيهـا‪ ،‬ويبـدو أن هـذا التجـاه هـو‬
‫الغـالب قـي القضـاء الداري المصـري‪ ،‬فقـد ذهبـت المحكمـة‬
‫الداريــة العليــا فــي حكــم لهــا إلــى أنــه ‪ " :‬يشــترط لقبــول‬
‫دعـوى اللغـاء أن يتـوافر فـي رافعهـا شـرط المصـلحة ويتعيـن‬
‫تـوافر هـذا الشـرط مـن وقـت رفـع دعـوى لحيـن الفصـل فيهـا "‬
‫‪(2) .‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪.352‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪.298‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 496‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا رقم ‪ 1915‬بتاريخ ‪ 4/4/1987‬السنة ‪ 31‬ق‬ ‫‪2‬‬

‫المجموعة السنة الثانية والثلثون – ص ‪.118‬‬

‫‪134‬‬
‫ويؤيـد السـتاذ الـدكتور سـليمان محمـد الطمـاوي هـذا‬
‫التجـاه فيقـول أنـه لعتبـارات عمليـة يفضـل المسـلك الـذي‬
‫يشـترط اسـتمرار المصـلحة حـتى صـدور الحكـم فـي الـدعوى‬
‫لن ذلـك يخفـف العبـء علـى كاهـل مجلـس الدولـة مـن ناحيـة‬
‫ولن رقابـة قضـاء اللغـاء حديثـة نسـبيا) فـي مصـر مـن ناحيـة‬
‫أخرى ‪(1) .‬‬
‫وأيا) كانت التبريرات فقد جانب هذا التجاه الصواب نظرا)‬
‫للطبيعــة الموضــوعية لــدعوى اللغــاء ودورهــا المهــم فــي‬
‫الحفـاظ علـى مبـدأ المشـروعية الـتي تتطلـب اسـتمرار نظـر‬
‫الـدعوى وأن زالـت المصـلحة الشخصـية لرافعهـا أثنـاء السـير‬
‫فيهـــا لن هنـــاك مصـــلحة أخـــرى تتمثـــل بحمايـــة مبـــدأ‬
‫المشروعية وهذه المصلحة تبقى ول تزول بزوال الولى ‪.‬‬
‫ورغـم اننـا لـم نلمـس توجـة معيـن مـن القضـاء الداري‬
‫فــي العــراق اتجــاه هــذا الموضــوع فأننــا نرجــو ان يشــترط‬
‫القضـــاء تـــوافر المصـــلحة وقـــت رفعهـــا دون ان يتطلـــب‬
‫اسـتمرارها حـتى انتهـاء الـدعوى لمـا فـي ذلـك مـن أثـر فـي‬
‫احــترام مبــدأ المشــروعية وســيادة القــانون وتماشــيا) مــع‬
‫طبيعـة دعـوى اللغـاء والحجيـة المطلقـة للحكـام الصـادرة‬
‫فيها‪(2).‬‬
‫أما حالة سحب الدارة لقرارها غير لمشروع أثناء سير‬
‫الــدعوى فــأن المحكمــة تلــزم بــالتوقف عــن الفصــل فــي‬
‫الـدعوى لن السـحب يعـدم القـرار المطعـون فيـه منـذ صـدوره‬
‫فلــم يعــد محل) للطعــن فيــه وتصــبح المصــلحة فــي إلغــائه‬
‫منتفية مما يتأذى معه الحكم بانتهاء الخصومة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شرط الهلية‬


‫يشـترط فـي الطـاعن بالضـافة إلـى شـرط المصـلحة أن‬
‫يكـون أهل) للتقاضـي‪ ،‬فـإذا لـم يكـن أهل) لمباشـرة الـدعوى‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي ‪ -‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 442‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ينظر في نفس الرأي – د‪ .‬محمد العبادي – قضاء اللغاء مكتبة دار الثقافة –‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.136‬‬

‫‪135‬‬
‫بنفسـه لنقـص فـي أهليتـه‪ ،‬تعيـن علـى القاضـي رد الـدعوى‬
‫إذ أن صـاحب الصـفة فـي إقامتهـا فـي هـذه الحالـة نـائبه أو‬
‫وصـيه ويتعيـن علـى هـذا الخيـر أن يـبرز الوثـائق القانونيـة‬
‫الـتي تثبـت أنـه يتصـرف نيابـة عـن صـاحب المصـلحة فاقـد‬
‫الهليـــة أو ناقصـــها قبـــل مباشـــرة الـــدعوى ‪ .‬وقـــد حـــدد‬
‫المشـرع العراقـي سـن الرشـد باتمـام ثمـاني عشـرة سـنة‬
‫ميلدية‪(1) .‬‬
‫وقـد أوضـحت المـادة ‪ 46‬مـن القـانون المـدني العراقـي‬
‫"كــل شــخص بلــغ ســن الرشــد متمتع ـا) بقــواه العقليــة غيــر‬
‫محجـور عليـه يكـون كامـل الهليـة لمباشـرة حقـوقه المدنيـة‬
‫" ‪(2) .‬‬
‫وإذا كـان الطـاعن شـخص مـن أشـخاص القـانون الخـاص‬
‫غير الطبيعية فل يجوز لها مباشرة حق التقاضي ما لم تكن‬
‫متمتعة بالشخصية المعنوية ‪(3) .‬‬
‫أمــا إذا كــان الطــاعن فــي القــرار الداري جهــة إداريــة‬
‫فينصــرف عنــدئذ مفهــوم الهليــة إلــى معنــى الختصــاص‪،‬‬
‫ويتولى رفع دعوى تجاوز حدود السلطة الشخص المعنوي‬
‫الــذي يتبــع لــه المرفــق العــام صــاحب المصــلحة‪ ،‬وبطبيعــة‬
‫الحال تحدد القوانين واللوائح السلطة المختصة التي يكون‬
‫لها حق التقاضي باسم الجهة الدارية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫تظلم صاحب الشأن‬

‫يعد أسلوب التظلم الداري أحد الوسائل التي يمنحها‬


‫المشـرع للفـراد للمطالبـة بعـدول الدارة عـن قـرار اتخـذته‬
‫‪ -‬المادة ‪ 106‬من القانون المدني العراقي ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 46‬من القانون المدني العراقي ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 48‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪136‬‬
‫بحقهـم ‪ ,‬ومـن التشـريعات مـن جعـل طريـق التظلـم الداري‬
‫أمـرا لبـد مـن سـلوكه ابتـداء) ‪ ،‬لكـي يمكـن بعـد ذلـك قبـول‬
‫الطعون الموجهة ضد القرارات الدارية أمام القضاء الداري‬
‫وهو ما تطلبه المشرع العراقي حينما اشترط لقبول الطعن‬
‫فــي القــرار الداري أمــام محكمــة القضــاء الداري أن يكــون‬
‫الطاعن قد سلك طريق التظلم أمام الدارة )‪. (1‬‬

‫ويمكـن ان نعـرف التظلـم الداري بـأنه طلـب يتقـدم بـه‬


‫صـاحب الشـأن إلـى الجهـة الداريـة الـتي أصـدرت القـرار أو‬
‫إلـى الجهـة الرئاسـية لهـا يطلـب فيـه إعـادة النظـر فـي القـرار‬
‫الداري بالغائه اوسحبه أو تعديله ‪.‬‬

‫والتظلــم قــد يكــون اختياريــا عنــدما يلجــأ إليــه صــاحب‬


‫المصـلحة لمطالبـة الدارة بإعـادة النظـر فـي قرارهـا دون أن‬
‫يلزمــه القــانون بــذلك‪ .‬والتظلــم الختيــاري هــو الصــل فــي‬
‫فرنســا ومصــر حيــث أن القاعــدة فيهــا أن التظلــم هــو أمــر‬
‫اختياري ‪.‬‬
‫كمــا قــد يكــون التظلــم وجوبيــا عنــدما يلــزم القــانون‬
‫تقــديمه إلــى الجهــة الداريــة صــاحبة القــرار ويرتــب علــى‬
‫إغفـاله رفـض قبـول الـدعوى‪ .‬ول يأخـذ المشـرع فـي فرنسـا‬
‫ومصــر بــالتظلم الوجــوبي إل فــي حــالت اســتثنائية نصــت‬
‫على وجوب استنفاذهذا لطريق قبل مراجعة القضاء‪.(2) .‬‬

‫و فــي العــراق فقــد اشــترط المشــرع العراقــي فــي‬


‫المـــادة)‪/ 7‬البنـــد ثانيـــا) ‪ /‬و( مـــن قـــانون مجلـــس شـــورى‬
‫الدولــة المعــدل التظلــم الوجــوبي لــدى الجهــه الداريــة‬
‫المختصــه قبــل رفــع دعــوى اللغــاء امــام محكمــة القضــاء‬
‫الداري فقــد ورد انــه )يشــترط قبــل تقــديم الطعــن أمــام‬
‫‪ -‬صالح إبراهيم احمد المتيوتي‪ ،‬شروط الطعن أمام محكمة القضاء الداري في العراق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬


‫)(‪-‬نص المشرع في مصر في المادة )‪ (12‬من قانون مجلس الدولة رقم )‪ (47‬لسنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 1972‬اشترطت التظلم من عدد من القرارات المتعلقة بالوظيفة العامة قبل رفع دعوى‬
‫اللغاء بصددها‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫محكمــة القضــاء الداري أن يتظلــم الطــاعن لــدى الجهــة‬
‫الداريــة المختصــة الــتي عليهــا أن تبــت فــي التظلــم وفق ـا)‬
‫للقـانون خلل ثلثيـن يومـا) مـن تاريـخ تسـجيل التظلـم لـديها‬
‫وعنـد عـدم البـت فـي التظلـم أو رفضـه تقـوم محكمـة القضـاء‬
‫الداري بتســـجيل الطعـــن لـــديها بعـــد اســـتيفاء الرســـم‬
‫القانوني(‪.‬‬
‫وهــذا التجــاه مــن المشــرع انمــا اراد بــه فســح‬
‫المجـال للداره الـتي اصـدرت القـرار او الجهـه الرئاسـيه لهـا‬
‫مراجعـة القـرار ‪ ,‬ومعالجـة عيـوبه بالغـائه او تعـديله اذا تـبين‬
‫لهــا ان القــرار معيــب او مخــالف للقــانون ‪ .‬وبــذلك ينتهــي‬
‫النــزاع بشــأنه بطريــق ايســر دون حاجــة الــى التقاضــي و‬
‫اضاعة الوقت والجهد واحراج الدارة امام القضاء‪(1).‬‬
‫ونـــرى ان التظلـــم الوجـــوبى الـــذي اشـــترطة‬
‫المشـرع العراقـي للطعـن فـي القـرار الداري يجعـل القـرار‬
‫المطلوب الطعن ضده من قبيل القرارات التمهيدية فل يجوز‬
‫الطعــن فيــه باللغــاء حــتى يســلك صــاحب الشــأن طريــق‬
‫التظلم ومن ثم الطعن في القرار الصادر فيه‪.‬‬
‫علـى انـه وحـتى لتتمـادى الدارة فـي اطالـة مـدة‬
‫النظـر فـي التظلـم لـدى الدارة فـانه يعتـبر فـوات ثلثيـن يومـا)‬
‫مـن تسـجيل التظلـم دون ان تجيـب عنـه السـلطات الداريـة‬
‫بمثابـة قـرار بالرفــض ويكـون ميعـاد رفـع الـدعوى فـي الطعـن‬
‫امــام محكمــة القضــاء الداري خلل ســتين يومـا) مــن تاريــخ‬
‫انقضــاء مــدة الثلثيــن يوم ـا) المــذكورة‪ ,‬او مــن تاريــخ رفــض‬
‫التظلم رفضا صريحا ‪.‬‬
‫ومـن الجـدير بالـذكر ان المشـرع العراقـي لـم يلـزم‬
‫صــاحب الشــأن ان يتظلــم مــن القــرار الداري خلل فــترة‬
‫محـددة قبـل الطعـن فـي صـحة القـرار الداري امـام محكمـة‬
‫القضاء الداري ‪,‬بل ترك له الخيار بعد تبلغة او علمه بالقرار‬
‫الداري ان يختـار وقـت تقـديم التظلـم ‪ .‬وهـذا التجـاة معيـب‬

‫‪ -‬د‪ .‬عصام عبد الوهاب البرزنجي – مجلس شورى الدولة وميلد القضاء الداري –مجلة‬ ‫‪1‬‬

‫العلوم القانونيه –كلية القانون جامعة بغداد العدد الول ‪ 1990‬ص ‪166‬‬

‫‪138‬‬
‫من حيث انه يترك المراكز القانونية معلقة مده طويلة وهذا‬
‫يتنافى مع الستقرار الواجب في العمل الداري ‪.‬‬
‫كما ان المشرع لم يشترط التظلم الوجوبي فيما‬
‫يتعلق برفع الدعاوى المتعلقة بحقوق الخدمة المدنية امام‬
‫مجلس النظباط العام‪.‬‬
‫غير ان المشرع اشترط قبل الطعن في القرار الداري‬
‫الخاص بفرض العقوبة التظلم منه امام الجهة التي اصدرته‬
‫خلل ثلثيــن يومــا مــن تاريــخ تبليــغ الموظــف بقــرار فــرض‬
‫العقوبـة وعلـى هـذه الجهـه البـت فـي التظلـم خلل ثلثيـن‬
‫يوما من تاريخ التظلم وعند عدم البت يعد ذلك رفضا للتظلم‬
‫يجـوز عنـده الطعـن لـدى مجلـس النضـباط العـام خلل ثلثيـن‬
‫يوما من تاريخ الرفض الصريح او الحكمي للتظلم‪(1).‬‬
‫وعلـى اي حـال وحـتى يقـوم التظلـم بـدوره يجـب تـوفر‬
‫شروط معينة هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ان يقـدم التظلـم مـن صـاحب الشـأن الـذي اثـر القـرار‬
‫المتظلـم منـه فـي مركـزه القـانوني أو مـن نـائبه القـانوني اذا‬
‫ما كان ناقص الهلية ‪.‬‬
‫‪ -2‬ان يــوجه التظلــم الــى متخــذ القــرار نفســه وهــو مــا‬
‫يعرف بالتظلم الولئي أو يوجه الى رئيس متخذ القرار وهو‬
‫مـا يـدعى بـالتظلم الرئاسـي أو يقـدم الـى لجنـة متخصصـة‬
‫بالنظر في التظلم فيدعى بالتظلم الى اللجان الدارية ‪.‬‬
‫‪ -3‬يجـــب ان يكـــون التظلـــم مـــن القـــرار مجـــديا) ‪ .‬أي ان‬
‫يكـون فـي وسـع الدارة المقـدم اليهـا التظلـم تعـديل القـرار أو‬
‫الغــائه أو ســحبه فل يجــوز التظلــم مــن قــرار منــع القــانون‬
‫التظلم منه ‪.‬‬
‫‪ -4‬ان يكــون التظلــم واضــحا) ودال) علــى القــرار المطعــون‬
‫فيه وان يبين مقدمة انه يرغب في الغاء او سحب أو تعديل‬
‫القـرار المتظلـم منـه وبيـان اوجـه القصـور الـتي تلحـق هـذا‬
‫القـرار‪ .‬امـا اذا لـم تتضـمن عبـارات التظلـم دعـوى الدارة الـى‬
‫العـدول عـن القـرار بـأن اكتفـى بطلـب الشـفقة والعطـف مـن‬

‫‪ - 1‬تنظر المادة )‪ /15‬ثانيا ‪9‬من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل رقم ‪ 14‬لسنة ‪1991‬‬

‫‪139‬‬
‫الجهة الدارية المختصة فأن هذا ل يعد تظلما) ول يؤدي الى‬
‫قطع ميعاد دعوى اللغاء )‪.(1‬‬
‫‪ -5‬ان يقــع التظلــم علــى قــرار اداري نهــائي صــدر فعل) ‪،‬‬
‫فل يجوز التظلم من العمال التحضيرية التي تسبق اصدار‬
‫القرار او من قرار اداري غير نهائي )‪.(2‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى‬

‫حرص ـا) مــن المشــرع علــى اســتقرار الوضــاع الداريــة‬


‫والمراكـز القانونيـة حـدد مـددا) معينـة يتـوجب علـى الطـاعن‬

‫)( د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب ‪ ،‬د‪ .‬حسين عثمان محمد عثمان – المصدر السابق –‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪. 67‬‬
‫)( د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 380‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪140‬‬
‫اللـتزام بهـا‪ ،‬وهـذه المـدد مـن النظـام العـام ل يجـوز التفـاق‬
‫على مخالفتها و ول يجوز بعد فواتها أن يقبل القضاء الطعن‬
‫المـوجه ضـد القـرارات إذ تصـبح هـذه القـرارات حصـينة علـى‬
‫اللغـاء‪ ،‬وعلـى المحكمـة أن تقضـي مـن تلقـاء نفسـها بعـدم‬
‫قبـول الـدعوى إذا مـا رفـع إليهـا طعـن فـي قـرار إداري بعـد‬
‫فوات هذا الميعاد ‪.‬‬
‫وعنـدما يحـدد المشـرع هـذه المـدة يسـعى دائمـا) إلـى‬
‫التوفيــق بيــن المصــلحة الخاصــة للطــاعن والصــالح العــام‪،‬‬
‫فالمصـلحة الخاصـة تقتضـي أن يمنـح المشـرع الفـراد وقتـا)‬
‫كافيـا) للطعـن فـي القـرارات الداريـة‪ ،‬بينمـا يتطلـب الصـالح‬
‫العــام أن ل تطــول هــذه المــدة وأن ل تبقــي أعمــال الدارة‬
‫مهـــددة باللغـــاء وأن تســـتقر الوضـــاع الداريـــة وتتحصـــن‬
‫القــرارات الداريــة لــذلك نجــد المشــرع غالبـا) مــا يعمــد إلــى‬
‫تحديد مواعيد قصيرة الجل ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬بدء ميعاد الطعن‬


‫اختلفـت التشـريعات فـي تحديـد مـدة الطعـن فـي دعـوى‬
‫اللغاء فقد حددها المشرع الفرنسي في المر الصادر في‬
‫‪ 31/7/1945‬الــذي أعــاد تنظيــم مجلــس الدولــة الفرنســي‬
‫بشـهرين مـن تاريـخ نشـر القـرار الداري المطعـون فيـه فـي‬
‫الجريــدة الرســمية أو النشــرات الــتي تعتمــدها المصــالح أو‬
‫إعلن صاحب الشأن به ‪(1) .‬‬
‫وفـي مصـر نصـت المـادة ‪ 24‬مـن قـانون مجلـس الدولـة‬
‫رقــم ‪ 47‬لســنة ‪ 1972‬علــى أن‪ " :‬ميعــاد رفــع الــدعوى أمــام‬
‫المحكمـة فيمـا يتعلـق بطلبـات اللغـاء سـتون يومـا) مـن تاريـخ‬
‫نشـر القـرار الداري المطعـون فيـه فـي الجريـدة الرسـمية أو‬

‫‪ -‬القانون الصادر في فرنسا بتاريخ ‪ 7/6/1956‬والخاص بتحديد مدد رفع الدعاوى أبقى‬ ‫‪1‬‬

‫الوضع السابق في ظل المر الصادر في ‪ 31/7/1945‬وحدد مدد التقاضي وجعلها جميعا ‪j‬‬
‫شهرين كقاعدة عامة لجميع الدعاوى عدا ما نص عليه صراحة وكذلك فعل المرسوم‬
‫الصادر في ‪. 11/1/1965‬‬
‫‪. Andre de laubadere op – cit، P 557-558 -‬‬

‫‪141‬‬
‫النشــرات الــتي تصــدرها المصــالح العامــة أو إعلن صــاحب‬
‫الشأن " ‪.‬‬

‫أمــا فــي العــراق فنجــد أن الحالــة تختلــف حيــث أن‬


‫المشرع العراقي لم يحدد سريان ميعاد إقامة دعوى اللغاء‬
‫بتاريـــخ نشـــر القـــرار الداري أو إعلنـــه )التبليـــغ( بحســـب‬
‫الحـوال‪ ،‬وإنمـا حـدد هـذا السـريان مـن تاريـخ تقـديم التظلـم‬
‫مـن قبـل صـاحب المصـلحة حيـث أن )المـادة ‪ /7‬البنـد ثانيـا) ف‬
‫و( مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة المعـدل اشـترطت قبـل‬
‫إقامــة الــدعوى أمــام محكمــة القضــاء الداري أن يتظلــم‬
‫صـاحب الطعـن لـدى الجهـة الداريـة المختصـة والـتي يجـب‬
‫عليهــا أن تبــت فــي التظلــم خلل ثلثيــن يومــا) مــن تاريــخ‬
‫تسجيل التظلم لديها فإذا ما انتهت هذه المدة دون أن تقوم‬
‫الدارة بــالبت فــي التظلــم عــد ذلــك رفض ـا) للتظلــم وعلــى‬
‫صـاحب المصـلحة إقامـة دعـواه خلل سـتين يومـا) مـن تاريـخ‬
‫انتهـاء الثلثيـن يومـا) الـتي حـددها المشـرع للدارة لكـي تبـت‬
‫في التظلم وفي حالة عدم مراعاته هذه المدة فان محكمة‬
‫القضــاء الداري تقــرر عــدم قبــول الــدعوى ال ان صــاحب‬
‫الشــأن يســتطيع المطالبــة بــالتعويض عــن الضــرار الــتي‬
‫اصـابته مـن جـراء القـرار الداري المعيـب امـام القضـاء العـادي‬
‫ولــو انتهــت مــدة الطعــن باللغــاء امــام محكمــة القضــاء‬
‫الداري ‪.‬‬
‫وقـد بينـا سـابقا ان المشـرع العراقـي لـم يلـزم صـاحب‬
‫الشـأن ان يتظلـم مـن القـرار الداري خلل فـترة محـددة ‪,‬بـل‬
‫تـرك لـه الخيـار بعـد تبلغـة او علمـه بـالقرار الداري ان يختـار‬
‫وقـت تقـديم التظلـم ‪ .‬وسـبق ان بينـا ان هـذا التجـاة معيـب‬
‫من حيث انه يترك المراكز القانونية معلقة مده طويلة وهذا‬
‫يتنافى مع الستقرار الواجب في العمل الداري ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للطعن في القرارات الخاصة بفرض‬
‫العقوبـات التأديبيـة أمـام مجلـس النضـباط العـام فـان )المـادة‬
‫‪ 15‬ف ‪ (2‬مــن قــانون انضــباط مــوظفي الدولــة رقــم )‪(14‬‬

‫‪142‬‬
‫لســنة المعــدل ‪ 1991‬قــد أوجــب قبــل تقــديم الطعــن لــدى‬
‫المجلـس التظلـم مـن القـرار لـدى الجهـة الـتي أصـدرته خلل‬
‫ثلثيـن يومـا) مـن تاريـخ تبليـغ الموظـف بقـرار فـرض العقوبـة‬
‫وعلـى الجهـة المـذكورة البـت فـي بـالتظلم خلل ثلثيـن يومـا)‬
‫فــإذا انتهــت هــذه المــدة دون أن تبــت فيــه عــد ذلــك رفض ـا)‬
‫للتظلـم‪ ،‬وفـي هـذه الحالـة فـان الفقـرة )‪ (3‬مـن نـص المـادة‬
‫المــذكورة تشــترط أن يقــدم الطعــن لــدى مجلــس النضــباط‬
‫العــام خلل ثلثيــن يوم ـا) مــن تاريــخ تبليــغ المتظلــم برفــض‬
‫التظلم حقيقة أو حكما)‪.‬‬
‫في حين لم يستلزم المشرع التظلم من القرارات‬
‫المتعلقـة بحقـوق الخدمـة المدنيـة فقـد اوجبـت المـادة )‪(59‬‬
‫مـن قـانون الخـدمه المدنيـة رقـم ‪ 24‬لسـنة ‪ 1960‬الطعـن امـام‬
‫مجلس النضباط العام خلل مدة ثلثين يوما من تاريخ تبلغ‬
‫الموظـف بـالقرار اذا كـان داخـل العـراق وسـتين يومـا اذا كـان‬
‫خارج العراق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تجاوز ميعاد الطعن باللغاء‬


‫علـى الرغـم مـن أن القـانون حـدد مـدة الطعـن وجعلهـا‬
‫سـتين يومـا) مـن تاريـخ انتهـاء مـدة الثلثيـن يومـا المقـررة للبـت‬
‫فـي التظلـم حقيقـة او حكمـا فـأن هنـاك حـالت معينـة تـؤثر‬
‫فـي هـذا الميعـاد وتعمـل علـى إطـالته وسـنعرض لهـم هـذه‬
‫الحالت ‪(1) .‬‬

‫أول)‪ -‬القوة القاهرة‪:‬‬

‫‪ -‬استقر القضاء الداري في فرنسا و مصر على أن التظلم الداري يقطع ميعاد دعوى‬ ‫‪1‬‬

‫اللغاء‪ ,‬والتظلم الذي يقطع ميعاد الدعوى هو التظلم الداري الول ول قيمة بأية‬
‫تظلمات لحقة على التظلم الذي قدم لول مرة‪ ،‬وليمكن اعتبار التظلم في العراق‬
‫قاطعا لميعاد الطعن لنة شرط من شروط قبول الدعوى ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫القـوة القـاهرة تحـول بيـن المـدعي وبيـن قـدرته علـى‬
‫إقامة الدعوى أمام القضاء لذلك استقر القضاء الداري في‬
‫مختلـف الـدول علـى أن تقـف المـدة المحـددة للطعـن ول يبـدأ‬
‫ســـريان مـــدة الطعـــن باللغـــاء إل بعـــد زوال هـــذه القـــوة‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫ويقصـد بـالقوة القـاهرة كـل عـذر قهـري غيـر متوقـع يمنـع‬
‫صــاحب المصــلحة مــن رفــع دعــواه إلــى القضــاء ول يكــون‬
‫حصول هذا العذر بسبب خطأ صاحب الشأن ‪.‬‬
‫ويـترتب على القـوة القـاهرة تجميـد الميعاد أو وقفـه عـن‬
‫السـريان وهـذا يعنـي أنـه يتعيـن احتسـاب المـدة السـابقة‬
‫علـى قيـام القـوة القـاهرة ثـم إكمالهـا بعـد زوالهـا حـتى نهايـة‬
‫الميعـاد ‪ (1) .‬وهـو مـا يختلـف عـن انقطـاع الميعـاد حيـث تبـدأ‬
‫مــدة جديــده للطعــن بعــد زوال ســبب النقطــاع ول يتــم‬
‫احتساب المدة السابقة علية‪.‬‬
‫والقضــاء هــو الــذي يحــدد تــوفر أو عــدم تــوفر القــوة‬
‫القـاهرة‪ ،‬مستخلصـا) ذلـك مـن ظـروف كـل قضـية‪ ،‬وفـي هـذا‬
‫المجال قضت المحكمة الدارية العليا في مصر بأن المرض‬
‫العقلـي مـن العـذار الـتي ترقـى إلـى مرتبـة القـوة القـاهرة‬
‫الـتي تمنـع العامـل مـن مباشـرة دعـوى اللغـاء فـي ميعادهـا‬
‫القــانوني‪ (2)،‬كــذلك قضــت بــأن العتقــال يمثــل قــوة قــاهرة‬
‫من شأنها أن توقف سريان التقادم ‪(3) .‬‬
‫وفـي هـذاالمجال قضـت الهيئة العامـة لمجلـس شـورى‬
‫الدولــة فــي حكمهــا الصــادر فــي ‪ 12/7/2004‬بــان الحــرب‬
‫وعـدم اسـتتباب المـن عـذر يقطـع مـدة الطعـن امـام محكمـة‬
‫القضـاء الداري فقـد ورد ‪ ):‬لـدى التـدقيق والمداولـة وجـدت‬
‫الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة أن الطعن التميزي‬
‫مقـدم ضـمن المـدة القانونيـة قـررت قبـوله شكل) ولـدى عطـف‬

‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين – المنازعات الدارية – منشأة المعارف السكندرية – ‪– 1984‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.199‬‬
‫‪ -‬طعن إداري ‪ 352‬لسنة ‪ 23‬ق جلسة ‪ 3/12/1971‬المجموعة – ص ‪.127‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬طعن إداري ‪ 1566‬لسنة ‪ 39‬ق جلسة ‪.8/5/1994‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماهر أبو العينين – المصدر السابق – ص ‪.602‬‬

‫‪144‬‬
‫النظــر فــي الحكــم المميــز وجــد انــه غيــر صــحيح ومخــالف‬
‫للقـــانون‪ ،‬ذلـــك أن المـــدعي )المميـــز( ‪ ...‬قـــدم التظلـــم‬
‫بتاريــخ ‪ 18/11/2003‬ورد تظلمــه بتاريــخ ‪ 22/11/2003‬وأقــام‬
‫الــدعوى امــام محكمــة القضــاء الداري بتاريــخ ‪12/2/2004‬‬
‫ونظــرا) للظــروف غيــر العتياديــة الــتي مــر بهــا القطــر خلل‬
‫المـدة مـن ‪ 2003 / 20/3‬لغايـة ‪ 31/12/2003‬نتيجـة الحـرب ومـا‬
‫تلهــا مــن أعمــال وعــدم اســتتباب المــن وخطــورة التنقــل‬
‫وصعوبة مراجعة المحاكم ودوائر الدولة وحيث سبق للهيئة‬
‫العامـة فـي مجلـس شـورى الدولـة أن اتخـذت قـرارات عـدة‬
‫بعـدم التقيـد بالمـدد القانونيـة للطعـن المـذكور أعله تطبيقـا)‬
‫لقواعـد العدالـة فكـان علـى المحكمـة ملحظـة هـذه الجهـة‬
‫واحتسـاب مـدة السـتين يومـا) لتقـديم الطعـن بـالقرار الداري‬
‫الصـــادر اعتبـــارا) مـــن تاريـــخ ‪ 2/1/2004‬باعتبـــار أن يـــوم‬
‫‪1/1/2004‬عطلــة رســمية ونظــرا) لقيــام المــدعي )المميــز (‬
‫بتقــديم طعنــه إلــى المحكمــة فــي ‪ 12/2/2004‬فيكــون قــد‬
‫أقامهــا ضــمن مــدة الســتين يومــا) المنصــوص عليهــا فــي‬
‫البنــد )ثانيــا) الفقــرة ز( مــن المــادة )‪ (7‬مــن قــانون مجلــس‬
‫شـورى الدولـة رقـم )‪ (65‬لسـنة ‪ 1979‬وبنـاء) علـى مـا تقـدم قـرر‬
‫نقـض الحكـم المميـز وإعـادة الـدعوى إلـى محكمتهـا للفصـل‬
‫‪1‬‬
‫()(‬ ‫فيها وفق ما يتراى لها من أسباب …‬
‫ثانيا)‪ -‬رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة‪:‬‬
‫جـرى القضـاء الداري فـي فرنسـا ومصـر علـى أن رفـع‬
‫الـدعوى أمـام جهـة قضـائية غيـر مختصـة يقطـع سـريان مـدة‬
‫الطعـن أمـام القضـاء الداري )‪ (2‬ويسـتمر هـذا النقطـاع حـتى‬
‫صـدور حكـم بعـدم الختصـاص وصـيرورته نهائيـا) حيـث يسـري‬
‫الميعـاد الجديـد‪ .‬ول يـؤثر هـذا الخطـأ فـي الختصـاص فـي‬
‫الميعـاد إل مـرة واحـدة )‪ (3‬والحكمـة مـن هـذا النقطـاع فـي‬
‫الميعـاد ل ترجـع إلـى أن رافـع الـدعوى قـد كشـف عـن رغبتـه‬

‫)( قرار مجلس شورى الدولة المرقم ‪/15‬إداري‪/‬تمييز‪ 2004/‬الصادر في ‪12/7/2994‬‬ ‫‪1‬‬

‫غير منشور‬
‫‪ -‬د‪ .‬عثمان خليل – المصدر السابق – ص ‪. 214‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عثمان خليل ‪ -‬المصدر السابق – ص ‪. 214‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪145‬‬
‫فـي مهاجمـة القـرار المطعـون فيـه وإنمـا لن الـدعوى فـي‬
‫هذه الحالة هي بمثابة تظلم قدم في الميعاد للدارة‪.‬‬
‫ويشـترط فـي رفـع الـدعوى إلـى محكمـة غيـر مختصـة‬
‫حـتى يكـون صـالحا) لقطـع ميعـاد دعـوى اللغـاء أن يتـم رفـع‬
‫الـدعوى فـي الميعـاد العـادي لرفـع دعـوى اللغـاء أي خلل‬
‫مدة الستين يوم ا) من تاريخ نشر القرار أو إعلنه أو العلم به‬
‫علما) يقينيا)‪.‬‬
‫وكـذلك يجـب أن يـبين رافـع الـدعوى انـه يختصـم جهـة‬
‫الدارة الـتي أصـدرت القـرار أو الجهـة الداريـة الرآسـية لهـا‬
‫ويطلـب فيهـا إلغـاء القـرار أو تعـديله‪ ،‬فمـن الضـروري أن يصـل‬
‫إلـى الدارة طلـب المـدعى و إل فلــن يكـون لـه اثـر قياسـيا)‬
‫بالتظلمات المقدمة إلى جهات إدارية مختصة‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫ثالثا‪ -‬طلب المساعدة القضائية‪:‬‬
‫قـد يرغـب الفـرد بـالطعن أمـام القضـاء الداري إل أنـه ل‬
‫يملك مصاريف الدعوى ولكي ل تذهب حقوقه سدى يتقدم‬
‫بطلـب المسـاعدة القضـائية لعفـائه مـن الرسـوم القضـائية‬
‫وفـي هـذه الحالـة ينقطـع ميعـاد رفـع الـدعوى‪ ،‬ويظـل هـذا‬
‫الميعـاد مقطوعـا) حـتى يصـدر القـرار فـي طلـب العفـاء مـن‬
‫الرسم ‪(1) .‬‬
‫وقـد سـاوى القضـاء الداري المقـارن مـن حيـث الثـر بيـن‬
‫طلب العفاء من الرسوم القضائية والتظلم‪ ،‬إذ يقف سريان‬
‫الميعاد ما دامت الجهة القضائية المختصة تبحث في طلب‬
‫العفـاء‪ ،‬ولكـن إذا مـا صـدر القـرار وجـب رفـع الـدعوى خلل‬
‫الستين يوما) التالية لصدوره ‪(2) .‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أثر انتهاء ميعاد الطعن‬


‫إذا مـا انقضـى ميعـاد الطعـن باللغـاء‪ ،‬سـقط الحـق فـي‬
‫رفـع دعـوى اللغـاء وأصـبح القـرار الداري محصـنا)‪ ،‬فـإذا رفـع‬
‫صـاحب الشـأن الـدعوى بعـد هـذا الميعـاد فلجهـة الدارة أن‬
‫تـدفع بعـدم قبـول الـدعوى‪ ،‬إل أن هـذا المبـدأ ليـس مطلقـا)‬
‫ويجــب التمييــز فــي هــذا المجــال بيــن القــرارات الفرديــة‬
‫والقرارات التنظيمية ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬القرارات الفردية‪:‬‬


‫إذا كـان القـرار الداري فرديـا) امتنـع علـى الفـراد الطعـن‬
‫فيـه بعـد فـوات ميعـاد الطعـن‪ ،‬وكـذلك ل تسـتطيع الدارة أن‬
‫تسـحبه أو تلغيـه إذا مـا رتـب حقوقـا) مكتسـبة‪ ،‬حفاظـا) علـى‬
‫المصلحة العامة التي تتطلب استقرار الوضاع الدارية ولو‬
‫كان القرار غير مشروع‪.‬‬

‫‪. Andre de laubadere Op cit P 560 -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا طعن إداري رقم ‪ 1655‬لسنة ‪ 2‬ق جلسة ‪14/12/1957‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ .‬أشار إليه د‪ .‬ماهر أبو العينين – المصدر السابق – ص ‪. 577‬‬

‫‪147‬‬
‫ومـع ذلك فقد استقر القضـاء الداري فـي فرنسا ومصر‬
‫علـى اسـتثناء بعـض القـرارات وأجـاز سـحبها أو إلغائهـا برغـم‬
‫انقضاء مدة الطعن ومنها ‪:‬‬
‫‪- 1‬القـــرارات المقيـــدة للحريـــة‪ :‬أجـــاز القضـــاء إداري‬
‫الطعـن بـالقرارات الداريـة المقيـدة للحريـة رغـم انقضـاء مـدة‬
‫الطعـن )‪ ،( 1‬فـإذا أوقـف شـخص دون أن يكـون قـرار تـوقيفه‬
‫مشـروعا) يسـتطيع الطعـن فـي هـذا القـرار دون التقيـد بمـدة‬
‫الطعن المحددة قانونا) ما دام الشخص موقوفا)‪.‬‬
‫‪- 2‬القـرار المنعـدم‪ :‬يسـتثنى مـن التقيـد بميعـاد الطعـن‬
‫باللغــاء الطعــن بــالقرارات المعدومــة‪ ،‬فــإذا أصــيب القــرار‬
‫الداري بعيـب جـوهري مـن شـانه أن يجـرد القـرار مـن صـفته‬
‫كتصـرف قـانوني لينـزل بـه إلـى مرتبـة العمـل المـادي‪ ،‬عنـدها‬
‫يجــوز لــذوي الشــأن الطعــن فــي هــذا القــرار دون التقيــد‬
‫بالمواعيد والجراءات المقررة لرفع دعوى اللغاء‪.‬‬

‫ومـن قبيـل القـرار المنعـدم القـرار الـذي يصـدر مـن فـرد‬


‫عادي أو من هيئة غير مختصة بإصداره أصل) أو أن يصدر عن‬
‫سلطة في أمور هي من اختصاص سلطة أخرى ‪.‬‬
‫‪- 3‬القـرارات السـلبية‪ :‬القـرار السـلبي هـو ذلـك الـذي ل‬
‫يصـدر فـي شـكل الفصـاح الصـريح عـن إرادة بإنشـاء المركـز‬
‫القـانوني أو تعـديله أو إنهـائه‪ ،‬بـل تتخـذ الدارة موفقـا) سـلبيا)‬
‫من التصرف في أمر كان الواجب على الدارة أن تتخذ إجراء)‬
‫فيـه طبقـا) للقـانون واللـوائح‪ ،‬فسـكوت الدارة عـن الفصـاح‬
‫عـن إرادتهـا بشـكل صـريح يعـد بمثابـة قـرار إداري مسـتمر ل‬
‫يتقيد بمعياد معين للطعن‪.‬‬
‫‪- 4‬القـــرارات الداريـــة المبنيـــة علـــى ســـلطة مقيـــدة‪:‬‬
‫القـرارات الداريـة الـتي تصـدر بنـاء) علـى سـلطة مقيـدة بحيـث‬
‫ل يـترك المشـرع للدارة حريـة التقـدير فيهـا‪ ،‬يكـون للدارة أن‬
‫ترجع في هذه القرارات إذا أخطأت في تطبيق القانون دون‬

‫‪ -‬ماجد راغب الحلو ـ المصدر السابق ـ ص ‪. 332‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪148‬‬
‫التقيـد بمـدة‪ ،‬كـذلك يجـوز للفـراد أن يطعنـوا فـي مثـل هـذه‬
‫القرارات دون التقيد بمدة الطعن باللغاء‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬القرارات التنظيمية‪:‬‬


‫أطــردت أحكــام مجلــس الدولــة الفرنســي زمن ـا) طــويل)‬
‫علــى رفــض طعــون اللغــاء فــي القــرارات التنظيميــة علــى‬
‫أسـاس أنهـا تقـوم بحسـب الصـل فيهـا علـى إنشـاء وتعـديل‬
‫وإنهاء المراكز القانونية العامة غير الشخصية ولهذا فأنها ل‬
‫تصلح موضوعا) لطعون اللغاء ‪.‬‬
‫غيــر أن منــذ عــام ‪ 1907‬تغيــر موقــف المجلــس فقــرر‬
‫بـاطراد أنـه علـى الرغـم مـن الطبيعـة التشـريعية للـوائح فأنهـا‬
‫مـا تـزال بحكـم مصـدرها أعمـال) إداريـة تصـلح بـذاتها للطعـن‬
‫باللغاء ‪(1) .‬‬
‫والقاعدة العامة المستقرة بالنسبة للقرارات التنظيمية‬
‫أن الدارة تملــك تعــديلها وإلغائهــا فــي أي وقــت ومــن دون‬
‫التقيـد بمواعيـد الطعـن‪ ،‬علـى اعتبـار أنهـا تولـد مراكـز قانونيـة‬
‫موضـوعية عامـة ول تنشـئ بـذاتها حقوقـا) مكتسـبة يمكـن أن‬
‫يحتج بها على الدارة ‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة للفــراد فقــد اســتقر القضــاء الداري فــي‬
‫فرنسا ومصر على أن انتهاء ميعاد الطعن ل يمنع من أمكان‬
‫تقـديم الطلـب إلـى الدارة لعـادة النظـر فـي القـرار اللئحـي‬
‫ثـم الطعـن فـي رفـض الدارة لهـذا الطلـب فـي حـالت معينـة‬
‫منهــا ‪ :‬صــدور تشــريع لحــق علــى اللئحــة يتعــارض مــع‬
‫اللئحــة‪ ،‬وحالــة تغيــر الســباب الــتي صــدرت اللئحــة علــى‬
‫أساسها ‪(2).‬‬
‫كمـا يملـك الفـراد الطعـن باللئحـة بطريـق غيـر مباشـر‬
‫ودون التقيــد بميعــاد اللغــاء عنــد تطبيقهــا علــى الحــالت‬
‫الفرديـة أي بطلـب إلغـاء القـرارات الفرديـة الصـادرة تطبيقـا)‬
‫للئحة المعيبة‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪Gean Rivero op cit P 264 -2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. Andre de laubadere Op cit P 586-587 -3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪149‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أوجه الطعن باللغاء‬

‫بعد أن يبحث القضاء الداري في اختصاصه بنظر‬


‫الدعوى وتوفر الشروط الشكلية لقبولها‪ ،‬ينتقل إلى فحص‬
‫موضوع الدعوى والبحث في أوجه إلغاء القرار المطعون‬
‫فيه وهل خالف القانون أو وافقه ‪.‬‬
‫وقد ظهرت أوجه اللغاء أو السباب التي يستند إليها‬
‫الطاعن للغاء القرار الداري بجهود مجلس الدولة‬
‫الفرنسي خلل تطور تدريجي طويل ‪ .‬وأول ما ظهر فيها‬
‫عيب عدم الختصاص ثم ظهر عيب الشكل ثم عيب الغاية‬
‫أو انحراف السلطة ثم عيب المحل أو مخالفة القانون‬
‫بالمعنى الضيق‪ ،‬وأخيرا) عيب السبب الذي ظهر متأخرا) ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪De Laubadere op .cit، p 266 -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪150‬‬
‫وإذا كان ظهور أوجه اللغاء في فرنسا بفضل القضاء‪،‬‬
‫فإن ظهورها في مصر)‪ (1‬والعراق كان دفعة واحدة بنص‬
‫المشرع ‪.‬‬

‫فقد نص المشرع العراقي في المادة السابعة ‪ /‬ثانيا)‬

‫من القانون رقم ‪ 106‬لسنة ‪) 1989‬قانون التعديل الثاني‬

‫لقانون مجلس شورى الدولة رقم ‪ 65‬لسنة ‪: ( 1979‬‬

‫)) يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ان يتضمن المر او القرار خرقا) او مخالفة للقانون او‬

‫النظمة والتعليمات‪.‬‬

‫‪ -2‬ان يكون المر او القرار قد صدر خلفا) لقواعد‬

‫الختصاص او معيبا) في شكله‪.‬‬

‫‪ -3‬ان يتضمن المر او القرار خطأ في تطبيق القوانين‬

‫او النظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف‬

‫في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات او الوامر‬

‫التي يجوز الطعن فيها رفض او امتناع الموظف او الهيئات‬

‫في دوائر الدولة والقطاع الشتراكي عن اتخاذ قرار او امر‬

‫كان من الواجب عليه اتخاذه قانونا) ((‪.‬‬

‫‪ -‬تنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬المصري ‪" :‬‬ ‫‪1‬‬

‫يشترط في طلبات إلغاء القرارات الدارية النهائية ان يكون مرجع الطعن عدم‬
‫الختصاص او عيبا ‪ j‬في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو‬
‫تأويلها أو إساءة استعمال السلطة " ‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫وفي هذا الجزء من الدراسه سنبحث في عيوب القرار‬

‫الداري او اوجه الطعن باللغاء امام محكمة القضاء‬

‫الداري‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫عيب عدم الختصاص‬

‫عيب عدم الختصاص أول العيوب التي أخذ بها مجلس‬


‫الدولة الفرنسي للطعن باللغاء لما يتمتع به من أهمية‬
‫كبيرة لكونه يتعلق بتحديد اختصاصات كل موظف عام أو‬
‫هيئة إدارية من جهة‪ ،‬ولنه أكثر عيوب القرار الداري‬
‫وضوحا) من جهة أخرى ‪.‬‬
‫فمن الجدير بالذكر أن توزيع الختصاصات بين الجهات‬
‫الدارية من الفكار الساسية التي يقوم عليها نظام‬
‫القانون العام ويراعي فيها مصلحة الدارة التي تستدعي‬
‫أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لداء المهام‬
‫المناطة به على أفضل وجه‪ ،‬كما أن قواعد الختصاص‬
‫تحقق مصلحة الفراد من حيث أنها تسهل توجه الفراد‬
‫إلى أقسام الدارة المختلفة وتساهم في تحديد‬
‫المسؤولية الناتجة عن ممارسة الدارة لوظيفتها ‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب عدم الختصاص‬
‫استقر الفقه والقضاء الداري على تعريف عيب عدم‬
‫الختصاص في دعوى اللغاء بأنه عدم القدرة على مباشرة‬
‫عمل قانوني معين لن المشرع جعله من اختصاص سلطة‬
‫أخرى طبقا) للقواعد المنظمة للختصاص ‪(1) .‬‬
‫وبسبب هذا التعريف فقد شبه بعض الفقهاء قواعد‬
‫الختصاص في القانون العام بقواعد الهلية في القانون‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين – المصدر السابق – ص ‪. 24‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬خالد سمارة الزعبي – القرار الداري – الطبعة الولى – عمان ‪ – 1993‬ص ‪. 65‬‬

‫‪152‬‬
‫الخاص لن كلهما يقوم في الساس على القدرة على‬
‫مباشرة التصرف القانوني ‪.‬‬
‫إل أن الختلف يتضح من حيث المقصود في كل‬
‫منهما‪ ،‬فالهدف من قواعد الختصاص هو حماية المصلحة‬
‫العامة أما قواعد الهلية فالهدف منها هو حماية الشخص‬
‫ذاته‪ ،‬كما أن الهلية في القانون الخاص هي القاعدة أما‬
‫عدم الهلية فاستثناء على هذه القاعدة‪.‬‬
‫ويختلف الختصاص عن ذلك في أنه يستند دائما) إلى‬
‫القانون الذي يبين حدود أمكان مباشرة العمل القانوني‬
‫وأن سبب عدم الهلية يتركز في عدم كفاية النضوج‬
‫العقلي للشخص بينما يكون الدافع في تحديد الختصاص‬
‫هو العمل على التخصص وتقسيم العمل بين أعضاء‬
‫السلطة الدارية ‪(1) .‬‬
‫ويتميز عيب عدم الختصاص بأنه العيب الوحيد الذي‬
‫يتعلق بالنظام العام )‪ (2‬ويترتب على ذلك أن الدفع بعدم‬
‫الختصاص ل يسقط بالدخول في موضوع الدعوى ويجوز‬
‫إبداؤه في أي مرحلة من مراحلها وأن على القاضي أن‬
‫يحكم بعدم الختصاص تلقائيا) ولو لم يثيره طالب اللغاء ‪.‬‬
‫فضل) عن أن قواعد الختصاص من عمل المشرع‬
‫وعلى الموظف أن يحترم حدود اختصاصه لنها لم تكن قد‬
‫وضعت لمصلحة الدارة وإنما شرعت لتحقيق الصالح العام‪،‬‬
‫لذلك ل يجوز للدارة أن تتفق مع الفراد على تعديل قواعد‬
‫الختصاص ول يجوز للدارة أن تتنازل عن اختصاص منحه‬
‫لها القانون أو تضيف لختصاصاتها اختصاص آخر ‪.‬‬
‫كما استقر القضاء الداري على أنه ل يجوز تصحيح‬
‫عيب عدم الختصاص أو تغطيته بقرار لحق من الدارة‬

‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – قضاء اللغاء – دار المطبوعات الجامعية – ‪ – 1989‬ص ‪. 73-72‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – القضاء الداري ومجلس الدولة‪ ،‬منشأة المعارف‪– 1979 ،‬‬
‫ص ‪.411‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 290‬‬
‫‪. Waline، Droit administratnf – op. Cit – p 452 -3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪153‬‬
‫التي تملك الختصاص وإن جاز أن تصدر قرارا) جديدا) على‬
‫الوجه الصحيح ل ينتج أثره إل من يوم صدوره ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور عيب عدم الختصاص‬


‫اتفق القضاء والفقه الداريان على وجود صورتين لعيب‬
‫عدم الختصاص هما عيب عدم الختصاص الجسيم وهو ما‬
‫يعرف باغتصاب السلطة‪ ،‬وعيب عدم الختصاص البسيط ‪.‬‬
‫الول يجعل القرار منعدما) وفاقدا) لصفته كقرار إداري‬
‫ويصبح مجرد واقعة مادية ل تلحقه حصانة ول يزيل عيبه‬
‫فوات معياد الطعن فيه‪ ،‬أما العيب البسيط فيجعل من‬
‫القرار باطل) إل أنه ل يفقد القرار الداري مقوماته ويتحصن‬
‫من اللغاء بمرور الستين يوما) المحددة للطعن فيه ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬عيب عدم الختصاص الجسيم‪:‬‬


‫يطلق الفقه و القضاء على عيب عدم الختصاص‬
‫الجسيم اصطلح " اغتصاب السلطة " ويكون من أثره‬
‫فقدان القرار لصفته وطبيعته الدارية فل يعد باطل) وقابل)‬
‫لللغاء فحسب وإنما يعد القرار معدوما) ل تلحقه أية حصانة‬
‫ول يزيل انعدامه فوات ميعاد الطعن فيه ول يتقيد الطعن‬
‫فيه بشرط الميعاد‪ ،‬إذ يمكن سحبه وإلغاءه بعد انتهاء ميعاد‬
‫الستين يوما) المحددة للطعن ‪.‬‬
‫وعلى هذا الساس فأن تنفيذ الدارة لهذا القرار‬
‫يشكل اعتداء• ماديا) يسمح للقضاء العادي بالتصدي لتقرير‬
‫انعدامه‪ ،‬وأن كان المنطق القانوني السليم يفضي إلى‬
‫القول بعدم قبول دعوى اللغاء ضد القرار الداري المعدوم‬
‫لنه ل يترتب عليه أي اثر قانوني ‪.‬‬
‫ومن هنا القضاء الداري مستقر على قبول الطعن ضد‬
‫القرار الداري المعدوم ل لمجرد إلغاءه وإنما لزالة الشبهة‬
‫المتعلقة بمشروعيته ‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫وقد حدد القضاء الداري المقارن الحالت التي يمكن‬
‫اعتبار القرار مشوبا) فيها بعيب عدم الختصاص الجسيم أو‬
‫اغتصاب السلطة ونتناول فيما يأتي هذه الحالت ‪.‬‬

‫‪ -1‬صدور القرار الداري من فرد عادي أو هيئة خاصة‪:‬‬


‫في هذه الحالة يتدخل فرد عادي ل يتمتع بصفة‬
‫الموظف في أعمال الدارة أو أن تتدخل هيئة خاصة في‬
‫ذلك وهي تملك حق مباشرة الختصاصات الدارية‪ ،‬فيعد‬
‫القرار الصادر في هذه الحالة منعدما) ول تترتب عليه أية‬
‫آثار قانونية ‪.‬‬
‫وهو ما درج عليه القضاء الداري في فرنسا ومصر ) (‬
‫‪1‬‬

‫غير أن مجلس الدولة الفرنسي استثنى من هذه القاعدة‬


‫حالة الموظفين الفعليين ‪Les Fonctrionsnaires de Fait‬‬
‫والموظف الفعلي هو ذلك الشخص غير المختص الذي لم‬
‫يقلد الوظيفة أصل) أو كان قرار تقلده الوظيفة معيبا) من‬
‫الناحية القانونية‪ ،‬ومع ذلك تكون قراراته منتجه لثارها‪.‬‬
‫وتقوم هذه الناحية على أساس الخذ بفكرة الظاهر‬
‫في الحوال العادية حماية للغير حسن النية الذي يتعامل‬
‫مع الشخص العادي لظهوره بمظهر الموظف العام‪ ،‬وتقوم‬
‫على أساس حالة الضرورة أو لتحقيق المصلحة العامة في‬
‫عدم توقف المرافق العامة عن أداء وظيفتها في الظروف‬
‫الستثنائية ‪.‬‬
‫وصار لهذا المبدأ صدى فطبق في ألمانيا في نهاية‬
‫الحرب العالمية الولى بصدد القرارات التي اتخذتها‬
‫مجالس المجندين ومجالس العمال سنة ‪ 1918‬فقد قرر‬
‫القضاء فيما بعد أن هذه المجالس كانت تتصرف لتحقيق‬
‫المصلحة العامة وقراراتها صحيحة والدولة مسؤولة عنها ‪.‬‬

‫‪ -‬قضت محكمة القضاء الداري المصري ‪ " :‬أن العمل الداري ل يفقد صفته ول يكون‬ ‫‪1‬‬

‫معدوما ‪ j‬إل إذا كان مشوبا ‪ j‬بمخالفة جسيمة‪ ،‬ومن صورها أن يصدر القرار من فرد عادي‬
‫أو أن يصدر القرار من سلطة في شان من اختصاص سلطة أخرى كأن تتولى السلطة‬
‫التنفيذية عمل ‪ j‬من اعمال السلطة القضائية أو السلطة التشريعية " ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫كذلك طبق هذا الحكم على القرارات التي أصدرتها‬
‫لجان التحرير التي ظهرت في فرنسا بعد احتلل اللمان‬
‫لفرنسا عام ‪. 1944‬‬

‫‪ -2‬اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاص السلطتين‬


‫التشريعية أو القضائية‪:‬‬
‫يحدد المشرع غالبا) اختصاصات كل سلطة من‬
‫السلطات الثلثة التشريعية والقضائية والتنفيذية‪ ،‬فإذا‬
‫أصدرت الدارة قرارا) في موضوع هو من اختصاص السلطة‬
‫التشريعية أو القضائية فإن قرارها هذا يكون من قبيل‬
‫اغتصاب السلطة ‪.‬‬
‫ومع ان محكمة القضاء الداري في العراق لم يتسنى‬
‫لها القضاء بهذا الخصوص فليس فيها ما يشير الى سلوك‬
‫طريقا آخر‪.‬‬

‫‪ -3‬صدور القرار من جهة إدارية اعتداء على اختصاص جهة‬


‫إدارية أخرى ل تمت إليها بصلة‪:‬‬
‫يكون مرجع العيب في هذه الصورة انتهاك قواعد‬
‫الختصاص في نطاق الوظيفة الدارية‪ ،‬كما لو صدر‬
‫المحافظ قرارا) هو من اختصاص وزير الثقافة ‪.‬‬
‫وقد طبق مجلس النضباط العام في العراق في أحد‬
‫قراراته هذه الفكرة حيث قضى في حكمه الصادر في‬
‫‪) 26/3/1995‬وحيث أن أمين بغداد لم يكن من هيئة الوزراء‬
‫فأنه ل يملك هذه الصلحية كما ل يملك تخويلها ويكون‬
‫المر الداري الصادر بفصل الموظف قد وقع بناء) على‬
‫توهم الموظف الداري بأنه يملك هذه السلطة ‪ ،‬وحيث ل‬
‫اختصاص إل بنص فيكون حكمه حكم الغاصب لهذه‬
‫السلطة مما يجعل القرار الصادر فيه محل الطعن من‬

‫‪156‬‬
‫القرارات المعدومة من حيث الثر القانوني ول يخضع لمدة‬
‫الطعن المقررة قانونا)( )‪.(1‬‬

‫ثانيا)‪ -‬عيب عدم الختصاص البسيط‪:‬‬


‫عيب عدم الختصاص البسيط يختلف عن اغتصاب‬
‫السلطة أو عيب عدم الختصاص الجسيم في أنه ل يؤدي‬
‫إلى انعدام القرار الداري وإنما يجعله قابل) لللغاء فقط‪،‬‬
‫فالقرار الداري يبقى محتفظا) بمقوماته كقرار إداري ويبقى‬
‫نافذا) حتى يصدر القضاء حكمه بإلغائه ‪.‬‬
‫وهذا العيب أقل خطورة من عيب عدم الختصاص‬
‫الجسيم لذلك فإن القرار المشوب به يتحصن من الطعن‬
‫بفوات مدة الستين يوما) المحددة للطعن باللغاء ‪.‬‬
‫ومن المور المستقرة في القضاء الداري أن هناك‬
‫ثلث حالت مختلفة لعدم الختصاص البسيط وهي عدم‬
‫الختصاص من حيث المكان وعدم الختصاص من حيث‬
‫الزمان وعيب عدم الختصاص من حيث الموضوع ‪.‬‬

‫‪ .1‬عيب عدم الختصاص من حيث المكان‪:‬‬


‫يترتب هذه العيب في حالة تجاوز جهة الدارة للنطاق‬
‫القليمي أو الجغرافي المحدد قانونا) لممارسة اختصاصها‪،‬‬
‫فل يجوز للمحافظ أن يتخذ قرار خارج النطاق الجغرافي‬
‫لمحافظته فإذا اتخذ قرار يدخل ضمن حدود محافظة أخرى‬
‫فأنه يكون مشوبا) بعيب عدم الختصاص لصدوره خارج‬
‫النطاق القليمي المحدد له ‪.‬‬
‫وهذا العيب قليل الحدوث في العمل لن المشرع كثيرا•‬
‫ما يحدد وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الدارة أن‬
‫يمارس اختصاصه فيه وغالبا) ما يتقيد رجل الدارة بحدود‬
‫هذا الختصاص ول يتعداه ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ماهر صالح علوي ‪ ،‬مفهوم القرار الداري في أحكام القضاء الداري في العراق ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪80‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ .2‬عدم الختصاص من حيث الزمان‪:‬‬
‫ويقصد بعيب عدم الختصاص من حيث الزمان أن يصدر‬
‫الموظف أو جهة الدارة قرارا) خارج النطاق الزمني المقرر‬
‫لممارسته‪ ،‬كما أو أصدر رجل الدارة قرارا) إداريا) قبل صدور‬
‫قرار تعيينه أو بعد قبول استقالته أو فصله من الوظيفة أو‬
‫إحالته على التقاعد‪.‬‬
‫كذلك إذا حدد المشرع مدة معينة لممارسة اختصاص‬
‫معين أو لصدار قرار محدد فأن القرار الصادر بعد انتهاء‬
‫المدة الزمنية المعينة لصداره يعد باطل) ومعيبا) بعدم‬
‫الختصاص إذا اشترط المشرع ذلك فإن لم يفعل فقد درج‬
‫القضاء الداري المقارن على عدم ترتيب البطلن ‪(1) .‬‬

‫‪ .3‬عدم الختصاص من حيث الموضوع‪:‬‬


‫ويتحقق عدم الختصاص من الناحية الموضوعية‬
‫عندما يصدر قرار إداري في موضوع هو من اختصاص‬
‫موظف أو جهة إدارية غير التي قامت بإصداره فتعتدي بذلك‬
‫على اختصاص تلك الجهة ‪.‬‬
‫ويكون هذا العتداء أما من جهة إدارية على اختصاص‬
‫جهة إدارية موازية أو مساوية لها‪ ،‬أو من جهة إدارية دنيا‬
‫على اختصاص جهة إدارية عليا أو من جهة إدارية عليا‬
‫على اختصاص جهة أدنى منها‪ ،‬أو اعتداء السلطة المركزية‬
‫على اختصاص الهيئات اللمركزية ‪.‬‬

‫أ‪ -‬العتداء على اختصاص جهة إدارية موازية‪:‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 590‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪158‬‬
‫ومضمون هذا العيب أن تقوم جهة إدارية بالعتداء‬
‫على اختصاص جهة إدارية أخرى هي مساوية أو موازية‬
‫لها وليس هناك تبعية رئاسية أو رقابية بين هاتين الجهتين‪،‬‬
‫كما لو أصدر وزير العدل قرارا) هو من اختصاص وزير‬
‫التعليم ‪.‬‬
‫أما إذا منح المشرع الختصاص في إصدار قرار معين‬
‫لكثر من جهة ففي هذه الحالة إذا أصدرت إحدى الجهتين‬
‫القرار يمتنع على الجهة الدارية الخرى أن تصدر قرار آخر‬
‫يتعارض مع القرار الول ‪(1) .‬‬

‫ب‪ -‬اعتداء جهة إدارية دنيا على اختصاص جهة أعلى‬


‫منها‪:‬‬
‫هذه الحالة من أكثر حالت عدم الختصاص وقوعا) في‬
‫العمل الداري‪ ،‬وتحدث عندما يصدر المرؤوس قرارا) من‬
‫اختصاص رئيسه دون تفويض منه‪ ،‬فإذا حصل ذلك فإن‬
‫القرار يكون معيبا) بعدم الختصاص البسيط‪ ،‬ومثال ذلك أن‬
‫يصدر نائب المحافظ قرارا) هو من اختصاص المحافظ ‪.‬‬
‫جـ‪ -‬اعتداء جهة إدارية عليا على اختصاص جهة ادني‬
‫منها‪:‬‬
‫يتولى الرئيس الداري حق الرقابة والشراف والتوجيه‬
‫علي أعمال مرؤ سه ضمانا لحسن سير المرفق العام‬
‫الذي يديره ويشرف عليه ومع ذلك فقد يمنح المشرع‬
‫المرؤوس بعض الصلحيات في إصدار قرار معين دون‬
‫تعقيب من رئيسه الداري وفي هذه الحالة ل يجوز أن يحل‬
‫الرئيس نفسه محل السلطة أو الجهة الدارية التي هي‬
‫ادني منه ويتوجب علي الرئيس أن ينتظر لحين مباشرة‬
‫الجهة الدنى ل اختصاصها ومن ثم يباشر سلطته في‬
‫الرقابة عليه بحدود القانون ‪.‬‬
‫وقد يحصل أن يكون الختصاص مشتركا بحيث يقوم‬
‫بممارسته الرئيس والمرؤوس وفي هذه الحالة ل يجوز أن‬

‫‪ -‬د‪ .‬حنا نده – المصدر السابق – ص ‪. 358‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪159‬‬
‫يستقل الرئيس الداري بممارسة الختصاص أل إذ مارسه‬
‫بصحبة مرؤوسة وإل اعتبر القرار مشوبا) بعيب عدم‬
‫الختصاص ‪(1).‬‬

‫د‪ -‬اعتداء السلطة المركزية علي اختصاص الهيئات‬


‫اللمركزية‪:‬‬
‫يقوم النظام اللمركزية علي أساس وجوده مصالح‬
‫إقليمية أو مرفقية أعترف لها المشرع بقدر محدد من‬
‫الختصاصات وقدر معين من الستقلل في مزاولة هذه‬
‫الختصاصات تحت وصاية السلطات المركزية في الدولة ‪.‬‬
‫والقانون يضع حدود الشراف الذي تمارسه السلطة‬
‫المركزية على الهيئات اللمركزية سواء اتخذت هذه الرقابة‬
‫طابع التصديق علي القرارات المتخذة أو الحلول في بعض‬
‫الحيان محل هذه السلطات في مباشرة جانب من‬
‫اختصاصاتها في الحدود التي رسمها القانون‪(2) .‬‬
‫وبناء علي ذلك ل يجوز أن تصدر السلطة المركزية قرار‬
‫تتجاوز به الحدود القانونية التي رسمها لها المشرع‬
‫وتمارس اختصاصا يقع في ضمن اختصاص الهيئات‬
‫المحلية أو اللمركزية‪ ،‬ول يجوز لها أن تحل محلها في‬
‫مباشرة اختصاص معين لم يخولها القانون حق الحلول فيه‬
‫ول يجوز لها أن تعدل قرار اتخذته وأل كان عملها هذا مشوبا)‬
‫بعيب عدم الختصاص ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫عيب الشكل والجراءات‬

‫يتحقق هذا العيب عندما يصدر القرار الداري من دون‬


‫مراعاة الدارة للشكل أو الجراءات التي نص عليها القانون‬
‫‪ - 1‬د‪ -‬ماجد راغب الحلو‪ -‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪.371‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬د‪-‬عبد الغني بسيوني ‪ -‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 395‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪160‬‬
‫ويتعلق هذا العيب بالمظهر الخارجي للقرار الداري‬
‫ونتناول في هذا الجزء من الدراسة عيب الشكل‬
‫والجراءات من خلل بحث مفهومه وصور قواعد الشكل‬
‫وأخير تغطية هذا العيب ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب الشكل‬


‫يقصد بعيب الشكل في القرار الداري أن تهمل الدارة‬

‫القواعد والجراءات الشكلية الواجب اتباعها في القرار‬

‫الداري ‪.‬‬

‫ومن ثم يكون القرار معيبا في شكله إذا لم تحترم‬


‫الدارة القواعد الجرائية والشكلية المقررة لصدوره‬
‫بمقتض القوانين واللوائح كما لو اشترط القانون إجراءات‬
‫تمهيدية تسبق اتخاذ القرار أو استشاره جهات معينه أو‬
‫تسبيب القرار ولم تتبع الدارة ذلك‪.‬‬
‫والصل في القرار الداري أن ل يتطلب إصداره شكلية‬
‫معينة أل أن القانون قد يستلزم إتباع شكل محدد أو‬
‫إجراءات خاصة ل إصدار قرارات معينة‪ ،‬وفي غير هذه‬
‫الحالت تتمتع الدارة بحرية تقدير واسعة في إتباع الشكل‬
‫الملئم ل إصدار قراراتها‪.‬‬
‫وعندما يشترط القانون إتباع شكل أو أجراء معين إنما‬
‫يسعى من جهة لتحقيق مصلحة الفراد وعدم فسح‬
‫المجال للدارة لصدار قرارات مجحفة بحقوقهم بطريقة‬
‫ارتجالية‪ ،‬ومن جهة أخرى يعمل على تحقيق المصلحة‬
‫العامة في إلزام الدارة بإتباع الصول والتروي وعدم‬
‫التسرع في اتخاذ قرارات خاطئة ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫وقد رتب القضاء الداري في العراق بطلن القرار‬
‫الداري جزاء) لمخالفة الدارة للشكليات والجراءات التي‬
‫يتطلبها القانون فقد قضى مجلس النضباط العام في‬
‫حكمه الصادر في ‪ … ) 27/10/2003‬فضل) عن ذلك فأن‬
‫المعترض عليهما ‪ -‬إضافة لوظيفتهما كانا قد فرضا هذه‬
‫العقوبة خلفا) لنص المادة )‪ (10‬منه القانون المشار إليه‬
‫التي أوجبت إجراء التحقيق الداري مع الموظف المخالف‬
‫من لجنة تحقيق أصولية متكونة من رئيس وعضوين‬
‫أحدهما حاصل) على شهادة جامعية أولية في القانون‬
‫وعليه ولكل ما تقدم ذكره قرر المجلس وبالتفاق الحكم‬
‫بإلغاء عقوبة الفصل المطعون بها الصادرة بموجب المر‬
‫الداري المذكور في صدر هذا الحكم ‪(1) (..‬‬
‫ويحدد القانون بمعناه العام قواعد الشكل والجراءات‬
‫بما ينص عليه الدستور أو التشريع العادي أو النظمة كذلك‬
‫تؤدي المبادئ القانونية العامة دورا) مهما) في ابتداع قواعد‬
‫شكلية غير منصوص عليها في القانون والنظمة بالستناد‬
‫إلى روح التشريع وما يمليه العقل وحسن تقدير المور ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور قواعد الشكل‬


‫درج القضاء الداري على التمييز بين ما إذا كانت‬
‫المخالفة في الشكل والجراءات قد تعلقت بالشروط‬
‫الجوهرية التي تمس مصالح الفراد وبين ما إذا كانت‬
‫المخالفة متعلقة بشروط غير جوهرية ل يترتب على‬
‫إهدارها مساسا) بمصالحهم ويترتب البطلن بالنسبة للنوع‬
‫الول دون الثاني ‪.‬‬

‫‪ -‬قرار مجلس النضباط العام رقم ‪ 17/2003‬الصدار في ‪ 1/7/2004‬غير منشور‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 416‬‬ ‫‪-‬‬


‫د‪ ،‬مصطفى أبو زيد فهمي – المصدر السابق –ص ‪. 479‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬حنا نده – المصدر السابق – ص ‪. 375‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬محمد العبادي – المصدر السابق – ص ‪. 205‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪162‬‬
‫والتمييز بين الشكال الجوهرية والشكال غبر‬
‫الجوهرية مسألة تقديرية تتقرر في ضوء النصوص القانونية‬
‫ورأي المحكمة وبصورة عامة يكون الجراء جوهريا) إذا‬
‫وصفه القانون صراحة كذلك أو إذا رتب البطلن كجزاء على‬
‫مخالفته ‪ .‬أما إذا صمت القانون فإن الجراء يعد جوهريا) إذا‬
‫كان له أثر حاسم في مسلك الدارة وهي تحدد مضمون‬
‫القرار الداري أما إذا لم يكن لذلك الجراء هذا الثر فإنه يعد‬
‫إجراء ثانويا) ومن ثم فإن تجاهله ل يعد عيبا) يؤثر في‬
‫مشروعية ذلك القرار ‪(1) .‬‬
‫وقد استقر القضاء الداري على أنه ل ينبغي التشدد‬
‫في التمسك بالقيود الشكلية إلى حد تعطيل نشاط‬
‫الدارة‪ ،‬فالعيب الذي من شأنه أن يبطل القرار الداري هو‬
‫ذلك الذي يؤثر في مضمون القرار أو ينتقص من الضمانات‬
‫المقررة لصالح الفراد المخاطبين به في مواجهة الدارة‬
‫وهو ما اعتمدة مجلس النضباط العام في احد قراراته‬
‫حيث ذهب في حكمه الصادرة في ‪ 1997 /3/12‬إلى إعادة‬
‫موظف إلى وظيفته بعد أن اعتبرته دائرته مستقيل) وذلك‬
‫لن إجراءات التبليغ لم تكن قد تمت وفقا) للقانون ‪ ،‬وقد‬
‫صادقت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة على القرار‬
‫المذكور لدى تمييزه أمامها )‪(2‬‬

‫) (‪ -‬د‪ .‬مصطفى ابو زيد فهمي – المصدر السابق – ص ‪. 484‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( اشار اليه ماجد نجم عيدان ‪ ،‬النظام القانوني لدعوى اللغاء في العراق ‪ ،‬دراسة‬ ‫‪2‬‬

‫مقارنة ‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة النهرين ‪ ، 2000 ،‬ص ‪– 230‬‬
‫‪. 231‬‬

‫‪163‬‬
‫ونتناول فيما يلي هذين النوعين من قواعد الشكل‬

‫والجراءات ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬الشكال التي تؤثر في مشروعية القرار الداري‪:‬‬


‫ل يمكن أن نحصر الشكال والجراءات التي يترتب‬
‫على مخالفتها بطلن القرار الداري‪ ،‬إل أن المستقر في‬
‫الفقه والقضاء الداري أن أهم هذه الشكليات تتعلق بشكل‬
‫القرار ذاته وتسبيبه والجراءات التمهيدية السابقة على‬
‫إصداره ‪.‬‬

‫‪ .1‬شكل القرار ذاته‪:‬‬


‫من المتفق عليه أنه ليس للقرار الداري شكل معين‬
‫يجب أن يصدر فيه فقد يأتي القرار شفويا) أو ضمنيا)‪ ،‬إل أن‬
‫القانون قد يشترط أن يكون القرار مكتوبا) وفي هذه الحالة‬
‫يتوجب على الدارة إتباع الشكل الذي تطلبه المشرع و إل‬
‫عد قرارها مخالفا) لشكل جوهري مما يؤدي إلى أبطاله ‪.‬‬

‫‪ .2‬تسبيب القرار الداري‪:‬‬


‫الصل أن الدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إل إذا‬
‫تطلب القانون ذلك‪ ،‬فمن المبادئ المقررة أن القرار الداري‬
‫الذي لم يشتمل على ذكر السباب التي استند عليها‪،‬‬
‫يفترض فيه أنه صدر وفقا) للقانون وأنه يهدف لتحقيق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬وهذه القرينة تصحب كل قرار إداري لم‬
‫يذكر أسبابه وتبقى قائمة إلى أن يثبت المدعى أن‬
‫السباب التي بنى عليها القرار المطعون فيه هي أسباب‬
‫غير مشروعة ‪(1) .‬‬
‫أما إذا اشترط القانون تسبيب بعض القرارات فقد‬
‫استقر قضاء محكمة العدل العليا على أن هذا التسبيب يعد‬
‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 272‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪164‬‬
‫أحد عناصر الجانب الشكلي للقرار يترتب على إغفاله‬
‫بطلن القرار ولو كان له سبب صحيح ‪(1) .‬‬
‫واشتراط المشرع تسبيب بعض القرارات الدارية يعد‬
‫من أهم الضمانات للفراد لنه يتيح للقضاء مراقبة‬
‫مشروعيتها فضل) عن أن معرفة الفراد للسباب التي دعت‬
‫الدارة لتخاذ قرارها يسهل عليهم الطعن فيه أمام القضاء‪،‬‬
‫كما أن التسبيب يجعل الدارة أكثر حذرا) وروية عند إصدارها‬
‫لقراراتها تجنبا) للطعن فيها ‪.‬‬
‫ولتوفير هذه الضمانة يجب أن يكون التسبيب جديا)‬
‫ومحددا) وواضحا) بما يسمح للقضاء من بسط رقابته على‬
‫مشروعية القرار‪ ،‬و إل فإن القرار يعد بحكم الخالي من‬
‫التسبيب مما يؤدي إلى إبطاله‪ ،‬ونظرا) للهمية التي يوليها‬
‫المشرع لتسبيب القرارات الدارية نحد أن المشرع‬
‫الفرنسي قد أكد في قانون ‪ 11/7/1979‬ضرورة تسبيب‬
‫جميع القرارات الفردية التي ل تكون في مصلحة الفراد‪،‬‬
‫واشترط أن يكون التسبيب مكتوبا) إل في حالة الضرورة‬
‫القصوى والحالت التي تنطوي على قرارات ضمنية أو‬
‫الصادرة في حالت مستعجلة ‪(2) .‬‬

‫‪ .3‬الجراءات السابقة على اتخاذ القرار‪:‬‬


‫يشترط القانون في بعض الحيان على جهة الدارة‬
‫سلوك إجراءات قبل إصدار قرارها و ويترتب على إغفال‬
‫إتباع هذه الجراءات بطلن قراراها ‪.‬‬
‫ومن قبيل ذلك مخالفة الدارة للجراءات الواجب‬
‫اتباعها في قراراتها التأديبية مثل إعلن المتهم بالوقائع‬
‫المسندة إليه قبل الجلسة المحددة لمحاكمته وبيان وصف‬
‫التهمة وتاريخ ارتكابها وزمان ومكان محاكمته وسماع‬

‫‪ -‬عدل عليا رقم ‪ 50/82‬مجلة نقابة المحامين ‪ ،1982‬ص ‪. 1490‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد العبادي – المصدر السابق – ص ‪. 208‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪165‬‬
‫دفاعه عن نفسه إلى غير ذلك من إجراءات جوهرية تحقق‬
‫الضمانات الساسية التي يقوم عليها التحقيق ‪.‬‬
‫وقد يشترط القانون استشارة جهة معينة قبل إصدار‬
‫الدارة قرارها‪ ،‬وقد تكون هذه الجهة فردا) أو هيئة أو لجنة‬
‫ما‪ ،‬وقد تكون الدارة ملزمة برأي تلك الجهة أو غير ملزمة‬
‫به وفقا) لما ينص عليه القانون‪ ،‬وهنا ل بد من الشارة إلى‬
‫أن الدارة في هذه الحالت جميعا) ملزمة باحترام الشكلية‬
‫التي فرضها القانون وأخذ رأي تلك الجهة وإل كان قرارها‬
‫معيبا) وجديرا) باللغاء ‪.‬‬
‫‪ .4‬الشكليات الخاصة باللجان والمجالس‪:‬‬
‫يتطلب القانون أحيانا) إجراءات خاصة لنعقاد اللجان أو‬
‫المجالس انعقادا) صحيحا) فقد ينص على ضرورة اكتمال‬
‫النصاب القانوني ويعد الجلسة باطلة إذا اقتصرت الدعوة‬
‫على عدد معين من العضاء دون الخرين ‪.‬‬
‫وإذا كان حضور أعضاء المجالس واللجان وفق التكوين‬
‫الذي حدده القانون يشكل ضمانة مهمة للفراد‪ ،‬فإنه ل‬
‫مجال للقول بأن زيادة أعضاء هذه المجالس يشكل زيادة‬
‫في هذه الضمانة لن الضمانات المقررة في القوانين‬
‫واللوائح ل تتحقق إل بأتباع الجراء الذي حدده المشرع ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الشكال التي ل تؤثر في مشروعية القرار الداري‪:‬‬


‫من المستقر في القضاء الداري أنه ل يترتب البطلن‬
‫على كل مخالفة للشكليات دون النظر إلى طبيعة هذه‬
‫المخالفة ورتب البطلن على إغفال الشكليات الجوهرية‬
‫دون الثانوية ‪ ,‬ومن الشكليات التي لتؤثر في مشروعية‬
‫القرار الداري ‪:‬‬
‫‪ .1‬الشكال والجراءات المقررة لمصلحة الدارة‪:‬‬
‫على عكس الشكال المقررة لصالح الفراد‪ ،‬اعتبر‬
‫القضاء الداري الشكال والجراءات المقرة لمصلحة الدارة‬

‫‪166‬‬
‫أشكال وإجراءات ثانوية ل يترتب على مخالفتها الحكم‬
‫بإبطال القرار الداري وهنا ل يسمح للفراد أن يستندوا‬
‫إلى الجراءات المقررة لمصلحة الدارة وحدها للتوصل إلى‬
‫إلغاء القرارات الدارية ‪(1) .‬‬
‫ومثال هذه الشكليات اشتراط تقديم ضمان مالي أو‬
‫شخصي قبل منح رخصة معينة‪ ،‬فإذا أغفلت الدارة هذا‬
‫الجراء فل محل للطعن ببطلن القرار الداري ‪.‬‬
‫وهذا التجاه لم يسلم من النقد من جانبين الول أنه‬
‫من الصعب تحديد الحالت التي تكون فيها الشكال مقررة‬
‫لمصلحة الدارة وحدها‪ ،‬والثاني أن هذه الشكال هي في‬
‫الحقيقة مقررة لتحقيق الصالح العام وليس الدارة‬
‫وحدها ‪.‬‬
‫كما أن الطبيعة الموضوعية لدعوى اللغاء التي‬
‫تختصم القرار الداري ذاته تتعارض مع النظر إلى مصالح‬
‫أطراف النزاع ‪(2) .‬‬

‫‪ .2‬الشكال والجراءات التي ل تؤثر في مضمون القرار‪:‬‬


‫يتغاضى القضاء الداري أحيانا) عن مخالفة بعض الشكليات‬
‫التي يعدها ثانوية ل تؤثر في مضمون القرار الداري ومن‬
‫قبيل ذلك إغفال الدارة الشارة صراحة في صلب قرارها‬
‫إلى النصوص القانونية التي كانت الساس في إصداره‪ ،‬أو‬
‫عدم ذكر صفات أعضاء اللجان والمجالس في صلب‬
‫القرارات الصادرة عنها ‪.‬‬
‫ويبدو ظاهريا) أن هذا التجاه من القضاء يهدف إلى التقليل‬
‫من الشكليات التي تضر بعمل الدارة وتقيدها عن أداء‬
‫وظيفتها‪ ،‬إل أن القول به ل شك سيؤدي إلى تعسف الدارة‬
‫وادعائها بأن أغلب الجراءات والشكال ل تؤثر في مضمون‬
‫القرار الداري ولها سلطة تقديرية في هذا المجال‪ ،‬ول‬
‫‪.‬‬ ‫‪Bonnard، Precis elementaire de droit administrative p 104 -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – المصدر السابق – ص ‪. 425‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 612‬‬

‫‪167‬‬
‫يخفى ما لذلك من تأثير سلبي على سلطة القضاء الداري‬
‫في الرقابة على مشروعية قرارات الدارة ‪.‬‬
‫ومن ثم فإن احترام المشروعية يقتضي من الدارة أن‬
‫تلجأ إلى المشرع للغاء ما تعده مقيدا) لنشاطها من‬
‫شكليات إذا كانت مقررة بنص تشريعي وأن تعمد إلى إلغاء‬
‫الشكليات غير الجوهرية إذا كانت مقرر بنص لئحي ‪(1) .‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تغطية عيب الشكل‬


‫درج القضاء الداري المقارن على القول بأنه يمكن‬
‫تلفي إلغاء القرار المعيب بعيب الشكل الجوهري بإتباع‬
‫أربع وسائل يمكن عن طريقها تغطية هذا العيب وهي‬
‫استحالة إكمال الشكليات والظروف الستثنائية وقبول‬
‫صاحب الشأن والستيفاء اللحق للشكل ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬استحالة إتمام الشكليات‪:‬‬


‫اتجه القضاء الداري في فرنسا ومصر الى القول بأنه‬
‫إذا استحال إتمام الشكال والجراءات من الناحية المادية‬
‫فيمكن تجاوز هذه الشكال ‪.‬‬
‫والستحالة التي تجوز فيها للدارة أن تتحلل من‬
‫الشكلية التي يفرضها القانون هي الستحالة المادية‬
‫الطويلة‪ ،‬لن الستحالة المؤقتة ل تكفي لتبرير إغفال‬
‫الدارة للشكال المطلوبة ‪(2) .‬‬
‫ومن أمثلة الستحالة المادية المانعة من إتمام‬
‫الشكليات عدم سماع دفاع الموظف المتهم إذا كان ذلك‬
‫راجعا) إلى استحالة مادية حقيقية تعود إلى عدم تركه‬
‫لعنوانه‪ ،‬واستحالة الستدلل على هذا العنوان وكذلك‬
‫رفض أحد أعضاء اللجنة الحضور رغم تبليغه بقصد تأخير‬
‫القرار ‪.‬‬
‫‪ -‬ينظر في هذا الرأي ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين – دعوى اللغاء أمام القضاء الداري – الكتاب الثاني – المصدر السابق – ص ‪. 139‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حنا نده – المصدر السابق – ص ‪. 380‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪168‬‬
‫وفي ذلك قضت المحكمة الدارية العليا في مصر ‪:‬‬
‫" الشركة قد اتخذت الجراءات اللزمة قانونا) في شأن‬
‫عرض المر على اللجنة الثلثية قبل إصدارها قرار الفصل‬
‫المطعون فيه‪ ،‬وأن اللجنة حاولت أن تعقد اجتماعا) أكثر من‬
‫مرة إل أن العضو الثالث فيها " ممثل العمال " الذي ثبت‬
‫أنه أخطر شخصيا) بمواعيد النعقاد تعمد التخلف عن‬
‫الحضور أكثر من مرة‪ ،‬فأنه بذلك ل تتريب على الشركة من‬
‫جهة النظر القانونية أن هي أصدرت قرارها بالفصل " ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الظروف الستثنائية‪:‬‬


‫تضطر الدارة أحيانا) إلى إغفال الشكليات الواجب‬
‫مراعاتها قانونا) تحت ضغط الظروف الستثنائية‪ ،‬وقد سبق‬
‫أن بينا أن نظرية الظروف الستثنائية توسع من نطاق مبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬وتؤدي إلى تحرر الدارة من كثير من القيود‬
‫القانونية ومنها ما يتعلق بقواعد الشكل والجراءات فل تعد‬
‫القرارات الصادرة مخالفة للشكال والجراءات التي يتطلبها‬
‫القانون لصدورها في ظل هذه الظروف ‪.‬‬

‫ثالثا)‪ -‬قبول صاحب الشأن‪:‬‬


‫من المقرر فقها) وقضاء) أن الصل في الشكليات‬
‫والجراءات أنها مقررة لمصلحة عامة قدرها المشرع‪ ،‬فهي‬
‫تمس الصالح العام‪ ،‬ومن هنا فإن قبول ذوي الشأن للقرار‬
‫المعيب ل يؤدي إلى تصحيح العيب وزوال البطلن ‪(2) .‬‬
‫إل أن بعض أحكام القضاء الداري قد خرجت عن هذا‬
‫التجاه وذهبت إلى قبول المخالفة أو العيب الذي انطوى‬
‫عليه القرار الداري وتنازل من شرع الشكل لمصلحته عن‬

‫‪ -‬القضية رقم ‪ 323‬لسنة ‪ 16‬القضائية ‪ 15‬يناير ‪ 1982‬المجموعة ص ‪. 144‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء الداري المصري في القضية رقم ‪ 3884‬لسنة ‪ 8‬قضائية جلسة‬ ‫‪2‬‬

‫أول يوليو ‪ 1957‬المجموعة ص ‪. 638‬‬

‫‪169‬‬
‫التمسك بالبطلن إذا لم يكن هذا الشكل متعلقا) بالنظام‬
‫العام ‪(1) .‬‬

‫رابعا)‪ -‬الستيفاء اللحق للشكل‪:‬‬


‫انقسم الفقه والقضاء الداري بشأن إمكانية تصحيح‬
‫عيب الشكل باستيفاء الجراءات أو الشكال التي أهملتها‬
‫الدارة بعد صدور القرار المعيب فقد ذهب جانب من الفقه‬
‫معززا) رأيه ببعض أحكام القضاء إلى عدم جواز تصحيح‬
‫الشكال والجراءات بعد صدور القرار لن هذه الجراءات‬
‫إنما وضعت كضمانة للفراد وللمصلحة العامة قبل إصدار‬
‫الدارة قرارها فإذا أهملت الدارة هذه الضمانة فقرارها‬
‫يكون معيبا) ومستحقا) لللغاء‪ ،‬ول يجوز للدارة أن تصحح‬
‫هذا العيب لتعطي القرار أثرا) رجعيا) لن ذلك يمنح الدارة‬
‫رخصة الخروج على قواعد الشكل ‪(2) .‬‬
‫وذهب جانب آخر من الفقه إلى قبول تصحيح القرار‬
‫باستيفاء الشكلية بعد صدور القرار تجنبا) للغائه ‪(3) .‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء الداري المصري في القضية ‪ 1632‬لسنة ‪ 1‬قضائية جلسة ‪28‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبريل ‪ 1957‬المجموعة ص ‪. 391‬‬


‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪. 688‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 616‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محسن خليل – المصدر السابق – ص ‪. 469‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪170‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫عيب مخالفة القانون أو عيب المحل‬

‫من مقتضيات مبدأ المشروعية أن يكون القرار الداري‬


‫موافقا) من حيث الموضوع لمضمون القواعد القانونية‪ ،‬وقد‬
‫أشارت المادة السابعة ثانيا)‪ /‬هـ ‪1/‬من قانون مجلس شورى‬
‫الدولة المعدل الى انه ‪) :‬يعتبر من أسباب الطعن بوجه‬
‫خاص … أن يتضمن القرار خرقا) أو مخالفة للقانون‬
‫والنظمة والتعليمات(‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب مخالفة القانون‬


‫يطلق على عيب مخالفة القانون بمعناه الضيق عيب‬
‫المحل وهو موضوع بحثنا في هذا المجال‪ ،‬أما عيب مخالفة‬
‫القانون بمعناه الواسع فيشمل عيوب القرار الداري كافة‪،‬‬
‫عيب الختصاص والشكل والسبب وعيب النحراف‬
‫بالسلطة ‪.‬‬
‫ويقصد بعيب المحل أن يكون القرار الداري معيبا) في‬
‫فحواه أو مضمونه وبمعنى آخر أن يكون الثر القانوني‬
‫المترتب على القرار الداري غير جائز أو مخالف للقانون أيا)‬
‫كان مصدره سواء أكان مكتوبا) كأن يكون دستوريا) أو‬
‫تشريعيا) أو لئحيا) أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة‬
‫للقانون ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور مخالفة القانون‬


‫تتنوع صور مخالفة القرار الداري للقانون فتارة تكون‬
‫المخالفة لنص من نصوص القوانين أو اللوائح أو تطبيقاتها‬
‫في حالة وجود القاعدة القانونية‪ ،‬وتارة تكون المخالفة في‬
‫تفسير القوانين واللوائح أو في تطبيقاتها عندما تكون‬
‫القاعدة القانونية غير واضحة وتحتمل التأويل ‪ .‬ومن صور‬
‫مخالفة القانون التي اعتمدها القضاء الداري الصور‬
‫التية ‪:‬‬
‫‪171‬‬
‫‪- 1‬المخالفة المباشرة للقانون ‪.‬‬
‫‪- 2‬الخطأ في تفسير القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫‪- 3‬الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية‪.‬‬

‫أول)‪ -‬المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية‪:‬‬


‫تتحقق هذه الحالة عندما تتجاهل الدارة القاعدة‬
‫القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة وقد تكون هذه‬
‫المخالفة عمدية كما لو منح رجل الدارة رخصة مزاولة‬
‫مهنة معينة لشخص وهو يعلم أنه لم يستوف شروط منحة‬
‫الرخصة‪ ،‬وقد تكون المخالفة غير عمدية نتيجة عدم علم‬
‫الدارة بوجود القاعدة القانونية ‪.‬‬
‫والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية أما أن تكون‬
‫مخالفة إيجابية تتمثل بقيام الدارة بتصرف معين مخالف‬
‫للقانون كما لو أصدرت قرارا) بتعيين موظف من دون اللتزام‬
‫بشروط التعيين أوان تكون المخالفة للقاعدة القانونية‬
‫سلبية تتمثل بامنتاع الدارة عن القيام بعمل يوجبه القانون‬
‫مثل امتناعها عن منح أحد الفراد ترخيصا) استوفي شروط‬
‫منحه ‪.‬‬
‫والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية من أكثر حالت‬
‫مخالفة القانون وقوعا) ووضوحا) في الواقع العملي‪ ،‬ومن‬
‫ذلك مثل أن يتم احالة الموظف على التقاعد قبل بلوغة‬
‫السن القانونية المحدده قانونا‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الخطأ في تفسير القاعدة القانونية‪:‬‬


‫تتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الدارة في تفسير‬
‫القاعدة القانونية فتعطي القاعدة معنى غير المعنى الذي‬
‫قصد المشرع ‪.‬‬
‫والخطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير‬
‫متعمد من جانب الدارة فيقع بسبب غموض القاعدة‬
‫القانونية وعدم وضوحها‪ ،‬واحتمال تأويلها إلى معان عدة ‪.‬‬
‫‪172‬‬
‫وقد يكون متعمدا) حين تكون القاعدة القانونية المدعى‬
‫بمخالفتها من الوضوح بحيث ل تحتمل الخطأ في التفسير‪،‬‬
‫ولكن الدارة تتعمد التفسير الخاطئ‪ ،‬فيختلط عيب المحل‬
‫في هذه الحالة بعيب النحراف السلطة ‪.‬‬
‫وفي معنى الخطأ في التفسير أن تعمد الدارة إلى مد‬
‫نطاق القاعدة القانونية ليشمل حالت ل تدخل في نطاقها‬
‫أصل)‪ ،‬أو تضيف حكما) جديدا) لم تنص عليه القاعدة‬
‫القانونية ‪(1) .‬‬

‫ثالثا)‪ -‬الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية‪:‬‬


‫يكون الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية في حالة‬
‫مباشرة الدارة للسلطة التي منحها القانون إياها بالنسبة‬
‫لغير الحالت التي نص عليها القانون‪ ،‬أو دون أن تتوافر‬
‫الشروط التي حددها القانون لمباشرتها ‪(2) .‬‬
‫فإذا صدر القانون دون الستناد إلى الوقائع المبررة‬
‫لتخاذه أو لم يستوف الشروط التي يتطلبها القانون فأنه‬
‫يكون جديرا) باللغاء ‪.‬‬
‫ويتخذ الخطأ في تطبيق القانون صورتين ‪ :‬الولى‬
‫تتمثل في حالة صدور القرار دون الستناد إلى وقائع مادية‬
‫تؤيده‪ ،‬ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الداري جزاء) تأديبيا)‬
‫بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز ذلك‬
‫الجزاء‪ ،‬أما الثانية فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار‬
‫الداري‪ ،‬وهنا توجد وقائع معينة إل أنها ل تكفي أو لم‬
‫تستوف الشروط القانونية اللزمة لتخاذ هذا القرار ‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫عيب السبب‬

‫رقابـة القضـاء الداري علـى سـبب القـرار الداري تمثـل‬


‫جانبـا) مهمـا) مـن جـوانب الرقابـة القضـائية علـى مشـروعية‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 627‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد حافظ المصدر السابق – ص ‪. 41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪173‬‬
‫القــرار الداري‪ ،‬ومقتضــاها أن يبحــث القاضــي فــي مــدى‬
‫مشـروعية الـدوافع الموضـوعية الـتي دعـت الدارة لصـدار‬
‫قرارهــا‪ ،‬ونبحــث فيمــا يلــي عيــب الســبب ونتصــدى لرقابــة‬
‫القضاء الداري بشأنه ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬تعريف السبب‬

‫سبب القرار الداري هو الحالة الواقعية أو القانونية‬


‫التي تسبق القرار وتدفع لصداره ‪ .‬وبهذا المعنى فأن‬
‫عيب السبب يتحقق في حالة انعدام وجود سبب يبرر‬
‫إصدار القرار فيكون جديرا باللغاء وقد تدعي الدارة بوجود‬
‫وقائع أو ظروف مادية دفعتها ل صدارة ثم يثبت عدم صحة‬
‫وجودها في الواقع ‪.‬‬
‫فإذا صدر قرار أداري دون أن يستند إلى سبب صحيح‬
‫كما لو أصدرت الدارة قرار بمعاقبة موظف لنه أهان رئيسة‬
‫ثم يتبين عدم صحة واقعة لهانة فان القرار يكون معيبا‬
‫بعدم مشروعية سببه‬
‫وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي رقابته علي عيب‬
‫السبب منذ عام ‪ 1907‬بحكم مونو ‪ Mono‬برقابته علي وجود‬
‫الوقائع وصحة تكييفا القانوني ثم حكم ديسي ‪ Dessay‬عام‬
‫‪. 1910‬‬
‫وقد أنكر جانب من الفقه وجود السبب كعيب مستقل‬
‫من عيوب القرار الداري فقد ذهب العميد دوكي ‪Duguit‬‬
‫إلى أن السبب أو الباعث الملهم ليس أل مجرد حالة‬
‫سابقة على القرار تثير فكرة في ذهن مصدرة كما رده‬
‫مجلس الدولة الفرنسي إلى عيب عدم الختصاص في‬
‫حالت الختصاص المقيد وعيب الغاية في الحالت الخرى‬
‫بينما ذهب العميد هوريو ‪ Houriou‬إلى القول بأن عيب‬
‫السبب يندرج في ضمن عيب مخالفة القانون ‪(1).‬‬
‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 441‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬محمد كامل ليله – الرقابة على أعمال الدارة – المصدر السابق – ص ‪. 1229‬‬

‫‪174‬‬
‫إل أن الــرأي المســتقر فقهــا وقضــاء أن عيــب الســبب‬
‫مســتقل عــن العيــوب الخــرى فقــد تقــدم أن عيــب مخالفــة‬
‫القــانون يتعلــق بمحــل القــرار الداري وهــو الثــر القــانوني‬
‫المـترتب علـى القـرار أو مـادته أو محتـواة وبمعنـى أخـر فـانه‬
‫ذلـك التغييـر الـذي يحـدثه القـرار سـواء بإنشـاء أو تعـديل أو‬
‫إلغــاء مركــز قــانوني معيــن أمــا الســبب فيتعلــق بالحالــة‬
‫الواقعيـة أو القانونيـة الـتي قـامت قبـل إصـدار القـرار ودفعـت‬
‫إلى إصداره‪.‬‬
‫وفي عيب النحراف بالسلطة يتعلق العيب في الغاية‬
‫أو الهدف الذي يسعى مصدر القرار إلى تحقيقه وهذه‬
‫الغاية متصلة بالبواعث النفسية للشخص أو الجهة التي‬
‫اتخذت القرار في حين يتمثل عيب السبب بعناصر ذات‬
‫طبعية موضوعية متصلة بالقانون أو الوقائع ومستقلة عن‬
‫الحالة النفسية لمصدر القرار ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط السبب في القرار الداري‬
‫استقر القضاء علي ضرورة توفر شرطين في سبب‬
‫القرار الداري ‪:‬‬

‫أول)‪ -‬أن يكون سبب القرار الداري موجودا)‪:‬‬


‫وهنا يجب أن يكون القرار الداري قائما وموجودا حتى‬
‫تاريخ اتخاذ القرار ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الولى‬
‫أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعل وأل كان‬
‫القرار الداري معيبا) في سببه‪ ،‬والثاني يجب أن يستمر‬
‫وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية‬
‫لصدار القرار أل أنها زالت قبل إصدارة فإن القرار يكون‬
‫معيبا في سببه وصدر في هذه الحالة‪ ،‬كما ل يعتد بالسبب‬
‫الذي لم يكن موجودا قبل إصدار القرار أل أنه تحقق بعد‬
‫ذلك وأن جاز أن يكون مبررا لصدور قرار جديد ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬أن يكون السبب مشروعا)‪:‬‬


‫وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة‬
‫للدارة عندما يحدد المشرع أسبابا معينه يجب أن تسند‬
‫إليها الدارة في إصدار بعض قراراتها فإذا استندت في‬
‫إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها الشرع فأن‬
‫قرارها يكون مستحقا لللغاء لعدم مشروعيته ويجري‬
‫القضاء في هذه الحالة على رقابة السباب القانونية من‬
‫حيث وجودها أو عدم وجودها وقصر سلطته على تطبيق‬
‫حكم القانون أي علي رقابة المشروعية فقط ‪.‬وقد قضى‬
‫مجلس النضباط العام في قرار له بتاريخ ‪12/2003 /25‬‬
‫)إن الذي يهم المجلس في مجال هذا الطعن البحث عن‬
‫مدى مشروعية المر الداري المطعون فيه وأصولية‬
‫أسبابه وانسجامه مع متطلبات الصالح العام ‪ ..‬مما يكون‬
‫المر الداري المطعون فيه قد صدر خلفا) للمشروعية‬
‫‪1‬‬
‫()(‬ ‫ولقواعد الختصاص وخاليا) من أسبابه القانونية …‬

‫‪-‬اشار اليه خضر عكوبي يوسف ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪281‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪176‬‬
‫ومع ذلك فقد درج القضاء الداري على أنه حتى في‬
‫مجال السلطة التقديرية ل يكفي أن يكون السبب موجودا‬
‫بل يجب أن يكون صحيحا ومبررا لصدار القرار الداري‪.‬‬
‫فضل) عن أن جهة الدارة كقاعدة عامة غير ملزمة‬
‫بتسبيب قرارها أل إذا أشترط المشرع ذلك أما إذا أفصحت‬
‫عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فأنه يجب أن يكون صحيحا‬
‫وحقيقيا فأن لم يكن كذلك بأن كان وهميا أو صوريا كان‬
‫القرار الداري باطل غير منتج لي أثر ‪.‬‬
‫أما في حالة تعدد السباب التي يستند إليها القرار‪،‬‬
‫وتبين أن بعض السباب صحيح ومشروع والسباب الخرى‬
‫غير مشروعة فقد استقر القضاء الداري على التفرقة بين‬
‫السباب الدافعة أو الرئيسية وبين السباب غير الدافعة أو‬
‫الثانوية والحكم بإلغاء القرار إذا كانت السباب المعيبة وغير‬
‫الصحيحة هي السباب الدافعة أو الرئيسية في إصدار‬
‫القرار ول يحكم بإلغاء القرار إذا كانت السباب المعيبة هي‬
‫السباب غير الدافعة أو الثانوية ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬رقابة القضاء الداري على السبب‬


‫تطورت الرقابة علي سبب القرار الداري من الرقابة‬
‫على الوجود المادي للوقائع إلى رقابة الوصف القانوني‬
‫للوقائع إلي أن وصلت إلي مجال الملئمة أو التناسب بين‬
‫القرار الداري والوقائع التي دفعت ألى إصداره ‪.‬‬
‫وبناء علي ذلك سنبحث في رقابة القضاء الداري على‬
‫السبب في ثلث مراحل الرقابة على وجود الوقائع والرقابة‬
‫على تكييف الوقائع والرقابة على ملئمة القرار للوقائع ‪:‬‬

‫أول)‪ -‬الرقابة على وجود الوقائع‪:‬‬


‫الرقابة على وجود الوقائع المادية التي استندت أليها‬
‫الدارة في إصدار قرارها أول درجات الرقابة القضائية على‬
‫سبب القرار الداري فإذا تبين أن القرار المطعون فيه ل‬

‫‪177‬‬
‫يقوم علي سبب يبرره فأنه يكون جديرا باللغاء لنتفاء‬
‫الواقعة التي استند عليها‪.‬‬
‫وقد بدأ مجلس الدولة الفرنسي في رقابته علي‬
‫وجود الوقائع مع بداية القرن العشرين ومن أحكامه في‬
‫هذا المجال حكم ‪ Trepont‬الذي قضي بإلغاء القرار الداري‬
‫الخاص بإحالة الطاعن على التقاعد لعدم ثبوت الواقعة‬
‫التي اعتمدت عليها الدارة في إصدار القرار وهي تقديم‬
‫الطاعن طلبا بإحالته علي التقاعد ‪(1) .‬‬
‫وسار القضاء الداري في مصر والعراق مع ما سار‬
‫عليه مجلس الدولة الفرنسي في ذلك ‪(2) .‬‬
‫أما إذا صدر القرار بالستناد إلى سبب تبين أنه غير‬
‫صحيح أو وهمي وظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب‬
‫أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك السباب‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الرقابة على تكييف الوقائع‪:‬‬


‫وهنا تمتد رقابة القاضي الداري لتشمل الوصف‬
‫القانوني للوقائع التي استندت أليها الدارة في إصدار‬
‫قرارها فإذا تبين له أن الدارة أخطأت في تكييفها القانوني‬
‫لهذه الوقائع فإنه يحكم بإلغاء القرار الداري لوجود عيب‬
‫في سببه فإذا تحقق القاضي من وجود الوقائع التي‬
‫استندت إليها الدارة في إصدار قرارها ينتقل البحث فيما‬
‫إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقيا إلى القرار المتخذ ‪.‬‬
‫ومن اشهر أحكام مجلس الدولة الفرنسي في الرقابة‬
‫على التكييف القانوني للوقائع حكمة في قضية ‪Gomel‬‬
‫عام ‪ 1914‬فقد قضي بإلغاء قرار مدير أحد القاليم الذي‬
‫رفض الترخيص للسيد جوميل بالبناء في منطقة أثرية‬
‫على أساس أن هذا البناء سيشوه جمال المنظر الثري‬

‫‪. C .E 20 Janvier 1922 con col C.GRIVET R.D.P 1922 P 82 -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬مجلس النضباط العام في قرار له بتاريخ ‪ 12/2003 /25‬مشار اليه سابقا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪178‬‬
‫ولما بحث المجلس التكييف القانوني للوقائع التي أستند‬
‫إليها هذا القرار أعتبرها غير صحيحة وألغى قرار المدير‪(1).‬‬
‫وجاء في قرار لمحكمة القضاء الداري في العراق‬
‫بقرارها المؤرخ في ‪ ) 18/11/1996‬قرر إلغاء المر‬
‫المتضمن حجز ومصادرة السيارة لعدم ارتكازه على سند‬
‫من القانون وان تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة كان في‬
‫‪2‬‬
‫‪().‬‬ ‫غير محله … (‬

‫ثالثا)‪ -‬الرقابة على الملئمة‪:‬‬


‫الصل أن ل تمتد رقابة القضاء الداري لتشمل البحث‬
‫في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناء عليها لن‬
‫تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل في ضمن‬
‫نطاق السلطة التقديرية للدارة إل أن أحكام مجلس الدولة‬
‫في مصر وفرنسا أخذت تراقب الملئمة بين السبب والقرار‬
‫المبني عليه ل سيما إذا كانت الملئمة شرطا من شروط‬
‫المشروعية وأتضح ذلك جليا) في صدد القرارات المتعلقة‬
‫بالحريات العامة وامتدت هذه الرقابة إلى ميدان القرارات‬
‫التأديبية كذلك ‪(3) .‬‬
‫وبـذلك يكـون القضـاء قـد توسـع فـي بسـط رقـابته علـي‬
‫العناصـر الواقعيـة لركـن السـبب حـتى بلغـت أقصـى درجاتهـا‪،‬‬
‫لتشــمل الملئمــة ولشــك ان رقابــة التناســب وعلــى وجــه‬
‫الخصــوص فــي القــرارات التأديبيــة هــي المجــال الحقيقــي‬
‫لمجلـس النضـباط فـي العـراق فمـع اعـترافه بحريـة الدارة‬
‫فــي توقيــع الجــزء أو عــدم توقيعيــة علــي الموظــف فــأن‬
‫مشــروعية قرارهــا تبقــي رهنــا بــأن ل يشــوبه غلــو أو عــدم‬
‫ملئمـة بيـن الـذنب المقـترف والعقوبـة التأديبيـة ‪ .‬وفـي ذلـك‬

‫‪.‬‬ ‫‪C.E 4 Avril 1914، Gomels، 1917، 3-25 Nite Hauriou -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫منشور في مجلة العدالة ‪ ،‬العدد الثاني ‪ ، 1999‬ص ‪109‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عصام عبد الوهاب البرزنجي – السلطة التقديرية للدارة والرقابة القضائية – ‪– 1971‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص ‪ 160‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫قضـى مجلـس النضـباط العـام فـي حكمـه بعـدد ‪122/1979‬‬
‫فـــي ‪) 9/5/1979‬مـــن شـــروط العقوبـــة المفروضـــة علـــى‬
‫الموظـف أن تكـون ملئمـة مـع الغايـات المسـتهدفة منهـا()‪(1‬‬
‫واسـتمر المجلـس علـى نهجـه هـذا بعـد صـدور قـانون تعـديل‬
‫قـانون مجلـس شـورى الدولـة رقـم ‪ 106‬لسـنة ‪ 1989‬وأصـدر‬
‫قــرارات عديــدة تشــير إشــارة واضــحة إلــى بســط المجلــس‬
‫رقـابته علـى التناسـب ومنهـا قـراره الـذي جـاء فيـه )وحيـث لـم‬
‫يســـبق للمعترضـــة ان عـــوقبت خلل الســـنة ولخـــدمتها‬
‫الطويلــة‪ ,‬فتكــون عقوبــة العــزل شــديدة ول تتناســب مــع‬
‫الفعل‪ ,‬قررنا تخفيف العقوبة من العزل الى التوبيخ ()‪,(2‬‬

‫المبحث الخامس‬
‫عيب إساءة استعمل السلطة أو النحراف بها‬

‫السلطة التي تتمتع بها الدارة ليست غاية في ذاتها‬


‫أنما هي وسيلة لتحقق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة‬
‫للمجتمع‪ ،‬فإذا انحرفت الدارة في استعمال هذه السلطة‬
‫بإصدار القرارات لتحقق أهداف تتعارض مع المصلحة‬
‫العامة فأن قرارها يكون مشوبا) بعيب إساءة استعمال‬
‫السلطة أو النحراف بها ويعد هذا العيب من أسباب الطعن‬
‫باللغاء التي ترد على القرار الداري‪ ،‬ونتأول في هذا الجزء‬
‫من الدراسة التعريف بهذا العيب وصورة ورقابة القضاء‬
‫الداري بشأنه ‪.‬‬

‫)‪ (3‬قرار مجلس النضباط العام برقم ‪ 122/1979‬في ‪9/5/1979‬‬ ‫‪1‬‬

‫منشور في مجلة العدالة ‪ ,‬العدد ‪ ,3‬السنة ‪ ,1979 ,5‬ص ‪.33‬‬


‫)‪ (4‬قرار مجلس النضباط العام برقم ‪ 207/2004‬في ‪2004 /1/7‬‬ ‫‪2‬‬

‫القرار غير منشور‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف عيب إساءة استعمال السلطة‬
‫يكون القرار الداري معيبا بعيب إساءة استعمال‬
‫السلطة إذا استعمل رجل الدارة صلحياته لتحقق غاية‬
‫غير تلك التي حددها القانون ويتصل هذا العيب بنية مصدر‬
‫القرار وبواعثه‪ ،‬لذلك يقترن هذا العيب بالسلطة التقديرية‬
‫للدارة ول يثار إذا كانت سلطة الدارة مقيدة بحدود معينة‪.‬‬
‫وقد حظي هذا العيب بأهمية كبيرة في القضاء‬
‫الداري في فرنسا ومصر والردن على السواء أل أن‬
‫أهميته تضاءلت لنه يتصل بالبواعث النفسية الخفية لجهة‬
‫الدارة‪ ،‬وإثباته يتطلب أن يبحث القضاء في وجود هذه‬
‫البواعث وهو غاية بعيدة المنال‪.‬‬
‫لذلك أضفي القضاء علي هذا العيب الصفة الحتياطية‬
‫فل يبحث في وجوده طالما أن هناك عيب أخر شاب القرار‬
‫الداري مثل عيب عدم الختصاص أو عيب الشكل أو‬
‫مخالفة القانون ‪(1) .‬‬
‫وإذا كان عيب النحراف بالسلطة عيب قصدي أو‬
‫عمدي يتعلق بنية مصدر القرار الذي غالبا ما يكون سيئ‬
‫النية يعلم أنه سعي إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة‬
‫أو غير تلك التي حددها القانون فأنه قد يحصل أن ل يقصد‬
‫مصدر القرار البتعاد عن المصلحة العامة أل أنه يخرج على‬
‫قاعدة تخصيص الهداف فيكون القرار مشوبا بعيب‬
‫النحراف أيضا)‪.‬‬

‫‪ -‬ينظر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو – المصدر السابق – ص ‪. 441‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغين بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 661‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد الغويري – المصدر السابق – ص ‪. . 383‬‬

‫‪181‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صور إساءة استعمال السلطة‬
‫مثلما هو الحال في سائر عيوب القرار الداري يتخذ‬
‫عيب النحراف في استعمال السلطة صورا عده نتناولها‬
‫تباعا) ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬البعد عن المصلحة العامة‪:‬‬


‫القانون لم يعط الدارة السلطات والمتيازات أل‬
‫باعتبارها وسائل تساعدها علي تحقيق الغاية الساسية‬
‫التي تسعى إليها وهي المصلحة العامة ‪(1) .‬‬
‫وإذا ما حادت الدارة عن هذا الهدف لتحقيق مصالح‬
‫شخصية ل تمت للمصلحة العامة بصلة كمحاباة الغير أو‬
‫تحقيق غرض سياسي أو استخدام السلطة بقصد النتقام‬
‫فإن قراراتها تكون معيبة بعيب النحراف بالسلطة ‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر في هذا المجال انه ل يكفي في‬
‫هذا الصدد أن يتحقق نفع لحد الشخاص لتحقيق عيب‬
‫النحراف فإذا كان النفع أحد النتائج على القرار وليس هو‬
‫غايته فالقرار ليس معيبا) بعيب النحراف‪ ،‬وتتحقق هذه‬
‫الصورة في النحراف في حالت عديدة كالقرار الذي يصدر‬
‫ببواعث سياسية أو تحديا) لحكم قضائي أو تحايل عليه أو‬
‫بدافع النتقام)‪.(2‬‬

‫ثانيا)‪ -‬مخالفة قاعدة تخصيص الهداف‪:‬‬


‫على الرغم من أن الدارة تستهدف تحقيق المصلحة‬
‫العامة دائما) فقد يحدد المشرع للدارة هدفا) خاصا) يجب أن‬
‫تسعى قراراتها لتحقيقه وإذا ما خالفت هذا الهدف فإن‬
‫قرارها يكون معيبا) بإساءة استعمال السلطة ولو تذرعت‬
‫الدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وهذا ما‬
‫يعرف بمبدأ تخصيص الهداف ومثال ذلك قرارات الضبط‬
‫الداري التي حدد لها القانون أهدافا) ثلثة ل يجوز للدارة‬
‫مخالفتها وهي المحافظة على المن العام والسكينة‬
‫‪ -‬د ‪ .‬عبد الغين بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 661‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( د‪ .‬ماجد راغب الحلو ‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪182‬‬
‫العامة والصحة العامة‪ ،‬فإذا خالفت الدارة هذه الهداف‬
‫في قرار الضبط الداري فإن قراراها هذا يكون مشوبا) بعيب‬
‫النحراف بالسلطة وجديرا) باللغاء ‪.‬‬

‫ثالثا)‪ -‬إساءة استعمال الجراءات‪:‬‬


‫تحصل هذه الحالة من النحراف عندما تستبدل الدارة‬
‫الجراءات الدارية اللزمة لصدار قرار معين بإجراءات أخرى‬
‫لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه‪ ،‬وتلجأ الدارة إلى هذا‬
‫السلوب أما لنها تعتقد أن الجراء الذي اتبعته ل يمض‬
‫لتحقيق أهدافها أو أنها سعت إلى التهرب من الجراءات‬
‫المطولة أو الشكليات المعقدة ‪.‬‬
‫وأيا) كانت التبريرات فإن الدارة تكون قد خالفت‬
‫الجراءات التي حددها القانون ويكون تصرفها هذا مشوبا)‬
‫بعيب إساءة السلطة في صورة النحراف بالجراءات ‪.‬‬
‫ومثال ذلك أن تلجأ الدارة إلى الستيلء المؤقت على‬
‫العقارات بدل) من سيرها في طريق إجراءات نزع الملكية‬
‫للمنفعة العامة تفاديا) لطول إجراءات نزع الملكية‪ ،‬أو أن‬
‫تقرر الدارة انتداب موظف وهي تستهدف في الحقيقة‬
‫معاقبته فتلجأ إلى قرارالنتداب لتجريده من ضمانات‬
‫التأديب ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إثبات عيب إساءة استعمال السلطة‬
‫الصل في عيب النحراف بالسلطة أن يقع عبء إثباته‬
‫على عاتق من يدعيه فإن عجز عن ذلك خسر دعواه ول‬
‫يجوز للمحكمة أن تتصدى لهذا العيب من تلقاء نفسها‪ ،‬ل‬
‫سيما وأن القرارات الدارية تتمتع بقرينة المشروعية وعلى‬
‫من يدعي مخالفتها للمشروعية إثبات ذلك ‪.‬‬
‫وبالنظر لصعوبة موقف المدعي وعجزه في أحيان‬
‫كثيرة عن إثبات هذا النحراف ما دام يتعلق بالنواحي‬
‫النفسية لمصدر القرار‪ ،‬فقد درج القضاء الداري على أنه‬
‫إذا كان نص القرار أو ما تضمنه ملف الدعوى من أوراق‬
‫ومستندات تؤدي إلى إثبات الساءة أو النحراف بالسلطة‬
‫فإنه يجوز للقاضي أن يحكم من تلقاء نفسه بإلغاء القرار‬
‫دون أن يحمل طالب اللغاء إقامة الدليل على وقوع‬
‫النحراف ‪.‬‬
‫كذلك استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي والمصري‬
‫على قبول الدليل المستمد بكل طرق الثبات أو الدللة من‬
‫مجرد قراءة القرار أو أسبابه التي بني عليها أو من طريقة‬
‫إصدار القرار وتنفيذه والظروف التي أحاطت به لثبات عيب‬
‫النحراف‪ ،‬وليس في القضاء الداري العراقي ما يخالف‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫ويمكن للقضاء أن يستدل على وجود النحراف من‬
‫الظروف المحيطة بالقرار وتوقيت وطريقة إصداره وتنفيذه‪،‬‬
‫كما يجوز استدعاء الخصوم لسؤالهم عن الوقائع المحيطة‬
‫باتخاذ القرار للوقوف على أهداف الدارة وبواعثها إذ أن‬
‫المهم أن ل يبقى الدعاء بإساءة استعمال السلطة قول)‬
‫مرسل) ل دليل عليه ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫إجراءات رفع دعوى اللغاء والكم فيها‬

‫بينا سابقا شروط قبول دعوى اللغاء وكذلك أوجه‬


‫الطعن باللغاء أو العيوب التي يمكن أن تشوب القرارات‬
‫الدارية وتجعلها محل للطعن باللغاء وندرس فيما يلي‬
‫إجراءات رفع دعوى اللغاء ثم نبحث الحكم باللغاء وكيفية‬
‫تنفيذه وذلك في ثلثة مباحث‪:‬‬
‫‪ •0‬المبحث الول ‪ :‬إجراءات رفع دعوى اللغاء ‪.‬‬
‫‪ •1‬المبحث الثاني‪ :‬الثار المترتبة على رفع دعوى‬
‫اللغاء ‪.‬‬
‫‪ •2‬المبحث الثالث ‪ :‬أثار الحكم باللغاء ‪.‬‬

‫البحث الول‬
‫إجراءات رفع دعوى اللغاء‬

‫تتميـز إجـراءات رفـع دعـوى اللغـاء فـي العديـد مـن الـدول‬


‫بأنها مستقلة عن إجراءات رفع الدعاوى الخرى المنصوص‬
‫عليها في قانون المرافعات وهي بهذا ل تشكل استثناء عن‬
‫هذه الجراءات بقدر ما تمثل نظاما مستقل) وأساسيا) ل يعتد‬
‫فيـه القاضـي الداري بضـرورة الرجـوع إلـي قـانون المرافعـات‬
‫فـي حالـة عـدم وجـود النـص أو غموضـه أنمـا يسـتمد قواعـده‬
‫مــن طبيعــة المنازعــات الداريــة وضــرورات ســير المرافــق‬
‫العامــة ‪ .‬امــا فــي العــراق فــأن المشــرع لــم ينــص علــى‬
‫اجراءات خاصة لرفع دعوى اللغاء غير تلك المنصوص عليها‬
‫فــي قــانون المرافعــات ‪.‬فقــد ورد فــي المــادة الرابعــة ‪/‬‬
‫ثانيـا ‪/‬ح مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة المعـدل) تسـري‬
‫بشـأن الجـراءات الـتي تتبعهـا المحكمـة فيمـا لـم يـرد بـه نـص‬
‫خــاص فــي هــذا القــانون ‪ ,‬الحكــام المفــررة فــي قــانون‬

‫‪185‬‬
‫المرافعـات المـدنيه واحكـام قـانون الرسـوم العدليـة بشـأن‬
‫اسـتيفاء الرسـوم عـن الطعـون المقدمـة اليهـا او عـن الطعـون‬
‫في قراراتها لدى الهيئه العامه لمجلس شورى الدولة(‪.‬‬
‫ومــن الجــدير بالــذكر أن النظــام الــداخلي للمحكمــة‬
‫التحاديـة العليـا رقـم ‪ 1‬لسـنة ‪ 2005‬قـد نـص كـذلك علـى أن‬
‫يطبـق قـانون المرافعـات المدنيـة إذا لـم يـرد نـص خـاص فـي‬
‫قـانون المحكمـة وفـي نظامهـا الـداخلي فقـد جـاء فـي نـص‬
‫المـادة ‪ 19‬مـن النظـام الـداخلي للمحكمـة )) تطبـق أحكـام‬
‫قــانون المرافعــات المدنيــة رقــم ‪ 83‬لســنة ‪ 1969‬وقــانون‬
‫الثبـات رقـم ‪ 107‬لسـنة ‪ 1979‬فيمـا لـم يـرد نـص خـاص فـي‬
‫قانون المحكمة التحادية العليا في هذا النظام ((‬

‫‪186‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تحديد الجهة المدعى عليها‬
‫بينا أن دعوى اللغاء عينيه موضوعية ويتم من خللها‬
‫اختصام القرار الداري المطعون فيه إل أن هذا ل يتعارض‬
‫من حيث الجراءات بأن يكون المدعى عليه في دعوى‬
‫اللغاء هو جهة الدارة التي أصدرت القرار المطعون فيه‬
‫باللغاء ويتم اختصام هذه الجهة الدارية في شخص من‬
‫يمثلها قانونا ويجب أن تكون هذه الجهة متمتعة بالشخصية‬
‫المعنوية المستقلة فمن العبث توجيه الخصومة لجهة‬
‫إدارية ليست لها صفة التقاضي أما إذا لم تكن الجهة‬
‫الدارية التي أصدرت القرار‬
‫متمتعة بالشخصية المعنوية فيتم توجيه الخصومة إلى‬
‫الوزير المختص على اعتبار أن الجهة التي أصدرت القرار‬
‫تابعة مركزيا) لهذه الوزارة ‪ ,‬ومن ثم إذا رفعت دعوى اللغاء‬
‫على غير ذي صفة فأنها تكون غير مقبولة وترد شكل) وعدم‬
‫قبولها من النظام العام‪ ،‬ويجوز للمحكمة أن تقضي به من‬
‫تلقاء نفسها ويمكن للدارة أن تدفع بذلك في أي مرحلة‬
‫من مراحل الدعوى ‪.‬‬
‫إل أن أحكام القضاء الداري قد استقرت على قبول‬
‫الدعوى في حالة أخطار الجهة الدارية صاحبة الصفة‬
‫الصلية وتقديمها دفاعا فيها فل محل للحكم بعدم قبول‬
‫الدعوى رغم أنه قد تم رفعها أصل على شخص أخر غير‬
‫)‪(1‬‬
‫ذي صفة ‪.‬‬
‫كذلك أجاز القضاء تصحيح الدعوى بإعادة توجيهها إلى‬
‫صاحب الصفة الصلي على أن يتم ذلك خلل ميعاد رفع‬
‫)‪(2‬‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫أما إذا زالت صفة الجهة الدارية كما لو ألغيت‬
‫شخصيتها المعنوية فأنه يتم توجيه الخصومة إلى الجهة‬
‫الدارية التي نقلت أليها اختصاصاتها وكذلك إذا رفعت‬

‫‪-‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر بتاريخ ‪ 1/2/1960‬لسنة الخامسة ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 334‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر بتاريخ ‪ 22/11/1958‬السنة الرابعة ‪167‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪187‬‬
‫الدعوى في مواجهة أكثر من جهة إدارية وزالت صفة بعض‬
‫هذه الجهات فأن الدعوى تستمر في مواجهة باقي‬
‫الخصوم ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صحيفة الدعوى‬


‫أورد المشرع العراقي في المادة ‪ 46‬من قانون‬
‫المرافعات المدنية البيانات الواجب أن تتضمنها صحيفة‬
‫الدعوى والشروط الواجب توافرها فيها ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬بيانات صحيفة الدعوى‪:‬‬


‫حددت المادة السادسة والربعون من قانون المرافعات‬
‫المدنية رقم ‪ 83‬لسنة ‪ 1969‬البيانات التي يجب أن تحتويها‬
‫صحيفة الدعوى بكل ما يتعلق بالنزاع‬
‫المنظور من قبل المحكمة التي رفعت الدعوى إليها وأن‬
‫كانت هذه البيانات من البيانات الشكلية وان أي نقص أو‬
‫غموض فيها ‪ ,‬يلزم المدعي بإكماله خلل مدة مناسبة‬
‫وإل تبطل الدعوى بقرار من المحكمة إذا كان هذا النقص أو‬
‫الغموض من شأنه أن يجهل المدعى به أو المدعى عليه أو‬
‫المحل المختار لغرض التبليغ ويمكن ان نخلص من نص‬
‫هذه المادة وطبيعة دعوى اللغاء الى البيانات الواجب‬
‫توافرها في صحيفة الدعوى‬
‫‪ -1‬اسم المحكمة التي تقام الدعوى أمامها ‪.‬‬
‫‪ -2‬تاريخ تحرير العريضة ‪.‬‬
‫‪ -3‬اسم المدعي او " الطاعن " وصفته ومحل إقامته سواء‬
‫أكان الطاعن فردا) أو شخصا) من أشخاص القانون الخاص أو‬
‫العام‪ ،‬ويجوز أن يقدم مجموعة من الفراد أو الشخاص‬
‫طلبا) واحدا في دعوى اللغاء إذا كان هناك صلة في‬
‫الموضوع مع بيان المحل الذي يختاره المدعي لغرض‬
‫التبليغ ‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫‪- 4‬اسم المستدعي ضده " الجهة الدارية التي يوجه‬
‫إليها الطعن وصفتها وعنوانها ليتم إعلنها بالصحيفة‬
‫ومرفقاتها ‪.‬‬
‫‪ -5‬موضوع الطلب وبيانا) بالمستندات الخطية التي يستند‬
‫إليها المستدعي في إثبات دعواه وقائمة بأسماء الشهود‬
‫الذين يعتمد على شهاداتهم في ذلك الثبات ‪.‬‬
‫‪ -6‬صورة من القرار المطعون فيه أو ملخص واف له إذا كان‬
‫قد تم تبليغه للمستدعي لكي يكون طلب اللغاء واضحا)‪.‬‬
‫‪ -7‬صوره من التظلم المقدم وتاريخ تقديمه الى الدارة‬
‫واجابة الدارة علية ان وجدت ‪.‬‬
‫‪ -8‬توقيع المدعي أو وكيله إذا كان الوكيل مفوضا "‬
‫بوكالة مصدقه عليه من جهة مختصة ‪ .‬ويجب أن تكون‬
‫الوكالة المعطاة من المستدعي تخوله صراحة مخاصمة‬
‫الجهة الدارية التي أصدرت القرار و إل فإن الدعوى تكون‬
‫مستوجبة الرد شكل)‪ ،‬وفي ذلك قضت المحكمة التحادية‬
‫العليا برد دعوى تقدم بها ممثل رئيس ديوان الوقف السني‬
‫إضافة لوظيفته لن عريضة الدعوى موقعة من شخص ل‬
‫صفة قانونية له بتوقيعها فورد في حكمها عدد ‪/ 14‬‬
‫اتحادية ‪ 2006 /‬بتاريخ ‪ ) 2006 /10 /11‬لدى التدقيق‬
‫والمداولة من المحكمة التحادية العليا وجد إن التوقيع‬
‫المنسوب إلى المدعي في عريضة الدعوى يختلف عن‬
‫التوقيع المنسوب إليه في الوكالة العامة المرقمة ) ‪/5/4‬‬
‫‪ (2439‬في ‪ 2006 /9/8‬الصادرة من رئاسة ديوان الوقف‬
‫السني ‪ /‬الدائرة القانونية ‪ /‬الموقعة من قبل رئيس‬
‫الديوان وحيث إن وكيل المدعي أوضح للمحكمة بان‬
‫السبب يعود إلى إن التوقيع المذيل في عريضة الدعوى‬
‫المنسوب إلى المدعي موقع من قبل معاون رئيس ديوان‬
‫الوقف السني )ي‪.‬ع( وعليه وحيث إن عريضة الدعوى‬
‫موقعة من شخص ل صفة قانونية له بتوقيعها فتكون‬
‫الدعوى مقامة من شخص ل يملك حق إقامتها وتكون‬
‫خصومته غير موجهة وإذا كانت الخصومة غير موجهة تحكم‬

‫‪189‬‬
‫المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد عريضة الدعوى قبل‬
‫الدخول في أساسها وذلك عمل" بالمادة ) ‪ (80/1‬من‬
‫قانون المرافعات المدنية رقم )‪ (83‬لسنة ‪ 1969‬المعدل لذا‬
‫قررت المحكمة الحكم برد الدعوى مع تحميل المدعي‬
‫إضافة لوظيفته كافة مصاريفها ( )‪( 1‬‬

‫ثانيا‪ -‬الستعانة بمحام‪:‬‬


‫لم يشترط المشرع العراقي لقبول دعوى اللغاء‬
‫توقيعها من محام ذو صلحية مطلقة غير ان المحكمة‬
‫التحاديه العليا استلزمت الستعانة بمحام ذو صلحية‬
‫مطلقة للطعن امامها لضمان جدية الطعن وموضوعيته‬
‫وعدم إشغال المحكمة بطعون غير موضوعية‪.‬‬

‫ثالثا…‪ -‬دفع الرسوم القضائية‪:‬‬


‫اشـترط المشـرع أخيـرا) دفـع الرسـوم القضـائية لقامـة‬
‫دعـوى اللغـاء وفـي ذلـك ورد فـي المـادة الرابعـة ‪ /‬ثانيـا ‪/‬ح‬
‫مـن قـانون مجلـس شـورى الدولـة المعـدل) تسـري بشـأن‬
‫الجـراءات الـتي تتبعهـا المحكمـة فيمـا لـم يـرد بـه نـص خـاص‬
‫فـي هـذا القـانون ‪ ,‬الحكـام المقـررة فـي قـانون المرافعـات‬
‫المــدنيه واحكــام قــانون الرســوم العدليــة بشــأن اســتيفاء‬
‫الرســوم عــن الطعــون المقدمــة اليهــا او عــن الطعــون فــي‬
‫قراراتها لدى الهيئه العامه لمجلس شورى الدولة(‪.‬‬
‫كما ان دفع الرسم يعد تاريخا ثابتا يبين وقت‬
‫استخدام صاحب المصلحة حقه في الطعن وفي‬
‫ذلك قضت المحكمه التحاديه العليا ‪ ) .‬ولما‬
‫كان دفع الرسم يعتبر مبدأ للطعن بحكم المادة )‬
‫‪ (1)1‬ينظر قرار المحكمة التحادية العليا العراقية عدد ‪ /14‬اتحادية ‪ /‬بتاريخ ‪ 2006 / 10 / 11‬على‬
‫الموقع اللكتروني ‪http//www.iraqijudicature.org/fedraljud.html‬‬

‫‪190‬‬
‫‪ (173/2‬من القانون المذكور) قانون المرافعات‬
‫المدنية المعدل ( ‪ .‬واذ ان المدد المعينة لمراجعة‬
‫طرق الطعن في القرارات حتمية يترتب على عدم‬
‫مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق في الطعن‬
‫وتقضي المـحكمة من تلـقاء نفسها برد عريضة‬
‫الطعن عمل) بحكم المادة )‪ (171‬من القانون‬
‫المذكور ‪ .‬وعلــيه ولكون الطعن التمييزي مقدم‬
‫بعد مضي المدة القانونية قرر رده شكل) )‪. ( 1‬‬

‫البحث الثاني‬
‫الثار التتبة على رفع دعوى اللغاء‬

‫إذا وجد القاضي أن الشروط الشكلية متوافرة في رفع‬


‫دعوى اللغاء انتقل لفحص القرار الداري المطعون فيه‬
‫للحكم بإلغائه أو رفض ذلك ‪.‬‬
‫وأن مجرد رفع الدعوى بطلب إلغاء قرار إداري ل يمكن‬
‫أن ينال من نفاذ هذا القرار‪ ،‬فالقرار الداري تصرف قانوني‬
‫واجب النفاذ متى استكملت شرائط نفاذه من الناحية‬
‫القانونية ما دام لم يسحب من الدارة ولم يقضي بإلغائه‪،‬‬
‫بحكم تمتعه بقرينة السلمة والشرعية حتى يثبت العكس‬
‫بقرار قضائي‪ ،‬والقول بغير ذلك يؤدي إلى شل نشاط‬
‫الدارة تماما) لن معظم نشاطها يصدر في صورة قرارات‬
‫إدارية ولهذا تتمتع هذه القرارات بقرينة السلمة ‪.‬‬
‫ومن ثم فإن الطعن الداري بدعوى اللغاء ل أثر له‬
‫على نفاذ القرار الداري غير أنه يجوز استثناء) في بعض‬
‫التشريعات وقف تنفيذ القرار بأمر القضاء متى توافرت‬
‫شروط معينة ومع ان المشرع العراقي لم ينص على‬

‫‪ -11‬ينظر قرار المحكمة التحادية العليا العراقية عدد ‪ / 1‬اتحادية‪/‬تمييز ‪ 2006 /‬بتاريخ‬
‫‪ 26/2/2006‬على الموقع اللكتروني ‪http//www.iraqijudicature.org/fedraljud.html‬‬

‫‪191‬‬
‫امكان وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ‪ ,‬نرى انه ليس في‬
‫القانون ما يمنع من ذلك في حالة توافر شروط معينه ‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫المطلب الول‪ :‬وقف تنفيذ القرار المطعون فيه‬
‫أجاز المشرع المصري للقضاء في المادة ‪ 49‬من‬
‫قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬أن يأمر بوقف‬
‫تنفيذ القرار الداري إذا طلب الطاعن ذلك في صحيفة‬
‫الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها ‪.‬‬
‫ويتضح من هذا النص أن المشرع يشترط لتلبية وقف‬
‫التنفيذ ثلثة شروط ‪:‬‬

‫أول)‪ -‬أن يطلب رافع دعوى اللغاء وقف التنفيذ‪:‬‬


‫درجت أحكام القضاء الداري المقارن على ضرورة‬
‫اتحاد طلبي اللغاء ووقف التنفيذ في صحيفة الدعوى‪،‬‬
‫ويترتب على إغفال هذا الشرط الشكلي رد طلب وقف‬
‫التنفيذ وعدم قبوله والحكمة من ذلك أن وقف التنفيذ طلب‬
‫متفرع عن طلب اللغاء وتمهيدا) له‪ ،‬كما أن القرار المطعون‬
‫فيه يتمتع بالصفة التنفيذية اعتبارا) من هذا التاريخ‪ ،‬كما أن‬
‫الجمع بين طلب وقف التنفيذ وطلب اللغاء يحقق اتحاد بدء‬
‫ميعاد الطعن بالقرار إلغاء) ووقفا) لغرض تفادي الختلف‬
‫)‪(1‬‬
‫والتفاوت في حساب هذا الميعاد " ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬شرط الستعجال‪:‬‬


‫ويقصد بهذا الشرط أن تنفيذ القرار يقترن باحتمال‬
‫وقوع نتائج ل يمكن تداركها فيما لو انتظر المر لحين الفصل‬
‫في موضوع دعوى اللغاء‪ ،‬لذلك منح المشرع القضاء‬
‫سلطة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذا انطوى تنفيذ‬
‫القرار على خطورة تؤدي إلى نتائج يصعب تلفيها‪ ،‬خاصة‬
‫وأن إجراءات دعوى اللغاء قد تستغرق وقتا) طويل) حتى‬
‫الفصل في موضوعها بالقبول أو الرفض‪ ،‬على أنه يتعين إل‬
‫يخلق الطاعن حالة الستعجال هذه أو يساهم في خلقها‬
‫بسبب تقاعسه أو إهماله‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر جلسة ‪ 7/12/1985‬طعن ‪ 1003‬لسنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 28‬ق المجموعة رقم ‪ – 19‬ص ‪. 30‬‬

‫‪193‬‬
‫وحالة الستعجال هذه هي حالة موضوعية‬
‫تستظهرها المحكمة من وقائع الدعوى وظروفها مثال ذلك‬
‫قرار حرمان الطالب من أداء المتحان‪ ،‬وصدور قرار يمنع‬
‫مريض من السفر إلى الخارج لغرض العلج أو صدور قرار‬
‫)‪(1‬‬
‫بهدم منزل أثري‪.‬‬
‫كما تعد القرارات المتضمنة تقييد الحرية الشخصية من‬
‫أبرز صور الستعجال لما يترتب على تنفيذها من نتائج‬
‫)‪(2‬‬
‫يتعذر تداركها ‪.‬‬

‫ثالثا)‪ -‬شرط الجدية‪:‬‬


‫إن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة اللغاء وفرع‬
‫منها وبالتالي لبد لقاضي الموضوع أن يتصدى لمشروعية‬
‫القرار الداري عند نظره طلب وقف التنفيذ‪ ،‬كما يتصدى‬
‫لمشروعيته عند نظره دعوى اللغاء‪ ،‬فيكون عقيدة مبدئيه‬
‫عن مشروعية القرار الداري لكي يصدر قراره في موضوع‬
‫الدعوى‪ ،‬فقد يصدر القاضي حكمه بوقف التنفيذ‪ ،‬يستتبعه‬
‫حكم آخر في موضوع الدعوى يرفض دعوى اللغاء ‪.‬‬
‫وبذلك فإن الجدية التي يقوم عليها طلب وقف التنفيذ‬
‫تعنى فحص القاضي بصورة أولية لمشروعية القرار‬
‫الداري‪ ،‬فإذا وجد أن القرار الداري حسب الظاهر قد شابه‬
‫عيب ما فأنه يصدر قراره بوقف التنفيذ‪ ،‬وبمعنى آخر فأن‬
‫العقيدة التي تكونها المحكمة عن طلب وقف التنفيذ هي‬
‫عقيدة أولية مبنية على أساس أرجحية إصدار قرارها‬
‫باللغاء عند بحث موضوع دعوى اللغاء ‪.‬‬
‫ويمكن أن تستظهر المحكمة جدية الطلب بوقف‬
‫التنفيذ من خلل فحصها الولى لمشروعية القرار الداري‬

‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر جلسة ‪ 1962-12-15‬أشار إليه عبد‬ ‫‪1‬‬

‫الحكيم فودة – الخصومة الدارية – دار المطبوعات الجامعية – السكندرية –‬


‫‪ – 1996‬ص ‪. 358‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر في ‪ 1951-6-30‬مجموعة المبادئ التي‬ ‫‪2‬‬

‫قررت محكمة القضاء الداري س ‪ – 6‬ص ‪. 1360‬‬

‫‪194‬‬
‫ومن خلل قرائن معينة تفيد ذلك كضئالة المستندات‬
‫وكونها غير منتجة تعطي انطباعا) بعدم جدوى وقف التنفيذ‪،‬‬
‫كما أن تقاعس الدارة عن إبداء دفاعها في الدعوى أو ذكر‬
‫أسباب القرار يكون مبررا) للمحكمة في إصدار قرار وقف‬
‫)‪(1‬‬
‫التنفيذ ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حجية الحكم بوقف التنفيذ وتنفيذه‬


‫إذا اجتمعت في طلب وقف التنفيذ الشروط السابقة‬
‫يجوز للقضاء الداري أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الداري‬
‫المطعون فيه‪ ،‬ونبين فيما يلي حجية الحكم الصادر بوقف‬
‫التنفيذ وتنفيذه ‪.‬‬

‫أول)‪ -‬حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ‪:‬‬


‫الفصل في الشق المستعجل من دعوى اللغاء وهو‬
‫طلب وقف التنفيذ‪ ،‬سابقا) على الفصل في موضوع دعوى‬
‫اللغاء لذلك فإن الحكم الصادر في الشق المستعجل هو‬
‫حكما) وقتيا) لصدوره في مسألة مستعجلة‪ ،‬وكما هو شأن‬
‫جميع الحكام المستعجلة‪ ،‬فأنه ل يقيد محكمة الموضوع‬
‫عند فصلها في دعوى اللغاء‪ ،‬فقد تقضي المحكمة بوقف‬
‫التنفيذ ورغم ذلك تقضي في موضوع الدعوى برفض‬
‫دعوى اللغاء والعكس صحيح ‪.‬‬
‫غير انه حكم قطعي فيما فصل فيه‪ ،‬من وقف التنفيذ‬
‫أو عدمه أي أن مقومات الحكام وخصائصها متوافرة فيه‬
‫وقد استقرت أحكام القضاء الداري على تمتع الحكم‬
‫)‪(2‬‬
‫الصادر بوقف التنفيذ بخاصيتي التأقيت والقطعية ‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر في ‪ 7/11/1986‬أشار إليه عبد الحكيم‬ ‫‪1‬‬

‫فوده – المصدر السابق – ص ‪. 405‬‬


‫‪ -‬ينظر في ذلك ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 883‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪. 690‬‬

‫‪195‬‬
‫وفي ذلك قضت المحكمة التحادية العليا في العراق‬
‫‪ 2005‬الخاص بطعن‬ ‫في حكمها عدد ‪/ 3‬اتحادية ‪/‬تمييز ‪/‬‬
‫صاحب المصلحة بقرارمحكمة القضاء الداري برفض طلب‬
‫وقف الجراءات المتعلقة بتنفيذ قرار اداري ‪:‬ان القرار‬
‫المميز من الوامر على العرائض وهي من القضاء الولئي‬
‫المنصوص علية في المادة )‪( 151‬من قانون المرافعات‬
‫المدنية المعدل وهي غير قابلة للطعن فيها تمييزا عمل‬
‫باحكام المادة )‪( 153/1‬من القانون المذكور اذ يتم التظلم‬
‫منها لدى المحكمة التي اصدرتها وتفصل المحكمة في‬
‫‪1‬‬
‫التظلم وقرارها عمل بحكم الفقرة )‪ (3‬من المادة )‪. (153‬‬
‫ول تقتصر حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ على‬
‫موضوع ما فصل فيه من وقف التنفيذ أو رفضه‪ ،‬بل تشمل‬
‫تلك الحجية المسائل الفرعية السابقة على الفصل في‬
‫موضوع دعوى اللغاء كالدفع بعدم اختصاص القضاء الداري‬
‫بنظر الدعوى أو بعدم قبولها أصل) لرفعها بعد الميعاد أو لن‬
‫القرار المطعون فيه ليس نهائيا) ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬تنفيذ الحكم المستعجل بوقف التنفيذ‪:‬‬


‫يؤدي الحكم بوقف التنفيذ إلى إعادة المور بصورة‬
‫مؤقتة إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الداري‬
‫المطعون فيه‪ ،‬والسبب في تأقيت الحكم المستعجل هو‬
‫لرتباطه بمصير دعوى اللغاء فإن توصلت المحكمة عند‬
‫فصلها في الموضوع إلى رفض الدعوى فأن آثار الحكم‬
‫بوقف التنفيذ تنتهي وتزول قوتها‪ ،‬وأن توصلت إلى إلغاء‬
‫القرار الداري فأن آثار الحكم بوقف التنفيذ تمتد وتتصل‬
‫بآثار الحكم باللغاء‪ ،‬وقد ل يختلف تنفيذ الحكم بوقف التنفيذ‬
‫عن تنفيذ الحكم باللغاء‪ ،‬إذ يتعين على جهة الدارة في‬
‫الحالتين اتخاذ الجراءات اليجابية لوضعها موضع التنفيذ ‪.‬‬
‫علــى أن الحكــم بوقــف التنفيــذ قــد يــؤدي مــن الناحيــة‬
‫العلميـة إلـى أن يصـبح الفصـل فـي موضـوع الـدعوى غيـر ذي‬
‫‪ - 1‬حكم المحكمه عدد‪/‬اتحادية‪/‬تمييز‪ 2005/‬الخاص بالطعن في قرار محكمة القضاء الداري عدد ‪ 16/2005‬غير‬
‫منشور‬

‫‪196‬‬
‫جــدوى‪ ،‬لن الغايــة مــن المطالبــة باللغــاء قــد يتوصــل إليهــا‬
‫الطـاعن بحصـوله علـى الحكـم بوقـف التنفيـذ‪ ،‬ويصـبح عنـدها‬
‫الحكـم باللغـاء غيـر ذي فـائدة مـن الناحيـة العلميـة‪ ،‬عنـدها‬
‫تقضـي المحكمـة بإنهـاء الخصـومة فـي الـدعوى‪ ،‬مثـال ذلـك‬
‫طلــب الطــاعن إلغــاء قــرار منــع ســفره إلــى الخــارج وطلبــه‬
‫الحكـم بوقـف تنفيـذه‪ ،‬فـأن أصـدرت المحكمـة حكمهـا بوقـف‬
‫التنفيــذ واســتفاد الطــاعن مــن هــذا الحكــم بــأن غــادر أرض‬
‫الوطن‪ ،‬فأن الغاية من إلغاء القرار الداري قد تحققت بوقف‬
‫تنفيذه‪.‬‬

‫البحث الثالث‬
‫آثار الكم باللغاء‬
‫بعد أن تستكمل دعوى اللغاء شرائطها الشكلية أمام‬
‫المحكمة‪ ،‬قد تحكم بعد قبول الدعوى لرفعها من غير ذي‬
‫صفة‪ ،‬أو على غير ذي صفة‪ ،‬أو لرفعها بعد المعياد أو أن‬
‫تصرف الدارة غير مستكمل شرائط القرار الداري القابل‬
‫)‪(1‬‬
‫للطعن باللغاء‪.‬‬
‫ثــم تتصــدى لموضــوع الــدعوى وتنحصــر ســلطتها فــي‬
‫بحــث مشــروعية القــرار الداري لتنتهــي بالنتيجــة أمــا إلــى‬
‫إلغـاء القـرار المشـوب بأحـد العيـوب الخمسـة المـار ذكرهـا‪ ،‬أو‬
‫إلــى تأكيــد مشــروعية القــرار والحكــم برفــض الــدعوى ول‬
‫تسـتطيع المحكمـة أن تـذهب أبعـد مـن ذلـك بـأن تصـدر أوامـر‬
‫صـريحة إلـى الدارة بـأداء عمـل معيـن أو المتنـاع عـن أداءه أو‬
‫أن تحــل نفســها محــل الدارة فــي إصــدار قــرارات إداريــة‬
‫مشروعة محل القرارات المعيبة ‪.‬‬
‫على أن تنفيذ الحكم باللغاء لبد أن يفضي إلى تكليف‬
‫الدارة القيام بعمل أو المتناع عن أداء عمل‪ ،‬فالحكم‬
‫الصادر بإلغاء قرار فصل موظف لبد أن يلزم الدارة بالقيام‬
‫بعمل معين وهو إعادة الموظف المفصول إلى وظيفته‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 855‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪197‬‬
‫السابقة‪ ،‬والحكم القاضي بإلغاء قرار هدم منزل لبد أن‬
‫)‪(1‬‬
‫يلزم الدارة بالمتناع عن تنفيذ قرارها بالهدم ‪.‬‬
‫ويترتب على الحكم بإلغاء القرار الداري آثار معينة‬
‫منها ما يتعلق بحجية الحكم باللغاء‪ ،‬ومنها ما يتعلق بتنفيذ‬
‫حكم اللغاء ‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬حجية الحكم باللغاء‬


‫تنطوي حجية الحكم باللغاء على دعوى حيازة حكم‬
‫اللغاء حجية الشيء المحكوم فيه من ناحية وعلى قوة‬
‫هذه الحجية وهل أنها حجية مطلقة أو نسبية من ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬وتتصل من ناحية ثالثة بنطاق اللغاء وهل يتناول‬
‫القرار الداري بأكمله أم يتناول الجزاء المعيبة فقط دون‬
‫الجزاء السليمة‪.‬‬

‫أول)‪ -‬الحكام الصادرة في دعوى اللغاء تتمتع بقوة‬


‫الشيء المقضي به‪:‬‬
‫تحوز الحكام الصادرة من محكمة العدل العليا في دعوى‬
‫اللغاء على حجية الشيء المقضي به كسائر الحكام‬
‫القطيعة‪ ،‬وتكون حجة في ما قضت به‪(2).‬‬
‫وفي ذلك تنص المادة السابعة ‪/‬الثانيه ‪/‬ط من قانون‬
‫مجلس شورى الدولة المعدل)‪ .....‬يكون قرار‬
‫المحكمة غير المطعون فيه وقرار الهيئه العامة لمجلس‬
‫شورى الدولة الصادر نتيجة الطعن باتا وملزما (‪.‬‬
‫وبعد ان صار يطعن في قرارات محكمة القضاء الداري‬
‫امام المحكمة التحادية العليا جاء في المواد ‪19 -16‬من‬
‫النظام الداخلي للمحكمة التحادية العليا رقم ‪ 1‬لسنة‬
‫‪ 2005‬انه عند النطق بالحكم أو القرار يجب أن تودع‬
‫مسودته في اضبارة الدعوى بعد التوقيع عليها ‪ ,‬ويلزم أن‬

‫‪ -‬د‪ .‬صبيح بشير مسكوني – المصدر السابق – ص ‪. 449‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ينظر في تفصيل ذلك ‪ :‬الدكتور عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪. 698‬‬

‫‪198‬‬
‫يكون الحكم والقرار مشتمل" على أسبابه ‪ ,‬فأن لم يكن‬
‫بالجماع أرفق الرأي المخالف مع أسبابه ‪ .‬والحكام‬
‫والقرارات التي تصدرها المحكمة باتة ل تقبل أي طريق من‬
‫طرق الطعن‪(1) .‬‬

‫ويمتد أثر حجية الشيء المقضي به ليشمل الجانب‬


‫الجرائي في الدعوى فضل) عن جانبها الموضوعي‪ ،‬ففيما‬
‫يتعلق بالجراءات يمتنع على المحكمة التي أصدرت الحكم‬
‫في دعوى اللغاء أن تنظر الدعوى مرة أخرى‪ ،‬إذ استنفذت‬
‫المحكمة وليتها بمجرد إصدارها الحكم‪ ،‬ويصبح الحكم‬
‫قطعيا) بمجرد صدوره من المحكمة‪ ،‬وليس للمحكمة الحق‬
‫في الرجوع عن حكمها‪ ،‬كما ليس لها الحق في تعديله ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالجانب الموضوعي‪ ،‬فأن الحكام الصادرة‬
‫في دعوى اللغاء تعد عنوانا) للحقيقة‪ ،‬فما تضمنه الحكم‬
‫يعد قرينة غير قابلة لثبات العكس‪ ،‬فل يجوز عرض النزاع‬
‫مرة أخرى على أي محكمة ‪ .‬مما يستدعي ان تكون‬
‫الحكام واضحه لتقبل التاويل وخالية من الغموض‬
‫وفي حدود طلبات المدعي ‪ .‬وفي ذلك نقضت المحكمه‬
‫التحاديه العليا في حكم لها قرار لمحكمة القضاء الداري‬
‫فورد ) ‪...‬كان على المحكمة التقيد بطلبات‬
‫المدعي الواردة في عريضة الدعوى وعدم الزيادة‬
‫عليها لن المحكمة مقيدة عند اصدار حكمها‬
‫بعريضة الدعوى عمل) بمنطوق المادة )‪ (45‬من‬
‫قانون المرافعات المدنية رقم ‪ 83‬لسنة ‪1969‬‬
‫المعدل فضل) ان المحكمة لم توضح في حكمها ما‬
‫هية الجراءات القانونية الواردة في الفقرة‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬تنظر المواد ‪19 -16‬من النظام الداخلي للمحكمة التحادية العليا رقم ‪ 1‬لسنة‬
‫‪2005‬‬

‫‪199‬‬
‫الحكمية واذا كانت العبارة المذكورة تشير الى‬
‫حضور ممثل جمعية بناء مساكن الضباط امام دائرة‬
‫التسجيل العقاري المختصة لخذ اقراره بشأن‬
‫تسجيل القطعة باسم المدعى فان ذلك يعني ان‬
‫المحكمة علقت حكمها على شرط وهو حضور‬
‫الممثل عن الجمعية في الدائرة وحيث ان الحكام‬
‫التي تصدرها المحاكم يجب ان تكون حاسمة‬
‫وخالية من الغموض والتردد وغير معلقة على‬
‫شرط بحيث تكون قابلة للتنفيذ فكان المقتضى‬
‫ادخال جمعية بناء مساكن الضباط شخصا) ثالث‬
‫في الدعوى للستيضاح منها عن صحة صدور‬
‫الكتاب منها المتضمن تخصيص القطعة موضوعة‬
‫الدعوى للمدعي وحيث ان الحكم المميز صدر دون‬
‫مراعات المور القانونية المتقدمة مما اخل بصحة‬
‫الحكم المميز لذا قرر نقضه()‪(1‬‬
‫ويشترط للتمسك بحجية الحكم وسبق الفصل في‬
‫الدعوى أن يكون هناك حكما) قضائيا) قطعيا) وأن تثبت‬
‫الحجية لمنطوقه دون أسبابه‪ ،‬لن المنطوق هو الذي‬
‫يشتمل على قضاء المحكمة الفاصل للنزاع‪ ،‬ويستثنى من‬
‫ذلك السباب المرتبطة ارتباطا) وثيقا) بالمنطوق‪ ،‬إذ تكتسب‬
‫الحجية حالها حال المنطوق‪ ،‬ويشترط للتمسك بالحجية‬
‫)‪(2‬‬
‫أيضا اتحاد الخصوم والموضوع والسبب ‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الحكم باللغاء يتمتع بحجية مطلقة‪:‬‬

‫‪ - 1‬حكمها ذي العدد ‪ / 23‬اتحادية ‪/‬تمييز ‪2006 /‬بتاريخ‬


‫‪http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html 18/10/2006‬‬
‫‪ -‬ينظر في تفصيل ذلك الدكتور طعيمة الجرف – رقابة القضاء على أعمال‬ ‫‪2‬‬

‫الدارة قضاء اللغاء – القاهرة – ‪ – 1984‬ص ‪ 329‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫الحكام الصادرة باللغاء حجة على الكافة فحكم اللغاء‬
‫يسري على جميع سواء كانوا أطرافا) في الدعوى أم لم‬
‫يكونوا‪ ،‬فيمتنع على من لم يكن طرفا) في الدعوى مخاصمة‬
‫القرار الداري الذي قضى بإلغائه‪ ،‬كما يستفيد من آثار‬
‫اللغاء من كان طرفا) في دعوى اللغاء ومن لم يكن طرفا)‬
‫فيها بحكم إطلق حجية حكم اللغاء‪.‬‬
‫وتعد الحجية المطلقة المقررة للحكام الصادرة باللغاء‬
‫استثناء من القاعدة العامة المقررة لجميع الحكام‬
‫القضائية وهي نسبية حجتها‪ ،‬أي اقتصار آثار الحكم على‬
‫أطراف الدعوى دون سواهم‪ ،‬والعلة في ذلك ترجع إلى‬
‫انتماء دعوى اللغاء إلى طائفة القضاء الموضوعي أو‬
‫العيني ودعوى اللغاء في إطاره تخاصم القرار الداري‪،‬‬
‫فإلغاءه يعني تصحيح اللمشروعية التي وصم بها القرار‬
‫ومن المنطقي أن يسري هذا التصحيح في مواجهة‬
‫الكافة ‪.‬‬
‫وتقتصر الحجية المطلقة على الحكام الصادرة‬
‫باللغاء‪ ،‬ول تكتسب القرارات الخرى التي تصدر في دعوى‬
‫اللغاء دون سواهم‪ ،‬كما في حالة القرار الصادر برفض‬
‫دعوى اللغاء‪ ،‬حيث يستطيع الطاعن أن يجدد دعواه ضد‬
‫القرار الذي رفضت الدعوى بشأنه إذا تغيرت الظروف‬
‫والسباب‪ ،‬ويجوز لغير الطاعن أيضا) أن يطعن في القرار‬
‫ذاته لن القرار قد يكون صائبا) في حق الطاعن و خاطئا) في‬
‫)‪(1‬‬
‫حق غيره ‪.‬‬

‫ثالثا)‪ -‬اللغاء الكلي واللغاء الجزئي‪:‬‬


‫إذا كان الحكم القضائي بإلغاء القرار الداري يكتسب‬
‫حجية مطلقة بمعنى أنه يزيل كل أثر للقرار الداري في‬

‫‪ -‬ينظر في تفصيل ذلك ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 899‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوين – القضاء الداري – المصدر السابق – ص ‪.690‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪.230‬‬

‫‪201‬‬
‫مواجهة الكافة‪ ،‬إل أن مدى اللغاء ونطاقه أمر تحدده طلبات‬
‫)‪(1‬‬
‫الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها ‪.‬‬
‫فقد يتناول الحكم باللغاء القرار الداري بأكمله فيزيل‬
‫آثاره وهو ما يسمى باللغاء الكلي‪ ،‬وقد يتناول بعض أجزاء‬
‫القرار الداري دون أجزاءه الخرى فيزيل بعض آثاره وهو ما‬
‫يسمى باللغاء الجزئي‪ ،‬مثال ذلك أن يصدر قرار عميد‬
‫الكلية باعتماد نتيجة امتحان سنة دراسية ثم يتضح أن‬
‫هناك خطأ في رصد درجات أحد الطلب عندئذ يلغى القرار‬
‫بالنسبة للطالب المذكور ويبقى القرار سليما) في أجزاءه‬
‫الخرى‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تنفيذ حكم اللغاء‬


‫يشتمل الحكم باللغاء على أسلوب تنفيذه وفق‬
‫مارسمه القانون وهذا اللزام القانوني الملقى على عاتق‬
‫الدارة بتنفيذ الحكم القضائي باللغاء يثير مسؤوليتها‬
‫المدنية في حالة امتناعها عن التنفيذ فضل) عن المسؤولية‬
‫الجنائية للموظف الممتنع‪ ،‬على أن تنفيذ الحكم القاضي‬
‫باللغاء ليس سهل) ميسورا) في جميع الحوال بل قد تلقي‬
‫تصفية الوضاع القانوينة التي تمت استنادا) إلى القرار‬
‫الملغي العديد من الصعوبات العملية‪ ،‬والتي تتحول أحيانا)‬
‫إلى استحالة في التنفيذ‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن الحكم الصادر باللغاء ل يرتب آثار‬
‫آلية بإزالة كافة الثار القانونية التي خلفها القرار الملغي‪،‬‬
‫و إل كان ذلك بمثابة حلول المحكمة محل الدارة في‬
‫مباشرة اختصاصاتها الدارية‪ ،‬وإنما يتطلب التنفيذ تدخل)‬
‫إيجابيا) من الدارة بإصدار قرار إداري جديد يقضي على آثار‬
‫القرار الملغي ‪.‬‬

‫‪ -‬حكم المحكمة الدارية العليا في مصر في ‪ 7/11/1986‬أشار إليه عبد الحكيم‬ ‫‪1‬‬

‫فوده – المصدر السابق – ص ‪. 405‬‬

‫‪202‬‬
‫ومن ثم فانه إذا ما تقرر إلغاء القرار فانه يوجب على‬
‫الدارة اللتزام بإعادة الحال إلى ما كان عليه كما لو لم‬
‫يصدر القرار الملغي بحيث يترتب على الدارة التزامان او‬
‫واجبان أساسيان‪:‬‬
‫أول)‪ -‬الواجب اليجابي‪:‬‬
‫يلقى هذا الواجب التزاما) على الدارة بإعادة الوضع‬
‫إلى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي بإزالة كافة الثار‬
‫القانونية والمادية التي ترتبت في ظله بأثر رجعي‪ ،‬كما‬
‫يلزمها بهدم كافة القرارات والعمال القانونية التي استندت‬
‫في صدورها إلى القرار الملغي ‪.‬‬

‫أ‪ -‬التزام الدارة بإزالة آثار القرار الملغي‪:‬‬


‫ومقتضى هذا اللتزام هو تولي الدارة إزالة كافة الثار‬
‫القانونيـة والماديـة الـتي خلفهـا القـرار الملغـي‪ ،‬ويكلفهـا ذلـك‬
‫إصــدار قــرار إداري بســحب القــرار الملغــي إن كــان الخيــر‬
‫إيجابي ا)‪ ،‬مثال ذلك إصدار قرارها بفصل موظف بغير الطريق‬
‫التــأديبي ويحكــم القضــاء بإلغــائه‪ ،‬فتنفيــذ حكــم القضــاء‬
‫يقتضـي منـه أن يصـدر قـرارا) إداريـا) بسـحب القـرار الملغـي‬
‫وكأن الموظف لم يغادر الوظيفة أبدا) ‪.‬‬
‫أمـا إذا كـان قـرار الدارة سـلبيا) وحكـم القضـاء بإلغـائه‪،‬‬
‫فـإن تنفيـذ حكـم القضـاء يـوجب عليهـا إصـدار قـرار إيجـابي‬
‫بالموافقـة علـى طلـب صـاحب الشـأن الـذي رفضـته والـذي‬
‫حكـم القضـاء بإلغـائه‪ ،‬كحالـة امتنـاع الدارة عـن تلبيـة طلـب‬
‫صـاحب الشـأن بخصـوص الحصـول علـى ترخيـص معيـن‪ ،‬فـإن‬
‫حكـم القضـاء بإلغـاء هـذا الرفـض يحتـم علـى الدارة إصـدار‬
‫قرارها بالموافقة على الطلب المرفوض ‪.‬‬
‫وبالضــافة إلــى الــتزام الدارة بإزالــة الثــار القانونيــة‬
‫للقـرار الملغـي تلـتزم أيضـا) بإزالـة الثـار الماديـة الـتي خلفهـا‬
‫قبـل وجـوب قيامهـا بـإخلء العيـن الـتي اسـتولت عليهـا دون‬

‫‪203‬‬
‫وجــه حــق أو الفــراج عــن المــواطن المعتقــل بقــرار غيــر‬
‫)‪(1‬‬
‫مشروع‪.‬‬
‫وبـذلك فـإن تصـفية آثـار القـرار الملغـي يجـب أن تكـون‬
‫كاملـة وبـأثر رجعـي بإعـادة الحـال إلـى مـا كـان عليـه قبـل‬
‫صدوره‪ ،‬وهي نتيجة حتمية لحكم اللغاء‪ ،‬وهذه النتيجة وأن‬
‫كـان يفرضـها المنطـق القـانوني وتلفـي التطـبيق فـي أغلـب‬
‫الحــالت‪ ،‬إل أن تطبيقهــا فــي حــالت معينــة قــد ل يجــد لــه‬
‫سـبيل) أمـا لتعارضـها مـع الواقـع أو أن التطـبيق يفضـي إلـى‬
‫نتـائج غيـر مقبولـة‪ ،‬فـالموظف الـذي يلغـى قـرار تعيينـه بحكـم‬
‫قضــائي يــترتب علــى الحكــم الــتزام الدارة بســحب قــرار‬
‫التعييـن بـأثر رجعـي‪ ،‬فـإن المنطـق القـانوني يقضـي بـأن كـل‬
‫مـا قـام بـه الموظـف مـن أعمـال وتصـرفات قانونيـة يلحقهـا‬
‫البطلن اسـتنادا) إلـى مبـدأ " مـا بنـي علـى باطـل فهـو باطـل‬
‫"‪ ،‬فل شك أن الموظف قد قام بالعديد من العمال‪ ،‬منها ما‬
‫هو تصرفات قانونية في مواجهة الفراد ومنها ما هو أعمال‬
‫ماديـة تـثير مسـؤولية الدارة‪ ،‬ولـو سـايرنا المنطـق القـانوني‬
‫لفضــى إلــى نتــائج غيــر مقبولــة ولدى إلــى فقــدان الثقــة‬
‫والطمئنـان بـالدارة العامـة الـتي يتعامـل معهـا الفـراد علـى‬
‫أسـاس مـن الثقـة والطمأنينـة التـامتين‪ ،‬لـذلك نجـد مجلـس‬
‫الدولـة الفرنسـي أورد اسـتثناء) علـى قاعـدة الثـر الرجعـي‬
‫لحكــم اللغــاء واعتــبر العمــال الــتي يباشــرها الموظــف‬
‫المخلـوع أعمـال) سـليمة تنسـب للدارة ول يلحقهـا البطلن‪،‬‬
‫وقد أطرد مجلس الدولة الفرنسي في البداية في أحكامه‬
‫علـى أن السـتثناء الـذي يـرد علـى قاعـدة الثـر الرجعـي ل‬
‫يمكـن تطـبيقه إل علـى شـؤون المـوظفين‪ ،‬أمـا فيمـا عـدا ذلـك‬
‫)‪(2‬‬
‫فإن تلك القاعدة يجرى تطبيقها بصورة مطلقة ‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر تفصيل ذلك ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 705-704‬‬


‫‪ -‬د ‪ .‬طعيمة الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 359 -358‬‬
‫– د ‪ .‬محمد رفعت‪ ،‬ود‪ .‬حسين عثمان – المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 260-257‬‬
‫‪ -‬أنظر تفصيل ذلك ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد – المصدر السابق – ص ‪.605-603‬‬

‫‪204‬‬
‫وهنالـك حـالت يكـون فيهـا تطـبيق الثـر الرجعـي لحكـم‬
‫اللغـاء ضـربا) مـن ضـروب السـتحالة‪ ،‬وهـي حالـة قيـام الدارة‬
‫بتنفيـذ القـرار الداري تنفيـذا) كـامل) واسـتنفاذه الغـرض الـذي‬
‫صــدر مــن أجلــه قبــل صــدور الحكــم القضــائي بإلغــائه إذ ل‬
‫يكتسب حينها حكم اللغاء سوى قيمة نظرية بحتة ول يجد‬
‫ســبيل) إلــى تطــبيقه لتعارضــه مــع الواقــع‪ ،‬كمــا لــو أصــدرت‬
‫الدارة قرارها بهدم منزل وتم هدمه قبل صدور حكم القضاء‬
‫بإلغاء القرار ‪.‬‬
‫غيـر أن مجلـس الدولـة الفرنسـي ل يـتردد فـي السـير‬
‫فـي دعـوى اللغـاء وإصـدار حكمـه باللغـاء حـتى وأن اسـتحال‬
‫تنفيـذ الحكـم احترامـا) منـه لمبـدأ الشـرعية ووضـع المـور فـي‬
‫)‪(1‬‬
‫نصابها القانوني الصحيح‪.‬‬
‫لهذا السبب فقد احتاطت التشريعات لهذا المر ومنحت‬
‫الحـق لصـاحب الشـأن فـي طلـب وقـف تنفيـذ القـرار الداري‬
‫للحيلولة دون وقوع نتائج يتعذر تداركها بتنفيذ القرار الداري‬
‫‪.‬‬

‫ب‪ -‬التزام الدارة بهدم العمال القانونية‪:‬‬


‫قد تصدر الدارة استنادا) إلى القرار المعيب عدة قرارات‬
‫قبل إلغاءه‪ ،‬مثال ذلك صدور حكم قضائي بإلغاء قرار تعيين‬
‫موظف كانت الدارة قد أصدرت بناء عليه عدة قرارات تتعلق‬
‫بترقية الموظف بالدرجة والوظيفة‪ ،‬فما هو مصير هذه‬
‫القرارات التي بنيت على القرار الصلي ؟ للجابة على هذا‬
‫السؤال يجب التفريق بين الحالت التية ‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا طعن بالقرارات التابعة مع القرار الصلي في‬


‫وقت واحد‪:‬‬

‫‪ -‬د ‪ .‬صبيح مسكوني – المصدر السابق – ص ‪. 391‬‬


‫‪ -‬د ‪ .‬محمد عبد الله الحراري – المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد – المصدر السابق – ص ‪. 603‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪205‬‬
‫فأن القضاء الداري ل يجد عناء في إلغاء القرار الصلي‬
‫والقرارات التي بنيت عليه لعدم مشروعية سندها ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا طعـن بـالقرار الصـلي وحـده فـأن هـذا الفـتراض يـثير‬


‫عـدة احتمـالت إذا كـان القـرار الصـلي والقـرارات الـتي بنيـت‬
‫عليـه تمثـل وحـدة ل تقبـل التجـزئة‪ ،‬فـإن إلغـاء القـرار الصـلي‬
‫يـؤدي إلـى سـقوط القـرارات التابعـة بصـورة آليـة دون الحاجـة‬
‫إلــى الطعــن بهــا باللغــاء‪ ،‬مثــال ذلــك ‪ :‬أن يتفــق اثنــان مــن‬
‫الموظفين على أن يحل أحدهما محل الخر في وظيفة بناء)‬
‫علــى موافقــة الدارة‪ ،‬فــإن إلغــاء قــرار أحــدهما ســيؤدي‬
‫بالتبعية إلى إلغاء قرار زميله دونما الحاجة إلى الطعن فيه‬
‫إلغاء)‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كـان القـرار الصـلي هـو )السـبب الـدافع( لصـدار‬
‫القـرار المسـتند عليـه‪ ،‬فـإن إلغـاء القـرار الصـلي يـؤدي‬
‫إلـى إلغـاء القـرار التـابع بصـورة آليـة دون الحاجـة إلـى‬
‫الطعـن بـه إلغـاء)‪ ،‬مثـال ذلـك صـدور قـرار تـأديبي بخصـم‬
‫مرتـب موظـف ثـم تبعـه قـرار آخـر بتأجيـل علوتـه لمـدة‬
‫سـتة أشـهر اسـتنادا) إلـى القـرار التـأديبي‪ ،‬فـإن اللغـاء‬
‫القضـائي للقـرار الول يـؤدي إلـى سـقوط القـرار التـابع‬
‫دون الحاجـة إلـى الطعـن بـه إلغـاء) أمـام القضـاء‪ ،‬لن‬
‫القـرار الول كـان هـو السـبب الرئيسـي لصـدار القـرار‬
‫)‪(1‬‬
‫الثاني ‪.‬‬
‫‪ -‬وفــي حالــة مــا إذا كــان القــرار الصــلي ســببا) غيــر‬
‫مباشر لصدور القرار التابع‪ ،‬فإن إلغاء القرار الصلي‬
‫ل يـؤدي إلـى إلغـاء التـابع بصـورة آليـة‪ ،‬وإنمـا يكتسـب‬
‫القـرار التـابع وضـعا) قانونيـا) مسـتقل) يتحصـن بمضـي‬
‫المـدة القانونيـة‪ ،‬ولكـن يجـوز الطعـن بـه اسـتنادا) إلـى‬
‫سـبب مسـتقل ل يمـت بصـلة إلـى القـرار الصـلي ‪.‬‬
‫مثـال ذلـك ‪ :‬لـو أصـدرت الدارة قـرارا) إداريـا) ينطـوي‬
‫علـى عقوبـة مقنعـة ضـد موظـف‪ ،‬ثـم قـدم الموظـف‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد العبادي – قضاء اللغاء – المصدر السابق – ص ‪. 283‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪206‬‬
‫طلـب اسـتقالته مـن الخدمـة وأحـالته علـى المعـاش‬
‫واستجابت الدارة إلى طلبه‪ ،‬فالقرار الصادر بإحالته‬
‫علـى المعـاش سـببه المباشـر هـو السـتقالة وسـببه‬
‫غير مباشر العقوبة المقنعة التي استفزت الموظف‬
‫وقــدم بتأثيرهــا طلبــه بإحــالته علــى المعــاش‪ ،‬فلــو‬
‫افترضـنا أن الموظـف طعـن بـالقرار التـأديبي وصـدر‬
‫حكـم قضـائي بإلغـائه‪ ،‬فـإن سـقوطه ل يـؤدي إلـى‬
‫سـقوط قـرار الحالـة علـى المعـاش‪ ،‬لن القـرار الول‬
‫وهـو القـرار التـأديبي ليـس سـببا) مباشـرا) فـي صـدور‬
‫)‪(1‬‬
‫القرار الثاني وهو الحالة على المعاش‪.‬‬

‫‪ -3‬إلغاء قرار إداري يدخل في عملية قانونية مركبة‪:‬‬


‫طبقـا) لنظريـة العمـال المنفصـلة فـي العقـود الداريـة‬
‫الــتي أوضــحناها ســابقا)‪ ،‬يجــوز الطعــن بــالقرارات الداريــة‬
‫المنفصـــلة عـــن العقـــد الداري وقـــد رأينـــا أن المنازعـــات‬
‫المتعلقـــة بالعقـــد الداري ذاتـــه ل تخضـــع لوليـــة القضـــاء‬
‫الداري‪ ،‬ويثــور هنــا الشــكال حــول تنفيــذ أحكــام اللغــاء‬
‫الصـادرة بخصـوص القـرارات الداريـة المنفصـلة عـن العقـد‬
‫الداري‪ ،‬وما هو تأثير تنفيذ تلك الحكام على نفاذ العقد ؟ ‪.‬‬
‫مــن الطــبيعي أن اللغــاء القضــائي للقــرارات الداريــة‬
‫المنفصـلة عـن العقـد الداري قبـل إبـرام العقـد سـيؤدي إلـى‬
‫الحيلولة دون إبرامه احتراما) لقوة الشيء المقضي به ‪.‬‬
‫أمـا إذا حصـل اللغـاء بعـد إبـرام العقـد‪ ،‬فـإنه ل يـؤثر علـى‬
‫نفــاذ العقــد‪ ،‬ولكــن يمكــن لطرفــي العقــد أن يحتكمــا إلــى‬
‫قاضـي العقـد ليتـولى إلغـاء شـروط العقـد الـتي تتعـارض مـع‬
‫حكــم اللغــاء‪ ،‬أو أن يتفقــا علــى تعــديل تلــك الشــروط بمــا‬
‫)‪(2‬‬
‫ينسجم وحكم اللغاء ‪.‬‬
‫ولكـن المـر يختلـف لـو أن مـن صـدر حكـم اللغـاء لصـالحه‬
‫ليــس طرفـا) فــي العقــد بــل أجنــبي عنــه‪ ،‬ولــم تكــن هنالــك‬

‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – المصدر السابق – ص ‪. 615‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص ‪. 708‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪207‬‬
‫مصــلحة لطرفــي العقــد فــي تعــديل شــروطه‪ ،‬ففــي هــذه‬
‫الحالـة ل يسـتطيع الجنـبي عـن العقـد إجبـار طرفـي العقـد‬
‫علـى تعـديله ول يملـك الصـفة بـاللجوء إلـى القضـاء للحصـول‬
‫على حكم بذلك‪ ،‬وبذلك يبقى حكم اللغاء نظري ا) بحت ا) ل يجد‬
‫حيـزا) لتطـبيقه‪ ،‬ومـع ذلـك فـإن القضـاء الداري يسـتمر فـي‬
‫النظر بدعوى اللغاء إذا عرضت أمامه بعد إبرام العقد أعمال)‬
‫لمبـــدأ المشـــروعية الـــتي يحـــرص القضـــاء الداري علـــى‬
‫)‪(1‬‬
‫حراستها‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬الواجب السلبي‪:‬‬


‫يتمثل هذا الواجب في التزام الدارة بعدم انتهاكها قوة‬
‫الشــيء المقضــي بــه‪ ،‬فعليهــا أن تمتنــع عــن تنفيــذ القــرار‬
‫الملغي وتتمتع أيض ا) عن الستمرار في تنفيذه أن بدأت به‪،‬‬
‫كما يفرض هذا الواجب على الدارة أن ل تعيد إصدار القرار‬
‫الملغـي مـن خلل إصـدارها قـرارا) جديـدا) تمنـح فيـه الحيـاة‬
‫للقرار الملغي بصورة مباشرة ‪.‬‬

‫‪ .1‬امتناع الدارة عن تنفيذ القرار الملغي‪:‬‬


‫إذا صــدر حكــم قضــائي بإلغــاء القــرار الداري فــإن أثــر‬
‫الحكـم هـو إعـدام القـرار بـأثر رجعـي وكـأنه لـم يصـدر‪ ،‬ويعـد‬
‫تنفيــذها للقــرار الملغــي عمل) مــن أعمــال العنــف ويــثير‬
‫مسئوليتها ‪.‬‬
‫كما أنها إذا بدأت بتنفيذ القرار وصدر حكم القضاء بإلغاء‬
‫هذا القرار فإن عليها أن تتوقف عن التنفيذ‪ ،‬كما لو صدر قرار‬
‫إداري بهـدم عـدة مبـاني ونفـذت الدارة علـى بعضـها فقـط‪،‬‬
‫فإنهـا يجـب أن تكـف فـورا) عـن السـتمرار بالتنفيـذ عنـد صـدور‬

‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد – المصدر السابق – ص ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪208‬‬
‫الحكـم‪ (1) .‬ويعـد عـدم تنفيـذ الدارة لحكـم اللغـاء مخالفـة لقـوة‬
‫الشـيء المقضـي بـه وهـي مخالفـة قانونيـة لمبـدأ أسـاس‬
‫واصـل مـن الصـول العامـة الواجبـة الحـترام‪ ،‬كمـا أنـه ينطـوي‬
‫علـــى قـــرار إداري ســـلبي خـــاطئ باعتبـــاره قـــرار إداري‬
‫بالمتناع عن تنفيذ حكم ‪.‬‬
‫وهـذه المخالفـة القانونيـة فضـل) عـن إمكـان الطعـن بهـا‬
‫اســتقلل) باللغــاء‪ ،‬تمثــل خطــأ يســتوجب مســائلة الدارة‬
‫بـالتعويض عـن الضـرار الـتي يمكـن أن يكـون قـد تعـرض لهـا‬
‫المستفيد من الحكم ‪.‬‬
‫‪ .2‬امتناع الدارة عن إعادة القرار الملغي‪:‬‬
‫أن اللتزام الساسي الذي يقع على عاتق الدارة بعد‬
‫صـدور الحكـم باللغـاء هـو امتناعهـا عـن تنفيـذ القـرار الملغـي‪،‬‬
‫ويتفـرع عنـه أن ل تتحايـل الدارة علـى التخلـص منـه فتصـل‬
‫إلى نفس النتيجة عن طريق إصدار قرار جديد هو عبارة عن‬
‫صورة مستترة للقرار الملغي ‪.‬‬
‫وهنــاك حالــة ل تســتطيع الدارة فيهــا إعــادة القــرار‬
‫الملغــي وهــي حالــة مــا إذا كــان محــل القــرار الداري غيــر‬
‫مشــروع‪ ،‬والمحــل هــو أثــر القــرار والثــر ل يوجــد إل فــي‬
‫المنطــوق‪ ،‬فقــرار فصــل الموظــف محلــه وأثــره هــو فصــل‬
‫الموظــف وهــو منطــوقه ‪ .‬مثــال ذلــك القــرار الصــادر بإبعــاد‬
‫لجـئ سياسـي أثـره ومحلـه هـو أبعـاد هـذا اللجـئ‪ ،‬وهـذا‬
‫المحـــل مخـــالف للدســـتور‪ ،‬فـــإذا اعـــترف القضـــاء الداري‬
‫للطـاعن بصـفة اللجـئ السياسـي وألغـي القـرار فـإن الدارة‬
‫ل تسـتطيع أن تقيـد هـذا الجـراء‪ ،‬أي ل تسـتطيع إصـدار قـرار‬
‫له نفس المنطوق فهي ل تستطيع تسليمه كما تفعل مثل)‬
‫مع الجرميين العاديين ‪.‬‬
‫ولكـن مـن ناحيـة أخـرى تسـتطيع الدارة أن تقيـد إصـدار‬
‫القـرار بـالمنطوق نفسـه‪ ،‬إذا كـان البطلن ل يلحـق المحـل‪،‬‬
‫وإنمـا يلحـق النـواحي الخـرى وهـي الختصـاص والشـكل أو‬
‫السـبب أو الغايـة بعـد إزالـة العيـب الـذي لحـق بـالقرار‪ ،‬ويتـم‬

‫‪ -‬د‪ .‬طعيمه الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 366-364‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪209‬‬
‫ذلـك بإصـدار القـرار مـن الجهـة المختـص بإصـداره‪ ،‬أو بالشـكل‬
‫)‪(1‬‬
‫الذي يطلبه القانون أو بناء) على سبب صحح‪.‬‬
‫إل أن المســألة تــدق بالنســبة لعيــب إســاءة اســتعمال‬
‫السـلطة‪ ،‬إذ أن رقابـة القضـاء تكـون أشـد عنـد إعـادة إصـدار‬
‫)‪(2‬‬
‫القرار الداري الملغي بعد تصحيح الهدف عند اتخاذه‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص ‪904-903‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬طعيمه الجرف – المصدر السابق – ص ‪. 364‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬محمد العبادي‪ ،‬ص ‪284‬‬
‫‪ -‬تفصيل ذلك ‪ :‬د‪ .‬أبو زيد فهمي – المصدر السابق ‪ -‬ص ‪. 599-597‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪210‬‬

You might also like