Professional Documents
Culture Documents
مقدمـــة :
تعتبر المهمة الساسية للدولة ،هي تحقيق المصلحة العامة ،وهي وظيفة اجتماعية كبرى ل يتم بلوغها إل فححي نطححاق دولححة الحححق
والقانون والمؤسسات ،فإذا كان دور الدولة قديما يتمثل في ضمان الستقرار والمححن داخحل المجتمحع ،فإنهححا اليححوم وعلححى عكححس دلححك،
وتقديرا لجسامة المهام الملقاة على عاتقها ،تحتاج إلى مجموعة من الوسائل تستعين بهححا للقيححام بهححذه المسححؤولية ،علحى أحسححن وجححه،
فهذه الوسائل قد تكون ذات طابع مؤسساتي ،وقد تكون ذات طابع إنساني يتكون من مجموعححة مححن الشححخاص ،وقححد تكححون ذات طححابع
قانوني تمكنها من القيام ببعض التصرفات والعمال ،قد تكون قرارات إدارية أو عقود إدارية.
وبعبارة أخرى فالقانون عهد للسلطة الدارية امتيازات هامة تتمثل أساسا في إصدار القرارات الدارية تنظيمية كححانت أم فرديححة
ترمي إلى تحقيق أهداف القانون في المجتمع وهي العدالة والمصالح العامة للجماعة .وأيضا المصالح الخاصة للفراد حسب الحوال.
فهذه المتيازات تخول للدارة درجة أعلى من الفرد وغير متساوية له بحيححث تنفححذ قراراتهححا طواعيححة أو إكراهححا كحقهححا فححي نححزع
الملكية من أجل المنفعة العامة والستيلء المؤقت على العقارات وحقها في اللتجاء القهري والمباشر دون السعي إلى المحاكم وانتظار
صدور حكم بالضافة إلى تنفيذ القوانين والمحافظة على النظام العام.
والقرارات الدارية هي العمال القانونية التي تتدخل الدارة بواسطتها ،وذلك بهدف تنظيم الحيححاة داخححل المجتمححع ،تحححدوها فححي
ذلك غاية أسمى تتمثل في تحقيق المصلحة العامة ،وتتميز هذه القرارات بكونها وسحيلة تسححتعملها انطلقحا محن إرادتهحا المنفححردة ،حيححث
تقوم بسن أعمال بمحض إرادتها وتترتب عليها حقوق وواجبات ول يتطلب دخولها حيز التنفيذ تححوفر رضححى الفححراد أو الجماعححات المعنيححة
بها ،وذلك نظرا لكونها تقوم على أساس ما يخوله التشريع للدارة من صلحيات غير مألوفة في القانون العادي.
بيد أن أوجه تحقيق هذا النشاط ل ينحصر فقط في تلحك المتيحازات الحتي تعطحي للدارة الحريحة فحي التقحدير بمححض اختيارهححا،
فالمصلحة العامة قد تقتضي تدخلها من عدمه وفي حالة تدخلها وفق أي الوسائل تقوم بذلك وتمتححد كححذلك لتشححمل مححا يفرضححه المشححرع
على الدارة من قيود ترد على حريتها في تحديد أساليب ممارسة نشاطها فتحرم بعض الساليب عليها وتشترط بصدد موضوع مححا اتخححاذ
إجراءات معينة ل تستطيع أن تحيد عليها وهي قيود يقصد المشرع منها الحد من حريحة الدارة وسحلطاتها وبيحن حقحوق وحريحات الفحراد،
علوة على حماية الفراد من تحكم الدارة واستبدادها وتحيزها.
وبالتالي فالقرارات الدارية خاضعة للسلطة التقديرية والختصاص المقيد اللتان يجب التوفيق بينهما لتحقيق الصالح العام.
ويجمع الفقه في هذا الخصوص أنه ل يوجد قرار إداري تنفرد الدارة بتحديد وتقححدير مجمححل عناصححره ،بححل هنححاك بعححض الجححوانب
التقديرية المختلفة باختلف موضوع القححرارات الداريححة الخاضححعة لتقححدير ورقابححة القضححاء ،لنححه يخشححى أن تتجححاوز الدارة دائرة حححدودها
فتتجاوز في استخدام امتيازاتها لغير صالح الفراد ،ومن هنا بدت الضرورة على مراقبة نشاط الدارة حتى ل تنصرف عن حححدود سححلطتها
واختصاصاتها وذلك تأسيسا على مبدأ المشروعية الذي أصبح من المبادئ الساسية لقامة دولة الحق والقانون ،ويعتبر هحذا المبححدأ ضحربا
من ضروب التفكير النظري المجرد ما لم تتوفر الضمانات الكفيلة لحمايته ومن أهمها رقابة القضاء على القرارات الصادرة عن الدارة.
فالفرد عليه أن ل يلتزم الصمت عن كل قرار إداري مضر بمركزه القانوني لن ذلححك يكححرس انعححدام المشححروعية ويشححجع رجححل
الدارة الذي يعتبر المستفيد الوحيد من هذه الوضعية في الستمرار في تعنته وشططه ولهذا فمن مصلحة الفرد المتضرر أن يكون واعيا
بحقوقه وأن يرفع دعوى اللغاء بسبب تجاوز السلطة عندما يصاب بضرر من شأنه إعدام القرار الغير المشروع.
ومن واجب القاضي أيضا أن يحرص كل الحرص أن تستهدف الدارة مححن وراء القححرار المتخححذ تحقيححق المصححلحة العامححة بححل قححد
يتحمل مسؤولياته في إقامة عدالة موازية بين امتيازات الدارة من جهة وحقوق الفراد وحرياتهم من جهة أخرى.
هذا ولقد سبق أن أعلن المغفور له الحسن الثاني فحي بدايحة التسحعينات عحن إححداث المححاكم الداريحة والمجلحس الستشحاري
لحقوق النسان وهم معلمتين من معالم دولة الحق والقانون .ولقد دلت التجربة أن كل من هاتين المؤسستين تنطوي على مجموعة من
الجوانب اليجابية التي فتحت بوادر العهد الجديد بالمغرب.
ولقد رافق هذا الوضع ،صدور عححدة اجتهحادات قضححائية وفقهيحة أكسحبت القححرارات الداريحة الحتي تعتحبر امتححداد للقححانون الداري،
مضمونا واسعا ،ازداد تطورا بفعل مستجدات الحداث القانونية واجتهاد المحاكم الدارية وكذا ديوان المظالم.
من خلل هذه الطللة البسيطة نلمس إشكالية القرارات الدارية التي تعتبر ملتقى طرق بيححن عححدة مححواد قانونيححة ،وامتححداد لمححا
يصطلح عليه بالقانون العام الداري ،أي مجموع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تنظم الدارة.
وإشكالية القرارات الدارية هاته ،تشمل التعريف بالقرار الداري ومجال السلطة التقديرية فححي إصححداره وأسححاس الرقابححة علححى
القرار الداري والذي يتمثل في مبدأ المشروعية :دعوى اللغاء بسبب تجاوز السلطة.
انطلقا من هذه الفكار التمهيدية ،ارتأينا تقسيم مضمون هذا البحث إلى فصلين :
الفصل الول :ماهية القرار الداري.
الفصل الثاني :أسس تنظيم الرقابة على القرار الداري.
أمنيتنا أن يحقق هذا العمل ،الهداف التي نسعى إليها والتي تتجلحى فحي تبسحيط مضحمون القحرارات الداريحة والسحهام فحي بنحاء الصحرح
القانوني ببلدنا وتنوير السبيل أمام طالب العلم ،ونسأل الله العون والتوفيق.
يعتبر القرار الداري من أهم الوسائل القانونية التي تستخدم الدارة لممارسة نشاطها وتحقيحق أهحدافها ،لحذا فهحو يحتحل مكانحا
بارزا في المؤلفات العامححة باعتبححاره أحححد موضحوعات القحانون الداري الهامحة ومجحالت خصححبا للعديححد محن البححاث والدراسححات الخاصححة
المتعمقة في فقه القانون العام ،فالقرار الداري أهم مظهر من مظاهر السلطة التي تتمتع بها الدارة وتستمدها من القانون العام ويرجع
ذلك لكون الدارة تمثل الصالح العام ،وتهدف بالساس تحقيق المصلحة العامة ،فهححو يتميححز بكححونه وسححيلة تسححتعملها انطلقححا مححن إرادتهححا
المنفردة حيث تقوم بسن أعمال بمحضحر إرادتهحا وتحترتب عليهحا حقحوق وواجبحات ول يتطلحب دخولهحا حيحز التنفيحذ تحوفر رضحا الفحراد أو
الجماعات المعنية بها وذلك نظرا لكونها تقوم على أساس ما يخوله التشريع للدارة من صلحيات غير مألوفة في القانون العادي.
إن هذه العمال تهدف إلى تحقيق أغراض متعددة منها ما يهدف إلى إلغاءه ومن تم تسميتها بالقرارات النفراديححة أو القححرارات
التنفيذية.
وتجدر الشارة إلى أن العمال النفرادية ،تتمتع بنظام خاص يجعلها تخضع لبعض القواعد التي يؤدي عدم احترامهححا إلححى جعلهححا
تفتقر للمشروعية .فما هي إذن القرارات الدارية؟ وكيف يتم إنشاؤها ؟ ثم كيف يتم تنفيذها ؟ وأخيرا ما هي طرق انتهائها ؟
هذه التساؤلت وغيرها سنجيب عنها من خلل ثلث مباحث ،حيث سنتناول فححي المبحححث الول مفهححوم القححرار الداري ومعححايير
تمييزه وتوضيح أركانه ،أما في المبحث الثاني فسنركز فيه على أنواع القرار الداري وأخيرا المبحث الثالث الذي سنخصصه للحححديث عححن
القرار الداري نفاذه –تنفيذه ونهايته.
وانطلقا من هذا التنوع ،يمكن القول بأنه إذا كانت القرارات الدارية تتميز بكونها قرارات نافذة ،نظرا لما تتمتححع بححه مححن صححفة
النفرادية التي يضفى عليها طابع السلطة العمومية التي تتوفر عليها الدارة ،فإن هذه الصفة قد تغيب بخصوص بعض العمال التي تقححدم
عليها هذه الخيرة ،ومن ثم أمكن القول بأن العمال التي تقوم بها الدارة منهحا محا يتحوفر علحى الطحابع النفحرادي ،ومنهحا محا ينعقحد لهحذا
الطابع.
وبناءا على هذا الوضع ،يتضح أن تحديد القرار الداري ،يقتضي البحث في طحبيعته وذلحك محن خلل التعريحف الحذي أعطحي لحه،
ومن خلل تمييزه عن العمال الدارية الخرى وتوضيح أركانه ثم بيان أنواعه.
وبهذا يختلف العمل القانوني الصادر من جانب الدارة عن العمل المادي في محل العمل المححادي يكححون دائمححا واقعححة ماديححة أو
إجراء مثبتا لها دون أن يقصد به تحقيق آثار قانونية معينة...
فالعمل المادي الصادر عن الدارة يكون في الغالب )واقعة مادية ( دون أن يتجه قصححدها إلححى إحححداث أثححر قححانوني –أي إنشححاء
حقوق والتزامات جديدة -وبالتالي تعتبر مثل هذه العمال قرارات إدارية....
ومن أمثلة العمال المادية الصادرة من جانب الدارة والتي تعتبر أعمال قانونية ،المر الصادر من الدارة يضم التحقيقححات إلححى
ملف خدمة المدعي ،وتسوية أوضاع الموظفين وفقا لنظام معادلة الشهادات الدراسية لن عمل الدارة هنا كاشححفا وليححس منشححئا لمركححز
قانوني ،وتسليم الترخيص الصادر بممارسة نشاط معين لصاحبه بعد صدور قرار بمنحه ،وقيد المحررات بسجلت مصلحة الشهر العقححاري
وفقا لتاريخ وساعة تقديمها ،والتأشير على أوراق تعيين أحد الموظفين لن مثل هذا التأشير ل ينشئ أثرا قانونيا.
كما أن العمل المادي قد يكو تنفيذ العمل قانوني :كأن يصدر أمرا إداري بالقبض علححى شححخص معيححن عححبرت فيححه الدارة عححن
قصدها وغرضها ونفذته باعتبارها ذات وظيفة ،حيث يعتبر مثل هحذا المحر تصحرف أو عمحل قححانوني ...أمحا عمليححة إلقحاء القبحض علحى هحذا
الشخص تعتبر من الفعال المادية وهي ليست إل نتيجة للمر الداري بالقبض ،وليست قانونيا.
كما أن العمل المادي الصادر عن الدارة نتيجة خطأ أو إهمال دون أن تقصد ترتيب أي أثر قانوني عليححه ،ل يعتححبر قححرارا إداريححا،
كالحوادث التي تقع للقطارات أو السيارات ،أو هدم المباني التي قد ينتج عنها أضرار تصيب بعض الفراد في أنفسهم أو أموالهم....
ويشترط لتحقيق هذا العنصر من عناصر القرار الداري أن يكون تعبير الدارة عن إرادتهححا الذاتيححة وليححس تنفيححذا لرادة إدارة أو
سلطة أخرى.
ول تعتبر العمال أو التصرفات الصادرة عن أشخاص القانون العام )الحتي تححل مححل أشحخاص القحانون الخححاص( وتصححدر تلححك
العمال نيابة عنها قرارات إدارية لعدم توافر هذا الشرط فيها.
كما تعتبر قرارات إدارية وفقا لهذا الشرط القرارات الصادرة من جهات إدارية عامة خححارج حححدود سححلطتها العامححة ،وبمقتضححى
صفة أخرى غير صفتها العامة...
ويقتضي هذا الشرط أن تكون السلطة الدارية العامة التي يصدر عنها العمل أو التصرف سححلطة إداريححة وطنيححة تطبححق قححوانين
البلد وتستمد سلطتها منها بحيث يكون التصرف معبرا عن الرادة الذاتية لهذه الجهة لوصفها سلطة عامة وطنية.
وقد كان هححذا الشححرط )نهائيححة القححرار الداري( محححل خلف فححي الفقححه الداري ،إذ اعححترض البعححض علححى اسححتخدامها واقححتراح
استعمال كلمة "تنفيذي" بدل منها.
وأيا كان الخلف حول استعمال هذا الصطلح فإن هناك حدا أدنى من التفاق على معنى نهائية القرار الداري يتمثل في صدور
القرار من جهة خولها القانون أو النظام سلطة البث في أمر ما بغير حاجة إلى تصديق سلطة أعلى.
ول تعتبر قرارات إدارية وفقا لشرط نهائية القرار-العمال التحضيرية أو التمهيدية التي تسبق صدور القرار أو العمال اللحقححة
لصدوره والتي ل تحدث بذاتها أثرا قانونيا كالتوصيات ،والقتراحات ،والستيضاحات ،والراء التي تبحديها الجهحات الستشحارية والتحقيقححات،
والمنشورات والتعليمات التي يصدرها الوزراء على أثر صدور القرارات يشرحون بها للمححوظفين الحكححام الجديححدة الححتي تضححمنها ،وكيفيححة
تنفيذها ،شريطة أل تتضمن قواعد جديدة.
وهكذا يتضح بناء على ما سبق بأن القرار الداري هو انعكاس لختصاص أساسي تنفرد به السلطات العموميححة هححذا الختصححاص
الذي يمكن الدارة بواسطته أن تعمل على خلق أوضاع قانونية جديدة أو تعديل الوضاع القانونية القائمة أو إلغائها ومعنححى ذلححك أن المححر
يتعلق بإنتاج آثار قانونية تتمثل في منع الحقوق أو رفض اللتزامات.
إن هذه الخصائص التي تتوفر عليها العمال النفرادية هي التي تشكل القرارات الدارية ،إذ هي التي تعتبر المعححايير الساسححية
التي بمقتضاها يمكن تمييز هذه القرارات عن العمال الدارية الخرى.
وسنعرض في هذا الفرع للتميز بين القرار الداري وغيره من العمال الدارية إضححافة إلححى القححرار الداري مححن جهححة وكحل مححن
العمل التشريعي ،والعمل القضائي ،وأعمال السيدة من جهة أخرى ،وذلك وفقا للمعيارين الشكلي والموضوعي اللذين تفاوت الخححذ بهمححا
في الفقه والقضاء المقارن.
المعيار الشكلي :يقوم هذا المعيار على النظر إلى الجهححة الححتي صححدر عنهححا العمححل أو التصححرف بصححرف النظححر عححن
موضوع العمل ومضمونه ،فالعمال التشريعية بحسب المعيار الشكلي هي العمال الصادرة مححن البرلمححان ،بينمححا تعتححبر
العمال الصادرة عن السلطة التنفيذية قرارات إدارية.
وبالرغم من بساطة هذا المعيار وسهولة تطبيقه في الواقع العملي ،إل أن هذا المعيار تعرض لبعض المأخذ التي تمثلت في أنه
يعتمد أساسا على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقضي بتحديد وظيفة لكل من السلطات الثلث التشريعية-التنفيذية في حين أن الواقع
العملي وطبيعة العمل الداري المرنة والمتطورة تقتضي في أحيان كثيرة التداخل بين وظائف واختصاصات كححل مححن السححلطتين ،وخاصححة
في الحالت التي تصدر فيها تشريعات عن السلطة التنفيذية .كمححا أن أعمححال السححلطة التشححريعية ل تقتصححر فقححط علححى إصححدار القححوانين
باعتبارها قواعد عامة مجردة وإنما يوجد إلى جانب القوانين ما يسمى بالعمال البرلمانية ،كالعمال المتعلقة بالتنظيم الححداخلي للبرلمححان
كالقرارات الخاصة بتعيين موظفي البرلمان وترقيتهم وعلواتهم ،والقرارات المتصلة برقابة البرلمان للسلطة التنفيذيححة سححواء كححانت ذات
صبغة إدارية أو كانت ذات صبغة مالية أو ذات صبغة وصائية.
المعيار الموضوعي :ويقوم هذا المعيار علحى النظحر إلححى مضحمون العمححل أو التصححرف نفسحه ،فححإذا كحان العمححل أو
التصرف منطويا على قواعد مكتوبة عامة ومجردة ،اعتبر عمل تشريعيا بصرف النظر عن مصدر هذا العمل والشححكل أو
الصورة التي تجسد فيها والجراءات التي اتبعت في إصداره ،وهذا ينطبق على جميع القواعد القانونية العامححة المجححردة
والموضوعية ،سواء تلك التي يصدرها البرلمان ؟ والنظمة على اختلف أنواعها التي تصححدر عححن السححلطة التنفيذيححة وأن
اختلف بين هذين النوعين من التشريعات هو فححي القيمححة القانونيححة أو مسححتوى اللححتزام ومصححدر كححل منهمححا وإجححراءات
إصدارها.
إل أن هذا المعيار يصعب تطبيقه في الواقع العلمي للتمييز بين العمل التشريعي والقححرار الداري ،وذلححك لصححعوبة التمييححز بيححن
النظمة والقوانين ،وفقا لمضمونهما ،إذ أن كل منهما يتضمن قواعد عامة مكتوبة عامة ومجردة وملزمة ،رغححم اختلفهمححا فححي مصححدر كححل
منهما ،وهذا يعني العودة إلى المعيار الشكلي الذي يقوم أساسا على النظر إلى جهححة الصححدار وإجراءاتححه للتمييححز بيححن العمححل التشححريعي
والقرار الداري.
وفقا للمعيار الشكلي :يكون العمل أو التصرف إداريا إذا صدر عن جهة إدارية ،بينما يكون العمل قضائيا مححتى كححان
صادرا عن السلطة القضائية ،بصرف النظر عن مضمون هذا العمححل ومحتححواه ،فالمعيححار الشححكلي يقححوم علححى أن حكححم
القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها القانون ولية القضاء.
وفقا للمعيار الموضوعي :يكون العمل أو التصرف إداريا أو قضائيا بحسب محتوى العمحل وفحححواه وليحس بحسحب
الجهة التي يصدر عنها هذا العمل ،فالمعيار الموضوعي يقوم على أن الحكم القضائي هو الذي يصدر في خصححومه لبيححان
حكم القانون فيها.
ويمكن أن نطرح هذه العمال عبر مجموعتين رئيسيتين ،المجموعة الولى ،وتتعلق بمجموع الجراءات الداخلية التي وإن كانت
تنعت بالقرارات الدارية إل أنها تظل مفتقدة لهم الخصائص التي يقتضيها هذا النعت أما المجموعة الثانيححة فهححي تهححم العمححال النفراديححة
التي تعتبر مجرد إجراءات تنفيذية.
إن هذا الموقف هو الذي تبناه الجتهاد القضائي من خلل مجموعة من القرارات التي أصدرها في هذا الشححأن ومححن أهححم هححذه
القرارات ،نشير إلى القرار الذي اتخذته الغرفة الدارية بالمجلس العلى*.
وانطلقا من هذا التحديد يمكن القول بأن المنشححورات أو التعليمححات هححي إحححدى الوسححائل القانونيححة المسحتعملة فححي ممارسححة
النشاط الداري ،لكن هذه الممارسححة ترتبححط أساسححا بمححا هححو داخلححي ،حيححث إن المنشححورات أو التعليمححات سححتكون تلححك التصححالت الححتي
بواسطتها يعمل المسؤول الداري ،وعلى الخصوص الوزير ،على إخبار مرؤوسيه ببعض المسائل الدارية علحى المسحتوى الحداخلي ،سحواء
تعلق المر بتنفيذ المرافق العمومية أو بتفسير التشريعات أو اللوائح المتعلقة بها.
وبهذا المعنى فإن المنشورات أو التعليمات قد تتضححمن مجموعححة مححن المعطيححات الححتي قححد تأخححذ شححكل أوامححر أو توجيهححات أو
شروحات أو وجهات نظر يوجهها الوزراء أو رؤساء المصالح إلى مرؤوسيهم ،مما يجعلها ل تهم إل مححا يجححري داخححل المصححالح الداريححة ،ول
تهم العلقات القائمة بين هذه الخيرة والمواطنين.
انطلقا مما سبق يمكن القول بأن المنشورات أو التعليمات هي أعمال انفرادية نظرا لكونها تصدر عن الدارة بمفردهححا ،لكنهححا
ل تعتبر قرارات إدارية بما في الكلمة من معنى ،فالمنشور والتعليححم يهححدفان إلححى تحقيححق مجموعححة مححن الهححداف ل علقححة لهححا بالوضححاع
القانونية القائمة ،فهما ل يمنعان حقوقا ول يفرضان واجبات ،بل كل ما في المر أنهما يشكلن وسيلة يعمل المسححؤول الداري بواسححطتها
على توجيه أوامر أو توصيات أو شروحات ذات طحابع داخلحي إلححى المصححالح الخارجيححة التابعحة لحه ،ممحا ينتححج عنححه أن المنشحور أو التعليححم
يعكسان أساسا تلك العلقة القائمة بين السلطة العليا والمصالح التابعة لها ،في إطار ما يسمى بالسلطة الرئاسية.
لقيام القرار الداري وصحته من اللزم على القل توفر خمسة أركان أو عناصر متصلة بالسححبب الختصححاص ،الشححكل ،المحححل،
الغاية ،حيث يعتبر عنصر الختصاص والشكل من الركححان الخارجيححة ،أي المتصححلة بالجححانب الخححارجي للقححرار ،فيمححا يعححد كححل محن السححبب
والمحل والغاية من الركان الداخلية المرتبطة بجوهر القرار الداري.
عنصر شخصي يتعلق بتحديد أعضاء الدارة ،الذين يختصون بإصدار القرارات الدارية المختلفة. أ-
ب -عنصر زماني يتعلق بزمان إصدار القرارات الدارية وزمان سرياتها.
عنصر مكاني يتعلق بالنطاق القليمي الذي تنطبق فيه القرارات الدارية. ج-
ويتجلى تفويض الختصاص في أن تعهد السلطة المفوضة إلى سلطة مفوض لها بضوء من اختصاصححاتها .ولقححد أشححار الدسححتور
المغربي إلى هذا النوع من التفويض الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تعديل قواعد الختصاص بين جهات الدارة .فالفصححل 80مححن الدسححتور
الحالي ينص على :الملك هو القائد العلى للقوات المسلحة الملكية وله حق التعيين في الوظيفة المدنية والعسكرية ،كمحا لححه أن يفحوض
لغيره ممارسة هذا الحق ،كما منح الفصل 64من نفس الدستور للوزير الول الحق في تفويض بعض سلطاته إلى الوزراء.
وهكذا يرتبط التفويض بالوظيفة بصرف النظر عن صاحبها ويعمل به حتى فحي ححالت الحلحول مححل الموظحف المعيحن ،وبهحذا
يكتسي تفويض الختصاص صيغة مستمرة ويبقى معمول به ما لم يقع سحبه مع العلم أن المفحوض ل يجحوز لحه خلل مجمحوع هحذه المحدة
ممارسة الختصاصات المفوضة ،أما العمال التي يقوم بها المفوض له في دائرة التفويض فتبقى مرتبطحة بحه وتحتحل فحي تحدرج العمحال
مكانة تطابق مكانة المفوض له ،وتجدر الشارة أن تفويض الختصاص أو السلطة يجب أن يكون جزئيا ذلك أنه إذا كحان كليححا فهححو ل يعتحبر
تفويضا بل تنازل من جانب هذه السلطة ،بالضافة إلى هذا يجب أن يستمد تفويض السلطة من نص قانوني صريح .كما أن قرار التفححويض
ينبغي أن ينشر في الجريدة الرسمية.
أما تفويض المضاء أو التوقيع هو ل يغير توزيع الختصاصات ،ويقتصر دوره علححى مجحرد توقيححع المفححوض إليححه أو إمضححاءه علحى
بعض القرارات الداخلية في اختصاص الصيل ،ولحسابه وتحت رقابته ،فهو مجرد عمل ماديا حيث يوقع المفوض إليه على وثيقة يسبق أن
أعدها الصيل وهذا التفويض مقرر ومنظم بنص عام فيما يخححص السححلطات الوزاريححة –الظهيححر الشححريف الصححادر بتاريححخ 10أبريححل 1957
المغير بالظهير الشريف الصادر في 25غشت .1958
ل يسمح للسلطة المفوض لها بالتوقيع على القرارات المسندة إليها بحكم التفويض.
وبما أن هذا التفويض مستمد من شخص فإن العمل به ينتهي تلقائيا متى تغير شخص المفوض أو المفوض له.
وأخيرا يعتبر تفويض المضاء محدودا في مداه حيث أنه يجوز للسلطة أن تفوض إمضححاءها بالنسححبة لجميححع القححرارات المتعلقححة
بالمصالح الراجعة لختصاصها باستثناء المراسيم والقرارات التنظيمية.
وتجدر الشارة أن الختصاص يعتبر من الشروط الجوهرية لصحة القرارات وإذا تخالف هذا الشرط يعتبر القرار باطل.
وفي جميع الحوال فإن عيب عدم الختصاص يعتبر من العيوب المتعلقة بالنظام العحام لكحل محا يحترتب علحى هحذا التعلحق محن
نتائج ،وبخاصة من حيث جواز الدفع به في أية مرحلة كانت عليه الدعوى ،أو من حيث جواز إتارته تلقائيا من طرف المحكمة.
فلقد أباح الدستور المغربي بأنه في استطاعة البرلمان أن يأذن للحكومة قانون تفحويض ممارسحة بعحض الصحلحيات فحي محدة
تغيبه ،فإذا انتهت المدة ورجع البرلمان لستئناف مهامه فقدت الحكومة صلحيتها المفوضة لها وأصبحت كل مخالفة لذلك تشكل عمل غير
شرعي.
كما يمكن أن تحدد قاعدة الصلحية الزمنية بالنسبة للعلقات المتواجدة بين سلطة الوصاية والمجالس فإذا انتهححت هححذه المححدة
فإن كل اعتراض من طرفه يعد باطل.
ويترتب عن تجاوز السلطة الدارية ،الرقعة الترابية المحددة لها بحكم القانون لممارسة اختصاصاتها بطلن قراراتها.
وفي هذا الطار قضى المجلس العلى بإلغاء عدة قرارات لكونها صادرة عن جهحة غيحر مختصححة مكانيحا ومحن ذلححك مثل :قححرار
محمد بن عبد السلم الحاج الصديق ضد نائب الوزير الول حيث قضى بإلغاء قرار كامل إقليم تازة لنحه ل يوجحد أي نحص يخحول لحه اتخحاذ
قرار الداء لمحصل بلدي.
وتبعا لذلك يمكن تعريف الختصاص بأنه "السلطة أو الصلحية الححتي يتمتححع بهححا مصححدر القححرار فححي إصححدار قححراره فححي الحححدود
الموضوعية والمكانية والزمانية التي بينها القانون".
ومخالفة قاعدة الختصاص فححي إصححدار القححرار الداري تشححكل عيبححا مسححتقل وقائمححا بححذاته .يحححق بمقتضححاه للسححلطة القضححائية
المختصة إثارته والبث فيه من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصوم لن عيب الختصاص هو العيب الوحيد المتصل بالنظام العام.
وتتمتع الدارة بسلطة تقديرية في اختيار الشكل المناسب لقراراتها الدارية فتكون مكتوبة أو شفوية .ماعدا في الحالت الححتي
ينص فيها القانون على ضرورة إصدار بعض أنواع القرارات بشكل معين .كوجوب تعليل القرارات مثل :قححرارات توقيححف أو حححل مجححالس
الجماعات المحلية أو استشارة هيئة معينة قبل اتخاذ القرار .كما هو الشأن بالنسبة لبعض العقوبات الدارية في حححق المححوظفين والححتي ل
يمكن اتخاذها من طرف الدولة إل بعد استشارة اللجنة التأديبية .وفي مثل هذه الحوال فإن إغفال الشكل الذي يتطلبه القانون يؤدي إلى
وصم القرار يعيب الشكل وإمكان الطعن فيه وإبطححاله بححدعوى الشححطط فححي اسححتعمال السححلطة وقححد طبقححت الغرفححة الدارة هححذا المبححدأ
بمناسبة فصلها في مجموعة من القضايا التي تهم تأديب الموظفين العموميين ،وقد قرر القانون بنصوص صريحة حمايححة الفححراد افححتراض
صدور قرار من الدارة بالرفض إذ طلب منها المواطنون شيئا وامتنعت عن الرد مدة معينة ) 60يوم كقاعححدة( وعلححى العكححس فقححد يعتححبر
القانون سكوت الدارة بمثابة قبول وموافقة لما وجه إليها ومن هذا القبيل حالت المصادقة على بعض القرارات الجماعية.
هذه الحالة الواقعية هي التي تجبر الدارة عن اتخاذ قرارها والسبب يأخذ أحد المظهرين التاليين :
إمححا أن يكححون عمل ماديححا ،مثل فيضححان أو زلححزال مهححدد للنظححام العححام ممححا يسححتوجب تححدخل الدارة متخححذة الجححراءات
الضرورية لمنع انتشار المراض المعدية في حالة الكوارث الطبيعية وطبقا للسلطة التقديرية الواسعة الدارة ،فإنها حرة
في اعتمادها الطريقة التي تراها مناسبة وملئمة لمواجهة العمل المادي.
وإما أن يكون عمل قانونيا مثل تأديب موظف عمومي تأسيسا على سلطة الدارة التقديرية الواسححعة فححي تحديححد مححا إذا
كان الفصل الصادر عن الموظف اختلل بالقواعد الوظيفية من عدمه بالستناد مثل على المقتضيات القانونية لظهير 24
فبراير 1958الخاص بالوظيفة العمومية.
واشتراط السبب لكل عمل إداري قاعدة منطقية .وتمثل قيدا مهما على الدارة وضححمانة مهمححة لحمايححة الفححراد محن تعسححفات
الدارة ،ذلك أنه إذا عملت الدارة على إصدار قرار إداري غيره مؤسحس علحى سحبب قحانوني أو محادي .كحان تصحرفها خحاطئا فحي تطحبيق
القانون على الوقائع بعيب السبب وهو عمل غير مشروع يمكن الطعن فيه بدعوى اللغاء .وهذا ما أكدته المحكمححة الداريححة بفححاس والححتي
أكدت من خلله على أن السبب الذي تعتمد عليه في تعليلها لقرارها يجب أن يكون سببا صحيحا ومعقول.
إن وقائع هذا الحكم تتلخص في كون التلميذة جليلة المرابط قد تقدمت بدعوى أمام المحكمة بفاس تلتمس فيها إلغححاء القححرار
الداري القاضي يمنع إعادة تسجيلها بثانوية محمححد القححري بالبهايححل بفححاس ،حيححث ارتكححز موقححف الدارة المعنيححة علححى أن اتخاذهححا للقححرار
المطعون فيه قحد كحانت وراءه أسحباب أملتهحا اعتبحارات الخلق العامحة السحائدة داخحل المؤسسححات الحتي يتواجحد فيهحا خاصحة ،الطفحال
المراهقون ...علوة على اعتراض زوج التلميذة للحيلولة دون هذا التسجيل ،وقد كان موقف المحكمة مححن هححذه السححباب موقفححا مغححايرا،
حيث صرحت بأن زوج التلميذة ليس من شأنه أن يسقط حقها فححي النتفححاع مححن خححدمات مرفححق التعليححم الثححانوي ،كمححا أن تواجححدها بهححذا
المرفق ل ينطوي على أي تأثير سلبي في الخلق العامة التي تضرعت بها الدارة .مما يجعل رفض إعادة تسححجيل الطاعنححة فيححه مسححاس
بمبدأ المساواة في التعليم وغير مرتكز على سبب حقيقي صحيح ويتسم بالشطط في استعمال السلطة بمقتضى إلغاءه.
بالنشاء :كصدور قرار إداري يقضي بتعيين موظف في وظيفة معينة ،فمحل ذلك القرار هو وضع ذلك الموظف في الجهة
التي ثم تعيينه فيها أو تخويله ممارسة مجموعة معينة من الختصاص يحددها القانون.
بالتعديل :كصدور قرار إداري يقضي بترقية موظف في وظيفحة معينحة ،فمححل ذلحك القحرار هحو نقحل ذلحك الموظحف محن
وظيفة معينة على درجة معينة إلى وظيفة أخرى على درجة أقل.
باللغاء :كصدور قرار يقضي بفصل موظف من وظيفة معينة ،فمحل ذلك القرار هححو إلغححاء العلقححة القانونيححة القائمححة بيححن
ذلك الموظف وبين جهة الدارة ،وكصدور قرار إداري يقضي بإغلق أحد المحلت التجارية المقلقة للراحة العامة ،فمحل ذلك
القرار هو توقف نشاط ذلك المحل سواء بصفة دائمة أو مؤقتة حسب ما ينص عليه القرار.
وهكذا فمحل القرار هو جوهره بل أن الركان الخرى تعد فقط أركانا مساعدة أو معاونة لكي يخرج المحححل إلححى حيححز الوجححود
في صورته القانونية السليمة.
ويشترط في المحل أن يكون متعينا أي يكون المحل قابل للتعيين مادام قد تضمن كافة العناصر اللزمة لتحديححده كمححا يشححترط
أن يكون المحل ممكنا حيث ينبغي أن يكون تحقيق المحل في مقدور الدارة ،كما يشترط أن يكححون الثححر القححانوني للقححرار الداري جححائزا
وقانونيا بحيث أن يحترم التدرج العام للقواعد القانونية من حيث سموها الواحدة تلو الخرى فإذا صدر قرار إداري ل يراعحي تلحك القواعحد
اعتبر باطل أي أن المحل ل يقابله شرط على أن غير مخالفة القانون في القرار الداري ل يترتب عليه في غالب الحيان انعدام القرار بل
عدم مشروعيته كما لو اشترط القانون شروط معينة في العامل لم تكن متوفرة في محن صحدر القحرار بتعينحه :ففحي هحذه الحالحة يكحون
القرار معيبا في محله ولكنه ل يكون منعدما ،فمشروعية المحل شرط من شروط صحة القحرار أمححا وجحود المححل فهحو ركحن محن أركححان
القرار.
ومفهوم المصلحة العامة لما كان غير محدد فإن المشرع يتدخل ليحدد للعاملين بالمرافق العامححة الغايححة الححتي عليهححم تحقيقهححا
بذاتها ،فالبحث عن غيرها يحؤدي إلحى بطلن قراراتهحم بمحوجب إسحاءة اسحتعمال السحلطة بمقتضحى محا يسحمى بمبحدأ تخصحيص الهحداف
والغايات ،والصل أن تتمتع العمال الدارية بحجة المشروعية والصحة إذ يفترض فيها جميعها السعي وراء تحقيحق المصحلحة العامحة فكحل
عمل إداري يهدف إلى تحقيق غاية معينة والقرار الداري ما هو إل وسيلة لتحقيق هحذه الغايحة الحتي تكحون دائمحا مصحلحة عامحة أو منفعحة
عامة.
وخلصة القول فإن توافر القرار الداري على كل الركححان السححابق ذكرهححا تضححفى عليهححا صححبغة الشححرعية وتجعلححه قححابل للنفححاذ
ومحصنا من كل أشكال الطعن الداري أو القضائي.
ويقوم هذا التقسيم انطلقا من محتوى القرار الداري وموضوعه وإلى طبيعة الثار القانونية التي تحدثها القححرارات ،فالتقسححيم
ينفذ إلى جوهر القرارات ول يتوقف عند شكلها وواجباتها الخارجية ،ويمكن تقسيم القرارات الدارية إلى أنواع مختلفة .استنادا إلى مححداها
وإنشائها ثم إلى أثرها بالنسبة للفراد وكذلك من حيث خضوعها لرقابة القضاء وأخيرا من حيث تكوينها.
والقرارات التنظيمية إذا كانت تتميز ببعض خصائص التشريع فإنها تصدر عن الدارة وتتخذ مظاهر خارجية مختلفححة .فقححد تصححدر
في شكل لئحة أو في شكل قرار وزاري .والقرارات التنظيمية واللوائح مختلفة عن القانون من حيححث المصححدر والهميححة ورقابححة القضححاء
فالقانون يصدر عن البرلمان ،أما القرارات التنظيمية فإن الجهاز التنفيذي باعتباره سلطة إدارية هو الذي يصدرها ،ويححترتب عمححا سححبق أن
القانون في مرتبة أعلى وأسمى من اللئحة ،القانون من حيث الرقابة القضائية مختلف عححن اللححوائح علححى اعتبارهححا أعمححال إداريححة لرقابححة
القضاء الداري.
وحسب أغلب الفقهاء توجد أربعة أنواع من اللوائح الدارية ونوجز في ما يلي الحديث عن كل منها :
أول :اللوائح التنفيذية :وهي التي تصدرها الدارة تنفيذا للقوانين ،فالمشرع لما كان يكتفي يوضع الطار العححام لممارسححة
الحقوق والحريات الساسية فقد ترك التفاصيل وظروف إدخال حيز تنفيذ هذه القوانين للسلطة التنفيذية عن طريق اللوائح.
ثانيا :اللوائح المستقلة :وهحي الحتي تنفحرد السحلطة التنفيذيحة –الدارة بإصحدارها دون السحتناد إلحى قحانون سحابق ودون
مشاركة السلطة التشريعية ،وغالبا ما يتم وضعها بخصوص تنظيححم المرافحق العموميحة أو بشحأن المحافظحة علححى النظححام العحام بعناصححره
الثلثة ،المن العام ،السكينة العامة ،المصلحة العامة وتسمى بلوائح الضبط الداري.
ثالثا :لوائح الضرورة :هي اللوائح التي تصدر لمواجهة ظروف استئنافية مفاجئة تقتضي معالجة سريعة للحفاظ على كيان
الدولة وسلمتها .مثال حالة الحرب أو الضطرابات .وقد يتم اللجوء إليها أيضا في حالة تعذر البرلمان للقيام بمهامه.
رابعا :اللوائح التفويضية :وتصدر أثناء انعقاد البرلمان أو خارج إطار انعقاد الدورات البرلماني ،واللوائح التفويضية عبححارة
عن مراسيم قوانين تصدرها السلطة التنفيذية في مسائل تشريعية محددة أصل من اختصححاص المشححرع إل أن الدارة تمارسححها نيابححة عححن
البرلمان بمقتضى تفويض منه ،والتفويض من اللزم أن يكون بقانون.
خامسا :لوائح الضبط :وهي التي تصدرها الحكومة من أجل المحافظة على النظام العححام ،بنححاء علححى مححا لهححا محن سححلطة
تنظيمية عامة.
تنقسم قرارات السلطة التنفيذية من حيث خضوعها للرقابة القضائية إلى نوعين من القرارات.
القرارات الدارية ملزمة للفراد وهم ملزمون باحترامها والخضوع لمقتضياتها اختياريا أو إجباريا .وهناك مجموعة من القححرارات
يقتصر أثرها القانوني على الدارة والعاملين بها دون أن يكون لها تأثيرا على الفراد .وتسمى بالجراءات الداخلية .كالتوجيهات والتعليمات
والدوريات الصادرة عن الرؤساء الداريين لمرؤوسهم ضمانا لحسن سير المرافق العمومية مبدئيا هذه الجراءات لما كانت ل تترتب عليها
أية آثار قانونية بالنسبة للفراد والعاملين بالدارة.
فل يمكن أن تكون موضوع الطعن أمام القضاء لنعدام شرط المصلحة بالنسبة للغير في مواجهة الدارة.
وهكذا يتبين لنا مما سبق أن تعريف القرار الداري يتوقف على توفر ثلثة عناصر أساسية بحدونها تنتفحي فكحرة القحرار الداري.
فإصدار القرارات الدارية هو امتياز تتمتع به الدارة وحدها سواء كانت مركزية أو ل مركزية .ومعبرا عن إرادتها المنفححردة ومحححدثا لثارهححا
القانونية والتي تتمثل في منح الحقوق وفرض اللتزامات فهذه الخصائص التي تتوفر عليها العمال النفرادية هي التي بمقتضاها يمكن أن
نميز هذه القرارات عن العمال الدارية الخرى .كما يجب لقيام القرار الداري وصحته من اللزم توفر على القل خمسة أركححان أساسححية
هي الختصاص ،الشكل ،السبب ،المحل ،الغاية والتي تضفي عليه صبغة الشرعية وتجعلححه قحابل للنفححاذ ومحصحنا محن كححل أشححكال الطعحن
الداري والقضائي ،كما تصنف القرارات الدارية إلى تصنيفات متعددة تبعا لتكوينها وأثرها .أو خضوعها للرقابة ،غير أن أهححم تصححنيف يظححل
هو ذلك الذي يقسمها حسب مداها إلى قرارات تنظيمية وقرارات فردية.
تعد القرارات الدارية الصادرة عن السلطة الدارية المختصة نافححذة مححن لحظححة صححدورها كقاعححدة عامححة .وتقتضححي العدالححة أل
تسري في حق الفراد الذين توجه إليهم المن تاريخ علمهم بها عن طريق إحدى وسائل العلم المقررة قانونا وتتولى الدارة السححهر علححى
تنفيذ تلك القرارات إما عن طريق التنفيذ المباشر أو بواسطة القضاء.
أول :النشر
النشر معناه إعلم الجمهور بالقرار وبالتالي فهو ل ينشئ القرار وإنما يقتصر أثره على إمكان الحتجاج به علححى الكافححة ،فهححذه
الوسيلة تتبع عادة في حالة المراسيم والقرارات التنظيمية حيث يتعححذر اللجححوء إلححى وسححيلة العلن لن المراسححيم والقححرارات التنظيميححة
تطبق على عدد غير محدد وغير معروف مسبقا من الشخاص ويهدف النشر إلححى إطلع الشححخاص علححى التححدابير الححتي تهمهححم ،وهححذا مححا
يفرضه المنطق والعدل لنه ل يمكن في الواقع أن يمارس النسان حقا أو يفي بواجب إل إذا كان على إطلع به.
ويتم النشر في المغرب كقاعدة عامة في الجريدة الرسمية ويجب أن يتضمن نشر المراسيم والقرارات التنظيمية أيضححا اسححم
الجهة التي أصدرتها وبيانا تفصيليا دقيقا وواضحا لمحتوياتها وجميع المعلومات الهامة التي تتضمنها وإل كان النشر باطل ول يتم العمل به.
وبهذا فالنشر يشكل إجراءا إداريا أساسيا يتطلب احترامه من طرف الدارة لضمان شححرعيته وضححمان تنفيححذه .وهحذا محا أكحدت
عليه بعض التشريعات المغربية كما يعتبر الجتهاد القضائي النشر من الشروط الضرورية التي يحتج بالقرار من الغير.
ثانيا :العلن
العلن هو الطريقة الواجبة التباع في القرارات الفردية ،ويعتبر إجراءا إداريا أساسيا تلتزم به الدارة لضمان شححرعية قراراتهححا
وبالتالي لضمان تنفيذ مقتضياتها وإعطائها آثارا قانونية.
ويتم إعلن القرار لذوي الشأن بأنه وسيلة من وسائل العلن المعترف بها قانونا .مثل تسليم نسححخة مححن القححرار إلححى صححاحب
الشأن شخصيا مع الحصول على توقيعه باستلم أو إرسال القرار إليه بخطاب موصى عليه بعلم الوصححول .ويجححب أن يكححون إعلن القححرار
شامل لكل محتويات القرار الداري مادام أنه ل يجوز الحتجاج بهذا الخير إل في حدود ما تم تبليغه أو إعلنه.
وتتمتع الدارة بالسلطة التقديرية في اختيار وسيلة العلن التي تراها مناسبة ،ولكن إذا اشترط القانون صراحة أن يتم العلن
بوسيلة معينة بالذات بالنسبة لنوع معين من القرارات الدارية ،فإن الدارة ملزمة باحترام ما نص عليححه القححانون ،ومححن ذلححك علححى سححبيل
المثال ل الحصر أن قرارات تعيين وترقية الموظفين يجب أن تبلغ إلى أصحابها وأن تنشر في الجريدة الرسمية.
وعلى كل حال فإنه من حيث المبدأ فإن سريان نفاذ القرارات الدارية التنظيمية أو الفردية ل يسري في حححق المخححاطبين بهححا
إل ابتداء من تاريخ إخبارهم بواسطة جميع الوسائل القانونية التي تراها الدارة المناسبة لذلك وهذا ما يحملنا علححى القححول بححأنه ل سححريان
للقرارات الدارية بالنسبة للماضي عمل بمبدأ عدم الرجعية.
وكيف ما كان الحال ،فإن عبئ الثبات سواء بالنسبة للنشر أو التبليغ أو العلحم اليقينحي يقحع علحى عحاتق الدارة بحل إن القضححاء
يتشدد في تقبل الدلة التي تقدمها هذه الخيرة لثبات تبليغها.
وبالرغم من القواعد السابقة المسلم بها التي تحكحم فوريحة نفحاذ القحرارات الداريحة فحإن هنحاك اسحتثناءين هحامين علحى هحذه
القواعد :أحدهما يقضي يسريان القراران الدارية بالنسبة للمستقبل دون الماضححي )بمعنححى عححدم رجعيححة القححرارات الداريححة( ،وثانيهمححا :
يقضي بإرجاء نفاذ القرارات الدارية إلى فترة لحقة على صدوره )بمعنى نفاذه في المستقبل(.
وقد أكد الفقه والقضاء الداريين على مبررات الخذ بهذا المبدأ والتي تتمثل في :عدم تجاوز حدود الختصاص الزمني ،بمعنححى
منع مصدر القرار من العتداء على اختصاص سلفه ،وذلك إذا لم يكن مصدر القرار مختصا خلل الفترة السابقة التي امتدت إليها آثححاره...
والرغبة في احترام الحقوق المكتسبة وضمان استقرار المعاملت والوضاع القانونيححة ،كححأن يصححدر قححرار بمعاقبححة موظححف بالحرمححان مححن
العلوة بأثر رجعي فيؤدي إلى حرمانه من علوة كان قد استحقها فعل قبل توقيع الجزاء ،والحيلولة دون تطبيق القرار خلل فترة قد يكون
سبب القرار قائما خللها ،وإنما ظهر بعد صدوره.
وبالرغم من المبررات السابقة التي تؤكد على الحكمة من إقرار هذا المبححدأ إل أن الفقححه الداري أجححاز السححتثناءات علححى هححذا
المبدأ تتمثل في :
وجود نص قانوني صريح يبيح رجعية أنواع معينة من القرارات الدارية عند الضرورة.
وجود حكم قضائي بإلغاء القرار المعيب ،فيصبح لزاما على الدارة القيام بتصحيح ما قححد ترتححب علححى ذلححك القححرار المعيححب مححن
الوضاع الخاطئة في الماضي ،وذلك بإصدار قرارات صحيحة بأثر رجعي لتصحيح الوضاع السالفة.
حالة سحب قرار إداري فردي منشأ لوضعية قانونية بأثر رجعي له شرطين أساسيين ،أن يقع السحححب خلل أجححل رفحع الححدعوى
اللغائية أو أثناء التقاضي عند رفع الدعوى في الجل القانوني وأن تكححون القححرارات المسحححوبة مشححوبة بعححدم مشححروعيتها ممححا
يستوجب بطلنها.
حالة القرارات الدارية التي تتضمن بالضرورة أثر رجعيا ،مثل القرارات التي تصدر من هيئة إدارية خولها القانون سلطة إصححدار
قرارات تسري خلل فترة معينة.
إل أنه يجب التمييز –في تطبيق هذا الستثناء -بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.
عندما يتم اتخاذ القرار الداري ويصبح نهائيا ،فإن مسألة تنفيذه تهم في نفس الوقت الدارة والفراد المعنيين بححه إذن فمححا هححو
مفهوم التنفيذ ؟
ففي حالة العتراف بالحقوق فإن مسألة التنفيذ ل تطرح أي إشكال مادام أن المر يتعلق بالستفادة التي يكون فيها المستفيد
في موقع اختيار له أن ينفذ القرار الذي يمنحه الحق أو ل ينفذه ،بمعنى أن التنفيذ يرجع لحسن إرادتحه ،أمحا فححي الحالحة الحتي يهححدف فيهححا
القرار الداري إلى فرض التزامات على الفراد ،فإن التنفيذ يكون إلزاميا بالنسبة للمعنيين بهذه اللتزامات.
إل أن حق الدارة في تنفيذ قرارتها مباشرة وبالقوة إذ لزم المر يخضع لمجموعة من الضوابط والقيود التي تضمن عدم تجاوز
هذا الستثناء الخطير لحدوده والمساس وبالتالي بحقوق الفراد وحرياتهم ،وتتمثل هذه الضوابط فيما يلي :
أن يرفض من صدر بحقهم القرار المتثال له طواعية بعد أن تطلب منهم الجهححة المختصححة مصححدرة القححرار تنفيححذه ،ذلححك أن
الحرص على الستجابة السريعة والفعالة لضروريات عدم تعطيل سير العمل الداري واسححتقرار الوضححاع والمراكححز الناشححئة
عنها ،كلها مبررات تقتضي –عند عدم انصياع الفراد طواعية واختيارا لقراراتها -تنفيذ قراراتها تنفيذا مباشرا أو جححبرا إذا لححزم
المر.
أن تستخدم الدارة في تنفيذ قراراتها جبرا إل القدر اللزم لضمان تنفيذ القرار ،وذلك دون المساس بحقوق وحريات الفححراد
الذي سينفذ القرار في مواجهتهم وبعد انعدام الوسائل البديلة المتاحة أمام الدارة لوضع قراراتها موضع التنفيذ ،وخاصة في
الظروف الستثنائية الطارئة وحالت الضرورة.
وتنبع أهمية هذا الشرط أو الضابط الخاص بالتنفيذ الجبري للقرار الثار الخطيرة التي تترتب على استخدامها مثل هذه الوسيلة
والمتمثلة في :العتداء على حقوق الفراد وحرياتهم ،كقرار نزع الملكية الذي يمححس حححق الملكيححة ،وقححرار تفححتيش المنححازل الححذي يمححس
حرمة المساكن ،وقرار منع مواطن من السفر الذي يمس حريته الشخصية ،أو أن يترك القرار آثارا يتعذر تداركها بعد التنفيذ كقححرار هححدم
منزل آيل للسقوط.
أن يوجد نص قانوني صريح يخول الدارة حق اللجوء الجبري المباشر ذلك لن التنفيذ الجبري المباشححر هحو فحي الصحل وسحيلة
استثنائية يتم اللجوء إليهحا فحي ححالت محححددة ،المححر الححذي يقتضححي اسححتناد الدارة فحي اسحتخدام هححذه الوسححيلة إلحى نححص قححانوني يجيححز
استخدامها.
ونظرا لما قد يطرحه التنفيذ القهري المباشر للقرارات الدارية من مشاكل فإن الدارة قد تلجأ إليه فححي حالححة اسححتثنائية وهححي
كالتالي :
إذا أجاز المشرع هذا التنفيذ ،مثل نجد المادة 52من قانون 78-00المتعلق بالتنظيم الجماعي والتي تنص على " :يمكححن أن
يتولى رئيس المجلس تلقائيا وعلى نفقة المعنيين بالمر العمل طبقا للشروط المححددة بالمرسحوم الجحاري بحه العمحل علحى
تنفيذ جميع التدابير الرامية إلى ضمان سلمة المرور والسكينة والمحافظة على الصحة العمومية كمححا تنححص المححادة 53مححن
نفس الميثاق على " :يجوز للرئيس أن يطلب عند القتضاء من السححلطة الداريححة المحليححة المختصححة العمححل علححى اسححتخدام
القوة العمومية طبقا للتشريع المعمول به قصد ضمان احترام قراراته ومقرراته".
في حالة الستعجال مثل في حالة حريق منزل ل يمكن انتظار إذن من النيابة العامة لجل الدخول للمنحزل وإنقحاذ الشحخاص
المحاصرين بالنار.
في الحالت التي ل يمكن معها احترام الجححال والجححراءات العاديححة مثل كالفصححل 69مححن الظهيححر الشححريف رقححم 1-92-31
الصادر 17يونيو 1992بتنفيذ القانون رقم 12-90المتعلحق بحالتعمير ،يبلحغ المحر بالهحدم إلحى المخحالف ويححدد فيحه الجحل
المضروب له لنجاز أشغال الهدم ،ول يجوز أن يتعدى هذا الجل ثلثين يوما .وإذا لم ينجز الهدم في الجححل المضححروب لححذلك
تولت السلطة المحلية القيام بذلك على نفقة المخالف.
في حالة مقاومة ومعارضة صارخة من طرف الشخاص الذين يعاكسون عن إرادة وسابق إسرار تنفيذ القرار الداري تعححتزم
الدارة تنفيذه وكذا عدم وجود أية طريقة قانونية كالجزاءات الجنائية أو الدارية )الغرامة( من ذلك مثل ما تنص عليه الفقححرة
11من الفصل 609من القانون الجنائي المغربي "من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السححلطة الداريححة بصححورة قانونيححة،
إذا كان هذا المرسوم القرار لم ينص على عقوبة خاصة لمن يخالف أحكامه".
الجزاءات الجنائية :قد تلجأ الدارة للقضححاء الجنححائي لتنفيححذ قراراتهححا وحمححل الفححراد قسححرا علححى تنفيححذها مححن خلل توقيححع أ-
عقوبات لحمل الفراد على تنفيذ القرارات الدارية بل إن وسيلة الدعوى الجنائية من السححاليب الححتي يعتبرهححا الفقححه والقضححاء
السلوب المثل الواجب إتباعه في الحالت التي يمتنع فيها الفراد عن تنفيذ القرارات طواعية حملهم جبرا على التنفيذ.
ب -الجزاءات المدنية :تستطيع الدارة أن تلجأ إلى القضاء المدني للزام الفراد بحاحترام قراراتهحا وتنفيحذها جحبرا ويحرى بعحض
الفقهاء أن أتباع الدارة لطريق القضاء العادي وإن كان قليل الحدوث عمل وعدم اسحتخدامها لمتيحازات السحلطة العامحة الحتي
تتمتع بها ،فيه ضمانة أكبر لحترام حقوق وحريات الفراد.
الجزاءات التأديبية :تستخدم الدارة أحيانا الجزاءات التأديبية التي تملك توقيعهحا قانونحا فحي مواجهحة محن يرفحض النصحياع ج-
لقراراتها أو أوامرها ،ومن أمثلة ذلك :العقوبات التأديبية التي توقع على الموظفين المخالفين لوامرها والعقوبححات الححتي توقححع
على المنتفعين بخدمات المرافق العمومية من مخالفات إزاء القرارات المنظمححة لهححذا النتفححاع ،والجححزاءات الجنائيححة والماليححة
الواردة في أنظمة الضبط الداري هي خبرات سالبة للحرية كالغرامات والمصادرة والحبححس وإغلق المحلت المقلقححة للراحححة
أو المضرة بالصحة العامة الخطرة ،فضل عن سحب التراخيص الخاصة بمزاولة المهن الحرة والتجارية.
أن يكون طلب إيقاف التنفيذ بدعوى إلغاء القرار الداري لعدم المشروعية :ومعنى هذا الشرط أن يطلب رافححع أ-
دعوى اللغاء وقف التنفيذ لن نفاذ القرار قححد يححؤدي إلححى نتححائج يتعححذر تححداركها وضححرر كححبير يصححعب رده محن طححرف الطححاعن،
والحكمة من هذا الشرط واضحة لن طلب وقف التنفيذ ل يعدو أن يكون طعنا في القرار المطلوب إلغححاؤه .وقححد يكححون طلححب
وقف التنفيذ مقدما في نفس مقال دعوى اللغاء ،وقد يكون مقدما بناءا على طلب مستقل عححن دعححوة اللغححاء ،فطلححب وقححف
التنفيذ فرعي يتبع الطلب الصلي باللغاء وجودا وعدما .ول يهم بعد ذلك أن يكون قد قدم في نفس صحيفة دعوى إلغاء القرار
الداري أو بطلب مستقل عن الطعن باللغاء.
ب -يجب أن يكون القرار تنفيذيا :ومعنى ذلك أن يكون له قوة تنفيذية ) (Force exécutiveول يكون كذلك إل إذا كححان إيجابيححا
كالقرار بترقية موظف دون موظف آخر تتوافر فيه نفس مواصفات الموظف الموقف ،أو قرار بعزلححه ،أو قححرار بإزالححة أشححجار
الغابة إلى غير ذلك ،وقد ثار نقاش حاد في الفقه والقضاء في مختلف النظمة القضائية وخاصة فححي فرنسححا أو مصححر فيمححا إذا
كانت القرارات الدارية السلبية المطعون فيها باللغاء قابلة من باب التبعية للمر بإيقاف قرار سلبي ،لن المححر بإيقححاف قححرار
سلبي ينطوي في حد ذاته على عنصر إيجحابي ويصحبح القاضحي فحي موقحع محن يصحدر قحرارات للدارة وهحذا فيحه خحرق لمبحدأ
دستوري أساسي هو الفصل بين السلطتين القضائية والتنفيذية ،فالقاضي الداري ل يملك حق إصححدار أمححر للدارة ،فمثل قححرار
إيقاف تنفيذ حالة عدم منح الرخصة يساوي بالتبعية قرار القاضي بإعطاء الترخيص وهذا يتعارض مع المبدأ القححائل بعححدم جححواز
إعطاء أوامر للدارة من طرف القاضي الداري .فهو من خلل فحص شرعية المقررات من ظححاهر الوراق وبنححاء علححى نظححرة
أولية يرجع ما إذا كان القرار المطعون فيه سيتم إلغاؤه لعيب فيحه لكحن دون بححث مفصحل أو متعمحق لعيحوب القحرار الداري،
وهذه العيوب يصعب الكشف عنها في القرار السلبي لن هذا النوع مححن القححرارات ل ينطححوي علححى مقتضححيات تنفيذيححة ويتعححذر
المر بإيقاف تنفيذها ،وكهذا إذا كانت القاعدة العامة في هذا الشأن هي أن القرار الداري الذي يمكن الطعن فيححه باللغححاء هححو
الذي يجوز طلب الحكم فيه بوقف تنفيذه فهل معنى ذلك أنه يجوز إيقاف تنفيذ القرار السلبي ،إذا أجبنا باليجاب فمعنححى ذلححك
أن القضاء الداري له الحق في إلزام جهة الدارة بإتيان أمر ليس للقضاء أن يلزمها بأن تأتيه لسححيما عنحدما يصححدر حكححم فيمححا
بعد يرفض طلب اللغاء.
لقد اتجاه الفقه في البداية نقل عن مذاهب الفقهاء الفرنسيين ومجلس الدولة الفرنسي أن مجرد القححرارات السححلبية فححي حححد
ذاتها ل تقبل اللغاء أو إيقاف تنفيذ ،والقرار السلبي في هذه الحالة وهو الذي ل يتضمن مقتضيات تنفيذية إيجابية.
وهكذا فإن مجرد استئناف الدارة عن اتخاذ قرار معين ل يعتبر قرارا سلبيا قابل للطعن باللغاء ،وطلب اليقاف ذلك هو الصل
والمبدأ والستئناف من القاعدة العامة لعدم جواز قابلية القرارات الدارية السلبية لوقف التنفيذ ،هو حالة واحدة إذا كححان القححرار السححلبي
الرافض من طرف الدارة في مواجهة الفرد قد أدى إلى إحداث تعديل فححي المركححز القححانوني أو الححواقعي للفححرد صححاحب الشححأن ،كقححرار
يرفض طلب الستقالة الذي يتعارض مع مبدأ قانوني وهو حرية العمل وعدم إجبار الموظف على الستمرار في وظيفة ل يرغب فيها ،وأن
القرار المذكور فيه ضرر محقق للطاعن وبمعنى آخر فإنه من أجل تحقيق العدالة وحماية الفراد إذ كان القانون يفرض على الدارة اتخاذ
موقف معين والقيام بشيء إزاء الفراد ،فإن سكوت الدارة عن اتخاذ ذلك الموقف أو العمل بذلك الجراء يكون خلل فترة معينحة بمثابحة
قرار إداري سلبي قابل للطعن باللغاء ومن باب التبعية قابل لطلب الوقف .أما سحكوت الدارة عحن اتخحاذ قحرار ل يحوجب القحانون عليهحا
اتخاذه –وإنما يترك ذلك لمحض تقديرها ،فإنه ل يشكل قرارا سلبيا منها يمكن الطعن فيه ومحل طلب اليقاف ،تلك هي القاعححدة المتبعححة
حاليا في النظمة القضائية المقارنة وخاصة في فرنسا ومصر بخلف القضاء الداري اللماني مثل الذي له سلطة واسعة بحيث يمكنححه أن
يأمر الدارة باتخاذ عدة تدابير ل يفرضها القانون فحسب بل حتى الواقع ،أما النظام القضائي المغربي فبالرغم من كححونه يتحأثر بالنظحامين
الفرنسي والمصري ،إل أنه اتخاذ موقفا محددا من هذه المسألة ،وسنبين فيها بعححد مجححال اختصححاص القضححاء الداري فيمححا يخححص طلبححات
وقف التنفيذ بالمغرب ،ويلحظ أن الجتهاد القضائي المغربي ،قد يتأثر في هذا المجال بالنظام القضائي الفرنسي وهو التجاه المشار إليه
أعله كون القرارات السلبية ل يجوز إيقاف تنفيذها إل إذا كان لها تأثير في المراكز القانونية والواقعية للطراف.
يجب أن يكون القرار لم ينفذ بعد :والواقع أن هذا ل يعتبر شرطا حقيقيا في تقديم طلب وقف التنفيححذ وإنمححا يعححد قيححدا ج-
يمنع من الحكم بوقف التنفيذ ،لن المر بوقف التنفيذ في حد ذاته يعتبر إجراءا وقتيا يقتضي الحمايححة العاجلححة لمركححز الطححاعن
قبل إصدار الحكم باللغاء وقبل تمام تنفيذ القرار ،أما إذا كان القرار قد وقع تنفيذه من قبل الدارة فل مبرر للمطالبححة بإيقححاف
القرار لعدم وجود جدوى من ذلك اليقاف كان يكون ميعاد المتحان قد فات ودعوى الطعن باللغاء في قرار منع الطححالب مححن
اجتياز المتحان ل زالت رائجة أو كأن يكون المنزل الثري قد تم تحطيمححه بالهححدم ،ودعححوى الطعححن باللغححاء فححي قححرار لزالححت
رائجة.
وتجدر الشارة إلى أن الشروط الواجب توافرها في القرار الداري القابل للطعن باللغححاء هححي نفححس الشححروط المتطلبححة فححي
القرار ذاته المطلوب إيقاف تنفيذه وهي أن يكون القرار صادرا عن سلطة إدارية وذو قوة تنفيذية أي لححه تححأثير علححى مراكححز الفححراد ،وأن
يكون نهائيا) ،فمثل ل يجوز وقف تنفيذ العمال التحضححيرية لصححدار القححرار الداري فل يجححوز حححتى الطعححن فيهححا باللغحاء فبحالحرى إيقحاف
تنفيذها(.
.2أن يتضرر طالب وقف التنفيذ ضررا كبيرا في عمله وحياته الخاصة.
.3أن ل يكون بإمكانه دفع النتائج الضارة التي تترتب على استمرار تنفيذ القرار بالوسائل القانونية المقررة.
وهنا غالبا ما تحاول المحكمة الحفاظ على هذا التوازن الدقيق بين المصلحة العامة ومصالح الفراد ،فيكون عنصححر السححتعجال
قائما عندما تتوافر ضرورة معينة تبرر وقف تنفيذ القرار لتفادي نتائج يتعذر تداركها فيما بعد ودون التطاول على المصححلحة العامححة بشححكل
صارخ عند المر بوقف التنفيذ وفي حالة تعادل المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة تلجأ المحكمة إلى تغليب كفة المصلحة العامححة علححى
الخاصة.
وقد ثار تساؤل في القضية حول ما إذا كانت القرارات الدارية المعدومة قابلة لوقف التنفيذ بناءا على حالة الستعجال وخاصة
في مصر وفرنسا ؟ وفي الحقيقة أن هذه القرارات ل تعتبر قرارات إدارية وإنما مجرد أعمال ماديححة ،فححالقرارات الداريححة تكححون لهححا قححوة
ملزمة ،أما المعدومة فهي مجرد أعمال مادية أو عقبات في وجه الفراد فقد ذهب القضاء فحي مصححر إلحى جححواز الحكحم بإيقححاف تنفيحذها،
لمجرد أنها منعدمة ودون التقيد حتى بأجل الطعن ،لن هذا العمل كما قالت المحكمة العليا في مصر ل يعدو أن يكون مجححرد عقبححة ماديححة
في سبيل استعمال ذوي الشأن لمراكزهم القانونية المشروعة مما يبرر بذاته مطالبتهم بإزالة تلك العقبة بصفة مسححتعجلة) .حكححم بتاريححخ
1956-01-14منشور بمجموعة المبادئ السنة الولى ،ص ،(383 :وهكذا عندما يتوافر شرطا الستعجال والجدية ،فإن المحكمححة يتعيححن
عليها أن تحكم بإيقاف تنفيذ القرار ،أقول هنا المحكمة كهيئة مشكلة من أعضاء.
ويثور التساؤل عندما تتوافر الضرورة المستعجلة القصوى بالمغرب ويتقدم الطاعن يطلب استصدار المر بإيقاف التنفيححذ إلححى
السيد رئيس المحكمة الدارية عندما يكون النزاع منصبا في الموضوع حول طلب إبطححال محضححر حجححز تنفيححذي إداري مححن طححرف قححابض
الضريبة وتقدم الطاعن باللغاء يطلب بطلن محضر الحجز وإيقاف عملية البيع أو تأجيله وفي نفس الححوقت يطلححب مححن رئيححس المحكمححة
إيقاف عملية الحجز التنفيذي خاصة ما إذا كان قد أدى الكفالة المنصوص عليها بالفصل 15وما يعده من ظهير 1935المتعلق بالضرائب،
ففي هذه الحالة يحب لرئيس المحكمة أن يفصل في الطلب المذكور بمفرده نظرا لحالة الستعجال القصوى دون هيئة الحكم.
ويجب دائما عدم الخوض في جوهر النزاع وأصل الحق موضوع الطعن في القرار الصادر بشأنه ،على اعتبححار أن وقححف التنفيححذ
هو حكم مؤقت يستلزم عدم الخوض في الجوهر ،ل يقيد المحكمة عند نظرها لصل طلب إلغاء القرار .فقد تحكم برفض الطعححن باللغححاء
في الطلب الموضوعي أو قبوله حسب الحوال بعد قيام المحكمة ببحث مفصل ومعمق في المشروعية.
وهكذا فبالرغم من أن وقف التنفيذ هو من قبيل المور المستعجلة التي ل علقة لها بموضوع الدعوى وإننححا طلححب متفححرع عححن
طلب اللغاء ،فيجب أن يكون طلب اللغاء مبنيا على أسباب جدية يترك لقاضي الموضوع تقديرها.
مجال وقف التنفيذ :من المسلم به أن المحكمة ل تفحص طلب وقف التنفيححذ إل بعححد أن تكححون قححد تحققححت أول فححي
اختصاصها بنظر الطلب الصلي ،وهو إلغاء القرار الداري المطعون فيه بعدم المشححروعية وكححذلك شححروط قبححول الححدعوى
وأهمها ميعاد رفعها وإل صرحت المحكمة بعدم قبول الطلبين معا.
مدة إمكانية وقف التنفيذ القرارات الدارية المرتبطة بعقود إدارية :هناك مسألة ذات أهمية قصوى ولبد من
الشارة إليها ،هل يمكن الطعن في القرارات الدارية المرتبطة بالعقود الدارية باللغاء والوقف ؟ فالعقد الداري كما نعلم
له مميزات خاصة تجعله يرقى على باقي العقود العاديححة ،بحيححث تظهححر فيححه امتيححازات السححلطة العامححة كححأن تقححوم الدارة
بالتنفيذ المباشر للعقد وتنزل عقوبات على المتعاقد معها مثل مصادرة التأمين ،فرض غرامة التأخير ،إنهاء المشروع بصفة
منفردة ،إلى أخره ،إن الفقه قد ميز في القرارات المطعون فيها بالنسبة لهذه العقود بين القرارات المنفصححلة عححن العقححد
والتي تكون سابقة عنه أو في المرحلة التمهيديحة للعقحد وتسحمى القحرارات المنفصححلة Actes détachablesكحالقرار بطحرح
العمل في المناقصة والقرار الصادر باستبعاد أحد المتناقضين أو إلغاء المناقصة إلخ ،هذا من جهة ومن جهححة أخححرى ،هنححاك
القرارات المتعلقة بتنفيذ مقتضيات العقد وبنوده تسمى Les actes attachablesكالقرار بمصادرة التأمين أو فسخ العقد.
والقاعدة العامة أن القرارات الدارية الصادرة بمناسبة تنفيذ بنود العقد Attachablesكالقرار بسحب العمحل ممحن تعاقحد معهحا،
والقرار بمصادرة التأمين أو إلغاء العقد ذاته ل يقبل فيها دعوى اللغاء وتبعا لذلك ل تقبل فيها طلبات وقف التنفيذ ،ويتعيححن علححى المتعاقححد
مع الدارة أن يسلك طريق دعوى القضاء الكامل والمطالبة بالتعويض إن كان قد حصل له ضرر محقق ومباشححر .وكححذلك الشححأن بالنسححبة
للغير الذي يعتبر أجنبيا عن العقد فهو الخر ل يكون محقا سوى في المطالبة بححالتعويض ،بخلف القححرارات الداريححة السححابقة علححى انعقححاد
العقد أو المنفصلة ) (Détachablesوالتي قد تسهم في إبرامه كقرارات إجراء مناقصة أو المزايدات ،إلخ .فهي قرارات نهائية مسحتقلة عحن
العقد وتكون قابلة للطعن باللغاء ومن باب التبعية قابلة لطلب وقف التنفيذ .وهذا التجاه اقتباسححا مححن الجتهححاد الفرنسححي قححد اخححذت بححه
المحكمة العليا بمصر في مجموعة مبادئ قانونية في الحكم عدد 15المنشححور فححي كتححاب مجموعححة المبححادئ ،1965-1980الجححزء الول
ص 181 :والصلة في ذلك أن القرارات الدارية الصادرة في ميدان تنفيذ العقد والمرتبطة به هي تخضع غالبا للشروط التعاقدية وتخضححع
في مراقبتها لقاضي العقد وليس لقاضي اللغاء ،والفصل في هذا التمييز يرجع فيه إلححى كنححاش التحملت غالبححا ،وإن كححان مجلححس الدولححة
الفرنسي قد عدل من هذا الموقف نسبيا أو أدخل في دعوى اللغاء وقبل طلب اليقاف فيما يتعلق بالقرارات المرتبطة بالعقد وحكم تبعا
لذلك بإلغاء وإيقاف هذا النوع من القرارات إذا انتقت فيها المشروعية وتوافرت حالة الستعجال.
أما المقررات المنفصلة أصل عن العقد ،فل جدال أنها قابلة لللغاء ومن الباب التبعية ليقاف تنفيذها ،إل أن هححذا التمييححز يبقححى
نظريا ومنفذا ول يستقيم في جميع الحوال فالمحاكم مثل في مصر قد حكمت بإلغاء بعض المقررات المتصلة بالعقد استنادا إلى عنصري
الجدية والستعجال وعندما تحقق أضرارا خطيرة للمتعاقد مع الدارية وفي جميع الحوال التي تقبل فيها القرارات الحتي ل علقحة لهحا محن
بعيد أو من قريب بالعقد للطعن باللغاء لتجاوز السلطة ،يتعين أل تكون هذه القرارات مرتبطة بالنظام العام كححالقرارات البوليسححية فمثححل
هذه القرارات ل تقبل إيقاف تنفيذ ،راجع مستنتجات مفوض الحكومة رميو Romieuفي هحذا الصحدد ،وأن ل يمنحع القحانون صحراحة إيقحاف
تنفيذها كتدبير استثنائي يخرج عن القاعدة المألوفة قانونا وهي نفاذ القرارات الدارية بمجرد صدورها من الجيهات الدارية الرسمية.
لذلك فللمحاكم التأديبية بمصر أن تأمر بإيقاف القرار الداري القاضي بمنع الموظف من مرتبه كل أو جزءا إلى حين افصل في
الطلب الموضوعي المتعلق بالقرار التأديبي وذلك للختصاص الدقيق والتمييز المناطق بهذه المحاكم ولن الدعوى التأديبية تمر مححن عححدة
قنوات وهي الجهة الدارية التي يعمل بها الموظف التي تسجل المخالفات المهنيححة ثححم النيابححة الداريححة الححتي تجمححع الحجححج والوثححائق ضححد
الموظف وتقوم بمتابعته وكذا هيئة مفوضي الدولة التي تعد تقارير للمحاكمة وأخيرا المحكمة التي تفصححل فححي مشححروعية القححرار الداري
من عدمه ولها أن تأمر بإيقاف تنفيذ القرارات التأديبي قبل صدور حكم نهائي بشأنه ،ونلحظ أن هذه الحالحة هحي الحالحة الوحيحدة الحتي ل
يشترط فيها في البداية تقديم دعوى في الموضوع ،فالمحكمة تقرر إيقاف القرار القاضي بحرمان الموظف من مرتبه إلححى حيححن الفصححل
في موضوع القرار التأديبي بكونه شرعي أم ل ،وغاية المشرع واقعة في هذا المجال وهي غاية نبيلة تقتضي حماية ومنع الضححائقة الماليححة
التي قد تلحق به إلى حين ثبوت صحة القرار التأديبي المتخذ في حقه شرط أن يكون المرتححب هححو مححورد عيشححه الوحيححد ،وبالضححافة إلححى
الشرطين الموضوعيين لقيام اختصاص القضاء الداري للبث فححي طلححب وقححف التنفيححذ واللححذان سححبق توضححيحهما مححن قبححل وهمححا عنصححرا
الستعجال وجدية الطلب هناك شرط شكلي يعتمده القضاء في مصر وهو أن يرد طلب وقف التنفيحذ فيغيححر الححدعاوى التأديبيححة المحذكورة
في صحيفة دعوى اللغاء ،ومعنى ذلك أن يطلب الطاعن صراحة وقف التنفيذ في نفس المقال الذي يطلب فيه إلغححاء القححرار الداري وإذا
ل يعدو أن يكون طلب وقف التنفيذ ،كما قالت المحكمة الدارية العليا طعنا في القححرار المطلححوب إلغححاؤه الححذي قححد تقححوم الدارة بتنفيححذه
مباشرة رغم وقوع الطعن ويكون الجمع بين طلب الوقف واللغاء في دعوى واحدة قد يحقق في الوقت ذاته اتخاذ بدء ميعاد الطعححن فححي
القرار إلغاءا ووقفا ويمنع التفاوت في حساب هذا الميعاد بداية ونهاية ولن المادة السالفة الذكر تنححص علححى أنححه "...ويجححوز للمحكمححة أن
تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها."...
ونحن ل نتفق مع ما ذهبت إليه المحكمة الدارية العليا بمصر من وجوب اشتراط ورود طلب اليقاف مححع الطلححب الصححلي فححي
صحيفة دعوى واحدة ،لنه قد يظهر للطاعن ويغن له أل يقدم طلب إيقاف التنفيذ إل بعد تقديم الدعوى الصححلية بححالطعن باللغححاء اسححتنادا
إلى ما قد يطرأ من مستجدات بعد تقديم الطعن باللغاء ،وهذه المستجدات قد تحدث أضرارا يصعب تفاديها مثل ذلك أن يصدر قرار بمنع
تصدير منتوج فلحي إلى الخارج فل يجد الطاعن زبناء في السوق المحلي رغم أنه سبق له أن تقدم بدعوى الطعن بإلغاء القرار المححذكور
لعدم مشروعيته وخوفا من ضياع المنتوج الذي قد يكون قابل للتلف بطبيعته فيرغب في تقديم طلب إيقاف التنفيذ ضد القححرار فحي نفححس
دعوى اللغاء أو في القرار لم يسحب من طرف جهة إدارية مصدرته ولم يلغ من طرف القضاء.
كما أن المادة 49المتحدث عنها لم تستلزم اقتران طلب وقف التنفيحذ محع الطلححب الصححلي فحي مقححال واحححد للححدعوى ،وإنمحا
أشارت إلى هذا القتران على سبيل الجواز ،بحيث استعملت كلمة "يجوز".
وتجدر الشارة إلى أن المشرع المغربي في قانون 90/41لم يشر إلى هذه الحالة ولم يستلزم ورود دعوى واحدة تجمححع بيححن
طلب الوقت والطعن باللغاء في آن واحد ،وقد أحسن صنعا عند ابتعد عن هذا التعقيححد المسححطري ،واشححترط فقححط علححى غححرار التشححريع
الفرنسي ،ضرورة تقديم دعوى اللغاء قبل تقديم طلب وقف التنفيذ خلفا لما ذهب إليه القضححاء المصحري حكحم المحكمحة الداريحة العليحا
عدد 1612وتاريخ 1983المنشور بمجلة قضاء المحكمة الدارية العليا ،عدد .27
ويلحظ أن التشريع المصري قد خرج من نطاق طلب وقف التنفيذ حالة المتعلقة بالوضعية الدارية للموظفين التي يكون فيهححا
التظلم وجوبيا ،ل يقبل فيها طلب وقف التنفيذ والعلة في ذلك تكمن في افتراض عدم قيام الستعجال المححبرر لوقححف تنفيححذ القححرار وهححي
حسبما ورد في المذكرة اليضاحية للقانون 165لسنة 1955قرينة قانونية قاطعة ل تقبل إثبات العكس ؟ على أنححه يجححوز للمحكمححة بنححاء
على طلب المتظلم أن تحكم مؤقتا باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضححه إذا كححان القححرار صححادرا بالفصححل ويسححرد عنححه مححا قبضححه ،وتجححدر
الشارة في هذا الصححدد إلححى أن هححذه الحالححة غيححر موجححودة بالتشححريع المغربححي بححدعوى أن قححانون 90/41اعتححبر أن اللجححوء إلححى التظلححم
الستعطافي أو الرئاسي هو أمر جوازي بالنسبة للمقررات الصادرة عححن السححلطات الداريححة حسححبما يسححتفاد مححن المححادة 23مححن قححانون
90/41الفقرة التي تنص على أنه يجوز للمعنيين بالمر أن يقدموا تظلما من القرار إلى مصدره أو إلى رئيسه ،وفححي مصححر يتعيححن القيححام
بالتظلم حتى يمكن للمحكمة أن تأمر بصرف مرتب الموظف على أن الحكم باستمرار صرف مرتب الموظف المتظلم المفصول جزءا أو
كل يستند على عنصر الستعجال من جهة وعنصر الجدية الذي يعني أن يكون الطلب مستندا على سبب صحيح مححن القححانون ،إن قححرارات
التكليف مثل في الوظيفة العمومية تتميز بنظام قانوني مستقل ول تعتبر من القرارات التي تقبحل طلحب إلغائهحا قبحل التظلحم منهحا إداريحا
ومن الجائر طلب وقف لتنفيذها.
وفي مصر ،يجوز للمحكمة الموضححوع أمامهحا الطعحن فحي الحكحام الصححادرة عحن القضححاء الداري أن تحأمر بوقححف تنفيحذها وأن
الشكال في صعوبة تنفيذ الحكم ل يوقف تنفيذه ،وأن مجرد امتناع الدارة عن التنفيحذ ل يعتحبر عقبحة فحي التنفيحذ وإنمحا يعحد قحرارا سحلبيا
بالمتناع عن تنفيذ الحكم .وهذا القرار السلبي قد يكون مجال للطعن باللغاء وفق التنفيذ وفيما يلي نورد بعححض الجتهححادات المهمححة الححتي
صدرت عن المحكمة الدارية العليا بمصر والمرتبطة بالموضوع والتي نعتقد أن لها فائدة كبيرة في الميدان العلمي.
يجب أن يتقدم به رافع الدعوى بصفة صريحة أثناء تقديم الطعن باللغاء أو مباشرة بعد تقديم الطعن باللغاء وهذا هو الشححرط
التشكلي الضروري ويتعين في هذا الصدد مراعاة الشروط الشكلية الخرى المتعلقة برفع الدعوى من الناحية التقليديححة كمراعححاة مسححألة
الختصاص والشروط الواجب توافرها في رافع الدعوى "الصفحة –المصلحة –والهلية" وقابلية القرار للطعن وقفا وإلغاءا أن يكون وطنيححا
ونهائيا وله قوة تنفيذية ومؤثر في مراكز الفراد الواقعية والقانونية ،وإذا كانت المادة 22من نفس القححانون تنححص علححى أن طلححب اللغححاء
بسبب تجاوز السلطة يعفى من أداء الرسم القضائي فهل يعني ذلك أنه من باب التبعية أن طلب وقف التنفيذ الذي هو متفرع عن الطلب
الصلي باللغاء معفى من أداء الرسم القضائي ؟ لم يحدد المشرع موقفه من هذه المسألة وفي نظرنا ومادام الطلححب يخححدم فححي شححكل
مستقل ،فيتعين أداء الرسوم القضائية عليه.
كذلك أن المادة 23من نفس القانون تنص على أن طلبات اللغاء الموجهة ضحد المقحررات الصحادرة عحن السحلطات الداريحة،
وأن المشرع أشار إلى أن قرارات السلطات الدارية بالمغرب ،هي التي تقبل الطعن باللغاء ويفهم من ذلك أنها هي التي تقبل تبعا لذلك
طلب وقف التنفيذ ،ويثور التساؤل حول المقررات التي تصدر عن بعض الهيئات التي يكون لهححا دور استشححاري ،كححالمجلس العلححى للمححاء
والمجلس المستشارين لحقوق النسان .الجابة على هذا السؤال تختلحف بححاختلف المعيححار المححدد لطبيعحة المنازلحة الداريحة ولشححك أن
أعمال وقرارات الهيئات مستثناة من رقابة القضاء الداري المغربي وقفا وإلغاءا إذا طبقنا المعيار العضححوي ،فححي حيححن إذا أخححذنا بالمعيححار
الموضوعي فإن تلك القرارات الدارية في الدعوة الزجرية المرفوعة لديه عندما يمثل المتهمون أمامه ل يحكم بإلغائه ومن باب الولحى ل
يحق له أن يأمر بإيقاف تنفيذه لنه غير مؤهل لذلك ،والمشرع في قانون 41/ 90لم يمنحه هذه الصلحية وإن كان له الحق في أن يمتنع
عن تطبيق القرار الداري الغير الشرعي وذلك كله تطبيقحا لقاعححدة الجنحائي يوقحف المححدني ونظحرا لن الحدعوى العموميححة تمحس أساسححا
الحريات الفردية والحقوق الشخصية للنسان ويتعين البث فيها في أسرع وقححت ممكححن وقبححل فحححص شححرعية القححرار الداري مححن طححرف
الجهة المختصة وذلك حماية لتلك الحريات والحقوق.
والقانون المغربي على غرار القانون الفرنسي يجعل طلب وقف التنفيذ ذا طابع اسححتثنائي ول يلجححأ إليححه إذا تححوافرت الشححروط
المذكورة آنفا ،فالضافة إلى الشرطين الموضوعيين وهما الستعجال والمشححروعية يجححب تححوافر الشححرط الشححكلي وهححو أن يكححون القححرار
المطلوب إيقاف تنفيذه لم ينفذ بعد من جهة ،وأن يكون القرار المطلوب إيقافه له قوة تنفيذية حتى وإن كان قححرار سححلبيا بمعنححى أن مححن
شأنه أن يؤثر في المراكز القانونية والواقعية للفراد.
وللشارة فالمشرع المغربي لم يعالج مسألة إيقاف تنفيذ القرارات المعدومحة ،كمححا أن القضحاء المغربحي فححي الغرفححة الداريححة
بالمجلس العلى لم يسبق لها أن حكمت بإيقاف عمل مادي صادر عن الدارة ومخالف للقانون والذي ل يكون قرارا إداريححا فححي حححد ذاتححه
لن القرار الداري له قوته اللزامية وشروط صحته القانونية وإنما هو مجرد عمل مادي أو كما يقال مجرد عقبة تنطوي في حد ذاتها على
حالة الستعجال يتعين إزالتها والحكم بإيقافها لن نظرية العتداء المادي لزالت محل نقاش هل هي من اختصاص القضاء المحدني العحادي
أو القضاء الداري ؟.
ينتهي العمل بالقرار الداري وينتهي بالتالي تأثيره في المراكز القانونية التي صدرت يهدف التأثير فيها بإحدى الطريقححتين :إمححا
بسحب القرار الداري وإما بإلغائه.
ويقصد بسحب القرار الداري تجريده من قوته القانونية بالنسبة للماضي والمستقبل ،فتزول كححل آثححاره ويعتححبر كححأن لححم يكححن.
وفكرة السحب هذه مقصورة أساسا على القرارات الداريححة المعيبححة ويقصححد بإلغححاء القححرار الداري تجريححده مححن قححوته القانونيححة بالنسححبة
للمستقبل فقط مع بقاء ما خلف من آثار في الماضي وفكرة اللغاء بالنسبة إلى المستقبل هي فكرة عامة تتححأثر بالنسححبة إلححى القححرارات
الدارية جميعا.
وقد يتناول اللغاء أو السحب القرار الداري بأكمله كما قد يكون جزئيا يصيب بعضا من هذا القرار في الحالت التي يقبل فيهححا
القرار التجزئة ،وذلك كسحب أو إلغاء قرار التعيين بالنسبة لبعض من يشملهم القرار من الموظفين.
وفي هذا المجال يجب أن نميز بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.
إل أن هححذه القاعححدة ليسححت مطلقححة إذ يجححوز للدارة إلغححاء هححذه القححرارات إذا وجححدت المححبررات القانونيححة أي فححي الحححالت
وبالجراءات التي يحددها القانون فيجوز إلغاء الترخيص الممنوح لحد الفراد إذا زال شرط من الشححروط الححترخيص أو اقتضححت المصححلحة
العامة ذلك طبقا لما يقتضي به القانون ويجوز فصل الموظف سواء بالطريق التأديبي أو بغيححر الطريححق التححأديبي ،وهححو يعتححبر إلغححاء لقححرار
تعيينه ويجوز في الحالت التي يسمح بها القانون.
ول يعتبر الجتهاد القضائي من القرارات المرتبة للحقحوق ترخيصححات الضححبط الداري ،والقحرارات ذات الصحبغة الوقتيحة تشححمل
الطريق العام ،والقرارات التي علقت آثارها على شرط ،وكذلك القرارات الولئية والتي تخول الفرد مجرد رخصة أو تسامح كمنح الجححازة
المرضية لحد الموظفين في غير الحالت التي يوجب القانون فيها ذلك.
فهذه القرارات تستطيع الدارة إنهاءها في أي وقت وبالتالي فهي ل ترتب أي حق مكتسب.
ويستثنى من ذلك جواز سحب القرارات الدارية السليمة في حالة فصل الموظفين مراعاة ل اعتبارات إنسانية.
أما القرارات التنظيمية فإنها ل تنشئ حقا إل إذا طبقت على الفراد ولذلك فححإذا لححم تكححن قححد طبقححت بعححد فالوسححيلة القانونيححة
لنهائها هو اللغاء وليس السحب لكونها لم تنتج آثار في الماضي .ولكن يتعلق المر بعدم تطبيقها مستقبل فإذا كانت قد طبقت فعل فإنهححا
وإن كانت ل تكسب أحدا مباشرة حقوقا مكتسبة لكونها عامة ومجردة إل أن القرارات الفردية التي تصححدر بححالتطبيق لمححا تكسححب الفححراد
حقوقا ويترتب على سحب اللئحة اعتبار القرارات الفردية الصادرة تطبيقا لها في الماضي كأن لححم تكححن وهححذا يعنححي المسححاس بححالحقوق
المكتسبة التي رتبتها القرارات الفرديحة وبالتحالي يتمنحع علحى الدارة سححبها لمخالفحة ذلحك لمبحدأ عحدم رجعيحة القحرارات الداريحة وعحدم
المساس بالحقوق المكتسبة.
ثانيا :القرارات الدارية المعيبة
الصل أنه يجوز للدارة أن تسحب قرارها المعيب )غير مشروع( حتى تسحقط بححأثر رجعحي ويحترتب علحى هحذا السححب للقححرار
المعيب سواء كان تنظيما أم فرديا زواله بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ صدوره .ويختلف الوضع في سححب القححرارات الداريحة بيحن القحرارات
التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لطرافها ،والقرارات التي ل يترتب عليها حقوقا مكتسبة لطرافها.
فالقرارات المعيبة التي يترتب عليها حقوقا مكتسبة لطرافها يجوز سحبها سواء خلل المدة المحددة للسحب أم بعد انقضائها.
أما القرارات المعيبة التي يحترتب عليهحا حقوقحا مكتسحبة لصححابها فل يجحوز سححبها الخلل المحدة القانونيحة المححددة لجحراء
السحب أي خلل الفترة التي يجوز فيها الطعن في القرار وهي في الصل ستون يوما من تاريخ صدور القرار الداري المخالف للقانون.
ويترتب على ذلك أن سحب القرار الداري المعيب "المنشئ لحقوق مكتسبة" بعد انتهححاء المححدة المحححددة للسحححب مححن شححأنه
أبطال القرار الساحب ذاته.
وهناك حالت استثنائية يجوز فيها سحب القرارات الدارية دون التقيد بالمدة وهي :
حالة انعدام القرار :وتتوفر هذه الحالة عندما تبلغ درجة جسامة العيب في القححرار المعححدم حححدا يفقححده صححفته كقححرار إداري،
فيجوز سحبه في أي وقت.
حالة قيام القرار على غشت أو تدليس :إن الغش أو التدليس كما هو معلححوم مححن عيححوب الرضححا فححإذا ثبححت قيححام القححرار
الداري على ذلك الغش أو التدليس من صاحب المصلحة فححإنه يجححوز سحححب القححرار دون التقيححد بمححدة جححواز الطعححن لن الغححش
كقاعدة يفسد كل شيء ،كما أن أحسن نية المستفيد من القرار هي التي تبرر عدم جواز المساس به بعد فوات مواعيد الطعححن،
أما إذا انتفى حسن النية لذا المستفيد من القرار فإنه يكون جدير بالحماية.
حالة القرار الذي لم يعلن أو ينشر :إن القرارات الدارية ل تصبح سارية المفعول تجاه الفراد المن تاريخ شهرها بالعلن
أو النشر حسب طبيعة تلك القرارات سواء أكانت فردية أم تنظيمية فإذا لم يتم الشهر عن تلك القرارات بأية طريقة من طححرف
العلن فإن مدة السحب ل تبدأ في مواجهة الدارة إذ تستطيع سححبها فحي أيحة لحظحة وفحي مواجهحة الفحراد الحذين يسحتطيعون
الطعن فيها قضائيا دون التقيد بميعاد غير أن الوضع ل ينطبق العلى القرارات الدارية الصريحة فقط بححدون غيرهححا .أمححا بالنسححبة
للقرارات الدارية الضمنية التي تنشأ حسب القانون من سكوت الدارة خلل هذه معينة فإنها تصبح نهائية بانتمحاء هحذه المحدة ول
يجوز للدارة سحبها إبان مدة جواز الطعن.
حالة تأخر عدم مشروعية القرار الفردي المتخذ أساسا لغيرة :وتتحقق هذه الحالة عند صحدور القحرار المحترتب عليحه
قد فات ،ول تظهر عدم مشروعية القرار الذي صدور مؤخرا إل بعد فوات ميعاد الطعن فيحه .فحي هحذه الحالحة يجحوز سححب هحذا
القرار كما يجوز الطعن فيه قضائيا يصرف النظر عن فوات هذه الطعن .ومثال ذلك أن يصدر قرار بنقل الموظف من مكان إلححى
آخر بحجة المصلحة العامة .وبتعيين آخر في مكان ولم يكتشف سر نقل الموظف الول الذي يكمن في تعيين الثاني على أساس
رابطة النسب إل بعد انتهاء مواعيد الطعن .فإن إبطال قرار نقل الموظف مثل يسمح بسحب القححرار الصححادر بتعييححن خلفححه رغححم
انتهاء مواعيد الطعن في هذا القرار.
والصل أن يتم سحب القرار )المعيب( من نفس الجهة التي قامت بإصحداره وبنفحس الداة المسحتخدمة فحي الصحدار .وسحواء
كان اختصاص هذه بالسحب مقررا بنص قحانوني أو بمحوجب قاعحدة تحوازي الختصحاص ،فالسححلطة الرئاسححية مثل تملحك سححب القححرارات
الدارية الصادرة عن مرؤوسها لنها تملك سلطة التعقيب على قرارات هؤلء المرؤوسين بسحبها لعدم مشروعيتها.
ويترتب عن سحب القرار الداري أن يعتبر كأن لم يكن من تاريخ صدوره وهو نفس آثار اللغاء القضائي وبناء على أن السححب
بأثر رجعي إزالة للقرار وكل ما يترتب عليه من آثار وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار المسحححوب وزوال آثححار السحححب قححد
يكون جزئيا أو كليا إن كان القرار المراد سحبه قابل للتجزئة.
وخلصة القول فإن سحب القرارات الدارية المعيبة تعتبر أسلوبا قانونيا وضروريا بالنسبة لسير نشاط المرفق العححالم ووسححيلة
لضمان مبدأ الشريعة ،كما أن قيام الدارة بسحب قراراتها اللشرعية يعبر عن نضجها في مراقبة عملها مراقبة ذاتية بحيث تحكححم نفسححها
بنفسها قبل أن تتبخر العدالة في شؤونها.
وبناء على ما سبق يتبين لنا أن القرارات الدارية طالما استكملت مقوماتها الذاتية ،وبمجرد صدورها عن السلطة الدارية الححتي
تملكها أصبحت نافذة وتعد سارية في جانب الدارة من هذا التاريخ بيد أنها ل تسري في حححق الفححراد الححذين تححوجه إليهححا إل إذا عملححوا بهححا
بإحدى وسائل العلم المقررة قانونا .والقرارات الداري تسري علححى الماضحي كقاعحدة عامححة ول يجحوز تأجيحل آثحار القححرار الداري إل فحي
حالت معينة .كما يمكن للدارة أن تقوم بتنفيذ قراراتها الدارية بطريقتين عن طريق التنفيذ المباشر دون حاجة لللتجاء إلى القضاء وهححذا
يرجع إلى أن الدارة تتمتع بقرينة سلمة القرارات والدعوى المدينة الذي تعتبر ضححمانة لحححترام حقححوق وحريححات الفححراد .فبعححدما يسححتنفد
القرار الداري كل مضمونه وتحدد المدة المعينة لتطبيقه فبعححد انقضححاء هححذه المححدة ينتهححي القححرار .وتقححوم الدارة بنفسححها يسحححبه وإلغححاء
وتختلف عملية السحب عن عملية اللغاء بحسب طبيعححة القححرار الداري .فححالقرارات التنظيميححة الححتي ل تنشحئ حقوقححا مكتسححبة ول تخلححق
اللمركز قانونية يجوز إلغاءها .في حين أن القرارات الفردية ل يجوز إلغاءها لنه يترتب على إلغاء مساس بالحقوق المكتسبة للفراد .أمححا
إذا كانت ل ترتب حقوقا مكتسبة فلنه يمكن تعديلها أو إلغاءها أما عملية السحب فإنها تختلف إذا كان القرار سليما أو معيبححا ،فححالمقررات
الدارية ،السليمة ل يجوز سحبها إذا ولدت حقوقا مكتسبة للفراد .أما بشأن القرارات الدارية المعيبة يجوز سحححبها حححتى ولححو تعلقححت بهححا
حقوق مكتسبة للفراد.
لقد خول المشرع الدارة سلطات وامتيازات تمكنها من أداء مهامها ووظائفها ،فأدى ذلححك إلححى سححمو المركححز القححانوني للدارة
في مواجهة الفراد .بحيث تملك الوسائل والمكانات التي تحملها على تنفيحذ قراراتهحا طواعيححة أو إكراهححا .تححت ذريعحة تحقيححق المصححلحة
العامة .وبذلك يعتبر القرار الداري غير مشروع إذا مححا اسححتهدف هححدفا آخححر غيححر المصححلحة العامححة ،وهححو مححا يعححرف لححدى القضححاء الداري
بالنحراف في استعمال السلطة.
لذلك يخشى أن تتجاوز الدارة حدودها وتتشطط في اسححتعمال امتيازاتهححا لغيححر صححالح الفححراد ،وترفححض اللححتزام بححالقيود الححتي
فرضها المشرع عليها .فينكب نشاطها الذي يراد به الفراد إلى نشاط تعسفي يهححدر حقححوقهم وحريححاتهم ،فرجححل الدارة قححد ينحححرف عححن
المصلحة العامة ،والتزام الصمت من ذوي المصلحة عن هححذا الخححرق غيححر الخلقححي يمححده بنفححس جديححد يشححجعه علححى التمححادي فححي غيححه
واعوجاجه.
ومن ثم كان لزاما على المواطن ومن أجل مصلحته أن ل يلتزم الصمت عن أي قرار إداري غير مشروع والذي أحدث له ضررا
ومس مركزه القانوني ،وبالمقابل ليس له سوى وسيلة التظلم ملتمسا الدارة –بصفته صاحب المصلحة داخحل الجحال القانونيحة -الحتراجع
عن قراراتها ،التوجه إلى القضاء طالبا إنصافه عن طريق إلغاء القرار المعيب أو التوجه إلى ديوان المظالم الذي عهد له بمراقبة تصرفات
الدارة وحث المحاكم على تنفيذ القرارات الحائزة على قوة الشيء المقضى به.
وللوقوف على أنواع الرقابة التي تخضع لها القرارات الدارية وكذا أسسها ،ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى ثلث مباحث :
يقصد بهذا المبدأ أن تكون جميع تصرفات الدارة في ححدود القحانون ،ويؤخححذ القحانون –فحي المجححال -بمححدلوله العحام أي جميححع
القواعد الملزمة في الدولة سواء أكانت مكتوبة أو غير مكتوبة ،وأيا كان مصدرها مع مراعاة التدرج في قوتها وأيا كان نوع تصححرف الدارة
سواء كان عمل ماديا أو قرارا إداريا.
ويكاد الفقه يجمع أن مبدأ المشروعية يعني "سيادة حكم القانون" وهو في الحقيقة تعريف مناسب تماما لمبدأ المشروعية.
تتفرع طرق رقابة المشروعية –في المجال الداري -إلى نوعين :رقابة إدارية ورقابة قضائية.
ويتم بتقديم طلب صاحب المصلحة إلى مصدر القرار يبصره فيه بالخطأ الذي ارتكبه ،فيطلب منه تبعا لذلك إعادة النظر في
قراره وذلك إما بسحبه أو إلغائه أو تعديله أو استبداله بغيره.
التظلم الرئاسي : (2
ويتم بتظلم صاحب المصلحة إلى رئيس مصدر القرار من القحرار الحذي أصحدره فحي حقحه والحذي يتسحم بعحدم المشحروعية،
فيتولى رئيس مصدر القرار بعد ذلك البحث في هذا التظلم ،فإذا تبين صحة محا يطلبحه المتضححرر فحإنه يقضحي بسححب القحرار أو إلغحائه أو
تعديله مما يجعله مطابقا للقانون ،وقد يتولى الرئيس العلى هذه المسألة من تلقاء نفسه دون تظلم من صححاحب المصححلحة بمقتضححى مححا
يملكه من سلطة رئاسية على مصدر القرار.
يكون هذا التظلم أمام لجنة إدارية وهذه اللجنة نجدها في مختلف النظمة ذات المناهححج الداريححة المتقدمححة وهححي مححا يطلححق
عليها في التشريع المغربي اللجنة الدارية المتساوية العضاء ،إذ تتشكل من ممثلين عن الموظحف وممثليحن عحن الدارة ،يححق للموظحف
المتضرر من القرار الداري غير السليم أن يتظلم منه أمحام هحذه اللجنحة .فحإذا تحبينت صححة تظلحم الموظحف فإنهحا تصحدر رأيحا معلل فحي
الموضوع وتوجهه إلى الرئيس مصدر القرار ،إل أن رأيها استشاري غير ملزم.
يكون أمام الجهة التي تملك الوصاية على جهة معينة ،فإذا حصل أن قامت هيئات عمومية تتمتع بالستقلل الداري والمححالي
في تسيير شؤونها بعمل أو امتنعت عن القيام بعمل ،خالفت بذلك الهدف الذي قامت من أجل تحقيقه أو خالفت بححه النصححوص التشححريعية
أو التنظيمية المتعلقة بالنشاط الذي تقوم به فإنه يحق للمتضررين من ذلك ،التظلم أمام السلطة التي تملك الوصاية على تلك الهيئة.
واللجوء إلى التظلحم الداري فحي التشححريع المغربحي سححواء أكححان تظلمححا اسحتعطافيا أو رئاسحيا قبحل سححلوك طريحق التظلحم
القضائي ،وهو مسألة اختيارية غير ملزمة -الفصل ،360الفقرة 2من قانون المسطرة المدنية ،بحيث يجوز للمعنححي بححالمر أن يلجححأ إلححى
الطعن القضائي مباشرة دون أن يسلك طريق التظلحم الداري ،أمحا إذا اختحار طريحق التظلحم الداري قبحل التظلحم القضحائي وجحب عليحه
احترام المسطرة الواجبة التباع.
وقد عمل المشروع المغربي خيرا في جعل التظلم الداري –سواء السححتعطافي منحه أو الرئاسححي -اختياريححا )باسححتثناء بعححض
الحالت التي تقضي فيها بعض النصوص التنظيمية باللتزام بمسطرة خصوصية للطعن الداري( ،على خلف مححا يجححري عليححه الوضححع قبححل
تعديل قانون المسطرة المدنية بظهير ،1974لن وجود الرقابة القضائية كأساس إلى جانب الرقابة الدارية قححد ل تفححي بححالغرض المرجححو
من ضمان مبدأ المشروعية وذلك لرغبتها أو لمصلحة معينة في التحرر من قيود تلك المشروعية ،أو لرفض جهة معينححة العححتراف بالخطححأ
لسبب ما .وقد تجاريها الجهة العلى منها في ذلك .ولنفرض أننا استبعدنا هذه المواقف فإن المنطق نفسه يرفض ترك النزاع بيححن الدارة
والفراد بيد الدارة لتفصل فيه بنفسها .فهذا المر ل يبث بل يوحي بالثقة في نفوس الفراد ،لن مححن مقتضححيات العدالححة أل يكححون الحكححم
خصما في النزاع لذلك فإن الرقابة القضائية لها أهميتها في هذا المجال.
مما لشك فيه أن خضوع الدارة لمبدأ المشروعية في جميع الحالت والظروف يعتبر المثل العلى لحمايححة حقححوق وحريححات
الفراد ويشكل صرحا متينا لدولة الحق والقانون.
غير أن تقييد الدارة بذلك المبدأ بكيفية صارمة ومطلقة ،من شأنه أن يوصم عمل الدارة بطابع اللية والروتين ويسلب معها
روح البتكار والخلق والبداع ولذلك كان طبيعيا أن يتم تطبيق مبدأ المشروعية بشيء من المرونة ،خاصة وأن مقتضيات التطححور الحححديث
قد استلزمت تدخلها في كثير من مجالت الحياة التي كانت من قبل محظورة عليها والتي تلتمس فيهححا الدارة منفححذا للخححروج علححى ذلححك
القيد وعذرا يبيح لها موازنة المصلحة العامة مع مصلحة الفراد.
ونتيجة لهذه المقتضيات ابتدع الفقه والقضاء بل والمشححرع أيضححا بعححض النظريححات الححتي تسححمح للدارة بححالخروج علححى مبححدأ
المشروعية في حالت محددة تعتبر بعضا منها عوامل موازنة لهذا المبدأ نظرية الظروف الستثنائية ونظرية السلطة التقديرية بينما تعتححبر
إحداها استثناءا حقيقيا له نظرية أعمال السيادة.
ولذلك تقررت للدارة في الحالة الستثنائية سلطة واسعة لتتخذ من التدابير السريعة الحاسمة ما تواجه به الموقف الخطيححر
الذي يهدد المن والطمأنينة بقدر ما تطلق حريتها في تقرير ما يجب اتخاذه من إجحراءات وتحدابير لصحون المحن والنظحام ول يتطلحب محن
الدارة في مثل هذه الظروف الخطيرة ما يتطلب منها .في الظروف العادية من الحيطة والدقة والحذر ،حححتى ل يفلححت الزمححام مححن يححدها
)حكم المحكمة الدارية العليا بمصر في القضية رقم 1517المجموعة القضائية –السنة الثانية -ص .(886 :
ونظرا لخطورة السلطات الستثنائية التي تتمتع بها الدارة فححي الظححروف السححتثنائية فححإن الدارة قححد تتححوارى وراء الظححرف
الستثنائي للساءة إلى حريات الفراد وحقوقهم بما يتجاوز القدر اللزم ،ومن أجله تفادي ذلك عمل القضاء الفرنسي وعلى رأسه مجلس
الدولة على موازنة السلطات الستثنائية للدارة بضمانات مقابلة للفراد عن طريق تطبيق المبدأ المشهور " :الضرورة تقححدر بقححدرها" فل
سلطات استثنائية إل للضرورة وبالقدر اللزم فقط.
وفي مجال تحصين هذه العمال من الرقابة أنكر البعض وجودها منادين فححي ذلححك بححأن النظححام الححديمقراطي يحتححم ضححرورة
خضوع جميع أعمال السلطة التنفيذية لرقابة القضاء وإمكان الطعن فيهححا عحن طريححق دعححوى اللغححاء ودعححوى التعححويض ،والقيححام بإلغاءهححا
والتعويض عنها لعدم مشروعيتها ،واكتفى البعض بالتلطيف من حدة النظرية منادين فححي ذلححك بححل وسحط بإمكحان التعححويض عحن أعمحال
السيادة دون إمكان الطعن فيها باللغاء.
إل أنه بالرغم من ذلك فإن نظرية أعمال السيادة لهححا الوجححود الفعلححي ،وهححي تجححد مبرراتهححا فححي اعتبححارات عمليححة ،أساسححها
الضرورات السياسية والعملية اللزمة لتحقيق الدفاع عن الدولة وسلمة الشعب ،ويقضي الحرص على سلمة الدولة والشعب عدم إلزام
السلطة التنفيذية بالفصاح عن أساليبها وأسرارها.
وعليه سنتناول في هذا المبحث :تعريف دعوى اللغاء ،شححروط قبولهححا ،أسححباب عححدم المشححروعية ،وأخيححرا إجححراءت رفعهححا
وكيفية تنفيذ الحكام.
دعوى اللغاء هي الدعوى التي يتقدم بها صاحبها إلى القاضي طالبا إلغاء قرار إداري غيححر مشححروع بحجححة عححدم مشححروعيته،
ويتضح من هذا التعريف أن دعوى اللغاء ،طعن قضائي ضد قرار إداري لعيب في أحد أركانه ،وذلك بهدف إلغائه وإزالة أثاره ،ويتعين على
صاحب الشأن أن يستند في دعواه إلى أسباب قانونية تسوغ دعواه ،وذلك بخلف التظلححم الداري الححذي يشححترط فيححه السححتناد إلححى هححذه
السباب .وتعتبر دعوى اللغاء الوسيلة الساسية لتحقيق طمأنينة الفراد بعلقتهم بالدارة .إذ تتأكد بها سيادة القانون وعلحو سحلطانه علحى
أعمالها بترتيب هذه الدعوى بطلن قرارات الدارة جراء مخالفتهما القانون.
وإذا كانت دعوى اللغاء تعرف في فرنسا بدعوى تجاوز السلطة ،فحإنه فحي المغحرب وقبلحه صحدور قحانون المححاكم الداريحة
كانت هذه الدعوى تعرف بدعوى اللغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ،أما بعحد صحدور هحذا القحانون فحإن المشحرع اسحتعاض عحن
الشطط بمصطلح التجاوز فأصبحت دعوى اللغاء تعرف بمقتضى المادة 8من القانون المذكور بدعوى اللغاء بسبب تجاوز السلطة.
ولئن كانت دعوى اللغاء وقبل إحداث المحاكم الدارية ،تدخل ضمن الختصاصات المحددة للمجلس العلى بمقتضححى ظهيححر
27شتنبر 1957والتي كان ينظر فيها ابتدائيا وانتهائيا ،فإن هذه الدعوى قد أصبحت من اختصاص المحاكم الداريححة بدرجححة أولححى ويمكححن
استئناف أحكامها أمام الغرفة الدارية بالمجلس العلى مع مراعحاة السحتثناء الححوارد فحي المحادة 9محن قححانون المحححاكم الداريححة 41-90
والذي يظل بمقتضاها المجلس العلى مختححص بححالبث ابتححدائيا وانتهائيححا فححي طلبححات اللغححاء بسححبب تجححاوز السححلطة المتعلقححة بححالمقررات
التنظيمية والفردية الصادر عن الوزير الول وكذلك قرارات السلطات الدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الختصاص المحلي لمحكمة
إدارية.
وتتميز دعوى اللغاء بجملة من الخصائص ،تجعل منها دعوى مستقلة ومتميححزة عححن غيرهححا مححن الححدعاوي القضححائية الخححرى،
ولقد حاول الفقهاء رد هذه الخصائص إلى المور التالية :
دعوى اللغاء دعوى القانون العام بمعنى أنها توجه إلى أي قرار إداري دون حاجة إلى نص صريح في القانون بذلك.
دعوى اللغاء دعوى المشروعية بحيث يتجه أغلب الفقه إلى اعتبارها دعوى المشروعية وعليه فححإن رقابححة القاضححي تقتصححر علححى
فحص المشروعية ول تبعدها إلى مراقبة الملئمة.
دعوى اللغاء من الدعاوي العينية )الموضوعية( لنها ل ترمي إلى حماية حق شخصي ،بل ترمي إلى الححدفاع عححن سححيادة القححانون
وذلك بإلغاء كل قرار صادر عن الدارة يخالف القانون.
استقر الفقه والقضاء الداريان الفرنسية والمغربي على أنه يجب لقبول دعوى اللغاء شكل توافر شروط تتعلق بطبيعة العمححل
موضع الطعن ،صفة الطعن ،ميعاد الطعن ،وأخيرا شروط الدعوى الموازية ،وفيما يلي سنلقي الضوء على هذه الشروط.
وتبعا لذلك ل يجوز الطعن باللغاء في العمال التحضيرية للقرار الذي لم يكتمل بعد ومن هذا القبيل ما ذهب إليححه المحكمححة
الدارية بالرباط في حكمها بتاريخ ،15/06/1995من أن قرار المجلس التأديبي ل يعتبر مقرا ذا صبغة تنفيذية بل ل يعدو أن يكححون مجححرد
رأي استشاري يدخل ضمن العمال التحضيرية للقرار الداري الححذي يمكححن اتخححاذه مححن طححرف السححلطة الداريححة الححتي لهححا حححق التسححمية
والتأديب وتبعا لذلك قضت المحكمة بعدم قبول الطعن .وأيضا ل يجوز الطعححن فححي الجححراءات اللحقححة للقححرار كححإجراءات التنفيححذ لنهححا ل
تضيف جديدا .وهذا ما أكدته محكمة الرباط الدارية في حكمها الصادر بتاريحخ 9/2/1995بقولهحا أن القحرارات الحتي يتخحذها وزيحر العحدل
تنفي أعمال المجلس العلى للقضاء ،بعد مصادفة الجناب الشريف عليها ،تعد إجراءات تنفيذية محضححة ،ول تعتححبر قححرارات إدارة وبالتححالي
فإن المحكمة الدارية غير مختصة في النظر فيها.
واستنادا على ما سبق فإن القرارات الدارية التي ل تولد أثار قانونية ل يمكن الطعن فيها باللغاء ،وتستبعد بالتححالي مححن نطححاق
دعوى اللغاء.
أما شرط الصفة فقد قضى بإدماجه في شرط المصلحة في دعوى اللغاء إذ يتوفر في صاحب المصلحة الذي يجب توفره فححي
رافع دعوى اللغاء .لنه من المبادئ القانونية المسلمة قاعدة تقوم حيث "ل مصلحة فل دعوى" بمعنححى أنححه ل يقبححل طلححب اللغححاء إل مححن
المتضرر من القرار الداري المطعون فيه أو الذي ألحق به ضررا حقيقيا.
والمصلحة المطلوب توفرها في هذا المجال هي أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة إزاء القرار المطعون فيه ،والتي محن
شأنها أن تجعل القرار بالنسبة له مؤثرا مباشرا ومعنى ذلك أن تكون المصلحة محتملة كما يشترط في تلححك المصححلحة اسحتمرارها لتاريحخ
صدور الحكم وإل قضى القضاء بعدم قبول الدعوى وقد أدى القضاء الداري على أن سححكوت المجلححس البلححدي عححن الجححواب علححى طلححب
رخصة التجزئة العقارية ل يعتبر رفضا وإنما يعتبر قبححول ضححمنيا طبقححا لمقتضححيات الفصححل الثححامن محن ظهيححر 7/6/1996بشححأن التجححزئات
العقارية والمجموعة الحضرية لدى فليست للطاعنين أية مصلحة في إقامة الدعوة الرامية إلى إلغاء القححرار الضححمني القاضححي بالمرافقححة
على إقامة التجزئة.
كما تنص المادة 23من قانون المحاكم الدارية على أنه "يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الداريححة
بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالمر".
وهكذا يبتدأ ميعاد الستون يوما ،من تاريخ نشر أو تبليغ القححرار الداري فححي حالححة عححدم التظلححم الداري .أمححا إذا تححم تقححديم هححذا
الطعن .فإن الستين يوما ،يبتدئ من يوم صدور القرار الداري الصريح أو الضمني المتعلق بالجواب على الطعن الداري.
والحكمة من تحديد هذا الميعاد القصير نسبيا هي ما تقتضيه المصلحة العامة محن اسحتقرار الوضحاع الداريحة محن جهحة وتحأمين
الحقوق المكتسبة من جهة أخرى.
تقديم طلب المساعدة القضائية من شححأنه أن يقطححع سححريان ميعححاد رفحع دعححوى اللغحاء ححتى يصحدر القححرار فححي طلحب
المساعدة سواء بالقبول أو الرفض.
التظلم الداري كذلك من شأنه أن يقطع سريان ميعاد رفع الدعوى سواء كان رئاسيا أو استعطافيا.
رفع الدعوى إلى جهة قضائية غير مختصة ينقطع به أجل طلب إلغاء القرار الداري بسبب تجاوز السلطة.
تأخر اكتشاف المصلحة لتعذر إدراك هدف الدارة في هذه الحالة ل يحاسب المتضرر على فوات ميعاد الطعن فححي ذلححك
القرار المعيب.
كما نصت على نفس المقتضيات الفقرة الخيرة من المادة 23من القانون المحدث للمحاكم الدارية لسنة .1993
بمعنى أنه إذا كان أمام المدعي طريق قضائي آخر يمكنه من الوصول إلى نفس النتائج التي ترتبها دعححوى اللغححاء ،فححإنه ينبغححي
عليه أن يسلك ذلك الطريق القضائي ،وإل كان مصير طعنه الرفض وهحذا محا أكحدته الغرفححة الداريححة بححالمجلس العلحى فحي قرارهححا عححدد
.26/11/1989بقولها "وحيث أنه بإمكان الطاعن المطالبة بحقوقه أمام المحححاكم البتدائيححة وهححي ذات قضححاء شححامل للمححر الححذي يجعححل
دعوى اللغاء غير مقبولة لوجود دعوى موازية".
بعد أن يقوم القاضي للممارسة رقابته على شروط قبول دعوى اللغاء في المنازعات المطروحة أمامه ويستبعد بذلك كل دفع
بعدم القبول فإنه يمد رقابته بعد ذلك على موضوع النزاع وهو المتعلق بمدى مشروعيته القرار المطعون فيححه والقاضححي يسححتند فححي هححذه
المراقبة على ما يدعيه الطاعن من أوجه عدم المشروعية التي قد تلحق القرار الداري ،ومن ثم فإن السححاس الححذي تقححوم عليححه مرحلححة
الفصل في موضوع الدعوى هو دراسة أوجه الطعن وهي العيوب التي تصيب القرار الداري وتؤدي إلى إلغائه.
ويكون القرار غير مشروع إذا كان مشوبا بعيب من العيوب أو بسبب من السباب التي تأدي إلى بطلنه ،وعيوب القرار الداري
عددية ومتنوعة ،وللقضاء الداري الفرنسي دور كبير في تحديححد معالمهححا ،ويعتححبر عيححب الختصححاص محن أولححى العيححوب الححتي ظهححرت فححي
اجتهادات القضاء الداري الفرنسي ،حيث أن مجلس الدولة ل يقبل الطعن بسبب تجاوز السلطة إل بالنسبة للقرارات التي تصدر من جهة
غير مختصة بإصدارها ،ثم ظهر بعد ذلك عيب الشكل والجراءات ،فأخذ مجلس الدولة يلغي القرارات الدارية التي تكححون تجححاهلت الدارة
في إصدارها الشكل الذي يقرره القانون أو الجراءات التي يرسمها ،ثم ظهر بعد ذلك عيب النحراف في استعمال السححلطة )الغايححة( ،ثحم
أخذ بعد ذلك بعيب مخالفة القانون )المحل( وحديثا أخذ مجلس الدولة يعيب السبب كسبب من أسباب إلغاء القرارات الدارية.
وقد حل المشرع المغربي ،قبل صدور قانون المحاكم الدارية ،حدو المشرع الفرنسي إذ أن قانون المجلحس العلحى لحم يححدد
أسباب اللغاء ،وترك للقاضي سلطة تحديد معنى الشطط وحالته ،وقد تولت الغرفة الدارية بالمجلس العلى هذه المهمة مسححتهدية فححي
ذلك ما جرى عليه القضاء الداري الفرنسي.
إل أنه مع صدور قانون المحاكم الدارية فإن المشرع قد تولى بنفسه تحديد الحالت التي تعتبر تجاوزا للسلطة والتي تؤدي إلى
إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الدارية ،حيث نصت المادة 20من القانون المذكور على أن كحل قحرار إداري صحدر عحن جهحة غيحر
مختصة أو لعيب في شكله أو النحراف في السلطة أو للنعدام التعليل أو لمخالفة القانون يشحكل تجحاوزا فحي اسحتعمال السحلطة ويححق
للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية المختصة.
وما يجدر ذكره ،أن عيوب القرار الداري التي تجعله قابل لللغاء تتداخل مع بعضها البعض في كثير مححن الحيححان ،ولكححن طبيعححة
الدراسة العلمية تتطلب أن نفصل بينها لكي نبحث في كل واحد منها على حدة ،كما أنه من ناحية أخرى ،يكفححي أن يصححاب القححرار الداري
بأحد هذه العيوب لكي يطعن فيه باللغاء وحتى يقضي بإلغائه
وتقوم الجهات القضائية المختصة بمراقبة مشروعية القرار الداري في مختلف عناصره ،غيححر أن رقححابته فححي اختصححاص الدارة
المقيد تكون أوسع إطارا من رقابته في حالة السلطة التقديرية ،إذ في حالة الختصححاص المقيححد يبحححث القاضححي فححي تححوفر كافححة الوقححائع
والشروط التي استلزمها القانون كسبب لصدور القرار على نحو معين ،فإذا وجد أن القرار لحم يصحدر كمحا فرضحه القححانون حكحم ببطلنحه
لعيب في محله أو لمخالفته القانون بالمعنى الضيق أما في حالة السلطة التقديرية التي ل يحدد فيها القانون محل القرار فإن هذا المحححل
ل يكون باطل إل إذا كان في حد ذاته مخالفا للقانون ويقتصر دور القاضححي الداري علححى مراقبححة سححبب القححرار مححن حيححث ثبححوت مححبررات
اتخاذه وصحة تكييفها من الناحية القانونية ،وذلك لتحقق من مشروعية محل القرار.
والصل أن الدارة هي التي تقدر مدى فائدة أو ملئمة ما تتخذه من قرارات في نطاق ما هو مشروع ،غيححر أن القضححاء الداري
في رقابته على محل القرار الداري تجاوز ذلك إلى مراقبة استخدام الدارة لسلطتها التقديرية فيما يسححمى برقابححة الملئمححة ولكححن علححى
أساس أن تكون تلك الملئمة على شروط المشروعية كما سنبين ذلك من خلل التي بيانه.
لكن ما هو الجانب المقيد والجانب التقديري من تلك السلطات حتى يتبين حدود رقابة القضاء على الجانبين ؟
إذا استعرضنا هذه العناصر سنجد عنصر الختصاص وعنصر الشكل وعنصر الغاية ل محححل للسححلطة التقديريححة فيهححا ،لن الدارة
تكون ملزمة باحترام قواعد الختصاص وبإتباع القواعد الشكلية وتحقيق الغاية الححتي حححددها المشححرع بحيححث يكححون عملهححا معححدوما إذا مححا
خرجت عن القواعد السابقة فل مجال لتقدير في هذه العناصر .أما العنصران الخران وهما عيب السبب وعيب المحل فإنهما يضمان فححي
جانب منهما اختصاصا مقيدا وفي جانب آخر اختصاص تقدرينا .وبما أن الجانب المقيد يخضع لرقابة القضاء بناء على مبدأ المشحروعية وأن
الجانب التقديري ل يخضع لمراقبة القضاء –كما سنرى ذلك -فالمطلوب هو بيان الكيفية التي اعتمححدها القضححاء فححي التمييححز بيححن الجححانبين
وقصر رقابته على جانب المشروعية دون جانب الملئمة في القرارات الدارية.
إن تحليل هذه المور يتطلب تقسيم الموضوع إلى نقطتين :النقطة الولححى سححنتناول فيهحا ححدود رقابححة القضححاء علححى المجحال
المقيد في القرارات الدارية أما النقطة الثانية فسنتطرق فيها إلى رقابة القضاء على مجالين التقديري والمقيد في القرارات الدارية.
وتظهر أهمية عدم الختصاص في كونه أول عيب اعتمده القضاء لقبول دعوى اللغاء ،ولعل من ضروب التكرار والقول بححأنه العيححب الححذي
انبثق منه بقية العيوب ،وبأن دعوى اللغاء في بدايتها حملت اسم دعوى عدم الختصاص وتجاوز حد السلطة.
وعيب الختصاص ل يزال العيب الوحيد الذي يتعلق بالنظام العام ،بحيث يستطيع القاضي أن يتصدى له من تلقححاء نفسححه حححتى
ولو لم يثره طالب اللغاء ،كما أن الدارة ل تستطيع أن تتفق مع الفراد على مخالفة قواعد الختصاص ،لن هذه القواعححد مقححررة للصححالح
العام وليس لمصلحة الدارة ،كما أن العيب الذي يلحق القرارات الدارية بعدم الختصاص يجعلها قرارات باطلة ل يمكن تصحيحها بححإجراء
لحق من حق السلطة المختصة.
عيب الختصاص الجسيم :ويتحقق عندما يصدر القرار من فرد عادي ليس له الصفة القانونية أو من موظف ل صلة له بإصدار
القرارات الدارية ،أو من سلطة إدارية في موضع من الختصاص إحدى السلطتين التشريعية أو القضائية ويترتب على ذلححك أن
القرار ل يعتبر باطل فحسب ،بل معدوما وفاقدا لصفته الدارية ،فل يتحصن بفحوات الوان – ميعحاد الطعحن – وتحدخل إجحراءات
تنفيذه ضمن أعمال التعدي ،وهذا ما جاء في قرار المجلس العلى رقححم 84/60بتاريححخ 21مححاي 1960إذا اعتححبر قححرار رجححل
السلطة المحلية )قائد( بإغلق محححل التنححازع حححول اسححتغلله بيححن الشححركاء فيححه قححرارا يتجاهححل مبححدأ الفصححل بيححن اختصححاص
السلطتين القضائية والدارية ويشكل اعتداء على اختصاص السلطة القضائية.
عيب الختصاص البسيط :ويكون عندما يتعلق المر بمخالفة قواعد الختصاص في نطحاق الوظيفححة الداريحة ،وهحذا العيحب
أقل خطورة وأكثر حدوثا من العيب السححابق ذكححره وينقسححم إلححى أنححواع مختلفححة ،فهنححاك عححدم الختصححاص الموضححوعي وعححدم
الختصاص الزمني ثم عدم الختصاص المكاني.
وقواعد الشكل والجراءات في إصدار القرارات الدارية على جانب كبير محن الهميححة ،فهحي مقححررة لحمايححة المصححلحة العامححة
ومصلحة الفراد على السواء ،وذلك بتجنيحب الدارة المحواطن الزلحل والتسحرع ،ومنحهحا فرصحة معقولحة للحتروي ودراسحة وجهحات النظحر
المختلفة ،فليست قواعد الشكل والجراءات أمور ثانوية واختيارية إن شاءت أهملتها ،ولكنها ضححمانات أصححلية للفححراد ضححد تعسححف الدارة
فهي تمثل ضمانات حقيقية توازن سلطات الدارة.
وفي هذا التجاه استقر قرار المجلس العلى ،على قبول الطعن باللغاء في القرارات الشفوية ،فقد ألغت الغرفة الدارية فححي
قضية لحسن بن عبد المالك السوسي القرار الشفوي الذي صدر عن قائد مدينة الخميسات القاضي بإغلق مقهى لعيب عححدم الختصححاص
والنحراف في استعمال السلطة.
الحالة الثانية :التوقيع على القرار وذكر تاريخ إصداره :
بحيث يجب أن يذيل القرار بتوقيع مصدره أو مصدرية إن تعددوا ،وغياب التوقيع ينفي وجود القححرار ،وكححذلك إغفححال ذكححر تاريححخ
إصداره ل يعد في حد ذاته عيب شكل جوهري يترتب عليه البطلن ،بل يعد من الخطاء المادية أو بتعبير آخر قد يعححد عيححب شححكل ثححانوي،
ول يؤثر أيضا على صحة القرار كون التاريخ الموضوع عليه لحق للتوقيع ،وهذا بطبيعححة الححال ل يقلحل محن أهميححة التاريحخ لنححه فححي حالححة
الطعن في مشروعية القرار تلك المشروعية وفقا للنظام القانوني السحائد وقحت اتخحاذ القحرار علوة علحى أن القحانون قحد يفحرض اتخحاذ
القرار في فترة زمنية معينة ،كما قد يدعي صاحب الشأن بأن يبين التوقيحع وكتابحة التاريحخ جحد ظحرف قحانوني أو واقعحي يسحتدعي تغييحر
القرار.
والصل أن الدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها أي تضمينها السباب التي قامت عليها ،غيححر أن القححانون قححد يشححترط ذلححك فححي
بعض القرارات وفي هذه الحالة يجب على الدارة ذكر سبب القرار ،وإذا أغفلت هذا الجراء كان قرارها معيبا من حيث الشححكل ،مثححل مححا
جاء في الفقرة الخيرة من الفصل 66من قانون الوظيفة العمومية لسنة » 1958ويقع النذار والتوبيخ لمقرر تصدره السلطة الححتي لهححا
حق التأديب.«...
رقابة القضاء على عيب الغاية في القرار الداري – عيب النحراف في استعمال السلطة : (3
أ -ماهية عيب النحراف بالسلطة :
يعرف عيب النحراف بالسلطة الذي يطلق عليه أيضا عيب تحويل السلطة ،بأن تصححدر الجهححة الداريححة قححرارا إداريححا داخل فححي
اختصاصها إل أنها تصدره لتحقيق هدف مخحالف للهحدف الحذي رسحمه القحانون وهحو دائمحا المصحلحة العامحة وهحو عيحب موضحوعي يتعلحق
بالبواعث والهداف غير المشروعة ،يصبح على عاتق القضاء مهمة اكتشافها ،وهي مهمة صعبة ودقيقة.
والقاعدة هنا أن الدارة ليست حرة في اختيار الغاية من تصرفاتها بل عليها أن تلتزم بالغرض الذي حدده المشرع لكل اختصاص
يضعه بين يدي الدارة فإذا خالفت الغاية المحددة حتى ولو كانت حسنة النية أصبحت قراراتها مشححوبة بعححدم المشححروعية لتسححامها بعيححب
التجاوز في استعمال السلطة.
ب -حالت النحراف في استعمال السلطة :
يظهر عيب النحراف في السلطة في صورتين وذلك تبعا لهداف السلطة ذاتها ،فإذا كان الهدف من تصرف السلطة عاما غير
محدد بهدف قانوني معين ،فإن عيب النحراف بالسلطة يتحقق كلما استهدف رجل الدارة من إصدار لقراره هححدفا مخالفححا للهححدف العححام
المتمثل بالمصلحة العامة.
أما إذا كان الهدف خاصا فإن عيب النحراف بالسلطة يظهر عندما تكون نية رجل الدارة قد اتجهححت نحححو تحقيححق أهححداف غيححر
الهدف المحدد قانونا ،حتى ولو كانت تلك الهداف تدخل ضمن إطار المصلحة العامة.
إل أن الفقه والقضاء يضيفان إلى الصورتين السابقتين ذكرهما صورة ثالثة يطلق عليها النحراف في الجراءات ،وعليححه يمكححن
رد النحراف بالسلطة إلى ثلث صور هي كالتالي :
الحالة الولى :حالة النحراف بالسلطة لغاية تجانب المصلحة العامة :
تعتبر هذه الحالة من أسوأ صور النحراف بالسلطة ،لنها تتضمن تنكر رجل الدارة لللتزام المفحروض عليحه بتحقيحق المصحلحة
العامة في كل تصرفاته ،وذلك بتوجيه إرادته المعتمدة نحو تحقيق أغراض بعيدة عن الصالح العححام .وهححذه الغححراض متنوعححة نكتفححي بححذكر
أهمها :
اتخاذ القرار بغرض تحقيق مصلحة شخصية لمصدر القرار أو لغيره ،بحيث ل يجوز لعضاء السلطة الدارية استخدام سححلطاتهم
القانونية لتحقيق أغراض شخصية لهم أو لغيرهم ،وعلى ذلك يمنع عليهم إصدار قرارات يكون الغححرض منهححا تحقيححق منححافع ذاتيححة لهححم أو
لغيرهم من معارفهم أو لقاربهم ومتى تم ذلك يكون القرار مشوبا بعيب النحراف.
اتخاذ القرار بدافع حزبي أو سياسي كإصدار الدارة قرار لغراض فئوية ل تمت بصلة إلى المصلحة العامة ،وعليه يعتبر الصححادر
نتيجة لبواعث سياسية أو حزبية قرارا غير مشروع لمخالفته الغرض العام الذي يحكم جميع القرارات الدارية.
اتخاذ القرار لغراض أجنبية عن مصلحة المرفق العام ،كأن يستعمل رجل الدارة سلطته بقصد النتقام والتنكيل أو التشححفي...
إلخ.
الحالة الثانية :النحراف بالسلطة لغراض تخالف تخصص الهداف :
كأن يلتجأ المشرع في بعض الحيان إلى ربط قرار إداري ،بمصلحة عامة معينة وهو ما يطلق عليه بقاعححدة تخصححيص الهحداف،
إل أن الدارة قد تلجأ إلى تحقيق مصلحة عامة أخرى غير التي خصصها أو حددها المشرع فنكون بذلك أمام انحراف عن المصلحة العامححة
المحددة من قبل المشرع.
ثانيا :مدى رقابة القضاء على المجالين :التقديري والمقيد في القرارات الدارية
إن عنصري القرار الداري اللذان يظهر فيهما جانب من السلطة التقديرية وجانب آخر من السلطة المقيدة للدارة هما السححبب
والمحل.
مدى رقابة القضاء على عيب السبب في القرار الداري : -1
يقصد بركن السبب – كما رأينا – توفر الحالة القانونيححة أو الواقعيححة الححتي تخححول السححلطة الداريححة المختصححة إمكانيححة التححدخل
لصدار قرار إداري بشأنه ،وبالمفهوم العكسي فإن انعدام السباب معناه عدم توفر الحالت القانونية أو الواقعية ،فل يكون لتلك السححلطة
الحق في إمكانية التدخل لصدار قرارها الداري ،فإن تدخلت بالرغم من انتقاء تلك الحالت القانونية أو الواقعية ،وأصدرت قرارها الداري
فإن هذا القرار يعتبر غير مشروع لتسامه بعيب السبب وبالتالي يكون قابل لللغاء .وقد يثار بسبب عنصر السبب نزاع أمام القضححاء يتخححذ
إحدى الصور الثلثة التية :
أ -التحقق من صحة الوقائع التي تدخلت الدارة على أساسها :
يفحص قاضي اللغاء الوقائع التي تكون سببا للقرار الداري ليرى مححدى صحححتها مححن الناحيححة الماديححة فححإذا اختلفححت الواقعححة أو
الوقائع التي استند عليها القرار عند اتخاذه أصبح ذلك القرار مشوبا بعيب السبب وجديرا باللغاء.
والقضاء يمارس رقابته على هذا التكييف القانوني الذي تجريه الدارة على الوقائع فإنما أن يؤدي إلى تأييححد القححرار كمححا يمكنححه
رفض طلب اللغاء.
إن الجواب على هذا التساؤل يؤدي إلى طرح تساؤل آخر يرتبط به ويلزمه وهححو إذا كححان القاضححي فححي دعححوى اللغححاء ،قاضححي
مشروعية أم قاضي ملئمة ؟
لقد ذهب القضاء الداري في بداية نشأته مدعما برأي الفقه ،إل أن القاضي في دعوى اللغاء ،هحو قاضحي مشحروعية فحسحب،
وليس قاضي ملئمة ،ومن تم وجب عليه المتناع عن مراجعة الدارة في تقديرها لهمية وخطورة السبب.
فبالنسبة لموقف الغرفة الدارية ،فإن اجتهادها قد انتهى إلى تعيين حدود رقابتها في وقت مبكر ،فححإذا كحان القاضحي يراقحب أسححباب
القرار من ناحية الوجود المادي ويراقب صحة تكييفها القانوني ،فإن دور القاضي يجب أن يقححف عنححد هححذا الحححد ،فل يتعححداها إلححى مراقبححة
أهمية خطورة السبب ،فرقابته تقتصر على فحص مشروعية القرار الداري ول تمتد إلى ملءمتها.
مدى رقابة القضاء على عيب المحل في القرار الداري : -2
يطلق عيب مخالفة القانون على معنيين :معنى عام لو أخذ به على إطلقه لشمل جميع أوجه اللغححاء ،ومعنححى ضححيق ينطبححق
على مخالفة القواعد القانونية وهذا المعنى الخير هو المقصود في هذا الطار ،ويعد هذا العيب من أهم أوجه اللغاء لنححه يتعلححق بمحححل أو
موضع القرار الداري ،فالرقابة هنا تكون رقابة موضوعية.
ويتخذ عيب مخالفة القانون صورا مختلفة ،فهو قد يأتي فححي صححورة الخطححأ المباشححر فححي تطححبيق القححانون ،كححأن تقححوم السححلطة
التأديبية بتطبيق عقوبة غير منصوص عليها في لئحة العقوبات ،كما يعحد محن قبيححل عيحب مخالفححة القححانون قيححام الدارة بتطححبيق عقوبححتين
تأديبيتين على جريمة تأديبية واحدة خلفا للمبدأ العام الذي يقضي بعدم معاقبة الشخص عن الفعل الواحد مرتيححن .وقححد يتخححذ هححذا العيححب
صورة الخطأ في تفسير القاعدة القانونية أو تأويلها أو تطبيقها .كما يعتبر من صححور عيححب مخالفححة القححانون عححدم احححترام المبححادئ العامححة
للقانون ،كمبدأ حق الدفاع ومبدأ قوة الشيء المقضى به ومبدأ الحرية ...إلخ.
المطلب الرابع :الجراءات المسطرية في دعوى اللغاء وأثرها على القرارات الدارية
تخضع دعوى اللغاء لمجموعة من الجراءات المسطرية سواء فيما يتعلق بكيفية رفعها إلى الجهة المختصة ،أو بإجراءات وسححير
الدعوى أو بشكليات إصدار الحكم ،ثم إن تقديم دعوى اللغاء للشطط في استعمال السلطة ل يرتب وفق تنفيذ القرار المطعححون فيححه إل
إذا قضى بذلك القضاء الداري بناء على طلب المعني بالمر وإذا اقتضت الضرورة ذلك ،كما أن القضاء الداري عند نظره فححي الححدعوى ل
يملك إل الحكم بإلغاء القرار الداري كلية ،بل قد يكتفي باللغاء الجزئي للمقرر المطعون فيه ،ويكون على الدارة أن تنفذ الحكححم بحسححن
نية.
أول :الجراءات المسطرية في دعوى اللغاء
-1إجراءات رفع دعوى اللغاء :
هناك مجموعة من الجراءات مخصصة لرفع دعوى اللغاء بسبب تجاوز حد السلطة يتعين على ذوي المصلحة احترامهححا والعمححل
بها ومخالفتها تسبب في إبطال الدعوى ،لنها تكتسي طابع النظام العام.
ولقد حدد الفصل الثاني من الباب الول قانون 90/41الجراءات المتبعححة أمححام المحححاكم الداريححة ،وهكححذا ترفححع الححدعوى إلححى
المحكمة الدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ،ويجب أن يتضمن مقال الدعوى فضححل
عن البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحل إقححامتهم ،موضححوع الطلححب ،والوسححائل والحيثيححات المسححتند إليهححا .وإذا كححان
المدعي عليه أكثر من واحد وجب المدعى أن يرافق مقال الدعوى بعدد من نسخ المستندات يتناسب مع عدد المدعى عليهم.
كما يجب أن يرافق المقال بنسخة من القرار إذا ما كان القرار ايجابيا أما إذا كان القرار سححلبيا ،افححترض فححي صححدوره لوقححوف
الدارة موقفا سلبيا خلل مدة معينة ،وفي هذه الحالة يكفي تقديم ما يثبت إرسال التظلم الذي بدأت به المدة.
ويمكن للطاعن أن يحتفظ في المقال بالحق في تقديم مذكرة تفصيلية شرط أن يقدمها خلل ثلثين يومححا المواليححة لتاريححخ رفححع
الدعوى ،وإذا لم يقدمها خلل هذا الجل اعتبر متخليا عنها ،ويقدم مقال الدعوى إلى كتابححة الضححبط بالمحكمححة الداريححة المختصححة ،ويسححلم
كاتب الضبط هذه المحكمة وصل بإيداع مقال يتكون مححن نسححخة منححه يوضححع عليهححا خحاتم كحاتب الضححبط وتاريححخ اليححداع محع بيحان الوثححائق
المرفقة.
وبعد استنفاذ جميع الجراءات وتلقي وجهات النظر والدفوعات تصبح القضية جاهزة لصدار الحكم فيها.
وحيث سبق له أن طلب إلغاء القرار المذكور في الملف عدد 886118وحيث أن المجلس العلى بعد اضطلعه على الوثححائق
المدرجة في الملف وعلى ظروف النازلة ،وملبستها ارتأى عدم السححتجابة للطلححب المرفححوع إليححه لححذلك قضححى المجلححس العلححى برفححض
الطلب ،وعلى صاحبه بنفقات الدعوى .والستجابة لطلب إيقاف التنفيذ أصبحت تدخل في الختصاص التقديري للمحكمة الدارية وتخضححع
لظروف القضية وملبستها ،المر الذي يخولها صلحية فحص دعوى اللغاء أيضححا لتقححف علححى مححدى جححديتها وتقححرر مححا إذا كححانت تسححتجيب
للطلب المذكور أم ل.
-ل يملك القضاء الداري إل الحكم بإلغاء القرار الداري : 2
إن القضاء الداري أنن النظر في دعوى اللغاء لتجاوز استعمال السلطة ل يملك إل الحكححم بإلغححاء القحرار الداري ،وليححس لححه أن
يوجه أوامر إلى الدارة بعمل شيء أو بالمتناع عن فعل شححيء و ل يوجححد أي مقتضححى قححانوني يسححند الختصححاص للقضححاء الداري لعطححاء
الفتوى للدارة .أو يقوم بإجراء مسطرة التنفيذ الجبري على الدارة .ولكن في حالة امتناع الدارة عن تنفيذ الحكم القضائي فإن المجلس
العلى يعتبر المتناع قرارا إداريا سلبيا مشوبا بعيب الشطط في استعمال السلطة يجحوز الطعححن فيححه باللغحاء ،فضحل عحن إمكحان الحكحم
بالتعويض.
-أن القضاء الداري غير ملزم بإلغاء القرار الداري كلية بل قد يكتفي باللغاء الجزئي منه : 4
أن القرار الداري إذا كان سليما في جزء منه ،وغير سليم في الجزء الخر ،فإن القضاء الداري يكتفي باللغاء الجزئي للمقححرر
المطعون فيه ،مثال ذلك أن تنتهي الجازة المرضية للموظف ولم يعد لمباشرة عمله بدون إذن مشروع فترتب على ذلك فصل الدارة لححه
وقطع مرتبه متى عن المدة المرضية ،وهنا سيكون المقحرر غيحر المشحروع بالنسحبة لجححزء منحه ،وهححو الخحاص بقطححع المرتحب عحن المححدة
المرضية ،فالدارة في هذه الحالة تلتزم بسداد هذا المبلغ ول يسري القطع إل مححن يححوم امتنححاعه عححن العححودة لمباشححرة عملححه بعححد انتهححاء
الجازة المرضية.
-يجب على الدارة أن تنفذ الحكم بحسن نية في حالة إلغاء القرار الداري كليا أو جزئيا : 5
إن خضوع الدارة لتنفيذ الحكام قوامه التنفيذ السليم ،وذلك بأل يشوبه أي تحايل يسعى إلححى تنفيححذه ظاهريححا لححترجع بعحد ذلحك
لتطبيق ما ترغب في تحقيقه بطرق احتيالية كأن يصدر حكم إداري باللغاء قرار العزل وعودة الموظف إلى عمله ،فتقوم الدارة بإرجححاعه
ثم فصله بعد مدة مستندة في ذلك إلى علة إلغاء الوظيفة التي كان يشغلها وفي كون الدارة لم تعد محتاجة إليه.
المطلب الخامس :تنفيذ الحكام القضائية على قوة الشيء المقضى به في مجال دعوى اللغاء
لكتمال دولة الحق والقانون ،تخضع الدارة بوصفها جهاز مححن أجهححزة الدولححة للمشححروعية ،والخضححوع للمشححروعية يعنححي عححدم
تجاهل السلطة الدارية للقانون بمفهومه الواسع ومن ذلك القواعد القضائية الدارية ،وقد يحصل أن يمتنع رجل الدارة عححن تنفيححذ القححرار
القاضي النهائي ،الحائز على قوة الشيء المقضى به ،متدرعا بأسباب كثيرة تهربا من تطبيق العدالة .وهذه السباب قد تكون نتيجة لغياب
مسطرة إكراهية فعلية أو لعتبارات شخصية أو لعتبارات المصلحة العامة.
فالقاضي الداري ل يملك ول يتوفر على الوسحائل الكراهيحة محن أجحل إجبحار الدولحة علحى تنفيحذ مقرراتهحا القضحائية كحالجيش
والشرطة.
وعليه فإن عنصر اللزام في تنفيذ أحكام القضاء في المغرب ،كما قال الستاذ عبد الله حداد » ...ل يمكحن بالنسحبة للشحخاص
العمومية في الستعانة بالقوة العمومية بل يجد أول في المر الذي يوجهه جللته الذي يعتبر سحلطة عليحا موجحودة فحوق الجميحع ،فحالوزير
الذي يرفض المتثال لحكم القضاء يكون قد عصى أمرا مولويا ويجب مؤاخذته عليه ول يمكن أن يعفى من الجزاءات مهما كانت الحصححانة
التي يتمتع بها «.
فرجل الدارة قد يمتنع عن تنفيذ القرار القضائي مستندا على المفهوم المطلق لمبدأ فصل السلطات الححذي يحححول دون إجبححار
الدارة أو أعوانه المسؤولين على النصياع للسلطة القضائية ،وهذه الحجة ل ترتكز على أي سند قانوني صحيح لن فصل السلط يكححرس
عدم اعتداء سلطة على سلطة أخرى وليس التعاون بينهم لتحقيق الصالح العام.
وتملصا من تنفيذ قرار قضائي نهائي ،يعاد إصدار قرار الملغي ،أي أن تعمد الدارة في حالة إلغاء القحرار لعيحب فحي
الشكل ،وعدم الختصاص ،إلى إصدار قرار آخر مماثل للسابق وخال من العيوب المنسوبة للقرار الول.
المتناع عن تنفيذ الحكم القضائي دون مبرر ،وهي حالة تجد مجالها الخصب في مجححال التعححويض النهححائي عححن نححزع
الملكية خصوصا بالنسبة لوزارة الشغال العمومية.
رفع تسلم العذار ونسخة الحكم وهي صورة غير مبررة تؤكد بصيغة علنية على رغبة الدارة المعلومة المكححان فححي
عدم تنفيذ الحكم الصادر ضدها.
وهكذا ،فإن المتناع عن تنفيذ الحكم القضائي ينطوي على مخالفة قانونية لمبدأ أساسي ،وأصححل مححن الصححول القانونيححة تمليححه
الطمأنينة العامة ،وتقتضي به ضرورة الحقوق ،واستقرار الروابط الجتماعية ،استقرار ثابتا ،وهو مبدأ قوة الشيء المقضى به.
العتبار اللزم لقيام حالة امتناع الدارة عن تنفيذ الحكم الداري -2
إن امتناع الدارة عن تنفيذ الحكام القضائية يشكل استثناء على قاعدة تنفيذ الحكام القضائية وتم حصرها في حالة واحححدة إذا
كان من شأن تنفيذ الحكم إثارة اضطرابات جسيمة تهدد المن العام بشكل خطير أو النظام العام.
وبذلك تشكل قضية تنفيذ الحكم الداري ضد الدارة محور آليات تحريححك الححدعوى الداريححة ونتاجححا لعمححل قضححائي إداري ومححرآة
لتمتع الفراد بمختلف الحقوق اللزمة لبلوغ دولة القانون إذ به تقاس الضمانة المسندة للقضاء الداري المغربي.
إل أن إشكالية تنفيذ الحكام القضائية بالمغرب لزالت تعاني من العديد من المعوقات التي تحول دون أداء الدور المنوط بها.
هذا وتعتبر دعوى اللغاء حق من حقوق الفراد من خللها يمكنه أن يحافظ علحى حقحوقه وحريحاته ،وححتى تكحون هحذه الحدعوى
صحيحة فإنها يجب أن تستند إلى شروط ومواصفات منها مثل أن يكون القرار الداري نهائيا وأن يكون قد صدر بصفة نهائيححة وليححس فححي
طور التحضير كذلك يجب أن يكون قد صدر هيئة وطنية وليست أجنبية ...كما يجب احترام الشروط المتعلقة بالمواعيححد والطعححن كآجححال
رفع الدعوى وسريانها ولكن رقابة القضاء تنتهي عند حد رقابته على شروط قبول دعوى اللغاء في المنازعات المطروحة أمامه بل تمتد
إلى موضوع النزاع والتي تتمثل في العيوب التي تصيب القرار وتؤدي إلى إلغائه وكذلك إتباع إجراءات مسطرية يجب إتباعها فححي دعححوى
اللغاء منها ما يتعلق مثل بكيفية رفعها إلى الجهة المختصة أو مثل شكليات إصدار الحكم.
وبالتالي فإن دعوى اللغاء على القرار الداري أثر يتمثل في عدم وقف تنفيذ القرار الداري وكذلك أن للقضححاء الداري الحكححم
باللغاء الجزئي للمقرر المطعون فيه وليس اللغاء الكلي.
المبحث الثالث :ديوان المظالم – لبنة جديدة في دولة الحق والقانون
والمؤسسات-
بالضافة إلى الرقابة الذاتية التي تمارسها الدارة على نفسها سواء تلقائيححا أو بنححاء علححى تظلححم مححن المتضححررين مححن قراراتهححا
والرقابة السياسية التي تتخذ شكل الرقابة عن طريق الرأي العام أو عن طريححق البرلمححان ،والرقابححة القضححائية الححتي تتميححز بفعاليتهححا فححي
التدخل للحفاظ على احترام الدارة للقانون ،تعمل الدول المتقدمة إلى إحداث هيئات متخصصة تتححولى مراقبححة أعمححال الدارة وتعتححبر حل
وسطا بين الرقابة الدارية الداخلية والرقابة الخارجية.
وتعد الدول السكندنافية سباقة إلى إنشاء مثل هذه المؤسسات فأحدثت لول مرة ما يعرف بالمبححد سححمان عهححد لححه بمراقبححة
الدارة والمحاكم .وتتبعها في ذلك مجموعة من الدول النجلوساكسونية ،كما سارت العديد من الديمقراطيات الغربيححة علحى هحذا المنحوال
نذكر منها على سبيل المثال إسبانيا التي استحدثت ما يسمى بمؤسسة المدافع عن الشعب وفرنسا التي أنشأت مححا يعححرف بالوسححيط ،إل
أن الحضارة السلمية التي قامت على أساس العدل والمساواة بين الحاكمين والمحكومين عرفت مؤسسات متشابهة عملت على تلقي
شكايات الفراد ضد الحاكمين وباقي الموظفين المشرفين على سير أمور المسلمين.
وفي هذا الطار ومن أجل تدعيم الضمانات الساسية لحماية حقوق الفراد ضد الحححاكمين وبححاقي المححوظفين المشححرفين علححى
سير أمور المسلمين ،وتلفي احتمالت تعسف الدارة .تم العلن عن إحداث مؤسسة ديححوان المظححالم فححي رسححالة لجللححة الملححك محمححد
السادس بمناسبة اليوم العالمي لحقوق النسان بتاريخ 09دجنبر ،2001ألقاها صاحب السمو الملكححي الميححر مححولي رشححيد فححي اجتمححاع
خاص بأكاديمية المملكة المغربية بحضور فعاليات تمثل مختلف المؤسسات التي لها ارتباط محن بعيحد أو محن قريحب بالعلقحة بحالمواطنين
والمواطنات.
وتعد هذه المؤسسة إضافة جديدة إلى الصرح المؤسساتي للمغرب ،كما أنها جاءت لكي تستجيب لفراغ مؤسساتي بشأن رفع
المظالم التي تقع على المواطنين من جراء استمرار مظاهر الفساد في النظام الداري والقضائي واستمرار تفشي مظاهر الشححطط فححي
استعمال السلطة.
وعليه سنتناول في هذا المبحث طبيعة وخصائص مؤسسة ديوان المظالم ،ثم اختصاصات المؤسسة وآليات اشتغالها.
ويتميز ديوان المظالم بخصائص عديدة تكتسب مكانة خاصة داخل المنظومة السياسية والدارية والقضائية بالمغرب ،ومن أهم
هذه الخصائص الستقلل ،التجرد والستقرار.
من قراءة مواد الظهير المحدث لديوان المظالم يتبين لنا أن هذه المؤسسة لها اختصاصات محددة هححي علححى التححوالي :تلقححي
الشكايات ،والعدل على إصلح الجهاز الداري والحث على تنفيذ الحكام الدارية.
إن القضايا التي ستعرض على هذه المؤسسة هي القضايا التي يتضرر فيها أحد الشخاص الطبيعيين أو المعنححويين نتيجححة قيححام
الدارة أو من فيها بتصرفات غير قانونية أو تعسفية كرفض تسليم رخصة البنحاء أو سححب رخصحة السحياقة أو حبحس شحخص دون محوجب
قانون ...إلخ.
أو أي قرار أو عمل يتنافى مع مبادئ سيادة القانون والنصاف ويمكن لرئيس المجلس الستشححاري لحقححوق النسححان أن يحيححل
على والي المظالم الشكايات الموجهة إليه التي تدخل ضمن اختصاصات والي المظالم.
القضايا التي تدخل في اختصاص المجلس الستشاري لحقححوق النسححان ويقححوم والححي المظححالم علححى الفححور بإحالححة
الشكايات والتظلمات المتعلقة بخروقات حقوق النسان إلى المجلس.
القضايا التي لم يقم صاحب التظلم بأي مساغ رسمية أو التماس للعفو ،ولم تستنفذ كافة الطعون أو جححبر الضححرار
المزعومة ،أو استرجاع حقوقه المهضومة .بيد أنه يمكن لوالي المظالم أو مندوبه في الحححالت المححذكورة أعله ،أن
يبحث مع الطراف المعنية بطلب منها مع الحلول الكفيلة بإيجاد تسوية عاجلة ومنصفة للخلف.
وإذا اتضح أن تمادي الجهة المعنية في المتناع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي ناجم عن أفعححال صححادرة عححن موظححف أو عححون تححابع
للجهة التي صدر الحكم في حقها أو عدم قيامه بالواجب ،يرفع والي المظالم تقريرا في الموضوع إلى نظر الوزير الول.
تعد مؤسسة ديوان المظالم وسيلة مرنة ومبسطة للنظر فححي شححكايات وتظلمححات المححواطنين ،فتقححديم شححكاية أو تظلححم لححدى
ديوان المظالم ل يتقيد إل ببعض الشروط الشكلية البسيطة التي يستلزمها فصل السلط ودون التقيد بالجراءات والمواعيححد ودون تحمححل
العباء والمصارف فهي مؤسسة عامة في متناول الجميع.
ولقبول التظلمات يجب أن تكون مكتوبة وموقعة من طرف صاحب الملتمس شخصيا وأن توضح ما قام به المتظلم من مساغ
لسترجاع حقوقه لدى السلطة التي يتظلم منها وفي حالة تعذر ذلك يمكن للمتظلحم أن يقحدم شحكاية شحفوية مدعومحة بالحجحج والوثحائق
المبررة يتم تسجيلها وتدوينها من قبل مندوب والي المظحالم .وبالتحالي تسححتبعد جميحع الشححكايات المجهولحة أو الغيحر المتضححمنة لمطححالب
محددة .كما اشترط الظهير لقبول التظلمات أن يتحقق ظلم المشتكي نتيجة شطط وتعسف الدارة وأن يبقى التظلم من هذه التصرفات
دون جدوى وعليه نتناول هذه الشروط بالتحليل فيما يلي :
ثالثا اقتراح الحلول التي من شأنها التعجيل بتنفيذ الحكام القضائية
علوة على ما سبق تتمتع مؤسسة ديوان المظالم بصلحية أخرى ل تقل أهمية عن سابقاتها مححن حيححث ترسححيخ قيححم الشححفافية
في التعامل الداري والسهام في حسن الجهاز الداري ويتعلق المر بصلحية التعجيل بتنفيذ الحكام القضائية ،ولبيان ذلححك أنححه فححي حالححة
تعذر تنفيذ حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ ،يجوز للمؤسسة أن تلجأ إلى الدارة المعنية ،وأن تبحث مع المسؤول الداري هناك عححن كيفيححة
وسبل تنفيذه.
وفي الختام نلخص القول بأن إحداث ديوان المظالم يعد لبنة أخرى في إطار بناء دولة الحق والقححانون والمؤسسححات ،لكححن إذا
كان ديوان المظالم يتميز باستقلل تام عن باقي السلطات ،ومركز قوي ومكانة قوية متميزة داخحل النظحام المؤسسحاتي بحالمغرب ،فحإن
سلطاته محدودة الفعالية من جهة بفصل السلط الذي يفرض عليه عدم تجاوز اختصاصاته المحصورة ومن جهة أخححرى بمحدوديححة وسححائل
تدخله سواء بالبحث والتقصي أو لتنفيذ مقرراته ووضعها موضع التطبيق.
وفي انتظار أن تبين التجربة العملية عن نقط القوة ومححواطن الخلححل والضححعف الححتي تعححتري تطححبيق الظهيححر المحححدث لححديوان
المظالم ،يبقى الرهان الول هو العمل على توعية المواطنين بوجود هذه المؤسسة وبأهميتها وتحسيسهم بضححرورة الححدفاع عححن حقححوقهم
تجاه الدارة في ترسيخ مفهوم الدارة في خدمة المواطن قول وفعل.
خاتمة :
وهكذا يتبين مما سبق أن القرارات الدارية تعتبر من المتيححازات الهامححة الححتي عهححد بهححا القححانون للسححلطة الداريححة وذلححك لداء
واجباتها تجاه المواطنين ،والقانون لما خول الدارة هذه المتيازات كان يهدف إلى تحقيق غاية معينة ،وبالتححالي فححالقرار الداري مححا هححو إل
وسيلة لتحقيق هذه الغاية التي تكون دائما مصلحة عامة أو منفعة عامة ،والمخاطبين به ملزمون بتنفيذه طواعية أو إكراهححا ،إل أن عليهححم
عدم التزام الصمت عن كل قرار إداري مضر بمركزهم القانوني لن ذلك يكرس انعدام المشححروعية ،وبالتححالي علححى الفححرد المتضححرر مححن
القرار أن يلجأ إلى القضاء لرفع دعوى اللغاء بسبب تجاوز السلطة ،عندما يصاب بضرر من شأنه إعدام القرار الغير المشروع ،فإذا كانت
القرارات غير مشروعة ومست حقا من حقوق الفراد ونالت بحرية من حرياتهم فإنها تخضع في هذه الحالة لمراقبة القضححاء الححذي يتححولى
رعاية حقوق الفراد ضد تعسف الدارة وذلك عن طريق إلغائهححا أو التعححويض عنهححا أو همححا معححا ،ومححن هنححا يتححبين أن خضححوع الدارة لمبححدأ
المشروعية في جميع الحالت والظروف يعتبر المثل العلى لحماية حقوق وحريات الفراد ويشكل صرحا متينا لدولة الحق والقانون.