You are on page 1of 21

‫المملكة العربية السعودية‬

‫إدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية‬

‫الثانوية العامة بالدمام‬

‫عنوان البحث ‪:‬‬


‫أعظم شعراء‬
‫العرب‬
‫إعداد الطالبة ‪:‬‬
‫جمانة ناصر الجمعة‬
‫ُ‬
‫الصف الدراسي ‪:‬‬
‫الثالث الثانوي ‪ /‬أدبي ‪3,‬‬
‫إشراف المعلمة ‪:‬‬
‫ذكريات المحمدي‬
‫)أعد هذا البحث كمتطلب لمادة المكتبة‬
‫والبحث(‬

‫الفصل الدراسي الثاني‬

‫‪1429‬هـ ‪ 1430 -‬هـ‬

‫المقدمة ‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على أشرف‬
‫النبياء والمرسلين‪,‬نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين ‪:‬‬

‫أما بعد ‪,‬‬


‫فقد درست في هذا الفصل كيفية إعداد البحث‬
‫الصفي ‪ ,‬وقد أعددت بحثي هذا طبق القوانين التي‬
‫توجد بالكتاب المدرسي ‪ ..‬وعسى أن ينال إعجاب‬
‫الجميع ‪ ,‬فإذا كانت آي أخطاء فنحن بشر غير‬
‫معصومين عن الخطأ ‪..‬‬
‫يعد موضوع هذا البحث من الموضوعات المهمة التي يحتاجها‬
‫المجتمع لتعليمهم الحكمة وتنمية القراءة لديهم ‪ ,‬فهو يتحدث‬
‫عن عملق الشعراء ‪ :‬أبو الطيب المتنبي ‪ ,‬أعظم شعراء العرب‬
‫وأكثرهم تمكنا ً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها و مفرداتها ‪,‬‬
‫صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات ‪ ,‬في شعره‬
‫أعتزار بالعروبة ‪ ,‬تشاؤم وافتخار بنفسه ‪ ,‬أفضل شعره في‬
‫الحكمة وفلسفة الحياة و وصف المعارك إذا جاء بصياغة قويه‬
‫محكمه إنه شاعر مبدع عملق غزير النتاج يعد بحق مفخرة‬
‫للدب العربي ‪ ,‬فهو صاحب المثال السائرة والحكم البالغة‬
‫والمعاني المبتكرة ‪ ,‬وجد الطريق أمامه إثناء تنقله مهيئا ً‬
‫لموهبته الشعرية الفائقة لدى المراء والحكام ‪ ,‬إذا ً تدور‬
‫معظم قصائده حول مدحهم لكن شعره ليقوم على التكلف‬
‫والصنعة لتفجر أحاسيسه وامتلكه ناصية اللغة والبيان مما‬
‫أضفى عليه لونا ً من الجمال والعذويه ترك تراثا ً عظيما ً من‬
‫الشعر القوي الواضح ‪ ,‬يضم ‪ 326‬قصيدة تمثل عنوانا ً لسيدة‬
‫حياته صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصويرا ً‬
‫‪ ,‬ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه لسيما في‬
‫قصائده الخيره التي بدأ فيها ‪ ,‬وكأنه يودع الدنيا عندما قال ‪:‬‬
‫أبلى الهوى بدني ‪.‬‬

‫) لنتعرف على هذا الشاعر العظيم ونقترب أكثر منه (‬


‫؟؟!‬
‫فقد جعلت بحثي في فصلين ‪:‬‬
‫الفصل الول ‪ :‬حياة المتنبي ‪,‬‬
‫المبحث الول ‪ :‬نشأته وشيء من أخلقة ‪ | .‬المبحث‬
‫الثاني ‪ :‬سيرة المتنبي ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬أشعاره ‪,‬‬
‫المبحث الول ‪ :‬مساوئ اشعارالمتنبي‪ | .‬المبحث‬
‫الثاني ‪ :‬نموذج من اشعاره ‪.‬‬
‫ث رسالة شكر وتقدير لبنة عمي ‪ ,‬على‬ ‫) أبع ُ‬
‫مساعدتي في اكمال بحثي جعلها الله قرة عين‬
‫لوالديها ( ‪..‬‬
‫الفصل الول ‪) :‬حياة المتنبي ( ‪..‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬نشأته وشيء من أخلقة ‪.‬‬


‫أبو الطيب المتنبي‪:‬هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن‬
‫عبد الصمد الجعفى الكندي الكوفي‪,‬ولد بالكوفة سنة‬
‫ثلث وثلثمائة في محلة تسمى كندة‪,‬فنسب‬
‫إليها‪,‬وليس هو من كندة التي هي قبيلة ‪ ,‬بل هو‬
‫جعفى القبيلة ‪,‬وهو جعفى بن سعد العشيرة بن مذحج‬
‫– واسمه مالك – نشا بالكوفة ‪ ,‬ويقال أن أباه كان‬
‫سقاء بالكوفة ‪ ,‬ثم انتقل إلى الشام بولده‪,‬ونشأ ولده‬
‫بالشام ‪ ,‬قدم الشام في صباه ‪ ,‬وجال في أقطاره وما‬
‫زال إلى أن ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق‬
‫كثير من بني كلب وغيرهم ‪ ,‬فخرج إلية لؤلؤ‪ -‬أمير‬
‫حمص نائب الخشدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه‬
‫طويل ً ‪ ,‬ثم استتابه وأطلقه‪ ,‬ومن ثم سمى المتنبي ثم‬
‫التحق بالمير سيف الدولة بن حمدان ‪ ,‬سنة سبع‬
‫وثلثين وثلثمائة ‪ ,‬وذهب إلى مصر سنة ست وأربعين‬
‫وثلثمائة ‪ ,‬ومدح كافور الخشدي وكان يقف بين يدى‬
‫كافورا ‪,‬وفي رجليه خفان و في وسطه سيف‬
‫ومنطقة‪,‬ويركب بحاجبين من مماليكه ‪,‬وهما بالسيوف‬
‫والمناطق ولما لم يرضه كافور هجاه وفارقه ليلة عيد‬
‫النحر‪,‬و وجه كافور خلفه رواحل إلى جهات شتى ‪,‬‬
‫فلم يلحق ‪..‬‬
‫أخلقه وشمائله‪:‬‬
‫حدث علي بن حمزه قال ‪ :‬بلوت من أبى الطيب ثلث‬
‫خلل محمودة ‪ ,‬وذلك أنه ما كذب ول زنى ول لط ‪,‬‬
‫وبلوت منه ثلث خلل مذمومه ‪ ,‬وذلك انه ما صام ول‬
‫صلى ولقرأ القرآن ‪ ,,‬وهى انه ما قرأ القرآن فإني‬
‫اظن الراوى يريد انه ما قرأ القرىن تعبدا ً وتهجدا ً ‪ ,‬وقد‬
‫كان أبى الطيب مغرورا ً على آقصى حدود الغرور ‪,‬‬
‫وكان ذا طماح وزهو وكبرياء ‪ ,‬بل كان ل يطاق‬
‫غطرسة وشموخا وخيلء ‪ ,‬وكان ابى الطيب مصابا ً‬
‫بذلك الداء ‪ :‬داء جنون العظمة ‪ ,‬وكان ل يشرب‬
‫الخمر ‪ ..‬وجملة القول أن أبا الطيب كان ذا شخصية‬
‫من الشخصيات الغربية ‪ ,‬وكان عظيما ً ‪ ,‬وكان عبقريا ً ‪,‬‬
‫وكانت حياته لذلك زاخرة بكل مايجلب له الحب‬
‫والشفاق و الجلل من قوم ‪ ,‬وبكل مايجلب له الحسد‬
‫والبغض والعداء من آخرين ‪ :‬شأن كل عبقرى عظيم ‪,‬‬
‫والله اعلم ‪(1)..‬‬

‫)‪ (1‬نشأته و أخلقه وشمائله‪) :‬كتاب شرح ديوان المتنبي وضــعه‬


‫عبدالرحمن البرقوقي(‪.‬‬
‫تابع أخلقه وشمائله ‪:‬‬

‫أن المتنبي كان رجل ً ماكرا ً باقعة داهية ‪,‬وشأن‬


‫المتنبي كالشأن في نوابغ الدنيا ‪ :‬فالشاعر‬
‫النابغة ل يمهر بإرادته‪,‬ولينبغ بأن يخلق في‬
‫نفسه مادة ليست فيها‪,‬وإنما هو يولد مهيئا ً‬
‫بقوى ولتكون إل فيه زفي أمثاله‪,‬وهو زائد بها‬
‫على غيره ممن لم يرزق النبوغ‪,‬كما يزيد الجوهر‬
‫على الحجر أو الفولذ على الحديد‪,‬أو الذهب‬
‫على النحاس‪-‬ثم تفاوت هذه القوى في النوابغ‬
‫فتتنوع وتتباين‪,‬وتعمل فيها أحوالهم وأزمانهم‬
‫وحوادثهم ‪ ,‬ومن ثم يجتمع لكل منهم شخصيه ‪,‬‬
‫ويستقل منها بطريقة ومذهب ‪ ,‬فإذا تناول‬
‫معًنى من المعاني تناوله على طريقته ‪,‬فإما‬
‫حذف ‪ ,‬وإما زاد فيه ‪ ,‬وإما غيره وقلبه ‪ ,‬وإما‬
‫صب على حذوه معنى جديدا ً يلم به أويشبه ‪ ,‬او‬
‫ل يكون فيه إل انه جاء على طريقه‬
‫حسب‪.‬فكثيرا ً مايقرأ النابغه كلما ً لغيره ‪,‬أو‬
‫بتأمل خاطرا ً أو يشهد أمرا ً ‪ ,‬فإذا كل ذلك قد‬
‫أحوى إليه وانعكس علل مرىة ذهنه بمعان مبتكرة‬
‫طريفة ل تشبه ما كان ‪..‬‬
‫ومن هنا ترى المتنبي يأتي أحيانا ً بالتعقيد‬
‫المستكره واللفظ المتكلف ‪ ,‬وتراه بتعسف‬
‫ويتخبط ويسف ‪ ,‬ومع ذلك لينفى مثل هذا من‬
‫شعره ول يحذفه ‪ ,‬وهو قادر على أن يتغى عنه‬
‫وليس في حاجة إليه ولكنه بعض طريقته التي‬
‫انطبع عليها ‪ .‬فل يستطيع حين يجيئه الردى أن‬
‫يجعله جيدا ً ‪ ,‬وليس إل أن يأخذه كما هو ‪ ,‬لنه هو‬
‫الذي انبثق له عن الجيد ‪.‬‬
‫إذا هو كالقطعة من تاريخ الدب ‪ ,‬فالكلم عنه‬
‫متداول مشهور ‪ ,‬وهذا بعض ما اختص به ‪ ,‬فقد‬
‫تحتاج مع الشعر كل شاعر إلى ترجمته ‪ ,‬ولكنك‬
‫ل تحتاج من أبا الطيب إل إلى شعره ‪ ,‬وترا‬
‫شعره ترجمة لروحه ‪ ,‬ولذبك أجتزأنا ‪(2).‬‬

‫‪..‬‬ ‫)‪)(2‬كتاب شرح ديوان المتنبي وضعه عبد الرحمن ألبرقوقي(‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬سيرة المتنبي ‪.‬‬


‫نسبه ‪:‬‬
‫هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار‬
‫الجعفى الكندي الكوفي ‪,‬‬
‫وجعفى جد المتنبي‪:‬هو جعفى بن سعد العشيرة من‬
‫مذحج من كهلن من قحطان ‪,‬وكندة التي ينسب إليها ‪,‬‬
‫محلة بالكوفة وليست كنده القبيله كما ظن بعضهم‬
‫خطأ ‪ ,‬وكان والد المتنبي يعرف بعبدان السقاء يسقي‬
‫الماء لهل المحلة أما جدته لمه فهي همدانيه‬
‫صحصحة النسب‪,‬وكانت من صلحاء النساء الكوفيات‬
‫وكان جيرانهم بالكوفة من أشراف العلويين‪,‬وكان لبي‬
‫الطيب منهم خلصاء وأصدقاء ‪,‬‬
‫لم يذكر المتنبي في شعره نسبه أو قبيلته ‪ ,‬ول أشار‬
‫إلى والدته أو جده وإنما ذكر جدتخ لمه وكان يدعوها‬
‫والدته ‪ ,‬في أشعار منها ‪:‬‬
‫ووالدتي وكندة و‬ ‫سكون وحضر موتا‬
‫)أمنسي ال ُ‬
‫السبيعا (‪..‬‬
‫ولم يكن المتنبي يعنى بأن يعرف عنه إل أنه المتنبي ‪,‬‬
‫ل يفخر بقبيلة ‪ ,‬إنما يفخر به القبيلة التي هو منها ‪,‬‬
‫قال في ِإحدى قصائد الصبا ‪:‬‬

‫وبنفسي‬ ‫) ل بقومي شرفت بل شرفوا بي‬


‫فخرت ل بجدودي (‪..‬‬
‫ويقول بعض مؤرخي الدب العربي ‪ :‬إن بعض شعر‬
‫المتنبي قد يدل على عصبية يمانيه ‪ ,‬فأكثر ممدوحيه‬
‫في أيامه الولى من قبائل يمانية ‪ ,‬مدح شجاع ابن‬
‫محمد الزدي و علي بن احمد الطأئي ‪ ,‬وغيرهم ‪,‬ومدح‬
‫التنوخيين في اللذقية ‪ ,‬وقال للحسين بن إسحق‬
‫التنوخي يمدحه_بعد ا مجاه بعض الناس ونسب الهجاء‬
‫إلى المتنبي_ ‪:‬‬

‫ق‬
‫س بها في مأز ٍ‬
‫) أبت لك ذمي نخوة يمنية ونف ِ‬
‫أبدا ً ترمي ( ‪(3)..‬‬

‫)‪)(3‬كتاب شرح ديوان المتنبي وضعه عبد الرحمن ألبرقوقي(‪..‬‬

‫أسرته ‪:‬‬
‫ولقد اتفقت روايات المؤرخين على أن أبا المتنبي‬
‫كان سقاء ‪ ,‬وقد هجاه ابن لنكك البصري لما سمع‬
‫بقدومه بغداد راجعا ً من مصر فقال‪:‬‬
‫نعالهم في قفا‬ ‫) لكن بغداد جاء الغيث ساكنها‬
‫السقاء تزدحم (‬
‫وروى أن والد المتنبي سافر به إلى الشام ‪ ,‬وتنقل به‬
‫بين حضرها وبدايتها ومدرها وو برها ‪ ,‬وردده في‬
‫القبائل ‪.‬‬
‫على أن الثابت الذي ينطق بأن والد المتنبي لم يكن‬
‫رجل نابه الشأن كما يرجع الرواة ‪ ,‬أنه مات فما رثاه‬
‫ولده بكلمة واحدة ‪.‬‬
‫أما والدة المتنبي ‪ :‬فلم يذكر الرواة عنها شيئا ً ويرجح‬
‫أنها ماتت في حداثته قبل سفره إلى الشام ‪ ,‬وأما‬
‫جدته لمه فقد تقدم ذكرها ‪ ,‬وهي لتي تفردت من بين‬
‫أسرته جميعا ً برثائه لها واحترامه الفخم ‪ ,‬وقال ‪:‬‬

‫ل لشيء إل لني‬ ‫) بيدي أيها المير الريب‬


‫غريب‬
‫ن‬
‫م لها إذا ذكرتني دم قلب في دمع عي ِ‬
‫ول ّ‬
‫يذوب (‪.‬‬
‫وتلك هي جدته اليت أخبرنا في شعره ‪ ,‬كما اخبرنا‬
‫الرواة أنها ماتت فرحا ً بكتاب جاءها منه بعد غيبة‬
‫طويله ‪ ,‬وغنك لواجد أثرها البليغ في حياته وسيرته‬
‫ولمس ثروة نفسه وحزنه عليها في قصيدته التي‬
‫مطلعها ‪:‬‬

‫فما بطشها‬ ‫) أل ل أرى الحداث مدحا ً ول ذما‬


‫جهل ول كفها حلما (‪.‬‬
‫وذكر بعض الرواة عن قوة الحفظ في المتنبي ‪,‬وهي‬
‫ان احد الوراقين أخبره أن ابا الطيب كان عنده يوما ً ‪,‬‬
‫فجاءا رجل بكتاب نحو من ثلثين ورقة ليبيعه ‪,‬فاخذ‬
‫أبو الطيب الكتاب وأقبل يراجع صفحاته فلما مل‬
‫صاحب الكتاب ذلك اسعجله قائل ً ‪ :‬يا هذا لقد عطلتني‬
‫عن بيعه‪,‬فإن كنت تبغى حفظه في هذه الفتره‬
‫القصيرة ‪,‬فذلك بعيد عليك ‪ .‬قال المتنبي ‪ :‬فإن كنت‬
‫حفظته فمالي عليك ؟ قال الرجل ‪ :‬اعطيكه ‪ .‬قال‬
‫الوراق ‪ :‬فامسكت الكتاب اراجع صفحاته والغلم يتلو‬
‫ما به حتى انتهى إلة آخره ‪ ,‬قم استلبه فجعله في كمه‬
‫ومضى لشأنه ‪(4).‬‬

‫)‪ ) (4‬كتاب شرح ديوان المتنبي وضعه عبد الرحمن‬


‫(‬ ‫ألبرقوقي‬

‫تابع سيرة المتنبي ‪) ,‬المتنبي وسيف الدوله الحمداني( ‪:‬‬

‫ظل باحثا ً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ول في‬


‫مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم‬
‫سيف الدولة سنة ‪ 336‬هـ‪ ،‬واتصل بسيف الدولة بن حمدان‪،‬‬
‫أمير وصاحب حلب ‪ ،‬سنة ‪ 337‬هـ وكانا في سن متقاربه‪،‬‬
‫فوفد عليه المتنبي وعرض عليه أن يمدحه بشعره على أل‬
‫يقف بين يديه لينشد قصيدته كما كان يفعل الشعراء فأجاز له‬
‫سيف الدولة أن يفعل هذا واصبح المتنبي من شعراء بلط‬
‫سيف الدولة في حلب‪ ،‬وأجازه سيف الدولة على قصائده‬
‫بالجوائز الكثيرة وقربه إليه فكان من أخلص خلصائه وكان‬
‫بينهما مودة واحترام‪ ،‬وخاض معه المعارك ضد الروم‪ ،‬وتعد‬
‫سيفياته أصفى شعره‪ .‬غير أن المتنبي حافظ على عادته في‬
‫أفراد الجزء الكبر من قصيدته لنفسه وتقديمه إياها على‬
‫ممدوحة‪ ،‬فكان أن حدثت بينه وبين سيف الدولة جفوة وسعها‬
‫كارهوه وكانوا كثرا ً في بلط سيف الدولة ‪.‬‬
‫ازداد أبو الطيب اندفاعا ً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف‬
‫الدولة أن يلتقط أنفاسه‪ ،‬وظن أنه وصل إلى شاطئه الخضر‪،‬‬
‫وعاش مكرما ً مميزا ً عن غيره من الشعراء في حلب ‪ .‬وهو ل‬
‫يرى إل أنه نال بعض حقه‪ ،‬ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر‬
‫من حقه‪ .‬وظل يحس بالظمأ إلى الحياة‪ ،‬إلى المجد الذي ل‬
‫يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده‪ ،‬إلى أنه مطمئن إلى‬
‫إمارة حلب العربية الذي يعيش في ظلها وإلى أمير عربي‬
‫يشاركه طموحه وإحساسه‪ .‬وسيف الدولة يحس بطموحه‬
‫العظيم‪ ،‬وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه‬
‫أن يلقي شعره قاعدا ً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين‬
‫بين يدي المير‪ ،‬واحتمل أيضا ً هذا التمجيد لنفسه ووضعها‬
‫أحيانا ً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه‪ .‬ولربما احتمل على‬
‫مضض تصرفاته العفوية‪ ،‬إذ لم يكن يحس مداراة مجالس‬
‫الملوك والمراء‪ ،‬فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من‬
‫الحيان‪.‬‬
‫وفي المواقف القليلة التي كان المتنبي مضطرا لمراعاة الجو‬
‫المحيط به‪ ،‬فقد كان يتطرق إلى مدح آباء سيف الدولة في‬
‫عدد من القصائد‪ ،‬ومنها السالفة الذكر‪ ،‬لكن ذلك لم يكن‬
‫إعجابا باليام الخوالي وإنما وسيلة للوصول إلى ممدوحه‪ ،‬إذ ل‬
‫يمكن فصل الفروع عن جذع الشجرة وأصولها‪ ،‬كقوله‪:‬‬

‫من تغلب الغالبين الناس منصبه‬


‫دي أعادي الجبن والبخل‪(5).‬‬
‫ومن ع ّ‬

‫)‪ ) (5‬من منتديات ‪ :‬نويكيبيديا ‪ ،‬الموسوعة الحرة) ‪..‬‬

‫تابع سيرة المتنبي ‪ ) :‬خيبة المل وجرح‬


‫الكبرياء ( ‪..‬‬

‫أحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه‪ ،‬وكانت‬


‫الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض‪،‬‬
‫وعنه إلى سيف الدولة بأشياء ل ترضي المير‪ .‬وبدأت‬
‫المسافة تتسع بين الشاعر والمير‪ ،‬ولربما كان هذا‬
‫التساع مصطنعا ً إل أنه اتخذ صورة في ذهن كل‬
‫منهما‪ .‬وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية المير‪،‬‬
‫وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ‬
‫يشعر بأن فردوسه الذي لح له بريقه عند سيف الدولة‬
‫لم يحقق السعادة التي نشدها‪ .‬وأصابته خيبة المل‬
‫لعتداء ابن خالويه عليه بحضور سيف الدولة حيث‬
‫رمى دواة الحبر على المتنبي في بلط سيف الدولة‪،‬‬
‫فلم ينتصف له سيف الدولة‪ ،‬ولم يثأر له المير‪ ،‬وأحس‬
‫بجرح لكرامته‪ ،‬لم يستطع أن يحتمل‪ ،‬فعزم على‬
‫مغادرته‪ ،‬ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه‪ ،‬وإنما‬
‫أراد أن يمضي بعزمه‪ .‬فكانت مواقف العتاب الصريح‬
‫والفراق‪ ،‬وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة‬
‫‪ 345‬هـ ومنها‪) :‬ل تطلبن كريما ً بعد رؤيته(‪ .‬بعد تسع‬
‫سنوات ونيف في بلط سيف الدولة جفاه المير‬
‫وزادت جفوته له بفضل كارهي المتنبي ولسباب غير‬
‫معروفة قال البعض أنها تتعلق بحب المتنبي المزعوم‬
‫لخولة شقيقة سيف الدولة التي رثاها المتنبي في‬
‫قصيدة ذكر فيها حسن مبسمها‪ ،‬وكان هذا مما ل يليق‬
‫عند رثاء بنات الملوك‪ .‬إنكسرت العلقة الوثيقة التي‬
‫كانت تربط سيف الدولة بالمتنبي‪.‬‬
‫فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له‪ ،‬وإنما‬
‫كره الجو الذي مله حساده ومنافسوه من حاشية‬
‫المير‪ .‬فأوغروا قلب المير‪ ،‬فجعل الشاعر يحس بأن‬
‫هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد‪ ،‬وجعله‬
‫يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت‬
‫كبرياؤه للضيم‪ .‬فغادر حلب‪ ،‬وهو يكن لميرها الحب‪،‬‬
‫لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب‪ ،‬ولم يقف منه‬
‫موقف الساخط المعادي‪ ،‬وبقيت الصلة بينهما‬
‫بالرسائل التي تبادلها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة‬
‫وبعد ترحاله في بلد عديده بقي سيف الدولة في‬
‫خاطر ووجدان المتنبي ‪(6).‬‬

‫)‪ ) (6‬من منتديات ‪ :‬رعودى توب ) ‪..‬‬


‫تابع سيرة المتنبي ‪) :‬المتنبي و كافور‬
‫الخشيدي( ‪..‬‬

‫الشخص الذي تل سيف الدولة الحمداني أهمية في‬


‫سيرة المتنبي هو كافور الخشيدي‪ .‬فقد فارق أبو‬
‫الطيب حلبا ً إلى مدن الشام ومصر وكأنه يضع خطة‬
‫لفراقها ويعقد مجلسا ً يقابل سيف الدولة‪ .‬من هنا‬
‫كانت فكرة الولية أمل في رأسه ظل يقوي‪ .‬دفع به‬
‫للتوجه إلى مصر حيث )كافور الخشيدي( ‪ .‬و كان‬
‫مبعث ذهاب المتنبي إليه على كرهه له لنه طمع في‬
‫ولية يوليها إياه‪ .‬و لم يكن مديح المتنبي لكافور‬
‫صافيًا‪ ،‬بل بطنه بالهجاء و الحنين إلى سيف الدولة‬
‫الحمداني في حلب ‪ ،‬فكان مطلع أول قصيدته مدح بها‬
‫كافور‪:‬‬
‫كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ً‬
‫وحسب المنايا أن يكن أمانيا‬
‫فكأنه جعل كافورا الموت الشافي والمنايا التي تتمنى‬
‫ومع هذا فقد كان كافور حذرًا‪ ،‬فلم ينل المتنبي منه‬
‫مطلبه‪ ،‬بل إن وشاة المتنبي كثروا عنده‪ ،‬فهجاهم‬
‫المتنبي‪ ،‬و هجا كافور و مصر هجاء مرا ومما نسب إلى‬
‫المتنبي في هجاء كافور‪:‬‬
‫ل تشتري العبد إل والعصا معه‬
‫إن العبيد لنجــاس مناكــيد‬
‫نامت نواطير مصر عن ثعالبها‬
‫وقد بشمن وما تفنى العناقيد‬
‫ل يقبض الموت نفسا من نفوسهم‬
‫إل وفي يده من نتنها عود‬
‫من علم السود المخصي مكرمة‬
‫أقومه البيض أم آباؤه السود‬
‫أم أذنه في يد النخاس دامية‬
‫أم قدره وهو بالفلسين مردود‬
‫و استقر في عزم أن يغادر مصر بعد أن لم ينل مطلبه‪،‬‬
‫فغادرها في يوم عيد‪ ،‬و قال يومها قصيدته الشهيرة التي‬
‫ضمنها ما بنفسه من مرارة على كافور و حاشيته‪(7)،‬‬

‫)‪ ) (7‬من منتديات ‪ :‬نويكيبيديا ‪ ،‬الموسوعة الحرة) ‪..‬‬

‫تابع ‪ ) ..‬المتنبي وكافور الخشيدي (‪..‬‬

‫و التي كان مطلعها‪:‬‬


‫عيد بأية حال عدت يا عيد‬
‫بما مضى أم لمر فيك تجديد‬
‫ويقول فيها أيضا‪:‬‬
‫إذا أردت كميت اللون صافية‬
‫وجدتها وحبيب النفس مفقود‬

‫ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه‬


‫د‬
‫سو ُ‬
‫ح ُ‬
‫م ْ‬
‫ه َ‬‫من ْ ُ‬
‫ك ِ‬
‫أني لما أنا شا ٍ‬
‫وفي القصيدة هجوم شرس على كافور وأهل مصر بما وجد‬
‫منهم من إهانة له وحط منزلته وطعنا في شخصيته ثم إنه بعد‬
‫مغادرته لمصر قال قصيدةً يصف بها منازل طريقه وكيف أنه‬
‫قام بقطع القفار والودية المهجورة التي لم يسلكها أحد قال‬
‫في مطلعها‪:‬‬
‫أل كل ماشية الخيزلى‬
‫فدى كل ماشية الهيدبى‬

‫وكل ناجة بجاوية‬


‫خنوف وما بي حسن المشى‬
‫وقال يصف ناقته‪:‬‬
‫ضربت بها التيه ضرب القمار‬
‫إما لهذا وإما لنا‬
‫لذا فزعت قدمتها الجياد‬
‫وبيض السيوف وسمر القنا‬
‫وهي قصيدة يميل فيها المتنبي إلى حد ما إلى الغرابة في‬
‫اللفاظ ولعله يرمي بها إلى مساواتها بطريقه ‪ .‬لم يكن سيف‬
‫الدولة وكافور هما من اللذان مدحهما المتنبي فقط‪ ،‬فقد‬
‫قصد امراء الشام و العراق وفارس‪ .‬و بعد عودته إلى الكوفة‪،‬‬
‫زار بلد فارس‪ ،‬فمر بأرجان‪ ،‬ومدح فيها ابن العميد‪ ،‬وكانت له‬
‫معه مساجلت‪ .‬و مدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في‬
‫شيراز و ذالك بعد فراره من مصر إلى الكوفة ليلة عيد النحر‬
‫سنة ‪ 370‬هـ‪(8) .‬‬

‫)‪ ) (8‬من منتديات ‪ :‬نويكيبيديا ‪ ،‬الموسوعة الحرة) ‪..‬‬

‫تابع سيرة المتنبي ‪ ) :‬مقتله ( ‪..‬‬

‫كان المتنبي قد هجا ضبة بن يزيد السدي العيني‬


‫بقصيدة شديدة مطلعها‪:‬‬

‫قوم ضبه ُ‬
‫ه الطّْرطُب ّ ْ‬
‫ه‬ ‫م ُ‬
‫وأ ّ‬
‫ّ ْ َ‬ ‫ف ال َ ْ ُ‬
‫ص َ‬
‫ما أن ْ َ‬
‫َ‬

‫ه‬
‫حب ّ ْ‬
‫م َ‬
‫ةل َ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫قْلــ ُ‬
‫ت َر ْ‬ ‫قل ْ ُ‬
‫ت ما ُ‬ ‫ما ُ‬
‫وإن ّ َ‬
‫َ‬

‫دا يريد الكوفة‪ ،‬وكان في جماعة‬‫فلما كان المتنبي عائ ً‬


‫سد وغلمه مفلح‪ ،‬لقيه فاتك بن أبي‬ ‫منهم ابنه مح ّ‬
‫ضا‪.‬‬
‫جهل السدي‪ ،‬وهو خال ضّبة‪ ،‬وكان في جماعة أي ً‬
‫قتل المتنبي وابنه محشد وغلمه‬ ‫فاقتتل الفريقان و ُ‬
‫ي بغداد‪.‬‬
‫مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول غرب ّ‬
‫قصة قتله أنه لما ظفر به فاتك‪ ...‬أراد الهرب فقال له‬
‫ابنه‪ ...‬اتهرب وأنت القائل‬

‫الخيـل والـليل والبـيداء تعرفـني‬


‫والسيف والرمح والقرطاس والقلم‬

‫فقال المتنبي‪ :‬قتلتني ياهذا‪ ,‬فرجع فقاتل حتى قتل‪.‬‬


‫ولهذا اشتهر بأن هذا البيت هو الذي قتله‪ .‬بينما الصح‬
‫أن الذي قتله هو تلك القصيدة‪(9).‬‬

‫)‪ ) (9‬من منتديات ‪ :‬نويكيبيديا ‪ ،‬الموسوعة الحرة) ‪..‬‬

‫الفصل الثاني ‪) :‬أشعاره( ‪..‬‬


‫المبحث الول ‪ ) :‬مساوئ أشعار المتنبي( ‪..‬‬
‫ل شك أنه ما من إنسان مجرد من العيوب والنقائص ‪..‬‬
‫وأن ل أحد يصل إلى الكمال ‪ ..‬فل بد من نقص‬
‫وتقصير ‪ ..‬ول بد من زلل وخطأ ‪ ..‬وصدق الشاعر إذا‬
‫يقول ‪: ..‬‬

‫من ذا الذي ترضى سجاياه كلها‬


‫كفى المرء نبل أن تعد معايبه‬

‫ومع شده إعجابي بشعر المتنبي ‪ ..‬إل أن نتاج المتنبي‬


‫الدبي تعرض أيضا لما يسوءه ويشوبه من عدة‬
‫وجوه ‪..‬‬

‫فـ من الوجه الول أن عيب على المتنبي كونه يبالغ‬


‫بالمدح لدرجة تأليه الممدوح ‪ ..‬ويعليه عن أنسانيته‬
‫ويبرز له من الخصائص ما ل يمكن تصورها إل للله جل‬
‫في عله ‪..‬‬

‫ومن ذلك قوله ما دحا "جعفر بن كيغلغ" ‪: ..‬‬

‫يا من ألوذ بـه فيمـا أؤملـه‬


‫ومن أعوذ بـه ممـا أحـاذرهُ‬

‫ل يجبر الناس عظما أنت كاسره‬


‫ه‬
‫ول يهيضون عظما أنت جابـر ُ‬
‫ويروى أن أبن تيمية ‪-‬رحمه الله‪ -‬كان يقول ما معناه‬
‫أنه يذكر هذان البيتان وهو في سجوده تضرعا بهما لله‬
‫‪ ..‬لعلمه أن مثل هذه المعاني ل تصح إل لله تبارك‬
‫وتعالى ‪(10) ..‬‬

‫)‪ )(10‬من منتديات ‪ :‬طيور الحب (‬

‫تابع المبحث الول ‪ ) :‬مساوئ المتنبي( ‪..‬‬


‫ومما أخذ على المتنبي كونه كثير النتحال بالشعار‬
‫لمعاني الخرين ‪ ..‬حتى يروى أنه سرق المعاني من‬
‫أكثر من ‪ 40‬شاعرا ‪ ..‬وأختص بالسرقة التامه من‬
‫أشعار "أبو تمام" ‪ ..‬و ‪" ..‬البحتري" ‪ ..‬ويروى أنه عندما‬
‫قتل على يد فاتك السدي وجد بحوزته ديوانا أبو تمام‬
‫والبحتري ووجدوا على الحواشي علمه على كل بيت‬
‫تمت سرقته وسلخ معناه ‪..‬‬

‫ومن شواهد ذلك ‪ ..‬قول المتنبي ‪: ..‬‬

‫أرى الصبح فيها منذ فارقت مظلما‬


‫فإن ُأبت صار الليل أبيض ناصعـا‬

‫والذي قد أخذه من قول أبو تمام ‪: ..‬‬

‫ض‬‫وكانت وليس الصبح فيها بأبي ٍ‬


‫وأضحت وليس الليل فيها بأسوِد‬

‫ومنه أيضا قول المتنبي ‪: ..‬‬

‫وعظم قدرك في الفاق أوهمني‬


‫أني لقلة مـا أثنيـت أهجوكـا‬

‫والذي أخذه من قول البحتري ‪: ..‬‬

‫جل عن مذهب المديح فقد كا‬


‫د يكون المديح فيك هجـاء‬

‫إلى آخر البيات التي أحصيت بالكثير من كتب النقد‬


‫ككتاب "المتنبي وشوقي وإمارة الشعر" لـ عباس‬
‫حسن ‪ ..‬وك‬

‫تاب "الكشف عن مساوئ المتنبي‪.‬‬


‫)‪(11‬‬

‫)‪ ) (11‬من منتديات ‪ :‬طيور الحب (‬

‫المبحث الثاني ‪ ) :‬نموذج من أشعاره ( ‪..‬‬


‫كان تسليمه وداعا ً‬
‫أول شعر نظمه ارتجال قوله وهو صبي ‪:‬‬

‫بأبي من وددته وافترقنا وقضى الله بعد ذاك‬


‫اجتماعا‬
‫كان تسليمه علي‬ ‫فافترقنا حول ً فلما التقينا‬
‫وداعا ً‬

‫كفى بجسمي نحول‬


‫قال أيضا في صباه ‪:‬‬

‫وفرق‬ ‫أبلى الهوى أسفا ً يوم النوى بدني‬


‫ن‬
‫الهجر بين الجفن والوس ِ‬
‫أطارت الريح عنه‬ ‫ل إذا‬
‫ل الحل ِ‬
‫روح تردد في مث ِ‬
‫الثوب لم يبن‬
‫لول مخاطبي‬ ‫كفى بجسمي نحول ً انني ر ُ‬
‫جل‬
‫إياك لم ترني‬

‫الوفرة الحسنه‬
‫قيل له وهو في المكتب ‪:‬‬

‫أحسن هذه الوفرة ! فقال ‪:‬‬

‫ل تحسن الوفرة حتى ترى منشورة الضفرين‬


‫يوم القتال‬
‫يعلها من كل وافي‬ ‫على فتى معتقل صعده‬
‫السبال ‪(12).‬‬

‫)‪ )(12‬من كتاب ديوان المتنبي ‪ ,‬دار صادر بيروت ( ‪.‬‬

‫تابع المبحث الثاني ) نموذج من أشعاره ( ‪..‬‬

‫جارية بل روح‬
‫وأدبرت فوقفت خذاء أبي الطيب ‪ ,‬فقال ‪:‬‬

‫بالقلب من حبها تباريح‬ ‫جارية ما لجسمها روح‬


‫لكل طيب من طيبها‬ ‫في كفها طاقة تشير بها‬
‫ريح‬
‫ودمع عيني في‬ ‫سأشرب الكأس عن إشارتها‬
‫الخد مسفوح‬

‫ليس تصلح للعناق‬


‫ووصفها يشعر كثير وهجاها بمثله لكنه‬

‫لم يحفظ فخجل ابن كروس وأمر بدر برفعها فرفعت ‪ ,‬فقال ‪:‬‬

‫سوى أن ليس تصلح للعناق‬ ‫وذات غدائر ل عيب فيها‬


‫وإن زارت فعن غير‬ ‫إذا هجرت فعن غير اختيار‬
‫اشتياق‬
‫وما ألمت لحادئة الفراق‬ ‫أمرت بأن تشال ففارقتنا‬

‫أنا الذهب‬
‫ثم ألتفت إلى بدر وقال ‪ :‬ماحملك أيها المير على ما فعلت ؟‬
‫فقال ‪ :‬أردت نفي الظنة عن أدبك‪ ,‬فقال ‪:‬‬

‫وأنت أعظم‬ ‫زعمت انك تنفي الظن عن أدبي‬


‫أهل الرض مقدارا‬
‫يزيد في السبك‬ ‫إني أنا الذهب المعروف مخبره‬
‫للدينار دينارا ‪(13).‬‬

‫)‪ )(13‬من كتاب ديوان المتنبي ‪ ,‬دار صادر بيروت ( ‪..‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬

‫لم ألخص هذه الحياة المتعبة إل لجعل صلة بينها وبين‬


‫شعر المتنبي الغامض الوجدان فإذا نظرنا في طائفة‬
‫من شعر المتنبي تبين لنا أن بين حياته الخاصة وبين‬
‫هذا الشعر كثيًرا من التناسب‪ ،‬فمعظم شعر المتنبي‬
‫يكاد يكون صورة هذه الحياة التي ملئت بالتعب والقلق‬
‫والضطراب‪ .‬لم تكن الحياة في نظر أبي الطيب حياة‬
‫هدوء وراحة‪ .‬فالذين يريدون أن يعيشوا هذه العيشة‬
‫التي وصفها المتنبي ينبغي لهم أن يهيئوا أنفسهم‬
‫لكثير من الجهاد‪ .‬جاهد المتنبي في حياته فزاحم‬
‫ونازع وطاعن فكانت هذه الحياة المملوءة بالجهاد‬
‫والمزاحمة والمنازعة والمطاعنة ملء شعره‪ ،‬فهو لم‬
‫يصف هذا النوع من العيشة إل بعد أن جربه وقاسى‬
‫أهواله ولقي منه ما لقي‪ .‬فالحياة التي يريدها أبو‬
‫الطيب إنما هي الحياة السالمة من كل راحة ومن كل‬
‫ضيم‪ ،‬وإذا وازنا بين حياته الخاصة وبين فلسفته في‬
‫الحياة وجدنا صلة وثيقة بين هذين النوعين‪ .‬إنه لم‬
‫يذق الراحة كل عمره‪ .‬وإنه لم يتحمل الضيم في ظلل‬
‫سيف الدولة ول تحمله في ظلل كافور ول تحمله في‬
‫ظلل الوزير المهلبي‪ ،‬فالمتنبي يعرض لنا في شعره‬
‫نم ً‬
‫طا من تعب الحياة وجهدها ثم يضرب لنا مثل ً لهذا‬
‫النمط‪ .‬أما هذا المثل فهو حياته الخاصة من مبادئها‬
‫إلى خواتيمها‪ .‬علم نخاف الموت فقد يقتل العاجز‬
‫وهو آمن في سربه؟‪ .‬والمتنبي لم يخف الموت حتى‬
‫في اليام التي تفتر فيها العصاب ويميل فيها‬
‫النسان إلى الهدوء‪ .‬فقد قاتل لما تعرض له بنو ضبة‬
‫القتال الجديد فلم يجبن ولم يهرب‪.‬‬

‫ما أتعب حياة المتنبي!‬

You might also like