You are on page 1of 239

‫إعداد‪ :‬دكتور يحيي الجـمـل‬ ‫الجهة‪ :‬أستاذ‬

‫القانون العام كلية الحقوق – جامعة القاهرة‬

‫القضاء الدستوري في مصر‬

‫موجز الدراسة‬

‫الفصل الول المقدمات الضرورية لمكان وجود رقابة علي دستورية‬


‫القوانين‬

‫المبحث الول وجود دستور‬


‫‪ ...‬المبحث الثاني اليمان بمبدا المشروعية‬
‫المبحث الثالث وجود قضاء مستقل‬
‫الفصل الثاني مفهوم الرقابة علي دستورية القوانين واهم صور هذه‬
‫الرقابة‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫‪ ...‬المبحث الول الرقابة علي دستورية‬
‫‪ ...‬المبحث الثاني الرقابة علي دستورية‬
‫‪ ...‬المبحث الثالث الرقابة القضائية‬
‫القسم الثاني القضاء الدستوري في جمهورية مصر العربية‬

‫‪ ...‬الفصل الول رقابة دستورية القوانين‬


‫القضاء الدستوري المتخصص‬
‫أول ‪ :‬المحكمة العليا‬

‫تمهيد‬
‫اختصاصات المحكمة العليا‬
‫القضاء الدستوري المتخصص‬
‫ثانيًا‪:‬المحكمة الدستورية العليا‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫كيفية تكوين المحكمة‬
‫اختصاصات المحكمة الدستورية العليا‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫الختصاص الدستوري للمحكمة الدستورية العليا الرقابة القضائية علي‬
‫دستورية القوانين‬
‫أو الدعوى الدستورية‬

‫تمهيد وتقسيم‬
‫‪ ...‬كيفية اتصال المحكمة الدستورية‬
‫شروط قبول الدعوى الدستورية‬
‫موضوع الدعوى الدستورية‬
‫العيوب الدستورية‬
‫ملحق قانون المحكمة الدستورية العليا ومذكرته اليضاحية‬

‫قانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪1979‬‬


‫‪ ...‬بإصدار‬
‫هوامش‬

‫هوامش‬

‫موجز الدراسة‬

‫الشرعية الدستورية‬
‫‪ :‬مقدمة‬
‫الشرعية الدستورية تعني أن يكون الدستور بحسبانه القانون السمي في‬
‫بلد من البلد هو المرجع لتحديد مؤسسات الدولة واختصاصات هذه‬
‫‪ .‬المؤسسات والقائمين بتمثيلها المعبرين عن إرادتها‬
‫والدستور إذ يحدد سلطات الدولة ومؤسساتها يقتضي أن تكون تلك‬
‫السلطات والمؤسسات خاضعة للدستور عاملة في إطاره ل تعدوه ول‬
‫‪ .‬تخرج عليه‬
‫ومن هنا قيل أن الدستور تضعه " السلطة المؤسسة " في الدولة وان هذه‬
‫السلطات والمؤسسات داخل الدولة إنما هي سلطات مؤسسة والدولة‬
‫‪ .‬نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة المؤسسات‬
‫ومن المنطقي أن السلطة المؤسسة وما تضعه من دستور تأتى في وضع‬
‫اعلي واسمي من السلطات المؤسسة وما يصدر عنها من قوانين أو‬
‫‪ .‬قرارات أو حتى أحكام قضائية‬
‫كل سلطات الدولة الحديثة من تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع للدستور‬
‫بحسبان أن الدستور هو سند وجود هذه السلطات جميعًا وهو مصدر‬
‫شرعيتها فإذا كان ذلك كذلك فانه ل يتصور أن يصدر عن السلطات‬
‫التشريعية قانون يخالف الدستور وكذلك أيضا ل يجوز للسلطة التنفيذية أن‬
‫تصدر قرارات مخالفة للدستور الذي هو سند وجود هذه السلطة وهو الذي‬
‫‪ .‬أعطاها ما تمارسه من اختصاصات‬
‫كذلك السلطة القضائية مع الختلف بين طبيعتها وطبيعة السلطتين‬
‫الخريين بحسبانها سلطة غير منشئة فهي ل تشرع ول تسن قوانين ول‬
‫تصدر قرارات وأنها هي تفصل في منازعات تثور بين الناس وبعضهم أو‬
‫‪ .‬بين الناس وأجهزة الدولة أو حتى بين أجهزة الدولة نفسها‬
‫السلطة القضائية سلطة غير منشئة بهذا المعني وانما هي سلطة فصل في‬
‫‪ .‬المنازعات وهي تفصل في هذه المنازعات علي ضوء أحكام القانون‬
‫وأحكام القانون بالمعني الواسع أو عبارة سيادة القانون بمعني اعم تغني‬
‫‪ the rule of‬حكم أو سيادة القانون ‪ .‬وعبارة حكم القانون أو سيادته‬
‫عني سيادة القاعدة القانونية بمعناها الشامل والذي يبدا من اعلي ‪law‬‬
‫بالقاعدة الدستورية ثم تأتى القاعدة التشريعية ثم القرارات الدارية لئحية‬
‫أو فردية ول يتصور أن يوجد مبدأ سيادة القانون كامل إذا كان القضاء ل‬
‫يستطيع أن يتصدى لقاعدة قانونية سواء صدرت عن سلطة التشريع أو‬
‫‪ .‬عن سلطة التنفيذ لكي يعلن انها مخالفة للدستور أو موافقة له‬
‫هذا هو المفهوم العام البسيط للشرعية الدستورية ‪ .‬وهو مفهوم حديث‬
‫نسبياً ‪ .‬ذلك أن فكرة الدستور نفسها باعتباره القانون الساسي أو القانون‬
‫الذي يسمو علي غيره من القوانين هي فكرة ل يتجاوز عمرها قرنين من‬
‫‪ .‬الزمان إل قلي ً‬
‫ل‬
‫وقبل هذه المرحلة كانت الدولة تقوم أساسًا علي حكم الفرد وعلي إرادة‬
‫‪ .‬هذا الفرد الحاكم أو مجموعة الفراد الحاكمين‬
‫كان معني الشرعية يرجع إلى إدارة الملك أو إرادة المير أو إرادة‬
‫‪ .‬السلطان أو ما شئت من مسميات‬
‫كان كل ما يصدر عن هؤلء يعد مشروعًا ما داموا يتمتعون بسدة الحكم ‪.‬‬
‫‪ .‬وكانت إرادة الدولة آنذاك ترتبط بإرادتهم وتختلط بها‬
‫لم يكن الملك أو المير أو السلطات صاحب " اختصاص " يزاوله استنادًا‬
‫إلى قاعدة قانونية وانما كان يعتبر نفسه وكان يعتبر الناس هو " صاحب‬
‫السلطة " وليس معبرًا عنها أو ممثل لها كما يقال الن في ظل الشرعية‬
‫‪ .‬الدستورية أو في ظل مبدأ سيادة القانون‬
‫ومن هنا كان صحيحًا من ناحية الواقع ومن ناحية القانون ما قاله لويس‬
‫ذلك “ ‪ " “ I'ETATC'ENT MOI‬الرابع عشر ملك فرنسا " أن الدولة‬
‫أن الدولة كانت تختلط بشخص الحاكم من كل ناحية ‪ .‬ذمتها المالية هي‬
‫ذمته المالية ‪ .‬إرادتها هي إرادته ‪ .‬كلمته هي القانون والقانون هو كلمته ‪.‬‬
‫ومن هنا جاز للويس الرابع عشر أن يقول " أنا الدولة " وكان هذا القول‬
‫‪ .‬ليس من باب الفخر " والعنجهية " وانما كان تعبيرًا عن حقائق العصر‬
‫وبعد ذلك سارت الدولة في طريق طويل انتهت بان انفصلت إرادة الحاكم‬
‫عن إرادة الدولة ‪ .‬اصبح للدولة إرادتها واصبح الحاكم مجرد معبر عن‬
‫هذه الرادة ‪ .‬وهو ل يعبر عن هذه الرادة تعبيرا مزاجيا يعبر عنها وفقا‬
‫لقواعد معينة موضوعة ومعروفة سلفا ‪ .‬فان هو خرج عن هذه القواعد‬
‫‪ .‬فان تعبيره يكون غير مشروع‬
‫وصاحب ذلك وجود فكرة المؤسسة التي تعني وجود تنظيم مستمر له إطار‬
‫قانوني يستند إليه وله عاملون يمارسون اختصاصات المؤسسة وفقا‬
‫‪ .‬للطار الذي تحدده القواعد المنشئة لها‬
‫وتأكد ذلك كله – وجود مؤسسات وانفصال شخصية الحاكم عن شخصية‬
‫‪ .‬الدولة – عندما عرفت النسانية القواعد الدستورية‬
‫وكانت إنجلترا هي اسبق البلد لمعرفة القواعد الدستورية سواء عرفية أو‬
‫مكتوبة ولكن التجربة الدستورية البريطانية التي بدأت منذ القرن الثاني‬
‫عشر وتطورت تطورا بطيئا لم يكتمل إل في نهايات القرن التاسع عشر‬
‫وبدايات القرن العشرين ظلت بعيدة عن التأثير المباشر علي دول العالم‬
‫عدا المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية والتي أصبحت بعد ذلك "‬
‫الوليات المتحدة المريكية " وكان التطور الدستوري البريطاني منذ القرن‬
‫الثاني عشر وحتى القرن العشرين يسير في خط واضح ‪ .‬تقليص سلطات‬
‫الملوك وزيادة سلطات المجالس المنتخبة إلى أن وصل التطور إلى ذروته‬
‫واصبح الملك في إنجلترا مجرد رمز عار من كل السلطات صغيرها‬
‫وكبيرها ‪ .‬واصبح البرلمان وحكومته هو الذي يجمع السلطات جميعا في‬
‫‪ .‬قبضته‬
‫‪ the‬ولكن التجربة البريطانية رغم انها هي التي انبتت مبدأ سيادة القانون‬
‫إل أن تأثيرها في مضمون فكرة الشرعية الدستورية كان ‪rule of law‬‬
‫محدودا ‪ .‬ومرجع ذلك إلى أن القواعد الدستورية في بريطانيا كانت تصدر‬
‫عن البرلمان بالغلبية العادية ‪ .‬وكانت القوانين كذلك تصدر عن البرلمان‬
‫بالغلبية العادية مما يمكن معه القول انه من الناحية الشكلية فان القاعدة‬
‫الدستورية تتساوى مع القاعدة القانونية من حيث المصدر ‪ .‬حقا يبقي‬
‫للقاعدة الدستورية نوع من السمو الموضوعي ‪ .‬ولكن هذا السمو‬
‫الموضوعي – كما سنري – ليس هو المعول عليه عندما نتحدث عن‬
‫‪ .‬الشرعية الدستورية ورقابة دستورية القوانين‬
‫وكان لبد للتطور الحاسم في قضية الشرعية الدستورية أن ينتظر أمرين‬
‫هامين أما أولهما فقد كان إعلن الدستور المريكي في ‪ 17‬سبتمبر عام‬
‫‪ 1787 .‬الذي يعتبر اقدم دستور وضعي مكتوب‬
‫وأما ثانيهما وأبعدهما أثرا وتأثيرا فتلك هي الثورة الفرنسية التي بدأت‬
‫‪ .‬أحداثها عام ‪ 1789‬وأتى نقلت النظام السياسي كله من حال إلى حال‬
‫وليس من همنا هنا أن ندرس التطور الدستوري في أوربا بعد الثورة‬
‫الفرنسية أو في أمريكا بعد استقلل الوليات المتحدة وإعلن دستورها ‪.‬‬
‫هذا أمر يطول شرحه ويخرج عن النطاق المحدود لهذه الدراسة الذي‬
‫‪ .‬يعني أساسًا بموضوع الشرعية الدستورية‬
‫بل إن موضوع الشرعية الدستورية نفسه أوسع مدي من الهدف المحدد‬
‫الذي نقصد إليه في هذا المؤلف ‪ .‬وهو هدف اكثر تواضعًا من دراسة‬
‫الشرعية الدستورية بمعناها الشامل ولكنه هدف مرتبط بهذه الشرعية‬
‫أوثق ارتباط حتى أن تلزمهما يبدو واضحًا ‪ .‬ذلك الهدف هو دراسة مسالة‬
‫‪ .‬رقابة دستورية القوانين‬
‫‪ :‬تطور مسالة رقابة دستورية القوانين‬
‫ظل موضوع الرقابة علي دستورية القوانين " خصوصية " أمريكية طوال‬
‫القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين رغم عدم وجود قضاء‬
‫دستوري متخصص ولكن المحكمة العليا المريكية – التي هو بمثابة قمة‬
‫التنظيم القضائي في تلك البلد – أقرت لنفسها حق رقابة دستورية‬
‫القوانين منذ عام ‪ 1803‬في الحكم الشهير الذي أصدره القاضي مارشال‬
‫ل فيما بعد‬
‫‪ .‬والذي سنشير إليه علي نحو اكثر تفصي ً‬
‫لكن المر لم يستمر هكذا في القرن العشرين وبالذات في أعقاب الحرب‬
‫العالمية الولى حيث بدا مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين يجد إلى‬
‫بعض الدساتير التي صدرت في فترة ما بين الحربين ثم انتشر المبدأ بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية واصبح من المور المستقرة أن الدساتير الحديثة‬
‫‪ .‬في اغلبها تتبني مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين‬
‫وفي فترة ما بين الحربين رأت النمسا – ‪ – 1920‬أول محكمة دستورية‬
‫في أوربا ‪ .‬وكان فقه العلمة كلسن الفقيه الكبير وراء إنشاء هذه المحكمة‬
‫‪.‬‬
‫‪ .‬كذلك شاهدت تشيكوسلوفاكيا في نفس العام – ‪ – 1920‬الشيء ذاته‬
‫‪ .‬وفي عام ‪ 1931‬أنشئت محكمة دستورية في أسبانيا‬
‫وإذا كانت المحكمة النمساوية قد استقرت واستمرت فان المحكمتين‬
‫‪ .‬الخريين جارت عليهما تغيرات النظم السياسية واقتلعتهما من جذورهما‬
‫وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدا التطور الحقيقي والكبير في تبني‬
‫الدساتير الحديثة لمدا الرقابة علي دستورية القوانين ‪ :‬حدث ذلك في‬
‫جمهورية ألمانيا التحادية – آنذاك – عام ‪ 1949‬وفي إيطاليا عام ‪1948‬‬
‫‪ .‬حيث توجد في كل من البلدين واحدة من اقوي المحاكم الدستورية‬
‫وفي الدستور الفرنسي الصادر عام ‪ 1958‬تنظيم خاص للرقابة السابقة‬
‫‪ .‬علي دستورية القوانين‬
‫وفي عام ‪ 1975‬تبنت اليونان نظاما للرقابة علي دستوره القوانين وكذلك‬
‫فعلت أسبانيا بعد عودة النظام الديموقراطي إليها وأنشأت محكمة دستورية‬
‫عام ‪ 1978‬وفي عام ‪ 1980‬تبنت بلجيكا نظام الرقابة علي دستورية‬
‫‪ .‬القوانين أيضا‬
‫وهكذا انتشرت الرقابة علي دستورية القوانين في الغالبية العظمي من‬
‫‪ .‬البلد الوربية‬
‫وعندما اجتاح الستقلل القارة الفريقية في أعقاب حرب السويس عام‬
‫‪ 1956‬وبدء تصفية المبراطورية البريطانية والفرنسية اخذ كثير من‬
‫‪).‬الدساتير الحديثة بمبدا الرقابة علي دستورية القوانين )‪1‬‬
‫وعندما صدر دستور ‪ 1971‬في مصر نص في مادته ‪ 174‬علي إنشاء‬
‫‪ .‬المحكمة الدستورية العليا‬
‫وهكذا نري من بعيد كيف سار التطور الدستوري في هذا الشأن حتى انه‬
‫وصل إلى قلب القارة الفريقية والي شمالها وذلك بصرف النظر عن مدي‬
‫فعالية هذه الرقابة ومدي اليمان بها لدي النظمة الحاكمة في البلد‬
‫‪ .‬الحديثة الستقلل ومن ثم الحديثة العهد بالنظام الديموقراطي‬
‫والملحوظة التي نريد أن نبدأ بها قبل أن نختتم هذه المقدمة هي أن الرقابة‬
‫علي دستورية القوانين ليست مرتبطة ارتباط السبب بالنتيجة بوجود قضاء‬
‫دستوري متخصص فقد توجد الرقابة الدستورية حتى في غير وجود قضاء‬
‫دستوري متخصص كما كان ومازال الحال في الوليات المتحدة المريكية‬
‫وكما كان الحال في مصر قبل إنشاء القضاء المتخصص علي نحو ما‬
‫‪ .‬سنري‬
‫ولعله يحسن بنا في ختام هذه المقدمة أن نورد عبارة للستاذ الدكتور‬
‫احمد فتحي سرور ‪ " :‬الشرعية الدستورية هي الضمان العلى لسيادة‬
‫القانون علي سلطات الدولة ‪ ،‬فيها تتأكد سيادة القانون عليها ‪ .‬فبالشرعية‬
‫الدستورية يتم تنظيم السلطة وممارسة أعمالها في إطار المشروعية ‪.‬‬
‫ويدعم القضاء مبدأ الشرعية الدستورية خلل استقلله وحصانته لتصبح‬
‫‪ .‬القاعدة القانونية محورا لكل سلطة ‪ ،‬ورادعا ضد العدوان‬
‫وتعكس الشرعية الدستورية النظام السياسي للدولة ‪ .‬وهو في الدولة‬
‫القانونية ترتبط كل الرتباط بالنظام الديمقراطي وبسيادة القانون ‪ .‬ويدعم‬
‫ذلك كله قضاء دستوري يحمي الشرعية الدستورية فيدعم بذلك سيادة‬
‫‪).‬القانون )‪2‬‬
‫‪ :‬وسنمضي في دراستنا هذه علي النحو التالي‬
‫‪ .‬المقدمات الضرورية لوجود رقابة علي دستورية القوانين – ‪1‬‬
‫‪ .‬المفهوم العام لمعني الرقابة علي دستورية القوانين – ‪2‬‬
‫اختيار بعض أنظمة الرقابة من اجل نوع من الدراسة المقارنة – ‪3‬‬
‫‪ ) ) .‬الوليات المتحدة – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا – النمسا‬
‫الرقابة علي دستورية القوانين في مصر قبل إنشاء القضاء – ‪4‬‬
‫‪ .‬الدستوري المتخصص وبعده‬
‫وبال التوفيق‬

‫الفصل الول المقدمات الضرورية لمكان وجود رقابة علي دستورية‬


‫القوانين‬

‫المبحث الول وجود دستور‬

‫‪ :‬تمهيد‬
‫الرقابة علي دستورية القوانين ل توجد بالضرورة في كل الدول ‪ ،‬كذلك‬
‫فان الرقابة علي دستورية القوانين قد تقوم وتتولها المحاكم العادية حتى‬
‫في غير وجود قضاء دستوري متخصص ‪ ،‬واقدم تجربة في العالم‬
‫المعاصر في هذا الخصوص وهي تجربة الوليات المتحدة في رقابة‬
‫دستورية القوانين نشأت وتولتها المحاكم العادية وعلي رأسها المحكمة‬
‫العليا الفيدرالية ‪ ،‬ول يوجد في الدستور المريكي نص واضح يفرض هذا‬
‫الرقابة وانما هو اجتهاد قضائي محض ذلك الذي بني هذه الثروة القضائية‬
‫الضخمة في موضوع الرقابة علي دستورية القوانين وهي الثروة التي‬
‫استفاد منها القضاء الدستوري في أنحاء العالم المتحضر كله – ومحكمتنا‬
‫الدستورية العليا لم تتردد بدورها في الفادة من هذه الثروة كلما كان ذلك‬
‫ممكنا علي نحو ما سنري عندما ندرس التجربة المصرية في القضاء‬
‫‪ .‬الدستوري‬
‫ولكن الرقابة الدستورية عندما توجد – حتى عن طريق القضاء العادي‬
‫عندما ل يوجد قضاء دستوري متخصص – نفترض مقدمات ضرورية‬
‫‪ .‬ولزمة لمكان قيام هذه الرقابة‬
‫‪ :‬وهذه المقدمات الضرورية فيما نري هي‬
‫‪ .‬أ ( وجود دستور (‬
‫‪ .‬ب ( اليمان بمبدا المشروعية وسيادة القانون (‬
‫‪ .‬ج ( وجود قضاء مستقل (‬
‫‪ .‬ونبحث كل مقدمة من هذه المقدمات في مبحث خاص‬
‫المبحث الول وجود دستور‬
‫إذا وجدت دولة بغير دستور – وهو أمر نادر في العصر الحديث – فل‬
‫يمكن أن يكون في هذه الدولة قضاء أو رقابة علي دستورية القوانين –‬
‫‪ .‬ذلك أن غياب الصل يقتضي بالضرورة غياب الفرع‬
‫وجود " الدستور " هو المقدمة الضرورية لمكان وجود مثل هذه الرقابة‬
‫سواء قان بها قضاء دستوري متخصص أو قامت بها المحاكم العادية ‪،‬‬
‫ولكن ليس معني وجود الدستور في بلد من البلد أن يوجد فيها بالضرورة‬
‫رقابة علي دستورية القوانين ‪ ،‬ذلك أن هناك بلدا كثيرة يوجد فيها‬
‫‪ .‬الدستور ول يوجد فيها مثل هذه الرقابة‬
‫وإذا كان وجود دستور أمرا لزما وسابقا بالضرورة لمكان قيام رقابة‬
‫دستورية – فما هو معني الدستور ؟ وهل يمكن وجود هذه الرقابة في ظل‬
‫كل أنواع الدساتير المرنة منها والجامدة ؟‬
‫‪ :‬أول ‪ :‬معني الدستور‬
‫يثير فقهاء القانون الدستوري جدل طويل حول المذهب الموضوعي –‬
‫والمذهب الشكلي في معني القانون الدستوري ‪ .‬وليس يعنينا هنا أن نعالج‬
‫هذه القضية بتفصيل ‪ ،‬وانما يعنينا منها القدر الذي يتعلق بموضوعنا ‪:‬‬
‫‪ .‬موضوع القضاء الدستوري والرقابة علي دستورية القوانين‬
‫والدستور – علي أي حال – هو القانون الساسي في دولة ما – هو قمة‬
‫التنظيم القانوني في أي دولة ‪ .‬ول يتصور وجود قاعدة قانونية تسمو‬
‫علي الدستور وانما يتصور العكس بمعني سمو الدستور علي كل القواعد‬
‫‪ .‬القوانين الخرى‬
‫والدستور يتعلق بتنظيم الدولة باعتبارها مؤسسة المؤسسات السياسية أو‬
‫المؤسسة ألم لكل المؤسسات داخل الدولة من حيث كيفية تكوينها‬
‫واختصاصهتا وكيفية مباشرتها لهذه الختصاصات وحدود وضوابط هذه‬
‫الختصاصات ‪ ،‬كذلك علقة سلطات الدولة ببعضها ‪ ،‬وعلقتها بالمواطنين‬
‫‪ ،‬كذلك فان الدستور لبد وان يعني بحقوق المواطنين في مواجهة‬
‫‪ .‬السلطات العامة وكيفية حماية هذه الحقوق‬
‫‪ .‬هذا هو المعني العام الموجز للدستور‬
‫ولكن كما قدمنا فان الفقه الدستوري يفرق بين المعني الشكلي للدستور‬
‫والمعني الموضوعي له ‪ .‬فماذا يراد بذلك علي نحو موجز وما علقته بما‬
‫نحن فيه – ما علقته بموضوع الرقابة علي دستورية القوانين ؟‬
‫المعني الشكلي للدستور ينصرف إلى الوثيقة الدستورية ذاتها ل يعدوها‬
‫ومفهوم الدستور وفقا لهذا المعني هو انه عبارة عن القواعد القانونية‬
‫الواردة في الوثيقة التي تحوي النصوص الدستورية ‪ .‬وكل قاعدة ل‬
‫تضمها هذه الوثيقة ل تعد – بالمعني الشكلي – قاعدة دستورية ‪ .‬كذلك‬
‫فان كل قاعدة يتضمنها نص من نصوص هذه الوثيقة يعتبر في كل الحوال‬
‫‪ .‬قاعدة دستورية‬
‫‪ .‬هذا هو المعني الشكلي للدستور‬
‫وهذا المعني يثير لدي كثير من فقهاء القانون الدستوري تساؤلت تحمل‬
‫‪ .‬معني العتراض علي هذا التجاه الشكلي لمفهوم الدستور‬
‫أول هذه التساؤلت ‪ .‬هو ما يتعلق بقواعد قانونية ل شبهة في انها قواعد‬
‫أساسية تتصل بالتنظيم السياسي للسلطات العامة وترد هذه القواعد في‬
‫قوانين عادية مثل ذلك القوانين المتعلقة بالنتخاب والقوانين المتعلقة‬
‫بتنظيم السلطة القضائية ‪ ،‬وبالخص قانون المحكمة الدستورية عندما‬
‫يوجد مثل هذا القانون ‪ .‬هذه القواعد جميعا – في نظر هؤلء الفقهاء –‬
‫هي من صميم الموضوعات الدستورية حتى وان لم ترد في الوثيقة‬
‫الدستورية أي حتى إذا لم ترد ضمن المعني الشكلي للدستور ولبد من‬
‫دراستها عندما ندرس القانون الدستوري ونكتب عنه ‪ . .‬كذلك فان بعض‬
‫النصوص الجنائية سواء الموضوعية أو الجرائية تتعلق بحقوق دستورية‬
‫‪ .‬فما حكم هذه القواعد كلها ؟‬
‫كذلك تيساءل هؤلء المعترضون علي المعني الشكلي للدستور عن‬
‫النصوص الدستورية التي ترد في الوثيقة الدستورية – ومن ثم تعتبر‬
‫قاعدة دستورية بالمعني الشكلي – والتي تتحدث عن موضوعات غير‬
‫دستورية كإلغاء عقوبة العدام مثل في بعض البلد أو عن كون السرة‬
‫هي أساس التنظيم الجتماعي أو ما إلى ذلك ‪ ،‬هذه نصوص ل صلة لها‬
‫بالمعني الموضوعي للقانون الدستوري حتى وان وردت في الوثيقة‬
‫الدستورية ‪ ،‬ومن ثم فل تثريب علي الفقه الدستوري الذي يتصدى للكتابة‬
‫عن الدستور في بلد من البلد أن هو اغفل شرح مثل هذه النصوص أو‬
‫‪ .‬التعقيب عليها بحسبانها من الموضوعات غير الدستورية‬
‫وجملة ما يذهب إليه أصحاب هذه العتراضات من أنصار المذهب‬
‫الموضوعي هو أن القواعد الدستورية ل تتطابق دائما مع الوثيقة‬
‫الدستورية ‪ .‬فقد توجد قواعد دستورية ل تضمها الوثيقة الدستورية ‪-‬‬
‫قوانين النتخابات وتنظيم القضاء والقضاء الدستوري – وقد توجد علي‬
‫العكس في الوثيقة الدستورية من النصوص ما ل يعالج موضعا دستوريا‬
‫‪ .‬كالنص الذي ينص علي إلغاء عقوبة العدام مثل‬
‫ويري أصحاب هذا المذهب أن الخذ بالمعيار الموضوعي الذي ينظر إلى‬
‫موضوع القاعدة ل إلى شكلها هو الذي يجنينا هذه المشاكل الدستورية ول‬
‫‪ .‬يجعلنا اسري الوثيقة الدستورية‬
‫والحقيقة أننا نري مبالغة كبيرة في وضع المعيار الشكلي والمعيار‬
‫‪ .‬الموضوعي وضعا متقابل وكأنهما نقيضان ل يلتقيان‬
‫ونذهب إلى أن الوظيفة الدستورية في بلد الدساتير المكتوبة – وهي‬
‫توشك أن تشمل دساتير العالم كله عدا جزء من الدستور النجليزي وليس‬
‫كله – تعتبر المحور الساسي الذي تدور حوله القواعد الدستورية ‪ ،‬ومن‬
‫ثم الدراسات الدستورية ‪ .‬والمشرع الدستوري عندما يضع قاعدة معينة‬
‫في نصوص الدستور يريد أن يضفي علي هذه القاعدة ما للقواعد‬
‫الدستورية من أهمية ودرجة في مراتب التشريع ‪ ،‬كذلك فانه حين يخرج‬
‫قاعدة معينة من إطار النصوص الدستورية – مع ما قد يكون لها من‬
‫أهمية – يهدف من غير شك إلى نوع من المرونة بالنسبة لتلك القاعدة‬
‫‪ .‬بحيث تصبح إمكانية تعديلها ايسر مما لو تضمنتها الوثيقة الدستورية‬
‫وبالنسبة لموضوع القضاء الدستوري وما يتصل به من رقابة دستورية‬
‫القوانين فان التساؤل الذي يوجه لنصار المعيار الموضوعي بالنسبة‬
‫لمعني الدستوري يتعلق بما يرتبونه من اثر علي قولهم بان قاعدة ما‬
‫تعتبر قاعدة دستورية حتى أن وردت في قانون عادي ‪ :‬مثل القواعد‬
‫المتعلقة بالنتخابات أو القواعد المتعلقة بالمحكمة الدستورية نفسها عندما‬
‫‪ .‬ترد في قانون عادي‬
‫هل هذه القواعد تعتبر ضمن القواعد الدستورية ؟ وهل يعني ذلك – وفقا‬
‫للمعيار الموضوعي – انه ل يجوز تعديلها إل بذات الجراءات التي يعدل‬
‫بها الدستوري أو هل يثير الخروج عليها الحق في مراقبة دستورية‬
‫القوانين ؟‬
‫‪ .‬ل أحد يقول ذلك‬
‫كذلك ومن الناحية المقابلة الذين يقولون أن النص الدستوري الذي يلغي‬
‫عقوبة العدام في الجرائم السياسية في بعض الدساتير أو النص الذي‬
‫ينظم كيفية إصدار الموازنة العامة للدولة هذه النصوص غير الدستورية‬
‫بطبيعتها هل يجوز أن تلغي أو تعدل بقانون عادي إذا كان الدستوري‬
‫يتطلب لتعديله إجراءات خاصة ؟ ما أظن أن أحدا يقول بشيء من ذلك‬
‫‪ .‬أيضا‬
‫وهكذا نري انه مع أهمية تلك المناقشة الفقهية حول معني الدستور‬
‫واختلف الفقهاء بين مذهب موضوعي ومذهب شكلي فأننا ونحن بصدد‬
‫دراسة موضوع القضاء الدستوري والرقابة علي دستورية القوانين ل‬
‫نستطيع إل أن نتوقف عند الوثيقة الدستورية ‪ .‬كل نص ورد فيها فهو‬
‫نص دستور بصرف النظر عن موضوع الحكم الذي يتضمنه ذلك النص ‪.‬‬
‫وكل نص لم يرد في الوثيقة الدستورية فانه ل تنسحب عليه الحماية التي‬
‫‪ .‬قررها الدستور عندما يقرر رقابة دستورية القوانين‬
‫المعيار أذن هو الوثيقة الدستورية ‪ :‬أو كل نص يأخذ حكمها ومرتبتها‬
‫ودرجتها ‪ ،‬من ذلك مثل أن قانون توارث المارة في الكويت أضفى عليه‬
‫الدستور نفسه قيمة دستورية رغم انه لم يرد في الوثيقة الدستورية نفسها‬
‫‪.‬‬
‫لكن النصوص القانونية الخرى التي لم ترد في الوثيقة أو لم يمنحها‬
‫الدستور مرتبة الوثيقة الدستورية أيا كان الموضوع الذي تنظمه فأنها ل‬
‫تعبر فيما نحن بصدده مما يثير قضية الرقابة علي دستورية القوانين التي‬
‫‪ .‬هي موضوع القضاء الدستوري وجوهره‬
‫‪ .‬هذا عن معني الدستور‬
‫ولكن هل كل الدساتير تثور في ظلها قضية الرقابة علي دستورية القوانين‬
‫‪ – .‬هنا ننتقل التساؤل الثاني‬
‫هل كل الدساتير تثير موضوع رقابة دستورية القوانين أم أن ثمة دساتير‬
‫ل تثور في ظلها هذه القضية ؟‬
‫هنا تثور التفرقة بين الدساتير المرنة والدساتير الجامدة من ناحية ‪.‬‬
‫وتثور التفرقة بين السمو الموضوعي والسمو الشكلي للقواعد الدستورية‬
‫‪ .‬من ناحية أخرى‬
‫ومرونة الدستور أو جموده هي مسالة ل تتعلق بطريقة وضع الدستور ول‬
‫بأحكام الدستور الموضوعية وانما تتعلق أساسا بطريقة تعديل الدستور ‪.‬‬
‫الدساتير التي تقتضي لتعديلها إجراءات وأشكال اشد واقسي مما يتطلبه‬
‫تعديل القوانين العادية تعتبر دساتير جامدة ‪ .‬فهي جامدة أذن لن وسيلة‬
‫تعديلها ليست في سهولة ويسر تعديل القوانين العادية ولكنها ليست جامدة‬
‫بمعني أن قواعدها الموضوعية جامدة أو رجعية أو قديمة أو ما إلى ذلك‬
‫من أوصاف ‪ .‬ل شان لوصف الدستور بالمرونة أو الجمود بقواعد‬
‫الدستور الموضوعية وفلسفتها إنما يعد الدستور مرنا إذا كان القواعد‬
‫المطلوبة لتعديله هي ذات القواعد والجراءات المطلوبة لتعديل القوانين‬
‫العادية ‪ ،‬ويمكن للقانون العادي من ثم أن يعدل بعض قواعد الدستور كما‬
‫هو الحال في المملكة المتحدة ‪ .‬أمام الدساتير الجامدة فان تعديلها أو تعديل‬
‫بعض نصوصها يتطلب إجراءات مغايرة واكثر شدة وتعقيدا من تعديل‬
‫القواعد القانونية العادية ‪ ،‬ويمكن للقانون العادي من ثم أن يعدل بعض‬
‫قواعد الدستور كما هو الحال في المملكة المتحدة ‪ .‬أمام الدساتير الجامدة‬
‫فان تعديلها أو تعديل بعض نصوصها يتطلب إجراءات مغايرة واكثر شدة‬
‫وتعقيدا من تعديل القواعد القانونية العادية ‪ .‬ومن ثم فان القانون العادي ل‬
‫‪ .‬يستطيع أن يعدل قاعدة دستورية‬
‫‪ :‬هذا هو معني المرونة والجمود بالنسبة للدساتير‬
‫واشهر المثلة للدساتير المرنة الدستور البريطاني ذلك أن البرلمان‬
‫البريطاني وهو سلطة التشريع يملك أن يغير ويعدل في القواعد الدستورية‬
‫سواء كانت مكتوبة أو عرفية بنفس القواعد والجراءات والغلبية التي‬
‫يغير ويعدل بها القواعد القانونية العادية ‪ .‬يستطيع البرلمان البريطاني أن‬
‫يلغي النظام الملكي وان يحل محله النظام الجمهوري – نظريا – بنفس‬
‫القواعد والجراءات والغلبية التي يعدل بها قوانين المرور ‪ .‬والحقيقة أن‬
‫الدساتير المرنة تمثل الوضع النادر ذلك أن الغالبية العظمي من دساتير‬
‫دول العالم هي الن دساتير جامدة بمعني أن تعديل نصوص هذه الدساتير‬
‫يقتضي إجراءات خاصة ينص عليها الدستور نفسه وهي إجراءات تختلف‬
‫‪ .‬عن إجراءات تعديل القوانين العادية وتمتاز منها بالصعوبة والشدة‬
‫وهذا أمر مفهوم ذلك أن الدساتير يفترض فيها أن تكون اكثر ثباتا‬
‫واستقرارا من القوانين العادية ‪ .‬ذلك أن الدستور هو الذي يحدد أسس‬
‫النظام السياسي بل والقتصادي أيضا في بلد من البلد ويضع الفلسفة‬
‫الساسية التي يقوم عليها النظام وان يتغير النام نفسه في فترات‬
‫متسارعة متقاربة ‪ .‬حقا لم يقل أحد أن أحكام الدستور يجب أن تظل خالدة‬
‫أو دائمة فل شئ في الدنيا وفي عالم السياسة والنظم السياسية يمكن أن‬
‫‪ .‬يظل خالدا أو دائما ‪ ،‬ولكن ذلك شئ وسرعة التغيير وتلحقه شئ أخر‬
‫ومن هنا يمكن أن نقول أن استقرار النظام السياسي – ولو لفترة معينة –‬
‫يقتضي قدرا من الستقرار والستمرار في النظام الدستوري وهذا بدوره‬
‫يقتضي نوعا من الثبات في القواعد الدستورية وعدم إمكان تعديلها‬
‫وتغييرها بيسر علي نحو ما يحدث مع القوانين العادية ‪ .‬وهذا هو معني‬
‫‪ .‬جمود الدستور‬
‫وجمود الدستور بهذا المعني يؤدي إلى نتيجة لزمة هي أن قواعد‬
‫الدستور اسمي وأعل مرتبة من قواعد القوانين العادية ‪ .‬وان القوانين‬
‫‪ .‬العادية ل تستطيع أن تخرج علي حكم وضعه الدستور‬
‫‪ :‬وهذا هو الموضوع الذي ننتقل إلى معالجته‬
‫‪ :‬سمو القواعد الدستورية‬
‫القواعد الدستورية مرنة كانت أو جامدة ‪ ،‬عرفية أو مكتوبة تتربع علي‬
‫قمة النظام القانوني في الدولة ‪ ،‬ول يعلوها في النظام القانوني ما يعد‬
‫‪ .‬اسمي واقوي منها ذلك انها هي قمة القواعد القانونية واسماها واقواها‬
‫وسمو القواعد الدستورية علي كل ما عداها من قواعد قانونية قد يكون‬
‫‪ .‬سموا موضوعيا وشكليا في أن معا‬
‫‪ .‬وقد يكون سموا موضوعيا فقط‬
‫والسمو الموضوعي يتحقق بالنسبة لكل أنواع الدساتير في مواجهة كل‬
‫القواعد القانونية ذلك علي حين أن السمو الشكلي يقتصر علي الدساتير‬
‫‪ .‬الجامدة دون غيرها‬
‫‪ :‬ونلقي نظرة سريعة علي كل من صورتي السمو الدستوري‬
‫السمو الموضوعي للقواعد الدستورية‬
‫دستور الدولة هو قانونها الساسي أو هو قانون القوانين سواء كان ذلك‬
‫‪ .‬عرفيا أو مكتوبا ‪ ،‬مرنا أو جامدا‬
‫ول شك أن دستور الدولة يعكس فلسفتها السياسية والجتماعية أيا كانت‬
‫تلك الفلسفة ومن ثم فانه علي ذلك يعتبر الساسي الشرعي لكل النظمة‬
‫‪ .‬القانونية في الدولة‬
‫وإذا استرجعنا المفهوم الواسع الدستور ‪ . .‬فأننا سنري انه هو الذي يضم‬
‫القواعد الساسية التي تحدد سلطات الدولة واختصائها ‪ ،‬وعلقاتها‬
‫بالفراد ‪ .‬ومن هذا يتبين أن مضمون القواعد الدستورية يسمو بطبيعته‬
‫علي مضمون القواعد القانونية الخرى التي تصدر عن السلطات المذكورة‬
‫‪ .‬والدستور تعبير عن إرادة السلطة المؤسسة وهو الذي ينشئ السلطات‬
‫المؤسسة أو المنشاة في الدولة ويعطي كل منها اختصاصا معينا ل‬
‫تعدوهالسلطات المؤسسة أو المنشاة في الدولة ويعطي كل منها اختصاصا‬
‫معينا ل تعدوه)‪ . (3‬وعلي ذلك فالدستور في الدولة القانونية – التي‬
‫تنفصل فيها السلطة عن أشخاص الممارسين لها – هو مناط اختصاص‬
‫الهيئات العامة بتلك الدولة ‪ ،‬بحيث أن تلك السلطات إذا تعدت جدود‬
‫الختصاص المرسوم لها في الدستور انقبت من سلطة قانونية تستند إلى‬
‫‪ .‬الدستور إلى سلطة فعلية ل سند لها إل القوة المادية‬
‫ويترتب علي ذلك أن الختصاص الذي يمنحه الدستور لسلطة معينة ل‬
‫تستطيع تلك السلطة – بغير سند في الدستور – تنقله كليا أو جزئيا إلى‬
‫‪ .‬سلطة أخرى في الدولة‬
‫فالحكم ل يستطيع أن ينقل سلطة القضاء إلى أفراد الناي أو إلى لجان‬
‫‪ .‬إدارية‬
‫وإذا كان المثل السابق ل يثير خلفا فان ثمة صورة أخرى أثارت جدل‬
‫كثيرا ‪ ،‬تلك هي صورة التفويض في التشريع الذي يصدر عن السلطة‬
‫‪ .‬التشريعية إلى السلطة التنفيذية‬
‫وهناك شبه إجماع علي أن البرلمان ل يستطيع أن ينقل سلطة التشريع‬
‫‪ .‬كاملة إلى السلطة التنفيذية وإل كان معني ذلك هدم دستور الدولة‬
‫ولكن يستطيع البرلمان أن يفوض السلطة التنفيذية في إصدار قوانين‬
‫معينة في موضوعات معينة ؟ حدث في إنجلترا أن أعطى البرلمان سنة‬
‫‪ 1914‬تفويضا للحكومة تواجه به الطوارئ الناجمة عن الحرب عن‬
‫طريق اللوائح التشريعية العامة التي تصدرها وفي عام ‪ – 1920‬اصدر‬
‫البرلمان قانون سلطة الطوارئ الذي يوسع سلطات الحكومة التي منحها‬
‫‪ .‬لها عام ‪ 1914‬برغم أن الحرب كانت قد انتهت‬
‫ويذهب الفقيه الفرنسي جورج بيردو )‪ (4‬الذي يقف ضد التفويض في‬
‫السلطة ويراه خروجا علي مبدأ السمو الموضوعي للدستور إلى أن ذلك‬
‫التفويض الذي حدث في إنجلترا فيه جور علي القواعد الدستورية‬
‫الموضوعية ‪ ،‬وذلك رغم ما يمتاز به الدستور البريطاني من مرونة ‪،‬‬
‫اللهم إل أن يقال أن هذه القوانين التفويضية تحمل معني التعديل‬
‫‪ .‬الدستوري‬
‫وأيا كان الخلف حول هذه المسزلة – التفويض الجزئي في التشريع بغير‬
‫نص – فان السمو الموضوعي للقواعد الدستورية يبدو حقيقة وراء إثارة‬
‫هذه القضية ‪ ،‬إذ لو لم يكن هناك مثل هذا السمو الموضوعي لما أمكن أن‬
‫تثار هذه القضية خاصة في ظل الدساتير المرنة التي يمكن أن تعدل‬
‫‪ .‬بالتشريع العادي‬
‫وان كان الدستور البريطاني دستورا مرنا كما هو معروف ‪ ،‬وكان البرلمان‬
‫في إنجلترا هو صاحب السلطة غير المحدودة في تلك البلد ‪ ،‬حتى أن‬
‫فقيها انجليزيا معاصرا يري أن ما يقال من أن البرلمان في إنجلترا يملك‬
‫كل شئ إل أن يجعل المرآة رجل والرجل امرأة غير صحيح ‪ ،‬إذ أن‬
‫البرلمان البريطاني يملك حتى ذلك بان يعطي حقوق هذه لهذا وحقوق هذا‬
‫‪) .‬لهذه )‪5‬‬
‫إذا كان ذلك كله صحيحا من الناحية النظرية فعلي أي أساس يقول هذا‬
‫الفقيه نفسه انه مع كل هذه السلطة ومع مرونة الدستور البريطاني ‪ ،‬وان‬
‫كثيرا من قواعده هي جزء من القانون العام في المملكة ‪ ،‬فان البرلمان‬
‫البريطاني ل يملك – علي سبيل المثال ل الحصر – أن يحرم المسيحيين‬
‫الكاثوليك من حق النتخاب أو أن يحرم إنشاء النقابات العامة أو أن يلغي‬
‫‪) .‬النظام الحزبي )‪6‬‬
‫إن البرلمان البريطاني ل يستطيع ذلك فعل لن مبدأ السمو الموضوعي‬
‫للدستور يحول بينه وبين إمكانية إصدار تشريعات تؤدي إلى تلك النتائج‬
‫المشار إليها حتى مع مرونة الدستور البريطاني ‪ . .‬بل واكثر ممن ذلك فقد‬
‫عثرنا علي حكم صادر عام ‪ – 1960 /‬في بداية القرن السابع عشر –‬
‫يقرر صراحة أن قانونا صدر عن البرلمان ولكن المحكمة رأت أن هذا‬
‫“ ‪ “ against common right or reason‬القانون باطل لنه‬
‫هذا الحكم الصادر في القضية الشهيرة في الدراسات الدستورية البريطانية‬
‫يعتبره كثير من الدراسيين )‪ “ Bonham's case “(7‬المعروفة باسم‬
‫بمثابة الساس الذي بنت عليه المحاكم في الدويلت المريكية التي كانت‬
‫خاضعة للستعمار البريطاني بدايات مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين‬
‫‪ .‬بغير سند صريح في دساتير تلك الوليات‬
‫وكانت تلك البدايات في الدويلت المريكية أبان فترة الحتلل البريطاني‬
‫هي الساس الذي بني عليه الصرح الضخم الذي إقامته المحكمة العليا‬
‫‪ .‬والخاص بالرقابة علي دستورية القوانين‬
‫هذا هو ما يقصد إليه من أن مبدأ السمو الموضوعي للدستور هو مبدأ عام‬
‫ينطبق في الدولة القانونية أيا كان دستورها ‪ :‬عرفيا أو مكتوبا ‪ ،‬مرنا أو‬
‫‪ .‬جامدا‬
‫ويتبين من كل هذا الذي تقدم أن السمو الموضوعي للدستور يؤدي إلى‬
‫اتساع نطاق مبدأ المشروعية ‪ .‬وإذا كان ذلك المبدأ يعني ضرورة احترام‬
‫النصوص القانونية العادية سواء من جانب الفراد أو من جانب السلطات‬
‫العامة فان السمو الموضوعي للقواعد الدستورية يعني أن تكون كل‬
‫القواعد القانونية التي تتضمنها التشريعات العادية وكل تصرفات سلطات‬
‫‪ .‬الدولة في إطار الحدود والقواعد التي وضعها الدستور‬
‫إن الدستور هو الذي يحدد فلسفة نظام الحكم وأسسه وقواعده وكل ما‬
‫يبني علي هذه الفلسفة والسس والقواعد يجب أن يكون متفقا معها غير‬
‫‪ .‬خارج عليها ‪ .‬وهذا هو ما نعنيه بالسمو الموضوعي للقواعد الدستورية‬
‫ومبدأ السمو الموضوعي للقواعد الدستورية ل ترتب مخالفته بذاتها نتائج‬
‫قانونية محددة وان أدت في البلد ذات الوعي والتي يكون فيها للرأي العام‬
‫تأثير كبير إلى نتائج سياسية بالغة الهمية بل وبالغة الخطر مما قد يصل‬
‫إلى حد الثورة ذاتها باعتبار أن انتهاك مبدأ السمو الموضوعي للدستور‬
‫هو انتهاك لكل أسس الحياة السياسية ولك قواعد النظام السياسي الذي‬
‫‪ .‬يقيمه ذلك الدستور‬
‫ولكن الدساتير عادة ل تترك أمر سمو قواعدها لمجرد حماية الرأي العام‬
‫وانما تضع قواعد لضمان سمو هذه القواعد ‪ .‬وهنا نصل إلى الصورة‬
‫الخرى من صور السمو الدستوري ‪ .‬وهي صورة من السمو الشكلي‬
‫‪ .‬والذي يتضمن بالضرورة السمو الموضوعي أيضا‬
‫وإذا كان ما سبق هو أمر السمو الموضوعي للدستور فما هو المر‬
‫بالنسبة للسمو الشكلي ؟‬
‫‪ :‬السمو الشكلي للقواعد الدستورية‬
‫يتحقق السمو الشكلي للقواعد الدستورية علي القواعد القانونية العادية‬
‫في ظل الدساتير الجامدة تلك الدساتير التي ل يمكن تعديلها أو تغيير بعض‬
‫نصوصها بنفس الطريقة التي توضع وتعدل بها القوانين العادية وانما يلزم‬
‫لتعديلها إجراءات وأشكال وقواعد اقسي واشد من القواعد والجراءات‬
‫التي تعدل بها القوانين العادية ‪ .‬وبمقتضى قواعد التدرج في التشريع فان‬
‫القواعد الدستورية تأتى علي قمة القواعد القانونية بصفة عامة ومن ثم‬
‫فان ما يرد تحتها في سلم التدرج لبد وان يكون غير متعارض معها وإل‬
‫فقد " السمو الدستوري " معناه ومضمونه ذلك أن تعارض نص في‬
‫تشريع عادي مع نص دستوري يحمل في طياته معني أن القانون العادي‬
‫استطاع أن يعدل الدستور وهو المر الذي ل تجيزه طبيعة الدستور الجامد‬
‫‪ .‬ول مكانة النص الدستوري في القمة من النظام القانوني‬
‫السمو الشكلي أذن يعطي " معني السمو " بعدا قانونيا ل يكتفي بالبعد‬
‫الفلسفي والسياسي الذي يتضمنه السمو الموضوعي علي ما بينا من قبل‬
‫‪.‬‬
‫السمو الموضوعي للدستور يحققه ويحميه الرأي العام ووعي الحاكمين‬
‫والمحكومين بسمو القاعدة الدستورية وضرورة احترامها واتباع‬
‫أحكامها ‪ ،‬ولكن السمو الشكلي للقاعدة الدستورية ل يكتفي بما تقدم وانما‬
‫يوجد آليات قانونية تحمي القاعدة الدستورية من أن تخالف وتضمن‬
‫‪ .‬سموها علي سائر قواعد النظام القانوني‬
‫هذه الليات القانونية هي التي عن طريقها تتحقق وتمارس الرقابة علي‬
‫دستورية القوانين ‪ ،‬تلك الرقابة التي تؤدي إلى أن ل تخرج النصوص‬
‫القانونية العادية التي يضعها المشرع العادي عن القواعد الدستورية‬
‫الواردة في الوثيقة الدستورية والتي يعني خروجها علي القواعد‬
‫الدستورية إهدار معني سمو الدستور وهو المر الذي تريد الرقابة علي‬
‫‪ .‬دستورية القوانين أن تتفاداه‬
‫ولكن تلك الليات القانونية التي يقصد بها الدفاع عن مبدأ سمو الدستور‬
‫وما تؤدي إليه من رقابة لدستورية القوانين ليست صورة واحدة في كل‬
‫البلد ذات الدساتير الجامدة والتي تنشئ آليات قانونية معينة لرقابة‬
‫‪ .‬دستورية القوانين‬
‫وعلي ذلك وبعد أن ننتهي من دراسة المقومات الضرورية لوجود رقابة‬
‫علي دستورية القوانين نعرض للصور المختلفة لهذه الرقابة في النظمة‬
‫‪ .‬والبلد المختلفة‬
‫المبحث الثاني اليمان بمبدا المشروعية وسيادة القانون‬

‫ل يكفي وجود دستور وان يكون الدستور جامدا لقيام قضاء دستوري فعال‬
‫‪ .‬ومؤثر في بلد من البلد‬
‫وكثير من البلد فيها دساتير واغلب الدساتير جامدة ولكن مع ذلك ل يوجد‬
‫بها رقابة قضائية علي دستورية القوانين ‪ .‬ول يوجد بها من باب أولى‬
‫قضاء دستوري ‪ .‬والنظمة الدستورية ليست مجرد نصوص في وثائق ‪.‬‬
‫كثير من البلد الفريقية الحديثة الستقلل يوجد بها دساتير علي مستوي‬
‫رفيع من حيث الصياغة الدستورية بل انها تتكلم عن حقوق السنان‬
‫وحرياته علي نحو مبهر ‪ .‬ومع ذلك فل صلة لهذه الدساتير بالواقع الذي‬
‫يعيشه الناس من قهر ومصادرة للحريات ‪ .‬كذلك ل صلة لهذه الدساتير‬
‫بالنقلبات التي تحدث في تلك البلد من اجل الستيلء علي السلطة‬
‫‪ .‬وتحقيق الكثير من المغانم والكثير من إفقار الشعوب واضطهادها‬
‫النظمة الدستورية هي في جوهرها إيمان بدولة المؤسسات وإنهاء مفهوم‬
‫دولة الفرد وإيمان بان السلطة يمارسها أشخاص معينون وفقا لقواعد‬
‫معينة وان هؤلء الشخاص أن خرجوا علي القواعد القانونية المنظمة‬
‫لختصاصهم فقد خرجوا علي مبدأ المشروعية ‪ .‬وهذا بدوره هو معني‬
‫‪ .‬بمبدا المشروعية وسيادة القانون‬
‫وقد تكررت الشارة إلى دولة المؤسسات ويتعين أن نقدم لتلك الدولة‬
‫‪ .‬مفهوما بسيطا وواضحا‬
‫دولة المؤسسات هي تلك الدولة التي تنشا السلطات فيها وفقا لقواعد‬
‫قانونية سابقة تحدد كيفية إسناد السلطة إلى فرد أو أفراد معينين ‪ .‬ثم تحدد‬
‫القواعد القانونية بعد ذلك اختصاصات كل فرد أو مجموعة من الفراد أو‬
‫وجهة من الجهات أو هيئة من الهيئات تحديدا واضحا بحيث يكون‬
‫التصرف داخل هذه الختصاصات قانونيا ومشروعا ويكون التصرف خارج‬
‫هذه الختصاصات غير قانونية وغير مشروع ‪ .‬وهكذا يتضح ويتحددا مبدأ‬
‫المشروعية ويرتبط ارتباطا وثيقا بفكرة دولة المؤسسات وفكرة‬
‫‪).‬الختصاصات الذي يحدده القانون )‪8‬‬
‫هذا وقد أشار الستاذ الدكتور احمد فتحي سرور في مؤلفه القيم " الحماية‬
‫الدستورية للحقوق والحريات " )‪ (9‬إلى هذا المعني وأورد حكم المحكمة‬
‫الدستورية العليا الصادر بتاريخ ‪ 4‬يناير ‪ 1992‬في القضية رقم ‪ 22‬سنة‬
‫‪ 8‬قضائية دستورية الذي جاء فيه ‪ " :‬الدولة القانونية هي التي تتقيد في‬
‫جميع مظاهر نشاطها – وأيا كانت سلطاتها – بقواعد قانونية تعلو عليها‬
‫وتكون بذاتها ضابطا لعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة ذلك أن‬
‫ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لحد ولكنها تباشر نيابة عن‬
‫‪ " .‬الجماعة ولصالحها‬
‫وقد ألححنا كثيرا في كثير من مؤلفاتنا ومحاضراتنا وأحاديثنا عي هذا‬
‫‪ .‬الربط بين دولة المؤسسات ومبدأ المشروعية وسيادة القانون‬
‫وجمهور فقهاء القانون العام في فرنسا وفي مصر – وان لم يربطوا هذا‬
‫الربط الذي ذبهنا إليه منذ سنوات – فانهم مع ذلك قد أكدوا المضمون‬
‫الذي يربط بين الدولة القانونية من ناحية ومبدأ المشروعية من ناحية‬
‫‪ .‬أخرى‬
‫يري أن جوهر الشرعية هو خضوع ‪ duguit‬والفقيه الكبير العميد دوجي‬
‫كل تصرف لقاعدة القانون ‪ .‬وإذا كانت تصرفات الفراد وخضوعها‬
‫للقانون ل تثير جدل فان تصرفات السلطات العامة ووجود ما يلزمها علي‬
‫اتباع قاعدة القانون هو القضية الساسية بالنسبة لمبدأ المشرعية ‪ .‬ذلك‬
‫من أسباب رفضه لنظرية أعمال السيادة واعتبارها سبة في جبين القانون‬
‫‪ .‬العام‬
‫ويذهب الستاذان بارتلمي ودويز في مؤلفهما عن القانون الدستوري إلى‬
‫أن مبدأ المشروعية يعني سيطرة القانون وإعلن علوه وسموه وانتهاء‬
‫فكرة عدم خضوع السلطة للقانون ذلك أن خضوع السلطة للقانون وفرض‬
‫احترام القاعدة القانونية علي من إصدار تلك القاعدة طالما لم يلحقها‬
‫‪) .‬تعديل هو جوهر فكر المشروعية )‪10‬‬
‫‪ .‬ومبدأ المشروعية هو ومبدأ سيادة القانون وجهان لعملة واحدة‬
‫‪ :‬مبدأ سيادة القانون‬
‫سيادة القانون تعني أن القاعدة القانونية تأتى فوق إرادات الفراد جميعا‬
‫حاكمين أو محكومين وتلزمهم جميعا باتباع أحكامها ‪ . .‬فان لم يلتزموا –‬
‫خاصة الحكام – بالقاعدة القانونية انقلب تصرفهم المخالف للقانون إلى‬
‫تصرف غير قانوني وغير مشروع ‪ .‬وإذا كان خروج الحكام علي القانون‬
‫يمثل النمط العام كما هو الحال في كثير من بلد العالم الثالث انقلبت الدولة‬
‫‪ .‬من أن تكون دولة قانونية إلى دولة فعلية غير قانونية‬
‫كانت سلطة في الماضي تختلط بأشخاص الحكام بحيث إن إرادة الحاكم‬
‫كانت هي الفيصل أو هي القانون ‪ ،‬وبعد تطور طويل في سبيل تأكيد حرية‬
‫الشعوب ‪ ،‬وبعد أن استقر مبدأ أن الشعب هو صاحب السلطة وانه‬
‫مصدرها الصيل وان الحكام إنما يمارسون السلطة باسمه ويستمدونها‬
‫منه ‪ ،‬بعد أن استقر ذلك استقر معه مبدأ أخر ملزم له وناتج عنه وهو‬
‫الفصل بين شخصية الدولة وشخصية الحاكمين ‪ ،‬اصبح الحاكم يمثل‬
‫الدولة في النطاق الذي يحدده الدستور والقوانين ولم يعد الحاكم هو الدولة‬
‫‪ .‬كما كان يقول لويس الرابع عشر‬
‫لم يعد الحاكم فوق القانون وانما اصبح القانون فوق الرادات جميعا ‪،‬‬
‫اصبح القانون هو الذي يحكم جميع الرادات ويحدد لها أدوارها والنطاق‬
‫الذي تعمل فيه بحيث إذا تجاوزت الرادة ذلك النطاق لم تستطيع أن تحدث‬
‫‪ .‬أثرا قانونيا يعتد به واعتبر عملها نوعا من اغتصاب السلطة أو تجاوزها‬
‫وهذا الذي انتهي إليه التطور – بعد كفاح طويل لشعوب كثيرة – هو الذي‬
‫يعبر عنه بمبدا " سيادة القانون " وهكذا نستطيع أن نقول أن سيادة‬
‫القانون تعني أن ارادات الفراد – مهما علوا في مدارج السلطة هي‬
‫‪ .‬ارادات محكومة ‪ ،‬هي ارادات يحكمها القانون‬
‫هذا المبدأ بقدر اعتزاز الشعوب به فانه كثيرا ما يكون مصدر ضيق‬
‫لضيقي العقول من الحاكمين الذين تغيب عنهم دائما حقيقة انهم حاكمون‬
‫اليوم ومحكومون غدا ‪ ،‬وان الفترة التي يقضونها من حياتهم محكومين‬
‫هي أطول بكثير – في العادة – من الفترة التي يقضونها حاكمين ‪ ،‬وانهم‬
‫محكومين في حاجة ماسة – خاصة بالنسبة لولئك الذين يعيشون في‬
‫‪ .‬بوتقة الحياة العامة وأتونها – إلى حماية القانون‬
‫وما اكثر ما يتردد المبدأ علي السنة الحكام وما اكثر ما تضيق به قلوب‬
‫‪ .‬بعضهم في أن واحد‬
‫وفي فترة من فترات تاريخ نظام الحكم في مصر كانت الهوة بعيدة بين ما‬
‫‪ .‬يقال وما يمارس‬
‫وجري التطاول علي القانون حتى أن واحدا من المشاركين في السلطة‬
‫اباح لنفسه أن يقول علنا " انه أعطى القانون اجازه " – وفي ظل هذه‬
‫الظروف ل سيادة للقانون وانما السيادة لما تتمتع به السلطة من أدوات‬
‫‪ .‬القهر‬
‫ومن هنا كان حرص دستور ‪ 1971‬علي أن يؤكد هذه المعاني جميعا التي‬
‫يفترض انها اصل أصيل في قيام الدولة الحديثة – حتى يغير نص – وان‬
‫يقررها واضحة ل لبس فيها بل وان يرتب بعض النتائج الهامة التي تمس‬
‫‪ .‬مساسا مباشرا بحياة المواطنين وحرياتهم وأمنهم‬
‫يقول الدستور " سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " ) م ‪ ( 64‬ثم‬
‫‪ ) .‬يردف علي ذلك قوله " تخضع الدولة للقانون " ) م ‪65‬‬
‫ولكن واضعي الدستور ولهم من تجاربهم ما يدلهم علي أن تأكيد المبدأ ل‬
‫يكفي وحده لحترام المبدأ والعمل به لذلك حرصوا علي أن يحيطوا المبدأ‬
‫‪ .‬نفسه بضمانات تؤدي إلى حمايته وصيانته وتأكيد العمل به‬
‫ولكننا نحب قبل أن نعرض لهذه الضمانات التي رتبها الدستور لحماية‬
‫ودعم مبدأ " سيادة القانون " نحب أن نقول أن الحماية الحقيقية لهذا‬
‫المبدأ تكمن في وعي الرأي العام وقوته من ناحية ‪ ،‬وفي حرص كل سلطة‬
‫علي أن توازن السلطة الخرى ‪ ،‬وعلي أن ل تقصر فيما منح لها من‬
‫سلطات ول أن تتجاوز هذه السلطات من ناحية ثانية ‪ ،‬كذلك ومن ناحية‬
‫ثالثة اكثر أهمية – خاصة في دول العالم الثالث – أن يستقر في أذهان‬
‫الحكام انهم يؤدون دورا في حياة بلدهم ‪ ،‬وان هذا الدور موقوت لن‬
‫العمر كله موقوت ‪ ،‬وقلما استغرق ذلك الدور العمر كله ‪ ،‬وانهم هم‬
‫أنفسهم اكثر الناس حاجة – عندما تختلف الدوار وتختلف المقاعد وكثيرا‬
‫ما تختلف – أحوج الناس لحماية القانون وأكثرهم إفادة من مبدأ سيادة‬
‫‪ .‬القانون‬
‫علي أي حال فان الدستور لم يكن في طاقته أن يفعل اكثر مما فعل ‪ . .‬إذ‬
‫قرر اصل المبدأ في المادة الرابعة والستين وصدر المادة الخامسة‬
‫والستين ‪ .‬ثم رتب فيما تلي ذلك من مواد نتائج وضمانات لحماية المبدأ‬
‫‪ .‬وتأكيده‬
‫وأول النتائج التي ساقها الدستور – بعد تقرير المبدأ – هي تأكيد استقلل‬
‫القضاء وحصانته ‪) .‬م‪ (65‬كذلك فان الدستور قد حرص علي أن يهدم كل‬
‫الحواجز التي تحول بين المواطن وحق اللتجاء إلى قاضيه الطبيعي –‬
‫وذلك في عبارة واضحة غير محتاجة لتفسير أو تأويل وذلك بقوله في‬
‫‪ :‬المادة ‪68‬‬
‫التقاضي حق مصون ومفكول للناس كافة ‪ ،‬ولكل مواطن حق اللتجاء "‬
‫إلى قاضيه الطبيعي ‪ ،‬وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء بين المتقاضين‬
‫‪ .‬وسرعة الفصل في القضايا‬
‫ويحظر النص في القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار أدارى من رقابة‬
‫‪ .‬القضاء‬
‫ولكي ندرك القيمة الحقيقية في الواقع العملي لهذا النص الخطير فانه‬
‫يكفينا أن نراجع العديد من أحكام القضاء الداري وأحكام المحكمة العليا‬
‫الصادرة بعد العمل بالدستوري في قضايا تتعلق بفصل موظفين من‬
‫وظائفهم والحيلولة بينهم وبين اللتجاء إلى القضاء بدعوى أن فصل‬
‫موظف – في الدرجة السادسة أو السابعة – يعتبر عمل من أعمال السيادة‬
‫‪.‬‬
‫هدمت الحواجز أذن بين الناس وبين قضاتهم ‪ ،‬ولقد كان القضاء في مصر‬
‫– عندما أتيح له أن يمارس وظيفته – أمينا بحق علي قضية الحرية‬
‫وعلي إعلء كلمة القانون ‪ .‬ول شبهة أن الستثناء يؤكد القاعدة ول‬
‫‪ .‬ينفيها‬
‫وكثيرا ما كانت تصدر الحكام ول تنفذ ‪ .‬بل أن جهات الدارة كانت تسخر‬
‫أحيانا من المواطنين الذين يريدون إجبارها علي تنفيذ الحكام إلى المدى‬
‫الذي فقد الناس فيه الثقة في القانون وفي القضاء وفي كل شئ ‪ ،‬ولم تغب‬
‫هذه الظاهرة الخطيرة عن دستور ‪ 1971‬فعالجها بنص صريح فيه يقول‬
‫" تصدر الحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون المتناع عن تنفيذها أو تعطيل‬
‫تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها‬
‫القانون ‪ .‬وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة‬
‫‪) .‬إلى المحكمة المختصة " )م ‪72‬‬
‫وهكذا يعطي الدستور للمواطن حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة ول‬
‫يوقف هذا الحق علي أذن من النائب العام أو من غيره – كما كان الحال –‬
‫ول يستطيع القانون أن يأتي لكي يحدد هذا الحق أو لكي يقيده أو لكي‬
‫يحرم المواطن منه علي أي نحو ‪ ،‬ولو هو فعل لكان قانونا غير‬
‫‪ .‬دستوري ‪ ،‬وسنري جزاء مثل هذه القوانين‬
‫وقد حرص الباب الرابع من الدستور الذي عالج موضوع سيادة القانون‬
‫ورتب عليه بعض نتائجه ونص علي بعض ضماناته – حرص علي أن‬
‫يؤكد بعض المبادئ القانونية المتعلقة بقانون العقوبات وقانون الجراءات‬
‫وذلك لشدة مساسها بالحرية الشخصية ولما يمكن أن يكون لمخالفتها أو‬
‫‪ .‬الخروج عليها من اثر خطير علي حياة الناس وحرياتهم وأمنهم‬
‫من ذلك قول الدستور في المادة ‪ " 66‬العقوبة شخصية ‪ .‬ول جريمة ول‬
‫عقوبة إل بناء علي قانون ول توقع عقوبة إل بحكم قضائي ‪ .‬ول عقاب إل‬
‫‪ " .‬علي الفعال اللحقة لتاريخ نفاذ القانون‬
‫وقوله أيضا في المادة ‪ " : 68‬المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة‬
‫قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ‪ .‬وكل متهم في جناية يجب‬
‫‪ " .‬أن يكون له محام يدافع عنه‬
‫ومما استحدثه دستور ‪ 1971‬في هذا الشأن – وكان ذلك الستحداث‬
‫متأثرا أيضا ببعض التجارب المريرة التي ابيح فيها انتهاك حريات الناس‬
‫وحرماتهم – ما نص عليه الدستور في المادة ‪ 71‬منه عندما قرر " يبلغ‬
‫كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض‬
‫عليه أو اعتقاله فورا ‪ ،‬ويكون له حق التصال بمن يري إبلغه بما وقع‬
‫أو الستعانة به علي الوجه الذي ينظمه القانون ‪ ،‬ويجب إعلنه علي وجه‬
‫السرعة بالتهم الموجهة إليه ‪ ،‬وله ولغيره التظلم أمام القضاء من الجراء‬
‫الذي قيد حريته الشخصية ‪ ،‬وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه‬
‫" خلل مدة محددة وإل وجب الفراج حتما‬
‫والمهم في هذا النص الجديد انه وضع أساسا وقواعد ل يستطيع المشرع‬
‫العادي أن يتجاوزها ‪ .‬من ذلك مثل أن الدستور يوجب أن يبلغ المقبوض‬
‫عليه أو المعتقل – وهذه أول مرة يكون فيها للمعتقلين في بلدنا حقوق‬
‫دستورية – بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فورا ‪ .‬وعلي ذلك ل يستطيع‬
‫نص قانون عادي أن يبيح للسلطة العامة أن تتراخى في ذلك البلغ وإل‬
‫‪ .‬كان تراخيها خروجا مؤثما‬
‫كذلك فانه للمقبوض عليه ولغيره – علي إطلق ذلك الغير – بحسبان أن‬
‫المصلحة هنا متحققة لكل مواطن وان الدعوى من قبيل دعوي الحسبة –‬
‫التظلم أمام القضاء ‪ ،‬ول يستطيع القانون أن يقيد هذا الغير بان يكون‬
‫‪ .‬قريبا أو زوجا أو ما إلى ذلك‬
‫هذا النص من نص المادة ‪ 57‬من الدستور نعتبرهما من المكاسب‬
‫الحقيقية التي يجب أن يعيهما الشعب وان يصونهما وان يعض عليهما‬
‫بالنواجز مع سائر نصوص الدستور الخرى ‪ .‬ذلك أن السياج الحقيقي‬
‫والنهائي لحماية الدستور ولتأكيد سيادته إنما يرجع في النهاية إلى الشعب‬
‫نفسه صاحب كل حق وسيد كل سلطة ومرجع كل إرادة‬

‫المبحث الثالث وجود قضاء مستقل‬

‫الحديث عن دولة المؤسسات وعن مبدأ سيادة القانون وعن المشروعية‬


‫‪ .‬في دولة ل يوجد فيها قضاء مستقل يصبح ضربا من العبث‬
‫والحقيقة أن هذه المور جميعا مرتبطة ارتباطا وثيقا ل ينفصم ‪ . .‬فحيث‬
‫يوجد إيمان بمبدا المشروعية وسيادة القانون وحيث يوجد الدستور ‪. .‬‬
‫فان السلطة القضائية المستقلة تأتى نتيجة طبيعية ‪ .‬أما عندما يختفي مبدأ‬
‫المشروعية وعندما ل يكون هناك إيمان بمبدا سيادة القانون ‪ . .‬فانه ل‬
‫‪ .‬يمكن تصور وجود سلطة قضائية مستقلة في مواجهة الحكام التنفيذيين‬
‫كذلك فان الدولة الحديثة تقوم علي نوع من التوازن بين السلطات‬
‫المختلفة داخل الدولة ‪ . .‬هذا التوازن يقتضي أن تستقل كل سلطة عن‬
‫الخرى وان تحد كل سلطة من جموح السلطات الخرى عندما يحدث ذلك ‪.‬‬
‫ومن هنا قيل أن استغلل السلطة القضائية هو فرع من مبدأ الفصل بين‬
‫‪ .‬السلطات‬
‫ومن ثم فأننا سنشير إشارة سريعة إلى مبدأ الفصل بين السلطات ثم نعرج‬
‫‪ .‬بعد ذلك علي السلطات القضائية المستقلة‬
‫‪ .‬مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫إذا كان كثير من المفكرين السياسيين منذ أيام الغريق قد لمسوا فكرة‬
‫تعدد الوظائف في الدولة ‪ . .‬فانه قد يكون من الصحيح أن ينسب هذا‬
‫‪ .‬المبدأ في صورته الحديثة إلى المفكر الفرنسي مونتسكيو‬
‫‪ :‬وكانت أفكار مونتسكيو تدور حول محاور ثلث‬
‫‪ .‬أ ( كيف نحمي الحرية (‬
‫‪ .‬ب ( كيف نمنع اسادة استعمال السلطة (‬
‫‪ .‬ج ( العتدال والموازنة (‬
‫وكان مونتسكيو ل يحسن الظن بالطبيعة البشرية عندما تستأثر بسلطة‬
‫معينة ول توضع علي تلك السلطة حدود واضحة ولذلك نراه يقول " من‬
‫التجربة المستمرة تظهر لنا أن كل شخص لديه سلطة يميل إلى إساءتها‬
‫والذهاب بها إلى حيث توقفها حدود معينة ‪ .‬انه ليس غريبا أن نقول أن‬
‫‪) .‬الفضيلة نفسها في حاجة إلى حدود ")‪11‬‬
‫ولمنع إساءة السلطة ضمانا للحرية فانه يجب أن توقف السلطة سلطة‬
‫أخرى ‪ ،‬ووجود التقسيم لوظائف الدولة بين سلطات متعددة يفرض علي‬
‫كل سلطة أن توضح نفسها ‪ ،‬أن تعبر عن نفسها أمام السلطات الخرى‬
‫وان ل تظل أمورها حكرا عليها وسرا مغلقا ل يحس به أحد ‪ ،‬ومن ثم‬
‫‪ .‬تستطيع أن تفعل ما تشاء‬
‫ولكن مونتسكيو مع ذلك لم يكن يري أن سلطات الدولة الثلث ستعيش‬
‫منفصلة عن بعضها ومستقلة استقلل تاما ‪ ،‬إن تلك الصورة في ذهنه‬
‫تؤدي إلى عدم حركة الدولة ذلك علي حين أن الدولة بحكم غاياتها وبحكم‬
‫طبيعة المور لبد وان تتحرك ويري مونتسكيو أن هذا التحرك لبد وان‬
‫يفرض علي السلطات الثلث في الدولة أن تحرك حركة منسجمة مع‬
‫بعضها ويبين من ذلك أن مونتسكيو لم يخطر علي ذهنه الفصل المطلق‬
‫بين السلطات بل انه علي عكس ذلك كان يري أن الفصل المطلق بين‬
‫السلطات واستقللها عن بعضها لبد وان يؤدي إلى عدم الحركة والجمود‬
‫‪ .‬والشلل‬
‫ومن هنا كان صحيحا ما تذهب إليه الكثرة من شراح مونتسكيو من انه ما‬
‫كان يقصد من الفصل بين السلطات إل انه يستهدف عدم تركيز السلطة في‬
‫جهة واحدة ويريد توزيعها بين هيئات متعددة بتعدد الوظائف الرئيسية )‬
‫‪12) .‬‬
‫وكان ما يهدف إليه مونتسكيو أساسا هو أن ل تتركز وظائف الدولة‬
‫الساسية في يد كيان أو هيئة أو جهة واحدة ‪ ،‬وانما توزع علي هيئات‬
‫متعددة بتعدد الوظائف لكي تراقب كل منها الخرى وتمنعها من إساءة‬
‫استعمال القدر المتاح لها من السلطة ‪ .‬ولم يخطر في ذهن مونتسكيو –‬
‫علي عكس ما ذهب إليه بعض شراحه وما ذهبت إليه بعض التطبيقات‬
‫خاصة في الوليات المتحدة المريكية – أن يقيم فصل كامل بين هذه‬
‫السلطات وانما أراد أن يقيم بينها نوعا من التوازن والعتدال والنسجام‬
‫‪ .‬في الحركة‬
‫ولعله يجدر بناء هنا أن نشير إلى انه في الدولة الديموقراطية التي تقوم‬
‫علي أساس التعدد الحزبي والتي يحكم فيها الحزب الغالب – بأغلبيته‬
‫التشريعية وبالحكومة المكونة من أعضائه باعتبارها السلطة التنفيذية –‬
‫في هذه الدولة الديموقراطية التي تقوم علي أساس التعدد الحزبي وعلي‬
‫أن الحكم للغلبية تضيق المسافة كثيرا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‬
‫‪ .‬باعتبار أن كل منهما ينتمي إلى ذات الحزب‬
‫إن العملية التشريعية وهي جوهر اختصاص البرلمان – سلطة التشريع –‬
‫هذه العملية في الواقع العملي ل تستقل بها سلطة من السلطتين –‬
‫التشريعية أو التنفيذية – ويكفي للتدليل علي ذلك أن نعرف انه في إنجلترا‬
‫موطن النظام البرلماني نجد أن ‪ %90‬من التشريعات تصدر بناءًا علي‬
‫اقتراح الحكومة أي السلطة التنفيذية ومعني ذلك أن زمام المبادرة في‬
‫العملية التشريعية من الناحية العملية تكمن في الدولة الحديثة في يد‬
‫‪ .‬السلطة التنفيذية المتمتعة بثقة الغلبية البرلمانية‬
‫ولذلك فان كثيرا من المفكرين الدستوريين والسياسيين يرون انه في ظل‬
‫التنظيم الحزبي الذي يحكم قبضته علي شقه التشريعي – متمثل في‬
‫البرلمان – وعلي شقه التنفيذي – متمثل في الحكومة – يصعب القول‬
‫‪ .‬بوجود استقلل وفصل كامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‬
‫ولكن المر ليس كذلك بالنسبة للسلطة القضائية التي يفترض فيها انها ل‬
‫تنتمي إلى الحزاب السياسية ول تسيطر عليها أو توجهها هذه الحزاب‬
‫وإل فقدت السلطة القضائية كل مصداقيتها واستقللها ‪ .‬من المتعين في‬
‫الدولة الحديثة التي تؤمن بالشرعية ومبدأ سيادة القانون أن تكون السلطة‬
‫القضائية سلطة " موضوعية ومعيارية " وذلك ل يتأتى إل بكونها سلطة‬
‫‪ .‬مستقلة‬
‫‪ :‬استقلل السلطة القضائية‬
‫من غير شك فان وجود سلطة قضائية مستقلة يعني وجود ضمانة قوية‬
‫لسلمة تطبيق القانون في حيدة وموضوعية وفي مواجهة كل أطراف‬
‫المنازعات ‪ .‬وسواء كانت تلك المنازعات بين أفراد وبعضهم أو كانت بين‬
‫الفراد وبعض أجهزة الدولة ومؤسساتها ‪ .‬مقتضى مبدأ المشروعية‬
‫وسيادة القانون ومن اجل تنفيذ هذا المقتضي فانه لبد من وجود سلطة‬
‫‪ .‬قضائية مستقلة‬
‫فما الذي يعنيه ذلك ؟‬
‫‪ :‬انه يعني بإيجاز شديد وجود مقومات ومرتكزات أساسية هي‬
‫أوًل ‪ :‬أن القضاة هم وحدهم دون غيرهم الذين " يستقلون " بتطبيق‬
‫القانون علي المنازعات والدعاوى بين الفراد وبعضهم أو بين الفراد‬
‫وأجهزة السلطة وانهم دون غيرهم الذين يقضون بتجريم أفعال معينة –‬
‫وفقا للقونين الجزائية – ويحكمون بعقوبات معينة تطبيقا لتلك القوانين ‪.‬‬
‫ول يجوز لجهة في الدولة أيا كانت أن تتداخل في أعمال القضاة أو أن‬
‫‪ .‬تطلب تطبيقا معينا لنص معين أو أن تفرض حكما معينا في قضية معينة‬
‫ويتفق مع ما تقدم ويجري مجراه انه ل يجوز لغير القضاة أن يحكموا في‬
‫الدعاوى ‪ ،‬إن القاضي الطبيعي – اقصد القاضي العادي – هو الذي يجب‬
‫أن يناط به وحده الفصل في القضية والمنازعات في الدولة القانونية ‪ .‬أما‬
‫أن تنتزع بعض القضية لهمية خاصة تقوم في نظر السلطات ويعطي‬
‫الختصاص بالفصل في تلك القضية لغير جهة القضاء العادية فهو أمر‬
‫‪ .‬يتعارض عندنا مع مفهوم استقلل القضاء تماما‬
‫إن ذلك ل يمنع إطلقا أن غالبية دول العالم – إن لم تكن كلها – يوجد‬
‫لديها إلى جوار القضاء العادي قضاء استثنائي في في قضايا معينة‬
‫كالقضاء العسكري الذي يفصل في الجرائم العسكرية وما إلى ذلك ولكن‬
‫هذا القضاء الستثنائي يستمد وليته من قوانين قائمة قبل ارتكاب الفعال‬
‫يعلم بها سلفا المخاطبون بأحكام القانون أو يفترض فيهم العلم بها ‪ .‬أن‬
‫هذا القضاء الستثنائي يأخذ معني القضاء العادي من ناحية انه وان‬
‫اختص بنوع معين من الدعاوى استثناء من اصل عام إل أن وجوده نفسه‬
‫مقرر في قوانين عادي معلومة للكافة ويجب علي الكافة أن تسلك في‬
‫‪ .‬حياتها مع مراعاة وجود تلك القوانين‬
‫ثانيًا ‪ :‬إن استقلل القضاة وحدهم دون غيرهم بإنزال أحكام القوانين‬
‫الجزائية علي الناس يستلزم بالضرورة أن يكون الحبس الحتياطي بكل‬
‫صوره – ويدخل فيه العتقال في غير حالة الحكام العرفية التي يجب أن‬
‫تبقي في أضيق نطاق والضرورات ملجئة – من شان القضاة وحدهم ‪،‬‬
‫كذلك فانه يتفرع عن ذلك وبنبني عليه انه يجوز لي شخص يوضع في‬
‫حالة من حالت الحبس الحتياطي أو العتقال أن يلجا إلى القضاء متظلما‬
‫من ذلك وللقضاء الحق الكامل في النظر في ذلك التظلم وإنزال حكم‬
‫القانون عليه ‪ ،‬والقضاة في مجتمع معين ليسوا أناسا من كوكب الخر ل‬
‫يحسون بحاجات المجتمع أو بالحالت التي يقتضي فيها أمنه ونظامه أن‬
‫يحس إنسان معين من اجل كفالة سلمة المجموع ولكن ذلك شئ والقول‬
‫بان الحبس الحتياطي أيا كانت صورته من الممكن أن يكون حقا لجهة‬
‫أخرى غير جهة القضاء شئ أخر ‪ .‬أن حرية النسان في إطار مجتمعه‬
‫وبغير عدوان علي ذلك المجتمع هي غاية كفاح الشعوب منذ فجر التاريخ‬
‫حتى اليوم وان حرمان إنسان من هذه الحرية ل يمكن أن يكون في الدولة‬
‫‪ .‬القانونية بغير تدخل من قاضيه الطبيعي‬
‫يحقق ‪ habeas corpus‬والواقع أن النظام المعروف في إنجلترا باسم‬
‫هذه الغاية علي نحو ممتاز ‪ .‬ومقتضى هذا النظام انه يجوز لي شخص‬
‫اعتداء علي جسده سواء بالحبس أو العتقال أو تقييد الحركة بمنع السفر‬
‫أو بالبعاد إلى مكان معين أو بفرض إقامة جبرية أو ما إلى ذلك من‬
‫صنوف العتداء علي حرية الجسد في الحركة – يجوز لي شخص يحدث‬
‫له مثل ذلك أن يتظلم أمام القاضي وان ينظر تظلمه ويفصل فيه خلل أربع‬
‫وعشرين ساعة ‪ .‬وهذا الجراء أو ما يشبهه كفالة أساسية من كفالت‬
‫الحرية وقيد حقيقي علي ممارسة السلطة أن تكون دائما في إطار القانون‬
‫‪.‬‬
‫والواقع أن السلطة في الدولة القانونية قائمة علي فكرة القانون ومرتبطة‬
‫بها ول يجوز أن يفهم هذا الذي نقوله بأنه محاولة لتقييد حركة السلطة‬
‫من اجل بناء المجتمع وتسييره نحو أهدافه العليا ولكنه بيقين تمكين‬
‫للسلطة من حيث هو توفير لثقة الناس فيها ومن حيث هو مدعاة للشعور‬
‫بالمن الذي ل تجد السلطة في مجتمع من المجتمعات مبررا لوجودها إل‬
‫‪ .‬بالعمل علي تحقيقه ‪ ،‬أي تحقيق ذلك الشعور بالمن لدي الجماعة‬
‫ثالثًا ‪ :‬عن القول بان ممارسة السلطة يجب أن تكون دائما في إطار‬
‫القانون يؤدي بالضرورة إلى أن تسال أجهزة السلطة العامة عن أفعالها‬
‫‪ .‬وان ل تكون تلك الفعال محصنة من المسئولية‬
‫ولذلك فان الدارة يجب أن تخضع لنوع من الرقابة القضائية عندما تدخل‬
‫في علقات مع إل فراد العاديين أو عندما تقوم مراكز قانونية بينها وبين‬
‫‪ .‬العاملين فيها من الموظفين والعمال‬
‫إن خضوع أعمال أجهزة السلطة للقانون وإعطاء القضاء الحق في مراقبة‬
‫هذا الخضوع عندما يدعي صاحب مصلحة بعدم تحققه أمر من صميم‬
‫‪ .‬الدولة القانونية‬
‫وينبني علي ذلك ويترتب عليه أن نظرية أعمال السيادة – التي يعتبرها‬
‫البعض وصمة في جبين القانون العام – يجب أن تظل في أضيق نطاق ذلك‬
‫لن التوسع في العمال التي تدخل في نطاق السيادة إلى توسيع نطاق‬
‫الفعال التي ل تخضع لمراقبة الجهة القضائية ‪ .‬إن النظرية يجب أن تبقي‬
‫في إطار الضروري ل تعدوه لن التوسع فيها ينال من قانونية الدولة بقدر‬
‫‪ .‬هذا التوسع‬
‫وليس معني هذا القول الذي يقضي بضرورة خضوع جهة الدارة وأجهزة‬
‫السلطة لرقابة قضائية انه يتعين وجود جهة قائمة بذاتها للقضاء الداري‬
‫كما هو حادث في بعض البلد مثل فرنسا ومصر وبلجيكا وكما يمكن أن‬
‫يحدث في الكويت وفقا لنص الدستور الكويتي ‪ ،‬إنما المتعين أن توجد‬
‫الرقابة القضائية نفسها سواء قامت بها جهة القضاء العادية كما هو حادث‬
‫في البلد النجلو سكسونية وفي غالبية البلد التي كانت اشتراكية أو قامت‬
‫بها جهة متخصصة للقضاء الداري كما هو الحال في بعض البلد اللتينية‬
‫وفي جمهورية مصر العربية وفي سوريا ولبنان وبلدان الشمال الفريقي‬
‫‪ .‬وكلها تأثرت بالتجربة الفرنسية في إنشاء مجلس الدولة‬
‫رابعاً ‪ :‬ل شك انه مما يؤكد استقلل القضاة ويجعلهم يؤدون إعمالهم علي‬
‫النحو المبتغي أن يكون تعيين القضاة ونقلهم وفقا لجراءات معينة يراعي‬
‫فيها قدر من التشدد الواجب عند تعيين القضاة ‪ .‬كذلك ومن ناحية أخرى‬
‫اكثر أهمية فان تأديب القضاة وعزلهم يجب أن تستقل به الجهة القضائية‬
‫‪ .‬وحدها وان يعطي القاضي أوسع الضمانات للدفاع عن نفسه‬
‫ومن المبادئ التي توشك أن تكون مستقرة في غالبية دساتير الدولة‬
‫الحديثة عدم قابلية القضاة للعزل إل في أحوال محددة ووفقا لجراءات‬
‫معينة يرسمها القانون بوضوح ‪ .‬ومما يدعن استقلل القضاء من ناحية‬
‫ويكفل نوعا من الرقابة علي أعماله من ناحية أخرى علنية جلساته ونشر‬
‫‪ .‬أحكامه كمبدأ عام‬
‫هذه هي القضايا الساسية التي نري انها تكفل استقلل القضاة في الدولة‬
‫القانونية وتجعل من القضاء حاميا حقيقيا للحرية وقيدا فعليا علي ممارسة‬
‫السلطة حتى ل تنحرف عن جادة القانون‬

‫الفصل الثاني مفهوم الرقابة علي دستورية القوانين واهم صور هذه‬
‫الرقابة‬

‫تمهيد وتقسيم‬

‫يمكن أن يقال إن أساس فكرة الرقابة علي دستورية القوانين يرتد إلى نظرية‬
‫أولئك الفلسفة الذين كانوا يؤمنون بقانون طبيعي يسمو فوق سائر القوانين‬
‫الوضعية بحيث ل تملك تلك القوانين أن تخرج عليه فان هي خرجت عليه‬
‫عدت خارجة علي الناموس الطبيعي ول تستطيع أن تلزم الناس إل بالقهر‬
‫‪ .‬والكراه‬
‫وكما يقول لورد دينيس لويد في كتابه " فكرة القانون )‪ (13‬الفكرة القائلة‬
‫بان هناك ‪ ،‬من وراء النظم القانونية المعمول بها في مختلف المجتمعات ‪،‬‬
‫قانونًا اسمي يمكن أن أساسه أن نحكم علي القانون البشري الوضعي ‪ ،‬هذه‬
‫الفكرة قد أدت إلى نتائج مهمة في الكثير من مراحل التاريخ البشري‬
‫الحرجة ‪ ،‬ذلك لنها قد أدت إلى استخلص نتيجة مؤداها أن هذا القانون‬
‫السمي يجب ويلغي القوانين الفعلية لي مجتمع معين حين يتضح انها‬
‫مخالفة للقانون السمي ‪ ،‬وليس هذا فحسب ‪ ،‬بل إن هذه النتيجة يترتب عليها‬
‫جواز إعفاء الفرد من واجبه تجاه الخضوع للقانون الفعلي ‪ ،‬بل انه يملك‬
‫‪ .‬الحق الشرعي في التمرد علي سلطة الدولة الشرعية‬
‫وإذا كانت الديان السماوية تري أن المبادئ والقواعد السماوية اسمي من‬
‫القواعد الوضعية فأنها عندهم تلزم المشرع الوضعي وتسمو عليه ول يجوز‬
‫له الخروج عليها فان هو خرج عليها اصبح في اعتبارهم خارجًا علي‬
‫‪ " .‬مفهومهم لمبدأ المشروعية " ول طاعة لمخلوق في معصية الخالق‬
‫وإذا كانت الغالبية من دول العالم المعاصر ل تربط مثل هذا الربط بين‬
‫قواعد القانون الطبيعي أو قواعد الدين ول ترتب النتائج السابقة للخروج‬
‫عليها فان الدولة الحديثة تعرف مبدأ تدرج القواعد القانونية بحيث أن القاعدة‬
‫‪ .‬العلى تحكم القاعدة الدنى شكل وموضوعًا‬
‫فإذا جاءت قاعدة اعلي وقررت حقا معينًا وفرضت شكل معينًا لممارسة هذا‬
‫الحق فان أي قاعدة ادني تخالف القاعدة العلى سواء من حيث موضوع‬
‫الحق أو من حيث كيفية ممارسته ‪ . .‬تعد قاعدة مشروعة لخروجها علي‬
‫‪ .‬مبدأ تدرج القواعد القانونية وسمو العلى علي القاعدة الدنى‬
‫والدولة الحديثة – في الغلب العم – دولة لها دستور ‪ ،‬ولما كانت الجهة‬
‫‪ ( pouvoir constituent ) ،‬التي تضع الدستور هي السلطة التأسيسية‬
‫ولما كان الدستور هو الذي يحدد سائر سلطات الدولة الخرى ويحدد‬
‫اختصاصاتها وكيفية ممارسة هذه السلطات ‪ ،‬وكان الدستور هو الذي يحدد‬
‫السلطة التشريعية ويبين كيفية تكوينها وكيفية ممارستها لختصاصها فان‬
‫تلك السلطة التشريعية التي حددها الدستور ل تملك الخروج علي ذلك‬
‫‪ .‬الدستور الذي يمنحها سند وجودها وسند اختصاصها‬
‫ولما كانت البرلمانات المنتخبة في الدولة القانونية الحديثة هي التي تتولى‬
‫أساسًا سلطة التشريع وسن القوانين ‪ . .‬فان هذه البرلمان – باعتبارها سلطة‬
‫التشريع – تلتزم بحكم الدستور ول تستطيع ول تستطيع الخروج عليه ‪ ،‬فان‬
‫‪ .‬هي خرجت تعين ردها إلى الطريق السليم‬
‫ولكن كيف ترد السلطة التشريعية إلى الطريق القويم ؟‬
‫‪ .‬ذلك هو جوهر فكرة رقابة دستورية القوانين‬
‫والتشريع بالمعني الشكلي تستأثر به سلطة التشريع علي النحو السابق ‪ .‬أمام‬
‫التشريع بالمعني الموضوعي فانه يتسع ليشمل كل قاعدة لها صفة العموم‬
‫والتجريد وعلي ذلك فان التشريع بالمعني الموضوعي يشمل القوانين‬
‫واللوائح الصادرة عن الجهة التي يحدد الدستور أو القانون حقها في إصدار‬
‫‪ .‬مثل هذه اللوائح‬
‫والحقيقة أن الناس في حياتهم العادية واليومية يتعاملون مع القواعد اللئحية‬
‫اكثر من تعاملهم مع القواعد الواردة في القوانين ‪ ،‬ومن ثم يصبح من‬
‫المتعين أن تلتزم هذه اللوائح بحكم القواعد التي تسمو عليها والتي هي بمثابة‬
‫سند وجودها سواء في ذلك قواعد القانون أو قواعد الدستور الذي هو اسمي‬
‫‪ .‬القواعد القانونية في الدولة الحديثة‬
‫ومن هنا نستطيع أن نقول أن فكرة تدرج القواعد القانونية والتزام أدناها‬
‫بأعلها وسمو أعلها علي أدناهما هي بدورها من الفكار التي أدت إلى‬
‫قبول وسيلة الرقابة علي دستورية القوانين باعتبار أن هذه الرقابة هي‬
‫‪ .‬الوسيلة الفعالة لضمان اللتزام بكل القواعد السابقة‬
‫وقد كان فقه الفقيه النمساوي الكبير كلسن في بدايات القرن العشرين واحدًا‬
‫من أهم المصادر التي قادت إلى قبول فكرة الرقابة ولعلها كانت وراء إنشاء‬
‫أول محكمة دستورية متخصصة في الرقابة علي دستورية القوانين في‬
‫العالم الحديث وهي المحكمة الدستورية العليا في النمسا والتي أنشئت عام‬
‫‪ 1920 .‬م‬
‫لعل هذه بإيجاز شديد هي الجذور الفلسفية والفكرية التي قادت إلى موضوع‬
‫الرقابة علي دستورية القوانين التي يتعين علينا الن أن نبحث أهم صورها‬
‫‪ .‬في العالم المعاصر‬
‫وقد تعارف الفقهاء علي أن يتحدثوا عن الرقابة السياسية – ومثلها الواضح‬
‫فرنسا – والرقابة القضائية التي تتعدد أمثلتها بدءا من الوليات المتحدة‬
‫المريكية التي تقررت فيها هذه الرقابة بغير نص واضح في الدستور وانما‬
‫تقررت باجتهاد قضائي للمحكمة العليا في تلك البلد ومرورًا بالعديد من‬
‫البلد الوربية وخاصة ألمانيا وإيطاليا ثم وصول إلى التجربة المصرية في‬
‫‪ .‬هذا الخصوص‬
‫‪ :‬وعلي ذلك فسنقسم هذا الفصل إلى المباحث التية‬
‫‪ .‬مبحث أول ‪ :‬الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا – الرقابة السياسية‬
‫مبحث ثاني ‪ :‬الرقابة علي دستورية القوانين في الوليات المتحدة المريكية‬
‫‪.‬‬
‫‪ .‬مبحث ثالث ‪ :‬الرقابة علي دستورية القوانين في ألمانيا‬
‫‪ .‬مبحث رابع ‪ :‬الرقابة علي دستورية القوانين في إيطاليا‬

‫المبحث الول الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا أو الرقابة الوقائية‬


‫غير القضائية‬

‫نبدأ بدراسة التجربة الفرنسية ليس لنها أهم التجارب في رقابة دستورية‬
‫القوانين وليس لنها أقدمها ‪ ،‬وكذلك ليس لنها اكثر التجارب تاثيراص علي‬
‫تجربتنا في مصر ‪ . .‬إذ أن ذلك كله غير صحيح ‪ ،‬وانما نبدأ بدراسة‬
‫التجربة الفرنسية لتفردها بين تجارب البلد الكبيرة بأنها رقابة ل يقوم بها‬
‫قضاة بمعني انها رقابة غير قضائية ‪ ،‬كذلك لكونها رقابة سابقة علي صدور‬
‫التشريع بمعني انها رقابة واقية أو انها رقابة تحول دون التشريع والوقوع‬
‫‪ .‬في مخالفة الدستور‬
‫وقد دفع فرنسا إلى الخذ بهذه الصورة من صور الرقابة التفسير الذي ساد‬
‫الفقه الفرنسي في فهم نظرية الفصل بين السلطات ‪ . .‬كذلك اعتبار البرلمان‬
‫‪ [la loi‬هو المعبر عن سيادة المة وان القانون هو التعبير عن هذه الرادة‬
‫هذان المران حال ] ‪expres – sion de la volonte generale‬‬
‫‪ .‬بين فرنسا وبين الخذ بالرقابة القضائية علي دستورية القوانين‬
‫وقد ظهرت فكرة الرقابة السياسية علي دستورية القوانين أول المر خلل‬
‫إعداد دستور السنة الثالثة لثورة – ‪ – 1795‬وكان بين أعضاء الجمعية‬
‫وقد " ‪ sieyes‬التأسيسية المناط بها وضع ذلك الدستور الفقيه " سييز‬
‫اقترح ذلك الفقيه إنشاء هيئة محلفين دستورية تكون مهمتها رقابة أعمال‬
‫السلطة التشريعية حتى تحول بينها وبين مخالفة الدستور وتشكل هذه الهيئة‬
‫من بين أعضاء السلطة التشريعية أنفسهم ‪ ،‬ولقي هذا القتراح معارضة‬
‫شديدة ولم يكتب له أن يري النور ‪ ،‬والحقيقة انه لم يكن منطقيًا أن يعطي‬
‫‪ .‬عدد محدود من أعضاء البرلمان نفسه حق الرقابة عليه بكامل أعضائه‬
‫وعند إعداد مشروع دستور السنة الثامنة للثورة في عهد المبراطور نابليون‬
‫عادت الفكرة إلى الظهور في صورة أخرى ‪ :‬صورة إنشاء مجلس يسمي "‬
‫مهمته المحافظة علي " ‪ senate consewoteur‬المجلس المحافظ‬
‫الدستور وذلك بالتحقق من دستورية القوانين والقرارات والمراسيم التي‬
‫‪ .‬تقدرها السلطة التنفيذية‬
‫ولم يقدر لهذا المجلس أن ينجح في مهمته حتى فقد سبب وجوده والغي عام‬
‫‪ ، 1807‬والحقيقة أن هذه المسالة أثيرت أمام القضاء الفرنسي في اكثر من‬
‫مناسبة ‪ ،‬ولكن ذلك القضاء سواء الداري أو العادي انتهي دائمًا إلى رفض‬
‫‪ .‬رقابته علي دستورية القوانين‬
‫وقد حكمت محكمة النقض الفرنسية في ‪ 11‬أبريل ‪ 1833‬بان " القانون‬
‫الذي تمت مناقشته وصدر بالطرق المرسومة ل يمكن أن يكون محل‬
‫‪ .‬مهاجمة أمام المحاكم بدعوى عدم الدستورية‬
‫‪ .‬وقد استمرت محكمة النقض الفرنسية دائمًا في هذا التجاه‬
‫ومن ناحية أخرى فان القضاء الداري في فرنسا وإن اخضع لرقابة‬
‫مشروعية القرارات الدارية ومدي اتفاقها مع القانون ‪ . .‬فانه حكم بعدم‬
‫‪ .‬قبول الدعاوى التي تستند إلى عدم دستورية القانون‬
‫والواقع أن القضاء الفرنسي عندما حجب نفسه عن مراقبة دستورية القوانين‬
‫لم يكن مقصرًا في أداء مهمته ولكنه وجد نفسه في مواجهة بعض النصوص‬
‫ل عن بعض الحجج‬ ‫التشريعية التي تحول بينه وبين هذه الرقابة فض ً‬
‫‪ .‬التاريخية والفلسفية‬
‫أما من حيث النصوص فقد وجد القضاء الفرنسي أمامه نص المادة الحادية‬
‫عشرة من قانون تنظيم القضاء الصادر عام ‪ 1790‬والتي تمنع المحاكم من‬
‫أن " تشترك علي نحو مباشر أو غير مباشر في ممارسة السلطة التشريعية‬
‫‪ " .‬أو أن تعرقل قرارات الهيئة التشريعية أو أن توقف نفاذها‬
‫وكذلك المادة ‪ 127‬من قانون العقوبات التي تؤثم " القضاة الذين يتدخلون‬
‫في ممارسة السلطة التشريعية سواء بإيجاد لوائح تتضمن إحكامًا تشريعية أو‬
‫بمنع أو إيقاف قانون أو اكثر أو بالتداول فيما إذا كان يجب نشر القوانين أو‬
‫‪ " .‬نفاذها‬
‫وبالضافة إلى هذين النصين الواضحي الدللة في الحيلولة بين القضاء‬
‫الفرنسي والنظر في رقابة دستورية القوانين فهناك الحجة التاريخية التي‬
‫أوجدتها تصرفات المحاكم الفرنسية القديمة والتي كانت تسمي البرلمانات –‬
‫قبل الثورة – والتي كانت تعرقل تنفيذ القوانين بل وتلغي بعض نصوصها‬
‫مما ولد ميراثًا من الحذر والريبة لدي رجال الثورة تجاه القضاة باعتبارهم‬
‫معوقين وراغبين في التغول علي اختصاصات السلطات الخرى وادي هذا‬
‫‪ .‬كله إلى تيار قوي رافض لعطاء القضاء حق رقابة دستورية القوانين‬
‫وساند ذلك كله ثمة اعتبارات فلسفية قامت علي مفهوم معين لمبدأ الفصل‬
‫بين السلطات من مقضتاه أن يحال بين كل سلطة والتدخل في أعمال‬
‫السلطات الخرى وان رقابة القضاء لدستورية القوانين التي يصدرها‬
‫‪ .‬البرلمان هو اعتداء علي هذا المبدأ وإهدار له‬
‫واخيرا ذهب جانب من الفقه الفرنسي – مشايعًا في ذلك تعاليم جان جاك‬
‫روسو – إلى أن القانون هو مظهر إرادة المة ‪ ،‬هذه الرادة التي يعبر عنها‬
‫البرلمان والتي ل يتصور أن يراقبها أحد أو أن يردها أحد إلى الصواب ذلك‬
‫أن الصواب مفترض فيمن يعبرون عن إرادة المة ‪ ،‬وقد أخذت المادة‬
‫الثالثة من إعلن حقوق النسان والمواطن عام ‪ 1789‬بهذا المعني عندما‬
‫‪ " .‬نصت علي أن " القانون هو التعبير الحر والرسمي للرادة العامة‬
‫وإذا كان البرلمان هو المعبر عن الرادة العامة فانه ل يسوغ للقضاء أن‬
‫‪ .‬يعطل هذه الرادة بحجة النظر في دستورية هذه القوانين‬
‫يذهب إلى أن النتيجة المنطقية لفكرة النيابة ‪ Duguit‬والفقيه الفرنسي الكبير‬
‫تؤدي إلى أن نقو أن إرادة هؤلء النواب – باعتبارها إرادة المة نفسها –‬
‫‪ .‬ل يمكن أن تراقبها إرادة أخرى تعتبر اسمي منها بحكم مراقبتها لها‬
‫[ ويمكن أن يعبر عن هذا الموقف الرافض لرقابة دستورية القوانين بما قاله‬
‫‪Maurras ] .‬‬
‫هل يمكن أن توجد حكومة منتخبة ‪ ،‬حكومة تعبر عن رأي المة في ‪" . .‬‬
‫صدام مع قضاتها ؟ بعبارة أخرى ‪ :‬سلطة منتخبة تحوز ثقة الرأي العام –‬
‫‪ .‬مثل هذه السلطة يمكن أن تخضع للقضاء ‪ . .‬إن هذا يعني قتل هذه السلطة‬
‫‪".‬‬
‫‪ . . " .‬ثم يقول ‪ . . " :‬ل ‪ :‬هذا غير ممكن ‪ .‬وهذا لن يكون‬
‫‪(1) non, cela nest pas possible . cela nest pas et ne‬‬
‫هذا الميراث القضائي والفقهي والفلسفي كان وراء رفض فكرة ‪sera pas‬‬
‫الرقابة القضائية علي دستورية القوانين والتجاه نحو نوع من الرقابة‬
‫الوقائية السابقة التي قد تتصور بعد مناقشة مشروعات القوانين في البرلمان‬
‫‪ .‬وقبل إصدارها‬
‫وقد تبلورت هذه الفكرة عند وضع دستور الجمهورية الرابعة عام ‪ 1946‬ثم‬
‫‪ .‬اكتملت عند وضع دستور الجمهورية الخامسة عام ‪1958‬‬
‫‪ :‬اللجنة الدستورية في دستور ‪1946‬‬
‫‪ le comite‬انشأ دستور ‪ 1946‬في فرنسا ما اسماه باللجنة الدستورية‬
‫كما ول أن يسد بها فراغ الرقابة علي دستورية ‪constitutionnel a‬‬
‫القوانين الذي كان قائمًا قبل ذلك ‪ ،‬وقد جاء تكوين هذه اللجنة كنوع من‬
‫التوفيق بين أنصار السيادة البرلمانية والتي ترفض رقابة الدستورية وأنصار‬
‫سمو الدستور والذين يرون ضرورة وجود رقابة علي دستورية القوانين‬
‫ولكنه كان توفيقًا متواضعًا علي حد تعبير الفقيه الفريسر بوردون وقد جاء‬
‫المشروع الول لدستور ‪ 1946‬خاليًا من أي نص يتعلق برقابة الدستور‬
‫‪ .‬ودكن المشروع الذي قبل في النهاية تضمن إنشاء هذه اللجنة الدستورية‬
‫وعلي أي حال فقد كان من المستقر استبعاد فكرة الرقابة القضائية لدستورية‬
‫القوانين وفي ذلك استجابة للتقاليد الفرنسية التي ترفض إخضاع التشريعات‬
‫البرلمانية للرقابة القضائية ‪ ،‬بل لقد ذهب المر إلى حد تجنب الدستور ذكر‬
‫عبارة " رقابة الدستورية " واكتفت المادة ‪ 61‬من ذلك الدستور بقولها‬
‫القوانين التي صوتت عليها ”‪ “ le comite examine‬تختبر اللجنة‬
‫ل في الدستور مناقضة للبواب من‬ ‫الجمعية الوطنية والتي قد تفترض تعدي ً‬
‫الول إلى العاشر من الدستور وهي تلك التي تنظم السلطات العامة ‪ ،‬كذلك‬
‫فان الجراءات المتبعة أدت بدورها إلى تضييق مدي هذه الرقابة المحدودة‬
‫‪) .‬من الصل )‪14‬‬
‫‪ :‬المجلس الدستوري ودستور ‪1958‬‬
‫حاول واضعوا دستور ‪ 1958‬أن يطوروا من فكرة الرقابة علي دستورية‬
‫‪ .‬القوانين مع البقاء في إطار استبعاد كل رقابة قضائية لدستورية القوانين‬
‫ل بخوصص المجلس الدستوري خلل عام ‪ 1947‬والثاني‬ ‫وقد وقع تعدي ً‬
‫خلل عام ‪ 1990‬وقد أدى هذان التعديلن إلى اتساع نطاق الرقابة وان‬
‫ظلت في كل الحوال رقابة سياسية ل يقوم بها القضاء ‪ ) .‬التعديل الثاني لم‬
‫‪ ) .‬يقدر له أن يكتمل‬
‫وقد نظم دستور ‪ 1958‬هذا الموضوع في المواد من ‪ 56‬إلى ‪ ، 63‬وقد‬
‫كان هذا التنظيم متجهًا في الساس إلى حماية المؤسسات السياسية كما‬
‫وضعها الدستور من أن تنالها يد المشرع العادي بالتعديل ولم يكن يعني هذا‬
‫التنظيم الرقابة حماية حقوق وحريات الفراد في مواجهة البرلمان إل في‬
‫‪ .‬نطاق محدود‬
‫لقد كان المقصود الساسي من وجود المجلس الدستوري هو ضمان التطبيق‬
‫السليم للنصوص الدستورية التي تضمن حسن سير السلطات العامة خاصة‬
‫ما تعلق بتوزيع الختصاصات بين السلطة التشريعية والتنفيذية ‪ ،‬لقد أراد‬
‫السياسي يحمي ‪ arbiter‬الدستور بهذا المجلس أن ينشئ نوعًا من الحكم‬
‫‪ .‬ذلك التوازن بين السلطتين‬
‫وكان اختصاص ذلك المجلس قاصرًا علي القوانين التي تصدر عن البرلمان‬
‫أي القوانين بالمعني الشكلي ‪ ،‬وهكذا استبعد الدستور كل رقابة علي‬
‫دستورية اللوائح التي تصدر عن السلطة التنفيذية ‪ ،‬وقد أعطى الدستور‬
‫‪) :‬للمجلس الدستوري في هذا الصدد نوعين من الختصاص )‪15‬‬
‫ولوائح ‪ organiques‬اختصاص وجوبي يتعلق بالقوانين العضوية – ‪1‬‬
‫المجالس البرلمانية إذ نصت المادة ‪ 61‬من الدستور في فقرتها علي أن "‬
‫‪ lois‬يجب أن تعرض علي المجلس الدستوري القوانين العضوية‬
‫قبل إصدارها ولوائح المجالس البرلمانية قبل تطبيقها ليقرر ‪organiques‬‬
‫مدي مطابقتها للدستور " وهكذا فان هذه المجموعة من القوانين تعرض‬
‫‪ " .‬حتمًا علي المجلس الدستوري ليقول رأيه فيها مقدمًا‬
‫اختصاص جوازي متروك لرادة رئيس الجمهورية أو الوزير الول – ‪2‬‬
‫أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ ليعرض كل منهم أي‬
‫قانون اقره البرلمان قبل إصداره علي المجلس الدستوري ليقرر مدي‬
‫‪ .‬مطابقته للدستور‬
‫وفي الحالتين – حالة الختصاص الوجوبي وحالة الختصاص الختياري‬
‫– يجب أن يبدي المجلس الدستوري رأيه خلل شهر ‪ ،‬ومع ذلك فللحكومة‬
‫أن تطلب في حالة الستعجال تقصير هذه المدة إلى ثمانية أيام ‪ ،‬وقد نصت‬
‫المادة ‪ 62‬من الدستور الفرنسي الصادر عام ‪ 1958‬علي أن " النص الذي‬
‫‪ .‬يعلن عدم دستوريته ل يجوز إصداره أو تطبيقه‬
‫كما نصت تلك المادة أيضًا علي أن قرارات المجلس الدستوري ل تقبل‬
‫الطعن فيها بأي وجه من اوجه الطعن وهي ملزمة للسلطات العامة ولجميع‬
‫‪ .‬السلطات الدارية والقضائية‬
‫وهناك استثناء هام من القوانين التي يجب أو التي يجوز عرضها علي‬
‫المجلس الدستوري لمعرفة مدي دستوريتها تلك هي القوانين التي يتم‬
‫إقرارها عن طريق الستفتاء العام إذ انها عندئذ ستمثل التعبير المباشر عن‬
‫السيادة ول يصبح هناك مجال للبحث في دستوريتها بعد ذلك ‪ ،‬وقد استطاع‬
‫الرئيس شارك ديجول أن ينفذ عن هذا الطريق ويعدل الدستور لتقرير‬
‫طريقة النتخاب المباشر لرئيس الجمهورية بغير الطريقة المنصوص عليها‬
‫في الدستور نفسه لتعديله ولم يستطع أحد أن يثير عدم دستورية ذلك التعديل‬
‫‪ .‬نظرًا لنه اقر في استفتاء شعبي عام‬
‫هذا عن اختصاص ذلك المجلس في رقابة دستورية القوانين ‪ ،‬وهي كما‬
‫تري وقائية سابقة علي إصدار القانون نفسه وهي رقابة سياسية لنه ل يقوم‬
‫‪ .‬بها قضائه‬
‫والي جوار رقابة الدستورية فان للمجلس الدستوري اختصاصات أخرى‬
‫عهد إليه بها دستور ‪ 1958‬بعضها يتعلق بالنتخابات العامة وانتخابات‬
‫‪ .‬رئيس الجمهورية والفصل في صحة انتخاب عضو البرلمان‬
‫كذلك فان المجلس هو الذي يقرر وجود عائق يعوق رئيس الجمهورية عن‬
‫مباشرة مهام منصبه وما إذا كان ذلك العائق مؤقتًا أو دائمًا ‪ ،‬وإذا قرر‬
‫المجلس أن العائق الذي يعوق رئيس الجمهورية هو عائق دائم فان انتخابات‬
‫جديدة تجري خلل عشرين يومًا علي القل وخمسة وثلثين يومًا علي‬
‫‪ .‬الكثر لنتخاب رئيس جديد‬
‫كذلك فان للمجلس الدستوري اختصاصًا هامًا عند الرجوع إلى المادة ‪16‬‬
‫من الدستور – وهي التي تقابل المادة ‪ 74‬من دستورنا – وهي التي تعطي‬
‫رئيس الجمهورية في حالت الخطر الداهم التي تهدد المؤسسات الدستورية‬
‫سلطات واسعة ويجب أن يبدي المجلس الدستوري رأيه قبل إمكانية اللجوء‬
‫إلى المادة ‪ 16‬وان يبدي رأيه في كل قرار يصدره الرئيس ولكنه مع ذلك‬
‫‪ .‬يظل ذو قيمة أدبية وسياسية كبيرة‬
‫‪ .‬هذا عن اختصاص المجلس الدستوري‬
‫كيفية تكوين المجلس الدستوري‬
‫‪ .‬يتكون المجلس من نوعين من العضاء‬
‫أ( أعضاء بحكم القانون ولمدي الحياة وهؤلء هم كل رؤساء الجمهورية(‬
‫‪ .‬السابقون الموجودون علي قيد الحياة‬
‫ب( أعضاء معينون ‪ ،‬وهؤلء تسعة أعضاء ‪ ،‬ومدة العضوية تسع(‬
‫سنوات ‪ ،‬وهؤلء التسعة يختار رئيس الجمهورية منهم ثلثة ‪ ،‬ولمكان‬
‫تجديد في عضوية المجلس فان كان واحد ممن لهم حق الختيار يختار‬
‫واحدًا لمدة ثلثة سنوات وواحدًا لمدة ست سنوات وواحدًا لمدة تسع سنوات‬
‫وهذه الطريقة تضمن تجديد ثلث أعضاء المجلس المعينين كل ثلث سنوات‬
‫‪.‬‬
‫ج( رئيس المجلس ‪ :‬يعين رئيس الجمهورية أحد أعضاء المجلس – سواء(‬
‫من العضاء المختارين أو من العضاء بحكم القانون – رئيسًا للمجلس ‪،‬‬
‫‪) .‬ويكون للرئيس صوت مرجح عند تساوي الصوات )م‪56‬‬
‫وقد جري العمل حتى الن علي أن يعين رئيس المجلس من بين العضاء‬
‫‪ .‬الثلثة الذين يختارهم رئيس الجمهورية‬
‫وأعضاء المجلس يستمرون في عضويتهم طوال المدة المبينة ول يفقدون‬
‫العضوية إل بالوفاة أو الستقالة ‪ ،‬ويجوز فقدان العضوية بقرار من المجلس‬
‫الدستوري نفسه في حالة عدم الهلية لمزاولة العمل ‪ ،‬ول يجمع أعضاء‬
‫المجلس بين عضويته والوزارة أو عضوية البرلمان أو عضوية المجلس‬
‫القتصادي والجتماعي كذلك ل يجوز تعيين أعضاء المجلس في الوظائف‬
‫الحكومية وانما يجوز لمن كان منهم موظفًا قبل تعيينه أن يستمر في وظيفته‬
‫‪ ،‬علي سيبل المثال فان أعضاء المجلس الذين كانوا أساتذة في كلية الحقوق‬
‫‪ .‬استمروا يشغلون منصب الستاذية إلى جوار عضوية المجلس‬
‫‪ :‬التعديل الدستوري عام ‪1974‬‬
‫في عام ‪ 1974‬حدث تعديل دستوري يتعلق بمن لهم حق طلب العرض‬
‫علي المجلس الدستوري إذ أضيف إلى من لهم هذا الحق وهو رئيس‬
‫الجمهورية والوزير الول ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ‬
‫أضيف إلى هؤلء انه يجوز لستين نائبًا أو لستين شيخًا أن يطلبوا عرض‬
‫قانون معين قبل إصداره علي المجلس الدستوري ليقول رأيه في مطابقة‬
‫ذلك القانون أو عدم مطابقته للدستور ‪ ،‬وهكذا اتسع نطاق من لهم حق‬
‫‪ .‬العرض علي المجلس الدستوري‬
‫‪ .‬وفي عام ‪ 1990‬م حدث تطور جوهري في هذه الناحية‬
‫مشروع التعديل الذي لم يتم في عام ‪1990‬‬
‫بدا الحديث عن هذا التعديل الجوهري في أوائل ‪ 1990‬وفي ‪ 19‬أبريل من‬
‫نفس العام وبناء علي اقتراح من الحكومة أقرت اللجنة التشريعية في‬
‫الجمعية الوطنية مشروع التعديل المتعلق بالمجلس الدستوري رغم شدة‬
‫النقسامات داخل اللجنة بين التجاهات الحزبية المختلفة والشيء الجوهري‬
‫في ذلك التعديل هو انه خطا خطوة نحو ما يمكن أن يقال له رقابة قضائية‬
‫علي دستورية القوانين ‪ ،‬ذلك انه حتى ذلك التاريخ كان المر مقصورًا علي‬
‫نوع من الرقابة الوقائية بناء علي طلب جهات رسمية معينة ‪ ،‬وقد انتهي‬
‫التعديل السابق إلى أن أعطى حق هذا الطلب لستين عضوًا من أي من‬
‫المجلسين وبذلك يتمكن نواب المعارضة من استعمال هذا الحق إذا رأوا‬
‫ضرورة لستعمال ولكن مشروع التعديل الجديد ذهب إلى ابعد من ذلك ‪،‬‬
‫ذلك انه كان يجيز للفراد الدفع أمام المحاكم بعدم دستورية قانون معين أو‬
‫‪ .‬نص في قانون معين‬
‫وكان هذا المشروع لتعديل اختصاص المجلس الدستوري كما قال السيد‬
‫جورج فيديل – وإن لم يكن في ذاته ثورة – إل انه كان تطورا وإصلحا‬
‫‪) .‬حقيقيا في الحياة الدستورية )‪16‬‬
‫وكان المشرع ل يعطي الفراد حق الدفع بعدم الدستورية في مواجهة كل‬
‫القوانين وانما في مواجهة تلك القوانين التي تمس الحقوق الساسية التي‬
‫يتضمنها الدستور وإعلن حقوق النسان والمواطن ) إعلن ‪( 1789‬‬
‫وكذلك المبادئ الساسية التي قررتها قوانين الجمهورية ‪ ،‬وهي تلك التي‬
‫تتعلق أساسًا بالحريات العامة وبالموضوعات الدستورية ‪ ،‬وقد حاول‬
‫البعض أن يوسع النطاق الخاضع للرقابة بإدخال القرارات الجمهورية‬
‫ل للطعن ‪ ،‬ولكن ذلك القتراح لم يقبل ‪،‬‬ ‫واللوائح فيما يمكن أن يكون مح ً‬
‫وكان المشرع يستهدف أيضًا مزيدًا من الصفة القضائية للمجلس الدستوري‬
‫‪ le‬وإن كان هناك من رأي انه يجب أن ينتخب حراس الدستور‬
‫‪ !! .‬عن طريق النتخاب العام المباشر ‪gardiens la constitution‬‬
‫ولكن في النهاية لم يكتب لهذا المشروع أن يري النور وتغلبت الحجج‬
‫التقليدية الفرنسية علي هذا التجاه الجديد ‪ ،‬وقيل أن هذا التعديل سيخل‬
‫بالتوزان بين السلطات وسيقيم في فرنسا " حكومة قضاة " ولن يكون‬
‫القانون بعد ذلك تعبيرًا عن إرادة المة ل تجوز مناقشة دستوريته بعد‬
‫‪ .‬صدوره‬
‫وإن كنا نعتقد أن المر لن يتوقف عند هذا الذي حدث وان عجلة التطور‬
‫ومبدأ سيادة القانون سيدفعان المور دفعًا نحو صورة اكثر فعالية من صور‬
‫‪ .‬الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا‬
‫‪ :‬كيفية انعقاد اختصاص المجلس‬
‫تنص الفقرة الثانية من المادة )‪ (61‬من الدستور علي انه " ‪ . .‬يمكن أن‬
‫تعرض القوانين قبل إصدارها علي المجلس الدستوري من قبل رئيس‬
‫الجمهورية أو الوزير الول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس‬
‫الشيوخ أو من قبل ستين عضوًا من أعضاء الجمعية الوطنية أو من أعضاء‬
‫‪ . . " .‬مجلس الشيوخ‬
‫‪ :‬رئيس الجمهورية‬
‫يلحظ أن رؤساء الجمهورية لم يستعملوا هذه الرخصة بأنفسهم واثروا أن‬
‫‪ .‬يتركوا لغيرهم استعمالها‬
‫ولكن ذلك لم يمنع بحكم الوجوب الدستوري أن يرجع رئيس الجمهورية‬
‫‪ ) .‬للمجلس قبل إعلن العمل بالمادة )‪ (16‬من الدستور ) حالة الضرورة‬
‫كذلك لم يمنع ذلك أيضًا من ضرورة الرجوع إلى المجلس بخصوص‬
‫‪ .‬الستفتاء علي بعض القوانين‬
‫‪ :‬الوزير الول‬
‫وعلي عكس الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية فان الوزير الول لجأ إلى هذه‬
‫المكاشفة في العديد من الحوال وذلك بواسطة طلب يتقدم به إلى رئيس‬
‫المجلس لكي يقرر المجلس ما إذا كان قانونًا أو نصًا في قانون – قبل‬
‫‪ .‬الصدار بطبيعة الحال – يتفق مع الدستور أو ل يتفق‬
‫‪ :‬رئيس الجمعية الوطنية‬
‫لجأ رئيس الجمعية الوطنية إلى المجلس الدستوري لمعرفة رأيه عن حق‬
‫طرح الثقة بالحكومة أما الجمعية الوطنية أثناء العمل بالمادة ) ‪ ( 16‬من‬
‫‪ ) .‬الدستور ) حالة الضرورة‬
‫كما لجأ إلى المجلس الدستوري في عدد من الحالت الخرى حول دستورية‬
‫‪ .‬بعض النصوص المطروحة للمناقشة أمام الجمعية‬
‫‪ :‬رئيس مجلس الشيوخ‬
‫رغم اتجاه مجلس الشيوخ لمعارضة أي صورة من صور الرقابة علي‬
‫دستورية القوانين ‪ . .‬فان الرؤساء المتعاقبين لجأوا إلى المجلس ‪ . .‬فان‬
‫رؤساء مجلس الشيوخ لجأوا إلى المجلس الدستوري في العديد من الحالت‬
‫المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات ) حكم المجلس في ‪ 27‬ديسمبر ‪( 1973‬‬
‫وفي بعض التشريعات الضريبية أيضا ‪ ،‬وفي بعض التشريعات المتعلقة‬
‫‪ ) .‬بالمحليات ) حكم المجلس في ‪ 2‬ديسمبر ‪1982‬‬
‫‪ :‬ستون عضوًا من أي من المجلسين‬
‫تقرر هذا الحق للعضاء – ولم يكن موجودًا من قبل – في ‪ 29‬أكتوبر‬
‫‪ 1974‬إذ اصبح لستين عضوًا مجتمعين من أي من المجلسين حق التقدم‬
‫للمجلس الدستوري بطلب للنظر في دستوري أو عدم دستورية نص في‬
‫‪ .‬قانون لم يصدر بعد‬
‫والملحظ أن الطلبات التي قدمت من أعضاء البرلمان لمجلسيه هي النسبة‬
‫التالية من الطلبات التي عرضت علي المجلس الدستوري ‪ ،‬حتى سنة‬
‫‪ 1994‬كان النواب قد تقدموا بـ ) ‪ " ( 284‬مائتين وأربعة وثمانين طلب "‬
‫‪ .‬بعدم دستورية قانون أو نص في قانون‬
‫وقد صدر ‪ 199‬حكم في هذه الطلبات وقضي في ‪ 92‬منها بعدم الدستورية‬
‫‪17)) .‬‬
‫‪ :‬الخلف حول طبيعة المجلس الدستوري‬
‫جري خلف بين الفقه حول طبيعة المجلس الدستوري ‪ ،‬وهل هو هيئة‬
‫‪ .‬سياسية أم هيئة قضائية‬
‫أما الذين قالوا انه هيئة سياسية ‪ . .‬فقد نظروا إلى طريقة تكوينه التي أشرنا‬
‫‪ .‬إليها والتي تختلف اختلفا جذريًا مع كيفية تكوين المحاكم القضائية‬
‫أما الذين قالوا أن المجلس يعتبر هيئة قضائية ‪ . .‬فقد نظروا إلى طيبعة‬
‫اختصاصه وانه يفصل في مسائل قانونية بحتة وعلي اعلي مستوي كذلك‬
‫فان المجلس منذ إنشائه وحتى الن يصيغ قراراته علي هيئة الحكام‬
‫‪ .‬القضائية من حيث مناقشة الوقائع ومن حيث التسبيب وكتابة الحيثيات‬
‫كذلك فان قرارات المجلس لها حجية في مواجهة سلطات الدولة وفي‬
‫مواجهة الجهات الدارية والقضائية ‪ ،‬وقرارات المجلس غير قابلة للطعن‬
‫‪ .‬بأي طريق من طرق الطعن‬
‫‪ :‬ويجري نص المادة )‪ (62‬فقرة ثانية علي النحو التالي‬
‫‪[ les decisions de conseil constitutionnel ne sont‬‬
‫‪susceptibles daucun recours. Elles simposent aix‬‬
‫‪pouvoirs publics et a toutes led antorites‬‬
‫] ‪administraties et juridictionnelles.‬‬
‫والمجلس نفسه يشير في قراراته إلى بعض قراراته السابقة مؤكدًا ما لها من‬
‫حجية وإلزام )‪ ، (18‬وهكذا يمكن أن يقال إن المجلس الدستوري في فرنسا‬
‫هو هيئة سياسية من حيث تكوينه وهو هيئة قضائية من حيث كونه يفصل‬
‫‪ .‬في منازعات قانونية‬
‫‪ :‬تقدير الرقابة علي الدستورية في فرنسا‬
‫رغم كل محاولت المجلس الدستوري لتوسعة اختصاصاته عن طريق‬
‫‪ errens‬التفسير وعن طريق ما اخذ به من فكرة الخطأ الواضح في التقدير‬
‫وهي فكر ابتدعها في الصل مجلس – ‪manifeats lapreciation‬‬
‫الدولة – ونقلها المجلس الدستوري إلى مجال التشريع برغم كل ذلك فان‬
‫الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا تظل قاصرة ومتخلفة عما هو سائد‬
‫في الوليات المتحدة وفي كثير من البلد الوروبية ‪ . .‬فالمجلس ل يجوز له‬
‫أن يتصدى من تلقاء نفسه لموضوع الدستورية كذلك فان المحاكم ل يجوز‬
‫لها أن تحيل إليه ما قد تري انه مخالف للدستور من نصوص تشريعية لن‬
‫النص التشريعي متي صدر ووقع عليه رئيس الجمهورية ونشر في الجريدة‬
‫الرسمية فقد استغلق أمامه باب الطعن بعدم دستوريته ومن ناحية أخرى‬
‫هامة أيضًا فان الفراد الذين قد تمس التشريعات الصادرة حرياتهم وحقوقهم‬
‫‪ .‬الساسية ليس لهم الحق بالدفع بعدم دستورية هذه القوانين‬
‫كل هذه العتبارات تنتقص من مدي فاعلية هذه الرقابة التي يباشرها‬
‫المجلس الدستوري في مواجهة " مشروعات " القوانين والتي ل ينعقد‬
‫اختصاصه بها إل بطلب من رئيس الجمهورية أو الوزير الول أو رئيس‬
‫الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ أو ستين عضوا من أي من‬
‫المجلسين ‪ ،‬ولكن الفراد الذين ينطبق عليهم القانونين هم في نهاية المر‬
‫‪) .‬مجردين من كل سلح في مواجهة هذه القوانين )‪19‬‬

‫المبحث الثاني الرقابة علي دستورية القوانين في الوليات المتحدة المريكية‬

‫التجربة المريكية في الرقابة القضائية علي دستورية القوانين هي اقدم‬


‫‪ .‬التجارب وأكثرها ثراء وأبعدها تأثيرا‬
‫وقد ظلت هذه التجربة طوال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين‬
‫هي التجربة الوحيدة في الرقابة علي دستورية القوانين إلى أن بدأت البدايات‬
‫الولى في أوربا في النمسا عقب الحب العالمية الولى – ‪ 1920‬وبعد ذلك‬
‫بدأت في النتشار الواسع في النصف الثاني من القرن العشرين علي نحو ما‬
‫‪ .‬سنري عندما ندرس هذه الرقابة في الدولة الوربية‬
‫ويكاد الفقهاء يجمعون علي أن الدستور المريكي لم ينظم الرقابة علي‬
‫دستورية القوانين ولم يتحدث عن مثل تلك الرقابة صراحة في نص من‬
‫نصوصه ‪ ،‬ولكن في المقابل ومن ناحية فانه ل يوجد في نصوص الدستور‬
‫المريكي ما يفهم منه صراحة أو ضمنًا الحيلولة بين القضاء ومثل هذه‬
‫الرقابة ‪ ،‬عكس ذلك هو الصحيح ذلك أن الفقرة الثانية من المادة السادسة‬
‫من الدستور المريكي التي تقول " هذا الدستور وقوانين الوليات الصادرة‬
‫وفقًا له وكل المعاهدات المعقودة أو التي ستعقد في ظل سلطة الوليات‬
‫المتحدة ستكون هي القانون الساسي للبلد ‪ ،‬والقضاة في كل البلد‬
‫سيتقيدون بذلك بصرف النظر عن أي حكم مخالف في دستور الولية أو‬
‫‪ .‬قوانينها‬
‫ل عن نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من الدستور التي تتحدث‬ ‫وذلك فض ً‬
‫عن الختصاص القضائي والتي جاء فيها ‪ :‬أن الوظيفة القضائية تمتد إلى‬
‫‪ .‬كل القضايا المتعلقة بالقانون أو العدالة ‪ ،‬التي تثور في ظل هذا الدستور‬
‫هذان النصان من نصوص الدستور التحادي المريكي وإن كانا ل ينظمان‬
‫وسيلة معينة لمراقبة دستورية القوانين إل انهما بغير شك يفتحان الباب عن‬
‫طريق التفسير أمام المحاكم للنظر في مدي اتفاق القوانين الصادرة في ظل‬
‫‪ .‬الدستور مع ذلك الدستور‬
‫‪ .‬وهذه هو ما فعله القضاء المريكي‬
‫وقد بدا المر في محاكم الوليات – عندما كانت تلك الوليات دول مستقلة‬
‫قبل نشأة التحاد ثم أخذت به المحكمة التحادية ابتداء من عام ‪ 1803‬في‬
‫‪ .‬قضية مار بوري ضد ماديسون المشهورة‬
‫واستقر بعد ذلك – ومنذ عام ‪ – 1830‬قضاء المحكمة العليا وقضاء محاكم‬
‫الوليات علي حقها في النظر في دستورية القوانين ومازالت السباب التي‬
‫استند إليها قاضي القضاة مارشال في قضية مار بوري ضد ماديسون عام‬
‫‪ 1803‬تمثل حجر الساس الذي تعتمد عليه المحاكم المريكية في قضائها‬
‫‪ .‬في هذا الموضوع‬
‫بل أن القضاة في كثير من البلد التي لم ينظم فيها الدستور طريقًا لمراقبة‬
‫الدستورية نهجت إلى حد كبير ذات النهج الذي اتبعه مارشال في تسبيبه‬
‫‪ .‬لحكمه‬
‫ومن بين ما جاء في أسباب ذلك الحكم التاريخي واصبح بعد ذلك ميراثًا‬
‫قضائيًا عامًا ‪ " :‬أمام أن يكون الدستور هو القانون السمي الذي ل يقبل‬
‫التعديل بالوسائل العادية ‪ ،‬وأما أن يوضع الدستور علي ذلك المستوي مع‬
‫العمال التشريعية العادية التي يستطيع المشرع العادي أن يغيرها كلما أراد‬
‫‪ ، " .‬وعلينا أن نختار‬
‫أما أن التصرف التشريعي المخالف للدستور ل يعتبر قانونًا ‪ ،‬وأما أن "‬
‫الدستور نفسه يصبح لغوا في محاولته لتقييد سلطة هي بطبيعته غير مقيدة "‬
‫] يقصد السلطة التشريعية [ ثم يقول ‪ :‬أن الختصاص الممنوح للسلطة‬
‫القضائية بمقتضى الدستور يعطيها في نظر كل القضايا المتعلقة بالقوانين‬
‫والتي تثور في ظل الدستور ‪ ،‬فهل يتصور أن يقصد واضعوا الدستور إلى‬
‫أن يحرموا القضاة من فحص الدستور بينما يلزموهم بالفصل في‬
‫‪ :‬الخصومات التي تنشا في ظل ذلك الدستور ‪ ،‬ثم ينتهي إلى النتيجة التية‬
‫إذا كان التصرف التشريعي المخالف للدستور ليس قانونًا فانه من غير "‬
‫‪ " .‬المتصور إلزام المحاكم بتطبيقه‬
‫هذه هي بعض السباب التي جاءت في ذلك الحكم الذي أصدره مارشال‬
‫رئيس المحكمة العليا التحادية عام ‪ ، 1803‬وقد ظل القضاء المريكي‬
‫مترددًا بل أن ميله إلى الرفض كان اكثر وضوحًا حتى عام ‪ 1830‬ومنذ‬
‫تلك السنة وحتى عام ‪ 1880‬لم يكن حق القضاء في مراقبة دستورية‬
‫ل في مباشرة‬ ‫ل لنزاع وسارت المحاكم من جانبها سيرًا معتد ً‬ ‫القوانين مح ً‬
‫‪ .‬هذه الرقابة‬
‫ولكن منذ نهاية القرن الماضي وحتى عام ‪ 1936‬من هذا القرن توسعت‬
‫المحاكم في مباشرة هذه الرقابة توسعًا دعي إلى القول أن الوليات المتحدة‬
‫إل يحكمها السياسيون في البيت البيض والكونجرس وانما يحكمها قضاة‬
‫المحكمة العليا ‪ ،‬وكان الرئيس روزفلت هو الذي قال ذلك كمظهر من‬
‫مظاهر الحتجاج علي موقف المحكمة العليا من القوانين القتصادية التي‬
‫أراد أن يتغلب بها علي الزمة القتصادية الطاحنة التي اجتاحت العالم عام‬
‫‪ 1930‬وان يدخل بها بعض صور العدالة الجتماعية في التشريع المريكي‬
‫‪.‬‬
‫وكانت المحكمة العليا قد حكمت بعدم دستورية هذه القوانين وأصرت علي‬
‫ذلك الموقف إصرارا آثار ضدها الرأي العام في تلك البلد مع احترامه‬
‫‪ .‬العميق للقضاة‬
‫ل يتيح له زيادة عدد‬ ‫وقد حاول روزفلت أن يعدل من نظام المحكمة تعدي ً‬
‫القضاة لكي يتغلب علي عناد القضاة المعارضين لقوانين القتصادية الجديدة‬
‫بتعيين قضاة اكثر تحررًا وتطوراص ‪ ،‬وعلي ذلك تنحاز الغلبية إلى‬
‫الموافقة علي تلك القوانين ‪ ،‬ولكن روزفلت لم يتمكن من إدخال ذلك‬
‫التعديل ‪ ،‬وشاءت الظروف بعد ذلك أن يتوفى أحد القضاة الخمسة‬
‫المعارضين وان يطلب اثنان منهم أحالتهما إلى التقاعد بعد أن جاوزوا‬
‫السبعين ‪ ،‬وبتعيين ثلثة آخرين مكانهم تغير الوضع في المحكمة واصبح‬
‫فيها سبعة يؤيدون التجاه الجديد بعد أن كانوا أربعة فقط ضد خمسة‬
‫معارضين مما أدى إلى نوع من الشلل في الحياة المريكية طوال فترة‬
‫‪ .‬معارضة المحكمة واعتبارها تلك القوانين غير دستورية‬
‫وبعد هذه أزمة عادت المحكمة العليا ومن ورائها المحاكم الخرى إلى‬
‫‪ .‬العتدال في مباشرتها لرقابة دستورية القوانين‬
‫‪ judicial‬وسائل انعقاد الختصاص في موضوع رقابة الدستورية‬
‫‪review‬‬
‫‪ :‬أ( وسيلة الدفع(‬
‫عند نظر أي قضية أمام أي محكمة سواء من محاكم الوليات أو المحاكم‬
‫الفيدرالية ‪ . .‬فانه يجوز لطراف الدعوى وللدعاء العام الدفع بعدم‬
‫دستورية القانون المطلوب تطبيقه علي تلك الدعوى وتملك المحكمة – أيا‬
‫كانت درجتها – أن تقرر المتناع عن تطبيق القانون إذا رأت أن ذلك‬
‫‪ .‬القانون يتعارض مع الدستور‬
‫وأحكام المحكام في هذا الشأن الخطير ليست نهائية ‪ ،‬وانما يجوز أن يطعن‬
‫‪ .‬فيها أمام المحاكم العلى ‪ ،‬وهذه قد تؤيد الحكم أو تعديله أو تلغيه‬
‫وهذه الوسيلة – وسيلة الدفع – هي واكثر الوسائل انتشارًا وهي التي تؤدي‬
‫إلى " رقابة المتناع " أي امتناع المحكمة عن تطبيق النص القانوني أو‬
‫القانون المخالف للدستور ‪ ،‬والمحكمة تقرر " امتناعها " فقد عن تطبيق‬
‫ل بطلن القانون‬ ‫القانون ولكنها ل تقرر شيئا ابعد من ذلك ‪ ،‬فهي ل تقرر مث ً‬
‫أو إلغائه ‪ ،‬لذلك فان محكمة أخرى قد تري غير ما رأته المحكمة الولى‬
‫وتحكم عكس ما حكمت ‪ ،‬ويظل المر هكذا حتى تفصل فيه المحكمة‬
‫الفيدرالية العليا حيث يعتبر حكمها من قبيل السوابق القضائية الملزمة ‪ ،‬وإن‬
‫كنا مع ذلك نظل في إطار رقابة المتناع لنه حتى المحكمة العليا نفسها ل‬
‫تحكم بإلغاء النص ول تملك ذلك وانما تملك أن تمتنع عن تطبيقه ‪ ،‬ومن‬
‫الناحية العملية فان التزام سائر المحاكم بما قضت به المحكمة العليا من‬
‫امتناع تطبق نص قانوني معين يؤدي في النهاية إلى الحكم بالموت الفعلي‬
‫‪ .‬علي هذا النص القانوني‬
‫‪ injunction :‬ب( وسيلة المر القضائي(‬
‫مقتضى هذه الوسيلة أن يلجا صاحب مصلحة حقيقية إلى محكمة اتحاد‬
‫مكونة من ثلثة قضاة طالبًا من تلك المحكمة أن تصدر أمرًا قضائيًا‬
‫لموظف عام بالمتناع عن تنفيذ قانون معين في حالة معينة استنادًا إلى أن‬
‫ذلك القانون يمس بمصالح ذلك الشخص وحقوقه وان ذلك القانون مخالف‬
‫‪ .‬للدستور‬
‫وإذا صدر المر القضاي للموظف المعني بالمتناع عن التنفيذ وجب عليه‬
‫‪ .‬المتثال لمر المحكمة إل إذا طعن في ذلك المر والغي‬
‫ومن ناحية أخرى يجوز إصدار أمر قضائي لحد الموظفين بتنفيذ نص‬
‫قانوني أو قرار معين وعلي الموظف أن يصرح بالمر ويقوم بالتنفيذ فان‬
‫هو خالف أمر المحكمة ‪ . .‬عد مرتكبًا لجريمة احتقار المحكمة " التي قد‬
‫‪ " .‬تؤدي إلى حبس ذلك الموظف‬
‫‪ declaratory indgement :‬ج( وسيلة الحكم التقريري(‬
‫‪ .‬الحكم التقريري شانه شان المر القضائي يعتبر وسيلة وقائية‬
‫وقد بدا العمل بهذه الوسيلة – الحكم التقريري – منذ عام ‪ 1918‬واستمر‬
‫حتى الن ‪ .‬هذا وقد اقر الكونجرس هذه الوسيلة بقانون اتحادي أصدره عام‬
‫‪1938 .‬‬
‫ويلجأ الفراد إلى هذه الوسيلة عندما يثور خلف بشأن ما يتمتع به هؤلء‬
‫الفراد من حقوق والتزامات متبادلة ‪ ،‬وما قد يكون هناك من تعارض بين‬
‫‪ .‬القانون الذي يحدد هذه الحقوق واللتزامات وبين الدستور نفسه‬
‫والمحكمة ل تفصل في نزاع عندما تصدر حكمًا تقريريًا وانما هي تكشف‬
‫عن رأيها في مسالة معينة قد تؤدي إلى تجنب المنازعات القضائية مستقب ً‬
‫ل‬
‫وقد ل تؤدي إلى ذلك إذا لم يرتض الطراف الحكم التقريري ورأوا‬
‫‪ .‬استمرار المنازعة وطرحها علي القضاء‬
‫وفي ختام هذا العرض السريع لموقف القضاء المريكي يجب أن نلحظ أن‬
‫القضاء المريكي ل يقضي ببطلن القانون لمخالفته للدستور ‪ ،‬فهو ل يملك‬
‫ذلك ‪ ،‬وانما هو يقضي بالمتناع عن تطبيق ذلك القانون في القضية محل‬
‫‪ .‬البحث‬
‫ولكن نظرًا لن النظام القضائي المريكي يقوم علي السوابق القضائية‬
‫وعلي اتباع المحاكم الدنيا لقضاء المحاكم العليا فان قضاء المحكمة التحادية‬
‫العليا بالمتناع عن تطبيق قانون معين لعدم دستوريته يعني من الناحية‬
‫العلمية أبطال مفعول ذلك القانون في الحياة ‪ ،‬اللهم إل إذا عدلت المحكمة‬
‫العليا نفسها عن قضائها بعد ذلك ‪ ،‬وهي رغم تقيدها بالسوابق القضائية إل‬
‫انها تعدل عنها في بعض الحالت ‪ ،‬وهذا هو ما حدث فعل بالنسبة للقوانين‬
‫القتصادية التي استصدرها روزفلت وفقًا لما كان يسمي بالسياسة الجديدة‬
‫وهذه الطريقة هي ما تسمي عادة الرقابة عن طريق ‪ N.E.P..‬آنذاك‬
‫‪ .‬المتناع ‪ . .‬أي امتناع المحاكم عن تطبيق النص المخالف للدستور‬
‫والي جوار الرقابة بطريق الدفع المؤدي إلى المتناع أوجد القضاء‬
‫المريكي وسيلتين أخريين لمباشرة رقابة الدستورية ‪ ،‬وهاتان الوسيلتان هما‬
‫ل ‪ :‬المر القضائي‬ ‫ومقتضاه أن يصدر أمر من المحكمة ‪ : injunction‬أو ً‬
‫– التي هي وفقًا للنصوص محكمة اتحادية مشكلة من ثلثة قضاة – بناء‬
‫علي طلب ذي مصلحة إلى موظف معين بالمتناع عن تنفيذ قانون معين في‬
‫حالة معينة ‪ ،‬وعلي ذلك الموظف أن يمتثل لمر المحكمة إل إذا طعن فيه‬
‫والغي المر ‪ .‬والوسيلة الثانية هي الحكم التقريري ‪ ،‬ومقتضاها أن يصدر‬
‫حكم بناء علي طلب ذي مصلحة ليقرر ما إذا كان قانون معين يراد تطبيقه‬
‫علي ذلك الشخص دستوريًا أم غير دستوري ‪ ،‬وهذا الحكم ذو اثر نسبي أي‬
‫انه ل يحتج به إل من صدر لصالحه وفي تلك الحالة دون غيرها ‪ ،‬وقد اقر‬
‫‪ .‬الكونجرس تلك الوسيلة بقانون اتحادي أصدره عام ‪1938‬‬
‫هذه هي الوسائل الثلث التي يباشر بها القضاء في الوليات المتحدة‬
‫المريكية رقابة دستورية القوانين في تلك البلد والتي بني علي أساسها‬
‫‪) .‬صرحًا قضائيًا ضخمًا في هذا الموضوع )‪20‬‬

‫المبحث الثالث الرقابة القضائية علي دستورية القوانين في بعض الدول‬


‫الوربية‬
‫‪ :‬تمهيد‬
‫‪ . .‬يمكن أن يقال‬
‫إن الفيلسوف الغريفي ارسطو في كتابه " السياسة " قد أشار ضمنًا إلى‬
‫“ فكرة تدرج القواعد القانونية عندما ذهب إلى أن القوانين المؤسسة للدولة‬
‫ل يجوز تعديلها بواسطة القوانين “ ‪lois fondatrices de lecast‬‬
‫فإذا وصلنا إلى جان جاك – رو سو فانه مع “ ‪ “ lois ordinaries‬العادية‬
‫‪ “ expression‬هو التعبير عن الدارة العامة " ‪ loi‬اعتبار أن " القانون‬
‫إل انه يذهب مع ذلك إلى أن قواعد العقد " ‪de la volonte generale‬‬
‫‪ “ lois‬الجتماعي أو ما يمكن أن يقال له القوانين الساسية‬
‫ل يمكن أن تنشا أو تعديل إل بالجماع علي اعتبار أن “ ‪fondemntas‬‬
‫‪ .‬الغلبية ل تكفي لنشاء القواعد القانونية الساسية‬
‫وفي هذا أيضا إدراك لفكر تدرج القواعد القانونية التي هي إحدى السس‬
‫‪ .‬التي بنيت عليها فكرة الرقابة علي دستورية القوانين‬
‫ولكن السهام الفقهي المباشر والواضح في قاعدة تدرج القواعد القانونية‬
‫وتوالدها من بعضها ‪ . .‬كان يجب أن ينتظر حتى يجئ الفقيه النمساوي‬
‫‪ .‬الكبير هانزكلس‬
‫وتقوم نظرية كلسن علي أن القانون يتوالد من أعل إلى الدنى ‪ ،‬ففي القمة‬
‫يأتي القانون الدولي العام ‪ ،‬وعندما يعترف القانون الدولي العام بالدولة‬
‫يعتبر لها بالحق في أن يكون لها دستور ‪ ،‬والدستور بدوره هو أساس‬
‫‪ .‬القانون ‪ ،‬والقانون أساس اللئحة ‪ ،‬واللئحة أساس القرار الفردي‬
‫وكل درجة قانونية مرتبطة بالدرجة التي تعلوها باعتبارها نتاج لها‬
‫‪) .‬وبالدرجة التي تدنوها باعتبارها منتجة لها )‪21‬‬
‫ويعتبر كلسان هو الب الروحي للدستور النمساوي الصادر عام ‪1920‬‬
‫وبالتالي للمحكمة الدستورية النمساوية التي نص عليها ذلك القانون ‪ .‬بل أن‬
‫البعض يذهب إلى أن كلسن يمكن أن يعتبر الب الروحي لكل المحاكم‬
‫‪ .‬الدستورية الوربية والتي نبدأ الن بدراسة موجة لبعضها‬
‫‪ :‬أول ‪ :‬المحكمة الدستورية في النمسا‬
‫كانت " مدرسة فيينا " بزعامة كلسن وراء إنشاء هذه المحكمة لكي تحمي‬
‫‪ .‬تدرج القواعد القانونية من أن تعتدي قاعدة ادني علي قاعدة اعلي‬
‫وقد أنشئت المحكمة النمساوي منذ عام ‪ 1920‬م وكان لها اختصاص شامل‬
‫ومانع ‪ ،‬بمعني انها كانت تباشر رقابة مركزية علي دستورية القوانين ول‬
‫يجوز لغيرها من المحاكم أن تتصدى لهذا الرقابة ‪ ،‬وهذه الرقابة المركزية‬
‫تأثرت بها كثير من المحاكم الدستورية التي نشأت بعد ذلك ‪ ،‬وتتكونا‬
‫لمحكمة الدستورية في النمسا من ‪ 14‬قاضيًا ‪ ،‬وستة قضاة مناوبين ‪،‬‬
‫وتشارك السلطات التشريعية والتنفيذية في اختيار قضاة المحكمة ‪ ،‬والقانون‬
‫وان كان يتطلب في قضاة المحكمة الدستورية أن يكونوا من ذوي الخبرة‬
‫القانونية الطويلة إل انه لم يشترط سنًا معينًا كحد ادني للتعيين ) علي عكس‬
‫الحالة في ألمانيا مثل حيث يشترط أن ل يقل عمر القاضي الدستوري عن‬
‫‪ ) .‬أربعين سنة‬
‫ويستمر القاضي الدستوري في عمله ما دام قد عين فيه دون إمكانية نقله أو‬
‫فصله أو تغيير عمله ‪ ،‬وذلك إلى أن يبلغ السبعين عامًا ‪ ،‬وهذا في حد ذاته‬
‫ضمان لستقلل القاضي إلى جوار وجود نظام خاص بحصانة القضاة‬
‫وعدم قابليتهم للعزل أو للمحاسبة من خارج المحكمة التي ينتمون إليها ‪،‬‬
‫والمحكمة الدستورية النمساوية – شانها في ذلك شان الكثير من المحاكم‬
‫الدستورية – نص عليها الدستورية بنفسه ‪ ،‬ومن ثم فان وجودها‬
‫واختصاصها ليس خاضعًا للمشرع العادي الذي قد تتغير اغلبيته وتتغير‬
‫بالتالي اتجاهاته ‪ ،‬وفي هذا ضمان أخر لستقللية المحكمة الدستورية من‬
‫ناحية واعتبارها مؤسسة دستورية من ناحية أخرى شانها في ذلك شان‬
‫‪ .‬البرلمان والحكومة‬
‫وقد جاء النص علي المحكمة الدستورية النمساوية في المادة ‪ 174‬من‬
‫الدستور الفيدرالي ‪ ،‬ويختار قضاة المحكمة من بين القضاة أو أساتذة القانون‬
‫‪ .‬أو المحامين‬
‫ول تعقد المحكمة جلساتها بصفة مستمرة ‪ ،‬وانما تعقدها في الشهور التالية ‪:‬‬
‫‪ .‬مارس ‪ ،‬يونيه ‪ ،‬سبتمبر ‪ ،‬ديسمبر‬
‫‪ " raporteurs‬ويعاون القضاة في دراسة القضايا " مقررون دائمون‬
‫وهم الذين يقابلون عندنا هيئة مفوضي المحكمة كما " ‪permanents‬‬
‫‪ .‬سنري عندما ندرس المحكمة الدستورية في مصر‬
‫ولما كثرت القضايا أمام المحكمة أنشئت دائرة لفحص الطعون حتى ل يحال‬
‫إلى المحكمة إل لطعون الجدية ‪ ،‬وقد استطاعت هذه الدائرة التي أنشئت منذ‬
‫عام ‪ 1981‬عندما كثرت أعباء المحكمة أن تخفف عنها جزءًا من هذا‬
‫‪ .‬العبء‬
‫والمحكمة النمساوية وان كانت تباشر أساسًا رقابة لحقة علي دستورية‬
‫ل فان الدستور عهد إليها باختصاص‬ ‫القوانين التي أصدرها البرلمان فع ً‬
‫وقائي فيما يتعلق بالقوانين التي تنظم العلقة بين دولة التحاد والدول‬
‫العضاء ‪ ،‬وهذا وضع خاص بالدول الفيدرالية ‪ ،‬وفي هذه الحالة يعرض‬
‫مشروع القانون المتعلق بهذه العلقة علي المحكمة قبل إصداره لتقرر مدي‬
‫‪ .‬دستوريته‬
‫وأحكام المحاكم الدستورية في النمسا لها حجية مطلقة في مواجهة الفراد‬
‫“ ‪ “ erga omnes‬ومواجهة السلطات العامة وهي الحجية التي يقال لها‬
‫وان كان البعض يري أن هذه الحجية المطلقة تتعلق بالحكام الصادرة بعدم‬
‫الدستورية فقط ‪ ،‬أما الحكام الصادرة برفض الدعوى فان حجيتها تقتصر‬
‫‪) .‬علي أطراف القضية التي صدر فيها الحكم )‪22‬‬
‫أما بالنسبة لموضوع الثر الرجعي أو الثر المباشر للحكم الصادر بعدم‬
‫ل عملية‬‫دستورية قانون من القوانين ‪ . .‬فقد اختار المشرع الدستوري حلو ً‬
‫لهذه المسالة الشائكة ‪ ،‬والتي أثيرت أخيرا عندنا في مصر بخصوص قوانين‬
‫‪ .‬الضرائب‬
‫والصل أن الحكم بعدم الدستورية يبدا نفاذه من يوم نشره ول يرتد أثره إلى‬
‫‪ ) .‬الماضي ‪ ) .‬م ‪ 140 – 139‬من الدستور‬
‫إل أن المشرع الدستوري في تعديل عام ‪ 1975‬أعطى للمحكمة الدستورية‬
‫سلطة تقديرية تستطيع بمقتضاها أن تعطي للحكم بعدم الدستورية أثرا رجعيًا‬
‫‪ .‬تقدر مداه‬
‫كما تستطيع المحكمة أن تعيد إلى الحياة قانونًا عدله أو ألغاه القانون الذي‬
‫حكم بعدم دستوريته ‪ ،‬هذه لمحة سريعة عن المحكمة الدستورية النمساوية‬
‫‪) .‬وهي أو محكمة دستورية أنشئت في أوروبا )‪23‬‬
‫‪) :‬ثانيًا ‪ :‬المحكمة الدستورية الفيدرالية اللمانية )‪24‬‬
‫وضع الدستور اللماني أو القانون الساسي كما يسمونه أحيانًا في ‪ 23‬مايو‬
‫‪ 1949‬وتبني ايديولوجية ليبرالية غربية بالكامل ورفض كل صور‬
‫العنصرية والشوفانية – التعصب القومي – وكل صور الحكم الشمولي من‬
‫ماركسية في اليسار إلى النازية والفاشية في اليمين ‪ ،‬واقام الدستور نظامًا‬
‫برلمانيًا يقوم علي مجلسين ‪ . .‬مجلس نواب يمثل الشعب كله ‪ ،‬ومجلس‬
‫للوليات اللمانية ‪ . .‬ونص أيضا علي إنشاء محكمة دستورية عليا تكون‬
‫بمثابة الحارس علي الدستور – أو القانون الساسي – أو بمثابة الموازن‬
‫‪ .‬بين السلطات‬
‫‪ .‬وصدر قانون المحكمة الدستورية في ‪ 12‬مارس عام ‪1951‬‬
‫وسندرس هذه المحكمة علي ضوء ما ورد بشأنها من نصوص في الدستور‬
‫‪ .‬وفي القانون الخاص بإنشائها‬
‫‪ :‬أ( كيفية تكوين المحكمة(‬
‫يقوم كل مجلس من المجلسين باختيار ثمانية قضاة وبذلك يكون مجموع‬
‫‪ .‬قضاة المحكمة ستة عشر عضوًا‬
‫والمحكمة تتكون من دائرتين لكل منهما اختصاصها المستقل عن الدائرة‬
‫‪ .‬الخرى‬
‫‪ .‬وكل دائرة تتشكل من ثمانية أعضاء‬
‫وكل مجلس من مجلس البرلمان يختار أربعة من هؤلء العضاء ويختار‬
‫‪ .‬المجلس الخر الربعة الخرين‬
‫والمحكمة تتكون من قضاة ‪ ،‬ورغم اختيارها وفقًا لبعض المعايير السياسية ‪.‬‬
‫‪ .‬فان الختيار يجب أن يتجه إلى كبار رجال القانون العام ممن لهم خبرة‬
‫‪ .‬قضائية طويلة وممن بلغوا أربعين عامًا‬
‫وفي البداية لم يكن للقضاة سن تقاعد إل انهي تعديل عام ‪ 170‬نص عام أن‬
‫يكون سن التقاعد ‪ 68‬عامًا وعلي أن مدة تعيين القاضي هي اثنتا عشر عامًا‬
‫‪ .‬غير قابلة للتجديد وتنتهي الولية حتما ببلوغ سن التقاعد‬
‫وقد أعطى هذا القانون – قانون ‪ – 1970‬لقضاة المحكمة الحق في إبداء‬
‫رأي مخالف للغلبية _ وهو المر المأخوذ به في النظام النجلو سكسوني‬
‫والبرلمان أيضًا بمجلسيه يختار ‪) “ des opinioes dissidents “ ،‬‬
‫رئيس المحكمة ونائب الرئيس ‪ ،‬ويبقي كل منهما في مكانه حتى بلوغ سن‬
‫‪ .‬التقاعد‬
‫‪ :‬ب( طبيعة المحكمة(‬
‫المحكمة هيئة قضائية قائمة بذاتها ومستقلة من سائر السلطات الدستورية ‪،‬‬
‫‪ :‬وقد نص علي ذلك الدستور نفسه في مادة ‪94‬‬
‫‪La cous constitutionnelle est une gunidictio‬‬
‫‪independente, autonome de tous les autres organs‬‬
‫‪constitutionnels de la federation .‬‬
‫ولما كان الدستور نفسه هو الذي نص علي اختصاص المحكمة ولم يترك‬
‫ذلك للمشرع العادي ‪ . .‬فهذا يعني انه وضع المحكمة من الناحية الدستورية‬
‫علي قدم المساواة مع سائر السلطات الدستورية الخرى وفي مقدمتها‬
‫البرلمان ) رغم أن البرلمان هو الذي يختار العضاء ‪ ،‬ولكن مهمته تنتهي‬
‫‪ ) .‬تمامًا بعد ذلك الختيار ويتمتع العضاء باستقلل كامل‬
‫والمحكمة مستقلة تمامًا من الناحية المالية والدارية عن وزارة العدل ‪ .‬وقد‬
‫نص الدستور اللماني علي أن مقر المحكمة ليس هو العاصمة وانما هي‬
‫حتى يستطيع قضاة “ ‪ “ karlseuhe‬مدينة أخرى صغيرة وهادئة اسمها‬
‫المحكمة أن يبتعدوا عن ضجيج الحياة في العاصمة ويتاح لهم الهدوء‬
‫والتفرغ الكامل لعملهم ‪ ،‬وينص الدستور في المادة ‪ 115‬منه علي انه في‬
‫الظروف الستثنائية وفي حالت الضرورة ‪ . .‬فانه ل يجوز المساس بكيان‬
‫‪ .‬المحكمة الدستورية أو باختصاصاتها أو بقضائها علي أي نحو‬
‫‪ .‬والمحكمة هي التي تضع النظام الداخلي للعمل بها‬
‫والجمعية العمومية للمحكمة هي وحدها وبأغلبية ثلثي عدد أعضائها التي‬
‫تملك اقتراح عزل عضو أو وقفه عن العمل في حالت نادرة وخطيرة ‪،‬‬
‫ورئيس الجمهورية يصدر قراره بناء علي قرار المحكمة ‪ ،‬وتختص‬
‫الجمعية العمومية للمحكمة أيضا بالفصل في حالت الختلف أو التنازع‬
‫‪ .‬بين دائرتي المحكمة ‪ ،‬وهذا اختصاص قضائي‬
‫‪ .‬ولكنها تختص إلى جوار ذلك بتسيير العمل داخل المحكمة‬
‫وقد ظلت المحكمة الدستورية اللمانية بغير لئحة داخلية بعد إنشائها بمدة‬
‫طويلة تقارب العشرين عامًا ولكن المحكمة بحكم الدستور وبحكم قانونها‬
‫تستطيع أن تضع قواعد العمل أمامها ‪ ،‬وقد وضعت اللئحة ثم عدلت بعد‬
‫ذلك وصدرت لئحة جديدة بدا سريانها في أول أكتوبر ‪ ، 1975‬وتتكون‬
‫هذه اللئحة – التي أقرتها وأصدرتها الجمعية العمومية للمحكمة – من‬
‫فصلين ‪ . .‬فصل يتعلق بالتنظيم الداخلي للمحكمة وفصل يتعلق بقواعد‬
‫‪ .‬الجراءات المتبعة أمامها‬
‫وقد استفادت لئحة ‪ 1975‬بحوالي ربع قرن من التجارب التي مرت بها‬
‫‪ .‬المحكمة في هذا الخصوص‬
‫‪ :‬ج( اختصاصات المحكمة الدستورية الفيدرالية(‬
‫تحدث الدستور نفسه عن اختصاصات المحكمة في المادة ‪ 93‬منه ‪ ،‬وقد‬
‫حددت الفقرة الولى من تلك المادة عددًا من الختصاصات ثم أضافت بعد‬
‫هذا التعديل قوها " وتختص المحكمة في الحالت الخرى التي يعنها‬
‫الدستوري " وأحالت هذه المادة إلى المواد ‪ 21 ، 18‬فقرة ‪ 41 ، 2‬فقرة‬
‫‪ 84 ، 61 ، 2‬فقرة ‪ 2‬و ‪ 88‬فقرة ‪ 126 ، 100 ، 99 ، 2‬من الدستور ‪،‬‬
‫وقد نصت الفقرة الثانية – المادة ‪ 93‬من الدستور علي أن المحكمة تختص‬
‫‪ .‬بالموضوعات التي تنص القوانين الفيدرالية علي اختصاصها بها‬
‫وهكذا فان بعض اختصاصات المحكمة الدستورية اللمانية نص عليها‬
‫‪ .‬الدستور وبعضها نصت عليه قوانين اتحادية‬
‫والواقع أن المحكمة الدستورية اللمانية بهذه الختصاصات تمارس أثرًا‬
‫‪ .‬واضحًا وقويًا علي الحياة العامة في ألمانيا‬
‫ويمكن رغبة في تبسيط المور أن نرجع اختصاصات المحكمة الدستورية‬
‫إلى اختصاصات أربع كبري يندرج تحتها اختصاصات أخرى ‪ ،‬أما هذه‬
‫‪ :‬الختصاصات الربع فهي‬
‫الختصاص برقابة دستورية القوانين ‪ ،‬وصور الختصاص الصلي – ‪1‬‬
‫‪ – .‬وأحيانا الوحيد – لكثير من المحاكم الدستورية‬
‫‪ “ norms “ .‬الختصاص برقابة دستورية اللوائح – ‪2‬‬
‫‪ .‬الختصاص شبه الجنائي أو الختصاص بحماية النظام الدستوري – ‪3‬‬
‫اختصاص الفصل في المنازعات التي تثور بين السلطات الدستورية – ‪4‬‬
‫‪ .‬وبعضها‬
‫‪ .‬وسندرس الختصاص الول فقط لتصاله بموضوع الدراسة‬
‫‪ :‬الختصاص برقابة دستورية القوانين – ‪1‬‬
‫وفقًا للمادة ‪ 93‬من الدستور السابق الشارة إليها ‪ . .‬فان المحكمة الدستورية‬
‫التحادية تفصل في " حالت النزاع أو الشك في مطابقة قانون اتحادي أو‬
‫قانون ولية من الوليات للدستور سواء من ناحية الشكل أو من ناحية‬
‫الموضوع ‪ ،‬كذلك في حالة النزاع أو الشك في مطابقة قانون ولية لي‬
‫‪ " .‬قانون اتحادي أخر‬
‫ويكون تحريك الدعوى في هذه الحالت بناء علي طلب الحكومة الفيدرالية‬
‫أو حكومة ولية من الوليات أو بناء علي طلب ثالث أعضاء مجلس النواب‬
‫‪ ، .‬أي أن تحريك الدعوى هنا يتم عن طريق السلطات العامة‬
‫هذا وقد أعطى الدستور للمحاكم وهي تنظر قضية من القضايا الحق في‬
‫الحالة إلى المحكمة الدستورية إذا ثار لدي المحكمة التي تنظر الموضوع‬
‫‪ .‬الشك حول دستورية القانون المطلوب منها تطبيقه علي موضوع المنازعة‬
‫وكذلك فان الفراد العاديين يمكنهم اللجوء إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية‬
‫بأي طريقة ‪ :‬أما برفع الدعوى المباشرة إذا كانت قد انتهكت أحد الحقوق‬
‫الساسية المنصوص عليها في بعض مواد الدستور ‪ . .‬مثل المواد من ‪1‬‬
‫إلى ‪ 19‬والمادة ‪ 20‬فقرة رابعة والمواد ‪ 33‬و ‪ 104 ، 101 ، 38‬وهنا‬
‫يكون للفراد العاديين حق الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية بدعوى‬
‫‪) .‬أصلية )‪25‬‬
‫كذلك فان للفراد أن يدفعوا أمام المحاكم التي تنظر قضاياهم بعدم دستورية‬
‫القانون الذي يراد تطبيقه عليهم والمحكمة هي التي تقدر مدي جدية هذا‬
‫الدفع فان هي قدرت جديته أوقفت الدعوى وصرحت لصالح المصلحة‬
‫باللجوء إلى المحكمة الدستورية ‪ .‬كذلك فان الفراد يستطيعون أن يطعنوا‬
‫في أحكام المحاكم الصادرة ضدهم أمام المحكمة الدستورية إذا كان الحكم‬
‫الصادر قد خالف الدستور ‪ ،‬وهنا تكون المحكمة الدستورية العليا بمثابة‬
‫محكمة نقض أو محكمة الدرجة العلى ‪ ،‬وتسمي هذه الرقابة بالرقابة علي‬
‫‪ .‬مدي دستورية تطبيق القوانين سواء بواسطة المحاكم أو بواسطة الدارة‬
‫وقد أدى هذا التساع في الختصاص إلى أن امتلت المحكمة الطعون‬
‫الدستوري المقدمة من الفراد ولذلك لجا المشرع عام ‪ 1985‬إلى تعديل‬
‫قانون المحكمة الدستورية وأنشأ دوائر لفحص الطعون " وغربلتها " مشكلة‬
‫من ثلثة أعضاء وتستطيع هذه الدوائر أن تحكم بعدم قبول الدعوى كما‬
‫تستطيع أن تحكم أحيانًا بعدم الدستورية إذا كان المر قد حسمته من قبل‬
‫‪ .‬المحكمة الدستورية‬
‫وقد استطاعت هذه الطريقة أن تخفف كثيرًا من العبء عن عاتق المحكمة‬
‫نفسها ‪ ،‬حتى لقد قيل أن هذه الدوائر – دوائر فحص الطعون – قد حكمت‬
‫بعدم قبول اكثر من ‪ %90‬من طعون الفراد )‪ ، (26‬والي جوار‬
‫الختصاصات العديدة السابقة فان المحكمة الدستورية اللمانية تختص‬
‫‪ “ linconstitution alite‬بالنظر في عدم دستورية الحزاب السياسية‬
‫إذا كان وجودها مخالفا للسس الديمقراطية التي جاء " ‪des politiques‬‬
‫بها الدستور ) الحزاب الشيوعية أو النازية الجديدة ( بان يريد في برامجها‬
‫‪ .‬أو في اتجاهات أعضائها ما يؤدي إلى تهديد وجود الدولة اللمانية‬
‫وأحكام المحكمة الدستورية في هذا كله هي أحكام قضائية ول يجوز الطعن‬
‫فيها بأي طريق من طرق الطعن ولها حجية مطلقة في مواجهة الكافة وفي‬
‫‪) .‬مواجهة جميع سلطات الدولة )‪27‬‬
‫ومن هذا كله يبين مدي أهمية المحكمة الدستورية الفيدرالية اللمانية ويبين‬
‫أيضا أن نجاح نظام في بلد معين ل يعني إمكانية نجاحه في أي بلد أخر إذ‬
‫المر يتوقف علي الظروف الموضوعية لكل بلد من سياسية واقتصادية‬
‫وثقافية واجتماعية وعلي قوة الرأي العام ومدي إمكانية في التعبير عن نفسه‬
‫‪ .‬بحرية وبقوة‬
‫وعلي سبيل المثال فان إعطاء البرلمان حق اختيار أعضاء المحكمة‬
‫الدستورية – كما هو الحال في ألمانيا – يمكن أن يتحول في بلد أخر إلى‬
‫‪ .‬نوع من الهزل الذي ل معني له ول ضمان فيه‬
‫‪ :‬ثالثًا ‪ :‬المحكمة الدستورية اليطالية‬
‫نص الدستور اليطالي الصادر في ديسمبر ‪ 1947‬علي إنشاء محكمة‬
‫‪ .‬دستورية وذلك في المواد من ‪ 134‬إلى ‪ 137‬منه‬
‫ونصت المادة ‪ 137‬من الدستور علي انه " تنظم بقانون عادي القواعد‬
‫‪ .‬الخرى الخاصة بتشكيل المحكمة وبعملها‬
‫‪ .‬وقد صدر قانون المحكمة الدستورية في عام ‪1953‬‬
‫‪ .‬ولم يتم تعيين كافة قضاة المحكمة إل في نوفمبر ‪1955‬‬
‫‪ .‬وبدأت المحكمة عملها في أبريل ‪1956‬‬
‫ونشير هنا بإيجاز إلى كيفية تكوين المحكمة واختصاصاتها وكيف ينعقد هذا‬
‫‪ .‬الختصاص‬
‫‪ :‬أ( كيفية تكوين المحكمة(‬
‫تتكون المحكمة من خمسة عشر قاضيًا يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة‬
‫‪ .‬للتجديد‬
‫‪ .‬ويعين خمسة من هؤلء القضاة بواسطة البرلمان‬
‫‪ .‬وخمسة منهم بواسطة رئيس الجمهورية‬
‫‪ .‬وخمسة بواسطة الجهات القضائية العليا‬
‫وليس لهؤلء القضاة سن أقصى لتعيينهم ولكنهم يجب أن يكونوا من يبن‬
‫‪ .‬طوائف ثلث ‪ :‬رجال القضاء ‪ ،‬وأساتذة القانون والمحامين‬
‫وقد تغدو آثار خلفات طويلة اختيار القضاة الخمسة الذين يأتون عن طريق‬
‫البرلمان لوجود صراعات حزبية ل تنتهي في إيطاليا ‪ ،‬وقد كان هذا هو‬
‫‪ .‬العامل الساسي في تأخير تكوين المحكمة وانعقادها‬
‫‪ :‬ب( اختصاصات المحكمة(‬
‫نصت المادة ‪ 134‬من الدستور علي اختصاصات المحكمة الدستورية‬
‫‪ :‬اليطالية علي النحو التالي‬
‫‪ .‬الفصل في المنازعات المتعلقة بالمشروعية الدستورية للقوانين ‪-‬‬
‫وكذلك الفصل في المنازعات المتعلقة بالتدابير التي لها قوة القانون ‪-‬‬
‫‪ .‬وذلك فيما بيختص بالدولة والقاليم‬
‫وتفصل في المنازعات المتعلقة بالختصاص بين الدولة وأقاليمها وبين ‪-‬‬
‫‪ .‬القاليم وبعضها‬
‫وتفصل في التهامات الموجهة ضد رئيس الجمهورية والوزراء وفقًا ‪-‬‬
‫‪ .‬للدستور‬
‫وهكذا جمعت المحكمة بين اختصاص المحكمة الدستورية من ناحية فيما‬
‫يتعلق بالفصل في دستورية القوانين والجراءات التي لها قوة القانون وبين‬
‫محكمة فصل في تنازع الختصاصات بين الدولة والوليات الداخلة في‬
‫تكوينها أو يبين هذه القاليم وبعضها واخيرا اختصاص محاكمة رئيس‬
‫‪ .‬الجمهورية والوزراء‬
‫وإذا كانت المسالة الولى – دستورية القوانين – لها صبغة قانونية بحتة فان‬
‫المسالتين الخريين تجعلن المحكمة في قلب الغليان السياسي الذي صاحب‬
‫الحياة العامة في إيطاليا منذ تخلصها من الفاشية خلل الحرب العالمية‬
‫‪ .‬الثانية واختيارها طريق الليبرالية البرلمانية‬
‫‪ :‬ج( كيف ينعقد اختصاص المحكمة(‬
‫يمكن أن ينعقد اختصاص المحكمة بوسيلة الدعوى الصلية المباشرة ‪،‬‬
‫‪ .‬ويمكن أن ينعقد بوسيلة الحالة أو بوسيلة الدفع‬
‫‪ :‬الدعوى الصلية‬
‫الذي يملك تحريك الدعوى الدستورية مباشرة أمام المحكمة الدستورية هم‬
‫أشخاص القانون العام ‪ :‬الدولة والوليات أو القاليم ‪ ،‬وهؤلء يوجهون‬
‫دعواهم سواء ضد قانون اتحادي صادر من البرلمان أو قانون صادر من‬
‫ولية من الوليات ‪ ،‬ويتصور أن ترفع الدولة دعوي مباشرة ضد قانون‬
‫صادر من البرلمان التحادي أو من برلمان إحدى الوليات ‪ ،‬كذلك يتصور‬
‫أن ترفع ولية من الوليات الدعوى المباشرة ضد قانون اتحادي أو قانون‬
‫‪ .‬صادر من برلمانها هي أو من برلمان ولية أخرى‬
‫وفي هذه الحالت الزم الدستور أن تصدر المحكمة حكمها خلل شهر من‬
‫بدء نظر الدعوى ‪ ،‬وقد ظلت هذه الحالت – الطعون بالدعوى المباشرة من‬
‫قبل أشخاص القانون العام – في الحدود المعقولة علي عكس ما سنري‬
‫‪ .‬بالنسبة لقضايا الفراد‬
‫‪ :‬الدفع الفرعي‬
‫الدفع الفرعي هو الوسيلة التي يستطيع بها المواطن العادي أن يطرح‬
‫موضوع الرقابة علي دستورية القوانين ‪ ،‬وذلك بمناسبة نظر قضية من‬
‫القضايا يطلب فيها تطبيق معين ويري أحد الطراف أو كلهما أن قانونًا أو‬
‫نصًا من قانون يراد تطبيقه علي النزاع علي حين يري المواطن الذي هو‬
‫طرف في الدعوى أن هذا القانون أو هذا النص مخالف للدستور ‪ ،‬وعلي‬
‫المواطن في هذه الحالة أن يبين للمحكمة التي يدفع أمامها اوجه المخالفة‬
‫للدستور ويبين انه صاحب مصلحة ضحية في هذا الدفع والمحكمة التي‬
‫تنظر الموضوع تستطيع أن تقبل الدفع بعدم الدستورية إذا رأت انه مبني‬
‫علي أساس مقبول وعندئذ تحيل الدعوى إلى المحكمة الدستورية لكي تفصل‬
‫في المسالة الدستورية ولمحكمة الموضوع من ناحية أخرى أن تري أن‬
‫الدفع غير جدي ول يستند إلى أساس سليم وعندئذ ترفضه ‪ ،‬ولكن الرفض‬
‫هنا يخضع لطرق الطعن العادية في الحكام ‪ ،‬هذا عن حق الفراد في الدفع‬
‫‪ .‬بعدم الدستورية‬
‫ولكن المحكمة الدستورية حكمت بجواز أن تدفع الدولة أو الهيئات العامة‬
‫بمناسبة نظر مقارنة من المنازعات بعدم دستورية القانون المراد تطبيقه‬
‫علي تلك المنازعة مع انه كان للدولة أو لقاليمها أن تطعن بالدعوى‬
‫المباشرة ضد هذا القانون فور صدوره ‪ ،‬وكان المحكمة أجازت في هذه‬
‫‪ .‬الحالة طريقة الدفع‬
‫‪ :‬طريق الحالة‬
‫يجوز لمحكمة من المحاكم وهي تنظر دعوي من الدعاوى أن تتشكك في‬
‫دستورية القانون المطلوب تطبيقه علي واقعة النزاع ‪ ،‬والمحكمة هنا ل‬
‫تستطيع أن تقضي بعدم الدستورية أو تمتنع عن تطبيق القانون الذي تشكك‬
‫في عدم دستوريته وانما هي تملك أن تحيل ذلك المر إلى المحكمة‬
‫الدستورية لكي تفصل في مدي دستورية أو عدم دستورية القانون أو النص‬
‫‪ .‬محل الشك‬
‫هذه هي الطرق الثلث التي ينعقد بها اختصاص المحكمة الدستورية‬
‫‪ .‬اليطالية‬
‫والمحكمة الدستورية في إيطاليا هي محكمة قضائية بكل معني الكلمة ‪،‬‬
‫وقضاتها يتمتعون بكل ضمانات القضاء واستقللهم ‪ ،‬وأحكامها لها حجية‬
‫‪ .‬مطلقة ول يجوز الطعن في أحكام بأي طريق‬
‫ومع كون أحكام المحكمة لها حجية قبل أجهزة الدولة وملزمة للمحاكم إل‬
‫)أن المحكمة الدستورية نفسها تستطيع أن تعدل عما سبق أن قضت به )‪28‬‬
‫‪.‬‬
‫كذلك فان أحكام المحكمة الدستورية برفض قرارات الحالة الصادرة من‬
‫محاكم الموضوع ليس لها قوة المر المقضي كما انها ل تذكر هنا رفض‬
‫‪ “ la loi ncet pas contraire “ .‬الحالة أن القانون دستورية‬
‫‪ .‬وهذا يجعل الباب مفتوحًا لطعون بعدم الدستورية في نفس الموضوع‬
‫والحقيقة أن عدد الدعاوى المنظورة أمام المحكمة وصل حدًا توشك المحكمة‬
‫أن تعجز معه عن القيام بمهامها مما أدى بالفقه في إيطاليا والمستشارين إلى‬
‫التفكير في كيفية تخفيف العباء عن المحكمة حتى تتمكن من القيام بدورها‬
‫‪) .‬الخطير )‪29‬‬
‫بهذا نكون قد انتهينا من هذه الشارات الموجزة إلى بعض صور عدم‬
‫الدستورية في العالم الغربي ‪ ،‬وقد يحسن أن نشي إلى بعض التجارب‬
‫العربية في هذا الموضوع قبل أن نبدأ دراستنا عن القضاء الدستوري في‬
‫‪ .‬مصر‬
‫بعض التجارب العربية في رقابة الدستورية‬
‫يحسن بنا أن ندرس تجربة عربية من المشرق العربي ‪ ،‬وأخري من‬
‫‪ .‬المغرب العربي فيما يتعلق بالرقابة علي دستورية القوانين‬
‫وقد اخترنا تجربة الكويت من ناحية ‪ ،‬وتجربة المغرب من ناحية أخرى ‪. .‬‬
‫والسبب في اختيار هاتين التجربتين ‪ . .‬انهما تجربتان مختلفتان ‪ . .‬واحدة‬
‫تأخذ بنظام المحكمة الدستورية – الكويت – والثانية تأخذ بنظام المجلس‬
‫‪ .‬الدستوري – المغرب‬
‫ل – المحكمة الدستورية في الكويت‬ ‫‪ :‬أو ً‬
‫‪ :‬ينص الدستور الكويتي في المادة ) ‪ ( 173‬منه علي ما يلي‬
‫يبين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة "‬
‫بدستورية القوانين واللوائح ويبين صلحياتها والجراءات التي تتبعها ‪،‬‬
‫ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدي تلك الجهة‬
‫في دستورية القوانين واللوائح ‪ ،‬وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم قانون‬
‫‪ " . .‬أو لئحة يعتبر كان لم يكن‬
‫وقد جاء في المذكرة التفسيرية للدستور تعليقا علي المادة ) ‪ ( 173‬ما نصه‬
‫" ‪ . .‬اثر الدستور أن يعهد بمراقبة دستورية القوانين ) واللوائح ( إلى‬
‫محكمة خاصة يراعي في تشكيلها وإجراءاتها طبيعة هذه الجهة الكبيرة ‪. .‬‬
‫بدل من أن يترك ذلك لجتهاد كل محكمة علي حدة مما قد تتعارض معه‬
‫الراء في تفسير النصوص الدستورية أو يعرض القوانين ) واللوائح (‬
‫للشجب دون دراسة لمختلف وجهات النظر والعتبارات ‪ . .‬فوفقا لهذه‬
‫المادة يترك للقانون الخاص بتلك المحكمة الدستورية مجال إشراك مجلس‬
‫المة بل والحكومة في وضع التفسير القضائي الصحيح لحكام القوانين‬
‫‪ " .‬وفي مقدمتها الدستور قانون القوانين‬
‫والذي يستفاد من نص الدستور ومن المذكرة التفسيرية ‪ . .‬أن الدستور‬
‫اختار أن يعهد بالرقابة علي دستورية القوانين واللوائح إلى " جهة " قضائية‬
‫‪ .‬واختار أن يجعل الرقابة مركزية في يد هذه الجهة وحدها دون غيرها‬
‫ورغم أن الدستور الكويتي قد صدر في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1962‬م ‪ . .‬فان قانون‬
‫إنشاء المحمكة الدستورية قد تأخر عن ذلك أحد عشر عاما ‪ . .‬حيث صدر‬
‫القانون رقم ‪ 14‬لسنة ‪ 1973‬م بإنشاء المحكمة الدستورية في ‪ 9‬يونيه‬
‫‪ 1973 .‬م‬
‫وقد نصت المادة الولى من ذلك القانون علي أن " ‪ . .‬تنشأ محكمة دستورية‬
‫تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات‬
‫المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة‬
‫بانتخاب أعضاء مجلس المة أو بصحة عضويتهم ‪ ،‬ويكون حكم المحكمة‬
‫‪ " .‬الدستورية ملزما للكافة ولسائر المحاكم‬
‫ويلحظ أن قانون النشاء اتجه إلى صيغة " المحكمة " وليس " الجهة " كما‬
‫عبر الدستور ‪ ،‬وفي تقديري أن الدستور عندما اختار لفظ " جهة قضائية‬
‫" ‪ . .‬كان يقصد إلى أن ل يقتصر تشكيل المحكمة علي القضاة وحدهم وانما‬
‫أجاز الدستور أن تشارك الحكومة ومجلس المة في اختيار أعضاء المحكمة‬
‫أو بعضهم ومع ذلك فان اتجاه القانون إلى " المحكمة " في بلد مثل بلدنا‬
‫‪ .‬قد يكون اكثر معقولية واكثر تحقيقا للحيدة‬
‫وتؤلف المحكمة الدستورية من خمسة مستشارين يختارهم مجلس القضاء‬
‫بالقتراع السري كما يختار عضوين احتياطيين ‪ . .‬ويشترط أن يكونوا من‬
‫‪ .‬الكويتيين ويصدر بتعيينهم مرسوم‬
‫ويفهم من نصوص قانون المحكمة الدستورية أن هؤلء المستشارين الخمسة‬
‫ليسوا متفرغين تماما لعملهم في المحكمة الدستورية ‪ ،‬وانما هم يقومون‬
‫بوظيفتهم الدستورية إلى جوار عملهم الصلي باعتبارهم أعضاء بدائرة‬
‫‪ .‬التمييز أو محكمة الستئناف‬
‫وهكذا ‪ . .‬فان الصل في مستشاري المحكمة الدستورية انهم – أصل –‬
‫مستشار في دائرة التمييز أو في محكمة الستئناف ‪ ،‬وان مجلس القضاء‬
‫يختارهم للقيام بوظيفة الرقابة القضائية الدستورية وسائر الختصاصات‬
‫الخرى التي جاءت في القانون إلى جوار عملهم في القضاء العادي سواء‬
‫‪ .‬في الستئناف أو النقض‬
‫‪ :‬اختصاصات المحكمة الدستورية‬
‫الذي يهم من نص الدستور – م ‪ – 173‬أن المحكمة تختص في المنازعات‬
‫‪ .‬المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح‬
‫ولكن الدستور أجاز لقانون إنشاء المحكمة أن يضيف إليها اختصاصات أو‬
‫في ‪ . .‬وبالفعل فانه وفقا للمادة الولى من قانون إنشاء المحكمة ‪ . .‬فأنها‬
‫‪ .‬تختص‬
‫‪ .‬أ( بتفسير النصوص الدستورية(‬
‫ب( الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين(‬
‫‪ .‬واللوائح‬
‫‪ .‬ج( الفصل في الطعون النتخابية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس المة(‬
‫‪ .‬د( الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس المة(‬
‫وحسنًا فعل المشرع الكويتي إذ عهد إلى جهة قضائية بالفصل في الطعون‬
‫ل أن يترك ذلك للبرلمان‬ ‫النتخابية وفي صحة عضوية أعضاء البرلمان بد ً‬
‫نفسه وهو جهة سياسية يغلب عليها الهوى والنحياز اكثر من الحيدة‬
‫‪ .‬والموضوعية التي تتوافر في الجهة القضائية‬
‫‪ :‬كيفية انعقاد اختصاص المحكمة الدستورية‬
‫اختار المشرع الكويتي أن يكون انعقاد الختصاص للمحكمة الدستورية حينا‬
‫‪ .‬بطريق الدعوى الصلية وحينا أخر بطريق الدفع‬
‫أما طريق الدعوى الصلية ‪ . .‬فقد أباحه المشرع لحدى جهتين ‪ :‬مجلس‬
‫المة أو مجلس الوزراء ‪ . .‬وهذا يعني أن الحكومة تستطيع أن ترفع دعوي‬
‫دستورية أصلية ومباشرة أمام المحكمة الدستورية طاعنة في قانون أصدره‬
‫‪ .‬مجلس المة حتى رغم موافقة المير عليه‬
‫كذلك ومن ناحية أخرى ‪ . .‬فان القانون أعطى مجلس المة الحق في رفع‬
‫دعوي دستورية مباشرة أمام المحكمة الدستورية طاعنة في قانون أصدره‬
‫‪ .‬مجلس المة حتى رغم موافقة المير عليه‬
‫كذلك ومن ناحية أخرى ‪ . .‬فان القانون أعطى مجلس المة الحق في رفع‬
‫دعوي دستورية مباشرة أمام المحكمة ‪ ،‬ولكن للطعن في ماذا ؟ هل تصور‬
‫أن يطعن مجلس المة بعدم دستورية قانون قام هو بإقراره ‪ . .‬ثم صدره‬
‫‪ .‬المير ؟‬
‫من الصعب تصور ذلك ‪ . .‬ولو أن القانون أباح لعدد محدود من أعضاء‬
‫المجلس الحق في هذا الطعن المباشر لتصورنا أن القلية التي لم توافق علي‬
‫القانون يكون من حقها الطعن بعدم دستوريته ‪ ،‬ولكن هذا الفرض غير وارد‬
‫حيث أن النص يقول ‪ . .‬إن الطعن يتم " بطلب من مجلس المة " وليس‬
‫بطلب من عضو أو عدد من أعضائه ‪ ،‬ومفهوم هذا أن المجلس – بصفته –‬
‫هو الذي يتقدم بطلب الحكم بعدم الدستورية ‪ ،‬والمتصور والحالة هكذا أن‬
‫‪ .‬يقتصر هذا الحق علي الطعن في المراسيم بقوانين وفي اللوائح‬
‫أما طريق الدفع ‪ . .‬فقد أعطاها المشرع لفراد الناس الذين يتقاضون أمام‬
‫المحاكم ويقدرون أن أقضيتهم سيطبق عليها قانون أو نص في قانون يرون‬
‫انه مخالف للدستور فيقومون بالدفع أمام المحكمة التي تنظر الموضوع بعدم‬
‫‪ .‬دستورية نص القانون أو المرسوم أو اللئحة المقصود تطبيقه عليهم‬
‫وهذا الدفع يخضع لتقدير محكمة الموضوع ‪ . .‬فان هي قدرت أن الدفع‬
‫جدي أوقفت نظر القضية وأحالت المر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه‬
‫‪.‬‬
‫وهناك وسيلة أخرى لعقد اختصاص المحكمة الدستورية وهي طريقة‬
‫الحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية من تلقاء نفسها – أي‬
‫محكمة الموضوع – إذا غم عليها المر وتشككت في دستورية قانون أو‬
‫نص في قانون أو مرسوم أو لئحة يراد منها تطبيقه علي موضوع النزاع‬
‫وتستشعر المحكمة أو تتشكك في أن النص غير دستوري ‪ . .‬عندئذ تحيل‬
‫محكمة الموضوع المر إلى المحكمة الدستورية صاحبة الختصاص وحدها‬
‫‪ .‬في الفصل في المنازعات الدستورية‬
‫ولكن ‪ ..‬ماذا إذا قررت محكمة الموضوع التي دفع أحد الطراف أمامها‬
‫بعدم دستورية نص أن هذا الدفع غير جدي ولم تستجب له ولم تفحل المر‬
‫إلى المحكمة الدستورية ‪ . .‬هل ينتهي المر عند هذا الحد ؟‬
‫عندنا في مصر – كما سنري فيما بعد – يستطيع صاحب الدفع أن يستأنفه‬
‫‪ .‬بل وان يصل به إلى محكمة النقض‬
‫وقد اختار المشرع الكويتي طريقا أخر بان انشأ داخل المحكمة الدستورية‬
‫من بين أعضائها لجنة اسماها " لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية "‬
‫وشكلها من رئيس المحكمة واقدم اثنين من المستشارين ‪ . .‬وعهد إليها‬
‫بالفصل في الطعون التي يرفعها ذوو الشأن من الفراد الذي قدرت محاكم‬
‫‪ .‬الموضوع عدم جدية ما أبدوه من دفوع‬
‫تقول الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون إنشاء المحكمة " ‪ . .‬ويجوز‬
‫لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع وذلك لدي لجنة‬
‫فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في خلل شهر من صدور الحكم‬
‫المذكور ‪ . .‬وتفصل اللجنة المذكورة في هذا الطعن علي وجه الستعجال‬
‫‪".‬‬
‫ولجنة فحص الطعون إذ تختص بنظر هذه الطعون ‪ . .‬فأنها بذلك تحجب‬
‫المحاكم من الدرجة العلى بالنسبة للمحكمة التي حكمت بعدم الجدية من‬
‫‪ .‬النظر في هذه الطعون وهي بصدد النظر في استئناف مرفوع أمامها‬
‫وفي ذلك قالت المحكمة الدستورية في أسباب حكمها الصادر بتاريخ ‪:‬‬
‫‪ 21/6/1994) .‬م في القضية رقم )‪ (2‬سنة ‪ 1994‬م دستوري )‪30‬‬
‫لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد قضت في أول درجة بأسباب ‪" . .‬‬
‫حكمها الصادر بتاريخ ‪ 24/10/1992 :‬والمرتبطة بالمنطوق بعدم جدية‬
‫الدفع بعدم دستورية القانون رقم ‪ 86 / 114‬بشأن المصورات الجوية ‪ ،‬وإذ‬
‫لم يطعن مورث الطاعنين في هذا الحكم أمام لجنة فحص الطعون بالمحكمة‬
‫الدستورية ‪ ،‬والمختصة وحدها بنظر ذلك الطعن والفصل فيه دون محكمة‬
‫الستئناف التي طرح عليها الطعن فيكون قضاءها بتاريخ ‪28/12/1994 :‬‬
‫بإحالة المنازعة الدستورية في القانون سالف الذكر إلى هذه المحكمة غير‬
‫جائز لنتفاء وليتها في هذا الخصوص ‪ ،‬ويكون اتصال المحكمة الدستورية‬
‫بالدعوى المطروحة قد جاء بغير الطريق القانوني ‪ ،‬بما تضحي معه‬
‫‪ . . " .‬الدعوى الدستورية غير مقبولة ‪ ،‬وهو ما يتعين القضاء به‬
‫والحقيقة أن لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية الكويتية أثارت بعض‬
‫‪ .‬الجدل لدي دارسي الموضوع من أساتذة الحقوق في الكويت‬
‫وقد آثار البعض شكوكا حول دستورية هذه اللجنة ‪ . .‬ذلك أن النص‬
‫الدستوري لم يشر إليها ‪ ،‬وانما أنشأها قانون المحكمة ‪ . .‬كما أثير أيضا‬
‫مدي اتفاق وجود هذه اللجنة ونهائية أحكامها وحجبها لكثير من القضايا من‬
‫أن تصل إلى المحكمة الدستورية ‪ . .‬أثير أيضا مدي اتفاق ذلك مع مبدأ‬
‫مركزية الرقابة الذي اخذ به الدستور عندما عهد إلى جهة واحدة دون‬
‫‪ .‬غيرها برقابة دستورية القوانين‬
‫والحقيقة أن هذه اللجنة قامت بدور واضح في عدم وصول كثير من القضايا‬
‫التي لم تقبل المحاكم الموضوعية فيها جدية الدفوع إلى المحكمة الدستورية‬
‫وذلك باتجاهها الغالب لتأييد محاكم الموضوع في رفض الدفوع واعتبارها‬
‫غير جدية ‪ . .‬ويبدو أن لجنة فحص الطعون في كثير من الحالت تجاوزت‬
‫أمر النظر السريعة إلى الدفع وذهبت إلى أن تصورت انها " محكمة‬
‫دستورية من درجة أولى – وإن كان قرارها نهائيا – وتعرضت لدستورية‬
‫‪ .‬النصوص المطعون فيها‬
‫ولم يكن هناك مبرر لهذه اللجنة خاصة وان الطعون ليست كثيرة ‪ . .‬فعلي‬
‫مدي سنوات طويلة – حوالي ثلثين عاما – لم تفصل المحكمة الدستورية‬
‫إل في عدد محدود من القضايا منها كثير من المتشابهات التي يجري الحكم‬
‫‪ .‬في واحدة منها علي كثير من القضايا المماثلة‬
‫ويحسن المشروع الكويتي لو عدل القانون الخاص بالمحكمة الدستورية‬
‫‪ .‬والغي هذه اللجنة التي ل سند لها في الدستوري‬
‫والحقيقة أن المحكمة الدستورية في الكويت ‪ . .‬مازال دورها محدودًا وغير‬
‫مؤثر ‪ . .‬بل إن المتغلين بالمسائل الدستورية في جامعة الكويت ل ينظرون‬
‫‪) .‬إلى أحكامها نظرة الرضا والقناعة )‪31‬‬
‫‪ :‬ثانيًا – المجلس الدستوري في المغرب‬
‫انتهت الحماية الفرنسية علي المغرب وبدا عهد الستقلل من الناحية العملية‬
‫بعودة الملك محمد الخامس من المنفي في ‪ 16‬نوفمبر ‪ ، 1955‬ولكن من‬
‫الناحية الرسمية تحقق الستقلل بمقتضى المعاهدات بين فرنسا والمغرب‬
‫في ‪ 2‬مارس ‪ 1956‬والتي أعلنت بمقتضاها إلغاء الحماية واستقلل‬
‫‪ .‬المغرب‬
‫وفي عام ‪ 1962‬صدر أول دستور في المغرب في عهد الملك الحسن الثاني‬
‫‪ .‬وتم استفتاء الشعب عليه في ‪ 7‬ديسمبر ‪ 1962‬م‬
‫‪ .‬وفي ويونيه ‪ 1965‬م أوقف العمل بالدستور‬
‫‪ .‬وصدر دستور ثان في يونيه ‪1970‬‬
‫ودستور ثالث في مارس ‪ 1972‬والذي عدل في ‪ 1992‬م ثم في أكتوبر‬
‫‪ 1996‬م ‪ ،‬وقد تأثرت هذه الدساتير جميعا بالدستور الفرنسي الصادر في‬
‫‪ .‬عام ‪ 1958‬م والذي يطلق عليه أحيانا دستور ديجول‬
‫وكان طبيعيا أن تتأثر المغرب الدستور الفرنسي نظرا للروابط الثقافية‬
‫والسياسية والتاريخية بين البلدين ‪ . .‬يقول الدكتور عبد الكريم غلب " ‪. .‬‬
‫من مقارنة بسيطة بين الدستور الفرنسي لسنة ‪ 1958‬والدستور المغربي ‪. .‬‬
‫نجد أن الدستور المغربي اعتمد علي الفرنسي كامل العتماد ‪ . .‬نجد أن‬
‫الدستور الغربي اعتمد علي نصوص الدستوري الفرنسي كامل أو بعضا‬
‫وكثير من الفصول ) المواد أو فقرات من الفصول نقلها بالحرف ‪) " . .‬‬
‫‪32) .‬‬
‫وقد صدر القانون الخاص بالمجلس الدستوري في المغرب في ظل دستور‬
‫‪ 1962‬م الذي كان ينظم في الباب السادس منه المجلس الدستوري في‬
‫‪ :‬المواد من ‪ 76‬إلى ‪ ، 79‬والتي يجري نصها علي النحو التي‬
‫‪ .‬الفصل السادس والسبعون ‪ :‬يحدث مجلس دستوري‬
‫‪ :‬الفصل السابع والسبعون ‪ :‬يتألف المجلس الدستوري من‬
‫‪ .‬أربعة أعضاء يعينهم الملك لمدة ست سنوات *‬
‫أربعة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب لنفس المدة بعد استشارة الفرق *‬
‫‪ .‬النيابية‬
‫وعلوة علي العضاء المشار إليهم أعله يعين الملك رئيس المجلس‬
‫‪ .‬الدستوري لنفس المدة‬
‫‪ .‬يجدد كل ثلث سنوات نصف كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري‬
‫الفصل الثامن والسبعون ‪ :‬يحدد قانون تنظيمي قواعد تنظيم وسير المجلس‬
‫الدستوري والجراءات المتبعة أمامه خصوصا ما يتعلق بالجال المقر‬
‫‪ .‬لعرض مختلف النزاعات عليه‬
‫ويحدد أيضا الوظائف التي ل يجوز الجمع بينها وبين عضوية المجلس‬
‫الدستوري ‪ ،‬وطريقة أجراء أول تجديد نصفي لعضائه ‪ ،‬وإجراءات تعيين‬
‫من يحل محل أعضائه الذين استحال عليهم القيام بمهامهم أو استقالوا أو‬
‫‪ .‬توفوا أثناء مدة عضويتهم‬
‫الفصل التاسع والسبعون ‪ :‬يمارس المجلس الدستوري الختصاصات‬
‫المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية ‪ . .‬ويفصل‬
‫بالضافة إلى ذلك – في صحة انتخاب أعضاء مجلس النواب وعمليات‬
‫‪ .‬الستفتاء‬
‫تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار المر بتنفيذها ‪ ،‬والنظام الداخلي لمجلس‬
‫النواب قبل الشروع في تطبيقه إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها‬
‫‪ .‬للدستور‬
‫وللملك أو الوزير الول أو رئيس مجلس النواب أو ربع العضاء الذين‬
‫يتألف منهم هذا المجلس أن يحيلوا القوانين قبل إصدار المر بتنفيذها إلى‬
‫‪ .‬المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور‬
‫يبت المجلس الدستوري في الحال المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين‬
‫خلل شهر ‪ .‬وتخفض هذه المدة إلى ثمانية أيام بطلب من الحكومة إذا كان‬
‫‪ .‬المر يدعو إلى التعجيل‬
‫يترتب علي إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في الحالت المشار إليها‬
‫‪ .‬أعله وقف سريان الجل المحدد لصدار المر بتنفيذها‬
‫‪ .‬ل يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستور‬
‫ل تقبل قرارات المجلس الدستوري أي طريق من طرق الطعن ‪ ،‬وتلزم كل‬
‫‪ " .‬السلطات العامة وجميع الجهات الدارية والقضائية‬
‫وعندما وقع التعديل الدستوري الخير في أكتوبر ‪ 1996‬لحقت المواد‬
‫‪ .‬المتعلقة بالمجلس الدستوري بعض التعديلت‬
‫فقد نصت المادة التاسعة والسبعون علي أن يتألف المجلس الدستوري من‬
‫اثني عشر عضوا – كانوا من قبل ثمانية – يعين الملك منهم ستة أعضاء‬
‫ويعين الستة الخرين مناصفة كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس‬
‫المستشارين علي حين كان النص القديم يعطي لرئيس مجلس النواب حق‬
‫‪ .‬تعين أربعة أعضاء هم نصف أعضاء المجلس آنذاك‬
‫ويشترك النصان أن الملك يعين رئيس المجلس من بين العضاء الذين‬
‫‪ .‬يعينهم‬
‫ومن الحكام الجديدة في الدستور المعدل ‪ . .‬أن مدة أعضاء المجلس‬
‫الدستوري – تسع سنوات – غير قابلة للتجديد بعد أن كانت في النص القديم‬
‫‪ .‬ست سنوات ‪ ،‬وكانت قابلة للتجديد مرة واحدة‬
‫‪ :‬وتجري النصوص بعد تعديلها في الدستور علي النحو التالي‬
‫‪ :‬الفصل الثامن والسبعون‬
‫‪ .‬يحدث مجلس دستوري‬
‫‪ :‬الفصل التاسع والسبعون‬
‫يتألف المجلس الدستوري من ستة أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات ‪،‬‬
‫وستة أعضاء يعين ثلثة منهم رئيس مجلس النواب وثلثة رئيس مجلس‬
‫المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق ‪ ،‬ويتم كل ثلث سنوات تجديد‬
‫‪ .‬ثلث كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري‬
‫‪ .‬يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين العضاء الذين يعينهم‬
‫‪ .‬مهمة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري غير قابلة للتجديد‬
‫‪ :‬الفصل الثامنون‬
‫يحدد قانون تنظيمي قواعد تنظيم وسير المجلس الدستوري والجراءات‬
‫المتبعة أمامه خصوصا ما يتعلق بالجال المقررة لعرض مختلف النزاعات‬
‫‪ .‬عليه‬
‫ويحدد أيضا الوظائف التي ل يجوز الجمع بينها وبين عضوية المجلس‬
‫الدستوري ‪ .‬وطريقة أجراء التجديدين الولين لثلث أعضائه ‪ ،‬وإجراءات‬
‫تعيين من يحل محل أعضائه الذين استحال عليهم القيام بمهامهم أو استقالوا‬
‫‪ .‬أو توفوا أثناء مد عضويتهم‬
‫‪ :‬الفصل الحادي والثمانون‬
‫يمارس المجلس الدستوري الختصاصات إليه بفصول الدستور أو بأحكام‬
‫القوانين التنظيمية ‪ ،‬ويفصل – بالضافة إلى ذلك – في صحة انتخاب‬
‫‪ .‬أعضاء البرلمان وعمليات الستفتاء‬
‫تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار المر بتنفيذها والنظام الداخلي لكل من‬
‫مجلسي البرلمان قبل الشروع في تطبيقه إلى المجلس الدستوري ليبت في‬
‫‪ .‬مطابقتها للدستور‬
‫وللملك أو الوزير الول أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس‬
‫المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس المستشارين‬
‫أن يحيلوا القوانين قبل إصدار المر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت‬
‫‪ .‬في مطابقتها للدستور‬
‫يبت المجلس الدستوري في الحالت المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين‬
‫خلل شهر ‪ ،‬وتخفض هذه المدة إلى ثمانية أيام بطلب من الحكومة إذا كان‬
‫‪ .‬المر يدعو إلى التعجيل‬
‫يترتب علي إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في الحالت المشار إليها‬
‫‪ .‬أعله وقف سريان الجل المحدد لصدار المر بتنفيذها‬
‫‪ .‬ل يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستوري‬
‫ل تقبل قرارات المجلس الدستوري أي طريق من طرق الطعن ‪ ،‬وتلزم كل‬
‫‪ " .‬السلطات العامة وجميع الجهات الدارية والقضائية‬
‫ويبين واضحا من هذه النصوص سواء قبل تعديلها أو بعد تعديلها عام‬
‫‪ 1956‬إلى أي مدي تأثرت هذه النصوص بالتجربة الفرنسية في الرقابة‬
‫السابقة علي دستورية القوانين بواسطة " مجلس دستوري " مما يجعل‬
‫التجربة الفرنسية في هذا الخصوص بمثابة الصل التاريخي للتجربة‬
‫‪ .‬المغربية‬
‫– ‪ – loi organique‬وننتقل الن إلى دراسة نصوص القانون التنظيمي‬
‫المنظمة للمجلس الدستوري وهو القانون الصادر في ‪ 14‬رمضان هـ ‪-‬‬
‫‪ .‬الموافق ‪ 25‬فبراير ‪ 1994‬ميلدية‬
‫وقد كانت المادة الولى من ذلك القانون تتحدث عن أن المجلس يتكون من‬
‫ثمانية أعضاء – كما تقدمت الشارة إليه – ولكن التعديل الدستوري جعل‬
‫عدد العضاء اثني عشر عضوًا يعينون لمدة ست سنوات قابلة للتجديد مرة‬
‫‪ .‬واحدة‬
‫وكل ثلث سنوات يجدد نصف عدد العضاء الذين عينهم الملك ونصف‬
‫عدد العضاء الذين عينهم كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس‬
‫‪ .‬المستشارين‬
‫وأعضاء المجلس الدستوري ل يجوز لهم الجمع بين عضوية المجلس‬
‫وعضوية الحكومة أو أي من مجلسي البرلمان – النواب أو المستشارين –‬
‫‪ .‬أو المجلس القتصادي والجتماعي ‪ ،‬وكذلك أي وظيفة عامة أخرى‬
‫ويلتزم أعضاء المجلس الدستوري بامتناع عن كل ما من شانه أن ينال من‬
‫‪ .‬استقللهم من كرامة المنصب الذي يتقلونه‬
‫ويؤدي رئيس المجلس وأعضاؤه قبل مباشرة عملهم اليمين أمام الملك ‪،‬‬
‫‪ .‬ويعقد المجلس جلساته في غير علنية‬
‫‪ :‬اختصاصات المجلس الدستوري في المغرب‬
‫شانه في ذلك شان المجلس الفرنسي فان هناك اختصاصات وجوبيه وأخري‬
‫‪ .‬جوازيه‬
‫وعلي أي حال فانه سواء بالنسبة للختصاصات الوجوبية أو الجوازية فان‬
‫رقابة المجلس هي رقابة سابقة أي قبل إصدار القانون ‪ . .‬ذلك أن القانون‬
‫‪ .‬بعد أن يصدر ل يجوز الطعن فيه بعدم الدستوري‬
‫‪ :‬الختصاصات الوجوبية‬
‫أ( تحال إلى المجلس الدستوري القوانين العضوية أو التنظيمية بواسطة(‬
‫الوزير الول بعد إقرارها من مجلس النواب وقبل التصديق عليها من الملك‬
‫‪ .‬فإذا رأي المجلس الدستوري انها مطابقة للدستور أصداها الملك ‪ ،‬وإذا‬
‫‪ .‬رأي المجلس عدم مطابقتها فأنها تعتبر كان لم تكن‬
‫ب( كذلك يحيل رئيس مجلس النواب إلى المجلس الدستوري النظام(‬
‫الداخلي لمجلس النواب والتعديلت المدخلة عليه بعد إقرارها من قبل‬
‫‪ .‬البرلمان وقبل التصديق عليها من الملك‬
‫‪ :‬الختصاصات الجوازية‬
‫ويجوز للملك قبل أن يصدر القانون كما يجوز للوزير الول ولرئيس كل‬
‫من المجلسين أو لعدد من أعضاء كل مجلس – ل يقل عن ربع عدد‬
‫العضاء – أن يطلب من المجلس الدستوري بيان وجه الراب في مطابقة‬
‫‪ .‬تشريع معين أو عدم مطابقته للدستور‬
‫ويبت المجلس الدستوري في مطابقة القانون للدستور خلل شهر من أحالته‬
‫‪ .‬إليه أو في غضون ثمانية أيام في حالة الستعجال‬
‫‪ " .‬لحظ التطابق بين النصين الفرنسي والمغربي "‬
‫ج( يختص المجلس الدستوري المغربي أيضا – شانه شان المجلس(‬
‫‪ .‬الفرنسي – بالنظر في المنازعات المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب‬
‫د( ويتولى المجلس الدستوري أيضا مراقبة سلمة عمليات الستفتاء كما(‬
‫‪ .‬يعلن نتائج الستفتاء‬
‫ويجوز الرجوع إلى قرارات المجلس الدستوري الفرنسي للستعانة بها في‬
‫‪ .‬المغرب نظرا لتماثل النصوص في كل من البلدين‬

‫القسم الثاني القضاء الدستوري في جمهورية مصر العربية‬

‫الفصل الول رقابة دستورية القوانين قبل نشأة القضاء الدستوري‬

‫لم يرد في دستور ‪ 1923‬ول في أي من الدساتير الصادرة بعد يوليو‬


‫‪ 1952‬وحتى سبتمبر ‪ – 1969‬أي نص يتعرض لموضوع رقابة‬
‫دستورية القوانين ل إيجابيا ول سلبيا وعلي ذلك وجد القضاء نفسه من‬
‫‪ .‬ذلك التاريخ في مواجهة المشكلة يحلها حل قضائيا‬
‫وقد أثير الموضوع أمام المحاكم المصرية فعل عقب العمل بدستور ‪1923‬‬
‫عندما دفع أمام محكمة جنايات السكندرية بعدم دستورية القانون رقم ‪37‬‬
‫لسنة ‪ 1923‬والذي أضاف فقرتين إلى المادة ‪ 151‬من قانون العقوبات ‪.‬‬
‫وقد تصدت المحكمة في حكمها لذلك الدفع وقررت أن القانون رقم ‪37‬‬
‫لسنة ‪ 1923‬ل يتعارض مع أحكام الدستوري ‪ .‬وأيدتها محكمة النقض في‬
‫‪ .‬هذا التجاه‬
‫وهذا الحكم المبكر اقر في تقديري حق القضاء المصري في رقابة‬
‫دستورية القوانين ‪ ،‬إذ ليس معني الحق أن يصدر حكم بالمتناع فعل عن‬
‫تطبيق القانون لعدم دستورية ‪ ،‬وانما الحق يقوم إذا تصدي القضاء فعل‬
‫لبحث دستورية القانون سواء انتهي إلى القرار بدستوريته أو عدم‬
‫دستوريته ‪ ،‬ومسلك المحاكم الفرنسية في هذا الموضوع واضح إذ انها‬
‫ترفض مناقشة الموضوع أصل ول تبحث في اتفاق القانون أو عدم اتفاقه‬
‫مع الدستور ‪ ،‬المر الذي لم تلتزمه المحاكم المصري وانما أقرت لنفسها‬
‫‪ .‬حق التصدي للبحث عما إذا كان القانون متفقا مع الدستور أم ل‬
‫وفي أول مايو ‪ 1941‬أصدرت محكمة مصر البتدائية الهلية حكما يقرر‬
‫صراحة وبوضوح بعد مناقشة وجهات النظر المختلفة حق القضاء‬
‫‪ .‬المصري في مراقبة دستورية القوانين‬
‫ولكن هذا الحكم الخطير لم يكتب له الستقرار لن محكمة الستئناف‬
‫الهلي عندما استؤنف أمامها الحكم أخذت برأي مخالف من مقتضاه عدم‬
‫القرار للمحاكم بمراقبة دستورية القوانين وذلك في حكمها في ‪ 30‬مايو‬
‫لسنة ‪ ، 1943‬مستندة إلى مفهوم معين لمدا الفصل بين السلطات هو‬
‫المفهوم السائد في الفقه الفرنسي ‪ ،‬والي بعض نصوص لئحة ترتيب‬
‫‪ .‬المحاكم الهلية التي كان معمول بها آنذاك‬
‫وعلي أي حال وبعد نشأة القضاء الداري فقد اصبح الموضوع محسوما‬
‫علي نحو نهائي منذ أن أصدرت الدائرة الولى لمحكمة القضاء الداري في‬
‫مجلس الدولة حكمها في القضية رقم ‪ 165‬السنة الولى القضائية بتاريخ‬
‫‪ 10‬فبراير سنة ‪ . (33) 1948‬الذي يقرر بما ل يدع مجال للشك حق‬
‫القضاء في مصر في رقابة دستورية القوانين ‪ .‬وقد سندت المحكمة حكمها‬
‫‪ .‬تسنيدا رائدًا في هذا الموضوع الهام‬
‫ونظرا لهمية هذا الحكم واعتباره عندنا – بالنسبة لهذا الموضوع – يقابل‬
‫حكم المحكمة العليا المريكية برئاسة القاضي مارشال في قضية ماربوري‬
‫ضد ماريسون فأننا نري إيراد أهم أسباب الحكم الذي دخل التاريخ‬
‫القضائي من أوسع أبوابه والذي مازالت حيثياته تترد في كثير من الحكام‬
‫‪ .‬المتصلة بهذا الموضوع‬
‫قالت محكمة القضاء الداري في حيثيات ذلك الحكم " ‪ . . .‬ليس في‬
‫القانون المصري ما يمنع المحاكم المصرية من التصدي لبحث دستورية‬
‫القوانين " ‪ ،‬بل والمراسيم بقوانين سواء من ناحية الشكل أو الموضوع‬
‫أما القول بان في هذا التصدي إهدارا لمبدأ فصل السلطات بتدخل السلطة‬
‫القضائية في عمل السلطة التشريعية بما يعطل تنفيذه – فانه يقوم علي‬
‫حجة دامغة ‪ ،‬إذ علي العكس من ذلك فان في التصدي إعمال لهذا المبدأ ‪،‬‬
‫ووضعا للمور في نصابها الدستوري الصحيح بما يؤكده ويثبته ‪ ،‬ذلك لن‬
‫الدستور المصري وان قرر المبدأ المذكور ضمنًا حين حدد لكل سلطة من‬
‫السلطات الثلث التشريعية والتنفيذية والقضائية المجال الذي تعمل فيه‬
‫عندما نص في المادة ‪ 23‬علي أن جميع السلطات مصدرها المة ‪،‬‬
‫واستعمالها يكون علي الوجه المبين بهذا الدستور ‪ ،‬وفي المادة ‪ 24‬منه‬
‫عندما نص علي أن السلطة التشريعية يتولها الملك مع مجلسي الشيوخ‬
‫والنواب ‪ ،‬وفي المادة ‪ 30‬منه عندما نص علي أن السلطة القضائية‬
‫تتولها المحاكم علي اختلف أنواعها ودرجاتها – أن الدستور المصري إذ‬
‫قرر مبدأ الفل دون أن يصرح به فقد قرنه بمبدأ أخر أكده ضمنا ‪ ،‬وجعله‬
‫متلزما معه حين قرر في المادة ‪ 23‬أن استعمال السلطات يكون علي‬
‫الوجه المبين بالدستور ‪ ،‬وبذلك جعل استعمال السلطات لوظائفها ينتظمه‬
‫دائما تعاون متبادل بينها علي أساس احترام كل منها للمبادئ التي قررها‬
‫الدستور ‪ .‬فالمبدآن متلزمان يسيران جنبا إلى جنب ‪ ،‬ويكمل أحدهما‬
‫الخر ‪ ،‬وبغير ذلك ل تنتظيم الحياة الدستورية ‪ ،‬لنه إذا أهدرت إحدى‬
‫السلطات أي مبدأ من مبادئ الدستور فأنها تكون قد خرجت عن دائرة‬
‫المجال المحدد لستعمال سلطاتها ‪ ،‬وإذا جاز لها أن تتخذ من فصل‬
‫السلطات تعلة تتذرع بها في إهدارها للدستور لنتهي المر إلى فوضي ل‬
‫ضابط لها ‪ ،‬مما يقطع بان التزام كل سلطة من تلك السلطات مبادئ‬
‫الدستور هو خير الضمانات لعمال مبدأ فصل السلطات ‪ ،‬بل ولتدعيم‬
‫‪ .‬البنيان الدستوري جمعيه‬
‫ومن حيث انه بعد أن تحدد معني مبدأ فصل السلطات بحسب روح الدستور‬
‫أخذا من دللة المقابلة بين نصوصه ‪ ،‬وتفهم مراميها – يتعين بعد ذلك‬
‫تحديد وظيفة المحاكم إزاء تعارض قانون من القوانين العادية مع الدستور‬
‫نصا أو روحا وما الذي ينبغي علي المحاكم حينئذ عمله ‪ ،‬وما يبين عملها‬
‫‪ .‬في هذه الحالة‬
‫ومن حيث أن الدستور المصري إذ قرر في المادة ‪ 30‬منه أن السلطة‬
‫القضائية تتولها المحاكم ‪ ،‬فقد ناط تفسير القوانين وتطبيقها فيما يعرض‬
‫عليها من شتي المنازعات ‪ .‬ويتفرع عن ذلك انها تملك الفصل عند‬
‫تعارض القوانين في أيها هو الواجب التطبيق ‪ ،‬إذ ل يعدو أن يكون هذا‬
‫التعارض صعوبة قانونية مما يتولد من المنازعة فتشملها سلطة المحكمة‬
‫‪ .‬في التقدير وفي الفصل ‪ ،‬لن قاضي الفرع‬
‫ومن حيث انه ل جدال في أن لمر الملكي رقم ‪ 42‬لسنة ‪ 1923‬بوضع‬
‫نظام دستوري للدولة المصرية هو أحد القوانين التي يجب علي المحاكم‬
‫تطبيقا ‪ ،‬ولكنه يتميز عن سائر القوانين بما له من طبيعة خاصة ‪ ،‬تضفي‬
‫عليه صفة العلو ‪ ،‬وتسمه بالسيادة بحسبانه كفيل الحريات وموئلها ‪،‬‬
‫ومناط الحياة الدستورية ونظام عقدها ويستتبع ذلك انه إذا تعارض قانون‬
‫عادي مع الدستور في منازعة من المنازعات التي تطرح علي المحاكم ‪،‬‬
‫وقامت بذلك لديها صعوبة مثارها أي القانونين هو الجدر بالتطبيق ؟‬
‫وجب عليها بحكم وظيفتها القضائية بناء علي ما تقدم أن تتصدى لهذه‬
‫الصعوبة ‪ ،‬وان تفصل فيها علي مقتضى أصول هذه الوظيفة ‪ ،‬وفي‬
‫حدودها الدستوري المرسومة لها ‪ ،‬ول ريب في انه يتعين عليها عند قيام‬
‫هذا التعارض أن تطرح القانون العادي وتهمله ‪ ،‬وتغلب عليه الدستور‬
‫وتطبقه بحسبانه القانون العلى ولجدر بالتباع ‪ ،‬وفي ذلك بإلغاء قانون ‪،‬‬
‫ول تأمر بوقف تنفيذه ‪ ،‬وغاية المر انها تفاضل بين قانونين قد تعارض‬
‫فتفصل في الصعوبة ‪ ،‬وتقرر أيهما أولى بالتطبيق ‪ ،‬وإذا كان القانون‬
‫العادي قد أهمل فمرد ذلك في الحقيقة إلى سيادة الدستور علي سائر‬
‫القوانين تلك السيادة التي يجب أن يلتزمها كل من القاضي والشارع علي‬
‫حد سواد ومن حيث أن الدستور ذاته قد ردد تلك البداهة القانونية في‬
‫المادة ‪ 167‬منه ‪ ،‬حين جعل نفاذ أحكام القوانين السابقة عليه رهنا بان‬
‫تكون متفقة مع أحكامه ‪ ،‬وغني عن البيان أن الخطاب في هذه المادة‬
‫موجه إلى المحاكم التي قد يقوم لديها مثل هذا التعارض في التطبيق بين‬
‫تلك القوانين وبين الدستور ‪ ،‬للدستور ‪ ،‬قد اعتبر أن حقها في هذا البحث‬
‫من المسلمات ‪ ،‬كما انه أكد سيادة الدستور العليا إذا ما تعارض مع‬
‫‪ .‬القوانين العادية‬
‫وقد طبقت المحكمة هذه المبادئ علي التشريع المطعون بعدم دستوريته‬
‫أمامها فقررت انه " يتعين البحث بعد ذلك فيما إذا كان المرسوم بقانون‬
‫رقم ‪ 148‬لسنة ‪ – 1944‬المطعون بعدم دستوريته – قد جاء مطابقا‬
‫للدستور فيمتنع علي المحكمة طبقا للمادة السابعة منه سماع الدعوى التي‬
‫ترفع إليها بسبب تطبيقه ‪ ،‬أم انه جاء مخالفا للدستور فل مندوحة عن‬
‫‪ " .‬اطراحه‬
‫وإذ تبين للمحكمة أن هذا المرسوم بقانون غير دستوري فقد التفتت عنه ‪،‬‬
‫‪ .‬وامتنعت عن تطبيقه في الدعوى المعروضة عليها‬
‫وقد استمرت محكمة القضاء الداري في هذا التجاه وأصدرت حكمين‬
‫هامين آخرين في ‪ 30‬يونيه ‪ 1952‬وفي ‪ 21‬يونيه ‪ 1952‬في القضية‬
‫رقم ‪ 568‬لسنة الثالثة القضائية والقضية رقم ‪ 1090‬السنة الثالثة‬
‫‪) .‬القضائية أيضا )‪34‬‬
‫وأكدت المحكمة في هذين الحكمين مجموعة من المبادئ القانونية‬
‫الساسية فيما يتعلق برقابة دستورية القوانين من ذلك عدم دستورية ما‬
‫نص عليه المرسوم بقانون رقم ‪ 64‬لسنة ‪ 1952‬من انه " ل تسمع أمام‬
‫أية جهة وقائية أية دعوي أو طلب أو دفع يكون الغرض منه الطعن في‬
‫أي إعلن أو تصرف أو أمر أو تدبير أو قرار ‪ . . .‬أمرت به أو تولته‬
‫السلطة القائمة علي أجراء الحكام العرفية أو مندوبوها ‪ .‬وذهبت المحكمة‬
‫إلى أن مل هذا العفاء الشامل هو إعفاء السلطة القائمة علي أجراء‬
‫الحكام العرفية من أية مسئولية تترتب علي تصرفاتها حتى تلك المخالفة‬
‫للقانون وإعفاء سلطة عامة إعفاءا مطلقا شامل من كل مسئولية تحققت‬
‫فعل في جانبها وحرمان الناس حرمانا مطلقا من اللجوء إلى القضاء بأية‬
‫وسيلة من شانه الخلل بحقوق الناس في الحرية وفي المساواة في‬
‫التكاليف والواجبات والنتصاف وهي حقوق طبيعية كفلها الدستور‬
‫‪ ) ) .‬دستور ‪1932‬‬
‫وذهب القضاء الداري في هذه الحكام العظيمة إلى أن " رقابة القضاء‬
‫هي دون غيرها الرقابة الفعالة التي تكفل للناس حقوقهم الطبيعية‬
‫وحرياتهم العامة ‪ . .‬وبها يبقي النظام في حدوده الدستورية المشروعة ‪.‬‬
‫وكل نظام رأسي الدستور أساسه ووضع القانون قواعده هو نظام يخضع‬
‫بطبيعته مهما يكن نظاما استثنائيا لمبدأ سيادة القانون ومن ثم لرقابة‬
‫القضاء ‪ ( .‬ورد ذلك في الحكم الصادر بتاريخ ‪ 30‬يونيه ‪ 1952‬والسابق‬
‫‪ ) .‬الشارة إليه‬
‫واستمرت محكمة القضاء الداري علي هذا النهج السليم في مراقبتها‬
‫لدستورية قوانين – حتى بعد قيام ثورة ‪ – 1952‬إذ حكمت في ‪ 15‬مارس‬
‫‪ – 1954‬بخصوص المرسوم بقانون الخاص بالتطهير – والذي صدر في‬
‫أوائل قيام الثورة – حكمت المحكمة انه " لو صح في الجدل أن المرسوم‬
‫بقانون ‪ 1981‬لسنة ‪ 1952‬قد استهدف منع التقاضي إطلقا سواء‬
‫بالنسبة لطلبات اللغاء أو التعويض لضحي قانونًا غير دستوري وجاز‬
‫‪) .‬المتناع عن تطبيقه فيما جاوز الحدود الدستورية ")‪35‬‬
‫بل واستمرت المحكمة في هذا التجاه حتى أوائل عام ‪ 1975‬إذا حكمت‬
‫بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪ 1975‬بان " منع سماح دعوي التعويض بالضافة إلى‬
‫قفل باب الطعن باللغاء حكم مناف للصول الدستورية العامة إذ ل تجوز‬
‫مصادرة الحقوق وحرمان أصحابها في الوقت ذاته من تعويض عادل ")‬
‫‪36) .‬‬
‫وإذا كان هذا هو التجاه الذي أخذت به محكمة القضاء الداري فان تطورا‬
‫خطيرا قد حدث خلل عام ‪ 1955‬عندما أعيد تشكيل مجلس الدولة واخرج‬
‫بعض أعضائه ونقل بعضهم – وفي ذلك الوقت أنشئت المحكمة الدارية‬
‫العليا التي طعن أمامها في بعض أحكام محكمة القضاء الداري التي كان‬
‫يجوز الطعن فيها أمامها وفي أحكام أخرى صدرت من القضاء الداري بعد‬
‫إنشاء المحكمة الدارية العليا وقد جاء اتجاه هذه الخيرة علي نحو‬
‫استشعر فيه الفقه ردة في مدي الرقابة ونطاقها وإطلقا ليد السلطة العامة‬
‫‪ .‬من أشار هذا القيد الدستوري‬
‫وقد سجلت المحكمة الدارية العليا هذا التجاه المناقض لتجاه محكمة‬
‫القضاء الداري السابق الشارة إليه في أحكام ثلث أصدرتها في ‪28‬‬
‫‪) .‬يونيه ‪ 1957‬و ‪ 12‬يونيه يوليه ‪ 1958‬علي التوالي)‪37‬‬
‫ففي القضية الولى)‪ (38‬ذهبت المحكمة إلى القول بدستورية المادة ‪291‬‬
‫من القانون رقم ‪ 345‬لسنة ‪ 1956‬في شان تنظيم الجامعات التي تمنع "‬
‫الطعن باللغاء أو وقف التنفيذ أمام أي جهة قضائية في القرارات والوامر‬
‫‪ " .‬الصادرة من الجهات الجامعية في شئون طلبها‬
‫وفي الحكم الثاني)‪ (39‬قررت المحكمة الدستورية المادة الثانية من‬
‫القانون رقم ‪ 600‬لسنة ‪ 1953‬فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن‬
‫باللغاء أو وقف التنفيذ أو طب التعويض عن القرارات الصادرة بفصل‬
‫الموظفين من غير الطريق التأديبي استنادا إلى المادة الولى من نفس‬
‫‪ .‬القانون‬
‫وفي الحكم الثالث )‪ (40‬قررت المحكمة العليا كذلك دستورية المادة الثالثة‬
‫من القانون رقم ‪ 270‬لسنة ‪ 1956‬الصادر بإلغاء الحكام العرفية والتي‬
‫تنص علي انه " ل تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوي أو طلب أو دفع‬
‫يكون الغرض منه الطعن في أي إعلن أو تصرف أو أمر أو تدبير أو قرار‬
‫‪ ،‬وبوجه عام أي عمل أمرت به السلطة القائمة علي أجراء الحكام‬
‫العرفية أو مندوبوها أو وزير المالية والقتصاد أو أحد الحراس العامين أو‬
‫مندوبيهم عمل بالسلطة المخولة لهم بمقتضى نظام الحكام العرفية ‪،‬‬
‫سواء أكان هذا الطعن مباشرة بأبطال شئ مما ذكر بسحبه أو بتعديله أو‬
‫كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بتعويض أو بحصول‬
‫مقاصة ‪ . . .‬وفي سبيل الوصول إلى هذه النتائج قررت المحكمة المبادئ‬
‫‪ .‬الجديدة التالية‬
‫المبدأ الول ‪ :‬أن إلغاء الوسيلة القضائية ليس معناه إلغاء اصل الحق‬
‫‪ .‬ذاته ‪ . . .‬إذ أن الحق شئ ووسيلة المطالبة به شئ أخر‬
‫المبدأ الثاني ‪ :‬أن القانون هو الذي يقرر الحقوق ويحدد وسائل المطالبة‬
‫بها قضائية كانت أو غير قضائية ‪ ،‬ول يلزم حتما أن تكون تلك لوسيلة‬
‫قضائية ‪ ،‬بل المرد في ذلك كله إلى ما يرتبه القانون ويحدده ‪ ،‬وبالشروط‬
‫والوضاع التي قررها ‪ ،‬لنه هو الداة الدستورية التي تملك ذلك كله في‬
‫‪) .‬حدود الدستور وبغير خروج علي مبادئه)‪41‬‬
‫المبدأ الثالث ‪ :‬انه تجب التفرقة بين المصادرة المطلقة لحق التقاضي‬
‫عموما وبين تحديد دائرة اختصاص القضاء ‪ .‬وانه ل يجوز من الناحية‬
‫الدستورية حرمان الناس كافة من اللتجاء إلى القضاء للنتصاف ‪ ،‬لن‬
‫في ذلك مصادرة لحق التقاضي ‪ ،‬وهو حق كفل الدستور اصله ‪ ،‬إذ تكون‬
‫مثل هذه المصادرة بمثابة تعطيل ووظيفة السلطة القضائية ‪ ،‬وهي سلطة‬
‫‪ .‬أنشأها الدستور لتمارس وظيفتها في أداء العدالة‬
‫ولكن المشروع من ناحية أخرى أن يحدد دائرة اختصاص القضاء‬
‫بالتوسيع أو التضييق لن النصوص الدستورية تقضي بان القانون هو‬
‫الذي يرتب جهة القضاء ويعين اختصاصها ‪ ،‬ول شبهة في أن تضييق‬
‫اختصاص القضاء بعزله عن نظر بعض الدعاوى ل يخالف الدستور ما دام‬
‫القانون هو الداة التي تملك بحكم الدستور ترتيب جهات القضاء وتعيين‬
‫‪) .‬اختصاصها)‪42‬‬
‫المبدأ الرابع ‪ :‬أن النعي بعدم دستورية القانون ل يستقيم إل إذا كان الحق‬
‫الذي يعتدي عليه ذلك القانون من الحقوق التي يكلفها الدستور ‪ ،‬وكانت‬
‫وسيلة اقتضائه عن طريق القضاء هي وسيلة يقررها الدستور كذلك ‪ ،‬أما‬
‫إذا كان حق هو مما ينشئه القانون أو يلغيه وكذلك إذا كانت وسيلة‬
‫اقتضائه عن طريق القضاء هي وسيلة يقررها الدستوري كذلك ‪ .‬أما إذا‬
‫كان الحق هو مما ينشئه القانون أو يلغيه وكذلك إذا كانت وسيلة اقتضائه‬
‫هي مما ينظمه القانون علي الوجه الذي رآه ‪ ،‬فل يكون ثمة وجه للنعي‬
‫‪) .‬بعدم دستوريته)‪43‬‬
‫المبدأ الخامس ‪ :‬أن قفل باب الطعن باللغاء والتعويض جميعا في أعمال‬
‫سلطة أو هيئة عامة يكون مخالفا للدستور إذا صدر به مرسوم بقانون‬
‫ولكنه يكون مشروعا وغير مخالف للدستور إذا كانت أداة إصداره هي‬
‫‪) .‬القانون)‪44‬‬
‫المبدأ السادس ‪ :‬أن المقصود بالمساواة أمام القضاء هو عدم التفرقة بين‬
‫فراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت مراكزهم القانونية ‪ . .‬ول يمكن أن تفهم‬
‫المساواة أمام القضاء بالقياس بينهم ) الطلبة ( وبين طائفة أخرى من‬
‫‪) .‬الفراد ل شان لهم في النظم الجامعية)‪45‬‬
‫وبهذه الحكام المتعددة قضت المحكمة الدارية العليا علي ما سبق أن‬
‫قررته محكمة القضاء الداري من اتجاه يحمي حريات المواطنين‬
‫‪ .‬وحقوقهم ويضع الطار السليم لقضية رقابة دستورية القوانين‬
‫والحقيقة أن المحكمة العليا استنادا إلى أن المشرع من حقه أن يحدد‬
‫اختصاص القاضي ويقيده – وهذا أمر صحيح – فقد ذهبت إلى إجازة‬
‫مصادرة حق التقاضي مصادرة كاملة صدد أنواع معينة من المنازعات ‪.‬‬
‫وما قالته المحكمة الدارية العليا في هذا الشأن يفهم منه أن غير‬
‫الدستوري في مذهبها هو إلغاء حق التقاضي جملة وتفصيل ‪ .‬وهذا ما لم‬
‫‪ .‬يقل به أحد ما دام هناك دستور وقانون ومحاكم‬
‫أن كل حق له دعوي تحميه وإل تجرد من القيمة القانونية ‪ .‬ووجود حق‬
‫‪ .‬دستوري بغير وسيلة لحمايته يعني إهدار ذلك الحق‬
‫والحقيقة أننا نري أن تلك الفترة في تاريخ المحكمة الدارية العليا هي‬
‫فترة ردة أملتها سياسة قضائية معينة في وقت كان مبدأ سيادة القانون فيه‬
‫مهيض الجناح رغم كل الدعاوى ‪ .‬ولكن المر لن يستمر علي هذا النحو)‬
‫‪46) .‬‬
‫‪ .‬وفي عام ‪ 1969‬أنشئت المحكمة العليا‬
‫وفي عام ‪ 1971‬صدر دستور جمهورية مصر العربية الجديد والذي مازال‬
‫‪ .‬قائما وبذلك دخل موضوع رقابة دستورية القوانين تطورا جديدا‬

‫القضاء الدستوري المتخصص‬


‫أول ‪ :‬المحكمة العليا‬

‫تمهيد‬
‫جاء إنشاء المحكمة العليا عام ‪ 1969‬ف جو مشحون بالنفعال – ذلك أن‬
‫إنشاء هذه المحكمة صاحب ما عرف في التاريخ القضائي المصري باسم‬
‫" مذبحة القضاء " تلك المذبحة التي أقصى فيها عن منصب القضاء عدد‬
‫ضخم من رجال القضاء الفضلء بينهم رئيس محكمة النقض مستشارون‬
‫في محاكم الستئناف وقضاة من كل الدرجات وترك ذلك أثرا بالغ السوء‬
‫لذي كل رجال الهيئة القضائية ولدي الرأي العام لذلك كان استقبال "‬
‫المحكمة العليا " استقبال سيئا محاطا بالشك والريبة من جمهور القضاة‬
‫والمقاضين جميعا واحتاج القضاء الدستوري لمتخصص فترة غير قصيرة‬
‫‪ .‬لكي سترد ثقة الوساط القضائية والقانونية في مصر‬
‫والحقيقة أن الحديث عن إنشاء محكمة عليا لرقابة دستورية القوانين في‬
‫مصر بدا مع مناقشات " الميثاق " الذي صدر في أعقاب انفصال سوريا‬
‫عن الجمهورية المتحدة ‪ 1962‬وجاء في تقرير ذلك الميثاق انه قد أن‬
‫الوان لنشاء محكمة دستورية عليا تسهر علي حماية الدستور ونصوصه‬
‫‪ .‬من كل عبس واعتداء‬
‫ولكن الدستور المؤقت الصادر علم ‪ – 1964‬بعد قرار الميثاق – لم يشير‬
‫‪ .‬إلى مثل هذه المحكمة ول إلى رقابة دستورية القوانين‬
‫واستمر الحال علي ما كان عليه من رقابة قضائية ل مركزية علي‬
‫‪ .‬دستورية القوانين تمارسها المحاكم العادية علي نحو ما أسلفنا‬
‫وفي مارس ‪ – 1968‬في أعقاب هزيمة يونيه ‪ 1967‬وما أحدثته من‬
‫صدع عميق في المجتمع العربي كله والمجتمع المصري علي الخصوص‬
‫– القي الرئيس عبد الناصر ما عرف باسم " بيان ‪ 30‬مارس " محاول‬
‫‪ .‬استيعاب بعض غضب الجماهير وسخطها والستجابة لبعض مطالبها‬
‫وجاء في البيان " أن من الخطوط الساسية العامة التي يجب أن يتضمنها‬
‫الدستور القادم للجمهورية العربية المتحدة – فضل عن النص علي‬
‫حصانة القضاء وعلي كفالة حق التقاض وتحريم النصوص التي تمنع من‬
‫الطعن في أي أجراء للسلطة أمام القضاء وتمكين القضاة من أداء رسالته‬
‫السامية في تحقيق العدل وفي إعطاء كل ذي حق حقه وفي رد العتداء‬
‫علي الحقوق والحريات فغانه قد تقرر ضرورة النص في الدستور علي‬
‫إنشاء محكمة علي إنشاء محكمة دستورية عليا يكون لها الحق في رقابة‬
‫‪ .‬دستورية القوانين وتطابقها مع الميثاق ومع الدستور‬
‫ولما حدث الصدام بين الهيئة القضائية وقمة السلطة التنفيذية وقاد هذا‬
‫الصدام " نادي القضاة " واتجهت السلطة التنفيذية إلى إعادة تشكيل‬
‫الهيئة القضائية بقصد استبعاد عدد من رجال القضاء الذين كانوا‬
‫يتصدرون هذا الصدام والذي كان يعبر عن تيار عميق في الرأي العام‬
‫المصري بعد ما حدث عام ‪ 1967‬وانكشاف عورات النظام وصدر القانون‬
‫الخاص بإعادة تشكيل لهيئة القضائية صدر معه في نفس الوقت – في‬
‫محاولة السترضاء الهيئة القضائية والرأي العام أيضا – القانون رقم ‪81‬‬
‫‪ 1968 /‬في ‪ 31‬أغسطس ‪ 1969‬بإنشاء المحكمة العليا والتي أنيط بها‬
‫‪ .‬وحدها دون غيرها الفصل في دستورية القوانين‬
‫وقد صدر هذا القانون استنادا إلى قانون استنادا إلى قانون التفويض الذي‬
‫أصدره مجلس المة من القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ – 1967‬والذي صدر‬
‫‪ .‬علي أساسه أيضا قانون إعادة تشكيل الهيئات القضائية‬
‫وبعد صدور القانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 1969‬في ‪ 31‬أغسطس بحوالي عام‬
‫كامل صدر القانون رقم ‪ 66‬لسنة ‪ 1970‬في ‪ 25‬أغسطس ‪ 1970‬وهو‬
‫‪ .‬قانون الجراءات أمام المحكمة العليا‬
‫واستنادا إلى هذين القانونين – قانون ‪ 1969 / 81‬وقانون ‪1970 / 66‬‬
‫– وفي يوم الحد الثامن من شهر مارس ‪ 1970‬بدأت لمحكمة العليا أداء‬
‫مهمتها الدستورية وبدا فصل جديد في تطور رقابة دستورية القوانين في‬
‫‪ .‬مصر‬
‫ولن نتوقف طويل عند المحكمة العليا باعتبار انه قد حل محلها – وفقا‬
‫لدستور ‪ – 1971‬المحكمة الدستورية العليا – ومع ذلك فأننا سنشير‬
‫‪ :‬بإيجاز إلى المور التية‬
‫‪ .‬تكوين المحكمة العليا – ‪1‬‬
‫‪ .‬اختصاصاتها – ‪2‬‬
‫‪ .‬أهم اتجاهاتها القضائية – ‪3‬‬
‫أول – تكوين المحكمة العليا‬
‫عهد قانون المحكمة إلى رئيس الجمهورية مهمة اختيار وتعيين رئيس‬
‫المحكمة ومستشاريها وبذلك تنفرد السلطة التنفيذية – بل قمة تلك السلطة‬
‫– باختيار وتعيين أعضاء هذه المحكمة العليا التي يفترض فيها انها تراقب‬
‫‪ .‬سلطات الدولة الخرى لكي تردها إلى جادة الدستور‬
‫وهذه الطريقة معيبة ول توفر أي قدر من الستقلل لعضاء المحكمة‬
‫أضيف إلى ذلك أن مدة ولية أعضاء المحكمة هي ثلث سنوات قابلة‬
‫للتجديد فان هذه المدة القصيرة جدا ووضع أمر التعيين وأمر التجديد في‬
‫يد رئيس الجمهورية يفقد الستقلل الحقيقي حتى برغم ما جاء في‬
‫القانون من نصوص حول استقلل المحكمة وعدم قابلية قضاتها للعزل ذلك‬
‫‪ .‬انهم في الحقيقة معرضون لنوع من " العزل الدوري " كل ثلث سنوات‬
‫وقد نص قانون المحكمة العليا – القانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ – 1969‬علي‬
‫انه يشترط فيمن يتعين مستشارا بها أن تتوافر الشروط العام اللزمة‬
‫لتولي القضاء طبقا لحكام قانون السلطة القضائية وإل يقل سنة عن ثلثة‬
‫وأربعين سنة ميلدية ‪ ،‬ويكون اختيار مستشاري المحكمة من بين الفئات‬
‫‪ :‬التية‬
‫المستشارين الحاليين أو من في درجتهم من أعضاء الهيئات – ‪1‬‬
‫القضائية المختلف ممن امضوا في وظيفة مستشارا أو ما يعادلها ثلث‬
‫‪ .‬سنوات علي القل‬
‫ممن سبق لهم شغل وظيفة مستشار أو ما يعادلها في الهيئات – ‪2‬‬
‫‪ .‬القضائية لمدة ثلث سنوات علي القل‬
‫المشتغلين بتدريس القانون بالجامعات المصرية في وظيفة أستاذ – ‪3‬‬
‫‪ .‬لمدة ثماني سنوات علي القل‬
‫المحامين المقبولين أمام محكمة النقض لمدة ثمان سنوات علي القل – ‪4‬‬
‫‪.‬‬
‫هذا عن تكوين المحكمة ‪ .‬وهو كما قدمنا تكوين ل يكفل لها القدر‬
‫‪ .‬الضروري من الستقلل‬
‫اختصاصات المحكمة العليا‬

‫حولت المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 1969‬المحكمة العليا‬


‫‪ :‬اختصاصات أربعة هي‬
‫‪ :‬الختصاص الول‬
‫الفصل في دستورية القوانين ‪ ،‬وذلك إذا دفع أمام إحدى المحاكم بعدم‬
‫دستورية قانون وكان الدفع جديا يتوقف عليه الفصل في الدعوى‬
‫الصلية ‪ .‬وتحدد المحكمة التي أثير أمامها الدفع للخصم ميعادا لرفع‬
‫دعوي الطعن في دستورية القانوني أمام المحكمة العليا وتوقف الفصل في‬
‫‪ .‬الدعوى الصلية حتى تفصل المحكمة العليا في المسالة الدستورية‬
‫فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد لذي تحدده المحكمة اعتبر الدفع كان لم‬
‫‪ .‬يكن‬
‫ول شبهة في أن اختصاص المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين‬
‫‪ .‬يعتبر أهم اختصاصاتها‬
‫وقد جاء بالمذكرة اليضاحية بالقانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 1969‬تعليقا علي‬
‫المادة الرابعة فيه " أن المشرع قصر ولية الفصل في دستورية القوانين‬
‫علي المحاكم العليا دون سواها حتى ل يخرج البت في مسالة علي هذا‬
‫القدر من الخطورة للمحاكم علي مختلف مستوياتها حسبما جري عليه‬
‫‪ .‬العرف القضائي وحتى ل تتباين وجوه الرأي فيها‬
‫‪ :‬الختصاص الثاني‬
‫تفسير النصوص القانونية التي تستدعي ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها‬
‫‪ .‬وذلك بناء علي طلب وزير العدل ويكون التفسير ملزما‬
‫ومن شان هذا الختصاص أن يرسي القواعد القانونية علي أسس ثابتة‬
‫مستقلة واضحة ‪ ،‬ل لبس فيها ول غموض مما يوحد مدلولها لدي الجميع‬
‫ويرفع الخلف حول هذا المدلول ‪ ،‬ويزيل ما كان يترتب عليه من تناقض‬
‫وتباين في أحكام القضاء التي تطبق هذه القواعد وفي غيرها من تصرفات‬
‫‪ .‬الجهزة الدارية‬
‫ونظرا لهمية تفسير القوانين فقد أوجب القانون أن يكون التفسير بناء‬
‫علي طلب وزير العدل يزنه ويقدره من حيث أهمية القوانين المطلوب‬
‫تفسيرها أو طبيعتها وبتخويل المحكمة العليا هذا الختصاص بتفسير كافة‬
‫القوانين تفسيرا تشريعيا ملزما لم يعد المشرع في حاجة إلى أن يكل هذه‬
‫المهمة إلى لجان إدارية مختلفة مثل لجنة تفسير قانون العاملين ولجنة‬
‫تفسير قانون السكان التي كانت تتولى هذا الختصاص وفي خصوص‬
‫تفسير القوانين سار الخلف أمام بعض جهات القضاء حول تفسير‬
‫الدستور هل يدخل في عموم لفظ القوانين فيتناوله اختصاص المحكمة‬
‫بالتفسير أم انه ل يعتبر قانونا في هذا الصدد ومن ثم ل تختص المحكمة‬
‫‪ .‬بتفسيره‬
‫ولو أن هذا الخلف لم يثار أمام المحكمة إل انها حسمته بقضاء ضمني‬
‫عندما قدم إليها وزير العدل طلبا بتفسير المادة ‪ 94‬من الدستور لبيان ما‬
‫إذا كان هذا النص يحول بين عضو مجلس الشعب الذي أسقطت عنه‬
‫العضوية طبقا للمادة ‪ 96‬من الدستور وبين ترشيح نفسه لعضوية‬
‫المجلس في المكان الذي خل بإسقاط عضويته في ذات الفصل التشريعي‬
‫الذي تم إسقاط عضويته فيه ‪ .‬وقد كان سكوت المحكمة عن إثارة هذه‬
‫المسالة لقتناعها التام بأنها فوق أي شك لن الدستور أول ل يخرج عن‬
‫أن يكون قانونا منظما لسلطات الدولة بل هو راس القوانين وقد استقر هذا‬
‫الرأي بين الكثرة الساحقة من فقهاء القانون الخاص الذين عرضوا له في‬
‫‪ .‬بيان مفهوم القاعدة القانونية ‪ .‬وكذلك فقهاء القانون العام‬
‫‪ :‬الختصاص الثالث‬
‫الفصل في طلبات وقف تنفيذ الحكام الصادرة من هيئات التحكيم المشكلة‬
‫لفصل في منازعات الحكومة والقطاع العام وذلك متي كان شان تنفيذ هذه‬
‫الحكام الضرار بالخطة القتصادية العامة لدولة أو الخلل بسير المرافق‬
‫‪ .‬العامة‬
‫وهذا الختصاص مستحدث ذلك أن أحكام هيئات التحكيم في المنازعات‬
‫المشار إليها كانت إحكاما نهائية ل معقب عليها – ونظرا لما قد يترتب‬
‫علي تنفيذ هذه الحكام من إضرار بأهداف لخطة القتصادية أو إخلل‬
‫بسير المرافق العامة فقد أجاز القانون للخصم المحكوم عليه طلب وقف‬
‫تنفيذ الحكم علي أن يتقدم طلب وقف التنفيذ من النائب العام بناء علي‬
‫‪ .‬طلب الوزير المختص‬
‫وتقض المحكمة العليا في هذه الطلبات أما بوقف تنفيذ الحكام أو بتعجيل‬
‫طريقة تنفيذها علي نحو ل يضر بأهداف الخطة ول يخل بسير المرافق‬
‫‪ .‬العامة وأما برفضها‬
‫وقد أوجب القانون عليها إذا قضت بوقف تنفيذ الحكم أن تتصدى‬
‫‪ .‬للموضوع وتفصل فيه‬
‫‪ :‬الختصاص الرابع‬
‫الفصل في مسالة تنازع الختصاص بين جهات القضاء المختلفة ‪ ،‬وقد‬
‫حلت المحكمة العليا في هذا الختصاص محل محكمة تنازع الختصاص‬
‫التي كانت تشكل من أعضاء من محكمة النقض وأعضاء من المحكمة‬
‫‪ .‬الدارية العليا‬
‫وليس من شك أن الخلف حول موضوع الختصاص ضار ابلغ الضرر‬
‫بمصالح الجمهور وقد يفوت عليه حقوقا هامة ثابتة وقد احسن المشرع إذ‬
‫وكل الفصل في مسائل تنازع الختصاص بين جهات القضاء إلى المحكمة‬
‫‪ .‬العليا باعتبارها علي جهة قضائية‬
‫ثالثا – أهم التجاهات التي تصدت لها المحكمة العليا‬
‫أهم اختصاصات المحكمة العليا كما سبق أن أشرنا هو اختصاصها برقابة‬
‫دستورية القوانين وفي هذا الصدد وقد اعتدت المحكمة بقرينة مؤداها أن‬
‫الصل فيما يصدر عن السلطة التشريعية من قوانين انها صادرة في حدود‬
‫الدستور ومن ثم يجب علي القاضي عند فحص دستورية القوانين أن‬
‫يلحظ هذا المر فل يخرج علي مقتضى هذه القرينة إل إذا كان التعارض‬
‫بين الدستور والقانون واضحا بحيث يستحيل التوفيق بينهما ‪ .‬وبعبارة‬
‫أخرى فان المحكمة ل تقض بعدم الدستورية إل إذا كانت مخالفة القانون‬
‫‪ .‬للدستور فوق مستوي كل شك معقول‬
‫ولمـ كانت المحكمة ل تمارس في رقابة دستورية القوانين إل رقابة فنية‬
‫ذات طابع قانوني فانه يتعين عليها أن تلتزم الضوابط التية عند ممارسة‬
‫‪ .‬هذه الرقابة‬
‫‪ .‬أ( أن المحكمة ل تناقش ضرورة التشريع أو عدم ضروريته(‬
‫‪ .‬ب( انها ل تراقب ملءمته ول حكمته(‬
‫ج( انها تتخذ من ظاهر النص التشريعي أساسا لفحص دستوريته فل(‬
‫يجوز لها أن تتجاوز هذه الظاهرة إلى بواعث التشريع وأسبابه البعيدة ذلك‬
‫لن هذه المور جميعا مما يدخل في صميم اختصاص السلطة التشريعية‬
‫‪ .‬وتقديرها المطلق‬
‫في ضوء هذه الضوابط فأننا نستطيع أن نشيد لي بعض التجاهات‬
‫القضائية للمحكمة لعليا وهي تباشر رقابتها علي دستورية القوانين ومن‬
‫‪ :‬ذلك‬
‫أ ( أن رقابة المحكمة تمتد إلى القوانين الصادرة قبل إنشائها وقبل تاريخ (‬
‫نفاذ الدستور الذي صدر قانون المحكمة في ظله أو نفاذ الدستور القائم ‪.‬‬
‫وقد حسمت المحكمة العليا هذا المر في حكمها الصادر في مارس ‪1971‬‬
‫في القضية رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 1‬قضائية دستورية وقد جاء في أسباب هذا الحكم‬
‫‪.‬‬
‫‪ " .‬من حيث أن المادة ‪ 166‬من الدستور التي يستند إليها "‬
‫‪ " .‬المدعي عليه والحكومة في تأييد هذا الدفع تنص "‬
‫‪ " .‬علي أن " كل ما قررته القوانين والقرارات والوامر "‬
‫‪ " .‬واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقي "‬
‫‪ " .‬نلفذء ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا "‬
‫‪ " .‬للقواعد والجراءات المقررة في هذا الدستور "‬
‫وقد ترد هذا النص بمدلوله ومعناه مع اختلف يسير في صيغته في‬
‫الدساتير المتعاقبة منذ سنة ‪ 1923‬ومنها الدستور الصادر عام ‪1956‬‬
‫الذي تضمن نصين لكل منهما مجال يختلف عن مجال الخر ‪ .‬أولهما نص‬
‫المادة ‪ 190‬وهو مطابق لنص المادة ‪ 166‬من الدستور الذي تقدم ذكره‬
‫والثاني – نص لمادة ‪ – 191‬الذي يقضي بان " جميع القرارات التي‬
‫صدرت من مجلس قيام الثورة وجميع القوانين والقرارات التي تتصل بها‬
‫وصدرت مكملة أو منفذة لها وكذلك كل ما صدر من الهيئات التي أمر‬
‫المجلس المذكور بتشكيلها من قرارات أو أحكام وجميع الجراءات‬
‫والعمال والتصرفات التي صدرت من هذه الهيئات أو من أي هيئة أخرى‬
‫من الهيئات التي أنشئت بقصد حماية الثورة ونظام الحكم ل يجوز الطعن‬
‫فيها أو المطالبة بإلغائها أو التعويض عنها بأي وجهه من الوجوه وأمام‬
‫أي هيئة كانت " وظاهر من هذين النصين أن لكل منهما مجال يختلف عن‬
‫مجال الخر وان المشرع لم يلتزم في دستور سنة ‪ 1956‬موقفا واحدا من‬
‫التشريعات السابقة علي تاريخ العمل به بل غاير بينهما فيما اسبغ عليهما‬
‫من الحماية فاتخذ بالنسبة إلى بعضها موقفا اقتضته ضرورة تحصين‬
‫التشريعات والتدابير والجراءات الثورية الستثنائية التي اتخذت في‬
‫ظروف ل تقاس فيها المور بالمقياس العادي وذلك بالنص علي عدم جواز‬
‫الطعن فيها أو المطالبة بإلغائها أو التعويض عنها بأي وجه من الوجوه‬
‫وأمام أي هيئة كانت – بينما اتخذت بالنسبة إلى سائر التشريعات الخرى‬
‫أسلوبا أخر ينطوي علي حماية ادني من تلك التي اسبغها علي التشريعات‬
‫الثورية الستثنائية المتقدم ذكرها وذلك بالنص علي بقائها نافذة مع إجازة‬
‫إلغائها أو تعديلها وفقا للقواعد والجراءات المقررة في الدستور – وهذه‬
‫المغايرة التي قصد إليها المشرع عند تحديد موقفه من التشريعات السابقة‬
‫علي الدستور في نصين مختلفين في دستور واحد فان كل منهما يقرر‬
‫حكما يختلف عما قرره الخر وانه إنما يستهدف تحصين التشريعات التي‬
‫حددها علي سبيل الحصر في المادة ‪ 191‬منه دون غيرها من التشريعات‬
‫التي وقف بالنسبة إليها عند حد النص علي استمرار نفاذها وذلك تجنبا‬
‫لحدوث فراغ تشريعي يؤدي إلى الضطراب والفوضى والخلل بسير‬
‫المرافق العامة والعلقات الجتماعية إذا سقطت جميع التشريعات المخالفة‬
‫للدستور فور صدوره – ولو أن المشرع أراد تحصين التشريعات السابقة‬
‫علي الدستور ضد الطعون القضائية لفصح عن ذلك في نص واحد عام‬
‫يتناولها كافة ولم يكن في حاجة إلى إيراد نص أخر يغاير ذات المعني في‬
‫‪ .‬موضوع واحد‬
‫ومن حيث أن المشرع احتزا بنقل المادة ‪ 190‬من دستور سنة ‪ 1956‬إلى‬
‫المادة ‪ 166‬من دستور ‪ 194‬ولم ينقل المادة ‪ 191‬من ذلك الدستور التي‬
‫استنفدت أغراضها إذ أسبغت علي التشريعات الثورية الستثنائية التي‬
‫صدرت منذ قيام الثورة حتى عام ‪ 1965‬حصانة نهائية ل مبرر لها ول‬
‫مسوغ لتكرار النص عليها – ول ريب انه ل يعني بنص المادة ‪ 166‬من‬
‫دستور ‪ 1964‬غير ما عناه بأصله الوارد في المادة ‪ 190‬من دستور سنة‬
‫‪ 1956‬وهو مجرد استمرار نفاد التشريعات السابقة علي الدستور دون‬
‫تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم‬
‫الدستورية شانها في ذلك شان التشريعات التي تصدر في ظل الدستور‬
‫القائم وليس معقول أن تكون التشريعات التي صدرت قبل صدور الدستور‬
‫وعلي الخصوص التشريعات الصادرة قبل قيام الثورة في ظل نظم سياسية‬
‫واجتماعية واقتصادية مغايرة في أساسها وأصولها ومبادئها في ظل نظم‬
‫سياسية واجتماعية واقتصادية مغايرة في أساسها وأصولها ومبادئها‬
‫للنظم التي استحدثها الدستور – ليس معقول أن تكون هذه التشريعات‬
‫بمناي عن الرقابة التي تخضع لها التشريعات التي تصدر في ظل نظمه‬
‫‪ .‬وأصوله لمستحدثه مع أن رقابة دستوريتها أولى وأوجب‬
‫ب( ‪ :‬موقف المحكمة العليا من معني القانون الذي تراقب دستوريته وهل(‬
‫يقتصر ذلك علي القانون بالمعني الشكلي أي لقانون الصادر من البرلمان‬
‫أم علي القانون بمعناه الموضوعي بما يتسع ليشمل اللوائح أو القرارات‬
‫‪ .‬التنظيمية العامة‬
‫ونحب قبل أن نشير إلى اتجاه المحكمة العليا في هذا الصدد أن نذكر ما‬
‫قاله في هذا الخصوص الزميل الستاذ الدكتور ثروت بدوي حيث يقول " ‪.‬‬
‫‪ . .‬اسقر واجمع الفقه علي تعريف القانون – في شان الرقابة علي‬
‫دستورية القوانين – تعريفا شكليا يقصره علي القوانين الصادرة من‬
‫السلطة التشريعية المختصة ) البرلمان بمجلسيه أو مجلس المة ( وكل‬
‫محاولة لدراج اللوائح الدارية أو بعضها مثل لوائح الضرورة أو اللوائح‬
‫التقليدية تحت مدلول القانون الذي تختص المحكمة العليا وحدها بالنظر‬
‫في دستوريته هي محاولة مقضي عليها لمجافاتها لطبيعة الرقابة علي‬
‫‪ " .‬دستورية القوانين والصول التي تقوم عليها‬
‫ومع هذا يقول الستاذ الدكتور ‪ /‬ثروت قد اتجهت المحكمة العليا اتجاها‬
‫مخالف لهذا الرأي تمام المخالفة إذ قالت في حكمها الصادر في ‪ 5‬يونيه‬
‫‪ 1971 :‬في القضية رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 1‬وقائية دستورية ما يلي‬
‫ومن حيث أن رقابة دستورية القوانين تستهدف صون الدستور وحمايته "‬
‫من الخروج علي أحكامه باعتباره القانون " الساسي العلى الذي يرسي‬
‫الصول والقواعد التي يقوم عليها نظام الحكم ولما كان هذا الهدف ل‬
‫يتحقق علي الوجه " الذي يعنيه المشرع في المادة الرابعة من قانون‬
‫إنشاء المحكمة العليا وفي مذكرته اليضاحية إل إذا انبسطت رقابة‬
‫المحكمة علي التشريعات كافة علي اختلف أنواعها ومراتبها سواء أكانت‬
‫تشريعات أصلية صادرة من الهيئة التشريعية أو كانت تشريعات فرعية‬
‫صادرة من السلطات التنفيذية في حدود اختصاصها الدستوري ذلك أن‬
‫مظنة اقوي في التشريعات الفرعية منها في التشريعات الصلية التي‬
‫يتوفر لها من الدراسة والبحث والتمحيص في جميع مراحل إعدادها ما ل‬
‫يتوفر للتشريعات الفرعية التي تمثل الكثرة بين التشريعات كما أن منها ما‬
‫ينظم حرية المواطنين وأمورهم اليومية مثل لوائح الضبط يؤيد هذا النظر‬
‫أن التشريعات الفرعية ‪ .‬كاللوائح تعتبر قوانين من حيث الموضوع وان لم‬
‫تعتبر كذلك من حيث الشكل لصدورها من السلطة التنفيذية وهذه الوسيلة‬
‫اكثر ملءمة لمقتضيات أعمال السلطة التنفيذية وتطورها المستمر ولو‬
‫انحصرت ولية المحكمة عن رقابة التشريعات الفرعية لعاد أمرها كما كان‬
‫إلى المحاكم تقضي أحكام غير ملزمة يناقض بعضها بعضا وأهدرت‬
‫الحكمة التي تغياها المشرع بإنشاء المحكمة العليا والتي أفصحت عنها‬
‫المذكرة اليضاحية لقانون إنشائها كي تحمل دون سواها رسالة الفصل في‬
‫‪ .‬دستورية القوانين‬
‫‪ :‬د( حق البرلمان في التفويض التشريعي(‬
‫يثير حق البرلمان في تفويض بعض اختصاصاته التشريعية إلى السلطة‬
‫التنفيذية جدل علميا ذلك أن ثمة رأيا في الفقه الدستوري يذهب إلى أن‬
‫الوصل في المور هو أن تقوم كل سلطة من سلطات بوظيفتها وان ل‬
‫‪ .‬تحيل هذه الوظيفة إلى غيرها‬
‫ول يجادل أحد في أن التفويض الكامل في السلطة غير متصور ول ممكن‬
‫‪ .‬ول يتوافق مع القواعد والمبادئ الدستورية العامة‬
‫كذلك فان أحدا ل يجادل في أن التفويض في السلطة هو من قبيل الخروج‬
‫علي الصل العام في قيام كل سلطة بوظيفتها ومن ثم فان هذا التفويض‬
‫‪ .‬يظل في حدود الستثناء الذي يجب أن ل يتوسع في تفسيره‬
‫ومع ذلك فقد درج العمل ودرجت الدساتير عندنا وعند غيرنا علي إمكانية‬
‫‪ .‬التفويض التشريعي في ظروف معينة وبقيود خاصة‬
‫وقد جري بذلك كثير من النصوص الدستورية في مصر سواء قبل الثورة‬
‫‪ .‬أو بعدها‬
‫وكانت المادة ‪ 120‬من الدستور المؤقت الصادر عام ‪ 1964‬تعطي مجلس‬
‫‪ :‬المة حق تفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات بقوانين إذ قالت‬
‫ويجب أن يكون التفويض لمدة محدودة ‪ ،‬وان يعين موضوعات هذه "‬
‫‪ " .‬القرارات والسس التي تقوم عليها‬
‫واستنادا إلى هذا النص اصدر مجلس المة في ‪ 29‬مايو ‪ 1967‬القانون‬
‫رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬بتفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات‬
‫بقوانين وذلك بنصه في المادة الولى منه علي أن " يفوض رئيس‬
‫الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون خلل الظروف الستثنائية‬
‫القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بأمن الدولة وسلمتها وتعبئة‬
‫كل امكنياتها البشرية والمادية ودعم المجهود الحربي والقتصاد الوطني‬
‫" وبصفة عامة في كل ما يراه ضروريا لمواجهة هذه الظروف الستثنائية‬
‫‪.‬‬
‫واستنادا إلى هذا القانون بتفويض رئيس الجمهورية ذلك التفويض الواسع‬
‫فقد اصدر الرئيس العديد من القرارات بقوانين التي كان من بينها القرار‬
‫بقانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 1969‬بإنشاء المحكمة العليا نفسها والقرار بقانون‬
‫رقم ‪ 83‬لسنة ‪ 1969‬بإعادة تشكيل الهيئات القضائية وسقاط أسماء عدد‬
‫كبير من المستشارين والقضاة وأعضاء النيابة العامة بلغ بضعة مئات)‬
‫‪ (47 .‬من جدول رجال القضاء وعدد أخر من القرارات بقوانين‬
‫وقد دفع كثير من المتقاضين أمام المحاكم بعدم دستورية كثير من‬
‫القرارات بقوانين الصادرة استنادا إلى القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪1967‬‬
‫‪ .‬المشار إليه‬
‫وقد نجا القرار بقانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 1969‬بإنشاء المحكمة العليا من‬
‫الطعن نظرا لن المادة ‪ 192‬من دستور سبتمبر ‪ 1971‬نصت علي أن ‪:‬‬
‫" تمارس المحكمة العليا اختصاصاتها المبينة في القانون الصادر بإنشائها‬
‫‪ " .‬وذلك حتى يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا‬
‫وبذلك استند قانون المحكمة العليا هذا النص الدستوري ولم يعد في حاجة‬
‫‪ .‬إلى أن يستند إلى قانون التفويض‬
‫ولما كانت القرارات بقوانين الخرى الصادرة استنادا إلى قانون التفويض‬
‫ل تجد لها مثل هذا السند الدستوري فقد طعن في العديد منها أمام المحكمة‬
‫العليا نفسها فماذا كان موقفها ؟‬
‫حكمت المحكمة العليا بجلسة ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1973‬في الدعوى رقم ‪ 1‬لسنة ‪3‬‬
‫‪ .‬قضائية دستورية بقولها‬
‫إن القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬بتفويض رئيس الجمهورية في ‪" . . .‬‬
‫إصدار قرارات لها قوة القانون ينص في مادته الولى علي أن يفوض‬
‫رئيس الجمهورية في أدار قرارات لها قوة القانون خلل الظروف‬
‫الستثنائية القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بأمن الدولة‬
‫وسلمتها وتعبئة كل إمكانيتها البشرية والمادية ودعم المجهود الحربي‬
‫والقتصاد الوطني وبصفة عامة في كل ما يراه ضروريا لمواجهة هذه‬
‫الظروف الستثنائية وينص القرار بقانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 1968‬الصادر‬
‫بناد علي قانون التفويض المشار إليه في المادة الولى منه علي انه مع‬
‫عدم الخلل بالحكام القضائية النهائية ل يجوز للعاملين الذين سرت في‬
‫شانهم لئحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس‬
‫الجمهورية رقم ‪ 1598‬لسنة ‪ 1961‬الستناد إلى الحد الدنى المقرر في‬
‫الجدول المرافق لهذه اللئحة للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية‬
‫حالتهم أو صرف أية فروق عن الماضي " كما نص في مادته الثانية علي‬
‫أن ؛ يعمل بهذا القرار بقانون من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية‬
‫رقم ‪ 1598‬سنة ‪ 1961‬المشار إليه " وقد كشفت المذكرة اليضاحية‬
‫للقرار بقانون عن مبررات إصداره فأشارت إلى أن الجمعية العمومية‬
‫للقسم الستشاري لمجلس الدولة رأت بجلستها المنعقدة في ‪ 27‬من يناير‬
‫سنة ‪ 1965‬مقداره عشرون فيه ‪ ،‬بداية مربوط وظائف الكادر العالي لن‬
‫مناط استحقاق هذا المرتب أن تكون الوظيفة التي يشغلها العامة من‬
‫وظائف الكادر العالي وفقا للجدول الذي يضعه مجلس إدارة الشركة‬
‫بالتطبيق للمادة الثالثة من اللئحة المشار إليها ‪ ،‬وانه بدون وضع هذا‬
‫الجدول ل يتسنى اعتبار وظيفة ما من وظائف الكادر العالي ‪ ،‬إل أن بعض‬
‫العاملين رفعوا دعاوى طلبوا فيها منحهم الحد الدنى المشار إليه وقد‬
‫أجابهم القضاء إلى طلباتهم تأيد هذا القضاء استثناها ومن شان ذلك إذا‬
‫طبق علي العاملين الذين يتساوون في مراكزهم القانوني مع العاملين‬
‫الذين حصلوا علي أحكام قضائية نهائية زن يثقل كاهل بعض شركات‬
‫القطاع العام بأعباء مالية لستعفها ظروفها إلى الوفاء بها لذلك فقد‬
‫أوصت اللجنة الوزارية للشئون التشريعية والتنظيم والردارة بجلستها‬
‫المعقدة في ‪ 23‬من يناير سنة ‪ 1968‬بإعداد مشروع يؤيد وجهة النظر‬
‫‪ .‬التي انتهت إليها الجمعية العمومية للقسم الستشاري بمجلس الدولة‬
‫ومن حيث أن يبين من ذلك أن المشرع إصدار هذا التشريع تأييدا لوجهة‬
‫النظر التي انتهت إليها الجمعية العمومية للقسم الستشاري بمجلس الدولة‬
‫خشية أن يترتب علي السترسال في الخذ بوجهة النظر المخالفة زن تثقل‬
‫بعض شركات القطاع العام باعبء مالية قد ل تسعفها ظروفها في الوفاء‬
‫بها ‪ ،‬فكشف بذلك عن أن هدف هذا التشريع هو دعم القتصاد القومي‬
‫باعتبار أن شركات القطاع العام من أهم أجهزة الدولة التي تضطلع‬
‫بالمسئولية الرئيسية في تنفيذ خطة التنمية ) المادتان ‪ 13‬من دستور سنة‬
‫‪ 1964‬و ‪ 30‬من الدستور القائم ( وان نصيبها من اختلل في توازنها‬
‫المالي ينعكس أثره علي القتصاد القومي ومن ثم يمكن أن يكون القرار‬
‫بقانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 1968‬قد صدر في النطاق الذي حدده القانون رقم‬
‫‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬المشار إليه كما إن القرار بقانون ‪ 51‬لسنة ‪168‬‬
‫المشار إليه لم يتضمن حظرا علي التقاضي وانما تضمن قاعدة موضوعية‬
‫تقرر عدم أحقية العاملين في الحد القصى للمرتبات المنصوص عليها في‬
‫اللئحة الملغاة دون المساس بحق التقاضي ذاته فهذا الحد الدنى للمرتبات‬
‫ل يزال متحا للعاملين ول يتعارض مع هذا الحق التزام لمحاكم بالقاعدة‬
‫‪ .‬الموضوعية المشار إليها إذا ما عرض النزاع عليها‬
‫إن المساواة التي نصت عليها المادة ‪ 40‬من الدستور الحالي والتي‬
‫رددتها الدساتير السابقة تحقق بتوافر شرطي العموم والتجريد في‬
‫التشريعات المنظمة للحقوق ولكنها ليست مساواة حسابية ‪ ،‬ذلك لن‬
‫المشرع يملك بسلطته التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط‬
‫تتحدد بها المراكز القانونية التي تيساوي بها الفراد أمام القانون بحيث إذا‬
‫توافرت هذه الشروط في طائفة من الفراد وجب أعمال المساواة بينهم‬
‫لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية ‪ ،‬وإذا اختلفت الظروف بان توافرت‬
‫فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التي كفلها المشرع لهم ‪،‬‬
‫ولما كان القرار بقانون المطعون فيه لم يمس حقوقا تقررت بأحكام‬
‫قضائية نهائية احتراما لحجية هذه الحكام وكان ما يثار بشان إعمال مبدأ‬
‫المساواة هو التسوية بين من صدرت لهم أحكام قضائية نهائية ومن لم‬
‫تصدر لهم مثل هذه الحكام رغم اختلف ظروفهم فان النعي علي القرار‬
‫بقانون المطعون فيه بالخلل بمبدأ المساواة لهذا السب يكون غير سديد‬
‫‪ .‬لختلف المراكز القانونية لكل من الفريقين‬
‫إن دستور ‪ 1964‬الذي صدر في ظله القرار بقانون المطعون فيه بنص‬
‫في المادة ‪ 120‬علي انه لرئيس الجمهورية في الحوال الستثنائية بناء‬
‫علي تفويض مجلس المة أن يصدر قرارات لها قوة القانون ويجب أن‬
‫يكون التفويض لمدة محدودة وان يعين موضوعات هذه القرارات والسس‬
‫التي تقوم عليها ‪ .‬وظاهرة من هذا النص أن المشروع الدستوري أجاز‬
‫لمجلس المة تفويض رئيس الجمهورية لصدار قرارات لها قوة القانون‬
‫بالشروط الواردة به ‪ ،‬وبصدور هذا التفويض ينتقل الختصاص التشريعي‬
‫لمجلس المة كامل إلى رئيس الجمهورية في الموضوعات التي فوض‬
‫فيها ويكون له حق ممارسة صلحيات مجلس اللمة بخصوص ما فوض‬
‫فيه ‪ ،‬ولما كان الثابت من مضبطة جلسة مجلس المة التاسعة والعشرون‬
‫المنعقدة في ‪ 29‬من مايو سنة ‪ 1967‬أن القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪1967‬‬
‫المشار إليه قدم في الصل في صورة اقتراح بقانون من بعض أعضاء‬
‫مجلس المة يوم ‪ 29‬من مايو ‪ 1967‬ثم ووفق عليه بجماع الحاضرين‬
‫الذين كان يربو عددهم علي أغلبية أعضاء مجلس المة التي تنص المادة‬
‫‪ 163‬من الدستور المذكور علي وجوب توافرها لسريان القانون بأثر‬
‫رجعي وعلي ذلك فان ما يثيره المدعون من جدل حول حق رئيس‬
‫‪ .‬الجمهورية في إصدار قانون يتضمن الثر الرجعي يكون غير سديد‬
‫هذا وقد عرضت المحكمة في حكمها الصادر في الدعوى رقم ‪ 9‬لسنة ‪4‬‬
‫قضائية عليه دستورية بتاريخ ‪ 5‬أبريل ‪ 1975‬للسس التي يقوم عليها‬
‫التفويض التشريعي وطبيعة ذلك التفويض علي نحو فيه غير قليل من‬
‫التأصيل مما يدعونا إلى إيراد أهم ما جاء في هذا الحكم من مبادئ وقواعد‬
‫‪ .‬حيث قالت المحكمة العليا في ذلك الحكم‬
‫أن ما تذهب إليه الحكومة من أن تفويض رئيس الجمهورية في إصدار‬
‫قرارات لها قوة القانون بمقتضى القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬يرتفع إلى‬
‫مرتبة العمال السياسية التي ل تخضع لرقابة هذه المحكمة مردود بان‬
‫التفويض نظام وضع الدستور أساسه ورسم حدوده وضوابطه وجب لذلك‬
‫أن يكون أجزاؤه علي مقتضى هذه الحدود والضوابط وإل كان مخالف‬
‫للدستور ومن ثم فان رقابة هذه المحكمة تنبسط عليه ‪ .‬إن سن القوانين‬
‫عمل تشريعي تختص به الهيئة التشريعية التي تمثل الشعب طبقا للوضاع‬
‫المقررة في الدستور – والصل أن تتولى هذه الهيئة بنفسها وظيفة‬
‫التشريع وفقا لما تقضي به المادة )‪ (47‬من دستور سنة ‪ 1964‬والمادة )‬
‫‪ (68‬من دستور سنة ‪ – 1971‬وأل تتخلى عنها للسلطة التنفيذية إل انه‬
‫تقديرا من جانب الشارع للظروف الستثنائية وما تقتضيه في أحوال‬
‫خاصة من الترخيص للسلطة التنفيذية في ممارسة التشريع تمكينا لها من‬
‫مواجهة الظروف المذكورة وما تقتضيه من سرعة وحسم أجازت دساتير‬
‫سنة ‪ 1956‬وسنة ‪ 1964‬سنة ‪ 1971‬تفويض السلطة التنفيذية في‬
‫إصدار قرارات لها قوة القانون علي أن يخضع هذا التفويض وما ينطوي‬
‫عليه من توسيع استثنائي لختصاص رئيس الجمهورية إلى قيود وضوابط‬
‫تكفل بقاء زمام سلطة التشريع في يد الهيئة النيابية المختصة وعدم نزول‬
‫‪ .‬هذه الهيئة عن ويفتها للسلطة التنفيذية‬
‫نص دستور سنة ‪ 1964‬في المادة )‪ (120‬منه علي أن ) لرئيس‬
‫الجمهورية في الحوال الستثنائية بناء علي تفويض مجلس المة أن‬
‫يصدر قرارات لها قوة القانون ويجب أن يكون التفويض لمدة محدودة وان‬
‫يعين موضوعات هذه القرارات والسس التي تقوم عليها ( وهو ذات‬
‫‪ .‬الحكم الذي كانت تنص عليه المادة )‪ (136‬من دستور سنة ‪1956‬‬
‫وقد قضت المحكمة العليا انه وفقا لهذا النص يشترط لسلمة صحة‬
‫التفويض أن يصدر في ظل ظروف استثنائية تبرره وان يكون لمدة‬
‫محدودة وان تعين الموضوعات التي يجري فيها التفويض والسس التي‬
‫يقوم عليها – والقصد من تحديد مدة التفويض هو وضع قيد زمني‬
‫لممارسة هذا الختصاص الستثنائي من جانب السلطة التنفيذية كي‬
‫تمارسه في الوقت المحدد لقيام مقتضياته ودواعيه ‪ .‬كما أن الدستور إذ‬
‫أوجب في التفويض تعيين الموضوعات التي يجوز أن تصدر في شانها‬
‫قرارات بقوانين وكذا السس التي يقوم عليها إنما أراد تقييد السلطة‬
‫التنفيذية في ممارسة ما قوضت فيه بالحدود والقيود التي تضعها السلطة‬
‫التشريعية صاحبة الختصاص الصيل بالتشريع – وإمعانا في الحيطة‬
‫أضاف دستور سنة ‪ 1971‬إلى هذه القيود قيدين آخرين – فارحب في‬
‫المادة )‪ (108‬منه أن يكون التفويض بأغلبية خاصة هي ثلثا أعضاء‬
‫مجلس الشعب وان تعرض قرارات رئيس الجمهورية التي تصدر استنادا‬
‫إليه علي المجلس المذكور في أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض فإذا لم‬
‫تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان لها من قوة‬
‫القانون وكل ذلك ضمانا لممارسة هذا الختصاص الستثنائي في حدود‬
‫‪ .‬القيود والضوابط التي وضعت له‬
‫إن القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬قد صدر بناء علي اقتراح تقدم به بعض‬
‫أعضاء مجلس المة في ‪ 29‬من مايو سنة ‪ – 1967‬وقد بني هذا‬
‫القتراح علي أن الظروف الستثنائية التي تمر بها البلد تقتضي تفويض‬
‫رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون كي يمارس هذه‬
‫السلطة بالسرعة والحسم حماية لمن الدولة وسلمتها وضمانا لتعبئة‬
‫‪ .‬إمكانياتها البشرية والمادية للمجهود الحربي والقتصاد الوطني‬
‫ومن حيث أن الظروف الستثنائية التي أشار إليها هذا القتراح كانت تنذر‬
‫باندلع الحرب بين مصر وإسرائيل وتعرض البلد لما يهدد كيانها وأمنها‬
‫وسلمها – وقد نشبت الحرب فعل عقبي صدور قانون التفويض ببضعة‬
‫أيام أي انه صدر في ظروف تبرره وكانت مواجهتها بسرعة وحسم‬
‫تقتضي توسيع اختصاصات رئيس الجمهورية علي وجه يخوله إصدار‬
‫‪ .‬التشريعات اللزمة لمواجهة تلك الظروف ودفع أخطارها‬
‫ومن حيث أن عدم تحديد القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬للمادة التي يجري‬
‫فيها التفويض بوحدة أو اكثر من وحدات قياس الزمن ل يعني خلوه من‬
‫أي تحديد لتلك المدة – ذلك انه قد تضمن ضابطا يمكن علي أساس‬
‫تحديدها وهو قيام الظروف الستثنائية التي حدت بمجلس المة التي‬
‫تفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون في‬
‫الموضوعات التي قوض فيها – وقد كشفت العمال التحضيرية لهذا‬
‫القانون عن عملة تحديد مدة التفويض علي هذا الوجه – ذلك انه عند‬
‫عرض مشروع القانون علي مجلس المة بجلسة ‪ 29‬مايو سنة ‪1967‬‬
‫دارت مناقشة حول تحدي مدة التفويض فقال رئيس مجلس المة أن المدة‬
‫حددت بأنها ) خلل الظروف الستثنائية القائمة ( وانه فضل عن ذلك‬
‫وكما هو واضح فان تحديد وقت معين أو مدة محددة لمباشرة هذه‬
‫الصلحيات أمر صعب غاية الصعوبة بل يكاد يكون مستحيل لن المعركة‬
‫متحركة مترجحة تتغير بين يوم وأخر وليس واضحا ما إذا كانت هذه‬
‫الظروف قد تنتهي في بحر ستة اشهر مثل أو ثلثة أسابيع أو في‬
‫أسبوعين فليس ممكنا تحديدها بوقت معين يوكفي أن تحدد بأنها الظروف‬
‫الستثنائية القائمة – وربط التفويض بتلك الظروف بحيث يدور معها‬
‫وجودا وعندما ينطوي علي تحديد لمدة التفويض تنفي معه مخالفة‬
‫‪ .‬الدستور في هذا الصدد‬
‫ومن حيث انه بالنسبة إلى الموضوعات التي يجري فيها التفويض فان‬
‫المادة الولى من القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬قد حددت هذه موضوعات‬
‫بأنها هي التي تتعلق بأمن الدولة وسلمتها وتعبئة كل إمكانياتها البشرية‬
‫والمادة ودعم المجهود الحربي والقتصاد الوطني ( – وانه ولئن كان هذا‬
‫التحديد يتسم بالسعة فرن ذلك تبرره جسامة الخطار التي تعرضت لها‬
‫البلد وما تتطلبه مواجهتها من تحويل رئيس الجمهورية سلطة تقديرية‬
‫واسعة تمكنه من التصرف بسرعة وحسم لمواجهة تلك الخطار – ولي‬
‫من شانها أن تعيب القانون فيما انطوي عليه من تفويض تلك‬
‫الموضوعات بعيب مخالفة الدستور وخاصة فانه تضمن معيارا عاما يمكن‬
‫علي أساسه رسم حدود التفويض التي يتعين التزامها في ممارسة رئيس‬
‫الجمهورية ما قوض فيه من اختصاص استثنائي وهو أن يكون ما يصدره‬
‫من قرارات في الموضوعات التي خوض فيها ضروريا لمواجهة الظروف‬
‫الستثنائية التي تعرضت لها البلد ‪ ،‬أما ما تضمنته العبارة الخيرة من‬
‫المادة المذكورة من تفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة‬
‫القانون ) بصفة عامة في كل ما يراه ضروريا لمواجهة هذه الظروف‬
‫الستثنائية ( – فانه ل ينفي عن الشطر الول من النص استيفائه لشرط‬
‫تعيين الموضوعات التي يجري عليها التفويض وذلك بالنسبة إلى‬
‫‪ .‬الموضوعات المحددة فيه علي الوجه السابق بيانه‬
‫إن النعي علي القانون رقم )‪ (15‬سنة ‪ 1967‬بمخالفة الدستور لخلوه من‬
‫السس التي تقوم عليها الموضوعات التي فوض رئيس الجمهورية في‬
‫إصدار قرارات بشأنها – هذا النعي مردود بان السس المذكورة مستفادة‬
‫من نص القانون وإعماله التحضيرية والظروف التي صدر فيها والهداف‬
‫التي قصدت السلطة التشريعية التي تحقيقها عن طريق التفويض وقد اقر‬
‫القانون قيدا أساسيا يقيد السلطة التنفيذية فيما تصدره من قرارات بقوانين‬
‫هو أن تكون تلك القرارات ضرورية لمواجهة الظروف الستثنائية – وقد‬
‫أكدت العمال التحضيرية للقانون أن هذا القيد أسسا للتفويض تمكينا‬
‫لرئيس الجمهورية من ممارسة الختصاص الذي فوض فيه ) بسرعة‬
‫وحسم ( وذلك لعلة ظاهرة وهي عجز الجراءات التشريعية العادية بسبب‬
‫طولها وبطنها عن مواجهة تلك الظروف بما تقتضيه من السرعة والحسم‬
‫‪.‬‬
‫إنه ل يجدي المدعين طعنهم في القرار بقانون رقم ‪ 50‬سنة ‪1969‬‬
‫المبني علي القول بخروجه عن نطاق التفويض لن مجلس المة وهو‬
‫الهيئة صاحبة الختصاص الصيل في التشريع قد اقر أحكامه وذلك‬
‫بموافقته علي مشروع قانون تسوية الوضاع الناشئة عن فرض الحراسة‬
‫الذي صدر به القانون رقم ‪ 67‬لسنة ‪ – 1964‬إذ ينص هذا القانون في‬
‫المادة الخامسة منه علي انه ) مع عدم الخلل ( بأحكام القانون رقم ‪50‬‬
‫لسنة ‪ 1961‬يعتد بالحالة المدنية لفراد السرة التي يكونون عليها وقت‬
‫العمل بأحكام هذا القانون ( – وفي المادة السابعة علي أن ) يسري في‬
‫شان الراضي التي تسترد طبقا لهذه المادة أحكام القانون رقم ‪ 50‬لسنة‬
‫‪ 1969‬يتعين حد أقصى لملكية السرة والفرد في الراضي الزراعية وما‬
‫في حكمها – ويجوز أن يستردون هذه الراضي توفيق أوضاعهم إعمال‬
‫لحكام المادة ‪ 4‬من القانون المذكور خلل السنة التالية للعمل بهذا القانون‬
‫ويعتد في ذلك بالحالة المدنية للسرة في تاريخ العمل بالقانون رقم ‪50‬‬
‫لسنة ‪ 1969‬المشار إليه ( – كما ينص في المادة ‪ 21‬منه علي أن ) فيما‬
‫عدا الراضي التي ل ترد عينا طبقا للمادة السابعة تفسخ عقود بيع‬
‫الراضي الزراعية المملوكة التي ل ترد عينا طبقا للمادة السابعة تفسخ‬
‫عقود بيع الراضي الزراعية المملوكة للشخاص الذين رفعت عنهم‬
‫الحراسة المفروضة استنادا إلى القانون رقم ‪ 119‬لسنة ‪ ( 1964‬وذلك‬
‫إذا كانت قرارات رفع الحراسة أو الستثناء قد نص فيها علي اعتبار‬
‫أراضيهم مبيعة – وتسلم إليهم هذه الراضي محملة بعقود اليجار المبرمة‬
‫قبل العمل بهذا القانون وبحقوق العاملين في هذه الراضي ويسري في‬
‫شانها أحكام القانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ – 1969‬ويجوز لمن يستردون هذه‬
‫الراضي توفيق أوضاعهم إعمال لحكام المادة ‪ 4‬من القانون المذكور‬
‫خلل السنة التالية للعمل بهذا القانون ويعتد في ذلك بالحالة اليضاحية‬
‫الزراعية في نطاق قانون انه قد اعد مستهديا بأسس منها ) الرد العيني‬
‫للراضي الزراعية في نطاق قانون الصلح الزراعي – لحكام قرار‬
‫رئيس الجمهورية بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ 1969‬الذي وضع حد أقصى‬
‫للملكية الزراعية قدره خمسون فدانا للفرد ومائة فدان للسرة ( ‪ .‬وظاهر‬
‫من هذه النصوص انها تقضي بإخضاع من أفادوا من القانون رقم ‪69‬‬
‫لسنة ‪ – 1974‬باسترداد أراضيهم الزراعية – لحكام قرار رئيس‬
‫الجمهورية بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪ 1969‬أسوة بغيرهم ممن خضعوا له‬
‫مما يقطع في الدللة علي إقرار مجلس الشعب لحاكم القرار بقانون‬
‫‪ .‬المذكور‬
‫ومن حيث أن مجلس الشعب هو الهيئة النيابية التي تمثل الشعب والتي‬
‫ناط بها الدستور سلطة التشريع وأجاز لها استثناء وبشروط معينة‬
‫تفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون – فان إقرار‬
‫المجلس لحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ‪ 50‬لسنة ‪1969‬‬
‫علي الوجه المتقدم ذكره يسقط الطعن المبني علي مخالفته للدستور‬
‫‪ .‬بمجاوزة حدود التفويض الذي تضمنه القانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪1967‬‬
‫والحقيقة أننا ل نجد ما نقوله علي اتجاه المحكمة العليا بالنسبة لموضوع‬
‫التفويض اكثر من انها توسعت إلى مدي بعيد في تفسير الحدود التي‬
‫تسمح بتفويض رئيس الجمهورية وأنها اعتبرت من قبيل ما تجيزه‬
‫الظروف الستثنائية وتبيح التفويض فيه قاعدة تقرر عدم أحقيقة العاملين‬
‫في تقاضي الحد الدنى للمرتبات المنصوص عليها في لئحة ما بدعوى أن‬
‫ذلك يثقل بعض شركات القطاع العام بأعباء مالية قد ل تسعفها ظروفها في‬
‫‪ .‬الوفاء بها ‪ . .‬وهذه توسعه في الحدود التي تجيز التفويض غير مبررة‬
‫وتخشى أن نقول أن اتجاه المحكمة العليا إلى هذا التفسير الواسع الشديد‬
‫المرونة كان يجد في خلفيته أن المحكمة العليا نفسها قد أنشئت بقرار‬
‫قانون استنادا إلى قانون التفويض رقم ‪ 156‬لسنة ‪ 1967‬وقد يصعب أن‬
‫يقال أن إنشاء المحكمة العليا يدخل ضمن أهداف ذلك التفويض التشريعي‬
‫‪.‬‬
‫هذه بعض التجاهات القضائية الهامة في قضاء المحكمة العليا حرصنا‬
‫علي أن نشير إليها قبل أن نطوي صفحة تلك المحكمة لنبدأ مع أخر مراحل‬
‫القضاء الدستوري في بلدنا وهو تلك المرحلة التي بدأت مع دستور‬
‫‪ .‬سبتمبر ‪ 1971‬والتي ترتب عليها إنشاء المحكمة الدستورية العليا‬

‫القضاء الدستوري المتخصص‬


‫ثانيًا‪:‬المحكمة الدستورية العليا‬

‫تمهيد وتقسيم‬

‫في ‪ 11‬سبتمبر ‪ 1971‬صدر دستور جمهورية مصر العربية الحالي وفي‬


‫الفصل الخامس من الباب الخامس من الدستور المتعلق بنظام الحكم يجري‬
‫الحديث عن المحكمة الدستورية العليا وذلك في المواد ‪، 175 ، 174‬‬
‫‪ 178 ، 176 :‬والتي يجري نصها كالتي‬
‫م ‪ : 174‬المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها في‬
‫‪ .‬جمهورية مصر العربية مقرها مدينة القاهرة‬
‫م ‪ : 175‬تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية‬
‫علي دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك‬
‫‪ .‬علي الوجه المبين في القانون‬
‫‪ .‬ويعين القانون الختصاصات الخرى للمحكمة وينظم الجراءات أمامها‬
‫م ‪ : 176‬ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا ويبين‬
‫‪ .‬الشروط الواجب توافرها في أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم‬
‫م ‪ : 177‬أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل وتتولى‬
‫‪ .‬المحكمة مساءلة أعضائها علي الوجه المبين بالقانون‬
‫م ‪ : 178‬تنشر في الجريدة الرسمية الحكام الصادرة من المحكمة‬
‫الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير‬
‫النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب علي الحكم بعدم دستورية‬
‫‪ .‬نص تشريعي من آثار‬
‫هذه هي مواد الدستور التي قام عليها بناء المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪ .‬وصدر علي أساس قانونها‬
‫‪ .‬وهذا كله هو ما سنعرض له بالشرح والتعليق‬
‫‪ .‬ونبدأ أول ببيان كيفية تكوين المحكمة ‪-‬‬
‫ثم نتحدث عن اختصاصها الدستوري في الرقابة واهم اتجاهاتها في هذا ‪-‬‬
‫‪ .‬الشأن‬
‫‪ .‬واخيرا نتحدث عن الجراءات أمام المحكمة الدستورية العليا ‪-‬‬
‫‪ :‬أول ‪ :‬كيفية تكوين المحكمة‬
‫‪ :‬وفي هذا الشأن نتكلم عن‬
‫أ( المحكمة(‬
‫ب( هيئة المفوضين(‬

‫كيفية تكوين المحكمة‬

‫تتكون المحكمة من الرئيس وعدد كاف من المستشارين أعضاء المحكمة‬


‫ولم يعرض القانون لعدد أعضاء المحكمة وانما تركهم بغير تجديد حتى‬
‫يمكن أن يزداد ذلك العدد لمواجهة أعباء المحكمة ومسئوليتها دون حاجة‬
‫‪ .‬إلى تعديل تشريعي‬
‫وهذا اتجاه محمود للمشرع ‪ .‬وقد جاء هذا التجاه علي خلف كثير من‬
‫الدساتير والقوانين التي حددت عدد أعضاء المحكمة من ذلك الدستور‬
‫‪ .‬اللماني وقانون المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية‬
‫وعلي أي حال فان عدد أعضاء المحكمة في جمهورية مصر العربية يتعين‬
‫‪ .‬إل يقل عن سبعة أعضاء وان جاز أن يزيد علي ذلك دون تحديد‬
‫وقولنا أن عدد أعضاء المحكمة يجب إل يقل عن سبعة مصدره نص‬
‫الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون المحكمة التي تقول " وتصدر‬
‫أحكامها وقراراتها من سبعة أعضاء " وهذا يعني أن هذا هو الحد الدنى‬
‫‪ .‬لعدد أعضاء المحكمة‬
‫‪ .‬ولكن عدد أعضاء المحكمة يمكن أن يزيد علي ذلك بكثير‬
‫وليس في المحكمة الدستورية العليا غير دائرة واحدة ‪ .‬بمعني انه ل تتعدد‬
‫الدوائر في المحكمة وذلك حرصا علي أن تكون الجهة التي تقضي في هذا‬
‫‪ .‬المر الخطير – دستورية أو عدم دستورية القوانين – هي جهة واحدة‬
‫ويشترط فيمن يعن عضوا في المحكمة أن تتوافر الشروط العامة اللزمة‬
‫لتولي القضاء طبقا الحكام قانون السلطة القضائية ‪ .‬وإل يقل ستة عند‬
‫تعيينه عن خمس وأربعين سنة ميلدية ‪ .‬ويكون اختيار أعضاء المحكمة‬
‫‪ :‬من الفئات التالية‬
‫أ( أعضاء المحكمة العليا الذين كانوا موجودين عند إنشاء المحكمة(‬
‫الدستورية العليا ‪ .‬ولم يعد في التشكيل الحالي للمحكمة أحد من أعضاء‬
‫‪ .‬المحكمة العليا السابقين ذلك انهم جميعا بلغوا سن التقاعد منذ فترة‬
‫ب( أعضاء الهيئة القضائية الحاليين والسابقين ممن امضوا في وظيفة(‬
‫مستشار أو ما يعادلها خمس سنوات متصل علي القل ‪ .‬وهكذا يجوز أن‬
‫يعين عضوا في المحكمة العليا مستشارو محكمة النقض ومحاكم‬
‫الستئناف ومستشارو مجلس الدولة والمحامون العاديون الحاليون‬
‫والسابقون ما داموا قد مضي علي شغلهم خمس سنوات متصلة علي القل‬
‫‪ .‬وماداموا لم يبلغوا سن التقاعد بطبيعة الحال‬
‫ج( أساتذة القانون الحاليين والسابقين بالجامعات المصرية ممن امضوا(‬
‫في وظيفة أستاذ ثماني سنوات متصلة علي القل ‪ .‬وهكذا فان الستاذية‬
‫وحدها ل تكفي وانما يتعين أن يتوافر إلى جوارها شرطان ‪ :‬أن يكون‬
‫المرشح لعضوية المحكمة قد مضي علي شغله وظيفة الستاذية ثمان‬
‫‪ .‬سنوات وان تكون ذلك السنوات الثمانية متصلة ل منقطعة‬
‫ولكن النص يتحدث عن أساتذة القانون ول يتحدث عن أساتذة كلية‬
‫الحقوق فلو تصورنا أن كلية من الكليات تدرس فيها مادة القانون – كليات‬
‫التجارة أو العلوم السياسية أو ما إلى ذلك – وفيها أساتذة للقانون فانه‬
‫يتصور أن يكونوا صالحين للتعيين في المحكمة الدستورية العليا إذا كان‬
‫قد امضي ثماني سنوات متصلة في الستاذية ‪ .‬وان كان من المستبعد أن‬
‫‪ .‬يرشح لمثل ذلك المنصب غير أساتذة القانون العام في كليات الحقوق‬
‫د( المحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض والمحكمة الدارية العليا(‬
‫‪ .‬عشر سنوات متصلة علي القل‬
‫وعلي أي حال فانه لم يحدث منذ أن أنشئت المحكمة الدستورية العليا أن‬
‫‪ .‬عين فيها أحد من الفئتين الخيرتين‬
‫وقد حرص القانون تغليبا للطابع القضائي علي انه يجب أن يكون ثلثا عدد‬
‫‪ .‬أعضاء المحكمة علي القل من بين أعضاء الهيئات القضائية‬
‫والذي حدث حتى الن أن كل أعضاء المحكمة ينتمون في أصولهم إلى‬
‫‪ .‬الهيئات القضائية سواء في ذلك القضاء العادي أو القضاء الداري‬
‫‪ :‬كيفية تعيين أعضاء المحكمة‬
‫يعين أعضاء المحكمة جميعا بقرارات من رئيس الجمهورية ‪ .‬لكن رئيس‬
‫المحكمة وان كان يعين بقرار من رئيس الجمهورية شانه في ذلك شان‬
‫أعضاء المحكمة إل انه ينفرد عنهم بان رئيس الجمهورية يستقل بإصدار‬
‫القرار الخاص بتعيين رئيس المحكمة وذلك علي حين أن تعيين أعضاء‬
‫المحكمة يتم بعد اخذ رأي المجلس العلى للهيئات القضائية وذلك من بين‬
‫اثنين ترشح الجمعية العامة للمحكمة ويرشح الخر رئيس المحكمة ‪ .‬وقد‬
‫يلتقي ترشيح الجمعية العامة مع ترشيح الرئيس وهنا يتعين أن يصدر‬
‫‪ .‬القرار الجمهوري بتعيين هذا المرشح الوحيد‬
‫ولكن ما هي علة التفريق بين طريقة تعيين رئيس المحكمة وأعضاء‬
‫‪ .‬المحكمة‬
‫يقول المستشار ممدوح عطيه)‪ (48‬أول رئيس للمحكمة الدستورية العليا‬
‫في دراسة له عن هذا الموضوع " طالب البعض بان يعين رئيس المحكمة‬
‫بقرار جمهورية بعد اخذ رأي المجلس العلى للهيئات القضائية أسوة بما‬
‫هو مقرر بالنسبة لرئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الدولة ‪ .‬ول شك‬
‫أن ما يستند إليه هذا الرأي هو قياس مع فارق واضح ذلك أن كل من‬
‫قانون السلطة القضائية وقانون مجلس الدولة قد نصبا علي اختيار رئيس‬
‫محكمة النقض أو رئيس مجلس الدولة من بين نواب الرئيس في كل‬
‫‪ . . . . " .‬منهما ‪ . .‬أمال محكمة الدستورية فليس لها نواب‬
‫وقد جاء في المذكرة اليضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا في هذا‬
‫الخصوص " ‪ . . .‬أما بالنسبة لرئيس المحكمة فقد نص علي أن يكون‬
‫تعيينه رأسا بقرار من رئيس الجمهورية وذلك للمواءمة بين صفته‬
‫‪ " .‬القضائية وما اسنده إليه الدستور في المادة ‪ 84‬منه‬
‫والمادة ‪ 84‬من الدستور تواجد حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو‬
‫عجزه الدائم عن العمل وتقول انه في هذه الحالة " يتولي الرئاسة مؤقتا‬
‫رئيس مجلس الشعب وإذا كان المجلس منحل حل محله رئيس المحكمة‬
‫‪ " .‬الدستورية العليا‬
‫وعلي أي حال فقد جري العمل علي تعيين اقدم مستشاري المحكمة رئيسا‬
‫لها عند بلوغ الرئيس سن التقاعد ولم يحدث أن خولف هذا العرف طوال‬
‫‪ .‬مدة وجود المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪ :‬المركز القانوني لعضاء المحكمة‬
‫نقصد بالمركز القانوني لقضاة المحكمة مالهم من ضمانات وحصانات وما‬
‫الزمهم به المشرع من واجبات وقد نص الدستور نفسه علي جانب من هذا‬
‫المركز القانوني وترك لقانون المحكمة تفصيل الضمانات والحصانات‬
‫‪ .‬والواجبات الخرى‬
‫وقد نص الدستور في المادة ‪ 174‬منه علي أن أعضاء المحكمة‬
‫" ‪ . . .‬الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها‬
‫ونصت المادة ‪ 177‬من الدستور علي أن أعضاء المحكمة الدستورية‬
‫العليا غير قابلين للعزل وتتولي " المحكمة مساءلة أعضائها علي الوجه‬
‫‪ " .‬المبين بالقانون‬
‫أما بالنسبة لقانون المحكمة الدستورية العليا فقد تولي الفصل الثالث منه‬
‫بدءا من المادة الحادية عشرة وانتهاء بالمادة العشرين حقوق العضاء‬
‫وواجباتهم ‪ .‬وجماع هذه الحقوق والواجبات هو ما يشكل ما نسميه المركز‬
‫القانوني لقضاة المحكمة الدستورية العليا ‪ .‬ومن هذا يبين أن هذا المركز‬
‫‪ .‬القانوني له جانبان ‪ :‬جانب الحقوق والضمانات – وجانب الواجبات‬
‫‪ :‬حقوق وضمانات وواجبات أعضاء المحكمة‬
‫أ( أول هذه الحقوق هو عدم قابلية قضاة المحكمة جميعا – رئيسا(‬
‫وأعضاء – للعزل ‪ .‬وهذا حصانة مطلقة ‪ .‬فل يجوز لي سبب من السباب‬
‫‪ .‬عزل أي من أعضاء المحكمة الدستورية العليا‬
‫ومع ذلك فانه إذا نسب إلى أحد أعضاء المحكمة أمر من شانه المساس‬
‫بالثقة أو العتبار أو الخلل الجسيم بواجبات أو مقتضيات وظيفته بتولي‬
‫‪ .‬رئيس المحكمة عرض المر علي لجنة الشئون الوقتية بالمحكمة‬
‫وتؤلف هذه اللجنة – لجنة الشئون الوقتية – بقرار من الجمعية العامة‬
‫للمحكمة الدستورية العليا من رئيس المحكمة وعضوية اثنين أو اكثر من‬
‫‪ .‬أعضائها‬
‫وهذه اللجنة تنظر في المر المعروض عليها المتعلق بأحد أعضاء‬
‫المحكمة فإذا رأت جدية ذلك المر دعت العضو المثار بشأنه الموضوع‬
‫لسماع أقواله فإذا قررت اللجنة بعد ذلك أن هناك مبررا للسير في هذه‬
‫الجراءات وان المر يقتضي تحقيقا ندبت أحد أعضاء أو لجنة من ثلثة‬
‫‪ .‬منهم للتحقيق في هذا المر المنسوب إلى عضو المحكمة‬
‫ومنذ قرار الجنة ببدء التحقيق يعتبر عضو المحكمة في إجازة حتمية ومع‬
‫ذلك فانه يستمر في صرف مرتبه كامل غير منقوص منذ تاريخ الحالة‬
‫إلى التحقيق والي أن ينتهي إلى نتيجة في هذه الحالة معينة كما ستبين‬
‫‪ :‬فيما يلي‬
‫بعد أن ينتهي التحقيق يعرض علي الجمعية العامة للمحكمة الدستورية‬
‫‪ .‬العليا والتي تنعقد في هذه الحالة في هيئة محكمة تأديبية‬
‫ول يجلس في هذه المحكمة التأديبية أحد من أعضاء اللجنة المؤقتة ول‬
‫من شارك في التحقيق أو التهام ‪ .‬ويتعين أن يكون عدد أعضاء المحكمة‬
‫‪ .‬التأديبية سبعة علي القل‬
‫وبعد سماع دفاع العضو وتحقيق هذا الدفاع تصدر المحكمة حكمها ‪ .‬وحكم‬
‫‪ :‬المحكمة ل يكون إل بأحد أمرين‬
‫‪ .‬أما بالبراءة ‪-‬‬
‫‪ .‬وأما إحالة العضو إلى التقاعد ‪-‬‬
‫ول يجوز أن يحكم بأي شئ أخر كالنذار أو التنبيه أو لفت النظر أو ما إلى‬
‫‪ .‬ذلك فهذا مما ل يجوز في حق من وصل إلى هذا المنصب‬
‫وقد قدر الشارع أن من وصل إلى هذا المنصب أما انه جدير بالثقة للبقاء‬
‫في منصبه وعندئذ يتعين الحكم ببراءته ‪ .‬وأما أن هذه الثقة قد أصابها ما‬
‫يشبتها أو ما ينتقص منها وهنا ل مجال مطلقا لبقاء القاضي علي هذه‬
‫المنصة العالمية ويتعين أحالته إلى التقاعد ‪ .‬ول يجوز أن يصدر الحكم‬
‫بالفصل أو بالعزل ‪ .‬وانما المشرع حدد الحكم في واحدة من صورتين ‪ :‬أما‬
‫‪ .‬البراءة ‪ ،‬وأما الحالة إلى التقاعد‬
‫‪ .‬وينفذ الحكم من تاريخ صدوره‬
‫وهذا الحكم – ككل أحكام المحكمة الدستورية العليا – نهائي وغير قابل‬
‫‪ .‬للطعن بأي طريق ‪ .‬ول حتى طريق التماس إعادة النظر‬
‫‪ :‬ب( عدم الصلحية والتنحية والرد والمخاصمة‬
‫تسري في شان عدم صلحية عضو المحكمة الدستورية العليا وتنحيته‬
‫‪ .‬ورده الحكام المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض‬
‫أما عن عدم صلحية القاضي عموما لنظر الدعوى سواء كان قاضي‬
‫بمحكمة النقض أو بالمحكمة الدستورية العليا أو في غير ذلك من المحاكم‬
‫فقد حدد قانون المرافعات في المادة ‪ 146‬منه أسباب عدم الصلحية بقوله‬
‫‪:‬‬
‫يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم "‬
‫‪ :‬يرده أحد من الخصوم في الحوال التالية‬
‫‪ .‬إذا كان قريبا أو صهرا لحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة ‪-‬‬
‫إذا ‪ :‬أن له أو لزوجه خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع ‪-‬‬
‫‪ .‬زوجته‬
‫إذا كان وكيل لحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصيا عليه أو ‪-‬‬
‫قيما أو وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة‬
‫يوصي أحد الخصوم أو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة‬
‫المختصة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية‬
‫‪ .‬في العدوى‬
‫إذا كان له لزوجته أو لحد أقاربه أو أصهاره علي عمود النسب أو لمن ‪-‬‬
‫‪ .‬يكون وكيل عنه أو وصيا أو قيما عليه مصلحة في الدعوى القائمة‬
‫إذا كان قد اشر أو أفتي عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو‬
‫كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو‬
‫‪ .‬محكمة أو كان قد أدى شهادة فيها‬
‫هذه هي السباب التي إذا وجدت جعلت القاضي أيا كانت درجته أو درجة‬
‫محكمته غير صالح لنظر الدعوى ‪ .‬وإذا تحقق أي سبب من هذه السباب‬
‫‪ .‬فانه يجب علي القاضي أن ينتحي عن نظر الدعوى‬
‫فماذا إذا تحقق سبب من هذه السباب ولم يتنح القاضي عن نظر‬
‫الدعوى ؟‬
‫يقع باطل عمل القاضي أو قضاؤه في كل الحوال المتقدمة حتى ولو اتفق‬
‫‪ .‬الخصوم علي غير ذلك وحتى لو اتفقوا علي قبول حكم القاضي‬
‫‪ .‬ذلك أن هذا البطلن يتعلق بالنظام العام‬
‫وإذا وقع هذا البطلن في حكم صدر من محكمة النقض – وهذا أيضا هو‬
‫حكم المحكمة الدستورية العليا – جاز للخصم المتضرر أن يطلب من‬
‫‪ .‬المحكمة إلغاء الحكم وإعادة النظر أمام دائرة أخرى‬
‫ولما كانت توجد في محكمة النقض عدة دوائر المر غير المتعلق في‬
‫المحكمة الدستورية العليا فقد ذهب المشرع في المادة الخامسة عشرة من‬
‫قانون المحكمة الدستورية – يعد أن قرر انه تسري في شان عدم صلحية‬
‫عضو المحكمة وتنحيه ورده ومخاصمته الحكام المقررة بالنسبة إلى‬
‫مستشاري محكمة النقض – ذهب المشرع في هذه الحالت إلى أن "‬
‫تفصل المحكمة الدستورية العليا في طلب الرد ودعوي المخاصمة بكامل‬
‫أعضائها عدا العضو المشار إليه – الذي قام به سبب الرد أو المخاصمة‬
‫أو عدم الصلحية – ومن يقوم لديه عذر ويراعي أن يكون عدد العضاء‬
‫الحاضرين وترا بحيث يستبعد احدث العضاء ‪ ) .‬إذا كان العدد الباقي‬
‫‪ ) .‬لنظر الطلب زوجيا‬
‫ولما كانت المحكمة الدستورية العليا ل توجد بها دوائر كما قدمنا – وكما‬
‫هو الحال في محكمة النقض – فقد نص المشرع علي انه " ل يقبل رد أو‬
‫مخاصمة جميع أعضاء المحكمة أو بعضهم بحيث يقل عدد الباقين منهم‬
‫‪ " .‬عن سبعة‬
‫‪ :‬ج ( مرتبات أعضاء المحكمة‬
‫يحدد القرار الصادر بتعيين رئيس المحكمة مرتبه وبدل تمثيله ومقدار‬
‫‪ .‬معاشه ‪ .‬ويظل مرتبه ثابتا طوال خدمته‬
‫وقد جري المر علي أن يتساوى رئيس المحكمة الدستورية مع الوزراء‬
‫‪ .‬ومع رؤساء محكمة النقض‬
‫أما أعضاء المحكمة فتحدد مرتباتهم طبقا لجدول ملحق بقانون المحكمة‬
‫روعي فيه المقابلة بين أعضاء المحكمة ونظرائهم من أعضاء الهيئة‬
‫‪ ) .‬القضائية ) مستشارو محكمة النقض‬
‫ونص القانون علي انه إذا كان العضو يشغل قبل تعيينه بالمحكمة وظيفة‬
‫بريد مرتبها أو البدل المقرر لها عما ورد في الجدول الملحق بالقانون فانه‬
‫‪ .‬يحتفظ بذلك المرتب بصفة شخصية‬
‫وفيما عدا ذلك فانه ل يجوز أن يقرر لحد العضاء مرتب أو بدل بصفة‬
‫‪ .‬شخصية ول أن يعامل معاملة استثنائية بأي صورة‬
‫وإذا حدثت أي منازعة بشأن مرتبات أو بدلت أعضاء المحكمة فان‬
‫المحكمة الدستورية العليا هي التي تختص دون غيرها بالفصل في الطلبات‬
‫الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات بالنسبة لعضاء المحكمة أو‬
‫‪ .‬المستحقين عنهم‬
‫كما تختص المحكمة بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الدارية النهائية‬
‫المتعلق بأي شان من شئونهم وكذلك طلبات التعويض المترتبة علي هذه‬
‫‪ .‬القرارات‬
‫‪ :‬د( الندب والعارة‬
‫ل يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة إل للعمال القانونية بالهيئات‬
‫‪ .‬الدولية ‪ ،‬أو الدول الجنبية أو للقيام بمهام عملية‬
‫والحقيقة أن هذا النص بالغ الهمية ذلك انه يمنع إعارة أعضاء المحكمة‬
‫الدستورية العليا إلى الجهات الحكومية في جمهورية مصر العربية سواء‬
‫‪ .‬في ذلك الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات‬
‫والحالة الوحيدة التي يجوز فيها ذلك هي الندب لمهام علمية كالدتريس في‬
‫‪ .‬كليات الحقوق‬
‫ومن تحصيل الحاصل أن يقال انه ل يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة‬
‫‪ .‬إل برضاهم‬
‫‪ :‬هـ ( بالنسبة للتقاعد‬
‫تسري الحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض علي أعضاء‬
‫‪ .‬المحكمة الدستورية العليا‬
‫وما زال سن التقاعد لمستشاري النقض – كما هو لسائر المستشارين –‬
‫ستون عاما وهو أمر يجب أن يعاد فيه النظر ونفترح أن يرفع سن الحالة‬
‫إلى التقاعد بالنسبة لعضاء المحكمة العليا إلى سن السبعين ونري هذا‬
‫الرأي أيضا بالنسبة لمستشاري محكمة النقض ‪ .‬أن خروج المستشارين‬
‫في سن الستين يحرم البلد من كفاءات وخبرات من الصعب تعويضها‬
‫ومن البعث التفريط فيها ‪ " .‬اصبح سن الحالة إلى التقاعد بالنسبة لكل‬
‫رجال القضاء هو أربعة وستون عاما وفقا لتعديل في قانون السلطة‬
‫‪ . . . " .‬القضائية صدر بتاريخ‬
‫هذا ولما كانت المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة بنص‬
‫الدستور فان الجمعية العامة للمحكمة هي التي تتولى اختصاصات المجلس‬
‫‪ .‬العلى للهيئات القضائية‬
‫‪ .‬كذلك فان رئيس المحكمة هو الذي يتولي اختصاصات وزير العدل‬
‫ز ( هيئة المفوضين‬
‫نظام المفوضين هو نظام ابتدعه المشرع الفرنسي عندما اصبح مجلس‬
‫‪ .‬الدولة الفرنسي هيئة قضائية‬
‫والمهمة الساسية للمفوضين هي تحضير الدعوى وكتابة رأي قانوني‬
‫مجرد فيها أي كتابة وجهة نظر القانون في النزاع المطروح كما يراها‬
‫مفوض الدولة ل كما يراها أطراف المنازعة ‪ .‬هو رأي القانون للقانون‬
‫‪ .‬وهو أشبه بنظام نيابة النقض ونظام مفوضي مجلس الدولة عندنا‬
‫وقد رأي المشرع أن يوجد لدي المحكمة الدستورية العليا هيئة مفوضين‬
‫تقوم بعد تحضير الدعاوى بكتابة مذكرة قانونية تناقش وجهات النظر‬
‫المختلفة ثم يكتب المفوض ما يعتقد انه الرأي القانوني المجرد بالنسبة‬
‫‪ .‬للنزاع المطروح‬
‫والمحكمة تستفيد من غير شك مما يبذله المفوضون من جهد وما يقدمونه‬
‫من دراسات ولكن المحكمة غير ملزمة بما ينتهي إليه رأي المفوضين‬
‫بطبيعة الحال فقد تأخذ بعكسه وقد تأخذ ببعض الرأي عن بعضه الخر‬
‫وفقا لما تقدر المحكمة نفسها انه صحيح القانون ذلك انها هي التي تحكم‬
‫‪ .‬دون غيرها وهي التي تتحمل وحدها مسؤولية الحكم‬
‫وتؤلف هيئة المفوضين لدي المحكمة من رئيس للهيئة وعدد كاف من‬
‫‪ .‬المستشارين والمستشارين المساعدين‬
‫ويتولي رئيس الهيئة العمل بها فهو الذي يوزع القضايا علي أعضاء‬
‫الهيئة وفقا لمعايير معينة وهو الذي يشرف علي عملهم ويناقشهم فيه ‪.‬‬
‫وعند غياب رئيس الهيئة لي سبب يحل محله اقدم أعضاء الهيئة من‬
‫‪ .‬المستشارين‬
‫ويشترط فيمن يعين رئيس لهيئة المفوضين ذات الشروط المقررة لبقية‬
‫أعضاء المحكمة والتي أشرنا إليها من قبل ‪ .‬وهكذا يعتبر رئيس هيئة‬
‫المفوضين في درجة عضو المحكمة ويمكن وقد حدث بالفعل أن يعين‬
‫رئيس الهيئة مستشارا بالمحكمة بل أن بعض رؤساء هيئة المفوضين‬
‫‪ .‬السابقين وصلوا إلى رئاسة المحكمة‬
‫‪ .‬ومستشاروا هيئة المفوضين يعادلون مستشاروا محاكم الستئناف‬
‫‪ .‬والمستشارون المساعدون يعادلون رؤساء المحاكم البتدائية‬
‫ويعين رئيس الهيئة وأعضاؤها بقرار جمهوري بناء علي ترشيح رئيس‬
‫‪ .‬المحكمة وبعد اخذ رأي الجمعية العامة‬
‫ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين غير قابلين للعزل ول يجوز نقلهم إلى‬
‫‪ .‬وظائف أخرى إل أخرى إل بموافقتهم‬
‫وتسري في شان ضماناتهم وحقوقهم وواجباتهم وإحالتهم إلى التقاعد‬
‫وإجازاتهم والمنازعات المتعلقة بترقيتهم ومرتباتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم‬
‫هم وسائر المستحقين عنهم الحكام المقرر بالنسبة لعضاء المحكمة ) م‬
‫‪ ( 24 .‬والتي سبق أن أشرنا إليها‬
‫وإذا كان أعضاء المحكمة ل يجوز ندبهم لعمال في داخل الدولة غير‬
‫المهام العلمية فان هيئة المفوضين ل تخضع لهذا القيد ذلك انه يجوز‬
‫ندبهم خارج المحكمة كما يجوز ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل‬
‫‪ .‬بهيئة مفوضي المحكمة‬
‫‪ :‬اختصاصات هيئة المفوضين لعضاء الهيئة اختصاصات ثلثة هي‬
‫أ( تحضير الدعاوى المعروضة علي المحكمة وإعداد تقرير بالرأي(‬
‫القانوني الموضوعي المحايد في كل قضية تعرض علي المحكمة‬
‫‪ .‬الدستورية العليا‬
‫‪ :‬ب( حضور جلسات المحكمة(‬
‫تشترط المادة ‪ 43‬من قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا لصحة انعقاد‬
‫جلسات المحكمة حضور أحد أعضاء هيئة مفوضي المحكمة من درجة‬
‫مستشار ولهذا يعد حضور عضو هيئة المفوضين متممًا لتشكيل المحكمة‬
‫‪ .‬وشرطًا لصحة الجلسة‬
‫‪ :‬ج( الفصل في طلبات العفاء من الرسوم القضائية(‬
‫قررت المادة ‪ 53‬من قانون المحكمة الدستورية العليا فرض رسم ثابت‬
‫مقداره خمسة وعشرون جنيهًا كرسم قيد للدعوى الدستورية وكفالة قدرها‬
‫خمسة وعشرون جنيها أخرى تودع خزانة المحكمة عند تقديم صحيفة‬
‫الدعوى ‪ .‬وأجازت المادة ‪ 54‬من ذات القانون لرئيس هيئة المفوضين‬
‫‪ .‬العفاء من هذه الرسوم إذا ثبت له عجز الطالب عن أدائها‬
‫‪ .‬هذه هي اختصاصات هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪ .‬وألن ننتقل إلى دراسة اختصاصات المحكمة نفسها‬
‫اختصاصات المحكمة الدستورية العليا‬

‫تمهيد وتقسيم‬

‫يجري نص المادة الخامسة والعشرون من قانون المحكمة الدستورية‬


‫‪ :‬العليا علي النحو التالي‬
‫‪ :‬م ‪ – 25‬تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي‬
‫‪ .‬أولً – الرقابة القضائية علي دستورية القانون واللوائح‬
‫ثانيًا – الفصل في تنازع الختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين‬
‫جهات القضاء أو الهيئات ذات الختصاص القضائي وذلك إذا رفعت‬
‫الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها‬
‫‪ .‬أو تخلت كلتاهما عنها‬
‫ثالثًا ‪ :‬الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين‬
‫صادر أحدها من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص‬
‫‪ .‬قضائي والخر من جهة أخرى منها‬
‫‪ .‬هذا هو النص الذي يحدد الختصاص القضائي للمحكمة الدستورية العليا‬
‫ويتبين من هذا النص أن المحكمة لها اختصاصات قضائية ثلث – يضاف‬
‫إليها اختصاصات بتفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية‬
‫والقرارات بالقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية – والذي يعنينا في‬
‫دراستنا هذه هو الختصاص الول من الختصاصات القضائية للمحكمة‬
‫الدستورية العليا أي اختصاصها بالرقابة القضائية علي دستورية القوانين‬
‫واللوائح‬

‫الختصاص الدستوري للمحكمة الدستورية العليا الرقابة القضائية علي‬


‫دستورية القوانين‬
‫أو الدعوى الدستورية‬

‫تمهيد وتقسيم‬

‫في دراستنا للدعوى الدستورية التي تحرك الرقابة علي دستورية القوانين‬
‫‪ :‬ندرس‬
‫‪ .‬أول ‪ :‬كيفية اتصال المحكمة الدستورية العليا بالدعوى‬
‫‪ .‬ثانيًا ‪ :‬شروط قبول الدعوى الدستورية‬
‫‪ .‬ثالثًا ‪ :‬موضوع الرقابة الدستورية‬
‫‪ .‬رابعًا ‪ :‬العيوب التشريعية التي تؤدي إلى الحكم بعدم الدستورية‬
‫‪ .‬خامسًا ‪ :‬الحكم في الدعوى الدستورية‬

‫كيفية اتصال المحكمة الدستورية العليا بالدعوى‬

‫‪ :‬تمهيد‬
‫سبق أن قلنا أن التنظيم الدستوري المصري لموضوع الرقابة علي‬
‫دستورية القوانين لم يعرف الدعوى الصلية وانما عرف وسائل ثلث‬
‫لتحريك الرقابة الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وهذه الوسائل‬
‫‪ :‬هي‬
‫) الحالة ) م ‪ 29‬أ‬
‫) الدفع ) م ‪ 29‬ب‬
‫) التصدي ) م ‪27‬‬
‫هذا وقد أشارت المذكرة اليضاحية لقانون المحكمة لهذه الوسائل الثلث‬
‫وقد نص القانون علي ثلثة طرق لتحقيق هذه الغاية – باتصال المحكمة‬
‫الدستورية بالدعوى الدستورية – أول ‪ :‬التجاء جهة القضاء من تلقاء‬
‫نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية نص لزم للفصل‬
‫في دعوي منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتًا للتزام الحكام القضائية‬
‫بالقواعد الدستورية الصحيحة ‪ .‬والثاني الدفع الجدي من أحد الخصوم أمام‬
‫إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة وعندئذ تؤجل‬
‫ل لرفع الدعوى بنفسه‬ ‫المحكمة نظر الدعوى وتحدد لمن آثار الدفع أج ً‬
‫والطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن تقضي من تلقاء‬
‫نفسها – بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة يعرض لها بمناسبة‬
‫‪ .‬ممارسة أي من اختصاصاتها‬
‫هذه هي الوسائل الثلث التي تتصل المحكمة الدستورية العليا بواسطتها‬
‫بالدعوى الدستورية وبغير هذه الوسائل الثلث ل يجوز بأي حال من‬
‫الحوال تحريك اختصاص المحكمة بالدعوى الدستورية ‪ ،‬وبعد ذلك ندرس‬
‫‪ .‬كل وسيلة من هذه الوسائل الثلث في مبحث خاص‬
‫المبحث الول‬
‫الحالة‬
‫‪ :‬تقول المادة التاسعة والعشرون من قانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫تتولى المحكمة الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح علي الوجه التي‬
‫‪ ) :‬الجهة التالية‬
‫أ( إذا تراء لحدى المحاكم أو الهيئات ذات الختصاص القضائي أثناء(‬
‫نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لئحة لزم للفصل‬
‫في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الوراق بغير رسوم إلى المحكمة‬
‫‪ .‬الدستورية العليا للفصل في المسالة الدستورية‬
‫هذه هي الوسيلة الولى من وسائل تحريك اختصاص المحكمة الدستورية‬
‫‪ .‬العليا برقابة دستورية القوانين‬
‫والواقع أن هذه الوسيلة ليست اكثر الوسائل انتشارًا في تحريك اختصاص‬
‫المحكمة في هذه الشأن ذلك أن وسيلة الدفع توشك أن تكون الوسيلة‬
‫الكثر استعمال في هذا الخصوص ولكننا ندرس " الحالة " أول لن‬
‫‪ .‬النص جعلها اسبق من وسيلة الدفع‬
‫وهذه الصورة من صور تحريك الدعوى الدستورية أمام المحكمة أيا كانت‬
‫تلك المحكمة وأيا كانت درجتها – ابتدائية أو استئنافية – وأيا كانت جهتها‬
‫سواء جهة القضاء العادي أو القضاء الداري أن هيئة ذات اختصاص‬
‫قضائي ووجدت تلك المحكمة أو الهيئة القضائية أو القانون الذي ستطبقه‬
‫علي النزاع المنظور أمامها أو أن نص القانون المراد تطبيقه علي تلك‬
‫المنازعة مشكوك في دستوريته وأنها ل تطمئن لتطبيقه لمخالفته للدستور‬
‫في اعتقادها عندئذ فان المشرع قد انه في ظل الرقابة القضائية لدستورية‬
‫القوانين وكون المحكمة الدستورية العليا هي وحدها دون غيرها التي‬
‫تملك الفصل فيما إذا كان القانون – أو نص فيه – دستوري أو غير‬
‫دستوري – قدر المشرع في هذه الحالة انه ل يجب أن تجبر المحكمة علي‬
‫الفصل في القضية وفقا لقانون ل تطمئن إلى دستوريته واباح لها أن تحيل‬
‫المر إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية أو عدم دستورية‬
‫النص أو النصوص المطلوب تطبيقها علي المنازعة المطروحة علي‬
‫‪ .‬المحكمة المحيلة‬
‫ويتعين حتى تكون الحالة مقبولة أمام المحكمة الدستورية العليا أن‬
‫يتضمن القرار الصادر بالحالة إليها النص التشريعي أو النصوص‬
‫التشريعية التي تعتقد المحكمة المحيلة انه غير دستوري كذلك يتعين أن‬
‫تبين المحكمة المحيلة النص الدستوري المدعي بمخالفته واجه المخالفة ‪.‬‬
‫) م ‪ 30‬من قانون المحكمة ( وبعد تحضير الدعوى تحكم المحكمة‬
‫الدستورية العليا بدستورية أو عدم دستورية النص أو النصوص المدعي‬
‫بعدم دستوريتها ‪ ،‬وحكمها في هذا المر ملزم للمحكمة التي أحالت‬
‫الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وعلي المحكمة المحيلة أن تحكم‬
‫بمقتضى ذلك ؛ إذا حكمت الدستورية بعدم دستورية النص وجب أعمال‬
‫ذلك وان حكمت بدستورية النص تعين علي المحكمة المحيلة أن تطبق ذلك‬
‫‪ .‬النص بصرف النظر عن اقتناعها أو اعتقادها‬
‫والمحكمة المحيلة يجب عليها كما تقدم أن تذكر في قرار أحالتها وفي‬
‫أسباب حكم الحالة النصوص المدعي بعدم دستوريتها فان هي لم تفعل‬
‫كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة ‪ .‬وقد حكمت المحكمة الدستورية‬
‫العليا بان المادة ‪ 30‬من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون‬
‫رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1979‬تنص علي انه " يجب أن يتضمن القرار الصادر‬
‫بالحالة المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا‬
‫لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته‬
‫والنص الدستوري المدعي بمخالفته واوجه المخالفة " ومؤدي ذلك أن‬
‫المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية أن يتضمن قرار الحالة أو‬
‫صحيفة الدعوى ما نصت عليه المادة ‪ 30‬سالفة الذكر من بيانات جوهرية‬
‫تنبئ عن جدية هذه الدعوى ويتحدد بها موضوعها وذلك مراعاة لقرينة‬
‫الدستورية لمصلحة القوانين وحيث يتاح لذوي الشأن فيها ومن بينهم‬
‫الحكومة – الذين أوجبت المادة ‪ 35‬من قانون المحكمة إعلنهم بالقرار أو‬
‫الصحيفة – أن يتبينوا كافة جوانبها ويتمكنوا في ضوء ذلك من إبداء‬
‫ملحظاتهم وردودهم وتعقيبهم عليها في المواعيد التي حددها المادة ‪37‬‬
‫من القانون ذلك بحيث تتولى هيئة المفوضين بعد انتهاء تلك المواعيد‬
‫تحضير الموضوع وتحديد المسالة الدستورية والقانونية وتبدي فيها رأيا‬
‫مسببا وفقًا لما تنص عليه المادة ‪ 40‬من قانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪ .‬المشار إليها‬
‫الجزء الثاني من أحكام المحكمة الدستورية العليا – جلسة ‪ 18‬ديسمبر [‬
‫‪ 1983 ] .‬ص ‪198‬‬
‫قرار الحالة الذي تتصل به الدعوى بالمحكمة الدستورية العليا وتحرك‬
‫اختصاصها هو غير قرار الحالة المنصوص عليه في المادة ‪ 110‬من‬
‫قانون المرافعات والتي تقضي بان المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها‬
‫بنظر الدعوى فأنها تحيل النزاع إلى المحكمة التي تعتقد انها مختصة ‪.‬‬
‫مثال ذلك أن ترفع الدعوى أمام المحكمة البتدائية وتقدر تلك المحكمة أن‬
‫الدعوى تتعلق بعقد أدارى مما ل يدخل في اختصاصها فتحكم المحكمة‬
‫البتدائية بعدم اختصاصها وبالحالة إلى محكمة القضاء الداري‬
‫المختصة ‪ .‬هذا النوع من الحالة غير الحالة التي نحن بصددها والتي‬
‫مصدرها وسببها أن المحكمة المحيلة قد استبان لها أو رجح لديها أن‬
‫‪ .‬النص المطلوب تطبيقه علي واقعة النزاع هو نص غير دستوري‬
‫وفي ذلك تقول المحكمة الدستورية العليا إن " الدعوى ل تكون قد اتصلت‬
‫بالمحكمة إذا كانت قد أحيلت إلى هذه المحكمة بعد قضاء محكمة جنوب‬
‫القاهرة بعدم اختصاصها ول تقوم بنظرها استنادا إلى المادة ) ‪ 110‬من‬
‫قانون المرافعات المدنية والتجارية التي توجب علي المحكمة عند القضاء‬
‫بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة وتلتزم‬
‫المحكمة المحال إليها بنظرها ‪ .‬ذلك أن قانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫قانون خاص يحكم الدعاوى والطلبات التي تدخل في ولية هذه المحكمة‬
‫ويحدد الجراءات التي ترفع بها فل يجوز اللجوء إلى قانون المرافعات ‪. .‬‬
‫‪ .‬إل فيما لم ينص عليه فيه وبشرط أل يتعارض وطبيعة اختصاص‬
‫‪ .‬المحكمة والوضاع المقررة أمامها‬
‫حكم المحكمة الدستورية العليا في ‪ 3/1/1987‬الطعن رقم ‪ 40‬لسنة ‪( 7‬‬
‫قضائية دستورية أورده المستشار محمد نصر الدين كامل في كتابه ‪:‬‬
‫‪ ) .‬اختصاص المحكمة الدستورية العليا في ‪ 28‬هامش رقم ‪1‬‬
‫هذه هي الصورة الولى من الصور التي يعقد بها اختصاص المحكمة‬
‫الدستورية العليا وهي صورة الحالة وشروط قبولها والختلف بينها‬
‫وبين الحالة التي ينص عليها قانون المرافعات بين محكمة ومحكمة‬
‫‪ .‬أخرى علي نحو ما تقدم‬
‫المبحث الثاني‬
‫صورة الدفع‬
‫الحقيقة أن صورة الدفع أو وسيلة الدفع هي الوسيلة الساسية والغالبة‬
‫لتحريك الدعوى الدستورية وقد سبق أن قلنا إن هناك طريقتين أساسيتين‬
‫لثارة موضوع الدستورية أمام القضاء الدستوري طريق الدعوى‬
‫الصلية ‪ .‬وطريق الدفع ‪ .‬وقلنا أن المشرع الدستوري المصري شانه في‬
‫ذلك شان غالبية التشريعات التي تقر الرقابة القضائية علي دستورية‬
‫القوانين – اختار وسيلة الدفع لتحريك الرقابة القضائية علي دستورية‬
‫‪ .‬القوانين أمام المحكمة الدستورية العليا‬
‫وقد كانت هذه الوسيلة هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام المحكمة العليا‬
‫وفقًا لقانونها وذلك قبل نشأة المحكمة الدستورية العليا وفقا للقانون رقم‬
‫‪ 48‬لسنة ‪ 1979‬ذلك القانون الذي أضاف إلى وسيلة الدفع وسيلتين‬
‫‪ .‬أخريين هما الحالة والتصدي‬
‫وقد أشارت إلى هذه الوسيلة – وسيلة الدفع – الفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ :‬التاسعة والعشرين من قانون المحكمة حيث قالت‬
‫تتولى المحكمة الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح علي‬
‫‪ :‬الوجه التالي‬
‫أ( إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات(‬
‫ذات الختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة ورأت‬
‫المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي وأجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار‬
‫الدفع ميعادا ل يجاوز ثلثة اشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة‬
‫‪ .‬الدستورية العليا فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كان لم يكن‬
‫وكما هو الحال في صورة الحالة فان عريضة الدعوى التي ترفع بعد‬
‫الحكم بجدية الدفع يجب أن تتضمن النص التشريعي المطعون بعدم‬
‫دستوريته والنص الدستوري المدعي بمخالفته واوجه المخالفة ) م‬
‫‪30 ) .‬‬
‫‪ :‬وعلي ذلك فأننا سندرس‬
‫‪ .‬أول ‪ :‬الدفع وأحكامه‬
‫‪ .‬ثانيًا ‪ :‬معني جدية الدفع‬
‫‪ .‬ثالثًا ‪ :‬الجراءات التي تتبع بعد الحكم بجدية الدفع‬
‫‪ :‬معني الدفع‬
‫الفرص أن يكون هناك نزاع قضائي مطروح علي إحدى المحاكم أو‬
‫الهيئات ذات الختصاص القضائي وبطبيعة الحال فان المحكمة التي يطرح‬
‫أمامها النزاع ستفصل فيه وفقا لنصوص قانونية ويري أحد أطراف‬
‫الدعوى أن هذه النصوص المراد تطبيقها علي المنازعة هي مخالفة لحد‬
‫النصوص الدستورية القائمة فيدفع بعدم دستورية هذا النص أو هذه‬
‫‪ .‬النصوص‬
‫والدفع بعدم دستورية نص أو نصوص في قانون أو قانون بأكمله يدخل‬
‫ضمن عموم معني الدفوع الفرعية في قانون المرافعات وهي تلك الدفوع‬
‫التي تستهدف تأجيل الخصومة أو وقفها لحين الفصل في مسالة أولية‬
‫يتوقف عليها الفصل في موضوع النزاع أو بمعني أخر أن يكون الفصل‬
‫في هذه المسالة التي يتضمنها الدفع لزمة لكي تتمكن المحكمة التي تنظر‬
‫‪ .‬الموضوع من الحكم في الدعوى‬
‫ول شبهة في أن الدفع بعدم دستورية نص أو قانون يثير مسالة أولية‬
‫أساسية ل تستطيع المحكمة التي تنظر موضوع الدعوى أو تفصل فيها ما‬
‫لم تحسم المسالة الولية ‪ :‬مسالة دستورية أو عدم دستورية النص‬
‫‪ .‬المدفوع بعدم دستوريته‬
‫ولكن هل كل دفع من أحد أطراف المنازعة بعدم دستورية نص قانوني‬
‫يؤدي مباشرة إلى تحريك المر أمام المحكمة الدستورية العليا ؟ لو صح‬
‫ذلك لغرقت المحكمة الدستورية بسير من الدعاوى الدستورية بغير حدود‬
‫‪.‬‬
‫لهذا وضع المشرع قيدا يؤدي إلى نوع من التصفية أو " الغربلة " هو‬
‫ضرورة أن تقدر المحكمة التي تدفع أمامها بعدم دستورية نص في قانون‬
‫أن تقدر تلك المحكمة أن الدفع جدي فما معني ذلك ؟‬
‫‪ :‬معني جدية الدفع‬
‫المحكمة التي يبدي أمامها الدفع والتي تنظر موضوع الدعوى الصلية هي‬
‫التي تقدر جدية الدفع أو عدم جديته فعلي أي أساس تقدر المحكمة هذه‬
‫الجدية ؟‬
‫لم يضع المشرع معيارا حاسما لكون الدفع جديا من عدمه وترك المر‬
‫بذلك لمحكمة الموضوع تفصل فيه بحكم يجوز أن يكون محل للطعن‬
‫‪ .‬استقلل أمام المحكمة العلى‬
‫ولكن الذي يستفاد من معني الجدية انها أول تنتهي إلى استبعاد الدفوع‬
‫‪ .‬الكيدية الواضحة والتي ل يقصد مها غير تعطيل الدعوى‬
‫كذلك الدفوع غير المؤثرة في الفصل في الدعوى كان يتعلق الدفع بنص ل‬
‫‪ .‬ينطبق علي الواقعة محل النزاع حتى وان ورد في ذلك القانون‬
‫وجماع المر في جدية الدفع أول ضرورة أن يكون الفصل في المسالة‬
‫الدستورية التي أثارها الدفع لزمة للفصل في الدعوى المطروحة علي‬
‫محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع وثانيا ‪ :‬أن يكون هناك شك لدي‬
‫قاضي الموضوع حول دستورية النصوص المدفوع بعدم دستوريتها)‬
‫‪49) .‬‬
‫وقاضي الموضوع هو الذي يقدر كما قلنا جدية الدفع فهو إن قدر جدية‬
‫الدفع اخذ الموضوع طريقه إلى المحكمة الدستورية العليا علي نحو ما‬
‫‪ .‬سنري وإذا قدر عدم جدية الدفع حكم برفضه‬
‫وهذا الحكم برفض الدفع قابل للطعن فيه بالطرق المقرر للطعن في الحكام‬
‫‪ .‬ولكن يطعن فيه أمام المحكمة الستئنافية بالنسبة للمحكمة التي رفضت‬
‫الدفع ول يطعن فيه أمام المحكمة الدستورية ذلك أن هذه المحكمة كما‬
‫قالت " ليست جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع وانما جهة ذات‬
‫‪ ".‬اختصاص أصيل حدده قانون إنشائها‬
‫‪ :‬الجراءات المترتبة علي الحكم بجدية الدفع‬
‫إذا حكمت محكمة الموضوع بجدية الدفع المبدي أمامها بعدم دستورية‬
‫نص أو نصوص في قانون بأكمله فانه تحكم بتأجيل نظر الدعوى إلي أجل‬
‫تحدده ‪ .‬وفي نفس الوقت تحدد من أثار الدفع الذي رأت جديته أجل ل‬
‫‪ .‬يجاوز ثلثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا‬
‫فإذا لم يرفع صاحب الشأن الدعوى في الميعاد الثلثة أشهر الذي فرضه‬
‫المشرع علي نحو أمر أقصي لرفع الدعوى الدستورية يعتبر ميعادا حتميا‬
‫يقيد محكمة الموضوع و الخصوم علي حد سواء فان هي تجاوزته أو‬
‫سكتت عنه كان علي الخصوم أن يلتزموا برفع دعواهم الدستورية قبل‬
‫‪ .‬انقضاء هذا الحد القصى وإل كانت دعواهم غير مقبولة‬
‫الحكم الصادر في القضية رقم ‪ 29‬لسنة ‪ 2‬قضائية دستورية الجزء [‬
‫الثاني من أحكام المحكمة ص ‪ [ 31‬والذي يستفاد مما تقدم أنه حتى إذا لم‬
‫تحدد محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع وقدرت جديته موعدا لرفع‬
‫الدعوى الدستورية ـ فرضا ـ فان ميعاد رفع الدعوى الدستورية يعتبر‬
‫ظرفا زمنيا يتعين رفعها خلله وإل كانت غير مقبولة وليس من شأن‬
‫سكوت محكمة الموضوع عن تحديد أجل لرفع الدستورية إطلق إرادة‬
‫صاحب الحق في إقامتها وجعل رفعها رهنا بمشيئته وإنما يتعين عليه ـ في‬
‫هذه الحالة ـ إقامة الدعوى الدستورية خلل مدة ل تجاوز ثلثة شهور‬
‫وهو الجل الذي يتعين أقامتها فيه حتى ولو حددت محكمة الموضوع أجل‬
‫يزيد عليه ‪ ،‬ذلك أن المشرع صدر نص البند )ب( من المادة ‪ 29‬من قانون‬
‫المحكمة الدستورية العليا بعبارة ناهية يستحيل معها أن ينظر إلى ميعاد‬
‫رفع الدعوى باعتباره ميعاد قد تقرر بنص أمر فمؤدي هذا أن المشرع ل‬
‫يطلق الدعوى الدستورية من قيد الميعاد المحدد وانما يربطها بالحد‬
‫القصى المقرر لرفعها وبذلك يتساوي الخصم الذي حددت له محكمة‬
‫الموضوع ميعادا لرفع الدعوى الدستورية مع ذلك الذي أغلقت المحكمة‬
‫تحديد ميعاد له ويمتنع بالتالي إتخاذ الدعوى الدستورية وسيلة للمماطلة‬
‫‪) .‬والكيد)‪50‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫صورة التصدي‬
‫نصت علي هذه الصورة صورة التصدي ـ المادة السابعة و العشرين من‬
‫القانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1979‬بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪ :‬حيث قالت‬
‫يجوز للمحكمة في جميع الحالت أن تقضي بعدم دستورية أي نص في (‬
‫قانون أو لئحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع‬
‫المطروح عليها وذلك بعد اتباع الجراءات المقررة لتحضير الدعاوى‬
‫) الدستورية‬
‫وهذه وسيلة جديدة من الوسائل التي جاء بها قانون المحكمة الدستورية‬
‫العليا من اجل توسعه نطاق الرقابة القضائية علي دستورية القوانين‬
‫وتفترض هذه الصورة أن قضية معروضة علي المحكمة الدستورية‬
‫القوانين وتفترض هذه الصورة أن قضية معروضة علي المحكمة‬
‫الدستورية سواء كانت قضية دستورية أو قضية من قضايا تنازع‬
‫الختصاص أو تعارض الحكام ـ ذلك بأن النص يقول بمناسبة ممارسة‬
‫اختصاصاتها بالجمع واختصاصات المحكمة هي الختصاصات الثلث‬
‫‪ .‬المشار إليها‬
‫ورأت المحكمة و هي تفصل في تلك القضية أن ثمة نصا قانونيا يتصل‬
‫بالنزاع المطروح عليها وهذا النص مشكوك في دستوريته هنا أجاز‬
‫المشرع للمحكمة الدستورية العليا أن تتصدى لهذا لنص لتقرر فيه ما تراه‬
‫‪ ،‬ولكن المحكمة عندما تقرر التصدي ل تحكم مباشرة وانما تحيل‬
‫الموضوع الذي رأت أن تتصدى له تحيله أول إلى هيئة مفوضي المحكمة‬
‫لتخضير هو إعداد تقرير عنه ثم تتصدى له بعد ذلك بالفصل ‪ ,‬وليس معني‬
‫أن المحكمة قررت التصدي إنما تملك في دستورية نص معين أنه يتعين‬
‫أنه يتعين عليها أن تقضي بعدم دستورية إنما تملك المحكمة بعد إمعان‬
‫النظر أن تحكم فيه بأي من المرين دستورية النص أو عدم‬
‫دستوريته ويبين مما تقدم أن حق المحكمة في التصدي لنص دستوري‬
‫غير مطعون فيها أمامها هو أمر جوازي تباشره بمناسبة ممارسة أي من‬
‫‪ .‬اختصاصاتها من تلقاء نفسها بغير حاجة إلى أن يدفع أمامها به‬
‫هذا وقد توسعت المحكمة في تفسير عبارة بالنزاع المطروح عليها ( في‬
‫الحالة التي أعلمت فيها رخصة التصدي وكان ذلك بمناسبة دعوي رفعها‬
‫أحد مستشاري مجلس الدولة طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة‬
‫الولى من المادة ‪ 104‬من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون‬
‫رقم ‪ 47‬سنة ‪ 1972‬فيما تضمنه من منع نظر طعن أعضاء مجلس الدولة‬
‫في قرارات نقلهم وندبهم وتأيبهم تماثل نص المادة ‪ 83‬من قانون السلطة‬
‫القضائية مجلس الدولة المطعون بعدم دستوريتها تماثل نص المادة ‪104‬‬
‫من قانون مجلس الدولة المطعون بعدم دستوريتها تماثل نص المادة ‪83‬‬
‫من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ‪ 46‬لسنة ‪1972‬‬
‫فقد تصدت لهذا النص الثاني وقالت المحكمة في حكمها فيما يتعلق بهذا‬
‫الخصوص ) وحيث أنه بالنسبة للطعن بعدم دستورية الفقرة الولى من‬
‫المادة ‪ 104‬من قانون مجلس الدولة المشار إليه و التي تنص علي أن‬
‫) تختص إحدى دوائر المحكمة الدارية العليا دون غيرها بالفصل في‬
‫الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الدارية النهائية‬
‫المتعلقة بأي شأن من شئونهم وذلك عدا النقل و الندب متي كان مبني‬
‫الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة القانون و اللوائح و الخطأ في تطبيقها أو‬
‫تأويلها أو إساءة استعمال السلطة فأنها تماثل في حكمها الفقرة الولى من‬
‫المادة ‪ 83‬من قانون رقم ‪ 49‬لسنة ‪ 1973‬فيما نصت عليها من أن‬
‫تختص إحدى دوائر المواد المدنية و التجارية لمحكمة النقض دون غيرها‬
‫بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء و النيابة العامة بإلغاء‬
‫القرارات الدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم وذلك ما عدا‬
‫النقل و الندب متي كان مبني الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين و‬
‫اللوائح أو الخطا تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة المر الذي‬
‫دعي المحكمة أعمال حقها في التصدي المتاح لها طبقا للمادة ‪ 27‬من‬
‫‪ ..‬قانونها فيما يتعلق بهذه المادة الخيرة لتصالها بالنزاع المطروح عليها‬
‫)‬
‫وبعد أن طلبت المحكمة من هيئة المفوضين إعداد تقرير عن هذا المر‬
‫‪ :‬انتهت إلي‬
‫لما كان ما تقدم وكان نص المادة ‪ 83/1‬من قانون السلطة القضائية ‪..‬‬
‫ونص المادة ‪ 104/1‬من قانون مجلس الدولة قد خالفا نص المادة ‪68‬‬
‫من الدستور علي ما سلف بيانه فانه يتعين الحكم بعدم دستورية ما تضمنه‬
‫كل من النصين من عدم إجازة الطعن في قرارات نقل أو ندب رجال‬
‫القضاء و النيابة ومجلس الدولة في طلبات إلغاء القرارات الدارية‬
‫‪) .‬النهائية المتعلقة بأي شان شئونهم ‪51)" ..‬‬
‫واضح من مراجعة هذا الحكم الهام أن نص المادة الواردة في قانون‬
‫السلطة القضائية لم يكن لزما للفصل في النزاع المعروض علي المحكمة‬
‫المتصل بأحد مستشاري مجلس الدولة ولكن المحكمة رأت المماثلة الكاملة‬
‫بين النصين ورأت في هذه المماثلة ما يحقق شرط النص حيث يقول‬
‫) وتتصل بالنزاع المطروح عليها ( وتصدت له وحكمت بعدم دستورية‬
‫‪ .‬النصين المتماثلين‬
‫ولكن التصدي ل يكون إل المناسبة دعوي مقبولة أمام المحكمة وصالحة‬
‫للفصل فيها وعلي ذلك فإذا كانت الدعوى غير مقبولة أو كانت الخصومة‬
‫قد انتهت فان الحق في التصدي ل يقوم بطبيعة الحال لنتفاء وجود قضية‬
‫أصل أمام المحكمة يجوز التصدي بمناسبتها ‪ .‬وقد حكمت المحكمة‬
‫الدستورية في هذا الخصوص ) إذا انتهي قيام النزاع أمام المحكمة كما هو‬
‫الحال في الدعوى الراهنة التي انتهت المحكمة من قبل إلى عدم قبولها فل‬
‫‪) .‬يكون لرخصة التصدي سند يسوغ إعمالها)‪52‬‬
‫وحكمت المحكمة أيضا بأن المحكمة إذا انتهت إلى انتهاء الخصومة في‬
‫دعوي أمامها في هذه الحالة أيضا ) ل ‪ ...‬يكون لرخصة التصدي سند‬
‫‪) .‬يسوغ إعمالها)‪53‬‬
‫علما بان الحق في التصدي هو رخصة جوازيه للمحكمة ل يستطيع اد ى‬
‫إجبارها عليه حتى مع توافر كل شروطها ذلك أن النص الذي يقرر هذه‬
‫‪ .‬الوسيلة يقول ) يجوز للمحكمة ( و الجواز غير الوجوب‬

‫شروط قبول الدعوى الدستورية‬

‫‪ :‬تمهيد‬
‫الدعوى الدستورية هي دعوي قضائية ومن ثم فان شروط قبولها هي‬
‫شروط قبول كل دعوي قضائية ومع ذلك فان الدعوى الدستورية لها‬
‫طبيعة خاصة ذلك أن نظامنا ل يعرف الدعوى الدستورية الصلية التي‬
‫ترفع مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا وانما يعرف صورة الدفع‬
‫عندما تكون هناك قضية منظورة أمام المحكمة ويراد أن يطبق عليها نص‬
‫قانون يري أحد أطراف المنازعة انه غير دستورية فيدفع بعدم دستوريته‬
‫وتقدر محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وتحدد أجل لمن تقدم بالدفع لرفع‬
‫الدعوى الدستورية ويقوم هذا الشخص فعل برفع هذه الدعوى – هذه‬
‫الدعوى المبنية علي الدفع المحكوم بجديته يشترط قبولها ما يشترط لقبول‬
‫الدعاوى كافة وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية ذلك انه يشترط‬
‫‪ .‬لقبولها‬
‫‪ .‬شرط المصلحة‬
‫‪ .‬شرط الصفة‬
‫‪ .‬وشرط الهلية‬
‫كما يشترط في كل الدعاوى إل أن شرط المصلحة في الدعوى الدستورية‬
‫رغم اتفاقه في الساس مع شرط المصلحة في أي دعوي إل أن له‬
‫‪ .‬خصائص أخرى علي نحو ما سنري‬
‫شرط المصلحة ‪ :‬القاعدة العامة هي انه حيث ل مصلحة ل دعوي وهذه‬
‫القاعدة قائمة بالنسبة للدعوى الدستورية شانها في ذلك شان الدعاوى‬
‫العادية فإذا انتفت المصلحة انتفي الحق في تحريك الدعوى وتعين الحكم‬
‫‪ .‬بعدم قبولها‬
‫والمصلحة يجب أن تكون مصلحة شخصية ومباشرة وحاله وقد تكون‬
‫‪ .‬المصلحة مادية وقد تكون أدبية‬
‫وهذا كله ل يختلف في شئ عن المصلحة في الدعاوى العادية وكما‬
‫‪ .‬تتناولها كتب شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية‬
‫أما بالنسبة لما قد تختص به الدعوى الدستورية فان ذلك مرجعه طبيعة‬
‫الدعوى وطريقة تحريكها ‪ ،‬ولما كان تحريك الدعوى الدستورية يتعين أن‬
‫يسبقه دفع أمام المحكمة التي تنظر الموضوع فان هذا الدفع بدوره يجب‬
‫‪ .‬أن تتحقق لصاحبه مصلحة فيه فل يقبل دفع من غير صاحب مصلحة فيه‬
‫كذلك فان المصلحة في الدعوى الدستورية ترتبط بالمصلحة في الدعوى‬
‫الموضوعية وقد حكمت المحكمة الدستورية العليا بأنه من المقرر انه‬
‫يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية‬
‫مباشرة في طعنه ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في دعوي‬
‫الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه‬
‫‪ .‬علي الحكم فيها‬
‫تكون مصلحته غير قائمة وتقتصر مصلحته علي الحكم علي ‪، 233‬‬
‫المادة ‪ 226‬وبذلك فان دعواه بالنسبة للمواد الخرى تكون غير مقبولة‬
‫‪ .‬لنتفاء المصلحة‬
‫وذهبت المحكمة الدستورية العليا أيضا إلى أن رافع الدعوى إذا كان قد‬
‫طعن علي مواد عديدة من القانون رقم ‪ 38‬لسنة ‪ 1972‬في شان مجلس‬
‫الشعب وتعديلته والجدول المرافق له إل انه متي كان من المقرر انه‬
‫يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية‬
‫ومباشرة في طعنه ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في دعوي‬
‫الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه‬
‫علي الحكم فيها وكان ما يستهدفه المدعي من دعواه الموضوعية هو‬
‫إلغاء قرار مدير أمن القاهرة برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس‬
‫الشعب لعدم إرفاقه بصورة معتمدة من قائمة الحزب الذي ينتمي إليه مثبتا‬
‫إدراجه فيها ‪ ،‬لما كان ذلك وكانت المواد الخامسة مكرر والسادسة فقرة )‬
‫‪ ( 1‬والسابعة عشرة فقرة ) ‪ ( 1‬هي التي تضمنت أحكامها وجوب استيفاء‬
‫هذا الشرط فان مصلحة المدعي إنما تقوم علي الطعن بعدم دستورية هذه‬
‫المواد فحسب بتقدير أن الحكم له في الطلبات الموضوعية يتوقف علي ما‬
‫يسفر عنه القضاء في الطعن بعدم دستوريتها أما باقي مواد القانون رقم‬
‫‪ 38‬لسنة ‪ 1972‬المعدل بالقانون رقم ‪ 114‬لسنة ‪ 1983‬فل توجد‬
‫مصلحة شخصية ومباشرة للمدعي في الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة‬
‫اثر لها علي طلباته أمام محكمة الموضوع ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول‬
‫‪ .‬الدعوى بالنسبة لهذه المواد لنتفاء مصلحة المدعي في الطعن عليها‬
‫حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ ‪ 4/6/1988‬في الطعن رقم ‪( 10‬‬
‫‪ ) :‬لسنة ‪ 7‬قضائية دستورية – الجزء الثالث من أحكام المحكمة‬
‫‪ .‬هذا عن بعض خصوصية شرط المصلحة في الدعوى الدستورية‬
‫أما عن شرط الصفة والهلية فل يوجد ما يفرق بينهما وبين هذين‬
‫الشرطين في الدعاوى العادية التي يدرسها قانون المرافعات ومن ثم فل‬
‫‪ .‬محل للحديث عنهما استقلل ونحن نتحدث عن القضاء الدستوري‬
‫هذا وقد أضافت المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية إلى شرط‬
‫المصلحة في الدفع بعدم الدستورية شرطا أخر مفاده أن يرد ذلك الدفع في‬
‫منازعة جدية وان ل تكون المنازعة مفتعلة افتعال من اجل الوصول إلى‬
‫‪ .‬تقرير عدم دستورية نص معين‬
‫وقد ذهبت المحكمة العليا المريكية إلى انه لقيام النزاع أو الخصومة‬
‫بصفة جدية فانه يتعين وجود طرفين متنازعين تعرض ادعائاتهما أمام‬
‫‪ .‬القضاء للفصل فيها‬
‫وقد طبقت المحكمة العليا هناك هذا المبدأ في قضية شركة شيكاغو للسكة‬
‫الحديد ضد ويلمان إذ تبين لها انه ل توجد خصومة حقيقية بين أطراف‬
‫هذه القضية وان الطرفين قد تواطأ علي رفع هذه الدعوى أمام القضاء‬
‫للطعن في دستورية قانون يحدد أجور النقل فقررت المحكمة العليا في‬
‫حكمها انه ليس ثمة خصومة أو نزاع حقيقي في الدعوى وقالت في‬
‫أسبابها " ‪ . .‬أن المحكمة ليس لها اختصاص عام بالشراف علي‬
‫دستورية القوانين وأنها إنما تختص بذلك إذا أثيرت هذه المشكلة في‬
‫معرض خصومة حقيقية جادة بين أطراف تتعارض مصالحهم‬
‫‪) .‬وادعاءاتهم ‪54)" . .‬‬

‫موضوع الدعوى الدستورية‬

‫نعني بموضوع الدعوى الدستورية أمرين يمثلن طرفي المعادلة في‬


‫‪ :‬الدعوى الدستورية‬
‫المر الول ‪ :‬ما الذي يخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا ‪ ،‬بعبارة‬
‫أخرى أي التشريعات تخضع لرقابة المحكمة ؟‬
‫المر الثاني ‪ :‬ما هو المرجع الذي ترجع إليه المحكمة الدستورية العليا‬
‫لكي تقرر أن نصًا معينًا هو نص دستوري أو هو علي العكس نص غير‬
‫دستوري ؟‬
‫هذان هما طرفا معادلة الدعوى الدستورية وهما ما نطلق عليه موضوع‬
‫‪ .‬الدعوى الدستورية ‪ ،‬وندرس كل طرف في مبحث خاص‬
‫المبحث الول‬
‫التشريع الخاضع للرقابة‬
‫‪ :‬حسم الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا هذا المر‬
‫‪ :‬أما الدستور فقد نص في المادة ‪ 175‬منه علي انه‬
‫تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية علي ‪" . .‬‬
‫‪ . . " .‬دستورية القوانين واللوائح‬
‫وأما قانون المحكمة فقد نص في المادة الخامس والعشرين منه علي أن ‪:‬‬
‫تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي‬
‫‪ .‬أول ‪ :‬الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح‬
‫وهكذا لم يعد هناك محل للجدل حول أن رقابة المحكمة تشمل التشريع‬
‫بالمعني الواسع ول تقف عند القانون بالمعني الشكلي ‪ . .‬ذلك انه عند‬
‫بداية إنشاء المحكمة العليا كان قانونها ينص علي أن تتولى دون غيرها‬
‫الرقابة علي دستورية القوانين ولم يرد ذكر للرقابة علي اللوائح وثار جدل‬
‫أمام المحكمة العليا حول تفسير هذا النص واتجه رأي الفقه إلى انه فيما‬
‫يتعلق برقابة الدستورية فان القانون بالمعني الضيق أي القانون الصادر‬
‫عن السلطة التشريعية هو وحده الذي يخضع لهذا النوع من الرقابة ‪،‬‬
‫وذهب رأي أخر اكثر توسعة إلى أن الذي يخضع لرقابة الدستورية هو‬
‫القانون الصادر عن سلطة التشريع وتأخذ حكمه القرارات التي يصدرها‬
‫رئيس الجمهورية سواء في حالت الضرورة بناء علي نص المادة ‪147‬‬
‫من الدستور أو بمقتضى تفويض بذلك من مجلس الشعب بناء علي نص‬
‫‪ .‬المادة ‪ 108‬من الدستور‬
‫واتيح للمحكمة العليا في بواكير أحكامها أن تعرض لهذا المر وذهبت فيه‬
‫مذهبًا اكثر اتساعًا من كل الراء السابقة إذ ذهبت إلى أن القانون الذي‬
‫يخضع لرقابة الدستورية هو القانون بالمعني الواسع ذلك أن كل قاعدة‬
‫تشريعية عامة هي بالمعني الموضوعي قاعدة قانونية سواء وردت في‬
‫قانون أو قرار بقانون أو لئحة ‪ ،‬وقالت المحكمة العليا في هذا الصدد أن‬
‫رقابة دستورية القوانين تستهدف صون الدستور وحمايته من الخروج‬
‫علي أحكامه باعتباره القانون الساسي العلى الذي يرسم الصول‬
‫والقواعد التي يقوم عليها نظام الحكم ‪ ،‬ولما كان هذا الهدف ل يتحقق‬
‫علي الوجه الذي يعينه المشرع في المادة الرابعة من قانون إنشاء‬
‫المحكمة العليا وفي مذكرته اليضاحية إل إذا انبسطت رقابة المحكمة علي‬
‫التشريعات كافة علي اختلف أنواعها ومراتبها وسواء كانت تشريعات‬
‫أصلية صادرة من الهيئة التشريعية أم كانت تشريعات فرعية صادرة من‬
‫السلطة التنفيذية في حدود اختصاصها الدستوري ذلك أم مظنة الخروج‬
‫علي أحكام الدستور قائمة بالنسبة إليها جميعا ‪ . .‬بل إن هذه المظنة اقوي‬
‫في التشريعات الفرعية منها في التشريعات الصلية التي يتوافر لها من‬
‫الدراسة والبحث والتمحيص في جميع مراحل إعدادها ما ل يتوافر في‬
‫التشريعات الفرعية التي تمثل الكثرة بين التشريعات – كما أن منها ما‬
‫ينظم حرية المواطنين وأمورهم اليومية مثل لوائح الضبط ‪ ،‬ويؤيد هذا‬
‫النظر أن التشريعات الفرعية كاللوائح تعتبر قوانين من حيث الموضوع‬
‫وان لم تعتبر كذلك من حيث الشكل لصدورها من السلطة التنفيذية وهذه‬
‫الوسيلة اكثر ملءمة لمقتضيات أعمال السلطة وتطورها المستمر ولو‬
‫انحسرت ولية المحكمة عن رقابة التشريعات الفرعية لعاد أمرها كما كان‬
‫إلى المحاكم تقضي في الدفوع التي تقدم إليها بعدم دستوريتها بأحكام‬
‫قاصرة غير ملزمة يناقض بعضها بعضا وأهدرت الحكمة التي تبناها‬
‫المشرع بإنشاء المحكمة العليا والتي أفصحت عنها المذكرة اليضاحية‬
‫لقانون إنشائها كي تحمل دون سواها رسالة الفصل في دستورية القوانين)‬
‫‪55) .‬‬
‫هذا هو موقف المحكمة العليا من هذا الموضوع وهو الموقف الذي تبناه‬
‫دستور ‪ 1971‬وتبناه أيضا وبطبيعة الحال قانون المحكمة الدستورية‬
‫العليا علي نحو ما أشرنا إليه في صدر هذا المبحث ‪ ،‬وبذلك لم يعد المر‬
‫محل اجتهاد مع وضوح النصوص واصبح القانون الذي يخضع لرقابة‬
‫الدستورية هو القانون بمعناه الواسع الذي يشمل القانون الصادر عن‬
‫‪ .‬سلطة التشريع والقرارات بقوانين واللوائح‬
‫ويتصل بموضوع ما يخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا من الناحية‬
‫‪ .‬الخرى ما ل يخضع لرقابتها‬
‫إذا كان القضاء الداري عندما يتصدى لمشروعية القرارات الدارية‬
‫ويحكم بإلغائها أحيانا يثير قدرا غير قليل من حساسة السلطة التنفيذية‬
‫خاصة في البلد التي لم تتأكد فيها سيادة القانون علي نحو كامل ‪ ،‬وقد مر‬
‫مجلس الدولة في فرنسا بهذا التطور مما دعاه إلى ابتداع نظرية أعمال‬
‫السيادة لكي يتفادى عن طريقها الصطدام بالسلطة التنفيذية مما أسميناه‬
‫بالسياسة القضائية)‪ – (56‬إذا كان هذا هو موقف القضاء الداري فان‬
‫موقف القضاء الدستوري سواء في مواجهة سلطة التشريع أو سلطة‬
‫التنفيذ هو موقف اكثر حساسية ‪ ،‬وهذا الموقف جعل المحكمة العليا في‬
‫الوليات المتحدة المريكية وهي بصدد رقابة دستورية القوانين وجعل‬
‫المحكمة العليا عندنا وبعدها المحكمة الدستورية العليا تضع بعض المبادئ‬
‫والقيود التي تساعد علي تفادي إثارة حساسية السلطات الخرى في الدولة‬
‫وعدم التصادم معها ‪ ،‬وفي هذا الطار قان القضاء الدستوري بعامة ومنه‬
‫قضاء المحكمة الدستورية العليا عندنا عند إنزال رقابته علي قانون من‬
‫القوانين يبدأ أول بقرينة الدستورية لصالح القانون المطعون فيه بمعني أن‬
‫المحكمة عندما تنزل رقابتها علي قانون معين تبدا بافتراض أن القانون‬
‫موافق للدستور حتى يتبين لها العكس ومقتضى هذا ولزمه أن المحكمة ل‬
‫تتصدى لموضوع الدستورية إل إذا كان لزما لزوما حتميا للفصل في‬
‫‪ .‬الخصومة الصلية علي نحو ما رأينا ونحن ندرس شرط المصلحة‬
‫وقد عبر عن هذه المعاني المستشار محمد علي بليغ رئيس المحكمة‬
‫الدستورية العليا السبق في تقديمه للجزء الثالث من أحكام المحكمة حيث‬
‫قال " أن المحكمة تؤدي رسالتها ‪ . . .‬في إطار الضوابط التي فرضتها‬
‫المحكمة علي نفسها حتى تظل الرقابة القضائية ملتزمة مجالها الطبيعي‬
‫متوازنة في اعتدال كي ل تكون مفرطة في مداها أو قاصرة عن الحاطة‬
‫بموجباتها ‪ . .‬وتنبثق هذه الضوابط من قاعدة كلية حاصلها أن المحكمة إذ‬
‫تباشر مهمة قضائية فنية ذات طابع قانوني بحت ل يجوز أن تتدخل لحسم‬
‫مسالة دستورية ما لم يكن تدخلها لزما للفصل في النزاع الموضوعي‬
‫المتصل بها وعلي مقتضى هذه القاعدة التي قننها قانون المحكمة الصادر‬
‫بالقانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1979‬وترتيبا عليها – ل تفصل المحكمة في‬
‫المسائل الدستورية التي تطرح عليها ‪ ،‬إل من خلل خصومة قضائية‬
‫تتوافر لرافعها فيها مصلحة شخصية مباشرة ‪ ،‬وتتصل بالمحكمة اتصال‬
‫مطابقا للوضاع المنصوص عليها في قانونها ‪ ،‬وكضرورة يحتمها الفصل‬
‫‪ .‬في نزاع موضوعي‬
‫وفي جميع الحوال ‪ ،‬ل يجوز أن تنال المحكمة من السلطة التقديرية‬
‫للمشرع ‪ ،‬أو تحد منها ‪ ،‬ول أن تزن الدوافع الكامنة وراء النصوص‬
‫‪ .‬القانونية التي اقرها ‪ ،‬واو تناقش تطبيقها أو ملءمة إصدارها‬
‫ولقد استقر قضاء هذه المحكمة علي تبني القاعدة التي تقضي بان كل‬
‫قرينة ممكنة ينبغي أن تكون لصالح دستورية التشريع المطعون عليه ما‬
‫لم تنقض هذه القرينة بدليل قطعي يكون بذاته نافيا – علي وجه الجزم –‬
‫لدستورية النص المطعون عليه ‪ ،‬وان القضاء بعدم دستورية نص معين‬
‫في تشريع وأبطال أثره ل يستتبع أبطال باقي نصوص هذا التشريع ما لم‬
‫تكن هذه النصوص مرتبطة بذلك الذي أبطلته المحكمة ارتباطا ل يقبل‬
‫‪ .‬التجزئة‬
‫وتكشف هذه الضوابط الذاتية التي فرضتها المحكمة قيدا علي حركتها في‬
‫مجال ممارستها لرقابتها القضائية ‪ ،‬عن أن لهذه الرقابة حدودا ل يجوز‬
‫تجاوزها ‪ ،‬وأنها ل تقتحم منطقة تباشر فيها السلطتان التشريعية‬
‫والتنفيذية اختصاصاتها التشريعية التقديرية ‪ ،‬ول تستهدف مزاحمة أيهما‬
‫في وليتها الدستورية أو النتقاص منها ‪ ،‬وانما المر في هذه الرقابة‬
‫مرده إلى القيود التي فرضها الدستور والحقوق التي كفلها باعتبار أن هذه‬
‫القيود وتلك الحقوق هي محل الرقابة القضائية ومناطها ‪ ،‬تلك الرقابة التي‬
‫تباشرها هذه المحكمة أمينة علي مسئوليتها متفهمة لمراميها ‪ ،‬مقيدة‬
‫‪) .‬بضوابطها ‪ ،‬مستجيبة لمتطلباتها ")‪57‬‬
‫كذلك وبالضافة إلى ما تقدم فقد وضع القضاء الدستوري بعض القيود‬
‫الذاتية الفنية التي تحدد اختصاصه وتجنبه إثارة صدام مع السلطات‬
‫‪ :‬الخرى من ذلك‬
‫أ( ل يجوز التصدي للمسائل الدستورية وحسمها إل بصدد نزاع قضائي(‬
‫‪ .‬حقيقي‬
‫ب( ل يجوز التصدي للمسائل الدستورية إذا توافر في الدعوى أساس(‬
‫‪ .‬أخر يصلح لفض النزاع المتصل بها‬
‫ج( ل تحكم المحكمة إل بعدم دستورية الجزاء أو المواد من القانون(‬
‫المخالفة للدستور إل إذا كان بقية المواد مرتبطة بها ارتباطا ل يقبل‬
‫‪ .‬التجزئة ‪ . .‬عندئذ تقرر المحكمة عدم دستورية القانون كله‬
‫والي جوار ما تقدم من قيود ‪ . .‬فقد قرر القضاء الدستوري أن مناط‬
‫اختصاصه أن يكون مبني الطعن عيب دستوري أي وجود مخالفة للدستور‬
‫ل مجرد مخالفة للقانون مما يثير عدم المشروعية ذلك أن عيب عدم‬
‫‪ .‬المشروعية يختص به القضاء الداري أساسا والقضاء العادي أحيانا‬
‫ومن ناحية أخرى فقد استقر القضاء الدستوري علي انه قضاء مشروعية‬
‫دستورية وليس قضاء ملءمة ‪ .‬ذلك أن رقابة الدستورية ل تمتد إلى‬
‫ملءمة التشريع وبواعث إصداره ‪ . .‬فذلك أمر متروك لتقدير المشرع‬
‫تقديرا ل يخضع لرقابة المحكمة الدستورية ول أي محكمة أخرى ‪ ،‬وفي‬
‫هذا المعني قالت المحكمة العليا في حكمها في الدعوى الدستورية رقم ‪11‬‬
‫لسنة ‪ 1‬ق بجلسة أول أبريل ‪ 1972‬أن وليتها " ل تمتد إلى مناقشة‬
‫ملئمة التشريع أو البواعث التي حملت السلطة التشريعية علي إقراره لن‬
‫ذلك كله مما يدخل في صميم اختصاص السلطة التشريعية وتقديرها‬
‫‪ .‬المطلق‬
‫وقد أخذت بنفس التجاه المحكمة الدستورية العليا حيث قضت في العديد‬
‫من أحكامها أن ملئمة التشريع والبواعث علي إصداره هي من اطلقات‬
‫‪) .‬السلطة التشريعية ما لم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة ")‪58‬‬
‫وإذا كان ما تقدم كله ل يثير جدل ‪ . .‬فان العمال السياسية ومدي‬
‫خضوعها أو عدم خضوعها لرقابة الدستور قد أثارت كثير من الجدل وهو‬
‫‪ .‬ما نعرض له الن‬
‫‪ : :‬نظرية العمال السياسية‬
‫وهي نظرية ابتدعتها المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية لتحجب‬
‫نفسها عن نظر بعض المسائل ‪ ،‬وإذا كانت نظرية أعمال السيادة من‬
‫ابتداع مجلس الدولة الفرنسي فان كل من النظريتين تقوم بنفس الغرض‬
‫وهو تفادي الصدام مع السلطات الخرى في أمور بالغة الحساسية ‪ ،‬وإذا‬
‫كانت نظرية أعمال السيادة بالنسبة لنا – تبدو واضحة إلي حـا ما فان‬
‫نظرية العمال السياسية يكتنفها غموض وعدم تحديد شديدين وعلي حد‬
‫تعبير الستاذ الدكتور أبو المجد فانه رغم تناول معظم الكتاب المريكيين‬
‫لهذه العمال السياسية فان أحدا منهم لم يفلح في تقديم صورة واحدة‬
‫‪) .‬متكاملة عنها أو تبين حدودها التي استقرت عليها أحكام القضاء)‪59‬‬
‫وإذا كانت المحكمة العليا التي ابتدعت هذه النظرية فهي التي تحدد‬
‫مضمونها وتحدد اطارها بمعني أن اعتبار عمل معين هو من العمال‬
‫السياسية التي تخرج بالتالي من الختصاص الدستوري للمحكمة العليا هو‬
‫أمر متروك للمحكمة نفسها ‪ ،‬ويذهب الدكتور أبو المجد إلى انه من‬
‫استقراء الفقه المريكي فان نظرية العمال السياسية تقوم علي المبادئ‬
‫‪ :‬العملية الخمسة التالية‬
‫أ( مبدأ فصل السلطات وضرورة عدم تدخل سلطة في أعمال سلطة أخرى(‬
‫‪ ،‬وكون اختصاص القضاء هو فض الخصومات والمنازعات وليس البحث‬
‫‪ .‬في المسائل السياسية علي نحو أو علي أخر‬
‫ب( قصور الوسيلة القضائية عن حسم بعض المسائل السياسية مثل(‬
‫‪ .‬العلقات الخارجية‬
‫ج( حاجة بعض المسائل إلى موازين خاصة ومعلومات قد ل تتاح للقضاء(‬
‫‪.‬‬
‫‪ .‬د( كون الحكم القضائي في بعض المور ل ينفذ بذاته(‬
‫هـ( وجود نص دستوري يعهد بالمسالة المطروحة لي هيئة أخرى مثال(‬
‫ذلك ما نص عليه الدستور من اختصاص الكونجرس بفحص شروط‬
‫‪) .‬عضوية أعضائه مع ما لهذا المر من طبيعة قانونية واضحة)‪60‬‬
‫هذا هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية فما هو‬
‫الحال عندنا ؟‬
‫الواقع أن القضاء الدستوري في مصر سواء في فترة المحكمة العليا أو‬
‫في ظل الوضع الراهن والمحكمة الدستورية العليا يندر أن يشير إلى‬
‫العمال السياسية ولكنه عندما يريد أن يتجنب الفصل في منازعة من هذا‬
‫القبيل فانه يتدثر بنظرية أعمال السيادة التي ترددت في كثير من أحكام‬
‫‪ .‬قضائنا الدستوري كما سنري‬
‫فعند نظر المحكمة إلى موضوع تحديد مدة رئاسة الجمهورية قالت أن هذا‬
‫الطعن يتناول مسائل سياسية ل يدخل النظر فيها أو التعقيب عليها في‬
‫ولية هذه المحكمة التي يقتصر اختصاصها في شان رقابة الدستورية علي‬
‫الفصل في دستورية القوانين وفقا لما تقضي به المادة الولى من قانون‬
‫‪) .‬إنشائها)‪61‬‬
‫الواقع أن هذه حالة من الحالت النادرة التي استعمل فيها القضاء‬
‫الدستوري عبارة ) العمال السياسية ( وذلك علي عكس استناده إلى‬
‫‪ .‬نظرية أعمال السيادة‬
‫ومن أوضح الحكام التي أشارت إلى نظرية أعمال السيادة ‪ . .‬الحكم‬
‫الصادر في الدعوى رقم ‪ 5‬لسنة ‪ 5‬قضائية عليا دستورية الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2‬يوليه ‪ 1976‬والذي جاء فيه بهذا الصدد " أن نظرية أعمال السيادة قد‬
‫استقرت في نظامنا القضائي حيث نصت عليها القوانين المتتابعة المنظمة‬
‫لجهتي القضاء العادي والقضاء الداري ‪ . .‬وقد استبعدت المادة ‪ 17‬من‬
‫قانون السلطة القضائية أعمال السياسية من ولية المحاكم كما استبعدتها‬
‫المادة ‪ 11‬من قانون مجلس الدولة من ولية هذا المجلس ومرد ذلك إلى‬
‫أن أعمال السيادة تتصل بسيادة الدولة الداخلية والخارجية ول تقبل‬
‫بطبيعتها أن تكون محل لدعوى قضائية ومن ثم تخرج عن ولية القضاء ‪،‬‬
‫وتقوم نظرية أعمال السيادة علي أن السلطة التنفيذية تتولى وظيفتين‬
‫إحداهما بوصفها سلطة حكم والخرى بوصفها سلطة إدارة ‪ ،‬أما التي تقوم‬
‫بها بوصفها سلطة حكم فأنها تعتبر أو يعتبر بعضها من أعمال السيادة‬
‫وتعتبر العمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة إدارة إعمال‬
‫‪ .‬إدارية‬
‫وقد وجدت العتبارات التي اقتضت انحسار الرقابة القضائية عن هذه‬
‫العمال – أعمال الحكم – صدي لدي القضاء الدستوري في الدول التي‬
‫أخذت بنظام الرقابة علي دستورية القوانين فاستبعدت المسائل السياسية‬
‫من نطاق هذه الرقابة وهي صورة من أعمال السيادة التي ل تنبسط عليها‬
‫‪) .‬رقابة القضاء في النظام المصري)‪62‬‬
‫وقد ترددت هذه العبارات والمعاني بعد ذلك في العديد من أحكام المحكمة‬
‫‪ .‬العليا وبعدها المحكمة الدستورية العليا‬
‫والحقيقة أننا نقف موقف المتشكك – في إطار القضاء الدستوري – سواء‬
‫بالنسبة لنظرية العمال السياسية أو نظرية أعمال السيادة وقد عبرنا عن‬
‫هذا الموقف في مذكرة تقدمنا بها إلى المحكمة الدستورية العليا في واحدة‬
‫من أهم القضايا التي نظرتها وحكمت فيها وقد قلنا في هذه المذكرة " ‪. . .‬‬
‫أن القول بان أعمال السيادة أو ما يقال له العمال السياسية تنجو من كل‬
‫رقابة دستورية هو أمر محل نظر وقد أصاب تقرير المفرض ) الذي قدمه‬
‫في ذات القضية ( رغم ما استقرت عليه أحكام محكمتنا الدستورية العليا‬
‫ومع كل الحترام والتقدير لقضائنا فيما ذهب إليه من أن نظرية أعمال‬
‫السيادة التي أنشأها مجلس الدولة الفرنسي كنوع من السياسة القضائية ل‬
‫تصلح سببا لحجب الرقابة الدستورية ‪ . .‬وذهب التقرير إلى أن الوفق أن‬
‫يأخذ القضاء الدستوري المصري في هذا الشأن بفكرة العمال السياسية‬
‫التي رددتها المحكمة العليا المريكية في العديد من أحكامها ‪ ،‬والحقيقة‬
‫أننا نقف من هذا الرأي بدوره موقف الحذر الشديد لن عبارة العمال‬
‫السياسية عبارة مرنة وغير منضبطة ول محددة واتخاذها وسيلة لحجب‬
‫الرقابة القضائية الدستورية قد يكون منزلقا خطرا ذلك أن التنظيم‬
‫الدستوري هو بطبيعته تنظيم للنظام السياسي ولهيكل الدولة وسلطاتها‬
‫وعلقات هذه السلطات ببعضها وحقوق الفراد وحرياتهم وواجباتهم وهذه‬
‫كلها أمور وجهها السياسي واضح وظاهر كذلك فان التشريع عمل ل يمكن‬
‫أن يكون بعيدا عن سياسية الحكم وتوجهاته ‪ ،‬وهكذا فان فتح باب العمال‬
‫السياسية كسبب من أسباب منع الرقابة الدستورية وحجبها هو باب غير‬
‫مأمون العواقب وقد يكون مدخل لهدم رقابة الدستورية كلها ‪ . .‬وكذلك‬
‫ومن ناحية أخرى فان المقارنة بين المحكمة الدستورية العليا عندنا‬
‫والمحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية يجب أن تؤخذ بحذر شديد‬
‫ذلك أن المحكمة العليا في الوليات المتحدة تأتى علي راس السلم القضائي‬
‫الفيدرالي وهي جهة طعن عليا لما دونها من محاكم ‪ ،‬وهي ليست محكمة‬
‫دستورية قط وانما هي المحكمة العليا في النظام القضائي المريكي وهي‬
‫التي تراقب وتنقض أحكام المحاكم الدنيا وهي التي ابتدعت اختصاصها‬
‫الدستوري منذ أوائل القرن الماضي حتى دون نص مباشر في الدستور ‪،‬‬
‫وعلي عكس ذلك كله محكمتنا الدستورية التي أنشأها الدستور إنشاء‬
‫والتي ل تختص إل بالنزعة الدستورية ‪ . .‬أن الدستور هو الذي بضع‬
‫الطار العام الذي تتحرك فيه كل سلطات الدولة والخروج علي هذا الطار‬
‫بدعوى العمال السياسية أو أعمال السيادة التي يجوز أن تتحصن بها‬
‫بعض القرارات الدارية هو أمر غير متصور بالنسبة للرقابة القضائية‬
‫‪ .‬الدستورية علي التشريع‬
‫جاء ذلك في المذكرة التي تقدمنا بها في القضية الدستورية رقم ‪( 37‬‬
‫لسنة ‪ 9‬قضائية دستورية والتي صدر الحكم فيها في ‪ 19‬يناير ‪1989‬‬
‫بعدم دستورية المادة الخامسة في القانون رقم ‪ 114‬لسنة ‪ 1983‬معدلة‬
‫بالقانون رقم ‪ 188‬لسنة ‪ 1986‬وببطلن تكوين مجلس الشعب الذي كان‬
‫‪ ) .‬قائما آنذاك منذ قيامه‬
‫من ‪ louis henkin‬وفي الفقه المريكي فان الستاذ لويس هنكن‬
‫جامعة كولومبيا والمعروف بمؤلفاته عن حقوق النسان يأخذ ذات الموقف‬
‫وينتقد المحكمة العليا التحادية في استنادها إلى نظرية العمال السياسية‬
‫لكي تنحي بعض العمال عن رقابتها ويذهب هنكن إلى أن المحكمة كان‬
‫في مقدورها أن تقيم قضاءها ل علي تلك النظرية وانما علي فكرة اقوي‬
‫حاصلها أن عمل السلطة التشريعية أو عمل السلطة التنفيذية الذي أبعدته‬
‫المحكمة عن رقابتها إنما يقع داخل الحدود الدستورية التي رسم الدستور‬
‫في إطارها ولية كل من هاتين السلطتين ومن ثم تعدو المسائل التي‬
‫أقصتها المحكمة عن رقابتها موافقة للدستور ل لنها تتأبى بطبيعتها علي‬
‫الخضوع لهذه الرقابة باعتبارها من العمال السياسية ولكن لن العمل في‬
‫ذاته يدخل في حدود الولية الدستورية لي من السلطتين التشريعية أو‬
‫التنفيذية وهو بذلك موافق للدستور والجدل فيه ل يكون إل علي الصعيد‬
‫‪) .‬السياسي وبالوسائل السياسية)‪63‬‬
‫وخلصة القول أننا نرفض أن تكون نظرية العمال السياسية كما يقول‬
‫الفقاء المريكيون أو نظرية أعمال السيادة كما نذهب سواء في فرنسا أو‬
‫في مصر سببا لن يحجب القضاء الدستوري نفسه عن نظر منازعة من‬
‫المنازعات طالما كان المر يرتد إلى الدستور ومدي التفاق أو عدم‬
‫التفاق مع أحكامه ‪ ،‬ونري أن تقرير هيئة المفوضين أمام المحكمة‬
‫الدستورية العليا في القضية الدستورية رقم ‪ 56‬لسنة ‪ 6‬قضائية قد أصاب‬
‫الحقيقة عندما ذهب إلى انه إذا كان الهدف من نظرية أعمال السيادة منع‬
‫القضاء من التعرض باللغاء أو التعويض لعمال هي إدارية بطبيعتها‬
‫وترك السلطة مطلقة للدارة في شان هذه العمال أما لن الدارة اتخذتها‬
‫بباعث سياسي أو لكونها من أعمال الحكومة وليست من العمال الدارية‬
‫أو لن هذه العمال تدخل في نطاق الموضوعات الواردة في قائمة معينة‬
‫استخلصها الفقه من أحكام القضاء فانه يتعين التسليم بان هذا الهدف‬
‫المبتغي من أعمال السيادة ل محل له مطلقا في نطاق الرقابة القضائية‬
‫علي دستورية التشريعات لن هذه التشريعات أما أن تكون تشريعات‬
‫أصلية صادرة عن السلطة التشريعية الصلية وهذه بالقطع ليست إعمال‬
‫إداريا وفقا للمعيار الشكلي والذي يتخذه القضاء أساسا لتمييز عمل الدارة‬
‫أو تكون تشريعات صادرة بقرارات بقوانين وهذه أيضا تعتبر طالما صدرت‬
‫في حدود التفويض أو اقرها مجلس الشعب في حالة لوائح الضرورة‬
‫صادرة عن سلطة تشريعية ‪ ،‬وان كانت استثنائية ‪ ،‬ول تعتبر هذه‬
‫التشريعات بأي حال من الحوال من القرارات الدارية ‪ ،‬وأما أن تكون‬
‫تشريعات ثانوية أو لوائح وهي وان كانت قرارات إدارية تنظيمية إل أن‬
‫القضاء الدستوري ل يراقب مشروعيتها بمعني مدي اتفاقها أو اختلفها‬
‫وأحكام القانون)‪ ، (64‬فذلك من اختصاص القضاء الداري ولكنه أي‬
‫القضاء الدستوري يراقب مدي اتفاق أو عدم اتفاق التشريع الصلي أو‬
‫الثانوي – المطعون فيه – مع أحكام الدستور فإذا كان ذلك التشريع متفقا‬
‫مع أحكام الدستور فانه يصبح ول مطعن عليه وإذا كان غير متفق مع‬
‫أحكام الدستور فانه يتعين الحكم بعدم دستوريته في كل الحوال وإل جعلنا‬
‫من نظرية العمال السياسية أو نظرية أعمال السيادة مدخل للفتئات علي‬
‫أحكام الدستور ‪ ،‬وإذا جاز ذلك أمام القضاء العادي فانه ل يجوز أمام‬
‫القضاء الدستوري ‪ ،‬ذلك أن المسائل التي تثار أمام القضاء الدستوري هي‬
‫بطبيعتها مسائل وثيقة الصلة بالمور السياسية وبسيادة الدولة ‪ ،‬وإذا كان‬
‫التشريع الصادر عن البرلمان هو أحد الصور الساسية المعبرة عن‬
‫السيادة وكان هذا التشريع في كل حالته يخضع لرقابة الدستورية وفحص‬
‫مدي اتفاقه أو اختلفه مع الدستور فهل يتصور مع ذلك أن ينجو قرار‬
‫‪ .‬أدارى لي سبب من هذه الرقابة الدستورية‬
‫إن استعارة نظرية أعمال السيادة من القضاء الداري وتطبيقها في المجال‬
‫‪ .‬الدستوري ينطوي في تقديري علي خطا كبير‬
‫لقد أدت نظرية أعمال السيادة دورا هاما في القضاء الداري ل نستطيع‬
‫إنكاره ‪ ،‬ولكن هذه النظرية أخذة في الضمور حتى في نطاق القضاء‬
‫الداري ‪ ،‬وبعد النص الهام الوارد في المادة ‪ 68‬من دستور ‪ 1971 /‬م ‪،‬‬
‫‪ :‬والذي يقول‬
‫التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ‪ ،‬ولكل مواطن حق ‪" . .‬‬
‫اللتجاء إلى قاضيه الطبيعي ‪ ،‬وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من‬
‫‪ .‬المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا‬
‫ويحظر النص في القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار أدارى من رقابة‬
‫‪ ".‬القضاء‬
‫فان الذين يقبلون النظرية يجب أن يضعوها في أضيق نطاق ‪ ،‬والذي ل‬
‫شك فيه عندي أن الخذ بهذه النظرية أو ما بقابلها – نظرية العمال‬
‫‪ .‬السياسية – أمام القضاء الدستوري هو أمر غير مقبول‬
‫المبحث الثاني‬
‫مناط الرقابة أو مرجع الرقابة‬
‫‪ :‬وهنا نجيب عن هذا السؤال‬
‫عندما تراقب المحكمة الدستورية دستورية تشريع معين فما هو مرجعها‬
‫‪ .‬لكي تقول ‪ :‬هذا النص دستوري أو غير دستوري‬
‫الجابة الواضحة والصحيحة هي إن الدستور – دستور الدولة التي تجري‬
‫المنازعة علي إقليمها – هو المرجع الذي ترجع إليه المحكمة الدستورية‬
‫‪ .‬في قضائها‬
‫ولكن ما معني الدستور وهل يقف المر عند حدود نصوص الوثيقة‬
‫الدستورية أم يعدوها إلي مصادر أخري ؟ ؟‬
‫وهل العرف الدستوري يعتبر مرجعا ترجع إليه المحكمة الدستورية وهي‬
‫تراقب دستورية القوانين ؟ كذلك ما القول في مقدمات الدساتير ؟‬
‫وما هو الرأي بالنسبة لعلنات الحقوق والمواثيق والمعاهدات الدولية ؟‬
‫وهل الشريعة السلمية – وفقا لنص المادة الثانية من دستورنا – تعتبر‬
‫مرجعا من المرجع التي ترجع إليها المحكمة الدستورية وهي تقضي‬
‫بدستورية قانون أو عدم دستوريته ؟‬
‫‪ .‬هذه هي المسائل التي سنناقشها في هذا المبحث‬
‫أول ‪ :‬الدستور‬
‫ل شبهة إن الوثيقة الدستورية التي تضم مواد الدستور من أولها إلي‬
‫أخرها هي المرجع الساسي الذي ترجع إليه المحكمة الدستورية لكي تري‬
‫ما إذا كان نص معين في قانون يتفق مع ذلك الدستور فتقضي بدستوريته‬
‫‪ .‬أول يتفق معه فتقضي بعدم دستوريته‬
‫والمحكمة الدستورية ترجع إلي الدستور القائم وقت الفصل في الدعوى‬
‫‪ .‬ول ترجع إلي الدستور الذي كان قائما وقت صدور القانون المطعون فيه‬
‫ولكن هذه القاعدة العامة تتضمن استثناءًا يتعلق بالقواعد الجرائية ذلك‬
‫انه بالنسبة للقواعد الجرائية فان المحكمة تعمل الدستور الذي صدر في‬
‫ظله القانون المطعون فيه ‪ .‬فإذا صدر قانون في وقت لم يكن الدستور‬
‫يطلب عرضه علي مجلس الشورى والدستور القائم الن بعد تعديله عام‬
‫‪ 1980‬يتطلب هذا العرض فان المناط والمرجع بالنسبة للقواعد الجرائية‬
‫‪ .‬هو الدستور الذي كان قائما وقت صدور القانون‬
‫ولكن الحكام الموضوعية تقاس أول وأخيرا علي الدستور القائم فان‬
‫اتفقت معه فإنها تكون دستورية وان اختلفت معه فإنها تكون غير‬
‫‪ .‬دستورية‬
‫وفي هذا المعني قالت المحكمة في حكم من أوائل أحكامها بتاريخ ‪ 6‬مارس‬
‫‪ 1971‬إن رقابة دستورية القوانين منذ عرفت في الدول ذات الدساتير‬
‫الجامدة تستهدف أصل صون الدستور القائم وحمايته من الخروج علي‬
‫أحكامه ‪ .‬وقد سارت المحكمة الدستورية العليا علي ذات النهج فحكمت‬
‫بعدم دستورية نصوص في قوانين صادرة قبل دستور ‪ 1970‬لنها‬
‫تتعارض مع الدستور القائم حتى وان كانت متفقة مع الحكام الدستورية‬
‫‪ .‬التي صدرت في ظلها‬
‫كذلك فقد تواترت أحكام المحكمة العليا ومن بعدها المحكمة الدستورية‬
‫العليا علي انه إذا كان العيب الدستوري في قانون من القوانين يتعلق‬
‫بمخالفة الشكل أو في الجراءات فان المعول عليه كمرجع للرقابة‬
‫‪) .‬الدستورية هو الدستور الذي صدر في ظله القانون المطعون فيه)‪65‬‬
‫هذا عن نصوص الدستور نفسه أما مقدمات الدساتير فإنها إن تضمنت‬
‫عبارات إنشائية عامة كما يحدث عادة فإنها ل تعتبر مرجعا للقضاء‬
‫الدستوري أما إذا تضمنت مبادئ واضحة تعطي حقوقا أو ترتب واجبات‬
‫فانه يمكن اعتبارها مرجعا دستوريا ‪ ،‬وهذا هو ما جري عليه اتجاه‬
‫المجلس الدستوري في فرنسا بالنسبة لمقدمتي دستور ‪ 1946‬ودستور‬
‫‪1958 .‬‬
‫ونري إن مقدمة دستور ‪ 1971‬عندنا تتضمن عبارات إنشائية واتجاهات‬
‫‪ .‬فلسفية ليس من شانها إن تصلح لتكون مرجعا للقضاء الدستوري‬
‫‪ :‬ثانيًا ‪ :‬العرف الدستوري‬
‫العرف مصدر من مصادر القاعدة القانونية ل يختلف في ذلك أحد إل غلة‬
‫المدرسة الشكلية وإذا كان هذا هو شان العرف بالنسبة للقواعد القانونية‬
‫العادية فان المر أثار خلفا بالنسبة للعرف في ظل الدساتير الجامدة التي‬
‫تفترض طريقة خاصة في وضعها وفي تعديلها ‪ .‬ومع ذلك فان التساؤل‬
‫حول العرف الدستوري وما إذا كان مصدرا للقاعدة الدستورية يظل تساؤل‬
‫قائما والمر المطروح هو هل يعتبر العرف الدستوري مرجعا ترجع إليه‬
‫‪ .‬المحكمة الدستورية عندما تزن دستورية قانون معين أو عدم دستوريته‬
‫من الناحية النظرية فان غالبية الفقه تري إن العرف الدستوري المفسر‬
‫وكذلك العرف الدستوري المكمل يعتبران من مراجع الدستورية ‪ .‬ذلك علي‬
‫حين انه في ظل الدستور الجامد ل يمكن التسليم بإمكان العرف الدستوري‬
‫‪ .‬المعدل لن ذلك يخل بمبدأ جمود الدستور‬
‫هذا من الناحية النظرية لكن الواقع من الناحية العملية يقول إن العرف‬
‫بطبيعته غير محدد ويحتاج إلي زمن طويل للقول بوجوده واستقراره ومن‬
‫ثم فانه من الناحية الواقعية يصعب إن يقال إن العرف مرجع من مراجع‬
‫‪ .‬القضاء الدستوري‬
‫‪ :‬ثالثًا ‪ :‬إعلنات الحقوق والمواثيق الدولية‬
‫يتجه القضاء الدستوري في الوليات المتحدة إلي اعتبار " إعلن الحقوق‬
‫" مرجعا أساسيا من مراجع الدستورية كذلك فان إعلن حقوق النسان‬
‫والمواطن الصادر عن الثورة الفرنسية يعتبر بدوره من قبيل الوثائق‬
‫‪ .‬الدستورية‬
‫أما بالنسبة للميثاق في جمهورية مصر العربية فقد كان يفترض إن تتم‬
‫مراجعته وإعادة النظر فيه بعد عشر سنوات من إصداره المر الذي لم‬
‫يحدث والواقع إن الميثاق اعتبر دليل عمل مرحلة معينة من مراحل‬
‫‪ .‬التطور السياسي والجتماعي والقتصاد في مصر وانتهت هذه المرحلة‬
‫وقد استقر القضاء الدستوري عندنا علي إن الميثاق ليس إل دليل عمل‬
‫يتضمن مبادئ عامة وانه ليس مرجعا من مراجع القضاء الدستوري‬
‫‪ .‬عندما يقدر دستورية أو عدم دستورية قانون معين‬
‫‪ :‬رابعًا ‪ :‬المعاهدات‬
‫المعاهدات عندما يتم التصديق عليها ويوافق عليها البرلمان تصبح بمثابة‬
‫قانون من قوانين الدولة أو بالدق تكون لها قوة القانون والقوانين ليست‬
‫مرجعا من مراجع القضاء الدستوري عندما يحكم علي دستورية أو عدم‬
‫دستورية قانون أخر ‪ .‬ذلك إن القوانين تتساوى في درجتها واللحق منها‬
‫ينسخ السابق فيما يتعارض معه من أحكام ‪ .‬وليس للمعاهدات في مصر‬
‫كما هو الشأن في فرنسا – سموا علي القوانين العادية ولكنها في مثل‬
‫‪ .‬درجتها ومن ثم فهي ليست مرجعا للقضاء الدستوري‬
‫‪ :‬خامسًا ‪ :‬الستفتاءات‬
‫من حق رئيس الجمهورية إن يعرض أمرا سياسيا أو معاهدة أو قانونا‬
‫علي الستفتاء العام فهل يغير ذلك من طبيعة المر المعروض ويرفعه‬
‫درجة فوق درجته الصلية ؟‬
‫القوانين التي تعرض علي الستفتاء العام في فرنسا تحصن ضد الطعن‬
‫أمام المجلس الدستوري باعتبارها معبرة عن الرادة الشعبية العامة ‪.‬‬
‫ولكن مجلس الدولة في مصر ومن بعده القضاء الدستوري سار علي إن‬
‫الستفتاء ل يغير من طبيعة المر المعروض علي الستفتاء ويبقي علي‬
‫طبيعته ويجوز عليه كل ما كان يجوز قبل طرحه للستفتاء وبذلك فإنها ل‬
‫‪ .‬تعد مرجعا دستوريا‬
‫‪ :‬سادسًا ‪ :‬الشريعة السلمية‬
‫كانت المادة الثانية من دستور ‪ 1971‬تنص علي إن الشريعة السلمية‬
‫مصدر أساسي للتشريع ثم أصبحت بعد تعديل الدستور عام ‪ 1981‬تنص‬
‫علي أنها " المصدر الساسي للتشريع " فهل يعني ذلك سواء قبل التعديل‬
‫أو بعده إن الشريعة السلمية بذاتها أصبحت مرجعا ترجع إليه المحكمة‬
‫الدستورية العليا لتقرر ما إذا كان قانون من القوانين دستوريا – إذا كان‬
‫متفقا مع الشريعة – أو غير دستوري إذا لم يكن متفقا معها ؟‬
‫إن ذلك يعني إن الشريعة السلمية أصبحت متضمنة في الحكام‬
‫الدستورية وهذا أمر ل يمكن القول به إل إذا حددنا علي وجه القطع‬
‫والضبط ما هي القواعد الشرعية السلمية وليس مجرد المبادئ أو الراء‬
‫أو الجتهادات ‪ .‬إن المر هنا أمر تنظيم دستوري ؛ أمر حقوق وواجبات ‪،‬‬
‫وفي هذا النطاق فان كل شئ يتعين إن يكون محددا وواضح المعالم وليس‬
‫ل للتأويل ‪ .‬وما أظن أحدا يستطع إن يقول إن عبارة " الشريعة‬ ‫مح ً‬
‫السلمية " تعني ما تقدم ‪ .‬وعلي ذلك فنحن نذهب إلي ما ذهب إليه‬
‫القضاء الدستوري في بعض أحكامه من إن المادة الثانية من الدستور وما‬
‫تضمنته من إن الشريعة السلمية المصدر الساسي للتشريع هي توجيه‬
‫للمشرع تلزمه بان يرجع أول إلي الشريعة السلمية وهو بصدد وضع‬
‫القوانين للمجتمع وان القضاء المخاطب بأحكام التشريعات يزن هذه‬
‫‪ .‬التشريعات علي ضوء الدستور القائم‬
‫***‬
‫هذا عن موضوع الدعوى الدستورية وكون هذا الموضوع يتعلق‬
‫بالنصوص القانونية التي يطعن فيها بعدم الدستورية من ناحية والمرجع‬
‫الذي ترجع إليه المحكمة الدستورية وهي تقرر دستورية أو عدم دستورية‬
‫قانون معين وكون هذا المرجع هو أساسا الدستور القائم وقت إصدار‬
‫‪ .‬الحكم في الدعوى علي التفصيل الذي سبق بيانه‬

‫العيوب الدستورية‬

‫يمكن إن نوجز الدستوري التي تلحق بقانون معين في عبارة واحدة مبناها‬
‫تلك العيوب تجمل في مخالفة الدستور سواء كانت تلك المخالفة لموضوع‬
‫الدستور نفسه أو لما يفرضه الدستور من أشكال وإجراءات يتعين إن تمر‬
‫‪ .‬خللها العملية التشريعية‬
‫وقد تكون عبارة " العيوب الدستورية " غير دقيقة بعض الشيء ولعل‬
‫الدق هو إن نقول العيوب التي تلحق بقانون من القوانين أو نص في‬
‫‪ .‬قانون معين فتدمغه بعدم الدستورية‬
‫والعيوب التي تلحق قانونا معينا قد تتعلق بشكل إصدار ذلك القانون‬
‫وإجراءاته وقد تتعلق بموضوع القانون نفسه أي بما ورد في ذلك القانون‬
‫من أحكام موضوعية تخالف الحكام الموضوعية في الدستور ‪ .‬ونبحث كل‬
‫‪ .‬عيب من هذين العيبين في مبحث خاص‬
‫‪ .‬ونبدأ بالعيوب المتعلقة بالشكل‬
‫المبحث الول‬
‫العيوب الشكلية‬
‫العيوب الشكلية هي تلك التي تتعلق بمخالفة أجراء أو شكل نص الدستور‬
‫علي ضرورة مراعاته ؛ من ذلك مثل إن يتطلب الدستور أغلبية معينة أكثر‬
‫من مجرد الغلبية المطلقة ويصدر القانون بالغلبية العادية ‪ ،‬أو إن ينص‬
‫الدستور علي ضرورة التصويت بالسماء اسما اسما ويتم التصويت علي‬
‫التشريع برفع اليدي ‪ .‬أو إن ينص الدستور علي ضرورة إن يمر التشريع‬
‫علي لجنة من لجان المجلس ثم ل يمر التشريع علي تلك اللجنة ‪ ،‬ويعرض‬
‫علي المجلس بكامله مرة واحدة ‪ ،‬أو إن يتطلب الدستور عرض التشريع‬
‫علي مجلس الشورى واخذ رأيه فيه ثم ل يعرض التشريع علي ذلك‬
‫المجلس ويصدر بعد الموافقة عليه من مجلس الشعب فقط ‪ ،‬أو إن يصدر‬
‫التشريع من رئيس الجمهورية في الحالت التي يعطيه فيها الدستور ذلك‬
‫ولكن مع تخلف شرط من الشروط التي وضعها الدستور مثل شرط‬
‫الضرورة في الحالت المنصوص عليها في المادة ‪ 147‬التي تعطي رئيس‬
‫الجمهورية حق إصدار قرارات لها قوة القانون في غيبة البرلمان ول‬
‫تكون حالة الضرورة قائمة ‪ .‬أو إن ينص علي إن للقانون أثرا رجعيا دون‬
‫‪ .‬إن يحصل القانون علي الغلبية المطلوبة في مثل هذه الحالة‬
‫هذه بعض أمثلة من العيوب الشكلية التي تلحق التشريع وتجعله مخالفا‬
‫‪ .‬للدستور‬
‫ومن هذه المثلة يبين إن مراعاة " الشكل " في النطاق الدستوري تقوم‬
‫علي ضرورة حماية الوضاع والجراءات الشكلية المنصوص عليها في‬
‫الدستور سواء اتصل ذلك باقتراح التشريع أو التصويت عليه أو مراحل‬
‫نظره أو إقراره أو إصداره ‪ .‬ويكون التشريع معيبا بعيب شكلي إذا خرج‬
‫علي أي شكل من الشكال التي ألزم بها الدستور في أي مرحلة من هذه‬
‫‪ .‬المراحل‬
‫ويجب إن ندرك إن اللوائح البرلمانية تنص علي إجراءات معينة يتعين إن‬
‫تسير فيها العملية التشريعية والغالب إن تكون هذه الجراءات متفقة‬
‫ومتطابقة مع ما جاء به الدستور نفسه من قواعد وإجراءات شكلية ولكن‬
‫يجوز إن تتطلب اللئحة البرلمانية إجراءا لم يأت به الدستور فإذا خولف‬
‫ذلك الجراء فان المخالفة هنا ل تعد مخالفة دستورية ول تقبل إثارتها أمام‬
‫‪ .‬القضاء الدستوري ول يحكم بعدم دستورية التشريع علي أساسها‬
‫والمحكمة الدستورية عندما تتصدى لبحث دستورية تشريع معين فإنها ل‬
‫تنظر موضوع التشريع إل إذا ثبت لديها سلمته من حيث الشكل ‪ .‬ذلك إن‬
‫بحث الشكل يأتي أول‪ .‬وهذا يعني الضرورة إن تعرض القضاء الدستوري‬
‫للمخالفات الدستورية الموضوعية يحمل في طياته براءة التشريع من‬
‫‪ .‬العيوب الشكلية‬
‫ويثور هنا تساؤل عن الدستور الذي يرجع إليه في أمر الشكل والجراءات‬
‫هل هو الدستور القائم وقت الفصل في النزاع المعروض أم هو الدستور‬
‫الذي صدر القانون المطعون فيه بالمخالفة الشكلية في ظله ؟‬
‫ل يمكن عقل إن يطلب من تشريع صدر في ظل دستور انتهت حياته إن‬
‫يكون متفقا مع الجراءات الشكلية في دستور جديد ‪ .‬ذلك انه يتصور مثل‬
‫إن يقيم الدستور الذي صدر في ظله التشريع مجلسا نيابيا واحدا هو وحده‬
‫صاحب الختصاص في التشريع ويوافق المجلس علي ذلك التشريع‬
‫بإجراءات سليمة ‪ .‬ثم يأتي الدستور الجديد فيقيم مجلسين نيابين ويطعن‬
‫علي التشريع الصادر في ظل الدستور القديم بأنه لم يمر علي المجلسين ‪.‬‬
‫‪ .‬هذا طعن غير منطقي ول مقبول ول معقول‬
‫ولذلك فقد جرت أحكام القضاء الدستوري مقررة كل ما تقدم ‪ .‬ولعل من‬
‫احدث ما صدر عن المحكمة الدستورية العليا في هذا المجال حكم المحكمة‬
‫‪ :‬في القضية رقم ‪ 31‬لسنة ‪ 10‬بتاريخ ‪ 7‬ديسمبر ‪ 1991‬والذي جاء فيه‬
‫وحيث أن الصل في الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة علي دستورية "‬
‫القوانين أنها رقابة شاملة تتناول كافة المطاعن الموجهة إليها أيا كانت‬
‫طبيعتها ‪ ،‬وإنها بالتالي ل تقتصر علي العيوب الموضوعية التي تقوم علي‬
‫مخالفة نص تشريعي للمضمون الموضوعي لقاعدة واردة في الدستور‬
‫وإنما تمتد هذه الرقابة – وبوصفها رقابة مركزية قصرها الدستور‬
‫والمشرع كلهما علي هذه المحكمة – إلي المطاعن الشكلية التي تقوم في‬
‫مبناها علي مخالفة نص تشريعي للوضاع الجرائية التي تطلبها الدستور‬
‫سواء في ذلك ما كان منها متصل باقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها‬
‫أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية أو ما كان منها متعلق بالشروط‬
‫التي يفرضها الدستور لمباشرة الختصاص بإصدارها في غيبة السلطة‬
‫التشريعية أو بتفويض منها وذلك لورود النصوص المنظمة لهذه الرقابة‬
‫في صيغه عامة مطلقة ولن قصرها علي المطاعن الموضوعية الموجهة‬
‫إلي النصوص التشريعية إنما يخرج عيوبها الشكلية عن ولية هذه‬
‫‪ .‬المحكمة‬
‫وحيث أن الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة غايتها أن ترد إلي قواعد‬
‫الدستور كافة النصوص التشريعية المطعون عليها وسبيلها أل ذلك إن‬
‫تفصل بإحكامها النهائية في الطعون الموجهة إليها شكلية كانت أو‬
‫موضوعية وان يكون استيثاقها من استيفاء هذه النصوص لوضاعها‬
‫الشكلية أمرا سابقا بالضرورة علي خوضها في العيوب الموضوعية ذلك‬
‫إن الوضاع الشكلية للنصوص التشريعية هي من مقوماتها كقواعد‬
‫قانونية ل يكتمل كيانها أصل في غيبة متطلباتها الشكلية وذلك خلفا‬
‫للعيوب الموضوعية التي تقوم في مبناها علي مخالفة النصوص المطعون‬
‫عليها لقاعدة في الدستور من حيث مضمونها الموضوعي وهو ما يفترض‬
‫لزوما اكتمال أوضاعها الشكلية وإن شابها عوار موضوعي لخروجها‬
‫‪ ...‬علي الحكام الموضوعية في الدستور‬
‫ويتعين علي هذه المحكمة بالتالي إن تتحراها بلوغا لغاية المر فيها ‪ ،‬ولو‬
‫كان نطاق الطعن المعروض عليها محددا في إطار المطاعن الموضوعية‬
‫دون سواها ‪ ،‬ومن ثم تفرض العيوب الشكلية نفسها علي المحكمة دومًا إذ‬
‫يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقا بها وحدها ول يعتبر حكمها برفض هذه‬
‫المطاعن مطهرا للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية أو‬
‫‪ .‬مانعا كل ذي مصلحة من طرحها علي المحكمة وفقا لقانونها‬
‫إن قضاء المحكمة في هذه المخالفة والقائمة في مضمونها علي طعن "‬
‫موضوعي يكون متضمنا علي وجه القطع واللزوم تحققا من استيفاء‬
‫القرار بقانون الذي اشتمل عليها لوضاعه الشكلية إذ لو قام لديها الدليل‬
‫عل تخلفها لسقط هذا القرار بقانون برمته ولمتنع الخوض في اتفاق‬
‫بعض مواده أو مخالفتها لحكام الدستور الموضوعية المر الذي يعتبر‬
‫‪ " .‬معه هذا الوجه من النعي علي غير أساس حريا باللتفات عنه‬
‫المبحث الثاني‬
‫العيوب الموضوعية‬
‫نستطع إن نقول إن العيوب الدستورية الموضوعية التي تلحق نصا‬
‫تشريعيا معينا يمكن إن تجمل في عبارة واحدة هي مخالفة مضمون‬
‫‪ .‬القاعدة التشريعية لمضمون قاعدة واردة في نص من نصوص الدستور‬
‫ومع ذلك فأننا نستطيع من استقراء أحكام القضاء الدستوري إن نتحدث‬
‫عن بعض صور العيوب الدستورية الموضوعية مثل ‪ :‬عيب عدم‬
‫الختصاص ‪ ،‬وعيب المحل ‪ ،‬وعيب النحراف في استعمال السلطة‬
‫التشريعية ‪ .‬ولكن حديثنا عن هذه الصور ل يغني عن إن نقرر إن المبدأ‬
‫العام هو إن النص التشريعي يكون معيبا بعيب موضوعي كلما خالف‬
‫مضمون قاعدة واردة في نص من نصوص الدستور أيا كانت تلك المخالفة‬
‫‪ ،‬ولكننا مع ذلك نشير بإيجاز إلي كل عيب من العيوب التي أشرنا إليه‬
‫‪ .‬ونضرب له بعض المثلة‬
‫الفرع الول‬
‫عيب عدم الختصاص‬
‫سلطة التشريع يقوم بها أصل مجلس الشعب‬
‫ويقوم بها استثناءا رئيس الجمهورية‬
‫وكل من الجهتين رسم الدستور حدود اختصاصها وكيفية ممارستها لهذا‬
‫الختصاص ‪ ،‬فإذا تصورنا إن جهة أخري غير هاتين المؤسستين تصدت‬
‫للتشريع فان تصديها هذا يوسم بميسم عيب عدم الختصاص ‪ ،‬أو لو إن‬
‫أيا من هاتين المؤسستين مارست العملية التشريعية في غير الحدود التي‬
‫‪ .‬رسمها الدستور فان تصرفها يوسم أيضا بميسم عدم الختصاص‬
‫والحقيقة إن فكرة " الختصاص " في القانون الدستوري ترتبط بمداين‬
‫‪ :‬أساسيين من مبادئ القانون العام الحديث‬
‫أ( مبدأ الفصل بين السلطات(‬
‫ب( مبدأ دولة المؤسسات(‬
‫والدولة الحديثة تقوم علي وجود قاعدة قانونية عليا تقر المبدأين‬
‫‪ .‬المتقدمين وتستند إليهما‬
‫أما مبدأ الفصل بين السلطات فيعني أن الدستور إذ يحدد سلطات الدولة‬
‫فانه يحدد اختصاص كل سلطة من هذه السلطات بحيث ل ينبغي لسلطة أن‬
‫ل تقوم باختصاصها من ناحية ول ينبغي لها إن تقوم باختصاص غيرها‬
‫‪ .‬من ناحية أخري‬
‫ويترتب علي ما تقدم انه ل يجوز لسلطة عهد إليها الدستور باختصاص‬
‫معين إن تترك هذا الختصاص لغيرها ‪ :‬إذ إن ذلك فيه تفويت لقصد‬
‫المشرع الدستوري أي السلطة التأسيسية ‪ ،‬ومن هنا كان التفويض غير‬
‫ممكن في الختصاصات التي عهد بها الدستور إلي جهة معينة ما دام لم‬
‫يسمح لها الدستور نفسه يمثل هذا التفويض وفي الحدود التي يسمح بها‬
‫‪ .‬فيه‬
‫وعلي ذلك فانه ل يجوز لرئيس الجمهورية إن يفوض غيره حتى ولو كان‬
‫نائب رئيس الجمهورية – في إن يتولي الختصاصات التي " خصه " بها‬
‫الدستور في المادة ‪ 74‬التي تطبق في حالت الزمات الدستورية وتهديد‬
‫مؤسسات الدولة بالتوقف عن العمل نتيجة وجود خطر جسيم ‪ ،‬أو‬
‫بالختصاصات الواردة في المادة ‪ 145‬المتعلقة بحق رئيس الجمهورية‬
‫في إصدار لوائح الضبط أو الواردة في المادة ‪ 146‬المتعلقة بحقه في‬
‫إصدار اللوائح التنظيمية أو الختصاصات الواردة في المادة ‪ 147‬من‬
‫الدستور والمتعلقة بحق رئيس الجمهورية في إصدار قرارات بقوانين في‬
‫‪ .‬حالة غيبة البرلمان أو فيما بين أدوار انعقاده‬
‫وتستند الفلسفة الدستورية في هذا الشأن إلي إن الدولة الحديثة لم تعد‬
‫دولة فرد أو مجموعة من الفراد " يملكون " سلطة الدولة ‪ .‬هذا غير‬
‫صحيح إن سلطة الدولة ملك للدولة باعتبارها التشخيص القانوني‬
‫للشعب ‪ ،‬والقانون السمي في الدولة – الدستور – يوزع سلطات الدولة‬
‫علي مؤسسات معينة هذه المؤسسات تنشئها القاعدة الدستورية وتحدد‬
‫اختصاصها القاعدة الدستورية وتعين الممارسين أو الممثلين لها القاعدة‬
‫‪ .‬الدستورية وتبين المدة الزمنية لختصاصها القاعدة الدستورية أيضا‬
‫ومما تقدم يبين لنا أن عيب عدم الختصاص في المجال الدستوري يقترب‬
‫في عناصره من فكرة الختصاص في المجال الداري وان كانت الولى‬
‫تستند إلي قاعدة دستورية علي حين إن الثانية تستند إلي قاعدة إدارية أو‬
‫قانونية عادية وعناصر فكرة الختصاص في الحالتين تقوم علي العنصر‬
‫‪ .‬الشخصي والعنصر الموضوعي والعنصر المكاني والعنصر الزمني‬
‫والعنصر الشخصي في الختصاص يعني أن يقوم بالختصاص الدستوري‬
‫‪ .‬الجهة أو الشخص الذي حدده الدستور للقيام بهذا الختصاص‬
‫فإذا حدد الدستور اختصاصا معينا وعهد به إلي القضاء فان افتئات جهة‬
‫أخري أيا كانت وأيا كان موقعها في سلم مؤسسات الدولة علي هذا‬
‫‪ .‬الختصاص يسمه بميسم عدم الدستورية‬
‫فإذا كان الفصل في المنازعات المدنية وتوقيع العقوبات في المسائل‬
‫الجنائية هو اختصاص عهد به الدستور إلي السلطة القضائية فان هذه‬
‫السلطة ل تستطيع إن تتخلى عن هذا الختصاص ول تستطيع إن تعهد به‬
‫إلي غيرها ‪ ،‬هذا من ناحية ومن ناحية أخري فان أي سلطة أخري في‬
‫الدولة ل تملك إن تفصل في جنحة ضرب صغيرة وان توقع علي فاعلها‬
‫حكما بغرامة يسيره فان هي فعلت كان تصرفها باطل لخروجه علي قواعد‬
‫‪ .‬الختصاص التي وضعها الدستور‬
‫وإذا حدد الدستور اختصاصا معينا وعهد به إلي " رئيس الجمهورية "‬
‫فان رئيس الجمهورية وحده دون غيره هو الذي يملك ذلك الختصاص ‪.‬‬
‫والدستور هو الذي يحدد من هو رئيس الجمهورية وكيف يتولي منصبه‬
‫‪ .‬ومدة توليه لهذا المنصب وما إلي ذلك‬
‫وهكذا بالنسبة لكل اختصاص دستوري عهد به الدستور إلي مؤسسة‬
‫معينة أو إلي شخص بذاته فان مباشرة غير هذه المؤسسة أو غير ذلك‬
‫الشخص لهذا الختصاص يعد عيبا دستوريا متعلقا بالعنصر الشخصي في‬
‫‪ .‬الختصاص‬
‫وإذا كان الصل إن الختصاص الدستوري ل يجوز التفويض فيه فان مثل‬
‫‪ .‬هذا التفويض يجوز استثناء بنص الدستور نفسه‬
‫وقد أجاز الدستور في المادة ‪ 108‬منه لمجلس الشعب إن يفوض رئيس‬
‫الجمهورية استثناءا وفي ظروف خاصة بإصدار قرارات لها قوة القانون‬
‫حيث يقول النص الدستوري " لرئيس الجمهورية " عند الضرورة وفي‬
‫الحوال الستثنائية وبناء علي تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي‬
‫العضاء إن يصدر قرارات لها قوة القانون ‪ .‬ويجب إن يكون التفويض‬
‫لمدة محدودة ‪ .‬وان تبين فيه موضوعات هذه القرارات والسس التي تقوم‬
‫عليها ويجب عرض هذه القرارات علي مجلس الشعب في أول جلسة بعد‬
‫انتهاء مدة التفويض فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها‬
‫زال ما كان لها من قوة القانون ‪ . .‬وواضح من مراجعة هذا النص أن‬
‫التفويض في الختصاص الدستوري هو نوع من الستثناء الذي ل يجوز‬
‫إل عند الضرورة وفي الحوال الستثنائية ‪ ،‬واستعمال المشرع لهاتين‬
‫العبارتين الحوال الستثنائية ‪ .‬وحالة الضرورة رغم قربهما في المعني "‬
‫الضرورة والظروف الستثنائية " يوضح الطابع الستثنائي لمكانية‬
‫‪ .‬التفويض‬
‫والحقيقة انه في البلد التي تعمقت فيها سيادة القانون ودولة المؤسسات‬
‫واحترام الدستور يندر فيها التفويض إل في الحالت الستثنائية فعل علي‬
‫حين انه في البلد التي ما زال حكم الفرد يغلب فيها علي حكم المؤسسات‬
‫فأننا نصادف تفريطا في التفويض بمعني أننا قد نجد تفويضا ل تبرره‬
‫ضرورة ول ظروف استثنائية حاكمه ‪ .‬وهذا نوع من تقصير المجالس‬
‫النيابية في حق نفسها وفي حالة وجود قضاء دستوري فان القضاء‬
‫الدستوري يتعين عليه إن يراقب مدي اتفاق قانون التفويض مع الدستور‬
‫وهل تحققت حالة من حالت الضرورة ووجدت الظروف الستثنائية التي‬
‫تبرر الخروج علي الصل وهو اختصاص نواب الشعب بالتشريع ومن ثم‬
‫يكون التفويض دستوريا أم إن هذه الحالة غير قائمة ومن ثم يفقد‬
‫‪ .‬التفويض سند وجوده‬
‫والحقيقة أن المحكمة العليا التي أنشئت عام ‪ 1969‬وبدأت تباشر عملها‬
‫عام ‪ 1970‬توسعت في معني التفويض التشريعي الذي صدر بالقانون رقم‬
‫‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬وصححت ما أصدره رئيس الجمهورية علي أساس ذلك‬
‫‪ .‬التفويض علي حين إن ذلك التفويض يحمل شكا كبيرا في دستوريته‬
‫ويبدو أن المحكمة العليا تأثرت آنذاك بأصل نشأتها هي ذاتها وان هذه‬
‫النشأة قامت بقرار بقانون صدر بناء علي قانون التفويض المشار إليه‬
‫الذي نذهب إلي الشك الكبير في دستوريته ذلك بالرغم من أن دستور‬
‫‪ 1971‬تضمن نصا يصحح وضع المحكمة العليا ويعطي استمرارها – إلي‬
‫إن تنشا المحكمة الدستورية العليا – مشروعية دستورية ‪ ،‬المهم والذي‬
‫يتعين علينا إن نعرفه في هذه المرحلة هو أن الدستور عندما يعطي‬
‫اختصاصا معينا لجهة معينة فان هذه الجهة عليها إن تقوم بهذا‬
‫الختصاص ول تنكره وليس لها كأصل عام إن تفوض غيرها فيه إل إذا‬
‫أجاز الدستور نفسه مثل ذلك التفويض وبالشروط التي يحددها الدستور‬
‫‪ .‬نفسه‬
‫وإذا كان ما تقدم كله يتعلق بالعنصر الشخصي في الختصاص فان‬
‫الخروج علي العنصر الموضوعي أي علي موضوع الختصاص نفسه‬
‫يشكل عيبا دستوريا بعدم الختصاص ‪ .‬فإذا جاء الدستور وحظر المصادرة‬
‫العامة للموال وأقدم مجلس الشعب علي سن قانون يجيز المصادرة العامة‬
‫فان المجلس في هذه الحالة يكون قد شرع في " موضوع " ل يملك‬
‫‪ .‬التشريع فيه لن الدستور حظره سواء عليه أو علي غيره‬
‫كذلك فان الدستور عندما يقرر مساواة المصريين جميعا أمام القانون فان‬
‫مجلس الشعب أو رئيس الجمهورية ل يملك أي منهما إن يسن تشريعا‬
‫يخل بقاعدة المساواة حتى وان كان ذلك الخلل فيه مظهر من مظاهر‬
‫العدالة كان يعطي أبناء أساتذة الجامعة أو أبناء الشهداء ميزة معينة علي‬
‫غيرهم تخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص عند دخول الجامعة فإذا صدر‬
‫مثل ذلك التشريع فانه يعتبر غير دستوري لن " موضوع التشريع "‬
‫خالف قاعدة دستورية أصلية هي التي تتمثل في مبدأ المساواة بين‬
‫‪ .‬المصريين جميعا أمام القانون‬
‫أما بالنسبة للعنصر الزمني في الختصاص فان أوضح مثل له إن يصدر‬
‫مجلس الشعب تفويضا لرئيس الجمهورية في التشريع في أمور معينة‬
‫لمدة محدودة وتنتهي هذه المدة وفي اليوم التالي يستعمل رئيس‬
‫الجمهورية رخصة التفويض ليصدر قرارات بقوانين ‪ .‬مثل هذه القرارات‬
‫بقوانين تعد غير دستورية لمخالفتها قاعدة من قواعد الختصاص‬
‫‪ .‬الدستوري المتعلقة بزمن التفويض‬
‫كذلك لو فرضنا إن مجلس الشعب قد صدر بحله قرار من رئيس‬
‫الجمهورية بعد الستفتاء المطلوب دستوريا ومع ذلك وبعد إن ابلغ‬
‫المجلس بقرار الحل اقر تشريعا معينا ‪ .‬مثل هذا التشريع ل يملك المجلس‬
‫‪ .‬سنة لن زمن اختصاص المجلس قد انتهي‬
‫كذلك عندما تنتهي مدة رئيس الجمهورية ول يكون قد رشح نفسه وجدد‬
‫انتخابه فانه بعد نهاية مدة وليته ولو بيوم واحد ل يستطيع إن يباشر أي‬
‫اختصاص من اختصاصاته التي ينتهي حقه في مباشرتها بانتهاء المدة‬
‫‪ .‬التي حددها الدستور لوليته‬
‫أما العنصر المكاني في الختصاص فانه غير متصور بالنسبة‬
‫للموضوعات الدستورية ذلك انه ليس من المتصور إن يسن مجلس الشعب‬
‫تشريعا أو إن يصدر رئيس الجمهورية قرارا بقانون وينص في أي منهما‬
‫علي تطبيقه خارج حدود الدولة – هذا أمر غير متصور وان حدث فانه‬
‫‪ .‬يكون غير دستوري بطبيعة الحال‬
‫هذا هو عيب عدم الختصاص الدستوري ‪ .‬وإذا قام هذا العيب في أي‬
‫عنصر من عناصر نص تشريعي معين فان مثل هذا النص يكون معيبا‬
‫بعيب عدم الدستورية ويحق للقضاء الدستوري عندما يطعن أمامه في مثل‬
‫ذلك النص إن يقضي بعدم دستوريته لمخالفته للقواعد المنصوص عليها‬
‫‪ .‬في الدستور‬
‫الفرع الثاني‬
‫العيب الذي يلحق محل التشريع‬
‫يتعين أن يكون محل التشريع متفقا مع مضمون الدستور ملتزما بالضوابط‬
‫والقيود التي تضعها القواعد الدستورية كما يتعين أن يكون محل التشريع‬
‫‪ .‬عبارة عن قواعد عامة مجردة‬
‫والواقع إن محل التشريع هو موضوعه ‪ ،‬ويتعين إن يكون هذا الموضوع‬
‫‪ .‬أو المحل متفقا مع الحدود والضوابط الموضوعية التي يقررها الدستور‬
‫وإذا كان من المقرر إن الصل في المشرع انه يملك سلطة تقديرية ‪ .‬إل‬
‫انه في أحيان محدودة تكون سلطة المشرع مقيدة وفقا لما ينص عليه‬
‫‪ .‬الدستور ويفرضه‬
‫وعلي ذلك ومن منظور رقابة الدستورية سنعالج تلك الرقابة عندما تكون‬
‫‪ .‬للمشرع السلطة التقديرية ونعالجها عندما تكون سلطة المشرع مقيدة‬
‫‪ :‬رقابة الدستورية عندما تكون السلطة تقديرية‬
‫استقر القضاء الدستوري في العديد من أحكامه علي انه عندما يتمتع‬
‫المشرع بسلطة تقديرية في تنظيم الحقوق فانه يصبح ول معقب عليه في‬
‫تقديره ما دام إن الحكم التشريعي الذي قرر لتلك الحالت قد صدرت به‬
‫قاعدة عامة مجردة ل تنطوي علي التمييز بين من تساوت مراكزهم‬
‫‪ .‬القانونية ول تهدر نصا في الدستور‬
‫والسلطة التقديرية ل تعني السلطة المطلقة وإنما تعني أنها سلطة يمارسها‬
‫المشرع في نطاق الدستور وإطار أحكامه ‪ .‬ولكن المشرع في هذا الطار‬
‫الدستوري يملك الحرية في المفاضلة بين عديد من البدائل والخيارات دون‬
‫إن يفرض عليه التزام طريق معين أو خيار بذاته ما دامت كل تلك البدائل‬
‫‪ .‬والخيارات تدخل ضمن الطار الذي رسمه الدستور‬
‫كذلك فان السلطة التقديرية التي يتمتع بها المشرع مهما اتسعت ل تصل‬
‫إلي حد إهدار أصل الحق الذي قرره الدستور أو حتى النتقاص من ذلك‬
‫‪ .‬الحق ن أنها ل تعدو إن تكون تنظيما للحق ل عداونا عليه أو إهدارا له‬
‫وفي هذا المعني تردد في القضاء الدستوري انه وان كان الصل في سلطة‬
‫التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية وان الرقابة القضائية علي‬
‫دستورية التشريعات ل تمتد إلي ملءمة إصدارها إل إن هذا ل يعني إطلق‬
‫هذه السلطة في سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التي نص‬
‫عليها الدستور ‪ . .‬ومن ثم فان تنظيم المشرع لحق المواطنين في النتماء‬
‫إلي الحزاب السياسية ومباشرتهم للحقوق السياسية ينبغي إن ل يعصف‬
‫بهذه الحقوق أو يؤثر علي بقائها علي نحو ما سلكه النص المطعون عليه‬
‫إذ تعرض لحقوق عامة كفلها الدستور وحرم فئة من المواطنين منها‬
‫حرمانا مطلقا ومؤبدا علي ما سلف بيانه مجاوزا بذلك دائرة تنظيم تلك‬
‫الحقوق المر الذي يحتم إخضاعه ما تتوله هذه المحكمة من رقابة‬
‫‪) .‬دستورية)‪66‬‬
‫وهكذا نري إن محل التشريع أو موضوع التشريع مهما بلغت السلطة‬
‫التقديرية للمشرع – يجب إن يظل في إطار الحكام والقيود التي فرضها‬
‫الدستور فإذا خرجت النصوص التشريعية عن القواعد الموضوعية التي‬
‫فرضها الدستور أصابها عيب عدم الدستورية في محلها وفي الموضوع‬
‫‪ .‬الذي أرادت إن تنظمه‬
‫وإذا كان هذا هو المر بالنسبة للحالت التي يتمتع فيها المشرع بسلطة‬
‫تقديرية فان مجال الرقابة الدستورية يتسع أكثر من ذلك في حالت السلطة‬
‫‪ .‬المقيدة للمشرع‬
‫‪ :‬رقابة الدستورية عندما تكون السلطة مقيدة‬
‫إذا كان الصل إن المشرع يملك سلطة تقديرية عندما يقوم بوظيفة‬
‫التشريع فان ثمة حالت فرض فيها الدستور قواعد وقيود وضوابط علي‬
‫تلك السلطة بحيث توشك السلطة التقديرية إن تختفي لتحل محلها سلطة‬
‫‪ .‬مقيدة بل وبالغة التقييد أحيانا‬
‫فإذا قرر المشرع الدستوري إلغاء عقوبة العدام مثل فهنا ل توجد سلطة‬
‫ل تقديريه ول مقيدة للمشرع يملك بها فرض العدام ‪ .‬وإذا قال المشرع‬
‫الدستوري إن أبعاد المواطنين محظور فان المشرع العادي ل يملك إن‬
‫يسن تشريعا ينظم فيه بعض حالت البعاد ‪ .‬في مثل هذه المثلة ل نتكلم‬
‫عن سلطة مقيدة ول منعدامه وإنما تتكلم عن امتناع المحل ‪ .‬نتكلم عن‬
‫‪ .‬منطقة تخرج عن اختصاص السلطات المؤسسة خروجا كامل‬
‫ولكن ثمة حالت يكون فيها محل التشريع ممكنا ولكن سلطة المشرع في‬
‫‪ .‬تنظيم ذلك المحل تكون مقيدة بل وشديدة التقييد أحيانا‬
‫فمن المثلة التي تضيق فيها جدا سلطة المشرع المسائل الجنائية التي‬
‫تعرض الدستور لتنظيمها بنصوص واضحة ‪ ،‬من ذلك مثل ما جاء في‬
‫المادة ‪ 66‬من دستور ‪ 1971‬حيث تقول ‪ :‬العقوبة شخصية ول جريمة‬
‫ول عقوبة إل بناء علي قانون ول توقع عقوبة إل بحكم قضائي ول عقاب‬
‫‪ .‬إل علي الفعال اللحقة لتاريخ نفاذ القانون‬
‫هنا تضيق إلي ابعد المدى سلطة المشرع عندما يتصدى لتنظيم وتفصيل ما‬
‫أجمله هذا النص الدستوري ‪ .‬هنا المشرع العادي ل يستطيع إن يعاقب‬
‫الورثة أو البناء بجريمة أبيهم ‪ .‬ول يستطيع إن ينظم توقيع العقوبة‬
‫بقرارات إدارية ول يستطيع إن يجيز الثر الرجعي للقوانين الجنائية ‪.‬‬
‫وهنا يوشك المحل إن يمتنع علي المشرع العادي ‪ .‬ولكن المشرع العادي‬
‫مع ذلك – وبما ل يخالف الدستور – يملك إن يتحرك في حدود مفهوم ما‬
‫يعنيه الدستور بالحكم القضائي ‪ .‬من ذلك مثل هل تعتبر الحكام الصادرة‬
‫من المحاكم العسكرية أحكاما قضائية ‪ ،‬من ذلك مثل هل تعتبر الحكام‬
‫الصادرة من المحاكم العسكرية أحكاما قضائية ‪ ،‬وهل المحاكم الستثنائية‬
‫مثل محكمة الثورة أو محكمة الشعب أو ما إلي ذلك تعتبر أحكامها أحكاما‬
‫قضائية ‪ ،‬ولكن الذي ل شك فيه إن القرار الداري مهما عل مصدره ل‬
‫يمكن إن يفرض عقوبة ‪ ،‬فإذا فرض الوزير عقوبة المصادرة ولو كانت‬
‫جزئية فان قراره في هذا الشأن يعتبر باطل لن المصادرة عقوبة والعقوبة‬
‫‪ .‬ل تكون إل بحكم قضائي‬
‫وعندما تقول المادة ‪ 67‬من دستور ‪ 1971‬المتهم بريئ حتى تثبت أدانته‬
‫‪ .‬في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه‬
‫هنا أيضا تضيق إلي حد بعيد سلطة المشرع – ولكنها ل تنعدم كما يري‬
‫البعض)‪ (67‬فهو ل يستطيع مثل إن يسن تشريعا يعتبر المتهم مدانا قبل‬
‫الحكم عليه أو يعامله علي هذا الساس ولكنه يستطيع إن يتحرك في‬
‫مفهوم المحاكمة القانونية متى تكون المحاكمة قانونية ومتى ل تكون ‪،‬‬
‫هنا يوجد قدر من السلطة للمشرع لكن هذا القدر المحدود ل يمكن إن يصل‬
‫‪ .‬إلي حد إهدار النص الدستوري‬
‫وإذا تجاوزنا النصوص الدستورية التي تنظم أمورا وموضوعات تتعلق‬
‫بالقوانين العقابية إلي النصوص الدستورية الخرى فأننا سنري إن الصل‬
‫في سلطة المشرع أنها تقديرية إل إن هناك حالت محدودة تكون فيها‬
‫سلطة المشرع مقيدة وذلك يتحقق كلما تعرض الدستور لحق معين ووضع‬
‫أسس وقواعد تنظمه ‪ .‬هنا تتقيد سلطة المشرع العادي بما وضعه المشرع‬
‫‪ .‬الدستوري من أسس وضوابط‬
‫فإذا قرر المشرع الدستوري إن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير‬
‫عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل‬
‫التعبير في حدود القانون فان المشرع العادي إذ يتعرض لتنظيم الحق في‬
‫حرية الرأي يجد نفسه مقيدا بما فرضه الدستور وإذا تجاوز تنظيمه لهذا‬
‫الحق حدود التنظيم إلي النتقاص من الحق ذاته أو إهداره فانه عندئذ‬
‫يكون تشريعا معيبا ويخضع لرقابة المحكمة الدستورية وتحكم في هذه‬
‫الحالت بعدم دستورية النص أو النصوص التي تنتقص أو تهدر الحق في‬
‫‪ .‬حرية الرأي أو التعبير عنه انتقاصا يخل بالصل الذي قرره الدستور‬
‫كلك فان المشرع الدستوري إذ يقرر إن النتخابات والستفتاءات تجري‬
‫تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية يلتزم المشرع العادي بان يراعي‬
‫عندما ينظم هذا المر بقانون إن يكون ذلك الشراف حقيقيا وان يقوم به‬
‫أعضاء من هيئة قضائية ‪ ،‬حقا هو غير ملزم بان يكون المشرفون من‬
‫القضاة وحدهم ذلك لن مفهوم " هيئة قضائية " أوسع من القضاة إذ انه‬
‫يمتد ليشمل أعضاء هيئة قضايا الدول والنيابة الدارية فضل عن أعضاء‬
‫مجلس الدولة ‪ .‬ولكن المشرع ل يملك إن يجعل عملية النتخاب والستفتاء‬
‫تحت إشراف موظفين إداريين ‪ .‬ولكن ما معني الشراف هل يشمل كل‬
‫الخطوات أم يقتصر علي بعضها ‪ .‬هنا تكون للمشرع العادي سلطة يتحرك‬
‫خللها ولكن هذه الحركة محدودة ومقيدة بالسس والضوابط والقواعد‬
‫التي وضعها المشرع الدستوري فإذا هو حاد عنها أو أخل بها كان عمله‬
‫‪ .‬مخالفا للدستور‬
‫وعلي أي حال وأيا كانت سلطة المشرع العادي تقديرية أو مقيدة فانه‬
‫يتعين علي تلك السلطة إن تلتزم بما فرضه الدستور وما وضعه من أسس‬
‫وضوابط فإذا خرج المشرع العادي عن تلك السس والضوابط كان تصرفه‬
‫‪ .‬معيبا بعيب عدم الدستورية‬
‫الفرع الثالث‬
‫عيب النحراف بالسلطة التشريعية‬
‫إذا كان فقه القضاء الداري وأحكامه تعرف عيب النحراف بالسلطة منذ‬
‫إن ابتدع مجلس الدولة الفرنسي دعوي اللغاء وعيب النحراف كسبب‬
‫للغاء القرارات الدارية منذ أكثر من قرن ونصف فان هذا العيب حديث‬
‫علي فقه القانون الدستوري ‪ .‬وقد يكون استأذنا الفقيه الكبير الدكتور عبد‬
‫الرزاق السنهوري من أوائل من عالجوا هذا الموضوع في إطار القانون‬
‫الدستوري في مقال قيم وعميق له بعنوان ")‪ (68‬مخالفة التشريع‬
‫للدستور والنحراف في استعمال السلطة التشريعية " وما زال هذا المقال‬
‫‪ .‬يعتبر العمدة في هذا الموضوع‬
‫وعيب النحراف التشريعي يتعلق أساسا بالغاية من التشريع ذلك إن‬
‫التشريع يتعين إن يستهدف المصلحة العامة فإذا تغيا التشريع غير هذه‬
‫المصلحة لكي يحقق مصلحة فردية أو مصلحة حزب من الحزاب أو‬
‫مجموعة من الشخاص وكان ذلك كله لغير هدف المصلحة العامة أو كان‬
‫ذلك كله أو أي منه يستهدف الضرار بفرد أو مجموعة أفراد بذواتهم أو‬
‫فئة معينة من الناس علي غير ما تقتضيه المصلحة العامة فان التشريع‬
‫في كل هذه الصور والحالت ينطوي علي انحراف بالسلطة التشريعية لغير‬
‫‪ .‬ما أقامها الدستور عليه‬
‫وإذا كانت " الغاية " من التشريع وكونه يستهدف المصلحة العامة‬
‫للجماعة فينجو من هذا العيب – أول يستهدف تلك المصلحة العامة فيقع‬
‫في حومة النحراف بالسلطة – إذا كانت الغاية من التشريع هي كذلك فان‬
‫هذا العيب عندما يتحقق ل يتصور إل عندما يتمتع المشرع بالسلطة‬
‫التقديرية – التي هي الصل كما سبق أن فلنا – ذلك إن متلك السلطة‬
‫التقديرية هو الذي يضع أمام المشرع عديدا من البدائل والوسائل‬
‫والخيارات ‪ ،‬والمشرع في استعماله لسلطته التقديرية في اختيار وترجيح‬
‫أي من هذه الوسائل والبدائل والخيارات يتعين عليه إن يتغيا المصلحة‬
‫العامة دون سواها فان هو انحرف عنها وتغيا غيرها لحقه عيب النحراف‬
‫‪ .‬في استعمال السلطة التشريعية‬
‫وإذا كان هذا العيب عسير الثبات في مجال القضاء الداري ومن ثم اعتبر‬
‫عيبا احتياطيا ل يلجا إليه القاضي الداري إذا وجد عيبا غيره فان أمر‬
‫إثبات مثل هذا العيب في المجال الدستوري أكثر عسرا وصعوبة مما يجعل‬
‫هذا العيب أمام القضاء الدستوري كما هو أمام القضاء الداري عيبا‬
‫احتياطيا ل يلجا إليه القاضي الدستوري إذا وجد مندوحة عنه في أي من‬
‫‪ .‬العيوب الدستورية الخرى التي سبق إن تحدثنا عنها‬
‫وإذا كان عيب النحراف في استعمال السلطة التشريعية متعلقا بالغاية من‬
‫التشريع وكونها تستهدف تحقيق المصلحة العامة أول تستهدفها فان هذا‬
‫العيب ل صلة له بالبواعث التي تدفع المشرع إلي سن تشريع معين في‬
‫وقت معين أو عدم سنه فتلك من الملءمات المتروكة للمشرع والتي ل‬
‫تخضع ول يمكن إن تخضع للرقابة القضائية دستورية أو غير دستورية ‪،‬‬
‫وقصارى المر انه يتعلق بالجانب السياسي في الحكم وبأهداف الحزاب أو‬
‫التنظيمات السياسية وفلسفتها واتجاهاتها فقد يكون هذا الحزب في الحكم‬
‫اليوم وله فلسفة معينة تدعوه إلي اتجاه تشريعي معين – مثل ذلك يدخل‬
‫في باب المواءمات والملءمات التي ل تخضع لرقابة الدستورية ‪ .‬وإذا‬
‫كان هذا هو شان البواعث فانه ليس شان الغايات التي يجب إن تكون دائما‬
‫تحقيق المصلحة العامة للجماعة ومن ثم فانه إذا كان من المتفق عليه إن‬
‫ملءمة التشريع وبواعثه ل تخضع لي رقابة قضائية فان غاية التشريع‬
‫علي العكس من ذلك تخضع لرقابة القضاء الدستوري فان انحرف المشرع‬
‫عن هذه الغاية – المصلحة العامة للجماعة – إلي غايات أخري تجانب‬
‫هذه المصلحة فان تصرف ذلك يسمه بمسيم النحراف بسلطة التشريع‬
‫‪ .‬لغير ما وضعت له‬
‫ول شبهة في إن البواعث تؤثر علي الغايات ولكن الرقابة الدستورية‬
‫تنصرف إلي الغايات دون البواعث ذلك إن البحث في البواعث ينصرف إلي‬
‫‪ .‬النوايا وهي أمر يخرج عن إمكانية التقدير الموضوعي‬
‫وقد اجتهد الفقه في محاولة إيجاد معيار موضوعي يقيس عليه الغاية من‬
‫التشريع ‪ .‬وهذا المعيار رغم عموميته ورغم ما قد يثور حوله من اختلف‬
‫‪ .‬في الجتهاد هو معيار المصلحة العامة للجماعة في وقت معين‬
‫ولم نستطع إن نعثر علي حكم صادر من قضائنا الدستوري – سواء علي‬
‫عهد المحكمة العليا أو علي عهد المحكمة الدستورية العليا – حكم بعدم‬
‫دستورية نص تشريعي لعيب النحراف بسلطة التشريع ‪ ،‬ولكننا مع ذلك‬
‫نجد بعض الحكام التي ناقشت هذا العيب وفضت التسليم بوجوده أو‬
‫وجدت مندوحة عن التطرق إليه لوجود عيوب دستورية أخري تؤدي إلي‬
‫‪ .‬الحكم بعدم الدستورية‬
‫ولعل أو حكم تعرض فيه قضاؤنا الدستوري لهذا العيب هو الحكم الصادر‬
‫في الدعوى رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 3‬القضائية من المحكمة العليا والذي ناقش ما‬
‫نعي علي القانون رقم ‪ 622‬لسنة ‪ 1955‬الخاص بإلغاء معادلة شهادة‬
‫مدرسة المساحة بشهادة دبلوم الفنون والصنايع ) نظام حديث ( وانتهت‬
‫إلي أن " النعي علي هذا القانون بعيب النحراف ل يقوم علي أساس سليم‬
‫‪".‬‬
‫وفي قضية أخري حديثة كانت تتعلق بانتخابات مجلس الشعب التي جرت‬
‫عام ‪ 1984‬وحرم من حق الترشيح فيها الشخاص الذي حاكمتهم محكمة‬
‫الثورة فيما عرف بقضية مراكز القوي عام ‪ 1971‬ثم صدر عام ‪1978‬‬
‫ما عرف باسم قانون حماية الجبهة الداخلية الذي حرم هؤلء الشخاص‬
‫من ممارسة حقوقهم السياسية مدي الحياة وتقدم بعض هؤلء للترشيح‬
‫فلما رفضت جهة الدارة قبول أوراق ترشيحهم طعنوا في تلك القرارات‬
‫الدارية أمام مجلس الدولة وعند نظر القضية أمام محكمة القضاء الداري‬
‫دفع هؤلء بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪1678‬‬
‫ورأت محكمة القضاء الداري إن الدفع حتى فقبلته وقالت في أسباب‬
‫حكمها ‪ . .‬من المبادئ المسلمة في خصوص الحريات والحقوق العامة‬
‫التي نص الدستور علي تنظيمها بقانون انه إذا خول الدستور المشرع‬
‫سلطة تقديرية لتنظيم تلك الحقوق فيجب علي المشرع إل ينحرف عن‬
‫الغرض الذي قصد إليه الدستور وهو كفالة ممارسة هذه الحقوق‬
‫والحريات العامة في حدودها الموضوعية فإذا نقضها المشرع أو انتقص‬
‫منها وهو في صدد تنظيمها كان تشريعه مشوبا بالنحراف ‪ . .‬والقاعدة‬
‫إن كل حق عام وكل الدستور إلي المشرع تنظيمه بقانون فقد رسم‬
‫الدستور للقانون الذي ينظمه غايات مخصصة ل يجوز للمشرع النحراف‬
‫عنها ‪ .‬ومن صور النحراف في استعمال السلطة التشريعية مخالفة‬
‫‪ .‬التشريع لمبادئ الدستور العليا‬
‫ومن ثم كان علي المشرع إن يلتزم تلك المبادئ في تشريعاته وان يتجنب‬
‫النحراف عنها فيما له من سلطة تقديرية وبهذه المثابة فانه إذا اصدر‬
‫تشريعا يتعارض مع هذه المبادئ العليا كان هذا التشريع باطل لما ينطوي‬
‫‪ .‬عليه من انحراف في استعمال السلطة التشريعية‬
‫وواضح مما تقدم أن محكمة القضاء الداري اعتدت بعيب النحراف في‬
‫استعمال السلطة التشريعية واعتبرت النعي علي القانون المشار إليه بعيب‬
‫النحراف نعيا جديا وحددت موعدا للطاعنين لرفع الدعوى أمام المحكمة‬
‫الدستورية العليا ‪ .‬ولما عرض الموضوع علي المحكمة الدستورية العليا‬
‫قضت فيه بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 33‬لسنة‬
‫‪ – 1978‬المسمي بقانون حماية الجبهة الداخلية – ولكنها إذ قضت بعدم‬
‫دستورية ذلك النص لم تستند في ذلك إلي عيب النحراف بالسلطة‬
‫التشريعية بل ولم تجد نفسها في حاجة إلي مناقشة هذا العيب أصل‬
‫باعتباره عيبا احتياطيا وباعتبار إن المحكمة تبين لها عدم دستورية النص‬
‫المذكور لتعارضه مع نصوص دستورية واضحة وقالت المحكمة‬
‫الدستورية العليا في هذا الصدد " انه وان كان الصل في سلطة التشريع‬
‫عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية وان الرقابة علي دستورية‬
‫التشريعات ل تمتد إلي ملءمة إصدارها إل إن هذا ل يعني إطلق هذه‬
‫السلطة في سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التي نص عليها‬
‫الدستور ومن ثم فان تنظيم المشرع لحق المواطنين في النتماء إلي‬
‫الحزاب السياسية ومباشرتهم لحقوقهم السياسية ينبغي إل يعصف بهذه‬
‫الحقوق أو يؤثر علي بقائها علي نحو ما سلكه النص المطعون عليه إذ‬
‫تعرض لحقوق عامة كفلها الدستور وحرم فئة من المواطنين منها حرمانا‬
‫مطلقا ومؤبدا علي ما سلف بيانه مجاوزا بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق‬
‫المر الذي يحتم إخضاعه لما تتوله هذه المحكمة من رقابة دستورية "‬
‫وقالت المحكمة " لما كان مقتضى نص الفقرة الولي من المادة الرابعة‬
‫من القانون رقم ‪ 23‬لسنة ‪ 1978‬بشان حماية الجبهة الداخلية والسلم‬
‫الجتماعي حسبما يبين من عبارتها المطلقة حرمان فئة من المواطنين من‬
‫حقهم في النتماء إلي الحزاب السياسية ومن مباشرة الحقوق والنشطة‬
‫السياسية كافة حرمانا مطلقا ومؤبدا بما ينطوي علي إهدار لصل الحقوق‬
‫ويشكل بالتالي اعتداء عليها بالمخالفة لحكم كل من المادتين ‪ 62.5‬من‬
‫‪ ".‬الدستور‬
‫وهكذا وجدت المحكمة الدستورية أن النص المطعون يخالف مادتين من‬
‫مواد الدستور ولم تجد مبررا للتعرض لعيب النحراف في استعمال السلطة‬
‫التشريعية ذلك العيب الذي استند إليه حكم محكمة القضاء الداري أساسا‬
‫‪ .‬عند حكمه بجدية الدفع المبدي بعدم دستورية النص المذكور‬
‫وبهذا نكون قد انتهينا من دراسة العيوب الشكلية والموضوعية التي تؤدي‬
‫‪ .‬إلي الحكم بعدم دستورية نص في تشريع أو تشريع بأكمله‬
‫وجماع المر في هذه العيوب هو مخالفة نص تشريعي لقاعدة دستورية‬
‫‪ .‬سواء تعلقت تلك القاعدة بشكل التشريع أو بموضوعه‬
‫علي إن الدستور الذي يحكم شكل التشريع هو الدستور الذي صدر في ظله‬
‫التشريع المطعون فيه علي حين إن الدستور الذي يحكم موضوع التشريع‬
‫هو الدستور النافذ وقت التصدي للحكم بدستورية النص المطعون فيه أو‬
‫‪ .‬عدم دستوريته‬
‫‪ .‬وبعد ذلك تنتقل إلي دراسة الحكم الصادر في الدعوى الدستورية‬
‫أحكام القضاء الدستوري‬
‫كل دعوي قضائية لبد وان تنتهي بحكم وكذلك الدعاوى الدستورية تنتهي‬
‫بان تصدر المحكمة الدستورية التي نظرتها حكما فيها وبصدور الحكم‬
‫‪ .‬تنقضي الدعوى إلي نهايتها الطبيعية‬
‫ودراستنا للحكم في الدعوى الدستورية تتناول طبيعة هذا الحكم ثم اثر هذا‬
‫‪ .‬الحكم وحجيته‬
‫طبيعة الحكم الدستوري‬
‫تتحدد طبيعة هذه الحكام علي ضوء النصوص القانونية والنصوص‬
‫الدستورية التي تعرضت لموضوع " الحكم " الصادر عن القضاء‬
‫‪ .‬الدستوري‬
‫وقد أشار نص المادة ‪ 178‬من الدستور إلي هذا الموضوع بقوله " تنشر‬
‫في الجريدة الرسمية الحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في‬
‫الدعاوى الدستورية ‪ ...‬وينظم القانون ما يترتب علي الحكم بعدم دستورية‬
‫‪ " .‬نص تشريعي من أثار‬
‫وتعرض الباب الثالث من قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا لموضوع‬
‫الحكام والقرارات الصادرة عن تلك المحكمة وذلك في المواد من ‪ 46‬إلي‬
‫‪ 51 .‬من قانون المحكمة‬
‫هذا وقد صدر قرار جمهوري بالقانون رقم ‪ 168‬لسنة ‪ 1998‬بتعديل‬
‫‪ .‬الفقرة الثالثة من المادة ‪ 49‬من قانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫وسنورد نص هذه المواد قبل تعديل المادة ‪ 49‬ثم نورد ما ادخل علي هذه‬
‫‪ .‬المادة من تعديل لنتبين هدف المشرع من هذا التعديل‬
‫‪ :‬تجري نصوص المواد قبل تعديل المادة ‪ 49‬علي النحو التالي‬
‫‪ .‬مادة ‪ : 46‬تصدر المحكمة أحكامها وقراراتها باسم الشعب‬
‫‪ .‬مادة ‪ : 47‬تفصل المحكمة من تلقاء نفسها في جميع المسائل الفرعية‬
‫‪ .‬مادة ‪ : 48‬أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للعطن‬
‫مادة ‪ : 49‬أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير‬
‫‪ .‬ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة‬
‫وتنشر الحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة‬
‫الرسمية وبغير مصروفات خلل خمسة عشر يوما علي الكثر من تاريخ‬
‫‪ .‬صدورها‬
‫ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز‬
‫‪ .‬تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم‬
‫فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي تعتبر الحكام التي‬
‫صدرت بالدانة استنادا إلي ذلك النص كان لم تكن ‪ ،‬ويقوم رئيس هيئة‬
‫‪ .‬المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لجراء مقتضاه‬
‫مادة ‪ : 50‬تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ‬
‫‪ .‬الحكام والقرارات الصادرة منها‬
‫وتسري علي هذه المنازعات الحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية‬
‫والتجارية بما ل يتعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والوضاع‬
‫‪ .‬المقررة أمامها‬
‫ول يترتب علي المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى‬
‫‪ .‬الفصل في المنازعة‬
‫مادة ‪ : 51‬تسري علي الحكام والقرارات الصادرة من المحكمة فيما لم‬
‫يود به نص في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية‬
‫‪ .‬والتجارية بما ل يتعارض وطبيعة تلك الحكام والقرارات‬
‫هذا وقد نصت المادة الثالثة من قانون المحكمة الدستورية العليا في‬
‫فقرتها الثانية علي إن أحكام المحكمة تصدر من هيئة مكونة من سبعة‬
‫‪ .‬أعضاء‬
‫ونورد هنا نص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 49‬من قانون المحكمة بعد‬
‫تعديلها بالقرار بقانون رقم ‪ 168‬لسنة ‪ 1998‬حيث أصبح نصها يجري‬
‫‪ :‬كالتي‬
‫ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز ‪" ..‬‬
‫تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ‪ . .‬ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر‬
‫اسبق ‪ ..‬علي إن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي ل يكون له في جميع‬
‫الحوال إل اثر مباشر وذلك دون إخلل باستفادة المدعي من الحكم الصادر‬
‫‪ .. " .‬بعدم دستورية هذا النص‬
‫هذه هي مجموعة النصوص التي تعرضت لموضوع " الحكم " الذي‬
‫يصدر عن المحكمة الدستورية العليا ومن الواضح من هذه النصوص إن‬
‫النظرية العامة للحكام التي يدرسها قانون المرافعات تنطبق بالنسبة‬
‫للحكام الدستورية بما ل يتعارض مع النصوص المشار إليها والواردة‬
‫تنطبق بالنسبة للحكام الدستورية بما ل يتعارض مع النصوص المشار‬
‫إليها والواردة في الدستور وفي قانون المحكمة وبما ل يتعارض مع‬
‫‪ .‬طبيعة هذه الحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية‬
‫وفي بحثنا لطبيعة الحكم في الدعوى الدستورية يتعين إن نعرض لمرين ‪:‬‬
‫أولهما ‪ ..‬اثر الحكم الصادر في الدعوى الدستورية بالنسبة للنص‬
‫‪ .‬المطعون عليه والصادر بشأنه الحكم‬
‫وفي هذا الصدد نعرض لهذا الثر قبل تعديل الفقرة الثالثة من المادة ‪49‬‬
‫‪ .‬ثم اثر الحكم وفقا لهذا التعديل‬
‫‪ .‬أما المر الثاني ‪ . .‬فهو حجية الحكم في الدعاوى الدستورية‬
‫‪ :‬المسالة الولي‬
‫أ ( اثر الحكم الدستوري قبل تعديل الفقرة الثالثة من المادة ‪ 49‬من (‬
‫‪ :‬قانون المحكمة‬
‫أما عن اثر الحكم بالنسبة للنص الدستوري المطعون فيه فان ذلك يحدده‬
‫ما إذا كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية قد قضي برفض الطعن‬
‫ومن ثم اقر دستورية النص المطعون عليه أم انه علي العكس حكم بعدم‬
‫‪ .‬دستورية ذلك النص‬
‫وإذا كان الحكم صادرا برفض الدعوى مقررا دستورية النص المطعون‬
‫عليه فان الحال يبقي علي ما هو عليه ويستمر النص في النفاذ وتطبقه‬
‫المحاكم علي اختلفها فيما يعرض عليها من منازعات تتطلب تطبيق هذا‬
‫‪ .‬النص‬
‫أما إذا صدر الحكم بعدم دستورية نص تشريعي فانه يترتب علي ذلك الحكم‬
‫عدم جواز تطبيق ذلك النص من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم دستوريته‬
‫ذلك النشر الذي يتعين إن يقع خلل خمسة عشر يوما من يوم النطق‬
‫‪ .‬بالحكم‬
‫وقد تناولت المذكرة اليضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا هذا‬
‫الموضوع بقولها " تناول القانون اثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون‬
‫أو لئحة فنص علي عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وهو‬
‫نص ورد في بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء علي إن‬
‫مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلي‬
‫الوقائع والعلقات السابقة علي صدور الحكم بعدم دستورية النص ‪ ،‬علي‬
‫إن يستثني من هذا الثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت‬
‫‪ .‬عند صدوره بحكم حاز قوة المر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم‬
‫أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي فان جميع الحكام‬
‫التي صدرت بالدانة استنادا إلي ذلك النص تعتبر كان لم تكن حتى ولو‬
‫‪ .‬كانت أحكاما باتة‬
‫ونشير هنا إلي أن الحكام الصادرة بعدم دستورية نص من النصوص‬
‫‪ :‬التشريعية يأخذ أثرها صورة من ثلث‬
‫الصورة الولي ‪ ..‬هي المتناع عن تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته‬
‫دون التعرض لوجود النص نفسه ‪ ،‬وهذا هو ما كان عليه الحال عندنا قبل‬
‫وجود القضاء الدستوري وهو ما عليه الحال في الوليات المتحدة‬
‫‪ .‬المريكية‬
‫الصورة الثانية ‪ ..‬هي أن الحكم بعدم دستورية نص تشريعي يؤدي إلي‬
‫إلغاء النص التشريعي نفسه أو إلغاء القانون كله إذا حكم بعدم دستوريته‬
‫‪ .‬كله ‪ ،‬وهذا هو الحال في إيطاليا‬
‫الصورة الثالثة ‪ ..‬وهي تقترب من ناحية أثرها العملي من الصورة الثانية‬
‫وهي التي اخذ بها المشرع المصري حاليا ذلك إن الحكم بعدم دستورية‬
‫نص تشريعي حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا في‬
‫‪ .‬مصر ينتهي إلي إلغاء قوة نفاذ النص المقضي بعدم دستوريته‬
‫والحقيقة أن إلغاء قوة نفاذ النص تعني من الناحية العملية إلغاء النص‬
‫نفسه ذلك إن النص المحكوم بعدم دستوريته سيفقد كل قيمة عملية‬
‫‪ .‬تطبيقية مما يبرر انه يصبح وكأنه غير موجود‬
‫ويثير موضوع اثر الحكم في الدعوى الدستورية قضية أخري بالغة‬
‫الهمية والدقة هي المدى الزمني الذي يؤثر فيه الحكم علي النص‬
‫‪ .‬التشريعي المحكوم بعدم دستوريته‬
‫الظاهر يقول إن الحكم بعدم دستورية نص يعني عدم جواز تطبيق ذلك‬
‫النص من اليوم التالي لنشر الحكم فهل يعني هذا أن الحكم في الدعوى‬
‫الدستورية له اثر فوري ومستقبلي ول يحم العلقات القانونية التي كانت‬
‫قائمة قبل صدور الحكم ؟‬
‫هذا ليس صحيحا وإنما كما جاء في المذكرة اليضاحية مما سبق إن‬
‫أوردناه فان النص المقضي بعدم دستوريته يطبق أيضا بالنسبة إلي‬
‫الوقائع والعلقات السابقة علي صدور الحكم إل إذا كان تلك العلقات قد‬
‫‪ .‬استقرت بحكم حاز قوة المر المقضي‬
‫‪ :‬ونري إن المر يحسمه هذا السؤال‬
‫العلقات السابقة علي الحكم هل هي محل مقاضاة أم ليست محل مقاضاة ؟‬
‫إذا لم تكن تلك العلقات محل للتقاضي فل شان للنص المقضي بعدم‬
‫دستوريته بها أما إذا كانت تلك العلقات محل للتقاضي ويطلب من‬
‫المحكمة تطبيق القانون عليها فان المحكمة التي تفصل في النزاع يتعين‬
‫‪ .‬عليها إن تعمل اثر الحكم بعدم الدستورية‬
‫وهذا يعني إن حكم عدم الدستورية يتوجه أساسا إلي المحاكم علي اختلف‬
‫‪ .‬درجاتها‬
‫إذا كان هناك حكم نهائي حاز قوة المر المقضي صدر قبل الحكم بعدم‬
‫الدستورية فان ذلك الحكم حتى لو كان قد اعتمد علي النص المقضي بعدم‬
‫دستوريته يصبح حكما واجب الحترام ‪ .‬أما إذا كانت المحكمة لم تفصل‬
‫‪ .‬بعد في النزاع فإنها تتقيد بالحكم الدستوري الذي قضي بعدم الدستورية‬
‫المناط إذا هو ما إذا كانت العلقات والمراكز القانونية قد حسمت بمقتضى‬
‫‪ .‬حكم نهائي أم أنها ما زالت مطروحة للنزاع‬
‫وفي المجال الجنائي فانه حتى إذا صدر حكم نهائي بات وكان ذلك الحكم قد‬
‫بني علي نص حكم بعدم دستوريته فانه في هذا الحالة يعتبر الحكم كان لم‬
‫‪ .‬يكن‬
‫هذا عن اثر الحكم في الدعاوى الدستورية قبل تعديل الفقرة الثالثة من‬
‫‪ .‬المادة ‪ 49‬من قانون المحكمة‬
‫‪ :‬ب( اثر التعديل الخير علي مدي نفاذ الحكم الدستوري(‬
‫لكي نفهم هذا التعديل يجب إن نفرق بين فروض ثلثة واجهها هذا التعديل‬
‫‪.‬‬
‫الفرض الول ‪ ..‬وهو الفرض العام وهنا يقول النص الجديد ‪ " ..‬ويترتب‬
‫علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز تطبيقه من‬
‫اليوم التالي لنشر الحكم ‪ " ...‬وهو ذات النص الذي كان واردا في صدر‬
‫الفقرة الثالثة قبل التعديل وبقي كما هو بعد التعديل ‪ ،‬وبذلك يبقي صالحا ما‬
‫‪ .‬قدمناه شرحا لهذا الستهلل للفقرة الثالثة من المادة التاسعة والربعين‬
‫الفرض الثاني ‪ ..‬أجاز المشرع للمحكمة إن تحدد لنفاذ حكمها تاريخا أخر‬
‫اسبق من تاريخ صدور الحكم ‪ .‬مثل كان يصدر الحكم في جلسة يناير‬
‫‪ 2000‬ولكن المحكمة تعيد اثر الحكم إلي يناير سنة ‪ ، 1995‬وبذلك يعتبر‬
‫النص الذي قضي بعدم دستوريته غير نافذ من ذلك التاريخ أي من يناير‬
‫‪ .. 1995‬فهل يعني هذا انه ما لم تنص المحكمة علي تاريخ اسبق لنفاذ‬
‫حكمها فان الصل سيصبح هو أن الحكم الدستوري ينفذ بأثر فوري ‪ ،‬ول‬
‫شان له بالوقائع السابقة عليه وان النص يبقي صحيحا ونافذا من يوم‬
‫‪ .‬صدوره إلي يوم صدور الحكم ‪ ،‬يبدو إن هذا هو قصد الشارع‬
‫ولكن المحكمة مع ذلك تستطيع إن تصرح في منطوق حكمها إن النص‬
‫المقضي بعدم دستوريته تعود عدم دستوريته إلي يوم صدوره أو إلي أي‬
‫يوم أخر بعد صدوره وقبل صدور الحكم وبذلك يتحدد مدي نفاذ الحكم ومن‬
‫‪ .‬أين يبدأ انعدام دستورية النص وانعدام أثره ومفعوله‬
‫الفرض الثالث ‪ ..‬وهو المقصد الساسي من التعديل – هو ما يتعلق‬
‫بالحكام الصادر في منازعات ضريبية يقول النص بعد تعديله " ‪ ....‬علي‬
‫إن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي ل يكون له جميع الحوال إل اثر‬
‫مباشر ‪ ...‬وذلك دون إخلل باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم‬
‫‪ . " .‬دستورية هذا النص‬
‫وقد جاء في المذكرة اليضاحية للقرار بقانون ما يلي " ‪ ...‬تقرير اثر‬
‫مباشر للحكم بنص القانون إذا كان متعلقا بعدم دستورية نص ضريبي ‪،‬‬
‫ذلك إن أبطال المحكمة لضريبة بأثر رجعي مؤداه إن ترد حصيلتها التي‬
‫أنفقتها – في مجال تغطية أعبائها – إلي الذين دفعوها من قبل – بما‬
‫يعجزها عن مواصلة تنفيذ خططها في مجال التنمية ‪ ،‬ويعوقها عن تطوير‬
‫أوضاع مجتمعها ‪ ،‬ويحملها علي فرض ضرائب جديدة لسد العجز في‬
‫موازنتها ‪ ،‬وتلك جميعها أثار خطيرة تهدم من خلل حدتها الوضاع‬
‫‪ .‬القائمة ‪ ،‬وتضطرب بها موازنة الدولة فل تستقر مواردها علي حال‬
‫وحسما لي خلف في شأن ما إذا كان الثر المباشر للحكام الصادرة‬
‫ببطلن نص ضريبي ينسحب إلي ذي المصلحة في الخصومة الدستورية أم‬
‫ينحسر عنه ‪ ،‬فقد نص المشروع علي انه سواء أثيرت المسالة الدستورية‬
‫عن طريق الدفع أو عن طريق الحالة أو التصدي فان الفائدة العملية‬
‫للخصومة الدستورية يتعين إن يجنيها كل ذي شان فيها من إطرافها ‪،‬‬
‫ضمانا لفعالية حق التقاضي ‪ ،‬ولن الترضية القضائية هي الغاية النهائية‬
‫‪ ...".‬لكل خصومة قضائية علي ما جري به قضاء هذه المحكمة‬
‫والحقيقة إن هذا التعديل التشريعي يثير مسائل كثيرة حول مدي دستوريته‬
‫ومدي ملءمته ‪ .‬فمن الناحية الدستورية علي يجوز بقرار جمهورية‬
‫بقانون تعديل نص في قانون المحكمة الدستورية ؟ قد يقال في الجابة‬
‫علي هذا التساؤل إن قانون المحكمة الدستورية العليا نفسه صدر بقرار‬
‫بقانون ‪ ،‬ويكمل هذا التساؤل ‪ ..‬هل كانت هناك ضرورة ملجئة لصدار هذا‬
‫التعديل قبل انعقاد البرلمان ‪ ،‬وألم يكن انتظار المجلس أولي ؟ ل أولم يكن‬
‫من الجدر دعوته إلي النعقاد في دور طارئ لعرض المر عليه ‪ ،‬وهو‬
‫أمر خطير ؟‬
‫من ناحية أخري ‪ ..‬هل إعطاء الحق للمحكمة في إن تحدد مدي نفاذ حكمها‬
‫بان تجعله فوري الثر أو إن ترده إلي عام أو أعوام سابقة أو حتى إلي‬
‫تاريخ صدور النص المطعون بعدم دستوريته ؟ هل هذا أمر ملئم لطبيعة‬
‫العمل القضائي ؟ أم إن مثل هذا النص قد يوقع المحكمة في حرج وقد‬
‫يفرض عليها تقديرات كانت في غني عنها ؟‬
‫يبقي المر الخير وهو الخاص بالمنازعات الضريبية التي جعل المشرع‬
‫الحكم الدستوري فها ذا اثر فوري في كل الحوال وهو كما قدمنا المقصود‬
‫الساسي من التعديل ‪ ..‬ذلك إن اتجاه المحكمة الدستورية بالنسبة لكثير‬
‫من القوانين الضريبية كان يقضي بعدم دستوريته وكان الخذ بالثر‬
‫الرجعي لهذه الحكام – وفقا لما استقر عليه قضاء المحكمة – سيكبد‬
‫الخزانة العامة ما ل تطيق وسيعوق حركة التنمية ‪ ،‬وفي ذلك خطر كبير ‪،‬‬
‫ومن هان يمكن إن يقال إن التدخل التشريعي كان ضروريا خاصة وان‬
‫بعض المحاكم الدستورية تأخذ بمثل هذا الحل ولكن يمكن إن يقال من جهة‬
‫أخري إن المشرع الضريبي كان عليه إن يراعي الدقة في مراعاة القواعد‬
‫الدستورية حتى ل يصل المر إلي ما وصل إليه من طريق صعب ‪ .‬وأخيرا‬
‫ونحب إن نشير هنا إلي الدراسة القيمة التي قام بها المستشار الدكتور‬
‫عبد ال ناصف نائب رئيس مجلس الدولة حول هذا التعديل لمن أراد إن‬
‫‪) .‬يستريد معرفة في هذا الموضوع الخطير)‪69‬‬
‫‪ .‬المساءلة الثانية ‪ :‬حجية الحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية‬
‫يجب أن ندرك ابتداء إن الدعاوى الدستورية هي دعاوى عينية شانها في‬
‫ذلك شان دعوي اللغاء في القضاء الداري – أي أنها دعوي توجه إلي‬
‫‪ .‬نص في قانون أو في لئحة بغية إعدام ذلك النص وإنهاء وجوده‬
‫والحكم الصادر في الدعوى الدستورية يكون بأحد أمرين ‪ :‬أما رفض‬
‫الطعن الموجه إلي النص ومن ثم إقرار دستوريته ‪ ،‬وأما قبول الطعن‬
‫‪ .‬والقضاء بعدم دستوريته‬
‫فما هي حجية الحكم في الحالتين وهل هناك خلف بينهما ؟‬
‫نعرف انه في مجال القضاء الداري فانه من المقرر إن الحكم برفض‬
‫دعوي إلغاء قرار إداري هو حكم له حجية نسبية أي انه حجة علي إطرافه‬
‫فقط وليس حجة علي غيرهم ‪ ،‬بمعني إن الذي لم يكن طرفا في تلك‬
‫الخصومة التي انتهت برفض دعوي إلغاء القرار الداري ل يوجد مانع‬
‫يمنعه من رفع دعوي يطلب فيها إلغاء القرار الداري الذي حكم برفض‬
‫إلغائه في دعوي سابقة بين إطراف آخرين ذلك علي حين إن الحكم بإلغاء‬
‫قرار أدارى هو حكم له حجية مطلقة بالنسبة للكافة لنه ل يتصور إن‬
‫يكون القرار منعدما وغير منعدم في نفس الوقت ‪ ،‬إن إلغاء القرار الداري‬
‫هو إلغاء له في مواجهة الناس جميعا ومن هنا كان الحكم باللغاء ذا حجية‬
‫‪ .‬مطلقة‬
‫فهل يقاس المر في الدعاوى الدستورية علي دعاوى اللغاء فيقال إن‬
‫الحكم بدستورية نص يكون متمتعا بالحجية النسبية بين إطراف الدعوى‬
‫‪ .‬فقط علي حين إن الحكم بعدم الدستورية تكون له حجية مطلقة‬
‫هذا هو ما اتجهت إليه في بادئ المر المحكمة العليا حيث فرقت بين حجية‬
‫الحكم الدستوري في حال الحكم بعدم الدستورية وحجيته في حال رفض‬
‫الدعوى وإقرار دستورية النص المطعون بعدم دستوريته وذلك حيث‬
‫قالت ‪ ..‬ولما كانت الدعوى الدستورية دعوي عينيه توجه فيها الخصومة‬
‫إلي التشريع ذاته فان مقتضى ذلك إن الحكم الذي يصدر بعدم دستورية‬
‫نص تشريعي يلغي قوة نفاذ هذا النص ويعدو معدوما من الناحية القانونية‬
‫ويسقط كتشريع من تشريعات الدولة ‪ ،‬ولما كان هذا الثر ل يقبل التجزئة‬
‫بطبيعته فان حجية الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعي ل يقتصر‬
‫علي إطراف النزاع في الدعوى التي قضي فيها فقط وإنما ينصرف اثر هذا‬
‫الحكم إلي الكافة ويكون حجة عليهم ‪ .‬والمر يختلف بالنسبة إلي حجية‬
‫الحكم الذي يصدر من المحكمة العليا برفض الطعن بعدم دستورية نص‬
‫تشريعي فهذا الحكم ل يمس التشريع الذي طعن بعدم دستوريته فيظل هذا‬
‫التشريع قائما بعد صدور الحكم ول يحوز الحكم المذكور سوي حجية‬
‫نسبية بين إطراف النزاع لذلك يجوز إن يرد الطعن بعدم الدستورية علي‬
‫هذا التشريع القائم مرة أخري ‪ ..‬ذلك إن الحكام الصادرة برفض الطعن‬
‫بعدم دستورية نص تشريعي فإنها ل تمس التشريع المطعون فيه ول يكون‬
‫لهذه الحكام سوي حجية نسبية بين إطرافها علي ما تقدم ‪ ،‬لذلك تنتفي‬
‫الحكمة والعلة من إلزام جميع جهات القضاء بها ومن ثم فل يعدو نشر‬
‫الحكام الصادرة برفض الطعن في نص تشريعي في الجريدة الرسمية أن‬
‫يكون إعلن لمنهج المحكمة في رقابة دستورية القوانين والتعريف بهذا‬
‫القضاء والتبصير به كي يستهدي به عند إثارة الطعون بعدم الدستورية‬
‫أمام جهات القضاء ‪ ،‬يؤيد هذا النظر انه من المسلم في دعوي إلغاء‬
‫القرارات الدارية وهي دعوي عينية تهدف إلي إلغاء القرارات الدارية‬
‫وإعدام أثارها فهي مماثلة في طبيعتها للدعوى الدستورية – إن الحجية‬
‫علي الكافة مقصورة علي الحكام التي تصدر في هذه الدعوى باللغاء‬
‫وذلك نتيجة لعدام القرار الداري في دعوي هي في حقيقتها اختصام له‬
‫في ذاته أما الحكام الصادرة برفض الطعن فليس لها سوي حجية نسبية‬
‫بين إطراف النزاع ‪ ..‬ومن حيث انه لما تقدم فان قضاء هذه المحكمة‬
‫برفض الطعن بعدم دستورية القانونين رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1967‬ورقم ‪50‬‬
‫لسنة ‪ 1969‬ليس له حجية علي الكافة ول يحول دون الفصل في الدعوى‬
‫القائمة المرفوعة من مدعيين لم يكن أيهما طرفا في الدعوى التي قضي‬
‫فيها برفض الطعن بعدم دستورية التشريعين انفي الذكر ومن ثم يكون‬
‫الدفع باعتبار الخصومة منتهية غير قائم علي أساس سليم من القانون‬
‫‪) .‬متعينا رفضه)‪70‬‬
‫وهذا الذي ذهب إليه حكم المحكمة العليا فيما يتعلق بحجية الحكام‬
‫الدستورية الصادرة برفض الدعوى وكونها حجية نسبية هو مذهب محل‬
‫‪ .‬نقد شديد‬
‫إن كون الدعوى الدستورية هي دعوي عينية شانها دعوي اللغاء ل يبرر‬
‫مطلقا إن يعامل القرار الداري معاملة النص التشريعي ‪ ،‬إن القرار‬
‫الداري قد يكون صحيحا بالنسبة لفرد ول يكون صحيحا في الوقت نفسه‬
‫بالنسبة لفرد أخر ولكن النص التشريعي العام المجرد يلحقه العيب في ذاته‬
‫‪ .‬إن وجد ذلك العيب ويبرا ذاته من العيب عندما ينتفي ذلك العيب‬
‫هذا من ناحية ومن ناحية أخري فان قول الحكم السالف الشارة إليه إن‬
‫نشر الحكام الدستورية في الجريدة الرسمية ل يعدو إن يكون إعلنا‬
‫لمنهج المحكمة كما لو كانت المحكمة الدستورية تعلن عن مناهج ول‬
‫تصدر أحكاما ‪ ،‬وكما لو كانت الجريدة الرسمية كتابا في الفقه ‪ ،‬وكل هذا‬
‫‪ .‬غير صحيح‬
‫والحقيقة أن المحكمة الدستورية العليا اتجهت التجاه السليم في موضوع‬
‫الحجية التي تلحق الحكام الدستورية واعتبرت أن هذه الحكام جميعا ما‬
‫صدر منها بعدم دستورية نص أو ما صدر برفض الدعوى وإقرار‬
‫دستورية النص المطعون فيه – هذه الحكام جميعا تعتبر حجة علي الكافة‬
‫وعلي كل سلطات الدولة وفي مواجهة كل درجات القضاء مما لزمه أن‬
‫‪ .‬الحكم الصادر في الدعوى الدستورية له حجية مطلقة في كل الحوال‬
‫بل إن المحكمة الدستورية العليا قررت تلك الحجية المطلقة للحكام‬
‫الصادرة من المحكمة العليا علي عكس اتجاه هذه المحكمة نفسه – حيث‬
‫قررت إن الحكام الصادرة من المحكمة العليا قبل وجود المحكمة‬
‫الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية لها حجية مطلقة ل نسبية وتلتزم‬
‫بها جميع جهات القضاء سواء كانت هذه الحكام قد انتهت إلي عدم‬
‫دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم دستوريته ‪ ..‬لن الرقابة‬
‫القضائية الدستورية التي اختصت بها المحكمة العليا دون غيرها هي‬
‫رقابة شاملة تمتد إلي الحكم بعدم دستورية النص فتلغي قوة نفاذه والي‬
‫‪) .‬تقرير دستوريته وبالتالي سلمته من جميع العيوب وأوجه البطلن)‪71‬‬
‫بل إن المحكمة الدستورية العليا قررت تلك الحجية المطلقة للحكام‬
‫الصادرة من المحكمة العليا علي عكس اتجاه هذه المحكمة نفسه – حيث‬
‫قررت إن الحكام الصادرة من المحكمة العليا قبل وجود المحكمة‬
‫الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية لها حجية مطلقة ل نسبية وتلتزم‬
‫بها جميع جهات القضاء سواء كانت هذه الحكام قد انتهت إلي عدم‬
‫دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم دستوريته ‪ ..‬لن الرقابة‬
‫القضائية الدستورية التي اختصت بها المحكمة العليا دون غيرها هي‬
‫رقابة شاملة تمتد إلي الحكم بعدم دستورية النص فتلغي قوة نفاذه والي‬
‫‪ .‬تقرير دستوريته وبالتالي سلمته من جميع العيوب وأوجه البطلن‬
‫واستمرت المحكمة الدستورية العليا في هذا التجاه السليم وتكرر في‬
‫أحكامها عن حجية الحكام الدستورية قولها ‪ ..‬إن الحكام الصادرة في‬
‫الدعاوى الدستورية وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها‬
‫إلي النصوص التشريعية المطعون فيها بعيب دستوري ـ تكون لها حجية‬
‫طلقة بحيث ل يقتصر أثرها علي الخصوم في الدعوى التي صدرت فيها‬
‫وإنما ينصرف هذا الثر إلي الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء‬
‫كانت هذه الحكام قد انتهت إلي عدم دستورية النص التشريعي المطعون‬
‫فيه أم إلي دستوريته ورفض الدعوى علي هذا الساس وذلك لعموم‬
‫نصوص المادتين ‪ 178 ، 175‬من الدستور و المادة ‪ 49/1‬من قانون‬
‫المحكمة المشار إليها ولن الرقابة القضائية علي دستورية القوانين التي‬
‫اختصت بها المحكمة الدستورية العليا دون غيرها هي رقابة شاملة تمتد‬
‫إلي الحكم بعدم دستورية النص فتلغي قوة نفاذه و إلي تقرير دستوريته‬
‫وبالتالي سلمته من جميع العيوب وأوجه البطلن‬
‫وهكذا أصبح من المستقر إن الحكام في الدعاوى الدستورية التي تعرض‬
‫لموضوع الدعوى ـ و ليس مجرد قبولها شكل ـ سواء جاءت تلك الحكام‬
‫بتقرير الدستورية أو بعدمها فإنها في كل الحوال أحكام تتمتع بالحجية‬
‫‪ .‬المطلقة في مواجهة الكافة وكل سلطات الدولة وجميع جهات القضاء‬
‫أهم اتجاهات القضاء الدستورية‬
‫إذا كان الدستور هو اسمي القواعد القانونية في الدولة وكان هو الذي‬
‫ينظم سلطات الدولة ويحدد اختصاصاتها وعلقاتها مع بعضها وكان هو‬
‫الذي يبين حقوق الفراد وواجباتهم وعلقتهم بالسلطات العامة ـ إذا كان‬
‫ذلك كله صحيحا وكان القضاء الدستوري في البلد التي تأخذ بنظامه هو‬
‫الحارس علي أحكام الدستور ومبادئه وهو الذي يقع علي عبء صون هذه‬
‫المبادئ وكانت مبادئ الدستور وأحكامه هو الطار الذي يحدد الحياة‬
‫العامة ويرسم طرق السهام فيها وكيفية تشكيل أدواتها الفاعلة ـ إذا كان‬
‫ذلك كله صحيحا فان الحديث عن اثر أحكام القضاء الدستوري في الحياة‬
‫العامة يبدو أمر طبيعيا ويبدو أمرا هاما في ذات الوقت ‪ ،‬ونحن هنا ل نريد‬
‫إن نعالج قضية مجردة وإنما نتصدى لمعالجة حالة محددة بذاتها هي اثر‬
‫أحكام الدستورية العليا في مصر علي الحياة العامة فيها في ظل دستور‬
‫‪1971) .‬م)‪72‬‬
‫وإذا كان القضاء العادي والداري في بلدنا قد استقر منذ وقت طويل علي‬
‫إن يراقب دستورية القوانين وعلي إن يمتنع عن تطبيق التشريعات التي‬
‫ينتهي إلي أنها تخاف حكما في الدستور القائم إل أننا في مصر ومنذ إن‬
‫أخذنا بقضاء دستوري قائم بذاته تمثل أول في المحكمة العليا ثم يعد ذلك‬
‫في المحكمة الدستورية العليا تكون قد خطونا خطوة واسعة في مجال‬
‫‪ .‬الرقابة علي دستورية القوانين‬
‫وإذا كانت المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية وهي ليست من‬
‫قبيل القضاء الدستوري المتخصص وإنما هي قمة النظام القضائي العادي‬
‫في تلك البلد قد اكتسبت أهمية ضخمة في الحياة العامة في أمريكا نظرا‬
‫لما انتهت إليه من تكريس حقها في رقابة دستورية القوانين واستطاعت‬
‫بهذه الرقابة إن تلقي بظللها علي الحياة القانونية في تلك البلد وان‬
‫تصبح هي الحامي للدستور و الحافظ لحكامه إلي المدى الذي قال به احد‬
‫رؤسائها عندما سئل عن معني الدستور ) الدستورية هو ما نقول ( أي إن‬
‫الدستور هو ما تقرر المحكمة العليا انه حكم دستوري ‪ ،‬إلي هذا المدى‬
‫وصل سلطان المحكمة العليا في تلك البلد خلل القرنين الماضيين منذ‬
‫الستقلل ووضع الدستور وإنشاء المحكمة وحتى الن‬
‫إذا كان هو شان المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية التي‬
‫يحرص المريكيون علي إن يتلقى أبناؤهم في تعليمهم العام قدرا من‬
‫المعلومات عنها وقدرا كبيرا من التوفير لها بل واعتبار مبني المحكمة‬
‫ذاته أحد المزارات الساسية التي يقصد إليها القاصدون من أبناء البلد‬
‫ومن الوافدين عليها وإذا كان هذا شان المحكمة العليا في الوليات المتحدة‬
‫المريكية وهي ليست من قبيل القضاء الدستوري المتخصص فان المحكمة‬
‫الدستورية العليا عندنا جديرة بأن يعرف عنها أبناء الشعب جميعا وخاصة‬
‫طلل العلم في كل مراحله ومعاهده الدرع الواقي للحقوق و الحريات‬
‫‪.‬والمبادئ التي كفلها الدستور‬
‫وأستطيع إن إقرار دون ادني مبالغة إن المحكمة الدستورية العليا في‬
‫مصر قد استطاعت في فترة وجيزة إذا قورنت الحياة المحكمة المريكية‬
‫إن تؤكد وجودها وان تثبت بما ل يدع مجال للشك عند أحد أنها حارس‬
‫قوي أمين علي أحكام الدستور ومبادئه وإنها أثرت علي كثير من جوانب‬
‫الحياة العامة تأثيرا إيجابيا وجعلت من سيادة القانون حقيقة واقعة وليست‬
‫‪ .‬مجرد شعار عام‬
‫وإذا كان التقييم الحقيقي ل مؤسسة دستورية ل يمكن إن ينفصل عن‬
‫المحيط العام الذي تعمل فيه تلك المؤسسة فأننا يجب إن تدرك إن أحد‬
‫السمات الساسية في العام الثالث ونحن انه البلد جزء منه ـ هي نفوز‬
‫السلطة من القانون حتى وان رفعت شعار احترامه علي حين انه في البلد‬
‫التي تأصلت فيها المبادئ الديمقراطية فان حكم القانون في تلك البلد‬
‫أصبح جزءا من الحياة نفسها بحيث ل يتصور أحد إن ثمة إرادة تعلو فوق‬
‫‪ .‬القانون الذي لم يتأكد بعد ولم تتعمق جذوره في بلد العالم الثالث‬
‫وان كان من الحقائق الموضوعية إن يقال إن الهند ومصر – علي تفاوت‬
‫في الدرجة – همان من بلد العالم الثالث الذي يحظى فيهما القانون‬
‫والقضاء يقدر من التوفير قد ل يوجد في غيرهما علي امتداد بلد ذلك‬
‫‪ .‬العالم الذي يقال له تأدبا العالم النامي‬
‫ومن الحقائق التي أصبحت مستقرة – ونرجوا إن يكتب لها الستمرار –‬
‫أن القضاء في مصر ومنذ وقت طويل يحظى من شعب مصر بتوفير‬
‫وتقدير كبير لما أثبته طوال السنين منذ بداية التنظيم القضائي الحديث في‬
‫أواخر القرن الماضي من حرص علي المساك بميزان العدل وبعد عن‬
‫الهوى والميل وتأكيد لستقلله في مواجهة كافة سلطات الدولة ‪ ،‬ومن‬
‫الحق أن تقول أن ذلك كله قد بدا حتى قبل أن توجد النصوص القانونية‬
‫‪ .‬التي تؤكد استقلله ثم تعمق واستقر بعد وجود هذه النصوص وفي ظلها‬
‫وإذا كانت قد وجدت فترات ضاقت السلطة فيها ذرعًا باستقلل القضاء‬
‫وحمايته للحريات وحرصه بعناد علي أن يبتعد عن النضواء تحت مظلة‬
‫أحد أيا كان موقعه فان تلك الفترات الكئيبة لم تطل واستطاع الرأي العام‬
‫في مصر واستطاع القضاء الذي يجله ذلك الرأي العام أن يخرج من تلك‬
‫‪ .‬الفترات القصيرة والمحدودة لحسن الحظ كريما وعظيما‬
‫وإذا كان دستور ‪ 1971‬هو الذي انشأ المحكمة الدستورية العليا في‬
‫الفصل الخامس من الباب الخامس منه وبالمواد من ‪ 174‬وحتى ‪178‬‬
‫فان القانون الذي نقل هذه النصوص إلي الواقع هو القانون رقم ‪ 48‬لسنة‬
‫‪ 1979‬وعقدت المحكمة أولي جلساتها بتاريخ ‪ 13‬أكتوبر ‪ ، 1979‬وبذلك‬
‫‪ .‬تكون قد أكملت من عمرها الطويل بإذن ال نيفا وعشرين عاما‬
‫وفي هذه الفترة القصيرة في حياة المؤسسات الدستورية وحياة الشعوب‬
‫استطاعت محكمتنا الدستورية العليا وبحق أن تثبت المقولة التي نرددها‬
‫‪ .‬كثيرا ‪ :‬أن في مصر قضاة ‪ ،‬وان في مصر قضاء عظيم‬
‫وإذا كان طبيعيا أن ل يخلو كتاب من كتب الفقه الدستوري في الوليات‬
‫المتحدة المريكية من أسماء مارشال ووارين وغيرهما من رؤساء‬
‫المحكمة العليا هناك فان من حق قضاتنا العظام الذين رأسوا المحكمة‬
‫الدستورية العليا – وقبلها المحكمة العليا – من أن نسجل أسماءهم هنا‬
‫‪ .‬بكل العزاز والتقدير‬
‫وقد كان المرحوم المستشار بدوي حموده هو الذي ترأس المحكمة العليا‬
‫‪ .‬منذ بدء إنشائها‬
‫وراس المحكمة الدستورية العليا المستشار احمد ممدوح عطية ثم‬
‫المستشار فاروق سيف النصر ثم المستشار الدكتور فتحي عبد الصبور ثم‬
‫المستشار محمد علي راغب بليغ ثم المستشار محمود حمدي عبد العزيز‬
‫ثم المستشار ممدوح مصطفي حسن ثم المستشار الدكتور عوض محمد‬
‫عوض المر ويرأسها الن – يناير ‪ 2000 /‬المستشار محمود ولي الدين‬
‫‪ .‬جلل‬
‫وهم جميعا وزملؤهم من المستشارين علي مدي حياة المحكمة هم‬
‫‪ .‬مشاعل مضيئة في حياة القضاء الدستوري في بلدنا‬
‫وإذا جاز لي هنا أن وقفة قصيرة ابدي فيها بعض العجب لننا نوشك أن‬
‫نكون البلد الوحيد في العالم الذي يحرص بإمعان علي أن يبدد ثروة ل‬
‫تعوض عندما يترك قضاته يتركون المنصة العالية وهم أوفر ما يكونون‬
‫نضجا وأكثر ما يكونون عطاءا واعمق ما يكونون خبرة لحجة سخيفة‬
‫قصيرة النظر تقول أن هؤلء الرجال العظام قد بلغوا سن الستين أو‬
‫‪ .‬الرابعة والستين ‪ ،‬وال هو المستعان‬
‫ونعود بعد ذلك إلي موضوعنا لكي نقرر بكامل أمانة موضوعية أن أحكام‬
‫المحكمة الدستورية العليا وفي ظل هذه الفترة القصيرة أثرت في كل‬
‫جوانب الحياة العامة في بلدنا وكان تأثيرها إيجابيا لمصلحة التقدم‬
‫‪ .‬والديمقراطية ولوجه ال والدستور‬
‫وقد يحسن بنا هنا إن نقسم المجالت التي كان ذلك التأثير فيها أوضح ما‬
‫يكون إلي مجالت ثلث توشك أن تغطي كل نواحي الحياة العامة ‪ .‬هذه‬
‫‪ :‬المجال الثلث هي‬
‫‪ .‬المجال القتصادي ‪-‬‬
‫‪ .‬المجال الجتماعي ‪-‬‬
‫‪ .‬المجال السياسي ‪-‬‬
‫‪ .‬ونعرض لكل واحد من هذه المجالت بما يحتمله الوقت والمقام‬
‫‪ :‬اثر المحكمة الدستورية العليا في المجال القتصادي‬
‫أنشئت المحكمة الدستورية العليا – كما تقدم – في ظل دستور ‪1971‬‬
‫وبمقتضى نصوصه ‪ .‬ودستور ‪ 1971‬يمثل نقله نوعية بالنسبة للحياة‬
‫العامة في مصر بما اضفاه من حماية علي الحرية الشخصية حتى وصفها‬
‫بأنها حق طبيعي وبانحيازه إلي جانب حرية الفرد وحقوقه وكفالته لحق‬
‫التقاضي وإهداره لكل موانعه وحمايته للملكية الخاصة ورفضه المصادرة‬
‫‪ .‬العامة ونصه علي أن المصادرة الجزئية ل تكون إل بحكم قضائي‬
‫وإذا كان حق الملكية هو أهم الحقوق القتصادية وكان ذلك الحق قد أصابه‬
‫كثير من الضيم والحيف والنتقاص في الفترة السابقة علي دستور ‪1971‬‬
‫وعلي إنشاء المحكمة العليا فان محكمتنا الدستورية قد أعادت لذلك الحق‬
‫اعتباره ‪ ،‬وحمايته التي كفلها له الدستور ومنعت عنه عدوان المشرع في‬
‫‪ .‬كثير من صور العدوان التي شاهدتها الستينات من هذا القرن‬
‫وحاصل المر أن حراسات كثيرة كانت قد فرضت علي أموال الشخاص‬
‫الطبيعيين ثم صدرت قرارات بأيلولة الموال إلي الدولة وقدر الشارع‬
‫لصحاب تلك الموال تعويضًا جزافيًا محددًا بمبلغ معين بغير اخذ في‬
‫العتبار للقيمة الحقيقية لتلك الموال التي فرضت عليها الحراسة أول ثم‬
‫‪ .‬ألت ملكيتها إلي الدولة بعد ذلك‬
‫وقد أتيح للمحكمة الدستورية العليا إن تقضي في هذا المر وان تحسمه‬
‫‪ .‬لصالح العدالة واتفاقا مع أحكام الدستور‬
‫ومن بواكير الحكام وأوضحها في هذا الصدد الحكم الصادر بتاريخ ‪16‬‬
‫‪ .‬مايو ‪ 1981‬في القضية رقم )‪ (5‬لسنة )‪ (1‬قضائية دستورية‬
‫وقد شارك في إصدار ذلك الحكم الهام أربعة ممن تولوا رئاسة المحكمة‬
‫‪ .‬الدستورية العليا‬
‫وقد حاكمت المحكمة فى تلك القضية القانونية رقم ‪ 150‬لسنة ‪1964‬‬
‫والقانون رقم ‪ 69‬لسنة ‪ _1964‬وأولهما هو الذي قرر أيلولة أموال‬
‫وممتلكات الشخاص الطبيعيين الذي فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية‬
‫الدولة وثانيهما هو القانون الذي حاول تسوية بعض الوضاع اناسئة عن‬
‫فرض الحراسة _وبعد إن استعرضت المحكمة وقائع القضية ونصوص‬
‫القانونين المشار إليهما والتي كانت محل طعن بعدم الدستورية أكدت‬
‫المحكمة حرص الدساتير المصرية تأكيد حماية الملكية الخاصة وعدم‬
‫المساس بها العلى سبيل الستثناء وأشارت فى ذلك إلى المادة ‪ 34‬من‬
‫دستور ‪ 1971‬والى المادة ‪ 35‬من ذات الدستور التي لم تجز التأميم‬
‫العتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض‬
‫وذهبت المحكمة إلى إن أيلولة أموال وممتلكات الشخاص الطبيعيين الذين‬
‫فرضت عليهم الحرسة إلى ملكية الدولة طبقا للمادة الثانية من القرار‬
‫بقانون رقم ‪ 150‬لسنة ‪ 1964‬ل تعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة‬
‫ول يعد من قبيل التأميم لفتقاره إلى الشرائط والعناصر التي يجب إن‬
‫تتوافر فى كل من هذين النظامين القانونيين ثم خلصت إلى القول ))أما‬
‫كنت أيلولة أموال وممتلكات الشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم‬
‫الحراسة إلى ملكية الدولة ل تعد من قبيل نزع الملكية أو التأميم وتشكل‬
‫اعتداء الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة ‪34‬‬
‫من الدستور التي تنص على إن الماكية الخاصة مصونة والمادة ‪ 36‬التي‬
‫تحظر المصادرة العامة ول تجيز المصادرة الخاصة إل يحكم قضائي‬
‫واستطردت المحكمة إلى تقرير الن القول بان القرار بقانون رقم ‪150‬‬
‫لسنة ‪ 1964‬والقانون رقم ‪ 69‬لسنة ‪ 1974‬قد تضمنا تعويض الخاضعين‬
‫للحراسة عن أموال لهم وممتلكاتهم وان كون تقدير هذا التعويض يعد من‬
‫الملئمات السياسية التي يستقل بها المشرع ل يحول دون إخضاع هذين‬
‫التشريع للرقابة الدستورية لن كل منهما قد تعرض للمكيلة الخاصة التي‬
‫‪ .‬صانها الدستور‬
‫وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلى إن تحديد مبلغ جزافي لتعويض من‬
‫فرضت عليهم الحراسة وتحديد حد أقصى لما يرد من الموال والممتلكات‬
‫التي فرضت عليهم الحرسية ينطوي على مخالفة لحكام دستور ‪. 1971‬‬
‫‪:‬واستنادا إلى ذلك كله حكمت المحكمة في هذه القضية الهامة‬
‫أول ‪:‬بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم ‪ 150‬لسنة‬
‫‪ 1964‬فيما نصت علية من أيلولة أموال وممتلكات الشخاص الطبيعيين‬
‫الذين فرضت عليهم الحرسة طبقا لحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بعد دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الوضاع الناشئة عن‬
‫فرض الحراسة الصادر بالقانون ‪ 69‬لسن ‪ 1974‬فيما نصت علية من‬
‫‪ .‬تعيين حد أقصى لما يرد إلى الشخاص الذين شملتهم الحراسة وأسرهم‬
‫وفى مجال صيانة حق الملكية وحمايته ورد العدد أن علية تعرضت‬
‫المحكمة الدستورية العليا في هذا الصدد إلى نطاق أكثر حساسية ووعورة‬
‫مما تقدم ‪ .‬ذلك انه من المعروف إن أحد الهداف الساسية التي قامت من‬
‫اجلها ثورة ‪ 1952‬كانت تصفية القطاع ووضع حد القصى لما يجوز‬
‫تملكه من الرض الزراعية وبذلك جري حكم الدساتير المتعاقبة وأخرها‬
‫دستور ‪ 1971‬الذي ينص في المادي ‪ 37‬منه علي إن ) يعين القانون‬
‫‪ )).‬الحد القصى للملكية الزراعية‬
‫وقد اتجهت السياسة التشريعية إلي إن ما زاد علي الحد القصى المقرر‬
‫للملكية الزراعية يؤول إلي الدولة دون أي تعويض مقابل هذه الزيادة ‪.‬‬
‫وعبرت عن ذلك المادة الولي من القرار بقانون رقم ‪ 104‬لسنة ‪1964‬‬
‫التي نصت عي أيلولة ملكية الراضي الزراعية التي تم الستيلء عليها‬
‫‪ .‬طبقا لقوانين الصلح الزراعي إلي الدولة دون مقابل‬
‫وقد طعن بعدم دستورية هذه المادة أمام المحكمة الدستورية العليا وبتاريخ‬
‫‪ 25‬من يونيه ‪ 1983‬وفي القضية رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 1‬قضائية دستورية‬
‫عرضت المحكمة الدستورية العليا لهذا المر وقضت بأنه ) إذا كانت المادة‬
‫‪ 37‬من الدستور قد سكتت علي النص صراحة عن تقرير حق التعويض‬
‫بالنسبة للستيلء علي الراضي الزراعية المجاوزة للحد المقرر قانونا‬
‫فان ما استهدفه المشرع الدستوري من إيراد هذا النص هو تقرير مبدأ‬
‫تعيين حد أقصى للملكية الزراعية بما ل يسمح بقيام القطاع ‪ ..‬وان ذلك‬
‫النص الدستوري جاء ) مقصورا علي تقرير هذا المبدأ ومحصورا في‬
‫إرساء حكمه ( وانه لم يكن من شان هذه المادة إن تنظيم موضوع‬
‫التعويض عن الراضي التي تزيد عن الحد القصى وتؤول ملكيتها إلي‬
‫‪ .‬الدولة وإنما يترك ذلك الحكام العامة والمبادئ الدستورية الخرى‬
‫و علي ذلك قضت المحكمة بان ) القرار بقانون رقم ‪ 104‬لسنة ‪1964‬‬
‫المطعون فيه إذ نص في مادته الولي علي أيلولة ملكية الراضي‬
‫الزراعية التي تم الستيلء عليها طبقا لحكام المرسوم بقانون رقم ‪178‬‬
‫لسنة ‪ 1952‬بالصلح الزراعي و القرارات بقانون رقم ‪ 127‬لسنة‬
‫‪ 1961‬المعدل له إلي الدولة دون مقابل يكون قد جرد ملك تلك الراضي‬
‫المستولي عليها من ملكيتهم لها بغير مقابل فشكل بذلك اعتداء علي هذه‬
‫الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة ‪ 34‬من‬
‫دستور ‪ 1971‬التي تنص علي إن الملكية الخاصة مصونة ‪ ،‬المادة ‪26 ،‬‬
‫من التي تحظر المصادرة العامة للموال ول تجيز المصادرة الخاصة إل‬
‫بحكم قضائي مما يتعين معه الحكم بعدم دستورية المادة الولي من القرار‬
‫‪ .‬بقانون رقم ‪ 104‬لسنة ‪1964‬‬
‫وفي الحكم من أحداث أحكام الدستورية العليا ـ بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪1999‬‬
‫‪ :‬في القضية رقم ‪ 215‬لسنة ‪ 19‬قضائية دستورية قالت المحكمة‬
‫وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جري علي ‪ ..‬إن لحق الملكية ‪( ..‬‬
‫خاصية تميزه عن غيره من الحقوق الشخصية منها أو العينية أصلية‬
‫كانت أو تبعية ـ وتتمثل هذه الخاصية في إن الملكية وحدها هي التي تعتبر‬
‫حقا دائما ‪ ،‬وتقتضي طبيعتها إل يزول هذا الحق بعدم الستعمال ‪ ،‬ذلك انه‬
‫أيا ما كانت المدة التي يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه ‪ ،‬فان ل يفقد‬
‫ملكيته بالتقاعس عن استعمالها ‪ ،‬بل يظل من حقه إن يقيم دعواه للمطالبة‬
‫بها مهما طال الزمن إل إذا كسبها غيره وفقا للقانون ‪ ،‬بما مؤداه إن حق‬
‫الملكية باق ل يزول ما بقي الشيء المملوك منقول كان أو عقارا وبالتالي‬
‫ل يسقط الحق أي إقامة الدعوى التي تحميه بانقضاء زمن معين ‪ ،‬ذلك انه‬
‫ل يتصور إن يكون حق الملكية ذاته غير قابل للسقوط بالتقادم ‪ ،‬ويسقط‬
‫مع ذلك الحق في إقامة الدعوى التي يطلب بها هذا الحق‪ ،‬ومن ثم يكون‬
‫نص الفقرة الخيرة من المادة ‪ 12‬سالفة الذكر فيما تضمنه من تقرير‬
‫سقوط حق الملكية بفوات سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية دون‬
‫تقديم طلب إلي اللجنة حسبما ورد بتلك المادة قد انتقص من الحماية التي‬
‫كفلها الدستور لحق الملكية وجاء بالتالي مخالفا لحكام المادة ‪ 34‬من‬
‫الدستور التي تتضمن صون حق الملكية الخاصة وكفالة حق الرث‬
‫‪ .:‬فيها ( ‪ .‬وانتهت المحكمة إلي المنطوق التالي‬
‫فلهذه السباب‬
‫‪ :‬حكمت المحكمة‬
‫أول ‪ :‬بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن علي المادتين ‪ ، 17 ، 9‬و‬
‫الفقرتين الولي و الثانية من المادة ‪ ، 12‬من القانون ‪ 598‬لسنة ‪1953‬‬
‫‪ .‬بشأن أموال أسرة محمد علي المصادرة‬
‫ثانيا ‪ :‬بانتهاء الخصومة بالنسبة للطعن علي المادتين ‪ 15 ،14/1‬من ذلك‬
‫‪ .‬القانون‬
‫ثالثا ‪ :‬بعدم دستورية نص الفقرة الخيرة من المادة ‪ 12‬من القانون‬
‫‪ ..‬المشار إليه في مجال تطبيقا بالنسبة لحق الملكية‬
‫وبهذه الحكام أعادت المحكمة الدستورية العليا إلي حق الملكية الخاصة‬
‫بحسبانه اهم الحقوق القتصادية ‪ .‬أساسها حرمته وصيانته وجعلت من‬
‫حكم الدستور حقيقة قانونية واقعية وليست مجرد شعار يرفع في‬
‫‪ .‬المناسبات‬
‫وننتقل بعد ذلك إلي جانب أخر من الجوانب الحيوية التي أثرت فيها أحكام‬
‫‪ .‬المحكمة الدستورية العليا إل وهو المجال الجتماعي‬
‫‪ :‬اثر أحكام المحكمة الدستورية العليا في المجال الجتماعي‬
‫ونقصد بالمجال الجتماعي ذلك المجال الذي يمس حياة الناس العاديين في‬
‫أمور تتعلق بالتعليم أو بالتنظيم النقابي أو ما إلي ذلك ‪ ،‬ومن الواضح إن‬
‫هذا المجال واسع ومتشعب ومن الصعب وضع حدود واضحة له ولكنه‬
‫علي أي حال مجال يمس حياة الناس مساسا مباشرا ويؤثر فيها تأثيرا‬
‫‪ .‬بعيدا‬
‫ول شك انه من غير اليسير الفصل بين المجال الجتماعي و المجال‬
‫لقتصادي من ناحية كذلك فانه أكثر صعوبة الفصل بين هذا المجال و‬
‫المجال السياسي من ناحية أخري ذلك إن جوانب الحياة مترابطة متداخلة‬
‫‪ .‬وما هذا التقسيم الذي نطرحه إل لتسهيل البحث و الدراسة ليس أكثر‬
‫وحول تأثر أحكام المحكمة الدستورية العليا في المجال الجتماعي سنشير‬
‫إلي حكمين بالغي الهمية أحدهما يتعلق بالفرص المتكافئة في التعليم‬
‫الجامعي والخر يتعلق بالحياة النقابية ‪ ، ،‬ونحسب إن المرين يتصلن‬
‫‪ .‬بصميم المجال الجتماعي ول ينفصلن مع ذلك عن جواب الحياة الخرى‬
‫و الحقيقة إن التعليم العالي يمثل بالنسبة لكافة أبناء الشعب عندنا أمل‬
‫غالبا ويعتبر عند الكثيرين معيارا من معايير المرتبة الجتماعية وكثير من‬
‫الناس يعتقدون ـ خاصة في بلد العالم المتخلف ـ إن الشهادة الجامعية‬
‫تعتبر بمثابة جواز مرور اجتماعي لنواع من الحياة يحول دونها إن ل‬
‫ينال النسان الشهادة الجامعية ‪ ،‬ول شك إن هذا كله يعطي أهمية كبيرة‬
‫لهذا النوع من التعليم ويجعل الشباب يتزاحمون بالمناكب أمام معاهدة‬
‫وكلياته ‪ ،‬وقد حرص الشار علي إن يقيم أساسا علي معيار درجات‬
‫الثانوية العامة ‪ .‬وانشيء مكتب للتنسيق لتلقي طلبات ورغبات الحاصلين‬
‫علي الثانوية العامة ثم يقوم هذا المكتب بناء علي معايير منضبطة‬
‫ومعروفة سلفا بتوزيع الطلب علي الكليات المختلفة ‪ ،‬وقد أوشك القبول‬
‫في التعليم الجامعي إن يكون هو الشيء الوحيد الذي ل تدخله اعتبارات‬
‫المجاملة والمحاباه وسعد الناس بذلك وتقبلوه وتمنوا إن يحذو غيره حذوه‬
‫‪.‬‬
‫ولكن المشرع رأي لعتبارات قدر أنها ملئمة إن يميز بعض الفئات من‬
‫هذا المعيار المنضبط الصارم الذي يأخذ به مكتب التنسيق فأوجد أماكن ل‬
‫تخضع ذلك المعيار وخص بها أبناء أساتذة الجامعات وأبناء الشهد ثم‬
‫اتسع الباب ليشمل فئات أخري عديدة غيرهم ‪ .‬وتضرر من حرموا من‬
‫أماكن في الجامعات كانوا أولي بها إذا طبق عليهم المعيار المنضبط ظنوا‬
‫إن هذه المحابة لبناء بعض الفئات وان كان لها وجه إل أنها تخرق‬
‫المبادئ الدستورية التي تقول بتكافؤ الفرص والمساواة بين المصريين ـ‬
‫وهرع هؤلء إلي القضاء الداري يطعنون في قرارات السلطات الجامعية‬
‫بقبول من قبل علي غير مقتضى القواعد للعتبارات الجتماعية التي‬
‫اعتدت بها تلك السلطات سواء بالنسبة لبناء أساتذة الجامعات أو غيرها‬
‫من الفئات الخرى المستثناة من قواعد القبول العامة وأمام الجامعات أو‬
‫غيرهم من الفئات الخرى المستثناة من قواعد القبول العامة وأمام القضاء‬
‫الداري طعنوا بعدم دستورية ما صدر من قرارات تبيح استثناء أبناء هذه‬
‫‪ .‬الفئات‬
‫وعرض المر علي المحكمة الدستورية العليا بالقضية رقم ‪ 106‬لسنة ‪6‬‬
‫‪ .‬قضائية دستورية التي حكمت فيها بتاريخ ‪ 29‬يونيه ‪1985‬‬
‫‪ :‬وبعد إن استعرضت المحكمة وقائع القضية أرست المبادئ التية‬
‫أول ‪:‬إن قرارات المجلس العلى للجامعات باستثناء بعض الفئات من شرط‬
‫المجموع عند اللتحاق بكليات الجامعات ـ هذه القرارات تتضمن أحكاما‬
‫عامة مجردة ذلك أنها بمثابة اللوائح التنظيمية وإنها بذلك تدخل في عموم‬
‫‪ .‬التشريعات الخاضعة لرقابة المحكمة الدستورية العليا‬
‫ثانيا ‪ :‬إن الحق في التعليم الذي ارسي الدستوري اصله هو إن يكون لكل‬
‫مواطن الحق في إن يتلقى قدرا من التعليم يتناسب مع مواهبه وقدراته ـ‬
‫وإذا كان المشرع إن ينظم هذا الحق فان هذا التنظيم ليس له إن يخل‬
‫بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما في المادتين ‪40 ، 8‬‬
‫‪ .‬من الدستور‬
‫ثالثا ‪ :‬انه إذا كانت المكانيات الفعلية لمعاهد التعليم العالي وكلياته تقصر‬
‫عن استيعاب جميع الراغبين في اللتحاق به من خريجي الثانوية العامة‬
‫فلبد من المفاضلة بينهم وفق شروط موضوعية فإذا استقر لي من‬
‫المتقدمين الحق اللتحاق بإحدى الكليات أو المعاهدة العليا وفق هذه‬
‫الشروط فر يجوز إن يفضل عليه من ل تتوافر تلك الشروط وأل كان ذلك‬
‫‪ .‬مساسا بما قرره الدستور‬
‫وقد تكلفت اللئحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ببيان الشروط‬
‫الموضوعية التي تحقق تكافؤ الفرص بين الحاصلين علي شهادة الثانوية‬
‫العامة أو ما يعادلها وتحقق مساواتهم أمام القانون وذلك حين ربطت‬
‫القبول في التعليم الجامعي بترتيب درجات النجاح بينهم في امتحان تلك‬
‫‪ .‬الشهادة‬
‫‪ .‬من الدستور ‪، 40‬‬
‫وتأسيسا علي ما تقدم كله حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية‬
‫النصوص التي أجازت قبول أفراد الفئات المبينة في تلك النصوص في‬
‫الكليات أو المعاهد العالية دون التقيد بمجموع درجات النجاح في شهادة‬
‫‪ .‬الثانوية العامة أو ما يعادلها‬
‫وبهذا الحكم أعادت المحكمة الدستورية العليا الثقة إلي جموع الناس إن‬
‫ثمة شيئا في مصر يمكن إن يسير لعي ضوء قواعد منضبطة بغير استثناء‬
‫‪ .‬والحقيقة إن المجتمع المصري يحتاج إلي إن يستعيد الثقة في سيادة‬
‫القانون و الذي ل شبهة في إن المحكمة الدستورية العليا بمثل هذا الحكم‬
‫‪ .‬ترسي في الوجدان الجتماع للمة إمكانية إن تتحقق هذه السيادة فهل‬
‫و علي التخوم بين المور الجتماعية والمور السياسية تأتي الحرية‬
‫النقابية و الحق في ممارستها وقد نص الدستور في الفقرة الولي من‬
‫المادة ‪ 56‬منه علي إن ( إنشاء النقابات و التحادات علي أساس‬
‫) ديمقراطي حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية العتبارية‬
‫وهذه الفقرة واضحة الدللة علي إن إنشاء النقابات حق وليس مجرد‬
‫رخصة ولم يقل الدستور ) بناء علي قانون ( في شان تنظيم هذا الحق‬
‫وإنما قال ) يكلفه القانون ( وهكذا ضيق الدستور لعي المشرع في هذا‬
‫المجال تضييقا يوشك إن يغلي سلطته التقديرية كذلك فان الدستور إذا كان‬
‫‪ .‬قد قرر هذا الحق وأكده علي نحو ما تقدم فانه علي أساس ديمقراطي‬
‫وفي ظل دستور ‪ 1971‬ثار خلف شديد حول بعض القضايا القومية بين‬
‫‪ .‬الرئيس السادات ونقابة المحامين‬
‫لما كانت التقاليد الديمقراطية لم تستقر علي نحو ما ينبغي لها و علي نحو‬
‫ما تستقر به فعل في بلد الديمقراطيات الغربية حيث تتأكد الديمقراطية‬
‫وتتأكد معها سيادة القانون فان الخلف بين السلطة من ناحية وبين النقابة‬
‫من ناحية انتهي إلي استصدار قانون بإنها مدة عضوية مجلس نقابة‬
‫المحامين قبل موعدها الطبيعي وتعيين مجلس مؤقت للنقابة فعطن‬
‫المحامون ووصل المر إلي المحكمة الدستورية العليا بالقضية رقم ‪1983‬‬
‫‪ :‬و في حكمها أرست المبادئ الدستورية التالية‬
‫أول ‪ :‬إن المشرع الدستوري بمقتضى دستور ‪ 1971‬لم يقف عند حد ما‬
‫كان مقررا في الدساتير السابقة من كفالة حق تكوين النقابات وتمتعها‬
‫بالشخصية العتبارية كما كان مقررا في الدساتير السابقة بل جاوز ذلك‬
‫إلي تقرير مبدأ الديمقراطية النقابية فأوجب إن يكون النقابات والتحادات‬
‫علي أساس ديمقراطي‬
‫ثانيا ‪ :‬عرض الحكم الديمقراطية وفق تحصليه لها من مجمل المبادئ التي‬
‫أرساها دستور ‪ 1971‬فقرر إن السيادة الشعبية هي جوهر الديمقراطية‬
‫وان كفالة الحريات و الحقوق العامة هي هدفها وان المشاركة في ممارسة‬
‫السلطة هي وسيلتها والحقيقة إن هذا التحديد و التأصيل الذي به الحكم‬
‫هو مما يقد للمحكمة الدستورية العليا من الناحية العلمية والفقهية تقديرا‬
‫‪ .‬عميقا‬
‫ثالثا ‪ :‬أكد الحكم إن المشرع الدستوري إذ نص في المادة ‪ 56‬من الدستور‬
‫علي إن إنشاء النقابات والتحادات علي أساس ديمقراطي حق يكلفه‬
‫القانون ) إنما عني بهذا الساس توكيد مبدأ الحرية النقابية بمفهومها‬
‫الديمقراطي الذي يقضي بين ما يقضي به إن يكون لعضاء النقابة الحق‬
‫في إن يختاروا بأنفسهم وفي حرية قياداتهم النقابية التي تعبر عن أرادتهم‬
‫وتنوب عنهم المر الذي يستتبع عدم جواز إهدار هذا الحق بحظره أو‬
‫تعطيله ومن ثم إن هذه المادة من الدستور )‪ (56‬تكون قد وضعت قيدا‬
‫يتعين علي المشرع العادي إن يلتزم به مؤداه إل يتعارض ما يسنه من‬
‫نصوص تشريعية في شأن النقابات مع مبدأ الحرية النقابية بمفهومها‬
‫‪ .‬الديمقراطي‬
‫أربعا ‪ :‬إن المسرع إذ نص في المادة الولي من القانون رقم ‪ 152‬لسنة‬
‫‪ 1981‬ببعض الحكام الخاصة بنقابة المحامين علي إن ) تنتهي مدة‬
‫عضوية نقيب المحامين الحالي وأعضاء مجلس النقابة الحاليين ( من‬
‫تاريخ نفاذ هذا القانون وهم الذين تم اختيارهم بطريق النتخاب من قبل‬
‫أعضاء النقابة يكون قد أقصاهم عن مناصبهم النقابية قبل نهاية مدة‬
‫العضوية وذلك عن غير طريق هيئة الناخبين المتمثلة في الجمعية للنقابة‬
‫فبطل حق اختيارها لهم ‪ ،‬وحال دون هذه الجمعية وانتخاب أعضاء جدد‬
‫لشغل تلك المناصب بما نص عليه في المادة ‪ 4‬من القانون المحاماة‬
‫السارية حينئذ والمتعلقة بإجراءات الترشيح والنتخاب لمنصب النقيب‬
‫وأعضاء مجلي النقابة وذلك إلي حين صدور قانون المحاماة الجديد‬
‫وإجراء النتخابات طبقا لحكامه ‪ .‬ومن ثم تكون المادة الولي من القانون‬
‫رقم ‪ 152‬لسنة ‪ 1981‬قد انطوت علي مخالفة لنص المادة ‪ 56‬من‬
‫الدستور لخللها بمبدأ الحرية النقابية وتعارضها مع الساس الديمقراطي‬
‫الذي أرساه هذا النص قاعدة لكل بنيان نقابي ذلك إن تنظيم المرافق‬
‫‪ .‬النقابية باعتبارها من أشخاص القانون العام‬
‫وان كان يدخل في اختصاص الدولة بوصفها قوامه علي المصالح‬
‫والمرافق العامة لل إن هذا التنظيم يلزم إن يتم طبقا للحدود ووفقا‬
‫‪ .‬للضوابط التي أرساها الدستور في المادة ‪ 56‬منه‬
‫وبناء علي ما تقدم حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون‬
‫‪ .‬رقم ‪ 125‬لسنة ‪ 1981‬برمته‬
‫وهكذا أرست المحكمة الدستورية العليا مبدأ الحرية النقابية ومبدأ إن يتم‬
‫ممثلي النقابات بإرادة أعضائها وبالطريق الديمقراطي وان المشرع ل‬
‫يستطيع إن يعتدي علي هذا الحق كفله الدستور ‪ .‬ولم يعد هذا الحق نظريا‬
‫وإنما أصبح بحماية المحكمة الدستورية العليا حقا فعال مصانا مؤثر في‬
‫‪ .‬الحياة العامة لجموع المصريين‬
‫ول شبهة إن المحكمة الدستورية العليا بهذا الحكم وأمثاله قد صانت‬
‫البنيان الجتماعي الديمقراطي من ناحية وقد دخلت في وجدان الرأي العام‬
‫القانوني بل والرأي العام كله من ناحية أخري ‪ ،‬وليس ذلك بالمر الهين‬
‫ذلك إن المؤسسات الدستورية ل تجد لها في نهاية المر من حماية قدر‬
‫‪ .‬حصانة الرأي العام لها واحتفائه وتمسكه بها‬
‫‪ :‬اثر أحكام المحكمة الدستورية في المجال السياسي‬
‫وإذا كان الحكم الخاص بنقابة المحامين يقع علي التخوم بين الجانب‬
‫الجتماعي و الجانبي السياسي فان هذا الجانبي الخير ـ المجال السياسي ـ‬
‫هو طبيعة المر أكثر دقة وحساسية وأكثرها حاجة لعمال الحكمة في غير‬
‫تفريط أو إفراط ‪ ،‬وهذا هو النهج إلي اتبعته المحكمة وعبر عنه بدقة‬
‫وبلغة تناسب مقتضى الحال المستشار محمد علي بليغ الرئيس السبق‬
‫للمحكمة حيث قال أنها تقيم ) رقابتها علي موازين دقيقة ‪ ..‬في إطار‬
‫الضوابط التي فرضتها المحكمة هلي نفسها حتى تظل الرقابة القضائية‬
‫ملتزمة مجالها الطبيعي متوازنة في اعتدال كر ل تكون مفرطة في مداها‬
‫) أو قاصرة عن الحاطة بموجباتها‬
‫ولكن الرقابة الدستورية مهما التزمت الحكمة و الحرص علي التزام‬
‫مجالها الطبيعي فإنها ل تستطيع في هذا المجال المتعلق بالحريات و‬
‫الحقوق السياسية ـ وهو المجال الطبيعي لوجود تناقض بين الحرية من‬
‫ناحية و السلطة من ناحية أخري ـ إل إن يكون مصدر ضيق للسلطة بقدر‬
‫‪ .‬حصرها علي حماية الحرية‬
‫يقول الفقيه الكبير هوريو ـ البن ـ إن القانون الدستوري ) تكنيك (‬
‫الموازنة بين السلطة من ناحية و الحرية من ناحية أخري ‪ ،‬إذا كان ذلك‬
‫صحيحا من الناحية الفقهية وكان أيضا سهل من الناحية النظرية ‪ .‬فانه‬
‫أمر بالغ العسر بالغ الدقة عندما يتحول إلي ميزان تمسك به محكمة لكي‬
‫توفق بين هذه العتبارات المتعارضة بمؤداها ‪ .‬ومن كانت حساسية‬
‫القضاء الدستوري ‪ ،‬وكانت أهمية وجوده ‪ ،‬وأهمية أحاطته بسياج قوي‬
‫وكانت ضرورة تبصرة الرأي العام القانوني والسياسي بذلك كله لكي يكون‬
‫ذلك الرأي العام هو السياج النهائي الذي يحمي الدستور والمؤسسات التي‬
‫‪ .‬تعمل علي صونه وحمايته‬
‫وإذا كان ذلك كله صحيحًا في البلد التي تاكدت بها قضية سيادة القانون‬
‫ل لتساؤل أو مناقشة ‪ ،‬فان ذلك يبدو أمرا بالغ الدقة‬
‫ولم تعد مح ً‬
‫والحساسية حيث تكون سيادة القانون مازالت تحبو علي ساقين‬
‫ضعيفتين ‪ ،‬وحيث تكون السلطة التنفيذية حريصة علي دوام هزال هذين‬
‫الساقين ‪ ،‬وتكون سلطة التشريع ل تملك عصمة نفسها في كثير من‬
‫‪ .‬الحوال‬
‫وفي مثل هذه الظروف تصبح مسئولية القضاء الدستوري جسيمة‬
‫وخطيرة ويوشك أن يقف وحده لكي يحمي الدستور ويصون أحكامه ويذود‬
‫‪ .‬عنه عدوان المعتدين‬
‫ونستطيع أن نقرر بكل أمانة المسئولية العلمية وبكل الموضوعية أن‬
‫المحكمة الدستورية العليا في بلدنا كانت علي قدر المسئولية وأنها حملت‬
‫رسالتها في صوف الدستور وحمايته بكل أمانة وان قضاتها العظام قادوا‬
‫سفينتها وسط العواصف الهوج بكل اقتدار ‪ .‬ل يرعون في ذلك كله غير‬
‫‪ .‬وجه ال والوطن والدستور‬
‫ويكفي للتدليل علي ذلك كل أن نعرض لبعض أحكام المحكمة الدستورية‬
‫العليا في هذا المجال الخطير ‪ .‬وهذا المجال الخطير واسع أيضا باتساع‬
‫الحقوق الدستورية ذلك أن الغالبية العظمي من هذه الحقوق ذات جانب‬
‫سياسي ومن ثم فان علينا الجتزاء ببعض المثلة ذات الدللة علي اثر‬
‫أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا المجال الخطير من مجالت الحياة‬
‫‪ .‬العامة ‪ :‬مجال الحقوق الدستورية السياسية‬
‫ونكتفي في هذا الصدد بالشارة إلى بعض أحكام المحكمة ذات الثر‬
‫بالنسبة للممارسة الحزبية وحق التعبير عن الرأي ثم بعض الحكام‬
‫المتعلقة بأثر الستفتاء علي موضوعة واخيرا بعض الحكام المتعلقة‬
‫‪ .‬بمبادئ حقوق النسان‬
‫أما بالنسبة لحق الممارسة الحزبية والحرية في تكوين الحزاب والنضمام‬
‫إليها فقد كانت المادة الخامسة من دستور ‪ 1971‬عندما صدر الدستور في‬
‫سبتمبر من ذلك العام تتحدث عن تنظيم التحاد الشتراكي باعتباره التنظيم‬
‫السياسي والوحيد الذي يمثل قوي الشعب العامل ثم عدل ذلك النص بالفعل‬
‫بدا من عام ‪ 1976‬وفي ‪ 22‬مايو ‪ 1980‬عدلت تلك المادة من الدستور‬
‫لتقرر ما يلي ‪ :‬يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية علي‬
‫أساس تعدد الحزاب وذلك في إطار المقومات ‪ ...‬وينظم القانون الحزاب‬
‫‪ " .‬السياسية‬
‫وهكذا قرر الدستور مبدأ التعددية الحزبية ثم ترك للقانون العادي أمر‬
‫تنظيم قيام الحزاب السياسية والحقيقة أن قانون تنظيم الحزاب السياسية‬
‫صدر قبل التعديل الدستوري كذلك فانه بعد أحداث يناير ‪ 1977‬صدر‬
‫القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪ 1978‬بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلم‬
‫الجتماعي الذي نصت المادة الرابعة منه علي أن " ل يجوز النتماء إلى‬
‫الحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو النشطة السياسية لكل من تسبب‬
‫في إفساد الحياة السياسية قبل ثورة يوليو ‪ 1952‬سواء كان ذلك‬
‫بالشتراك في تقلد المناصب الوزارية منتميًا إلى الحزاب السياسية التي‬
‫تولت الحكم قبل ‪ 23‬يوليو ‪ 1952‬أو بالشتراك في قيادة الحزاب‬
‫‪ .‬وإداراتها وذلك كله فيما عدا الحزب الوطني والحزب الشتراكي‬
‫ولما كان قانون الحزاب يلزم مؤسسي الحزاب بأخطار المدعي الشتراكي‬
‫لكي يتولي العلن في الصحف اليومية عن أسماء المؤسسين كما أن له‬
‫أن يعترض علي من ينطبق عليهم نص المادة المشار إليها فقد اعترض‬
‫ل علي اثنين من المؤسسين لكونهما كانا في قيادة‬ ‫المدعي الشتراكي فع ً‬
‫حزب الوفد القديم ولنهما توليا الوزارة عن هذا الحزب مما يجعل المادة‬
‫المشار إليها منطبقة عليهما ‪ .‬وقد طعن هذان المؤسسات في قرار المدعي‬
‫الشتراكي أمام محكمة القضاء الداري ‪ .‬وأمام تلك المحكمة ‪ .‬دفعًا بعدم‬
‫دستورية المادة الرابعة المشار إليها وقدرت المحكمة جدية الدفع وأحالت‬
‫الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا التي نظرت الموضوع ) القضية‬
‫رقم ‪ 56‬لسنة ‪ 6‬قضائية دستورية ( وحكمت فيه بتاريخ ‪ 21‬يونيه ‪1986‬‬
‫‪ :‬وقالت في هذا الحكم ما مفاده‬
‫إن الدستور إذ نص في مادته الخامسة علي تعدد الحزاب كأساس للنظام‬
‫السياسي في جمهورية مصر العربية وجعل هذا التعدد غير مقيد إل بالتزام‬
‫الحزاب جميعًا – سواء عند تكوينها أو في مجال ممارستها لعملها –‬
‫بالمقومات والمبادئ الساسية للمجتمع المنصوص عليها في‬
‫الدستور ‪ . . .‬وان الدستور إذ تطلب تعدد الحزاب ليقوم علي أساسه‬
‫النظام السياسي في الدولة يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها في‬
‫الطار الذي رسمه لها بما يستتبع حتمًا ضمان حق النضمام إليها ذلك انه‬
‫من خلل ممارسة هذا الحق يتشكل البنيان الطبيعي للحزب ‪ . . .‬وبالتالي‬
‫‪ .‬فان الحرمان منه يشكل اعتداء علي حق كفله الدستور‬
‫أن المادة ‪ 62‬من الدستور جعلت من مساهمة المواطنين في الحياة العامة‬
‫سواء بالنتخابات أو بالترشيح واجبًا وطنيًا يتعين علي المواطنين القيام به‬
‫في اكثر مجالت الحياة أهمية لتصالها بالسيادة الشعبية ومن ثم فان‬
‫إهدار تلك الحقوق يعد بدوره مخالفة لحكام الدستور ممثلة في المادة ‪62‬‬
‫‪ .‬منه‬
‫ولما كان مقتضى نص الفقرة الولى من المادة الرابعة من القانون رقم‬
‫‪ 33‬لسنة ‪ 1978‬بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلم الجتماعي حسبما‬
‫يبين من عبارها المطلقة حرمان فئة من المواطنين من حقهم في النتماء‬
‫إلى الحزاب السياسية كافة حرمان مطلقا ومؤبدا بما ينطوي علي إهدار‬
‫لصل الحقوق ويشكل بالتالي اعتداء عليها بالمخالفة لحكم كل من المادتين‬
‫‪ 62 ، 5 .‬من الدستور‬
‫أن تنظيم المشرع لحق المواطنين في النتماء في النتماء إلى الحزاب‬
‫السياسية ومباشرتهم لحقوقهم السياسية ينبغي إل يعصف بهذه الحقوق أو‬
‫يؤثر علي بقائها علي نحو ما سلكه النص المطعون عليه إذ تعرض‬
‫لحقوق عامة كفالها الدستور وحرم فئة من المواطنين منها حرمانًا مطلقا‬
‫‪ .‬ومؤبدا إذ أن ذلك يجاوز تنظيم الحق إلى القضاء عليه‬
‫واستنادا إلى ما تقدم كله قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية‬
‫نص المادة الولى من القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪ 1978‬الذي يسمي بقانون‬
‫‪ .‬حماية الجبهة الداخلية والسلم الجتماعي‬
‫ولم يمنع المحكمة الدستورية أن تحكم حكمها الشمار إليه والذي كان‬
‫الدعامة الساسية التي سمحت بقيام اكبر الحزاب السياسية المعارضة‬
‫واكثرها انتشارا من الناحية النسبية – لم يمنع المحكمة الدستورية أن‬
‫تحكم الحكم المشار إليه أن القانون المطعون بعدم دستوريته كان قد‬
‫عرض علي الستفتاء العام مما دعا الحكومة إلى أن تدفع أمام المحكمة‬
‫الدستورية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى تأسيسا علي أن النص‬
‫التشريعي المطعون عليه قد صدر بعد استفتاء شعبي إعمال لنص المادة‬
‫‪ 152‬من الدستور ‪ ،‬وقد رفضت المحكمة ذلك الدفع وقررت أن النص‬
‫الدستوري المشار إليه ل يخرج عن أن يكون ترخيصًا لرئيس الجمهورية‬
‫بعرض المسائل التي يقدر أهميتها واتصالها بالمصالح القومية الحيوية‬
‫علي هيئة الناخبين لستطلع رأيها فيها من الناحية السياسية ومن ثم ل‬
‫يجوز أن يتخذ هذا الستفتاء الذي رخص به الدستور ذريعة إلى إهدار‬
‫أحكام الدستور ذاته أو مخالفتها ‪ ،‬ومن ثم فان الموافقة علي تشريع معين‬
‫في استفتاء شعبي ل تصحح ما قد يكتنف هذا التشريع من عيوب دستورية‬
‫ذلك أن هذا التشريع يظل دائمًا ورغم الستفتاء عليه علي طبيعته كعمل‬
‫تشريعي ادني مرتبة من الدستور وعليه أن يتقيد بإحكامه فان هو خرج‬
‫‪ .‬عليها لحقه عيب عدم الدستورية‬
‫وحماية لنص المادة الخامسة من الدستور ولمبدا التعددية السياسية وكذلك‬
‫لمبدأ حرية الرأي والتعبير عنه تعرضت المحكمة الدستورية لحالة ما إذا‬
‫جاء نص في معاهدة من المعاهدات فرض علي المصريين جميعًا موقفًا‬
‫معينا من قضية معينة وحال بينهم وبين حق التعبير عن رايهم في تلك‬
‫القضية ‪ ،‬وكان المر يتعلق بالمعاهداة التي عقدت مع اسرائيل واقامت بين‬
‫مصر وبينها صلحًا ‪ ،‬ونص في قانون الموافقة علي تلك المعاهدة بعدم‬
‫جواز معارضتها ‪ ،‬وعرض ذلك القانون أيضا علي الستفتاء العام واعلنت‬
‫نتيجة الستفتاء بموافقة كبيرة كما هي العادة – وبعد ذلك اتجه مجموعة‬
‫من المصريين إلى تشكيل حزب سياسي وكان بين مؤسسي ذلك الحزب من‬
‫عرف عنهم معارضتهم لتلك المعاهدة فحيل بينهم وبين إقامة الحزب‬
‫المشار إليه فطعنوا في القرار الذي حال بينهم وبين تأسيس حزبهم ‪،‬‬
‫وأمام المحكمة التي تنظر ذلك الطعن دفعوا بعدم دستورية ذلك النص الذي‬
‫يحرم انتقاد المعاهدة أو معارضتها ‪ .‬وعرض المر علي المحكمة‬
‫الدستورية العليا بمقضتي القضية رقم ‪ 44‬لسنة ‪ 7‬قضائية دستورية التي‬
‫حكمت فيها بتاريخ ‪ 7‬مايو ‪ 1988‬وأرست بمقتضى ذلك الحكم المبادئ‬
‫‪ :‬الدستورية التالية‬
‫أن حرية الرأي هي من الحريات الساسية التي تحتمها طبيعة النظام ‪-‬‬
‫الديمقراطي وهي تعتبر بمثابة الحرية الصل التي تتفرع عنها الكثير من‬
‫الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها وتعد المدخل الحقيقي‬
‫‪ .‬لممارسة هذه الحريات ممارسة جدية‬
‫أن حرية الرأي ضرورة لزمة لمباشرة الحقوق السياسية وامكان ‪-‬‬
‫المساهمة بهذه الحقوق العامة في الحياة السياسية مساهمة فعالة كحق‬
‫‪ .‬تكوين الحزاب السياسية وحق النضمام إليها وحق النتخاب والترشيح‬
‫أن حرية الرأي إذ تعد من الدعامات الساسية التي تقوم عليها النظم ‪-‬‬
‫الديمقراطية الحرة قد غدت من الصول الدستورية الثابتة في كل بلد‬
‫ديمقراطي متحضر وحرصت علي توكيدها الدساتير المصرية المتعاقبة‬
‫وقرره دستور ‪ 1971‬بالنص في المادة ‪ 47‬منه علي أن " حرية الرأي‬
‫مكفولة ‪ " . . . .‬وان كان هذا النص الدستوري قد كفل حرية التعبير عن‬
‫الرأي " بمدلوله الذي جاء عامًا مطلقًا فانه قد خص حرية الراء‬
‫السياسية برعاية أولى وذلك مستفاد من نصوص المواد ‪ 48‬و ‪ 206‬و‬
‫‪ 207 .‬و ‪ 208‬من الدستور‬
‫انه وان كان من المقرر وفقا لقواعد القانون الدولي انه وان كان ‪-‬‬
‫للمعاهدات الدولية التي يتم إبرامها والتصديق عليها قوتها الملزمة فان‬
‫ذلك ل يضفي علي أحكام المعاهدة حصانة تمنع المواطنين من مناقشتها‬
‫ل وهو ما ل تقدر عليه المعاهدة‬ ‫ونقدها وإل عطلت بذلك حقا دستوريًا أصي ً‬
‫‪.‬‬
‫أن استعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور – هي حرية التعبير ‪-‬‬
‫عن الرأي ل يجوز أن تون سببا في حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى‬
‫‪ .‬قررها الدستور‬
‫أن مؤدي النص في البند – سابعا من المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪- 40‬‬
‫لسنة ‪ 1977‬بعد تعديلها بإضافة هذا البند بعد توقيع المعاهدة المشار إليها‬
‫– الخاص بنظام الحزاب السياسية فيما تضمنه من اشتراط " أل يكون‬
‫بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جديدة علي قيامه بالدعوة أو‬
‫المشاركة في الدعوة أو التحبيز أو الترويج بأية طريقة من طرق العلنية‬
‫لمبادئ أو اتجاها تتعارض مع معاهدة السلم بين مصر وإسرائيل التي‬
‫وافق عليها الشعب في الستفتاء بتاريخ ‪ 20‬أبريل ‪ 1979‬هو حرمان فئة‬
‫من المواطنين من حقهم في تكوين الحزاب السياسية حرمانًا ابديا وهو‬
‫‪ .‬حق كفلة نص المادة الخامسة من الدستور‬
‫وانتهت المحكمة الدستورية العليا في حكمها إلى انه لما كان النص‬
‫المطعون فيه قد انطوي علي اخلل بحق الطاعنين في التعبير عن رايهم‬
‫وحرمهم حرمانًا مطلقا ومؤبدا من حق دستوري هو حق تكوين الحزاب‬
‫فانه بذلك يكون مخالفا لنص المادتين ‪5‬و‪ 47‬من الدستور ومن ثم يكون‬
‫‪ .‬نصا غي دستوري‬
‫وجاء هذا الحكم بدوره دعما واضحا لحرية الرأي والحق في تكوين‬
‫الحزاب وردا علي افتئات السلطات علي هذه الحقوق الدستورية ‪ .‬وبذلك‬
‫احدث هذا الحكم اثرا واضحًا علي الحياة العامة إذ لوله لجاز نقد كل شئ‬
‫في مصر أل تلك المعاهدة التي مازالت بغيضة إلى كثير من العقول‬
‫‪ .‬والقلوب‬
‫وقد أتيح لمحكتنا الدستورية العليا مناسبة ثالثة لرد العدوان علي الحق‬
‫الدستوري في التعددية السياسية وحرية تكوين الحزاب واعتبار‬
‫التشريعات والستفتاءات العقوبة للنيل مما قرره الدستور في ساعة من‬
‫‪ .‬ساعات اليقظة الديمقراطية عقب الصراع علي السلطة في مايو ‪1971‬‬
‫وفي هذه المناسبة الثالثة استندت المحكمة إلى المبدأ الدستوري القديم‬
‫الذي يقضي بأنه ل جريمة ول عقوبة أل بنص وبتحريم الثر الرجعي‬
‫بالنسبة للقوانين الجنائية – استندت المحكمة الدستورية إلى هذا المبدأ‬
‫‪ .‬لكي تزيح عقبة تشريعية أمام حق تكوين الحزاب‬
‫وتخلص وقائع هذا الموضوع في أن أحد أطراف الصراع الذي كان دائرا‬
‫عقب وفاة الرئيس عبد الناصر والذي قدم للمحاكمة مع بقية من اسموا‬
‫مراكز القوي في أعقاب ‪ 15‬مايو ‪ 1971‬وحكم عليه من محكمة الثورة –‬
‫تقدم هذا الشخص مؤخرا لعادة قيد اسمه بجداول النتخابات أل أن طلبه‬
‫رفض استنادًا إلى انه لم يقدم ما يدل علي رد اعتباره بعد الحكم عليه في‬
‫القضية رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1971‬مكتب المدعي العام وذلك إعمال للمادتين‬
‫الرابعة والخامسة من القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪ 1978‬بشان حماية الجبهة‬
‫الداخلية والسلم الجتماعي والتي تقضي بان من حكم بإدانته من محكمة‬
‫الثورة في الجناية رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1971‬ل يجوز له النتماء إلى الحزاب‬
‫السياسية أو مباشرة الحقوق أو النشطة السياسية ومن بينها حق‬
‫‪ .‬النتخاب وحق الترشيح‬
‫وطعن ذلك الشخص أمام المحكمة المختصة بالطعون في مثل هذه الحالت‬
‫وأمامها طعن بعدم دستورية نص المادتين الرابعة والخامسة من ذلك‬
‫القانون ‪ 33‬لسنة ‪ 1978‬الذي كان الموافقة قد تمت عليه في استفتاء عام‬
‫‪.‬‬
‫وأحالت محكمة الموضوع الدفع إلى المحكمة الدستورية العليا بعد إذ قدرت‬
‫جديته ‪ .‬وهكذا أتيح للمحكمة الدستورية العليا مرة ثالثة أن تصون‬
‫الدستور وان تحمي مبادئه وان ترد ذلك العدوان التشريعي علي الحقوق‬
‫الدستورية وكان ذلك في القضية رقم ‪ 49‬لسنة ‪ 6‬قضائية دستورية في‬
‫حكمها الصادر بتاريخ ‪ 4‬أبريل ‪ 1987‬حيث قالت في ذلك الحكم " وحيث‬
‫انه مما ينعاه المدعي علي المادة الخامسة أنها إذ قضت في البند أ منها‬
‫بحظر النتماء إلى الحزاب السياسية ‪ ..‬علي من حكم عليه في سنة‬
‫‪ 1971‬في الجناية المشار إليها تكون قد فرضت عقوبة عن فعل سابق‬
‫علي نفاذ القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪ 1978‬في ‪ 3‬يونيه ‪ 1978‬وذلك‬
‫‪ .‬بالمخالفة لنص المادتين ‪66‬و‪ 178‬من الدستور‬
‫وحيث أن المادة ‪ 66‬من الدستور تنص في فقرتها الثانية علي انه ‪ " :‬ل‬
‫جريمة ول عقوبة إل بناء علي قانون ‪ .‬ول توقع عقوبة إل بحكم قضائي‬
‫‪ " .‬ول عقاب إل علي الفعال اللحقة لتاريخ نفاذ القانون‬
‫لما كان ذلك وكان الثابت من صورة الحكم في الجناية المشار إليها ‪" . .‬‬
‫انها وقعت خلل سنة ‪ 1971‬قبل صدور القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪1978‬‬
‫بشان حماية الجبهة ل داخلية والسلم الجتماعي الذي عمل به من تاريخ‬
‫نشره في ‪ 3‬يونيه ‪ ، 1978‬ومن ثم فان العقوبة الجنائية التي تضمنتها‬
‫المادة الخامسة من القانون المشار إليه في البند ]أ[ منها تكون قد فرضت‬
‫عن فعل سابق علي نفاذ القانون الذي قررها بالمخالفة للمادتين ‪، 66‬‬
‫‪ 187 . . " .‬من الدستور مما يتعين مع الحكم بعدم دستورية هذا البند‬
‫والذي يراجع الحكام الثلثة يبين له انها كانت تتعلق بقوي سياسية‬
‫مختلف وان المحكمة في موضوعيتها وحيادها كانت تقف مع الدستور‬
‫‪ .‬وحده في مواجهة كل عدوان عليه‬
‫ومما يتصل بالحياة السياسية وممارسة الحقوق العامة والتعبير عن‬
‫الرادة وبلورة الرادة الشعبية – مما يتصل بذلك كله حق النتخاب وحق‬
‫الترشيح للمجالس النيابية – والصل أن هذه الحقوق سواء منها ما تعلق‬
‫بحق النتخاب وحق الترشيح مكفولة للمواطنين جميعًا إل من ارتكب‬
‫جريمة جناية بينه وبين ممارسة هذه الحقوق إلى حين هذا هو الصل‬
‫‪ .‬العام‬
‫ولكن الذي يبدو من دراسة التطور السياسي في بلدنا بعد صدور دستور‬
‫‪ 1971‬والذي صدر في أعقاب الصراع علي السلطة عقب وفاة الرئيس‬
‫جمال عبد الناصر ذلك الصراع الذي حمل فيه الرئيس السادات شعار‬
‫الدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون ‪ .‬وكان طبيعا أن تأتى أحكام‬
‫دستور ‪ 1971‬متفقة مع ذلك التجاه إل انه بعد أن استقرت المور يبدو‬
‫أن رغبة في التراجع قد أخذت تتنامي وكانت وسيلة تحقيق هذا التراجع‬
‫‪ .‬هي النصوص التشريعية العادية‬
‫وكانت قوانين الترشيح والنتخاب لمجلس الشعب وغيره من المجالس‬
‫‪ .‬النيابية – أحد صور الفتنات علي كثير من الحقوق الدستورية‬
‫وقد كنت واحدا من الذين نادوا بالنتخاب عن طريق القائمة التمثيلية ذات‬
‫الوزن النسبي وكان هدفي في ذلك أن يأتي المجلس النيابي ممثل لكل‬
‫القوي السياسية في المجتمع وان تحد أحزاب المعارضة الصغيرة – وكلها‬
‫‪ .‬كذلك – مكانا لها في البرلمان تعبر فيه عن نفسها‬
‫ولكن القانون – قانون النتخاب بالقائمة – عندما وضع عام ‪ 1983‬جاء‬
‫مسخا غريبا ل مثيل له في القوانين النتخابية في أي بلد ديمقراطي وقد‬
‫طعن بعدم دستورية العديد من هذه النصوص ووصل المر إلى المحكمة‬
‫الدستورية العليا التي حكمت فيه بتاريخ ‪ 16‬مايو ‪ 1978‬في القضية رقم‬
‫‪ 131‬لسنة ‪ 6‬قضائية دستورية وأكدت في حكمها المبادئ والسس التية‬
‫‪:‬‬
‫أن الحقوق السياسية المنصوص عليها في المادة ‪ 62‬من الدستور ومن ‪-‬‬
‫بينها حق الترشيح الذي عني الدستور بالنص عليه صراحة مع حقي‬
‫النتخاب وإبداء الرأي في الستفتاء اعتبرها الدستور من الحقوق العامة‬
‫التي حرص علي كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها وان القواعد‬
‫التي يضعها المشرع العادي ل يجوز عن طريق تنظيم تلك الحقوق أن‬
‫‪ .‬تنتهي إلى النتقاص منها أو مصادرتها‬
‫أن مؤدي المواد الخامسة مكرر والسادسة فقرة ‪ 1‬والسابعة عشرة من ‪-‬‬
‫القانون رقم ‪ 38‬لسنة ‪ 1972‬المعدل بالقانون رقم ‪ 114‬لسنة ‪1983‬‬
‫المطعون عليها أن المشرع حين نص علي أن يكون انتخاب أعضاء‬
‫مجلس الشعب عن طريق النتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من‬
‫النص علي اعتبار صورة قائمة الحزب الذي ينتمي إليه المرشح المثبت‬
‫بها إدراج اسمه فيها شرطا حتميا لقبول طلب ترشيحه يكون قد قصر حق‬
‫الترشيح لعضوية مجلس الشعب علي المنتمين إلى الحزاب السياسية‬
‫وحرم بالتالي غير هؤلء من ذلك الحق دون مقتضى ‪ . . .‬ولما كان حق‬
‫الترشيح من الحقوق العامة التي كفلها الدستور للمواطنين في المادة ‪62‬‬
‫منه ومن ثم فان حرمان طائفة معينة من هذا الحق ينطوي علي إهدار‬
‫لصله كما ينطوي علي إخلل بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة لدي‬
‫‪ .‬القانون ويشكل بالتالي مخالفة للمواد ‪8‬و‪ 40‬و ‪ 62‬من الدستور‬
‫أن تنظيم المشرع لحق المواطنين في الترشيح ل يعني إطلق سلطته – ‪-‬‬
‫أي المشرع – لكي تتحلل من الضوابط الدستورية وصول إلى هدم الحق‬
‫نفسه أو النتقاص منه ‪ .‬أن تنظيم المشرع لحق المواطنين في الترشيح ل‬
‫ينبغي له أن يتصف بهذا الحق أو ينال منه علي نحو ما فعلته النصوص‬
‫المطعون فيها إذ أن يتصف بهذا الحق أو ينال منه علي نحو ما فعلته‬
‫النصوص المطعون فيها إذ تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت‬
‫منها طائفة من المواطنين فجاوز المشرع دائرة تنظيم الحقوق إلى إهدارها‬
‫المر الذي ل يسمح به الدستور ومن ثم حكمت المحكمة الدستورية العليا‬
‫‪ .‬بعدم دستورية النصوص المطعون فيها لمخالفتها للدستور‬
‫وبعد صدور هذا الحكم الهام والذي كان بعيد التأثير في الحياة العامة‬
‫عدلت القوانين النتخابية بما يسمح لغير المنتمين إلى الحزاب بالترشيح‬
‫لمقعد فردي في كل دائرة من الدوائر الثماني والربعين التي قسمت لها‬
‫الجمهورية علي أن يبقي الصل في الترشيح بعد هذه المقاعد الفردية‬
‫‪ .‬الثمانية والربعين عن طريق القوائم الحزبية‬
‫وأجريت النتخابات علي هذا الساس المعدل في أبريل ‪ 1978‬وقام مجلس‬
‫الشعب ولكن ما لبثت الطعون أن انهالت ضد هذا التعديل الجزئي الذي‬
‫سمح بثغرة ضيقة بالغة الضيق أمام غير المنتمين إلى الحزاب للولوج‬
‫إلى مجلس الشعب – وانتهي المر مرة ثانية إلى المحكمة الدستورية‬
‫العليا بحسبانها القلعة الخيرة – بل وأوشك أن أقول الوحيدة – لحماية‬
‫‪ .‬مبادئ الدستور وصون أحكامه‬
‫وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا في ‪ 19‬مايو ‪ 1990‬كالصاعقة علي‬
‫‪ .‬رؤوس كل العابثين بأحكام الدستور‬
‫وفي ذلك الحكم الذي قد يكون اكثر أحكام المحكمة الدستورية العليا‬
‫خطورة وأبعدها أثرا في الحياة العامة حرصت المحكمة علي تأكيد معني‬
‫سمو الدستور ومعني سيادة القانون وأرست الصول والمفاهيم الدستورية‬
‫الصحيحية والسليمة لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص ووضعت الحقوق‬
‫‪ .‬السياسية العامة في موضعها الصحيح‬
‫الدستور هو القانون الساس العلى الذي يرسي القواعد والصول التي *‬
‫يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ‪ ،‬ويرسم لها وظائفها ‪،‬‬
‫ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ‪ ،‬ويقرر الحريات والحقوق‬
‫العامة ‪ ،‬ويرتب الضمانات الساسية لحمايتها ‪ ،‬ومن ثم فقد تميز الدستور‬
‫بطبيعة خاصة تضفي عليه صفة السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات‬
‫وموئلها وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها ‪ ،‬وحق لقواعده أن‬
‫تستوي علي القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوا مقام الصدارة بين‬
‫قواعد النظام العام باعتبارها اسمي القواعد المر التي يتعين علي الدولة‬
‫التزامها في تشريعها وفي قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية ‪،‬‬
‫ودون أي تفرقه أو تمييز – في مجال اللتزام بها – بين السلطات العامة‬
‫الثلث التشريعية والتنفيذية والقضائية ‪ ،‬ذلك أن هذه السلطات كلها‬
‫سلطات مؤسسة أنشأها الدستور ‪ ،‬تستمد منه وجودها وكيانها ‪ ،‬وهو‬
‫المرجع في تحديد وظائفها ‪ ،‬ومن ثم تعتبر جميعها أمام الدستور علي‬
‫درجة سواء ‪ ،‬وتقف كل منها مع الخرى علي قدم المساواة ‪ ،‬قائمة‬
‫بوظيفتها الدستورية متعاونة فيما بينها في الحدود المقررة لذلك ‪ ،‬خاضعة‬
‫لحكام الدستور الذي له وحده الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات‬
‫العامة جميعًا ‪ .‬والدولة في ذلك إنما تلتزم أصل من أصول الحكم‬
‫الديمقراطي ‪ ،‬هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستور ‪ ،‬وهو ما حرص الدستور‬
‫القائم علي تقريره بالنص في المادة )‪ (64‬منه علي أن " ‪ ...‬تخضع‬
‫الدولة للقانون ‪ " ......‬ول ريب في أن المقصود بالقانون في هذا الشأن‬
‫هو القانون بمعناه الموضوعي العم الذي يشمل كل قاعدة عامة مجردة‬
‫أيا كان مصدرها ‪ ،‬ويأتي علي رأسها ‪ ،‬وفي الصدارة منها الدستور‬
‫‪ .‬بوصفه اعلي القوانين واسماها‬
‫إن خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور اصل مقرر وحكم *‬
‫لزم لكل نظام ديمقراطي سليم ‪ ،‬ومن ثم يكون لزامًا علي كل سلطة عامة‬
‫أيا كان شانها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الختصاصات المسندة إليها ‪،‬‬
‫النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده ‪ ،‬فان هي‬
‫خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور ‪ ،‬وخضع – متي‬
‫انصبت المخالفة علي قانون أو لئحة – للرقابة القضائية التي عهد بها‬
‫الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا التي‬
‫اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح بغية الحفاظ‬
‫‪ .‬علي أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها‬
‫وبعد أن أرست المحكمة هذه المبادئ العامة انتقلت إلى مبدأ المساواة *‬
‫بين المصريين جميعا ثم إلى الحقوق السياسية وفي مقدمتها حق النتخاب‬
‫‪ .‬وحق الترشيح‬
‫وقالت المحكمة عن مبدأ المساواة انه هو لب الحريات والحقوق العامة *‬
‫في الدستور وانه غير قاصر علي الحقوق والحريات المنصوص عليها في‬
‫‪ .‬الدستور وانما ينطبق علي كافة الحقوق المقررة قانونا‬
‫ثم أشارت المحكمة إلى الحقوق السياسية المنصوص عليها في المادة *‬
‫‪ 62‬من الدستور ومن بينها حق الترشيح والنتخاب وكونهما حقين‬
‫متكاملين ل تقوم الحياة النيابية بدونهما ول تتحقق للسيادة الشعبية‬
‫)إبعادها إذا هما افرغا من المضمون الذي يكفل لهما الجدية والفاعلية)‪73‬‬
‫‪.‬‬
‫وكررت المحكمة الدستورية العليا هنا عباراتها التي ترددت من قبل من أن‬
‫القواعد التي يضعها المشرع تنظيما للحقوق السياسية يتعين أل تؤدي إلى‬
‫مصادرتها أو النتقاص منها أو التمييز في أسس مباشرتها وحرصت‬
‫المحكمة أن تؤكد أن السيادة ل تنعقد لفئة دون أخرى ول سيطرة لجماعة‬
‫بذاتها علي غيرها ز كذلك فان كفالة الدستور للمواطنين حقي النتخاب‬
‫والترشيح وجعله المواطنين سواء في ممارستهما وعدم جازته التمييز‬
‫بينهم في أسس مباشرتهما ول تقرير أفضلية لبعضهم علي البعض الخر‬
‫في أي شان يتعلق بهما وعلي ذلك فان المواطنين جميعًا الذي تتوافر فيهم‬
‫شروط مباشرة ؟؟؟؟ الترشيح لهم الفرص ذاتها يؤثرون من خللها ويقدر‬
‫‪ .‬وبقدر متساو فيما بينهم هي تشكيل السياسة القومية‬
‫أن النص في المادة الخامسة من الدستور علي نظام تعدد الحزاب‬
‫السياسية لم يتضمن إلزام المواطنين جميعًا بالنضمام إليها ز والنص في‬
‫المادة "‪ "62‬من الدستور علي كفالة الحقوق السياسية جاء رهينا بصفة‬
‫" المواطنة " فحسب طليقا من قيد الحزبية ومبدأ تكافؤ الفرص والمساواة‬
‫أمام القانون يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة وتحظر‬
‫التمييز بينهم بسبب اختلف الراء السياسية ‪ .‬مؤدي النصوص الدستوري‬
‫– ‪ – 62 ، 40 ، 8‬مترابطة متكاملة اعتبار المواطنين المستوفين لشروط‬
‫الترشيح لعضوية مجلس الشعب بالنسبة الممارسة هذا الحق في مراكز‬
‫قانونية متماثلة وعلي أساس من الفرص المتكافئة في الفوز بالعضوية‬
‫‪ .‬دون اعتداد بانتماءاتهم الحزبية‬
‫‪ :‬وتأسيسًا علي ما تقدم انتهت المحكمة الدستورية إلى ما يلي‬
‫إقامة القانون ‪ 38‬لسنة ‪ 1972‬في شان مجلس الشعب المعدل بالقانون ‪-‬‬
‫رقم ‪ 188‬لسنة ‪ 1986‬التحديد العددي للمقاعد المخصصة لكل دائرة‬
‫بصورة متفاوتة علي أساس عدد المواطنين بها وتحديده في المادة‬
‫الخامسة مكررا منها للمرشح الفردي في كل منها مقعدًا واحدًا بصورة‬
‫تحكمية أيا كان عدد مواطنيها يتنافس عليه المستقلون مع غيرهم من‬
‫أعضاء الحزاب السياسية يتضمن مخالفة للقاعدة العامة التي اتبعها في‬
‫تحديد عدد المقاعد النيابية في كل دائرة بما يتناسب وعدد السكان فيها‬
‫‪ .‬ويشكل إخلل بمبدا المساواة في المعامل بين المرشحين‬
‫لما كان ذلك وكان المادة الخامسة مكررا من القانون رقم ‪ 38‬لسنة‬
‫‪ 1972‬في شان مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم ‪ 188‬لسنة ‪1986‬‬
‫بما نصت عليه من أن " ‪ . .‬يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن‬
‫طريق النتخاب الفردي ‪ ،‬ويكون انتخاب باقي العضاء الممثلين للدائرة‬
‫عن طريق النتخاب بالقوائم الحزبية ‪ " . .‬تعتبر قاطعة في الدللة علي ما‬
‫قصد إليه المشرع من تحديده مقعدًا واحدًا – لنظام النتخاب الفردي في‬
‫كل دائرة انتخابية – يجري التنافس عليه بين المرشحين من أعضاء‬
‫الحزاب السياسية والمرشحين غير المنتمين لهذه الحزاب ‪ ،‬وتخصيصه‬
‫عدة مقاعد في الدائرة خالصة لمرشحي القوائم الحزبية ‪ ،‬ومن ثم فان هذه‬
‫المادة تكون بذاتها قد تضمنت في صريح نصها إخلل بحق المواطنين غير‬
‫المنتمين لحزاب سياسية في الترشيح علي قدم المساواة وعلي أساس من‬
‫تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الحزاب السياسية إخلل‬
‫أدى إلى التمييز بين الفئتين من المرشحين في المعاملة القانونية وفي‬
‫الفرص المتاحة للفوز بالعضوية تمييزا قائمًا علي أساس اختلف الراء‬
‫السياسية مما يشكل مخالفة المواد ‪ 62 ، 40 ، 8‬من الدستور ويستوجب‬
‫القضاء بعدم دستوريتها فيما تضمنته من النص علي أن " ‪ . .‬يكون لكل‬
‫دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق النتخاب الفردي ويكون انتخاب‬
‫‪ . .‬باقي العضاء الممثلين للدائرة عن طريق النتخاب بالقوائم الحزبية‬
‫‪".‬‬
‫وانتهت المحكمة الدستورية العليا من ذلك كله إلى بطلن مواد قانون‬
‫‪ .‬النتخاب المطعون فيها لعدم دستوريتها‬
‫وكان لبد وان تواجه المحكمة اثر هذا الحكم علي قيام مجلس الشعب الذي‬
‫‪ .‬انتخب علي أساس هذه النصوص المخالفة للدستور‬
‫قالت المحكمة " ‪ . .‬أن الصل في الحكام القضائية انها كاشفة وليست‬
‫منشئة مما يستتبع أن للحكم بعدم الدستورية اثر رجعي كنتيجة حتمية‬
‫طبيعته الكاشفة وعلي ذلك فان القضاء بعدم دستورية النص التشريعي‬
‫الذي أجريت انتخابات مجلس الشعب بناء عليه مؤداه ولزمه بطلن‬
‫تشكيل المجلس منذ انتخابه ودون أن يستتبع ذلك إسقاط ما افره المجلس‬
‫من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلل الفترة السابقة وحتى‬
‫تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية بل تظل علي اصلها من الصحة‬
‫والنفاذ ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها أو يقضي بعدم دستورية نصوصها‬
‫‪ .‬التشريعية إن كان لذلك وجه أخر غير ما بني عليه هذا الحكم‬
‫والحقيقة أن الدوي الذي أحدثه هذا الحكم في الحياة العامة في مصر كان‬
‫دويا بعيدا ‪ ،‬وكانت المحكمة موفقة التوفيق كله عندما أمسكت بالميزان‬
‫الذي ل يميل بعد أن قضت بعدم دستورية المواد التي انتخب علي أساسها‬
‫مجلس الشعب كان لبد وان تقضي بعدم دستورية تكوين المجلس منذ‬
‫قيامه كأثر للطبيعة الكاشفة للحكم الدستوري ولكن المحكمة الدستورية‬
‫العليا بكل أمانة الحساس بالمسئولية تصدت لحكم ما صدر عن ذلك‬
‫المجلس وحكمت بصحته ونفاذه إل إذا أصابه عوار لسبب أخر غير مجرد‬
‫‪ .‬بطلن تكوين المجلس‬
‫وقد شاهت وجوه كثيرة بعد أن اذيع نبا الحكم ‪ ،‬ورضي به ودافع عنه‬
‫كثيرون ‪ ،‬واراد ال أن ينتصر الحق وان تبقي محكمتنا العليا حصنا شامخًا‬
‫‪ .‬يرد عن الدستور كيد المعتدين‬
‫‪ .‬والحمد ل رب العالمين‬

‫ملحق قانون المحكمة الدستورية العليا ومذكرته اليضاحية‬

‫قانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪1979‬‬


‫بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا‬

‫باسم الشعب‬
‫رئيس الجمهورية‬
‫قرر مجلس الشعب القانون التي نصه ‪ ،‬وقد أصدرناه‬
‫) المادة الولى (‬
‫‪ .‬يعمل بأحكام القانون المرافق في شان المحكمة الدستورية العليا‬
‫) المادة الثانية (‬
‫جميع الدعاوى والطلبات القائمة أما المحكمة الدستورية العليا والتي تدخل‬
‫في اختصاص المحكمة الدستورية العليا بمقتضى القانون المرافق تحال‬
‫‪ .‬إليها بحالتها فور تشكيلها وبغير رسوم‬
‫وتحال إليها كذلك طلبات وقف تنفيذ الحكام الصادرة من هيئات التحكيم‬
‫القائمة أمام المحكمة العليا بحالتها دون رسوم للفصل فيها طبقًا للحكام‬
‫الواردة في القانون رقم ‪ 81‬لسنة ‪ 1969‬بإصدار قانون المحكمة العليا‬
‫والقانون رقم ‪ 66‬لسنة ‪ 1970‬بإصدار قانون الجراءات والرسوم أمامها‬
‫‪.‬‬
‫) المادة الثالثة (‬
‫تسري أحكام المادتين ‪ 16 ، 15‬من القانون المرافق علي الدعاوى‬
‫والطلبات المتعلقة برد ومخاصمة أعضاء المحكمة العليا أو بمرتباتهم‬
‫ومعاشاتهم وما في حكمها ‪ ،‬وتفصل المحكمة الدستورية العليا دون غيرها‬
‫‪ .‬في جميع هذه الدعاوى والطلبات‬
‫) المادة الرابعة (‬
‫يمثل المحكمة الدستورية العليا في المجلس العلى للهيئات القضائية‬
‫‪ .‬رئيسها ويحل محله في حالة غيابه اقدم أعضائها‬
‫) المادة الخامسة (‬
‫مع مراعاة حكم الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ‪ 5‬من القانون المرافق‬
‫يصدر أول تشكيل للمحكمة الدستورية العليا بقرار من رئيس الجمهورية‬
‫ويتضمن تعيين رئيس المحكمة وأعضائها ممن تتوافر فيهم الشروط‬
‫المنصوص عليها في القانون المرافق بعد اخذ رأي المجلس العلى‬
‫‪ .‬للهيئات القضائية بالنسبة للعضاء‬
‫ويؤدي أعضاء المحكمة اليمين المنصوص عليها في المادة ‪ 6‬من القانون‬
‫‪ .‬المرافق أمام رئيس الجمهورية‬
‫) المادة السادسة (‬
‫أعضاء المحكمة العليا وأعضاء هيئة مفوضي الدولة الذين ل يشملهم‬
‫تشكيل المحكمة الدستورية العليا يعودون بحكم القانون إلى الجهات التي‬
‫كانوا يعملون بها قبل تعيينهم بالمحكمة العليا باقدمياتهم السابقة في تلك‬
‫‪ .‬الجهات مع احتفاظهم بدرجاتهم ومرتباتهم وبدلتهم بصفة شخصية‬
‫) المادة السابعة (‬
‫ينقل إلى المحكمة الدستورية العليا فور تشكيلها جميع العاملين بالقسام‬
‫‪ .‬الدارية والكتابية وغيرها الملحق بالمحكمة العليا‬
‫كما تنتقل إليها جميع العتمادات المالية الخاصة بالمحكمة العليا والمدرجة‬
‫‪ .‬في موازنة السنة الحالية‬
‫) المادة الثامنة (‬
‫ينتفع رئيس وأعضاء المحكمة العليا السابقون وأسرهم الذين انتهت‬
‫خدمتهم من خدمتهم من خدمات الصندوق المنصوص عليها في المادة )‬
‫‪ (18 .‬من القانون المرافق وبالشروط الواردة فيه‬
‫) المادة التاسعة (‬
‫مع عدم الخلل بأحكام المادة الثانية من قانون الصدار يلغي قانون‬
‫المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم )‪ (81‬لسنة ‪ ، 1969‬وقانون‬
‫الجراءات والرسوم أمامها الصادر بالقانون رقم )‪ (66‬لسنة ‪، 1970‬‬
‫والقانون رقم )‪ (79‬لسنة ‪ 1976‬ببعض الحكام الخاصة بالمحكمة العليا‬
‫كما يلغي كل نص يخالق أحكام القانون المرافق وذلك فور تشكيل المحكمة‬
‫‪ .‬العليا‬
‫) المادة العاشرة (‬
‫ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ‪ ،‬ويعمل به بعد أسبوعين من‬
‫‪) .‬تاريخ نشره)‪74‬‬
‫‪ .‬يبصم هذا القانون بخاتم الدولة ‪ ،‬وينفذ كقانون من قوانينها‬
‫صدر برياسة الجمهورية في ‪ 7‬شوال سنة ‪ 29 ) 1399‬أغسطس سنة‬
‫‪1979 ) .‬‬

‫قانون المحكمة الدستورية العليا‬


‫الباب الول‬
‫نظام المحكمة‬
‫الفصل الول‬
‫تشكيل المحكمة‬
‫) مادة ) ‪1‬‬
‫المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها في جمهورية‬
‫‪ .‬مصر العربية ‪ ،‬مقرها مدينة القاهرة‬
‫) مادة ) ‪2‬‬
‫في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بكلمة " المحكمة " المحكمة‬
‫الدستورية العليا وبعبارة " عضو المحكمة " رئيس المحكمة وأعضاؤها‬
‫‪ .‬وذلك ما لم يوجد نص مخالف‬
‫) مادة ) ‪3‬‬
‫‪ .‬تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من العضاء‬
‫وتصدر أحكامها وقراراتها من سبعة أعضاء ويرأس جلساتها رئيسها أو‬
‫اقدم أعضائها وعند خلو منصب الرئيس أو غيابه أو وجود مانع لديه يقوم‬
‫‪ .‬مقامه القدم فالقدم من أعضائها في جميع اختصاصاته‬
‫) مادة ) ‪4‬‬
‫يشترط فيمن يعين عضوا بالمحكمة أن تتوافر فيه الشروط العامة اللزمة‬
‫لتوالي القضاء طبقا لحكام قانون السلطة القضائية ‪ ،‬وإل تقل سنة عن‬
‫‪ .‬خمس وأربعين سنة ميلدية‬
‫‪ :‬ويكون اختياره من بين الفئات التية‬
‫‪ .‬أ( أعضاء المحكمة العليا الحاليين(‬
‫ب( أعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقيين ممن امضوا في وظيفة(‬
‫‪ .‬مستشار أو ما يعادلها خمس سنوات متصلة علي القل‬
‫ج( أساتذة القانون الحاليين والسابقيين بالجامعات المصرية ممن امضوا(‬
‫‪ .‬في وظيفة أستاذ ثماني سنوات متصلة علي القل‬
‫د( المحامين الذين استغلوا أمام محكمة النقض والمحكمة الدارية العليا(‬
‫‪ .‬عشر سنوات متصلة علي القل‬
‫) مادة ) ‪5‬‬
‫‪ .‬يعين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية‬
‫ويعين عضو المحكمة بقرار من رئيس المحكمة بعد اخذ رأي المجلس‬
‫العلى للهيئات القضائية وذلك من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة‬
‫‪ .‬للمحكمة ويرشح الخرى رئيس المحكمة‬
‫ويجب أن يكون ثلثا عدد أعضاء المحكمة علي القل من بين أعضاء‬
‫‪ .‬الهيئات القضائية‬
‫‪ .‬ويحدد قرار التعيين وظيفة العضو وأقدميته بها‬
‫) مادة ) ‪6‬‬
‫‪ :‬يؤدي رئيس وأعضاء المحكمة قبل مباشرة إعمالهم اليمين التالية‬
‫" اقسم بال العظيم أن احترم الدستور والقانون وان احكم بالعدل "‬
‫‪ .‬ويكون أداء اليمين بالنسبة لرئيس هيئة المفوضين أو اقدم أعضائها‬
‫‪ .‬ويكون أداء اليمين بالنسبة للعضاء أمام المحكمة العامة للمحكمة‬
‫الفصل الثاني‬
‫الجمعية العامة للمحكمة‬
‫) مادة ) ‪7‬‬
‫‪ .‬تؤلف الجمعية العامة للمحكمة من جميع أعضائها‬
‫ويحضر اجتماعاتها رئيس هيئة المفوضين أو اقدم أعضائها ‪ ،‬ويكون له‬
‫‪ .‬صوت معدود في المسائل المتعلقة بالهيئة‬
‫) مادة ) ‪8‬‬
‫تختص الجمعية العامة بالضافة إلى ما نص عليه في هذا القانون بالنظر‬
‫في المسائل المتعلقة بنظام المحكمة وأمورها الداخلية وتوزيع العمال بين‬
‫‪ .‬أعضائها وجميع الشئون الخاصة بهم‬
‫ويجوز لها أن تفوض رئيس المحكمة أو لجنة من أعضائها في بعض ما‬
‫‪ .‬يدخل في اختصاصاتها‬
‫‪ .‬ويجب اخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بالمحكمة‬
‫) مادة ) ‪9‬‬
‫تجتمع الجمعية العامة للمحكمة من رئيس المحكمة أو بناء علي طلب ثلث‬
‫‪ .‬عدد أعضائها ول يكون انعقادها صحيحًا إل بحضور أغلبية العضاء‬
‫‪ .‬ويرأس الجمعية رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه‬
‫وتصدر الجمعية قراراتها بالغلبية المطلقة لصوات الحاضرين ‪ ،‬وإذا‬
‫تساوت الصوات رأي الجانب الذي منه الرئيس ما لم يكن التصويت سرا‬
‫‪ .‬فيعتبر القتراح مرفوضًا‬
‫وثبتت محاضر أعمال الجمعية العامة في سجل يوقعه رئيس الجمعية‬
‫‪ .‬وأمين عام المحكمة‬
‫تؤلف بقرار من الجمعية العامة لجنة للشئون الوقتية برئاسة رئيس‬
‫المحكمة وعضوية اثنين أو اكثر من العضاء تتولى اختصاصات الجمعية‬
‫‪ .‬العامة في المسائل العاجلة أثناء العطلة القضائية للمحكمة‬
‫الفصل الثالث‬
‫حقوق العضاء وواجباتهم‬
‫) مادة ) ‪11‬‬
‫أعضاء المحكمة غير قالبين للعزل ول ينقلون إلى وظائف أخرى إل‬
‫‪ .‬بموافقتهم‬
‫) مادة ) ‪12‬‬
‫تحدد مرتبات وبدلت رئيس المحكمة وأعضائها طبقا للجدول الملحق بهذا‬
‫‪ .‬القانون‬
‫علي انه إذا كان العضو يشغل قبل تعيينه بالمحكمة وظيفة يزيد مرتبها أو‬
‫البدل المقرر لها عما ورد في هذا الجدول فانه يحتفظ بصفة شخصية بما‬
‫‪ .‬كان يتقاضاه‬
‫وفيما عدا ذلك ل يجوز أن يقرر لحد العضاء مرتب أو بدل بصفة‬
‫‪ .‬شخصية ول يعمل معاملة استثنائية بأية صورة‬
‫) مادة ) ‪13‬‬
‫ل يجوز ندب أو إعارة المحكمة إل لعمال القانون بالهيئات الدولة أو‬
‫‪ .‬الدول الجنبية أو للقيام بمهام عملية‬
‫) مادة ) ‪14‬‬
‫تسري الحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض علي أعضاء‬
‫‪ .‬المحكمة‬
‫) مادة ) ‪15‬‬
‫تسري في شان عدم صلحية عضو المحكمة ‪ ،‬وتنحيه ورده ومخاصمته‬
‫‪ .‬الحكام المقرر بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض‬
‫وتفصل المحكمة الدستورية العليا في طلب الرد ودعوي المخاصمة بكامل‬
‫أعضائها عدا العضو المشار إليه ‪ ،‬ومن يقوم لديه عذر ‪ ،‬ويراعي أن‬
‫‪ .‬يكون عدد العضاء الحاضرين وترا بحيث يستبعد احدث العضاء‬
‫ول يقبل رد أو مخاصمة جميع أعضاء المحكمة أو بعضهم بحيث يقل عدد‬
‫‪ .‬الباقين منهم عن سبعة‬
‫) مادة ) ‪16‬‬
‫تختص المحكمة دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالمرتبات‬
‫والمكافآت والمعاشات بالنسبة لعضاء المحكمة أو المستحقين عنهم ‪ .‬كما‬
‫تختص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الدارية النهائية المتعلقة بأي‬
‫‪ .‬شان من شئونهم وكذلك طلبات التعويض المترتبة علي هذه القرارات‬
‫واستثناء من أحكام المادة )‪ (34‬يوقع علي الطلبات المشار إليها في‬
‫‪ .‬الفقرتين السابقتين من صاحب الشأن‬
‫ومع مراعاة )‪ (35‬إلى )‪ (45‬يتبع في شان هذه الطلبات الحكام المطبقة‬
‫‪ .‬بالنسبة لمستشاري محكمة النقض فيما لم يرد بأنه نص في هذا القانون‬
‫) مادة ) ‪17‬‬
‫تسري الحكام المقررة في قانون السلطة القضائية بالنسبة للجازات علي‬
‫‪ .‬أعضاء المحكمة‬
‫وتتولي الجمعية العامة للمحكمة اختصاصات المجلس العلى للهيئات‬
‫‪ .‬القضائية في هذا الشأن‬
‫‪ .‬ويتولي رئيس المحكمة اختصاصات وزير العدل‬
‫) مادة ) ‪18‬‬
‫ينشا بالمحكمة صندوق تكون له الشخصية العتبارية ‪ ،‬تخصص له الدولة‬
‫الموارد اللزمة لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والجتماعية لعضاء‬
‫‪ .‬المحكمة وهيئة المفوضين بها وأسرهم‬
‫وتؤول إلى هذا الصندوق حقوق والتزامات الصندوق المنشأ بمقتضى‬
‫المادة السابعة من القانون رقم )‪ (79‬لسنة ‪ 1976‬ببعض الحكام الخاصة‬
‫‪ .‬بالمحكمة العليا‬
‫ول يجوز لمن ينتفع من هذا الصندوق النتفاع من صندوق الخدمات‬
‫‪ .‬الصحية والجتماعية لعضاء الهيئات القضائية‬
‫ويصدر بتنظيم الصندوق وأدارته وقواعد النفاق منه قرار من رئيس‬
‫‪ .‬المحكمة بعد موافقة الجمعية العامة‬
‫) مادة ) ‪19‬‬
‫إذا نسب إلى أحد أعضاء المحكمة أمر من شانه المساس بالثقة أو‬
‫العتبار أو خلل الجسيم بواجبات أو مقتضيات وظيفته يتولي رئيس‬
‫‪ .‬المحكمة عرض المر علي لجنة الشئون الوقتية بالمحكمة‬
‫فإذا قررت اللجنة – بعد دعوة العضو لسماع أقواله – أن هناك محل‬
‫للسير في الجراءات ندبت أحد أعضائها أو لجنة من ثلثة منهم للتحقيق ‪،‬‬
‫ويعتبر العضو المجال إلى التحقيق في إجازة حتمية بمرتب كامل من تاريخ‬
‫‪ .‬هذا القرار‬
‫ويعرض التحقق بعد انتهائه علي الجمعية العامة منعقدة في هيئة محكمة‬
‫تأديبية فيما عدا من شارك من أعضائها في التحقيق أو التهام لتصدر –‬
‫بعد سماع دفاع العضو وتحقيق دفاعه – حكمها بالبراءة أو بإحالة العضو‬
‫إلى التقاعد من تاريخ صدور الحكم المذكور ‪ .‬ويكون الحكم نهائيًا غير‬
‫‪ .‬قابل للطعن بأي طريق‬
‫) مادة ) ‪20‬‬
‫تتولى الجمعية العامة للمحكمة اختصاصات اللجنة المنصوص عليها في‬
‫المادتين ‪ 96 ، 59‬من قانون السلطة القضائية واختصاصات مجلس‬
‫‪ .‬التأديب المنصوص عليها في المادة ‪ 97‬من القانون المذكور‬
‫وفيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شان أعضاء المحكمة‬
‫جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى‬
‫‪ .‬مستشاري محكمة النقض وفقا لقانون السلطة القضائية‬
‫الفصل الرابع‬
‫هيئة المفوضين‬
‫) مادة ) ‪21‬‬
‫تؤلف هيئة المفوضين لدي المحكمة من رئيس وعدد كاف من‬
‫‪ .‬المستشارين المساعدين‬
‫ويحل محل الرئيس عند غيابه القدم من أعضائها ‪ ،‬ويتولي رئيس الهيئة‬
‫‪ .‬تنظيم العلم بها والشراف عليها‬
‫وتحدد مرتبات وبدلت رئيس وأعضاء الهيئة وفقًا للجدول الملحق بهذا‬
‫‪ .‬القانون‬
‫) مادة ) ‪22‬‬
‫يشترط فيمن يعين رئيسا لهيئة المفوضين ذات الشروط المقررة لتعيين‬
‫‪ .‬أعضاء المحكمة في المادة )‪ (4‬من هذا القانون‬
‫ويشترط فيمن يعين مستشارا أو مستشارا مساعدا بالهيئة ذات الشروط‬
‫المقررة في قانون السلطة القضائية لتعيين أقرانهم من المستشارين‬
‫‪ .‬بمحاكم الستئناف والرؤساء بالمحاكم البتدائية عن حسب الحوال‬
‫ويعين رئيس وأعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بناء علي‬
‫‪ .‬ترشيح رئيس المحكمة وبعد اخذ رأي الجمعية العامة‬
‫ويكون التعيين في وظيفة رئيس الهيئة والمستشارين بها بطرق الترقية‬
‫‪ .‬من الوظيفة التي تسبقها مباشرة‬
‫ومع ذلك يجوز أن يعين رأسا في هذه الوظائف من تتوافر فيه الشروط‬
‫‪ .‬المشار إليها في الفقرتين الول والثانية من هذه المادة‬
‫ولرئيس المحكمة ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل بهيئة‬
‫المفوضين ممن تنطبق عليهم أحكام الفقرة الثانية ‪ ،‬وذلك بعد اخذ رأي‬
‫الجمعية العامة وطبقا للجراءات المنصوص عليها في قانون الهيئة التي‬
‫‪ .‬ينتمون إليها‬
‫) مادة ) ‪23‬‬
‫يؤدي رئيس وأعضاء هيئة المفوضين قبل مباشرتهم إعمالهم اليمين‬
‫‪ :‬التالية‬
‫اقسم بال العظيم أن احترم الدستور والقانون ‪ ،‬وان أؤدي عملي "‬
‫‪ " .‬بالمانة والصدق‬
‫‪ .‬ويكون أداء اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة‬
‫) مادة ) ‪24‬‬
‫رئيس وأعضاء هيئة المفوضين غير قابلين للعزل ‪ ،‬ول يجوز نقلهم إلى‬
‫‪ .‬وظائف أخرى إل بموافقتهم‬
‫وتسري في شان ضماناتهم وحقوقهم وواجباتهم وإحالتهم إلى التقاعد‬
‫وإجازاتهم والمنازعات المتعلقة بترقياتهم ومرتبتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم‬
‫هم وسائر المستحقين عنهم ‪ .‬الحكام المقرة بالنسبة لعضاء المحكمة ول‬
‫‪ .‬يسري حكم المادة ‪ 13‬من هذا القانون علي أعضاء الهيئة‬
‫الباب الثاني‬
‫الختصاصات والجراءات‬
‫الفصل الول‬
‫الختصاصات‬
‫) مادة ) ‪25‬‬
‫‪ :‬تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي‬
‫‪ .‬أول ‪ :‬الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح‬
‫ثانيا ‪ :‬الفصل في تنازع الختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات‬
‫القضاء أو الهيئات ذات الختصاص القضائي ‪ ،‬وذلك إذا رفعت الدعوى‬
‫عن موضوع واحد أما جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت‬
‫‪ .‬كلتاهما عنها‬
‫ثالثا ‪ :‬الفصل في النزاع يقوم بشان تنفيذ حكمين نهائيين متناقض صادر‬
‫أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي‬
‫‪ .‬والخر من جهة أخرى منها‬
‫) مادة ) ‪26‬‬
‫تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادر من‬
‫السلطة التشريعية والقرارات بالقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية‬
‫وفقا لحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلفا في التطبيق وكان لها من‬
‫‪ .‬الهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها‬
‫) مادة ) ‪27‬‬
‫يجوز للمحكمة في جميع الحالت أن تقضي بعدم دستورية أي نص في‬
‫قانون أو لئحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصتها وتصل بالنزاع‬
‫لمطروح عليها وذلك بعد اتباع الجراءات المقررة لتحضير الدعاوى‬
‫‪ .‬الدستورية‬
‫الفصل الثاني‬
‫الجراءات‬
‫) مادة ) ‪28‬‬
‫فيما عدا ما نص علي في هذا الفصل تسري علي قرارات الحالة‬
‫والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة الحكام المقررة في قانون‬
‫المرافعات المدنية والتجارية بما ل يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة‬
‫‪ .‬والوضاع المقررة أمامها‬
‫) مادة ) ‪29‬‬
‫تتولى المحكمة الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح علي‬
‫‪ :‬الوجه التي‬
‫أ( إذا تراءي لحدى المحاكم أو لهيئات ذات الختصاص القضائي أثناء(‬
‫نظر إحدى الدعوى عدم دستورية نص في قانون أو لئحة لزم للفصل في‬
‫النزاع ‪ ،‬أوقفت الدعوى وأحالت الوراق بغير رسوم إلى المحكمة‬
‫‪ .‬الدستورية العليا للفصل في المسالة الدستورية‬
‫ب( إذا دفع الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات(‬
‫ذات الختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة ورأت‬
‫المحكمة أو الهيئة أن الدفاع حدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار‬
‫الدفع ميعادا ل يجاوز ثلثة اشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة‬
‫الدستورية العليا ‪ ،‬فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كان لم يكن‬
‫‪.‬‬
‫) مادة ) ‪30‬‬
‫يجب أن يتضمن القرار الصادر بالحاطة إلى المحكمة الدستورية العليا أو‬
‫صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقا لحكم المادة السابقة ببيان النص‬
‫التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعي بمخالفته‬
‫‪ .‬واوجه المخالفة‬
‫) مادة ) ‪31‬‬
‫لكل ذي شان أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء‬
‫المختصة بنظر الدعوى في الحالة المشار إليها في البند ثانيا من المادة )‬
‫‪25) .‬‬
‫ويجب أن يبين في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما‬
‫‪ .‬اتخذته كل منها في شانه‬
‫ويترتب علي تقديم الطلب وفق الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل‬
‫‪ .‬فيه‬
‫) مادة ) ‪32‬‬
‫لكل ذي شان انيطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع القائم‬
‫حول التنفيذ ‪ ،‬واوجه بشان تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين في الحالة‬
‫‪ ) .‬المشار إليه في البند ثالثًا من المادة ) ‪25‬‬
‫ويجب أن يبين في الطلب النزاع القائم حول التنفيذ ‪ ،‬ووجه التناقض بين‬
‫‪ .‬الحكمين‬
‫ولرئيس المحكمة أن يأمر بناء علي طلب ذي الشان بوقف تنفيذ الحكمين‬
‫‪ .‬أو أحدهما حتى الفصل في النزاع‬
‫) مادة ) ‪33‬‬
‫يقدم التفسير من وزير العدل بناء علي طلب رئيس مجلس الوزراء أو‬
‫‪ .‬رئيس مجلس الشعب أو المجلس العلى للهيئات القضائية‬
‫ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره ‪ ،‬وما‬
‫آثاره من خلف في التطبيق ومدي أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقا‬
‫‪ .‬لوحدة تطبيقه‬
‫) مادة ) ‪34‬‬
‫يجب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة‬
‫الدستورية العليا موقعًا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو‬
‫بإدارة قضايا الحكومة بدرجة مستشار علي القل حسب الحوال ‪ ،‬وان‬
‫يرفق بالطلب المنصوص عليه في لمادتين ‪ 32 ، 31‬صورة رسمية من‬
‫الحكمين اللذين وقع في شانهما التنازع أو التناقض وإل كان الطلب غير‬
‫‪ .‬مقبول‬
‫) مادة ) ‪35‬‬
‫يفيد قلم الكتاب قرارات الحالة الواردة إلى المحكمة والدعاوى والطلبات‬
‫‪ .‬المقدمة إليها في يوم ورودها أو تقديمها في سجل يخصص لذلك‬
‫وعلم قلم الكتاب إعلن ذوي الشأن عن طريق قلم المحضرين بالقرارات‬
‫أو الدعاوى أو الطلبات سالف الذكر في مدي خمسة عشر يوما من ذلك‬
‫‪ .‬التاريخ‬
‫‪ .‬وتعتبر الحكومة من ذوي الشأن في الدعاوى الدستورية‬
‫) مادة ) ‪36‬‬
‫يعتبر مكتب المحامي الذي وقع علي صحيفة الدعوى أو الطلب محل‬
‫مختار للطالب ومكتب المحامي الذي ينوب عن المطلوب ضده في الرد‬
‫علي الطلب محل مختارا له ‪ ،‬وذلك ما لم يعين أي من الطرفين لنفسه‬
‫‪ .‬محل مختارا لعلنه فيه‬
‫) مادة ) ‪37‬‬
‫لكل من تلقي إعلنا بقرار إحالة أو بدعوى أن يودع قلم كتاب المحكمة‬
‫خلل خمسة عشر يوما من تاريخ إعلنه مذكرة بملحظاته مشفوعة‬
‫‪ .‬بالمستندات‬
‫ولخصمه الرد علي ذلك بمذكرة ومستندات خلل الخمسة عشر يوما التالية‬
‫‪ .‬لنتهاء الميعاد المبين بالفقرة السابقة‬
‫فإذا استعمل الخصم حقه في الرد كان للول التعقيب بمذكرة خلل الخمسة‬
‫‪ .‬يوما التالية‬
‫) مادة ) ‪38‬‬
‫ل يجوز لقلم الكتاب أن يقبل بعد انقضاء المواعيد المبينة في المادة‬
‫السابقة اوراقا من الخصوم ‪ ،‬وعليه أن يحرر محضرا يثبت فيه تاريخ‬
‫‪ .‬تقديم هذه الوراق واسم مقدمها وصفته‬
‫) مادة ) ‪39‬‬
‫يعرض قلم الكتاب ملحق الدعوى أو الطلب علي هيئة المفوضين في اليوم‬
‫‪) .‬التالي لنقضاء المواعيد المبينة في المادة )‪37‬‬
‫وتتولي الهيئة تحضير الموضوع ‪ .‬ولها في سبيل ذلك التصال بالجهات‬
‫ذات الشان للحصول علي ما يلزم من بيانات أو أوراق ‪ ،‬كما أن لها دعوة‬
‫ذوين الشأن لستيضاحهم ما ترس من وقائع وتكليفهم بتقديم مستندات‬
‫‪ .‬ومذكرات تكميلية وغير ذلك من إجراءات التحقيق في الجل الذي تحدده‬
‫) مادة ) ‪40‬‬
‫تودع هيئة المفوضين بعد تحضير الموضوع تقريرا تحدد في المسائل‬
‫‪ .‬الدستورية والقانونية المثارة وراي الهيئة فيها مسببا‬
‫ويجوز لذوي الشأن أن يطلعوا علي هذا التقرير بقلم كتاب المحكمة ‪ ،‬ولهم‬
‫‪ .‬أن يطلبوا صورة منه علي نفقتهم‬
‫) مادة ) ‪41‬‬
‫يحدد رئيس المحكمة خلل أسبوع من إيداع التقرير تاريخ الجلسة التي‬
‫‪ .‬تنظر فيها الدعوى أو الطلب‬
‫وعلي قلم الكتاب أخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة بكتاب مسجل بعلم‬
‫‪ .‬الوصول‬
‫ويكون ميعاد الحضور خمسة عشر يوما علي القل ما لم يأمر رئيس‬
‫المحكمة في حالة الضرورة وبناء علي طلب ذوي الشأن بتقصير هذا‬
‫‪ .‬الميعاد إلى ما ل يقل عن ثلثة أيام‬
‫‪ .‬ويعلن هذا المر إليهم مع الخطار بتاريخ الجلسة‬
‫) مادة ) ‪42‬‬
‫يجب حضور أحد أعضاء هيئة المفوضين جلسات المحكمة ويكون درجة‬
‫‪ .‬مستشار علي القل‬
‫) مادة ) ‪43‬‬
‫يقبل حضور أمام المحكمة المحامون المقبولون للمرافعة أمام محكمة‬
‫‪ .‬النقض والمحكمة الدارية العليا‬
‫ويكون الحاضر عن الحكومة من درجة مستشار علي القل بإدارة قضايا‬
‫‪ .‬الحكومة‬
‫) مادة ) ‪44‬‬
‫‪ .‬تحكم المحكمة في الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة‬
‫فإذا رأت ضرورة المرافعة الشفوية فيها سماع محاميي الخصوم وممثل‬
‫هيئة المفوضين ‪ ،‬وفي هذه الحالة ل يؤذن للخصوم أن يحضروا أمام‬
‫‪ .‬المحكمة من غير محام معهم‬
‫وليس للخصوم الذين لم تودع بأسمائهم مذكرات وفقا لحكم المادة )‪(37‬‬
‫‪ .‬الحق في أن ينيبوا عنهم محاميا في الجلسة‬
‫وللمحكمة أن ترخص لمحاميي الخصوم وهيئة المفوضين في إيداع‬
‫‪ .‬مذكرات تكميلية في المواعيد التي تحددها‬
‫) مادة ) ‪45‬‬
‫ل تسري علي الدعاوى والطلبات المعروضة علي المحكمة قواعد الحضور‬
‫‪ .‬أو الغياب المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية‬
‫الباب الثالث‬
‫الحكام والقرارات‬
‫) مادة ) ‪46‬‬
‫‪ .‬تصدر أحكام المحكمة وقراراتها باسم الشعب‬
‫) مادة ) ‪47‬‬
‫‪ .‬تفصل المحكمة من تلقاء نفسها في جميع المسائل الفرعية‬
‫) مادة ) ‪48‬‬
‫‪ .‬أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن‬
‫) مادة ) ‪49‬‬
‫أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع‬
‫‪ .‬سلطات الدولة وللكافة‬
‫وتنشر الحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة‬
‫الرسمية وبغير مصروفات خلل خمسة عشر يومًا علي الكثر من تاريخ‬
‫‪ .‬صدورها‬
‫ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز ‪..‬‬
‫تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ‪ . .‬ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر‬
‫اسبق علي أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي ل يكون له في جميع‬
‫الحوال إل اثر مباشر وذلك دون إخلل باستفادة المدعي من الحكم الصادر‬
‫‪) .‬بعدم دستورية هذا النص ‪75)" . .‬‬
‫فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي تعتبر الحكام التي‬
‫صدرت بالدانة استنادا إلى ذلك النص كان لم يكن ‪ ،‬ويقوم رئيس هيئة‬
‫‪ .‬المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لجراء مقتضاه‬
‫تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الحكام‬
‫‪ .‬والقرارات الصادرة منها‬
‫وتسري علي هذه المنازعات الحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية‬
‫والتجارية بما ل يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والوضاع المقررة‬
‫‪ .‬أمامها‬
‫ول يترتب علي رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى‬
‫‪ .‬الفصل في المنازعة‬
‫) مادة ) ‪51‬‬
‫تسري علي الحكام والقرارات الصادرة من المحكمة ‪ ،‬فيما لم يرد به نص‬
‫في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية‬
‫‪ .‬بما ل يتعارض وطبيعة تلك الحكام والقرارات‬
‫الباب الرابع‬
‫الرسوم والمصروفات‬
‫) مادة ) ‪52‬‬
‫ل تحصل رسوم علي الطلبات المنصوص عليها في المواد ‪ 16‬و ‪ 31‬و‬
‫‪ 32 .‬و ‪ 33‬من هذا القانون‬
‫) مادة ) ‪53‬‬
‫يفرض رسم ثابت مقداره خمسة وعشرون جنيهًا علي الدعاوى الدستورية‬
‫‪.‬‬
‫ويشمل الرسم المفروض جميع الجراءات القضائية الخاصة بالدعوى‬
‫‪ .‬شاملة إعلن الوراق والحكام‬
‫ويجب علي المدعي أن يودع خزانة المحكمة عند تقديم صحيفة هذه‬
‫‪ .‬الدعوى كفالة مقدارها خمسة وعشرون جنيها‬
‫وتود كفالة واحدة في حالة تعدد المدعين إذا رفعوا دعواهم صحيفة واحدة‬
‫‪.‬‬
‫وتقضي المحكمة بمصادرة الكفالة في حالة الحكم بعدم قبول الدعوى أو‬
‫‪ .‬رفضها‬
‫ومع مراعاة حكم المادة التالية ل يقبل قلم الكتاب صحيفة الدعوى إذا لم‬
‫‪ .‬تكن مصحوبة بما يثبت هذا اليداع‬
‫) مادة ) ‪54‬‬
‫يعفي من الرسم كله أو بعضه ومن الكفالة كلها أو بعضها من ثبت عجزه‬
‫‪ .‬عن الدفع بشرط أن تكون الدعوى محتملة الكسب‬
‫ويفصل رئيس هيئة المفوضين في طلبات العفاء وذلك بعد الطلع علي‬
‫الوراق وسماع أقوال الطالب وملحظات قلم الكتاب ويكون قراره في ذلك‬
‫‪ .‬نهائيا‬
‫ويترتب علي تقديم طلب العفاء قطع الميعاد المحدد لرفع الدعوى بعدم‬
‫‪ .‬الدستورية‬
‫) مادة ) ‪55‬‬
‫تسري علي الرسوم والمصروفات ‪ ،‬فيما لم يرد به نص في هذا القانون ‪،‬‬
‫الحكام المقررة بالقانون رقم ‪ 90‬لسنة ‪ 1944‬بالرسوم القضائية في‬
‫‪ .‬المواد المدنية وفي قانون المرافعات المدنية والتجارية‬
‫الباب الخامس‬
‫الشئون المالية والدارية‬
‫الفصل الول‬
‫الشئون المالية‬
‫) مادة ) ‪56‬‬
‫تكون للمحكمة موازنة سنوية مستقلة ‪ ،‬تعد علي نمط الموازنة العامة‬
‫‪ .‬للدولة ‪ ،‬وتبدأ ببداية السنة المالية لها وتنتهي بنهايتها‬
‫ويتولى رئيس المحكمة إعداد مشروع الموازنة لتقديمه إلى الجهة‬
‫‪ .‬المختصة بعد بحثه وإقراره من الجمعية العامة للمحكمة‬
‫وتباشر الجمعية العامة للمحكمة للسلطات المخولة لوزير المالية في‬
‫القوانين واللوائح بشان تنفيذ موازنة المحكمة ‪ ،‬كما يباشر رئيس المحكمة‬
‫السلطات المخولة لوزير التنمية الدارية ولرئيس الجهاز المركزي للتنظيم‬
‫‪ .‬والدارة‬
‫وتسري علي موازنة المحكمة والحساب الختامي فيما لم يرد به نص في‬
‫‪ .‬هذا القانون أحكام قانون الموازنة العامة للدولة‬
‫الفصل الثاني‬
‫الشئون الدارية‬
‫) مادة ) ‪57‬‬
‫يكون للمحكمة أمين عام وعدد كاف من العاملين ‪ ،‬ويكون لرئيس المحكمة‬
‫‪ .‬عليهم سلطات الوزير ووكيل الوزارة المقررة في القوانين واللوائح‬
‫) مادة ) ‪50‬‬
‫تشكل بقرار من رئيس المحكمة لجنة لشئون العاملين من اثنين من‬
‫أعضاء المحكمة ومن أمين العام تختص باقتراح كل ما يتعلق بشئون‬
‫‪ .‬العاملين من تعيين ومنح علوات وترقية ونقل‬
‫ويضع رئيس المحكمة بقرار منه بعد اخذ رأي لجنة شئون العاملين‬
‫‪ .‬ضوابط ترقية العاملين‬
‫) مادة ) ‪50‬‬
‫مع عدم الخلل بحكم المادة )‪ (57‬تتولى تأديب العاملين بالمحكمة لجنة‬
‫‪ .‬من ثلثة من أعضاء المحكمة تختارهم الجمعية العامة للمحكمة سنويا‬
‫ويصدر قرار الحالة إلى هذه اللجنة من رئيس المحكمة وتباشر هيئة‬
‫المفوضين وظيفة الدعاء أمام هذه اللجنة وتكون أحكامها نهائية غير‬
‫‪ .‬قابلة للطعن‬
‫) مادة ) ‪50‬‬
‫يسري علي العاملين بالمحكمة ‪ ،‬فيما لم يرد به نص في هذا القانون أو‬
‫في قانون السلطة القضائية بالنسبة إلى العاملين بمحكمة النقض ‪ ،‬أحكام‬
‫‪ .‬العاملين بالدولة‬

‫جدول الوظائف والمرتبات والبلدت‬


‫الملحق بقانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫أعضاء المحكمة ‪1-‬‬
‫العلوة الدورية المخصصات السنوية الوظائف‬
‫بدل التمثيل المرتب‬
‫يحدد المرتب وبدل التمثيل والمعاش في قرار التعيين ‪ .‬رئيس المحكمة‬
‫جنيه‬
‫جنيه جنيه جنيه‬

‫‪ 2500 - 2200‬أعضاء المحكمة‬ ‫‪ 1500‬برفع إلى‬


‫عند بلوغ ‪2000‬‬
‫نهاية المربوط‬

‫‪100‬‬
‫يمنح كل من يعين عضوا بالمحكمة أول مربوط وظيفته من تاريخ – ‪1‬‬
‫التعيين إل إذا كان المرتب الذي يتقاضاه قبل التعيين يعادل أو المربوط أو‬
‫يزيد عليه ‪ ،‬فانه يمنح علوة واحدة من العلوة المقررة لوظيفته بما ل‬
‫‪ .‬يجاوز نهاية مربوطها‬
‫‪ .‬ول يغير منح هذه العلوة من موعد استحقاق العلوة الدورية‬
‫تسري أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم ‪ 2100‬لسنة ‪2 – 1979‬‬
‫‪ .‬الخاص ببدل النتقال السنوية الثابت علي أعضاء المحكمة‬
‫ل يجوز أن يقل مرتب ويدل العضو عن مرتب وبدل من يليه في – ‪3‬‬
‫‪ .‬القدمية‬
‫يعامل عضو المحكمة الذي يبلغ مرتبه ‪ 2500‬جنيه معاملة نائب – ‪4‬‬
‫‪ .‬الوزير من حيث المعاش‬
‫ل يخضع بدل التمثيل والنتقال لكافة أنواع الضرائب ويسري عليه – ‪5‬‬
‫‪ .‬الخفض المقرر بالقانون رقم ‪ 30‬لسنة ‪ 1967‬وتعديلته‬
‫أعضاء هيئة المفوضين – ‪2‬‬
‫العلوة الدورية المخصصات السنوية الوظائف‬
‫بدل التمثيل بدل قضاء المرتب‬
‫جنيه جنيه رئيس الهيئة‬
‫‪2200 - 2500‬‬ ‫جنيه‬
‫جنيه ‪-‬‬
‫يرفع إلى ‪1500‬‬
‫عندما يبلغ المرتب ‪ 2500‬جنيه ‪2000‬‬ ‫جنيه‬
‫‪100‬‬
‫‪ 2040 – 1500‬المستشارون‬ ‫‪ 1300‬عندما يبلغ المرتب ‪450‬‬
‫‪ 1800 75‬جنيه‬
‫‪ 1980 – 1428‬المستشارون المساعدون‬ ‫‪72‬‬
‫كل من يعين في وظيفة من الوظائف المرتبة في درجات ذات بداية – ‪1‬‬
‫ونهاية ‪ ،‬يمنح أول مربوطها من تاريخ التعيين إل إذا كان المرتب الذي‬
‫يتقاضاه قبل التعيين يعادل أول المربوط أو يزيد عليه ‪ ،‬فانه يمنح علوة‬
‫واحدة من العلوات المقررة لوظيفته بما ل يجاوز نهاية مربوط درجة‬
‫الوظيفة العلى مباشرة ‪ .‬ول يغير منح هذه العلوة من موعد استحقاق‬
‫‪ .‬العلوة الدورية‬
‫تسري أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم ‪ 311‬لسنة ‪ 1979‬الخاص – ‪2‬‬
‫‪ .‬ببدل النتقال السنوي الثابت علي أعضاء هيئة المفوضين‬
‫ل يجوز أن يقل مرتب وبدل العضو عن مرتب وبدل من ليله في – ‪3‬‬
‫‪ .‬أقدمية الوظيفة التي عين فيها‬
‫عضو هيئة المفوضين الذي بلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي – ‪4‬‬
‫يشغلها يستحق العلوة الدورية المقررة للوظيفة العلى مباشرة طبقا لهذا‬
‫الجدول ولو لم يرق إليها بشرط أل يجاوز نهاية مربوطها وفي هذه الحالة‬
‫‪ .‬يستحق البدلل بالفئات المقررة لهذه الوظيفة العلى‬
‫يعامل رئيس الهيئة يبلغ مرتبه ‪ 2500‬جنيه معاملة عضو المحكمة – ‪5‬‬
‫‪ .‬من حيث المعاش‬
‫ل يخضع بدل التمثيل وبدل القضاء وبدل النتقال لكافة أنواع – ‪6‬‬
‫الضرائب ويسري عليه الخفض المقرر بالقانون رقم ‪ 30‬لسنة ‪1967‬‬
‫‪ .‬وتعديلته‬
‫‪ .‬ول يجوز الجمع بين بدل التمثيل وبدل القضاء‬

‫مذكرة إيضاحية‬
‫لقانون المحكمة الدستورية العليا‬
‫من ابرز معالم دستور جمهورية مصر العربية الذي منحته جماهير شعب‬
‫مصر لنفسها في ‪ 11‬من سبتمبر سنة ‪ ، 1971‬ما أورده في بابه الرابع‬
‫من أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة موكدا بذلك خضوعها‬
‫‪ .‬للقانون كالفراد سواء بسواء‬
‫ولما كانت سيادة القانون تستوجب بداهة عدم خروج القوانين واللوائح‬
‫علي أحكام الدستور باعتباره القانون السمي ‪ ،‬ضمانا للتزام الدولة‬
‫بإحكامه فيما يصدر عنها من قواعد تشريعية ‪ ،‬فقد خصص الدستور فصل‬
‫مستقل للمحكمة الدستورية العليا في الباب الذي يعلج نظام الحكم نص‬
‫فيه علي انها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها تتولى دون غيرها الرقابة‬
‫القضائية علي دستورية القوانين واللوائح كما تتولى تفسير النصوص‬
‫التشريعية ‪ ،‬مؤكدا بذلك هيمنة هذه الهيئة القضائية العليا علي تثبيت‬
‫‪ .‬دعائم المشروعية وصيانة حقوق الفراد وحرياتهم‬
‫وقد اعد القانون المرافق في شان المحكمة الدستورية العليا استكمال‬
‫للمؤسسات الدستورية التي قام عليها نظام الحكم في البلد ‪ ،‬وذلك في‬
‫ضوء دراسات مقارنة للمحاكم المشابهة في بعض الدول وبما يتلءم‬
‫والوضاع القائمة في مصر ‪ ،‬واستهداء بما حققه القضاء المصري ول‬
‫‪ .‬يزال يحققه حماية للحريات وتأكيدا لسيادة القانون‬
‫‪ :‬وفيما يلي بيان بأهم ما قام عليه القانون من أحكام‬
‫تقديرا لمكانة هذه المحكمة وحرصا علي أن يتم تشكيلها من خلصة – ‪1‬‬
‫الشخصيات المرموقة التي مارست خبرة واكتسب دراية في المجال‬
‫القضائي والقانوني رئيس أل يقل سن من يختار لعضويتها عن خمس‬
‫وأربعين سنة ‪ ،‬وان يكون قد امضي في وظيفة مستشار أو ما يعادلها‬
‫خمس سنوات علي القل أو ثماني سنوات في وظيفة أستاذ للقانون أو‬
‫عشر سنوا في العمل بالمحاماة أمام محكمة النقض والمحكمة الدارية‬
‫‪ .‬العليا‬
‫ومراعاة للصفة القضائية لهذه المحكمة نصت المادة الخامسة علي – ‪2‬‬
‫أن يكون ثلثا عدد أعضائها علي القل من بين أعضاء الهيئات القضائية‬
‫ليزودوا المحكمة بتجاربهم وخبراتهم علي أن يترك مجال الختيار بالنسبة‬
‫‪ .‬لباقي أعضائها من بين الهيئات القضائية وأساتذة القانون المحامين‬
‫ونظرا لهمية هذه الهيئة القضائية التي تشرف علي دستوري – ‪3‬‬
‫القوانين الصادرة من السلطة التشريعية واللوائح التي تصدرها السلطة‬
‫التنفيذية ‪ ،‬علوة علي باقي اختصاصاتها بالتفسير وفي أحوال تنازع‬
‫الختصاص ‪ ،‬فقد نص القانون رقم المادة )‪ (5‬منه علي اخذ رأي المجلس‬
‫‪ .‬العلى الهيئات القضائية بالنسبة لتعيين أعضائها‬
‫أما بالنسبة لرئيس المحكمة فقد نص علي أن يكون تعيينه رأسا بقرار من‬
‫رئيس الجمهورية وذلك للمواءمة بين صفته القضائية وما اسنده إليه‬
‫‪ .‬الدستور في المادة )‪ (84‬منه‬
‫والتزامًا بحكم الدستور وأسوة بسائر أعضاء الهيئات القضائية فق – ‪4‬‬
‫نص القانون علي عدم قابلية أعضاء المحكمة للعزل وعلي عدم نقلهم إلى‬
‫‪ .‬وظائف أخرى إل بموافقتهم‬
‫ومراعاة لمكانة أعضاء هذه المحكمة نظم القانون حقوقهم وواجباتهم – ‪5‬‬
‫علي نسق ما يجري بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض مع تخويل‬
‫الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بكامل أعضائها الختصاص‬
‫بالفصل في طلبا رد أعضائها ودعاوى مخاصمتهم والتحقيق والتصرف‬
‫‪ .‬نهائيًا فيما قد ينسب إليهم‬
‫وتأكيدا لهمية الدور الذي اسبغه الدستور علي المحكمة الدستورية – ‪6‬‬
‫العليا لتحقيق الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح مع توحيد‬
‫مفهوم نصوص الدستور بما يحقق استقرار الحقوق ‪ ،‬حرص القانون علي‬
‫أن يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثور من منازعات‬
‫حول دستورية القوانين واللوائح سواء أكانت قوانين عادية صادرة من‬
‫السلطة التشريعية أم تشريعات لئحية فرعية صادرة من السلطة التنفيذية‬
‫في حدود اختصاصها الدستوري وسواء أكانت هذه اللوائح عادية أو لوائح‬
‫‪ .‬لها قوة القانون‬
‫وتوسعه لنطاق هذه الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح نص ‪7-‬‬
‫القانون علي ثلثة طرق لتحقيق هذه الغاية أولها التجاء جهة القضاء من‬
‫تلقاء نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية نص لزم‬
‫للفصل في دواعي منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتا للتزام الحكام‬
‫القضائية بالقواعد الدستورية الصحيحة ‪ ،‬والثاني الدفع الجدي من أحد‬
‫الخصوم أمام إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة‬
‫وعندئذ نؤجل المحكمة نظر الدعوى وتحد من آثار الدفع أجل لرفع‬
‫الدعوى بذلك ‪ ،‬والطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن‬
‫تقضي من تلقاء نفسها بعد دستورية نص في قانون أو لئحة يعرض لها‬
‫‪ .‬بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها‬
‫والتزاما بما ورد في الدستور عن اختصاص المحكمة الدستورية – ‪8‬‬
‫العليا بتفسير النصوص التشريعية ونشر قراراتها بالتفسير في الجريدة‬
‫الرسمية تاكيدا لصفتها الملزمة ‪ ،‬فقد نص القانون علي هذا الختصاص‬
‫محددا النصوص التشريعية التي تتولى المحكمة تفسيرها بالقوانين‬
‫الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس‬
‫‪ .‬الجمهورية طبقا لحكام الدستور‬
‫وغني عن الذكر أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير ل يحول‬
‫دون مباشرة السلطة التشريعية حقها في إصدار التشريعات التفسيرية‬
‫‪ .‬بداءة أو بالمخالفة لما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من تفسير‬
‫كما أن هذا الختصاص ل يصدر حق جهات القضاء الخرى جميعًا في‬
‫تفسير القوانين وإنزال تفسيرها علي الواقعة المعروضة عليها ما دام لم‬
‫يصدر بشان النص المطروح أمامها تفسير ملزم سواء من السلطة‬
‫‪ .‬التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا‬
‫وتثبيتًا لمكانة المحكمة الدستورية العليا حرص القانون علي النص – ‪9‬‬
‫أن أحكامها وقراراتها غير قابلة لطعن وملزمة لجميع سلطات الدولة‬
‫‪ .‬وللكافة‬
‫وتناول القانون اثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة – ‪10‬‬
‫فنص إلى عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ‪ ،‬وهو نص ورد‬
‫في بعض القوانين المقرنة واستقر الفقه والقضاء علي أن مؤداه هو عدم‬
‫تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب وانما بالنسبة إلى الوقائع‬
‫والعلقات السابقة علي صدور الحكم بعدم دستورية النص ‪ ،‬علي أن يتثني‬
‫من هذا الثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره‬
‫‪ .‬بحكم حاز قوة المر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم‬
‫أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي فان جميع الحكام‬
‫التي صدرت الدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كان لم تكن حتى ولو‬
‫‪ .‬كانت إحكاما باتة‬
‫وتأكيدا لستقلل المحكمة الدستورية العليا نص القانون علي أن – ‪11‬‬
‫تكون لها موازنة سنوية مستقلة واسبغ علي الجمعية العامة بالمحكمة‬
‫السلطات المقرر لوزير المالية في القوانين واللوائح ‪ ،‬كما خول لرئيس‬
‫المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الدارية ولرئيس الجهاز‬
‫‪ .‬المركزي للتنظيم والدارة‬

‫هوامش‬

‫لمعرفة اشمل بتطور القضاء الدستوري راجع الجزء الول )‪(1‬‬


‫‪ aunuaire international de justice‬الصادر من الـ‬
‫‪constitutionnelle economica,‬‬
‫‪aixen province 1985 .‬‬
‫دستورية عليا في ‪ 4‬يناير ‪ ، 1992‬القضية رقم ‪ 22‬قضائية " )‪(2‬‬
‫دستورية " ‪ ،‬مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا جـ ‪ ) 5‬المجلد‬
‫‪ .‬الول ( قاعدة رقم ‪ 14‬ص ‪89‬‬
‫‪ .‬موريس هوريو ‪ :‬موجز القانون الدستوري ص ‪ 261‬وما بعدها )‪(3‬‬
‫‪(4) g. eurdeau: traite. De science politique, t. 111,‬‬
‫‪paris. 1950 pp. 182 - 164 .‬‬
‫‪(5) sir invor Jennings: the law and the‬‬
‫‪constitution. London. 1959. p. 170.‬‬
‫‪ .‬المرجع السابق صم ‪(6) 148‬‬
‫‪(7) ammuaire international de justice‬‬
‫‪constitutional 1985 p. 19 economics‬‬
‫الدكتور احمد فتحي سرور – المرجع المشار إليه – دار الشروق – )‪(8‬‬
‫‪ .‬الطبعة الولى ‪ 1999‬ص ‪ 21‬هامش رقم ‪2‬‬
‫‪(9) duguit l traite de droit constitutionnel t 111. p.‬‬
‫‪733-734. ( 1930 ).‬‬
‫‪(10) barthele et duez traite elementaire de droit‬‬
‫‪constitutionnel, p. 192 - 193, (1993).‬‬
‫‪(11) moontesquieu: esprit des lois, lover xi p.4‬‬
‫راجع فينر المرجع السابق ص ‪ 94‬وما بعدها ودكتور محمود حافظ )‪(12‬‬
‫المرجع السابق ص ‪ 151 – 150‬ودتكور ثروت بدوي المرجع السابق‬
‫‪ .‬ص ‪280‬‬
‫لورد دينيس لويد ‪ :‬فكرة القانون – ترجمة سليم الصحوب – )‪(13‬‬
‫‪ .‬سلسلة عالم المعرفة – العدد رقم ‪ – 47‬الكويت ‪ – 1981‬ص ‪6‬‬
‫‪ :‬انظر في هذا الموضوع )‪(14‬‬
‫‪Dominique turpin : le conseil constitutional.‬‬
‫‪Tlache the superior, paris 1995, p. 13.‬‬
‫‪ : g. burdean: traite pe soience politique‬راجع )‪(15‬‬
‫‪t.iv edition 1969, p. 415-41.‬‬
‫‪(16) le monde sonedi 12 avoil 1990, p. 7 .‬‬
‫‪ .‬راجع – دومينيك تيربان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪(17) 40 – 38‬‬
‫‪ .‬دومينيك تيربان ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 52‬وما بعدها )‪(18‬‬
‫لمزيد من المعرفة عن المجلس الدستوري الفرنسي – راجع بصفة )‪(19‬‬
‫‪ :‬خاصة‬
‫‪Annuaire international de justice‬‬
‫‪constitutionnele, 1985 economica, p. 125-207 .‬‬

‫الدكتور احمد كمال أبو المجد ‪ :‬الرقابة علي دستورية القوانين في )‪(20‬‬
‫الوليات المتحدة المريكية والقاليم المصري ) رسالة دكتوراه ( القاهرة‬
‫‪ 1960‬في مواضيع متفرقة ‪ ،‬وانظر بالذات ص ‪ 221‬وما بعدها‬
‫بخصوص قيمة الحكم بعدم الدستورية ومن ص ‪ 185‬وما بعدها‬
‫بخصوص طريقة المر القضائي وص ‪ 273‬وما بعدها بخصوص الحكام‬
‫‪ .‬التقريرية‬
‫من يريد أن يدرس فكر كلسن فعليه أن يرجع إلى كتابه " النظرية )‪(21‬‬
‫“ ‪ " “ theorie generale de letal‬العامة للدولة‬
‫ل عند دراستنا )‪(22‬‬
‫سنعود إلي هذا الموضوع علي نحو اكثر تفصي ً‬
‫‪ .‬للقضاء الدستوري المصري‬
‫لمزيد من الدراسة ‪ . .‬ارجع إلي الحولية الدولية للقضاء الدستوري )‪(23‬‬
‫السابق الشارة إليها ص ‪ 39‬وما بعدها وعلي الخص ص ‪ 299‬وما‬
‫‪ .‬بعدها‬
‫لحظ أن هذه المحكمة أصبحت محكمة دستورية للمانيا كلها بعد )‪(24‬‬
‫‪ .‬انضمام ألمانيا الشرقية إلي ألمانيا آلم في ‪ 3‬أكتوبر ‪1990‬‬
‫انظر الدكتور مصطفي عفيفي ‪ :‬رقابة الدستورية في مصر والدول )‪(25‬‬
‫‪ .‬الجنبية – الطبعة الولى ) بغير تاريخ ( ص ‪143‬‬
‫‪ .‬دومينيك ثوريان ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪(26) 22‬‬
‫من اجل مزيد من دراسة المحكمة الدستورية الفيدرالية اللمانية )‪(27‬‬
‫‪ :‬ارجع إلي‬
‫‪Jean o. clande beguin contiole de la‬‬
‫‪constitutionalite des lois en republique‬‬
‫‪federale d allmagna. 1932 .‬‬
‫يقول الدكتور مصطفي عفيفي ‪ " :‬بل إن المحكمة الدستورية يمكنها )‪(28‬‬
‫مخافة حكم سابق لها في مجال الدستورية سواء إيجابا أو سلبا بموجب‬
‫حكم لحق تصدره بشان القانون نفسه ‪ ،‬وقد أشار إلى حكم صادر عن‬
‫المحكمة الدستورية اليطالية في ‪ 23‬مارس ‪ – 1960‬المرجع السابق ‪،‬‬
‫‪ .‬ص ‪196‬‬
‫انظر الهوية الدولية للقضاء الدستوري ‪ ، 1985‬ص ‪ 219‬وما )‪(29‬‬
‫‪ .‬بعدها‬
‫انظر في مجموعة أحكام المحكمة الدستورية خلل الفترة ) ‪(30) 1973‬‬
‫– ‪ ( 1995‬إعداد ذهيبان خالد العجمي – الكويت ‪ 1996‬ص ‪– 217‬‬
‫‪228 .‬‬
‫انظر في ذلك ‪ . .‬دكتور محمد عبد المحسن المقاطع ‪ :‬دراسة في )‪(31‬‬
‫‪ .‬اتجاهات القضاء الدستوري الكويتي – دراسة تحليلية مقارنة – ‪ 199‬م‬
‫عبد الكريم غلب ‪ :‬التطور الدستوري والنيابي بالمغرب ‪(32) – 1908‬‬
‫‪ – 1992 .‬الرباط الطبعة الثالثة ‪ 1993‬م ص ‪ 279‬وما بعدها‬
‫مجموعة أحكام مجلس الدولة لحكام القضاء الداري ‪ ،‬السنة )‪(33‬‬
‫‪ .‬الثانية ‪ ،‬ص ‪ ، 15‬رقم ‪ 55‬لسنة واحد قضائية‬
‫الحكمان منشوران في المجموعة السادسة لحكام محكمة القضاء )‪(34‬‬
‫‪ .‬الداري ص ‪1375 ، 1266‬‬
‫‪ .‬المجموعة الثانية لحكام القضاء الداري )‪(35‬‬
‫‪ .‬المجموعة الحادية عشر لحكام القضاء الداري )‪(36‬‬
‫‪ .‬انظر كمال أبو المجد المرجع السابق ص ‪ 607‬وما بعدها )‪(37‬‬
‫‪(38) .‬‬
‫القضية رقم ‪ 161‬لسنة ‪ 3‬المجموعة ‪ – 2‬العدد الثالث ص )‪(39‬‬
‫‪1335 .‬‬
‫‪ .‬القضية رقم ‪ 929‬لسنة ‪ 3‬ق )‪(40‬‬
‫‪ .‬الحكم الول الصادر في ‪ 8‬يونيو ‪(41) 1957‬‬
‫الحكم الصادر في يونيه ‪ ، 1957‬وقد قررت المحكمة بعد ذلك أن )‪(42‬‬
‫علقة الموظف بالحكومة هي علقة تنظيميه ‪ ،‬وتقلد الوظيفة العامة ل‬
‫يترتب للموظف حقا فيها علي غرار حق الملكية مثل ‪ . .‬ومن ثم فان‬
‫بقضاء فيها ليس حقا ينهض إلي مرتبة الحقوق الدستورية تلك لحقوق‬
‫‪ .‬المنصوص عليه في الباب الثالث من الدستور‬
‫‪ .‬الحكم الثاني الصادر في ‪ 25‬يونيه ‪(43) 1957‬‬
‫‪ .‬الحكم الثالث الصادر في ‪ 12‬يوليو ‪(44) 1957‬‬
‫‪ .‬وقد رددت المحكمة هذا المعني في أحكامها الثالثة )‪(45‬‬
‫راجع في قضاء المحكمة الدارية العليا في موضوع رقابة )‪(46‬‬
‫الدستورية الموسوعة الدارية الحديثة " مبادئ المحكمة الدارية العليا "‬
‫الدكتور نعيم أبو طالب وحسن الفكهاني الجزء الثالث عشر الطبعة الولى‬
‫‪ 187 / 1986 .‬ص ‪ 595‬وما بعدها حتى ص ‪608‬‬
‫‪ .‬هذا هو ما سمي آنذاك بمذبحة القضاء )‪(47‬‬
‫المحكمة الدستورية العليا الجزء الول الذي يضم وثائق إنشاء )‪(48‬‬
‫‪ .‬المحكمة ص ‪143‬‬
‫انظر رسالة دكتوراه " قضاء الدستورية " – الدكتور عادل محمد )‪(49‬‬
‫‪ .‬شريف – ‪ ، 1988‬ص ‪ . 395‬والمراجع المشار إليها فيها‬
‫من تقرير هيئة المفوضين أمام المحكمة الدستورية العليا في )‪(50‬‬
‫القضية الدستورية رقم ‪ 29‬لسنة ‪ 2‬قضائية دستورية أشار إليه عادل‬
‫‪ .‬شريف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪407‬‬
‫راجع الجزء الثاني من أحكام المحكمة الدستورية العليا الحكم )‪(51‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 16‬مايو ‪ 1982‬في القضية رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1‬وقائية‬
‫‪ .‬دستورية ص ‪ ، 59‬ص ‪61‬‬
‫‪ .‬الجزء الثالث ص ‪(52) 260‬‬
‫‪ .‬الجزء الثاني ص ‪(53) 112‬‬
‫راجع رسالة الدكتور كمال أبو المجد في الرقابة علي دستورية )‪(54‬‬
‫‪ .‬القوانين ص ‪208‬‬
‫‪ .‬مجموعة أحكام المحكمة العليا الجزء الول ص ‪(55) 15‬‬
‫‪ " .‬انظر كتابنا عن " القضاء الداري )‪(56‬‬
‫‪(57) .‬‬
‫انظر مع ذلك اجتهادا للدكتور ثروت عبد العال في بحثه عن " حدود )‪(58‬‬
‫رقابة المشروعية والملءمة في قضاء الدستورية " دار النهضة العربية‬
‫‪ 1999‬حيث يذهب إلي أن القضاء الدستوري بدا يتجه لمراقبة الملءمة‬
‫‪ .‬إلي جوار رقابة المشروعية‬
‫‪ .‬المرجع السابق ‪(59) 481 – 480‬‬
‫‪ .‬الجزء الول من أحكام المحكمة العليا ص ‪(60) 259‬‬
‫‪ .‬الجزء الول من أحكام المحكمة العليا ص ‪(61) 259‬‬
‫‪ .‬الجزء الول من أحكام المحكمة العليا ص ‪(62) 415‬‬
‫راجع رسالة عادل عمر شريف سابق الشارة إليه ص ‪(63) – 158‬‬
‫‪159 .‬‬
‫‪ .‬مشار إليه في المرجع السابق ص ‪(64) 164‬‬
‫يراجع في ذلك الحكام العديدة التي أشار إليها عادل عمر شريف في )‪(65‬‬
‫‪ .‬رسالته السابقة المشار إليها ص ‪ 250‬وما بعدها‬
‫حكم المحكمة الدستورية العليا في ‪ 2‬فبراير ‪ 1985‬منشور في )‪(66‬‬
‫الجزء الثالث من مجموعة الحكام ص ‪ . 122‬وحكمها بجلسة ‪ 21‬يونيه‬
‫‪ 1986 .‬نفس المجموعة ص ‪353‬‬
‫انظر رسالة عادل عمر شريف ص ‪ 346‬وما بعدها حيث يري أن )‪(67‬‬
‫‪ .‬سلطة المشرع تعتبر معدومة في مثل هذه الحالت‬
‫‪ .‬مجلة مجلس الدولة – السنة الثالثة يناير ‪(68) 1952‬‬
‫د ‪ .‬عبد ال ناصف ‪ :‬حجية وأثار أحكام المحكمة الدستورية العليا )‪(69‬‬
‫‪ .‬قبل التعديل وبعد التعديل – دار النهضة العربية ‪ 1998 /‬م‬
‫مجموعة أحكام المحكمة العليا – الجزء الول ص ‪ 215‬في الدعوى )‪(70‬‬
‫رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 2‬ق عليا دستورية – جلسة ‪ 1/3/1975‬مجموعة أحكام‬
‫المحكمة الدستورية العليا – الجزء الثاني ص ‪ 18‬وما بعدها بتاريخ ‪6‬‬
‫‪ .‬فبراير ‪198‬‬
‫ترددت هذه العبارات في اكثر من حكم من أحكام المحكمة الدستورية )‪(71‬‬
‫العليا وعلي سبيل المثال ل الحصر حكمها الصادر بتاريخ ‪ 5‬نوفمبر‬
‫‪ 1983‬المنشور بمجموعة أحكام المحكمة الجزء الثاني ص ‪ 172‬وحكمها‬
‫الصار بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ 84‬والمنشور بالجزء الثالث ص ‪ 49‬وما بعدها‬
‫‪.‬‬
‫نص المحاضرة التي ألقيتها في جمعية القتصاد والتشريع بتاريخ )‪(72‬‬
‫‪ .‬أول مارس ‪1992‬‬
‫‪ .‬مبدأ تكافؤ الفرص لمن تتماثل مراكزهم القانونية )‪(73‬‬
‫نشر القانون بالعدد ‪ 36‬من الجريدة الرسمية الصادر في ‪ 6‬سبتمبر )‪(74‬‬
‫‪ .‬سنة ‪1979‬‬
‫‪ .‬بعد تعديل الفقرة التالية بالقانون رقم ‪ 168‬لسنة ‪(75) 1998‬‬

You might also like