مقدمة: -1يعتبر التحكيم نوعا ً من القضاء الخاص ،يقوم فيه أطراف النزاع وبمحض إرادتهما الحرة بإختياره كطريق لحل النزاع القائم بينهم ،وبإختيار المحكمين الذين يمثلونهم والجراءات التي تتبع فيه وأحيانا ً القانون الذي يطبق عليه ...إلخ. -2ولم يعد خافيا ً أن التحكيم قد أضحى طريقة مألوفة ومرغوبة لفض المنازعات والتي تنشأ في الغالب عن علقات تعاقدية وذلك عوضا ً عن اللجوء إلى القضاء .بل أصبح التحكيم أكثر ضرورة في مجال علقات التجارة الدولية ،لن كل طرفي هذه العلقة ل يرغب عادة الخضوع لقضاء محاكم الطرف الخر. أساس التحكيم ومصدر سلطة المحكمين: ل يعرض النزاع على المحكمين إل بإتفاق ذوي الشأن إتفاقا ً واضحا ً على الفصل فيه بطريق التحكيم .فتوافق إرادة الطرفين هو أساس التحكيم ومصدر سلطة المحكمين. وهذا التفاق يأخذ إحدى صورتين) :مادة 7من القانون النموزجي(: -1شروط التحكيم :وبه يتفق الطراف على أن ما ينشأ من نزاع حول تفسير عقد أو تنفيذه يفصل فيه بواسطة التحكيم .وقد يرد الشرط في نفس العقد الصلي مصدر النزاع ،أو في إتفاق لحق .فالذي يميزه هو كون المنازعات التي ينصب عليها التحكيم منازعات محتملة وغير محددة فهى لم تنشأ بعد. وإذا ورد شرط التحكيم في العقد الصلي ،فإنه يستقل عن هذا العقد .ولهذا فإنه يتصور بطلن العقد وصحة الشرط .وهو ما يؤدي إلى إمكان عرض صحة أو بطلن العقد الصلي على المحكمين إعمال للشرط الوارد فيه .كما يؤدي إلى إحتمال بطلن الشرط وصحة العقد .وهو ما نصت عليه المادة 16/1من القانون النموزجي .ويلحظ أن شرط التحكيم قد ل يرد في العقد الصلي وإنما قد يكتفى العقد بالحالة إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم ،ولو كانت هذه الوثيقة صادرة من شخص من الغير بشرط أن تكون الحالة إلى شرط التحكيم في هذه الوثيقة إحالة واضحة .ومثالها إحالة سند الشحن إلى وثيقة إيجار السفينة المتضمنة شرط التحكيم. -2مشارطة التحكيم :وهو التفاق الذي يتم بين الطرفين بعد قيام النزاع بينهما لعرض هذا النزاع على التحكيم .ويتميز بأنه يتم بعد نشأة النزاع ولهذا فإنه يتضمن تحديد الموضوعات التي تطرح على التحكيم .ويسمى أحيانا ً )وثيقة التحكيم الخاصة(. وسواء أخذ التفاق على التحكيم صورة الشرط أو صورة المشارطة فإنه يجب لصحته توافر عدة شروط هى: أهلية التصرف في الحق المتنازع فيه :ذلك أن التفاق على التحكيم يعني التنازل عن رفع النزاع إلى قضاء الدولة.وإذا كان العقد مبرما بواسطة وكيل ،فيجب أن تكون هذه الوكالة خاصة فل تكفي الوكالة العامة أو وكالة المحامي في مباشرة القضايا. أن يصلح الحق المتنازع عليه كمحل للتحكيم :و ل يصلح للتحكيم إل الحق الذي يجوز التصالح عليه. ً تحديد المسألة محل النزاع التي تخضع للتحكيم :على أن هذا الشرط ليس لزما عند التفاق على التحكيم إل بالنسبة للمشارطة أما بالنسبة لشرط التحكيم فيكفي بالنسبة له تحديد المحل الذي يدور حوله النزاع كالقول بأن التحكيم يتعلق بكل نزاع ينشأ عن تفسير عقد معين أو عن تنفيذ هذا العقد ،أما المسائل المتنازع عليها فيكفي أن تحدد بعد ذلك أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. أن يتم التفاق على التحكيم كتابة :وهو شرط تتطلبه بعض التشريعات كشرط لنعقاده وليس لثباته ،ومنها القانون النموذجي )مادة ، (7/2ومنها القانون الكويتي . -3وحيث فرض التحكيم أهميته وجدواه كطريقة لحل المنازعات خصوصا ً في مجال علقات التجارة الدولية ،كان من الطبيعي أن تعنى الدول بوضع القوانين المنظمة لعملية التحكيم والدخول في إتفاقيات دولية وإنشاء مراكز وهيئات متخصصة في شأن التحكيم سواء على المستوى القليمي أو الدولي. والتحكيم كظاهرة فرضت نفسها يتجلى في التحكيم الدولي أكثر مما يتجلى في التحكيم الداخلي .فقد تحول التحكيم إلى مرجع أساسي لحسم خلفات التجارة الدولية وصارت المحاكم القضائية تأتي بعده وأصبحت التوظيفات والستثمارات متمسكة بالتحكيم الدولي مرتبطة به ل تخطو عبر الحدود إل إذا كان التحكيم الدولي معها مقبول في العقود التي تبرمها. أنواع التحكيم: وبما أنه ،وحسب البرنامج المعد لهذه الندوة ،قد تم توزيع بحث الجوانب المختلفة للتحكيم وهى جوانب عديدة على المحاضرين الفاضل .لهذا ،سوف أقتصر على إلقاء الضوء على أحد جوانب التحكيم وهو )أنواع التحكيم(مع التعليق على نظام التحكيم السعودي . ذلك أن نظام التحكيم وإن كان يقوم أساسا ً على مبدأ سلطان الرادة بمعنى أن اللجوء إليه يتم بإختيار طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة ،إل أن التحكيم وبإستقراء بعض القوانين المتعلقة به وتطبيقات المراكز والهيئات المتخصصة في شأنه يأخذ في العمل أكثر من نوع واحد كما يلي: أول :التحكيم الخاص/التحكيم المؤسسي: )أ(-التحكيم الخاص: أي تحكيم الحالت الخاصة ،وفي هذا النوع من التحكيم يحدد فيه أطراف النزاع المواعيد والمهل ويعينون المحكمين ويقومون بعزلهم أو ردهم ،ويقومون بتحديد الجراءات اللزمة للفصل في قضايا التحكيم ..ويعتبر التحكيم خاصا ً ولو تم التفاق بين طرفي النزاع على تطبيق إجراءات وقواعد منظمة أو هيئة تحكيمية طالما أن التحكيم يتم خارج إطار تلك المنظمة أو الهيئة .ومن ذلك على سبيل المثال ،أن يختار الطرفان تطبيق القواعد الصادرة عن لجنة المم المتحدة لقانون التجارة الدولية المعروف بقواعد )اليونسترال( للتحكيم .فالعبرة في هذا النوع من التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من إجراءات وقواعد تطبق على التحكيم وخارج أية هيئة أو منظمة تحكيمية حتى وإن إستعان الطرفان بالجراءات والقواعد والخبرات الخاصة بتلك الهيئة أو المنظمة .هذا التحكيم الذي كان أول نوع من أنواع التحكيم ما زال مستمرا ً وما زالت له مكانه هامة في حقل التحكيم ،ول سيما في المنازعات التي تقع بين الدول .فإن الدول ذات سيادة وحين تذهب إلى التحكيم فإنها ل ترضى به إل إذا فصلته على القياس والشكل الذي يراعي سلطتها وسيادتها .وكثيرا ً ما يحصل ذلك في منازعات تكون أطرافها الدولة ذاتها أو إحدى وزاراتها أو مصالح حكومية تابعة للدولة .ولكن مفهوم الدولة الذي أوجد نوعين من المؤسسات العامة التابعة للدولة ،منها التي ترتبط بمرافق عامة ومنها التي لها نشاطات صناعية وتجارية ولها طابع خاص من الذاتية والستقللية الدارية والمالية ،هذه المؤسسات حين تكون طرفا ً في النزاع ل تطرح سلطة وسيادة الدولة وهى تقبل ثم تذهب بسهولة إلى تحكيم مراكز التحكيم .ولكن النوع الخر من المؤسسات العامة أو الوزارات هو الذي ل يقبل إل التحكيم الذي يساهم هو في تنظيمه وتشكيل محكمته التحكيمية بحيث يختار هو محكميه ويختار هو وخصمه المحكم الثالث ،بحيث إذا لم يتوصل هو وخصمه إلى هذا الخيار توقف التحكيم ،ثم ينظم هو وخصمه إجراءات التحكيم وأصوله .ثم تتولى المحكمة التحكيمية التي أوجدوها بالتفاق – إذا إتفقوا – تتولى هذه المحكمة النظر في الخلف ثم الفصل فيه بحكم ل يكون خاضعا ً لرقابة هيئة حقوقية دائمة أخرى .هذا النوع من التحكيم إذا كانت كمية المنازعات التي تحل عن طريقه هى أقل ،إل أن نوعية المنازعات التي تحل عن طريقه عديدة لنه يناسبها أكثر ، ول سيما المنازعات الكبرى بين الدول حول المواضيع التجارية والمالية أو المنازعات بين شركات متعددة الجنسيات .من هنا فإن الظاهرة التي تلفت النظر في الزمن الحاضر هى أن نوعي التحكيم :تحكيم مراكز التحكيم ، Institutionalوتحكيم المحكمة التحكيمية التي ينشئها الطراف خصيصا ً لحل النزاع Ad hocويسمى تحكيم الحالت الخاصة ، كلهما له مكانته ومنازعاته .ويمكن القول أن تحكيم الحالت الخاصة هو تحكيم على القياس ،وتحكيم مراكز التحكيم هو تحكيم ))جاهز(( في مقاييسه ومعاييره. )ب( التحكيم المؤسسي: ً كما ذكرنا آنفا لقد فرض التحكيم أهميته وجدواه بل ضرورته خصوصا في مجال علقات التجارة الدولية ،مما إقتضى قيام مؤسسات وهيئات ومراكز متخصصة في مجال التحكيم بما تملكه من إمكانات علمية وفنية مادية وعملية ولوائحها الخاصة في إجراءات التحكيم ،ولقد أنشئت العديد من تلك الهيئات سواء على المستويات القليمية وعلى سبيل المثال: أو الدولية كما ذكرنا آنفًا. )(1نظام هيئة التحكيم لغرفة التجارة الدولية I.C.Cالمعدل والساري المفعول إعتبارا ً من 1/1/1998م في البند الول لهذا النظام حدد مهام هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية من قبل إدارة غرفة التجارة الدولية في حل النزاعات ذات الطابع الدولي في مجال العمال عن طريق التحكيم ،والملحظ أن نظام هذه الهيئة لم يستعمل عبارة التجارة الدولية بل عبارة )العمال( حرصا ً منه على توسيع معنى التجارة بحيث تشمل كل العمال وبذلك يكون قد تبنى المعيار القتصادي لدولية التحكيم وجعل كل موضوع يتعلق بالعمال قابل للتحكيم .إل أنه يجوز للهيئة أن تحل النزاعات التي ليس لها طابع دولي في مجال العمال إذا خولها العقد التحكيمي الصلحية ،وقد أوصت غرفة التجارة الراغبين في ذلك بالبند التحكيمي التالي) :لجميع الخلفات التي تنشأ عن هذا العقد يتم حسمها نهائيا ً وفقا ً لنظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بواسطة حكم أو محكمين يتم تعيينهم طبقا ً لذلك النظام(. ويلحظ أن قرارات التحكيم الصادرة من هذه الهيئة بغرفة التجارة الدولية تتم مراجعتها بصورة مستقلة بواسطة المحكمة المشكلة في الغرفة التجارية الدولية التي لها أن تقضي بإدخال تعديلت على الحكم من حيث الشكل ولها -مع إحترامها لحرية تقرير هيئة التحكيم -أن تنبه الهيئة إلى نقاط تتعلق بموضوع النزاع ،ول يجوز أن تصدر حكم دون أن تقره المحكمة من حيث الشكل. )(2هيئة التحكيم المريكية : A.A.Aأصبح حيز التنفيذ في 1/5/1992م هذه الهيئة تنظر في عدد كبير من الدعاوى وبالتأكيد ليست بنفس المظهر الدولي لمحكمة غرفة التجارة الدولية ،وهذه الهيئة ل تطبق نظام مراجعة قرارات التحكيم الصادرة منها كما هو الحال في محكمة غرفة التجارة الدولية. )(3محكمة لندن للتحكيم الدولي: ً على الرجح هى أكبر هيئات التحكيم الدولي عمرا .هذه المحكمة تدير خدمات التحكيم بموجب لوائحها الخاصة وكذلك لوائح التحكيم الخاصة بقانون لجنة المم المتحدة للتحكيم التجاري الدولي ،وكذلك العمل بموجب أي نظام قانوني في أي مكان في العالم. أنشأت المحكمة مجالس للتحكيم تغطي المجالس الرئيسية للتجارة في العالم ، مثل المجلس الوروبي لجميع الدول الوروبية والشرق الوسط /مجلس أمريكا الشمالية /ومجلس دول جنوب شرق آسيا /والمجلس الفريقي. على المستوى القليمي قام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالبحرين ،والذي أقر قادة هذه الدول نظامه كمركز للتحكيم وذلك أثناء إنعقاد مؤتمر القمة الرابعة عشرة في الرياض في ديسمبر عام 1993م .وتم العمل بهذا النظام بعد مضي ثلثة أشهر من تاريخ إقراره .ويتمتع المركز بالشخصية المعنوية المستقلة ،ويختص بموجب المادة الثانية من نظامه بالنظر في المنازعات التجارية بين مواطني دول مجلس التعاون أو بينهم وبين الغير ،سواء كانوا أشخاصا ً طبيعيين أو معنويين ويختص بالنظر في المنازعات التجارية إذا إتفق الطرفان كتابة في العقد أو في إتفاق لحق على التحكيم في إطار هذا المركز .ويجري التحكيم فيه وفقا ً للئحة إجراءات المركز ما لم يرد نص مغاير في العقد المتعلق به النزاع .ويكون الحكم الصادر من هيئة التحكيم وفقا ً لهذه الجراءات ملزما ً للطرفين ونهائيا ً ..إلخ. ثانيًا :التحكيم الدولي/التحكيم الداخلي: أ-التحكيم الدولي: والمقصود به التحكيم في مجال علقات التجارة الدولية والمصالح الخارجية لطراف النزاع والتي تكشف إرادتهما المشتركة عن أن التحكيم ناشئ عن علقة تجارية دولية أو مصالح خارجية أي خارج الدول التي ينتمون إليها .ولقد وجد التحكيم الدولي مجاله الخصيب خصوصا ً مع تنامي العلقات التجارية بين الدول وإزدهار المشروعات الستثمارية وتعدد التفاقيات الدولية المتعلقة بالستثمار وضمان الستثمار .ولكن ما هى المعايير التي يمكن الوقوف عندها في التحديد :في التحكيم الدولي كما في التحكيم الداخلي يجلس المحكمون وأطراف النزاع ومحاموهم حول طاولت في قاعة إجتماعات ،ليس فيها شكليات المحاكم القضائية .في التحكيم الداخلي ،المحكمون والطراف كلهم من أبناء البلد الذي يجري فيه التحكيم والقانون المطبق هو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم .أما في التحكيم الدولي فالنزاع بين شركة إيطالية وشركة مصرية مثل والقانون المطبق هو القانون الفرنسي والتحكيم يجري في جنيف والمحامون هم إيطاليون ومصريون ،وهناك ربما في الدعاوى الكبرى محام سويسري أو ربما محام فرنسي مكمل للمحامين اليطاليين عن الشركة اليطالية ومحام سويسري أو ربما محام فرنسي مكمل للمحامين المصريين .وربما إكتفى كل طرف بمحامين من جنسيته ، ولكن حجم الدعوى ربما يسمح بدخول محامين إضافيين آخرين غير المحامين الذين تعودهم كل طرف ،محامين دوليين تكون لهم علقة بالقانون المطبق أو يكونون من جنسية رئيس المحكمة التحكيمية وثقافته القانونية .هذا التنوع في الجنسيات يهون أمام التنوع في النظمة القانونية وأمام المعاهدات والتفاقيات الدولية التي ترعى هذا التحكيم الدولي. وهناك إمكانية لن ترعى التحكيم الدولي خمس أنظمة قانونية مختلفة على سبيل المثال وهى: قانون يطبق على الشرط التحكيمي وعلى شرط العتراف به وتنفيذه أو أي إتفاقية دولية في مستوى القانون. قانون يطبق على إجراءات التحكيم أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه أو إتفاق الطرفين على تطبيق إجراءات تحكيم مركز تحكيمي . القانون المطبق لحسم النزاع أو إتفاق على المبادئ العامة للقانون. القانون الذي يطبق على تنفيذ الحكام التحكيمية الدولية أو الجنبية أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه. كذلك قانون العقد الذي يمكن أن ل يكون هو القانون الوطني أو قانون البلد الذي وقع فيه العقد بل قانون دولي أو مزيج من المبادئ العامة للقانون وأعراف التجارة الدولية أو ما سمى قانون التجار. لكن ما هى أهم المؤشرات الجنبية التي يمكن الوقوف عندها وإستخلص ضوء يكشف طبيعة كل تحكيم ،هل هو داخلي أو دولي ؟ يمكن أن تكون هذه المؤشرات الجنبية تسع وهى: موضوع النزاع. جنسية ومحل إقامة الطراف. جنسية المحكمين. القانون المطبق لحسم النزاع. قانون إجراءات المحاكمة المطبق. مكان التحكيم. اللغة. العملة. حركة إنتقال الموال عبر حدود الدول للخروج من إقتصاد البلد. هذه المؤشرات التسع ) الجنبية ( تصلح أن تكون مع غيرها أضواء لبيان الحدود التي ينتهى عندها التحكيم الداخلي ويبدأ بعدها التحكيم الدولي ،وهى مؤشرات لفك إرتباط التحكيم ببلد ما أو بالتجارة الداخلية لبلد ما أو للقتصاد الداخلي لي بلد .وإذا كان المؤشر مرتبطا ً ببلد واحد كان مؤشرا ً على أن التحكيم داخلي ،أما إذا كان المؤشر غير مرتبط ببلد واحد ،أدى تكاثر هذه المؤشرات إلى تغيير في نوعية التحكيم ونقله من خانة التحكيم الداخلي إلى خانة التحكيم الدولي. وقد ساد إعتماد مقياسين للتفريق بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي هما المقياس الجغرافي )مكان التحكيم( والمقياس القتصادي )موضوع النزاع(: -1المقياس الجغرافي )مكان التحكيم(: إن مكان التحكيم حين يكون في الخارج هو المقياس والساس .وهكذا فالتحكيم أجنبي إذا تم في بلد أجنبي أو كان أحد أطرافه أجنبيا ً ،وكذلك فإن تطبيق قانون أجنبي أو قواعد إجراءات محاكمة أجنبية أو وجود فريق أجنبي يجعل من التحكيم تحكيما ً أجنبيا ، ً وبالتالي يجعل من القرار التحكيمي قرارا ً أجنبيًا. هذا هو المقياس الذي أخذته إتفاقية نيويورك بعين العتبار ،وهى إتفاقية تطبق على القرارات التحكيمية ) الصادرة في دولة غير الدولة التي يطلب منها العتراف بالقرار التحكيمي أو تنفيذه على أراضيها (. وقد تراجع دور ومكان التحكيم في المقياس الجغرافي وأصبح المقياس الجغرافي يأخذ أيضا ً بعين العتبار مكان إقامة الطراف .فإذا كانوا مقيمين في خارج الدولة التي يجري فيها التحكيم فالتحكيم أجنبي عن هذا البلد ،وإذا كانوا مقيمين في أماكن أو بلدان مختلفة فالتحكيم دولي )القانون النموذجي( وإذا كان أحد طرفي النزاع على القل غير مقيم في سويسرا أو هولندا مثل عند توقيع العقد فالتحكيم الذي يجري في هولندا أو في سويسرا هو دولي )القانون السويسري سنة – 1987والقانون الهولندي سنة .(1986 كذلك فإن إتفاقية جنيف الوروبية لعام 1961والمتعلقة بالتحكيم الدولي ،قد سبق وطرحت شرطا ً ،وهو أن يكون النزاع ناشئا ً عن عملية تجارية دولية ،إل أنها فرضت في الوقت نفسه أن يكون النزاع قائما ً ما بين ) أشخاص مقيمين أو لهم مركز إقامة في بلدان مختلفة (. وكذلك إتفاقية لهاي المعقودة عام 1946حول المبيعات الدولية للمنقولت ،فهى تطبق على ) عقود البيع المعقودة بين فرقاء تقع مؤسساتهم في بلد مختلفة (. وأخيرا ً ،فإن هذا المقياس هو الذي أخذ بعين العتبار في القانون النموذجي للجنة المم المتحدة للقانون التجاري الدولي ) (UNCITRALالذي إعتمد في 21يونيه ، 1985 وقد ذهب هذا المقياس إلى أن التحكيم يكون دوليا ً إذا كانت مؤسسات الفرقاء في إتفاقية تحكيمية عند إجراء هذه التفاقية ،تقع في بلدان مختلفة ،أو إذا كان أحد الماكن المذكورة لحقا ً ،يقع خارج الدولة التي تقع فيها مؤسسات الفرقاء. وهكذا يؤخذ بعين العتبار: ً ً مكان التحكيم ،إذا كان محددا في إتفاقية التحكيم أو محددا بموجب هذه التفاقية. كل مكان يتم فيه تنفيذ جزء أساسي من اللتزامات الناشئة عن العلقة التجارية ،أو المكان الذي يكون للنزاع علقة أوثق به. أو إرادة الطرفين إذا إتفقا صراحة. وقد أخذ بهذا المفهوم كثير من القوانين الحديثة. )(2المقياس القتصادي )موضوع النزاع(: ً ً إن طبيعة النزاع هى التي تؤخذ بعين العتبار ،فيعتبر تحكيما دوليا ذلك الذي يتعلق بمصالح تجارية دولية ،دون أخذ مكان التحكيم أو قانون إجراءات المحاكمة المطبق أو جنسية الفرقاء بعين العتبار. وقد إعتمد قانون التحكيم الدولي اللبناني هذا المقياس عندما أعطى للتحكيم الدولي التعريف التالي ) :يعتبر دوليا ً التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية (. ً أما القانون الفرنسي للتحكيم فقد عرف التحكيم الدولي بأنه ) يعتبر تحكيما دوليا ذلك التحكيم الذي يضع في الميزان مصالح التجارة الدولية (. كما أن نظام محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس ،ونظام تحكيم محكمة لندن ل ينظران إل منازعات التجارة الدولية. لقد أوردت قوانين بعض الدول العربية أحكاما ً خاصة بالتحكيم الدولي منها على سبيل المثال دولة البحرين وسلطنة عمان .ففي دولة البحرين صدر مرسوم بقانون التحكيم التجاري الدولي )رقم (9عام 1994م وينص في المادة) (1/3بأن) :يكون التحكيم دوليًا: ً أ-إذا كان مقر عمل طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرام ذلك التفاق واقعا بين دولتين مختلفتين أو ب-إذا كان أحد الماكن التالية واقعا ً خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين: مكان التحكيم إذا كان محددا ً في إتفاق التحكيم أو طبقا ً له. أي مكان ينفذ فيه جزء هام من اللتزامات الناشئة عن العلقة التجارية أو المكان الذي يكون لموضوع النزاع أوثق الصلة. ج -إذا إتفق الطرفان صراحة على أن موضوع إتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة هذا وفي سلطنة عمان نظم مرسوم سلطاني رقم 47/97قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية .وتنص المادة ) (3منه على الحكام الخاصة بالتحكيم الدولي ومعاييره ومنها :أن يكون المركز الرئيسي لعمال كل من طرفي النزاع يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام إتفاق التحكيم ....إلخ. ب-التحكيم الداخلي: ً هو التحكيم الذي يتم طبقا لحكام القانون الوطني لطراف النزاع وداخل دولتهم . فالقانون الوطني هو الذي ينص على كافة الجراءات والقواعد التي تطبق على عملية التحكيم .ويلحظ أن قوانين بعض الدول العربية تتضمن نصوصا ً تميز بين نوعي التحكيم الدولي والداخلي كما أسلفنا في قانوني البحرين وعمان. ثالثًا :التحكيم الختياري/التحكيم اللزامي: أ-التحكيم الختياري: المقصود به التحكيم الذي يتم بناًء على إتفاق طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة .فلهما اللجوء بإختيارهما إلى التحكيم لفض النزاع القائم بينهما وإختيار المحكمين والجراءات والقواعد التي تطبق على التحكيم .وقد ينظم القانون مثل هذا التحكيم ووضع الضوابط اللزمة والمناسبة لضمان فاعليته ولكن تبقى الحرية للطرفين في اللجوء إليه عوضا ً عن اللجوء إلى المحاكم. ب-التحكيم اللزامي: وفي هذا النوع من التحكيم يلزم القانون طرفي النزاع في اللجوء إلى التحكيم والخضوع لحكامه في بعض المنازعات وقوانين بعض الدول العربية تنص على هذا النوع من التحكيم في شأن منازعات معينة من ذلك القانون السوري إذ يلزم اللجوء إلى التحكيم في منازعات معينة منها: قضايا العمل حيث تحل الخلفات بين العمال وأرباب العمال بالتحكيم الجباري. ولكن قبل أن نتطرق إلى نظام التحكيم السعودي ،فإني أشير هنا إلى بدائل أخرى لفض المنازعات إبتكرها رجال القانون في الوليات المتحدة المريكية: فالقضاء هو الوسيلة الساسية لحل المنازعات ،ولكن مع تطور ظروف التجارة والستثمار الداخلي والدولي أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى لحسم المنازعات .والتحكيم الدولي عندما تطور مع تطور التجارة الدولية والتوظيفات الدولية ، تطور بإجراءات المحاكمة التي إقتربت كثيرا ً من إجراءات المحاكمات القضائية ،ثم بشكلياته التي قربته أكثر من المحاكم القضائية ،ثم جاءت المعاهدات الدولية لتحصنه وتحصن أحكامه بحيث لم يعد من المبالغة القول بأن التحكيم الدولي لم يعد وسيلة بديلة لحسم منازعات التجارة الدولية بل أصبح أو يكاد يصبح الوسيلة الساسية لحسم منازعات التجارة الدولية .ويستمر هذا التطور فيوجد وسائل أخرى بديلة لحسم المنازعات غير التحكيم وغير القضاء. ً فقد أخذ التوفيق والوساطة طريقهما ليصبحا أيضا من الوسائل البديلة لحسم النزاعات .هكذا وضعت إتفاقية المؤسسة العربية لضمان الستثمار مفاوضات الوساطة والتوفيق وسيلة بديلة لحسم النزاع يرجع إليها لحسم النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم. وكذلك فعلت إتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الستثمار بين الدول ومواطني الدول الخرى ففتحت باب التوفيق قبل التحكيم ونصت على إجراءات لذلك بإعتباره وسيلة أخرى من وسائل حسم المنازعات بطريقة ودية. وكذلك نص نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية على نظام المصالحة الختيارية ووضع له إجراءات. وكذلك وضعت اليونسترال )لجنة المم المتحدة لقانون التجارة الدولية( قواعد للتوفيق كان لها وقع في المنازعات الدولية وكان لها أثر في نشر التوفيق كوسيلة لحسم المنازعات وديا ً .ولكن التوفيق والوساطة بقيا وسيلتين بديلتين لحسم المنازعات ،بديلتين عن القضاء وعن التحكيم إل أنهما بقيتا وسيلتين نظريتين غير عمليتين وبقى القضاء هو الوسيلة الساسية ،والتحكيم هو الوسيلة البديلة لحسم المنازعات إلى أن كان عام 1977في الوليات المتحدة المريكية...حيث كانت هناك دعوى عالقة أمام القضاء منذ ثلث سنوات ،وكان هناك محامون ومرافعات وخبراء وجلسات ومستندات ونفقات خبرة ونفقات قضائية وأتعاب محامين ،وأرهقت الدعوى الطرفين بالوقت والمصاريف ،ثم طرحت فكرة وسيلة بديلة لحسم هذا النزاع .لماذا ل نؤلف محكمة مصغرة كل طرف يختار أحد كبار موظفيه ممن له دراية ومعرفة بتفاصيل النزاع ثم يختار الموظفان رئيسا ً محايدًا. وراقت الفكرة للطرفين وأوقفت إجراءات المحاكمة القضائية وعقدت المحكمة المصغرة جلسة ،ليست إلزامية في شيء ،وإستمرت الجلسة نصف ساعة أدلى بعدها رئيس المحكمة المحايد برأي شفهي لعضوي المحكمة ثم دخل موظفا الطرفين أي عضوا المحكمة إلى غرفة جانبية فدخل في مفاوضة إستمرت نصف ساعة وخرجا ليعلنا إتفاقهما وإنتهت الدعوى على خير وسلم ووقف نزيف الوقت والنفقات والرسوم والتعاب .وكانت ولدة ما سمى في الوليات المتحدة بـ Alternative Disputes Resolution واختصرت وعرفت بالـ A.D.Rأي الوسيلة البديلة لحسم النزاع. وتطورت هذه الوسيلة وتركزت وأخذت عدة أشكال وإنتشرت في الوليات المتحدة المريكية إنتشارا ً كبيرا ً ،ل سيما وأن التحكيم في الوليات المتحدة لم يعرف التقدم الذي وصل إليه في أوروبا لن الميركيين ما زالوا يجلون المؤسسة القضائية ولم يسلموا بسهولة بالتحكيم كوسيلة بديلة لحسم المنازعات كما فعلت أوروبا التي بقى إجللها للقضاء على حاله بل تطوع القضاء للخذ بيد التحكيم للنهوض وليلعب دوره كوسيلة بديلة لحسم المنازعات تخفف عن القضاء كثيرا ً من العباء وتبقي في كل حال تحت رقايته بعد صدور الحكم .والوساطة كوسيلة لحل المنازعات في الوليات المتحدة تأتي بميزتين :أول :إختصار الوقت .فأطول وساطة تستمر من شهر إلى ستة أشهر ،بينما الدعوى أمام القضاء تبقى سنوات طويلة .وثانيًا :فإذا كانت الدعوى مرهقة وثقيلة في النفقات والمصاريف فإن الوساطة كوساطة بديلة لحسم المنازعات تبدو خفيفة الظل. وشهدت الوساطة إزدهارا ً لم يكن منتظرا ً ول متوقعا ً وتقبلتها أوساط النزاعات القضائية المريكية وأقبلت عليها بجدية وإهتمام حتى قدرت نسبة الحالت التي أسفرت عن مصالحة بفضل الوساطة كوسيلة بديلة لحسم المنازعات بطريقة ودية بـ %.8في الوليات المتحدة و %37في بلدان الشرق القصى .وتقدمت في الصين وكندا وأستراليا ،ولكن دول القوانين المدنية الوروبية بقيت حذرة ولم تقبل على هذه الوسيلة البديلة لحسم المنازعات بطريقة الوساطة. فما هى هذه الوسيلة البديلة لحل النزاع عن طريق الوساطة ADRالتي ولدت في الوليات المتحدة المريكية؟ هذه الوسيلة ADRأخذت عدة أشكال نعرضها فيما يلي: -1المحكمة المصغرة: ويتلخص في أن النزاع يحال إلى هيئة مكونة من رئيس محايد وعضوين يختار كل من الطرفين المتنازعين وأحدا ً منهما من بين كبار موظفيه في الدارة العليا ممن لهم دراية بتفاصيل النزاع ،ويتولى العضوان إختيار الرئيس وإن لم يتفقا على شخصه يعينه مرجع يكون متفقا ً عليه سلفًا .يلتقى الطرفان للتفاق على قواعد لجراءات الوساطة تختصر إلى أقل درجة ممكنة ،وهكذا يتحدد عدد المستندات التي ستقدم والمهل لتبادل اللوائح .بعد جلسة المرافعة التي يجب أن ل تتجاوز اليومين ،يجتمع الموظفان عضوا المحكمة للتفاوض وإذا طلب من الشخص الثالث الحيادي المشاركة في الجتماع فإنه يعطي رأيه ولكنه يجب أن يبقى شفهيا ً ...وتستمر المفاوضات بين عضوي المحكمة بغية الوصول إلى مصالحة ،ولكن هذه المفاوضات تبقى سرية ل يمكن كشفها إذا فشلت المفاوضات في الوصول إلى صلح وذهب الطرفان إلى المحكمة القضائية .وإذا كانت المفاوضات مشمولة بالسرية فإن المستندات والثباتات واللوائح المقدمة خلل المحاكمة المصغرة ليست كذلك بل يمكن إعادة تقديمها إلى المحاكمة القضائية إذا فشل حل النزاع وسارت المور إلى دعوى قضائية. -2وساطة ميتشغان أو المطرقة المخملية: أمام تراكم الدعاوى على محكمة ميتشغان وجدت هذه مخرجا ً يخفف من العباء ويفتح باب وسيلة بديلة لحسم المنازعات عن طريق الوساطة ،إذ وضعت محكمة ميتشغان ذاتها إجراءات يلزم أطراف أي نزاع بإتباعها قبل عرض النزاع على المحكمة.ووضعت المحكمة لئحة بعدد من الحقوقيين كوسطاء ،وقبل أن تبدأ إجراءات أي محاكمة يختار كل طرف وسيطا ً من السماء الواردة على لئحة الوسطاء ويسمى الوسيطان وسيطا ً ثالثا ً من اللئحة .ويعين قاضي محكمة ميتشغان جلسة وساطة ويبلغها للطرفين وللوسطاء .وقبل عشرة أيام من الجلسة يقدم كل طرف لئحة مختصرة بإدعاءاته مدعمة بالحجج القانونية وسرد الوقائع كل ذلك بإختصار شديد.ويوم الجلسة يحق لمحامييي الطرفين أن يترافعا ولكن بإختصار ،والجلسة يجب أل تتعدى الساعة من الوقت .يقدم الوسطاء تقريرهم خلل اليام العشرة اللحقة لجلسة المرافعة .وللطرفين مهلة 20يوما ً لقبوله أو رفضه ،فإذا لم يجيبوا أعتبر ذلك موافقة وقبول .وإذا قبل قرار الوسطاء يصدر حكم من محكمة ميتشغان بتثبيته ،وإذا رفض من أي من الطرفين تستأنف الدعوى سيرها العادي أمام المحكمة ويوضع قرار الوسطاء في مغلف يختم بالشمع الحمر ول يفتح إل بعد صدور الحكم .عند صدور الحكم يفتح الملف المختوم بالشمع الحمر ويقارن الحكم بقرار الوسطاء فإذا كان الحكم قد أعطى أكثر مما قرر الوسطاء بـ %10فإن المدعى عليه هو الذي يتحمل نفقات ورسوم الدعوى ،وإذا قررت المحكمة للمدعي أقل بـ %10مما قرر الوسطاء يتحمل كل فريق نصيبه من النفقات القضائية. -3الوسيط المحكم: يقوم الوسيط الذي يختاره الطرفان أو يعينه مرجع بدور الوسيط فإذا فشل تابع طريقه كمحكم يفصل في النزاع .ويكون هذا الشكل من الوسائل البديلة لحسم المنازعات قد اعتمد مبدأ غير مقبول بوجه عام وهو أن يتولى الوسيط التحكيم فيما قام به من وساطة. ويكون هذا الشكل من الوسائل البديلة قد أعطى الوسيط سلطة إلزامية توؤل إليه بمجرد فشل الوساطة إذ يتحول إلى محكم لفصل النزاع. )-4إستئجار ( قاض: وتبدو التسمية غريبة ،ولكن هذا الشكل أخذ هذا السم في الوليات المتحدة وهو في الحقيقة تكليف قاض الفصل في النزاع. وقد بدأ هذا النظام في وليتي كاليفورنيا ونيويورك المريكيتين ،وبموجبه يتقدم الطراف بطلب إلى المحكمة لتعيين محكم يكون عادة قاضيا ً متقاعدا ً ينظر بالنزاع بصورة غير رسمية ويصدر فيه حكما ً تلتزم المحاكم بتنفيذه إذا وجدته مناسبا ً ،ول يبدو أن هذا النظام قد طبق في أي بلد آخر غير الوليات المتحدة المريكية ،كما أنه قد يتعارض مع كثير من النظم التشريعية وقواعد القضاء في العديد من النظمة القانونية في العالم. ً -5التحكيم وفقا لخر عرض: هذه الوسيلة البديلة لحل النزاع ليست مبنية على الوساطة بل على التحكيم ،ولكن المحكمة التحكيمية ليست حرة في بحث النزاع بل هى مخيرة في تبني أي مطلب من مطالب طرفي النزاع كما هو بدون زيادة أو نقصان ،أي بدون زيادته أو تنقيصه. والفكرة من هذه الطريقة هى إجبار الطرفين على تخفيض مطالبهما لن طلبا ً مبالغا ً فيه سيفضي لن تتبنى المحكمة التحكيمية الطلب الخر كما هو وترد الطلب المبالغ به.ولن المحكمة التحكيمية ل تملك سوى حرية إختيار أحد الطلبين كما هو. هذه فكرة عن أنواع الوسائل البديلة لحسم المنازعات ،ويمكن القول أن هذه الوسيلة البديلة لحل المنازعات عن طريق الوساطة التي إنتشرت في الوليات المتحدة أول ثم عمت اليابان وكندا وأستراليا وتتقدم في سويسرا تتميز في أنها توجد وسيطا ً يحرك المفاوضات ويخلق مناخا ً لتسوية حبية. نظام التحكيم السعودي: وقد يثور التساؤل حول موقع نظام التحكيم السعودي من بين أنواع التحكيم . وبمراجعة نصوص هذا النظام ولوائحه التنفيذية يمكن الجابة على هذا التساؤل: فالمادة ) (1من النظام تنص على أنه )يجوز التفاق على التحكيم في نزاع معين قائم ،كما يجوز التفاق مسبقا ً على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيذ عقد معين( . كما تنص المادة ) (5على أن )يودع أطراف النزاع وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصل بنظر النزاع ..وأن يبين فيها موضوع النزاع وأسماء الخصوم وأسماء المحكمين.. إلخ( وتنص المادة ) (9على أنه )يجب الحكم في النزاع في الميعاد المحدد في وثيقة التحكيم .(... ومن هذه النصوص نستخلص التي: -1أن التحكيم في النظام السعودي هو )تحكيم خاص( وليس )مؤسسي( لنه ل يتم في إطار هيئة أو مؤسسة تحكيمية ول يخضع لجراءات أو قواعد لمثل تلك الهيئة أو المؤسسة ذلك أن أطراف النزاع هم الذين يضعون وثيقة التحكيم ويختارون المحكمين وحتى تحديد الميعاد الذي يجب أن يصدر فيه الحكم. -2وهو – أي التحكيم – في النظام السعودي هو تحكيم )إختياري( وليس )إلزامي( ذلك أن أطراف النزاع وبمحض إرادتهم هم الذين يقررون اللجوء إلى التحكيم لحل النزاع عوضا ً عن اللجوء إلى المحاكم. -3والتحكيم في النظام السعودي هو تحكيم )داخلي( ل )دولي( فهو يتم على الرض السعودية وتحت إشراف القضاء السعودي وتطبق عليه أحكام الشريعة السلمية ولهذا يشترط فيه أن يكون المحكم مسلمًا. -4والتحكيم في النظام السعودي وبصفته نظاما ً إختياريا ً ل إلزاميا ً وخاصا ً ل مؤسسيا ً ل يحول دون حق أطراف النزاع في اللجوء إلى مراكز تحكيم إقليمية أو دولية. رأي حول نظام التحكيم السعودي: لعل من المسلم به أن نظام التحكيم كنوع من القضاء الخاص في الفصل في المنازعات يحقق مزايا عديدة ملموسة لطراف النزاع ،من هذه المزايا إحترام إرادة أطراف النزاع في إختيار الطريق التي يرونها مناسبة في الفصل في النزاع بالسرعة وبعيدا ً عن إجراءات التقاضي أمام المحاكم العادية ،وتفادي الطعون ضد الحكام القضائية ،كما أن من شأن التحكيم أن يخفف العبء على كاهل القضاء العادي وإن ظل تحت رقابته. ولكن مما لفت نظرنا ما ورد في المادتين ) (19،18من نظام التحكيم .فالمادة ) (18تجيز للخصوم تقديم إعتراضاتهم على ما يصدر من المحكمين إلى الجهة التي أودع لديها الحكم خلل خمسة عشر يوما من تاريخ إبلغهم بأحكام المحكمين وإل أصبحت نهائية .وتنص المادة ) (19أنه )إذا قدم الخصوم أو أحدهم إعتراضا ً على حكم المحكمين خلل المدة المنصوص عليها في المادة السابقة )أي (19تنظر الجهة المختصة أصل بنظر النزاع في العتراض وتقرر إما رفضه وتصدر المر بتنفيذ الحكم أو قبول العتراض وتفصل فيه(. وهكذا ،فإن من حق الخصوم العتراض على حكم المحكمين الذين قاموا هم بإختيارهم وبموجب وثيقة التحكيم التي قاموا هم بإعدادها والتفاق عليها معا ً وربما ينص فيها على أن الحكم نهائي ،ومع ذلك ينعقد للمحكمة المختصة أصل بنظر النزاع ،النظر في العتراض إذا قبلته ،وهو ما يعني أن عملية التحكيم تعدو ل جدوى لها وينتهي دوره كنوع من القضاء الخاص ،ومن ثم يفقد نظام التحكيم المزايا المرجوة منه في فض المنازعات عوضا ً عن اللجوء إلى المحاكم. إذ قد يسيء أحد الخصوم إستعمال رخصته المقررة في المادة ) (18بتقديم العتراض لمجرد أن قرار التحكيم لم يصدر لصالحه خصوصا ً أن نظام التحكيم لم ينص على أسباب العتراض وفي تقديرنا أن نصوص النظام تحتاج إلى إعادة نظر بما يؤدي إلى إحترام قرار التحكيم ووجوب تنفيذه بحيث يكون موازيا ً للحكام القضائية تحقيقا ً لمزايا هذا النظام. ولكن قبل أن أنهي موضوع التحكيم في المملكة العربية السعودية ،أود أن أشير إلى بعض التفاقيات الدولية والقليمية التي وقعتها السعودية ولها أهمية خاصة فيما يتعلق بالتحكيم في السعودية: الولى :إتفاقية نيويورك: وقد أصبحت نافذة المفعول إعتبارا ً من عام ، 1958هذه التفاقية جعلت من الحكم التحكيمي في يد الفريق الحائز عليه سندا ً ثابتا ً يعتد به .من هنا فإن مجرد تقديم الحكم التحكيمي مع العقد التحكيمي يشكل إثباتا ً على وجود حكم ) إلزامي ( وينقل بعد ذلك عبء الثبات المعاكس على المطلوب التنفيذ ضده ،ول يعود القاضي ملزما ً بإثارة ذلك من تلقاء نفسه .فصار الحكم التحكيمي مقبول حتى ثبوت العكس ،وعبء هذا الثبات هو على من صدر الحكم ضده والذي يجب ليوقف تنفيذ الحكم أن يأتي بالدليل على إثبات: ً )أ( :أن أطراف العقد التحكيمي كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الهلية ،أو كان العقد التحكيمي غير صحيح وفقا ً للقانون الذي أخضعه له الطراف. )ب( :خرق حقوق الدفاع. )ج( :أن يثبت أن الحكم فصل في نزاع غير وارد في العقد التحكيمي أو تجاوز حدوده فيما قضى به. )د( :أن يثبت أن تشكيل المحكمة التحكيمية أو إجراءات التحكيم مخالف للعقد التحكيمي . )هـ( :يجب على المنفذ ضده ليوقف مفعول الحكم التحكيمي الدولي ويمنع الحائز عليه من تنفيذه أن يثبت أن الحكم التحكيمي لم يصبح بعد إلزاميا ً ،أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة في البلد الذي صدر هذا الحكم التحكيمي بموجب قانونه .وهكذا حصر مجال إبطال الحكم التحكيمي الدولي: * في البلد الذي فيه أو بموجب قانونه صدر الحكم. * في البلد الذي يطلب التنفيذ فيه. وخارج هذين البلدين لم يعد بالمكان إبطال أو إلغاء أو وقف الحكم التحكيمي في أي بلد في العالم لتعطيل تنفيذه إل في بلد تنفيذه بالطبع إذا كانت هناك أسباب تقبلها إتفاقية نيويورك .وبالتالي فإنه أصبح على محاكمنا تنفيذ الحكام التحكيمية ما لم يثبت من صدر ضده الحكم أحد العوامل المذكورة أعله. الثانية :إتفاقية الرياض للتعاون القضائي: وقعت في ، 6/4/1983وهى إتفاقية إقليمية للتعاون القضائي ،وأصبحت سارية المفعول في أكتوبر .1985إن ميدان تطبيق هذه التفاقية واسع فهى تشمل تبادل المعلومات المتعلقة بالقوانين والدراسات النظرية والقرارات القضائية وتشجيع الزيارات والمؤتمرات وتبادل الجهزة القضائية وضمان اللجوء إلى القضاء لمواطني دوله وتنفيذ العقوبات .وما يهمنا في إطار هذا التعاون هو العتراف بتنفيذ الحكام والقرارات التحكيمية في المواد المدنية والتجارية والدارية والحوال الشخصية. ) :(1وتؤكد التفاقية على الصفة التنفيذية للقرارات التحكيمية الصادرة في دول متعاقدة ودون الخذ في العتبار جنسية الذي صدرت لمصلحته ،فأصبح من الممكن أن ينفذ حكم صادر في القاهرة لمصلحة شخص بريطاني ويصبح قابل للتنفيذ في الردن إنطلقا ً من كونه قد صدر من محكمة مصرية حتى لو كان الشخص الصادر لمصلحته ليس من جنسية الدولة المتعاقدة. ) :(2ل يمكن للقاضي إعادة النظر في أساس النزاع ،فل يكون أمامه إل إحترامه بكليته أو رفضه في بعض الحالت المعينة وهى: أ -إذا كان قانون الطرف المطلوب له العتراف أو تنفيذ الحكم ل يجيز حل موضوع النزاع عن طريق التحكيم. ب -إذا كان الحكم صادرا ً تنفيذا ً لشرط أو عقد تحكيم باطل أو لم يصبح نهائياً. ج -إذا كان المحكمون غير مختصين طبقا ً لعقد أو شرط التحكيم أو طبقا ً للقانون الذي صدر حكم المحكمين على مقتضاه. د -إذا لم يعلن الخصوم على الوجه الصحيح. هـ -إذا كان في حكم المحكمين ما يخالف الشريعة السلمية أو النظام العام أو الداب لدى الطرف المتعاقد المطلوب إليه التنفيذ. الثالثة :إتفاقية فض المنازعات التجارية في مركز التحكيم التجاري لدول الخليج: وقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 102في 20/4/1423هـ القاضي )بالموافقة على تطبيق قرار المجلس العلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربي الصادر في دورته الرابعة عشرة المنعقدة في الرياض خلل الفترة من 9-7رجب 1414هـ المتضمن إقامة مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك حسب نظامه على أن ل يصدر المر بتنفيذ الحكم بناًء على المادة ) (15من نظام المركز إل بعد التثبت من عدم وجود ما يمنع تنفيذه شرعًا( .ونص المادة ) (15هو التالي ) :يكون الحكم الصادر من هيئة التحكيم وفقا ً لهذه الجراءات ملزما ً للطرفين ونهائيا ً وتكون له قوة النفاذ في الدول الطراف بعد المر بتنفيذه من الجهة القضائية المختصة(. وهذا ما حدا بأحد زملئنا المحامين إلى القول أن فض المنازعات التجارية عن طريق مركز التحكيم التجاري لدول الخليج العربية أفضل من التحكيم المحلي ،لن الحكم في هذه الحالة يعرض فقط على الدائرة المختصة في ديوان المظالم لصدار المر بالتنفيذ بعد التثبت من عدم وجود ما يخالف أحكام الشريعة السلمية ،بعكس أحكام التحكيم التي تصدر من هيئات تحكيم محلية فإنها تمر بإجراءات مطولة ويصبح التقاضي على ثلث درجات مما يفقد التحكيم من مزية السرعة في الفصل في النزاع. الرابعة :.إتفاقية ضمان الستثمار بين الدول العربية: حيث تنص المادة : 34/1يكون الحكم نهائيا ً غير قابل للطعن . وتنص المادة :34/2يكون للحكم الذي تصدره المحكمة قوة النفاذ. ومن هذه التفاقيات التي وافقت عليها السعودية ،نرى أن أحكامها نهائية ل يجوز الطعن فيها وواجبة التنفيذ كما لو كانت حكما ً نهائيا ً صادرا ً عن قضائها المختص ،وإذا عدنا إلى ما ذكرناه وذكره بعض المختصين من زملئنا المحامين وأساتذة القانون في الجامعات من أن نظام التحكيم السعودي في حاجة إلى إعادة نظر ،فإنني أضم صوتي إلى أصواتهم وآمل أن يكون هذا الجراء سريعا ً لعطاء نظام التحكيم فرصة للنطلق ليكون عونا ً للقضاء في إنهاء القضايا المتوقفة ،ويكون مساعدا ً لتحرير التجارة من طول مدة التقاضي .ولنا في جيراننا من دول الخليج أسوة حسنة ،فقد إعتبرت سلطنة عمان قضاء التحكيم نهائي ومنعت الطعن فيه بالستئناف أو إعادة النظر وإكتفت بالطعن فيه بالبطلن لسباب معينة .وربما ساعدت هذه التعديلت على تشجيع الستثمار ودفع معاملت التجارة للمام طالما يعلم المستثمر والتاجر أن أسباب التقاضي عن طريق التحكيم ميسرة ،وأنه يستطيع أن يعين محكمه بدون إعتراض ويحدد الجراءات اللزمة )مع الطرف الخر( لتيسير مهمة التحكيم .وأخـيرا ً فإنه لن تكون هناك ثلث درجات للتقاضي عن طريق التحكيم ،ويكفي لكي يبطل الحكم أن يدفع أحد الطراف أمام هيئة عليا ببطلن الحكم بأحد السباب المعروفة سلفًا. وبالله التوفيق. المستشار القانوني أحمد يوسف خلوي
المراجع: الدكتور أحمد أبو الوفا التحكيم الختياري والجباري 1978 1
المانة العامة لتحاد التوثيق والتحكيم التجاري في الغرف العربية 2
الغرف العربية الخليجية والخليجية والدولية – الطبعة الولى – ربيع الثاني 1406هـ د /محي الدين إسماعيل قوانين وأنظمة ولوائح التحكيم والتوفيق في 3 دول مجلس التعاون الخليجي – الطبعة الولى 1998 سعد عواد حمدان الجهني التحكيم في الشريعة السلمية والنظم 4 الوضعية 1414هـ )دراسة تحليلية( د /عبد الحميد الحدب موسوعة التحكيم – الجزء الول والثاني 5
مجلة التحكيم العربي/ إتفاقية الرياض للتعاون القضائي 6
المانة العامة لمراكز التحكيم العربية العدد الرابع د/فوزي محمد سامي– مجلة إتفاقية نيويورك لعام 1958وتنفيذ قرارات 7 التحكيم العربي/المانة التحكيم الجنبية العامة لمراكز التحكيم العربية–العدد الول الدكتور إبراهيم العيسى فض المنازعات التجارية في مركز التحكيم 8 التجاري لدول الخليج العربية – التحكيم التجاري الخليجي – العدد 24 الدكتور فتحي والي التحكيم التجاري الدولي بوجه عام – 9 إغسطس 1998 المحامي زياد نديم حمادة 10نظم التحكيم لغرفة التجارة الدولية – I.C.C دورة من منظور إسلمي ودولي – – 22 – 20 مايو 2003 المستشار القانوني 11نظام التحكيم في محكمة لندن – دورة يوسف طوبيا بقطر. التحكيم من منظور إسلمي ودولي – – 20 22مايو 2003 د /محمد أبو العينين مدير 12التحكيم أمام المركز الدولي لحسم منازعات مركز القاهرة القليمي الستثمار – ICSIDالحاشية مجلة التحكيم للتحكيم التجاري والدولي. العربي – الجزء الرابع Arther Marriott & Henery 13بدائل التحكيم – 1999الطبعة الثانية Brown تعريف: السم :أحمد يوسف خلوي . المهنة :مستشار قانوني المؤهلت: * ليسانس قانون من جامعة القاهرة عام 1964م. * ماجستير في القانون الدولي– قوانين طيران وفضاء من جامعة مكجيل – منتريال – كندا عام 1971م. * دبلوم العلوم الدارية من جامعة بيروت عام 1973م. * عدة دورات في التحكيم في مركز القاهرة القليمي ومركز دول الخليج العربي في البحرين. الوظائف السابقة: * مساعد مدير عام الخطوط الجوية السعودية للشئون القانونية سابقًا. * عضو مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية سابقًا. * عضو اللجنة القانونية للياتا )منظمة شركات الطيران الدولية( سابقاً. * مكتب خاص للمحاماة والستشارات القانونية إبتداءا ً من عام 1404هـ.