Professional Documents
Culture Documents
ابن حزم
قال أبا محمد عفا ال عنه :أفضل ما أبتدئ به حمد ال عز وجل بما هو أهله،
ثعم الصعلة على محمعد عبده ورسعوله خاصعة ،وعلى جميعع أنعبيائه عامعة ،وبععد.
عصعمنا ال واياك معن الحيرة ،ول حملنعا مال طاقعة لنعا بعه ،وقيعض لنعا معن جميعل
عونعه دليل هادياً إلى طاعتعه ،ووهبنعا معن توفيقعه أدباً صعارفاً ععن معاصعيه ول
وكلنا إلى ضعف عزائمنا وخور قوانا و وهاء بنيتنا وتلدد آرابنا وسوء اختيارنا
وقلة تمييزنعا وفسعاد أهوائنعا ،فإن كتابعك وردنعي معن مدينعة المريعة إلى مسعكني
بحضرة شاطبعة تذكعر معن حسعن حالك معا يسعرني وحمدت ال ععز وجعل عليعه
واستدمه لك واستزدته فيك .ثم لم ألبث أن اطلع على شخصك وقصدتني بنفسك،
على بعد الشقة وتنائي الديار وشحط المزار وطول المسافة وغول الطريق وفي
دون هذا ما سلى المشتاق ونسي الذاكر ،إل من تمسك بحبل الوفاء مثلك ورعى
سالف الذمة و وكيد المودات وحق النشأة ومحبة الصبي وكانت مودته ل تعالى
ولقد أثبت ال بيننا من ذلك ما نحن عليه حامدون وشاكرون .وكانت معانيك في
كتابععك زائدة على مععا عهدتععه مععن سععائر كتبععك ،ثععم كشفععت إلي بإقبالك غرضععك
وأطلعتنعي على مذهبعك ،سعجية تلم تزل علينا معن مشاركتعك لي فعي حلوك ومرك
وسعرك وجهرك ،يحدوك الود الصعحيح الذي أنعا لك على أضعافعه ،أبتغعي جزاء
غيعر مقابلتعه بمثله .وفعي ذلك أقول مخاطباً لعبيعد ال بعن عبعد الرحمعن بعن المغيرة
وأعراضعه ،ومعا يقعع فيعه وله على سعبيل الحقيقعة ل متزيداً ول مفتنعا ،لكعن مورداً
لما يحضرني على وجهه وبحسب وقوعه ،حيث انتهى حفظي وسعة باعي فيما
أذكره ،فبدرت إلى مرغوبعععك ولول اليجاب لك لمعععا تكلفتعععه ،فهذا معععن الفقعععر،
والولى بنععا مععع قصععر أعمارنععا أل نصععرفها إل فيمععا نرجععو بععه رحععب المنقلب
وحسعن المآب غداً .وإن كان القاضعي حمام بعن أحمعد حدثنعي ععن يحيعى بعن مالك
عععن عائذ بإسععناد يرفعععه إلى أبععي الدرداء أنععه قال :أجمعوا النفوس بشيععء مععن
الباطعل ليكون عونعا لهعا على الحعق .ومعن أقوال الصعالحين معن السعلف المرضعي.
معن لم يحسعن يتفتعى لم يحسعن يتقوى .وفعي بععض الثعر :أريحعو النفوس فإنهعا
والذي كلفتني ل بد فيه من ذكر ما شاهدته حضرتي وأدركته عنايتي وحدثني به
الثقات من أهل زمانه ،فاغتفر لي الكناية عن السماء فهي إما عورة ل نستجيز
كشفها وإما نحافظ في ذلك صديقاً ودوداً ورجلً جليلً ،وبحسبي أن أسمى من ل
ضرر فعي تسعميته ول يلحقنعا والمسعمى عيعب فعي ذكره ،وإمعا لشتهار ل يغنعي
عنعه الطعي وترك التعبيين؛ وإمعا لرضعا معن المخعبر عنعه بظهور خعبره وقلة إنكار
منه لنقله.
وسأورد في نفي رسالتي هذه أشعارًا قلتها فيما شاهدته ،فل تنكر أنت ومن رآها
على أنعي سالك فيها مسعلك حاكي الحديعث عن نفسعه ،فهذا مذهب المتحلين بقول
الشعععر ،وأكثععر مععن ذلك فإن إخوانععي يجمشونععي القول فيمععا يعرض لهععم على
طرائقهعم ومذاهبهعم .وكفانعي أنعي ذاكعر لك معا عرض لي ممعا يشاكعل معا نحوت
والتزمعت فعي كتابعي هذا الوقوف عنعد حدك ،والقتصعار على معا رأيعت أوضعح
عندي بنقل الثقات ،ودعني من أخبار العراب والمتقدمين ،فسبيلهم غير سبيلنا،
وقعد كثرت الخبار عنهعم ،ومعا مذهعبي أن أنضعي مطيعة سعواي ،ول أتحلى بحلى
تقسيم الرسالة
وقسمت رسالتي هذه على ثلثين باباً ،منها في أصول الحب عشرة فأولها هذا
الباب ،ثعم باب فعي علمات الحعب ،ثعم باب فيعه ذكعر معن أحعب فعي النوم ،ثعم باب
فيه ذكر من أحب بالوصف ،ثم باب ذكر من أحب من نظرة واحدة ثم باب فيه
ذكععر مععن ل تصععح محبتععه إل مععع المطاولة ،ثععم باب التعريععض بالقول ثععم باب
ومنها في أعراض الحب وصفاته المحمود والمذمومة أثناء عشر بابا ،وإن كان
على مجاز اللغعة فعي إقامعة الصعفة مقام الموصعوف .وعلى معنعى قولنعا :وجودنعا
عرضًا أقعل فعي الحقيقعة معن عرض غيره ،وأكثعر وأحسعن وأقمعح فعي إدار كنالهعا
علمنعا أنهعا متباينعة فعي الزيادة والنقصعان معن ذاتهعا المرئيعة والمعلومعة؛ إذ ل تقعع
فيهعا الكميعة ول التجزي ،لنهعا ل تشغعل مكاناً وهعي :باب الصعديق المسعاعد ،ثعم
باب الوصعل ثعم باب طعي السعر ،ثعم باب الكشعف والذاععة ،ثعم باب الطاععة ،ثعم
باب المخافة ،ثم باب من أحب صفة لم يحب بعدها غيرها مما يخالفها ،ثم باب
القنوع ،ثععععم باب الوفاء،ثععععم باب الغدر ،ثععععم باب الضنععععى ،ثععععم باب الموت.
ومنهععا فععي الفات الداخلة على الحععب سععتة أبواب ،وهععي باب العاذل ،ثععم باب
الرقيعب ،ثعم باب الوشعي ،ثعم باب الهجعر ،ثعم باب البيعن؛ ثعم باب السعلو .معن هذه
البواب الستة بابان لكل واحد منهما ضد من البواب المتقدمة الذكر ،وهما باب
العاذل :وضده باب الصععديق المسععاعد؛ باب الهجععر وضده باب الوصععل ومنهععا
أربععة أبواب ل ضعد معن معانعي الحعب ،وهعي باب الرقيعب ،وباب الواشعي ،ول
ضععد لهمععا إل ارتفاعهمععا .وحقيقععة الضععد مععا إذا وقععع ارتفععع الول ،وإن كان
المتكلمون قععد اختلفوا فععي ذلك .ولول خوفنععا إطالة الكلم فيمععا ليععس مععن جنععس
الكتاب لتقصيناه.
وباب البيعن وضده تصعاقب الديار ،وليعس التصعاقب معن معانعي الحعب التعي نتكلم
فيها .وباب السلو وضده الحب بعينه ،إذ معنى السلو ارتفاع الحب وعدمه ومنها
بابان ختمنعا بهمعا الرسعالة ،وهمعا :باب الكلم فعي قبعح المعصعية ،وباب فعي فضعل
التعفعف .ليكون خاتمعة إيرادنعا وآخعر كلمنعا الحعض على طاععة ال ععز وجعل،
والمعععر بالمعروف والنهعععي ععععن المنكعععر ،فذلك مفترض على كعععل مؤمعععن.
لكنعا خالفنعا فعي نسعق بععض هذه البواب هذه الرتبعة المقسعمة فعي درج هذا الباب
الذي هعو أول أبواب الرسعالة ،فجعلناهعا على مباديهعا إلى منتهاهعا واسعتحقاقها فعي
التقدم والدرجات والوجود ،ومععن أول مراتبهععا إلى آخرهععا ،وجعلنععا الضععد إلى
وهيئتها في اليراد أولها هذا الباب الذي نحن فيه صدر الرسالة وتقسيم البواب
والكلم فععي باب ماهيععة الحععب ،ثععم باب علمات الحععب ،ثععم باب مععن أحععب
بالوصععف ،ثععم باب مععن أحععب مععن نظرة واحدة ،ثععم باب مععن ل يحععب إل مععع
المطاولة ،ثعم باب معن أحعب صعفة لم يحعب بعدهعا غيرهعا ممعا يخالفهعا ،ثعم باب
التعريعض بالقول ،ثعم باب الشارة بالعيعن ،ثعم باب المراسعلة ،ثعم باب السعفير ،ثعم
باب طي السر ،ثم باب إذاعته ،ثم باب الطاعة ،ثم باب المخالفة ،ثم باب العاذل،
ثعم باب المسعاعد معن الخوان؛ ثعم باب الرقيعب ،ثعم باب الوشعي ،ثعم باب الوصعل،
ثعم باب الهجعر ،ثعم باب الوفاء ،ثعم باب الغدر ،ثعم باب البيعن ،ثعم باب القنوع ،ثعم
باب الضنععى ،ثععم باب السععلو ثععم باب الموت؛ ثععم باب قبععح المعصععية؛ ثععم باب
التعفف.
الحعععب -أعزك ال -أوله هزل وآخره جعععد .دقعععت معانيعععه لجللتهعععا ععععن أن
توصعف ،فل تدرك حقيقتهعا إل بالمعاناة .وليعس بمنكعر فعي الديانعة ول بمحظور
في الشريعة ،إذ القلوب بيد ال عز وجل وقد أحب من الخلفاء المهدبين والئمة
الراشديعن كثيعر ،منهعم بأندلسعنا عبعد الرحمعن بعن معاويعة الدعجاء ،والحكعم بعن
هشام ،وعبععد الرحمععن بععن الحكععم وشغفععه بطروب أم عبععد ال ابنععة أشهععر مععن
الشمععس ،ومحمععد بععن عبععد الرحمععن وأمره مععع غَزلن أم بنيععه عثمان والقاسععم
والمُطرف معلوم ،والحاكم المستنصر وافتتانه بصبح أم هاشم المؤيد بال رضي
ال عنه وعن جميعهم وامتناعه عن التعرض للولد من غيرها .ومثل هذا كثير،
ولول أن حقوقهم على المسلمين واجبة -وإنما يجب أن نذكر من أخبارهم ما فيه
الحزم وإحياء الديعن وإنمعا هعو شيعء كانوا ينفردون بعه فعي قصعورهم معع عيالهعم
فل ينبغعي الخبار بعه عنهعم -لوردت معن أخبارهعم فعي هذا الشأن غيعر قليعل.
وأما كبار رجالهم ودعائم دولتهم فأكثر من أن يحصوا ،وأحدث ذلك ما شاهدناه
بالمعس معن كلف المظفعر بعن عبعد الملك بعن أبعي عامعر بواحعد ،بنعت رجعل معن
الجبائين حتى حمله حبها أن يتزوجها ،وهي التي خلف عليها بعد فناه العامر بن
الوزيععر عبععد ال بععن مسععلمة ،ثععم تزوجهععا بعععد قتله رجععل مععن رؤسععاء البربر.
وممعا يشبعه هذا أن أبعا العيعش بعن ميمون القرشعي الحسعيني أخعبرني أن نزار بعن
مععد صعاحب مصعر لم يعر ابنعه منصعور بعن نزار ،الذي ولى الملك بعده وادععى
اللهيععة إل بعععد مدة مععن مولده ،مسععاعدة لجاريععة كان يحبهععا حبًا شديداً ،هذا ولم
ومعن الصعالحين والفقهاء فعي الدهور الماضيعة والزمان القديمعة معن قعد اسعتغنى
بأشعارهم عن ذكرهم :وقد ورد من خبر عبيد ال عتبة بن مسعود وشعره ما فيه
الكفايعة .وهعو أحعد فقهاء المدينعة السعبعة وقعد جاء معن فتيعا ابعن عباس رضعي ال
عنععه مال يحتاج معععه إلى غيره حيععن يقول :هذا قتيععل الهوى ل عقععل ول قود.
وقعد اختلف الناس فعي ماهيتعه وقالوا وأطالوا ،والذي أذهعب إليعه أنعه اتصعال بيعن
أجزاء النفوس المقسعومة فعي هذه الخليقعة فعي أصعل عنصعرها الرفيعع ،ل على معا
حكاه محمد بن داود رحمه ال عن بعض أهل الفلسفة .الرواح أكر مقسومة لكن
على سبيل مناسبة قواها في مقر عالمها العلوي ومجاورتها في هيئة تركيبها وقد
علمنععا أن سععر التمازج والتبايععن فععي المخلوقات إنمععا هععو التصععال والنفصععال
والشكعل دأباً يسعتدعى شكله ،والمثعل إلى مثله سعاكن ،وللمجانسعة عمعل محسعوس
وتأثيعر مشاهعد ،والتنافعر فعي الضداد والموافقعة فعي النداد ،والنزاع فيمعا تشابعه
موجود فيمععا بيننععا فكيععف بالنفععس وعالمهععا العالم الصععافي الخفيععف وجوهرهععا
فيسعكن إليهعا ،وال ععز وجعل يقول( :هعو الذي خلقكعم معن نفعس واحدة وخلق منهعا
زوجهعا ليسعكن إليهعا) ،فجععل علة السعكون أنهعا منعه .ولو كان علة الحعب حسعن
الصعورة الجسعدية لوجعب أل يسعتحسن النقعص معن الصعورة .ونحعن نجعد كثيرا
ممعن يؤثعر الدنعى ويعلم فضعل غيره ول يجعد محيداً لقلبعه عنعه .ولو كان للموافقعة
فعي الخلق لما أحعب المرء معن ل يساعده ول يوافقعه .فعلمنعا أنعه شيعء فعي ذات
النفس وربما كانت المحبة لسبب من السباب ،وتلك تفنى بفناء سببها .فمن ودك
تناهى فلم ينقص بشيء ولم يزد ودادي لك الباقي على حسب كونه
ول سبب حاشاه يعلـمـه أحـد وليست لـه غـير الرادة عـلة
فذاك وجود ليس يفنى على البد إذا ما وجدنا الشيء علة نفـسـه
فإعدامه في عدمنا ما لـه وجـد وإما وجدناه لـشـيء خـلفـه
وممعا يؤكعد هذا القول أننعا علمنعا أن المحبعة ضروب .فأفضلهعا محبعة المتحابيعن
في ال عزوجل؛ إما لجتهاد في العمل ،وإما لتفاق في أصل النحلة والمذهب،
وإمعا لفضعل علم يمنحعه النسعان ومحبعة القرابعة ،ومحبعة اللفعة والشتراك فعي
المطالب ،ومحبععة التصععاحب والمعرفععة ومحبععة البر يضعععه المرء عنععد أخيععه،
ومحبعة الطمعع فعي جاه المحبوب ،ومحبعة المتحابيعن لسعر يجتمعان عليعه يلزمهمعا
سعتره ،ومحبعة بلوغ للذة وقضاء الوطعر ،ومحبعة العشعق التعي ل علة لهعا إل معا
ذكرنعا معن اتصعال النفوس ،فكعل هذه الجناس منقضيعة معع انقضاء عللهعا وزائدة
بزيادتهعا وناقصعة بنقصعانها ،متأكدة بدنوهعا فاترة ببعدهعا .حاشعى محبعة العشعق
وإنعك لتجعد النسعان السعالي برغمعه .وذا السعن المتناهيعة ،إذا ذكرتعه تذكعر وارتاح
ول يعرض فععي شيععء مععن هذه الجناس المذكورة ،مععن شغععل البال والخبععل
والزفيعر وسعائر دلئل الشجعا معا يعرض فعي العشعق ،فصعح بذاك أنعه اسعتحسان
روحانعي وامتزاج نفسعاني .فإن قال قائل :لو كان هذا كذلك لكانعت المحبعة بينهمعا
مسعتوية ،إذ الجزآن مشتركان فعي التصعال وحظهمعا واحعد فالجواب ععن ذلك أن
نقول :هذه لعمري معارضة صحيحة ،ولكن نفس الذي ل يحب من يحبه مكتنفة
الجهات ببععض العراض السعاترة والحجعب المحيطعة بهعا معن الطبائع الرضيعة
فلم تحععس بالجزء الذي كان متصعلً بهععا قبععل حلولهععا حيععث هععي ،ولو تخلصععت
لسعتويا فععي التصعال والمحبعة .ونفعس المحعب متخلصعة عالمعة بمكان معا كان
يشركها في المجاورة ،طالبة له قاصدة إليه باحثة عنه مشتهية لملقاته ،جاذبة له
لو أمكنهععا كالمغنطيععس والحديععد ،فقوة جوهععر المغنطيععس المتصععلة بقوة جوهععر
الحديعد لم تبلغ معن تحكمهعا ول معن تصعفيتها أن تقصعد إلى الحديعد على أنعه معن
شكلها وعنصرها ،كما أن قوة الحديد لشدتها قصدت إلى شكلها وانجذبت نحوه،
إذ الحركعة أبداً إنمعا تكون معن القوى ،وقوة الحديعد متروكعة الذات غيعر ممنوععة
بحابععس ،تطلب مععا يشبههععا وتنقطععع إليععه وتنهععض نحوه بالطبععع والضرورة
وبالختيار والتعمد .وأنت متى أمسكت الحديد بيدك لم ينجذب إذ لم يبلغ من قوته
أيضاً مغالبعة الممسعك له ممعا هعو أقوى منعه .ومتعى كثرت أجزاء الحديعد اشتغعل
بعضها ببعض واكتفت بأشكالها عن طلب اليسير من قواها النازحة عنها ،فمتى
عظععم جرم المغناطيععس ووازت قواه جميععع قوى جرم الحديععد عادت إلى طبعهععا
المعهود .وكالنار فعي الحجعر ل تعبرز على قوة الحجعر فعي التصعال والسعتدعاء
ومعن الدليعل على هذا أيضاً أنعك ل تجعد اثنيعن يتحابان إل وبينهمعا مشاكلة واتفاق
الصعفات الطبيعيعة ل بعد معن هذا وإن قعل ،وكلمعا كثرت الشباه زادت المجانسعة
وتأكدت المودة فانظععر هذا تراه عياناً ،وقول رسععول ال صععلى ال عليععه وسععلم
يؤكده( :الرواح جنود مجندة مععا تعارف منهععا ائتلف ومععا تناكععر منهععا اختلف)،
وقول مروى عععن أحععد الصععالحين :أرواح المؤمنيععن تتعارف .ولهذا مععا اغتععم
أبقراط حيعن وصعف له رجعل من أهعل النقصعان يحبعه ،فقيعل له فعي ذلك ،فقال :ما
وذكععر أفلطون أن بعععض الملوك سععجنه ظلماً ،فلم يزل يحتععج عععن نفسععه حتععى
اظهععر براءتععه ،وعلم الملك أنععه له ظالم ،فقال له وزيره الذي كان يتولى إيصععال
كلمعه إليعه :أيهعا الملك ،قعد اسعتبان لك أنعه بريعء فمالك وله؟ فقال الملك :لعمري
مالي إليعه سعبيل ،غيعر أنعي أجعد لنفسعي اسعتثقالً ل أدري معا هعو .فأدى ذلك إلى
أفلطون .قال :فاحتجعت أن أفتعش فعي نفسعي وأخلقعي أجعد شيئاً أقابعل بعه نفسعه
وأخلقهمععا ممععا يشبههععا ،فنظرت فععي أخلقععه فإذا هععو محععب للعدل كاره للظلم،
فميزت هذا الطبععع فععي ،فمععا هععو إل أن حركتععه هذه الموافقععة وقابلت نفسععه بهذا
الطبع الذي بنفسي فأمر بإطلقي وقال لوزيره :قد انحل كل ما أجد في نفسي له.
وأمعا العلة التعي توقعع الحعب أبدًا فعي أكثعر المعر على الصعورة الحسعنة ،فالظاهعر
أن النفعس حسعنة وتولع بكعل شيعء حسعن وتميعل إلى التصعاوير المنقنعة ،فهعي إذا
رأت بعضهعا تثبتعت فيعه ،فإن ميزت وراءهعا شيئاً معن أشكالهعا اتصعلت وصعحت
المحبة الحقيقية ،وإن لم تميز وراءها شيئاً من أشكالها لم يتجاوز حبها الصورة،
وذلك هو الشهوة.
وإن للصعور لتوصعيل عجيباً بيعن أجزاء النفوس النائيعة .وقرأت فعي السعفر الول
معن التوراة أن النعبي يعقوب عليعه السعلم أيام رعيعه غنماً لبعن خاله مهراً ل بنتعه
شارطعه على المشاركعة فعي إنسعالها ،فكعل بهيعم ليعقوب وكعل أغعر للبان ،فكان
يعقوب عليه السلم يعمد إلى قضبان الشجر يسلخ نصفاً ويترك نصفاً بحاله ،ثم
يلقعى الجميعع فعي الماء الذي ترده الغنعم ،ويتعمعد إرسعال الطروقعة فعي ذلك الوقعت
وذكر عن بعض القافة أنه أتى بابن أسود لبيضين ،فنظر إلى أعلمه فرآه لهما
غير شك .فرغب أن يوقف على الموضع الذي اجتمعا عليه .فأدخل البيت الذي
كان فيععه مضجعهمععا ،فرأى فيمععا يوازي نظععر المرأة صععورة أسععود فععي الحائط،
وكثيراً مععا يصععرف شعراء أهععل الكلم هذا المعنععى فععي أشعارهععم ،فيخاطبون
المرئي فعي الظاهعر خطاب المعقول الباطعن ،وهعو المسعتفيض فعي شععر النظام
أبن لي فقد أزرى بتميزي العـي أمن عالم الملك أنت أم أنـسـى
إذا أعمل التفكير فالجرم علـوي أرى هـيئة إنـسـية غـير أنـه
على أنك النور النيق الطبيعـي تبارك منسوى مذاهب خـلـقـه
إلينا مثال في النفوس اتصـالـي ول شك عندي أنك الروح ساقـه
نقيس عليه غـير أنـك مـرئي عد منا دليلً في حدوثك شـاهـدا
سوى أنك العقل الرفيع الحقيقـي ولول وقوع العين في الكون لم نقل
ويسعتثقل بعضهعا بعضاً بل سععبب .والحعب أعزك ال داء عياء وفيععه الدواء منععه
على قدر المعاملة ،ومقام مسععتلذ ،وعلة مشهاة ل يود سععليمها البرء ،ول يتمنععى
عليلها الفاقة .يزين المرء ما كان يأنف منه ،ويسهل عليه ما كان يصعب عنده
حتعى يحيعل الطبائع المركبعة والجبلة المخلوقعة .وسعيأتي كعل ذلك ملخصعًا فعي بابعه
خبر :ولقد علمت فتى من بعض معار في قد وحل من الحب وتورط في حبائله،
وأضربعه الوجعد ،وأنضحعه الدنعف ،ومعا كانعت نفسعه تطيعب بالدعاء إلى ال ععز
وجعل فعي كشعف معا بعه ول ينطعق بعه لسعانه ،وما كان دعاؤه إل بالوصعل والتمكعن
ممعن يحعب ،على عظيعم بلئه وطويعل همعه ،فمعا الظعن بسعقيم ل يريعد فقعد سعقمه
ولقد جالسته يوماً فرأيت من إكبابه وسعوء حاله وإطراقه معا سعاءني فقلت له فعي
بععض قولي :فرج ال عنعك فلقعد رأيعت أثعر الكراهيعة فعي وجهعه .وفعي مثله أقول
خبر :وهذه الصفات مخالفة لما أخبرني به عن نفسه أبو بكر محمد بن قاسم بن
محمعد القرشعي .المعروف بالشلشعي ،معن ولد المام هشام بعن عبعد الرحمعن بعن
معاويععة أنععه لم يحععب أحداً قععط ،ول أسععف على إلف بان منععه ،ول تجاوز حععد
الباب الثاني
علمات الحب
وللحععب علمات يقفوهععا الفطععن ،ويهتدي إليهععا الذكععي .فأولهععا إدمان النظععر،
والعيعن باب النفعس الشارع ،وهعي المنقبعة ععن سعرائرها ،والمععبرة لضمائرهعا
والمعربعة ععن بواطنهعا .فترى الناظعر ل يطرف ،يتنقعل بتنقعل المحبوب وينزوي
بانزوائه ،ويميل حيث مال كالحرباء مع الشمس .وفي ذلك أقول شعراً ،منه:
ومنهعا القبال بالحديعث .فمعا يكاد يقبعل على سعوى محبوبعه ولو تعمعد ذلك ،وإن
التكلف ليسعتبين لمعن يرمقعه فيعه ،والنصعات لحديثعه إذا حدّث ،واسعتغراب كعل معا
يأتي به ولو أنه عين المحال وخرق العادات ،وتصديقه وإن كذب ،وموافقته وإن
ظلم ،والشهادة له وإن جار ،واتباععععه كيعععف سعععلك وأي وجعععه معععن وجوه القول
تناول.
ومنها السعراع بالسعير نحعو المكان الذي يكون فيعه ،والتعمعد للقعود بقربعه والدنعو
منعه ،واطراح الشغال الموجبعة للزوال عنعه ،والسعتهانة بكعل خطعب جليعل داع
إلى مفارقته ،والتباطؤ في الشيء عند القيام عنه .وفي ذلك أقول شعراً
مشي عان يقاد في نحو الفناء وإذا قمت عنك لم أمـش إل
ر إذا كان قاطعا للسمـاء في مجيئي إليك أحتّث كالبد
لية الثابتات في البـطـاء وقيامي إن قمت كالنجم العا
ومنهعا بهعت يقعع وروععة تبدو على المحعب عنعد رؤيعة معن يحعب فجأة وطلوععه
بغتعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععه.
ومنهعا اضطراب يبدو على المحعب عنعد رؤيعة معن يشبعه محبوبعه أو عنعد سعماع
ومنهعا أن يجود المرء ببذل كعل معا كان يقدر عليعه ممعا كان ممتنعاً بعه قبعل ذلك،
كأنعه هعو الموهوب له والمسععي فعي حظعه ،كعل ذلك ليبدي محاسعنه ويرغعب فعي
نفسععه .فكععم بخيععل جاد ،وقطوب تطلق ،وجبان تشجععع ،وغليععظ الطبععع تطرب،
وجاهل تأدب ،وتفل تزين ،وفقير تجمل .وذي سن تفتى ،وناسك تفتك ،ومصون
تبذل.
وهذه العلمات تكون قبعععل اسعععتعار نار الحعععب وتأجعععج حريقعععه وتوقعععد شعله
واسعععتطارة لهبعععه .فأمعععا إذا تمكعععن وأخعععذ مأخذه فحينئذ ترى الحديعععث سعععراراً،
والعراض ععن كعل معا حضعر إل ععن المحبوب جهاراً .ولي أبيات جمععت فيهعا
فيه ويعبق لي عن عنـبـر أرج أهوى الحديث إذا ما كان يذكر لي
إلى سوى لفظة المستطرف الغنج إن قال لم أستمع ممن يجالسـنـي
ما كنت من أجله عنه بمنـعـرج ولو يكون أمير المؤمنـين مـعـي
أزال ملتفتا والمشي مشي وجـي فإن أقم عنه مضطـرا فـإنـي ل
مثل ارتقاب الغريق البر في اللجج عيناي فيه وجسمي عنه مرتـحـل
كمن تثاءب وسط النقع والوهـج إغص بالماء إن أذكر تـبـاعـده
نعم وإني لدري موضع الـدرج وإن تقل ممكن قصد السماء أقـل
والتضايععق فععي المكان الواسععع ،والمجاذبععة على الشيععء يأخذه أحدهمععا ،وكثرة
الغمز الخفي ،والميل بالتكاء ،والتعمد لمس اليد عند المحادثة ،ولمس ما أمكن
معععن العضاء الظاهرة .وشرب فضلة معععا أبقعععى المحبوب فعععي الناء ،وتحري
ومنهعا علمات متضادة ،وهعي على قدر الدواععي والعوارض الباعثعة والسعباب
المحركعة والخواطعر المهيجعة ،والضداد أنداد ،والشياء إذا أفرطعت فعي غايات
فيهعا الوهام ،فهذا الثلج إذا أدمعن حبسعه فعي اليعد فَععل فِععل النار ،ونجعد الفرح إذا
أفرط قتل ،والغم إذا أفرط قتل ،والضحك إذا كثر واشتد أسال الدمع من العينين.
وهذا فعي العالم كثيعر ،فنجعد المحعبين إذا تكافيعا فعي المحبعة وتأكدت بينهمعا تأكداً
شديداً أكثععر بهمععا جدهمععا بغيععر معنععى ،وتضادهمععا فععي القول تعمداً ،وخروج
بعضهمعا على بععض فعي كعل يسعير معن المور ،وتتبعع كعل منهمعا لفظعة تقعع معن
صاحبه وتأولها على غير معناها ،كل هذه تجربة ليبدو ما يعتقده كل واحد منهما
في صاحبه .والفرق بين هذا وبين حقيقة الهجرة والمضادة المتولدة عن الشحناء
ومخارجعة التشاجعر سعرعة الرضعى ،فإنعك بينمعا ترى المحعبين قعد بلغعا الغايعة معن
الختلف الذي ل يقدر يصعلح عنعد السعاكن النفعس السعالم معن الحقاد فعي الزمعن
الطويععل ول ينجععبر عنععد الحقود أبداً ،فل تلبععث أن تراهمععا قععد عادا إلى أجمععل
الصعحبة ،وأهدرت المعاتبعة ،وسعقط الخلف وانصعرفا فعي ذلك الحيعن بعينعه إلى
المضاحكعة والمداعبعة ،هكذا فعي الوقعت الواحعد مراراً .وإذا رأيعت هذا معن اثنيعن
دفينعا ،واقطعع فيعه قطعع معن ل يصعرفه عنعه صعارف .ودونكهعا تجربعة صعحيحة
وخععبرة صععادقة .هذا ل يكون إل عععن تكلف فععي المودة وائتلف صععحيح ،وقععد
رأيته كثيراً.
ومن علماته أنك تجد المحب يستدعي سماع اسم من يحب ،ويستلذ الكلم في
أخباره ويجعلها هجيراه ،ول يرتاح لشيء ارتياحه لها ول ينهه عن ذلك تخوف
أن يفطعن السعامع ويفهعم الحاضعر ،وحبعك الشيعء يعمعي ويصعم .فلو أمكعن المحعب
أل يكون حديععث فععي مكان يكون فيععه إل ذكععر مععن يحبععه لمععا تعداه .ويعرض
للصادق المودة أن يبتدئ في الطعام وهو له مشته فما هو إل وقت ،ما تهتاج له
معن ذكعر معن يحعب صعار الطعام غصعة فعي الحلق وشجعى فعي المرء .وهكذا فعي
الماء وفععي الحديععث فإنععه يفاتحكعه متبهجاً فتعرض له خطرة معن خطرات الفكععر
فيمعن يحعب فتسعتبين الحوالة فعي منطقعه والتقصعير فعي حديثعه ،وآيعة ذلك الوجوم
والطراق وشدة النفلق ،فبينمعا هعو طلق الوجعه خفيعف الحركات صعار منطبقاً
متثاقلً حائر النفعس جامعد الحركعة يعبرم معن الكلمعة ويضجعر معن السعؤال ومعن
علماتععه حععب الوحدة والنععس بالنفراد ،ونحول الجسععم دون حععد يكون فيععه ول
وجع مانع من التقلب والحركة والمشي .دليل ل يكذب ومخبر ل يخون عن كلمة
والسعهر معن أعراض المحعبين ،وقعد أكثعر الشعراء فعي وصعفه وحكوا أنهعم رعاة
الكواكعب وواصعفو طول الليعل .وفعي ذلك أقول وأذكعر كتمان السعر وأنعه يتوسعم
بالعلمات:
بيت واحد .وهو البيت الذي أوله فكأنها والليل وهذا مستغرب في الشعر .ولي ما
هعو أكمعل منعه ،وهعو تشعبيه أشياء فعي بيعت واحعد ،وتشعبيه أربععة أشياء فعي بيعت
بخمر التجني مـا يزال يعـربـد مشوق معنى مـا ينـام مـسـهـد
يمر ويستحلـي ويدنـي ويبـعـد ففي ساعة يبدي إلـيك عـجـائبـا
قران وأنداد ونـحـس وأسـعـد كأن النوى والعتب والهجر والرضى
وأصبحت محسودا وقد كنت أحسد رئى لغرامي بعد طـول تـمـنـع
سقته الغوادي فهو يثني ويحـمـد نعمنا على نور من الروض زاهـر
دمـوع وأجـفـان وخـد مـورد كأن الحيا والمزن والروض عاطرا
ول ينكعر على منكعر قولي قران فأهعل المعرفعة بالكواكعب يسعمون التقاء كوكعبين
لي أيضاً معا هعو أتعم معن هذا ،وهعو تشعبيه خمسعة أشياء فعي بيعت واحعد فعي هذه
القطعة ،هي:
ويعرض للمحعبين القلق عنعد أحعد أمريعن :أحدهمعا عنعد رجائه ملقاة معن يحعب
وذاهباً ل يقربه القرار ول يثبت في مكان واحد ،مقبلً مدبراً قد استخفه السرور
لقاءك يا سؤلي ويا غاية المل أقمت إلى أن جاءني الليل راجيا
ليأس يوما إن بدا الليل يتصل فأيأسني الظلم عنك ولم أكـن
بأمثاله في مشكل المر يستدل وعندي دليل ليس يكذب خبـره
ظلم ودام النور فينا ولم يزل لنك لو رمت الزيارة لم يكـن
والثانععي عنععد حادث يحدث بينهمععا مععن عتاب ل تدري حقيقتععه إل بالوصععف.
فعنععد ذلك يشتععد القلق حتععى توقععف على الجليلة ،فإمععا أن يذهععب تحمله إن رجععا
ويعرض للمحعب السعتكانة لجفاء المحبوب عليعه .وسعيأتي مفسعراً فعي بابعه إنشاء
ال تعالى.
ومعن أعراضعه الجزع الشديعد والحمرة المقطععة تغلب عنعد معا يرى معن إعراض
محبوبه عنه ونفاره منه ،وآية ذلك الزفير وقلة الحركة والتأوه وتنفس الصعداء.
ومعن علماتععه أنععك ترى المحععب يحعب آهععل محبوبععه وقرابتععه وخاصععته حتععى
الشؤون تجيبعه عينعه وتحضره ععبرته إذا شاء ،ومنهعم جمود العيعن عديعم الدمعع،
وأنا منهم .وكان الصل في ذلك إدماني أكل الكندر لخفقان القلب ،وكان عرض
لي في الصبا ،فإني لصاب بالمصيبة الفادحة فأجد قلبي يتفطر ويتقطع وأحس
في قلبي غضة أمر من العلقم تحول بيني وبين توفية الكلم حق مخارجه ،وتكاد
تشوقنعي النفعس أحياناً ول تجيعب عينعي البتعة إل فعي الندرة بالشيعء اليسعير معن
الدمععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععع.
خعبر :ولقعد أذكرنعي هذا الفصعل يومعا :ودععت أنعا وأبعو بكعر محمعد بعن إسعحاق
صاحبي أبا عامر محمد بن عامر صديقنا رحمه ال في سفرته إلى المشرق التي
لم نره بعدها ،فجعل أبو بكر يبكي عند وداعه وينشد متمثلً بهذا البيت:
وهعو فعي رثاء يزيعد بعن عمعر بعن هعبيرة رحمعه ال .ونحعن وقوف على سعاحل
البحر بمالقة ،وجعلت أنا أكثر التفجع والسف ول تساعدني عيني ،فقلت مجيباً
لبي بكر:
ويعرض في الحب سوء الظن واتهام كل كلمة من أحدهما وتوجيهها إلى غير
وجههعا ،وهذا أصعل العتاب بيعن المحعبين .وإنعي لعلم معن كان أحسعن الناس ظناً
وأوسععهم نفسعاً وأكثرهعم صعبراً وأشدهعم احتمال وأرحبهعم صعدراً ،ثعم ل يحتمعل
ممعن يحعب شيئاً ول يقعع له مععه أيسعر مخالفعة حتعى يبدي معن التعديعد فنوناً ومعن
وترى المحععب ،إذا لم يثععق بنقاء طويععة محبوبععه له ،كثيععر التحفععظ ممععا لم يكععن
يتحفعظ منعه قبعل ذلك ،مثقفاً لكلمعه ،مزيناً لحركاتعه ومرامعي طرفعه ،ول سعيما إن
ومن آياته مراعاة المحب لمحبوبه ،وحفظه لكل ما يقع منه ،وبحثه عن أخباره
حتعى ل تسعقط عنعه دقيقعة ول جليلة ،وتتبععه لحركاتعه .ولعمري لقعد ترى البليعد
خععبر :ولقععد كنععت يوماً بالمريععة قاعداً فععي دكان إسععماعيل بععن يونععس الطععبيب
السرائيلي ،وكان بصيراً بالفراسة محسناً لها ،وكنا في لمة ،فقال له مجاهد بن
الحصين القيسي :ما تقول في هذا؟ وأشار إلى رجل منتبذ عنا ناحية اسمه حاتم
ويكنععى أبععا البقاء ،فنظععر إليععه سععاعة يسععيرة ثععم قال :هععو رجععل عاشععق فقال له:
صعدقت ،فمعن أيعن قلت هذا؟ قال :لبهعت مفرط ظاهعر على وجهعه فقعط دون سعائر
ول بعد لكعل حعب معن سعبب يكون له أصعلً ،وأنعا مبتدئ بأبععد معا يمكعن أن يكون
مععن أسععبابه ليجري الكلم على نسععق ،أو أن يبتدأ أبداً بالسععهل والهون .فمععن
خععبر :وذلك أنععي دخلت يوماً على أبععي السععري عمار بععن زياد صععاحبنا مولى
المؤيعد فوجدتعه مفكراً مهتمًا فسعألته عمعا بعه ،فتمنعع سعاعة ثعم قال :لي أعجوبعة معا
سعُمعت قعط ،قلت :ومعا ذاك؟ قال :رأيعت فعي نومعي الليلة جاريعة فاسعتيقظت وقعد
ذهب قلبي فيها وهمت بها وإني لفي أصعب حال من حبها ،ولقد بقي أياماً كثيرة
تزيد على الشهر مغموماً مهموماً ل يهنئه شيء وجداً ،إلى أن لمته وقلت له :من
الخطعأ العظيعم أن تشغعل نفسعك بغيعر حقيقعة ،وتعلق وهمعك بمعدوم ل يوجعد ،هعل
تعلم معن هعي؟ قال :ل وال ،قلت :إنعك لقليعل الرأي مصعاب البصعيرة إذ تحعب معن
لم تره قط ول خلق ول هو في الدنيا ،ولو عشقت صورة من صور الحمام لكنت
وهذا عندي معن حيعث النفعس وأضغاثهعا ،وداخعل فعي باب التمنعي وتخيعل الفكعر.
أطلعة الشمس كانت أم هي القمـر يا ليت شعري من كانت وكيف سرت
أو صورة الروح أبدتها لي الفكـر أظنة الـعـقـل أبـداه تـتـدبـره
فقد تخيل في إدراكهـا الـبـصـر أو صورة مثلت في النفس من أملي
أو لم يكن كل هـذا فـهـي حـادثة أتى بها سببا في حتـفـي الـقـدر
الباب الرابع
ومعن غريعب أصعول العشعق أن تقعع المحبعة بالوصعف دون المعاينعة ،وهذا أمعر
يترقعى منعه إلى جميعع الحعب ،فتكون المراسعلة والمكاتبعة والهعم والوجعد والسعهر
على غيعر البصعار ،فإن للحكايات ونععت المحاسعن ووصعف الخبار تأثيرًا فعي
النفععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععس ظاهراً.
وأن تسمع نغمتها من وراء جدار ،فيكون سبباً للحب واشتغال البال .وهذا كله قد
وقعع لغيعر معا واحعد ،ولكنعه عندي بنيان هار على غيعر أس ،وذلك أن الذي أفرغ
ذهنعه فعي هوى معن لم يعر ل بعد له إذ يخلو بفكره أن يمثعل لنفسعه صعورة يتوهمهعا
وعيناً يقيمها نصب ضميره ،ل يتمثل في هاجسه غيرها ،قد مال بوهمه نحوها،
فإن وقعت المعاينة يوماً ما فحينئذ يتأكد المر أو يبطل بالكلية ،وكل الوجهين قد
عرض وعرف ،وأكثععر مععا يقععع هذا فععي ربات القصععور المحجوبات مععن أهععل
البيوتات معع أقاربهعن معن الرجال ،وحعب النسعاء فعي هذا أثبعت معن حعب الرجال
لضعفهعن وسعرعة إجابعة طبائعهعن إلى هذا الشأن ،وتمكنعه منهعن .وفعي ذلك أقول
شعراً ،منه:
وأقول شعراً في استحسان النغمة دون وقوع العين على العيان منه:
خبر :إنه كان بيني وبين رجل من الشراف ود وكيد وخطاب كثير ،وما تراءينا
قعط .ثعم منعح ال لي لقاءه ،فمعا مرت إل أيام قلئل حتعى وقععت لنعا منافرة عظيمعة
ووقعع لي ضعد هذا معع أبعي عامعر بعن أبعي عامعر رحمعة ال عليعه ،فإنعي كنعت له
على كراهة صحيحة وهو لي كذلك ،ولم يرني ول رأيته ،وكان أصل ذلك تنقيلً
يحمل إليه عني وإلي عنه ،ويؤكده انحراف بين أبوينا لتنافسهما فيما كانا فيه من
صعحبة السعلطان ووجاهعة الدنيعا ،ثعم وفعق ال الجتماع بعه فصعار لي أود الناس
وصرت له كذلك ،إلى أن حال الموت بيننا .وفي ذلك أقول قطعة؛ منها:
وأمعا أبعو شاكعر عبعد الرحمعن بعن محمعد القعبري فكان لي صعديقاً مدة على غيعر
الباب الخامس
وكثيراً مععا يكون لصععوق الحععب بالقلب مععن نظرة واحدة .وهععو ينقسععم قسععمين،
فالقسم الواحد مخالف للذي قبل هذا ،وهو أن يعشق المرء صورة ل يعلم من هي
ول يدري لهععععععا اسععععععما ول مسععععععتقراً ،وقععععععد عرض هذا لغيععععععر واحععععععد.
خبر :حدثني صاحبنا أبا بكر محمد بن أحمد بن إسحاق عن ثقة أخبره سقط عني
اسععمه ،وأظنععه القاضععي ابععن الحذاء ،أن يوسععف بععن هارون الشاعععر المعروف
بالرمادي كان مجتازاً عنععد باب العطاريعن بقرطبععة ،وهذا الموضعع كان مجتمععع
النسعاء ،فرأى جاريعة أخذت بمجامعع قلبعه وتخلل حبهعا جميعع أعضائه ،فانصعرف
عععن طريععق الجامععع وجعععل يتبعهععا وهععي ناهضععة نحععو القنطرة ،فجازتهععا إلى
الموضعع المعروف بالربعض .فلمعا صعارت بيعن رياض بنعي مروان رحمهعم ال
المبنية على قبورهم في مقبرة الربض خلف النهر نظرت منه منفرداً عن الناس
ل همعة له غيرهعا فانصعرفت إليعه فقالت له :مالك تمشعي ورائي؟ فأخبرهعا بعظيعم
بليته بها .فقالت له :دع عنك هذا ول تطلب فضيحتي فل مطمع لك في النية ول
إلى معا ترغبعه سعبيل فقال :إنعي أقنعع بالنظعر .فقالت :ذلك مباح لك .فقال لهعا :يعا
سعيدتي :أحرة أم مملوكعة؟ قالت :مملوكعة .فقال لهعا :معا اسعمك؟ قالت :خلوة .قال:
ولمعن أنعت؟ فقالت له :علمعك وال بمعا فعي السعماء السعابعة أقرب إليعك ممعا سعألت
عنعه ،فدع المحال .فقال لهعا :يعا سعيدتي ،وأيعن أراك بععد هذا؟ قالت :حيعث رأيتنعي
اليوم فعي مثعل تلك السعاعة معن كعل جمععة .فقالت له :إمعا أن تنهعض أنعت وإمعا أن
أنهععض أنععا فقال لهععا :انهضععي فععي حفععظ ال .فنهضععت نحععو القنطرة ولم يمكنععه
أتباعها لنها كانت تلتفعت نحوه لترى أيسايرها أم ل .فلمعا تجاوزت باب القنطرة
قال أبععو عمرو ،وهععو يوسععف بععن هارون :فوال لقععد لزمععت باب العطاريععن
والربععض مععن ذلك الوقععت إلى الن فمععا وقعععت لهععا على خععبر ول أدري أسععماء
لحسعتها أم أرض بلعتهعا ،وإن فعي قلبعي منهعا لحعر معن الجمعر .وهعي خلوة التعي
ثعم وقععع بععد ذلك على خبرهععا بعععد رحيله فععي سععببها إلى سععر قسعطة فععي قصععة
والقسم الثاني مخالف للباب الذي يأتي بعد هذا الباب إن شاء ال ،وهو أن يعلق
المرء معن نظرة واحدة جاريعة معروفعة السعم والمكان والمنشعأ ،ولكعن التفاضعل
يقع في هذا في سرعة الفناء وإبطائه ،فمن أحب من نظرة واحدة وأسرع العلقة
مععن لمحععة خاطرة فهععو دليععل على قلة البصععر ،ومخععبر بسععرعة السععلو ،وشاهععد
الظرافعة والملل .وهكذا فعي جميعع الشياء أسعرعها نمواً أسعرعها فناء .وأبطؤهعا
خبر :إني لعلم فتى من أبناء الكتاب ورأته امرأة سرية النشأة ،عالية المنصب،
غليظععة الحجاب ،وهععو مجتاز ،ورأتععه فععي موضععع تطلع منععه كان فععي منزلهععا،
فعلقتعه وعلقهعا وتهاديعا المراسعلة زماناً على أرق معن حعد السعيف ،ولول أنعي لم
أقصد في رسالتي هذه كشف الحيل وذكر المكائد لوردت مما صح عندي أشياء
تحيعر اللبيعب وتدهعش العاقعل،أسعبل ال علينعا سعتره وعلى جميعع المسعلمين بمنعه،
وكفانا.
الباب السادس
ومعن الناس معن ل تصعح محبتعه إل بععد طول المخافتعة وكثيعر المشاهدة وتمادي
النععس ،وهذا الذي يوشععك أن يدوم ويثبععت ول يحيععك فيععه مُر الليالي فمععا دخععل
عسعيراً لم يخرج يسعيراً ،وهذا مذهعبي .وقعد جاء فعي الثعر أن ال ععز وجعل قال
للروح حيععن أمره أن يدخععل جسععد آدم ،وهععو فخار ،فهاب وجزع :ادخععل كرهاً
حدِثناه عن شيوخنا.
واخرج كرهاًُ .
ولقد رأيت من أهل هذه الصفة من إن أحس من نفسه بابتداء هوى أو توجس من
استحسانه ميلً إلى بعض الصور استعمل الهجر وترك اللمام ،لئل يزيد ما يجد
فيخرج المر عن يده ،ويحال بين العير والنزوان .وهذا يدل على لصوق الحب
بأكباد أهل هذه الصفة ،وأنه إذا تمكن منهم لن يرحل أبداً .وفي ذلك أقول قطعة،
منها:
وإني لطيل العجب منكل من يدعي أنه يحب من نظرة واحدة ول أكاد أصدقه
ول أجععل حبعه إل ضرباً معن الشهوة ،وأمعا أن يكون فعي ظنعي متمكناً معن صعميم
الفؤاد نافذًا فعي حجاب القلب فمعا أقدر ذلك ،ومعا لصعق بأحشائي حعب قعط إل معع
الزمعن الطويعل وبععد ملزمعة الشخعص لي دهراً وأخذي مععه فعي كعل جعد وهزل،
وكذلك أنعا فعي السعلو والتوقعي ،فمعا نسعيت وداً لي قعط ،وإن حنينعي إلى كعل عهعد
تقدم لي ليغصعني بالطعام ويشرقنعي بالماء ،وقعد اسعتراح معن لم تكعن هذه صعفته.
وما مللت شيئاً قط بعد معرفتي به ،ول أسرعت إلى النس بشيء قط أول لقائي
له ،وما رغبت في الستبدال الى سبب من أسبابي مذ كنت ،ل أقول في اللف
والخوان وحدهععم ،لكععن فععي كععل مععا يسععتعمل النسععان مععن ملبوس ومركوب
ومطعوم وغير ذلك ،وما انتفعت بعيعش ول فارقني الطراق والنفلق مذ ذقت
طعم فراق الحبة ،وإنه لشجي يعتادني وولوع هم ما ينفك يطرقني ،ولقد نغص
تذكري ما مضى كل عيش أستأنفه ،وإني لقتيل الهموم في عداد الحياء ،ودفين
السعى بيعن أهعل الدنيعا .وال المحمود على كعل حال ل إله إل هعو .وفعي ذلك أقول
شعراً ،منه:
ول وريث حين ارتياد زنادها محبة صدق لم تكن بنت ساعة
بطول امتزاج فاستقر عمادها ولكن على مهل سرت وتولدت
ولم ينأ عنها مكثها وازديادهـا فلم يدن منها عزمها وانتقاضها
تتم سريعا عن قريب معادهـا يؤكد ذا أنا نرى كـل نـشـأة
منيع إلى كل الغروس انقيادها ولكنني أرض عزاز صلـيبة
فليست تبالي أن تجود عهادها فما نفدت منها لديها عروقهـا
ول يظعن ظان ول يتوهعم متوهعم أن كعل هذا مخالف لقولي المسعطر فعي صعدر
الرسالة ،أن الحب اتصال بين النفوس في أصل عالمها العلوي ،بل هو مؤكد له.
فقععد علمنععا أن النفععس فععي هذا العالم الدنععى قععد غمرتهععا الحجععب ،ولحقتهععا
الغراض ،وأحاطعت بهعا الطبائع الرضيعة الكونيعة ،فسعترت كثيراً معن صعفاتها
وإن كانععت لم تحله ،لكععن حالت دونععه فل يرجععى التصععال على الحقيقععة إل بعععد
التهيؤ من النفس والستعداد له ،وبعد إيصال المعرفة إليها بما يشاكلها ويوافقها،
ومقابلة الطبائع التععي خفيععت ممععا يشابههععا مععن طبائع المحبوب ،فحينئذ يتصععل
وأمعا معا يقعع معن أول وهلة ببععض أعراض السعتحسان الجسعدي ،واسعتطراف
البصر الذي ل يجاوز اللوان ،فهذا سرّ الشهوة ومعناها على الحقيقة فإذا غلبت
الشهوة وتجاوزت هذا الحد ووافق الفصل اتصال نفساني تشترك فيه الطبائع مع
النفعس يسعمى عشقاً .ومعن هنعا دخعل الخلط على معن يزععم أن يحب اثنين ويعشعق
شخصععين متغايريععن ،فإنمععا هذا مععن جهععة الشهوة التععي ذكرنععا آنفاً ،وهععي على
المجاز تسعمى محبعة ل على التحقيعق ،وأمعا نفعس المحعب فمعا فعي الميعل بعه فضعل
بصرفه من أسباب دينه ودنياه فكيف بالشتغال بحب ثان .وفي ذلك أقول:
وإنعي لعرف فتعى مععن أهععل الجعد والحسعب والدب كان يبتاع الجاريعة وهعي
سعالمة الصعدر معن حبعه ،وأكثعر معن ذلك كارهعة له لقلة حلوة شمائل كانعت فيعه،
وقطوب دائم كان ل يفارقعه ول سعيما معع النسعاء ،فكان ل يلبعث إل يسعيراً ريثمعا
يصعل إليهعا بالجماع ويعود ذلك الكره حبا مفرطاً وكلفاً زائداً واسعتهتاراً مكشوفاً،
ويتحول الضجعر لصعحبته ضجراً لفراقعه .صعحبه هذا المعر فعي عدة منهعن .فقال
بعععض إخوانععي :فسععألته عععن ذلك فتبسععم نحوي وقال :إذاً وال أخععبرك أنععا أبطععأ
الناس إنزالً ،تقضي المرأة شهوتها وربما ثنت وإنزالي وشهوتي لم ينقضيا بعد،
وما فترت بعدها قط ،وإني لبقى بمنتي بعد انقضائها الحين الصالح .وما لقى
صعدري صعدر امرأة قعط عنعد الخلوة إل عنعد تعمدي المعانقعة ،وبحسعب ارتفاع
فمثععل هذا وشبهععه إذا وافععق أخلق النفععس ولد المحبععة ،إذا العضاء الحسععاسة
واعلم أعزك ال أن للحب حكماً على النفوس ماضياً ،وسلطاناً قاضياً ،وأمراً ل
وأنه ينقض المرر ،ويحل المبرم ،ويحلل الجامد ،ويخل الثابت ،ويحل الشغاف،
ويحل الممنوع ،ولقد شاهدت كثيراً من الناس ل يتهمون في تمييزهم ،ول يخاف
عليهم سقوط في معرفتهم ،ول اختلل بحسن اختيارهم ،ول تقصير في حدسهم،
قععد وصعفوا أحباباً لهعم فعي بعععض صعفاتهم بمعا ليعس بمسععتحسن عنعد الناس ول
ثم مضى أولئك إما بسلو أو بين أو هجر أو بعض عوارض الحب ،وما فارقهم
اسععتحسان تلك الصععفات ول بان عنهععم تفضيلهععا ،على مععا هععو أفضععل منهععا فععي
الخليقععة ،ول مالوا إلى سععواها؛ بععل صععارت تلك الصععفات المسععتحبة عنععد الناس
مهجورة عندهعم وسعاقطة لديهعم إلى أن فارقوا الدنيعا وانقضعت أعمارهعم ،حنينعا
منهم إلى من فقدوه ،وألفة لمن صحبوه .وما أقول إن ذلك كان تصنعاً لكن طبعاً
حقيقياً واختياراً ل دخل فيه ،ول يرون سواه ،ول يقولون في طي عقدهم بغيره.
وإني لعرف من كان في جيد حبيبه بعض الوقص فما استحسن أغيد ول غيداء
بععد ذلك .وأعرف معن كان أول علقتعه بجارة مائلة إلى القصعر فمعا أحعب طويلة
بععد هذا .وأعرف أيضاً معن هوى جاريعة فعي فمهعا فوه لطيعف فلقعد كان يتقذر كعل
فم صغير ويذمه ويكرهه الكراهية الصحيحة .وما أصف عن منقوصي الحظوظ
فعي العلم والدب لكعن ععن أوفعر الناس قسعطاً فعي الدراك ،وأحقهعم باسعم الفهعم
والدرايعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععة.
وعني أخبرك أني أحببت في صباي جارية لي شقراء الشعر فما استحسنت من
ذلك الوقعت سعوداء الشععر ،ولو أنعه على الشمعس أو على صعورة الحسعن نفسعه
وإني لجد هذا في أصل تركيبي من ذلك الوقت ،ل تؤاتيني نفسي على سواه ول
تحعب غيره البتعة ،وهذا العارض بعينعه عرض لبعي رضعي ال عنعه وعلى ذلك
وأمعا جماععة خلفاء بنعي مروان -رحمهعم ال -ول سعيم ولد الناصعر منهعم ،فكلهعم
مجبولون على تفضيععل الشقرة ،ل يختلف فععي ذلك منهععم مختلف .وقععد رأيناهععم
ورأينعا معن رآهعم معن لدن دولة الناصعر إلى الن فمعا منهعم إل أشقعر نزاعاً إلى
أمهاتهعم ،حتعى قعد صعار ذلك فيهعم خلقعة ،حاشعى سعليمان الظافعر رحمعه ال ،فإنعي
وأمعا الناصعر والحكعم والمسعتنصر رضعي ال عنهمعا فحدثنعي الوزيعر أبعي رحمعه
ال وغيره أنهما كانا أشقرين أشهلين ،وكذلك هشام المؤيد ومحمد المهدي وعبد
الرحمعن المرتضعى رحمهعم ال ،فإنعي قعد رأيتهعم مراراً ودخلت عليهعم فرأيتهعم
شقراً شهلً ،وهكذا أولدهعم وأخوتهعم وجميعع أقاربهعم ،فل أدري أذلك اسعتحسان
مركعب فعي جميعهعم أم لروايعة كانعت عنعد أسعلفهم فعي ذلك فجروا عليهعا .وهذا
ظاهععر فععي شعععر عبععد الملك بععن مروان بععن عبععد الرحمععن بععن مروان بععن أميععر
المؤمنين الناصر وهو المعروف بالطليق ،وكان أشعر أهل الندلس في زمانهم
وليعس العجعب فيمعن أحعب قعبيحاً ثعم لم يصعحبه ذلك فعي سعواه فقعد وقعع معن ذلك،
ول فيمعن طلع معذ كان على تفضيعل الدنعى ،ولكعن فيمعن كان ينظعر بعيعن الحقيقعة
ثم غلب عليه هوى عارض بعد طول بقائه في الجماعة فأحاله عما عهدته نفسه
حوالة صارت له طبعاً :وذهب طبعه الول وهو يعرف فضل ما كان عليه أولً.
فإذا رجعع إلى نفسعه وجدهعا تأبعى إلى الدنعى فأعجعب لهذا التغلب الشديعد والتسعلط
العظيععم ،وهععو أصععدق المحبععة حقاً ،ل مععن يتحلى بشيععم قوم ليععس منععه ،ويدعععي
غريزة ل تقبله فيزععم أنعه يتخيعر معن يحعب ،أمعا لو شغعل الحعب بصعيرته ،وأطاح
فكرتععه ،وأجحععف بتمييزه ،لحال بينععه وبيععن التخيععل والرتياد .وفععي ذلك أقول
شعراً ،منه:
وأقول أيضاً:
فقلت لهم هذا الذي زانها عـنـدي يعيبونها عندي بشقـرة شـعـرهـا
لرأى جهول في الغواية مـمـتـد يعيبون لون النور والـتـبـر ضـلة
ولون النجوم الزاهرات على البعـد وهل عاب لون النرجس الغض عائب
مفضل جرم فاحم اللـون مـسـود وأبعد خلق ال مـن كـل حـكـمة
ولبسة باك مثكل الهـل مـحـتـد به وصفت ألـوان أهـل جـهـنـم
ومذ لحت الرايات سواد تـيقـنـت نفوس الورى أن لسبيل إلى الرشـد
الباب الثامن
ول بععد لكععل مطلوب مععن مدخععل إليععه ،وسععبب يتوصععل بععه نحوه فلم ينفرد
بالختراع دون واسعععطة إل العليعععم الول جعععل ثناؤه .فأول معععا يسعععتعمل طلب
أوصعل وأهعل المحبعة فعي كشعف معا يجدونعه إلى أحبتهعم التعريعض بالقول ،إمعا
بإنشاد شعععر ،أوبإرسععأ ومثععل ،أو تعميععة بيععت ،أو طرح لغععز ،أو تسععليط كلم
وللناس يختلفون فعي ذلك على قدر إدراكهعم ،وعلى حسعب مايرونعه معن أحبتهعم
معن نفار أو أنعس أو فطنعة أو بلدة .وإنعي لعرف معن ابتدأ كشعف محبتعه إلى معن
كان يحععب بأبيات قلتهععا .فهذا وشبهععه يبتدئ بععه الطالب للمودة ،فإن رأى أنسععا
وتسهيلً زاد ،وإن يعاين شيئاً من هذه المور في حين إنشاده لشيء مما ذكرنا،
أو إيراده لبعض المعاني التي حددنا ،فانتظاره الجواب ،إما بلفظ أو بهيئة الوجه
والحركات ،لموقعععف بيعععن أرجاء واليأس هائل ،وإن كان حينًا قصعععيراً ،ولكنعععه
بالتعريض ،وبكلم يظهر لسامعه منه معنى غير ما يذهبان إليه ،فيجيب السامع
عنه بجواب غير ما يتأدى إلى المقصود بالكلم ،على حسب ما يتأدى إلى سمعه
ويسعبق إلى وهمعه ،وقعد فهعم كعل واحعد منهمعا ععن صعاحبه وأجابعه بمعا ل يفهمعه
غيرهمعا إل معن أيعد بحعس نافعذ ،وأعيعن بذكاء ،وأمعد بتجربعة ،ول سعيما إن أحعس
معن معانيهمعا بشيعء وقلمعا يغيعب ععن المتوسعم المجيعد ،فهنالك ل خفاء عليعه فيمعا
يريدان.
وأنا أعرف فتى وجارية كانا يتحابان ،فأرادها في بعض وصلها على بعض مال
يجمل .فقالت :وال لشكونك في المل علنية ولفضحنك فضيحة مستورة .فلما
كان بععد أيام حضرت الجاريعة مجلس بععض أكابر الملوك وأركان الدولة وأجعل
رجال الخلفعة ،وفيعه ممعن يتوقعى أمره معن النسعاء والخدم عدد كثيعر ،وفعي جملة
الحاضرين ذلك الفتى ،لنه كان بسبب من الرئيس ،وفي المجلس مغنيات غيرها
فلما انتهى الغناء إليها سوت عودها واندفعت تغني بأبيات قديمة ،وهي:
الباب التاسع
الشارة بالعين
ثعم يتلو التعريعض بالقبول ،إذا وقعع القبول والموافقعة ،الشارة بلحعظ العيعن وإنعه
ليقوم في هذا المعنى المقام المحمود ،ويبلغ المبلغ العجيب ،ويقطع به ويتواصل،
ويوععد ويهدد ،وينتهعر ويبسعط ويؤمعر وينهعي ،وتضرب بعه الوعود ،وينبعه على
ولكعل واحعد مععن هذه المعانعي ضرب معن هيئة اللحععظ ل يوقععف على تحديده إل
بالرؤية ،ول يمكن تصويره ول وصفه إل بالقل منه .وأنا واصف ما تيسر من
هذه المعانعي :فالشارة بمؤخعر العيعن الواحدة نهعى ععن المعر ،وتفتيرهعا إعلم
بالقبول وإدامعة نظرهعا دليعل على التوجعع والسعف ،وكسعر نظرهعا آيعة الفرح.
والشارة إلى إطباقهعا دليعل على التهديعد ،وقلب الحدقعة إلى جهعة معا ثعم صعرفها
والشارة الخفية بمؤخر العينين كلتاهما سؤال ،وقلب الحدقة من وسط العين إلى
الموق بسرعة شاهد المنع ،وترعيد الحدقتين من وسط العينين نهي عام .وسائر
القلب ومنافذ نحو النفس ،والعين أبلغها وأصحها دللة وأوعاها عملً وهي رائد
النفععس الصععادق ودليلهععا الهادي ومرآتهععا المجلوة التععي بهععا تقععف على الحقائق
وتميز الصفات وتفهم المحسوسات .وقد قيل ليس المخبر كالمعاين وقد ذكر ذلك
افليمون صاحب الفراسة وجعلها معتمدة في الحكم وبحسبك من قوة إدراك العين
أنهعا إذا لقعى شعاعهعا شعاعاً مجلواً صعافياً ،إمعا حديداً مفصعولً أو زجاجاً أو ماء
أو بععععض الحجارة الصعععافية أو سعععائر الشياء المجلوة البراقعععة ذوات الرفيعععف
والبصيص واللمعان ،يتصل أقصى حدوده بجسم كثيف ساتر مناع كدر ،انعكس
شعاعهعا فأدرك الناظعر نفسعه ومعا زاهعا عياناً .وهعو الذي ترى فعي المرآة ،فأنعت
حينئذ كالناظععر إليععك بعيععن غيرك .ودليععل عيانععي على هذا أنععك تأخععذ مرآتيععن
كعبيرتين فتمسعك إحداهمعا بيمينعك خلف رأسعك والثانيعة بيسعارك قبالة وجهعك ثعم
تزويهعععا قليلً حتعععى يلتقيان بالمقابلة ،فإنعععك ترى قفاك وكعععل معععا وراءك .وذلك
لنعكاس ضوء العيعن إلى ضوء المرآة التعي خلفعك ،إذ لم تجعد منفذًا فعي التعي بيعن
يديعك ،ولمعا لم يجعد وراء هذه الثانيعة منفذاً انصعرف إلى معا قابله معن الجسعم .وإن
صالح غلم أبي إسحاق النظام خالف في الدراك فهو قول ساقط لم يوافقه عليه
أحعد ولو لم يكعن معن فضعل العيعن إل أن جوهرهعا أرفعع الجواهعر وأعلهعا مكاناً،
لنهعا نوريعة لتدرك اللوان بسعواها ،ول شيعء أبععد مرمعى ول أنأى غايعة منهعا،
لنهعا تدرك بهعا أجرام الكواكعب التعي فعي الفلك البعيدة ،وترى بهعا السعماء على
شدة ارتفاعها وبعدها ،وليس ذلك إل لتصالها في طبع خلقتها بهذه المرآة ،فهي
تدركها وتصعل إليهعا بالنظعر ،ل على قطعع الماكعن والحلول فعي المواضعع وتنقعل
الحركات ،وليعععس هذا لشيععء مععن الحواس مثعععل الذوق واللمععس ل يدركان إل
بالمجاورة ،والسعمع والشعم ل يدركان إل معن قريعب .ودليعل على معا ذكرناه معن
النظعر أنعك ترى المصعوت قبعل سعماع الصعوت ،وإن تعمدت إدراكهمعا معاً .وإن
الباب العاشر
المراسلة
ثعم يتلو ذلك إذا امتزجعا المراسعلة بالكتعب .وللكتعب آيات .ولقعد رأيعت أهعل هذا
الشأن يبادرون لقطع الكتب وبحلها في الماء وبمحو أثرها ،فرب فضيحة كانت
وينبغي أن يكون شكل الكتاب ألطف الشكال ،وجنسه أملح الجناس .ولعمري
إن الكتاب للسعان فعي بععض الحاييعن ،إمعا لحصعرٍ فعي النسعان وإمعا لحياء وإمعا
لهيبعة .نععم ،حتعى إن لوصعول الكتاب إلى المحبوب وعلم المحعب أنعه قعد وقعع بيده
ورآه للذة يجدهعا المحعب عجيبعة تقوم مقام الرؤيعة ،وإن لرد الجواب والنظعر إليعه
سععروراً يعدل اللقاء ،ولهذا مععا ترى العاشععق يضععع الكتاب على عينيععه وقلبععه
ويعانقه .ولعهدي ببعض أهل المحبة ،ممن كان يدري ما يقول ويحسن الوصف
ويععبر عمعا فعي ضميره بلسعانه عبارة جيدة ويجيعد النظعر ويدقعق فعي الحقائق ،ل
يدع المراسلة وهو ممكن الوصل قريب الدار آتى المزار ،ويحكي أنها من وجوه
اللذة .ولقد أخبرت عن بغض السقاط الوضعاء أنه كان يضع كتاب محبوبه على
إحليله .وإن هذا النوع مععععن الغتلم قبيععععح وضرب مععععن الشبععععق فاحععععش.
وأمعا سعقي الحعبر بالدمعع فأعرف معن كان يفععل ذلك ويقارضعه محبوبعه ،يسعقي
خعبر :ولقعد رأيعت كتاب المحعب إلى محبوبعه ،وقعد قطعع فعي يده بسعكين له فسعال
الدم واسععتمد منععه وكتععب بععه الكتاب أجمععع .ولقععد رأيععت الكتاب بعععد جفوفععه فمععا
السفير
ويقععع فععي الحععب بعععد هذا ،بعععد حلول الثقععة وتمام السععتئناس ،إدخال السععفير.
ويجب تخيره وارتياده واستجادته واستفراهه ،فهو دليل عقل المرء ،وبيده حياته
وموته ،وستره وفضيحته بعد ال تعالى .فينبغي أن يكون الرسول ذا هيئة ،حاذقاً
يكتفعي بالشارة ،وبقرطعس ععن الغائب ،ويحسعن معن ذات نفسعه ويضعع معن عقله
معا أغفله باعثعه ،ويؤدي إلى الذي أرسعله كععل معا يشاهععد على وجهعه كأنمعا كان
للسععرار حافظاً ،وللعهععد وفياً ،قنوعاً ناصععحاً .ومععن تعدى هذه الصععفات كان
ضرره على باعثه بمقدار ما نقصه منها .وفي ذلك أقول شعراً ،منه:
وأكثعر معا يسعتعمل المحبون فعي إرسعالهم إلى معن يحبونعه ،إمعا خاملً ل يؤبعه له
ول يهتدي للتحفعععععظ منعععععه ،لصعععععباه أو لهيئة رثعععععة أو بدادة فعععععي طلعتعععععه.
وإمععععا جليلً ل تلحقععععه الظنععععن لنسععععك يظهره أو لسععععن عاليععععة قععععد بلغهععععا.
وما أكثر هذا في النساء ول سيما ذوات العكاكيز والتسابيح والثوبين الحمرين
وإنعي لذكعر بقرطبعة التحذيعر للنسعاء المحدثات معن هذه الصعفات حيثمعا رأيتهعا.
أو ذرات صععناعة يقرب بهععا مععن الشخاص .فمععن النسععاء كالطبيبععة والحجامععة
أو ذا قرابعة معن المرسعل إليعه ل يشعح بهعا عليعه .فكعم منيعع سعهل بهذه الوصعاف،
وعسعير يسعر ،وبعيعد قرب .وجموح أنعس ،وكعم داهيعة دهعت الحجعب المصعونة،
النعوت .ولول أن أنبعه عليهعا لذكرتهعا ،ولكعن لقطعع النظعر فيهعا وقلة الثقعة بكعل
واحعد .والسععيد معن وععظ بغيره .وبالضعد تتميعز الشياء .أسعبل ال علينعا وعلى
خعبر :وإنعي لعرف معن كانعت الرسعول بينهمعا حمامعة مؤدبعة ،ويعقعد الكتاب فعي
طي السر
ومعن بععض صعفات الحعب الكتمان باللسعان ،وجحود المحعب إن سعئل ،والتصعنع
بإظهار الصععبر ،وأن يرى أنععه عععز هاة خلى .ويأبععى السععر الدقيععق ،ونار الكلف
المتأججعة فعي الضلوع ،إل ظهورًا فعي الحركات والعيعن ،ودبيباً كدبيعب النار فعي
الفحعم والماء فعي يعبيس المدر .وقعد يمكعن التمويعه فعي أول المعر على غيعر ذي
الحععس اللطيععف ،وأمععا بعععد اسععتحكامه فمحال ،وربمععا يكون السععبب فععي الكتمان
تصععاون المحععب عععن أن يسععم نفسععه بهذه السععمة عنععد الناس ،لنهععا بزعمععه مععن
صفات أهل البطالة ،فيفر منها ويتفادى ،وما هذا وجه التصحيح ،فبحسب المرء
المسلم أن يعف عن محارم ال عز وجل التي يأتيها باختياره ويحاسب عليها يوم
القيامة .وأما استحسان الحسن وتمكن الحب فطبع ل يؤمر به ول ينهى عنه ،إذ
القلوب بيععد مقلبهععا ،ول يلزمععه غيععر المعرفععة والنظععر فععي فرق مععا بيععن الخطععأ
والصعواب وأن يعتقعد الصعحيح باليقيعن .وأمعا المحبعة فخلقعة ،وإنمعا يملك النسعان
خبر :وإني لعرف بعض من امتحن بشيء من هذا فسكن الوجد بين جوانحه،
فرام جحده إلى أن غلظ المر ،وعرف ذلك في شمائله من تعرض للمعرفة ومن
لم يتعرض .وكان معععن عرض له بشيعععء نجهعععه وقبحعععه .إلى أن كان معععن أراد
فسععر بهذا .ولعهدي بععه يوماً قاعداً ومعععه بعععض مععن كان يعرض له بمععا فععي
ضميره ،وهععو ينتفععي غايععة النتفاء ،إذ اجتاز بهمععا الشخععص الذي كان يتهععم
بعلقتعه ،فمعا هعو إل أن وقععت عينعه على محبوبعه حتعى اضطرب وفارق هيئتعه
الولى واصععفر لونععه وتفاوتععت معانععي كلمععه بعععد حسععن تثقيععف ،فقطععع كلمععه
المتكلم مععه .فلقعد اسعتدعى معا كان فيعه معن ذكره .فقيعل له :معا عدا عمعا بدا .فقال:
هو ما تظنون ،عذر من عذر ،وعذل من عذل .ففي ذلك أقول شعراً ،منه:
وهذا إنمعا يعرض عنعد مقاومعة طبعع الكتمان ،والتصعاون لطبعع المحعب وغلبتعه،
فيكون صععاحبه متحيراً بيععن ناريععن محرقتيععن .وربمععا كان سععبب الكتمان إبقاء
المحب على محبوبه ،وإن هذا لمن دلئل الوفاء وكرم الطبع .وفي ذلك أقول:
حى إذا ل اهتدى ريب المنون لـه للسر عندي مكـان لـو يحـل بـه
كما سرور المعنى في الهوى الوله أميته وحـياة الـسـر مـيتـتـه
وربمعا كان سعبب الكتمان توقعي المحعب على نفسعه معن إظهار سعره ،لجللة قدر
المحبوب.
خعبر :ولقعد قال بععض الشعراء بقرطبعة شعراً تغزل فيعه بصعبح أم المؤيعد رحمعه
ال .فغنعت بعه جاريعة أدخلت على المنصعور محمعد بعن أبعي عامعر ليبتاعهعا ،فأمعر
بقتلهععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععا.
خبر:
وعلى مثعل هذا قتعل أحمعد بعن مغيعث .واسعتئصال آل مغيعث والتسعجيل عليهعم أل
يستخدم بواحد منهم أبداً حتى كان سبباً لهلكهم وانقراض بيتهم فلم يبق منهم إل
الشريعععد الضال .وكان سعععبب ذلك تغزله بإحدى بنات الخلفاء ومثعععل هذا كثيعععر.
ويحكعى ععن الحسعن بعن هانعئ أنعه كان مغرماً بحعب محمعد بعن خارون المعروف
بابن زبيدة .وأحس منه ببعض ذلك فانتهره ،على إدامة النظر إليه .فذكر عنه أنه
قال إنعه كان ل يقدر أن يديعم النظعر إليعه إل معع غلبعة السعكر على محمعد .وربمعا
كان سعبب الكتمان أل ينفعر المحبوب أو ينفعر بعه .فإنعي أدري معن كان محبوبعة له
سعكناً وجليسعاً ،لوباح بأقععل سععبب معن أنععه يهواه لكان منعه مناط الثريعا قععد تعلت
نجومهعا .وهذا ضرب معن السعياسة ،ولقعد كان يبلغ معن انبسعاط هذا المذكور معع
محبوبعه إلى فوق الغابعة وأبععد النهايعة ،فمعا هعو إل أن باح إليعه بمعا يجعد فصعار ل
يصل إلى التافه اليسير مع التيه ودالة الحب وتمنع الثقة بملك الفؤاد ،وذهب ذلك
النبساط ووقع التصنع والتجني ،فكان أخاً فصار عبداً ،ونظيراً فعاد أسيراً ،ولو
زاد في بوحه شيئاً إلى أن يعلم خاصة المحبوب ذلك لما رآه إل في الطيف ،ول
وربمععا كان مععن أسععباب الكتمان الحياء الغالب على النسععان ،وربمععا كان مععن
أسعباب الكتمان أن يرى المحعب معن محبوبعه انحرافاً وصعداً ويكون ذا نفعس أبيعة،
فيستتر بما يجد لئل يشمت به عدو ،أو يريهم ومن يحب هوان ذلك عليه.
الذاعة
وقد تعرض في الحب الذاعة ،وهو منكر ما يحدث من أعراضه ،ولها أسباب،
منهعا :أن يريعد صعاحب هذا الفععل أن يتزيعا بزي المحعبين ويدخعل فعي عدادهعم،
وربمعا كان معن أسعباب الكشعف غلبعة الحعب وتسعور الجهعر على الحياء .فل يملك
النسان حينئذ لنفسه صرفاً ول عدلً .وهذا من أبعد غايات العشق وأقوى تحكمه
على العقل ،حتى يمثل الحسن في تمثال القبيح ،والقبيح في هيئة الحسن .وهنالك
يرى الخيعر شراً ،والشعر خيراً .وكعم مصعون السعتر مسعبل القناع مسعدول الغطاء
قعد كشعف الحعب سعتره ،وأباح حريمعه ،وأهمعل حماه فصعار بععد الصعيانة علماً،
وبعد السكون مثلً .وأحب شيء إليه الفضيحة فيما لو مثل له قبل اليوم لعتراه
النافعض ععن ذكره ،ولطالت اسعتعاذته منعه .فسعهل معا كان وعراً ،وهان معا كان
ولعهدي بفتى من سروات الرجال وعلية إخواني قد دهى بمحبة جارية مقصورة
هام بها وقطعه حبها عن كثير من مصالحه ،وظهرت آيات هواء لكل ذي بصر،
إلى أن كانعععععت هعععععي تعذله على ماظهعععععر منعععععه ممعععععا يقوده إليعععععه هواه.
خعبر :وحدثنعي موسعى بعن عاصعم بعن عمرو قال :كنعت بيعن يدي أبعي الفتعح والدي
رحمعه ال وقعد أمرنعي بكتاب أكتبعه إذ لمحعت عينعي جاريعة كنعت أكلف بهعا ،فلم
أملك نفسععي ورميععت الكتاب عععن يدي وبادرت نحوهععا .وبهععت أبععي وظععن أنععه
عرض لي عارض .ثعم راجعنعي عقلي فمسعحت وجهعي ثعم عدت واعتذرت بأنعه
غلبني الرعاف.
وأعلم أن هذا داعية نفار المحبوب ،وفساد في التدبير ،وضعف في السياسة وما
شيء من الشياء إل وللمأخذ فيه سنة وطريقة ،متى تعداها الطالب ،أو خرق في
سلوكها انعكس عمله عليه ،وكان كده عناء .وتعبه هباء ،وبحثه وباء .وكلما زاد
عن وجعه السعيرة انحرافًا وفعي تجنبها إغراقاً وفعي غيعر الطريعق إيغال ازداد ععن
ول تسع جهرا في اليسير تريده ول تسع في المر الجسيم تهازءا
عليك فإن الـدهـر جـم وروده وقابل أفانين الزمان مـتـى يرد
يسير بغير والـشـريد شـريده فأشكالها من حسن سعيك يكفك ال
وإشعاله بالنفخ يلطـفـا وقـوده ألم تبصر المصبـاح أول وقـده
فنفخك يذكـيه وتـبـدو مـدوده وإن يتصرم لفـحـه ولـهـيبـه
خبر:
وإني لعرف من أهل قرطبة من أبناء الكتاب وجلة الخدمة من اسمه أحمد بن
فتعح ،كنعت أعهده كثيعر التصعاون ،معن بغاة العلم وطلب الدب يبعز أصعحابه فعي
النقباض ،ويفوتهععم فععي الدعععة ،ل ينظععر إل فععي حلقععة فضععل ،ول يرى إل فععي
محفععل مرضععى ،محمود المذاهععب ،جميععل الطريقععة ،بائناً بنفسععه ،زاهياً بهععا ثععم
أبعدت القدار داري معن داره ،فأول خعبر طرأ علي بععد نزولي شاطبعة أنعه خلع
عذاره في حب فتى من أبناء الفتانين يسمى إبراهيم بن أحمد أعرفه ،ل تستأهل
صعفاته محبعة معن بيتعه خير وتقدم؛ وأموال عريضعة ووفعر تالد ،وصعح عندي أنعه
كشف رأسه وأبدى وجهه ورمى رسنه وحسر محياه وشمر عن ذراعيه وصمد
صعمد الشهوة ،فصعار حديثًا للسعمار ومدافعاً بيعن نقلة الخبار ،وتهودى ذكره فعي
القطار ،وجرت نقلته في الرض راحلة بالتعجب ،ولم يحصل من ذلك إل على
كشعف الغطاء ،وإذاععة السعر ،وشنععة الحديعث .وفتعح الحدوثعة وشرود محبوبعه
عنععه جملة .والتحظيععر عليععه مععن رؤيتععه ألبتععة ،وكان غنياً عععن ذلك وبمندوحععه
ومعزل رحب عنه .ولو طوى مكنون سره ،وأخفى بليات ضميره لستدام لباس
العافية :ولم ينهج برد الصيانة؛ ولكان له في لقاء من بلى به ومحادثته ومجالسته
أمل من المال؛ وتعلل كاف؛ وإن حبل العذر ليقطع به ،والحجة عليه قائمة؛ إل
أن يكون مختلطًا فعي تمييزه؛ أو مصعاباً فعي عقله بحليعل معا فدحعه .فربمعا آل ذلك
لعذر صحيح ،وأما إن كانت بقية من عقل أو ثبتت مسكه فهو ظالم في تعرضه
معا يعلم أن محبوبعه يكرهعه ويتأذى بعه .هذا غيعر صعفة أهعل الحعب؛ وسعيأتي هذا
ومن أسباب الكشف وجه ثالث وهو عند أهل العقول وجه مرذول وفعل ساقط؛
وذلك أن يرى المحععب مععن محبوبععه غدراً أو مللً أو كراهععة؛ فل يجععد طريععق
النتصععاف منععه إل بمععا ضرره عليععه أعود منععه على المقصععود مععن الكشععف
والشتهار .وهذا أشعععد العار وأقبعععح الشنار وأقوى بشواهعععد عدم العقعععل ووجود
السعخف .وربمعا كان الكشعف معن حديعث ينتشعر وأقاويعل تفشعو ،توافعق قلة مبالة
من المحب بذلك ،ورضى بظهور سره ،إما لعجاب وإما لستظهار على بعض
ما يؤمله .وقد رأيت هذا الفعل لبعض إخواني من أبناء القواد ،وقرأت في بعض
أخبار العراب أن نسعاءهم ل يقنععن ول يصعدقن عشعق عاشعق لهعن حتعى يشتهعر
ويكشعف حبعه ويجاهعر ويعلن وينوه بذكرهعن ،ول أدري معا معنعى هذا ،على أنعه
يذكعر عنهعن العفاف ،وأي عفاف معع امرأة أقصعى مناهعا وسعرورها الشهرة فعي
هذا المعنى.
الطاعة
ومن عجيب ما يقع في الحب طاعة المحب لمحبوبه ،وصرفه طباعه قسرًا إلى
طباع ن يحبعه وربمعا يكون المرء شرس الخلق ،صععب الشكيمعة ،جموح القيادة،
ماضعي العزيمعة ،حمعى النعف ،أبعى الخسعف ،فمعا هعو إل أن يتنسعم نسعيم الحعب،
وبتورط عمره ،ويعوم فععععي بحره ،فتعود الشراسععععة لياناً ،والصعععععوبة سععععهلة
ومنها:
وربمعععا كان المحبوب كارهاً لظهار الشكوى متعععبرماً بسعععماع الوجعععد؛ فترى
المحعب حينئذ يكتعم حزنعه ويكظعم أسعفه وينطوي على علتعه .وإن الحعبيب متجعن،
فعندها يقع العتذار عند كل ذنب والقرار بالجريمة ،والمرء منها برئ ،تسليما
لقوله وتركاً لمخالفتعه .وإنعي لعرف معن دهعى بمثعل هذا فمعا كان ينفعك معن توجعه
الذنوب نحوه ول ذنععععب له ،وإيقاع العتاب عليععععه والسععععخط وهونقععععي الجلد.
وأقول شعراً إلى بعض إخواني ،ويقرب مما نحن فيه وإن لم يكن منه:
وقد علمنا أن المحبوب ليس له كفواً ول نظيراً فيقارض بأذاه ،وليس سبه وجفاه
ممععا يعيععر بععه النسععان ويبقععى ذكره على الحقاب ،ول يقععع ذلك فععي مجالس
الخلفاء ،ول فععي مقاعععد الرؤسععاء ،فيكون الصععبر جاراً للمذلة ،وضراعععة قائدة
للستهانة ،فقد ترى النسان ل يكلف بأمته التي يملك رقها ،ول يحول حائل بينه
وبين التعدي عليها فكيف النتصار منها .وسبل المتعاض من السبب غير هذه،
إنما ذلك بين علية الرجال الذين تحصل أنفاسهم وتتبع معاني كلمهم فتوجه لها
الوجوه البعيدة ،لنهم ل يوقعونها سدى ول يلقونها هملً ،وأما المحبوب فصعدة
ثابتة ،وقضيب منآد ،يجفو ويرضى متى شاء ل لمعنى .وفي ذلك أقول:
خععبر :وحدثنععي أبععو دلف الوراق عععن ملسععمة بععن أحمععد الفيلسععوف المعروف
بالمرجيطى أنه قال في المسجد الذي بشرقي مقبرة قريش بقرطبة الموازي لدار
الوزير ابن عمرو أحمد بن محمد جدير رحمه ال :في هذا المسجد كان مقدم بن
الصععفر مريضاً أيام حداثتععه لعشععق بعجيععب فتععى الوزيععر أبععي عمرو المذكور.
وكان يترك الصلة في مسجد مسرور وبها كان سكناه ،ويقصد في الليل والنهار
إلى هذا المسجد بسبب عجيب ،حتى أخذه الحرس غير ما مرة في الليل في حين
انصعرافه ععن صعلة العشاء الخرة ،وكان يقععد وينظعر منعه إلى أن كان الفتعى
يغضععب ويضجععر ويقوم إليععه فيوجعععه ضرباً ويلطععم خديععه وعينيععه ،فيسععر بذلك
ويقول :هذا وال أقصعى أمنيتعي والن قرت عينعي ،وكان على هذا زماناً يماشيعه.
قال أبو دلف :ولقد حدثنا مسلم بهذا الحديث غير مرة بحضرة عجيب عندما كان
يرى معن وجاهعة مقدم بعن الصعفر وعرض جاهعه وعافيتعه ،فكانعت حال مقدم بعن
الصععفرهذا قععد جلت جداً واختععص بالمظفععر بععن أبععي عامععر اختصععاصًا شديداً
واتصعل بوالدتعه وأهله وجرى على يديعه معن بنيان المسعاجد والسعقايات وتسعهيل
وجوه الخير غير قليل ،مع تصرفه في كل ما يتصرف فيه أصحاب السلطان من
خعبر :وأشنعع معن هذا أنعه كانعت لسععيد بعن منذر بعن سععيد صعاحب الصعلة فعي
جامععع قرطبععة أيام الحكععم المسععتنصر بال رحمععه ال جاريععة يحبهععا حبًا شديداً،
فعرض عليها ِأن يعتقها ويتزوجها .فقالت له ساخرة به ،وكان عظيم اللحية :إن
لحيتك أستبشع عظمها فإن حذفت منها كان ما ترغبه .فأعمل الجملين فيها حتى
لطفعت ،ثعم دععا بجماععة شهود وأشهدهعم على عتقهعا ،ثعم خطبهعا إلى نفسعه فلم
ترض بععه .وكان فععي جملة مععن حضععر أخوه حكععم بععن منذر فقال لمععن حضععر:
اعرض عليهعا أنعي أخطبهعا أنعا ،ففععل فأجابعت إليعه .فتزوجهعا فعي ذلك المجلس
فأنعا أدكعت سععيداً هذا وقعد قتله البربر يوم دخولهعم قرطبعة عنوة وانتهابهعم إياهعا
وحكعم المذكور أخوه هعو رأس المعتزلة بالندلس وكعبيرهم وأسعتاذهم ومتكلمهعم
وناسععكهم ،وهععو مععع ذلك شاعععر طيععب وفقيععه .وكان أخوه عبععد الملك ابععن منذر
متهماً بهذا المذهعب أيضاً .ولي خطبعة الرد أيام الحكعم رضعي ال عنعه وهعو الذي
أنهعم يبايعون سعراً لعبعد الرحمعن بعن عبيعد ال ابعن أميعر المؤمنيعن الناصعر رضعي
ال عنهعم ،فقتعل عبعد الرحمعن وصعلب عبعد الملك بعن منذر وبدد شمعل جميعع معن
اتهعم .وكان أبوهعم قاضعي القضاة منذر بعن سععيد متهماً بمذهعب العتزال أيضاً.
وكان أخطعب الناس وأعلمهعم بكعل فعن وأورعهعم وأكثرهعم هزلً ودعابعة .وحكعم
المذكور في الحياة في حين كتابتي إليك بهذه الرسالة قد كف بصره وأسن جداً.
خبر:
ومعن عجيعب طاععة المحعب لمحبوبعه أنعي أعرف معن كان سعهر الليالي الكثيرة
ولقعى الجهعد الجاهعد فقطععت قلبعه ضروب الوجعد ثعم ظفعر بمعن يحعب وليعس بعه
امتناع ول عنده دفعع ،فحيعن رأى منعه بععض الكراهعة لمعا نواه تركعه وانصعرف
عنعه ،ل تعففاً ول تخوفاً لكعن توقفاً عنعد موافقعة رضاه ،ولم يجعد معن نفسعه معيناً
على إتيان معا لم يعر له إليعه نشاطاً وهعو يجعد معا يجعد .وإنعي لعرف منفقعل هذا
ولقععد عرض مثععل هذا بعينععه لبععي المظفععر عبععد الرحمععن بععن محمود صععديقنا
وأنشدتععععه أبياتاً لي فطار بهععععا كععععل مطار ،وأخذهععععا منععععي فكانععععت هجيراه.
خعبر :ولقعد سعألني يوماً أبعو عبعد ال محمعد بعن كليعب معن أهعل القيروان أيام كونعي
بالمدينعة ،وكان طويعل اللسعان جداً مثقفًا للسعؤال فعي كعل فعن ،فقال لي وقعد جرى
بععض ذكعر الحعب ومعانيعه :إذا كره معن أحعب لقائي وتجنعب قربعي فمعا أصعنع؟
قلت :أرى أن تسععى فعي إدخال الروح على نفسعك بلقائه وإن كره .فقال :لكنعي ل
أرى ذلك بععل أوثععر هواه على هواي ومراده على مرادي ،واصععبر ولو كان فععي
ذلك الحتف .فقلت له :إني إنما أحببته لنفسي ول لتذاذها بصورته فأنا أتبع قياسي
وأقود أصعلي وأقفعو طريقتعي فعي الرغيبعة فعي سعرورها .فقال لي :هذا ظلم معن
القياس ،أشعد معن الموت معا تمنعى له الموت .وأععز معن النفعس معا بذلت له النفعس.
فقلت له :إن بذلت نفسك لم يكن اختياراً بل كان اضطراراً ،ولو أمكنك أل تبذلها
لمعا بذلتهعا ،وتركعك لقاءه اختياراً منعك أنعت فيعه ملوم لضرارك بنفسعك وإدخالك
الحتف عليها .فقال لي :أنت رجل جدلي ول جدل في الحب يلتفت إليه .فقلت له:
المخالفة
وربما اتبع المحب شهوته وركب رأسه فبلغ شفاءه من محبوبه ،وتعمد مسرته
منعه على كعل الوجوه سعخطاً ورضعى .ومعن سعاعده على الوقعت هذا وثبعت جنانعه
وأتيحعت له القدار اسعتوفى لذتعه جميعهعا وذهعب غمعه وانقطعع همعه ورأى أمله
وبلغ مرغوبه .وقد رأيت من هذه صفته ،وفي ذلك أقول أبياتاً ،منها:
من رشأ مازال لي ممرضا إذا بلغت نفسـي الـمـنـى
ول أبالي سخطا من رضـا فما أبالي الكره من طـاعة
أطفي به مشعل جمر الغضا إذا وجدت المـاء ل بـد أن
العاذل
وللحب آفات ،فأولها العاذل ،والعذال أقسام ،فأصلهم صديق قد أسقطت مؤونة
التحفعظ بينعك وبينعه فعذله أفضعل معن كثيعر المسعاعدات؟ وهعي معن الحعظ والنهعي،
وفعي ذلك زاجعر للنفعس عجيعب ،وتقويعة لطيفعة لهعا عرض ،وعمعل ودواء تشتعد
عليعه الشهوة ،ول سعيما إن كان رفيقًا فعي قوله حسعن التوصعل إلى معا يورد معن
المعانعي بلفظعه ،عالماً بالوقات التعي يؤكعد فيهعا النهعي ،وبالحيان التعي يزيعد فيهعا
المعر .والسعاعات التعي يكون فيهعا واقفاً بيعن هذيعن ،على قدر ما يرى معن تسعهيل
ثعم عاذل زاجعر ل يفيعق أبداً معن الملمعة ،وذلك خطعب شديعد وعبعء ثقيعل .ووقعع
لي مثعل هذا ،وإن لم يكعن معن جنعس الكتاب ولكنعه يشبهعه ،وذلك أن أبعا السعرى
عمار بعن زياد صعديقنا أكثعر معن عذلى على نحعو نحوتعه وأعان على بععض معن
لمني في ذلك الوجه أيضاً ،وكنت أظن أنه سيكون معي مخطئاً كنت أو مصيباً.
العاذل عصعيانه ويسعتلذ مخالفتعه ،ويحصعل مقاومتعه للئمعة وغلبتعه إياه .كالملك
الهازم لعدوه والمجادل الماهر الغالب لخصمه ،ويسر بما يقع منه في ذلك وربما
كان هذا المسععتجلب لعذل العاذل بأشياء يوردهععا توجععب ابتداء العذل وفععي ذلك
كي أسمع اسم الذي ذكراه لي أمل أحب شيء إلي اللـوم والـعـذل
وباسم مولي بعدي الشرب أنتقـل كأنني شارب بالـعـذل صـافـية
المساعد من الخوان
لطيعف القول ،بسعيط الطول .حسعن المآخعذ دقيعق المنفعذ .متمكعن البيان ،مرهعف
اللسعان ،جليعل الحلم ،واسعع العلم ،قليعل المخالفعة ،عظيعم المسعاعفة شديعد الحتمال
صعابراً على الدلل ،جعم الموافقعة ،جميعل المخالفعة ،مسعتوى المطابقعة ،محمود
العراق ،مكتوم السر ،كثير البر ،صحيح المانة ،مأمون الخيانة ،كريم النفس،
ظاهععر الغناء ،ثابععت القريحععة ،مبذول النصععيحة ،مسععتيقن الوداد ،سععهل النقياد،
حسعن العتقاد ،صعادق اللهجعة ،خفيعف المهجعة ،عفيعف الطباع ،رحعب الذراع،
واسعع الصعدر ،متخلقاً بالصعبر ،يألف المحاض ،ول يعرف العراض ،يسعتريح
إليعه بلبله ،ويشاركعه فعي خلوة فقره ،ويفاوضعه فعي مكتوماتعه ،وإن فيعه للحعب
لعظععم الراحات ،وأيععن هذا ،فإن ظفرت بععه يداك فشدهمععا عليععه شععد الضنيععن،
وأمسك بهما إمساك البخيل ،وصنه بطارفك وتالدك ،فمعه يكمل النس ،وتنجلي
الحزان ،ويقصعر الزمان ،وتطيعب الحوال ولن يفقعد النسعان معن صعاحب هذه
الصعععفة عوناً جميلً ،ورأياً حسعععناً ،ولذلك اتخعععذ الملوك الوزراء والدخلء كعععي
يخففوا عنهععم بعععض مععا حملوه معن شديععد المور وطوقوه معن باهععض الحمال.
ولكعي يسعتغنوا بآرائهعم ويسعتمدوا بكفايتهعم .وإل فليعس فعي قوة الطبيععة أن تقاوم
كععععل مععععا يرد عليهععععا دون اسععععتعانة بمععععا يشاكلهععععا وهععععو مععععن جنسععععها.
ولقد كان بعض المحبين ،لعدمه هذه الصفة من الخوان وقلة ثقته منهم لما جربه
من الناس وأنعه لم يعدم معن باح إليعه بشيعء من سعره أحعد وجهين إمعا إزراء على
رأيعه وإمعا إذاععة لسعره ،أقام الوحدة مقام النعس .وكان ينفرد فعي المكان النازح
عععن النيععس ،ويناجععي الهوى ،ويكلم الرض ،ويجععد فععي ذلك راحععة كمععا يجععد
المريععض فععي التأوه والمحزون فععي الزفيععر؛ فإن الهموم إذا ترادفععت فععي القلب
ضاق بها ،فإن لم ينض منها شيء باللسان ،ولم يسترح إلى الشكوى لم يلبث أن
يهلك غمعا ويموت أسعفاً .ومعا رأيعت السععاد أكثعر منعه فعي النسعاء .فعندهعن معن
المحافظة على هذا الشأن والتواصي بكتمانه والتواطؤ على طيه إذا اطلعن عليه
معا ليعس عنعد الرجال ،ومعا رأيعت امرأة كشفعت سعر متحابيعن إل وهعي عنعد النسعاء
ممقوتة مستثقلة مرمية عن قوس واحدة .وإنه ليوجد عند العجائز في هذا الشأن
مال يوجععد عنععد الفتيات ،لن الفتيات منهععن ربمععا كشفععن مععا علمععن على سععبيل
التغايععر ،وهذا ل يكون إل فععي الندرة .وأمععا العجائز فقععد يئسععن مععن أنفسععهن
خععبر :وإنععي لعمععل امرأة موسععرة ذات جوار وخدم فشاع على إحدى جواريهععا
أنهعا تعشعق فتعى معن أهلهعا ويعشقهعا وأن بينهمعا معانعي مكروهعة ،وقيعل لهعا :إن
جاريتعك فلنعة تعرف ذلك وعندهعا جليعة أمرهعا .فأخذتهعا وكانعت غليظعة المقوبعة
فأذاقتهععا مععن أنواع الضرب واليذاء مال يصععبر على مثله جلداء الرجال ،رجاء
أن تبوح لهععععععععا بشيععععععععء ممععععععععا ذكععععععععر لهعععععععا ،فلم تفعععععععععل البتععععععععة.
خبر:
وإنعي لعلم امرأة جليلة حافظعة لكتاب ال ععز وجعل ناسعكة مقبلة على الخيعر،
وقد ظفرت بكتاب لفتى إلى جارية كان يكلف بها ،وكان في غير ملكها ،فعرفته
المععر فرام النكار فلم يتهيععأ له ذلك ،فقالت له :مالك؟ ومععن ذا عصععم؟ فل تبال
بهذا فوال ل أطلعععت على سععر كمععا أحداً أبداً ،ولو أمكنتنععي أن أبتاعهععا لك مععن
مالي ولو أحاط به كله لجعلتها لك في مكان تصل إليها فيه ول يشعر بذلك أحد؛
وإنك لترى المرأة الصالحة المسنة المنقطعة الرجاء من الرجال ،وأحب أعمالها
إليهععا وأرجاهععا للقبول عندهععا سعععيها فععي تزويععج يتيمععة ،وإعارة ثيابهععا وحليهععا
لعروس مقلة .ومعا أعلم علة تمكعن هذا الطبعع معن النسعاء إل أنهعن متفرغات البال
مععن كععل شيععء إل مععن الجماع ودواعيععه ،والغزل وأسععبابه ،والتآلف ووجوهععه
لشغعل لهعن غيره ول خلقعن لسعواه .والرجال مقتسعمون فعي كسعب المال وصعحبة
وهذا كله متحيععف للفراغ ،صععارف عععن طريععق البطععل وقرأت فععي سععير ملوك
السععودان أن الملك منهععم يوكععل ثقععة له بنسععائه يلقععى عليهععن ضريبععة مععن غزل
الصوف يشتغلن بها أبد الدهر؛ لنهم يقولون :إن المرأة إذا بقيت بغير شغل إنما
تشوق إلى الرجال ،وتحن إلى النكاح ولقد شاهدت النساء وعلمت من أسرارهن
مال يكاد يعلمععه غيري؛ لنععي ربيععت فععي حجورهععن ،ونشأت بيععن أيديهععن ،ولم
أعرف غيرهعن .ول جالسعت الرجال إل وأنعا فعي حعد الشباب وحيعن تفيعل وجهعي.
وهعن علمننعي القرآن ورويننعي كثيراً معن الشعار وردبننعي فعي الخعط ،ولم يكعن
وكدي وإعمال ذهني مذ أول فهمي وأنا في سن الطفولة جداً إل تعرف أسبابهن،
والبحث عن أخبارهن ،وتحصيل ذلك .وأنا ل أنسى شيئاً مما آرى منهن ،وأصل
ذلك غيرة شديدة طبععت عليهعا ،وسعوء ظعن فعي جهتهعن فطرت بعه ،فأشرفعت معن
أسبابهن على غير قليل .وسيأتي ذلك مفسرًا في أبوابه إن شاء ال تعالى.
الرقيب
ومععن آفات الحععب الرقيععب ،وإنععه لحمععى باطنععة ،وبرسععام ملح ،وفكععر مكععب.
والرقباء أقسام ،فأولهم مثقل بالجلوس غير متعمد في مكان اجتمع فيه المرء مع
محبوبععه ،وعزمععا على إظهار شيععء مععن سععرهما والبوح بوجدهمععا والنفراد
بالحديث .ولقد يعرض للمحب من القلق بهذه الصفة مال يعرض له مما هو أشد
منهععا ،وهذا وإن كان يزول سععريعًا فهععو عائق حال دون المراد وقطععع متوفععر
الرجاء.
خبر :ولقد شاهدت يوماً محبين تفي مكان قد ظنا أنهما انفردا فيه وتأهبا للشكوى
فاستحليا ما هما فيه من الخلوة ،ولم يكن الموضع حمي ،فلم يلبثا أن طلع عليهما
من كانا يستثقلنه ،فرأى فعدل إلي وأطال الجلوس معي ،فلو رأيت الفتى المحب
وقعد تمازج السعف البادي على وجهعه معع الغضعب لرأيعت عجباً .وفعي ذلك أقول
قطعة ،منها:
ويبدي حديثا لست أرضى فنونه يطيل جلوسا وهو أثقل جالـس
ولبنان والصمان والحرب دونه شمام ورضوى واللكام ويذبـل
ثم رقيب قد أحس من أمرهما بطرف ،وتوجس من مذهبهما شيئاً ،فهو يريد أن
يسعتبين حقيقعة ذلك ،فيدمعن الجلوس ،ويطيعل القعود ،ويتخفعى بالحركات ،ويرمعق
الوجوه ،ويحصععل النفاس .وهذا أعدى مععن الحرب ،وإنععي لعرف مععن هععم أن
ولقعد شاهدت معن تلطعف فعي اسعترضاء رقيعب حتعى صعار الرقيعب عليعه رقيبًا له،
ومتغافلً في وقت التغافل ،ودافعاً عنه وساعيًا له .ففي ذلك أقول:
على سيدي عمدا ليبعدني عنه ورب رقيب ارقبوه فلـم يزل
إلى أن غدا خوفي له آمنا منه فما زالت اللطاف تحكم أمره
فعاد محبا مالنعمتـه كـنـه وكان حساما سل حتى يهدنـي
وإني لعرف من رقب على بعض من كان يشفق عليه رقيباً وثق به عند نفسه ،فكان
أعظم الفة عليه وأصل البلء فيه.
وأمععا إذا لم يكععن فععي الرقيععب حيلة ول وجععد إلى ترضيععه سععبيل فل طمععع إل
بالشارة بالعيعن همسعاً وبالحاجعب أحياناً والتعريعض اللطيعف بالقول ،وفعي ذلك
متعة وبلغ إلى حين يقنع به المشتاق .وفي ذلك أقول شعراً أوله:
وفي لمن واله ليس بناكـث على سيدي مني رقيب محافظ
ومنه:
ومنه:
وقد خصني ذو العرش منهم بثالث على كل من حولي رقيان رتـبـا
وأشنعع معا يكون الرقيعب إذا كان ممعن امتحعن بالعشعق قديماً ودهعى بعه وطالت
مدتعه فيعه ثعم عرى عنعه بععد إحكامعه لمعانيعه ،فكان راغباً فعي صعيانة معن رقعب
عليعه ،فتبارك ال أي رقبعة تأبعي منعه ،وأي بلء مصعبوب يحعل على أهعل الهوى
ومن طريف معاني الرقباء أني أعرف محبين مذهبهما واحد في حب محبوب
واحد بعينه ،فلعهدي بهما كل واحد منهما رقيب على صاحبه .وفي ذلك أقول:
الوشي
ومعن آفات الحعب الوشععي ،وهععو على ضربيعن أحدهمععا واش يريععد القطعع بيعن
المتحابين فقط ،وإن هذا لفترهما سوءة ،على أنه السم الذعاف والصاب الممقر
والحتعف القاصعد والبلء الوارد .وربمعا لم ينجعع ترقيشعه .وأكثعر معا يكون الوشعي
فإلى المحبوب ،وأما الحب فهيهات ،حال الجريض دون القريض .ومنع الحرب
معن الطرب ،شغله بمعا هعو مانعع له معن اسعتماع الواشعي .وقعد علم الوشاة ذلك،
وإنمعا يقصعون إلى الخلي البال ،الصعائل بحوزة الملك ،المتعتعب عنعد أقعل سعبب.
وإن للوشاة ضروباً معن التنقيعل ،فمنهعا أن يذكعر للمحبوب عمعن يحعب أنعه غيعر
كاتععم للسععر ،وهذا مكان صعععب المعاناة ،بطيععء البرء إل أن يوافععق معارضاً
للمحععب فععي محبتععه وهذا أمععر بوجععب النفار ،فل فرج للمحبوب إل بأن تسععاعده
القدار بالطلع على بععض أسعرار معن يحعب ،يععد أن يكون المحبوب ذا عقعل،
وله حظ من تمييز ،ثم يدعه والمطاولة .فإذا تكدب عنده نقل الواشي مع ما أظهر
مععن الجفاء والتحفععظ ولم يسععمع لسععره إذاعععة علم أنععه إنمععا زور له الباطععل،
واضمحل ما قام في نفسه ولقد شاهدت هذا بعينه لبعض المحبين مع بعض من
كان يحبععن ،وكان المحبوب شديععد المراقبععة عظيععم الكتمان ،وكثععر الوشاة بينهمععا
حتععى ظهرت أعلم ذلك فععي وجهععه وحدث فععي حععب لم يكععن ،وركبتععه رحمععة،
وأظلته فكرة .ودهمته حيرة ،إلى إن ضاق صدره وباح بما نقل إليه .فلو شاهدت
مقام المحب في اعتذاره لعلمت أن الهوى سلطان مطاع ،وبناء مشدود الواخي،
وسنان نافذ ،وكان اعتذاره بين الستسلم والعتراف ،والنكار والتوبة والرمي
في ذلك شفاء نفسه وبلوغ وطره .وهذا فصل وإن كان شديداً في النقل فهو أيسر
معاناة ممعا قبله ،فحالة المحعب غيعر حالة المتلذذ ،وشواهعد الوجعد متفرقعة بينهمعا.
وقد وقع من هذا نبذ كافية في باب الطاعة .وربما نقل الواشي أن هوى العاشق
مشترك وهذه النار المحرقة والوجع الفاشي في العضاء ،وإذا وافق الناقل لهذه
ل إلى
المقالة أن يكون المحععب فتععى حسععن الوجععه حلو الحركات مرغوبًا فيععه مائ ً
اللذات دنياوي الطبعععع ،والمحبوب امرأة جليلة القدر سعععرية المنصعععب ،فأقرب
الشياء سعيها في إهلكه وتصديها لحتفه .فكم صريع على هذا السبب ،وكم من
سقى السم فقطع أمعاءه لهذا الوجه .وهذه كانت ميتة مروان بن أحمد بن حدير،
والد أحمد المتنسك ،وموسى وعبد الرحمن ،المعروفين بابني لبنى ،من قبل قطر
الندى جاريته .وفي ذلك أقول محذراً لبعض أخواتي قطعة ،منها:
والثاني واش يسعى للقطع بين المحبين لينفرد بالمحبوب ويستأثر به وهذا أشد
ومن الوشاة جنس ثالث ،وهو واش يسعى بهما جميعاً ويكشف سرهما ،وهذا ل
التنقيل والنمائم .فالكلم يدعو بعضه بعضاً كما شرطنا في أول الرسالة ،وما في
جميععع الناس شععر مععن الوشاة ،وهععم النمامون ،وإن النميمععة لطبععع يدل على نتععن
الصعل ورداءة الفرع وفسعاد الطبعع وخبعث النشأة ،ول بعد لصعاحبه معن الكذب
والنميمعة فرع معن فروع الكذب ونوع معن أنواععه ،وكعل نمام كذاب ،ومعا أحببعت
كذاباً قعط ،وإني لسعامح فعي إخاء كعل ذي عيب وإن كان عظيماً ،وأكعل أمره إلى
خالقعه ععز وجعل ،وآخعذ معا ظهعر معن أخلقعه ،حاشعى من أعلمعه يكذب فهعو عندي
ماح لكعل محاسعنه ،ومععف على جميعع خصعاله ،ومذهعب كعل معا فيعه ،فمعا أرجعو
عنده خيراً أصلً ،وذلك لن كل ذنب فهو يتوب عنه صاحبه وكل ذام فقد يمكن
الستتار به والتوبة منه ،حاشى الكذب فل سبيل إلى الرجعة عنه ول إلى كتمانه
حيعث كان .ومعا رأيعت قعط ول أخعبرني معز رأى كذاباً ترك الكذب ولم يععد إليعه،
ول بدأت قعط بقطيععة ذيعب معرفعة إل أن أطلع أله على الكذب ،فحينئذ أكون أنعا
القاصعد إلى مجانبتعه والمتعرض لمتاركتعه ،وهعي سعمة معا رأيتهعا قعط فعي أحعد إل
وهو مزنون في نفسه إليه بشق ،مغموز عليه لعاهة سوء في ذاته .نعوذ بال من
الخذلن.
و قال بععض الحكماء :آخ معن شئت واجتنعب ثلثعة :الحمعق فإنعه يريعد أن ينفععك
فيضرك والملول فشأنعععه أوثعععق معععا تكون بعععه لطول الصعععحب وتأكدهعععا يخذلك
والكذاب فإنعه يجنعي عليعك آمعن معا كنعت فيعه معن حيعث ل تشععر .وحديعث ععن
رسول ال صلى ال عليه وسلم :حسن العهد من اليمان .وعنه عليه السلم :ل
يؤمن الرجل باليمان كله حتى يدع الكذب في المزاح حدثنا بهذا أبو عمر أحمد
بن محمعد ععن محمعد بعن علي بن رفاععة ععن علي بعن عبعد العزيعز ععن أبعي عبيعد
القاسم بن سلم عن شيوخه ،والخر منهما مسند إلى عمر بن الخطاب وابنه عبد
وال ععز وجعل يقول( :يعا أيهعا الذيعن آمنوا لم تقولون معا ل تفعلون .كعبر مقتاً عنعد
ال أن تقولوا معا ل تفعلون) وععن رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم أنعه سعئل هعل
يكون المؤمعن بخيلً؟ فقال :نععم .قيعل :فهعل يكون المؤمعن جباناً؟ فقال :نععم .قيعل:
وبهذا السعناد ،أن رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم قال :ل خيعر فعي الكذب فعي
وبهذا السعناد ععن مالك أنعه بلغعه ععن ابعن مسععود أنعه كان يقول .ل يزال العبعد
يكذب وينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود القلب فيكتب عن ال من الكذابين.
وبهذا السناد عن ابن مسعود رضي ال عنه أنه قال :عليكم بالصدق فإنه يهدي
إلى البر ويهذي إلى الجنة .وإياكم والكذب فإنه يهذي إلى الفجور والفجور يهذي
إلى النار.
وروى أنه أتاه صلى ال عليه وسلم رجل فقال :يا رسول ال ،إني أستتر بثلث
الخمر والزنا والكذب .فمرني أيهما أترك .قال :اترك الكذب فذهب منه .ثم أراد
الزنا ففكر فقال :آتي رسول ال صلى ال عليه وسلم فيسألني :أزنيت؟ فإن قلت.
نععم ،حدنعي ،وإن قلت :ل .نقضعت العهعد ،فتركعه .ثعم كذلك فعي الخمعر .فعاد إلى
رسععول ال صععلى ال عليععه وسععلم فقال :يععا رسععول ال ،إنععي تركععت الجميععع.
فالكذب أصعل كعل فاحشعة ،وجامعع كعل سعوء ،وجالب لمقعت ال ععز وجعل .وععن
أبعي بكعر الصعديق رضعي ال عنعه أنعه قال كعل الخلل يطبعع عليهعا المؤمعن إل
الخيانة والكذب .وعن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال :ثلث من كن فيه
كان منافقاً :معععععععن إذا وععععععععد أخلف ،وإذا تحدث كذب ،وإذا أؤتمعععععععن خان.
وهعل الكفعر إل كذب على ال ععز وجعل ،وال الحعق وهعو يحعب الحعق وبالحعق
قامعت السعموات والرض .ومعا رأيعت أخزى معن كذاب ،ومعا هلكعت الدول ول
هلكعت الممالك ول سعفكت الدماء ظلماً ول هتكعت السعتار بغيعر النمائم والكذب،
والخزي والذل ،وأن ينظر منه الذي ينقل إليه فضلً عن غيره بالعين التي ينظر
بها من الكلب .وال عز وجل يقول( :ويل لكل همزة لمزة) .ويقول جل من قائل:
(يعا أيهعا الذيعن آمنوا إذ جاءكعم فاسعق بنبعإ فتعبينوا) .فسعمى النقعل باسعم الفسعوق.
ويقول( :ول تطع كل حلف مهين هماز مشاء بنميم .مناع للخير معتد أثيم .عتل
بعععد ذلك زنيععم) .والرسععول عليععه السععلم يقول( :ل يدخععل الجنععة قتات) .ويقول:
(وإياكم وقاتل الثلثة) .يعني المنقل والمنقول إليه والمنقول عنه والحنف يقول:
الثقعة ل يبلغ ،وحعق لذي الوجهيعن أل يكون عنعد ال وجيهاً .وهعو معا يجعله معن
رجعل معن إخوانعي عنعي كذباً على جهعة الهزل ،وكان هذا الشاععر كثيعر الوهعم
فأغضبعه وصعدقه ،وكلهمعا كان لي صعديقاً ،ومعا كان الناقعل إليعه معن أهعل هذه
الصعفة ولكنعه كان كثيعر المزاح جعم الدعابعة .فكتبعت إلى أبعي إسعحاق ،وكان يقول
ول تتبدل قـالة قـد سـمـعـتـهـا تقال ول تدري الصحيح بمـا تـدري
فلقى الردى في الفيح المهمة القفر كمن قد أراق المـاء لـلل إن بـدا
وكان لي صديق مرة؛ وكثر التدخيل بيني وبينه حتى كدح ذلك فيه واستبان في
وجهه وفي لحظه ،وطبعت على التأني والتربص والمسالمة ما أمكنت ،ووجدت
بدت ما ادعى حسن الرماية وهرز ولي في الذي أبدى مرام لوانـهـا
وأقول مخاطباً لعبيعد ال بعن يحيعى الجزيري الذي يحفعظ لعمعه الرسعائل والبليغعة
وكان طبعع الكذب قعد اسعتولى عليعه واسعتحذ على عقله وألفعه وألفعة النفعس المعل
ويؤكععد نقله وكذبععه باليمان المؤكدة المغلطععة ،مجاهراً بهععا أكذب مععن السععراب
مسعتهتراً بالكذب مشغوفاً بعه ،ل يزال يحدث معن قعد صعح عنده أنعه ل يصعدقه فل
وأقطع بين الناس من قصب الهند أنم من المرآة في كـل مـا درى
تحليله بالقطـع بـين ذوي الـود أظن المنايا والزمان تـعـلـمـا
وليعس معن نبعه غافلً ،أو نصعح صعديقاً ،أو حفعظ مسعلماً ،أو حكعى ععن فاسعق
وأحدث ععععن عدو معععا لم يكعععن يكذب ول يكذب ،ول تعمعععد الضغائن ،متنقلً.
وهما صفتان متقاربتان في الظاهر متفاوتتان فعي الباطن ،أحدهما داء والخرى
دواء والثاقعب القريحعة ل يخفعى عليعه أمرهمعا ،لكعن الناقعل معن كان تنقيله غيعر
مرضعى فعي الديانعة ،ونوى بعه التشتيعت بيعن الولياء ،والتضريعب بيعن الخوان،
والتحريش والتوبيش والترقيش .فمن خاف إن سلك طريق النصيحة أن يقع في
طريععق النميمععة ،ولم يثععق لنفاذ تمييزه ومضاء تقديره فيمععا يرده مععن أموره دنياه
ومعاملة أهل زمانه ،فليجعل دينه دليلً له وسراجاً يستضيء به ،فحيثما سلك به
سلك وحيثما أوقفه وقعف .فشارع الشريعة وباعث الرسول عليه السلم ومرتب
الوامر والنواهي أعلم بطريق الحق وأدري بعواقب السلمة ومغبات النجاة من
الباب العشرون
الوصل
ومعن وجوه العشعق الوصعل ،وهعو حعظ رفيعع ،ومرتبعة سعرية ،ودرجعة عاليعة،
وسععد طالع .بعل هعو الحياة المجدة ،والعيعش السعني ،والسعرور الدائم ورحمعة معن
ال عظيمعة .ولول أن الدنيعا دار ممعر ومحنعة وكدر ،والجنعة دار جزاء وأمان معن
المكاره ،لقلنعا إن وصعل المحبوب هعو الصعفاء الذي ل كدر فيعه ،والفرح الذي ل
شائبععة ول حزن معععه ،وكمال المانععي؛ ومنتهععى الراجععي .ولقععد جربععت اللذات
على تصرفها ،وأدركت الحظوظ على اختلفها ،فما للدنو من السلطان ول للمال
المسععتفاد ،ول الوجود بعععد العدم ،ول الوبععة بعععد طول الغيبععة ول المععن بعععد
الخوف ،ول التروح على المال ،معن الموقعع فعي النفعس معا للوصعل؛ ل سعيما بععد
طول المتناع ،وحلول الهجعر حتعى يتأجعج عليعه الجوى ،ويتوقعد لهيعب الشوق،
وتنصعرم نار الرجاء .ومعا أصعناف النبات بععد غعب القطعر ،ول إشراق الزاهيعر
بعععد إقلع السععحاب السععاريات فععي الزمان السععجسج ول خريععر المياه المتخللة
لفانين النوار ،ول تأنق القصور البيض قد أحدقت بها الرياض الخضر ،بأحسن
مععن وصععل حععبيب قععد رضيععت أخلقععه ،وحمدت غرائزه ،وتقابلت فععي الحسععن
أوصعافه .وأنعه لمعجعز ألسعنة البلغاء ،ومقصعر فيعه بيان الفصعحاء ،وعنده تطيعش
ومعن لذيعذ معانعي الوصعل المواعيعد ،وإن للوععد المنتظعر مكاناً لطيفاً معن شغاف
القلب ،وهععو ينقسععم قسععمين ،أحدهمعا الوعععد بزيارة المحععب لمحبوبععه وفيعه أقول
قطعة ،منها:
في نوره من سنا إشراقها عرضا أسامر البدر لما أبـطـأت وأرى
والوصل منبسطا والهجر منقبضا فبت مشترطا والود مختـلـطـا
والثاني انتظار الوعد من المحب أن يزور محبوبه ،وإن لمبادئ الوصل وأوائل
السعععاف لتولجاً على الفؤاد ليععس لشيععء مععن الشياء .وإنععي لعرف مععن كان
ممتحنعا بهوى فعي بععض المنازل المصعاقبة فكان يصعل متعى شاء بل مانعع ول
سععبيل إلى غيععر النظععر والمحادثععة زماناً طويلً ،ليل متععى أحععب ونهاراً ،إلى أن
ساعدته القدار بإجابة ،ومكنته بإسعاد بعد يأسه ،لطول المدة ولعهدي به قد كاد
أن يختلط عقله فرحاً ،وما كاد يتلحق كلمه سروراً ،فقلت في ذلك:
لكان ذنبي عند الـلـه مـغـفـورا برغبة لو إلى ربي دعـوت بـهـا
ولو دعوت بها أسد الـفـل لـغـدا إضرارها عن جميع الناس مقصورا
فاهتاج من لوعتي ما كان مغمـورا فجاد باللثم لي من بعد مـنـعـتـه
فغص فانصاع في الجداث مقبورا كشارب الماء كي يطفي الغليل بـه
وقلت:
وأعطيت عيني عنان الفـرس جرى الحب مني مجرى النفس
وربما جاد لي في الخـلـس ولي سـيد لـم يزل نـافـرا
فزاد أليل بقلـبـي الـيبـس فقبـلـتـه طـالـبـا راحة
يبيس رمى فيه رام قبـسـي وكان فؤادي كتبـت هـشـيم
ومنها:
خعبر :وإنعي لعرف جاريعة اشتعد وجدهعا بفتعى معن أبناء الرؤسعاء ،وهعو ل علم
عنده ،وكثععر غمهععا وطال أسععفها إلى أن ضنيععت بحبععه ،وهععو بغرارة الصععبي ل
يشععر .ويمنعهعا معن إبداء أمرهعا إليعه الحياء منعه لنهعا كانعت بكراً بخاتمهعا ،معع
الجلل له عن الهجوم عليه بما ل تدري لعله ل يوافقه .فلما تمادى المر وكانا
إلفين في النشأة ،شكت ذلك إلى امرأة جزلة الرأي كانت تثق بها لتوليها تربيتها،
فقالت لهعا :عرضعي له بالشععر .ففعلت المرة بععد المرة وهعو ل يأبعه فعي كعل هذا،
ولقععد كان لقنًا ذكياً لم يظععن ذلك فيميععل إلى تنتيععش الكلم بوهمععه ،إلى أن عيععل
صعبرها وضاق صعدرها ولم تمسعك نفسعها فعي قعدة كانعت لهعا مععه فعي بععض
الليالي منفردين ،ولقد كان يعلم ال عفيفاً متصاوناً بعيداً عن المعاصي ،فلما حان
قيامهعا عنعه بدرت إليعه فقبلتعه فعي فمعه ثعم ولت فعي ذلك الحيعن ولم تكلمعه بكلمعة،
فبهعت وسعقط فعي يده وفعت فعي عضده ووجعد فعي كبده وعلتعه وجمعة ،فمعا هعو إل
أن غابعت عنعه ووقعع فعي شرك الردى واشتعلت فعي قلبعه النار وتصععدت أنفاسعه
وترادفعت أرجاله وكثعر قلقعه وطال أرقعه ،فمعا غمعض تلك الليله عيناً ،وكان هذا
بدء الحععب بينهمععا دهراً ،إلى أن جذت جملتهععا يععد النوى .وإن هذا لمععن مصععائد
إبليععس ودواعععي الهوى التععي ل يقععف لهععا أحععد أل مععن عصععمه ال عععز وجععل.
ومن الناس من يقول :إن دوام الوصل يودي بالحب ،وهذا هجين من القول ،إنما
وعني أخبرك أني ما رويت قط من ماء الوصل ول زادني إل ظلماً .وهذا حكم
معن تداوى برأيعه وإن ربعه عنعه سعريعاً .ولقعد بلغعت معن التمكعن بمعن أحعب أبععد
الغايات التي ل يجد النسان وراءها مرمى ،فما وجدتني إل مستزيداً ،ولقد طال
بي ذلك فما أحسست بسآمة ول رهقتني فترة ،ولقد ضمني مجلس مع بعض من
كنعت أحعب فلم أجعل خاطري فعي فعن معن فنون الوصعل إل وجدتعه مقصعراً ععن
مرادي وغيععر شاف وجدي ول قاض أقععل لبانععة مععن لباناتععي ،ووجدتنععي كلمععا
ازددت دنواً ازددت ولوعاً ،وقدحعت زناد الشوق نار الوجعد بيعن ضلوععي ،فقلت
البيعن ،ورغبعا ععن الهجعر ،وبعدا ععن الملل ،وفقدا العذال ،وتوافقعا فعي الخلق،
وتكافيعا فعي المحبعة ،وأتاح ال لهمعا رزقاً دارا ،وعيشاً قاراً ،وزماناً هادياً ،وكان
اجتماعهمععا على مععا يرضععي الرب مععن الحال ،وطالت صععحبتهما واتصععلت إلى
وقعت حلول الحمام الذي ل مرد له ول بعد منعه ،هذا عطاء لم يحصعل عليعه أحعد،
وحاجة لم تقض لكل طالب ،ولو ل أن مع هذه الحال الشفاق من بغتات المقادير
المحكمعة فعي غيعب ال ععز وجعل ،معن حلول فراق لم يكتسعب؛ واخترام منيعة فعي
حال الشباب أو معا أشبعه ذلك ،لقلت إنهعا حال بعيدة معن كعل آفعة ،وسعليمة معن كعل
داخلة .ولقد رأيت من اجتمع له هذا كله إل أنه كان دهى فيمن كان يحبه بشراسة
الخلق ،ودالة على المحبة ،فكانا ل يتهنيان العيش ول تطلع الشمس في يوم إل
وكان بينهمعا خلف فيعه ،وكلهمعا كان مطبوعاً بهذا الخلق .لثقعة لك واحعد منهمعا
بمحبععة صععاحبه ،إلى أن دنععت النوى بينهمععا فتفرقععا بالموت المرتععب لهاذ العالم،
وروى ععن زياد بعن أبعي سعفيان رحمعه ال أنعه قال لجلسعاته :معن أنععم الناس
عيشعة؟ قالوا :أميعر المؤمنيعن .فقال :وأيعن معا يلقعى معن قريعش؟ قيعل :فأنعت .قال:
أيعن معا ألقعى معن الخوارج والثغور؟ قيعل فمعن أيهعا الميعر .قال :رجعل مسعلم له
زوجعة مسعلمة لهمعا كفاف معن العيعش قعد رضيعت بعه ورضعى بهعا ل يعرفنعا ول
نعرفعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععه.
وهعل فيمعا وافعق إعجاب المخلوقيعن ،وجل القلوب ،واسعتمال الحواس .واسعتهوى
يعدل إشفاق محعب على محبوب ولقعد شاهدت معن هذا المعنعى كثيراً ،وإنعه لمعن
المناظعر العجيبعة الباعثعة على الرقعة الرائقعة المعنعى ل سعيما إن كان هوى يتكتعم
بعه .فلو رأيعت المحبوب حيعن يعرض بالسعؤال ععن سعبب تغضبعه بحبعه ،وخجلتعه
فععي الخروج ممععا وقععع فيععه بالعتذار ،وتوجيهععه إلى غيععر وجهععه ،وتحليله فععي
اسعتنباط معنعى يقيمعه عنعد جلسعائه ،لرأيعت عجباً ولذة مخيفعة ل تقاومهعا لذة ،و
رأيت أجلب للقلوب ول أغوص على حياتها ول أنفذ للمقاتل من هذا الغفل ،وإن
إذا حضرهمعا أحعد وبينهمعا المسعند العظيعم معن المسعاند الموضوععة عنعد ظهور
الرؤسععاء على الفرش ويلتقععي رأسععاهما وراء المسععند ويقبععل كععل واحععد منهمععا
صاحبه ول يريان ،وكأنهما إنما يتمدادن من الكلل .ولقد كان بلغ من تكافئهما في
المودة آمراً عظيماً ،إلى أن كان الفتععى المحععب ربمععا اسععتطال عليهععا .وفععي ذلك
أقول:
ولقعد حدثتنعي امرأة أثعق بهعا أنعه شاهدت فتعى وجاريعة كان يجعد كعل واحعد منهمعا
بصاحبه فضل وجد ،قد اجتمعا في مكان على طرب ،وفي يد الفتى سكين يقطع
بهععا بعععض الفواكععه ،فجراهععا جراً زائداً فقطععع إبهامععه قطعاً لطيفاً ظهععر فيععه دم،
وكان على الجاريععة غللة قصععب خزائنيععة لهععا قيمععة ،فصععرفت يدهعا وخرقيتهععا
وأخرجعت منهعا فضلة شعد بهعا إبهامعه .وأمعا هذا الفععل للمحعب فقليعل فيمعا يجعب
عليعه ،وفرض لزم وشريععة مؤداة ،وكيعف ل وقعد بذل نفسعه ووهعب روحعه فمعا
يمنع بعدها.
خبر :وأنا أدركت بنت زكريا بن يحيى التميمي المعروف بابن برطال ،وعمها
كان قاضي الجماعة بقرطبة محمد بن يحيى ،وأخوه الوزير القائد الذي كان قتله
ويوسف ابن سعيد العكي ،وكانت متزوجة بيحيى بن محمد ابن الوزير يحيى بن
إسحاق ،فعاجلته المنية وهو في أغض عيشه وأنضر سرورهما ،فبلغ من أسفها
عليه أن باتت معه في دثار واحد ليلة ما ت وجعلته آخر العهد به وبوصله ،ثم لم
وإن للوصععل المختلس الذي يخاتععل بععه الرقباء ويتحفععظ بععه مععن الحضععر ،مثععل
خبر:
ولقعد حدثنعي ثقعة معن إخوانعي جليعل معن أهعل البيوتات أنعه كان علق فعي صعباه
جاريععة كانععت فععي بعععض دور آله ،وكان ممنوعاً منهععا فهام عقله بهععا .قال لي:
فتنزهنععا يوماً إلى بعععض ضياعناً بالسععهلة غربععي قرطبععة مععع بعععض أعمامععي،
فتمشينعا فعي البسعاتين وأبعدنعا ععن المنازل وانبسعطنا على النهار .إلى أن غيمعت
السعماء وأقبعل الغيعث ،فلم يكعن بالحضرة معن الغطاء معا يكفعي الجميعع .قال :فأمعر
عمعي ببععض الغطيعة فأليقعى علي وأمرهعا بالكتنان مععي ،فظعن بمعا شئت معن
التمكععن على أعيععن المل وهععم ل يشعرون ،ويالك مععن جمععع كخلء ،واحتفال
كانفراد .قال لي :فوال ل نسععيت ذلك اليوم أبداً .ولعهدي بععه وهععو يحدثنععي بهذا
الحديث وأعضاؤه كلها تضحك وهعو يهتز فرحاً على بععد العهعد وامتداد الزمان.
خبر :ومن بديع الوصل ما حدثني به بعض إخواني أنه كان في بعض المنازل
المصعاقبة له هوى ،وكان فعي المنزليعن موضعع مطلع معن أحدهمعا على الخعر،
فكانت تقف له في ذلك الموضع ،وكان فيه بعض البعد ،فتسلم عليه ويدها ملفوفة
فعي قميصعها .فخاطبهعا مسعتخبراً لهعا عن ذلك .فأجابتعه :إنعه ربمعا أحعس معن أمرنعا
شيعء فوقعف لك غيري فسعلم عليعك فرددت عليعه ،فصعح الظعن ،فهذه علمعة بينعي
وبينععك فإذا رأيععت يداً مكشوفععة تشيععر نحوك بالسععلم فليسععت يدي فل تجاوب.
وربما استحلى الوصال واتفقت القلوب حتى يقع التخلج في الوصال ،فل يلتفت
إلي لئم ول يسعتتم معن حافعظ ول يبالي بناقعل ،بعل العذل حينئذ يغري .وفعي صعفة
حصلت فيه كحصول الفراش كم درت حول الحب حتى لقد
ومنه:
كماسرى نحو سنا النار عـاش تعشو إلى الوصل دواعي الهوى
ومنه:
ومنه:
الهجر
ومعن آفات الحعب أيضاً الهجعر ،وهعو على ضروب :فأولهعا هجعر يوجبعه تحفعظ
معن رقيعب حاضعر؛ وإنعه لحلى معن كعل وصعل ،ولول أن ظاهعر اللفعظ وحكعم
التسعمية يوجب إدخاله فعي هذا الباب لرجععت بعه عنعه ولجللتعه ععن تسعطيره فيعه.
فحينئذ ترى الحععععبيب منحرفاً عععععن محبععععه مقبلً بالحديععععث على غيره معرضاً
بمعرض لئل تلحعق ظنتعه أو تسعبق اسعترابته .وترى المحعب أيضاً كذلك .ولكعن
طبععه له جاذب ،ونفسعه له صعارفة بالرغعم ،فتراه حينئذ منحرفاً كمقبعل ،وسعاكناً
كناطق ،وناظراً إلى جهة نفسه في غيرها .والحاذق الفطن إذا كشف بوهمه عن
باطعن حديثهمعا علم أن الخافعي غيعر البادي ،ومعا جهعر بعه غيعر نفعس الخعبر ،وأنعه
لمن المشاهد الجالبة للفتن والمناظر المحركة للسواكن الباعثة للخواطر المهيجة
للضمائر الجاذبة للفتوة .ولي أبيات في شيء من هذا أوردتها .وإن كان فيها غير
كما عير الحوت النعامة بالصدى يلوم أبو العباس جهلً بطبـعـه
ومنها:
حياتي بها والموت منهن يرهب أقمت ذوي ودي مقام طبائعـي
ومنها:
ومنها:
فرد طيبا إن لـم يتـح لـك أطـيب وفي كل مخلوق تـراه تـفـاضـل
ول ترضى ورد الريق إل ضـرورة إذا لم يكن في الرض حاشاه مشرب
ول تقربن ملـح الـمـياه فـإنـهـا شجى والصدى بالحر أولى وأوجـب
ومنها:
ل بمن هو يغلب
ول تك مشغو ً فخذ من جراها ما تيسر واقتنع
ول هي إن حصلت أم ول أب فما لك شرط عندهـا ل ول يد
ومنها:
وإن بعدت فالمر ينأى ويصعـب ول تيأسن مـمـا ينـال بـحـيلة
ول تلتبس بالضوء فالشمس تغرب ول تأمن الظلم فالفجر طـالـع
ومنها:
إذا طال ما يأتي عليه ويذهب ألح فإن الماء يكدح في الصفا
فعلت فماء المزن جم وينضب وكثر ول تفشل وقلل كثير مـا
وقام له منه غذاء مـجـرب فلو يتغذى المرء بالسم قـاتـه
ثعم هجعر يوجبعه التذلل ،وهعو ألذ معن كثيعر الوصعال ،ولذلك ل يكون إل ععن ثقعة
كعل واحعد معن المتحابيعن بصعاحبه ،واسعتحكام البصعيرة فعي صعحة عقده فحينئذ
يظهعععر المحبوب هجراناً ليرى صعععبر محبعععه ،وذلك لئل يصعععفو الدهعععر البتعععة،
وليأسف المحب إن كان مفرط العشق عند ذلك ل لما حل ،لكن مخافة أن يترقى
المر إلى معا هعو أجعل ،يكون ذلك الهجعر سعبباً إلى غيره ،أو خوفاً من آفعة حادث
ملل .ولقعد عرض لي فعي الصعبا هجعر معع بععض من كنعت آلف ،على هذه الصعفة
وهعو ل يلبعث أن يضمحعل ثعم يعود .فلمعا كثعر ذلك قلت على سعبيل المزاح شعراً
بديهياً ختمت كل بيت منه بقسم من أو قصيدة طرفة بن العبد المعلقة ،وهي التي
قرأناهعا مشروحعة على أبعي سععيد الفتعى الجعفري ععن أبعي بكعر المقرئ ععن أبعي
ثم هجر يوجبه العتاب لذنب يقع من المحب ،وهذا فيه بعض الشدة ،لكن فرحة
الرجععة وسعرور الرضعى يعدل معا مضعى ،فإن لرضعى المحبوب بععد سعخطه لذة
في القلب ل تعدلها لذة .وموقفاً من الروح ل يفوقه شيء من أسباب الدنيا .وهل
شاهعد مشاهعد أو رأت عيعن أرقام فعي فكعر ألذ وأشهعى معن مقام قعد قام عنعه كعل
رقيععب ،وبعععد عنععه كععل بغيععض ،وغاب عنععه كععل واش ،واجتمععع فيععه محبان قععد
تصعارما لذنعب وقعع معن المحعب منهمعا وطال ذلك قليلً ،وبدأ بععض الهجعر ولم
يكعن ثعم مانعع معن الطالة للحديعث ،فابتدأ المحعب فعي العتذار والخضوع والتذلل
والدلة بحجتععه مععن الدلل والذلل والتذمععم بمععا سععلف ،فطوراً يدلي بععبراءته،
وطوراً يرد بالعفو ويستدعى المغفرة ويقر بالذنب ول ذنب له ،ولحبوب في كل
ذلك ناظعر إلى الرض يسعارقه اللحععظ الخفععي وربمعا أدامععه فيعه ثعم يبسعم مخفياً
لتبسمه ،وذلك علمة الرضى .ثم ينجلي مجلسهما عن قبول العذر ،ويقبل القول،
وامتحعت ذنوب النقعل ،وذهبعت آثار السعخط ،ووقعع الجواب بنععم وذنبعك مغفور،
ولو كان فكيععف ول ذنععب ،وختمععا أمرهمععا بالوصععل الممكععن وسععقوط العتاب
هذا مكان تتقاصععر دونععه الصععفات وتتلكععن بتحديده اللسععنة؛ ولقععد وطئت بسععاط
الخلفاء وشاهدت محاضععر الملوك فمععا رأيععت هيبععة تعدل هيبععة محععب لمحبوبععه،
ورأيعت تمكعن المتغلبيعن على الرؤسعاء وتحكعم الوزراء .وانبسعاط مدبري الدول،
فمععا رأيععت أشععد تبجحاً ول أعظععم سععروراً بمعا هععو فيععه معن محععب أيقععن أن قلب
وحضرت مقام المعتذيعن بيعن أيدي السعلطين ،ومواقعف المتهميعن بعظيعم الذنوب
مع المتمردين الطاغين ،فما رأيت أذل من موقف محب هيمان بين يدي محبوب
غضبان قعد غمره السعخط وغلب عليعه الجفاء .ولقعد امتحنعت المريعن وكنعت فعي
الحالة الولى أشعد معن الحديعد وأنفعذ معن السعيف ،ل أجيعب إلى الدنيعة ول أسعاعد
على الخضوع ،وفعي الثانيعة أذل معن الرداء ،وأليعن معن القطعن ،أبادر إلى أقصعى
غايات التذلل ،وأغتنعم فرصعة الخضوع لو نجعع ،وأتحلل بلسعاني ،وأغوص على
دقائق المعانعي بعبياني ،وأفنعن القول فنوناً ،وأتصعدى لكعل معا يوجعب الترضعي.
والتجني بعض عوارض الهجران ،وهو يقع في أول الحب وآخره ،فهو في أوله
خعبر :واذكعر فعي مثعل هذا أنعي كنعت مجتازًا فعي بععض اليام بقرطبعة فعي مقعبرة
باب عامر في أمة من الطلب وأصحاب الحديث ،ونحن نريد مجلس الشيخ أبي
القاسعم عبعد الرحعم بعن أبعي يزيعد المصعري بالرصعافة أسعتاذي رضعي ال عنعه،
ومعنا أبو بكر عبد الرحمن بن سليمان البلوي من أهل سبتة ،وكان شاعراً مفلقاً
إلى نقض أسباب المودة يسرع سريع إلى ظهر الطريق وإنه
إذا كان في ترقيعه يتقـطـع يطول علينـا أن نـرفـع وده
فوافعق إنشاد البيعت الول معن هذيعن البيتيعن خطور أبعي الحسعين بعن علي الفاس
رحمعه ال تعالى وهعو يؤم أيضاً مجلس ابعن أبعي يزيعد ،فسعمعه فتبسعم رحمعه ال
نحونا وطوانا ماشياً وهو يقول :بل إلى عقد المودة إن شاء ال ،هذا على جد أبي
الحسين رحمه ال وفضله وتقربه وبراءته ونسكه وزهده وعلمه فقلت في ذلك:
ويقعع فيعه الهجعر والعتاب .ولعمري إن فيعه إذا كان قليلً للذة ،وأمعا إذا تفاقعم فهعو
فأل غير محمود ،وأمارة وبيئة المصدر ،وعلمة سوء ،وهي بجملة المر مطية
وداعية القلى ،ومقدمة الصد ،وإنما يستحسن إذا لطف وكان أصله الشفاق .وفي
ذلك أقول:
وكان سععبب قولي هذه البيات عتاب وقععع فععي يوم هذه صععفته مععن أيام الربيععع
فقلتها في ذلك الوقت ،وكان لي في بعض الزمن صديقان وكانا أخوين فغابا في
سعفر ثعم قدمعا ،وقعد أصعابني رمعد فتأخرا ععن عيادتعي ،فكتبعت إليهمعا ،والمخاطبعة
ثعم هجعر يوجبعه الوشاة ،وقعد تقدم القول فيهعم وفيمعا يتولد معن دبيعب عقاربهعم،
ثم هجر الملل ،والملل من الخلق المطبوعة في النسان ،وأحرى لمن دهى به
أل يصعفو له صعديق ،ول يصعح له إخاء ،ول يثبعت على عهعد ،ول يصعبر على
إلف ،ول تطول مسععاعدته لمحععب ،ول يعتقععد منععه ود ول بغععض .وأولى المور
بالناس أل يغروه منهععم وأن يفروا عععن صععحبته ولقائه .فلن يظفروا منععه بطائل،
ولذلك أبعدنا هذه الصفة عن المحبين وجعلناها في المحبوبين ،فهم بالجملة أهل
التجني والتظني .والتعرض للمقاطعة .وأما من تزيا باسم الحب وهو ملول فليس
منهم ،وحقه أل يتجرع مذاقه ،وينفي عن أهل هذه الصفة ول يدخل في جملتهم.
وما رأيت قعط هذه الصفة أشعد تغلباً منها على أبي عامر محمعد بن عامر رحمه
ال ،فلو وصعف لي واصعف بععض معا علمتعه منعه لمعا صعدقته وأهعل هذا الطبعع
أسعععرع الخلق محبعععة ،وأقلهعععم صعععبراً على المحبوب وعلى المكروه والصعععد،
وانقلبهعم على الود على قدر تسعرعهم إليعه .فلتثعق بملول ول تشغعل بعه نفسعك،
ول تعنهععا بالرجاء فععي وفائه .فإن دفعععت إلى محبتععه ضرورة فعده ابععن سععاعته،
واسعتأنفه كعل حيعن معن أحيانعه بحسعب معا تراه معن تلونعه ،وقابله بمعا يشاكله .ولقعد
كان أبععو عامععر المحدث عنععه يرى الجاريععة فل يصععبر عنهععا ،ويحيععق بععه مععن
الغتنام والهععم مععا يكاد أن يأتععي عليععه حتععى يملكهععا ،ولو حال دونععه ذلك شوك
القتاد ،فإذا أيقعن بتصعيرها إليعه عادت المحبعة نفاراً ،وذلك النعس شروداً ،والقلق
إليها قلقاً منها ،ونزاعه نحوها نزاعاً عنها ،فيبيعها بأوكس الثمان هذا كان دأبه
حتعى أتلف فيمعا ذكرنعا معن عشرات ألوف الدنانيعر عدداً عظيماً ،وكان رحمعه ال
مععع هذا مععن أهععل الدب والحذق الذكاء والنبععل والحلوة والتوقععد ،مععع الشرف
العظيععم والمنصععب الفخععم والجاه العريععض .وأمععا حسععن وجهععه وكمال صععورته
فشيعء تقعف الحدود عنعه وتكعل الوهام عن وصعف أقله ول يتعاطى أحعد وصعفه.
ولقععد كانععت الشوارع تخلو مععن السععيارة ويتعمدون الخطور على باب داره فععي
الشارع الخذ من النهر الصغير على باب دارنا في الجانب الشرقي بقرطبة إلى
الدرب المتصعل بقصعر الزاهرة ،وفعي هذا الدرب كانعت داره رحمعه ال ملصعقة
لنا ،ل لشيء إل للنظر منه .ولقد مات من محبته جوار كن علقن أو هامهن به،
ورثيعععن له فخانهعععن ممعععا أملنعععه منعععه ،فصعععرن رهائن البلى وقتلتهعععن الوحدة.
وأنا أعرف جارية منهن كانت تسمى عفراء ،عهدي بها ل تتستر بمحبته حيثما
جلسعت ،ول تجعف دموعهعا ،وكانعت قعد تصعيرت معن داره إلى البركات الخيال
صاحب الفتيان .ولقد كان رحمه ال يخبرني عن نفسه أنه يمل اسمه فضلً عن
غير ذلك.
وأما إهوانه فإنه تبدل بهم في عمره على قصره مراراً ،وكان ل يثبت على زي
واحععد كأبععي براقععش ،حيناً يكون فععي ملبععس الملوك وحينًا فععي ملبععس الفتاك.
فيجعب على معن امتحعن بمخالطعة معن هذه صعفته على أي وجعه كان أل يسعتفرغ
عامعة جهده فعي محبتعه ،وأن يقيعم اليأس معن دوامعه خصعما لنفسعه؛ فإذا لحعت له
مخايل الملل قاطعة أياماً حتى ينشط باله ،ويبعد به عنه ،ثم يعاوده ،فربما دامت
ومعن الهجعر ضرب يكون متوليعه المحعب ،وذلك عندمعا يرى معن جفاء محبوبعه
والميل عنه إلى غيره ،أو لثقيل يلزمه ،فيرى الموت ويتجرع غصص السى،
والععض على نقيعف الحنظعل أهون من رؤيعة مايكره ،فينقطع وكبده تتقطعع ،وفعي
ذلك أقول:
خبر:
ومن عجيب ما يكون فيها وشنيعه أني أعرف من هام قلبه بمتناه عنه نافر منه،
فقاسى الوجد زمناً طويلً ،ثم سنحت له اليام بسانحة عجيبة من الوصل أشرف
بهعا على بلوغ أمله ،فحيعن لم يكعن بينعه وبيعن غايعة رجائه إل كهؤلء عاد الهجعر
وقلت:
يدا فانثني نحو الـمـجـرة راحـلً دنا أمـلـي حـتـى مـددت لخـذه
فأصبحت ل أرجو وقد كنت موقـنـا وأضحى مع الشعري وقد كان حاصلً
ل فأصبـحـت آمـلً
وقد كنت مأمو ً وقد كنت محسودا فأصبحت حـاسـدا
فل يأمنن الدهر من كـان عـاقـلً كذا الدهر في كراتـه وانـتـقـالـه
ثعم هجعر القلى ،وهنعا ضلت السعاطير ونفدت الحيعل وعظعم البلء؛ وهعو الذي
خلى العقول ذواهل ،فمن دهى بهذه الداهية فليتصد لمحبوب محبوبه ،وليتعمد ما
يعرف أنعه يسعتحسنه .ويجعب أن يجتنعب معا يدري أنعه يكرهعه ،فربمعا عطفعه ذلك
عليعه إن كان المحبوب ممعن يدري قدر الموافقعة والرغبعة فيعه ،وأمعا معن لم يعلم
قدر هذا فل طمععع فععي اسععتصرافه ،بععل حسععناتك عنده ذنوب .فإن لم يقدر المرء
على اسععتصرافه فليتعمععد السععلوان وليحاسععب نفسععه بمععا هععو فيععه مععن البلء
والحرمان ،ويسععى فعي نيعل رغبتعه على أي وجعه أمكنعه .ولقعد رأيعت معن هذه
ومنها:
إلى الورد والدنيا تسيء مصادري ول ذنب لي إذ صرت أحدو ركائبي
إذا قصرت عنها ضعاف البصائر وماذا على الشمس المنيرة بالضحى
وأقول:
وأقول:
ومنها:
ومنها:
وفي هذه القصيدة أمدح أبا بكر هشام بن محمد أخا أمير المؤمنين عبد الرحمن
فأقول:
أليس يحيط الروح فينـا بـكـل مـا دنا وتناءى وهو في حجب الصـدر
محيط بما فيه وإن شئت فاستـقـر كذا الدهر جسم وهو في الدهر روحه
ومنها:
الوفاء
ومن حميد الغرائز وكريم الشيم وفاضل الخلق في الحب وغيره الوفاء ،وإنه
لمععن أقوى الدلئل وأوضععح البراهيععن على طيععب الصعععل وشرف العنصععر،
ومنها:
أو تذخر النحل في أوكارها الصبرا وهل ترى قط دفلى أنبتت عـنـبـا
وأول مراتب الوفاء أن يفي النسان لمن يفي له ،وهذا فرض لزم وحق واجب
على المحععب والمحبوب ،ل يحول عنععه إل خععبيث المحتععد ل خلق له ول خيععر
عنده .ولول أن رسععالتنا هذه لم نقصععد بهععا الكلم فععي أخلق النسععان وصععفاته
المطبوععة والتطبعع ومعا يزيعد من المطبوع بالتطبعع ومعا يضمحعل معن التطبع بععد
الطبعع ،لزدت فعي هذا المكان معا يجعب أن يوضعع فعي مثله ،ولكنعا إنمعا قصعدنا
التكلم فيمعا رغبتعه معن أمعر الحعب فقعط .وهذا أمعر كان يطول جداً إذ الكلم فيعه
يتفتن كثيراً.
خعبر :ومعن أرفعع معا شاهدتعه معن الوفاء فعي هذا المعنعى وأهوله شأنًا قصعة رأيتهعا
عياناً ،وهو أني أعرف من رضي بقطيعة محبوبه وأعز الناس عليه؛ ومن كان
الموت عنده أحلى معن هجعر سعاعة فعي جنعب طيعه لسعر أودععه ،وألزوم محبوبعه
يميناً غليظعة أل يكلمعه أبداً ول يكون بينهمعا خعبر أو يفضعح إليعه ذلك السعر .على
أن صعاحب ذلك السعر كان غائبًا فأبعى معن ذلك وتمادى وهعو على كتمانعه والثانعي
ثععم مرتبععة ثانيععة وهععو الوفاء لمععن غدر ،وهععي للمحععب دون المحبوب ،وليععس
للمحبوب هاهنعا طريعق ول يلزمعه ذلك ،وهعي خطعة ل يطيقهعا إل جلد قوي واسعع
الصعدر حعر النفعس عظيعم الحلم جليعل الصعبر حصعيف العقعل ماجعد الخلق سعالم
النيعة .ومعن قابعل الغدر بمثله فليعس بمسعتأهل للملمعة ،ولكعن الحال التعي قدمنعا
تفوفهععا جدا وتفوتهععا بعداً .وغايععة الوفاء فععي هذه الحال ترك مكافأة الذى بمثله،
والكعف ععن سعيء المعارضعة بالفععل والقول ،والتأنعي فعي جعر حبعل الصعحبة معا
أمكن ،ورجيت اللفة ،وطمع فعي الرجعة ،ولحت للعودة أدنعى مخيلة ،وشيمعت
منهعا أقعل بارقعة ،أو توجعس منهعا أيسعر علمعة .فإذا وقعع اليأس واسعتحكم الغيعظ
حينئذ والسعلمة معن غرك والمعن معن ضرك والنجاة معن أذاك ،وأن يكون ذكعر
معا سعلف مانعاً معن شفاء الغيعظ فيمعا وقعع ،فرععى الذمعة حعق وكيعد على أهعل
العقول ،والحنيعن إلى معا مضعى وأل ينسعى معا قعد فرغ منعه وفنيعت مدتعه أثبعت
الدلئل على صحة الوفاء وهذه الصفة حسنة جداً وواجب استعمالها في كل وجه
خعبر :ولعهدي برجعل معن صعفوة إخوانعي قعد تعلق بجاريعة فتأكعد الود بينهمعا ،ثعم
غدرت بعهده ونقضعععععععت وده وشاع خبرهمعععععععا ،فوجعععععععد لذلك وجدًا شديداً.
خبر :وكان لي مرة صديق ففسدت نيته بعد وكيد مودة ل يكفر بمثلها ،وكان علم
كل واحد منا سر صاحبه ،وسقطت المؤونة ،فلما تغير علي أفشعى كل ما اطلع
لي عليه مما كنت اطلعت منه على أضعافه ،ثم اتصل به أن قوله في قد بلغني،
فجزع لذلك وخشعي أن أقارضعه على قبيعح فعلتعه .وبلغنعي ذلك فكتبعت إليعه شعراً
خعبر :وممعا يدخعل فعي هذا الدرج ،وإن كان ليعس منعه ول هذا الفصعل المتقدم معن
جنس الرسالة والباب ولكنه شبيه له على ما قد ذكرنا وشرطنا ،وذلك أن محمعد
بعن وليعد بعن مكسعير الكاتعب كان متصعلً بعي ومنقطعاً إلى أيام وزارة أبعي رحمعة
ال عليعه ،فلمعا وقعع بقرطبعة معا وقعع وتغيرت أحوال خرج إلى بععض النواحعي
فاتصعل بصعاحبها فعرض جاهعه وحدثعت له وجاهعة وحال حسعنة .فحللت أنعا تلك
الناحيعة فعي بععض رحلتعي فلم يوفنعي حقعي بعل ثقعل عليعه مكانعي وأسعاء معاملتعي
وصحبتي ،وكلفته في خلل ذلك حاجة لم يقم فيها ول قعد واشتغل عنها لما ليس
فعي مثله شغعل .فكتبعت إليعه شعراً أعاتبعه فيعه ،فجاوبنعي مسعتعتباً على ذلك .فمعا
كلفته حاجة بعدها .ومما لي في هذا المعنى وليس من جنس الباب ولكنه يشبهه
المنون .وإن الوفاء في هذه الحالة لجل وأحسن منه في الحياة ومع رجاء اللقاء.
وخبر:
ولقد حدثتني امرأة أثق بها أنها رأت في دار محمد بن أحمد بن وهب المعروف
بابعن الركيزة معن ولد بدر الداخعل معع المام عبعد الرحمعن بعن معاويعة رضعي ال
عنه جارية رائعة جميلة كان لها مولى فجاءته المنية فبيعت في تركته ،فأبت أن
ترضععى ،بالرجال بعده ومعا جامعهععا رجععل إلى أن لقيعت ال عععز وجععل .وكانعت
للنسل واللذة والحال الحسنة ،وفاء منها لمن قد دثرووارته الرض والتأمت عليه
الصفائح ولقد رامها سيدها المذكور أن يضمها إلى فراشه مع جواريه ويخرجها
مما هي فيه فأبت ،فضربها غير مرة وأوقع بها الدب ،فصبرت على ذلك كله.
وأعلم أن الوفاء على المحععب أوجلب منععه على المحبوب وشرطععه له الزم ،لن
المحععب هععو البادي باللصععوق والتعرض لعقععد الذمععة والقاصععد لتأكيععد المودة
والمسععتدعى صععحة العشرة ،ول أول فععي عدد طلب الصععفياء ،والسععابق فععي
ابتغاء اللذة باكتسععاب الخلة ،والمقيععد نفسععه بزمام المحبععة قععد عقلهععا بأوثععق عقال
وخطمهععا بأشععد خطام ،فمععن قسععره على هذا كله إن لم يرد إتمامععه؟ ومععن أجععبره
على اسعتجلب المقعة وإن لم ينعو ختمها بالوفاء لمعن أراده عليهعا؟ والمحبوب إنمعا
هععو مجلوب إليععه ومقصععود نحوه ومخيععر فععي القبول أو الترك فإن قبععل فغايععة
الرجاء ،وإن أبععى فغيععر مسععتحق للذم .وليععس التعرض للوصععل واللحاح فيععه
شيعء فحعظ نفسعه أراد الطالب ،وفعي سعروره سععى وله احتطعب .والحعب يدعوه
ويحدوه على ذلك شاء أو أبعى ،وإنمعا يحمعد الوفاء ممعن يقدر على تركعه .وللوفاء
شروط على المحععبين لزمععة .فأولهععا أن يحفععظ عهععد محبوبععه ويرعععى غيبتععه،
وتسععتوي علنيتععه وسععريرته ،ويطوي شره وينشععر خيره ،ويغطععي على عيوبععه
ويحسعن أفعاله ،ويتغافعل عمعا يقعع منعه على سعبيل الهفوة ويرضعى بمعا حمله ول
يكثر عليه بما ينفر منه ،وأل يكون طلعة ثؤوباً ول ملة طروقاً .وعلى المحبوب
إن سععاواه فععي المحبععة مثععل ذلك ،وإن كان دونععه فيهععا فليععس للمحععب أن يكلفععه
الصعود إلى مرتبته ول له الستشاطة عليه بأن يسومه الستواء معه في درجته.
وبحسعبه منععه حينئذ كتمان خعبره وأل يقابله بمعا يكره ول يخيفععه بعه ،وإن كانعت
الثالثعة وهعي السعلمة ممعا يلقعى بالجملة فليقنعع بمعا وجعد ،وليأخعذ معن المعر معا
اسعتدف ول يطلب شرطاً ول يقترح حقاً .وإنمعا له معا سعنح بحده أو معا حان بكده،
وأعلم أنعه ل يسعتبين قبعح الفععل لهله ،ولذلك يتضاععف قبحعه عنعد معن ليعس معن
ذويععه ول أقول قولي هذا ممتدحاً ولكععن آخذاً بأدب ال عععز وجععل( :وأمععا بنعمععة
ربك فحدث).
لقعد منحنعي ال ععز وجعل معن الوفاء لكعل معن يمعت إلى بلقيعه واحدة ،ووهبنعي معن
المحافظعة لمعن يتذمعم منعي ولو بمحادثتعه سعاعة حظاً؟ أنعا له شاكعر وحامعد ومنعه
مسعتمد ومسعتزيد ،ومعا شيعء أثقعل علي معن الغدر ،ولعمري معا سعمعت نفسعي قعط
فعي الفكرة فعي إضرار معن بينعي وبينعه أقعل ذمام ،وإن عظمعت جريرتعه وكثرت
إلى ذنوبه ،ولقد دهمني من هذا غير قليل فما جزيت على السوءى إل بالحسني،
والحمد ل على ذلك كثيراً ،وبالوفاء أفتخر في كلمة طويلة ذكرت فيها ما مضنا
وبالوفاء أيضاً أفتخعر فعي قصعيدة لي طويلة أوردتهعا .وإن كان أكثرهعا ليعس معن
جنععس الكتاب ،فكان سععبب قولي لهععا أن قوماً مععن مخالفععي شرقوا بععي فأسععاءوا
العتب في وجهي وقذفوني بأني أعضد الباطل بحجتي ،عجزاً منهم عن مقاومة
معا أوردتعه معن نصعر الحعق وأهله .وحسعداً لي .فقلت ،وخاطبعت بقصعيدتي بععض
ولو أنهم حيات ضال نضـانـض وخذني عصا موسى وهات جميعهم
ومنها:
ومنها:
ومنها:
الغدر
وكمععا أن الوفاء مععن سععرى النعوت ونبيععل الصععفات ،فكذلك الغدر مععن ذميمهععا
ومكروهعا ،وإنمعا يسعمى غدراً معن البادي .وأمعا المقارض بالغدر على مثله ،وإن
استوى معه في حقيقة الفعل فليس بغدر ول هو معيبًا بذلك ،وال عز وجل يقول:
(وجزاء سعيئة سعيئة مثلهعا) .وقعد علمنعا أن الثانيعة ليسعت بسعيئة ولكعن لمعا جانسعت
الولى فعي الشبعه أوقعع عليهعا مثعل اسعمها ،وسعيأتي هذا مفسعرًا فعي باب السعلو إن
شاء ال .ولكثرة وجود الغدر فعععي المحبوب اسعععتغرب الوفاء منعععه فصعععار قليله
ومععن قبيععح الغدر أن يكون للمحععب سععفير إلى محبوبععه يسععتريح إليععه بأسععراره
خبر :ولقد حدثنعي القاضعي يونعس بن عبعد ال قال :أذكعر في الصبى جارية فعي
بععض السعدد يهواهعا فتعى معن أهعل الدب معن أبناء الملوك وتهواه ويتراسعلن،
وكان السععفير بينهمععا والرسععول بكتبهمععا فتععى مععن أترابععه كان يصععل إليهععا ،فلمععا
عرضععت الجاريععة للبيععع أراد الذي كان يحبهععا ابتياعهععا ،فبدر الذي كان رسععولً
فاشتراهععا .فدخععل عليهععا يومًا فوجدهععا قععد فتحععت درجاً لهععا تطلب فيععه بعععض
حوائجهعا ،فأتعى إليهعا وجععل يفتعش الدرج ،فخرج إليعه كتاب معن ذلك الفتعى الذي
كان يهواها مضمخاً بالغالية مصوناً مكرماً ،فغضب وقال :من أين هذا يا فلسقة؟
قالت :أنعت سعقته إلي .فقال :لعله محدث بععد ذاك الحيعن .فقالت :معا هعو إل معن
قديم تلك التي تعرف .قال فكأنما ألقمته حجراً ،فسقط في يديه وسكت.
البين
وقعد علمنا أنعه ل بد لكعل مجتمع من افتراق ،ولكعل دان من تناء ،وتلك عادة ال
فعي العباد والبلد حتعى يرث ال الرض ومعن عليهعا وهعو خيعر الوارثيعن .ومعا
شيء من دواهي الدنيا يعدل الفتراق ،ولو سألت الرواح به فضلً عن الدموع
كان قليلً .وسعمع بععض الحماء قائلً يقول :الفراق أخعو الموت ،فقال :بعل الموت
أخو الفراق.
والبيعن ينقسعم أقسعاماً :فأولهعا مدة يوقعن بانصعرامها وبالعودة ععن قريعب ،وإنعه
لشجي في القلب ،وغصة في الحلق ل تبرأ إل بالرجعة ،وأنا أعلم من كان يغيب
من يحب عن بصره يومًا واحداً فيعتريه من الهلع والجزع وشغل البال وترادف
ثعم بيعن منعع معن اللقاء ،وتحظيعر على المحبوب معن أن يراه محبعه ،فهذا ولو كان
مععن تحبععه ومعععك فععي دار واحدة فهععو بيععن :لنععه بائن عنععك .وإن هذا ليولد مععن
الحزن والسف غير قليل ،ولقد جربناه فكان مراً ،وفي ذلك أقول:
ثم بين يتعمده المحب بعداً عن قول الوشاة ،وخوفاً أن يكون بقاؤه سبباً إلى منع
ثعم بيعن يولده المحعب لبععض معا يدعوه إلى ذلك معن آفات الزمان ،وعذره مقبول
خعبر :ولعهدي بصععديق لي داره المريععة ،فعنعت له حوائج إلى شاطبععة فقصععدها،
وكان نازلً بها في منزلي مدة إقامته بها ،وكان له بالمرية علقة هي أكبر همه
وأدهعى غمعه ،كان يؤمعل بتهعا وفراغ أسعبابه وأن يوشعك الرجععة ويسعرع الوبعة،
فلم يكن إل حين لطيف بعد احتلله عندي حتى جيش الموفق أبو الحسن مجاهد
صععاحب الجزائر الجيوش وقرب العسععاكر ونابععذ خيران صععاحب المريععة وعزم
على استئصاله ،فانقطعت الطرق بسبب هذه الحرب ،وتحوميت السبل واحترس
البحعر بالسعاطيل ،فتضاععف كربعه إذ لم يجعد إلى النصعراف سعبيلً البتعة ،وكاد
يطفععأ أسععفاً ،وصععار ل يأنععس بغيععر الوحدة ،ول يلجععأ إل إلى الزفيععر والوجوم.
ولعمري لقععد كان ممععن لم أقدر قععط فيععه أن قلبععه يذعععن للود ،ول شراسععة طبعععه
وأذكعر أنعي دخلت قرطبعة بععد رحيلي عنهعا ثعم خرجعت منصعرفاً عنهعا فضمنعي
الطريق مع رجل من الكتاب قد رحل لمر مهم وتخلف سكن له ،فكان يرتمض
لذلك .وإني لعلم من علق بهوى له وكان في حال شظف وكانت له في الرض
مذاهععب واسعععة ومناديععح رحبععة ووجوه متصععرف كثيرة ،فهان عليععه ذلك وآثععر
ثم بين رحيل وتباعد ديار ،ول يكون من الوبة فيه على يقين خبر ،ول يحدث
تلق .وهععو الخطععب الموجععع ،والهععم المفظععع ،والحادث الشنععع ،والداء الدوي.
وأكثعععر معععا يكون الهلع فيعععه إذا كان النائي و المحبوب ،وهعععو الذي قالت فيعععه
وأقول من قصيدة:
وإن للوبععة مععن البيععن الذي تشفععق منععه النفععس لطول مسععافته وتكاد تيأس مععن
العودة فيه ،لروعة تبلغ مال حد وراءه وربما قتلت .في ذلك أقول:
وإنععي لعلم مععن نأت دار محبوبععه زمناً ثععم تيسععرت له أوبععة فلم يكععن إل بقدر
التسليم واستيفائه ،حتى دعته نوى ثانية فكاد أن يهلك .وفي ذلك أقول:
زمان النوى بالقرب عدت إلى البعد أطلت زمان البعد حتى إذا انقضـى
وعاودكم بعدي وعاودنـي وجـدي فلم يك إل كرة الطرف قـربـكـم
رأى البرق في داج من الليل مسود كذا حائر في الليل ضاقت وجوهـه
وبعض الراجي ل تفيدو ول تجدي فأخلـفـه مـنـه رجـاء دوامـه
كما سخنت أيام يطويكم الـبـعـد لقد قرت العينان بالقرب مـنـكـم
ول فيما قد قضى الشكر والحمـد فلله فيما قد مضى الصبر والرضى
خعبر :ولقعد نععى إلى بععض معن كنعت أحعب معن بلدة نازحعة ،فقمعت فاراً بنفسعي
وأن البطن منها صار ظهرا وددت بأن ظهر الرض بطن
أتى فأثار في الكباد جمـرا وأني مت قبل ورود خطـب
وأن ضلوع صدري كن قبرا وأن دمى لمن قد بان غسـل
ويقععع فععي هذيععن الصععنفين مععن البيععن الوداع ،أعنععي رحيععل المحععب أو رحيععل
الحبوب .وإنعه لمعن المناظعر الهائلة والمواقعف الصععبة التعي تفتضعح فيهعا عزيمعة
كععل ماضععي العزائم ،وتذهععب قوة كععل ذي بصععيرة ،وتسععكب كععل عيععن جمود،
ويظهر مكنون الجوى .وهو فصل من فصول البين يجب التكلم فيه ،كالعتاب في
باب الهجر .ولعمري لو أن ظريفاً يموت في ساعة الوداع لكان معذوراً إذا تفكر
فيمععا يحععل بععه بعععد سععاعة مععن انقطاع المال ،وحلول الوجال ،وتبدل السععرور
بالحزن .وإنهععا سععاعة ترق القلوب القاسععية ،وتليععن الفئدة الغلظ .وإن حركععة
الرأس وإدمان النظر والزفرة بعد الوداع لهاتكة حجاب القلب ،وموصلة إليه من
يتمكعن فيعه إل بالنظعر والشارة ،والثانعي يتمكعن فيعه بالعناق والملزمعة ،وربمعا
لعله كان ل يمكعن قبعل ذلك البتعة معع تجاور المحال وإمكان التلقعي ،ولهذا تمنعى
بععععض الشعراء البيعععن ومدحوا يوم النوى ،ومعععا ذاك بحسعععن ول بصعععواب ول
بالصعيل معن الرأي ،فمعا يفعي سعرور سعاعة بحزن سعاعات ،فكيعف إذا كان البيعن
أياماً وشهوراً وربمععا أعواماً ،وهذا سععوء مععن النظععر ومعوج مععن القياس ،وإنمععا
أثنيعععت على النوى فعععي شعري تمنياً لرجوع يومهعععا ،فيكون فعععي كعععل يوم لقاء
ووداع .على أن تحمل مضض هذا السم الكريه ،وذلك عند ما يمضي من اليام
التعي ل التقاء فيهعا ،يرغعب المحعب ععن يوم الفراق لو أمكنعه فعي كعل يوم .وفعي
والوجه تم فلم ينقـص ولـم يزد وجه تخر لـه النـوار سـاجـدة
وبارد ناعم والشمس فـي السـد دفء وشمس الضحى بالجدي نازلة
ومنه:
يوم الفراق لعمـري لـسـت أكـرهـه أصلن وإن شت شمل الروح عن جسدي
ففيه عانقـت مـن أهـوى بـل جـزع وكان من قبـلـه إن سـبـل لـم يجـد
أليس من عجب دمعـي وعـبـرتـهـا يوم الوصال لـيوم الـبـين ذو حـسـد
وهل هجس في الفكار أو قام في الظنون أشنع وأوجعمن هجر عتاب وقع بين
محععبين ،ثععم فجأتهععا النوى قبععل حلول الصععلح وانحلل عقدة الهجران ،فقامععا إلى
الوداع وقععد نسععي العتاب ،وجاء مععا طععم عععن القوى وأطار الكرى وفيععه أقول
شعراً ،منه:
وجاءت جيوش البين تجري وتسرع وقد سقط العتب المقدم وامـحـى
فولى فما يدري له اليوم موضـع وقد ذعر البين الصـدود فـراعـه
هزبر له من جانب الغيل مطلـع كذئب خل بالصيد حتـى أضـلـه
لبعاده عني الحبـيب لـمـوجـع لئن سرني في طرده الهجر أننـي
وفي غيها الموت الوحى المصرع ول بد عند الموت من بعض راحة
وأعرف مععن أتععى ليودع محبوبععه يوم الفراق فوجده قععد فات ،فوقععف على آثاره
سعاعة وتردد فعي الموضعع الذي كان فيعه ثعم انصعرف كثيباً متغيعر اللون كاسعف
البال ،فما كان بعد أيام قلئل حتى اعتل ومات رحمه ال.
وإن للبيعن فعي إظهار السعرائر المطويعة عملً عجباً ،ولقعد رأيعت معن كان حبعه
مكتومععا وبمععا يجععد فيععه مسععتتراً حتععى وقععع حادث الفراق فباح المكنون وظهععر
وأقول:
ولقععد أذكرنععي هذا أنععي حظيععت فععي بعععض الزمان بمودة رجععل مععن وزراء
السعلطان أيام جاهعه فأظهعر بععض المتسعاك ،فتركتعه حتعى ذهبعت أيامعه وانقضت
ثم بين الموت وهو الفوت ،وهوى الذي ل يرجى له إياب ،وهو المصيبة الحالة
وهو قاصمة الظهر ،وداهية الدهر ،وهو الويل ،وهو المغطى على ظلمة الليل،
وهو قاطع كل رجاء ،وماحي كل طمع والمؤيس من اللقاء .وهنا حادث اللسن؛
وانجذام حبعل العلج ،فل حيلة إل الصعبر طوعاً أو كرهاً .وهعو أجعل معا يبتلي بعه
المحببون ،فمعا لمعن دععى بعه إل النوح والبكاء إلى أن يتلف أو يمعل ،فهعي القرحعة
التعي ل تنكعي ،والوجعع الذي ل يفنعى ،وهعو الغعم الذي يتجدد على قدر بلء معن
وقععد رأينععا مععن عرض له هذا كثيراً .وعنععي أخععبرك أنععي أحععد مععن دهععى بهذه
الفادحعة وتعدلت له هذه المصعيبة ،وذلك أنعي كنعت أشعد الناس كلفاً وأعظمهعم حباً
بجارية لي ،كانت فيما خل اسمها نعم .وكانت أمنية المتمني وغاية الحسن خلقاً
وخلقًا وموافقة لي ،وكنت أبا عذرها ،وكنا قد تكافأنا المودة ،ففجعتني بها لقدار
واحترمتهععا الليالي ومععر النهععر وصععارت ثالثععة التراب والحجار .وسععيء حيععن
وفاتهعا دون العشريعن سعنة ،وكانعت هعي دونعي فعي السعن ،فلقعد أقمعت بعدهعا سعبعة
أشهععر ل أتجرد ععن ثيابععي ول تفتععر لي دمعععة على جمود عينععي وقلة إسعععادها.
وعلى ذلك فوال ما سلوت حتى الن .ولو قبل فداء لفديتها بكل ما أملك من تالد
وطارف وببعععض أعضاء جسععمي العزيزة علي مسععارعاً طائعاً ومععا طاب لي
عيش بعدها ول نسيت ذكرها ول أنست بسواها .ولقد عفى حي لها على كل ما
ومنها:
وأقول أيضًا فعي قصعيدة أخاطعب فيهعا ابعن عمعي أبعو المغيرة عبعد الوهاب أحمعد
واختلف الناس فعي أي المريعن أشعد :البيعن أم الهجعر؟ وكلهمعا مرتقعى صععب
ومرت أحمر وبلية سوداء وسنة شهباء .وكل يستبشع من هذين ما ضاد طبعه،
فأمعا ذو النفعس البيعة ،اللوف الحنانعة ،الثابتعة على العهعد ،فل شيعء يعدل عنده
مصعيبة البيعن ،لنعه أتعى قصعداً ،وتعمدتعه النوائب عمداً ،فل يجعد شيئاً يسعلى نفسعه
ول يصعرف فكرتعه فعي معنعى معن المعانعي إل وجعد باعثاً على صعبابته؛ ومحركاً
لشجانه ،وعليه ل له ،وحجة لوجوده .وخاضا على البكاء على إلفه .وأما الهجر
وأمععا ذو النفععس التواقععة الكثيرة النزوع والتطلع ،القلوق العزوف ،فالهجععر داؤه
وأمععا أنععا فالموت عندي أسععهل مععن الفراق ،ومععا الهجععر إل جالب للكمععد فقععط.
وأقول:
وأودت بها نـواه سبي مهجي هواه
وروحي غدا قراه كأن الغرام ضيف
ولقعد رأيعت معن يسعتعمل هجعر محبوبعه ويتعمده خوفاً معن مرارة يوم البيعن ومعا
يحدث بعه معن لوععة السعف عنعد التفرق ،وهذا وإن لم يكعن عندي معن المذاهعب
المرضيعة ،فهعو حجعة قاطععة .على أن البيعن أصععب معن الهجعر ،وكيعف ل وفعي
الناس معن يلوذ بالهجعر خوفاً معن البيعن ،ولم أجعد أحداً فعي الدنيعا يلوذ بالبيعن خوفاً
من الهجر ،إنما يأخذ الناس أبداً السهل ويتكلفون الهون .وإنما قلنا إنه ليس من
الصبر قبل وقتها ولعل ما تخوفوه ل يكون وليس من يتعجل المكروه ،وهو على
وأذكعر لبعن عمعي أبعي المغيرة هذا المعنعى ،معن أن البيعن أصععب معن الصعد،
أبياتاً من قصيدة خاطبني بها وهو ابن سبعة عشر عاماً أو نحوها ،وهي:
ماء الشوق ،وتذكعر معا قعد سعلف لهعم فيهعا فأعولوا وانتخبوا ،وأحيعت الثار دفيعن
ولقعد أخعبرني بععض الوراد معن قرطبعة وقعد اسعتخبرته عنهعا ،أنعه رأى دورنعا
ببلط مغيعث ،فعي الجانعب الغربعي منهعا وقعد امحعت رسعومها ،وطمسعت أعلمهعا،
وخفيت معاهدها ،وغيرها البلى وصارت صحاري مجدبة بعد العمران ،وقيافي
موحشعة بععد النعس ،وخرائب منقطععة بععد الحسعن ،وشعاباً مفزععة بععد المعن
رجال كالليوث ،وخرائد كالدمى تفيض لديهم النعم الفاشية .تبدد شملهم فصاروا
فععي البلد أيادي سععبا ،فكأن تلك المحارب المنمقععة .والمقاصععير المزينععة ،التععي
كانت تشرق إشراق الشمس ،ويجلو الهموم حسن منظرها ،حين شملها الخراب،
وعمهععا الهدم ،كأفواه السععباع فاغرة ،تؤذن بفناء الدنيععا ،وتريععك عواقععب أهلهععا،
وتخبرك عما يصير إليه كل من تراه قائماً فيها .وتزهد في طلبها بعد أن طالما
زهدت فعي تركهعا ،وتذكرت أيامعي بهعا ولذاتعي فيهعا وشهور صعباي لديهعا ،معع
كواععب إلى مثلهعن صعبا الحليعم ،ومثلت لنفسعي كونهعن تحعت الثرى وفعي الثار
النائية والنواحي البعيدة وقد فرقتهن يد الجلء ،ومزقتهن أكف النوى ،وخيل إلى
بصرى بقاء تلك النصبة بعد ما علمته من حسنها وغضارتها والمراتب المحكمة
التعي نشأت فيمعا لديهعا ،وخلء تلك الفنيعة بععد تضايقهعا بأهلهعا ،وأوهمعت سعمعي
صعوت الصعدى والهام عليهعا ،بععد حركعة تلك الجماعات التعي ربيعت بينهعم فيهعا،
وكان ليلهععا تبعاً لنهارهععا فععي انتشار سععاكنها والتقاء عمارهععا ،فعاد نهارهععا تبعاً
لليلهعا فعي الهدوء والسعتيحاش ،فأبكعى عينعي ،وأوجعع قلبعي ،وقرع صعفاة كبدي،
وإن ساءنا فيها فقد طالما سرا لئن كان أظلمانا فقد طالما سقى
يبين بينهم عني فـقـد وقـفـا ليت الغراب يعيد اليوم لي فعسى
وقد تألى بأل ينقضـي فـوفـى أقول والليل قد أرخى أجـلـتـه
يمضي ول هو للتغوير منصرفا وللنجم قد حار في أفق السماء فما
أو راقبا موعدا أو عاشقا دنـفـا تخاله مخطئا أو خـائفـا وجـلً
القنوع
ول بععد للمحععب ،إذا حرم الوصععل ،مععن القنوع بمععا يجععد! وإن فععي ذلك لمتعللً
للنفعس ،وشغلً للرجعا ،وتجديداً للمنعى ،وبععض الراحعة .وهعو مراتعب على قدر
الصابة والتمكن.
فأولهعا الزيارة ،وإنهعا لمعل معن المال ،ومعن سعرى معا يسعنح فعي الدهعر معع معا
تبدى من الخفر والحياء ،لما يعلمه كل واحد منها مما نفس صاحبه .وهي على
وجهين :أحدهما أن يزور المحب محبوبه ،وهذا الوجه واسع .والوجه الثاني أن
يزور المحبوب محبه .ولكن ل سبيل إلى غير النظر والحديث الظاهر .وفي ذلك
أقول:
سأرضى بلحظ العين إن لم يكن وصل فإن تنأ عني بـالـوصـال فـإنـنـي
وما كنت أرضى ضعف ذامنك لي قبل فحسبي أن ألقـاك فـي الـيوم مـرة
ويرضى خلص النفس إن وقع العزل كذا همه الـوالـي تـكـون رفـيعة
وأمعا رجعع السعلم والمخاطبعة فأمعل معن المال ،وإن كنعت أنعا أقول فعي قصعيدة
لي:
فإنما هذا لمن ينتقل من مرتبة إلى ما هو أدنى منها .وإنما يتفاضل المخلوقات
فعي جميعع الوصعاف على قدر إضافتهعا إلى معا هعو فوقهعا أو دونهعا .وإنعي لعلم
من كان يقول لمحبوبه :عدني واكذب ،قنوعاً بأن يسلى نفسه في وعده وإن كان
ومعا يدخعل فعي هذا الباب شيعء رأيتعه ورآه غيري مععي ،أن رجلً معن إخوانعي
جرحعه معن كان يحبعه بمديعة ،فلقعد رأيتعه وهعو يقبعل مكان الجرح ويندبعه مرة بععد
ومن القنوع أن يسر النسان ويرضى ببعض آلت محبوبه ،وإن له من النفس
لموقعاً حسعناً وإن لم يكعن فيعه إل معا نعص ال تعالى علينعا ،ومعن ارتداد يعقوب
ومععا رأيععت قععط متعاشقيععن إل وهمععا يتهاديان خصععل الشعععر مبخرة بالعنععبر
مرشوشععة بماء الورد ،وقععد جمعععت فععي أصععلها بالمصععطكي وبالشمععع البيععض
المصفى ولفت في تطاريف الوشي والخز وما أشبه ذلك لتكون تذكرة عند البين.
وأمعا تهادي المسعاويك بععد مضغهعا والمصعطكي إثعر اسعتعمالها فكثيعر بيعن كعل
أرى ريقها ماء الـحـياة تـيقـنـا على أنها لم تبق لي في الهوى حشى
خبر :وأخبرني بعض إخواني عن سليمان بن أحمد الشاعر أنه رأى ابن سهل
الحاجب بجزيرة صقلبة ،وذكر أنه كان غاية في الجمال ،فشاهده يوماً في بعض
المتنزهات ماشيا وامرأة خلفه تمشي إليه ،فلما أبعد أتت إلى المكان الذي قد أثر
فيه مشيه فجعلت تقبله وتلثم الرض التي فيها أثر رجله .وفي ذلك أقول قطعة،
أولها:
وأقول:
وبورك من فيها وحل بها السعد لقد بوركت أرض بها أنت قاطن
وأموالها شهد وتربـتـهـا نـد فأحجارها در وسعداتـهـا ورد
ومعن القنوع الرضعا مزار الطيعف ،وتسعليم الخيال .وهذا إنمعا يحدث ععن ذكعر ل
يفارق ،وعهععد ل يحول ،وفكععر ل ينقضععي .فإذا نامععت العيون وهدأت الحركات
وأقول:
ولليل سلطـان وظـل مـمـدد أتى طيف نعم مضجعي بعد هـدأة
وجاءت كما قد كنت من قبل أعهد وعهدي بها تحت التراب مـقـيمة
كما قد عهدنا قبل والعود أحـمـد فعدنا كما كنـا وعـاد زمـانـنـا
وللشعراء فعي علة مزار الطيعف أقاويعل بديععة بعيدة المرمعى ،مخترععة ،سعبق
إلى معنعى معن المعانعي ،فأبعو إسعحاق بعن سعيار النظام رأس المعتزلة جععل علتعه
مزار الطيعف خوف الرواح معن الرقيعب المرقعب ،على بهاء البدان .وأبعو تمام
حعبيب بعن أوس الطائي جععل علتعه أن نكاح الطيعف ل يفسعد الحعب ونكاح الحقيقعة
يفسعععده .والبحتري جععععل علة إقباله اسعععتضاءته بنار وجده ،وعلة زواله خوف
الغرق فعي دموععه .وأنعا أقول معن غيعر أن أمثعل شعري بأشعارهعم ،فلهعم فضعل
التقدم والسعابقة إنمعا نحعن لقطون وهعم الحاصعدون ،ولكعن اقتداء بهعم وجريعا فعي
ميدانهعم وتتبعاً لطريقتهعم التعي نهجوا وأوضحوا ،أبياتاً بينعت فيهعا مزار الطيعف
مقطعة:
غمعه ،ثعم رأى فعي هجعتعه أن حعبيبه وصعله فسعر بذلك وابتهعج ،ثعم اسعتيقظ فأسعف
وتلهف حيث علم أن ما كان فيه أماني النفس وحديثها .وفي ذلك أقول:
هات ماذا الفعال منك قـويمـا تجعل الشمس منك لي عوضا هي
واصلً لـي وعـائدا ونـديمـا زارني طيفك البـعـيد فـيأتـي
ش لكن أبحت لي التشـمـيمـا غير أني منعتني من تمام العـي
دوس داري ول أخاف الجحيمـا فكأني من أهل العراف ل الفر
والثاني محب مواصل مشفق من تغير يقع ،قد رأى في وسنه أن حبيبه يهجره
فاهتععم لذلك همًا شديداً ،ثععم هععب مععن نومععه فعلم أن ذلك باطععل وبعععض وسععاوس
الشفاق :والثالث محب داني الديار يرى أن النتائي قد فدحه ،فيكترث ويوجل ثم
ينتبه فيذهب مابه ويعود فرحاً .وفي ذلك أقول قطعة ،منها:
والرابععع محععب نائي المزار ،يرى أن المزار قععد دنععا ،والمنازل قععد تصععاقبت
فيرتاح ويأنعس إلى فقعد السعى ،ثعم يقوم معن سعنته فيرى أن ذلك غيعر صعحيح،
فيعود إلى أشد ما كان فيه من الغم ،وقد جعلت في بعض قولي علة النوم والطمع
ومعن القنوع أن يقنعع المحعب بالنظعر إلى الجدران ورؤيعة الحيطان التعي تحتوي
على من يحب ،وقد رأينا من هذه صفته .ولقد حدثني ِأبو الوليد أحمد بن محمد
ابن إسحاق الخازن رحمه ال عن رجل جليل ،أنه حدث عن نفسه بمثل هذا ومن
القنوع أن يرتاح المحعب ،إلى أن يرى معن رأى محبوبعه ويأنعس بعه ومعن أتعى معن
وما يدخل في هذا الباب أبيات لي ،موجبها أني تنزهت أنا وجماعة من إخواني
معن أهعل الدب والشرف إلى بسعتان لرجعل معن أصعحابنا ،فجلنعا سعاعة ثعم أفضعى
بنعا القعود إلى مكان دونعه يتمنعى ،فتمددنعا فعي رياض أريضعة ،وأرض عريضعة
لبصعر فيهعا منفسعح ،وللنفعس لديهعا مسعرح ،بيعن جداول تطرد كأباريعق اللجيعن
وأطيار تغرد بألحان تزري بمعا أبدععه معبعد ،والغريعض ،وثمار مهدلة قعد ذللت
لليدي ودنعت للمتناول ،وظلل مظلة تلحظنعا الشمعس معن بينهعا فنتصعور بيعن
أيدينعا كرقاع الشطرنعج والثياب المدبجعة ،وماء عذب يوجدك حقيقعة طععم الحياة
وأنهار متدفقععة تنسععاب كبطون الحيات لهععا خريععر يقوم ويهدأ ،ونواويععر مونقععة
مختلفععة اللوان تصععفقها الرياح الطيبععة النسععيم ،وهواء سععجسج ،وأخلق جلس
تفوق كل هذا ،في يوم ربيع ذي شمس ظليلة ،تارة يغطيها العيم الرقيق والمزن
اللطيعف ،وتارة تتجلى ،فهعي كالعذراء الخفرة والخريدة الخجلة تتراءى لعاشقهعا
معن بيعن السعتار ثعم تغيعب فيهعا ،حذر عيعن مراقبعة .وكان بعضنعا مطرقاً كأنعه
يحادث أخرى ،وذلك لسععر كان له فعرض لي بذلك ،وتداعبنععا حينععا فكلفععت أن
أقول إلى لسععانه شيئًا فععي ذلك ،فقلت بديهععة ،ومععا كتبوهععا إل مععن تذكرهععا بعععد
انصرافنا ،وهي:
فقال هو ومن حضر :آمين آمين .وهذه الوجوه التي عددت وأوردت في حقائق
وللشعراء فععن مععن القنوع أرادوا فيععه إظهار غرضهععم وإبانععة اقتدارهععم على
المعانعي الغامضعة والمرمعى البعيدة ،وكعل قال على قدر قوة طبععه ،إل أنعه تحكعم
باللسان وتشدق في الكلم واستطال بالبيان ،وهو غير صحيح في الصل :فمنهم
مععن قنععع بأن السععماء تظله هععو ومحبوبععه والرض تقلهمععا .ومنهععم مععن قنععع
باسععتوائهما فععي إحاطععة الليععل والنهار بهمععا ،وأشباه هذا :وكععل مبادر إلى احتواء
الغايعة فعي السعتقصاء ،وإحراز قصعب السعبق فعي التدقيعق .ولي فعي هذا المعنعى
قول ل يمكن لمتعقب أن يجد بعده متناولً ،ول وراءه مكاناً ،مع تبيني علة قرب
فعبينت كمعا ترى أنعي قانعع بالجتماع معع معن أحعب فعي علم ال ،الذي السعموات
والفلك والعوالم كلها وجميع الموجودات ل تنفصل منه ول تتجزأ فيه ول يشذ
عنه منها شيء ،ثم اقتصرت من علم ال تعالى على أنه في زمان ،وهذا أعم مما
قاله غيري فععي إحاطععة الليععل والنهار ،وإن كان الظاهععر واحداً فععي البادي إلي
السععامع؛ لن كععل المخلوقات واقعععة تحععت الزمان ،وإنمععا الزمان اسععم موضوع
لمرور السعاعات وقطعع الفلك وحركاتعه وأجرامعه ،والليعل والنهار متولدان ععن
طلوع الشمععس وغروبهععا ،وهمععا متناهيان فععي بعععض العالم العلى ،وليععس هذا
الزمان ،فإنهمععا بعععض الزمان ،وإن كان لبعععض الفلسععفة قول إن الظععل متماد،
فهذا يخطئه العيان ،وعلل الرد عليعه بينعة ليعس هذا موضعهعا ،ثعم بينعت أنعه وإن
طول السعكنى ،فليعس بينعي وبينعه إل مسعافة يوم؛ إذ الشمعس تبدو فعي أول النهار
فعععععععي أول المشارق وتغرب فعععععععي آخعععععععر النهار فعععععععي آخعععععععر المغارب.
ومععن القنوع فصععل أورده وأسععتعيذ بال منععه ومععن أهله ،واحمده على مععا عرف
نفوسعنا معن منافرتعه ،وهعو أن يضعل العقعل جملة ،ويفسعد القريحعة ،ويتلف التمييعز
ويهون الصعب ،ويذهب الغيرة ،ويعدم النفة ،فيرضى النسان بالمشاركة فيمن
يحب .وقعد عرض هذا لقوم أعاذنا ال من البلء .وهذا ل يصح إل معع كلبيعة في
الطبع ،وسقوط من العقل الذي هو عيار على ما تحته ،وضعف حس .ويؤيد هذا
كله حعب شديعد مععم .فإذا اجتمععت هذه الشياء وتلحقعت بمزاج الطبائع ودخول
بعضهعا فعي بععض نتعج بينهمعا هذا الطبعع الخسعيس ،وتولدت هذه الصعفة الرذلة،
وقام منها هذا الفعل المقذور القبيح ،وأما رجل معه أقل همة وأيسر مروءة فهذا
منعه أبععد معن الثريعا ولو مات وجداً وتقطعع حبًا وفعي ذلك أقول زارياً على بععض
وأفضل شيء أن تلين وتـسـمـحـا رأيتك رحب الصدر ترضى بمـا أتـى
فحظك من بعض السواني مـفـضـل على أن يحوز الملك من أصلها الرحى
تقدره في الجدي فاعص الذي لـحـا وعضو بعير فيه في الوزن ضعف مـا
فكن ناحيا في نحوه كـيفـمـا نـحـا ولعب الذي تهوى بسيفين مـعـجـب
الضنى
ول بعد لكعل محعب صعادق المودة ممنوع الوصعل ،إمعا بعبين وإمعا بهجعر وإمعا
بكتمان واقععع لمعنععى ،مععن أن يؤول إلى حععد السععقام والضنععى والنحول ،وربمععا
أضجععه ذلك .وهذا المعر كثيعر جداً موجود أبداً ،والعراض الواقععة معن المحبعة
غير العلل الواقعة من هجمات العلل ،ويميزها الطبيب الحاذق والمتفرس الناقد.
وحدثنعي أبعو بكعر محمعد بعن بقعي الحجري ،وكان حكيعم الطبعع عاقلً فهيماً ،ععن
رجعل معن شيوخنعا ل يمكعن ذكره ،أنعه كان ببغداد فعي خان معن خاناتهعا فرأى ابنعة
لوكيلة الخان فأحبهعا وتزوجهعا ،فلمعا خل بهعا نظرت إليعه وكانعت بكراً ،وهعو قعد
تكشعف لبععض حاجتعه ،فراعهعا كعبر أيره ،ففرت إلى أمهعا وتفادت منعه .فرام بهعا
كعل معن حواليهعا أن ترد إليعه ،فأبعت وكادت أن تموت ،ففارقهعا ثعم ندم ،ورام أن
يراجعهعا فلم يمكنعه ،واستعان بالبهري وغيره .فلم يقدر أحد منهم على حيلة في
أمره ،فاختلط عقله وأقام فعي المارسعتان يعانعي مدة طويلة حتعى نقعه وسعل ومعا
قععد تقدم فععي أشعاري المذكورة فععي هذه الرسععالة :مععن صععفة النحول مفرقاً مععا
اسععتغنيت بععه عععن أن أذكععر هنععا مععن سععواها شيئاً خوف الطالة .وال المعيععن
والمسععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععتعان.
وربمععا ترقععت إلى أن يغلب المرء على عقله ويحال بينععه وبيععن ذهنععه فيوسععوس.
خععبر :وإنععي لعرف جاريععة مععن ذوات المناصععب والجمال والشرف مععن بنات
القواد ،وقد بلغ بها حب فتى من إخواني جداً من أبناء الكتاب مبلغ هيجان المرار
السععود ،وكادت تختلط .واشتهععر المععر وشاع جداً حتععى علمععه الباعععد ،إلى أن
تدوركععت بالعلج ،وهذا إنمععا يتولد عععن إدمان الفكععر ،فإذا غلبععت الفكرة وتمكععن
الخلط وترك التداوي خرج المععر عععن حععد الحععب إلى حععد الوله والجنون ،وإذا
أغفعل التداوي فعي الول إلى المعاناة قوى جداً ولم يوجعد له دواء سعوى الوصعال.
أي خلق يعـيش دون فـؤاد قد سلبت الفؤاد منها اختلسـا
وتفز بالثواب يوم الـمـعـاد فأغثها بالوصل تحي شريفـا
من خلخيلها حلـي القـياد وأراها تعتـاض أن دام هـذا
عشقها بين ذا الورى لك بادي أنت حقا متيم الشمس حـتـى
خعبر :وحدثنعي جعفعر مولى أحمعد بعن محمعد بعن جديعر ،المعروف بالبلبينعي :أن
سعبب اختلط مروان بعن يحيعى بعن أحمعد بعن جديعر وذهاب عقله اعتلقعه بجاريعة
لخيععه ،فمنعهععا وباعهععا لغيره ،ومععا كان فععي إخوتععه مثله ول أتععم أدباً منععه.
وأخعبرني أبعو العافيعة مولى محمعد بعن عباس بن أبعي عبدة ،أن سعبب جنون يحيعى
بعن أحمعد بعن عباس بعن أبعي عبدة بيعع جاريعة له كان يجعد بهعا وجداً شديداً ،كانعت
فهذان رجلن جليلن مشهوران فقدا عقولهمعععا واختلطعععا وصعععارا فعععي القيود
والغلل ،فأمععععا مروان فأصععععابته ضربععععة مخطئة يوم دخول البربر قرطبععععة
وانتهائهعم إليهعا ،فتوفعى رحمعه ال .وأمعا يحيعى بعن محمعد فهعو حعي على حالتعه
المذكورة في حين كتابتي لرسالتي هذه ،وقد رأيته أنا مراراً وجالسته في القصر
قبععل أن يمتحععن بهذه المحنععة .وكان أسععتاذي وأسععتاذه الفقيععه أبععو الخيار اللغوي.
وأمعا معن دون هذه الطبقعة فقعد رأينعا منهعم كثيراً ،ولكعن لم نسعمهم لخفائهعم وهذه
درجععة إذا بلغ المشغوف إليهععا فقععد أنيععت الرجاء وانصععرم الطمععع ،فل دواء له
بالوصعل ول بغيره ،إذ قعد اسعتحكم الفسعاد فعي الدماغ ،وتلفعت المعرفعة وتغلبعت
السلو
وقعد علمنعا أن كعل ماله أول فل بعد معن آخعر ،حاشعى نعيعم ال ععز وجعل ،الجنعة
لوليائه وعذابه بالنار لعدائه .وأما أعراض الدنيا فنافذة فانية وزائلة مضمحلة،
وعاقبعة كعل حعب إلى أحعد أمريعن :إمعا احترام منيعة ،وإمعا سعلو حادث .وقعد نجعد
النفس تغلب عليها بعض القوى المصرفة معها في الجسد ،فكما نجد نفساً ترفض
الراحات والملذ للعمععل فععي طاعععة ال تعالى والرياء فععي الدنيععا ،حتععى تشتهععر
بالزهعد ،فكذلك نجعد النفعس تغلب عليهعا بععض القوى المصعرفة معهعا فعي الجسعد،
فكمعا نجعد نفسعاً ترفعض الراحات والملذ للعمعل فعي طاععة ال تعالى وللرياء فعي
الدنيا ،حتى تشتهر بالزهذ ،فكذلك نجد نفساً تنصرف عن الرغبة في لقاء شكلها
للنفعة المسعتحكمة المنافرة للغدر ،أو اسعتمرار سعوء المكافأة فعي الضميعر ،وهذا
أصعح السعلو ،ومعا كان معن غيعر هذيعن الشيئيعن فليعس إل مذموماً .والسعلو المتولد
من الهجر وطوله إنما هو كاليأس يدخل على النفس من بلوغها إلى أملها ،فيفتر
وإن نطقت قلت السلم رطاب إذا ما رنت فالحي ميت بلحظها
فلحمى طعام والنجيع شـراب كأن الهوى ضيف ألم بمهجتي
ومنها:
ولو امطرنه بالحريق سـحـاب صبور على الزم الذي العز خلفه
خمول وفي بعض النعيم عـذاب جزوعا من الراحات إن أنتجت له
والسلو في التجربة الجميلة ينقسم قسمين :سلو طبيعي ،وهو المسمى بالنسيان
يخلو بععه القلب ويفرغ بععه البال ،ويكون النسععان كأنععه لم يحععب قععط :وهذا القسععم
ربمععا لحععق صععاحبه الذم لنععه حادث عععن أخلق ومذمومععة ،وعععن أسععباب غيععر
اللئمعة لعذر صعحيح والثانعي سعلو تطبععي ،قهعر النفعس ،وهعو المسعمى بالتصعبر،
فترى المرء يظهععر التجلد وفععي قلبععه أشععد لدغاً مععن وخععز الشفععي ،ولكنععه يرى
بعض الشر أهون من بعض ،أو يحاسب نفسه بحجة ل تصرف ول تكسر وهذا
قسعم ل يذم آتيعه ،ول يلم فاعله لنعه ل يحدث إل ععن عظيمعة ،ول يقعع إل ععن
فادحة ،إما لسبب ل يصبر على مثله الحرار ،وإما لخطب ل مرد له تجري به
القدار وكفاك معن الموصعوف بعه أنعه ليعس بناس لكنعه ذاكعر ،وذو حنيعن واقعف
على العهعد ،ومتجزع مرارات الصعبر ،والفرق العامعي بيعن المتصعبر والناسعي،
أنعك ترى المتصعبر وإن أبدي غايعة الجلد وأظهعر سعب محبوبعه والتحمعل عليعه،
وإن كنت أبدي الهجر لست معاديا دعوني وسبي للحبيب فـإنـنـي
أجاد فلـقـاه اللـه الـدواهـيا ولكن سبى للحبيب كـقـولـهـم
والناس ضعد هذا ،وكعل هذا فعلى قدر طبيععة النسعان وإجابتهعا وامتناعهعا وقوة
تمكن الحب من القلب أو ضعفه ،وفي ذلك أقول ،وسميت السالي فيه المتصبر،
قطعة منها:
فمنها الملل ،وقد قدمنا الكلم عليه ،وإن من كان سلوه عن ملل فليس حبه حقيقة،
والمتسعم بعه صعاحب دعوى زائفعة ،وإنمعا هعو طالب لذة ومبادر شهوة ،والسعالي
معن هذا الوجعه ناس مذموم 0ومنهعا السعتبدال ،وهعو وإن كان يشبعه الملل ففيعه
معنععععى زائد ،وهععععو بذلك المعنععععى أقبععععح مععععن الول وصععععاحبه أحععععق بالذم.
ومنهععا حياء مركععب يكون فععي المحععب يحول بينععه وبيععن التعريععض بمععا يجععد،
فيتطاول المعر ،وتتراخعى المدة ،ويبلى جديعد المودة ،ويحدث السعلو .وهذا وجعه
إن كان السعالي عنعه ناسعيًا فليعس بمنصعف ،إذ منعه جاء سعبب الحرمان ،وإن كان
متصبرًا فليس بملوم ،إذ آثر الحياء على لذة نفسه .وقد ورد عن رسول ال صلى
ال عليعه وسعلم أنعه قال( :الحياء معن اليمان والبذاء من النفاق) .وحدثنا أحمعد بعن
بن صفوان الزرقي عن زيد بن طلحة بن ركانة يرفعه إلى رسول ال صلى ال
عليعععععععه وسعععععععلم أنعععععععه قال :لكعععععععل ديعععععععن خلق وخلق السعععععععلم الحياء.
فهذه السعباب الثلثعة أصعلها معن المحعب وابتداؤهعا معن قبله ،والذم لصعق بعه فعي
ثعم منهعا أسعباب أربععة هعن معن قبعل المحبوب وأصعلها عنده ،فمنهعا :الهجعر ،وقعد
مر تفسير وجوهه .ول بد لنا أن نورد منه شيئاً في هذا الباب يوافقه ،والهجر إذا
تطاول وكثر العتاب واتصلت المفارقة يكون باباً إلى السلو وليس من وصلك ثم
قطععك لغيرك معن باب الهجعر فعي شيعء ،لنعه الغدر الصعحيح ،ول معن مال إلى
غيرك دون أن يتقدم لك معععه صععلة مععن الهجععر أيضاً فععي شيععء ،إنمععا ذاك هععو
النفار .وسعيقع الكلم فعي هذيعن الفصعلين بععد هذا إن شاء ال تعالى .لكعن الهجعر
ممعن وصعلك ثعم قطععك لتنقيعل واش ،ولذنعب واقعع ،أو لشيعء قام فعي النفعس ،ولم
يمعل إلى سعواك ول أقام أحداً غيرك مقامعك .والناس فعي هذا الفصعل معن المحعبين
ملوم دون سعائر السعباب الواقععة معن المحبوب؛ لنعه ل تقعع حالة تقيعم العذر فعي
نسعيانه ،وإنمعا هعو راغعب ععن وصعلك ،وهعو شيعء ل يلزمعه .وقعد تقدم معن أذمعة
الوصال وحق أيامه ،ما يلزم التذكر ويوجب عهد اللفة ،ولكن السالي على جهة
التصعبر والتجلد هعا هنعا معذور ،إذا رأى الهجعر متمادياً ولم يعر للوصعال علمعة
ول للمواجهة دللة .وقد استجاز كثير من الناس أن يسموا هذا المعنى غدراً ،إذ
ظاهرهمعا واحعد ،ولكعن علتيهمعا مختلفتان .فلذلك فرقنعا بينهمعا فعي الحقيقعة .وأقول
الرابع:
وأقول:
ثم السباب الثلثة الباقية التي هي من قبل المحبوب ،فالمتصبر من الناس فيها
خبر:
وإنعي لختعر عنعي أنعي ألفعت فعي أيام صعباي ألفعة المحبعة جاريعة نشأت فعي دارنعا
وكانعت فعي ذلك الوقعت بنعت سعتة عشعر عاماً؛ وكانعت غايعة فعي حسعن وجههعا
وعقلهعا وعفافهعا وطهارتهعا وخفرهعا ودماثهعا ،عديمعة الهزل؛ منيععة البذل بديععة
البشر ،مسبلة الستر؛ فقيدة الذام ،قليلة الكلم؛ مغضوضة البصر ،شديدة الحذر؛
نقيععة مععن العيوب ،دائمععة القطوب؛ حلوة العراض ،مطبوعععة النقباض مليحععة
الصعدود ،رزينعة العقود؛ كثيرة الوقار ،مسعتلذة النفار ،ل توجعه الراجعي نحوهعا،
ول تقعف المطامعع عليهعا ،ول معرس للمعل لديهعا ،فوجههعا جالب كعل القلوب،
وحالهعا طارد معن أمهعا .تزدان فعي المنعع والبخعل ،مال يزدان غيرهعا بالسعماحة
والبذل ،موقوفعة على الجعد فعي أمرهعا غيعر راغبعة فعي اللهعو ،على أنهعا كانعت
تحسععن العود إحسععاناً جيدًا فجنحععت إليهععا وأحببتهععا حباً مفرطًا شديداً ،فسعععيت
عاميعن أو نحوهمعا أن تجيبنعي بكلمعة وأسعمع معن فيهعا لفظعة ،غيعر معا يقعع فعي
الحديث الظاهر إلى كل سامع ،بأبلغ السعي فما وصلت من ذلك إلى شيء البتة،
فيعه دخلتنعا ودخلة أخعي رحمعه ال معن النسعاء ونسعاء فتياننعا ومعن لث بنعا معن
خدمنعا ،ممعن يخعف موضععه ويلطعف محله ،فلبئن صعدراً معن النهار ثعم تنقلن إلى
قصعة كانعت فعي دارنعا مشرفعة على بسعتان الدار ويطلع منهعا على جميعع قرطبعة
وفحوصها ،مفتحة البواب .فصرن ينظرن من خلل الشراجيب وأنا بينهن فإني
لذكر أني كنت أقصد نحو الباب الذي هي فيه أنساً بقربها متعرضًا للدنو منها،
فمععا هععو إل أن ترانععي فععي جوارهععا فتترك ذلك الباب وتقصععد غيره فععي لطععف
الحركة .فأتعمد أنا القصد إلى الباب الذي صارت إليه ،فتعود إلى مثل ذلك الفعل
معن الزوال إلى غيره .وكانعت قعد علمعت كلفعي بهعا ولم يشععر سعائر النسعوان بمعا
نحععن فيععه ،لنهععن كععن عدداً كثيراً .وإذ كلهععن يتنقلن مععن باب إلى باب لسععبب
الطلع من بعض البواب على جهات ل يطلع من غيرها عليها وأعلم أن قيافة
النسعاء فيمعن يميعل إليهعن أنفعذ معن قيافعة مدلج فعي الثار .ثعم نزلن إلى البسعتان
فرغعب عجائزنعا وكرائمنعا إلى سعيدتها فعي سعماع غنائهعا ،فأمرتهعا ،فأخذت العود
وسعوته بخفعر وخجعل ل عهعد لي بمثله ،وإن الشيعء يتضاععف حسعنه فعي عيعن
فلعمري لكأن المضراب إنما يقع على قلبي ،وما نسيت ذلك اليوم ول أنساه إلى
يوم مفارقتعي الدنيعا .وهذا أكثعر معا وصعلت إليعه معن التمكعن معن رؤيتهعا وسعماع
وأقول:
ثعم انتقعل أبعي رحمعه ال معن دورنعا المحدثعة بالجانعب الشرقعي معن قرطبعة فعي
ربض الزاهرة إلى دورنا القديمة في الجانب الغربي من قرطبة ببلط مغيث في
اليوم الثالث معن قيام أميعر المؤمنيعن محمعد المهدي بالخلفعة .وانتقلت أنعا بانتقاله،
وذلك فععي جمادى الخرة سععنة تسععع وتسعععين وثلثمائة ،ولم تنتقععل هععي بانتقالنععا
لمور أوجبععت ذلك .ثععم شغلنععا بعععد قيام أميععر المؤمنيععن هشام المؤيععد بالنكبات
وباعتداء أرباب دولتعه ،وامتحنا بالعتقال والترقيعب والغرام الفادح والسعتتار،
وأرزمت الفتنة وألقت باعها وعمت الناس ،وخصتنا ،إلى أن توفي أبي الوزير
رحمعه ال ونحعن فعي هذه الحوال بععد العصعر يوم السعبت لليلتيعن بقينعا معن ذي
القعدة عام اثنتيععن وأربعمائة .واتصععلت بنععا تلك الحال بعده إلى أن كانععت عندنععا
جنازة لبععض أهلنعا فرأيتهعا .وقعد ارتفععت الواعيعة ،قائمعة فعي المأتعم وسعط النسعاء
فععي جملة البواكععي والنوادب فلقععد أثارت وجداً دفيناً وحركععت سععاكناً ،وذكرتنععي
عهداً قديماً وحباً تليداً ودهراً ماضياً وزمناً عافياً وشهوراً خوالي وأخباراً بوالي
ودهوراً فوانععي وأيامًا قععد ذهبععت وآثارًا قععد دثرت ،وجددت أحزانععي وهيجععت
بلبلي ،على أنعي كنعت فعي ذلك الهنار مرزاً مصعاباً معن وجوه ،ومعا كنعت نسعيت
لكععن زاد الشجععى وتوقدت اللوعععة وتأكععد الحزن وتضاعععف الشععف ،واسععتجلب
ثم ضرب الدهر ضربانه وأجلينا عن منازلنا وتغلب علينا جند البربر ،فخرجت
عن قرطبة أول المحرم سنة أربع وأربعمائة وغابت عن بصرى بعد تلك الرؤية
الواحدة ستة أعوام وأكثر ،ثم دخلت قرطبة في شوال سنة تسع وأربعمائة فنزلت
على بععض نسعائنا فرأيتهعا هنالك ،ومعا كدت أن أميزهعا حتعى قيعل لي هذه فلنعة
وقعد تغيعر أكثعر محاسعنها ،وذهبعت نضارتهعا ،وفنيعت تلك البهجعة ،وغاض ذلك
الماء الذي كان يرى كالسععيف الصععقيل والمرآة الهنديععة ،وذبععل ذلك النوار الذي
كان البصر يقصد نحوه متنوراً ،ويرتاد فيه متخيراً ،وينصرف عنه متحيراً .فلم
يبق إل البعض المنبئ عن الكل ،والخبر المخبر عن الجميع ،وذلك لقلة اهتبالها
بنفسعها ،وعدمهعا الصعيانة التعي كانعت غذيعت بهعا أيام دولتنعا وامتداد ظلنعا ولتبذلهعا
في الخروج فيما ل بد لها منه مما كانت تصان وترفع عنه قبل ذلك وإنما النساء
رياحين متى لم تتعاهد نقصت ،وبنية متى لم يهتبل بها استهدمت ،ولذلك قال من
قال :إن حسعن الرجال أصعدق صعدقاً وأثبعت أصعلً وأعتعق جودة لصعبره على معا
لو لقعى بعضعه وجوه النسعاء لتغيرت أشعد التغيعر ،مثعل الهجيعر والسعموم والرياح
واختلف الهواء وعدم الكعن ،وإنعي لو نلت منهعا أقععل وصعل وأنسعت لي بععض
النعس لخولطعت طرباً أو لمعت فرحاً ،ولكعن هذا النفار الذي صعبرني وأسعلني.
وهذا الوجه من أسباب السلو صاحبه في كل الوجهين معذور وغير ملوم؛ إذ لم
يقعع تثبعت يوجعب الوفاء ،ول عهعد يقتضعي المحافظعة ،ول سعلف ذمام ،ول فرط
ومنهعا جفاء يكون معن المحبوب ،فإذا أفرط فيعه وأسعرف وصعادف معن المحعب
نفسعاً لهعا بععض النفعة والعزة تسعلى ،وإذا كان الجفاء يسعيراً منقطعاً أو دائماً أو
كعبيراً منقطعاً أحتمعل وأغضعى عليعه ،حتعى إذا كثعر ودام فل بقاء عليعه .ول يلم
ومنها الغدر ،وهو الذي ل يحتمله أحد ،ول يغضى عليه كريم ،وه المسلة حقاً.
ول يلم السالي عنه على أي وجه كان ناسياً أو متصبراً ،بل اللئمة لحقة لمن
صعبر عليعه .ول أن القلوب بيعد مقلبهعا ل إله إل هعو ول يكلف المرء صعرف قلبعه
ول إحاطععة اسععتحسانه ،ول ذاك لقلت إن المتصععبر فععي سععلوه مععع الغدر يكاد أن
يستحق الملمة والتعنيف .ول أدعى إلى السلو عند الحر النفس وذوي الحفيظة
والسعرى السعجايا معن الغدر ،فمعا يصعبر عليعه إل دنيعء المروءة خسعيس الهمعة
ولو حشد النام لهم نفير ول عنها لمن يأتي دفاع
ثم سبب ثامن ،وهو ل من المحب ول من المحبوب ،ولكنه من ال تعالى ،وهو
اليأس .وفروععه ثلثعة :إمعا موت ،وإمعا بيعن ل يرجعى مععه أوبعة ،وإمعا عارض
يدخععل على المتحابيععن بعلة المحععب التععي مععن أجلهععا وثععق المحبوب فيغيرهععا.
وكل هذه الوجوه من أسباب السلو والتصبر ،وعلى المحب الناسي في هذا الوجه
المنقسم إلى هذه القسام الثلثة من الغضاضة والذم واستحقاق اسم اللوم والغدر
هذه الوجوه المذكورة أولً وآخراً فالتأنععي فيهععا واجععب ،والتربععص على ِأهلهععا
حسععن ،فيمععا يمكععن فيععه التأنععي ويصععح لديععه التربععص ،فإذا انقطعععت الطماع
على اللذات .وهذا يدخل في باب السلو .ولقد أكثر الحسن بن هانئ في هذا الباب
وافتخر به ،وهو كثيراً ما يصف نفسه بالغدر الصريح في أشعاره ،تحكماً بلسانه
في رياض الربى مطي القفار خل هذا وبادر الدهر وأرحـل
مود كيما تحث بالـمـزمـار واحدها بالبديع من نغمـات ال
ر وقوف البنـان بـالوتـار إن خيرا من الوقوف علىالـدا
حائر الطرف مائلً كالمـدار وبدأ النرجس البديع كـصـب
وهو ل شك هائم بالـبـهـار لونه لون عاشق مـسـتـهـام
ومعاذ ال أن يكون نسعععيان مادرس لنعععا طبعاً ،ومعصعععبة ال بشرب الراح لنعععا
خلقاً ،وكسعاد الهمعة لنعا صعفة ،ولكعن حسعبنا قول ال تعالى ،ومعن أصعدق معن ال
فهذه شهادة ال العزيعز الجبار لهعم ،ولكعن شذوذ القائل للشععر ععن مرتبعة الشععر
خطععأ .وكان سععبب هذه البيات أن حفنععي العامريععة ،إحدى كرائم المظفععر عبععد
الملك ابن أبي عامر ،كلفتني صنعتها فأحببتها ،وكنت أجلها ،ولها فيها صنعة في
طريقة النشيد والبسيطرائقة جدا .ولقد أنشدتها بعض إخواني من أهل الدب فقال
فجميع فصول هذا الباب كما ترى ثمانية :منها ثلثة هي من المحب ،اثنان منها
يذم السالي فيهما على كل وجه ،وهما الملل والستبدال ،وواحد منها يذم السالي
فيعه ول يذم المتصعبر ،وهعو الحياء كمعا قدمنعا .وأربععة معن المحبوب ،منهعا واحعد
يذم الناي فيععه ول يذم المتصععبر ،وهععو الهجععر الدائم .وثلثععة ل يذم السععالي فيهععا
على أي وجعه كان ناسعياً أو متصعبراً ،وهعي النفار والجفاء والغدر .ووجعه ثامعن
وهعو معن قبعل ال ععز وجعل ،وهعو اليأس إمعا بموت أو بيعن أو آفعة تزمعن .فعي هذه
معذور.
وعنعي أخعبرك أنعي جبلت على طعبيعتين ل يهنئنعي معهمعا عيعش أبداً ،وإنعي لبرم
بحياتي باجتماعهما وأود التثبت من نفسي أحيانًا لفقدها أنا بسببه من النكد من
أجلهمعا ،وهمعا :وفاء ل يشوبعه تلون قعد اسعتوت فيعه الحضرة والعيعب ،والباطعن
والظاهعر ،تولده اللفعة التعي لم تعزف بهعا نفسعي عمعا دربتعه ،ول تتطلع إلى عدم
معن صعحبته ،وعزة نفعس لتقعر على الضيعم ،مهتمعة لقعل معا يرد عليهعا معن تغيعر
المعارف مؤثرة للموت عليعه .فكعل واحدة معن هاتيعن السعجيتين تدععو إلى نفسعها
وإنعي لجفعى فأحتمعل ،وأسعتعمل الناة الطويلة ،والتلوم الذي ل يكاد يطيقعه أحعد،
فإذا أفرط المععر وحميععت نفسععي تصععبرت ،وفععي القلب مععا فيععه وفععي ذلك أقول
قطعة ،منها:
وممعا يشبعه معا نحعن فيعه ،وإن كان أيعس منعه ،أن رجلً معن إخوانعي كنعت أحللتعه
معن نفسعي محلهعا ،وأسعقطت المؤونعة بينعي وبينعه ،وأعددتعه ذخراً وكنزاً ،وكان
كثيعر السعمع معن كعل قائل ،فدب ذو النميمعة بينعي وبينعه ،فحاكوا له وأنجعح سععيهم
عنده ،فانقبععض عمععا كنععت أعهده .فتربصععت عليععه مدة فععي مثلهععا أوب الغائب،
الموت
وربما تزايد المر ورق الطبع وعظم الشفاق فكان سبباً للموت ومفارقة الدنيا،
وقد جاء في الثار :من عشق فعف فمات فهو شهيد .وفي ذلك قطعة ،منها:
وإن تمنن بقيت قرير عـين فإن أهلك هوى أهلك شهـيدا
ثووا بالصدق عن جرح ومين روى هذا لنـا قـوم ثـقـات
ولقعد حدثنعي أبعو السعرى عمار بعن زياد صعاحبنا عمعن يثعق بعه ،أن الكاتعب ابعن
قزمان امتحن بمحبة أسعلم بن عبعد العزيعز ،أخى الحاجب هاشم بن عبعد العزيز.
وكان أسلم غاية في الجمال ،حتى أضجره لما به وأوقعه في أسباب المنية .وكان
أسعلم كثيعر اللمام بعه والزيارة له ول علم له بأنعه أصعل دائه ،إلى أن توفعي أسعفاً
ودنفاً.
قال المخععبر :فأخععبرت أسععلم بعععد وفاتععه بسععبب علتععه وموتععه فتأسععف وقال :هل
أعلمتنعي؟ فقلت :ولم؟ قال :كنعت وال أزيعد فعي صعلته ومعا أكاد أفارقعه ،فمعا علي
في ذلك ضرر .وكان أسلم هذا من أهل الدب البارع والتفين ،مع حظ من الفقه
وافعر ،وذا بصعارة فعي الشععر ،وله شععر جيعد ،وله معرفعة بالغانعي وتصعرفها،
وهعو صعاحب تأليعف فعي طرائق غناء زرياب وأخباره ،وهعو ديوان عجيعب جدا.
وكان أحسعن الناس خلقاً وخلقعا ،وهعو والد أبعي الجععد الذي كان سعاكناً بالجانعب
الغربي من قرطبة.
وأنا أعلم جارية كانت لبعض الرؤساء فعزف عنها لشيء بلغه في جهتها لم يكن
يوجب السخط ،فباعها .فجزعت لذلك جزعًا شديداً وما فارقها النحول والسف،
ول بان ععن عينهعا الدمعع إلى أن سعلت ،وكان ذلك سعبب موتهعا .ولم تععش بععد
خروجهعا عنعه إل أشهراً ليسعت بالكثيرة .ولقعد أخعبرتني عنهعا امرأة أثعق بهعا أنهعا
لقيتهعا وهعي قعد صعارت كالخيعل نحولً ورقعة فقالت لهعا :أحسعب هذا الذي بعك معن
محبتعك لفلن؟ فتنفسعت الصععداء وقالت :وال لنسعيته أبداً ،وإن كان جفانعي بل
وأنععا أخععبرك عععن أبععي بكععر أخععي رحمععه ال ،وكان متزوجاً بعاتكععة بنععت قنععد،
صعاحب الثغعر العلى أيام المنصعور أبعي عامعر محمعد بعن عامعر ،وكانعت التعي ل
مرمعى وراءهعا فعي جمالهعا وكريعم خللهعا ،ول تأتعي الدنيعا بمثلهعا فعي فضائلهعا.
وكانعا فعي حعد الصعبا وتمكعن سعلطانه تغضعب كعل واحعد منهمعا الكلمعة التعي ل قدر
لهعا ،فكانعا لم يزال فعي تغاضعب وتعاتعب مدة ثمانيعة أعوام ،وكانعت قعد شفهعا حبعه
واضناها الوجد فيه وانحلها شدة كلفها به حتى صارت كالخيال المتوسم دنفاً ،ل
يلهيهعا معن الدنيعا شيعء ،ول تسعر معن أموالهعا على عرضهعا وتكاثرهعا بقليعل ول
كثيععر إذا فاتهععا اتفاقععه معهععا وسععلمته لهععا .إلى أن توفععي أخععي رحمععه ال فععي
الطاعون الواقععع بقرطبععة فععي شهععر ذي القعدة سععنة إحدى وأربعمائة ،وهععو ابععن
اثنتيععن وعشريععن سععنة ،فمععا انفكععت منععذ بان عنهععا مععن السععقم الدخيععل والمرض
والذبول إلى أن ماتت بعده بعام في اليوم الذي أكمل هو فيه تحت الرض عاماً.
ولقد أخبرتني عنها أمها وجميع جواريها أنها كانت تقول بعده :ما يقوى صبري
ويمسك رمقي في الدنيا ساعة واحدة بعد وفاته إل سروري وتيقني أنه ل يضمه
وامرأة مضجععع أبداً ،فقععد أمنعت هذا الذي معا كنعت أتخوف غيره ،وأعظععم آمالي
ولم يكن له قبلها ول معها امرأة غيرها ،وهي كذلك لم يكن لها غيره ،فكان كما
وأمعا خعبر صعاحبنا أبعي عبعد ال محمعد بعن يحيعى بعن محمعد بعن الحسعين التميمعي،
المعروف بابعن الطنعبي .فإنعه كان رحمعه ال كأنعه قعد خلق الحسعن على مثاله أو
خلق معن نفعس كعل معن رآه ،لم أشعد له مثلً حسعناً وجمال وخلقاً وعفعة وتصعاوناً
وأدباً وفهماً وحلماً ووفاء وسعععععؤدداً وطهارة وكرماً ودماثعععععة وحلوة ولباقعععععة
وإغضامعو عقل ومروءة وديناً وداريعة وحفظاً للقرآن والحديعث والنحعو واللغعة،
وشاعراً مفلقاً حسععن الخععط ،وبليغاً مفنناً ،مععع حععظ صععالح مععن الكلم والجدال،
وكان معن غلمان أبعي القاسعم عبعد الرحمعن بعن أبعي يزيعد الزدي أسعتاذي فعي هذا
الشأن ،وكان بينعه وبيعن أبيعه اثنعا عشعر عامًا فعي السعن ،وكنعت أنعا وهعو متقاربيعن
فعي السعنان .وكنعا أليفيعن ل نفترق ،وخذنيعن ل يجري الماء بيننعا إل صعفاء ،إلى
أن ألقعت الفتنعة جرانهعا وأرخعت ععز إليهعا ووقعع انتهاب جنعد البربر منازلنعا فعي
الجانعب الغربعي بقرطبعة ونزولهعم فيهعا ،وكان مسعكن أبعي عبعد ال فعي الجانعب
الشرقعي ببلط مغيعث ،وتقلبعت بعي المور إلى الخروج ععن قرطبعة وسعكن مدينعة
المريعة ،فكنعا نتهادى النظعم والنثعر كثيراً وآخعر معا خاطبنعي بعه رسعالة فعي درجهعا
هذه البيات:
سي جديدا لـدي غـير رثـيث ليت شعري عن حبل ودك هل يم
وأناجيك فـي بـلط مـغـيث وأرانـي أرى مـحـياك يومـا
ق أناك البلط كالمسـتـغـيث فلو أن الديار ينهضهـا الـشـو
سار قلبي إليك سير الحـثـيث ولو أن القلوب تسطـيع سـيرا
ليس لي غير ذكركم من حديث كن كما شئت لي فإني مـحـب
في صميم الفؤاد غير نـكـيث لك عندي وإن تناسـيت عـهـد
فكنععا على ذلك إلى أن انقطعععت دولة بنععي مروان وقتععل سععليمان الظافععر أميععر
المؤمنيعععن وظهرت دولة الطالبيعععة وبويعععع علي بعععن حمود الحسعععني ،المسعععمى
بالناصعر بالخلفعة ،وتغلب على قرطبعة وتملكهعا واسعتمر فعي قتاله إياهعا بجيوش
المتغلبيععن والثوار فععي أقطار الندلس .وفععي إثععر ذلك نكبنععي خيران صععاحب
المريعة ،إذ نقعل إليعه معن لم يتعق ال ععز وجعل معن الباغيعن -وقعد انتقعم ال منهعم -
عنعي وعن محمد بن إسعحاق صاحبي أنا نسععى فعي القيام بدعوة الدولة المويعة،
فاعتقلنعا عنعد نفسعه أشهراً ثعم أحرجنعا على جهعة التغريعب ،فصعرنا إلى حصعن
القصعر .ولقينعا صعاحبه أبعو القاسعم عبعد ال بعن هذيعل التجيعبي ،المعروف بابعن
المقفعل ،فأقمنعا عنده شهورًا فعي خيعر دار إقامعة ،وبيعن خيعر أهعل وجيران ،وعنعد
أجعل الناس همعة وأكملهعم معروفاً وأتمهعم سعيادة .ثعم ركبنعا البحعر قاصعدين بلنسعية
عنعد ظهور أميعر المؤمنيعن المرتضعى عبعد الرحمعن ابعن محمعد ،وسعاكناه بهعا.
فوجدت ببلنسعية أبعا شاكعر عبعد الرحمعن بعن محمعد بعن موهعب العنعبري صعديقنا،
فنععى إلى أبعا عبعد ال بعن الطنعبي وأخعبرني بموتعه رحمعه ال ثعم أخعبرني بععد ذلك
بمدينة القاضي أبو الوليد يونس بن محمد المردي وأبو عمر وأحمد ابن محرز،
أن أبعا بكعر المصععب بعن عبعد ال الزدي ،المعروف بابعن الفرضعى ،حدثهمعا،
وكان والد المصععععب هذا قاضعععي بلنسعععية أيام أميعععر المؤمنيعععن المهدي؛ وكان
المصعععب لنععا صععديقاً وأخاً وأليفاً أيام طلبنععا الحديععث على والده وسععائر شيوخ
المحدثين بقرطبة قال :قال لنا المصعب :سألت أبا عبد اله بن الطنبي عن سبب
علتعه ،وهعو قعد نحعل وخفيعت محاسعن وجهعه بالضنعى فلم يبعق إل عيعن جوهرهعا
المخعبر ععن صعفاتها السعالفة ،وصعار يكاد أن يطيره النفعس ،وقرب معن النحناء،
والشجا باد على وجهه ،ونحن منفردان .فقال لي .نعم :أخبرك أني كنت في باب
داري بقديععد الشماس فععي حيععن دخول علي بععن حمود قرطبععة؛ والجيوش واردة
عليهعا معن الجهات تتسعارب فرأيعت فعي جملتهعم فتعى لم أقدر أن للحسعن صعورة
قائمة حتى رأيته ،فغلب على عقلي وهام به لبي ،فسألت عنه فقيل لي :هذا فلن
بن فلن ،من سكان جهة كذا ،ناحية قاصية عن قرطبة بعيدة المأخذ .فيئست من
رؤيتععه بعععد ذلك .ولعمري يععا أبععا بكععر ل فارقنععي حبععه أو يوردنععي رمسععى.
فكان كذلك ،وأنعا أعرف ذلك الفتعى وأدريعه ،وقعد رأيتعه لكنعي أضربعت ععن اسعمه
لنعععه قعععد مات والتقعععى كلهمعععا عنعععد ال ععععز وجعععل .عفعععا ال ععععن الجميعععع.
هذا على أن أبعععا عبعععد ال ،أكرم ال نزله ،ممعععن لم يكعععن له وله قعععط ،ول فارق
الطريقة المثلى؛ ول وطئ حراماً قط؛ ول قارف منكراً؛ ول أتى منهياً عنه يحل
بدينه ومروءته؛ ول قارض من جفا عليه؛ وما كان في طبقتنا مثله .ثم دخلت أنا
قرطبعة فعي خلفعة القاسعم بعن حمود المأمون فلم أقدم شيئاً على قصعد أبعي عمرو
القاسعم بعن يحيعى التميمعي أخعي عبعد ال رحمعه ال .فسعألته ععن حاله وعزيتعه ععن
أخيعه ومعا كان أولى بالتعزيعة عنعه منعي .ثعم سعألته ععن أشعاره ورسعائله إذ كان
الذي عندي منعه قعد ذهعب بالنهعب فعي السعبب الذي ذكرتعه فعي صعدر هذه الحكايعة
فأخبرني عنه أن لما قربت وفاته وأيقن بحضور المنية ولم يشك في الموت دعا
بجميع شعره وبكتبي التي كنت خاطبته أنا بها ،فقطعها كلها ثم أمر بدفنها .قال
أبو عمرو :فقلب له :يا أخي دعها تبقعي .فقال :إني أقطعهعا وأنا أدري أنعي أقطع
فيهعا أدباً كثيراً ،ولكعن لو كان أبعو محمعد بعينعي حاضراً لدفعتهعا إليعه تكون عنده
تذكرة لمودتعي ،ولكنعي ل أعلم أي البلد أضمرتعه ول أحعي هعو أم ميعت .وكانعت
نكبتععي اتصععلت بععه ولم يعلم مسععتقري ول إلى مععا آل إليععه أمري فمععن مرائي له
قصيدة ،منها:
فوجدي بعدك ل سـتـتـر لئي سترتك بطول اللحـود
وللدهر فينا كـرور ومـر قصدت ديارك قصد المشوق
فأسكبت عيني عليك العبر فألفيتها منك قفـرا خـلء
وحدثنعي أبعو القاسعم الهمذانعي رحمعه ال قال :كان معنعا ببغداد أخ لعبعد ال ابعن
يحيعى بعن أحمعد بعن دحون العقبعة ،الذي عليعه مدار الفتيعا بقرطبعة ،وكان أعلم معن
أخيععه وأجععل مقدراً ،مععا كان فععي أصععحابنا ببغداد مثله ،وأنععه اجتاز يوماً بدرب
قطنة؛ في زقاق ل ينفذ .فدخل فيه فرأى في أقصاه جارية واقفة مكشوفة الوجه،
فقالت له :يعا هذا ،إن الدرب ل ينفعذ ،قال :فنظعر إليهعا فهام بهعا .قال :وانصعرف
إلينا فتزايد عليه أمرها ،وخشى الفتنة فخرج إلى البصرة فمات بها عشقاً رحمه
حكايعة :لم أزل أسعمعها ععن بعبعض ملوك البرابر ،أن رجل أندلسعياً باع جاريعة،
كان يجعد بهعا وجدا شديدا ،لفاقعة أصعابته ،معن رجعل معن أهعل ذلك البلد ،ولم يظعن
بائعهععا أن نفسععه تتبعهععا ذلك التتبععع .فلمععا حصععلت عنععد المشتري كادت نفععس
الندلسعي تخرج .فأتعى إلى الذي ابتاعهعا منعه وحكمعه فعي ماله أجمعع وفعي نفسعه،
فأبعى عليعه ،فتحمعل عليعه بأهعل البلد فلم يسععف منهعم أحعد .فكاد عقله أن يذهعب
ورأى أن يتصععدى إلى الملك فتعرض له وصععاح ،فسععمعه فأمععر بإدخاله ،والملك
قاععد فعي عليعة له مشرفعة عاليعة فوصعل إليعه .فمعا مثعل بيعن يديعه أخعبره بقصعته
واسعترحمه وتضرع إليعه ،فرق له الملك فأمعر بإحضار الرجعل المبتاع فحضعر،
فقال له :هذا رجعل غريعب وهعو كمعا تراه وأنعا شفيععه إليعك .فأبعى المتاع وقال :أنعا
أشد حباً لها منه وأخشى أن صرفتها إليه أن أستغيث بك غداً أو أنا في أسوأ من
حالته .فعرض له الملك ومن حواليه من أموالهم ،فأبى ولج واعتذر بمحبته لها،
فلمعا طال المجلس ولم يروا منعه البتعة جنوحاً إلى السععاف قال للندلسعي :يعا هذا
مالك بيدي أكثر مما ترى ،وقد جهدت لك بأبلغ سعي ،وهو تراه يعتذر بأنه فيها
أحب منك وأنه يخشى على نفسه شراً مما أنت فيه ،فاصبر لما قضى ال عليك.
فقال له الندلسي :فمالي بيدك حيلة؟ قال له :وهل ها هنا غير الرغبة والبذل ،ما
ِأستطيع لك أكثر .فلما يئسي الندلسي منها جمع يديه ورجليه وانصب من أعلى
العليعة إلى الرض .فارتاع الملك وصعرخ ،فابتدر الغلمان معن أسعفل ،فقضعى أنعه
لم يتأذ فععي ذلك الوقوع كععبير أذى ،فصعععد بععه إلى الملك ،فقال :ماذا أردت بهذا؟
فقال :أيها الملك ،ل سبيل لي إلى الحياة بعدها ثم هم أن يرمي نفسه ثانية ،فمنع.
فقال الملك :ال أكععبر ،قععد ظهععر وجععه الحكععم فععي هذه المسععألة ،ثععم التفععت إلى
المشتري فقال :يعا هذا ،إنعك ذكرت أنعك أود لهعا منعه وتخاف أن تصعير فعي مثعل
حاله ،فقال :نعععم .قال :فإن صععاحبك هذا أبدى عنوان محبتععه وقذف بنفسععه يريععد
الموت لول أن ال ععز وجعل وقاه ،فأنعت قعم فصعحح حبعك وترام معن أعلى هذه
القصعبة كمعا فععل صعاحبك ،فإن معت فبأجلك وإن عشعت كنعت أولى بالجاريعة ،إذ
هععي فععي يدك ويمضععي صععاحبك عنععك ،وإن أبيععت نزعععت الجاريععة منععك رغماً
ودفعتها إليه ،فتمنع ثم قال ،أترامى .فلما قرب من الباب ونظر إلى الهوى تحته
رجعع القهقري ،فقال له الملك :هعو وال معا قلت ،فهعم ثعم نكعل ،فلمعا لم يقدم قال له
الملك :ل تتلععب بنعا ،يعا غلمان ،خذوا بيديعه وأرموا بعه إلى الرض فلمعا رأى
العزيمععة قال :أيهععا الملك ،قععد طابععت نفسععي بالجاريععة .فقال له :جزاك ال خيراً.
فاشتراها منه ودفعها إلى بائعها ،وانصرفا.
قبح المعصية
قال المصععنف رحمععه ال تعالى :وكثيععر مععن الناس يطيعون أنفسععهم ويعصععون
ال ربهم ،ويوافقون إبليس فيما يحبه من الشهوة المعطية فيواقعون المعصية في
والثانيعععة :ضعععد لهعععا ل تشيعععر إل إلى الشهوات ،ول تقود إل إلى الردى ،وهعععي
النفععس ،وقائدهععا الشهوة .وال تعالى يقول( :إن النفععس لمارة بالسععوء) .وكنععى
بالقلب عن العقل فقال( :إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو
شهيععد) .وقال تعالى( :وحبععب ألكععم اليمان وزينععه فععي قلوبكععم) .وخاطععب أولي
اللباب.
فهاتان الطعبيعتان قطبان فعي النسعان ،وهمعا قوتان معن قوى الجسعد الفعال بهمعا،
ففي كل جسد منهما حظه على قدر مقابلته لهما في تقدير الواحد الصمد ،تقدست
أسععماؤه حيععن خلقععه وهيأه .فهمععا يتقابلن أبداً ويتنازعان دأباً ،فإذا غلب العقععل
النفعس ارتدع النسعان وقمعع عوارضعه المدخولة واسعتضاء بنور ال واتبعع العدل
وإذا غلبعت النفعس العقعل عميعت البصعيرة ،ولم يصعح الفرق بيعن الحسعن والقبيعح،
وعظعععم اللتباس وتردى فعععي هوة الردى ومهواة الهلكعععة ،وبهذا حسعععن المعععر
وأصععل بيععن هاتيععن الطععبيعتين ،وموصععل مععا بينهمععا ،وحامععل اللتقاء بهمععا وإن
الوقوف عنععد حععد الطاعععة لمعدوم إل بطول الرياضععة وصععحة المعرفععة ونفاذ
التمييععز ،ومععع ذلك اجتناب التعرض للفتععن ومداخله الناس جملة والجلوس فععي
له في النساء ول جارحة له تعبنه عليهن قديماً .وورد :من وقى شر لقلقه وقبقبه
وذبذبععه فقععد وقععى شععر الدنيععا بحذافيراهععا .واللقلق :اللسععان .والقبقععب :البطععن.
والذبذب :الفرج ولقععد أخععبرني أبععو حفععص الكاتععب هععو مععن ولد روح بععن زنباع
الجذامعي ،أنعه سعمع بععض المتسعمين باسعم الفقعه معن أهعل الروايعة المشاهيعر ،وقعد
سعععععععععععئل ععععععععععععن هذا الحديعععععععععععث فقال :القبقعععععععععععب .البطيعععععععععععخ.
وحدثنعا أحمعد بعن محمعد بعن أحمعد ،ثنعا وهعب بعن مسعرة ومحمعد بعن أبعي دليعم ععن
محمعد بعن وضاح ععن يحيعى بعن يحيعى ععن مالك بعن أنعس ععن زيعد بعن أسعلم ععن
عطاء ابن يسار ،أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال في حديث طويل( :من
وقاه ال شعر اثنتيعن دخعل الجنعة) .فسعئل ععن ذلك فقال( :معا بيعن لحييعه ومعا بيعن
رجليعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععه).
وإنعي لسعمع كثيراً ممعن يقول :الوفاء فعي قمعع الشهوات فعي الرجال دون النسعاء
فأطيعل العجعب معن ذلك ،وإن لي قولً ل أحول عنعه :الرجال والنسعاء فعي الجنوح
إلى هذيعن الشيئيعن سعواه ،ومعا رجعل عرضعت له امرأة جميلة بالحعب وطال ذلك
ولم يكعن ثعم معن مانعع إل وقعع فعي شرك الشيطان واسعتهوته المعاصعي واسعتفزه
الحرص وتغوله الطمععع ،ومععا امرأة دعاهععا رجععل بمثععل هذه الحالة إل وأمكنتععه،
ولقد أخبرني ثقة صدق من إخواني من أهل النماء في الفقه والكلم المعرفة وذو
صلبة في دينه ،أنه أحب جارية نبيلة أديبة ذات جمال بارع ،قال :فعرضت لها
فنفرت ،ثععم عرضععت فأبععت .فلم يزل المععر يطول وحبهععا يزيععد ،وهععي ل تطيععع
البتة ،إلى أن حملني فرط حبي لها مع عمي الصبي على أن نذرت أني متى نلت
منهعا مرادي أن أتوب إلى ال توبعة صعادقة .قال :فمعا مرت اليام والليالي حتعى
أذعنعععت بععععد شماس ونفار .فقلت له :أنعععا فلن ،وفيعععت بعهدك؟ فقال :أي وال،
فضحكععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععت.
وذكرت بهذه الفعلة مععا لم يزل يداول فععي أسععماعنا مععن أن فععي بلد البربر التععي
تجاور أندلسعنا يتعهعد الفاسعق على أنععه إذا قضععى وطره ممعن أراد أن يتوب إلى
ال ،فل يمنعع معن ذلك .وينكرون على معن تعرض له بكلمععة ويقولون له :أتحرم
قال :ولعهدي بهعا تبكعي وتقول :وال لقعد بلغتنعي بملغاً معا خطعر قعط لي ببال ،ول
ولسعت أبععد أن يكون الصعلح فعي الرجال والنسعاء موجوداً .وأعوذ بال أن أظعن
غير هذا ،وإني رأيت الناس يغلطون في معنى هذه الكلمة ،أعني الصلح ،غلطاً
انضبطعت ،وإذا قطععت عنهعا الذرائع أمسعكت .والفاسعدة هعي التعي إذا ضبطعت لم
تنضبععط ،وإذا حيععل بينهععا وبيععن السععباب التععي تسععهل الفواحععش تحيلت فععي أن
تتوصععل إليهععا بضروب مععن الحيععل .والصععالح مععن الرجال مععن ل يداخععل أهععل
الفسعوق ول يتعرض إلى المناظعر الجالبعة للهواء ،ول يرفعع طرفعه إلى الصعور
والصعالحان معن الرحال والنسعاء كالنار الكامنعة فعي الرماد ل تحرق معن جاورهعا
وأمععا امرأة مهملة ورجععل متعرض فقععد هلكععا وتلفععا .ولهذا حرم على المسععلم
اللتذاذ بسعماع نغمعة امرأة أجنبيعة .وقعد جعلت النظرة الولى لك والخرى عليعك
وقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم( :من تأمل امرأة وهو صائم حتى يرى
حجم عظامها فقد أفطر) .وإن فيما ورد من النهي عن الهوى بنص التنزيل لشيئاً
مقنعاً .وفععي إيقاع هذه الكلمععة ،أعنععي الهوى .اسععماً على معان ،واشتقاقهععا عنععد
العرب ،وذلك دليععل على ميععل النفوس وهويهععا إلى هذه المقامات .وإن المتمسععك
وشيعء أصعفه لك تراه عياناً ،وهعو أنعي معا رأيعت قعط امرأة فعي مكان تحعس أن
رجلً يراها أو يسمع حسها إل وأحدثت حركة فاضلة كانت عنها بمعزل ،وأنت
بكلم زائد كانعت عنعه فعي غنيعة ،مخالفيعن لكلمهعا وحركتهعا قبعل ذلك .ورأيعت
التهمعم لمخارج لفظهعا وهيئة تقلبهعا لئحاً فيهعا ظاهراً عليهعا ل خفاء بعه .والرجال
كذلك إذا أحسعوا بالنسعاء .وأمعا إظهار الزينعة وترتيعب المشعي وإيقاع المزح عنعد
خطور المرأة بالرجععل واجتياز الرجععل بالمرأة فهذا أشهععر مععن الشمععس فععي كععل
مكان .وال عععز وجععل يقول( :وقععل للمؤمنيععن يغضوا مععن أبصععارهم ويحفظوا
فروجهععم) ،وقال تقدسععت أسععماؤه( :ول يضربععن بأرجلهععن ليعلم مععا يخفيععن مععن
زينتهن) .فلول علم ال عز وجل برقة إغماضهن في السعي ليصال حبهن إلى
القلوب ،ولطععف كيدهععن فععي التحيععل لسععتجلب الهوى ،لمععا كشععف ال عععن هذا
المعنعى البعيعد الغامعض الذي ليعس وراءه مرمعى ،وهذا حعد التعرض فكيعف بمعا
دونعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععه.
ولقد اطلعت من سر معتقد الرجال والنساء في هذا على أمر عظيم ،وأصل ذلك
أني لم أحسن قط بأحد ظنا في هذا الشأن ،مع غيرة شديدة ركبت في .وحدثنا أبو
عمر وأحمد بن أحمد ،ثنا أحمد ،ثنا محمد بن علي بن رفاعة ،حدثنا علي بن عبد
العزيعز ،حدثنعا أبعو عبيعد القاسعم بعن سعلم ععن شيوخعه :أن رسعول ال صعلى ال
عليععه وسععلم قال( :الغيرة مععن اليمان) .فلم أزل باحثاً عععن أخبارهععن كاشفاً عععن
أسعرارهن ،وكعن قعد أنسعن منعي بكتمان ،فكعن يطلعننعي على غوامعض أمورهعن.
ولول أن أكون منبهاً على عورات يستعاذ بال منها لوردت من تنبهن في السر
ومكرهن فيه عجائب تذهل اللباب ،وإني لعرف هذا وأتقنه ،ومع هذا يعلم ال
وكفعى بعه علماً أنعي بريعء السعاحة ،سعليم الديعم ،صعحيح البشرة ،نقعي الحجزة،
وإنععي أقسععم بال أجععل القسععام أنععي مععا حللت مئزري على فرج حرام قععط ،ول
يحاسععبني ربععي بكععبيرة الزنععا مععذ علقععت إلى يومععي هذا .وال المحمود على ذلك
حدثنععا القاضععي أبععو عبععد الرحمععن بععن عبععد ال بععن عبععد الرحمععن بععن حجاف
المعافري ،وإنععه لفضععل قاض رأيتععه ،عععن محمععد بععن إبراهيععم الطليطلي عععن
القاضي بمصر بكر بن العلء في قول ال عز وجل( :وأما بنعمة ربك فحدث).
أن لبعض المتقدمين فيه قول ،وهو أن المسلم يكون مخبراً عن نفسه بما أنعم ال
تعالى به عليه من طاعة ربه التي هي من أعظم النعم ،ول سيما في المفترض
على المسلمين اجتنابه وأتباعه .وكان السبب فيما ذكرته أني كنت وقت تأجج نار
الصععبا وشرة الحداثععة وتمكععن غرارة الفتوة مقصععوراً محظراً على بيععن رقباء
ورقائب ،فلمعا ملكعت نفسعي عقلت صعحبت أبعا علي الحسعين بعن علي الفاس فعي
مجلس أبي القاسعم عبد الرحمن بن أبي يزيد الزدي شيخنا وأستاذي رضي ال
عنعه ،وكان أبعو علي المذكور عاقلً عاملً عالماً ممعن تقدم فعي الصعلح والنسعك
الصعحيح فعي الزهعد فعي الدنيعا والجتهاد للخرة ،وأحسعبه كان حصعوراً لنعه لم
تكن له امرأة قط ،وما رأيت مثله جملة علماً وعملً وديناً وورعاً ،فنفعني ال به
كثيراً وعلمععت موقععع السععاءة وقبععح المعاصععي :ومات أبععو علي رحمععه ال فععي
الطريق الحج.
ولقععد ضمنععى المععبيت ليلة فععي بعععض الزمان عنععد امرأة مععن بعععض معارفععي
قعد ضمنهعا مععي النشأة فعي الصعبا ،ثعم غبعت عنهعا أعواماً كثيرة .وكنعت تركتهعا
حيععن أعصععرت ووجدتهععا قععد جرى على وجههععا ماء الشباب ففاض وأنسععاب،
وتفجرت عليهععا ينابيععع الملحععة فترددت وتحيرت ،وطلعععت فععي سععماء وجههععا
نجوم الحسععن فأشرقععت وتوقدت ،وانبعععث فععي خديهععا أزاهيععر الجمال فتمععت
وكانعت معن أهعل بيعت صعباحة ،وقعد ظهرت على صعورة تعجعز الوصعاف ،وقعد
طبق وصف شبابها قرطبة ،فبت عندها ثلث ليال متوالية ولم تحجب عني على
جاري العادة فعي التربيعة .فلعمري لقعد كاد قلبعي أن يصعبو ويثوب إليعه مرفوض
الهوى ،ويعاوده منسعى الغزل .ولقعد امتنععت بععد ذلك معن دخول تلك الدار خوفاً
على لبعي أن يزدهيعه السعتحسان .ولقعد كانعت هعي وجميعع أهلهعا ممعن ل تتعدى
الطماع إليهن ،ولكن الشيطان غير مأمون الغوائل .وفي ذلك أقول:
وأقول:
وما أورد ال تعالى علينا من قصة يوسف بن يعقوب وداود بن إيشى رسل ال
عليهم السلم إل ليعلمنا نقصاننا وفاقتنا إلى عصمته ،وأن بنيتنا مدخولة ضعيفة،
فإذا كانعا صعلى ال عليهمعا وهمعا نعبيان رسعولن أبناء أنعبياء رسعل ومعن أهعل بيعت
نبوة ورسععالة متكرريععن فععي الحفععظ مغموسععين فععي الوليععة ،محفوفيععن بالكلءة،
مؤيديعن بالعصعمة ،ل يجععل للشيطان عليهمعا سعبيل ول فتعح لوسعواسه نحوهمعا
طريعق وبلغعا حيعث نعص ال ععز وجعل علينعا فعي قرءانعه المنزل بالجبلة الموكلة
والطبعع البشري والخلقعة الصعلية ،ل بتعمعد الخطيئة ول القصعد إليهعا ،إذ النعبيون
للصور ،فمن ذا الذي يصف نفسه مملكها ويتعاطى ضبطها إل بحول ال وقوته.
وأول دم سععفك فععي الرض فدم أحععد ابنععي آدم على سععبب المنافسععة فععي النسععاء.
ورسعول ال صعلى ال عليععه وسعلم يقول( :باعدوا بيعن أنفاس الرجال والنسعاء).
وهذه امرأة من العرب تقول وقد حبلت من ذي قرابة لها حين سئلت :ما ببطنك
يا هند؟ فقالت :قرب الوساد وطول السواد .وفي ذلك أقول شعراً ،منه:
وإني لعلم فتى من أهل الصيانة قد أولع بهوى له ،فاجتاز بعض إخوانه فوجده
قاعداً معع معن كان يحعب ،فاسعتجلبه إلى منزله ،فأجابعه إلى منزله بامتثال المسعير
بعده .فمضعى داعيعه إلى منزله وانتظره حتعى طال عليعه التربعص فلم يأتعه .فلمعا
كان بعععد ذلك اجتمععع بععه داعيععه فعدد عليععه وأطال لومععه على إخلفععه موعده،
فاعتذر وورى .فقلت أنعا للذي دعاه :أنعا أكشعف عذره صعحيحاً معن كتاب ال ععز
وجعل إذ يقول( :معا أخلفنعا موعدك بملكنعا ولكنعا حملنعا أوزاراً معن زينعة القوم).
ولي كلمتان قلتهما معرضاً بل مصرحاً برجل من أصحابنا كنا نعرفه كلنا من
أهععل الطلب والعنايععة والورع وقيام الليععل واقتفاء آثار النسععاك وسععلوك مذاهععب
المتصعوفين القدماء باحثًا مجتهداً ،وقعد كنعا نتجنعب المزاح بحضرتعه ،فلم يمعض
الزمعن حتعى مكعن الشيطان معن نفسعه ،وفتعك بععد لباس النسعاك ،وملك إبليعس معن
خطامععه فسععول له الغرور ،وزيععن له الويععل والثبور ،وأجره رسععنه بعععد إباء.
وأعطاه ناصيته بعد شماس ،فخب في طاعته وأوضع ،واشتهر بعد ما ذكرته في
بععض المعاصعي القبيحعة الوضرة ،ولقعد أطلت ملمعه وتشددت فعي عذله إذ أعلن
بالمعصية بعد استتار ،إلى أن أفسد ذلك ضميره علي ،وخبثت نيته لي ،وتربص
بي دوائر السوء ،وكان بعض أصحابنا يساعده بالكلم استجراراً إليه ،فيأنس به
معن عيون الناس كلهعم بععد أن كان مقصعداً للعلماء ومنتاباً للفضلء ،ورذل عنعد
إخوانعه جملة .أعاذنعا ال معن البلء ،وسعترنا فعي كفايتعه ،ول سعلبنا معا بنعا معن
نعمتعه .فيعا سعوءتاه لمعن بدأ باسعتقامة ولم يعلم أن الخذلن يحعل بعه وأن العصعمة
سععتفارقه ،ل إله إل ال ،مععا أشنععع هذا وأفظعععه .لقععد دهمتععه إحدى بنات الحرس،
وألقعت عصعاها بعه أم طبعق .معن كان ل أولً ثعم صعار للشيطان آخراً ،ومعن إحدى
الكلمتين:
وأنه كان مستورا فقـد هـتـكـا أما الغلم فقد حانت فضـيحـتـه
فالن كل جهول منه قد ضحـكـا مازال يضحك من أهل الهوى عجبا
يرى التهتك في دين الهوى نسكـا إليك ل تلح صبا هائمـا كـلـفـا
نحو المحدث يسعى حيث ما سلكا ذو مخبر وكـتـاب ل يفـارقـه
كأنه من لجين صبغ أو سـبـكـا فاعتلص من سمر أقلم بنان فتـي
تشهد جبينين يوم الملتقى اشتبـكـا يا لئمي سفها في ذاك قـل فـلـم
إليك عني كذا ل أبتغي البـركـا دعني ووردي في البار أطلـبـه
تركت يوما فإن الحب قد تـركـا إذا تعففت عف الحب عـنـك وإن
إل إذا ما حللت الزر والتكـكـا ول تحل من الهجران منـعـقـدا
أو تدخل البرد عن إنفاذه السككـا ول تصحح للسلطـان مـمـلـكة
يعلو الحديد من الصداء إن سبكـا ول بغير كثير المسح يذهـب مـا
وكان هذا المذكور من أصحابنا قد أحكم القراءات إحكاماً جيداً ،واختصر كتاب
النباري فعي الوقعف والبتداء اختصعاراً حسعناً أعجعب بعه معن رآه معن المقرئيعن،
وكان دائباً على طلب الحديععث وتقييده ،والمتولي لقراءة مععا يسععمعه على الشيوخ
المحدثين ،مثابراً على النسخ مجتهداً به .فلما امتحن بهذه البلية مع بعض الغلمان
رفععض مععا كان معتنياً وباع أكثععر كتبععه واسععتحال اسععتحالة كليععة ،نعوذ بال مععن
الخذلن ،وقلت فيعه كلمعة وهعي التاليعة للكلمعة التعي ذكرت منهعا فعي أول خعبره ثعم
تركتهععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععا.
وقععد ذكععر أبععو الحسععين أحمععد بععن يحيععى بععن إسععحاق الرويدي فععي كتاب اللفععظ
والصلح :أن إبراهيم بن سيار النظام رأس المعتزلة ،من علو طبقته في الكلم
وتمكنعه وتحكمعه فعي المعرفعة ،تسعبب إلى معا حرم ال عليعه معن فتعى نصعراني
عشقعه بأن وضعع له كتابًا فعي تفضيعل التثليعث على التوحيعد .فيعا غوثاه عياذك يعا
رب مععععن تولج الشيطان ووقوع الخذلن .وقععععد يعظععععم البلء ،وتكلب الشهوة،
ويهون القبيعح وبرق الديعن حتعى يرضعى النسعان فعي جنعب وصعوله إلى مراده
بالقبائح والفضائح ،كمثععل مععا دهععم عبيععد ال بععن يحيععى الزدي المعروف بابععن
الحزيري ،فإنعه رضعي بإهمال داره وإباحعة حريمعه والتعريعض بأهله طمعًا فعي
الحصعول على بغيتعه معن فتعى كان علقعه .نعوذ بال معن الضلل ونسعأله الحياطعة
وتحسين آثارنا وإطابة أخبارنا ،حتى لقد صار المسكين حديثاً تعمر به المحافل،
وتصاغ فيه الشعار ،وهو الذي تسميه العرب الديوث .وهو مشتق من التدييث،
وهعو التسعهيل .ومعا بععد تسعهيل معن تسعمح نفسعه بهذا الشأن تسعهيل ،ومنعه بعيعر
مديععث .أي مذلل .ولعمري إن الغيرة لتوجععد فععي الحيوان بالخلقععة ،فكيععف وقععد
أكدتهععا عندنععا الشريعععة ،ومععا بعععد هذا مصععاب .ولقععد كنععت أعرف هذا المذكور
مسعتوراً إلى أن اسعتهواه الشيطان ونعوذ بال معن الخذلن .وفيعه يقول عيسعى بعن
وأقول أيضاً:
ولقعد سعمعته فعي المسعجد الجامعع يسعتعيذ بال معن العصعمة كمعا يسعتعاذ بعه معن
الخذلن.
وممعا يشبعه هذا أنعي أذكعر أنعي كنعت فعي مجلس فيعه إخوان لنعا عنعد بععض مياسعير
أهعل بلدنان فرأيعت بيعن بععض معن حضعر وبيعن معن كان بالحضرة أيضاً معن أهعل
صععاحب المجلس أمراً أنكرتععه وغمزًا اسععتبشعته ،وخلوات الحيععن بعععد الحيععن،
بالتصريح فلم يتحرك ،فجعلت أكرر عليه بيتين قديمين لعله يفطن .وهما هذان:
وأكثرت معن إنشادهعن حتعى قال لي صعاحب المجلس :قعد أمللتنعا معن سعماعهما
فتفضعل بتركهمعا أو إنشاد غيرهمعا .فأمسعكت وأنعا ل أدري أغافعل هعو أم متغافعل.
وما أذكر أني عدت إلى ذلك المجلس بعدها .فقلت فيه قطعة منها:
حدثتنععي امرأة اسععمها هنععد كنععت رأيتهععا فععي المشرق ،وكانععت قععد حجععت خمععس
حجات ،وهعي معن المتعبدات المجتهدات ،قال سعليمان :فقالت لي :يعا بعن أخعي ،ل
تحسعن الظعن بامرأة قعط فإنعي أخعبرك ععن نفسعي بمعا يعلمعه ال ععز وجعل :ركبعت
البحر منصرفة من الحج وقد رفضت الدنيا وأنا خامسة نسوة ،كلهن قد حججن،
وصعرنا فعي مركعب فعي بحعر القلزم ،وفعي بععض ملحعي السعفينة رجعل مضمعر
الخلق مديعد القامعة واسعع الكناف حسعن التركيعب ،فرأيتعه أول ليلة قعد أتعى إلى
إحدى صواحبي فوضع إحليله في يدها وكان ضخمًا جداً .فأمكنته في الوقت من
نفسعها .ثعم معر عليهعن كلهعن فعي ليالي متواليات ،فلم يبعق له غيرهعا ،تعنعي نفسعها،
قالت :فقلت فعي نفسعي :لنتقمعن منعك .فأخذت موسعى وأمسعكتها بيدي .فأتعى فعي
الليعل على جاري عادتعه .فلمعا فععل كفعله فعي سعائل الليالي سعقطت الموسعى عليعه
فارتاع وقام لينهعض .قالت :فأشفقعت عليعه وقلت له :وقعد أمسعكته :ل زلت أو آخعذ
وإن للشعراء من لطف التعريض عن الكناية لعجبا .ومن بعض ذلك قولي حيث
أقول:
وإن فيمعا يبدو إلينعا معن تعادي المتواصعلين فعي غيعر ذات ال تعالى بععد اللفعة،
وتدابرهم بعد الوصال ،وتقاطعهم بعد المودة ،وتباغضهم بعد المحبة ،واستحكام
الضغائن وتأكععد السععخائم فععي صععدورهم ،لكاشفاً ناهياً لو صععادف عقولً سععليمة
وآراء نافذة وعزائم صعحيحة .فكيعف بمعا أععد اله لمعن عصعاه معن النكال الشديعد
يوم الحسعاب وفعي دار الجزاء ،ومعن الكشعف على رؤوس الخلئق( :يوم تذهعل
كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما
هععم بسععكارى ولكععن عذاب ال شديععد) .جعلنععا ال ممععن يفوز برضاه ويسععتحق
رحمتعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععه.
ولقعد رأيعت امرأة كانعت مودتهعا فعي غيعر ذات ال ععز وجعل .فعهدتهعا أصعفى معن
الماء وألطعف معن الهواء وأثبعت معن الجبال وأقوى معن الحديعد وأشعد امتزاجاً معن
اللون فععي الملون ،وأنفذا اسععتحكاماً مععن العراض فععي الجسععام ،وأضوأ مععن
الشمعس ،وأصعح معن العيان ،وأثقعب معن ألنجعم ،وأصعدق معن كدر القطعا وأعجعب
من الدهر ،وأحسن من البر ،وأجمل من وجه أبي عامر ،وألذ من العافية وأحلى
ثعم لم ألبعث أن رأيعت تلك المودة قعد اسعتحالت عداوة أفظعع معن الموت ،وأنفعذ معن
السهم ،وأمر من السقم ،وأوحش من زوال النعم ،وأقبح من حلول النقم وامضى
معن عقعم الرياح ،وأضعر معن الحمعق ،وأدمعر معن غلبعة العدو ،وأشعد معن السعر،
وأقسعى معن الصعخر ،وأبغعض معن كشعف السعتار ،وأنأى معن الجوزاء ،وأصععب
معن معاناة السعماء ،وأكعبر معن رؤيعة المصعاب ،وأشنعع معن خرق العادات وأقطعع
من فجأة البلء ،وأبشع من السم الزعاف؛ وما ل يتولد مثله عن الذحول والترات
وقتععل الباء وسععبي المهات .وتلك عادة ال فععي أهععل الفسععق القاصععدين سععواه،
الميين غيره؛ وذلك قوله عز وجل( :يا ليتني لم أتخذ فلناً خليلً لقد أضلني عن
الذكعر بععد إذ جاءنعي) .فيجعب على اللبيعب السعتجارة بال ممعا يورط فيعه الهوى.
فهذا خلف مولى يوسف بن قمقام القائد المشهور ،كان أحد القائمين مع هشام بن
سعليمان بعن الناصعر ،فلمعا أسعر هشام وقتعل وهرب الذيعن وازروه فعر خلف فعي
جملتهعم ونجعا .فلمعا أتعى القسعطلت لم يطعق الصعبر ععن جاريعة كانعت له بقرطبعة
فكعر راجعاً .فظفعر بعه أميعر المؤمنيعن المهدي ،فأمعر بصعلبه .فلعهدي بعه مصعلوباً
ولقد أخبرني أبو بكر محمد بن الوزير عبد الرحمن بن الليث رحمه ال أن سبب
هروبعه إلى محلة البرابر أيام تحولهعم معع سعليمان الظافعر إنمعا كعن لجاريعة يكلف
بهععا تصععيرت عنععد بعععض مععن كان فععي تلك الناحيععة؛ ولقععد كاد أن يتلف فععي تلك
السععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععفرة.
وهذان الفصعلن وإن لم يكونعا معن جنعس الباب فإنهمعا شاهدان على معا يقود إليعه
الهوى مععن الهلك الحاضععر الظاهععر ،الذي يسععتوي فععي فهمععه العالم والجاهععل؛
فكيف من العصمة التي ل يفهمها من ضعفت بصيرته .ول يقولن امرؤ :خلوت
فهعو وإن انفرد فبمرأى ومسعمع معن علم الغيوب (الذي يعلم خائنعة العيعن ومعا
تخفععي الصععدور)( ،ويعلم السععر وأخفععى)( ،ومععا يكون مععن نجوى ثلثععة إل هععو
رابعهم ول خمسة إل هو سادسهم ول أدنى من ذلك ول أكثر إل هو معهم أينما
كانوا وهعو عليعم بذات الصعدور) .وهعو عالم الغيعب والشهادة( ،ويسعتخفون معن
الناس ول يسعتخفون معن ال وهعو معهعم) ،وقال( :ولقعد خلقنعا النسعان ونعلم معا
توسوس به نفسه ونحن أقرب أليه من حبل الوريد .إذ يتلقى الملتقيان عن اليمين
وليعم المستخف بالمعاصي .المتكل على التسويف .المعرض عن طاعة ربه أن
إبليعس كان فعي الجنعة معع الملئكعة المقربيعن فلمعصعية واحدة وقععت منعه اسعتحق
لعنعة البعد وعذاب الخلد وصعير شيطاناً رجيماً وأبععد ععن رفيعع المكان وهذا آدم
صلى ال عليعه وسلم بذنب واحعد أخرج من الجنة إلى شقاء الدنيا ونكدها .ولول
أنعه تلقعى معن ربعه كلمات وتاب عليعه لكان معن الهالكيعن .أفترى هذا المغتعر بال
ربعه وبإملئه ليزداد إثماً يظعن أنعه أكرم على خالقعه معن أبيعه آدم الذي خلقعه بيده
ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملئكته الذين هم أفضل خلقه عنده؟ أو عقابه أعز
عليععه مععن عقوبتععه إياه؟ كل ،ولكععن اسععتعذاب التمنععي واسععتيطاء مركععب العجععز
وسعععخف الرأي قائدة أصعععحابها إلى الوبال والخزي ،ولو لم يكعععن عنعععد ركوب
المعصععية زاجععر مععن نهععى ال تعالى ول حام مععن غليععظ عقابععه لكان فععي قبيععح
الحدوثة عن صاحبه وعظيم الظلم الواقع في نفس فاعله أعظم مانع وأشد رادع
لمعن نظعر بعيعن الحقيقعة واتبعع سعبيل الرشعد ،فكيعف وال ععز وجعل يقول( :ول
يقتلون النفعععس التعععي حرم ال إل بالحعععق ول يزنون ومعععن يفععععل ذلك يلق أثاماً
وأربعمائة .حدثنعا ابعن سعبويه وأبعو إسعحاق البلخعي بخراسعان سعنة خمعس وسعبعين
وثلثمائة .قال :ثنا محمد بن يوسف :ثنا محمد بن إسماعيل :ثنا قتيبة بن سعيد:
ثنعا جريعر ععن العمعش ععن أبعي وائل ععن عمرو بعن شرحبيعل قال :قال عبعد ال
وهعو ابعن مسععود :قال رجعل :يعا رسعول ال ،أي الذيعب أكعبر عنعد ال؟ قال( :أن
تدعو ل ندا وهو خلقك) .قال :ثم أي؟ قال( :أن تقتل ولدك أن يطعم معك) .قال:
ثم أي؟ قال( :أن تزاني حليلة جارك) .فأنزل ال تصديقها( :والذين ل يدعون مع
ال إلهاً آخععر ول يقتلون النفععس التععي حرم ال إل بالحععق ول يزنون) .وقال عععز
وجل( :الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ول تأخذكم بهما رأفة
حدثنعا الهمدانعي ععن أبعي إسعحاق البلخعي وابعن سعبويه ععن محمعد بعن يوسعف ععن
محمد بن إسماعيل عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب الزهري عن أبي بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وسعيد بن المسيب المخزوميين وأبي سلمة بن
عبععد الرحمععن بععن عوف الزهري أن رسععول ال صععلى ال عليععه وسععلم قال( :ل
يزنعي الزانعي حيعن يزنعي وهعو مؤمعن) .وبالسعند المذكور إلى محمعد بعن إسعماعيل
عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة وسعيد بن
المسيب عن أبي هريرة قال أنى رجل إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو
فعي المسعجد فقال يعا رسعول ال ،إنعي زنيعت .فأعرض عنعه .ثعم رد عليعه أربعع
مرات .فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى ال عليه وسلم فقال:
أبك جنون؟ قال :ل .قال فهل أحصنت قال :نعم .فقال النبي صلى ال عليه وسلم:
اذهبو به فارجموه.
قال ابععن شهاب :فأخععبرني مععن سععمع جابر بععن عبععد ال قال :كنععت فيمععن رجمععه
حدثنعا أبعو سععيد مولى الحاجعب جعفعر فعي المسعجد الجامعع بقرطبعة ععن أبعي بكعر
المقرئ ععن أبعي جعفعر النحاس ععن سععيد بعن بشعر ععن عمرو بعن رافعع ععن
رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم قال( :خذوا عنعي خذوا عنعي ،قعد جععل ال لهعن
سعبيلً :البكعر بالبكعر جلد ،وتغريعب سعنة ،والثيعب بالثيعب جلد مائة والرجعم .فيعا
لشنععة ذنعب أنزل ال وحيعه معبيناً بالتشهيعر بصعاحبه ،والعنعف بفاعله ،والتشديعد
لمقترفععه ،وتشدد فععي أل يرجععم إل بحضرة أوليائه عقوبععة رجمععه ،وقععد أجمععع
يموت).
فيعا لهعا قتلة معا أهولهعا ،وعقوبعة معا أفظعهعا ،وأشعد عذابهعا وأبعدهعا معن الراحعة
وسرعة الموت.
وطوائف مععن أهععل العلم منهععم الحسععن بععن أبععي الحسععن وابععن راهويععه وداود
وأصعحابه يرون عليعه معع الرجعم جلد مائة ،ويحتجون عليعه بنعص القرآن وثبات
السنة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وبفعل علي رضي ال عنه بأنه رجم
امرأة محصعنة فعي الزنعا بععد أن جلدهعا مائة .وقال :جلدتهعا بكتاب ال ورجمتهعا
بسععنة رسععول ال .والقول بذلك لزم لصععحاب الشافعععي ،لن زيادة العدل فععي
الحديعث مقبولة ،وقعد صعح فعي إجماع المعة المنقول بالكافعة الذي يصعحبه العمعل
عنعد كعل فرقعة وفعي أهعل كعل نحلة معن نحعل أهعل القبلة ،حاشعى طائفعة يسعيرة معن
الخوارج ل يعتعد بهعم ،أنعه ل يحعل دم امرئ مسعلم إل بكفعر بععد إيمان ،أو نفعس
بنفس ،أو بمحاربة ال ورسوله يشهر فيها سيفه ويسعى في الرض فساداً مقبلً
عيعر مدبر ،وبالزنعا بععد الحصعان .فإن حعد معا جععل ال معع الكفعر بال ععز وجعل
ومحاربتعه وقطعع حجتعه فعي الرض ومنابذتعه دينعه لجرم كعبير ومعصعية شنعاء،
وال تعالى يقول( :إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم)( .والذين
يجتنبون كبائر الثعم والفواحعش إل اللمعم إن ربعك واسعع المغفرة) .وإن كان أهعل
العلم اختلفوا فعي تسعميتها فكلهعم مجمعع مهمعا اختلفوا فيعه منهعا أن الزنعا يقدم فيهعا،
ل اختلف بينهعم فعي ذلك ولم يوععد ال ععز وجعل فعي كتابعه بالنار بععد الشرك إل
فععي سععبع ذنوب ،وهععي الكبائر :الزنععا أحدهععا ،وقذف المحصععنات أيضاً منهععا،
وقعد ذكرنعا أنعه ل يجعب القتعل على أحعد معن ولد آدم إل فعي الذنوب الربععة التعي
تقدم ذكرهعا .فأمعا الكفعر منهعا فإن عاد صعاحبه إلى السعلم أو بالذمعة إن لم يكعن
مرتداً قبل منه ،ودرئ عنه الموت .وأما القتل فإن قبل الولي الدية في قول بعض
الفقهاء أو عفا في قول جميعهم سقط عن القاتل القتل بالقصاص .وأما الفساد في
الرض فإن تاب صعاحبه قبعل أن يقدر عليعه هدر عنعه القتعل ،ول سعبيل فعي قول
أحد مؤالف أو مخالف في ترك رجم المحصن ،ول وجه لرفع الموت عنه البتة.
وممعا يدل على شنععة الزنعا معا حدثنعا القاضعي أبعو عبعد الرحمعن :ثنعا القاضعي أبعو
القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عبيد بن عمير :أن عمر بن الخطاب رضي ال
عنه أصاب في زمانه ناساً من هذيل ،فخرجت جارية منهم فأتبعها رجل يريدها
ععن نفسعها فرمتعه بحجعر فقضعت كبده ،فقال عمعر :هذا قتيعل ال ،وال ل يودي
أبداً.
وما جعل ال عز وجل فيه أربعة شهود وفي كل حكم شاهدين إل حياطة منه أل
تشيعع الفاحشعة فعي عباده ،لعظمهعا وشنعتهعا وقبحهعا ،وكيعف ل تكون شنيععة ومعن
قذف بهعا أخاه المسعلم أو أختعه المسعلمة دون صعحة علم أو تيقعن معرفعة فقعد أتعى
كبرة من الكبائر استحق عليها النار غداً ،ووجب عليه بنص التنزيل أن تضرب
ومالك رضعي ال عنعه يرى أل يؤخعذ فعي شيعء معن الشياء حعد بالتعريعض دون
التصريح إل في قذف.
وبالسعند المذكور ععن الليعث بعن سععيد ععن يحيعى بعن سععيد ععن محمعد بعن عبعد
الرحمن ععن أمعه عمرة بنعت عبعد الرحمعن عن عمعر بعن الخطاب رضعي ال عنعه
أنععععه أمععععر أن يجلد الرجععععل قال لخععععر :مععععا أبععععي بزان ول أمععععي بزانيععععة.
فعي حديعث طويعل وبإجماع معن المعة كلهعا دون خلف معن أحعد نعلمعه أنعه إذا قال
رجعل لخعر :يعا كافعر ،أو يعا قاتعل النفعس التعي حرم ال ،لمعا وجعب عليعه حعد؛
احتياطاً معععن ال ععععز وجعععل إل يثبعععت هذه العظيمعععة فعععي مسعععلم ول مسعععلمة.
ومععن قول مالك رحمععه ال أيضاً أنععه ل حععد فععي السععلم إل والقتععل يغنععي عنععه
وبنسعخه إل حعد القذف ،فإنعه إن وجعب على معن قعد وجعب عليعه القتعل حعد ثعم قتعل.
قال ال تعالى( :والذيعن يرمون المحصعنات ثعم لم يأتوا بأربععة شهداء فاجلدوهعم
ثمانين جلدة ول تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون .إل الذين تابوا) .وقال
تعالى( :إن الذين يرمون المحصنات الغافلت المؤمنات لعنوا في الدنيا والخرة
ولهم عذاب عظيم) .وروي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال :الغضب
حدثنعا الهمدانعي ععن أبعي إسعحاق ععن محمعد بعن يوسعف ععن محمعد بعن إسعماعيل
ععن عبعد العزيعز بعن عبعد ال ،قال :ثنعا سعليمان ععن ثور بعن يزيعد ععن أبعي الغيعث
عععن أبععي هريرة عععن النععبي صععلى ال عليععه وسععلم أنععه قال( :اجتنبوا السععبع
الموبقات) .قالوا :ومععا هععن يععا رسععول ال؟ قال( :الشرك بال ،والسععحر ،وقتععل
النفععس التععي حرم ال إل بالحععق ،وأكععل الربععا ،وأكععل مال اليتيععم ،والتولي يوم
وإن في الزنا من إباحة الحريم ،وإفساد النسل ،والتفريق بين الزواج الذي عظم
ال أمره ،مال يهون على ذي عقل أومن له أقل خلق ،ولو ل مكان هذا العنصر
مععن النسععان وأنععه غيععر مأمون الغلبععة لمععا خفععف ال عععن البكريععن وشدد على
المحصنين .وهذا عندنا وفي جميع الشرائع القديمة النازلة من عند ال عز وجل
حكمعا باقياً لم ينسعخ ول أزيعل ،فيترك الناظعر لعباده الذي لم يشغله عظيعم معا فعي
خلقه ول يحيف قدرته كبير ما في عوالمه عن النظر لحقير ما فيها ،فهو كما قال
ععز وجعل( :الحعي القيوم ل تأخذه سعنة ول نوم) .وقال( :يعلم معا يلج فعي الرض
ومععا يخرج منععا ومععا ينزل مععن السععماء ومععا يعرج فيهععا) .وقال( :عالم الغيععب ل
وإن أعظم ما يأتي به العبد هتك ستر ال عز وجل في عباده .وقد جاء في حكم
أبعي بكعر الصعديق رضعي ال عنعه فعي ضربعه الرجعل الذي ضعم صعبيا حتعى أمنعى
ضرباً كان سبباً للمنية .ومن إعجاب مالك رحمه ال باجتهاد المير الذي ضرب
صبياً مكن رجلً من تقبيله حتى أمنى الرجل ،ضربه إلى أن مات ،ما ينسى شدة
دواععي هذا الشأن وأسعبابه .والتزيعد فعي الجتهاد ،وإن كنعا ل نراه فهعو قول كثيعر
معن العلماء يتبععه على ذلك عالم معن الناس .وأمعا الذي نذهعب أليعه فالذي حدثناه
سعليمان ،ثنعا ابعن وهعب قال :أخعبرني عمرو أن بكيراً حدثعه ععن سعليمان بعن يسعار
عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن أبي بردة النصاري قال :سمعت رسول
ال صلى ال عليه وسلم يقول( :ل يجلد فوق عشرة أسواط إل في حد من حدود
ال عز وجل).
وبععععه يقول أبععععو جعفععععر محمععععد بععععن علي النسععععائي الشافعععععي رحمععععه ال.
وأما فعل قوم لوط فشنيع بشيع قال ال تعالى( :أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من
أحعد معن العالميعن) .وقعد قذف ال فاعليعه بحجارة معن طيعن مسعومة .ومالك رحمعه
ال يرى على الفاععل والمفعول بعه الرجعم أحصعنا أو لم يحصعنا .واحتعج بعبعض
المالكييعن فعي ذلك بأن ال ععز وجعل يقول فعي رجمعه فاعليعه بالحجارة :ومعا هعي
من الظالمين ببعيد .فوجب بهذا أنه من ظلم الن بمثل فعلهم قربت منه والخلف
في هذه المسألة ليس هذا موضعه .وقد ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن السري أن أبا
بكعر رضعي ال عنعه أحرق فيعه بالنار .وذكعر أبعو ععبيدة معمعر بعن المثنعى اسعم
المحرق فقال :هعو شجاع بعن ورقاء السعدي أحرقعه بالنار أبعو بكعر الصعديق لنعه
وأن عن المعاصي لمذاهب للعقل واسعة ،فما حرم ال شيئاً إل وقد عوض عباده
معععععن الحلل معععععا هعععععو أحسعععععن معععععن المحرم وأفضعععععل ،ل إله إل هعععععو.
ولو أنه يعطه جميع الـمـمـالـك ومن عرف الرحمن لم يعص أمـره
وسالكها مستبصـر خـير سـالـك سبيل التقي والنسك خير المسـالـك
ول طاب عيش لمري غير سالـك فما فقد التنغيص من عـاج دونـهـا
بخـفة أرواح ولــين عـــرائك وطوبى لقوام يؤمـون نـحـوهـا
لقد فقدوا غل النفـوس وفـضـلـوا بعز سلطـين وأمـن صـعـالـك
وفازوا بدار الخلد رحب المـبـارك فعاشوا كما شاءوا وماتوا كما اشتهوا
بنور محل ظلمة الـغـي هـاتـك عصوا طاعة الجساد في كـل لـذة
فلول اعتداد الجسم أيقـنـت أنـهـم يعيشون عيشا مثل عيش الـمـلئك
وصل عليهم حيث حـلـوا وبـارك فيا رب قدمهم وزد في صلحـهـم
ويا نفس حدي ل تملـي وشـمـري لنيل سرور الدهر فيمـا هـنـالـك
علمت بأن الـحـق لـيس كـذلـك وأنت متى دمرت سعيك في الهـوى
بأبين من زهر النجوم الـشـوابـك فقد بين اللـه الـشـريعة لـلـورى
فيا نفس جدي ف في خلصك وانفذي نفاذ السيوف المرهفات الـبـواتـك
له خلقوا ما كان حي بـضـاحـك فلو أعمل الناس التفكـر فـي الـذي
الباب الثلثون
فضل التعفف
ومععن أفضععل مععا يأتيععه النسععان فععي حبععه التعفععف ،وترك ركوب المعصععية
والفاحشة ،وأل يرغب عن مجازاة خالقه له بالنعيم في دار المقامة ،وأل يعصي
موله المتفضعل عليعه الذي جععل له مكاناً وأهل لمره ونهيعه :وأرسعل إليعه رسعله
وجعل كلمه ثابتًا لديه ،عناية منه بنا وإحساناً إلينا .وإن من هام قلبه وشغل باله
واشتعد شوقعه وعظعم وجده ثعم ظفعر فرام هواه أن يغلب عقله وشهوتعه ،وأن يقهعر
دينععه ،ثععم أقام العدل لنفسععه حصععناً ،وعلم أنهععا النفععس المارة بالسععوء ،وذكرهععا
بعقاب ال تعالى وفكر في اجترائه على خالقه وهو يراه ،وحذرها من يوم المعاذ
والوقوف بيعن يدي الملك العزيعز الشديعد العقاب الرحمعن الرحيعم الذي ل يحتاج
إلى بينعة ،ونظعر بعيعن ضميره إلى انفراده ععن كعل مدافعع بحضرة علم الغيوب
(يوم ل ينفع مال ول بنون إل من أتى ال بقلب سليم)( .يوم تبدل الرض غير
الرض والسعموات)( .يوم تجعد كعل نفعس معا عملت معن خيعر محضراً ومعا عملت
معن سعوء تود لو أن بينهعا وبينعه أمداً بعيداً) .يوم (وعنعت الوجوه للحعي القيوم وقعد
خال معن حمعل ظلماً) .يوم (ووجدوا معا عملوا حاضراً ول يظلم ربعك أحداً) .يوم
الطامة الكبرى( ،يوم يتذكر النسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى فأما من
طغعى وآثعر الحياة الدنيعا فإن الجحيعم هعي المأوى .وأمعا معن خاف مقام ربعه ونهعى
النفعس ععن الهوى فإن الجنعة هعي المأوى) .واليوم الذي قال ال تعالى فيعه( :وكعل
إنسعععان ألزمناه طائره فعععي عنقعععه ونخرج له يوم القيامعععة كتاباً يلقاه منشوراً اقرأ
كتابعك كفعى بنفسعك اليوم عليعك حسعيباً) .عندهعا يقول العاصعي :يعا ويلتعي! معا لهذا
الكتاب ل يغادر صغيرة ول كبيرة إل أحصاها .فكيف بمن طوى قلبه على أحر
من جمر الغضى .وطوى كشحه على أحد من السيف ،وتجرع غصصاً أمر من
الحنظعل ،وصعرف نفسعه كرهاً عمعا طمععت فيعه وتيقنعت ببلوغعه وتهيأت له ولم
يحعل دونهعا حائل ،لحرى أن يسعر غداً يوم البععث ويكون معن المقربيعن فعي دار
الجزاء وعالم الخلود ،وأن يأمعن روعات القيامعة وهول المطلع ،وأن يعوضعه ال
حدثنعي أبعو موسعى هارون بعن موسعى الطعبيب قال :رأيعت شاباً حسعن الوجعه معن
أهعل قرطبعة قعد تعبعد ورفعض الدنيعا ،وكان له أخ فعي ال قعد سعقطت بينهمعا مؤونعة
التحفععظ ،فزاره ذات ليلة وعزم على المععبيت عنده ،فعرضععت لصععاحب المنزل
حاجة إلى بعض معارفه بالبعد عن منزله .فنهض لها على أن ينصرف مسرعاً.
ونزل الشاب في داره مع امرأته ،وكنت غاية الحسن وترباً للضيف في الصبى
فأطال رب المنزل المقام إلى أن مشعى العسعس ولم يمكنه النصعراف إلى منزله،
فلمعا علمعت المرأة بفوات الوقعت وأن زوجهعا ل يمكنعه المجيعء تلك الليلة تاقعت
نفسعها إلى ذلك الفتعى فعبرزت إليعه ودعتعه إلى نفسعها ،ول ثالث لهمعا إل ال ععز
وجعل ،فهعم بهعا ثعم ثاب إليعه عقله وفكعر فعي ال ععز وجعل فوضعع إصعبعه على
السراج فتفقع ثم قال :يا نفس ،ذوقي هذا وأين هذا من نار جهنم .فهال المرأة ما
رأت ،ثععم عاودتعه فعاودتعه الشهوة المركبععة فعي النسععان فعاد إلى الفعلة الولى.
أفتظن بلغ هذا من نفسه هذا المبلغ إل لفرط شهوة قد كلبت عليه؟ أو ترى أن ال
ولقد حدثتني امرأة أثق بها أنها علقها فتى مثلها من الحسن وعلقته وشاع القول
عليهمعا ،فاجتمععا يومعا خالييعن فقال :هلمعي نحقعق معا يقال فينعا .فقالت :ل وال ل
كان هذا أبداً .وأنعععععا أقرأ قول ال( :الخلء يومئذ بعضهعععععم لبععععععض عدو إل
ولقعد حدثنعي ثقعة معن إخوانعي أنعه خل يوماً بجاريعة كانعت له مفاركعة فعي الصعبى،
فتعرضعت لبععض تلك المعانعي ،فقال لهعا :كل .إن معن شكعر نعمعة ال فيمعا منحعى
مععن وصععالك الذي كان أقصعععى آمالي أن أجتنععب هواي لمره ولعمري إن هذا
لغريعب فيمعا خل معن الزمان ،فكيعف فعي مثعل هذا الزمان الذي قعد ذهعب خيره
وأتى شره.
ومعا أقدر فعي هذه الخبار -وهعي صعحيحة -إل أحعد وجهيعن ل شعك فيهمعا :إمعا
طبعع قعد مال إلى غيعر هذا الشأن واسعتحكمت معرفتعه بفضعل سعواه عليعه فهعو ل
يجيب دواعي الغزل في كلمة ول كلمتين ول في يوم ول يومين ،ولو طال على
هؤلء الممتحنيعن معا امتحنوا بعه لجادت طباعهعم وأجابوا هاتعف الفتنعة ،ولكعن ال
عصععمهم بانقطاع السععبب المحرك نظراً لهععم وعلماً بمععا فععي ضمائرهععم مععن
وإما بصيرة حضرت في ذلك الوقت ،وخاطر تجرد أن قمعت به طوالع الشهوة
في ذلك الحين ،لخير أراد ال عز وجل لصاحبه .جعلنا ال ممن يخافه ويرجوه.
آميعععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععن.
وحدثني أبو عبد ال محمد بن عمر وبن مضائ عن رجال من بني مروان ثقات
يسعندون الحديعث إلى أبعي العباس الوليعد بعن غانعم أه ذكعر أن المام عبعد الرحمعن
ابعن الحكعم غاب فعي بععض غزواتعه شهوراً وثقعف القصعر بابنعه محمعد الذي ولى
الخلفعة بعده ورتبعه فعي السعطح وجععل معبيته ليلً وقعوده نهاراً فيعه ،ولم يأذن له
فعي الخروج البتعة .ورتعب مععه فعي كعل ليلة وزيراً معن الوزراء وفتعى معن أكابر
الفتيان يعبيتان مععه فعي السعطح .قال أبعو العباس :فأقام على ذلك مدة طويلة وبععد
عهده بأهله وهو في سن العشرين أو نحوها ،إلى أن وافق مبيتي في ليلتي نوبة
فتعى معن أكابر الفتيان ،وكان صعغيراً فعي سعنه وغايعة فعي حسعن وجهعه .قال أبعو
العباس :فقلت فعي نفسعي :إنعي أخشعى الليلة على محمعد بعن عبعد الرحمعن الهلك
بمواقععه المعصعية وتزيعن إبليعس وأتباععه له قال :ثعم أخذت مضجععي فعي السعطح
الخارج ومحمعد فعي السعطح الداخعل المطعل على حرم أميعر المؤمنيعن ،والفتعى فعي
الطرف الثاني القريب من المطلع فظلت أرقبه ول أغفل وهو يظن أني قد نمت
ول يشعر باطلعي عليه .قال :فلما مضى هزيع من الليل رأيته قد قام واستوى
قاعداً ساعة لطيفة ثم تعوذ من الشيطان ورجع إلى منامه .ثم قام بعد حين ولبس
قميصه واستوفز ثم نزعه عن نفسه وعاد إلى منامه .ثم قام الثالثة ولبس قميصه
ودلى رجليه من السرير وبقي كذلك ساعة ثم نادى الفتى باسمه فأجابه ،فقال له:
انزل ععن السعطح وابعق فعي الفصعيل الذي تحتعه .فقام الفتعى مؤتمراً له .فلمعا نزل
قام محمعد وأغلق الباب معن داخله وعاد إلى سعريره .قال أبعو العباس :فعلمعت معن
ععن أبعي هريرة ععن رسعول ال صعلى ال عليعه وسعلم أنعه قال( :سعبعة يظلهعم ال
فععي ظله يوم ل ظععل إل ظله :إمام عادل؛ وشاب نشععأ فععي عبادة ال عععز وجععل؛
ورجعل قلبعه معلق بالمسعجد إذا خرج منعه حتعى يعود إليعه؛ ورجلن تحابعا فعي ال
اجتمعا على ذلك وتفرقا ،ورجل ذكر اله خالياً ففاضت عيناه ،ورجل دعته امرأة
ذات حسب وجمال فقال إني أخاف ال ،ورجل تصدق صدقة فأخفى حتى ل تعلم
وتألف القلوب أخلقه ،للحديث والمجالسة دون منكر ول مكروه ،فسارعت إليه
وكان هذا سعحراً .فبععد أن صعليت الصعبح وأخذت زيعي طرقنعي فكعر فسعنحت لي
أبيات ،ومعععي رجععل مععن إخوانععي فقال لي :مععا هذا الطراق؟ فلم أجبععه حتععى
أكملتهعا ،ثعم كتبتهعا ودفعتهعا إليعه وأمسعكت ععن المسعير حيعث كنعت نويعت .ومعن
البيات:
وتبريد توصل سره فيك تحريق أراقك حسن غيبـه لـك تـأريق
وشكا ولول القرب لم يك تفريق وقرب مزار يقتضي لك فـرقة
وصابا وفسح في تضاعيفه ضيق ولذة طعم معقب لك علـقـمـا
ولو لم يكععععن جزاء ول عقاب ول ثواب لوجععععب علينععععا إفناء العمار وإتعاب
البدان وإجهاد الطاقععة واسععتناد الوسععع واسععتفراغ القوة فععي شكععر الخالق الذي
ابتدأنا بالنعم قبل استئقالها ،وأمتن علينا بالعقل الذي به عرفناه ،ووهبنا الحواس
ودبرنعا التدبيعر الذي لو ملكنعا خلقنعا لم نهتعد إليعه ،ول نظرنعا لنفسعنا نظره لنعا،
وفضلنعا على أكثعر المخلوقات ،وجعلنعا مسعتودع كلمعه ومسعتقر دينعه ،وخلق لنعا
واجبة لهم :قال ال تعالى( :جزاء بما كانوا يعملون) .رشدنا إلى سبيلها وكصرنا
وجعه ظلهعا ،وجععل غايعة إحسعانه إلينعا وامتنانعه علينعا حقاً معن حقوقنعا قبله ،وديناً
لزماً له ،وشكرنعا على معا أعطانعا معن الطاععة التعي رزقنعا قواهعا ،وأثابنعا بفضله
على تفضله.
وهذا كرم ل تهتدي إليععه العقول ،ول يمكععن أن تكيفععه اللباب .ومععن عرف ربععه
ومقدار رضاه وسعخطه هانعت عنده اللذات الذاهيعة والحطام الفانعي ،فكيعف وقعد
أتعى من وعيده معا تقشععر اسعماعه الجسعاد ،وتذوب له النفوس ،وأورد علينعا معن
عذابه ما لم ينته إليه أمل فأين المذهب عن طاعة هذا الملك الكريم ،وما الرغبة
فعي لذة ذاهيعة ل تذهعب الندامعة عنهعا ،ول تفنعى التباععة منهعا ،ول يزول الخزي
ععن راكبهعا ،وإلى كعم هذا التمادي وقعد أسعمعنا المتادى ،وكأن قعد حدا بنعا الحادي
إلى دار القرار ،فإمععا إلى جنععة وإمععا إلى نار ،أل إن التثبععط فععي هذا المكان لهععو
هنعا أعزك ال انتهعى معا تذكرتعه إيجاباً لك ،وتقمنًا لمسعرتك ،ووقوفاً عنعد أمرك.
ولم أمتنععع أن أورد لك فععي هذه الرسععالة أشياء يذكرهععا الشعراء ويكثرون القول
فيهععا ،موفيات على وجوههععا ،ومفردات فععي أبوابهععا ،ومنعمات التفسععير ،مثععل
الفراط فععي صععفة النحول وتشععبيه الدموع بالمطار وأنهععا تروي السععفار وعدم
النوم البتعة ،وانقطاع الغذاء جملة ،إل أنهعا أشياء ل حقيقعة لهعا ،وكذب ل وجعه له
ولكل شيء حد ،وقد جعل ال لكل شيء قدراً .والنحول قد يعظم ولو صار حيث
يصععفونه لكان تفععي قوام الذرة أو دونهععا ،ولخرج ععن حععد المعقول .والسععهر قععد
يتصل ليالي ،ولكن لو عدم الغذاء أسبوعين لهلك .وإنما قلنا أن الصبر عن النوم
أقععل مععن الصععبر عععن الطعام؛ لن النوم غذاء الروح والطعام غذاء الجسععد ،وإن
كانععا يشتركان فععي كليهمععا ولكنععا حكينععا على الغلب .وأمععا الماء فقععد رأيععت أن
ميسوراً البناء جارنا بقرطبة يصبر عن الماء أسبوعين في حمارة القيظ ويكتفي
وحدثنعي القاضعي أبعو عبعد الرحمعن بعن جحاف أنعه كان يعرف معن كان ل يشرب
الماء شهراً.
وإنمعا اقتصعرت فعي رسعالتي على الحقائق المعلومعة التعي ل يمكعن وجود سعواها
أصعل ،وعلى أنعي قعد أوردت معن هذه الوجوه المذكورة أشياء كثيرة يكتفعى بهعا
لئل أخرج عن طريقة أهل الشعر ومذهبهم ،وسيرى كثير من إخوننا أخباراً لهم
في هذه الرسالة مكنياً فيها من أسمائهم على ما شرطنا في ابتدائها .وأنا أستغفر
ال تعالى مما يكتب الملكان ويحصيه الرقيبان من هذا وشبهه ،استغفار من يعلم
أن كلمعه معن عمله .ولكنعه إن لم يكعن معن اللغعو الذي ل يؤاخعذ بعه المرء فهعو إن
شاء ال معن اللمعم المعفعو ،وإل فليعس معن السعيئات والفواحعش التعي يتوقعع عليهعا
العذاب .وعلى كعععععل حال فليعععععس معععععن الكبائر التعععععي ورد النعععععص فيهعععععا.
وأنعا أعلم أنعه سعينكر على بععض المتعصعبين على تأليفعي لمثعل هذا ويقول :إنعه
خالف طريقته ،وتجافى عن وجهته ،وما أحل لحد أن يظن في غير ما قصدته،
قال ال ععز وجعل( :يعا أيهعا الذيعن آمنوا اجتنبوا كثيراً معن الظعن إن بععض الظعن
إثععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععم).
وحدثنعي أحمعد بعن محمعد بعن الجسعوري ،ثنعا ابعن أبعي دليعم ،ثنعا ابعن وضاح ععن
يحيعى ابعن مالك بعن أبعي أنعس ععن أبعي الزبيعر المكعي ععن أبعي شريعح الكععبي ععن
رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال( :إياكم والظن فإنه أكذب الكذب).
وبه إلى مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن العرج عن أبي هريرة عن
رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال( :من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل
خيراً أو ليصمت).
وحدثني صعاحبي أبعو بكعر محمعد بن إسحاق ،ثنا عبد اله بن يوسف الزدي ،ثنا
يحيى بن عائذ ،ثنا أبو عدي عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن الفرج
المام بمصعر ،ثنعا أبعو علي الحسعن بعن قاسعم بعن دحيعم المصعري ،ثنعا محمعد بعن
زكريا الغلبي ،ثنا أبو العباس ،ثنا أبو بكر عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه
قال :وضع عمر بن الخطاب رضي ال عنه للناس ثماني عشر كلمة من الحكمة
منهعععا :ضعععع أمعععر أخيعععك على أحسعععنه حتعععى يأتيعععك على معععا يغلبعععك عليعععه.
ول تظن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملً:
فهذا أعزك ال أدب ال وأدب رسعوله صعلى ال عليعه وسعلم وأدب أميعر المؤمنيعن
وبالجملة فإنععي ل أقول بالمراياة ول أنسععك نسععكاً أعجمياً .ومععن أدى الفرائض
المأمور بهعا ،واجتنعب المحارم المنهعى عنهعا ،ولم ينسعى الفضعل فيمعا بينعه وبيعن
الناس فقععد وقععع عليععه اسععم الحسععان ،ودعنععي ممععا سععوى ذلك وحسععبي ال.
والكلم في مثل هذا إنما هو مع خلء الذرع وفراغ القلب ،وإن حفظ شيء وبقاء
رسعم وتذكعر فائت لمثعل خاطري لعجعب على معا مضعى ودهمنعي .فأنعت تعلم أن
ذهنعي متقلب وبالي مهصعر بمعا نحعن فيعه معن نبعو الديار .والخلء ععن الوطان
وتغير الزمان ،ونكبات السلطان ،وتغير الخوان ،وفساد الحوال ،وتبدل اليام،
والغربة في البلد ،وذهاب المال والجاه ،والفكر في صيانة الهل والولد واليأس
ععن الرجوع إلى موضعع الهعل ،ومدافععة الدهعر ،وانتظار القدار ل جعلنعا ال
معن الشاكيعن إل إليعه ،وأعادنعا إلى أفضعل معا عودنعا .وإن الذي أبقعى لكثعر ممعا
أخععذ ،والذي ترك أعظععم مععن الذي تحيععف .ومواهبععه المحيطععة بنععا ونعمععه التععي
غمرتنا ل تحد .ول يؤدي شكرها ،والكل منحه وعطاياه ،ول حكم لنا في أنفسنا
ونحن منه ،وإليه منقلبنا ،وكل عارية فراجعة إلى معيرها .وله الحمد أول وآخراً