‫التجمعات الشيعية في البحرين‬

‫سنية‬
‫شبكة راصد ال ُ‬

‫يستحق الوجود الشيعي في العالم العربي‪ ,‬وفي دول الخليج العربي على وجه أخص‪ ,‬أن نفرد له مساحة كبيرة‪,‬‬
‫ن هذا الوجود يكتنفه الغموض‪ ,‬وتثور حوله التساؤلت‪ ,‬ويتم استغلله‬
‫وتخصص له الدراسات والبحاث‪ ,‬خاصة وأ ّ‬
‫ل سيئًا من أجل الساءة إلى أهل السنة وإقصائهم من الحياة السياسية والجتماعية كما حدث في العراق مؤخرًا‪.‬‬
‫استغل ً‬

‫ل ما جرى في العراق من تضخيم لنسبة الشيعة هناك‪ ,‬والهجوم المتعمد على السنة وتصويرهم بأنهم أنصار صدام‪,‬‬ ‫ولع ّ‬
‫وتحميلهم وزر جرائم صدام حسين قد مّهد لن يقوم الشيعة وبالتعاون مع المريكان بالنقلب على أهل السنة وتهميشهم‪,‬‬
‫وإعطائهم ما ل يناسب عددهم من المقاعد الوزارية والتواجد في الحكم‪ ,‬كل ذلك كان يتم استنادًا إلى أسس خاطئة وتضخيم‬
‫للوجود الشيعي‪ ,‬وتقليل لعدد السنة هناك ‪.‬‬

‫والبحرين دولة خليجية صغيرة في مساحتها‪ ,‬كبيرة في أحداثها‪ ,‬حيث يلعب الوجود الشيعي في دولة البحرين دوراً‬
‫خطيرًا في رسم الحداث التي تدور في هذه الجزيرة‪ ,‬فقد لعبت قضية "الكثرية" الشيعية في البحرين دورًا في أعمال‬
‫العنف والتخريب التي طالتها من قبل الشيعة‪ ,‬وبلغت حّد المطالبة بإلغاء النظام الملكي واقتفاء النموذج اليراني‪ ,‬كل ذلك تم‬
‫بفعل انتشار مقولة "الكثرية" وترويجها لغراض سياسية واضحة‪ ,‬وهو المر الذي نحن بصدد مناقشته ودراسته حيث‬
‫أننا سنتطرق إلى الوجود الشيعي في البحرين وكيفية دخول التشيع إليها‪ ,‬والهيئات والتيارات الشيعية العاملة هناك‪ ,‬وعلقة‬
‫هذه التجمعات بإيران‪ ,‬وأثر العلقات البحرينية اليرانية على شيعة البحرين‪ ,‬وسنتابع في حلقات قادمة إن شاء ال واقع‬
‫ل خليجية وعربية أخرى كالكويت والسعودية واليمن ولبنان‪ ,...‬وفيها نعرض تواجدهم والختلف‬ ‫التجمعات الشيعية في دو ً‬
‫الذي طرأ على أحوالهم وصعودهم المستمر ونظرتهم إلى بلدانهم‪.‬‬

‫لمحة تاريخية‪:‬‬

‫في قديم الزمان‪ ,‬كان يطلق على البلد الواقعة على الساحل الغربي للخليج العربي كلها اسم "البحرين"‪ ,‬أو بالحرى‬
‫المنطقة الواقعة بين مسقط والبصرة‪ ,‬ثم اختزل السم‪ ,‬وصار مقصورًا اليوم على تلك الجزيرة الرابضة في قلب الخليج‬
‫العربي‪ ,‬وقد كانت فيما سبق تسمى "أوال"‪ ,‬وهو صنم لبكر بن وائل وأخيه تغلب‪ ,‬فسميت الجزيرة باسم صنم أوال‪ ,‬لن‬
‫بني وائل مع عبد قيس كانوا يسكنونها في ذلك الزمان‪.‬‬

‫وقد كانت البحرين‪ ,‬أي البلد التي على الساحل من البصرة إلى مسقط مستعمرة فارسية قبل السلم وفي السنين الولى‬
‫ن حكامها كانوا غالبًا من أمراء العرب‪ ,‬وكان سكانها من‬
‫من البعثة النبوية‪ ,‬فقد بسطوا نفوذهم عليها سنة ‪615‬م ولك ّ‬
‫المجوس واليهود والنصارى ومن عرب نجد‪ ,‬وأكثر هؤلء من عبد قيس ووائل وتميم‪.‬‬

‫وفي السنة الثامنة للهجرة‪ ,‬أرسل النبي صلى ال عليه وسلم أحد أصحابه الكرام وهو العلء بن الحضرمي ليدعو أهل‬
‫هذه البلد إلى السلم‪ ,‬ودخل في دين ال خلق كثير‪ ,‬إل أنهم ارتدوا بعد وفاة النبي صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فانطلق العلء‬
‫الحضرمي والجارود بن عبد القيس لتأديب المرتدين وانضم إليهما خالد بن الوليد رضي ال عنه‪ ,‬وعادت بلد البحرين إلى‬
‫السلم‪.‬‬

‫وأما هذه الجزيرة فقد دالت للخلفاء الراشدين ثم لبني أمية ومن بعدهم لبني العباس‪ ,‬ولكنها لم تخلص من الغتصابات‪,‬‬
‫ومن هؤلء الخوارج وصاحب الزنج والقرامطة وغيرهم‪.‬‬

‫ونظرًا لموقعها المميز‪ ,‬وأهميتها لخطوط الملحة وانتشار الزراعة وصيد اللؤلؤ‪ ,‬فقد تسابق إليها الفاتحون في قديم‬
‫الزمان)‪.(1‬‬

‫وفي العصور الحديثة‪ ,‬سيطر العمانيون والبرتغاليون عليها ويعود سبب الوجود الستعماري الغربي في هذه المنطقة‬
‫إلى التفاقيات المشبوهة التي عقدتها الدولة الصفوية الشيعية مع الدول الستعمارية وعلى رأسها البرتغال واسبانيا والمجر‬
‫والبندقية من أجل القضاء على الدولة العثمانية‪ ,‬ووقف فتوحاتها في أوروبا‪ ,‬وقد كان عهد الدولة الصفوية بشهادة الجميع هو‬
 ‫عهد إدخال قوى الستعمار في المنطقة حيث مّهدت لها الطريق‪ ,‬وفي نفس الوقت أعاقت فتوحات العثمانيين‪ ,‬وشغلتهم عن‬
‫مهامهم الكبرى)‪.(2‬‬

‫كانت الدولة الصفوية الشيعية التي حكمت إيران بدءًا من سنة ‪906‬هـ )‪1500‬م( يقلقها أن ترى دولة الخلفة العثمانية‬
‫منطلقة في فتوحاتها شرقًا وغربًا لنشر السلم وتوسيع رقعته‪ ,‬فبدأت بمناوشة العثمانيين واستفزازهم‪ ,‬وتوجيه الطعنات لهم‬
‫من الخلف‪ ,‬وحياكة المؤامرات‪ ,‬وخاصة في عهد الشاه اسماعيل الصفوي‪ ,‬ونشب القتال بين العثمانيين والصفويين في‬
‫موقعه جالديران سنة ‪1514‬م‪ ,‬وانتهت المعركة بهزيمة نكراء للصفويين‪ ,‬إل أنها لم تنه الوجود الصفوي‪ ,‬فأخذ الشاه‬
‫اسماعيل الصفوي يقيم العلقات مع الدول الغربية من أجل القضاء على العثمانيين‪ ,‬وتمت بينه وبين البوكرك‪ ,‬الحاكم‬
‫صت على أربع نقاط‪:‬‬ ‫البرتغالي في الهند اتفاقية ن ّ‬

‫‪-1‬تصاحب قوة بحرية برتغالية حملة إيران على البحرين والقطيف‪.‬‬

‫‪-2‬تتعاون البرتغال مع إيران في إخماد حركات "التمرد" في بلوشستان ومكران‪.‬‬

‫‪-3‬تتحد الدولتان في مواجهة الدولة العثمانية‪.‬‬

‫‪-4‬تصرف حكومة إيران )الصفوية( النظر عن جزيرة هرمز‪ ,‬وتوافق على أن يبقى حاكمها تابعًا للبرتغال‪ ,‬وأن ل‬
‫تتدخل في أمورها الداخلية)‪.(3‬‬

‫ونتج عن ذلك أن احتل البرتغاليون البحرين من سنة ‪1521‬م إلى سنة ‪1602‬م‪ ,‬ثم استولى عليها بعد ذلك اليرانيون‬
‫الفرس وحكموها بشكل متقطع حتى سنة ‪ 1783‬عندما تمكن عرب عتبة من طرد اليرانيين منها‪ ,‬وعائلة آل خليفة الحاكمة‬
‫تنحدر من قبيلة عتبة‪ ,‬وقد دخلوا في اتفاقيات حماية مع بريطانيا حتى إعلن الستقلل سنة ‪.(4)1971‬‬

‫سكان البحرين‪:‬‬

‫دأب الشيعة على رفع نسبتهم في جميع البلدان التي يقيمون فيها لسباب سياسية ل تخفى على أحد‪ ,‬ومن تلك الدول‬
‫البحرين التي بالغ البعض بالقول بأن الشيعة العرب منهم ذوي الصول اليرانية يشكلون ‪ 60‬إلى ‪ %65‬من إجمالي‬
‫السكان!‬

‫وقد جاء في تقرير مركز ابن خلدون حول القليات لسنة ‪ 1993‬أن سكان البحرين ينقسمون إلى ثلث مجموعات‪:‬‬

‫العرب الشيعة ونسبتهم ‪ %45‬من مجموع السكان‪ ,‬والعرب السنة ونسبتهم كذلك ‪ %45‬أما اليرانيون ‪ ,%8‬وثلثهم سنة‬
‫والثلثان من الشيعة‪ ,‬وبذلك يصل الشيعة العرب واليرانيون إلى حوالي ‪ ,%52‬أما السنة العرب واليرانيون البلوش‬
‫فنسبتهم ‪.(5)%48‬‬

‫إل أن تقرير ابن خلدون ذاته الصادر سنة ‪ (6)1999‬قام برفع نسبة الشيعة في البحرين إلى ‪ ,%70‬وهي نسبة غير‬
‫واقعية ومنافيه للواقع السكاني في البحرين‪ ,‬ولم يذكر التقرير السس التي استند عليها لرفع نسبة الشيعة من ‪ %52‬إلى‬
‫‪ %70‬خلل ‪ 6‬سنوات‪ ,‬على الرغم من أنه لم يحصل ما يدعو إلى ارتفاع النسبة بهذا الشكل وخلل هذه الفترة القصيرة‪,‬‬
‫سوى ما عزاه التقرير إلى أن الشيعة معظمهم ريفيون يكثر عندهم النجاب وتعدد الزوجات‪ .‬بالرغم من صحة هذا المر‬
‫الذي يتم بدعم وتشجيع القيادات الطائفية مع التكفل بالمصاريف اللزمة وذلك من أموال الخمس!‬

‫والمر يدعو للغرابة أيضًا إذا علمنا أن المركز قام بالشيء نفسه عند تناول قضية الشيعة في العراق)‪. (7‬‬

‫جهته صحيفة السياسة الكويتية في‬

‫وقد نقل د‪ .‬خالد العزي في كتابه‪" :‬الخليج العربي في ماضيه وحاضره" نداًء و ّ‬
‫‪ 5/12/1971‬إلى شعوب وحكومات الدول العربية إلى اتخاذ كافة السبل لردع خطر التسلل اليراني في الرض العربية‪,‬‬
‫وقالت الصحيفة بأن المتسللين يشكلون طابورًا خامسًا ينبغي التقليل من أهمية خطره خاصة بعد احتلل الجزر العربية‬
‫)الماراتية(‪ ,‬وصفت خطر التسلل اليراني بأنه ل يقل خطورة عن التسلل الصهيوني الذي يعتبر أحد أسباب ضياع‬
‫فلسطين واغتصابها)‪ ,(8‬وقبل ذلك كان مجلس الجامعة العربية‪ ,‬وفي دورته الحادية والربعين ‪ 31/3/1964‬بحث‬
‫موضوع الهجرة الجنبية إلى إمارات الخليج وطلب من الدول المعنية تقييدها والتبصر بالخطار التي تواجهها)‪.(9‬‬
 ‫إذًا ل يخفى أن زيادة عدد الشيعة في الخليج عامة والبحرين خاصة كان بسبب الهجرة اليرانية المتزايدة إلى بلدان‬
‫الخليج أثناء الحكم البريطاني‪ ,‬في ظل غفلة أهلها وتساهل شيوخ الخليج‪ ,‬بل إن بعض الذين زاروا البحرين أو كتبوا عنها‬
‫في بدايات هذا القرن يذكرون صراحة أن الوجود الشيعي هو وجود أجنبي‪ ,‬يقول أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب"‬
‫الصادر سنة ‪ 1924‬ص ‪ 721‬ما يلي‪ :‬وهي )البحرين( على صغرها عامرة بمئتي ألف من العرب والعاجم من الشرق‬
‫والغرب‪ ,‬بيد أنها ل تزال عربية الصل والحكم‪ ,‬عربية اللغة والروح‪ ,‬لن أكثر سكانها من العرب الصليين‪ ,‬عرب نجد‪,‬‬
‫وفيهم من المذاهب السلمية المالكي والشافعي والحنبلي والجعفري‪ ,‬اما الجعفريون فهم مثل الهنود يعدون من الجانب‬
‫لنهم إيرانيون أو إيرانيو التبعية‪.‬‬

‫وقد جاءت نتائج النتخابات البلدية والنيابية سنة ‪ ,2002‬وحصول الشيعة في الولى على ‪ 23‬مقعدًا من ‪ 50‬وعلى ‪13‬‬
‫مقعدًا من أصل ‪ 40‬مقعدًا في الثانية‪ ,‬لتعطي صورة تقريبية عن حجم الشيعة في البحرين‪ ,‬فإذا كان حصولهم على أقل من‬
‫ثلث مقاعد المجلس النيابي بسبب مقاطعة بعض تنظيماتهم للنتخابات يبدو ومفهومًا بعض الشيء‪ ,‬فإن حصولهم على أقل‬
‫من نصف مقاعد البلديات في النتخابات التي شارك فيها جميع قطاعاتهم تبطل نظرية الغلبية الكاسحة أو المطلقة‪.‬‬

‫العلقات البحرينية اليرانية وأثرها على شيعة البحرين‬

‫عند الحديث عن علقات البحرين بإيران وأثرها على شيعة البحرين نقف عند حقيقتين هامتين هما‪:‬‬

‫‪-1‬أن إيران بعد ثورة الخميني سنة ‪ 1979‬أصبحت قبلة الشيعة في العالم‪ ,‬ووضعت نفسها وصّية على الطوائف الشيعية‬
‫في كل مكان‪ ,‬وكذلك الطوائف الشيعية جعلت من إيران نموذجها وقدوتها‪ ,‬وهذا ل يمنع وجود تيارات وهيئات شيعية‬
‫تعادي إيران أو ل تعترف بوليتها لسباب ترجع للتنافس على الزعامة مع الخميني بالدرجة الولى‪ ,‬وهذا هو أيضًا سبب‬
‫انشقاق مجاهدي خلق على الثورة الخمينية وغيرها من التيارات والشخصيات الشيعية‪ ,‬ولم تكن المشاعر الشيعية تجاه‬
‫إيران محصورة بدولة الخميني‪ ,‬إنما كانت الدولة الصفوية التي حكمت إيران بدءًا من سنة ‪906‬هـ )‪(1500‬م تمارس‬
‫الدور ذاته‪.‬‬

‫‪-2‬أن الجاليات الشيعية في العالم وفي دول الخليج خاصة تتأثر سلبًا وإيجابًا بعلقات بلدانهم مع إيران‪ ,‬خاصة وأن هذه‬
‫الجاليات تستخدم من قبل إيران لتنفيذ مخططاتها في هذا البلد أو ذاك‪.‬‬

‫ل للتوتر والشكوك في معظم فتراتها‪ ,‬بسبب أطماع إيران في هذه الجزيرة‬ ‫ولقد كانت العلقات اليرانية البحرينية مثا ً‬
‫واعتبارها جزءًا من أراضيها‪ ,‬وعدم العتراف بجوازات السفر التي كانت تصدرها البحرين‪ ,‬واعتبارها إحدى المحافظات‬
‫اليرانية‪ ,...‬بل واحتسابها من إرث ممكلة فارس التي ورثتها إيران اليوم‪.‬‬

‫ول يقتصر النهج العدائي هذا على جزيرة البحرين‪ ,‬بل قامت إيران باحتلل ثلث جزر تتبع دولة المارات العربية‬
‫المتحدة هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى‪ ,‬سنة ‪ 1971‬وسنة ‪ ,1992‬وما زالت إيران تحتلها حتى اليوم‬
‫وترفض التخلي عنها‪.‬‬

‫ل تصريح رئيس وزراء إيران سنة ‪ 1944‬حاجي ميرزا أغاسي ما يوضح حقيقة النظرة اليرانية إلى الخليج فيقول‪:‬‬ ‫ولع ّ‬
‫))إن الشعور السائد لدى جميع الحكومات الفارسية المتعاقبة بأن )الخليج الفارسي( من بداية شط العرب إلى مسقط بجميع‬
‫جزائره وموانيه بدون استثناء وبدون منازع ينتمي إلى فارس(()‪.(10‬‬

‫وهذا خلف ما يذكره المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون فيقول‪" :‬إن البحرين كانت مرتبطة مصيريًا بالحساء‪ ,‬فهي‬
‫ل تبعد أكثر من ‪24‬كم‪ ,‬بينما يتجاوز بعدها عن إيران ‪200‬كم")‪.(11‬‬

‫وقد حكم اليرانيون البحرين بشكل متقطع من سنة ‪ 1601‬إلى سنة ‪ 1783‬عندما تمكن آل خليفة من طردهم من بلدهم‪,‬‬
‫والحكم الصفوي يشكل مرحلة من مراحل الطماع اليرانية في هذه الجزيرة‪ ,‬وقد سارت إيران في عهد البهلويين على‬
‫المنوال نفسه‪ ,‬فقد كان شاه إيران محمد رضا بهلوي دائم التهديد للبحرين‪ ,‬ويعتبرها جزيرة إيرانية‪ ,‬وقد هّدد بضمها إلى‬
‫بلده‪ ,‬إل أن بريطانيا التي كانت تحتل البحرين آنذاك ساهمت في وقف المخطط اليراني‪ ,‬مقابل غض الطرف عن استيلء‬
‫إيران للجزر الماراتية الثلث‪ ,‬إلى أن جاء الستفتاء الشهير سنة ‪ ,1971‬والذي أّيد فيه معظم البحرينيين الستقلل‪.‬‬

‫ومع قدوم ثورة الخميني سنة ‪ ,1979‬تبنت إيران مبدأ تصدير الثورة‪ ,‬وهو أن تنشر مذهبها وفكرها بالقوة‪ ,‬واصطدمت‬
‫بالعراق ودخلت معه في حرب مدمرة استمرت ‪ 8‬سنوات‪ ,‬واما دول الخليج العربية فقد نالها من الذى والتخريب اليراني‬
‫الشيء الكثير‪ ,‬وكان الخميني يقول‪)) :‬إن العرب حكموا المسلمين وكذلك التراك وحتى الكراد‪ ,‬فلماذا ل يحكم الفرس وهم‬
‫أعمق تاريخًا وحضارة من كل هؤلء؟(()‪. (12‬‬

‫وفي بداية الثورة اليرانية انقسم شيعة البحرين إلى قسمين‪:‬‬

‫الول‪ :‬صغير محافظ‪ ,‬كان يطالب ببعض الصلحات وتحسين أوضاع الشيعة‪.‬‬

‫الخر‪ :‬كبير‪ ,‬كان يطالب بالطاحة بالنظام الملكي وتشكيل جمهورية تسير على النهج اليراني)‪.(13‬‬

‫ويذكر ريتشارد دكمجيان أن شيعة البحرين بسبب أصلهم الفارسي)‪ (14‬أحسوا بشيء من الغربة في البحرين‪ ,‬وفي‬
‫نفس الوقت آثروا القتراب من إيران‪ ,‬وقد حاول الخميني –خلفًا لجهود الشاه في ضم البحرين‪ -‬أن يثور الشيعة للقضاء‬
‫على آل خليفة‪ ,‬وكانت الداة الرئيسة "الجبهة السلمية لتحرير البحرين"‪ ,‬وكان من قادتها هادي المدرسي الذي أبعدته‬
‫السلطات البحرينية‪ ,‬وبعد إبعاده اشتغل ببث التطرف وسط شيعة البحرين واتهم بأن له دورًا في محاولة انقلب سنة‬
‫‪. (15)1981‬‬

‫ل على ولئهم لبلدهم‬ ‫والشيعة في البحرين يفتخرون بأنهم وقفوا مع استقلل البحرين سنة ‪ ,1971‬ويذكرون هذا دلي ً‬
‫وعدم تبعيتهم ليران‪ ,‬كما جاء في مقابلة مع المعارض البحريني الشيعي عبد الوهاب حسين)‪ , (16‬إل أن ذلك الحماس‬
‫للبقاء مع البحرين‪ ,‬كان الدافع إليه هو الصراع القائم بين رجال الدين الشيعة والشاه‪ ,‬والعداء المتبادل فمن غير المعقول لدى‬
‫الشيعة آنذاك أن يطالبوا بإلحاق البحرين إلى إيران الشاه وهم يسعون في الوقت نفسه إلى إزاحته‪ ,‬فقد كان الستفتاء في أيام‬
‫الشاه‪ ,‬وقبل قدوم ثورة الخميني بثمان سنوات‪ ,‬وهي الثورة التي رآها الشيعة في مختلف أنحاء العالم النموذج والقدوة‪,‬‬
‫وسرعان ما أثارت هذه الثورة الشجون في نفوس شيعة الخليج‪ ,‬وفي شيعة البحرين على وجه الخصوص وأثارت فيهم‬
‫سد ذلك في أعمال العنف والتخريب التي مارسها شيعة الخليج طيلة‬ ‫الرغبة بالتبعية للوطن الذي صار قبلة لشيعة العالم‪ ,‬وتج ّ‬
‫سنوات الثمانينات وجزءًا من عقد التسعينيات‪ ,‬حيث باتت أعلم إيران وصور قادتها خميني وخامنئي وأعلم حزب ال‬
‫اللبناني التابع ليران مشهدًا مألوفًا في أنشطة وتظاهرات شيعة البحرين‪.‬‬

‫وكانت المعارضة الشيعية قد بدأت في تنظيم صفوفها في وقت مبكر‪ ,‬خاصة عقب قيام الثورة اليرانية سنة ‪1979‬‬
‫ونشرها لفكرة تصدير الثورة‪ ,‬حيث تشكلت أولى حركات المعارضة الشيعية في البحرين "الجبهة السلمية لتحرير‬
‫البحرين" في سبتمبر )أيلول( من العام نفسه‪ ,‬ثم تشكلت بعدها كل من "حركة أحرار البحرين السلمية" التي تتخذ من‬
‫لندن مقّرا لها‪ ,‬و"حزب ال‪-‬البحرين" الذي كانت السلطات البحرينية تنظر إليه بوصفه تنظيمًا سياسيًا شيعيًا تابعًا لسلسلة‬
‫تنظيمات أنصار الثورة اليرانية في الخارج "منظمات حزب ال")‪.(17‬‬

‫وبعد الحداث الدامية التي اندلعت في سنوات التسعينات‪ ,‬وكان أشدها سنة ‪ 1994‬بين الشيعة والسلطات البحرينية‪,‬‬
‫هدأت المور سنة ‪ 1999‬مع استلم الشيخ حمد بن عيسى مقاليد السلطة خلفًا لوالده عيسى بن سلمان‪.‬‬

‫ودخلت البحرين مرحلة جديدة‪ ,‬فتم تحسين الوضاع الداخلية والعفو عن المعتقلين السياسيين وإطلق الحريات‪ ,‬وأخذ‬
‫الشيعة يستفيدون من الوضع الجديد‪ ,‬ومن ذلك تأسيسهم للجمعيات‪ ,‬وهي تمارس العمل السياسي‪ ,‬حيث ل يسمح في البحرين‬
‫بتشكيل الحزاب‪.‬‬

‫وبالرغم من تبعية الكثير من شيعة البحرين ليران‪ ,‬إل أنه جدير بالذكر أن هناك قطاعًا هامًا يرتبط بحكام البحرين‬
‫ارتباطًا كبيرًا‪ ,‬ول يدينون ليران‪.‬‬

‫المؤسسات الشيعية في البحرين‪:‬‬

‫‪-1‬جمعية الوفاق الوطني السلمية‪:‬‬

‫وهي امتداد ووريث لحركة أحرار البحرين المعارضة خارج البحرين‪ ,‬ويرأس الجمعية الشاب علي سلمان ونائبه هو‬
‫حسن مشيمع‪ ,‬وتعتبر الجمعية التيار الرئيس في أوساط شيعة البحرين‪ ,‬وقد اعتبرت المحّرك الساسي لصدامات ‪-1994‬‬
‫‪ 1998‬مع السلطة‪ ,‬كما أن الجمعية كانت هي المحرك الرئيس لمقاطعة النتخابات النيابية سنة ‪ 2002‬على الرغم من أن‬
‫البرلمان المنتخب كان دومًا من أبرز مطالبها‪.‬‬
 ‫وفي لقاءات صحفية‪ ,‬ينفي رئيس الجمعية وجود علقة بين الحركة الشعبية في البحرين‪ ,‬وبين النظام القائم في إيران‪,‬‬
‫كما انه قال في افتتاح المؤتمر الول للجمعية بأنها تعمل ضمن النظام القائم في البحرين‪ ,‬مما يوحي بولء شيعة البحرين‬
‫لدولتهم‪.‬‬

‫وهذا ينسجم مع تحويل إيران لسياستها الخارجية من تصدير الثورة إلى النفتاح الثقافي‪ ,‬والذي كان صداه لدى‬
‫التجمعات الشيعية هو المناداة بالوطنية والحقوق للمواطنين المظلومين من الخرين!‬

‫‪-2‬جمعية العمل السلمي‪:‬‬

‫تيار شيعي محدود‪ ,‬وتعد امتدادًا للجبهة السلمية لتحرير البحرين‪ ,‬ويرأسها محمد علي المحفوظ‪ ,‬الذي كان قد شنّ‬
‫هجومًا على الجمعيات السنّية مثل المنبر والشورى والصالة واصفًا إّياها بأنها تحقق النتائج المرجّوة منها‪ ,‬وقد قامت‬
‫الجمعية بمقاطعة النتخابات النيابية سنة ‪.2002‬‬

‫‪-3‬جمعية الرابطة السلمية‪:‬‬

‫شيعية مقربة من الحكومة‪ ,‬فاز منها عضوان في النتخابات النيابية الخيرة‪.‬‬

‫‪-4‬جمعية أهل البيت‪:‬‬

‫شيعية‪ ,‬تم الحتفال بافتتاح مقرها الجديد في ‪ 20/5/2003‬في مدينة المحرق‪ ,‬من مسؤوليها عبد ال حيدر ومحمد‬
‫الفردوسي‪ ,‬ولها موقع )أهل البيت نت(‪.‬‬

‫‪-5‬جمعية الرسالة السلمية‪:‬‬

‫تتبع خط المدرسي والشيرازي‪ ,‬وقد عقدت في نهاية اكتوبر سنة ‪ 2002‬المؤتمر النسائي الول‪ ,‬واتصلت خلله بهادي‬
‫المدرسي وهو من مؤسس النشاطات الرسالية في البحرين منذ السبعينات‪ ,‬كما أنها أصدرت بيانًا شديدًا ضد منظمة‬
‫مجاهدي خلق لحتجازهم لفترة من الوقت المرجع الشيعي محمد تقي المدرسي أثناء وجود في العراق‪ ,‬كما أنها قامت‬
‫بحملة لجمع التبرعات مع جمعية أهل البيت أثناء الحرب المريكية على العراق‪.‬‬

‫‪-6‬جمعية التوعية السلمية‪:‬‬

‫يرأسها عبد الوهاب حسين‪ ,‬وتعتبر بمثابة الجناح الثقافي والجتماعي لجمعية الوفاق‪ ,‬كون هذه الخيرة أقرب ما تكون‬
‫إلى حزب سياسي‪ ,‬كانت تعتبر امتدادًا لخط "حزب الدعوة" وأغلقتها السلطات سنة ‪.1982‬‬

‫وإضافة إلى تأسيس الجمعيات وممارستها للعمل السياسي والثقافي والجتماعي‪ ,‬فإن مظاهر أخرى بارزة تشير إلى‬
‫ممارسة الشيعة لدور كبير في البحرين‪ ,‬منها‪:‬‬

‫‪-1‬تأسيس وصدور صحيفة الوسط اليومية التي يرأس تحريرها المعارض الشيعي السابق منصور الجمري‪ ,‬وهو نجل‬
‫رجل الدين المعارض عبد المير الجمري‪.‬‬

‫‪-2‬المشاركة الحكومية في المناسبات الشيعية كعاشوراء والمآتم‪ ,‬ودعمها وتسهيل دخول المشاركين فيها من دول أخرى‬
‫كإيران والعراق وسوريا‪.‬‬

‫‪-3‬عودة المعارضين الشيعة من الخارج‪ ,‬وممارستهم لحياتهم العتيادية داخل البحرين‪ ,‬ومنهم الجمري والعلوي وعلي‬
‫سلمان‪.‬‬

‫‪-4‬القرار الحكومي بتدريس المذهب الشيعي الجعفري في المدارس‪ ,‬وتعيين مدرسين لذلك في مختلف المراحل‪.‬‬

‫‪-5‬تطور العلقات بين البحرين وبعض الهيئات الشيعية في الخارج كمؤسسة الخوئي في لندن التي استطاعت تنظيم‬
‫مؤتمر للتقريب بين الشيعة والسنة في البحرين في شهر سبتمبر )أيلول( ‪.2003‬‬
 ‫النتخابات البلدية والنيابية‪:‬‬

‫في ظل الجواء النفتاحية التي شهدتها البحرين بدءًا من سنة ‪ ,1999‬تم في العام ‪ 2002‬إجراء انتخابات المجالس‬
‫البلدية في ‪ ,9/5/2002‬وانتخابات المجلس النيابي في ‪.24/10/2002‬في النتخابات البلدية حصل السنة على ‪ 27‬مقعدًا من‬
‫أصل ‪ ,50‬فيما حصل الشيعة على ‪ 23‬مقعدًا‪ .‬وفي النتخابات النيابية التي قاطعها جزء من الشيعة بسبب عدم أخذ الحكومة‬
‫لبعض اقتراحاتهم ومنها‪ :‬بعض التعديلت الدستورية التي سلبت السلطة التشريعية صلحياتها وتعيين مجلس مواٍز للمجلس‬
‫المنتخب له نفس الصلحيات‪ ,‬ومنع الجمعيات من ممارسة العمل السياسي‪ ,‬وهذا المطلب الخير تراجع عنه ملك البحرين‬
‫وسمح للجمعيات فيما بعد بطرح مرشحين وممارسة العمل السياسي‪ ,‬حصل السنة على ‪ 27‬مقعدًا من أصل ‪ ,40‬فيما حصل‬
‫الشيعة على ‪ 13‬مقعدًا‪ ,‬في المجلس المنتخب‪ ,‬أما الشق الثاني من المجلس‪ ,‬وهو المجلس المعّين‪ ,‬فقد تّم تعيين ‪ 38‬سنّيا‬
‫وشيعيًا مناصفة‪ ,‬فيم تم تعيين مسيحي ويهودي في المقعدين المتبقيين من أصل ‪ 40‬مقعدًا‪ .‬وفي الحكومة التي شكلت بعد‬
‫إجراء النتخابات النيابية‪ ,‬عين العديد من الشخصيات الشيعية فيها وأبرزها‪:‬‬

‫‪-1‬مجيد العلوي وزيرًا للعمل والشؤون الجتماعية‪.‬‬

‫‪-2‬محمد علي الستري وزيرًا لشؤون البلديات‪ ,‬وكان قبلها مديرًا للوقاف الجعفرية‪.‬‬

‫‪-3‬خليل حسن وزيرًا للصحة‪.‬‬

‫‪-4‬عبد الحسين ميرزا وهو أول وزير بحريني من أصل إيراني‪.‬‬

‫أهم المراجع‬

‫‪-1‬الصولية في العالم العربي‪......................................‬ريتشارد دكمجيان‪.‬‬

‫‪-2‬وجاء دور المجوس‪ ............................................‬د‪ .‬عبد ال الغريب‪.‬‬

‫‪-3‬ويل للعرب‪ :‬مغزى التقارب اليراني مع الغرب والعرب‪..........‬عبد المنعم شفيق‪.‬‬

‫‪-4‬أطلس السلم‪ .....................................................‬د‪.‬حسين مؤنس‪.‬‬

‫‪-5‬ملوك العرب‪........................................................‬أمين الريحاني‪.‬‬

‫‪-6‬الصفويون والدولة العثمانية‪.............................‬أبو الحسن علوي عطرجي‪.‬‬

‫‪-7‬هموم القليات‪..........‬التقرير السنوي الول لمركز ابن خلدون للدراسات النمائية‬

‫في مصر سنة ‪.1993‬‬

‫‪-8‬الملل والّنحل والعراق‪.....‬التقرير السنوي السادس لمركز ابن خلدون سنة ‪.1999‬‬

‫‪-9‬الخليج العربي ‪ ,‬دراسة موجزة ‪ ...................‬مكتب الدعاية والنشر والعلم‪.‬‬

‫‪-10‬الخليج العربي في ماضيه وحاضره ‪ .............................‬د‪ .‬خالد العّزي‪.‬‬

‫دوريات ومواقع‪:‬‬

‫‪-1‬مجلة مختارات إيرانية‪.‬‬

‫‪-2‬مجلة الوطن العربي‪.‬‬

 ‫‪-3‬مجلة النور‪.‬‬

‫‪-4‬الوكالة الشيعية للنباء‪.‬‬

‫‪-5‬الجزيرة نت‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------‬‬

‫)‪ (1‬أمين الريحاني‪ ,‬ملوك العرب‪ ,‬الجزء الثاني ص ‪ 720‬وما بعدها‪ .‬و د‪ .‬عبد ال الغريب‪ ,‬وجاء دور المجوس ص‬
‫‪302-301‬‬

‫)‪ (2‬أبو الحسن علوي عطرجي‪ ,‬الصفويون والدولة العثمانية‪ ,‬ص ‪.48‬‬

‫)‪ (3‬المصدر السابق ص ‪.49‬‬

‫)‪ (4‬وجاء دور المجوس ص ‪.302-301‬‬

‫)‪ (5‬ص ‪.302‬‬

‫)‪ (6‬ص ‪.195‬‬

‫)‪ (7‬انظر التفاصيل في بحث "الشيعة والعراق" المنشور في العدد الول من )الراصد(‪.‬‬

‫)‪ (8‬ص ‪.243‬‬

‫)‪ (9‬الخليج العربي دراسة موجزة ص ‪.61‬‬

‫)‪ (10‬وجاء دور المجوس ص ‪.302‬‬

‫ل عن كتاب )الخليج العربي دراسة موجزة( ص ‪.51‬‬

‫)‪ (11‬نق ً‬

‫)‪ (12‬انظر مقال‪ :‬خطط الشيعة لحكم قطر‪ ,‬الوطن العربي ‪.26/7/2002‬‬

‫)‪ (13‬مجلة مختارات إيرانية ‪ ,‬فبراير ‪ 2003‬ص ‪.91‬‬

‫)‪ (14‬شيعة البحرين خليط من أصول عربية وفارسية وينحدر معظم العرب من الحساء‪ ,‬في شرق الجزيرة العربية –‬
‫المحرر‪-‬‬

‫)‪ (15‬الصولية في العالم العربي‪ ,‬ص ‪ 213‬وما بعدها‪.‬‬

‫)‪ (16‬الوطن العربي ‪.6/12/2002‬‬

‫)‪ (17‬شفيق شقير – الجزيرة نت ‪.24/10/2002‬‬