You are on page 1of 225

‫التدبير المادي والمالي بالمؤسسات التعليمية‬

‫ليمكن الحديث عن أي إصلح حقيقي أو جودة فعالة‬


‫ناجعة في مجال التربية والتعليم إل إذا كان الهتمام منصبا‬
‫على التفكير في التدبير المادي والمالي‪ ،‬لنه لبنة أساسية‬
‫في كل تغيير وتسيير وتنظيم إداري أو تربوي مركزيا أو‬
‫جهويا أو إقليميا أو مؤسساتيا‪ ،‬و وهو كذلك تفعيل ميداني‬
‫لكل المشاريع والحاجيات قصد إنجاح سير العملية‬
‫الديداكتيكية والبيداغوجية في أحسن الظروف الممكنة‬
‫والمتاحة‪ .‬كما أن الجانب المادي والمالي هو الذي يشكل‬
‫البنية التحتية والمعطى البرجماتي لكل فعل تربوي وتدبير‬
‫إداري‪ .‬إذا‪ ،‬ماهو التدبير المادي والداري؟ وماهي‬
‫مرتكزاته الساسية؟ وماهو واقعه وآفاقه؟‬
‫يهتم التدبير المادي والمالي بمكونين أساسين وهما‪:‬‬
‫الجانب المادي والجانب المالي‪.‬فالجانب المادي يقصد به‬
‫كل ماهو مادي في المؤسسة التعليمية من ممتلكات‬
‫عقارية وتجهيزات ثابتة ومنقولة ووسائل وأدوات ومواد‬
‫مستهلكة وغير مستهلكة مع التركيز على آليات تنظيمها‬
‫وقواعد وأساليب وطرائق تدبيرها من حيث المحاسبة‬
‫والستغلل والستعمال والستهلك والتخزين والحفظ‬
‫والصيانة والصلح والتتبع والمراقبة‪.‬أما التدبير المالي‪،‬‬
‫فيهتم بالجوانب المالية للمؤسسة عن طريق تحديد‬
‫مواردها وإمكانياتها فضل عن تفصيل طبيعتها وأنواعها‬
‫وتنظيم قواعد وأساليب وطرائق تحصيلها وصرفها‬
‫ومجالت إنفاقها وكيفية محاسبتها وتتبعها ومراقبتها‪ ،‬وكذا‬
‫الجراءات والتدابير الدارية والمسطرية المتعلقة بها‪.‬‬
‫ويستند التدبير المادي والمالي للمؤسسات التعليمية لداء‬
‫وظائفها الديداكتيكية والبيداغوجية والجتماعية والقتصادية‬
‫حسب منظور الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى‬
‫خمسة مرتكزات أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المصادر القانونية والنصوص التنظيمية للتدبير‪.‬‬
‫‪ -2‬آليات التدبير‪.‬‬
‫‪ -3‬الممتلكات العقارية والمنقولة‪.‬‬
‫‪ -4‬الموارد المالية‪.‬‬
‫‪ -5‬مسك المحاسبة المادية والمالية‪.‬‬
‫فإذا بدأنا بالمرتكز الول ‪ ،‬فينبغي على كل الطراف‬
‫المتدخلة) الفراد‪-‬المجالس‪ -‬الجمعيات( في التدبير المادي‬
‫والمالي للمؤسسات من الطلع على جملة من النصوص‬
‫القانونية والتنظيمية العامة والخاصة التي تفصل بنود‬
‫وقواعد هذا التدبير بشقيه‪ :‬المادي والمالي‪.‬‬
‫وعلى مستوى آليات التدبير المادي والمالي في‬
‫المؤسسات‪ ،‬فنستحضر في هذا السياق كل من مدير‬
‫المؤسسة ومجلس التدبير‪ .‬فالمدير هو المشرف الول‬
‫على التدبير المادي والمالي بموازاة مسير للمصالح‬
‫المادية والمالية الذي يتولى مهمة التدبير المادي والمالي‬
‫والمحاسباتي ولكن تحت إشرافه طبعا‪.‬‬
‫ومن مهام مدير المؤسسة توفير شروط الصحة والسلمة‬
‫للشخاص‪ ،‬وتوفير شروط سلمة التجهيزات والممتلكات‪،‬‬
‫واقتراح توفير وسائل العمل الضرورية لتدبير المؤسسة‪ ،‬و‬
‫العمل على إبرام اتفاقيات الشراكة لتمويل مختلف‬
‫المشاريع التربوية والثقافية والفنية والرياضية‪.‬‬
‫وطبقا للمادة الثامنة عشرة من النظام الساسي‪ ،‬تم‬
‫إحداث مجلس لتدبير المؤسسة يشارك فيه أطر‬
‫المؤسسة وشركاؤها من آباء وأولياء المور وجماعات‬
‫محلية وجمعيات المجتمع المدني وفعاليات اجتماعية‬
‫واقتصادية وثقافية وفنية ورياضية وكل الفاعلين المهتمين‬
‫بشؤون التربية والتعليم‪.‬ويضطلع مجلس التدبير بمهام‬
‫عدة منها‪ :‬اقتراح النظام الداخلي للمؤسسة مع احترام‬
‫القوانين الجاري بها العمل في ذلك ‪ ،‬ودراسة العمل‬
‫السنوي على مستوى أنشطة المؤسسة وتتبع مراحل‬
‫إنجازها‪،‬ودراسة التدابير الملئمة لضمان صيانة المؤسسة‬
‫والحفاظ على ممتلكاتها‪ ،‬والطلع على القرارات الصادرة‬
‫عن المجالس الخرى‪ ،‬وإبداء الرأي في الشراكات التي‬
‫تعتزم المؤسسة إبرامها‪ ،‬ودراسة حاجيات المؤسسة‬
‫للسنة الدراسية الموالية‪ ،‬والمصادقة على التقرير السنوي‬
‫العام المتعلق بنشاط وسير المؤسسة‪ .‬ويعقد مجلس‬
‫التدبير دورتين عاديتين‪ :‬الولى في بداية السنة الدراسية‬
‫والثانية في متمها لدراسة مختلف القضايا المعروضة‪.‬‬
‫ويستوجب التدبير المادي الهتمام بكل المكونات المادية‬
‫للمؤسسة وصيانتها واستغللها أحسن استغلل من أجل‬
‫تحقيق المصلحة العامة و الحفاظ على الممتلكات‬
‫العقارية للمدرسة التي تتشكل من جميع البنايات‬
‫الموجودة داخل أسوار المؤسسة و جميع المرافق‬
‫المكونة لفضاءات الحياة المدرسية دون أن ننسى‬
‫الممتلكات والوسائل المنقولة من التجهيزات المدرسية‬
‫والوسائل التعليمية‪.‬‬
‫ومن أجل تحقيق تدبير معقلن لهذه التجهيزات‬
‫والممتلكات لبد من اتباع مراحل إجرائية و أساسية للقيام‬
‫بها كتحديد الحاجيات واقتناء التجهيزات والوسائل التعليمية‬
‫التي تقوم بها الجهات المختصة على ضوء التدابير الدارية‬
‫والجراءات المسطرية‪ ،‬وإيلء عمليات استلم التجهيزات‬
‫المدرسية من الشركات المزودة كثير الهتمام والعناية‬
‫من تتبع وضبط ومراقبة‪،‬والقيام بتوزيعها على المستفيدين‬
‫مع اتخاذ كافة الجراءات والترتيبات الضرورية في عقلنة‬
‫عملية الجرد والتوثيق‪ ،‬والمحافظة على التجهيزات‬
‫المدرسية أثناء فترة استعمالها مع السهر على صيانتها و‬
‫السراع في إصلح ماتلشى من بعض أجزائها والتخلص‬
‫من التجهيزات المتلشية وغير القابلة للصلح بتاتا ولسيما‬
‫التي تتراكم بجنبات بنايات المؤسسة أو ببعض مرافقها‪،‬‬
‫وذلك من أجل الحفاظ على أمن وسلمة التلميذ وتوفير‬
‫فضاء مدرسي مناسب يراعي جمالية المؤسسة‬
‫وفضاءاتها‪.‬‬
‫وإذا كان التدبير المالي يهتم أساسا بمالية المؤسسة من‬
‫حيث تحديد الموارد ومصادرها ‪ ،‬وطرائق تحصيلها‪ ،‬وكيفية‬
‫ومجالت صرفها‪ ،‬وتقنيات ووسائل ضبطها‪ ،‬ومسك‬
‫محاسباتها‪ ،‬وأساليب المراقبة وإجراءاتها‪ ،‬فإن الحاطة‬
‫بهذا الجانب من التدبير يقتضي بالضرورة التذكير بالعناصر‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الموارد والمكانيات المالية للمؤسسة ونفقاتها‪.‬‬
‫‪ -‬المبادئ الساسية والقواعد العامة والخاصة التي تحكم‬
‫تدبيرها‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬فإن مؤسسات التعليم لتتوفر على‬
‫ميزانيات بالمفهوم القتصادي للميزانية‪ ،‬ومن ثم تتشكل‬
‫الموارد المالية للمؤسسات من مداخيل خاصة)رسوم‬
‫التسجيل بالقسم الخارجي‪ -‬رسوم التأمين المدرسي‬
‫والرياضي‪ -‬رسوم النخراط في الجمعية الرياضية‬
‫المدرسية‪ -‬رسوم استعارة الكتب وضمانها‪ -‬رسوم‬
‫الضمان بالمعامل‪ -‬رسوم الذخائر بالداخلية‪ -‬واجبات‬
‫المائدة المشتركة والقامة بالداخليات‪ -‬الكفالة( تحددها‬
‫مذكرات وزارية صادرة عن السلطة الحكومية الوصية‪،‬‬
‫وموارد إضافية ترصدها الكاديمية الجهوية للمؤسسات‬
‫التعليمية‪ ،‬وهي اعتمادات التسيير مثل‪:‬اعتمادات التغذية‬
‫الخاصة بالتلميذ الممنوحين و إعانات التسيير والصيانة‬
‫للخارجية واعتمادات تسيير القسام التحضيرية ودبلوم‬
‫التقني العالي‪ ،‬وموارد استثنائية وهي إما موارد تنظم‬
‫شروطها مذكرات وزارية دون تحديد قيمتها ) التلفات‪-‬‬
‫القروض‪ -‬التسبيقات‪ -‬المداخيل الخاصة(‪ ،‬أو موارد تنظمها‬
‫اتفاقيات الشراكة التي ينص عليها النظام الساسي‬
‫لمؤسسات التربية والتعليم العمومي وتقدم على شكل‬
‫مساعدات عينية ‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن موارد المؤسسات ونفقاتها تحكمها نفس‬
‫المبادئ والقواعد والمساطر التي تحكم تدبير الموارد‬
‫العمومية‪ ،‬وعلى رأسها مقتضيات النظام الساسي‬
‫للمحاسبة العمومية ومبادئه‪.‬ومن المعلوم‪ ،‬أن مسك‬
‫المحاسبة المادية والمالية يخضع للقواعد والشروط‬
‫الشكلية والموضوعية التي تنظم المحاسبة العمومية‬
‫بصفة عامة مع بعض الختلفات الشكلية نظرا‬
‫لخصوصيات المؤسسات التعليمية‪ ،‬كما تحكمها نفس‬
‫المبادئ العامة) الزدواجية‪ -‬الستقللية‪ -‬المشروعية‪-‬‬
‫المراقبة(‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن مدير المؤسسة يقوم بمسك‬
‫المحاسبة الدارية باعتباره مشرفا على التدبير التربوي‬
‫والداري والمادي والمالي في حين يقوم مسير المصالح‬
‫المادية والمالية بمسك المحاسبة المحاسبية‪ .‬وتنقسم هذه‬
‫الخيرة إلى قسمين‪ :‬المحاسبة المادية والمحاسبة‬
‫النقدية‪.‬‬
‫يقوم المدير بالمحاسبة الدارية باعتباره مشرفا ماديا‬
‫وماليا و محاسبا إداريا بصفته آمرا بالصرف والستخلص‬
‫في المراحل التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬بالنسبة للمداخيل‪ :‬يقوم رئيس المؤسسة بثلث‬
‫عمليات أساسية‪ ،‬وهي‪ :‬الثبات) وضع اللوائح النهائية‬
‫للملزمين بأداء الحقوق المثبتة للمؤسسة(‪،‬‬
‫والتصفية)حصر المبالغ المستحقة للمؤسسة والتأكد من‬
‫صحتها ومشروعيتها(‪ ،‬والمر بالستخلص) تحصيل الحقوق‬
‫المثبتة للمؤسسة ووضع التأشيرة على مختلف سجلت‬
‫المداخيل والحقوق المثبتة واللوائح السمية المحصورة(‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنسبة للمصاريف‪ :‬وتتجلى الفعال الدارية المتعلقة‬
‫بالنفقات في العمليات التالية‪ :‬اللتزام) صلحية تقدير‬
‫ضرورة أو أهمية المصاريف التي يعتزم القيام بها أو تحمل‬
‫أداء نفقة أو دين( ‪،‬والتصفية) التحقق من صحة الدين من‬
‫خلل المستندات المثبتة لحقوق الدائنين وحصر مبالغ‬
‫النفقات(‪ ،‬والمر بالداء) المر بدفع الديون إلى مستحقيها‬
‫عند حلول آجال الدفع وبعد التأكد من صحتها ومشروعيتها‬
‫خلل عملية التصفية(‪.‬‬
‫وإذا انتقلنا إلى محاسبة المحاسب فيعتبر رئيس المصالح‬
‫المادية والمالية محاسبا بحكم الواقع والنصوص القانونية‬
‫المنظمة لعملية المحاسبة المادية والمالية‪ .‬وتتكون‬
‫محاسبة رئيس المصالح المادية والمالية من مجالين وهما‪:‬‬
‫المحاسبة النقدية) يتكفل بتدبير وتوثيق المداخيل‬
‫والنفقات على ضوء النصوص التنظيمية والقانونية لذلك(‪،‬‬
‫والمحاسبة المادية )يتحمل مسؤولية التدبير المادي‬
‫للمؤسسة تحت سلطة المدير ومراقبته وذلك بصفته‬
‫مساعدا له(‪.‬وتشكل المحاسبة المادية جزءا ليتجزأ من‬
‫المحاسبة العمومية‪ .‬والمحاسبة المادية تخص صنفين من‬
‫المواد والدوات وهما‪ :‬المواد المستهلكة أو سريعة التلف‬
‫والمواد القابلة للجرد‪ .‬و من أهم عناصر هذه المحاسبة‬
‫المادية مسك المحاسبة المادية و هو ليس فقط مجرد‬
‫عمليات قيود أو مسك لمختلف الوثائق والسجلت‪ ،‬بل هي‬
‫بالضافة إلى ذلك عمليات تتبع يومية لحركية المواد‬
‫والدوات والتجهيزات‪ ،‬والسهر على سلمتها من التلف أو‬
‫الضياع بسبب السرقات والحرائق‪ ،‬والحفاظ على جودتها‬
‫وصيانتها وإصلحها‪ ،‬وترشيد استعمالها واستغللها‬
‫واستهلكها ‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬إن التدبير المادي والمالي على الرغم من‬
‫استجابته للمبادئ العامة لتدبير الموال العمومية‬
‫ولمقتضيات النظام الساسي للمحاسبة العمومية‬
‫ومقتضيات النظام الساسي للمحاسبة العمومية فإن‬
‫واقعه الحالي ليستجيب مع التطورات التربوية الحديثة‬
‫الداعية إلى الجودة والكفاءة‪ .‬كما أن تحويل المؤسسات‬
‫التعليمية إلى مصالح الدولة التي تسير بطريقة مستقلة)‬
‫‪ (SEGMA‬كما يدعو إلى ذلك الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين لم يتحقق ولم يفعل إجرائيا وميدانيا‪.‬ويلحظ‬
‫كذلك أن النصوص التنظيمية والقانونية للتدبير المادي‬
‫والمالي قد أصبحت متجاوزة ومتقادمة لتتلءم مع‬
‫مستجدات الواقع وما يثبته الميثاق من دعوة إلى الحداثة‬
‫والتجديد ومواكبة لمستجدات التكنولوجيا وعولمة التصال‬
‫والتأقلم مع فكر المبادرة الفردية وتأهيل المؤسسات‬
‫القتصادية والجتماعية والتربوية للمنافسة والبداع‬
‫والنتاج‪ .‬و يتسم هذا التدبير المادي والمالي بالبطء‬
‫الداري والروتين وشكلية القرارات وانعدام الشفافية‬
‫والديمقراطية في إسناد المسؤوليات والوظائف الدارية‬
‫والمالية و كثرة الوثائق والبيروقراطية في التعامل‬
‫ولسيما في عملية الصرف وأداء حقوق الدائنين‪ ،‬وضعف‬
‫المكانيات المادية والمالية والبشرية لنجاح مسلسل‬
‫الجودة التي تدعو إليها الوزارة‪ ،‬وانعدام الكفاءة‬
‫المحاسباتية والعلمية والثقافة العصرية لدى الموظفين‬
‫والعاملين في هذا المجال وكذلك عند المسؤولين و‬
‫المشرفين على هذا التدبير القتصادي‪.‬‬

‫‪ -3‬المتحان التجريبي بالتعليم الثانوي التأهيلي المغربي‬

‫يعد المتحان التجريبي من أهم آليات التقويم الذاتي‬


‫للمتعلم‪ ،‬ومن أهم الدوات التشخيصية التي يعتمد عليها‬
‫الساتذة والمشرفون ورجال الدارة والمسؤولون عن‬
‫قطاع التربية من خلل استثمار النقط والنتائج والمعطيات‬
‫لمعرفة مستوى التحصيل لدى المتمدرسين‪ ،‬قصد إيجاد‬
‫الحلول المناسبة لمعالجة الثغرات والنقاط السلبية التي‬
‫يعاني منها النظام التربوي المغربي عن طريق البحث عن‬
‫بدائل تربوية جديدة ‪ .‬إذًا‪ ،‬ما المقصود بالمتحان التجريبي؟‬
‫وما مواصفاته ومعاييره حسب المذكرة الوزارية المنظمة‬
‫له؟ وماهو واقع هذا المتحان وآفاقه؟‬
‫إذا كان" المتحان" يدل على الختبار والقياس وإخضاع‬
‫الممتحن لليات الدوسيمولوجيا ‪Docimologie‬‬
‫والستجواب قصد تقييمه عن طريق نقطة عددية وتقدير‬
‫معنوي يترجم ماهو كمي إلى ماهو كيفي‪ ،‬فإن "التجريبي"‬
‫هو نسبة إلى التجريب والتجربة والجابة عن مجموعة من‬
‫الفرضيات والفتراضات المسبقة لدى الممتحن أو الستاذ‬
‫أو المشرف قصد التأكد من نجاعتها الجرائية وفعاليتها‬
‫التطبيقية والتكوينية عن طريق استبيان امتحاني يتكون‬
‫من مجموعة من السئلة التي تستوجب فعل الذاكرة‬
‫والتحليل المنطقي و الستنباط العقلي والستنتاج المهاري‬
‫والتحكم المنهجي والستدلل الذكائي عبر احترام‬
‫مجموعة من المراقي المعرفية والوجدانية والحركية‬
‫ولسيما العمليات الذهنية كالفهم والتطبيق والتحليل‬
‫والتركيب والتقويم‪ .‬ويعني هذا‪ ،‬أن الذي يجتاز هذا‬
‫المتحان يكون في وضعية تجربة وتجريب لما لديه من‬
‫خلفيات معرفية ومضمرات وجدانية ومهارات حسية‬
‫حركية وقدرات ثقافية ومنهجية تحتاج إلى تشخيص ميداني‬
‫واستنزال فعلي تطبيقي للمجزوءات المحصلة بطريقة‬
‫كتابية أو شفهية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالمتحان التجريبي هو ذلك المتحان الذي يقدم‬
‫للمتعلم ليختبر قدراته المعرفية والوجدانية والحركية في‬
‫وضعية تجريبية تشبه وضعية المتحان الحقيقي سواء أكان‬
‫امتحان جهويا أم وطنيا قصد الستئناس بجو هذين‬
‫المتحانين من النواحي النفسية والتربوية والتقويمية‬
‫وتجريب مهاراته في التعامل مع مواضيع المتحان بكل‬
‫اطمئنان وثقة مادام العمل المنجز والممتحن فيه‬
‫ليحتسب رسميا‪ .‬أي إن هذا المتحان التجريبي يتسم‬
‫بالمرونة و الحرية في التجريب والطمئنان الذاتي وانعدام‬
‫الجواء المشحونة بالقلق والنقباض الشعوري والتوتر‬
‫النفسي و الضطراب العصبي و الختلل العضوي والخوف‬
‫من المستقبل والمصير المجهول‪.‬و يتسم هذا المتحان‬
‫كذلك بالتجريب الشخصي قصد التأكد من مدى قدرة‬
‫التلميذ على التكيف مع أجواء المتحان الرسمي الذي‬
‫ينبغي أن يعد له أيما استعداد من أجل تحديد مواطن‬
‫الضعف والقوة التي يتسم به تحصيله الدراسي مادام هذا‬
‫المتحان إجراء إعداديا أوليا لجتياز المتحان النهائي‬
‫الرسمي ‪ .‬ويطبع هذا المتحان التكوين الذاتي والتعلم‬
‫الشخصي والثقة المتبادلة بين التلميذ وأطراف المراقبة‬
‫من أساتذة ورجال الدارة والشراف‪ ،‬كما يطبعه اللجدوى‬
‫من النقل والغش كما هو معهود غالبا في المتحانات‬
‫الرسمية الخرى بسبب الخوف المبالغ فيه قصد تأمين‬
‫النجاح و المستقبل الزاهر المنتظر في تصوراتهم‬
‫واعتقاداتهم‪.‬‬
‫وقد وزعت وزارة التربية الوطنية مذكرة وزارية منذ‬
‫سنتين)‪2005‬م( تستوجب المتحان التجريبي وتنظيمه‬
‫على مستوى السنتين الولى والثانية من سلك البكالوريا‪،‬‬
‫وأعيدت هذه المذكرة مرة أخرى في سنة ‪ 2006‬تحت‬
‫رقم ‪ 07/06‬بتاريخ ‪ 06‬مارس ‪ 2006‬اعتمادا على مقرر‬
‫السيد الوزير رقم ‪ 80‬بتاريخ ‪ 30‬يونيو ‪ 2005‬بشأن تنظيم‬
‫السنة الدراسية والعطل المدرسية برسم السنة الدراسية‬
‫‪ ،2005/2006‬واعتمادا أيضا على المذكرة الوزارية رقم‬
‫‪ 05‬بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ 2006‬حول مواعيد إجراء المتحانات‬
‫المدرسية ‪.2005/2006‬‬
‫ول يعني هذا أن المتحان التجريبي في التعليم الثانوي‬
‫التأهيلي إجراء تربوي و تقويمي من المستجدات التربوية‬
‫الحديثة‪ ،‬بل هو من المكتسبات القديمة التي تخلينا عنها‬
‫في الماضي لنعود إليها في الحاضر لعطاء الشهادات‬
‫الوطنية مصداقيتها واحترامها ومشروعيتها الدولية‪ ،‬بعد أن‬
‫عرف التعليم انحدارا وتراجع كيفيا بسبب الرداءة وانعدام‬
‫الجودة والكفاءة التعلمية وقلة الخبرة و المهارة الوظيفية‪،‬‬
‫فقد طبقته الوزارة في التعليم البتدائي ولسيما في‬
‫السنة الخيرة من السلك البتدائي التي تؤهل للحصول‬
‫على الشهادة البتدائية – على حد علمي‪ -‬منذ فترة‬
‫السبعينيات ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬وترى المذكرة الوزارية أن المتحان التجريبي‬
‫الخاص بتلمذة السنة الولى من سلك البكالوريا‬
‫والمتحان التجريبي الخاص بتلمذة السنة الثانية تأهيلي‬
‫ينبغي تنظيمهما في آخر أسبوع من شهر أبريل ‪ .‬ويروم‬
‫هذا الجراء التقويمي تحسيس التلميذ بأن أهداف‬
‫المتحانين التجريبيين تشخيصية يقصد بها إظهار الثغرات‬
‫لتجاوزها وتقوية التعلمات كما أنهما يمثلن فرصة للتمرس‬
‫والتهيؤ لجتياز امتحان آخر السنة‪ ،‬وبأن النقط المحصل‬
‫عليها لتحتسب ضمن أي مكون من مكونات امتحان‬
‫البكالوريا‪ .‬ويتم إعداد المتحان التجريبي من قبل أساتذة‬
‫المؤسسة الثانوية التأهيلية العاملين في السنتين الولى‬
‫والثانية من سلك الباكلوريا‪ ،‬مؤطرين من طرف مفتشي‬
‫المواد المعنية حسب القرار المنظم للمتحان الجهوي‬
‫الموحد والمتحان الوطني الموحد‪ .‬وينظم المتحانان على‬
‫مستوى المؤسسة التأهيلية بشكل مطابق تماما للمتحان‬
‫الجهوي والموحد والمتحان الوطني الموحد من حيث‬
‫المواد المدرجة في المتحانين‪ ،‬وتتابعها‪ ،‬والمدد المخصصة‬
‫لها وأشكال ومحتوى المواضيع وسلليم التنقيط‬
‫والمعاملت وفق المواصفات المنصوص عليها في‬
‫المذكرات الصادرة في الموضوع‪ .‬وتصحح أوراق التحرير‬
‫مباشرة بعد إجراء المتحانين التجريبيين واحتساب‬
‫المعدلت من قبل أساتذة المؤسسة استنادا إلى دليل‬
‫موحد للتصحيح‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتم عملية استثمار نتائج‬
‫المتحانين التجريبيين من قبل كل أستاذ مع تلمذته بشكل‬
‫معمق يمكنهم من الوقوف على مواطن الضعف‪.‬‬
‫ويستحسن بعد ذلك تنظيم دعم تربوي ممنهج على ضوء‬
‫نتائج كل مادة وبتنسيق بين أساتذة المؤسسة وذلك بهدف‬
‫تجاوز الثغرات وتهيئ التلميذ لجتياز المتحان الجهوي‬
‫الموحد والمتحان الوطني الموحد باطمئنان وثقة في‬
‫النفس‪ .‬وحتى تتمكن الدارة على المستويات القليمية‬
‫والجهوية والمركزية من الوقوف على نتائج المتحانين‬
‫المذكورين من حيث جوانبهما التنظيمية والتربوية‪ ،‬فإنه‬
‫ينبغي إعداد مجموعة من التقارير حولها وذلك بعقد ندوات‬
‫من قبل السادة المفتشين بعد إجراء المتحانين التجريبيين‬
‫تخصص لستثمار نتائج المتحانين وإنجاز تقارير تركيبية‬
‫تقويمية ترسل نسخ منها إلى الكاديمية الجهوية والنيابات‪.‬‬
‫وبعد ذلك تعد النيابات تقارير تركيبية حول ظروف عملية‬
‫تنظيم المتحانين التجريبيين وتوجيهها إلى الكاديمية‬
‫الجهوية‪ ,‬حيث تحلل تقارير النيابات والمفتشين التربويين‬
‫وينجز تقرير تركيبي تبعث نسخة منه إلى المركز الوطني‬
‫للمتحانات قبل نهاية شهر ماي من كل سنة دراسية‪.‬‬
‫ولكن إذا نظرنا إلى واقع المتحان التجريبي نجد مفارقات‬
‫كثيرة بين تطلعات المذكرات الوزارية وأهدافها المسطرة‬
‫بشأن هذه العملية وواقع الوضعية التجريبية‪ .‬إذ يلحظ أول‬
‫مايلحظ عزوف التلميذ عن المشاركة في هذا المتحان‬
‫التجريبي بسبب عدم القدرة والتمكن من مراجعة‬
‫دروسهم؛ لن الوقت الذي يجرى فيه المتحان ليسمح‬
‫للتلميذ بالمراجعة لكونهم موزعين بين كتابة الدروس‬
‫وإنجاز الفروض الدورية والعداد للمتحان التجريبي الذي‬
‫قد ليخبرون به إل في وقت متأخر‪ .‬كما أن جل التلميذ‬
‫الذين كانوا قد حصلوا على معدلت جهوية ضعيفة بسبب‬
‫إخفاقهم في اللغة الفرنسية يتخلفون عن هذا المتحان‬
‫لنهم يعتقدون أنهم يعرفون النتيجة مسبقا وهي الرسوب‬
‫بطبيعة الحال؛ مما يصيبهم اليأس و الحباط عن متابعة‬
‫الدراسة و انعدام المل لديهم في الحصول على شهادة‬
‫البكالوريا التي يحتاجون إليها أيما حاجة لتسهيل عملية‬
‫الهجرة إلى الخارج تحت قناع الرغبة في متابعة الدراسة‬
‫العليا في البلد الجنبية ولسيما أوربا الغربية‪ .‬ومما يزيد‬
‫الطين بلة أن هذا المتحان لتحتسب نقطه حسب‬
‫المذكرة الوزارية‪ ،‬لذلك ليريد التلميذ أن يكلفوا أنفسهم‬
‫معاناة تحضير الدروس ومراجعتها وإرهاق عقولهم بذلك‪،‬‬
‫و لسيما أن هناك مقررات ضخمة بزخم الوحدات‬
‫والمجزوءات والدروس يستحيل التلميذ اكتسابها وتحصيلها‬
‫في وقت ضئيل جدا كمادة الجتماعيات والعربية‬
‫والفرنسية والرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية من‬
‫أجل اجتياز امتحان تجريبي ل جزاء فيه ول ثواب‪ .‬فيرجئ‬
‫التلميذ كل أعمالهم حتى تنتهي السنة الدراسية وتبقى‬
‫أسابيع قليلة ومحدودة لجراء المتحان الموحد آنئذ‬
‫سيبدأون في العداد والتحضير والمراجعة‪ .‬وحتى الذين‬
‫يحضرون إلى قاعة المتحانات‪ ،‬فهناك من التلميذ من‬
‫يكتب اسمه وينسحب من القاعة‪ ،‬وهناك من يكتفي ببعض‬
‫السطر التي تكون لها علقة بالموضوع أو قد لتكون لها‬
‫أدنى علقة‪ .‬وهناك من يشارك في مادة واحدة أو مادتين‬
‫أو ثلث‪ ،‬فيتخلف بعد ذلك عن المشاركة بسبب اللمبالة‬
‫والتهاون وعدم الكتراث بامتحان ل تحتسب نقطه أصل ‪،‬‬
‫كأنه نوع من العبث واللجدوى وتضييع للوقت الثمين الذي‬
‫يكون التلميذ في حاجة ماسة إليه لكمال المقرر وإنهائه‬
‫في أسرع وقت مادام هذا المتحان التجريبي ل يعقبه ل‬
‫تثمين و ل شكور‪ .‬أما الذين يشاركون في هذه المتحانات‬
‫التجريبية فتكون نتائج أغلبهم ضعيفة وهزيلة جدا وخاصة‬
‫في المواد الجنبية كالفرنسية والنجليزية والسبانية‬
‫والجتماعيات‪ ...‬أو المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء‬
‫بسبب افتقارهم للروح المنهجية في البرهنة والستدلل‬
‫وعدم التقيد الحرفي بالسئلة ورداءة الخط وكثرة الخطاء‬
‫الملئية والنحوية وعدم التمسك بتعليمات التحرير والكتابة‬
‫المقالية) علوم الطبيعة مثل(‪ ،‬وعدم اهتمامهم باللغات‬
‫الهتمام الكافي والمطلوب ‪ ،‬أضف إلى ذلك رداءة أوراق‬
‫المتحانات التي تكون مكتوبة باليد أو على أوراق غير‬
‫أوراق المتحان المخصصة لذلك بسبب ضعف المكانيات‬
‫المالية والمادية لدى المؤسسات التعليمية مع العلم أن‬
‫عصرنا هو عصر العلم والمعرفة وامتلك التكنولوجيا‬
‫العلمية والفجوة الرقمية ‪ .‬ويلحظ لدى التلميذ‬
‫المجربين نوع من الفتور وانعدام الحماس بسبب‬
‫الرتجالية المعروفة في النظام التربوي المغربي في كل‬
‫شيء وخاصة في تجريب المفاهيم ) الجودة‪ -‬الكفايات‪-‬‬
‫مشروع المؤسسات‪ -‬الهداف‪ -‬الشراكة التربوية‪-‬‬
‫المتحان التجريبي‪ ،(....‬مما ينتج عنه عدم اكتراث‬
‫المتعلمين بالمتحانات بصفة عامة والمتحان التجريبي‬
‫بصفة خاصة ‪ ،‬وعدم الستعداد لها أدنى استعداد لسباب‬
‫كثيرة ‪ :‬تربوية وديداكتيكية واجتماعية وثقافية وحضارية‬
‫واقتصادية وسياسية‪ ،‬زد على ذلك أن أبواب التعليم‬
‫موصدة مغلقة وأن فرص الشغل عن طريق التعليم‬
‫وأسلكه وقنواته نادرة جدا‪ .‬لذلك أصبحت مؤسسات‬
‫التعليم خصوصا في الشمال المغربي مؤسسات تفرخ‬
‫أجيال الهجرة والبطالة وأجيال يائسة محبطة في واقع‬
‫سوسيواقتصادي محبط ومترد يتسم بالبطالة والمحسوبية‬
‫وانعدام الشغل و المؤسسات الثقافية والفنية والعلمية‬
‫ناهيك عن عدم احترام حقوق النسان ومعاناة السكان‬
‫من القصاء والتهميش والعزلة ‪ .‬كما أن فضاء هذه‬
‫المؤسسات التعليمية يتسم بالتصحر الثقافي وانعدام‬
‫التنشيط بكل أنواعه إلى درجة الجدب والموت بسبب‬
‫طغيان الفكر المادي والبرجماتي على الفكر الثقافي‬
‫والعلمي والتربوي‪ .‬كما أن العلم في المعتقد الشعبي‬
‫المغربي ليعطي الخبز و ليفتح البيت ول يؤمن المستقبل‪،‬‬
‫لذا أصبح" الحريـــﮔ" أو "الهجرة" هي اللغة المفضلة في‬
‫التعامل مع المدرسة التربوية ‪.‬‬
‫أما الحلول التي نقترحها لتجاوز آفات هذا المتحان‬
‫التجريبي‪ ،‬فتتمثل في تخصيص وقت مناسب لجرائه يكون‬
‫بعد النتهاء من الدروس كلها‪ ،‬وقبل المتحان الموحد بثلثة‬
‫أسابيع أو أسبوعين لكي نعطي للتلميذ فرصة المراجعة‬
‫والتحضير والتهييء الجيد بدل من السرعة والرتجال‬
‫العشوائي‪ .‬وينبغي بكل إلحاح إعادة النظر في المتحان‬
‫الجهوي ولسيما النظر في مادة اللغة الفرنسية باعتبارها‬
‫مادة أجنبية ثانية يؤثر معاملها سلبا على التلميذ مما‬
‫يدفعهم اليأس والحباط بعد إخفاقهم في المتحان‬
‫الجهوي إلى الفشل وعدم الرغبة في متابعة الدروس‬
‫والدخول في سلوكات عدوانية تشنجية مع زملئهم وآبائهم‬
‫وأساتذتهم و رجال الدارة‪ .‬كما تكثر غياباتهم وتأخيراتهم‬
‫بسبب الهمال والتهاون والتفكير في الهجرة بسبب‬
‫انعدام المل – حسب رأيهم‪ -‬في النجاح لسيما إذا كان‬
‫المعدل ضعيفا جدا مثل ‪ 04‬على عشرة أو ‪ 5‬على عشرة‬
‫أو ‪ 6‬على عشرة‪....‬مع العلم أن المتحان الموحد الجهوي‬
‫له نسبة ‪ %25‬بينما المتحان الوطني له نسبة ‪.%50‬‬
‫ونقترح أيضا أن يحتسب المتحان التجريبي بطريقة أخرى‬
‫مثل مادة الشأن المحلي أي إن على التلميذ أن يجتاز‬
‫المتحان التجريبي بشكل إجباري فكل من يتخلف بدون‬
‫عذر لن يسمح له باجتياز المتحان الوطني الرسمي‪ ،‬ومن‬
‫يحصل على معدل في هذا المتحان يحتسب له ميزة‬
‫إيجابية في فروضه الدورية أو في مجالت أخرى ومن لم‬
‫يحصل على المعدل ليحتسب له أصل‪ ،‬وكل هذا من أجل‬
‫تشجيع التلميذ وحثهم على العمل والمثابرة والجتهاد‪.‬‬
‫ونتمنى أن يتلقى التلميذ قبل إجراء المتحان التجريبي‬
‫دعما قبليا وشرحا مسبقا حول أهداف هذا المتحان‬
‫وكيفية إنجازه وآليات تطبيقه‪ .‬ويمكن أن يتطوع الستاذ‬
‫مع تلمذته في مراجعة المقرر وشرحه باقتضاب حتى‬
‫يستفيد التلميذ من ذلك أيما استفادة‪ .‬وينبغي للوزارة أن‬
‫تمد المؤسسات التعليمية وخاصة التأهيلية بالمكانيات‬
‫المالية والمادية لنجاح هذا المتحان التجريبي‪ ،‬فل يعقل‬
‫أن يكتب التلميذ الجوبة في أوراق مزدوجة عادية أو‬
‫أوراق فردية يمزقها من دفاتره‪ ،‬ول يعقل كذلك أن يوضع‬
‫له امتحان بخط يد الستاذ في أوراق رديئة وأدنى من‬
‫عادية وخاصة إذا كانت ملونة‪ ،‬فيتعذر الفهم وينعدم‬
‫التواصل ويكون في وضعية تجريبية مخالفة لوضعية‬
‫المتحان الموحد الرسمي‪ .‬ونرى أنه من الضروري لتحقيق‬
‫جودة حقيقية لقطاع التربية والتعليم أن نحقق ديمقراطية‬
‫فاعلة عملية تتجاوز الشعارات والتجريد النظري إلى‬
‫التطبيق الميداني والممارسة الفعلية ‪ ،‬كما ينبغي أن نربط‬
‫التعليم بسوق الشغل وأن نوفر فرص العمل لكل متعلم‬
‫كفء ؛لن ذلك يشكل حقا من الحقوق المشروعة‬
‫للمواطن تجاه دولته كما ينص على ذلك دستور البلد‪.‬‬
‫ونخلص ‪ -‬مما سبق ذكره‪ -‬إلى أن المتحان التجريبي آلية‬
‫ضرورية للتعلم الذاتي عند التلميذ‪ ،‬و أهم معيار لتقويم‬
‫نظامنا التربوي والبيداغوجي والديداكتيكي‪ ،‬وأفضل وسيلة‬
‫إجرائية لعداد المتعلم المغربي وتهييئه للمتحان الموحد‬
‫عن طريق جعله في وضعيات تجريبية مشابهة للمتحانات‬
‫الرسمية قصد تجريب كفاءاته المعرفية والوجدانية‬
‫والمهارية والمنهجية‪ ،‬إل أنه ينبغي تحسين قطاع التعليم‬
‫وإرساء فلسفة الجودة والديمقراطية الحقيقية على جميع‬
‫الصعدة مع ربط المؤسسة التعليمية بسوق الشغل‪.‬‬
‫‪ -4‬المستجدات التربوية في قطاع التربية الوطنية‬
‫بالمغرب‬

‫عرف المغرب في العقد الخير من القرن العشرين دعوة‬


‫لصلح القطاع التربوي اعتمادا على التجارب التعليمية‬
‫الرائدة في الغرب والشرق والتطور القتصادي الذي أفرز‬
‫ظاهرة العولمة ومقترحات المؤسسات الدولية وأبناك‬
‫القتراض التي تشترط على المغرب مجموعة من‬
‫التوصيات التي ينبغي تنفيذها قصد الخروج من شرنقة‬
‫الركود والتخلف والزمات المتوالية من أجل مواكبة‬
‫المستجدات العلمية والتقنية العالمية التي يتطور إيقاعها‬
‫بشكل سريع‪ .‬وقد ساهمت كل هذه العوامل في بلورة‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي حدد فلسفة‬
‫المغرب في مجال التعليم والتأهيل‪ .‬إذا‪ ،‬ماهي‬
‫المستجدات التي حققتها وزارة التربية الوطنية المغربية‬
‫في مجال التربية والتكوين؟ وماهي نقط التعثر التي تميز‬
‫هذا الصلح؟ وماهي المقترحات والتوصيات العملية‬
‫لتحقيق تجديد تربوي حقيقي وشامل؟‬
‫نعني بالمستجدات كل ماهو مناقض لماهو سائد وقديم‬
‫ومتوارث ومستهلك وغير صالح للتنمية وتحقيق التقدم‬
‫والزدهار‪ ،‬أي إن المستجد هو الجديد النافع ذو فعالية‬
‫ناجعة وكفاءة كبيرة في تحقيق النتائج المرجوة‪ ،‬كما قد‬
‫يدل المستجد على المنتظر من الجديد الذي سيغير ماهو‬
‫كائن وواقع بعد أن أثبت الموجود فشله ورداءته‪.‬‬
‫لقد استهدفت وزارة التربية الوطنية تحقيق إصلح شامل‬
‫في مجال التربية والتكوين اعتمادا على فلسفة الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين عن طريق تطبيق مجموعة من‬
‫المقاربات الديداكتيكية والفلسفات البيداغوجية كفلسفة‬
‫الهداف السلوكية وفلسفة الكفايات وفلسفة الشراكة‬
‫قصد الرفع من مستوى التعليم الذي استاءت منه كل‬
‫طبقات المجتمع المغربي عندما أصبح تعليما غير وظيفي‬
‫ليساير سوق الشغل ول يحقق أية مواكبة حقيقية‬
‫لمستجدات الواقع الوطني والدولي خاصة مع تطور‬
‫القتصاد العالمي القائم على المنافسة والتقدم التقني‬
‫والصناعي والعلمي والعسكري‪.‬‬
‫ومن أهم الهداف التي سطرتها الوزارة هو تحقيق الجودة‬
‫الدارية والتربوية كما وكيفا عن طريق محاربة المية‬
‫وتعميم التعليم والتمدرس وتحديث المقررات والبرامج‬
‫والمناهج والستفادة من التطورات التقنية والعلمية في‬
‫عملية الخراج والطبع والنشر والسهر على تطوير عملية‬
‫التقويم والتوجيه والشراف والتكوين والتأطير وتثمين‬
‫الموارد البشرية بمختلف أصنافها والهتمام باللغات‬
‫الجنبية ولسيما النجليزية والسبانية والفرنسية‬
‫والمازيغية التي تم إدماجها في ‪ 345‬مؤسسة ابتدائية‪،‬‬
‫كما عملت الوزارة على تشبيب الطر الدارية والتربوية‬
‫قصد مسايرة الحداثة الجتماعية والسياسية والقتصادية‬
‫في المغرب‪ .‬وقد حاولت الوزارة أن تغرس بذور الوطنية‬
‫وحب البلد في ناشئة المستقبل عن طريق التوعية باليام‬
‫والعياد الوطنية والعالمية وترديد النشيد الوطني وحثها‬
‫على التحلي بالمواطنة الصالحة والمحافظة على الصالة‬
‫والنفتاح على كل ماهو جديد ونبذ العنف والرهاب‬
‫والتطرف والتسلح بقيم العلم والعقل والمنطق والتحليل‬
‫البرهاني)الهتمام بشعبة الفلسفة(‪ .‬وسعت الوزارة إلى‬
‫إشراك كل الفاعلين سواء من داخل الميدان التربوي أم‬
‫من خارجه للمشاركة في تفعيل المنظومة التربوية‬
‫والمساهمة في تنشيط المؤسسات التعليمية والنخراط‬
‫في مناقشة كل مبادرات الصلح ومنتدياته) منتديات‬
‫الصلح لسنة ‪ 2004‬حول واقع وآفاق إصلح النظام‬
‫التربوي ‪ /‬ومنتديات ‪ 2005‬المخصصة لمناقشة الرتقاء‬
‫بالجودة التربوية والدارية‪ /‬منتديات الصلح لسنة ‪2006‬‬
‫المخصصة لمناقشة موضوع الشراكة( قصد تشخيص‬
‫العيوب وإظهار مواطن النقص والضعف وتحديد مقترحات‬
‫التطوير ورهانات المستقبل من أجل مواكبة كل‬
‫المستجدات العالمية‪ .‬ومن أهم ما تم ترجمته ميدانيا‬
‫محاربة الهدر المدرسي والحد من ظاهرة الغياب لدى‬
‫التلميذ والساتذة ومراجعة الشواهد الطبية عن طريق‬
‫الفحص المضاد وسن سياسة الدعم التربوي للتلميذ‬
‫الضعاف وإرساء فلسفة المتحانات التجريبية ولسيما في‬
‫التعليم الثانوي التأهيلي وتنويع مستويات المراقبة‬
‫المستمرة وآليات التقويم و تحديث معاييره‬
‫الدوسيمولوجية فضل عن ترشيد الموارد البشرية في‬
‫المجالين ‪ :‬الحضري والقروي وتكييف الخريطة المدرسية‬
‫مع المكانيات المادية والمالية المتاحة وإنشاء مجلس‬
‫التدبير وإثراء مشاركة آباء وأولياء التلميذ في مجالس‬
‫المؤسسات التعليمية والدارية والنصات لقتراحاتهم‬
‫والعمل على تنفيذها دون أن ننسى سهر الوزارة على‬
‫إنجاح الحوار الجتماعي والنقابي الذي تفتحه كل مرة مع‬
‫نقابات التعليم بكافة مستوياته وشرائحه العاملة‪.‬‬
‫ول ننسى كذلك مابذلته وتبذله الوزارة من أجل نشر‬
‫التعليم العلمي عن طريق تزويد المؤسسات التعليمية‬
‫بالحواسيب والنترنت للنفتاح على تقنيات التصال‬
‫والتعليم عن بعد‪ .‬وقد شهدت قطاع التعليم على المستوى‬
‫المركزي والكاديمي والمحلي والمؤسساتي اهتماما فعليا‬
‫بالبحوث التربوية وتأطير رجال التربية والدارة والشراف‬
‫وتفعيل خليا التوثيق والتسيير والتدبير ‪ .‬وقد ساهمت‬
‫الوزارة في نشر فكر حقوق النسان وفكرة التناوب‬
‫والديمقراطية والعدالة الجتماعية وحرية التعبير والحتكام‬
‫إلى خطاب الحوار والنقد الفعال‪.‬وكانت هذه المستجدات‬
‫مبنية على مرتكزات سياسية واقتصادية واجتماعية‬
‫وفلسفية وتربوية ودينية وذلك من خلل التوفيق بين‬
‫الصالة والمعاصرة‪.‬‬
‫وهكذا نجد هناك نوعا من الوعي الصلحي عن طريق‬
‫الخروج من التسلط والتفرد بالقرارات والوصول إلى‬
‫المناصب و المواقع السامية عن طريق الولءات الحزبية‬
‫والسياسية و الرشوة والمحسوبية إلى سن الديمقراطية‬
‫والحوار والشفافية في إجراء المقابلت والمباريات‬
‫والمتحانات المهنية والدارية‪ .‬كما يلحظ أن هناك انتقال‬
‫من التدبير الجزئي والنفراد والنزواء والجمود والتدبير‬
‫الحادي إلى التدبير الشمولي المعقلن والتشاور الجماعي‬
‫وتفعيل المجالس والتنسيق بينها والبحث المستمر عن‬
‫شراكات مساهمة وفاعلة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه المستجدات الدارية والتربوية مازال‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين متعثرا بسبب ضعف‬
‫المكانيات المادية وانعدام الديمقراطية الحقيقية وتحقيق‬
‫جودة كمية على حساب جودة كيفية وإفراغ قطاع التربية‬
‫الوطنية من مواردها البشرية وأطرها الكفأة بعد تطبيق‬
‫المغادرة الطوعية التي عبرت عن سياسة ترقيعية فاشلة‬
‫قوامها تطبيق مقترحات البنك الدولي بكل حرفية على‬
‫غرار سياسة التقويم الهيكلي التي طبقت في سنة‬
‫‪1985‬م قصد إضعاف المغرب وجعله من الشعوب‬
‫المتخلفة المتقهقرة‪ .‬والغرب من هذا كله انتشار المية‬
‫والهدر المدرسي وعدم الرغبة في التعليم ولسيما‬
‫الجامعي منه بعد أن سدت أبواب التشغيل وتفكير الشباب‬
‫في الهجرة بحثا عن آفاق مستقبلية مريحة‪ .‬وتغلب‬
‫الرداءة على الفعل الداري والبيداغوجي بسبب انعدام‬
‫الروح الوطنية والجدية في التطبيق والترجمة الميدانية‬
‫لمبادئ الميثاق الوطني وانتشار اليأس بين الشغيلة‬
‫التربوية التي تعاني من الضيم والظلم بسبب تماطل‬
‫الوزارة المعنية وإجهازها على حقوقهم المشروعة‬
‫والتأخير في دفع مرتباتهم الشهرية والتعويضات الممنوحة‬
‫والتسويف في اللتزام بالتفاقيات المبرمة بينها وبين‬
‫المؤسسات النقابية و استهتار تلميذ المؤسسات التعليمية‬
‫بقيم العلم و قوانين الدارة بسبب تمردهم عن كل ثوابت‬
‫المجتمع التي تكرس التخلف والبطالة والتسيب والفساد‬
‫والفوضى‪ .‬ويلحظ النفصال التام بين الفاعلين التربويين‬
‫والداريين و بينهم وبين المسؤولين المركزيين بسبب‬
‫النانية وحب الذات وإقصاء الخرين ولسيما المثقفين‬
‫منهم وحاملي الشواهد العليا ) دكتوراه الدولة‪ -‬الدكتوراه‬
‫الوطنية‪ ،(...DESA-‬إذ يلحظ قطيعة أفقية وعمودية‬
‫بسبب انعدام الشفافية والمسؤولية والديمقراطية ‪ .‬كما‬
‫يلحظ غياب الشركاء الفعليين سواء أكانوا اقتصاديين أم‬
‫سياسيين أم مدنيين مما جعل المؤسسات التربوية تعيش‬
‫في عزلة تامة تجتر الركود والروتين والتخلف المميت‬
‫واليأس القاتل ناهيك عن الغياب التام لكل نشاط ثقافي‬
‫وفني ورياضي حتى أصبحت مؤسساتنا فضاءات جامدة‬
‫قاتلة أشبه بصحار قفراء جدباء لحياة فيها ‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬لبد من تضافر الجهود جميعها عن طريق‬
‫إشراك كل الفاعلين الغيورين على الوطن من تربويين‬
‫وإداريين ومشرفين وأعضاء المجتمع المدني قصد تحقيق‬
‫نهضة تربوية وتعليمية حقيقية قوامها الجودة و الحداثة‬
‫والكفاءة والتجديد المستمر اعتمادا على معايير متعارف‬
‫عليها عالميا مثل‪ :‬مقياس الجدة والمقبولية والمعيارية‬
‫والموضوعية والمرونة المتحركة والمصداقية والواقعية‪.‬‬
‫‪ -5‬التقـــــويم التــربــوي‬

‫يعد التقويم من أهم عناصر المنظومة البيداغوجية‪ ،‬ومن‬


‫المرتكزات الساسية في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية ؛ لما‬
‫له من علقة أساسية مع الهداف والكفايات المسطرة‬
‫علوة على كونه المعيار الحقيقي لتشخيص مواطن القوة‬
‫والضعف في نظامنا البيداغوجي وتجاربنا الصلحية في‬
‫مجال التربية والتعليم‪.‬إذا ‪ ،‬ماهي دللت التقويم‬
‫الصطلحية والمفهومية؟ وما مرتكزاته ومكوناته في‬
‫النظام التعليمي المغربي ؟ وماهي الجراءات الدارية‬
‫والتربوية للمتحانات الموحدة؟ وكيف نستثمر نتائج‬
‫التقويم ونستفيد منها نظريا وعمليا وميدانيا؟ تلكم هي‬
‫السئلة التي سنتعرض لها بالتحليل والمناقشة باختصار‬
‫وجيز‪.‬‬
‫من المعلوم أن التقييم والتقويم وجهان لعملة واحدة‪،‬‬
‫ولكن التقويم أعم من التقييم والقياس‪ ،‬لن التقويم هو‬
‫الحكم على عمل أو شخص أو شيء أو حدث أو مهمة‬
‫منجزة بإصدار حكم قيمة‪ ،‬أي إن التقويم هو تثمين وتقييم‬
‫المنجز أو الشخص المرصود بعد إخضاعه لطرائق ومعايير‬
‫دوسيمولوجية وقياسية) السئلة‪ ،‬اختبارات‪ ،‬روائز‪،‬‬
‫فروض‪ ،.‬امتحانات‪ .(...‬أما التقييم فيحيل على القيمة أو‬
‫التقدير سواء العددي منه أم المعنوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون‬
‫القياس أول خطوة يبدأ بها المقوم للحكم على المنجز‬
‫مادام خاضعا للقياس الكمي والكيفي‪.‬وإذا كان التقويم‬
‫بمعنى التقدير العددي والمعنوي اعتمادا على معايير‬
‫قياسية محددة‪ ،‬فإنه كذلك سيرورة نسقية تهدف إلى‬
‫تحديد مدى تحقق الهداف والكفايات لدى المتعلم عبر‬
‫العملية الديداكتيكية‪.‬‬
‫وللتقويم عدة وظائف أساسية‪ ،‬منها‪ :‬الوظيفة الجتماعية‬
‫التي تتمثل في معرفة مدى صلحية النظام التربوي‬
‫لمسايرة التطور الجتماعي ومدى قدرة المدرسة على‬
‫تغيير المجتمع أو التكيف معه ‪ ،‬ومدى قدرتها على إعداد‬
‫المتعلم اجتماعيا وتأهيله نظريا وتطبيقيا لخدمة المجتمع‬
‫والسير به نحو آفاق زاهرة‪.‬أما الوظيفة البيداغوجية‬
‫فتتجلى في تقويم العملية التعليمية‪-‬التعلمية والتحقق من‬
‫تحقق الهداف المسطرة في شكل سلوكيات وكفايات‬
‫واختبار الطرائق البيداغوجية والوسائل الديداكتيكية‬
‫والستراتيجيات المتبعة في إلقاء الدروس وتحليل‬
‫السياقات الجتماعية والنفسية للمتعلمين لمعرفة مواطن‬
‫الخلل والنحدار عن طريق المعالجة والفيدباك‪ .‬ويعني هذا‬
‫أن التقويم إجراء تشخيصي لمستوى المتعلمين والساتذة‬
‫معا‪ .‬كما أن الوظيفة المؤسسية تتمثل في الحالة على‬
‫سلطة المدرس التي يشهرها في وجه التلميذ أو الخضوع‬
‫للنظام المؤسسساتي التراتبي والطبقي‪.‬ويقول بلبل‬
‫‪ PELPEL‬في هذا الصدد‪":‬إن هدف الوظيفة الجتماعية هو‬
‫في الخير توزيع الفراد حسب أذواقهم وقدراتهم على‬
‫مجالت مختلفة من الحياة الجتماعية والمهنية‪ ،‬بينما نجد‬
‫العكس في التقييم البيداغوجي حيث إن الهدف هو خلق‬
‫مجموعة متجانسة‪ ،‬لن المشروع البيداغوجي للمدرس‬
‫ليمكن أن يهدف إل إلى إنجاح الجميع‪ ،‬أو على القل‬
‫الغلبية‪ .‬أما بالنسبة للوظيفة المؤسسية والتي تعتبر‬
‫وسيطة بين الوظيفتين‪ :‬الجتماعية والبيداغوجية فهدفها‬
‫ليمكن أن يكون إل متناقضا‪ :‬إنه في نفس الوقت الرتقاء‬
‫والتصفية‪ .‬فقرار التصفية والرتقاء متعلقان بنوع السنة‬
‫الدراسية‪ :‬في بعض الحيان تحدد مسبقا نسبة النجاح‬
‫لمستوى معين‪ .‬كما أن لنفس القرارين علقة‬
‫بالمؤسسات فبعضها أكثر تسامحا والبعض الخر أكثر‬
‫تشددا أي إنه أكثر تصفية" ‪.‬‬
‫وتكمن أهمية التقويم في كونه فعل طبيعيا وعقلنيا لختبار‬
‫مناهج التعليم والتأكد من الهداف التي تم تحقيقها والتي‬
‫لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا‬
‫‪ .Docimologie‬كما أن التقويم واجب وطني من خلله‬
‫نتأكد من مدى نجاعة نظامنا التربوي الوطني و مدى قدرة‬
‫المدرسة على المواكبة وتأهيل المتعلمين للحاضر‬
‫والمستقبل معا‪ .‬كما أنه واجب اجتماعي لمعرفة الدور‬
‫الذي يقوم به هذا النظام التربوي في تنمية المجتمع‬
‫وتطويره‪ ،‬فضل عن كونه أداة في عملية الصلح والتأطير‬
‫والتكوين‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬يساعد التقويم على تشخيص‬
‫مواطن النقص والكمال لدى المدرسين والمتعلمين‬
‫والداريين والمشرفين والمسؤولين عن المنظومة‬
‫التربوية والتعليمية قصد اتخاذ القرارات الصائبة من أجل‬
‫الصلح وإيجاد الحلول المناسبة لكل التعثرات ‪.‬‬
‫والتقويم أنواع ثلثة‪ :‬التقويم التمهيدي التشخيصي التنبؤي‬
‫الذي يكون قبل التعلم ويستهدف التوجيه واختيار الطرائق‬
‫والوسائل والمضامين البيداغوجية لنجاح التكوين وعملية‬
‫الكتساب والستيعاب‪ ،‬والتقويم التكويني الذي يتخلل‬
‫العملية التعليمية‪-‬التعلمية بكل مراحلها ويستند إلى‬
‫التنظيم والتعرف على المساعدات الضرورية‪ ،‬والتقويم‬
‫الجمالي أو النهائي وهو تقويم يكون بعد مرحلة التعلم‬
‫وينتهي بمنح نقطة أوشهادة أو دبلوم‪.‬‬
‫ويرتكز التقويم في نظامنا التعليمي المغربي على‬
‫المتحانات الموحدة والمراقبة المستمرة‪ .‬ويخضع هذا‬
‫التقويم لعملية التدرج والتنويع في مستوياته‪ ،‬إذ يبدأ من‬
‫الفصل الدراسي أو القسم) امتحانات المستوى الول‬
‫والثالث والرابع والخامس من السلك البتدائي والسابع‬
‫والثامن من السلك العدادي(‪ ،‬ليتخذ طابعا‬
‫مؤسساتيا)امتحان موحد عند نهاية السنة الثانية ابتدائي‬
‫قصد النتقال إلى السنة الثالثة‪ -‬امتحان موحد في النصف‬
‫الول من السنة الدراسية بالسنة السادسة ابتدائي‪-‬‬
‫امتحان موحد في النصف الول من السنة الدراسية في‬
‫السنة الثالثة إعدادي(‪ ،‬وإقليميا) شهادة الدروس‬
‫البتدائية(‪ ،‬وجهويا) السنة الولى من البكالوريا‪ -‬شهادة‬
‫الدروس العدادية( ووطنيا) السنة الثانية من البكالوريا(‪.‬‬
‫وينتهي كل سلك دراسي بمنح شهادة أو دبلوم‪ ،‬فهناك‬
‫شهادة الدروس البتدائية إثر اجتياز السنة السادسة‪،‬‬
‫وشهادة السلك العدادي بعد النجاح في السنة الثالثة‬
‫إعدادي‪ ،‬وشهادة البكالوريا بعد اجتياز السنة الثانية من‬
‫سلك البكالوريا‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن من أهم دعائم ومرتكزات التقويم نجد المراقبة‬
‫المستمرة‪ ،‬وهي تقويم للمتعلم وتتبعه في كل مراحل‬
‫التعلم والتكوين التي تؤدي إلى نقطة نهائية تتمظهر في‬
‫طابعها العددي) النقطة( والكيفي ) التقدير القيمي(‪.‬‬
‫ويدخل في هذا التقييم‪ :‬نتائج الفروض الكتابية والشفوية‪،‬‬
‫والنشطة المنجزة في القسم أو النشطة المنزلية‪،‬‬
‫ومشاركة التلميذ داخل القسم‪ ،‬والروائز القياسية‪ ،‬وكذا‬
‫الحكام الذاتية للستاذ‪ .‬وتساهم هذه المراقبة المستمرة‬
‫في مراقبة الستاذ لتلميذه وتتبع تعلماته وتقييم خبراته‬
‫وتصحيح العمليات الديديداكتيكية التي ينجزها داخل الفصل‬
‫الدراسي مع المتعلمين‪.‬ولقد أصدرت وزارة التربية‬
‫الوطنية مجموعة من المذكرات المنظمة لهذه العملية‬
‫التقويمية ولسيما المذكرة الم أو المذكرة العامة التي‬
‫تأخذ رقم ‪ 152‬بتاريخ ‪ 19‬نوفمبر ‪ 2001‬وقد تبعتها‬
‫مذكرات فرعية تفصل المراقبة المستمرة في مختلف‬
‫المواد المدروسة‪:‬‬
‫‪ 01/152‬التقويم التربوي في مادة اللغة العربية بالسلك‬
‫العدادي‪.‬‬
‫‪ 02/152‬التقويم التربوي في مادة التربية السلمية‬
‫بالسلك العدادي‪.‬‬
‫‪ 03/152‬التقويم التربوي في مادة الجتماعيات بالسلك‬
‫العدادي‪.‬‬
‫‪ 04/152‬التقويم التربوي في مادة اللغة الفرنسية‬
‫بالسلك العدادي‪.‬‬
‫‪....‬‬
‫وتوضح هذه المذكرات مبادئ وأهداف المراقبة المستمرة‬
‫وتنظيمها والجراءات التنظيمية وحساب معدل المراقبة‬
‫المستمرة وتتبعها‪ ،‬وكذا مواصفات المتحان الموحد على‬
‫صعيد المؤسسة وعلى الصعيد الجهوي‪.‬‬
‫وينبغي أن تراعي المراقبة المستمرة مجموعة من‬
‫المبادئ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬النتظام والستمرارية‪ :‬تهدف إلى إجراء وقفات‬
‫تقييمية بعد فترة معينة من التدريس والتحصيل لمعرفة‬
‫مدى تحقق الهداف المسطرة في بداية المنهاج‪.‬‬
‫‪ -2‬الشمولية‪ :‬أن تشمل جميع وحدات المقرر وأن تتناول‬
‫جميع مراقي الصنافات المعرفية والوجدانية والحركية‪.‬‬
‫‪ -3‬التنويع‪ :‬أن تكون المراقبة المستمرة متنوعة في‬
‫أساليب التقويم وآليات القياس والختبار) امتحانات كتابية‪-‬‬
‫فروض منزلية‪ -‬أسئلة مقالية‪ -‬أسئلة ذات أجوبة قصيرة(‪.‬‬
‫‪ -4‬التكوين‪ :‬تهدف هذه المراقبة التقويمية إلى تكوين‬
‫المتعلم وتتبع تحصيله الدراسي ومدى استيعابه لخبرات‬
‫المقرر‪.‬‬
‫‪ -5‬تكافؤ الفرص‪ :‬وهنا لبد أن توفر المراقبة المستمرة‬
‫نفس الحظوظ للمتعلمين في استعمال نفس الروائز‬
‫والمتحانات والفروض‪....‬‬
‫وإذا أردنا كيفية احتساب المعدل حسب الدبلومات عبر‬
‫السلك التعليمية‪ ،‬فإن امتحان نيل شهادة الدروس‬
‫البتدائية للمترشحين الرسميين يتخذ ثلثة مستويات‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬المراقبة المستمرة بنسبة ‪ )٪50‬جميع المواد الممتحن‬
‫فيها لها معامل واحد(‪.‬‬
‫ب‪-‬المتحان الموحد على صعيد المؤسسة بنسبة ‪٪25‬‬
‫) جميع المواد الممتحن فيها لها معامل واحد وعددها‬
‫خمس(‪.‬‬
‫ج‪ -‬المتحان الموحد القليمي‪ :‬بنسبة ‪ ) ٪25‬اللغة العربية‬
‫والتربية السلمية معاملهما معا ‪ /3‬اللغة الفرنسية معاملها‬
‫‪ /2‬الرياضيات معاملها ‪.(2‬‬
‫أما بالنسبة لمتحان شهادة السلك العدادي بالنسبة‬
‫للمترشحين الرسميين‪ ،‬فالمراقبة المستمرة بنسبة ‪٪30‬‬
‫) حميع المواد لها معامل واحد(‪ ،‬والمتحان الموحد على‬
‫صعيد المؤسسة بنسبة ‪ )٪30‬المواد ذات معامل واحد(‬
‫والمتحان الموحد على الصعيد الجهوي بنسبة ‪ )٪40‬أربع‬
‫مواد لها معامل ‪ 3‬كاللغة العربية والفرنسية والرياضيات‬
‫والتربية السلمية أما الجتماعيات فمعاملها ‪.(1‬‬
‫أما شهادة البكالوريا الدبية فيأخذ المتحان الجهوي في‬
‫السنة الولى من سلك البكالوريا نسبة ‪ ٪25‬إذ يمتحن‬
‫التلميذ في أربع مواد) التربية السلمية معملها ‪، 2‬واللغة‬
‫الفرنسية معاملها ‪ ،3‬والعلوم الطبيعية معاملها ‪،1‬‬
‫والرياضيات معاملها ‪ ،(1‬بينما تكون المراقبة المستمرة‬
‫في السنة الختامية بنسبة ‪ ٪25‬في جميع المواد حسب‬
‫معاملتها الرسمية ويكون المتحان الوطني الموحد بنسبة‬
‫‪ ٪50‬في أربع مواد أساسية وهي‪ :‬اللغة العربية والفلسفة‬
‫والنجليزية والجتماعيات وكل مادة لها معامل ‪.(3‬وما‬
‫يقال عن الشعبة الدبية‪ ،‬يقال كذلك عن شعبة العلوم‬
‫التجريبية ولكن بمواد مختلفة‪ ،‬ففي المتحان الجهوي‬
‫يمتحن التلميذ في خمس مواد وهي‪ :‬اللغة العربية والتربية‬
‫السلمية والجتماعيات والترجمة بمعامل ‪ 2‬لكل مادة‬
‫والفرنسية بمعامل ‪ ،6‬وفي السنة الختامية يكون المتحان‬
‫الوطني في خمس مواد كذلك‪ :‬الرياضيات والفيزياء‬
‫والطبيعيات بمعامل ‪ 7‬لكل مادة على حدة والفلسفة‬
‫والنجليزية لكل منهما معامل ‪.2‬‬
‫ويتبين لنا من كل هذا‪ ،‬أن النتقال من قسم إلى آخر‬
‫داخل سلك دراسي معين يتم عبر المراقبة المستمرة‬
‫وبعد مداولة مجلس القسم‪ ،‬ومن سلك إلى آخر بواسطة‬
‫الدبلوم‪ .‬وقد تم تقليص المتحانات بالنسبة للمتعلمين في‬
‫آخر سلك من السلك التعليمية إلى أربع مواد أو خمس‪.‬‬
‫ويتخذ المتحان كذلك تدرجا هرميا فيكون على صعيد‬
‫القسم و المؤسسة ثم القليم وبعد ذلك على المستوى‬
‫الوطني‪ .‬كما تتغير نسب المراقبة المستمرة من نهاية‬
‫سلك إلى آخر من ‪ ٪50‬بالنسبة لشهادة البتدائي إلى ‪٪30‬‬
‫لشهادة السلك العدادي إلى ‪ ٪25‬لشهادة البكالوريا‪ .‬كما‬
‫تعتبر نقطة الصفر موجبة للرسوب في المتحان الوطني‬
‫الموحد وفي نيل الشهادة البتدائية والعدادية‪.‬‬
‫ويمر التقويم من خلل ثلث مراحل أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحضير الختبار‪ :‬عن طريق تحديد هدفه ومضمونه‬
‫واختيار نوع السئلة وصياغة الكواشف وجمعه‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراء الختبار‪ :‬عبر إجرائه وتصحيحه‪.‬‬
‫‪ -3‬استعمال الختبار‪ :‬وذلك بتفسير نتائجه وأخذ القرارات‬
‫اللزمة‪.‬‬
‫أما الجوانب التنظيمية للمتحانات الموحدة ) مايسمى‬
‫بالتقويم الخارجي( فتعهد إلى لجن مختصة إما وطنية وإما‬
‫جهوية وإما إقليمية لتعد الموضوعات الخاصة بكل‬
‫امتحان ‪ .‬ويتم إعداد المتحان انطلقا من اقتراحات‬
‫الساتذة مع احترام التعليمات الواردة في المذكرة‬
‫الوزارية‪ .‬وتجرى المتحانات في المؤسسات التعليمية‬
‫ويسهر عليها أطر تربوية وإدارية ومشرفون لضفاء‬
‫المصداقية على الشهادات والدبلومات ولتوفير تكافؤ‬
‫الفرص بين التلميذ‪.‬وثمة عمليات مصاحبة لجراء‬
‫الختبارات داخل مركز التقويم أو المتحان كتهييء‬
‫القاعات بالعدد الكافي‪ ،‬ووضع لوائح المترشحين انطلقا‬
‫من المحاضر الجماعية‪ ،‬وتوزيع المترشحين على القاعات‬
‫بالتنسيق مع الكاديمية‪،‬وضبط الغياب‪ ،‬وإعداد لوائح‬
‫المراقبين والقاعات المسندة إليهم) مراقبان في كل‬
‫قاعة(‪ ،‬وإعداد أوراق التحرير والتسويد بالنسبة لجميع‬
‫المتحانات‪ ،‬وفتح الظرفة الخاصة بالمواضيع أمام مرأى‬
‫التلميذ والمراقبين والمشرفين‪ ،‬والحرص على احترام‬
‫مواقيت المتحان‪ .‬وتتم المراقبة داخل القاعة من خلل‬
‫التأكد من هوية التلميذ وجردهم من وثائقهم وإعطائهم‬
‫أوراق المتحان والتسويد‪ ،‬والتأكد من توقيع المترشحين‬
‫بعد تسلم أوراق المتحان‪ ،‬وضبط الغياب في أوراق‬
‫صفراء مخصصة لذ ‪1‬لك‪ ،‬وضبط حالت الغش في محضر‬
‫الغش‪،‬وإرجاع الوراق إلى إدارة المؤسسة‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫ترجع إلى الدارة القليمية والجهوية‪.‬‬
‫ويعتبر التصحيح إجراء تربويا فاعل في عملية التقويم‬
‫والتقييم والقياس‪ .‬وقد يتم التصحيح من قبل الستاذ‬
‫شفهيا أو كتابيا في مجموعة كبيرة أو صغيرة‪ ،‬كما يتم من‬
‫قبل المتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه‪ .‬ومن مواصفات‬
‫التصحيح‪ ،‬أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا لعمال التلميذ‬
‫ومفردنا يحترم شخصية التلميذ وإيجابيا يعترف بعمل‬
‫التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا ومبررا وتربويا‪ .‬وتتم‬
‫عملية التصحيح بعد أن توزع الكاديمية الظرفة المتحانية‬
‫على مختلف المؤسسات لترجعها في أوقات محددة‪.‬‬
‫وتجري عملية التصحيح داخل المؤسسة حيث يتم التأكد‬
‫من عدد الوراق الموجودة في الظرف قبل وبعد عملية‬
‫التصحيح‪ ،‬والتأكد من النقطة النهائية‪ ،‬ويستلزم كتابة‬
‫النقطة أثناء الوقوع في الخطأ أو السهو بالعدد والحروف‬
‫مع التوقيع ‪ ،‬والحرص على تطابق النقطة على الورقة مع‬
‫النقطة المدونة في المحضر الجماعي‪ ،‬والمشاركة في‬
‫عملية المداولت‪ .‬وبعد ذلك تستثمر نتائج المتحانات‬
‫الموحدة في اتخاذ القرارات اللزمة على مستوى‬
‫المؤسسة والمستوى القليمي والمستوى الجهوي‬
‫والمستوى الوطني قصد تشخيص مواطن الضعف‬
‫والكمال وتحديد النواقص واليجابيات وإبراز مواطن الخلل‬
‫والجودة وذلك لتحسين مردودية النظام التعليمي‪.‬‬

‫وخلصة القول‪ :‬يساعدنا التقويم على معرفة مستوى‬


‫التلميذ وتحديد مواطن القوة والضعف لديهم‪ ،‬كما يسعفنا‬
‫في اختيار المناهج والبرامج الصالحة لتحسين المنظومة‬
‫التربيوية والديداكتيكية‪ ،‬ويفيدنا في معرفة مدى تحقق‬
‫الهداف والكفايات المرجوة البلوغ إليها‪ ،‬ويعطينا صورة‬
‫عن مدى ما تحققه المدرسة من نتائج‪ ،‬ويساهم عددا‬
‫وتقديرا في التوجيه والرشاد المدرسي‪ .‬ولكن ما يلحظ‬
‫عن التقويم في المغرب أنه تتحكم فيه الخريطة‬
‫المدرسية والجودة الكمية التي تغفل جانبها الكيفي‬
‫والكفائي‪ .‬كما أن هذا التقويم يخضع لنسب ل تحدد‬
‫مستوى التلميذ بشكل جيد وفعال؛ لن التلميذ قد ينجح‬
‫إلى مستوى آخر ولو حصل على درجة الصفر الموجبة‬
‫للرسوب‪ -‬وبالتالي‪ -‬فالتقويم الداخلي أو الخارجي ل يحدد‬
‫بشكل جيد ما اكتسبه التلميذ من خبرات وتعلمات وثقافة‪،‬‬
‫مادام هذا التقويم يمتاز بالرتجالية والسرعة وإثقال‬
‫التلميذ بكثرة الفروض والنشطة الفصلية والمنزلية‬
‫والمتحانات التقويمية إلى درجة الرهاق بدون فائدة تذكر‬
‫ول نتائج مرجوة‪ .‬ويلحظ أن التقويم الداخلي والخارجي‬
‫يقتل كفاءات البحث والتنشيط الثقافي والفني والرياضي‬
‫لدى المتعلمين الذين أصبحوا يلتجئون إلى الحفظ وحشو‬
‫الذاكرة والغش والنسحاب من قاعات المتحانات بسبب‬
‫كثرة المواد وتضخم المقررات بالدروس كمقررات الشعبة‬
‫العلمية التجريبية والشعبة الدبية )يضم مقرر الفلسفة في‬
‫السنة الثانية من البكالوريا ‪ 27‬درسا طويل(‪ .‬كما أن‬
‫امتحان الفرنسية الجهوي في السنة الولى من البكالوريا‬
‫يحدد مصير التلميذ في السنة الختامية مما يسبب مشاكل‬
‫دراسية وتحصيلية وتقويمية للمدرس والتلميذ معا‪ .‬فهل‬
‫من معالجة جديدة وتقويم فعال آخر وإصلح حقيقي‬
‫للمتحانات في نظامنا التربوي الحالي لتخطي فلسفة‬
‫الكم نحو فلسفة الكيف والجودة الكفائية الناجعة؟؟‼‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪P . PELPEL : se former pour enseigner,-‬‬


‫‪; Bordas, Paris, 1966, p : 105‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،1988‬ص‪.87-86:‬‬

‫‪ -6‬المراقـــبة المستمـــــرة في النظام التربوي المغربي‬

‫تعتبر المراقبة المستمرة من أهم مرتكزات التقويم في‬


‫منظومتنا التربوية المغربية إلى جانب المتحانات الموحدة‬
‫القليمية والجهوية والوطنية‪.‬وتعد كذلك أداة فعالة للحكم‬
‫على نظامنا التعليمي وتشخيص مواطن ضعفه وقوته‪.‬‬
‫ومن خلله نستطيع إعادة النظر في مقرراتنا ومناهجنا و‬
‫تصحيح العملية البيداغوجية والديداكتيكية التي يقوم بها‬
‫المدرس أثناء تواصله مع المتعلم عن طريق اللتجاء إلى‬
‫الفيدباك‪.‬‬
‫ذا‪ ،‬ماهي المراقبة المستمرة في المنظور التربوي؟‬ ‫إ ً‬
‫وماهو دور المراقبة المستمرة في النظام الحالي للتربية‬
‫والتكوين؟ وما هي مهام الدارة التربوية في عملية‬
‫المراقبة؟ هذه هي السئلة التي سوف نرصدها في‬
‫موضوعنا هذا‪.‬‬
‫لقد أولى الميثاق الوطني للتربية والتكوين للتقويم‬
‫والمراقبة المستمرة ضمن عشريته التي تبدأ مع الموسم‬
‫الدراسي ‪2000/2001‬أهمية كبرى وخاصة في الدعامة‬
‫الخامسة) التقويم والمتحانات( ضمن المجال الثالث‬
‫المعنون ب" التنظيم البيداغوجي"‪ ،‬لما للتقويم من دور‬
‫في إصلح النظام التربوي وتطويره وإصلحه قصد السير‬
‫بالمجتمع المغربي نحو آفاق مستقبلية زاهرة‪ .‬فما هي‬
‫المراقبة المستمرة لغة واصطلحا؟‬
‫تدل لفظة" المراقبة" لغة على الحراسة والمحافظة‬
‫والتحقق من الشيء والملحظة والرصد والمراجعة‬
‫والتدقيق والشراف وحسن الدارة والقيادة‪ .‬بينما كلمة "‬
‫المستمرة" تدل على الدوام والستمرار والثبات والطراد‬
‫على الطريقة الواحدة‪.‬أما المراقبة المستمرة فتعني‬
‫اصطلحا قياس الخبرات المنجزة واختبار التعلمات‬
‫المحققة من قبل المتعلم عبر معايير كمية عددية‬
‫) النقطة( وكيفية )التقدير المعنوي( قصد التأكد من مدى‬
‫تحقق الهداف والتوقعات والكفايات المسطرة‪ ،‬وذلك من‬
‫أجل تعديل وتصحيح سير أو فحوى العمليات المنجزة‬
‫بصفة خاصة وتقويم النظام التربوي بصفة عامة‪ .‬وبتعريف‬
‫آخر‪ ،‬المراقبة المستمرة هي مجموعة من الجراءات‬
‫والنشطة والمعايير التي تستند إلى الملحظة والوصف‬
‫والرصد والتحليل والتفسير والتأويل بطريقة مستمرة‬
‫وبكيفية دائمة قصد تصويب ما تم إنجازه من قبل المتعلم‪،‬‬
‫والتأكد من مدى التزامه بتطبيق التعليمات والوامر‬
‫وتنفيذها بطريقة كلية أو جزئية‪ ،‬وتشخيص العثرات‬
‫والصعوبات التي تواجهه‪ ،‬وإيجاد الحلول المناسبة لمواطن‬
‫النقص عن طريق المراجعة أو الدعم أو إعادة التكوين‪.‬‬
‫فالمراقبة المستمرة هي تقويم للمدرس والمتعلم معا‬
‫قصد إيجاد صيغة علجية لنجاح العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‬
‫وإصلح النظام التربوي‪.‬‬
‫ولم تظهر المراقبة المستمرة بهذا المفهوم الصطلحي‬
‫المركب)المراقبة‪+‬المستمرة( إل في منتصف الثمانينيات‬
‫وبالضبط مع الموسم الدراسي ‪ 1986/1987‬مع المنشور‬
‫الوزيري رقم ‪ 112‬ب ‪ 28/06/1986‬الصادر في شأن‬
‫التقويم والتنقيط والمعاملت بأقسام السنة الرابعة‬
‫العدادية الذي حدد طريقة التقويم‪ ،‬وذلك عبر دورتين‬
‫الولى والثانية عن طريق المراقبة المستمرة‪ ،‬حيث يتم‬
‫إجراء تمارين نصف شهرية في كل مادة ‪ ،‬تحدد نوعيتها‬
‫حسب المعطيات التربوية لكل مادة‪ ...‬وطالب المنشور‬
‫الوزاري رؤساء المؤسسات والمشرفين التربويين بمراقبة‬
‫هذه العمليات في مختلف أوجهها‪ .‬كما أشار المنشور إلى‬
‫كيفية احتساب المعدلت الدورية والسنوية مع تبيان علقة‬
‫المراقبة المستمرة بالمتحان الموحد على صعيد‬
‫المؤسسة والنيابة وكيفية النتقال من السلك العدادي‬
‫إلى السلك التأهيلي‪ .‬ثم أعقبتها المذكرة رقم ‪114‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 20‬صفر ‪ 1408‬الموافق ل ‪ 15‬أكتوبر‬
‫‪ 1987‬في موضوع المراقبة المستمرة في التعليم‬
‫الثانوي‪ ،‬وقد حددت تسع امتحانات دورية في سلك‬
‫الباكالوريا‪ ،‬و نصت على أهمية المراقبة المستمرة في‬
‫تقويم التلميذ باعتبارها عملية تتبع ورصد لعماله بصفة‬
‫منتظمة‪ .‬وليعني هذا أن هذا النمط الختباري لم يكن‬
‫موجودا من قبل‪ ،‬بل إن التقويم صاحب عملية التعلم منذ‬
‫أن وجدت ثنائية المدرس والتلميذ إل أن المراقبة‬
‫المستمرة بهذه الجراءات السلوكية والكفائية حديثة العهد‬
‫في نظامنا التربوي المغربي الحديث‪.‬‬
‫ولقد تطور مفهوم المراقبة المستمرة في منظومتنا‬
‫التربوية والتعليمية عبر تطور الصلحات التي كانت تدعو‬
‫إليها وزارة التربية الوطنية من خلل عقد المنتديات‬
‫الصلحية‪ ،‬وإصدار المذكرات والمنشورات الوزارية التي‬
‫كانت تصدر سنويا في شأن التقويم والمراقبة المستمرة‬
‫إما بصفة عامة وإما بخصوص كل مادة على حدة‪ ،‬وقد‬
‫بينت بكل جلء أهداف المراقبة المستمرة ومضامينها‬
‫والجراءات والوسائل المستعملة وطرائق التقييم‪ ،‬وكيفية‬
‫احتساب المعدلت والمعاملت المخصصة لكل مادة‬
‫دراسية‪ ،‬إلى أن صدر الميثاق الوطني للتربية والتكوين مع‬
‫حلول الموسم الدراسي ‪ 2000/2001‬ليقدم تصورا جديدا‬
‫للتقويم البيداغوجي والمراقبة المستمرة حسب الهيكلة‬
‫الجديدة للسلك التعليمية‪.‬‬
‫ويتم تنظيم التقويم في السلك البتدائي بانتقال الطفال‬
‫من السنة الولى إلى السنة الثانية من التعليم الولي‬
‫بطريقة آلية‪ ،‬وبعد ذلك ينتقل إلى السلك الثاني البتدائي‬
‫عبر تقويم طفيف ومرن‪ .‬و ينتقل التلميذ من السنة الولى‬
‫إلى السنة الثانية بواسطة المراقبة المستمرة‪ .‬و للنتقال‬
‫إلى السنة الثالثة‪ ،‬لبد أن يجتاز المتعلم امتحانا إلزاميا‬
‫وموحدا على صعيد المدرسة يتوج بشهادة تمكنه من‬
‫اللتحاق بالسلك الموالي‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ينقل التلميذ إلى‬
‫القسام الخرى بواسطة المراقبة المستمرة إلى أن يصل‬
‫السنة السادسة من التعليم الساسي‪ ،‬وهنا يخضع التلميذ‬
‫للمراقبة المستمرة بنسبة ‪ %50‬وامتحان الموحد على‬
‫صعيد المؤسسة بنسبة ‪ %25‬والمتحان القليمي بنسبة‬
‫‪ ،%25‬ويتوج هذا السلك البتدائي بشهادة الدروس‬
‫البتدائية‪ .‬وفي السلك العدادي‪ ،‬تتحكم المراقبة‬
‫المستمرة في انتقال التلميذ من مستوى دراسي إلى‬
‫آخر‪ ،‬لكن في السنة النهائية يخضع التلميذ للمراقبة‬
‫المستمرة بنسبة ‪ %30‬والمتحان الموحد على صعيد‬
‫المؤسسة بنسبة ‪ %25‬والمتحان الجهوي بنسبة ‪.%25‬‬
‫وبعدها يحصل التلميذ على شهادة السلك العدادي‪.‬‬
‫وإذا انتقلنا إلى السلك التأهيلي‪ ،‬فالتلميذ يخضعون‬
‫للمراقبة المستمرة في مرحلة الجذوع المشتركة‪ ،‬بيد‬
‫أنهم في مرحلة الباكالوريا يخضعون لمتحان جهوي بنسبة‬
‫‪ %25‬في السنة الولى والمراقبة المستمرة بنسبة ‪%25‬‬
‫في السنة الختامية مع اجتياز المتحان الوطني الذي‬
‫يستوجب نسبة ‪ ،%50‬ويتوج هذا المتحان بالحصول على‬
‫شهادة البكالوريا للولوج إلى المعاهد العليا والجامعات‪.‬‬
‫وهناك لجن تسهر على وضع المتحانات القليمية والجهوية‬
‫والوطنية وهي لجن إما إقليمية وإما جهوية وإما وطنية‬
‫ولسيما الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه التي ينص عليها‬
‫الميثاق في المادة ‪.103‬‬
‫ويلحظ في النظام الحالي لعملية التقويم ‪ ،‬أن التلميذ قد‬
‫يمتحنون في معظم المواد في إطار المراقبة المستمرة؛‬
‫لكنهم في المتحان على صعيد المؤسسة والمتحانات‬
‫القليمية والجهوية والوطنية يمتحنون في بعض المواد‬
‫دون أخرى‪ ،‬كما قد تتغير معاملت المواد من إطار‬
‫المراقبة المستمرة إلى إطار المتحان الموحد كما هو‬
‫الشأن بالنسبة للسنة الثالثة من العدادي) فمعامل اللغة‬
‫العربية واللغة الفرنسية والرياضيات والتربية السلمية ‪1‬‬
‫في إطار المراقبة المستمرة والمتحان الموحد على‬
‫صعيد العدادية لينتقل هذا المعامل الفردي بعد ذلك إلى‬
‫معامل ‪ 3‬في المتحان الجهوي(‪ ،‬ونفس المر ينطبق على‬
‫شهادة الدروس البتدائية مع استثناء شهادة البكالوريا التي‬
‫احتفظت موادها على نفس معاملها سواء في المراقبة‬
‫المستمرة أم في المتحان الحهوي أم الوطني‪.‬‬
‫وتعتبر نقطة الصفر موجبة للرسوب في المتحانات‬
‫الموحدة الجهوية والوطنية‪ ،‬عكس المراقبة المستمرة‬
‫والمتحان الموحد على صعيد المؤسسة ليعد فيها الصفر‬
‫موجبا للرسوب والتكرار‪.‬‬
‫ويمكن أن نقول بأن نظام التقويم في التعليم المغربي‬
‫يتخذ بنية هرمية تصاعدية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المراقبة المستمرة على مستوى الفصل الدراسي‬
‫معيارا للنتقال‪ ) :‬السلك البتدائي‪ :‬المستوى الول‪-‬‬
‫المستوى الثالث‪ -‬المستوى الرابع‪ -‬المستوى الخامس‪/‬‬
‫السلك العدادي‪ :‬المستوى‪ :‬السابع والثامن‪ /‬المستوى‬
‫التأهيلي‪ :‬الجذع المشترك(؛‬
‫‪ -2‬المتحان الموحد على صعيد المؤسسة‪ ):‬السنة الثانية‬
‫من السلك البتدائي الول‪ ،‬والسنة السادسة في منتصف‬
‫السنة الدراسية‪ ،‬والسنة الثالثة العدادية في منتصف‬
‫السنة الدراسية(؛‬
‫‪ -3‬المتحان القليمي‪ ):‬السنة السادسة في آخر السنة‬
‫الدراسية(؛‬
‫‪ -4‬المتحان الجهوي‪ ) :‬السنة الثالثة العدادية في آخر‬
‫السنة‪ -‬السنة الولى من البكالوريا في آخر السنة(؛‬
‫‪ -5‬المتحان الوطني‪ ) :‬السنة الثانية من شهادة‬
‫البكالوريا(‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نوضح مراقي الشواهد الثلث فيمكن حصرها‬
‫في مايلي‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬الشهادة البتدائية‪ :‬المراقبة المستمرة← المتحان‬
‫الموحد على صعيد المؤسسة← المتحان على الصعيد‬
‫القليمي‪.‬‬
‫ب‪ -‬شهادة العدادي‪ :‬المراقبة المستمرة← المتحان‬ ‫‌‬
‫الموحد على صعيد المؤسسة←المتحان الجهوي‪.‬‬
‫ت‪ -‬شهادة البكالوريا‪ :‬المراقبة المستمرة← المتحان‬ ‫‌‬
‫الجهوي← المتحان الوطني‪.‬‬
‫ويلحظ أن المرشحين الحرار الذين يريدون الحصول‬
‫على شهادة البكالوريا لبد أن يجتازوا المتحان الجهوي‪،‬‬
‫ليس في دروس السنة الولى من البكالوريا كما هو شأن‬
‫المرشحين الرسمين بل في دروس السنة الختامية‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬يجتاز تلميذ الشعبة الدبية العصرية المواد التالية‪:‬‬
‫العلوم الطبيعية و الفرنسية و الرياضيات و التربية‬
‫السلمية والشأن المحلي و التربية البدنية‪،‬أما تلميذ‬
‫الشعبة العلمية التجريبية فيجتاز المواد التية‪ :‬اللغة العربية‬
‫و التربية السلمية و الترجمة و الفرنسية والجتماعيات و‬
‫الشأن المحلي والتربية البدنية‪ .‬أما في السنة الرابعة‬
‫العدادي‪ ،‬فالمرشحون الحرار معفون من المراقبة‬
‫المستمرة ومن المتحان الكتابي الموحد على صعيد‬
‫المؤسسة‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ولقد ركزت المذكرات الوزارية على كيفية تنظيم‬
‫المراقبة المستمرة من خلل تحديد المواد أو المجزوءات‬
‫المرصودة بالتقويم ومعاملتها وعدد الفروض في الدورتين‬
‫ومدة إنجاز الفرض وحساب معدل الدورة من خلل الجمع‬
‫بين الفروض الكتابية والنشطة الخرى‪.‬‬
‫ومما ينبغي الشارة إليه‪ ،‬هو تنصيص مذكرات المراقبة‬
‫المستمرة على ضرورة إرجاع أوراق التحرير المصححة‬
‫إلى التلميذ لتعرفهم بأخطائهم‪ ،‬واطلع آباء وأولياء المور‬
‫بهذه الوراق من أجل إشراكهم في عملية التقويم والتتبع‬
‫وتكوين فلذات أكبادهم‪.‬‬
‫وتقوم الدارة التربوية من رؤساء المؤسسات والمشرفين‬
‫ونواب الوزارة ومديري الكاديميات والنظار والحراس‬
‫العامين بدور هام يتمثل في المراقبة والتتبع لسير‬
‫الدراسة في المؤسسات التعليمية مع السهر على تطبيق‬
‫مقتضيات مذكرات التقويم والمراقبة المستمرة من قبل‬
‫المديرين وخاصة مراقبة دفاتر النصوص للتأكد من‬
‫اشتمالها على الفروض اللزمة‪ ،‬وكذا مراقبة أوراق‬
‫التنقيط المعبأة من لدن الساتذة‪ ،‬وإدراج موضوع‬
‫المراقبة المستمرة في جدول أعمال المجالس التعليمية‪،‬‬
‫والتنسيق مع الساتذة و الباء وأولياء المور الذين لهم‬
‫الحق في تتبع عملية التقويم والمراقبة المستمرة‪ .‬كما‬
‫ينبغي للحراس العامين والمشرفين التربويين استثمار‬
‫نتائج المراقبة المستمرة وتحليلها وتفسيرها لتخاذ‬
‫قرارات لصالح إصلح المنظومة التربوية‪ ،‬ودعم المتعلم‬
‫والرفع من مستواه الدراسي‪.‬‬
‫ولقد ارتبطت المراقبة المستمرة في تطوراتها‬
‫البيداغوجية بعدة منظورات تربوية وإصلحية حسب تطور‬
‫المجتمع المغربي وتطور المجتمعات الدولية منها‪:‬‬
‫نظريات التربية الحديثة‪ ،‬ونظرية جون ديوي البرجماتية‪،‬‬
‫ونظرية الهداف التربوية‪ ،‬و نظرية الكفايات والمجزوءات‪،‬‬
‫ونظرية الجودة التربوية‪ ،‬و نظرية مشروع المؤسسة‪،‬‬
‫ونظرية التعاون المدرسي‪ ،‬ونظرية الحياة المدرسية‪ ،‬و‬
‫نظرية الشراكة التربوية‪ ،‬وقد تظهر في المستقبل‬
‫نظريات وتصورات بيداغوجية أخرى قد تؤثر على تطور‬
‫مفهوم المراقبة المستمرة بصفة خاصة والتقويم بصفة‬
‫عامة ‪.‬‬

‫وخلصة القول‪ :‬إن المراقبة المستمرة بكل أنماطها‬


‫التقويمية أداة فعالة في إصلح المنظومة التربوية‬
‫والتعليمية بكل جدية وفعالية وخاصة إذا استثمرنا نتائجها‬
‫ومعطياتها المعيارية والتقديرية‪ .‬كما أنها إجراء أساسي‬
‫وحيوي في تقويم العملية التعليمية – التعلمية ومناهج‬
‫التعليم وبرامجه وسبر النظريات التربوية وتقويمها إيجابا‬
‫وسلبا قصد توجيه دفة الصلح نحو آفاق أفضل لصالح‬
‫المدرس والمتعلم والمجتمع ‪.‬‬
‫‪ -7‬الشراكة التربــــويـــة في نظامنا التعليمي المغربي‬

‫تعد المشاركة التربوية من أهم مستجدات التربية الحديثة‬


‫التي تبناها النظام التربوي المغربي ضمن عشرية الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ومن أهم دعائم انفتاح‬
‫المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيو‪-‬اقتصادي‪ ،‬و‬
‫انفتاحها على التجارب التربوية الخرى لدى الخر الجنبي‬
‫قصد الرفع من مستوى التلميذ ودعم قدراتهم التحصيلية‬
‫وتقوية جانب التواصل والتفاعل الثقافي لديهم ‪ ،‬وخلق‬
‫فضاء تربوي تنشيطي أساسه الحياة المدرسية السعيدة‬
‫التي تساهم فيه كل الطراف الفاعلة من داخل المؤسسة‬
‫أو من خارجها‪ .‬إذًا‪ ،‬ماهي الشراكة التربوية؟ وماهو سياقها‬
‫التاريخي والتربوي في الغرب والمغرب؟ وماهي العوامل‬
‫التي أفرزت مفهوم الشراكة؟ وماهي مواصفات هذه‬
‫الشراكة التربوية وأنواعها؟ وماهي السلبيات التي تسم‬
‫هذه الشراكة التربوية؟ وماهي أهم القتراحات التي يمكن‬
‫أن ترفع من نجاعة هذه الشراكة تربويا؟‬
‫تدل الشراكة ‪PARTENARIAT‬سواء في اللغة العربية أم‬
‫الفرنسية على التعاون والتشارك والتفاعل التواصلي‬
‫والمقاسمة والمساعدة وتبادل المصالح والمنافع المادية‬
‫والمعنوية و على تآزر الشركاء من اثنين فأكثر‪ .‬وقد تحيل‬
‫الشراكة على الشركة والمقاولة والتحاد والرابطة‬
‫العضوية التي ينشئها مساهمون مشتركون‪.‬أما في‬
‫الصطلح التربوي‪ ،‬فالشراكة عبارة عن تعاون مشترك‬
‫بين أطراف تربوية وأطراف أخرى سواء أكانوا من داخل‬
‫المؤسسة أم من محيطها الخارجي أم من جهات أجنبية‬
‫تجمعهم مشاريع تربوية مشتركة‪ ،‬الغرض منها تحقيق‬
‫منافع معنوية ومصالح مادية ‪ ،‬أو خلق تعايش سلمي بين‬
‫المتشاركين وتحقيق التواصل اللغوي والثقافي والحضاري‬
‫بين هذه الطراف ‪ ،‬أو التشارك من أجل إيجاد الحلول‬
‫المناسبة لمجموعة من الوضعيات والعوائق والمشاكل‬
‫التي تواجهها‪ .‬ويعرفها كل من سيروتنيك ‪SIROTNIK‬‬
‫وﮔودلد ‪ GOODLAD‬بأنها‪ ":‬اتفاق تعاون متبادل بين‬
‫شركاء متكافئين ومتساوين‪ ،‬لتحقيق أغراضهم الخاصة‪،‬‬
‫وفي نفس الوقت ‪،‬تقديم حلول للمشاكل المشتركة"‪.‬‬
‫ويرى محمد الدريج أن الشراكة تفترض‪ ":‬بين المؤسسات‬
‫إحصاء وملحظة المشاكل المشتركة وتشخيص أهمية‬
‫النشاط المشترك وتحديد مهام محددة في الزمان وتوزيع‬
‫المسؤولية وتخطيط مجالت التدخل بالنسبة لكل طرف‬
‫وكذا أساليب ضبط النجازات وتقويم النتائج حسب‬
‫المعايير المتفق عليها والمقبولة من كل الطراف"‪.‬‬
‫وتذهب وزارة التربية الوطنية في مذكرتها رقم ‪ 27‬بتاريخ‬
‫‪ 24‬فبراير ‪ 1995‬إلى أن الشراكة ‪ ":‬عموما تقتضي‬
‫التعاون بين الطراف المعنية وممارسة أنشطة مشتركة‬
‫وتبادل المساعدات‪ ،‬والنفتاح على الخر مع احترام‬
‫خصوصياته‪ .‬أما في الميدان التربوي‪ ،‬فإن الشراكة التي‬
‫تندرج ضمن دينامية مشاريع المؤسسات تتطلب مجموع‬
‫الفاعلين التربويين من مفتشين وإدارة تربوية وأساتذة ‪،‬‬
‫وتلميذ وآباء‪ ،‬وغيرهم‪. "...‬‬
‫ويلحظ أن مفهوم الشراكة مفهوم اقتصادي على غرار‬
‫مفاهيم أخرى كالجودة والكفايات ومشروع المؤسسة‬
‫التي دخلت حقل التربية‪ ،‬كما دخل هذا المفهوم حقول‬
‫معرفية وفكرية أخرى كالحقل السياسي والحقل القانوني‬
‫والحقل الجتماعي والحقل العسكري‪...‬‬
‫ولقد ظهر مفهوم الشراكة التربوية في الغرب منذ أواسط‬
‫الثمانينيات ضمن السياق النجلوسكسوني في مدارس‬
‫الوليات المتحدة المريكية وكندا ‪ ،‬وانتقل بعد ذلك إلى‬
‫العديد من الدول الوربية ولسيما إسبانيا وفرنسا‪ .‬وإذا‬
‫كان مصطلح ‪ Partenaires‬قديم نسبيا حسب‬
‫‪ ،Elisabeth Bautier‬فإن مصطلح الشراكة حديث في‬
‫قاموس اللغة الفرنسية‪ ،‬واستعمل لول مرة في اليابان‬
‫في الثمانينيات في مجال المقاولت قبل أن ينتقل إلى‬
‫بعض الدول المريكية ومنها إلى أوربا‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد أصبحنا نتحدث عن عدة شراكات‪ :‬شراكة‬
‫اقتصادية وشراكة اجتماعية وشراكة تجارية وشراكة‬
‫سياسية وشراكة تربوية وشراكة عسكرية وشراكة نقابية‬
‫وشراكات‪ :‬ثقافية وفنية ورياضية‪...‬‬
‫ومن بين العوامل التي أفرزت مفهوم الشراكة العلقات‬
‫اللمتكافئة بين بين الشمال والجنوب‪ ،‬والمنافسة في‬
‫مجال القتصاد والتسليح وتأهيل المقاولة فضل عن التطور‬
‫الصناعي والتقني والعلمي الذي يفرض على الدول‬
‫المعاصرة أن تدخل في شراكات اقتصادية وسياسية‬
‫) السوق الوربية المشتركة‪ -‬السوق العربية المشتركة‪-‬‬
‫المجلس التعاوني الخليجي‪ -‬السوق المشتركة لدول‬
‫أمريكا اللتينية‪ .(....‬كما ساهمت الصراعات اليديولوجية‬
‫التي أفرزتها الثنائية القطبية) الوليات المتحدة المريكية‬
‫ذات الطابع الرأسمالي والتحاد السوفياتي بطابعه‬
‫الشتراكي( في خلق تكتلت وشراكات مختلفة‬
‫) الكوميكون‪ /‬السوق الوربية المشتركة(‪ .‬وبعد انهيار‬
‫التحاد السوفياتي‪ ،‬تغيرت كثير من المفاهيم وأصبح‬
‫الحديث ممكنا عن تعايش الطبقات كما يقول رايمون‬
‫آرون‪ ،‬وطرح مفهوم الخر ضمن ثنائية التواصل والشراكة‬
‫من أجل إقامة عالم مبني على الحوار والتفاهم والتعاون‬
‫وحب السلم بدل من عالم أساسه الصراع الجدلي كما‬
‫عند هيجل أو الصراع الطبقي كما عند ماركس أو الصراع‬
‫التاريخي كما عند فوكوياما أو صدام الحضارات كما عند‬
‫صموئيل هانتنغتون‪ .‬وتجاوزا لهذه الصراعات اليديولوجية‪،‬‬
‫انتقل العالم إلى الدخول في عولمة الشراكات وتأهيل‬
‫القتصاد وخلق مجتمع الكفاءات ولسيما في مجال‬
‫تكنولوجيا التصال الرقمي والعلمي‪.‬كما ساهمت‬
‫الديمقراطيات الجتماعية في سن سياسة اللتمركز‬
‫وتفعيل التوجه الفيدرالي وتطبيق السياسة الجهوية و خلق‬
‫القطاب المحلية عن طريق نشر وتدعيم الفكر التشاركي‬
‫التعاوني الذي تساهم فيه جميع الفعاليات المدنية‬
‫والسياسية والعسكرية‪ .‬ويمكن القول بأن عصرنا عصر‬
‫الشراكة وخلق المشاريع وفرص الستثمار وتبادل‬
‫المعرفة والتكنولوجيا عن طريق التعاون الثنائي بين الدول‬
‫أو عن طريق إبرام علقات اندماجية تشاركية داخل‬
‫أقطاب متنوعة المجالت أو مجموعات دولية أو شركات‬
‫متعددة الجنسيات‪ ،‬حتى إن الدولة الوطنية المنعزلة لم‬
‫تعد قادرة على المواجهة والمنافسة أو الصمود أمام تكتل‬
‫الدول في شراكات اقتصادية أو سياسية أوعسكرية حيث‬
‫تعطيها هذه الشراكة قوة فرض قرارها السياسي كما هو‬
‫شأن السوق الوربية المشتركة وحلف الناتو‪ .‬وأمام نجاح‬
‫فكرة الشراكة في شتى المجالت الحياتية والقتصادية ‪،‬‬
‫لم يكن أمام حقل التربية إل أن يستفيد كباقي الحقول من‬
‫مفهوم الشراكة وأن يعممها في أدبياته البيداغوجية وأن‬
‫يصبح حل لكثير من المشاكل المادية والمعنوية والثقافية‬
‫والحضارية لكثير من المؤسسات التعليمية ولسيما في‬
‫العالم الثالث‪.‬‬
‫وإذا عدنا إلى المغرب‪ ،‬فإن مفهوم الشراكة التربوية لم‬
‫يطرح إل في بداية التسعينيات إثر مجموعة من الندوات‬
‫واللقاءات والتظاهرات‪ ،‬لتقوم وزارة التربية الوطنية بعد‬
‫ذلك بصياغة قراراتها عن الشراكة التربوية وترجمتها‬
‫نظريا وتطبيقيا في مذكرتين أساسيتين مقترنة إياه‬
‫بمشروع المؤسسة تحت عنوان‪ ":‬التجديد التربوي‬
‫بالمؤسسات التعليمية" أو " دعم التجديد التربوي‬
‫بالمؤسسات التعليمية"‪:‬‬
‫‪ -1‬مذكرة رقم ‪ 73‬بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪ ) ،1994‬خاص‬
‫بمشروع المؤسسة(؛‬
‫‪ -2‬مذكرة رقم ‪ 27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ )،1995‬خاص‬
‫بالشراكة التربوية(‪.‬‬
‫وقبل ذلك أبان جاك شيراك الرئيس الفرنسي في خطابه‬
‫أثناء زيارته للمغرب عن استعداد فرنسا في الدخول في‬
‫شراكة بيداغوجية مع المغرب لتعزيز المكاسب اللغوية‬
‫عن طريق تبادل الزيارات وتفعيل التواصل الثقافي‬
‫واللغوي في إطار التصور الفرانكفوني ‪ ":‬شراكة‬
‫بيداغوجية حقيقية بين المؤسسات التعليمية المغربية‬
‫ومثيلتها التابعة للبعثة الثقافية الفرنسية‪ .‬والعمل على‬
‫تطوير‪ ،‬في الوقت ذاته‪ ،‬قنوات دولية في نظام التعليم‬
‫بالمغرب"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن المذكرة الوزارية التي تتحدث عن الشراكة‬
‫ترى أن مشروع المؤسسة هو جوهر هذا المفهوم ومجاله‬
‫المحوري الذي ل ينبغي أن تخرج عنه أية شراكة مهما‬
‫كانت صيغتها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتداخل مفهوم مشروع المؤسسة‬
‫مع مشروع الشراكة‪ .‬تقول المذكرة الوزارية رقم ‪":27‬‬
‫عبرت بعض المؤسسات عن رغبتها في ربط علقة شراكة‬
‫تربوية مع مؤسسات تابعة للقطاع الخاص أو شبه‬
‫العمومي أو مع الجماعات المحلية‪ ،‬أو مع مؤسسات تابعة‬
‫للمصالح الثقافية الجنبية‪.‬‬
‫ولقد تبين من خلل دراسة المشاريع التي توصلت بها‬
‫مصالح الوزارة أن القتراحات المقدمة‪ -‬على أهميتها‪،‬‬
‫وبالرغم من المجهود الذي بذل في إنجازها‪ -‬ل تستجيب‬
‫بما فيه الكفاية لمواصفات مشروع المؤسسة"‪.‬‬
‫وقد حدد محمد الدريج عدة شراكات حسب معايير ثلثة‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬من حيث المجال‪ :‬شراكة ثقافية‪ -‬شراكة اقتصادية‪-‬‬
‫شراكة اجتماعية‪ -‬شراكة دولية‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حيث نوع الشركاء‪ :‬شراكة داخلية‪ -‬شراكة‬ ‫‌‬
‫خارجية‪.‬‬
‫ت‪ -‬من حيث أسلوب العمل داخل الشراكة‪ :‬شراكة‬ ‫‌‬
‫النجاز‪ -‬شراكة التطوير‪ -‬شراكة التعايش التكافلي‪.‬‬
‫ويمكن في اعتقادي الحديث عن عدة أنواع من الشراكات‬
‫التي يمكن أن تعقدها مؤسسة تعليمية مع مؤسسة‬
‫تعليمية أخرى أو أطراف فاعلة أخرى على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬شراكة داخلية‪ :‬يساهم فيها الفاعلون الداخليون الذين‬
‫ينتمون إلى المؤسسة كالتلميذ ورجال الدارة والساتذة‬
‫والباء وأولياء المور عن طريق اقتراح مشاريع تربوية أو‬
‫مشاريع اجتماعية واقتصادية وبيئية وثقافية وفنية ورياضية‬
‫تهم المؤسسة التعليمية أو مؤسستين فأكثر كمشروع‬
‫دعم التلميذ معرفيا ومنهجيا‪ ،‬والتكوين العلمي لفائدة‬
‫الساتذة والتلميذ ورجال الدارة ‪ ،‬وتدريس اللغات الجنبية‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬شراكة المؤسسة مع محيطها الخارجي‪ :‬وهنا نستحضر‬
‫انفتاح المؤسسة على محيطها السوسيواقتصادي وخلق‬
‫شراكات مع الجماعات المحلية والجمعيات والقطاع‬
‫الخاص أو القطاع شبه العمومي و المقاولت ومدارس‬
‫التكوين والمعاهد والجامعات و المحسنين والنخبة‬
‫المثقفة‪ ...‬من أجل خدمة المؤسسة وإنعاشها تربويا‬
‫وتنميتها ثقافيا وفنيا‪.‬‬
‫‪ -3‬شراكة خارجية‪ :‬تقوم المؤسسات التعليمية المغربية‬
‫بتبادل الزيارات والخبرات والتجارب مع مؤسسات تعليمية‬
‫أجنبية أو عربية عن طريق خلق شراكات تربوية في إطار‬
‫التبادل الثقافي والحضاري والتواصل اللغوي‪.‬‬
‫ومن مواصفات الشراكة التربوية حسب المذكرة الوزارية‬
‫أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات المعنية واستعمال‬
‫للمكانيات الذاتية المتوفرة في كل مؤسسة لنجاز‬
‫المشروع‪ .‬وأن تحترم كل مؤسسة لخصوصيات‬
‫المؤسسات التي تربطها بها علقة شراكة‪ ،‬وأن تنفتح كل‬
‫مؤسسة على الخرى في إطار النفتاح على المحيط‬
‫الخارجي‪ .‬وأن ترتكز هذه الشراكة على مشروع تربوي‬
‫دينامي وحيوي عملي وواقعي يعمل على تحقيق أهداف‬
‫تنسجم مع الولويات التربوية للمؤسسة عن طريق‬
‫إشراك جميع الفاعلين الذين أبدوا استعداداتهم لخدمة‬
‫المشروع من مرحلة النطلق إلى نهاية التنفيذ والتقويم‪.‬‬
‫أما إذا كانت الشراكة مع مؤسسات أجنبية فلبد من‬
‫تحقيق تبادل التجارب التربوية‪ ،‬وتحسين تعلم اللغات‬
‫وتنمية أنشطة التواصل بها‪ ،‬وأن يفسح المجال لنفتاح‬
‫المؤسسات على بعد آخر يتمثل في تفاعل الثقافات‪.‬‬
‫وعند تنفيذ المشاريع لبد للمؤسسات التي تدخل في‬
‫شراكة تربوية من العتماد على مواردها وإمكاناتها المالية‬
‫والبشرية‪ ،‬و يمكن لها أن تستفيد من بعض المكانات‬
‫الضافية عند القتضاء لدعم المشاريع التربوية مثل تعديل‬
‫أوقات العمل بالنسبة لبعض الطر وتوفير تجهيزات خاصة‬
‫أو وسائل عمل مناسبة للمشروع وتكوين مستمر لفائدة‬
‫الفرق التربوية المشاركة‪.‬‬
‫وإليكم نموذجا تقنيا وجذاذة إرشادية لخلق شراكة تربوية‬
‫بين المؤسسات التعليمية على ضوء تعليمات المذكرتين‬
‫الوزاريتين ‪ 73‬و ‪:27‬‬

‫مشــروع شراكـــة تربـــوية‬

‫‪ -1‬تأطير المؤسسة‪:‬‬

‫المملكة المغربية المؤسسة‪.....................‬‬


‫وزارة التربية الوطنية رمزها‪.......................‬‬
‫جهة‪ ...........‬الهاتف‪......................‬‬
‫نيابة‪ .........‬البريد اللكتروني‪.........‬‬
‫مقاطعة التفتيش‪ ........‬البراق‪.....................‬‬

‫‪ - 2‬تحديد المشروع‬

‫عنوان مشروع الشراكة التربوية موضوع مشروع الشراكة‬


‫أهداف مشروع الشراكة نوع الشراكة‬
‫‪........................ .......................‬‬
‫‪........................‬‬
‫‪-1 .......................‬أهداف عامة‬
‫‪-2‬أهداف نوعية‬
‫‪-3‬أهداف إجرائية ‪-1‬شراكة داخلية‬
‫‪ -2‬شراكة المؤسسة مع محيطها‪.‬‬
‫‪ -3‬شراكة خارجية‬

‫‪ -3‬وضعية المؤسسة‪:‬‬

‫طبيعة المؤسسة موقع المؤسسة المكانيات المادية‬


‫المكانيات البشرية المكانيات المالية وضعية المؤسسة‬
‫عمومية‪ -‬خصوصية‪ ............-‬البادية‪ -‬المدينة‪ -‬بدوية‪-‬‬
‫حضرية‪ -‬عدد الحجرات‪ -‬المرافق‪ -‬المختبرات‪-‬‬
‫الملعب‪ .....‬عدد التلميذ‪ :‬ذكورا وإناثا‪ -‬عدد الساتذة‪:‬‬
‫ذكورا وإناثا‪ -‬رجال الدارة‪-‬العوان‪ -‬المساعدون ما تتوفر‬
‫عليه المؤسسة من موارد مالية لنجاح مشروع الشراكة‪.‬‬
‫فقيرة‪ -‬غنية‪ -‬حالة متوسطة‪-‬‬

‫‪ -4‬مرتكزات مشروع الشراكة‪:‬‬

‫المكانيات الفاعلون أمكنة النجاز المراحل الزمنية تكلفة‬


‫المشروع الصعوبات‬
‫‪-1‬المادية‬
‫‪ -2‬المالية‬
‫‪ -3‬البشرية‬
‫‪ -4‬التقنية‬
‫الفاعلون الداخليون‪ -‬الشركاء الخارجيون‪ .‬تحديد أمكنة‬
‫إنجاز المشروع بدقة‪ .‬تحديد مراحل إنجاز المشروع‪.‬‬
‫تحديد تكلفة المشروع بدقة مضبوطة‪ - .‬صعوبات مادية‬
‫‪ -‬صعوبات مالية‬
‫‪ -‬صعوبات بشرية‬
‫‪ -‬صعوبات قانونية وتنظيمية‬
‫‪ -‬صعوبات تقنية‪...‬‬

‫‪ -5‬إنجاز مشروع الشراكة‪:‬‬

‫مراحل مشروع الشراكة المنجزون والمساهمون الوسائل‬


‫والساليب والمكانيات الصعوبات مكان النجاز وإيقاعه‬
‫الزمني التقييم والتتبع والمراقبة‬
‫المرحلة الولى ‪................. ................. .................‬‬
‫‪............. .................‬‬
‫المرحلة الثانية‬
‫‪...... ............... ................. ............... ................‬‬
‫‪......‬‬
‫المرحلة الثالثة‬
‫‪....... ............... ................ ............... ................‬‬
‫‪.....‬‬

‫‪ -6‬تقييم مشروع الشراكة‪:‬‬

‫مراحل التقويم نسبة النجاح نسبة الفشل السباب الحلول‬


‫والمقترحات‬
‫التقويم القبلي ‪..................‬‬
‫‪.................. .................‬‬
‫‪.................. .................‬‬
‫‪.................. .................‬‬
‫‪................‬‬
‫التقويم المرحلي ‪...................‬‬
‫‪.................. ..................‬‬
‫‪.................. ....................‬‬
‫‪..................... ....................‬‬
‫‪...................‬‬
‫التقويم السنوي ‪....................‬‬
‫‪...................... ....................‬‬
‫‪................... .....................‬‬
‫‪.................... .....................‬‬
‫‪........................‬‬
‫التقويم النهائي ‪....................‬‬
‫‪..................... ...................‬‬
‫‪..................... ....................‬‬
‫‪....................... ....................‬‬
‫‪......................‬‬

‫وعليه‪ ،‬فبعد النتهاء من صياغة ورقة مشروع الشراكة‬


‫التربوية ‪ ،‬ينبغي تقديمه قبل نهاية مارس من كل سنة‬
‫دراسية‪ ،‬عن طريق النيابة إلى اللجنة الجهوية على‬
‫مستوى الكاديمية التي تبعث به إلى الوزارة )خلية‬
‫مشاريع المؤسسات(‪ ،‬شارع ابن سينا رقم ‪ 3‬الرباط بعد‬
‫دراسته‪ ،‬ويمكن للجنة الجهوية استدعاء ممثلين عن‬
‫المؤسسات المعنية لتقديم مشاريعها والدفاع عنها‪ .‬وتقوم‬
‫خلية مشاريع المؤسسات‪ ،‬خلل شهر أبريل وماي‪،‬‬
‫بدراسة المشاريع المقدمة واتخاذ القرارات المناسبة في‬
‫شأنها‪ .‬ويتم الختيار النهائي للمشاريع خلل شهر يونيو‪.‬‬
‫ويتم تتبع تنفيذ المشروع على المستوى المحلي والجهوي‬
‫بواسطة لجان مختلطة‪ ،‬وعلى المستوى الوطني بواسطة‬
‫خلية مشاريع المؤسسات‪ ،‬كما سيتم تقديم الدعم الداري‬
‫والتربوي والمادي للفرق المكلفة بإنجاز المشروع عند‬
‫الضرورة‪.‬‬
‫وما يلحظ على مشروع الشراكة التربوية أنها ناجحة على‬
‫مستوى المعاهد العليا والجامعات‪ ،‬ولكنها ماتزال ضعيفة‬
‫على المستوى المدارس البتدائية والعدادية والثانوية‪.‬‬
‫كما أن أغلب هذه الشراكات من نوع الشراكات الداخلية‬
‫أو شراكات المحيط السوسيواقتصادي‪ ،‬ول تتعداها إلى‬
‫شراكات خارجية مع مؤسسات أجنبية أوربية وعربية‬
‫لسباب إدارية وتنظيمية وقانونية ومادية ومالية‪ .‬وينبغي‬
‫على الوزارة أن تقوم بتوسيع الشراكة لتتجاوز ماهو‬
‫تربوي إلى شراكات اجتماعية واقتصادية وتجارية وثقافية‬
‫وفنية‪ ،‬لتقتصر فقط على إسعاد التلميذ ‪ ،‬بل كذلك إسعاد‬
‫رجال التربية والشراف ورجال الدارة والعوان‪...‬ناهيك‬
‫عن كون الميثاق الوطني لم يشر في مجالته ودعاماته‬
‫الساسية إلى الشراكة أو مشروع المؤسسة بالتفصيل‬
‫والتوضيح‪ ،‬بل أشار إلى شراكة تربوية بين التعليم‬
‫الحكومي والقطاع التربوي الخاص‪ ،‬وشراكة بين الدولة‬
‫والجماعات المحلية لتمويل قطاع التعليم ‪،‬و شراكة‬
‫المعاهد التقنية مع المقاولت الصناعية والمالية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كثرة المنتديات واللقاءات التربوية حول‬
‫الشراكة التربوية فإنها تبقى نتائجها حبرا على ورق‪ ،‬أي‬
‫شعارات جوفاء بدون تطبيق ‪ ،‬ومشاركة نظرية بدون ثمار‬
‫ميدانية كما رأينا ذلك مع عدة مفاهيم تربوية كالكفايات‬
‫والهداف والجودة ومشروع المؤسسة والحياة‬
‫المدرسية‪...‬أما أهم مشكل يقف وراء فشل مشاريع‬
‫الشراكة هو الحباط والبطء الداري واللمبالة‬
‫والبيروقراطية وانعدام المكانيات المادية والمالية‬
‫والبشرية والتقنية‪...‬‬

‫وخلصة القول‪ :‬إن مشروع الشراكة التربوية ل يمكن أن‬


‫يحقق ثماره المرجوة ونجاحه المرغوب إل بترجمة النوايا‬
‫والقرارات إلى أعمال سلوكية تطبيقية عملية في الميدان‬
‫والممارسة‪ .‬وعلينا أن نتجاوز الشعارات والتظاهرات‬
‫التربوية التي تقف عند حدود التنظير والتجريد وإصدار‬
‫القرارات والبيانات وتحديد الخلصات والنتائج إلى مرحلة‬
‫التطبيق والتنفيذ والتقويم والتتبع والنقد الذاتي بطريقة‬
‫براغماتية يترابط فيه القول مع الواقع والمنفعة‪ .‬لننا‬
‫ضيعنا كثيرا من الوقت الثمين‪ ،‬وبذلنا مجهودات جبارة في‬
‫ندوات وسجالت جدالية وحوارات‪ ،‬ولكن بدون فائدة‬
‫تذكر‪ .‬فأصبحنا ننتقل سنويا من مفهوم تربوي إلى آخر‬
‫دون أن نتريث لنعرف النتائج وآثار ذلك المفهوم التربوي‬
‫على مؤسساتنا التعليمية وناشئتنا سواء أكانت إيجابية أم‬
‫سلبية‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪SITRONIK KA , GOODLAD : Dictionnaire -‬‬
‫‪; encyclopédique de l’éducation ,p :725‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة‪،‬منشورات رمسيس‪،‬‬
‫ط ‪،1996 ،1‬ص‪71:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬التجديد التربوي بالمؤسسات‬
‫التعليمية‪ ،‬المذكرة رقم ‪ 27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪1995‬م؛‬
‫‪Elisabeth Bautier : (Etablissements et -‬‬
‫‪partenariat) Actes du colloque de janvier‬‬
‫‪; 1993I.NRP1995 p.17‬‬
‫‪ -‬نقل عن محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة‪،‬ص‪69:‬؛‬
‫‪ -‬التربية الوطنية‪ :‬التجديد التربوي بالمؤسسات التعليمية‪،‬‬
‫المذكرة رقم ‪27‬بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪1995‬؛‬
‫‪ -‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة‪،‬ص‪.80-79:‬‬
‫آراء حول برامج اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي‬

‫قامت وزارة التربية الوطنية في السنين الخيرة بمراجعة‬


‫البرامج الدراسية‬
‫والمناهج التربوية وتجديد المقررات عن طريق عصرنتها‬
‫وتحديثها مضمونا وشكل وطباعة على غرار الكتب‬
‫الدراسية في الغرب ‪ ،‬ولسيما أن معظم هذه الكتب‬
‫المدرسية المغربية تم طبعها بطباعة أنيقة ملونة في‬
‫إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا ‪ .‬ولم يتحقق هذا التجديد‬
‫إل انسجاما مع فلسفة الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬
‫الذي استهدف إصلح المنظومة التربوية ومحاربة الرداءة‬
‫البيداغوجية والديداكتيكية وسوء التوجيه والتسيير والتدبير‬
‫داعيا إلى تبني شعار الجودة والقرب والجهوية‬
‫والديمقراطية من أجل تحقيق حداثة مجتمعية وتنمية‬
‫شاملة تساهم في توفير فرص الشغل للعاطلين وربط‬
‫المؤسسة التعليمية بمحيطها السوسيواقتصادي والنفتاح‬
‫على سوق الشغل كما تنص على ذلك أيضا المبادرة‬
‫الوطنية للتنمية الجتماعية التي وضح معالمها العاهل‬
‫المغربي محمد السادس في خطاب ‪18‬ماي ‪.2005‬‬

‫‪ -1‬سياق تجديد المقررات والمناهج التعليمية‪:‬‬


‫لقد تبنت وزارة التربية الوطنية في وضع مقرراتها‬
‫ومناهجها وبرامجها التربوية في مختلف أسلك التدريس‬
‫من البتدائي إلى الثانوي والجامعي فلسفة الجودة‬
‫والكفايات البيداغوجية انسجاما مع متطلبات العولمة‬
‫الجديدة والمنافسة الدولية ومستلزمات الستثمار التي‬
‫تتمثل في إيجاد أطر مدربة مكونة ذات مؤهلت ذاتية‬
‫قادرة على تسيير دواليب القتصاد وتدبيرالدارة تدبيرا‬
‫جيدا‪ .‬كما أن هذه المقررات الجديدة تمتح من الطروحة‬
‫اللسانية الوظيفية ذات البعد التداولي التي تربط المقام‬
‫بالسياق التواصلي وخاصة في تعليم اللغات وتلقينها بدل‬
‫من العتماد على الطرائق التقليدية في التدريس‬
‫والتلقين‪ .‬كما استفادت من أحدث التطورات والمنجزات‬
‫العلمية والتصال الرقمي والمعلوماتي فضل عن التقدم‬
‫الهائل الذي تحقق على مستوى تقنيات الطباعة والتشكيل‬
‫والتغليف والطبع والنشر‪.‬‬
‫وقد ساير هذا التجديد اليبيداغوجي ما عرفه المغرب من‬
‫إصلحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مع‬
‫حكومة التناوب وما حققه ملك المغرب من مستجدات‬
‫تتعلق بإعادة النظر في مدونة السرة والحوال الشخصية‬
‫وخلق عدة هيئات حقوقية كهيئة النصاف والمصالحة‬
‫وإرساء دولة الحق والقانون وإعلن المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية الجتماعية وفتح عدة أوراش كبرى تتعلق بتأهيل‬
‫القتصاد لخدمة ماهو اجتماعي وإنجاز مشاريع كبرى تتعلق‬
‫بتطوير البنية التحتية خاصة تمديد شبكة الطرق السيارة‬
‫وتوسيع شبكة السكك الحديدية وبناء ميناء طنجة السياحي‬
‫المتوسطي مع تعزيز الجهوية واللتمركز وإعطاء الحكم‬
‫الذاتي للصحراء تحت السيادة الوطنية‪.‬‬
‫وانطلقا من هذه المتغيرات الوطنية والدولية‪ ،‬قررت‬
‫وزارة التربية الوطنية اعتماد مفهوم الجودة وفلسفة‬
‫الكفايات ونظام المجزءات ‪ les modules‬في وضع‬
‫المناهج الجديدة التي امتدت عبر أسلك دراسية ثلثة ‪:‬‬
‫السلك البتدائي‪ ،‬والسلك الثانوي العدادي ‪ ،‬والسلك‬
‫الثانوي التأهيلي‪ .‬وسوف نحاول رصد طبيعة المنهاج‬
‫الدراسي في التعليم الثانوي التأهيلي وبالضبط في مادة‬
‫اللغة العربية في أسلكها الدبية والعلمية والتقنية‬
‫والصيلة‪.‬‬

‫‪ -2‬مكونات منهاج اللغة العربية في التعليم الثانوي‬


‫التأهيلي ومرجعياته المنهجية‪:‬‬

‫يستند منهاج اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي إلى‬


‫مرجعيتين أساسيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬مرجعية أدبية نظرية تمتح من نظرية الدب بكل‬
‫تياراتها ومدارسها واتجاهاتها الفنية ومناهجها النقدية وما‬
‫تطرحها من ظواهر وقضايا أدبية ونقدية وآليات تعبيرية‬
‫إيقاعية ونحوية وصرفية ونحوية ودللية وبلغية ومقامية‪.‬‬
‫‪ -2‬مرجعية بيداغوجية وديداكتيكية تتجاوز التعليم والتلقين‬
‫إلى التعلم الذاتي والجتهاد الفردي في إطار التوجيه‬
‫والرشاد ورفض الملء واللقاء‪ .‬كما أن هذه المرجعية‬
‫تستمد مقوماتها من فلسفة الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين وبيداغوجيا الكفايات والجودة وصيغة المجزءات‬
‫أو التعليم المندمج‪.‬‬
‫وإلى جانب الغايات والهداف الكبرى التي ترسمها فلسفة‬
‫الدولة في شكل غايات ومرام معرفية ووجدانية وحركية‬
‫كخلق مواطن صالح متخلق و متعلم ومثقف ومبدع‬
‫ومنفتح على الخر متشبع بالصالة والمعاصرة قادر على‬
‫توظيف قدراته وإمكانياته الذاتية في تنمية مجتمعه‬
‫وتسيير اقتصاد بلده وتدبير شؤون وطنه‪ ،‬فهناك كفايات‬
‫ينبغي تطويرها وتنميتها لدى المتعلم بيداغوجيا وديداكتيكيا‬
‫عن طريق التكوين الشخصي والتعلم الذاتي والبحث‬
‫الدائم عن المعرفة وطرائق حل المشاكل والوضعيات‪،‬‬
‫وهذا ما تركز عليه كثيرا المنظومة التربوية بصفة عامة‬
‫ومنهاج اللغة العربية بصفة خاصة ‪ .‬ومن بين هذه الكفايات‬
‫المستهدفة في منهاج اللغة العربية نجد‪ :‬الكفاية المعرفية‬
‫ذات البعد الثقافي‪ ،‬والكفاية المنهجية‪ ،‬والكفاية التواصلية‪،‬‬
‫والكفاية الستراتيجية‪.‬‬
‫أما إذا انتقلنا إلى المجزءات في منهاج اللغة العربية فإن‬
‫عددها أربعة‪ ،‬وهي‪ :‬مكون النصوص‪ ،‬ومكون المؤلفات‪،‬‬
‫ومكون علوم اللغة‪ ،‬ومكون التعبير والنشاء‪ .‬وتتسم هذه‬
‫المجزءات التعليمية في منهاج اللغة العربية بالندماج‬
‫والشمولية والتكامل والترابط الوظيفي والتدرج البنيوي‬
‫الهرمي والعتماد على مقاربة الكفايات التعلمية في إطار‬
‫وضعيات سياقية‪ .‬وكل مكون له منهجية خاصة في‬
‫التدريس نبين خطواتها الجرائية على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬مكون النصوص‪:‬‬

‫تستند قراءة النصوص في مادة اللغة العربية إلى خطوات‬


‫منهجية مترابطة ومتدرجة ومراحل أساسية في الفهم‬
‫والتفسير تتمثل في‪ :‬الملحظة والفهم و التطبيق والتحليل‬
‫والتركيب والتقويم من خلل قراءة فاعلة تقوم على‬
‫تفكيك النص وتركيبه على ضوء مرتكزات بيداغوجية‬
‫تتمظهر في التفاعل البناء بين القارئ والنص‪ ،‬ودينامية‬
‫التعلم الذاتي‪ ،‬والمقاربة الكلية للنص‪.‬‬

‫‪ -2‬مكون المؤلفات‪:‬‬

‫يعرف تدريس مادة المؤلفات في السلك الثانوي التأهيلي‬


‫ثلث أنواع من القراءات المنهجية الساسية وهي‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬القراءة التوجيهية تهتم بقراءة النص الموازي للنص‬
‫وعتباته الخارجية والمحيطة؛‬
‫ب‪ -‬القراءة التحليلية التي تروم تحليل النص من خلل‬ ‫‌‬
‫مكوناته الدللية والبنائية؛‬
‫ت‪ -‬القراءة التركيبية التي تتمثل في استجماع النتائج‬ ‫‌‬
‫والخلصات المحصل عليها واستحضار القراءات النقدية‬
‫المقومة للعمل‪.‬‬
‫‪ -3‬مكون علوم اللغة‪:‬‬

‫يقصد بعلوم اللغة كل الدوات الفنية والتعبيرية والليات‬


‫الجمالية التي تسعفنا في فهم النص وتحليله وتقييمه‬
‫وتذوقه‪ .‬ويضم هذا المكون علوم البلغة والعروض والنحو‬
‫والصرف والتركيب‪ .‬ولتدريس هذا المكون اللغوي من‬
‫الفضل اتباع المنهجية التالية‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬النطلق من النص الرئيس أو من نصوص موازية أو‬
‫مساعدة تكمل رؤية الدرس؛‬
‫ب‪ -‬قراءة النص أو النصوص المساعدة قراءة متعمقة‬ ‫‌‬
‫فاحصة يتقاطع فيها ماهو دللي مع ماهو لغوي؛‬
‫ت‪ -‬تحديد الشواهد المدروسة مع وصفها وتحليلها؛‬ ‫‌‬
‫ث‪ -‬استخراج القواعد والمبادئ الكلية المنظمة للظاهرة‬ ‫‌‬
‫اللغوية المدروسة في شكل نظريات أو تعاريف أو قوانين‬
‫لغوية معيارية؛‬
‫ج‪ -‬إنجاز تطبيقات على تلك الظواهر المدروسة قصد‬ ‫‌‬
‫ترسيخها في ذهن المتعلم والوقوف على حدودها؛‬
‫ح‪ -‬توظيف المدروس في إنتاجات شخصية؛‬ ‫‌‬
‫خ‪ -‬استثمار هذا المكون اللغوي في باقي المجزءات‬ ‫‌‬
‫الخرى كالنصوص والمؤلفات والتعبير والنشاء‪.‬‬

‫‪ -4‬مكون التعبير والنشاء‪:‬‬


‫ينبني مكون التعبير والنشاء في منهاج اللغة العربية على‬
‫مجموعة من النشطة الوظيفية التي يمكن اختزالها في‬
‫العمال التية‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬أنشطة الكتساب‪:‬هي أنشطة موجهة للتعلم الذاتي‬
‫ينجزها التلميذ فرادى وجماعات في ضوء توجيهات‬
‫الستاذ حيث يرشدهم إلى كيفية استثمارها حسب‬
‫ماتقتضيه كل مجزءات المقرر؛‬
‫ب‪ -‬أنشطة التطبيق‪ :‬تخصص للتعلمات الصفية مما أنجزه‬ ‫‌‬
‫التلميذ من أنشطة الكتساب؛‬
‫ت‪ -‬أنشطة النتاج‪ :‬تخصص لنتاج مهارة تعبيرية أو‬ ‫‌‬
‫إنشائية؛‬
‫ث‪ -‬أنشطة التقويم‪ :‬تخصص لتقويم المتعلم ضمن‬ ‫‌‬
‫وضعيات إنجازية‪.‬‬

‫‪ -3‬منهاج اللغة العربية الجديد بين الوصف والتقويم‪:‬‬

‫‌أ‪ -‬مادة اللغة العربية في الجذوع المشتركة‪:‬‬

‫لقد انطلقت مديرية المناهج من فكرة توحيد برامج اللغة‬


‫العربية ومقرراتها‪ ،‬ولكن مع تنويع الكتب والمؤلفات التي‬
‫يساهم في تأليفها مجموعة من المفتشين المؤطرين‬
‫والساتذة و المتخصصين في الميدان سواء أكانوا ينتمون‬
‫إلى قطاع التربية الوطنية أم كانوا أساتذة جامعيين ينتمون‬
‫إلى مؤسسات وزارة التعليم العالي وتكوين الطر أم كانوا‬
‫من المساهمين الخواص‪ .‬وتتسم هذه المبادرة بحرية‬
‫التأليف والبداع والتنافس وتحرير سوق الطبع والنشر‬
‫والتوزيع مع احترام شروط دفتر التحملت والعمل في‬
‫فريق تربوي غالبا ما يوجهه عضو منسق مسؤول عن‬
‫تأليف الكتاب المقرر‪ .‬وعندما يقبل الكتاب من قبل‬
‫الوزارة الوصية تجيزه بوضع تأشيرة مرقمة ومؤرخة‪.‬‬
‫وعند وضع مقررات اللغة العربية‪ ،‬لبد أن يراعي المؤلفون‬
‫أو الوزارة مجموعة من الضوابط التي لمندوحة عنها‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬احترام الهيكلة الجديدة للتعليم الثانوي‬
‫التأهيلي) مسلك الداب والعلوم النسانية‪ ،‬مسلك العلوم‬
‫والتكنولوجيا(؛‬
‫‪ -2‬توحيد مفردات البرنامج أو المنهاج الدراسي وعدم‬
‫الخروج عنها؛‬
‫‪ -3‬احترام خصوصية كل مسلك دراسي على حدة على‬
‫مستوى الغايات وسيرورة التعلم والمضامين؛‬
‫‪ -4‬النطلق من بيداغوجيا الكفايات والتعلم الذاتي؛‬
‫‪ -5‬استثمار معطيات التطور العلمي والطباعي في وضع‬
‫المقررات الدراسية لتحقيق الجودة البصرية والقرائية؛‬
‫‪ -6‬تنويع كتب المقرر وإعطاء فرصة الختيار للمدرس أو‬
‫المؤطر؛‬
‫‪ -7‬إشراك جميع الساتذة في التأليف أو إبداء آرائهم‬
‫ومقترحاتهم حول الكتاب المقرر قبل طبعه ونشره‬
‫وتسويقه؛‬
‫‪ -8‬النطلق من فلسفة الحداثة و التواصل واحترام الخر‬
‫مع التشبث بالوطنية والهوية العربية السلمية؛‬
‫‪ -9‬احترام خصوصية المتعلم ومستواه الدراسي والرتكان‬
‫إلى البيداغوجيا الفارقية أثناء التأليف ريثما أن نصل إلى‬
‫التعامل بالمقرر الجهوي؛‬
‫‪ -10‬طبع الكتب المدرسية الخاصة باللغة العربية أو‬
‫بالمواد الخرى في الوقت المناسب وبالثمن المناسب‬
‫وبالعدد الكافي‪.‬‬
‫أما إذا انتقلنا إلى كتاب اللغة العربية الذي وجه إلى تلميذ‬
‫الجذع المشترك ) مسلك الداب والعلوم النسانية( فإنه‬
‫ينطلق من نظرية التجنيس أو المقاربة الجناسية‬
‫للنصوص الدبية أو ما يسمى أيضا بنظرية الدب‪ .‬وقد‬
‫قسمت المادة الدبية إلى النماط الجناسية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الحكي‪ :‬السرد‪ -‬الوصف‪ -‬الحوار‪.‬‬
‫‪ -2‬الحجاج‪ :‬الخبار‪ -‬التفسير‪ -‬القناع‪.‬‬
‫‪ -3‬الشعر العمودي‪ :‬المدح‪ -‬الوصف‪ -‬الغزل‪.‬‬
‫‪ -4‬شعر التفعيلة‪ :‬شعر المدينة‪ -‬شعر الغتراب‪ -‬شعر‬
‫المقاومة والنضال‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ويتقاطع في هذا التصنيف مجموعة من المناهج‬
‫النقدية في قراءة النص الدبي‪ :‬المنهج الفني الذي يهدف‬
‫إلى دراسة الدب العربي حسب فنونه وأغراضه الشعرية‬
‫)المدح والوصف والغزل‪ /‬الشعر العمودي وشعر‬
‫التفعيلة(‪ ،‬والمنهج البنيوي السلوبي الذي يفكك النصوص‬
‫إلى ثوابت ومرتكزات ووظائف تميز نصوصا معينة عن‬
‫نصوص أخرى على غرار شعرية الجناس مثل‪ :‬الحكي‬
‫والحجاج والسرد والحوار والوصف والقناع‪ ...‬ومنهج‬
‫الظواهر الدبية أو المنهج الموضوعاتي مثل‪ :‬شعر المدينة‪،‬‬
‫شعر الغتراب‪ ،‬وشعر المقاومة والنضال‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫هذا المقرر يتسم بالتنوع المنهجي وتعدد مقاربات‬
‫التصنيف للمادة البداعية‪ .‬ويساهم مكون اللغة والتعبير‬
‫والنشاء) إنتاج نص سردي‪ -‬إنتاج نص وصفي‪ -‬إنتاج‬
‫حواري‪ -‬إنتاج نص حجاجي‪ -‬تحويل نص شعري‪ -‬توسيع‬
‫مقطع شعري( في إثراء اللغة العربية ومنهاجها‪ .‬أما‬
‫المؤلفات الدبية فقد ارتكزت على فنين‪ :‬الرواية‬
‫والمسرح من خلل اختيار نصوص إبداعية مغربية) عز‬
‫الدين التازي‪ -‬شغموم الميلودي‪ -‬الطيب الصديقي‪ -‬عبد‬
‫الكريم برشيد(‪ ،‬وشرقية) سهيل إدريس‪ -‬سعد الله‬
‫ونوس(‪ ،‬وتم إغفال القصة القصيرة التي كان ينبغي‬
‫استحضارها على غرار مقررات اللغة الفرنسية في التعليم‬
‫الثانوي‪ .‬وتجمع هذه النصوص بين طابعين‪ :‬كلسيكي‬
‫وحداثي تجريبي‪ .‬كما تطرح عدة قضايا معنوية كقضية‬
‫حقوق النسان وقضية الشرق والغرب وقضية الستبداد‬
‫وقضية المثقف والسلطة وصراع الفنان مع القوى‬
‫المحافظة وقضية مدن الصفيح‪.‬‬
‫ويلحظ على مستوى مكون اللغة‪ ،‬أن واضعي المقرر‬
‫الجديد لم يأخذوا بمستجدات اللسانيات الحديثة كالمقرر‬
‫القديم نظرا لوعيهم بتقهقر مستوى التلميذ وانحداره في‬
‫السنوات الخيرة بسبب اللمبالة وانعدام الرغبة في‬
‫التمدرس بعد انسداد آفاق المستقبل‪ ،‬ناهيك عن الطابع‬
‫التجريدي للسانيات وتعقيد إشكالتها ومفاهيمها‬
‫الصطلحية‪.‬‬
‫أما مقرر الشعبة العلمية والتقنية فقد سار نسبيا في‬
‫احتذاء مسار منهاج اللغة العربية في المسالك الدبية‬
‫والنسانية لغلبة الطابع الدبي على الكتاب كتقسيم‬
‫النصوص بطريقة فنية أجناسية إلى نص سردي ونص‬
‫وصفي ونص حواري ونص حجاجي ونص إعلمي ونص‬
‫تخييلي في المجزأة الولى‪ .‬أما في المجزأة الثانية‪ ،‬فقد‬
‫اعتمدت مقاربة القضايا والظواهر كقضية العولمة‪ ،‬وثقافة‬
‫حقوق النسان‪ ،‬ونظام التصال‪ ،‬وحضارة الصورة‪ .‬وانتقل‬
‫المنهاج في الخير إلى فن الشعر من خلل شعر المدينة‬
‫وشعر السجن والحرية‪ .‬ويعني هذا أن مقرر الشعبة‬
‫العلمية لم يتميز عن المقررات السابقة لغلبة ماهو أدبي‬
‫على المواضيع العلمية والتقنية والفكرية‪ .‬بل يمكن القول‪:‬‬
‫ليس هناك جديد على مستوى التصنيف والعداد والتطوير‬
‫بل كان نسخة حرفية للمقررات العلمية القديمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬منهاج اللغة العربية في السنة الولى من سنوات‬‫‌‬


‫الباكلوريا‪:‬‬

‫يدرس منهاج اللغة العربية في مسلك الداب والعلوم‬


‫النسانية الدب العربي‪ :‬شعرا ونثرا في أربعة مجزءات‬
‫متكاملة بنيويا ووظيفيا عبر العصور الدبية على غرار‬
‫الكتاب المدرسي السابق من العصر الجاهلي إلى العصر‬
‫العباسي مع النعطاف على الدب الندلسي والمغربي‪ .‬ول‬
‫يذكر المقرر إطلقا العصر العثماني الذي برزت فيه كثير‬
‫من القمم الدبية الشامخة كابن خلدون وأبي حازم‬
‫القرطاجني وآخرين‪...‬‬
‫ويبدو أن الكتاب يتخذ في تقسيم الدب العربي عدة‬
‫مقاربات ومناهج دراسية يمكن حصرها في ثلث‪:‬‬
‫‪ -1‬المقاربة التاريخية السياسية التي تدرس الظاهرة‬
‫الدبية حسب العصور السياسية على غرار كتابات‬
‫المستشرقين) بروكلمان وكارلو نالينو‪ ،(...‬وكتابات تاريخ‬
‫الدب العربي كما عند جورجي زيدان وتوفيق العدل وطه‬
‫حسين وشوقي ضيف وحنا الفاخوري وعمر فروخ وعبد‬
‫الله كنون وحسن الزيات و نجيب البهبيتي‪(...‬؛ونجدها في‬
‫المنهاج واضحة في تسلسل العصور الدبية‪ :‬العصر‬
‫الجاهلي‪ ،‬والعصر السلمي ‪ ،‬والعصر الموي‪ ،‬والعصر‬
‫العباسي بشقيه‪ :‬الشرقي والغربي )الندلسي والمغربي(؛‬
‫‪ -2‬المقاربة الجناسية أو شعرية الجناس الدبية أو نظرية‬
‫الدب التي تصنف الدب حسب الجناس والنواع والنماط‬
‫كما عند جيرار جنيت وتودوروف والشكلنية الروسية أو‬
‫عند الدارسين العرب كعز الدين إسماعيل ومحمد مندور‬
‫وإحسان عباس وعبد المنعم تليمة ورشيد يحياوي‪...‬‬
‫وتتمظهر في المنهاج من خلل الجناس التالية‪ :‬أدب‬
‫المقامة‪ ،‬وأدب الترسل‪ ،‬وأدب الخطابة‪ ،‬وأدب المناظرة‪،‬‬
‫وأدب الرحلة‪ ،‬وأدب الحكاية العجيبة‪ ،‬وأدب السيرة‪...‬‬
‫‪ -3‬مقاربة القضايا والظواهر) المقاربة الموضوعاتية( هي‬
‫التي ترصد المواضيع الدبية والنقدية على غرار منهج‬
‫الدكتور عزالدين إسماعيل في دراسة الشعر العربي‬
‫المعاصر والدكتور عباس الجراري في دراسة الدب‬
‫المغربي والندلسي‪ ،‬إذ يجمع المنهج بين القضايا الدللية‬
‫والطوابع الشكلية والفنية‪ .‬ويتمثل هذا المنهج في البرنامج‬
‫الجديد في المفاهيم التالية‪ :‬الشعر القديم والتعبير عن‬
‫الذات‪ ،‬و الشعر القديم والتعبير عن الجماعة‪ ،‬و الشعر‬
‫والتحول‪ ،‬وعمود الشعر‪ ،‬والتخييل الشعري‪،‬وأغراض‬
‫الشعر‪،‬واللفظ والمعنى‪،‬والطبع والصنعة‪ ،‬والموازنة بين‬
‫الشعراء‪.‬‬
‫وإذا كان منهاج اللغة العربية يتسم بالتنوع المنهجي وتعدد‬
‫المداخل والمقاربات فإن مادة علوم اللغة لم تخرج عن‬
‫نطاق المفردات اللغوية المألوفة في المقررات السابقة‪،‬‬
‫ولكنها حاولت أن تتجاوز كل تعقيدات الطرح اللساني في‬
‫دراسة البلغة والعروض‪ .‬وأتت مواكبة لمستوى التلميذ‬
‫في الشعبة الدبية العصرية أو الصيلة‪.‬‬
‫أما مادة المؤلفات‪ ،‬فنرى نقلة نوعية في تجديد الكتاب‬
‫المدرسي يراد منها خلق النسجام بين المجزءات‬
‫الدراسية وتصور مندمج شمولي بين كل مفردات المقرر‬
‫والمكونات الدراسية‪ .‬و يدرس ضمن مكون المؤلفات‬
‫كتابان ينتميان من حيث المادة المدروسة إلى الدب‬
‫القديم إما في شكل دراسة نقدية لهذا الدب وإما دراسة‬
‫جنس إبداعي قديم يتمثل في أدب السيرة‪ .‬وهذا الختيار‬
‫موفق ووجيه لطابعه التكاملي الندماجي والشمولي الذي‬
‫يواكب مقتضيات بيداغوجيا الكفايات‪ .‬وينحصر النشاء في‬
‫بلورة مهارات تحليلية ومنهجية تتجلى في مهارة وضع‬
‫تصميم لموضوع‪ ،‬ومهارة التعليق والحكم‪ ،‬ومهارة العرض‬
‫الشفهي‪.‬‬
‫وإذا تصفحنا منهاج اللغة العربية في مسلك العلوم‬
‫والتكنولوجيا فإن تصنيف مواده التعليمية‪ -‬التعلمية قد تم‬
‫حسب أنواع الخطابات ) الخطاب الشهاري‪ ،‬الخطاب‬
‫الصحفي‪ ،‬الخطاب السياسي(‪ ،‬والمفاهيم) الحداثة‪،‬‬
‫التواصل والبداع(‪ ،‬والقضايا )النسان والتنمية‪ ،‬النسان‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬النسان ومشاكل الهجرة(‪ ،‬والقيم النسانية‬
‫في الشعر) التضامن‪ ،‬التسامح‪ ،‬الجمال(‪ .‬وتترابط مع هذه‬
‫المواضيع آليات لغوية نحوية وبلغية ومهارات إنشائية‬
‫كمهارة الربط بين الفكار وتوسيع فكرة وتحليل صورة‬
‫ومهارة المقارنة والستنتاج‪.‬‬
‫ولثراء النقاش حول المقرر الدراسي‪ ،‬أقترح بكل‬
‫موضوعية وتجرد إدراج البحر المتدارك لهميته في تشكيل‬
‫اليقاع الشعري المعاصر‪ ،‬كما ينبغي تمديد مقرر السنة‬
‫الولى من الباكلوريا ليشمل الفترة العثمانية أو مايسمى‬
‫خطأ بعصر النحطاط‪ .‬ولبد من تحديد مفهوم التحول في‬
‫الشعر العربي بكل دقة مع تعيين الفترة التي بدأ فيها هذا‬
‫التحول الجتماعي والفني‪ :‬هل مع عصر صدر السلم أم‬
‫مع العصر الموي أم مع العصر العباسي؟! وهل الدب‬
‫الندلسي متميز عن الدب المغربي أم يشكلن لحمة‬
‫واحدة؟ كما نتساءل عن نصوص غائبة في المنهاج كالنص‬
‫الديني‪ ،‬والنص التاريخي‪ ،‬والنص الفلسفي؟! ويلحظ أيضا‬
‫تغييب الكناية مع تعويضها بالستعارة الصلية والتبعية التي‬
‫ل أهمية لها من حيث الستعمال والتوظيف مادمنا قد‬
‫اخترنا الستعارة التصريحية والمكنية‪ ،‬كما غيب فن الزجل‬
‫في الشعر الندلسي و ظاهرة الدب الشعبي‪ .‬ونلحظ‬
‫كذلك اضطرابا منهجيا وتلفيقا في المقاربات‪ .‬ويمكن أن‬
‫نقترح تصنيفا منهجيا آخر أل وهو المنهج الموضوعاتي في‬
‫تصنيف المادة الدبية القديمة‪:‬‬
‫‪ -1‬بنية القبيلة ) الشعر الجاهلي(‬
‫‪ -2‬بنية العقيدة) عصر صدر السلم(‬
‫‪ -3‬بنية السياسة) عصر بني أمية(‬
‫‪ -4‬بنية التحول) عصر بني العباس(‬
‫‪ -5‬بنية الجهاد) الشعر المغربي‪ /‬الندلسي(‪.‬‬
‫ويلحظ أن هناك عدم النسجام بين مقرر الشعبة العلمية‬
‫والتقنية في الجذع المشترك والسنة الولى من البكالوريا‪،‬‬
‫و يعود هذا في رأيي إلى اختلف اللجن التي تكلفت بوضع‬
‫المقررات الدراسية في هذه المسالك‪ .‬وما يثير انتباهي‬
‫الخلط في المنهاج الجديد بين المفاهيم ) الحداثة‪ ،‬البداع‪،‬‬
‫التواصل(‪ ،‬والقيم النسانية ) التضامن‪ ،‬الجمال‪ ،‬التسامح(‪.‬‬
‫ويلحظ أيضا طغيان الطابع الدبي على النصوص مع‬
‫التقليل أوتغييب النصوص العلمية والتقنية التي تنسجم مع‬
‫تطلعات التلميذ ورغباته الذاتية‪.‬‬

‫ت‪ -‬منهاج اللغة العربية في السنة الثانية من التعليم‬


‫الثانوي التأهيلي‪:‬‬

‫يعتمد منهاج اللغة العربية في السنة الثانية من البكالوريا‬


‫على المقاربة التاريخية ) العصر الحديث والمعاصر(‬
‫والجناسية الفنية التي توزع المادة البداعية إلى عدة‬
‫تجارب شعرية وهي‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬تجربة الحياء والتجديد من خلل الشعرين‪ :‬الكلسيكي‬
‫والرومانسي؛‬
‫ب‪ -‬تجربة التحديث والمعاصرة التي تتمثل في شعر‬ ‫‌‬
‫التفعيلة وقصيدة النثر‪.‬‬
‫وتنقسم المادة النثرية إلى عدة فنون أدبية كالمقالة‬
‫والقصة والمسرحية والنقد الدبي بمناهجه التي تركز على‬
‫المؤلف والنص والمتلقي‪ .‬أما النشاء فيعتمد على مهارتين‬
‫بارزتين‪ :‬مهارة كتابة إنشاء مقالي حول نص أدبي و مهارة‬
‫كتابة إنشاء مقالي حول قضية أدبية‪ .‬وتنحصر مادة‬
‫المؤلفات في دراسة كتابين‪ :‬الول لحمد المعداوي‬
‫بعنوان‪ :‬أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث‪ ،‬والثاني‬
‫لحسين الواد بعنوان‪ :‬في مناهج الدراسة الدبية‪.‬‬
‫ويشمل مكون علوم اللغة ظواهر بلغية حداثية كالصورة‬
‫الشعرية والنزياح والرمز وظواهر صوتية وإيقاعية كشعر‬
‫التفعيلة وبلغة الخطاب‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإننا ننوه بالمنهاج الجديد الذي أتى بقصيدة النثر‬
‫وبمؤلفات جديدة في مجال النقد الدبي المعاصر ونظرية‬
‫الدب والمناهج‪ ،‬إل أنه أهمل الشعر البصري ‪ /‬الكونكريتي‬
‫الذي لمع فيه كل من محمد بنيس وعبد الله راجع‬
‫وبلبداوي وبنسالم حميش على الرغم من أن هذا النوع‬
‫من الشعر يدرس في مادة الفرنسية ولسيما نص أبولينير‬
‫‪ .APOLLINAIRE‬كما أغفل المنهاج الخاطرة التي صارت‬
‫جنسا أدبيا مستقل بنفسه‪.‬‬
‫وعلى مستوى مكون اللغة‪ ،‬كان من الفضل إدراج‬
‫السطورة والغموض والتناص ضمن مبحث البلغة لكونها‬
‫من العناصر الجوهرية لتشكيل الشعر العربي المعاصر‪،‬‬
‫بينما نفضل إدراج التوازي الصوتي وبنية الموازنة في‬
‫دراسة القصيدة النثرية‪ .‬ول ننسى إدراج النسجام‬
‫والتساق ضمن مكون الخطاب والتدوير والنزياح ضمن‬
‫التركيب ‪.‬‬
‫وإذا عدنا إلى دراسة المؤلفات‪ ،‬فمن الفضل أن نختار‬
‫عدة كتب نقدية ونترك للساتذة حرية الختيار‪ ،‬فهناك‬
‫عديد من الكتب التي تناولت الشعر العربي المعاصر‬
‫بالتنظير والدراسة والتقعيد مثل كتاب نازك الملئكة‪:‬‬
‫قضايا الشعر العربي المعاصر‪ ،‬وكتاب عز الدين إسماعيل‪:‬‬
‫الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية‪،‬‬
‫وكتاب إحسان عباس‪ :‬اتجاهات الشعر المعاصر‪ ،‬وكتاب‬
‫محمد بنيس‪ :‬الشعر المعاصر‪ ،‬وكتاب عبد الله راجع ‪ :‬بنية‬
‫الشهادة والستشهاد‪ ،‬وكتاب أعراب أحمد الطريسي‪:‬‬
‫الرؤية والفن في الشعر العربي الحديث بالمغرب‪ .‬ويمكن‬
‫أن نختار على مستوى المناهج كتاب صلح فضل‪ :‬مناهج‬
‫النقد المعاصر‪ ،‬وكتاب محمد عمر الطالب‪ :‬مناهج الدراسة‬
‫الدبية الحديثة‪.‬‬
‫ونخلص مما سبق إلى القول‪ :‬إن منهاج اللغة العربية في‬
‫التعليم الثانوي قد دخل مرحلة جديدة انسجاما مع فلسفة‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين تتمثل في تعدد الكتب‬
‫المدرسية لسنة دراسية واحدة على الرغم من توحيد‬
‫برامجها‪ ،‬و الستفادة من التطور العلمي والتقني في‬
‫مجال الطباعة ونشر الكتب الدراسية‪ ،‬وتنويع المؤلفات‬
‫الدبية لكي يتاح للمتعلم والمدرس معا حرية اختيار‬
‫النصوص التي تستجيب لذوقهما وأفق توقعهما‪ ،‬والتخلص‬
‫من التعقيدات اللسانية التي اتسمت بها الكتب المدرسية‬
‫السابقة‪.‬‬
‫‪ -9‬التعليم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬
‫ألقى ملك المغرب محمد السادس يوم ‪ 18‬ماي ‪ 2005‬م‬
‫خطابه السامي الذي أعلن فيه خطة جديدة من أجل‬
‫تحقيق تنمية بشرية قصد الحد من ظاهرة الفقر‬
‫والتهميش والتخلف والتفاوت الطبقي والجتماعي‬
‫ومساعدة ذوي الحاجات والجماعات القروية والحضرية‬
‫التي تعاني من قلة الموارد والمكانيات‪ .‬إن المبادرة‬
‫الوطنية للتنمية البشرية ما هي إل جواب ميداني لسؤال‬
‫المعضلة الجتماعية التي تواجه المغرب بكل حدة بعد أن‬
‫صنف المغرب في الرتبة ‪ 124‬من بين ‪ 177‬دولة وما‬
‫أكده التقرير الدولي الذي بين أن المغرب يوجد تحت عتبة‬
‫الفقر‪ ،‬وأنه ستنتقل من ‪ 6.6‬في المائة إلى ‪ 11.7‬في‬
‫المائة داخل المناطق القروية‪ ،‬وسيرتفع عدد السر‬
‫المعوزة من ‪ %56.8‬إلى ‪ ،%60.5‬مثلما سينتقل المعدل‬
‫الجمالي للفقر على المستوى الوطني بدوره من ‪%13.6‬‬
‫إلى ‪ ،%22.1‬وبهذا سيكون المغرب بعد عشر سنوات في‬
‫مصاف الدول الكثر فقرا في العالم‪.‬‬
‫وتتسم المبادرة الوطنية التي أعلنها جللة الملك بكونها‬
‫رؤية اجتماعية شمولية مندمجة تستهدف إرساء مجتمع‬
‫عادل ديمقراطي يحارب الفقر والعزلة والقصاء‬
‫والتهميش ويزرع الثقة والمل وروح التعاون والتكافل‬
‫والكرامة ويحارب اليأس والمية والجهل والتسول والذل‬
‫والمهانة و كل الظواهر الجتماعية السلبية كالكسل‬
‫والخمول و الدعارة والتهريب واللصوصية والقتل‪...‬‬
‫ويرتكز المشروع المجتمعي الذي تدعو إليه المبادرة‬
‫الوطنية على مجموعة من المقومات الساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الديمقراطية السياسية‪.‬‬
‫‪ -2‬الفعالية القتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬التماسك الجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل والجتهاد‪.‬‬
‫‪ -5‬تمكين كل مواطن من الستثمار المثل لمؤهلته‬
‫وقدراته‪.‬‬
‫وقد بدأت المبادرة الوطنية بتنفيذ مجموعة من المشاريع‬
‫التنموية كترسيخ دولة الحق والقانون‪ ،‬وتوسيع فضاء‬
‫الحريات‪ ،‬والنهوض بحقوق المرأة والطفل‪ ،‬وبأوضاع‬
‫الفئات الجتماعية التي تعاني الفاقة والضعف‪ .‬كما تم بناء‬
‫اقتصاد عصري ومنتج من خلل المشاريع الكبرى خاصة‬
‫في مجال التجهيزات الساسية‪ ،‬وتأهيل النسيج النتاجي‬
‫الوطني ‪ ،‬واتخاذ عدة تدابير لتحفيز الستثمار والمبادرة‬
‫الحرة‪ .‬فضل عما أنجز في إطار مشاريع وزارية قطاعية‪،‬‬
‫وبرامج التنمية الجهوية‪ .‬كما وفرت هذه المبادرة الوطنية‬
‫المستمرة‪-‬التي انطلقت قبل صيغتها الجديدة منذ تولي‬
‫محمد السادس قيادة المملكة المغربية‪ -‬الوسائل والليات‬
‫الكفيلة بالدفع قدما بعملية التنمية‪ ،‬وفي مقدمتها صندوق‬
‫الحسن الثاني للتنمية القتصادية والجتماعية‪ ،‬علوة على‬
‫تسريع وتيرة إنجاز البرامج الوطنية للتزويد بالماء‬
‫الشروب والكهربة الشاملة للعالم القروي وفك العزلة‬
‫عنه‪.‬‬
‫وتستند المبادرة الوطنية حسب العاهل المغربي إلى أربع‬
‫ركائز مرجعية أساسية أل وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬العتماد على المعطيات الموضوعية للشكالية‬
‫الجتماعية في المغرب)جماعات قروية وحضرية تعيش‬
‫ظروفا صعبة‪ :‬المية‪ -‬الفقر‪ -‬التهميش‪ -‬العزلة‪ -‬انعدام‬
‫الكرامة‪ -‬البطالة‪ -‬ضعف فرص الشغل‪ -‬قلة التجهيزات‬
‫الساسية‪.(...‬‬
‫‪ -2‬إن إعادة التأهيل الجتماعي عملية معقدة ‪ ،‬شاقة‬
‫وطويلة النفس ‪ ،‬ليمكن اختزالها في مجرد تقديم إعانات‬
‫ظرفية‪ ،‬أو مساعدات موسمية مؤقتة‪ .‬كما ليمكن التعويل‬
‫فيها على العمال الخيرية؛ أو الحسان العفوي‪ ،‬أو‬
‫الستجابة لوازع أخلقي‪ ،‬أو لصحوة ضمير‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فالتنمية المستدامة لن تتحقق إل بسياسات عمومية‬
‫مندمجة عملية متماسكة‪ ،‬ومشروع شامل‪ ،‬وتعبئة قوية‬
‫متعددة الجبهات‪ ،‬تتكامل فيها البعاد السياسية والجتماعية‬
‫والقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية‪.‬‬
‫‪ -3‬خيار النفتاح في عالم يعرف تحولت متسارعة‪،‬‬
‫وتغيرات عميقة‪ ،‬ويفرض بالتالي إكراهات وتحديات‪،‬‬
‫تعرض تماسك الروابط الجتماعية والترابية للهشاشة‪،‬‬
‫وتفرض أنماطا للعيش والستهلك‪ ،‬ونماذج فكرية كاسحة‪،‬‬
‫ليمكننا تفاديها أو تجاهلها‪ .‬وكل هذا يفرض علينا النخراط‬
‫في عمل جماعي والبتعاد عن النغلق والهتمام بالحلول‬
‫الذاتية المنافية للمصلحة العليا للوطن‪.‬‬
‫‪ -4‬النطلق من العبر المستخلصة من تجارب المغرب‬
‫السابقة‪ ،‬ومن النماذج الموفقة لبعض البلدان‪ ،‬في مجال‬
‫محاربة الفقر والقصاء‪ ،‬التي تدل على أن رفع هذا‬
‫التحدي‪ ،‬رهين بالتحديد المضبوط للهداف‪ ،‬وبالتعبئة‬
‫الشاملة لبلوغها‪ ) .‬بينت التجارب أن المقاربات التنموية‬
‫غير المندمجة ذات القطاعات النفرادية غير نافعة على‬
‫عكس المقاربات التشاركية التعاقدية ودينامية النسيج‬
‫الجمعوي المحلي(‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن المبادرة الوطنية لكي تحقق أهدافها السامية‬
‫لبد أن تعتمد على التفعيل الميداني والثقة والمصداقية‬
‫والمواطنة الفاعلة والستمرارية في العمل واختيار برامج‬
‫عمل ومشاريع واقعية وطموحة‪ .‬وينبغي أل تخرج عن‬
‫محاور ثلثة حددتها المبادرة الوطنية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬التصدي للعجز الجتماعي الذي تعرفه الحياء الحضرية‬
‫والجماعات القروية الفقيرة والكثر خصاصة وذلك بتوسيع‬
‫استفادتها من المرافق والخدمات والتجهيزات الجتماعية‬
‫الساسية‪ ،‬من صحة وتعليم‪ ،‬ومحاربة المية‪ ،‬وتوفير للماء‬
‫والكهرباء والسكن اللئق وشبكات التطهير والطرق وبناء‬
‫المساجد ودور الشباب والثقافة والملعب الرياضية‪.‬‬
‫‪ -2‬تشجيع النشطة المتيحة للدخل القار والمدرة لفرص‬
‫الشغل‪ ،‬مع اعتماد توجه حازم يتوخى ابتكار حلول ناجعة‬
‫للقطاع غير المنظم‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على الستجابة للحاجيات الضرورية للشخاص‬
‫في وضعية صعبة أو لذوي الحتياجات الخاصة لنتشالهم‬
‫من أوضاعهم المتردية‪ ،‬والحفاظ على كرامتهم وتجنيبهم‬
‫الوقوع في النحراف أو النغلق أو الفقر المدقع‪.‬‬
‫وقد قرر المسؤولون عن تنفيذ المبادرة الوطنية أن يتم‬
‫تأهيل ‪ 360‬جماعة الشد خصاصة في العالم القروي‪ ،‬و‬
‫‪ 250‬من الحياء الحضرية الفقيرة ‪ ،‬العتيقة منها‬
‫والعشوائية والصفيحية المحيطة بالمدن‪ ،‬التي تتجلى فيها‬
‫المظاهر الصارخة للقصاء الجتماعي والبطالة والنحراف‬
‫والبؤس‪ ،‬وتأهيل الشخاص المعوزة وذوي الحاجات‬
‫الخاصة كالمعوقين والمشردين والطفال المتخلى عنهم‬
‫والعجزة واليتام حسب الموارد المتاحة والمكانيات‬
‫المتوفرة‪.‬‬
‫و بعد هذا العرض الوجيز حول سياق المبادرة الوطنية في‬
‫سياقها المحلي الوطني والدولي نتساءل ‪ :‬ماهي علقة‬
‫التعليم بتفعيل المبادرة الوطنية للتنمية الجتماعية؟‬
‫توصلت نيابات التعليم التابعة لقطاع التربية الوطنية‬
‫بمذكرات وزارية ومذكرات أكاديمية توضح المبادرة‬
‫الوطنية للتنمية الجتماعية في مجال التربية والتعليم‬
‫والتكوين وطرائق تفعيلها ميدانيا وأجرأتها واقعيا ولسيما‬
‫مذكرة رقم ‪ 17‬شهر يونيو ‪ 2005‬والمذكرة الوزارية رقم‬
‫‪ 76‬بتاريخ ‪ 9‬يونيو ‪ 2005‬والمذكرة الكاديمية رقم ‪5‬‬
‫بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪.2005‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فالتعليم يعد مجال فعال للمساهمة في التنمية‬
‫الجتماعية ورافعة للتعبئة والندماج الجتماعي لتحقيق‬
‫هذه المبادرة الوطنية في شكل خطط وبرامج وأهداف‬
‫ومشاريع على المدى القريب والمتوسط والبعيد ‪ .‬ويمكن‬
‫أن تتظمهر هذه المبادرة في عدة مجالت نذكر منها‪:‬‬
‫محاربة المية والهدر المدرسي والتعثر وظاهرة التكرار‬
‫والرسوب عن طريق الدعم التربوي ومساعدة المتعثرين‬
‫منهم بتأهيلهم من جديد أو وضعهم في أقسام خاصة‬
‫لتوجيههم والوقوف بجانبهم‪ .‬فضل عن الرتقاء بالتمدرس‬
‫وتحقيق الجودة في التربية والتعليم والتكوين وتقديم‬
‫الخدمات التربوية‪ ،‬علوة على توسيع قاعدة المستفيدين‬
‫من التربية غير النظامية والهتمام بالطفال ذوي الحاجات‬
‫الخاصة من جهة‪ ،‬والمساهمة مع القطاعات الخرى في‬
‫مجالت التنمية البشرية الخاصة بها من جهة أخرى‪ ،‬وتجنيد‬
‫كل الطاقات وتوظيف كل المكانيات والموارد الممكنة‬
‫لبلورة هذه المبادرة التنموية الجتماعية‪.‬‬
‫ومن أجل إثراء هذه المبادرة وتفعيلها ميدانيا نرى أنه لبد‬
‫من عقد اجتماعات مركزية وجهوية ومحلية وعلى صعيد‬
‫المؤسسات التعليمية لمناقشة هذه المبادرة الوطنية‬
‫وتحيينها واقعيا في مشاريع مؤسسات أو النخراط في‬
‫شراكات داخلية وخارجية وإشراك مجالس التدبير وإحضار‬
‫جمعيات الباء وأمهات التلميذ وأوليائهم للمناقشة‬
‫والمشاركة في إنجاح عملية المبادرة‪ .‬ويتم تطبيق الخطة‬
‫في مجال التربية والتعليم على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬تشخيص الوضعية الحالية في مجالت تنمية التمدرس‬
‫والرتقاء بجودة الخدمات التربوية ومحو المية وتوسيع‬
‫قاعدة المستفيدين من التربية غير النظامية‪ ،‬والهتمام‬
‫بالطفال ذوي الحاجات الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬رصد أسباب التأخر في تحقيق الهداف المسطرة‪.‬‬
‫‪ -3‬تحديد أساليب وأشكال التدخل لمعالجة الظواهر التي‬
‫تم تشخيصها حسب الولوية‪.‬‬
‫وأقول في الخير‪ :‬إن المبادرة الوطنية للتنمية الجتماعية‬
‫خطة نهضوية شمولية متداخلة القطاعات وتجربة رائدة‬
‫في العالم العربي تهدف إلى القضاء على الفقر والتخلف‬
‫والبؤس الجتماعي ومحاربة المية والجهل والوبئة وإيجاد‬
‫فرص الشغل للحفاظ على كرامة النسان‪ .‬وينبغي على‬
‫قطاع التعليم أن ينخرط بدوره من أجل الرتقاء بالتربية‬
‫غير النظامية وتحقيق الجودة على جميع الصعدة وبناء‬
‫مؤسسات التربية والتعليم والتكوين ودور إيواء التلميذ‬
‫والطلبة وتوفير الطعام والتغذية المدرسية ومساعدة‬
‫التلميذ الفقراء وذوي الحاجات الخاصة كالمعوقين‬
‫واليتامى والمتخلفين عقليا والمشردين‪....‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الله سطي‪):‬المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬


‫وإشكالية الديمقراطية في المغرب(‪،‬‬
‫?‪http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp‬‬
‫‪aid=54400‬‬
‫‪ -‬انظر وزارة التربية الوطنية‪ :‬في شأن المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية البشرية‪ ،‬مذكرة رقم ‪ 17‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪.2005‬‬
‫‪ -10‬الشــــراكة البيداغوجية‬

‫قامت وزارة التربية الوطنية بالمغرب مؤخرا بعقد‬


‫منتديات الصلح التربوي لمناقشة مفهوم الشراكة‬
‫التربوية كآلية من آليات تحقيق الجودة البيداغوجية وتفعيل‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي انتصف على‬
‫استكمال عشريته الصلحية )‪ (2010-2001‬قصد الرفع‬
‫من مستوى التعليم وتحسين موارده المادية والمالية‬
‫والبشرية لمواكبة مستجدات التربية والتأقلم مع‬
‫المتغيرات الدولية على المستويات‪ :‬القتصادية والسياسية‬
‫والجتماعية والثقافية والعلمية و الستجابة أيضا‬
‫لمتطلبات سوق الشغل وعولمة المنافسة‪.‬‬
‫دعت وزارة التربية الوطنية في مذكرتين توجيهيتين رقم‬
‫‪ 73‬و ‪ 27‬مابين ‪1994‬و ‪ 1995‬إلى الهتمام بمشروع‬
‫المؤسسة والشراكة التربوية من أجل تحسين مستوى‬
‫التلميذ والرفع من مردوديته التحصيلية والتنشيطية كما‬
‫وكيفا قصد دمجه في مدرسة الحياة السعيدة‪ .‬و بعد ذلك‪،‬‬
‫طالبت الوزارة سنة ‪2006‬م بعقد منتديات إصلحية‬
‫بيداغوجية لمناقشة مفهوم الشراكة ومدارسته مركزيا‬
‫وجهويا ومحليا وعلى صعيد المؤسسات قصد الخروج‬
‫بتوصيات وقرارات تطبيقية من أجل تفعيلها ميدانيا‪.‬‬
‫وتقصد وزارة التربية الوطنية من وراء استخدامها‬
‫لمصطلح الشراكة التربوية تضافر كل الجهود من قبل‬
‫الفاعلين الداخليين والخارجيين ليجاد الحلول الناجعة‬
‫لتجاوز المشاكل ومعيقات المؤسسات التعليمية عن‬
‫طريق خلق شراكات بيداغوجية داخلية أو خارجية مع‬
‫مراعاة النصوص القانونية والتنظيمية والتعليمات الدارية‬
‫التي تتبناها المذكرات والمنشورات الوزارية‪ .‬وقد حصرت‬
‫هذه الشراكة فيما هو تربوي وبيداغوجي‪ ،‬أي إن هذه‬
‫الشراكة تخدم مصلحة المتمدرس عن طريق تنمية‬
‫شخصيته على جميع الصعدة والمستويات ليتكيف مع‬
‫الواقع الموضوعي ليصبح مواطنا صالحا مبدعا وفاعل في‬
‫المستقبل والسير به نحو آفاق فضلى وتغييره إيجابيا‬
‫وتهذيبه معرفيا ووجدانيا وحركيا مع توفير جميع الظروف‬
‫المناسبة التي تؤهله للفوز والنجاح والترقي ‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن الشراكة نوعان‪ :‬شراكة داخلية وشراكة خارجية‪.‬‬
‫فالشراكة الداخلية هي تلك الشراكة التي يساهم فيها‬
‫فاعلون من داخل المؤسسة من تلميذ وأساتذة ورجال‬
‫الدارة وقدماء التلميذ وآباء وأمهات التلميذ وأوليائهم من‬
‫أجل خلق مشروع تربوي داخل المؤسسة أو باشتراك مع‬
‫مؤسسة تعليمية أخرى من أجل تحسين أحوال التلميذ‬
‫والرفع من مستوى المتعلم ودعمه تربويا و مساعدته‬
‫ماديا ومعنويا‪ .‬أما الشراكة الخارجية فتتمثل في انفتاح‬
‫المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيواقتصادي‬
‫والمحيط الوطني والدولي‪ ،‬أي إن الشراكة الخارجية قد‬
‫تكون شراكة وطنية أو دولية مع مؤسسات أجنبية وعربية‬
‫ضمن التبادل اللغوي والثقافي والحضاري أو عبر خلق‬
‫توأمة تشاركية مؤسساتية وتحقيق مشاريع تعاون وتمويل‬
‫ودعم ومساعدة‪.‬ويمكن حصر مظاهر الشراكة التربوية‬
‫في الشراكات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الشراكة المادية‪.‬‬
‫‪ -2‬الشراكة المالية‪.‬‬
‫‪ -3‬الشراكة البشرية‪.‬‬
‫‪ -4‬الشراكة الثقافية والفنية والرياضية ‪.‬‬
‫‪ -5‬الشراكة الجتماعية‪.‬‬
‫‪ -6‬الشراكة العلمية‪.‬‬
‫فإذا بدأنا بالشراكة الداخلية لتحديد مجالتها فإننا نتحدث‬
‫هنا عن جميع الفاعلين الذين يساهمون في تدبير‬
‫المؤسسة وتسييرها وتنشيطها والشراف عليها من‬
‫مدرسين وأساتذة ومتعلمين ورجال الدارة ومشرفين‬
‫تربويين وأسر التلميذ ومجلس التدبير داخل المؤسسة‪.‬‬
‫ولخلق مشاريع تربوية تخدم المؤسسة من قريب أو من‬
‫بعيد لبد من التركيز على مواضيع الشراكة ذات الولوية‬
‫والضرورة القصوى كمحاربة الهدر المدرسي عن طريق‬
‫الدعم التربوي وتقديم ساعات إضافية تطوعية لخدمة‬
‫التلميذ ومساعدتهم على مراجعة دروسهم وإنجاز‬
‫واجباتهم وفروضهم المنزلية أو الفصلية مع تدريبهم على‬
‫التطبيق المنهجي والتحليل التركيبي والتقويمي‪ ،‬والخذ‬
‫بيدهم من أجل السير بهم نحو ثقافة التعلم الذاتي‬
‫والتكوين المستمر‪ ،‬وسد كل ثغرات التعثر والنقص لديهم‬
‫عن طريق إرشادهم ومحاورتهم بطريقة ديمقراطية قائمة‬
‫على التوجيه الصحيح والحجاج المنطقي والبرهان العقلي‬
‫من أجل مواصلة دراستهم والتنسيق مع أسرهم من أجل‬
‫إرجاع أولدهم إلى المدرسة وإقناعهم بأهمية التعلم‬
‫والتكوين والتدريس من أجل بناء مواطن صالح‪ .‬كما يمكن‬
‫الستعانة بالمدرسين والمشرفين التربويين للمشاركة في‬
‫تنمية البحوث التربوية التي ترتكز على تحسين أداء‬
‫المتعلم و النطلق من فلسفة الكفايات المستهدفة و‬
‫تجديد الطرائق البيداغوجية والوسائل الديداكتيكية‬
‫وأساليب المراقبة والتقويم وأنظمة المتحانات‪ ،‬دون أن‬
‫ننسى أهمية المشاركة في تكوين المدرسين إداريا وتربويا‬
‫من قبل رجال الشراف ورجال الدارة الذين لهم خبرة‬
‫في الميدان عن طريق مناقشة المذكرات وتوضيحها و‬
‫شرح دواليب التسيير وآليات التدبير بواسطة عقد‬
‫اللقاءات والندوات والمجالس التعليمية لمناقشة قضايا‬
‫التربية والتعليم‪.‬كما تستهدف الشراكة الداخلية تثبيت‬
‫وتطوير استعمال تكنولوجيا العلم والتواصل الرقمي من‬
‫خلل إنشاء خليات العلم والتصال الحاسوبي والسباحة‬
‫العلمية عبر النترنت داخل الشبكة العالمية‪ .‬ول نغفل‬
‫مدى أهمية عملية الرتقاء بعلقات التعامل السيكولوجي‬
‫والجتماعي والداري بشكل بنيوي دينامي وإنساني‬
‫وظيفي داخل المؤسسة التعليمية من خلل احترام‬
‫المتعلمين ورجال التربية والدارة والتدبير و رجال‬
‫الشراف والباء وأمهات التلميذ وأوليائهم واللجوء إلى‬
‫سياسة المرونة والحوار الديمقراطي واحترام حقوق‬
‫النسان وتطبيق مبدإ الحافزية والمساواة واحترام‬
‫الكفاءات وتحقيق الجودة الكيفية )البداعية(‬
‫والكمية) المردودية(‪.‬كما ينبغي أن تستند المشاركة‬
‫التربوية إلى تشجيع البداعات التربوية والرتقاء بالرياضة‬
‫المدرسية وتنشيط المؤسسة التعليمية فنيا وثقافيا‬
‫وإعلميا واجتماعيا وبيئيا من خلل خلق شراكة ذاتية أو‬
‫داخلية‪ .‬و في اعتقادي‪ ،‬يمكن لهذه الشراكات أن تتحقق‬
‫ميدانيا وواقعيا لو طبقت الوزارة نظام سيــﮔما ‪SIGMA‬‬
‫قصد إعطاء المؤسسات التعليمية صفة مصلحة تابعة‬
‫للدولة مسيرة ذاتيا تعتمد على إعانات الدولة ومنحها‬
‫ومواردها الخاصة وما تستجلبه من إمكانيات مادية ومالية‬
‫وبشرية عبر الشراكات التي تخلقها‪.‬‬
‫أما الشراكة الخارجية فقد تكون شراكة محلية إقليمية أو‬
‫جهوية أو وطنية أو دولية‪ ،‬وتتمثل في تأهيل المؤسسات‬
‫التعليمية من خلل الدخول في شراكات مع الجماعات‬
‫المحلية والشركات والمقاولت والجمعيات بشتى أنواعها‬
‫والمجتمع المدني والسلطات المحلية والمواهب البداعية‬
‫من فنانين ومثقفين وموسيقيين ورسامين ومسرحيين‬
‫وسينمائيين ورياضيين وإعلميين وأساتذة الفكر والعلم‬
‫والتكنولوجيا ومساعدات الكاديميات الجهوية وصناديق‬
‫الدولة والمساعدات الدولية التي تقدمها الدوائر الحكومية‬
‫وغير الحكومية من جمعيات وأحزاب ومنتديات وأفراد‬
‫ومحسنين‪ ...‬كما ينبغي أن تتوجه الشراكة الخارجية إلى‬
‫استكمال تعميم التمدرس بالتعليم الولي والبتدائي‬
‫والعدادي والثانوي وتنمية التعليم التكنولوجي‪ .‬وتستهدف‬
‫الشراكة التربوية الخارجية تعزيز الدعم الجتماعي لفائدة‬
‫التلميذ المحتاجين عن طريق التصال بالجمعيات الخيرية‬
‫والحسانية وتعريف التلميذ بها و تحفيزهم على النخراط‬
‫فيها‪ ،‬وتوفير شروط استقبال المدرسين بالوسط القروي‬
‫عن طريق تشجيع الستثمارات المحلية والوطنية‬
‫والدولية‪ ،‬وتحفيز الجماعات المحلية للمساهمة في بناء‬
‫القسام والمدارس وبناء مساكن الموظفين بالوسط‬
‫القروي‪ ،‬و ضرورة تقديم الدولة تعويضات إضافية‬
‫للمشتغلين بالبادية قصد دفعهم للستقرار بها ‪،‬علوة على‬
‫أهمية الدخول في الشراكات التي تستهدف الهتمام‬
‫بالتربية غير النظامية ومحاربة المية عن طريق تعميم‬
‫التمدرس‪ ،‬وتوفير المؤسسات التعليمية لتعليم الميين من‬
‫الكبار والصغار سواء أكانوا ذكورا أم إناثا ‪ ،‬وتأطير‬
‫المكونين عن طريق التنسيق مع مؤسسات التكوين‬
‫البيداغوجي‪ ،‬والبحث عن شركاء قادرين على دفع أجور‬
‫المدرسين ودفع مستحقاتهم وتسوية أوضاعهم ولسيما‬
‫حملة الشهادات العليا الذين يسهرون على عمليات‬
‫التدريس والتكوين وتأهيل شريحة كبيرة من أفراد‬
‫المجتمع الذين يعانون من المية البجدية والعلمية‬
‫والوظيفية‪.‬‬
‫تلكم هي أنواع الشراكة البيداغوجية وأهم مجالتها من‬
‫أجل تحقيق الجودة التربوية وإنجاح الميثاق الوطني‬
‫للتربية والتكوين والذي أوشك على النتهاء‪ ،‬ونحن مازلنا‬
‫نتخبط في عدة مشاكل ومعيقات جعلت الرداءة تحل‬
‫محل الجودة بسبب اللمبالة والتسيب وانعدام المكانيات‬
‫المادية والمالية والبشرية وتعقيد المساطر التنظيمية‬
‫والدارية والقانونية ‪ .‬وقد أصبح مفهوم الشراكة شعارا‬
‫موسميا يحيل على شح موارد الدولة وفقرها وتخليها‬
‫التدريجي عن إيلء قطاع التعليم مايستحقه من رعاية‬
‫وعناية واهتمام‪ ،‬ودفعها بشكل مباشر أو غير مباشر‬
‫المؤسسات التعليمية إلى الستجداء و التسول‬
‫والستعطاف وطرق أبواب المحسنين بحثا عن‬
‫المساعدات المادية والمالية والخيرية‪ ،‬ولكن بدون مقابل‬
‫تقدمه هذه المؤسسات التربوية التي تكون مبنية على‬
‫شراكة أحادية الجانب محكوم عليها بالذلل والفشل‬
‫مسبقا ‪.‬‬

‫‪ -11‬علقة المؤسسة بالمحيط التربوي والداري‬


‫والسوسيو‪ -‬اقتصادي‬

‫تعتبر المؤسسة التعليمية فضاء اجتماعيا مصغرا تعكس‬


‫كل العلقات الجتماعية والطبقية الموجودة في المجتمع‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فهناك ثلثة أنماط من المؤسسات التعليمية التي‬
‫تتراوح بين النغلق والنفتاح‪ :‬مدرسة تغير المجتمع كما‬
‫في المجتمع الياباني ‪ ،‬ومدرسة يغيرها المجتمع كما في‬
‫دول العالم الثالث‪ ،‬ومدرسة تتغير في آن معا مع تغير‬
‫المجتمع كما في الدول الغربية المتقدمة‪ .‬إذًا‪ ،‬ماهو النسق‬
‫التربوي؟ و ماهي العلقة الموجودة بين المؤسسة‬
‫التعليمية ومحيطها السوسيواقتصادي؟ وماهي الوظائف‬
‫التي يؤديها النسق التعليمي التربوي في علقته بمحيطه‬
‫الخارجي؟ وكيف ستحقق المؤسسة التعليمية انفتاحها‬
‫على محيطها الخارجي؟‬
‫يذهب الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الثاني‬
‫إلى ربط المدرسة بمحيطها الجتماعي والقتصادي قصد‬
‫خلق مدرسة الحياة التي يحس فيها المتعلم بالسعادة‬
‫والراحة والطمئنان‪ ،‬إذ يقول الميثاق‪ ":‬تسعى المدرسة‬
‫المغربية الوطنية الجديدة إلى أن تكون‪:‬‬
‫‪ ...‬مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه‬
‫استحضار المجتمع في قلب المدرسة‪ ،‬والخروج إليه منها‬
‫بكل مايعود بالنفع على الوطن‪ ،‬مما يتطلب نسج علقات‬
‫جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي‬
‫والقتصادي‪ .‬وعلى نفس النهج ينبغي أن تسير الجامعة؛‬
‫وحري بها أن تكون مؤسسة منفتحة وقاطرة للتنمية على‬
‫مستوى كل جهة من جهات البلد وعلى مستوى الوطن‬
‫ككل‪. ".‬‬
‫لفهم المؤسسة التربوية لبد من النظر إليها باعتبارها‬
‫نسقا من العناصر البنائية التي تتكون من المتعلمين‬
‫والساتذة ورجال الدارة وآباء وأمهات التلميذ وأولياء‬
‫المور والمشرفين التربويين ‪ ،‬وبين هذه العناصر البنائية‬
‫علقات وظيفية وديناميكية‪ .‬وتتسم هذه العلقات أيضا‬
‫بطابعها النساني والداري كما تتسم بالتساق الداخلي‬
‫والخارجي والنسجام والتكامل والتعاون والوحدة المهنية‬
‫التي تتجلى في التربية والتعليم‪ .‬ولهذا النسق التربوي ‪-‬‬
‫بطبيعة الحال‪ -‬أهداف تتمثل بصفة خاصة في تكوين‬
‫المواطن الصالح والنفتاح على المحيط المجتمعي من‬
‫أجل تطويره وتنميته‪ .‬ويعني هذا أن النسق التربوي يتسم‬
‫بالتغير والتطور والتفاعل اليجابي والتواصل النساني‬
‫المتعدد القطاب والتنظيم الممنهج مكانيا وإيقاعيا‬
‫والنفتاح على المحيط السوسيواقتصادي‪ .‬وتنبني العلقة‬
‫بين النسق التربوي ومحيطه الخارجي على المدخلت‬
‫والمخرجات‪ .‬كما يحتوي النسق التربوي والتعليمي على‬
‫البنية الدارية الفاعلة التي تقوم بعدة وظائف مثل التسيير‬
‫المادي والمالي والداري بله المراقبة والتفتيش والشراف‬
‫التقويمي‪ .‬أما البنية المادية للنسق فتتجلى في البنايات‬
‫والتجهيزات والمصالح المركزية والمصالح الجهوية‪ .‬أما‬
‫البنية التربوية فتتمظهر في المقررات والطرائق‬
‫البيداغوجية والهداف‪ .‬ويرتبط هذا النسق بالسياسة‬
‫التربوية من خلل أنساق وظيفية كالنسق الديموغرافي‬
‫والنسق الثقافي والنسق السياسي والنسق القتصادي‬
‫والنسق الداري ‪ .‬ويعني هذا أن النسق يستمد مرتكزاته‬
‫الفلسفية وغاياته الكبرى ومراميه وأهدافه و كفاياته من‬
‫التوجهات السياسية للدولة أو الحكومة‪ .‬كما يتأثر النسق‬
‫التربوي بمجموعة من المؤثرات السكانية والسياسية‬
‫والجتماعية والقتصادية والدارية التي تتحكم في النسق‪.‬‬
‫ويعني هذا أن المجتمع يمد المدرسة بكل ما يحدد‬
‫منظورها وتوجهاتها بينما تسعى المدرسة إلى تغيير‬
‫المجتمع أو المحافظة عليه وتكريس قيمه ومبادئه‪ .‬وبما‬
‫أن المدرسة نموذج للمجتمع المصغر فأهداف المدرسة‬
‫هي أهداف المجتمع‪.‬‬
‫و عليه ‪ ،‬فالنسق المدرسي يتسم في كليته بالنسجام‬
‫والتنسيق والشفافية والتواصل وإزالة الحواجز ‪.‬ويترجم لنا‬
‫هذا النسق المؤسساتي التربوي مجمل العلقات النسانية‬
‫التواصلية) التعاون‪-‬التعاطف‪ -‬الخوة‪ -‬التكامل الدراكي‪-‬‬
‫التعايش‪ -‬التعارف‪ (....‬التي تتم بين المكونات الفاعلة من‬
‫أجل تحقيق عمل مثمر وناجع‪ .‬ويستجيب هذا النسق‬
‫لقانون العرض والطلب ضمن تفاعل بنيوي دينامي‬
‫ووظيفي قصد إشباع كل الرغبات وإرضاء الحاجيات‬
‫النسانية التي تتمثل حسب ماسلو ‪ MASLOW‬في خمسة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬الحاجة إلى تحقيق أهداف الذات‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاجة إلى التقدير والمكانة الجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬الحاجة إلى النتماء والنشاط الجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬الحاجة إلى المن والطمأنينة‪.‬‬
‫‪ -5‬الحاجات الفيزيولوجية‪):‬الكل‪ -‬النوم‪.(....-‬‬
‫ويلحظ على العلقات النسانية داخل نسق المؤسسة‬
‫التعليمية أنها قد تكون علقة فردية أو علقة جماعية‪ ،‬وقد‬
‫تكون علقة إيجابية أو علقة سلبية‪ .‬وقد يطبعها ماهو‬
‫مثالي وماهو واقعي حقيقي‪ .‬ولكن العلقات النسانية‬
‫الجيدة الحقيقية هي العلقات الوظيفية الفعالة المثمرة‬
‫التي تساهم في إثراء النسق وخدمته وتنميته والرفع من‬
‫مكوناته البنائية والدينامكية القائمة على العمل الجاد‬
‫والحقيقة الواقعية و اللتزام بروح المسؤولية والتفكير‬
‫الواقعي والتخطيط البناء والتنفيذ الستراتيجي الميداني‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد طالبت التربية الحديثة ) دوكرولي‪ -‬فرينه‪-‬‬
‫كوزينه‪ -‬ديوي‪ (...‬إلى ربط المدرسة بالحياة والواقع‬
‫العملي والنفتاح على المحيط السوسيواقتصادي من أجل‬
‫تحقيق أهداف برجماتية نفعية وعملية من أجل تحقيق‬
‫المردودية الكمية والكيفية أو الجودة للمساهمة في تطوير‬
‫المجتمع حاضرا ومستقبل عن طريق الختراع والجتهاد‬
‫والتجديد والممارسة العملية ذات الفوائد المثمرة الهادفة‬
‫كما عند جون ديوي ‪ DEWY‬أو جعل المدرسة للحياة‬
‫وبالحياة كما عند دوكرولي ‪ DOCROLY‬أو خلق مجتمع‬
‫تعاوني داخل المدرسة كما عند فرينيه‪ .‬إذًا‪ ،‬فالمدرسة كما‬
‫قال ديوي ليست إعدادا للحياة بل هي الحياة نفسها‪.‬‬
‫وفي نظامنا التربوي المغربي الجديد نجد إلحاحا شديدا‬
‫على ضرورة انفتاح المؤسسة على محيطها‬
‫السوسيواقتصادي عبر خلق مشاريع تربوية وشراكات‬
‫بيداغوجية واجتماعية واقتصادية مع مؤسسات رسمية‬
‫ومدنية ومع مؤسسات عمومية وخاصة كالتصال‬
‫بالسلطات والجماعات المحلية الحضرية والقروية‬
‫والمجتمع المدني والحزاب والجمعيات وآباء وأمهات‬
‫التلميذ وأوليائهم والمقاولت والشركات والوكالت‬
‫والمكاتب العمومية وشبه العمومية قصد توفير المكانيات‬
‫المادية والمالية والبشرية والتقنية‪ .‬كما دعت الوزارة إلى‬
‫تطبيق فلسفة الكفايات أثناء وضع البرامج والمناهج‬
‫التعليمية – التعلمية من أجل تكوين متعلم قادر ذاتيا على‬
‫حل الوضعيات والمشاكل التي ستواجهه في الحياة‬
‫العملية الواقعية‪ .‬ولم تعد المدرسة كما كانت مجرد وحدة‬
‫إدارية بسيطة منعزلة ومنغلقة مهمتها تطبيق التعليمات‬
‫والبرامج والقوانين‪ ،‬بل أصبحت مؤسسة فاعلة في‬
‫المجتمع تساهم في تكوين وتأطير قوة بشرية مدربة‬
‫قادرة على تسيير دواليب القتصاد وتأهيل المجتمع صناعيا‬
‫وفلحيا وسياحيا وخدماتيا‪ .‬و ارتأت الدولة أمام كثرة‬
‫النفقات التي تصرفها في مجال التربية والتعليم و أمام‬
‫المنافسة الدولية الشديدة وضرورة الندماج في سوق‬
‫تجاري عالمي موحد يراعي مقتضيات العولمة ومتطلبات‬
‫الستثمار التي تستوجب أطرا عاملة مدربة وذات مؤهلت‬
‫عالية أن تنفتح المؤسسة التعليمية على سوق الشغل‬
‫قصد محاربة البطالة وخاصة بين صفوف حاملي الشواهد‬
‫العليا وتزويد السوق الوطنية والمقاولت باليدي العاملة‬
‫المدربة خير تدريب والطر البشرية ذات الشواهد‬
‫التطبيقية والعملية والتي تتصف بالكفاءة والجودة قصد‬
‫تحقيق تنمية شاملة على جميع الصعدة والمستويات‪ .‬كما‬
‫أن انتهاج المغرب لسياسة اللتمركز أو السياسة الجهوية‬
‫جعلته يتنازل عن مجموعة من المتيازات و الصلحيات‬
‫والسلطات على مستوى المركز قصد خلق التسيير الذاتي‬
‫الجهوي أو المحلي أو المؤسسي في إطار اللمركزية‬
‫والقرب والديمقراطية‪ .‬وهذا التسيير المحلي أو الجهوي‬
‫يتطلبان الدخول في شراكات فعالة مع كل المؤسسات‬
‫الحكومية والمجتمع المدني والسر والفعاليات القتصادية‬
‫والجتماعية من أجل دعم المؤسسة التربوية والمساهمة‬
‫في تحسين ظروفها وإيجاد الموارد المادية والمالية‬
‫والبشرية والتقنية للرفع من مستوى ناشئة المستقبل عن‬
‫طريق تأهيلها تأهيل جيدا‪ .‬ولكي تنفتح المدرسة على‬
‫محيطها عليها أن تحسن الدارة التربوية من معاملتها‬
‫التواصلية وعلقاتها مع الطراف القادرة على المساهمة‬
‫والمشاركة في إثراء النسق التربوي وتفعيله ماديا ومعنويا‬
‫كالمفتشين وأعضاء مصالح النيابة والجماعات المحلية‬
‫والسلطات المحلية والسر وجمعيات الباء وأمهات‬
‫التلميذ وأوليائهم وجمعيات المجتمع المدني والفاعلين‬
‫القتصاديين‪.‬‬
‫تلكم هي نظرة موجزة عن النسق التربوي بصفة عامة‬
‫والنسق المدرسي بصفة خاصة‪ ،‬وقد قلنا بأنه يتسم‬
‫بالبنائية والوظيفية إلى جانب خصائص أخرى كالتواصل‬
‫والنسجام والتساق والتكامل والشفافية والنفتاح على‬
‫الواقع والحياة الخارجية‪ .‬وقد أثبتنا بأن انفتاح المدرسة‬
‫على محيطها الجتماعي والقتصادي استوجبته كثير من‬
‫الحيثيات الظرفية والسياقية كالعولمة والبطالة والمنافسة‬
‫الدولية ومتطلبات الستثمار وترشيد النفقات عن طريق‬
‫خلق شراكات ومشاريع المؤسسات والرتكان إلى سياسة‬
‫اللتمركز لتحقيق شعار الجهوية و الجودة والقرب‬
‫والديمقراطية المحلية‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الميثاق الوطني للتربية‬


‫والتكوين‪ ،‬ط ‪2000 ،1‬ن ص‪11:‬؛‬
‫‪ -‬عبد اللطيف الفارابي وآخرون‪ :‬البرامج والمناهج‪،‬دار‬
‫الخطابي للطبع والنشر‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬ط ‪ ،1990 ،1‬ص‪:‬‬
‫‪22‬؛‬
‫‪L. D.Hainaut : Analyse et régulation des -‬‬
‫‪systèmes éducatifs, Labor-Bruxelles et‬‬
‫‪Nathan- Paris, 1982, p : 113-120‬‬
‫‪ -12‬قراءة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬

‫يعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين دستور الصلح‬


‫التربوي والنظام التعليمي في المغرب الجديد حيث جاء‬
‫ليساير المستجدات القتصادية والسياسية والجتماعية‬
‫والتربوية التي تعرفه بلدنا بعد مجموعة من الزمات التي‬
‫عرفها قطاع التعليم‪ ،‬انتهت باللجوء إلى التقويم الهيكلي‬
‫مع منتصف الثمانينيات والذي أفرز بدوره تعليما هشا‬
‫ورديئا سينتهي بدوره إلى التفكير في وضع إصلح تربوي‬
‫شامل تضعه لجنة من رجال المقاولة والتعليم والدارة‬
‫والمجتمع السياسي والمدني‪....‬إذًا‪ ،‬ماهو الميثاق للتربية‬
‫والتكوين؟ وماهي مضامينه ودللته؟ وما هي مواطن قوته‬
‫وضعفه؟‬
‫الميثاق الوطني هو منظومة إصلحية تضم مجموعة من‬
‫المكونات والليات والمعايير الصالحة لتغيير نظامنا‬
‫التعليمي والتربوي وتجديده على جميع الصعدة‬
‫والمستويات قصد خلق مؤسسة تعليمية مؤهلة وقادرة‬
‫على المنافسة والنفتاح على المحيط السوسيواقتصادي‪،‬‬
‫ومواكبة كل التطورات الواقعية الموضوعية المستجدة‬
‫‪،‬والتأقلم مع كل التطورات العلمية والتكنولوجية ولسيما‬
‫في مجالت‪ :‬التصال والعلم والقتصاد‪ .‬ويعتبر الميثاق‬
‫الوطني مشروعا إصلحيا كبيرا و أول أسبقية وطنية بعد‬
‫الوحدة الترابية وعشرية وطنية)‪ (2010-2001‬لتحقيق‬
‫كافة الغايات والهداف المرسومة من إخراج البلد من‬
‫شرنقة التخلف والزمات والركود والرداءة إلى بلد متطور‬
‫حداثي منفتح تسوده آليات الديمقراطية والجودة و القدرة‬
‫على المنافسة والمواكبة الحقيقية‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬ويتكون الميثاق الوطني من قسمين أساسيين‪ :‬إذ‬
‫خصص القسم الول للمرتكزات الثابتة لنظام التربية‬
‫والتكوين والغايات الكبرى المتوخاة منه وحقوق وواجبات‬
‫كل الشركاء والمجهودات الوطنية لنجاح الصلح‪ ،‬والقسم‬
‫الثاني فقد خصص لمجالت التجديد ودعامات التغيير‪ .‬كما‬
‫قسم القسم الثاني إلى ستة مجالت كبرى وتسع عشرة‬
‫دعامة للتغيير‪ .‬وهذه المجالت الستة الساسية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬نشر التعليم وربطه بالمحيط القتصادي‪.‬‬
‫‪ -2‬التنظيم البيداغوجي‪.‬‬
‫‪ -3‬الرفع من جودة التربية والتكوين‪.‬‬
‫‪ -4‬الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ -5‬التسيير والتدبير‪.‬‬
‫‪ -6‬الشراكة والتمويل‪.‬‬
‫يستند الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى مجموعة من‬
‫المبادئ والثوابت كالهتداء بالعقيدة السلمية وروح‬
‫الوطنية و التشبث بالملكية الدستورية والتمسك بالتراث‬
‫الحضاري والثقافي واللغوي المغربي العريق والتوفيق بين‬
‫الصالة والمعاصرة والسعي بالمغرب نحو امتلك ناصية‬
‫المعرفة والتكنولوجيا الحديثة‪ .‬أما عن الغايات الكبرى‬
‫فتتمثل في جعل المتعلم محور الصلح والتغيير عن‬
‫طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي والمهاري وذلك‬
‫بتلبية حاجياته الذهنية والوجدانية والحركية‪ .‬و العمل على‬
‫تكوين أطر مستقبلية مؤهلة ومؤطرة كفأة قادرة على‬
‫البداع والتجديد وتنمية البلد‪ .‬وتسعى بنود الميثاق إلى‬
‫جعل المدرسة المغربية مدرسة منفتحة سعيدة مفعمة‬
‫بالحياة والتنشيط وجعل الجامعة كذلك جامعة منفتحة‬
‫وقاطرة للتنمية‪ .‬وينبغي أن تكون المؤسسات التربوية‬
‫سواء أكانت مدارس أم جامعات أفضية للحريات والحقوق‬
‫النسانية وأمكنة للحوار والتعلم الذاتي‪ .‬ولبد من شراكة‬
‫حقيقية مع الجماعات المحلية و الباء وأولياء المور و‬
‫الشركاء الخرين للمساهمة في النهوض بالقطاع التعليمي‬
‫قصد تحقيق الجودة والتعميم وإجبارية التمدرس‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫سيكون الصلح التربوي ميثاقا وطنيا عشريا ذا أهمية‬
‫وطنية كبرى يحقق نتائجه بشكل مرحلي متدرج خاضع‬
‫للمراقبة والتقويم والتتبع‪.‬‬
‫ويهدف الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الول‬
‫إلى نشر التعليم وربطه بالمحيط القتصادي عن طريق‬
‫تعميم تعليم جيد في مدرسة متعددة الساليب ومحاربة‬
‫المية في إطار التربية غير النظامية للقضاء عليها تدريجيا‬
‫في ‪ 2010‬بنسبة ‪ %20‬وبشكل نهائي في ‪ 2015‬بنسبة‬
‫‪ %100‬ولن يتم ذلك إل في إطار اللمركزية والشراكة‬
‫في التربية بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني‬
‫والسلطات المحلية والمجتمع السياسي والمنظمات‬
‫الحكومية وغير الحكومية مع توظيف العلم المرئي‬
‫لتحقيق الهداف المسطرة للقضاء كليا على المية بكل‬
‫أنواعها‪ ،‬فضل عن خلق تلؤم أكبر بين النظام التربوي‬
‫والمحيط القتصادي عن طريق الندماج المتبادل بين‬
‫المؤسسة التعليمية والمحيط البيئي والقتصادي‬
‫والجتماعي والثقافي والمهني أو عبر النفتاح الوظيفي‬
‫على الحياة العملية وآفاق البداع إما بواسطة التمرس‬
‫والتكوين بالتناوب وإما عن طريق التكوين المستمر‪.‬‬
‫ويستهدف المجال الثاني من مجالت الميثاق التنظيم‬
‫البيداغوجي وإصلحه وتغييره عن طريق إعادة الهيكلة‬
‫وتنظيم أطوار التربية والتكوين ابتداء من التعليم الولي و‬
‫البتدائي والثانوي العدادي والتأهيلي والجامعي عن‬
‫طريق تنظيم أسلك التعليم وشعبه وشواهده وأهدافه‬
‫ومضامينه وأساليب تقويمه مع مراعاة تطوير التعليم‬
‫الصيل والمجموعات ذوي الحاجات الخاصة كأبناء الجالية‬
‫في الخارج واليهود المغاربة‪ .‬كما يستتبع الصلح‬
‫البيداغوجي إصلح أنظمة التقويم والمراقبة المستمرة‬
‫والتتبع والمراقبة بموازاة مع إصلح التوجيه التربوي‬
‫والمهني‪.‬‬
‫أما المجال الثالث فيسعى إلى الرفع من جودة التربية‬
‫والتكوين عبر مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية‬
‫والوسائط التعليمية وتدبير بشكل أفضل لستعمالت‬
‫الزمن واليقاعات المدرسية والبيداغوجية وتحسين‬
‫تدريس اللغة المازيغية واستعمالها وإتقان اللغات الجنبية‬
‫من أجل امتلك مفاتيح وآليات العلم والمعرفة‬
‫والتكنولوجيا والتفتح على المازيغية لمعرفة مكونات‬
‫الهوية الثقافية والحضارية دون أن ننسى الستعمال‬
‫المثل والوظيفي للتكنولوجيات الجديدة والعلم‬
‫والتواصل وتشجيع التفوق والتجديد والبحث العلمي‬
‫وإنعاش النشطة الرياضية والتربية البدنية المدرسية‬
‫والجامعية والنشطة الموازية‪.‬‬
‫وفي المجال الرابع الخاص بالموارد البشرية‪ ،‬يتم التركيز‬
‫على حفز الموارد البشرية وإتقان تكوينها وتحسين ظروف‬
‫عملها ومراجعة مقاييس التوظيف والتقويم والترقية مع‬
‫تحسين الظروف المادية والجتماعية للمتعلمين والعناية‬
‫بالشخاص ذوي الحاجات الخاصة ولسيما المعاقين منهم‪.‬‬
‫وفي المجال الخامس المتعلق بالتسيير والتدبير‪،‬فقد دعا‬
‫الميثاق الوطني إلى سن سياسة اللمركزية وإقرار‬
‫اللتمركز في قطاع التربية والتكوين وتحسين التدبير‬
‫العام وتقويمه بطريقة مستمرة وتوجيهه اعتمادا على‬
‫سياسة التدبير ومحاربة البذخ والتبذير و ترشيد النفقات‬
‫والتحكم في النفاق بانتهاج الشفافية والمحاسبة‬
‫والديمقراطية وسياسة التوازن بين الموارد والمصاريف‪.‬‬
‫ويعمل المجال كذلك على تنويع أنماط البنايات‬
‫والتجهيزات وضبط معاييرها وملءمتها لمحيطها وترشيد‬
‫استغللها وحسن تسييرها‬
‫ويخص المجال السادس والخير مجال الشراكة والتمويل‬
‫عن طريق حفز قطاع التعليم الخاص وضبط معاييره‬
‫وتسييره ومنح العتماد لذوي الستحقاق وتعبئة موارد‬
‫التمويل وترشيد تدبيرها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه المستجدات والمجالت والدعامات‬
‫الصلحية اليجابية والطموحة التي ينص عليها الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬فإن الواقع يعطينا انطباعا‬
‫مخالفا لماهو في الميثاق‪ ،‬فبدل من أن تتحقق الجودة‬
‫التربوية في مؤسساتنا التعليمية والدارية ‪ ،‬فإننا نجد‬
‫الرداءة تزداد يوما عن يوم في شتى الميادين التابعة‬
‫لقطاع التعليم ناهيك عن اللمبالة والتسيب والبطء‬
‫والروتين والتسلسل الداري المميت‪ ،‬إلى جانب العزوف‬
‫عن الدراسة والتثقيف من قبل المتعلمين ‪ ،‬وانتشار المية‬
‫والتفكير في الهجرة إلى الخارج و"الحريـــﮔ" مع تنامي‬
‫ظاهرة البطالة والعطالة المستمرة‪ ،‬والتأثير السلبي‬
‫لتأميم التعليم والعمل على نشره في القرى والمدن الذي‬
‫اتخذ بعدا كميا وعدديا على حساب الجودة التربوية و‬
‫التأهيل الكيفي‪ .‬كما أثر ترشيد النفقات على التعليم‬
‫بشكل سيء حيث لتستطيع المؤسسات التعليمية تسيير‬
‫نفسها بنفسها لنعدام المكانيات المادية والمالية‬
‫والبشرية‪ ،‬فحتى التسيير في إطار نظام ‪ Sigma‬لم‬
‫يتحقق على مستوى الميدان وأصبح شعارا نظريا طموحا‬
‫ينتظر التفعيل الميداني‪ .‬ولقد قدمت المغادرة الطوعية‬
‫في مجال التربية والتعليم تصورا سيئا عن سياسة الترقيع‬
‫والمحسوبية والرتجال العشوائي والتفريط في الكفاءات‬
‫الوطنية ولسيما الجامعية منها استجابة لقرارات البنك‬
‫الدولي الذي يستهدف تركيع المغرب وإذلله وإفقاره من‬
‫الكوادر والطر الوطنية لسباب في نفس يعقوب من أجل‬
‫منحه حفنة من القروض لتدبير أموره الستعجالية‪ ،‬وهذه‬
‫السياسة لتتلءم أصل مع مبادئ الميثاق الوطني‬
‫وتوجيهاته في الشفافية و الديمقراطية وترشيد النفقات‬
‫والتأهيل الجيد والتسلح بالروح الوطنية والخلقية وتحقيق‬
‫الجودة‪ .‬وأخاف كثيرا من تحول الميثاق الوطني إلى‬
‫شعارات موسمية ومناسباتية وسياسية إيديولوجية‬
‫وشكليات بيروقراطية لعلقة لها بالواقع العملي‬
‫والتنفيذي و لصلة له بجوهر الصلح كما يظهر لنا ذلك‬
‫جليا من خلل الواقع العملي وواقع المنتديات التربوية‬
‫الصلحية التي تسهر الوزارة المعنية على تفعيلها مركزيا‬
‫وجهويا ومحليا وعلى صعيد المؤسسات ولكن بدون‬
‫أهداف تذكر)مشروع الصلح‪ -‬مشروع المؤسسة‪ -‬مفهوم‬
‫الجودة والرتقاء‪ -‬الشراكة التربوية‪ ،(....‬كما أن هذه‬
‫المنتديات الصلحية النظرية تتغير مفاهيمها الصلحية من‬
‫سنة إلى أخرى بشكل عشوائي و ارتجالي سريع دون‬
‫التأكد منها تطبيقيا وعمليا‪ .‬وحتى إن خرجت هذه‬
‫المنتديات‪ -‬التي تشتغل على هامش الميثاق الوطني‪-‬‬
‫بقرارات ومذكرات ومنشورات وزارية ومطبوعات فإنها‬
‫تبقى حبرا على ورق لنعدام الموارد المادية والمالية‬
‫والبشرية وتعقيد المساطير الدارية والقوانين التشريعية‬
‫والتنظيمية كما يبدو واضحا في تطبيق مشروع المؤسسة‬
‫والشراكة التربوية وتحقيق الجودة البيداغوجية‪.‬وأتمنى في‬
‫الخير أل يبقى الميثاق الوطني ميثاقا نظريا مسطرا في‬
‫المذكرات والمنشورات الوزارية و ملخصات المنتديات‬
‫واللقاءات التربوية وموضوعا بين دفتي الكتب والدراسات‬
‫التربوية النقدية والصلحية و مطروحا فوق رفوف‬
‫المكتبات وأرشيف المكاتب الدارية والتربوية‪ ،‬بل لبد أن‬
‫يفعل ميدانيا ويتم إنجازه عمليا وتنفيذه إجرائيا والتحقق‬
‫منه تقويما وتتبعا من دعامة إلى دعامة ومن مجال إلى‬
‫آخر‪.‬‬
‫‪ -13‬إرساء مشروع التعليم الجيد‬

‫إن تحقيق الجودة التربوية لن تكتمل إل بخلق مؤسسة‬


‫تربوية فاعلة وجيدة قوامها البداع والنفتاح والمساهمة‬
‫في تغيير المجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬وضعية المؤسسة‪:‬‬

‫من المعروف أن المدرسة اليابانية هي التي تغير المجتمع‬


‫بينما في أوربا يتغير المجتمع والمدرسة معا‪ ،‬لكن في دول‬
‫العالم المتخلف نجد أن المجتمع هو الذي يغير المدرسة‪.‬‬
‫وهذا الحكم الخير ينطبق على المدرسة المغربية‪ .‬وهذا‬
‫راجع إلى الضطراب في السياسات التربوية والزمات‬
‫القتصادية الخانقة التي تعرفها البلد‪ ،‬وعدم مواكبة‬
‫المستجدات التكنولوجية للقلع الحضاري والثقافي‪ ،‬ناهيك‬
‫عن ضعف الموارد المالية وافتقار المغرب إلى مصادر‬
‫الطاقة التي يمكن أن تخفف عنه ماليا واقتصاديا‪ ،‬وقد‬
‫تؤهله ليقوم بدور حداثي على مستوى النهوض التربوي‪.‬‬
‫وتعرف مؤسساتنا التربوية بالمغرب عدة مفارقات‬
‫تشخص الرداءة بكل مقاييسها مع استثناءات قليلة جدا إن‬
‫وجدت‪ .‬ومن مظاهر هذه الرداءة‪:‬قلة الطر التربوية ) وقد‬
‫تساهم المغادرة الطوعية في إفقار مؤسساتنا من الطر‬
‫المتمكنة ذات الخبرة العالية والتجارب المحنكة(‪ ،‬وكثرة‬
‫الغياب غير المبرر أو المبرر بالشواهد الطبية‪ ،‬والفتقار‬
‫إلى الطر الدارية والعوان المساعدين‪ ،‬وقلة المكانيات‬
‫المادية‪ ،‬ونقص الوسائل والتجهيزات والقسام مما يسبب‬
‫في ارتفاع القدرة الستيعابية لمؤسساتنا والتي تؤثر سلبا‬
‫على تلمذتنا وجودة التعليم الكيفي‪ .‬ومن سلبيات‬
‫المؤسسات التربوية بالمغرب انعزالها عن المرافق‬
‫الحيوية وافتقارها إلى المواصلت والكهربة والماء‬
‫الشروب وتجهيزات التربية البدنية الملئمة والوسائل‬
‫الديداكتيكية الحديثة مثل‪:‬الكمبيوتر والنترنت‪ ،‬ناهيك عن‬
‫صغر المختبرات واكتظاظ المؤسسة بالتلميذ‪ ،‬وقرب‬
‫الساحة الرياضية غالبا من القسام مما يؤثر كل هذا على‬
‫مستوى التعلم والتحصيل‪ ،‬دون أن ننسى قلة الصيانة‬
‫والنظافة‪.‬‬

‫‪ -2‬إدماج المؤسسة في محيطها‪:‬‬

‫لكي تحقق المؤسسة التربوية دورها لبد أن تنخرط في‬


‫محيطها الجتماعي كما تنص على ذلك مذكرة الحياة‬
‫المدرسية ‪ .la vie scolaire‬ويتم هذا النخراط عبر‬
‫الشراكات والمساهمة في التنوير الثقافي وتنمية المدينة‬
‫أو الجماعة المحلية الحضرية و القروية عن طريق خلق‬
‫أنشطة فنية وتربوية وفنية وبيئية‪ ،‬واتخاذ المؤسسة فضاء‬
‫لمحاربة المية للصغار والكبار ومكانا للدعم والتقوية‬
‫والنخراط في بناء المجتمع والسهر على الرتقاء به نحو‬
‫آفاق أرحب‪.‬‬

‫‪ -3‬التواصل مع مختلف الشركاء‪:‬‬

‫يهدف ميثاق التربية والتكوين إلى إيجاد مؤسسات تربوية‬


‫مستقلة بنفسها على مستوى التدبير والتسيير على غرار‬
‫الجماعات المحلية والمؤسسات الجامعية‪ .‬لذلك اقترحت‬
‫الوزارة نظام سيكما ‪ Sigma‬الذي لم يطبق إلى حد الن‬
‫ميدانيا‪ .‬وإذا تحقق هذا المقترح الوزاري فإن المؤسسة‬
‫التربوية ستعرف تقدما كبيرا ونهضة حقيقية في شتى‬
‫المستويات‪ .‬ولتحصيل الموارد والمكانيات والخبرات لبد‬
‫من التواصل مع مختلف الشركاء الفاعلين في جميع‬
‫الميادين سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم إدارية‪،‬‬
‫وعقد شراكات داعمة للنهوض بجودة التعليم‪ .‬ويمكن أن‬
‫تتحقق هذه الشراكة مع الجماعات المحلية الحضرية‬
‫والقروية و المجالس البلدية والجهوية ومع المؤسسات‬
‫البنكية والمالية وكذلك مع المستثمرين الجانب‬
‫والمؤسسات الجنبية عن طريق خلق التوأمات وتبادل‬
‫الزيارات والخبرات أو عبر تسلم المنح والقروض‬
‫والمساعدات كيفما كانت طبيعتها ما لم تخالف النصوص‬
‫التنظيمية والقانونية‪ ،‬دون أن نغفل المساعدات التي‬
‫يمكن أن تقدمها المقاولت الصناعية والتجارية والحرفية‬
‫والوراش للمؤسسة التربوية من دعم إذا عرفت‬
‫المؤسسة كيف تحسن عملية التواصل والحفاظ على‬
‫شركائها الحقيقيين‪.‬‬

‫‪ -4‬تفعيل مسؤوليات وأدوار مجالس المؤسسة وجمعية‬


‫آباء وأولياء التلميذ‪:‬‬

‫وإذا أرادت أن تقوم المؤسسة التربوية بدورها الفعال‬


‫لتحقيق الجودة التربوية لبد من تفعيل مجالسها) مجلس‬
‫التدبير‪ -‬مجالس القسام‪ (...‬لكي تقوم بالدوار المناطة‬
‫بها على أكمل وجه‪ ،‬وذلك باحترام تراتبية المجالس‬
‫واحترام قراراتها وتمكينها من وسائل ممارسة مسؤولياتها‬
‫وأدوارها المؤسساتية والتربوية‪.‬‬
‫وإن أي تخليق للحياة التعليمية لبد أن يرتكز على قانون‬
‫داخلي فعال وصارم كاحترام أوقات الدخول والستراحة‬
‫وتجنب ظاهرة الغياب غير القانوني وغير المبرر‬
‫تشريعيا‪.‬ويستحسن أن تفتح لئحة للساتذة المتطوعين‬
‫ضمن الطاقم الداري والتربوي للحفاظ على النظام داخل‬
‫المؤسسة التربوية‪ .‬ويمكن أن نضيف مجالس أخرى لها‬
‫أهمية ليمكن الستغناء عنها كمجلس التنشيط الثقافي‬
‫والفني والرياضي‪ .‬أما أهمية التواصل مع جمعية آباء‬
‫وأولياء التلميذ فل يمكن إنكارها أو التساهل فيها لما‬
‫تقدمها من تسهيلت في تجهيز المؤسسة والسهر على‬
‫أمنها ودعمها‪ .‬ولكن لبد من تأهيل هذه الجمعية عن‬
‫طريق التوعية وتبادل الراء وعقد تواصل حميمي بناء قائم‬
‫على التكامل والتعاون‪.‬‬

‫‪ -5‬مواضبة مكونات المؤسسة‪:‬‬

‫أرى أنه من الضروري لنجاح مؤسسة الجودة من تضافر‬


‫الجهود بين جميع مكونات المؤسسة وبنياتها داخل نسق‬
‫وظيفي قصد تحقيق التنمية الحقيقية‪ ،‬ومساعدة التلميذ‬
‫على التحصيل المدرسي وتأهيله لمغرب الغد والمستقبل‪.‬‬
‫وهذا التفاعل النسقي ليمكن أن يؤتي ثماره المرجوة إل‬
‫عن طريق المواضبة والعمل الجاد والتقان والحتكام إلى‬
‫الضمير والواجب واحترام الوقت والنضباط واحترام كل‬
‫الفاعلين لبعضهم البعض‪.‬‬
‫‪ -6‬المؤسسة فضاء اعتزاز وتأهيل للمستقبل‪:‬‬

‫إن المدرسة الحقيقية التي يرتاح إليها التلميذ هي مدرسة‬


‫الحياة‪ ،‬أي المدرسة التي يحس فيها بالسعادة والطمأنينة‬
‫والدفء‪ .‬ويكون فيها التواصل حميميا بين التلميذ والستاذ‬
‫أو بين التلميذ والدارة أوبين كل الفاعلين التربويين‬
‫والشركاء‪ .‬ويشترط أن تكون المؤسسة التربوية مدرسة‬
‫للحرية والقيم والمثل العليا تؤهل للشغل والمستقبل‪،‬‬
‫وهذا ل يتحقق إل بتطبيق سياسة تربوية قائمة على‬
‫فلسفة الكفايات والوضعيات لتحفيز المتعلمين على‬
‫البتكار والبداع والخلق انطلقا من قدراتهم الذاتية‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫تلكم هي أهم شروط ومواصفات المؤسسة التربوية‬


‫الجيدة إذا حاولنا الخذ بها وطبقناها ميدانيا عن طريق‬
‫تضافر جهود الجميع قصد خلق مؤسسة الحداثة لتغيير‬
‫المجتمع وخلق الرفاه الجتماعي والمادي‪.‬‬
‫‪ -14‬الجودة التربوية‪ :‬علقة الستاذ بالتلميذ‬

‫تعد جودة التعليم أولى الولويات للسياسات التربوية لدول‬


‫العالم؛ لما يفرضه عالم اليوم من إكراهات سياسية‬
‫واقتصادية وتسابق في مجال التكنولوجيا والمبادلت‬
‫التجارية وهيمنة فلسفة العولمة والتشارك والتصال‪ .‬وهذا‬
‫ما يجعل الدول تفكر في إصلح المنظومة التعليمية كلما‬
‫تغيرت الظروف والرهانات المستقبلية والقتصادية‬
‫والمنية‪ .‬إذا‪ ،‬ما المقصود بالجودة التعليمية؟ وما هو سياق‬
‫هذه الجودة في نظامنا التربوي المغربي؟ وكيف يمكن‬
‫للستاذ أن يحقق هذه الجودة؟ وماهي البدائل والمعيقات؟‬
‫هذه هي السئلة التي سوف نركز عليها في مداخلتنا‬
‫المتواضعة‪.‬‬

‫إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية‪ ،‬فإننا نجد كلمة الجودة‬


‫تعني التقان والحكام‪ ،‬وهي نقيض الرداءة‪ .‬جاد الشيء‬
‫جوده وجودة أي صار جيدا‪ .‬وقد جاد جودة وأجاد‪ :‬أتى‬
‫بالجيد من القول أو الفعل )‪ .(1‬وبذلك تكون الجودة هي‬
‫التقان القولي والفعلي‪ .‬وهذه المعاني تذهب إليها أيضا‬
‫قواميس اللغات الجنبية)‪ (2‬وتجعل من الجودة ) كاليتيه(‬
‫صفة للتمييز بين الجيد والرديء‪.‬‬
‫وفي المفهوم القتصادي الجودة هي تراضي الطرفين‪:‬‬
‫البائع والمشتري حول البضاعة المتعاقد عليها من حيث‬
‫الكيف والكم‪ .‬ويعني هذا أن الجودة لها شقان أساسيان‪:‬‬
‫الجانب الكي يتمثل في المردودية‪ ،‬والجانب الكبفي الذي‬
‫يكمن في الجودة‪.‬‬
‫ويقصد بالجودة في الميدان التعليمي ماأشار إليه وزير‬
‫التعليم الدكتورحبيب المالكي حينما صرح بأن" الجودة‬
‫ليست شيئا جامدا‪ ،‬بل إنني أكاد أشبهها بذلك النهر الذي‬
‫يساعد على إخصاب الرض حتى تكون في مستوى المال‬
‫المعقودة عليها في ما يتعلق بالمردودية‪ ،‬لن الجودة‪،‬‬
‫انطلقا من هذا التشبيه المجازي‪ ،‬مسلسل وليست نقطة‬
‫في فراغ‪ .‬لذلك‪ ،‬فحينما نتحدث عن الجودة ينبغي لنا أن‬
‫نستوعب أننا نتحدث بالضرورة عن الهتمام بجماليات‬
‫الفضاء وعن توفير النقل المدرسي وعن الطعام‬
‫والداخليات بالعالم القروي‪ ،‬وتطوير المناهج وتجديد الكتب‬
‫المدرسية‪ .‬كما أننا حينما نتحدث عن الجودة دائما فإننا‬
‫نتحدث كذلك عن التكوين المستمر للستاذ بكيفية‬
‫متواصلة ودائمة‪ ،‬وتفعيل دور المفتش‪....‬لهذا‪ ،‬فإن الجودة‬
‫بهذا المعنى‪ ،‬هي هدف ووسيلة في الوقت نفسه"‪3.‬‬
‫وهناك من يعتبر أن الجودة ل تتحقق إل عندما تستجيب‬
‫المدرسة المغربية لما يطمح إليه المغاربة من مستقبل‬
‫زاهر وآمال معقودة‪ ،‬وعندما يرضى عليها كل التلميذ‬
‫والساتذة والطر الدارية والباء وأولياء المور بصفة‬
‫خاصة‪،‬والشعب المغربي بصفة عامة‪.‬وإذا عدنا إلى التعليم‬
‫المغربي وجدنا الجودة تقترن ارتباطا جدليا بالصلح‬
‫والتغيير والستحداث‪ .‬وقد عرف النظام التعليمي المغربي‬
‫ورشات إصلحية كبرى منذ الستقلل إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫ويمكن أن نحدد مجموعة من هذه الصلحات وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬إصلح ‪ 1957‬الذي استهدف تأسيس المدرسة الوطنية‬
‫المغربية وقد ارتبطت الجودة ضمن هذا المنظور‬
‫الصلحي بالمبادىء الربعة‪ :‬التعميم والمغربة والتوحيد‬
‫والتعريب؛‬
‫‪ -2‬إصلح ‪ 1985‬الذي كان بعنوان)نحو نظام تربوي جديد(‬
‫الذي فرضه التقويم الهيكلي والبنك الدولي والتطور‬
‫التكنولوجي الهائل‪ ،‬وقد اقترنت الجودة التربوية في هذا‬
‫الصلح التربوي بمراجعة الكتب المدرسية وإعادة النظر‬
‫في المناهج الدراسية وفي مضامينه وتنويع التعليم‬
‫وتحسين تدريس اللغات وتعزيز مسلسل التعريب وإعطاء‬
‫الهمية للترجمة وفتح شعبة التبريز لتكوين وتقوية‬
‫المدرسين في المواد العلمية وتنمية العلوم الرياضية‬
‫والتقنية و إحداث مسالك اللغات لتحقيق إصلح بيداغوجي‬
‫ناجع؛‬
‫‪ -3‬إصلح ‪ 1994‬الذي استهدف تجديد منظومتنا التربوية‬
‫والمؤسسات التعليمية وارتبطت الجودة فيه بمشروع‬
‫المؤسسة و الشراكة التربوية كما تنص على ذلك المذكرة‬
‫الوزارية رقم ‪ 73‬بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪1994‬؛‬
‫‪ -4‬إصلح ‪ 2000‬الذي يسمى بالميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين الذي خصص مجاله الثالث للرفع من جودة‬
‫التربية والتكوين من حيث المحتوى والمناهج‪ ،‬لهداف‬
‫التخفيف والتبسيط والمرونة والتكيف‪ ،‬وتتم هذه الجودة‬
‫بمراجعة البرامج والمناهج‪ ،‬والكتب والمراجع المدرسية‪،‬‬
‫والجداول الزمنية واليقاعات الدراسية‪ ،‬وتقويم أنواع‬
‫التعلم وتوجيه المتعلمين‪ ،‬وتهم هذه المراجعة مجموع‬
‫المؤسسات العمومية والخاصة‪ .‬وينطلق هذا الصلح من‬
‫فلسفة الكفايات والوضعيات البيداغوجية‪.‬‬
‫وبعد أن اهتمت الوزارة بالجانب الكمي كتعميم التمدرس‬
‫ومحاولة القضاء على المية ومحاربة ظاهرة التسرب‬
‫الدراسي والفشل التربوي وتعثر التلميذ‪ ،‬وجدت الوزارة‬
‫نفسها أمام مشكل عويص أل و هو تدني مستوى التعليم‬
‫وهزالة المردودية والضعف اللغوي والعلمي والتقني لدى‬
‫التلميذ وعدم قدرته على التكيف مع الوضعيات‬
‫التكنولوجية والعلمية الجديدة؛ مما جعل الوزارة تفكر‬
‫في الهتمام بالجانب الكيفي بدل الكمي الذي استنزف‬
‫أموال باهضة من ميزانية الدولة التي وصلت إلى حد ‪%26‬‬
‫من الميزانية العامة للبلد‪ .‬ويقول الدكتور محمد الدريج‬
‫في هذا الصدد" إن النكباب على حل المشاكل الكمية‬
‫خاصة ما ارتبط منها بالخلل بين العرض‬
‫والطلب) صعوبات تعميم التعليم وتمويله وترشيد النفاق‬
‫عليه‪ (...‬ل ينبغي أن يشغلنا عن العناية بجودة التعليم‬
‫والتي ‪ ...‬تشكل هدفا يهم كل الفاعلين في المجال‬
‫التربوي‪ -‬التعليمي على الصعيد العالمي")‪.(4‬‬
‫وترتبط الجودة في منظومتنا التربوية بجانبين أساسين‬
‫وهما‪ :‬جودة الدارة و جودة المنظومة التربوية وعملياتها‬
‫التعلمية ‪ /‬التعليمية‪ .‬ويمكن الذهاب بعيدا بأن الجودة ل‬
‫يمكن أن تتحقق إل في مجتمع ديمقراطي حقوقي‬
‫وحداثي يؤمن بالعلم والنظام والبتكار والبداعية والعمل‬
‫الجماعي وتقديس العمل والتفاني فيه‪ ،‬ويؤمن كذلك‬
‫بالنفتاح والحوار والتناص الثقافي ويساهم في إثراء‬
‫الحضارة النسانية‪.‬‬
‫وإذا عدنا إلى المدرسة التربوية وبالضبط إلى دور الستاذ‬
‫ومسؤوليته في تحقيق الجودة البيداغوجية والديداكتيكية‬
‫فإننا نجد هذه الجودة مغيبة إلى حد كبير لسباب ذاتية‬
‫وموضوعية من الصعب تحديدها بدقة ووضوح بسبب‬
‫تشابك المنظومة التربوية بالمنظومة الدارية والقتصادية‬
‫والسياسية‪ .‬وعلى الرغم من ذلك يمكن أن نساهم بتصور‬
‫نظري لتحقيق الجودة في العملية الديداكتيكية من خلل‬
‫تشخيص العيوب والزلت وإرساء البديل التربوي‪ .‬فكيف‬
‫يمكن‪ -‬إذا‪ -‬تحقيق هذه الجودة التي تتغير بتغير الظروف‬
‫والمستجدات البيداغوجية ؟!‬
‫عند تحديد مدخلت العملية الديداكتيكية وتسطير خطواتها‬
‫علينا أن نستوعب الغايات الكبرى لفلسفة التربية‬
‫والمرامي المرجوة والمواصفات المطلوبة من منظومتنا‬
‫التربوية‪ ،‬وهنا ننطلق من فلسفة الكفايات التي تحث عليها‬
‫المذكرات الوزارية باعتبار أن الكفايات بديل تربويا أساسيا‬
‫لتأهيل النشء وإعداد المتعلمين لمجتمع الشغل؛ إذ‬
‫يتطلب المجتمع التكنولوجي المعاصر وسياسة العولمة‬
‫والتسابق العلمي من المدرسة أن تكون وظيفية تكون‬
‫أطرا قادرة على تشغيل دواليب المجتمع ولسيما آلياته‬
‫النتاجية والخدماتية‪ ،‬ولن يتم هذا إل بمدرسة إبداعية‬
‫تعتمد على البتكار وخلق القدرات المندمجة لدى التلميذ‪،‬‬
‫وتغرس فيه قيم البتكار والبداع والنفتاح والحوار والتعلم‬
‫الذاتي والشتغال في فرق تربوية وعمل جماعي مثمر‪.‬‬
‫وإذا كانت الكفايات منطلقا فلسفيا براجماتيا للعملية‬
‫الديداكتيكية‪ ،‬فإن المحتويات والمجزوءات ينبغي كذلك أن‬
‫تساير هذا التحول وأن تكون عبارة عن تعلمات في شكل‬
‫وضعيات ومشاكل وعوائق سيواجهها المتعلم في الواقع‪،‬‬
‫أي لبد من إدخال المجتمع إلى قلب المدرسة وأن نهيىء‬
‫المتعلم لسئلة الواقع المفاجئة‪ .‬ويعني هذا أن تكون‬
‫المحتويات عبارة عن مشاكل ووضعيات صعبة تتطلب‬
‫الحلول المستعجلة بأداء فعال‪ ،‬وتعكس نفس المشاكل‬
‫والزمات التي سيتلقاها المتعلم في المجتمع عندما‬
‫سيحتك به‪ .‬ولبد أن تتجدد الطرائق البيداغوجية و الوسائل‬
‫الديداكتيكية لمسايرة التطور البيداغوجي ومتطلبات سوق‬
‫الشغل والتطور العلمي والتكنولوجي‪ ،‬وهنا لبد من‬
‫الستفادة من كل الوسائل العلمية المتاحة راهنا في‬
‫الساحة الثقافية والعلمية والتواصلية‪ ،‬وتتبع كل الوسائل‬
‫الجديدة لتجريبها قصد تحقيق الحداثة والمساهمة في‬
‫إثراء المنظومة التربوية المغربية‪ .‬وليمكن كذلك لهذه‬
‫العملية أن تنجح إل إذا وفرنا للستاذ فضاء بيداغوجيا‬
‫ملئما وصالحا كمدرسة الحياة‪ ،‬ومجتمع الشراكة‬
‫ومؤسسة المشاريع‪ ،‬وإصلح الدارة‪ ،‬وإصلح المجتمع كله‪،‬‬
‫وتحسين الوضعية الجتماعية للمدرس وتحفيزه ماديا‬
‫ومعنويا والسهر على تكوينه بطريقة مستمرة‪ ،‬وتحسين‬
‫وسائل التقويم والمراقبة على أسس بيداغوجيا الكفايات‬
‫والوضعيات والمجزوءات‪ ،‬وتكوين أطر هيئة التفتيش‬
‫ليقوموا بأدوارهم المنوطة بهم التي تتمثل في تأطير‬
‫المدرسين وإرشادهم إلى ماهو أحدث وأكفى وأجود‪.‬‬
‫وليمكن أن ينجح المدرس في عمليته التعليمية – التعلمية‬
‫إل إذا سن سياسة النفتاح والتعاون والحوار والعمل في‬
‫إطار فريق تربوي‪ ،‬واهتم بالبحث العلمي والنتاج الثقافي‬
‫لغناء عدته المعرفية والمنهجية والتواصلية لصالح المتعلم‬
‫والمدرسة المغربية‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬ليمكن الحديث عن الجودة التربوية ضمن‬
‫المنظومة التربوية والعملية الديداكتيكية إل إذا وفرنا‬
‫الظروف المناسبة للمدرس ماديا ومعنويا‪ ،‬وغيرنا عقلية‬
‫المحافظة والتكريس واستبدلناها بفلسفة التغيير والبداع‪،‬‬
‫وأصلحنا المدرسة و الدارة و المجتمع‪ ،‬وأقمنا نظاما‬
‫ديمقراطيا عادل‪ ،‬ومجتمعا حداثيا‪ ،‬وأرسينا مجتمع حقوق‬
‫النسان‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ :‬لسان اللسان‪ ،‬تهذيب لسان العرب‪ ،‬دار‬


‫الكتب العلمية بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،1993 ،1‬ص‪215 :‬‬
‫‪Petit Robert , Paris, éd, 1992, "Qualité", p : – 2‬‬
‫‪1574‬‬
‫‪ -3‬الدكتور حبيب المالكي‪):‬قالوا‪ ،(......‬جريدة الصباح‪،‬‬
‫السنة الخامسة‪ ،‬العدد ‪ ،1474‬الجمعة ‪31/12/2004‬؛‬
‫‪ -4‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة والتجديد التربوي‬
‫في المدرسة المغربية‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬منشورات رمسيس‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬ط ‪ ،1996 ،1‬ص‪.76 :‬‬
‫ل يمكن الحديث عن الجودة التربوية إل إذا فعلناها ميدانيا‬
‫وتطبيقيا على مستوى التدريس والدارة والمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -15‬الرتقاء بجودة التعليم‬

‫سياق ممارسة مهام الدارة التربوية والتأطير‪:‬‬


‫إداريا‪ ،‬يلحظ مجموعة من المشاكل التي تحول دون‬
‫الرتقاء بجودة التربية والتعليم كنقص الطر الدارية‬
‫وغياب العوان؛ مما يجعل مهمة الحراسة العامة صعبة‬
‫في التحكم في بنية المؤسسة ومقوماتها البشرية بسبب‬
‫نقص المساعدة‪ .‬وحتى إن كان هناك أعوان فإنهم سرعان‬
‫ما يتقاعسون في المهمة المنيطة بهم أو يغادرونها بسبب‬
‫تماطل الدولة والوزارة في دفع أجورهم وتعويضاتهم‪،‬‬
‫والـتأخر في صرف حقوقهم التي قد تصل سنوات عديدة‪،‬‬
‫ولسيما أثناء ترسيمهم أو الستفادة من الترقيات‬
‫المخصصة لهم‪.‬كما أن هناك تعدد المهام الدارية الخاصة‬
‫بكل موظف مما يحول دون تأدية مهامهم الدارية‪.‬‬
‫ونسجل كذلك غياب التواصل بين المدرسين والدارة‬
‫وانعدام التنسيق المشترك بينهما‪.‬‬
‫ونقترح للحصول على الجودة في هذا الطار الداري‬
‫مجموعة من النقط التي نراها وجيهة وسديدة‬
‫مثل‪:‬ضرورة تفعيل المجالس كمجلس التدبير ومجلس‬
‫القسام‪...‬كما ينبغي أن يشترك الكل في تدبير المؤسسة‬
‫والتعامل أفقيا بدل التعامل العمودي القائم على إصدار‬
‫الوامر‪ .‬ولكي تكون الدارة فعالة نرى أنه من المستحسن‬
‫أن تعين الطر الدارية من مدير وناظر وحارس عام‪...‬‬
‫عن طريق المتحانات والمباريات والتكوين في مراكز‬
‫خاصة والتوفر على المؤهلت العلمية وإتقان اللغات‪.‬‬
‫ويفضل مقياس التشبيب في الختيار بدل من القدمية أو‬
‫التقادم‪.‬‬
‫ولبد أن يكون التأطير فعال للرتقاء بجودة التربية‬
‫والتعليم؛ وذلك باختيار المؤطرين أصحاب الشواهد العليا و‬
‫الساتذة الباحثين في مهمة الشراف على الساتذة‬
‫وتأطيرهم‪.‬ويجب أن يتجاوز المفهوم القديم للتأطير الذي‬
‫مازال يتعامل به بعض المفتشين نحو مفهوم جديد قوامه‬
‫البداع والبحث وعقد الندوات العلمية والبيداغوجية‬
‫واللقاءات وإنجاز الدروس التجريبية وفق المستجدات‬
‫التربوية الراهنة‪.‬‬

‫سياق ممارسة مهمة التدريس‪:‬‬

‫غالبا ما يقدم المدرس خبراته الديداكتيكية ودروسه في‬


‫غياب الكتب المقررة الساسية مثل مادة الفلسفة في‬
‫التعليم الثانوي التأهيلي ) شعبة الجذع المشترك(‪ ،‬كما‬
‫يلحظ افتقار مؤسساتنا للوسائل التعليمية السمعية‬
‫والبصرية والتكنولوجية؛ مما يؤثر هذا سلبيا على مستوى‬
‫التلميذ وعدم الرتقاء بهم معرفيا ومنهجيا وتجريبيا‪ .‬وعلى‬
‫الوزارة أن تحل التناقض الحاصل في المذكرات الدارية‬
‫التي تنص على ضرورة الحفاظ على السير العادي‬
‫والملئم داخل القسم‪ ،‬وفي نفس الوقت تحرم على‬
‫المدرس طرد التلميذ وإخراجه من القسم على الرغم من‬
‫عدم إحضاره للكتب المدرسية‪ .‬ومن الفضل أن تحقق‬
‫الدارة التوازن في توزيع المستويات الدراسية على‬
‫الساتذة؛ لن بعض الساتذة تسند لهم نفس المستويات‬
‫كل سنة‪ .‬ولبد من إيجاد حلول لمشاكل التقويم وتنقيط‬
‫فروض التلميذ‪ ،‬إذ يختلف التقييم من مدرس إلى آخر‪،‬‬
‫وعلى المدرسين العمل بالمذكرات الدارية الداعية إلى‬
‫ضبط الغش ومحاربته في المتحانات الوطنية والجهوية‬
‫لتوفير تكافؤ الفرص بين المتمدرسين‪.‬‬
‫وهناك نقطة مهمة أخرى‪ ،‬وهي أن يتم تعيين محضر‬
‫لمختبر الفيزياء وآخر في العلوم الطبيعية في كل مؤسسة‬
‫تربوية‪ ،‬علوة على ضرورة إسناد مادة الترجمة للساتذة‬
‫المتخصصين بدل من الحلول الترقيعية التي تلتجىء إليها‬
‫الوزارة من حين إلى آخر لتوفير المدرسين عن طريق‬
‫التكليف العشوائي‪ ،‬إذ تسند لمدرس مادة العلميات مادة‬
‫الرياضيات والعكس صحيح أيضا في شتى المواد‪ ،‬كما‬
‫ينبغي تفعيل مذكرة إعادة النتشار لضمان العدالة في‬
‫التوزيع خاصة أثناء المرض‪.‬‬

‫أوضاع التحصيل الدراسي لدى التلميذ ومدى اكتسابهم‬


‫للمعارف والمهارات الساسية‪:‬‬

‫من المعروف أن مستوى التحصيل متدن لدى التلميذ في‬


‫جميع المواد والمسالك والشعب بدون استثناء وذلك راجع‬
‫لعدة أسباب ذاتية وموضوعية‪.‬ويمتد هذا التدني عبر‬
‫التعليم البتدائي والعدادي ليصل إلى المستوى الثانوي‪.‬و‬
‫من السباب التي كانت وراء ذلك التدني سياسة الكم بدل‬
‫الكيف؛ لن الغرض هو التعميم والقضاء على المية مما‬
‫أثر سلبا على مستوى التلميذ المغاربة مع بعض‬
‫الستثناءات التي ل يقاس عليها‪ .‬إذ وصلت الغرابة في‬
‫التعليم البتدائي أن ينجح التلميذ من القسم السادس إلى‬
‫السنة السابعة من التعليم الساسي بنقطة )صفر‬
‫‪.(00‬لذا‪ ،‬نقترح حل موضوعيا للخروج من هذه الزمة هو‬
‫أن يكون ‪ 10/20‬هو معدل النجاح في جميع مستويات‬
‫التعليم الساسي والثانوي إذا أردنا أن نحقق جودة فعالة‬
‫وميدانية‪ ،‬ولكن مع توفير جميع الظروف لتطبيق هذا‬
‫المقياس التقويمي‪.‬‬
‫ونرى أنه من اللزم أن نخلق مدرسة البداع والبحث‬
‫والبتكار والتنشيط الفني والثقافي والعلمي والتقني بدل‬
‫من أن نرهق التلميذ بدروس الحفظ والتلقين‪ .‬وهنا لبد‬
‫أن ننطلق من فلسفة الكفايات لجعل التحصيل قائما على‬
‫حل الوضعيات والمشاكل‪.‬ومن المفيد أن نقنع التلميذ‬
‫باقتناء الكتب والمجلت والصحف وأن يستغل أوقات‬
‫فراغه استغلل جيدا‪ ،‬ومن الضروري كذلك أن نقوم‬
‫بتحسيس الباء وأولياء التلميذ عبر الوسائل السمعية‬
‫والبصرية والعلم المكتوب في تحسين الوضاع‬
‫والمشاركة في بناء جيل الغد عن طريق تنويرهم علميا‬
‫ورياضيا وثقافيا‪.‬كما يلعب الهندام أو الزي الموحد دورا‬
‫هاما في تمييز التلميذ عن غير التلميذ وتحقيق عدالة‬
‫اجتماعية بدون فوارق طبقية‪.‬‬

‫سياق تتبع وتقييم المستجدات التربوية) التقويم(‪:‬‬

‫من المعلوم أن التعليم المغربي مازال حقل للتجارب‬


‫التربوية والطرائق الديداكتيكية والمستجدات التربوية مثل‬
‫فلسفة الهداف ومشروع المؤسسة والشراكة ومدرسة‬
‫الحياة والتعليم عن طريق الكفايات والوضعيات‪.‬ولكن هذه‬
‫المستجدات مازال المدرس المغربي لم يستوعبها بسبب‬
‫غموضها وارتجاليتها وعدم تطبيقها لمدة كافية لمعرفة‬
‫نجاعتها؛ مما يجعل المدرسين حائرين ل يعرفون ماذا‬
‫يقدمون وماذا يؤخرون ‪.‬ويعني هذا أن التعليم المغربي‬
‫يخضع للتجريب والختبار واستنساخ النظريات الغربية دون‬
‫تبيئتها بشكل حقيقي؛ لن هذه النظريات ولدت غريبة عن‬
‫المجتمع المغربي‪ ،‬فلبد أن تكون نابعة من التربة والذات‬
‫المغربية‪ ,‬كما أن كثيرا من المدرسين ل يتوصلون‬
‫بالمذكرات والشروحات التي تنص على هذه المستجدات‬
‫التربوية بسبب انعدام التنسيق والتأطير والتردد في‬
‫الجرأة الميدانية كما وقع لفلسفة الكفايات ومشروع‬
‫المؤسسة الذي ل يعرف عنه الساتذة أي شيء من‬
‫الناحية العملية والميدانية‪.‬‬

‫الحد من ظاهرة النقطاع والتكرار المدرسي‪:‬‬

‫يبدو لكل مراقب ومتتبع للشأن التربوي أن المدرسة‬


‫المغربية بدأت تعرف ظاهرة النقطاع الدراسي والتكرار‬
‫‪ ،le redoublement‬وذلك راجع إلى انسداد آفاق‬
‫المستقبل أمام الناشئة المغربية وحاملي الشواهد العليا‪،‬‬
‫ونمو ظاهرة البطالة باستمرار مع تراجع الستثمار ومعدل‬
‫النمو القتصادي‪ .‬وقد أصبح التحصيل المدرسي في‬
‫المغرب عند الكثير من السر مضيعة للوقت؛ لن فرص‬
‫الشغل نادرة وغير متوفرة‪ ،‬ومن المستحيل أن يجد المرء‬
‫عمل في هذا الواقع المتردي‪ .‬وقد نتج عن هذا الوضع‬
‫المأساوي تفكير التلميذ في الهجرة وعدم الرغبة في‬
‫التحصيل المدرسي مما سبب في التكرار الدراسي والهدر‬
‫بشكل ملحوظ‪ ،‬ناهيك عن الظروف القتصادية‬
‫والجتماعية القاسية التي تدفع التلميذ إلى عدم متابعة‬
‫دراسته‪.‬‬
‫ولتفادي هذه الظاهرة‪ ،‬لبد من توفير الشغل وخلق المل‬
‫في نفوس المتمدرسين‪ ،‬ومساعدة الفقراء اجتماعيا عن‬
‫طريق المنح والتضامن الجتماعي وخلق الشراكات فضل‬
‫عن عملية تحفيز المتفوقين والتنويه بهم وتشجيع المواهب‬
‫تشجيعا حقيقيا‪ ،‬و العمل الجاد على تحسيس التلميذ‬
‫إعلميا على المستوى الوطني بمآسي الهجرة وأخطارها‬
‫المرتقبة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫هذه هي أهم المقترحات والتوصيات لتفعيل الجودة‬


‫التربوية ميدانيا‪ ،‬وهي تمس الجانب التربوي والداري‪.‬‬

‫‪ -16‬جودة البرامج والمناهج‬

‫لتحقيق الجودة في مجال التربية والتعليم والوصول إلى‬


‫الهداف المرجوة من العملية الديداكتيكية لبد من‬
‫الهتمام بالبرامج والمناهج الدراسية وإعادة النظر فيها‪.‬‬

‫المناهج والبرامج‪:‬‬
‫عند وضع المناهج والبرامج الدراسية لبد من وضع‬
‫مجموعة من المعايير والمقاييس والمواصفات الضرورية‬
‫لتأهيل تعليمنا لكي يلتحق بركب التنمية والتطور‬
‫والزدهار‪ .‬ومن أهم هذه المعايير‪ :‬الحداثة والمعاصرة‬
‫والستجابة لحاجيات المجتمع ومؤسساته القتصادية‪،‬‬
‫والنفتاح على مستجدات العلوم والفنون والداب‬
‫والتكنولوجيا على غرار الدول المتقدمة أو السائرة في‬
‫طريق النمو كدول جنوب آسيا مثل‪:‬الصين وهونغ كونغ‬
‫وتايوان وسانغفورة وكوريا الجنوبية‪ .‬ومن الفضل أن تقوم‬
‫هذه المناهج على فلسفة الكفايات استجابة لمتطلبات‬
‫السوق والعولمة ومتطلبات المقاولة المغربية أو‬
‫المستثمرة داخل المغرب‪.‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬لبد أن تنطلق‬
‫هذه المناهج من فلسفة ميثاق التربية والتكوين وأن تعمل‬
‫على تشرب مرتكزاته ودعاماته ومبادئه لتخطي كل‬
‫العقبات والزمات التي يعانيها التعليم المغربي‪ ،‬علما أن‬
‫الميثاق غني بكثير من البنود والمقررات التي يمكن أن‬
‫تساهم في إثراء منظومتنا التربوية والتعليمية‪ ،‬كما على‬
‫هذه المناهج أن تتطور بتطور الطرائق البيداغوجية الحديثة‬
‫لمواكبة التطور العالمي في مجال التواصل والعلميات‬
‫والتطور التقني‪.‬‬
‫ومع توقيع المغرب على اتفاقية الكاط واتفاقيات التبادل‬
‫الحر الثنائية أو الجماعية‪ ،‬نرى أنه من الضروري أن يحدث‬
‫النفتاح ومسايرة متطلبات العولمة على مستوى البرامج‬
‫والمناهج الدراسية‪.‬ول يعني هذا إهمال الموروث المحلي‬
‫الخصوصي والقيم الوطنية ‪ ،‬فل بد من تجزيء المناهج‬
‫والبرامج لتراعي ثلثة جوانب أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الثقافة العالمية ذات البعد النساني؛‬
‫الثقافة الوطنية؛‬
‫الثقافة المحلية‪.‬‬
‫ول ننسى كذلك ضرورة مواكبة هذه البرامج والمناهج‬
‫لمعايير التقويم والدوسيمولوجيا الحديثة لتكون المحتويات‬
‫والخبرات الديداكتيكية أكثر إجرائية وتطبيقا وقابلية‬
‫للمراجعة والنقد الذاتي والفيدباك‪.‬ول يمكن أن يتحقق‬
‫إصلح المناهج إل بتوفير الوسائل المادية والمعنوية‬
‫والبشرية وإل سيبقى هذا الصلح الذي تتطلع إليه وزارة‬
‫التربية والتعليم إصلحا طوباويا دونكيشوتيا خياليا ل يعتمد‬
‫على مرتكزات حقيقية وواقعية وميدانية‪ .‬ول ينبغي أن‬
‫تكون هذه البرامج والمناهج إملءات من دول أجنبية أو‬
‫من قبل دول المركز نخضع لها باعتبارنا دول محيطة‬
‫متروبوليا أو اقتصاديا أو سياسيا)مثل التبعية‬
‫الفرنكوفونية(‪ ،‬وأل تكون نتاجا للضغوطات الدولية‬
‫وشروط البناك المانحة كالبنك الدولي وصندوق النقد‬
‫العالمي‪ ،‬أي أل يكون الصلح خارجيا‪ .‬ول يعني هذا أل‬
‫نستفيد من خبرات الدول الجنبية‪ ،‬بل علينا أن نلم‬
‫بتجارب الدول المتقدمة كألمانيا والوليات المتحدة‬
‫المريكية وبريطانيا واليابان وخبرات التنينات الربعة‪ .‬ومن‬
‫الحسن أن نراعي في وضع هذه البرامج نظام‬
‫المجزوءات ‪ les modules‬والتناغم والتكامل بين وحدات‬
‫المقرر والمواد المدرسة لتحقيق التساق والنسجام‬
‫البيداغوجي انسجاما مع فلسفة الكفايات والوضعيات‪ ،‬كما‬
‫ينبغي أن تكون هذه البرامج والمناهج واضحة ودقيقة‬
‫وقابلة للجرأة والتطبيق‪.‬‬
‫ومن أولى الوليات‪ ،‬أن يستشيرالمسؤولون في الوزارة‬
‫المركزية الذين تناط بهم مهمة وضع البرامج والمناهج كل‬
‫الفاعلين التربويين بما فيهم الساتذة والمفتشون‬
‫والمتمدرسون وأولياء التلميذ وكذلك الطر الدارية‬
‫والشركاء الذين تستوجبهم مدرسة الحياة ‪la vie‬‬
‫‪ ،scolaire‬وأل يكون تنزيل البرامج والمناهج بشكل‬
‫عمودي‪.‬‬
‫ونرى من الفضل كذلك‪ ،‬أن ترتكز هذه البرامج والمناهج‬
‫التربوية على ثوابت المة كالدين والعربية والمازيغية أي‬
‫أن تستجيب لمكونات الدولة المغربية بدون إيديولوجية أو‬
‫عرقية شوفينية ومزايدات سياسوية أو نقابوية أو‬
‫إسلموية‪ ،‬دون النفصال عن المنظور السلمي والعربي‬
‫والقومي‪.‬‬
‫وعندما نصدر أي إصلح تربوي جديد أو أي تغيير لبد من‬
‫تأهيل الساتذة لستيعاب هذا الصلح عن طريق التكوين‬
‫والتأطير والشرح والتفسير والعل م‪ ،‬وتمكينهم بكل‬
‫المذكرات والقرارات الوزارية والجهوية ليتمكنوا من‬
‫تطبيق مقترحات الوزارة وأجرأة قراراتها ومذكراتها في‬
‫أحسن الظروف‪.‬‬
‫ولبد أن نشير في الخير إلى ما تم الشارة إليه سالفا‬
‫وهو أن تتضمن هذه البرامج والمناهج فلسفة وطنية قائمة‬
‫على التواصل والتسامح والخوة‪ ،‬وأن تكون نابعة من‬
‫التربة المحلية ومن الذات المغربية‪.‬‬

‫الكتب المدرسية‪:‬‬
‫وللحصول على الجودة التربوية لبد أن توفر الوزارة‬
‫الكتب المدرسية في الوقت المناسب وبأثمان معقولة‪.‬‬
‫ومن المؤكد عليه أيضا أن تتلءم كثافة المحتويات مع‬
‫السياق الزمني للسنة الدراسية وإيقاعها المقنن‪ .‬ومن‬
‫الضروري كذلك أن يعاد النظر في بعض الكتب ذات الكم‬
‫الهائل ولسيما في مجال العلوم الطبيعية والفيزيائية‬
‫والكيميائية والرياضيات والجتماعيات والتربية السلمية‪...‬‬
‫ونرى أنه من اللزم تغيير المقررات الدراسية مع تغير‬
‫الوضاع الجتماعية والقتصادية والثقافية لمواكبة‬
‫المستجدات الموجودة في الساحة العلمية والفنية والدبية‬
‫والتقنية‪ .‬ويلحظ كذلك أنه من الفضل أن تتغير المؤلفات‬
‫الدبية والفنية في التعليم الثانوي التأهيلي كل أربع‬
‫سنوات لتفادي الملل والتكرار والروتين ولسيما في‬
‫شعبتي اللغة العربية و الفرنسية‪.‬ولبد أن تتأسس الكتب‬
‫المدرسية على معايير الحداثة والمعاصرة وجودة‬
‫المحتويات والشكل والخراج المطبعي الملون مراعين‬
‫في ذلك شروط التلقي والتقبل وسيكولوجية القراءة‬
‫والبعد الجتماعي وسيميولوجية التواصل‪ .‬ومن الحضاري‬
‫كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب المدرسية والكتب‬
‫الموازية بشرط أن تستجيب لشروط دفتر التحملت التي‬
‫ترسيها وزارة التربية والتعليم وأن تكون مصححة ومنقحة‪،‬‬
‫وأن تدقق في مفاهيمها ومصطلحاتها العلمية المتفق‬
‫عليها دوليا ووطنيا وعلميا ومؤسساتيا ولسانيا‪ .‬وهنا لبد‬
‫كذلك من توحيد اللجان التي تضع الكتب المدرسية لكي ل‬
‫يقع نشاز بينها أوعدم التكامل والتنسيق؛ مخافة من‬
‫التناقض المنهجي أو المعرفي أو الديداكتيكي‪.‬ومن المفيد‬
‫مرجعيا وعلميا‪ ،‬أن نسترشد بكتب محلية وجهوية تطبيقا‬
‫لشعار الوزارة‪ :‬الجودة‪/‬الجهوية‪/‬القرب‪.‬ولن تعطي العملية‬
‫التربوية ثمارها إل إذا ألزمنا تلمذتنا بإحضار الكتب‬
‫المدرسية خاصة مع ندرة الوسائل الديداكتيكية‪ .‬ولبد أن‬
‫ننبه إلى أمر مهم وهو أن نترك الحرية للستاذ لختيار‬
‫كتاب المقرر المناسب مراعيا مستوى الفئة المدرسية‬
‫المستهدفة‪ ،‬علوة على ضرورة تنويع المصادر في تهييء‬
‫المادة المعرفية لنجاح العملية البيداغوجية داخل الفصل‬
‫الدراسي‪ .‬وما ينبغي أن نشير إليه أيضا أن تكون هذه‬
‫الكتب المدرسية ذات محتويات حيوية وديناميكية مرتبطة‬
‫بالفضاء الذي يعيش فيه التلميذ‪ ،‬وأن تواكب المستجدات‬
‫في ميدان العلم والتواصل والحصاء كما هو الشأن في‬
‫المواد الجتماعية‪ ،‬وأن تراعي هذه الكتب والمقررات‬
‫ميولت التلميذ وأهوائه وقيمه الوطنية والدينية والحضارية‪،‬‬
‫وأن تبتعد عن تكريس إيديولوجيات معينة‪ ،‬بل عليها أن‬
‫تكون ذات محتويات إنسانية عادلة وذات أبعاد اجتماعية‬
‫ديموقراطية‪ .‬بله عن ذلك‪ ،‬أن تكون متماثلة مع أهداف‬
‫المنهاج وفلسفة الكفايات‪ ،‬وأن تكون محتويات هذه الكتب‬
‫عبارة عن وضعيات وسياقات تربوية قابلة للتقويم‬
‫والختبار‪.‬‬

‫استعمالت الزمن واليقاعات المدرسية‪:‬‬

‫وإذا انتقلنا إلى استعمال الزمن‪ ،‬فهو الذي ينظم العملية‬


‫الديداكتيكية من جميع جوانبها‪.‬لذا لبد أن ينبني على‬
‫مجموعة من المقومات الساسية كالعتماد على اليقاع‬
‫الزمني الوظيفي‪ ،‬واحترام العياد الدينية‪ ،‬وإعطاء‬
‫السبقية للمواد الرئيسية على حساب المواد الثانوية أو‬
‫التكميلية لكل مسلك على حدة‪ ،‬وضرورة التخفيف من‬
‫حجم ساعات المدرس والتلميذ معا؛لنعطي لهما فرصة‬
‫للتحضير وتهييء ما يجب تهييئه من خبرات التعلم‬
‫ووحدات المقرر‪.‬ويستلزم هذا اليقاع الزمني أن تنوع‬
‫الدارة من المستويات الدراسية لكل أستاذ تفاديا للروتين‬
‫القاتل حسب الكفاءة التي سيظهرها المدرس في الحقل‬
‫التدريسي والتربوي‪.‬وعند وضع الستعمالت الزمنية من‬
‫الفضل أن تراعي مبادىء السيكولوجيا والشروط‬
‫التربوية‪ ،‬وأن يستشار الساتذة في وضعها ومناقشتها‬
‫بطريقة موضوعية مع الخذ بعين العتبار إكراهات بنية‬
‫المؤسسة والبنى النسقية الخرى‪ .‬ونلح أن تكون برمجة‬
‫اليقاع الدراسي مضبوطا ودقيقا وإنسانيا وعادل يرضي‬
‫كل الطراف الفاعلة أي لضررولضرار‪ .‬ومن خصائص‬
‫هذا اليقاع كذلك‪ ،‬أن يستجيب مع مؤهلت المدرس‬
‫وخصوصيات المتعلم والجودة الكفائية وسمات مدرسة‬
‫الحياة السعيدة‪ ،‬ولن يتم ذلك إل إذا تحكمت الوزارة في‬
‫تنظيم الحركة النتقالية في وقتها المحدد) أي في آخر‬
‫السنة الدراسية(‪ ،‬وانطلق محدد للموسم الدراسي‬
‫لمساعدة المؤسسات التربوية في توفير إيقاع تربوي‬
‫ناجح وهادف وضبط الحاجيات الممكنة‪ .‬ونرى أنه آن‬
‫الوان للعمل بنظام سيكما ‪ sigma‬في تسيير المؤسسة‬
‫التربوية كما ينص على ذلك ميثاق التربية والتكوين‪.‬‬
‫ظروف التعليم بالقسم‪:‬‬

‫من الوليات البيداغوجية والديداكتيكية لتحقيق الجودة في‬


‫ميدان التعليم لبد من تحسين ظروف التعلم والتعليم‬
‫انسجاما مع مدرسة الحياة أول‪ ،‬وتطبيقا لمبادىء ميثاق‬
‫التربية والتكوين ثانيا‪ .‬ولن يتحقق ذلك إل بالتخفيف من‬
‫أعداد التلميذ وتوفير المكانيات المادية والتجهيزات‬
‫المناسبة وتحديث القسام وعصرنتها‪ ،‬وذلك بتوفير‬
‫الوسائل التكنولوجية والعلمية المعاصرة) الكمبيوتر‬
‫والنترنت‪.(...‬‬
‫ويستلزم هذا التحسين كذلك صباغة القسام باللوان التي‬
‫يرتاح لها الستاذ والتلميذ معا‪ ،‬وتجهيزها بمختبرات حديثة‬
‫تتوفر على تقنيات وآليات أكثر عصرنة تتطلب وجوب‬
‫المحافظة عليها‪ ،‬ول بد أن تتوفر المؤسسات التربوية‬
‫على آلة للستنساخ لتسهيل عمليات طبع الفروض‬
‫والمتحانات‪.‬ولبد من تنظيف القسام والجدران وتأهيل‬
‫التلميذ أخلقيا ومعرفيا للمشاركة في هذا الورش‬
‫الصلحي بطرق ديموقراطية مقنعة‪ .‬كما أن مدرسة‬
‫الحياة التي تدعو إليها الوزارة من الضروري أن تستند إلى‬
‫التنشيط الفني والثقافي والعلمي‪ .‬ونلح كذلك على وجوب‬
‫توفير الطر التربوية والدارية و العوان المساعدين‬
‫بالقدر الكافي‪ ،‬مع ضرورة إيجاد المحلل النفساني‬
‫والباحث الجتماعي داخل المؤسسة لتصحيح العلقة‬
‫التواصلية خصوصا بين التلميذ والستاذ‪ ،‬وأيضا لتفادي‬
‫الصطدامات المتكررة بين التلميذ والتلميذ أو بين التلميذ‬
‫والستاذ أو بين التلميذ والدارة‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫تلكم هي أهم الشروط والقتراحات والتوصيات التي نراها‬


‫مناسبة لتحقيق جودة كفائية وحداثية لمنظومتنا التربوية‬
‫في مجال البرامج والمناهج ووضع الكتب المدرسية‬
‫وتوظيف اليقاع المدرسي وتحسين ظروف القسم‪.‬‬

‫‪ -17‬الكفايات والوضعيات‬

‫إذا كانت بيداغوجية الهداف تجزيئية وهرمية ول سياقية‪،‬‬


‫فإن بيداغوجية الكفايات سياقية وشاملة و مندمجة‬
‫ووظيفية‪ .‬وتعد الوضعيات من أهم العناصر التي ترتكز‬
‫عليها الكفاية‪ ،‬ومن أهم محكاتها الجوهرية لتقويمها إنجازا‬
‫وأداء ومؤشرا‪ .‬وليمكن تصور الكفايات بدون الوضعيات‬
‫تماما؛ لنها هي التي تجعل من الكفاية وظيفة ل سلوكا‪،‬‬
‫وهي التي تحكم على أهلية القدرات و مدى ملءمتها‬
‫للواقع وصلحيتها للتكيف مع الموضوع أو فشلها في إيجاد‬
‫الحلول للمشاكل المعيقة‪.‬‬

‫‪ /1‬تعريف الكفـــــــــاية‪:‬‬

‫قبل تعريف الوضعية‪ ،‬علينا أن نعرف الكفاية والمقصود‬


‫بها لكي تتضح دللت مفهومنا الديداكتيكي الذي نريد‬
‫الخوض فيه‪ ،‬وهكذا تعرف الكفاية عند جيلي بأنها " نظام‬
‫من المعارف المفاهيمية) الذهنية( والمهارية ) العملية(‬
‫التي تنتظم في خطاطات إجرائية‪ ،‬تمكن في إطار فئة من‬
‫الوضعيات‪ ،‬من التعرف على المهمة – الشكالية وحلها‬
‫بنشاط وفعالية")‪ .(1‬وتعرف الكفاية كذلك على أنها "‬
‫هدف‪ -‬مرمى متمركزة حول البلورة الذاتية لقدرة التلميذ‬
‫على الحل الجيد للمشاكل المرتبطة بمجموعة من‬
‫الوضعيات‪ ،‬باعتماد معارف مفاهيمية ومنهجية مندمجة‬
‫وملئمة")‪ .(2‬ويعرفها فيليب پيرنو بأنها" القدرة على تعبئة‬
‫مجموعة من الموارد المعرفية) معارف‪ ،‬قدرات‪،‬‬
‫معلومات‪ ،‬الخ( بغية مواجهة جملة من الوضعيات بشكل‬
‫ملئم وفعال")‪ .(3‬ويرى د‪ .‬محمد الدريج أن هذه‬
‫الكفايات" ينظر إليها على أنها إجابات عن وضعيات‪-‬‬
‫مشاكل تتألف منها المواد الدراسية")‪ .(4‬وفي رأيي‪ ،‬أن‬
‫الكفاية هي مجموعة من القدرات والمهارات والمعارف‬
‫يتسلح بها التلميذ لمواجهة مجموعة من الوضعيات‬
‫والعوائق والمشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول الناجعة‬
‫لها بشكل ملئم وفعال‪.‬‬
‫ويظهر لنا من مجموعة من التعاريف للكفاية أنها تنبني‬
‫على عناصر أساسية يمكن حصرها في‪:‬‬
‫‪ -1‬القدرات والمهارات؛‬
‫‪ -2‬النجاز أو الداء؛‬
‫‪ -3‬الوضعية أو المشكل؛‬
‫‪ -4‬حل الوضعية بشكل فعال وصائب؛‬
‫‪ -5‬تقويم الكفاية بطريقة موضوعية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد الرتباط بالوضعية‪/‬‬
‫الشكال‪ ،‬أي أن الكفاية قائمة على إنجاز المهمات الصعبة‬
‫وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة في الواقع‬
‫الموضوعي‪ .‬إذا‪ ،‬فالعلقة الموجودة بين الكفاية والوضعية‬
‫هي علقة استلزام اختباري وتقييمي وديداكتيكي‪.‬‬

‫‪ 2‬الوضــعية والــسياق‪-Situation et contexte :‬‬

‫إذا تصفحنا معاجم اللغة العربية كلسان العرب والمعجم‬


‫الوسيط فإننا ل نجد كلمة الوضعية بهذه الصيغة؛ بل نجد‬
‫كلمة وضع موضعا ومواضع الدالة على الثبات في المكان‪،‬‬
‫أي أن الوضعية بمثابة إطار مكاني للذات والشيء‪(5).‬‬
‫ولكن في اللغات الجنبية نجد حضورا لهذا المفهوم بشكل‬
‫واضح ومحدد‪ .‬ففي معجم أكسفورد النجليزي نجد أن‬
‫الوضعية تعني " معظم الظروف والشياء التي تقع في‬
‫وقت خاص وفي مكان خاص")‪ ،(6‬وتقترن الوضعية بدللة‬
‫أخرى وهي السياق الذي هو" عبارة عن وضعية يقع فيها‬
‫شيء‪ ،‬وتساعدك بالتالي على فهمه")‪ .(7‬أما معجم روبير‬
‫فيرى أن الوضعية هي " أن تكون في مكان أو حالة حيث‬
‫يوجه الشيء أو يتموقع" )‪ (8‬أي أن الوضعية هي التموقع‬
‫المكاني أو الحالي في مكان أو وضع ما‪ ،‬بينما يحدد‬
‫السياق في هذا المعجم على أنه " مجموعة من الظروف‬
‫التي تحيط بالحدث") ‪.(9‬‬
‫ويمكن أن نفهم من كل هذا أن الوضعية هي مجموعة من‬
‫الظروف المكانية والزمنية والحالية التي تحيط بالحدث‬
‫وتحدد سياقه‪ .‬وقد تتداخل الوضعية مع السياق والظروف‬
‫والعوائق والمواقف والمشكلت والمشاكل والصعوبات‬
‫والختبارات والمحكات والحالة والواقع والطار‬
‫والشكالية‪...‬الخ‪.‬‬
‫وتعرف الوضعية في مجال التربية والديداكتيك بأنها"‬
‫وضعية ملموسة تصف‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬الطار الكثر‬
‫واقعية‪ ،‬والمهمة التي يواجه التلميذ من أجل تشغيل‬
‫المعارف المفاهيمية والمنهجية الضرورية‪ ،‬لبلورة الكفاية‬
‫والبرهنة عليها")‪ .(10‬أي أن الوضعية واقعية ملموسة‬
‫يواجهها التلميذ بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق حلها‪.‬‬
‫والوضعيات ليست سوى التقاء عدد من العوائق‬
‫والمشاكل في إطار شروط وظروف معينة‪ .‬إن الوضعية‪-‬‬
‫حسب د‪ .‬محمد الدريج‪ " -‬تطرح إشكال عندما تجعل الفرد‬
‫أمام مهمة عليه أن ينجزها‪ ،‬مهمة ل يتحكم في كل‬
‫مكوناتها وخطواتها‪ ،‬وهكذا يطرح التعلم كمهمة تشكل‬
‫تحديا معرفيا للمتعلم‪ ،‬بحيث يشكل مجموع القدرات‬
‫والمعارف الضرورية لمواجهة الوضعية وحل الشكال‪ ،‬ما‬
‫يعرف بالكفاية")‪ .(11‬ونفهم من هذا‪ ،‬أن الوضعية هي‬
‫مجموعة من المشاكل والعوائق والظروف التي تستوجب‬
‫إيجاد حلول لها من قبل المتعلم للحكم على مدى كفاءته‬
‫وأهليته التعليمية ‪ /‬التعلمية والمهنية‪ .‬وتعتبر المواد‬
‫الدراسية مجموعة من المشاكل والوضعيات‪ ،‬ولسيما أنه‬
‫ينبغي أن نعد التلميذ للحياة والواقع لمواجهة التحديات‬
‫والصعوبات التي يفرضها عالمنا اليوم‪ ،‬وأن يتعلم الحياة‬
‫عن طريق الحياة؛ وأل يبقى التلميذ رهين النظريات‬
‫المجردة البعيدة عن الواقع الموضوعي أو حبيس الفصول‬
‫الدراسية والقسام المغلقة والمسيجة بالمثاليات‬
‫والمعلومات التي تجاوزها الواقع أو التي أصبحت غير‬
‫مفيدة للنسان‪ .‬أي أن فلسفة الوضعيات مبنية على‬
‫أسس البراجماتية كالمنفعة والنتاجية والمردودية‬
‫والفعالية والفائدة المرجوة من المنتوج‪ ،‬والبداعية‪ ،‬وهو‬
‫تصور الفلسفة الذرائعية لدى جيمس جويس وجون ديوي‬
‫وبرغسون والثقافة النجلو سكسونية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ /3‬ســــياق بيداغوجية الوضـــعيات‪:‬‬

‫ليمكن فهم الوضعيات إل إذا وضعناها في سياقها‬


‫الجتماعي والتاريخي‪ ،‬وهو نفس سياق بيداغوجية‬
‫الكفايات‪ ،‬إذ استلزم التطور العلمي والتكنولوجي المعاصر‬
‫منذ منتصف القرن العشرين توفير أطر مدربة أحسن‬
‫تدريب لتشغيل اللة بكل أنماطها؛ مما دفع بالمجتمع‬
‫الغربي ليعيد النظر في المدرسة وطبيعتها ووظيفتها وذلك‬
‫بربطها بالواقع والحياة وسوق الشغل لمحاربة البطالة‬
‫والفشل المدرسي واللمساواة الجتماعية‪ .‬ويعني هذا‬
‫ربط المدرسة بالمقاولة والحياة المهنية والعولمة والقدرة‬
‫التنافسية المحمومة‪ .‬أي على المدرسة أن تنفتح على‬
‫الواقع والمجتمع لتغييرهما وإمدادهما بالطر المدربة‬
‫والكفئة والمتميزة‪ ،‬فل قيمة للمعارف والمحتويات‬
‫الدراسية إذا لم تقترن بما هو وظيفي ومهني وتقني‬
‫وحرفي‪ .‬إذا‪ ،‬كل هذه العوامل هي التي كانت وراء عقلنة‬
‫المناهج التربوية وجعلها فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية‬
‫وإبداعية‪.‬‬
‫وقد حاولت دول العالم الثالث ‪ ،‬بما فيها الدول العربية‬
‫) تونس والمغرب وسلطنة عمان مثل(‪ ،‬أن تتمثل هذا‬
‫النموذج التربوي القائم على بيداغوجية الكفايات‬
‫والوضعيات لمسايرة المستجدات العالمية ومتطلبات‬
‫السوق اللبرالية وتفادي البطالة والثورات الجتماعية‬
‫وظاهرة الهجرة بكل أنواعها‪ ،‬وحاولت تبيئتها في مدارسها‬
‫لخلق الجودة والعقلنية وتحصيل المردودية الفعالة‪ .‬وبذلك‬
‫أصبحت التربية تابعة للسياسة القتصادية للدولة وظروفها‬
‫الجتماعية والتمويلية‪ .‬ويقول نيكو هيرت في هذا‬
‫الصدد‪":‬ما هو إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا‬
‫القتصادي بعنصرين اثنين ‪ :‬أول تقلب بالغ وثنائية اجتماعية‬
‫قوية‪ .‬ينجم عن احتدام الصراعات التنافسية وإعادة‬
‫الهيكلة وإغلق المصانع وترحيل وحدات النتاج‪ ،‬واللجوء‬
‫المتسارع إلى اختراعات تكنولوجية زائلة أكثر‬
‫فأكثر) سواء في مجال النتاج أو في مجال الستهلك(‪.‬‬
‫وفي هذا السياق تتمثل إحدى أهم مساعي أرباب العمل‬
‫في المرونة‪ :‬أي مرونة سوق العمل ومرونة العامل‬
‫المهنية والجتماعية ومرونة أنظمة التربية والتكوين‬
‫وقابلية تكيف المستهلك‪.‬‬
‫مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس‬
‫المؤهلت‪ ،‬أي على أساس الشواهد‪ .‬وتمثل الشهادة جملة‬
‫معارف ومهارات معترف بها‪ ،‬تخضع لمفاوضات جماعية‬
‫وتخول حقوقا بشأن الجور وشروط العمل أو الحماية‬
‫الجتماعية‪ .‬ولتاحة دوران أكثر ليونة لليد العاملة‪ ،‬بات‬
‫أرباب العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي المتصلب‪:‬‬
‫مؤهلت‪ -‬شواهد‪ ،‬واستبداله بالثنائي كفايات‪ -‬شواهد مبنية‬
‫على وحدات تكوين) مصوغات أو مجزوءات (")‪.(12‬‬
‫‪Modulaire‬‬

‫‪ /4‬أنــواع الوضعـــــيات‪:‬‬

‫إن الوضعيات مجموعة من الطر والمؤشرات والظروف‬


‫السياقية التي تحدد المشكلت والعوائق والصعوبات التي‬
‫تواجه التلميذ المتسلح بمجموعة من المعارف والقدرات‬
‫والكفايات الوظيفية قصد حلها والحصول على إجابات‬
‫وافية وصحيحة للبرهنة على صدق هذه الكفايات‬
‫والقدرات المكتسبة عبر مجموعة من التعلمات المدرسية‬
‫المنجزة مسبقا‪ .‬ويمكن أن نضع التلميذ أمام عدة‬
‫وضعيات تبرز طبيعة الكفاية لدى التلميذ‪ ،‬وهذه هي التي‬
‫ستحدد لنا أنماط الوضعيات – المشاكل على مستوى‬
‫مؤشرات الطر السياقية‪:‬‬

‫‪ -1‬الوضعية المكانية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على كتابة النشاء داخل القسم؛‬


‫– أن يكون قادرا على إجراء التجربة داخل المختبر‪.‬‬
‫‪ -2‬الوضعية الزمنية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على كتابة قصيدة شعرية في‬


‫ساعتين؛‬
‫– أن يقطع التلميذ مسافة ‪ 40‬كلم في ساعتين‪.‬‬

‫‪ -3‬الوضعية الحالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يمثل التلميذ هذا الدور المسرحي بطريقة كوميدية؛‬


‫‪ -‬أن يسبح التلميذ على ظهره في مسبح المدرسة‪.‬‬

‫‪ -4‬الوضعية الداتية أو الوسائلية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكتب التلميذ نصا من ألف كلمة بواسطة الكمبيوتر؛‬


‫‪ -‬أن يقفز التلميذ بواسطة الزانة‪.‬‬

‫‪ -5‬الوضعية الحدثية أو المهارية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على إنجاز تقطيع هذا البيت‬


‫الشعري وتحديد بحره؛‬
‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا على إصلح اللة الموجودة فوق‬
‫الطاولة‪.‬‬

‫‪ -6‬الوضعية التواصلية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون قادرا على استخدام أسلوب التحذير‪ ،‬وهو‬


‫يتكلم بالسبانية مع شخص يدخن سيجارة في الحافلة؛‬
‫‪ -‬أن يكون قادرا على التواصل بالنجليزية‪ ،‬وهو يكتب‬
‫رسالة إلى صديقة البريطاني في لندن‪.‬‬

‫و يمكن أن نحدد أنواعا أخرى من الوضعيات الموقفية‬


‫قياسا على ما ذهب إيريبان إليه )‪ (13‬في تصنيفه‬
‫للكفايات‪IRIBANE:‬‬
‫‪ -1‬وضعيات التقليد والمحاكاة‪:‬‬
‫ترتكز على مهمات التقليد وإعادة المعارف والمهارات‬
‫المكتسبة عن طريق التطبيق والمماثلة والحفظ واللية‬
‫والعادة ) وضعيات الجترار(‪.‬‬
‫‪ -2‬وضعيات التحويل‪:‬‬
‫تنطلق من وضعية معينة من العمل لتطبيقها على‬
‫وضعيات غير متوقعة لكن قريبة‪ ،‬وذلك بالتفكير بالمثل‬
‫والستفادة من الوضعيات السابقة لحل الصعوبات عن‬
‫طريق تحويلها ليجاد الحلول المناسبة) وضعيات الستفادة‬
‫والمتصاص(‪.‬‬

‫‪ -3‬وضعيات التجديد‪:‬‬
‫تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوبات وعراقيل جديدة‬
‫وتقديم حلول مناسبة لها‪ ) .‬وضعيات الحوار و البداع(‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف الوضعيات من الناحية التقويمية المعيارية‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬وضعية أولية‪:‬‬
‫يتم طرح مجموعة من الوضعيات الشكالية للتلميذ أثناء‬
‫بداية الدرس أو قبل الشروع فيه إما في شكل مراجعة‬
‫وإما في شكل إثارة قدراته الذاتية والمهارية‪.‬‬
‫‪ -2‬وضعية وسيطية‪:‬‬
‫يقوم التلميذ أثناء التعلم والتكوين وفي وسط دراسة‬
‫المجزوءة للتأكد من قدرات التلميذ التعلمية والمفاهيمية‬
‫والمهارية‪.‬‬
‫‪ -3‬وضعية نهائية‪:‬‬
‫يواجهها التلميذ في نهاية الدرس‪ ،‬وهي التي تحكم على‬
‫التلميذ إن كان كفئا أم ل؟ وهل تحققت عنده الكفاية أم‬
‫ل؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة الصعوبات والوضعيات‬
‫الشكالية والمواقف الواقعية؟ وهل تحقق الهدف المبتغى‬
‫والغاية المنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم ل؟‬
‫وهذه الوضعيات تتناسب تماثليا مع التقويم الولي‬
‫والتكويني والجمالي في إطار العملية التعليمية –‬
‫التعلمية‪.‬‬
‫ومن حيث المحتوى‪ ،‬فهناك وضعيات معرفية ) ثقافية(‪،‬‬
‫ووضعيات منهجية‪ ،‬ووضعيات تواصلية‪ ،‬ووضعيات وجدانية‬
‫أخلقية‪ ،‬ووضعيات حركية‪ ،‬ووضعيات مهنية تقنية‪...‬‬

‫‪ / 5‬خصائص الوضــعية‪ -‬المشكل‪:‬‬

‫مجموعة من الخصائص التي يجب أن تتميز بها ‪ASTOLFI‬‬


‫حد د‬
‫وضعية المشكل الجيدة‪ ،‬نذكر منها)‪:(14‬‬
‫‪ -1‬ينبغي أن تحدد الوضعية عائقا ينبغي حله؛‬
‫‪ -2‬أن تكون الوضعية حقيقية ملموسة وواقعية تفرض‬
‫على التلميذ صياغة فرضيات وتخمينات؛‬
‫‪ -3‬تشبه هذه الوضعية لغزا حقيقيا ينبغي حله و مواجهته‬
‫بالقدرات المكتسبة؛‬
‫‪ -4‬تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية؛‬
‫‪ -5‬توصف ضمن لغة واضحة ومفهومة من قبل التلميذ؛‬
‫‪ -6‬تتطلب الوضعية معارف وقدرات ومهارات تساهم في‬
‫تكوين الكفاية في شتى مستوياتها المعرفية والحركية‬
‫والوجدانية؛‬
‫‪ -7‬تتشابه مع وضعية حقيقية يمكن أن تواجه الفراد خارج‬
‫المدرسة‪ ،‬ضمن الحياة المهنية أو الحياة الخاصة؛‬
‫‪ -8‬يعد للتلميذ مشكل حقيقيا ل يكون فيه الحل بديهيا؛‬
‫‪ -9‬تشكل الوضعية فرصة يثري فيها التلميذ خبراته؛‬
‫‪ -10‬تحدد الوضعية وفق المستوى المعرفي للتلميذ‪.‬‬

‫‪ /6‬أهمية الوضعيات‪ -‬المشـــاكل‪:‬‬

‫للوضعيات أهمية كبيرة في اختبار المناهج الدراسية وتقييم‬


‫المدرسة والتمييز بين التقليدية والجديدة منها‪ ،‬ومعرفة‬
‫المدرسة المنغلقة من الوظيفية‪ .‬إن الوضعيات بيداغوجية‬
‫الكفاءة والمردودية وإبراز القدرات والمهارات والمواهب‬
‫المضمرة والظاهرة‪ .‬إنها تربية المشاكل والحلول والتعلم‬
‫الذاتي وتجاوز الطرائق التقليدية القائمة على التلقين‬
‫والحفظ وتقديم المعرفة والمحتويات بواسطة المدرس‬
‫إلى التلميذ السلبي‪ .‬كما أن تربية الوضعيات هي التي‬
‫تفرز الكفاءات والقدرات العقلية وتربط المدرسة بالواقع‬
‫وسوق الشغل ليس من خلل الشواهد – المؤهلت بل من‬
‫خلل الشواهد – الكفايات‪ .‬بيد أن هذه الوضعيات‬
‫والكفايات ليست عصا سحرية لمعالجة كل مشاكل‬
‫وزارات التربية والتعليم كاكتظاظ التلميذ في الفصول‬
‫الدراسية‪ ،‬وتكوين المدرسين‪ ،‬وإيجاد الحلول المناسبة‬
‫للوضعية الجتماعية للمدرسين‪ ،‬وتوفير الوسائل‬
‫والمكانيات المادية والبشرية‪ ،‬بل إن طريقة التعليم‬
‫بالكفايات والوضعيات طريقة بيداغوجية لعقلنة العملية‬
‫الديداكتيكية وتفعيلها بطريقة علمية موضوعية على أسس‬
‫معيارية وظيفية وربط المدرسة بالحياة والشغل وسوق‬
‫العمل وحاجيات أرباب العمل والمنافسة ومقتضيات‬
‫العولمة‪ ،‬وكل هذا يتطلب تغيير عقلية الدارة والمدرس‬
‫والتلميذ والباء والمجتمع كله‪ .‬ول ينبغي أن تبقى‬
‫الوضعيات والكفايات في إطارها الشكلي أو بمثابة موضة‬
‫عابرة أو حبيسة مقدمات الكتب المدرسية وتوجيهات‬
‫البرامج الدراسية وفلسفتها البعيدة كغايات ومواصفات‬
‫مثالية نظرية بدون تطبيق أو ممارسة فعلية وميدانية‪ .‬وهنا‬
‫أستحضر قولة معبرة بكل وضوح لما نريد أن نقصده‬
‫لمبلور الكفايات فيليب پيرنو‪":‬إذا ظلت المقاربة بالكفايات‬
‫على مستوى الخطاب لهثا وراء الموضة‪ ،‬فإنها ستغير‬
‫النصوص لتسقط في النسيان‪ [...] ...‬أما إذا كانت تطمح‬
‫إلى تغيير الممارسات‪ ،‬فستصبح إصلحا من "النمط‬
‫الثالث" ل يستغني عن مساءلة معنى المدرسة وغايتها")‬
‫‪.(15‬‬
‫‪ /7‬بطاقة تقنية لبيداغوجيا الوضعيات والكفايات‪:‬‬

‫ليكون موضوعنا ميدانيا وإجرائيا ارتاينا أن نقدم جذاذة‬


‫وصفية لطريقة التدريس بالكفايات والوضعيات بدل من‬
‫الوصف النظري المجرد قصد تفعيل العملية الديداكتيكية‬
‫وعقلنتها على أسس الوعي والتطبيق والممارسة والتقييم‬
‫المعياري‪ .‬وإليكم هذه البطاقة التقنية‪:‬‬
‫المجزوءة‪ :‬العربية‬
‫عنوان المجزوءة‪ :‬المناهج النقدية) المنهج النفسي(‬
‫الفئة المستهدفة‪2 :‬باك أدبي‬
‫المدة الزمنية‪ :‬ساعة واحدة‪.‬‬
‫الغايات والمواصفات‪ :‬أن يكون التلميذ مواطنا صالحا‬
‫ومثقفا يتذوق الدب ويقدر على نقده ويساهم في إثراء‬
‫الساحة الدبية والنقدية المغربية أو العربية أو العالمية‪.‬‬
‫الهدف الختامي‪ :‬أن يكون التلميذ متمكنا من المنهج‬
‫النفسي وقادرا على تطبيقه على قصيدة ابن الرومي في‬
‫رثائه لبنه الوسط على ضوء مفاهيم سيغموند فرويد‪.‬‬
‫الوسائل الديداكتيكية‪ :‬الوثائق النصية) الكتاب المدرسي‪-‬‬
‫ديوان أبي نواس‪ -‬كتب فرويد في علم النفس‪ -‬مراجع‬
‫ومصادر أخرى‪.(...‬‬

‫الكفايات التعلمات الداء النجازي نوع الداء الوضعية‬


‫السياقية طبيعة الوضعية تقييم الداء‬
‫أن يكون التلميذ قادرا على تعريف المنهج النفسي تعريف‬
‫المنهج النفسي أن يعرف التلميذ المنهج النفسي أداء‬
‫معرفي عرف المنهج النفسي على ضوء كتاب فرويد في‬
‫علم النفس! وضعية أدائية وسائلية وضعية أولية‪ .‬نسبة‬
‫نجاح الداء‪20/...‬‬
‫عبارة التقدير‪ :‬ضعيف‪/‬لبأس به‪ /‬مستحسن‪ /‬حسن‪ /‬حسن‬
‫جدا‪ /‬ممتاز‬
‫أن يكون قادرا على تحديد أسس المنهج النفسي‬
‫مرتكزات المنهج النفسي أن يحدد مرتكزات المنهج‬
‫النفسي أداء معرفي حدد مرتكزات المنهج النفسي‬
‫وضعية أدائية حدثية وضعية اولية‪ .‬نسبة نجاح الداء‪/20...‬‬
‫)عبارة التقدير(‬
‫أن يكون قادرا على تعداد رواد المنهج النفسي رواد‬
‫المنهج النفسي أن يعدد التلميذ مجموعة من السماء‬
‫النقدية في مجال علم النفس أداء معرفي بالرجوع إلى‬
‫مكتبة المؤسسة ابحث عن رواد المنهج النفسي! وضعية‬
‫أدائية مكانية وضعية أولية‪ .‬نسبة النجاح الدائي‪20/...‬‬
‫عبارة التقدير‬
‫أن يكون قادرا على ذكر المفاهيم النقدية المفاهيم النقدية‬
‫أن يبرز التلميذ مفاهيم المنهج النفسي من خلل نص‬
‫النويهي في نقده لبي نواس أداء منهجي استخرج من‬
‫النص المفاهيم النقدية التي وظفها النويهي في نقده لبي‬
‫نواس! وضعية أدائية وسائلية وضعية وسيطة‪ .‬نسبة النجاح‬
‫والتقدير‪.‬‬
‫أن يكون قادرا على تحديد القضايا النقدية القضايا النقدية‬
‫أن يبرز التلميذ القضايا النقدية الموجودة في النص أداء‬
‫منهجي يطرح النص عدة قضايا نقدية ابرزها على ضوء‬
‫مقاطع نصية! وضعية سياقيةأدائية وسائلية وضعية تقييمية‬
‫وسيطة‪ .‬نسبة النجاح‪ .‬عبارة التقدير‪.‬‬
‫أن يكون قادرا على إبراز إيجابيات المنهج النفسي‬
‫وسلبياته إيجابيات المنهج النفسي وسلبياته أن يبين‬
‫التلميذ إيجابيات المنهج النفسي وسلبياته أداء منهجي بين‬
‫إيجابيات المنهج النفسي وسلبياته من خلل النص في مدة‬
‫‪ 10‬دقائق وضعية أدائية زمنية وضعية تقييمية وسيطة‪.‬‬
‫نسبة‬
‫النجاح‪ .‬وعبارة التقدير‪.‬‬
‫أن يكون قادرا على قراءة النص الشعري المنقود قراءة‬
‫النص الشعري لبي نواس أن يقرأ التلميذ نص أبا نواس‬
‫في وصف الخمرة ويتذوقه أداء تواصلي وجداني اقرأ‬
‫قصيدة ابي نواس في وصف الخمرة قراءة شاعرية!‬
‫وضعية أدائية حالية وضعية وسيطة‪ .‬نسبة النجاح وعبارة‬
‫التقدير‬
‫أن يطبق المنهج النفسي تطبيق المنهج النفسي على‬
‫نماذج شعرية‬
‫أن يطبق التلميذ المنهج النفسي على قصيدة ابن الرومي‬
‫في رثاء ولده الوسط أداء منهجي‪ /‬معرفي خذ قصيدة ابن‬
‫الرومي ال‬
‫موجودة في الكتاب المدرسي ص ‪ 12‬وطبق عليها المنهج‬
‫النفسي في القسم لمدة ساعة! وضعية وسائلية وادائية‬
‫ومكانية وزمنية وضعية نهائية‪ .‬نسبة النجاح وعبارة التقدير‬
‫الهدف الختامي‪:‬‬
‫تحقق بنسبة‪٪ ...‬‬
‫لم يتحقق بنسبة‪٪ ...‬‬
‫المراجـــع والمـــــصادر‪:‬‬

‫‪GILLET , P : « L’ utilisation des objectifs en – 1‬‬


‫‪formation , contexte et évolution » Education‬‬
‫‪; permanent , Nr :85 , octobre 1986 , p :17-37‬‬
‫‪ -2‬بيير ديشي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ترجمة‬
‫عبد الكريم غريب‪ ،‬منشورات عالم التررية‪ ،‬مطبعة دار‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،2003 ،1‬ص‪121 :‬؛‬
‫‪ -3‬باول جونتيل وروبيرتا بنتشيني‪ ):‬بناء الكفايات‪ :‬مقابلة‬
‫مع فليب پيرنو(‪ ،‬الكفايات في التدريس بين التنظير‬
‫والممارسة‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد العمارتي والبشير اليعكوبي‪،‬‬
‫مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2004 ،1‬ص‪41:‬؛‬
‫‪ -4‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬الكفايات في التعليم‪ ،‬المعرفة‬
‫للجميع‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2000‬العدد ‪ ،16‬ص‪61 :‬؛‬
‫‪ -5‬ابن منظور‪ :‬لسان اللسان‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪1‬ن ‪ ،1993‬ص‪743:‬؛ والمعجم الوسيط لحمد‬
‫حسن الزيات وآخرين‪ ،‬المكتبة السلمية‪ ،‬استانبول‪ ،‬تركيا‪،‬‬
‫ص‪1039 :‬؛‬
‫‪Oxford advanced learner’s, Dictionary -6‬‬
‫‪; Oxford university press 2000 ; p : 1109‬‬
‫‪; Ibid, p : 247 -7‬‬
‫‪Paul robert : Le Petit Robert, Paris, éd, -8‬‬
‫‪; 1992, p : 378‬‬
‫‪; Ibid, p : 1820 -9‬‬
‫‪ -10‬بيير ديشي‪ :‬تخطيط الدرس لتنمية الكفايات‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪181‬؛‬
‫‪ -11‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪60 :‬؛‬
‫‪ -12‬نيكو هرت‪ ):‬بصدد المقاربة عبر الكفايات هل نحتاج‬
‫إلى عمال أكفاء أم إلى مواطنين نقديين؟(‪ ،‬الكفايات في‬
‫التدريس بين النظرية والممارسة‪ ،‬مطبعة أكدال‬
‫‪،‬الرباط‪،‬ط ‪ ،2004 /1‬ص‪50 /49:‬؛‬
‫‪A regarder : A , IRRIBANE : « La -13‬‬
‫‪compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif »,‬‬
‫‪; CNRS, Paris, 1989‬‬
‫‪Astolfi, j, p : « Placer les élèves en -14‬‬
‫‪situation – problème ? », dans Probio revue,‬‬
‫‪16, 4, Bruxelles : Association des professeurs‬‬
‫‪de biologie (ASBL) ,1993‬‬
‫‪ -15‬حسن بوتكلي‪ ):‬مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب‬
‫پيرنو(‪ ،‬الكفايات في التدريس بين التنظير والممارسة‪،‬‬
‫مطبعة أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2004 ،1‬ص‪24:‬‬

‫‪ -18‬حقوق الطفل حسب اتفاقية المم المتحدة والسلم‬


‫عرف القرن العشرون تطورا كبيرا في مجال إقرار حقوق‬
‫النسان‪ ،‬لن المجتمع الدولي حدد عدة مواثيق تهم‬
‫النسان بمختلف أجناسه وأعماره وحالته‪ ،‬وسهر على‬
‫تنفيذ هذه الحقوق وترجمتها عمليا من خلل عدة أجهزة‬
‫ووسائل رسمية وغير رسمية محليا وعالميا‪ .‬ولكن مازالت‬
‫عدة عوائق ومثبطات تمنع من إقرار كل هذه الحقوق‬
‫التي ينبغي أن يتمتع بها النسان كيفما كان وحيثما كان‪.‬‬
‫من المعلوم‪ ،‬أن ثمة أسبابا كانت وراء الهتمام بتسطير‬
‫مدونة حقوق النسان الدولية من قبل هيئة المم المتحدة‬
‫خاصة الحروب الكونية الولى والثانية إلى جانب ظاهرة‬
‫الستعمار والستبداد السياسي والحرب الباردة وغياب‬
‫النظام الديمقراطي وانعدام العدالة الجتماعية وتعطيل‬
‫النهج الديني السلمي‪ .‬وقد استلزمت كل هذه البواعث‬
‫وضع خطة قانونية وإجرائية ردعية قائمة على المراقبة‬
‫والتنفيذ والمتابعة الجزائية والمعنوية للحد من ظاهرة‬
‫العتداء على الحق النساني‪.‬‬
‫ولقد كان السلم هو السباق إلى التنصيص على حقوق‬
‫النسان بصفة عامة وحقوق الطفل بصفة خاصة‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك ظهرت عدة ثورات إنسانية حقوقية كالثورة‬
‫النجليزية)‪ ،(1689‬والثورة الفرنسية)‪ ،(1989‬والثورة‬
‫المريكية )‪ (1776‬للعلن عن حقوق النسان كالحرية‬
‫والخوة والمساواة‪ .‬وكان المختبر الحقيقي لهذه الثورات‬
‫الحقوقية هو " الفلسفة السياسية كما نجدها عند رواد‬
‫مدرسة الحق الطبيعي ورواد مدرسة التعاقد الجتماعي‪،‬‬
‫والنزعة النسانية الحديثة وفلسفة النوار‪ .‬فهذه‬
‫المختبرات النظرية مجتمعة هي التي صيغ فيها المفهوم‬
‫النظري والفلسفي لحقوق النسان‪ ،‬بالنتقال من الحقوق‬
‫الطبيعية إلى حقوق النسان عبر مفهوم عقلني للتاريخ )‬
‫النوار( ومفهوم تعاقدي بشري للسلطة ) نظريات العقد‬
‫الجتماعي(‪1 .‬‬
‫ومابين ‪1981‬و ‪1989‬م‪ ،‬أصدرت إعلنات إسلمية لحقوق‬
‫النسان لتفصيل الحقوق السلمية وتنميطها عمليا‬
‫وتحديدها بدقة وضبط‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن الحروب‬
‫وظاهرة الستعمار من السباب الحقيقية التي دفعت‬
‫الشعوب للتفكير في مصير النسان وتحريره من العبودية‬
‫والجهل والتخلف وشبح الجوع‪ .‬لذلك تم التفكير في‬
‫منظومة حقوق النسان سواء أكانت مرجعيتها‬
‫غربية) الثورة الليبرالية والنسية( أم إسلمية دينية‪.‬‬
‫وتنقسم منظومة حقوق النسان إلى مواثيق عامة‬
‫ومواثيق خاصة‪ .‬وتتمثل المواثيق العامة ذات الشرعية‬
‫الدولية في‪:‬‬
‫العلن العالمي لحقوق النسان )‪ 10‬دجنبر ‪(1948‬؛‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)‬
‫‪(1966‬؛‬
‫العهد الدولي بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية)‬
‫‪(1966‬؛‬
‫البروتوكول الختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق‬
‫المدنية‬
‫) ‪.(1966‬‬
‫أما المواثيق الخاصة فهي مواثيق تتعلق بإنسان معين‬
‫كالمرأة والطفل والنسان المسن والمعاق والمتخلف‬
‫عقليا أو تتعلق بحق محدد مثل‪ :‬تقرير المصير أو تحريم‬
‫جميع أشكال الميز العنصري وحق العمل ومنع التعذيب‬
‫ومنع الرق والسخرة والعبودية والعراف والممارسات‬
‫المشابهة ومنع جرائم إبادة الجنس‪ ...‬أو تتعلق بحالة‬
‫محددة مثل‪ :‬حقوق النسان أثناء النزاعات العسكرية‬
‫الدولية والهلية‪....‬الخ‪.‬‬
‫وسنركز في موضوعنا هذا على حقوق الطفل من خلل‬
‫المواثيق الدولية المعاصرة مع مقارنتها بتلك الحقوق التي‬
‫أعطاها السلم للطفل أوالطفولة‪.‬‬
‫وقبل الخوض في هذه المقارنة‪ ،‬لبد أن نعرف من هو هذا‬
‫الطفل الذي نتحدث عنه؟‬
‫من الصعوبة بمكان أن نجد تحديدا دقيقا وتعريفا شامل‬
‫لمصطلح الطفل‪ .‬فالمعاجم الفرنسية تعرف الطفل بأنه‬
‫هو ذلك" الكائن البشري الذي يعيش سن الطفولة"‪2.‬‬
‫وهذا التعريف أكثر غموضا من مصطلح الطفل نفسه‪.‬‬
‫فهل نقول أثناء التعريف‪ ::‬إن الطفل هو رجل مصغر‪ ،‬أو‬
‫هل نحدد قسماته وبنيته الفسيولوجية بالمقارنة مع‬
‫الرجل؟!‪ ،‬وعلينا أن ننتبه أيضا بأن المراهقة تختلط‬
‫بالطفولة أحيانا‪ .‬فالمراهقة تبدأ حينما تنتهي الطفولة‬
‫لينتقل المراهق بعد ذلك إلى مرحلة البلوغ والنضج‬
‫والشباب‪.‬‬
‫وخروجا من كل التباسات اجتماعية ونفسية وبيداغوجية‪،‬‬
‫تعرف اتفاقية حقوق الطفل في جزئها الول )المادة‬
‫الولى(الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة أو‬
‫مالم يبلغ سن الرشد‪ .‬أي إن الطفل هو الذي مازال في‬
‫حاجة إلى رعاية ووصاية وغير قادر على تحمل المسؤولية‬
‫المدنية والجتماعية بمفرده‪ .‬أما في السلم‪ ،‬فالطفل هو‬
‫الذي لم يدرك مرحلة التمييز والدراك العقلي‪ ،‬كما أنه‬
‫غير خاضع للتكليف والمحاسبة الدينية والمدنية والجنائية‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد ظهرت عدة مواثيق دولية تهتم بحقوق الطفل‪،‬‬
‫وإن كان السلم قد سبقها جميعا‪ -‬قرآنا وسنة‪ -‬على‬
‫تحديدها وإقرارها أمرا وفعل كما ذكرنا سالفا‪ .‬ومن‬
‫المواثيق المعاصرة التي نصت على حقوق الطفل‪:‬‬
‫‪ -1‬إعلن جنيف بحقوق الطفل لعام ‪1924‬؛‬
‫‪ -2‬إعلن حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في‬
‫‪ 20‬تشرين )نوفمبر( ‪1959‬؛‬
‫‪ -3‬العلن العالمي لحقوق النسان)‪ 10‬دجنبر ‪(1948‬؛‬
‫‪ -4‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‬
‫) ولسيما في المادتين ‪23‬و ‪(24‬؛‬
‫‪ -5‬العهد الدولي الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية‬
‫والثقافية )ولسيما في المادة ‪(10‬؛‬
‫‪ -6‬النظم السياسية والصكوك ذات الصلة للوكالت‬
‫المختصة والمنظمات الدولية المعنية بخير الطفل‪.‬‬
‫وفي العلن العالمي لحقوق النسان مقتطفات تشير إلى‬
‫بعض حقوق الطفولة مثل‪ :‬ضرورة مساعدة الطفال‬
‫ورعايتهم وحمايتهم اجتماعيا سواء أكانوا شرعيين أم غير‬
‫شرعيين كما هو الشأن في المادة ‪ 25‬الفقرة الثانية‪" :‬‬
‫للمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين‪،‬‬
‫وينعم كل الطفال بنفس الحياة الجتماعية سواء أكانت‬
‫ولدتهم ناتجة عن رباط شرعي أم بطريقة غير شرعية"‪3.‬‬
‫وللباء الحق الول في اختيار نوع تربية أولدهم‪ ،‬لن من‬
‫واجب الطفال أن يتعلموا‪ ،‬ومن حقهم أن يدرسوا‬
‫ويكتسبوا المعارف قصد التكيف مع الواقع أو فهمه و‬
‫تغييره‪ .‬وينبغي أن يكون التعليم في مراحله الولى‬
‫والساسية على القل مجانا إلزاميا‪ ،‬وأن تكون له الحقية‬
‫في المشاركة بمساواة مع الطفال الخرين لولوج‬
‫الجامعة‪ ،‬وأن يستفيد من كل أنواع التعليم الموجود سواء‬
‫أكان فنيا أم تقنيا أم مهنيا على أسس الكفاءة‪.‬‬
‫أما عن بنية وتصميم اتفاقية حقوق الطفل وتنظيمها‬
‫فيمكن إبرازها في المكونات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الديباجة) تحدد أهداف التفاقية ومبادئ الميثاق الخاص‬
‫بحقوق الطفل(؛‬
‫‪ -2‬الجزء الول الذي بدوره يتكون من ‪ 41‬مادة؛‬
‫‪ -1‬الجزء الثاني يتكون من ‪ 4‬مواد) من مادة ‪ 42‬إلى مادة‬
‫‪(45‬؛‬
‫‪ -2‬الجزء الثالث يتكون من ‪9‬مواد ) من مادة ‪ 46‬إلى‬
‫‪.(54‬‬
‫وقد ميزت هذه التفاقية بين الطفل السوي والطفل‬
‫المعاق‪ ،‬وخصصت لهذا الخير بعض المواد التي سنقف‬
‫عندها فيما بعد‪:‬‬

‫‌أ‪ -‬حقوق الطفل السوي حسب ميثاق اتفاقية حقوق‬


‫الطفل‪:‬‬

‫• حقوق الطفل السرية والعائلية‪:‬‬

‫للطفل الحق في الحياة والبقاء والنمو‪ ،‬لذا فأثناء ولدته‬


‫يسجل فورا ويكون له الحق في السم والحق في‬
‫اكتساب الجنسية‪ ،‬وله قدر المكان الحق في معرفة‬
‫والديه وتلقي رعايتهما) المادة ‪ .(7‬وتنص التفاقية في‬
‫المادة) ‪ (18‬بأن كل الوالدين يتحملن مسؤوليات مشتركة‬
‫في تربية الطفل ونموه‪ .‬وتقع على عاتق الوالدين أو‬
‫الوصياء القانونيين‪ -‬حسب الحالة‪ -‬المسؤولية الولى عن‬
‫تربية الطفل ونموه‪ ،‬وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع‬
‫اهتمامهم الساسي‪ .‬لذا‪ ،‬على الدول الموقعة على‬
‫الميثاق‪ -‬و بعض الدول العربية أطراف في هذه التفاقية‪-‬‬
‫أن تقدم المساعدة اللزمة للوالدين أو الوصياء القانونيين‬
‫في أداء مسؤوليتهم تجاه تربية الطفل‪ ،‬وعليها كذلك توفير‬
‫مؤسسات رعاية الطفال وتطوير مرافقها وخدماتها‪.‬‬
‫هذا‪،‬وإن للطفل حقا أصيل في بيئته العائلية ورعاية‬
‫الوالدين‪ ،‬وكذا في جملة أمور مثل‪ :‬الحضانة و الكفالة في‬
‫القانون السلمي و التبني أوعند الضرورة القامة في‬
‫مؤسسات مناسبة لرعاية الطفال‪ .‬وعلى الدولة الموقعة‬
‫على التفاقية احترام حق الطفل في الحفاظ على هويته‬
‫بما في ذلك جنسيته‪ ،‬واسمه‪ ،‬وصلته العائلية على النحو‬
‫الذي يقره القانون دون التدخل في حياته بطريقة غير‬
‫شرعية‪ .‬وإذا حرم أي طفل من كل هذا ومن بعضه‪،‬‬
‫أسرعت الدول الطراف على المستوى الدولي إلى‬
‫مساعدة هذا الطفل وحمايته من أجل إعادة إثبات هويته‬
‫ووجوده الطبيعي والقانوني والعتباري‪.‬‬
‫وليس من المقبول أن يفصل الطفل عن والديه على كره‬
‫منهما إل في حالت استثنائية قضائية مثل‪ :‬معاملة الطفل‬
‫معاملة قاسية‪ ،‬أو عندما تهمل مصالحه‪ .‬وعند انفصال‬
‫والديه يتعين اتخاذ قرار بشأن محل إقامة الطفل‪.‬‬
‫وللطفل الحق في ربط علقات شخصية مع والديه على‬
‫الرغم من انفصالهما‪ .‬و ينبغي أن تسهل الدول الموقعة‬
‫على التفاقية على الطفل اللتحاق بوالديه في دولة‬
‫أجنبية والجتماع بهما أثناء زيارتهما إن كانا في بلدين‬
‫متفرقين أو مغادرة البلد معهم‪ ،‬ول يقيد حقه في المغادرة‬
‫إل للقيود التي ينص عليها القانون‪ .‬وتتخذ كل التدابير لمنع‬
‫نقل الطفال إلى الخارج وعدم عودتهم بصورة غير‬
‫مشروعة‪.‬‬

‫• حقوق الطفل المدنية والسياسية‪:‬‬

‫من حقوق الطفل المدنية حرية التعبير قول وكتابة‬


‫وصحافة وطباعة وفنا‪ .‬وله الحق في طلب جميع أنواع‬
‫المعلومات والفكار وتلقيها وإذاعتها ‪ ،‬ويجوز إخضاع هذه‬
‫الممارسة لبعض القيود كاحترام الغير أو عدم المساس‬
‫بسمعة الخرين أو حماية المن الوطني أو الخلل بالنظام‬
‫العام أوالصحة العامة أو انتهاك أخلق وآداب المجتمع ‪.‬‬
‫ومن الواجب أن يحترم حق الطفل في حرية الفكر‬
‫والوجدان والدين‪ .‬وتحترم كذلك حقوق وواجبات الوالدين‬
‫أو الوصياء القانونيين في توجيه الطفل في ممارسة حقه‬
‫بطريقة تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة‪.‬‬
‫وللطفل كذلك الحق في تكوين الجمعيات وفي حرية‬
‫الجتماع السلمي‪ ،‬و ليجوز بمكان أن يجري أي تعرض‬
‫تعسفي أو غير قانوني أو اعتداء عليه في حياته الخاصة أو‬
‫أسرته أو منزله أو مراسلته‪ .‬وأي مساس غير قانوني‬
‫بشرف الطفل أو سمعته يعرض مرتكبه لعقوبات جزائية‬
‫مدنية وقضائية وجنائية‪ .‬وللطفل أيضا حسب العلن‬
‫العالمي لحقوق النسان الحق الكامل في أن يحميه‬
‫القانون من مثل هذا التعرض أوالمساس به‪.‬‬
‫ولبد أن يستفيد الطفل من العلم ووسائله كيفما كانت‪،‬‬
‫وأن تسهر الدولة على خدمة طفلها ثقافيا و إعلميا‪.‬‬
‫وتفرض الوثيقة العالمية لحقوق النسان على الدول‬
‫العضاء أن تبذل أقصى مجهوداتها لرعاية الطفل اللجىء‬
‫سواء صحبه والده أم لم يصحبه‪ ،‬وأن تقدم له الحماية‬
‫والمساعدة النسانيتين المناسبتين في التمتع بالحقوق‬
‫التي تنص عليها التفاقية المخصصة لحقوق الطفل‪.‬‬
‫ولهذا الهدف‪ ،‬توفر الدول الطراف حسب ماتراه مناسبا‬
‫التعاون في أي جهود تبذلها المم المتحدة وغيرها من‬
‫المنظمات الحكومية الدولية المختصة أو المنظمات غير‬
‫الحكومية المتعاونة مع المم المتحدة لحماية كهذا الطفل‬
‫ومساعدته للبحث عن والديه وعن أي أفراد آخرين من‬
‫أسرته من أجل الحصول على المعلومات اللزمة لجمع‬
‫شمل أسرته‪ .‬وفي الحالت التي يتعذر فيها العثور على‬
‫الوالدين أو الفراد الخرين لسرته‪ ،‬يمنح الطفل نفس‬
‫الحماية الممنوحة لطفل آخر محروم بصفة دائمة أو‬
‫مؤقتة من بيئته العائلية لي سبب كماهو موضح في‬
‫التفاقية‪.‬‬

‫• حقوق الطفل الصحية‪:‬‬


‫تعترف جميع الدول الموقعة على الميثاق أو التفاقية أن‬
‫الطفل يجب أن يتمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه‬
‫وبحقه في مرافق علج المراض وإعادة التأهيل الصحي‪.‬‬
‫ويمكن له أن يستفيد من جميع خدمات الرعاية الصحية‬
‫كتخفيض وفيات الرضع والطفال‪ ،‬وأن تتكفل تلك الدول‬
‫بتوزيع المساعدة الطبية على الطفال المرضى بشكل‬
‫عادل‪ ،‬و أن توفر لهم العناية الصحية مع تطوير الرعاية‬
‫والوقاية الولية من الوبئة ومكافحة المراض وسوء‬
‫التغذية‪ .‬ومن المفروض عليها كذلك أن توفر المياه النقية‬
‫والتغذية المغذية الكافية والبيئة السليمة‪ .‬وتقدم كذلك‬
‫الرعاية الصحية المناسبة للمهات قبل الولدة وبعدها مع‬
‫تطوير الرعاية الصحية والرشاد المقدم للوالدين والتعليم‬
‫والخدمات المتعلقة بتنظيم السرة‪ .‬وينبغي أن تزود جميع‬
‫قطاعات المجتمع ولسيما الوالدين بالمعلومات الساسية‬
‫المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته ومزايا الرضاعة الطبيعية‬
‫ومبادئ حفظ الصحة والوقاية من الحوادث‪.‬‬
‫ومن اللزم لهذه الدول الموقعة على بنود التفاقية أن‬
‫تعترف للطفل بحقه في النتفاع من الضمان الجتماعي‬
‫والستفادة من منح العانات عند القتضاء مع مراعاة‬
‫موارد وظروف الطفل والشخاص المسؤولين عن إعالة‬
‫الطفل‪.‬‬

‫* حقوق الطفل المالية والمادية‪:‬‬

‫وتشير مواثيق الحقوق التي تهتم بالطفل إلى أن له كامل‬


‫الحق في التمتع بمستوى معيشي ملئم لنموه العقلي‬
‫والوجداني والبدني والروحي والجتماعي‪ .‬لذلك يتحمل‬
‫الوالدان أو أحدهما أو الشخاص المسؤولون الخرون عن‬
‫الطفل المسؤولية الساسية للقيام في حدود إمكانياتهم‬
‫المالية وقدراتهم بتأمين ظروف المعيشة اللزمة لنموه‬
‫ذهنيا ووجدانيا وحركيا‪ .‬وعلى الدول حسب إمكانياتها اتخاذ‬
‫التدابير الملئمة من أجل مساعدة الوالدين وغيرهما من‬
‫الشخاص المسؤولين عن الطفل على إعمال هذا الحق‪.‬‬
‫كما تقدم هذه الدول عند الضرورة المساعدة المادية‬
‫وبرامج الدعم ولسيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء‬
‫والسكان‪ .‬وعليها كذلك أن تلتجئ إلى التدابير المناسبة‬
‫لكفالة تحصيل نفقة الطفل من الوالدين أو من الشخاص‬
‫الخرين المسؤولين ماليا عن الطفل سواء داخل الدولة‬
‫أم في الخارج‪.‬‬

‫* حقوق الطفل في التربية والتعليم‪:‬‬

‫تعترف التفاقية الدولية بحق الطفل المشروع في التربية‬


‫والتعليم على أساس تكافؤ الفرص ‪ .‬ويستند هذا الحق‬
‫إلى جعل التعليم البتدائي مجانيا وإلزاميا للجميع‪ ،‬وتطوير‬
‫شتى أنواع التعليم الثانوي‪ -‬سواء أكان عاما أم مهنيا‪ -‬مع‬
‫اتخاذ التدابير المناسبة كإدخال مجانية التعليم وتقديم‬
‫المساعدة المالية عند الحاجة إليها‪ ،‬وجعل التعليم العالي‬
‫متاحا للجميع على أساس الكفاءات والقدرات‪ ،‬فضل عن‬
‫اتخاذ التدابير الكافية لجعل المعلومات والمبادئ الرشادية‬
‫التربوية والمهنية متوافرة لجميع الطفال في الدراسة مع‬
‫اتخاذ كافة الوسائل لضمان إدارة النظام في المدارس‬
‫على نحو يتمشى مع كرامة الطفل النسانية‪ .‬و ينبغي أن‬
‫تسهر الدول العضاء على التعاون الدولي في مجال‬
‫التعليم ومحاربة المية والقضاء على الجهل وتطوير‬
‫وسائل التعليم الحديثة‪.‬‬
‫ولبد أن تكون البرامج التعليمية في خدمة الطفل وأن‬
‫توجه إلى تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية‬
‫والبدنية إلى أقصى إمكاناتها علوة على تنمية احترام‬
‫حقوق النسان والحريات الساسية والمبادئ المكرسة‬
‫في ميثاق المم المتحدة‪ .‬ولبد أن تنمي كذلك احترام‬
‫خصوصيات الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة‬
‫والقيم الوطنية التي يعيش بها في بلده والحضارة التي‬
‫ينتمي إليها‪ ،‬وأن تفكر في إعداد الطفل لحياة المسؤولية‬
‫والمجتمع الحر المبني على التفاهم والسلم والتسامح‬
‫والمساواة بين الجنسين والصداقة بين جميع الشعوب‬
‫والجماعات الثنية والوطنية والدينية وخاصة الشخاص‬
‫الذين ينتمون إلى السكان الصليين ‪.‬‬

‫* حقوق الطفل الجتماعية والثقافية والقتصادية‪:‬‬

‫للطفل حقوق كاملة في الراحة ووقت الفراغ لمزاولة‬


‫اللعاب والنشطة الرياضية‪ ،‬وأوقات الستجمام المناسبة‬
‫لسنه للمشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنية‪.‬‬
‫وتسهر الدول على حماية الطفل من الستغلل القتصادي‬
‫أو من عمل قد يكون خطيرا أو يعيقه عن التعلم أو يكون‬
‫ضارا بصحته أو بنموه البدني أوالعقلي أو الروحي أو‬
‫المعنوي أو الجتماعي ‪ .‬وتمنع الدول‪ -‬لوقاية الطفال‪ -‬كل‬
‫الوسائل المستخدمة لتخديرهم والتأثير على عقولهم‬
‫بطريقة سلبية وغير مشروعة و منع المواد المخدرة‪،‬‬
‫ناهيك عن عدم استخدامهم في إنتاج مثل هذه المواد‬
‫بطريقة غير شرعية والتجار بها‪.‬‬
‫وتتعهد الدولة كذلك بحماية الطفل من جميع أشكال‬
‫الستغلل الجنسي واغتصابهم أو استخدامهم في الدعارة‪،‬‬
‫ومنع كذلك اختطاف الطفال أوبيعهم أو التجار بهم في‬
‫غرض من الغراض أو بأي شكل من الشكال‪ ،‬أي تحمي‬
‫الدولة الطفل من سائر أشكال الستغلل الضارة بأي‬
‫جانب من جوانب رفاه الطفل‪. .‬‬

‫• حقوق الطفل القضائية والجنائية‪:‬‬

‫يمنع أي تعذيب للطفل أو معاقبته بقسوة أو التصرف معه‬


‫جزائيا بطريقة ل إنسانية ومهينة‪ .‬ويلحظ في بعض الدول‬
‫أن الطفال الذين تقل أعمارهم عن ثماني عشر سنة‬
‫تفرض عليهم عقوبة العدام أو السجن المؤبد بسبب‬
‫جرائم يرتكبها دون وجود إمكانية الفراج عنهم‪ ،‬كماتسلب‬
‫من الطفل حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية‪ .‬وقد‬
‫شددت التفاقية على أل يجوز اعتقاله أو سجنه إل وفقا‬
‫للقانون‪ ،‬ول يجوز وضعه تحت الحراسة الحتياطية إل‬
‫لقصر فترة زمنية مناسبة‪ ،‬وينبغي أن يعامل بكرامة‬
‫واحترام وبإنسانية ويكون له الحق في البقاء على اتصال‬
‫مع أسرته عن طريق الزيارات والمراسلت إل في‬
‫الظروف الستثنائية‪.‬‬
‫وتنص المادة)‪ (37‬في الفترة الخيرة بأن لكل طفل‬
‫محروم من حريته الحق في الحصول بسرعة على‬
‫مساعدة قانونية وغيرها من المساعدات المناسبة فضل‬
‫عن الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام‬
‫محكمة أوسلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى‪ ،‬وفي أن‬
‫يجري البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل‪.‬‬
‫وعند انتهاك الطفل لقانون العقوبات يعامل بطريقة تتفق‬
‫مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته وقدره ‪ ،‬ومن‬
‫الضروري مراعاة سن الطفل والعمل على إعادة إدماجه‬
‫وتأهيله وقيامه بدور بناء في المجتمع‪.‬‬

‫• حقوق الطفل الدولية والنسانية‪:‬‬

‫تمنع اتفاقية حقوق الطفل إشراك الشخاص الذين لم تبلغ‬


‫سنهم خمس عشرة سنة)‪ (15‬في الحروب والمنازعات‬
‫العسكرية الطاحنة‪ ،‬وتمنع التفاقية كذلك تجنيدهم في‬
‫القوات المسلحة‪ .‬وأل تجند منهم عند الضرورة إل من هو‬
‫أكبر سنا من فئات الطفال البالغين)‪ (15‬سنة‪.‬‬
‫وعلى الدول الطراف الموقعة على التفاقية حماية‬
‫السكان المدنيين في المنازعات المسلحة واتخاذ كافة‬
‫التدابير الممكنة عمليا لضمان حماية الطفال ورعايتهم‬
‫ولسيما المتأثرين بنزاع مسلح‪ .‬لذا ينبغي تأهيل الطفل‬
‫بدنيا ونفسيا وإعادة إدماجه اجتماعيا خاصة إذا تعرض‬
‫للمنازعات المسلحة أو العقوبة القاسية أو المهينة‪.‬‬

‫ب‪ -‬حقوق الطفل المعاق حسب اتفاقية حقوق الطفل‪:‬‬


‫‌‬
‫تعترف التفاقية بضرورة رعاية الطفل المعاق ومساعدته‬
‫وحمايته نفسيا وحركيا وعقليا واجتماعيا‪ .‬وثم‪ ،‬لبد من أن‬
‫يتمتع بحياة كاملة وكريمة في ظروف تكفل له كرامته‬
‫وتعزز اعتماده على النفس وتسير مشاركته الفعلية في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫وتعترف التفاقية كذلك بضرورة تقديم رعاية خاصة‬
‫للطفل المعاق وتشجيعه والتكفل به وتأهيله نفسيا وحركيا‬
‫وعقليا واجتماعيا مع توفير الموارد المتاحة لتقديم‬
‫المساعدة له أثناء طلبه إياها والتي تتلءم مع حالته‬
‫وظروف والديه أو غيرهما ممن يرعونه‪ .‬ومن الفضل أن‬
‫تقدم المساعدات إلى الطفل المعاق مجانا كلما أمكن‬
‫ذلك مع مراعاة الموارد المالية للوالدين أو غيرهما ممن‬
‫يقومون برعاية الطفل‪ .‬وينبغي أن تستهدف المساعدات‬
‫المقدمة ضمان إمكانية حصول الطفل المعاق فعل على‬
‫التعليم والتدريب وخدمات الرعاية الصحية وخدمات إعادة‬
‫التأهيل والعداد لممارسة عمل و الحصول على الفرص‬
‫الترفيهية ناهيك عن تلقيه ذلك بصورة تؤدي إلى تحقيق‬
‫اندماج اجتماعي للطفل ونموه الفردي بما في ذلك نموه‬
‫الثقافي والروحي على أكمل وجه ممكن‪ .‬وتنص المادة)‬
‫‪ (23‬في فقرتها الرابعة أن على الدول الطراف الموقعة‬
‫على اتفاقية حقوق الطفل أن تشجع بروح التعاون الدولي‬
‫تبادل المعلومات المناسبة في ميدان الرعاية الصحية‬
‫الوقائية والعلج الطبي والنفسي والوظيفي للطفال‬
‫المعاقين‪ ،‬بما في ذلك نشر المعلومات المتعلقة بمناهج‬
‫إعادة التأهيل والخدمات المهنية‪ ،‬وإمكانية الوصول إليها‬
‫وذلك بغية تمكين الدول الطراف من تحسين قدراتها‬
‫ومهاراتها وتوسيع خبرتها في هذه المجالت‪ ،‬وتراعى‬
‫بصفة خاصة في هذا الصدد احتياجات البلدان النامية‪.‬‬

‫ت‪ -‬حقوق الطفل في السلم‪:‬‬


‫‌‬

‫كرم السلم بني آدم بما فيه النسان والطفل والمرأة‪،‬‬


‫وحث القرآن على معاملة الطفل معاملة إنسانية شريفة‪،‬‬
‫مادام النسان خليفة الله في الرض مكرما ومؤهل في‬
‫حقوقه وحرياته مصداقا لقوله تعالى‪ ":‬ولقد كرمنا بني آدم‬
‫وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات‬
‫وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيل" ) سورة السراء‪،‬‬
‫الية ‪.(70‬‬
‫وللطفل حقوق وواجبات يجب عليه أداؤها لوالديه مصداقا‬
‫لقوله تعالى‪":‬وقضى ربك أل تعبدوا إل إياه وبالوالدين‬
‫إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلهما فل تقل‬
‫لهما أف ول تنهرهما‪ ،‬وقل لهما قول كريما‪ ،‬واخفض لهما‬
‫جناح الذل من الرحمة ‪ ،‬وقل رب ارحمهما كما ربياني‬
‫صغيرا" )سورة السراء ‪ ،‬اليتان‪ ،(24-23:‬وفي آية أخرى‬
‫يقول الله تعالى‪ ":‬ووصينا النسان بوالديه حسنا حملته‬
‫أمه كرها ووضعته كرها وفصاله ثلثون شهرا" )الحقاف ‪،‬‬
‫الية ‪.(15:‬‬
‫وللوالد خاصة واجبات تجاه ولده منها‪:‬‬
‫‪ -1‬اختيار والدته على أسس السلم والفضيلة السمحة‬
‫والعفة الطاهرة مصداقا لقول رسول لله ) صلعم(‪":‬‬
‫المرأة الصالحة كنز المؤمن" )رواه مسلم في‬
‫صحيحه(‪.‬لن الطفل إذا تربى في بيئة إسلمية سليمة‬
‫سينشأ على طاعة الله ورسوله‪ .‬وإذا كانت له كانت له أم‬
‫فاسدة مستهترة بالدين فإن مصير هذا الطفل هو الضياع‬
‫والنحراف‪ ،‬لذلك شدد السلم على اختيار ذات الدين‪،‬‬
‫ومن اختار ذات الدين تربت يداه؛‬
‫‪ -2‬حسن تسميته بأسماء النبياء كيوسف وعيسى وموسى‬
‫وإبراهيم أوبعبد الله وعبد الرحمـن وعبد الغني‪ ...‬واجتناب‬
‫السماء التي تثير اشمئزازا وسخرية أو تدل على لقب‬
‫أوعيب أوعاهة مثل‪ :‬حنظلة ومرة وأبو جهل وثعلبة‪ ....‬وقد‬
‫نهى الرسول عليه السلم عن التسمي ببعض السماء‬
‫مثل‪ :‬يسار ورباح ونجيح وأفلح‪ " ...‬ذلك ربما يكون وسيلة‬
‫من وسائل التشاؤم"‪ 4.‬قال الرسول ) ص( في هذا‬
‫الصدد‪ ":‬لتسم غلمك يسارا ولرباحا ولنجيحا ول أفلح‪،‬‬
‫فإنك تقول‪ :‬أثم هو‪ -‬فل يكون‪ -‬فيقول‪ :‬ل" رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬ذبح العقيقة عنه يوم سابعه‪،‬وفي هذا يقول الرسول‬
‫) صلعم(‪" :‬كل مولود رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه‬
‫ويحلق ويسمى") رواه أبو داود في صحيحه(‬
‫‪ -4‬ختانه والحسان إليه والرفق به ومعاملته معاملة حسنة‬
‫والسهر على حسن تربيته؛‬
‫‪ -5‬الهتمام بتثقيفه وتأديبه وتعليمه بتعاليم السلم تفاديا‬
‫للجهل والضلل مصداقا لقوله تعالى‪ ":‬قل هل يستوي‬
‫الذين يعلمون والذين ليعلمون ‪ ،‬إنما يتذكر أولو اللباب" )‬
‫الزمر الية ‪(9‬؛وما قاله الرسول ) صلعم( في حق طالب‬
‫علم‪ ":‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به‬
‫طريقا إلى الجنة" ) رواه مسلم في صحيحه(‪ ،‬وعن أبي‬
‫الدرداء رضي الله عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت رسول الله)صلعم(‬
‫يقول‪ " :‬إن الملئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما‬
‫يصنع" )رواه الترمذي(‪.‬‬
‫‪ -6‬تدريبه وتمرينه على أداء فرائض السلم وسننه وآدابه؛‬
‫أي توجيهه دينيا وتربيته على السلوك القويم وقيم النبل‬
‫المؤدية إلى الفضيلة والصدق والعمل واحترام الخرين‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا بلغ زوجه ثم خيره بين أن يبقى تحت رعايته وبين‬
‫أن يستقل بنفسه ويبني مستقبله و مجده بيده؛‬
‫‪ -8‬ضرورة إرضاع الطفل حتى يستكمل حولين كاملين‬
‫مصداقا لقوله تعالى‪ ":‬والوالدات يرضعن أولدهن حولين‬
‫كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود رزقهن‬
‫وكسوتهن بالمعروف" )البقرة الية ‪.(233‬‬
‫‪ -9‬النفاق عليه حتى يستكمل فترة البلوغ والعتماد على‬
‫نفسه لقوله تعالى‪ ":‬لينفق ذوسعة من سعته ومن قدر‬
‫عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ليكلف الله نفسا إل ما‬
‫أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا") سورة الطلق‪ ،‬الية ‪(7‬‬

‫ث‪ -‬التعليم وحقوق الطفل‪:‬‬


‫‌‬

‫لقد اهتمت المغرب بحقوق النسان بصفة عامة والطفل‬


‫بصفة خاصة ميدانيا ونظريا منذ التسعينيات من القرن‬
‫العشرين‪ .‬ففي المجال التنظيمي والتشريعي‪ ،‬أعلن‬
‫الدستور المعدل عام ‪ 1992‬على تشبث المغرب بحقوق‬
‫النسان كماهي متعارف عليها عالميا‪ .‬وتم إصدار مجموعة‬
‫من القوانين لتدعيم الرقابة على أعمال الدارة بما يضمن‬
‫حقوق المواطنين علوة على توسيع دستورية القوانين‪.‬‬
‫وقد ضمن الدستور كذلك المزيد من الحقوق القتصادية‬
‫والجتماعية والثقافية والسياسية للمواطنين إذ تم تعديل‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وأقر تعليم اللهجات وإلغاء‬
‫ظهير ‪29‬يونيو ‪ 1935‬وأصدر آنذاك العفو الملكي الشامل‬
‫حيث أطلق سراح جميع السجناء السياسيين‪.‬‬
‫وصادق المغرب على عدد من التفاقيات الدولية المتعلقة‬
‫بحقوق النسان والطفل والتي أصبحت تشكل جزءا من‬
‫القانون الوطني‪ ،‬مع مراعاة العلنات والتحفظات التي‬
‫اقتضاها النظام العام المغربي‪ ،‬وهذه التفاقيات هي‪:‬‬
‫• اتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملت اللإنسانية والمهينة‬
‫• اتفاقية إلغاء كل أنواع التمييز تجاه المرأة‬
‫• اتفاقية حقوق الطفل‬
‫• اتفاقية حماية العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم‪.‬‬
‫وفي المجال المؤسسات‪ ،‬أنشأ المغرب الجهزة التالية‪:‬‬
‫• المجلس الستشاري لحقوق النسان)‪(20/04/1990‬‬
‫• المجلس الوطني للشباب والمستقبل)‪(20/01/1991‬‬
‫• الوزارة المكلفة بحقوق النسان)‪(13/01/1993‬‬
‫• المجلس الدستوري)‪(25/05/1994‬‬
‫• المندوبية السامية للمعاقين)‪(24/05/1994‬‬
‫• المجلس الستشاري لتتبع الحوار الجتماعي‬
‫• المرصد الوطني لحقوق الطفل‬
‫• لجنة العمل والتشريع وحقوق النسان لدى البرلمان‬
‫• لجان تقصي الحقائق‬
‫• خلية إدماج المرأة في التنمية) في إطار وزارة‬
‫الخارجية(‬
‫• لجنة النصاف والمصالحة‬
‫• مدونة السرة‬
‫أما بالنسبة لبرامج العمل في ميدان حقوق النسان‬
‫والطفل‪ ،‬فقد تم إعداد برامج لتدريس ونشر ثقافة حقوق‬
‫النسان في معظم المدارس والمعاهد العليا لرجال‬
‫السلطة والجيش والقضاء والشرطة والدرك‪ .‬وأدرجت‬
‫مادة حقوق النسان في الميدان التعليمي والتربوي في‬
‫كافة المناهج والمقررات الدراسية في كل السلك‬
‫التعليمية) البتدائي والعدادي والثانوي والجامعي( ) انظر‬
‫المذكرة الوزارية رقم ‪ 153‬بتاريخ ‪ 19‬نونبر ‪1996‬‬
‫الموافق ل ‪ 7‬رجب ‪،(1417‬كما أصبحت مادة التربية على‬
‫المواطنة مادة أساسية لتلقين المتعلم مبادئ حقوق‬
‫النسان بصفة عامة وحقوق الطفل بصفة خاصة‪ .‬وقد‬
‫سهرت وزارة التعليم على نشر ثقافة حقوق النسان عن‬
‫طريق التربية غير النظامية من خلل وسائل العلم ودور‬
‫الشباب والمراكز الثقافية كما أعدت برامج للنهوض‬
‫بحقوق النسان بالتعاون مع الجمعيات غير الحكومية‪.‬‬

‫وخلصة القول‪ :‬هذه هي مجمل الحقوق التي نصت عيها‬


‫اتفاقية المم المتحدة لحقوق الطفل‪ ،‬وهي تجمع بين‬
‫حقوق الطفل السوي والطفل المعاق من عدة نواح‪:‬‬
‫كالحقوق المدنية والسياسية والثقافية والجتماعية‬
‫والتعليمية والقضائية والصحية والنسانية والدولية‪ .‬وهذه‬
‫الحقوق إن كانت ذات مرجعية غربية فإنها لتتعارض مع‬
‫الحقوق السلمية التي خص بها السلم قرآنا وسنة‬
‫الطفل أو الولد الصغير أوغير المميز الذي مازال في‬
‫رعاية كنف أبيه أو أمه‪ .‬ويلحظ أن هذه الحقوق لتخرج‬
‫عن الحقوق الدينية والتربوية والجتماعية‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬محمد سبيل‪ :‬حقوق النسان والديمقراطية‪ ،‬سلسلة‬
‫شراع‪ ،‬طنجة‪ ،‬المغرب‪ ،‬عدد ‪،1997 ، 19‬ص‪21:‬؛‬
‫‪A regarder : LE PETIT ROBERT, PARIS, ED, -2‬‬
‫‪; 1992, p : 642‬‬
‫‪ -3‬انظر العلن العالمي لحقوق النسان‪ 10،‬دجنبر‬
‫‪1948‬؛‬
‫‪ -4‬الشيخ سيد سابق‪ :‬فقه السنة‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬ط ‪ ،2002 ،1‬ص‪.33:‬‬
‫‪ -19‬بيداغوجيا المجزوءات في نظامنا التربوي المغربي‬

‫يعد التعليم بالمجزوءات أو المجزآت من أهم مظاهر‬


‫التحديث التربوي المعاصر من أجل إيجاد الحلول الناجعة‬
‫للفشل الدراسي واللتجانس الفصلي والهدر المدرسي‬
‫ومعالجة ظاهرة العزوف عن الدراسة والبطالة المتفشية‬
‫في معظم الدول العالم الثالث ولسيما المغرب الذي‬
‫جرب عدة نظريات تربوية مستنسخة عن الغرب قصد‬
‫تبيئتها وتكييفها مع الواقع التربوي المغربي كنظرية‬
‫هربارت وجان بياجي ونظرية التواصل التداولي ونظرية‬
‫مشروع المؤسسة ونظرية الشراكة البيداغوجية ونظرية‬
‫الجودة التربوية ونظرية الهداف ونظرية الكفايات‬
‫والمجزوءات‪ .‬إذًا‪ ،‬ماهي المجزوءات لغة واصطلحا؟ وما‬
‫الفرق بين التعليم الموسوعي والتعليم بالمجزوءات؟ وما‬
‫هو سياق نظرية المجزوءات ومرجعياتها النظرية‬
‫والتطبيقية؟ وما مرتكزات ومقومات هذا التعليم الجديد‬
‫وأهدافه؟ وماهي هيكلة المجزوءة وأنواعها؟ وكيف يمكن‬
‫إعداد الدروس والبرامج والمناهج على ضوء المجزوءات؟‬
‫وماهي أهم النتقادات الموجهة إلى التعليم بالمجزوءات؟‬
‫هذه هي السئلة التي سوف نحاول الجابة عنها في‬
‫موضوعنا هذا‪.‬‬
‫‪ -1‬المجزوءة لغة واصطلحا‪:‬‬

‫لقد ترجمت كلمة ‪ Module‬الفرنسية بالمجزوءة أو‬


‫المصوغة أوالوحدة أو المنظومة‪...‬كما ترجمت عبارة‬
‫‪ l'enseignement modulaire‬بالتعليم المجزوئي‪.‬‬
‫وتشتق كلمة المجزوءة من فعل جزأ الذي يعني القطع‬
‫والتقسيم‪ .‬وهذا المفهوم ينسجم مع مدلول ‪module‬‬
‫الذي يعني تقسيم السنة الدراسية إلى مجزوءات فصلية‬
‫ووحدات يمكن تقسيمها بدورها إلى وحدات ومقاطع‬
‫وفضاءات وحلقات قصد تحقيق مجموعة من الكفايات‬
‫المسطرة لمواجهة وضعيات سياقية تستلزم من المتعلم‬
‫إظهار قدراته الذاتية وكفاءاته الفردية‪ .‬ولكن مصطلح‬
‫مجزوءة لينسجم صرفيا مع الفعل الرباعي في اللغة‬
‫العربية أل وهو جزأ الذي ينبغي أن تشتق منه كلمة مجزأة‬
‫أو مجزآت‪ .‬وسنتعامل مع كلمة المجزوءة على الرغم من‬
‫عدم صحتها الصرفية‪ ،‬مادامت وزارة التربية الوطنية قد‬
‫أقرت هذا المصطلح في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪،‬‬
‫ووظف أيضا في الكتاب البيض وفي الكثير من الدبيات‬
‫التربوية والدراسات البيداغوجية‪.‬‬
‫أما المجزوءة اصطلحا فهي مجموعة من المواد‬
‫المنسجمة أو هي مجموع من الوحدات التعليمية في‬
‫مجالت متكاملة‪ .‬وتعرفها ‪Viviane De Land Sheere‬‬
‫فيفيان دولندشير بأنها‪":‬وحدة معيارية أو شبه معيارية‬
‫تدخل في تأليف كل متكامل )منهاج(‪ ،‬قابلة للدراك‬
‫والتعديل والتكييف‪ ،‬فهي كفيلة ببناء برنامج دراسي على‬
‫القياس المطلوب‪ ".‬ويعرفها روجيه فرانسوا ڰوتييه‬
‫‪ Roger François Gautier‬بأنها‪ ":‬تنظيم خاص لجزء‬
‫من التدريس بالتعليم الثانوي" ‪ ،‬ويعرفها كذلك المجلس‬
‫الوطني للبرامج بفرنسا ‪ ((CNP‬بأنها‪ ":‬وحدة تعليمية‬
‫نوعية أو مستعرضة تختار موضوعاتها من طرف الساتذة‬
‫انطلقا من معايير يحددونها بعد التنسيق والتشاور فيما‬
‫بينهم داخل فريق تربوي"‪.‬‬
‫ومن خلل هذه التعاريف السابقة ‪ ،‬يتبين لنا أن المجزوءة‬
‫هي عبارة عن وحدات دراسية من المقرر الذي يتم‬
‫تقطيعه إلى مقاطع تربوية و فضاءات ديداكتيكية التي‬
‫بدورها تتجزأ إلى حلقات ومواد دراسية صغرى قصد‬
‫تحقيق كفايات دنيا وعليا عبر تمهير المتعلم وجعله قادرا‬
‫على مواجهة مختلف الوضعيات التي يواجهها في واقعه‪.‬‬
‫وبتعبير آخر‪ ،‬إن المجزوءة عبارة عن وحدات دراسية‬
‫فصلية يتم تقطيعها إلى مواد ومجزوءات صغرى بينها‬
‫علقات تكامل واندماج وترابط عضوي سواء داخل مسلك‬
‫أم سلك دراسي وذلك من أجل تنظيم الحياة المدرسية‬
‫وخلق القدرات الكفائية لدى المتعلم لمواجهة كل‬
‫المشاكل الذاتية والموضوعية المحتملة في الواقع الذي‬
‫يعيش فيه المتمدرس‪.‬‬
‫‪ -2‬التعليم الموسوعي والتعليم المجزوئي‪:‬‬

‫يرتكز التعليم الموسوعي على المدرس باعتباره صاحب‬


‫سلطة معرفية يقدمها للتلميذ جاهزة عن طريق مجموعة‬
‫من السئلة تستوجب الحفظ والتقليد والتكرار‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه ليستطيع أن يواجه ما‬
‫يتعرضه من المواقف المستجدة أو أن يلبي طلبات‬
‫المقاولت الحديثة ؛ لنه ليملك الكفاءات والمهارات‬
‫المهنية و المنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية‪ ،‬بل يقف‬
‫مكتوف اليدين عاجزا عن التأقلم والتكيف مع مستجدات‬
‫الواقع القتصادي الجديد‪ .‬فمعارفه تبقى نظرية مجردة‬
‫غير وظيفية تنقصها الممارسة والخبرات التجريبية‪ .‬وفي‬
‫التعليم الموسوعي أيضا يتم الهتمام بالكم على حساب‬
‫الكيف‪ ،‬ويلتجئ المدرس إلى التحفيز السلوكي الميكانيكي‬
‫من خلل ثنائية الحافز والستجابة لتوجيه دفة القسم مما‬
‫ينتج عنه سلبية ردود أفعال التلميذ ونفورهم من القسم‬
‫لنعدام النشطة الذاتية والخبرات الفردية‪ .‬و بالتالي‪،‬‬
‫ينكمشون على أنفسهم خوفا أو خجل أو جهل بما يعطى‬
‫لهم من دروس ومعارف كمية يصعب الحاطة بها في سنة‬
‫كاملة‪.‬‬
‫أما التعليم المجزوئي فهو تعليم قائم على بيداغوجيا‬
‫الكفايات التي تستهدف البحث عن القدرات الكفائية لدى‬
‫المتعلم عبر أداءات وإنجازات طوال سيرورة التعلم‬
‫ووضعه في وضعيات معقدة أو أقل تعقيدا لختبار أدائه‬
‫السلوكي وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل‬
‫الواقع المحيطة به‪ .‬و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية‬
‫وينكب على ظاهرة اللتجانس من خلل دراسة كل حالة‬
‫فردية ودعم كل متعلم وتحفيزه على إبراز قدراته‬
‫وميولته واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات‬
‫متعددة متواصلة ؛لن المقياس هنا ليس هو الدرس الذي‬
‫ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم‬
‫الموسوعي‪ ،‬بل الحلقة الديداكتيكية المتوالية التي تمتد‬
‫عبر حصتين فأكثر‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويقدم التعليم المجزوئي المقرر الدراسي في شكل‬
‫مجزوءات ووحدات دراسية تصغر بدورها في إطار مقاطع‬
‫وحلقات وخبرات مؤشرة في كفايات نوعية أو شاملة أو‬
‫ممتدة قصد التدرج بالمتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية‬
‫ونهائية‪ .‬ويتم التركيز في هذا النوع من التعليم على الكيف‬
‫والمتعلم ؛ لن المدرس مجرد وصي أو مرشد ليس إل‪.‬‬
‫وتصبح الدروس خبرات وممارسة كيفية ومهارات وقدرات‬
‫معرفية ووجدانية وحركية‪ .‬أي إن المتعلم هو الذي يكون‬
‫نفسه بنفسه ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما يبحث‬
‫عنه منهجيا ووظيفيا‪.‬إن التعليم بالمجزوءات كما يقول‬
‫الدكتور محمد الدريج‪":‬يروم بناء الكفايات لدى التلميذ‪،‬‬
‫على اعتبار أن الكفايات هي قدرات شاملة‬
‫ودينامية)نشطة( والتي ليمكن اختزالها في لئحة تحليلية‬
‫من المحتويات‪ ،‬إنها تشكيلة) تركيبة( ذكية من المعارف‬
‫والمهارات والتجاهات‪ .‬فأن نكون أكفاء ل يعني أن نملك‬
‫جملة من المعلومات والمهارات‪ ،‬فأن نكون أكفاء يعني‬
‫أساسا أن نكون قادرين على تجنيد تلك المعلومات‬
‫والمهارات‪ ،‬وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكلت‪،‬‬
‫أي أن نكون فعالين ومنتجين في وضعيات محددة‪.‬‬
‫لذلك يصير بناء الكفايات بهذا المعنى أمرا معقدا وأمرا‬
‫ذاتيا وشخصيا‪ .‬فيكون من أولويات نشاط المدرسين‬
‫مساعدة المتعلمين‪،‬لكن على المتعلمين مساعدة أنفسهم‬
‫في التعلم والتكوين الذاتي‪ .‬لذلك فإن التعليم بالمجزوءات‬
‫يستدعي المتعلم كمسؤول ويتعامل معه كمدبر لتكوينه‪.".‬‬

‫‪ -3‬مرتكزات التعليم المجزوئي ومقوماته‪:‬‬

‫يستند التعليم المجزوئي إلى مجموعة من المقومات‬


‫الساسية التي يمكن حصرها في العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ينبني هذا التعليم على بيداغوجيا الكفايات والوضعيات‪.‬‬
‫‪ -2‬يحترم خصوصية التلميذ واحتياجهم من المعرفة‬
‫والمهارة والخبرة‪ .‬ويراعي فوارقهم الفردية ومشاريعهم‬
‫الشخصية‪..‬‬
‫‪ -3‬يستفيد من البيداغوجيا الفارقية ومن تفريد التعليم‪.‬‬
‫‪ -4‬يركز على المتعلم ويشجعه على إظهار قدراته‬
‫ومهاراته وكفاءاته المضمرة وغير المضمرة قصد إعداده‬
‫لمواجهة وضعيات الواقع المعقدة‪.‬‬
‫‪ -5‬يوزع المقررات الدراسية إلى مجزوءات فصلية أو‬
‫دورية في شكل وحدات ديداكتيكية وبيداغوجية ويقطعها‬
‫إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة بطريقة متكاملة‬
‫ومندمجة في بؤرة منصهرة ووحدة تربوية عضوية‪.‬‬
‫‪ -6‬يقوم على التعلم الذاتي والتكوين المستمر ومد‬
‫الجسور بين المراحل التعليمية‪.‬‬
‫‪ -7‬ينظم الدروس والحلقات والوحدات الدراسية في‬
‫شكل كفايات مستهدفة وقدرات ومهارات وخبرات‬
‫معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية وثقافية) يعني أنه يأخذ‬
‫بمدخل الكفايات في التدريس(‪.‬‬
‫‪ -8‬يحول الدروس والبرامج والمقررات إلى وضعيات‬
‫إشكالية وأسئلة للبحث والتنشيط تتدرج من البسيط إلى‬
‫المعقد مع تنويع هذه الوضعيات في شكل أنشطة وأعمال‬
‫وأبحاث واستقراء للوسائل البصرية والسمعية والمراجع‬
‫المدرسية‪.‬‬
‫‪ -9‬يقسم متعلمي الفصل إلى مجموعات من التلميذ‬
‫كفريق تربوي جماعي تعاوني أو يتعامل مع التلميذ كأفراد‬
‫من خلل تحفيزهم على ترجمة قدراتهم ومهاراتهم الدفينة‬
‫المضمرة إلى أفعال وأداءات إنجازية مرصودة بالتقويم‬
‫والملحظة والقياس ‪.‬‬
‫‪ -10‬يهدف إلى تمهير المتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا‬
‫بقدرات كفائية لمواجهة الواقع ووضعياته الشكالية‪.‬‬
‫‪ -11‬يعتمد على مرونة التعلم والمنهاج المندمج والتكامل‬
‫بين السلك والمسالك والقطاب الدراسية في إطار‬
‫شمولي نوعي وعام وممتد‪.‬‬
‫‪ -12‬يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية قوامها التمكن من‬
‫آليات التقدم والتكنولوجيا بعيدا عن التقليد وقوانين إعادة‬
‫النتاج وتكريس القيم المحافظة‪.‬‬

‫‪ -4‬سياق التعليم المجزوئي‪:‬‬

‫ظهرت تجربة المجزوءات كممارسة بيداغوجية لول مرة‬


‫في كندا لمواجهة ظاهرة اللتجانس الفصلي والمتعدد‬
‫الرتب والدرجات أومايسمى بالقسم المشترك الذي‬
‫ينتشر كثيرا في القرى وخاصة في أفريقيا وأمريكا وأوربا‪.‬‬
‫وكان الحل هو التفكير في التدريس بالمجزوءات الكفائية‬
‫قصد الخروج من هذا الشكال الذي يثيره تعدد المستويات‬
‫بالمقارنة مع القسم "المفردن"‪ .‬وقد انتقلت التجربة إلى‬
‫فرنسا في التسعينيات لحل مشكلة الفشل الدراسي في‬
‫الثانويات الفرنسية بعد أن استقطبت هذه المؤسسات‬
‫التعليمية متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية‬
‫وثقافية مختلفة ‪ .‬وفي سنة ‪ ،1992‬ارتأت وزارة التربية‬
‫الوطنية الفرنسية العمل بالمجزوءات)‪(MODULES‬‬
‫لمواجهة الزمات التي بدأ يتخبط فيها التعليم الفرنسي‬
‫بعد أن أمضى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا الفردية‬
‫والفارقية‪ .‬ويشكل اللتجانس بين التلميذ والفشل‬
‫الدراسي من السباب الرئيسية التي دفعت وزير التربية‬
‫الفرنسي ليونيل جويسبان ‪ Lynonnele Juspin‬لينادي‬
‫بتنويع مسالك التكوين بين العام والتقني والمهني والفادة‬
‫في ذلك من التعليم المجزوئي‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول في‬
‫إحدى ندواته الصحفية سنة ‪ ":1991‬إن مساعدة‬
‫المتعلمين بالنسبة لنا هي أول جواب مستعجل عن سؤال‬
‫اللتجانس‪ ،‬وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام‬
‫التربوي الحالي‪ .‬والذي يتحمل مسؤولية هذه المساعدة‬
‫هم المدرسون دون غيرهم إن أردنا أن نضمن جودة‬
‫التعليم‪ ،‬فالدروس الخصوصية التي يتكفل بها الراغبون‬
‫والقادرون من الباء لن تلعب وحدها هذا الدور‪ .‬وللوصول‬
‫إلى هذا المبتغى لبد من تطوير البنيات البيداغوجية‬
‫للتعليم الثانوي‪ ،‬فبالمجزوءة نكون قد قدمنا إطارا‬
‫بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا لحرية تصرف‬
‫المدرسين‪".‬‬
‫ولقد انتقلت التجربة إلى المغرب الذي أكد ضرورة‬
‫العتماد على بيداغوجيا المجزوءات في الميثاق الوطني‬
‫للتربية والتكوين حينما نص أثناء حديثه عن البرامج‬
‫والمناهج على مراعاة المرونة اللزمة للسيرورة التربوية‬
‫وقدرتها على التكيف وذلك بتجزيء المقررات السنوية‬
‫إلى وحدات تعليمية يمكن التحكم فيها على مدى فصل‬
‫بدل السنة الدراسية الكاملة إل عند الستحالة‪ ،‬والحفاظ‬
‫على التمفصل والنسجام الجمالي لكل برنامج مع مراعاة‬
‫الهداف المميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم‬
‫التي يعنيها‪ .‬كما نص الميثاق الوطني على وضع برامج‬
‫تعتمد نظام الوحدات المجزوءة انطلقا من التعليم الثانوي‬
‫؛ لتنويع الختيارات المتاحة وتمكين كل متعلم من ترصيد‬
‫المجزوءات التي اكتسبها؛ وتوزيع مجمل الدروس ووحدات‬
‫التكوين والمجزوءات من التعليم الولي إلى التعليم‬
‫الثانوي على ثلثة أقسام متكاملة‪:‬‬
‫• قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود ‪ 70‬في‬
‫المائة من مدة التكوين بكل سلك؛‬
‫• قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية بإشراك‬
‫المدرسين في حدود ‪ 15‬في المائة من تلك‬
‫المدة‪،‬وتتضمن بالضرورة تكوينا في الشأن المحلي وإطار‬
‫الحياة الجهوية؛‬
‫• عدد من الختيارات تعرضها المدرسة على الباء‬
‫والمتعلمين الراشدين‪،‬في حدود حوالي ‪ 15‬في المائة ‪،‬‬
‫وتخصص إما لساعات الدعم البيداغوجي لفائدة المتعلمين‬
‫المحتاجين لذلك‪ ،‬أو لنشطة مدرسية موازية وأنشطة‬
‫للتفتح بالنسبة للمتعلمين غير المحتاجين للدعم‪.‬‬
‫وينتظم التدريس بالمؤسسات الجامعية كذلك في مسالك‬
‫وأسلك ومجزوءات ويتوج بشواهد وطنية ‪ ،‬ويتم تحصيل‬
‫المجزوءات عن طريق التقييم المنتظم وترصيد المكتسب‬
‫منها ‪.‬‬
‫وقد ساير الكتاب البيض ماذهب إليه الميثاق الوطني‬
‫حينما دعا إلى استبدال السنة الدراسية في التعليم الثانوي‬
‫بدورات فصلية قائمة على تدريس المجزوءات ‪ .‬ويضم‬
‫التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس فيها مجزوءات‬
‫إجبارية)المتحان الوطني( ومجزوءات اختيارية)المتحان‬
‫الجهوي( ‪،‬مع العلم أن كل مجزوءة تتكون من ثلثين‬
‫ساعة ‪.‬أما السنة الدراسية فتضم أربعة وثلثين أسبوعا و‬
‫‪ 1000‬إلى ‪ 1200‬ساعة دراسية‪ .‬كما أن العدادي يضم‬
‫ست دورات دراسية على غرار التعليم الثانوي‪ .‬وقد أشار‬
‫الكتاب البيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك‬
‫كقطب التعليم الصيل وقطب الداب والعلوم النسانية‬
‫وقطب الفنون والرياضة وقطب العلوم وقطب‬
‫التكنولوجيات‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد بدأ المغرب في تنفيذ نظام الوحدات‬
‫والمصوغات في السلك الثانوي التأهيلي ‪ ،‬فوضع البرامج‬
‫والمناهج الدراسية وفعل بيداغوجيا المجزوءات مع‬
‫الموسم الدراسي ‪ 2003/2004‬بتغيير الكتب المدرسية‬
‫وتجديد هيكلتها وطرائق عرضها‪.‬‬
‫‪ -5‬مرجعيات التعليم المجزوئي‪:‬‬

‫للتعليم المجزوئي مرجعيات وإحالت يمكن اختزالها في‬


‫المؤثرات التالية‪:‬‬
‫• بيداغوجيا الكفاءات؛‬
‫• بيداغوجيا المفارقة وتفريد التعليم؛‬
‫• اللتجانس والفشل الدراسي؛‬
‫• اللسانيات التوليدية التحويلية التي تتبنى المقاربة‬
‫الدراكية الفطرية التي تعترف بالقدرات الوراثية للمتكلم‬
‫المستمع التي تسمح بتوليد جمل لمتناهية العدد من خلل‬
‫تحويل الكفاءة للبنى العميقة إلى بنى سطحية؛‬
‫• الفلسفة الدكارتية التي تؤكد أهمية البنى الذهنية‬
‫الرياضية والمنطقية في معرفة الحقيقة وأن ماهو عقلي‬
‫فطري وراثي سابق على ماهو تجريبي خارجي؛‬
‫• السيكولوجيا المعرفية والدراكية؛‬
‫• فكر المقاولة الذي كان دائما ومازال يستوجب تمهير‬
‫المتعلمين بالمهارات وتسليحهم بالقدرات والكفاءات‬
‫النوعية والممتدة والمتخصصة؛‬
‫• ظاهرة العولمة والقتصاد التنافسي الذي يستلزم‬
‫الطاقات البشرية المؤهلة ذات الكفاءات العالية‬
‫والمهارات المتنوعة والقدرات الفائقة‪.‬‬

‫‪ -6‬بنية المجزوءة‪:‬‬

‫تستند المجزوءة إلى ثلث عناصر أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫‌أ‪ -‬المدخلت ‪ :‬تستهدف تسطير مجموعة من الكفايات‬
‫المزمع تحقيقها في شكل أهداف إجرائية سلوكية قبل‬
‫الدخول في مسار تعلمي أو تنفيذ مجزوءة دراسية‪ ،‬ويتم‬
‫ذلك بوضع امتحان تشخيصي قبلي في شكل الوضعيات‪-‬‬
‫السئلة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الهيكل ‪ :le corps‬يقسم المقرر إلى مجزوءات‬ ‫‌‬
‫دراسية وبعد ذلك إلى وحدات ديداكتيكية ومتواليات أو‬
‫حلقات تعلمية تساعد المتعلم على التعلم الذاتي والتكوين‬
‫المستمر في شكل فردي أو جماعي‪.‬‬
‫ت‪ -‬المخرجات‪ :‬هنا نتحقق من نجاعة القدرات والكفاءات‬ ‫‌‬
‫التي أنجزها المتعلم وأداها أثناء سيرورة التعلم‪ .‬وهذا‬
‫التقويم تشخيصي ومرحلي ونهائي‪.‬‬

‫‪ -7‬أنواع المجزوءات‪:‬‬

‫يمكن تقسيم المجزوءات التربوية إلى‪:‬‬

‫‌أ‪ -‬مجزوءات إجبارية؛‬


‫ب‪ -‬مجزوءات إجبارية تكميلية؛‬
‫‌‬
‫ت‪ -‬مجزوءات اختيارية‪.‬‬ ‫‌‬

‫ويمكن أن تكون المجزوءة في إطار سيرورتها النجازية‪:‬‬

‫‌أ‪ -‬مجزوءة نوعية؛‬


‫ب‪ -‬مجزوءة مستعرضة ممتدة؛‬
‫‌‬

‫ويمكن تصنيفها أيضا إلى‪:‬‬

‫‌أ‪ -‬مجزوءات تنظيمية ترتبط بالخبرة وما يتم تعلمه ذاتيا‬


‫كالمجزوءات الجبارية والختيارية والتكميلية؛‬
‫ب‪ -‬مجزوءات ديداكتيكية ترتبط بمحتويات المرجع‬ ‫‌‬
‫الدراسي كالكتاب المدرسي والوثائق السمعية والبصرية‪.‬‬

‫‪ -8‬كيف ندرس بواسطة التعليم المجزوئي‪:‬‬

‫عند وضع البرامج والمناهج والمقررات الدراسية السنوية‬


‫لبد من تقسيمها حسب الفصول الدراسية أو الدورات‬
‫الفصلية في شكل مجزوءات تتضمن وحدات دراسية‬
‫نوعية تنقسم بدورها إلى حلقات أو متواليات تدرس في‬
‫حصص محددة زمانيا ومكانيا أو غير محددة‪ .‬كما يخضع‬
‫هذا التقسيم لتوزيع زمني ومكاني مدقق يراعي ظروف‬
‫المتعلم وسياق التعلم‪ .‬كما ينبغي وضع البرنامج الدراسي‬
‫في شكل وضعيات وأسئلة وأنشطة وخبرات يراعى فيها‬
‫التدرج من البسيط إلى المركب‪ ،‬ومن الوضعيات السهلة‬
‫إلى الوضعيات المعقدة‪ .‬ويتم أيضا تحديد جميع الكفايات‬
‫والقدرات المستهدفة الجزئية أو النهائية النوعية‬
‫والمستعرضة في شكل سلوكيات مؤشرة بالقياس‬
‫والرصد التقويمي‪ .‬كما يمكن الستعانة بتقويم قبلي‬
‫تشخيصي أو تكويني أو إجمالي لتحديد مستوى كل تلميذ‬
‫في بداية السنة الدراسية أو بداية كل مجزوءة أو نهايتها‪.‬‬
‫ومن الواجب أن تدرس المتواليات الديداكتيكية في شكل‬
‫مجموعات أو حسب الفراد‪ ،‬وأن يكون محور التعليم هو‬
‫التلميذ وليس المدرس الذي ينبغي أن يكون مستشارا‬
‫يساعد المتعلمين على التعلم الذاتي والتكوين المستمر‬
‫من خلل استثمار الوثائق البصرية والسمعية والرقمية‬
‫وكل الوسائل الديداكتيكية المتاحة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫وعلى الرغم من أهمية بيداغوجيا المجزوءات فما زالت‬


‫نظريتها غامضة ومبهمة وغير محددة بدقة‪ .‬لذلك تبقى‬
‫الممارسة متعثرة في نظامنا التربوي المغربي الذي دائما‬
‫يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغربية ولسيما‬
‫الفرنسية منها‪ .‬وهكذا نجد أنفسنا ننتقل من نظرية تربوية‬
‫إلى أخرى بدون أن نستوعبها جيدا ونطبقها في مدارسنا‬
‫بشكل ناجع وفعال‪ .‬كما أن المغرب دائما يستنسخ‬
‫النظريات التربوية الفرنسية ومن خللها يسترفد مشاكل‬
‫فرنسا البعيدة عن مشاكلنا ويحاول تبيئتها ومغربتها إقحاما‬
‫وتعسفا‪ .‬فهل هناك‪ -‬إذًا‪ -‬من نظرية تربوية عربية أصيلة‬
‫لحل مشاكلنا لكيل نبقى دائما منتظرين ما يأتي من‬
‫النفايات التربوية الغربية نستوردها بدون روية ول تمهل‬
‫ول استقصاء علمي دقيق‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ -‬ميلود التوري‪ :‬تدبير المجزوءات لبناء الكفايات‪،‬مطبعة‬
‫سوماڰرام‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪2006 ،1‬؛‬
‫‪Viviane De Land Sheere: L'éducation et la -‬‬
‫‪;formation. P.U.F, 1987, p:167‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي‪:‬‬
‫المجزوءات‪،‬منشورات عالم التربية‪،‬ط ‪، 2003 ، 1‬ص‪:‬‬
‫‪16‬؛‬
‫‪Françoise Clairc: Enseigner en Modules, -‬‬
‫‪Hachette, 1992, P.10‬‬
‫‪ -‬الدكتور محمد الدريج‪:‬الكفايات في التعليم‪ ،‬منشورات‬
‫سلسلة المعرفة للجميع‪ ،‬شتنبر ‪ ،2004‬ص‪254:‬؛‬
‫‪Viviane De Land Sheere: L'éducation de la-‬‬
‫‪,formation,p: 27‬‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ط ‪ ،2000‬ص‪:‬‬
‫‪48-47‬؛‬
‫‪ -‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الكتاب البيض‪ ،‬لجان مراجعة‬
‫المناهج التربوية المغربية‪ ،‬يونيو ‪ ،2000‬ص‪16:‬؛‬
‫تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في المدرسة المغربية‬
‫)التعليم الثانوي التأهيلي نموذجا(‬

‫تم التركيز في الونة الخيرة ‪ -‬بعد صدور الميثاق الوطني‬


‫للتربية والتكوين – على ضرورة تنشيط الحياة المدرسية‬
‫وتفعيل أدوارها ابتداء من الموسم الدراسي ‪2003/2004‬‬
‫كما تنص على ذلك المذكرة الوزارية رقم ‪ 87‬المؤرخة بـــ‬
‫‪ 10‬يوليوز ‪ ،2003‬لتتمكن من تجاوز وظيفتها التقليدية‬
‫المحصورة في تقديم المعرفة النظرية الجاهزة‪ ،‬و‬
‫استبدال إدارتها التربوية المنغلقة على نفسها الساعية إلى‬
‫تنفيذ التعليمات الرسمية دون إشراك جهات أخرى بإدارة‬
‫أكثر ديمقراطية وانفتاحا‪.‬‬
‫أما المدرسة التي ينشدها الميثاق الوطني فتتسم بالحياة‬
‫والبداع والمساهمة الجماعية في تحمل المسؤولية‬
‫تسييرا وتدبيرا‪ ،‬كما أنها مدرسة المواطنة الصالحة‬
‫والديمقراطية وحقوق النسان‪ ،‬يشعر فيها المتعلم بسعادة‬
‫التلمذة من خلل المشاركة الفعالة في أنشطتها مع باقي‬
‫المتدخلين التربويين وشركاء المؤسسة ‪:‬الداخليين‬
‫والخارجيين‪.‬‬
‫مما لشك فيه أن الحياة المدرسية في حاجة ماسة إلى‬
‫مساهمة كل الطراف المعنية بالتربية والتكوين لتفعيلها‬
‫وتنشيطها ماديا ومعنويا قصد خلق مدرسة حديثة مفعمة‬
‫بالحياة‪ ،‬قادرة على تكوين إنسان يواجه التحديات‬
‫القتصادية والجتماعية والثقافية والتكنولوجية‪ .‬إذًا‪،‬‬
‫مامفهوم الحياة المدرسية؟ وما هي مقوماتها؟ وماهي‬
‫غاياتها وأهدافها الساسية؟ ومن هم المتدخلون في تفعيل‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها ؟ وإلى أي حد يمكن أن‬
‫تساهم الفعاليات التربوية في تفعيل الحياة المدرسية‬
‫وتنشيطها؟ وماهي المشاريع التي ينبغي أن تنصب عليها‬
‫الحياة المدرسية؟ وإلى أي مدى يمكن أن تسعفنا آلية‬
‫الحياة المدرسية في تحقيق الجودة؟ تلكم هي السئلة‬
‫التي سوف نحاول الجابة عنها في موضوعنا هذا‬

‫‪ -1‬شـــرح المفاهيـــــــــــم‪:‬‬

‫قبل الدخول في تحليل الموضوع واستقراء معطياته‬


‫وتفسير جوانبه وأبعاده‪ ،‬لبد من الوقوف بدقة عند‬
‫المصطلحات والمفاهيم التي يتناولها عنوان الموضوع‪،‬‬
‫وهي‪ :‬تفعيل‪ -‬تنشيط ‪ -‬الحياة المدرسية‪.‬‬

‫‌أ‪ -‬التفعيــــــل‪:‬‬

‫إن الهدف الذي تسعى إليه كل المجتمعات‪ ،‬وخاصة‬


‫المجتمع المغربي‪ ،‬أن تكون المدرسة فعالة وفاعلة‪ .‬أي‬
‫تكون إيجابية وذلك بتغيير الواقع والسير به نحو آفاق رحبة‬
‫مفعمة بالتنمية والتقدم والنهضة الحقيقية‪ .‬ولن يتم هذا‬
‫الهدف اليجابي إل إذا كان هناك تفعيل حقيقي للحياة‬
‫المدرسية‪ .‬والتفعيل مصدر فّعل ‪ ،‬ويدل التضعيف على‬
‫الحركة والنشاط والممارسة الميدانية والخلق والبداع‪.‬‬
‫ويعني هذا أن التفعيل هو جعل المدرسة مؤسسة فاعلة‬
‫ومبدعة وخلقة ومبتكرة‪ ،‬وأل تكتفي بالتلقين والتعليم‪ ،‬بل‬
‫لبد من البتكار والنتاج‪ .‬و هذا التفعيل قد يكون خارجيا أو‬
‫داخليا ذاتيا‪ ،‬فيتم تفعيل المدرسة خارجيا من خلل‬
‫المشاركة والتعاون بين المؤسسة وشركائها القتصاديين‬
‫والجتماعيين وكافة المجتمع المدني‪ .‬فالتفعيل هنا يكون‬
‫بمعنى التغيير والتحريك اليجابي عن طريق خلق شراكات‬
‫ومشاريع مع المؤسسة وتحفيز المبادرة الفردية أو‬
‫الجماعية لتنشيط المدرسة وتفعيلها إيجابيا‪ .‬وقد يكون هذا‬
‫التفعيل ذاتيا من قبل المتعلم في علقته مع الطار‬
‫التربوي أو الداري أو زميله المتعلم داخل فضاء المدرسة‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يحيلنا التفعيل على التغيير والحركية والتفاعل‬
‫الدينامي والبناء والنماء والممارسة والخلق والبداع‬
‫والتنشيط والمساعدة والتعاون الجماعي‪ .‬كما يحيلنا‬
‫التفعيل على إخراج الحياة المدرسية من السكونية‬
‫والروتين ورتابة الحياة المغلقة إلى الحركية ودينامكية‬
‫الفعل التربوي وتنشيطه إيجابيا‪ .‬هذا عن مفهوم التفعيل‪،‬‬
‫فماذا عن مفهومي التنشيط والحياة المدرسية؟ هذا ما‬
‫سنعرفه في السطر الموالية‪.‬‬

‫ب‪ -‬التـــنــشيـــــط‪:‬‬
‫‌‬

‫يراد بالتنشيط ذلك الفعل اليجابي الذي يساهم في‬


‫تحريك المتعلم وتحرير طاقته الذهنية والوجدانية‬
‫والحركية‪ ،‬والمساهمة كذلك في تفتيق المواهب والقدرات‬
‫المضمرة أو الظاهرة الموجودة لدى المتعلم تعويضا‬
‫وتحررا‪ .‬أما النشاط فهو في معناه العام‪ ":‬مايصرف من‬
‫طاقة عقلية أو بيولوجية‪ .‬وفي علم النفس هو عملية‬
‫عقلية أو حركة تصدر تلقائيا عن الكائن الحي‪ .‬وغالبا ما‬
‫يكون فعل التنشيط موجها في مجالت عديدة‪ ،‬مثل‬
‫المسؤولية ذات الطابع التربوي التي تجري على هامش‬
‫العمل المدرسي أو تأتي مكملة له بهدف الحرص على أن‬
‫يتمتع التلميذ في هذا العمل بحرية كبيرة في الختيار‬
‫والمبادرة‪ .‬وقد تحيلنا على المنشط )‪ ،(animateur‬فهو‬
‫الذي يضفي الحيوية على كل تجمع نشاط تعاوني‪ ،‬يثير‬
‫المبادرات ويكون حاضرا لمهيمنا‪".‬‬
‫إذًا‪ ،‬فالنشاط هو " كل عملية تلقائية سواء أكانت عقلية أم‬
‫بيولوجية متوقفة على استخدام طاقة الكائن الحي‬
‫النفعالية والعقلية والحركية‪ .‬وهو كذلك مجموعة من‬
‫النماط السلوكية الحركية أو المعرفية‪ .‬يتأسس ويتوقف‬
‫على استعمال الطاقة الجسمية أو الوجدانية أو العقلية‬
‫كدوافع داخلية لخصوصية هذا النشاط في هذا التجاه‬
‫أوذاك‪ .‬كما أن النشاط باعتباره أداء عمليا أو فكريا ليمكن‬
‫اعتباره صادرا عن التلقائية بمفهوم المصادفة العشوائية أو‬
‫بمفهوم ميكانيكية وتراتبية الستجابة والمثير لدى التجاه‬
‫السلوكي"‪.‬‬
‫ويقصد بالتنشيط عادة تلك" النشطة الثقافية والجتماعية‬
‫والثقافية والرياضية المختلفة التي يمارسها النسان‬
‫بكيفية حرة وتطوعية خارج أوقات العمل المعتادة مع‬
‫جماعة معينة من أمثاله‪ ،‬وبتوجيه من شخص يكون في‬
‫الغالب متخصصا بالتنشيط‪ ،‬يشرف على هذه النشطة‬
‫ويسهر على تنفيذها قصد تحقيق أهداف تربوية واجتماعية‬
‫وأخلقية" ‪.‬‬
‫ويتفرع عن التنشيط مكونات ضرورية كالمنشط‪ -‬بالكسر‪-‬‬
‫والمنشط – بالفتح‪) -‬أي المتعلم(‪ ،‬وفعل التنشيط‪،‬‬
‫والنشاط )نتيجة التنشيط(‪.‬‬

‫ج‪ -‬الحيـــــاة المدرسية‪:‬‬

‫من المعروف أن المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية‬


‫صغرى ضمن المجتمع الكبر‪ .‬ويقوم بتربية النشء‬
‫وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع لتكييفهم معه‪ .‬أي إن‬
‫المدرسة حسب إميل دوركايم ذات وظيفة سوسيولوجية‬
‫وتربوية هامة‪ ،‬أي إنها فضاء يقوم بالرعاية والتربية‬
‫والتنشئة الجتماعية وتكوين المواطن الصالح‪ .‬ومن ثم‬
‫فالمدرسة"هي المكان أو المؤسسة المخصصة للتعليم‪،‬‬
‫تنهض بدور تربوي ليقل خطورة عن دورها التعليمي‪ ،‬إنها‬
‫أداة تواصل نشيطة تصل الماضي بالحاضر والمستقبل‪،‬‬
‫فهي التي تنقل للجيال الجديدة تجارب ومعارف الخرين‬
‫والمعايير والقيم التي تبنوها‪ ،‬وكذا مختلف الختيارات التي‬
‫ركزوا وحافظوا عليها‪ ،‬بل وأقاموا عليها مجتمعهم‬
‫الحالي‪ . "...‬إذًا‪ ،‬فالمدرسة فضاء تربوي وتعليمي‪ ،‬وأداة‬
‫للحفاظ على الهوية والتراث ونقله من جيل إلى آخر‪،‬‬
‫وأس من أسس التنمية والتطور وتقدم المجتمعات‬
‫النسانية‪ .‬بيد أن المدرسة لها أدوار فنية وجمالية‬
‫وتنشيطية أخرى إذ" تتحمل مسؤولية إعطاء التلميذ‬
‫فرصة ممارسة خبراتهم التخييلية وألعابهم البتكارية التي‬
‫تعتبر الساس لحياة طبيعية يتمتعون فيها بالخبرة‬
‫والحساسية الفنية"‪.‬‬
‫وهكذا يتبين لنا أن للمدرسة وظيفة تعليمية وتربوية‬
‫وتنشيطية‪ .‬لكن ماهي الحياة المدرسية؟‬
‫يقصد بالحياة المدرسية ‪ la vie scolaire‬تلك الفترة‬
‫الزمنية التي يقضيها التلميذ داخل فضاء المدرسة‪ ،‬وهي‬
‫جزء من الحياة العامة للتلميذ‪ /‬النسان‪ .‬وهذه الحياة‬
‫مرتبطة بإيقاع تعلمي وتربوي وتنشيطي‪ ،‬متموج حسب‬
‫ظروف المدرسة وتموجاتها العلئقية والمؤسساتية‪.‬‬
‫وتعكس هذه الحياة المدرسية مايقع في الخارج‬
‫الجتماعي من تبادل للمعارف والقيم‪ ،‬وما يتحقق من‬
‫تواصل سيكواجتماعي وإنساني‪ .‬وتعتبر"الحياة المدرسية‬
‫جزءا من الحياة العامة المتميزة بالسرعة والتدفق‪ ،‬التي‬
‫تستدعي التجاوب والتفاعل مع المتغيرات القتصادية‬
‫والقيم الجتماعية والتطورات المعرفية والتكنولوجية التي‬
‫يعرفها المجتمع‪ ،‬حيث تصبح المدرسة مجال خاصا بالتنمية‬
‫البشرية‪ .‬والحياة المدرسية بهذا المعنى‪ ،‬تعد الفرد للتكيف‬
‫مع التحولت العامة والتعامل بإيجابية‪ ،‬وتعلمه أساليب‬
‫الحياة الجتماعية‪ ،‬وتعمق الوظيفة الجتماعية للتربية‪ ،‬مما‬
‫يعكس الهمية القصوى لعداد النشء‪ ،‬أطفال وشبابا‪،‬‬
‫لممارسة حياة قائمة على اكتساب مجموعة من القيم‬
‫داخل فضاءات عامة مشتركة"‪.‬‬
‫ويمكن النظر إلى الحياة المدرسية من زاويتين متكاملتين‬
‫ومتميزتين عن الحياة العامة للمتعلم التي يعيشها في‬
‫مؤسسات خارجية موازية للمدرسة‪.‬‬
‫‪ -‬أول‪ ،‬الحياة المدرسية" باعتبارها مناخا وظيفيا مندمجا‬
‫في مكونات العمل المدرسي يستوجب عناية خاصة ضمانا‬
‫لتوفير مناخ سليم وإيجابي يساعد المتعلمين على التعلم‬
‫واكتساب قيم وسلوكيات بناءة‪ .‬وتتشكل هذه الحياة من‬
‫مجموع العوامل الزمانية والمكانية‪ ،‬والتنظيمية‪،‬‬
‫والعلئقية‪ ،‬والتواصلية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والتنشيطية المكونة‬
‫للخدمات التكوينية والتعليمية التي تقدمها المؤسسة‬
‫للتلميذ"‪.‬‬
‫‪ -‬وثانيا‪ ،‬الحياة المدرسية" باعتبارها حياة اعتيادية يومية‬
‫للمتعلمين يعيشونها أفرادا وجماعات داخل نسق عام‬
‫منظم‪ ،‬ويتمثل جوهر هذه الحياة المعيشية داخل‬
‫الفضاءات المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم‬
‫المدرسية‪ ،‬وإحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية‬
‫والعاطفية"‪.‬‬
‫لكن المفهوم الحقيقي للحياة المدرسية هي تلك الحياة‬
‫التي تسعد التلميذ وتضمن له حقوقه وواجباته وتجعله‬
‫مواطنا صالحا‪ .‬أي إن الحياة المدرسية هي مؤسسة‬
‫المواطنة والديمقراطية والحداثة والندماج الجتماعي‬
‫والبتعاد عن النعزال والتطرف والنحراف وكل الظواهر‬
‫السلبية الخرى‪ .‬وبصيغة أخرى‪ ،‬إن الحياة المدرسية هي‬
‫التي" تسعى إلى توفير مناخ تعليمي‪/‬تعلمي قائم على‬
‫مبادئ المساواة والديمقراطية والمواطنة‪ ،‬وهذه المبادئ‬
‫تعد تعبيرا أمينا عن حقوق النسان وصون كرامته واحترام‬
‫إنسانيته‪ .‬وإذا كان مفهوم الحياة المدرسية يعنى مجموعة‬
‫من التفاعلت‪ ،‬فإن معياره هو التمثيل العام لكل الفاعلين‬
‫داخل كل مراحل التعليم‪.‬‬
‫وتتحدد جوانب الحياة المدرسية في إزالة المعوقات‬
‫المادية والمعنوية التي تحول بين المتعلمين والتعليم‪،‬‬
‫وتوفير أحسن الظروف الميسرة للتعليم‪ ،‬وقيام العملية‬
‫التعليمية على أساس مشاركة كل الطراف‪ ،‬وتقديم‬
‫الخدمات التعليمية بصرف النظر عن أي اعتبارات خارجية‪،‬‬
‫وتحقيق المساواة بين مختلف المناطق والجهات والبنيات‬
‫المحلية" ‪.‬‬
‫إذًا‪ ،‬فالحياة المدرسية سمة الحداثة والجودة والنفتاح‬
‫والتواصل والشراكة والبداع والخلق‪ .‬يشارك فيها كل‬
‫المتدخلين والفاعلين سواء أكانوا ينتمون إلى النسق‬
‫التربوي أم النسق الداري أم النسق الخارجي السوسيو‬
‫اقتصادي‪ .‬كما أن إطار الحياة المدرسية هو"إطار‬
‫ديمقراطية الحوار بين الفراد والجماعات والمؤسسات‪،‬‬
‫وحرية التعبير والمشاركة في صنع القرار وتحمل‬
‫المسؤوليات‪ .‬أما المجال‪ ،‬فهو مجال التطور والسعي‬
‫الحثيث نحو المشاركة في تأسيس أبعاد مجتمعية حداثية‬
‫تضع من بين أهدافها تنمية قدرات النسان‪ ،‬وتشدد على‬
‫المفاهيم والقيم القادرة على ترسيخ إرادة المواطنين‬
‫وكفاياتهم على صناعة حاضرهم ومستقبلهم بالعلم والفكر‬
‫المبدع الذي يحمل مشروع صياغة مجتمع مغربي متجدد"‪.‬‬

‫وهنا ينبغي أن نميز بين مدرسة الحياة ‪l'école de la vie‬‬


‫والحياة المدرسية ‪ la vie scolaire‬؛ لن المدرسة الولى‬
‫من نتاج التصور البراﮔماتي ) جون ديوي ووليام جيمس‪(..‬‬
‫الذي يعتبر المدرسة وسيلة لتعلم الحياة وتأهيل المتعلم‬
‫لمستقبل نافع‪ ،‬ويعني هذا أن المدرسة ضمن هذا التصور‬
‫عليها أن تحقق نتائج محسوسة في تأطير المتعلم‬
‫لمواجهة مشاكل الحياة وتحقيق منافع إنتاجية تساهم في‬
‫تطوير المجتمع نحو المام عن طريق البداع والكتشاف‬
‫وبناء الحاضر والمستقبل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالمدرسة هنا هي‬
‫مدرسة ذات أهداف مادية تقوم على الربح والفائدة‬
‫والمنفعة وتحقيق المكاسب الذاتية والمجتمعية‪ .‬أما‬
‫المدرسة الثانية فهي " تشكل كل متجانسا ومترابطا يجمع‬
‫المدرسي والموازي وينظم العلم التوجيهي‪ ،‬ويدعم‬
‫مشروع التلميذ ويكونه في بعده المواطني‪ ،‬وينشط‬
‫النظام التمثيلي والحركة الثقافية والموضوعات الفقية‬
‫ويدعم العمل الفردي ويعزز قدرته على البتكار" ‪ .‬أي إن‬
‫هذه الحياة المدرسية تكون المتعلم النسان وتهذبه أخلقيا‬
‫وتجعله قادرا على مواجهة كل الوضعيات الصعبة في‬
‫الحياة مع بناء علقات إنسانية اجتماعية وعاطفية ونفسية‪.‬‬
‫وهذه العلقات أهم من النتاجية الكمية والمردودية التي‬
‫تكون على حساب القيم والمصلحة العامة والمواطنة‬
‫الصادقة‪.‬‬

‫‪ -2‬مقومات الحياة المدرسية‪:‬‬

‫ترتكز الحياة المدرسية على مجموعة من المقومات‬


‫الساسية تتمثل في مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬الحياة المدرسية هي فضاء المواطنة والديمقراطية‬
‫وحقوق النسان؛‬
‫‪ -‬هي مدرسة السعادة والمان والتحرر والبداع وتأسيس‬
‫مجتمع إنساني حقيقي تفعل فيه جميع العلقات‬
‫والمهارات؛‬
‫‪ -‬تمثل بيداغوجيا الكفايات والمجزوءات؛‬
‫‪ -‬تحقيق الجودة من خلل إرساء الشراكة الحقيقية‬
‫وإرساء فلسفة المشاريع ؛‬
‫‪ -‬التركيز على المتعلم باعتباره القطب الساس في‬
‫العملية البيداغوجية عن طريق تحفيزه معرفيا ووجدانيا‬
‫وحركيا وتنشيطيا؛‬
‫‪ -‬انفتاح المؤسسة على محيطها الجتماعي والثقافي‬
‫والقتصادي؛‬
‫‪ -‬المدرسة مجتمع مصغر من العلقات النسانية‬
‫والتفاعلت اليجابية؛‬
‫‪ -‬تنشيط المؤسسة ثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا وإعلمياتيا‪،‬‬
‫وتسخير فضاء المؤسسة لصالح التلميذ عن طريق تزيينها‬
‫وتجميلها؛‬
‫‪ -‬تجاوز مدرسة البيروقراطية الدارية والتربوية نحو‬
‫مدرسة التحرر والبداع والتنشيط؛‬
‫‪ -‬تغيير الستعمالت الزمنية الدارية الحادية بسياقات‬
‫زمنية منفتحة على ماهو معرفي وتنشيطي ورياضي‪ ،‬أي‬
‫إن استعمال الزمن عليه أن يراعي الحصص المعرفية‬
‫وحصص التنشيط وحصص التربية الرياضية؛‬
‫‪ -‬تغيير الفضاءات المدرسية المنغلقة التي توحي بالروتين‬
‫والعدائية والتطرف بفضاءات مدرسية منفتحة قوامها‬
‫التحرر والبداع والتعلم الذاتي والحساس بالجمال‬
‫والنظام والتشكيل الجمالي والبيئي‪.‬‬
‫‪ -‬علقات أطراف النسق الداري والتربوي مع التلميذ‬
‫علقات إنسانية أساسها الحترام والحوار و المساواة‬
‫والخوة والعدالة والصغاء وتحفيز روح المبادرة والتعاون‬
‫التشاركي‪.‬‬

‫‪ -3‬غايات فلسفة الحياة المدرسية‪:‬‬

‫حددت المذكرة الوزارية رقم ‪ 87‬المؤرخة بــ ‪ 10‬يوليوز‬


‫لسنة ‪ 2003‬مجموعة من الغايات والهداف ‪،‬وهي على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫*إعمال الفكر‪ ،‬والقدرة على الفهم والتحليل‪ ،‬والنقاش‬
‫الحر‪ ،‬وإبداء الرأي واحترام الرأي الخر؛‬
‫* التربية على الممارسة الديمقراطية وتكريس النهج‬
‫الحداثي والديمقراطي؛‬
‫* النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا؛‬
‫* تنمية الكفايات والمهارات والقدرات لكتساب المعارف‪،‬‬
‫وبناء المشاريع الشخصية؛‬
‫* تكريس المظاهر السلوكية اليجابية‪ ،‬والعتناء بالنظافة‬
‫ولياقة الهندام‪ ،‬وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق‬
‫العام‪ ،‬والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل‬
‫الفاعلين في الحياة المدرسية؛‬
‫* جعل المدرسة فضاء خصبا يساعد على تفجير الطاقات‬
‫البداعية واكتساب المواهب في مختلف المجالت؛‬
‫* الرغبة في الحياة المدرسية والقبال على المشاركة في‬
‫مختلف أنشطتها اليومية بتلقائية؛‬
‫* جعل الحياة المدرسية عامة‪ ،‬والعمل اليومي للتلميذ‬
‫خاصة‪ ،‬مجال للقبال على متعة التحصيل الجاد؛‬
‫* الستمتاع بحياة التلمذة‪ ،‬وبالحق في عيش مراحل‬
‫الطفولة والمراهقة والشباب من خلل المشاركة الفاعلة‬
‫في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها؛‬
‫* العتناء بكل فضاءات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا‬
‫وفضاء مريحا‪.‬‬

‫‪ -4‬المتدخلون في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪:‬‬

‫يحتاج تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها إلى تدخل‬


‫مجموعة من المتدخلين التربويين والجتماعيين‬
‫والقتصاديين من متمدرسين ومدرسين وإداريين‬
‫ومؤطرين تربويين وجميع شركاء المؤسسة سواء‬
‫الداخليين منهم كالسرة وجمعية آباء وأولياء التلميذ‬
‫وأمهاتهم أو الخارجيين كالجماعة المحلية وشركاء‬
‫اقتصاديين أو اجتماعيين وكل الفعاليات البداعية في‬
‫المجتمع المدني‪...‬‬

‫• المتمــــدرســون‪:‬‬

‫إن المتمدرس هو المحور الساس والمستهدف من كل‬


‫عملية تربوية أو تنظيمية أو تنشيطية تشهدها الحياة‬
‫المدرسية‪ .‬يجب أن يشارك مشاركة فعالة في مختلف‬
‫هذه النشطة الصفية أو الموازية‪ .‬والمتمدرس في التعليم‬
‫الثانوي مثل يمر بمرحلة هامة في حياته‪ ،‬يحتاج إلى من‬
‫يهتم به من الناحية السيكولوجية للتعرف على أحواله‬
‫النفسية ومساعدته ليتمكن من تجنب بعض النحرافات‬
‫السلوكية التي تحد من فعاليته في الحياة المدرسية‪ .‬يجب‬
‫أن نعده للمستقبل مستثمرين قدراته في النتاج النافع‬
‫عن طريق انخراطه في مجالس المؤسسة وأنديتها‬
‫الثقافية والتربوية حسب رغباته وميوله ساعين دائما إلى‬
‫زيادة قدراته" على العمل في شروط ميسرة لمعسرة" ‪.‬‬

‫• المدرســــون‪:‬‬

‫يعتبر تدخل المدرسين في تفعيل الحياة المدرسية‬


‫وتنشيطها فعل رئيسيا وفق وظائف المدرسة الجديدة التي‬
‫ل تقتصر فيها وظيفة المدرسين على حشو أذهان‬
‫المتمدرسين بالمعلومات الجاهزة‪ ،‬وإنما تتعداها إلى‬
‫التكوين و التأطير والتربية على المواطنة وحقوق النسان‬
‫وغيرها من القيم النسانية النبيلة‪ ،‬ولهذا ينبغي أن تكون‬
‫هيئة التدريس هيئة متدخلة رئيسية في الحياة المدرسية‬
‫قدوة ونموذجا‪ ،‬ومن واجبها النخراط في مشاريع‬
‫المؤسسة‪ ،‬وفي التنشيط المدرسي في جميع المجالت‬
‫داخل الفصل أو خارجه‪ ،‬وذلك بتبني الطرائق البيداغوجية‬
‫والديداكتيكية الملئمة التي تستجيب للحاجيات النفسية‬
‫والعاطفية للمتمدرسين وتنظيم النشطة المندمجة‬
‫والداعمة وتكوين أندية منفتحة على المجتمع المحلي‬
‫والجهوي والوطني لستقطاب الفعاليات في مجال الفكر‬
‫والبداع‪.‬‬

‫• الدارة المدرسية‪:‬‬

‫إذا كان المتعلم هو المحور الساس في العملية التعليمية‪/‬‬


‫التعلمية‪ ،‬وفي كل عملية تنشيطية لنه هو المستهدف‬
‫بالتكوين تكوينا سليما وصحيحا قصد تهذيبه وجدانيا وتنميته‬
‫معرفيا وتحفيزه حركيا‪ ،‬والعمل على رعايته وتنشئته‬
‫تنشئة إسلمية قائمة على المواطنة والحفاظ على الهوية‬
‫والنفتاح على النسانية وثقافة الخر‪ ،‬فإن الدارة‬
‫المدرسية تكمن أهميتها في التأطير والتنظيم والتنشيط‬
‫التربوي‪ ،‬والعمل على تقوية التواصل بين مختلف‬
‫المتدخلين في الحياة المدرسية‪ ،‬ونجاحها يتوقف على‬
‫مدى مساهمتها في تفعيل المنظومة التربوية‪ ،‬واقتراح‬
‫مشاريع تربوية أو مادية‪ ،‬مدعومة من قبل هيئة التدريس‪،‬‬
‫خاصة أعضاء مجلس التدبير‪.‬‬
‫وينبغي أن تكون هذه المشاريع مبنية على خطة تشاركية‬
‫يتم من خللها انفتاح المؤسسة على محيطها الذي يسمح‬
‫لها باستثمار إمكاناتها المتوفرة‪ .‬ولن يتأتى ذلك إل إذا‬
‫كانت الدارة تؤمن بالديمقراطية والتواصل والنفتاح‬
‫والشراكة‪ ،‬وتعمل على تحقيق حرية أكبر في إطار‬
‫اللتركيز‪ .‬وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد الدريج‪":‬‬
‫يتطلب مشروع الصلح حرية أكبر للمؤسسات في إطار‬
‫اللمركزية وتفتحها على محيطها القتصادي والجتماعي‬
‫والثقافي وإقامتها لمشاريع تربوية وعلقات شراكة‪."...‬‬
‫إن هيئة الدارة التي نتحدث عنها هي الدارة الفاعلة التي‬
‫تتشكل من فريق متكامل‪ ،‬يقوده قائد يحترم المبادرة‪،‬‬
‫ويشجع السلوكيات اليجابية ويفتح الحوار مع المدرسين‬
‫والباء وشركاء المؤسسة‪ ،‬وهذا مايدعو إليه الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين‪ ":‬يتمتع المشرفون على تدبير‬
‫المؤسسات التربوية والدارات المرتبطة بها بنفس‬
‫الحقوق المخولة للمدرسين‪ ،‬وعليهم الواجبات التربوية‬
‫نفسها وبالخص‪ :‬الحوار والتشاور مع المدرسين والباء‬
‫والمهات وسائر الولياء وشركاء المؤسسة"‪.‬‬
‫ويلعب الحارس العام في هذا الفريق دورا حاسما ومركزيا‬
‫إذا توفرت لديه الرادة والعزيمة‪ ،‬ويشتغل في ظروف‬
‫حسنة‪ ،‬بحكم موقعه وقربه من جميع المتدخلين في تفعيل‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫• الفرق التربوية ومجالس المؤسسة‪:‬‬

‫تحتل الفرق التربوية في المؤسسات التعليمية مكانة‬


‫بارزة في تنظيم الحياة المدرسية وتنشيطها‪ ،‬وتتمثل في‬
‫إبداء الملحظات والقتراحات حول البرامج والمناهج‪،‬‬
‫وبرمجة مختلف النشطة الثقافية والجتماعية والرياضية‬
‫وتحيين المكانيات والتدابير اللزمة لتنفيذها وغير ذلك من‬
‫العمال التنظيمية والتربوية ‪ ،‬وإن و"اعتماد الفرق التربوية‬
‫بمختلف السلك كآليات تنظيمية وتربوية لمن شأنه أن‬
‫يقوي فرص نجاح التغييرات المرغوب فيها‪ ،‬ولضمان‬
‫فعالياتها وانتظام أنشطتها تحدد بشكل دوري مهام هذه‬
‫الفرق وطبيعة أعمالها ووظيفتها الستشارية في تنشيط‬
‫الحياة المدرسية‪"....‬‬
‫أما مجالس المؤسسة فتحددها المادة ‪ 17‬من المرسوم‬
‫الوزاري رقم ‪ 2.02.376‬بتاريخ ‪ 17‬يوليوز ‪ 2002‬تحت‬
‫عنوان" مجالس تدبير مؤسسات التربية والتعليم‬
‫العمومي" ‪.‬‬
‫ونجد في دليل الحياة المدرسية عدة مهام موكولة لهذه‬
‫المجالس‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال بعض مهام مجلس‬
‫التدبير‪ ،‬هذا المولود الجديد في الساحة التعليمية الذي جاء‬
‫لتفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪ ،‬وذلك بوقوفه بجانب‬
‫الهيئة الدارية للرفع من مستوى التدبير التربوي والداري‬
‫والمالي للمؤسسة‪ ،‬هو الذي يقوم" بدراسة برنامج العمل‬
‫السنوي الخاص بأنشطة المؤسسة وتتبع مراحل إنجازه‪،‬‬
‫ويبدي رأيه بشأن مشاريع اتفاقيات الشراكة التي تعتزم‬
‫المؤسسة إبرامها"‪.‬‬
‫هذا ويمثل مجلس التدبير السند والدعامة الساسية لهيئة‬
‫الدارة في اتخاذ مبادرات شجاعة تتعلق بمشاريع‬
‫المؤسسة‪ ،‬سعيا وراء الستقللية وتحقيقا لمبدإ‬
‫اللمركزية‪ .‬كما تقوم مجالس المؤسسة بدور كبير في‬
‫تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪ ،‬إذا ما انتخبت انتخابا‬
‫ديمقراطيا‪ ،‬وأعضاؤها من رجال تعليم وإدارة وتلميذ لهم‬
‫الرغبة والرادة القويتان في تخطي الواقع المتدني ليجاد‬
‫الحلول الملئمة للمشاكل التي تعاني منها المؤسسة‬
‫التعليمية والمساهمة في الرتقاء بالحياة المدرسية بها‪.‬‬

‫• الجمعيـــات المدرسيــة‪:‬‬

‫من أهم الجمعيات المدرسية في التعليم الثانوي التأهيلي‬


‫التي بإمكانها تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها نستحضر‪:‬‬
‫جمعية النشطة الجتماعية والتربوية والثقافية‪ ،‬والجمعية‬
‫الرياضية‪.‬‬
‫* جمعية النشطة الجتماعية والتربوية والثقافية‪:‬‬

‫تنشط هذه الجمعية في مجالت متعددة‪ ،‬تساعد التلميذ‬


‫المعوزين وتلبي حاجياتهم المادية وتقدم للتلميذ المتعثرين‬
‫دراسيا حصصا في الدعم والتقوية‪ ،‬وتنظم للمجتمع‬
‫المدرسي محاضرات وعروضا‪ ،‬وتمنح للتلميذ المتفوقين‬
‫جوائز تشجيعية‪ ،‬وغيرها من النشطة الجتماعية والتربوية‬
‫والثقافية‪.‬‬

‫* الجمعية الرياضية‪:‬‬

‫تنشط هذه الجمعية في الميدان الرياضي‪ ،‬تنظم المباريات‬


‫والمسابقات بين القسام أو المؤسسات أو بين فرق‬
‫الحياء‪ ،‬ويمكن لها أن تقترح عدة أشكال من الشراكة مع‬
‫الفعاليات الرياضية المحلية أو الجهوية‪ ،‬وحتى الوطنية في‬
‫مجال تبادل الخبرات و اكتشاف اللعبين الموهوبين‪.‬‬

‫• هيئة التأطير والمراقبة التربوية والمادية والمالية‬


‫والتوجيه والتخطيط التربوي‪:‬‬

‫تقوم هذه الهيئة" بمهام التأطير والتكوين واستكمال‬


‫التكوين من أجل تحسين جودة التعليم‪ ،‬فتقوم بتتبع الحياة‬
‫المدرسية وتقويمها بكيفية دائمة ومستمرة"‪ .‬ودور هذه‬
‫الفئة في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ليخفى على‬
‫أحد إن هي قامت بواجبها سواء على المستوى‬
‫الديداكتيكي أم التوجيهي للتنشيط التربوي والثقافي‪.‬‬

‫• شركاء المؤسسة‪:‬‬

‫تسعى المؤسسة المغربية الجديدة إلى أن تكون منفتحة‬


‫على محيطها بفضل المنهج التربوي الحديث الذي‬
‫يستحضر" المؤسسة داخل المجتمع والمجتمع في قلب‬
‫المؤسسة‪ .‬إذ للمجتمع الحق في الستفادة من المؤسسة‪،‬‬
‫ومن واجبه المساهمة في الرفع من قيمتها‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد يمكن تقسيم شركاء المؤسسة إلى قسمين‪:‬‬
‫شركاء داخليين كالسرة وجمعية الباء وأولياء التلميذ‬
‫وشركاء خارجيين كالجماعة المحلية والفاعلين‬
‫القتصاديين والجتماعيين وغيرهم‪.‬‬

‫• السرة وجمعية الباء وأولياء التلميذ‪:‬‬

‫يرى دليل الحياة المدرسية أن السرة تتدخل" بصفتها‬


‫معنية بتتبع المسار الدراسي لولدها ويتم ذلك بكيفية‬
‫مباشرة‪ ،‬وفي تكامل وانسجام في المدرسة‪ ...‬أما جمعية‬
‫آباء وأولياء التلميذ فتعتبر هيئة مساهمة في تنظيم الحياة‬
‫المدرسية وتنشيطها‪"...‬‬
‫لقد أشارت المذكرة الوزارية رقم ‪ 28‬الصادرة بتاريخ‬
‫شعبان ‪ 1412‬الموافق لــ ‪ 18‬فبراير ‪ 1992‬إلى ضرورة‬
‫التعاون بين جمعية آباء وأولياء التلميذ والمؤسسة‬
‫التعليمية‪ ،‬لن هذا التعاون ضروري لسعادة التلميذ وخدمة‬
‫المؤسسة بتفعيلها ماديا ومعنويا‪ ،‬وتحقيق التكامل‬
‫المنشود بين المؤسسة وهذه الجمعيات‪ .‬ويتمثل التعاون‬
‫في المشاركة الفعلية لولياء التلميذ في تدبير المؤسسة‬
‫وصيانتها وتمويلها والحضور عن كثب للطلع على مايقوم‬
‫به فلذات أكبادهم من النشطة التربوية التثقيفية‪ ،‬ويتطلب‬
‫هذا التعاون كسر الحواجز الدارية والجتماعية والنفسية‬
‫بين المؤسسة وجمعيات الباء‪...‬ولبد أن تشارك هذه‬
‫الجمعيات فعليا في مجلس التدبير قصد مراقبة سلوكيات‬
‫المتعلمين ونتائجهم‪ ،‬وإبداء الملحظات حول المناهج‬
‫والبرامج وتتبع سير المؤسسة وتقديم المساعدات للتلميذ‬
‫المتعثرين في دراستهم‪ ،‬وتتبع حالتهم الصحية وتغيباتهم‪،‬‬
‫علوة على تمثيلهم مركزيا ول مركزيا‪ ،‬والدفاع عن‬
‫رغباتهم وطلباتهم المشروعة‪ ،‬والمشاركة في بناء مدرسة‬
‫سعيدة قوامها المل والمواطنة والديمقراطية والبداع‬
‫والتجديد التربوي‪ .‬ولبد من استحضار أولياء التلميذ‬
‫وإشراكهم في اتخاذ القرارات الخاصة بالمؤسسة سواء‬
‫التربوية منها أم المادية وأي إقصاء لهم أو تهميش‬
‫سينعكس سلبا على المردودية التربوية‪ .‬فعمل المدرس‬
‫يبقى قاصرا في القسم مادام لم يكمل في المنزل من‬
‫قبل المتعلمين تحت مراقبة أوليائهم لتحفيزهم‬
‫وتشجيعهم‪.‬‬
‫ومن خلل هذا يتبين لنا أن دور السرة وجمعية الباء دور‬
‫مهم وفعال في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫• الجماعة المحلية‪:‬‬

‫على الجماعة المحلية أن تعطي الهمية للمؤسسة‬


‫التعليمية المتواجدة في حدودها الترابية باعتبارها مصدر‬
‫تكوين رجال مستقبلها‪ ،‬فالمؤسسة تقوم بإعداد الشباب‬
‫للحياة العملية المنتجة لفائدة الجماعة‪ .‬وبناء على هذا‬
‫الوعي‪ ،‬تقوم الجماعة المحلية بواجبات الشراكة مع‬
‫المؤسسة والسهام في مجهود التربية والتكوين‪.‬‬

‫• الفاعلون القتصاديون والجتماعيون‪:‬‬

‫تعمل المدرسة الحديثة على إشراك مختلف الشركاء في‬


‫تطوير آلية اشتغالها وفي دعم مشاريعها وأنشطتها‬
‫المختلفة‪ ،‬ويلعب الفاعلون القتصاديون والجتماعيون‬
‫دورا أساسيا في ربط المؤسسة بمحيطها‪ ،‬وتمكين‬
‫المتعلمين من الندماج في عالم الشغل مستقبل‪ ،‬فهم‬
‫يساهمون في الرفع من مردودية المؤسسة وتكوين‬
‫أطرها البشرية‪ ،‬وتقديم المساعدات اللزمة المادية‬
‫والمعنوية‪ ،‬ويشاركون إلى جانب المتدخلين الخرين في‬
‫الحياة المدرسية في خلق مدرسة سعيدة مستقلة‬
‫بإمكانياتها المادية والبشرية‪ ،‬وتقتضي الشراكة عموما"‬
‫التعاون بين الطراف المعنية وممارسة أنشطة مشتركة‬
‫وتبادل المساعدات والنفتاح على الخر مع احترام‬
‫خصوصياته" ‪.‬‬
‫يبدو لنا من خلل استعراض للمتدخلين في تفعيل الحياة‬
‫المدرسية وتنشيطها أن هناك تفاعل بين مكونات النسق‬
‫التربوي الداخلي والمحيط الخارجي عبر مكون الشراكة‬
‫والتمويل والتنشيط ‪ ،‬وأن الحياة المدرسية قوامها النفتاح‬
‫على المحيط الذي يعد عنصرا أساسيا في الجودة‬
‫والصلح‪ :‬فتنظيم النشطة الثقافية أو الرياضية أو الفنية‬
‫بالتعاون مع مختلف الهيئات في الحي أو في المدينة التي‬
‫توجد فيها المدرسة يساعد على إغناء التجربة التربوية‪.‬‬
‫وفي المقابل تقوم المؤسسة بتنظيم أنشطة لفائدة‬
‫المواطنين في الحي أو المنطقة‪ ،‬فتتحول المؤسسة بذلك‬
‫إلى مركز ثقافي إشعاعي وتربوي يتسع ليشمل الجهة‬
‫بأسرها‪.‬‬

‫‪ -5‬أهمية تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪:‬‬

‫جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين في بلدنا سعيا وراء"‬


‫تجاوز الحياة المدرسية الرتيبة المنغلقة على نفسها‪ ،‬والتي‬
‫تعتمد على تلقين المعارف وحشو الرؤوس بالفكار‬
‫ومحتويات المقررات والبرامج السنوية‪ ،‬وتهمل التنشيط‬
‫المدرسي‪ ،‬إلى حياة مدرسية نشطة‪ ،‬يتوفر فيها المناخ‬
‫التعليمي‪ /‬التعلمي القائم على مبادئ المساواة‬
‫والديمقراطية والمواطنة‪ ،‬حياة مدرسية متميزة بالفعالية‬
‫والحرية والندماج الجتماعي‪ ،‬تثير في المتعلم مواهبه‬
‫وتخدم ميولته وتكون شخصيته وتنشطها نشاطا تلقائيا‬
‫وحرا في وسط اجتماعي قائم على التعاون ل على‬
‫الخضاع"‪.‬‬
‫وتنص المادة التاسعة من القسم الول من الميثاق على‬
‫هوية مدرسة جديدة‪ ،‬هي مدرسة الحياة أو الحياة‬
‫المدرسية التي ينبغي أن تكون‪ -‬حسب الميثاق‪:‬‬
‫‌أ‪ " -‬مفعمة بالحياة‪ ،‬بفضل نهج تربوي نشيط‪ ،‬يتجاوز‬
‫التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي‪،‬‬
‫والقدرة على الحوار والمشاركة في الجتهاد الجماعي"‪.‬‬
‫ب‪ " -‬مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه‬ ‫‌‬
‫استحضار المجتمع في قلب المدرسة‪ ،‬والخروج إليه منها‬
‫بكل ما يعود بالنفع على الوطن‪ ،‬مما يتطلب نسج عاقات‬
‫جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي‬
‫والقتصادي"‪.‬‬
‫ويتبين لنا من خلل هذه المادة التشريبعية أن الحياة‬
‫المدرسية النشطة تتميز بالحرية والمواطنة وحقوق‬
‫النسان والمسؤولية واللتزام والبداع والمشاركة الفاعلة‬
‫والعمل في إطار الفريق للخلق والبتكار وتحقيق التنمية‬
‫الحقيقية الشاملة‪ .‬و" تتحدد جوانب الحياة المدرسية في‬
‫إزالة المعوقات المادية والمعنوية التي تحول بين‬
‫المتعلمين والتعليم‪ ،‬وتوفير أحسن الظروف الميسرة‬
‫للتعليم‪ ،‬وقيام العملية التعليمية على أساس مشاركة كل‬
‫الطراف وتقديم الخدمات التعليمية والتربوية بصرف‬
‫النظر عن أي اعتبارات خارجية‪ ،‬وتحقيق المساواة بين‬
‫مختلف المناطق والجهات والبنيات المحلية" ‪.‬‬
‫ويعني هذا‪ ،‬أن الحياة المدرسية تؤسس مجتمعا‬
‫ديمقراطيا حرا‪ ،‬ومؤسسة مسؤولة في صنع القرار وتحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬قصد الدخول في الحداثة وتنمية قدرات‬
‫النسان المغربي‪ ،‬ويهدف الميثاق إلى جعل المنظومة‬
‫التربوية" مصلحة تابعة للدولة مسيرة بطريقة مستقلة‬
‫‪sigma‬على غرار الجامعات ذات الستقلل المعنوي‬
‫والمادي والمالي" ‪ .‬وستشدد مدرسة الحياة في إطار‬
‫التوجه الجديد للتربية على" المضامين والقيم القادرة على‬
‫ترسيخ إرادة المواطنين وكفاياتهم على صناعة حاضرهم‬
‫ومستقبلهم بالعلم والفكر المبدع الذي يحمل مشروع‬
‫صياغة مجتمع مغربي متجدد"‬
‫يهدف ميثاق التربية والتكوين من خلل تفعيل الحياة‬
‫المدرسية وتنشيطها إلى التحرر من التصورات المركزية‬
‫والروتين الداري والسعي نحو التجديد والتطوير والحداثة‬
‫والتعلم الذاتي‪ ،‬فتفتق قريحة المتعلم ومخيلته البداعية‪،‬‬
‫وتصقل مواهبه عن طريق مشاركته في النشطة الرياضية‬
‫والثقافية والفنية والجتماعية‪.‬‬
‫ومن أهداف المدرسة المغربية الحديثة الحفاظ على‬
‫حضارة المة المغربية وهويتها ومقدساتها وثوابتها‪ ،‬والجمع‬
‫بين الصالة والمعاصرة للنسان المغربي‪ ،‬مع النفتاح‬
‫العلمي والثقافي والجتماعي على العالم‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫تأسيس مجتمع مغربي حديث وديمقراطي‪ ،‬يمتلك زمام‬
‫العلوم وناصية التكنولوجيا المتقدمة‪ ،‬يكون قادرا على رفع‬
‫شعار التحدي في عهد العولمة والمنافسة التجارية‬
‫والعلمية والعلمية والتكنولوجية الرقمية‪.‬‬

‫‪ -6‬المعيقات التي تحول دون تنشيط الحياة المدرسية‪:‬‬

‫تتميز الحياة المدرسية بالتنشيط الثقافي والفني والديني‬


‫والجتماعي والدبي والمعلومياتي‪ ،‬وغيرها من النشطة‬
‫الهادفة المختومة بأحسن النتائج‪ ،‬وفي المقابل نجد‬
‫مدرسة الجمود والركون والتلقين‪ ،‬تركن إلى الخمول‬
‫والتطرف والنزواء والضعف الدراسي‪ .‬ومن بين المعيقات‬
‫التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها نجد‪:‬‬
‫• المعيقات الديداكتيكية أو التربوية‪:‬‬

‫تنص البرامج والمناهج على إكساب المتعلمين المعارف‬


‫والفكار والقيم دون تنشيطهم فنيا أو رياضيا أو اجتماعيا‪.‬‬
‫وما كثرة الساعات التي تقيدهم في القسم إل دليل على‬
‫الجانب التلقيني وغياب الجانب الفني التنشيطي‪.‬‬
‫وإذا تأملنا النصوص التي توجه إلى التلميذ في التعليم‬
‫الثانوي التأهيلي سنجدها نصوصا معرفية تخاطب العقل‬
‫والمنطق والذاكرة‪ ،‬وحتى وإن وجدت نصوص تنشيطية‬
‫كالنصوص المسرحية‪ ،‬فهي موجهة للقراءة المعرفية‪ ،‬دون‬
‫تمثيلها أو مسرحتها لنعدام المؤطرين المسرحيين‬
‫وقاعات العرض بالمؤسسات التعليمية‪ ،‬وما يعزز هذا‬
‫القول‪ ،‬عدم تنصيص مقدمات الكتب المدرسية على‬
‫الكفايات التنشيطية‪ ،‬حتى وإن وجدت‪ ،‬فهي إشارات‬
‫عابرة لتدخل في صميم الممارسة الديداكتيكية‪ ،‬مما يدل‬
‫على الطابع المعرفي التلقيني للمقررات والحصص‬
‫الدراسية‪ .‬وكل ما تعلق بالممارسة الفنية أو الوجدانية أو‬
‫الرياضية أو أي نشاط اجتماعي آخر يعد فعل زائدا‬
‫وهامشيا لقيمة له‪.‬‬

‫• المعيقات الدارية‪:‬‬

‫ليحظى التنشيط المدرسي في مؤسسات التعليم‬


‫بالهتمام الذي يستحقه‪ .‬إذ التوجيهات الدارية الرسمية‬
‫لتشير إليه إل في مناسبات الحتفال بالعياد واليام‬
‫الوطنية والدولية‪ ،‬وتبقى هذه التوجيهات إلزامية نظريا‬
‫دون أن يتسم تفعيلها إداريا وميدانيا بالشكل المطلوب‪،‬‬
‫بسبب ضعف المبادرة لدى الفاعلين التربويين‪ ،‬من أساتذة‬
‫ورجال الدارة والتلميذ وغيرهم‪ ...‬وانعدام المنشطين‬
‫المتخصصين في هذا المجال‪.‬‬
‫وليمكن لرجال الدارة ممارسة هذا الفعل التنشيطي –‬
‫وحدهم‪ -‬لنعدام وقت الفراغ لديهم بسبب كثرة العباء‬
‫الدارية‪ ،‬وانعدام المحفزات‪ .‬وحتى التلميذ مع النظام‬
‫الجديد للبكالوريا لم يعودوا يملكون الوقت الكافي ‪ ،‬فما‬
‫لديهم من أوقات الفراغ يقضونها في مراجعة الدروس‪،‬‬
‫فهم في صراع مستمر مع الزمن والمقرر قصد الحصول‬
‫على المعدل في المتحان الجهوي أو الوطني‪.‬‬
‫و‬
‫عني هذا أن النظام الجديد للبكالوريا عائق من عوائق‬
‫التنشيط المدرسي‪ ،‬إذ يجعل التلميذ مجرد خزان‬
‫للمعلومات‪ ،‬وذاكرة لحشو الفكار وحفظها ونسيانها بعد‬
‫المتحان‪ .‬وأضيف إليه عائقا آخر عندما تقف الدارة‬
‫التربوية حجرة عثرة في وجه أي فعل تنشيطي يريد أن‬
‫يقوم به الستاذ أو التلميذ بدعوى أنه مضيعة للوقت‬
‫وتهرب من الحصص الرسمية التي تخلو من التنشيط‪.‬‬
‫ولهذا يجب على الدارة التربوية دعم النشاط المدرسي‬
‫بتشجيع المبادرات الفردية والجماعية كيف ماكان‬
‫مصدرها‪ ،‬حتى نحارب رتابة الحياة المدرسية الحالية‬
‫وكسادها‪ ،‬ونحقق للمتعلم الندما‬
‫ج الجتماعي‪.‬‬

‫• المعيقات المادية والبشرية‪:‬‬


‫من المعلوم أن أي مشروع تربوي كيفما كان ليتحقق‬
‫نجاحه إل بوجود المكانات المادية والبشرية الرهينة‬
‫بتفعيله وتنشيطه‪ .‬وإذا كانت المؤسسة التعليمية تفتقر‬
‫إلى العنصر البشري المؤهل للتنشيط وإلى قاعات‬
‫التشخيص المسرحي والندية الثقافية والموسيقية‬
‫وقاعات الرياضة وورشات التشكيل وقاعات الترفيه فإنها‬
‫لن تتمكن من خلق أجواء ديناميكية للفعل التنشيطي‬
‫داخل المؤسسة ل في مجال الفن والدب والرياضة ول‬
‫في مجال آخر‪ .‬وأمام هذا العائق المادي والبشري‪ ،‬لبد‬
‫للجماعة المحلية والمجتمع المدني والمؤسسات‬
‫القتصادية التدخل للمساهمة في تمويل قطاع التربية‬
‫والتكوين من أجل الستثمار في العنصر البشري‪ ،‬المتمثل‬
‫في المتعلم الذي هو رجل المستقبل‪ ،‬وتكوينه يهم‬
‫المجتمع بأكمله‪ ،‬لنه هو الذي سيحرك عجلة التنمية‪،‬‬
‫وسيقود المجتمع نحو آفاق مشرقة ومتقدمة‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬يصبح واجبا على كل المتدخلين في الحياة‬
‫المدرسية محاولة إزالة العوائق التي تحول دون تفعيل‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها حتى ينهض نظام التربية‬
‫والتكوين بوظائفه كاملة تجاه الفراد والمجتمع‪ .‬وذلك"‬
‫بمنح الفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات‬
‫التي تؤهلهم للندماج في الحياة العملية) ‪ ،(...‬وبتزويد‬
‫المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين‬
‫للسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع‬
‫المستويات‪. "....‬‬
‫• المعيقـــــــات الجتمـــــــاعية‪:‬‬

‫* السرة والتنشيط‪:‬‬

‫إن مشاركة الطفال والشباب في عملية التنشيط‬


‫المدرسي غالبا ما يحتاج إلى موافقة السرة‪ ،‬ومن دون‬
‫هذه الموافقة يستحيل عليهم المشاركة في النشطة‬
‫خاصة تلك التي تتطلب التغيب عن السرة أوالتأخر‪.‬‬
‫وتتخوف السرة من أن تؤدي مشاركة أبنائها في برامج‬
‫تنشيطية إلى احتكاكهم بأشخاص منحرفين‪ ،‬ثم إن‬
‫التنشيط بالنسبة لكثير من الباء والمهات مضيعة للوقت‪،‬‬
‫ول يمارس إل على حساب اللمام بالمقرر الدراسي‪.‬‬
‫هذه هي أهم المعيقات التي تحول دون تفعيل الحياة‬
‫المدرسية وتنشيطها‪ .‬ولقد تراجعت المؤسسات التعليمية‬
‫عن التنشيط بكل أنواعه داخل الفصل وخارجه‪ .‬وأصبح‬
‫الهتمام منصبا أكثر على التلقين وحشو رؤوس المتعلمين‬
‫بالمعارف الجاهزة في أسرع وقت ممكن للتمكن من‬
‫إنهاء المقرر واجتياز الفروض والمتحانات‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فلقد حل التلقين محل التنشيط ‪ ،‬لذا جاء الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين ليعالج هذه الظاهرة التربوية‬
‫الخطيرة‪ ،‬ليدعو إلى التنشيط الفعال‪ ،‬وإلى الحرية‬
‫والتجديد والبتكار‪ ،‬تحت شعار" من أجل مدرسة فعالة‬
‫ومتقدمة ومبدعة"‪ ،‬كما ورد في الفصل)‪ (131‬من‬
‫الميثاق‪ ":‬تعد التربية والرياضية والنشطة المدرسية‬
‫الموازية مجال حيويا وإلزاميا في التعليم البتدائي‬
‫والعدادي والثانوي‪ ،‬وتشتمل على دراسات وأنشطة‬
‫تساهم في النمو الجسمي والنفسي والتفتح الثقافي‬
‫والفكري للمتعلم" ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه الدعوة البيداغوجية الجديدة‪ ،‬إل أن‬
‫نظرية الحياة المدرسية لم تطبق إلى حد الن‪ ،‬إذ أصبحت‬
‫الدعوة حبرا على ورق وحلما بعيد المنال‪ ،‬وتصورا نظريا‬
‫مجردا بعيدا عن التطبيق الميداني والتفعيل الحقيقي‬
‫بسبب نقص المكانيات المادية والبشرية ‪ ،‬وانعدام الرغبة‬
‫الصادقة في ترجمة التصور إلى أعمال إجرائية ملموسة‪،‬‬
‫كما أن الجودة التربوية أصبحت اليوم حديثا يوتوبيا وخطابا‬
‫طوباويا مثاليا ل يمت بأي صلة إلى واقع المؤسسة‬
‫المغربية التي أوشكت على النهيار والتدني والنحطاط ‪،‬‬
‫وظل مبدأ الجودة شعارا سياسيا موسميا وقرارا‬
‫إيديولوجيا وديماغوجيا ل رصيد له في الواقع المغربي‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫لم تعد المدرسة اليوم فضاء للتعليم والتلقين منعزلة عن‬


‫المجتمع‪ ،‬بل صارت مدرسة الحياة وفضاء للسعاة‬
‫والمان‪ ،‬يشعر فيها المتعلم بالدفء والحميمية وشاعرية‬
‫النتماء‪.‬‬
‫إن مدرسة الحياة لهي مدرسة المواطنة والبداع‬
‫والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء واليجابي بين كل‬
‫المتدخلين في الحياة المدرسية‪ ،‬من فاعلين تربويين‬
‫وشركاء المدرسة القتصاديين والجتماعيين وكل فعاليات‬
‫المجتمع المدني‪.‬‬
‫وإذا كان التنشيط ذا مفهوم عام‪ ،‬يضم النشطة الثقافية‬
‫والفنية والرياضية والعلمية‪ ،‬والشراكات المادية‬
‫والمعنوية في تفعيل أدوار الحياة المدرسية‪ ،‬فإنه يساهم‬
‫في تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية‬
‫لدى المتعلم‪ ،‬وتجعله إنسانا صالحا لوطنه وأمته‪ ،‬مبدعا‬
‫ومبتكرا وخلقا يهتم بمؤسسته ويغير عليها أيما غيرة‪،‬‬
‫ويساهم في تغيير محيطه الجتماعي واستدخال الفاعلين‬
‫الخارجيين والتواصل معهم‪.‬‬
‫إن المدرسة التي ينشدها الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين هي التي يتحقق فيها التنشيط بكل مستوياته‬
‫والندماج بكل إيجابية واقتناع‪ ،‬وذلك من أجل خلق حياة‬
‫مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية‬
‫والديمقراطية وحقوق النسان‪ ،‬وفي مقدمتهم المتعلمون‬
‫الذين يتربون على نبذ العنف والتطرف والنعزالية‪،‬‬
‫ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة الفعالة مع باقي‬
‫المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في‬
‫فضاء المحبة والصداقة‪ ،‬لقصاء التغريب والتهميش‬
‫والقصاء‪ .‬إنها مدرسة منفتحة على محيطها القتصادي‬
‫والجتماعي والثقافي‪ ،‬يساهم في تطويرها" كل الطراف‬
‫المعنية من جماعات محلية وقطاع خاص ومؤسسات‬
‫إنتاجية وجمعيات ومنظمات وسائر الفاعلين القتصاديين‬
‫والجتماعيين‪ ،‬دون إغفال دور الباء والمهات ومسؤولي‬
‫السر في المشاركة بالمراقبة والتتبع والحرص على‬
‫المستوى المطلوب"‬
‫لشك أن تضافر جهود كل هذه الطراف سيخلق مدرسة‬
‫مفعمة بالحياة‪ ،‬نشيطة ومتطورة‪ ،‬نحن في أمس الحاجة‬
‫إليها‪.‬‬
‫وفي الخير‪ ،‬نحن نريد متمدرسين نشيطين‪ ،‬وهيئة إدارية‬
‫نشيطة‪ ،‬وهيئة تدريس نشيطة‪ ،‬ومجالس المؤسسة‬
‫نشيطة‪ ،‬وهيئة التأطير والمراقبة نشيطة‪ ،‬ونيابة نشيطة‪،‬‬
‫ومجتمع مدرسي نشيط ‪ ،‬حتى يشارك الجميع في تفعيل‬
‫الحياة المدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫توصيــــــات‪:‬‬

‫أقترح في ختام هذا البحث مجموعة من التوصيات أراها‬


‫ضرورية للرتقاء بالحياة المدرسية في مؤسسات التعليم‬
‫الثانوي التأهيلي‪ .‬وإليكم بعض هذه التوصيات‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬التطبيق المنهجي لمضامين المذكرات الوزارية‬
‫والجهوية المتعلقة بتنظيم عملية التنشيط في الحياة‬
‫المدرسية ومجالته المتعددة‪ ،‬بتضافر الجهود بين الجهاز‬
‫الداري وهيئة التدريس وإشراك المتعلمين‪ ،‬وذلك بتشكيل‬
‫لجنة مكلفة بمهام التنشيط التربوي‪ ،‬تنبثق عن مجلس‬
‫تدبير المؤسسة حيث يكون من مهامها‪:‬‬
‫• وضع خطة عمل وتصميم محكم وبرنامج شامل لفقرات‬
‫ونماذج التنشيط الممكنة والمزمع إنجازها مع تحديد‬
‫أهدافها‪.‬‬
‫• وضع جدول زمني لتوزيع مختلف النشطة التربوية على‬
‫مدار السنة الدراسية‪ ،‬يراعى فيه رصد المناسبات واليام‬
‫الدينية والوطنية والعالمية والبيئية لتوعية التلميذ‬
‫وتحسيسهم في إطار محاضرات وعروض فنية ومسرحية‬
‫وإقامة معارض والقيام بزيارات ميدانية لجهات معينة أو‬
‫مؤسسات صناعية‪...‬‬
‫ب‪ -‬تأسيس أندية تربوية تكلف بتنفيذ برامج النشطة‬ ‫‌‬
‫المسطرة في إطار مشروع المؤسسة‪.‬‬
‫ت‪ -‬الوعي بكون عملية تنشيط الحياة المدرسية وظيفة‬ ‫‌‬
‫جماعية تتقاسم وتتكامل فيها أدوار كل الفاعلين التربويين‬
‫كل حسب اختصاصه‪ ،‬باعتبار أن العمل التربوي عمل‬
‫جماعي تواصلي‪.‬‬
‫ث‪ -‬رصد حاجيات المؤسسة والعمل على توفير‬ ‫‌‬
‫المستلزمات الضرورية لتنشيط المؤسسات التعليمية‬
‫بتكثيف التعاون بين لجنة التنشيط والجماعات المحلية‬
‫والمجالس البلدية‪.‬‬
‫ج‪ -‬المطالبة بتخصيص اعتمادات مالية‪ ،‬من قبل الوزارة‬ ‫‌‬
‫الوصية‪ ،‬خاصة بتنشيط المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫ح‪ -‬وضع آليات من طرف النيابات لمراقبة وتتبع تنفيذ‬ ‫‌‬
‫البرامج المسطرة لتنشيط الحياة المدرسة في‬
‫المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫خ‪ -‬مراجعة البرامج التعليمية والمقررات الدراسية الحالية‬ ‫‌‬
‫وجداول الحصص‪ ،‬ذلك أن طول هذه المقررات وكثرة‬
‫الحصص الدراسية ل يتركان للمتعلم هامشا من الوقت‬
‫للقيام بأي نشاط تربوي آخر‪.‬‬
‫‌د‪ -‬تكوين منشطين متخصصين‪ ،‬مع إدخال مادة التنشيط‬
‫داخل مقررات وزارة التربية الوطنية‪.‬‬
‫‌ذ‪ -‬العمل على رصد الكفاءات وتحفيزها على الخلق‬
‫والبداع بتخصيص جوائز تقديرية لها‪.‬‬
‫‌ر‪ -‬تفعيل دور المكتبة المدرسية بجعلها مركزا تكوينيا‬
‫وتأطيريا للمتعلمين‪ ،‬يقصدونها وهم حاملون لمشاريع‬
‫قرائية‪.‬‬
‫‌ز‪ -‬ضرورة إيلء عناية خاصة لحال الداخليات‪ ،‬وذلك‬
‫بالتعاون مع الشركاء التربويين والجتماعيين والقتصاديين‬
‫من أجل مساعدتها على توفير تجهيزاتها اللزمة لنجاز‬
‫مختلف النشطة‪.‬‬
‫س‪ -‬العمل على ربط المؤسسة بالعالم الخارجي عن‬ ‫‌‬
‫طريق التواصل معه قصد إقناعه بضرورة النخراط في‬
‫تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ماديا ومعنويا لكون‬
‫المدرسة ملكا للجميع‪...‬‬
‫ش‪ -‬تبسيط المساطر القانونية وتسهيلها لمواكبة التجديد‪،‬‬ ‫‌‬
‫والسماح للفاعلين الخارجيين بربط شراكات مع‬
‫المؤسسات التعليمية دون انتظار التأشير المركزي أو‬
‫الجهوي أو المحلي‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -‬المختار عنقا الدريسي‪ ):‬المسرح والتنشيط(‪ ،‬آفاق‬


‫تربوية‪ ،‬المغرب‪،‬ص‪92:‬؛‬
‫‪ -‬الطيب أموراق ومحمد صابر‪ :‬الطفل بين السرة‬
‫والمدرسة)الطفل والفضاء المسرحي(‪ ،‬سلسلة التكوين‬
‫التربوي‪،‬ط ‪،1981، 1‬ص‪66:‬؛‬
‫‪ -‬الطيب أموراق ومحمد صابر‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪66:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة الثقافة والتربية‪ :‬معجم علم النفس التربوي‪،‬‬
‫تونس‪1990 ،‬؛‬
‫‪ -‬نقل عن المختار عنقا الدريسي‪ ):‬المسرح والتنشيط(‪،‬‬
‫آفاق تربوية‪،‬المغرب‪ ،‬العدد ‪11/1996‬ن ص‪92:‬؛‬
‫‪Vitali Christian: la vie scolaire,-‬‬
‫‪Hachette.Nouvelles approches, 1997‬‬
‫‪ -‬وزارة التربية الوطنية والشباب‪ :‬دليل الحياة المدرسية‪،‬‬
‫شتنبر ‪،2003‬ص‪4:‬؛‬
‫‪ -‬وزارة التربية الوطنية والشباب‪ :‬دليل الحياة المدرسية‪،‬‬
‫ص‪4:‬؛‬
‫‪ -‬نفس المصدر السابق‪ ،‬ص‪4:‬‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬الحياة المدرسية وإشكالية الحداثة‬
‫والتطرف‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‬
‫‪،2003‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬ديداكتيك الكفايات‪،‬دار الثقافة ‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط ‪،2003، 1‬ص‪98:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪15:‬؛‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة والتجديد التربوي‬
‫في المدرسة المغربية‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪،1996 ،1‬منشورات‬
‫رمسيس‪ ،‬الرباط‪،،‬ص‪77:‬؛‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر عن وزارة‬
‫التربية الوطنية المغربية‪ ،‬المادة ‪ ،18‬ص‪14:‬؛‬
‫‪ -‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬ص‪24:‬؛‬
‫‪ -‬نفس المصدر السابق‪ ،‬ص‪66:‬؛‬
‫‪ -‬دليل الحياة المدرسية‪ ،‬ص‪25:‬؛‬
‫‪ -‬نفسه ص‪26:‬؛‬
‫‪ -‬محمد الدريج‪ :‬مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في‬
‫المدرسة المغربية‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬ج ‪، 2‬الطبعة ‪،1‬‬
‫السنة ‪ ،1996‬ص‪73:‬؛‬
‫‪ -‬محمد الدريج‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪78:‬؛‬
‫‪ -‬جان بياجي‪ :‬التوجيهات الجديدة للتربية‪ ،‬ترجمة محمد‬
‫الحبيب بلكوش‪ ،‬دار توبقال للنشر ‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬ط ‪،1‬‬
‫‪،1988‬ص‪53:‬؛‬
‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪،‬ص‪11:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬الحياة المدرسية وإشكالية الحداثة‬
‫والتطرف ‪ ،‬منشورات‪ ،‬صدى التضامن‪ ،‬المعاريف‪،‬‬
‫البيضاء‪،‬ط ‪ ،2003، 1‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬المادة‪ ،149 ،‬ص‪70:‬؛‬
‫‪ -‬محمد مكسي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪7:‬؛‬
‫‪ -‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬المادة ‪ ،7‬ص‪10:‬؛‬
‫‪ -‬انظر الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ط ‪،2000 ،1‬‬
‫ص‪58:‬؛‬
‫‪ -‬من الخطاب السامي لجللة الملك محمد السادس في‬
‫افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الثالثة المتعلقة‬
‫بالتعليم‪ ،‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫خاتمة الكتاب‬

‫يلحظ من خلل ما دبجناه من مقالت في مجال التربية‬


‫والتعليم أن التعليم المغربي عرف عدة مقاربات في‬
‫سيرورة المنظومة التربوية‪ ،‬ويمكن حصرها في التحقيب‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المقاربة الوطنية بعد الستقلل مباشرة تتمثل في‬
‫التمسك بالثوابت الوطنية الربعة وهي‪ :‬التعريب والتوحيد‬
‫والتعميم والمغربة‪.‬‬
‫‪ -2‬المقاربة السلوكية بتطبيق بيداغوجيا الهداف ‪.‬‬
‫‪ -3‬المقاربة التداولية التي تربط التعلمات بسياقها‬
‫التداولي والوظيفي ولسيما في تدريس اللغات‪.‬‬
‫‪ -4‬المقاربة القتصادية مع التقويم الهيكلي التي تتمثل في‬
‫الدعوة إلى تطبيق مجموعة من التصورات التي فرضها‬
‫فكر المقاولة والتنافس الدولي الناتج عن العولمة‬
‫و"اتفاقية الــگات"‪ ،‬وتكمن هذه التصورات في مشروع‬
‫المؤسسة والشراكة البيداغوجية وبيداغوجيا الكفايات‬
‫والمجزوءات ونظرية الجودة التعليمية‪.‬‬
‫ول يعني هذا أن المغرب قد تخلص تماما من البيداغوجيا‬
‫التقليدية أو قد استغنى عن تصورات هاربارت في تجزيء‬
‫الدرس أو تخلى عن نظرية جان بياجيه و مبادئ رواد‬
‫التربية الحديثة )روسو وجون ديوي ومكارنكو وفرينيه‬
‫وكوزينيه وفروبل ومنتسوري‪ ،(...‬أو تخلى عن التربية‬
‫اللتوجيهية والبيداغوجيا المؤسساتية‪ .‬بل يمكن القول‪ :‬إن‬
‫التعليم المغربي يجمع بين عدة متناقضات متنافرة‪ :‬التقليد‬
‫والتحديث‪ ،‬الصالة والمعاصرة‪ ،‬المحافظة والتجديد‪...‬كما‬
‫أنه مرتبط اشد الرتباط بتجارب الغير)فرنسا وكندا‬
‫وبلجيكا‪ (.....‬محاكاة وتقليدا بدون روية وبحث وتعمق‬
‫دقيق‪.‬‬
‫الفهـــرســـــــة‪:‬‬

‫المقدمة‬
‫‪ -1‬مشروع المؤسسة‪...................................‬‬
‫‪ -2‬التدبير المادي والمالي بالمؤسسات‬
‫التعليمية‪...............‬‬
‫‪ -3‬المتحان التجريبي بالتعليم الثانوي التأهيلي‪...............‬‬
‫‪ -4‬المستجدات التربوية‪.........................................‬‬
‫‪ -5‬التقويم التربوي‪.............................................‬‬
‫‪ -6‬المراقبة المستمرة‪..........................................‬‬
‫‪ -7‬الشراكة التربوية‪............................................‬‬
‫‪ -8‬آراء حول برامج اللغة العربية بالتعليم‬
‫التأهيلي‪............‬‬
‫‪ -9‬التعليم والمبادرة الوطنية للتنمية‬
‫البشرية‪..................‬‬
‫‪ -10‬الشراكة‬
‫البيداغوجية‪............................................‬‬
‫‪ -11‬علقة المؤسسة‬
‫بمحيطها‪........................................‬‬
‫‪ -12‬قراءة في الميثاق الوطني للتربية‬
‫والتكوين‪...................‬‬
‫‪ -13‬إرساء مشروع التعليم‬
‫الجيد‪......................................‬‬
‫‪ -14‬الجودة التربوية‪ :‬علقة الستاذ‬
‫بالتلميذ‪.......................‬‬
‫‪ -15‬الرتقاء بجودة‬
‫التعليم‪.............................................‬‬
‫‪ -16‬جودة البرامج‬
‫والمناهج‪............................................‬‬
‫‪ -17‬الكفايات‬
‫والوضعيات‪...............................................‬‬
‫‪ -18‬حقوق الطفل حسب اتفاقية المم المتحدة‬
‫والسلم‪............‬‬
‫‪ -19‬بيداغوجيا المجزوءات‪.............................‬‬
‫‪ -20‬تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها‪..................‬‬
‫الخاتمة‬

You might also like