Professional Documents
Culture Documents
]ص [3
ن{
مِني َ
ؤ ِ ع ال ْ ُ
م ْ ن الذّك َْرى ت َن ْ َ
ف ُ وذَك ّْر َ
فإ ِ ّ } َ
]ص [4
بذلك نفسه على غيره فيبطل بذلك سممعيه ويحبممط عملممه ،فممإذا نظممر فيهمما
ازداد حرصما ً علممى الطاعممات وغممرف قصمموره عممن بلمموغهم فممي الممدرجات
فنسأل الّله التوفيق لزكى العمال وأعظم البركات إنه منان قدير.
باب الخلص
)قال الفقيه( رحمه الّله :حدثنا محمد بن الفضل بن أحنممف قممال :حممدثنا
محمد بن جعفر الكرابيسممي قمال :حممدثنا إبراهيممم بمن يوسمف قممال :حمدثنا
إسمعيل بن جعفر عن عمرو مولى المطلب عن عاصم عن محمد بن لبيممد
أن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال" :أخمموف ممما أخمماف عليكممم الشممرك
الصغر .قالوا يا رسول الّله وما الشرك الصممغر؟ قممال الريمماء ،يقممول الل ّممه
تعالى يوم يجازي العباد بأعمممالهم" :اذهبمموا إلممى الممذين كنتممم تممراءون فممي
الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم خيرا".
)قال الفقيه( رحمه الّله :إنما يقال لهم ذلك لن عملهم في الممدنيا كممان
على وجه الخداع فيعاملون في الخرة على وجه الخداع وهو كما قال الّلممه
م{ يعنممي يجممازيهم جممزاء خمماد ِع ُهُ ْ ن الّله وَهُموَ َ عو َ خاد ِ ُن يُ َقي َ
مَنافِ ِ ن ال ُ
تعالى} :إ ّ
الخداع فيبطل ثواب أعمالهم ويقول لهم اذهبوا إلى الممذين عملتممم لجلهممم
فإنه ل ثمواب لكمم عنمدي لنهما لمم تكمن خالصمة لموجه الّلمه تعمالى ،وإنمما
يستوجب العبد الثواب إذا كممان عملممه خالصما ً لمموجه الل ّممه تعممالى فممإذا كممان
لغيره فيه شركة فالله بريء منه .قال :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد
بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا إسمعيل عن عمرو عن سممعيد بممن
أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال:
"يقول الّله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك أنا غنممي عممن العمممل الممذي
فيه شركة لغيري فمن عمل عمل ً أشرك فيه غيري فأنا منممه بريممء" يعنممي
من ذلك العمل ،ويقال يعني من العامل .ففي هذا الخبر دليل على أن الّله
تعالى ل يقبل من العمل شيئا ً إل ما كان خالصا ً لوجهه فإذا لم يكن خالصمما ً
فل يقبل منه ول ثواب له في الخرة ومصيره إلى جهنم .والدليل على ذلك
ه ِفيهَمما{ يعنممي مممن أراد بعملممه جل َْنا ل َ ُ
ة عَ ّ جل َ َريد ُ الَعا ِ ن يُ ِ ن َ
كا َ م ْقوله تعالىَ } :
الدنيا ول يريد ثواب الخرة أعطيناه في الدنيا مقممدار ممما شممئنا مممن عممرض
الدنيا لمن نريممد يعنممي لمممن نريممد أن نهلكممه" ويقممال لمممن نريممد أن نعطيممه
م{ يعني أوجبنا له فممي الخممرة جهَن ّ َ ه َ جعَل َْنا ل َ ُ م َبإرادتنا أيّ متاع ل بإرادته }ث ُ ّ
مومًا{ يستوجب المذمة يعني يذم نفسممه مذ ْ ُها{ يعني يدخلها } َ صل َ جهنم }ي َ ْ
ن مم ْ حورًا{ يعني مطرودا ً مبعدا ً من رحمممة الل ّممه تعممالى }وَ َ مد ْ ُويذمه غيره } َ
س معْي ََها{ يعنممي عمممل سَعى ل ََها َ ة{ يعني من أراد ثواب الخرة }وَ َ خَر َأ ََراد َ ال ِ
ن{ يعنممي مممع م مؤ ْ ِ
م ٌ للخرة عمل ً من العمال الصالحة خالصا ً لمموجهه }وَهُموَ ُ
ك{ يعنمي المذين العمل يكون مؤمنا ً لنه ل يقبل العمل بغيمر إيممان }َفمأ ُوْل َئ ِ َ
م س معْي ُهُ ْ يعملممون ويطلبممون ثممواب الخممرة ول يعملممون لريمماء الممدنيا }ك َمما َ
ن َ
ؤلِءؤلء وَهَ ُ مد ّ ه َ ُ كل ن ُ ِ كورًا{ يعني عملهم مقبول ً } ُ ش ُ م ْ َ
]ص [5
ن ع َط َمماُء
ممما ك َمما َ ن عَ َ
طاِء َرب ّ َ
ك{ يعني يعطي كل الفريقين من رزق ربك }وَ َ مِ ْ
ظورًا{ يعني ما كان رزق ربك ممنوعا ً من المممؤمن والكممافر والممبر ح ُ م ْ َرب ّ َ
ك َ
والفاجر ،فقد بين الّله تعالى في هذه الية أن من عمل لغير وجممه الل ّممه فل
ثواب له في الخرة ومأواه جهنم ومن عمل لوجه الّله تعالى فعمله مقبول
وإذا عمل لغير وجه الّله تعالى فل نصيب لممه مممن عملممه إل العنمماء والتعممب
كما جاء في الخبر .قال حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفممر
حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا إسمعيل عن عمرو عن أبي هريرة أن النبي
صلى الّله عليه وسلم قال" :رب صائم ليس له حظ مممن صممومه إل الجمموع
والعطش ،ورب قائم ليس له حظ من قيامه إل السهر والنصب" .يعني إذا
لم يكن الصوم والصلة لوجه الّله تعالى فل ثواب لممه كممما روى عممن بعممض
الحكماء أنه قال :مثل ممن يعمممل الطاعممات للريمماء والسمممعة كمثممل رجممل
خرج إلى السوق ومل كيسه حصاة فيقول الناس ما أمل كيس هممذا الرجممل
ول منفعة له سوى مقالة الناس ولو أراد أن يشتري لممه شمميئا ً ل يعطممى بممه
شيء ،كذلك الذي عمل للرياء والسمعة ل منفعة له من عمله سوى مقالة
مل ُمموا مَنا إ َِلى َ
ممما ع َ ِ الناس ول ثواب له في الخرة كما قال الّله تعالى} :وَقَد ِ ْ
من ُْثورًا{ يعني العمال التي عملوها لغيممر وجممه الل ّممه جعَل َْناه ُ هََباًء َ ل فَ َ م ٍن عَ َ م ِْ
تعالى أبطلنا ثوابها وجعلناها كالهباء المنثور وهو الغبار الذي يرى في شعاع
الشمس .وروى وكيع عن سفيان الثوري عمممن سمممع مجاهممدا ً يقممول :جمماء
رجل إلى النبي صلى الّله عليه وسلم وقممال :يمما رسممول الل ّممه إنممي أتصممدق
بالصدقة فألتمس بها وجه الّله تعالى وأحب أن يقال لي خيممر فنزلممت هممذه
ه{ يعني مممن خمماف المقممام بيممن يممدي الل ّممه قاَء َرب ّ ِ
جوا ل ِ َ ن ي َْر ُ
كا َن َ م ْالية} :فَ َ
صاِلحًا{ يعنممي خالص ما ً مل ً َل عَ َ م ْ تعالى .ويقال من كان يريد ثواب الّله }فَل ْي َعْ َ
حدًا{. َ شرِ ْ }َول ي ُ ْ
ك ب ِعَِباد َةِ َرب ّهِ أ َ
وقال حكيم من الحكماء :من عمل سبعة دون سبعة لم ينتفع بممما يعمممل.
أولها :أن يعمل بالخوف دون الحذر ،يعني يقول إني أخاف عممذاب الّلممه ول
يحذر من الذنوب فل ينفعه ذلممك القممول شمميئًا .والثمماني :أن يعمممل بالرجمماء
دون الطلب ،يعني يقول إني أرجممو ثممواب الل ّممه تعممالى ول يطلبممه بالعمممال
الصالحة لم تنفعه مقالته شمميئًا .والثممالث :بالنيممة دون القصممد ،يعنممي ينمموي
بقلبه أن يعمل بالطاعات والخيرات ول يقصد بنفسه لم تنفعممه نيتممه شمميئًا.
والرابع :بالدعاء دون الجهممد ،يعنممي يممدعو الل ّممه تعممالى أن يمموفقه للخيممر ول
يجتهد لم ينفعه دعاؤه شيئًا :وينبغي له أن يجتهممد ليمموفقه الل ّممه تعممالى كممما
ع
مم َ ن الل ّممه ل َ َ
س مب ُل ََنا وَإ ِ ّ
م ُ دوا ِفين َمما ل َن َهْ مد ِي َن ّهُ ْ
جاهَ م ُ ن َ ذي َقممال الل ّممه تعممالىَ} :وال ّم ِ
ن{ يعني الذين جاهممدوا فممي طاعتنمما وفممي ديننمما لنمموفقنهم لممذلك. سِني َح ِ م ْال ُ
والخامس :بالستغفار دون الندم يعني يقول أستغفر الّله ول يندم على ممما
كان منه من الذنوب لم ينفعه السممتغفار يعنممي بغيممر الندامممة .والسممادس:
بالعلنية دون السريرة ،يعنممي يصمملح أممموره فممي العلنيممة ول يصمملحها فممي
السر لم تنفعه علنيته شيئًا .والسابع :أن يعمل بالكممد دون الخلص ،يعنممي
يجتهد
]ص [6
في الطاعات ول تكون أعماله خالصة لوجه الل ّممه تعممالى لممم تنفعممه أعممماله
بغير إخلص ويكون ذلك اغترارا ً منه بنفسممه ،وروى أبممو هريممرة عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :يخرج في آخر الزمان أقوام لجتلب الدنيا
مثل الحلب" وفي نسخة أخممرى "يجلبممون" أي يممأكلون الممدنيا بالممدين وفممي
أخرى "يجتلبون الدنيا" يعني يأخممذونها فيلبسممون لبمماس جلممود الضممأن فممي
اللين ألسنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلمموب الممذئاب يقممول الل ّممه }أبممي
تغترون أم علي تجترئون{ الجتراء أن يجعل نفسه شجاعا ً مممن غيممر تفكممر
ول روية "فبي حلفممت ُ
لبعثممن علممى أولئك فتنممة تممدع الحكيممم العاقممل فيهمما
حيران" وروى وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي صالح قال" :جمماء رجممل
إلى النبي صلى الّله عليه وسلم فقممال يمما رسممول الل ّممه إنممي أعمممل العمممل
فأسره في ُط ّل َعُ عليه فيعجبني ذلك ألي فيه أجر؟ قال لك فيممه أجممران :أجممر
السر وأجر العلنية".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :معناه أنه يطلع على عمله ويقتدى به فله
أجران أجر لعمله وأجر للقتداء به كما قال النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم:
ن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامممة ،ومممن "من س ّ
ن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلممى يمموم القيامممة وأممما إذا س ّ
كان يعجبمه أن يطلمع علممى عملممه ل لجمل القتممداء بمه فممإنه يخماف ذهماب
أجره" .وروى عبد الّله بن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عممن ضممميرة
عن أبي حبيب قال :قال رسول الله صلى الل ّممه عليممه وسمملم "إن الملئكممة
يرفعون عمل عبد من عباد الّله فيستكثرونه ويزكونه حممتى ينتهمموا بممه إلممى
حيث شاء الّله تعالى من سلطانه فيوحي الل ّممه تعممالى إليهممم :إنكممم حفظممة
على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إن عبدي هذا لم يخلص لممي
عمله فاكتبوه في سجين ،ويصعدون بعمل عبد فيستقلونه ويحتقرونه حممتى
ينتهوا به إلى حيث شاء الّله من سلطانه فيوحي الل ّممه إليهممم :إنكممم حفظممة
على عمل عبدي وأنا رقيب على ما فمي نفسمه إن عبمدي همذا أخلمص لمي
عمله فاكتبوه في عليين" .ففي هذا الخبر دليممل علممى أن قليممل العمممل إذا
كان لوجه الّله تعالى خير من الكثير لغيممر وجممه الل ّممه تعممالى لن القليممل إذا
كان لوجه الّله تعالى فإن الّله يضاعفه بفضمله كمما قمال الّلمه تعمالى }وَإ ِ ْ
ن
ظيمًا{ وأما الكممثير إذا لممم يكممن فها ويؤ ْت من ل َدن َ
جرا ً ع َ ِ
هأ ْع ْ َ َُ ِ ِ ْ ُْ ُ ضا ِ
ة يُ َ
سن َ ً
ح َ ت َك ُ ْ
ن َ
لوجه الّله تعالى فل ثواب له ومأواه جهنم.
)قال الفقيه( رحمه الله :حدثني جماعة من الفقهاء بأسانيدهم عن عقبة
بن مسلم عن سمير الصبحي حدثه أنه دخممل المدينممة فممإذا هممو برجممل قممد
اجتمع عليه الناس فقلمت ممن هممذا؟ فقممالوا أبمو هريمرة فممدنوت منمه وهمو
يحدث الناس ،فلما سكت وخل قلت له أنشدك الّله حممدثني حممديثا ً سمممعته
من رسول الله صلى الّله عليه وسلم وحفظته حدثك به وعلمته؟ فقال أبو
هريرة اقعد لحدثك بحديث حدثنيه رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم ممما
معنا أحد غير وغيره ،ثممم نشممغ نشمغة أي شممهق شمهقة فخمّر مغشميا ً عليممه
فمكث عليه قليل ً ثم أفمماق ومسممح وجهممه فقممال لحممدثنكم بحممديث حممدثنيه
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ،ثم نشغ نشغة أخرى فمكممث طممويل ً ثممم
أفاق ومسح وجهه فقال :لحدثنكم بحديث حدثنيه
]ص [7
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ،ثم نشغ نشغة أخرى فمكممث طممويل ً ثممم
أفاق ومسح وجهه فقال حدثني رسول الله صلى الّلمه عليمه وسملم فقمال:
"إن الّله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة يقضي بين خلقه فكل أمة جاثية
فأّول من يدعى به رجل قد جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الل ّممه ورجممل
كثير المال ،فيقول الّله تعالى للقارئ ألمم أعلممك مما أنزلمت علمى رسملي
قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما علمت؟ قال كنت أقوم به آناء الليل
والنهار فيقول الّله تعالى له كذبت وتقول الملئكة كذبت بل أردت أن يقال
فلن قارئ فقد قيل ذلك ،ويقال لصاحب المممال ممماذا عملممت فيممما آتيتممك؟
قال كنت أصل بممه الرحممم وأتصممدق بممه فيقممول الل ّممه تعممالى كممذبت وتقممول
والملئكة كذبت بل أردت أن يقال فلن جواد سخي وهو ض مد ّ البخيممل فقممد
قيل ذلك ،ويؤتى بالذي قتل في سبيل الل ّممه فيقممول لممه لممماذا قتلممت؟ قممال
قاتلت في سبيلك حتى قتلممت فيقممول الل ّممه تعممالى كممذبت وتقممول الملئكممة
كذبت بل أردت أن يقال لك فلن جرئ فقد قيممل ذلممك ،ثممم ضممرب رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم بيده على ركبتي فقال :يا أبا هريرة أولئك الثلثة
أّول خلق الّله تعالى تسعر بهم النار يوم القيامة" قال :فبلغ ذلك الخبر إلى
ن
ممم ْ معاوية فبكى بكاء شديدا ً وقال صدق الّله ورسوله ثم قرأ هذه اليممة } َ
ف إل َيه م َ
م ِفيهَمما ل م ِفيهَمما وَهُ م ْمممال َهُ ْ
م أع ْ َ
حي َمماة َ ال مد ّن َْيا وَِزين َت َهَمما ن ُموَ ّ ِ ْ ِ ْ
ري مد ُ ال َ ِ ن يُك َمما َ
صمن َُعوا ِفيهَمما
ممما َ ط َ حب ِ َخَرةِ ِإل الّناُر وَ َم ِفي ال ِ س ل َهُ ْ ن ل َي ْ َ ك ال ّ ِ
ذي َ ن ،أ ُوْل َئ ِ َسو َ خ ُ ي ُب ْ َ
ن{ .وقال عبد الّله بن حنيممف النطمماكي :يقممول الل ّممه مُلو َ كاُنوا ي َعْ َ ما َ ل َ وََباط ِ ٌ
تعالى لعبده يوم القيامة إذا التمس ثواب عمله "ألم نعجل لممك ثوابممك ألممم
نوسع لك في المجالس ألممم تكممن المممرأس فممي دنيمماك ألممم نرخممص بيعممك
وشممراءك ألممم تكممن مثممل هممذا وأشممباهه؟" .وقيممل لبعممض الحكممماء :مممن
المخلممص؟ قممال المخلممص الممذي يكتممم حسممناته كممما يكتممم سمميئاته .وقيممل
لبعضهم ما غاية الخلص؟ قال أن ل يحب محمدة الناس ،وقيل لذي النون
المصري متى يعلم الرجل أنه ممن صممفوة الّلمه تعمالى :يعنمي ممن خواصمه
الذين اصطفاهم الّله تعالى؟ قال يعرف ذلك بأربعة أشياء :إذا خلع الراحممة
يعني ترك الراحة ،وأعطممى مممن الموجممود يعنممي يعطممي مممن القليممل الممذي
عنده ،وأحب سقوط المنزلة ،واستوت عنده المحمدة والمذمممة .وقممد روى
عدي بن حاتم الطائي عن رسمول اللمه صملى الّلمه عليمه وسملم أنمه قمال:
"يممؤمر بأنمماس مممن النمماس يمموم القيامممة إلممى الجنممة حممتى إذا دنمموا منهمما
واستنشقوا رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الّله لهلهمما نممودوا أن
اصرفوهم عنها ل نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الّولون
والخرون بمثلها ،فيقولون يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا مممن
ثواب ما أعممددته لوليممائك؟ فيقممول الل ّممه تعممالى :أردت بكممم ذلممك كنتممم إذا
خلوتم بممارزتموني بالعظممائم ،وإنمما لقيتممم النمماس لقيتممموهم مخبممتين يعنممي
متواضعين تراءون الناس بأعمالكم خلف ما تنطوى عليه
]ص [8
قلوبكم ،هبتم النمماس ولممم تهممابوني وأجللتممم للنمماس ولممم تجل ّمموني وتركتممم
للناس ولم تتركوا لي ،فاليوم أذيقكم أليم عقابي مع ما حرمتكم من جزيل
ثوابي".
وروى عن ابن عباس رضي الّله عنهما عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :لما خلق الّله تعالى جنة عدن خلق فيها ممما ل عيممن رأيممت
ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر ،ثم قال لها تكلمممي فقممالت }قَ مد ْ
ن{ ثلثًا ،ثم قالت :إني حرام على كل بخيل ومنافق ومممراء". َ
مؤ ْ ِ
مُنو َ أفْل َ َ
ح ال ُ
ي بمن أبمي طمالب رضمي الّلمه عنمه أنمه قمال :للممرائي أربمع وروى عن عل ّ
علمات :يكسل إذا كان وحده ،وينشط إذا كان مع الناس ،ويزيد في العمل
م به .وروى عن شقيق بممن إبراهيممم الزاهممد أنممه إذا أثنى عليه ،وينقص إذا ذ ّ
قال :حسن العمل ثلثة أشممياء :أّولهمما أن يممرى أن العمممل مممن الل ّممه تعممالى
ليكسر به العجب ،والثاني أن يريد به رضا الّله ليكسر بممه الهمموى ،والثممالث
أن يبتغي ثواب العمل ممن الّلمه تعمالى ليكسمر بمه الطممع والريمماء ،وبهممذه
الشياء تخلص العمال :فأما قوله أن يرى أن العمل من الّله تعممالى يعنممي
يعلم أن الّله هو الذي وفقه لذلك العمممل لنممه إذا علممم أن الل ّممه تعممالى هممو
الذي وفقه فإنه يشتغل بالشكر ول يعجب بعمله .وأما قمموله يريممد بممه رضمما
الّله تعالى :يعني ينظر في ذلك العمممل فمإن كمان العمممل للمه تعممالى وفيممه
رضاه فإنه يعمله وإن علم أنه ليس لله فيه رضا فل يعمله كيل يكون عامل ً
سمموِء{ يعنممي تممأمر َ بهوى نفسه لن الّله تعالى قال} :إ ِ ّ
ممماَرة ٌ ِبال ّ
سل ّف َن الن ّ ْ
بالسوء وبهواها ،وأما قوله أن يبتغي ثممواب العمممل مممن الل ّممه تعممالى :يعنممي
يعمل خالصا ً لوجه الّله تعالى ول يبممالي مممن مقالممة النمماس؛ كممما روى عممن
بعض الحكماء أنه قال :ينبغي للعامل أن يأخذ الدب في عملممه مممن راعممي
الغنم قيل وكيف ذلك؟ قال لن الراعي إذا صلى عند غنمممه فممإنه ل يطلممب
بصلته محمدة غنمه ،كذلك العامل ينبغي أن ل يبالي من نظر النمماس إليممه
فيعمل لله تعالى عند الناس وعند الخلء بمنزلة واحممدة ول يطلممب محمممدة
الناس .وقال بعض الحكماء :يحتاج العمممل إلممى أربعممة أشممياء حممتى يسمملم.
أولها :العلم قبل بدئه لن العمل ل يصلح إل بمالعلم فمإذا كمان العممل بغيمر
علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه .والثاني :النية في مبدئه لن العمل ل
يصلح إل بالنية كما قال صلى الّله عليه وسلم "إنما العمال بالنيممات وإنممما
لكل امرئ ما نوى" فالصمموم والصمملة والحممج والزكمماة وسممائر الطاعممات ل
تصلح إل بالنية فل بد ّ من النية في مبدئها ليصمملح العمممل .والثممالث :الصممبر
في وسطه يعني يصبر فيها حتى يؤديها على السكون والطمأنينة .والرابممع:
الخلص عند قراءته لن العمل ل يقبل بغير إخلص فإذا عملممت بممالخلص
يتقبل الّله تعالى منك وتقبل قلوب العباد إليك .وروى عممن هممرم بممن حيممان
أنه قال :ما أقبل عبد بقلبه إلى الّله تعالى إل أقبل الّله تعالى بقلمموب أهممل
دتهم ورحمتهم. اليمان إليه حتى يرزقه مو ّ
]ص [9
وروى سهيل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "إن الّله تعالى إذا أحب عبدا ً قممال لجبريممل إنممي أحممب فلنما ً
فأحبه فيقول جبريل لهل السماء إن ربكم يحب فلنا ً فممأحبوه فيحبممه أهممل
السماء فيوضع له القبول في الرض ،وإذا أبغض الّله عبدا ً فمثل ذلك".
وروى عن شقيق بممن إبراهيممم الزاهممد أن رجل ً سممأله فقممال :إن النمماس
يسمونني صالحا ً فكيف أعلم أنممي صممالح أو غيممر صممالح؟ فقممال لممه شممقيق
رحمه الّله أظهر سرك عند الصالحين فإن رضوا به فمماعلم أنممك صممالح وإل
فل .والثاني اعرض الدنيا على قلبك فإن ردها فمماعلم أنمك صممالح ،والثممالث
اعممرض الممموت علممى نفسممك فممإن تمنتممه فمماعلم أنممك صمالح وإل فل ،فممإذا
اجتمعت فيك هذه الثلثة فتضممرع إلممى الل ّممه تعممالى لكيل يممدخل الريمماء فممي
عملك فيفسد عليك أعمالك.
وروى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم
قال "أتدرون من المؤمن؟ قالوا الّله ورسمموله أعلممم ،قممال الممذي ل يممموت
حتى يمل الّله مسامعه مما يحب ،ولو أن رجل ً عمل لطاعة الّله تعالى فممي
بيت في جوف بيت إلى سبعين بيتا ً على كل بيممت بمماب مممن حديممد للبسممه
الّله تعالى رداء عمله حتى يتحدث الناس بذلك ويزيدوا .قيل يا رسول الل ّممه
وكيف يزيدون؟ قال إن المؤمن يحب ما زاد في عمله ،ثم قال أتدرون من
الفاجر؟ قالوا الّله ورسوله أعلم قال الذي ل يموت حتى يمل الّله مسامعه
مما يكره ،ولو أن عبدا ً عمل بمعصية الّله تعالى في بيممت فممي جمموف بيممت
إلى سبعين بيتا ً على كل بيت باب من حديد للبسه الل ّممه تعممالى رداء عمممل
حتى يتحدث الناس بذلك ويزيدوا .قيل وكيف يزيدون يا رسول اللممه؟ قممال
إن الفاجر يحب ما زاد في فجوره".
وروى عن عوف بن عبد الّله أنه قال :كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى
بعض بثلث كلمات :من عمل لخرته كفاه الّله أمر دنياه ،ومن أصمملح فيممما
بينه وبين الّله أصلح الّله تعالى فيما بينه وبين الناس ،ومن أصمملح سممريرته
أصلح الّله علنيته .وقال حامد اللفاف :إذا أراد الّله هلك امرئ عاقبه بثلثة
أشياء :أولها :يرزقه العلم ويمنعه عن عمل العلماء .والثاني :يرزقممه صممحبة
الصممالحين ويمنعممه عممن معرفممة حقمموقهم .والثممالث :يفتممح الل ّممه عليممه بمماب
الطاعات ويمنعه من إخلص العمل.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :إنما يكممون ذلممك لخبممث نيتممه وسمموء
سريرته لن النية لو كانت صحيحة لرزقه الّله تعالى منفعة العلم والخلص
للعمل ومعرفة حرمة الصالحين.
)قال الفقيه( رحمه الله :أخبرني الثقة بإسناده عن جبلة اليحصي قممال:
كنا في غزوة مع عبد الملك بن ممروان فصممحبنا رجمل مسمهار ل ينمام ممن
الليل إل أقله فمكثنا أياما ً ل نعرفه ثم عرفناه فممإذا هممو رجممل مممن أصممحاب
رسول الله صلى الّله عليه وسلم ،وكان فيما حدثنا أن قائل ً من المسلمين
قال يا رسول الّله فيم النجاة غدًا؟ قال أن ل تخادع الله .قال وكيف نخادع
الله؟ قال أن تعمل بما أمرك الّله وتريد بممه غيممر وجممه اللممه ،واتقمموا الريمماء
فإنه الشرك بممالله وإن المممرائي ينممادى يمموم القيامممة علممى رؤوس الخلئق
ل عملك وبطل بأربعة أشياء :يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر ض ّ
]ص [10
أجرك فل خلق لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنممت تعمممل لممه يمما مخممادع"
قال :قلت له بالله الذي ل إله إل هو أنت سمعت هذا من رسول الّله صلى
الّله عليه وسلم؟ فقال والله الذي ل إله إل هو إني سمعته من رسول الّله
صلى الّله عليه وسلم إل أن أكون قد أخطأ شيئا ً لم أكممن أتعمممده ،ثممم قممرأ
م{. ن الّله وَهُوَ َ
خاد ِع ُهُ ْ عو َ
خاد ِ ُ
ن يُ َ
قي َ
مَنافِ ِ
ن ال ُ
}إ ِ ّ
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :من أراد أن يجد ثواب عمله في الخممرة
ينبغي له أن يكون عمله خالصا ً لله تعالى بغير رياء ثمم ينسمى ذلمك العممل
لكيل يبطله العجب لنه يقال حفظ الطاعة أشد ّ من فعلهمما .وقممال أبممو بكممر
الواسطي :حفظ الطاعة أشممد ممن فعلهمما لن مثلهمما كمثممل الزجمماج سممريع
الكسمر ول يقبممل الجممبر ،كممذلك العممل إن مسمه الريماء كسمره وإذا مسمه
العجب كسره ،وإذا أراد الرجل أن يعمل عمل ً وخاف الرياء من نفسه فممإن
أمكنه أن يخرج الرياء من قلبه فينبغي له أن يجتهد في ذلك وإن لم يمكنممه
فينبغي أن يعمل ول يترك العمل لجل الرياء ثم يسممتغفر الل ّممه تعممالى مممما
فعل فيه من الرياء فلعل الل ّممه تعممالى أن يمموفقه للخلص فممي عمممل آخممر.
ويقال في المثل إن الدنيا خربت منذ مات المممراءون لنهممم كممانوا يعملممون
أعمال البر مثل الرباطات والقناطر والمسمماجد فكممان للنمماس فيهمما منفعممة
وإن كانت للرياء فربما ينفعه دعاء أحد من المسلمين .كما روى عن بعممض
المتقدمين أنه بنى رباطا ً وكان يقول في نفسه ل أدري أكان عملي هذا لله
تعالى أم ل فأتاه آت في منامه فقال له إن لم يكن عملك لله تعالى فدعاء
المسلمين الذين يدعون لك فهو لله تعممالى فسممر بممذلك .وقممال رجممل عنممد
حذيفة بن اليمان :اللهم أهلك المنافقين ،فقال حذيفة لو هِلكوا ما انتصفتم
دو .وروى عممن دوكم :يعني أنهممم يخرجممون إلممى الغممزو ويقمماتلون العم ّ من ع ّ
سلمان الفارسي رضي الل ّممه تعممالى عنممه قممال :يؤيممد الل ّممه المممؤمنين بقمموة
المنافقين وينصر المنافقين بدعوة المؤمنين.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :تكلم الناس في الفرائض .فقال بعضهم ل
يدخل فيها الرياء لنها فريضة على جميع الخلق فإذا أدى ما هو فرض عليه
ل يدخل فيه الرياء .وقال بعضهم يدخل الرياء في الفرائض وغيرها.
)قال الفقيه( هذا عندي على وجهين :إن كان يؤدي الفرائض رئاء الناس
ولو لم يكن رثاء الناس لكان ل يؤديها فهذا منافق تام وهو من الممذين قممال
ن الن ّمماِر{ يعنممي فممي قين ِفي الد ّر ِ َ الّله تعالى فيهم }إ ِ ّ
مم ْ
ل ِف ِ
سم َ
ك ال ْ ْ مَنافِ ِ َن ال ُ
الهاوية مع آل فرعون لنه لو كان توحيده صحيحا ً خالصا ً لكان ل يمنعه عممن
أداء الفرائض ،وإن كان يؤدي الفممرائض إل أنممه يؤديهمما عنممد النمماس أحسممن
وأتم وإن لم يره أحممد يؤديهمما ناقصممة فلممه الثممواب النمماقص ول ثممواب لتلممك
الزيادة وهو مسؤول عنها محاسب عليها ،والله أعلم.
]ص [11
}باب هول الموت وشدته{
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى قال :حدثنا محمممد
بن فضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حمدثنا الخليممل بمن
أحمد حدثنا الحسين المروزي حدثنا ابن أبي عديّ عن حميد عممن أنممس بممن
ب لقاء اللممه" أي مالك قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "من أح ّ
المصير إلى دار الخرة ،ومعنى محبته أن المؤمن إذا كممان عنممد النممزع فممي
حالة ل يقبل اليمان فيها يبشر برضوان الّله وجنته فيكون موته أحممب إليممه
من حياته "أحب الّله لقاءه" أي أفاض عليه فضله وأكثر العطايما لمه ،وإنممما
فسرناه به لن المحبة على مما فسممروها ميلن النفممس وهمو ل يليمق بمالله
تعالى فيحمل على غايته "من كره لقاء الّله كره الل ّممه لقمماءه" فممإن الكممافر
حين يرى ما أعد ّ له من العقوبة يبكي لضلله ويكممره الممممات فيكممره الل ّممه
لقاءه ،ومعنى كراهة الّله له تبعيممده عممن رحمتممه وإرادة نقمتممه ل الكراهيممة
التي هي المشقة لنه ل يليق إسنادها إلى الّله تعمالى .قمال النمووي :ليممس
معنى الحديث أن حبهم لقاء الّله سبب حب الّله لهم ول أن كراهتهم سبب
لكراهته ،بل الغرض بيان وصفهم بأنهم يحبممون لقمماء الل ّممه حيممن أحممب الل ّممه
لقاءهم انتهى كلمه .وتوضيحه أن المحبة صفة لله ومحبة العبد ربممه تابعممة
لها ومنعكسة منها كظهور عكس الماء علممى الجممدار ،ويؤيممده ممما روى أنممه
عليه الصلة والسلم قال "إذا أحب الّله عبدا ً شغله به" وفي تقديم يحبهممم
على يحبونه في القرآن إشارة إلى ذلك أذاقنا الّله لقاء محبته وأكرمنا بهمما،
ثم إنهم قالوا :يا رسول الّله كلنمما نكممره الممموت قممال "ليممس ذلممك بكراهممة
ولكن المؤمن إذا احتضر جاءه البشير من الل ّممه تعمالى بمما يرجممع إليمه ممن
الخير فليس شيء أحب إليه من لقمماء الل ّممه تعممالى فممأحب الل ّممه لقمماءه وإن
الفاجر أو قال الكافر إذا احتضر جاءه النذير بما هممو صممائر إليممه مممن الشممر
فكره لقاء الّله فكره الّله لقاءه".
قال :حدثنا محمد بن فضل حممدثنا محمممد بممن جعفممر حممدثنا إبراهيممم بممن
يوسف حدثنا وكيع عن الربيع بن سعيد عن محمد بن سابط عن سممعيد بممن
ضابط عن جابر عن عبد الّله عن النبي صلى الّله عليه وسلم قممال "حممدثوا
عن بني إسرائيل ول حرج فإنهم قوم قممد كممان فيهممم العمماجيب ،ثممم أنشممأ
دث فقال :خرجت طائفة من بني إسرائيل حممتى أتموا مقممبرة فقممالوا لممو يح ّ
صلينا ثم دعونا ربنا حتى يخرج لنا بعض الموتى فيخبرنا عن الموت ،فصلوا
ودعوا ربهم ،فبينما هم كذلك إذا رجل قد أطلع رأسه من قبر أسود خلسيا ً
ت منممذ تسممعين سممنة فممما ذهبممت فقال :يا هؤلء ما تريدون فمموالله لقممد مم ّ
مرارة الموت مني حتى كأنه الن فادعوا الّله تعالى أن يعيممدني كممما كنممت
وكان بين عينيه أثر السجود".
قال :حدثنا محمد بن فضل حممدثنا محمممد بممن جعفممر حممدثنا إبراهيممم بممن
يوسف حدثنا النضر بن الحارث عممن الحسممن عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قال "قدر شدة الممموت وكربممه علممى المممؤمن كقممدر ثلثمممائة ضممربة
بالسيف".
]ص [12
)قال الفقيه( رحمه الله :من أيقن بالموت وعلم أنه نازل به ل محالة فل
بد ّ له من الستعداد له بالعمال الصالحة وبالجتنماب عممن العممال الخبيثمة
دة فإنه ل يدري متى ينزل به ،وقد بيممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ش م ّ
الموت ومرارته نصيحة منه لمته لكي يسممتعدوا لممه ويصممبروا علممى شممدائد
الدنيا ،لن الصبر على شدائد الدنيا أيسر من شدة الموت لن شدة الموت
من عذاب الخرة وعذاب الخرة أشد من عذاب الدنيا .وروى عن عبد الّله
بن مسور الهاشمي قال" :جمماء رجممل إلممى النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
وقال :جئتك لتعلمني من غرائب العلممم قممال مما صممنعت فممي رأس العلممم؟
قال وما رأس العلم؟ قال هل عرفت الرب عز وجل؟ قال نعم ،قال فماذا
فعلت في حقه؟ قال ما شاء الله .قال وهل عرفت الموت؟ قال نعم :قال
فماذا أعددت له؟ قال ما شاء الله .قال اذهب فاحكم بممما هنمماك ثممم تعممال
حتى أعلمك من غرائب العلم ،فلما جاءه بعد سنين قال النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم :ضع يدك على قلبممك فممما ل ترضممى لنفسممك ل ترضمماه لخيممك
المسلم وما رضيته لنفسك فارضه لخيك المسلم" وهو من غممرائب العلممم
فبين النبي صلى الّله عليممه وسمملم أن السممتعداد للممموت مممن رأس العلممم
فالولى أن يشتغل به.
وروى عن عبد الّله بن مسور الهاشمي قال "قرأ رسول الّله صلى الل ّممه
َ
ن مم ْسمملم ِ وَ َ
صد َْره ُ ل ِل ِ ْ
ح َ ه يَ ْ
شَر ْ ن ي ُرِد ْ الّله أ ْ
ن َيهد ِي َ ُ م ْعليه وسلم هذه الية }فَ َ
حَرجمًا{ ثممم قممال :إذا دخممل نممور السمملم َ
ضمّيقا ً َ صمد َْره ُ َ
ل َجعَ ْ ضل ّ ُ
ه يَ ْ ن يُ ِ
ي ُرِد ْ أ ْ
القلب انفسح وانشرح ،فقيل هل لذلك من علمة؟ قال نعم التجممافي عممن
دار الغرور والنابة إلى دار الخلود والستعداد للموت قبل نزوله".
وروى جعفر بن يرقان عن ميمون بن مهران أن النبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قال لرجل وهو يعظه "اغتم خمسا ً قبل خمس :شبابك قبممل هرمممك،
وصحتك قبل سقمك ،وفراغك قبل شغلك ،وغناك قبل فقرك ،وحياتك قبل
موتك" فقد جمع النبي صلى الّله عليه وسلم في هذه الخمس علمما ً كممثيرا ً
لن الرجل يقدر على العمال في حال شممبابه ممما ل يقممدر عليممه فممي حممال
ود على المعصية ل يقدر على المتناع منهمما فممي هرمه ،ولن الشباب إذا تع ّ
حال هرمه فينبغي للشاب أن يتعود في حال شممبابه أعمممال الخيممر لتسممهل
عليه في حال هرمه .وقوله :صحتك قبممل سممقمك لن الصممحيح نافممذ المممر
فيممما لممه ونفسممه فينبغممي للصممحيح أن يغتنممم صممحته ويجتهممد فممي العمممال
الصالحة في ماله وبدنه لنه إذا مرض ضممعف بممدنه عممن الطاعممة وقصممرت
يده عن ماله إل في مقدار ثلثه ،وفراغك قبل شغلك :يعني في الليل يكون
فارغا ً وبالنهار مشغول ً فينبغمي أن يصملي بالليمل فمي حمال فراغمه ويصموم
بالنهار في وقت شغله سيما في أيام الشتاء ،كما روى عن النبي صلى الّله
عليه وسلم أنه قال "الشتاء غنيمة المؤمن طال ليله فقممامه وقصممر نهمماره
فصامه" وفي رواية أخرى "الليل طويل فل تقصره بمنامك والنهار مضمميء
فل تكدره بآثامك".
وقوله :وغناك قبل فقرك:
]ص [13
يعني إذا كنت راضيا ً بما آتاك الّله من القوت فمماغتنم ذلممك ول تطمممع فيممما
في أيدي الناس .وقوله :وحياتك قبل موتممك لن الرجممل ممما دام حي ما ً يقممدر
على العمل فإذا مات انقطع عمله .فينبغي للؤمن أن ل يضيع أيامه الفانيممة
ويغتنم أيامه الباقية.
قممال الحكيممم بالفارسممية :بكممودكى بممازي :بمموابي مسممتي بيممبرى سممتي
خداراكي برستي يعني :إذا كنت صبيا ً تلعمب ممع الصمبيان ،وإذا كنمت شمابا ً
غفلت باللهو ،وإذا كنت شيخا ً صرت ضعيفًا .فمتى تعمل لله تعالى :يعني ل
تقدر أن تعبد الّله تعالى بعد موتك وإنما تقدر على الجتهاد في حال حياتك
وتستعد لقدوم ملك الموت وتذكره في كل وقت فإنه ليس بغافل عنك.
وروى عن علي رضي الّله عنه "أن النبي صلى الّله عليه وسلم رأى ملك
الموت عند رأس رجل من النصار فقال له النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال أبشر يما محمممد فممإني بكممل ممؤمن رفيممق،
والله يا محمد إني لقبض روح ابن آدم فإذا صرخ صارخ من أهله قلممت ممما
هذا الصراخ فوالله ما ظلمناه ول سبقنا أجلممه ول اسممتعجلنا قممدره فممما لنمما
في قبضه ممن ذنمب فمإن ترضموا بمما صمنع الّلمه تمؤجروا وإن تسمخطوا أو
تجزعوا تأثموا وتؤزروا وما لكم عندنا من عتبة وإن لنا عليكم لقيممة وعممودة
فالحذر الحذر ،وما من أهل بيت شعر أو مدر في بّر أو بحر إل وأنا أتصممفح
وجموههم فمي كمل يموم وليلمة خممس ممرات حمتى إنمي لعمرف صمغيرهم
وكبيرهم وأعرف منهم بأنفسهم ،واللمه يما محمممد لمو أنممي أردت أن أقبممض
روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الّله تعالى هو المر بقبضها".
وروى أبو سمعيد الخممدري "أن النمبي صمملى الّلمه عليممه وسملم رأى أناسما ً
يضحكون قال أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات لشغلكم عممما أرى،
ثم قال :أكثروا ذكر هاذم اللذات" يعني الموت ثم قال "إنممما القممبر روضممة
من رياض الجنة أو حفرة من حفممر النيممران" وقممال عمممر رضممي الل ّممه عنممه
لكعب :اكعب حدثنا عن الموت قال :إن الموت كشجرة شوك أدخلت فممي
جوف ابن آدم فأخذت كل شوكة بعرق منه ثممم جممذبها رجممل شممديد القمموى
فقطع منها ما قطع وأبقى ما أبقى .وذكر عن سممفيان الثمموري أنمه كممان إذا
ذكر عنده الموت كان ل ينتفع به أياما ً فإذا سئل عن شيء قممال :ل أدري ل
أدري .وقال الحكيم :ثلثممة ليممس للعاقممل أن ينسمماهن :فنمماء الممدنيا وتصممرم
أحوالها ،والموت ،والفات التي ل أمان له منها.
)وقال حاتم الصم( رحمه الّله تعالى :أربعممة ل يعممرف قمدرها إل أربعمة:
قدر الشممباب ل يعرفممه إل الشمميوخ ،وقممدر العافيمة ل يعرفممه إل أهمل البلء،
وقدر الصحة ل يعرفه إل المرضى ،وقدر الحياة ل يعرفه إل الموتى.
)قال الفقيه( رحمه الله :هذا موافق للخبر الذي ذكرنمماه :اغتنممم خمس ما ً
قبل خمس .وروى عن عبد الّله بن عمرو بممن العمماص أنممه قممال :كممان أبممي
كثيرا ً ما يقول :إني لعجب من الرجل
]ص [14
الذي ينزل به الموت ومعه عقله ولسانه فكيف ل يصفه :قال :ثممم نممزل بممه
الموت ومعه عقله ولسانه فقلت :يا أبت قد كنت تقول :إنممي لعجممب مممن
رجل ينزل به الموت ومعممه عقلممه ولسممانه كيممف ل يصممفه؟ فقممال :يمما بنممي
الموت أعظم من أن يوصف ولكن سأصف لك منه شيئًا ،واللممه كممأن علممى
كتفي جبل رضوى ،وكأن روحي تخممرج مممن ثقممب إبممرة ،وكممأن فممي جمموفي
ن السماء أطبقت على الرض وأنمما بينهممما ،ثممم قممال :يمما شوكة عوسج ،وكأ ّ
حول إلى ثلثة أنممواع :فكنممت أّول المممر أحممرص النمماس بني إن حيالي قد ت ّ
على قتل محمد صلى الّله عليه وسلم فيا ويلتاه لو مت في ذلك الوقت ثم
هداني الّله تعالى للسلم ،وكان محمد صلى الّله عليه وسلم أحممب النمماس
ي وولني على السرايا فيا ليتني مت في ذلك الوقت لنال دعمماء رسممول إل ّ
ي ثم اشتغلنا بعده في أمر الممدنيا ،فل الّله صلى الّله عليه وسلم وصلته عل ّ
أدري كيف يكون حالي عند الّله تعالى ،فلم أقم من عنده حتى مات رحمه
اللممه .قممال شممقيق بممن إبراهيممم :وافقنممي النمماس فممي أربعممة أشممياء قممول ً
ل .أحدها :أنهم قالوا :إنا عبيد الّله تعالى ويعملممون عمممل وخالفوني فيها فع ً
الحرار ،والثاني :قممالوا :إن الل ّممه كفيممل لرزاقنمما ول تطمئن قلمموبهم إل مممع
شيء من الدنيا ،والثالث :قالوا :إن الخرة خيممر مممن الممدنيا وهممم يجمعممون
المال للدنيا ،والرابع قالوا :ل بمد ّ لنمما ممن المموت ويعملمون أعممال قمموم ل
يموتون.
وروى عن أبي الدرداء وفي بعض الخبار عن أبي ذر وفي بعض الخبممار
عن سلمان الفارسي رضي الّله تعالى عنهم ،والمعروف عن أبي ذر قممال:
ثلث أعجبتني حتى أضممحكتني ،وثلث أحزنتنممي حممتى أبكتنممي .فأممما الثلث
التي أضحكتني فأّولها :مؤمل الدنيا والمموت يطلبممه :يعنممي يطيمل أملمه ول
يتفكر في الموت ،والثاني :غافل وليممس بمغفممول عنممه يغفممل عممن الممموت
وبين يديه القيامة ،والثالث :ضاحك ملء فيه ل يدري الّله سمماخط عليممه أم
راض عنه .وأما التي أبكتني ففراق الحبة :يعنممي ممموت محمممد صمملى الل ّممه
عليه وسلم وأصحابه رضي الّله عنهم ،والثاني :هول المطلممع :يعنممي نممزول
الموت ،والثالث :الوقوف بين يدي الّله ل أدري إلى أين يأمر بي ربممي إلممى
الجنة أم إلى النار.
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "لو تعلم الحيوانات
أي البهائم "ما تعلمون من الموت ما أكلتم لحما ً سمينا ً أبدًا" وذكر عن أبي
حامد اللفاف أنه قال :من أكثر من ذكر الموت :أكرم بثلثة أشممياء :تعجيممل
التوبة ،وقناعة القوت ،ونشاط العبممادة .ومممن نسممي الممموت عمموقب بثلثممة
أشياء :تسويف التوبة ،وترك الرضا بالكفاف ،والتكاسل في العبممادة .وذكممر
أن عيسى عليه السلم كان يحيي الموتى بإذن الّله تعالى ،فقال لممه بعممض
الكفرة :إنك قد أحييت من كان حديث الموت ولعله لم يكن ميتا ً فأحيي لنا
من مات في الزمن الّول،
]ص [15
فقال لهم اختاروا من شئتم فقالوا أحيي لنا سام بن نموح فجمماء إلممى قمبره
وصلى ركعتين ودعا الّله تعالى فأحيا الّله سام بن نوح فممإذا رأسممه ولحيتممه
قد ابيضتا فقيل ما هذا فإن الشيب لم يكن في زمانك؟ قال سمعت النممداء
فظننت أن القيامة قد قامت فشاب شعر رأسي ولحيتي من الهيبة ،فقيممل
منذ كم أنت ميت؟ قممال منممذ أربعممة آلف سممنة وممما ذهبممت عنممي سممكرات
الموت .ويقال ما من مؤمن يموت إل وقد عرضممت عليممه الحيمماة والرجمموع
إلى الدنيا فيكره لما لقي من شممدة الممموت إل الشممهداء فممإنهم لممم يجممدوا
شدة الموت فيتمنون الرجوع لكي يقاتلوا ثانيا ً فيقتلوا .وروى عممن إبراهيممم
بن أدهم رحمه الّله تعالى أنه قيل له لممو جلسممت حممتى نسمممع منممك شمميئا ً
فقال إني مشغول بأربعة أشياء فلو فرغت منهما لجلسمت معكمم ،قيمل مما
هي؟ قال أّولها أني تفكرت يوم الميثاق حين أخذ الميثاق من بني آدم قممال
ل جلله وتقدست أسماؤه "هؤلء في الجنممة ول أبممالي وهممؤلء الّله تعالى ج ّ
في النار ول أبالي" فلم أدر من أيّ الفريقين كنت أنا ،والثاني تفكممرت بممأن
الولد إذا قضى الّله تعالى بخلقه في بطن أمه ونفخ فيه الروح فقال الملك
ي أم سعيد؟ فلم أدر كيف خرج جمموابي فممي ذلممك الذي وكل به يا رب أشق ّ
الوقت ،والثالث حين ينزل ملك الموت فإذا أراد أن يقبض روحي فيقول يما
رب أمممع المسمملمين أم الكممافرين؟ فل أدري كيممف يخممرج جمموابي ،والرابممع
ن{ فل تفكرت في قول الّله سبحانه وتعالى }وامتازوا اليو َ
مممو َجرِ ُ م ْ
م أي َّهما ال ُ َ ْ َ َ ْ َ ُ
أدري من أي الفريقين أكون.
)قال الفقيه( "طوبى لمن رزقه الل ّممه الفهممم وأيقظممه مممن سممنة الغفلممة
ووفقه للتفكر في أمر خاتمته" فنسممأل الل ّممه تعممالى أن يجعممل خاتمتنمما فممي
خير ،ويجعل خاتمتنا مع البشارة فإن المؤمن له بشارة من الّله تعالى عنممد
موا{ يعنممي آمنمموا قا ُس مت َ َما ْ ن َقاُلوا َرب َّنا الّله ث ُ ّ ذي َ ن ال ّ ِموته وهو قوله تعالى }إ ِ ّ
بالله ورسوله وثبتوا على اليمان ،ويقال ثم اسممتقاموا يعنممي أدوا الفممرائض
ونهوا عن المحارم ،وقال يحيى بن معمماذ الممرازي رحمممه الل ّممه تعممالى يعنممي
ل ،وقال بعضممهم اسممتقاموا علممى السممنة استقاموا أفعال ً كما استقاموا أقوا ً
ة{ يعني على الذين آمنوا واستقاموا تتنزل ملئ ِك َ ُ م ال َ ل ع َل َي ْهِ ْ
والجماعة }ت َت َن َّز ُ
َ
حَزُنوا{ يعنمي يقولمون خاُفوا َول ت َ ْ عليهم عند الموت الملئكة بالبشارة }أل ت َ َ
َ
جن ّمةِ ال ّت ِممي ك ُن ْت ُم ْ
م شمُروا ِبال َ لهم ل تخافوا ما بين أيديكم مممن أمممر الممدنيا }وَأب ْ ِ
ن{ يعني الجنة التي وعدكم الّله بهمما علممى لسممان نممبيكم صمملى الل ّممه دو َ ُتوع َ ُ
عليه وسلم ،ويقال البشارة عند الموت علممى خمسممة أوجممه :أّولهمما :لعامممة
خاُفوا{ تأبيد العذاب ،يعنممي ل تبقممون فممي العممذاب المؤمنين يقال لهم }ل ت َ َ
حَزن ُمموا{ علممى فمموت الثممواب أبممدا ً ويشممفع لكممم النبيمماء والصممالحون }َول ت َ ْ
ة{ يعني مرجعكم إلى الجنة .والثاني :للمخلصين يقال لهممم َ
جن ّ ِ
شُروا ِبال َ}وَأب ْ ِ
حَزن ُمموا{ علممى فمموت خاُفوا{ رد ّ أعمالكم فممإن أعمممالكم مقبولممة }َول ت َ ْ }ل ت َ َ
الثواب فإن لكم الثواب مضاعفًا ،ول تحزنوا على ما فعلتم
]ص [16
خمماُفوا{ مممن ذنموبكم فإنهمما بعممد التوبممة .والثممالث :للتممائبين يقممال لهممم }ل ت َ َ
حَزُنوا{ على فوت الثواب علممى ممما فعلتممم بعممد التوبممة. مغفورة لكم }َول ت َ ْ
حَزن ُمموا{ مممن نقصممان خاُفوا{ الحشممر والحسمماب }َول ت َ ْ والرابع :للزهاد }ل ت َ َ
ة{ بل حسمماب ول عممذاب .والخممامس :للعلممماء َ
جن ّم ِش مُروا ِبال َ الضممعاف }وَأب ْ ِ
خمماُفوا{ مممن الذين يعلمون النمماس الخيممر وعملمموا بممالعلم يقممال لهممم} :ل ت َ َ
ة{ َ
جن ّ ِشُروا ِبال َ حَزُنوا{ فإنه يجزيكم بما عملتم }وَأب ْ ِ أهوال يوم القيامة }َول ت َ ْ
لكم ولمن اقتدى بكم ،وطوبى لمن كان آخمر أمممره البشمارة ،فإنمما تكمون
البشارة لمن كان مؤمنا ً محسنا ً في عمله فتتنزل عليممه الملئكممة فيقولممون
للملئكة من أنتم؟ فما رأينا أحسن وجوها ً ول أطيب ريحا ً منكم؟ فيقولممون
نحن أولياؤكم :يعني حفظتكم الذين كنا نكتب أعممالكم فمي الحيماة المدنيا،
ونحن أولياؤكم في الخرة ،فينبغي للعاقل أن يتنبه من رقدة الغفلة.
وعلمة من انتبه من رقدة الغفلة أربعة أشياء :أّولها :أن يدبر أمر الممدنيا
بالقناعممة والتسممويف .والثمماني :أن يممدبر أمممر الخممرة بممالحرص والتعجيممل.
والثالث :أن يدبر أمر الدين بالعلم والجتهاد .والرابممع أن يممدبر أمممر الخلممق
بالنصيحة والمداراة ،ويقال أفضل الناس من كان فيه خمس خصال .أّولها:
ل .والثمماني :أن يكممون نفعممه للخلممق ظمماهرًا. أن يكون على عبممادة ربممه مقب ً
والثالث :أن يكون الناس من شره آمنين .والرابع :أن يكون عما في أيممدي
الناس آيسًا .والخامس :أن يكون للموت مستعدًا.
تمي ّ ٌ ك َواعلم يا أخي أنا خلقنا للموت فل مهرب منه .قال الّله تعالى }إ ِن ّ َ
ت أ َْو موْ ِ ن ال َ م ْ م ِ ن فََرْرت ُ ْ فَراُر إ ِ ْ فعَك ُ ْ
م ال ِ ل لَ ْ
ن ي َن ْ َ ن{ وقال تعالى }قُ ْ مي ُّتو َ
م َ
وَإ ِن ّهُ ْ
ل{ فالواجب على كل مسلم الستعداد للممموت قبممل نزولممه قممال الل ّممه قت ْ ِ
ال َ
ن{ .فممبين الل ّممه تعممالى أن الصممادق صمماد ِِقي َم َ ن ُ
كنت ُم ْ ت إِ ْ
م مو ْ َ
وا ال َ تعالى }فَت َ َ
من ّ ْ
يتمنى الموت ،وأن الكاذب يفّر من الممموت مممن سمموء عملممه ،لن المممؤمن
الصادق قد استعد للموت فهو يتمناه اشتياقا ً إلى ربممه ،كممما روى عممن أبممي
الدرداء أنه قال :أحب الفقر تواضعا ً لربي ،وأحب المرض تكفيممرا ً للخطايمما،
وأحب الموت اشتياقا ً إلى ربي .وروى عن عبد الّله بن مسعود رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال :ما من نفس بارة أو فاجرة إل والممموت خيممر لهمما ،فممإن
خي ْمٌر ل ْل َب ْمَراِر{ وإن كممانت عن ْمد َ الل ّممه َ ممما ِ كانت بارة فقد قال الل ّممه تعممالى }وَ َ
بذا ٌ م ع َم َدوا إ ِْثمما ً وَل َهُم ْ
دا ُ مل ِممي ل َهُم ْ
م ل ِي َمْز َ فاجرة فقد قال الل ّممه تعممالى }إ ِن ّ َ
ممما ن ُ ْ
ن{ .وروى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال: مِهي ٌُ
"الموت راحة للمؤمن" وروى ابن مسعود عن النبي صلى الّله عليه وسمملم
أنه سئل" :أي المؤمنين أفضل؟ قال :أحسنهم خلق مًا ،قيممل :وأي المممؤمنين
أكيس؟ قال :أكثرهم للموت ذكرا ً وأحسنهم له استعدادًا" قال النبي صمملى
الّله عليه وسلم "الكيس من دان نفسه وعمممل لممما بعممد الممموت ،والفمماجر
من أتبع نفسه هواها وتمنى على الّله تعالى الماني" يعني المغفرة.
]ص [17
]ص [18
أخذها لم يدعوها في يمده طرفممة عيممن حممتى يأخممذوها فيجعلوهمما فممي تلمك
المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة فيصعدون بها فل يمرون بها علممى مل
من الملئكة إل قالوا ما هذه الروح الخبيثممة؟ فيقولممون روح فلن ابممن فلن
بأقبح أسمائه حتى ينتهوا بها إلى سماء الدنيا فيستفتحون فل يفتح لهمما ،ثممم
فتمح ل َهم َ
ب وا ُ قرأ رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم هممذه اليممة} :ل ت ُ َ ّ ُ ُ ْ
م أب ْم َ
ة{ ثم يقول الّله تعالى :اكتبوا كتابه في سجين ،ثم جن ّ َ
ن ال َ خُلو َ ماِء َول ي َد ْ ُ س َ
ال ّ
َ
ماِءسم َن ال ّ مم ْخمّر ِ
ممما َ ك ِبمالل ّهِ فَك َأن ّ َ
شمرِ ْ ن يُ ْمم ْتطرح روحه طرحًا ،ثم قممرأ }وَ َ
َ
ق{ يعني ترد فتعمماد روحممه حي ٍ س ِن َ م َ
كا ٍ ح ِفي َ وي ب ِهِ الّري ُ ه الط ّي ُْر أوْ ت َهْ ِ خط َ ُ
ف ُ فَت َ ْ
في جسده ،فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولن لممه مممن ربممك؟ فيقممول همماه ل
أدري ،فيقولن له وما دينك؟ فيقول هاه ل أدري ،فيقولن له ما تقممول فممي
هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه ل أدري ،فينادي مناد من السممماء:
كذب عبدي فافرشوا له من فرش النار وافتحوا له باب ما ً إلممى النممار فيممدخل
سمومها ويضيق عليه قممبره فتختلممف فيممه أضمملعه ،ويممأتيه عليه من حرها و ّ
رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول لممه :أبشممر بالممذي يسمموءك
فهذا يومك الذي كنت توعد به ،فيقول من أنت؟ فيقول أنا عملك السمميء،
فيقول رب ل تقم الساعة رب ل تقم الساعة".
)قال( حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا أبو القاسممم أحمممد بممن حمممزة حممدثنا
محمد بن سلمة حدثنا أبو أيوب حدثنا القاسم بن الفضل عن الحراني عممن
قتادة عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة رضي الّله عنه قال :قال رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم "إن المممؤمن إذا احتضممر أتتممه الملئكممة بحريممرة
ل روحممه كممما تسممل الشممعرة مممن العجيممن فيها مسك وضبائر الريحان وتس ّ
ة{ عنممك ض مي ّ ً
مْر ِ
ة َض مي َ ً
ك َرا ِ جِعي إ َِلى َرب ّم ِ ة ،اْر ِ مط ْ َ
مئ ِن ّ ُ س ال ُ ف ُ ويقال }َيا أ َي ّت َُها الن ّ ْ
إلى رحممة الّلمه تعمالى ورضموانه ،وإذا أخرجمت روحمه وضمعت علمى ذلمك
المسك والريحان وطوبت عليها الحريرة وبعث بها إلى عليين ،وإن الكممافر
إذا احتضر أتته الملئكة بمسمح ممن شمعر فيمه جممر فتنمزع روحمه انتزاعما ً
شديدا ً ويقال لها أيتها النفس الخبيثة اخرجي ساخطة مسخوطا ً عليك إلممى
هوان الّله وعذابه ،فإذا خرجت روحممه وضمعت علممى تلمك الجممرة وإن لهما
نشيجا ً كنشيج الغليان ويطوى عليها المسح فيذهب بها إلى سجين.
)قال( :وروى الفقيه أبو جعفر بإسناده عن عبد الّله بن عمر رضي الل ّممه
عنهما "إن المؤمن إذا وضع في القبر يوسع عليه في قبره سممبعون ذراعمما ً
طول ً وتنشر عليه الرياحين ويستر بالحرير ،فإن كان معه شيء من القرآن
كفاه نوره فإن لم يكن جعل له نور مثل الشمس فمي قمبره ،ويكمون مثلمه
كمثل العروس تنام ول يوقظها إل أحب أهلها إليها فتقوم مممن نومهمما كأنهمما
لم تشبع منه وإن الكافر يضيق عليه قبره حتى تممدخل أضمملعه فممي جمموفه
ويرسل عليه حيات كأمثال أعناق البخت فتأكلن لحمه حممتى ل يممذرن علممى
عظمه لحمًا ،فترسل له ملئكة
]ص [19
العذاب صم بكم عمي معهممم مقممامع مممن حديممد يضممربونه بهمما ل يسمممعون
صوته فيرجموه ول يبصرونه فيرأفوا به فتعرض عليه النار بكر وعشيًا".
)قال الفقيه( رحمه الله :من أراد أن ينجممو مممن عممذاب القممبر فعليممه أن
يلزم أربعممة أشممياء ويجتنممب أربعممة أشممياء ،فأممما الربعممة الممتي يلزمهمما:
فمحافظة الصلوات ،والصدقة وقراءة القرآن ،وكممثرة التسممبيح ،فممإن هممذه
الشياء تضيء القبر وتوسعه .وأما الربعة التي يجتنبها :فالكذب ،والخيانممة،
والنميمة ،والبول .فقد روى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال
"تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه" وروى عن رسول الّله صلى
الّله عليه وسلم أنه قال "إن الّله تعالى كره لكم أربعًا :العبث في الصمملة،
واللغو في القراءة ،والرفث في الصيام ،والضحك عند المقابر" وروى عممن
محمد بن السممماك أنممه نظممر إلممى مقممبرة فقممال :ل يغرنكممم سممكوت هممذه
القبور ،فمما أكمثر المغممومين فيهما ،ول يغرنكمم اسمتواء القبمور فمما أشمد
تفاوتهم فيها ،فينبغي للعاقل أن يكثر من ذكر القبر قبل أن يدخله.
)قال سفيان الثوري( رحمه الله :من أكثر من ذكر القبر وجده روضة من
ي
رياض الجنة ،ومن غفل عنه وجده حفرة من حفر النيران .وروى عن علمم ّ
كرم الّله وجهه أنه قال في خطبته :يا عباد الّله الممموت الممموت ليممس منممه
فوت إن أقمتم له أخذكم وإن فررتم منه أدرككم ،الموت معقود بنواصيكم
فالنجاة النجاة الوحا الوحا فإن وراءكم طالبا ً حثيثا ً وهو القبر ،أل وإن القبر
روضة من رياضي الجنة أو حفرة من حفر النيران ،أل وإنه يتكلممم فممي كممل
يوم ثلث مرات فيقول :أنا بيت الظلمة أنا بيت الوحشة أنمما بيممت الديممدان،
أل وإن وراء ذلك اليوم يوما ً أشد من ذلك اليوم ،يوما ً يشمميب فيممه الصممغير
ويسكر فيه الكبير ،وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ،وتضع كممل ذات حمممل
حملها ،وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عممذاب الل ّممه شممديد ،أل
وإن وراء ذلك اليوم نارا ً حرها شديد ،وقعرها بعيممد ،وحليهمما حديممد ،وماؤهمما
صديد وليس لله فيها رحمة .قال :فبكى المسلمون بكاء شممديدًا ،فقممال إن
وراء ذلك اليوم جنة عرضها السموات والرض أعدت للمتقين ،أجارنمما الل ّممه
وإياكم من العذاب الليم ،وأحلنا وإياكم دار النعيم.
وروى عن أسيد بن عبد الرحمن أنممه قممال :بلغنممي أن المممؤمن إذا مممات
فحمل قال أسرعوا بي ،فإذا وضع في لحده كلمته الرض وقالت إني كنت
ي ،وإذا مات الكافر فحمل قممال أحبك وأنت على ظهري فأنت الن أحب إل ّ
ارجعوني فإذا وضع في لحده كلمته الرض فقالت إني كنت أبغضممك وأنممت
ي.
على ظهري فأنت الن أبغض إل ّ
وروى عن عثمان بن عفان رضي الّله عنه :أنممه وقممف علممى قممبر فبكممى
فقيل له إنك تذكر الجنة والنار ول تبكي وتبكي من هممذا؟ فقممال إن رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم قال "القبر أّول منزلممة ممن منممازل الخممرة فممإن
نجا منه فما بعده أيسر منه ،وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه".
]ص [20
وروى عن عبد الحميمد بمن محممود المغمولي قممال :كنممت جالسما ً عنممد ابممن
عباس رضي الّله عنهما فأتاه قوم فقالوا خرجنا حجاج ما ً ومعنمما صمماحب لنمما
حتى انتهينا إلى حي ذات الصفاح فمات فهيأنمما لمه ثممم انطلقنما فحفرنمما لمه
قبرا ً ولحدا ً فإذا نحن بأسود قد مل اللحد :يعني الحية ،فتركناه ،فحفرنمما لممه
في مكان آخر فإذا نحن بأسود قد مل اللحد فتركناه ،فحفرنا لممه ثالث ما ً فممإذا
نحن بأسود قمد مل اللحمد ،فتركنماه وأتينماك .قمال ابمن عبماس رضمي الّلمه
عنهما :ذلك الفعل الذي كان يفعله انطلقوا فادفنوه في بعضممها فمموالله لممو
حفرتم الرض كلها لوجدتموه فيها فمأخبروا قمومه .قمال :فانطلقنما فمدفناه
في بعضها فلما رجعنا أتينا أهله بمتاع له كان معنا فقلنا لمرأته ما كان لممه
من عمل؟ قالت كان يبيع الطعام يعني الحنطة وكممان يأخممذ كممل يمموم قممدر
قوته ثم يعرض القصب مثله ومن الكعبرة يعني عيدان الطعام فيلقيه فيه.
)قال الفقيه( رحمه الله :فممي هممذا الخممبر دليممل علممى أن الخيانممة سممبب
لعذاب القبر فكان فيما رأوه عبرة للحياء ليمتنعوا مممن الخيانممة ،ويقممال إن
الرض تنادي كل يوم خمس مرات ،أّول نداء تقول :يا ابن آدم تمشي على
ظهري ومصيرك إلى بطني ،والثاني تقول :يا ابممن آدم تأكممل اللمموان علممى
ظهري وتأكلك الديدان في بطني ،والثالث تقول يمما ابممن آدم تضممحك علممى
ظهري فسوف تبكممي فممي بطنممي ،والرابممع :تقممول يمما ابممن آدم تفممرح علممى
ظهري فسوف تحزن في بطني ،والخامس :تقول يمما ابممن آدم تممذنب علممى
ظهري فسوف تعذب في بطني.
وروى عن عمرو بن دينار قال :كان رجل من أهل المدينة له أخممت فممي
ناحية المدينة فاشتكت فكان يأتيها يعودها ،ثم ماتت فجهزهمما وحملهمما إلممى
قبرها فلما دفنت ورجع إلى أهلها ذكر أنه نسي كيسما ً كممان معممه فاسممتعان
برجل من أصحابه فأتيا القبر فنبشها فوجد الكيس فقال للرجممل تنممح حممتى
أنظر على أي حال أختي ،فرفع بعض ما كان على اللحد فإذا القبر مشتعل
وى القبر ،فرجع إلممى أمممه فقممال أخممبريني عممما كممانت أخممتي نارا ً فرده فس ّ
عليه؟ فقالت :ولم تسأل عممن أختممك وقممد هلكممت؟ قممال فممأخبريني .قممالت
كانت أختك تؤخر الصلة ول تصلي بطهارة تامة ،وتأتي في أبواب الجيممران
إذا نمماموا فتلقممم أذنهمما أبمموابهم فتخممرج حممديثهم :يعنممي أنهمما كممانت تسممتمع
الحديث لكي تمشي بالنميمة وهو سبب عممذاب القممبر ،فمممن أراد أن ينجممو
من عذاب القبر فعليه أن يتحرز عن النميمة وعن سائر الذنوب فينجو مممن
ن
ذي َت الل ّممه ال ّم ِ
عذابه ويسهل عليه سؤال منكر ونكير ،قال الّله تعممالى }ي ُث َب ّم ُ
ة{ وروى البراء بممن عممازب خَر ِ
حَياةِ الد ّن َْيا وَِفي ال ِت ِفي ال َ ل الّثاب ِ ِقو ْ ِ مُنوا ِبال َ
آ َ
رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إذا سئل المسمملم
في القبر فيشهد أن ل إله إل الّله وأن محمدا ً عبممده ورسمموله فممذلك قمموله
ة{خَر ِحَياةِ الد ّن َْيا وَِفي ال ِ ت ِفي ال َ ل الّثاب ِ ِ
قو ْ ِ
مُنوا ِبال َنآ َ ت الّله ال ّ ِ
ذي َ تعالى }ي ُث َب ّ ُ
ويكون التثبيت في ثلثة أحوال
]ص [21
لمن كان مؤمنا ً مخلصا ً مطيعا ً للممه تعممالى :أحممدها :فممي مثممل معاينممة ملممك
ل سؤال منكر ونكير ،والثالث في حال سممؤاله عنممد الموت ،والثاني في حا ُ
المحاسبة يوم القيامة .فأما التثبيت عند معاينة ملك الموت فهو على ثلثممة
أوجه :أحدها :العصمة من الكفممر ،وتوفيممق السممتقامة علممى التوحيممد حممتى
تخممرج روحممه وهممو علممى السمملم ،والثمماني أن تبشممره الملئكممة بالرحمممة،
والثالث أن يرى موضعه من الجنة .والتثمبيت فمي القمبر علمى ثلثممة أوجممه.
أحدها :أن يلقنه الّله تعالى الصواب حتى يجيبهممما بممما يرضممى منممه الممرب،
والثاني أن يزول عنه الخوف والهيبة والدهشة ،والثالث أن يرى مكانه فممي
الجنة فيصير القبر روضة من رياض الجنة ،وأما التثبيت عند الحسمماب فهممو
على ثلثة أوجه أحدها :أن يلقنه الحجة عما يسأل عنمه ،والثمماني أن يسمهل
عليه الحساب ،والثالث أن يتجاوز عنه الزلل والخطايا ،ويقال التثممبيت فممي
أربعة أحوال .أحدها :عند الموت ،والثاني في القبر حممتى يجيممب بل خمموف،
والثالث عند الحساب ،والرابع عنممد الصممراط حممتى يمممر كممالبرق الخمماطف،
فإن سئل عن سؤال القبر كيف هو؟ قيل له قد تكلم العلماء فيه واختلفت
الروايات فقال بعضممهم :يكممون السممؤال الممروح دون الجسممد وحينئذ تممدخل
الروح في جسده إلى صدره ،وقيل تكون الممروح بيممن جسممده وكفنممه وفممي
ذلك كله قد جاءت الثار ،والصحيح عند أهل العلم أن يقّر النسممان بسممؤال
القبر ،ول يشتغل بكيفيته ويقممول الل ّممه أعلممم كيممف يكممون ،وإنممما نعمماينه إذا
صرنا إليه فإذا أنكر أحد سؤال منكمر ونكيمر فمإن إنكماره ل يخلمو ممن أحمد
الوجهين :إممما أن يقممول :إن هممذا ل يجمموز مممن طريممق العقممل إذ هممو خلف
الطبيعة ،أو يقول يجوز ذلك ولكممن لممم يثبممت ،فممإن قممال هممذا ل يجمموز مممن
وة وإبطممال المعجممزة ،لن طريق العقل فإن قمموله يممؤدي إلممى تعطيممل النبم ّ
الرسل كانوا مممن الدمييممن وطممبيعتهم مثممل طبيعممة غيرهممم ،وقممد شمماهدوا
الملئكة وأنزل عليهم الوحي وانفلق البحر لموسى عليممه السمملم وصممارت
عصاه ثعبانًا ،فهذا كله خلف الطبيعة فمنكممر هممذا يخممرج مممن السمملم مممن
حيث دخل ،وإن قال إنه ل يجوز ولكن لم يثبت فنحن قد روينا مممن الخبممار
ما فيه مقنع لمن سمعها ،وفي كتاب الّله تعالى دليل علممى ذلممك قممال الل ّممه
تعالى} :وم َ
مةِ
قَيا َ
م ال ِ ح ُ
شُره ُ ي َوْ َ ضنكا ً وَن َ ْ
ة َ ش ًمِعي َ ه َ ن لَ ُ
ري فَإ ِ ّ ن ذ ِك ْ ِض عَ ْ ن أع َْر َ َ َ ْ
ّ
مى{ قال جماعة من المفسرين :المعيشة الضنك سؤال القبر قال اللممه َ
أع ْ َ
حي َمماةِ ال مد ّن َْيا وَفِممي
ت فِممي ال َ ل الث ّمماب ِ ِقو ْ ِمن ُمموا ب ِممال َنآ َ ت الل ّممه ال ّم ِ
ذي َ تعممالى }ي ُث َب ّم ُ
ة{.
خَر ِال ِ
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حمدثني الفقيممه بإسممناده عممن سممعيد بمن
المسيب عن عمر رضي الّله عنهما قال :قال رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم "إذا دخل المؤمن قبره أتاه فتانا القبر فأجلسمماه فممي قممبره وسممأله
وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين ،فيقولون له من ربممك وممما دينممك
ومن نبيك؟ فيقول الّله ربي والسلم ديني ومحمد نبيي ،فيقولن له يثبتممك
الّله نم قرير العين،
]ص [22
حي َمماةِ المد ّن َْيا ل الث ّمماب ِ ِ
ت فِممي ال َ من ُمموا ب ِممالقَوْ ِ
نآ َ ت الّله ال ّ ِ
ذي َ وهو قوله تعالى }ي ُث َب ّ ُ
ل الّله الظممالمين يعنممي ة{ يعني يثبتهم الّله على قول الحق ويض ّ خَر ِ
وَِفي ال ِ
الكافرين ول يوفقهم للقول الحق ،وإذا دخل الكافر أو المنممافق قممبره قممال
لمه ممن ربمك ومما دينمك وممن نبيمك؟ فيقمول ل أدري ،فيقمولن :ل دريمت،
فيضرب بمرزبة يسمعها ما بين الخافقين إل الجن والنس".
وروى أبو حازم عن ابن عمر رضي الّله عنهممما قممال :قممال رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم "يا عمر كيف بك إذا جاءك فتانمما القممبر منكممر ونكيممر
ملكممان أسممودان أزرقممان ينحتممان الرض بأنيابهممما ويطممآن فممي شممعورهما،
أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف؟ فقممال عمممر رضممي
الّله عنه :يا رسول الّله أمعي عقل وأنا على ما أنا عليه اليمموم؟ قممال نعممم.
قال إذن أكفيكهما بإذن الّله تعالى ،فقال النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم إن
عمر لموفق".
قال :وحدثني أبو القاسم بن عبد الرحمن بن محمممد الشمماباذي بإسممناده
عن أبي هريرة رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما
من ميت يموت إل وله خوار يسمعه كل دابة عنده إل النسان فلممو سمممعه
لصعق فإذا انطلق به إلى قبره فإن كان صالحا ً قال عجلوا بي لممو تعلمممون
ما أمامي من الخير لقدمتموني ،وإن كان غير ذلممك قممال ل تعجلمموا بممي لممو
تعلموني ما تقدموني له من الشر لما عجلتموني ،فإذا ووري في قبره أتاه
ملكان أسودان أزرقان ،فيأتيانه من قبل رأسه فتقممول صمملته ل يممؤتى مممن
قبلي فرب ليلة قد بات فيها ساهرا ً حذرا ً من هذا المضجع ،فيؤتي من قبل
رجليممه فيجيممء بممر الوالممدين فيقممول ل يممؤتي مممن قبلنمما فقممد كممان يمشممي
وينتصب علينا حذرا ً لهذا المضجع ،فيؤتى من قبل يمينممه فتقممول صممدقته ل
يؤتى من قبلي لقد كان يتصدق بي حذرا ً لهممذا المضممجع ،فيممؤتى مممن قبممل
شماله فيقول صومه ل يؤتى من قبلي فقد كممان يظمممأ ويجمموع حممذرا ً لهممذا
المضجع ،فيوقظ كما يوقظ النائم فيقال له :أرأيت هذا الرجممل الممذي كممان
يقول ما يقول ،علم كنت منه؟ فيقول :من هو؟ فيقممال محمممد صمملى الل ّممه
عليه وسلم ،فيقول أشهد أنه رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم ،فيقممولن
له عشت مؤمنا ً ومت مؤمنًا ،فيفسح له في قبره وينشر له من كل كرامممة
الّله تعالى ما شمماء اللممه" فنسممأل الل ّممه التوفيممق والعصمممة وأن يعيممذنا مممن
الهواء الضالة المضلة والغفلممة وأن يعيممذنا مممن عممذاب القممبر ،فممإن النممبي
صلى الّله عليه وسلم كان يتعوذ بالله منه.
وذكر عن عائشة رضي الّله عنها أنها قالت :كنت لم أعلم بعممذاب القممبر
ي يهودية فسألت شمميئا ً فأعطيتهمما فقممالت أعمماذك الل ّممه مممن حتى دخلت عل ّ
عذاب القبر" فظننت أن قولها من أباطيل اليهممود حممتى دخممل النممبي صمملى
الّله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأخبرني أن عذاب القبر حق.
فالواجب على كل مسلم أن يستعيذ بالله تعالى ممن عمذاب القمبر ،وأن
يستعد للقبر بالعمال الصالحة قبل أن يدخل فيه ،فإنه قد سهل عليه المر
ما دام في الدنيا فإذا دخل القبر فإنه يتمنى أن يؤذن له بحسنة واحممدة فل
يؤذن له فيبقى في حسرة وندامة ،فينبغي للعاقل أن
]ص [23
يتفكر فممي أمممور الممموتى فممإن الممموتى يتمنممون أن يممؤذن لهممم بممأن يصمّلوا
ركعتين أو يؤذن لهم أن يقولمموا مممرة ل إلممه إل الل ّممه محمممد رسممول الل ّممه أو
يؤذن لهم بتسبيحة واحدة فل يؤذن لهم فيتعجبون من الحياء أنهم يضيعون
أيامهم في الغفلة والبطالة ،يا أخي فل تضيع أيامك فإنها رأس مالممك فإنممك
مما دممت قمادرا ً علمى رأس مالمك قمدرت علمى الربمح لن بضماعة الخمرة
كاسدة في يومك هذا فاجتهد حتى تجمع بضاعة الخرة كاسممدة فممي وقممت
الكساد فإنه يجيء يوم تصير هذه البضاعة فيه عزيزة ،فاسممتكثر منهمما فممي
يوم الكساد ليوم العز فإنك ل تقدر على طلبها في ذلك اليوم .فنسأل الل ّممه
تعالى أن يوفقنا للسممتعداد ليمموم الفقممر والحاجممة ول يجعلنمما مممن النممادمين
الذين يطلبون الرجعة فل يقالون ويسهل علينا سكرات الموت وشدة القبر
وعلى جميممع المسمملمين والمسمملمات ،آميممن يمما رب العممالمين فممإنه أرحممم
الراحمين وهو حسبنا ونعم الوكيل ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم..
]ص [24
كعرض السماء والرض ينفخ فيه ثلث نفخات ،وذكممر فممي بعممض الروايممات
أنه "نفختان" نفخة للهلك ونفخة للبعث ،وفي رواية كعب "نفختممان" وفممي
رواية أبي هريرة رضي الّله عنه "ثلث نفخات للفزع نفخة للصممعق ونفخممة
للبعث فيأمر الّله تعالى إسرافيل في النفخة الولى فينفخ فيه فيفممزع مممن
صمموِر
خ فِممي ال ّفم ُم ُين َ
في السموات ومن في الرض ،وهو قوله تعممالى }وَي َموْ َ
َ
ه{ وتمتزلزل شمماَء الّلم ُن َ مم ْ
ض ِإل َ
ن ِفمي الْر ِ
مم ْ
ت وَ َ
ماَوا ِ
سم َ
ن ِفمي ال ّ
مم ْ فَ َ
فزِع َ َ
الرض وتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمممل حملهمما وتممرى
الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عمذاب الل ّممه شمديد ،وتصمير الولممدان
َ
نم إِ ّ قوا َرب ّك ُ ْ س ات ّ ُ شيبا ً وتطير الشياطين هاربة وهو قوله تعالى }َيا أي َّها الّنا ُ
ت َ ل ك ُم ّ م ت ََروْن َهَمما ت َمذ ْهَ ُ ساع َةِ َ َزل َْزل َ َ
ض معَ ْممما أْر َ ضمعَةٍ ع َ ّ مْر ِ ل ُ م ،ي َوْ َ ظي ٌ يٌء ع َ ِ ش ْ ة ال ّ
ن كاَرى وَل َ ِ
كم ّ سم َ م بِ ُ هم ْ مما ُ كاَرى وَ َ سم َ س ُ مل ََها وَت ََرى الّنا َ ح ْل َ م ٍ ح ْت َ ذا ِل َ ضعُ ك ُ ّ وَت َ َ
ّ
د{ فيمكثون ما شمماء اللممه ،ثممم يممأمر اللممه تعممالى إسممرافيل دي ٌش ِ ّ
ب الله َ ذا َ عَ َ
فينفخ نفخة الصعق فيصعق أهممل السممماء وأهممل الرض يعنممي يممموت أهممل
صمموِر خ فِممي ال ّ السماء والرض إل مممن شمماء اللممه ،وهممو قمموله تعممالى }وَن ُفِ م َ
َ
ه{ والسممتثناء شمماَء الل ّم ُ ن َ مم ْ ض ِإل َ ن فِممي الْر ِ م ْ ت وَ َ ماَوا ِ س َ ن ِفي ال ّ م ْ صعِقَ َ فَ َ
يعني به أرواح الشهداء وقيل يعني به جبرائيل وميكائيممل وإسممرافيل وملممك
الموت صلوات الّله تعممالى عليهممم أجمعيممن ،فيقممول الل ّممه عممز وجممل لملممك
الموت :من بقي من خلقي وهو أعلم فيقول يا رب أنت حي ل تموت بقممي
جبريل وميكائيل وإسرافيل وحملة عرشممك وبقيممت أنمما ،فيممأمر الل ّممه تعممالى
ملك الموت بقبض أرواحهم ،هكذا ذكر فممي روايممة الكلممبي وروايممة مقاتممل،
وقال في رواية محمد بن كعب عن رجل عن أبي هريرة رضي الل ّممه تعممالى
عنمه "إن الّلمه سمبحانه وتعمالى يقمول ليممت جبريمل وميكائيمل وإسمرافيل
وليمت حملة العرش ،ثم يقول الّله عز وجل :يا ملك الموت من بقممي مممن
خلقي؟ فيقول أنت الحي الذي ل تموت وبقي عبدك الضعيف ملك الموت،
ت{ وأنممت م مو ْ ِ ة ال َ قم ُ س َ
ذائ ِ َ فم ٍ ل نَ ْفيقول يا ملك الموت ألم تسمع قممولي }ك ُم ّ
خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت" وروى فممي خممبر آخممر "أنممه
يأمره بأن يقبض روح نفسه فيجيممء إلممى موضممع بيممن الجنممة والنممار وينممزع
روحه بنفسه فيصيح صيحة لو كان الخلمق كلهمم أحيماء لمماتوا ممن صميحته
ويقول لو كنت علمت أن لنزع الروح مثل هذه الشدة والمرارة لكنت على
قبض أرواح المؤمنين أشمد شمفقة ،ثممم يمموت فل يبقمى أحمد ممن الخلممق،
فيقول الّله عز وجل للدنيا الدنية أين الملوك أين أبناء الملوك أين الجبابرة
وأين أبناء الجبابرة وأين الممذين كممانوا يممأكلون خيممري ويعبممدون غيممري؟ ثممم
م{ فل يجيب أحد فيجيب سبحانه وتعالى ك الي َوْ َ مل ْ ُن ال ُ م ْ يقول الّله تعالى }ل ِ َ
نفسه فيقول :لله الواحممد القهمار ،ثمم يمأمر الل ّممه تعممالى السمماء أن تمطممر
فتمطر السماء كمنى الرجال أربعين يوما ً حتى يعلو الماء فمموق كممل شمميء
اثني عشر ذراعا ً فينبت الّله الخلق بذلك الماء كنبممات البقممل حممتى تتكامممل
أجسامهم فتعود كما كانت ،ثم يقول الل ّممه تعممالى ليحيممى إسممرافيل وحملممة
العرش فيحيون بأمر الّله تعالى ،ويأمر الّله تعالى
]ص [25
ّ
إسرافيل فيأخممذ الصممور ويضممعه فممي فيممه ثممم يقممول اللممه ليحيممى جبرائيممل
وميكائيل فيحييان بأمر الّله تعالى ،ثم يدعو الل ّممه تعممالى الرواح فيممؤتى بهمما
فيجعلها في الصور ،ثم يأمر الّله تعالى إسرافيل فينفخ نفخة البعث فتخرج
الرواح كأنها النحل قد ملت مما بيمن السمماء والرض فتمدخل الرواح فمي
الرض إلى الجساد فممي الخياشمميم فتنشممق الرض عنهممم ،ثممم قممال النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنا أّول من تنشق عنممه الرض" وفممي خممبر آخممر "إن
الّله تعالى إذا أحيا جبريل وميكائيل وإسرافيل فينزلون إلى قبر النبي صلى
الّله عليه وسلم ومعهم البراق وحلل من الجنة فتنشق عنممه الرض فينظممر
النبي صلى الّله عليه وسلم إلى جبريل فيقول :يمما جبريممل ممما هممذا اليمموم؟
فيقول هذا يوم القيامة هذا يوم القارعمة ،فيقمول يما جبريمل مما بعمث الّلمه
بأمتي؟ فيقول جبريل أبشر فإنك أّول من تنشق عنه الرض ،ثم يممأمر الل ّممه
تعالى إسرافيل فينفخ في الصور فإذا هم قيام ينظرون )رجعنا إلى حممديث
أبي هريرة( رضي الّله تعالى عنه قال :فيخرجممون منهمما سممراعا ً إلممى ربهممم
ينسلون :يعني يخرجون من قبورهم حفاة عراة ،ثممم يقفممون موقفما ً واحممدا ً
مقدار سبعين عاما ً ل ينظر الّله إليهم ول يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطممع
الدموع ،ثم يبكوا ندمًا ،ويعرقون حتى يبلغ ذلك منهم بأن يلجمهم ،وأن يبلغ
ن إ ِل َممى
مهْط ِِعيم َ الذقان ثم ي ُممدعون إلممى المحشممر ،وذلممك قمموله عممز وجممل } ُ
عي{ أي ناظرين قاصممدين مسممرعين فممإذا اجتمممع الخلئق كلهممم الجممن دا ِ
ال ّ
س ما ً مممن السممماء شممديدا ً ح ّ والنس وغيرهم ،فبينما هممم وقمموف إذ سمممعوا ِ
فهالهم ذلك فتنشق السماء وتنممزل ملئكممة السممماء الممدنيا كمثممل مممن فممي
صافُّهم ،فقال لهم الناس أفيكم ربنا :يعني أفيكم أمر ربنمما م َ الرض فأخذوا َ
بالحساب؟ قالوا ل وهو يممأتي يعنممي يممأتي أمممره بالحسمماب ،ثممم ينممزل أهممل
السماء الثانية فيقومون صفا ً خلف أهل سماء الدنيا ،ثم تنزل ملئكممة أهممل
السماء الثالثة حممتى تنممزل ملئكممة السممموات السممبع علممى قممدر التضممعيف
ويقومون حول أهل الدنيا.
)قال الفقيه( :حدثنا محمد بن الفضل قال :أنبأنا محمد بمن جعفمر قممال:
أنبأنا إبراهيم ابن يوسممف قممال :أنبأنمما محمممد بممن الفضممل عممن الجلممح عممن
الضحاك قال :إن الّله تعالى يأمر سماء الدنيا فتنشق بما فيها من الملئكممة
فينزلون فيحيطون بالرض ومن فيها ،ثم الثانية ومن فيها ثممم الثالثممة ومممن
فيها ،ثم الرابعة ومن فيها ،ثم الخامسة ومن فيها ،ثم السادسة ومن فيهمما،
ثم السابعة ومن فيها حتى يكونوا سبع صممفوف مممن الملئكممة بعضممهم فممي
جوف بعض ،وأهل الرض ل يأتون قطرا ً من أقطارها إل وجدوا عنممده سممبع
نس إِ ْلن م ِ ن َوا ِ جم ّ ش مَر ال ِمعْ َ صممفوف مممن الملئكممة فممذلك قمموله تعممالى }ي َمما َ
َ ذوا مم َ استط َعت َ
ن ِإل ذو َ فم ُذوا ل َتن ُ ض َفان ُ
فم ُ ت َوالْر ِ ماَوا ِ ن أقْط َممارِ ال ّ
سم َ ِ ْ ف ُ
ن َتن ُ
مأ ْْ َ ُْ ْ
زي ً
ل{. ة َتن ِ ملئ ِك َ ُل ال َمام ِ وَن ُّز َ
ماُء ِبالغَ َس َ
ققُ ال ّ م تَ َ
ش ّ ن{ وقال }وَي َوْ َ سل ْ َ
طا ٍ بِ ُ
وروى أبو هريرة رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال
"إن الّله تعالى يقول ما معشر الجن والنس إني نصممحت لكممم ،فإنممما هممي
أعمالكم في صحفكم فمن وجد خيرا ً فليحمد الّله
]ص [26
تعالى ومن وجد غير ذلك فل يلومن إل نفسه ،ثممم يممأمر الل ّممه تعممالى جهنممم
فيخرج منها عنق طويل ساطع مظلم متكلما ً فيقول الّله }أ َل َ َ
م م أع ْهَمد ْ إ ِل َي ْك ُم ْ ْ
ذا هم َدوِني َ َ ه لَ ُ شمي ْ َ دوا ال ّ يا بِني آد َ
ن اع ُْبم ُ ن ،وَأ ْ مِبيم ٌ عمد ُوّ ُ م َكم ْ ن إ ِّنم ُ
طا َ ن ل ت َعْب ُ ُ مأ ْ َ َ َ َ
َ َ
ه
ن ،هَمذ ِ ِ قل ُممو َ كون ُمموا ت َعْ ِم تَ ُ جب ِل ً ك َِثيممرا ً أفَل َم ْ م ِ من ْك ُم ْ ل ِ ضم ّ قد ْ أ َ م ،وَل َ َ قي ٌ ست َ ِم ْط ُ صَرا ٌ ِ
ن{ فتجثموا الممم فمُرو َ ْ
م ت َك ُ ُ
مما كنُتم ْ م بِ َ ها الي َوْ َ صلوْ َ َ ن ،ا ْ دو َم ُتوع َ ُ ُ
م الِتي كنت ُ ْ ّ جهَن ّ ُ َ
عى إ ِل َممى ك َِتاب ِهَمما{ اليممة، مةٍ ت ُمد ْ َ ُ ة كُ ّ ُ وذلك قوله تعالى }وَت ََرى ك ُ ّ
لأ ّ جاث ِي َ ً
مةٍ َ لأ ّ
فيقضي الّله تعالى بين خلقه ويقضي بين الوحوش والبهائم حتى إنه لينتقم
للشاة الجماء من ذات القرن .ثم يقول كوني ترابا ً فعند ذلك يقول الكافر:
ت ت َُرابًا{ ثم يقضى بين العباد. كن ُ }َيا ل َي ْت َِني ُ
وروى نافع عن ابن عمر رضي الّله عنهممما عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال يحشر الناس يوم القيامة كما ولممدتهم أمهمماتهم حفمماة عممراة
فقالت عائشة رضي الّله عنها الرجال والنساء؟ قال :نعمم ،فقمالت عائشمة
واسوأتاه ينظر بعضهم إلى بعض ،فضرب على منكبهمما وقممال :يمما ابنممة ابممن
أبي قحافة شغل الناس يومئذ عن النظر وشخصوا بأبصارهم إلممى السممماء
موقوفين أربعين سنة ل يأكلون ول يشربون ،فمنهم من يبلغ العرق قممدميه
ومنهم من يبلغ ساقيه ومنهم من يبلغ بطنه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ً
من طول الوقوف ،ثم تقوم الملئكة حافين من حممول العممرش فيممأمر الل ّممه
تعالى مناديا ً ينادي أين فلن ابن فلنممة فيشممرف النمماس :أي فيرفممع النمماس
رؤوسهم لذلك الصوت ،ويخرج ذلك المنادي من ذلك الموقممف فممإذا وقممف
بين يدي رب العالمين قيل أين أصحاب المظالم؟ فينادى رجل ً رجل ً فيؤخممذ
من حسناته وتدفع إلى مممن ظلمممه فيممومئذ ل دينممار ول درهممم إل أخممذ مممن
الحسنات ورد من السيآت ،فل يزالون يستوفون من حسناته حتى ل يبقممى
له حسنة فيؤخذ من سيآتهم فترد ّ عليه فإذا فرغ من حسناته قيل له ارجممع
ب{ سمما ِ ح َ ريعُ ال ِ سم ِن الل ّممه َ م إِ ّم الي َوْ َ إلى أمك الهاوية :أي جهنم ،فإنه }ل ظ ُل ْ َ
يعني سريع المجازاة ،فل يبقى يومئذ ملك مقرب ول نبي مرسل ول شممهيد
إل ظن لما يرى من شدة الحساب أن ل ينجو إل من عصمه الّله تعالى".
وروى عن معاذ بن جبل رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم
أنه قال "ل تزول قدما عبد حتى يسمأل عممن أربممع :عممن عمممره فيممم أفنمماه،
وعن جسده فيم أبله ،وعن علمه فيم عمل به ،وعن ماله من أين اكتسممبه
وفيم أنفقه" وعن عكرمممة رضممي الّلمه تعمالى عنممه قمال "إن الوالمد يتعلممق
بولده يوم القيامة فيقول :يا بني إنممي كنمت لمك والممدا ً فمي المدنيا وأبما ً لمك
فيثنى عليه خيرًا ،فيقول له يا بني قد احتجت إلى مثقال ذرة من حسممناتك
وف علممى نفسممي مثممل الممذي لعّلي أنجو مما ترى فيقول له ولده إنممي أتخ م ّ
تخوفت فل أطيق أن أعطيك شيئًا ،ثم يتعلق بزوجته فيقول لها يا فلنة إني
كنت لك زوجا ً في الدنيا فتثنممى عليممه خيممرًا ،فيقممول لهمما إنممي أطلممب منممك
حسنة واحدة تهديها لي لعّلي أنجو مممما تريممن ،فتقممول ل أطيممق ذلممك إنممي
أتخوف
]ص [27
قل َم ٌ
ة مث ْ َ
ن ت َمد ْع ُ ُعلى نفسي مثل الذي تخوفت منه ،فيقول الّله عز وجل }وَإ ِ ْ
ذا قُْرَبى{ يعني الذي أثقلته الذنوب ن َ يٌء وَل َوْ َ
كا َ ش ْ ه َ من ْ ُ
ل ِم ْ مل َِها َل ي ُ ْ
ح َ إ َِلى ِ
ح ْ
ل يحمل أحد عنه شيئا ً من ذنوبه.
وروى ابن مسعود رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه
قال "إن الكممافر ليلجممم بعرقممه مممن طممول ذلممك اليمموم حممتى يقممول يمما رب
ارحمني ولو إلى النار".
)قال الفقيه( أبو جعفر رحمه الّله تعالى :حدثنا محمد بن الفضممل قممال:
حدثنا مومل قال :حدثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي نضرة بإسناده عممن
ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم
ي قط إل ّ كانت له دعوة مسممتجابة فعجلهمما فممي الممدنيا، أنه قال "لم يكن نب ّ
وإني استخبأت دعوتي شفاعة لمتي يوم القيامة ،أل وأنا سمميد ولممد آدم ول
فخر ،وأنا أّول من تنشق عنممه الرض ول فخممر ،ولممواء الحمممدي بيممدي يمموم
القيامة تحته آدم ومن دونه من البشر ول فخر ،ثم قال :يشتد يوم القيامممة
غمه وكربه في الناس فيأتون آدم عليه السلم فيقولون لممه :يمما أبمما البشممر
اشفع لنا إلى ربك ليقضي بيننا فيقول لست هنمماك ،إنممي قممد أخرجممت مممن
الجنة بخطيئتي وليس يهمني اليوم إل نفسي ،ولكن عليكم بنمموح فممإنه أّول
المرسلين ،فيأتون نوحا ً عليه السلم ويقولون :اشفع لنا إلى ربممك ليقضممي
بيننا فيقول :لست هناك ،إني دعمموت دعمموة أغرقممت بهمما أهممل الرض وإنممه
ليس يهمني اليوم إل نفسممي ،ولكممن ائتمموا إلممى إبراهيممم الممذي اتخممذه الل ّممه
ل ،فيأتون إبراهيم عليه السلم ،فيقولمون اشمفع لنما إلمى ربمك ليقضمي خلي ً
بيننا ،فيقول :لست هناك إنممي قممد كممذبت فممي السمملم ثلث كممذبات ،قممال
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم والثلثة جادل بهن عممن ديممن الل ّممه تعممالى
م{ والثانيممة قي ٌ سم ِ ل إ ِن ّممي َ م ،فَ َ
قمما َ إحداها قوله تعالى }فَن َظ ََر ن َظ َْرة ً ِفي الن ّ ُ
جممو ِ
ذا{ والثالثممة قمموله }لمرأتممه إنهمما أخممتي{ وليممس م هَ َ ه ك َِبيُرهُ ْل فَعَل َ ُ
قوله }ب َ ْ
يهمني اليوم إل ّ نفسي ،ولكن ائتوا موسى الذي كلمممه الل ّممه تكليم ما ً فيممأتون
موسى فيقولون :اشفع لنا إلى ربك ليقضي بيننا ،فيقول لسممت هنمماك إنممي
قتلت نفسا ً بغير حق وإني ل يهمني اليوم إل نفسي ،لكن ائتوا عيسى روح
الّله وكلمته ،فيأتونه فيقولون اشفع لنا إلى ربك ليقضي بيننا فيقول لسممت
هناك إني اتخذت أنا وأمممي إلهيممن مممن دون الل ّممه وإنممي ل يهمنممي اليمموم إل
نفسي ،ولكن أرأيتم لو كان لحدكم بضاعة فجعلها في كيممس وختممم عليهمما
أكان يصل إلى ما في الكيس حتى يفض الختممم؟ فيقولممون :ل ،فيقممول :إن
محمدا ً صلى الّله عليه وسلم ختمت به النبياء وقد وافممى اليمموم وقممد غفممر
الّله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،ائتوه .قال رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم :فيأتيني الناس فأقول نعم ،أنا لها ،أنا لها ،حتى يأذن الّله لمن يشمماء
ويرضى ،فيلبث ما شاء الّله أن يلبث فممإذا أراد الل ّممه أن يقضممي بيممن خلقممه
نادى مناد أين محمد صلى الّله عليه وسلم وأمته فنحن الخممرون الولممون:
يعني آخر الناس في الدنيا وأولهم فممي الحسمماب يمموم القيامممة ،فممأقوم أنمما
وأمتي فيفرج المم عن طريقنا فنمر غرا ً محجلين من آثار الطهور ،ويقول
لنا الناس :كادت هذه الئمة أن تكون كلها
]ص [28
أنبياء ،ثم أتقدم إلى باب الجنة فأستفتح فيقال من هذا؟ فممأقول أنمما محمممد
رسول الله ،فيفتح لممي فأدخممل وأخمّر لربممي سمماجدًا ،وأحمممده بمحامممد لممم
يحمده بها أحد قبلي ،ول يحمده أحد بهمما بعممدي ،فيقممال ارفممع رأسممك وقممل
تسمع وسل تعط واشفع تشفع ،فأرفع رأسي فأشفع لمممن كممان فممي قلبممه
مثقال شعيرة أو ذرة من اليمان :يعني من اليقين مع شممهادة أن ل إلممه إل
الّله وأن محمدا ً رسول الله".
وروى عن عمر بن الخطاب رضي الّله عنممه أنممه دخممل المسممجد وكعممب
الحبار يحدث الناس ،فقال له عمر رضي الّله عنه خوفنا يمما كعممب الحبممار،
فقال :والله إن لله ملئكة قيامما ً مممن يمموم خلقهممم الل ّممه ممما ثنمموا أصمملبهم،
وآخرين سجدوا ما رفعوا رؤوسهم ،حتى ينفخ في الصور ،فيقولون جميع مًا:
سبحانك اللهم وبحمدك ما عبدناك حق عبادتك وحق ما ينبغي لك أن تعبممد،
والذي نفسي بيده إن جهنم لتقرب يوم القيامة لها زفيممر وشممهيق حممتى إذا
ي ول شممهيد إل جثمما علممى ركبممتيه دنت وقربممت زفممرت زفممرة فلممم يبممق نممب ّ
ساقطًا ،يقول كل نبي وكل صديق وكل شهيد يمما رب ل أسممألك إل نفسممي،
وينسى إبراهيم إسمعيل وإسحق ،فيقممول يمما رب أنمما خليلممك إبراهيممم :فلممو
كان لك يا ابن الخطاب يومئذ عمل سبعين نبيا ً لظننت أنك ل تنجممو ،فبكممى
القوم حتى شجوا فلما رأى عمر رضي الّله تعالى عنه ذلك قممال :يمما كعممب
بشرنا ،فقال أبشروا فإن للمه تعمالى ثلثممائة وثلثممة عشممر شممريعة ل يمأتي
العبد يوم القيامة بواحممدة منهممن مممع كلمممة الخلص إل أدخلممه الل ّممه الجنممة،
والله لو تعلمون كنه رحمة الّله تعالى لبطأتم في العمل.
يا أخي استعد ّ لمثل هذا اليوم بالعمال الصالحة والجتناب عن المعاصي
فإنك عن قريب تعاين يوم القيامة وتندم علممى ممما فممات مممن أيممام عمممرك.
ت فقد قامت قيامتك كممما قممال المغيممرة بممن شممعبة :إنكممم واعلم أنك إذا م ّ
تقولون القيامة القيامة إنما قيامة أحدكم موته ،وذكر عن علقمة بن قيممس
إنه كان في جنازة رجل فقام على القبر فلما دفن قال أما هذا العبممد فقممد
قامت قيامته وإنممما قممال ذلممك لن النسمان إذا ممات فقمد عماين أمممر يموم
القيامة لنه يرى الجنة والنار والملئكة ،ول يقدر علممى عمممل مممن العمممال
فصار بمنزلة من حضر يوم القيامة فختم على عملممه بممالموت فيقمموم يمموم
القيامة على ما مات عليه فطوبى لمن كانت خاتمته بالخير .قممال أبممو بكممر
الواسطي :الدول ثلثة :دولة الحياة ،ودولة عند الموت ،ودولة يوم القيامة،
فأما دولة الحياة فإنه يعيش في طاعة الّله تعالى ،وأما دولتممه عنممد الممموت
بأن تخرج روحه مع شهادة أن ل إله إل الله ،وأما الدولممة الصممحيحة فدولممة
يوم القيامة البشرى فحين يخرج من قبره يأتيه البشير بالجنممة .وذكممر عممن
يحييى بن معاذ الرازي رحمه الّله أنه قممرئ فممي مجلسممه هممذه اليممة }ي َموْ َ
م
ن إ ِل َممى
مي م َ
جرِ ِ
م ْ ن وَفْممدًا{ أي ركبان ما ً }وَن َ ُ
سمموقُ ال ُ ممما ِ ن إ َِلى الّر ْ
ح َ قي َ
مت ّ ِ
شُر ال ُ ح ُ نَ ْ
م وِْردًا{ يعني مشاة عطاشا ً فقال :أيها الناس مهل ً مهل ً غمدا ً تحشمرون جهَن ّ ََ
ً
إلى الموقف حشرا حشرا ،وتأتون من الطراف ً
]ص [29
فوجا ً فوجًا ،وتوقفون بين يدي الّله فردا ً فردًا ،وتسألون عممما فعلتممم حرف ما ً
حرفًا ،وتقاد الولياء إلى الرحمن وفدا ً وفدًا ،ويرد العاصون إلى عذاب الل ّممه
ض د َك ّما ً َ وردا ً وردًا ،ويدخلون جهنم حزبا ً حزبًا ،وكممل هممذا }ك َّل إ ِ َ
ذا د ُك ّم ْ
ت الْر ُ
ل .إخممواني فًا{ ويجمماء بجهنممم يممومئذ ويل ً وي ً صم ّفا ً َ صم ّ
ك َ مل َ ُك َوال َجاَء َرب ّ َد َك ًّا ،وَ َ
الويل لكم من يوم كممان مقممداره خمسممين ألممف سممنة ،يمموم الراجفممة ،يمموم
الزفة يوم القيامة يمموم الحسممرة والندامممة فممذلك يمموم عظيممم ،يمموم يقمموم
الناس لرب العالمين ،وهو يوم المناقشة ويموم المحاسمبة ،ويموم الموازنمة
ويوم المساءلة ،ويوم الزلزلة ،ويوم الصيحة ويوم الحاقممة ،ويمموم القارعممة،
ويوم النشور ويوم ينظر المرء ما قممدمت يممداه ويمموم التغممابن ويمموم يصممدر
الناس أشتاتا ً ليروى أعمممالهم ،ويمموم تممبيض وجممود وتسممود ّ وجمموه ،ويمموم ل
يغنى مولى عن مولى شيئًا ،ويوم ل يغنى عنهم كيدهم شيئًا ،ويوم ل يجزى
ش مّرهُ ن َ وم ما ً ك َمما َ
والممد عممن ولممده ول مولممود هممو جمماز عممن والممده شمميئا ً }ي َ ْ
طيرًا{ أي منتشرا ً فاشيًا ،يوم ل ينفع الظالمين معذرتهم ولهممم اللعنممة ست َ ِ
م ْ ُ
م ت ََروْن َهَمما و م ي } ها{ م س ْ ف ن ن م ع لُ د ما
م ج ت س م ْ ف ن ّ
ل مُ ك تي ْ أ ت م و ي } الدار سوء ولهم
َ ْ َ َ ْ َ ِ َ ٍ ُ َ ِ َ َ ْ َ َ ِ
س َ ل َ ضعُ ك ُم ّ َ ل كُ ّ ت َذ ْهَ ُ
ملهَمما وَت َمَرى الن ّمما َ ح ْ
ل َ مم ٍح ْت َذا ِ ت وَت َ َ ضعَ ْ ما أْر َ ضعَةٍ ع َ ّمْر ِ ل ُ
د{ وقممال مقاتممل بممن دي ٌ شم ِب الل ّممه َ ذا َن ع َم َ كاَرى وَل َك ِم ّ سم َ م بِ ُ ممما هُم ْكاَرى وَ َ سم َ ُ
سليمان :تقف الخلق يوم القيامة مممائة سممنة فممي العممرق ملجمممون ،ومممائة
سنة في الظلمة متحيرون ،ومائة سنة يموج بعضهم فممي بعممض عنممد ربهممم
يختصمون ،ويقال إن يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة ،وإنه ليمضممي
على المؤمن المخلص كما يمضي عليه ساعة واحممدة ،فعليممك أيهمما العاقممل
بأن تصبر على شدائد الدنيا في طاعة الل ّممه تعممالى ليسممهل عليممك الشممدائد
يوم القيامة ،والله الموفق للصواب.
]ص [30
فيها حيات كأمثال أعناق البخت وعقارب كأمثال البغال الدهم ،فيهرب أهل
النار إلى تلك الحيممات فيأخممذن بشممفاههن فيكشممطن ممما بيممن الشممعر إلممى
الظفر فما ينجيهم منها إل الهرب إلى النار ،وروى عن عبممد الل ّممه بممن جممبير
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :إن فممي النممار حيممات مثممل
أعناق البل تلسع أحدهم لسعة يجممد حمتهمما أربعيممن خريفمًا ،وإن فممي النممار
لعقارب كأمثال البغال تلسع أحدهم لسعة يجد حمتها أربعين خريفًا".
وروى عن العمش عن يزيد بن وهب عن ابن مسعود رضممي الل ّممه تعممالى
أنه قال :إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا ً من تلك النار ولو أنها ضربت
في البحر مرتين لما انتفعتممم منهمما بشمميء .وقممال مجاهممد :إن نمماركم هممذه
تتعوذ من نار جهنم .وقال النبي صلى الّله عليه وسلم" :إن أهون أهل النار
عممذابا ً لرجممل فممي رجليممه نعلن مممن نممار يغلممي منهممما دممماغه كممأنه مرجممل
مسامعه جمر وأضراسه جمر وأشفاره لهب النيران ،وتخرج أحشمماء بطنممه
من قدميه وإنه ليرى أنه أشد أهل النار عممذابًا ،وإنممه مممن أهممون أهممل النممار
عذابًا" قال :حدثنا محمد بن الفضل قال :أنبأنا محمد بن جعفر قممال :أنبأنمما
إبراهيم بن يوسف قال :أنبأنا أبو حفص عن سعيد عن قتادة عن أبي أيوب
الزدي عن عبد الّله بن عمرو بن العمماص رضممي الل ّممه عنهممم قممال :إن أهممل
ممماك ُِثون م َ النار يدعون مالكا ً فل يرد ّ عليهم أربعين عامًا ،ثم يرد عليهم }إ ِن ّك ُ ْ
ن ع ُمد َْنا فَإ ِن ّمما من ْهَمما فَمإ ِ ْ
جن َمما ِ َ{يعني دائمون أبممدا ً ثممم يممدعون ربهممم }َرب ّن َمما أ َ ْ
خرِ ْ
سممُئوا خ َ ن{ فل يجيبهم مقدار ما كانت الدنيا مرتين ،ثم يرد عليهم }ا ْ مو َ ظال ِ َُ
موِني{ قال :فوالله ما ينطق القوم بعدها بكلمة واحدة ما كممان ِفيَها َول ت ُك َل ّ ُ
بعد ذلك إل الزفير والشهيق في النار ،تشبه أصواتهم أصمموات الحمممر أولممه
د ،أم هممل لكممم زفير وأخره شهيق .قال قتادة :يا قوم هل لكممم مممن هممذا بم ّ
على هذا صبر؟ يا قوم طاعة الّله أهون عليكممم فممأطيعوه ،ويقمال :إن أهممل
النار يجزعون ألف سنة فل ينفعهم ،ثم يقولممون .كنمما فممي الممدنيا إذا صممبرنا
كممان لنمما الفممرج فيصممبرون ألمف سممنة فل يخفمف عنهممم العممذاب فيقولممون
ص{ فيسممألون الل ّممه تعممالى َ َ
حيم ٍ م ِ
ن َ ممما ل َن َمما ِ
مم ْ صب َْرَنا َ
م َ واٌء ع َل َي َْنا أ َ
جزِع َْنا أ ْ س َ } َ
الغيث ألف سنة لما بهم من العطش وشدة العذاب لكي يزول عنهم بعض
الحرارة والعطش ،فإذا تضرعوا ألف سممنة يقممول الل ّممه تعممالى لجبريممل :أي
شيء يطلبون؟ فيقول جبريل يا رب أنت أعلم بهممم إنهممم يسممألون الغيممث،
فتظهر لهم سحابة حمراء فيظنون أنهم يمطرون فترسل عليهممم العقممارب
كأمثال البغال فتلممدغ الواحممد منهممم فل يممذهب عنممه الوجممع ألممف سممنة ،ثممم
يسألون الل ّممه ألممف سممنة أن يرزقهممم الغيممث فتظهممر لهممم سممحابة سمموداء،
فيقولون هذه سحابة المطممر فترسممل عليهممم الحيممات كأعنمماق البممل كلممما
م
لسعت لسعة ل يذهب وجعها ألف سنة ،وهذا معنى قمموله تعممالى }زِد ْن َمماهُ ْ
ن{ يعنمي بمما كمانوا يكفمرون ويعصمون دو َ س ُف ِ ما َ
كاُنوا ي ُ ْ ب بِ َ
ذا ِذابا ً فَوْقَ العَ َ عَ َ
الّله تعالى ،فمن أراد أن ينجو من عذاب الّله تعالى وينممال ثمموابه فعليممه أن
يصبر على شدائد الدنيا
]ص [31
في طاعة الّله تعالى ،ويجتنممب المعاصممي وشممهوات الممدنيا فممإن الجنممة قممد
حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما جاء في الخبر ،وأنشد:
وفي الشيب ما ينهى الحليم عن الصبا إذا استوقدت نيرانه في عذاره
إذا اصفر عود الزرع بعد اخضراره أرى امرأ يرجو العيش غبطة
وإن لم تطق عنه محيصا فداره تجنب لخدن السوء واحذر وصاله
كريما كريم الجد تعلو بجاره ً وجاور قرين الصدق واحذر مراءه
يجده وراء البحر أو في قراره فمن يصنع المعروف مع غير أهله
ولله في عرض السموات جنة ولكنها محفوفة بالمكاره
وبإسناده قال :أنا محمد بن الفضل قال :أنا محمممد بمن جعفممر قممال :أنما
إبراهيم بن يوسف قال :أنا إسماعيل بن جعفر عن محمممد بممن عمممرو عممن
أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الّله عليه وسلم قممال" :دعمما الل ّممه
عز وجل جبريل فأرسله في الجنة فقال انظر إليها وما أعددت لهلها فيها،
فرجع وقال وعزتك ل يسمع بها أحد إل دخلها ،فحفت بالمكاره ،فقال ارجع
ارجع إليها وانظر إليها فرجع وقال وعزتك لقد خشيت أن ل يدخلها أحد ،ثم
أرسله إلى النار فقال انظر إليها وما أعددت لهلها فيها فرجممع إليممه فقممال.
وعزتك ل يدخلها أحد سمع بها ،فحفت بالشهوات ،فقممال عممد إليهمما فممانظر
إليها فرجع وقال :وعزتك وجللممك لقممد خشمميت أن ل يبقممى أحممد إل دخلهمما
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :أذكروا مممن النممار ممما شممئتم فل
تذكرون منها شيئا ً إل وهي أشد منه" وقال :حدثنا أبي قال :أنا العباس بممن
الفضل المروزي قال :أنا موسى ابن نصر عن محمد بن زيمماد عممن ميمممون
عمدهُ َ
ن{ مِعيم َ ج َ
مأ ْ م لَ َ
موْ ِ ُ ْ جهَن ّم َ ن َ
بن مهران أنه قال :لما نزلت هممذه اليممة }وَإ ِ ّ
وضع سلمان يده على رأسه وخرج هاربا ً ثلثة أيام ل يقدر عليه حتى جيممء
به .وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالممك قممال :جمماء جبريممل إلممى النممبي
صلى الّله عليه وسلم في ساعة ما كان يأتيه فيهمما متغيممر اللممون فقممال لممه
النبي صلى الّله عليه وسلم مالي أراك متغير اللون ،فقال يا محمممد جئتممك
في الساعة التي أمر الّله بمنافخ النار أن تنفخ فيها ول ينبغي لمن يعلم أن
جهنم حق ،وأن النار حق وأن عذاب القبر حق وأن عذاب الّله أكبر أن تقمّر
عينه حتى يأمنها ،فقال النبي صلى الّله عليه وسملم :يما جبريمل :صمف لمي
جهنم؟ قمال نعممم ،إن الّلمه تعمالى لمما خلممق جهنممم أوقمد عليهمما ألمف سمنة
فأجمرت ،ثم أوقد عليهمما ألممف سممنة فابيضممت ،ثممم أوقممد عليهمما ألممف سممنة
فاسودت ،فهي سمموداء مظلمممة ل ينطفممئ لهبهمما ول جمرهمما ،والممذي بعثممك
بالحق لو أن مثل خرم إبرة فتح منها لحترق أهممل الممدنيا عممن آخرهممم مممن
حرها ،والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا ً من أثواب أهل النار علق بيمن السمماء
والرض لمات جميع أهل الرض من نتنها وحرهمما عممن آخرهممم لممما يجممدون
من حرها ،والذي
]ص [32
بعثك بالحق نبيا ً لو أن ذراعا ً من السلسلة التي ذكرها الّله تعالى في كتابه
وضع على جبل لذاب حتى يبلغ الرض السابعة ،والذي بعثك بالحق نبي ما ً لممو
أن رجل ً بالمغرب يعذب لحترق الذي بالمشممرق مممن شممدة عممذابها ،حرهمما
شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها الحميم والصديد وثيابها مقطعممات
م{ مممن الرجممال ب ل ِك ُم ّ النيران }ل َهمما سمبع ُ َ
سممو ٌ
ق ُم ْ
جمْزٌء َم ُمن ْهُم ْ
ب ِل ب َمما ٍ وا ٍة أب ْم َ َ َْ َ
والنساء ،فقال صلى الّله عليه وسمملم :أهممي كأبوابنمما هممذه؟ قممال ل ولكنهمما
مفتوحة بعضها أسفل من بعض من باب إلى باب مسيرة سبعين سممنة كممل
باب منها أشد حرا ً من الذي يليه سبعين ضعفًا ،يساق أعداء الّله إليها فممإذا
انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانيممة بممالغلل والسلسممل فتسمملك السلسمملة
في فمه وتخرج من دبره ،وتغل يده اليسرى إلى عنقه وتدخل يده اليمنممى
في فؤاده فتنزع من بين كتفيممه وتشممد بالسلسممل ،ويقممرن كممل آدمممي مممع
شيطان في سلسلة ويسممحب علممى وجهممه وتضممربه الملئكممة بمقممامع مممن
دوا ِفيَها{ فقال النممبي صمملى م أُ ِ
عي ُ ن غَ ّم ْمن َْها ِجوا ِ خُر ُ
ن يَ ْ َ
دوا أ ْ
َ
ما أَرا ُحديد }ك ُل ّ َ
الّله عليه وسلم :من سكان هذه البواب؟ فقممال أممما البمماب السممفل ففيممه
المنافقون ومن كفممر ممن أصمحاب الممائدة وآل فرعممون واسممها الهاويممة،
والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم ،والباب الثالث فيه الصممابئون
واسمه سقر ،والباب الرابع فيه إبليس ومن تبعه والمجوس واسمه لظممى،
والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة ،والباب السادس فيه النصممارى
واسمه السعير ،ثم أمسك جبريل حيماء ممن رسممول الّلمه صملى الّلمه عليمه
وسلم ،فقال له عليه الصلة والسلم :أل تخبرني من سكان الباب السابع؟
فقال فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبمموا ،فخممر النممبي صمملى
الّله عليه وسلم مغشيا ً عليه ،فوضع جبريل رأسه على حجممره حممتى أفمماق،
فلما أفاق قال :يا جبريل عظمت مصيبتي واشتد حزني أو يمدخل أحمد ممن
أمتي النار؟ قال نعم أهل الكبائر من أمتك ،ثم بكى رسول الّله صمملى الل ّممه
عليه وسلم وبكى جبريل ،ودخل رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم منزلممه
واحتجب عن الناس ،فكان ل يخرج إل إلى الصلة يصمملي ويممدخل ول يكلممم
أحدا ً ويأخذ في الصلة ويبكي ويتضممرع إلممى الل ّممه تعممالى :فلممما كممان اليمموم
الثالث أقبل أبو بكر رضي الّله عنه حتى وقف بالباب وقال السمملم عليكممم
يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم مممن سممبيل؟
فلم يجبه أحد فتنحى باكيًا ،فأقبل عمر رضي الّله عنه فوقف بالباب وقال:
السلم عليكم يا أهل بيت الرحمة هممل إلممى رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم من سبيل؟ فلم يجبه أحد فتنحى وهو يبكي ،فأقبل سلمان الفارسي
حتى وقف بالباب وقال :السلم عليكم يا أهل بيت الرحمة ،هل إلى مولي
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم من سبيل؟ فلم يجبممه أحممد فأقبممل يبكممي
مرة ويقع مرة ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالبمماب ثممم قممال:
السلم عليك يا ابنة رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم ،وكممان علممي رضممي
الّله عنه غائبا ً فقال :يا ابنة رسممول الل ّممه إن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قد احتجب عن الناس فليس يخرج إل إلى الصلة فل يكلممم أحممدا ً ول
يأذن لحد في الدخول عليه ،فاشتملت فاطمة بعباءة
]ص [33
قطوانية وأقبلت حتى وقفت على باب رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم
ثم سلمت وقالت :يا رسول الّله أنا فاطمة ورسول الّله ساجد يبكي فرفممع
رأسه وقال :ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عني افتحوا لها البمماب ،ففتممح
لها الباب فدخلت فلما نظرت إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم بكممت
بكاءا ً شديدا ً لما رأت من حاله مصفرا ً متغيرا ً قد ذاب لحم وجهه من البكاء
والحزن ،فقالت :يا رسممول الل ّممه ممما الممذي نممزل عليممك؟ فقممال :يمما فاطمممة
جاءني جبريل ووصف لي أبواب جهنم ،وأخممبرني أن فممي أعلممى بابهمما أهممل
الكبائر من أمتي فذلك الذي أبكاني وأحزنني .قالت :يمما رسممول الل ّممه كيممف
يدخلونها؟ قال بلى تسوقهم الملئكة إلى النار ول تسود وجوههم ول تزرق
أعينهم ول يختم على أفواههم ول يقرنون مع الشممياطين ول يوضممع عليهممم
السلسل والغلل .قالت :قلت :يا رسممول الل ّممه وكيممف تقممودهم الملئكممة؟
فقال :أما الرجال فباللحى وأما النساء فبالذوائب والنواصي ،فكم مممن ذي
شيبة من أمتي يقبممض علممى لحيتممه ويقماد إلممى النممار وهممو ينممادي واشمميبتاه
واضعفاه ،فكم من ذي شاب قد قبمض علمى لحيتمه يسماق إلمى النمار وهمو
ينادي واشباباه وأحسن صورتاه ،وكم من امرأة من أمممتي قممد قبممض علممى
ناصيتها تقاد إلى النار وهي تنادي وافضيحتاه وأهتك ستراه ،حتى ينتهي بهم
ي من إلى مالك فإذا نظر إليهم مالك قال للملئكة :من هؤلء؟ فما ورد عل ّ
الشقياء أعجب شأنا ً من هؤلء لم تسود وجوههم ولممم تممزرق أعينهممم ولممم
يختم على أفواههم ولم يقرنوا مع الشياطين ولم توضع السلسل والغلل
في أعناقهم ،فتقول الملئكة هكذا أمرنا أن نأتيممك بهممم علممى هممذه الحالمة،
فيقول لهم مالك يا معشر الشقياء من أنتم؟ "وروي في خممبر آخممر "أنهممم
لما قادتهم الملئكة ينادون وامحمممداه فلممما رأوا مالكما ً نسمموا اسممم محمممد
صلى الّله عليه وسلم من هيبته ،فيقول لهم من أنتم؟ فيقولون نحن ممممن
أنزل علينا القرآن ونحن ممن يصوم رمضان ،فيقول مالك ما نممزل القممرآن
إل على أمة محمد صلى الّله عليه وسلم فإذا سمممعوا اسممم محمممد صمماحوا
وقالوا نحن من أمة محمد صلى الّله عليه وسلم فيقول لهم مالك أما كممان
لكم في القرآن زاجر عن معاصي الّله تعالى؟ فإذا وقف بهممم علممى شممفير
جهنم ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا يمما مالممك ائذن لنمما فنبكممي علممى
أنفسنا ،فيأذن لهم فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دممموع ،فيبكممون الممدم،
فيقول مالك ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا ،فلو كان هذا البكاء في
الدنيا من خشية الّله ما مستكم النار اليوم ،فيقول مالك للزبانيممة :ألقمموهم
ألقوهم في النار ،فإذا ألقوا في النار نادوا بممأجمعهم ل إلممه إل الل ّممه فممترجع
النار عنهم ،فيقول مالك يا نار خذيهم ،فتقول كيف آخذهم وهممم يقولممون ل
إله إل الله ،فيقول مالك للنار خذيهم ،فتقول كيف آخممذهم وهممم يقولممون ل
إله إل الله ،فيقول مالك :نعم بذلك أمر رب العرش فتأخذهم ،فمنهممم مممن
تأخذه إلى قدميه ،ومنهم من تأخممذه إلممى ركبممتيه ،ومنهممم مممن تأخممذه إلممى
حقويه ،ومنهم من تأخذه إلى حلقه ،فإذا هوت النار إلى وجهه قممال مالممك:
ل تحرقي
]ص [34
وجموههم فطالمما سمجدوا للرحمممن فمي المدنيا ول تحمرق قلموبهم فطالمما
عطشوا في شهر رمضان فيبقمون مما شماء الل ّممه فيهمما ،ويقولمون يما أرحمم
الراحمين يا حنان يا منان فإذا أنفذ الّله تعالى حكمه قال :يا جبريل ما فعل
العاصون من أمة محمد صلى الّله عليممه وسمملم ،فيقممول اللهممم أنممت أعلممم
بهم ،فيقول انطلق فانظر ما حالهم فينطلق جبريل عليممه الصمملة والسمملم
إلى مالك وهو على منبر من نار فممي وسممط جهنممم ،فممإذا نظممر مالممك إلممى
جبريل عليه الصلة والسلم قام تعظيما ً له فيقول :يا جبريل ما أدخلك هذا
الموضع؟ فيقول ما فعلت بالعصابة العاصية من أمة محمد؟ فيقول مالممك:
ما أسمموأ حممالهم وأضمميق مكممانهم قممد أحرقممت أجسممامهم وأكلممت لحممومهم
وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلل فيهمما اليمممان فيقممول جبريممل :ارفممع الطبممق
عنهم حتى أنظر إليهم قال :فيأمر مالممك الخزنممة فيرفعممون الطبممق عنهممم،
فإذا نظروا إلممى جبريممل وإلممى حسممن خلقممه علممموا أنممه ليممس مممن ملئكممة
العذاب ،فيقولون من هذا العبد الذي لم نر أحدا ً قط أحسممن منممه؟ فيقممول
مالك :هذا جبريل الكريم على ربه الذي كان يأتي محمدا ً صمملى الل ّممه عليممه
وسلم بالوحي ،فممإذا سمممعوا ذكممر محمممد صمملى الل ّممه عليممه وسمملم صمماحوا
بأجمعهم وقالوا :يا جبريل أقرئ محمدا ً صلى الّله عليه وسمملم منمما السمملم
وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينك وأخبره بسوء حالنمما فينطلممق جبريممل
حتى يقوم بين يدي الّله تعالى فيقول الّله تعالى كيممف رأيممت أمممة محمممد؟
فيقول يا رب ما أسوأ حالهم وأضميق مكمانهم ،فيقمول همل سمألوك شميئًا؟
فيقول يا رب نعممم سممألوني أن أقممرئ نممبيهم منهممم السمملم وأخممبره بسمموء
حالهم ،فيقول الّله تعالى :انطلق وأخبره ،فينطلق جبريل إلى النممبي صمملى
الّله عليه وسلم وهو في خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلف باب لكل باب
مصراعان من ذهب ،فيقول يا محمد قد جئتممك مممن عنممد العصممابة العصمماة
الذين يعذبون من أمتك في النار وهم يقرءونك السلم ويقولون :ممما أسمموأ
حالنا وأضيق مكاننا فيأتي النبي صلى الّله عليه وسمملم إلممى تحممت العممرش
فيخر ساجدا ً ويثني على الّله تعالى ثناء لم يثن عليه أحد مثله ،فيقول الّلممه
تعالى :ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع ،فيقممول يمما رب الشممقياء مممن
أمتي قد أنفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم فشممفعني فيهممم ،فيقممول الل ّممه
تعالى قد شفعتك فيهم فممائت النممار فممأخرج منهمما مممن قممال ل إلممه إل اللممه،
فينطلق النبي صلى الّله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى الّلممه عليممه
وسلم قام تعظيما ً له فيقول :يا مالك ما حمال أممتي الشمقياء؟ فيقمول مما
أسوأ حالهم وأضيق مكانهم ،فيقممول محمممد صمملى الل ّممه عليممه وسمملم افتممح
الباب وارفع الطبق فإذا نظر أهل النار إلى محمد صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
صاحوا بأجمعهم فيقولون يا محمد أحرقت النممار جلودنمما وأحرقممت أكبادنمما،
فيخرجهم جميعا ً وقد صاروا فحما ً قد أكلتهم النممار ،فينطلممق بهممم إلممى نهممر
بباب الجنة يسمى نهر الحيوان فيغتسلون منه فيخرجون منممه شممبابا ً جممردا
مردا مكحلين وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب علممى جبمماههم الجهنميممون
عتقاء الرحمن من النار فيدخلون الجنة ،فإذا
]ص [35
رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منهما قمالوا :يما ليتنما كنما مسملمين
كماُنوا فمُروا َلموْ َن كَ َ ذي َمما َيموَد ّ اّلم ِوكنا نخرج من النار وهمو قموله تعمالىُ} :رب َ َ
ن{مي َ
سل ِ ِ
م ْ
ُ
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قممال "يممؤتى بممالموت كممأنه ّ ّ
كبممش أملممح فيقممال يمما أهممل الجنممة هممل تعرفممون الممموت؟ فينظممرون إليممه
ويعرفونه ،ويقال يا أهل النممار هممل تعرفممون الممموت؟ فينظرونممه فيعرفممونه
فيذبح بين الجنة والنار ،ثم يقال يا أهل الجنة خلممود بل ممموت يمما أهممل النممار
َ َ
م مُر{ ي ال ْ س مَرةِ إ ِذ ْ قُ ِ
ضم َ ح ْ م ال َ م ي َموْ َخلود بل موت ،وذلك قوله تعالى}وَأنذ ِْرهُ ْ
وقال أبو هريرة رضي الّله عنه :ل يغبطممن فمماجر بنعمممة فممإن وراءه طالب ما ً
حثيثا ً وهي جهنم كلما خبت زدناهم سعيرًا ،والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب صفة الجنة وأهلها
قال :حدثنا محمد بن الفضل قال :حممدثنا محمممد بمن جعفممر قممال :حمدثنا
إبراهيم بن يوسف قال :حدثنا محمد بن يحيى بممن الفضممل عممن حمممزة بممن
الزياد الكوفي عن زياد للطائي عن أبي هريرة رضي الّله تعممالى عنممه قممال
"قلنا يا رسول الّله مما خلقت الجنة؟ قال من الماء قلنمما أخبرنمما عممن بنمماء
الجنة؟ قال لبنة من ذهممب ولبنممة مممن فضممة وملطهمما :أي طينهمما ،المسممك
الذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ،وممن يمدخلها ينعمم ول
ييأس ويخلد ول يموت ول تبلى ثيابه ول يفنى شبابه ،ثممم قممال النممبي صمملى
الّله عليه وسلم ثلث ل ترد دعوتهم :المام العادل ،والصممائم حيممن يفطممر،
ل جللممه فيقممول: ودعوة المظلوم ،فإنها ترفع فوق الغمام فينظر الممرب ج م ّ
وعزتي وجللي لنصرنك ولو بعد حين".
قال :حدثنا محمد بن الفضل قال :حممدثنا محمممد بمن جعفممر قممال :حمدثنا
إبراهيم بن يوسف قال :حدثنا اسمعيل بن جعفر عن محمد بن عمممرو عممن
أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّلممه عليممه
وسلم أنه قال "إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مممائة عممام ول
دوٍد{ وفممي الجنممة ممما ل عيممن رأت ول م ُم ْ
ل َيقطعها ،اقرءوا إن شئتم }وَظ ِ ّ
ممما
س َفمم ٌ م نَ ْأذن سمعت ول خطر على قلب بشر اقرءوا إن شئتم }َفل ت َعْل َ ُ
َ أُ ْ
ن{ الية .ولموضع سوط في الجنة خي مُر مممن الممدنيا ٍ ن قُّرةِ أع ْي ُ
م ْ ي ل َهُ ْ
م ِ ف َ
خ ِ
قممد ْ َفمماَز{.ة فَ َ جن ّ َ
ل ال َ ن الّنارِ وَأ ُد ْ ِ
خ َ ح عَ ْحزِ َن ُز ْ
م ْوما فيها ،اقرءوا إن شئتم }فَ َ
وعن ابن عباس رضي الّله عنهما أنه قال" :إن في الجنة حمموراء يقممال لهمما
لعبة خلقت من أربعة أشممياء :مممن المسممك والعنممبر والكممافور والزعفممران،
وعجن طينها بماء الحيوان ،فقال لها العزيممز كمموني فكممانت ،وجميممع الحممور
عشاق لها ،ولو بزقممت فممي البحممر بزقممة لعممذب ممماء البحممر ،مكتمموب علممى
نحرها :من أحب أن يكون له مثلي فليعمل بطاعة ربي".
وقال مجاهد :أرض الجنة من فضممة وترابهمما مسممك وأصممول شممجرها فضممة
وأغصانها لؤلؤ وزبرجد والورق
]ص [36
والثمر تحت ذلك ،فمن أكل قائما ً لم يؤذه ومن أكل جالسا ً لم يممؤذه ،ومممن
ل{ يعني قربت ثمرتهمما ت قُ ُ
طوفَُها ت َذ ِْلي ً أكل مضطجعا ً لم يؤذه ثم قرأ }وَذ ُل ّل َ ْ
حتى ينالها القائم والقاعد .وعن أبي هريممرة رضممي الل ّممه عنممه قممال :والممذي
أنزل الكتاب على محمد صلى الل ّممه عليممه وسمملم إن أهممل الجنممة ليممزدادون
جمال ً وحسنا ً كما يزدادون في الدنيا هرمًا) ،قال حدثنا" إبراهيممم بممن أحمممد
قال :حدثنا الحسن بن نصر قال :حدثنا أسد بن موسممى قممال :حممدثنا حممماد
بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبممي ليلممى عممن صممهيب أن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قال" :إذا دخل أهل الجنممة الجنممة ،وأهممل
النممار النممار نممادى منمماد يمما أهممل الجنممة إن لكممم عنممد الل ّممه موعممدا ً يريممد أن
ينجزكموه ،فيقولون ما هو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا وأدخلنا الجنة
وأخرجنا من النار؟ قال فيكشف الحجاب فينظرون إليممه فممو الممذي نفسممي
بيده ما أعطاهم شيئا ً هو أحب إليهم من النظر إليه".
وروى أنس بن مالك رضي الّله عنه قال "جاء جبريل إلممى النممبي صمملى
الّله عليه وسلم بمرآة بيضاء فيها نكتة سوداء فقال النبي صلى الّلممه عليممه
وسلم يا جبريل ما هذه المممرآة البيضمماء؟ قممال هممذه الجمعممة وهممذه النكتممة
السوداء الساعة التي تقوم في الجمعة قد فضلت أنممت بهمما وقومممك علممى
من كان قبلك ،فالناس لكم فيها تبع :يعني اليهود والنصارى ،وفيها ساعة ل
يوافقها مؤمن يسأل الّله تعالى من خير إل اسممتجاب الل ّممه لممه ول يسممتعيذه
من شر إل أعاذه منه .قال :وهي عندنا يوم المزيد .قال رسول الل ّممه صمملى
الّله عليه وسلم ،وما يوم المزيد؟ قال إن ربك اتخممذ وادي ما ً فممي الفممردوس
فيه كثيب من مسك فمإذا كمان يموم الجمعمة حفمت بمنمابر ممن نمور عليهما
النبيون ،وحفت بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الصديقون
والشهداء والصالحون ،وينزل أهل الغرف فيجلسون من ورائهم علمى ذلمك
الكثيب ،فيجتمعون إلى ربهم فيحمممدونه ويثنممون عليممه فيقممول الل ّممه تعممالى
لهم :سمملوني؟ فيقولممون نسممألك الرضمما ،فيقممول قممد رضمميت عنكممم رضمماًء
أحلكم داري وأنيلكم كرامتي ،فيتجلى لهممم حممتى يرونممه فليممس يمموم أحممب
إليهم من يوم الجمعة لما يزيدهم من الكرامة"
وروى في خبر آخر" :إن الّلمه تعمالى يقمول لملئكتمه :أطعمموا أوليمائي،
فيؤتى بألوان الطعمة فيجدون لكل لقمة لذة غير ما يجدون للخرى ،فممإذا
فرغوا من الطعام يقول الل ّممه تعممالى لهممم :أسممقوا عبممادي ،فيممؤتى بأشممربة
فيجدون لكل نفس لذة بخلف الخرى ،فإذا فرغوا يقول الل ّممه تعممالى لهممم:
أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسألوني أعطكم؟ قالوا :ربنا نسألك رضمموانك
مرتين أو ثلثمًا ،فيقممول :قممد رضمميت عنكممم ولممدي المزيممد ،اليمموم أكرمكممم
بكرامة أعظم من ذلك كله فيكشف الحجاب فينظرون إليه ممما شمماء اللممه،
فيخرون له سجدا ً فكانوا في السجود ما شاء اللممه ،ثممم يقممول لهممم ارفعمموا
رؤوسكم ليس هذا موضع عبادة،
]ص [37
فينسون كل نعمة كانوا فيها ،ويكون النظر أحب إليهم من جميع النعم ،ثممم
يرجعون فتهيج ريح من تحت العرش على تل من مسك أبيممض فينممثر ذلممك
على رؤوسهم ونواصي خيولهم ،فإذا رجعوا إلممى أهليهممم يرونهممم أزواجهممم
في الحسن والبهاء أفضممل مممما تركمموهن فيقممول لهممم أزواجهممم :إنكممم قممد
رجعتم على أحسن ما كنتم.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :معنى يرفع الحجاب ،يعني الحجاب الذي
عليهم وهو الستر الذي يحجبهم من النظر إليممه ،وأممما قمموله ينظممرون إليممه
فقال بعضهم ينظرون إلى كرامة لم يروها قبل ذلك وقال أكثر أهممل العلممم
هو على ظمماهره يرونممه بغيممر كيممف ول تشممبيه كممما يعرفممونه فممي الممدنيا بل
تشبيه.
وقال عكرمة :أهل الجنة كأمثال أولد ثلث وثلثين سنة رجالهم ونسائهم،
والقامة ستون ذراعا ً على قامة أبيهم آدم عليه الصلة والسلم شباب جرد
مرد مكحولون ،عليهم سبعون حلة تتلون كل حلة فممي كممل سمماعة سممبعين
لونا ً فيرى وجهه فممي وجههمما :يعنممي فممي وجممه زوجتممه ،وفممي صممدرها وفممي
سمماقها وتممرى هممي وجههمما فممي وجهممه وصممدره وسمماقه ،ول يممبزقون ول
يتمخطون وما كان فوق ذلك من الذى فهو أبعد.
وروي في الخبر "أنه لو اطلعت امرأة من أهل الجنة كفها مممن السممماء
لضاءت ما بين السماء والرض" قال :حدثنا الحكيمم أبمو الفضمل الحمدادي
قال :حدثنا محمد بن يحيى المروزي قال :حدثنا محمد بن نافع النيسابوري
قال :حدثنا مصعب بن كمرام قممال :حمدثنا داود الطمائي عممن العممش عمن
ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم قممال" :جمماء رجممل مممن أهممل الكتمماب إلممى
النبي صلى الّله عليممه وسمملم فقممال يمما أبمما القاسممم أتزعممم أن أهممل الجنممة
يأكلون ويشربون؟ فقال نعم والذي نفسممي بيممده إن أحممدهم ليعطممى قمموة
مائة رجل في الكممل والشممرب والجممماع" قممال فممإن الممذي يأكممل ويشممرب
ويكون له حاجة والجنة طيبة ليس فيها أذى قال :حاجممة أحممدهم عممرق هممو
كريح المسك" قال :حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عممن أبممي معاويممة عممن
العمش عن أبممي الشممرس عممن معتممب بمن سمممى فممي قممول الل ّممه تعممالى
ب{ قال :طوبى شجرة في الجنة ليممس فممي الجنممة مآ ٍ
ن َس ُ
ح ْ طوَبى ل َهُ ْ
م وَ ُ } ُ
دارا ً ل يظلها غصن من أغصانها فيه ألوان الثمار ،ويقع عليهمما طيممر كأمثممال
البخت فإذا اشتهى أحدهم طيرا ً دعمماه فوقممع علممى خمموانه وأكممل مممن أحممد
جانبيه قديدا ً ومن الخر شواء ثم يعود طيرا ً فيذهب.
وروى عن العمش عن أبي صالح عن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه عنممه أن
النبي صلى الّله عليه وسلم قال" :أول زمرة تدخل الجنة مممن أمممتي علممى
صورة القمر ليلة البدر ،ثم الذين يلونهم على صورة أشد نجم في السممماء
إضاءة ،ثم هم بعد ذلك على منازل ل يبولون ول يتغوطون
]ص [38
ول يبزقون ول يتمخطون ،أمشاطهم الذهب ومحممامرهم اللمموة :أي العمود.
ورشحهم المسك وأخلقهم على خلق رجممل واحممد ،علممى طممول أبيهممم آدم
عليه الصلة والسلم ستون ذراعًا" وعن ابن عباس رضي الّله عنهما قممال:
قال رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم" :إن أهممل الجنممة شممبان جممرد مممرد
ليس لهم شعر إل في الرأس والحاجبين وأهداب العينيممن يعنممي ليممس لهممم
شعر عانة ول شعر إبط ،طول آدم ستون ذراع مًا ،علممى مولممد عيسممى ابممن
مريم ثلثة وثلثين سنة ،بيض اللوان خضر الثياب يضع أحممدهم مممائدة بيممن
يديه فيقبل طائر فيقول يا ولي الّله أما إني قد شربت من عين السلسبيل
ورعيت من رياض الجنممة تحممت العممرش وأكلممت مممن ثمممار كممذا طعممم أحممد
الجانبين مطبوخ وطعم الجانب الخر مشوي ،فيأكممل منهمما ممما شمماء وعلممى
الولي سبعون حلة ليس فيها حلة إل على لون آخممر ،فممي أصممابعهم عشممرة
خُلوهَمما م{ وفممي الثمماني }اد ْ ُ صب َْرت ُ ْما َ م بِ َ م ع َل َي ْك ُ ْ سل ٌ خواتيم كتب على الول } َ
ُ
ن{ وفممي مُلو َ م ت َعْ َ ما ُ
كنت ُ ْ ها ب ِ َمو َ ة أورِث ْت ُ ُ جن ّ ُم ال َ ن{ وفي الثالث }ت ِل ْك ُ ْ مِني َ سلم ٍ آ ِ بِ َ
الرابع :رفعت عنكم الحممزان والهممموم .وفممي الخممامس :ألبسممناكم الحلممي
ممماوالحلل .وفي السادس :زوجنمماكم الحممور العيممن .وفممي السممابع }وَِفيهَمما َ
َ َ شت َهيهِ ا َ
ن{ وفممي الثممامن :وافقتممم دو َ خال ِم ُ م ِفيهَمما َ ن وَأن ْت ُم ْ س وَت َل َمذ ّ الع ْي ُم ُف ُ لن ُ تَ ْ ِ
النبيين والصديقين .وفي التاسع :صممرتم شممبابا ً ل تهرمممون .وفممي العاشممر:
سكنتم في جوار من ل يؤذي الجيران".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :من أراد أن ينال هذه الكرامات فعليه أن
يداوم على خمسة أشياء :أولها أن يمنع نفسه من جميع المعاصي قال الّله
مأ َْوى{ الية والثاني :أن ي ال َ ة هِ َ جن ّ َ
ن ال َ وى ،فَإ ِ ّ ن الهَ َ س عَ ْ ف َ تعالى} :وَن ََهى الن ّ ْ
يرضى باليسير من الدنيا لنه روي في الخبر "أن ثمممن الجنممة تممرك الممدنيا"
والثالث ،أن يكون حريصا ً علممى الطاعممات فيتعلممق بكممل طاعممة فلعممل تلممك
ة
جن ّم ُ
ك ال َ الطاعة تكون سببا ً للمغفرة ووجوب الجنة قال الل ّممه تعممالى} :وَت ِل ْم َ
ُ
ممما ك َمماُنوا ج مَزاًء ب ِ َ ن{ وفممي آيممة أخممرى } َ مل ُممو َ م ت َعْ َكنت ُم ْممما ُ
موهَمما ب ِ َال ّت ِممي أورِث ْت ُ ُ
ن{ وإنما ينالون ما ينالون بالجتهاد في الطاعات .والرابممع :أن يحممب مُلو َ ي َعْ َ
الصالحين وأهل الخير ويخالطهم ويجالسهم فممإن واحممدا ً منهممم إذا غفممر لممه
يشفع لصحابه وإخوانه كما روي عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال:
"أكثر الخوان فإن لكل أخ شفعة يوم القيامة" والخامس :أن يكممثر الممدعاء
ويسأل الّله تعالى أن يرزقه الجنة وأن يجعل خاتمته إلى خير.
وقال بعض الحكماء :الركون إلى الدنيا مع ما يعاين مممن الثممواب جهممل،
وإن ترك الجهد في العمال بعدما عرف ثوابه عجز ،وإن فممي الجنممة راحممة
ما يجدها إل من لم يكن له في الدنيا راحة ،وفيها غنى ل يجده إل من تممرك
فضول الدنيا وأقتصر على اليسير من الدنيا.
]ص [39
وذكر عن بعض الزهاد أنه كان يأكل بقل ً وملحا ً من غير خممبز ،فقممال لممه
رجل قد اقتصرت على هذا فقال إني إنما جعلت الدنيا للجنة وأنممت جعلممت
الدنيا للمزبلة :يعني تأكل الطيبات فتصير إلى المزبلة ،وإنممي لكممل لقامممة
الطاعة لعلي أصير إلى الجنة .وذكر عن إبراهيم بن أدهم رحمه الّله تعالى
أنه أراد أن يدخل الحمام فمنعه صاحب الحمام وقال :ل تدخل إل بممالجرة،
فبكى إبراهيم وقال :اللهممم ل يممؤذن لممي أن أدخممل بيممت الشممياطين مجان ما ً
فكيف لي بالدخول بيت النبيين والصديقين مجانمًا .وذكمر أن فمي بعمض مما
أنزل الّله تعممالى علممى بعممض أنبيمماءه عليهممم الصمملة والسمملم :يمما ابممن آدم
ل ول تشممتري الجنمة بثممن رخيممص ،وتفسمير ذلمك أن تشتري النار بثمن غا ٍ
فاسقا ً لو أراد أن يتخذ ضيافة للفساق فربما ينفق فيهمما المممائة أو المممائتين
ل ،ولو أنه اتخذ ضيافة لجل الّله ويخف عليه ذلك فهو يشتري النار بثمن غا ٍ
تعالى بدرهم أو درهمين فيممدعوا إليهمما بعممض المحتمماجين لثقممل عليممه ذلممك
فيكون ذلك ثمن الجنة.
وروي عن أبي حازم أنه قال :لو كممانت الجنممة ل يمدخل فيهمما أحممد إل بممترك
جميع ما يحب من الدنيا لكان يسيرا في جانبها ولو كانت النار ل ينجوا منها
إل بتحمل جميع ما يكره لكان يسيرا في جانبها ،فكيممف وقممد تممدخل الجنممة
بترك جزء من ألف جزء مما تحب وقد تنجو من النار بتحمل جزء من ألممف
مما تكره .قال يحيى بن معاذ الرازي :ترك الدنيا شديد وتممرك الجنممة أشممد
منه وإن مهر الجنة ترك الدنيا.
وعن أنس بن مالك رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه
قال "من يسأل الل ّممه تعممالى الجنممة ثلث مممرات قممالت الجنممة اللهممم أدخلممه
الجنة ،ومن استجار من النار ثلث مرات قالت النار اللهم أجره من النممار"
فنسأل الّله تعالى أن يجيرنا من النار وأن يدخلنا الجنة ،ولممو لممم يكممن فممي
الجنة سوى لقاء الخوان واجتماعهم لكان هنيئا ً طيبا ً فكيف وفيهمما ممما فيهمما
من فنون الكرامات.
وروي عن أنس بن مالك رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم
أنه قال" :إن في الجنة أسواقا ً ل شراء فيهمما ول بيممع يجتمعممون فيهمما حلق ما ً
حلقا ً يتذاكرون كيف كممانت الممدنيا وكيممف كممانت عبممادة الممرب ،وكيممف كممان
فقراء أهل الدنيا وأغنياؤها ،وكيف كان الموت وكيف صرنا بعد طول البلممى
إلى الجنة" قال :أخبرنا الثقة بإسناده عن أسباط عن السدي عن أبي مممرة
عن ابممن مسممعود رضممي الل ّممه عنممه أنممه قممال :يممرد النمماس جميعما ً الصممراط
وورودهم قيامهم حول النار ثم يمرون على الصراط بأعمالهم ،فمنهم مممن
يمر مثل البرق ومنهم من يمممر مثممل الريممح ومنهممم مممن يمممر مثممل الطيممر،
ومنهم من يمر كأجود الخيل ،ومنهم من يمر كأجود البل ،ومنهم مممن يمممر
كعدو الرجل ،حتى إذا أخرهم رجل يمر على موضع إبهامي قدميه ثم يتكفأ
]ص [40
به الصراط ،والصراط دحض منزلة حده كحد السيف ،عليه حسك كحسممك
القتاد ،على حافتيه ملئكة معهم كلليب من نار يختطفون بها النمماس فمممن
بين مار ناج ومن بين مخدوش ناج ومن بين مكدوش في النممار ،والملئكممة
يقولون رب سلم سلم ،فيمر رجل وهممو أخممر أهممل الجنممة دخممول ً فممإذا جمماز
الصراط رفع له باب من الجنة فل يرى له في الجنة مقعدا ً فإذا نظممر إليهمما
قال :رب أنزلنممي ههنمما ،فيقممول لممه :فلعلممك إن أنزلتممك هنمما تسممألني غيممره
فيقول ل وعزتك فينزله ،ثم يرفممع لممه فممي الجنممة منممازل فيتحمماقر إليممه ممما
أعطي مما يرى فيقول رب أنزلني هناك ،فيقول فلعلك إن أنزلتممك هنمما أن
تسألني غيره ،فيقول ل وعزتك ،فينزله ثم يرفع له في الجنة حتى الرابعة،
فإذا كانت الرابعة رفع له فيتحاقر إليه كل شيء أعطى فيسكت فل يسممأل
شيئًا؛ فيقول له أل تسأل؟ فيقول سألت حتى استحييت ،فيقول الّله تعالى
ل .قممال عبممد لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها" فهذا هو أوضع أهل الجنممة منممز ً
الّله بن مسعود :كان النبي صلى الّله عليه وسلم ل يتحدث بذلك إل ضممحك
حتى بدت نواجذه .وروي في الخبر "أن نساء أهمل المدنيا ممن جعمل منهمن
في الجنة يفضلون على الحور العين بأعمالهم في الدنيا" قممال الل ّممه تعممالى
َ َ ن أ َب ْ َ }إنا َأن َ ْ
ن{.مي ِب الي َ ِ
حا ِ كارًا ،ع ُُربا ً أت َْرابًا ،ل ْ
ص َ جعَل َْناهُ ّ
شاًء ،فَ َ
ن ِإن َ
شأَناهُ ّ ِّ
باب ما يرجى من رحمة الّله تعالى
قال أخبرنا الخليل بن أحمد قال :أنبأنا ابممن معمماذ الممماليني قممال :حممدثنا
الحسين المروزي قال :حدثنا حجاج بن أبي منيه عن جده عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبا هريرة قال :سمعت رسول الّله صلى الل ّممه عليممه
وسلم يقول "جعل الّله الرحمة مممائة جممزء فأمسممك عنممده تسممعة وتسممعين
جزءا ً وأنزل إلى الرض جزءا ً واحممدا ً فيممه يممتراحم الخلممق حممتى إن الفممرس
لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" قال رحمممه اللممه :حممدثنا الخليممل
حدثنا الدبيلى حدثنا عبممد الحميممد حممدثنا السممود عممن عمموف العرابممي عممن
الحسن قال :قال رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم إن للممه تعممالى مممائة
رحمة أهبط منها رحمة واحدة إلى أهل الدنيا فوسممعتهم إلممى آجممالهم ،وإن
الّله قابض تلك الرحمة يوم القيامة فيضمها إلى التسعة والتسعين فيكملها
مائة رحمة لوليائه وأهل طاعاته".
)قال الفقيه( رضي الل ّممه عنممه :قممد بيممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
للمممؤمنين مممن الرحمممة ليحمممدوا الل ّممه علممى ممما أكرمهممم بممه مممن رحمتممه
ويشكروه ويعملوا عمل ً صالحا ً لن مممن يرجمموا رحمتممه فممإنه يعمممل ويجتهممد
نمم ْب ِريم ٌة الل ّممه قَ ِ مم َح َن َر ْ لكممي ينممال مممن رحمتممه لن الل ّممه تعممالى قممال }إ ِ ّ
مل ً
ل عَ َ قمماَء َرب ّمهِ فَل ْي َعْ َ
مم ْ جمموا ل ِ َ ن ك َمما َ
ن ي َْر ُ مم ْن{ وقال الّله تعممالى }فَ َ
سِني َ
ح ِ
م ْ
ال ُ
يٍء{ يعنممي لكممل شم ْ ل َ ت ك ُم ّ سمعَ ْ مِتي وَ ِ ح َصاِلحًا{ الية ،وقال الّله تعالى }وََر ْ َ
شيء نصيب من رحمتي.
]ص [41
مِتي ح َ عن ابن عباس رضي الّله عنهما أنه قال :لما نزلت هذه الية }وََر ْ
يٍء{ تطاول إبليس عليه اللعنة وقال أنمما شمميء مممن الشممياء ش ْ ل َ ت كُ ّ سعَ ْوَ ِ
يكون لي نصيب من رحمته ،وتطمماولت اليهممود والنصممارى فلممما نممزل قمموله
تعالى }فَ َ
ن الّزك َمماة َ { يعنممي سممأجعل رحمممتي ن وَي ُؤ ْت ُممو َ قممو َ
ن ي َت ّ ُ سأك ْت ُب َُها ل ِل ّم ِ
ذي َ َ
م ِبآَيات َِنا ن هُ ْ للذين يتقون الشرك ويؤتون الزكاة يعني يعطون الزكاة }َوال ّ ِ
ذي َ
ن{ يعني يصدقون بآيات الّله فيئس إبليس من رحمته ،وقالت اليهود ي ُؤ ْ ِ
مُنو َ
والنصارى نحن نتقي الشممرك ونممؤتي الزكمماة ونممؤمن بآيمماته ثممم نممزل قمموله
ي{ يعني الممذين يصممدقون بمحمممد ُ سو َ تعالى }ال ّ ِ
م ّي ال ّ ل الن ّب ِ ّ ن الّر ُ ن ي َت ّب ُِعو َ ذي َ
صلى الّله عليه وسلم فيمأس اليهمود والنصممارى وبقيمت الرحمممة للممؤمنين
خاصة ،فالواجب على كل مؤمن أن يحمد الّله تعالى على ما أكرمه به من
اليمان وجعل اسمه من جملة المؤمنين ويسأل ربه أن يتجاوز عممن ذنمموبه،
كما روى عن يحيى بن معاذ الرازي رحمة الّله تعالى عليه أنممه كممان يقممول:
إلهي قد أنزلت إلينا رحمة واحدة وأكرمتنا بتلك الرحمة وهي السلم ،فممإذا
أنزلت علينا مائة رحمة فكيف ل نرجوا مغفرتك وذكر عنه أنممه قممال :إلهممي
إن كان ثوابك للمطيعين ورحمتك للمذنبين فممإني وإن كنممت لسممت مطيع ما ً
لرجو ثوابك فأنا من المذنبين فأرجو رحمتممك ،وذكممر عنممه أنممه قممال :إلهممي
خلقت الجنة وجعلتها وليمة لوليائك وأيست الكفار منها ،وخلقممت ملئكتممك
ن عنها ،فإن لممم تعطنمما الجنممة فلمممن تكممون غير محتاجين إليها وأنت مستغ ٍ
الجنة.
)قال الفقيه( حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا أبو بكر السراج حدثنا عبد اللهّ
بن الحكم حدثنا معاوية بن هاشم عن سممفيان عممن فممراس بممن يحيممى عممن
عطية عن أبي سعيد الخدري رضي الّله تعالى عنه وعن رسول الّله صمملى
الّله عليه وسلم أنه قال" :لقد دخل رجل الجنة ما عمل يرا ً قط قال لهلممه
حين حضره الممموت إذا أنمما مممت فممأحرقوني بالنممار ثممم اسممحقوني ثممم ذروا
نصفي في البحر ونصفي في البر ،فلما مات فعلوا ذلممك فممأمر الل ّممه تعممالى
البر والبحر فجمعاه ،فقال ما حملك على ما صنعت؟ قممال مخافتممك يمما رب
فغفر الّله له بذلك".
)قال الفقيه( أبو الجعفر :حدثنا إسحق بمن عبممد الرحممن القمماري حمدثنا
محمد بن شاذان حدثنا محمد بن مقاتل حمدثنا عبممد الل ّممه بممن المبممارك عممن
مصعب بن ثابت عن عاصم بن عبد الّله عن عطاء عن رجممل مممن أصممحاب
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قال" :اطلع علينا رسول الّله صمملى الل ّممه
عليه وسلم ونحن نضحك فقال :أتضحكون والناس من ورائكم والله لراكم
تضحكون ثم أدبر فكان على رؤوسنا الرخم ،ثم رجع إلينا القهقممري وقممال:
جاء جبريل عليه الصملة والسمملم وقممال :إن الل ّممه تعمالى يقمول :لمم تقنمط
و ن عَ َ َ عَباِدي أ َّني أ ََنا الغَ ُ
ذاِبي هُ َ م ) (49وَأ ّحي ُ
فوُر الّر ِ ئ ِ
عبادي من رحمتي }ن َب ّ ْ
م{. َ العَ َ
ب الِلي ُ
ذا ُ
]ص [42
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا أبممو القاسممم
أحمد بن حمزة حدثنا محمد بممن الفضممل حممدثنا أبممو عبممد الرحمممن المقممري
حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الفريقي عن عبد الّله بن يزيد بن عبممد
الّله بن عمر بن العاص رضي الّله عنهممم أن رسممول الّلمه صمملى الّلمه عليمه
وسلم قال" :إن الّله تعممالى ل يتعمماظمه ذنممب عبممده أن يغفممره كممان رجممل
فيمن كان قبلهم قتل تسعة وتسعين نفسا ً ثم أتى رهبانا ً فقممال إنممي قتلممت
تسعة وتسعين نفسا ً فهل تجد لي من توبة؟ فقال ل لقد أسرفت فقام إليه
فقتله ثم أتى راهبا ً آخر ،فقال :إني قتلت مائة نفس فهل تجد لي من توبممة
فقال لقد أسرفت وما أدري ولكن ههنا قريتممان إحممداهما يقممال لهمما بصممرى
والخرى يقال لها كفرة فأما أهل بصرى فهم يعملون بأعمال أهل الجنممة ل
يلبث فيها غيرهم ،وأما أهل كفره فهم قمموم يعملممون بأعمممال أهممل النممار ل
يلبث فيها غيرهم فإن أنت أتيت بصممرى فعملممت بأعمممالهم فل تشممكن فممي
توبتممك ،فممانطلق الرجممل يريممدها فلممما كممان بيممن القريممتين أدركممه الممموت
فاختصمت فيه ملئكة العذاب وملئكة الرحمة فسألت الملئكة ربهمما عنممه؟
فقيل لهم قيسوا ما بين القريتين فإلى أيتهما كممان أقممرب فهممو مممن أهلهمما،
فقاسوا بين القريتين فوجدوه أقممرب إلممى بصممرى بقممدر أنملممة فكتممب مممن
أهلها".
)قال الفقيه( حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا محمد
بن الزهري عن يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبممي خالممد عممن عمممر عممن
عبد الرحمن عن عبد الّله بمن مسمعود رضمي الّلمه تعمالى عنمه قمال :ثلثمة
أقسمت عليهن والرابعة لو أقسمت عليها لصدقت ل يتولى الّله أحممدا ً فممي
الدنيا فيوليه غيره يوم القيامممة ،ول يجعممل ذا السممهم فممي السمملم كمممن ل
سهم له ،ول يحب أحد قوما ً إل كان معهممم يمموم القيامممة والرابعممة ل يسممتر
الّله على عبد في الدنيا إل ستر الّله عليه في الخرة.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى حدثنا محمد بن الفضل حممدثنا محمممد بممن
خزيمة بإسناده عن معاوية بن قرة قال :قال ابن مسعود رضي الل ّممه عنممه:
أربع آيات في سورة النساء خير للمسلمين من الدنيا جميعا ً قوله عز وجل
َ
ك ش مرِ ْ ن يُ ْ مم ْشمماُء وَ َ ن يَ َ م ْ ك لِ َ ن ذ َل ِ َ
دو َ ما ُ فُر َ ك ب ِهِ وَي َغْ ِ شَر َ ن يُ ْ فُر أ ْ ن الّله َل ي َغْ ِ }إ ِ ّ
َ َ
م سهُ ْ
ف َ موا أن ُ م إ ِذ ْ ظ َل َ ُظيمًا{ وقوله عز وجل }وَل َوْ أن ّهُ ْ قد ْ افْت ََرى إ ِْثما ً ع َ ِ ِبالل ّهِ فَ َ
حيممًا{ وابما ً َر ِدوا الل ّممه ت َ ّ جم ُ ل ل َوَ َ سممو ُ
م الّر ُ فَر ل َهُ ْ فُروا الّله َوا ْ
ست َغْ َ ست َغْ َ ك َفا ْ جاُءو َ َ
م ُ
سمي َّئات ِك ْ م َ ُ
فمْر ع َن ْكم ْ َ
ه ن ُك ّ ن ع َن ْم ُ ممما ت ُن ْهَموْ َ َ
جت َن ِب ُمموا كب َممائ َِر َن تَ ْوقوله عز وجممل }إ ِ ْ
ل سمموءا ً أوَ
ْ مم ْ ُ ن ي َعْ َ
مم ْ ريمًا{ يعني الجنة ،وقمموله تعممالى }وَ َ خل ً ك َ ِ مد ْ َم ُ خل ْك ُ ْوَن ُد ْ ِ
ً
حيما{. ً
فورا َر ِ ّ
جد ْ الله غ َ ُ ّ
فْر الله ي َ ِ ست َغْ ِم يَ ْ ه ثُ ّس ُف َ م نَ ْ ي َظ ْل ِ ْ
وروي عن جابر بن عبد الّله النصاري رضي الّله عنهما عن النبي صمملى
الّله عليه وسلم أنه قال" :شفاعتي لهل الكبائر من أمتي من كذب بها لم
ينلها" قال جابر بن عبد الله :من لم يكن من أهل
]ص [43
الكبائر فماله وللشفاعة :يعني ل يحتاج إلى الشفاعة وروى أنس بن مالممك
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنمه قمال" :شمفاعتي
لهل الكبائر من أمتي من كذب بها لم ينلها" وعن محمد بممن المنكممدر عممن
جابر بن عبد الّله النصاري رضي الّله عنهما قال :خممرج علينمما رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم فقال" :خرج من عندي خليلمي جبريممل صملوات الّلمه
وسلمه عليه آنفا ً فقال يا محمد والذي بعثك بممالحق نبيما ً إن للممه عبممدا ً مممن
عباده عبد الّله تعالى خمسمائة سنة على رأس جبل عرضه وطوله ثلثممون
ذراعا ً في ثلثين ذراعا ً والبحر محيط به أربعة آلف فرسخ مممن كممل ناحيممة،
أجرى الّله له عينا ً عذبة بعرض الصبع بماء عذب يستنفع من أسفل الجبممل
وشجرة رمان كل يوم يخرج له منها رمانة ،فإذا أمسممى نممزل فأصمماب مممن
الوضوء وأخذ تلك الرمانممة فأكلهمما ثممم قممام لصمملته فسممأل ربممه أن يقبضممه
ساجدا ً وأن ل يجعل للرض ول لشيء على جسده سممبيل ً حممتى يبعثممه وهممو
ساجد ففعل الّله ذلك له .قال جبريممل عليممه الصمملة والسمملم :فنحممن نمممر
عليه إذا هبطنا وعرجنمما وهممو علممى حمماله فممي السممجود .قممال جبريممل عليممة
الصلة والسلم فنجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الّله
تعالى ،فيقول الرب تبارك وتعالى :أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ،فيقول بممل
بعملي ،فيقول الّله تعممالى للملئكممة حاسممبوا عبممدي بنعمممتي عليممه وبعملممه
فيوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادته خمسمائة سنة وبقيت نعمة الجسممد،
فيقول أدخلوا عبدي النار فيجر إلى النممار فينممادي يمما رب برحمتممك أدخلنممي
الجنة ،فيقول ردوه فيوقف بين يديه فيقول :عبدي من خلقك ولم تك شيئا ً
فيقممول أنممت يمما رب فيقممول :أكممان ذلممك بعملممك أو برحمممتي؟ فيقممول بممل
برحمتك فيقول من قواك على عبادتي خمسمائة سنة؟ فيقول أنت يا رب،
فيقول من أنزلك في جبل في وسط اللجة وأخرج الماء العذب من المالممح
وأخرج لك رمانة في كل ليلة ،وإنما تخممرج فممي السممنة مممرة ،وسممألتني أن
أقبض روحك ساجدا ً ففعلت ذلك بك من فعممل ذلممك؟ فيقممول أنممت يمما رب.
قال :فكل ذلك برحمتي ،وبرحمتي أدخلك الجنة .قال جبريل عليممة الصمملة
والسلم :إنما الشياء برحمة الله".
وروي عن الحسن عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :ممما اجتمممع
الرجاء والخوف في قلب امرأ مسلم عند الموت إل أعطاه الل ّممه ممما يرجمموا
وصرف عنه ما يخاف" وروي عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي
الّله تعالى عنه أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم قممال" :لممن ينجمموا أحممدكم
بعمله .قالوا ول أنت يا رسول الله؟ قال :ول أنا إل أن يتغمدني الّله برحته،
فقاربوا وسددوا واغدوا وروحوا شيئا ً من الدلجة القصد تبلغوا" وروى أنممس
بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال:
"يسروا ول تعسروا وبشروا ول تنفروا" وقال ابن مسعود :لن تزال الرحمة
بالناس يوم القيامة حتى أن إبليس يرفع رأسه مما يممرى مممن سممعة رحمممة
الّله وشفاعة الشافعين .وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :ينممادي
مناد من تحت العرش يوم القيامة يا أمة محمد
]ص [44
أما ما كان لي قبلكم فقد وهبتممه لكممم وبقيممت التبعممات فتواهبوهمما وادخلمموا
الجنة برحمتي" وكان فضيل بن عياض رحمة الّله عليممه يقممول :الخمموف ممما
دام الرجل صحيحا ً فإذا مرض وعجز عن العمل فالرجمماء أفضممل :يعنممى أن
الرجممل إذا كممان صممحيحا ً كممان الخمموف أفضممل حممتى يجتهممد فممي الطاعممات
ويجتنب المعاصي فإذا مرض وعجز عن العمل كان الرجاء له أفضل.
)قال الفقيه( رضي الّله عنه :حدثنا محمد بن الفضل بإسممناده عممن ابممن
أبي رواد عن أبيه قال :أوحى الّله تعالى إلممى داود النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أن يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين ،فقال كيف أبشر المذنبين
وأنذر الصديقين؟ قممال بشممر المممذنبين بممأني ل يتعمماظمني ذنممب أن أغفممره
وأنذر الصديقين أن ل يعجبوا بأعمالهم فإني ل أضع عممدلي وحسممابي علممى
أحد إل أهلكه" وروى ابن أبي رواد عن أبيه عممن بعممض أهممل الكتمماب قممال:
الّله تعالى يقول إني أنا الّله مالك الملك قلمموب الملمموك بيممدي فأيممما قمموم
رضيت عنهم جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة ،وأيما قوم سخطت عليهم
جعلت قلوب الملوك عليهم نقمة ،فل تشغلوا أنفسكم بلعن الملوك وتوبمموا
ي أرفقهم عليكم .وروى العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عممن أبممي هريممرة إل ّ
رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال" لو يعلم المؤمن
ما عند الّله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ،ولو يعلم الكافر ما عند الّله
من الرحمة ما قنط من رحمته أحد" وقال أبممو يعلممى الحسممين ابممن محمممد
النيسابوري :حدثنا بديل بمن محممد السممفرايني .حمدثنا الحسممين بمن عممر
الكوفي .حدثنا هرون بن محمد عن أحمد بن سممهل قمال :رأيممت يحيمى بمن
أكثم في المنام فقلت لهو يا يحيى ما فعل بك ربك؟ قال دعاني فقممال لممي
يا شيخ السوء فعلت ما فعلت ،فقلت يا رب ما بهذا حدثت عنك .قال :وبما
حدثت؟ قال :قلت حدثني عبد الرزاق عن معمممر عممن الزهممري عممن عممروة
عن عائشة رضي الّله تعالى عنها عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم عممن
جبريل عليه الصلة والسلم أنك قلت "ما من مسلم يشيب في السلم إل
وأنا أريد أن أعذبه إل وإني استحي أن أعذبه" وأنا شيخ كممبير .قممال :صممدق
عبد الرزاق وصدق معمر وصدق الزهممري وصممدق عممروة وصممدقت عائشممة
وصدق النبي صلى الّله عليه وسلم وصممدق جبريممل عليممه الصمملة والسمملم
وصدقت أنا ،يا يحيى إني ل أعذب من شاب في السمملم ثممم أمممرت بممذات
اليمين إلى الجنة وروى عن عمر رضي الّلمه تعممالى عنممه " أنممه دخممل علممى
النبي صلى الّله عليه وسلم فوجده يبكي فقال ما يبكيممك يمما رسممول اللممه؟
قال جاءني جبريل عليه الصلة والسمملم وقممال إن الّلمه يسمتحي أن يعممذب
أحدا ً قد شاب في السلم ،فكيممف ل يسممتحي مممن شمماب فممي السمملم أن
يعصي الّله تعالى".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :فممالواجب علممى الشمميخ أن يعممرف هممذه
الكرامة ويشكر الل ّممه ويسممتحي مممن الل ّممه عممز وجممل ويسممتحي مممن الكممرام
الكاتبين ويمتنع عن المعاصي ويكممون مقبل ً علممى طاعممة الل ّممه تعممالى ،فممإن
الزرع إذا دنى حصاده ل ينتظر به ،وكذلك الشاب يجب
]ص [45
ّ
عليه أن يتقي الله ويتجنب المعاصي ويقبممل علممى الطاعممات فممإنه ل يممدري
متى يأتي أجله ،فإن الشاب إذا كان مقبل ً على طاعة الّله تعالى أظله الل ّممه
يوم القيامة تحت عرشه كما جاء في الخبر .قال :حدثنا أبو الحسن القاسم
بن محمد بن برزوبة ،حدثنا عيسى بن خشنام حممدثنا سممويد عممن مالممك بممن
حبيب عن عبد الرحمن بن حفص عن عاصممم عممن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنه قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم" :سبعة يظلهم الل ّممه
تعالى يوم القيامة في ظل عرشه يوم ل ظل إل ظله :إمام عممادل ،وشمماب
نشأ في عبادة الله ،ورجل كان قلبممه معلق ما ً بالمسممجد إذا خممرج منممه حممتى
يعود إليه ،ورجلن تحابا في الّله تعالى اجتمعا عليممه وافترقمما عليممه ،ورجممل
ذكر الّله عز وجل خاليا ً ففاضت عيناه ،ورجل تصدق بصدقة فأخفاهمما حممتى
ل تعلم شماله ما فعلت يمينة ،ورجل دعته امرأة ذات حسممن وجمممال إلممى
نفسها فقال إني أخاف الّله عز وجل" والله سبحانه وتعالى أعلم.
]ص [46
فقد شد ّ ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم ألف منافق ،وروى سعيد
عن قتادة قال :ذكر لنا "أن رجل ً أتممى النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم وهممو
يومئذ بمكة فقال :أنت الذي تزعم أنك رسول اللممه؟ قممال نعممم :قممال فممأي
العمال أحب إلى الّله تعالى؟ قال اليمان بالله قممال ثممم ممماذا؟ قممال صمملة
الرحم ،قال ثم ماذا؟ قال المر بالمعروف والنهممي عممن المنكممر قممال فممأي
العمال أبغض إلى الّله سبحانه وتعالى؟ قال الشرك بمالله قمال ثممم مماذا؟
قال :قطيعة الرحم ،قال ثم ماذا؟ قال ترك المممر بممالمعروف والنهممي عممن
المنكر" قال سفيان الثوري رحمه الله :إذا رأيت القارئ محببا ً فممي جيرانممه
محمودا ً عند إخوانه فاعلم أنه مداهن قال :حدثنا محمممد بممن الفضممل قممال:
حدثنا محمد بن خزيمة قال :حدثنا محمد بن الزهر بإسناده عممن عبممد الل ّممه
بن جرير عن أبيه قال :قال رسول صلى الّله عليممه وسمملم" :ممما مممن قمموم
يكون فيهم رجل يعمل بالمعاصي ويقدرون أن يغيروه فل يغيرونه إل عمهم
الّله بعذاب قبل أن يموتوا".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :قد اشترط النبي صلى الّله عليه وسمملم
القدرة يعني إذا كانت الغلبة لهل الصلح فالواجب عليهممم أن يمنعمموا أهممل
المعاصي من المعصممية إذا أظهممروا المعاصممي ،لن الل ّممه تعممالى مممدح هممذه
ْ
ن ف وَت َن ْهَ موْ َ معُْرو ِ ن ب ِممال َ
مُرو َ س ت َأ ُ
ت ِللّنا ِ ج ْخرِ َ مة ٍ أ ُ ْ ُ
خي َْر أ ّ م َ المة بذلك قال }ك ُن ْت ُ ْ
َ
م من ُْهم ْم ِ خْيمرا ً ل َُهم ْ ن َ كما َ ب لَ َ ل الك َِتما ِ هم ُنأ ْ مم َ ن ِبمالل ّهِ وََلموْ آ َ مُنمو َ منك َرِ وَت ُؤ ْ ِ ن ال ُ عَ ْ
َ
ن{ ويقممال معنمماه كنتممم مكتمموبين فممي اللمموح قو َ سم ُفا ِ م ال َ ن وَأك ْث َُرهُ م ْ مُنو َمؤ ْ ِ ال ُ
ّ
المحفمموظ خيممر أمممة أخرجممت للنمماس :يعنممي أخرجكممم اللممه لجممل النمماس،
تأمرون بالمعروف :يعني لكي تممأمروا بالطاعممة وتنهمموا عممن المنكممر :يعنممي
تمنعون أهل المعاصي من المعصممية ،فممالمعروف مما كممان موافقما ً للكتمماب
والعقل والمنكممر ممما كممان مخالفما ً للكتمماب والعقممل ،وقممال فممي آيممة أخممرى
ْ كم ُ
ن عم ْ
ن َ ف وَي َن َْهموْ َ معُْرو ِ ن ِبمال َ مُرو َ خي ْمرِ وَي َمأ ُ ن إ َِلمى ال َ عو َ ة َيمد ْ ُ مم ٌمأ ّ من ْ ُ ْ ن ِ }وَل ْت َك ُ ْ
ن{ وهممذه اللم لم المممر يعنممي لتكممن منكممم حممو َ فل ِ ُ
م ْم ال ُ ك هُ م ْ من ْك َمرِ وَأ ُوْل َئ ِ َ ال ُ
جماعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكممر وقممد ذم الل ّممه تعممالى أقوامما ً
منك َم ٍ
ر ن ُ ن عَ ْ كاُنوا َل ي َت ََناهَوْ َ بترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال } َ
ممما ك َمماُنوا س َ ه{ يعنممي ل ينهممى بعضممهم بعضما ً عممن منكممر فعلمموه }ل َب ِئ ْ َ فَعَل ُممو ُ
ن َوال َ ْ
حب َمماُر{ يعنممي هل ن{ وقال في آية أخرى }ل َموَْل ي َن ْهَمماهُ ْ
م الّرب ّممان ِّيو َ فعَُلو َ
يَ ْ
ينهاهم علماؤهم وفقهائهم وقرائهم عن قولهم الثم وأكلهم السحت :يعنممي
قممول الفحممش وأكممل الحممرام ،لممبئس ممما كممانوا يصممنعون ،وينبغممي للمممر
بممالمعروف أن يممأمر فممي السممر إن اسممتطاع ذلممك ليكممون أبلممغ منممه فممي
الموعظة والنصيحة.
قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه :من وعظ أخاه فممي العلنيممة فقممد ّ
شانه ،ومن وعظ أخاه في السر فقد زانه ،فممإن لممم تنفعممه الموعظممة فممي
السر يأمره في العلنية ،ويستعين بأهل الصلح وأهل الخيممر ليزجممروه عممن
المعصية فممإنهم إن لممم يفعلمموا ذلممك غلممب عليهممم أهممل المعصممية ،فيممأتيهم
العذاب فيهلكهم جميعا ً قال حدثنا الخليل بن أحمد
]ص [47
الدبيلي .حممدثنا عبممد اللممه :حممدثنا سممفيان عممن مجاهممد عممن الشممعبي قممال:
سمعت النعمان بن بشير رضي الّله تعالى عنه يقول سمممعت رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم يقول" :مثل المداهن في حقوق الّله تعممالى والواقممع
فيها والقائم عليها كمثل ثلثة رجال كممانوا فممي سممفينة فاقتسممموا منممازلهم
وصار لحدهم أعلها ولحدهم أوسطها ولحدهم أسفلها فبينما هم كذلك إذ
أخذ أحدهم القدوم فقالوا له ما تريد؟ قال أخرق في مكاني خرق ما ً فيكممون
ي ويكون فيها مخلتي ومهراق دمائي ،فقال بعضممهم اتركمموه الماء أقرب إل ّ
أبعده الّله يخرق في حقه ما شاء ،وقال بعضهم :ل تدعوه يخرقهمما فيهلكنمما
ويهلك نفسه فإن هم أخذوا على يديه نجا ونجوا وإن هممم لممم يأخممذوا علممى
يديه هلكوا وهلممك" وروي عممن أبممي الممدرداء رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال:
"لتأمرن بالمعروف ولتنهن عممن المنكممر أو ليسمملطن الل ّممه عليكممم سمملطانا ً
ظالما ً ل يجل كبيركم ول يرحم صغيركم ،وتدعوا خياركم فل يسممتجاب لهممم
ويستنصمرون فل ينصمرون ويسمتغفرون فل يغفمر لهمم" وروي عمن حذيفمة
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال" :والممذي
نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشك أن يبعث الّله
عليكم عقابا ً من عنده ثم تدعونه فل يستجيب لكم" وروي عممن علممي كممرم
الّله وجهه عن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال" :إذا هممابت أمممتي أن
يقولوا للظالم أنت ظالم فتودع منهم" وروى أبو سعيد الخدري رضي الّلممه
تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :إذا رأى أحدكم منكرا ً
فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلممك أضممعف
اليمان" يعني أضعف فعل أهل اليمان .قال بعضهم :التغيير باليد للمممراء،
وباللسان للعلماء ،وبالقلب للعامة .وقال بعضهم :كل مممن قممدر علممى ذلممك
فالواجب عليه أن يغيره.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ينبغي للذي يأمر بالمعروف أن يقصد
به وجه الّله تعالى وإعزاز الدين ول يكون لحمية نفسممه ،فممإنه إن قصممد بممه
وجه الّله تعالى وإعزاز الدين نصره الّله تعالى ،ووفقه لذلك وإن كان أمره
لحمية نفسه خذله الّله تعالى فإنه بلغنا عن عكرمة رضي الّله تعممالى عنممه:
أن رجل ً مّر بشجرة تعبد من دون الّله تعالى فغضب وقممال :هممذه الشممجرة
تعبد من دون الّله ثم إنه أخذ فأسه وركب حماره ثممم تمموجه نحممو الشممجرة
ليقطعها فلقيه إبليس عليه اللعنة في الطريق على صورة إنسان فقال لممه
إلى أين؟ رأيت شجرة تعبد من دون الّله عز وجل فأعطيت الّلممه عهممدا ً أن
أركب حماري وأخذ فأسي وأتوجه نحوها فأقطعها ،فقمال لمه إبليممس مالمك
ولها دعها ومن يعبدها أبعدهم الل ّممه تعممالى فتخاصممما وتضمماربا ثلث مممرات،
فلما عجز إبليس لعنه الّله تعالى ولم يرجع لقوله قال له إبليس لعنممه الّلممه
ارجع وأنا أعطيك كل يمموم أربعممة دراهممم فممترفع كممل يمموم طممرف فراشممك
فتأخذها ،فقال :أو تفعل ذلك؟ قال نعم ،ضمنت لممك ذلممك كممل يمموم فرجممع
إلى منزله فوجد ذلك يومين أو ثلثا ً أو ما شاء اللممه ،فلممما أصممبح بعممد ذلممك
طرف فراشه فلم يرى شيئا ً ثم يوما ً أخر،
]ص [48
فلما رأى أنه ل يجد الدراهم أخذ الفأس وركب الحمار فلقيممه إبليممس علممى
صورة إنسان فقال له :أين تريد؟ قال شجرة تعبد من دون الّله تعالى أريد
أن أقطعها ،فقال له إبليممس ل تطيممق ذلممك ،أممما أول مممرة فكممان خروجممك
غضبا ً لله تعممالى فلممو اجتمممع أهممل السممماوات والرض ممما ردوك وأممما الن
فإنما خروجك لنفسك حيث لممم تجممد الممدراهم فلئن تقممدمت لنممدقن عنقممك
فرجع إلى بيته وترك الشجرة .قال الفقيه أبو الليث رضي الّله تعالى عنممه:
فالذي يأمر بالمعروف يحتاج إلى خمسة أشياء أولهمما العلممم لن الجاهممل ل
يحسن المر بالمعروف والثاني أن يقصد به وجه الّله تعالى وإعزاز الممدين.
والثالث :الشفقة على من يأمر باللين والتممودد ول يكممون فظما ً غليظما ً قممال
قوَل ل َ ُ
ه لموسى وهارون عليهما الصلة والسلم حين بعثهما إلى فرعون }فَ ُ
قَوْل ً ل َّينًا{ والرابع :أن يكون صمبورا ً حليمما ً لن الّلمه تعمالى قمال فمي قصمة
صب ِْر ع َل َممى ْ
منك َرِ َوا ْ ن ال ُ ه عَ ْ ف َوان ْ َ
معُْرو ِ مْر ِبال َ لقمان عليه الصلة والسلم }وَأ ُ
ك{ والخامس :أن يكون عامل ً بما يأمر به لكيل يعير به ولئل يممدخل صاب َ َ ما أ َ
َ َ
م{ .وروى أنس بن ُ َ ْ َ
سك ْ ف َ ن أن ُ سوْ َس ِبالب ِّر وََتن َن الّنا َ مُرو َ
تحت قوله تعالى }أت َأ ُ
مالك رضي الّله تعالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال:
"رأيت ليلة أسري بي إلى السماء رجال ً تقرض شفاههم بالمقاريض فقلممت
من هؤلء يا جبريل؟ قال خطبمماء أمتممك الممذين كممانوا يممأمرون النمماس بممالبر
وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفل يعقلمون" يعنمي يتلمون كتماب الّلمه
وهم ل يعملون بما فيه وقال قتادة :ذكر لنا أن في التمموراة مكتوب ما ً يمما ابممن
آدم تذكرني وتنساني وتدعوا إلي وتفر مني فباطل ممما تممذهبون .وروى أبممو
معاوية الفزاري بإسناده عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال" :أنتممم
على بينة من ربكم" يعني على بيان من ربكم" ،قممد بيممن الل ّممه تعممالى لكممم
طريقكم ما تظهر فيكم السكرتان سممكرة العيممش وسممكرة الجهممل ،فممأنتم
اليوم تأمرون بالمعروف وتنهون عممن المنكممر وتجاهممدون فممي سممبيل اللممه،
وستحولون عن ذلك إذا فشى فيكم حب الممدنيا فل تممأمرون بممالمعروف ول
تنهون عن المنكر وتجاهدون في غير سبيل الّله والقائمون يممومئذ بالكتمماب
ة كالسابقين الولين من المهاجرين والنصار". سرا ً وعلني ً
وروى الحسن رحمه الّله تعالى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال:
"من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا ً فقد أستوجب الجنة وكان
رفيق إبراهيم ونبينا محمد عليهما الصلة والسلم" يعني أن إبراهيممم همماجر
هجٌر إ َِلى َرّبي إ ِن ّ ُ مَها ِل إ ِّني ُ من أرض حران إلى الشام وهو قوله تعالى }وََقا َ
ديِني{ يعني إلى طاعممة سي َهْ ِب إ َِلى َرّبي َ ذاه ِ ٌم{ وقال }إ ِّني َ كي ُ
ح ِ
زيُز ال َ
هُوَ العَ ِ
ربي وإلى رضا ربي .وقد هاجر النبي صلى الّله عليه وسلم مممن مكممة إلممى
المدينة ،فمن كان في أرض فيها المعاصي فخرج منها ابتغمماء مرضمماة الل ّممه
تعالى فقد اقتدى بإبراهيم ومحمد المصطفى صلوات الّله وسمملمه عليهممما
ه
ن ب َي ْت ِم ِ
مم ْ ج ِخ مُر ْ
ن يَ ْ م ْ فيكون رفيقهما في الجنة .قال الّله سبحانه وتعالى }وَ َ
جرا ًمَها ِ ُ
]ص [49
ه{ يعني إلى طاعة الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع ّ إَِلى الّله وََر ُ
سول ِ ِ
ن الل ّممه َ
جمُره ُ ع َل َممى الل ّممه وَك َمما َ
قمد ْ وَقَمعَ أ ْت فَ َ
م مو ْ ُ
ه ال َ أجره على الّله }ث ُ ّ
م ي ُد ْرِك ْ ُ
حيمًا{ يعني وجب ثوابه على الل ّممه تعممالى ،وقممال النممبي صمملى الل ّممه فورا ً َر ِ
غَ ُ
عليه وسلم" :أيما مسلم خرج من بيتممه مهمماجرا ً إلممى الل ّممه تعممالى ورسمموله
ووضع رجله في غرز راحلته ولو خطوة واحدة ثم نممزل بممه الممموت أعطمماه
الّله تعالى مثل أجور المهاجرين ،وأيما مسلم يخممرج مممن بيتممه قاصممدا ً فممي
سبيل الّله فرفصته دابته قبل القتال أو لدغته هامة أو مات كيفما مات فهو
شهيد ،وأيما مسلم خرج من بيته إلى بيت الّله الحرام ثم نممزل بممه الممموت
قبل بلوغه أوجب الّله تعالى له الجنة".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :ومن لم يهاجر من أرضه وهو يقدر على
أداء فرائض الّله تعالى فل بأس أن يقيم هناك ويكون كارها ً لمعاصيهم فهو
معذور .وروي عن عبد الّله ابن مسممعود رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال:
بحسب امرأ منكم أنه إذا رأى منكرا ً ل يستطيع له تغييرا ً أن يعلم الل ّممه مممن
قلبه أنه له كاره .وروي عن بعض الصحابة رضي الّله تعالى عنه أنممه قممال:
إذا رأى أحد منكم منكرا ً ل يستطيع النكير عليه فليقممل ثلث مممرات :اللهممم
إن هذا منكر فل تؤاخذني به ،فإذا قال ذلك فله ثواب مممن أمممر بممالمعروف
ونهى عن المنكر .وروى عن عمر بممن جممابر اللخمممي عممن أبممي أميممة قممال:
َ
ممن ُمموا ع َل َي ْك ُم ْ نآ َ ذي َ سممألت أبمما ثعلبممة الخشممني عممن هممذه اليممة }ي َمما أي ّهَمما ال ّم ِ
م{ فقال لقد سألت عنها خبيرًا ،فقال لقد سألت عنهمما رسممول الل ّممه سك ُ ْ ف َ َأن ُ
صلى الّله عليه وسلم فقال" :يا أبا ثعلبممة ائتمممروا بممالمعروف وتنمماهوا عممن
المنكر ،فإذا رأيت دنيا مممؤثرة وشممحا ً مطاع ما ً وإعجمماب كممل ذي رأي برأيممه
فعليك نفسك ،فإن من بعدكم أيام الصبر وللمتمسك يومئذ بمثل الذي أنتم
ل ،فقالوا يا رسممول الل ّممه كممأجر خمسممين عممامل ً منهممم أو كأجر خمسين عام ً
منا؟ فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم ل بممل كممأجر خمسممين عممامل ً
منكم".
وعن قيس بن أبي حازم قال :سمعت أبا بكر الصديق رضي الّله تعممالى
َ
مُنوا نآ َ ذي َعنه يقول تقرءون هذه الية وتضعونها في غير موضعها }َيا أي َّها ال ّ ِ
ميع مًا{ ج ِ م َ جعُك ُم ْ مْر ِم إ َِلى الل ّممه َ ض ّ
ل إِ َ
ذا اهْت َد َي ْت ُ ْ ن َ
م ْ
م َ م َل ي َ ُ
ضّرك ُ ْ سك ُ ْ م َأن ُ
ف َ ع َل َي ْك ُ ْ
وإني سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقول "مما ممن قموم يعمممل
فيهم بالمعاصي ول يغيرونها إل أوشك أن يعمهم الّله بعقاب منه" وعن ابن
مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه سئل عن هذه الية فقال :ليممس ذا زمممان
ذلك ،ولكن إذا كثرت أهواؤهم وألفوا الجدال فعلى كممل امممرئ نفسممه جمماء
.
تأويلها.
باب التوبة
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله تعالى عنه وأرضاه :حدثنا
الفقيه أبو جعفر .حدثنا أبو القاسم أحمد بن حنبل .حدثنا نصممير بممن يحيممى.
حدثنا أبو مطيع عن حماد بن سلمة عن حميد عممن عبممد الل ّممه بممن عبيممد بممن
عمير قال :قال آدم صلوات الّله وسلمه عليه :يا رب إنك
]ص [50
ي إبليس ول أستطيع أن أمتنع منه إل ّ بك ،قال ل يولممد لممك ولممد سلطت عل ّ
إل ّ وكلت عليه من يحفظه من مكر إبليس عليه اللعنة ومن قربمماء السمموء،
قال يممارب زدنممي؟ قممال الحسممنة بعشممر أمثالهمما وأزيممدها والسمميئة بواحممدة
وأمحوها .قال يارب زدني؟ قال التوبة مقبولة ما دامت الروح في الجسممد.
طوا قن َ ُ
م ل تَ ْ سهِ ْف ِ سَرُفوا ع ََلى أ َن ْ ُ نأ ْ
عبادي ال ّذي َ
ِ َ ل َيا ِ َ ِ قال يارب زدني؟ قال }قُ ْ
م{ حي ُفوُر الّر ِ ه هُوَ الغَ ُ ميعا ً إ ِن ّ ُ ج ِب َفُر الذ ُّنو َ ن الّله ي َغْ ِ مةِ الّله إ ِ ّح َ ن َر ْ م ْ ِ
ّ
)قال( وحدثني الثقة بإسناده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما "أن
وحشيا ً قاتل حمزة عم النبي صلى الّله عليه وسلم كتب إلممى رسممول الل ّممه
صلى الّله عليممه وسمملم مممن مكممة إنممي أريممد أن أسمملم ولكممن يمنعنممي عممن
ع
م َ ن َ عو َ ن ل ي َد ْ ُ ذي َ السلم آية من القرآن نزلت عليك وهي قوله تعالى }َوال ّ ِ
ن مم ْن وَ َ حقّ َول ي َْزن ُممو َ م الل ّممه إ ِل ّ ب ِممال َ حمّر َ س ال ِّتي َ ف َن الن ّ ْ قت ُُلو َخَر َول ي َ ْ الّله إ َِلها ً آ َ
ك ي َل ْقَ أ ََثامًا{ وأني قد فعلت هذه الشياء الثلثة فهل لي ممن توبممة ل ذ َل ِ َ فعَ ْ يَ ْ
ل الل ّممه ُ
صاِلحا ً فَ مأوْل َئ ِ َ
ك ي ُب َمد ّ ُ مل ً َ ل عَ َ م َ ن وَع َ ِم َ ب َوآ َ
ن َتا َ م ْ فنزلت هذه الية }إ ِل ّ َ
ت{ فكتب بذلك إلى وحشي ،فكتب إليه إن في الية شرطا ً سَنا ٍ ح َم َ سي َّئات ِهِ َْ
وهو العمل الصالح ول أدري هل أقدر على العمل الصالح أم ل؟ فنزل قوله
َ
شاُء{ فكتب ن يَ َ م ْك لِ َن ذ َل ِ َدو َما ُ
فُر َ شَر َ
ك ب ِهِ وَي َغْ ِ ن يُ ْفُر أ ْن الّله ل ي َغْ ِ تعالى }إ ِ ّ
ً ً
بذلك إلى وحشي ،فكتب إليه إن في الية شرطا أيض ما فل أدري أيشمماء أن
سمَرُفوا ع َل َممى عبممادي ال ّمذي َ يغفر لممي أم ل؟ فنممزل قمموله تعممالى }قُم ْ
نأ ْ ِ َ ل ي َمما ِ َ ِ
فوُر ه هُوَ الغَ ُميعا ً إ ِن ّ ُ ج ِب َ فُر الذ ُّنو َن الّله ي َغْ ِ مةِ الّله إ ِ ّح َن َر ْ
م ْ طوا ِ قن َ ُ
م ل تَ ْ سه ِ ْ
ف ِ أ َن ْ ُ
م{ فكتب إلى وحشي فلم يجد فيها شرطا ً فقدم المدينة وأسلم". حي ُالّر ِ
)قال( أنبأنا الخليل بن أحمد أنبأنا ابممن معمماذ .أنبأنمما الحسممين المممروزي.
حدثنا عبد الّله ابن سفيان قال :كتب محمد بن عبد الرحمن السمملمي إلمم ّ
ي
قال :حدثنا أبي قال :جلست إلى نفر من أصممحاب النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم بالمدينة فقال رجل منهم :سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم
يقول "من تاب قبممل ممموته بنصممف يمموم تمماب الل ّممه عليممه" .قممل قلممت أنممت
سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقول؟ قال نعم ،فقال رجل آخر
سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقممول "مممن تمماب قبممل الغرغممرة
تاب الّله عليه" قال :حدثنا محمد بن الفضمل بمن أحنممف .حمدثنا محممد بمن
جعفر .حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا سعيد بن سالم القداح عن بشممر بممن
جبلة عن عبد العزيز بن اسماعيل عن محمد بممن مطممرف قممال :قممال الل ّممه
تعممالى "ويممح ابممن آدم يممذنب الممذنب فيسممتغفرني فمماغفر لممه ثممم يعممود
فيسممتغفرني فمماغفر لممه ،ويحممه ل هممو يممترك ذنبممه ول ييممأس مممن رحمممتي،
أشهدكم يا ملئكتي أني قد غفرت له" قال :حدثنا محمد بن الفضل .حممدثنا
محمد بن جعفر .حدثنا إبراهيم بن يوسف .حدثنا أبو معاويممة عممن العمممش
ي قال :كان عن رجل عن مغيث بن سم ّ
]ص [51
رجل ممن كان قبلكم يعمل بالمعاصي فبينما هممو يسممير ذات يمموم إذ تفكممر
فيما سلف فقممال :اللهممم غفرانممك ثلث مممرات فممأدركه الممموت علممى تلممك
الحالة فغفر الّله له .وروى محمد ابن عجلن عن مكحممول قممال :بلغنممي أن
إبراهيم عليه الصلة والسلم لما عرج به إلى ملكوت السموات أبصممر بممدا ً
يزني فدعا عليه فأهلكه الّله تعالى ،ثم رأى عبدا ً يسرق فدعا عليه فممأهلكه
الّله تعالى ،فقال الّله تعالى "يا إبراهيم دع عنممك عبممادي ،فممإن عبممدي بيممن
ثلث خصال بين أن يتوب فأتوب عليه ،وبين أن أستخرج له ذريممة تعبممدني،
وبين أن يغلب عليه الشقاء فمن ورائه جهنم".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :في هذا الخبر دليل على أن العبد إذا تاب
فبل الّله توبته فل ينبغي للعبد أن ييممأس مممن رحمممة الل ّممه تعممالى فممإن الل ّممه
ن{ يعني من رحمة كافُِرو َ م ال َ قو ْ ُح الّله إ ِل ّ ال َ ن َروْ ِ م ْس ِ ه ل ي َي ْئ َ ُ تعالى قال }إ ِن ّ ُ
فممو عب َمماد ِهِ وَي َعْ ُ
ن ِ ة ع َم ْ ل الت ّوْب َم َ ذي ي َقْب َ ُ الّله تعالى ،وقال في آية أخرى }وَهُوَ ال ِ
ّ
ت{ فينبغي للعاقل أن يتوب إلى الل ّممه فممي كممل وقممت ول يكممون سي َّئا ِن ال ّ عَ ْ
مصرا ً على الذنب فإن الراجع عن ذنبه ل يكون مصرا ً وإن عمماد فممي اليمموم
سبعين مرة ،كما روى عن أبي بكممر الصممديق رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال " ما أصممر مممن اسممتغفر وإن عمماد فممي
اليوم سبعين مرة" وروي عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "واللممه
إني لتوب إلى الّله تعالى في اليوم مائة مممرة" وروي عممن علممي ابممن أبممي
طالب كرم الّله وجهه أنه قال :كنت إذا سمعت من رسول الّله صملى الّلمه
عليه وسلم شيئا ً نفعني الّله به ما شاء الّله وإذا حممدثني غيممره حلفتممه فممإن
حلف صدقته .وحدثني أبو بكر رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم "وما من عبممد يممذنب ذنب ما ً فيتوضممأ فيحسممن الوضمموء
نمم ْ ويصلي ركعتين وسيستغفر الّله إل ّ غفر الل ّممه لممه ،ثممم تل هممذه اليممة }وَ َ
حيمممًا{" وفممي فورا ً َر ِ جد ْ الّله غ َ ُ َ
فْر الّله ي َ ِ ست َغْ ِ
م يَ ْ ه ثُ ّس ُف َ م نَ ْسوءا ً أوْ ي َظ ْل ِ ْ ل ُ م ْي َعْ َ
م ذ َك َُروا الّله َ َ
سه ُ ْ ف َموا أن ْ ُ ة أوْ ظ َل َ ُ ش ً ذا فَعَُلوا َفا ِ
ح َ ن إِ َذي َ رواية "تل هذه الية }َوال ّ ِ
ممما فَعَل ُمموا صمّروا ع َل َممى َ م يُ ِ ب إ ِل ّ الّله وَل َم ْ فُر الذ ُّنو َ ن ي َغْ ِ م ْ م وَ َ فُروا ل ِذ ُُنوب ِهِ ْ َفا ْ
ست َغْ َ
حت ِهَمما
ن تَ ْ
مم ْ
ري ِ
جم ِ
ت تَ ْ
جن ّمما ٌ
م وَ َ
ن َرب ّهِم ْ
مم ْ
مغْفِمَرة ٌ ِم َجَزاؤ ُهُ ْك َ ن ،أ ُوْل َئ ِ َ
مو َ م ي َعْل َ ُ
وَهُ ْ
ن{ وروى الحسن البصري رحمممه الل ّممه َ ال َن َْهاُر َ
مِلي َجُر الَعا ِمأ ْ ن ِفيَها وَن ِعْ َ دي َخال ِ ِ
تعالى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "لما الل ّممه عممز وجممل إبليممس
عليه اللعنة قال بعزتك وعظمتك إني ل أفارق ابن آدم حممتى تفممارق روحممه
جسده ،فقال الرب تعمالى وعزتمي وعظممتي ل أحجمب التوبمة عمن عبمدي
حتى يغرغر بها" .وروى القاسم عن أبي أمامة البمماهلي رضممي الل ّممه تعممالى
عنه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "صاحب اليمين أمين على صاحب
الشمال ،فإذا عمل العبد حسنة كتب له صاحب اليميممن عشمرة ،وإذا عمممل
سيئة فأراد أن يكتبها صاحب الشمال قال صاحب اليميممن أمسممك فيمسممك
ست ساعات من النهار أو سبع ساعات فإن استغفر الل ّممه لممم يكتممب عليممه
شيئا ً وإن لم يستغفر يكتب عليه سيئة واحدة".
]ص [52
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :وهذا موافق لما روى عن رسول الّله
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "التائب من المذنب كممن ل ذنمب لمه" وروي
في رواية أخرى "إن العبد إذا أذنب لم يكتب عليه حتى يذنب ذنبا ً آخممر ثممم
إذا أذنب ذنبا ً آخر فلم يكتب عليه حتى يذنب ذنبا ً آخر ،فممإذا اجتمعممت عليممه
خمسة من الذنوب وعمل حسنة واحممدة كتممب لممه خمممس حسممنات وجعممل
الخمس بإزاء خمس سيئات فيصيح عنممد ذلممك إبليممس عليممه اللعنممة ويقممول
كيف أستطيع على ابن آدم وإني وإن اجتهدت عليممه يبطممل بحسممنة واحممدة
جميع جهدي" .وروى صفوان بن عسال المرادي رضي الّله تعالى عنه عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :مممن قبممل المغممرب بمماب خلقممه الل ّممه
تعالى للتوبة عرضه مسيرة سبعين سنة أو أربعين سمنة ل يمزال مفتوحما ً ل
يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها" .وعن سعيد بن المسمميب فممي قمموله
فورًا{ قال :هو الرجل يذنب ذنبا ً ثم يتوب ثم ن غَ ُ كا َ َ ه َ
ن ل ِلّواِبي َ عز وجل }فَإ ِن ّ ُ
يذنب ذنبا ً ثم يتوب .وقيل للحسن البصري :إلى متى هممذا؟ قممال :ل أعممرف
هذا إل ّ مممن أخلق المممؤمنين .وقممال بعممض الحكممماء :حرفممة العممارف سممتة
أشياء :إذا ذكر الّله افتخر ،وإذا ذكر نفسه احتقر ،وإذا نظر فممي آيممات الل ّممه
اعتبر ،وإذا هم بمعصية أو شهوة انزجر ،وإذا ذكر عفممو الل ّممه استبشممر ،وإذا
ذكر ذنوبه استغفر.
)قال الفقيه( رحمه الله :حدثني أبي رحمه الّله تعالى .حدثنا أبو الحسن
الفراء .حدثنا أبو بكر الجرجاني عن محمد بن إسحق عمن حدثه عن معمر
عن الزهري قال "دخل عمر ابن الخطاب على رسول الّله صلى الّله عليممه
وسلم وهو يبكي فقال له رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم ممما يبكيممك يمما
عمر؟ فقال يا رسول الّله بالباب شاب قد أحرق فؤادي وهمو يبكممي ،فقمال
ي؟ قال :فدخل وهممو له رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يا عمر أدخله عل ّ
يبكي فقال له رسول الّله ما يبكيك يا شاب؟ قال :يمما رسممول الل ّممه أبكتنممي
ي ،فقممال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
ذنوب كثيرة وخفت من جبار غضبان علم ّ
عليه وسلم أشركت بالله شيئا ً يما شماب؟ قمال ل ،قمال أقتلمت نفسما ً بغيمر
حق؟ قال ل ،قال فإن الل ّممه يغفممر ذنبممك ،ولممو كممان مثممل السممموات السممبع
والرضين السبع والجبال الرواسي .قال يمما رسممول الل ّممه ذنممبي أعظممم مممن
السموات السبع والرضين السبع والجبال الرواسي ،فقال له رسممول الّلممه
صلى الّله عليه وسلم ذنبك أعظممم أم الكرسممي؟ قممال ذنممبي أعظممم .قممال
ذنبك أعظم أم العرش؟ قممال ذنممبي أعظممم .قممال ذنبممك أعظممم أم إلهمك؟"
يعني عفو الله" .قال بل الّله أعظم وأجل .قال فإنه ل يغفر الذنب العظيم
إل ّ الّله العظيم" يعني العظيم التجاوز "قال أخبرني عن ذنبممك؟ قممال فممإني
أستحي منك يا رسول الله .قال أخبرني عن ذنبك؟ قال يا رسول الّله إنممي
كنت رجل ً نباشا ً أنبش القبور منذ سبع سنين حتى ممماتت جاريممة مممن بنممات
النصار فنبشممت قبرهمما فأخرجتهمما مممن كفنهمما فمضمميت غيممر بعيممد إذ غلممب
الشمميطان علممى نفسممي ،فرجعممت فجامعتهمما فمضمميت غيممر بعيممد إذ قممامت
الجارية وقالت :ويلك يا شاب
]ص [53
أما تستحي من ديان يوم الدين يضع كرسيه للقضمماء ويأخممذ للمظلمموم مممن
الظالم تركتني عريانة في عسكر الموتى وأوقفتني جنبا ً بين يدي الل ّممه عممز
وجل ،فوثب رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم وهممو يممدفع فممي قفمماه وهممو
يقول :يا فاسق ما أحوجك إلى النار أخرج عنممي ،فخممرج الشمماب تائبما ً إلممى
م لممه أربعممون ليلممة رفممع رأسممه إلممى السممماء الّله تعالى أربعين ليلة ،فلما ت ّ
فقال :يا إله محمد وآدم وحواء إن كنت غفرت لي فأعلم محمدا ّ صلى الّله
عليه وسلم وأصحابه وإل فأرسل نارا ً من السماء فأحرقني بها ونجنمي ممن
عذاب الخرة .قال :فجاء جبريل إلى النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم فقممال:
السلم عليك يا محمد ربك يقرئك السلم ،فقال هو السمملم ومنممه السمملم
وإليه يرجع السلم .قال :يقول الّله تعالى :أنت خلقت الخلق؟ قال بمل هممو
الذي خلقني وخلقهم .قال يقول :أنت ترزقهم؟ قال بل الّله يرزقهم وإياي.
ي وعليهممم .قممال يقممول قال يقول :أنت تتوب عليهم؟ قال بل الّله يتوب عل ّ
الّله تعالى :تب على عبدي فإني تبت عليممه ،فممدعا النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم الشاب وبشره بأن الّله تعالى تاب عليه".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ينبغي للعاقممل أن يعتممبر بهممذا الخممبر
ي أعظممم ذنبما ً مممن الزنممى مممع الميممت ،وينبغممي أن ويعلم بأن الزنى مع الح ّ
يتوب توبة حقيقية لن الشاب لما علم الّله تعالى أن تمموبته حقيقيممة تجمماوز
عنه ،وينبغي أن تكون التوبة على قدر الذنب .وروى عن ابن عبمماس رضممي
صمموحًا{ مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الّله ت َوْب َ ً َ
ة نَ ُ نآ َ الّله عنهما في قوله تعالى }َيا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
قال :التوبة النصوح الندم
]ص [54
بالقلب والستغفار باللسان والضمار أن ل يعود إليه أبدًا .وعن النبي صلى
الّلممه عليممه وسمملم أنممه قممال "المسممتغفر باللسممان المص مّر علممى الممذنوب
كالمستهزئ بربه" وذكر عن رابعة رضي الّله تعالى عنها أنها كممانت تقممول:
إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير :يعني إذا استغفر باللسممان ونيتممه أن
يعود إلى الذنب فإن توبته توبة الكذابين ،وهذا ل يكون توبة وإنما التوبة أن
يستغفر باللسان وينوي أن ل يعود إلى الذنب ،فإذا فعل ذلك غفممر الل ّممه لممه
ذنبه وإن كان عظيما ً لن الّله تبارك وتعالى ذو التجاوز رحيم بعبمماده .وذكممر
أن في بني إسرائيل كان ملك فوصف لمه رجمل ممن العبماد فمدعاه وراوده
على صحبته ولزوم بابه فقال له العابد أيها الملك حسنا ً ما تقول ،ولكن لممو
ت يوما ً في بيتك فوجدتني ألعب مع جاريتك ماذا كنممت تفعممل؟ فغضممب دخل َ
ي بمثممل هممذا ،فقممال لمه العابممد إن لممي ربما ً
الملك فقال يا فاجر أتجترئ عل ّ
ي ول طردنممي عممن كريما ً لو رأى مني سبعين ذنبا ً في اليوم ممما غضممب عل م ّ
ي قبممل بابه ول أحرمني رزقه ،فكيف أفارق بابه وألزم باب من يغضممب علم ّ
أن أغضبه ،فكيف لو رأيتني في المعصية ثم خرج.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :الذنب على وجهين :ذنب فيما بينممك
وبين الّله تعالى ،وذنب فيما بينك وبين العباد .أما الممذنب الممذي بينممك وبيممن
الّله تعالى فتوبته الستغفار باللسان والنممدم بممالقلب والضمممار أن ل تعممود
فإن فعل ذلك ل يبرح من مكانه حتى يغفر الّلمه لمه إل ّ أن يممترك شميئا ً ممن
الفرائض فل تنفعه التوبة مما لممم يقممض مما فمماته ثمم ينممدم ويسمتغفر ،وأمما
الذنب الذي بينك وبين العباد فما لم ترضهم ل تنفعك التوبة حمتى يحللموك.
وروى عن بعض التابعين رضي الّله تعالى عنهم أنه قال :إن المذنب يممذنب
فل يزال نادما ً مستغفرا ً حتى يمدخل الجنممة فيقمول الشميطان يما ليتنممي لمم
أوقعه فيه .وذكر عن أبي بكر الواسمطي أنمه قمال :التمأني فمي كمل شميء
حسن إل ّ في ثلث خصال :عند وقت الصمملة ،وعنممد دفممن الميممت ،والتوبممة
عند المعصية :وقمال بعمض الحكمماء :إنمما تعمرف توبمة الرجمل فمي أربعمة
أشياء .أحدها :أن يمسك لسانه من الفضول والغيبة والكذب .والثاني أن ل
يرى لحد في قلبه حسدا ً ول عممداوة .والثممالث أن يفممارق أصممحاب السمموء.
والرابع أن يكممون مسممتعدا ً للممموت نادمما ً مسممتغفرا ً لممما سمملف مممن ذنمموبه
مجتهدا ً على طاعة ربه .وقيل لبعض الحكماء هل للتائب من علمممة يعممرف
أنه قبلت توبته؟ قال :نعم علمته أربعة أشياء .أّولها أن ينقطع عن أصحاب
السمموء ويريهممم هيبممة مممن نفسممه ويخممالط الصممالحين .والثمماني :أن يكممون
منقطعا ً عن كل ذنب ومقبل ً على جميع الطاعات .والثالث أن يممذهب فممرح
الدنيا كلها من قلبه ويرى حزن الخرة كلها دائما ً في قلبه .والرابع إن يممرى
نفسه فارغا ً عما ضمن لله تعالى له من الممرزق مشممتغل ً بممما أمممر بممه فممإذا
ن وجدت فيه هذه العلمات فهو من الذين قممال الل ّممه تعممالى فممي حقهممم }إ ِ ّ
ن{ ووجب له على الناس أربعة أشممياء: مت َط َهّ ِ
ري َ ب ال ُح ّ ن وَي ُ ِ
واِبي َب الت ّ ّ ح ّ الّله ي ُ ِ
أولها أن يحبوه فإن الّله تعالى قد أحبه .والثاني أن يحفظوه بالممدعاء علممى
أن يثبته الّله على توبته .والثالث أن ل يعيروه بما سلف من ذنوبه .والرابممع
أن يجالسوه ويذاكروه ويعينوه .ويكرمه الّله تعالى بأربع كرامات :أحدها أن
يخرجه الّله تعالى من الذنوب كأنه لممم يممذنب قممط .والثمماني أن يحبممه الل ّممه
تعالى .والثالث أن ل يسلط عليه الشيطان ويحفظه منه .والرابع أن يممؤمنه
م ل ع َل َي ْهِم ْ
من الخوف قبل أن يخممرج مممن الممدنيا لنممه عممز وجممل قممال }ت َت َن َمّز ُ
َ ة أ َل ّ ت َ َ
ن{ وروى دو َ
م ُتوع َم ُ جن ّمةِ ال ّت ِممي ك ُن ْت ُم ْ
شُروا ِبال َ
حَزُنوا وَأب ْ ِخاُفوا َول ت َ ْ مَلئ ِك َ ُال َ
عن خالد بن معدان أنه قال :إذا دخل التوابون الجنة قالوا ألم يعدنا ربنا أن
نرد النار قبل أن ندخل الجنة؟ قيل لهم إنكم مررتم بها وهي خامدة .وروى
الحسن عن النبي صلى الّله عليه وسلم "أنممه رجممم امممرأة زنممت ثممم صمملى
عليها ،فقال له بعض الصحابة يا رسول الّله رجمتها وصممليت عليهمما؟ فقممال
لقد تابت توبة لو فعلت مثل ذلك سممبعين مممرة تمماب الل ّممه عليهمما" يعنممي أن
توبتها كانت حقيقية والتوبة إذا كانت حقيقية تقبل وإن كان الذنب عظيمممًا.
وروى عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "مممن عي ّممر مؤمن ما ً
بفاحشة فهو كفاعلها وكان حقا عن الّله أن يوقعه فيهمما ،ومممن عي ّممر مؤمن ما ً
بجريمة لم يخرج من الدنيا حتى يرتكبها ويفتضح بها".
]ص [55
)قال الفقيه( رضي الله تعممالى عنممه :إن المممؤمن ل يقصممد أن يقممع فممي ّ
ق
سممو َ ف ُ
ف مَر َوال ُ الممذنب ول يتعمممده لن الل ّممه تعممالى قممال }وَك َمّره َ إ ِل َي ْك ُم ْ
م الك ُ ْ
ن{ فأخبر أنه قد بغض إلى المؤمنين المعصية فل يتعمدها المممؤمن صَيا َ َوالعِ ْ
ولكن يقع فيها في حالة الغفلة فل يجمموز أن يعممبر بهمما إذا تمماب .وروى عممن
ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما أنه قال :إذا تمماب العبممد تمماب الل ّممه عليممه
وأنسى الحفظة ممما كممانوا كتبمموا مممن مسمماوئ عملممه ،وأنسممى جمموارحه ممما
عملت من الخطايا وأنسى مقامه من الرض ،وأنسى مقممامه مممن السممماء
ليجيء يوم القيامة وليس شيء من الخلق يشممهد عليممه بممذلك .وروى عممن
علي بن أبي طالب كرم الّله وجهه عن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال" :مكتوب حول العرش قبل أن يخلق الخلق بأربعممة آلف عممام }وَإ ِن ّممي
دى{" والله أعلم. صاِلحا ً ث ُ ّ
م اهْت َ َ م َ
ل َ ن وَع َ ِ
م َ
ب َوآ َ
ن َتا َ
م ْ ل َغَ ّ
فاٌر ل ِ َ
]ص [56
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبي رحمه الل ّممه تعممالى :حممدثنا أبممو
الحسين الفراء ،حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحق،حدثنا عبد الرحمن بن حبيب
عن إسمعيل عن يحيى عن أبي لهيعة عن عبممد الرحمممن العممرج عممن أبممي
هريرة رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
"التوبة معلقة في الهواء تنادي لليممل والنهممار ل تفممتر مممن يقبلنممي ل يعممذب
فهي الدهر كله علممى هممذا حممتى تطلممع الشممس مممن مغربهمما فممإذا طلعممت
الشمس من مغربها رفعت" ففي هذه الخبار حث على التوبة وفيهمما بيممان
أن العبد إذا تاب قبلت التوبة منه ،والله تعممالى دعمما المممؤمنين إلممى التوبممة
َ
ن{ يعنممي لكممي حممو َ فل ِ ُ
م تُ ْن ل َعَل ّك ُم ْ من ُممو َمؤ ْ ِميعا ً أي َّها ال ُ ج ِ فقال }وَُتوُبوا إ َِلى الّله َ
تنجوا من عذابه وتنالوا من رحمته فممبين الل ّممه تعممالى أن التوبمة مفتماح كممل
خير وأن فلح المؤمن في توبته ،وأمر المؤمن بالتوبة فقال تعالى }َيا أ َي َّهمما
صوحا ً { ثم بين ما لهممم مممن الكرامممة فممي ة نَ ُ مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الّله ت َوْب َ ً نآ َ ذي َ ال ّ ِ
التوبة فقال تعالى }ع َسى ربك ُم َ
م{ يعنممي يتجمماوز سمي َّئات ِك ُ ْ
م َ فمَر ع َن ْك ُم ْ ن ي ُك َ ّ مأ ْ َ ّ ْ َ
َ
حت َِها الن َْهاُر{ يعني يعطيكم فممي ن تَ ْ
م ْ ري ِ ج ِ ت تَ ْ جّنا ٍ م َ خل َك ُ ْ
عنكم ذنوبكم }وَي ُد ْ ِ
الخممرة بسمماتين تجممري مممن تحممت غرفهمما ومسمماكنها وأشممجارها النهممار،
ذا فَعَل ُمموا ن إِ َ وابين فقممال عممز ذكممره }َوال ّم ِ
ذي َ وأخممبرهم أنممه غفممار لممذنوب التم ّ
ّ َ َ
ه{ يعنممي دون الكبممائر م ذ َك َُروا الل م َ سه ُ ْ ف َ موا أن ْ ُ ة{ يعني الكبائر }أوْ ظ َل َ ُ ش ً ح َ َفا ِ
ويقممال أو هنمما بمعنممى الممواو ،ومعنمماه والممذين إذا فعلمموا فاحشممة أو ظلممموا
م، فُروا ِلمذ ُُنوب ِهِ ْسمت َغْ َ أنفسهم ذكروا الله :يعني خممافوا الل ّممه عنممد المعصممية َفا ْ
ما فَعَُلوا{ يعني لم يثبتوا علممى صّروا ع ََلى َ م يُ ِ ب إ ِل ّ الّله }وَل َ ْ فُر الذ ُّنو َن ي َغْ ِ م ْ وَ َ
معصيتهم وهم يعلمون أنها معصية.
وروى سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "إني لستغفر الّله وأتوب إليه فممي اليمموم مممائة مممرة" وفممي
خبر آخر قال "يا أيها الناس توبوا إلى الّله فإني أتوب إليه في اليوم والليلة
مائة مرة" فإذا كان النبي صلى الّله عليه وسلم يستغفر ويتمموب وقممد غفممر
الّله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فالذي لم يظهر حاله أنممه أغفممر لممه أم ل
كيف ل يتوب إلى الل ّممه تعممالى فممي كممل وقممت وكيممف ل يجعممل لسممانه أبممدا ً
مشغول ً بالستغفار .وقال ابن عباس رضي الّله عنهما في قول الّله تعممالى
ه{ يعنممي يقممدم ذنمموبه ويممؤخر تمموبته ويقممول َ }ب َ ْ
م ُممما َ
جَر أ َف ُن ل ِي َ ْ
سا ُ
لن َ ريد ُ ا ِ
ل يُ ِ
سأتوب حتى يأتيه الموت على شر ما كان عليه فيممموت عليممه .وروى عممن
دويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الّله عنهما عممن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "هلك المسوفون" والمسوف من يقول سمموف أتمموب،
فالواجب على كل إنسان أن يتوب إلى الّله تعالى في كل وقت حتى يممأتيه
قب َم ُ
ل الموت وهو تائب لن الّله تعالى قابل التوبة حيممث قممال }وَهُموَ ال ّم ِ
ذي ي َ ْ
ت{ يعني يتجمماوز عممن سمميئاتهم إذا تممابوا سي َّئا ِن ال ّ فو ع َ ْعَباد ِهِ وَي َعْ ُن ِ
ة عَ ْ الت ّوْب َ َ
ورجعوا فالتوبة أن يندم على ذنبه بالقلب ويستغفر باللسممان ويضمممر أن ل
يرجع إليه أبدًا .قال عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعممالى عنممه" .مممن قممال
أستغفر الّله العظيم الذي ل إله إل ّ هو الحي القيوم وأتوب إليه
]ص [57
ثلثا ً غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر" وروى أيوب عممن أبممي قلبممة
قال :إن الّله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة فأنظره ،فقممال وعزتممك ل
أخرج من صدر عبدك حتى تخممرج نفسممه ،فقممال الممرب وعزتممي وجللممي ل
أحجب التوبة عن عبدي حتى تخرج نفسه .فانظر إلممى رحمممة الل ّممه ورأفتممه
على عباده أن سماهم مؤمنين بعد ما أذنبوا فقال تعالى }وَُتوُبوا إ ِل َممى الل ّممه
ن الل ّممه َ
ن{ وأحبهممم بعممد التوبممة فقممال }إ ِ ّ حو َ فل ِ ُ م تُ ْ ن ل َعَل ّك ُ ْ مُنو َ مؤ ْ ِميعا ً أي َّها ال ُ ج ِ َ
ن{ .وروي عن رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه ري َ مت َط َهّ ِ ب ال ُ ح ّ ن وَي ُ ِ واِبي َ ب الت ّ ّ ح ّ يُ ِ
وسلم أنه قال" :التائب من الذنب كمن ل ذنممب لممه" .وروي عممن علممي بممن
أبي طالب رضي الّله تعممالى عنممه أن رجل ً سممأله فقممال :إنممي أصممبت ذنب مًا،
فقال له علي كرم الّله وجهه تب إلى الّله تعالى ثم ل تعممد .قممال فممإني قممد
فعلت ثم عدت .قال تب إلى الّله تعالى ثم ل تعد ،قال إلى متى قال حممتى
ة ممما الت ّوْب َم ُ يكون الشيطان هو المحسور .وقال مجاهد فممي قمموله تعممالى }إ ِن ّ َ
ن م ْ ن ِ م ي َُتوُبو َ ة{ قال الجهالة العمد }ث ُ ّ جَهال َ ٍ سوَء ب ِ َ ن ال ّ مُلو َ ن ي َعْ َ ذي َ ع ََلى الّله ل ِل ّ ِ
ب{ قال كل شيء دون الموت فهو قريب .وروى أبو هريرة رضي الل ّممه ري ٍ قَ ِ
تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إذا أذنممب الرجممل ذنبما ً
فقال رب إني ذنبت ذنبا ً أو قال عملت ذنبا ً فاغفر لي قال الّله تعالى عبدي
عمل ذنبا ً فعلم أن له ربا ً يغفر الذنب ويأخذ بمه فقمد غفمرت لعبمدي" وهمذا
كله لكرامة محمد صلى الّله عليه وسلم وكان في المم الماضية إذا أذنبمموا
ذنبا ً حرم عليهم الحلل ،وإذا أذنب واحد منهم ذنبا ً وجممد علممى بمابه أو علممى
جسده إن فلن بن فلن قد أذنب كذا وتوبته كممذا فسممهل الممر علمى همذه
جمد ْ الل ّممه َ
فْر الل ّممه ي َ ِ سمت َغْ ِ
م يَ ْه ث ُم ّسم ُ ف َ سوءا ً أوْ ي َظ ْل ِ ْ
م نَ ْ ل ُ م ْ ن ي َعْ َ م ْ المة فقال }وَ َ
حيمًا{ فالواجب على كممل مسمملم أن يتمموب إلممى الل ّممه تعممالى حيممن فورا ً َر ِ غَ ُ
يصبح وحين يمسي .وقال مجاهد :من لم يتممب إذا أمسممى وإذا أصممبح فهممو
من الظالمين :وينبغي للعبد أن يتوب إلى الّله تعالى في كل وقممت ويجتهممد
في حفظ الصلوات الخمس فإن الّله تعالى جعل الصلوات الخمس تطهيرا ً
لذنوب العباد فيما دون الكبممائر .وروى علقمممة عممن عبممد الل ّممه بممن مسممعود
رضي الّله تعالى عنه قال" :جاء رجل إلممى النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
ي وقبلتهمما فقال يا رسول الّله إني لقيت امممرأة فممي البسممتان فضممممتها الم ّ
وباشرتها وفعلت بها كل شيء غير أنني لم أجامعهمما ،فسممكت النممبي صمملى
صلة َ ط ََرِفي الن َّهارِ وَُزَلفمما ً َ
م ال ّ الّله عليه وسلم ساعة فنزلت هذه الية }وَأقِ ْ
ل{ يعني :صممل للممه تعممالى فممي طرفممي النهممار وهممي صمملة الفجممر ن الل ّي ْ ِ م ْ ِ
والظهر والعصر ،وزلفا من الليل يعني صلة المغرب وصلة العشاء الخرة
ت{ يعني الصلوات الخمس تكفر الذنوب التي سي َّئا ِ ن ال ّ ت ي ُذ ْه ِب ْ َسَنا ِ ح َ ن ال َ }إ ِ ّ
ن{ يعني توبة للتائبين فدعاه ري َ ك ذ ِك َْرى ِلل ّ
ذاك ِ ِ بينها يعني ما دون الكبائر }ذ َل ِ َ
النبي صلى الّله عليه وسلم وقرأ عليه فقال عمر رضي الّله تعالى عنممه يمما
رسول الّله أله خاصة أم للناس عامة ،فقال النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم
بل للناس عامة" .وروى يونس بن عبيد عن الحسن عن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "ليس من عبد إل ّ وعليه ملكان وصاحب اليمين أمين
]ص [58
على صاحب الشمال فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب الشمممال أأكتبهمما؟
قال له دعه حتى يعمل خمس سيئات فإذا عمل خمسا ً قممال أأكتبهمما؟ قممال
دعه حتى يعمل حسنة ،فإذا عمل حسنة قال صاحب اليمين :قد أخبرنمما أن
الخمسة بعشر أمثالها فتعال حتى نمحو خمسا ً بخمس ونثبت له خمسا ً من
الحسنات .قال فيصيح الشيطان ويقول متى أدرك ابن آدم"
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا أبممي رحمممه الل ّممه تعممالى قمال:
حدثنا أبو الحسين الفراء عن أبي بكر بإسناده عن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنه قال :خرجت ذات ليلة بعدما صليت العشمماء الخممرة مممع رسممول
الّله صلى الّله عليممه وسمملم فممإذا أنمما بممامرأة منتقبممة قائمممة علممى الطريممق
فقالت يا أبا هريرة إني قد ارتكبت ذنبا ً عظيما ً فهل لممي مممن توبممة؟ فقلممت
وما ذنبك؟ قالت إني زنيت وقتلممت ولممدي مممن الزنممى ،فقلممت لهمما؛ هلكممت
وأهلكت والله مالك من توبة قالت فشهقت شممهقة وخممرت مغشمميا ً عليهمما،
ومضيت وقلت في نفسي أفتي ورسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم بيممن
أظهرنا ،.فلما أصبحت غدوت إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقلت:
يا رسول الّله إن امرأة استفتني البارحة في كذا وكممذا وغنممي أفتيتهمما بكممذا
وكذا ،فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم :إنمما للممه وإنمما إليممه راجعممون،
أنت والله يا أبا هريرة هلكت وأهلكت أين كنت يا أبا هريرة عن هممذه اليممة
م الل ّممه إ ِل ّ س ال ّت ِممي َ
ح مّر َ فم َ ن الن ّ ْ قت ُُلو َ خَر َول ي َ ْ معَ الّله إ َِلها ً آ َ ن َعو َ ن ل ي َد ْ ُ ذي َ }َوال ّ ِ
ن الّله ُ
كا َ ت وَ َ سَنا ٍ ح َ م َ سي َّئات ِهِ ْل الّله َ ك ي ُب َد ّ ُن{ إلى قوله }فَأوْل َئ ِ َ حقّ َول ي َْزُنو َ ِبال َ
حيمًا{ قال فخرجت من عند رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وأنا فورا ً َر ِ غَ ُ
أعدو في سكك المدينة وأقول من يدلني على امرأة استفتتني البارحة في
ن أبو هريرة حتى إذا كان الليل لقيتها في ذلممك كذا وكذا والصبيان يقولن ج ّ
الموطن فأعلمتها بقول رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم أن لهمما التوبممة
فشهقت شهقة من السرور وقالت :إن لي حديقة وهي صممدقة للمسمماكين
صاِلحا ً
مل ً َ ل عَ َ م َ ن وَع َ ِ م َب َوآ َ ن َتا َ م ْ وكفارة لذنبي .وذكر في قوله تعالى }إ ِل ّ َ
ت{ قممال بعضممهم :إن العبممد إذا تمماب مممن س مَنا ٍ ح َ م َ ل الّله َ
سي َّئات ِهِ ْ ك ي ُب َد ّ ُفَأ ُوْل َئ ِ َ
الذنوب صارت الذنوب الماضية كلها حسنات .وروي هكذا عن ابن مسممعود
رضي الّله تعالى عنه أنه قال ينظر النسان يموم القياممة فمي كتمابه فيمرى
في أوله معاصي وفي آخره حسنات فممإذا رجمع إلممى أول الكتماب رأى كلممه
حسنات .وروى أبو ذر الغفاري رضي الّله تعالى عنه عن النممبي صمملى الل ّممه
ت{ سممَنا ٍح َ م َ ل الّله َ
سممي َّئات ِهِ ْ ك ي ُب َد ّ ُ عليه وسلم نحوه ،وهذا معنى قوله }فَأ ُوْل َئ ِ َ
ويقال :معناه أنه يحول من العمل السيئ إلى العمل الصممالح فيمموفقه الل ّممه
تعالى لكي يعمل الحسنات مكممان ممما يعمممل السمميئات فممذلك قمموله تعممالى
حيمًا{. فورا ً َر ِ ن الّله غ َ ُ كا َ ت وَ َ سَنا ٍ ح َ م َ ل الّله َ
سي َّئات ِهِ ْ ك ي ُب َد ّ ُ }فَأ ُوْل َئ ِ َ
ل واعلم يا أخي أنه ليس ذنب أعظم من الكفر وقد قال الّله تعمالى }ُقم ْ
ف{ فممما ظنمك بمما دونممه .وروى سل َ َ ما قَد ْ َ م َ فْر ل َهُ ْن َينت َُهوا ي ُغْ َفُروا إ ِ ْ ن كَ َ ذي َ ل ِل ّ ِ
الحسن عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال
]ص [59
ّ
"لو أخطأ أحدكم حتى مل ما بين السماء والرض ثم تاب تاب اللممه عليممه".
وروى عن يزيد القاشي قال :خطبنا أبو هريرة رضي الّله تعالى عنممه علممى
منبر رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقال فممي خطبتممه :سمممعت رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم يقول "آدم أكرم البشر على الّله يعتذر الّله إليمه
يوم القيامة بثلث معاذير يقول الّله تعالى يا آدم لممول أنممي لعنممت الكممذابين
وأبغض الكذب وأوعدت عليه وقد حق القول مني لملن جهنممم مممن الجنممة
والناس أجمعين لرحمت ذريتك اليوم أجمعين ويقول له يا آدم إني ل أدخل
أحدا ً من ذريتك النار ول أعذبه بالنار إل ّ من علمت بعلمي أنه لو رددته إلمى
الدنيا لعاد إلى شر ما كان فيه ثم لم يرجع ولم يتب ،ويقول لممه يمما آدم قممد
جعلتك حكما ً بيني وبين ذريتك قم عند الميزان فمانظر إلمى مما يرفمع إليمك
من أعمالهم فمن رجح له خير مثقال ذرة فله الجنة حتى تعلم أني ل أدخل
النار إل ّ كل ظالم" .روت عائشة رضي الل ّممه تعممالى عنهمما عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال" :الممدواوين ثلثممة :ديمموان ل يغفممره اللممه،
وديوان يغفره الله ،وديوان ل يترك الل ّممه منممه شمميئًا ،فأممما الممديوان الممذي ل
ق مد ْك ب ِممالل ّهِ فَ َ
شرِ ْ
ن يُ ْ
م ْ
ه َيغفره الّله فالشرك بالله تعالى قال الّله تعالى }إ ِن ّ ُ
مأ َْواه ُ الّناُر{ وأمما المديوان المذي يغفمره الّلمه تعمالى ة وَ َ م الّله ع َل َي ْهِ ال َ
جن ّ َ حّر َ
َ
فظلم العبد لنفسه فيما بينه وبين ربه ،وأما الديوان الذي ل يترك الّله منممه
شيئا ً فظلم العباد بعضهم بعضًا" وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامممة
حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء نطحتها" فينبغي للعبد أن يجتهممد
في رضا الخصوم وإذا كان الذنب بينممه وبيممن العبمماد فممإنه مطممالب بممه مممن
محله ول ينفعه الستغفار ول التوبة ما لم يرض الخصم وإن لم يرضممه فممي
الدنيا آخذ من حسناته يوم القيامة كما جاء في الخبر.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبو الحسين الفراء حدثنا أبممو بكممر
حدثنا أحمد بن عبد الّله عن صالح بن محمد عن القاسم بن عبممد الل ّممه عممن
العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "أتدرون من المفلس من أمتي؟ قالوا المفلممس فينمما مممن ل
درهممم لممه ول دينممار ول متمماع ،فقممال رسممول الل ّممه صملى الل ّممه عليممه وسمملم
المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلته وصيامه ويأتي قد شتم هذا
وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هممذا وضممرب هممذا ،فيقتممص لهممذا مممن
حسناته ولهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ممما عليممه أخممذ
من خطاياهم فطرحت عليمه ثمم طممرح فممي النممار" فنسمأل الّلمه تعممالى أن
يوفقنا للتوبة وأن يثبتنا عليها فإن الثبات على التوبة أشد من التوبة .وقممال
محمد بن سيرين رحمه الّله تعالى :إياك أن تعمل شيئا ً من الخير ثم تممدعه
فإنه ما من أحد تاب ثم رجع فأفلح فينبغي للتائب أن يجعل أجله بين عينيه
لكي يثبت على التوبة ويتفكر فيما مضى من ذنوبه ويكثر الستغفار ويشكر
الله
]ص [60
تعالى على ذلك وعلى ما رزقه من التوبة ووفقه لذلك ،ويتفكممر فممي ثممواب
يوم القيامة فإن من تفكر في ثواب الخرة رغب في الحسنات ومن تفكممر
في العقاب انزجر عن السيئات .وروى زيد بن وهب عن أبي ذر رضي الّله
تعالى عنه قال قلت "يا رسول الّله أخبرنا ما كان في صحف موسى؟ قال
كان فيها ست كلمات :عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك؟ وعجبممت لمممن
أيقممن بممالموت كيممف يفممرح؟ وعجبممت لمممن أيقممن بالحسمماب كيممف يعمممل
السيئات؟ وعجبت لمن أيقن بالقمدر كيمف ينصمب" وفمي خمبر آخمر "كيمف
يحزن؟ وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليهمما؟ وعجبممت
لمن أيقن بالجنة وهو ل يعمل الحسنات؟ ل إله إل ّ الّله محمد رسول الله".
وروي عن عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه م مّر ذات يمموم فممي
موضع من نواحي الكوفة فإذا الفسمماق قممد اجتمعمموا وهممو يشممربون الخمممر
ن يقال له زاذان وكان يضرب ويغني وكان له صوت حسن ،فلممما وفيهم مغ ّ
سمع ذلك عبد الّله بن مسعود قال :ما أحسن هذا الصوت لو كممان لقممراءة
كتاب الّله تعالى ،وجعل الرداء في رأسه ومضى فسمع زاذان قوله فقممال:
من كان هذا؟ قالوا عبد الّله بن مسعود صاحب رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم قال :فأي شيء قال؟ قالوا إنه قل ما أحسن هممذا الصمموت لممو كممان
لقراءة القرآن ،فدخلت الهيبة في قلبممه فقممام وضممرب العممود علممى الرض
فكسره ثم أسرع حتى أدركه المنديل في عنق نفسه وجعل يبكي بين يدي
عبد الّله فاعتنقه عبد الّله وجعل يبكي كل واحد منهمما ،ثمم قمال عبمد الّلمه
كيف ل أحب من أحبه الّله تعالى ،فتاب مممن ذنمموبه وجعممل يلزم عبممد الل ّممه
حتى تعلم القرآن وأخذ حظا ً من القرآن والعلم حتى صار إماما ً في العلممم.
وقد جاء في كثير من الخبار عن زاذان عن عبد الّله بن مسعود رضي الّله
تعالى عنهما.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت أبي يحكي أن في بني إسممرائيل
كانت امرأة بغيا ً وكانت مفتنة للناس بجمالها وكان باب دارها أبممدا ً مفتوح ما ً
فكل من مّر ببابها رآها قاعدة في دارها على السرير بحذاء الباب فكل من
نظر إليها افتتن بها فإذا أراد الدخول إليها احتاج إلى إحضممار عشممرة دنممانير
أو أقل أو أكثر حتى تأذن له بالدخول عليهمما ،فممّر بهمما ذات يمموم عابممد مممن
العباد فوقع بصره في الدار وهي قاعدة علممى السممرير فممافتتن بهمما فجعممل
يجاهد نفسه ويدعو الّله تعالى ليزيل ذلك من قلبه فلم يزل ذلك عنه وكان
يكابد نفسه المكابدة الشديدة حتى باع قماشا ً كان له وجمع من الدنانير ما
يحتاج إليه فجاء إلى بابها وأمرت أن يسلم ذلك إلى وكيل لها وواعدته وقتا ً
لمجيئه فجاء إليها في ذلممك المموقت وقممد تزينممت وجلسممت فممي بيتهمما علممى
سريرها فدخل عليها العابد وجلس معها على السرير ،فلممما مممد يممده إليهمما
وانبسط إليها تداركه الّله تعالى برحمته وبركة عبادته المتقدممة فوقمع فمي
قلبه أن الّله تعالى يراني في هذه الحالة
]ص [61
فوق عرشه وأنا في الحرام وقد أحبط عملي كله ،فوقعت الهيبة في قلبممه
وارتعدت فرائصه وتغير لونه فنظرة المرأة إليه فرأته متغير اللممون فقممالت
أي شيء أصابك؟ قال إني أخاف ربي فأذني لي بالخروج ،فقالت له ويحك
إن كثيرا ً من الناس يتمنون الذي وجمدته فمأي شميء همذا المذي أنمت فيمه،
فقال لها إني أخاف الّله تعالى وإن المال المذي دفعتمه إليمك همو حلل لمك
فأذني لي بالخروج ،فقممالت لمه كأنمك لممم تعممل هممذا العمممل قمط؟ قمال ل
فقالت المرأة من أين أنت وما اسمك؟ فأخبرها أنه من قريممة كممذا واسمممه
كذا ،فأذنت له بالخروج فخرج من عندها وهو يدعو بالويممل والثبممور ويبكممي
على نفسه ويحثو التراب على رأسه .فوقعت الهيبة في قلب المرأة ببركة
ذلك العابد فقالت في نفسها :إن هذا الرجل أول ذنب أذنبه وقد دخل عليه
من الخوف ما دخل وإني قد أذنبت منذ كذا وكذا سنة وإن ربه الذي يخاف
منه هو ربي فخمموفي منممه ينبغممي أن يكممون أشممد ،فتممابت إلممى الل ّممه تعممالى
وأغلقت بابها عن الناس ولبست ثيابا ً خلقة وأقبلت على العبادة وكانت في
عبادتها ما شاء الّله فقالت في نفسممها :إنممي لممو انتهيممت إلممى ذلممك الرجممل
فلعله يتزوجني فأكون عنده فأتعلم من أمممر دينممي ويكممون عون ما ً لممي علممى
عبادة الّله تعالى ،فتجهزت وحملت معها من الموال والخدم مما شمماء الّلمه
فانتهت إلى تلك القرية وسألت عنه فأخبر العابد أنممه قممدمت امممرأة تسممأل
عنك فخرج العابد إليها فلما رأته المرأة كشفت عن وجههمما ليعرفهمما ،فلممما
رآها العابد عرف وجهها وتذكر المر الممذي كممان بينممه وبينهمما فصمماح صمميحة
وخرجت روحه ،وبقيت المرأة حزينة وقالت :إني خرجت لجلممه وقممد مممات
فهل من أقربائه أحد يحتاج إلى امرأة؟ فقالوا إن لممه أخما ً صممالحا ً ليممس لممه
مال ،فقالت ل بأس وإن لي من المال ما فيه غنية ،فجاء أخوه فممتزوج بهمما
فولد له منها سبعة من البنين كلهم صاروا أنبياء فممي بنممي إسممرائيل ،واللممه
سبحانه وتعالى أعلم.
باب حق الوالدين
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حدثنا أبو القاسممم
عبد الرحمن ابن محمد الشمذي .أنبأنا فارس بن مردويه .حدثنا محممد بمن
الفضل العابد .حدثنا يزيد ابن هرون قال :حدثنا سليمان التيمي عممن سممعيد
بن مسعود عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما قال :ممما مممن مممؤمن لممه
أبوان فيصبح وهو محسن إليهما إل ّ فتح الّله له بابين من الجنمة ول يسمخط
عليه واحد منهممما فيرضممى الل ّممه تعممالى عنممه حممتى يرضممى .قيممل :وإن كممان
ظالما؟ قال وإن كان ظالمًا .وروى هذا الخبر مرفوعا ً فيممه زيممادة :قممال ول
يصبح وهو مسيء إليهما إل ّ فتح الل ّممه لممه بممابين مممن النممار وإن كممان واحممدا ً
فواحد .قال رضي الّله تعالى عنه :حمدثنا أبمو القاسممم حممدثنا فممارس حممدثنا
محمد بن الفضل حدثنا عبيد الّله بن موسى عن
]ص [62
سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال :قال موسممى عليممه الصمملة والسمملم:
يارب أوصني؟ قمال أوصميك بمي .قمال أوصمني؟ قمال أوصميك بأممك .قمال
أوصني .قال :أوصيك بأمك .قال :أوصني .قممال أوصمميك بأبيممك .وروي عممن
عبد الّله بن عمر رضي الّله تعالى عنهما قل" :جاء رجل إلممى النممبي صمملى
ي أبممواك؟ قممال نعممم قممال الّله عليه وسلم فقال إني أريممد الجهمماد قممال أحم ّ
ففيهما جاهد".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :في هذا الخبر دليل على أن بّر الوالممدين
أفضل من الجهاد في سبيل الّله تعالى لن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
أمره أن يترك الجهاد ويشتغل ببر الوالدين ،وهكذا نقول إنه ل يجوز للرجل
أن يخرج إلى الجهاد في سبيل الّله إذا لم يأذن له أبواه ما لممم يقممع النفيممر
عامًا ،وتكون طاعة الوالدين أفضل من الخروج إلى الغممزو .وروى بهممز بممن
حكين عن أبيه عن جده قال "قلت يا رسول الّله من أب مّر قممال أمممك .قممال
قلت ثم من؟ قال أمك .قال قلت ثم من؟ قال أمممك .قممال قلممت ثممم مممن؟
قال أباك ثم القرب فالقرب".
)قال رحمه الّله تعالى( حدثنا أبو القاسم حدثنا فارس بن مردويه قممال:
حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا أصرم بن حوشب قال :حدثنا عيسى بممن
عبد الّله عن زيد بن علي عن أبيه عن جده قممال :قممال رسممول الل ّممه صمملى
ُ
ف لنهى عن ذلك الّله عليه وسلم "لو علم الّله شيئا ً من العقوق أدنى من أ ٍ
فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة ،وليعمل الباّر ممما شمماء أن
يعمل فلن يدخل النار".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه لو لم يذكر الّله تعالى في كتابه حرمة
الوالدين ولم يموص بهمما لكمان يعممرف بالعقمل أن حرمتهممما واجبمة ،وكممان
الواجب على العاقل أن يعرف حرمتهما ويقضي حقهممما ،فكيممف وقممد ذكممر
الّله تعالى في جميع كتبه في التوراة والنجيل والزبور والفرقان ،وقد أمممر
في جميع كتبه وأوحى إلى جميع النبياء وأوصاهم بحرمة الوالدين ومعرفممة
حقهما ،وجعل رضاه في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما .ويقال ثلث
آيات نزلت مقرونة بثلث ل يقبممل الل ّممه واحممدة منهممن بغيممر قرينتهمما .أّولهمما:
ة{ فمن صلى ولم يممؤد الزكمماة لممم صلة َ َوآُتوا الّز َ
كا َ َ
موا ال ّ قوله تعالى }وَأِقي ُ
َ َ
ل{ سممو َ طيعُمموا الل ّممه وَأ ِ
طيعُمموا الّر ُ تقبل منه الصلة والثاني قوله تعممالى} :وَأ ِ
َ
فمن أطاع الّله ولم يطع الرسول لم يقبل منه .والثالث قمموله تعممالى} :أ ْ
ن
صيُر{ فمن شكر الل ّممه ولممم يشممكر لوالممديه لممم م ِ ك إ ِل َ ّ
ي ال َ شك ُْر ِلي وَل ِ َ
وال ِد َي ْ َ ا ْ
يقبل منه.
والدليل على ذلك ما روي عن رسول الّله قال "إن لعنة الوالدين تبممتر :أي
تقطع .أصل ولدهما إذا عقهما فمن أرضى والديه فقد أرضممى خممالقه ومممن
أسخط والديه فقد أسخط خالقه ومن أدرك والديه أو أحدهما فلممم يبرهممما
فدخل النار فأبعده الله" وسئل النبي صلى الّله عليممه وسمملم "أي العمممال
أفضل؟ قال الصلة لوقتها ثم بّر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله" .وعممن
فرقد
]ص [63
السيخي قال :قرأت في بعض الكتب :إنه ل ينبغي للولد أن يتكلم إذا شممهد
والديه إل ّ بإذنهما ،ل يمشي ببين يديهما ول عن يمينهما ول عن شمالهما إل ّ
أن يدعواه فيجيبهما ،ولكن يمشي خلفهما كما يمشممي العبممد خلممف ممموله.
وذكر أن رجل ً جاء إلى النبي صلى الّله عليه وسلم فقال يا رسول الّلممه إن
أمي خرفت عندي وأنا أطعمها بيدي وأسقيها وأوضئها وأحملها على عاتقي
فهل جازيتها؟ قال ل ول واحدة من مممائة ولكنممك قممد أحسممنت واللممه يثيبممك
على القليل كممثيرًا" وروى هشممام ابممن عممروة عممن أبيممه قممال :مكتمموب فممي
الحكمة ملعون من لعن أبمماه ملعمون ممن لعممن أمممه ملعممون ممن صمد ّ عمن
السبيل أو أضل العمى عن الطريق ،ملعون من ذبح بغير اسم الّله ملعون
من غير تخوم الرض يعني الحد الذي بين أرضه وأرض غيره ،ويقممال يعنممي
علمات الحرم ،ومعنى قوله لعن أباه ولعن أمه يعني عمممل عمل ً يلعممن بممه
أبواه فيصير كأنه هو الذي لعنهما .وروي عن رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "إن من أكممبر الممذنب أن يسممب الرجممل والممديه قيممل وكيممف
يسب والديه؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه" وروى أبان عن
أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه قال "كان شاب على عهد رسول الّلممه
صلى الّله عليه وسلم يسمى ع َْلقمة وكان شممديد الجتهمماد عظيممم الصممدقة
فمرض فاشتد مرضه ،فبعثت امرأته إلى رسول الله صلى الّله عليه وسلم
أن زوجي في النزع فأردت أن أعلمك بحاله ،فقال رسول الّلمه صملى الل ّممه
ي وسمملمان وعمممار اذهبمموا إلممى علقمممة فممانظروا ممما عليه وسلم لبلل وعل ّ
حاله ،فانطلقوا حتى دخلوا عليه فقمالوا لمه قمل ل إلمه إل ّ الّلمه فلمم ينطمق
لسانه فلما أيقنوا أنه هالك بعثوا بلل ً إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم
ليخبره بحاله ،فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم هل له أبوان؟ فقيممل
له أما أبوه فقد ممات ولمه أم كمبيرة السمن ،فقمال يما بلل انطلمق إلمى أم
علقمة فأقرئها مني السلم وقل لها إن قممدرت علممى المسممير إلممى رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم وإل فقري حممتى يأتيممك رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم ،فأخبرها فقالت نفسي لنفسه الفداء أنمما أحممق بإتيممانه فأخممذت
العصا فمشت حتى دخلت على رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ،فلما أن
سلمت عليه رد ّ عليها السلم فجلست بين يدي رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم فقال اصدقيني فإن كذبتيني جاءني الوحي من الّله تعالى كيف كممان
حال لعلقمة؟ قالت يا رسول الّله كممان يصمملي كممذا يمموم ويصمموم كممذا يمموم
وكان يتصدق بجملة من الدراهم ما يدري كم وزنهمما وممما عممددها قممال فممما
حالك وحاله؟ قالت يا رسول الّله إني عليه سمماخطة واجممدة قممال لهمما ولممم
ذلك؟ قالت كان يؤثر امرأتممه علممي يطيعهمما فممي الشممياء ويعصمميني ،فقممال
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم سخط أمه .حجب لسانه عممن شممهادة أن
ل إله إل ّ الله ،ثم قال لبلل انطلق واجمع حطب ما ً كممثيرا ً حممتى أحرقممه بالنممار
فقالت يا رسول الّله ابنممي وثمممرة فممؤادي تحرقممه بالنممار بيممن يممديّ فكيممف
يحتمل قلبي ،فقال لها رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم يمما أم علقمممة
فعذاب الّله أشد وأبقى فإن سرك أن يغفر الّله لممه فارضممي عنممه ،فوالممذي
نفسي بيده ل تنفعه الصملة ول الصمدقة مما دمممت عليمه سمماخطة فرفعممت
يديها وقالت يا رسول الله
]ص [64
أشهد الّله في سمائه وأنت يا رسول الله ومن حضرني أني قد رضيت عن
ّ
علقمة ،فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم انطلق يمما بلل فممانظر هممل
يستطيع علقمة أن يقول ل إله إل ّ الّله فلعممل أم علقمممة تكلمممت بممما ليممس
في قلبها حياء من رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم ،فممانطلق بلل فلممما
انتهى إلى الباب سمع علقمة يقول ل إله إل ّ الله ،فلما دخل قممال يمما هممؤلء
م علقمة حجب لسانه عممن الشممهادة وإن رضمماها أطلممق لسممانه إن سخط أ ّ
فمات من يومه ،فأتاه رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم فممأمر بغسممله
وتكفينه وصلى عليه ،ثم قام على شفير القبر وقال :يا معشممر المهمماجرين
ضل زوجته على أمه فعليه لعنة الّله ول يقبل منه صممرف ول والنصار من ف ّ
عدل يعني الفرائض والنوافل" .وروي عن ابن عباس رضي الّله عنهما فممي
سمانًا{ يعنمي أممر قوله تعالى }وقَضى رب َ َ
ح َ ن إِ ْ واِلمد َي ْ ِ دوا إ ِل ّ إ ِّياه ُ وَِبال َ ك أل ّ ت َعْب ُ ُ َ ّ َ َ
ربك أن ل توحدوا غير الله تعالى ويقال أن ل تعبدوا إل ّ إياه يعني ل تطيعمموا ّ
أحدا ً في المعصية لكن أطيعوا الّله فيما يأمركم به وبالوالدين إحسانا يعني
ما أ َْو ح مد ُهُ َ
َ
ك الك ِب ََر{ يعنممي الهممرم }أ َ عن ْد َ َ ن ِ ما ي َب ْل ُغَ ّ بّرا ً بهما وعطفا ً عليهما }إ ِ ّ
ُ
ف{ يعنممي ل ممما أ ّ ل ل َهُ َ قم ْ ممما{ يعنممي أحممد البمموين أو كل البمموين }َفل ت َ ُ كلهُ َ ِ
تقذرهما ول تقل لهما قول ً رديئًا ،ويقال معناه إذا كبر البمموان واحتاجمما إلممى
رفع بولهما وغائطهما فل تأخذ بأنفك عند ذلك ول تعبس بوجهك فإنهممما قممد
رفعما ذلمك منمك فممي حالمة صمغرك ورأيمما ذلمك منمك كمثيرا ،ثممم قمال }َول
ريمًا{ يعني لينا ً حسنا ما قَوْل ً ك َ ِ ل ل َهُ َما{ يعني ل تغلظ لهما القول }وَقُ ْ ت َن ْهَْرهُ َ
لة{ يعني كن ذليل ً رحيما ً عليهما }وَقُ ْ م ِ ح َن الّر ْ م ْ ل ِ ح الذ ّ ّ جَنا َما َ ض ل َهُ َف ْ خ ِ}َوا ْ
ما{ يعني إذا ماتا فادع لهما بالمغفرة. مهُ َح ْ
ب اْر َ ّر ّ
يعني يجب على الولد أن يعرف حق الوالدين في حياتهما ويعرف حقهما
ب ل ّر ّ بعد موتهما فيدعو لهما بالمغفرة على أَثر كل صلة ،ويقال وقل }وَقُ ْ
ممما ما{ يعني يدعو لهما بالمغفرة في حال حياتهممما وبعممد موتهممما }ك َ َ مه ُ َ ح ْ
اْر َ
ي في حال صغري حتى كممبرت فاجزهممما عنممي صِغيرًا{ كما قاما عل ّ َرب َّياِني َ
بالمغفرة لهما .وروي عن بعض التابعين رضي الّله عنهم أنه قال :من دعمما
َ
دى حقهما لن الل ّممه تعممالى قممال }أ ْ
ن لبويه في كل يوم خمس مرات فقد أ ّ
صيُر{ فشكر الّله تعالى أن يصلي في كممل يمموم م ِ ي ال َ ك إ ِل َ ّوال ِد َي ْ َشك ُْر ِلي وَل ِ َ ا ْ
خمس مرات وكذلك شممكر الوالممدين أن يممدعو لهممما فممي كممل يمموم خمممس
مرات ،ثم قال }ربك ُ َ
م{ يعني عالم بما فممي قلمموبكم سك ُ ْ فو ِ ما ِفي ن ُ ُ م بِ َ م أع ْل َ ُ َ ّ ْ
ن{ يعنممي إن تكونمموا بممارين حي َ صممال ِ ِكون ُمموا َ ن تَ ُ مممن الليممن والممبّر للبمموين }إ ِ ْ
فممورًا{ َ
ن غَ ُن ل ِلّواِبيم َ ه ك َمما َ بالوالدين فتستوجبوا على الل ّممه بممذلك الجممر }فَمإ ِن ّ ُ
ن{ يعني إن تركتم حق الوالدين فتوبوا إلى الّله تعممالى }فَ مإن ّه ك َمما َ َ
ن ل ِلّواِبي م َ ِ ُ
فورًا{. يعني الرجاعين عن الذنوب }غ َ ُ
ويقال للوالدين علممى الولممد عشممرة حقموق .أحممدها :أنممه إذا احتمماج إلممى
الطعام أطعمه .والثاني إذا احتاج إلى الكسوة كساه إن قدر عليممه ،وهكممذا
روى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم في تفسير
]ص [65
معُْروفًا{ فقال المصمماحبة بممالمعروف أن ما ِفي الد ّن َْيا َ حب ْهُ َ
صا ِ
قوله تعالى }وَ َ
يطعمهممما إذا جاعمما ويكسمموهما إذا عريمما .والثممالث إذا احتمماج أحممدهما إلممى
خدمته خدمه .والرابممع إذا دعمماه أجمابه وحضممره .والخمامس إذا أمممره بمأمر
أطاعه ما لم يأمر بالمعصية والغيبممة .والسممادس أن يتكلممم معممه بمماللين ول
يتكلم معه بالكلم الغليظ .والسابع أن ل يدعوه باسمه .والثامن أن يمشممي
خلفه .والتاسع أن يرضى له ما يرضى لنفسه ويكره لممه ممما يكممره لنفسممه.
والعاشر أن يدعو له بالمغفرة كلما يدعو لنفسه قال الّله تعالى حكاية نوح
ي{ وهكممذا عممن إبراهيممم عليممه وال ِمد َ ّ
فْر ِلي وَل ِ َ ب اغ ْ ِ عليه الصلة والسلم }َر ّ
م
ن َيموْ َ
مِني َ واِلمد َيّ وَل ِل ْ ُ
ممؤ ْ ِ عاِءَ ،رب َّنا اغ ْ ِ
فْر ِلمي وَل ِ َ ل دُ َ قب ّ ْ
الصلة والسلم }َرب َّنا وَت َ َ
ب{ يعني يوم القيامة. سا ُ
ح َ
م ال ِ
قو ُ
يَ ُ
ّ
وروى عن بعض الصحابة رضي الله تعممالى عنممه أنممه قممال :تمرك الممدعاء
للوالدين يضيق العيش عن الولد ،وهممل يمكنممه أن يرضمميهما بعممد وفاتهممما؟
قيل له بلى يرضيهما بثلثة أشياء .أولهما أن يكون الولد صالحا ً فممي نفسممه
لنه ل يكممون شمميء أحممب إليهممما مممن صمملحه .والثمماني أن يصممل قرابتهممما
وأصدقائهما .والثالث أن يستغفر لهما ويممدعو لهممما ويتصممدق عنهممما .وروى
العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريممرة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أن
النبي صلى الّله عليه وسلم قممال "إذا مممات ابممن آدم انقطممع عملممه إل ّ عممن
ثلث :صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو لممه بممالمغفرة" وعممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ل تقطع من كان يصل أبمماك فتطفممئ
دك ود ّ أبيممك" .وذكممر أن رجل ً مممن بنممي سمملمة جمماء إلممى
بذلك نورك فإن و ّ
النبي صلى الّله عليه وسلم فقال "إن أبويّ قد ماتا فهممل بقممي مممن برهممما
ي شيء قال نعم :الستغفار لهما وإنقاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة عل ّ
الرحم التي ل توصل إل ّ بهما" .والله سبحانه وتعالى أعلم.
]ص [66
فوالله ما استنجب أمممي ومما همي إل ّ سممندية اشممتراها بأربعممائة درهممم ول
حسن اسمي سماني جعل ً ذكممر الخفمماش ،ول علمنممي مممن كتمماب الل ّممه أيممة
واحدة ،فالتفت عمر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه إلممى الب وقممال تقممول ابنممي
يعقني فقد عققته قبل أن يعقك قم عني.
)قال الفقيه( رحممه الّلمه تعمالى :سممعت أبمي يحكمي عمن أبمي حفمص
اليسكندي وكان من علماء سمرقند أنه أتاه رجل فقممال :إن ابنممي ضممربني
وأوجعني قال سبحان الّله البن يضرب أبمماه؟ قممال نعممم ضممربني وأوجعنممي
فقال هل علمته الدب والعلم؟ قال ل ،فهممل علمتممه القممرآن؟ قممال ل قممال
فأي عمل يعمل؟ قال الزراعة ،قال هل علمت لي شيء ضممربك؟ قممال ل،
قال فلعله حين أصبح وتوجه إلى الزرع وهو راكممب علممى الحمممار والممثيران
بين يديه والكلب من خلفه وهو ل يحسن القرآن فتغنى وتعرضممت لممه فممي
ذلك الوقت فظن أنك بقرة فاحمد الّله حيث لم يكسر رأسك .وعممن ثممابت
البناني رحمه الّله تعالى أنه قال :روي أن رجل ً كان يضرب أباه في موضممع
فقيل له ما هذا .فقممال الب خلمموا عنممه فممإني كنممت أضممرب أبممي فممي هممذا
الموضع فابتليت بابني يضربني في هذا الموضممع هممذا بمذاك ول لموم عليممه.
قال بعض الحكماء :من عصى والديه لم يره السرور مممن ولممده :ومممن لممم
يستشر في المور لم يصمل إلمى حماجته ،وممن لمم يمدار أهلمه ذهبمت لمذة
عيشه .وروى الشعبي عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "رحممم الل ّممه
والدا ً أعان ولده على بّره" يعني ل يأمره بأمر يخمماف منممه أن يعصمميه فيممه.
وروي عن بعض الصالحين أنه كان ل يأمر ابنه بممأمر ،وكممان إذا احتمماج إلممى
شيء يأمر غيره فسئل عن ذلك؟ فقال إني أخاف أني لو أمرت ابني بذلك
يعصيني في ذلك فيستوجب النار وأنا ل أحرق ابني بالنار .وروي عن خلممف
ابن أيموب نحمو همذا ،وقمال الفضمميل بمن عيماض رحممه الّلمه تعمالى :تممام
المروءة من بّر والديه ووصل رحمه وأكرم إخوانه ،وحسن خلقممه مممع أهلممه
وولده وخدمه ،وأحرز دينه وأصلح مماله وأنفممق ممن فضممله ،وحفممظ لسممانه
ولزم بيته :يعني يكون مقبل ً على عمله ول يجلس مع أهل الفضممول .وروي
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "أربع من سعادة المممرء :أن
تكون زوجته صالحة ،وأولده أبرارا ً إن وخلطاؤه صالحين ،وأن يكون رزقممه
في بلده" .وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الل ّممه تعممالى عنممه
قال :سبع يؤجر فيهن من بعممده :مممن بنممى مسممجدا ً فلممه أجممره ممادام أحممد
يصلي فيه ،ومن أجرى نهرا ً فمادام يجري فيمه المماء ويشمرب منمه النمماس
كان له أجره ،ومن كتب مصحفا ً وأحسنه كان له أجره مادام يقرأ فيه أحد،
ومن استخرج عينا ً ينتفع بمائها كان له أجرها ما بقيت ،ومممن غممرس غرسما ً
كان له أجره فيما أكل الناس منه والطير ،ومن علم علما ً كذلك ،ومن ترك
ولدا ً يستغفر له ويدعو له من بعده :يعني إذا كان الولد صالحًا .وقممد علمممه
الب القرآن والعلم فيكون أجره لوالده من غير أن ينقممص مممن أجممر ولممده
شيء،
]ص [67
فإذا كان الوالد ل يعلمه القرآن ويعلمه طريق الفسق يكون وزره على أبيه
من غير أن ينقص من وزر ولده شيء .وروي عن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إذا مات العبممد انقطممع
عمله إل ّ من ثلث :صدقة جارية ،وعلممم ينتفممع بممه ،أو ولممد صممالح يممدعو لممه
بخير".
]ص [68
ما كنمت علمى ذلمك" .ويقمال ثلثمة ممن أخلق أهمل الجنمة ل توجمد إل ّ فمي
الكريم :الحسان إلى المسيء ،والعفو عمن ظلمممه ،والبممذل لمممن حرمممه.
قال :حدثنا أبو القاسم قال حممدثنا فممارس قممال :حممدثنا محمممد قممال :حممدثنا
أصرم بن حوشب عن أبي سنان عن الضحاك بن مزاحم فممي تفسممير هممذه
ت{ قال :إن الرجل ليصل رحمممه وقممد بقممي شاُء وَي ُث ْب ِ ُما ي َ َحوا الّله َ م ُ
الية }ي َ ْ
من عمره ثلثة أيام فيزيد الّله في عمره ثلثيممن سممنة ،وإن الرجممل ليقطممع
رحمه وقد بقي من عمره ثلثون سنة فيحطه الّله إلى ثلثة أيام.
وروى ثوبان عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ل يرد ّ القدر
إل ّ الدعاء ،ول يزيد في العمممر إل ّ الممبّر ،وإن الرجممل ليحممرم الممرزق بالممذنب
يصيبه" .وعن ابن عمر رضي الّله تعالى عنهما قال :من اتقممى ربممه ووصممل
رحمه أنسئ له في عمره يعني يزاد في عمره ،وثرى له ممماله يعنممي كممثر،
وأحبه أهله.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :قد اختلفوا في زيادة العمر فقال بعضهم
الخبر على ظاهره أن من وصل رحمه يزاد في عمره،وقال بعضهم ل يممزاد
ْ َ
نخُرو َ سممت َأ ِ
م ل يَ ْ جل ُهُ ْ
جاَء أ َذا َفي الجل الذي أجل له لن الّله تعالى قال }فَإ ِ َ
ن{ ولكن معنى زيادة العمر أن يكتممب ثمموابه بعممد ممموته مو َ قد ِ ُ
ست َ ْ
ة َول ي َ ْ ساع َ ً َ
وإذا كتب له ثوابه بعد موته فكأنه يزيد في عمره .وروى سممعيد عممن قتممادة
أنه قال :ذكر لنا أن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال "اتقمموا الل ّممه وصمملوا
الرحم فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الخرة" .وكان يقال :إذا كان
لك قريب فلم تمش إليه برجلك ولمم تعمط ممن مالمك فقمد قطعتمه .وفمي
بعض الصحف مما أنزل الّله تعممالى :يمما ابممن آدم صممل رحمممك بمالممك فممإن
ل مالك فامش إليه برجلك .وقال النبي صمملى الل ّممه عليممه بخلت بمالك أو ق ّ
وسلم صلوا أرحامكم ولو بالسلم" .وقال ميمممون بممن مهممران ثلثممة أشممياء
الكافر والمسلم فيهن سواء :مممن عاهممدته ثممق لممه بعهممدك مسمملما ً كممان أو
كافرا ً فإما العهد لله ،ومن كانت بينممك وبينممه قرابممة فصممله مسمملما ً كممان أو
كافرًا ،ومن ائتمنك على أمانة فأدها له مسلما ً كممان أو كممافرًا .وقممال كعممب
الحبار :والذي فلق البحر لموسى عليه الصلة والسلم وبنى إسممرائيل إنممه
مكتوب في التوراة :اتق ربك وبمّر والممديك وصممل رحمممك أممد ّ فممي عمممرك
وأيسرك في يسمرك وأصممرف عنممك عسمرك .وقمد أممر الل ّممه تعمالى بصملة
ه
ن ب ِم ِ سمماَءُلو َ ذي ت َت َ َ قمموا الل ّممه ال ّم ِ الرحممم فممي مواضممع مممن كتممابه فقممال }َوات ّ ُ
م{ يعني اخشوا الّله الممذي تسمماءلون بممه الحاجممات والرحممام يعنممي حا ََوال َْر َ
قْرَبمى ذا ال ُ ت َ اتقوا الرحام فصلوها ول تقطعوها وقمال فمي آيمة أخمرى }َوآ ِ
ْ
ن الّله ي َأ ُ
مُر ه{ يعني أعطه حقه من الصلة والبر ،وقال في آية أخرى }إ ِ ّ ق ُ
ح ّ َ
ن{ يعنممي بالتوحيممد وهممو شممهادة أن ل إلممه إل ّ اللممه ،ويممأمر سمما ِ ح َ ل َوال ِ ْ ِبالعَد ْ ِ
قْرب َممى{ يعنممي يمأمر بالحسان يعني إلى الناس والعفو عنهم} ،وَِإيت َمماِء ِذي ال ُ
بصلة الرحم ،فأمر بثلث أشياء منهم ثم نهممى عممن ثلثممة أشممياء فقممال ع مّز
منك َ ِ
ر شاِء َوال ُ ح َ ف ْن ال َ وجل }وَي َن َْهى ع َ ْ
]ص [69
ي{ الفحشمماء المعاصممي والمنكممر ممما ل يعممرف فممي شممريعة ول سممنة وَالب َغْ ِ
م{ يعني يأمركم بهذه الشياء الثلثممة والبغي الستطالة على الناس }ي َعِظ ُك ُ ْ
ن{ يعنممي لكممي تتعظمموا .وروي عممن م ت َذ َك ُّرو َ وينهاكم عن هذه الثلثة }ل َعَل ّك ُ ْ
عثمان بن مظعون رضي الّله تعالى عنه أنه قال :كممان رسممول الل ّممه صمملى
الّله عليه وسلم صديقا ً لي وما أسلمت إل ّ حياء من رسول الّله صمملى الل ّممه
عليه وسلم لنه كان يدعوني إلى الّله فأسلمت ولممم يكممن يسممتقر السمملم
في قلبي فجلست عنده يوما ً يحدثني إذ أعممرض عنممي فكممأنه يحممدث أحممدا ً
ي جبريل عليه الصلة والسلم فقرأ هممذه ي فقال نزل عل ّ عل ّ بجنبه ثم أقبل
ْ
قْرب َممى{ اليممة فسممررت ن وَِإيت َمماِء ِذي ال ُ سمما ِ ح َل َوال ِ ْ مُر ِبالعَمد ْ ِ ن الّله ي َأ ُ
الية }إ ِ ّ
بذلك واستقر السلم في قلبي فقمت مممن عنممده وأتيممت عمممه أبمما طممالب
فقلت له كنت عند ابن أخيك فأنزلت عليه هذه الية ،فقال أبو طالب تابعوا
محمدا ً تفلحوا وترشدوا ،والله إن ابن أخي يممأمر بمكممارم الخلق لئن كممان
صادقا ً أو كاذبا ً ل يدعوكم إل ّ إلى الخير ،فبلمغ ذلممك النممبي صملى الل ّممه عليممه
وسلم فطمع في إسلمه فممأتى إليممه ودعمماه إلممى السمملم فممأبى أن يسمملم
ك ل تهدي م َ
شاُء{ فقد ن يَ َ م ْدي َ ن الّله ي َهْ ِ
ت وَل َك ِ ّ حب َب ْ َ
نأ ْ َ ْ َْ ِ فنزلت هذه الية }إ ِن ّ َ
ل ذكر الّله عز وجل في هذه الية صلة الرحم ،وقممال فممي آيممة أخممرى }فَهَم ْ
ن ذي َ م ،أ ُوْل َئ ِ َ
ك ال ّم ِ مك ُ ْ
حمما َ
َ
قط ّعُمموا أْر َ ض وَت ُ َ َ
دوا َ ِفي الْر ِ س ُف ِ ن تُ ْ مأ ْ
ع َسيتم إن تول ّيت َ
َ ُْ ْ ِ ْ َ َ ُْ ْ
َ َ
م{ يعني الذين يقطعون الرحم ،ويقممال صاَرهُ ْ مى أب ْ َ م وَأع ْ َ مه ُ ْص ّم الّله فَأ َ ل َعَن َهُ ْ
إن الّله تعالى لما خلق الرحم قممال :أنمما الرحمممن وأنممت الرحممم أقطممع مممن
قطعك وأوصل من وصمملك .وذكمر أن الرحمم معلمق بمالعرش ينمادي الليمل
والنهار :يا رب صل من وصلني فيك واقطع من قطعني فيك .قال الحسممن
البصري رحمه الّله تعالى :إذا أظهر النمماس العلممم وضمميعوا العمممل وتحممابوا
باللسن تباغضوا بالقلوب وتقاطعوا بالرحام لعنهم الل ّممه فأصمممهم وأعمممى
أبصارهم.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه ،حدثني أبممي قممال :حمدثنا محممد بمن
حمزة أبو الحسين الفراء الفقيه قال :حدثنا أبو بكر الطوسمي حمدثنا حاممد
بن يحيى البلخي قال :حدثنا يحيى بن سليم قال :كان عندنا بمكة رجل من
أهل خراسان وكان رجل ً صالحا ً وكان الناس يودعونه ودائعهم ،فجمماء رجممل
فأودعه عشرة ألف دينار وخرج الرجل في حاجته ،فقدم الرجل مكممة وقممد
مات الخراساني وسأل أهله وولده عن ماله فلم يكن لهممم بممه علممم فقممال
الرجل لفقهاء مكة وكانوا يومئذ مجتمعين متواخرين :أودعت فلنمما ً عشممرة
آلف دينار وقممد مممات وسممألت ولممده وأهلممه فلممم يكممن لهممم بهمما علممم فممما
تأمرونني؟ فقالوا نحممن نرجممو أن يكممون الخراسمماني مممن أهممل الجنممة فممإذا
مضى من الليل ثلثه أو نصفه فائت زمزم فاطلع فيها وناد يا فلن بممن فلن
أنا صاحب الوديعة ،ففعل ذلك ثلث ليال فلم يجبه أحممد ،فأتمماهم وأخممبرهم
فقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون نحن نخشى أن يكون صاحبك من أهل النار،
]ص [70
فأت اليمن فإن فيها واديا ً يقال له برهمموت وبممه بئر فمماطلع فيهمما إذا مضممى
ثلث الليل أو نصفه فناد يا فلن بممن فلن أنمما صمماحب الوديعممة ففعممل ذلممك
فأجابه في أّول صوت فقال :ويحك ما أنزلك ههنا وقد كنممت صمماحب خيممر؟
قال كان لي أهل ببيت بخراسان فقطعتهم حممتى مممت فآخممذني الل ّممه بممذلك
فأنزلني هذا المنزل فأما مالك فهو على حاله وإني لممم أأتمممن ولممدي علممى
مالك فدفنته في بيت كذا ،فقل لولدي يدخلك في داري ثم سر إلى الممبيت
فاحفر فإنك ستجد مالك فرجع فوجد ماله على حاله.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه إذا كان الرجل عند قرابته ولممم يكممن
غائبا ً عنهم فالواجب عليه أن يصلهم بالهدية وبالزيارة فممإن لممم يقممدر علممى
الصلة بالمال فليصلهم بالزيارة والعانة في أعمالهم إن احتاجوا ،وإن كممان
غائبا ً يصلهم بالكتاب إليهم فإن قدر على المسير إليهم كان الميسر أفضل.
واعلم بأن في صلة الرحم عشر خصال محمودة .أّولها :أن فيها رضا الّله
تعالى لنه أمر بصلة الرحم .والثاني إدخال السرور عليهممم .وقممد روى فممي
الخبر "إن أفضل العمال إدخال السرور علممى المممؤمن" والثممالث أن فيهمما
فرح الملئكة لنهم يفرحون بصلة الرحم .والرابع أن فيها حسن الثنمماء مممن
المسلمين عليه .والخامس أن فيها إدخال الغم علممى إبليممس عليممه اللعنممة.
والسادس زيممادة فممي العمممر .والسممابع بركممة فممي الممرزق .والثممامن سممرور
الموات لن الباء والجداد يسرون بصلة الرحممم والقرابممة .والتاسممع زيممادة
في المممودة لنممه إذا وقممع لممه سممبب مممن السممرور والحممزن يجتمعممون إليممه
ويعينونه على ذا فيكون له زيممادة فممي المممودة .والعاشممر زيممادة الجممر بعممد
موته لنهم يدعون له بعد موته كلما ذكممروا إحسممانه .قممال أنممس بممن مالممك
رضي الّله تعالى عنه :ثلثة نفر في ظل عرش الرحمن يوم القيامة :واصل
الرحم يمد له في عمره ويوسع له في قممبره ورزقممه وامممرأة مممات زوجهمما
وترك يتامى فتقوم هي على اليتام حممتى يغنيهممم الل ّممه أو يموتمموا ،والرجممل
اتخذ طعاما ً فدعا إليه اليتامى والمساكين .وروى الحسن عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما خطا عبد خطوتين أحب إلى الل ّممه تعممالى
من الخطوة إلى صلة الفريضة ،وخطوة إلممى ذي الرحممم المحممرم" ويقممال
خمسة أشياء من داوم عليها زيد في حسناته مثل الجبال الراسيات ويوسع
الّله عليه رزقه :أّولها من داوم على الصممدقة قلممت أو كممثرت ،ومممن وصممل
رحمه قل أو أكثر ،ومن داوم على الجهاد في سبيل اللممه ،ومممن داوم علممى
الوضمموء ولممم يسممرف فممي صممب الممماء ،ومممن أطمماع والممديه وداوم علممى
طاعتهما ،والله سبحانه وتعالى أعلم.
]ص [71
باب حق الجار
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله تعالى عنه :حدثنا الفقيممه
أبو جعفر قال :حدثنا علي بن محمد الوراق قال :حدثنا أنعم عممن أبممي عبممد
الرحمن الخبلي عن عبد الّله ابن عمرو بن العاص قممال :قممال رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم "سبعة ل ينظر الل ّممه إليهممم يمموم القيامممة ول يزكيهممم
ويقول لهم ادخلوا النار مممع الممداخلين :الفاعممل والمفعممول يعنممي اللواطممة،
والناكح يده ،وناكح البهيمة،وناكح المرأة في دبرها ،وجممامع المممرأة وابنتهمما،
والزاني بحليلة جاره ،والسابع المؤذي جاره حتى يلعنه الناس إل ّ أن ينمموب
بشروطها".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد
الشاباذي قال :حدثنا فارس بن مردويه قال :حدثنا محمد بن الفضل قممال:
حدثنا محمد بن عبيد قال :حدثنا إبراهيم قال :حدثنا أبو معاوية عن بشر بن
سلمان عن عبيد عن أيان بن إسحق عن الصباح بن محمد البجلي عن مرة
الهمذاني عن عبد الّله بن مسعود قال :قال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم "والذي نفسي بيده ل يسلم عبد حتى يسلم الناس من قلبه ولسممانه
ويده ،ول يؤمن عبد حتى يأمن جاره بواثقه .قلنا يا رسول الّله وما بواثقه؟
قال غشه وظلمه" قال :حدثنا محمد بن داود بن ظهير قال :حدثنا إبراهيممم
بن يوسف قال :حدثنا محمد بن القاسم عن موسى عن عبيد اليزيدي عممن
زيد بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الّله عليه وسلم
قال "حرمة الجار على الجار كحرمة أمه" قال :حدثنا محمممد بممن داود قممال
حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا ابراهيم بن يوسف قال حممدثنا أبممو معاويممة
عن بشر بن سلمان عن مجاهد قال :قال عبد الل ّممه بممن عمممرو بممن العمماص
لغلمه :اذبح الشاة وأطعم جارنا اليهودي ،ثم تحدث ساعة فقال يا غلم إذا
ذبحمت الشماة فمأطعم جارنما اليهمودي فقمال الغلم قمد آذيتنما بجمارك همذا
اليهودي ،فقال عبد الّله بن عمر :ويحك إن النبي صلى الّله عليه وسلم لممم
يزل يوصينا بالجار حتى ظننا أنه سيورثه.
قال حدثنا القاسم بن محمد بن روزيه قمال :حمدثنا عيسمى بمن خشمنان
الثوري قال :حدثنا سويد عن مالك عن سعيد بن أبي سممعيد المقممبري عممن
أبي شريح الكعبي أن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال "مممن كممان يممؤمن
بالله واليوم الخر فليقل خيرا ً أو ليصمممت ،ومممن كممان يممؤمن بممالله واليمموم
الخر فليكرم جماره ،ومممن كمان يمؤمن بمالله واليمموم الخممر فليكممرم ضمميفه
جائزته يوم وليلة ،والضيافة ثلثة أيام وما كان بعد ذلك فهممو صممدقة" قممال:
حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بإسناده عن الحسن البصري قال:
قيل يا رسول الّله ما حق الجار على الجار؟ قممال إن استقرضممك أقرضممته،
وإن دعاك أجبته ،وإن مرض عدته ،وإن استعان
]ص [72
بمك أعنتممه ،وإن أصممابته مصمميبة عزيتممه ،وإن أصممابه خيممر هنيتممه ،وإن مممات
شهدته ،وإن غاب حفظته :يعني منزله وعياله ،ول تؤذه بقتممار قممدرك إل ّ أن
تهدي إليه" .وروي في خبر آخر زيممادة علممى هممذه التسممعة "والعاشممر أن ل
تطيل بنائك عليه إل ّ بطيبة من نفسه" .وروى أبو هريرة رضممي الل ّممه تعممالى
عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم "ل يزال جبريل يوصمميني بالجممار حممتى
ظننت أنه سيورثه" وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن رسممول الّلمه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "يا أبا هريممرة كممن ورعما ً تكممن أعبممد النمماس،
وكن قنعا ً تكن أشكر الناس ،وأحب للنمماس ممما تحممب لنفسممك تكممن مؤمنمًا،
وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلمًا ،وأقل الضحك فإن كممثرة الضممحك
ن
وال ِمد َي ْ ِ شْيئا ً وَِبال َ
كوا ب ِهِ َشرِ ُ دوا الّله َول ت ُ ْ تميت القلب" قال الّله تعالى }َواع ْب ُ ُ
نوال ِمد َي ْ ِ سانًا{ يعني :وحممدوا الل ّممه واعبممدوه ول تتخممذوا لممه شممريكًا} ،وَِبال َ ح َ إِ ْ
مى قْرب َممى َوالي َت َمما َ ذي ال ُ سممانًا{ يعنممي أحسممنوا إلممى الوالممدين إحسممانا ً }وَب ِم ِ ح َ إِ ْ
ن{ يعني أحسنوا إلى ذوي القربى بالصلة والهدية وإلممى اليتممامى كي ِ
سا ِ
م َ َوال َ
ل{ يعنممي الضمميف النممازل سِبي ِ
ن ال ّوالمساكين بالصدقة وبالقول الميل }َواب ْ ِ
قْرَبى{ يعني أحسنوا إلى الجار الذي بينممك جارِ ِذي ال ُ وهو ماّر بالطريق }َوال َ
ب{ يعنممي الجممار الممذي هممو أجنممبي ل قرابممة بينممك جن ُ ِجارِ ال ُ
وبينه قرابة }َوال َ
وبينه.
وروي عن رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "الجيممران ثلثممة:
فمنهم من له ثلثة حقوق ،ومنه من له حقان ،ومنهممم مممن لممه حممق واحممد،
فأما الجار الذي له ثلثة حقوق فجارك القريب المسلم ،وأما الجار الذي له
مي" يعنممي إذا حقان ،فجارك المسلم ،وأما الذي له حق واحممد فجممارك الممذ ّ
كان الجار قريبه وهو مسلم فله حق القرابة وحممق السمملم وحممق الجمموار،
وأما الذي له حقان فالجار المسلم فلممه حممق السمملم وحممق الجمموار ،وأممما
مي فله حق الجمموار ،فينبغممي أن يعممرف حممق الذي له حق واحد فجارك الذ ّ
الجار وإن كان ذميًا .قال أبو ذر الغفمماري رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أوصمماني
خليلي محمد صلى الّله عليممه وسمملم بثلث قممال" :اسمممع وأطممع ولممو لعبممد
مجدوع النف ،فممإذا صممنعت مرقممة فممأكثر ماءهمما ثممم انظممر إلممى أهممل بيممت
ل الصلة لوقتها" ويقممال :مممن مممات ولممه جيرانك فأصبهم منها بمرقتك وص ّ
جيران ثلثة كلهم راضون عنه غفر له .وروي عممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم أن رجل ً جاء إليه يشكو جاره فقال رسول الّله صلى الّله عليممه
وسلم "كف أذاك عنه واصبر على أذاه وكفى بالموت فّراقا" وقال الحسن
البصري :ليس حسممن الجمموار كممف الذى عممن الجممار ولكممن حسممن الجمموار
الصبر على الذى من الجار .وقال عمممر بممن العمماص :ليممس الواصممل الممذي
يصل من وصله ويقطع من قطعه إنما ذلك المنصف ،وإنممما الواصممل الممذي
يصل من قطعه ويعطف على من جفا .وليس الحليم
]ص [73
الذي يحلم عن قومه ما حلموا عنه فمإذا جهلموا عليممه جماهلهم ،وإنمما ذلمك
المنصف إنما الحليم الذي يحلم إذا حلموا فإذا جهلوا عليه حلم عنهم.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ينبغي للمسمملم أن يصممبر علممى أذى
الجار ول يؤذي جاره ويكون بحال يكون جاره آمنا ً منه ،وأمانه لجاره يكممون
بثلثة أشياء :باليد وباللسان وبالعورة ،فأما أمممانه بلسممانه فهممو أن ل يتكلممم
بكلم لو دخل عليه جاره لسكت أو لو بلغ إلممى جمماره لسممتحيى منممه ،وأممما
أمانه بيده فهو أن جاره لو كان بالسوق وتذكر أن كيسه نسمميه فممي منزلممه
فإنه ل يخاف عليه ويقول منزله ومنزلي سواء ،وأما أمانه بالعورة ،فهو أنه
لو كان في السفر فبلغه أن جاره دخممل منزلممه لسممكن قلبممه وفممرح .وروي
عن ابن عباس رضي الل ّممه تعممالى عنهممما أنممه قممال :ثلثممة أخلق كممانت فممي
الجاهلي مستحبة والمسلمون أولى بها .أولها لو نزل بهممم ضمميف لجتهممدوا
في بّره والثاني لو كانت لواحد منهم امرأة كبرت عنده ل يطلقها ويمسكها
مخافممة أن تضمميع .والثممالث إذا لحممق بجمماره ديممن أو أصممابه شممتت أو جهممد
اجتهدوا حتى يقضوا بينه وأخرجوه من تلك الشدة.
وروى أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "إن الجممار يتعلممق بجمماره يمموم القيامممة فيقممول :يمما رب
ي أمسى جائعا ً يمسي هذا شممبعان فسممله وسعت على أخي هذا وقترت عل ّ
لما أغلق بممابه دونممي وحرمنممي ممما قممد وسممعت عليممه" .وروي عممن سممفيان
الثوري أنه قال :عشرة أشياء من الجفاء ،أولها رجل أو امرأة يدعو لنفسه
ول يدعو لوالديه والمؤمنين والثاني رجل يقرأ القرآن ول يقرأ في كل يمموم
ل ركعمتين ،والرابمع مائة آية ،والثالث رجل دخمل المسمجد وخمرج ولمم يصم ّ
رجل يمر على المقابر ولم يسلم عليهم ولممم يممدعو لهممم ،والخممامس رجممل
ل الجمعة ،والسادس رجممل أو دخل مدينة في يوم الجمعة ثم خرج ولم يص ّ
امرأة نزل في محلتهما عالم ولم يممذهب إليممه أحممد ليتعلممم منممه شمميئا ً عممن
العلم ،والسابع رجلن ترافقا ولم يسأل أحدهما عن اسم صمماحبه ،والثممامن
رجل دعاه رجل إلى ضيافة فلم يذهب إلى الضيافة ،والتاسممع شمماب يضمميع
شبابه وهو فارغ ولم يطلب العلممم والدب ،والعاشممر رجممل شممبعان وجمماره
جائع ول يعطيه شيئا ً من طعامه.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :تمام حسن الجوار في أربعة أشياء.
أولها أن يواسيه بما عنده .والثاني أن ل يطمع فيما عنده .والثالث أن يمنممع
أذاه عنه .والرابع أن يصبر على أذاه.
]ص [74
باب الزجر عن شرب الخمر
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حممدثنا محمممد بممن
الفضل قال :حدثنا محمد بن جعفر قال :حممدثنا إبراهيممم بممن يوسممف :أنبأنمما
إسماعيل بن علية عن الليث عن عبد الل ّممه قممال :قممال عبممد الل ّممه بممن عمممر
رضي الّله تعالى عنهممما :يجمماء بشممارب الخمممر يمموم القيامممة مسممود ّ وجهممه
مزرقة عيناه مدلعا لسانه على صدره يسيل لعابه يستقذره كممل مممن يممراه
من نتن رائحته ،ل تسلموا على شممربة الخمممر ول تعممودوهم إذا مرضمموا ول
تصلوا عليهم إذا ماتوا .وقال مسروق :شارب الخمر كعابد الوثن ،وشممارب
الخمر كعابد اللة والعزى يعني إن استحل شربها .وقال كعب الحبممار :لن
أشرب قدحا من نار أحب إلي من أن أشرب قدحا ً مممن خمممر .قممال :حممدثنا
الحاكم أبو الفضل الحدادي .حدثنا عبممد الل ّممه بممن محمممود المممروزي .حممدثنا
إبراهيم بن عبد الله .حدثنا عبد الّله بن المبارك عن أيوب عن نافع عن ابن
عمر رضي الّله تعالى عنهما عن رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال" :كل مسكر خمر وكل مسكر حممرام ،ومممن شممرب الخمممر فممي الممدنيا
فمات وهو يدمنها ولم يتب لم يشربها في الخرة".
)قال الفقيه( قد أخبر النبي صلى الّله عليه وسلم أن كل مسكر حممرام:
يعني ما كان مطبوخا ً أو غير مطبوخ ،وهذا كما روي عن جابر بن عبممد الل ّممه
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال" :ممما أسممكر كممثيره فقليلممه
حرام" وفي رواية "ما أسكر منه الفرق فالجرعة منه حرام" والفرق :ستة
عشر رطل ً في اللغة.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :شارب الخمر المطبوخ أعظم ذنبا ً وإثما ً
من شممارب الخمممر لن شممارب الخمممر يكمون عاصمميا ً فاسممقًا ،ومممن شممرب
المطبوخ يخاف أن يصير كافرا ً لن شارب الخمر مقّر بممأنه يشممرب الخمممر
ل ،وأجمممع وهممو حممرام وشممارب المطبمموخ يشممرب المسممكر ويممراه حل ً
المسلمون أن شرب المسكر حرام قليله وكثيره فإذا استحل ما هو حممرام
بالجماع صار كافرا.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا محمد بن الفضل .حدثنا محمد
بن جعفر .حدثنا إبراهيم بن يوسف .حدثنا كمثير بمن هشمام عمن جعفمر بمن
برقان عن الزهري عن عثمان ابن عفان رضي الّله تعالى عنه قممام خطيب ما ً
فقال :يا أيهمما النمماس اتقمموا الخمممر فإنهمما أم الخبممائث وإن رجل ً ممممن كممان
قبلكم من العبمماد كممان يختلممف إلممى المسممجد فلقيتممه امممرأة سمموء فممأمرت
جاريتها فأدخلته المنزل فممأغلقت البمماب وعنممدها باطيممة مممن خمممر وعنممدها
صبي فقالت له :ل تفارقني حتى تشرب كأسا ً من هذا الخمر أو تواقعني أو
تقتل هذا الصبي وإل ّ صحت :يعني
]ص [75
ي في بيتي فمن الذي يصدقك ،فضعف الرجل عند صرخت ،وقلت دخل عل ّ
ذلك وقال أما الفاحشة فل آتيها وأما النفس فل أقتلها ،فشممرب كأس ما ً مممن
الخمر فقال زيديني فزادته فوالله ما برح حتى واقع المرأة وقتممل الصممبي.
قال عثمان رضي الّله تعالى عنه :فاجتنبوها فإنها أم الخبائث وإنممه واللممه ل
يجتمع اليمان والخمر في قلب رجل إل ّ يوشك أحممدهما أن يممذهب بممالخر:
يعني أن شارب الخمممر إذا سممكر يجممري علممى لسممانه كلمممة الكفممر ويتعممود
لسانه بذلك ويخاف عند موته أن يجري على لسانه كلمة الكفر فيخرج من
الدنيا على الكفر فيبقى في النار أبدًا ،لن أكثر ما ينزع اليمممان مممن العبممد
إنما ينزع عند موته وذلك بسبب ذنوبه الممتي فعلهمما فممي حيمماته فيبقممى فممي
حسرة وندامة .وقال الضحاك :من مات وهو مدمن خمر بعث يوم القيامممة
وهو سكران.
وروى سعيد عن قتادة قال :ذكر لنا أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال
"أربعة ل يجدون ريح الجنة وإن ريحها ليوجد مممن مسمميرة خمسمممائة عممام:
البخيل والمنان ومدمن الخمر والعاق لوالديه".
وقال ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه :لعن في الخمر عشرة :العاصر
لها والمعصممورة لممه وشمماربها وسمماقيها وحاملهمما والمحمولممة إليممه وتاجرهمما
ومتجرها وبائعها ومشتريها وشائلها :يعني غارسها .وروى في بعض الخبممار
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :يخرج يوم القيامممة شممارب
الخمر من قبره أنتن من الجيفة والكوز معلق في عنقه والقدح بيممده ويمل
ما بين جلده ولحمه حيات وعقارب ويلبس نعل من نار فيغلي دماغ رأسممه،
ويجد قبره حفرة من حفر النار ويكون في النار قرين فرعون وهامان".
وروت عائشة رضي الّله تعالى عنها عممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :من أطعم شارب الخمر لقمة سلط الّله على جسده حيممة
وعقربا ،ومن قضى حاجته فقد أعان على هدم السلم ومن أقرضه قرضا ً
فقد أعان على قتل مؤمن ،ومن جالسممه حشممره الل ّممه تعممالى يمموم القيامممة
أعمى ل حجة له ،ومن شرب الخمر فل تزوجوه فإن مرض فل تعودوه وإن
شهد فل تقبلوا شهادته ،فوالذي بعثني بالحق نبيا ً إنه ممما يشممرب الخمممر إل ّ
ملعون في التوراة والنجيل والزبور والفرقان ،ومن شرب الخمر فقد كفر
بجميع ما أنزل الّله على أنبيممائه ول يسممتحل الخمممر إل ّ كممافر ومممن اسممتحل
الخمر فأنا منه برئ في الدنيا والخرة" .وعن عطاء بن يسار أن رجل ً سأل
كعب الحبار رضي الّله تعالى عنه هل حرمت الخمر في التوراة؟ قال نعممم
سمُر{ مكتموب فمي التموراة ،إنمما أنزلنمما الحمق مي ْ ِ
ممُر َوال َ
خ ْ
مما ال َ
هذه الية }إ ِن ّ َ
ليذهب بالباطل ويبطل به اللعب والدف والمزاميممر والخمممر ويممل لشمماربها
أقسم الّله تعالى بعزتممه وجللممه لمممن انتهكهمما فممي الممدنيا إل ّ عطشممته يمموم
القيامة ولمن تركها بعدما حرمتها إل ّ سقيته إياها من حظيرة القدس .قيممل
وما حظيرة القدس؟ قال الّله هو القدس وحظيرته الجنة.
]ص [76
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه إياك وشرب الخمممر فممإن فيممه عشممر
خصال مذمومة .أولها أنه إذا شرب الخمر يصممير بمنزلممة المجنممون ويصممير
ضحكة للصبيان ومذمة عند العقلء كما ذكر عن ابممن أبممي الممدنيا أنممه قممال:
رأيت سكران في بعض سكك بغممداد يبممول وهممو يتمسممح ببمموله وهممو يقمول
اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين .وذكر أن سممكران قمماء
في بعض الطرق وجاء كلب يمسح فمه ولحيته وهو يقول للكلب يا سمميدي
يا سيدي ل تفسد المنديل .الثاني أنها متلفة للمال مذهبة للعقممل كممما قممال
عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه :يا رسول الّله أرنا رأيك في الخمممر
فإنها متلفة للمال مذهبممة للعقممل .والثممالث أن شممربها سممبب للعممداوة بيممن
طا َ
ن ُيوقِعَ ب َي ْن َك ُ ْ
م نأ ْ شي ْ َ ُ ريد ُ ال ّ ما ي ُ ِ الخوان والصدقاء ،كما قال الّله تعالى }إ ِن ّ َ
ر{ وهممو القمممار .والرابممع أن شممربها سم ِمي ْ ِم مرِ َوال َ خ ْضاَء فِممي ال َ داوَة َ َوالب َغْ َالعَ َ
ن ذ ِك ْمرِ الل ّممه م ع َم ْ يمنعه عن ذكر الّله وعن الصلة كما قال تعممالى }وَي َ ُ
ص مد ّك ُ ْ
ن{ يعني انتهوا عنها ،فلما نزلت هذه الية قال وع َن الصلة فَه ْ َ
منت َُهو َ م ُ ل أن ْت ُ ْ ّ ِ َ َ ْ
عمر بن الخطاب رضي الله تعمالى عنممه :قممد انتهينمما يما رب .والخممامس أن ّ
شربها يحمله على الزنا لنه إذا شرب الخمر يطلق امرأتممه وهممو ل يشممعر.
والسادس أنهمما مفتمماح كممل شممر لنممه إذا شممرب الخمممر سممهل عليممه جميممع
المعاصي .والسابع أنه يؤذي حفظته بإدخالهم في مجلس الفسممق وبوجممود
الرائحة المنتنة منه فل ينبغي أن يممؤذي مممن ل يممؤذيه .والثممامن أنممه أوجممب
على نفسه ثمانين جلدة فإن لم يضرب في الدنيا فإنه يضرب فممي الخممرة
بسياط من النار على رؤوس الناس ينظر إليممه البمماء والصممدقاء .والتاسممع
أنه رد باب السماء على نفسه لنه ل ترفممع لممه حسممناته ول دعمماؤه أربعيممن
يومًا .والعاشر أنه مخاطر بنفسه لنه ل يخاف عليممه أن ينممزع منممه اليمممان
عند موته ،فهذه العقوبات في الدنيا قبممل أن ينتهمي إلمى عقوبمات الخمرة،
فأما عقوبات الخرة فإنهما ل تحصمى ممن شممرب الحميمم والزقموم وفموت
الثواب ،فل ينبغي للعاقل أن يختار لذة قليلة ويترك لذة طويلة.
موروي عن مقاتل بن سليمان رضي الّله تعالى عنه في قوله تعالى }ي َوْ َ
م وِْردًا{ أي ن إ َِلى َ
جهَّنمم َ مي َ جرِ ِ م ْ سوقُ ال ُ ن وَْفدًا .وَن َ ُ ما ِ ح َ ن إ َِلى الّر ْ قي َمت ّ ِ
شُر ال ُح ُ نَ ْ
عطاشا قال :يحشر أهل الجنة فإذا انتهوا إلى بمماب الجنممة إذا هممم بشممجرة
ينبع من تحتها عينان فيشربون من إحدى العينين فل يبقى في بطونهم قذر
إل ّ خرج من الجوف ،ثم يأتون العين الخرى فيغتسلون فيهمما فل يبقممى فممي
أجسادهم شيء مما يكون على الجسممد ممن وسمخ وغيمره إل ّ ذهمب فمذلك
ن{ ثم يؤتممون بنجممائب مممن دي َ خال ِ ِها َ خُلو َ م َفاد ْ ُ م ط ِب ْت ُ ْ م ع َل َي ْك ُ ْ سَل ٌ
قوله تعالى } َ
البل من ياقوت أحمر رجلها من ذهب مكللة بالممدّر واليمماقوت أزمتهمما مممن
اللؤلؤ فيكسي كل رجل منهمم حلمتين ،لمو أن الحلمة منهمما أشمرقت لهمل
الدنيا لضاءت لهم ،ومع كل واحد منهم حفظممة مممن الملئكممة يممدلونه علممى
مساكنه في الجنة فإذا دخممل الجنممة رفممع لممه قصممر مممن فضممة شممرفه مممن
الذهب فإذا انتهى إليه
]ص [77
استقبله وصائف كثيرة كاللؤلؤ المنثور معهم الحلممى والحلممل وآنيممة الفضممة
وأكواب الذهب والملئكة يسلمون عليه فيرد ّ عليهم ،ثم يدخل فإذا رأى ممما
أعد الّله له من المنازل والكرامة تهيأ للنزول فتقول له حفظتممه ممما تريممد؟
ن لك ما هممو أفضممل فيقول أريد النزول إلى كرامة الله ،فيقولون له سر فإ ّ
من هذا فإذا سار رفع له قصر من ذهممب شممرفه مممن اللؤلممؤ فممإذا دنمما منمه
ن آنية من فضة وأكممواب مممن ذهممب استقبلته الوصائف كاللؤلؤ المنثور معه ّ
ن السلم ،فيريد النممزول فيهمما فتقممول لممه حفظتممه فيسلمن عليه فيرد ّ عليه ّ
سر فإن لك ما هو أفضل من هذا فإذا سار رفع له قصر من ياقوتة حمممراء
يرى باطنه من ظاهره من صفائه فإذا دنا استقبلته الوصائف كما اسممتقبلته
من القصرين الّولين يسلمن عليه فيرد عليهن السلم ،فإذا دخل اسممتقبلته
حوراء من الحور العين عليها سبعون حلة ل تشبه الحلة الحلة الخرى ليس
عليها مفصل إل ّ وعليه حلة يوجد ريحها من مسيرة مئة عام فإذا نظممر إلممى
وجهها أبصر وجهه فيه من صفاء وجهها فإذا نظر إلى صممدرها أبصممر كبممدها
من رقة ثيابها ويبصر من مخ ساقها من رقممة عظمهمما ،وجلممدها ،وهممي فممي
بيت فرسخ فممي فرسممخ وسمممكه :أي طمموله ،مثممل ذلممك عليممه أربعممة آلف
مصراع من ذهب فيه بساط من ذهب مكلل باللؤلؤ وقد نسق الممبيت وفيممه
سرير عليه من الفرش بمنزلة سبعين غرفة مممن غممرف الممدنيا فممإذا جلممس
واشتهى الثمرة سارت إليه الثمرة حتى يأكل منها أو يذهب به سريره حتى
يأكل منها ،وهذا كله ثواب المتقين الذين يتقون شرب الخمممر والفممواحش.
قال ويساق أهل النار إلى النار فإذا دنمموا منهمما فتحممت أبوابهمما فاسممتقبلتهم
الملئكة بمقامع الحديد فإذا دخلوا النار لم يبق منهم عضو إل ّ لزمممه عممذاب
إما حية تنهشه أو نار تسفعه أو ملك يضربه ،فإذا ضممربه الملممك همموى فممي
النار مقدار أربعين عاما ل يبلممغ قرارهمما ثممم يرفعممه اللهممب ويضممربه الملممك
ممافيهوى في النار فمإذا بمدا برأسمه ضمربه الخمرى وهمو قموله تعمالى }ك ُل ّ َ
زيممزا ً ن الل ّممه ك َمما َ
ن عَ ِ ب إِ ّ ذوُقوا العَم َ
ذا َ ها ل ِي َ ُجُلودا ً غ َي َْر َم ُ م ب َد ّل َْناهُ ْ
جُلود ُهُ ْ ت ُ ج ْ ض َ نَ ِ
كيمًا{ قال :وبلغنا أنهم يبدلون كل يوم سممبعين مممرة ،فممإذا عطممش نممادى ح ِ َ
بالشراب فيؤتى بالحميم فإذا دنا من وجهه سقط لحم وجهه ،ثم يدخل في
فيه فيسقط أضراسه ولثاته ،ثم يدخل بطنه فيقطممع أمعمماءه وينضممج جلممده
م{ يعنممي يممذاب ممما فممي بطممونهم ما فِممي ب ُط ُممون ِهِ ْ صهَُر ب ِهِ َ لقوله عز وجل }ي ُ ْ
د{ فيعذبون ما شاء الّله أن يعذبهم ثم يممدعو خزنممة جهنممم }اد ْع ُمموا جُلو ُ }َوال ُ
ب{ فل يجيبممونه ثممم يممدعون مالكمما أربعيممن ذا ِ ن العَ م َ م ْوما ً ِ ف ع َّنا ي َ ْف ْخ ّ م يُ ََرب ّك ُ ْ
عاما فل يجبهم فيقولون قد دعونا الخزنة ودعونمما مالكمما فلممم يجممب هلممموا
فلنجزع فيجزعون فل يغنى عنهم ثم يقولون هلممموا فلنصممبر فيصممبرون فل
َ َ
ص{ فهذا حي ٍ م ِن َم ْ ما ل ََنا ِصب َْرَنا َ
م َ
جزِع َْنا أ ْ واٌء ع َل َي َْنا أ َس َ يغنى عنهم فيقولون } َ
العذاب للكفار ،لكن المسلم إذ شرب الخمر وجرى على لسانه
]ص [78
كلمممة الكفممر يخمماف أن يممزول عنممه اليمممان عنممد ممموته فيصممير مممن جملممة
الكافرين ،فينبغي للمسلم أن يمتنع من شرب الخمر وينقطع عمن يشربها
فإنه إذا خالط شارب الخمر يخاف عليه أن يصمميبه مممن غبمماره ،وينبغممي أن
يتفكر في هول يوم القيامة فإن من تفكر في هول يمموم القيامممة فل يميممل
قلبه إلى شرب الخمر ول إلى صحبة شارب الخمر.
وروي عن الحسن البصري رحمه الّله تعالى أنممه قممال :بلغنمما أن العبممد إذا
شرب شربة من الخمر اسود ّ قلبه ،فإذا شرب الثانية تبرأت منممه الحفظممة،
فإذا شرب الثالثة تبرأ منه ملك الموت ،فإذا شرب الرابعة تممبرأ منمه النممبي
صلى الّله عليه وسلم فإذا شرب الخامسة تبرأ منممه أصممحاب النممبي صمملى
الّله عليه وسلم وفي السادسة تبرأ منه جبريل عليه السلم ،وفي السمابعة
تبرأ منه إسرافيل عليه السلم وفي الثامنة تبرأ منه ميكائيل عليه السمملم،
وفي التاسعة تبرأت منه السموات ،وفي العاشرة تبرأت منه الرض ،وفممي
الحادية عشر تبرأت منه حيتان البحر ،وفي الثانية عشرة تبرا منه الشمس
والقمر ،وفي الثالثة عشرة تبرأ منه كواكب السماء ،وفممي الرابعممة عشممرة
تبرأت منه الخلئق ،وفي الخامسة عشر أغلق عليممه أبممواب الجنممان ،وفممي
السادسة عشرة فتحت عليه أبواب النيران ،وفممي السممابعة عشممرة تممبرأت
منه حملة العرش ،وفي الثامنة عشرة تممبرأ منممه الكرسممي ،وفممي التاسممعة
عشمرة تممبرأ منمه العممرش ،فممإذا شممرب العشمرين تمبرأ منممه الجبممار تبمارك
وتعالى.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا منصمور بمن جعفمر وهمو أبمو نصمر
الدبوسي بسمرقند حدثنا أبو القاسم أحمممد بممن محمممد .حممدثنا عيسممى بممن
ي بن عاصم عن عبيد الّله بن عثمان عن شهر بممن حوشممب أحمد .حدثنا عل ّ
عن أسماء بنت يزيد رضي الل ّممه تعممالى عنهممما قممالت سمممعت رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم يقول "من شرب الخمر فجعلها في بطنممه لممم تقبممل
منه صلته سبعا ً فإن هي أذهبت عقله لم تقبل صلته أربعين يوما وإن مات
مات كافرا وإن تاب تاب الّله عليه وإن عاد كان حقا علممى الل ّممه أن يسممقيه
من طينة الخبال" يعني من صديد أهل النار .وفي خممبر آخممر أنممه إذا شممرب
الخمر مرة لم تقبممل صمملته ول صممومه ول سممائر عملممه أربعيممن يوممما .وإذا
شرب الثانية ل يقبل الّله صلته ول صومه ول سائر عمله ثمانين يومًا ،وإذا
شرب الثالثة فإلى مائة وعشرين يوما ،فممإذا شممرب الرابعممة فمماقتلوه فممإنه
كافر وحق على الّله أن يسقيه من طينة الخبال .قيممل وممما طينممة الخبممال؟
قال صديد أهل النار" .وروي في خبر آخر أنممه قممال "إن الممذنوب والخطايمما
جعلت كلها في بيت واحد وجعممل مفتمماحه شممرب الخمممر" يعنممي إذا شممرب
الخمر فتح على نفسه أبواب الخطايا كلها .وروى عن بعض الصحابة رضممي
الّله تعالى عنهم أنه قال :من زّوج كريمته من شارب الخمر فكأنما سمماقها
إلى الزنا :ومعناه أن شارب الخممر إذا سممكر كممثر كلمممه فممي الطلق فقمد
حرمت عليه امرأته وهممو ل يشممعر ،ويقممال إن شممارب الخمممر شممبيه بعبممدة
الوثان لن الّله تعالى سمى الخمر رجسا وأمر بالجتناب
]ص [79
ه{ كممما قممال ن فَمما ْ
جت َن ُِبو ُ شي ْ َ
طا ِ ل ال ّ
م ِ
ن عَ َ
م ْ
س ِج ٌ عنها ،وهو قوله عز وجل }رِ ْ
ن{ وروى طلحة بن مطرف عن عبممد الل ّممه بممن َ }َفا ْ
ن الوَْثا ِ م ْس ِج َ جت َن ُِبوا الّر ْ
مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه قممال :إن مممن شممربها نهممارا أشممرك بممالله
تعالى حتى يمسي وإن شربها ليل أشرك بالله تعالى حتى يصبح وروي عنه
أنه قال :إذا ممات شماربها فممادفنوه واحبسمموني ثمم انبشموا قممبره فمإن لمم
تجدوه مصروفا ً عن القبلة فاقتلوني.
وروى عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله
عليه وسلم أنه قممال "بعثنممي الل ّممه تعممالى هممدى ورحمممة للعممالمين ،وبعثنممي
لمحو المعازف والمزامير وأمممر الجاهليممة والوثممان ،وحلممف ربممي بعزتممه ل
يشرب عبد من عبيدي الخمر في الدنيا إل ّ حرمتهمما عليممه يمموم القيامممة ،ول
يتركهما عبمد ممن عبيمدي إل ّ سمقيته ممن حظيممرة القممدس" .قممال أوس بمن
سمممعان :والممذي بعثممك بممالحق إنممي لجممدها فممي التمموراة محرمممة خمس ما ً
وعشرين مرة ،ويل لشارب الخمر وحق على الل ّممه أن ل يشممربها عبممد مممن
عبيده في الدنيا إل ّ سقاه مممن طينممة الخبممال .وروى مالممك عممن محمممد بممن
المنكدر أنه قال :يقول الّله تعالى يعني يوم القيامممة }أيممن الممذين ينزهممون
أنفسهم وأسماعهم في الدنيا عن اللهو ومزاميممر الشمميطان اجعلمموهم فممي
رياض المسك ،ثم يقول للملئكة أسمعوهم صوت حمدي وثنائي وأخبروهم
ن{ وروى عممن أبممي وائل عممن شممقيق بممن حَزن ُممو َ م يَ ْ م وََل هُ ْف ع َل َي ْهِ ْ أن َل َ
خوْ ٌ
سلمة أنه دعي إلى وليمة فرأى فيها لعابين فرجع ،ثم سمعت ابن مسممعود
يقول :إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .وروى عطاء
بن السائب عن عبد الرحمن السمملمي قممال :شممرب نفممر مممن أهممل الشممام
الخمر وعليهم يومئذ معاوية بن أبي سفيان وقممالوا هممي لنمما حلل لن الل ّممه
ممموا{ ممما ط َعِ ُح ِفي َ جَنا ٌ
ت ُ حا ِ مُلوا ال ّ
صال ِ َ مُنوا وَع َ ِ
نآ َ س ع ََلى ال ّ ِ
ذي َ تعالى قال }ل َي ْ َ
الية ،فكتب فيهم إلى عمر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه بممذلك وكتممب عمممر أن
ي قبل أن يفسدوا من قبلك ،فلما قممدموا علممى عمممر رضممي الل ّممه ابعثهم إل ّ
تعالى عنه جمع لهم أصحاب رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم فشمماورهم
في ذلك فقالوا :يا أمير المؤمنين أنهم افتروا على الّله وشممرعوا فممي دينممه
ما لم يأذن به الّله فاضرب أعناقهم ،وعلي رضي الل ّممه تعممالى عنممه سمماكت
في القوم .قال :قال لعلى ما ترى؟ قال أرى أن تستتيبهم فممإن لممم يتوبمموا
فاضممرب أعنمماقهم ،وإن تممابوا فاضممربهم ثمممانين جلممدة فاسممتتابهم فتممابوا
فضربهم ثمانين جلممدة .وروى عكرمممة عممن ابممن عبمماس رضممي الل ّممه تعممالى
عنهما أنه قال لما نزلت آية تحريم الخمر قالوا فكيف إخواننمما الممذين ممماتوا
مل ُمموا
من ُمموا وَع َ ِ
نآ َ ذي َس ع َل َممى ال ّم ِ
وهممم يشممربونها؟ فنممزل قمموله تعممالى }ل َي ْم َ
موا{ الية ،يعنممي ل إثممم علممى الممذين شممربوا قبممل ما ط َعِ ُح ِفي َجَنا ٌت ُحا ِ
صال ِ َ
ال ّ
التحريم ،والله أعلم.
]ص [80
باب الزجر عن الكذب
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا محمد بن الفضل .حدثنا محمد
بن جعفر .حدثنا إبراهيم بن يوسف .حممدثنا أبممو معاويممة عممن العمممش عممن
شقيق بن سلمة عن عبد الّله ابن مسعود رضي الّله تعممالى عنممه أن النممبي
صلى الّله عليه وسلم قال "عليكم بالصدق فممإن الصممدق يهممدي إلممى الممبر،
والبر يهدي إلى الجنة ،وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حممتى يكتممب
عند الّله صديقًا ،وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ،وإن الفجور
يهدي إلى النار ،وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الّله
كذابا" قال :حدثنا محمد بن الفضل .حدثنا محمد بن جعفر .حممدثنا إبراهيممم
بن يوسف .حدثنا أبو معاوية عن العمش عن عمممارة بممن عميممر عممن عبممد
الرحمن بممن زيممد عممن ابممن مسممعود رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال :اعتممبروا
المنافق بثلث :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا عاهد غممدر .قممال عبممد
الّله رضي الّله تعالى عنه :وأنزل الّله تعالى تصديق ذلممك فممي كتممابه قمموله
مما َ
كماُنوا ه{ إلمى قموله} :وَب ِ َ ن فَ ْ
ضل ِ ِ م ْ عاهَد َ الّله ل َئ ِ ْ
ن آَتاَنا ِ ن َ
م ْ
م َ
من ْهُ ْ
تعالى }وَ ِ
ن{ قال :حدثنا أبممو القاسممم ابممن محمممد بممن مردويممه وحممدثنا عيسممى ي َك ْذ ُِبو َ
خشنام الثوري .حدثنا سويد عن مالك :أنه بلغه أنه قيل للقمان الحكيم ممما
بلغ بك ما نرى؟ قال صدق الحديث ،وأداء المانة ،وترك ما ل يعنيني .قمال:
حدثنا أبو القاسم عيسى .حدثنا سويد عن مالك عن صفوان بن سممليم أنممه
قال "قيل يا رسول الّله أيكون المؤمن جبانا؟ قممال نعممم ،فقيممل لممه أيكممون
المؤمن بخيل؟ قال نعم ،قيل له أيكون المؤمن كذابا؟ قال ل" قممال :حممدثنا
محمد بن الفضل .حدثنا محمد بن جعفر .حدثنا إبراهيم بممن يوسممف .حممدثنا
إسماعيل بن جعفمر عمن عممر عمن المطلمب بمن حنطمب عمن عبمادة ابمن
الصممامت رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال
"أضمنوا لي ستا ً من أنفسكم أضمن لكم الجنة :اصدقوا إذا حدثتم ،وأوفمموا
إذا وعدتم ،وأدوا إذا ائتمنتم ،واحفظوا فروجكم ،وغضمموا أبصمماركم ،وكفمموا
أيديكم".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :قد جمع النبي صلى الّله عليه وسلم
جميع الخيرات في هذه الشياء وهي ستة.أولها قممال "اصممدقوا إذا حممدثتم"
فقد دخل فيه كلمة التوحيد وغيرها يعني إذا شممهد أن ل إلممه إل ّ الل ّممه يكممون
قوله صادقا ً من نفسه ويكون صادقا ً في حديثه مممع النمماس .وقمموله "أوفمموا
إذا وعدتم" يعني الوعد الذي بينه وبين الّله تعالى والوعد الممذي بينممه وبيممن
الناس ،فأما الوعد الذي بينه وبين الّله تعالى فممإنه يثبممت علممى إيمممانه إلممى
الموت ،وأما الذي بينه وبين الناس فهو أن يفي بجميع ممما وعممدهم .وقمموله
"وأدوا إذا ائتمنتم" فالمانة علممى وجهيممن :أحممدهما بينممه وبيممن الل ّممه تعمالى،
والخر بينه وبين الناس.فأما الذي بينه وبين الله
]ص [81
تعالى فهي الفرائض التي افترضها الّله على عباده وهممي أمانممة الل ّممه عنممده
فوجب عليه أن يؤديها في وقتهمما .وأممما المانممة بينممه وبيممن النمماس فهممو أن
يأتمنه رجل على ماله أو على قول أو على غير ذلك فيجممب عليممه أن يفممي
بأممانته .وقمموله "واحفظمموا فروجكممم" فممالحفظ علممى وجهيممن :أحممدهما أن
يحفظ فرجه عن الحرام والشممبهة ،والثمماني أن يحفممظ فرجممه حممتى ل يقممع
بصر أحد عليه لن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم قممال" :لعممن الل ّممه النمماظر
والمنظممور إليممه" فممالواجب علممى المسمملم أن يتعاهممد نفسممه فممي وقممت
الستنجاء لكيل ينظر إليه من ل يحل له النظممر إليممه مممن الرجممال والنسمماء.
وقوله }وغضوا أبصاركم{ يعني غضوا أبصاركم عممن عممورات النمماس وعممن
النظر إلى محاسن المرأة التي ل يحل لكم النظممر إليهمما وعممن النظممر إلممى
ه
مت ّعْن َمما ب ِم ِ
ممما َ ك إ ِل َممى َن ع َي ْن َي ْم َ الدنيا بعين الرغبة كما قال الّله تعالى }وََل ت َ ُ
مد ّ ّ
َ َ
م{ أي فمموا أي ْمد ِي َك ُ ْ
ه{ وقمموله }وك ُ ّ م ِفي م ِ
فت ِن َهُ ْ
دنَيا ل ِن َ ْ
حَياةِ ال ّ
م َزهَْرة َ ال َ أْزَواجا ً ِ
من ْهُ ْ
عن الحرام من الموال وغير ذلك.
وروى عن حذيفة بن اليمان رضي الّله تعالى عنه أنه قال :إن الرجل كان
يتكلم بالكلمة على عهممد رسمول الل ّممه صملى الل ّممه عليممه وسمملم فيصممير بهما
منافقا ،وإني لسمعها من أحدكم في اليوم عشر مممرات :يعنممي الرجممل إذا
كان يكذب كان ذلك دليل ً على نفاقه .فالواجب على المسلم أن يمنع نفعمه
ود الكذب يكتب عنممد الل ّممه منافقمما من علمات المنافقين ،فإن الرجل إذا تع ّ
ويكون عليه وزره ووزر من اقتدى به .قال :حدثنا أبو منصور بممن عبممد الل ّممه
الفرائضي بسمرقند بإسناد عن سمرة بن جنممدب قممال "كممان رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم إذا صلى الغداة أقبل علينا بوجهه فقال لصحابه :هل
رأى أحد منكم الليلة رؤيا فيقص عليه ما شمماء الل ّممه أن يقممص رؤيماه عليممه،
وإنه قال لنا ذات غداة :هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ فقلنا ل ،قال لكنممي
أنا رأيت الليلة :إنه أتاني اثنان وإنهما أخذا بيدي فقال لي انطلق ،فانطلقت
معهما فأخرجاني إلى أرض مستوية فأتينا على رجل مضممطجع وآخممر قممائم
عليه بصخرة فإذا هو يهوي بالصخرة على رأسه فيثلممغ بهمما رأسممه فيتدهممده
الحجر ،فيتبعه ويأخذه فل يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كممان فيعممود عليممه
بمثل ذلك ،فقلت سبحان الّله ما هذا؟ فقال لي انطلممق ،فممانطلقت معهممما
حتى أتينا على رجل مستلق علممى قفمماه وإذا آخممر قممائم عليممه بكل ّمموب مممن
حديد فإذا هو يأتي أحمد شمقي وجهمه فيشمق شمدقه حمتى يبلمغ إلمى قفماه
ومنخره ،ثم يتحول إلى الجانب الخر فيفعممل بممه مثممل ذلممك فل يفممرغ منممه
حتى يصح الجانب الّول كما كان فيعود إليه فيفعل به مثل ذلك .قال :قلت
سبحان الّله ما هذا؟ قال لي انطلق ،فانطلقت حتى انتهينا على بناء رأسممه
مثل التنور وأسفله واسع .قال :فاطلعت فإذا فيه رجال ونسمماء عممراة فممإذا
هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أوقد ارتفعوا حمتى يكمادوا أن يخرجموا
وتوا :يعنممي صمماحوا، فإذا خمدت رجعوا فيهمما فلممما جمماءهم ذلممك اللهممب صم ّ
فقلت سبحان الّله ما هؤلء؟ قال لي
]ص [82
انطلق فانطلقنا حتى أتينا على نهر معترض فيه ماء أحمر مثممل الممدم فممإذا
فيه رجل يسبح وإذا على شاطئ النهر رجممل قممد جمممع حجممارة كممثيرة قممال
فيأتيه السابح فيفغر" :أي يفتح" له فاه فيلقمه حجرا .قممال :قلممت سممبحان
الّله ما هذا؟ فقال لي انطلق ،فأتينا على رجل فممإذا هممو حمموله نمار عظيمممة
يهشها ويسعى حولها فقلت سبحان الّله ما هذا؟ فقال لي انطلق ،فانطلقنا
فأتينا على روضة فيها من كل َنور الربيع فممإذا بيممن ظهرنممي الروضممة رجممل
طويل وإذا حول ذلك الرجل ولدن كثيرة مممن أكممثر ممما رأيتممم قممط ،فقلممت
سبحان الّله ممما هممذا؟ قممال لممي انطلممق ،فانطلقنمما حممتى انتهينمما إلممى دوحممة
عظيمة لم أر دوحة أعظم ول أحسن منها فارتقينا فيها فانتهينا إلممى مدينممة
مبنية بلبن من ذهممب ولبممن مممن فضممة ،فاسممتفتحنا بمماب المدينممة ففتممح لنمما
فدخلنا فيها فأخرجاني منها فأدخلني دارا هي أحسن منها وأفضممل ،فبينممما
اصّعد بصري فإذا قصر أبيض كأنه ربابة بيضاء ز قال :ذلك منزلك .قلممت أل
أدخله؟ قال :أما الن فل وأنت داخله ،ثم قلت إني رأيت هممذه الليلممة عجبمما
ما الول الذي رأيتمه يثلمغ رأسممه بمالحجر فممإنه رجممل فما الذي رأيته؟ قال :أ ّ
ما الممذي يشممق شممدقه يأخذ القرآن ثم يرفضه وينام عن الصلة المكتوبة،وأ ّ
مما الممذي إلى قفاه فإنه رجل يخرج من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الفماق .وأ ّ
رأيته مثل التنور فإنهم الزناة والزواني .وأممما الممذي يسممبح فممي البحممر فهممو
آكل الربا .وأما الذي يسعى حول النار فإنه مالممك خممازن النممار "أي جهنممم"
وأما الرجل الطويل الذي رأيته في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلم :وأما
الولدان الذين حوله فكل مولود ولد على الفطرة وأممما الممدار الممتي دخلممت
أّول فدار عامة المؤمنين .وأما الدار الخرى فدار الشهداء وأنا جبريل وهمذا
ميكائيل ،فقال رجل وأولد المشركين؟ قال وأولد المشركين أيضا ً يكونون
عند إبراهيم عليه الصلة والسلم" وقد جاء فممي أطفممال المشممركين أخبممار
مختلفة .قال بعضهم :يكونون خدما ً لهممل الجنممة ،وبعضممهم مممن أهممل النممار
والله تعالى أعلم.
)وقال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا أبو جعفممر .حممدثنا محمممد بممن
الفضل .حدثنا أبو حذيفة بالبصرة .حممدثنا سممفيان .حممدثنا عبممد الرحمممن بممن
عباس قال :حدثني ناس من أصحاب عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعمالى
عنه أنه قال" :أصدق الحديث كلم الله ،وأشرف الحديث ذكممر اللممه ،وشممر
ل وكفممى خيممر مممما أكممثر وألهممى ،وشممر الندامممة العمى عمى القلب ،وما ق ّ
ندامة يوم القيامة ،وخير الغنى عنى النفس ،وخيممر الممزاد التقمموى ،والخمممر
جماع الثم ،والنساء حبائل الشيطان ،والشباب شممعبة مممن الجنممون ،وشممر
المكاسب كسممب الربمما ،وأعظممم الخطايمما اللسممان الكممذوب" .قممال :حممدثنا
محمد بن الفضل .حدثنا محمد بن جعفر .حدثنا إبراهيم بممن يوسممف .حممدثنا
سفيان بن أبي حصين يبلغ به
]ص [83
إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال" :الكممذب ل يصمملح إل فممي ثلث :فممي ّ
الحرب لن الحرب خدعة .والرجل يصلح به بين اثنيممن ،والرجممل يصمملح بممه
بينه وبين امرأته".
وروى عن بعض التابعين أنه قممال :أعلممم أن الصممدق زيممن الوليمماء ،وأن
ذا الكذب علمة الشقياء كما بين الّله تعالى في كتابه قال الل ّممه تعممالى }هَ م َ
قمموا الل ّممه وَ ُ َ
ع
مم َ كون ُمموا َ من ُمموا ات ّ ُ نآ َ ذي َ م{ }َيا أي ّهَمما ال ّم ِ صد ْقُهُ ْ
ن ِ صاد ِِقي َ فعُ ال ّ م َين َ ي َوْ ُ
مما َ َ ُ
صمد ّقَ ِبمهِ أوْلئ ِ َ ّ
م َ ن .لُهم ْقمو َ
مت ّ ُ
م ال ُ
هم ْ ك ُ ق وَ َ صمد ْ ِ
جماَء ِبال ّ ذي َ نَ .والم ِ صماد ِِقي َ ال ّ
لم{ وقد ذم الكمماذبين ولعنهممم فقممال عممز مممن قممائل }قُت ِم َ عن ْد َ َرب ّهِ ْن ِ شاُءو َ يَ َ
َ
بن افْت ََرى ع ََلى الّله الك َذ ِ َ م ْ م ّ م ِن أظ ْل َ ُ م ْن{ يعني لعن الكذابون }وَ َ صو َ خّرا ُ ال َ
ن{. مي َ ّ
م الظال ِ ِ قو ْ َ دي ال َ َ
ه ل ي َهْ ِ ّ
سلم ِ َوالل ُ َ عى إ ِلى ال ِ ْ َ وَهُوَ ي ُد ْ َ
باب الغيبة
ّ
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الله تعالى عنه :حممدثنا محمممد
بن الفضل .حدثنا محمد بن جعفر .حدثنا إبراهيم بن يوسف .حدثنا إسمعيل
بن جعفر عن العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عممن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "أتممدرون ممما الغيبممة؟ قممالوا
الّله ورسوله أعلم .قال إذا ذكرت أخاك بما يكره فقد اغتبته .قيممل :أرأيممت
إن كان في أخي ما أقول؟ قال :إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتممه؟ وإن لممم
يكن فيه ما تقول فقد بهته" يعني قلت فيه بهتانا.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ذكر عن بعض المتقدمين أنه قال :لو
قلت إن فلنا ثوبه قصير أو ثوبه طويل يكممون غيبممة فكيممف إذا ذكممرت عممن
نفسه قال :حدثنا محمد بن الفضل .حدثنا محمد بن جعفممر .حممدثنا إبراهيممم
بن يوسف .حمدثنا يحيممى بمن سمليم عمن سمملمان القاضممي عمن محمممد بمن
الفضيل العابد عن ابن أبي نجيح قال" :بلغنا أن امرأة قصيرة دخلممت علممى
النبي صلى الّله عليه وسلم فلما خرجت قممالت عائشممة رضممي الل ّممه تعممالى
عنها ما أقصرها فقال النبي صلى الّله عليه وسلم اغتبتيها .قالت عائشة ما
قلت إل ّ ما فيها .قال :ذكرت أقبح ما فيها" قال :حدثنا محمد بممن الفضمميل.
حدثنا محمد بن جعفر عن إبراهيم .حدثنا عبد الوهماب بمن عطماء عمن أبمي
محمد الجماني عن أبي هرون العبدي عن أبي سممعيد الخممدري رضممي الل ّممه
تعالى عنه أن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال" :ليلممة أسممرى بممي إلممى
السماء مررت بقوم يقطع اللحم من جنوبهم ثم يلقمونه ثم يقال لهم كلمموا
ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم ،فقلت يا جبريل من هؤلء؟ قال هؤلء مممن
أمتك الهمازون اللمازون" يعني المغتابين.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت أبي يحكي قال" :كان النبي صلى
فة وزيد بن الّله عليه وسلم في المنزل وأصحابه في المسجد من أهل ال ُ
ص ّ
ثابت يحدثهم بما سمع من النبي صلى الّله عليه وسلم من
]ص [84
الحاديث فأتى النبي صلى الّلمه عليمه وسملم بلحمم فقمالوا لزيمد بمن ثمابت
ادخل على النبي صلى الّله عليه وسلم وقل إنمما لممم نأكممل اللحممم منممذ كممذا
وكذا لكي يبعث إلينا بشيء من ذلك اللحمم ،فلمما قمام زيمد بمن ثمابت ممن
عندهم قالوا فيما بينهم إن زيدا قد لقي النبي صلى الّله عليممه وسمملم مثممل
ما لقينا فكيف يجلس ويحدثنا؟ فلما دخل زيد على النممبي صمملى الل ّممه عليممه
دى الرسالة قال النبي صلى الّله عليه وسمملم قممل لهممم قممد أكلتممم وسلم وأ ّ
اللحم الن ،فرجع إليهم وأخبرهم به قالوا والله ممما أكلنمما اللحممم منممذ كممذا،
فرجع إليه وأخبره فقال إنهم قد أكلوا الن فرجممع إليهممم وأخممبرهم فقمماموا
فدخلوا على النبي صلى الّله عليمه وسملم فقمال لهمم الن قمد أكلتمم لحمم
أخيكم وأثر اللحم في أسنانكم فابزقوا حتى تروا حمرة اللحم ،فبزقوا الدم
فتابوا ورجعوا عن ذلك واعتذروا إليه".
وروى جابر بن عبد الّله رضي الّله تعالى عنهما قال "هاجت ريح منتنة على
عهد رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقال النبي صلى الّله عليممه وسمملم:
إن ناسا من المنافقين قد اغتابوا أناسا من المسلمين فلممذلك همماجت هممذه
الريح المنتنة" .وقيل لبعض الحكماء ما الحكمة فممي أن ريممح الغيبممة ونتنهمما
كانت تتبين على عهد رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ول تتبين في يومنمما
هذا قال لن الغيبة قد كثرت فممي يومنمما فممامتلت النمموف منهمما فلممم تتممبين
الرائحة وهي النتن ،ويكون مثال هذا مثال رجل دخل دار الممدباغين ل يقممدر
على القرار فيها من شدة الرائحة ،وأهل تلممك الممدار يممأكلون فيهمما الطعممام
ويشربون الشراب ول تتبين لهم الرائحة لنه قد امتلت أنوفهم منها كممذلك
أمر الغيبة في يومنا همذا .وروى أسمباط عمن السمدي قمال" :كمان سملمان
الفارسي في سفر مع أناس وفيهم عمر رضي الّله تعالى عنه فنزلوا منزل
فضربوا خيامهم وصنعوا طعامهم ونام سلمان ،فقال بعض القمموم ممما يريممد
هذا العبد إل ّ أن يجيء إلى خيام مضممروبة وطعممام مصممنوع؟ ثممم قممالوا بعممد
ذلك لسلمان انطلق إلى النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم فممالتمس لنمما إداممما
نأتدم به ،فأتى النبي صلى الّله عليه وسلم فأخبره فقال النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أخبرهم أنهم قد ائتدموا ،فأخبرهم بذلك فقالوا ما طعمنمما بعممد،
وما كذب النبي صلى الّله عليه وسلم عليكم فأتوه؟ فقال لهم النبي صمملى
الّله عليه وسلم :قد ائتدمتم من صاحبكم حين قلتم ما قلتم وهممو نممائم ثممم
َ
م{ ض الظ ّ ّ
ن إ ِث ْ ٌ ن ب َعْ َ ن إِ ّ ن الظ ّ ّ م ْجت َن ُِبوا ك َِثيرا ً ِ
مُنوا ا ْ نآ َ قرأ عليهم }َيا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
يعني معصية .قال سفيان :الظن ظنان :ظن فيه إثم وظن ليس فيممه إثممم،
فأما الظن الذي فيه إثم فالذي يتكلم به وأما الظن الذي ليس فيه إثم فما
سمموا{ يقممول ول تطلبمموا عيممب أخيكممم }وََل س ُ ج ّ يضمره ول يتكلم بممه }وََل ت َ َ
َ ْ َ َ
ه{ يعنممي مو ُمْيتا ً فَك َرِهْت ُ ُخيهِ َ
مأ ِ ح َل لَ ْ
ن ي َأك ُ َ
مأ ْ حد ُك ُ ْبأ َ ح ّم ب َْعضا ً أ َي ُ ِ
ضك ُ ْ
ب ب َعْ ُي َغْت َ ْ
كما تكرهون أكل لحم أخيكم ميتا فكذلك اجتنبوا ذكره بالسوء غائبًا.
بوروى عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما في هممذه اليممة }وََل ي َغْت َم ْ
م ب َْعضًا{ قال :نزلت في رجلين من أصحاب رسمول الّلمه صملى الّلمه ضك ُ ْب َعْ ُ
عليه وسلم ،وذلك أن النبي صلى الّله عليه وسلم ضم مع كل رجلين
]ص [85
غنييممن فممي السممفر رجل ً مممن أصممحابه قليممل الشمميء ليصمميب معهممما مممن
طعامهما ويتقدمهما في المنازل ويهيئ لهما المنزل وممما يصمملح لهممما وقممد
كان ضم سلمان إلى رجلين ،فنزل منزل من المنازل ذات يمموم ولممم يهيممئ
لهما شيئا ً فقال له اذهب إلى النبي صلى الّله عليه وسلم فسممل لنمما فضممل
إدام؟ فانطلق فقال أحدهما لصاحبه حين غاب عنهما إنه لو انتهى إلممى بئر
ل الماء ،فلما انتهى إلى رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم وبلغممه كذا لق ّ
الرسالة قمال النمبي صملى الّلمه عليمه وسملم :قمل لهمما قمد أكلتمما الدام،
فأتاهما فأخبرهما فأتياه فقممال ممما أكلنمما مممن إدام؟ فقممال إنممي لرى حمممرة
اللحم في أفواهكما ،فقال لم يكن عندنا شيء وما أكلنا لحما اليمموم ،فقممال
لهما إنكما اغتبتما أخاكما ،ثم قال لهما أتحبان أن تأكل لحما ميتا؟ فقال :ل،
فقال لهما فكما كرهتما أن تأكل لحما ميتا فل تغتابا فممإنه مممن اغتمماب أخمماه
م ب َْعضمًا{ .وروى عممن الحسممن ضمك ُ ْ فقممد أكممل لحمممه فنزلممت }وََل ي َغْت َم ْ
ب ب َعْ ُ
البصري أن رجل ً قال :إن فلنا قممد اغتابممك فبعممث إليممه طبقمما مممن الرطممب
ي حسمناتك فمأردت أن أكمافئك عليهما فاعمذرني وقال بلغني أنك أهديت إلم ّ
فإني ل أقدر أن أكافئك بها على التمام .وذكر عن إبراهيم بن أدهممم رحمممه
الّله تعالى أنه أضاف أناسا فلما قعدوا على الطعممام جعلمموا يتنمماولون رجل.
قال إبراهيم :إن الذين كانوا قبلنا كانوا يأكلون الخبز قبل اللحم وأنتم بدأتم
باللحم قبل الخبز .وذكر عن أبي أمامة الباهلي رضي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه
قال :إن العبد ليعطي كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكممن عملهمما،
فيقول يا رب من أين لي هذا؟ فيقول هذا بما اغتابك الناس وأنت ل تشممعر
وذكر عن إبراهيم بن أدهم أنه قال :يا مكذب بخلت بدنياك على أصممدقائك
وسخوت بآخرتك على أعدائك فل أنت فيما بخلت به معممذور ول أنممت فيمما
سخوت به محمود .وذكر عن بعض الحكماء أنه قال :الغيبممة فاكهممة القممراء
وضيافة الفساق ومراتع النساء وإدام كلب الناس ومزابل التقياء.
وروى أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "أربع يفطرن الصائم وينقضن الوضوء ويهدمن العمل:
الغيبة ،الكذب ،والنميمة ،والنظر إلى محاسن المرأة التي ل يحل له النظر
اليها ،وهن يسقين أصول الشر كما يسممقي الممماء أصممول الشممجر ،وشممرب
الخمر يعلو الخطايا" .قال كعممب الحبممار :قممرأت فممي كتممب النبيمماء عليهممم
الصلة والسلم أن من مات تائبا من الغيبة كان آخر من يدخل الجنة ،ومن
مات مصّرا عليها كان أول من يمدخل النمار .وذكمر عمن عيسممى ابمن مريممم
عليه الصلة والسلم أنه قال لصحابه أرأيتم لو أتيتمم علمى رجمل نمائم قمد
كشفت الريح عن بعض عورته كنتم تسممترون عليممه؟ قممالوا نعممم ،قممال بممل
كنتم تكشفون البقية .قالوا سبحان الّله كيممف نكشممف البقيممة؟ قممال أليممس
يذكر عندكم الرجل فتذكرونه بأسوأ ما فيه ،فأنتم تكشفون بقية الثوب عن
عورته .وروى خالد الربعي قال :كنممت فممي المسممجد الجممامع فتنمماولوا رجل
فنهيتهم عن
]ص [86
ذلك فكفوا وأخذوا في غيره ثم عادوا إليه ،فدخلت معهممم فممي شمميء مممن
أمره فرأيت تلك الليلة في المنام كأني أتاني رجل أسود طويل ومعه طبق
عليه قطعة من لحم خنزير ،فقال لي كل فقلت آكل لحم الخنزير ،واللممه ل
آكله فانتهرني انتهارا شديدا ،وقال قد أكلت ما هو شممر منممه فجعممل يدسممه
في فمي حتى استيقظت مممن منممامي ،فمموالله لقممد مكثممت ثلثيممن يوممما أو
أربعين يوما ما أكلت طعاما إل ّ وجدت طعم ذلممك اللحممم ونتنممه فممي فمممي.
قال سفيان بن الحصين :كنت جالسا عند إياس بن معاوية فمّر رجل فنلت
منه فقال اسكت ،ثم قال لي سفيان هل غزوت المروم؟ قلمت ل قمال همل
غزوت الترك؟ قلت ل قال سلم منك الروم وسلم منك الممترك ولممم يسمملم
منك أخوك المسلم .قال :فما عدت إلى ذلك بعد .وروي عن حمماتم الزاهممد
رحمه الّله تعالى قال :ثلثة إذا كن في مجلممس فالرحمممة عنهممم مصممروفة:
ذكر الدنيا والضحك والوقيعة في الناس .وعن يحيى بن معاذ الممرازي قممال:
ليكن حظ المؤمن منك ثلث خصال لتكون من المحسنين :أحدهما أنممك إن
لم تنفعه فل تضره .والثاني إن لم تسره فل تغمه .والثممالث إن لممم تمممدحه
فل تذمه .وذكر عن مجاهد أنه قال :إن لبن آدم جلساء من الملئكممة ،فممإذا
ذكر أحدهم أخاه بخير قالت الملئكة :له ولك مثله ،وإذا ذكممر أحممدهم أخمماه
بسوء قالت الملئكة :يا ابن آدم كشفت المسممتور عليممه عممورته ارجممع إلممى
نفسك واحمد الّله الذي ستر عليك عورتك .وذكر عن إبراهيم بن أدهم أنممه
دعى إلى طعام فلما جلس قالوا إن فلنا لم يجىممء ،فقمال رجممل منهمم إن
فلنا رجل ثقيل فقال إبراهيم إنما فعل هذا بي بطني حيمن شمهدت طعامما
اغتبت فيه مسلما ،فخممرج ولممم يأكممل ثلثممة أيممام .قممال بعممض الحكممماء :إن
ضعفت عن ثلث فعليك بثلث .إن ضعفت عن الخيممر فأمسممك عممن الشممر.
وإن كنممت ل تسممتطيع أن تنفممع النمماس فأمسمك عنهممم ضممرك ،وإن كنممت ل
تستطيع أن تصوم فل تأكل لحوم الناس .وذكر عن وهب المكممي أنممه قممال:
ي من أن تكون لي الدنيا وما فيها منذ خلقت إلى أن لن أدع الغيبة أحب إل ّ
تفنى فأجعلها في سبيل الّله تعالى ،ولن أغض بصري عما حرم الّله تعالى
ي من أن تكون لي الدنيا وما فيها فأجعلها في سبيل الّله تعالى ،ثم أحب إل ّ
ضمموا
ن ي َغُ ّ
مِني َ م ب َْعضًا{وتل قوله تعالى }ل ِل ْ ُ
مؤ ْ ِ ضك ُ ْ تل قوله تعالى }وََل ي َغْت َ ْ
ب ب َعْ ُ
م{ الية. م َ
صارِه ِ ْن أب ْ َ
ِ ْ
)قال الفقيه( رضي الله تعالى عنه :قد تكلم الناس في توبة المغتاب هل ّ
تجوز من غير أن يستحل من صاحبه! قال بعضممهم يجمموز ،وقممال بعضممهم ل
يجوز ما لم يستحل مممن صمماحبه ،وهممو عنممدنا علممى وجهيممن :إن كممان ذلممك
القول قد بلغ إلى الذي اغتابه فتوبته أن يستحل منه وإن لم يبلغ فليستغفر
الّله تعالى ويضمر أن ل يعممود إلممى مثلممه .وروى أن رجل ً أتممى ابممن سمميرين
فقال :إني اغتبتك فاجعلني في حل؟ فقال وكيف أحل ما حرم الله؟
]ص [87
فكأنه أشار إليه بالستغفار والتوبة إلى الّله تعالى مع اسممتحلله منممه ،فممإن
لم تبلغ إلى صاحبه تلك الغيبة فتوبته أن يستغفر الّله تعالى ويتوب إليممه ول
يخبر صاحبه فهو أحسن لكيل يشتغل قلبه به ،ولو أنمه قمال بهتانما لممم يكمن
ذلك فيه فإنه يحتاج إلى التوبة في ثلثة مواضع ،أحدها أن يرجع إلى القموم
الذين تكلم بالبهتان عندهم ويقول إني قد ذكممرت عنممدكم فلنمما بكممذا وكممذا
فاعلموا أني كاذب في ذلك .والثاني أن يذهب إلى الذي قال عليممه البهتممان
ويطلب منه أن يجعله في حل .والثالث أن يستغفر الّله تعالى ويتمموب إليممه
فليس شيء من الذنوب أعظم من البهتان ،فإن سائر الممذنوب يحتمماج إلممى
توبة واحدة وفي البهتان يحتاج إلى التوبة في ثلثة مواضع ،وقد قممرن الل ّممه
َ تعالى البهتان بالكفر فقال تعالى }َفا ْ
جت َن ِب ُمموا ن الوْث َمما ِ
ن َوا ْ مم ْ
س ِ
جم َ
جت َن ُِبوا الّر ْ
ل الّزوِر{ ويقال ل تكون الغيبة إل ّ في قوم معلومين حتى لممو ذكممر أهممل قَوْ َ
مصر من المصار فقال هم بخلء أو قوم سوء ل يكون غيبة لن فيهم الممبّر
والفاجر وعلم أنه لم يرد به الجميع والكف عن ذلك أفضل .وذكر عن بعض
الزهاد أنه اشترى قطنا لمرأته فقالت المرأة إن باعة القطن قوم سوء قد
خانوك في هذا القطن فطلق الرجل امرأته ،فسئل على ذلممك فقممال :إنممي
رجل غيور فأخاف أن يكون القطانون كلهم خصماءها يمموم القيامممة فيقممال
إن امرأة فلن تعلق بها القطانون فلجل ذلك طلقتها .وقال ثلثممة ل تكممون
غيبتهم غيبة :سلطان جممائر وفاسممق معلممن وصمماحب بدعممة يعنممي ،إذا ذكممر
فعلهم ومذهبهم ولو ذكر شيئا ً من أبدانهم بعيب فيهم لكان ذلك غيبة ولكن
إذ ذكر فعلهم ومذهبهم فل بأس لكي يحذرهم الناس.
وروي عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :اذكروا الفاجر بما فيممه
لكي يحذره الناس" .قال رضي الّله تعالى عنه :الغيبممة علممى أربعممة أوجممه:
في وجه هي كفر ،وفي وجه هي نفاق ،وفي وجه هي معصية ،والرابع مباح
وهو مأجور .فأما الوجه الذي هو كفر فهو أن يغتمماب المسمملم فيقممال لممه ل
تغتب فيقول ليس هذا غيبة وأنا صادق في ذلك فقد استحل ممما حممرم الل ّممه
تعالى ومن استحل ما حرم الّله تعالى صار كافرا نعمموذ بممالله .وأممما المموجه
الذي هو نفاق فهو أن يغتاب إنسانا ً فل يسميه عند من يعرف أنه يريد منممه
فلنا فهو يغتابه ويرى من نفسه أنه متورع فهذا هو النفاق .وأممما الممذي هممو
معصية فهو أن يغتاب إنسانا ويسميه ويعلم أنها معصية فهممو عمماص وعليممه
التوبة .والرابع أن يغتاب فاسقا معلنا بفسقه أو صاحب بدعممة فهممو مممأجور
لنهم يحذرون منه إذا عرفوا حاله .وروى عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم
أنه قال "اذكروا الفاجر بما فيه لكي يحذره الناس".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :سمعت أبي يحكي أن النبياء الممذين
لو يكونوا مرسلين عليهم الصلة والسلم بعضهم كممانوا يممرون فممي المنممام
وبعضهم كانوا يسمعون
]ص [88
الصوت ول يرون شيئًا ،وكان نبي مممن النبيمماء ممممن يممرى فممي المنممام رأى
ذات ليلممة فممي المنممام قيممل لممه :إذا أصممبحت فممأول شمميء يسممتقبلك فكلممه
والثاني اكتمه والثالث اقبله والرابع ل تؤيسه والخممامس اهممرب منممه ،فلممما
أصبح أّول شيء استقبله جبل أسود عظيم فوقف وتحير وقال أمرني ربممي
أن آكله أآكل هذا ،ثم رجع إلى نفسه وقال إن ربي ل يأمرني بممما ل أطيممق
فلما عزم على أكله ومشى إليه ليأكله فلما دنا منه صغر ذلك الجبممل فلممما
انتهى إليه وجده لقمة أحلى من العسل فأكله وحمممد الل ّممه تعممالى ،ومضممى
فاستقبله طست من ذهب وقال أمرت بممأن أكتمممه فحفممر بئرا فممي الرض
ودفنه فيها ومضى والتفت فإذا الطست فوق الرض فرجع مرتيممن أو ثلثمما
وهو يدفنه فيها ومضى فالتفت فإذا هو على وجه الرض ،قممال إنممي فعلممت
ما أمرت به ،فذهب فاستقبله طائر خلفه بازي يريد أن يأخذه فقال :يا نبي
الّله أغثني فقبله وجعله في كمه فجاء البازي فقال :يا نبي الل ّممه إنممي كنممت
جائعا ً وإني كنت في طلب هذا الصيد من منذ الغممداة حممتى أردت أن أخممذه
فل تؤيسني من رزقي ،فقال في نفسه إني قد أمرت أن أقبل الثالث وقممد
قبلته ،وقد أمرت أن ل أويس الرابع والرابع هذا البازي فكيممف أصممنع فلممما
تحير في ذلك أخذ السكين وقطع من فخذ نفسه قطعة من لحم فرمى بها
إلى البازي حتى أخذها ومضى ثم أرسممل الطممائر ومضممى ،فممرأى الخممامس
جيفة منتنة فهرب فلما أمسى قال يا رب إني قد فعلممت ممما أمرتنممي فممبين
لي ما كان من أمر هذه الشياء ،فرأى فمي منمامه أنمه قيممل لمه :أمما الّول
الذي أكلته فهو الغضب يكون فممي الّول كالجبممل وهممو فممي آخممره إذا صممبر
وكظم غيظه أحلى من العسل .والثاني فهو من عمل حسنة فإن كتمه فإنه
يظهر .والثالث من ائتمنك بأمانة فل تخنه . .وأما الرابع فإذا سممألك إنسممان
حاجة فاجتهد في قضائها وإن كنت محتاجا إليها .والخممامس الغيبممة فمماهرب
من الذين يغتابون الناس ،والله تعالى أعلم..
باب النميمة
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا الخليممل بممن أحمممد .حممدثنا أبممو
جعفر الدبيلي .حدثنا أبو عبد الله .حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم بن
همام بن الحارث عن حذيفة قممال :سمممعت رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم يقول "ل يدخل الجنة قتات" يعنممي النمممام .قممال :حممدثنا الخليممل بممن
أحمد حدثنا أبو جعفر الدبيلي .حدثنا أبو عبد اللممه .حممدثنا سممفيان عممن أبممي
الوداك عن العرج عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه قال :قممال رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم "هل تدرون من شممراركم؟ قممالوا الل ّممه ورسمموله
أعلم .قال شراركم ذو الوجهين الذي يأتي هؤلء بوجه وهؤلء بوجه" .قال:
حدثنا محمد بن الفضل .حدثنا محمد بن جعفر .حدثنا إبراهيممم بممن يوسممف.
حدثنا أبو معاوية
]ص [89
عن العمش عن مجاهد عممن طمماوس عممن ابممن عبمماس رضممي الل ّممه تعممالى
عنهما قال :مّر النبي صلى الّله عليه وسلم بقممبرين جديممدين فقممال "إنهممما
ليعذبان وما يعذبان في كبير ،أما أحدهما فكان ل يسممتره مممن البممول ،وأممما
الخر فكان يمشي بالنميمة" ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين وغرز في
كل قبر واحدة ،فقالوا يا رسول الّله لم صنعت هذا؟ فقال لعلممه أن يخفممف
عنهما ما لم ييبسا".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :معنى قوله "ممما يعممذبان فممي كممبير"
يعني ليس بكبيرة عندكم ولكنه كبيرة عند الله .وقد ذكر في حديث حذيفممة
أنه ل يدخل الجنة قتات يعني النمام فإذا لم يدخل الجنة لم يكن مممأواه إل ّ
النار لنه ليس هناك إل ّ الجنة أو النار فإذا ثبت أنه ل يممدخل الجنممة ثبممت أن
مأواه النار ،فالواجب على النمام أن يتوب إلى الّله تعالى فإن النمام ذليل
في الدنيا وهو في عذاب القبر بعد موته ،وهو في النار يمموم القيامممة آيممس
من رحمة الّله تعالى ،فإن تاب قبل موته تاب الّله عليه.
وروى الحسن عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "مممن ش مّر
الناس ذو الوجهين يأتي هؤلء بوجه وهؤلء بوجه ،ومن كان ذا لسانين فممي
الدنيا فإن الّله تعالى يجعل له يوم القيامممة لسممانين مممن النممار" وروى عممن
قتادة أنه قال :كان يقال من شّر عباد الل ّممه كممل طعممان لعممان نمممام ،وكممان
يقال عذاب القبر ثلثة أثلث :ثلث من الغيبة ،وثلث من البممول ،وثلممث مممن
النميمة .وروى عن حماد بن سلمة أنه قال :باع رجل غلما فقال للمشتري
ليس فيه عيب إل ّ أنه نمام فاستخفه المشتري فاشتراه على ذلممك العيممب،
فمكث الغلم عنده أياما ثم قال لزوجة موله إن زوجك ل يحبك وهممو يريممد
أن يتسرى عليك ،أفتريدين أن يعطف عليممك؟ قممالت نعممم ،قممال لهمما خممذي
الموسى واحلقي شعرات من باطن لحيته إذا نام ،ثم جاء إلى الزوج وقمال
إن امرأتك تخاذنت يعني اتخذت خليل وهممي قاتلتممك أتريممد أن يتممبين ذلممك؟
قال نعم ،قال فتنمماوم لهما فتنمماوم الرجمل فجمماءت امرأتممه بموسممى لتحلمق
الشعرات فظن الزوج أنها تريممد قتلممه فأخممذ منهمما الموسممى فقتلهمما ،فجمماء
أولياؤها فقتلوه فجاء أولياء الرجل ووقع القتال بين الفريقين .وقممال يحيممى
بن أكثم :النمام شمر ممن السماحر ويعممل النممام فمي سماعة مما ل يعممل
الساحر في شهر ،ويقال عمل النمام أضر مممن عمممل الشمميطان لن عمممل
الشيطان بالخيال والوسوسة وعمل النمام بالمواجهة والمعاينممة وقممد قممال
ب{ قممال أكممثر المفسممرين :إن الحطممب أراد بممه حط َم ِ مال َم َ
ة ال َ الّله تعالى } َ
ح ّ
النميمة وإنمما سمميت النميممة حطبما لنهما سمبب للعممداوة والقتممال فصممار
بمنزلة إيقاد النار .وقال أكثم بن صمميفي :الذلء أربعممة :النمممام ،والكممذاب،
والمديون ،واليتيم .وروى عتبة بن أبي لبابممة عممن أبممي عبيممد الل ّممه القرشممي
قال :اتبع رجل رجل سبعمائة فرسخ في سبع كلمات فلما قدم عليممه قممال:
إني جئتك للذي آتاك الّله من العلم :أخبرني
]ص [90
عن السماء وما أثقل منها ،وعن الرض وما أوسع منها ،وعن الحجارة وممما
أقسى منها ،وعن النار وما أحّر منها ،وعن الزمهرير وممما أبممرد منممه ،وعممن
البحر وما أعمق منه ،وعن اليتيم وما أضممعف منممه .وفممي بعممض الروايممات:
وعن السم وما أذعف منمه؟ فقمال :أمما البهتمان علمى المبريء فأثقمل ممن
السممموات ،والحممق أوسممع مممن الرض ،والقلممب القممانع أعمممق مممن البحممر،
والحرص في الجسد أحر من النار ،والحاجة إلى القريب إذا لم تنجممح أبممرد
من الزمهرير ،وقلب الكافر أقسى من الحجر ،والنميمة إذا اسممتبانت علممى
صاحبها أضعف من كل يتيم :يعني النمام يصممير ذليل ً إذا ظهممر أمممره .وفممي
رواية أخرى :أذعف ممن كمل سمم يعنممي أهلممك ،يقمال سممم ذعمماف إذ كمان
مهلكا.
وروى عن نافع عن ابن عمر رضي الّله تعالى عنهم عن رسول الّله صلى
الّله عليه وسلم أنه قال "لما خلق الّله تعالى الجنة قال لها تكلمي .قممالت:
سعد من دخلني ،فقممال الجبممار جممل وعل :وعزتممي وجللممي ل يسممكن فيممك
ثمانية نفر من الناس :مدمن خمر ،ول مصّر على الزنى ول نمام ،ول ديوث
وهو "القرطبممان" ول الشممرطي ،ول المخنممث ،ول قمماطع الرحممم ،ول الممذي
ي عهد الّله إن لم أفعل كذا أو كذا ثم لم يممف بممه" .وعممن الحسممن يقول عل ّ
البصري رحمه الّله تعالى قال :من نقل إليك حممديثا فمماعلم أنممه ينقممل إلممى
غيرك حديثك .روى عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل فذكر عنده
رجل ً فقال له عمر :إن شئت نظرنا في أمرك إن كنت كاذبا فأنت من أهل
سقٌ ب ِن َب َإ ٍ فَت َب َي ُّنوا{ وإن كنت صادقا فأنت من أهل هممذه م َفا ِ جاَءك ُ ْهذه الية } َ
م{ وإن شممئت عفونمما عنممك ،فقممال العفممو يمما أميممر ميم ٍ شمماٍء ب ِن َ ِ م ّمازٍ َالية }هَ ّ
المؤمنين .ل أعود إلى مثل ذلك .وروى عن عبد الّله بن المبارك أنممه قممال:
ولد الزنى ل يكتم الحديث ،وذو الحسممب فممي قممومه ل يممؤذي جمماره :يعنممي
الذي ل يكتم حديث الناس ويمشي بالنميمة فهو ولد الزنى وإنه لو لم يكن
ولد الزنى لكتم الحديث ،وهذا مستخرج من قوله قول الّله تعممالى} :هَ ّ
ممماٍز
م{ يعنممي الوليممد بممن ل ب َعْد َ ذ َل ِم َ
م .ع ُت ُ ّ َ مّناٍع ل ِل ْ َ م ّ
ك َزِنيم ٍ معْت َد ٍ أِثي ٍ
خي ْرِ ُ مَ . مي ٍشاٍء ب ِن َ ِ َ
ر{ يعنممي يمنممع الخيممر خي ْم ِ ْ
من ّمماٍع ل ِل َ المغيرة فإنه كان طعانا يمشي بالنميمة } َ
م{ يعنممي مممن ل ب َعْد َ ذ َل ِ َ
م{ يعني عاص فاجر }ع ُت ُ ّ َ
ك َزِني ٍ معْت َد ٍ أِثي ٍ من الناس } ُ
ي هو ولد الزنى ،هكذا قال بعممض المفسممرين. ي والدع ّ فيه هذا كله فهو دع ّ
وذكر أن حكيما من لحكماء زاره بعض أصدقائه وذكممر عنممده بعممض إخمموانه
يفقال له الحكيم :قد أبطأت في الزيارة وأتيتني بثلث جنايات :بغضت المم ّ
أخي وشممغلت قلممبي الفممارغ ،واتهمممت نفسممك بممالمين . .وروى عممن كعممب
الحبار رضي الّله تعالى عنه أنه قال :أصاب بني إسرائيل قحط فخرج بهم
موسى عليمه الصملة والسملم ثلث ممرات يستسمقون فلمم يسمقوا فقمال
موسى عليه الصملة والسملم :إلهمي عبمادك قمد خرجموا ثلث ممرات فلمم
تستجب دعاءهم ،فأوحى الّله تعالى
]ص [91
بأني ل أستجيب لك ولمن معك لن فيكم رجل نماما قد أصّر على النميمة،
فقال موسى عليه الصلة والسلم من هو حتى نخرجه من بيننمما؟ فقممال يمما
موسى أنهاكم عن النميمة وأكمون نمامما فتوبمموا أجمعكمم فتممابوا بمأجمعهم
فسقوا .وذكر أن سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين كان جالسمما وعنممده
ي وقلممت كممذا الزهري فجاء رجل فقال له سممليمان :بلغنممي أنممك وقعممت فم ّ
وكذا ،فقال الرجل ما فعلت وما قلت شيئا ً فيك ،فال له سليمان :إن الممذي
أخبرني كان صادقا ،فقال الزهري رضمي الّلمه تعمالى عنمه ل يكمون النممام
صدوقا .قال سليمان صممدقت اذهممب بسمملمة .وقممال بعممض الحكممماء :مممن
أخبرك بشتم عن أخ فهو الشاتم ل من شتمك .وقال وهب بن منبممه رحمممه
الّله تعالى :من مدحك بما ليس فيك فل تأمن أن يذمك بما ليس فيك.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :إذا أتاك إنسان فأخبرك أن فلنا قممد
فعل بك كذا وكذا وقال فيك كذا وكذا فإنه يجب عليك سممتة أشممياء ،أّولهمما:
أن ل تصدقه لن النمام مردود الشهادة عنممد أهممل السمملم وقممد قممال الل ّممه
ومما ً َ َ
صمميُبوا قَ ْن تُ ِ سمقٌ ب ِن َب َمإ ٍ فَت َب َي ّن ُمموا أ ْ م َفا ِ جمماَءك ُ ْ ن َ مُنوا إ ِ ْنآ َذي َ تعالى }َيا أي َّها ال ّ ِ
ن{ يعنممي إن جمماءكم فاسممق بخممبر مي َم ن َمماد ِ ِ ممما فَعَل ْت ُم ْ حوا ع َل َممى َ جَهال َةٍ فَت ُ ْ
صمب ِ ُ بِ َ
فانظروا في المر ول تعجلوا لكي ل تصيبوا قوما بجهالة .والثاني :أن تنهمماه
ُ
ة
مم ٍ خي ْمَر أ ّ
م َ عن ذلك الن النهي عن المنكر واجب وقد قال الّله تعالى }ك ُن ْت ُ ْ
ْ
ر{ والثالث :أن تبغضه منك َ ِ ن ال ُ ن عَ ْ ف وَت َن ْهَوْ َ معُْرو ِ ن ِبال َمُرو َ س ت َأ ُ ت ِللّنا ِ ج ْ خرِ َ أُ ْ
في الّله تعالى فإنه عاص وبغممض العاصممي واجممب لن الل ّممه تعممالى يبغضممه.
والرابع :أن ل تظن بأخيك الغائب الظن السوء فإن إساءة الظممن بالمسمملم
م{ والخامس :أن ل تجسممس ض الظ ّ ّ
ن إ ِث ْ ٌ ن ب َعْ َ حرام ،وقد قال الّله تعالى }إ ِ ّ
عممن أمممره فممإن الل ّممه تعممالى نهممى عممن التجسممس وهممو قمموله تعممالى }وََل
سوا{ والسادس :ما ل ترضى من هذا النمام فل تفعله أنت وهممو أن ل س ُ ج ّ تَ َ
تخبر أحدا بما أتاك به هذا النمام ،وبالله التوفيق..
باب الحسد
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حممدثنا محمممد بممن
الفضل .حدثنا محمد بن جعفر .حدثنا إبراهيم بن يوسف .حدثنا أبممو معاويممة
عن العمش عن يزيممد الرقاشممي عممن الحسممن أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
ل والحسد يممأكلن الحسممنات كممما تأكممل النممار الحطممب" وسلم قال "إن الغ ّ
وبهذا السناد قال إبراهيم بن علية عن عباد بن إسحاق عممن عبممد الرحمممن
بن معاوية أن النبي صلى الّله عليه وسلم قممال "ثلثمة ل ينجممو منهممن أحممد:
الظن والحسمد والطيمرة قيمل يما رسمول الل ّممه ومما ينجممي منهمن؟ قممال إذا
حسدت فل تبغ وإذا ظننت فل تحقق وإذا تطيرت فامض ،أو قممال ل ترجممع"
ومعنى قوله صلى الّله عليممه وسمملم" :إذا حسممدت فل تبممغ" يعنممي إذا كممان
الحسد في قلبك فل تظهره ول تذكر عنه بسوء فإن الّله تعممالى ل يؤاخممذك
بما في قلبك ما لم تقل باللسان أو تعمل عمل في ذلك،
]ص [92
وقوله عليه الصلة والسلم "إذا ظننت قل تحقق" يعني إذا ظننت بالمسلم
ظن السوء فل تجعل ذلك حقيقة ما لم تممر بالمعاينممة .وقمموله عليممه الصمملة
والسلم "إذا تطيرت فامض" يعني إذا أردت الخروج إلى موضممع فسمممعت
صوت هامة أو صوت عقعق أو اختلج شيء من أعضائك فممامض ول ترجممع.
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "أنه كان يحب الفممأل الحسممن
ويكره الطيرة" وقال "الطيرة من أفعال الجاهلية" وفي نسخة "مممن أمممور
ك{ وفممي آيممة معَ م َ
ن َ
مم ْ الجاهلية" كما قال الّله تعالى }قَمماُلوا اط ّي ّْرن َمما ب ِم َ
ك وَب ِ َ
م{ وروى عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما أخرى }َقاُلوا إ ِّنا ت َط َي ّْرَنا ب ِك ُ ْ
أنه كان يقول" :إذا سمعت صوت طير فقل اللهم ل طير إل ّ طيرك ول خير
إل ّ خيرك ول إله غيرك ول حول ول قوة إل ّ بممالله ثممم امممض فممإنه ل يضممرك
شيء بإذن الّله تعالى" قال :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفممر
حدثنا إبراهيم بن يوسف .حدثنا إسماعيل بن جعفر عممن محمممد بممن عمممرو
عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال
"ل تباغضوا ول تحاسدوا ول تناجشوا وكونوا عباد الل ّممه إخوانمما" .وروى عممن
معاوية بن أبي سفيان رضي الّله تعالى عنممه أنممه قممال لبنممه :يمما بنممي إيمماك
والحسد فإنه يتبين فيك قبل أن يتبين في عدوك.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنممه :ليممس شمميء مممن الشممر أضمّر مممن
الحسد لنه يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلممى المحسممود
م ل ينقطع .والثاني مصيبة ل يؤجر عليها .والثالث مذمممة ل مكروه .أّولها :غ ّ
يحمد بها .والرابع يسخط عليه الرب .والخامس تغلق عليه أبواب التوفيممق.
وروي عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "أل إن لنعممم الل ّممه
أعداء قيل من أعداء نعم الّله يا رسول الله؟ قال الممذين يحسممدون النمماس
على ما آتاهم الّله تعالى من فضله" .وروي عن مالممك بممن دينممار أنممه قممال:
إني أجيز شهادة القراء على جميع الخلق ول أجيممز شممهادة القممراء بعضممهم
على بعض لني وجدتهم حسادا يعني أن أكثر الحسد في القّراء .وروى أبممو
هريرة رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال
"ستة بستة يدخلون النار يمموم القيامممة قبممل الحسمماب يعنممي سممتة أصممناف
بسبب ستة أشياء يدخلون النار قبل الحساب "قيل يا رسول الّله من هممم؟
قال المراء من بعدي بالجور ،والعرب بالعصبية ،والدهاقين بالكبر ،والتجار
بالخيانة ،وأهل الرستاق بالجهالة ،وأهل العلم بالحسد" يعني العلماء الممذين
يطلبون الدنيا بحسد بعضهم بعضا فينبغي للعالم أن يتعلم العلم ليطلب بممه
الخرة فإذا كان العالم يطلب بعلمه الخرة فإنه ل يحسد أحممدا ول يحسممده
أحد وإذا تعلم لطلب الدنيا فإنه يحسد كما قال الّله تعالى عن علماء اليهود
َ
ه{ يعنممي أن اليهممود كممانوا ن فَ ْ
ضل ِ ِ م الّله ِ
م ْ س ع ََلى َ
ما آَتاهُ ْ ن الّنا َ
دو َ
س ُ
ح ُ
م يَ ْ
}أ ْ
يحسدون رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وأصحابه فكانوا يقولون لو كان
هو رسول الّله صلى الّله عليه وسلم لشغله ذلمك عممن كممثرة النسمماء ،قممال
س ع ََلى َ
ن الّنا َدو َس ُ
ح ُ الّله سبحانه وتعالى }أ ْ
م يَ ْ
]ص [93
ه{ يعني النبوة وكثرة النساء .وقمال بعممض الحكمماء: ضل ِ ِن فَ ْ م ْ م الّله ِ مَا آَتاهُ ْ
إياكم والحسد فإن الحسد أّول ذنب عصى الّله تعالى به السماء وأول ذنب
عصى الّله تعمالى بممه فممي الرض ،وإنمما أراد بقموله أّول ذنممب عصممى الّلمه
ن
مم ْ قت َن ِممي ِ خل َ ْتعالى به السماء يعني إبليس حين أبى أن يسجد لدم وقال } َ
ن{ فحسده فلعنه الّله تعممالى بممذلك ،وأممما الممذي عصممى طي ٍن ِ م ْ ه ِ خل َ ْ
قت َ ُ َنارٍ وَ َ
الّله تعالى به في الرض فهو قابيل بن آدم حيممن قتممل أخمماه هابيممل حسممدا.
حقّ إ ِذ ْ قَّرَبا قُْرَبانا ً فَت ُ ُ َ
نمم ْ ل ِ قب ّم َ م ِبال َي آد َ َ ل ع َل َي ْهِ ْ
م ن َب َأ اب ْن َ ْ وهو قوله تعالى }َوات ْ ُ
َ َ
ن{ قي َ مت ّ ِ
ن ال ُ م ْ ل الّله ِ قب ّ ُ
ما ي َت َ َ
ل إ ِن ّ َك َقا َ ل َلقْت ُل َن ّ َ خرِ َقا َ ن ال َ م ْ ل ِ قب ّ ْ
م ي ُت َ َما وَل َ ْ حد ِه ِ َ
أ َ
وروي عن الحنف بن قيس أنه قال :ل راحممة لحسممود ،ول وفمماء لبخيممل ول
صديق لملول ،ول مروءة لكمذوب ،ورأي لخمائن ،ول سمؤدد لسميئ الخلمق.
وقال بعض الحكماء :ما رأيت ظالما أشممبه بممالمظلوم مممن الحاسممد .وقممال
محمد بن سيرين :ما حسدت أحدا على شيء من الدنيا فإن كان من أهممل
الجنة فكيف أحسده وهو صائر إلى الجنة وإن كممان مممن أهممل النممار فكيممف
أحسده وهو صائر إلى النار.وقال الحسن البصممري :يمما ابممن آدم لممم تحسممد
أخاك؟ فإن الذي أعطاه الل ّممه لكرامتممه عليممه فلممم تحسممد مممن أكرمممه الل ّممه
تعالى؟ وإن يكن غير ذلك فل ينبغي لك أن تحسد من مصيره إلى النار.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ثلثة ل تستجاب دعوتهم :آكل الحرام
ل أو حسد للمسلمين .وروى ابن شهاب ومكثار الغيبة ومن كان في قلبه غ ّ
عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال "ل حسممد إل ّ فممي
اثنتين رجل آتاه الّله تعالى القرآن وهو يقوم به آنمماء الليممل والنهممار ،ورجممل
أتاه الّله تعالى مال وهو ينفق منه آناء الليل والنهار".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :يعني أن يجتهد حتى يفعل مثل فعله
في قيام الليل وفي الصدقة فهذا الحسد محمود ،فأما إذا حسده في ذلممك
يريد زواله عنه فهو مذموم ،وهكذا في كل شمميء إذا رأى النسممان مممال أو
شيئا ً يعجبه فيتمنى أن يكمون ذلمك الشميء لمه فهمو ممذموم وإن تمنمى أن
ل ض َما فَ ّ وا َ من ّ ْيكون له مثله فهو غير مذموم ،وهذا معنى قوله تعالى }وََل ت َت َ َ
الّله به بعضك ُم عَلى بعض{ وقال في آية أخرى }وا َ
ه{ ن فَ ْ
ضممل ِ ِ سأُلوا الّله ِ
م ْ َ ْ َْ ٍ ِ ِ َْ َ ْ َ
وهكذا ينبغي للمسلم أن ل يتمنى فضل غيره لنفسه وينبغي أن يسأل الّلممه
تعالى أن يعطيه مثل ذلك ،فالواجب على كممل مسمملم أن يمنممع نفسممه مممن
الحسد لن الحاسد يضاد حكممم الل ّممه تعممالى والناصممح هممو راض بحكممم الل ّممه
تعالى ،وقال النبي صلى الّله عليه وسمملم "أل إن الممدين النصمميحة" فينبغممي
للمسلم أن يكون راضيا ناصحا لجميع المسمملمين ول يكممون حاسممدا .وروى
العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه
سأل النبي صلى الّله عليه وسلم عممن حممق المسمملم علممى المسمملم فقممال
"حق المسلم على المسلم ستة أشياء قيل ما هي يا رسول الّله؟ قممال إذا
لقيته فسلم عليه وإذا
]ص [94
دعاك فاجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الل ّممه فشمممته وإذا
مرض فعده وإذا مات فاتبعه".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبي رحمه الّله تعالى .حدثنا همممام
النسقي .حدثنا عيسى بن أحمد العسقلني .حدثنا يزيد بن هرون .حدثنا أبو
محمد الثقفي قال سمعت أنس بممن مالممك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه يقممول:
خدمت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين فكان أّول ما
علمني قال "يمما أنممس أحكممم وضمموءك لصمملتك تحبممك حفظتممك ويممزاد فممي
عمرك ،يا أنس اغتسل من الجنابة وبالغ فيها فإن تحت كممل شممعرة جنابممة.
َ
ق
رك وأن ْم ِ قال :قلت يا رسول الّله وكيممف أبممالغ فيهمما؟ قممال َروّ أصممول شممع ِ
ك ،يا أنس ل يفوتنك ركعتا الضحى فَر ذنب َ
ك وقد غ ُ ِ مغتسل ِ َ
ج من ُ
شرَتك تخر ْ ب ْ
فإنها صلة الّوابين وأكثر الصلة بالليل والنهار فإنك ممما دمممت فممي الصمملة
صممب نفسممك للممه فإن الملئكة يصلون عليك ،يا أنس وإذا قمت للصمملة فان ُ
تعالى وإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيممك وفممرج بيممن أصممابعك وارفممع
ضديك عن جنبيك ،وإذا رفعت رأسك فقم حتى يعود َ كل عضو إلى مكانه، عَ ُ
وإذا سجدت فألزق وجهك بالرض ول تنقر نقر الغراب ول تبسممط ذراعيممك
ق مِع كممما يقعممي الكلممب بسط الثعلب ،وإذا رفعت رأسك مممن السممجود فل ت َ ْ
وضع أليتيك بين قدميك وألممزق ظمماهر قممدميك بممالرض فممإن الل ّممه تعممالى ل
ينظر إلى صلة ل يتم ركوعها ول سجودها ،وإن اسممتطعت أن تكممون علممى
الوضوء في يومك وليلتك فافعل فإنه إن يأتك الموت وأنت علممى ذلممك لممم
فْتك الشهادة ،يا أنس إذا دخلت بيتك فسلم "يعني على أهممل بيتممك" تكممثر تَ ُ
ن بصرك على أحد مممن أهممل قع ّ
بركُتك وبركة بيتك ،وإذا خرجت لحاجة فل ي َ
قبلتك إل ّ سلمت عليه تدخل حلوة اليمان في قلبممك وإن أصممبت ذنبمما فممي
مخرجك رجعت وقد غفر لك ،يا أنس ل تمبيتن ليلممة ول تصممبحن يومما وفمي
قلبك غش لحد من أهل السلم فإن هذا من سنتي ومن أخذ بسنتي فقممد
أحبني ومن أحبني فهو معي في الجنة ،يمما أنممس إذا عملممت بهممذا وحفظممت
وصيتي فل يكون شيء أحب إليك من الموت فإن فيمه راحتمك" فقمد أخمبر
النبي صلى الّله عليه وسلم أن إخراج الغش من القلب من سنته فالواجب
ل والحسممد مممن قلبممه فممإن ذلممك مممن أفضممل على كل مسلم أن يخرج الغ م ّ
العمال.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمممعت أبممي رحمممه الل ّممه تعممالى يحكممي
بإسناده عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه قال "بينما نحن عند النبي
صلى الّله عليه وسلم إذا قممال :يطلممع رجممل مممن أهممل الجنممة معلممق نعليممه
بشماله فطلع رجل بهذه الصفة فسلم وجلمس ممع القموم ،فلمما كمان ممن
الغد قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم مثل ذلممك ،فطلممع ذلممك الرجممل
على مثل هيئته ،فلما كان اليوم الثالث قال مثل ذلك فلما قام رسول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم سار معه عبد الّله بن عمرو بممن العمماص رضممي الل ّممه
تعالى عنه وقال :قد وقع بيني وبين أبممي كلم وأقسمممت أن ل أدخممل عليممه
بثلث ليال فإذا رأيت
]ص [95
أن تؤويني إليك لجل يميني فعلت قال نعم ،قال أنس فكان عبممد الل ّممه بممن
عمرو بن العاص يحدث أنه بات عنده ليلة فلم يقممم منهمما سمماعة إل ّ أنممه إذا
نام على فراشه ذكر الّله تعالى وكممبره حممتى يقمموم مممع الفجممر فممإذا توضممأ
أسبغ الوضوء وأتم الصلة ثم أصبح وهو مفطر .قال :فرمقتممه ثلث ليممال ل
يزيد على ذلك غير أني ل أسمعه يقول إل ّ خيرا ،فلما مضممت الثلث وكممدت
أن أحقر عمله قلت له إني لم يكن بيني وبين أبي غصب ول هجرة ولكنممي
سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقمول فممي ثلث مجممالس :يطلممع
عليكم رجل من أهل الجنة فطلعت أنت ،فأردت أن آوي إليممك حممتى أنظممر
ما تعمله فأقتدي بك فلم أرك تعمل كثيرا ً فما الذي بلغ بممك ممما قممال النممبي
صلى الّله عليه وسلم؟ قال ما هممو إل ّ ممما رأيممت ،فانصممرفت عنممه فممدعاني
حين وليت فقال :ما هو إل ّ ما رأيت غير أني ل أجد فممي نفسممي شممرا ً لحممد
من المسلمين ول أحسده على خير أعطاه الّله إياه .قال فقلت هممذا الممذي
بلغ بك ما قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وهو الذي ل أطيق عليمه".
قال بعض الحكماء :بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه :أولها قد أبغممض كممل
نعمة قد ظهرت على غيره ،والثاني سخط لقسمممته يعنممي يقممول لربممه لممم
ن بفضله يعني أن ذلك فضممل الل ّممه يممؤتيه مممن قسمت هكذا ،والثالث أنه ض ّ
ي الّله تعالى لنممه يريممد يشاء ،وهو يبخل بفضل الّله تعالى .والرابع خذل ول ّ
خذلنه وزوال النعمة عنه ،والخامس أعان عممدّوه يعنممي إبليممس لعنممه اللممه.
ويقال :الحاسد ل ينال في المجالس إل ّ مذمة وذل ،ول ينال من الملئكة إل ّ
لعنة وبغضا ول ينال في الخلوة إل ّ جزعا وغما ،ول ينال عند النممزع إل ّ شممدة
ل ،ول ينال في الموقف إل ّ فضمميحة ونكممال ،ول ينممال فممي النممار إل ّ حممراوهو ً
وحتراقا ،والله سبحانه وتعالى أعلم..
باب الكبر
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد
بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا الفضل بن دكيممن عممن مسممعر بممن
كدام عن أبي مصعب عن أبيه عن كعب الحبار رضي الّله تعالى عنه قممال:
يأتي المتكبرون يوم القيامة ذرا ً في صور الرجال يغشمماهم أو يممأتيهم الممذل
من كل مكان يسلكون في نار من النيران يسقون من طينممة الخيممال وهممي
عصارة أهل النار.
)قال رضي الّله تعالى عنه( حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر
حدثنا إبراهيم بن يوسممف حممدثنا سممفيان بممن مسممعر أنممه قممال :بلغنممي عممن
الحسين بن علي رضي الّله تعالى عنهممما أنممه م مّر بمسمماكين وهممم يممأكلون
كسرا لهم على كساء فقالوا يا أبا عبد الّله الغذاء قال فنممزل وقممال :إنممه ل
يحب المستكبرين فاكل معهم ،ثم قال لهم قد أحببتكم فاجيبوني فانطلقوا
دخرين .وبهممذا السممناد معه فلما أتوا المنزل قال لجاريته أخرجي ما كنت ت ّ
عن سفيان
]ص [96
ّ ّ
عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسممول اللممه صمملى
الّله عليه وسلم أنه قال "ثلثة ل يكلمهم الّله يوم القيامممة ول ينظممر إليهممم
ولهم عذاب أليممم ،أّولهممم شمميخ زان وملممك كممذاب وعممائل مسممتكبر" يعنممي
الفقير .قال حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا محمد بن موسممى الفقيممه الممرازي
أبممو عبممد الل ّممه حممدثنا محمممد بممن ربمماح حممدثنا يزيممد بممن هممرون عممن هشممام
الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عممن عممامر العقيلممي عممن أبيممه عممن أبممي
هريرة رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال
ي أّول ثلثة يدخلون الجنممة وأّول ثلثممة يممدخلون النممار .فأممما أّول
"عرض عل ّ
ثلثة يدخلون الجنة :فالشهيد وعبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عممن طاعممة
ربه وفقير ضعيف ذو عيال ،وأما أّول ثلثة يدخلون النار :فأمير مسمّلط وذو
ثروة من المال ل يؤتي الزكاة وفقيممر فخممور .وقممال إن الل ّممه تعممالى يبغممض
ثلثة نفر وبغضه لثلثممة منهممم أشممد .أّولهمما يبغممض الفسمماق وبغضممه للشمميخ
الفاسق أشد .والثاني يبغض البخلء وبغضممه للغنممي البخيممل اشممد .والثممالث
يبغض المتكبرين وبغضه للفقير المتكبر أشد ،ويحب ثلثة نفممر وحبممه لثلثممة
منهم أشد ،يحب المتقين وحبه للشاب التقي أشد .والثاني يحممب السممخياء
ويحب السخياء وحبه للفقير السخي أشد .والثالث يحب المتواضعين وحبه
للمتواضع الغني أشد .وروى عن حبيب ابن أبي ثابت عممن يحيممى بممن جعلممة
أن النبي صلى الّله عليه وسمملم قمال "ل يمدخل الجنممة ممن كمان فممي قلبمه
مثقال حبة من خردل من كبر .قال رجل يا رسول الّله إنممي ليعجبنممي نقمماء
ثوبي وشراك نعلي وعلقة سوطي أفهذا من الكبر؟ فقال النبي صلى الل ّممه
عليه وسلم فقال النبي صلى الّله عليه وسلم إن الل ّممه تعممالى جميممل يحممب
الجمال ويحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثرها عليه ،ويبغض البؤس
فه الحق ويغمص الخلق" .وروي عن الحسممن والتباؤس ،ولكن الكبر أن يس ّ
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من خفف نعله ورفممع ثمموبه
وعفر وجهه لله في السجود فقد برىء من الكبر" وروي عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب
حماره وحلب شاته وأكل مع عياله وجالس المسمماكين فقممد محاصمميل الل ّممه
تعالى عنه الكبر".
وذكر أن موسى صلوات الّله وسلمه عليه ناجى الّله تعالى فقال :يا رب
من أبغض خلقك إليك؟ قال يا موسى من تكبر قلبه وغلظ لسممانه وضممعف
يقينه وبخلت يده .وقال عروة بممن الزبيممر :التواضممع أحممد مصممائد الشممرف.
وكممل ذي نعمممة محسممود عليهمما إل ّ التواضممع .وقممال بعممض الحكممماء :ثمممرة
القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة .وذكر أن المهلب بن أبي صفرة كان
صاحب جيش الحجاج ،فمّر على مطممرف بممن عبممد الل ّممه بممن الشممخير وهممو
يتبختر في حلة خز فقال له مطرف :يا عبد الل ّممه هممذه مشممية يبغضممها الل ّممه
ورسوله ،فقال المهلب أما تعرفني؟ فقال بلى أعرفك أّولممك نطفممة مممذرة
وآخرك جيفة قممذرة وأنممت تحمممل فيممما بيممن ذلممك العممذرة ،فممترك المهلممب
مشيته تلك .وقال بعض الحكماء :افتخار العبد المؤمن بربه
]ص [97
وعزه بدينه ،وافتخار المنممافق بحسممبه وعممزه بممماله .وروي عممن ابممن عمممر
رضي الّله تعالى عنهما عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :إذا
رأيتم المتواضعين فتواضعوا لهم وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم ،فممإن
ذلك لهم صغار ومذلة ،ولكم بممذلك صممدقة" .وروى أبممو هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما تواضع رجل لله إل ّ
رفعه الّله تعالى" .وروي عن عمر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :رأس
التواضع أن تبدأ بالسلم على من لقيت من المسلمين ،وأن ترضى بالدون
من المجلس ،وأن تكره أن تذكر بالبّر والتقوى.
)قال الفقيه( رضي الّله تعمالى عنمه :اعلمم أن الكمبر ممن أخلق الكفمار
والفراعنة والتواضع ممن أخلق النبيماء والصمالحين لن الّلمه تعمالى وصمف
ن{ سمت َك ْب ُِرو َ ه إ ِّل الل ّممه ي َ ْ م َل إ ِل َم َ ل ل َهُم ْ ذا ِقيم َ م ك َمماُنوا إ ِ َ الكفار بالكبر فقال }إ ِن ّهُم ْ
س مت َك ْب َُروا
ت َفا ْ سممى ِبالب َي ّن َمما ِ مو َ م ُ جاَءهُ ْ قد ْ َن وَل َ َ ما َ ها َ ن وَ َ ن وَفِْرع َوْ َ وقال }وََقاُرو َ
عب َمماد َِتين ِ ن عَم ْ س مت َك ْب ُِرو َ ن يَ ْ ذي َ ن{ وقممال }ال ّم ِ قي َ سمماب ِ ِ ممما ك َمماُنوا َ ض وَ َ ِ فِممي ال َْر
َ
سن ِفيَهما فَب ِئ ْ َ دي َخال ِم ِ م َ جهَّنم َ ب َ وا َ خُلوا أْبم َ ن{ وقال }اد ْ ُ ري َ خ ِ
دا ِ
م َجهَن ّ َ ن َ خُلو َ سي َد ْ ُ َ
ّ
ن{ وقممد مممدح اللممه عبمماده ري َ ْ
ست َكب ِ ِ م ْ ب ال ُ ح ّ َ
ه ل يُ ِ ن{ وقال }إ ِن ّ ُ ري َ َ
مت َكب ّ ِوى ال ُ ْ
مث َ َ
ض َ شممو َ َم ُ ن ال ّم ِ
ن ع َلممى الْر ِ ن يَ ْ
ذي َ ممما ِح َعب َمماد ُ الّر ْ
المممؤمنين بالتواضممع فقممال }وَ ِ
ونًا{ يعني ،متواضمعين ،وممدحهم بتواضمعهم وأممر نمبيه صملى الّلمه عليمه هَ ْ
نمم ْ حم َ
ك لِ َ جَنا َ
ض َ
ف ْ
خ ِن{ }َوا ْ مِني َمؤ ْ ِ ْ
ك ل ِل ُح َ
جَنا َض َ ف ْ خ ِ
وسلم بالتواضع فقال }َوا ْ
ن{ ومممدح النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم بخلقممه فقممال مِني َممؤ ْ ِ
ن ال ُ
م ْ
ك ِ ات ّب َعَ َ
م{ وكان خلقه التواضع لنه روى في الخبر أنه كممان ك ل ََعلى ُ ُ}وَإ ِن ّ َ
ظي ٍ
ق عَ ِ خل ٍ
يركممب الحمممار ،ويجيممب دعمموة المملمموك فثبممت أن التواضممع مممن أحسممن
الخلق ،وكان الصالحون من قبل أخلقهم التواضع فوجب علينا أن نقتممدي
بهم رضي الّله تعالى عنهم .وذكر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الّله تعالى
أنه أتاه ذات ليلة ضيف فلما صلى العشاء وكان يكتب شيئا ً والضيف عنممده
كاد السراج أن ينطفئ فقال الضيف يا أمير المؤمنين أقمموم إلممى المصممباح
فأصلحه؟ قال ليممس مممن مممروءة الرجممل أن يسممتعمل ضمميفه .قممال أفممأنبه
الغلم؟ قال ل ،هي أّول نومة نامها ،فقام عمر وأخممذ البطممة فمل المصممباح
"فقال الضمميف قمممت بنفسممك يمما أميممر المممؤمنين؟ قممال ذهبممت وأنمما عمممر
ورجعت وأنا عمر وخير الناس عند الّله من كان متواضعا .وروي عن قيممس
بن أبي حازم أنه قال :لما قدم عمر بن الخطاب إلى الشام تلقاه علماؤهمما
وكبراؤها فقيل اركب هذا البرذون يرك الناس ،فقال إنكم تمرون لممر ممن
ههنا ،إنما المر من ههنا وأشار بيده إلى السماء ،خلوا سممبيلي .وروي فممي
رواية أخرى أن عمر رضي الّله تعالى عنممه جعممل بينممه وبيممن غلمممه مناوبممة
فكان يركب الناقة ويأخذ الغلم بزمام الناقة ويسير مقدار فرسخ ثم ينممزل
ويركب الغلم ويأخذ عمر بزمام الناقة ويسير مقدار فرسخ ،فلما قربا مممن
الشممام كممانت نوبممة ركمموب الغلم فركممب الغلم وأخممذ عمممر بزمممام الناقممة
فاستقبله الماء في الطريق فجعل
]ص [98
عمر يخوض في الماء ونعله تحت إبطه اليسممرى وهممو آخممذ بزمممام الناقممة،
فخرج أبو عبيدة ابن الجراح وكان أميرا على الشام وقال يا أمير المؤمنين
إن عظماء الشام يخرجمون إليمك فل يحسمن أن يمروك علمى همذه الحالمة،
فقال عمر رضي الّله تعالى عنه :إنما أعزنا الّله تعممالى بالسمملم فل نبممالي
من مقالة الناس .وذكر عن سلمان الفارسي رضي الّله تعالى عنه أنه كان
أميرا ً بالمدينة فاشترى رجل من عظمائهمما شمميئا ً فممّر بممه سمملمان فحسممبه
علجا فقال :تعال فاحمل هذا ،فحمله سلمان فجعل يتلقاه الناس ويقولون:
أصلح الّله المير نحن نحمل عنك ،فأبى أن يمدفع إليهمم فقمال الرجمل فمي
نفسه :ويحك إني لم أسخر إل ّ المير ،فجعل يعتذر إليه ويقمول لمم أعرفمك
أصلحك الله ،فقال انطلق فذهب به إلى منزله ثم قال ل أسخر أحدا ً أبممدا.
وروي عن عمار بن ياسر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه كممان أميممرا ً بالكوفممة
فخرج إلى حانوت العلف فاشترى منمه القمت ،فربطممه البمائع وأخمذ البمائع
جانب الحزمة فجعل يمد ّ كل واحد منهما يده حتى صار نصف القت في يممد
هذا ونصفه في يد هذا ،ثم جعله على عمماتق عمممار فممذهب بمه إلممى منزلممه.
وروي عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أنه بعثه عمر بن الخطاب أميرا
على البحرين فدخل البحرين وهو راكب على حمار ،وجعممل يقممول :طّرقمموا
للمير ،طّرقوا للمير ،فهؤلء أصحاب رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
كان خلقهم التواضع وكممانوا أعممزاء عنممد الخلممق وعنممد الملئكممة وعنممد الل ّممه
سبحانه وتعالى.
ّ ّ ّ
وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صمملى اللممه عليممه
وسلم أنه قال" :ما نقص مال من صدقة وما عفا رجل عن مظلمة إل ّ زاده
الّله تعالى عزا" .وروي عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "أنه كان في
بيت عائشة رضي الّله تعالى عنها وبين يديه طبق فيه قديد وهو جاث على
ركبتيه يأكل فأتت امرأة بذية ما تبالي لقيممت رجل أو امممرأة ،فنظممرت إلممى
النبي صلى الّله عليه وسلم فقالت انظروا إليه يجلممس كممما يجلممس العبممد،
فقال النبي صلى الّله عليه وسلم :أنا عبد أجلس كممما يجلممس العبممد وأكممل
كما يأكل العبد ،وقال لها :كلي فقالت ل ،إل ّ أن تطعمنممي بيممدك فأطعمهمما،
فقالت ل حتى تطعمني من فيك ،وكان في فم رسول الّله صلى الّله عليممه
وسلم قديدة فيها عصب قد مضغها فأخرجها فأعطاهمما إياهمما قممال فأخممذتها
ومضغتها فما هي أن وقعت في بطنها ،فغشيها من الحيمماء حممتى ممما كممانت
تستطيع النظر إلى أحد قال ،فما سمع منها بعممد يومهمما ذلممك بباطممل حممتى
لحقت بالله تعالى" .وروى الحسن عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم
مِلك ما ًأنه قال "أوتيت مفاتيح الرض فخيرت بين أن أكون عبدا نبي ما ً أو نبي ما ً َ
ي جبريل أن تواضع وكن عبدا فاخترت أن أكون عبممدا نبيمما فممأوتيت فأومأ إل ّ
ذلك ،وإني أّول من ينشق عنه الرض وأّول شافع" قال ابن مسعود رضممي
الّله تعالى عنه :مممن تواضممع تخشممعا ً رفعممه الل ّممه تعممالى يمموم القيامممة ومممن
تطاول تعظما وضعه الّله تعالى يوم القيامة .وذكممر عممن قتممادة رحمممه الل ّممه
تعالى أنه قال:
]ص [99
ذكر لنا أن نبي الّله صلى الّله عليه وسلم كان يقممول" :مممن فممارقت روحممه
جسده" وفي روايممة أخممرى "ممن فممارق الممدنيا وهممو بريممء مممن ثلث دخممل
دين" .قممال :حممدثني أبممي رحمممه الل ّممه تعممالى
الجنة :من الكبر والخيانممة وال م ّ
بإسناده عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الّله بن أبي جعفر قال :دخل علممي
بن أبي طالب رضي الّله تعالى عنممه السمموق فاشممترى قميصممين مممن هممذه
الكرابيس بستة دراهم ،ثم قال لغلمه يا أسود ،اختر أيهممما شممئت؟ فاختممار
ي كممرم الل ّممه وجهممه الخممر ،ففضممل كممماه علممى الغلم خيرهممما ،ولبممس علم ّ
أطرافه فدعا بالشفرة فقطع كميه وخطب بالناس يوم الجمعة ونحن ننظر
إلى تلك الهدب على ظهر كفيه .ورأى رجل ً قد أسمبل ثموبه فقمال :يما فلن
ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لقلبممك وأبقممى عليممك .وروى أبممو هريممرة
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "قال تعالى:
العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نمازعني فمي واحمد منهمما ألقيتمه فمي
النار".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنمه" :العظممة إزاري .والكبريماء ردائي"
يعني أنهما من صفاتي كما في القرآن العزيز الجبار المتكبر فهممما صممفتان
من صفات الّله تعالى فل ينبغي للعبد الضعيف أن يتكبر..
باب الحتكار
قال الفقيه أبو الليث السمممرقندي رحمممة الل ّممه تعممالى عليممه :حممدثنا أبممو
الحسن الحاكم السردي حدثنا بكر بن المثنى حدثنا هانئ بممن النضممر حممدثنا
أحمد بن خالد حدثنا محمد بن اسحق عن محمد بن إبراهيم عن سممعيد بممن
المسيب عن معمر بن عبد الّله العدوي قال :سمعت رسول الّله صلى الّله
عليه وسلم يقول "ل يحتكر إل ّ خاطئ" وعممن ابمن عمممر رضممي الل ّممه تعممالى
عنهما عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من احتكممر طعاممما أربعيممن
يوما فقد برئ من الّله تعالى وبرئ الّله منه" .وروى سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه عممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :الجممالب مممرزوق ،والمحتكممر ملعممون" وإنممما أراد بالجممالب
الذي يشتري الطعام للبيع فيجلبه إلى بلده فيبيعه فهو مرزوق ،لن النمماس
ينتفعون به فيناله بركة دعاء المسلمين ،والمحتكممر الممذي يشممتري الطعممام
للمنع ويضر بالناس .وروى الشعبي أن رجل أراد أن يسلم ابنممه إلممى عمممل
فاستشار النبي صلى الّله عليه وسلم في ذلك :فقال له رسول الّله صمملى
الّله عليه وسلم :ل تسلمه إلى حناط يبيع الحنطة ،ول إلممى جممزار ،ول إلممى
من يبيع الكفان .أما الحناط فلن يلقى الّله تعالى زانيا أو شارب خمر خير
له من أن يلقى الّله تعالى وهو قد حبس الطعام أربعين ليلة ،وأممما الجممزار
فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه ،وأما بائع الكفان فإنه يتمنى لمممتي
ي من الدنيا وما فيها".
الموت ،والمولود من أمتي أحب إل ّ
]ص [100
)قال الفقيه( رضي الل ّممه تعممالى عنممه :الحكممرة أن يشممتري الطعممام فممي
مصره ويحبسه عن البيع وللناس حاجة إليه فهممذا هممو الحتكممار الممذي نهممى
عنه ،وأما إذا دخل له الطعمام ممن ضميعة أو جلمب ممن مصمر آخمر فمإنه ل
يكون احتكارا ولكممن لمو كممان للنمماس إليممه حاجممة فالفضممل أن يممبيعه وفممي
امتناعه عن ذلك يكون مسيئا لسوء نيته وقلة شممفقته للمسمملمين ،فينبغممي
أن يجبر المحتكر على بيع الطعام فإن امتنع من ذلك فإنه يعزر ويممؤدب ول
يسعر عليه ويقال له بعه كما يبيع الناس .وروى عن رسول الّله صلى الّلممه
عليه وسلم أنه قال" :أنا ل أسعر ،فإن الّله تعالى هو المسعر" .وروى عممن
رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال "الغلء والرخممص جنممدان مممن
جنود الّله تعالى اسم أحممدهما الرغبممة واسممم الخممر الرهبممة فممإذا أراد الل ّممه
تعالى أن يرخصه قممذف الرهبممة فممي قلمموب الرجممال فممأخرجه مممن أيممديهم
فرخص ،وإذا أراد الل ّممه تعممالى أن يغليممه قممذف الرغبممة فممي قلمموب الرجممال
فحبسوه في أيديهم" .وذكر في الخبر :أن عابدا من عباد بني إسرائيل مممّر
على كشيب من الرمل فتمنى في نفسه لو كان دقيقا فأشبع بني إسرائيل
في به مجاعة أصابتهم ،فأوحى الّله تعالى إلى نبي فيهممم أن قممل لفلن أن
الّله تعالى قد أوجب لك من الجر ما لو كان دقيقا فتصدقت به "يعنممي أنممه
لما نوى نية حسنة أعطاه الجر بحسن نية وشفقته على المسلمين ورحمة
لهم ،فينبغي للمسلم أن يكون مشممفقا ً رحيم ما ً علممى المسمملمين .وذكممر أن
رجل جاء إلى عبد الّله بن عباس رضي الّله تعالى عنهما فقال له أوصممني؟
فقال لمه عبمد الّلمه بمن عبماس أوصمميك بسممتة أشمياء .أولهمما :يقيممن القلممب
بالشياء التي تكفل الّله لك بهمما ،والثمماني بممأداء الفممرائض لوقتهمما ،والثممالث
بلسان رطب في ذكر الّله تعالى ،والرابع ل توافممق الشمميطان فممإنه حاسممد
للخلق ،والخامس ل تعمر الدنيا فإنها تخممرب آخرتممك ،والسممادس أن تكممون
ناصحا للمسلمين دائمًا.
)قال الفقيه( رضي الل ّممه تعممالى عنممه :ينبغممي للمسمملم أن يكممون ناصممحا
للمسلمين رحيما بهم فإن ذلك مممن علمممات السممعادة وقيممل :إن علمممات
السعادة إحدى عشرة خصلة :أولها أن يكممون زاهممدا فممي الممدنيا راغبمما فممي
الخرة ،والثاني أن يكون همته العبادة وتلوة القمرآن ،والثمالث قلمة القمول
فيممما ل يحتمماج إليممه ،والرابممع أن يكممون محافظمما علممى الصمملوات الخمممس،
والخامس أن يكون ورعا فيما قل أو كثر من الحرام ،والسممادس أن تكممون
صحبته مع الصالحين ،والسابع أن يكون متواضممعا غيممر متكممبر ،والثممامن أن
يكون سخيا وكريما ،والتاسع أن يكون رحيما بخلق الّله تعالى ،والعاشر أن
يكون نافعا للخلق ،والحادي عشر أن يكممون ذاكممرا للممموت كممثيرًا .وعلمممة
الشقاء أيضا ً إحدى عشرة خصلة أولها أن يكون حريصا علممى جمممع المممال،
والثاني أن تكون نهمته في الشهوات واللذات في الدنيا ،والثالث أن يكممون
فحاشا في القول مكثارا ،والرابع أن يكون متهاونا في الصلوات ،والخامس
]ص [101
أن يكون أكله مممن الحممرم والشممبهات وصممحبته مممع الفجممار ،والسممادس أن
يكون سيئ الخلق ،والسممابع أن يكممون مختممال متكممبرا فخممورا ،والثممامن أن
يمنممع منفعتممه مممن النمماس ،والتاسممع أن يكممون قليممل الرحمممة للمسمملمين،
والعاشر أن يكون بخيل ،والحادي عشر أن يكممون ناسمميا للممموت :يعنممي أن
الرجممل إذا كممان ذاكممرا للممموت فممإنه ل يمنممع طعممامه مممن الممبيع ويرحممم
المسلمين .وذكر عن بعض الزهاد أنه كان في بيته وقر من الحنطة فقحط
الناس فباع ما عنده من الحنطة ،ثممم جعممل يشممتري لحمماجته ،فقيممل لمه لممو
أمسكت ما عندك؟ فقال أردت أن أشارك الناس في غمهم .والله الموفق
بمنه وكرمه..
]ص [102
ذلك مرة أخممرى فممإذا قمموم يضممحكون فقممال :أممما والممذي نفسممي بيممده لممو
تعلمون ما أعلم لضممحكتم قليل ً ولبكيتممم كممثيرًا" ثممم خممرج أيضما ً فممإذا قمموم
يتحدثون ويضحكون فسلم عليهم ثم قممال :إن السمملم بممدا غريبمما وسمميعود
غريبا فطوبى للغرباء يوم القيامة ،فقيل ومممن الغربمماء يمموم القيامممة؟ قممال
الذين إذا فسد الناس صلحوا" .قال :حدثنا محمد بن الفضممل حممدثنا محمممد
بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا إسحق بن منصور قال :لمما فمارق
الخضر موسى عليهما السلم قال له عظني؟ قال يا موسى إياك واللجاجة
ول تكن ماشمميا بغيممر حاجممة ول تضممحك مممن غيممر عجممب ،و ل تعجممب علممى
الخاطئ بخطيئته .وفي بعض الروايات :ول تعير الخاطئين بخطاياهم وابممك
على خطيئتك يا ابن عمران.
وروى جعفر بن عوف عن مسعود عن عوف بن عبد الّله قال :كان النبي
صلى الّله عليه وسلم ل يضحك إل ّ تبسما ول يلتفت إل ّ جميعا :يعني يلتفممت
بجميع وجهه ،ففي هذا الخبر دليل على أن التبسم مباح ،وإنممما النهممي عممن
الضحك بالقهقهة ،فينبغي للعاقمل أن ل يضمحك بالقهقهمة فمإن ممن ضمحك
قهقهة في الدنيا قليل ً بكى في الخرة كثيرًا ،فكيف بمن ضممحك فممي الممدنيا
كوا قَِليل ًح ُ كثيرا ً كيف يكون حاله يوم القيامة ،وقد قال الل ّممه تعممالى }فَل ْي َ ْ
ضم َ
كوا ك َِثيرا ً { قال الربيممع بممن خممثيم :فليضممحكوا قليل ً فممي الممدنيا وليبكمموا
وَل ْي َب ْ ُ
كوا قَِليل ًح ُضم َ كثيرا ً في الخرة .وعن الحسن البصري في قوله تعممالى }فَل ْي َ ْ
م{ وقممال الحسممن البصممري جهَن ّ َ
ةِ .في َنارِ َ كوا ك َِثيرا ً ِفي ال ِ
خَر ِ ِفي الد ّن َْيا وَل ْي َب ْ ُ
رحمه الّله تعالى :يا عجبا من ضاحك ومن ورائه النار ،ومممن مسممرور ومممن
ورائه الموت .وقيل :مّر الحسن البصري بشاب وهممو يضممحك فقممال لممه يمما
ي :هل جزت على الصراط؟ قال ل ،فقال هل تبين لك إلممى الجنممة تصممير بن ّ
أم إلى النار؟ قال ل ،قال ففيم هذا الضحك؟ قال :فما رؤي الفتى ضمماحكا
بعده قط :يعني أن قول الحسن وقع في قلبممه فتمماب عممن الضممحك وهكممذا
كان العلماء في ذلك الزمان :إنهم كانوا إذا تكلموا بالموعظة وقممع كلمهممم
موقعا لنهم كانوا يعملون بالعلم فينفع علمهم غيرهممم ،فأممما علممماء زماننمما
فإنهم ل يعملون بعلمهممم فل ينفممع علمهممم غيرهممم .وروى عممن ابممن عبمماس
رضي الّله تعالى عنهما أنه قال :من أذنب ذنبا وهو يضحك دخل النممار وهممو
يبكممي .ويقمال :أكممثر النمماس ضممحكا فممي الممدنيا أكممثرهم بكمماء فممي الخممرة،
وأكثرهم بكاء في الدنيا أكثرهم ضحكا في الجنة.
قال يحيى ابن معاذ الرازي رحمممه الل ّممه تعممالى :أربممع خصممال لممم يبقيممن
م الخممرة ،وشممغل المعمماش، م المعمماد ،يعنممي هم ّ للمؤمن ضحكا ول فرحا :ه ّ
وغم الذنوب ،وإلمام المصائب :يعني ينبغي للمؤمن أن يكون مشغول بهذه
الشياء الربعة لتمنعه عن الضحك فإن الضحك ليس من خصممال المممؤمن،
َ
ث
دي ِح ِ ن هَ َ
ذا ال َ م ْ وقد عير الّله تعالى أقواما بالضحك فقال }أفَ ِ
]ص [103
ن{ ومدح أقواما بالبكاء فقممال َ ن وََل ت َب ْ ُ ح ُ
دو َ
م ُ سا ِ
م َ ن .وَأن ْت ُ ْكو َ كو َ ض َ
ن .وَت َ ْ
جُبو َ
تَعْ َ
َ
ن{ ويقال غم الحياء خمسممة أشممياء ،فينبغممي كو َن ي َب ْ ُن ل ِْلذ َْقا ِ
خّرو َتعالى }وَي َ ِ
لكل إنسان أن يكون غمه في هذه الخمسة :أولها غم الذنوب الماضية لنه
قد أذنب ذنوبا ولم يتبين له العفو فينبغي أن يكون مغموما به مشغول بهمما،
والثاني أنه قد عمل الحسنات ولم يتبين له القبول ،والثالث قد علم حيمماته
فيما مضى كيف مضى ول يدري كيف يكممون البمماقي ،والرابممع قممد علممم أن
الّله تعالى دارين ول يدري إلى أية دارية يصير ،والخامس ل يممدري أن الل ّممه
تعالى راض عنه أم ساخط عليه فمن كان غمه في هممذه الشممياء الخمسممة
في حياته فإنه يمنعه عن الضممحك ،ومممن لممم يكممن غمممه فممي هممذه الشممياء
الخمسة في حياته فمإنه يسممتقبله بعمد المموت خمسمة ممن الغمموم :أولهما
حسرة ما خلف من التركة التي جمعها من الحلل والحرام وتركهمما لممورثته
العداء ،والثاني ندامة تسويف العمال الصالحة فيرى في كتابه عمل قليل ً
فيستأذن في الرجوع ليعمل صممالحا فل يممؤذن لممه ،والثممالث ندامممة الممذنوب
فيرى في كتمابه ذنوبما كمثيرة فيسمتأذن فمي الرجموع ليتموب فل يمؤذن لمه،
والرابع يممرى لنفسممه خصمموما كممثيرة ول يتهيممأ لممه أن يرضمميهم إل ّ بأعممماله،
والخامس وجد الّله تعالى عليه غضبان ول يمكنه أن يرضمميه ،وروى أبممو ذر
الغفاري رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال" :لو تعلمون ما أعلممم لضممحكتم قليل ً ولبكيتممم كممثيرا ،ولممو تعلمممون ممما
أعلم لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلممى ربكممم وتبكممون ،ولممو تعلمممون ممما
أعلم ما انبسطتم إلى نسائكم ول تقاررتم على فرشكم ،ولمموددت أن الل ّممه
خلقني يوم خلقني شجرة تعضد" .وروى يونس عممن الحسممن البصممري أنممه
قال :المؤمن بالله تعالى يمسي حزينا ويصبح حزينا ،وكان الحسن البصري
قلما رأيته إل ّ كرجل أصيب بمصيبة محدثة .وروى في رواية أخرى :أنممه ممما
رؤى الحسن إل ّ كأنه رجع من دفن أمه .وروى عن الوزاعي في قول الّلممه
َ
ها{ قمال الصمغيرة التبسمم، صما َ
ح َصمِغيَرة ً وََل ك َِبيمَرة ً إ ِّل أ ْ عمز وجمل }ي َُغماد ُِر َ
والكبيرة القهقهة ،يعني أن القهقهة مممن الكبممائر .وروى عممن عبممد الل ّممه بممن
عمرو بن العاص أنه قال :لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كممثيرا،
ولو تعلمون ما أعلم لسجد أحدكم حتى ينقطع صلبه ،ولصرخ حممتى ينقطممع
صوته ،ابكوا إلممى الل ّممه تعممالى فممإن لممم تسممتطيعوا أن تبكمموا فتبمماكوا يعنممي
تشبهوا بالباكين .وروى سفيان بن محمد بن عجلن في حديث يذكره قممال:
كل عين باكية يوم القيامة إل ّ ثلثة أعين :عين بكت من خشية الل ّممه تعممالى،
وعين غضت عن محارم الّله تعالى ،وعين سهرت فممي سممبيل الل ّممه تعممالى.
وقد روى هذا الخبر مرفوعا عن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم .وروى
عن أبي حنيفممة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :ضممحكت مممرة وأنمما مممن
النممادمين علممى ذلممك ،وذلممك أنممي نمماظرت عمممرو بممن عبيممد القممدرى ،فلممما
أحسست بالظفر ضحكت فقال لي :تتكلم فممي العلممم وتضممحك فل أكلمممك
أبدا ،وأنا
]ص [104
من النادمين على ذلك إذ لو لم يكن ضحكي لرددته إلممى قمموله فكممان فممي
ذلك صلح العلم .وروى عن محمد بن عبد الّله العابممد أنممه قممال :مممن تممرك
فضول النظر وفق للخشوع ،ومممن تممرك الكممبر وفممق للتواضممع ،ومممن تممرك
فضول الكلم وفق للحكمة ،ومن ترك فضول الطعام وفق لحلوة العبممادة،
ومن ترك المزاح وفق للبهاء ،ومن ترك الضممحك وفممق للهيبممة ،ومممن تممرك
الرغبة وفق للمحبة :يعني إذا لم يرغب في أموال الناس أحبوه ،ومن ترك
التجسس وفق لصلح عيوبه ،ومن ترك التوهم في صفات الّله تعالى وفق
للنجاة من الشك والنفاق.
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال " في قمموله تعممالى
ما{ قال :كان تحته لوح من ذهممب مكتمموب فيممه خمسممة كنٌز ل َهُ َ
ه َ
حت َ ُ
ن تَ ْ }وَ َ
كا َ
أسطر :أولها عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ،وعجبت لمن أيقن بالنار
كيف يضحك ،وعجبت لمن أيقن بالقممدر كيممف يحممزن ،وعجبممت لمممن أيقممن
بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ،وفي الخممامس ل إلممه إل ّ الل ّممه
محمد رسول الله ،وقال ثابت البناني رحمه الّله تعممالى :كممان يقممال ضممحك
المؤمن من غفلته :يعني غفلته عن أمر الخرة ،ولول غفلته لما ضحك.
وقال يحيى ابن معاذ الرازي رحمه الّله تعالى :اطلب فرحا ل حزن فيممه
بحزن ل فرح فيه :يعني إذا أردت أن تنال الجنة فكن فممي الممدنيا حزينمما ول
تكن ضاحكا مسرورا لكي تنال فرح الجنة وهممو فممرح ل حممزن فيممه ،ويقممال
ثلثة أشمياء تقسمي القلمب :الضمحك ممن غيمر عجمب ،والكمل بغيمر جموع،
والكلم من غير حاجة .وروى بهز بن حكيم عممن أبيممه عممن جممده أن رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم قال "ويل لمن يكذب ليضحك به الناس ،ويل له
ويل له ويل له ثلث مرات" وقال إبراهيم النخعي :إن الرجل ليتكلم بكلمة
ليضحك بها من حوله فيسخط الّله بها فيصمميبه السممخط فيعممم مممن حمموله،
وإن الرجل ليتكلم بكلمة يرضى الّله بها فتصيبه الرحمممة فتعممم مممن حمموله.
وروى وائلة بن السقع عن أبي هريممرة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "يا أبا هريممرة كممن ورعمما تكممن أعبممد النمماس،
وكن قنعا تكن أشكر الناس ،وأحممب للنمماس ممما تحممب لنفسممك تكممن مؤمنمما
وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما وأقل الضحك فممإن كممثرة الضممحك
تميت القلب" وروى مالك بن دينار عن الحنف بن قيس أنه قممال قممال لممي
عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه :من كثر ضممحكه قلممت هيبتممه،ومممن
مزح اسُتخف به ،ومممن أكممثر مممن شمميء عممرف بممه ،ومممن كممثر كلمممه كممثر
ل حياؤه قممل ورعممه ،ومممن قممل ل حياؤه ،ومن ق ّ
قطه ،ومن كثر سقطه ق ّ س ْ
َ
ورعه مات قلبه ،ومن مات قلبه كانت النار أولى به.
]ص [105
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :وإياك وضحك القهقهة فإن فيه ثمانية
مممن الفممات أّولهمما أن يممذمك العلممماء والعقلء ،والثمماني أن يجممترئ عليممك
السفهاء والجهال ،والثالث أنك لو كنت جاهل ازداد جهلك وإن كنممت عالم ما ً
ج من العلمممنقص علمك لنه روى في الخبر "إن العالم إذا ضحك ضحكة م ّ
مجة" يعني رمى من العلم بعضه .والرابع أن فيه نسيان الذنوب الماضممية،
والخامس فيه جراءة على الذنوب في المستقبل لنممك إذا ضممحكت يقسممو
قلبك ،والسادس أن فيه نسيان الموت وما بعده من أمر الخممرة ،والسممابع
أن عليك وزر من ضحك بضحكك ،والثامن أنه يجب له بالضمحك بكماء كمثير
ممما ك َمماُنوا كوا قَِليل ً وَل ْي َب ْك ُمموا ك َِثيممرا ً َ
جمَزاًء ب ِ َ ح ُضم َ فممي الخممرة قممال تعممالى }فَل ْي َ ْ
ن{ وروى عن أبي ذر رضي الّله تعالى عنه أنه قممال فممي قممول الل ّممه سُبو َ ي َك ْ ِ
ل{ معناه أن الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شمماءوا كوا قَِلي ً ح ُ
ض َعز وجل }فَل ْي َ ْ
وإذا صاروا إلى الل ّممه بكمموا بكمماء ل ينقطممع فممذلك الكممثير وهممو قمموله تعممالى
ن{. سُبو َكاُنوا ي َك ْ ِما َ جَزاًء ب ِ َكوا ك َِثيرا ً َ}وَل ْي َب ْ ُ
]ص [106
لغضب نفسي ول أحب أن أضرب مسلما ً لحمية نفسي .وروى عن ميمممون
بن مهران أن جارية له جاءت بمرقممة فعممثرت فصممبت المرقممة عليممه فممأراد
ميمممون أن يضممربها فقممالت الجاريممة يمما مممولي اسممتعمل قممول الل ّممه تعممالى
نظ{ فقال قد فعلت ،فقالت اعمممل بممما بعممده }َوالعَمماِفي َ ن الغَي ْ َمي َ }َوال َ
كاظ ِ ِ
ب حمم ّ س{ قممال قممد عفمموت ،فقممالت اعمممل بممما بعممده }َوالّلمم ُ
ه يُ ِ ن الّنمما ِ عمم ْ
َ
ن{ فقال ميمون أحسنت إليك فأنت حرة لوجه الّله تعممالى .وروى سِني َح ِم ْال ُ
عن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال "مممن لممم يكممن فيممه ثلث
حلم يرد ّ به جهممل الجاهممل ،وورع يح مُرزه عممن خصال لم يجد طعم اليمانِ :
خُلق يداري به الناس" .وذكر عن بعض المتقدمين أنممه كممان لممه المحارم ،و ُ
فرس وكان معجبا به ،فجاء ذات يوم فوجده على ثلث قوائم فقال لغلمه
ن
من صنع هذا؟ فقال أنا ،قال :لم؟ قال أردت أن أغمك ،قال ل جرم لغمم ّ
من أمرك به :يعني الشيطان :اذهب فأنت حّر والفرس لك.
)قال الفقيه( رضممي الّلمه تعممالى عنممه :ينبغممي للمسمملم أن يكممون حليممما
وصبورا فإن ذلك من خصال المتقين وقد مدح الّله تعالى الحليم في كتممابه
فَر{ يعني من صممبر علممى الظلممم وتجمماوز عممن صب ََر وَغ َ َ
ن َ فقال تعالى }وَل َ َ
م ْ
موِر{ يعني من حقائق المور الممتي ُ ك لَ ِ ن ذ َل ِ َ
ن ع َْزم ِ ال ُم ْ ظالمه وعفا عنه }إ ِ ّ
وي س مت َ ِ
يثاب فاعلها على ذلك وينال أجرا عظيممما وقممال فممي آيممة أخممرى }ت َ ْ
ة { يعني ل تستوي الكلمة ا لحسنة والكلمة السيئة يعني سي ّئ َ ُة وََل ال ّ سن َ ُ ح َ ال َ
ل ينبغي للمسلم أن يكافئ كلمة حسنة بكلمة قبيحة ثم قال }اد َْفممعْ ِبممال ِّتي
ن{ يعني ادفع الكلمممة القبيحممة بالكلمممة الممتي هممي أحسممن }فَمإ ِ َ
ذا س َ
ُ ح َ يأ ْ هِ َ
َ
م{ يعنممي إنممك إذا فعلممت ذلمك صممار ميم ٌ
ح ِ
ي َ
ه وَل ِم ّ داوَة ٌ ك َأن ّ ُ ه عَ َ ك وَب َي ْن َ ُ ذي ب َي ْن َ َ ال ّ ِ
عدّوك صديقا لك مثل القريب وقد مممدح الل ّممه تعممالى خليلممه إبراهيممم عليممه
ب{ فممالحليم المتجمماوز السلم بالحلم فقممال }إن إبراهي مم ل َحِلي م َ
مِني م ٌ
م أّواه ٌ ُ
ٌ ِ ّ َِْ ِ َ َ
ّ
والواه الذي يذكر ذنوبه ويتأوه ،والمنيب الذي أقبل على طاعة الله تعالى،
وقد أمر الّله تعالى نبيه صلى الّله عليه وسمملم بالصممبر والحلممم وأخممبره أن
ص مب ََر ممما َ صب ِْر ك َ َ
النبياء الذين كانوا من قبله كانوا على ذلك فقال تعالى }َفا ْ
ُ
ل{ يعني اصبر على تكذيب الكفار وأذاهممم كممما صممبر س ِن الّر ُ م ْ أوُْلوا العَْزم ِ ِ
النبياء الذين أمروا بالقتال مع الكفممار ،وأولممو العممزم هممم ذوو الحممزم وهممم
الذين يثبتون على المر ويصممبرون عليممه ،وقممال الحسممن فممي قمموله تعممالى
سَلمًا{ يعنمي قمالوا حلمما وإن جهمل عليهمم ن َقاُلوا َ جاه ُِلو َ م ال َ خاط َب َهُ ْ ذا َ }وَإ ِ َ
حلموا .وروى عن وهب بن منبه رضي الّله تعالى عنه قال :كممان عابممد فممي
بني إسرائيل أراد الشيطان أن يضله فلم يستطع ،فخممرج العابممد ذات يمموم
لحاجة وخرج الشيطان معه لكي يجد منه فرصة ،فأتمماه مممن قبممل الشممهوة
والغضب فلم يستطع منه على شيء ،فأتاه من قبل الخمموف وجعممل يممدلي
عليه صخرة من الجبل فإذا بلغته ذكر الّله تعالى فنأت عنه ،ثم جعل يتمثل
بالسد والسباع فذكر الّله تعالى
]ص [107
فلم يبال به ،ثم جعل يتمثل له بالحية وهو يصلي فجعل يلتوي على قممدميه
وجسده حتى بلغ رأسه ،وكان إذا أراد السجود التوى في موضع رأسه مممن
السجود يعني وجهه فلما وضع رأسه ليسجد فتح فاه ليلتقممم رأسممه فجعممل
ينحيه حتى استمكن من الرض ليسجد ،فلما فممرغ ممن صمملته وذهممب جمماء
إليه الشيطان فقال أنا فعلت بك كذا وكذا فلممم أسممتطع منممك علممى شمميء
وقد بدا لي أن أصادقك ول أريد ضللتك بعد اليوم ،فقال له العابد :ل اليوم
وفتني بحمد الّله ما خفت منك ول لي حاجة اليمموم فممي مصممادقتك، الذي خ ّ
ت قبلهم، فقال أل تسألني عن أهلك ما أصابهم بعدك؟ فقال له العابد أنا م ّ
ل به بني آدم؟ قال بلممى أخممبرني بالممذي تصممل بممه فقال أل تسألني عما أض ّ
إلى إضمملل بنممي آدم؟ قممال بثلثممة أشممياء :الشممح والغضممب والسممكر ،فممإن
النسان إذا كان شحيحا قللنا ماله في عينه فيمنعه من حقوقه ويرغب فممي
أموال الناس ،وإذا كان الرجل غضوبا أدرناه بيننا كما يممدير الصممبيان الكممرة
بينهم ولو كان يحيي الموتى بدعوته لم نيأس منممه فإنممما يبنممي ويهممدم فممي
كلمة واحدة ،وإذا سكر قدناه إلى كممل سمموء كممما تقمماد الغنممم بأذنهمما حيممث
نشاء فقد أخبره الشيطان أن الذي يغضب يكون في يد الشمميطان كممالكرة
فممي أيممدي الصممبيان ،فينبغممي للممذي يغضممب أن يصممبر لكممي ل يصممير أسممير
الشيطان ول يحبط عمله .وذكر أن إبليس جمماء إلممى موسممى صمملوات الل ّممه
وسلمه عليه فقال لمه أنممت المذي اصممطفاك الّلمه تعمالى برسمالته وكلمممك
تكليما ،وإنما أنا خلق من خلق الّله تعالى أردت أن أتوب إلى ربممك فاسمأله
ي ،ففرح بذلك موسى عليه السلم فدعا بماء فتوضممأ وصمملى ممما ليتوب عل ّ
شاء الّله تعالى ،ثم قال يا رب إن إبليممس خلمق ممن خلقمك يسمألك التوبمة
فتب عليه ،فقيل له يا موسى إنه ل يتوب ،فقال يما رب إنمه يسمألك التوبممة
فأوحى الّله تعالى إني استجبت لمك يما موسمى فمممره أن يسمجد لقمبر آدم
فممأتوب عليممه ،فرجممع موسممى مسممرورا فممأخبره بممذلك ،فغضممب مممن ذلممك
واستكبر ثم قال :أنا لم أسجد له حيا أأسجد له ميتا ،ثم قال يمما موسممى إن
ي بما تشفعت لي إلى ربك فأوصيك بثلثة أشممياء :اذكرنممي عنممد لك حقا عل ّ
ثلث خصال :اذكرني حين تغضب فإني في قلبك أجري منك مجممرى الممدم،
واذكرني حين تلقى العدو في الزحف ،فإني آتي ابن آدم حين يلقممى العممدو
فأذكره زوجته وأهله وماله وولده حتى يولي دبره ،وإياك أن تجالس امممرأة
ليست بذات محمرم منمك فمإني رسمولها إليمك ورسمولك إليهما .وذكمر عمن
لقمان الحكيم أنه قال :يا بني ثلث ل تعرف إل ّ في ثلثة :ل يعممرف الحليممم
إل ّ عند الغضب ،ول يعرف الشجاع إل ّ عند الحممرب ،ول يعممرف الخ إل ّ عنممد
الحاجة .وذكر أن رجل من التابعين مدحه رجل في وجهه ،فقال له يمما عبممد
الّلمه لمم تممدحني :أجّربتنمي عنمد الغضمب فوجمدتني حليمما؟ قمال ل ،قمال
أجربتني في السفر فوجدتني حسن الخلق؟ قال
]ص [108
لا ،قال أجربتني عند المانة فوجدتني أمينا؟ قال ل ،فقممال ويحممك ممما لحممد
أن يمدح أحدا ما لم يجربه في هذه الشياء الثلثة .وقال :ثلثممة مممن أخلق
أهل الجنة ول توجد إل ّ في الكريم :العفو عمن ظلمك ،والبذل لمن حرمك،
ف ْ والحسان إلى من أساء إليك قممال الل ّممه تعممالى } ُ
خمذ ْ العَ ْ
ممْر ِبمالعُْر ِفموَ وَأ ُ
ن{. َ
جاه ِِلي َ
ن ال َ
ض عَ ْ
وَأع ْرِ ْ
وروى في الخبر أنه لما نزلت هذه الية قال النبي صلى الّله عليه وسلم:
"ما تفسير هذه الية؟ فقال له جبريممل عليمه الصملة والسمملم حممتى أسممأل
العالم ،فذهب جبريل ثم أتاه فقال :يا محمد إن الّله تعالى يأمرك أن تصل
من قطعممك ،وتعطممي مممن حرمممك ،وتعفممو عمممن ظلمممك" .وروى عممن ابممن
ب عجلن عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه قال "س ّ
رجل أبا بكر الصديق رضي الّله تعالى عنه ورسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم جالس فسكت النبي صلى الّله عليه وسمملم وسممكت أبممو بكممر ،فلممما
سكت الرجل تكلم أبو بكر فقام النبي صلى الّله عليممه وسمملم وأدركممه أبممو
بكر فقال يا رسول الّله سبني وسممكت فلممما تكلمممت قمممت؟ فقممال النممبي
صلى الّله عليه وسمملم إن الملممك كممان يممرد عليممه عنممك حيممن سممكت فلممما
تكلمممت ذهممب الملممك وقعممد الشمميطان فكرهممت أن أقعممد فممي مقعممد مممع
الشيطان ثم قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ثلث كلهن حق :ما من
عبد يظلم بمظلمة فيعفو عنها ابتغاء مرضمماة الل ّممه تعممالى إل ّ زاده الل ّممه بهمما
عزا ،وما من عبد فتح على نفسه باب مسألة يريممد بهمما كممثرة إل ّ زاده الل ّممه
تعالى بها قلة ،وما من عبد أعطى عطية يبتغي بها وجه الّله تعممالى إل ّ زاده
الّله تعالى بها كثرة" .قال :حدثنا أبي بإسناده عن محمد بن كعب القرظممي
عن ابن عباس رضي الل ّممه تعممالى عنهممما أن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قال "لكل شيء شرف وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلممة"
وإنما تجالسون بالمانة ،ول تصملوا خلممف النممائم والمحممدث ،واقتلمموا الحيممة
والعقرب وإن كنتم في صلتكم ،ول تسممتروا الجممدران بالثيمماب ،ومممن نظممر
في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار ،ومن أحب أن يكممون أقمموى
الناس فليتوكل على الّله تعالى ،ومن أحممب أن يكممون أكممرم النمماس فليتممق
الّله تعالى ،ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يممد الل ّممه تعممالى
أوثق منه بما في يده ،ثم قال :أل أنبئكم بشممراركم؟ قممالوا بلممى يمما رسممول
الّله قال :من أكل وحده ،ومنع رفده ،وجلد عبده ،ثم قال :أل أنممبئكم بشممر
من هذا؟ قالوا بلى يا رسول الله ،قال :مممن يبغممض النمماس ويبغضممونه ،ثممم
قال :أل أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى يا رسول اللممه ،قممال :مممن ل يقبممل
عثرة ول يقبل معذرة ول يغفر ذنبا ،ثم قال :أل أنبئكم بشر من هذا؟ قممالوا
بلى يا رسول الله ،قال :من ل يرجى خيره ول يؤمن شره ،ثم قال رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم :إن عيسى عليه السلم قام فممي بنممي إسممرائيل
فقال يا بني إسرائيل ل تتكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها ول تمنعوها
أهلها فتظلموهم ،وقد قال مرة فتظلموها ،ول تكافئوا ظالما بظلم فيبطممل
فضلكم عند ربكم ،يا بني إسرائيل
]ص [109
المور ثلثة :أمر تبين رشده فاتبعوه ،وأمر ظهر غيه فاجتنبوه ،وأمر اختلف
فيه فردوه إلى الّله ورسوله .وقال بعض الحكماء :الزهد في الممدنيا أربعممة:
الولى الثقة بالله تعالى فيما وعد من أمر الدنيا وأمممر الخممرة .والثانيممة أن
يكون مدح الخلق وذمهم عنده واحدًا .والثالثة الخلص في عمله .والرابعممة
أن يتجاوز عمن ظلمه ول يغضب على ما ملكت يمينه ويكون حليما صممبورا
وروى عن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه أن رجل قال له علمني كلمات
ينفعني الّله تعالى بهن؟ قال أبو الدرداء أوصيك بكلمات من عمل بهن كان
ثوابه على الّله عز وجل والممدرجات العلممى :ل تأكممل إل ّ طيبمما ،واسممأل الل ّممه
تعالى رزق يوم بيوم ،وعد ّ نفسك مممن الممموتى ،وهممب عرضممك للممه تعممالى
فمن شتمك أو أذاك فقل وهبت عرضي للممه تعممالى ،وإذا أسممأت فاسممتغفر
الّله تعالى.
وروى عن رسول الّله صملى الّلمه عليمه وسملم أنمه قمال " لمما كسمرت
رباعيته في يوم أحد فشممق ذلممك علممى أصممحابه مشممقة شممديدة فقممالوا يمما
رسول الّله لو دعوت الّله تعالى على هؤلء الذين صنعوا بك ما ترى ،فقال
النبي صلى الّله عليه وسلم إني لم أبعث لعانا ولكني بعثممت داعيمما ورحمممة
اللهم أهد قومي فإنهم ل يعلمون" وقال رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم
"من كف لسانه عن أعراض المسلمين أقال الّله تعالى عثرته يوم القيامة،
ومن كف غضبه أقال الّله تعالى غضبه عنه يوم القيامة" وروى عن مجاهممد
رضي الّله تعالى عنه "أن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ممّر بقمموم
يربعون حجرا :يعني يرفعون حجرا وينظرون أيهم أقوى ،فقال رسول الّلممه
صلى الّله عليه وسلم ما هذا؟ قالوا حجر الشداء فقال أل أخبركم بممما هممو
أشد منه؟ قالوا بلى يا رسول الّله قال :الذي يكون بينه وبين أخيممه شممحناء
فيغلب شيطانه وشيطان صاحبه فيأتيه حتى يكلمه" وفي رواية أخرى "أنممه
مّر بقوم يرفعون الحجر فقممال أتعرفممون الشممدة برفممع الحجممارة أل أنممبئكم
بأشد منكم؟ قالوا بلى يا رسول الله ،قممال الممذي يمتلممئ غضممبا ثممم يصممبر"
وذكر عن يحيى بن معاذ أنه قال :من دعا على ظممالمه فقممد أحممزن محمممدا
صلى الّله عليه وسملم فمي النبيماء عليهمم الصملة والسملم ،وسمّر اللعيمن
إبليس في الكفرة والشياطين ،ومن عفا عن ظالم فقد أحزن اللعيممن فممي
الكفممرة والشممياطين وس مّر محمممدا صمملى الل ّممه عليممه وسمملم فممي النبيمماء
والصالحين صلوات الّله وسمملمه عليهممم أجمعيممن .وروى عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ينادي منمماد يمموم القيامممة أيممن الممذين كممانت
أجورهم على الّله عممز وجممل؟ فيقمموم العممافون عممن النمماس فيممدخلون إلممى
الجنة ،وسئل الحنف بن قيس رحمه الّله تعالى ما النسانية؟ قال التواضع
في الدولة والعفو عند المقدرة والعطاء بغير منة" .وروى عممن عطيممة عممن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "المؤمنون هينون لينون كالجمل
النف إن قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ".
]ص [110
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :عليكم بالصبر عن الغضممب ،وإيمماكم
والعجلة عند الغضب ،فإن في العجلة ثلثة أشياء وفي الصبر ثلثممة أشممياء،
فأما الثلثة التي في العجلة فأحدها الندامة في نفسه ،والثاني الملمة عند
الناس ،والثالث العقوبة عند الّله تعالى .وفي الصمبر ثلثمة أشمياء :السمرور
في نفسه ،والمحمدة عند الناس ،والثواب من الّله تعالى ،فإن الحلم يكون
مّرا في أوله وحلوا في آخره كما قال القائل:
والله أعلم
م لكن آخره أحلى من العسل الحلم أوله مر مذاقته
]ص [111
فقال أل أحدثكم حديثا لعله ينفعكم فإنه قد نفعني؟ قال :قال لنا عطاء بن
أبي رباح يا ابن أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلم وكممانوا
يعدون كل كلم فضممول ممما عممدا كتمماب الل ّممه تعممالى أن يقممرأه أحممد أو أمممرا
بالمعروف أو نهيا عن المنكر أو تنطق بحاجتك في معيشتك الممتي لبممد لممك
ن{ ن .ك َِراممما ً َ
كممات ِِبي َ ظي َ حافِ ِ م لَ َ
ن ع َل َي ْك ُ ْ
منها ،ثم قال :أتنكرون قوله تعالى }وَإ ِ ّ
د{ب ع َِتي م ٌ ل إ ِّل ل َد َي ْهِ َرِقيمم ٌ
ن قَوْ ٍ م ْظ ِ ف ُما ي َل ْ ِ ل قَِعي ٌ
دَ . ما ِ ن ال ّ
ش َ ن وَع َ ْ
مي ِ
ن الي َ ِ
و}ع َ ْ
أو ما يستحبي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملهمما صممدر نهمماره
وأكثر ما فيها ليس عن أمر دينه ول دنياه .قال :حدثنا أبي رحمه الّله تعالى
بإسناده عن أنس بن مالك قال قال رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم:
"أربع ل تصير إل ّ في مؤمن :الصمت وهو أول العبادة ،والتواضع ،وذكر الّله
تعالى ،وقلة الشر" وذكر عن عيسى ابن مريم عليه الصمملة والسمملم بهممذا
اللفظ .روى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه" وذكر عممن لقمممان
الحكيم أنه قيل له ما بلغ بك ما نرى؟ قال :صممدق الحممديث ،وأداء المانممة،
وتركي ما ل يعنيني .وروى عن أبي بكممر ابممن عيمماش أنممه قممال :أربعممة مممن
الملوك تكلم كل واحد منهم بكلمة كأنها رمية رميت من قوس واحدة :قال
كسرى ل أندم على ما لم أقل وقد أندم على ما قلت ،وقممال ملممك الصممين
ما لم أتكلم بالكلمة فأنا أملكها فإن تكلمت بها ملكتني ،وقال قيصممر ملممك
الروم أنا على رد ّ ما لم أقل أقدر مني على رد ّ ما قلت ،وروى عممن الربيممع
بن خيثم أنه كان إذا أصبح وضع قرطاسمما وقلممما ول يتكلممم بشمميء إل ّ كتبممه
وحفظه ثم يحاسب نفسه عند المساء.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :هكذا كان عمممل الزهمماد إنهممم كممانوا
يتكلمممون لحفممظ اللسممان ويحاسممبون أنفسممهم فممي الممدنيا ،وهكممذا ينبغممي
للمسلم أن يحاسممب نفسمه فممي الممدنيا قبممل أن يحاسممب فممي الخممرة ،لن
حساب الدنيا أيسر من حساب الخرة ،وحفظ اللسان في الدنيا أيسر مممن
ندامة الخرة .وروى عن إبراهيم التيمي أنه قال :حدثني من صحب الربيممع
بن خيثم عشرين سنة فما سمممع منممه كلمممة يعمماب بهمما ،وقممال موسممى بممن
ي رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما :يعنممي قتممل،
سعيد لما أصيب الحسين بن عل م ّ
فقال رجل من أصحاب الربيع إن تكلم الربيع فاليوم يتكلم ،فجاء حتى فتح
الباب وأخبره بأن الحسين قد قتل فنظر إلى السممماء فقممال :اللهممم فمماطر
السموات والرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيممما كممانوا
فيه يختلفون ولم يزد على ذلك شيئًا .قال حكيم من الحكماء ،ست خصممال
ن الجاهل .أحدهما الغضب في غير شيء :يعني غضممب علممى ابممن يعرف به ّ
آدم وعلى
]ص [112
الحيوان وعلى كل شمميء يسممتقبله منممع مكممروه فهممذا مممن علمممة الجهممل،
والثاني الكلم في غير نفع ،فينبغي للعاقممل أن ل يتكلممم بكلم ل فممائدة لممه
فيه ،وينبغمي لمه أن يتكلممم بكممل كلم فيممه منفعمة فممي أمممر دنيماه وآخرتمه،
والثالث العطية في غير موضع :يعني يدفع ماله إلمى ممن ل يكمون لمه فمي
ذلك أجر وهو علمة الجهل ،والرابع إفشاء السر عنمد كمل أحمد ،والخمامس
الثقة بكممل إنسممان ،والسممادس أن ل يعممرف صممديقه مممن عممدّوه :يعنممي أن
الرجل ينبغي له أن يعرف صممديقه فيطيعممه ويعممرف عممدّوه فيحممذره ،وأّول
العداء هو الشيطان فينبغممي أن ل يطيعممه فيممما يمأمره .وعممن عيسممى ابمن
مريم عليه الصلة والسلم أنه قال :كل كلم ليممس بممذكر الل ّممه تعممالى فهممو
لغو ،وكل سكوت ليس بفكر فهو غفلة ،وكل نظير ليممس بعممبرة فهممو لهممو،
فطوبى لمن كان كلمه ذكرا ً لله تعالى وسكوته تفكرا ونظرة وعبرة .وذكر
ل الكلم ويكممثر العمممل ،والمنممافق يكممثر عن الوزاعي أنه قال :المؤمن يق م ّ
الكلم ويقل العمل.
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "خمس ل تكون في
المنافق :الفقه في الدين ،والورع باللسان ،والتبسم في الوجه ،والنور في
القلب ،والمودة في المسلمين" قال يحيى بن أكثم ما صمملح منطممق رجممل
إل ّ عرف ذلك في سائر عمله ،ول فسممد منطممق رجممل إل ّ عممرف ذلممك فممي
سائر عمله .وذكر عن لقمان الحكيم أنممه قممال لبنممه :يمما بنممي مممن يصممحب
صاحب السوء لم يسلم ،ومممن يممدخل مممدخل السمموء يتهممم ،ومممن ل يملممك
لسانه يندم .وعن سنة رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "طمموبى
لمن ملك لسانه ،ووسعه بيته ،وبكى على خطيئة" قمال :حمدثنا أبمي رحممه
الّله تعالى بإسناده عن الحسن البصري أنه قممال :كممانوا يقولممون إن لسممان
الحكيم من وراء قلبه فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبممه فممإن كممان لممه قممال
وإن كان عليه أمسك ،وإن الجاهل قلبممه علممى طممرف لسممانه ل يرجممع إلممى
قلبه ما أتى على لسانه تكلم .قال حدثني أبي رحمه الّله بإسناده عن أبممي
ذر الغفاري أنه قال "قلت يا رسول الّله ما كان في صممحف إبراهيممم؟ قممال
كان فيها أمثال وعبر :ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوبا فممي عقلممه أن يكممون
حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبل على شانه ،فممإنه مممن حسممب كلمممه مممن
ل كلمه إل ّ فيما يعنيه قال :حدثنا الفقيه أبو جعفر بإسناده عن أبممي عمله ق ّ
ي بن أبي طالب رضي الّله تعالى عنممه اسحق الهمذاني عن الحرث عن عل ّ
قال :سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقول "ينبغممي للعاقممل أن ل
يكون شاخصا إل ّ في ثلث :مرمة لمعاشه ،أو خلوة لمعاده ،أو لذة في غير
محرم" وقال "ينبغي للعاقل أن يكون له فممي النهممار أربمع سمماعات :سمماعة
يناجي فيها ربه ،وساعة يحاسب فيها نفسه ،وساعة يأتي فيهمما أهممل العلممم
الذين يبصرونه بأمر دينه ودنياه وينصحونه ،وساعة يخلى بين نفسه ولذاتها
فيما يح ّ
ل ويجمل" وقال "ينبغي للعاقل أن ينظر فممي شممأنه :ويعممرف أهممل
زمانه ،ويحفظ فرجه ولسانه".
]ص [113
ّ
)قال الفقيه( رضي الله تعالى عنه :وذكر إن هذه الكلمات مكتوبممة فممي
حكمة آل داود عليه السلم .وروي عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه
إن لقمان الحكيم دخل على داود النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم وكممان داود
يسرد الدرع ،فجعل يتعجممب مممما يممرى فممأراد أن يسممأله عممن ذلممك فمنعتممه
حكمته فأمسك نفسه ولم يسأله ،فلما فرغ قام داود عليممه السمملم فلبممس
الدرع ثم قال :نعم الدرع للحرب ونعم عامله ،فقال لقمان :الصمت حكمة
وقليل فاعله.
قال القائل:
النطق زين والسكوت سلمة فإذا نطقت فل تكن مكثارا
ما إن ندمت على سكوتي مرة ولقد ندمت على الكلم مرارا
وفي موضع :أنه كان يختلف إليه سنة ويريد أن يسأله فلما فرغ منه لبسه،
وقال ما أحسن هذا المدرع للحمرب ،فقمال لقممان :الصممت حكممة وقليمل
فاعله ،هذا من كتاب التنبيه .وأما ما بعده من البيات فليست من الكتمماب.
قال بعضهم:
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
ولخر:
ن بما كرهت فربما نطق اللسان بحادث فيكون ل تنطق ّ
ولحميد بن عباس:
لعمرك ما شيء علمت مكانه أحقّ بسجن من لسان مذلل
على فيك مما ليس يعنيك شأنه بقفل وثيق حيث كنت فأقفل
ب كلم قد جرى من ممازح فساق إليه سهم حتف معجل فر ّ
والصمت خير من كلم ممازح فكن صامتا تسلم وإن قلت فاعدل
ولتك في جنب الخلء مفرطا وإن كنت أبغضت البغيض فأجمل
فإنك ل تدري متى أنت مبغض حبيبك أو تهوى بغيضك فاعقل
)قال بعض الحكماء( في الصمت سبعة آلف خير ،وقد اجتمع ذلممك كلممه
في سبع كلمات في كل كلمة منها ألف :أولها أن الصممت عبمادة ممن غيمر
ي ،والثالث هيبممة مممن غيممر سمملطان ،والرابممع عناء ،والثاني زينة من غير حل ّ
حصن من غير حائط ،والخامس الستغناء عن العتذار إلى أحد ،والسادس
راحة الكرام الكاتبين ،والسممابع سممتر لعيمموبه .ويقممال الصمممت زيممن للعممالم
وستر للجاهل.
)قال بعض الحكماء( إن جسد ابممن آدم ثلثممة أجممزاء :فجممزء منهمما قلبممه،
والثاني لسانه ،والثالث الجوارح ،وقد أكرم الل ّممه تعممالى كممل جممزء بكرامممة:
فأكرم القلب بمعرفته وتوحيده :وأكرم اللسممان بشممهادة أن ل إلممه إل ّ الل ّممه
وتلوة كتابه ،وأكرم الجوارح بالصلة والصوم وسائر الطاعات ،ووكل علممى
كل جزء رقيبا وحفيظا :فتولى حفظ القلب بنفسه فل يعلم
]ص [114
ما في ضمير العبد إل ّ الله ،ووكل على لسانه الحفظة قال الّله تعالى } َ
ممما
د{ وسلط على الجوارج المر والنهي ،ثم ل إ ِّل ل َد َي ْهِ َرِقي ٌ
ب ع َِتي ٌ ن قَوْ ٍ
م ْ ف ُ
ظ ِ ي َل ْ ِ
إنه يريد من كممل جممزء وفمماء :فوفمماء القلممب أن يثبممت علممى اليمممان وأن ل
يحسد ول يخون ول يمكر ،ووفاء اللسان أن ل يغتمماب ول يكممذب ول يكممذب
ول يتكلم بما ل يعنيه ،ووفاء الجوارح أن ل يعصي الّله تعالى ول يؤذي أحدا
من المسلمين ،فمن وقع من القلب فهو منافق ،ومن وقع من اللسان فهو
كافر ،ومن وقع من الجوارح فهو عاص .وعن الحسن قال :نظممر عمممر بممن
الخطاب رضي الّله تعالى عنه إلممى شمماب فقممال يمما شمماب :إن وقيممت شممر
ثلث فقد وقيت شر الشباب :إن وقيت شر لقلقك يعنممي لسممانك ،وذبممذبك
يعني فرجك ،وقبقبك يعني بطنك .وذكر أن لقمان الحكيم كان عبدا حبشمميا
فأول ما ظهر من حكمته أنه قال له ممموله :يمما غلم اذبممح لنمما هممذه الشمماة
وائتني بأطيب مضغتين منها ،فجاء بالقلب واللسان ،ثممم قممال مممرة أخممرى:
اذبح لنا هذه الشماة وائت بممأخبث مضممغتين منهمما ،فأتمماه باللسممان والقلممب،
فسأله عن ذلك فقال ليس في الجسد مضغتان أطيب منهممما إذا طابمما ،ول
أخبث منهما إذا خبثا .وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال:
"لما بعث معاذا إلى اليمن فقال يا نممبي الل ّممه أوصممني؟ فأشممار إلممى لسممانه
يعني عليك بحفظ اللسان ،فكأنه تهاون به ،فقال يا نبي الّله أوصني؟ قممال
ثكلتك أمك ،وهل يكمب النماس فمي نمار جهنمم إل ّ حصمائد ألسمنتهم" وقمال
الحسن البصري رحمه الّله تعالى :من كثر كلمممه كممثر سممقطه ،ومممن كممثر
ماله كثر إثمه ،ومن ساء خلقه عذب نفسه .وروى عن سفيان الثمموري أنممه
ي أن أرميه بلساني لن رمي اللسممان ل قال :لن أرمي رجل ً بسهم أحب إل ّ
يخطئ ورمي السهم قد يخطئ .وروي عن أبي سعيد الخممدري رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال :إذا أصبح ابن آدم سألت العضاء كلها اللسان وقلممن يمما
لسان ننشدك الّله أن تسممتقيم فممإنه إن اسممتقمت اسممتقمنا وإن اعمموججت
اعوججنا ..وروى عن أبي ذر الغفاري رضي الّله تعممالى عنممه أنممه قممام عنممد
الكعبة فقال :أل من عرفني فقد عرفني ،ومن لم يعرفني فأنمما جنممدب بممن
جنادة الغفاري "أبو ذر" هلموا إلى أخ ناصح شفيق عليكممم فمماجتمع النمماس
حوله فقال يا أيها الناس :من أراد منكم سممفرا مممن أسممفار الممدنيا ل يفعممل
ذلك إل ّ بزاد فكيف من يريد سفر الخرة بل زاد؟ ،قالوا وما زادنا يا أبمما ذر؟
قال صلة ركعتين في سواد الليل لوحشممة القبممور ،وصموم فممي حمّر شممديد
ليوم النشور ،وصدقة على المساكين لعلكم تنجون من عذاب يوم عسممير،
وحج لعظممائم المممور ،واجعلمموا الممدنيا مجلسممين مجلسمما فممي طلممب الممدنيا
ومجلسا في طلب الخرة ،والثالث يضر ول ينفممع ،واجعلمموا الكلم كلمممتين:
كلمة نافعة في أمر دنياكم وكلمة باقية في أمممر آخرتكممم ،الثالثممة يضممر ول
ينفع ،واجعلمموا المممال درهميممن :درهمما ً أنفقممه علممى عيالممك ودرهمما ً قممدمه
لنفسك والثالث يضر ول ينفع ،ثم قال
]ص [115
أَّوه قتلتني هم يوم ل أدركه ،قيل :وما ذاك :قال إن أملي قممد جمماوز أجلممي
فقعدت عن عمل .وذكر عن عيسى بممن مريممم عليممه الصمملة والسمملم أنممه
قال :ل تكثروا الكلم في غير ذكر الّله فتقسمموا قلمموبكم ،والقلممب القاسممي
بعيد من الّله ولكن ل تعلمون.
)قال بعض الصحابة( إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنا في بدنك وحرمانا
في رزقك فاعلم أنك قد تكلمت بما ل يعنيك ،والله الموفق..
]ص [116
ي .قال :حممدثنا محمممد بممن عيشهما الشديد لعلي أدرك معهما عيشهما الرخ ّ
الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيممم بممن يوسممف حممدثنا محمممد بممن
الفضل عن مجاهد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قمال :قلمت لعائشمة
رضي الّله تعالى عنها :يا أماه ما أكثر ما كان يقول رسول الّله صمملى الّلممه
عليه وسلم إذا دخل البيت؟ قالت أكثر ما سمعته يقول إذا دخل البيت "لممو
أن لبن آدم واديين من ذهب لتمنى إليهما ثالثمما ول يمل جمموف ابممن آدم إل ّ
التراب ويتوب الّله على من تاب وإنما جعل الّله تعالى هذا المال ليقام بممه
الصلة ويؤتى به الزكاة" وروى عن قتادة عن أنممس بممن مالممك رضممي الل ّممه
تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "يهممرم مممن ابممن
ي بن آدم كل شيء إل ّ اثنتان :الحرص والمل" وروى عن أمير المؤمنين عل ّ
أبي طالب رضي الّله تعالى عنه أنه قال :أخمموف ممما أخمماف عليكممم ثنتممان:
طول المل واتباع الهوى ،وإن طممول المممل ينسممي الخممرة ،واتبمماع الهمموى
يصد ّ عن الحق .وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "أنمما
ب على الدنيا والحريص عليها والشحيح بها :بفقر ل زعيم لثلثة بثلثة ،للمك ّ
م ل فممرج معممه" وروى عممن أبممي الممدرداء غنى بعده وشغل ل فراغ منه وه م ّ
رضي الّله تعالى عنه أنه أشممرف علممى أهممل حمممص فقممال :أل تسممتحيون؟
تبنون ما ل تسكنون ،وتأملون ممما ل تممدركون ،وتجمعممون ممما ل تممأكلون ،إن
الممذين كممانوا قبلكممم بنمموا مشمميدا وجمعمموا كممثيرا ً وأملمموا بعيممدا ،فأصممبحت
مساكنهم قبورا وآمالهم غرورا وجمعهم بورا .وروى علممي بممن أبممي طممالب
رضي الّله تعالى عنه أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الّله تعممالى عنممه :إذا
أردت أن تلقى صاحبك فارقع قميصك ،واخصف نعلك ،وأقصر أملك ،وكممل
دون الشبع .وروى عن أبي عثمان الهندي أنه قال :رأيت على عمر قميصمما
فيه اثنتا عشرة رقعة وهو علمى المنمبر يخطمب .وروى عمن علمي بمن أبممي
طالب كرم الّله وجهه أنه دخممل السمموق عليممه ثيمماب غليظممة غيممر مغسممولة
فقيل يا أمير المؤمنين :لو لبست ألين مممن هممذا؟ قممال هممذا أخشممع للقلممب
وأشبه بشعار الصالحين وأحسن للمؤمن لن يقتدى بممه .وروى عممن أبممي ذر
رضي الّله تعالى عنه أنه قال :إني لعرف بالناس من البيطار بالدواب ،أما
خيارهم فالزاهدون في الدنيا ،وأما شرارهم فمن أخذ مممن الممدنيا فمموق ممما
يكفيه .وقال بعض الحكماء :أمهات الخطايا ثلثة أشممياء :الحسممد والحممرص
والكبر ،فأما الكبر فكان أصله من إبليس حين تكبر وأبى أن يسممجد فلعممن،
وأما الحرص فكان أصله من آدم عليه السلم حيث قيل له الجنة كلها مباح
لك إل ّ هذه الشجرة فحمله الحرص على أكلها حتى سممقط منهمما ،والحسممد
أصله من قابيل بن آدم حين قتل أخاه هابيل فصار كافرا ومأواه النار أبممدا.
وذكر في الخبر أن آدم عليه الصلة والسلم أوصى ابنه شيئا عليممه الصمملة
والسلم بخمسة أشياء ،وأمره أن يوصي بها أولده من بعده أّولها قال لممه:
قل لولدك ل تطمئنوا
]ص [117
بالدنيا فإني اطمأننت بالجنة الباقية فلم يممرض الل ّممه منممي وأخرجنممي منهمما،
والثاني قل لهم ل تعملوا بهوى نسائكم فإني عملت بهمموى امرأتممي وأكلممت
من الشجرة فلحقتني الندامة ،والثالث :قل لهم كل عمل تريدونه فانظروا
عاقبته فإني لممو نظممرت عاقبممة المممر لممم يصممبني ممما أصممابني ،والرابممع إذا
اضطربت قلوبكم بشيء فاجتنبوه فإني حين أكلت من الشممجرة اضممطرب
قلبي فلم ارجع فلحقني الندم ،والخامس استشمميروا فممي المممور فممإني لممو
شاورت الملئكة لم يصبني ما أصابني .وروى عن شقيق البلخي رحمة الّله
تعالى أنه قال :أخرجت من أربعة آلف حديث أربعمممائة حممديث ،وأخرجممت
من أربعمممائة حممديث أربعيممن حممديثا ،وأخرجممت مممن الربعيممن حممديثا أربعممة
أحاديث :أولها "ل تعقد قلبك مع المرأة فإنها اليمموم لممك وغممدا لغيممرك فممإن
أطلعتها أدخلتك النار" ،والثاني" :ل تعقد قلبك مع المال فإن المممال عاريممة
اليوم لك وغدا لغيرك فل تتعب نفسك بما لغيرك فإن المهنأ لغيرك والمموزر
عليك ،وإنك إذا عقدت قلبك بالمال منعته من حق الّله تعممالى ودخممل فيممك
خشية الفقر وأطعت الشيطان" والثالث" :اترك ما حاك فممي صممدرك فممإن
قلب المؤمن بمنزلة الشمماهد يضممطرب عنممد الشممبهة ويهممرب مممن الحممرام
ويسكن عند الحلل" والرابممع" :ل تعمممل شمميئا ً حممتى تحكممم الجابممة" وروى
مجاهد عن عبد الّله بن عمر أن رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال
"كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ،وع مد ّ نفسممك مممن أهممل القبممور"
دث نفسممك وقال مجاهد :قال لي عبد الل ّممه بممن عمممر" :إذا أصممبحت فل تحم ّ
بالمساء ،وإذا أمسمميت فل تحممدث نفسممك بالصممباح ،وخممذ مممن حياتممك قبممل
موتك ،ومن صحتك قبل سقمك ،فإنك ل تدري ما اسمك غدا".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :من قصر أمله أكرمه الّله تعالى بأربع
ويه على طمماعته لن العبممد إذا علممم أنممه يممموت عممن كرامات :إحداها أن يق ّ
قريب ل يهتم بما يستقبله من المكروه ،ويجتهد في الطاعات فيكثر عمله،
والثاني يقل همومه لنه إذا علم أنه يموت عن قريب ل يهتمم بمما يسمتقبله
من المكروه ،والثالث يجعله راضمميا ً بالقليممل لنممه إذا علممم أنممه يممموت عممن
ورم آخرتممه ،والرابممع أن ين م ّ
قريب فإنه ل يطلب الكثرة وإنما يكون همممه ه م ّ
قلبه لنه يقال نور القلب من أربعة أشياء :أّولها بطن جائع ،والثاني صاحب
صالح ،والثالث حفظ الذنب القديم ،والرابع قصر المل ،فإن من طال أمله
عاقبه الّله تعالى بأربعة أشياء :أّولها أن يتكاسل عن الطاعات ،والثمماني أن
تكثر همومه في الدنيا ،والثالث أن يصير حريصا على جمع المممال ،والرابممع
أن يقسو قلبه ،لنه يقال قسوة القلب من أربعة أشياء :أولها بطن ممتلئ،
والثاني صحبة صاحب السمموء ،والثممالث نسمميان الممذنوب الماضممية ،والرابممع
طول المل ،فينبغي للمسلم ا يقصر أمله فإنه ل يدري في أي نفس
]ص [118
ض َ َ ّ
س ب ِمأيّ أْر ٍ فم ٌ ممما ت َمد ِْري ن َ ْيموت ،وفي أي قدم يموت قال اللممه تعممالى }وَ َ
تمي ّم ٌ ت{ .قال بعض المفسرين :بأي قدم يموت ،وفي آية أخرى }إ ِن ّ َ
ك َ مو ُ تَ ُ
ة وََل ْ َ
سمماع َ ًن َ خُرو َ م َل ي َ ْ
س مت َأ ِ جل ُهُ م ْ
جمماَء أ َ ن{ وقممال تعممالى }فَ مإ ِ َ
ذا َ مي ّت ُممو َ
م َ
وَإ ِن ّهُ م ْ
ن{ فينبغي للمسلم أن يكثر ذكر الموت فإنه ل غنية للمؤمن عممن مو َقد ِ ُ
ست َ ْ
يَ ْ
ست خصال :أّولها علم يدله على الخرة ،والثاني رفيق يعينممه علممى طاعممة
الّله تعالى ويمنعه عن معصيته ،والثالث معرفة عدّوه والحذر منممه ،والرابممع
عبرة يعتبر بها في آيات الّله تعالى وفي اختلف الليممل والنهممار ،والخممامس
إنصاف الخلق كيل يكون له يوم القيامة خصم ،والسادس الستعداد للموت
قبل نزوله لكيل يكون مفتضحا يوم القيامة .قال :وحدثنا محمد بن الفضممل
بإسناده عن الحسن البصري أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال لصممحابه
"أيريد كلكم أن يدخل الجنة؟ قالوا نعم جعلنا الّله تعالى فممداءك يمما رسممول
الله ،قال قصروا المل واستحيوا من الّله تعالى حق الحياء ،قالوا يا رسول
الّله كلنا نستحي من الّله تعالى ،قال ليس ذلك بالحيمماء ولكممن الحيمماء مممن
الّله تعالى أن تذكروا المقابر والبلى ،وتحفظوا الجوف وما وعى ،والممرأس
وما حوى ،ومن يشتهي كرامة الخرة يدع زينة الدنيا ،فهنالك يستحي العبد
من الّلمه تعمالى حمق الحيماء" وبهما يصميب وليمة الّلمه تعمالى .وروى حميمد
الطويل عن العجلي قال" :قرأ رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم }الهَمماك ُ ْ
م
قاب َِر{ فقال :يقول ابن آدم مالي مالي وهل لممك مممن م َ
م ال َ كاث ُُرَ .
حّتى ُزْرت ُ ْ الت ّ َ
مالك إل ّ ممما أكلممت فممأفنيت أو لبسممت فممأبليت أو تصممدقت فممأبقيت" وقممال
الحسن البصري رحمه الل ّممه تعممالى :مكتمموب فممي التمموراة خمسممة أحممرف:
الغنية في القناعة ،والسلمة فممي العزلممة ،والحريممة فممي رفممض الشممهوات،
والمحبة في ترك الرغبة ،والتمتع في أيام طويلممة بالصممبر فممي أيممام قليلممة.
وروى عن عروة بن الزبير عممن عائشممة رضممي الل ّممه تعممالى عنهمما أن النممبي
صلى الّله عليه وسلم قال" :يا عائشة إن أردت اللحمموق بممي فليكفممك مممن
الممدنيا كممزاد الراكممب ،وإيمماك ومجالسممة الغنيمماء ،ول تسممتخلقي ثوبما ً حممتى
ترقعيه" وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :اللهممم مممن
أحبني فارزقه العفاف والكفاف ،وممن أبغضمني فمأكثر مماله وولمده" قمال:
وحدثني الفقيه بإسناده عن الحسن بن علي قال :قممال رسممول الل ّممه صمملى
م والحزن في الدنيا يريح القلب الّله عليه وسلم "الرغبة في الدنيا تكثر اله ّ
والبدن ،وما الفقر أخاف عليكم الغنى أن تبسممط لكممم الممدنيا كممما بسممطت
لمن كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" وروى عن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "صلح أّول هذه المة بالزهممد واليقيممن
وهلك آخر هذه المة بالبخل والمل".
]ص [119
باب فضائل الفقراء
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي :حدثنا أحمد أبو بكر الجرجاني حدثنا
بن عبد الّله عن سالم بن أبي سالم عن خارجمة بمن مصمعب عمن زيمد بمن
أسلم عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه قال "بعث الّله الفقراء إلممى
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم رسول فقال يا رسول الل ّممه :إنممي رسممول
الفقراء إليك ،فقال مرحبا بك وبمن جئت من عنممدهم جئت مممن عنممد قمموم
أحبهم الله ،قال يا رسول الّله يقول الفقراء :إن الغنياء قممد ذهبمموا بممالخير
كله هم يحجون ول نقدر عليه ويتصممدقون ول نقمدر عليمه إذا مرضموا بعثمموا
بفضل أموالهم ذخرا ،فقال رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم بلممغ عنممي
الفقراء أن من صبر منكم واحتسب فلممه ثلث خصممال ليممس للغنيمماء منهمما
شيء ،أما الخصلة الواحدة أن في الجنممة غرفممة مممن ياقوتممة حمممراء ينظممر
إليها أهل الجنة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجوم ل يممدخلها إل ّ نممبي فقيممر أو
شهيد فقير أو مؤمن فقير .والثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الغنياء بنصف
يوم وهو مقدار خمسمائة عام يتمتعون فيها حيث شاءوا ،ويممدخل سممليمان
بن داود عليهما السلم الجنممة بعممد دخممول النبيمماء عليهممم الصمملة والسمملم
بأربعين عاما بسممبب الملممك الممذي أعطمماه اللممه .والخصمملة الثالثممة إذا قممال
الفقير سبحان الّله والحمد لله ول إلممه إل ّ الل ّممه واللممه أكممبر مخلصمما ويقممول
الغني مثل ذلك مخلصا لم يلحق الغني الفقير وإن أنفق الغني معها عشرة
آلف درهم وكذلك أعمال البّر كلها .فرجع إليهممم الرسممول فممأخبرهم بممذلك
فقالوا رضينا يا رب رضممينا يمما رب" قممال :حممدثنا محمممد بممن الفضممل حممدثنا
محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسممف حممدثني يحيممى بممن سممليمان عممن
عمران بن مسلم قال :بلغني أن أبا ذر قال أوصاني خليلي صلى الّله عليه
وسلم بسبع لم أتركهن ول أتركهن :أوصاني بحب المساكين والممدنوّ منهممم،
وأن أنظر إلى من هو أسفل مني ول أنظر إلى مممن هممو فمموقي ،وأن أصممل
رحمي وإن أدبرت وقطعت ،وأن أستكثر من قول ل حول ول قوة إل ّ بممالله
فإنها من كنوز البّر ،وأن ل أسأل الناس شيئًا ،وأن ل أخاف فممي الل ّممه لومممة
لئم ،وأن أقول الحق وإن كان مّرا ،وكان أبو ذر رضي الّله تعممالى عنممه إذا
سقط من يده سوطه يكممره أن يقممول لحممد نمماولنيه" وبهممذا السممناد قممال:
حدثنا إبراهيم حدثنا أبو معاوية عن العمش عن خيثمة قال :تقول الملئكة
يا رب عبدك الكافر بسطت لممه الممدنيا وتممزوى عنممه البلء فيقممول للملئكممة
اكشفوا عن عقابه ،فإذا رأوه قالوا يمما رب ل ينفعممه ممما أصمماب مممن الممدنيا،
وتقممول يمما رب عبممدك المممؤمن تممزوى عنممه الممدنيا وتعرضممه للبلء ،فيقممول
اكشفوا عن ثوابه فإذا رأوه قالوا يا رب ما يضره ما أصابه من الدنيا" قممال
حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن أبمي ذر الغفماري أن النمبي صملى الّلمه
عليه وسلم قال "المكثرون هم القلممون إل ّ مممن قممال بالمممال هكممذا وهكممذا
أربع مرات وقليل ماهم".
]ص [120
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :معنى قمول النممبي صملى الل ّممه عليممه
ى من أهل الجنة فهو أقل وسلم "المكثرون هم القلون" يعني إذا كان الغن ّ
درجة من الفقير وإن كان من أهل النار فهو في الدرك السممفل مممن النممار
إل من قال بالمال هكذا وهكذا :يعني يتصدق عن يمينه ويساره ومن خلفممه
ومن بين يديه "وقليل ما هم" يعني قلما يوجممد مثممل هممذا فممي الغنيمماء لن
الشيطان يزين لهم أموالهم في الدنيا ،وروى عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :إن الشيطان يقول لن ينجو الغني من إحدى ثلث :إممما أن
أزينه في عينه فيمنعه من حقه ،وإما أن أسهل عليه سبيله فينفقه في غيممر
حقه ،وإما أن أحببه في قلبه فيكسبه بغير حقممه" ،وروى عممن أبممي الممدرداء
رضي الّله تعالى عنه أنه قال" :بعث النبي صلى الّله عليه وسلم وأنا تمماجر
فأردت أن تجتمع لي التجممارة مممع العبممادة فلممم تجتمعمما ،فرفضممت التجممارة
وأقبلت على العبادة ،فو الذي نفسي بيده ما أحب أن لي حانوتا ً على بمماب
المسجد ل تخطئني فيه صلة فأربح كل يوم أربعين دينارا ً فأتصدق بها فممي
سبيل الله ،قيل يا أبا الدرداء :لم تكره ذلك؟ قال لسمموء الحسمماب" .وروى
عن أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال" :اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف ،ومن أبغضني فأكثر ممماله
وولده" وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :الفقر مشقة فممي
الدنيا مسرة في الخرة والغنى مسرة في الدنيا مشقة في الخممرة" وروى
أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال" :إن لكل أحد حرفة وحرفتي اثنتان الفقر والجهمماد فمممن أحبهممما فقممد
أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ينبغي للمسلم أن يحب الفقر ويحب
الفقراء وإن كان غنيا ً لن في حب الفقراء حب الرسممول صمملى الل ّممه عليممه
وسلم وقد أمر الّله تعالى رسمموله بحممب الفقممراء والممدنوّ منهممم وهممو قمموله
ن
دو َريم ُ
ي يُ ِ
شم ّ
داةِ َوالعَ ِ
م ِبالغَم َ
ن َرب ّهُم ْ
عو َ
ن َيمد ْ ُ ممعَ ال ّم ِ
ذي َ سم َ
ك َ ف َ
صب ِْر ن َ ْ
تعالى }َوا ْ
ه{ الية :يعني احبس نفسك مع الفقراء الذين حبسوا أنفسهم للعبادة، جه َ ُ
وَ ْ
وكان سبب نزول هذه الية أن عيينة بن حصن الفزاري وكان رئيس قممومه
فدخل على رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم وعنممده سمملمان الفارسممي
وصهيب بن سنان الرومي وبلل بن حمامة الحبشممي وغيرهممم مممن ضممعفاء
الصحابة رضي الّله عنهم وعليهم ثياب خلقة قد عرقمموا فيهمما ،فقممال عيينممة
أن لنا شرفا ً فإذا دخلنا عليك فأخرج هؤلء فإنهم يؤذوننا بريحهم واجعل لنا
ن م معَ ال ّم ِ
ذي َ ك َ سم َف َ مجلسا ً فنهاه الّله تعالى عن إخراجهممم فقممالَ} :وا ْ
ص مب ِْر ن َ ْ
ه{ يعنممي يصمملون الصمملوات جه َ م ُ
ن وَ ْدو َ ريم ُ ي يُ ِ
شم ّ داةِ َوالعَ ِ
م ِبالغَم َ ن َرب ّهُم ْ عو َ ي َمد ْ ُ
حي َمماةِ المد ّن َْيا{ة ال َ
ريمد ُ ِزين َم َ م تُ ِ ك ع َن ْهُم ْالخمس ويطلبون رضاهَ} ،ول ت َعْد ُ ع َي ْن َمما َ
ن
مم ْ يعني ل تتجاوزهم ول تحقرهم طلب زينة الحياة الدنيا .قالَ} :ول ت ُط ِمعْ َ
ن ذ ِك ْرَِنا{ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه يعني ل ه عَ ْ أ َغ ْ َ
فل َْنا قَل ْب َ ُ
ه{ يعني ابتممع همموى وا ُ تطع من أعرضنا قلبه عن ذكرنا عن القرآن }َوات ّب َعَ هَ َ
مُره ُ فُُرطًا{. كا َ
نأ ْ نفسه في بغض الفقراء }وَ َ َ
]ص [121
يعني أمره كان ضائعا ً باطل ً فقد أمر الّله تعالى نبيه صلى الّله عليه وسلم.
مجالسة الفقراء والقرب منهم وهذا المر لجميممع الفقممراء المسمملمين إلممى
يوم القيامة ،فينبغي للمسلم أن يحب الفقراء ويبرهم ويتخذ عندهم اليادي
واد الّله يوم القيامة وترجى شممفاعتهم .وروى الحسممن رحمممه الل ّممه فإنهم ق ّ
تعالى عن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال )يممؤتى بالعبممد يمموم القيامممة
فيعتذر الّله تعالى إليه كما يعتذر الرجل إلى الرجل في الدنيا ،فيقممول جممل
ي
سلطانه وعظم شأنه وعزتي وجللي ممما زويممت الممدنيا عنممك لهوانممك عل م ّ
ولكن لما أعممددت لممك مممن الكرامممة والفضمميلة أخممرج يمما عبممدي إلممى هممذه
ي يريد بذلك وجهي فخذ بيممده ي أو كساك ف ّ الصفوف وانظر من أطعمك ف ّ
فهو لك ،والناس يومئذ قد ألجمهممم العمرق ،فيتخلمل الصممفوف وينظمر ممن
فعل ذلك به فيأخذ بيده فيدخله الجنة ،وروى الحسن رحمه الّله تعالى عممن
النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال" :أكممثروا معرفممة الفقممراء واتخممذوا
عندهم اليادي فإن لهم دولة :قالوا يا رسول الّله وما دولتهم؟ قال إذا كان
يوم القياممة قيممل لهممم انظممروا ممن أطعمكممم كسممرة أو سممقاكم شممربة أو
كساكم ثوبا ً فخذوا بيده ثم امضوا به إلى الجنة".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنممه :اعلممم أن للفقيممر خمممس كرامممات:
إحداها أن ثواب عمله أكثر مممن ثممواب عمممل الغنممي فممي الصمملة والصممدقة
وغير ذلك ،والثانية إنه إذا اشتهى شيئا ً ولم يجده يكتب له الجممر ،والثالثممة:
إنهم سابقون إلى الجنة ،والرابعة :إن حسابهم في الخرة أقل ،والخامسة:
إن ندامتهم أقل لن الغنياء يتمنون في الخرة لممو كممانوا فقممراء ول يتمنممى
الفقير أن لو كان غنيا ً وفي كل هذا قد جاءت الثممار .وروى زيممد بممن أسمملم
رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم" :درهممم
من الصدقة أفضل من مائة ألف ،قيممل وكيممف ذلممك يمما رسممول اللممه؟ قممال
أخرج رجل من عرض ماله مائة ألف وتصدق بها ،وأخرج رجممل درهممم مممن
درهمين لم يملك غيرهما طيبة من نفسه فصار صاحب الدرهم أفضل مممن
صاحب المائة ألف" وروى عن الحسن رحمه الّله تعممالى عممن النممبي صمملى
الّله عليه وسلم "أنه سأله بعض أصممحابه إذا رأينمما أشممياء نشممتهيها ل نقممدر
عليها فهل لنا فيهمما أجممر؟ قممال نعممم تممؤجرون إن لممم تممؤجروا فيهمما" وقممال
الضحاك :من دخل السوق فرأى شيئا ً يشتهيه فصبر فاحتسب كان خيرا ً له
من مائة ألف دينار ينفقها كلها في سبيل الّله تعالى.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى والمدليل علمى فضمل الفقمراء قمول الّلمه
َ َ
ن{ مممو َح ُ ل ل َعَل ّك ُم ْ
م ت ُْر َ سممو َ صلة َ َوآُتوا الّزك َمماة َ وَأ ِ
طيعُمموا الّر ُ موا ال ّ
تعالى} :وَأِقي ُ
ي وّأدوا الزكاة إلى الفقراء فقرن حق الفقممراء بحممق يعني أقيموا الصلة إل ّ
نفسه ،ويقال الفقيممر طممبيب الغنممي وقصمماره ورسمموله وحارسممه وشممفيعه،
وإنممما قيممل طممبيبه لن الغنممي إذا مممرض يتصممدق علممى الفقممراء فيممبرأ مممن
مرضه ،وإنما قيل قصاره لن الغني إذا تصدق عليه يدعو له الفقير فيطهممر
الغني من ذنوبه ويطهر ماله ،وإنما قيممل هممو رسمموله لن الغنممي إذا تصممدق
عن والديه أو عن
]ص [122
أحد من أقربائه فيصل ذلك إلى الموتى فصار الفقير رسوله إلممى الممموتى،
وإنما قيل هو حارسه لن الغنممي إذا تصممدق فممدعا لممه الفقيممر تحصممن مممال
الغني بدعاء الفقير .وروى عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "أل
أخبركم عن ملمموك الجنممة؟ فقممالوا :نعممم ،قممال :هممم الضممعفاء المظلومممون
الذين ل يزّوجممون المتنعمممات ول تفتممح لهممم أبممواب السممدد يممموت أحممدهم
وحاجته تتلجلج في صدره ولو اقسممم علممى الل ّممه لبممره" وقممال ابممن عبمماس
رضى الّله تعالى عنهما :ملعون من أكرم بالغنى وأهان بممالفقر .وعممن أبممي
الدرداء :ما أنصفنا إخواننمما الغنيمماء ،لنهممم يممأكلون ونحممن نأكممل ويشممربون
ونحن نشرب ،ويلبسون ونحن نلبس ولهم فضممول أممموالهم ينظممرون إليهمما
ونحن ننظر إليها معهم ،وهم يحاسبون ونحن براء منها ،وعن شقيق الزاهد
أنه قال :اختار الفقراء ثلثممة أشممياء ،والغنيمماء ثلثممة أشممياء :اختممار الفقممراء
راحة النفس ،وفراغ القلب ،وخفة الحساب ،واختار الغنيمماء تعممب النفممس،
دعممى وشغل القلب ،وشدة الحساب .وروى عن حاتم الزاهد أنه قال :من ا ّ
دعى حب موله من غير ورع عن محممارمه. ذب :من أ ّ أربعا من أربع فهو مك ّ
ومن ادعى حب الجنة من غيممر إنفمماق ممماله فممي طاعممة الل ّممه تعممالى ،ومممن
ادعى حب رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم مممن غيممر اتبمماع سممنته ،ومممن
ادعممى حممب الممدرجات ممن غيممر صممحبة الفقممراء والمسمماكين .وقممال بعممض
الحكماء :أربع من كن فيه فهو محروم من الخير كله :المتطاول علممى مممن
تحته ،والعاق لوالديه ،ومن يحقر الغريب ،ومن يعير المساكين لمسممكنتهم.
وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :ما أوحى الّله تعممالى إلممى
م مد ِح ْ
ح بِ َ ي أن }فَ َ
س مب ّ ْ أن أجمع المال وأكون من التاجرين ،ولكممن ْأوحممى إل م ّ
ن{ سممبح بحمممد ربممك قيم ُ حّتى ي َأت ِي َ َ
ك الي َ ِ نَ .واع ْب ُد ْ َرب ّ َ
ك َ دي َج ِ
سا ِ
ن ال ّ
م ْ ك وَك ُ ْ
ن ِ َرب ّ َ
وكن من الساجدين .واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" قال :حممدثنا الفقيممه أبممو
جعفر بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضي الّله تعالى عنه أنه قال "يا أيها
الناس ل تحملكم العسرة والفاقة على أن تطلبوا الرزق من غير حله فإني
سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم يقممول :اللهممم تمموفني فقيممرا ً ول
تتموفني غنيما ً واحشمرني فمي زممرة المسماكين يموم القياممة ،فمإن أشمقى
الشقياء من اجتمع عليه فقر الممدنيا وعممذاب الخممرة" وروى عممن عمممر بممن
الخطاب رضي الّله تعالى عنه أنه أتى بغنممائم مممن غنممائم القادسممية فجعممل
يتصفحها وينظر إليها ويبكي ،فقممال لممه عبممد الرحمممن بممن عمموف هممذا يمموم
السرور والفرح وأنت تبكي يا أمير المؤمنين؟ قال أجل ،ولكن ما أوتي هذا
قوم إل أوقع بينهم العممداوة والبغضمماء .وروى عممن ابممن عبمماس رضممي الل ّممه
تعالى عنهما عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :لكل أمممة فتنممة وإن
فتنة أمتي المال" وروى عن عبد الّله بن عمر رضي الّله عنهما عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :إن أحب الخلق إلى الّله الفقراء ،لنه كممان
أحب الخلق إلى الّله النبياء فابتلهم بالفقر" .قممال حممدثنا أبممي رحمممه الل ّممه
تعالى حدثنا أبو الحسن الفراء بإسممناده عممن الحسممن البصممري رضممي الل ّممه
تعالى عنه قال "أوحى الّله تعالى إلى موسى بن عمران إنه
]ص [123
ي وأحممب أهممل الرض فممأته وكفنممه وغسممله
يموت رجل من أحب عبادي إلم ّ
وقم على قبره ،فطلبه في العمران فلم يجده ثم طلبه فممي الخممراب فلممم
يقدر عليه ،ثم رأى قوما ً من الطيانين فقال هل رأيتم مريضا ً ههنا بأمس أو
ميتا ً اليوم؟ فقال بعضهم رأيت مريضا ً في الخربة فلعلك تريده؟ قال :نعممم
فذهب فإذا هو بمريض طريح وتحت رأسه لبنة فلما أن عالج نفسه سممقط
رأسه على اللبنة ،قال فقام موسى فبكى فقمال يما رب قلممت إن همذا ممن
أحب عبادك إليك فل أرى عنده من كان يمرضه ،فأوحى الّله تعالى إليه أن
يا موسى إني إذا أحببت عبدي زويت عنه الدنيا كلها ،وروى عبمماد بممن كممثير
عن الحسن أنه قال :أخذ إبليس أول دينار ضرب فوضعه على عينيه وقممال
من أحبك فهو عبدي .وروى عبد المنعم عن إدريس عن أبيه عن وهممب بممن
منبه أنه قال :وصل إبليس لعنه الله إلى سممليمان بممن داود عليهممما الصمملة
والسلم على صورة شيخ فقال له سليمان أخبرني بما أنت صانع بأمة روح
الّله تعالى :يعني عيسى عليممه الصمملة والسمملم ،فقممال لدعممونهم يتخممذون
إلهين من دون الّله تعالى ،قال فما أنت صانع بأمة محمد صمملى الل ّممه عليممه
وسلم؟ قال لدعونهم إلى الدينار والدرهم حتى يكون ذلممك أشممهى عنممدهم
من ل إله إل الله ،قال سليمان :أعوذ بالله منك ،فنظر فإذا هو قد ذهب.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :الواجب على الفقير أن يعممرف منممة
الّله تعالى ويعلم أنه قد صرف عنه الدنيا لكرامته عليه وأكرمه بما أكرم به
النبياء والولياء عليهم الصمملة والسملم ويحمممد الّلمه تعمالى ول يجمزع فمي
ذلك ،ويصبر على ما يصيبه من ضيق العيش ،ويعلممم أن وعممد الل ّممه لممه فممي
الخرة خيرا ً له مما صرف عنه في الدنيا ،ولو لم يكن للفقر فضمميلة سمموى
أنه كان حرفة رسول الّله صلى الّله عليه وسلم واقتداء به لكان عظيمًا.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثني الثقة بإسناده عن طاوس عن
ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما قال "بينما رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم جالس وجبريل عليه الصلة والسلم معه قال جبريممل هممذا ملممك قممد
نزل من السماء ولم ينزل قط ،واستأذن ربه فممي زيارتممك ،فلممم يمكممث إل
قليل حتى جاء الملك فقمال السملم عليمك يما رسمول اللمه ،فقمال :وعليمك
السلم ،قال الملك فإن الّله تعممالى يخيممرك أن يعطيممك خممزائن كممل شمميء
ومفاتيح كل شيء لم يعطه أحدا ً قبلك ول يعطيه أحممدا بعممدك مممن غيممر أن
ينقصك مما ادخر لك شيئا ً أو يجمعها لك يمموم القيامممة ،فقممال النممبي صمملى
ي يوم القيامة" وعن صمفوان بمن سممليم عممن الّله عليه وسلم بل يجمعها إل ّ
عبد الوهاب ابن بجيد أن النبي صلى الّله عليمه وسملم قمال" :عمرض علم ّ
ي
بطحاء مكة ذهبا ً وفضة ،قلت يمما رب أشممبع يومما ً وأجمموع يومما ً فحمممدك إذا
شبعت وأضرع إليك إذا جعت" وبالله التوفيق.
]ص [124
باب رفض الدنيا
قال :حدثنا الفقيه أبو الليث رضي الّله تعالى عنه حدثنا الفقيه أبو جعفر
حدثنا محمد بن عقيل حدثنا محمد بن إسمعيل الصائغ حدثنا الحجمماج حممدثنا
شعبة عن عمرو بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد ابن
ثابت رضي الّله عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال" :مممن كممانت
نيته الخرة جمع الّله شمله وجعل غناه في قلبه وأتتممه الممدنيا وهممي راغبممة،
ومن كانت نيته في الدنيا فّرق الّله عليه أمره وجعل فقره بين عينيممه ولممم
يأتيه من الدنيا إل ما كتب الّله له" وبه قال :حدثنا أبممو جعفممر حممدثنا محمممد
بن عقيل حدثنا محمد بن علي حدثنا أبو غسان النهدي حدثنا عمر بممن زيمماد
الهللي عن السود بن قيس قال :سمعت جندبا قال "دخل عمر رضي الّله
تعالى عنه على النبي صلى الّله عليه وسلم وهو على حصير وقد أثر بجنبه
الشريف ،فبكى عمر رضي الّله تعمالى عنمه فقمال النممبي صملى الل ّممه عليممه
وسلم ما يبكيك يا عمر؟ قال ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه مممن الممدنيا
وأنت رسول الّله صلى الّله عليك وسلم وقممد أثممر بجنبممك الشممريط ،فقممال
النبي صلى الّله عليه وسلم أولئك قوم عجلممت لهممم طيبممانهم فممي حيمماتهم
الدنيا ونحن قوم أخرت لنا طيباتنا في الخرة" وبه قمال :حممدثنا الفقيممه أبممو
جعفر رحمه الّله تعالى حدثنا علي بن أحمد حدثنا محمد بمن الفضمل حممدثنا
ي رضي الل ّممه تعممالى عنممه: يعلي بن إسماعيل عن ذر عن زبيد قال :قال عل ّ
إنما أخشى عليكم اثنتين ،طول المل واتباع الهوى ،فإن طول المل ينسي
الخرة واتباع الهوى يصد ّ عن الحق ،وإن الدنيا قد ارتحلت مممدبرة والخممرة
مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الخرة ول تكونوا مممن أبنمماء
الدنيا ،فإن اليوم عمل ول حساب وإن غدا حساب ول عمممل :يعنممي أكممثروا
من العمل في هذا اليوم فإنكم ل تقدرون غدا ً على العمل .وبه قال :حممدثنا
الفقيه أبو جعفر حدثنا الثقة بإسممناده عممن الحسممن البصممري قممال" :طلبممت
خطبة النبي صلى الّله عليه وسلم التي كممان يخطممب بهمما كممل جمعممة أربممع
سنين فلم أقدر عليها ،حتى بلغني أنها عند رجل من النصار فأتيته فإذا هممو
جابر بن عبد الّله رضي الّله تعالى عنهممما .فقلممت لممه أنممت سمممعت خطبممة
النبي صلى الّله عليه وسلم المتي كمان يخطمب بهما كمل جمعمة؟ قمال نعمم
سمعته يقول :صلى الّله عليه وسلم :أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى
معممالمكم ،وإن لكممم نهايممة فممانتهوا إلممى نهممايتكم ،وإن العبممد المممؤمن بيممن
مخافتين بين أجل قد مضى ل يدري ما الّله صانع به ،وبين أجل قممد بقممي ل
يدري ما الّله قاض فيه ،فليزود العبد من نفسه لنفسممه ومممن حيمماته لممموته
ومن شبابه لكبره ومن دنياه لخرته فممإن الممدنيا خلقممت لكممم وأنتممم خلقتممم
للخرة فوالذي نفسي بيدهما بعد الموت من مستعتب ول بعد الدنيا دار إل
الجنة أو النار ،أقول قولي هذا وأستغفر الّله لي ولكم( وذكر عن سهل بممن
عبد الّله التستري أنه كان ينفق ماله في طاعة الّله تعالى
]ص [125
فجاءت أمه وأخوته إلى عبد الل ّممه بممن المبممارك يشممكونه وقممالوا :إن هممذا ل
يمسك شيئا ً ونخشى عليه الفقر ،فأراد عبد الّله أن يعينهم عليه ،فقممال لممه
سهل :يا أبا عبد الرحمن أرأيت لو أن رجل ً من أهل المدينة اشممترى ضمميعة
ول من المدينمة إليهما أيخلمف بالمدينمة شميئا ً وهمو برستاق وهو يريد أن يتح ّ
يسكن الرستاق؟ قال عبد الّله خصمكم ،يعني أنممه إذا أراد أن يتحممول إلممى
الرستاق ل يترك في المدينة شيئا ً فالممذي يريممد أن يتحممول مممن الممدنيا إلممى
الخرة كيف يترك في الدنيا شيئَا.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :من كان عاقل ً فإنه يرضممى بممالقوت
من الدنيا ول يشتغل بممالجمع ويشممتغل بعمممل الخممرة ،لن الخممرة هممي دار
القرار ودار النعيم والدنيا دار فنمماء وهممي غممدارة مفتنممة .وروى جويممبر عممن
واء إلى الرض ووجدا ريح الدنيا وفقممدا الضحاك قال :لما أهبط الّله آدم وح ّ
رائحة الجنة غشى عليهما أربعين صباحا ً من الدنيا .وروى عمن رسمول الّلمه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :يا عجبا ً كل العجب للمصممدق بممدار الخلممود
وهو يعمل لدار الغرور" وروى محمد بن المنكممدر عممن جممابر بممن عبممد الل ّممه
رضي الّله تعالى عنهما قممال" :شممهدت مجلسما ً مممن مجممالس رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم إذ أتاه رجل أبيض الوجه حسن الشعر واللممون عليممه
ثياب أبيض ،فقال السلم عليك يا رسول الله ،فقال النبي صلى الل ّممه عليممه
وسلم وعليك السلم ورحمة الله ،فقال يا رسول الله :ما الدنيا ،قال :حلم
المنام وأهلها مجازون ومعاقبون ،قال يا رسول الّله وما الخرة؟ قال البد،
فريق في الجنة وفريق في السعير .فقال يا رسول الل ّممه وممما الجنممة؟ قممال
بدل الدنيا لتاركها نعيمها أبدا ،قال فما جهنممم؟ قممال بممدل الممدنيا لطالبهمما ل
يفارقها أهلها أبدا ،قال فمن خير هذه المة؟ قال الذي يعمممل فيهمما بطاعممة
الّله تعالى ،قال فكيف يكون الرجل فيهمما؟ قممال مشمممرا ً كطممالب القافلممة،
قال فكم القرار بها؟ قال كقدر المتخلف عممن القافلممة ،قممال فكممم ممما بيممن
الدنيا والخرة؟ قال كغمضة عين ،قال فذهب الرجل فلم ير ،فقال رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم هذا جبريل أتاكم ليزهممدكم فممي الممدنيا ويرغبكممم
في الخرة" وذكر أن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الّله وسلمه عليه قيل
له بأيّ شيء اتخذك الّله خليل؟ قممال بثلثممة أشممياء ،أولهمما :ممما خيممرت بيممن
المرين إل اخترت الذي لله على غيره ،والثمماني :ممما اهتممممت فيممما تكفممل
الّله في أمر رزقي ،والثالث ما تغديت ول تعشيت إل مع الضيف.
قال بعض الحكماء :حياة القلب في أربعة أشياء :العلم والرضا والقناعة
والزهد ،فالعلم يرضيه وبالرضا يبلغ هذه الدرجة فإذا بلغ درجة الرضا وصل
إلى القناعة وتوصله القناعة إلى الزهد وهو التهمماون بالممدنيا ،قممال :والزهممد
ثلثة أشياء :أولها معرفة الدنيا ثممم الممترك لهمما ،والثمماني خدمممة المممولى ثممم
الدب فيها ،والثالث الشوق إلى الخرة ثم الطلب لها .وعن يحيى بن معمماذ
الرازي قال :الحكمة تهوى من السماء إلممى القلمموب فل تسممكن فممي قلممب
م غد ،وحسد أخ ،وحب فيه أربع خصال :الركون إلى الدنيا ،وه ّ
]ص [126
دس الّله تعالى روحه قال :العاقل المصمميب شرف ،وذكر أيضا ً عن يحيى ق ّ
من عمل ثلثًا :ترك الدنيا قبل أن تتركه ،وبنى قبرا ً أن يدخل فيه ،وأرضممى
ي بن أبي طالب رضي الل ّممه تعممالى عنممه خالقه قبل أن يلقاه .وروى عن عل ّ
ت خصال لم يممدع للجنممة مطلبما ً ول عممن النممار مهربمًا: أنه قال :من جمع س َ
يعني لم يترك الجهد في طلب الجنة والهرب مممن النممار :أّولهمما عممرف الل ّممه
تعالى فأطاعه ،وعممرف الشمميطان فعصمماه ،وعممرف الحممق فمماتبعه ،وعممرف
الباطل فاتقاه ،وعرف الدنيا فرفضها ،وعرف الخرة فطلبهمما ،وروى جعفمر
بن محمد عن أبيه عن جده عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال:
ي أربع خصممال مممن الشممقاء :جمممود العيممن ،وقسمماوة القلممب ،وحممب "يا عل ّ
الدنيا ،وبعد المل" وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال:
"لو كانت الدنيا تزن عند الّله جناح بعوضة ما سقى كافرا ً منها شربة ممماء"
وروى عن شهر ابن حوشب عن عبد الرحمن بن عثمان قال" :بينما رسول
الّله صلى الّله عليه وسلم أدلج ليلة من الليممالي وصمملى صمملة الصممبح فممي
دمنة الحي :يعني في مزبلة القبيلة :فرأى سخلة تتنفس فممي سمملها يعنممي
تتحرك الدودة في جلدها ،فنظر إليها رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
فأمسك ناقتها حتى قام القوم :فقال أتمرون أهمل همذه الدمنمة أغنيماء عمن
سخلتهم هذه وقد هانت عليهم؟ فقالوا بلى يمما رسممول اللممه ،والممذي نفممس
محمد بيده للدنيا أهون على الّله من هذه السخلة على أهلهمما ( وروى عممن
رسول الّله أنه قممال "الممدنيا سممجن المممؤمن والقممبر حصممنه والجنممة مممأواه،
والدنيا جنة الكافر والقبر سجنه والنار مأواه".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :معنى قمموله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
"الدنيا سجن المؤمن" أن المؤمن وإن كان في النعمة والسعة فهممو بجنممب
ما أنعممم الل ّممه تعممالى عليممه فممي الجنممة كممأنه فممي السممجن ،لن المممؤمن إذا
حضرته الوفاة عرضت عليه الجنة فإذا نظر إلى ما أعد ّ الّله تعالى لممه مممن
الكرامة عرف أنه كان في السجن ،وإن الكافر إذا حضرته الوفمماة عرضممت
عليه النار فإذا نظر إلى ما أعد ّ الّلمه لمه ممن العقوبمة عمرف أنمه كمان فمي
الجنة ،فمن كان عاقل ً ل يكممون مسممرورا ً فممي السممجن ول يطلممب الراحممة،
فينبغي للعاقل أن ينظر إلى الدنيا ويتفكر فيما ضممرب للممدنيا مممن المثممال،
ل ،والنبي صلى الّله عليممه وسمملم ضممرب لهمما لن الّله تعالى ضرب للدنيا مث ً
ل .والشياء تصير واضممحة بالمثممال قممال الل ّممه ل ،والحكماء ضربوا لها أمثا ً مث ً
حَياةِ الد ّن َْيا{ يعني مثممل الممدنيا فممي فنائهمما ل ال َ مث َ ُ
ما َ تعالى عز من قائل} :إ ِن ّ َ
ماِء{ يعنممي أنممزل الل ّممه تعممالى مممن َ
سم َ
ن ال ّ مم ْ وزوالها يعني كمطممر }أن َْزل ْن َمماه ُ ِ
ض{ يعنممي اختلممط الممماء بنبممات الرض َ خت َل َ َ
السماء ماءَ} ،فا ْ
ت الْر ِ ط ب ِهِ ن َب َمما ُ
يعنممي أن الممماء يممدخل فممي الرض فينبممت النبممات ،مممما يأكممل النمماس مممن
تخ مذ َ ْ ذا أ َ َ
الحبوب والنعام ،يعني مما يأكل النعممام مممن الكل والحشمميش }إ ِ َ
َ
ت{ يعني تزينت الرض بنباتها وحسنت خُرفََها{ يعني زينتها }َواّزي ّن َ ْ ض ُز ْ الْر ُ
َ بألوان من النبات }وظ َ َ
ن أهْل َُها{ يعني حسممب أهممل الممزرع والنبممات }أن ّهُ م ْ
م َ ّ
َقاد ُِرو َ
ن
]ص [127
ّ
مُرن َمما{ يعنممي عممذاب اللممه َ َ
عَل َي َْها{ يعني على غلتها وأنها ستتم لهم} ،أَتا َ
ها أ ْ
صمميدًا{يعنممي مستأصمل ً َ
ح ِ جعَل َْناهَمما َ }ل َي ْل ً أوْ ن ََهارًا{يعنممي بالليممل أو النهممار }فَ َ
َ َ
س{يعني صارت كأن لم تسكن كذلك الدنيا وما فيها ل م ِ ن ِبال ْ م ت َغْ َ ن لَ ْ } ك َأ ْ
ت{ يعنممي المثممال ل الي َمما ِ صم ُ ف ّك نُ َ تبقى كما ل يبقى هذا الزرع كممذلك }ك َمذ َل ِ َ
ن{ في أمر الدنيا والخرة أن الدنيا تفنممى وأن الخممرة تبقممى فك ُّرو َ قوْم ٍ ي َت َ َ }ل ِ َ
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أن رجل ً قممدم عليممه مممن أرض
الشام ،فسأله عن أرضهم ،فأخبره عن سممعة أرضممهم وكممثرة النعيممم فيهمما،
فقال له رسول الّله صلى الّله عليه وسلم" :كيف تفعلممون؟ قممال إنمما نتخممذ
ألوانا ً من الطعام ونأكلها ،قال ثم تصممير إلممى ممماذا؟ قممال إلممى ممما تعلممم يمما
رسول الله :يعني تصير بول ً وغائطًا ،فقال النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم:
فكذلك مثل الدنيا" .وعن يحيى بن معاذ رحمه الّله تعممالى أنممه قممال :الممدنيا
مزرعة رب العالمين ،والناس فيهمما زرعممه ،والممموت منجلممه وملممك الممموت
حاصده ،والقبر مداسه والقيامة بيدره والجنة والنار بيت أهوائه :فريق فممي
ي إن الجنة وفريق في السعير" وذكر عن لقمان الحكيم أنه قال لبنه :يا بن ّ
الدنيا بحر عميق قد غرق فيها كثير من الناس فاجعل سممفينتك فيهمما تقمموى
الّله تعالى ،قال بعضهم:
فتّنا إن ّلله عبادا ً ِفطّنا طلقوا الدنيا وخافوا ال ِ
ي َوطنا نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لح ّ
سفنا جة واتخذوا صالح العمال فيها ُ جعلوها ل ُ ّ
ففي هذه العمال الصالحة بضاعتك التي تحمل فيها والحرص عليها ربحك،
واليام موجها والتوكل ظلهمما وكتمماب الل ّممه دليلهمما ،ورد ّ النفممس عممن الهمموى
حبالها والموت ساحلها والقيامة أرض المتجر التي تخرج إليها والله مالكها.
وروى عن الفضيل بن عياض رحمممه الل ّممه تعممالى أنممه قممال :بلغنمما أنممه يجمماء
جتها فتقول يا رب اجعلنممي لحسممن بالدنيا يوم القيامة تتبختر في زينتها وبه ّ
عبادك دارا ،فيقول الّله عز وجل ل أرضاك دار لهم أنت ل شيء كوني هباء
منثورا فتصير هباءا ً منثورا .وذكر عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما أنه
قال :يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء بادية أنيابها
مشوه خلقها ل يراهمما أحممد إل كرههمما فتشممرف علممى الخلئق فيقممال لهممم:
أتعرفون هذه؟ فيقولون نعوذ بالله مممن معرفتهمما ،فيقممال هممذه الممدنيا الممتي
تفاخرتم بها وتقاتلتم عليها .وروى في خبر آخر :أنممه يممؤمر بهمما فتلقممى فممي
النار فتقول يا رب أين أتباعي وأصحابي :فيلحقون بها.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ل يكون لها عمذاب لنمه ل ذنممب لهمما
ولكنها تلقى في النار لكي يراها أهلها فيرون هوانها ،كما أن الوثان جعلممت
م
جهَن ّم َب َ
صم ُ ن الل ّممه َ
ح َ دو ِ ن ُ مم ْ ن ِ دو َ ممما ت َعْب ُم ُ في النار وهو قوله تعالى }إ ِن ّك ُ ْ
م وَ َ
َ
ن{ ول يكون للوثان عقوبة ولكن لزيممادة العقوبممة والحسممرة دو َم ل ََها َوارِ ُ أن ْت ُ ْ
لهلها ،وكذلك الدنيا جعلت في النار لزيادة العقوبة والحسرة
]ص [128
لأهلها لتكمون لهمم زيمادة الحسمرة ،فينبغمي للممؤمن أن يعممل للخمرة ول
يشتغل بالدنيا إل مقدار ما لبد ّ له منها من غيممر أن يتعلممق قلبممه بهمما .وروى
عن عيسى ابن مريم صلوات الّله وسلمه عليه أنه قال :عجبا ً لكم تعملون
للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ،ول تعملممون للخممرة وأنتممم ل ترزقممون
فيها بغير عمل .وروى أبو عبيدة السدي عن رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :من أشرب قلبه حب الدنيا التاط قلبه منها بثلث :شغل ل
ينفك عناؤه ،وأمممل ل يبلممغ منتهمماه ،وحممرص ل يممدرك عنمماه ،والممدنيا طالبممة
ومطلوبة والخرة طالبة ومطلوبة ،فمن طلممب الخممرة طلبتممه الممدنيا حممتى
يستوفي منها رزقه ،ومممن طلممب الممدنيا طلبتممه الخممرة حممتى يممأتيه الممموت
فيأخذه بغتة" وروى إبراهيم بممن يوسممف عممن كنانممة قممال :بلغنممي عممن أبممي
حازم ،أنه قال :وجدت الدنيا شيئين :شيئا ً منها هو لي ل يفوتني وشيئا ً منها
لغيري فل أدركه ،منع الذي لي من غيري كما منع الذي لغيممري منممي ففممي
أيّ هذين أفني عمري ،ووجدت ما أعطيت من الدنيا شيئين شيئا ً منها يأتي
أجله قبل أجلى فممأغلب عليممه وشمميئا ً منهمما يممأتي أجلممي قبممل أجلممه فممأموت
وأتركه لغيري ،ففي أيّ هذين أعصي ربي .وروى عن العمش عن سممفيان
بإسناده عن أشياخه قال "دخل سعد بن أبممي وقمماص علممى سمملمان رضممي
الّله تعالى عنه ،يعوده وهو مريض فبكى سلمان ،فقال له سعد ما يبكيك يا
أبا عبد الّله توفي رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وهو عنك راض ،فقممال
سلمان :أما إني ل أبكي جزعما ً مممن الممموت ول حرصما ً علممى الممدنيا ،ولكممن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم عهد إلينا عهدا ً فقال :ليكمن بلغمة أحمدكم
من الدنيا مثل زاد الراكب وحولي هذه الساود .قال :وإنما كان حوله إجانة
وجفنة ومطهرة ،فقال سعد :يا أبا عبد الله :اعهد إلينا عهدا ً فنأخممذه بعممدك
فقال :يا سممعد :اذكممر الل ّممه تعممالى عنممد همممك إذا هممممت وعنممد حكمممك إذا
حكمت وعند برك إذا قسمت" وروى جويبر عن الضحاك عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قيل له "يا رسول الل ّممه مممن أزهممد النمماس؟ قممال:
"من لم ينس المقابر والبلى وترك فضول زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ممما
يفنى ولم يعد أيامه وعد ّ نفسه من الموتى".
)قال الحكيم( أربعة طلبناها فأخطأنا طرقها :طلبنا الغنى في المال فإذا
هو في القناعة ،وطلبنمما الراحممة فممي الكممثرة فممإذا هممي فممي القلممة ،وطلبنمما
الكرامممة فممي الخلممق فممإذا هممي فممي التقمموى ،وطلبنمما النعمممة فممي الطعممام
واللباس فإذا هي في الستر والسلم :يعني فيممما يسممتر الل ّممه مممن العيمموب
والذنوب ،وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :من أصبح
م ل ينقطع عنممه أبممدًا، والدنيا أكبر همه يلزم الّله تعالى قلبه ثلث خصال :ه ّ
وشغل ل يتفرغ منه أبدا ،وفقر ل يبلغ منتهاه أبدا" وروى عن عبممد الل ّممه بممن
مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه قال :ما أحممد أصممبح اليمموم فممي النمماس إل
وهو ضيف وماله عارية فالضيف مرتحل والعارية مؤداة .قممال الفضمميل بممن
عياض
]ص [129
رحمه الّله تعالى :جعل الشركة في بيت واحد وجعممل مفتمماحه حممب الممدنيا،
وجعل الخير كله في بيممت واحممد ،وجعممل مفتمماحه الزهممد فممي الممدنيا .وروى
ثابت عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال" :قال الّله تعالى يفرح عبممدي المممؤمن إذا بسممطت لممه
شيئا ً من الدنيا وذلك أبعد لممه منممي ،ويحممزن إذا أقممترت عليممه الممدنيا وذلممك
أقممرب لممه منممى ثممم تل رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم هممذه اليممة:
}أ َيحسبو َ
ت ب َممل لخي ْمَرا ِ سممارِع ُ ل َهُم ْ
م فِممي ال َ ن نُ َ
ل وَب َِني َ
ما ٍ
ن َ
م ْ
م ب ِهِ ِ
مد ّهُ ْ
ما ن ُ ِ
ن أن ّ َ
َ ْ َ ُ َ
ن{ أي ل يعلمون أن ذلك فتنة لهم .وعن أنس بن مالك رضممي الل ّممه شعُُرو َيَ ْ
تعالى عنه قال" :خرج رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يوما ً وهو آخذ بيممد
أبي ذر فقال :يا أبا ذر إن بين يديك عقبة كئودا ل يصعدها إل المخفون قال
يا رسول الّله أنا من المخفين أو من المثقلين؟ قال أعندك طعممام يومممك؟
قال :نعم ،قال وطعام غد؟ قال نعم ،قال وطعام بعد غد؟ قال ل ،قال فلو
كان عندك ثلثة أيام كنت من المثقلين" والله تعالى أعلم..
]ص [130
قالوا بلى يا أمير المؤمنين ،قال من لم يؤيس الناس مممن روح اللممه ،ومممن
لم يقنط الناس من رحمة الّله تعالى ،ومن لم يؤمن الناس من مكممر اللممه،
ومن لم يزين للناس معاصي الله ،ول ينزل العارفين الموحممدين الجنممة ،ول
ينزل العاصين المذنبين النار حتى يكممون المرب هممو المذي يقضمي بينهممم ،ل
يأمنن خير هذه المة من عممذاب اللممه ،واللممه سممبحانه وتعممالى يقممولَ} :فل
ن{ ول ييمأس شمّر همذه الممة ممن روح مك َْر الّله إ ِل ّ ال َ ْ
سمُرو َ خا ِ
م ال َقموْ ُ ن َم ُ ي َأ َ
مقمموْ ُ ح الّلممه إ ِل ّ ال َ
ن َروْ ِ
ممم ْ ه ل ي َي ْئ َ ُ
س ِ اللممه ،واللممه عممز وجممل يقممول} :إ ِّنمم ُ
ن{ .قال :حدثنا محممد بمن الفضمل حممدثنا محمممد بمن جعفممر حمدثنا كافُِرو َ ال َ
إبراهيم بن يوسف حدثنا الحكم بن يعقوب عممن عيسممى بممن المسمميب عممن
يزيد الرقاشي قال :إذا دخل الرجل القبر قامت الصلة عن يمينممه والزكمماة
ج عنه يقول :دونكم صمماحبكم فممإن عن شماله والبّر يطل عليه ،والصبر يحا ّ
حججتم وإل فأنا من ورائه :يعني إن استطعتم أن تدفعوا عنممه العممذاب وإل
أنا أكفيكم ذلك وادفع عنه العذاب ،ففي هذه الخبار دليممل علممى أن الصممبر
ر أفضمل العممال واللمه تعمالى يقمول }إنمما يموّفى الصمابرو َ
م ب ِغَْيم ِ
هم ْ جَر ُنأ ْ ّ ُِ َ ِّ َ ُ َ
ب{ وروى عن أبي وّراد عن محمد بن مسلمة يرفعه إلى النبي صمملى سا ٍح َ ِ
الّله عليه وسلم "أن رجل ً قال يا رسول الّله ذهممب مممالي وسممقم جسمممي،
فقال النبي صلى الّله عليه وسلم "ل خير في عبد ل يذهب ماله ول يسممقم
جسمه إن الّله إذا أحب عبدا ً ابتله وإذا ابتله صممبره" وعممن علممي بممن أبممي
طالب رضي الّله تعالى عنه قال :إيما رجل حبسه السمملطان ظلم ما ً فمممات
في حبسه فهو شهيد ،فإن ضربه فمات فهو شهيد .وروى عن النممبي صمملى
الّله عليه وسلم أنه قال" :إن الرجل لتكون لمه الدرجمة عنمد الّلمه ل يبلغهما
بعمله حتى يبتلى ببلء في جسمه فيبلغها بذلك" .وروى في الخبر "أنه لممما
ه{ قال أبو بكر رضممي الل ّممه تعممالى جَز ب ِ ِ سوءا ً ي ُ ْل ُم ْ
ن ي َعْ َ
م ْنزل قوله تعالى } َ
عنه :يا رسول الّله كيف الفرح بعد هذه الية؟ فقال رسول الّله صلى الّلممه
عليه وسلم :غفر الّله لك يا أبمما بكممر ،ألسممت تمممرض ،أليممس يصمميبك الذى
أليس تنصب أليس تحزن؟فهذا مما تجزون به" يعنمي أن جميمع مما يصميبك
يكون كفارة لذنوبك .وروى عن علي بن أبي طالب رضي الل ّممه تعممالى عنممه
أنه قال :لما نزلت هذه الية خرج علينا رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم
وقال :قد أنزلت علي آية هي خير لمتي من الدنيا وما فيهمما ،ثممم قممرأ هممذه
ه{ ثممم قممال :إن العبممد إذا أذنممب ذنب ما ً فتصمميبه سوءا ً ي ُ ْ
جَز ب ِ ِ م ْ
ل ُ ن ي َعْ َ
م ْ
الية } َ
شدة أو بلء في الدنيا فالله أكرم من أن يعذبه تاليا".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :اعلم أن العبد ل يدرك منزلة الخيار،
إل بالصممبر علممى الشممدة والذى ،وقممد أمممر الل ّممه تعممالى نممبيه عليممه الصمملة
ُ
ل{ وروى سم ِ
ن الّر ُ صمب ََر أوْل ُمموا العَمْزم ِ ِ
مم ْ صب ِْر ك َ َ
ما َ والسلم بالصبر فقال }َفا ْ
ت رضي الّله تعالى عنه قال "أتينا رسول الّله صلى الّلممه عن خباب بن الر ّ
عليه وسلم وهو متوسممد بممردائه فممي ظممل الكعبممة فشممكونا إليممه ،فقلنمما يمما
رسول الّله أل تدعو الّله أل تستنصر الّله لنا فجلس محمرا ً لممونه ثممم قممال:
إن من كان قبلكم
]ص [131
كان ليؤتى بالرجل فيحفر له في الرض حفرة ويجاء بالمنشار فيوضع على
رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه" .وروى عن حميد عن أنممس
رضي الّله تعالى عنه عن النمبي صملى الل ّممه عليمه وسملم قمال "يمؤتى يموم
ة فيخممرج أسممود محترق مًا، القيامة بأنعم أهل الرض فيغمس في النار غمس ً
فيقال له :هل مّر بك نعيم قط إذ كنممت فيهمما؟ فيقممول ل لممم أزل فممي هممذا
البلء منذ خلقني ،ويؤتى بأشد أهل الدنيا بلء فيغمممس فممي الجنممة غمسممه:
يعني يدخل فيها ساعة ،فيخرج كأنه القمر ليلة البدر ،فيقال له هل مر بممك
شدة قط فيقول ل لم أزل في هذا النعيم منممذ خلقنممي" .وروى عممن سممعيد
بن جبير عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما عن النبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :أّول من يدعى إلى الجنة الحمممادون الممذين يحمممدون الل ّممه
على السراء والضراء" .فالواجب على العبد أن يصبر علممى ممما يصمميبه مممن
الشدة ويعلم أن ما دفع الّله عنممه ممن البلء أكمثر ممما أصممابه ويحممد الّلمه
تعالى على ذلك ،وينبغي للعبد أن يقتدي بنبيه صلى الّله عليه وسلم وينظر
إلممى صممبره علممى أذى المشممركين ،وروى عممن عمممر بممن ميمممون عممن ابممن
مسعود رضي الّله تعالى عنه قال" :بينما رسول الّله صلى الّله عليه وسلم
يصلي عند البيت وأبو جهل وأصممحابه جلمموس وقممد نحممرت جممزور بمالمس،
فقال أبو جهل لعنه الّله أيكممم يقمموم إلممى سممل الجممزور فيلقيممه علممى كتممف
محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه ،فلما سجد النبي صمملى الّلممه
عليه وسلم وضعه بين كتفيه فاستضحكوا ،وأنا قائم أنظممر :قلممت :لممو كممان
لي منعة لطرحته عن ظهر رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قممال :والنممبي
صلى الّله عليه وسلم ساجد ممما يرفممع رأسممه ،حممتى انطلممق إنسممان فممأخبر
فاطمة رضي الّله تعالى عنها ،وجمماءت وهممي جويريممة فطرحتممه ثممم أقبلممت
عليهم تسبهم ،فلما قضى رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم صمملته رفممع
صوته فدعا عليهم فقال :اللهممم عليممك بقريممش ثلث مممرات ،فلممما سمممعوا
صوته ودعاءه ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ،فقممال اللهممم عليممك بممأبي
جهل وعقبة وعتبة وشيبة والوليد بن المغيرة وأمممي بممن خلممف .قممال عبيممد
الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنه :والذي بعث محمدا ً بالحق لقد رأيممت
الذين سماهم صرعى يوم بدر" .وروى عبد الّله بن الحارث عن ابن عباس
رضي الّله تعالى عنهما قال" :شكا نب ٌ
ي من النبيمماء إلممى ربممه فقممال يمما رب
العبد المؤمن يطيعك ويجتنب معاصيك تزوى عنه الممدنيا وتعممرض لممه البلء،
ويكمون العبمد الكمافر ل يطيعمك ويجمترئ علمى معاصميك تمزوى عنمه البلء
وتبسط له الدنيا؟ فأوحى الل ّممه تعممالى إليممه إن العبمماد لممي والبلء لممي وكممل
يسبح بحمدي ،فيكون المؤمن عليه من الذنوب فأزوى عنه الممدنيا وأعممرض
له البلء فيكون كفارة لذنوبه حتى يلقاني فأجزيه بحسناته ،ويكممون الكممافر
له السيئات فأبسط له في الرزق فممأزوى عنممه البلء حممتى يلقمماني فممأجزيه
بحسناته ،ويكون الكافر له السيئات فأبسط له في الرزق فأزوى عنه البلء
حتى يلقاني فأجزيه بسيئاته" .قال :حدثنا أبو أحمد عبد الوهاب بممن محمممد
الفلني بسمرقند بإسناده عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضممي الّلمه
تعالى عنه قال :قال
]ص [132
رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم "إذا أراد الل ّممه بعبممد خيممرا ً أو أراد أن
يصافيه صب عليه البلء صبًا ،وثجه عليه ثجًا ،وإذا دعمماه قممالت الملئكممة يمما
رب صوت معروف ،فإذا دعاه الثانيمة فقممال يما رب قممال الّلمه تعمالى لبيممك
دخممرت وسعديك ل تسألني شيئًا! أل أعطيتك أو دفعت عنك ممما هممو شممر وا ّ
عندي لك ما هو أفضل منممه ،فممإذا كممان يمموم القيامممة جيممء بأهممل العمممال
فوفوا أعمالهم بالميزان أهل الصلة والصمميام والصممدقة والحممج ،ثممم يممؤتى
بأهل البلء فل ينصب لهم الميممزان ول ينشممر لهممم الممديوان ويصممب عليهممم
الجر صبا كما يصب عليهم البلء ،فيود ّ أهل العافية في الدنيا لو أنهم كانت
تقرض أجسادهم بالمقاريض لما يرون مما يذهب به أهل البلء من الثممواب
ب{ " .ذكممر فممي فذلك قوله تعالى }إنما يوّفى الصابرو َ
سا ٍ
ح َم ب ِغَي ْرِ ِ
جَرهُ ْ
نأ ّْ ُِ َ ِّ َ ُ َ
الخبر أن مؤمنما ً وكممافرا ً فممي الزمممن الّول انطلقمما يصمميدان السمممك فأخممذ
الكافر يذكر آلهته ،فما رفع شبكته حتى أخذ سمممكا ً كممثيرًا ،وجعممل المممؤمن
يممذكر الل ّممه فل يجيممء شمميء ثممم أصمماب سمممكة عنممد الغممروب واضممطربت
فوقعت في المماء ،فرجمع الممؤمن وليممس معمه شميء ورجمع الكمافر وقمد
امتلت شبكته ،فأسف ملك المؤمن الموكممل بمه ،فلممما صممعد إلمى السمماء
أراه الّله مسكن المؤمن في الجنة فقال :والله ما يضره ما أصممابه بعممد أن
يصير إلى هذا ،وأراه مسكن الكافر في النار فقال :والله ما يغنممي عنممه ممما
أصاب من الدنيا بعد أن يصير إلممى هممذا ،ويقممال إن الل ّممه تعممالى يحتممج يمموم
القيامة بأربعة على أربعة أجناس :يحتممج علممى الغنيمماء بسممليمان ابممن داود
ي الغنمى شمغلني عمن عبادتمك يحتمج عليمه عليهمما السملم فمإذا قمال الغنم ّ
بسليمان ويقول له لم تكن أغنى من سليمان فلم يمنعه غناه عن عبممادتي،
ويحتج على العبيد بيوسف عليه الصلة والسمملم فيقممول العبممد كنممت عبممدا ً
والرق منعني عن عبادتك فيقول له إن يوسف عليه السلم لم يمنعممه رقممه
عن عبادتي ،وعلى الفقراء بعيسى عليه الصلة والسلم فيقممول الفقيممر إن
حاجتي منعتني عن عبادتك فيقول أنت كنت أحوج أم عيسممى وعيسممى لممم
يمنعممه فقممره عممن عبممادتي ،وعلممى المرضممى بممأيوب عليممه السمملم فيقممول
المريض منعني المريض عن عبادتممك فيقممول مرضممك كممان أشممد أم مممرض
أيوب عليه السلم فلم يمنعه مرضه عن عبادتي ،فل يكون لحممد عنممد الل ّممه
عذر يوم القيامة ،وكان الصممالحون رحمهممم الل ّممه تعممالى يفرحممون بممالمرض
والشدة لجل أن فيه كفارة للممذنوب .وذكممر عممن أبممي الممدردار رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال :الناس يكرهون الفقر وأنا أحبه ،ويكرهون الممموت وأنمما
أحبه ،ويكرهون السقم وأنا أحممب السممقم تكفيممرا ً لخطايمماي ،وأحممب الفقممر
تواضعا ً لربي ،وأحب الموت اشتياقا ً إلى ربي.
وروى عن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال" :ثلث مممن رزقهممن فقممد رزق خيممري الممدنيا والخممرة:
الرضا بالقضاء ،والصبر على البلء ،والدعاء
]ص [133
عند الرخاء" قال :حدثنا الفقيه أبو جعفر بإسناده عن أبي هريرة رضي الّله
تعالى عنه قال" :جاء رجل إلى النبي صلى الّله عليه وسمملم وهممو مسممتلق،
فقال :من أي شيء تشتكي؟ قال الخمص .يعني الجوع ،فبكمى الرجمل ثمم
ذهب يعمل فاستقى لرجل دلء كل دلو بتمرة ،ثم جاء إلى النبي صلى الّله
عليه وسلم بشيء من تمر ،فقال ما أراك فعلت هذا إل وأنت تحبني ،قال:
إي والله إني لحبك :قال إن كنت صادقا ً فأعد للبلء جلباب مًا ،فممو الل ّممه للبلء
أسرع إلى من يحبني من السيل ،من أعلممى الجبممل إلممى الحضمميض" وعممن
عقبة بن عامر رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال" :إذا رأيتم الرجل يعطيه الّله تعالى ما يحب وهو مقيمم علمى معصميته
ما ذ ُك ّمُروا
سوا َ فاعلموا أن ذلك استدراج ،ثم قرأ قول الّله عز وجل }فَل َ ّ
ما ن َ ُ
يٍء{ " يعنممي لممما تركمموا ممما أمممروا بممه فتحنمما ل َ ب كُ ّ به فَتحنا ع َل َيه َ
شم ْ وا َ
م أب ْ َ
ِْ ْ ِ ِ َ ْ َ
ُ
ما أوُتوا{ يعني بما أعطوا مممن الخيممر حوا ب ِ َذا فَرِ ُ حّتى إ ِ َعليهم أبواب الخير } َ
ن{ يعنممي آيسممين مممن كممل خيممر. سو َمب ْل ِ ُ ة{ يعني فجأة }فَإ ِ َ
ذا ُ م ب َغْت َ ً }أ َ َ
خذ َْناهُ ْ
وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم "أنه
سأل أي الناس أشد بلء؟ قال النبياء ثممم الصممالحون ثممم المثممل فالمثممل"
ويقال ثلث من كنوز البر :كتمان الصدقة وكتمان الوجع ،وكتمان المصمميبة.
وذكر عن وهب بن منبه أنه قال :كتبت من كتاب رجل مممن الحممواريين .إذا
سلك بك سبيل البلء فقر عينا ً فإن يسلك بممك سممبيل النبيمماء والصممالحون،
وإذا سلك بك سبيل الرخاء فابك على نفسك فقد خولف بك عممن سممبيلهم.
وذكر أن الّله تعالى أوحى إلى موسى بن عمممران عليممه السمملم نحممو هممذا.
وذكر عن فتح الموصلي رحمه الّلمه تعمالى أنمه أصمابته خصاصمة فمي أهلمه
فقال :إلهي ليتني علمت بأي عمل ألزمتني بهذا حتى ازداد من ذلك .وروى
ل ماله وكثر عياله وحسنت عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من ق ّ
صلته ولم يغتب المسلمين جاء معممي يمموم القيامممة هكممذا وجمممع أصممبعيه"
وروى عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه قممال "والممذي ل إلممه
إل هو إني كنت لعتمد بكبممدي علممى الرض مممن الجمموع وإنممي كنممت لشممد
الحجممر علممى بطنممي مممن الجمموع ولقممد قعممدت يوم ما ً علممى طريقهممم الممذي
يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الل ّممه تعممالى ممما سممألته
عنها إل ليستتبعني :يعني لكي يذهب بي إلى منزله ،فمر ولم يفعل ،ثم مّر
بي عمر فسألته عن آية ما سألته عنها إل ليستتبعني فمر ولم يفعل ،ثم مر
النبي صلى الّله عليه وسلم فتبسم حين رآنممي وعممرف ممما فممي نفسممي ثممم
قال :يا أبا هريرة ،قلت لبيك يا رسول الّله قال :إلحق بي ومضمى ،فمماتبعته
واستأذنت فأذن لي ،فدخلت فوجدت لبنا ُ فممي قممدح ،فقممال مممن أيممن هممذا؟
قالوا أهداه لك فلن أو فلنة ،قال يا أبا هريرة قلت لبيك ،قال إلحق بأهممل
الصفة وادعهم إلي فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت
أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها
]ص [134
ولكن لم يكن بد من طاعة الّله وطاعة رسوله ،فانتهيت فممدعوتهم فممأقبلوا
حتى استأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم ،فقال يا أبا هريرة خذ وأعطهم،
ي
فأخذت القدح فجعلت أعطممي الرجممل فيشممرب حممتى يمروى ثممم يمرد علم ّ
القدح حتى انتهيت إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وقممد روى القمموم
كلهم ،فأخذ القدح ووضعه على يممديه فقممال :يمما أبمما هريممرة ،قلممت لبيممك يمما
رسول الله ،قال بقيت أنا وأنت ،قلت صممدقت يمما رسممول اللممه ،قممال أقعممد
واشرب ،فقعدت وشممربت ،قممال إشممرب فشممربت فممما زال يقممول إشممرب
فأشرب حتى قلت والذي بعثك بالحق نبيا ً ما أجممد مسمملكا ً فمأعطيته القممدح
فحمد الّله وشرب النبي صلى الّله عليه وسلم الفضل".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :كان أصحاب رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم في شدة من أذى الكفار ومن الجوع ،فصبروا على ذلممك حممتى فممرج
الّله عنهم ،وكل من صبر فرج الل ّممه عنهممم فممإن الفممرج مممع الصممبر وإن مممع
العسر يسرا ،وكان الصالحون رحمهم الّله يفرحون بالشدة لما يرجون من
ثوابها .وروى عن عثمان بن عبد الحميد بن لحق عممن أبيممه عممن جممده عممن
مسلم بن يسار قال :قمدمت البحريمن فأضمافتني اممرأة لهما بنمون ورقيممق
ومال ويسار ،فكنت أراها محزونة ،فلما خرجت مممن عنممدها قلممت لهمما ألممك
حاجة؟ قالت نعم ،إن أنت قدمت بلدتنا هذه أن تنزل علي ،فغبت عنها كذا
وكذا سنة ثم أتيتها فلم أر ببابها إنسيًا ،فاستأذنت عليهمما فممإذا هممي ضمماحكة
مسرورة ،قلت لها ما شأنك؟ قالت إنك لما غبت عنا لم نرسل فممي البحممر
شيئا ً إل غرق ول في البر إل عطب وذهب الرقيق ومات البنون ،فقلت لهمما
يرحمك الله ،رأيتك محزونممة فممي ذلممك اليمموم ومسممرورة فممي هممذا اليمموم؟
فقالت نعم إني لما كنت فيه مممن سمميئة الممدنيا خشمميت أن يكممون الل ّممه قممد
عجل حسناتي في الدنيا ،فلما ذهب مالي وولدي ورقيقي رجوت أن يكممون
الّله قد ادخر الّله لي عنده خيممرا ً ففرخممت .وروى الحسممن البصممري رحمممه
الل ّممه تعممالى أن رجل ً مممن الصممحابة رأى امممرأة كممان يعرفهمما فممي الجاهليممة
فكلمها ثم تركها ،فجعل الرجل يلتفت وهي تمشي فصدمه حائط فأثر فممي
وجهه فأتى النبي فأخبره فقال النبي صلى الّله عليممه وسمملم "إذا أراد الل ّممه
بعبد خيرا ً عجل عقوبته في الدنيا" وعن علممي بممن أبممي طممالب رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال :أل أخبركم بأرجى آية في كتاب الّله تعالى؟ قممالوا بلممى
َ َ
ر{ ن ك َِثيمم ٍ
فو ع َ ْ ديك ُ ْ
م وَي َعْ ُ ت أي ْ ِ ما ك َ َ
سب َ ْ صيب َةٍ فَب ِ َ
م ِ
ن ُ
م ْ
م ِصاب َك ُ ْ
ما أ َ
فقرأ عليهم }وَ َ
فالمصائب في الدنيا بكسب الوزار فإذا عاقبه الّله في الممدنيا فممالله أكممرم
من أن يعذبه ثانيًا ،إذا عفما عنمه فمي المدنيا فهمو أكمرم ممن أن يعمذبه يموم
القيامة .وروت عائشة رضي الّله تعالى عنها عممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "ما يصيب المؤمن مصيبة حممتى شمموكة فممما فوقهمما إل
حط الّله عنه بها خطيئة".
]ص [135
باب الصبر على المصيبة
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله تعالى عنه :حدثنا الفقيممه
أبو جعفر حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن عبد الرحمن القممارئ حممدثنا إبراهيممم
بن إسحاق القاضي بالكوفة حدثنا محمد بن عاصم صاحب الحكايات حممدثنا
سليمان بن عمرو عن مجاهد بن الحسن عن عبممد الرحمممن بممن غممانم عممن
معاذ بن جبل رضي الّله تعالى عنه قال "مات ابن لممي فكتممب إلممى رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم من محمد رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
إلى معاذ بن جبل السلم عليك فإني أحمد الّله الذي ل إله إل هو .أما بعممد،
فعظم الّله لك الجر وألهمك الصبر ورزقنمما وإيمماك الشممكر ،ثممم إن نفوسممنا
وأموالنمما وأهالينمما وأولدنمما وأممموالهم مممن مممواهب الّلممه الهنيئة وعممواريه
المستودعة نتمتع بها إلى أجل معدود ويقبضها لمموقت معلمموم ،ثممم افممترض
الّله علينا الشكر إذا أعطى والصبر إذا ابتلى وكمان ابنمك همذا ممن ممواهب
الّله الهنيئة وعواريه المستودعة متعك الّله بممه فممي غبطممة وسممرور وقبضممه
بأجر كبير إن صبرت واحتسبت ،فل تجمعنا عليك يا معاذ أن يحبممط جزعممك
أجرك فتندم على ممما فاتممك ،فلممو قممدمت علممى ثممواب مصمميبتك عرفممت أن
المصمميبة قممد قصممرت عنممه .واعلممم أن الجممزع ل يممرد ميت ما ً ول يممدفع حزن ما ً
فليذهب عنك أسفك بما هو نازل بك فكأنك قد نزل بك والسلم".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :معنى قوله "فليذهب عنك أسفك بما
هو نازل بك" يعني تفكر في الموت الذي هو نازل بمك حمتى يمذهب حزنمك
فكأن قد يعني كأنه قد جاء الموت لن الرجممل إذا تفكممر فممي ممموت نفسممه
وعلم أنه يموت عن قريب فل يجزع له ،لن الجزع ل يرد ّ ميتا ويبطل ثواب
المصيبة ،لن الذي يجزع على المصيبة إنما يشكو ربه ويممرد قضمماءه .قممال:
أخبرني أبو حميد عبد الوهاب العسقلني بسمرقند حممدثنا محمممد بممن علممي
حدثنا الخزاعي حدثنا إبراهيم بن سليمان المصري عن علي بن حميممد عممن
وهب ابن أرشد عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه
قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "من أصممبح حزينما ً علممى الممدنيا
أصبح ساخطا ً على ربه ،ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو الل ّممه
تعالى ،ومن تواضع لغنى لينال ما فممي يممده أحبممط الل ّممه ثلممثي عملممه ،ومممن
أعطى القرآن فدخل النار أبعده الّله مممن رحمتممه" يعنممي مممن أعطمماه الل ّممه
القرآن ولم يعمل بما فيه وتهاون حتى دخل النار أبعده الّله من رحمته لنه
هو الذي فعل بنفسه حيث لم يعرف حرمة القممرآن ،وقممال وهممب بممن منبممه
رضي الّله تعالى عنه :وجدت في التوراة أربعة أسطر متواليات :أحدها من
قرء كتاب الّله تعالى فظن أنه لم يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الّلممه
تعالى ،والثاني من شكى مصيبة نزلت بمه فإنممما يشممكو ربممه ،والثممالث ممن
حزن على ما فاته
]ص [136
فقد سخط على قضاء ربه ،والرابع من تواضع لغنى ذهب ثلثمما دينممه :يعنممي
نقص من يقينه .وروى أبو هريرة رضي الل ّممه تعممالى عنممه عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من مات له ثلث أولد لم يلج النار إل ّ تحلة
من ْك ُم ْ
م إ ِل ّ َوارِد ُهَمما{ اليممة. القسم" يعني أن الل ّممه تبممارك وتعممالى قممال }وَإ ِ ْ
ن ِ
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :ما من مسلم يصاب
بمصيبة وإن قدم عهدها فأحدث لهمما اسممترجاعها إل أحممدث الل ّممه لممه مثلممه"
يعني مثل أجره والله أعلممم ،وأعطمماه مثممل ذلممك الجممر الممذي أعطمماه يمموم
أصيب به ،وذكر عن عثمان بن عفان رضي الّله تعالى عنممه أنممه قممال :كممان
إذا ولد له ولد أخذه يوم السابع ،فسئل عن ذلك فقال :إنممي أحممب أن يقممع
له في قلبي شيء من المحبمة فمإن ممات كمان أعظمم لجمري .وروى عمن
أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه "أن رجل ً كان يجيء بصبي له معه إلى
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ،ثم إن الغلم توفي فاحتبس والده ،فلما
فقده رسول الّله صلى الّله عليه وسلم سممأل عنممه فقممالوا يمما رسممول الل ّممه
مات صبيه الذي رأيته .قال :فهل آذنتموني به :يعني أخبرتموني ،قوموا إلى
أخينا نعزيه ،فلما دخل عليه النبي صلى الّله عليه وسمملم إذا الرجممل حزيممن
وبه كآبة فقال :يا رسول الّله إني كنت أرجوه لكممبر سممني وضممعفي ،فقممال
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أما يسرك أن تأتي يوم القيامة فيقال له
ادخل الجنة فيقول يا رب أبممواي ،فيقممال لممه ادخممل الجنممة ثلث مممرات .فل
يزال يشفع حتى يشفعه الّله تعالى ويدخلكم الجنة جميع مًا" فممذهب الحممزن
عن الرجل ،ففي هذا الخبر دليل علممى أن التعزيممة سممنة إذا أصمماب الرجممل
مصيبة ينبغي لخوانه أن يعزوه.
)قال الفقيه( :حدثني أبي رحمه الّله تعالى بإسناده عن الحسن البصري
رحمه الّله تعالى قال :سأل موسى عليه السمملم ربممه عممز وجممل فقممال أي
رب ما لعائد المريض من الجر؟ قال :أخرجه من ذنوبه كيمموم ولممدته أمممه،
قال أي رب فما لمشيع الموتى من الجممر؟ قممال أبعممث عنممد ممموته ملئكممة
يشيعونه إلى قبره برايات ثم إلى المحشر ،قال أي رب ما لمعزي المبتلي
ل إل ظلممي" يعنممي ظممل العممرش. من الجر؟ قال أظله في ظلي يوم ل ظم ّ
وروى أبان ابن صالح عن عمير عن أنس بن مالك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما تجّرع عبد قط جرعممتين أحممب
دها بحلم وجرعة مصيبة يصبر الرجل عليها ،ول إلى الّله من جرعة غضب ر ّ
قطرت قطرتان أحب إلى الّله من قطرة دم في سممبيل الل ّممه وقطممرة فممي
سواد الليل وهو ساجد ل يراه إل الّله تعالى ،وما خطا عبممد خطمموتين أحممب
إلى الّله من خطوة إلى الصلة المفروضة وخطوة إلى صلة الرحم" .وعممن
أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه أنممه قممال :تمموفي ابممن لسممليمان بممن داود
عليهما الصلة والسلم فوجد عليه وجدا شممديدا ً فأتمماه ملكممان فجلسمما بيممن
يديه بزي الخصوم ،فقال أحدهما بذرت بذرا ولممم أستحصممده فممّر بممه هممذا
فأفسده .فقال للخر ما تقول؟ قال أخذت الجادة فأتيت على زرع فرميت
يمينا ً وشمال ً فإذا الطريق عليه،
]ص [137
فقال سليمان ولم بذرت علممى الطريممق؟ أممما علمممت أن لبمد ّ للنمماس مممن
الطريق؟ فقال له الملك ولم تحممزن علممى ولممدك؟ أممما علمممت أن الممموت
سبيل الخرة .وذكر في الخبر أن سليمان صلوات الّله وسمملمه عليممه تمماب
إلى ربه ولم يجزع على ولده بعد ذلك .وذكر عن عبد الّله ابن عباس رضي
الّله تعالى عنهما أنه نعى إليه ابنة له وهو فممي السممفر فاسممترجع ثممم قممال:
ي ،ثم نزل فصلى عورة سترها الّله ومؤنة كفاها الّله وأجر قد ساقه الّله إل ّ
ر
ص مب ْ ِ س مت َِعيُنوا ِبال ّ ركعتين ثم قال :قد صنعنا ما أمرنا الّله تعممالى بممه قممال }ا ْ
ة{ وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :ليسترجع أحدكم في صل ِ َوال ّ
شسع نعله إذا انقطع فإنها من المصائب" وقال حدثنا أبو الحسن أحمد بممن
حمدان حدثنا أحمد بن الحرث حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن ربيعة عن
أبي عبد الرحمن عن أم سلمة رضي الّله تعالى عنها أن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم قال" :من أصيب بمصيبة فقال كما أمر الّله تعالى}.إ ِّنا ل ِل ّهِ وَإ ِّنا
ن{ اللهم أؤجرني في مصيبتي واعقبني خيرا منها فعل الّله ذلك جُعو َ إ ِل َي ْهِ َرا ِ
به" فقالت أم سلمة رضي الّله تعالى عنها لمما تموفي أبمو سملمة قلتمه ثمم
قلت ومن لي مثل أبي سلمة فأعقبها الّله تعالى برسوله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم فتزّوجها .وروى صالح بن محممد بإسممناده عمن أنممس بمن مالممك عمن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "الضممرب علممى الفخممذ عنممد المصمميبة
يحبط الجر ،والصبر عند الصدمة الولى يعظممم الجممر وعظممم الجممر علممى
قدر عظم المصيبة ،وعن استرجع بعد المصيبة جممدد الل ّممه لممه أجرهمما كيمموم
أصيب بها".
)قال الفقيه( :رضي الّله تعالى عنه :ينبغي للعاقل أن يتفكممر فممي ثمواب
المصيبة إذا استقبله يوم القيامة يود ّ أن يكمون جميمع أقماربه وجميمع أولده
ماتوا قبله لينال الجر وثواب المصيبة ،وقد وعد الل ّممه تعممالى فممي المصمميبة
م{ يعنممي ثوابا ً عظيما ً إذا صبر واحتسب ،وهممو قممول الل ّممه تعممالى }وَل َن َب ْل ُموَن ّك ُ ْ
نمم ْ يٍء ِ شم ْ لنختبرنكم ،والختبار من الّله تعالى إظهار ما يعلم به الغيممب }ب ِ َ
ن مم ْ ص ِ قم ٍ جوِع{ يعنممي المجاعممة }وَن َ ْ ف{ يعني مخافة قتال العدوّ }َوال ُ خو ْ ِ ال َ
س{ يعنممي الوجمماع والمممراض مممن َ َ
فم ِ ل{ يعني ذهاب أممموالهم }َوالن ُ وا ِ م َ
ال ْ
ت{ ويعنممي ل تخممرج الثمممرات كممما كممانت تخممرج ممَرا ِ القتل أو الموت }َوالث ّ َ
ذان إِ َ ن{ على الرزيات والمصائب ،ثممم نعتهممم فقممال }ال ّم ِ
ذي َ ري َصاب ِ ِشْر ال ّ }وَب َ ّ
َ
ن{ "إنما للمه" يعنمي نحمن عبيمد جُعو َ ة َقاُلوا إ ِّنا ل ِل ّهِ وَإ ِّنا إ ِل َي ْهِ َرا ِصيب َ ٌم ِ م ُ صاب َت ْهُ ْأ َ
الّله وفي ملكه وفي قبضته إن عشممنا فعليممه أرزاقنمما وإن متنمما فممإليه مآبنمما
دنا "وإنا إليه راجعممون" يعنممي بعممد الممموت ،فممالواجب علينمما أن نرضممى ومر ّ
ك{ يعنممي ُ
بحكمه فإن لم نرض بحكمه فل يرضى عنمما إذا رجعنمما إليممه }أوْل َئ ِ َ
م{ والصمملوات جمممع الصمملة. ن َرب ّهِم ْ مم ْ ت ِ وا ٌ ص مل َ َم َ أهل هممذه الصممفة }ع َل َي ْهِم ْ
من الّله تعمالى علممى ثلثمة أوجمه :توفيمق الطاعممة ،والعصمممة ممن والصلة ْ
الذنوب ،والمغفرة ،فهذا تفسير الصلة الواحدة ،وأما الصمملوات فل يعممرف
ة{ يعنممي ورحمممة مممن الّلممه ممم ٌ ح َمنتهاهمما إل الّلممه تعممالى ،ثممم قممال }وََر ْ
ن{ إلى السترجاع: دو َ مهْت َ ُ م ال ُ
ك هُ ْ تعالى}وَأ ُوْل َئ ِ َ
]ص [138
يعنمي وفقهمم الّلمه لمذلك .وروى عمن سمعيد بمن جمبير أنمه قمال :لمم يكمن
السترجاع إل لهذه المة ،ولو أعطى لحد لعطى يعقوب ،أل ترى أنه قممال
َ
ف{.س َ فى ع ََلى ُيو ُ
س َ
}َيا أ َ
وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الّله تعال عنه أنممه
ة{ مم ٌح َ
م وََر ْ
ن َرب ّهِ م ْ
مم ْ
ت ِ صل َ َ
وا ٌ م َ قال :نعم العدلن ونعم العلوة }أ ُوْل َئ ِ َ
ك ع َل َي ْهِ ْ
ن{ فهذه العلوة .وروى "أنه لما مممات دو َ مهْت َ ُ
م ال ُ فهذان العدلن }وَأ ُوْل َئ ِ َ
ك هُ ْ
إبراهيم بن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم بكى رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم وذرفت عيناه فقال له عبد الرحمن يا رسول الّله تبكممي أو لممم
تنه عن البكاء؟ قال ل ،ولكن نهيت عن النوح والغناء وعن صوتين أحمقيممن
فاجرين ،وعن خمش الوجوه وشق الجيوب ورنممة الشمميطان ،وعممن صمموت
الغناء فإنه لعب ولهممو ومزاميممر الشمميطان ،ولكممن هممذه رحمممة جعلهمما الل ّممه
تعالى في قلوب الرحماء ،ومن ل يرحم ل يرحممم ،ثممم قممال :القلممب يحممزن
دس" .وروى الحسممن والعين تدمع ول نقممول ممما يسممخط الممرب تعممالى وتقم ّ
البصري أنه قال :إن الّله تعالى رفمع عنكممم الخطممأ والنسميان ومما أكرهتممم
عليه وما ل تطيقون وأحل لكم في حال الضرورة أشياء مما حممرم عليكممم،
وأعطاكم خمسًا :أعطاكم الممدنيا فضمل ً وسممألكموها قرضما ً فممما أعطيتممموه
منها طيبة بها نفسكم جعل لكم التضعيف من عشرة إلى سبعمائة إلى ممما
ل يحصيه غيره ،والثاني أخذ منكم كرها ً فاحتسبتم وصبرتم ثم جعل لكم به
ة{، مم ٌ
ح َ م وََر ْن َرب ّهِم ْ
مم ْ ت ِ ص مل َ َ
وا ٌ م َك ع َل َي ْهِم ْالصلة والرحمة لقوله تعالى }أ ُوْل َئ ِ َ
َ
م{ ،والرابع لو أساء مسيئكم حتى تبلغ ذنمموبه م لِزيد َن ّك ُ ْ شك َْرت ُ ْن َ والثالث }ل َئ ِ ْ
ن
واِبي َ
ب الت ّم ّ حم ّن الل ّممه ي ُ ِ الكفر ثم تاب فإنه يتوب عليممه ويحبممه حيممث قممال }إ ِ ّ
ن{ والخامس لو أعطى جبريل وميكائيل ما أعطاكم لكممان
َ مت َط َهّ ِ
ري َ ب ال ُ
ح ّ
وَي ُ ِ
م{.ب ل َك ُ ْ ج ْست َ ِ عوِني أ ْ قد أجزل لهما فقال }اد ْ ُ
وروى عن يحيى بن جابر الطائي أن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم
دم رجل شيئا ً بين يديه أحب إليه ول هو فيه أعظم أجرا ً من ولد قال" :ما ق ّ
قدمه بين يديه ابن اثنتي عشرة سنة" ويقممال الصممبر عنممد الصممدمة الولممى
وإذا مضى عليه وقت يصبر إن شاء أو أبى ،فالعاقل من صممبر بممأّول مممرة"
وروى عن ابن المبارك رحمه الّله تعالى أنه مات له ابن قمّر بممه مجوسممي
يعزيه فقال له :ينبغي للعاقل أن يفعل اليوم ما يفعله الجاهممل بعممد خمسممة
أيام ،فقال ابن المبارك اكتبوا هذا منه .وروى عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "من عّزى مصابا ً كان له مثل أجره" .وروى عنه صمملى الّلممه
عليه وسلم أنه قال" :الصبر ثلثة :صبر على الطاعة ،وصبر على المصيبة،
دهمما بحسممن عزائهمما وصبر على المعصية ،فمن صبر على المصمميبة حممتى ير ّ
كتب الّله له ثلثمائة درجة .ومن صبر علممى الطاعممة كتممب الل ّممه لمه سممتمائة
درجة ،ومن صبر عن المعصية كتب الّله له تسعمائة درجة" .وروى عن ابن
عباس رضي الّله تعالى عنهما أنه قال" :أّول شمميء كتبممه الل ّممه تعممالى فممي
اللوح المحفوظ :إني أنا الّله ل إله إل أنا ومحمد
]ص [139
رسولي ،من استسلم لقضائي وصبر على بلئي وشممكر لممي نعمممائي كتبتممه
صديقا ً وبعثته يوم القيامة مع الصديقين ،ومممن لممم يستسمملم لقضممائي ولممم
يصبر على بلئي ولم يشكر لنعمائي فليتخذ إلها ً سوائي" قال ابن المبارك:
المصيبة واحدة فإذا جممزع صمماحبها صممارت اثنممتين :يعنممي صممارت المصمميبة
اثنممتين أحممدهما المصمميبة والثانيممة ذهمماب أجممر المصمميبة وهممو أعظممم مممن
ي بممن أبممي طممالب كمّرم الل ّممه وجهممه عممن
المصيبة .وروى في الخبر عن عل ّ
رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال" :مممن أصممابته مصمميبة فليممذكر
مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب" وروى عنه أيضا ً كرم الّله وجهه عممن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :من اشممتاق إلممى الجنممة سممارع
إلى الخيرات ،ومن أشفق من النار لها عن الشهوات ،ومن راقممب الممموت
ترك اللذات ،ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب" وذكر أن في بعممض
الكتب مكتوبا ً ستة أسطر :في السطر الّول من أصممبح حزين ما ً علممى الممدنيا
أصبح ساخطا ً على الله ،وفي الثاني من شكا مصيبة نزلت به فإنممما يشممكو
ربه ،وفي الثالث من ل يبالي من أي باب أتاه رزقه ل يبالي مممن أي أبممواب
النار أدخله الله ،وفي الرابع من أتى خطيئة وهممو يضممحك دخممل النممار وهممو
يبكي ،وفي الخامس من كان أكبر همه الشهوات نممزع الل ّممه خمموف الخممرة
من قلبه ،وفي السادس من تواضممع لغنممى لجممل دنيمماه أصممبح والفقممر بيممن
.
عينيه.
]ص [140
قلت يا رسول الّله علمني مما علمك الّلمه تعمالى؟ قمال إذا صمليت الصممبح
ل حت ّممى ترتفممعفأقصر عن الصلة حتى تطلع الشمس ،فإذا طلعممت فل تصم ّ
فإنها تطلع بين قرني الشيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ،فإذا ارتفعت قممدر
ل فإن الصلة مشهودة محضورة حممتى يسممتقبل الرمممح رمح أو رمحين فص ّ
للظل ،ثم أقصر عن الصلة فإنها حينئذ تسجر جهنم ،فإذا فاء الفيممء فممأت
الصلة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ،فممإذا صممليت العصممر فأقصممر
عن الصلة حتى تغرب الشمس فإنهما تغممرب بيممن قرنممي الشمميطان وحينئذ
يسجد لها الكفار .قال قلت يا نبي الّله أخبرني عن الوضوء؟ قال ما منكممم
من رجل يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر إل خرجت خطايمما
فيه وخياشيمه مع الماء حين يستنثر ،ثم يغسل وجهه كما أمره الّله تعممالى
إل خرجت خطايا وجهه مع الماء ،ثم يغسل يديه إلى المرفقيممن كممما أمممره
الّله تعالى إل خرجت خطايا يديه من أطراف أنامله مممع الممماء ،ثممم يمسممح
رأسه كما أمره الّله تعالى إل خرجت خطايا رأسه من أطممراف شممعره مممع
الماء ،ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الّله تعالى إل خرجممت خطايمما
قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ،ثم يقوم فيحمد الّله تعالى ويثني عليه
بالذي هو له أهل ثم يركع ركعتين إل انصرف من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه حدثنا محمد بن الفضل حمدثنا محممد
بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا إسماعيل بن جعفر عممن العلء بممن
عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليممه
وسلم قممال "أل أدلكممم علممى مما يمحممو الل ّممه تعممالى بمه الخطايما وترفممع بمه
الدرجات؟ قالوا بلى يا رسممول اللممه ،قممال إسممباغ الوضمموء فممي السممبرات،
والصبر على المكاره ،وكممثرة الخطمما إلممى المسمماجد ،وانتظممار الصمملة بعممد
الصلة ،فذلكم الرباط" يعني الحصن من العدّو ،ويقال يعني فضل الربمماط
الذي يرابط في سبيل الّله تعالى.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثني أبي رحمه الّله بإسممناده عممن
عبد الّله بن سلم قال :وجدت في بعممض مما أنممزل الّلمه عممز وجممل أن ممن
توضأ من كل حدث ولم يكن دخال على النساء في البيوت ولم يكسب مال ً
بغير حق رزق من الدنيا بغير حساب .وروى أبمو هريممرة رضممي الل ّممه تعممالى
عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :من بات طمماهرا ً فممي شممعار
طاهر بات ومعه ملك في شعاره فل يستيقظ ساعة من الليممل إل قممال لممه
الملك اللهم اغفر لعبدك فلن فإنه بات طاهرًا" وعن عمران بن أبان قال:
رأيت عثمان بن عفممان توضممأ فممأفرغ الممماء علممى يممديه ثلثما ً فغسمملهما ثممم
تمضمض واستنشق ثلثا ً ثم غسل وجهممه ثلثمما ثممم غسممل يممده اليمنممى إلممى
المرفقين ثلثا ً ثم اليسرى ثلثا ً ثم مسمح رأسمه ثمم غسمل قمدميه ثلثما ً ثمم
قال :رأيت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم توضمأ نحمو وضموئي همذا ،ثمم
قال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين
]ص [141
لا يحدث نفسه فيهما بشيء من أمر الدنيا غفر له ما تقممدم مممن ذنبممه وممما
تممأخر" وروى ثوبممان عممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال:
"استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمممالكم الصمملة ول يحممافظ علممى
الوضوء إل مؤمن" قال معنى قوله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم "لممن تحصمموا"
يعني لن تقدروا على ذلك إل بالجهد .ويقال :لن تقدروا أن تعدوا ثواب مممن
استقام على اليمان والطاعمة ،ومعنمى قموله "ل يحمافظ علمى الوضموء إل
مؤمن" يعني الدوام على الوضوء من أخلق المؤمنين ،فينبغي للمممؤمن أن
يكون النهار كله على الوضوء وينام بالليل على الوضوء فإنه إذا فعممل ذلممك
يحبه الّله ويحبه الحفظة ويكون في أمان الّله عز وجل.
)قال الفقيه( رضمي الّلمه تعممالى عنمه :سممعت أبممي رحممه الّلمه يحكمي
بإسناده يقول :بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه وجممه رجل ً
من أصحاب رسول الّله صلى الّله عليه وسلم إلممى مصممر لكسمموة الكعبممة،
فنزل الرجل بعض أرض الشام إلى جانب صومعة حبر من الحبار ولم يكن
حبر أعلم منه ،فأحب رسول عمر أن يلقاه فيسمع منه علمه فأتاه يستفتح
باب داره فلم يفتح له طويل ً ثم دخل على الحبر فسأله ليسمع منه فأعجبه
علمه ،فشكا إليه حبسه على بابه فقال له الحبر :إنا كنا رأيناك حين عدلت
إلينا فرأيناك على هيبة السلطان فتخوفناك ،وإنما حبسناك على البمماب لن
وفت سلطانا ً فتوضأ وأمممر الّله تبارك وتعالى قال لموسى :يا موسى إذا تح ّ
أهلك بالوضوء فإن من توضأ كممان فممي أمممان مممما يتخمموف ،فأغلقنمما دونممك
الباب حتى توضأت وتوضأ جميع مممن فممي الممدار وصمملينا فأمنمماك لممذلك ثممم
فتحنا لك الباب.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :ينبغي للذي يتوضأ أن يكون وضوؤه
مع التعظيم ويعلم أنه يريد زيارة ربه عز وجل ،فينبغي أن يتوب من جميممع
ذنوبه أن الّله تبارك وتعالى جعل الغسل بالماء علمة لغسله مممن الممذنوب،
فينبغي أن يبدأ بذكر اسم الّله تعالى وإذا تمضمض واستنشممق يغسممل فمماه
من الغيبة والكذب كما غسله بالماء ،وإذا غسممل وجهممه يغسممله مممن النظممر
إلى الحرام وكذلك في سائر العضمماء ،فممإذا فممرغ مممن وضمموئه يممدعو الل ّممه
تعالى ويسبحه .وقد روي في الخبر" :إن العبد المؤمن إذا فرغ من وضموئه
ثم قال :سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ل إله إل أنممت أسممتغفرك وأتمموب
إليك يختم بخاتم ثم يوضع تحت العرش فلممم يكسممر حممتى يممدفع إليممه يمموم
القيامة" وروى عقبة بن عامر عن عمر بن الخطاب رضي الّله تعممالى عنممه
أن النبي صلى الّله عليه وسمملم قممال "إذا فممرغ أحممدكم مممن وضمموئه فقممال
أشهد أن ل إله إل الّله وحده ل شريك له وأن محمد عبده ورسمموله فتحممت
له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شمماء" قممال :حممدثني أبممي رحمممه الل ّممه
تعالى حدثنا إبراهيم بن نصر حدثنا حمد بن مسعدة المروزي عن عبد الّلممه
بن عبد المجيد عن عمران القطان عن قتادة عن خليد القصري
]ص [142
عن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم "خمس من جاء بهن يوم القيامة مع اليمان دخل الجنة :من حممافظ
على الصلوات الخمممس فممي مممواقيتهن ووضمموئهن وركمموعهن وسممجودهن،
دى الزكاة من ماله طيبة به نفسه ،ثم قال :وايم الل ّممه ل يفعممل ذلممك ومن أ ّ
دى إل مؤمن ،ومن صام رمضممان ،وحممج الممبيت إن اسممتطاع إليممه سممبيل ،وأ ّ
المانة ،قالوا يا أبا الدرداء وما المانة؟ قال الغسل من الجنابممة ،فممإن الل ّممه
تعالى لم يأتمن ابن آدم على شيء من دينه غيره" قال :حدثني أبي رحمممه
م الفقيه بسمرقند حدثنا محمد بن الّله تعالى حدثنا أبو الحسن محمد بن ج ّ
إسماعيل المكي حممدثنا أبممو أسممامة حممدثنا أبممو الرمممان عممن أبممي الفضممائل
التيمي عن أبي ذرعة عمن أبمي هريمرة رضمي الّلمه تعمالى عنمه قمال :قمال
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم لبلل عنممد صمملة الفجممر "حممدثني بممأزكى
عمل عملته في السلم فإني سمعت الليلة خشف نعليك في الجنة؟ فقال
ما عملت عمل ً في السلم أزكمى عنمدي ممن أنمي لمم أتطهمر طهمورا ً فمي
در لمي" وفمي آخمر" :مما ساعة من ليل أو نهار إل صليت لربي أدنمى مما قم ّ
أحدثت إل أوجدت الطهارة وما تطهرت إل صليت ركعتين" والله أعلم.
]ص [143
ثم يرفع رأسه ويقول سمع الّله لمن حمده ،فيستوي قائما ً حتى يقيم صلبه
ويأخذ كل عضو مأخذه ،ثمم يكمبر فيسمجد فيمكمن وجهممه ممن الرض حممتى
تطمئن مفاصله ويسترخي ،ثم يكمبر فيسمتوي قاعمدا ً علمى مقعمدته ويقيمم
صلبه ،فوصف صلته هكذا أربع ركعات حممتى فممرغ ،ثممم قممال :ل تتممم صمملة
أحدكم حتى يفعمل ذلمك" فقمد أممر النمبي صملى الّلمه عليمه وسملم بإتممام
الركوع والسجود وأخبر أن الصلة ل تقبل إل هكذا ،فينبغي للعبد أن يجتهممد
في إتمام الركوع والسجود لتكون صلته كفارة لما يفعل قبلهمما مممن الزلممل
والخطايا دون الكبائر.
ّ
)قال الفقيه( رضي الله تعالى عنه :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا فارس
بن مردويه حدثنا أبو عبد الرحمن المقري عممن حيمموة بممن شممريح عممن أبممي
عقيل عن الحارث مولى عثمان رضي الّله تعالى عنه قممال :جلممس عثمممان
يوما ً وجلسنا معه فجاء المؤذن فدعا عثمممان رضممي الل ّممه تعممالى عنممه بممماء
فتوضأ ثم قال :رأيت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم توضأ نحممو وضمموئي
هذا وسمعته يقول "من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلة الظهر غفممر
الّله له ما كان بينها وبين صلة الصبح ،ثم صلى العصمر غفمر لمه مما بينهمما
وبين صلة الظهر ،ثم صلى صلة المغرب غفممر لممه ممما بينهممما وبيممن صمملة
العصر ،ثم صلى صلة العشاء غفر الّله له ما بينها وبين المغرب ،ثممم لعلممه
يبيت يتمرغ ليلته ثم إذا قام وتوضأ وصمملى الصممبح غفممر لممه ممما بينهمما وبيممن
صلة العشاء الخرة وهن الحسنات يذهبن السمميئات قممالوا هممذه الحسممنات
فما الباقيات الصالحات؟ قال سبحان الّله والحمد لله ول إله إل الل ّممه واللممه
أكبر ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم" قال وروى عن عبممد الل ّممه بممن
مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه قال " :من سره أن يلقى الّله غدا مسلما
فليحافظ على هؤلء الصمملوات المفروضممات حيممث ينممادى بهممن ،فممإن الل ّممه
تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ،فلعمري لممو صممليتم
في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولممو تركتممم
سنة نبيكم لضللتم ولقد أتى علينا زمان وما يتخلف عنهن إل منافق معلمموم
نفاقه ،ولقد رأينا الرجل يتهادى بين اثنين حتى يقام فممي الصممف ،وممما مممن
رجل يتطهر فيحسن طهوره ثم يعمد إلى مسجد من المساجد فيصلي فيه
إل كتب الّله له بكل خطوة حسنة ويرفع لممه بهمما درجممة ويحممط عنممه خطيئة
حتى إنا كنا لنقارب بين الخطا ،وإن صلة الرجل فممي الجماعممة تزيممد علممى
صلة الرجل وحده خمسا ً وعشرين درجة" .وعن جابر بن عبممد الل ّممه رضممي
الّله تعالى عنهما أنه قال :أردنا النقلة إلى المسجد والبقاع حممول المسممجد
لنا خالية فبلغ النبي صلى الّله عليه وسلم فأتانا في ديارنمما فقمال " يما بنممي
سلمة بلغني أنكم تريدون النقلة إلى المسجد قلنا يا رسممول الل ّممه بعممد عنمما
المسجد والبقاع حوله خالية فقال يا بني سلمة دياركم فإنها تكتب آثاركم"
قال فما وددنا أن نكون بحضرة المسجد لممما قممال النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم الذي قاله.
]ص [144
وروى أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم
أنه قال" من صلى في الجماعة أربعين يوما ً لم تفتممه ركعممة كتممب الل ّممه لممه
براءتين براءة من النار وبراءة من النفاق" قال :حممدثنا محمممد بممن الفضممل
بإسناده عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الّله عليه وسمملم قممال "مممن
توضأ فأسبغ الوضوء ،ثم قام إلى الصلة فأتم ركوعها وسممجودها والقممراءة
فيها قالت الصلة حفظك الّله كما حفظتني ،ثم يصعد بها إلى السماء ولهمما
ضوء ونور ففتح لها أبواب السماء حتى ينتهي بها إلممى الل ّممه تبممارك وتعممالى
فتشفع لصاحبها ،فإذا ضيع ركوعها وسجودها والقممراءة فيهمما قممالت الصمملة
ضيعك الّله كما ضيعتني ثم يصعد بها ولها ظلمة حتى ينتهي بها إلى السماء
فتغلق أبواب السماء دونها ،ثم تلف كممما يلممف الثمموب الخلممق فيضممرب بهما
وجممه صمماحبها" وعممن الحسممن أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال "أل
أخبركم بأسوأ الناس سرقة؟ قالوا من هو يا رسول الله؟ قال الذي يسرق
من صلته ،قالوا وكيف يسرق من صلته؟ قال ل يتم ركوعها ول سممجودها،
وعن سلمان الفارسي رضي الّله تعالى عنه قال :الصلة مكيال فمن وفى
مكياله وفي له ومن طفف فقد علمتم ما قال الّله تعمالى فمي المطففيمن.
وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه
قال" :أثقممل الصمملة علممى المنممافقين صمملة العشمماء الخممرة والفجممر ،ولممو
يعلمون ما فيهما من الجر لتوهما ولممو حبمموا" وعممن بريممدة السمملمي عممن
النبي صملى الّلمه عليمه وسملم أنمه قمال" :بشمر المشمائين فمي ظلمم إلمى
المساجد بالنور التام يوم القيامة" وعن أبي هريرة رضي الل ّممه تعممالى عنممه
أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "لقد هممت أن آمر بالصلة فتقام ،ثم
أخرج بفتيان معهم حزم من الحطب فأحرق علممى قمموم ديممارهم يسمممعون
النداء ثم ل يأتون الصلة" وروى عن عبادة بن الصامت رضممي الل ّممه تعممالى
عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "خمس صلوات افممترض الل ّممه
تعالى على عباده فمن جاء بهن تامات ولم ينقصهن اسممتخافا بحقهممن كممان
له عند الّله عهد أن يدخله الجنة ،ومن تركهن استخفافا بحقهن لم يكن لممه
عند الّله عهد إن شاء رحمه وإن شاء عذبه" .وروى عن عطمماء رحمممه الل ّممه
ه{ن ذ ِك ْمرِ الل ّم ِ جاَرة ٌ َول ب َي ْعٌ ع َ م ْ ل ل ت ُل ِْهيهِ ْ
م تِ َ تعالى في قول الّله تعالى} :رِ َ
جا ٌ
ن
م ع َم ْ جمماَفى ُ
جن ُمموب ُهُ ْ قممال :شممهود الصمملة المكتوبممة وفممي قمموله تعممالى }ت َت َ َ
جِع{ قال :صلة العتمة. ضا ِ
م َ
ال َ
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثني أبي رحمه الّله تعممالى حممدثنا
أحمد بن يحيى حدثنا أحمد بن منصور حدثنا هودة بن خليفة عن عمموف بممن
أبي جميلة عن أبي المنهال عن شهر بن حوشب عن عبد الل ّممه بممن عبمماس
رضي الّله تعالى عنهما أنه قال :إذا كممان يمموم القيامممة وجمممع الخلئق فممي
صعيد واحد جنهم وإنسهم والمم جثيا صفوفا فينادى مناد سمتعلمون اليمموم
من أصحاب الكرم ،ليقم الحمادون لله على كل حال فيقومون فيسممرحون
إلى الجنة ،ثم
]ص [145
جمماَفىينادى ثانيممة سممتعلمون اليمموم مممن أصممحاب الكممرم ،ليقممم الممذين }ت َت َ َ
ن{ قممو َ ممما َرَزقْن َمماهُ ْ
م ُينفِ ُ م ّمع ما ً وَ ِ وفا ً وَط َ َ
خ ْم َ ن َرب ّهُ ْ عو َ
جِع ي َد ْ ُ
ضا ِ
م َ
ن ال َم عَ ْ جُنوب ُهُ ْ
ُ
فيقومون فيسرحون إلى الجنة ،ثم ينادى ثالثة ستعلمون اليوم من أصحاب
ة
صل ِ ن ذ ِك ْرِ الّله وَإ َِقام ِ ال ّ جاَرة ٌ َول ب َي ْعٌ ع َ ْ ل ل ت ُل ِْهيهِ ْ
م تِ َ جا ٌ الكرم ليقم الذين }رِ َ
ة{ فيقومممون فيسممرحون إلممى الجنممة ،فممإذا أخممذ هممؤلء الثلثممة وَِإيَتاِء الّزك َمما ِ
منازلهم يخرج عنق مممن النممار فأشممرف علممى الخلئق لممه عينممان بصمميرتان
ولسان فصيح فيقول :إني وكلت بهم في بثلثة ،إني وكلت بكل جبممار عنيمد
فيلقطهم من الصفوف كلقط الطير حب السمسم فيخنس بهم في جهنم،
ثم يخرج الثانية فيقول إني وكلممت بمممن آذى الل ّممه ورسمموله فيلقطهممم مممن
الصفوف فيخنس بهم في جهنم ،ثم يخرج الثالثة.
قال أبو المنهال :حسبت أنه قال :إني وكلت بأصحاب التصاوير فيلقطهم
من الصفوف فيخنس بهم في جهنم ،فإذا أخذ من هؤلء الثلثة ومن هممؤلء
الثلثة نشرت الصحف ووضع الميزان ودعى الخلئق للحساب.
وذكر أن إبليس لعنه الّله كان يرى في الزمن الول ،فقال له رجل يا أبا
مرة كيف أصنع حتى أكون مثلك؟ قال ويحك لم يطلب مني أحد مثل هممذا،
فكيف تطلب أنت؟ فقال الرجل :إني أحب ذلمك ،فقممال لممه إبليممس أمما إن
أردت أن تكون مثلي فتهاون بالصلة ول تبال من الحلممف صممادقا ً أو كاذبمما،
فقال له الرجل لقممد عاهممدت الل ّممه أن ل أدع الصمملة ول أحلممف يمينما ً أبممدا،
فقال له إبليس ما تعلم أحد مني بالحتيال غيرك ،وأنا عاهممدت أن ل أنصممح
آدميا ً قط .وروى عن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه أنه قال :أكرم عبمماد
الل ّممه علممى الل ّممه الممذين يراعممون الشمممس والقمممر ،قممالوا يمما أبمما الممدرداء:
المؤذنون؟ قال :كل من يراعي وقت الصمملة مممن المسمملمين .قممال حممدثنا
محمد بن داود حدثنا محمد بن أحمد الخطيب النيسابوري حدثنا أبممو عمممرو
أحمد بن خالد الحراني عن يعقوب بممن يوسممف عممن محمممد بممن معممن عممن
جعفر بن محمد عن أبيه عن جده رضي الّله تعالى عنه قممال :قممال رسممول
الّله صلى الّله عليممه وسمملم "الصمملة مرضمماة للممرب تبممارك وتعممالى وحممب
الملئكة وسنة النبياء ونور المعرفة وأصل اليمان ،وإجابممة الممدعاء وقبممول
العمال وبركة في المرزق وراحمة للبمدان ،وسمملح علمى العممداء وكراهيممة
للشمميطان ،وشممفيع بيممن صمماحبها وبيممن ملممك الممموت ،وسممراج فممي قممبره،
وفراش تحت جنبه وجواب مع منكمر ونكيمر ،وممؤنس فمي قمبره إلمى يموم
القيامة ،فإذا كممانت القيامممة صممارت الصمملة ظل فمموقه وتاجمما علممى رأسممه
ولباسا على بدنه ونممورا يسممعى بيممن يممديه وسممترا بينممه وبيممن النممار ،وحجممة
للمؤمنين بين يدي الرب تبممارك وتعممالى وثقل فممي الممموازين وجمموازا ً علممى
الصممراط ومفتاح ما ً للجنممة ،لن الصمملة تسممبيح وتحميممد وتقممديس وتعظيممم
وقممراءة ودعمماء وإن أفضممل العمممال كلهمما الصمملة لوقتهمما" .وعممن الحسممن
البصري رحمه الّله تعالى أن رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم قممال "أّول
ون عليهما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلة ،فإن كان قد أتمها ه ّ
]ص [146
ّ
الحساب وإن كان قد انتقص منها شيئا قال الله تعالى لملئكته هل لعبممدي
وع وإن تممم جممرى جميممع العمممال علممى من تطوع فأتموا الفريضة من التط ّ
حساب ذلك" ويقال من داوم على الصلوات الخمس في الجماعممة أعطمماه
الّله تعالى خمس خصال :أّولها يرفع عنه ضيق العيش ،ويرفممع عنممه عممذاب
القبر ،ويعطى كتابه بيمينه ،ويمر علممى الصممراط كممالبرق الخمماطف ويممدخل
الجنة بغير حساب .ومن تهاون بالصلوات الخمس في الجماعة عاقبه الّلممه
تعالى باثنتي عشرة خصلة :ثلثة في الدنيا ،وثلثة عند الممموت ،وثلثممة فممي
القبر ،وثلثة يوم القيامة ،أما الثلثة التي في الدنيا :فإنه ترفممع البركممة مممن
كسبه ورزقه ،ول يقبممل منممه سممائر عملممه ،وينممزع سمميما الخيممر مممن وجهممه
ويكون بغيضا ً فممي قلمموب النمماس ،وأممما الممتي عنممد الممموت :فتقبممض روحممه
عطشان جائعا ً ويشتد نزعه ،وأممما الممتي فممي القممبر :فمسممئلة منكممر ونكيممر
وظلمة القبر وضيقه ،وأما التي في القيامة فشممدة حسممابه وغضممب الممرب
عليه وعقوبة الّله تعالى له في النار ،وقد روى عن أبي ذر عن النبي صمملى
الّله عليه وسلم نحو هذا.
وروى عن مجاهد أن رجل ً جاء إلى ابن عباس رضي الل ّممه تعممالى عنهممما
فقال :يا ابن عباس :ما تقول في رجل يقوم الليل ويصوم النهار ول يشممهد
جمعة ول يصلي في الجماعة فمات على ذلممك ،فممأين هممو؟ فقممال هممو فممي
النار ،فاختلف إليه شهرا يسأله عممن ذلممك وهممو يقممول هممو فممي النممار قممال:
ي بممن أبممي طممالب كممرم الل ّممه حدثني أبي رحمه الّله تعالى بإسناده عن عل م ّ
وجهه أنه قال :ليأتّين على الناس زمان ل يبقمى ممن السمملم إل اسممه ول
من القرآن إل رسمه ،ومساجدهم يومئذ عمامرة وهممي ممن الهممدى خمراب،
علماؤهم يومئذ شر علماء تحممت أديممم السممماء ،مممن عنممدهم تخممرج الفتنممة
وفيهم تعود ،قال وهب بن منبه :إن الحوائج لممم تطلممب مممن الل ّممه إل بمثممل
الصلة ،وكانت الكروب العظام تكشف عن الولين بالصلة ،قلما نزل بأحد
منهم كربة إل كان مفزعه إلى الصلة ،وقال الّله عز وجل في قصة يممونس
ث فِممي ب َط ْن ِمهِ إ ِل َممى
ن ل َل َب ِم َ َ
حي َ
سمب ّ ِ م َ
ن ال ُ
م ْ
ن ِ ه َ
كا َ عليه الصلة والسلم }فَل َ ْ
ول أن ّ ُ
ن{ قال ابن عبمماس :كممان مممن المصمملين .قممال الحسممن البصممري ي َوْم ِ ي ُب ْعَُثو َ
رحمة الّله تعالى عليه :إن التضممرع فممي الرخمماء اسممتعاذة مممن نممزول البلء
ويجد صاحبه متكأ إذا نزل به .قال النبي صلى الّله عليه وسلم "ممما أعطممى
عبد عطاء خير من أن يؤذن له في ركعتين يصليهما" قال محمد بن سيرين
رحمه الّله تعالى :لو خيرت بين ركعتين وبين الجنة لخترت الركعتين علممى
الجنة ،لن في الركعتين رضا الّله تعالى وفي الجنة رضائي .ويقال إن الّلممه
تعالى لما خلق سبع سموات حشاها بالملئكة وتعبدهم بالصلة فل يفممترون
ساعة ،فجعل لكل أهل سممماء نوعما ً مممن العبممادة فأهممل سممماء قيممام علممى
أرجلهم إلى نفخة الصور ،وأهل سماء ركع وأهل سماء سجد ،وأهممل سممماء
مرخية الجنحة من هيبته ،وأهل عليين وأهل العرش وقوف يطوفون حممول
العرش يسبحون بحمد ربهم
]ص [147
ويستغفرون لمن في الرض ،فجمع الّله ذلك كله في صمملة واحممدة كرامممة
للمؤمنين حتى يكون لهم حظ من عبادة كل سماء ،وزادهم القممرآن يتلممونه
فيها فطلب منهم شكرها ،وشكرها إقامتها بشممرائطها وحممدودها قممال الل ّممه
ن{ قممو َ م ُينفِ ُ ممما َرَزقْن َمماهُ ْ م ّ صمملة َ وَ ِ ن ال ّ مممو َ قي ُ ب وَي ُ ِ ن ب ِممالغَي ْ ِ ن ي ُؤ ْ ِ
مُنو َ ذي َتعالى }ال ّ ِ
ة{ صممل َ َ َ
ن ال ّ مي م َ قي ِ
م ِة{ وقال }َوال ُ صل َ م ال ّ ة{ وقال }وَأقِ ْ صل َ موا ال ّ وقال }وَأِقي ُ
فلم نجد ذكر الصلة في موضع من التنزيل إل مممع ذكممر إقامتهمما ،فلممما بلممغ
ن{ هو َ سما ُ م َ صملت ِهِ ْ ن َ م ع َم ْ هم ْ ن ُذي َ ن اّلم ِ صمّلي َ م َ ل ل ِل ْ ُالذكر المنافقين قال }فَوَي ْم ٌ
فسماهم المصمملين وسمممى المممؤمنين المقيميممن الصمملة ،وذلممك ليعلممم أن
المصلين كثير والمقيمين للصلوات قليممل ،فأهممل الغفلممة يعملممون العمممال
على الترويح ول يذكرون يوم تعرض على الّله فتقبل أم ترد.
وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "إن منكممم مممن يصمملي
الصلة فل يكتب له من صلته إل ثلثها أو ربعها أو خمسها أو سدسممها حممتى
ذكر عشرها" يعني أنه ل يكتب لممه مممن صمملته إل ممما عقممل منهمما ل ماسممها
عنها .وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "مممن صمملى ركعممتين
مقبل على الّله بقلبه خرج من ذنوبه كيمموم ولممدته أمممه" وإنممما عظممم شممأن
صلة العبد بإقبال العبد على الّله فإذا لممم يقبممل علممى صمملته ولهمما بحممديث
النفس كان بمنزلة من قد وقف إلى باب ملك معتذرا مممن خطيئتممه وزلتممه،
فلما وصل إلى باب الملك قام بين يديه وأقبل عليه الملك فجعممل الواقممف
يلتفت يمينا ً وشمال فإن الملك ل يقضي حمماجته ،وإنممما يقبممل الملممك عليممه
على قدر عنايته ،فكذلك الصلة إذا قام العبد فيها وسها فيها ل تقبل منه.
واعلم أن مثل الصلة كمثل ملك اتخذ عرسا فاتخذ وليمة وهيأ فيها ألوانا ً
من الطعمة والشربة لكل لون لذة وفي كل لون منفعممة ،فكممذلك الصمملة
دعاهم الرب إليها وهيأ لهم فيها أفعال ً مختلفة وأذكار فتعبمدهم بهما ليلمذهم
بكل لون من العبودية فالفعال كالطعمة والذكار كالشربة .وقممد قيممل إن
في الصلة اثنتي عشر ألف خصلة ثم جمعت همذه الثنتما عشمرة ألفما فمي
اثنممتي عشممرة خصمملة ،فمممن أراد أن يصمملي فلبمد ّ أن يتعاهممد هممذه الثنممتي
عشرة خصلة لّتتم صلة ،فستة قبل الدخول في الصلة وستة بعدها :أّولهمما
العلم لن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "عمل قليل في علممم خيممر مممن
عمل كثير في جهل" والثاني الوضوء لقوله صلى الّله عليه وسلم "ل صلة
د{ ج ٍ سم ِ م ْ ل َ عن ْمد َ ك ُم ّ م ِ ذوا ِزين َت َك ُم ْ خم ُ إل بطهور" والثالث اللباس لقوله تعممالى} ُ
يعني البسوا ثيابكم عند كل صلة ،والرابممع حفممظ المموقت لقمموله عممز وجممل
موُْقوتًا{ يعني فرضما ً مؤقتمًا ،والخممامس ن ك َِتابا ً َ مِني َ ت ع ََلى ال ُ
مؤ ْ ِ صلة َ َ
كان َ ْ }ال ّ
ث حْيمم ُ حَرام ِ وَ َ جد ِ ال َ س ِم ْ شط َْر ال َ ك َ جه َ َ ل وَ ْاستقبال القبلة لقوله عز وجل }فَوَ ّ
ه{ يعني نحوه ،والسادس النيممة لقمموله صمملى شط َْر ُ م َ جوهَك ُ ْم فَوَّلوا وُ ُ ما ُ
كنت ُ ْ َ
الله عليه وسلم "إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ممما نمموى" ،والسممابع ّ
التكبير لقوله صلى الّله عليه وسلم "تحريمهمما التكممبير وتحليلهمما التسممليم"،
موا ل ِل ّ ِ
ه والثامن القيام لقوله عز وجل }وَُقو ُ
]ص [148
مممان{ يعني صلوا لله قائمين ،والتاسع القراءة لقوله تعالى }َفاقَْرُءوا َ قَان ِِتي َ
ع
ممم َن{ والعاشممر الركمموع لقمموله عممز وجمملَ} :واْرك َُعمموا َ قممْرآ ِن ال ُ
ممم ْسممَر ِت َي َ ّ
دوا{ والثمماني ج ُ
سم ُ
ن{ والحادي عشر السجود لقمموله عممز وجمملَّ} :وا ْ الّراك ِِعي َ
عشر القعدة لقوله صلى الّله عليه وسلم" :إذا رفع الرجل رأسه مممن آخممر
السجدة وقعد قدر التشهد فقد تمت صلته" فإذا وجممدت هممذه الثنمما عشممر
يحتاج إلى الختم وهممو الخلص لتتممم هممذه الشممياء لن الل ّممه تعممالى يقممول:
ن{ فأممما العلممم فعلمى ثلثممة أوجممه :أّولهما أن دي َ ن لَ ُ
ه ال ّ صي َ
خل ِ ِ
م ْعوا الّله ُ }َفاد ْ ُ
يعرف الفريضة من السنة لن الصلة ل تجوز إل به ،والثمماني أن يعممرف ممما
في الوضوء والصملة ممن الفريضمة والسممنة فمإن ذلمك ممن تممام الصملة،
والثالث أن يعرف كيد الشيطان فيأخذ في محاربته بالجهاد ،وأممما الوضمموء:
فتمامه في ثلثة أشياء :أولها أن تطهر قلبممك مممن الغممل والحسممد والغممش،
والثاني أن تطهر البممدن مممن الممذنوب ،والثممالث أن تغسممل العضمماء غس مل ً
سابغا ً بغير إسراف في الماء .أممما اللبمماس فتمممامه بثلثممة أشممياء :أولهمما أن
يكون أصله من الحلل ،والثاني أن يكون طاهرا ً من النجاسات ،والثالث أن
يكون موافقا ً للسنة ،ول يكون لبسه على وجه الفخر والخيلء .وأممما حفممظ
الوقت ففممي ثلثمة أشمياء :أولهما أن يكمون بصمرك إلمى الشممس و القمممر
والنجوم تتعاهمد بمه حضمور المموقت ،والثماني أن يكمون سممعك إلممى الذان
والثالث أن يكون قلبك متفكرا ً متعاهدا للوقت .وأما استقبال القبلة فتمامه
في ثلثة أشياء :أولها أن تستقبل القبلة بوجهك ،والثاني أن تقبل على الّله
ل .وأما النية فتمامهما فممي ثلثمة أشمياء: بقلبك ،والثالث أن تكون خاشعا ً ذلي ً
أولها أن تعلم أي صلة تصلي ،والثاني أن تعلممم أنممك تقمموم بيممن يممدي الل ّممه
تعالى وهو يراك فتقوم بالهيبة ،والثممالث أن تعلممم أنممه يعلممم ممما فممي قلبممك
فتفرغ قلبك من أشغال الدنيا .وأما التكبير فتمامه فممي ثلثممة أشممياء .أولهمما
أن تكبر تكبيرا ً صحيحا ً حزما ،والثاني أن ترفع يممديك حممذاء أذنيممك ،والثممالث
أن يكون قلبك حاضرا ً فتكممبر مممع التعظيممم .وأممما تمممام القيممام ففممي ثلثممة
أشياء :أولها أن تجعل بصرك في موضع سجودك ،والثاني أن تجعممل قلبممك
ل .وأما تمممام القممراءة ففممي ثلثممة إلى الله ،والثالث أل تلتفت يمينا ً ول شما ً
أشياء :أولها أن تقممرأ فاتحممة الكتمماب قممراءة صممحيحة بالترتيممل بغيممر لحممن،
والثاني أن تقرأ بالتفكر وتتعاهد معانيها ،والثالث أن تعمممل بممما تقممرأ .وأممما
تمممام الركمموع ،ففممي ثلثممة أشممياء :أولهمما أن تبسممط ظهممرك ول تنكسممه ول
ترفعه ،والثاني أن تضع يديك على ركبتيك وتفّرج بين أصابعك ،والثممالث أن
تطمئن راكعا ً وتسبح التسبيحات مع التعظيمم والوقمار ،.أمما تممام السمجود
ففي ثلثة أشياء :أّولها أن تضممع يممديك بحممذاء أذنيممك ،والثمماني أن ل تبسممط
ذراعيك ،والثالث أن تطمئن فيها وتسبح مع التعظيممم وأممما تمممام الجلمموس
ففي ثلثة أشياء :أولها أن تقعد على رجلك اليسرى وتنصب اليمنممى نصممبًا،
والثاني أن تتشهد بالتعظيم وتدعو لنفسك وللمؤمنين ،والثالث أن
]ص [149
تسلم على التمام .وأما تمام السلم فأن تكون مع النية الصادقة من قلبك
أن سلمك على من كان على يمينك من الحفظة والرجال والنساء وكممذلك
عن يسارك ،ول يتجاوز بصرك عن منكبيك ..وأما تمام الخلص ففممي ثلثممة
أشياء :أّولها أن تطلمب بصمملتك رضمما الّلمه تعممالى ول تطلمب رضما النمماس،
والثاني أن ترى التوفيق من الّله تعالى ،والثالث أن تحفظها حتى تذهب بها
ة{ ولممم يقممل سن َ ِ
ح َجاَء ِبال َ
ن َ مع نفسك يوم القيامة ،لن الّله تعالى قالَ } :
م ْ
من عمل الحسنة.
وينبغي للمصلي أن يعلم ماذا يفعل ويعرف قدره ليحمد الّله تعالى على
ما وفقه فإن الصلة قد جمعت فيها أنواع الخير من الفعال والذكممار ،فممإذا
ل :يقممول الل ّممهقام العبد إلى الصلة وقال الّله أكبر ومعناه الّله أعظم وأج م ّ
ي ،فإذا كبر ورفممع تعالى قد علم عبدي أني أكبر من كل شيء وقد أقبل عل ّ
اليدين إلى أذنيه ،ومعنى رفع اليدين هو التبرئة من كممل معبممود سمموى الل ّممه
تعالى ،ثم يقول )سممبحانك اللهممم وبحمممدك( وتعلممم فممي قلبممك معنممى هممذا
القول )سبحانك اللهم( يعني تنزيها ً للممه عممن كممل سمموء ونقممص )وبحمممدك(
يعني أن لك الحمد )وتبارك اسمك( يعني جعلت البركة اسمك أي فما ذكر
دك( يعني ارتفع قدرك وعظمتممك )ول إلممه عليه اسمك ،ثم تقول )وتعالى ج ّ
غيرك( يعني ل خممالق ول رازق ول معبممود غيممرك لممم يكممن فيممما مضممى ول
يكون فيما بقى ،ثم تقول )أعوذ بالله من الشيطان الرجيممم( يعنممي أسممألك
أن تعيذني وتمنعني من فتنة الشيطان الملعون الرجيم )بسم الّله الرحمن
الرحيم( فمعنى قوله بسم الله :يعني :الّول فل شيء قبله ول شيء بعده،
الرحمن :العاطف على جميع خلقه بالرزق ،الرحيم :الباّر بالمؤمنين خاصممة
يوم القيامة ،ثم تقرأ فاتحة الكتاب إلى آخرها :يعنممي الحمممد للممه الممذي لممم
يجعلني من المغضوب عليهم وهم اليهود ،ول الضالين وهم النصارى ،ولكنه
جعلني على طريق أنبيائه ،وإذا ركعت فتفكر في نفسممك ،فكأنممك تقممول يمما
رب إني خضعت بين يممديك ،وجئت بهممذه النفممس العاصممية إليممك ،وانقممادت
نفسممي لعظمتممك ،لعلممك تعفممو عنممي وترحمنممي ،ثممم تقممول )سممبحان ربممي
العظيم( معناه تضرعا ً إلى رب عظيم ومولى كريم ،ثممم ترفممع رأسممك مممن
الركوع وتقول )سمع الّله لمن حمده( معناه غفر الّله لمن وحده وأطمماعه،
ثم تقول )ربنا لك الحمد( معناه لك الحمد إذ وفقتنا لهذا ،ثم تسجد ومعنممى
ورت السمجود لميمل بالممذل والستسملم والتواضمع ومعنماه يما رب إنممك صم ّ
وجهي على أحسمن الصممور ،وجعلممت فيممه البصممر والسمممع واللسممان فهممذه
ي وأنفع فقد جئت بهذه الشمياء ووضمعتها بيمن يمديك لعلمك الشياء أحب إل ّ
ترحمني ،ثم تقول )سبحان ربي العلى( معناه تنممزه ربممي العلممى الممذي ل
شيء فوقه ،وإذا جلست للتشهد وقرأت )التحيممات للممه( يعنممي الملممك للممه
والحمد والثناء.
وروى عن الحسن البصري رحمه الّله تعالى أنه قال :كان في الجاهليممة
أصنام فكانوا
]ص [150
يقولون لصنامهم لك الحياة الباقية ،فأمر أهل الصمملة أن يجعلمموا التحيممات
يعني البقاء والملك الدائم لله تعالى ،ثم تقول )والصلوات( يعني الصمملوات
ل ل ينبغي أن تصلي إل له) ،والطيبات( يعني شهادة أن الخمس لله عز وج ّ
ل إله إل الّله هي لله تعالى يعني الوحدانية للممه تعممالى ،ثممم تقممول )السمملم
عليك أيهمما النممبي( يعنممي يما محمممد عليممك السمملم كمما بلغممت رسممالة ربممك
ونصحت لمتك )ورحمة الله( يعني رضوان الّله لك) ،وبركاته( يعنممي عليممك
البركة وعلى أهل بيتك) ،السلم علينمما وعلممى عبمماد الل ّممه الصممالحين( يعنممي
مغفرة الّله تعالى لنا وعلينا وعلى جميع من مضى من النممبيين والصممديقين
من سلك طريقهم إلى يوم القيامة) ،أشهد أن ل إله إل الله( يعني ل معبود
في السماء والرض غيره) ،وأشهدأن محمدا عبممده ورسمموله( خمماتم أنبيممائه
وصفيه وخيرته من جميع خلقه ،ثم تصلي على النبي صلى الّله عليه وسلم
ثم تدعو لنفسك وللمممؤمنين وللمؤمنممات ثممم تسمملم عممن يمينممك وشمممالك،
ومعنى التسليم عن اليمين وعممن اليسممار يعنممي أنتممم معاشممر إخممواني مممن
المؤمنين سمالمون آمنمون ممن شممري وخيممانتي إذا خرجمت ممن المسممجد.
وروى عن الحسن البصري رحمة الّله تعالى عليه عن النبي صلى الّله عليه
وسلم أنه قال "للمصلي ثلث كرامات :يتناثر الممبر علممى رأسممه مممن عنممان
السماء إلى مفرق رأسه ،والملئكة محفوفة من قدميه إلى عنان السممماء،
وملك ينادي لو يعلم العبد من يناجي ما انتقل من صلته" فهممذه الكرامممات
كلها للمصلي فينبغي أن يعرف قدر صلته ويحمد الّله تعالى علممى ممما م م ّ
ن
عليه ووفقه لذلك .وروى سعيد عن قتادة أن دانيال عليه السلم نعممت أمممة
محمد صلى الّله عليه وسلم فقال :يصلون صمملة لممو صمملها قمموم نمموح ممما
أغرقوا ،ولو صلها قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم ،ولو صلها قوم
ثمود ما أخذتهم الصيحة ،ثم قال قتادة عليكم بالصلة فإنها خلق للمممؤمنين
حسن .وروى خلف بن خليفة عن ليممث رفعممه إلممى النممبي صمملى الل ّممه عليممه
ة مرحومة ،وإنما يدفع الل ّممه عنهممم البلء بإخلصممهم وسلم أنه قال "أمتي أم ٌ
ودعائهم وصلتهم وضعفائهم" والله سبحانه وتعالى أعلم..
]ص [151
ن{ يعني دعا الخلق إلى الصلة وصمملى بيممن الذان مي َسل ِ ِ
م ْ
ن ال ُ
م ْ وََقا َ
ل إ ِن ِّني ِ
والقامة .وروى القاسم عن أبي أمامة الباهلي رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أن
النبي صلى الّله عليه وسلم قال "يغفر للمؤذن مد صوته وله مثل أجر مممن
صلى معه من غير أن ينقص من أجرهم شيء" وعن سعد بن أبممي وقمماص
رضي الّله تعالى عنه عن خولة بنت الحكم السلمية قالت :قال رسول الّله
صلى الّله عليه وسلم "المريض ضيف الّله ما دام في مرضه يرفع لممه كممل
يوم عمل سبعين شهيدا ً فإن عافاه من مرضه خرج من ذنوبه كيمموم ولممدته
أمه فإن قضى عليه بالموت أدخله الجنة بغير حساب ،والمؤذن هو حمماجب
الّله تعالى يعطيه بكل ذان ثواب ألف نبي ،والمام وزيممر الل ّممه يعطيممه بكممل
صلة ثواب ألف صديق ،والعالم وكيل الّله تعالى يعطيممه بكممل حممديث نممورا
يوم القيامة وكتب الّله له بكل حمديث عبمادة ألممف سمنة ،والمتعلممون ممن
الرجال والنساء هم خدم الّله فما جزاؤهم إل الجنة".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :قوله "حاجب الله" على وجه المثل،
يعني يعلم الناس وقت الدخول على ربهم كالحمماجب للملممك ،يممأذن للنمماس
بالدخول وقت الذن ،وكذلك قوله "وزير الله" يعني أن النمماس يقتممدون بممه
في صلته وصلتهم تتم بصلته ،وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال
"من أذن سبع سنين أعتقه الّله من سبع دركات مممن النممار بعممد أن يحسممن
نيته" وعن عطاء بن يسممار أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال "يغفممر
للمؤذن مد ّ صوته ويصدقه كل ممما سمممعه مممن رطممب ويممابس" ،وعممن أبممي
سعيد الخدري رضي الّله تعالى عنه قال :إذا كنت في هذه البوادي فممأذنت
فارفع صوتك فإني سمعت النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم يقممول "ل يسمممع
مدى صوت المؤذن شجر ول حجر ول مممدر ول إنممس ول جممان إل شممهد لممه
يوم القيامة عند الّله تعالى" ،قال :وحدثني محمد بن الفضل بإسممناده عممن
معاذ بن جبل رضي الّله تعالى عنه أن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال
"يبعث الّله يوم القيامة بلل على ناقة من نوق الجنممة يممؤذن علممى ظهرهمما،
فإذا قال أشهد أن ل إله إل الّله وأشهد أن محمدا رسول الّله نظممر النمماس
بعضهم إلى بعض فقالوا نشهد على مثل ما تشممهد حممتى يمموافي المحشممر،
فإذا وافى المحشممر يممؤتى بحلممل مممن حلممل الجنممة فممأّول مممن يكسممى بلل
وصالحوا المؤذنين" ،قال قتادة :ذكر لنا أن أبا هريرة رضي الّله تعالى عنممه
كان يقول" :المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة ،فأّول من يقضى له
يوم القيامة الشهداء والمؤذنون بعد النبياء فيممدعى مممؤذن الكعبممة ومممؤذن
بيت المقدس ثم تتابع المؤذنون" وعن ابن مسعود رضي الل ّممه تعممالى عنممه
قال :لو كنت مؤذنا لما باليت أن ل أغزو ،وعن سعد بن أبي وقمماص رضممي
الّله تعالى عنه قال :لو كنت مؤذنا لما بماليت أن ل أجاهممد ،وعمن عمممر بمن
الخطاب رضي الّله تعالى عنه قال :لو كنت مؤذنا لما بمماليت أن ل أحممج ول
أعتمر بعد حجة السلم .وعن علي بن أبي طممالب رضممي الل ّممه تعممالى عنممه
قال :ما أتأسف على شيء
]ص [152
إل أني وددت أنى كنت سألت النبي صلى الّله عليممه وسمملم الذان للحسمن
والحسين ،وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "ممما مممن مدينممة
ل بردها" ،وعن جابر بن عبد الّله رضي الّله تعممالىيكثر المؤذنون فيها إل ف ّ
عنهما أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم قممال "إذا نممادى المؤذنممون بممالذان
هرب الشيطان حتى يكون بالروحاء" وهي ثلثون ميل ً من المدينة.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :يحتاج المؤذن إلى عشر خصال حتى
ينال فضل المؤذنين :أّولها أن يعرف ميقات الصمملة ويحفظهمما ،والثمماني أن
يحفظ حلقه فل يؤذي حلقه لجل الذان ،والثممالث إذا كممان غائبمما ل يسممخط
على من أذن في مسجده ،والرابع أن يحسن الذان ،والخممامس أن يطلممب
ن علممى النمماس ،والسممادس أن يممأمر بممالمعروف ثوابه من الّله تعالى ول يم ّ
وينهى عن المنكر ويقول الحق للغنمي والفقيمر ،والسمابع أن ينتظمر الممام
بقدر ما ل يشق علي القوم ،والثامن أن ل يغضب على من أخذ مكانه فممي
ول الصمملة بيممن الذان والقامممة ،العاشممر أن المسممجد ،والتاسممع أن ل يط م ّ
يتعاهد مسجده فيطهره من القذر ويجنب الصبيان عنه .ويحتاج المام إلممى
عشر خصال حتى تتم صلته وصلة من خلفه :أّولها أن يكون قممارئا ً لكتمماب
الّله تعالى ول يكون لحانًا ،والثاني أن تكون تكبيراته جزما ً صحيحًا ،والثالث
أن يتم ركوعه وسجوده ،والرابممع أن يحفممظ نفسممه مممن الحممرام والشممبهة،
والخامس أن يحفظ ثيابه وبدنه عن الذى ،والسادس أن ل يطممول القممراءة
إل برضمما القمموم ،والسممابع أن ل يعجممب بنفسممه ،والثممامن أن ل يممدخل فممي
الصلة حتى يستغفروا الّله تعالى من جميع ذنمموبه لنممه شممفيع لمممن خلفممه،
والتاسع إذا سلم ل يخص نفسه بالممدعاء فيخممون القمموم ،والعاشممر إذا نممزل
في مسجده غريب يسأله عما يحتاج إليه ،وروى أبو سممعيد الخممدري رضممي
الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "خمسممة أضمممن
لهم الجنة :المرأة الصالحة المطيعة لزوجها والولد المطيع لبويه والمتوفي
فممي طريممق مكممة ،وصمماحب الخلممق الحسممن ،ومممن أذن فممي مسممجد مممن
المساجد إيمانا ً واحتسابًا" ،وروى عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "المام ضامن والمؤذن مممؤتمن اللهممم
أرشد الئمة واغفر للمؤذنين".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنممه :سمممى المممؤذن مؤتمنما ً لن النمماس
أئتمنوه في أمر صلتهم وصومهم ،فمممن حممق المسمملم علممى المممؤذن أن ل
يؤذن لصلة الفجممر حممتى يطلممع الفجممر كممي ل يشممتبه عليهممم أمممر صمملتهم
وسحورهم ،ول يؤذن لصلة المغرب حممتى تغممرب الشمممس لكممي ل يشممتبه
عليهم أمر فطورهم فمن هذا الوجه يكون مؤتمنًا ،والمام ضممامنا ً لنممه قممد
ضمن صلة القمموم فتفسممد صمملتهم بصمملته وتصممح صمملتهم بصمملته ،قممال:
وأخبرني عبد الوهاب عن محمد بن الفضلني بسمرقند بإسناده عممن أنممس
بن مالك رضي الّله تعالى عنه أن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم قممال
"ثلثة يقومون يوم القيامممة علممى كشممبان المسممك ل يهممولهم الحسمماب ول
يحزنهم
]ص [153
م قوما وهم له راضون ،ورجل أذن الخمس ابتغاء وجه الفزع الكبر :رجل أ ّ
الله ،وعبد أطاع ربه وسيده" وروى أبو هريرة رضي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "ل يحممل لمسمملم أن ينظممر فممي بيممت
مسلم إل بإذنه ،فإن نظر فقد دمر ومممن دمممر فقممد نقممض العهممد ،ول يحممل
لمسلم يصلي وهو حممافز حممتى يخفممف ،ول يحممل لمسمملم أن يممؤم قوممما إل
بإذنهم فإن فعل قبلت صلته وردت صلته ،ول يخص المام نفسممه بالممدعاء
فإن فعل ذلك فقد خانهم" .وعن أبممي صممالح عممن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنه قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "لو يعلم النمماس ممما
في النداء والصف الول لسممتهموا عليهممما ،ولممو يعلمممون ممما فممي التهجيممر
لستبقوا إليه ،ولو يعلمون ما في شهود العتمة والصبح لتوهما ولو حبمموا"،
وروى جويبر عن الضحاك قال "لما رأى عبد الّله بن زيد الذان في المنممام
وعلمه بلل ً فأمر النبي صلى الّله عليه وسلم بلل ً أن يصعد السطح ويممؤذن
فلما افتتح الذان سمعوا هدة بالمدينة ،فقال النبي صلى الّله عليممه وسمملم
دة؟ قالوا الّله ورسوله أعلم ،قال إن ربكم أمممر بممأبواب أتدرون ما هذه اله ّ
ّ
السماء ففتحت إلى العرش لذان بلل ،فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه
هذا لبلل خاصة أو للممؤذنين عاممة؟ قمال بممل للممؤذنين عامممة ،وإن أرواح
المؤذنين مع أرواح الشهداء ،فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين المؤذون؟
فيقومون على كثبان المسك والكافور" وروى أنممس بممن مالممك رضممي الل ّممه
تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قممال "خمسممة ليممس لهممم
صلة :المرأة الساخطة على زوجها والعبممد البممق مممن سمميده حممتى يرجممع،
والمصارم الذي ل يكلم أخاه فوق ثلثة أيممام ،ومممدمن الخمممر ،وإمممام قمموم
يصلي بهم وهم له كارهون".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :كراهيممة القمموم علممى وجهيممن :إن كممانت
كراهتهم لفساد فيه أو كان لحانا بالقراءة وهممم يجممدون غيممره أو كممان فممي
الجماعة من هو أعلم منه فهذا الذي يكره وكره لممه أن يممؤمهم ،وإن كممانت
كراهيتهم لنه يأمر بالمعروف فيبغضونه أو للحسد وليس في الجماعة مممن
هو أعلم منه فكراهيتهم باطلة وله أن يؤمهم وإن رغم أنفهممم ،وروى جممابر
بن عبد الّله رضي الّله تعالى عنهما عن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم
أنه قال "المؤذنون المحتسمبون يخرجمون يموم القياممة ممن قبمورهم وهمم
يؤذنون فالمؤذن يشهد له كل شيء يسمع صوته من حجر أو شجر أو مممدر
أو بشر أو رطب أو يابس ،ويغفر الّله لهم مد ّ صوته ويكتب لهم مممن الجممر
بعدد من يصلي بأذانه ،ويعطيه الّله ممما يسممأل بيممن الذان والقامممة إممما أن
يعجله في الدنيا أو يدخره في الخرة وإما أن يصرف عنه السوء ،وأّول من
يكسى يوم القيامممة ممن كسمموة الجنممة إبراهيممم ثممم محمممد عليهممما الصمملة
والسلم ،ثم يكسى الرسل والنبياء عليهم الصلة والسمملم ،ثممم المؤذنممون
المحتسبون وتتلقاهم الملئكة بنجائب من يمماقوت أحمممر يشمميع كممل رجممل
منهم سبعون ألف ملك من قبره إلى المحشر" قال ابن عباس
]ص [154
رضي الّله تعالى عنهما :ثلثة يعصمهم الّله تعالى من عذاب القبر "المؤذن
والشهيد والمتموفي يموم الجمعمة أو فمي ليلمة الجمعمة .وعمن عبمد العلمى
التيمي أنه قال :ثلثة على كثبان المسك حتى يفرغ النمماس مممن الحسمماب:
إمام قوم يلتمس به وجه الّله تعالى ،ورجل قرأ القرآن يلتمس به وجه الّله
تعالى ،ومؤذن ينادي بالصلة يلتمس به وجه الّله تعالى" ،وروى عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من قال مثل ما يقول المؤذن كان له مثممل
أجره وروى في خبر آخممر أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم كممان إذا قممال
ي علممىالمؤذن الّله أكبر يقممول معممه وكممذلك فممي الشممهادتين وإذا قممال حم ّ
الصلة حي على الفلح قال ل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم.
)قال الفقيه( رضممي الل ّممه تعممالى عنممه :ينبغممي للرجممل إذا سمممع الذان أن
يستمع ويعظم ويقول مثل ما يقول المؤذن فإذا انتهى إلى قوله حي علممى
الصلة يقول ل حول ول قوة إل بالله العلممي العظيممم ،وإذا قممال حممي علممى
الفلح يقول ما شاء الّله كان ،وينبغي أن يعرف تفسير الذان ومعنمماه فممإن
لكل كلمة منه ظهرا ً وبطنا ً فإذا قال المؤذن الل ّممه أكممبر الل ّممه أكممبر تفسمميره
ل ،ومعنماه الّلمه أعظمم وعملمه في الظاهر الّله أعظم ثم الّلمه أعظمم وأجم ّ
أوجب فاشتغلوا بعمله واتركوا أشغال الممدنيا ،وإذا قممال أشممهد أن ل إلممه إل
الّله فتفسيره أشهد أنه واحد ل شريك له ومعناه أن الل ّممه قممد أمركممم بممأمر
فاتبعوا أمره فإنه ل ينفعكم أحد إل الّله ول ينجيكم أحممد مممن عممذابه إن لممم
تؤدوا أمره ،وإذا قممال أشممهد أن محمممدا ً رسممول الل ّممه فتفسمميره وأشممهد أن
وه ومعناه أنه قد محمدا رسول الّله أي الّله أرسله إليكم لتؤمنوا به وتصدق ّ
ي علممى الصمملة أمركم بإقامة الجماعة فاتبعوا ما أمركم بممه ،فممإذا قممال ح م ّ
فتفسيره أسرعوا إلى أداء الصلة ومعناه حان وقممت الصمملة فأقيموهمما ول
تؤخروها عن وقتها وصلوها بالجماعة ،وإذا قال حي علممى الفلح فتفسمميره
أسرعوا إلى النجماة والسمعادة ومعنماه أن الّلمه تعمالى جعمل الصملة سمببا ً
لنجاتكم وسعادتكم فأقيموها تنجو من عذابه ،وإذا قال الّله أكمبر الّلمه أكمبر
ل ومعنمماه أن عملممه أوجممب فل تممؤخروا فتفسيره أن الّله تعالى أعظم وأجم ّ
عمله ،وإذا قال ل إله إل الّله فتفسيره اعلموا أنه واحد ل شريك له ومعناه
أخلصوا صلتكم لوجه الّله تعالى ،والله سبحانه وتعالى أعلم.
]ص [155
القرآن" قال :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حممدثنا إبراهيممم
بن يوسف حدثنا وكيع عن الوزاعي عن حسان بن عطية رفعه إلممى النممبي
)ص( قال "الوضوء شطر اليمان والسواك شطر الوضمموء ولممول أن أشممق
على أمتي لمرتهم بالسواك عند كل صملة ،وركعتمان يسمتاك فيهمما العبمد
أفضل من سبعين ركعة ل يستاك فيها".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا محمممد بمن أحممد بمن حمممدان
حدثنا الحسين ابن علي الطوسي حدثنا محمد بن شوكة حدثنا يعقمموب بممن
محمد بن إبراهيممم الممتيمي عممن أبممي إبراهيم حدثنا أبي عن أبي إسحق عن ُ
سلمة عن أبي هريرة رضي الل ّممه تعممالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :خمس من الفطرة :قص الشارب وتقليممم الظممافر وحلممق
العانة ونتف البممط والسممواك" .قممال ابممن عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما:
السواك بعد الطعام أفضل من وصيفتين ،وروى عن النبي صلى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "ل يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنمه سميورثه ،ول
يزال يوصمميني بالمماليممك حممتى ظننممت أنممه يجعممل لعتقهممم وقتمما ،ول يممزال
يوصيني بالسواك حممتى ظننممت أنممه يمدردني :يعنممي يممذهب اللثممة ،ول يممزال
يوصيني بالنساء حتى ظننممت أنممه يحممرم الطلق ،ول يممزال يوصمميني بصمملة
الليل حتى ظننت أن خيار أمتي ل ينامون بالليل" .وروى عن العمش عممن
مجاهد قال "أبطأ جبريل على النبي صلى الّله عليه وسلم ثم أتاه فقال ممما
حبسك يا جبريل؟ قال وكيف نأتيكم وأنتم ل تقلمون أظفمماركم ول تأخممذون
من شواربكم ول تنقون براجمكم ول تستاكون ،ثم قال :وما نتنزل إل بممأمر
ربك" .وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "حق على كل مسلم
الغسل يوم الجمعة والسواك والطيب" وعن حميد بن عبممد الرحمممن قممال:
من قص أظفاره يوم الجمعة أخممرج الل ّممه منممه الممداء وأدخممل فيممه الشممفاء.
وروى عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم "أنممه لممما دخممل الجنممة ليلممة
أسرى به إلى السماء استقبله الحور العين فقلن يا محمد قل لمتممك حممتى
يستاكوا فكلما استاكوا ازددنا حسنًا".
وروى ابن شهاب عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال" :مممن قلممم
أظفاره يوم الجمعة كان له أمانا ً من الجذام" .وروى في بعممض الخبممار أن
النبي صلى الّله عليه وسلم وقت في كل أربعين يوما ً حلق العانة وفي كل
جمعة قص الظفار" وعن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال" :طيبمموا
أفواهكم فإن أفواهكم طرق القرآن".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :السواك على ثلثة أوجه :إما أن يريد بممه
وجه الّله تعالى وإقامة السنة ،وإما أن يريد به نفع نفسه ،وإما أن يريممد بممه
وجه الناس ،فإن أراد به وجه الّله تعمالى وإقامممة السممنة فهممو ممأجور وكممل
صلة تعدل سبعين كما جاء في الخبر ،وإن أراد به منفعة نفسه فل أجر لممه
وهو محاسب به ،وإن أراد به الرياء فهو محاسب به آثم وعن طمماوس عممن
ه
م َرب ّم ُ ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما في قوله تعالى }وَإ ِذ ْ اب ْت ََلى إ ِب َْرا ِ
هي م َ
مامًا{ قال :ابتله بطهممارة خمممس عل ُ َ َ
س إِ َ
ك ِللّنا ِ جا ِ ن َقا َ
ل إ ِّني َ ت فَأت َ ّ
مهُ ّ ب ِك َل ِ َ
ما ٍ
في الرأس وخمس في الجسد،
]ص [156
فأما التي في الرأس :فقص الشارب والمضمضمة والستنشمماق والسممواك
وفرق الرأس ،وفي الجسممد :تقليممم الظممافر والختممان ونتممف البممط وحلممق
العانة والستنجاء بالماء..
]ص [157
ومن لغا فل جمعة له .وروى أبو سلمة عن أبممي هريممرة رضممي الل ّممه تعممالى
عنه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "إن خير يوم طلعت فيه الشمممس
يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخلمه الّلمه الجنمة وفيمه أهبمط منهما ،وفيمه
تقوم ساعة وفيه ساعة ل يصادفها مؤمن يسممأل الل ّممه تعممالى فيهمما شمميئا ً إل
أعطاه إياه" قممال أبممو سمملمة :قممال عبممد الل ّممه بممن سمملم :قممد عرفممت تلممك
الساعة ،وهي آخر ساعات النهار ،وهي الساعة الممتي خلممق فيهمما آدم عليممه
ل{ وقممال سممعيد بممن جم ٍن عَ َ مم ْ
ن ِ
سمما ُ
لن َ السمملم ،قممال الل ّممه تعممالى } ُ
خل ِمقَ ا ِ
وع .وعن كعممب الحبممار: ي من حجة تط ّ المسيب :لن أشهد الجمعة أحب إل ّ
ي مممن أن أشممرب قممدحا مممن خمممر ،ولن لن أشرب قدحا ً من نار أحب إل م ّ
أشرب قدحا ً من خمر أحب إلي من أن أتخلممف عممن الجمعممة ،ولن أتخلممف
ي من أن أتخطى رقاب الناس .وعن أبي هريرة رضممي عن الجمعة أحب إل ّ
الّله تعالى عنه قال "تل رسول الّله صلى الّله عليه وسلم على المنممبر آيممة
ي بن كعب متى أنزلت هذه الية" وفي روايممة أخممرى: فقال ابن مسعود لب ّ
ي بممن كعممب مممتى أنزلممت هممذه اليممة ،فغمممزه ،فلممما أن أبا الدرداء قال لبم ّ
ي "إنما حظك من صلتك ما لغوت ،فدخل عبد الّله علممى انصرف قال له أب ّ
ي ،ثممم رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فسأله عن ذلممك فقممال :صممدق أب م ّ
قال :ما من عبد يغتسل يوم الجمعة ويمممس مممن دهنممه ممما كممان ،ثممم يممأتي
الجمعة فل يؤذي أحدا ً ول يتخطى رقاب الناس فيصلي ما قضى الّله تعالى
له .فإذا خرج المام جلس وأنصت إل غفر الّله له ما بين الجمعتين" .وروى
عبد الرحمن بن يزيد عن أبي لبابة بن عبد المنممذر قممال :قممال رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم "يوم الجمعة سمميد اليممام وأعظمهمما عنممد اللممه ،وهممو
أعظم عند الّله من يوم الفطر ومن يوم النحر ،وفيممه خمممس خصممال :فيممه
خلق الّله تعالى آدم ،وفيه أهبط الل ّممه تعممالى آدم إلممى الرض ،وفيممه تمموفى
آدم ،وفيه ساعة ل يسأل العبد فيها شيئا ً إل أعطاه الّله إيمماه ممما لممم يسممأل
حرامًا ،وفيه تقوم الساعة ،وما من ملك مقرب عند ربه ول فممي سممماء ول
ي بن أبممي طممالب كممرم في أرض إل وهو يشفق من يوم الجمعة" .وعن عل ّ
الّله وجهه قال :إذا كمان يموم الجمعمة خمرج الشميطان ممع أعموانه يزينمون
للناس أسواقهم ومعهم الرايات ،وتقعد للناس أسممواقهم ومعهممم الرايممات،
وتقعد الملئكة على أبواب المسجد فيكتبون الناس على قدر منازلهم حتى
يخرج المام فمن دنا من المام فأنصت واستمع ولم يلغ كان له كفلن :أي
حظان ونصيبان من الجر ،ومن تباعد فاستمع وأنصت ولم يلغ كان له كفل
من الجر ،ومن دنا من المام فلغا ولممم يسممتمع كممان لمه كفلن ممن المموزر
ومن قال مه فقد تكلم ومن تكلم فقد لغا ومن لغا فل جمعممة لمه ،ثممم قممال
ي رضي الّله تعالى عنه :هكذا سمعت نبيكم صلى الّله عليه وسلم. عل ّ
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت أبى قال :بلغنا أن صالحا المر ّ
ي
أقبل ليله الجمعة يريد مسجد الجامع ليصلى فيه صلة الفجر ،فمر بمقممبرة
فقال :لو قمت حنى يطلع الفجر ،فدخل
]ص [158
المقبرة فصلى ركعتين واتكأ على قبر فغلبته عيناه ،فرأى في المنممام كممأن
أهل القبور قد خرجوا من قبورهم فقعدوا حلقا حلقا يتحمدثون ،فمإذا شماب
عليه ثياب دنسة فقعد فممي جممانب مغموممما فلممم يمكثمموا إذا أقبلممت عليهممم
أطباق عليها الطاف مغطاة بمناديل فكلممما جمماء واحممدا منهممم طبممق أخممذه
ودخل قبره ،حتى بقى الفتى في آخر القمموم لممم يممأته شمميء ،فقممام حزينمما
ليدخل في قبره فقلت له :يا عبد الّله ما لي أراك حزينا وممما الممذي رأيممت؟
قال :يا صالح المّرى هل رأيت الطباق؟ قال :قلت نعم ،فما هي؟ قال تلك
ألطاف الحياء لموتاهم كلما تصدقوا عنهم اودعوا لهم أتاهم ذلك في ليلممة
الجمعة وإني رجل من أهل السند أقبلت بوالدتي تريممد الحمج ،فلممما صمرت
بالبصرة توفيت بها وتزّوجت والدتي بعدي ولم تممذكر لزوجهمما أنممه كممان لهمما
ولد .وقد ألهتها الدنيا فما تذكرني بشفة ول لسان فحق لي الحزن إذ ليس
لي من يممذكرني ممن بعممدي ،قممال صمالح :وأيممن منممزل أمممك؟ فوصمف لممي
الموضع ،قال :فلما أصبحت و قضيت صمملتي أقبلممت فسممألت عممن منزلهمما
فأرشدت إليممه ،فجئت فاسممتأذنت عليهمما فقلممت أتممى صممالح المممري بالبمماب
فأذنت فدخلت و قلت أحب أن ل يسمع كلمي و كلمك أحد .فدنوت حممتى
ما كان بيني و بينها إل ستر ،فقلت يرحمك الّله هل لك ولد؟ قالت ل قلممت
فهل كان لك ولد؟ فتنفست الصممعداء ثممم قممالت :قممد كممان لممي ولممد شمماب
فمات فقصصت عليهمما القصممة ،قممال :فبكممت حممتى تحممدرت دموعهمما علممى
خديّها ،قالت :يا صالح ذاك ولدي من منزل كبدي والحشمما ،كممان بطنممي لممه
وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء .ثم دفعت لممي ألممف درهممم وقممالت:
تصدقت بها على حبيبي وقرة عيني ول أنساه الممدعاء والصممدقة فيممما بقممى
من عمري ،قال :فانطلقت فتصدقت باللف ،فلما كان في الجمعة الخرى
أقبلت أريد الجمعة ،فأتيت المقممبرة وصممليت ركعممتين واسممتندت إلممى قممبر.
فخفقت برأسي فإذا أنا بقوم قد خرجمموا وإذا أنمما بمالفتى عليممه ثيمماب بيممض
فرحا مسرورا ثم أقبل حتى دنا منى ثم قال :يا صممالح المممري جممزاك الل ّممه
خيرا عنى وقد وصلت إلينا الهدية .فقلممت لمه أنتمم تعرفممون الجمعمة؟ قمال
نعم ،وإن الطيور في الهواء يعرفونها ويقولون سلم ليوم صالح :يعني يمموم
الجمعة.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :وحدثني الثقة بإسناده عن أنس بممن
مالك رضى الّله تعالى عنه قال "جاء جبريل عليه السلم إلى رسممول الّلممه
صلى الّله عليه وسلم وفممي كفممه كممالمرآة البيضمماء وفممي وسممطها كالنكتممة
السوداء ،قال ما هذا يا جبريل؟ قال هذا يموم الجمعممة يعرضممها الل ّممه عليممك
لتكون لك عيدا لك ولمتك من بعدك ولكم فيها خير ،من دعا فيها بخير هممو
دخر له ما هممو أفضممل منممه، له قسم أعطاه الّله إياه وإن لم يكن له قسم ا ّ
وهو عندنا يوم المزيد ونحن ندعوه سمميد اليممام ،قممال ولممم ذلممك؟ قممال لن
ربك اتخذ في الجنة واديا ً أفيح فيه
]ص [159
كشيب من مسك أبيض ،فإذا كان يوم الجمعة جاء النممبيون وجالسمموا علممى
منابر من نور مكللة بالجواهر ،ثم حف وراء تلك المنابر بكراسممي مممن نممور
ديقون والشهداء فجلسوا عليها ،ثم يأتي أهل جنة عدن فيجلسون فجاء الص ّ
على ذلك الكثيب البيض فيقول لهم الرب تعالى ،أنا الممذي صممدقتم وعممدي
وأتممت عليكم نعمتي وهذا محل كرامتي فسلوني ،فيقولممون ربنمما نسممألك
رضوانك والجنة؟ فيقول رضواني أحلكم داري وأنيلكم كرامممتي ،فيسممألونه
الرضا فيهديهم الرضا ويعطيهم فوق رغبتهم وأمنيتهم ،وذلك قدر منصممرف
أمامكم من الجمعة ويفتح لهم عند ذلك مال يخطر على قلب بشر ولم تره
ديقون والشممهداء ويرجممع أهممل الغممرف إلممى عين ،ثممم يرجممع النممبيون والصم ّ
غرفهم فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا فيممه كرامممة
فلذلك سمى يوم المزيد وفيه تقوم الساعة" .وروى أنس بن مالممك رضممي
الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال "الصمملوات فممي
ن ممما اجتنبممت الكبممائر" واللممه
الجماعة والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهم ّ
تعالى أعلم..
]ص [160
بن عمير صمماحب رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم :كونمموا فممي الممدنيا
أضيافا ،واتخمذوا المسماجد بيوتمًا ،وعلممموا قلموبكم الرقمة ،وأكممثروا التفكمر
والبكاء ل تختلفن بكم الهواء .قال قتادة رضممي الّلمه تعمالى عنممه :مما كمان
للمؤمن أن يرى إل في ثلثة مواطن :مسجد يعمره ،وبيت يسممتره ،وحاجممة
ل بأس بها .وقممال النممزال بمن سممبرة :المنممافق فممي المسممجد كممالطير فممي
القفص .وعن خلف بن أيمموب أنممه كممان جالسما ً فممي المسممجد فأتمماه غلمممه
يسأله عن شيء ،فقام فخرج من المسجد ثم أجممابه ،فقيممل لممه فممي ذلممك،
فقال :ما تكلمت في المسجد بكلم الدنيا منذ كذا سممنة فكرهممت أن أتكلممم
اليوم.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :إنما يصير للعبد منزلة عند الّله تعالى إذا
عظم أوامره وعظم بيوته وعباده ،والمساجد بيوت الّله فينبغي للمؤمن أن
يعظمها فإن فممي تعظيممم المسمماجد تعظيممم الل ّممه تعممالى .وروى عممن بعممض
ولت قممدمي فيهمما الزهاد أنه قال :ما استندت في المسجد إلى شيء ول ط ّ
ول تكلمت بكلم الدنيا ،وإنما قال ذلك ليقتممدي بممه .وعممن الوزاعممي رضممي
الّله تعالى عنه قال :خمس كان عليهن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم
والتابعون بإحسان :لزوم الجماعة ،واتباع السنة ،وعمممارة المسممجد ،وتلوة
القرآن ،والجهاد في سبيل الّله تعالى .وروى عن الحسممن بممن علممي رضممي
الّله تعالى عنهما أنه قال :ثلثة في جوار الّله تعالى :رجل دخل المسممجد ل
يدخله إل لله فهو ضيف الّله تعالى حتى يرجع :ورجممل زار أخمماه المسمملم ل
يزوره إل لله فهو من زّوار الل ّممه تعممالى حممتى يرجممع ،ورجممل خممرج حاجما ً أو
معتمرا ً ل يخرج إل لله تعالى فهو وفممد الل ّممه تعممالى حممتى يرجممع إلممى أهلممه.
ويقال :حصون المممؤمن ثلثممة :المسممجد وذكممر الل ّممه تعممالى وتلوة القممرآن،
والمؤمن إذا كان في واحد من ذلك فهو فممي حصممن ممن الشمميطان .وقممال
الحسن البصري رحمه الّله تعالى :مهور الحور في الجنممة كنممس المسمماجد
وعمارتها :قممال أنممس بممن مالممك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه :مممن أسممرج فممي
المسجد سراجا ً لم تزل الملئكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام ذلممك
في المسجد وقال عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه :المساجد بيمموت
الّله فممي الرض ،والمصمملى فيهمما زائر اللممه ،وحممق علممى المممزور أن يكممرم
زائره.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعممالى :يقممال حرمممة المسمماجد خمممس عشممرة
خصلة :أولها أن يسلم وقت الممدخول إذا كممان القمموم جلوسما ً وإن لممم يكممن
فيها أحد أو كانوا في الصلة يقول السلم علينا ممن ربنمما وعلممى عبمماد الل ّممه
الصالحين :والثاني أن يصلي ركعتين قبممل أن يجلممس لممما روي عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "لكل شيء تحيممة وتحيممة المسممجد ركعتممان"
والثممالث أن ل يشممتري فيممه ول يممبيع ،والرابممع أن ل يسممل فيممه السمميف،
والخامس أن ل ينشد فيه الضالة ،والسادس أن ل يرفممع فيممه الصمموت فممي
غير ذكر الّله تعالى ،والسابع أن ل يتكلم
]ص [161
فيه بشيء من أحاديث الدنيا ،والثامن أن ل يتخطى رقاب الناس ،والتاسممع
أن ل ينممازع فممي المكممان ،والعاشممر أن ل يضمميق علممى أحممد فممي الصممف،
والحادي عشر أن ل يمّر بين يدي المصلى ،والثاني عشر أن ل يممبزق فيممه،
والثممالث عشممر أن ل يفرقممه أصممابعه فيممه ،والرابممع عشممر أن ينزهممه عممن
النجاسات والمجانين والصبيان وإقامممة الحممدود ،والخممامس عشممر أن يكممثر
فيه ذكر الّله تعالى ول يغفل عنه .وروى عن الحسممن أن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم قال "يأتي على أمتي زمان يكون حديثهم في مسمماجدهم لمممر
دنياهم ليس لله فيهم حاجة فل تجالسوهم" .وروى عممن الزهممري عممن أبممي
هريرة رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
"يكون الغرباء في الدنيا أربعة :قرآن في جوف ظالم ،ومسممجد فممي نممادي
قوم ل يصلون فيه ،ومصحف في بيت ل يقرأ فيممه ،ورجممل صممالح مممع قمموم
سوء" .وعن أنس رضي الّله تعالى عنه عن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسملم أنمه قمال "تحشمر المسماجد كأنهما بخمت بيممض قوائمهما ممن العنمبر
وأعناقها من الزعفران ورؤوسها من المسك الذفر وأسنامها من الزبرجممد
الخضر ،وقوادها المؤذنون يقودونها ،والئممة يسموقونها فيعمبرون بهما فممي
عرصات القيامممة كممالبرق الخمماطف ،فيقممول أهممل القيامممة هممؤلء الملئكممة
المقربون والنبياء المرسلون ،فينادونهم يا أهل القيامة ممما هممؤلء الملئكممة
المقربون ول النبياء ول المرسمملون بممل هممم أمممة محمممد صمملى الل ّممه عليممه
وسلم الذين كانوا يحفظون صلة الجمعة" .وعن وهب بن منبه رحمه الّلممه
تعممالى قممال :يممؤتى بالمسمماجد يمموم القيامممة كأمثممال السممفن مكللممة بالممدر
والياقوت فتشفع لهلها .وعن علي بن أبممي طممالب كممرم الل ّممه وجهممه قممال:
"يأتي على الناس زمان ل يبقى مممن السمملم إل اسمممه ول مممن القممرآن إل
رسمه ،يعمرون مساجدهم وهي خراب من ذكر الّله تعالى ،شر أهممل ذلممك
الزمان علماؤهم منهم تخرج الفتن وإليهم تعود".
]ص [162
هذا عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قممال :حممدثنا محمممد بممن الفضممل
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسممف حممدثنا يزيممد بممن زريممع عممن
هشام الدستوائي عمن قتمادة عمن خليمل بمن عبمد الّلمه العصمري عمن أبمي
الدرداء رضي الّله تعالى عنممه أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال "مما
طلعت شمس إل بعث بجنبتيها مكان يناديان ،وإنهما يسمممعان أهممل الرض
إل الثقلين :أيها الناس هلموا إلى ربكم فمإن مما قممل وكفممى خيممر ممما كممثر
وألهى ،وملكان يناديان :اللهم عجل لمنفق ماله خلفا ً وعجل لممسك ممماله
تلفا" قال :أخبرنا أبي رحمه الّله تعالى حدثنا محمد بن موسى حدثنا سلمة
بن شبيب حدثنا إبراهيمم بمن يسمار عممن زرعمة بمن أيمموب عممن جويمبر عمن
الضحاك عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما قال" :مر النبي صلى الّلممه
عليه وسلم برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول أسألك بحرمة هذا البيت
أن تغفر لي؟ فقال له رسول الّله صلى الّله عليه وسلم :يا عبممد الل ّممه سممل
بحرمتك فإن حرمة المؤمن أعظم عند الّله من حرمة هذا البيت ،فقممال يمما
رسول الّله إن لي ذنبا ً عظيمًا ،قال وما ذنبك؟ قال إن لممي مممال ً كممثيرا ً وإن
ماشيتي كثيرة وإن خيلي كثيرة ،ولكن الرجل إذا سممألني شمميء مممن مممالي
فكأن شعلة من نار تخرج من وجهي ،فقممال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم تنح عني يا فاسق ل تحرقني بنممارك والممذي نفسممي بيممده لممو صمممت
ألف عام وصليت ألف عام ثم مت لئيما ً لكبك الّله في النار ،أما علمت أن
اللؤم من الكفممر والكفممر فممي النممار والسممخاوة مممن اليمممان واليمممان فممي
الجنة" .وروت عائشة رضي الّله تعممالى عنهمما عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "السخاوة شممجرة أصمملها فممي الجنممة وأغصممانها متدليممة فممي
الدنيا فمن تعلق بغصن منها مده إلى الجنة ،والبخل شجرة أصلها في النار
وأغصانها متدلية في الدنيا فمن تعلق بغصممن منهمما مممده إلممى النممار" .وعممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "البخيل بعيد من الّله بعيممد مممن الجنممة
بعيد من الناس قريب من النار .والسخي قريب من الّله قريب مممن الجنممة
قريب من الناس بعيد من النار" وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال
"حصنوا أموالكم بالزكاة ،وداووا مرضاكم بالصممدقة واسممتقبلوا أنممواع البلء
بالدعاء" وعن عبد الرحمن السلماني مولى عمر رضي الّله تعالى عنه عن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إذا سأل سائل فل تقطعوا عليه
مسألته حتى يفرغ منها ثم ردوا عليه بوقار ولين ببذل يسير أو برد جميممل،
فإنه قد يأتيكم من ليس بإنس ول جان ينظرون كيف صنيعكم فيما خممولكم
الّله " وروى سعيد بن مسعود الكنمدي قمال :قمال رسمول الّلمه صملى الّلمه
عليه وسلم "ما من رجل يتصدق في يوم أو ليلممة إل حفممظ مممن أن يممموت
من لدغة أو هدمة أو موت بغتة" وروى أبو هريممرة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما نقص مال من صدقة قممط ،ول
عفا رجل عن مظلمة إل زاده الّله بها عزا ،وما تواضممع رجممل للممه إل رفعممه
الّله تعالى" وروى عكرمة عن ابن عبمماس رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما قممال:
ن
طا ُشمي ْ َ
اثنان من الشيطان واثنان من الّله تعممالى ،ثممم قممرأ هممذه اليممة }ال ّ
ْ
ل{ يعنممي ضم ًه وَفَ ْ
من ْم ُ
مغْفِمَرة ً ِ
م َ شاِء َوالل ّم ُ
ه ي َعِمد ُك ُ ْ ح َ
ف ْ مُرك ُ ْ
م ِبال َ قَر وَي َأ ُ
ف ْ ي َعِد ُك ُ ْ
م ال َ
يأمركم
]ص [163
م{ يعنممي واسممع سعٌ ع َِلي م ٌ بالطاعة والصدقة لتنالوا مغفرته وفضله }َوالل ّ ُ
ه َوا ِ
الفضل عليم بثواب من يتصدق .وروى ابن بريدة عن أبيه عن النممبي صمملى
الّله عليه وسلم "مما نقمض قموم العهمد إل ابتلهمم الّلمه تعمالى بالقتمل ،ول
ظهرت فاحشة في قوم إل سلط الّله عليهم الموت ،ول منممع قمموم الزكمماة
إل حبس الّله عنهمم القطمر" وروى الضمحاك عمن النمزال بمن سمبرة قمال:
مكتوب على باب الجنة ثلثة أسطر :أولها ل إله إل الّله محمد رسول اللممه،
والثاني :أمة مذنبة ورب غفور ،والثممالث وجممدنا ممما عملنمما ربحنمما ممما قممدمنا
خسرنا ما خلفنا ،ويقال من منع خمسا ً منع الّله منه خمسًا :أّولها مممن منممع
الزكاة منع الّله منه حفظ المال ،والثاني مممن منممع الصممدقة منممع الل ّممه منممه
العافية ،والثالث من منع العشر منع الّله منه بركة أرضه ،والرابع مممن منممع
الدعاء منع الّله منه الجابة ،والخامس من تهاون بالصلة منممه عنممد الممموت
قول ل إله إل الله .وروى عن ابن مسعود رضي الّله تعممالى عنممه أنممه قممال:
درهم ينفقه أحدكم فممي صممحته وشممحه أفضممل مممن مممائة يوصممى بهمما عنممد
الموت.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :سمعت أبي رحمه الّله تعممالى قممال:
كان في زمن عيسى عليه الصلة والسلم رجل يسمى ملعون ما ً مممن بخلممه،
فجاءه رجل ذات يوم يريد الغزو ،فقال يا ملعون أعطني شيئا ً مممن السمملح
أستعين به في غزوي وتنجو بممه مممن النممار ،فممأعرب عنممه ولممم يعطممه شمميئا
فرجع الرجل فندم الملعون فناداه فأعطاه سيفه ،فرجع الرجممل واسممتقبله
عيسى عليه السلم مع عابد قد عبد الّله سبعين سنة ،فقال له عيسى مممن
أين جئتم بهذا السيف؟ فقممال أعطممانيه الملعممون ،ففممرح عيسممى بصممدقته،
فكان الملعون قاعدا ً على بابه ،فلما مّر به عيسى عليه السمملم مممع العابممد
فقال الملعون في نفسه أقوم وأنظر إلى وجه عيسممى وإلممى وجممه العابممد،
فلما قام ونظر إليهما قال العابد أنا أفر وأعدو مممن هممذا الملعممون قبممل أن
ل إلى عيسى عليه السلم أن قل لعبدي يحرقني بناره ،فأوحى الّله عز وج ّ
هذا المذنب إني قد غفرت له بصدقته بالسيف وبحبه إياك ،وقل للعابد إنممه
رفيقك في الجنة ،فقال العابد والله ما أريد الجنة معه ول أريد رفيقا ً مثلممه،
ل إلى عيسى عليه السلم أن قل لعبدي :إنك لم تممرض فأوحى الّله عز وج ّ
بقضائي وحقرت عبممدي فممإني قممد جعلتممك ملعونمما مممن أهممل النممار ،وبممدلت
منازلك في الجنة مع الذي له في النار ،وأعطيت منازلك في الجنة لعبممدي
ومنازله في النار لك .وروى أبو هريمرة رضممي الّلمه تعمالى عنممه عمن النمبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن ملكا ً ينادي من أبواب السماء يقول مممن
يقرض اليوم يجد غدًا ،وملمك آخمر ينمادي يما معشمر بنمي آدم لمدوا للمموت
وابنوا للخراب" وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه سممأل فقيممل يمما
رسول الّله إذا خرجت من الدنيا فظهر الرض خيرا ً لنا أم بطنها؟ قممال أبممو
هريرة رضي الّله تعالى عنه قممال النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم "إذا كممان
أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم أسخياءكم وأموركم
]ص [164
شورى بينكم فظهر الرض خير لكم من بطنها ،وإذا كان أمراؤكم شراركم
وأغنيمماؤكم بخلءكممم وأممموركم إلممى نسممائكم فبطممن الرض خيممر لكممم مممن
ظهرها" وعن عبد الل ّممه بممن مسممعود رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :إن
استطعت أن تجعل كنزك حيث ل يأكله السوس ول تناله اللصمموص فافعممل
بالصدقة .وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "مممن أدى الزكمماة
وأقرى الضيف وأدى المانة فقد وقى شممح نفسممه" يعنممي دفممع البخممل عممن
نفسه.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :عليك بالصدقة بما قممل أو كممثر فممإن
في الصدقة عشر خصال محمودة :خمسة في الدنيا وخمسة فممي الخممرة،
فأما الخمسة التي في الدنيا :فأولها تطهير المال كما قال النبي صلى الل ّممه
عليه وسلم "أل إن البيع يحضره اللغو والحلف والكذب فشوبوه بالصممدقة"
ن
مم ْ خ مذ ْ ِ
ل} ُ والثاني أن فيها تطهير البدن من الذنوب كما قال الّله عز وج م ّ
م ب َِهمما{ ،والثممالث أن فيهمما دفممع البلء م وَت َُز ّ ة ت ُط َهُّر ُ
صممد َقَ ً َ
كيِهمم ْ همم ْ م َوال ِهِ ْ
ممم َ
أ ْ
والمراض كما قال النبي صلى الّله عليه وسلم "داووا مرضاكم بالصممدقة"
والرابع أن فيها إدخممال السممرور علممى المسمماكين وأفضممل العمممال إدخممال
السرور على المؤمنين ،والخممامس أن فيهمما بركممة فممي المممال وسممعى فممي
ه{ .وأممما فم ُ
خل ِ ُيٍء فَهُموَ ي ُ ْ ن َ
شم ْ مم ْ
م ِ
قت ُم ْ ممما َأن َ
ف ْ الرزق كما قممال الل ّممه تعممالى }وَ َ
الخمسة التي في الخرة ،فأولها أن تكون الصدقة ظل ً لصاحبها مممن شممدة
الحر ،والثاني أن فيها خفة الحساب ،والثممالث أنهمما تثقممل الميممزان ،والرابممع
جواز على الصراط ،والخامس زيادة الدرجات في الجنة ،ولو لم يكممن فممي
الصدقة فضيلة سوى دعاء المساكين لكان الواجب على العاقل أن يرغممب
فيها فكيف وفيها رضى الّله تعمالى ورغمم الشميطان ،لنمه روى فمي الخمبر
"إن الرجل ل يستطيع أن يتصدق ما لم يفك لحيي سبعين شمميطانا" وفيهمما
القتداء بالصالحين لن الصالحين كانت همتهم في الصدقة.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن
محمد بن المنكدر عن أم ذر ،وكانت تدخل على عائشة رضممي الل ّممه تعممالى
عنها قالت :بعث عبد الّله بن الزبير إلى عائشة رضي الّله تعالى عنها بمال
في غرارتين فيهما ثمانون ومائة ألف درهم وهممي صممائمة ،فجعلممت تقسممم
بين الناس فأمست وما عندها من ذلك درهم ،فلما أمست قالت يمما جاريممة
هلمي فطوري فجاءتها بخبز وزيت ،فقالت لها أما استطعت فيممما قسمممت
هذا اليوم أن تشتري لنا لحما ً بدرهم! قالت :ل تعنفينممي لممو كنممت ذكرتينممي
لفعلت .وعن عروة بن الزبير قال :لقد رأيت عائشة رضي الّله تعالى عنهمما
تصدقت بسبعين ألف درهم وإنها لترفع جانب درعها .وذكر أن عبممد الملممك
بن أبجر ورث خمسين ألف درهممم فبعممث إلممى إخمموانه صممررا وقممال :كنممت
أسأل لخواني الجنة ،فكيف أبخل عليهم بالدنيا .وذكر في الخبر :أن امممرأة
جاءت إلى حسان بن أبي سنان فسألته شيئًا ،فجعل ينظر إليها
]ص [165
فإذا هي امرأة جميلة فقال يا غلم أعطها أربعممائة فقيمل لمه يما عبمد الّلمه
سائلة تسألك درهما فأعطيتها أربعمائة درهم؟ فقال لما نظرت إلى جمالها
خشيت أن نفتتن فتقع في المعصممية فممأحببت أن أغنيهمما فعسممى أن يرغممب
فيها أحد فيتزوجها .وذكر في الخبر أن رجل ً من أصممحاب النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أهدى إليه برأس شاة فقال أخي فلن أحوج منممي فبعممث إليممه،
فقال الذي بعث إليه :إن فلنا أحوج مني فبعممث إليممه ،فلممم يممزل يبعممث بممه
واحد بعد واحد حتى تداولت سبعة أبيممات ثممم رجممع إلممى الول فنممزل قمموله
ة{ ويقال إن نزول هذه ص ٌصا َ
خ َم َن ب ِهِ ْ م وَل َوْ َ
كا َ سه ِ ْ
ف ِن ع ََلى أ َن ْ ُتعالى }وَي ُؤ ْث ُِرو َ
الية كان في شأن رجل من النصار ،وذلك ما رواه الحسن "أن رجل ً أصبح
على عهد رسول الّله صلى الّله عليه وسلم صائما ً فلما أمسى لم يجممد ممما
يفطر عليه إل الماء فشرب ،ثم أصبح صائما ً ثم أمسى لممم يجممد ممما يفطممر
عليه إل الممماء فشمرب ،ثمم اصممبح صمائما ً فلمما كمان اليموم الثممالث أجهمده
الجوع ،ففطن به رجل من النصار فلما أمسى أتى بممه منزلممه فقممال لهلممه
قد نزل بنا الليلة ضيف فهل عندنا طعام فقالت إن عنممدنا مممن الطعممام ممما
يشبع الواحد وكانا صائمين ولهممما صممبي ،فقمال لهما إن نطعمم ذلمك ضميفنا
ومي الصبي قبل وقت العشاء وإذا قربت الطعام فأطفىء ونصبر الليلة ،فن ّ
السراج حتى يرى الضيف أنا نأكل معه حتى يشبع فجاءت بثريدة فوضممعتها
ثم دنت من السراج كأنها تصلحه فأطفأته فجعل النصمماري يضممع يممده فممي
القصعة بيممن يممديه ول يأكممل شمميئا ً فأكممل الضمميف حممتى أتممى علممى ممما فممي
القصعة ،فلما أصبح النصاري صلى مع رسول الّله صلى الّلمه عليمه وسملم
الفجر فلما سلم النبي صلى الّله عليه وسمملم أقبممل علممى النصمماري وقممال
لقد عجب الّله تعالى من صنيعكما يعني رضى به وتل هذه الية }وَُيممؤ ْث ُِرو َ
ن
ة{ يعنممي يممؤثرون بممما عنممدهم لغيرهممم صم ٌ
َ صا
َ خ
م َ ن ب ِهِم ْ م وَل َوْ َ
كا َ سه ِ ْ ف ِع ََلى أ َن ْ ُ
مك هُ م ْس مهِ فَ مأ ُوْل َئ ِ َ
ف ِ
ح نَ ْ
ش ّن ُيوقَ ُم ْويمنعون أنفسهم وإن كان بهم مجاعة }وَ َ
ن{ يعني مممن يممدفع البخممل عممن نفسممه فممأولئك هممم النمماجون مممن حو َ فل ِ ُ
م ْ
ال ُ
ّ
عذابه .وذكر عن حامد اللفاف رحمه الله تعالى أنه قال :إني لرضى منكم
بأربعة وإن كان السلف على خلف ذلك :أحدها أن تهتموا لتقصير الفريضة
كما كانوا يهتمون لتكثير الفضيلة ،والثاني أن تخافوا الّله فممي ذنمموبكم أن ل
تغفر كما كانوا يخافون على الطاعممة أن ل تقبممل ،والثممالث أن تزهممدوا فممي
الحرام كما كانوا يزهدون في الحلل ،والرابع أن تؤتوا الشفقة والمعممروف
إلى إخوانكم وأصدقائكم كما كانوا يؤتونهما إلى أعدائهم.
]ص [166
باب ما تدفع الصدقة عن صاحبها
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى حدثنا عبد الّله بممن
حبان البخاري حدثنا أبو جعفر المنادي البغممدادي حممدثنا إبراهيممم بممن محمممد
عن أشعث الحراني عن أبممي الفممرج الزدي :أن عيسممى بممن مريممم عليهممما
السلم مّر بقرية وفي تلك القرية قصار ،فقممال أهممل القريممة يمما عيسممى إن
هذا القصممار يمممزق ثيابنمما ويحبسممها فممادع الل ّممه أن ل يممرده برزمتممه؟ فقممال
عيسى عليممه السمملم اللهممم ل تمرده برزمتمه ،قمال فمذهب القصمار ليقصمر
الثياب ومعه ثلثة أرغفة ،فجاءه عابد كان يتعبد في تلك الجبال وسلم على
القصار ،وقال هل عندك خبز تطعمني أو تريني حتى أنظر إليه وأشم ريحه
فإني لم آكل الخبز منذ كذا وكذا؟ فأطعمه رغيفًا ،فقال يا قصار :غفر الّلممه
لك ذنبك وطهر قلبك فأعطاه الثاني فقال يا قصار غفر الل ّممه لممك ممما تقممدم
من ذنبك وما تأخر ،قال فأطعمه الثالث فقال يا قصار بنى الّلمه لمك قصمرا
ي سالما ،فقممال أهممل القريممة يمما عيسممى في الجنة ،فرجع القصار من العش ّ
هذا القصار قد رجع؟ قممال ادعمموه ،فلممما أتمماه قممال يمما قصممار أخممبرني عممما
عملممت اليمموم؟ فقممال أتمماني سمميار مممن سمميار تلممك الجبممال فاسممتطعمني
فأطعمته ثلثة أرغفة فبكل رغيف أطعمته دعا لي بممدعوات ،فقممال عيسممى
عليه الصلة والسلم هات رزمتك حتى أنظر إليها فأعطاه ففتحها فإذا فيها
حية سوداء ملجمة بلجام من حديد ،فقال عيسممى عليممه السمملم يمما أسممود:
قال لبيك يا نبي الله؟ قال ألست قد بعثت إلى هذا؟ قال نعم ،ولكن جمماءه
سيار من تلك الجبال فاستطعمه فبكل رغيف أطعمه دعا له بممدعوة وملممك
ي ملكا ً مممن الملئكممة فممألجمني بلجممام قائم يقول آمين فبعث الّله تعالى إل ّ
من حديد ،فقال عيسى عليه السلم يا قصار استأنف العمل فقد غفر الّلممه
لك ببركة صدقتك عليه.
حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بممن يوسممف
حدثنا أبو معاوية عن العمش عن سالم بن أبي الجعد قال :خرجت امممرأة
ومعها صبي لها فجاء ذئب فاختلس منها الصممبي فخرجممت فممي أثممره وكممان
معها رغيف فعرض لها سائل فأطعمته فجاء الذئب بصبيها حممتى رده عليهمما
فهتف هاتف هذه لقمة بلقمة .وبهذا السناد عن العمش عن أبممي سممفيان
ي قال :تعبد راهب من بني إسرائيل في صممومعة سممتين عن معتب بن سم ّ
سنة ،فنظر يوما ً إلى بعض الصحارى فأعجبته الرض فقال :لمو نزلمت إلممى
الرض فمشيت فيها ونظرت إليها ،وأنمزل معمه رغيفما ً فعرضمت لمه اممرأة
فكشفت له فافّتن بها فلم يملممك نفسممه أن واقعهمما ،فممأدركه الممموت علممى
ذلك الحال ،وجاء السائل فأعطاه الرغيف ،فمات فجيء بعمل ستين سممنة
فوضع في كفة الميزان وجيء بخطيئة ووضعت في الكفة الخرى
]ص [167
فرجحت خطيئته بعمل ستين سنة ،حتى جيء بالرغيف فوضع عمله فرجممح
بخطيئتممه ،وقيممل إن الصممدقة تممدفع سممبعين بابمما مممن الشممر .وعممن أبممي ذر
الغفاري رضي الّله تعالى عنه :ما على الرض صدقة تخرج حتى يفك عنهمما
لحيي سبعين شيطانا ً كلهم ينهاه عنها .وعن قتادة قال :ذكر لنا أن الصممدقة
تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار .وروى عن عائشة رضي الّلممه تعممالى
عنها أنها كانت جالسة ذات يوم إذ جاءتهمما امممرأة سممترت يممدها فممي كمهمما،
فقالت لها عائشة مالك ل تخرجين يدك من كمك؟ قالت ل تسممأليني يمما أم
المؤمنين ،قال عائشة رضي الّله تعالى عنها :لبد ّ لك أن تخبريني؟ فقممالت
يا أم المؤمنين إنه كان لي أبوان فكان أبي يحب الصدقة وأما أمي فكممانت
دقت يومما ً تصممدقت بشمميء إل قطعممة شممحم تبغض الصدقة ،فلم أرهمما تصم ّ
وثوبا ً خلقا ،فلما ماتا في المنام رأيت فمي المنمام كمأن القياممة قمد قممامت
ورأيممت أمممي قائمممة بيممن الخلممق والخلقممة موضمموعة علممى عورتهمما ورأيممت
الشحمة بيدها وهي تلحسممها وتنممادي واعطشمماه ،ورأيممت أبممي علممى شممفير
الحوض وهو يسقي الماء ولم يكن عند أبي صدقة وأحممب إليممه مممن سممقيه
الماء ،فأخذت قدحا ً من ماء فسقيت أمي فنودي من فمموق أل مممن سممقاها
شلت يده فاستيقظت وقد شلت يدي .وذكر أن مالك بن دينار رحمممه الّلممه
تعالى كان جالسا ً ذات يوم .فجاء سائل وسأله شيئا ً وكان عنده سمملة تمممر،
فقال لمرأته ائتيني بهمما ،فأخممذها مالممك فممأعطى نصممفها إلممى السممائل ورد ّ
نصفها إلى امرأته ،فقالت له امرأته مثلك يسمممى زاهممدًا :هممل رأيممت أحممدا ً
يبعث إلى الملك هدية مكسرة؟ فدعا مالممك بالسممائل وأعطمماه البقيممة ،ثممم
أقبل على امرأته فقال لها يا هذه اجتهدي ثم اجتهدي ،فإن الّله تعالى قممال
ن ذ َِراعما ً سمل َةٍ ذ َْرع ُهَمما َ
سمب ُْعو َ سل ْ ِ م فِممي ِ صمّلو ُ
ه ،ث ُم ّ م َ حي َج ِ
م ال َ ذوه ُ فَغُّلو ُ
ه ،ث ُ ّ خ ُ} ُ
م، ن ِبالل ّهِ العَ ِ
ظي ِ ن ل ي ُؤ ْ ِ
م ُ كا َ ه َه{ فيقال من أين هذه الشدة قال }إ ِن ّ ُ كو ُسل ُ َُفا ْ
ن{ اعلمي أيتها المرأة قد طرحن عممن عنقنمما كي ِ
س ِ
م ْض ع ََلى ط ََعام ِ ال ِ ح ّ َول ي َ ُ
نصفها باليمان فينبغي أن نطرح النصف الخر بالصدقة .قال :حدثنا محمممد
بن الفضل بإسناده عن رجل من أهل البصممرة قممال :كممان أعرابممي صمماحب
ماشممية وكممان قليممل الصممدقة فتصممدق بغريممض مممن غنمممه :يعنممي بسممخلة
مهزولة ،فرأى فيما يرى النائم كأنها أقبلت عليه غنمه كلهمما تنطحممه فجعممل
الغريض يحامي عنه فلما انتبمه قممال :واللممه لن اسممتطعت لجعلمن أتباعممك
كثيرة ،قال :وكان بعد ذلك يعطي ويقسم .وروى عن العمش عممن خيثمممة
عن عدي بن حاتم رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم" :ما منكم من أحد إل سيكلمه ربه فينظممر أيمممن منممه فل يممرى
شيئا ً إل ما قدمه .ثم ينظر شمممال ً منمه فل يممرى شمميئا ً إل قممدمه" ثممم ينظممر
أمامه فل يرى شيئا ً إل النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة".
]ص [168
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :يقال عشر خصال تبلغ العبممد منزلممة
الخيار وينال بها الدرجات :أّولها كثرة الصدقة ،والثاني كثرة تلوة القممرآن،
والثالث الجلوس مع من يذكره بالخرة ويزهممده فممي الممدنيا ،والرابممع صمملة
الرحم ،والخامس عيادة المريض ،والسممادس قلممة مخالطممة الغنيمماء الممذين
شغلهم غناهم عن الخرة ،والسابع كثرة التفكر فيممما هممو صممائر إليممه غممدا،
والثامن قصر المل وكثرة ذكر الموت ،والتاسع لزوم الصمت وقلة الكلم،
والعاشر التواضع ولبممس الممدون وحممب الفقممراء والمخالطممة معهممم وقممرب
اليتامى والمساكين ومسممح رؤوسممهم .ويقممال سممبع خصممال تربممى الصممدقة
تن ط َي َّبمما ِ ممم ْ قوا ِ وتعظمها :أّولها إخراجها من حلل لن الّله تعالى قال }َأنفِ ُ
ل يعنممي يعطممي مممن مممال قليممل، م{ ،والثاني إعطاؤها من جهد مق ّ سب ْت ُ ْما ك َ َ َ
والثالث تعجيلها مخافة الفوت ،والرابع تصفيتها مخافة البخل يعنممي يعطيهمما
ممموا من أحسن أمواله ول يعطيها من الرديء لن الّله تعممالى قممال }َول ت َي َ ّ
م ُ
َ َ
ن الّله غ َن ِ ّ
ي موا أ ّ ضوا ِفيهِ َواع ْل َ ُ
م ُ ذيهِ إ ِل ّ أ ْ
ن ت ُغْ ِ خ ِ
م ِبآ ِ ن وَل َ ْ
ست ُ ْ قو َ ه ُتنفِ ُ
من ْ ُث ِ خِبي َ ال َ
د{ ولستم بآخذيه :يعني ل تأخذونه يعني الرديممء إذا كممان علممى الخممر مي ٌ ح ِ َ
لكم قرضا إل أن تغمضوا فيه أي تسامحوا وتساهلوا فيه ،والخامس يعطيها
في السر مخافة الرياء :والسمادس بعمد الممن عنهما مخافمة إبطمال الجمر،
والسابع كف الذى عن صاحبها مخافة الثم لن الّله تعالى قال }ل ت ُب ْط ُِلمموا
ذى{ والله تعالى أعلم. ن َوال َ َ م ّ
م ِبال َ صد ََقات ِك ُ ْ َ
]ص [169
هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر
فأغفر له ،ثم ينادي من يقرض الملي غير العدوم في الوفي غير الظلمموم؟
وإن لله تعالى في كل يوم من شهر رمضان عند الفطار ألممف ألممف عممتيق
من النار كلهم قد استوجبوا العذاب ،فإذا كان يمموم الجمعممة وليلممة الجمعممة
أعتق في كل ساعة منها ألممف ألممف عممتيق مممن النممار كلهممم قممد اسممتوجبوا
العذاب ،فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق في ذلك اليوم بعدد مممن
أعتق من أّول الشهر إلى آخممره ،فممإذا كممانت ليلممة القممدر يممأمر الل ّممه تعمالى
جبريل فيهبط في كبكبة من الملئكة إلى الرض ومعه لواء أخضر فيركممزه
على ظهر الكعبة وله ستمائة جناح منهمما جناحممان ل ينشممرهما إل فممي ليلممة
القدر فينشرهما تلك الليلة فيجاوزان المشممرق والمغممرب ،فيبعممث جبريممل
ل وذاكممر الملئكة في هممذه المممة فيسمملمون علممى كممل قممائم وقاعممد ومصم ّ
ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر ،فإذا طلع الفجر نادى
جبريل عليه السلم يا معشر الملئكة الرحيل الرحيل ،فيقولممون يمما جبريممل
ما صنع الّله في حوائج المؤمنين من أمة محمممد صمملى الل ّممه عليممه وسمملم؟
فيقول إن الّله تعالى نظر إليهم وعفمما عنهممم وغفممر لهممم إل أربعممة فقممالوا:
وممن همؤلء الربعمة؟ قممال ممدمن الخممر ،وعماق لوالممديه ،وقماطع الرحممم
ومشاحن قيل يا رسول الّله ومن المشاحن؟ قال هو المصارم :يعني الذي
ل يكلم أخاه فوق ثلثة أيام ،فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلممك الليلممة ليلممة
الجائزة ،فإذا كانت غداة الفطر يبعث الملئكة في كل البلد فيهبطون إلممى
الرض فيقومون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمعه جميع ما خلممق
الّله تعالى فيقولون يا أمة محمممد اخرجمموا إلممى رب كريممم يعطممي الجزيممل
ل جلله لملئكته ويغفر الذنب العظيم ،فإذا برزوا إلى مصلهم يقول الّله ج ّ
يا ملئكتي ما جزاء الجير إذا عمممل عملممه؟ فتقممول الملئكممة إلهنمما وسمميدنا
جزاؤه أن توفيه أجره ،فيقول الّله تعالى فإني أشهدكم يا ملئكتي أني قممد
جعلت ثوابهم في صيامهم شهر رمضان وقيامهم رضائي ومغفرتي ،فيقول
الّله تعالى يا عبادي سلوني فوعزتي وجللي ل تسألوني اليوم شيئا ً لدينكم
ودنياكم إل أعطيتكم إياه".
ي بن أحمد حدثنا )قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبو جعفر حدثنا عل ّ
محمد بن الفضل حدثنا يزيد بن هرون عن هشام بن أبي هشام عن محمممد
بن محمد بن السود عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الل ّممه تعممالى عنممه
قال :قال رسول الل ّممه صملى الل ّممه عليممه وسمملم "أعطيممت أممتي فمي شمهر
رمضان خمس خصال لم تعط أمة قبلها :خلوف فم الصائم أطيب عند الّله
من ريح المسك وتستغفر لهم الملئكممة حممتى يفطممروا ،وتصممفد فيممه مممردة
الشياطين فل يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون في غيره ،ويزين الّله كل
دي الصالحون يوم جنته ويقول لها يوشك عبا ّ
]ص [170
أن تلقى عنهم المؤنة والذى ويصيروا إليك ويغفر لهم في آخر ليلة ،قيل يا
رسول الّله أهي ليلمة القممدر؟ قممال ل ،ولكممن العامممل إنمما يمموفى أجممره إذا
قضى عمله".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محممد بمن
جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلبممة
عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه قال كان رسول الّله صلى الّلممه عليممه
وسلم يبشر أصحابه ويقول" :قممد جمماءكم شممهر رمضممان شممهر مبممارك قممد
افترض الّله عليكم صيامه تفتتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيها أبواب الجحيم
وتغل فيه مردة الشياطين وفيه ليلة القدر خير من ألف شممهر" وروى عممن
العمش عن خيثمة قال :كانوا يقولون :مممن رمضممان إلممى رمضممان والحممج
إلى الحج والجمعة إلى الجمعة والصلة إلممى الصمملة كفممارة لممما بينهممن ممما
اجتنبت الكبائر.
وروى عن عمممر رضممي الّلمه تعمالى عنمه أنمه كمان يقمول :إذا دخمل شمهر
رمضان مرحبا بمطهرنا ،فرمضان خير كله صيام نهاره وقيام ليلممه والنفقممة
فيه كالنفقة في سبيل الله .وروى أبو هريممرة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "مممن صممام رمضممان وقممامه إيمانمما
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنممه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "قال الّله تعالى كل حسنة يعملهمما
ابن آدم تضاعف له من عشرة إلى سبعمائة ضعف إل الصوم فإنه لي وأنمما
أجزي به ،يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلممي ،والصمموم جنممة ،وللصممائم
فرحتان فرحة عند الفطار وفرحة عند لقاء ربه يوم القيامة".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد
حدثنا فارس حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا أبو وهب عبد الل ّممه بممن بكممر
حدثنا إياس عن علي بن يزيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسممي
رضي الّله تعالى عنه قال" :خطبنا رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم آخممر
يوم من شعبان فقال" :أيها الناس إنه قد أظلكم شهر عظيم مبارك ،شممهر
فيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر ،شهر فرض الّله صيامه وجعل قيام
دى فريضممة فيممما وع فيه بخصلة من الخير كان كمممن أ ّ وعا ،فمن تط ّ ليله تط ّ
دى سبعين فريضة فيما سواه ،وهو دى فريضة فيه كان كمن أ ّ سواه ،ومن أ ّ
شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة ،وهو شهر المواساة ،وشهر يممزاد فيممه رزق
المؤمن ،من فطر فيه صائما ً كان له عتممق رقبممة ومغفممرة لممذنوبه ،قلنمما يمما
رسول الّله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم؟ قال يعطي الّله هذا الثممواب
لمن يفطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ،ومممن أشممبع صممائم
كان له مغفرة لذنوبه وسقاه ربه من حوضممي شممربة ل يظمممأ بعممدها حممتى
يدخل الجنة ،وكان له مثل أجره من غير أن ينقص مممن أجممره شمميء ،وهممو
شهر أّوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق مممن النممار ،ومممن خفممف عممن
مملوكه فيه أعتقه الّله من النار".
]ص [171
ّ ّ
)قال الفقيه( رحمه الله تعالى :حدثنا أبي رحمممه اللممه تعممالى حممدثنا أبممو
الحسن الفراء بإسناده عن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه قال :ممما مممن
ل حلله وحممّرم عبد صام رمضان في إنصاف وسكوت وذكر الّله تعالى وأح ّ
حرامه ولم يرتكب فيه فاحشة إل انسلخ من رمضممان يمموم ينسمملخ إل وقممد
غفرت له ذنوبه كلها ،ويبني له بكل تسممبيحة وتهليلممة بيممت فممي الجنممة مممن
زمردة خضراء في جوفها ياقوتة حمراء ،في جوف تلك الياقوتة خيمممة مممن
وفة فيه زوجة من الحور العيممن عليهمما سممواران مممن ذهممب موشممح دّرة مج ّ
بياقوتة حمراء تضيء لها الرض .وبهذا السناد عن ابن مسعود رضممي الل ّممه
تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال وقد دنمما شممهر رمضممان
"لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون سنة .فقال رجممل مممن
خزاعة حدثنا يا رسول الّله بممما فيممه؟ قممال إن الجنممة لممتزين لرمضممان مممن
الحول إلى الحول ،فإذا كممان أّول ليلممة مممن رمضممان هبممت ريممح مممن تحممت
العرش فصفقت ورق أشجار الجنة فتنظر الحممور إلممى ذلممك ويقلممن يمما رب
اجعل لنا في هذا الشهر من عبادك أزواجا ً تقّر أعيننا بهم وتقر أعينهممم بنمما،
فما من عبد صام رمضان إل زّوج زوجتين من الحور العين فممي خيمممة مممن
م{ خَيما ِ
ت ِفمي ال ِ
صموَرا ٌ
ق ُ
م ْ دّرة مجوفة مما نعت الّله تعالى في كتابه } ُ
حموٌر َ
وعلى كل امممرأة منهممن سممبعون حلممة ليممس فيهمما حلممة علممى لممون الخممرى
ن علممى سممرير مممن ياقوتممة ويعطى سبعين لونا ً من الطيب ،وكل امرأة منه ّ
حمراء منسوجة بالدر ،على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من اسممتبرق،
لكل امرأة سبعون وصيفة ،هذا بكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمممل
من الحسنات" وعن النبي صلى الّله عليه وسملم قمال "رجمب شمهر أممتي
وفضله على سائر الشهور كفضل أمتي على سائر المم ،وشممعبان شممهري
وفضله على سائر الشهور كفضلي على سائر النبياء ،ورمضان شممهر الّلممه
وفضله على سائر الشهور كفضل الّله على خلقه".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حممدثنا محمممد بممن الفضممل بإسممناده عممن
الحسن "إن النبي صلى الّله عليه وسملم خمرج وإذا النماس يتلحمون فقمال
النبي صلى الّله عليه وسلم :جئت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر غير أني
خشيت أن تتكلوا عليها وعسى أن يكون خيممرا ً فاطلبوهمما فممي العشممر فممي
تسع بقين وفي سبع بقين وفي خمس بقين وفي ثلث بقين وفي آخر ليلممة
تبقى ،ومن أماراتها أنها ليلة بلجة سمحة ل حارة ول باردة تتطلع الشمممس
في صبيحتها ليس لها شعاع ،من قامها إيمانا واحتسابا غفر الّله له ما كممان
قبل ذلك من ذنب".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :قد اشمترط النمبي صملى الّلمه عليمه
وسمملم فممي قيممام الليممل وصمميام النهممار اليمممان والحتسمماب ،واليمممان هممو
التصديق بما وعد الل ّممه لممه مممن الثممواب ،والحتسمماب أن يكممون مقبل عليممه
خاشعا ً لله تعالى ،فإذا أراد العبممد أن ينممال الثممواب والفضممائل الممتي ذكرهمما
النبي صلى الّله عليه وسلم فينبغي أن يعممرف حرمممة الشممهر ويحفممظ فيممه
لسانه من الكذب والغيبة
]ص [172
والفصول ،ويحفظ جوارحه عن الخطايا والزلل ،ويحفظ قلبممه عممن الحسممد
وعداوة المسلمين ،فإذا فعل ذلك فينبغي أن يكون خائفا أن الّله يقبل منممه
أو ل يقبل .وقد ذكر عن بعض الحكماء أنه كممان يقممول" :إلهممي قممد ضمممنت
لصاحب المصيبة في الدنيا الجر وفي الخرة الثواب ،إلهي إن رددت علينا
هذا الصوم فل تحرمنمما أجممر المصمميبة يمما معروفمما بممالمعروف" روى أبممو ذر
الغفاري رضي الّله تعالى عنه قال "صمنا مع رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم فلما كان ليلة الثالث والعشرين قام وصلى حتى مضمى ثلمث الليمل،
ثم لما كانت ليلة الرابع والعشرين لم يخرج إلينا ،فلما كانت ليلة الخممامس
والعشرين خرج إلينا وصلى بنا حتى مضى شطر الليل ،فقلنا لو نفلتنا ليلتنا
هذه؟ فقال إنه من خرج وقام مع المام حتى ينصرف كتب لممه قيممام ليلممة،
ثم لم يص ّ
ل بنا في الليلممة السادسممة والعشممرين ،فلممما كممانت ليلممة السممابع
والعشرين قام وجمع أهله وصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلح؟ قلنا وما
الفلح قال السحور" وعن عائشة رضي الل ّممه تعممال عنهمما "إن النممبي صمملى
الّله عليه وسلم خرج في أّول جوف الليل في رمضان وصلى في المسجد
وصلى الناس بصلته فأصبح الناس يتحدثون بذلك ،وكثر الناس فممي الليلممة
الثانية فصلى وصلوا بصلته ،فلما كانت الليلة الثالثة كثر الناس حتى عجممز
المسجد عن أهله فلم يخرج إليهممم حممتى خممرج لصمملة الفجممر ،فلممما صمملى
الفجر أقبل على الناس وقممال :إنممه لممم يخممف علممي شممأنكم الليلممة ولكنممي
خشيت أن يعزم عليكم صلة الليل فتعجزوا عن ذلك ،قالت عائشممة رضممي
الّله تعالى عنها وكان النبي صلى الّله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان
من غير أن يممأمرهم بعزيمممة فتمموفى رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
والمر على ذلك في خلفة أبي بكر ،وصدرا من خلفة عمممر حممتى جمعهممم
ي بن كعب رضي الّله تعالى عنهما". عمر بن الخطاب على أب ّ
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :وحدثني أبي بإسناده عممن علممي بممن
أبي طالب رضي الّله تعالى عنه أنه قال :إنما أخذ عمر بممن الخطمماب هممذه
التراويح من حديث سمعه منممي ،قممالوا وممما هممو يمما أميممر المممؤمنين؟ قممال:
سمعت رسممول الّلمه صمملى الّلمه عليممه وسملم يقمول "إن للمه تعمالى حمول
العرش موضعا يسمى حظيرة القدس وهو من النور ،فيها ملئكة ل يحصى
عددهم إل الّله تعالى يعبدون الّله عز وجممل عبممادة ل يفممترون سمماعة ،فممإذا
كان ليالي شهر رمضان استأذنوا ربهم أن ينزلموا إلممى الرض فيصمملون مممع
بني آدم ،فينزلون كل ليلممة إلممى الرض فكممل مممن مسممهم أو مسمموه سممعد
سعادة ل يشقى بعدها أبدا" فقال عمر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عنممد ذلممك:
نحن أحق بهذا ،فجمع النمماس للتراويممح ونصممبها .وروى عممن علممي بممن أبممي
طالب رضي الّله تعالى عنه أنه خرج فممي ليلممة مممن شممهر رمضممان فسمممع
القراءة في المساجد ورأى القناديل تظهر فممي المسمماجد فقممال :نمموّر الل ّممه
ور مساجدنا بالقرآن .وروى عن عثمان بن عفان رضي الّلممه قبر عمر كما ن ّ
تعالى عنه هكذا رضي الّله عنهم أجمعين.
]ص [173
باب فضل أيام العشر
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حدثنا الفقيممه أبممو
جعفر حدثنا علي بن أحمد حدثنا محمد بن الفضل حدثنا عبد الّله بممن نميممر
عن العمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابممن عبمماس رضممي
الّله تعالى عنهما أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "ما مممن أيممام العمممل
الصالح فيها أحب إلى الل ّممه مممن هممذه اليممام :يعنممي أيممام العشممر :قممالوا ول
الجهاد في سبيل الّله تعالى؟ قال ول الجهاد في سبيل الل ّممه إل رجممل خممرج
بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا الفقيه أبو جعفر حممدثنا محمممد بممن
عقيل حدثنا محمد بن مخلد بن خالد حدثنا يحيى بممن أبممي كممثير حممدثنا عبممد
السلم بن سليمان عن مرزوق عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الّله رضممي
الّله تعالى عنهما قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "ما مممن أيممام
أحب إلى الّله وأفضل من أيام العشر ،قيل ول مثلهن في سبيل الله؟ قممال
ول مثلهن في سبيل الّله إل رجممل عقممر جممواده وعفممر وجهممه" وفممي روايممة
أخرى "عقر جواده وأهريق دمه".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا أبي رحمممه الل ّممه تعممالى حممدثنا
محمد بن غالب بإسناده عممن عطمماء عممن أم المممؤمنين عائشممة رضممي الل ّممه
ل هلل ذي الحجممة تعالى عنها "أن شممابا ً كممان صمماحب سممماع وكممان إذا أهم ّ
أصبح صائما ً فارتفع الحديث إلى النبي صلى الّله عليه وسمملم فأرسممل إليممه
فدعاه فقال ما يحملك على صمميام هممذه اليممام؟ قممال بممأبي أنممت وأمممي يمما
رسول الّله إنها أيام المشاعر وأيام الحج عسى أن يشممركني فممي دعممائهم،
قال فإن لك بكل يوم تصممومه عممدل مممائة رقبممة ومممائة بدنممة ومممائة فممرس
تحمل عليها في سبيل الله ،فإذا كان يوم التروية فلك فيها عدل ألف رقبممة
وألف بدنة وألف فرس تحمل عليها في سبيل اللممه ،فممإذا كممان يمموم عرفممة
فلك بها عدل ألفي رقبة وألفي بدنة وألفي فرس تحمل عليهمما فممي سممبيل
الّله وهو صيام سنتين سنة قبلها وسنة بعدها ،وروى فممي روايممة أخممرى أنممه
قال صلى الّله عليه وسلم "يعدل صموم يموم عرفمة بصموم سممنتين ويعممدل
صوم عاشوراء بصوم سنة" وقال أهل التفسير في قمموله تعممالى }وََواع َمد َْنا
ن ل َي ْل َ ً َ موسى َثلِثين ل َيل َ ً َ
ة{ أنها عشممر ت َرب ّهِ أْرب َِعي َ
قا ُ
مي َ شرٍ فَت َ ّ
م ِ ها ب ِعَ ْ
مَنا َ
م ْ
ة وَأت ْ َ َ ْ ُ َ
من أول ذي الحجة وكلم موسى تكليما وقربه نجيا في أيممام العشممر وكتممب
له اللواح في أيام العشر.
وروى عن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه أنه قال :عليكم بصوم أيممام
العشر ،وإكثار
]ص [174
الدعاء والستغفار والصدقة فيها فإني سمعت نبيكم محمد صلى الّله عليممه
وسلم يقول "الويل لمن حرم خير أيام العشر ،عليكم بصوم التاسع خاصممة
فإن فيه من الخيرات أكثر من أن يحصيها العادون".
)قال الفقه( رحمه الّله تعالى :حدثني أبي رحمة الّله عليه حدثنا أبو عبد
الرحمن بن أبي الليث حممدثنا أحمممد بمن جعفممر البغممدادي حممدثنا أبمو النضممر
هاشم بن القاسم عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن عبد الّله بن
عبيد بن عمير الليثي قال :بلغنا أن الّله تعالى أهدى إلى موسى بن عمران
ن جبريل عليه السلم في أيام العشممر :أّولهممن ل إلممه خمس دعوات جاء به ّ
يل إل الّله وحده ل شريك له له الملك ولمه الحممد يحيمي ويميمت وهمو حم ّ
يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ،والثاني أشهد أن ل إله إل الّلممه
وحده ل شريك له إلها ً واحدا ً أحد صمد لم يتخممذ صمماحبة ول ولممدا ،والثممالث
أشهد أن ل إله إل الّله وحد ل شريك له أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن
له كفوا ً أحد ،والرابع أشهد أن ل إله إل الّله وحمده ل شمريك لمه لمه الملمك
ي ل يموت بيده الخير وهو علممى كممل شمميء وله الحمد يحيي ويميت وهو ح ّ
قدير ،والخامس حسبي الّلمه وكفمى سممع الّلمه لممن دعما ليمس وراء الّلمه
منتهى ،وذكر أن هذه الكلممات أنزلمت فمي النجيمل وإن الحمواريين سمألوا
عيسممى عليممه السمملم عممن فضممل هممذه الممدعوات فممذكر لهممم مممن الثممواب
والفضيلة لمن قرأها في أيام العشر ما ل يقدر على وصمفه أحمد .قمال أبمو
النضر هاشم بن القاسممم حممدثني رجممل أنممه دعمما بهممذه الممدعوات فممي أيمام
العشر فرأى في منامه كأن في بيته خمس طبقات مممن نممور بعضممها فمموق
بعض .روى مجاهد عن ابن عمر رضي الل ّممه تعممالى عنهممما أن النممبي صمملى
الّله عليه وسلم قال" :ما من أيام أعظم عند الّله ول أحب إليه فيهممن مممن
العمل من هممذه اليممام العشممر ،فممأكثروا فيهمما التكممبير والتحميممد والتهليممل"
وروى نافع عن ابن عمر رضي الّله تعالى عنهما أنممه كممان يكممبر فممي جميممع
أيام العشر على فراشمه ومجلسمه ،وكمان عطماء بمن أبمي ربماح يكمبر فمي
العشر في الطريق وفي السواق .وروى جرير عن يزيد عن أبي زياد قال:
كان سعيد بن جممبير وعبممد الرحمممن بممن أبممي ليلممى ومممن رأينمما مممن فقهمماء
المسلمين يوم العيد وأيام التشريق يقولون :الّله أكممبر الل ّممه أكممبر ل إلممه إل
الله ،والله أكبر الّله أكبر ولله الحمد .وقال جعفر بن سممليمان :رأيممت ثابتمما
البناني يقطع حديثه في أيام العشر :يعنمي فمي مجلمس المذكر ،ثمم يقمول:
الّله أكبر الّله أكمبر الّلمه أكمبر ،وقمال :إنهما أيمام المذكر ،هكمذا كمان النماس
يصنعون ،فقال جعفر :رأيت مالك بن دينار يفعل هكذا ،وروى المغيممرة بممن
شعبة عن أبي معشر قال :سألت النخعممي عممن التكممبير فممي الطريممق أيممام
واكمون .وعمن ليمث بمن أبمي سمليم قمال: العشر؟ قال إنما يفعمل ذلمك الح ّ
سألت مجاهدا عن التكبير في الطريق أيام العشر؟فقممال إنممما يفعممل ذلممك
الحاكة.
]ص [175
ّ
)قال الفقيه( رحمه الله تعالى :من كبر في هذه اليام فممي نفسممه كممان
أفضل ،ولو أنه كبر ورفع صوته وأراد به إظهار الشممريعة وأن يممذكر النمماس
فل بأس به ،وقد جاء الثر في ذلك .وروى عبد الّله بن مسعود رضممي الل ّممه
تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال "إن الل ّممه تعممالى قممد
اختار من اليام أربعممة ،ومممن الشممهور أربعممة ،ومممن النسمماء أربعممة ،وأربعممة
يسبقون إلى الجنة ،وأربعة اشمتاقت إليهمم الجنمة .أمما اليمام :فأّولهما يموم
الجمعة فيها ساعة ل يوافقها عبد مسلم يسأل الل ّممه تعممالى شمميئا ً مممن أمممر
الدنيا والخرة إل أعطاه الّله إياه ،والثاني يوم عرفة فممإذا كممان يمموم عرفممة
يباهي الّله تعالى ملئكته فيقول يا ملئكتي انظروا إلى عبادي جمماءوا شممعثا
غبرا قد أنفقوا الموال وأتعبوا البدان اشهدوا أني قد غفرت لهم ،والثممالث
يوم النحر فإذا كان يوم النحر وقرب العبد قربانه فأّول قطرة قطممرت مممن
القربان تكون كفارة لكل ذنب عمله العبد ،والرابع يوم الفطر فممإذا صمماموا
شهر رمضان وخرجوا إلى عيدهم يقول الّله تبارك وتعالى لملئكته إن كممل
عامل يطلب أجره ،وعبادي صاموا شمهرهم وخرجموا ممن عيممدهم يطلبممون
أجرهم أشهدكم أني قد غفرت لهم ،وينادي المنادي يا أمممة محمممد ارجعمموا
فقد بدلت سيئاتكم حسنات .وأما الشهور :فشهر الّله الصم رجممب ،وثلثممة
متواليممات :ذو القعممدة ،وذو الحجممة ،والمحممرم .وأممما النسمماء :فمريممم بنممت
عمممران ،وخديجممة بنممت خويلممد سممابقة نسمماء العممالمين إلممى اليمممان بممالله
ورسوله ،وآسية بنت مزاحممم امممرأة فرعممون ،وفاطممة بنمت محممد سمميدة
نساء أهل الجنة .وأما السممابقون :فلكممل قمموم سممابق إلممى الجنممة ،فمحمممد
صلى الّله عليه وسلم سابق العرب ،وسلمان سابق فارس ،وصهيب سابق
الروم ،وبلل سابق الحبشة .وأما الربعة التي اشتاقت إليهم الجنمة :فمأمير
ي بن أبي طالب رضي الّله تعالى عنممه ،وسمملمان ،وعمممار بممن المؤمنين عل ّ
ياسر ،والمقداد بن السود رضي الّله تعالى عنهم" وروى عن سالم بن أبي
الجعد "أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الّله تعالى عنهمما
قومي إلى أضحيتك فإن الّله تعالى يرفع عنممك ذنوبممك عنممد أّول دفعممة مممن
دمها :يعني أّول قطرة .قال عمران بن الحصين :أخاصة لك يا رسول الّلممه
ولهل بيتك أو لعامة المسلمين؟ قال بل لعامممة المسمملمين" وعممن عائشممة
رضي الّله تعالى عنها أنها قالت :قال رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
"ضحوا وطيبوا بها نفسا ً فإنه من أخذ أضحيته يوم حلها فاستقبل بها القبلة
كمان قرنهما وفرثهما ودمهما وشمعرها وصموفها ووبرهمما محضمورات لمه يموم
القيامة إن الدم إذا وقع في التراب فإنما يقع في حممرز الل ّممه أنفقمموا يسمميرا
تؤجروا كثيرا".
]ص [176
باب فضل يوم عاشوراء
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حدثنا الحماكم أبمو
ي ابن الحسين السردرى حدثنا أبو جعفر أحمد بممن حمماتم حممدثنا الحسن عل ّ
يعقوب بن جندب عن حاممد بمن آدم عمن حمبيب بمن محممد عمن أبيمه عمن
إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران عن عبد الّله بممن عبمماس رضممي الل ّممه
عنهما قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "من صام يوم عاشوراء
من المحرم أعطاه الّله تعممالى ثممواب عشممرة آلف ملممك ،ومممن صممام يمموم
عاشوراء من المحرم أعطي ثواب عشرة آلف حاج ومعتمر وعشمرة آلف
شهيد ،ومن مسح يده على رأس يتيم يوم عاشوراء رفع الّله تعالى له بكل
شعرة درجة ،ومن فطر مؤمنا ً ليلة عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميممع أمممة
محمد عليه الصلة والسلم وأشبع بطونها ،قالوا يا رسول الل ّممه لقممد فضممل
الّله يوم عاشوراء على سائر اليام؟ قال نعم ،خلق الل ّممه تعممالى السممموات
والرضين يوم عاشوراء ،وخلق الجبممال يمموم عاشمموراء ،وخلممق البحممر يمموم
عاشوراء ،وخلق اللوح والقلممم يمموم عاشمموراء ،وخلممق آدم يمموم عاشمموراء،
واء يوم عاشوراء ،وخلق الجنة وأدخله الجنة يمموم عاشمموراء ،وولممد وخلق ح ّ
إبراهيم يوم عاشوراء ،ونجاه الّله من النار يوم عاشوراء ،وقممد أمممر بالذبممح
يوم عاشوراء وفدى ولده من الذبممح يمموم عاشمموراء ،وأغممرق فرعممون يمموم
عاشوراء ،وكشف البلء عن أيوب يوم عاشوراء ،وتاب الل ّممه علممى آدم يمموم
عاشوراء ،وغفر ذنب داود يوم عاشوراء ،ورد ّ ملك سليمان يموم عاشموراء،
وولد عيسى في يوم عاشوراء ،ورفع الّله إدريس وعيسممى يمموم عاشمموراء،
وولد النبي صلى الّله عليه وسلم في يوم عاشوراء ،ويوم القيامة في يمموم
عاشوراء.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا محمممد بممن الفضممل حممدثنا محمممد بممن
جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حمدثنا المسميب بمن أبممي بكمر عممن عكرممة
رضي الّله تعالى عنه قال :يوم عاشوراء هو اليوم الذي تيب فيه على آدم،
وهو اليوم الذي أهبط فيه نوح من السفينة فصامه شكرا ،وهو اليوم الممذي
أغرق فيه فرعون ،وفلق البحر لبني إسرائيل فصاموه ،فممإن اسممتطعت أن
ل يفوتك صومه فافعل .قال :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر
حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا سفيان عن إبراهيم عن محمممد بممن ميسممرة
قال :بلغنا أن من وسع علمى عيمماله يموم عاشمموراء وسممع الل ّممه عليممه سممائر
السنة .قال سفيان :جربناه فوجدناه كذلك .وروى سعيد بن جبير عممن ابممن
عباس رضي الّله تعالى عنهما قممال" :قممدم النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسممألهم عممن ذلممك فقممالوا إن
هذا اليوم أظهر الّله فيه موسى وبني إسممرائيل علممى قمموم فرعممون فنحممن
نصومه تعظيما ً له ،فقال النبي صلى الّله عليه وسمملم نحممن أولممى بموسممى
منكم فأمر بصومه".
]ص [177
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :قد اختلفوا في تفسير هذا اليوم قال
بعضهم إنما سمي عاشوراء لنه عاشر يوم من المحرم ،وقال بعضممهم لن
الّله تعالى أكرم فيه عشرة من النبياء بعشر كرامات :تاب الّلممه علممى آدم
يوم عاشوراء ،ورفممع الل ّممه تعممالى إدريممس مكانمما عليمما فممي يمموم عاشمموراء،
واستوت سفينة نوح على الجودى يوم عاشوراء ،وولد إبراهيم عليه السلم
في يوم عاشوراء ،واتخذه خليل وأنجاه مممن النممار كممذلك ،وتمماب الل ّممه علممى
داود يوم عاشوراء ،ورفع الّله عيسى يوم عاشوراء ،وأنجى الّله موسى من
البحر وأغرق فرعون يوم عاشوراء ،وأخرج يمونس مممن بطممن الحمموت يموم
عاشوراء ،ورد ّ ملك سليمان يمموم عاشمموراء ،وولممد النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم يوم عاشوراء .قال بعضهم :إنما سمى عاشمموراء لنممه عاشممر عشممر
كرامات أكرم الّله بها هذه المة :أّولها شهر رجممب وهممو شممهر الل ّممه الصممم
وإنما جعله كرامة لهذه المة وفضله على سائر الشهور كفضل هممذه المممة
على سائر المم ،والثاني شهر شعبان وفضله على سممائر الشممهور كفضممل
النبي صلى الّله عليه وسمملم علممى سممائر النبيمماء عليهممم الصمملة والسمملم،
والثالث شهر رمضان وفضله على سائر الشهور كفضممل الل ّممه تعممالى علممى
خلقه ،والرابع ليلة القدر وهي خير من ألمف شمهر ،والخمامس يموم الفطمر
وهو يوم الجزاء ،والسادس أيام العشر وهي أيام ذكر الّله تعممالى ،والسممابع
يوم عرفة وصومه كفارة سممنتين ،والثممامن يمموم النحممر وهممو يمموم القربممان،
والتاسع يوم الجمعة وهو سيد اليام ،والعاشر يوم عاشوراء وصومه كفارة
سنة ،فكل وقت من هذه الوقات كرامممات جعلهمما الل ّممه تعممالى لهممذه المممة
لتكفير ذنوبهم وتطهير خطاياهم .وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الّله تعالى عنها قالت :كان يمموم عاشمموراء يمموم تصمومه قريممش فممي
الجاهلية وكان يصومه رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم بمكممة فلممما قممدم
المدينة فرض صيام شهر رمضان فقال النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم "إن
كنت أمرت بصوم يوم عاشوراء فمن شاء صام ومن شاء ترك" وروى عمن
عائشة رضي الل ّممه تعممالى عنهمما قممالت :يمموم عاشمموراء يمموم التاسممع ،وقممال
بعضهم :يوم الحادي عشر ،وأكمثرهم علممى أنممه يموم العاشممر ،واللمه تعمالى
أعلم.
]ص [178
له حسنة ،والعمل الموجب من لقي الّله ل يعبمد إل همو ،وجبمت لمه الجنمة،
ومن لقى الّله يعبد غيره وجبت له النار" والعمل الممذي بعشممرة مممن عمممل
حسنة فيكتب له عشرة ،والعمل الذي بسبعمائة من عمل في سممبيل الّلممه
تعالى أو ينفق في ذلك فيكتب له سبعمائة ،والعمممل الممذي ل يعممرف ثممواب
عمله إل الّله فهو الصوم".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا الفقيه أبو جعفر رحمه الّله تعممالى
دثنا عيسى بن أحمد حدثنا ابن وهب حدثنا أبو صدقة ي بن أحمد ح ّ
حدثنا عل ّ
اليماني قال "دخل بلل رضي الّله تعالى عنه على رسول اللممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم وهو يأكممل الطعممام ،فقممال يمما بلل :الطعممام الطعممام ،فقممال يمما
رسول الّله إنمي صمائم ،فقمال رسمول الّلمه صملى الّلمه عليمه وسملم نأكمل
أرزاقنا ،ورزق بلل في الجنة ،إن الصائم إذا كان عنممد قمموم يممأكلون تسممبح
أعضاؤه وتصلي عليه الملئكة وتقول اللهم اغفممر لممه وارحمممه ممما دام فممي
مجلسه".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا الفقيه أبمو جعفمر حممدثنا علمي بمن
أحمد حدثنا محمد بن الفضل حدثنا يزيد بن هممرون عممن هشمام بمن حسمان
عن واصل مولى أبي عيينة قممال :أخممبرني لقيممط عممن أبممي بممردة عممن أبممي
موسى الشعري رضي الّله تعالى عنه قال :ركبنا البحر فبينممما نحممن نسممير
في لجة البحر وقد رفعنا الشراع ول نممرى جزيممرة ول شمميئا إذا نحممن بمنمماد
ينادي :يا أهل السفينة قفوا أخبركم ،قممال فانصممرفنا فلممم نممر شمميئا فنممادى
سبعا ،قال أبو موسى فلما كانت السابعة قمت فقلت يا هممذا قممد تممرى ممما
نحن فيه ولسنا نستطيع أن نحتبس عليك فأخبرنمما ممما تريممد أن تخبرنمما بممه،
فقال أل أخبركم بقضاء قضى الّله تعالى على نفسه؟ قلنا أخبرنا ،قال فإن
الّله تعالى قضى على نفسه أنه ما من عبد أظمممأ نفسممه فممي يمموم حمماّر إل
أرواه الّله تعالى يوم القيامة.
وذكر عن ابن المبارك عن واصل مولى أبي عيينة عن لقيط بن أبممي بممردة
عن أبي موسى الشعري نحوه وزاد فيه وكان أبو موسى يتتبع اليوم الحممار
دثنا أبو عتاب البغدادي دثنا الفقيه أبو جعفر قال :ح ّ الشديد فيصومه قال :ح ّ
دثنادثنا الحارث بن منصور :حمم ّ دثنا يحيى بن جعفر بن الزبير قال :ح ّقال :ح ّ
يحيى السقاء عن يحيى بن أبممي كممثير عممن زيممد بممن سمملم عممن أبممي مالممك
الشعري عن رسول الله صلى الّله عليمه وسملم قمال" :سممت خصممال ممن
الخير :مجاهدة عدوّ الّله بالسيف ،والصوم في الصيف ،وحسن الصبر عنممد
المصيبة ،وترك المراء وإن كان محقًا ،والتبكير في الصلة في يمموم الغيممم،
دثنا أو قال في يموم الصميف ،وحسمن الوضمموء فمي أيمام الشمتاء" قممال :حم ّ
دثنا أبممو مطيممع
دثنا علي بن أحمد حدثنا نصير بن يحيى ح ّالفقيه أبو جعفر ح ّ
عن بكر بن خنيس يرفعه إلى أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنممه أنممه قممال:
لول ثلث ما باليت أن أموت :أحدها تعفير وجهي فممي الممتراب للممه سمماجدا،
وصوم يوم بعيد الطرفين التوى
]ص [179
فيه من الجوع والظمأ ،والثالث جلوس مع قوم يتخيرون أطيبب الكلم كما
دثنا علممى بممن أحمممد دثنا الفقيه أبممو جعفممر حم ّ
يتخيرون أطيب الثمر .قال :ح ّ
ّ
دثنا محمد بن عبد الله الطنافسي عن العوام بممن حدثنا محمد بن الفضل ح ّ
حوشب عن سليمان بن أبمي سممليمان ممولى هاشممم أنممه سمممع أبمما هريمرة
رضي الّله تعالى عنه يقول" :علمني رسممول اللممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
ن حتى أموت :أن ل أنام إل على وتممر ،وأن أصمموم مممن ثلث خصال ل أدعه ّ
دثنا الفقيه أبو جعفممر كل شهر ثلثة أيام ،وأن ل أدع صلة الضحى" .قال :ح ّ
دثنا محمد بممن عبممد الل ّممه حدثنا علي بن أبي أحمد حدثنا محمد بن الفضل ح ّ
دثنا محمد بن سمملمة حممدثنا ابممن أبممي وام عن حوشب ح ّ الطنافسي عن الع ّ
دثنا أبو إسممحاق الشممجعي عممن عمممرو بممن شيبة حدثنا هشام بن القاسم ح ّ
قيس عن الحسن بن الصممباح عممن هنديممة بممن خالممد الخزاعممي عممن حفصممة
رضي الّله تعالى عنها قالت" :أربع لم يدعهن النبي صلى الّله عليممه وسمملم
صيام يوم عاشوراء ،وصوم أيام العشر ،وصيام ثلثممة أيممام مممن كممل شممهر،
دثنا أبو بكر محمممد بممن دثنا الفقيه أبو جعفر ح ّ وركعتان قبل الغداة" قال :ح ّ
دثنا يحيى بن محمد عممن كامممل بممن طلحممة عبد الّله حدثنا محمد بن على ح ّ
عن حماد بن سلمة عن الحجاج بن أبي إسحاق عن الحارث بن علممي كممرم
الّله وجهه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "صوموا شهر الصممبر :يعنممي
شهر رمضان ،وثلثة أيام من كل شهر فهو بمنزلة صوم الدهر ويذهب وحر
دثنا علي بن أحمد حممدثنا دثنا الفقيه أبو جعفر ح ّ الصدر" يعني غله وغشه ،ح ّ
دثنا العمش عممن رجممل عممن عبممد محمد بن الفضل حدثنا يعلى بن حميد ح ّ
الّله بن شقيق العقيلي قال :أتيت المدينة فإذا أبو ذر الغفمماري رضممي الل ّممه
تعالى عنه فقلت لنظرن على أيّ حال هو اليوم ،فقلمت لمه أصمائم أنمت؟.
قال نعم ،فهم ينتظرون الذن على عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه،
فلما دخلوا أتينا بقصاع فأكل أبمو ذر فحركتممه بيمدي أذكممره ،فقممال إنمي لممم
أنسى ما قلت لك ،أخبرتك إني صائم فإني أصوم من كل شممهر ثلثممة أيممام
دثنا محمد فأنا أبدا ً صائم .قال حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا علي بن أحمد ح ّ
بن سلمة حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا محمد بن الفضل الضممبي ،عممن حصممين
عن مجاهد عن عبممد الل ّممه بممن عمممرو بمن العمماص رضممي الل ّممه تعممالى عنهممم
قال"كنت رجل مجتهدا فزّوجني أبي امرأة فدخل يوممما منزلممي فلممم يرنممي،
فقال للمرأة كيف تجدين بعلك؟ فقممالت نعممم الرجممل هممو رجممل ل ينممام ول
ي أبي ،فقال زوجتمك اممرأة ممن المسملمين فعطلتهما ،فلمم يفطر .فوقع ف ّ
وة والجتهمماد إلممى أن بلممغ ذلممك إلممى أبال بما قال لي أبي مما أجد مممن القم ّ
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فممدعاني فقممال لممي :لكنممي أنممام وأصمملي
ل ونم وصم من كل شهر ثلثة أيممام ،فقلممت يمما رسممول وأصوم وأفطر ،فص ّ
الّله أنا أقوى من ذلك ،قال صممم يومما وأفطممر يومما وهممو صمموم داود عليممه
السلم ،وقال لي في كم تقرأ القرآن؟ قلت في يومين وليلتين ،قال اقرأه
في خمسة عشرة يوما .قال قلت يا رسول الّله أنمما أقمموى مممن ذلممك ،قممال
فاقرأه في سبع ،ثم قال:
]ص [180
إن لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمممن كممانت فممترته إلممى سممنتي فقممد
هتدى ،ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك ،فقال عبد الل ّممه بممن عمممرو
رضي الّله تعالى عنهما :لن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الّله عليمه
ي من أن يكون لي مثل أهلممي ومممالي ،وأنمما اليمموم شمميخ قممد وسلم أحب إل ّ
كبرت وضعفت وأكره أن أترك ما أمرني به رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم.
وروى عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما"أن رجل جاء إليه فسمأله عمن
الصيام فقال :أل أحدثك بحديث كان عندي من التحف المخزونممة ،إن كنممت
تريد صوم داود عليه السلم فإنه كان يصوم يومما ً ويفطممر يوممًا ،وإن كنممت
تريد صوم ابنه سليمان عليه السلم فإنه كان يصوم ثلثة أيام من أّول كممل
شهر وثلثة من أوسطه وثلثة من آخره ،وإن كنت تريد صوم ابممن العممذراء
البتول :يعني عيسى ابن مريم عليهما السلم ،فإنه كان يصمموم الممدهر كلممه
ويأكل الشعير ويلبس الشعر الخشن ،وكان حيثما أدركه الليل صف قممدميه
يصلي حتى يرى علمة الفجممر قممد طلعممت ،وكممان ل يقمموم مقامما ً إل صمملى
ركعتين فيه ،وإن كنت تريد صمموم أمممه فإنهمما كممانت تصمموم يممومين وتفطممر
يومين ،وإن كنت تريد صوم خير البشر النبي العربي القرشي أبي القاسممم
محمد صلى الّله عليه وسلم فإنه كان يصوم ثلثة أيام من كل شهر :يعنممي
صوم أيام البيض الثالث عشر والربع عشممر والخممامس عشممر ،ويقممول هممن
صيام الدهر" .وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال ممن صممام شممهر رمضمان ثممم أتبعممه بسممت ممن شمموال
فكأنما صام الدهر كله" قال أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه :حتى أحسممب
لكم فصوم رمضان يكون ثلثمائة يوم وستة أيام ستين يوما ً لن الّله تعممالى
قال} من جاء بالحسنة فله عشر أمثالهمما{ وكممل يمموم يقمموم مقممام عشممرة
أيام.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :وقد كره بعض الناس صيام السممبت
وقال فيه تشبه بالنصارى .وروى عن إبراهيم النخعي انه سممئل عممن صمميام
الست فقال هي صوم الحيض ،وقال بعضهم ينبغي أن يصوم متفرقما ً حمتى
ل يكون تشبها بالنصارى ،وعندي أنممه ل بممأس بممه متتابع ما ً أو متفرق ما ً أو لن
يوم الفطر صار فاصل بينهما" والله أعلم.
]ص [181
ليعفهما فهو في سبيل الله ،ومن سعى على عياله ليعفهم فهو فممي سممبيل
الله ،ومن سعى مكاثرا ً فهو في سبيل الشيطان".
)قال الفقيه( حدثنا محمد بن الفضل حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا حماد
بن زيد عن أيوب عن أبي قلبة عن أسماء عن ثوبان رضي الّله تعالى عنممه
أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "أفضل الدينار دينار ينفقه الرجل على
عياله ،ودينار ينفقه الرجل على دابته فمي سمبيل اللمه ،ودينمار ينفقمه علمى
أصحابه في سبيل الله" قال أبو قلبة :بدأ بالعيممال وأي رجممل أعظممم أجممرا ً
من رجل يسعى على عياله الصغار .وعن أبي سلمة رضي الّله تعمالى عنمه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إنما الصدقة عن ظهر غني ،واليد
العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول".
)قال الفقيه( رحمه الله :سمعت أبي رحمه الّله تعالى قال :كممان ثممابت
البناني عند أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنهما فممذكر أنممه سمممع رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم يقول "إن الّله عز وجل قد ضمن ديممن العبممد إذا
استدان في ثلثة :أحدها من قبل النكاح مخافة الفجور ثممم لممم يقممدر علممى
قضائها حتى مات فقد ضمن الّله دينه أن يقضى عنه يوم القيامممة ،والثمماني
دينه لعانة المسلمين ليخرج إلى الغزو ،والثالث إذا استدان لكفممن الميممت
فإن الّله تعالى يرضى خصماءه يوم القيامممة" فممدخل ثممابت البنمماني رحمممه
الّله تعالى على الحسن البصري رحمه الّله تعالى فممذكر لممه ممما سمممع مممن
أنس رضي الّله تعالى عنه ،فقال الحسن البصري :قممد كممبر أنممس وضممعف
ونسى ما هو الفضل من ذلك بل ضمن الّله تعالى مع هممؤلء رجل ً اسممتدان
لينفق على عياله واجتهد على قضممائه فلممم يبلممغ حممتى مممات لممم يكممن بيممن
خصمائه وبينه خصومة يوم القيامة .وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنممه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال :إن فممي السممماء ملكيممن ممما لهممما
عمل إل يقول أحدهما :اللهم أعط لمنفق خلفا ،ويقول الخر :اللهممم عجممل
لممسك تلفا" وروى مكحول رضي الّله تعمالى عنممه عممن النمبي صملى الّلمه
عليه وسلم أنه قال" :من طلب الدنيا حلل استعفافا عممن المسممألة وسممعيا ً
على عياله وتعطفا على جاره جاء يوم القيامة ووجهممه كممالقمر ليلممة البممدر،
ومن طلب الدنيا حلل مكاثرا مفاخرا مرائيا ً لقي الّله يوم القيامة وهو عليه
غضبان".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثني أبي رحمه الّله تعالى حدثنا محمد
بن جناح حدثنا أبو حفص علي بن إسحاق ،عن أبي معاويممة عممن سممعيد بممن
أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه قال "قلت يا
وعمما؟ قممال رغيممف رسول الّله رغيف أتصدق به أحب إليك أم مائة ركعة تط ّ
تتصدق به أحب إلي من مائتي ركعممة تطوعمما ،قلممت يمما رسممول الّلمه قضمماء
وعا؟ قال قضمماء حاجممة المسمملم حاجة المسلم أحب إليك أم مائة ركعة تط ّ
وعا .قال :قلت :قلممت تممرك لقممة مممن الحممرام ي من ألف ركعة تط ّأحب إل ّ
ي مممن وعا قال ترك لقمممة مممن حممرام أحممب إلم ّ أحب إليك أم ألف ركعة تط ّ
وعا .قال :قلت يا رسول الّله ترك الغيبة ألفي ركعة تط ّ
]ص [182
ي مممن عشممرة وعا؟ قممال تممرك الغيبممة أحممب إلم ّ أحب إليك أم ألف ركعة تط ّ
وعا؟ قال :قلت يا رسول الّله قضاء حاجة الرملة أحب إليك آلف ركعة تط ّ
ي من ثلثين وعا؟ قال قضاء حاجة الرملة أحب إل ّ أم عشرة آلف ركعة تط ّ
وعا .قال :قلت يا رسول الّله الجلوس مع العيال أحممب إليممك ألف ركعة تط ّ
ي مممن أم الجلوس في المسجد ،قال الجلوس ساعة عنممد العيممال أحممب إل م ّ
العتكاف في مسجدي هذا .قال :قلت يا رسول الل ّممه النفقممة علممى العيممال
أحب إليك أم النفقة في سبيل الله؟ قال درهم ينفقه الرجممل علممى العيممال
ي من ألف دينار ينفقه في سبيل الله .قال :قلت يا رسول الل ّممه ب مّر ب إل ّ
أح ّ
الوالدين أحب إليك أن عبادة ألف سممنة؟ قممال يمما أنممس جمماء الحممق وزهممق
ي من عبادة ألفممي ألممف الباطل إن الباطل كان زهوقا فبّر الوالدين أحب إل ّ
سنة".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا ابن معاذ
حدثنا الحسين المروزي حدثنا أبو معاوية ،عن العمش عن سمالم بمن أبمي
الجعد عن أبي كبشة النماري قال )ضرب لنا رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم مثل الدنيا كمثل أربعة رجال )رجل أتمماه الل ّممه علم ما ً وأتمماه مممال ً فهممو
يعمل بعلمه في ماله ،ورجل آتاه الّله علما ً ولم يؤته مال ً فيقول لو أن الل ّممه
تعالى آتاني مثلما آتى فلنا ً لفعلت فيه مثلما يفعل فهما فممي الجممر سممواء،
ورجل آتاه الّله مال ً ولم يؤته علما ً فهو يمنعه من حقه وينفقه في الباطممل،
ورجل لم يؤتيه مال ً ولم يؤته علما ً فيقول لو أن الّله تعالى آتاني مثلما آتى
فلنا ً لفعلت فيه مثلما يفعل ،فهما في الوزر سواء(.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا الفقيه أبو جعفر حدثنا إسحاق بممن
عبد الرحمن القاري حدثنا أبو عيسى موسممى بممن هممرون الطوسممي ببغممداد
حدثنا أبو معاوية عن عمرو حدثنا طعمة بن عمممرو عممن أبممي إسمممعيل أبممي
رجاء عن رجل من أهل البصرة عن أنس بن مالك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن فممي الجنممة لغرفمما يممرى
ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ،قيل ومن سكانها يا رسممول اللممه؟
قال الذين يطعمممون الطعممام ويطيبممون الكلم ويممديمون الصمميام ويفشممون
السلم ويصلون بالليل والناس نيممام ،قممالوا يمما رسممول الل ّممه إن هممؤلء أهممل
لذلك ،ومن يطيق ذلك؟ قال فمن قال سبحان الّله والحمممد للممه ول إلممه إل
الّله والله أكبر فقد أطاب الكلم ،ومن أطعم أهله فقد أطعم الطعام ،ومن
صام رمضان فقد أدام الصيام ،وممن لقمى أخماه فسملم عليمه فقمد أفشمى
السلم ،ومن صلى العشاء الخرة والفجر فقد صلى بالليممل والنمماس نيممام"
يعني اليهود والنصارى والمجوس ،والله سبحانه تعالى أعلم.
]ص [183
باب الرعاية على ملك اليمين
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حممدثنا محمممد بممن
الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حممدثنا إسمممعيل بممن
جعفر عن شريك بن أبي نمر عن عطمماء بممن يسممار "أن أبمما ذر رضممي الل ّممه
تعالى عنه ضرب وجه غلم له فاستدعى عليه إلى النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسمملم فقممال النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ل تضممربوا وجمموه المصمملين
وأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون فإن رابوكم فبيعوهم".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محممد بمن
جعفر حدثنا إبراهيممم بممن يوسممف حممدثنا السممباط عممن مطممرف عممن عممامر
الشعبي رضي الّله تعالى عنممه قممال "استسممقى رجممل مممن أصممحاب النممبي
صلى الّله عليه وسلم من أهل بيت فدعت المرأة خادمتهمما فأبطممأت عليهمما
فقذفتها ،فقال أما أنك ستحدين يوم القيامة لها أو تقيمين أربعممة يشممهدون
إنها كما قلت فأعتقها فقال لها عسممى أن يكفممر هممذا عنممك" .وروى أبممو ذر
رضي الّله تعالى عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال "إخمموانكم خممولكم
جعلهم الّله تحت أيديكم ،فمن كمان أخموه تحممت يمده فليطعممه ممما يأكمل
ويلبسممه مممما يلبممس ول تكلفمموهم فمموق طمماقتهم فيممما تسممتعملونهم ،فممإن
كلفتموهم فأعينوهم" ،وروى أبو بكر الصديق رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم قال "ل يممدخل الجنممة سمميء الملكممة أكرممموهم
إكرامكم أولدكم وأطعموهم مما تأكلون .قلت يا رسول الّله ما ينفعنا مممن
الدنيا؟ قال فرس تربطه تقاتل عليه في سبيل الل ّممه ومملمموك يكفيممك ،وإذا
صلى فهو أخوك" .وروى عن النبي صملى الّلمه عليممه وسمملم أن رجل ً سمأله
فقال كم نعفو عن الخادم قال كل يوم سبعين مرة" وعن قتادة رضي الّله
تعالى عنه قال :كان من آخر كلم النبي صملى الّلمه عليمه وسملم" :الصملة
وما ملكت أيمانكم" يعنممي عليكممم بمحافظممة الصمملوات وتعاهممد ممما ملكممت
أيمانكم .وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قال "دخلت امرأة النار في هرة لها ربطتها فممي الممبيت لممم تطعمهمما
ول تسممقها ولممم ترسمملها فتأكممل مممن خشمماش الرض حممتى ممماتت" .وعممن
الحسن البصري رحمه الّله قال "مر النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ببعيممر
معقول صدر النهار ،فقضى حاجته ثم رجع البعير على حاله فقال لصمماحبه:
أما علفت البعير اليوم؟ قال ،ل ،قال أما إنممه ليحاجممك يمموم القيامممة" يعنممي
ي بن أبممي يخاصمك إلى الّله تعالى يوم القيامة .وروى عن عبد خير عن عل ّ
طالب كرم الّله وجهه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال في خطبتممه
"أيها الناس الّله الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون وألبسمموهم
مما تلبسون ول تكلفوهم ما ل يطيقون فإنهم لحممم ودم وخلممق أمثممالكم أل
من ظلمهم فأنا خصمهم يوم القيامة والله حاكمهم" .وروى عممن عممون بممن
عبد الّله أنه كان يقول لغلمه إذا عصاه ما أشبهك بسيدك .وروى أبو بممردة
بن أبي موسى عن النبي صلى الّله عليه وسلم
]ص [184
دبها فأحسن تأديبهمما أنه قال :ثلثة كلهم لهم أجران :رجل كانت له جارية فأ ّ
ثم أعتقها فتزوجها فله أجران :ورجممل كممان مممن أهممل الكتمماب يممؤمن بنممبيه
فأدرك النبي صلى الّله عليه وسلم فآمن به فله أجران ،ورجل لممه مملمموك
أدى حق الّله تعالى وحق مواليه فله أجران" .وروى عممن الحسممن البصممري
رحمه الّله تعالى أنه سئل عن المملوك يرسله موله في الحاجة وتحضممره
صلة الجماعة بأي ذلك يبدأ؟ قال بحاجة موله.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :يعني إذا كان معه فممي المموقت سممعة ول
يخاف فوت الوقت ،وأما إذا خاف ذهاب الوقت فل يجوز له أن يؤخرها عن
وقتها لن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "ل طاعة لمخلمموق فممي معصممية
الخالق" ويستحب للرجل أن يتعاهد ما ملكت يمينه ول يكلفه من العمل ما
ل يطيق لن الّله تعالى لم يكلف عباده ممما ل يطيقممون ،وينبغممي أن يحسممن
المعاشرة فممإن حسممن المعاشممرة مممن أخلق المممؤمنين .وروى عممن النممبي
صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "ل يممدخل الجنممة سمميء الملكممة أكرممموهم
إكرامكم أولدكم وأطعموهم مما تممأكلون" .وروى عممن عبممد الل ّممه بممن عمممر
رضي الّله تعالى عنهمما أنمه رأى كسمرة خممبز ملقماة فقمال لغلمممه ارفعهمما
وأمممط عنهمما الذى ،فلممما أمسممى وأراد أن يفطممر قممال لغلمممه ممما فعلممت
بالكسرة؟ قال أكلتها قال اذهب فأنت حر ،سمعت النبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم يقول "من وجد كسرة فرفعها وأكلها لم تصل إلى جوفه حتى يغفممر
الّله له" فإني أكره أن أستعبد من قد غفر له.
]ص [185
بهذا الحديث قال :هذا والله من غرائب الحديث .وعن أبممي الممدرداء رضممي
الّله تعالى عنه "أن رجل جاء إلى النبي صلى الّله عليممه وسمملم فشممكا إليممه
قسوة القلب فقال له النبي صلى الّله عليه وسلم إن سرك أن يلين قلبممك
فامسح برأس اليتيم وأطعمه" قال حدثنا محمممد بممن الفضممل بإسممناده عممن
ابن عمر رضي الّله تعممالى عنهممما أنممه سممئل عممن الكبممائر قممال هممي تسممع:
الشممرك بممالله ،و قتممل المممؤمن متعمممدا ،والفممرار مممن الزحممف ،وقممذف
المحصممنة ،وأكممل مممال اليممتيم ،وأكممل الربمما ،وعقمموق الوالممدين ،والسممحر،
واستحلل الحرام .وعن مجاهد عمن ابمن عبماس رضمي الّلمه تعمالى عنهمما
قال :ست موبقات ليممس فيهممن توبممة :أكممل مممال اليممتيم وقممذف المحصممنة
والفرار من الزحف ،والسحر ،والشرك بالله ،وقتل نبي من النبيمماء .وروى
ْ
ن َيمأك ُُلو َ
ن ن اّلم ِ
ذي َ عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما في قوله تعمالى }إ ِ ّ
سِعيرًا{ يعنممي ْ َ
ن َ صل َوْ َ م َنارا ً وَ َ
سي َ ْ ن ِفي ب ُ ُ
طون ِهِ ْ ما ي َأك ُُلو َ
مى ظ ُْلما ً إ ِن ّ َ وا َ
ل الي ََتا َ م َ
أ ْ
سيدخلون في الخرة النار .ويقال :طمموبى للممبيت الممذي فيممه اليممتيم ،وويممل
للبيت الذي فيه اليتيم :يعني ويل لهل البيت الذين لمم يعرفموا حمق اليمتيم
وطوبى لهم إذا عرفوا حقه .وروى "أن رجل ً جاء إلى النبي صلى الّله عليممه
وسلم فقال عندي يتيم فمم أضربه؟ قال مممما تضممرب بممه ولممدك" يعنممي ل
بأس أن تضربه للتأديب ضربا غير مبرح مثل ما يضرب الوالد ولممده .وروى
عن فضيل بن عياض رحمه الّله تعالى أنه قال :رب لطمة أنفممع ليممتيم مممن
أكلة خبيص.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :إن كان يقدر أن يؤدبه بغير ضرب ينبغي
له أن يفعل ذلك ول يضربه .فإن ضرب اليتيم أمر شديد بدليل ما حدثنا بممه
الفقيه أبو جعفر رحمه الّله حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الّله بن عمر حممدثنا
محمد بن علي وهو والد أبي ترخان حدثنا محمد بن المثني حدثنا عمرو بن
ي بن زيد عن سعيد بن سفيان القطعي حدثنا الحسن بن أبي جعفر عن عل ّ
المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسول الّلممه
صلى الّله عليه وسمملم "إن اليممتيم إذا ضممرب اهممتّز عممرش الرحمممن لبكممائه
فيقول الّله تعالى يا ملئكتي من أبكى الذي غيبت أبمماه فممي الممتراب؟ وهممو
أعلم به .قال :تقول الملئكة ربنا ل علم لنما .قمال :فمإني أشمهدكم أن ممن
ي فأرضيه من عندي يوم القيامة" قال :وكممان رسممول الل ّممه صمملى أرضاه ف ّ
الّله عليه وسلم يمسممح رؤوسممهم ويلطممف بهممم ،وكممان عمممر بمن الخطمماب
رضي الّله تعالى عنه يفعل ذلك .وعن عبد الرحمن بن أبزى قال :قال الّله
تعالى لداود النبي صلى الّله عليه وسلم :كن لليتيم كمالب الرحيمم ،واعلمم
أنك كما تزرع كممذلك تحصممد ،واعلممم أن المممرأة الصممالحة لزوجهمما كالملممك
وج بالذهب كلما رآها قرت عينه ،والمرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيممل المت ّ
على الشيخ الكبير .وعن زيد بن أسلم رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى
الّله عليه وسمملم قممال "أنمما وكافممل اليممتيم المسمملم فممي الجنممة وجمممع بيممن
ي عن أبي الخليل قال :قرأت فممي مسممألة أصبعيه" وعن أبي عمران الجون ّ
داود
]ص [186
عليه السلم قممال :إلهممي ممما جممزاء مممن أسممند إليممه اليممتيم والرملممة ابتغمماء
ل إل ظلممي :يعنممي ظممل مرضاتك؟ قال جزاؤه أن أظله في ظلي يوم ل ظ م ّ
العرش .وعن عوف بن مالك الشمجعي أن النمبي صملى الّلمه عليمه وسملم
ن أو يمتممن ن حتى يبنى به ّ قال"ما من مسلم يكون له ثلث بنات ينفق عليه ّ
ن له حجابا ً من النار ،فقالت امممرأة يمما رسممول الل ّممه أو ثنتممان؟ قممال أو
إل ك ّ
ثنتان" قال النبي صلى الّله عليه وسمملم "أنمما وامممرأة سممفعاء الخممدين فممي
الجنة كهاتين ،وأشار بأصبعيه إلى امرأة مات زوجها فحبست نفسممها علممى
بناتها حتى يبنى بهن أو يمتممن" وروى يزيممد الرقاشممي عممن أنممس بممن مالممك
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "مممن حمممل
من السوق طرفة إلى ولده كان كمن حمل صدقة حتى يضعها فممي فيهممم،
وليبدأ بالناث فإن الّله تعالى يرق للناث ،ومن رق للنثى كممان كمممن بكممى
من خشية الله ،ومن بكى من خشية الّله غفر لمه ،ومممن فمّرح أنمثى فّرحمه
الّله يوم الحزن".
باب الزنى
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضممي الل ّممه تعممالى عنممه :حممدثنا أبممو
الحسين أحمد بن حمدان حدثنا أحمد بممن الحممارث حممدثنا قتيبممة بممن سممعيد
البعلني حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبيد الّله بن عبد الّله بممن
عتبة عن أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الّله تعالى عنهما أنهمما أخمبرا "أن
رجلين اختصما إلى رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم فقممال أحممدهما يمما
رسول الّله اقض بيننا بكتاب الّله تعالى وقال الخممر وهممو أفقههمما أجمل يما
رسول الّله اقض بيننا بكتاب الّله وأذن لي أن أتكلممم؟ قممال تكلممم ،قممال إن
ابني كان عسيفا على هذا الرجل :يعنممي كممان أجيممرا عنممده فزنممى بممامرأته،
فأخبروني أن على ابني الرجم ،فاقتديت منه بمممائة شمماة وجاريممة لممي ،ثممم
سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني مممائة جلممدة وتغريممب عممام وإنممما
الرجم على امرأته ،فقال رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أممما والممذي
نفسي بيده لقضين بينكما بكتاب الّله تعالى أما غنمك وجاريتك فرد عليك،
وأما الذي على ابنك فجلد مائة وتغريب عام ،فأمر أنيسا السلمي أن يمأتي
المرأة وقال اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعممترفت فارجمهمما فمماعترفت
فرجمها" فقد بين النبي صلى الّله عليه وسلم حكم الزنى وأن الزاني وكذا
الزانية إذا لم يكن محصنا يعني إذا لم يكن له امرأة يجب عليه مممائة جلممدة
دوا ة{ من النساء }َوالّزاِني{ من الرجال }َفا ْ
جِلم ُ كما قال الّله تعالى }الّزان ِي َ ُ
ة{ يعني ممائة سموط ول تأخمذكم بهمما رأفمة فمي جل ْد َ ٍ مائ َ َ
ة َ ما ِ
من ْهُ َ
حد ٍ ِ
ل َوا ِ كُ ّ
دين الله ،يعني ل تأخذكم الرأفة والرحمة في ح مد ّ الل ّممه تعممالى ،ومعنمماه ول
تحملكم الشفقة على إبطال الحد فإن الّله تعالى أرحم بعباده منكم ،وأمممر
ده فممي الممدنيا فإنممما يضممرب القيمممة بحد ّ الزانين في الدنيا .فمن لم يقم ح ّ
ّ م ت ُؤ ْ ِ ن ُ
ن ِباللهِ َوالَيمموْم ِ
مُنو َ كنت ُ ْ بسياط من نار على مشهد الخلئق ثم قال }إ ِ ْ
ر{ خ ِ
ال ِ
]ص [187
دقون بتوحيد الّله وبيوم القيامة فل تعطلوا الحد ،ثم قممال يعني إن كنتم تص ّ
ن{ يعنممي وليحضممر عنممد إقامممة الحممد مِني َ م مؤ ْ ِ
ن ال ُ م ْ ة ِ ف ٌطائ ِ َما َ شهَد ْ ع َ َ
ذاب َهُ َ }وَل ْي َ ْ
جماعة من الممؤمنين وإنمما حضمر عنمدهما جماعمة لزيمادة العقوبمة لنهمما
يخرجن إذا كانا بمحضر من القوم ويكون ذلك زاجرا ً لهما عن الزنممى فهممذا
حد ّ من لم يكن محصنًا ،فأما إذا كان محصنا ً فهو الرجم إذا كانت له امممرأة
دهما الرجم كممما وقد دخل بها أو زنت امرأة وكان لها زوج وقد دخل بها فح ّ
روى النبي صلى الّله عليه وسلم أنه رجم ماعز بن مالك .وروى عن النممبي
صلى الّله عليه وسلم "أن امرأة جمماءت إليممه فممأقرت بممالزنى وهممي حامممل
فأمرهمما أن ترجممع حممتى تضممع حملهمما فلممما وضممعت حملهمما أتتممه فممأمر بهمما
فرجمت" فهذا حد ّ الزنى في الدنيا فممإن أقيممم عليهممما بحممد فممي الممدنيا وإل
أقيم عليهما في الخرة وعذاب الخممرة أشممد وأبقممى فاحممذروا الزنممى فممإنه
ة{ يعني ل ش ًح َ ن َفا ِكا َ ه َ قَرُبوا الّزَنى إ ِن ّ ُ معصية عظيمة قال الّله تعالى }َول ت َ ْ
تزنوا واجتنبوا الزنى فإن الزنى معصية ومقت يعني يوجب لصاحبه المقممت
ل{ بئس المسلك وبئس الطريق لهل سِبي ً ساَء َ والسخط من الّله تعالى }وَ َ
الزنى يعني قد أخذ طريقا يجره إلى النار .وقال الّله تعالى في آيممة أخممرى
ن{ يعني ما كبر وهو الزنى وممما ما ب َط َ َ من َْها وَ َ ما ظ َهََر ِ ش َ ح َ وا ِف َقَرُبوا ال َ }َول ت َ ْ
بطن يعني القبلة ،واللمس كله زنممى كممما جمماء فممي الخممبر "اليممدان تزنيممان
م ل ل ِل ْممؤ ْمِنين يغُضمموا مم َ والعينان تزنيممان" قممال الل ّممه تعممالى }قُم ْ
صممارِه ِ ْ
ن أب ْ َِ ْ ُ ِ َ َ ّ
لن ،وَقُ م ْصممن َُعو َ
ممما ي َ ْخِبي مٌر ب ِ َ ن الل ّممه َ م إِ ّ كممى ل َُهمم ْ ك أ َْز َ
م ذ َِلمم َ جُهمم ْ ظمموا فُُرو َ ف ُ ح َوَي َ ْ
ن{ فقد أمممر الل ّممه تعممالى َ
جه ُ ّ ن فُُرو َ فظ ْ َ ح َ ن وَي َ ْ صارِه ِ ّ ن أب ْ َ م ْ ن ِ ض َ ض ْ ت ي َغْ ُ مَنا ِ مؤ ْ ِل ِل ْ ُ
الرجل والنساء بغض البصر عن الحرام وبحفممظ الفممرج عممن الحممرام ،فقممد
حممرم الل ّممه تعممالى الزنممى فممي آيمات كممثيرة مممن التمموراة والنجيممل والزبممور
والفرقان وهو ذنب عظيم وأيّ ذنب أعظم من هتك ستر حرمة المسمملمين
واختلط النساب .وروى عن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه
كان ل يزني في الجاهلية ،وكان يقول ل يعجبني لو هتك أحد حرمممتي ،فأنمما
ل أهتك حرمة أحد.وروى عن بعض الصممحابة رضممي الل ّممه تعممالى عنهممم أنممه
قال :إياكم والزنى فإن فيه ست خصال :ثلثة في الدنيا وثلثة فممي الخممرة
فأما التي في الدنيا فنقصان الرزق يعني تممذهب البركممة مممن رزقممه ويصممير
محروما من الخيرات ويصير بغيضا في قلوب الناس ،وأما التي في الخممرة
فغضب الرب وشدة الحساب والدخول فممي النممار وهممي الممتي سممماها الل ّممه
تعالى النار الكبرى .وروى عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "إن
ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نممار جهنممم" .وروى عممن النممبي صمملى
الّله عليه وسلم أنه قال لجبريل عليممه السمملم "صممف لممي النممار؟ فقممال يمما
محمد سوداء مظلمة لو أن مثل خرق إبره برز ممن النممار لحمرق مما علمى
وجه الرض ،ولو أن ثوبا من ثيابهما علمق بيمن السمماء والرض لممات أهمل
الرض مممن نتممن ريحممه ،ولممو أن قطممرة مممن الزقمموم طرحممت إلممى الرض
لفسدت على أهل الرض معايشهم ،ولو أن ملكا من
]ص [188
التسعة عشرة الذين ذكرهم الل ّممه تعممالى فممي كتممابه بممرز إلممى أهممل الرض
لمات أهل الرض من تشويهه واختلف خلقه ،ولو أن حلقة مممن السلسمملة
التي ذكرها الّله تعالى في كتابممة طرحممت إلممى الرض لهممدمتها إلممى الرض
السفلى ثم لم تستقر ،فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم حسممبي يمما
جبريل فبكى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وبكى جبريل ،فقال رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم يا جبريل أنت تبكي وأنت من الّله بالمكان الذي
أنت منه ،فقال جبريل عليه السلم يا محمد وما يؤمنني على أن أكون عند
الّله على غير ما أنا عليه أو أبتلى بمما ابتلمي بمه هماروت ومماروت وإبليمس
الملعون" فهذا جبريل مع كرامته على ربه كان يبكي فكيف ل يبكي من هو
عاص ،فل تغتر بحياتك وصحتك فممإن الممدنيا زائلممة والعممذاب طويممل ،واحممذر
الزنى فإنه يورث الغضب والسخط والعممذاب الليممم ،وأشممد الزنممى ممما هممو
مصّر عليه وهو الرجل الذي يطلق امرأته وهو مقيم معها بممالحرام ول يقممر
عند الناس مخافممة أن يفتضممح فكيممف ل يخمماف فضمميحة الخممرة يمموم تبلممى
السرائر:يعني تظهر السرار ،فاحذر فضيحة ذلك اليموم واجتنمب الزنمى ول
تصر عليه فإنه ل طاقة لك مع عذاب الّله وتب إلممى الل ّممه تعممالى فممإن الل ّممه
تعالى يقبل التوبة عن عباده وأنت إذا مممت ل ينفعممك النممدم والتوبممة ،وإنممما
تنفعك التوبة والندامة ما دمت في الحياة ،وقد مدح الل ّممه المممؤمنين بحفممظ
ن ،إ ِل ّ ع َل َممى حممافِ ُ
ظو َ م َجه ِ م ْ
فُرو ِم لِ ُن هُ م ْذي َ فروجهممم فقممال الل ّممه تعممالى }َوال ّم ِ
َ أ َزواجه َ
ن اب ْت َغَممى وََراَء ذ َل ِم َ
ك ن ،فَ َ
مم ْ مل ُممو ِ
مي َ م غ َي ْمُر َم فَمإ ِن ّهُ ْ
مان ُهُ ْ مل َك َ ْ
ت أي ْ َ ما َم أوْ َْ َ ِ ِ ْ
ن{ يعنممي هممم العاصممون .فممالواجب علممى كممل مسمملم أن دو َ م الَعا ُ
ك هُ ْفَأ ُوْل َئ ِ َ
يتوب من الزنى وينهى الناس عن ذلك فممإن كممل موضممع ظهممر فيممه الزنممى
ابتلهم الّله تعالى بالطاعون.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى ،حدثنا أبممو يعقمموب إسممحاق بممن إبراهيممم
العطار حدثنا محمد بن صالح الترمذي حدثنا سويد بن نصر حدثنا عبممد الل ّممه
بن المبارك عن سفيان عن أبيه عن عكرمة قال :سمعت كعبا ً يقممول لبممن
عباس رضي الّله تعالى عنهما :إذا رأيتم السيوف قممد أعريممت والممدماء قممد
أهريقت فاعلموا أن حكم الّله قد ضيع فيهم فانتقم الّله ببعضهم من بعض.
وإذا رأيتم المطر قد منع فاعلموا أن الناس قد منعوا الزكاة فمنمع الل ّممه مما
عنده ،وإذا رأيتم الوباء قد فشا فاعلموا أن الزنى قد فشا.
]ص [189
من هؤلء؟ فقال أكلة الربا .وروى عن عطاء الخراسمماني أن عبممد الل ّممه بممن
سلم قال :الربا اثنا وسبعون حوبًا :يعني إثمًا ،وأصغرها حوبا كمن أتى أمه
في السلم ،ودرهم من الربا شر من بضع وثلثين زنية .قممال :ويممأذن الل ّممه
تعالى بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة إل آكممل الربمما فممإنه ل يقمموم إل كممما
يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس :يعني كالمجنون كلما قممام سممقط.
وعن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنممه أنممه قممال :آخممر ممما نممزل مممن
القرآن آية الربا ،فتوفى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ولم يفسرها لنا،
ي رضممي فدعوا الربا والريبة :يعني الكبيرة والصغيرة .وعن الحارث عن عل ّ
الّله تعالى عنهما أنه قال "لعن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم آكل الربا
وموكله وشاهديه وكاتبه ،والواشمة والمستوشمة ،والمحلممل والمحلممل لممه،
ومانع الصدقة" .وروى عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنه عن النمبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما يكسب العبد مال من الحرام فيتصدق به
فل يؤجر عليه ول ينفق منه فل يبارك له فيه ول يتركه خلف ظهره إل كممان
زاده إلى النار" .وعممن أبممي رافممع قممال :بعممث خلخممال فضممة مممن أبممي بكممر
الصديق رضي الّله تعالى فوضع الخلخال في كفة والدراهم في كفة فكممان
الخلخال أثقل منها يسيرا فأخذ مقراضا فقال الزيادة لك يمما خليفممة رسممول
الل ّممه قممال :سمممعت رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم يقممول "الممزائد
والمستزيد في النار" .وروى أبو سعيد الخممدري وعبممادة بممن الصممامت وأبممو
هريرة وغيرهم عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "الفضممة بالفضممة
مثل بمثل والفضل ربا ،والحنطممة بالحنطممة مثممل بمثممل والفضممل ربمما،وذكممر
الشعير والتمر والملح ثم قال :فمن زاد أو استزاد فقممد أربممى" .وعممن ابممن
مسعود رضي الّله تعالى عنممه قممال:كنمما نممدع تسممعة أعشممار الحلل مخافممة
الربا .وعن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنممه هكممذا ،ويقمال مما ظهممر
الزنى وأكل الربا في بلد إل خرب .وعن علممي بممن أبممي طممالب رضممي الّلمه
تعالى عنه أنه قال :من اتجر قبل أن يتفقه في الدين فقد ارتطم بالربا ثممم
ارتطم ثم ارتطم :يعني غرق فيه .وروى العلء بن عبممد الرحمممن عممن أبيممه
عن جده قال :قال عمر بن الخطاب رضي الّلمه تعممالى عنمه :ل يممبيعن فمي
أسواقنا هذه قوم لم يتفقهوا في الدين ولم يوفمموا الكيممل والميممزان ،وعممن
ليث عممن عبممد الرحمممن بممن سممابط قممال :إنممما يممؤذن فممي هلك القممرن إذا
اسممتحلوا أربعمما :إذا نقصمموا الميممزان ،وبخسمموا المكيممال ،وأظهممروا الزنممى،
وأكلوا الربا ،لنهم إذا أظهروا الزنممى أصممابهم الوبمماء ،وإذا نقصمموا الميممزان
وبخسوا المكيال منعوا القطر ،وإذا أكلوا الربا جممرد عليهممم السمميف .وروى
عن عبيد المحاربي قال:كنت أمشي خلف علي بممن أبممي طممالب كممرم الل ّممه
وجهه في السوق ومعه الدرة فممإن رأى رجل ً ل يمموفى الكيممل ضممربه وقممال
أوف الكيل.وعن ابن عباس رضي الّله عنهما أنه قال :يمما معشممر العمماجم:
إنكم وليتم أمرين بهما أهلك من كان قبلكم من القرون الماضممية المكيممال
والميزان.
]ص [190
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال" :يممأتي علممى النمماس
زمان ل يبقى أحد إل أكل الربا ،قيل يا رسول الّله كلهم يأكلون الربمما؟قممال
من لم يأكل منه يصيبه من غباره" يعني يصميبه ممن إثممه لنمه يعيمن علمى
ذلك فيكون شاهدا أو كاتبا ً أو راضيا ً بفعله فله حظ من الفعل كما قال أبممو
بكر الصديق رضي الّله تعالى عنممه :الممزائد والمسممتزيد فممي النممار ،فينبغممي
للتاجر أن يتعلم من العلم مقدار مما يحتماج إليمه لتجمارته لكيل يأكمل الربما،
وينبغي أن يجتهد في الكيل والوزن لن الل ّممه تعممالى شممدد فممي أمممر الكيممل
ن{ يعني الشممدة في َف ِمط َ ّل ل ِل ْ ُ
والوزن ،وأوعد الوعيد الشديد فقال تعالى }وَي ْ ٌ
من العذاب ،ويقال ويل واد في جهنم للذين ينقصون ويخونممون فممي الكيممل
ن{ يعني يكتالون من النمماس ست َوُْفو َ س يَ ِْ ذا اك َْتاُلوا ع ََلى الّنا
ن إِ َ والوزن }ال ّ ِ
ذي َ
م{ يعنممي إذا كممالوا النمماس }أ َْو ذا ك َمماُلوهُ ْ
يسممتوفون يعنممي حقهممم تاممما }وَإ ِ َ
َ
ن{ يعني ينقصون ،ثممم قممال تعممالى }أل ي َظ ُم ّ
ن سُرو َخ ِ
م{ يعني لهم }ي ُ ْ وََزُنوهُ ْ
َ ُأول َئ ِ َ
ن{ يعني أل يعلم هؤلء الذين يخونون في الكيل والوزن مب ُْعوُثو َم َ ك أن ّهُ ْ
َ
م{ يعني هوله عظيم .فمماعتبر يمما ظي ٍن{ ليوم القيامة }ل ِي َوْم ٍ ع َ ِ مب ُْعوُثو َ م َ }أن ّهُ ْ
ابن آدم فإن اليوم الذي سماه الّله عظيما كيف يكون حمماله أي يكممون وأي
ن{ يعني يقفممون مي َب الَعال َ ِ س ل َِر ّم الّنا ُ قو ُم يَ ُ هيبة وأي خوف أعظم منه }ي َوْ َ
بين يدي الّله تعالى ويسألهم عن قليل وكثير ويقممرأ فممي كتممابه ووجممدوا ممما
عملوا حاضرا بين يدي الّله تعالى ويسألهم عن قليل وكثير ويقرأ في كتممابه
حمدًا{ فطمموبى لممن عممدل فمي }ووجدوا ما ع َمُلوا حاضرا ً ول يظ ِْلمم ربم َ َ
كأ َ ُ َ ّ َ َ َ ِ ِ َ َ َ َ ُ
الدنيا في حقوق الناس وويل لمن لم يعدل فممي حقمموق النمماس.وروى عممن
عمر رضي الّله تعالى عنه أن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم قممال "إن
العدل ميزان الّله تعالى في الرض فمن أخذه قاده إلى الجنة ،ومممن تركممه
ساقه إلى النار( واعلم أن العدل يكون من السلطان في رعيته ويكون من
الرعية فيما بينهم ،فعليكم بالعدل لتنجوا من العذاب الليم.
]ص [191
ومن لم يعظم أسمائي ،ول يحسد الناس على ممما آتّيهممم مممن فضمملى فممإن
دو لنعمتي راد ّ لقضائي ساخط لقسمتي التي قسمت بين عبممادي الحاسد ع ّ
ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني ،ول تشممهد بممما ل يعممي سمممعك
ويحفظممه عقلممك ويعقممد عليممه قلبممك فممإني واقممف أهممل الشممهادات علممى
شهاداتهم يوم القيامة أسألهم عنها سؤال حثيثا ،ول تسرق ول تممزن بحليلممة
جارك فأحجب عنك وجهي وأغلق عنك أبواب السممماء ،وأحممب للنمماس كممما
تحب لنفسك ،ول تذبحن لغيري فإني ما أحممب مممن القربممان ممما ذكممر عليممه
اسمي وكان خالصا ً لوجهي ،وتفرغ لي يوم السبت وفرغ جميع أهل بيتممك"
وقال رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم "إن الل ّممه تعممالى جعممل السممبت
لموسى عيدا واختار الجمعة فجعلها لنا عيدا".
مه الّله تعالى :حدثنا أبو القاسم حدثتا محمممد )قال الفقيه( أبو جعفر رح ّ
بن الحسن حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن عبيد الّله بن عبد الرحمممن
بن وهب عن محمد بن كعممب القرظممى قممال" :قممام رسممول الل ّممه ص علممى
المنبر فقبض كفه اليمنى ثم قال :كتاب كتب الل ّممه تعممالى فيممه أهممل الجنممة
بأسمائهم وأنسابهم ول يزاد فيهم ول ينقص وليعملن أهممل السممعادة بعمممل
أهل الشقاء حتى يقال بأنهم منهم بل هم ثم يستنقذهم الّله تعالى بقضممائه
من الشقاء إلى السعادة قبل الموت ولو بفواق ناقة ،وليعملن أهل الشقاء
بعمل أهل السعادة حتى يقال كأنهم منهم بل هم وليستخرجهنم الّلممه قبممل
الموت ولو بفممواق ناقممة ،السممعيد مممن سممعد بقضمماء الل ّممه تعممالى والعمممال
والخواتيم" وروى فضالة بن عبيد عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه
قال في حجه الوداع "أل أخبركم بالمؤمن؟ المؤمن من أمنممه النمماس علممى
أموالهم وأنفسهم،والمسلم من سلم الناس مممن لسممانه ويممده ،و المجاهممد
مممن جاهممد نفسممه فممي طاعممة الل ّممه تعممالى ،والمهمماجر مممن هجممر الممذنوب
والخطايا" قال أبو الدرداء رضممى الل ّممه تعمالى عنممه :اعبممدوا الل ّممه عممز وجممل
دوا أنفسكم من الموتى ،واعلموا أن قليل يغنيكم خيممر مممن كأنكم ترونه وع ّ
كثير يلهيكم ،واعلموا أن البر ل يبلى وان الثممم ل ينسممى .وروى ابممن عمممر
رضي الّله تعالى عنهما عن رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال:
"البر ل يبلى وأن والثم ل ينسى والديان ل يفنى ،وكن كما شئت يعنى كما
تدين تدان".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :معنى قوله "كما تدين تدان" يعني أنك لو
عملت خيرا تجد ثواب الخير وإن عملت شممرا تجممز بممه يمموم القيامممة جممزاء
الشر ،و هذا كقموله عمز وجمل }إن أحسممنتم لنفسمكم و إن أسمأتم فلهما{
يعني أن الّله تعممالى ل يظلممم أحممد ول ينقممص مممن ثممواب حسممناته شمميئا ول
يعاقبه بغير ذنب ،وقد بين الّله تعالى الطريق وبعممث رسممول كريممما ناصممحا
لمته وقد بين طريق الجنة وطريق النار .وروى أبو هريرة رضى الّله تعالى
عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "مثلممى ومثلكممم كمثممل
رجل أوقد نارا فجاء الفراش يتهافتن فيها
]ص [192
فأنا أمنعكم من أن تقعوا في النار" يعنممي أنهمماكم عممن الممذنوب و العصمميان
فإن الذنوب تلقى صاحبها في النممار ،ويقممال:قبلممت توبممة آدم عليممه الصمملة
والسلم لخمس خصال،ولم تقبل توبة إبليس لعنه الّله لخمس خصال،فآدم
أقّر على نفسه بالذنب وندم عليه ولم نفسممه وأسممرع بالتوبممة .ولممم يقنممط
من رحمة الّله تعالى ،وإبليس لعنه الّله لم يقر على نفسه ولم ينممدم عليممه
ولم يلم نفسه ولم يسرع في التوبة وقنط من رحمة الّله تعالى ،فمن كان
حاله مثل حال آدم قبلت توبته ومن كان حاله مثممل حممال إبليممس لممم تقبممل
توبته وروى عن إبراهيم بن أدهم رحمه الّله تعالى أنه قال:لن أدخممل النممار
ى ممن أن أدخمل الجنمة وقممد عصميت الل ّممه تعممالى، ّ
وقد أطعت الله أحب إلم ّ
معناه لو دخل الجنة وقد عصى الّله تعممالى فالحيمماء مممن الل ّممه تعممالى لجممل
ذنوبه باق ،ولو دخل النار وقد أطاع الّله تعالى ل يكون لممه الخجممل والحيمماء
ويرجى خروجه منها .وقد روى عن مالك بن دينار رضي الّله تعالى عنه أنه
مّر بعتبة الغلم في برد شديد وعلى عتبة قميص خلق وهو قائم يتفكر وهو
يترشح عرقا ،فقال له مالك ممما الممذي أوقفممك فممي هممذا الموضممع؟ قممال يمما
معلمي هذا موضع عصيت الّله تعالى فيه:يعني أنه كان يتفكر في ذنبه وهو
يسيل منه العرق حياء من الّله تعالى.وقال مكحول الشامي:مممن أوى إلممى
فراشه ثم لم يتفكر فيما صنع في يومه فإن عمل خيرا حمد الّله،وإن أذنب
استغفر ربه عممز وجممل ،وإن لممم يفعممل كممان كمثممل التمماجر الممذي ينفممق ول
يحسممب حممتى يفلممس ول يشممعر،ويقممال إن الّلممه تعممالى قممال فممي بعممض
الكتب:عبدي إني ملك ل أزول فأطعني فيما أمرتك به وانته عما نهيتك عنه
حتى أجعلك حيا ل تموت ،عبدي أنا الذي إذا أقول للشيء كن فيكون .وعن
أبي محمد بن يزيد قال :إن استطعت أن ل تسيء إلممى مممن تحبممه فافعممل،
وقيل له وهل يسيء أحد إلى ممن يحبمه؟ قمال نعمم نفسمك أحمب النفمس
وأعزها إليك ،فإذا عصيت فقد أسأت إليها .وقيل لبعممض الحكممماء :أوصممني
بشيء؟ قال ل تجف ربك ول تجف الخلق ول تجف نفسك ،أما الجفاء بربك
فأن تشتغل بخدمة غيره من المخلوقين ،وأما الجفاء مع خلق فأن تذكرهم
عند الناس بسوء ،وأما الجفاء مع النفس فأن تتهاون بفرائض الّلممه تعممالى.
وروى عن كهمس بن الحسن أنممه قممال :أذنبممت ذنبمما وأنمما أبكممي عليممه منممذ
أربعين سنة ،قيل له ما هو يا عبد اللممه؟ قممال زارنممي أخ لممي فاشممتريت لممه
سمكا فأكل ،ثم قمت إلى حائط جاري فأخذت منممه قطعممة طيممن فغسمملت
بها يدي .وعن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "أعظممم الممذنوب
عند الّله تعالى أصغرها عند الناس ،وأصغر الذنوب عند الّله تعالى أعظمهمما
عند الناس".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :يعنممي أعظمهمما عنمد المممذنب إذا عظمممه
وخافه أصغر عند الّله تعالى ،وأما إذا كممان صممغيرا فممي عيممن المممذنب فهممو
عظيم عند الّله تعالى لن أعظم الذنوب ممما كممان مصممرا عليممه ،وهممذا كممما
روى عن بعض الصحابة رضممي الل ّممه تعمالى عنهممم أنممه قممال :ل صممغيرة مممع
الصرار ول كبيرة مع الستغفار .وروى عن عوام
]ص [193
بن حوشب أنه قال :أربع بعد الذنب شر من الممذنب :الستصممغار والغممترار
والستبشار والصرار.
سن َةِ فَل َ ُ
ه ح َ
جاَء ِبال َ ن َ )قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :ل تغرنك هذه الية } َ
م ْ
عَ ْ َ
ن{ لنه قد مو َ م ل ي ُظ ْل َ ُمث ْل ََها وَهُ ْ
جَزى إ ِل ّ ِ
سي ّئ َةِ َفل ي ُ ْ
جاَء ِبال ّ
ن َ مَثال َِها وَ َ
م ْ شُر أ ْ
اشترط في الحسنة المجيء بها يوم القيامممة والعمممل سممهل علممى العامممل
ولكن المخبئ يوم القيامة شديد ،وإن السيئة واحدة ولكممن لهمما عشممر مممن
العيوب :أولها أن العبد إذا عمل سيئة فقد أسخط خالقه علممى نفسممه وهممو
قادر عليه في كل وقت ،والثاني أنه فرح من هممو أبغممض إليممه وهممو إبليممس
عدو الّله وعدُوه ،والثالث تباعده من أحسن المواضمع وهممو الجنممة ،والرابممع
تقربه إلى شر المواضع وهو جهنم ،والخامس أنه جفمما مممن هممو أحممب إليممه
وهي نفسه .والسادس نجس نفسه وقد خلقها الّله تعالى طاهرة ،والسممابع
آذى أصحابه الذين ل يؤذونه وهم الحفظة ،والثامن أحزن النبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم في قبره ،والتاسع أشهد على نفسه الليل والنهار وآذاهم بذلك
وأحزنهم ،والعاشر أنه خان جميع الخلئق من الدميين وغيرهم ،فأما خيانممة
الدميين فإنه لو كان لحد عنممده شممهادةٍ فممإنه ل تقبممل شممهادته لجممل ذنبممه
فيبطل حق صاحبه لجل ذنبه ،وأما الخيانة لجميع الخلئق فإنه يقل المطممر
إذا أذنب فكمان فممي ذلممك خيانمة لجميمع الخلئق ،فإيمماك والممذنب فمإن فمي
الذنب هذه العيوب وفي ذلك كله ظلم نفسه بمعصيته ،وقيل أبخممل النمماس
من بخل على نفسه بما فيه سعادة ،وأظلم الناس من ظلم نفسه بمعصية
الّله تعالى ،لن من عمل المعصية فقد أهلك نفسه.
)وقال بعض الحكماء( :إياك والذنب فإن الذنب شئوم فيصير شؤمه حجر
المنجنيق فيضرب على حائط الطاعة فيكسر الحممائط ويممدخل ريممح الهممواء
ويطفئ سراج المعرفة.وقيل لبعض الحكماء :مالنا نسمممع العلممم ول ننتفممع
به؟ فقال لهم لخمس خصال :أّولهمما قممد أنعممم الل ّممه عليكممم فلممم تشممكروه،
والثاني إذا أذنبتم فلم تستغفروه ،والثالث لم تعلموا بما علمتم من العلممم،
والرابع صحبتم الخيممار ولممم تقتممدوا بهممم ،والخممامس دفنتممم الممموات فلممم
تعتبروا بهم.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت أبي يقول :روى عن رسول الّله
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما من يمموم إل وينممزل مممن المسمماء خمممس
من الملئكة أحدهم بمكة ،والثاني بالمدينة ،والثالث ببيت المقدس ،والرابع
بمقابر المسلمين .والخامس بأسمواق المسملمين ،فأممما المذي ينممزل بمكمة
فينادى :ال من ترك فرائض الّله تعالى فقممد خممرج مممن رحمممة الل ّممه تعممالى.
وأما الذي ينزل بالمدينة فينادى :أل من ترك سممنن النمبي صملى الّلمه عليمه
وسلم فقد خرج من شفاعته ،وأما الذي ينممزل بممبيت المقممدس فينممادى :أل
من اكتسب مال حراما لم يقبل الّله تعمالى سمائر عملمه ،وأمما المذي ينمزل
بمقممابر المسمملمين فينممادى :يمما أهممل المقممابر بممماذا تغتبطممون وعلممى ممماذا
تندمون؟ فيقولون
]ص [194
ندامتنا على فات من أعمارنا ،ونغتبط بأهل الجماعات لقراءتهممم كلم الل ّممه
تعممالى وتممذاكرهم بممالعلم وصمملواتهم علممى النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
واستغفارهم لذنوبهم ونحن ل نقدر على شيء من ذلممك ،وأممما الممذي ينممزل
في السواق فينممادي ويقممول ،يمما معشممر النمماس مهل مهل فممإن للممه تعممالى
سطوات ونقمات فمن خشى سطواته ونقماته فليداو جراحته حممتى يتمموب
وفناكم فلممم تخممافوا لممول رجممال خشممع وقناكم فلم تشتاقوا وخ ّ من ذنوبه ش ّ
ب عليكم العذاب صبا" وروى عممن وصبيان رضع وبهائم رتع وشيوخ ركع لص ّ
عائشة رضي الّله تعالى عنها "أن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم قممال
لها يا عائشة إياك ومحقّرات الذنوب فإن لها من الّله تعالى طالبمما" ويقممال
مثممل الممذنوب الصممغار كمثممل مممن جمممع خشممبات صممغارا فيوقممد منهمما نممارا
باجتماعها.ويقال.مكتوب في التوراة من يزرع الممبّر يحصممد السمملمة ،وفممي
ة ،وهذا في القرآن وهو قول النجيل مكتوب :من يزرع السوء يحصد الندام ّ
ه{ وروى أبمو القاسممم بمن محمممد عممن ابمن جمَز ِبم ِ سوءا ً ي ُ ْ ل ُم ْ ن ي َعْ َ
م ْتعالى } َ
عباس رضي الّله تعالى عنهما أنه سئل عن رجل كثير الذنوب كممثير العمممل
أعجب إليك أم رجل قليل الذنوب قليل العمممل؟ قممال ممما أعممدل بالسمملمة
ي فقال بعض الحكماء.كمل سممفلة يعممل شيئا .يعني قليل الذنوب أعجب إل ّ
طاعة ،ولكن الكريم من يترك المعصية. ال ّ
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :في كتاب الّله تعالى دليل على أن تممرك
المعصية أفضل من أعمال الطاعة لن الّله تعالى قد اشترط فممي الحسممنة
المجيء بها إلى الخرة وفي ترك الذنوب لم يشممترط شمميئا سمموى الممترك،
َ
مَثال ِهَمما{ وقممال تعممالى }وَن َهَممى ه عَ ْ
ش مُر أ ْ س من َةِ فَل َم ُ
ح َ جاَء ِبال َ ن َم ْ وقال تعالى } َ
مأَوى{ فنسأل الّله تعالى العفو. ْ
ي ال َ ة هِ َ جن ّ َ
ن ال َ وى ،فَإ ِ ّ ن الهَ َ س عَ ْ
ف َالن ّ ْ
]ص [195
لا درهم له ول دينار ول متاع ،قال فإن المفلس من أمتي الممذي يممأتي يمموم
القيامة بصلته وزكاته وصيامه ،ويأتي قد شتم هذا وقممذف هممذا وأكممل مممال
هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ،فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته،
فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه
ثم طرح في النار" .وذكر عن أبي ميسرة قال :أتي بسوط إلمى رجمل فمي
قبره بعد ما دفن فجا آه يعني منكرا ونكيرا فقال له إنا ضارباك مائة سوط
فقال الميت إني كنت كذا وكذا فتشفع حتى حطا عنه عشممرا ثممم لممم يممزل
بهما حتى صار إلى ضربة واحدة فقممال إنمما ضممارباك ضممربة واحممدة فممالتهب
القبر نارا فقال لم ضربتماني فقال مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم
تغثه ،فهذا حال الذي لم يغممث المظلمموم فكيممف يكممون حممال الظممالم .قممال
ميمون بن مهران :إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسممه قيمل لمه وكيمف
يلعن نفسه قال يقول } أل لعنة الّله على الظالمين{ وهو ظالم.
ظم من الظلم )قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :ليس شيء من الذنوب أع ّ
لن الذنب إذا كان بينك وبين الّله تعالى كريم يتجاوز عنك فإذا كان الممذنب
بينك وبين العباد فل حيلة لك سوى رضا الخصم ،فينبغي للظممالم أن يتمموب
عن الظلم ويتحلل من المظلوم في الدنيا ،فإذا لم يقممدر عليممه فينبغممي أن
يستغفر ويدعو فإنه يرجممى أن بحللممه بممذلك .قممال ميمممون بممن مهممران :إن
الرجل إذا ظلم إنسانا ً فأراد أن يتحلل منه ففاته ولم يقممدر عليممه فاسممتغفر
الّله تعالى له في دبر صلته خرج من مظلمته .وعن ابن مسعود رضي الّله
تعالى عنه قال :من أعان ظالما ً على ظلمه أو لقنه حجمة يمدحض بهما حممق
امرئ مسلم فقد جاء بغضب من الّله وعليه وزرها .وعن عمممر رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال للحنف بن قيس :من أجهل النمماس؟ قممال الحنممف مممن
باع آخرته بدنياه .وقال عمر بن الخطاب رضي الل ّممه تعممالى عنممه .أل أنممبئك
بأجهل من هذا؟ قممال بلممى يمما أميممر المممؤمنين :قممال مممن بمماع آخرتممه بممدنيا
ي رضي الّله تعالى عنه :ما أحسنت إلى أحد ول أسممأت إليممه غيره.وعن عل ّ
ن{ يعني إن أحسممنت إلممى ة الل ّهِ ع ََلى ال ّ َ
لن الّله تعالى يقول }أَل ل َعْن َ ُ
مي َ
ظال ِ ِ
أحد فقد أحسنت إلى نفسي وإن أسأت إلى أحد فقد أسأت إلى نفسي.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن أبي
سعيد الخدري رضي الّله تعالى عنممه قممال "كممان رجممل مممن المهمماجرين لممه
حاجة إلى رسول الل ّممه صملى الل ّممه عليممه وسمملم فممأراد أن يلقماه علمى خلء
فيبدي له حاجته ،وكان رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم فممي العسممكر
بالبطحاء ،وكان يجيء من الليل فيطوف حتى إذا كان في وجه الصبح رجع
فصلى صلة الغممداة .قمال :فحبسمه الطمواف ذات ليلممة حممتى أصممبح ،فلمما
استوى على راحلته عرض له الرجل فأخذ بخطام ناقته فقال يا رسول الّله
لي إليك حاجة؟ قال دعني فإنك ستدرك حاجتك فأبى،
]ص [196
فلما خشى أن يحبسه خفقه بالسوط خفقا ثم مضى فصلى صمملة الغممداة،
فلما انفتل أقبل يوجهه على القوم واجتمممع القمموم حمموله فقممال أيممن الممذي
جلدته آنفا فأعادها إن كان في القوم فليقم فجعل الرجل يقول أعوذ بممالله
تعالى ثم برسوله ،وجعل رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقممول ادن ادن
مني حتى دنا منه فجلس رسول الّله صلى الّله عليه وسلم بين يديه وناوله
السوط وقال خذ بجلدتك فاقتص مني ،فقال أعوذ بالله أن أجلد نممبيه قممال
خذ بجلدتك فاقتص ل بأس فقال أعوذ بالله أن أجلد نبيه قال ل إل أن تعفو
فألقى السوط وقال قد عفوت يا رسول الله ،ثممم قممال رسممول الل ّممه صمملى
الّله عليه وسلم يا أيها النمماس اتقمموا ربكممم ول يظلممم أحممد منكممم مؤمنمما إل
انتقم الّله منه يوم القيامة" .وعنه أيضًا"إن المظلومين هم المفلحممون يمموم
القيامة" .وعن سفيان الثمموري رحمممة الل ّممه عليممه أنممه قممال :إن لقيممت الل ّممه
تعالى بسبعين ذنبا فيما بينك وبين الل ّممه تعممالى أهممون عليممك مممن أن تلقمماه
بذنب واحد فيما بينك وبين العباد .وعن إبراهيم بن أدهم رحمممة الل ّممه عليممه
أنه قال :ل ينبغي للرجل إذا كان عليه دين أن يصطبغ بالزيت أو بأقممل منممه
ما لم يقض دينه.وروى عن فضيل بن عياض قال :قراءة آية من كتاب الل ّممه
ي من أختم القممرآن ألممف مممرة ،وإدخممال السممرور تعالى والعمل بها أحب إل ّ
ي من عبادة العمر كله ،وترك الممدنيا على المؤمنين وقضاء حاجتهم أحب إل ّ
ي من أن أعبد الّله بعبادة أهممل السممموات والرض .وتممرك ورفضها أحب إل ّ
ي من مائة حجة من مال حلل.وذكر عممن أبممي بكممر دانق من حرام أحب إل ّ
الوراق أنه قال :أكثر ما ينزع مممن القلممب اليمممان ظلممم العبممد ،وسممئل أبممو
القاسم الحكيم هل من ذنب ينزع اليمان من العبد؟ قال نعم ،ثلثة أشممياء
تنزع اليممان ممن العبممد :أّولهما تممرك الشممكر علممى السمملم ،والثماني تمرك
الخوف على ذهاب السلم ،والثالث الظلم على أهل السلم .وروى حميممد
عن أنس رضي الّله تعالى عنه قال "أوصى النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
رجل بثلث فقال له أكثر ذكر الموت يشممغلك عممما سممواه ،وعليممك بالشممكر
فإنه زيادة في النعمة ،وعليك بالدعاء فإنه ل تدري متى يستجيب الّله لممك،
وأنهاك عن ثلث :ل تنقض عهد ول تعن على نقضه ،وإياك والبغي فإن مممن
بغى عليه لينصرنه الله ،وإياك والمكر فإنه ل يحيق المكر السيء إل بأهله:
وروى منصور عن مجاهد عن يزيد بن سمممرة قممال :إن لجهنممم جبابمما يعنممي
مواضع كساحل البحر فيممه حيممات كالبخمماتي وعقممارب كالبغممال الممدلم فممإذا
اسممتغاث أهممل جهنممم أن يخفممف عنهممم قيممل لهممم اخرجمموا مممن السمماحل
فيخرجون فنأخذ الحيات بشفاههم ووجمموههم وممما شمماء الل ّممه تعممالى منهممم
فتكشطن ،فيستغيثون فرار منها إلى النممار فيسمملط عليهممم الجممرب فيحممك
أحدهم جلده حتى يبدو العظم فيقال يا فلن هل يؤذيك هذا؟ فيقممول نعممم،
ذابا ً فَ موْ َ
ق م ع َم َ
فيقال ذلك بما كنت تؤذي المؤمن وهو قمموله تعممالى }زِد ْن َمماهُ ْ
ن{ وروي عممن عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه دو َ
سم ُ
ف ِ ما َ
كاُنوا ي ُ ْ ب بِ َ العَ َ
ذا ِ
قال:كفى بالمؤمن من لغى ثلث :يعيب على الناس
]ص [197
بما يأتي به ويبصر من عيوبهم ما ل يبصر من عيوب نفسه ويممؤذى جليسممه
فيما ل يعنيه .وعن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :ينادي منمماد
من تحت العرش يوم القيامة يا أمة محمد ما كممان لممي قبلكممم فقممد وهبتممه
لكم ،وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتي".
]ص [198
وعلى جميع الخلق وكانوا يرحمون أهل الذمة ،فكيممف بالمسمملمين؟ .وروى
عن عمر رضي الّله تعالى عنه أنممه رأى رجل ً مممن أهممل الذمممة يسممأل علممى
أبواب الناس وهو شمميخ كممبير ،فقممال لممه عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه ممما
أنصفناك أخذنا منك الجزية ممما دمممت شممابا ثممم ضمميعناك اليمموم ،وأمممر بممأن
ي بممن ابممي طممالب يجري عليه قوته من بيت مال المسلمين .وروى عن عل ّ
رضي الّله تعالى عنه أنه قال :رأيت عمر رضي الّله تعالى عنه علممى قتممب
وهو يعدو بالبطح ،فقلت له يا أمير المؤمنين أين تصير؟ فقال بعّيرنممد مممن
الصدقة فأنا أطلبه ،فقلت له لقد أذللت الخلفاء من بعدك ،فقممال ل تلمنممي
يا أبا الحسن ،فوا الذي بعث محمدا صلى الّلمه عليممه وسملم بمالنبوة لمو أن
عناقا ذهب بشاطئ الفرات لوخذ بها عمر يوم القيامة لنه ل حرمممة لمموال
ضيع المسلمين ول لفاسق رّوع المؤمنين .وعن الحسممن عممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "بدلء أمتي ل يدخلون الجنة بكثرة صلة ول
صيام ولكن يرحمهم الّله تعالى بسلمة الصدور وسخاوة النفممس والرحمممة
لجميممع المسمملمين" .وروى عبممد الوهمماب بممن محمممد الفعتلنممي بسمممرقند
بإسناده عن حميد عن أنس بممن مالممك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال :قممال
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "أربع من حق المسلمين عليك :أن تعين
محسنهم ،وأن تستغفر لمذنبهم ،وأن تدعو لمدبرهم ،وأنت تحممب تممائبهم".
حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمممد حممدثنا فممارس بممن مردويممه حممدثنا
محمد بن الفضل حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا عبد الرحمن بن زياد .عممن أبيممه
عن أبي أيوب رضي الّله تعالى عنه قال :سمممعت رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم يقول "للمسلم علممى أخيممه سممت خصممال واجبممة إن تممرك منهمما
واحدة فقد ترك حقا واجبا :إذا دعاه أن يجيبممه ،وإذا مممرض أن يعمموده ،وإذا
مات أن يحضره ،وإذا لقيه أن يسلم عليممه ،وإذا استنصممحه أن ينصممحه وإذا
عطس أن يشمته" وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال:
ي إل وقد رعى ،قالوا يا رسول الله :وأنت قد رعيت؟ قال :نعممم، "ما من نب ّ
فأنا قد رعيت".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :الحكمة في رعممي النبيمماء صمملوات الل ّممه
عليهم وسلمه أن الّله تعالى ابتلهم على البهائم أول حتى تظهممر شممفقتهم
على خلقه وهو أعلم بهم ،وإذا وجدهم مشفقين على البهائم جعلهممم أنبيمماء
وجعلهم مسلطين علمى بنمي آدم فمي أمممر دينهمم .وروى أن موسممى عليمه
الصلة والسلم قال :يا رب بأيّ شيء اتخذتني صفيا؟ قممال برحمتممك علممى
خلقي فإنك كنت ترعى الغنم لشعيب عليه الصلة والسلم فندت شاة من
غنمك فاتبعتها فأصابك الجهد في طلبها حتى أدركتها ،فلما أخذتها ضممممتها
إلى حجرك وقلت لها يا مسكينة أتعبممتيني وأتعبممت نفسممك فبرحمتممك علممى
وة .وروى أبو هريرة رضي الل ّممه تعممالى عنممه
خلقي اصطفيتك وأكرمتك بالنب ّ
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :من ستر أخاه المسلم في
الدنيا ستره الّله في الدنيا والخرة ،ومن نفس عمن أخيممه كربمة ممن كمرب
الدنيا نفس الّله عنه كربته يوم
]ص [199
القيامة ،والله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عممون أخيممه المسمملم"
وروى قتادة عن أنس رضي الل ّممه تعممالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "والذي نفس محمد بيده ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما
يحب لنفسه من الخير" وروى الشعبي عن عمر رضي الّله تعالى عنه قممال
أن الّله تعالى ل يرحم من ل يرحم ،ول يغفر لمن ل يغفممر ،ول يتمموب علممى
من ل يتوب.
وروى عن بعض الصممحابة رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :الراحمممون
يرحمهم الرحمن ارحموا من في الرض يرحمكم مممن فممي السممماء .وروى
عن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "مممن ل يرحممم النمماس ل
يرحمه الّله تعالى" وعن قتادة أنه قال :ذكر لنا في النجيل مكتوبمما يمما ابممن
آدم كما ترحم فكذلك ترحم وكيممف ترجممو أن يرحمممك الل ّممه وأنممت ل ترحممم
عباده .وعن أبممي الممدرداء رضمي الل ّممه تعممالى عنمه أنممه كممان يتتبمع الصمبيان
فيشتري منهم العصممافير فيرسمملها ويقممول اذهممبي فعيشممي .وقممال شممقيق
الزاهد رحمه الّله تعالى :إذا ذكرت الرجل بالسوء فلم تهتم له ترحما فأنت
أسوأ حال منه ،وإذا ذكرت الرجل الصالح فلم تجد فممي قلبممك حلوة طاعممة
ربك فأنت رجل سوء.
وقال مالك بن أنس رضي الّله تعالى عنه :بلغني أن عيسى صلوات الّله
وسمملمه عليممه قممال :ل تكممثروا الكلم فممي غيممر ذكممر الل ّممه فتقسممو قلمموبكم
والقلب القاسي بعيد من الّله تعالى ولكن ل تعلمون ،ول تنظروا في عيوب
الناس كأنكم أرباب وانظروا إليها كأنكم عبيممد ،وإنممما النمماس رجلن مبتلممى
ومعافى فارحموا صاحب البلء واحمدوا الّله على العافيممة .وروى عممن أبممي
عبد الّله الشامي قال :استأذنت على طاوس فخرج شيخ كبير فقال لي أنا
هو ،فقلت له لئن كنت أنت هو فإنك إذا لخرف ،فقال إن العالم ل يخممرف،
فدخلت عليه فقال لي سل وأوجز ،فقلت لمه إن أوجمزت لمي أوجمزت لمك
فقال :إن شئت جمعت لممك التمموراة والنجيممل والفرقمان فممي ثلث كلممات
فعلت فقلت وددت ذلك فقال خف الّله خوفما ً ل يكممون أحممد أخمموف عنممدك
منه ورجه رجاء هو أشد من خوفك إيمماه وأحممب لغيممرك ممما تحممب لنفسممك،
وعن عمار بن ياسر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال ثلث مممن جمعهممن جمممع
اليمان كله :النفاق في القتار والنصاف من نفسه وإفشمماء السمملم علممى
الخلئق ،وروى عن عمر بن عبد العزيز رضي الّله تعالى عنه أنه قال أحممب
المور إلى الّله تعالى ثلثة العفو عند المقدرة والقصد في الجممدة والرفممق
بعباد الّله تعالى وما رفق أحد بعباد الّله إل رفق الّله به ،وروى هشممام عممن
الحسن قال :أوحى الّله إلى آدم :يا آدم أربع هن جماع لك ولولممدك :يعنممي
جماع الخير واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحممدة بينممك وبيممن
الناس ،فأما التي لي فأن تعبدني ول تشرك بي شيئا ،وأما التي لك فعملك
أجزيك به حين تكون أفقر ما تكون إليه،نن وأممما الممتي بينممي وبينممك فمنممك
الدعاء ومني الجابة ،وأما التي بينك وبين الناس فاصحبهم بالذي تحممب أن
يصحبوك به ،والله أعلم.
]ص [200
ّ
باب ما جاء في خوف الله تعالى
حدثنا الفقيه أبو جعفممر حممدثنا إسممحاق بممن عبممد الرحمممن القمماري حممدثنا
الحارث بن أبي أسامة حدثنا داود بن المحبر عن ميسرة عن محمد بن زيد
عن سعيد بن المسيب "أن عمممر وأبممي بممن كعممب وأبمما هريممرة رضممي الل ّممه
تعالى عنهم دخلوا على رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقالوا يا رسممول
الّله من أعلم الناس؟ قال العاقل ،قالوا يا رسول الل ّممه مممن أعبممد النمماس؟
قال العاقل ،قالوا يا رسول الّله من أفضل الناس؟ قممال العاقممل ،قممالوا يمما
رسول الّله أليس العاقل من نمت مروءته وظهرت فصمماحته وجممادت كفممه
وعظمت منزلته؟ فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وإن كل ذلك لما
متاع الحياة الدنيا والخرة عند ربك للمتقين .العقل المتقي ،وإن كممان فممي
الدنيا خسيسا دنيئا" يعني بالمتقي الذي يتقي الّله عز وجل ويتقي معاصيه.
وروى عن مالك بن دينار رحمه الّله أنه قال :إذا عممرف الرجممل مممن نفسممه
علمة الخوف وعلمة الرجاء فقد تمسك بالمر الوثيق ،أما علمممة الخمموف
فاجتناب ما نهى الّله عنه ،وأممما علمممة الرجمماء فالعمممل بممما أمممر الل ّممه بممه،
وقيل :للرجاء والخمموف علمتممان :فعلمممة الرجمماء عملممك للممه بممما يرضممى،
وعلمة الخوف اجتنابك ما نهى الّله عنه .حدثنا محمد بممن الفضممل بإسممناده
عن الشعبي رضي الّله تعالى عنه عن عبد الّله بن عباس رضي الّله تعممالى
عنهما أنه قال لعمر رضي الّله تعالى عنممه حيممن طعممن :يمما أميممر المممؤمنين
أسلمت حين كفر الناس ،وجاهدت مع رسول الّله صملى الّلمه عليمه وسملم
حين خذله الناس ،وتوفى رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم وهممو عنممك
راض ،ولم يختلف عليك اثنان .وقتلت شهيدا ،فقال عمر رضي الل ّممه تعممالى
عنه :المغرور مممن غررتممموه ،واللممه لمو أن لممي مما طلعممت عليممه الشممس
لفتديت به من هول المطلع .وعن الحسن البصري عممن جممابر رضممي الل ّممه
نعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال" المممؤمن بيممن
مخافتين بين أجل قد مضى ل يدري ما الّله صانع به ،وبين أجل قممد بقممى ل
يدري ما الّله قاض فيه .فليتزود العبد من نفسه لنفسه ،ومن دنياه لخرتممه
ومن حياته لموته ،فوالذي نفس محمد بيده ما بعممد الممموت مممن مسممتعتب
وما بعد الدنيا دار إل الجنة او النار".
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال " :قال الّله عز وجممل وعزتممي
وجللي إني ل أجمع على عبدي خوفين ول أمنيممن :مممن خممافني فممي الممدنيا
أمنته في الخرة ،ومن أمنني فممي الممدنيا أخفتممه يمموم القيامممة" .وروى عممن
عمار بن منصور رضي الّله تعالى عنهما قممال :كنممت تحممت منممبر عممدي بممن
أرطأة ،فقال أل أحدثكم حديثا ما بيني وبين رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم إل رجل واحد؟ قالوا نعممم قممال :قممال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم " :إن لله ملئكة في السماء السابعة سجودا منممذ خلقهممم الل ّممه إلممى
يوم القيامة ترعد فرائضهم من مخافة الله ،فإذا كممان يمموم القيامممة رفعمموا
رؤوسهم وقالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك" .وروى عممن أبممي ميسممرة
أنه كان إذا اوى إلى فراشه قال :ليت
]ص [201
أمي لم تلدني .فقالت له امرأته يمما أبمما ميسممرة :إن الل ّممه قممد أحسممن إليممك
وهداك إلى السلم ،قال اجل ،ولكن الّله قد بين لنا أنمما واردون النممار ولممم
يبين لنا أنا صادرون عنها .وعن الفضيل بن عياض رحمه الّله أنه قال :إنممي
ل اغبط ملكا مقربا ول نبيا مرسممل أليممس همؤلء يعتبمون يموم القياممة إنممما
أغبط من لم يخلق .وقال حكيم من الحكماء :الحزن يمنع الطعام والخوف
وي على الطاعة وذكر الموت يزهد في الفضول. يمنع الذنوب والرجاء يق ّ
وروى عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال" إذا اقشممعر قلممب
المؤمن من خشية الّله تعالى تحاتت عنه خطاياه كما يتحات مممن الشممجرة
ورقها" .وسئل رسول الّله صلى الّله عليه وسلم " من آلك يا رسول الله؟
ي إلى يوم القيامممة.أل إن أوليممائي هممم المتقممون ،ول قال آلي كل مؤمن نق ّ
فضل لحد منكم إل بتقوى الّله عز وجممل" وروى الربيممع عممن الحسممن عممن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال " :ثلث منجيات وثلث مهلكات،
فأما المهلكات :فشح مطاع ،وهوى متبع ،وإعجاب نفسه .وأممما المنجيممات:
فالعدل في الرضا والغضب ،والقتصاد في الفاقة والغنى ،وخشية الّله عممز
وجل في السر والعلنية" .وذكر عن الربيع بن خيثم أنه كممان ل يممزال باكيمما
خائفا ساهرا بالليل :فلما رأت أمه ما بممه مممن الجهممد نممادته يمما بنممي أقتلممت
قتيل؟ قال نعم قالت فمن هممو حممتى نطلممب العفممو مممن أوليممائه فمموالله لممو
يعلمون ما نلقاه لرحموك؟ قال يا أماه قتلت نفسي.
)قال الفقيه( رحمه الله :علمة خوف الّله تعالى يتبين في سبعة أشياء:
أولها يتبين في لسانه فيمتنممع لسممانه مممن الكممذب والغيبممة وكلم الفضممول،
ويجعل لسممانه مشممغول بممذكر الل ّممه تعممالى وتلوة القممرآن ومممذاكرة العلممم.
والثاني أن يخاف في أمر بطنه ،فل يدخل بطنه إل طيبا حلل ول يأكل مممن
الحلل مقدار حاجته .والثالث أن يخاف في أمر بصره فل ينظر إلى الحرام
ول إلى الدنيا بعين الرغبة وإنما يكون نظره على وجممه العممبرة .والرابممع أن
يخاف في أمر يده فل يمد يده إلى الحرام وإنما يمد يده إلى ما فيه طاعممة
الّله عز وجل .والخامس أن يخاف في أمر قممدميه فل يمشممي فممي معصممية
الله .والسممادس أن يخمماف فممي امممر قلبممه فيخممرج منممه العممداوة والبغضمماء
وحسممد الخمموان ويممدخل فيممه النصمميحة والشممفقة للمسمملمين .والسممابع أن
يكون خائفا فأمر طاعته فيجعمل طمماعته خاصمة لموجه الل ّممه تعمالى ويخمماف
عن ْمد َ الرياء والنفاق ،فإذا فعل ذلك فهو من الذين قال الّله فيهم }َوال ِ
خ مَرة ُ ِ
فمازًا{ يعنمي نجماة م َن َ قي َ ن ل ِل ْ ُ
مت ّ ِ ن{ وقال تعالى في آية أخرى }إ ِ ّ قي َ ك ل ِل ْ ُ
مت ّ ِ َرب ّ َ
ن{ وقممد مممدح الل ّممه َ
ميم ٍ قممام ٍ أ ِ م َن فِممي َ قيم َ
مت ّ ِ
ن ال ُوسعادة ،وقال الّله تعمال }إ ِ ّ
المتقين في كتابه في مواضع كمثيرة وأخمبر أنهمم ينجمون ممن النمار .وقمال
ن ذي َجممي ال ّم ِ ض مي ًّا ،ث ُم ّ
م ن ُن َ ّ ق ِ م ْحْتما ً َ ك َ ن ع ََلى َرب ّ َ ها َ
كا َ من ْك ُ ْ
م ِإل َوارِد ُ َ ن ِ تعالى }وَإ ِ ْ
جث ِي ًّا{.ن ِفيَها ِ مي َ وا وَن َذ َُر ال ّ
ظال ِ ِ ق ْات ّ َ
]ص [202
)قال الفقيه( رحمه الله :حدثنا محمد بن محمد بن مندوسة حدثنا فارس
بن مردويه حدثنا محمد بن الفضل حدثنا علممي بممن عاصممم حممدثنا يزيممد بممن
هارون حدثنا الحريري عن أبي السائل عن غنيم عممن ابممن قيممس عممن أبممي
م ِإل من ْك ُم ْ ن ِ
العوام قال :قال كعب الحبار :أتدرون ما معنى قوله تعالى }وَإ ِ ْ
ها{ قالوا ما كنا نرى ورودها إل دخولها .قال ل ولكن ورودهمما أن يجمماء َوارِد ُ َ
بجهنم كأنها نتن إهالمة وهمو المودك حمتى إذا اسمتوت عليهما أقمدام الخلئق
ى
برهم وفاجرهم نادى مناد خذ أصحابك وذري أصحابي فتخسف بكل مممول ّ
لها وهي أعلم بهممم مممن الوالممد بولممده وينجممو المؤمنممون نديممة ثيممابهم ،وإن
الخازن من خزنة جهنم معه عمود من حديممد لمه شممعبتان يمدفع بمه الدفعمة
فيكب في النار سبعمائة ألف أو كما قال.
وروى عن الحسن عن عمران بن الحصين قال "كنا مع رسول الّله صلى
َ
نم إِ ّقوا َرب ّك ُ ْ الّله عليه وسلم في مسبره فنزلت هذه الية }َيا أي َّها الّنا ُ
س ات ّ ُ
م{ ثم قال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ظي ٌ
يٌء ع َ ِ ساع َةِ َ
ش ْ ة ال َّزل َْزل َ َ
أتدرون أي يوم ذلك؟ قالوا الّله ورسوله أعلم .قال ذلك اليوم الممذي يقممول
الّله لدم قم فابعث بعث النار وبعث الجنممة ،فيقممول آدم أي رب فممما بعممث
النار وما بعممث الجنممة .فيقممول الل ّممه نعممالى مممن كممل ألممف تسممعمائة وتسممع
وتسعون في النار ،وواحد في الجنة .فأنشأ القوم يبكون فقال رسول الّلممه
صلى الّله عليه وسلم إني لرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ،فكبروا ،ثم قال
ي إل كانت قبله جاهلية فيؤخذ العدد من الجاهليممة فممإن لممم يكممن لم يكن نب ّ
كمل العدد من الجاهلية فيؤخذ مممن المنممافقين ،وممما مثلكممم فممي المممم إل
كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة فممي جنممب البعيممر ،ثممم قممال إنممي
لرجو أن تكونوا ثلثي اهل الجنة ،فكممبروا ثممم قممال إن معكممم لخليفممتين ممما
كانتمما فممي شمميء إل كثرتمماه يممأجوج ومممأجوج ومممن مممات مممن كفممرة الجممن
والنس".وعن الحسن البصري رحمه الّله قال :ل يغرنممك قممول مممن يقممول
المممرء مممع مممن أحممب فإنممك لممن تلحممق البممرار إل بأعمممالهم ،فممإن اليهممود
والنصارى واهل البدعة يحبون أنبياءهم وليسوا معهم.
وعن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من استوى يوماه فهممو
مغبون ،ومن كان غده شرا من يومه فهو ملعون ،ومن لم يكن في الزيادة
فهو النقصان ،ومن كان في النقصان فالموت خيممر لممه" .وروى عممن كعممب
الحبار رضي الّله تعالى عنه أنه قال :إن لله تعالى دارا مممن زمممردة أومممن
لؤلؤة فيها سبعون الف دار وفي كل دار سبعون ألف بيت ل ينزلها إل نممبي
أو صممديق أو شممهيد أو إمممام عممادل او رجممل محكممم فممي نفسممه ،قيممل وممما
المحكم في نفسه؟ قال الذي يعرض لممه الحممرام فيممتركه مخافممة الل ّممه عممز
وجل.
)قال الفقيه( رحمه الله :سمعت أبي رحمه الّله يقول "كان رجممل علممى
عهد رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقال له حنظلة قال :كنا عند رسول
الّله صلى الّله عليه وسلم فوعظنا موعظة رقت لها القلوب وذرفممت منهمما
العيون وعرفتنا أنفسنا ،فرجعت إلى أهلي فدنت مني المممرأة وجممرى بيننمما
من حديث
]ص [203
الدنيا فنسيت ما كنا عليه عند رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وأخذنا في
حديث الدنيا ،ثم تذكرت ما كنت فيممه فقلممت فممي نفسممي قممد نممافقت حيممن
ول عني ما كنت فيه من الخوف والرقة والحزن فخرجت فجعلت أنممادي تح ّ
نافق حنظلة فاستقبلني أبو بكر الصديق رضي الل ّممه تعممالى عنممه فقممال :كل
لم تنافق يا حنظلة فدخلت على النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم وأنمما أقممول
نافق حنظلة نافق حنظلة ،فقال كل لم تنافق يا حنظلممة ،فقلممت يمما رسممول
الّله كنا عندك فوعظتنا موعظة وجلت منها القلمموب وذرفممت منهمما العيممون
وعرفتنا أنفسنا ،فرجعت إلى أهلي فأخذنا في حديث إلينما ونسمميت مما كنمما
عندك عليه ،فقال يا حنظلممة إنكممم لممو كنتممم علممى تلممك الحالممة لصممافحتكم
الملئكة في الطريق وزارتكم في دوركم وعلى فراشكم ،ولكن يمما حنظلممة
ساعة فساعة" وروى عن عائشة رضي الّله تعالى عنها أنها قممالت "سممألت
ممما ن َ ن ي ُؤ ْت ُممو َ رسول الّله صلى الّله عليه وسلم عنى قول الّله تعالى }َوال ّ ِ
ذي َ
ة{ الية ،أهم الذين يعملون بالمعاصي ويخافون؟ قممال ل، جل َ ٌ
م وَ ِ آَتوا وَقُُلوب ُهُ ْ
ولكن هم الذين يعملون بالطاعة ويخافون أن ل تقبل منهم".
)قال الفقيه( رحمه الله :من عمل الحسنة يحتاج إلى أربعة أشياء ،فممما
مماظنك بمن يعمل السميئة :أولهمما خموف القبممول لن الل ّممه تعممالى قمال }إ ِن ّ َ
مممان{ والثاني خمموف الربمماء لن الل ّممه تعممالى قممال }وَ َ قي َ
مت ّ ِن ال ُ م ْ ل الّله ِ قب ّ ُ
ي َت َ َ
ُ
ن{ اليممة ،والثممالث خمموف التسممليم دي َه الم ّ ن ل َم ُ صممي َ
خل ِ ِ دوا الّله ُ
م ْ مُروا ِإل ل ِي َعْب ُ ُ أ ِ
مَثال ِهَمما{ والرابممع والحفظ لن الّله تعالى قال }من جاَء بالحسنة فَل َه ع َ ْ َ
شُر أ ْ ُ ِ َ َ َ ِ َ ْ َ
خوف الخذلن في الطاعة لنه ل يدري أنه هل يوفق لهمما أم ل ،لقممول الل ّممه
ُ
ب{.ت وَإ ِل َي ْهِ أِني ُقي ِإل ِبالل ّهِ ع َل َي ْهِ ت َوَك ّل ْ ُ ما ت َوِْفي ِ تعالى }وَ َ
]ص [204
الله تعالى يقول _ ولذكر الّله أكبر_ .وعن الحسممن البصممري قممال "قيممل يمما
رسول الّله أي العمل افضل؟ أن تموت ولسانك رطممب بممذكر اللممه" وقممال
مالك بن دينار رحمه الله:من لم يأنس بحديث الل ّممه عممز وجممل عممن حممديث
ل عمله وعمى قلبه وضيع عمممره .وروى انممس بممن مالممك المحلوقين فقد ق ّ
رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم انه قممال "ذكممر
الّله علم اليمان ،وبراءة مممن النفمماق ،وحصممن مممن الشمميطان ،وحممرز مممن
النار".
وروى وهب بن منبه عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما انه قال "لما
بعث الّله يحي ابن زكريا عليهم السلم إلى بني إسرائيل أمره بأن يأمرهم
ل :أمرهممم أن يعبممدوا الل ّممه ول
بخمس خصال ،ويضرب لهممم بكممل خصمملة مث ً
ل ،فقال مثل الشممرك كمثممل رجممل اشممترى يشركوا به شيئا وضرب لهم مث ً
عبدا من خالص ماله ثم اسكنه دارا وزّوجه جارية له ودفع إليه مممال وأمممره
أن يتجر فيه ويأكل منه ما يكفيه ويؤدي إليه فضل الربح ،فعمممد العبممد إلممى
فضل ربحه فجعل يعطيه لعدوّ سيده ويعطي لسيده منه شيئا يسيرا ً فأيكم
يرضى بمثل هذا العبد؟ وأمرهم بالصلة وضرب لهم مثل ً فقال مثل الصلة
كمثل رجل استأذن على ملممك ممن الملمموك فممأذن لممه فممدخل عليممه فأقبممل
الملك عليه بوجهه ليسمع مقالته ويقضي حاجته فجعل يلتفت يمينا وشمال ً
ولم يهتم لقضاء حاجته فأعرض عنممه الملممك ولممم يقضممي حمماجته .وأمرهممم
بالصيام وضرب لهم مثل ً فقال مثل الصائم كمثل رجممل لبممس جبممة للقتممال
وأخذ سلحه فلم يصل إليممه عممدّوه ولممم يعمممل فيممه سمملح عممدّوه وأمرهممم
بالصدقة وضمرب لهمم مثل فقمال مثمل الصمدقة كمثمل رجمل أسمره العمدّو
فاشترى منه نفسه بثمن معلوم فجعل يعمل في بلدهم ويؤدي إليهممم مممن
كسبه من القليل والكثير حتى فدى نفسه منهم فعتممق وفممك منهممم رقبتممه.
وأمرهم بذكر الّله وضرب لهم مثل ً فقال مثل الذكر كمثل قوم لهممم حصممن
وبقربهم عدو فجاءهم عدّوهم فدخلوا حصنهم وأغلقوا عليهم بممابه فحصممنوا
أنفسهم من العدّو،ثم قال رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم وأنمما آمركممم
بهذه الخصال الخمس التي أمر الّله تعالى بهن يحيى عليه الصلة والسلم.
وآمركم بخمس خصال أخرى امرنممي الل ّممه تعممالى بهممن :عليكممم بالجماعممة،
والسمع والطاعة ،والهجرة ،والجهاد .ومن دعا بدعاء الجاهلية فهممو خشممب
في قعر جهنم "وعن عبد الّله ابن عمير قال :من قال الحمد للممه تفتممح لممه
أبواب السماء،والتكبير يمل ما بين السماء والرض والتسممبيح للممه تعممالى ل
ينتهي إلى ثوابه علم أحد دون الّله تعالى،قال الّله تعالى "إذا ذكرني عبمدي
في نفسي ذكرته في نفس " وإذا ذكرني وحده ذكرتممه وحممدي،وإذا ذكرنممي
في مل ذكرة أحسممن منممه وأكممرم" وقممال" :ممما مممن عبممد يضممع جنبممه علممى
الفراش فيذكر الّله تعالى فيدركه النوم وهو كذلك إل كتممب ذاكممرا إلممى أن
يستيقظ ".
)قال الفقيه( رحمه الله :الذكر من الّله عز وجل العفو والمغفممرة ،فممإذا
ذكر العبد
]ص [205
لله تعالى ذكره الّله تعالى بالمغفرة،وذكر عن عل ّ
ي بممن أبممي طممالب رضممي
الّله تعالى عنه أنه قال :الذكر بين الذكرين ،ولسلم بين السيقين ،والذنب
بين الفرضين ،وإنما أراد بقوله"الذكر بين الذكرين" يعني أن العبممد ل يقممدر
على ذكر الّله تعالى ما لم يذكره الّله تعالى بالتوفيق وإذا ذكممر الل ّممه تعمالى
بالمغفرة ،ومعنى قوله"السلم بين السيفين" يعني يقاتل حممتى يسمملم ثممم
إذا رجع عن السلم يقتل ،ومعنى قوله"الذنب بين الفرضين" يعنممي فممرض
عليه أن ل يذنب فإذا أذنب فممرض عليممه أن يتمموب .وروى عممن ابممن عبمماس
رضي الّله تعالى عنهما في قوله_من شممر الوسممواس الخنمماس_ قممال :هممو
الشيطان نائم على القلب فإذا ذكر الّله تعالى خنممس فممإذا غفممل وسمموس.
وعن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "لكل شيء صقال وصممقال
القلب ذكر الّله تعالى" .وعن إبراهيم النخعي أنه قال :إذا دخل الرجل بيته
فسلم قال الشيطان ل مقيل ،يعني لم يبقى لي ههنا موضع قرار ،وإذا أتى
بطعام فذكر الل ّممه تعممالى قممال الشمميطان ل مقيممل ول مطعممم ول مشممرب،
فيخرج خائبا .وعن عائشة رضي الّله تعالى عنها أن رسول الّله صمملى الل ّممه
عليه وسلم قال "إذا أكل أحدكم طعاما فليقل بسمم اللمه ،فمإن نسمى فمي
أوله فليقل في آخره" .وعن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه قال :إذا
أكل أحدكم طعاما ولم يقل بسم الّله أكل الشمميطان معممه ،وإذا ذكممر اسممم
الّله تعالى منع الشيطان من بقية طعمامه وتقيمأ مما أكمل واسمتأنف طعامما
جديدا.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :قال حدثنا الفقيه أبممو جعفممر قممال حممدثنا
أحمد بن محمد قال حدثنا نصر بن يحيى قال حدثنا أبو مطيع عن الربيع بن
بدر عن أبي محمد ،وكان أبو محمد رجل من أصحاب أنس بن مالك رضممي
الّله تعالى عنه "قال إبليس لربممه أي رب جعلممت لبنممي آدم بيوتمما يممذكرونك
فيها فما بيتي؟ قال الحمام،قال فجعلت لهم مجممالس فمما مجلسممي؟ قممال
السوق ،قال فجعلت لهم قراءة فما قراءتممي؟ قممال الشممعر ،قممال فجعلممت
لهم حديثا فما حديثي؟ قال الكذب ،قال فجعلت لهم أذانا فما أذاني؟ قممال
المزمار ،قال فجعلت لهم رسل فما رسلي؟ قال الكهنة ،قال فجعلت لهممم
كتابا فما كتابي؟ قال الوشم ،قال فجعلت لهم مصائد فممما مصممائدي؟ قممال
النساء ،قال فجعلت لهم طعاما فما طعامي؟ قال ما لم يذكر عليه اسمي،
قال فجعلت لهم شرابا فما شرابي؟ قال كممل مسممكر" وعممن الفضمميل بممن
عياض رضي الّله تعالى عنه أنه قال :جاء رجل فقال أوصني بشمميء فقممال
له فضيل :احفظ عني خمسمما .أّولهمما أن ممما أصممابك مممن شمميء فقممل ذلممك
بقضاء الّله تعالى حتى تممدفع الملمممة عممن الخلممق .والثمماني احفممظ لسممانك
لينجو كل الخلق منك وأنت تنجو من عذاب الّله تعالى .والثالث صدق ربممك
بما وعدك من الممرزق حممتى تكممون مؤمنمما .والرابممع اسممتعد ّ للممموت حممتى ل
تموت غافل .والخامس اذكر الّله كثيرا حيثما كنت حتى تكممون محصممنا مممن
جميع السيئات.
]ص [206
وذكر عن إبراهيممم بممن أدهممم أنممه رأى رجل ً يحممدث بشمميء مممن كلم الممدنيا
فوقف عليه وقال أهذا كلم ترجو فيه الثواب؟ فقال الرجل ل ،قال أفتأمن
فيه العقاب؟ قال ل ،قال فما تصنع بكلم ل ترجمو فيممه ثوابما ول تمأمن فيممه
عقابا؟ عليك بذكر الّله تعالى .قال كعب الحبار رضي الّله تعممالى عنممه :إنمما
نجد في كتاب الّله تعالى في المنزل على أنبيائه :إن الّله تعالى يقول "من
شغله ذكى عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطى السائلين" وقال فضيل بممن
عياض رضي الّله تعالى عنه :إن الممبيت الممذي يممذكر فيممه اسممم الل ّممه تعممالى
يضيء أهل السماء كما يضيء المصممباح لهممل الممبيت المظلممم ،وإن الممبيت
الذي ل يذكر فيه اسم الّله تعممالى يظلممم علممى أهلممه .وروى فممي الخممبر أن
موسممى عليممه السمملم قممال :يمما رب كيممف لممي أن أعلممم ممن أحببممت مممن
أبغضت؟ قال يا موسى إني إذا أحببت عبدا جعلت فيه علمتين ،قال يممارب
وما هما؟ قال ألهمه ذكممرى لكممي أذكممره فممي ملكمموت السممموات والرض،
وأعصمه علمى محمارمي وسممخطي كمي ل يحممل عليمه عمذابي ونقممتي ،يما
موسى وإني إذا أبغضت عبدا جعلت فيه علمممتين ،قممال يمما رب وممما هممما؟
قال أنسيه ذكري وأخلي بينه وبين نفسه لكي يقع فممي محممارمي بسممخطي
ل عليه عذابي ونقمتي. فيح ّ
وروى أبو المليح عن أبيه "أن رجل ً من أصحاب النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم كان رديفه على دابة فعثرت بهما الدابة فقال الرجل تعس الشيطان
فقال النبي صلى الّله عليه وسمملم ل تقممل تعممس الشمميطان فممإنه عنممد ذاك
يتعاظم حتى يكون ملء البيت ولكن قل بسممم الل ّممه فممإنه يصممغر عنممد ذلممك
حتى يكون مثل الذباب" وروى داود بن قيس رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
نافع عن جبير أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "كفارة المجلس إذا أراد
أحدكم أن يقوم من مجلسه أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك وأشممهد أن ل
إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك ،فإن كان مجلس ذكر كان كالطابع عليممه
إلى يوم القيامة وإن كان مجلس لغو كان كفارة لما قبله" قممال:حممدثنا أبممو
القاسم عبد الرحمن بن محمد بن واسع قال :قدمت مكة فلقيت أخا سالم
بن عبد الّله يحدث عن أبيه عممن جممده عممن عمممر بممن الخطمماب رضممي الل ّممه
تعالى عنه أن رسول الّله صلى الّله عليمه وسملم قمال "ممن دخمل السموق
فقال ل إله إل الّله وحده ل شريك له ،له الملك ولممه الحمممد يحيممي ويميممت
ي ل يموت بيده الخير وهو على كل شيء قمدير كتمب الّلمه لمه ألمف وهو ح ّ
ألف حسنة ومحا عنه ألممف ألممف سمميئة ورفممع لممه ألممف ألممف درجممة" قممال:
فقدمت خراسان فأتيت قتيبة بممن مسمملم فقلممت قممد أتيتممك بهديممة فحممدثته
بالحديث فكان قتيبة يركممب فممي ممموكب حممتى يممأتي السمموق فيقممول بهممذه
الكلمات ثم ينصرف.
)قال الفقيه( رحمه الله :اعلم أن ذكر الّله تعالى أفضل العبادات لن الّله
تعالى جعل لسائر العبادات مقدار وجعل لها أوقات ما ً ولممم يجعممل لممذكر الل ّممه
تعالى مقدار ول وقتا وأمر بالكثرة بغير مقممدار وهممو قمموله تعممالى }ي َمما أ َي ّهَمما
مُنوا اذ ْك ُمُروا الل ّممه ذ ِك ْممرا ً ك َِثيممرًا{ يعنممي اذكممروه فممي جميممع الحمموال،
نآ َ ال ّ ِ
ذي َ
وتفسير الذكر في الحوال كلها أن العبد ل يخلو من أربعة
]ص [207
أحوال :إما أن يكون في الطاعة ،أو في المعصممية ،أو فممي النعمممة ،أو فممي
الشدة ،فإن في الطاعة فينبغي أن يذكر الّله تعالى بممالتوفيق ويسممأل منممه
القبممول ،وإن كممان فممي المعصممية فينبغممي أن يممدعو الل ّممه بالمتنمماع ويسممأله
التوبة ،وإن كان في النعممة يمذكره بالشمكر ،وإن كمان فمي الشمدة يمذكره
بالصبر.واعلم أن في ذكر الّله تعالى خمس خصال محمودة ،أولهمما أن فيممه
رضا الّله تعالى ،والثاني أنه يزيد في الحرص علممى الطاعممات ،والثممالث أن
فيه حرزا من الشمميطان إذا كممان ذاكممرا الل ّممه تعممالى ،والرابممع أن فيممه رقممة
القلب ،والخممامس أن يمنعممه مممن المعاصممي ،واللممه سممبحانه وتعممالى أعلممم
بالصواب.
باب الدعاء
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبي قال حدثنا أبو بكر إبراهيم قال
حدثنا سالم بن أبي مقال القاضي عن أبي معشر عن محمد بن كعممب عممن
أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه قال :من رزق خمسا لم يحرم خمسا:مممن
َ
م{ ومممن م لِزي مد َن ّك ُ ْ ش مك َْرت ُ ْ رزق الشكر لم يحرم الزيادة لقوله تعممالى }ل َئ ِ ْ
ن َ
َ
م
جَرهُ م ْ نأ ْ صمماب ُِرو َ ممما ي ُموَّفى ال ّرزق الصبر لم يحرم الثواب لقوله تعممالى }إ ِن ّ َ
ذي ب{ ومن رزق التوبة لم يحرم القبول لقمموله تعممالى }وَهُموَ ال ّم ِ سا ٍ ح َ ب ِغَي ْرِ ِ
ه{ ومممن رزق السممتغفار لممم يحممرم المغفممرة لقمموله عب َمماد ِ ِ
ن ِ ة ع َم ْ قب َ ُ
ل الت ّوْب َ َ يَ ْ
فارًا{ ومن رزق الدعاء لم يحممرم الجابممة ن غَ ّ ه َ
كا َ م إ ِن ّ ُ فُروا َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِتعالى }ا ْ
َ
م{ وقدر روى السادس من رزق النفمماق ب ل َك ُ ْج ْست َ ِ عوِني أ ْ لقوله تعالى }اد ْ ُ
ه{.قممال فم ُ يٍء فَهُ موَ ي ُ ْ
خل ِ ُ شم ْ ن َ مم ْم ِ قت ُم ْ ممما َأن َ
ف ْ لم يحرم الخلف لقوله تعالى }وَ َ
حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قممال حممدثنا إبراهيممم بممن
يوسف حدثنا أبو معاوية عن ليممث عمن زيماد بمن المغيمرة عمن أبممي هريمرة
رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "ممما مممن مسمملم
يدعو بدعاء إل استجيب له ،فإما أن يعجل له في الدنيا ،وإممما أن يممدخر لممه
في الخرة ،وإما أن يكفر عن ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بممإثم أو قطيعممة
رحم" .وعن يزيد الرقاشي رضي الل ّممه تعممالى عنممه أنمه قممال :إذا كممان يموم
القيامة عرض الّله تعالى كالدعوة دعا بها العبد فممي الممدنيا فلممم يجمب بهما،
فيقول له عبدي دعمموتني يموم كمذا فأمسممكت عليممك دعوتمك فهممذا الثممواب
مكان ذلك الدعاء ،فل يزال العبد يعطى من الثواب حتى يتمنى أنه لم يكن
أجابه دعوة قط .وروى النعمان بن بشير رضي الّله تعالى عنممه عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "الممدعاء هممو العبممادة ثممم قممرأ قمموله تعممالى
َ
عب َمماد َِتي
ن ِ ن عَم ْ س مت َك ْب ُِرو َ
ن يَ ْ
ذي َن ال ّم ِ
م إِ ّ ب ل َك ُم ْج ْ
س مت َ ِ
م اد ْع ُمموِني أ ْ ل َرب ّك ُم ْ
}وَقَمما َ
ن{" وقال أبو ذر الغفاري :يكفي من الدعاء مع الممبر ري َ
خ ِ
دا ِ
م َ جهَن ّ َ
ن َ خُلو َ
سي َد ْ ُ
َ
مثل ما يكفي الطعام من الملح .وعن الحسن البصري عن النبي صلى اللهّ
عليه وسمملم أنمه قممال "ل يمزال العبمد بخيممر مما لمم يسمتعجل قمالوا وكيممف
يستعجل يا رسول الله؟ قال يقممول دعمموت الل ّممه فلممم يسممتجب لممي" وعممن
الحسن أنه دخل على أبي عثمان النهممدي يعمموده وهممو مريممض فقيممل لبممي
عثمان يا أبا عثمان ادع الّله بدعوات فقد
]ص [208
بلغك في دعاء المريض ما قيل فيه.قال :فحمد الّله وأثنممى عليممه وتل آيممات
من كتاب الّله تعالى وصلى على النبي صلى الّله عليه وسلم ثممم رفممع يممده
ورفعنا أيدينا فدعا ،فلما وضعنا أيدينا قال :أبشممروا فممو الل ّممه لقممد اسممتجاب
الّله لكم ،فقال له الحسن أتأتلي على الله؟ قال نعم يا حسن ،لممو حممدثتني
َ
م { فلممما ب ل َك ُ ْ
ج ْ
ست َ ِ
عوِني أ ْ
بحديث لصدقتك فكيف ل أصدقه وهو يقول }اد ْ ُ
خرجوا قال الحسن إنه لفقه .وذكر أن موسى عليه السلم سأل ربه فقال
أيّ ساعة أدعوك يا رب فتستجيب لي فيهمما؟ فقممال أنممت عبممدي وأنمما ربممك
فمتى دعوتني أستجب لك ،فعاوده مممرارا فقممال لمه ربمه ،ادعنمي فمي كبمد
الليممل ،فممإني أسممتجيب وإن دعمماني فيهمما عشممار .وذكممر أن رابعممة العدويممة
خرجت إلممى المقممبرة فاسممتقبلها رجممل فقممال لهمما ادعممي الل ّممه لممي فقممالت
يرحمك الّله أطلع الّله وادعه فإنه يجيب المضطر إذا دعاه وروى العمممش
عن مالك بن الحارث قال :يقول الّله تعالى من شغله ذكرى عممن مسممألتي
أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" وعن جعفمر بمن برقمان عمن صمالح بمن
يسار قال :يقول الّله تعالى }تدعونني وقلوبكم معرضممة عنممي ،فباطممل ممما
تذهبون{ وقيل لبعض الحكماء إنمما لنممدعو فل يسممتجاب لنمما وقممد قممال الل ّممه
َ
م { قال :لن فيكم سمبع خصمال تمنمع دعماءكم ب ل َك ُ ْ
ج ْ
ست َ ِ
عوِني أ ْ
تعالى }اد ْ ُ
من السماء ،قيل وما هن؟ قمال :أّولهما أنكمم أسمخطتم ربكمم ولمم تطلبموا
رضاه يعني إنكم تعملون أعمال توجب عليكممم السممخط مممن الل ّممه بهمما ولممم
ترجعوا عن ذلك ولم تندموا على ما فعلتم .والثاني أنكم تقولون نحن عبيد
الّله ول تعملون عمل العبيد :يعني أن العبد يعمل بما أمره سيده ول يخممرج
عن أمره ،والثمالث أنكممم تقمرءون القممرآن ولمم تتعاهممدوا حروفمه :يعنممي ل
تقمرءون بمالتفكر والتعظيمم ول تعملمون بمما أممر الّلمه فيمه .والرابمع أنكمم
تقولون نحن أمة محمد صلى الّله عليممه وسمملم ولممم تعملمموا بسممنته :يعنممي
أنكم تأكلون الحرام والشبهة ول ترجعون عنهما.والخامس أنكم تقولون إن
الدنيا عند الّله ل تساوي جناح بعوضة وقد اطمأنيتم إليها .والسممادس أنكممم
تقولون إنها زائلة وأعمالكم أعمال المقيمين بها.والسابع أنكممم تقولممون إن
الخرة خير من الدنيا ول تجتهدون في طلبها وتختارون الدنيا على الخرة.
)قال الفقيه( رحمه الله :ينبغي لمن دعا الّله أن يكون بطنه طمماهر مممن
الحرام فإن الحرام يمنع من الجابمة وقمد روى عمن سمعد بمن أبمي وقماض
رضي الّله تعالى عنه أنه قممال "يمما رسممول الل ّممه أدعممو الل ّممه فيسممتجيب لممي
دعائي .فقال النبي صلى الّله عليه وسلم يا سعد اجتنب الحممرام فممإن كممل
بطن دخل فيه لقمة من حرام ل يستجيب دعاؤه أربعين" وينبغي لمن دعمما
أل يستعجل لن الداعي إذا دعا الرب تبارك وتعالى أجابه الممرب عممز وجممل
البتة وربما تتبين الجابة من ساعته وربما تتبين في وقت آخر ،وربما تتممبين
في الخرة ول تتبين في الدنيا .وذكر في الخبر أن موسى عليه السلم دعا
على فرعون وقومه بالهلك وأمن هارون عليه السلم فممأوحى الل ّممه تبممارك
ما{ قال ابن عبمماس رضممي الل ّممه ُ
قي َ
ست َ ِ ت د َع ْوَت ُك ُ َ
ما َفا ْ وتعالى إليهما }قَد ْ أ ِ
جيب َ ْ
تعالى عنهما كان بين الدعاء
]ص [209
وبين الجابة أربعون سنة .وروى يزيد الرقاشي رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قممال "إذا أحممب الل ّممه عبممدا ضممرب وجهممه
بالبلء كما تضرب الغريبة من البل عن حياض الممماء فيكممون مرحوممما فممي
أهل السماء ،وما من دعوة يدعو بها إل أعطمماه الل ّممه تعممالى إحممدى خصممال
ثلث "..وقد ذكرناها .وقال بعض الحكممماء :أربعممة ل سممعادة فيهممم أحممدهم
الذي يبخل بالصلة والسلم علممى النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ،والثمماني
الذي ل يجيب الممؤذن ،والثمالث ممن اسمتعان بمه إنسمان بخيمر فلمم يعنمه،
والرابع الذي يعجز أن يدعو لنفسه وللمؤمنين دبر صلواته وقممال عبممد الل ّممه
النطمماكي رضممي الل ّممه تعممالى عنممه :دواء القلممب خمسممة أشممياء :مجالسممة
الصممالحين ،وقممراءة القممرآن ،وإخلء البطممن مممن الحممرام ،وقيممام الليممل،
والتضرع عند الصبح.وروى ابن عباس رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى
الّله عليه وسلم أنه قال "إذا سألتم الّله فاسألوه ببطون أكفكم ول تسألوه
بظهورها وامسحوا بها وجوهكم" والله تعالى أعلم.
]ص [210
ّ
فتيسر عليهم حمله ،وجعلوا يقولون طول الدهر سبحان الله إلممى أن خلممق
الّله تعالى آدم عليه السلم ،فلما عطس آدم عليه السلم ألهمه الّله تعالى
قمول الحممد للمه ،فقمال الّلمه تعمالى يرحممك ربمك ولهمذا خلقتمك ،فقمالت
الملئكة كلمة ثانية جليلة شريفة ل ينبغي لنا أن نتغافل عنها فضمممنتها إلممى
هذه فقالوا على طول الدهر سبحان الل ّممه والحمممد للممه إلممى أن بعممث الل ّممه
نوحا عليه السلم ،فكان أّول من اتخذ الصنام قوم نوح فأوحى الّله تعممالى
إلى نوح أن يممأمر قممومه أن يقولمموا ل إلممه إل الل ّممه فيرضممى عنهممم ،فقممالت
الملئكة هذه كلمة ثالثة جليلة شريفة ل ينبغي لنا نتغافل عنها فضمتها إلممى
هاتين فجعلوا يقولون على طول الدهر سبحان الّله والحمد للممه ول إلممه إل
الل ّممه إلممى أن بعممث الل ّممه إبراهيممم عليممه السمملم فممأمره بالقربممان ثممم فممداه
بالكبش ،فلما رأى الكبش قال الّله أكبر فرحا بذلك ،فقالت الملئكممة هممذه
كلمممة رابعممة جليلممة شممريفة فضمممتها إلممى هممذه الكلمممات فجعلمموا يقولممون
سبحان الّله والحمد لله ول إله إل الّله والله أكبر ،فلما حمدث جبريمل عليمه
وة السلم بهذا الحديث النبي صلى الّله عليه وسلم قال تعجبا ل حول ول ق ّ
ي العظيم فقال جبريل عليه السمملم أضمممم هممذه الكلمممة إلممى إل بالله العل ّ
هؤلء الكلمات" وعن ابن مسممعود رضممي الل ّممه تعممالى عنممه :إن الل ّممه قسممم
بينكم أخلقكم كما قسم بينكم أرزاقكممم إن الل ّممه يعطممي المممال مممن يحممب
ومن ل يحب ول يعطي اليمان إل من يحب ،فممإذا أحممب الل ّممه عبممدا أعطمماه
دو أن يجاهده وهاب الليممل أن اليمان فمن ضل بالمال أن ينفقه وخاف الع ّ
يكابده فليكثر من قول ل إله إل الّله والله أكبر وسبحان الل ّممه والحمممد للممه.
وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه
ي
ب إل م ّ قال "لن أقول سبحان الّله والحمد لله ول إله إل الّله والله أكبر أح ّ
مما طلعت عليه الشمس" وروى سمرة بن جنممدب عممن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "أفضل الكلم أربع :سبحان الّله والحمد لله ول إلممه إل
الّله والله أكبر ل يضرك بأيهن بمدأت" وروى عممن ابممن مسممعود رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه كان إذا سمع سائل يسأل شيئا ويقممول مممن ذا الممذي يقممرض
الّله قرضا حسنا فيقول عبد الّله بن مسعود :سبحان الل ّممه والحمممد للممه ول
إله إل الّله والله أكبر ،وقال :هذا هو القرض الحسن.
ن)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه يعني إذا كان الرجل معسرا ولم يك ْ
معه شيء يتصدق به فليقل بهممؤلء الكلمممات فينممال فضممل الصممدقة .وروى
ث أصممحابه علممى الصممدقة في الخبر "أن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم حم ّ
فجعل الناس يتصدقون ،وأبو أمامة الباهلي جممالس بيممن يممدي النممبي صمملى
الّله عليه وسلم وهو يحرك شفتيه فقال لممه رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم إنك تحرك شفتيك فماذا تقول عند ذلك؟فقال أبو أمامممة البمماهلي يمما
رسول الّله أرى الناس يتصدقون وليس أي شمميء أتصممدق بممه فممأقول فممي
نفسي سبحان الّله والحمد لله ول إله إل الّله والله أكبر ،فقال النبي صمملى
الّله عليه وسلم يا أبا أمامة هذه الكلمات خير لك من مد ذهب تتصممدق بممه
على المساكين" والله أعلم.
]ص [211
باب فضل الصلة على النبي صلى الّله عليه وسلم
)قال الفقيه( أبوالليث :حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر
قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا ابن أبي فديك عن يحيممى بممن عبممد
الرحمن رضي الّله تعالى عنهما عن جده محمد بن عبد الرحمممن أن النممبي
ي إذا مممت إل جمماءني صلى الّله عليه وسلم قال "ما منكم من أحد سلم عل ّ
جبريل فقال جبريل يا محمد هذا فلن بن فلن يقرئك السلم فأقول وعليه
السلم ورحمة الله وبركاته" .قال :حدثنا محمممد بممن الفضممل بإسممناده عممن
سعيد بن المسيب رضي الّله تعالى عنه قال عمر :بلغني أن الدعاء يحبس
بين السماء والرض ل يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك عليه الصمملة
والسلم .قال :حدثنا الفقيه أبو جعفر رضي الّله تعالى عنه حممدثنا أبممو بكممر
بن أبي يزيد وفي نسخة سممعيد قممال :حممدثنا جعفممر محمممد بممن سمملمة عممن
موسى الطويل عن أنس ابن مالك رضي الّله تعالى عنممه "أن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم صعد المنبر فقال آميممن ،ثممم صممعد فقممال آميممن ،ثممم
منت صعد فقال آمين ،ثم استوى فجلس ،فقال له معاذ بن جبل صعدت فممأ ّ
ثلثا؟ قال أتاني جبريل فقممال يمما محمممد مممن أدرك رمضممان فلممم يغفممر لممه
فمات فدخل النار فأبعده الّله قلت آمين ،وقال من أدرك أبممويه أو أحممدهما
فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الل ّممه قلممت آميممن ،قممال ومممن ذكممرت
عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الّله قلت آمين".
وروى عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الّله عن النبي صلى الل ّممه
عليه وسلم قال" من صلى علي في اليوم مائة مممرة قضممى الل ّممه لممه مممائة
حاجة سبعين منها في الخرة وثلثيممن فممي الممدنيا" .وعممن سممعيد بمن عميممر
النصاري وكان بدريا ً أي قاتل يوم بدر قممال :قممال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم " من صلى علي من أمتي مخلصا من قلبه صلة واحممدة صمملى
الّله عليه عشر صلوات ورفع له عشر درجممات ومحمما عنممه عشممر سمميئات"
قال :وسمعت أبي يحكي قال كان سفيان الثوري بينما هممو يطمموف إذ رأى
رجل ل يرفع قدما ول يضع قدما إل وهو يصلي على النبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قال قلت له يا هذا عنك قد تركت التسبيح والتهليل وأقبلت بالصمملة
على النبي صلى الّله عليه وسلم هل عندك في هذا شيء؟ من أنت عافاك
الله؟ فقلت أنا سفيان الثوري .قال لممول أنممك غريممب مممن أهممل زمانممك ممما
أخبرتك عن حالي ول أطلعتك على سممري ،ثممم قممال لممي :خرجممت ووالممدي
حاجا إلى بيت الّله الحرام حتى إذا كنت في بعممض المنممازل مممرض والممدي
فقمت لعالجه فبينما أنا ذات ليلة عند رأسه إذ مات والممدي اسممود وجهممه،
فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون فجذبت الزار على وجهه فغطيتممه ،فغلبتنممي
عيني فنمت فإذا أنا برجل لم أر أحسن منمه وجهما ول أنظمف منمه ثوبما ول
أطيب منه ريحا يرفع قدما ويضع أخرى حتى دنا من والممدي فكشممف الزار
عن وجهه فأمّر يده على وجهه فابيض ثم ولى راجعا ،فتعلقت بثوبه فقلت:
أعبد الّله
]ص [212
ن الّله على والدي بك في أرض الغربة؟ قال أو ما تعرفني من أنت الذي م ّ
أنا محمد بن عبد الل ّممه صمماحب القممرآن ،أممما إن والممدك كممان مسممرفا علممى
ي فلما نزل به ممما نممزل اسممتغاث بممي وأنممانفسه ولكن كان يكثر الصلة عل ّ
ي فانتبهت فإذا وجه أبي أبيض .وروى عن عمممرو غياث لمن أكثر الصلة عل ّ
بن دينار عن أبي جعفر أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم قممال" مممن نسممي
ي فقد أخطأ طريق الجنة" .وعن أبي بممردة عممن أبيممه عممن النممبي الصلة عل ّ
صلى الّله عليه وسلم أنه قال" أربع من الجفاء أن يبول الرجممل وهممو قممائم
وأن يمسح جبهته قبل أن يفممرغ مممن الصمملة ،وأن يسمممع النممداء فل يشممهد
ي" وروى أبممو هريممرة مثل ما يشهد المؤذن ،وأن أذكر عنممده فل يصمملي علم ّ
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" صلوا علمم ّ
ي
ي زكاة لكم واسألوا الّله لي الوسيلة قالوا وممما الوسمميلة يمما فإن الصلة عل ّ
رسول الله؟ قال؟ أعل درجة في الجنة ل ينالها إل رجل واحد وأنا أرجممو أن
يكون أنا هو".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :معنى قوله صلى الّله عليه وسلم " زكمماة
لكم" يعني طهارة لكم ومغفرة لذنوبكم فلو لممم يكممن للصمملة علممى النممبي
صلى الّله عليه وسلم ثواب سوى أنه يرجى بمذلك شمفاعته لكمان المواجب
على العاقل أن ل يغفل عنه فكيف وفيها الصلة من الّله تعالى .وروى عمن
أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
ي صلة واحدة صلى الّله عليه عشر صلوات وحممط عنممه قال" من صلى عل ّ
عشر خطيئات" وإذا أردت أن تعرف أن الصلة على النبي صلى الّله عليممه
وسلم أفضممل ممن سممائر العبممادات فممانظر وتفكمر فمي قمول الل ّممه سمبحانه
وتعالى_ إن الّله وملئكته يصلون على النممبي يمما أيهمما الممذين آمنمموا صمملوات
عليه وسلموا تسليما_ ففي سائر العبادات أمر الّله تعالى عبمماده بهمما ،وأممما
الصلة على النبي صلى الّله عليه وسلم فقد صلى عليممه بنفسممه أّول وأمممر
ملئكته بالصلة عليه ،ثم أمممر المممؤمنين بممأن يصمملوا عليممه ،فثبممت بهممذا أن
الصلة على النبي صلى الّله عليه وسلم أفضممل العبممادات .وروى عممن عبممد
الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قمال" قلنمما يما رسمول الل ّممه كيمف
ل علممى محمممد وعلممى آل محمممد وبممارك نصلي عليك؟ قال قولوا اللهم ص م ّ
على محمد وعلى آل محمد كممما صممليت وبمماركت علممى إبراهيممم وعلممى آل
إبراهيم إنك حميد مجيد" وقال بعضهم :الصلة على النبي صلى الل ّممه عليممه
وسلم أن يقول اللهم صليت أنممت وملئكتممك علممى محمممد ،وقممال بعضممهم:
الصلة عليه أن يقول اللهم إني أشهدك وأشهد ملئكتممك أنممي أصمملي علممى
ل على محمد وعلى آل محمد النبي محمد ،وقال بعضهم أن يقول اللهم ص ّ
المي وعلى آله وأصحابه كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
]ص [213
باب ما جاء في فضل ل إله إل الله
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضى الّله تعالى عنه وأرضاه :حدثنا
أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد حدثنا فارس بن مردويه حدثنا محمد بممن
الفضل حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا الفربقي عن أبي عبد الرحمن عممن عبممد
الّله بن عمرو بن العاص رضي الل ّممه تعممالى عنهممم قممال :قممال رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم "يؤتى بالرجل يوم القيامة إلممى الميممزان فيخممرج لممه
تسعة وتسعون سجل كل سجل منها مد ّ البصر فيها خطاياه وذنوبه،فيوضممع
في كفة الميزان ثم يخرج قرطاس مثل أنمله فيها شهادة أن ل إله إل الّله
وأن محمدا عبده ورسوله فيوضع في الكفة الخرى فيرجح علممى خطايمماه"
قال حدثنا محمد بممن الفضممل حممدثنا محمممد بممن جعفممر حممدثنا إبراهيممم ابممن
يوسف حدثنا إسمعيل بن جعفر عن عمرو مولى المطلب عن المطلب بن
حنطب أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "أفضمل مما قلمت أنما والنمبيون
من قبلي ل إله إل الله".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبي رحمه الّله تعالى حدثنا عبد الّله
بن حبان حدثنا أبو جعفر عن محمد بن عبممد الل ّممه المنممادي البغممدادي حممدثنا
إبراهيم بن هدية عن أنس بممن مالممك رضممي الل ّممه تعممالى عنهممم قممال :قممال
ي جبريممل وهممو يتلممو هممذه اليممة رسول الّله صلى الّله عليه وسلم "نزل علم ّ
َ }ي َوم ت ُب َد ّ ُ َ
قّهمماِر{ قممال
حد ِ ال َ ت وَب ََرُزوا ل ِل ّهِ ال َ
وا ِ ماَوا ُ
س َ ض غ َي َْر الْر ِ
ض َوال ّ ل الْر ُ ْ َ
النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل كيف يكون الناس يوم القيامممة؟ قممال ّ
يا محمد يكونون على أرض بيضاء لم يعمل عليهمما ذنممب قممط ،فممإذا زفممرت
جهنم زفرة تتعلق الملئكة بممالعرش ويقممول كممل ملممك يمما رب ل أسممألك إل
نفسي وتكون الجبال كالعهن المنفوش ،قال جبريل وما العهن المنفمموش؟
قال يعني الصوف المندوف ،وتممذوب الجبممال مممن مخافممة جهنممم يمما محمممد
فيجاء بجهنم يوم القيامة وهي تزفر زفرة عليها سبعون ألممف ملممك آخممذين
بزمامها حتى توقف بين يدي الل ّممه عممز وجممل فيقممول لهمما يمما جهنممم تكلمممي
فتقول ل إله إل الّله وعزتك وعصمتك لنتقمن لك اليوم ممممن أكممل رزقممك
وعبد غيرك ،ل يجاوزني إل مممن عنممده جممواز ،قممال النممبي وممما الجممواز يمموم
القيامة؟ قال أبشر يا محمد فأنا أمتك يوم القيمة على الجواز أل من شممهد
أنه ل إله إل الّله فقد جاز من جسممر جهنممم ،فقممال النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم الحمد لله الذي الهم أمتي شهادة أن ل إله إل الله" وروى عن عطاء
بن أبي رباح قال :سألت ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما عن قممول الل ّممه
عز وجل _ غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب_ قال ابن عبمماس غممافر
الذنب لمن قال ل إله إل الله ،وقابل التوب ممن قال ل إله إل الّلممه شممديد
العقاب لمن ل يقول ل إله إل الله.
]ص [214
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :الواجب غلى كل إنسان أن يكثر من قوله
ل إله إل الّله ويسأل الّله تعالى في أناء الليممل وأطممراف النهممار أن ل ينممزع
منه اليمان وهذا القول منه ويحفظ نفسممه ممن المعاصممي فممإن كممثيرا مممن
الناس يقولون هذا القول ثم ينزع منهم في آخممر عمرهممم بسممبب أعمممالهم
الخبيثة ويخرجون من الدنيا على الكفر نعوذ بالله ،وأي مصيبة أعظممم مممن
هذا ،إن الرجل كان اسممه ممن المسملمين فمي جميمع عممره فيبعمث يموم
القيامة واسمممه مممن الكممافرين ،فهممذا هممو الحسممرة كممل الحسممرة وليسممت
الحسرة بالذي يخرج من الكنيسة أو بيت النار ،فيدخل النار ولكن الحسرة
بالذي يخرج من المسجد فيطرح في النار ،وذلك كله بسبب أعماله الخبيثة
ب رجل وقع في يده شيء من أممموال وارتكابه المحرمات في السرائر ،فر ّ
ل منهممم فيممموت قبممل أن يرضممي دهمما أو أسممتح ّ الناس فيقول أنفقهمما ثممم أر ّ
خصمه ،فرب إنسان وقع منه بينه وبين إمرأتممه حرمممة فيقممول كيممف أدعهمما
وبيننا أولد فيصّر على ذلك فيأتيه الموت وهو على الحرام وربما ينزع منممه
اليمان بسبب ذلك ،فانظر يا أخي واجتهد في إصلح أممرك قبممل أن يأتيممك
الموت فإنك ل تدري متى يأتيك الموت .واعلممم أن العمممر قليممل والحسممرة
طويلة وعليك أن تكثر من قول ل إله إل الله .وقال الحسن البصري رحمممه
الّله تعالى :ل إله إل الّله ثمن الجنة .وروى أنس بن مالك رضي الّله تعممالى
عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم "أنه قيل له يا رسول الل ّممه هممل للجنممة
ثمن؟ قال نعم ل إله إل الّله " وعن أبي هريرة رضي الّله تعممالى عنممه قممال
"قلت يا رسول الّله من أسبق الناس إلى شفاعتك؟ قال من قال ل إله إل
ف مُروان كَ َ ما ي َوَد ّ ال ّ ِ
ذي َ الّله خالصا من نفسه" وعن مجاهد في قوله تعالى }ُرب َ َ
ن{ قال إذا أخممرج مممن النممار مممن قممال ل إلممه إل الل ّممه قممال مي َ سل ِ ِم ْ كاُنوا ُ ل َوْ َ
جمماءَ
ن َ مم ْالمشركون يا ليتنا كنا مسلمين .وعممن عطمماء فممي قمموله تعممالى } َ
من َْها{ يعنممي مممن قممال ل إلممه إل الل ّممه إل الل ّممه فلممه الجنممة خي ٌْر ِ ه َ سن َةِ فَل َ ُ
ح َ ِبال َ
م ِفي الّناِر{ يعني من جاء بالشرك .وعممن جوهُهُ ْ
ت وُ ُسي ّئ َةِ فَك ُب ّ ْ
جاَء ِبال ّ ن َ م ْ}وَ َ
ن{ قممال سمما ُح َ ن ِإل ال ِ ْ سمما ِ
ح َ
جمَزاُء ال ِ ْ
ل َالحسن البصري في قوله تعالى }هَم ْ
هل جزاء من قال ل إله إل الّله إل الجنة .وعن ابن عباس رضي الّله تعالى
عنهما "أن جبريل عليه السلم جاء إلى النبي صلى الّله عليممه وسمملم يوممما
فقال يا محمد إن الرب يقرئك السلم وهو يقول مالي أراك مغموما حزينمما
وهو أعلم به فقال يا جبريل لقد طال تفكيري في أمر أمممتي يمموم القيامممة،
قال يا محمد في أمر أهل الكفر أم في أمر أهل السلم؟ قال جبريل لبل
في أمر أهل ل إله إل الله ،قال فأخذه بيده حممتى أقممامه علممى مقممبرة مممن
بني سلمة ،فضرب بجناحه اليمن على قبر ميت فقال قم بإذن الل ّممه فقممام
رجل مبيض الوجه وهو يقول ل إله إل الّله محمممد رسممول الل ّممه الحمممد للممه
رب العالمين فقال له جبريل عد فعاد كما كان ،ثم ضممرب بجنمماحه اليسممر
على قبر ميت فقال قم بإذن الّله فخرج رجل مسممود ّ المموجه أزرق العينيممن
وهو يقول
]ص [215
واحسرتاه واندامتاه واسوأتاه فقال له عد فعاد كما كممان ،ثممم قممال جبريممل
هكذا يبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه" وعن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال " لقنوا موتاكم ل إله إل الّله فإنها تهدم الذنوب هممدما قممالوا
يا رسول الّله فإن قالها في حياته قال هي أهدم وأهدم".
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "احضروا موتمماكم فلقنمموهم ل
إله إل الّله وبشروهم بالجنة فإن الحليم العليم مممن الرجممال والنسمماء يحممار
عند ذلك المصرع ،وإن إبليس عدوّ الّله أقرب ما يكون من العبد فممي ذلممك
الموطن عند فراق الدنيا وتممرك الحبممة ،ول تقنطمموهم فممإن الكممرب شممديد
والمر عظيم ،والذي نفس محمد بيده لمعالجة ملك الموت أشد مممن ألممف
ضربة بالسيف " وروى في الخبر أن رجل كان في بني إسرائيل مممن أعبممد
الناس وكان في زمنممه رجممل آخممر مممن أفجممر النمماس ،فمممات العابممد فقيممل
لموسى عليه السلم إنه في النممار ومممات الفمماجر فقيممل لموسممى إنممه فممي
الجنة ،قال موسى لمرأة العابد ما كان عمله؟ قالت كان من أعبممد النمماس
وما يخفى عليكممم ،فقممال وممما كممان عملممه أيضمما؟ قممالت كممان إذا أوى إلممى
فراشه قال طوبى لنا إن كان ما جاء به موسى حقا ،وقممال لمممرأة الفمماجر
ما كان عمه؟ قالت كان أفجر الناس وما خفى عليكم ،فقال وما كان عمله
أيضا؟ قالت كان إذا أوى إلى فراشه قال ل إله إل الّله والحمد لله على ممما
جاء به موسى عليه السلم .وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من
قال ل إله إل الّله خرج من فيه طير أخضر له جناحان أبيضان مكللن بالدر
والياقوت فعرج إلى السماء فيسمع لممه دوي تحممت العممرش كممدوي النحممل،
فيقال له اسكن فيقممول ل حممتى تغفممر لصمماحبي فيغفممر لقائلهمما ،ثممم يجعممل
بعدها لذلك الطير سبعون لسانا يستغفر لصاحبه إلى يوم القيامة فإذا كان
يوم القيامة جاء ذلك الطيممر فأخممذ صمماحبه حممتى يكممون قممائده ودليلممه إلممى
الجنة" وروى في الخبر أن الّله تعممالى لممما أغممرق فرعممون وأنجممى موسممى
عليه السلم قال يا رب دلني على عمممل أعملممه يكممون شممكرا لممما أنعمممت
ى؟ قال يا موسى قل ل إله إل الله ،وكان موسى يطلب الزيادة فقال يا عل ّ
موسى لو وضعت سبع سموات وسبع أرضين في كفة الميزان ووضممعت ل
إله إل الّله في الكفة الخرى لرجح ل إله إل الله .وعن مجاهد قال :ثلث ل
يحجبهن عن الّله شيء :شممهادة أن ل إلممه إل اللممه ،ودعمموة ممموقن بالجابممة
ودعمموة الوالممد لولممده ،ودعمموة المظلمموم علممى الظممالم .وروى عممن بعممض
الصحابة رضي الّله تعالى عنه أنه قمال :ممن قمال ل إلمه إل الّلمه ممن قلبمه
دها بالتعظيم كفر الّله عنه أربعة آلف ذنب من الكبائر ،قيممل لممم خالصا وم ّ
يكن له أربعة آلف ذنب؟ قال يغفر من ذنوب أهله وجيرانه.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :يقال من حفظ سبع كلمات فهو عند الّله
شريف وعند الملئكة شممريف ،وغفممر الل ّممه لممه ذنمموبه وإن كممانت مثممل زبممد
البحر ،ويجد حلوة الطاعة
]ص [216
وتكون حياته ومماته خيرا له :أولها أن يقممول عنممد ابتممداء كممل شمميء بسممم
الله ،والثاني أن يقول بعد الفراغ مممن كممل شمميء الحمممد للممه ،والثممالث إذا
جرى على لسانه لغو أو عمل سواء ق ّ
ل أو كممثر يقممول بعممده أسممتغفر اللممه،
والرابع إذا أراد أن يقول أفعممل غمدا ً كممذا فيقممول علممى أثممره إن شمماء اللمه،
ي العظيم، والخامس إذا استقبله مكروه يقول ل حول ول قوة إل بالله العل ّ
والسادس إذا أصابته مصيبة في النفس أو في المال ق ّ
ل أو كممثر يقممول إنمما
لله وإنا إليه راجعون والسمابع ل يمزال يجمري علمى لسمانه فمي آنماء الليمل
وأطراف النهار ل إله إل الله .وروى عن عمرو بن دينار عن جممابر بممن عبممد
الّله قال :حدثنا من سممع معماذ بمن جبمل رضمي الّلمه تعمالى عنمه أنمه لمما
حضرته الوفاة يقول اكشفوا عني فإني سمعت رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم حديثا لم يمنعني أن أحدثكم به إل أن تتكلموا به سمعت النبي صلى
الّله عليه وسلم يقول "من قال ل إله إل الل ّممه مخلصمما موقنمما دخممل الجنممة"
وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من لقن عند الموت ل إلممه
إل الّله دخل الجنة" وروى عن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "مممن
كان آخر كلمه من الدنيا ل إله إل الّله دخل الجنة".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى بإسناده عن يزيد بن أسلم عن عمرو بن
دينار عن جابر ابن عبد الّله رضي الّله تعالى عنهم :عممن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "أل أخبركم بشيء أمر به نوح عليه السلم ابنه قال يا
بني آمرك بأمرين وأنهاك عن أمرين :آمرك أن تقول ل إله إل الّله وحده ل
شريك له ،فإن السماء والرض لو جعلتا في كفممة ل إلممه إل الل ّممه فممي كفممة
أخرى لوزنتهما ،وآمرك أن تقول سبحان الّله وبحمده فإنها صمملة الملئكممة
ودعاء الخلق وبها يممرزق الخلممق .وأنهمماك أن تشممرك بممالله شمميئا فممإن مممن
أشرك بالله شيئا ً فقد حرم الّله عليه الجنة ،وأنهاك عن الكممبر فممإنه ل أحممد
يدخل الجنة وفي قلبه مثقال حبة من خردل من كبر .وروى في الخبر "من
قال ل إله إل الّله مخلصا ً دخل الجنة" فقد اشترط في هذا القممول الخلص
ول يكون الخلص إل أن يمنعه ذلك القول من الذنوب فممإن كممان القممول ل
يمنعه من الذنوب فليس بمخلص ،ويخاف أن يكون ذلك القول عنده عارية
والعارية تسترد منه.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :الناس في إيمانهم على ضربين منهم من
يكون إيمانه له عطاء ومنهم من يكون إيمانه له عارية ،فالعلمممة فممي ذلمك
أن الذي يكون إيمانه عطاء يمنعه إيمانه من الذنوب ويرغبه في الطاعممات،
والذي هو عارية ل يمنعه من الذنوب ول يرغبه فممي الطاعممات لن ل تممدبير
له في مكان هو فيه عارية .وروى أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال " ل إله إل الّله ثمن الجنة" وفممي خممبر
آخر " مفتاح الجنة" ويقال ل إله إل الّله مفتاح الجنة ،ولكن المفتاح لبد له
من السنان حتى يفتح الباب ،ومن أسنانه
]ص [217
لسان ذاكر طاهر مممن الممذنوب والغيبممة ،وقلممب خاشممع طمماهر مممن الحسممد
والخيانة ،وبطن طمماهر مممن الحممرام والشممبهة ،وجمموارح مشممغولة بالخدمممة
طاهرة من المعاصي .وعن أبي ذر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال "قلممت يمما
رسول الّله علمني عمل يقّربني إلممى الجنممة ويباعممدني عممن النممار؟ قممال إذا
عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة فإنها بعشر أمثالها ،فقلت يا رسممول الل ّممه
ل إله إل الّله من الحسنات؟ قال هي من أحسممن الحسممنات" وروى سمملمة
بن زيد عن حذيفة بن اليمام رضي الّله تعالى عنممه قممال :ينممدرس السمملم
حتى ل يدري أحد ما الصلة وما الصيام ،حممتى إن الرجممل ليقممول كممان مممن
قبلنا من يقول ل إله إل الّله فنحن نقول ل إله إل الله ،قيممل لممه فممما يغنممي
عنهم ل إله إل الله؟ قال ينجون بها من النار ويدخلون بها الجنة.
]ص [218
عشر حسممنات ،أممما إنممي ل أقممول ألممم عشممرة ولكممن اللممف عشممرة واللم
عشرة والميم عشرة".
وروى العمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الّله تعممالى عنهممم عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال"من نفس عن أخيه المؤمن كربممة مممن
كرب الدنيا نفس الّله عنه كربة من كرب الخرة ،ومممن يسممر علممى معسممر
يسر الّله عليه في الدنيا والخرة والله فممي عممون العبممد ممما دام العبممد فممي
عون أخيه المسلم ،ومممن سمملك طريقمما يلتمممس فيممه علممما سممهل الل ّممه لممه
طريقا إلى الجنة ،وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الّله يتلون كتمماب الل ّممه
تعالى ويتدارسونه فيما بينهم إل نزلت عليهممم السممكينة وغشمميتهم الرحمممة
وحفتهم الملئكة وذكرهممم الل ّممه تعممالى فيمممن عنممده" وروى يزيممد ابممن أبممي
حبيب عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال"من استظهر القممرآن خفممف
الّله تبارك وتعالى عن أبويه العذاب وإن كانا كممافرين" وعممن عبممد الل ّممه بممن
عمرو بن العاص قال" :من قرأ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بيممن جنممبيه إل
أنه ل يوحى إليه ،ومن قممرأ القممرآن فممرأى أن أحممدا مممن خلممق الل ّممه تعممالى
أعطى أفضل مما أعطى فقد حقممر ممما عظممم الل ّممه وعمموظم ممما حقممر الل ّممه
تعالى ،وليس ينبغي لحامل القرآن أن يجهل فيمن يجهل ول يجد فيمن يجد
ولكن يعفو ويصفح" .وقال عبمد الّلمه بمن مسمعود رضمي الّلمه تعمالى عنمه:
ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نممائمون ،وبنهمماره بصمموم إذا
الناس مفطرون ،وبحزنه إذا الناس يفرحون ،وببكائه إذا النمماس يضممحكون،
وبخشوعه إذا الناس يختالون .وينبغي لحامل القرآن أن يكممون باكيمما حزينمما
حليما سكينا لينمما ،ول ينبغممي لحامممل القممرآن أن يكممون جافيمما ول غممافل ول
صياحا ول حديدا .وروى معاذ بن جبل رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى
الّله عليه وسلم أنه قال"ثلثة هممم الغربمماء فممي الممدنيا :القممرآن فممي جمموف
الظالم ،والرجل الصالح في قوم سوء ،والمصحف فممي بيممت ل يقممرأ فيممه"
وقال محمد بن كعب القرظي :من قرأ القرآن فكأنما رأى النبي صلى الّله
ن
مم ْ م ب ِمهِ وَ َ
ق مرآ ُ ُ
ن لنمذ َِرك ُ ْ ذا ال ُ ْ ي إ ِل َم ّ
ي هَ م َ عليه وسلم ثم قرأ هذه الية }وَُأو ِ
ح َ
غ{ وروى في الخبر" :ن عممدد درج الجنممة علممى عممدد آي القممرآن ،فيقممال ب َل َ َ
للقارىء يوم القيامة اقرأ وارق فإن كان معه نصف القرآن يقال له لو كان
ي عن النممبي عندك زيادة لزدناك " وروى خالد بن بشير عن الحسين بن عل ّ
صلى الّله عليه وسلم أنه قال"من قرأ القرآن فمي الصملة وهممو قمائم فلمه
بكل حرف مائة حسنة ،ومن قرأ القرآن فممي الصمملة قاعممدا كتممب الل ّممه لممه
بكل حرف خمسين حسنة ،ومن قرأ القرآن في غير الصلة فله بكل حرف
عشر حسنات ،ومن استمع إلى شيء من كتاب الّله وهو يريد الجممر كتممب
له بكل حرف حسنة ،ومن قرأ القرآن حتى يختمه كانت له عند الّله دعمموة
مستجابة إما معجلة وإما مؤجلة" وعن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال"ثلثة ل يستخف بحقهن إل منافق إمام مقسط وذو شيبة فممي السمملم
وحامل القرآن" وعن أبي أمامة رضي الّله تعالى عنه قال :حرضممنا رسممول
الّله
]ص [219
صلى الّله عليه وسلم على تعلم القرآن ،ثم أخبرنا عن فضله وقال تعلممموا
القرآن ،ثم أخبرنا عن فضممله وقممال" :إن القممرآن يممأتي أهلممه يمموم القيامممة
أحوج ما يكون إليه ،قممال فيقممدم علممى صمماحبه بأحسممن صممورة لممه فيقممول
أتعرفني؟ فيقول من أنت فيقول أنا الذي كنت تحبه وتكرمممه وكنممت تسممهر
ليلك بي وتدأب نهارك يعني من عادتك أن تقرأ نهارك_ قممال فيقممول لعلممك
القرآن ثم يقدم على الّله فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع تمماج
وم بهممما الممدنياالملك على رأسه ويلبممس والممداه المسمملمان حلممتين ممما يقم ّ
وأضعافها فيقولن من أين لنا هذا ولم تبلغممه أعمالنمما؟ فيقممال لهممما بفضممل
ولدكما بقراءة القرآن أعطيتممما ذلممك" قممال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم "تعلموا الزهراوين يعني البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان أهلهما يوم
القيامة كأنهما غمامتين أو غيابتمان أو فرقمان ممن طيمر صمواف بأجنحتهمما
ويحاجان عن أهليهما ،ثم قال تعلموا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة
ول يستطبعها البطلة _ يعني السحرة ثم قال هذا لمن تعلمه ولممم يلممغ فيممه
ويعمل به أولم يجف عنه ولم يستأكل به" .وعن سعد بن أبي وقاص رضي
الّله تعالى عنه أنه قال" :من ختم القرآن نهارا صمملت عليممه الملئكممة حممتى
يمسي ،ومن ختمه ليل صلت عليه الملئكة حممتى يصمبح" وكمانوا يسممتحبون
أن يختموا نهارًا .قال عبد الّله بن المبممارك :كممانوا يسممتحبون أن يختممم فممي
أيام الصيف في أول النهار ،وفي أيممام الشممتاء فممي أول الليممل حممتى تكممون
الصمملة عليهممم أكممثر .وروى قتممادة عممن أنممس بممن مالممك عممن أبممي موسممى
الشعري رضي الّله تعالى عنهم أن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قممال
"مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الترجة ريحها طيب وطعمهما طيمب،
ومثل المؤمن الذي ل يقرأ القرآن كمثممل التمممر طعمممه طيممب ول ريممح لممه،
ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثممل الريحانممة ريحهمما طيممب وطعمهمما مممر
ومثل الفاجر الذي ل يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمهمما مممر ول ريممح لهمما"
وروى عقبة بن عامر عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "المس مّر
بالقرآن كالمسر بالصممدقة والجمماهر بممالقرآن كالجمماهر بالصممدقة" يعنممي إن
جهر بالقراءة فنعما هي وإن أسر فهو أفضل .وعن الوليد بن عبممد الّلممه أن
ي الممذنوب فلمم أر فيهما شمميئا النبي صلى الّله عليه وسلم قال "عرضت عل ّ
أعظم من حامل القرآن وتاركه" وعن طلق بن حبيب أن النبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم قال"من تعلم القرآن ثم نسيه من غير عذر حممط لممه بكممل آيممة
درجة وجاء يوم القيامة مجذوما مخصوما" وعن رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم أنه قال "من تعلم القرآن ثم نسيه من غيممر عممذر جمماء يمموم القيامممة
أجذم" أي مقطوع اليد.
وعن الضحاك قال :ما تعلم القرآن رجل ثم نسيه إل بذنب يصيبه ثم قرأ
َ َ
ر{ .وأي مصيبة ن ك َِثي ٍ
فو ع َ ْ ديك ُ ْ
م وَي َعْ ُ ت أي ْ ِ ما ك َ َ
سب َ ْ صيب َةٍ فَب ِ َ
م ِ
ن ُم ْ صاب َك ُ ْ
م ِ ما أ َ}وَ َ
أعظم من نسيان القرآن.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت أبا جعفر رحمه الّله قال :حممدثنا
ي بممن الحسممين الحليمممي ي بن أحمد حدثنا شاذان بن إبراهيم حممدثنا علم ّ عل ّ
قال :سمعت الحسن بن زياد يقول
]ص [220
سمعت أبا حنيفة رضي الّله تعالى عنه يقول :من قممرأ القممرآن فممي السممنة
مرتين فقد أدى حقه لن النبي صلى الّله عليه وسلم عرضه في كممل سممنة
على جبريل عليه الصلة والسلم مرة ،وفي السنة التي توفي فيها مرتين.
]ص [221
بن سليمان عن جعفر بن محمد عمن حدثه عن ثابت عممن أنممس بممن مالممك
رضي الّله تعالى عنه قال :قال رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم )مممن
أحب أن ينظر إلى عتقاء الّله مممن النممار فلينظممر إلممى المتعلميممن ،فوالممذي
نفس محمد بيده ما من مؤمن متعلم يختلف إلى باب العالم إل كتممب الّلممه
له بكل حرف وبكل قدم عبادة سنة ،وبنى له بكل قممدم مدينممة فممي الجنممة،
ويمشممي علممى الرض والرض تسممتغفر لممه ،ويمسممي ويصممبح مغفممورا ً لممه،
وشهدت له الملئكة ويقولون هممؤلء عتقمماء الل ّممه مممن النممار( قممال :سمممعت
الفقيه أبا جعفر رحمه الّله يذكر بإسناده) أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم
دخل المسجد فرأى مجلسين أحدهما يذكرون الّله والخممر يتعلمممون الفقممه
ويدعون الّله ويرغبون إليه ،فقممال صمملى الل ّممه عليممه وسمملم كل المجلسممين
على خير ،وأحدهما أفضل من الخممر ،أممما هممؤلء فيممدعون الل ّممه فممإن شمماء
أعطاهم وإن شاء منعهم ،وأممما هممؤلء فيتعلمممون ويعلمممون الجاهممل ،وإنممما
بعث معلما فهؤلء أفضل ثم جلس معهممم( وعممن أبممي الممدرداء رضممي الل ّممه
ب من قيام ليلة .وعن ابن مسممعود تعالى عنه أنه قال :لن أتعلم مسألة أح ّ
رضي الّله تعالى عنه أنه قال :أنتم فممي زمممن العمممل فيممه خيممر مممن العلممم
وسيأتي زمن العلم فيه خير من العمل .وروى سعيد بن المسيب عممن أبممي
سعيد الخدري رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم
أنه قال )أفضل العمممال علممى ظهممر الرض ثلثممة :طلممب العلممم ،والجهمماد،
ي الله ،والكاسب صديق والكسب ،لن طالب العلم حبيب الله ،والغازي ول ّ
الله(.
وروى أبان عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنهما عن النبي صلى الّلممه
عليه وسلم أنه قال "من طلب العلم لغير الّله لممم يخممرج مممن الممدنيا حممتى
يأتي عليه العلم فيكون اللممه ،ومممن طلممب العلممم للممه فهممو كالصممائم نهمماره
والقائم ليله ،وإن بابا ً من العلم يتعلممه الرجمل خيمر ممن أن يكمون لمه أبمو
قبيس ذهبا فأنفقه في سبيل الّله تعالى" وقيل لعبد الّله بممن المبممارك إلممى
متى يحسن المممرء أن يتعلممم؟ قممال ممما دام يقبممح عليممه الجهممل يحسممن لممه
التعلم .وحكى عن ابن المبارك رحمه الّله أنه كان في حال الممموت ورجممل
عنده يكتب له العلم فقيل لممه فممي هممذه الحالممة تكتممب العلممم؟ فقممال لعم ّ
ل
الكلمة التي تنفعني لم تبلغني إلمى الن .وعممن معماذ بمن جبممل رضمي الل ّممه
تعالى عنه قال :تعلموا العلممم فممإن تعلمممه حسممنة وطلبممه عبممادة ومممذاكرته
تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه من ل يعلمه صدقة وبذله لهلممه قربممة ،إل
أن العلم سبيل منازل أهل الجنة ،وهو المؤنس في الوحشة والصاحب في
دث في الخلوة والدليل علممى السممراء والمعيممن علممى الضممراء الغربة والمح ّ
والزين عند الخلء والسلح على العداء ،يرفع الّله به أقواما ً فيجعلهم فممي
الخير قادة أئمة تقتفي آثارهم ويقتدى بأفعالهم وترغممب فممي الملئكممة فممي
خلتهم وبأجنحتها تمسحهم ويصلي عليهم كل رطب ويممابس وحيتممان البحممر
وهوام الرض وسمباع المبّر والبحمر والنعمام ،لن العلمم حيماة القلموب ممن
وة البدان من الضعف ،ويبلغ الجهل ومصباح البصار من الظلمة وق ّ
]ص [222
بالعبد منازل الخيار والبرار والدرجات العلى في الممدنيا والخممرة ،والتفكممر
فيه يعدل بالصيام ومذاكرته تعدل بالقيام وبممه توصممل الرحممام وبممه يعممرف
الحلل مممن الحممرام وهممو إمممام والعمممل تممابعه ويلهمممه السممعداء ويحرمممه
الشقياء.
)قال الفقيه( :حدثنا أبو القاسم عبممد الرحمممن بممن محمممد بإسممناده عممن
الحسن البصري رحمهم الّله قال" :ما أعلم شمميئا أفضممل مممن الجهمماد فممي
سبيل الّله إل أن يكون طلب العلم فإنه أفضل من الجهاد في سممبيل اللممه،
ومن خرج من بيته في طلب باب من العلم حفته الملئكة بأجنحتها وصلت
عليه الطيور في جوّ السماء والسباع في البّر والحيتان في البحممر؟؟؟ الل ّممه
ديقا .أل فاطلبوا العلم واطلبوا للعلم السكينة والحلم أجر اثنين وسبعين ص ّ
والوقار وتواضعوا لمن تتعلمون منه ولمن تعلمونه ،ول تباهوا به العلماء ول
تماروا به السفهاء ول تختلفوا به إلى المراء ول تطاولوا به على عباد الّلممه
فتكونوا من جبابرة العلماء الذين أدركهم سخط الّله فكيهم على منمماخرهم
في نار جهنم ،اطلبوا علما ل يضركم في عبادة الل ّممه واعبممدو الل ّممه عبممادة ل
تضركم في طلب العلم ،فإنه ل ينتفع بهذا إل هذا ،ول تكونوا كأقوام تركمموا
طلب العلم وأقبلوا على العبادة حممتى إذا نحلممت جلممودهم علممى أجسممادهم
خرجوا على الناس بأسيافهم ولو أنهم طلبمموا العلممم لكممان العلممم يحجزهممم
عما صنعوا .وإن العامل بغير علم كالحائد عن الطريق فهو ل يزداد اجتهادا
إل ازداد بعدا وكان ما يفسده أكثر مما يصمملحه ،قيممل لممه عمممن هممذا يمما أبمما
سعيد قال لقيت فيه سبعين بدويا واغتربت في طلبه أربعين عاما".
وعن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنممه قممال :أيهمما النمماس ممما لممي أرى
علماءكم يذهبون وجهالكم ل يتعلمون ،تعلموا قبل أن يرفع العلم فإن رفممع
العلم ذهاب العلماء .وروى عبد الّله بن عمرو بن العاص رضي الل ّممه تعممالى
عنهما عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن الّله ل يرفع العلم
بقبض يقبضه ولكمن يقبمض العلمماء بعلمهمم حمتى إذا لمم يبمق عمالم اتخمذ
الناس رؤساء جهال فيسئلون فيحدثون فضلوا وأضلوا" وعممن ابممن المبممارك
رضي الّله تعالى عنه أنه قيل له :لو أوحى الّله إليك أنك ميممت العشممية ممما
أنت صانع اليوم؟ قال أطلب فيه العلم .وعن إبراهيم النخعي قال :ل يممزال
الفقيه في الصلة قيل وكيف ذلك؟ قال لنك ل تلقاه إل وذكممر الل ّممه تعممالى
على لسانه يحل حلل ويحممرم حراممما ،ويقممال العلممماء سممرج الزمنممة فكممل
عالم مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره .وروى عن سالم بن أبي لجعد
ي
أنه قال :اشتراني مولي بثلثمائة درهم فممأعتقني فقلممت فممي نفسممي بممأ ّ
الحرف أحترف فاخترت العلم على كل الحرف فلم يمض كممثير مممدة حممتى
أنه أتاني الخليفة زائر فلم آذن له .وذكر عن صالح المري رحمه الّله تعالى
أنه دخل على أمير المؤمنين فأجلسه على وسادة فقال صالح قال الحسن
وصدق الحسن فقال له أمير المؤمنين وأيّ شيء قال الحسن؟ قال :قممال
الحسن :إن العلم يزيد الشريف شرفا ويبلغ بالعبد
]ص [223
منازل الحرار وإل فمن صالح المّريّ حتى يجلممس علممى وسممادة المممؤمنين
لول العلم .وعن أنس بن مالك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال" :اطلبمموا
العلم ولو بالصين فإن طلب العلممم فريضممة علممى كممل مسمملم" .وروى ابممن
المسيب عن أبي بكر عن عون بن عبممد الل ّممه قممال جمماء رجممل إلممى أبممي ذر
رضي الّله تعالى عنه فقال :إني أريد أن أتعلم وأخاف أن أضيعه ول أعمممل
به قال أما أنك إن توسدت العلم خير لك من أن تتوسد الجهممل ،ثممم ذهممب
إلى أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه وقال له مثل ذلك فقال أبو الممدرداء:
إن الناس يبعثون على ما ماتوا عليه يبعث العالم عالما والجاهل جاهل ،ثممم
ذهب إلى أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه وقال له مثل ذلك فقال لممه أبممو
هريرة رضي الّله تعالى عنه ما أنت بواجد شيئا أضيع له من تركه.
وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم
أنه قال "ما عبد الّله بشيء أفضل من فقه في الدين ،ولفقيممه واحممد أشممد
على الشيطان من ألف عابد وإن لكل شمميء عمممادا وعممماد الممدين الفقممه"
وذكر في الخبر :إن أهل البصرة اختلفوا ،فقال بعضممهم العلممم أفضممل مممن
المال وقال بعضهم المال أفضل من العلم ،فبعثوا رسول إلممى ابممن عبمماس
رضي الّله تعالى عنهما فسأله عن ذلك فقال ابن عباس رضي الل ّممه تعممالى
عنهما العلم أفضل ،فقال الرسول إن سألوني على الحجة ماذا أقممو لهممم؟
قال قل لهم إن العلم ميراث النبياء والمممال ميممراث الفراعنممة ولن العلممم
يحرسك وأنت تحرس المال ولن العلم ل يعطيه الّله إل مممن يحبممه والمممال
يعطيه الّله لمن أحبه ولمن ل يحبه بل لمن ل يحبه أكثر ،أل ترى إلممى قممول
ُ َ
ن
ما ِح َ ن ي َك ْ ُ
فُر ِبالّر ْ جعَل َْنا ل ِ َ
م ْ حد َة ً ل َ َة َوا ِم ً
سأ ّ ن الّنا ُ كو َن يَ ُ ول أ ْ الّله عّز وجل }وَل َ ْ
ن{ الية ،ولن العلم ل ينقممص ج ع َل َي َْها ي َظ ْهَُرو َ
مَعارِ َضة ٍ و َ َ ن فَ ّ م ْقفا ً ِ
س ُم ُ
ل ِب ُُيوت ِهِ ْ
بالبذل والنفقة ،والمال ينقص بالبذل والنفقة ،ولن صاحب المممال إذا مممات
انقطع ذكره والعالم إذا مات فذكره باق ،ولن صاحب المال ميت وصاحب
العلم ل يموت ،ولن المال يسأل عن كل درهم من أين اكتسبه وأين أنفقه
ي بممن أبممي وصاحب العلم له بكل حديث درجة فممي الجنممة" وروى عممن عل م ّ
طالب كرم الّله وجهه أنه قال :النماس ثلثمة :عممالم وربماني ،ومتعلمم علمى
سبيل النجاة ،وسائر الناس همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كمل ريمح،
وقال :العلم خير من المممال العلممم يحرسممك وأنممت تحممرس المممال ،والعلممم
يزكو مممع النفقممة والمممال تنقصممه النفقممة ،والعلممماء بمماقون ممما بقممي الممدهر
أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجممودة .وعممن أبممي الممدرداء رضممي
الّله تعالى عنه أنه قال :العممالم والمتعلممم فممي الجممر سممواء ،وإنممما النمماس
رجلن عالم ومتعلم ،ول خير فيما سوى ذلك.
]ص [224
باب العمل بالعلم
ّ
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الله تعالى عنه وأرضمماه:
ي بن الحسين حدثنا الحسين بن إسمعيل القاضممي حدثنا الحاكم الحسن عل ّ
حدثنا يوسف بن موسى حدثنا إبراهيم بن رستم حدثنا حفممص الثممري .عممن
إسمعيل بن سميع عن أنس بممن مالممك رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال :قممال
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم )لعلماء أمناء الرسل على عبادة الّله ممما
لم يخالط السلطان ويدخل في الممدنيا ،فممإذا دخلمموا فممي الممدنيا فقممد خممانوا
الرسل فاعتزلوهم واحذروهم( قال حدثنا محمد بن الفضل حدثنا محمد بن
جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا عبد الّله بن نمير عن جعفر بن برقممن
عن الفرات بن سليمان قال :قال أبو الدرداء رضي الّله تعالى عنه ل يكون
الرجل عالما ً حتى يكون متعلمًا ،ول يكون عالما ً حتى يكممون بممالعلم عممام ً
ل.
وعن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه أنه قممال :ويممل للممذي ل يعلممم مممرة،
وويل للذي يعلم ول يعمل سبع مرات .وعنه أيضا ً رضي الّله تعالى عنه أنممه
قال :إني ل أخاف أن يقال لي يوم القيامممة يمما عممويمر ممماذا علمممت ،لكنممي
أخاف أن يقال لي يوم القيامة يا عممويمر ممماذا عملممت فيممما علمممت ،وعممن
عيسى بن مريم عليهما السلم أنه قال :من علم وعمل وعّلم فذلك الممذي
يدعى في ملكوت السموات عظيمًا .وعممن عمممر بممن الخطمماب رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال لعبد الّله بن سمملم رضممي الل ّممه تعممالى عنممه مممن أربمماب
العلم؟ قال الذين يعملون به ،قال فما ينفي العلم من صدور الرجال؟ قال
الطمع .وعن عيسى بن مريم عليهما السلم :ماذا يغني عن العمى حمممل
السراج ويستضمميء بممه غيممره ،وممماذا يغنممي عممن الممبيت المظلممم أن يكممون
السراج على ظهره ،وماذا يغني عنكم أن تتكلموا بالحكمة وما تعملون بها.
وعنه أيضا ً عليه الصلة والسلم قال :ما أكثر الشممجار وليممس كلهمما بمثمممر
وما أكثر العلماء وليس كلهم بمرشد ،وما أكممثر الثمممر وليممس كلهمما بطيممب،
وما أكثر العلوم وليس كلها بنافع ،وعن الوزاعي قال :من عمل بممما يعلممم
وفق لما ل يعلم .وقال سهل بن عبد الله ،النماس كلهمم مموتى إل العلمماء،
والعلممماء كلهممم سممكرى إل العمماملون بممالعلم ،والعمماملون مغممرورون إل
المخلصون ،والمخلصون على الخطر .وعن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
أنه قممال )ل تجلسمموا عنممد كممل عممالم إل الممذي يممدعوكم مممن الخمممس إلممى
الخمس :من الشك إلى اليقين ،ومن الكبر إلى التواضع ،ومن العداوة إلممى
النصيحة ،ومن الرياء إلمى الخلص ،وممن الرغبمة إلمى الزهمد( .وروى عمن
ي بن أبي طالب كرم الّله وجهممه إنممه قممال :إذا لممم يعمممل العممالم بعلمممهعل ّ
استنكف الجاهل أن يتعلم منه ،لن العالم إذا لم يعمل بالعلم ل ينفع العلممم
إياه ول غيره وإن جمع العلم بالوقار ،لنه بلغنا أن رجل ً في بنممي إسممرائيل
جمع ثمانين تابوتا ً من العلم ،فأوحى الّله تعالى إلى نبي مممن النبيمماء انقممل
لهذا الحكيم لو جمعت مثله معه
]ص [225
لا ينتفع به إل أن تعمل بهذه الثلثة الشياء :أولها ل تحب الدنيا فإنها ليست
بدار المؤمنين ،والثاني أن ل تصاحب الشيطان فإنه ليس برفيق المؤمنين،
والثالث أن ل تؤذي المؤمنين فإنه ليس بحرفة المؤمنين .قال سممفيان ابممن
عيينة رضي الّله تعالى عنه :ليس يحسن على الناس الجهل من عمممل بممما
يعلم فهو من أعلم الناس ،ومن ترك العمل بممما يعلممم فهممو الجاهممل ،قممال:
وقد كان يقال يغفر للجاهل سبعون ذنبا ما ل يغفر للعالم واحدة ،وذكر في
الخبر أن الملئكة تتعجب من ثلث :عالم فاسق يحدث الناس بما ل يعمممل
به ،وقبر الفاجر يبنى بالجص والخر ،والنقش على جنممازة الفمماجر .ويقممال:
أشد الحسرة يوم القيامة ثلثة ،رجل له مملوك صالح يدخل الجنممة وممموله
يدخل النار ،ورجل جمع المال ومنع منه حقوق الّلمه تعمالى فيمموت فينفمق
منه ورثته في طاعة الّله تعالى فينجون به والذي جمعه فممي النممار ،ورجممل
عالم سوء يحدث الناس ينجو الناس بعلمه وهو يصير إلى النار .وقال رجل
للحسن البصري رضممي الل ّممه تعممالى عنممه :إن فقهاءنمما يقولممون كممذا ،فقممال
الحسن وهل رأيت فقيها قط؟ إنما الفقيه الزاهممد فممي الممدنيا الراغممب فممي
الخرة البصير بذنبه الممدّوام علممى عبممادة ربممه .ويقممال :إذا اشممتغل العلممماء
بجمع أكلة الشبهة ،وإذا صار العلماء أكلة الشبهة صار العوام أكلة الحممرام:
وإذا صار العلماء أكلة الشبهة صار العوام أكلممة الحممرام :وإذا صممار العلممماء
أكلة الحرام صار العوام كفارا.
)قال الفقيه( :لن العلماء إذا جمعوا الحلل فالعوام يقتدون بهم في
الجمع ول يحسنون العلم فيقعون فممي الشممبهة ،وأممما إذا أخممذ العلممماء مممن
الشبهة وتحرزوا عن الحرام فيقتدي بهم الجهممال ول يميممزون بيممن الشممبهة
والحرام فيقعون في الحرام ،وأما إذا أخذ العلماء من الحرام فيقتممدى بهممم
الجهال ويظنون أنه حلل فيكفممرون إذا اسممتحلوا الحممرام .ويقممال :إذا كممان
يوم القيامة تعلق الجهال بالعلماء يقولون أنتم قد علمتممم فلممم تممدلونا ولممم
تنهونا حتى وقعنا فيما وقعنا .وعن النبي صلى الّله عليه وسمملم "أنممه سممئل
أي الناس شر؟ قال العالم إذا فسد" .يقال :إذا فسد العالم فسممد لفسمماده
العالم .وروى عن بشر بن الحرث أنه كمان يقمول لصممحاب الحممديث" :أدوا
زكاة هذه الحاديث قالوا كيف نممؤدي زكاتهمما؟ قممال اعملمموا مممن كممل مممأتى
حديث بخمسة أحاديث وقال بعض الحكماء تعلممم العلممم فممي زماننمما تهمممة،
والستماع مؤانسة ،والقول به شهوة ،والعمل بمه نمزع النفمس .وروى عمن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه قممال "ممن تعلممم العلممم لربممع دخممل النممار:
ليباهي به العلماء :أو يماري به السفهاء ،أو يقبل به وجمموه النمماس إليممه ،أو
يأخذ به من المراء المال والحرمة والجاه والمنزلة" ،وقال سفيان الثوري:
أول العلم الصمت ،والثاني الستماع ،والثالث الحفظ ،والرابممع العمممل بممه،
والخامس نشره ،وقال أبو الممدرداء :كممن عالم ما ً أو متعلم ما ً أو مسممتمعًا ،ول
تكن الرابع فتهلك :يعني ممن ل يعلم ول يتعلم ول يستمع .ويقممال :العلممماء
ثلثة أولها عالم بالله وعالم بأمر الله ،والثاني عالم بالله وليس عالما بممأمر
الله ،والثالث عالم بأمر الّله وليس بعالم بالله ،فأما العالم بالله وبأمر الل ّممه
فالذي يخشى الّله ويعمل الحدود والفرائض
]ص [226
وأما العالم بالله وليس بعالم بأمر الّله فالذي يخشى الّله ول يعلممم الحممدود
والفرائض ،وأما العالم بأمر الل ّممه وليممس بعممالم بممالله فالممذي يعلممم الحممدود
والفرائض ول يخشى الله.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :سمعت أبممي رحمممه الل ّممه قممال،
سمعت محمد بن جناح قال :قال أبممو حفممص :يممزاد ُ للعممالم عشممرة أشممياء:
الحسنة والخشية والنصيحة والشفقة والحتمال ،والصبر والحلمم والتواضممع
جمماب وأن والعفة في أموال الناس والدوام على النظر في الكتب وقلة الح ّ
يكون بابه مفتوحا ً للوضيع والشممريف فممإنه بلغنمما أن داود النممبي صمملى الل ّممه
جمماب ،قممال أبممو حفممص :عشممرة أشممياء عليه وسلم إنما ابتلى من شدة الح ّ
قبيحة في عشرة أصناف من النمماس :الحممدة فممي السمملطان ،والبخممل فممي
الغنياء ،والطمع في العلماء ،والحرص في الفقراء ،وقلة الحيمماء فممي ذوي
الحساب :والفتوة في الشيوخ ،وتشبه الرجال بالنسمماء والنسمماء بالرجممال،
وإتيان الزهاد أبواب أهل الدنيا ،والجهل في العبادة .قال فضيل بممن عيمماض
ه تزيممدرحمه الله :إذا كان العالم راغبا ً في الدنيا حريصا عليها فإن مجالست ّ
الجاهل جهل والفاجر فجورا وتقسي قلب المممؤمن .وقممال بعممض الحكممماء:
كلم الحكماء لهوالسفهاء ،وكلم السفهاء عبرة الحكماء.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :يعني أن السفهاء إذا سمعوا كلم
الحكماء يستظرفون كلمهم فيكممون بمنزلممة اللهممو لهممم ،وأممما الحكممماء إذا
سمعوا كلم السفهاء فيرون قبح ذلك الكلم فيعتممبرون بمه ويحمترزون عمن
مثل ذلك .ويقال :همممة السممفهاء السممتماع ،وهمممة العلممماء الرويممة ،وهمممة
الزهاد الرعاية :يعني يتعاهدون بما فيه ويعملون به ،وبالله التوفيق.
]ص [227
برحمته فنصيبك معهم ،وإذا رأيت قوممما ل يممذكرون الل ّممه تعممالى فل تجلممس
معهم فإنك إن تك عالما ً ل ينفعك علمك ،وإن تك جمماهل ً يممزدك غيمما ،ولعممل
الّله أن يطلع عليهم بسخطه فيصيبك معهم .قال :حدثنا محمد بممن الفضممل
بإسناده عن أبي صالح عن أبي هريرة عن أبي سممعيد الحممدري رضممي الل ّممه
تعالى عنه أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال "إن للممه تعممالى ملئكممة
سياحين في الرض فإذا وجدوا قوما يذكرون الّله تعالى تنادوا وقالوا هلموا
إلى بغيتكم فيجيئون فيحفون بهم ،فممإذا صممعدوا إلممى السممماء فيقممول الل ّممه
تعالى على أي شيء تركتم عبادي يصنعون وهو أعلم بهم؟ قممالوا تركنمماهم
يحمدونك ويسممبحونك ويممذكرونك ،فيقممول فممأي شمميء يطلبممون؟ فيقولممون
الجنة ،فيقول الل ّممه عممز وجممل هممل رأوهمما؟ فيقولممون ،ل فيقممول فكيممف لممو
رأوها؟ فيقولون :لو رأوها لكانوا أشدو لها طلبا ً وأشد عليها حرصًا .فيقممول
من أي شيء يتعوذون؟ فيقولون يتعوذون من النار ،فيقول الّله تعالى :هل
رأوها؟ فيقولون ل ،فيقول كيف لو رأوها؟ فيقولون لممو رأوهمما لكممانوا أشممد
منها هربا ً وأشد منها خوفا ،فيقول إني أشهدكم يا ملئكتي إني غفرت لهم،
فيقولون إن فيهم فلنا ً الخاطئ لم يردهم وإنما جاءهم لحاجة ،فيقممول هممم
القوم ل يشقى جليسهم" وروى عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنممه
أنه قال :مثممل الجليممس الصممالح كمثممل حامممل المسممك إن لممم يعطممك منممه
أصابك من ريحه ،ومثل الجليس السوء كمثل القين إن لم يحرق ثيابك من
دخانه .وعن كعب الحبار رضي الّله تعالى عنه أنه قال :إن الل ّممه عممز وجممل
كتب كلمتين وضعهما تحت العرش قبل أن يخلق الخلق ولم يعلم الملئكممة
عن علمهما وأنا أعلم بهما ،قيل يا أبا إسحاق وما هما؟ قال إحداهما كتممب:
لو كان رجل يعمل عمل جميع الصالحين بعد أن تكممون صممحبته مممع الفجممار
فأنا الذي أجعل عمله إثما وأحشره يوم القيامممة مممع الفجممار ،والخممرى لممو
كان رجل يعمل عمل جميع الشرار بعد أن صحبته مممع الصممالحين والبممرار
ويحبهم فأنا الذي أجعل آثامه حسنات وأحشره يوم القيامة مع البرار.
)قال الفقيه( رحمه الّله ويقال من انتهى إلى العالم وجلس معه ول
يقدر على أن يحفظ العلم فله سبع كرامات :أّولها ينممال فضممل المتعلميممن،
والثاني ما دام جالسا عنده كان محبوسا عن الذنوب والخطايا ،والثالث إذا
خرج من منزله تنزل عليه الرحمة ،والرابع إذا جلممس عنممده فتنممزل عليهممم
الرحمة فتصمميبه بممبركتهم ،والخممامس ممما دام مسممتمعا تكتممب لممه الحسممنة،
والسادس تحف عليهم الملئكة بأجنحتها رضا وهو فيهم ،والسابع كل قممدم
يرفعممه ويضممعه يكممون كفممارة للممذنوب ورفعمما للممدرجات لممه وزيممادة فممي
الحسنات ،ثم يكرمه الّله تعالى بست كرامات أخممرى :أّولهمما يكرمممه بحممب
شهود مجلس العلماء ،والثاني كل من يقتدي بهممم فلممه مثممل أجممورهم مممن
غير أن ينقص من أجورهم شيء ،والثالث لو غفر لواحممد منهممم يشممفع لممه،
والرابممع يممبرد قلبممه مممن مجلممس الفسمماق ،والخممامس يممدخل فممي طريممق
المتعلمين والصالحين،
]ص [228
مما ك ُن ْت ُم ْ
ن بِ َ والسادس يقيم أمر الّله تعالى لن الّله تعالى قال } ُ
كوُنوا َرّبان ِّيي َ
ب{ يعني العلماء والفقهمماء هممذا لمممن لممم يحفممظ شمميئا" وأممما ن الك َِتا َ ت ُعَل ّ ُ
مو َ
الذي يحفظ فله أضعاف مضاعفة.
)وقال بعض الحكماء( :إن لله تعالى جنة في الدنيا من دخلها طاب
عيشه قيل ما هي؟ قال مجلس الذكر .وعن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم
أنه قممال " المجلممس الصممالح يكفممر عممن المممؤمن ألفممي ألممف مجلممس مممن
مجالس السوء" وعن عمر بممن الخطمماب رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال :إن
الرجل ليخرج من منزله وعليه مممن الممذنوب مثممل جبممال تهامممة فممإذا سمممع
العلم خاف واسترجع عن ذنوبه فانصرف إلى منزله وليس عليمه ذنمب" فل
تفارقوا مجالس العلماء فإن الّله تعالى لممم يخلممق علممى وجممه الرض بقعممة
أكرم على الّله من مجالس العلماء .وروى حميد عن أنس بن مالممك رضممي
الّله تعالى عنه قال" جاء رجل إلى النبي صلى الّله عليه وسلم فقال مممتى
الساعة؟ فقال :ما أعددت لها؟ قال أعددت لها كثيرا مممن صمملة ول صمميام
إل أني أحب الّله ورسوله ،فقال النبي صلى الّله عليه وسلم :المرء مع من
أحب وأنت مع من أحببت" قال أنس :وما رأيت المسمملمين فرحمموا بشمميء
ن كفرحهم بذلك .وعن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه قممال :ثلثممة أقمموله ّ
حقا ل يتولى الّله عبدا في الدنيا فيوليه غيره يموم القياممة ،وليممس ممن لمه
سهم في السلم كمن ل سهم له ،والمرء مع من أحب ،والرابع لممو حلفممت
عليها لبررت ل يستر الّله على عبد في الدنيا إل ستر الّله تعالى عليممه فممي
الخرة .وروى عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أنه دخل السمموق فقممال
أنتم ههنا وميراث محمد صلى الّله عليه وسلم يقسم في المسجد؟ فذهب
الناس إلى المسجد وتركوا السوق ،فرجعوا وقممالوا يما أبما هريممرة مما رأينما
ميراثا يقسم ،فقال لهم مما رأيتمم؟ قمالوا رأينما قومما يمذكرون الّلمه تعمالى
ويقرؤون القرآن ،قال فذلك ميراث محمد .وعن علقمة بن قيس قال :لن
ي
ب إلم ّ أغدو على قوم أسألهم عن أوامر الّله تعممالى أو يسممألوني عنهمما أحم ّ
من أن أحمل على مائة فرس في سبيل الّله تعالى .وروى عن النبي صلى
الّله عليه وسلم أنه قال" ما جلس قوم يذكرون الّله تعالى إل نمماداهم منمماد
دلت سمميئاتكم حسممنات وغفممرت لكممم جميعمما وممما من السماء قوموا فقد ب ّ
قعدت عدة من أهل الرض يذكرون الّله تعالى إل قعدت معهم عدتهم مممن
الملئكة قال شقيق الزاهد رحمه الّله تعالى :الناس يقومون مممن مجلسممي
على ثلثة أصناف :كافر محض ،ومنافق محض ومممؤمن محممض ،قممال لنممي
أفسر القرآن فأقول عن الّله تعالى وعن رسمموله فمممن لممم يصممدقني فهممو
كافر محض .ومن كان يضيق قلبه بهذا فهو منافق محض ،ومن قممدم علممى
ما صنع ونوى أن ل يذنب بعدها هذا فهو مؤمن محض.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :يقال :من جلس مع ثمانية أصناف من
الناس زاده الّله ثمانية أشياء :من جلس مع الغنيمماء زاده الل ّممه حممب الممدنيا
والرغبة فيها ،ومن جلس مع الفقراء زاده الّله الشكر والرضا بقسمة الّلممه
تعالى ،ومن جلس مع السلطان زاده الّله الكبر
]ص [229
ّ
وقساوة القلب ،ومن جلس مع النساء زاده اللمه الجهمل والشمهوة والميمل
ن ،ومن جلس مع الصبيان زاده الّله اللهو والمزاح ،وممن جلمس إلى عقوله ّ
مع الفسمماق زاده الل ّممه الجممراءة علممى الممذنوب والمعاصممي والقممدام عليهمما
والتسويف فممي التوبممة ،ومممن جلممس مممع الصممالحين زاده الّلمه الرغبممة فممي
الطاعات واجتناب المحارم ،ومن جلس مع العلماء زاده الّله العلم والورع.
ويقال ثلثة من النوم يبغضها الّله تعالى ،وثلثممة مممن الضممحك يبغضممها الل ّممه
تعالى ،النوم عند مجلممس الممذكر ،والنمموم بعممد صمملة الفجممر وقبممل العشمماء
الخرة ،والنوم في صلة الفريضة .والضحك خلممف الجنممازة ،والضممحك فممي
مجلس الممذكر ،والضممحك عنممد المقممابر ،قممال أبممو يحيممى المموراق المصمائب
دو،أربعة :فوت التكبيرة الولى ،وفوت مجلس الممذكر ،وفمموت مواقعممة العم ّ
وفموت الوقمموف بعرفممات يعنممي إذا خممرج إلمى الحمج وفماته الحمج .ويقمال:
مجالسة العلماء مرمة الدين وزين للبدن ،ومجالسة الفساق جراحة للممدين
وشين للبدن .وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "النظممر فممي
وجه العالم عبادة ،والنظر في الكعبة عبادة ،والنظر في المصحف عبادة".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :لو لم يكن لحضور مجلس العلم
منفعة سوى النظر إلى وجه العممالم لكممان الممواجب عممل العاقممل أن يرغممب
فيه ،فكيف وقد أقام النبي صلى الّله عليه وسلم العالم مقام نفسه فقممال
"من زار عالما ً فكأنما زارنمي ،وممن صمافح عالمما ً فكأنمما صمافحني ،وممن
جالس عالما ً كأنما جالسني ،ومن جالسني في الدنيا أجلسه الّله معي يمموم
القيامة في الجنة" وروى عن الحسن البصري رحمه الل ّممه تعمالى أنمه قممال:
مثل العلماء كمثل النجوم إذا بدت اهتدوا بها وإذا أظلمممت تحيممروا ،وممموت
العالم ثلمة في السلم ل يسدها شيء ما اختلفت الليالي واليام.
]ص [230
تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون ،وهم قليل ،ثمم ينمادي ليقمم الممذين
كانت ل تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكر الّله فيقومون وهممم قليممل ،ثممم ينممادي
ليقم الذين كانوا يحمدون الّله تعالى في السممراء والضممراء فيقومممون وهممم
قليل ،ثم يحاسب سائر الناس" قال :حدثنا محمد بن داود حدثنا محمممد بممن
جعفر الكراببسي حمدثنا إبراهيممم بمن يوسممف حممدثنا محممد بمن عبيمد .عمن
يوسف بن ميمون عن الحسن رحمه الل ّممه تعممالى قممال :قممال موسممى عليممه
الصلة والسلم لربه :يا رب كيف استطاع آدم أن يممؤدى شممكر ممما صممنعت
إليه؟ خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسكنته جنتممك وأمممرت الملئكممة
فسجدوا له؟ قال :يا موسى علم آدم أن ذلك منممي فحمممدني عليممه ،فكممان
ذلك شكرا لما صنعت إليه.
وروى عن سعيد عن قتادة أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "أربع
من أعطيهن فقد أعطى خيري الدنيا والخرة :لسممان ذاكممر ،وقلممب شمماكر،
وبدن صابر ،وزوجة مؤمنة صالحة" ويقال :كان من دعاء داود عليه الصمملة
والسلم :اللهم إني أسألك أربعة وأعوذ بك من أربعة :أما اللممواتي أسممألك:
فلسانا ذاكرا ،وقلبا شاكرا ،وبدنا صابرا ،وزوجة تعينني في دنياي وآخرتممي،
ي سمميدا ،ومممن وأما اللواتي أعوذ بك منهن :فأعوذ بممك مممن ولممد يكممون علم ّ
ي ومن جممار لممو امرأة تشيبني قبل وقت المشيب ،ومن مال يكون وبال عل ّ
رأى مني حسنة كتمها ولو رأى مني سيئة فشاها" .وروى عممن معاويممة بممن
أبي سفيان أنه قال لجلسائه :ما العافية فيكم؟ فقال كل واحد منهم شمميئا،
فقال معاوية العافية للرجل أربعة أشياء :بيت يؤويه ،وعيش يكفيه ،وزوجة
ترضيه ،ونحن ل نعرفه فنؤذيه :يعني ل يعرفه السمملطان فيممؤذيه لنممه كممان
خليفة وسلطانا .وعن سفيان الثمموري رحمممه الل ّممه تعممالى قممال :نعمتممان إن
رزقك الّله تعالى إياهممما فاحمممد الل ّممه عليهممما واشممكره :اجتنابممك مممن بمماب
السلطان ،واجتنابك من باب الطبيب .وعن بكر بن عبد الّله المزنممي قممال:
من كان مسلما وبدنه في عافية فقد اجتمع عليممه سمميد نعيممم الممدنيا وسمميد
نعيم الخرة ،لن سيد نعيم الدنيا هو العافية وسيد نعيم الخرة هو السلم.
وعن ابن عباس رضي الّله تعممالى عنهممما عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "نعمتان مغبممون فيهممما كممثير مممن النمماس الصممحة والفممراغ"
وروى عن بعض التابعين رضي الّله تعالى عنه أنه قال :من تظاهرت عليممه
النعم فليكثر ذكر الحمد لله ،ومن كثرت همومه فعليه بالستغفار ،ومن ألح
عليه الفقر فليكثر ل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم .وروى عن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إذا كان في الطعام أربعة فقممد كمممل شممأنه
كله :إذا كان من حلل ،وإذا أكل ذكر اسم الّله عليه ،ثم تكثر عليه اليممدي،
وإذا فرغ منه حمد الله" وروى الحسن عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه
قال "ما أنعم الّله على عبد من نعمة صغرت أو كبرت فقال الحمممد للممه إل
كان قد أعطى أفضل مما أخذ".
]ص [231
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "عجبت لمر المؤمن أمره
كله خير له إن أصابه خير فشكر كان خيرا له ،وإن أصابه ش مّر فصممبر كممان
خيرا له" وعن مكحول رحمه الّله تعممالى أنممه سممئل عممن قمموله تعممالى }ث ُم ّ
م
م{ .قمال :بمارد الشممراب ،وظمل المسماكين ،وشممبع عي
ِ ّ نال ن
ْ َ ع ٍ ذِ ئمَ ْ وَ ي ن
ّ سأ َل ُ
ل َت ُ ْ
ِ
البطون واعتزال الخلمق ،ولمذة النموم .وذكمر عمن عيسمى بمن مريمم عليمه
الصلة والسلم أنه خرج ذات يوم إلى أصممحابه وعليممه مدرعممة ممن صمموف
وكساء من صوف وثياب من صوف مجزوز الرأس والشماربين باكيمما متغيممر
اللون من الجوع يابس الشفتين من الظمأ طويل شعر الصممدر والممذراعين،
فقال السلم عليكم أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتهمما بممإذن الل ّممه ول عجممب ول
فخر .يا بني إسرائيل تهاونوا بالدنيا تهن عليكممم ،وأهينمموا الممدنيا تكممرم لكممم
الخرة ،ول تهينوا الخرة فتكرم عليكم الدنيا ،فإن الدنيا ليست بأهل كرامة
هممي تممدعو كممل يمموم إلممى الفتنممة والخسممارة ،ثممم قممال :إن كنتممم جلسممائي
وأصحابي فوطنوا أنفسكم على العممداوة والبغضمماء للممدنيا فممإن لممم تفعلمموا
فلستم بأصحابي ول بإخواني .يا بني إسرائيل اتخذوا المساجد بيوتا والقبور
دورا كونوا كأمثمال الضممياف .أل تمرون إلممى طيمور السمماء ل يزرعممون ول
يحصدون والله في السماء يرزقهم ،يا بني إسرائيل كلوا من خممبز الشممعير
ومن بقول الرض واعلموا أنكم لم تؤدوا شكر ذلك فكيممف ممما فمموق ذلممك.
وروى أن سعيد بن جبير قمال :أّول ممن يمدخل الجنمة ممن يحممد الّلمه فمي
السراء والضراء.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :اعلم أن الحمد والشكر عبادة الولين
والخرين وعبادة الملئكة وعبممادة النبيمماء عليهممم الصمملة والسمملم وعبممادة
أهل الرض وعبادة أهل الجنة .فأما عبادة النبيمماء عليهممم الصمملة والسمملم
فهو أن آدم عليه السلم لما عطس قال الحمد لله .وأن نوحا عليه الصمملة
والسلم لما أغرق الّله قومه وأنجماه وممن معمه ممن الممؤمنين أممره الّلمه
َ
لقم ْ ك فَ ُ فل ْ ِك ع ََلى ال ُ معَ َ ن َ م ْت وَ َ ت أن ْ َ ست َوَي ْ َذا ا ْ تعالى بأن يحمده فقال له} :فَإ ِ َ
ن{ وقممال إبراهيممم خليممل الرحممن مي َ ظمال ِ ِقوْم ال ّ مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ
ن ال َ ِ م ْ جاَنا ِ ذي ن َ ّ ح ْ ال َ
ل عي َ ما ِ سم َ ب ِلمي ع َل َممى الك ِب َمرِ إ ِ ْ ذي وَهَم َ ممد ُ ل ِل ّمهِ ال ّم ِ
ح ْ عليه الصلة والسلم }ال َ
عاِء{ وقممال داود وسممليمان عليهممما الصمملة ميعُ ال مد ّ َ سم ِ ن َرب ّممي ل َ َ حاقَ إ ِ ّ سم َ وَإ ِ ْ
ن{ وإن أهممل مِني َ مؤ ْ ِ عَباد ِهِ ال ُ ن ِ م ْضل ََنا ع ََلى ك َِثيرٍ ِ ذي فَ ّ مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ ح ْ
والسلم }ال َ
الجنممة يحمممدون الل ّممه تعممالى فممي سممتة مواضممع :أحممدها عنممد قمموله تعممالى
}وامتممازوا الي مو َ
ق موْم ِ ن ال َ مم ْ جان َمما ِ ذي ن َ ّ م مد ُ ل ِل ّمهِ ال ّم ِ ح ْن{ }ال َ مممو َ جرِ ُم ْ م أي ّهَمما ال ُ َ ْ َ َ ْ َ ُ
َ
ب ذي أذ ْهَ م َ م مد ُ ل ِل ّمهِ ال ّم ِ ح ْ ن{ ،والثاني حين جاوزوا الصراط قالوا} :ال َ مي َ ظال ِ ِال ّ
كوٌر{ والثالث لما اغتسلوا بممماء الحيمماة نظممروا ش ُ فوٌر َ ن َرب َّنا ل َغَ ُ ن إِ ّ حَز َ ع َّنا ال َ
َ
داَنا ن هَ م َ ول أ ْ ما ك ُّنا ل ِن َهْت َد ِيَ ل َم ْ ذا وَ َ داَنا ل ِهَ َ ذي هَ َ مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ ح ْ إلى الجنة فقالوا }ال َ
َ
صمد َقََنا وَع ْمد َه ُ وَأوَْرث َن َمما ذي َ ممد ُ ل ِل ّمهِ ال ّم ِ ح ْ ه{ ،والرابع حين دخلوها قالوا }ال َ الل ّ ُ
َ َ
ب همم َ ذي أذ ْ َ مد ُ ل ِل ّهِ ال ّ ِ ح ْض{ الخامس حين استقروا في منازلهم قالوا }ال َ الْر َ
ن ن إِ ّ حَز َ ع َّنا ال َ
]ص [232
َ
ه{ الية ،والسادس حيممن ضل ِ ِن فَ ْ م ْمةِ ِقا َ
م َ
داَر ال ُ حل َّنا َ كوٌر ال ّ ِ
ذي أ َ ش ُ رَب َّنا ل َغَ ُ
فوٌر َ
ن{ .وقال بعممض الحكممماء: ب الَعال َ ِ
مي َ مد ُ ل ِل ّهِ َر ّ
ح ْفرغوا من الطعام قالوا }ال َ
اشتغلت بشكر أربعممة أشممياء :أّولهمما أن الل ّممه تعمالى خلممق ألممف صممنف ممن
الخلق ورأيت بني آدم أكرم الخلممق فجعلنممي مممن الرجممال ،والثممالث رأيممت
السلم أفضل الديان وأحبها إلى الّله تعالى فجعلني مسلما ،والرابع رأيممت
أمة محمد صلى الّله عليه وسلم أفضل المم فجعلني من أمة محمد صلى
الّله عليه وسلم.
وروى عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليه
وسلم قال )إن الّله تعالى خلق الخلممق حيممن خلقهممم وهممم أربعممة أصممناف:
الملئكة والجن والنس والشممياطين ،وجعلهممم عشممرة أجممزاء تسممعة منهممم
الملئكة ،وجمزء واحمد الجمن والنمس والشمياطين( ويقمال :الخلمق عشمرة
أجزاء تسعة منها الشياطين والجن ،وواحد منها النس ثم جعل النس مائة
وخمسة وعشرين صممنفا ً فالمممائة منهممم يممأجوج ومممأجوج وسمماتوج ومممالوق
وغيرهم ،وكلهم كفار ومصيرهم إلى النار ،وخمسة وعشرون سائر الخلممق،
واثنا عشر من ذلك الروم والخزر والصممقلب ونحمموه ،وسممتة فممي المغممرب
الزط والحبش والزنج ونحوها ،وستة بالمشرق الترك والخاقان وغممز وتغممز
وخلنج وكيماك ويمك ،فهؤلء كلهم فممي النممار إل مممن أسمملم ،وبقممي صممنف
واحد من المسلمين من مائة وخمسة وعشرين صنفًا ،فالواجب علممى كممل
من كان مؤمنا ً أن يحمد الّله تعالى على هذا ويعرف نعمتممه ويعلممم أن الل ّممه
تعالى قد اختاره من جملة الخلمق وجعلمه ممن صمنف الممؤمنين ،ثمم جعمل
الصنف الواحد من المسلمين على ثلثة وسبعين صنفا ً اثنان وسممبعون مممن
ذلك في أهواء مختلفة كلهم على الضللة ،وواحد على سبيل السنة .ويقال
الشكر على وجهين :شكر عام وشكر خاص ،فأما الشكر العام فهو الحمممد
باللسان وأن يعترف بالنعمة من الّله تعالى ،وأممما الشممكر الخمماص فالحمممد
باللسان والمعرفة بالقلب والخدمة بالركان وحفظ اللسان وسائر الجوارح
عما ل يحل .وعن محمد بمن كعممب أنممه قممال :الشممكر العمممل لقموله تعممالى
كرًا{ يعني اعملوا عمل ً تؤدون به شكرًا .وعممن عمممرو ش ْ
داُوود َ ُ مُلوا آ َ
ل َ }اع ْ َ
ّ
بن شعيب عن أبيه عن جده عممن النممبي صمملى اللممه عليممه وسمملم أنممه قممال
)خصلتان من كانتا فيه كتبه الّله عنده شاكرا ً صابرًا :إحداهما أن ينظر فممي
دينه إلى من هو فوقه فيقتدي به ،وينظر في دنياه إلى من هو دونه فيحمد
الله(.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :تمام الشكر في ثلثة أشياء :أولها إذا
أعطاك الّله شيئا ً فتنظر من الذي أعطاك فتحمده عليه ،والثاني أن ترضى
بما أعطاك ،والثالث ما دام منفعة ذلك الشيء معك وقوته فممي جسممدك ل
تعصه ،وروى ميمون بن مهران عن بن عباس رضي الّله تعمالى عنهمما أنمه
قال :إن لله تعالى مممن خلقممه صممفوة إذا أحسممنوا استبشممروا ،وإذا أسمماءوا
استغفروا ،وإذا أنعموا شكروا وإذا ابتلوا صبروا .وروى عن محمد
]ص [233
بن كعب القرظي قال :ركب سليمان بن داود عليهما السمملم مركب ما ً فجمماء
أناس من قومه فقالوا يا رسول الّله أعطيت شمميئا ً ممما أعطممى أحممد قبلممك،
قال سليمان عليه السلم :أربع خصال من كن فيه فقممد أعطممى خيممرا ً مممما
أعطى آل داوود من الدنيا :خشية الل ّممه فممي السممر والعلنيممة ،والقصممد فممي
الغنى والفقر ،والعدل في الغضب والرضا وحمد الّله في السراء والضراء.
وروى عن أبي ذر الغفاري رضي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قيممل لممه أي النمماس
أنعم؟ قال جسد في التراب آمن من العذاب منتظر للثواب.
]ص [235
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال "كان النبي صلى الّله عليه وسلم يخرج
إلى السوق ويشتري حوائج أهله فسممئل عممن ذلممك فقممال :أخممبرني جبريممل
عليه السلم فقال "من سعى على عياله ليكفهم عن الناس فهو في سبيل
الله" وعن أنس بن مالك رضي الّله تعممالى عنممه "أن رجل جمماء إلممى النممبي
صلى الّله عليه وسلم فسأل منه حاجة فقال له رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم أو ما في بيتك شيء؟ قال بلى يا رسول الّله حلس قد تحرق بعضممه
ونحن نجلس عليه وننام فيه ونجعل بعضه تحتنا وبعضه فوقنا وقصعة نأكممل
فيها ونشرب فيها ونغسل فيها رؤوسنا ،فقال رسول الّله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم ائتني بهما جميعا ً فأتاه بهما .فأخذهما رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم بيده وقال من يشتري هذين؟ فقال رجل أنا آخممذهما بممدرهم ،فقممال
أل من يزيد علممى درهممم مرتيممن؟ فقممال رجممل آخممر أنمما آخممذهما بممدرهمين،
فأعطاهممما إيمماه وقبممض الممدرهمين ودفعهممما إلممى الرجممل وقممال لممه اشممتر
بأحدهما طعاما واحمله إلى منزلك واشتر بممالخر قممدوما وائتنممي بممه ،فأتمماه
فشد له رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم عممودا بيممده ثممم قممال انطلممق
واحتطب وبع ول أراك خمسة عشر يوممما فممذهب واكتسممب عشممرة دراهممم
فاشترى ببعضها طعاما وببعضها ثوبا ،فقال رسول الّله أليس هذا خيرا ً مممن
أن تجيء يوم القيامة ومسألتك في وجهك نكتة سوداء ل يمحوها إل النممار"
وقمال بعمض الحكمماء ل ينبغمي للعاقمل أن ينمزل بلمدا ليمس فيهما خمسمة:
سلطان قاهر ،وقاض عادل ،وسوق قائم ،ونهر جار ،وطمبيب حماذق .وقيمل
لبعض الحكماء ما خيممر المكاسممب؟ قممال أممما خيممر مكاسممب الممدنيا فطلممب
الحلل لممزوال الحاجممة والخممذ منممه لعممدة العبممادة وتقممديم فضممل زاد يمموم
القيامة" وأما خير مكاسب الخرة فعلم معمممول بممه نشممرته وعمممل صممالح
قدمته وسنة حسنة أحييتها ،قيل وما شر المكاسب؟ قال أما شر مكاسممب
الدنيا فحرام جمعته وفي المعصية أنفقته ولمن ل يطيممع ربممه خلفتممه ،وأممما
شر مكاسب الخرة فحممق أنكرتممه حسممدا ومعصممية قممدمتها إصممرارا وسممنة
سيئة أحييتها عدوانا أي ظلما".
]ص [236
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت بعض الزهاد يفسر هذا الكلم
فقال :أما المراء فهم الرعاة يرعون الخلق ،وأما العلماء فهم ورثة النبياء
وهم يدلون الخلق إلى الخرة والناس يقتدون بهم ،وأممما الغممزاة فهممم جنممد
الّله على الرض لقمع الكفار ولمممن المسمملمين ،وأممما أهممل الكسممب فهممم
أمناء الّله تعالى لمصمملحة الخلممق ،ثممم قممال :الرعمماة والعلممماء يقتممدي بهممم
الخلق ،والغزاة إذا ركبوا للفخممر والخيلء وخرجمموا للطمممع فمممتى يظفممرون
دو؟ وأما أهل الكسب إذا خانوا الناس فكيممف يممأمن بهممم النمماس؟ قممال بالع ّ
بعض الحكممماء :إذا لممم يكممن فممي التمماجر ثلث خصممال افتقممر فممي الممدارين
جميعا :أولها لسان نقي من ثلثة من الكذب واللغو والحلف ،والثمماني قلممب
صاف من ثلث من الغش والخيانة والحسد ،والثالث نفس محافظممة لثلث
الجمعة والجماعات وطلب العلم في بعممض السمماعات وإيثممار مرضمماة الل ّممه
تعالى على غيره.
ي بن أبي طالب كرم الّله وجهه أنه قال :التاجر إذا لم يكن وعن عل ّ
فقيها ارتطم في الربا :يعني غرق في الربا ،ثممم ارتطممم ثممم ارتطممم .وعممن
عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه أنه قال :من لم يتفقه في الدين فل
ن إلممى ن في أسواقنا .وقال سفيان الثوري رضي الّله تعالى :ل تنظممر ّ يتجر ّ
زي أهل السوق فإن تحت ثيابهم ذئابا .وقال سممفيان أيضمًا :إيمماكم وجيممران
الغنياء وقراء السواق ،وعلماء المراء .وعن محمد بن شممال رضممي الّلمه
تعالى عنه أنه السوق فقال :يا أهل السوق سوقكم كاسد ،وبيعكممم فاسممد،
وجاركم حاسد ،ومأواكم النار .وعن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما أنممه
قال :كسب الحلل أشد ّ من نقل الجبل إلى الجبل .وعممن يممونس بممن عبيممد
ل مممن درهممم طيممب رضي الّله تعالى عنه أنه قال :ما أعلم اليمموم شمميئا أقم ّ
ينفق ،وأخ يسكن إليه في السلم ،وعامل يعمل على السنة ،وما يممزدادون
إل قلة ،ولو وجدنا درهما من الحلل لستشفينا به مرضانا .وقال معمماذ بممن
جبل رضي الّله تعالى عنه" :ما من عبد إل ويعرض على الل ّممه يمموم القيامممة
فل تزول قدماه حتى يسأل عن أربع خصال :عممن جسممده فيممم أبله ،وعممن
عمره فيم أفناه ،وعن علمه كيف عمل به ،وعن ماله من أين اكتسبه وأين
أنفقه؟" .وقال بعض الحكماء المنافق ما أخذ من الدنيا يأخممذ مممن الحممرص
ويمنممع بالشممك وينفممق بالريمماء ،والمممؤمن البصممير يأخممذ بممالخوف ويمسممك
بالشكر وينفق خالصا لوجه الّله تعالى .وقال يحيى بن معاذ الممرازي رحمممه
الل ّممه تعممالى :الطاعممة مخزونممة فممي خممزائن الل ّممه تعممالى ومفتاحهمما الممدعاء
وأسنانها لقمة الحلل .وعن ابممن شممبرمة رحمممه الل ّممه تعممالى قممال :العجممب
ممن يحتمي من حلل مخافة الداء فكيف ل يحتمي بالحرام مخافة النار.
وروى ابن الزبير عن جابر رضي الّله تعالى عنهما عن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "يا أيهمما النمماس إن أحممدكم لممن يممموت حممتى
يستكمل رزقه فل تستبطئوا الرزق فاتقوا الّله وأجملوا
]ص [237
ل لكم وذروا ما حمّرم اللمه" وقمال الحكيمم :النماس في الطلب فخذوا ما ح ّ
في الكسب على خمس مراتب :منهم من يرى الرزق من الّله تعالى ومممن
الكسب فهو مشممرك ،ومنهممم مممن يممرى الممرزق مممن الل ّممه تعممالى ول يممدري
أيعطيه أم ل فهو منافق شاك ،ومنهم من يرى الممرزق مممن الل ّممه تعممالى ول
يؤدي حقه ويعصى الّله تعالى فهو فاسق ،ومنهم من يرى الرزق مممن الّلممه
تعالى ويرى الكسب سببا وأخرج حقه ول يعصى الّله تعالى لجممل الكسممب
فهو مؤمن مخلص" .وروى عن زيد بن أرقم رضي الّله تعالى عنه أنه قال:
كان لبي بكر الصديق رضي الّله تعالى عنه غلم يأتيه كل ليلة بغلته طعاما
يأكله ،وكان أبو بكر رضي الّلمه تعممالى عنمه ل يمأكله حممتى يسمأله ممن أيممن
اكتسبه ومن أين أصابه .قال :جاء ذات ليلة بطعام فضرب يممده إليممه فأكممل
لقمة من غير أن يسأله ،فقال الغلم قد كنت تسممألني كممل ليلممة غيممر هممذه
الليلة فإنك لم تسألني؟ قال ويحك الجوع حملني ،ويحك أخممبرني مممن أيممن
جئت به؟ قال كنت رقيت لناس في الجاهلية فوعدوني عليه عممدة فرأيممت
عنمدهم وليممة فمذكرتهم وعمدهم المذي وعممدوني فمأعطوني هممذا الطعمام،
فاسترجع أبو بكر رضي الّله تعالى عنه عند ذلك ثم أخذ يتقيأ فكابد وجاهممد
نفسه أن ينزع اللقمة من بطنه فلم يقدر حممتى اخض مّر واسممود ّ مممن الجهممد
فلم يقدر ،فلما رأوا ما يلقي من المعالجة ،قالوا لو شربت عليه قدحا مممن
ماء فأتى بعس من ماء فشرب ثم تقيأ فما زال يعالممج نفسممه حممتى نبممذها،
فقالوا هذا من أجل هذه اللقمة .قال إني سمممعت رسمول الل ّممه صمملى الّلمه
عليه وسلم يقول "إن الّله تعالى حّرم الجنة على كل جسد تغممذى أو غممذي
بحرام".
)قال الفقيه( رحمه الله :من أراد أن يكون كسبه طيبا فعليه أن يحفظ
خمسة أشياء :أّولها أن ل يؤخر شيئا من فرائض الّله تعالى لجممل الكسممب
ول يدخل النقص فيهما .والثماني ل يمؤذي أحمد ممن خلمق الّلمه تعمالى لجمل
الكسب ،والثالث أن يقصد بكسبه اسممتعفافا لنفسممه ولعيمماله ول يقصممد بممه
الجمع والكثرة .والرابع أن ل يجهد نفسه في الكسب جدا .والخممامس أن ل
يرى رزقه من الكسب ويرى الرزق من الّله تعممالى والكسممب سممببا .وروى
عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "مممن اكتسممب مممال مممن مممأثم
فتصدق به أو وصل به رحما أو أنفقه في سبيل الّله تعالى جمممع ذلممك كلممه
وألقى في النار" .وروى عن عمران بن الحصين رضي الّله تعالى عنممه أنممه
قال :ل يقبل الّله حج رجل ول عمرته ول جهمماده ول صممدقته ول إعتمماقه ول
نفقتممه مممن ربمما أو رشمموة أو خيانممة أو غلممول أو سممرقة ،ثممم قممال الخمممس
بالخمس .وعن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه قال :قال النبي صمملى
الّله عليه وسلم "ل يكسب عبد ممال حراممما فيتصمدق بمه فيممؤجر عليممه ،ول
ينفق منه فيبارك له فيه ،ول يتركه خلف ظهره إل كان زاده إلى النار ،وإن
الّله تعالى ل يمحو السيء بالسيء ،ولكممن يمحممو السمميء بالحسممن" وعممن
الحسن البصري رحمه الّله أن
]ص [238
النبي صلى الّله عليه وسمملم قممال "إنممما المممال مممال جممالب وشممر تجمماركم
المقيممممون بيمممن أظهركمممم المممذين يممممارونكم وتممممارونهم وتحمممالفونهم
ويحالفونكم" وسئل النبي صلى الّله عليه وسلم عممن أطيممب الكسممب قممال
"عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور الذي ل شبهة فيه ول خيانة" وعن قتممادة
ل العرش يمموم رضي الّله تعالى أنه قال :كان يقال التاجر الصدوق تحت ظ ّ
القيامة.
]ص [240
الناس يا معاذ بن جبل" وروى جابر بن عبد الّله رضي الّله تعالى عنممه عممن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "حسن الخلق زمممام مممن رحمممة
الّله في أنف صاحبه ،والزمام بيد الملك والملمك يجمره إلمى الخيمر والخيمر
يجره إلى الجنة ،وسوء الخلق زمام من عذاب في أنف صاحبه والزمام بيد
الشيطان والشيطان يجره إلى الشر والشر يجممره إلممى النممار" وروى جممابر
بن عبد الّله رضي الّله تعالى عنهما عن النبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه
قال "إن هذا الممدين هممو الممذي ارتضمميته لنفسممي ول يصمملحه إل خصمملتان :ا
لسخاء وحسن الخلق ،فأكرموه بهما ما صحبتموه" ويقال :إذا دعمما الرجممل
أضيافا يجب على صمماحب الممبيت ثلثممة أشممياء ،ويجممب علممى الضمميف ثلثممة
أشياء ،فأما التي تجب على صاحب البيت :فأّولها أن ل يتكلف للضيف ما ل
يطيق ول يجاوز فيه السنة ،والثاني أن ل يطعمه إل مممن حلل ،والثممالث أن
يحفظ عليه وقت الصلة .وأما التي تجب علممى الضمميف :فأولهما أن يجلممس
حيث يجلس ،والثاني أن يرضى بممما قممدم إليممه ،والثممالث أن يممدعو لمه عنممد
خروجه بالبركة .وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "مممن أدى زكمماة
ماله وأقرى الضيف وأعطمى قمومه النائبمة فقمد وقمى شمح نفسمه" وبمالله
التوفيق.
]ص [241
أقوى الناس فليتوكل على الله :ومن سممره أن يكممون أكممرم النمماس فليتممق
الله ،ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الّله أوثق منممه بممما
في يده .وذكر عن داود عليه الصلة والسلم أنه قممال لبنممه سممليمان عليممه
الصلة والسلم :يا بني إنما يستدل على تقوى الرجل بثلث :حسن التوكل
فيما لم ينل ،وحسن الرضا فيما قد نال ،وحسن الصبر فيما قد فات .وذكر
عن أبي مطيع البلخي أنه قال لحاتم الصم رحمهما الّله تعالى :بلغني أنممك
تجاوز المفاوز بالتوكل بغير زاد ،قال :بل أجاوزهما بمالزاد .قمال وممما زادك؟
قال زادي فيها أربعممة أشممياء .قممال :وممما هممي؟ قممال أرى الممدنيا بحممذافيرها
مملكة لله ،وأرى الخلق كلهم عيال الله ،وأرى السباب والرزاق كلهمما بيممد
الله ،وأرى قضاء الّله نافذا في جميع خلقه .قال أبو مطيع :نعم الزاد زادك
يا حاتم ،وإنك لتجاوز بها مفاوز الخرة فكيف مفمماوز الممدنيا ،وذكممر أن رجل
جاء إلى شقيق الزاهد رحمه الّله تعالى فقممال لممه أوص؟ فقممال لممه شممقيق
احفظ ثلثة أشياء :أعبد الّله فممإنه يثبتممك وحممارب عممدو الل ّممه فممإنه ينصممرك،
دقه بالوعد فإنه يأتي به أبيك .وعن ابن مسعود رضي الل ّممه تعممالى عنممه وص ّ
قال :لو أن أهل العلم صانوا علمهم وبذلوه لهله لسممادوا بممه أهممل زمممانهم
ولكنهم بذلوه لهل الممدنيا لينممالوا ممن دنيمماهم فهممانوا علممى أهلهمما ،سممعت
نبيكم صلى الّله عليه وسلم يقول "من جعل الهموم هما واحممدا يعنممي ه م ّ
م
آخرته كفاه الّله ما أهمه من أمر دنياه ،ومن شغلته هموم أحوال الدنيا لممم
يبال الّله تعالى فمي أي أوديمة النمار أهلكمه وأي أوديمة النمار عمذبه" ويقمال
مكتوب في التوراة :يا ابن آدم حرك يدك أبسط لك فممي رزقممك ،وأطعنممي
فيما أمرتك ول تعلمني ما يصلحك.
وروى عن علي بن أبي طمالب رضمي الّلمه تعمالى عنمه أنمه قمال :قموام
السلم بأربعة أركان :اليقين ،والعدل ،والصبر ،والجهمماد ،والعلممماء فسممروا
هذه الربعة أشياء فقالوا :أما اليقين فهو علممى وجهيممن :أحممدهما أن يعمممل
لله خالصا ول يطلب به عرض الدنيا ول رضا المخلوقين ،والثاني أن يكممون
آمنا بوعد الّله وهو الرزق ،وأما العدل فهو على وجهين :أحدهما أنه لو كان
عليه حق يؤديه قبل الطلممب ،والثمماني إذا كممان لممه علممى غيممره حممق يرفممق
بطلبه .وأما الصبر فهو على وجهيممن :أحممدهما أن يصممبر علممى أداء فممرائض
الّله تعالى ،والثاني أن يصبر عما نهاه الّله تعالى عنه ،وأما الجهاد فهو على
وجهين :أحدهما أن ل تغفل عن عدوك وهو الشيطان فإنك إن غفلممت عنممه
فإنه لم يغفل عنك فهو كالذئب إذا وقع في الغنممم فكممل شمماة غفلممت عنهمما
أخذها ،والثاني إن أكثر فتنة بني آدم لجل المال فارض باليسير من المممال
لكيل يغرك.
وروى عن شقيق رحمه الّله تعممالى أنممه قممال لحمماتم الصممم رحمممه الل ّممه
ي؟ قال منذ ثلثين سنة ،فقال له شقيق أي شمميء تعالى :منذ كم تختلف إل ّ
تعلمت في هذه الثلثين سنة؟
]ص [242
قال :تعلمت ست كلمات فلو عملت بها لرجوت أن تنجيني من فتنة الدنيا،
فقال له شقيق أخبرني عن ذلك فلعلي أعمل بهن فأنجو بذلك؟ فقممال أممما
ض إ ِل ّ ع َل َممى الل ّممه َ
داب ّةٍ فِممي الْر ِ
ن َ
م ْ الولى نظرت في قول الّله تعالى }وَ َ
ما ِ
رِْزقَُها{ فرأيت نفسي من تلك الدواب التي رزقها الّله تعممالى ،وعلمممت أن
ي فإن الّله تعالى يرزق الفيل مممع عظمممه ول ينسممى ما هو لي فإنه يصل إل ّ
البعوضمة لصمغرها ففوضمت أممري إلمى الّلمه فاشمتغلت بالعبمادة ول أهتم ّ
م
لغيرها ،فقال له شقيق نعم ما فهمت فما الثانيممة؟ قممال نظممرت فممي قممول
ي والخ ة{ فرأيت المؤمنين كلهممم إخمموة إل م ّ خو َ ٌ
ن إِ ْ مؤ ْ ِ
مُنو َ الّله تعالى }إ ِن ّ َ
ما ال ُ
ينبغي أن يكون مشفقا على أخيممه ،ورأيممت العممداوة الممتي تقممع بيممن النمماس
أصلها من الحسد فاجتهدت حتى أخرجت الحسد من قلبي حتى صار قلممبي
م بالمشرق جعلت أهتم حتى كممأنه أصممابني ،ولممو بحال لو أصاب المؤمن ه ّ
أصاب مسلما خير في المغرب أسّر به حتى كأنه أصابني .فقال له شممقيق
نعم ما فهمت فما الثالثة؟ قال نظممرت فوجممدت لكممل إنسممان حبيبمما ول بممد
للحبيب أن يظهر للحبيب محبتممه ،فوجممدت حبيممبي طاعممة الل ّممه تعممالى وممما
سوى ذلك من الحباء كلهم ينقطعون عني إل طاعة الل ّممه فإنهمما معممي فممي
القبر وفي المحشر وعلى الصراط ،فانقطعت عممن جميممع الحبممة واتخممذت
طاعة الّله حبيبا ،فقال له شقيق نعم ما فهمت فمما الرابعممة؟ قممال نظممرت
فوجدت لكل إنسان عدوا ولبد للعدو من عداوته والحذر عنه فرأيت عدوى
الكافر والشيطان فرأيت عداوة الكافر أيسر لنه إن قمماتلني فقتلنممي كنممت
شهيدا وإن قتلته كنت مأجورا ،فرأيت عداوة الشيطان أشد لنه يراني مممن
حيث ل أراه فيريد أن يجعلني مممع نفسممه فممي النممار فاشممتغلت بعممداوته مما
عشت وتركت عداوة غيره ،فقال له شقيق نعم ما فهمت فممما الخامسممة؟
قال نظرت فوجدت لكل إنسان بيتا ولبد للبيت من العمارة فرأيت منزلي
القبر فاشتغلت بعمارته ،فقال له شقيق نعم ما فهمت فما السادسة؟ قال
نظرت فوجدت لكل شيء طالبا فرأيت طالبي ملك الموت ول أدري مممتى
يأتيني فاستعددت له كممالعروس تممزف إلممى منممزل زوجهمما فمممتى جمماءني ل
أطلب منه التأخير ،فقال له شقيق نعم ما فهمت إن عملت بهما نجموت أنمما
وأنت .وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال "جاء رجل إلى البني صلى الّلممه
عليه وسلم فقال يمما نممبي الل ّممه أخلممي نمماقتي وأتوكممل علممى الل ّممه أو أعقلهمما
وأتوكل على الله؟ بل اعقلها وتوكل على الله".
)قال بعض الحكماء( :صفة أولياء الّله تعالى ثلث خصال :الثقة بالله في
كل شيء ،والفقر إلى الّله في كل شيء ،والرجوع إلى الّله في كل شيء.
وقال فضيل بن عياض رحمه الله :أحب الناس إلى الناس من استغنى عن
الناس ولم يسألهم شيئا ،وأبغممض النمماس إليهممم مممن احتمماج إليهممم ،وأحممب
الناس إلى الّله من احتاج إليه وسأله وأبغض الناس إليه ممن اسمتغنى عنمه
ولم يسأل منه شمميئا .وذكممر أن لقمممان الحكيممم عليممه السمملم لممما حضممرته
الوفاة قال لبنه:
]ص [243
يا بني كثيرا ما أوصيتك إلى هذه الغاية وإنممي لموصمميك الن بسممت خصممال
فيها علم الّولين والخرين :أّولهمما أن ل تشممغل نفسممك بالممدنيا إل بقممدر ممما
يبقى من عمرك ،والثمماني اعبممد ربممك بقممدر حوائجممك إليممه ،والثممالث اعمممل
للخرة بقدر ما تريد المقام بها ،والرابع ليكن شغلك في فكاك رقبتممك مممن
ما لم تظهر لك النجاة منها ،والخامس ليكن جراءتك على المعاصممي بقممدر
صبرك على عذاب الله ،والسادس إذا أردت أن تعصى الّله فاطلب مكانا ل
يراك الّله وملئكته .وقيل لبعض الحكماء ما الفممرق بيممن اليقيممن والتوكممل؟
قال أممما اليقيممن فهممو أن تصممدق الل ّممه بجميممع أسممباب الخممرة ،والتوكممل أن
تصدق الّله بجميع أسباب الدنيا .ويقال التوكل توكلن :أحدهما فممي الممرزق
فل يجوز فيه إل المن ،والثاني في طلب ثممواب العمممل فيكممون آمنمما بوعممد
الّله في الثواب ويكممون خائفمما فممي عملممه أن يقبممل منممه أم ل يقبممل .وروى
ي
عطاء بن السائب عن يعلى بن مرة قال :اجتمعنا مع نفر من أصحاب عل ّ
كرم الّله وجهه فقلنا لو حرسنا أمير المؤمنين فإنه محارب ول نممأمن عليممه
أن يغتال فبينا نحن عند باب حجرته حتى خرج للصمملة ،فقممال ممما شممأنكم؟
فقلنا حرسناك يا أمير المؤمنين لنك محارب وخشينا أن تغتال ،قال أفمممن
أهل السماء حرستموني أم أهل الرض؟ قالوا بل مممن أهممل الرض فكيممف
نستطيع أن نحرسك من أهل السماء؟ قال فإنه ل يكون في الرض شمميء
حتى يقدره الّله في السماء ،وليس من أحد إل وقد وكل به ملكان يممدفعان
عنه حتى يجيء قدره فإذا جاء قدره خليا بينه وبين قدره.
باب الورع
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله تعالى عنه وأرضاه :حدثنا
محمد بن الفضل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا أبممو
جعفر .عن سعيد عن قتادة قال :كان عبد الّله بن مطرف يقول إنك لتلقى
الرجلين أحدهما أكثر صوما وصلة وصممدقة وإن الخممر أفضممل منممه ثممواب،
دهما ورعا .قال :حدثنا محمد بممن داود قيل له كيف يكون ذلك؟ قال هو أش ّ
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا عبمد العزيمز بمن أبمان
عن أبي معشر عن عمارة أنه قال "لما توجه عبد الّله بن رواحة نحو قريممة
مؤتة قال يا رسول الّله أوصني؟ قال إنممك تقممدم أرضمما السممجود بهمما قليممل
فاستكثر من السجود بها قال زدني؟ قال اذكر الّله فإنه عون لك علممى ممما
تطلب ،فولى ثم رجع إليه فقال يا رسول الّله زدني ،قال اذكر الل ّممه تعممالى
فإن الّله تعالى وتر يحبب الوتر ،قال زدني؟ قال نعم ل تعجزن ل تعجزن ل
تعجزن إن أسأت عشرا أن تحسمن واحمدة" قممال :حمدثنا عبمد الوهماب بمن
محمد بإسناده عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنممه وعنهممم أن رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم قال "تقبلوا لي ستا أتقبل لكم الجنة :إذا حممدثتم
فل تكذبوا ،وإذا وعدتم فل تخلفوا ،وإذا أئتمنتم فل تخونوا ،وغضوا
]ص [244
أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم وأرجلكم عن الحرام تدخلوا جنممة
ربكم" ،وعن الحسن عن عمممران بمن الحصممين رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أن
النبي صلى الّله عليه وسلم قال "قال الل ّممه تعممالى :عبممدي أد ّ ممما افترضممت
عليك تكن من أعبد الناس ،وانتممه عممما نهيتممك عنممه تكممن مممن أورع النمماس
واقنع بما رزقتك تكن من أغنى الناس" وعن فضيل بن عيمماض رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال :خمس من علمات السعادة :اليقين في القلب ،والورع
في الدين ،والزهد في الدنيا ،والحيمماء فممي العينيممن ،والخشممية فممي البممدن.
وخمس من علمات الشقاوة :القسوة في القلوب ،والجمود فممي العينيممن،
وقلة الحياء ،والرغبة في الدنيا ،وطول المل .وعن عمر بن الخطاب رضي
الّله تعالى عنه أنه قال :كنا ندع تسممعة أعشممار مممن الحلل مخافممة أن نقممع
في الشبهة أو في الحرام .وعن عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنممه
نحو هذا.
)وقال بعض الحكماء( :أمر الدنيا كلها عجب ولكني أتعجب من ابممن آدم
المغرور في خمسة أشياء :أّولها أتعجب من صاحب فضممول الممدنيا كيممف ل
يقدم فضوله ليوم فقره وحاجته إليه ،والثاني من لسان ناطق كيف يطماوع
نفسه ويعرض عن ذكر الّله تعالى وعن تلوة القرآن ،والثالث أتعجممب مممن
صحيح فارغ رأيته مفطرا أبدا كيممف ل يصمموم مممن كممل شممهر ثلثممة أيممام أو
نحوه ،وكيف ل يتفكر في عاقبة الصمموم إذا اسممتقبله ،والرابممع أتعجممب مممن
الذي يمهد فراشه وينام إلى الصبح كيف ل يتفكر في فضل صمملة ركعممتين
في الليل فيقوم ساعة من الليل ،والخامس أتعجب من الذي يجمترئ علمى
الّله ويرتكب ما نهاه عنه وهو يعلم أنه يعرض عليممه يمموم القيامممة فكيممف ل
يتفكر في عاقبة أمره لينزجر عنه .وروى عن ابن المبارك رحمه الّله تعالى
أنه قال :ترك فلس من حرام أفضل من مائة ألف فلس أتصدق بها .وعنممه
أنه كان بالشام يكتب الحديث فانكسر قلمه فاستعار قلممما فلممما فممرغ مممن
الكتابة نسى فجعل القلم فممي مقلمتممه ،فلممما رجممع إلممى مممرو ورأى القلممم
عرفه فتجهز للخروج إلى الشام لرد ّ القلم .وعن الشعبي رضي الّله تعممالى
عنه قال :سمعت النعمان بن بشير يقول :سمعت رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليمه وسملم يقمول "الحلل بيمن والحمرام بيممن وبينهمما أممور مشممتبهات ل
يعلمهن كثير من الناس ،فمن اتممق الشممبهات فقممد اسممتبرأ لممدينه وعرضممه،
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى الغنم حول الحمممى
يوشك أن يقع فيه ،أل وإن لكل ملك حمى وإن حمى الّله محممارمه ،أل وإن
في الجسد مضغة فإن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسممد الجسممد
كله أل وهي القلب" وعن أبي موسى الشعري رضي الّله تعممالى عنممه أنممه
قال :لكل شيء حد ّ وحدود السلم :الممورع ،والتواضممع ،والشممكر ،والصممبر،
فالورع ملك المور ،والتواضع براءة من الكبر ،والصممبر النجمماة مممن النممار،
والشكر الفوز
]ص [245
بالجنة ،وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "لممو صممليتم حممتى تكونمموا
كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالوتار فما ينفعكم إل بالورع".
)قال الفقيه( رحمه الله :علمة الورع أن يرى عشرة أشياء فريضة على
م ضمك ُ ْ ب ب َعْ ُ نفسه :أّولهما حفمظ اللسمان عمن الغيبمة لقموله تعمالى }َول ي َغَْتم ْ
نمم ْ جت َن ِب ُمموا ك َِثيممرا ً ِب َْعضًا{ والثاني الجتناب عن سوء الظن لقمموله تعممالى }ا ْ
م{ولقممول النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم "إيمماكم ض الظ ّم ّ
ن إ ِث ْم ٌ ن ب َعْ َ الظ ّ ّ
ن إِ ّ
والظن فإنه أكذب الحديث" والثالث الجتناب عممن السممخرية لقمموله تعممالى
َ
م{ والرابع :غض البصممر خْيرا ً ِ
من ْهُ ْ كوُنوا َ ن يَ ُ سى أ ْ ن قَوْم ٍ ع َ َ م ْ
م ِخْر َقو ٌس َ
}ل ي َ ْ
َ ْ عن المحارم لقوله تعالى }قُ ْ
م{ والخممامس: صارِه ِ ْ ن أب ْ َ م ْ
ضوا ِ ن ي َغُ ّ
مِني َمؤ ْ ِ ل ل ِل ُ
م َفاع ْد ُِلوا{ والسادس أن يعرف نعمممة ذا قُل ْت ُ ْ صدق اللسان لقوله تعالى }وَإ ِ َ
َ ن ع َل َي ْ ُ
ن
مأ ْ كم ْ مم ّ ل الل ّممه ي َ ُ الّله على نفسه لكيل يعجب بنفسه لقوله تعالى }َبم ْ
ن{ والسممابع :أن ينفممق ممماله فممي الحممق ول صمماد ِِقي َ م َ كنت ُ ْن ُ ن إِ ْ ما ِ لي َ
ِ م لِداك ُ ْ هَ َ
َ
قُتممُروا{ سرُِفوا وَل َ ْ
م يَ ْ م يُ ْ قوا ل َ ْ ف ُ ذا أن َ ن إِ َ ذي َ ينفقه في الباطل لقوله تعالى }َوال ّ ِ
كن ذ َِلم َ ن ب َْيم َكما َيعني لم ينفقوا فمي المعصمية ولمم يمنعموا ممن الطاعمة }وَ َ
وامًا{ أي عدل ،والثممامن أن ل يطلممب لنفسمه العلموّ والكمبر لقموله تعمالى قَ َ
سممادًا{ َ دو َ ُ ً جعَل ُهَمما ل ِل ّم ِ }ت ِل ْ َ
ض َول فَ َ ن ع ُلموّا فِممي الْر ِ ريم ُ ن ل يُ ِ ذي َ خَرة ُ ن َ ْ داُر ال ِ ك ال ّ
والتاسع :المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها بركوعها وسممجودها
ممموا ل ِل ّم ِ
ه طى وَُقو ُ سم َ صمملةِ الوُ ْ ت َوال ّ وا ِ ص مل َ َ ظوا ع َل َممى ال ّ حممافِ ُ لقمموله تعممالى } َ
َ
ذان هَ م َ ن{ والعاشر :الستقامة على السنة والجماعة لقوله تعممالى }وَأ ّ َقان ِِتي َ
س مِبيل ِهِ ذ َل ِك ُم ْ
م ن َ م ع َم ْ فّرقَ ب ِك ُم ْ ل فَت َ َسب ُ َ قيما ً َفات ّب ُِعوه ُ َول ت َت ّب ُِعوا ال ّ ست َ ِ
م ْ طي ُ صَرا ِ ِ
ن{ وقال محمد بن كعممب القرظممي :ثلث خصممال إن قو َ م ت َت ّ ُ م ب ِهِ ل َعَل ّك ُ ْصاك ُ ْ وَ ّ
استطعت أن ل تترك شيئا منها أبدا فافعممل :ل تبغيممن علممى أحممد فممإن الل ّممه
م{ ول تمكممرن علممى أحممد مكممرا فممإن سك ُ ْ ف ِم ع ََلى أ َن ْ ُ ما ب َغْي ُك ُ ْ تعالى يقول }إ ِن ّ َ
َ
ه{ ول تنكثممن عهممدا أبممدا ئ إ ِل ّ ب ِمأهْل ِ ِ س مي ّ ُ مك ُْر ال ّ حيقُ ال َ الّله تعالى يقول }َول ي َ ِ
ه{ وقممال إبراهيممم سم ِ ف ِ ث ع ََلى ن َ ْ ما ي َن ْك ُ ُ ث فَإ ِن ّ َ ن ن َك َ َ فإن الّله تعالى يقول }فَ َ
م ْ
بن أدهم رحمه الّله تعالى :الزهممد ثلث أصممناف :زهممد فممرض وزهممد فضممل
وزهد سلمة فالزهد الفرض هو الزهد في الحرام والزهد الفضل هو الزهد
في الحلل وزهممد السمملمة هممو الزهممد فممي الشممبهات ،وقممال أيضمًا :الممورع
ورعان :ورع فرض وورع حممذر ،فممالورع الفممرض الممورع عممن معاصممي الل ّممه
تعالى ،والورع الحذر الورع عن الشبهات ،والحزن حزنان :حزن لك وحممزن
عليك ،فالحزن الذي هو لك حزنك على الخممرة ،والحممزن الممذي هممو عليممك
حزنك على الدنيا وزينتها.
ف بصممره عممن الحممرام، )قال الفقيه( رحمه الله :الممورع الخممالص أن يكم ّ
ف لسانه عن الكذب والغيبة ،ويكف جميع أعضائه وجميع جمموارحه عممن ويك ّ
الحرام .وروى عن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنممه أنممه أتممى بزيممت
من الشام وكان الزيت في الجفان :يعني
]ص [246
في القصاع ،وعمر يقسمممه بيممن النمماس بالقممداح وعنممده ابممن لممه شممعرات
فكلما أفرغت جفنة مسح بقيتها برأسه ،فقال لممه عمممر رضممي الل ّممه تعممالى
عنه :أرى شعرك شديد الرغبة على زيت المسلمين ،ثم أخذ بيمده فممانطلق
إلى الحجام فحلق شعره وقال :هذا أهممون عليممك .وروى عممن إبراهيممم بممن
أدهم رحمه الّله تعالى أنممه اسممتأجر دابممة إلممى عمممان ،فبينممما هممو يسممير إذ
سقط سوطه فنزل عن الدابة وربطها وذهب راجل فأخذ السوط ،فقيل له
ولت رأس دابتك فأخذت السوط؟ فقال :إنما اسممتأجرتها لتممذهب ولممم لو ح ّ
أستأجرها لترجع .وعن أبي رزين عن معمماذ رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما قممال
"كنت مع النبي صلى الّله عليه وسلم وهو على حمار عليه برذعة ،فقال يمما
معاذ أتدري ما حق الل ّممه علممى العبمماد؟ قلممت الل ّممه ورسمموله أعلممم ،قممال أن
يعبدوا الّله ول يشركوا به شيئا ،ثم قال وهل تدري ما حق العباد على الّلممه
تعالى إذا فعلوا ذلك؟ قلت الّله ورسوله أعلم ،قال أن يدخلهم الجنة".
باب الحياء
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله تعالى عنه وأرضاه :حدثنا
الخليل بن أحمد حدثنا محمد بن معاذ حدثنا نصر عن الحجاج عممن مكحممول
عن أبي أيوب النصاري رضي الّله تعالى عنهم أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم قال "أربع من سنن المرسلين :التعطر ،والنكاح ،والسواك ،والحياء"
قال :حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا الماسرجسممي حممدثنا جريممر عممن منصممور
عن ربعي بن خراش عن عقبة بن عامر رضي الّله تعالى عنهم عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن مما أدرك الناس من كلم النبوة الولممى
إذا لم تستح فاصنع ما شئت" قال :حدثنا الحاكم أبو الحسن حدثنا إسممحاق
حدثنا بكر بن منير حدثنا محمد بن الهيثم حدثنا أبو عثمان عممن هشممام عممن
سفيان عن أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة عن عبد الّله بن
مسعود رضي الّله تعالى عنهم قال :قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم
"استحيوا من الّله حق الحياء ،فقالوا إنا نستحي من الّله والحمد للممه ،قممال
ليس ذلك ولكن من استحى من الّله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حمموى
والبطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ،ومن أراد الخرة ترك زينة الحيمماة
الدنيا ،فمن فعل ذلك فقد استحيا من الّله حق الحيماء" وعمن الحسمن عمن
النبي صلى الّله عليمه وسملم أنمه قمال "الحيماء ممن اليممان واليممان فمي
الجنة ،والبذاء من الجفاء ،والجفاء في النار" وعن سلمان الفارسي رضممي
ي
ب إلمم ّ الّله تعالى عنه أنه قال :لن أموت ثم أحيا ثم أموت ثم أحيا ثلثا أح ّ
ي كممرم الل ّممهمن أن أنظر إلى عورة أحد أو ينظر أحد إلى عورتي .وعن عل ّ
وجهه أنه قال :لعن الّله الناظر والمنظور إليه .وعن النبي صلى الل ّممه عليممه
ل لحمد أن يمدخل الحممام إل بمئزر" وعمن الحسمن وسلم أنمه قمال "ل يحم ّ
البصري رحمه الّله تعالى أنه قال :ل يصلح دخممول الحمممام إل بممإزارين إزار
للعورة
]ص [247
وإزار للعين :يعني يغض بصره عممن النمماس ،وعممن عيسممى بممن مريممم عليممه
الصلة والسلم أنه قال :إياكم والنظممرة فإنهما تممزرع الشمهوة فمي القلمب،
وكفى بها فتنة لصاحبها ،وسئل حكيممم عممن الفاسممق؟ قممال :الممذي ل يغممض
بصره عن أبواب الناس وعوراتهم ،وعن عطاء أنممه قممال "ممّر النممبي صمملى
الّله عليه وسلم برجل يغتسل فقال :يا أيها الناس إن الّله حيي حليم سممتار
ويجب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليتوار عممن أعيممن النمماس" وعممن
أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم كممان
إذا أراد قضاء الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الرض".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :الحياء على وجهين :حياء فيما بينممك
وبين الناس ،وحياء فيما بينك وبين الّله تعالى ،أما الحياء الممذي بينممك وبيممن
الّله الناس فأن تغض بصك عما ل يحل لك وأما الحياء الذي بينك وبين الّله
تعالى فأن تعرف نعمته فتستحي أن تعصمميه .وروى عممن عمممر رضممي الل ّممه
تعالى عنه "أنه دخل على النبي صلى الّله عليه وسلم فوجده يبكي ،فقممال
ما يبكيك يا رسول الله؟ قال أخبرني جبريممل عليممه السمملم أن الل ّممه تعممالى
يستحي من عبد يشيب في السلم أن يعذبه ،أفل يستحي الشيخ ممن الل ّممه
أن يذنب بعدما شاب في السلم" وروى بهز بن حكيم عن أبيممه عممن جممده
قال "قلت يا رسول الّله عورتنا ما نأتي منها وما نذر ،قممال احفممظ عورتممك
إل من زوجتك أو ما ملكت يمينك ،قال :قلت يا رسول الّله أرأيممت إن كممان
أحدنا خاليًا؟ قال فالله أحق أن يستحى منه" وقال بعض السمملف لبنممه :إذا
دعتك نفسك إلى كبيرة فارم ببصرك إلى السماء واستح ممن فيها فإن لم
تفعل فارم ببصرك إلى الرض واسممتح ممممن فيهمما فممإن كنممت ل ممممن فممي
السماء تخاف ول ممن في الرض تستحي فاعدد نفسك في عداد البهممائم.
قال الفضيل بن عياض ،ل تغلق بابك وترخي سترك وتسممتحي مممن النمماس،
ول تستحي من القرآن الذي في صممدرك ول تسممتحي مممن الجليممل الممذي ل
يخفى عليممه خافيممة .وقممال منصممور بمن عمممار رضممي الل ّممه تعممالى عنممه فممي
الحكمة :من أبصر عيب نفسه اشممتغل عممن عيممب غيممره ،ومممن تعممرى عممن
لباس التقوى لم يستتر بشيء ،ومن رضي برزق الّله لم يحزن على ما في
ل سيف البغي قطع به يمده ،وممن احتفممر بئرا لخيممه وقمع يد غيره ،ومن س ّ
فيها ،ومممن هتمك حجمماب غيممره انكشمفت عممورته ،وممن نسممي زلمل نفسممه
استعظم زلة غيره ،ومن كابد المور عطب :يعني ارتكممب المممور العظممام،
ومن خاطر بنفسه هلك ،ومن استغنى بعقله زل ،ومممن تكممبر علممى النمماس
ل ،ومن تعمق في العمل مل ،ومن فخر على الناس قصممم :يعنممي كسممر، ذ ّ
ومن سفه عليهم شتم ،ومممن صمماحب الرذال حقممر ،ومممن جممالس العلممماء
وقر ،ومن دخل مدخل السوء اتهم ،ومن تهاون بالدين ارتطم ،ومممن اغتنممم
أموال الناس افتقر ،ومن انتظر العافية اصطبر ،ومممن جهممل موضممع قممدمه
مشت في ندامة ،ومن خشى الّله فاز ،ومن لم يجرب
]ص [248
المور خدع ،ومن صارع أهل الحق صرع ،ومن احتمل ممما ل يطيقممه عجممز،
ود طريق الجهل ترك طريق العدل. ومن عرف أجله قصر أمله ،ومن تع ّ
]ص [249
الحج والعمرة والجهاد والزكاة والصدقة ،فيقول العبد في نفسه ما عملممت
من هذا شيئا وليس هذا كتابي ،فيقول الّله تعالى اقممرأ فممإنه كتابممك عشممت
دهرا وأنت تقول لمو كمان لمي ممال لحججمت ولمو كمان لمي ممال لجاهمدت
وعرفت من نيتك أنك صادق فأعطيتك ثواب ذلك كله.
)قال الفقيه( رحمه الله :إنما يظهر صدق نيته إذ لم يبخل بالقليل الممذي
عنده ،فلو رأى حاجا منقطعا فيقول في نفسه لممو كممان لممي مممال لحججممت
فلما لم يكن لي طاقة إل هذين الدرهمين دفعتهما إلى هذا ،وإذا رأى غازيا
منقطعا يقول لو كان لممي مممال لغممزوت فلممما لممم يكممن لممي طاقممة إل هممذه
الدراهم دفعتها إلى هذا الغازي المحتاج أو إلممى مسممكين بجممواره ،وأممما إذا
بخل بالقليل الذي عنده فيعلم الّله تعالى أنه لو كان عنممده أكممثر مممن ذلممك
لكان يبخل بالكثير كما يبخل بالقليل فل ثواب لممه فممي نيتممه ،وكممذلك الممذي
يقول لو كنمت حفظمت القمرآن لقرأتمه أنماء الليمل والنهمار فمإذا كمان يقمرأ
السورة التي يحفظها فيعلم الّله أنه لو كان يحفظ البمماقي منممه لكممان يقممرأ
فيعطيه الّله تعالى فضل الذي يحفظ القرآن كله وإن لم يقرأ ما عنده علم
الّله منه أن نيته غير صالحة .وروى سممهل بممن سممعد السمماعديّ عممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "نية المؤمن خير من عمله ،وعمل المنممافق
ي عن النممبي صمملى خير من نيته ،وكل يعمل على نيته" وروى محمد بن عل ّ
الّله عليه وسلم أنه قال "من أحب رجل في الّله لعدل ظهممر منممه هممو فممي
علم الّله من أهل النار آجره الّله على حبه إياه كما لو أحب رجل مممن أهممل
الجنة ،ومن أبغض رجل في الّله لجور ظهر منه وهو في علم الّله من أهممل
الجنة آجره الّله على بغضه إياه كمما لمو كمان يبغمض رجل ممن أهمل النمار"
وروى في الخممبر أن الل ّممه تعممالى قممال لموسممى عليممه الصمملة والسمملم :يمما
موسى هل عملت لي عمل قط؟ قال إلهي صممليت لممك وصمممت وتصممدقت
لك وذكرتك ،قال الّله تبارك وتعالى :أما الصلة فلك برهان يعني حجة لممك
ل والذكر نور فأي عمل عملت لي؟ قممال موسممى والصوم جنة والصدقة ظ ّ
عليه الصلة والسلم :إلهي دلني على العمل الذي هو لك؟ قال يمما موسممى
هل واليت لي وليا ً أو عاديت لممي عممدوًا ،فعلممم موسممى أن أفضممل العمممال
الحب في الّله تعالى والبغض في الّله تعالى.
وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم
أنه قممال "إن الل ّممه تعممالى ل ينظممر إلممى صمموركم ول إلممى أممموالكم ول إلممى
أحوالكم وإنما ينظر إلى أعمالكم وإلى قلوبكم" .وروت عائشة رضي الّلممه
تعالى عنها عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من التمس رضا الّلممه
بسخط الناس رضي الّله عنه وأرضى عنه الناس ،ومن التمس رضا الناس
بسخط الّله سخط الّله عليه وأسخط عليه الناس" وروى العمش عن أبي
عمرو الشيباني عن أبي مسعود النصاري رضي الّله تعالى عنهم أنممه قممال
"جاء رجل إلى النبي صلى الّله عليه وسلم وأراد الجهاد فقال
]ص [250
احملني يا رسول الله؟ فقال رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم ائت فلنمما
فإنه يحملك ،فأتاه فأعطاه بعيرا فرجع إلممى رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
ل علممى خيممر وسلم فأخبره فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم :مممن د ّ
ل على الخير كفاعله" وعن حذيفة فله مثل أجر فاعله" وفي خبر آخر "الدا ّ
ابن اليمان رضي الّله تعالى عنه قال "قدم سممائل علممى عهممد رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم فسممأل فسممكت القمموم ثممم إن رجل أعطمماه فأعطمماه
ن خيممرا واسممتن بممه القوم ،فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم من است ّ
فله أجره ومثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجممورهم شمميئا ،ومممن
ن به فعليه وزره ووزر مممن تبعممه مممن غيممر أن ينقممص مممن استن شرا واست ّ
أوزارهم شيئا" وروى تميم الداري عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال
"خمس من جاء بهن يوم القيامة لم يصد ّ عن الجنة :النصيحة لله ولرسوله
ولكتابه ولئمة المسلمين والعامة" .وروى في خبر آخر أنه صلى الّله عليممه
وسمملم قممال "أل إن الممدين نصمميحة ،قيممل لمممن يمما رسممول اللممه؟ قممال للممه
ولرسوله ولكتابه ولجميع المسلمين".
)قال الفقيه( رحمه الله :أما النصيحة لله عز وجل فأن تؤمن بالله وتدعو
الناس إلى ذلممك وتتمنممى أن يكممون جميممع النمماس مممؤمنين ،وأممما النصمميحة
لرسول الّله صلى الّله عليه وسلم فأن تصدقه بممما جمماء بممه مممن عنممد الل ّممه
وتعمل بسنته وتدل الناس على ذلك ،وأما النصمميحة لكتممابه فهممو أن تقممرأه
وتعمممل بممما فيممه وتتمنممى أن يقممرأه جميممع النمماس ويعملمموا بممما فيممه ،وأممما
النصمميحة لئمممة المسمملمين فممأن تطيعهممم فيممما أمممروه وتنتهممي عممما نهمموه
وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عممن المنكممر ول تخممرج عليهممم بالسمميف ،وأممما
النصيحة للمسلمين فهو أن تحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكممره
لنفسك وتتمنى أن يكونوا فيما بينهم على اللفة والمودة.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :كم من نائم يكتب له أجر المصمملين
ل مستيقظ يكتب من النائمين ،وذلك أن الرجممل إذا كممان مممن وكم من مص ّ
عادته أن يقوم وقت السحر ويتوضأ ويصلي حممتى يطلممع الفجممر فنممام ليلممة
على تلك النية فغلبه النوم حتى أصبح فاستيقظ حزن لذلك واسترجع فممإنه
يكتب مصليا ويبلغ ثواب القائمين بنيته ،وأما إذا كان الرجل لممم يكممن يقمموم
بالليل فظن أنه قد أصبح فقام فتوضأ ودخممل المسممجد فممإذا هممو لممم يصممبح
فجعل ينتظر الصبح ويقول في نفسه لو علمت أنه لم يطلع الفجر لم أقممم
من فراشي فهذا الذي يكتب من النائمين وهو مستيقظ.
باب العجب
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله عنه وأرضاه :حدثنا محمد
بن داود حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيممم بممن يوسممف حممدثنا وكيممع عممن
المسعودي عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة قال :قال عبد الّله بممن مسممعود
رضي الّله عنه :النجاة في اثنتين التقوى والنية ،والهلك في اثنتين
]ص [251
القنوط والعجاب .وعن وهب بن منبه رضي الّله تعالى عنه أنه قممال :كممان
فيمن كان قبلكم رجل عبد الّله سبعين سنة يفطممر مممن سممبت إلممى سممبت
فطلب إلى الّله حاجة فلم يعطها فأقبل على نفسممه وقممال لممو كممان عنممدك
خير قضيت حاجتك مما أتيت من قبلك ،فنزل عليه ملك من سمماعته فقممال
يا ابن آدم إن ساعتك التي ازدريت نفسك فيها خير مممن عبادتممك الممتي قممد
مضت .وقال الشعبي رضي الّله تعممالى عنممه :كممان رجممل إذا مشممى أظلتممه
سحابة فقال رجل لمشين في ظله ،فأعجب الرجل بنفسه فقال مثل هممذا
يمشي في ظلي ،فلما افترقا ذهب الظل مع ذلك الرجممل .وعممن عمممر بممن
الخطاب رضي الّله تعالى عنه قال :إن من صمملح توبتممك أن تعممرف ذنبممك،
وإن من صلح عملك أن ترفض عجبك ،وإن مممن صمملح شممكرك أن تعممرف
تقصيرك .وذكر عن عمر بن عبد العزيز رضي الّله تعالى عنممه أنممه كممان إذا
خطب فخاف العجب قطع ،وإذا كتب فخاف العجب مزق وقال اللهممم إنممي
أعوذ بك من شر نفسي .وعن مطّرف بن عبممد الل ّممه قممال :لن أبيممت نائممما
ي من أن أبيت قائما وأصبح معجبا .وعن عائشة رضي وأصبح نادما أحب إل ّ
الّله تعالى عنها أنه سألها رجل فقممال مممتى أعلممم أنممي محسممن؟ قممالت إذا
علمت أنك مسيء ،قممال مممتى أعلممم أنممي مسمميء؟ قممالت إذا علمممت أنممك
محسن .وذكر أن شابا من بني إسرائيل رفممض دنيمماه واعممتزل عممن النمماس
داهوجعل يتعبد في بعض النواحي ،فخرج إليه رجلن من مشايخ قومه ليممر ّ
إلى منزله فقال له يا فتى أخذت بأمر شديد ل تصممبر عليممه ،فقممال الشمماب
قيام الناس بين يدي الل ّممه أشمد ّ مممن قيممامي هممذا ،فقممال لممه إن لممك أقربمماء
فعبادتك فيهم أفضل ،فقال الشاب إن ربي إذا رضي عني أرضى عني كممل
قريب وصديق ،فقال له أنت شاب ل تعلم وإنا قد جّربنا هذا المممر ونخمماف
عليك العجب ،فقال الشمماب مممن عممرف نفسممه لممم يضممره للعجممب ،فنظممر
أحدهما إلى صاحبه فقال :قم فممإن الشمماب قممد وجممد ريممح الجنممة فل يقبممل
قولنا .وذكر في الخبر أن داود صلوات الّله عليه وسلمه خرج إلممى سمماحل
فعبد ربه سنة ،فلما تمت السنة قال يا رب قد انحنى ظهري وكلمت عينماي
ونفدت الدموع فل أدري إلى ممماذا يصممير أمممري؟ فممأوحى الل ّممه تعممالى إلممى
ي الّلممه أتممم ّ
ن ضفدع أن أجب عبدي داود عليه السلم ،فقالت الضفدع يا نب ّ
على ربك في عبادة سنة ،والذي بعثك بالحق نبيا إني على ظهمر بريمة منمذ
ثلثين سنة أو سنين أسبحه وأحمده وإن فرائصي ترعممد مممن مخافممة ربممي،
فبكى داود عليه الصمملة والسمملم عنممد ذلمك .وذكممر أن هممذه القصمة كممانت
لموسى عليه السلم بعد ما قتل قتيل.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنممه :مممن أراد أن يكسممر العجممب فعليممه
بأربعة أشياء :أّولها :أن يرى التوفيق من الّله تعالى فإذا رأى التوفيممق مممن
الّله تعالى فإنه يشتغل بالشممكر ول يعجممب بنفسممه ،والثمماني أن ينظممر إلممى
النعماء التي أنعم الّله بها عليه فإذا نظر في نعمائه اشممتغل بالشممكر عليهمما
ل عمله ول يعجب به ،والثالث أن يخاف أن ل يتقبل منه فإذا اشتغل واستق ّ
]ص [252
بخوف القبول ل يعجب بنفسه ،والرابع أن ينظر في ذنوبه التي أذنممب قبممل
ل عجبه ،وكيف يعجب ذلك ،فإذا خاف أن ترجح سيئاته على حسناته فقد ق ّ
المرء بعمله ول يدري ماذا يخرج من كتابه يوم القيامممة وإنممما يتممبين عجبممه
وسروره بعد قراءة الكتاب.
)قال الفقيه( رحمه الّله بإسناده عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهممما
م اقْمَرُءوا ك ِت َمماِبي{ ولممم أدر لمممن أنه قال :كنت أسمع قول الّله تعالى } َ
هاؤ ُ ْ
قالها ،حتى دخل كعب رحمه الّله تعالى على عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه
ونحن عنده ،فقال :يا كعمب حمدثنا ول تحمدثنا إل بحمديث يشمبه كتماب الّلمه
تعالى؟ فقال كعب رحمه الّله تعالى :إن الّله يبعث الخلئق يوم القيامة في
قاع أفيح يسمعهم الداعي وينفذهم البصممر ،ثممم يممدعى كممل قمموم بإمممامهم:
يعني بمعلمهم الذي يعلمهم الهدى أو الضممللة ،فيممدعى بإمممام الهممدى قبممل
أصحابه فيتقدم فيعطى كتابه بيمينه وقممد أخفيممت سمميئاته فهممو يقممرؤه بينممه
وبين نفسه لكيل يقول بعملي دخلت الجنة وقد بدت حسممناته للنمماس فهممم
يقرءونها حتى إنهمم يقولمون طموبى لفلن مما ظهمر لمه ممن الخيمر ،فيقمرأ
سيئاته في نفسه حتى يقول في نفسه قد هلكت فيجد في آخممره إنممي قممد
وج بتمماج مممن نممور يسممطع ضمموؤه ،ثممم يقممال لممه اذهممب إلممى غفرت لك ،فيت ّ
أصحابك فبشرهم بأن لكممل منهممم مثممل مالممك ،فممإذا أقبممل نظممر إليممه أهممل
الوادي فليس واحد منهم إل وهو يقول اللهم اجعله منمما اللهممم ائتنمما بممه ثممم
يأتي أصحابه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه_ فقد غفر لممي ،فأبشممروا فممإن لكممل
رجل منكم مالي ،وإذا كان إمام الضللة دعى به فإذا قام أعطى كتابه فإذا
تناوله بيمينه غلت يمينه إلى عنقه فيتناوله بشماله فيجعل شماله مممن وراء
ظهره فيلوى عنقممه ويقممرأ حسممناته بينممه وبيممن نفسممه لكيل يقممول حفظممت
سيئاتي ولم تحفظ حسناتي فيقول عملت كذا فجازيتك بما عملممت ،وهكممذا
حتى يستوفي حسناته وسميئاته ظماهرة للنماس يقرؤنهما حمتى يقولموا ويمل
لفلن ما ظهر له من الشر" حمتى إذا فمرغ ممن صمحيفته وجمد فمي آخرهما
ذاب{ يعنمي وجمب عليممك العممذاب فيسممود ّ وجهمه مة الع َ ك ك َل ِ َ علي َ حقّ َ
ه َ
}وَإ ِن ّ ُ
وج بتاج من النممار يسممطع دخممانه ثممم يقممال لممه ائت كقطع الليل المظلم فيت ّ
أصحابك فبشرهم فإن لكل واحد منهم مثل هذا ،فإذا أقبل رآه أهل الوادي
فقال كل واحد منهم اللهم ل تجعل هذا منا اللهم ل تأتنا به فل يمّر بقوم إل
لعنوه ،ثم يأتي أصحابه فإذا رأوه لعنوه وتبرءوا منممه فلعنهممم هممو كممما قممال
م ب َْعضمًا{
ض مك ُ ْ ض وَي َل ْعَم ُ
ن ب َعْ ُ م ب ِب َعْم ٍض مك ُ ْ م مةِ ي َك ْ ُ
ف مُر ب َعْ ُ قَيا َ
م ال ِ م ي َوْ َ الّله تعالى }ث ُ ّ
فيقول لهم أبشروا فإن لكل واحد منكم مثل هذا .وعن مسروق رحمه الّله
تعالى قال :كفى بالمرء علما أن يخشى الله ،وكفى بالمرء جهل أن يعجممب
بعمله .وعن مجاهد رحمه الّله أنه قال :بعث سعيد بن العاص قوممما يثنممون
عليه عند عثمان رضي الّله تعمالى عنمه فقمام المقمداد فحثما فمي وجموههم
التراب وقال سمممعت رسممول اللممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم يقممول" احثمموا
داحين".
التراب في وجوه الم ّ
]ص [253
باب في فضل الحج
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حممدثنا محمممد بممن
داود حدثنا أبو عبد الّله محمد بن أحمد بن زكريا بإسناده حممدثنا محمممد بممن
عبد الّله حدثنا عاصم بن علي البغدادي عن أبيه عن ليث عممن مجاهممد عممن
عبد الّله بن عباس رضي الّله تعالى عنهما قال" كنمما مممع النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم بمنى إذ أقبلت طائفة من اليمن فقالوا فممداك المهممات والبمماء
أخبرنا بفضائل الحج قال بلى ،أيّ رجمل خمرج ممن منزلمه حاجما أو معتممرا
فكلما رفع قدما ووضع قدما تناثرت الذنوب من بدنه كما يتناثر الممورق مممن
الشجر ،فإذا ورد المدينة وصافحني بالسلم صافحته الملئكة بالسلم ،فإذا
ورد ذا الحليفة واغتسل طهره الّله من الذنوب ،وإذا لبممس ثمموبين جديممدين
دد الّله له من الحسنات ،وإذا قال لبيك اللهم لبيك أجابه الرب عممز وجممل ج ّ
بلبيك وسعديك أسمع كلمك وأنظر إليك ،فممإذا دخممل مكممة وطمماف وسممعى
بين الصفا والمروة واصل الّله لممه الخيممرات فممإذا وقفمموا بعرفممات وضممجت
الصوات بالحاجات باهى الّله بهم ملئكممة سممبع سممموات ويقممول :ملئكممتي
وسكان سمواتي أما ترون إلى عبادي أتوني من كل فج عميق شممعثا غممبرا
قد أنفقوا الموال وأتعبوا البدان فوعزتي وجللي وكرمممي لهبممن مسمميئهم
بمحسنهم ولخرجنهم من الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم ،فإذا رممموا الجمممار
وحلقوا الرؤوس وزاروا البيت نادى مناد من بطنان العرش ارجعوا مغفممورا
لكم واستأنفوا العمل" قال :حدثنا محممد بمن داود حمدثنا محممد بمن أحممد
حدثنا محمد بن عبد الّله حدثنا عبد الّله حدثنا محمد بن الصباح حممدثنا يزيممد
ي كرم الّله وجهه بن هرون عن نصير بن حاجب عن محمد بن كعب عن عل ّ
قال " كنت طائفا مع النبي صلى الّله عليه وسلم ببيت الّله الحممرام فقلممت
ي أسممس الل ّممه فداك أبي وأمي يا رسول الّله ما هذا البيت؟ فقال لي يا عل ّ
سبحانه وتعالى هذا البيت في دار الدنيا كفارة لذنوب أمممتي ،فقلممت فممداك
أبي وأمي ما هذا الحجر السود؟ قال تلك جوهرة كانت في الجنممة أهبطهمما
الّله إلى الدنيا لها شعاع كشعاع الشمس ،واشتد سوادها وتغيممر لونهمما لممما
مستها أيدي المشركين .قال :حدثنا أبممو القاسممم عبممد الرحمممن بممن محمممد
حدثنا فارس بن مردويه حدثنا محمد بن الفضيل حدثنا أبو الوليد حدثنا عبممد
القاهر بن السري قال :حدثنا أبي عن كنانة حممدثنا العبمماس ابممن مممرداس "
أن رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم دعمما عشممية عرفممة لمتممه بالرحمممة
والمغفرة ،فأكثر الدعاء فأجابه ربه بأني قد فعلت إل ظلممم بعضممهم بعضمما،
قال أي رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيممرا مممن مظلمتممه لهممذا
الظالم ،فلم يجبه تلك العشية ،فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه
ربه بأني قد غفرت لهم ،ثم تبسم رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ،فقال
بعض
]ص [254
أصحابه يا رسول الّله تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم فيها؟ قال تبسمت
إن عدوّ الّله إبليس لما علم أن الّله قد استجاب لي في أمتي أهمموى يممدعو
بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه" وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى
عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "مممن حممج الممبيت ولممم يرفممث
ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" وعن عمر بن الخطاب رضي الل ّممه تعممالى
عنه أنه قال :من أتى هذا البيت ل يريد إل إياه فطاف به طوافمما خممرج مممن
ذنوبه كيوم ولدته أمه .وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "ممما رؤى
الشيطان يوما قط هو فيه أضعف ول أحقر ول أغيممظ مممن يموم عرفممة وممما
ذلك إل لما رأى من نزول الرحمة وتجاوز الّله عن الذنوب العظام ،ولم يممر
قبل ذلك مثله إل ما رؤى من يوم بدر" .وعن عمممر بممن عبممد العزيممز رضممي
الّله تعالى عنه قال :فيما أوحى الّله تعالى إلى موسممى عليممه السمملم ذكممر
بيت الّله الحرام وفضيلته قال :إلهي ما الحج؟ قال بيتي الذي اخترته علممى
جميع البيوت وحرمي الذي حّرمه خليلي إبراهيم ينتهون إليممه مممن أطممراف
الرض يهللممون بالتلبيممة كممما يلممبي العبممد لسمميده ،قممال موسممى إلهممي فممما
ثوابهم؟ قال ألحقهم المغفرة حتى أشفعهم في جيرانهممم وقرابتهممم ،فقممال
موسى إلهي من هم؟ من ليس لممه نفقممة طيبممة ول قلممب زاك ،قممال فممإني
أهب المسيء منهم للمحسن .وعممن أبممي هممارون العبممدي عممن أبممي سممعيد
الخدري رضي الّله تعالى عنه أنه قال :حججنا مع عمر بن الخطمماب رضممي
الّله عنه في أّول خلفته فدخل المسجد حتى وقف علممى الحجممر ثممم قممال:
إنك حجر ل تضر ول تنفع ولول أني رأيت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم
ي كمرم الل ّممه وجهمه ل تقممل مثمل هممذا يما أميمر يقبلك مما قبلتمك ،فقمال علم ّ
المؤمنين فإنه يضر وينفع بإذن الّله تعالى ،ولول أنك قرأت القرآن وعلمممت
ما فيه ما أنكرت عليك ،فقال له عمر رضي الّله تعالى عنه يمما أبمما الحسممن
ك خذ َ َرب ّ َوما تأويله من كتاب الّله عز وجل؟ قال :يقول الّله عز وجل }وَإ ِذ ْ أ َ َ
فس م ه َ َ م وَأ َ ْ
ت ب َِرب ّك ُم ْ
م سم ُ م أل َ ْم ع َل َممى أن ُ ِ ِ ْ ش مهَد َهُ ْ ن ظ ُُهورِه ِ ْ
م ذ ُّري ّت َهُ ْ م ْ
م ِ
ن ب َِني آد َ َ
م ْ
ِ
َقاُلوا ب ََلى{ الية ،فلما أقروا بالعبودية كتب إقرارهممم فمي رق ثمم دعما همذا
الحجر فألقمه ذلك الرق فهو أمين الّله علممى هممذا يشممهد لمممن وافمماه يمموم
القيامة ،قال عمر يا أبا الحسن لقد جعل الّله بين ظهرانيكم من العلم غير
فقليل .وروى عن ابن عباس رضي الّله تعممالى عنهممما أنممه قممال بعممدما ك م ّ
بصره :ما ندمت على شيء مثل ما ندمت على أن ل أكون حججممت ماشمميا
ر{. م ٍ
ضا ِ
ل َ جال ً وَع ََلى ك ُ ّك رِ َلني سمعت أن الّله تعالى يقول }ي َأ ُْتو َ
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه وأرضاه :إذا كممان الطريممق قريبمما فل
بأس أن يحج ماشيا وهو أفضل ،وأما إذا كان الطريق بعيدا فالراكب أفضل
لن الماشي يتعب نفسه ويسوء خلقه فإذا أمن من هممذا المعنممى فالمشممي
أفضل .وروى عممن الحسممن البصممري رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :إن
الملئكة يتلقون الحاج فيسلمون على أصحاب الجمال ويصافحون
]ص [255
أصحاب البغال والحمير ويعانقون الرجالة .وروى الضحاك عن النمبي صملى
الّله عليه وسلم أنه قال "إيما مسلم خرج من بيته قاصدا فممي سممبيل الل ّممه
فوقصته دابته قبل القتال أو لدغته هامة أو مات بأي حتف مات وهو شهيد،
وأيما مسلم خرج من بيته حاجا إلى بيت الّلمه الحمرام ثمم نمزل بمه المموت
قبل بلوغه أوجب الّله له الجنة" وروى عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنممه
قال "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج" وروى عن عطاء عممن ابممن
عمر رضي الّله تعالى عنهما عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال
"صلة في مسجدي هذا تعدل ألف صمملة فممي غيممره إل المسممجد الحممرام"
وفي خبر آخر "صلة في مسجدي هذا أفضل مممن عشممرة آلف صمملة فممي
غيره إل المسجد الحرام ،وصلة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألممف
صلة في غيره ،وصلة في سبيل الّله أفضل من مائتي ألف صلة" ثم قال
أل أدلكم على ما هو أفضل من ذلك رجممل قممام فممي سممواد الليممل فأحسممن
الوضوء وصلى ركعتين يريد بهما ما عند الله" وعن يزيد بن بشممر عممن ابممن
عمر رضي الّله تعالى عنهما أنمه قمال :قمال رسمول الّلمه صملى الّلمه عليمه
وسلم "بنممي السمملم علممى خمممس :شممهادة أن ل إلممه إل الل ّممه وأن محمممدا
رسول الله ،وإقامة الصلة ،وإيتمماء الزكمماة ،وصمموم رمضممان ،وحممج الممبيت"
وروى عن سعيد بن المسيب رضي الّله تعالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "إن الّله تعالى ليدخل ثلثممة نفممر فممي الحجممة الواحممدة
الجنة :الموصى بها ،والمنفذ لهمما ،والحمماج عنممه ،والعمممرة ،والجهمماد كممذلك"
والله تعالى أعلم.
]ص [256
الجمعة ثم ألحق بأصحابي ،فقال له أنفقت ما في الرض جميعا ً ما أدركممت
فضل غدوتهم" وعن سلمان الفارسي رضي الّله تعالى عنه أنه قال :ربمماط
ليلة على ساحل البحر خير من صيام رجل وقيامه فممي أهلممه شممهرًا ،ومممن
مات في سبيل الّله مرابطا ً أجاره الل ّممه مممن فتنممة القممبر وأمنممه مممن الفممزع
الكبر وأجرى عمله كل يوم وليلة إلى يمموم القيامممة ،وزيممارة قممبر المرابممط
رباط إلى يوم القيامة .وعن عبد الّله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال "سئل
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ما السلم؟ قممال طيممب الكلم ،وإطعممام
ل؟ قممال مممن سمملم الطعممام وإفشمماء السمملم" قيممل "وأيّ السمملم أفضمم ِ
المسلمون من يده ولسانه" قيل "فأيّ الصلة أفضل؟ قال طممول القيممام،،
ل ،قيل فأيّ اليمممان أفضممل؟ قممال قيل فأيّ الصدقة أفضل؟ قال جهد المق ّ
الصبر والسماحة ،قيل فأيّ الجهاد أفضممل؟ قممال مممن عقممر جممواده وأهممرق
دمه ،قيل فأيّ الرقاب أفضل؟ قال أغلها ثمنًا".
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ل يجتمع غبار في سبيل الل ّممه
تعالى ودخان جهنم في منخري عبد مسمملم" وعممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "كل عين باكية يوم القيامة إل ثلث أعيممن :عيممن بكممت مممن
خشية الّله تعالى ،وعين غضت عن محارم الّله تعالى ،وعيممن حرسممت فممي
سبيل الله ،وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه
ي أول ثلثة من أممتي يمدخلون الجنمة وأول ثلثمة وسلم أنه قال "عرض عل ّ
يدخلون النار ،فأما أول ثلثة يممدخلون الجنممة :فشممهيد والعبممد المملمموك لممم
يشغله رق الدنيا عن طاعة الّله تعالى ،وفقير متعفممف ذو عيممال ،وأممما أّول
ثلثة يدخلون النار :فأمير مسلط وذو ثروة من مال ل يؤدى حق الّله تعالى
من ماله ،وفقير فخور" وعن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم "أنممه سممئل أ ّ
ي
العمال أفضل؟ قال الصلة لوقتها ،وبّر الوالدين ،والجهاد فممي سممبيل الل ّممه
تعالى" ،وعن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما أنممه
قال :من أعطى فرسا ً في سبيل الّله تعالى كان لممه كممأجر مممن جاهممد فممي
سبيل الّله تعالى بماله ونفسه ،ومن أعطى سيفا ً في سبيل الّله تعالى جاء
يوم القيامة وله لسان ينادي يوم القيامة أنا سيف فلن لممم أزل أجاهممد لممه
دخر الّله له ذلممك ويربيممه إلى يومي هذا ،ومن أعطى سهما ً في سبيل الّله ا ّ
حتى يجيء يوم القيامة علممى رؤوس الخلئق وهممو أعظممم مممن جبممل أحممد،
ومن حمل مجاهدا ً في سبيل الّله جعله الل ّممه لممه علم ما ً يمموم القيامممة ،ومممن
أعطى ترسا ً في سبيل الّله جعله الّله له جنة يوم القيامممة يعنممي مممن النممار
ومن طعن طعنة في سبيل الّله جعلها الّله له نورا بيممن يممديه وجمماءت يمموم
القيامة ولها ريح كريح المسك يجدها الخلئق ،ومن سقى أخاه فممي سممبيل
الّله تعالى سقاه الّله من الرحيق المحتوم يوم القيامة ،ومن زار أخاه فممي
سبيل الّله كتب الّله له بكل خطوة حسنة ورفع له بها درجة وحط عنممه بهمما
سيئة ،ومن حبس فرسا ً في سبيل الّله كتب له بكل شعرة حسنة ورفع لممه
بها درجة وحط عنه بها سيئة
]ص [257
ومن حرس ليلة في سممبيل الل ّممه أمنممه الل ّممه تعممالى مممن الفممزع الكممبر يمموم
القيامة" وقال ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما :إذا كنت فمي سمرية فمي
سبيل الّله فكن خلفها تسوق ضعيفها وتؤمن خائفها يكن لك مثممل أجممورهم
ول ينقص من أجورهم شيء .وعن بعض الصحابة رضي الّله تعالى عنه أنه
قال :السيوف مفاتيح الجنة قال وإذا التقى الصفان فممي سممبيل الل ّممه تزيممن
الحور العين فاطلعن فإذا أقبل الرجل قلن اللهم أبصره اللهممم أعنممه ،فممإذا
أدبر احتجبن عنه وقلن اللهم اغفر له ،وإذا قتل غفر الل ّممه لممه بممأّول قطممرة
تخرج من دمه كل ذنب هوله وينزل عليه اثنتان من الحور العيممن تمسممحان
الغبار عن وجهه.
وذكر "أن رجل ً حبشيا ً جاء إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقال :يا
رسول الّله أنا كما تراني دميم الوجه منتن الريح غير زاكي الحسممب فممأين
أنا إن قاتلت حتى أقتل؟ قال أنت في الجنة ،فأسلم الرجممل ،فقممال عنممدي
غنم فكيف أصنع بها؟ فقال وجهها إلى المدينة ثم صح بها فإنها سترجع إلى
أهلها ،ففعل ذلك ،ثم اقتحم القتال فاقتتلوا فلما تحمماجز القمموم قممال النممبي
صلى الّله عليه وسلم تفقدوا إخوانكم ،ففعلوا فقالوا يمما رسممول الل ّممه ذلممك
ي قتيل في وادي كذا ،فقام النبي صلى الّله عليه وسلم معهم فلممما الحبش ّ
أشرف عليه قال اليوم حسممن الل ّممه وجهممك وطيممب ريحممك وزكممى حسممبك،
فبكى فأعرض عنه ،فقالوا رأيناك أعرضت عنه؟ فقال والذي نفسممي بيممده
لقد رأيت أزواجه من الحور العيممن ابتممدرن حممتى بممدت خلخيلهممن" ويقممال:
الغزاة ثلثة أصناف :صنف منهم يرعون دوابهم ،وصممنف منهممم يخممدمونهم،
وصنف منهم يباشرون القتال وكلهم في الجر سواء ،وأفضلهم الذي يرعى
دوابهم ويقاتل إذا حضر القتال ،ثم الذي يخدمهم ويقاتل إذا حضممر القتممال،
كما روى عن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليممه
وسلم قال "أعظم القوم أجرا خادمهم" وروى عن أنممس بممن مالممك رضممي
الّله تعالى عنه أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "ما من عبد يموت ولممه
عند الّله خير يتمنى أن يرجع إلى الدنيا وإن كانت له الدنيا وما فيها" يعنممي
ل يتمنى الرجوع إلى الدنيا ،وإن أعطى له جميع الدنيا لما يخاف مممن هممول
الموت إل الشهيد لما يرى من فضل الشممهادة ،فممإنه يتمنممى أن يرجممع إلممى
الدنيا فيقتل مرة أخرى" وعن سعيد بن جممبير رضممي الل ّممه تعممالى عنممه فممي
َ
ه{شاَء الل ّم ُ
ن َم ْض ِإل َ
ن ِفي الْر ِ
م ْ
ت وَ َ
ماَوا ِ
س َ
ن ِفي ال ّ م ْ قوله تعالى }فَ َ
صعِقَ َ
هم الشهداء مسلولي السيوف عند العرش .وفي رواية منقلدين بالسمميوف
حول العرش .وعن قتادة أنه قال :إن الّله تعممالى أعطممى المجاهممدين ثلث
خصال :من قتممل منهممم صممار حيمما مرزوقمما ،ومممن غلممب أعطمماه الل ّممه أجممرا
عظيما ،ومن عاش يرزقه الّله رزقا حسنا.
وعن الحسن البصري رحمه الّله عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال
"من سأل الّله الشهادة فمات كان له أجر الشهيد" وعن ابن مسعود رضي
الّله تعالى عنه في قول الّله عز وجل
]ص [258
}ب ْ َ
ن{ قال أرواحهم في حواصل طير أخضر تسرح م ي ُْرَزُقو َ
عن ْد َ َرب ّهِ ْ
حَياٌء ِ
لأ ْ َ
في الجنة في أيها شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقممة تحممت العممرش .وعممن
معاذ بن جبل رضي الّله تعالى عنه عن النمبي صملى الّلمه عليمه وسملم أنمه
قال "من قاتل في سبيل الّله فواق ناقة فقد وجبت له الجنممة ،ومممن سممأل
الّله الشهادة من عند نفسه صادقا ً ثم مممات أو قتممل لممه أجممر شممهيد ،ومممن
جرح في سممبيل الل ّممه جرحما ً أو نكممب نكبممة فممإنه يجيممء يمموم القيامممة لممونه
كالزعفران وريحه كالمسك" وروى الحسن البصري رضي الّله تعممالى عنممه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "كممل عيممن باكيممة يمموم القيامممة إل
أربعة أعين :عين فقئت فممي سممبيل اللممه ،وعيممن فاضممت مممن خشممية اللممه،
وعين باتت ساهرة من خشممية اللممه ،وعيممن بمماتت تحممرس سممرية مممن وراء
المسلمين".
]ص [259
حتى أبلغ عمل المجاهدين في سبيل الله؟ قال وما مالك؟ قال سممتة آلف،
قال لو تصدقت بها ما كان عدل نومة الغازي في سبيل الله" وروى محمممد
بن مقاتل العباداني عن أبيه قال :كان يقال من حلق رأسه في الرباط ثممم
دفنه كان له أجممر المرابممط ممما دام ذلممك الشممعر مممدفونا ً والشممعر ل يبلممى:
وروى عثمان بن عطاء عن أبيه قال :دخل رجل مع عبد الرحمن بن عمموف
في حائط له فأعتق ثلثين رقبة فجعل الرجل يتعجممب مممن ذلممك فقممال لممه
عبد الرحمن أفل أخبرك بعمل أفضل منه؟ قال نعم ،قال بينما رجممل يسممير
في سبيل الّله تعالى على دابته وسوطه متعلق في أصبعه إذ نعممس نعسممة
فسقط سوطه فلزعته بسوطه أفضل مما رأيتني صنعت .وذكممر عبممد الل ّممه
بن المبارك بإسناده عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قال "يبعث الل ّممه
يوم القيامة أقواما ً يمرون على الصراط كهيئة الريممح ليمس عليهممم حسماب
ول عذاب قالوا من هم يما رسممول اللمه؟ قمال أقوامما ً يمدركهم مموتهم فممي
الرباط" وروى أبو أمامة الباهلي رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله
عليه وسلم أنه قال "أربعة تجمري عليهمم أجممورهم بعممد مموتهم :ممن ممات
مرابطا ً في سبيل الله ،ومن مات وعلم علما ً أجري له أجر مممن عمممل بممه،
ومن تصدق بصدقة جارية من ماله فأجرهما يجمري لمه مما داممت الصمدقة،
ورجل ترك ولدا صالحا ً وهو يدعو له".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :سمعت الفقيه أبا جعفر يممذكر عممن أبممي
القاسم عن نصير عن أبي مطيع أنه قال :الرباط الذي جاء فيه الفضل هممو
الرباط الممذي ل يكممون وراءه إسمملم ،وروى سممفيان بممن عيينممة رضممي الل ّممه
تعالى عنه أنه قال :إذا أغار العدو علممى موضمع فممذلك الموضمع ربماط إلممى
أربعين سنة وإذا أغار مرتين فهو رباط إلى مممائة وعشممرين سممنة وإذا أغممار
ثلث مرات فهو رباط إلى يوم القيامة.
]ص [260
بين الغراض .وعن مجاهد قال :رأيت ابن عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما
يشتد ّ بين الهدفين في قميص ،وعممن حذيفمة رضمي الل ّممه تعممالى عنممه :كممان
يشتد ّ بين الهدفين في قميص واحد .وروى عن رسول الّله صلى الّله عليممه
وسلم أنه قال لسعد يوم أحد "ارم يا سعد فداك أبي وأمي".
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :في هذا الخبر بيان فضل الرمي لن النبي
صلى الّله عليه وسلم لم يقل لحد فداك أبي وأمي إل لسعد لجل أنه كان
راميًا ،ودعا النبي صلى الّله عليممه وسمملم لسممعد فقممال "اللهممم سممدد رميممه
وأجب دعوته" وعن عمرو بن شرحبيل أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال
"البل عز لهلها ،والغنم بركة .والخيل معقود في نواصيها الخيممر إلممى يمموم
القيامة" وفي خبر آخر "العّز في نواصي الخيل ،والمذل فمي أذنماب البقمر"
يعني إذا اشتغل النمماس بالجهمماد كممان فيممه عممز السمملم وإذا تركمموا الجهمماد
واتبعوا أذناب البقر ذلوا .وعن عمرو بن عنبسة عن النبي صلى الّلممه عليممه
وسلم أنه قال "من رمى سهما ً في سبيل الّله فهو عدل محرر" يعني مثممل
عتق رقبة ،وعممن عقبممة بممن عممامر أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال
"ستفتح لكم الرض وتكفون المؤنة فل يعجزن أحممدكم أن يلهمموا بأسممهمه"
وعن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه :المغراض روضممة مممن ريمماض
الجنة ،والرامي على المغراض كالرامي على العدّو .والذي يرد السممهام لمه
بكل قدم عتق رقبة .وعن عقبة بن عامر رضي الّله تعالى عنه "أن رسممول
مما دوا ل َُهم ْ
م َ الّله صلى الّله عليه وسملم قمرأ علممى المنممبر هممذه اليمة }وَأ َ ِ
عم ّ
ة{ ثم قممال أل إن القمموة الرمممي قالهمما ثلثمما" وعممن النممبي ن قُوّ ٍ
م ْ ست َط َعْت ُ ْ
م ِ ا ْ
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من تممرك الرمممي بعممد ممما علمممه فقممد تممرك
سنة" وفي خبر آخر "نعمة تركها" .ويقال ل ينبغي للشممريف أن يممأنف مممن
أربعة وإن كان أميرا ،قيامه من مجلسه لوالممديه ،وخممدمته لضمميفه ،وقيممامه
على فرسه ،وخدمته لمن يؤدبه الذي يأخذ عنه العلم ،والله أعلم.
]ص [261
يسمممع ويطيممع لميممره ،وأن كممان عبممدا ً حبشمميا ً بعممد ممما كممان أميممرا ً عليممه،
سم في وجهه كلما لقيه وينفق أكثر مما والسادس أن يؤدي حق رفيقه ويتب ّ
هو ينفق ويمرضمه ويقموم فمي حموائجه ،والسمابع أن ل يمؤذي فمي طريقمه
ل مممنمسلما ً ول معاهدًا ،والثامن أن ل يفّر من الزحف ،والتاسممع أن ل يغ م ّ
ة{ اليممة، ممما غ َم ّ الغنيمة شيئا ً لقوله تعالى }ومن يغل ُم ْ ْ
مم ِقَيا َ
م ال ِ
ل ي َموْ َ ت بِ َ
ل ي َمأ ِ َ َ ْ َْ
والعاشممر أن يريممد بغممزوه إعممزاز الممدين ونصممرة المممؤمنين ،ويقممال :ينبغممي
للغازي أن يكون له عشر خصممال فممي الحممرب :أولهمما أن يكممون فممي قلممب
السد ل يجبن ،وفي كبر النمر ل يتواضع لعدوه ،وفي شجاعة الممدب يقاتممل
بجميع جوارحه ،وفي حملة الخنزير ل يولى دبره إذا حمل عليه ،وفي إغارة
الذئب إذ أيس من وجه أغار من وجه آخر ،وفي حمل الثقيل كالنملة تحمل
أضعاف وزنها ،وفي ثباته كالحجر ل يزول من مكانه ،وفممي صممبره كالحممار
إذا أثقله نصول السهام وضرب السيوف ،وفي وفاء الكلب لو دخممل سمميده
النار لتبع أثره ،وفي التماس الفرص كالديك ،وفي الهزيمة كالثعلب.
]ص [262
أناجيلهم في صدورهم وكانوا يقرءون نظرا ً فاجعلهم أمممتي" قممال هممم أمممة
محمد صلى الّله عليه وسلم ،حتى كأنه تمنى موسى عليه الصلة والسمملم
أن يكون من أمة محمد صلى الّله عليه وسلم .فأوحى الل ّممه تعممالى إليممه يمما
موسى إني أصطفيك على الناس برسالتي وبكلمي فخممذ ممما آتيتممك وكممن
من الشاكرين ،ومن قوم موسى أمممة يهممدون بممالحق وبممه يعممدلون فرضممى
موسى عليه الصلة والسلم.
وروى مقاتل بن حبان أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "لممما أسممرى
بي إلى السماء انطلق جبريل عليه السلم حممتى انتهممى بممي إلممى الحجمماب
الكبر عند سدرة المنتهى قال جبريل عليه الصلة والسلم :تقدم يا محمد،
قلت :يا جبريل ل ،بل تقدم أنت .قممال :يمما محمممد ل ينبغممي لحممد غيممرك أن
يجاوز هذا المكان وأنت أكرم على الّله مني .قممال :فتقممدمت حممتى انتهيممت
إلى سرير من ذهب وعليممه فممراش مممن حريممر الجنممة فنممادى جبريممل عليممه
السلم من خلفي :يا محمد إن الّله يثنممي عليممك فاسمممع وأطممع ول يهولنممك
كلمممه ،فبممدأت بالثنمماء علممى الل ّممه تعممالى فقلممت :التحيممات للممه والصمملوات
والطيبات .قال الّله تعالى :السلم عليك أيها النممبي ورحمممة الل ّممه وبركمماته،
فقلت السلم علينا وعلى عباد الّله الصالحين ،وقممال جبريممل عليممه السمملم
أشممهد أن ل إلممه إل الّلممه وأشممهد أن محمممدا ً عبممده ورسمموله :قممال الّلممه
ن َرب ّهِ { فقلممت بممل يمما رب آمنممت بممك م ْ ل إ ِل َي ْهِ ِما ُأنزِ َ ل بِ َ سو ُ ن الّر ُ م َ تعالى}آ َ
َ
نمم ْ ح مد ٍ ِ نأ َ فمّرقُ ب َي ْم َ سمل ِهِ ل ن ُ َ مَلئ ِك َت ِهِ وَك ُت ُب ِمهِ وَُر ُ ن ِبالل ّهِ وَ َ م َ لآ َ ن كُ ّ مُنو َ مؤ ْ ِ}َوال ُ
ه{ كما فرقممت اليهممود بيمن موسممى وعيسممى عليهممما السمملم وفرقممت سل ِ ِ ُر ُ
سعََها{ يعني إل فسا ً ِإل وُ ْ ف الّله ن َ ْ النصارى بينهما .قال الّله عز وجل }ل ي ُك َل ّ ُ
ممما ت{ يعني لها ثواب ما كسممبت مممن الخيممر }وَع َل َي ْهَمما َ سب َ ْ ما ك َ َ طاقتها }ل ََها َ
ك ك َرب ّن َمما وَإ ِل َي ْم َ فَران َم َ ت{ مممن الشممر .ثممم قممال سممل تعممط فقلممت }غ ُ ْ س مب َ ْ اك ْت َ َ
صيُر{ يعني اغفر ذنوبنا فإنا مرجعنا إليك يوم القيامة .قمال الّلمه تعمالى: م ِ ال َ
قد غفرت لك ولمتك من وحدني وصدق بك ،ثم قال :يا محمد سممل تعممط،
خط َأ ْن َمما{ قممال الل ّممه تعممالى لممك ذلممك ل سمميَنا أ َوْ أ َ ْ ن نَ ِ خذ َْنا إ ِ ْ ؤا ِ فقلت }َرب َّنا ل ت ُ َ
أؤاخذكم بما نسيتم أو أخطأتم أو بما استكرهتم عليه ،ثم قممال :سممل تعممط
فقلت } ربنا ول تحمل علينا إصرا ً كما حملته على الذين من قبلنمما{ وذلممك
لن بني إسرائيل كممانوا إذا أخطئوا خطيئة ح مّرم الل ّممه عليهممم بممذلك أطيممب
ت م ط َي َّبمما ٍ مَنا ع َل َي ِْهمم ْحّر ْ دوا َ ها ُ ن َ ذي َ ن ال ّ ِم ْ الطعام كما قال الّله تعالى }فَب ِظ ُل ْم ٍ ِ
ما ل مل َْنا َ ح ّ م{ قال الّله تعالى لك ذلك سل تعط ،فقلت }َرب َّنا َول ت ُ َ ت ل َهُ ْ حل ّ ْ أُ ِ
ه{ فإن أمتي هم الضعفاء .قال الّله تعالى :لك ذلممك سممل تعممط، ة ل ََنا ب ِ ِ طاقَ َ َ
صمْرَنا ع َل َممى ال َ َ
قموْم ِ ولن َمما َفان ُ م ْ ت َ من َمما أن ْم َ ح ْ فمْر ل َن َمما َواْر َ ف ع َن ّمما َواغ ْ ِ فقلت }َواع ْ ُ
ن{". مائ َت َي ْ ِ ن ي َغْل ُِبوا ِ صاب ُِرو َ ن َ شُرو َ ع ْ م ِ من ْك ُ ْ ن ِن ي َك ُ ْ ن{ قال لك ذلك }إ ِ ْ ري َ كافِ ِ ال َ
قال :حدثنا الحاكم أبو الحسن السردري قال :حدثنا بكر بن منيممر حممدثنا
هاني بن النضر حدثنا أحمد بن خالد عن المسممعودي عممن مزاحممم بممن زفممر
عن مجاهد عن أبي هريرة
]ص [263
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليممه وسمملم أنممه قممال "أعطيممت
ّ
ن أحممد مممن النبيمماء قبلممي :أرسمملت إلممى الحمممر والسممود، خمسا ً لم يعطه ّ
وجعلت لي الرض مسجدا وطهورا ،ونصرت بالرعب مسيرة شممهر ،وأحممل
دخرتها لمتي". لي المغنم ،وأعطيت الشفاعة فا ّ
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا الفقيه أبو جعفر رحمه الّله تعممالى
"يحكى أن عمر بن الخطاب رضي الّله تعالى عنه كان له على يهوديّ حق،
فلقيه عمر رضي الّله تعالى عنه فقال :والمذي اصمطفى أبما القاسمم علمى
البشر ل تفارقني وأنا طالبك بشيء ،فقممال اليهممودي ممما اصممطفى الل ّممه أبمما
القاسم على البشر ،فرفع عمر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه يممده فلطممم خممده،
فقال اليهودي بيني وبينك أبو القاسم ،وأتيا النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
فقال اليهودي إن عمر زعم أن الّله اصطفاك على البشر وإنممي زعمممت أن
الّله لم يصطفك على البشر فرفع يمده فلطمنممي ،فقممال النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أما أنت يا عمر فارضه من لطمتك ،ثم قال :بلى يمما يهممودي إن
ي الّله وإبراهيم خليل الّله وموسى نبي الّله وعيسى روح الّله وأنمما آدم صف ّ
حبيب الله ،بلى يا يهودي اسمان من أسماء الّله تعممالى سمممى بهممما أمممتي
سمى نفسه السلم وسمى أمتي المسلمين وسمى نفسه المؤمن وسمى
أمتي المؤمنين ،بلى يا يهودي طلبت يوممما ادخممره لنمما :يعنممي يمموم الجمعممة
فاليوم لنا وغدا ً لكم وبعد غد للنصارى ،بلى يما يهمودي أنتمم الّولمون ونحمن
الخرون السممابقون يمموم القيامممة ،بلممى يمما يهممودي إن الجنممة محرمممة علممى
النبياء حتى أدخلها أنا وإنها لمحرمة على المم حتى تدخلها أمممتي" .وقممال
كعب الحبار رضي الّله تعالى عنه :إن الّله تعممالى أكممرم هممذه المممة بثلثممة
أشياء كما أكرم بها أنبياءه :أحممدها أنمه جعممل كمل نممبي شماهدا ً علمى قمومه
ل ك ُل ُمموا
سم ُ َ
وجعل هذه المة شهداء على الناس ،وقال للرسممل }ي َمما أي ّهَمما الّر ُ
م{ .وقممال ما َرَزقْن َمماك ُ ْ ت َن ط َي َّبا ِم ْ صاِلحًا{ وقال }ك ُُلوا ِ
مُلوا َ ن الط ّي َّبا ِ
ت َواع ْ َ م ْ
ِ
م{ .ويقممال ُ َ َ
ب لك م ْ ج ْ ست َ ِ
عوِني أ ْ لكل نبي دعوة مستجابة وقال لهذه المة }اد ْ ُ
أن الّله تعالى أكرم هذه المة بخمس كرامممات :أولهمما أنممه خلقهممم ضممعفاء
حتى ل يتكبروا ،والثاني خلقهم صغارا في أنفسهم حتى تكون مؤنة الطعام
والشراب والثياب عليهم أقل ،والثممالث جعممل عمرهممم قصمميرا حممتى تكممون
ذنوبهم أقل ،والرابع جعلهم فقراء حتى يكممون حسممابهم فممي الخممرة أقممل،
والخامس جعلهم آخر المم حتى يكون بقمماؤهم فممي القممبر أقممل .وذكممر أن
آدم عليه الصلة والسلم قال :إن الّله تعالى أعطى أمة محمد صمملى الّلممه
عليه وسلم أربع كرامات ما أعطانيها أحدها إن قبول توبتي كان بمكة وأمة
محمد يتوبون في كل مكان فيتقبل الّله تمموبتهم ،والثمماني إنممي كنممت لبسمما
فلما عصيت جعلني عريانا وأمة محمد صلى الّله عليه وسلم يعصون عممراة
فيلبسهم الله ،والثالث أني لما عصيت فرق بيني وبين امرأتي وأمة محمممد
صلى الّله عليه وسلم يعصون ول يفرق بينهم
]ص [264
وبين أزواجهم ،والرابع أني عصيت في الجنة فممأخرجني منهمما وأمممة محمممد
صلى الّله عليه وسلم يعصون خارج الجنة فيدخلونها بالتوبة.
وروى عن علي رضي الّله تعالى عنه أنه قال "بينما النبي صلى الّله عليه
وسلم جالس مع المهاجرين والنصار إذ أقبل إليه جماعة من اليهود فقالوا
يا محمد إنا نسألك عن كلمات أعطاهن الّله تعالى لموسممى بممن عمممران ل
يعطيها إل نبيا ً مرسل أو ملكا ً مقربما ،فقمال النمبي صملى الّلمه عليمه وسملم
سلوا ،فقالوا يا محمد أخبرنا عن هذه الصلوات الخمس التي افترضها الل ّممه
على أمتك؟ فقال النبي صلى الّله عليه وسلم أممما صمملة الظهممر إذا زالممت
الشمس يسبح كل شيء لربه ،وأما صلة العصر فإنهمما السمماعة الممتي أكممل
فيها آدم عليه السلم من الشجرة ،وأما صلة المغرب فإنها السمماعة الممتي
تاب الّله على آدم عليه السلم فيهمما فممما مممن مممؤمن يصمملي هممذه الصمملة
محتسبا ثم يسأل الّله تعالى شيئا ً إل أعطاه إياه ،وأممما صمملة العتمممة فإنهمما
الصلة التي صلها المرسلون قبلممي ،وأممما صمملة الفجممر فممإن الشمممس إذا
طلعت تطلع بين قرني الشيطان ويسجد لها كل كافر من دون اللممه ،قممالوا
له صدقت يا محمد فما ثواب من صلى؟ قال النبي صلى الّله عليممه وسمملم
أما صلة الظهر فإنها الساعة التي تسعر فيها جهنم فما من مممؤمن يصمملي
هذه الصلة إل حرم الّله تعالى عليه لفحت جهنم يوم القيامممة ،وأممما صمملة
العصر فإنها الساعة التي أكل آدم عليه السلم فيها من الشمجرة فمما ممن
مؤمن يصلي هذه الصلة إل خرج من ذنوبه كيمموم ولممدته أمممه ثممم تل قمموله
طى{ وأممما صمملة المغممرب سم َصمملةِ الوُ ْ
ت َوال ّ ص مل َ َ
وا ِ ظوا ع ََلى ال ّ
حافِ ُ
تعالى } َ
فإنها الساعة التي تاب الّله فيهمما علممى آدم عليممه السمملم فممما مممن مممؤمن
يصلي هذه الصلة محتسبا ً ثم يسأل الّله تعالى شميئا ً إل أعطماه إيماه ،وأمما
صلة العتمة فإن القبر ظلمة ويوم القيامة ظلمة فما من مؤمن مشى في
ظلمة الليل إلى صلة العتمة إل حرم الل ّممه عليممه وقممود النممار ويعطممى نممورا
يجوز به على الصمراط ،وأمما صمملة الفجمر فممما ممن ممؤمن يصملي الفجممر
أربعين يوما ً في جماعة إل أعطاه الّله براءتين براءة من النممار وبممراءة مممن
النفاق .قالوا صدقت يا محمد ،ولم افترض الّله علممى أمتممك الصمموم ثلثيممن
يومًا؟ قال :إن آدم عليه السلم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه مقممدار
ثلثين يوما ً فافترض الل ّممه علممى ذريتممه الجمموع ثلثيممن يومما ً ويممأكلون بالليممل
تفضل ً من الّله تعالى على خلقه .قالوا صدقت يا محمد ،فأخبرنمما ممما ثممواب
صيام أمتك؟ قال :ما من عبد يصمموم مممن شممهر رمضممان يوم ما ً محتسممبا ً إل
أعطاه الّله سممبع خصممال :يممذوب اللحممم الحممرام مممن جسممده ،ويقربممه مممن
رحمته ويعطيه خير العمال ،ويممؤمنه مممن الجمموع والعطممش ،ويهممون عليممه
عذاب القبر ،ويعطيه الّله نورا ً يوم القيامة حتى يجاوز به الصراط ،ويعطيه
الكرامات فممي الجنممة ،قممالوا صممدقت يمما محمممد ،فأخبرنمما ممما فضمملك علممى
النبيين؟ قال فما من نبي إل دعا
]ص [265
على قومه بالهلك وأنا ادخرت دعوتي لمتي :يعني الشفاعة ،قالوا صدقت
يا محمد نشهد أن ل إله إل الّله وأنك رسول الله".
وعن كعب الحبار رضي الّله تعالى عنه قال :قرأت في بعممض ممما أنممزل
على موسى عليه السلم :يا موسممى ركعتممان يصممليهما أحمممد وأمتممه وهممي
صلة الغداة من يصليهما غفرت له ما أصاب من الممذنوب مممن ليلممه ويممومه
ذلك ويكون في ذمتي ،يا موسممى أربممع ركعممات يصممليها أحمممد وأمتممه وهممي
صلة الظهممر أعطيهممم بمأول ركعممة منهمما المغفممرة وبالثانيممة أثقممل ميزانهممم
وبالثالثة أوكل عليهم الملئكة يسبحون ويستغفرون لهم وبالرابعة أفتح لهم
أبواب السماء ويشرفن عليهم الحور العين ،يا موسى أربع ركعممات يصممليها
أحمد وأمته وهمي صملة العصمر فل يبقمى ملمك فمي السمموات والرض إل
استغفر لهم ومن استغفرت له الملئكة لم أعذبه ،يا موسممى ثلث ركعممات
يصليها أحمد وأمته حين تغرب الشمس أفتح لهم أبواب السماء ل يسممألون
من حاجة إل قضيتها لهم .يا موسى أربع ركعات يصممليها أحمممد وأمتممه حيممن
يغيب الشفق وهي خير لهم من الدنيا وما فيها ويخرجون من ذنوبهم كيمموم
ولدتهم أمهم ،يا موسى يتوضأ أحمد وأمته كما أمرتهم أعطيهم بكل قطرة
تقطر من الماء جنة عرضها كعرض السماء والرض ،يا موسى يصوم أحمد
وأمته شهرا ً في كل سنة وهو شهر رمضان أعطيهم بصيام كل يمموم مدينممة
في الجنة وأعطيهم بكل خير يعملون فيه من التطوع أجممر فريضممة وأجعممل
فيه ليلة القدر من استغفر منهم فيها مرة واحدة نادما ً صادقا ً مممن قلبممه إن
مات من ليله أو شهره أعطيته أجر ثلثين شممهيدًا .يمما موسممى إن فممي أمممة
محمد رجال ً يقومون على كممل شممرف يشمهدون بشمهادة أن ل إلمه إل الل ّممه
فجزاؤهم بذلك جزاء النبياء عليهم الصلة والسلم ورحمتي عليهممم واجبممة
وغضبي بعيد منهم ول أحجب باب التوبة عن واحد منهم ما داموا يشممهدون
أن ل إله إل الله.
وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم
قال "إن أول من يدعى يوم القيامة نوح عليه السلم وأمتممه ،ثممم يقممال لممه
هل بلغت ما أرسلت به؟ فيقول نعم يا رب ،ثم يقال لقومه هل بلغكم نوح
رسالة الله؟ فيقولون ل ،والله ،ولئن كنت أرسلت إلينا رسممول ً لنتبممع آياتممك
ونكون من المؤمنين فما بلغنا ما أمر به .فقال لنوح عليه السلم إن هممؤلء
يزعمون أنك لم تبلغهم فهل لك عليهم من شهيد؟ فيقول نعم ،فيقممال مممن
هم؟ فيقممال هممم أمممة محمممد صمملى الل ّممه عليممه وسمملم ،فيممدعون ويسممألون
فيقولون نعم نشهد أن نوحا ً عليه السلم قد بلممغ قممومه ،فيقممول قمموم نمموح
كيف تشهدون علينا ونحن أول المم وأنتم آخر المم؟ فيقولممون نشممهد أن
الّله تعالى بعث إلينمما رسممول ً وأنممزل عليممه الكتمماب وكممان فيممما أنممزل عليممه
خبركم" قال أبو هريرة رضي الّله تعالى
]ص [266
كعنه :نحن الخرون ونحن الولون يوم القيامة فذلك قمموله تعممالى }وَك َمذ َل ِ َ
جعل ْناك ُ ُ
ل ع َل َي ْك ُم ْ
م سممو ُ س وَي َك ُممو َ
ن الّر ُ َ
داَء ع َلممى الن ّمما ِ
شمهَ َ سطا ً ل ِت َ ُ
كوُنموا ُ ة وَ َ
م ً
مأ َّ َ َ ْ
شِهيدًا{. َ
]ص [267
لو أن الزوج سال من أحد منخريه دم ومن الخر صديد فلحسته المرأة ممما
أدت حق زوجها".
]ص [269
فوق ثلثة أيام ومدمن خمر ،وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون" .وعن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "أل أنبئكم بصممدقة يسمميرة يحبهمما الل ّممه
تعالى؟ قالوا بلى يا رسول الله .قال إصلح ذات البين إذا تقمماطعوا" .وعممن
أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم قممال "أل
أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلة والصدقة؟ قالوا بلى .قال إصلح
ذات البين إذا تقاطعوا" .وروى عن بعض الصحابة رضي الل ّممه تعممالى عنهممم
أنه قال :من عجز عن ثمانية فعليه بثمانية أخرى لينممال فضمملها :أولهمما مممن
أراد فضل صلة الليل وهو نائم فل يعصي بالنهممار ،والثمماني مممن أراد فضممل
صيام التطوع وهو مفطر فليحفظ لسانه ،والثممالث مممن أراد فضممل العلمماء
فعليه بالتفكر ،والرابع من أراد فضل المجاهدين والغزاة وهو قاعد في بيته
فليجاهد الشيطان ،والخامس مممن أراد فضممل الصممدقة وهممو عمماجز فليعلممم
الناس ما سمع من العلم ،والسادس من أراد فضل الحج وهو عاجز فيلممزم
الجمعة ،والسابع من أراد فضل العابدين فليصلح بين الناس ول يوقع بينهم
العداوة والبغضاء ،والثامن من أراد فضل البدال فليضممع يممده علممى صممدره
ويرضى لخيه ما يرضى لنفسه ،وعن علي بممن الحسممن رضممي الل ّممه تعممالى
عنهما قال:إذا جممع الّلمه الوليمن والخريمن نمادى منماد أيمن أهمل الفضمل،
فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة ،فتتلقاهم الملئكة فيقولون من أنتممم.
فيقولون نريد الجنة ،فتقول الملئكة أقبممل الحسمماب؟ فيقولممون نعممم قبممل
الحساب ،فيقولون من أنتم؟ فيقولون نحن أهل الفضل فيقولممون ممما كممان
فضلكم في الدنيا؟ قالوا إنا كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذا أسيء إلينا عفونا،
ن{ ثم ينادي مناد أين أهممل فتقول الملئكة ادخلوا الجنة }فَن ِع َ
مِلي َ
جُر الَعا ِمأ ْ ْ َ
الصبر؟ فيقوم عنق من النمماس يريممدون الجنممة ،فتقممول لهممم الملئكممة أيممن
تريدون؟ قالوا نريد الجنة فتقول الملئكة أقبل الحساب؟ قالوا نعم فتقممول
الملئكممة مممن أنتممم؟ قممالوا نحممن أهممل الصممبر ،فتقممول وممما كممان صممبركم؟
فيقولون صبر بأنفسنا على طاعة الّله وصبرناها عن معاصي اللممه ،فتقممول
ن{ ثم ينادي مناد أين جيران الّله الملئكة ادخلوا الجنة؟ }فَن ِع َ
مِلي َ
جُر الَعا ِمأ ْْ َ
في داره؟ فيقوم عنممق مممن النمماس يريممدون الجنممة؟ فتقممول الملئكممة أيممن
تريدون؟ فيقولون نريد الجنة ،فتقممول الملئكممة أقبممل الحسمماب؟ فيقولممون
نعم ،فتقممول الملئكممة ممن أنتممم؟ فيقولمون نحمن جيمران الل ّممه فمي أرضمه،
ب فمي الّلمه وكنمما نتبمادل فممي فيقولون وما كان جواركم؟ فيقولون كنا نتحا ّ
َ
ج مُر
مأ ْالل ّممه وكنمما نممتزاور فممي اللممه ،فتقممول الملئكممة ادخلمموا الجنممة }فَن ِعْ م َ
ن{(.مِلي َ
الَعا ِ
وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم
ي؟ فمموعزتي أنه قال "إن الّله تعالى يقول يمموم القيامممة أيممن المتحممابون فم ّ
وجللي اليوم أظلهم بظلي يوم ل ظل إل ظلمي" .وعمن أبمي أماممة رضمي
الّله تعالى عنه قال :امش ميل وعد مريضا ،وامش ميلين وزر أخا ً في الله،
وامش ثلثة أميال وأصلح بين اثنين" .وعن أنس بن مالك رضي الّله تعمالى
عنه قال" :من أصلح
]ص [270
بين اثنين أعطاه الّله بكل كلمة عتق رقبة .وقال أبو بكر الوراق رضي الّله
تعالى عنه :إن الّله بعث نبيه عليه الصلة والسلم ليممدعو الخلممق إلممى الل ّممه
تعالى ،وإنما طلممب منهممم عمممل أربعمة أشممياء :القلممب واللسمان والجمموراح
والخلق ،وإنما طلب من كممل واحممد مممن هممذه الربعممة شمميئين :أممما القلممب
فطلب منه تعظيم أمممور الل ّممه تعممالى والشممفقة علممى خلقممه ،وأممما اللسممان
فطلب منه ذكر الل ّممه تعممالى علممى الممدوام ومممداراة الخلممق ،وأممما الجمموارح
فطلب منها عبادة الّله تعالى وعممون المسملمين ،وأممما الخلمق فطلممب منمه
الرضا بقضاء الل ّممه تعممالى وحسممن المعاشممرة مممع الخلممق واحتمممال أذاهممم.
وروى سهل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الممداري رضممي الل ّممه
تعممالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "أل إنممما الممدين
النصيحة .قالها ثلثًا .قالوا لمن يا رسول الله؟ قممال للممه ولرسمموله ولكتممابه
ولئمة المؤمنين ولعامتهم".
)قال الفقيه( رحمه الله :النصيحة لله تعالى أن تؤمن بالله ول تشرك به
شيئا وتعمل بما أمر الّله به وتنتهي عما نهى عنه وتممدعو النمماس إلممى ذلممك
وتدلهم عليه ،وأما النصيحة لرسوله فأن تعمل بسممنته وتممدعو النمماس إليهمما
وأما النصيحة لكتابه فأن تؤمن به وتتلوه وتعمل بما فيه وتدعو الناس إليه.
وأممما النصمميحة للئمممة فممأن ل تخممرج عليهممم بالسمميف وتممدعو لهممم بالعممدل
والنصاف وتد ّ
ل الناس إليه .وأممما النصمميحة للعامممة فهممو أن تحممب لهممم ممما
ي
تحب لنفسك وأن تصلح بينهم ول تهجرهم وتدعو لهم بالصلح .وقممال عل م ّ
بن أبي طالب كرم الّله وجهه :إن مممن موجبممات المغفممرة إدخممال السممرور
على أخيك المسلم .وروى معمر عن الزهري عن حميد عن أمممه أم كلثمموم
بنت عقبة عن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "ليممس بالكمماذب مممن
أصلح بين الناس فقال خيرا ً أو نمى خيرا ،وأما الصلح بين النمماس فشممعبة
من شعب النبوة والصرم بين الناس شعبة من شممعب السممحر" وروى عممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "أفضممل النمماس عنممد الل ّممه تعممالى يمموم
القيامة ثوابا أنفعهم للناس في الدنيا ،وأن المتقربين عند الّله يوم القيامممة
المصلحون بين الناس".
]ص [271
عن الليث عن الحسن بن مسلم عن عبيد بممن عميممر أن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم قال "ما ازداد رجل من السلطان قربا ً إل ازداد من الّلممه بعممدا،
ول كثرت أتباعه إل كثرت شياطينه ،ول كثر ممماله إل اشممتد ّ حسممابه" وقممال
حذيفة رضي الل ّممه تعممالى عنممه :إيمماكم ومواقممف الفتممن ،قيممل وممما مواقممف
الفتن؟ قال أبواب المراء .وقيل لبمن عممر رضمي الّلمه تعمالى عنهمما :إنما
ندخل على السلطان فنتكلم بالكلم فإذا خرجنمما تكلمنمما بخلفممه؟ قممال كنمما
دها من النفاق .وعن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنممه قممال :إن الرجممل نع ّ
ليدخل على ذي سلطان ومعه دينه فيخرج وما معه دينه ،قيل وكيف ذلممك؟
قال يرضميه بمما يسمخط اللمه .وقمال بعمض المتقمدمين :إذا رأيمت القممارئ
يختلف إلى الغنياء فاعلم أنه مراء ،وإذا رأيممت عالمما يختلمف إلممى المممراء
فاعلم أنه أحمق .وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه قممال :ليممس شمميء
أضر بهذه المة من ثلث :حب الدينار والدرهم ،وحب الرياسة ،وإتيان باب
السلطان ،وقد جعل الّله منهن مخرجا .وعن مكحول رضي الّله تعالى عنه
قال :من تعلم القرآن وتفقه في الدين ثم أتى باب السمملطان متملق ما ً إليممه
ومطيعا ً له بين يديه خماض فمي نمار جهنممم بعممدد خطماه .وعمن ميممون بمن
مهران قال :في صحبة السلطان خطران إن أطعتممه خمماطرت بممدينك ،وإن
عصيته خاطرت بنفسك ،والسلمة أن ل يعرفك .وعن الفضمميل بممن عيمماض
رحمه الّله قال :لو أن رجل ً ل يخالط هؤلء :يعني السلطين ،ول يزيد علممى
الفرائض فهو أفضل من رجل يخالط السلطان ويصوم النهار ويقمموم الليممل
ويحج ويجاهد .ويقال ما أقبح عالما يقال أين هو فيقال عند المير.
وروى الحسن رحمه الّله عن النبي صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال "ل
تزال يد الّله على هذه المة ما لم يعظم أبرارهم فجممارهم ،وممما لممم يرفممق
خيارهم بشرارهم ،وما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم ،فإذا فعلمموا ذلممك رفممع
الّله عنهم البركة وسلط عليهم جبابرتهم وقذف في قلوبهم الرعب وأنممزل
عليهم الفاقة" وعن عيسى بن مريم صلوات الّله وسلمه عليهما أنه قممال:
يا معشر العلماء زغتم عن الطريق وأحببتم الدنيا ،فكما أن الملمموك تركمموا
الحكمة عندكم فاتركوا ملكهم عليهم .وعن شقيق بمن سملمة أن عممر بمن
الخطاب رضممي الل ّممه تعممالى عنممه اسممتعمل بشممر بممن عاصممم الثقفممي علممى
صدقات هوازن فتخلف فلقيه عمر رضي الّله تعالى عنه فقال :ما خلفممك؟
أما ترى لنا عليك سمعا ً وطاعة؟ قال بلى ولكني سمعت رسول الّله صمملى
الّله عليه وسلم قال "من ولى أحدا ً من الناس أتممى بممه يمموم القيامممة حممتى
يوقف به على جسر جهنم فإن كان محسنا ً نجا وإن كان مسمميئا ً انخممرق بمه
الجسر فيهوى فيها سبعين خريفًا" فخرج عمر رضي الّله عنممه حزين ما ً كئيب ما ً
فلقيه أبو ذر رضي الّله تعالى عنه فقال لممه مممالي أراك حزين ما ً كئيب مًا؟ قممال
وما يمنعني وقد سمعت بشر بن عاصم يقممول كممذا وكممذا ،قممال أبممو ذر أممما
سمعت ذلك؟ قال عمر ل ،قال أبو ذر أشهد أني سمعت رسول الّله صمملى
الّله عليه وسلم يقول "من
]ص [272
ولى أحدا ً من الناس أتى به يوم القيامة حتى يوقف به علممى جسممر جهنممم،
فإن كان محسنا ً نجا وإن كان مسيئا ً انخرق به الجسر فيهوي فيهمما سممبعين
خريفا ً وهي سوداء مظلمة" وروت عائشة رضي الّله تعالى عنها عن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "يجاء بقاضي العدل يوم القيامة فيلقى مممن
شدة الحساب ما يود أن لم يكن قضى بين اثنيممن قممط" وعممن أبممي هريممرة
رضي الّله تعالى عنه عن النبي أنه قال "من جعل على القضاء فكأنما ذبممح
بغير بسكين" وعن أبي حنيفة رضي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه دخممل علممى أبممي
جعفر الدوانيقي فقال :يا أبا حنيفة أعنا على أمرنا؟ فقال أبممو حنيفممة أنمما ل
أصلح لهذا المر .فقال لممه سممبحان الل ّممه أعنمما علممى أمرنمما؟ فقممال يمما أميممر
المممؤمنين إن كنممت صممادقا ً فقممد أخبرتممك وإن كنممت كاذبما ً فل يحممل لممك أن
توليني هذا المر.
وعن أبي موسى الشعري رضي الّله تعالى عنه قال "خرجت إلى رسول
الّله صلى الّله عليه وسلم فصحبني رجلن ،فلممما دخلنمما علممى رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم قال يما رسمول الّلمه اسمتعملنا علمى بعمض أعمالمك؟
فقال النبي صلى الّلمه عليمه وسملم إنما ل نسمتعمل علمى عملنما ممن أراده
وطلبه" وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال لكعب بن عجرة يا كعممب
أعيذك بالله من إمارة السفهاء ،ثلث مرات ،أمراء يكونون من بعدي فمممن
صدقهم على كذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك مني برآ ٍ وأنا منهم بريممء
يا كعب بن عجرة كل لحم نبت من السحت فالنار أولممى بممه ،يمما كعممب بممن
عجرة الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصمملة قربممان ،يمما كعممب بممن
عجرة الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها" قال حدثنا
أبي رحمممه الل ّممه بإسممناده قممال :حممدثنا أبممو عبممد الل ّممه الطالقمماني بسمممرقند
قال:حدثنا الزبير بن بكار الزبيري حدثنا عيسى بن يونس عممن موسممى بممن
عبد الصمد عن زاذان قال :كنا مع عبد الل ّممه بممن عبمماس رضممي الل ّممه تعممالى
عنهما على سطح له وله من رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم صممحبة
فرأى الناس يتحملون وينتقلون فقال ما بالهم؟ قيل يفرون من الطمماعون،
فقال يا طاعون خذني يا طاعون خذني ،فقيل له لممم تممدعو بممالموت وأنممت
صاحب رسول الّله وقد سمعته ينهى عنه؟ فقال أسأل الّله الموت لخصال
وفهن على أمتممه ،قلنمما ممما ست رأيت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يتخ ّ
ن؟ قال إمارة الصبيان ،وكثرة الشممرط ،والرشمموة فممي الحكممم ،وقطيعممة ه ّ
الرحم ،واسممتخفاف بالذمممة ،ونشممء يتخممذون هممذا القممرآن مزمممارا مهجممرا ً
يقدمون الرجل وما هو بأفضلهم ول بأفقههم إل ليغنيهم بالقرآن غناء .وعن
الحسن البصري رحمه الّله أنه مّر على بمماب ابممن هممبيرة فممرأى قوم ما ً مممن
القراء قال :ما ظنكم يا هؤلء القراء ليس هذا من مجالس التقياء.
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "إيمماكم وجيممران الغنيمماء وعلممماء
المراء وقراء السواق" وعن الضحاك بن مزاحم قال :إنممي لتقلممب الليلممة
كلها على فراشي ألتمس كلمة أرضى بها
]ص [273
سلطاني ول أسخط بها خالقي فل أقدر عليها .وذكر أن عيسى بن موسممى
لقي ابن شبرمة فقال له مالك ل تأتينا؟ قال وما أصممنع بإتيانممك إن قّربتنممي
فتنتني وإن أبعدتني آذيتني وما عندي ما أخافك وما عندي ما أرجوك .وقال
ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما :اجتنبوا أبواب الملوك فإنكم ل تصمميبون
من دنياهم شيئا ً إل أصممابوا مممن آخرتكممم ممما هممو أفضممل منممه .وقممال بعممض
المتقممدمين :دخولممك علممى الملمموك يممدعوك إلممى ثلث :إيثممارك رضمماهم،
وتعظيمك دنياهم ،وتزكيتك عملهم ،ل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم.
]ص [274
ثلث مرات فطهريهمما" وعممن جعفممر بممن برقممان عممن شمميخ عممن رجممل مممن
المهاجرين أنه عاد مريضا فقال:بلغني أن للمريض في مرضه أربع خصمال:
يرفع عنه القلم ،ويجري له من الجر مثممل الممذي كممان يعمممل وهممو صممحيح،
ويتبع كل خطيئة في مفاصله فيستخرجها فإن مممات مممات مغفممورا ً لممه وإن
عاش عاش مغفورا ً له .وعن معاذ بن جبل رضي الّله تعالى عنممه قممال" إذا
ابتلى الّله العبد المؤمن بالسممقم قممال لصمماحب الشمممال ارفممع القلممم عنممه
وقال لصاحب اليمين اكتب لعبدي أحسن ما كممان يعمممل وهممو صممحيح فممإنه
في وثاقي".
ّ
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال إن الحمى جاءت إلى رسول
الله صلى الّله عليه وسلم تشبه امرأة سوداء فقال لها من أنت؟ قالت أنمما
أم ملدم ،وقال وما تصنعين يا أم ملممدم؟ قممالت آكمل اللحمم وأنشمف الممدم
وإن حرى من فيح جهنم ،فعرف أنها الحمى،فقالت يا رسممول الل ّممه ابعثنممي
إلى أحب أهلك إليك؟ قال فبعثها إلى النصار فأخممذتهم سممبعة أيممام فبعثمموا
صريخهم إلى رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فدعا رسول الّله صلى الّله
عليه وسلم فرفعها الّله عنهم ،فكان رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم إذا
رآهم قال مرحبا بقوم طهرهمم الّلمه تطهيمرا" وعمن ابمن عممر رضمي الّلمه
تعالى عنهما عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" ل تكرهمموا مرضمماكم
على الطعام والشراب فممإن الل ّممه تعممالى يطعمهممم ويسممقيهم" وعممن النممبي
صلى الّله عليه وسلم أنه قال" أنين المريض تسبيح وصياحه تهليل ونفسممه
صدقة ونومه عبادة وتقلبه من جانب إلى جانب جهاد في سبيل الّله ويكتب
له أحسن ما كان يعمل في الصحة" وعن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنممه
قممال" أربممع يسممتأنفون العمممل :المريممض إذا برىممء ،والمشممرك إذا أسمملم،
والمنصرف من الجمعة إيمانا واحتسابا ،والحمماج مممن كسممب الحلل" وعممن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال" ثلث من كنوز الممبر :كتمممان المممرض،
وكتمان الصدقة ،وكتمان المصيبة" وروى عن رسول الله صمملى الل ّممه عليممه
وسلم " إنه دخل على سلمان رضي الّله تعالى عنه وهو مريض فقممال :إن
لممك فممي مضممجعك ثلث خصممال أولهمما تممذكرة مممن ربممك ،والثمماني تمحيممص
وكفارة لما سلف من ذنوبك ،والثالث أن دعاء المبتلي مستجاب فادع الل ّممه
ما استطعت" وعن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه قممال :إن السممقيم
ل يكتب له أجر إنما الجر في العمل ولكن يكفر به الخطايا.
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :ل يكتب له بالمرض ولكنه يكتب له مثل
عمله الذي كان يعمل إذا كان محسنا وعجز عن العممل ويعلمم الّلمه تعمالى
أنه لو كان صحيحا لكان يعمل مثل ما كان يعمله فإنه يكتب له ثممواب تلممك
العمال ويكون المرض كفارة لذنوبه :يعني إذا تاب من ذنموبه وأممما إذا لمم
يتب ومن نيته أنه إذا برىء من مرضه يعود إلى مثل أعماله الخبيثة فممإنه ل
يكفر عنه .وعن الحسن البصري رضي الّله تعالى عنه أن النبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم قممال "الحمممى حفممظ كممل ممؤمن مممن النممار" وعممن أبممي سممعيد
الخدري رضي الّله تعالى
]ص [275
ّ
عنه عن النبي صلى الله عليه وسمملم قممال "قممال ربكممم وعزتممي وجللممي ل
أخرج عبدا من الممدنيا وأنمما أريممد أن أرحمممه حممتى أنقيممه مممن خطيئة عملهمما
بسقم في جسده أو ضيق في معيشته ،فإن تبقى عليه منها شيء شممددت
ي كما ولدته أمه ،ول أخرج عبدا ً مممن الممدنيا وأنمما عليه الموت حتى يجيء إل ّ
أريد أن أعذبه حتى أوفيه كل حسنة عملها بصحة في جسممده أو سممعة فممي
ي وليسممت لممه رزقه فإن تبقى منها شيء هونت عليه الموت حتى يجيء إل ّ
حسنة" وعن عاصم الحول عن أبي العالية قال :كنمما نحممدث منممذ خمسممين
سنة أن الرجل إذا مرض مرضا ً يشرف منممه علممى نفسممه خممرج مممن ذنمموبه
كيوم ولدته أمه ويقول الّله تعالى :اكتبوا لعبدي ما كممان يعمممل فممي صممحته
حتى أقبضه أو أخلي سبيله .وعن البني صلى الّله عليه وسلم أنه قال "من
عاد مريضا ً لم يزل يخوض في الرحمة فإذا جلس عنده انغمس فيها" وعن
ابن عمر رضي الّله تعالى عنهما عن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنمه قمال
"من عاد مريضا ً فكأنما صام يوما في سبيل الّله اليوم بسبعمائة يوم ،ومن
تبع جنازة فكأنما صام يوما ً فممي سممبيل الل ّممه تعممالى اليمموم بسممبعمائة يمموم.
وروى أن رجل ً جاء إلممى أم الممدرداء رضممي الل ّممه تعممالى عنهمما فشممكى إليهمما
القساوة من قلبه قالت هي أعظم الداء ولكن عد المريض ،وشيع الجنازة،
وأطلع في القبور ،ففعل فكأنه يرى من نفسه ما يسره فرجع إليهمما فقممال:
جزاك الّله خيرًا.
]ص [276
يحيى بن يعمر عن أبي ذر رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "يصبح على كل سلمي من بني آدم كل يوم صدقة ،ثم قال
أمرك بالمعروف صدقة ونهيك عن المنكر صدقة وذكممر الل ّممه تعمالى صممدقة
ومباضعتك أهلك صدقة ،قلنا يا رسول الّله أيقضي الرجل شهوته ويكون له
صدقة؟ قال أرأيت لو فعل ذلك فيما حرم الّله عليه أليس كان عليممه إثممم؟
ل الّله كانت له صدقة .قممال :ويجممزئ عممن قالوا بلى ،قال إذا فعلها فيما أح ّ
ذلك كله ركعتا الضحى" .قال :حدثنا الفقيه أبو جعفر رحمه الّله قال :حدثنا
علي بن أحمد حدثنا محمد بن الفضيل حدثنا زيد بن حبان عممن موسممى بممن
عبيد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي رافع قال :قال رسول الّله صلى الّله
عليه وسلم للعباس رضي الّله تعالى عنممه "يمما عممم أل أصمملك أل أحبمموك أل
ل أربع ركعات تقرأ في كممل أنفعك؟ قال بلى فداك أبي وأمي ،قال قم فص ّ
ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا انقضت القراءة قل سممبحان الل ّممه والحمممد
لله ول إله إل الّله والله أكبر خمس عشرة مرة ،ثم اركع فقلهمما عشممرا ً ثممم
ارفع رأسك فقلها عشرا ثم اسجد فقلها عشرا ثم ارفع رأسك فقلها عشرا ً
ثم اسجد فقلها عشرا ً ثم ارفع رأسك فقلهمما عشممرا ً قبممل أن تقمموم ،فممذلك
خمس وسبعون في كل ركعممة وهممي ثلثمممائة فممي أربممع ركعممات فلممو كممانت
ذنوبك مثل رمل عالج غفرها الّله لك .قال :ومن لم يستطع أن يفعلها كممل
يوم قال يفعلها كل جمعة قال فإن لم يستطع قال يفعلها كل شهر فإن لم
يستطع قال يفعلها في كل سنة" وعن كعب الحبار رضي الّله تعممالى عنممه
وع لرأى ذلك أعظم مممن أنه قال :لو أن أحدكم رأى ثواب ركعتين من التط ّ
الجبال الرواسي ،فأما المكتوبة فهي أعظم من أن يقال فيها.
وعن زيد بن خالد الجهني عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال
"صلوا في بيوتكم ول تتخذوها قبورًا" وعن سمرة بن جندب عن رجممل ممن
أصحاب رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال :تطوع الرجل فممي بيتممه
يزيد على تطوعه عند الناس كفضل صلة الجماعة على صلته وحده .وعن
النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "صمملة الرجممل فممي بيتممه تطوعما ً نممور
وروا بيوتكم" وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّلممه فن ّ
عليه وسلم أنه قال من صلى بين المغرب والعشمماء عشممرين ركعممة حفممظ
الّله له أهله وماله ودينه ودنياه وآخرته ،ومن صلى الغداة فقعد في مصله
حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعمتين جعمل الّلمه لمه حجابما ً ممن النمار يموم
القيامة" وروى زيد بن أسلم عن ابن عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما قممال
"قلت لبي ذر الغفاري رضي الّله تعالى عنه أوصني يما عمم؟ قمال :سمألت
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم كمما سمألتني فقمال :ممن صملى الضمحى
ركعتين لم يكتب من الغافلين ،ومن صلها أربعا ً كتب مممن العابممدين ،ومممن
صلها ستا ً لم يتبعه يومئذ ذنب ،ومن صلها ثمانيا ً كتب من القممانتين ،ومممن
صلها اثنتي عشرة ركعة بنى له بيت فمي الجنمة" وروى أبمو هريمرة رضمي
الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن للجنة بابا ً يقال
له باب الضحى فإذا كان
]ص [277
يوم القيامة نادى مناد أيمن المذين كمانوا يمديمون علمى صملة الضمحى همذا
بابكم فادخلوه" وعن عبد الّله بن مسعود رضي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال
"إذا كان الرجل في صلته فإنما يقرع باب الملك ،ومن يدم على قرع بماب
الملك يوشك أن يفتح له ،ويقال فضل صلة الليل على صلة النهار كفضممل
صدقة السر على صدقة العلنية .وعن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه
عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "ما من بقعة يصلى فيهمما صمملة أو
ذكر الّله عليها إل استبشرت بذلك إلى منتهاها إلى سممبع أرضممين و فخممرت
على ما حولها من البقاع ،وما من عبد يقوم بفلة من الرضين يريد الصلة
إل تزخرفت له الرض" وعن خالد بممن معممدان رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه
قال :بلغني أن ربمك يبماهي الملئكممة بثلثمة نفمر :رجممل يكمون بمأرض قفممر
فيؤذن ويقيم الصلة ثم يصلي وحده فيقول الّله تعالى انظممروا إلممى عبممدي
يصلي وحده ل يراه أحممد غيممري لينممزل سممبعون ألممف ملممك وليصمملوا وراءه
ورجل قام بالليل فيصلي وحده فيسجد فينممام وهممو سمماجد فيقممول انظممروا
ي ،ورجممل فممي زحممف غممزو فثبممت إلى عبدي روحه عندي وجسده ساجد إل ّ
حتى قتل" وعن المعافى بن عمران رضي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :عمّز
المؤمن استغناؤه عن الناس وشرفه قيامه بالليل.
]ص [278
دعاءه فوضعه على كتفه واعتذر إليه من صنيعه ،فلما فرغ من صلته أخبر
بذلك فقال إني لم أشعر من رفعه ول من وضعه .وذكر عن رابعة العدويممة
رحمها الّله أنها كانت في الصلة فسجدت على البواري فدخلت قطعة من
قصب في عينهمما فلممم تشممعر بهمما حممتى انصممرفت مممن الصمملة .وروى عممن
الحسن بن علي رضي الّله تعممالى عنهممما أنممه كممان إذا أراد أن يتوضممأ تغيممر
لونه ،فسئل عن ذلك فقال :إني أريد القيام بين يدي الملممك الجبممار ،وكممان
إذا أتى باب المسجد رفع رأسه ويقول :إلهي عبممدك ببابممك يمما محسممن قممد
أتاك المسمميء وقممد أمممرت المحسممن منمما أن يتجمماوز عممن المسمميء فممأنت
المحسن وأنا المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يمما كريممم
ثم دخل المسجد.
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم "أنه رأى رجل ً في الصمملة وهممو يعبممث
بلحيته فقال لمو خشمع قلبمه لخشمعت جموارحه" وروى عمن علمي بمن أبمي
طالب كرم الّله وجهه أنه كان إذا حضر وقت الصلة ارتعدت فرائضه وتغير
لونه ،فسئل عمن ذلمك فقمال :جماء وقمت المانمة المتي عرضمها الّلمه علمى
السممموات والرض والجبممال فممأبين أن يحملنهمما وأشممفقن منهمما وحملهمما
النسان ،فل أدري أحسن أداء ما حملممت أم ل .وروى هممذا أيض ما ً عممن زيممن
العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضمي الّلمه تعمالى عنهمم
وعن سعيد بن جبير رضي الّله تعالى عنه قال :كنا عنممد ابممن عبمماس رضممي
الّله تعالى عنهما في المسجد بالطممائف أنمما وعكرمممة وميمممون بممن مهممران
وأبو العالية وغيرهم رضوان الّله عليهم أجمعين إذا صعد المؤذن فقال الّله
أكبر الّله أكبر فبكى ابن عبمماس رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما حممتى بممل رداءه
وانتفخت أوداجه واحمرت عيناه ،فقال له أبو العالية يا ابن عم رسول الل ّممه
ما هذا البكاء وما هذا الجزع فإنا نسمع الذان ول نبكي فبكينا لبكائك؟ قال
ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما :لممو يعلممم النمماس ممما يقممول المممؤذن ممما
استراحوا ول ناموا ،فقيل له أخبرنا ما يقول المؤذن؟ قال إذا قال المممؤذن
الّله أكبر الّله أكبر يقول يا مشاغيل تفرغوا للذان وأريحوا البدان وتقممدموا
إلى خير عملكم ،وإذا قال المؤذن أشهد أن ل إلمه إل الّلمه يقمول أشمهد أن
جميع من في السموات ومن في الرض من الخلئق ليشهد لممي عنممد الل ّممه
يوم القيامة أني قد دعوتكم ،وإذا قال أشهد أن محممدا ً رسمول الّلمه يقمول
يشهد لي يوم القيامة النبياء كلهم ومحمد صمملى الل ّممه عليممه وسمملم عليهممم
أجمعين إني أخبرتكم في كل يوم خمس مرات ،وإذا قال حي على الصمملة
ي علمى يقول إن الّله تعالى قد أقام لكم همذا المدين فمأقيموه وإذا قمال حم ّ
الفلح يقول خوضوا في الرحمة وخذوا أسهمكم من الهممدى وإذا قممال الل ّممه
أكبر الّله أكبر يقول حرمت العمال قبممل الصمملة ،وإذا قممال ل إلممه إل الل ّممه
يقول أمانة سبع سموات وسبع أرضين وضممعت علممى أعنمماقكم فممإن شممئتم
فأقدموا وإن شئتم فأدبروا.
]ص [279
وعن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن الرجلين ليقومان في الصلة
وركوعهما وسجودهما واحد وإن ما بين صلتهما كما بين السممماء والرض"
ويقممال إنممما سمممى المحممراب محرابما ً لنممه موضممع الحممرب :يعنممي يحممارب
الشيطان حتى ل يشغل قلبه .وذكر أن حاتما ً الزاهد رحمه الّله دخممل علممى
عصام بن يوسف فقال له عصام :يمما حمماتم هممل تحسممن أن تصمملي؟ فقممال
نعم ،فقال كيف تصلي؟ قال إذا تقارب وقت الصمملة أسممبغت الوضمموء ثممم
أستوي في الموضع الذي أصملي فيمه حمتى يسمتقر كمل عضمو منمي ،وأرى
الكعبة بين حاجبي ،والمقام بحيال صدري والله تعالى يعلم ممما فممي قلممبي،
وكأن قدمي على الصراط :والجنممة عممن يمينممي والنممار عممن يسمماري وملممك
الموت خلفي ،وأظن أنها آخر صلتي ،ثم أكبر تكبيرة بإخبات وأقممرأ قممراءة
بالتفكر وأركع ركوعا ً بالتواضع وأسمجد سمجودا بالتضمرع ،ثمم أجلمس علمى
التمممام وأتشممهد علممى الرجمماء والخمموف وأسمملم علممى السممنة ،ثممم أسمملمها
بإخلص وأقوم بين الرجاء والخوف ،ثم أتعاهد بالصبر .قال عصام يمما حمماتم
كذا صلتك؟ قال هكذا صلتي ،قال منذ كم صلتك على هذا الوصف؟ قممال
منذ ثلثين سنة ،فبكى عصام وقال ما صليت صمملة مممن صمملتي مثممل هممذا
قط .وذكر أن حاتما ً فاتته الجماعة مرة فعزاه بعض أصحابه فبكى وقال لو
مات لي ابن واحممد لعزانممي نصممف أهممل بلممخ والن قممد فمماتني جماعممة فممما
ي
ن أهممون عل م ّ عزاني إل بعض أصحابي ،وأنه لو مات لي البناء جميع ما ً لكمما ْ
من فوات هذه الجماعة .وقال بعض الحكماء :الصملة بمنزلمة الضميافة قممد
هيأها الّله تعالى للموحدين فممي كممل يمموم خمممس مممرات ،كممما أن الضمميافة
يجتمع فيها اللوان من الطعام ولكل طعام لذة ولون فكممذلك الصمملة فيهمما
أفعال وأذكار مختلفة لكل فعل ثواب وتكفير للذنوب ،ويقال المصلون كثير
ومقيموا الصلة قليل والله تعممالى وصممف للمممؤمنين بإقامممة الصمملة فقممال
لة{ ووصممف المنممافقين وسممماهم مصمملين فقممال }فَوَي ْم ٌ صممل ِ
قي مم ِ ال ّم ِ}َوال ُ
ن{ وفي المممؤمنين يقيمممون الصمملة هو َ
سا ُ
م َ
صلت ِهِ ْ
ن َ
م عَ ْ
ن هُ ْ ن ،ال ّ ِ
ذي َ صّلي َم َل ِل ْ ُ
وإقامتها إدامتها ومحافظتها لوقتها وتمممام ركوعهمما وسممجودها .وقممال بعممض
الحكماء :الناس في حضور الصلة صنفان خاص وعام ،فأما الخاص فيممأتي
في الصلة مع الحرمة ويقول باليقين والهيبة ويؤديها بممالتعظيم ويرجممع مممع
الخوف .وأما العام فيجيء مع الغفلة ويقوم بالجهل ويؤديها مممع الوسوسممة
ويرجع مع المن .وقال بعض الحكماء بالفارسية )كناه كنزا كنده توبة يمما ذا
كلدوا يدست جانعان وبماز جوق جوق أزين كوته عممازان سممرين ذبرذحوكمما
جوك( يعنممي إذا توضممأ مممع الوسوسممة بغيممر تعظيممم وصمملى مممع الوسوسممة
والتفكر في أشغال الدنيا ل يتقبل منه وقال بعض الحكماء :أربعة أشياء قد
انغمست في أربعة مواضع وأطلعت رأسها فممي أربعممة أممماكن :أولهمما رضمما
الّله تعالى قممد انغمممس فممي الطاعممات وأطلممع رأسممه فممي بيممت السممخياء.
والثاني سخط الّله تعالى قد انغمس في الخطايمما وأطلممع رأسممه فممي بيممت
البخلء .والثالث
]ص [280
العيش وسعة الرزق اختفى في المثوبات فأطلع رأسه في بيوت المصلين.
والرابمع ضميق المعيشممة انغمممس فمي العقوبمات فمأطلع رأسمه فمي بيموت
المهاونين بالصلة .وقممال بعممض الحكممماء :إذا اشممتغل النمماس بسممتة أشممياء
فاشتغلوا أنتم بستة أخرى :أّولها إذا اشتغل الناس بكثرة العمال فاشتغلوا
أنتم بحسن العمال .والثمماني إذا اشممتغل النمماس بالفضممائل فاشممتغلوا أنتممم
بإتمام الفرائض .والثالث إذا اشتغل الناس بإصلح العلنيممة فاشممتغلوا أنتممم
بإصلح السر .والرابع إذا اشتغل الناس بعيوب الناس فاشتغلوا أنتم بعيوب
أنفسكم .والخامس إذا اشتغل الناس بعمارة الدنيا فاشممتغلوا أنتممم بعمممارة
الخرة .والسادس إذا اشتغل الناس بطلب رضا المخلوقين فاشممتغلوا أنتممم
بطلب رضا الّله تعالى .والله أعلم بالصواب.
]ص [281
الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مممرات ،ثممم سممجد فقممال اللهممم إنممي
أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك العظيم
وجدك العلى وكلماتك التامة ثم دعا استجيب له ،وعن ميمونة بنممت سممعد
وكانت خادمة لرسول الّله صلى الّله عليه وسمملم قممالت "م مّر النممبي صمملى
الّله عليه وسلم بسلمان رضي الّله تعالى عنه وهو يممدعو فممي دبممر الصمملة
فقال يا سلمان ألك حاجة إلى ربك؟ قال نعم يا رسول الّله قال فقدم بين
يدي دعائك ثناء على ربك وصفه كما وصف نفسه وسبحه تسبيحا ً وتحميممدا ً
وتهليل ،فقال سلمان وكيف أقممدم ثنمماء يمما رسممول اللممه؟ قممال تقممرأ فاتحممة
الكتاب ثلثا فإنها ثنمماء الل ّممه تعممالى ،قممال فكيممف أصممف؟ قممال تقممرأ سممورة
الصمد ثلثا فإنها صفة الّله وصف بها نفسممه قممال فكيممف أسممبحه قممال قممل
سبحان الّله والحمد لله ول إله إل الّله والله أكبر ثم تسممال حاجتممك" وعممن
عبد الّله بن مسعود رضممي الل ّممه تعممالى عنممه قممال :مممن قممال أسممتغفر الل ّممه
العظيم الذي ل إله إل هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلث مممرات دبممر صمملته
غفر الّله ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
)قال الفقيه( رحمممه اللممه :إذا كممان السممتغفار مممع ندامممة القلممب .وعممن
الحسن بن علي رضي الل ّممه تعممالى عنهممما أنممه قممال :أنمما ضممامن لمممن قممرأ
عشرين أية من شر كل شيطان مارد وسلطان ظالم ولص عاد وسبع ضار
م الّله ن َرب ّك ُ ْل يضره وهي آية الكرسي ،وثلث آيات من سورة العراف }إ ِ ّ
َ
ن { وعشممر سِني َح ِ م ْن ال ُ م ْ
ب ِ ري ٌ ض{ إلى قوله }قَ ِ ت َوالْر َ ماَوا ِ خل َقَ ال ّ
س َ ال ّ ِ
ذي َ
ب{ وثلث آيممات مممن ب َثاقِ ٌ
شَها ٌ آيات من أول سورة والصافات إلى قوله } ِ
ن{ وثلث صمَرا ِ س{ إلى قمموله }َفل َتنت َ ِ لن ِ ن َوا ِج ّ معْ َ
شَر ال ِ سورة الرحمن }َيا َ
و{ إلى آخر السورة. ه ِإل هُ َ ذي ل إ ِل َ َ آيات من آخر سورة الحشر }هُوَ الّله ال ّ ِ
وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه "أن رجل ً من بني أسمملم قممال للنممبي
صلى الّله عليه وسلم ما نمت هذه الليلة ،فقال له رسول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم من أي شيء؟ قال لدغتني عقرب ،فقال له النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أما أنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الل ّممه التامممات كلهمما
من شّر ما خلق لم يضممرك شمميء إن شمماء الل ّممه تعممالى" .وعممن سممعيد بممن
المسيب عن معاذ بن جبل رضي الّله تعالى عنه "أن النبي صلى الّله عليممه
وسلم افتقده يوم الجمعة ،فلما صلى أتاه معاذ ،فقال مالي لم أرك؟ قممال
ي ديممن فخشمميت إن خرجممت أن يمما رسممول الل ّممه كممان لفلن اليهممودي عل م ّ
يحبسني عنك ،فقال يا معاذ أل أعلمك دعمماء تممدعو بمه لمو كممان عليممك ممن
داه الّله عنك؟ قممال بلمى :قممال فممادع بعممد أن تقمرأ الدين مثل كذا وكذا إل أ ّ
ب{ يا رحمن الدنيا والخممرة سا ٍ ح َك{ إلى قوله }ب ِغَي ْرِ ِ مل ْ ِ مال ِ َ
ك ال ُ ل الل ّهُ ّ
م َ }قُ ْ
ورحيمهما تعطي منهما من تشاء وتمنع منهما مممن تشمماء فممارحمني رحمممة
تغنيني بها عن رحمة من سواك" ويقال هذا دعاء لممو دعممى بممه أسممير لفممك
الّله به أسره .وعن أبي أمامة الباهلي رضي الل ّممه تعممالى عنممه عممن رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم إنه قال "من قال حين يصبح اللهم
]ص [282
لك الحمد ل إله إل أنت ربي وأنا عبدك آمنت بك مخلصا ً لك ديني أصممبحت
على عهدك ووعدك ما استطعت وأتوب إليك من سيء عملمي وأسمتغفرك
لذنوبي إنه ل يغفر الذنوب إل أنت ،فإن مات فممي يممومه وجبممت لممه الجنممة،
وإن قالهمما حيممن يمسممي فمممات فممي ليلتممه وجبممت لممه الجنممة إل أنممه يقممول
أمسيت" وعن أبان بن عثمان عن أبيه عممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "من أصبح وقال بسم الّله الذي ل يضر مع اسمه شيء في
الرض ول في السماء وهو السميع العليم ثلث مرات لممم يصممبه بلء حممتى
يمسي ،وإن قالها حين يمسي لممم يصممبه بلء حممتى يصممبح" ويقممال أنممه لممما
أصاب أبان الفالج نعوذ بالله قالوا له أيممن كنممت مممما تحممدثنا بممه؟ قممال أممما
والله ما كذبت ولكن الّله لما أراد أن يبتلينممي بالممذي ابتلنممي أنسمماني ذلممك
الدعاء .وعن نافع عممن ابممن عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما قممال "شممهدت
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وقد أتاه رجل فقال يا رسول الّلممه قلممت
ذات يممدي؟ قممال فممأين أنممت مممن صمملة الملئكممة وتسممبيح الخلئق وممما بممه
يرزقون .قال ما هو يا رسول الله؟ قال سبحان الّله وبحمده سممبحان الّلممه
العظيم أستغفر الّله مائة مرة ما بيممن طلمموع الفجممر إلممى أن تصمملي صمملة
الغداة تأتيك الدنيا صاغرة راغمة" وعن عروة عن عائشة رضي الّله تعممالى
عنهما قالت "كان النبي صلى الّله عليه وسلم إذا أراد أن ينممام جمممع كفيممه
ثم نفث فيهم وقرأ قل هو الّله أحد والمعوذتين ثم مسح بهما وجهه ورأسه
وسائر جسده.
وروى إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن عكرمة رضي الل ّممه تعممالى عنممه قممال:
بينما رجل مسافر إذ مّر برجل نائم فممرأى عنممده شمميطانين يقممول أحممدهما
لصاحبه اذهب فافسد على هذا قلبه فلما دنا منممه رجممع إلممى صمماحبه وقممال
لقد نام على آية ما لنا إليه من سبيل ،فذهب صاحبه إلممى النممائم فلممما دنمما
منه رجع إلى صاحبه وقال صدقت فذهب ،ثم إن المسممافر أيقظممه وأخممبره
م ن َرب ّك ُ ْ
بما رأى من الشيطانين ثم قال :أخبرني على أي آية نمت؟ قال }إ ِ ّ
َ َ َ
ش{ وى ع َلمى الَعمْر ِ ست َ َ ست ّةِ أّيام ٍ ث ُ ّ
ما ْ ض ِفي ِ
ت َوالْر َ
ماَوا ِ خل َقَ ال ّ
س َ الّله ال ّ ِ
ذي َ
إلى قوله تعالى} :إن رحمة الّله قريب من المحسنين{ وعممن عمممران بممن
جرير عن أبي مجلز قال :من خاف أميمرا ً ظالمما ً فقممال :رضمميت بمالله ربما ً
بالسلم دينا وبمحمد صلى الّله عليه وسلم نبيا ً والقرآن إماما ً وحكما ً نجمماه
الّله منه .وروى مالك عن يحيى بن سعيد قال "بلغنممي أن خالممد بممن الوليممد
قال يا رسول الّله إني أروع في منامي؟ فقال لمه رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم :قل أعوذ بكلمات الّله التامات من غضبه وعقممابه وشممر عبمماده
ومن همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون" وعن النبي صلى الل ّممه
عليه وسلم "أنه أخذ بيد معاذ رضي الّله تعالى عنه وقال أوصيك يا معمماذ ل
تدعن في دبر كل صلة أن تقول اللهممم أعنممي علممى تلوة ذكممرك وشممكرك
وحسن عبادتك" وعن حذيفة بن اليمان رضي الل ّممه تعممالى عنممه قممال "كممان
النبي صلى الّله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه قال الحمد لله
]ص [283
الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور" وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى
عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إذا حلم أحدكم حلممما ً يخممافه
فليبزق عن شماله ثلث مرات وليستعذ بالله من شره ثلثا ً فإنه ل يضممره"
وعن أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه أنه قال "جمماء رجممل إلممى رسممول
ي الل ّممه أيّ الممدعاء أفضممل؟ أن تسممأل الّله صلى الّله عليه وسلم وقال يا نب ّ
الّله ر بك العفو والعافية في الدنيا والخرة ،ثم أتاه في اليوم الثماني فقمال
يما نممبي الّلمه أي المدعاء أفضمل؟ فقمال أن تسمأل الّلمه العافيمة فمي الممدنيا
والخرة ،ثم أتاه في اليوم الثالث فقال مثل ذلممك فقممال النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم إذا أعطيت العفو والعافية في الدنيا والخرة فقد أفلحت".
وروى عن ابن مسعود رضي الّله تعالى عنه أنه كان إذا أراد السفر ركب
دابته ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنمما إلممى ربنمما
لمنقلبون ،اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الهممل ،اللهممم اطممو
ون علينا السفر ،اللهم إنا نعوذ بك من وعثمماء السممفر والحممور لنا الرض وه ّ
بعد الكور وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الهل والمال والولد .وعن ابن
مسعود رضي الّله تعالى عنه أنممه قممال :إذا بنيممت بأهلممك فمرهمما أن تصمملي
ي
ركعتين ثم خذ برأسها وقل اللهم بممارك لممي فممي أهلممي وبممارك لهلممي فم ّ
وارزقها مني وارزقني منهما واجمممع بيننمما ممما جمعممت بخيممر وفممرق بيننمما مما
فرقت بخير .وعن جعفر بن محمد رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما قممال :عجبممت
م كيممف ل ممن يبتلى بأربع كيف يغفل عممن أربممع :عجبممت لمممن يبتلممى بمماله ّ
يقول ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لن الل ّممه تعممالى يقممول
ن{ وعجبت لمن خاف مِني َمؤ ْ ِ
جي ال ُ ك ن ُن ْ ِم وَك َذ َل ِ َ ن الغَ ّ م ْ جي َْناه ُ ِ
ه وَن َ ّ جب َْنا ل َ ُ ست َ َ}َفا ْ
شيئا ً من السوء كيف ل يقممول حسممبي الل ّممه ونعممم الوكيممل لن الل ّممه تعممالى
ن وا َ
ضم َ
سمموٌء َوات ّب َعُمموا رِ ْ م ُ س مه ُ ْس ْم َم يَ ْ ل لَ ْ ض ٍ ن الّله وَفَ ْ م ْ مة ٍ ِقل َُبوا ب ِن ِعْ َ يقول }َفان ْ َ
م{ وعجبت لمن يخاف مكر النمماس كيممف ل يقممول ظي ٍ ل عَ ِ ض ٍ ذو فَ ْ ه ُ الّله َوالل ّ ُ
وأفوض أمري إلى الّله إن الّله بصير بالعباد لن الّله تعممالى يقممول }فَوَقَمماهُ
ب{ وعجبت لمن يرغب ذا ِ سوءُ العَ َ ن ُ ل فِْرع َوْ َ حاقَ ِبآ ِ مك َُروا وَ َ ما َ ت َ سي َّئا ِ الّله َ
وة إل بالله لن الل ّممه تعممالى يقممول في الجنة كيف ل يقول ما شاء الّله ول ق ّ
َ
ك{ وقال قتادة "ذكر لنا أن رجل ً قال جن ّت ِ َ
ن َ م ْ خْيرا ً ِ
ن ي ُؤ ْت ِي َِني َ سى َرّبي أ ْ }فَعَ َ
على عهد رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم اللهممم ممما كنممت تعمماقبني فممي
الخرة فعجله لي في الدنيا فمرض الرجل فأضممنى حممتى صممار كممأنه هامممة
فأخبر به رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم فأتمماه فرفممع رأسممه وليممس بممه
حراك فقيل يا رسول الّله إنه كان يدعو بكذا وكذا فقال رسول الل ّممه صمملى
الّله عليه وسلم يا ابن آدم إنك ل تستطيع أن تقوم بعقوبة الل ّممه ولكممن قممل
ب الّناِر{ فدعا ذا َ ة وَقَِنا ع َ َسن َ ً
ح َ خَرةِ َ ة وَِفي ال ِ سن َ ً
ح َ اللهم }َرب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ
بها الرجل فممبرئ" وذكممر أنممه لممما مممات عتبممة للغلم رآه رجممل فممي المنممام
فسأله ما فعل بك ربك؟ قال غفر لي ربي
]ص [284
بدعوات كنت أدعو بها وهي مكتوبة علممى الحممائط فممإذا هممو مكتمموب بخممط
عتبة الغلم رحمه الله :اللهم يا هادي المضلين ويا راحم المذنبين ويا مقيل
عمثرات العمماثرين ارحمم عبممدك ممن ذا الخطممر العظيمم والمسمملمين كلهمم
أجمعين" واجعلنا من الخيار المرزوقين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصممالحين وحسممن أولئك رفيق ما ً برحمتممك يمما أرحممم
الراحمين .ويقال من دعا بهذه الخمممس كلمممات دبممر كممل صمملة كتممب مممن
البدال :اللهم أصلح أمة محمد اللهم ارحم أمة محمد اللهم فمّرج عممن أمممة
محمد اللهم اغفر لمة محمد ولجميع من آمن بك .وروى أبان عن أنس بن
مالك رضي الّله تعالى عنه أن الحجاج بن يوسممف غضممب عليممه وقممال لممول
كتاب عبد الملك بن مروان لفعلت بممك كممذا وكممذا ،فقممال أنممس ل تسممتطيع
ذلك ،قال وما يمنعني من ذلك؟ قال دعوات علمنيها رسول الّله صلى الّله
عليه وسلم أدعو بها كل صباح ومساء ،فقال علمنيها عليه فأبى فألح عليممه
فأبى .قال أبان :فسألته عن ذلك حين مرض فقال ثلث مرات :بسممم الل ّممه
على نفسي وديني .بسم الّله على أهلي ومالي وولدي ،بسم الّله على كل
ما أعطاني ربي ،الّله الله الّله ربي ل أشرك به شيئًا ،الّله الله الل ّممه ربممي ل
ل مما أخاف وأحممذر، أشرك به شيئًا ،الّله أكبر الّله أكبر الّله أكبر وأعّز وأج ّ
اللهم أني أعوذ بك من شّر نفسي ومن كل شمميطان مريممد ومممن شممر كممل
ب ه ِإل هُوَ ع َل َي ْمهِ ت َموَك ّل ْ ُ
ت وَهُ موَ َر ّ سِبي الّله ل إ ِل َ َ
ح ْ ق ْ
ل َ ن ت َوَل ّ ْ
وا فَ ُ جبار عنيد }فَإ ِ ْ
ل ثناؤك ول إله غيرك. م{ عّز جارك وج ّ ظي ِ ش العَ ِ
العَْر ِ
باب الرفق
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الله :حدثني الخليل بن أحمممد
حدثنا أبو العباس السراجي حدثنا عبممد الل ّممه بممن سممعيد حممدثنا سممفيان عممن
الزهري عن عروة عن عائشة رضي الّله تعالى عنهمما قممالت "اسممتأذن نفممر
من اليهود على النبي صلى الّله عليممه وسمملم فقممالوا السممام عليممك ،فقممال
النبي صلى الّله عليه وسلم وعليكم ،فقالت عائشة رضي الّله تعممالى عنهمما
وعليكم السام واللعنة ،فقال النبي صلى الّله عليه وسلم يا عائشة إن الّله
يحب الرفق فممي المممر كلممه ،قممالت ألممم تسمممع ممما قممالوا؟ قممال قممد قلممت
وعليكم" قال :حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بممن محمممد حممدثنا فممارس بممن
مردويه حدثنا محمد بن الفضل عن محمد بن إسمعيل عن أبي مليكممة عممن
القاسم عن عائشة رضي الّله تعالى عنها أن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم
قال "يا عائشة من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى خير الدنيا والخرة،
ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خيممر المدنيا والخمرة" قمال:
حدثنا محمد بن الفضل حدثنا فارس بن مردويممه حممدثنا محمممد بممن الفضممل
ي بن زيد بن جممدعان عن زيد بن حبان العقيلي عن أشعث البصري عن عل ّ
عن سعيد بن المسيب رضي الّله تعمالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
دد إلممى
وسلم أنه قال "رأس العقل بعد اليمان بالله مممداراة النمماس والتممو ّ
الناس"
]ص [285
وما هلك رجل عن مشورة وما سعد رجل باستغنائه برأيه ،وإذا أراد الّله أن
يهلك عبدا ً كان أّول ما يفسد منه رأيه ،وإن أهل المعممروف فممي الممدنيا هممم
أهل المعروف في الخرة ،وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكممر فممي
الخرة" وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال" :إن الّله تعالى رفيق يحب الرفق يعطي على الرفممق ممما ل
يعطى على العنف" وعن عائشة رضي الّله تعالى عنها عن النبي صلى الّله
عليه وسلم أنه قممال" :إذا أراد الل ّممه تعممالى بأهممل بيممت خيممرا أدخممل عليهممم
الرفق وإن الرفممق لممو كممان خلقمما لمما رأى النمماس خلقمما أحسممن منممه ،وإن
العنف لو كان خلقا لما رأى الناس خلقا ً أقبح منه" وعن عائشة رضي الّلممه
تعالى عنها قالت "كنت على بعير فيه صعوبة فجعلت أضمربه ،فقمال النمبي
صلى الّله عليه وسلم يا عائشة عليك بالرفق فممإنه لممم يكممن فممي شمميء إل
زانه ول انتزع من شيء إل شانه".
قال :حدثنا أبي رحمه الّله تعالى قال :حممدثنا أبممو بكممر محمممد بممن أحمممد
المعلم حدثنا أبو عمران الفارابي حدثنا عبد الرحمن بممن حممبيب حممدثنا داود
ي بن أبي طممالب رضممي بن المخبر حدثنا عباد بن كثير عن عبد خير عن عل ّ
ح{ مممرض رسممول صُر الّله َوال َ
فت ْم ُ جاَء ن َ ْ الّله تعالى عنه قال" :لما نزلت }إ ِ َ
ذا َ
الّله صلى الّله عليه وسلم فما لبث أن خرج إلى الناس يوم الخميممس وقممد
فر الوجه تممدمع عينمماه ،ثممم شد ّ رأسه بعصابة فرقى المنبر وجلس عليه مص ّ
ّ
دعا ببلل فأمره أن ينادي في المدينة أن اجتمعوا لوصية رسول الله صمملى
الل ّممه عليممه وسمملم فإنهمما آخممر وصممية لكممم ،فنممادى بلل فمماجتمع صممغيرهم
وكبيرهم وتركوا أبواب بيوتهم مفتحة وأسواقهم علممى حالهمما حممتى خرجممت
العذارى من خدورهن ليسمعوا وصية رسول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
حتى غص المسجد بأهله والنبي صلى الّله عليه وسلم يقول وسعوا وسعوا
لمن وراءكم ،ثم قام النبي صلى الّله عليه وسلم يبكي لله ويسترجع فحمد
الّله وأثنى عليه وصلى على النبياء وعلى نفسه عليهم الصلة والسلم ثممم
قال :أنا محمد بن عبد الّله بن عبممد المطلممب بممن هاشممم العربممي الحرمممي
ي بعدي أيهمما النمماس اعلممموا أن نفسممي قممد نعيممت وحممان المكي الذي ل نب ّ
فراقي من الدنيا واشتقت إلى لقاء ربي فوا حزناه على فممراق أمممتي ممماذا
يقولون من بعدي اللهم سمملم سمملم ،أيهمما النمماس اسمممعوا وصمميتي وعوهمما
واحفظوها وليبلغ الشاهد منكم الغائب فإنها آخر وصيتي لكممم ،أيهمما النمماس
قد بين الّله لكم في محكم تنزيله ما أحل لكم وما حرم عليكمم وممما تمأتون
وما تتقون فأحلوا حلله وحرموا حرامه وآمنوا بمتشابهه واعملمموا بمحكمممه
واعتبروا بأمثاله ،ثم رفع رأسه إلى السماء :فقال اللهم بلغت فاشهد ،أيهمما
الناس إياكم وهذه الهواء الضالة المضلة البعيدة من الّله تعالى ومن الجنة
القريبة من النار وعليكم بالجماعة والستقامة فإنها قريبة مممن الل ّممه قريبممة
من الجنة بعيدة من النار ،ثم قال :اللهم هل بلغممت ،أيهمما النمماس الل ّممه اللممه
في دينكم وأمانتكم الّله الله فيما ملكت أيمانكم فأطعموهم
]ص [286
مما تأكلون وألبسوهم مما يلبسون ول تكلفوهم ما ل يطيقون فممإنهم لحممم
ودم وخلق أمثالكم أل من ظلمهم فأنا خصمه يوم القيامممة واللممه حمماكمهم،
ن فيحرمكممم حسممناتكم ن ول تظلموه ّ ن مهوره ّ الّله الله في النساء أوفوا له ّ
يوم القيامة أل هل بلغت أيها الناس ،قوا أنفسكم وأهليكممم نممارا وعلممموهم
وأدبوهم فإنهم عندكم عوان وأمانة أل هل بلغمت ،أيهما النماس أطيعموا ولة
أموركم ول تعصوهم وإن كان عبدا ً حبشيا مجممدعا فممإنه مممن أطمماعهم فقممد
أطاعني ومن أطاعني فقممد أطمماع الل ّممه ومممن عصمماهم فقممد عصمماني ومممن
عصاني فقد عصى الّله أل ل تخرجمموا عليهممم ول تنقضمموا عهممودهم ،أل هممل
بلغت ،أيها الناس عليكم بحب أهل بيتي عليكم بحب حملمة القمرآن عليكمم
بحب علمائكم ل تبغضوهم ول تحسممدوهم ول تطعنمموا فيهممم أل مممن أحبهممم
فقد أحبني ومن أحبني فقد أحممب الل ّممه ومممن أبغضممهم فقممد أبغضممني ومممن
أبغضممني فقممد أبغممض اللممه ،أل هممل بلغممت ،أيهمما النمماس عليكممم بالصمملوات
دوا زكماةالخمس باسباغ وضموئها وإتممام ركوعهما وسمجودها أيهما النماس أ ّ
أموالكم أل من لم يؤد ّ الزكاة فل صلة له أل من ل صلة له فل دين لممه ول
صوم له ول حج له ول جهاد له ،اللهم هل بلغت :أيها الناس :إن الّله تعممالى
فرض الحج على من استطاع إليه سبيل ،ومن لم يفعل فليمت على أي حد
شاء يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا إل إن يكون به مرض حابسه أو منممع مممن
سلطان جائر أل ل نصيب له في شفاعتي ول يممرد حوضممي ،أل هممل بلغممت،
أيها الناس :إن الّله جامعكم يوم القيامة في صعيد واحد فممي مقممام عظيممم
وهو شديد في يوم ل ينفع مال ول بنون إل من أتممى الل ّممه بقلممب سممليم ،أل
هل بلغت ،أيها الناس احفظوا ألسممنتكم وأبكمموا أعينكممم وأخضممعوا قلمموبكم
واتعبوا أبممدانكم وجاهممدوا أعممدائكم وعمممروا مسمماجدكم وأخلصمموا إيمممانكم
وانصممحوا إخمموانكم وقممدموا لنفسممكم واحفظمموا فروجكممم وتصممدقوا مممن
أموالكم ول تحاسدوا فتذهب حسناتكم ول يغتب بعضكم بعضا فتهلكمموا ،أل
هل بلغت أيها الناس اسعوا في فكاك رقابكم واعملوا الخيمر ليموم فقركمم
وفمماقتكم أيهمما النمماس ل تظلممموا فممإن الل ّممه هممو الطممالب لمممن جممار وعليممه
حسابكم وإليه إيابكم إنه ل يرضى منكم بالمعصية أيها الناس إنه من عمممل
منكم صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلم للعبيممد واتقمموا يوممما
ترجعون فيه إلى الّله ثم توفى كل نفس ما كسمبت وهمم ل يظلممون ،أيهما
الناس إني قادم إلممى ربممي وقممد نعيممت إلممى نفسممي فأسممتودع الل ّممه دينكممم
وأمانتكم والسلم عليكم معشر أصحابي وعلى جميع أمتي السمملم عليكممم
ورحمة الّله وبركاته ،ثم نزل فدخل المنزل فما خرج بعد صمملى الل ّممه عليممه
وعلى آله وأصحابه ومحبيه وأمته وسلم".
]ص [287
باب العمل بالسنة
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رحمه الّله تعالى :حدثنا أبو الحسين
القاسم بن محمد بن روزبة حدثنا عيسى بن خنشام حدثنا سويد عن مالممك
قال :بلغني أن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قال "تركت فيكممم ثقليممن
لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الّله وسنتي" قممال :حممدثنا محمممد بممن داود
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن يوسف عن المسيب عن عوف عن
الحسن عن رسول الله صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "عمممل قليممل فممي
سنة خير من عمل كثير في بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضمللة فمي النمار"
وعن عبد الّله بن مسعود رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال :القتصمماد فممي
السنة خير من الجتهاد في البدعة .وعن الحسممن رحمممه الل ّممه أنممه قممال :ل
يصلح قول إل بعمل ول يصلح قممول ول عمممل إل بالنيممة ول يصمملح قممول ول
عمل ول نية إل بالسنة .وروى معقل بن يسار رضممي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال "رجلن ل تنالهممما شممفاعتي".
وفي رواية أخرى :صنفان من أمتي ل تنالهما شممفاعتي إمممام ظلمموم وغممال
في الدين مارق منه" يعني الممذي يغلممو فممي دينممه حممتى يخممرج مممن طريممق
السنة والجماعة.
وعن أبي بن كعب رضي الّله تعالى عنه أنه قال :عليكم بالسبيل والسممنة
فإنه ليس من عبد على السبيل والسنة ذكممر الرحمممن ففاضممت عينمماه مممن
خشية الّله فتمسه النار أبدا ،وليممس مممن عبممد علممى السممبيل والسممنة ذكممر
الرحمن ففاضت عيناه واقشعّر جلده مخافة الّله تعالى إل كان مثله كمثممل
ت ورقهمما .وإن اقتصممادا فممي السممبيل شجرة يبس ورقها فأصابتها ريح فتحا ّ
والسنة خير من اجتهاد في خلف السبيل والسنة ،فانظروا عملكم ما كممان
اقتصادا واجتهادا أن يكون على سبيل النبيمماء وسممنتهم .وعممن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسلم أنه قال "افترقت بنو إسرائيل علممى إحممدى وسممبعين
فرقة ،وإن هذه المة ستفترق على اثنتين وسبعين فرقممة إحممدى وسممبعون
في النار وواحدة في الجنة .قالوا يا رسول الّله ما هذه الواحدة؟ قال أهممل
السممنة والجماعممة" وعممن رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال
"المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد".
قال :حدثنا أبو القاسم عمرو بن محمد حدثنا أبمو بكمر الواسمطي حمدثنا
إبراهيم بن يوسف حدثنا خلف بن خليفة عن أبان المكتب عممن ابممن هشممام
الرماني عمن أخبره عن عبد الّله بن مسعود رضي الل ّممه تعممالى عنممه قممال:
كيف بكم إذا اشتملتكم فتنة يهرم فيها الكممبير ويربمموا فيهمما الصممغير يجممري
عليها الناس يتخذونها سنة إذا غيرت وعمل بغيرهمما ،قيممل هممذا منكممر .قممال
قائل فمتى هذا يا عبد الله؟ قال إذا قلت أمناؤكم وكثرت أمراؤكم ،وقلممت
فقهاؤكم وكممثرت قراؤكممم ،والتمسممت الممدنيا بعمممل الخممرة وتفقهمموا لغيممر
الدين ،فعند
]ص [288
ذلك يكون عليكم أمراء إن أطعتموهم أضمملوكم ،وإن عصمميتموهم قتلمموكم.
قال :فما تأمرنا يا عبد الله؟ قممال كممن حلسمما مممن أحلس بيتممك وإل فالنممار
أولى .قال فوضع الرجل يده على خاصرته وقال :قتلتني يا ابن أم عبد.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حممدثنا الفقيممه أبممو جعفممر رحمممه الل ّممه
حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن هرمممس حمدثنا أبمو محمممد عبممد الل ّممه بمن
محمد الحافظ بالدينور حدثنا محمد بن إسمعيل بن عبد الملممك حممدثنا أبممي
عن إسحق بن يحيى بن طلحة عن عمه موسى بن طلحة عن عبد الّله بممن
عمرو بن العاص رضي الّله عنهم قال "خطبنا رسول الّله صلى الّلممه عليممه
وسلم فقال :أيها الناس أكرموا أصحابي وأحسنوا إليهم وأحبوهم فإن خيممر
الناس أصحابي الذين بعثت فيهم فآمنوا بالله وصدقوني وآمنوا بما جئت به
من عند الّله واتبعوه وعملوا به ،ثم خيمر النماس ممن بعمدهم القمرن المذين
يلونهم آمنوا بي واتبعوا أمر الّله ولم يروني ،ثم القرن الذين يلممونهم آمنمموا
بممي ،ثممم يجيممء مممن بعممدهم قممرن يضمميعون الصمملوات ويتبعممون الشممهوات
ويدعون ما أمرتهم بممه ويممأتون ممما نهيتهممم عنممه يقتبسممون الممدين بممأهوائهم
ويمممراءون النممماس بأعممممالهم ،يحلفمممون ول يسمممتحلفون ويشمممهدون ول
دون المانممة ويتحممدثون فيكممذبون يستشممهدون ويؤتمنممون فيخونممون ول يممؤ ّ
ويقولممون ممما ل يفعلممون ،يرفممع منهممم العلممم والحلممم ويظهممر فيهممم الجهممل
والفحش ،ويرفع منهم الحياء والمانة ويفشو فيهم الكذب والخيانة وعقوق
الوالدين وقطيعة الرحام وطول المل والبخل والحرص على الدنيا والشممح
والحسد والبغي وسوء الخلق وسوء الجوار يمرقون من الممدين كممما يمممرق
السهم من الرمية ،ول تقوم الساعة إل على شرار الناس ،فممإن سممركم أن
تسكنوا بحبوحة الجنة ونعيمها فالزموا السنة والجماعممة ،وإيمماكم ومحممدثات
المور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة وإن الّله ل يجمع أمممة محمممد
على الضللة أبدا ً فمن خلع الطاعة وفارق الجماعة وضيع أمممر الل ّممه تعممالى
وخالف حكم الّله تعالى لقي الّله وهو عليه غضبان وأدخله النار".
قال :حدثنا الحاكم أبو الحسممن حممدثنا أبممو بكممر محمممد بممن يوسممف عممن
الحسن بن عرفة عن إسمعيل بن عباس عن يحيى بن سعيد النصاري عن
خالد بن معدان عن العرباض بن سارية السلمي رضي الّله تعالى عنه قال
"وعظنا رسول الّله صلى الّله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون
ووجلت منهمما القلمموب ،فقممال رجممل مممن أصممحابه يمما رسممول الل ّممه إن هممذه
دع فما تعهد إلينا؟ قال أوصيكم بتقمموى الل ّممه والسمممع والطاعممة موعظة مو ّ
فإنه من يعش منكم بعدي يرى اختلفا ً كثيرًا ،فإياكم ومحدثات المور فإنها
ضللة فمن أدركه منكم فعليه بسنتي وسممنة الخلفمماء الراشممدين المهممديين
عضوا ً عليها بالنواجز" وروى أبو سعيد الخدري رضي الل ّممه تعممالى عنممه عممن
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "مممن أكممل طيب ما ً وعمممل السممنة
وأمن الناس بوائقه دخل
]ص [289
الجنة ،قيل يا رسول الّله هذا في النمماس كممثير ،قممال وسمميكون فممي قممرون
ل" وعن عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنممه قممال "خممط بعدي ثم يق ّ
لي رسول الّله صلى الّله عليه وسلم خطا فقال هممذا سممبيل الل ّممه ثممم خممط
خطوطا عن يمينه وشماله وقال هذه سبل وعلى كل سممبيل منهمما شمميطان
َ
ل قيما ً فَممات ّب ُِعوه ُ وََل ت َت ّب ِعُمموا ال ّ
س مب ُ َ س مت َ ِم ْ طي ُ صَرا ِ ذا ِن هَ َ يدعو إليه ،ثم قرأ }وَأ ّ
ن{" وروى عممن النممبي قممو َ م ب ِهِ ل َعَل ّك ُم ْ
م ت َت ّ ُ صاك ُ ْ سِبيل ِهِ ذ َل ِك ُ ْ
م وَ ّ ن َ فّرقَ ب ِك ُ ْ
م عَ ْ فَت َ َ
صلى الّله عليه وسلم أنه قال" :لكل شيء آفة وإن آفة هذا الدين الهواء"
وعن الشعبي رحمه الّله أنه قممال :إنممما سممميت الهممواء أهممواء لنهمما تهمموى
بصاحبها في النار .وقال مجاهد رحمممه اللممه :ممما أدري أيّ النعمممتين أعظممم
ي من الّله تعالى أن هداني للسلم أو عافاني مممن هممذه الهممواء .وروى عل ّ
أبو ذر رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قممال
"من خالف الجماعة شبرا ً فقد خلع ربقة السلم مممن عنقممه" وقممال أويممس
القرني لهرم بن حيان في وصيته :إياك أن تفممارق الجماعممة فتفممارق دينممك
وأنت ل تشعر فتدخل النار يوم القيامة .والله الموفق بمنه وكرمه.
]ص [290
غمسة واحدة ،يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم وأوفيكممم إياهمما يمموم
ن إل القيامة فمن وجممد خيممرا ً فليحمممد الل ّممه ومممن وجممد غيممر ذلممك فل يلمموم ّ
نفسه" وروى أبو سعيد الخدري رضي الّله تعالى عنه عن النبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال" :عودوا المرضى واتبعوا الجنائز تذكركم الخرة".
وذكر عن بعض الحكماء أنه نظر إلى أناس يترحمون علممى ميممت خلممف
جنازة فقال لو ترحمون أنفسكم لكان خيرا ً لكم ،أما إنه قد مات ونجا مممن
ثلثة أهوال :أحدها رؤية ملك الموت ،والثاني مرارة الموت ،والثالث خوف
الخاتمة .قال :وسمع أبو الدرداء رضممي الل ّممه تعممالى عنممه رجل ً يقممول خلممف
جنازة من هذا؟ فقال له أبو الدرداء هذا أنممت ،فممإن كرهممت فأنمما قممال الل ّممه
ن{ .وروى عن الحسن البصري أنممه رأى رجل ً مي ُّتو َ
م َت وَإ ِن ّهُ ْ
مي ّ ٌك َتعالى }إ ِن ّ َ
يأكل في المقابر فقال :هذا منافق الموت بين عينيه وهو يشممتهي الطعممام.
وروى عن الحسن البصري أيضا ً أنمه قمال :يما عجبما ً كمل العجمب ممن قموم
أمروا بالزاد ونودوا بالرحيل وقد جلس أّولهم لخرهم وهم قعود يلعبون ،أو
قال جلس أوائلهم وهم يلعبون .وروى أن الحسن البصري ممما رأى ميتمما ً إل
كأنه رجع من دفن أمه .وروى عن إبراهيم التيمي رحمه الّله أنه قممال :مممن
كان آمنا ً ول يكون محزونا ً خائفا ً يخاف أن ل يكون من أهل الجنممة لن أهممل
ن{ .وروى عن ابن مسعود رضممي م ْ َ الجنة }َقاُلوا إ ِّنا ك ُّنا قَب ْ ُ
قي َ
ف ِ
ش ِ ل ِفي أهْل َِنا ُ
الّله تعالى عنه أنه قممال ينبغممي لحامممل القممرآن أن يعممرف بليلممه إذا النمماس
نائمون ،وبنهاره إذا الناس مفطرون ،وبحزنه إذا النمماس يفرحممون ،وببكممائه
ون ،وبخشمموعه إذا النمماس إذا الناس يضممحكون ،وبصمممته إذا النمماس يتكلم م ْ
يختالون ،وينبغي لحامممل القممرآن أن يكممون محزونما ً حليممما سممكينا ً لين مًا ،ول
ينبغي أن يكون جافيا ول غافل ول صياحا ً ول حديدا ،قال شقيق بن إبراهيممم
م فيممما مضممى رحمه الله :ليس للعبد صاحب خيرا ً له من الهم والخوف :ه م ّ
من ذنوبه ،وخوف فيما بقى ل يدري ما ينزل به .وقممال حكيممم رحمممه اللممه:
ممن اهّتم وحزن في غير ثلثة فإنه لم يعرف الحزن ول السرور :أحدها همم ّ
م أمر الل ّممه تعممالى أنممه يتممم أم ل،
اليمان أنه يختم عمره به أم ل ،والثاني ه ّ
م الخصماء أنه ينجو منهم أم ل.
والثالث ه ّ
وروى أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "ما اغرورقت عين بمائها إل حمّرم الل ّممه علمى النمار إحراقهما
فإن فاضت على وجه صاحبها لم يرهق وجهه قتر ول ذلة ،وما من عمل بّر
إل وله ثواب إل الدمعة فإنها تطفئ بحورا من نممار ولممو أن عبممدا ً بكممى مممن
خشية الّله تعالى في أمة لرحم الّله تلك المة ببكاء ذلك العبد" وروى عممن
كعب الحبار رضي الّله تعالى عنه أنه قال :لن أبكى من خشية الّله تعمالى
ي من أن أتصدق بوزن نفسممي ذهبمما، حتى يسيل الدمع على وجنتي أحب إل ّ
وما من باك يبكي من خشية الّله تعالى حتى
]ص [291
تسيل قطرة من دموعه على الرض فتمسه النار حتى يرجع قطر السممماء
وليس براجع ،كما أن القطر إذا نزل من السماء ل يرجع إليها أبممدا ً فكممذلك
الذي يبكي في الدنيا من خشية الّله تعالى ل تمسممه النممار أبممدا .وروى عممن
عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسمملم
أنه قال "ما مممن عبممد يخممرج مممن عينممه مممن الممدموع مثممل الممذباب أو رأس
الذباب من خشية الّله تعالى فيصيب حمّر وجهممه فتمسممه النممار أبممدا" وروى
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما قال :ما دمعممت عيمن إل
بفضل الّله ومما دمعمت عيممن امممرئ حممتى يمسمح الملمك قلبممه .وروى عمن
الحسن البصري رحمه الّله عن النبي صلى الّله عليه وسمملم أنممه قممال "ممما
ب إلى الّله تعالى من قطرتين قطممرة دمممع فمي سمواد الليمل من قطرة أح ّ
وقطرة دم في سبيل الله" وروى زياد النميري رحمه الّلمه قمال :قمال الل ّممه
تعالى في بعض الكتب :ل يبكي عبد من خشمميتي إل جرتممه مممن نقمت ّممي ول
يبكي عبد من خشيتي إل أبدلته ضممحكا ً فممي نممور قدسممي يعنممي فممي الجنممة
وروى عن عمر بن عبد العزيز رضي الّله تعالى عنممه أنممه كممان يصمملي ذات
َ ليلة فقرأ }إ ِذ ْ ال َ ْ
م ِفي ميم ِ ث ُ ّ
ح ِ
نِ ،في ال َ حُبو َ س َ ل يُ ْ س ُسل ِ م َوال ّ ل ِفي أع َْناقِهِ ْ غل ُ
ن{ وجعل يرددها ويبكي حتى أصبح .وروى عممن تميممم الممداري جُرو َ س َ الّنارِ ي ُ ْ
َ
تسمي َّئا ِ حوا ال ّ جت ََر ُ
نا ْ ذي َ ب ال ّ ِس َ ح ِ م َ رضي الّله تعالى عنه أنه قرأ هذه الية }أ ْ
َ
ت{ وجعممل يرددهمما إلممى الصممباح حا ِ مل ُمموا ال ّ
صممال ِ َ مُنوا وَع َ ِنآ َ
ذي َ كال ّ ِم َ جعَل َهُ ْن نَ ْ أ ْ
ويبكي .وروى عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم "أنممه قممرأ هممذه اليممة }إ ِ ْ
ن
ك وإن تغْفمر ل َهمم فَإنم َ َ
م{ وجعممل كيم ُح ِ
زيمُز ال َ ت العَ ِ ك أن ْم َ عب َمماد ُ َ َ ِ ْ َ ِ ْ ُ ْ ِ ّ م ِ م فَمإ ِن ّهُ ْ ت ُعَذ ّب ْهُ ْ
يرددها إلى الصباح ويبكي" وروى في الخبر أن داود عليه الصمملة والسمملم
ما شرب شرابا ً بعد الذنب إل ونصفه ممزوج بدموع عينيه ،وروى عممن بهممز
قَر فِممي الن ّمماُقوِر{ بن حكيم قال :صلى بنا زراراة بن أبي أوفى فقرأ }فَإ ِ َ
ذا ن ُ ِ
فحملناه ميتا والله الموفق.
]ص [292
القيام فمن لم يعرف كيف ينام ل يعرف كيف يقوم ،ثم قال ل ينبغي للعبممد
أن ينام ما لم يصلح أربعة أشممياء :أّولهمما أن ل ينممام ولممه علممى وجممه الرض
خصم حتى يأتيه فيتحلل منه لنه ربما يأتيه ملك الموت فيقدمه على ربه ل
حجة له عنده .والثاني ل ينبغي أن ينام وقد بقي عليممه فممرض مممن فممرائض
الّله تعالى .والثالث ل ينبغي أن ينام ما لم يتب من ذنوبه التي سلفت منممه
لنه ربما يموت من ليلته وهو مصر على الذنوب .والرابع ل ينبغممي أن ينممام
حتى يكتب وصية صحيحة لنه ربما يموت من ليلته من غيممر وصممية .ويقممال
الناس يصبحون على ثلثة أصمناف :صمنف فمي طلمب الممال ،وصمنف فمي
طلب الثم ،وصنف في طلب الطريق .فأممما مممن أصممبح فممي طلممب المممال
فإنه ل يأكل فوق ما رزقه الّله تعالى وإن كثر المال ،ومن أصبح في طلممب
الثم لحقه الهوان ،ومن أصبح في طلب الطريممق آتمماه الل ّممه تعممالى الممرزق
ف. والطريق .وقال بعض الحكماء :من أصبح لزمممه أمممران :المممن ،والخممو ِ
فأما المن فهو أن يكون آمنا ً بما تكفل الّله له من أمر رزقه ،وأما الخمموف
فهو أن يكون خائفا ً فيما أمر به حممتى يتمممه ،فممإذا فعممل هممذين أكرمممه الل ّممه
بشيئين :أحدهما القناعة بما يعطيه ،والثاني حلوة الطاعة.
وروى سفيان الثوري عن أبيه عن سعيد بن مسروق رحمهم الّله تعممالى
قال :كان الربيع بن خيثم إذا قيممل لممه كيممف أصممبحت قممال أصممبحنا ضممعفاء
مذنبين نأكل أرزاقنمما وننتظممر آجالنما .وعمن مالمك بمن دينممار قيممل لمه كيممف
أصبحت؟ قال كيف يصبح من كان منقلبممه مممن دار إلممى دار ول يممدري إلممى
الجنة يصير أم إلى النار .وذكر أن عيسى بن مريم عليهما السلم قيممل لممه
كيف أصبحت يا روح الله؟ قال أصبحت ل أملك ما أرجممو ول أسممتطيع دفممع
ما أخاف ،وأصبحت مرتهنا ً بعملي والخير كله في يد غيممري ول فقيممر أفقممر
مني .وقيل لعامر بن قيس كيف أصبحت؟ قال أصبحت وقد أوقرت نفسي
من ذنوبي وأقرني الّله تعالى من نعمائه فل أدري أعبممادتي تكممون تمحيصما ً
لذنوبي أو شكرا ً لنعمة الله .وذكر عن محمممد بممن سمميرين أنممه قممال لرجممل
كيف حالك؟ فقال :كيف حال من عليه خمسمممائة درهممم دين ما ً وهممو معيممل،
فدخل ابن سيرين منزله وأخرج ألف درهممم فممدفعها إليممه وقممال خمسمممائة
إقض بها دينك وخمسمائة درهم أنفقها على عيالك ،وكان ابممن سمميرين لممم
يكن يسأل أحدا ً بعد ذلك كيف حالك مخافة أن يخبر عن حاله فيصير قيامه
بأمره واجبا ً عليه .وذكر عن إبراهيم بن أدهم قممال مممن أصممبح لزمممه شممكر
ور قلممبي بنممور الهممدى أربعة أشياء :أولها أن يشكر فيقول الحمد لله الذي ن ّ
ل .والثاني أن يقول الحمد للممه الممذي وجعلني من المؤمنين ولم يجعلني ضا ً
جعلني من أمة محمد صلى الّله عليه وسلم .والثالث أن يقممول الحمممد للممه
ي
الذي لم يجعل رزقي بيد غيره .والرابع أن يقول الحمد لله الذي ستر علم ّ
عيوبي .وعن شقيق بممن إبراهيممم قممال :لممو أن رجل ً عمماش مممائتي سممنة ول
يعرف هذه الربعة أشياء فليس شيء أحق به من النار :أحدها معرفة الّلممه
تعالى .والثاني معرفة
]ص [293
عمل الّله تعالى .والثالث معرفمة نفسمه .والرابمع معرفمة عمدوّ الّلمه وعمدّو
نفسه .فأما معرفة الّله تعالى فأن يعرفه في السّر والعلنية لنه ل معطممي
ول مانع غيره ،وأما معرفة عمل الّله تعممالى فممأن يعممرف أن الل ّممه تعممالى ل
يقبل من العمل إل ما كان خالصا ً لوجه الّله تعالى ،وأما معرفة نفسه فممإن
يعرف ضعفه وأن ل يستطيع أن يرد ّ شيئا ً مما يقضى الّله تعالى عليه يعنممي
يرضى بما قسم الّله له ،وأما معرفممة عممدوّ الل ّممه وعممدوّ نفسممه فممإن يعرفممه
بالشّر فيجازيه بالمعرفة حتى يكسره.
ويقال ما من يوم أصبح فيه ابن آدم إل فممرض الّلمه عليممه عشممر أشممياء:
ن حي م َ ك ِ م مد ِ َرب ّم َ ح ْ ح بِ َ س مب ّ ْ أّولها أن يذكر الّله تعالى عند قيامه لقوله تعالى }وَ َ
َ
حوهُ سمب ّ ُ مُنوا اذ ْك ُُروا الل ّممه ذ ِك ْممرا ً ك َِثيممرًا ،وَ َ نآ َ ذي َ م{ وقوله تعالى }َيا أي َّها ال ّ ِ قو ُ تَ ُ
َ
م ذوا ِزين َت َك ُم ْ خم ُ م ُ ل{ والثاني ستر العورة لقوله تعالى }ي َمما ب َن ِممي آد َ َ صي ً ب ُك َْرة ً وَأ ِ
د{ اليممة ،وأدنممى الزينممة ممما يممواري العممورة .والثممالث إتمممام ج ٍسم ِ م ْ ل َ عن ْد َ ك ُ ّ ِ
َ ّ َ
ة{ صممل ِ م إ ِلى ال ّ مت ُ ْ ذا قُ ْ مُنوا إ ِ َنآ َذي َالوضوء في أوقاتها لقوله تعالى }َيا أي َّها ال ِ
ت ع ََلممى صلة َ َ
كان َ ْ ن ال ّ الية .والرابع إتمام الصلة في أوقاتها لقوله تعالى }إ ِ ّ
موُْقوت مًا{ يعنممي فرض ما ً مفروض ما ً مؤقت ما ً معلوم مًا ،والخممامس ن ك َِتابا ً َ مِني َ مؤ ْ ِ ال ُ
َ
ض ِإل داب ّةٍ ِفممي الْر ِ ن َ م ْ ما ِ المن بوعد الّله في شأن الرزق لقوله تعالى }وَ َ
ن حم ُ ع ََلى الّله رِْزقَُها{ والسادس القناعة بقسم الّله تعالى لقمموله تعممالى }ن َ ْ
حَياةِ الد ّن َْيا{ .والسابع التوكل على الّله لقمموله م ِفي ال َ مِعي َ
شت َهُ ْ م َ مَنا ب َي ْن َهُ ْ س ْ قَ َ
م كنت ُم ْ ن ُ ت ،وَع َل َممى الل ّمهِ فَت َوَك ّل ُمموا إ ِ ْ مممو ُ ذي ل ي َ ُ ي ال ّم ِحم ّ ل ع َل َممى ال َ تعالى }وَت َوَك ّ ْ
صممب ِْر ن{ والثامن الصبر على أمر الّله تعالى وقضائه لقوله تعالى }َفا ْ مِني َ مؤ ْ ِ ُ
ها{ والتاسممع صممو َ ح ُ ة الل ّمهِ ل ت ُ ْ مم َدوا ن ِعْ َن ت َعُ م ّك{ ولقمموله تعممالى }وَإ ِ ْ حك ْم ِ َرب ّ َ لِ ُ
م ن ك ُن ْت ُم ْ ة الل ّممه إ ِ ْ م َ شك ُُروا ن ِعْ َ الشكر على نعمة الّله تعالى لقوله عز وجل }َوا ْ
ن{ وأول النعمممة هممي صممحة الجسممم وأعظممم النعمممة هممي ديممن دو َ إ ِّياه ُ ت َعْب ُم ُ
ةمم َ دوا ن ِعْ َ ن ت َعُم ّ السلم ،ونعمه كثيرة قال الّله تعالى في محكممم تنزيلممه }وَإ ِ ْ
ممما ت َ ن ط َي ّب َمما ِ مم ْ ها{ والعاشر الكل الحلل لقوله تعالى }ك ُُلوا ِ صو َ ح ُ الّله ل ت ُ ْ
م{ يعني حل ً
ل. َرَزقَْناك ُ ْ
باب التفكر
)قال الفقيه( رحمه الّله حدثنا الخليل بن أحمممد حممدثنا العبمماس السممراج
حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سممعد البغلنممي حممدثنا بممن أبممى زرارة الحلممبي عممن
عطاء بن رباح قال :دخلت مع ابن عمر وعبيد بن عمير على عائشة رضممي
الّله تعالى عنها فسلمنا عليها فقالت من هؤلء؟ فقلنمما عبممد الل ّممه بممن عمممر
وعبيد بن عمير فقالت مرحبا ً بك يا عبيد بن عميممر ممما لممك ل تزورنمما فقممال
عبيد زرغبا ً تزدد حبًا ،فقال ابن عمر دعونا من هذا حدثينا بأعجب ممما رأيممت
من رسول الّله صلى الّله عليه وسلم؟ فقمالت كمل أممره عجيمب غيمر أنمه
أتاني في ليلتي فدخل معي في فراشي حتى ألصق جلده
]ص [294
بجلدي فقال يا عائشة أتأذنين لي أن أتعبممد ربممي؟ قلممت واللممه إنممي لحممب
قربك ولحب هواك فقام إلى قربة فتوضأ منهمما ثممم قممام فبكممى وهممو قممائم
حتى بلغت الدموع حجره ،ثم اتكممأ علممى شممقه اليمممن ووضممع يممده اليمنممى
تحت خده اليمن فبكى حتى رأيت الدموع بلغت الرض ،ثممم أتمماه بلل بعممد
ما أذن الفجر فلما رآه يبكي قال لم تبكي يا رسول الّله وقد غفر الل ّممه لممك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال يا بلل أفل أكممون عبممدا ً شممكورا ومممالي ل
ض{ إلممى قمموله َ ن ِفي َ ْ
ت َوالْر ِ ماَوا ِ سم َق ال ّ خل ِ ي الليلة }إ ِ ّ أبكي وقد نزلت عل ّ
ب الّناِر{ ثم قال :ويل لمن قرأهمما ولممم يتفكممر فيهمما" وروى فممي ذا َ }فَ ِ
قَنا ع َ َ
بعض الخبار أن من نظر في النجوم وتفكر فممي عجائبهمما وفممي قممدرة الل ّممه
ب الن ّمماِر{ كتممب لمه ذا َ ك فَ ِ
قَنا ع َ َ حان َ َ
سب ْ َذا َباط ِل ً ُت هَ َ خل َ ْ
ق َ ما َتعالى ويقرأ }َرب َّنا َ
بعدد كل نجم في السماء حسنة .وروى عن عامر بن قيس أنممه قممال :أكممثر
الناس فرحا ً في الخرة أطولها حزنا ً في الممدنيا ،وأكممثر النمماس ضممحكا ً فممي
الخرة أكثرهم بكاء في الدنيا ،وأخلص النمماس إيمانما ً يمموم القيامممة أكممثرهم
تفكرا ً في الدنيا.
قال :حدثنا الحاكم أبمو الحسمن حمدثنا إسمحاق بمن أحممد النسمفي عمن
الحسين المروزي عن ابن المبارك عن محمد بن شعيب عن النعمممان عممن
مكحول عن أبي الدرداء رضي الّله تعممالى عنممه أنممه قممال :روى هممذا الخممبر
أيضا ً مرفوعا ً عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "إن من الناس
ناسا ً مفاتيح للخير مغاليق للشّر ولهم بذلك أجر ،ومن الناس ناسا ً مفاتيح ما ً
للشر مغاليق للخير وعليهم بذلك إصر يعنممي إثممم كممبير طمموبى لمممن جعممل
مفتاحا ً للخير مغلقا ً للشر ،وتفكممر سمماعة لممي خيممر مممن قيممام ليلممة" وروى
العمش عن عمرو بن مرة "أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم م مّر بقمموم
يتفكرون فقال لهممم :تفكممروا فممي الخلممق ول تفكممروا فممي الخممالق" .وروى
هشام ابن عروة عن أبيه عن رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم أنممه قممال
"إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السموات؟ فيقول الل ّممه تعممالى،
فيقول من خلق الرض؟ فيقول الّله تعممالى ،فيقممول مممن خلممق اللممه؟ فممإذا
أحس أحدكم من ذلك شيئا ً فليقل آمنت بالله وبرسوله" وروى عن رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم أنه قال "تفكر ساعة أفضل من عبادة سنة".
)قال الفقيه( رضمي الّلمه تعمالى عنمه :إذا أراد النسمان أن ينمال أفضمل
التفكر فليتفكر في خمسة أشياء :أّولها في اليات والعلمات ،والثمماني فممي
اللء والنعممماء ،والثممالث فممي ثمموابه ،والرابممع فممي عقممابه ،والخممامس فممي
إحسانه إليه وجفائه له ،فأما التفكر في اليات والعلمات فأن ينظممر قممدرة
الّله تعالى فيما خلق الّله تعممالى مممن السممموات والرض وطلمموع الشمممس
من مشرقّها وغروبها في مغربها واختلف الليل والنهممار وفممي خلممق نفسممه
م أ ََفل
س مك ُ ْ ن ،وَفِممي َأن ُ
ف ِ ت ل ِل ْ ُ
ممموقِِني َ ض آي َمما ٌ
َ ّ
كما قممال اللممه تعممالى} :وَفِممي الْر ِ
ن{ ،فإذا تفكر العبد في اليممات والعلمممات يزيممد بممه يقينما ً ومعرفممة، صُرو َ
ت ُب ْ ِ
وأما التفكر في اللء والنعماء فأن ينظر إلى نعم الّله تعالى .وسئل
]ص [295
بعض الحكماء عن الفرق بين اللء والنعماء فقال كل ممما ظهممر مممن النعممم
وة اليممدينفهو اللء وممما بطممن فهممو النعممماء ،ومثممل ذلممك اليممدان آلؤه وقم ّ
نعماؤه والموجه آلؤه وحسمن الموجه والجممال نعمماؤه والفمم آلؤه وطعمم
الطعام نعماؤه والرجلن آلؤه والمشي نعماؤه ،فإذا كان للعبد رجلن ولممم
وة المشي فقد أعطي اللء ولم يعط النعماء والعممروق والعظممام يكن له ق ّ
آلؤه وصحتها وسكونها نعماؤه .وقال بعضهم اللء إيصال النعمممة والنعممماء
دفع البلية ،وقال بعضهم على ضد ّ هممذا ،ويقممال اللء والنعممماء واحممد ،قممال
ها{ فإذا تفكر النسممان فممي اللء صو َ ة الّله ل ت ُ ْ
ح ُ م َ
دوا ن ِعْ َ الّله تعالى }وَإ ِ ْ
ن ت َعُ ّ
والنعماء يزيد في المحبة ،وأما التفكر في ثوابه فهو أن يتفكر في ثواب مما
أعد ّ الّله لوليائه في الجنة من الكرامات فإن التفكر في ثوابه يزيمده رغبمة
وة في طاعة ربه ،وأما التفكر في عقابه فهو أن فيها واجتهادا في طلبها وق ّ
يتفكر فيما أعد ّ الّله لعدائه في النممار مممن الهمموان والعقوبممة والنكممال فممإن
التفكر في ذلك يزيده رهبة ويكون له قوة على المتناع من المعاصي ،وأما
التفكر في إحسانه إليه فهو أن يتفكر في إحسان الّله تعالى وهمو مما سمتر
عليه من ذنوبه ولم يعاقبه بها ودعاه إلممى التوبممة وينظممر فممي جفمماء نفسممه
كيممف تممرك أوامممره وارتكممب معاصمميه فممإن التفكممر فممي ذلممك يزيممد الحيمماء
والخجل ،فإذا تفكر في هذه الخمسة أشياء فهو من الذين قال فيهم النممبي
صلى الّله عليه وسلم "تفكر ساعة خير مممن عبممادة سممنة" ول يتفكممر فيممما
سوى ذلك فإن التفكر فيما سوى ذلمك وسوسمة .وقمال بعمض الحكمماء :ل
تتفكر في ثلثة أشياء :ل تتفكر في الفقممر فيكممثر همممك وغمممك ويزيممد فممي
حرصك ،ول تتفكر في ظلم من ظلمك فيغلظ قلبممك ويكممثر حقممدك ويممدوم
غيظك ،ول تتفكر في طول البقاء فممي الممدنيا فتحممب الجمممع وتضمميع العمممر
وتسوف في العمل .ويقال أصل الورع أن يتعاهد المرء قلبه لكي ل يتفكممر
فيما ل يعنيه ،فكلما ذهب قلبه إلى ما ل يعنيممه عممالجه حممتى يممرده إلممى ممما
يعنيه وهو أشد الجهاد وأفضله وأشغله لصاحبه ،فمن لم يفعل ذلك في غير
الصلة يوشك أن ل يملممك ذلممك فممي الصمملة .وقممال بعممض الحكممماء :تمممام
العبادة في صدق النيممة ،وتمممام صمملح العمممل فممي التواضممع ،وتمممام هممذين
م والحممزن فممي أمممر الخممرة ،وتمممام بالزهد في الدنيا ،وتمام هذه كلها بماله ّ
م والحزن ملزمة ذكر الموت بقلبك وكممثرة التفكممر فممي ذنوبممك ويقممال: اله ّ
أخلق البممدال عشممرة أشممياء :سمملمة الصممدر ،وسممخاوة المممال ،وصممدق
اللسان ،وتواضع النفس ،والصبر في الشدة ،والبكاء في الخلوة ،والنصيحة
للخلق ،والرحمة للمؤمنين ،والتفكر في الفناء ،والعبرة من الشممياء .وقممال
مكحول الشامي رحمه الله :من أوى إلى فراشه ينبغي أن يتفكر فيما صنع
في يومه ذلك فإن كان عمل فيممه خيممرا يحمممد الل ّممه تعممالى علممى ذلممك وإن
عمل ذنبا استغفر الّله منه ورجممع عممن قريممب ،فممإن لممم يفعممل كممان كمثممل
التاجر الذي ينفق ول يحسب حتى يفلس ول يشعر .وقممال بعممض الحكممماء:
الحكمة تهيج من أربعة
]ص [296
أشياء .أولها :بدن فارغ من أشغال الممدنيا ،والثمماني بطممن خممال مممن طعممام
الدنيا ،والثالث يد خالية من عروض الدنيا ،والرابممع فممي التفكممر فممي عاقبممة
الدنيا :يعني يتفكر في عاقبممة أمممره فممإنه ل يممدري كيممف تكممون عمماقبته ول
يدري أن أعماله تتقبل منه أم ل فإن الّله ل يتقبل من العمال إل الطيب.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :سمعت جماعة مممن العلممماء رفعمموا
الحديث إلى خالد بن معممدان قممال "قلممت لمعمماذ بممن جبممل حممدثني بحممديث
سمعته عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ثم حفظته وذكرتممه كممل يمموم
من وقت ما حدثك به ،فبكى معاذ رضي الّله تعالى عنممه حممتى قلممت إنممه ل
يسكت ،ثم سكت ثم قال :فداك أبممي وأمممي يمما رسممول اللممه ،حممدثني وأنمما
رديفه فرفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله الذي يقضي في خلقممه بممما
أحب ،ثم قال :يا معاذ قلت لبيك يا رسول الّله إمام الخيممر ونممبي الرحمممة،
فقال أحدثك حديثا ً ما حدث به نبي أمته إن حفظته نفعك وإن سمعته ولممم
تحفظه انقطعت حجتك عند الّله يوم القيامة ثم قال :إن الل ّممه تعممالى خلممق
سبعة أملك قبل أن يخلق السموات والرض لكل سماء ملك وجعممل لكممل
باب منها بوابا ً منهم فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح حتى يمسي
ثم يرفع وله نور كنور الشمس حممتى إذا بلممغ سممماء الممدنيا فيزكيممه ويكممثره
فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له ل غفر الّله لممك
أنا صاحب الغيبممة وهممو يغتمماب المسمملمين ول أدع عملممه أن يجمماوزني إلممى
غيري قال :وتصعد الحفظة بعمل العبد وله نور وضوء حتى ينتهممي بممه إلممى
السماء الثانية فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقممل لممه
ل غفر الّله لك إنه أراد بهذا العمل غرض الدنيا وأنا صمماحب عمممل الممدنيا ل
أدع عمله أن يجاوزني إلى غيري .قال :وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهج ما ً
به بصدقة وصلة كثيرة فتعجممب الحفظممة فيتجمماوزون إلممى السممماء الثالثممة
فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له ل غفر الّله لممك
أنا صاحب الكبر إنه من عمل وتكبر على الناس في مجلسهم فقممد أمرنممي
ربي أن ل أدع عمله يجاوزني إلى غيري .قال :وتصعد الحفظة بعمل العبممد
وهو يزهو كما تزهو النجوم بتسبيح وصمموم فتم مّر بممه إلممى السممماء الرابعممة
فيقول له الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له ل غفممر الّلممه
لك أنا ملك صاحب العجب بنفسه إنه ممن عمممل عمل ً وأدخممل فيممه العجممب
فقد أمرني ربي أن ل أدع عمله يجاوزني إلى غيري فيضرب بالعمل وجهممه
فيلعنه ثلثة أيام .قال :وتصعد الحفظة بعمل العبد مممع الملئكممة كممالعروس
المرفوقة إلى زوجها فتمّر به إلى ملك السماء الخامسممة بالجهمماد والصمملة
بين الصلتين فيقول الملك قف واضرب بهذا العمممل وجممه صمماحبه واحملممه
على عاتقه إنه كان يحسد من يتعلم ويعمل لله فهو يحسممدهم ويقممع فيهممم
فيحمله على عاتقه وتلعنممه حفظتممه ممما دام هممو فممي الحيمماة .قممال :وتصممعد
الحفظة بعمل العبد بوضوء تام وقيام
]ص [297
ليل وصلة كثيرة فيمر إلى السماء السادسة فيقممول الملممك قممف واضممرب
بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك صاحب الرحمة إن صاحبك لم يرحمم شميئا ً
فإذا أصاب عبد من عباد الّله ذنبا ً أو ضرا ً شمت به وقممد أمرنممي ربممي أن ل
يجاوزني عمله إلى غيري .قال :وتصعد الحفظة بعمل العبد بصدق واجتهمماد
وورع له ضوء كضوء الممبرق فتم مّر بممه إلممى ملممك السممماء السممابعة فيقممول
الملك قف واضرب بهذا العمممل وجممه صمماحبه واقفممل عليممه قلبممه أنمما ملممك
الحجاب أحجب كل عمل ليس لله تعالى وأنممه أراد بممه الرفعممة وذكممرا فممي
المجالس وصيتا ً في المدائن وقد أمرني ربي أن ل أدع عمله يجاوزني إلممى
غيري .قال :وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن وصمممت
وذكممر كممثير ،وتشممبعه ملئكممة السممموات حممتى ينتهمموا إلممى تحممت العممرش
فيشهدون له فيقول الّله تعالى :أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب
على ما في نفسه إنه لم يرد بهذا العمل وجهي وأراد غيممري فعليممه لعنممتي،
فتقول الملئكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا ،وتقول أهل السماء عليه لعنة الّله
ولعنة سبع سموات وأرضين ولعنتنا ،ثم بكى معمماذ رضممي الل ّممه تعممالى عنممه
وقال :قلت يا رسول الّله ما أعمل؟ قال ،اقتد بنبيك يا معاذ وعليك باليقين
وإن كان في عملك تقصير ،واقطع لسانك عن إخوانك ،ولتكن ذنوبك عليك
ول تحملها على إخوانك ول تزك نفسممك بتممذميم إخوانممك ،ول ترفممع نفسممك
بوضع إخوانك ،ول تراء بعملك الناس" والله الموفق.
]ص [298
النساء ،ومشورة الماء" قال حدثنا محمد بن الفضل حدثنا أبممو بكممر حممدثنا
إبراهيم حدثنا جعفر بن عوف عن أبمي حيممان الممتيمي عممن أبمي زرعممة عممن
عمرو قال "جلس إلى مروان ثلثة نفر بالمدينة فسمعوه يحدث عن اليات
أن أولها خروج الدجال ،فقام النفر من عند مروان فجلسوا إلممى عبممد الل ّممه
بن عمر فحدثوه بما قال مروان فقال عبد الله :سمعت رسول اللممه صمملى
الّله عليه وسلم يقول :إن أول اليات طلوع الشمس من مغربهمما أو الدابممة
إحداهما قريبة على أثر الخرى ،ثم أنشأ يحدث قال :وذلك أن الشمس إذا
غربت أتت تحت العرش فسجدت فاستأذنت في الرجوع فيؤذن لهمما ،حممتى
إذا أراد الّله أن تطلع من مغربها أتت تحت العرش فاستأذنت فممي الرجمموع
فل يؤذن لها بشيء ،ثم تعود وتستأذن فل يؤذن لها بشيء حممتى إذا علمممت
أنه لو أذن لها لم تدرك المشرق قالت :رب ما أبعدني عن الناس ،حتى إذا
كان الليل كالطوق أتت فاستأذنت قيل لها اطلعي من مكانك ثم قممرأ عبممد
ْ
لن قَْبمم ُ
م ْ
ت ِمن َ ْ
نآ َ مان َُها ل َ ْ
م ت َك ُ ْ فسا ً ِإي َ فعُ ن َ ْك ل َين َ ت َرب ّ َ ض آَيا ِ
م ي َأِتي ب َعْ ُ الّله }ي َوْ َ
خْيرا ً قُ ْ َ
ن{". منت َظ ُِرو َ ل انت َظ ُِروا إ ِّنا ُ مان َِها َ
ت ِفي ِإي َ سب َ ْأوْ ك َ َ
وعن عبيد بن عمير أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "ليصحبن الدجال
أقوام يقولون إنا لنعلم أنه كاذب ولكنا نصحبه لنأكممل مممن الطعممام ونرعممى
من الشجر فإذا نزل غضب الّله نزل عليهم كلهم" وعن الحسن عن سمرة
بن جندب أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "إن الدجال خارج وهو أعممور
العين اليمنى ،وأنه يبرئ الكمه والبرص ويحيي الموتى ،فيقول للنمماس ممما
ربكم؟ فمن قال أنت ربي فقد فتن ومن قال ربي الل ّممه حممتى يممموت علممى
ذلك فقد عصم من فتنته فيلبث في الرض ما شاء الّله أن يلبث ،ثم يجيء
عيسى بن مريم عليه السلم من قبل المغرب مصممدقا ً بمحمممد صمملى الل ّممه
عليه وسلم فيقتل الدجال ،ثم قال إنما هي قيام الساعة" وروى عن قتممادة
عن العلء بن زياد العدوي عن عبممد بمن عمممر قمال :ل تقموم السماعة حممتى
يجتمع أهل البيت على الناء الواحد وهم يعلمممون كممافرهم ومممؤمنهم ،قيممل
وكيف ذلك؟ قال تخرج الدابة وهي ودابة الرض فتمسح كممل إنسممان علممى
مسجده فأما المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو في وجهه حممتى يممبيض لهمما
وجهه ،وأما الكافر فتكون نقطة سوداء فتفشو في وجهممه حممتى يسممود لهمما
وجهه ،حتى يتبايعوا في أسواقهم فيقولون كيف تبيع هممذا يمما مممؤمن وكيممف
تأخذ هذا يا كافر فما يرد بعضهم على بعض .وعن ابممن عبمماس رضممي الل ّممه
تعالى عنهما أنه قال :إن الدابة ذات زغب وريش لها أربع قوائم تخرج مممن
بعض أودية تهامة وعن ابن عمر رضممي الل ّممه تعممالى عنهممما فممي قممول الل ّممه
ة م من ال َرض تك َل ّمه م َ م أَ ْ
ن
مأ ّ ْ ِ ُ ُ ُ ْ داب ّم ً ِ ْ م َ جن َمما ل َهُم ْ
خَر ْ ل ع َل َي ْهِ م ْ ذا وَقَعَ ال َ
ق مو ْ ُ تعالى }وَإ ِ َ
ن{ قال :الذين ل يممأمرون بممالمعروف ول ينهممون كاُنوا ِبآَيات َِنا ل ُيوقُِنو َ س َ الّنا َ
عن المنكر :وروى أبو هريرة رضي الّله تعالى عنممه عممن النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم أنه قال "ل تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ،فإذا
]ص [299
طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم ويومئذ ل ينفممع نفممس إيمانهمما
لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانهمما خيممرًا" وعممن ابممن أبممي أوفممى
رضي الّله تعالى عنه عن النبي صلى الل ّممه عليممه وسمملم أنممه قممال "سممتأتي
عليكم ليلة مثل ثلث ليال من لياليكم هذه ،فإذا كممانت تلممك الليلممة عرفهمما
المتهجدون فيقوم للرجل فيقرأ ورده ثم ينام ثم يقوم فيقرأ ورده ثم يقوم
فيقرأ ورده ،فبينما هم كذلك إذ ماج الناس بعضهم في بعممض فيقولممون ممما
هذا؟ فيفز عون إلى المساجد فإذا هممم بالشمممس قممد طلعممت مممن مغربهمما
فتجيء حتى إذا توسطت السماء رجعت فطلعت من مشرقها فذلك قمموله
ت َرب ّ َ
ك{ الية. ْ
ض آَيا ِ
م ي َأِتي ب َعْ ُ
تعالى }ي َوْ َ
ّ ّ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
"النبياء أخوة العلت أمهاتهم شتى ودينهم واحممد وأنمما أولهممم بعيسممى ابممن
مريم إنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه خليفتي في أمممتي وإنممه نممازل فيقتممل
الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية وتضممع الحممرب أوزارهمما فيمل الرض
قسطا ً وعدل ً كما ملئت جورا ً وظلمًا ،حتى يرعى السد مع البل والنمر مع
البقر والذئب مع الغنم وحتى يلعب الصبيان بالحيممات" وعممن عبممد الل ّممه بممن
عمر رضي الّله تعالى عنهما أنه قال" :ينزل عيسى ابن مريم عليه السمملم
فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الشحم فيقتل الدجال وتتفرق عنممه اليهممود
فيقتلون حتى إن الحجر ليقول يا عبد الّله المسلم هذا يهودي تمموارى تعممال
فاقتله" .وعن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنه عن النبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "إن يأجوج ومأجوج يحفرون الردم كممل يمموم حممتى إذا كممادوا
أن يروا شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعمموا فسممتحفرونه غممدا ً فيعيممده
الّله كما كممان ،حممتى إذا بلغممت مممدتهم حفممروا حممتى إذا كممادوا يممروا شممعاع
الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غممدا ً إن شمماء الل ّممه فيعممودون
إليه وهو كهيئتمه المتي تركوهمما بمالمس فيخرجممون علممى النمماس فينشممفون
المياه ،ويتحصن الناس في حصممونهم منهممم فيبعممث الل ّممه عليهممم نغفما ً فممي
أعناقهم فيهلكهم الّله بها" .وعن أبمي سمعيد رضمي الّلمه تعمالى عنمه قمال:
"ليحجن البيت وليغرسن الشجر بعد يأجوج ومممأجوج" .وعممن عبممد الل ّممه بمن
سلم رضي الّله تعالى عنه قال :ممما مممات الرجممل مممن يممأجوج ومممأجوج إل
ترك له ألف ذرية فصاعدا مممن صمملبه .وعممن الحسممن البصممري رحمممه الل ّممه
تعالى أنه قال :بلغنى أن النبي صلى الّله عليممه وسمملم قممال "إن بيممن يممدي
الساعة فتنا ً كقطع الليل المظلم يموت فيها قلب الرجل كممما يممموت بممدنه
ويصبح الرجل فيها مؤمنا ً ويمسي كافرا ً ويمسي مؤمنا ً ويصممبح كممافرا ً يممبيع
فيها أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل" وروى العلء عن أبي هريرة رضي
الّله تعالى عنه عن النبي صلى الّله عليه وسلم أنه قممال "بممادروا بالعمممال
الصممالحة قبممل أن تظهممر سممت :طلمموع الشمممس مممن مغربهمما ،والممدجال،
والدخان ،والدابة :وخاصة أحدكم :يعني الممموت ،وأمممر العامممة :يعنممي يمموم
القيامة".
]ص [300
وعن عبد الّله بن سمماباط أن النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم قممال "إنممه
سيكون فيكم الخسف والمسخ والقذف قالوا يا رسول الّله وهم يشممهدون
أن ل إله إل الله؟ قال نعم إذا ظهممرت فيهممم الربممع :القينممات ،والمعممازف،
ي بمن كعمب رضممي الل ّممه تعمالى عنممه فممي قمموله والخمور ،والحرير" وعن أب ّ
َ َ
ت حم ِن تَ ْ
مم ْ ن َفموْقِك ُ ْ
م أوْ ِ م ْذابا ً ِ م عَ َ ث ع َل َي ْك ُ ْ ن ي َب ْعَ َ قاد ُِر ع ََلى أ ْ ل هُوَ ال َ تعالى }قُ ْ
ْ أ َرجل ِك ُ َ
ض{ قمال همي خلل أربمع س ب َْعم ٍ م َبمأ َ ضك ُ ْ
ذيقَ ب َعْ َ شَيعا ً وَي ُ ِ سك ُ ْ
م ِ م أوْ ي َل ْب ِ َ ْ ْ ُ
وهن واقعات ل محالة ،فمضت ثنتان بعد وفاة رسول الّله صلى الل ّممه عليممه
وسلم بخمس وعشرين سنة فألبسوا شمميعا ً يعنممي الهممواء المختلفممة وذاق
بعضهم بأس بعض ،وثنتان واقعتان ل محالة الخسف والرجف" .وروى "أنه
لما نزلت هذه الية دعا النممبي صمملى الل ّممه عليممه وسمملم فعفممى عممن اثنممتين
الخسف والمسخ ،وبقي اثنان وهما الهواء والبممأس" .وروى العمممش عممن
أبي الضحى عن مسروق قال :بينما رجل يحدث في المسجد قال :إذا كان
يوم القيامة نزل دخان من السماء فأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم وأخذ
المؤمنين منممه كهيئة الزكممام .قممال مسممروق :فممدخلت علممى عبممد الل ّممه بممن
مسعود رضي الّله تعالى عنه فذكرت ذلك له وكممان متكئا ً فاسممتوى قاعممدا ً
ثم قال :أيها الناس من كان منكم عنده علم فسمئل عنمه فليقلمه ومممن لمم
يكن عنده فليقل الّله أعلم ،إن الّله تعالى قال لنبيه صلى الّله عليه وسمملم
ن{ وذلك أن قريشا ً لممما َ ل ما أ َسأ َل ُك ُم ع َل َيه م َ
مت َك َل ّ ِ
في َ ن ال ُ م ْ ما أَنا ِ جرٍ وَ َ نأ ْْ ِ ِ ْ ْ ْ }قُ ْ َ
كذبوا رسول الّله صلى الّله عليه وسلم قممال" :اللهممم اشممدد وطأتممك علممى
مضر ،اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ،اللهم سنين كسممني يوسممف،
فأخذتهم السنة فأكلوا فيها العظام والمنية مممن الجهممد حممتى جعممل أحممدهم
يرى ما بينمه وبيمن السمماء كهيئة المدخان ممن الجموع ،فمذلك قموله تعمالى
ْ
ن{. مِبي ٍ ن ُ خا ٍ ماُء ب ِد ُ َ س َم ت َأِتي ال ّ ب ي َوْ َ ق ْ }َفاْرت َ ِ
قال :حدثني أبي رحمه الّله حدثنا أبو عبد الرحمن عن أبي الليث حممدثنا
أبو بكر بن يحيى عن حفص عن عبد الرحمن بن إبراهيم الراسي عن مالك
عن نافع عن ابن عمر رضي الّله تعالى عنهما قال :كتب عمممر رضممي الل ّممه
تعالى عنه إلى سعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية أن وجه نضلة بن معاوية
إلى حلوان ،فوجه سعد نضلة في ثلثمائة فارس فخرجوا حتى أتمموا حلمموان
فأغمماروا علممى نواحيهمما وأصممابوا غنيمممة وسممببًا ،فرجعمموا فجعلمموا يسممرقون
العنيمة والسبي حتى نزلوا إلى سطح جبممل ،ثممم قممام نضمملة فممأذن للصمملة
وقال :الّله أكبر الّله أكبر ،فإذا مجيب من الجبل يجيبه كبرت كبيرا ً يا نضلة،
ثم قال :أشهد أن ل إله إل الله ،قال :هي كلمة الخلص يا نضلة ،ثم قممال:
أشهد أن محمدا ً رسول الله ،قال :هو الذي بشرنا به عيسى عليه السمملم،
ي على الصلة ،قال :طوبى لمن مشى إليها وواظب عليهمما ،ثممم ثم قال :ح ّ
ي على الفلح ،قال :أفلح من أجاب محمدا ً صلى الّله عليممه وسمملم، قال :ح ّ
ثم قال :الّله أكبر الّله أكبر ل إله إل اللممه ،قممال :أخلصممت إخلصما ً يمما نضمملة
فحّرم الّله بها جسدك على النار ،فلما فرغ من آذانه قال :من أنت رحمممك
الّله أملك أنت أما ساكن من
]ص [301
الجن أم طائف من عباد الّله أسمعتنا صوتك فأرنا صممورتك فممإن وفممد الل ّممه
عز وجل ووفد رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ووفممد عمممر بممن الخطمماب
رضي الّله تعالى عنه ،فإذا شيخ له هامة كالرحا أبيض الرأس واللحية عليممه
طمران من صوف فقال :السلم عليكم ورحمة الّله وبركاته فقلنمما وعليممك
السلم والرحمة ،من أنت رحمك الله؟ قال :أنا زرنب بن يرعل وصى العبد
الصالح عيسى ابن مريم عليه الصلة والسلم ،اسممكنني هممذا الجبممل ودعمما
لي بطول البقاء إلى وقت نزوله من السممماء ،فأممما إذا فمماتني لقمماء محمممد
صلى الّله عليه وسلم فأقر توا ً عمر مني السلم وقولموا لمه يما عممر سمدد
وقارب فقد دنا المر ،وأخبروه بهذه الخصال التي أخممبركم بهمما إذا ظهممرت
في أمة محمد صلى الّله عليه وسلم فالهرب الهممرب :إذا اسممتغنى الرجممال
بالرجال والنساء بالنساء وانتسبوا إلى غيممر مناسممبهم ،ولممم يرحممم كممبيرهم
صغيرهم ولم يوقر صغيرهم كبيرهم ،وتركوا المر بالمعروف فلم يأمروا به
وتركوا النهي عن المنكر فلم ينهوا عنه ،ويتعلممم عممالمهم العلممم ليجلممب بمه
الدنانير ،والدراهم ،وكان المطر قيظمًا :يعنممي أيممام الصمميف ،والولممد غيظمًا:
يعني يغيظ والديه ،ويفيض اللثام فيضا ً ويغيض الكرام غيضًا :يعنممي يقلممون،
وشيدوا البناء واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا واستخفوا بالدماء وقطعمموا
الرحام وبماعوا الحكمم ،وطولموا المنممارات وفضضموا المصماحف وزخرفمموا
المساجد ،وأظهروا الرشا وأكلوا الربا وصممار الغنممى عزيممزا ً وركممب النسمماء
السروج ثم غاب عنا .وذكر أن سعدا ً خرج بعد ذلممك فممي أربعممة آلف رجممل
فنزل هناك أربعين يوما ً يؤذن لكل صلة فلم يسمممع جواب ما ً ول كلم ما ً واللممه
الموفق.
]ص [303
وعلى إبراهيم عشر صحائف ،وعلممى موسممى قبممل التمموراة عشممر صممحائف
ي الّله أوصني؟ قال :عليك والتوراة والنجيل والزبور والفرقان ،فقلت يا نب ّ
بتقوى الّله فإنها رأس أمرك كله ،قلت يا رسول الل ّممه زدنممي؟ قممال :عليممك
بذكر الّله وتلوة القرآن فإنه نور لمك فمي السمماء وشمرف وذكمر لمك فمي
الرض ،وعليك بالجهاد في سبيل الل ّممه تعممالى فممإنه رهبانيممة أمممتي ،وعليممك
بالصمت إل بخير فإنه مطردة الشيطان عنممك وعممون لممك علممى أمممر دينممك
وإياك والضحاك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه".
قال :وحدثني أبي رحمه الّله بإسناده عممن أبممي ذر الغفمماري رضممي اللممه
ّ
تعالى عنه أنه قال "دخلت المسجد فإذا رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم
جالس وحده ،فمرة قلت فمي نفسممي آتيمه لسممتفيد منمه فممي حممال خلموته
ومرة قلت ل أشغله عما هو فيه فممأبيت إل أن آتيممه ،فممأتيته وسمملمت عليممه
وجلست عنده طويل ً لم يكلمني حتى قلت في نفسممي إنممه قممد شممق عليممه
جلوسي ،ثم قال :يا أبا ذر هل ركعت؟ قلت ل ،قال :قممم فمماركع فممإن لكممل
شيء تحية وتحية المسجد ركعتان ،فقمت وركعت ثم جلست إليممه طمموي ً
ل،
ثم قال :يا أبا ذر اسمتعذ بمالله ممن الشميطان الرجيمم ومممن شمّر شممياطين
النس والجن ،فقلت يا رسول الّله أو من النس شياطين؟ قال أما تسمممع
ن{ ثم سكت ،فلما رأيت أنممه ل يكلمنممي ج ّ
س َوال ِ
لن ِ
نا ِ
طي َ قوله تعالى } َ
شَيا ِ
ي الل ّممه أمرتنممي بالصمملة فممما ول يحممدثني أفضممت فممي الكلم فقلممت يمما نممب ّ
الصلة؟ وذكر نحو السؤالت التي ذكرناها ،قال :ثممم اجتمممع النمماس ،فقممال
النبي صلى الّله عليه وسلم أل أنبئكم بأبخل الناس؟ قممالوا بلممى يمما رسممول
ي".ل عل ّ الله ،قال :من ذكرت عنده فلم يص ّ
قال :حدثنا عبد الوهاب بن محمد الفضلني بسمرقند بإسناده عن محمد
بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الّله بن عبد الّله بن عتبة عممن أبيممه قممال:
قال عبد الّله بن مسعود رضي الّله تعالى عنه "لما خرج النممبي صمملى الل ّممه
عليه وسلم إلى غزوة تبوك صحبه رجال من المنافقين وكممان يتخلممف عنممه
الرجل والرجلن فيقولون يا رسول الّله تخلف فلن ،فيقول دعوه فإن يممك
فيه خير فسيلحقه الّله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الّله منممه ،فقممالوا
يا رسول الّله تخلف أبو ذر قال دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الّله بكممم،
وم بعيممره ،فلممما أبطممأ عليممه أخممذ وكان أبو ذر تخلف لنه أبطأ به بعيره فتل م ّ
متاعه فحمله على ظهره ثم رجممع يتبممع أثممر رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
دة الحر وحده ،فقالوا يا رسممول الل ّممه وسلم ماشيا ً حامل ً على ظهره في ش ّ
أقبل إلينا رجل يمشي وحده فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ليكممن
أبا ذر ،فلما تأمله الناس قالوا يا رسول الّله هممذا واللممه أبممو ذّر رضممي الل ّممه
تعالى عنه ،فدمعت عينا رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وقال :رحم الّله
أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعممث وحممده" قممال محمممد بممن إسممحاق
حدثنا بريدة بن سفيان السلمي عن محمد بن كعب رضي الّله تعالى عنهم
قال "لما سار أبو ذر رضي الّله تعالى عنه
]ص [304
إلى الربدة في عهد عثمان رضي الّله تعالى عنه وأصابه بها قدره ولم يكن
معه إل امرأته وغلمه فأوصى إليهما أن غسلني وكفناني ثم ضممعاني علممى
قارعة الطريق ،فأّول ركب يمّر عليكم فقولوا هممذا أبممو ذر صمماحب رسممول
الّله صلى الّله عليه وسلم فأعينونا على دفنه ،فلما مممات فعل بممه ذلممك ثممم
وضعاه على قارعة الطريق فأقبل عبد الّله بن مسممعود رضممي الل ّممه تعممالى
عنه في رهط من العراق ،فلما رآهممم الغلم قممام إليهممم فقممال هممذا أبممو ذر
صاحب رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فأعينونا علممى دفنممه ،فأقبممل ابممن
مسعود رضي الّله تعالى عنه وهو يبكي رافعا ً صوته ،ثم قال :صدق رسول
الّله صلى الّله عليه وسلم تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحممدك ،ثممم
واروه ومضوا وهو يحدثهم بما قال رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم فممي
مسيره إلى تبوك".
ّ
وعن إياس بن سلمة عن أبيه عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه
أن النبي صلى الّله عليه وسلم قال "سيصيبك بعدي بلء ،قممال :قلممت فممي
الله؟ قال :في الله ،قلت فمرحبا ً بأمر الله ،قال :يا أبا ذر اسمع وأطع ولممو
صممليت خلممف أسممود" فلممما تمموفي رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم
واستخلف أبو بكر رضي الّله تعالى عنه دعاه فحياه وبكى ،فقممال أبممو بكممر
رضي الّله تعالى عنه :قد سمعت قول رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم
فيك فأعوذ بالله أن أكون صاحبك :يعني أعوذ بالله أن يصيبك البلء بسببي
و في زماني ،فلما توفي أبو بكر رضي الّله تعمالى عنمه وولمى عممر رضمي
الّله تعالى عنه دعاه وأثنى عليه وقال :قد سمعت رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم فيك فأعوذ بالله أن أكون صاحبك :يعني أعوذ بممالله أن يصمميبك
البلء بسببي وفي زماني ،فلما تمموفي عمممر رضممي الل ّممه تعممالى عنممه وولممي
عثمان رضي الّله تعالى عنه قممال عبممد الل ّممه بممن عبمماس رضممي الّلمه تعممالى
عنهما :كنت قاعدا ً عند عثمان رضي الّله تعالى عنه فاستأذن أبو ذر رضممي
الّله تعالى عنه ،فقلت يا أمير المؤمنين هذا أبو ذر يستأذن ،قممال :ائذن لممه
إن شئت ،قال :فأذنت له ،فدخل حتى جلس فقال عثمان أنت الذي تزعممم
أنك خير من أبي بكر وعمر رضي الّله تعالى عنهما؟ قال ما قلت هذا ،قال
أنا أقيم عليك البينة ،قال أبممو ذر نضممر الل ّممه وجهممك ل أدري ممما بينتممك وقممد
عرفت كيف قلت ،قال فكيف قلت؟ قلت :قال رسول الّله صلى الّله عليه
ي وأقربكم مني الذي يأخذ بالعهممد الممذي تركتممه عليممه وسلم _"إن أحبكم إل ّ
حتى يلحقني ،وكلكم قد أصاب من الدنيا غيممري" قممال عثمممان رضممي الل ّممه
تعالى عنه :الحق بمعاوية فأخرجه إلى الشام ،فلما قممدم إلممى الشممام أخممذ
يعلم الناس فأبكى عيممونهم وأحممزن صممدورهم ،وكممان فيممما يقممول ل يممبيتن
ده أحدكم وفي بيته دينار ول درهممم إل شمميء ينفقممه فممي سممبيل الل ّممه أو يعم ّ
لغريم ،فأبكى معاوية والناس فبعث إليه بألف دينار فأراد أن يخممالف قمموله
فعله وسريرته علنيته ،فأخذ اللف وقسمه كله فلم يبق عنده شيء فممدعا
معاوية الرسول في اليوم الثاني فقال له اذهب إلى أبممي ذر وقممل لممه إنممما
أرسلني باللف دينار إلى غيرك فأخطأت به إليك ،فجاءه
]ص [305
الرسول وقال له أنقذني من عذاب معاوية فإنما أرسلني بألف إلممى غيممرك
فأخطأت به فدفعته إليك ،فقال أبو ذر للرسول أقرئ معاوية مني السمملم،
وقل له ما أصبح عندنا من دنانيرك شيء فممإن أردتهمما فانتظرنمما ثلثممة أيممام
نجمعها لك فلما رأى معاوية أن فعله يصدق قوله كتب إلممى عثمممان رضممي
ي أبممو ذر واسممتدعه، الّله تعالى عنه إن كان لممك بالشممام حاجممة فأرسممل إلم ّ
قال ،فكتب عثمان رضي الّله تعالى عنه أن الحق بممي ،قممال فقممدم أبممو ذر
رضي الّله تعالى عنه وعثمان في المسممجد فأقبممل حممتى سمملم عليممه ،فممرد ّ
عليه السلم وقال له كيف أنت يا أبا ذر؟ قال بخير فكيممف أنتممم ،ثممم خممرج
عثمان رضي الّله تعالى عنه فقام أبو ذر إلممى سممارية فصمملى ركعممتين ،ثممم
قعد وجلس إليه الناس فقالوا له يا أبا ذر حدثنا عن رسول الّله صمملى الل ّممه
عليه وسلم قال نعم حدثني حبيبي "أن في البل صدقة وفي الزرع صممدقة
وفي الدرهم صدقة وفي الشاة صدقة ،ومن بات وفي بيته دينممار أو درهممم
ده لغريمه أو ينفقه في سبيل الل ّممه فهممو كنممز يكمموى بممه يمموم القيامممة" ل يع ّ
قالوا يا أبا ذر اتق الّله وانظر ما تحدث فإن الموال قد فشت فممي النمماس،
ة وََل ُينفِ ُ
قون ََها فِممي ض َ
ف ّب َوال ِ ن ي َك ْن ُِزو َ
ن الذ ّهَ َ فقال أما تقرؤون القرآن }َوال ّ ِ
ذي َ
م{ فمكممث ليلممتين أو ثلثما ً فأرسممل عثمممان َ م ب ِعَم َ ل الّله فَب َ ّ
ب أِليم ٍ ذا ٍ شْرهُ ْ سِبي ِ
َ
رضي الله تعالى عنمه فقمال الحمق بالربمذة وهمي قريمة خربمة فخمرج إلمى ّ
الربذة فوجممدهم يممؤمهم أسممود ،فقيممل لبممي ذر تقممدم فممأبى وصمملى خلممف
السود وقال صدق الّله ورسول قال لممي "اسمممع وأطممع وإن صمليت خلمف
أسود" ومكث هناك حتى مات رحمه الله.
وروي عن امرأة أبي ذر رضي الّله تعالى عنهما قالت "لما حضممر أبمما ذر
الوفاة بكيت قال :ما يبكيك ،قلت تممموت فممي فلة مممن الرض وليممس لممي
ثوب أكفنك فيه ،قال ل تبكي وأبشري فإني سمعت رسول الّله صلى الّلممه
عليه وسلم يقول لنفمر كنممت أنما فيهممم ليمموتن رجممل منكممم فممي فلة ممن
الرض يشهده عصابة من المممؤمنين وليممس مممن أولئك النفممر أحممد إل وقممد
هلك في قرية أو جماعة إلنا والله ممما كممذبت ول كممذبت فأنمما ذلممك الرجممل
فأبصري الطريق؟ قالت فقلممت قممد ذهممب الحمماج وانقطممع الطريممق فكنممت
أقوم على كثيب فأنظر فأرجع إليه فأمرضه فبينما أنا كممذلك إذا بنفممر علممى
ي فقالوا يا أمممة الل ّممه مالممك؟ قلممت رحالهم فألحت إليهم بثوبي فأسرعوا إل ّ
رجل من المسلمين يموت فكفنوه ،قممالوا ومممن هممذا؟ قلممت أبممو ذر ،قممالوا
صاحب رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم؟ قلممت نعممم ،ففممدوه بآبممائهم
وأمهاتهم ،فأسرعوا حتى دخلوا عليه وسمملموا فرحممب بهممم ،وقممال أبشممروا
فإني سمعت رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم ليممموتن
رجل منكم في فلة من الرض يشهده عصممابة مممن المممؤمنين وليممس مممن
أولئك القوم أحد إل وقد هلك في قرية أو جماعة إل أنا ذلممك الرجممل وأنتممم
أولئك العصابة ،ولو كان لي ثوب يسعني كفنا ً أو لمرأتي لممم أكفممن إل فممي
ثوب لي أو لهلي ،وإني أنشدكم بالله ل يكفنني رجل منكممم كممان أميممرا ً أو
بريدا ً أو عريفا ً أو نقيبًا،
]ص [306
ولم يكن في القوم إل قد أصاب ذلك أو بعممض ذلممك إل رجممل مممن النصممار
فقال يا عم أنا أكفنك فإني لم أصب شمميئا ً ممما ذكمرت ،أكفنممك فممي ردائي
هذا أو في ثوبين أو في عباءتين من غزل أمي ،قممال أنممت تكفننممي ،فمممات
فكفنه النصاري في النفر الذين شهدوه وكلهممم مممن أهممل الممدين ،فرجعمموا
مسرورين بما سمعوا منه".
]ص [307
السماء :أحدهم صاحب الخلق الحسن ،والثمماني المخلممص بعملممه ،والثممالث
المتواضع .وروى عن عمر بمن الخطماب رضمي الّلمه تعمالى عنمه أنمه قمال:
حاسممبوا أنفسممكم قبممل أن تحاسممبوا فممإنه أيسممر وأهممون لحسممابكم ،وزنمموا
فممى خ َن ل تَ ْ ضممو َ مئ ِذ ٍ ت ُعَْر ُ
أنفسكم قبل أن توزنوا ،وتجهزوا للعرض الكبر }ي َوْ َ
ة{ وروى عن يحيى بن معمماذ رضممي الل ّممه تعممالى عنممه أنممه قممال: خافِي َ ٌ من ْك ُ ْ
م َ ِ
الناس ثلثة أصناف :رجل يشغله معاده عن معاشه ،ورجل يشممغله معاشممه
عن معاده ،ورجل مشتغل بهما جميعًا .فممالّول درجممة الفممائزين والعابممدين،
والثاني درجة الهالكين ،والثالث درجة المخاطرين .وذكر عن حمماتم الزاهممد
أنه قال :أربعة ل يعرف قمدرها إل أربعمة :قمدر الشمباب ل يعمّرف قمدره إل
الشيوخ ،ول يعرف قدر العافية إل أهل البلء ،ول قدر الصمحة إل المرضمى،
ول قدر الحياة إل الموتى.
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :هذا مستخرج من خممبر رسممول الل ّممه
صلى الّله عليممه وسمملم "اغتنممم خمسما ً قبممل خمممس :شممبابك قبممل هرمممك،
وصحتك قبل سقمك ،وغناك قبل فقرك ،وفراغك قبل شغلك ،وحياتك قبل
موتك" فينبغي للنسان أن يعرف قدر حياته ويغتنم كممل سمماعة تممأتي عليممه
ويقول ل أدري كيممف يكممون حممالي فممي سمماعة أخممرى ،ويتفكممر فممي ندامممة
الموتى وإنهم يتمنون الحياة مقدار ركعممتين أو مقممدار قممول ل إلممه إل اللممه،
وإنك قد قلتها فاجتهد في عبادة الل ّممه تعممالى قبممل أن يأتيممك وقممت الندامممة
والحسرة .وقيل لحاتم رضي الّله تعالى عنه علم بنيت عملك؟ قممال علممى
أربع :أحدها أني علمت أن لي رزق ما ً ل يجمماوزني إلممى غيممري كممما ل يجمماوز
ي فرضا ً ل يؤديه غيممري فأنمما ي فوثقت به ،والثاني علمت أن عل ّ رزق أحد إل ّ
مشغول به ،والثالث علمت أن ربي يراني كل وقت فأستحي منممه :والرابممع
علمت أن أجل ً يبادرني فأنا أبادره.
)قال الفقيه( رضي الل ّممه تعممالى عنممه :المبممادرة إلممى الجممل والسممتعداد
بالعمال الصالحة والمتناع عما نهى الل ّممه والتضمّرع إلممى الل ّممه تعممالى لكممي
يثبته على ذلك ويجعل خاتمته في خير .وقال بعض الحكماء :ل يجد الرجممل
حلوة العبادة حتى يدخل في العبادة بالنية ويرى المنة لله ويعمل بالخشية
ويسلمه بالخلص ،لنه إذا دخل فيه بالنية فيعلم أن الل ّممه تعممالى قممد وفقممه
لذلك العمل ،وإذا رأى للله عليه المنة فيمدخل فيمه بالشمكر فكمان لمه ممن
َ
ن
م إِ ّ ن كَ َ
فْرت ُم ْ م وَل َئ ِ ْ
م لِزي مد َن ّك ُ ْ ش مك َْرت ُ ْ
ن َالّله الزيادة لن الل ّممه تعممالى قممال }ل َئ ِ ْ
د{ وإذا عمله بالخشية وجب ثوابه على الل ّممه تعممالى قممال الل ّممه دي ٌش ِ ذاِبي ل َ َعَ َ
َ
ن{ والثواب في الدنيا هو الحلوة في سِني َ ح ِم ْ
جَر ال ُ ن الّله َل ي ُ ِ
ضيعُ أ ْ تعالى }إ ِ ّ
الطاعة وفي الخرة الجنة ،وإذا سلمه بممالخلص تقبلممه الل ّممه منممه" وعلمممة
القبول أن يوفقه لطاعة هي أرفممع منممه .ويقممال علمممة الغممترار فممي ثلثممة
أشياء :أن يجمع مال يخلفه والثاني زيادة الذنوب تهلكه ،والثالث ترك عمل
ينجيه .وعلمة المنيب يعني المقبل إلى الّله
]ص [308
تعالى ثلث خصال :أولها أن يجعل قلبممه للتفكممر ،والثماني أن يجعمل لسمانه
للذكر ،والثالث أن يجعل بدنه للخدمة .ويقال للمخادع نفسه ثلث علمات:
وف التوبممة بطممولأحدها أن يبادر إلى الشهوات ويأمن الزلل ،والثمماني يس م ّ
المل ،والثالث يرجو الخرة بغير عمل .قال بعض الحكماء :من ادعى ثلثمما
دعمى حلوة ذكمر الّلمه بغير ثلث فاعلم أن الشيطان يسخر منه :أولها من ا ّ
دعى رضا خالقه من غير سخط نفسه ،والثالث مع حب الدنيا ،والثاني من ا ّ
دعى الخلص مع حب ثناء المخلوقين .وعن أبي نضرة قال :أربع مممن من ا ّ
ن خيرا فذاك الذي لم يتقبل الّله منه عمله ذلك :أّولهمما ن فيه فلم يزدد به ّ ك ّ
ّ
من غزا ثم رجع فلم يزدد خيرا فذاك آية أنه لم يتقبل الله منممه ومممن صممام
شهر رمضان ولم يزدد خيرا فذاك آية أنممه لممم يتقبممل الل ّممه منممه ،ومممن حممج
فرضا فلم يزدد خيرا فذاك آية أنه لم يتقبل الّله منه ،ومممن مممرض فعمموفى
فلم يزدد خيرا فذاك آية أنه لم تكفر عنه ذنوبه .ويقال ينبغي للعاقل أربعممة
أشياء حتى يصلح عمله ول يضيع اجتهاده :أّولها العلممم ليكممون علمممه حجممة،
والثاني التوكل حتى يكون له في العبادة فراغ ومن الخلق إيمماس ،والثممالث
الصممبر ليتممم بممه العمممل ،والرابممع الخلص لينممال بممه الجممر .وقممال الحسممن
البصري رحمه الّله تعالى :ما طلب رجل هذا الخيممر يعنممي الجنممة إل اجتهممد
ونحل وذبل واستمّر أي استقام حتى يلقى الّله تعالى أل نرى إلى قول الّله
موا{ وقال بعض الحكممماء :علمممة الممذي قا ُست َ َ
ما ْ ن َقاُلوا َرب َّنا الّله ث ُ ّ ذي َن ال ّ ِ }إ ِ ّ
استقام أن يكون مثله كمثل الجبل لن الجبل له أربع علمات :أحدها أنه ل
يذيبه الحمّر ،والثماني ل يجممده المبرد ،والثمالث ل تحركمه الريمح ،والرابمع ل
يذهبه السيل .فكذا المستقيم له أربع علمات:أحدها إذا أحسن إليه إنسممان
ل يحمله إحسانه على أن يميل إليه بغير حق ،والثاني إذا أساء إليممه إنسممان
وله عن ل يحمله ذلك على أن يكون بغير حق ،والثالث أن هوى نفسه ل يح ّ
أمر الّله تعالى ،والرابع أن حطام الدنيا ل يشغله عن طاعة الّله ع مّز وجممل.
ويقال سبعة أشياء من كنوز البّر وكل واحممد مممن ذلممك واجممب بكتمماب الل ّممه
ُ
دوا مُروا إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ ما أ ِ تعالى :أّولها الخلص في العبادة لقول الّله عّز وجل }وَ َ
َ
ن
فاَء{ ،والثاني بّر الوالممدين لقمموله ع مّز وجممل }أ ْ حن َ َ
ن ُ دي َ ه ال ّ ن لَ ُ صي َ خل ِ ِم ْ الّله ُ
صميُر{ ،والثمالث صملة الرحمم لقموله عمّز وجمل م ِ ي ال َ ك إ ِل َ ّ وال ِد َي ْ َشك ُْر ِلي وَل ِ َ ا ْ
م{ ،والرابع أداء المانة لقوله تعالى ن ب ِهِ َوال َْر َ
حا َ ساَءُلو َ ذي ت َت َ َ قوا الّله ال ّ ِ }َوات ّ ُ
ت إ َِلى أهْل َِها{ ،والخامس أن ل يطيع أحممدا َ َ َ ْ
ماَنا ِ دوا ال َ ن ت ُؤ َ ّ مأ ْ مُرك ُ ْ ن الّله ي َأ ُ }إ ِ ّ
َ
ن دو ِ ن ُ مم ْ ضمَنا ب َْعضما ً أْرَبابما ً ِ خمذ َ ب َعْ ُفي المعصية لقول الّله عمّز وجممل }َول ي َت ّ ِ
ه{ ،والسمادس أن ل يعممل بهموى نفسمه لقمول الّلمه عمّز وجممل }وَن َهَممى الل ّ ِ
وى{ ،والسممابع أن يجتهممد فممي الطاعممة ويخمماف الل ّممه تعممالى ن الهَ َ س عَ ْ ف َ الن ّ ْ
مممما َرَزقْن َمماهُ ْ م ّمعما ً وَ ِ وفما ً وَط َ َخ ْم َ ن َرب ّهُم ْ عو َ ويرجممو ثمموابه لقمموله تعممالى }ي َمد ْ ُ
ن{ ،فالواجب على كل إنسان أن يكون خائفا باكيا فإن المر شديد. قو َ ف ُ ُين ِ
]ص [309
وروى في الخبر أن عيسى عليه الصلة والسمملم ممّر بقريممة وفممي تلممك
القرية جبل وفي الجبل بكاء وانتحاب كثير ،فقال لهل القرية ما هذا البكاء
وهذا النتحاب في هذا الجبل؟ قالوا يا عيسى منذ سكنا هذه القرية نسمممع
هذا البكاء وهذا النتحاب بهذا الجبممل ،فقممال عيسممى عليممه السمملم :يمما رب
ائذن هذا الجبل أن يكلمني؟ فأنطق الّله الجبل فقال :يمما عيسممى ممما أردت
مني؟ قال :أخبرني ببكائك وانتحابك ما هو؟ قال يا عيسى أنا الجبممل الممذي
كانت تنحت مني الصنام التي يعبدونها من دون الّله فأخاف أن يلقيني الّله
قوا الن ّمماَر ال ّت ِممي وَُقود ُهَمماتعالى في نار جهنم فممإني سمممعت الل ّممه يقممول}فَممات ّ ُ
ة{فأوحى الّله تعالى إلى عيسى عليممه الصمملة والسمملم أن جاَر ُح َ
س َوال ِالّنا ُ
جهنم ،فالحجارة مممع صمملبتها وشممدتها قل للجبل اسكن فأني قد أعذته من ْ
تخاف الّله فكيف ل يكون المسكين الضعيف ابممن آدم يخمماف مممن النممار ول
وذ بالله منها ،يا بن آدم احذر منها وإنما الحذر منها باجتناب الذنوب فإن يتع ّ
بالذنوب يستوجب العبد سخط الّله تعالى وعذابه ول طاقة لك بعذاب الّلممه
تعالى.
وروى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال "لما نزل قوله تعالى ّ
َ سطا ً ل ِت َ ُ ك جعل ْناك ُ ُ
سممو ُ
ل س وَي َك ُممو َ
ن الّر ُ داَء ع َلممى الن ّمما ِ كوُنوا ُ
شه َ َ ة وَ َ
م ً
مأ ّ}وَك َذ َل ِ َ َ َ َ ْ
شِهيدًا{ دمعت عينا رسول الّله صلى الّله عليمه وسملم ثمم قمال :يما م َ ع َل َي ْك ُ ْ
معشر الناس إن الّله تعممالى بعثنممي نبيما ً وأرسمملني رسممول ً واختمماركم لنممبيه
وأشهدني عليكم وأشهدكم على المممم السممالفة والقممرون الماضممية ،فقممام
إليه رجل من النصار يقال له قيس بن عروة فقال يمما رسممول الل ّممه وكيممف
نشهد على المم السالفة ولم نكممن منهممم ولممم يكونمموا فممي زماننمما؟ فقممال
دلت الرض النبي صلى الّله عليه وسلم يا ابن عروة إذا كان يوم القيامة وب ّ
غير الرض وطويت السموات كطي السجل للكتاب وحشر الخلئق فمنهممم
سود الوجوه ومنهم بيض الوجوه فيقفون أربعين عامًا ،قيل يا رسممول الل ّممه
عي ل دا ِ
ن ال ّ ماذا ينتظرون؟ قال :الصيحة التي قال الّله تعالى }ي َوْ َ
مئ ِذ ٍ ي َت ّب ُِعو َ
مسمًا{ يعنممي تحريممك َ
معُ إ ِل ّ هَ ْ
سم َن فََل ت َ ْ
ممما ِ ح َ
ت ِللّر ْ
وا ُ
صم َت ال ْ خ َ
شعَ ْ ج لَ ُ
ه وَ َ عو َ َ
ِ
الشفتين من غير نطق وهم يساقون إلى أرض لم يسفك عليها الممدماء ثممم
يؤتى بالبهائم فيقتص لبعضها من بعض ثم يقال لها كوني ترابا ً فتكون ترابا ً
ت ت َُرابمًا{ ثمم يمؤتى بكممل نمبي كافُِر َيال َي ْت َِني ُ
كنم ُ ل ال َ
قو ُفذلك قوله تعالى }وَي َ ُ
وأمته ويحكم بينهم بالحق ففريق في الجنة وفريق في السعير ،ثممم ينممادي
مناد أين نوح عليه السلم فيؤتى به ،فيقول الله :يا نوح هل بلغت الرسممالة
ديممت المانممة ،فيممؤتى ديت المانة؟ فيقول نعممم يمما رب بلغممت الرسممالة وأ ّ وأ ّ
بقومه فيقال :يا أمة نوح هذا نوح بعثته إليكم يممدعوكم إلممى كلمممة الخلص
فهل بلغ إليكم الرسممالة؟ فيقولممون يمما ربنمما ممما جاءنمما مممن بشممير ول نممذير،
فيقول الّله تعالى يا نوح هؤلء أمتك أنكممروك فهممل مممن يشممهد لممك بممذلك؟
فيقول نعم أمة محمد صلى الّله عليه وسلم ،فيناد مناد يا خير أمة أخرجت
للناس يا صوام شهر رمضان؟ فيقومون من الصفوف كما
]ص [310
َ
جوِد{ ن أث َمرِ ال ّ
سم ُ مم ْ
م ِ
جمموه ِهِ ْم فِممي وُ ُ ماهُ ْسممي َ
قال تعالى في محكم تنزيلممه } ِ
فيقولون لبيك داعي الله ،فيقول الّله عز وجل :يا أمة محمد هممل تشممهدون
لنوح؟ فيقولون أي رب نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى المانة ،فتقول أمة نوح
عليه السلم إن نوحا ً أّول نبي ومحمد آخمر نمبي فكيمف يشمهدون لممن لمم
يدركوا زمانه ،فيقولون في كتاب الّله عممز وجممل المنمزل علمى نمبيه محمممد
َ
ه{ اليممة كنمما قرأنمماه إلممى سل َْنا ُنوحا ً إ ِل َممى قَموْ ِ
م ِ صلى الّله عليه وسلم }إ ِّنا أْر َ
آخره ،فيقول الّله تعالى صدقتم يا أمة محمد وإني آليت على نفسممي أن ل
أعذب أحدا ً إل بحجة فتواهبوا يا أمة محمد المظممالم فيممما بينكممم فممإني قممد
وهبت الذي بيني وبينكم".
]ص [311
وذكر عن وهب بن منبه رحمه الّله تعالى أنه قال :إن إبليمس لقمي يحيمى
ابن زكريا عليهما السلم فقال له يحيى بن زكريا :أخبرني عممن طبممائع ابممن
آدم عندكم؟ فقال إبليس أما صممنف منهممم فهممو مثلممك معصممومون ل نقممدر
منهم على شيء ،والصنف الثاني فهم في أيدينا كالكرة في أيدي صممبيانكم
وقد كفونا أنفسهم ،والصنف الثالث فهم أشد الصممناف علينمما فنقبممل علممى
أحدهم حتى ندرك منه حاجتنا ثم يفرغ إلى الستغفار فيفسممد بممه علينمما ممما
أدركنا منمه فل نحممن نيمأس منمه ول نحمن نمدرك حاجتنمما منمه .وقمال بعمض
الحكماء :نظرت وتفكرت من أي باب يأتي الشيطان إلى النسان فإذا هممو
يأتي من عشرة أبواب :أولها يأتي من قبل الحممرص وسمموء الظممن فقممابلته
بالثقة والقناعة ،فقلت بأي آية أتقوى عليه من كتمماب الل ّممه تعممالى فوجممدت
ض إ ِل ّ ع َل َممى الل ّممه رِْزقُهَمما{ اليممة، َ
داب ّمةٍ فِممي الْر ِ ن َ م ْ ما ِ قول الّله عز وجل }وَ َ
فكسرته بذلك ،والثاني نظرت فإذا هو يأتي من قبل الحيمماة وطممول المممل
فقابلته بخوف مفاجأة الموت ،فقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قول الّله
ت{ فكسرته بذلك .والثممالث نظممرت َ َ
مو ُ ض تَ ُس ب ِأيّ أْر ٍ ف ٌ ما ت َد ِْري ن َ ْ تعالى }وَ َ
فإذا هو يأتي من قبل طلب الراحممة وطلممب النعممة فقممابلته بمزوال النعمممة
م وسوء الحساب ،فقلت بأي آية أتقوى عليممه فوجممدت قمموله تعممالى }ذ َْرهُ م ْ
َ َ ْ
ن{ اليممة فكسممرته سِني َ م ِ مت ّعَْناهُ ْ ن َ ت إِ ْ مت ُّعوا{ الية ،ويقول }أفََرأي ْ َ ي َأك ُُلوا وَي َت َ َ
بذلك .والرابع نظرت فإذا هو يأتي من باب العجب فقممابلته بالمنممة وخمموف
يق ّ م َ
شمم ِ من ُْهمم ْالعاقبة ،فقلت أي آية أتقوى عليه فوجدت قول الّله تعالى }فَ ِ
د{ فل أدري من أي الفريقيممن أكممون فكسممرته بهمما .والخممامس رأيتممه سِعي ٌ وَ َ
يأتي من باب الستخفاف بالخوان وقلممة حرمتهممم فقممابلته بمعرفممة حقهممم
وحرمتهم ،فقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قممول الل ّممه تعممالى فممي كتممابه
ن{ فكسرته بها .والسادس نظرت فإذا هممو مِني َمؤ ْ ِسول ِهِ وَل ِل ْ ُ }وَل ِل ّهِ العِّزة ُ وَل َِر ُ
يأتي من باب حسد فقابلته بالعدل وقسمة الّله تعالى في خلقه ،فقلت بأي
م فِممي ش مت َهُ ْ مِعي َ م َمَنا ب َي ْن َهُ ْ س ْ ن قَ َ ح ُ آية أتقوى عليه فوجدت قول الّله تعالى }ن َ ْ
حَياةِ الد ّن َْيا{ فكسرته بها والسابع نظرت فممإذا هممو يممأتي مممن قبممل الريمماء ال َ
ومدح الناس فقابلته بالخلص ،فقلت بأي آيممة أتقمموى عليممه فوجممدت قممول
ة
ك ب ِعَِباد َ ِ شرِ ْ صاِلحا ً َول ي ُ ْ مل ً َ ل عَ َ م ْ قاَء َرب ّهِ فَل ْي َعْ َ
جوا ل ِ َ ن ي َْر ُ كا َن َ م ْ الّله تعالى }فَ َ
حدًا{ يعني مخلصا ً فكسرته بها ،والثامن نظرت فإذا هو يأتي من بمماب َ
َرب ّهِ أ َ
البخل فقابلته بفناء ما في أيدي الخلق وبقاء ما عند الّله تعالى ،فقلت بأي
ق{ عن ْد َ الّله َبا ٍ ما ِفد ُ و َ َ م َين َ عن ْد َك ُ ْما ِ آية أتقوى عليه فوجدت قول الّله تعالى } َ
فكسرته بها ،والتاسع نظرت فإذا هو يأتي من باب الكبر فقابلته بالتواضممع،
ن مم ْ م ِ قن َمماك ُ ْخل َ ْفقلت بأي آية أتقوى عليه فوجدت قول الّله عممز وجممل }إ ِن ّمما َ
م{ قمماك ُ ْ عن ْمد َ الل ّممه أ َت ْ َ م ِ مك ُ ْ ن أك َْر َ
ل ل ِتعارُفوا إ َ
ِ ّ شُعوبا ً وَقََبائ ِ َ َ َ َ م ُ جعَل َْناك ُ ْ
ُ
ذ َك َرٍ وَأنَثى وَ َ
فكسرته بها .والعاشر نظرت فإذا هو يأتي من باب الطمع فقابلته باليمماس
من الناس والثقة بما عند الله ،فقلت
]ص [312
ل ل َم ُ
ه ق الل ّممه ي َ ْ
جعَم ْ ن ي َت ّم ِ بأي آية أتقوى عليه فوجدت قممول الل ّممه تعممالى }وَ َ
مم ْ
ب{. س ُ
حت َ ِ
ث ل يَ ْ
حي ْ ُ
ن َ
م ْ خَرجا ً وَي َْرُزقْ ُ
ه ِ م ْ
َ
ّ
وذكر في الخبر أن إبليس لعنه الله جاء إلى موسى عليه الصلة والسلم
وهو يناجي ربه ،فقال له ملك من الملئكة ويحك ما ترجممو منممه علممى هممذه
الحالة؟ فقال أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهممو فممي الجنممة :ويقممال إذا
حضر وقت الصلة أمر إبليس جنوده بأن يتفرقوا ويأتوا النمماس ويشممغلوهم
عن صلتهم ،فيجيء الشيطان إلى من أراد الصمملة فيشممغله ليؤخرهمما عممن
وقتها فممإن لممم يقممدر فممإنه يمأمره بممأن ل يتممم ركوعهمما وسممجودها وقراءتهمما
وتسبيحها ودعواتها ،فإن لم يستطع فإنه يشغل قلبه بأشغال الدنيا ،فإن لم
يقدر على شيء من ذلك أمر إبليس أن يوثق هذا الشيطان ويقذف به في
البحر ،فإن كان يقدر على شيء من ذلك فإنه يكرمه ويبجله .قال الّله عممز
م{ يعنممي علممى قي َ سمت َ ِم ْ ك ال ُ صمَراط َ َ م ِ ن ل َهُم ْوجل حكاية عممن إبليممس }ل َقْعُمد َ ّ
م{ يعنممي مممن أمممر طريق السلم ولرصدنهم }ث ُم لت ِينه مم م من بي م َ
ديهِ ْن أي ْم ِ َُّ ْ ِ ْ َْ ِ ّ
م{ لزينممن لهممم الممدنيا حممتى فه ِ م ْ ْ
خل ِ ن َ مم ْ الخرة حتى أجعلهم في الشممك} ،وَ ِ
ن يطمئنوا إليها }وع َ َ
م{ يعني آتيهم من جهة الممدين والطاعممة }وَع َم ْ مان ِهِ ْ
ن أي ْ َ
َ ْ
َ
ن{ يعني علممى ري َ شاك ِ ِ م َ جد ُ أك ْث ََرهُ ْ م{ يعني من جهة المعاصي }َول ت َ ِ مائ ِل ِهِ ْ
ش َ َ
َ شمي ْ َ
ج خمَر َممما أ ْ ن كَ َ
طا ُ م ال ّ فت ِن َن ّك ُم ْ م ل يَ ْ نعمك .وقال فممي آيممة أخممرى }ي َمماب َِني آد َ َ
ْ شي ْ َ َ
ممُرك ُ ْق مَر وَي َمأ ُ
ف ْم ال َ ن ي َعِ مد ُك ُ ْ طا ُ ة{ وقال في آية أخرى }ال ّ جن ّ ِ
ن ال َ
م ْ
م ِ أب َوَي ْك ُ ْ
ذوه ُ ع َمد ُوًّا{ خم ُم ع َمد ُوّ َفات ّ ِ ن ل َك ُم ْ طا َ شي ْ َ ن ال ّ شاِء{ وقال في آية أخرى }إ ِ ّ ح َ ف ِْبال َ
فقد بين الّله تعالى أن الشيطان عدوّ لبني آدم ويريد ضللتهم ليجّرهممم مممع
نفسه إلى النار ،فالواجب على العاقل أن يجتهد في مجاهدته لكممي يخلممص
نفسه منه فإنه عدوّ ظاهر للمؤمنين ،وللمؤمن أيضا ً أعداء سوى الشمميطان
كما روى أنس بن مالك رضي الّله تعالى عنه عممن النممبي صمملى الل ّممه عليممه
وسلم أنه قال "المؤمن بين خمس شدائد :مؤمن يحسممده ومنممافق يبغضممه
وعدوّ يقاتله وشيطان يضله ونفس تغويه" يعني أن النفس مائلة إلى ما هو
سبب ضللته وإغوائه ،فينبغي للمسلم أن يستعين بالله تعالى ليقوّيه علممى
أعدائه ويوفقه لما يحب ويرضي فإن هذا كله يسمير علممى ممن يسمره الّلمه
تعالى عليه وروى صالح بإسناده عن عبد الرحمن بممن زيمماد بممن أنعممم قممال:
بينما موسى جالس في بعض مجالسه إذ جاءه إبليس وعليه برنس متلون:
يعني قلنسوة ذات ألوان ،فلما دنا منه خلع البرنس فوضعه ثم أقبل فسلم
عليه ،فقال من أنت؟ قال أنا إبليس .قال فما جاء بممك؟ قممال جئت لسمملم
عليك لمكانك من الّله عز وجل .قال فما البرنس الذي كان عليك؟ قال بممه
أختطف قلوب بني آدم .قممال أخممبرني ممما الممذنب الممذي إذا أذنممب ابممن آدم
استحوذت عليه :يعني غلبت عليه :قممال إذا أعجبتممه نفسممه واسممتكثر عملممه
ونسى ذنبه استحوذت عليه.
]ص [313
وذكر عن وهب بن منبه رحمه الّله تعالى قال "أمر الّله تعالى إبليس أن
يأتي محمدا ً صلى الّله عليه وسلم ويجيبه عن كل ممما يسممأله ،فجمماءه علممى
صورة شيخ وبيده عكاز فقال نمه ممن أنمت؟ قمال أنما إبليمس ،فقمال لمماذا
جئت؟ قال إن الّله أمرني أن آتيك وأجيبك عن كل ما تسألني ،فقال النممبي
صلى الّله عليه وسلم يا ملعون كم أعداؤك من أمتي؟ قال خمسممة عشممر:
أولهم أنت ،والثاني إمام عادل ،والثالث غني متواضع ،والرابع تاجر صممادق،
والخامس عالم متخشع ،والسممادس مممؤمن ناصممح ،والسممابع مممؤمن رحيممم
القلب ،والثممامن تممائب ثممابت علممى التوبممة ،والتاسممع ،متممورع عممن الحممران،
والعاشر مؤمن يديم على الطهارة ،والحممادي عشممر مممؤمن كممثير الصممدقة،
والثاني عشر مؤمن حسن الخلق مممع النمماس ،والثممالث عشممر مممؤمن ينفممع
الناس ،والرابع عشر حامل القرآن يديم على تلوته ،والخامس عشر قممائم
بالليل والناس نيام ،ثم قال النبي صلى الّله عليه وسلم ومن رفقمماؤك مممن
أمتي؟ قال عشرة :أولها سلطان جائر ،والثاني غني متكممبر ،والثممالث تمماجر
خائن ،والرابع شارب الخمر ،والخامس القتممات ،والسممادس صمماحب الزنمما،
والسابع آكل مال اليتيم ،والثامن المتهاون بالصلة ،والتاسممع مممانع الزكمماة،
والعاشر الذي يطيل المل ،فهؤلء أصحابي وإخواني .وذكر في الخممبر :أنممه
كان في بني إسرائيل رجل متعبد في صومعة يقال له برصيصا العابمد كمان
مستجاب الدعوة وكان الناس يأتونه بمريضهم فكان يدعو فيممبرأ المريممض،
فدعا إبليس الشياطين لعنهم الّله وقال من يفّتن هذا فإنه قد أعياكم؟ قال
ولي ،فقممال لممه عفريت من الشياطين أنا أفتنه فإن لم أفتنه فلسممت لممك بم ّ
إبليس أنت له ،فانطلق الشمميطان حممتى أتممى منممزل ملممك مممن ملمموك بنممي
إسرائيل وله ابنة من أحسن النساء وهي جالسة مممع أبيهمما وأمهمما وأخواتهمما
فخبلها ،ففزعوا لذلك فزعا ً شديدا ً فصممارت بمنزلممة لمجنونممة وكممانت علممى
ذلك أياما ً ثم أتاهم على صورة إنسان فقممال لهممم إن أردتممم أن تممبرأ فلنممة
فاذهبوا بها إلى الراهب فلن يعوذها ويدعو لها :فذهبوا بهمما إليممه فممدعا لهمما
فبرأت من علتها ،فلما رجعوا بها عاودها ذلك فأتاهم الشمميطان فقممال لهممم
إن أردتم أن تبرأ فلنة فاجعلوها عنممده أياممًا ،فممانطلقوا بهمما إليممه ليضممعوها
عنده ،فأبى الراهب أن يقبلها فألحوا عليممه وتركوهمما عنممده ،فكممان الراهممب
يظممل صممائما ً ويمسممي قائم ما ً فل يتعممرض الشمميطان للجاريممة ،فممإذا جلممس
الراهب ليطعم أظهر خبلها وكشفها فيعرض الراهب عنها بوجهه حتى طال
ذلك ،فنظر يوما ً إلى وجهها وجسدها فرأى وجها ً وجسدا ً لم يممر مثلممه ،فلممم
يصبر على ذلك حتى قربها فحبلت منه ،ثم أتاه الشيطان فقال له إنممك قممد
حبلتها وليس ينجيك مما صنعت بها من عقوبة الملك إل أن تقتلهمما وتممدفنها
عنممد صممومعتك ،فممإذا سممألوك عنهمما فقممل أتممى عليهمما أجلهمما فممماتت فممإنهم
يصدقونك ،فقام إليها فذبحها ودفنها فجاؤوا يسألون عنها فأخبرهم بأنها قد
ماتت فصدقوه فرجعوا .وفي رواية :قال إنها برئت وذهبت إلى
]ص [314
منزلهمما فصممدقوه فرجعمموا وجعلمموا يطلبونهمما مممن بيمموت أقاربهمما ،فممانطلق
الشيطان فقال لهم إن الراهب قد وقع عليها فأحبلها فلما خشي أن يطلممع
ل ،نحممو الراهممب علممى ذلممك ذبحهمما ودفنهمما ،فركممب الملممك فممي النمماس مقب ً
فحفروها فوجدوها مذبوحة ،فأخذوا الراهب فصلبوه ،ثم جاء الشيطان وهو
مصلوب فقال أنا الذي فعلت بك ما فعلت وأنا أنجيممك مممن ذلممك وأخممبرهم
بأنه ذبحها غيرك وهم يصدقونني بذلك إن أنت سجدت لي سجدة من دون
ي
الله ،فقال كيف أسجد على هممذه الحالممة؟ قممال أنمما أرضممى أن تممومئ إل م ّ
برأسك فسجد له سجدة :فقال له الشيطان أنمما بريممء منممك ،فممذلك قمموله
ك من ْ َ
ريٌء ِ ل إ ِّني ب َ ِفَر َقا َ فْر فَل َ ّ
ما ك َ َ ن اك ْ ُ سا ِلن َ
ِ ل لِن إ ِذ ْ َقا َ شي ْ َ
طا ِ ل ال ّ تعالى }ك َ َ
مث َ ِ
َ إ ِّني أ َ َ
ن ِفيهَمما خال ِمد َي ْ ِ
ممما فِممي الن ّممارِ َ ما أن ّهُ َ عاقِب َت َهُ َن َ كا َ ن فَ َ مي َ ب الَعال َ ِ ف الّله َر ّ خا ُ
ن{. مي َ جَزاُء ال ّ
ظال ِ ِ ك َ وَذ َل ِ َ
)قال الفقيه( رضي الّله تعممالى عنممه ،اعلممم أن لممك أربعممة مممن العممداء،
فتحتاج أن تجاهد مع كل واحد منهم .أحدها الدنيا وهي غ مّرارة مكممارة قممال
ممت َمماع ُ الغُ مُروِر{ وقممال تعممالى }َول ي َغُّرن ّك ُم ْ حَياة ُ الد ّن َْيا إ ِل ّ َ ما ال َ الّله تعالى }وَ َ
ِبالل ّهِ الغَُروُر{والثاني نفسك وهي شّر العداء ،والثممالث الشمميطان ،والرابممع
شيطان النس فاحذره فإنه أشمد ّ عليممك مممن شمميطان الجممن ،لن شمميطان
الجن يكون أذاه بالوسوسة وشيطان النممس هممو رفيممق السمموء يكممون أذاه
دك عما أنممت فيممه :وروى بالمواجهة والمعاينة ،ل يزال يطلب عليك وجها ً ير ّ
داد بن أوس رضي الّله تعالى عنه عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ش ّ
أنه قال "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت :يعني حاسب نفسممه
في الدنيا وعمل الطاعة لكي تنفعه بعد الممموت ،والعمماجز مممن أتبممع نفسممه
هواها وتمنى على الّله عّز وجل المغفرة" وروى عن عيسى بن مريم عليه
الصلة والسلم أنه قال :ليس العجب ممن هلك كيف هلك ،ولكممن العجممب
ممن نجا كيف نجما :يعنممي أن الجنمة قمد حفممت بالمكمماره والنمار قمد حفممت
بالشهوات ،وأن في كل نفس شيطانا ً يوسوس إليها وملكا ً يلهمه ،ول يمزال
الشيطان يزين ويخدع ول يزال الملك يمنعه فأيهما كانت النفس معه كممان
هو الغالب.
}باب الرضا{
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا أبي رحمممه الل ّممه تعممالى حممدثنا
العباس بن الفضل حدثنا موسى بممن نصممر الحنفممي حممدثنا محمممد بممن زيمماد
الكوفي عن ميمون بن مهران قال :أمرني عمر بن عبد العزيز رضممي الل ّممه
ي مممن فمموق تعالى عنه أن آتيه في كل شهر مرتين ،فجئتممه يومما ً فنظممر إلم ّ
حصن له فأذن لي قبل أن أبلغ الباب ،فدخلت كما أنا فممإذا هممو قاعممد علممى
بساط له وشاذكونة على قدر البساط وهو يرقع قميصا ً له ،فسمملمت عليممه
ي السلم ولم يزل بي فّرد عل ّ
]ص [315
حتى أجلسني على شاذكونته ثم سألني عن أمرائنا وعن أمر شرطنا وعممن
جلوذتنا وعن سجوننا وعن شعائرنا كلها ،ثم سألني عن خاصة أمري ،فلما
نهضت لخرج قلت يا أمير المؤمنين ما في أهل بيتك من يكفيممك ممما أرى؟
قال يا ميمون يكفيك من دنياك ما بلغك المحل نحن اليوم هاهنا وغممدا ً فممي
مكان آخر ،ثم خرجت وتركته :حدثنا أبممو منصممور بممن عبممد الل ّممه الفرائضممي
شَر ذا ب ُ ّ بسمرقند بإسناده عن قتادة رحمهم الّله في قول الّله عز وجل }وَإ ِ َ
حمد ُهُم بمما ُ َ
م{ قممال قتممادة :هممذا صممنيع سموَد ّا ً وَهُموَ ك َ ِ
ظيم ٌ م ْه ُ ج ه ُم ُ
ل وَ ْلنَثى ظ َم ّ ْ ِ أ َ
مشركي العرب أخبرنا الّله تعالى بخبث صنيعهم ،فأما المؤمن فهممو حقيممق
أن يرضى بما قسم الّله له ،وقضاء الّلمه عمز وجمل خيمر ممن قضماء الممرء
لنفسه ،وما قضى الّله لك يا ابن آدم مما تكره خير من قضائك بممما تحممب،
فاتق الّله وارض بقضائه.
عسى )قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :هذا القول موافق لقوله تعالى }وَ َ
َ َ
هم َوالل ّم ُ شمّر ل َك ُم ْ
شمْيئا ً وَهُموَ َ
حّبوا َ ن تُ ِسى أ ْ خي ٌْر ل َك ُ ْ
م وَع َ َ شْيئا ً وَهُوَ َ هوا َ ن ت َك َْر ُأ ْ
َ
ن{ يعني ما فيه صلحكم وصلح دينكم ودنياكم وأنتم ل مو َم ل ت َعْل َ ُ م وَأن ْت ُ ْ ي َعْل َ ُ
تعلمممون ذلممك :يعنممي ارضمموا بممما قضمميت لكممم فممإنكم ل تعلمممون ممما فيممه
صلحكم ،وقال بعض الحكماء :المنازل أربعة :عمرنا في الدنيا ،ومكثنا فممي
القبر ،ومقامنا في الحشر ،ومصيرنا إلى البد الذي خلقنا له :فمثممل عمرنمما
فممي الممدنيا كمثممل المتعشممي فممي الحمماج ل يطمئنممون ول يحلممون الممدواب
والثقال لسرعة الرتحال ،ومثل مكثنا في القبر كمثممل النممزول فممي بعممض
المنازل يضعون الثقال ويستريحون يوما ً أوليلة ثم يرتحلون ،ومثل مقامنمما
ج عميممق في الحشر كنزولهم بمكة وهو غاية الجتماع لكل فريق من كل ف ّ
ل ،كذلك يوم القيامة إذا فرغوا مممن يقضون النسك ثم يتفّرقون يمينا ً وشما ً
المحاسبة افترقوا فرقا ً إلى الجنممة وفرقما ً إلممى السممعير .وقممال شممقيق بممن
إبراهيم رحمه الّله تعالى :سألت سبعمائة عالم عن خمسممة أشممياء فكلهممم
أجابوا بجواب واحد :قلت :من العاقل؟ قالوا العاقل مممن لممم يحممب الممدنيا،
قلت من الغني؟ قالوا البذي يرضى بما قسم الّله لممه .قلممت مممن الكيممس؟
قالوا من لم تغره الدنيا ،قلت مممن الفقيممه؟ قممالوا الممذي يمتنممع مممن طلممب
الزيادة .قلت من البخيل؟ قالوا الذي يمنع حق الّله تعالى من ماله .ويقال:
سخط الّله تعالى على العبد في ثلثة أشياء أحدها أن يقصر فيما أمممر الل ّممه
تعالى ،والثاني أن ل يرضى بما قسممم الل ّممه تعممالى لممه ،والثممالث أن يطلممب
شيئا ً فل يجده فيسخط على ربه.
سممارِقَ ُ
ة سممارِقُ َوال ّ وقممال بعممض الحكممماء فممي قممول الل ّممه عممز وجممل }َوال ّ
َ
ما{ قال الفقهاء من سرق عشرة دراهم تقطع يده ،وليست َفاقْط َُعوا أي ْد ِي َهُ َ
لهذه العشرة حرمة حتى تقطع يد الرجل المؤمن لجلها ،ولكن تقطممع يممده
لمعنيين :أحدهما لهتك حرمة المسلمين ،والثاني لنه لممم يممرض بممما قسممم
الّله تعالى له ومال إلى مال غيره فأمر الّله تعالى أن تقطع يممده نكممال ً بممما
كسب
]ص [316
ليكون عبرة لغيره لكي يرضى بما قسم الّله تعالى له .وينبغي للمممؤمن أن
يكون راضيا ً بما قسم الّله تعالى له فإن الرضا بما قسم الّله له مممن أخلق
النبياء والصالحين .وروى عن أبي الدرداء رضي الّله تعالى عنممه أنممه قممال:
اثنتا عشرة خصلة ممن أخلق النبيماء عليهمم الصملة والسملم :أولهما أنهمم
كانوا آمنين بوعد اللممه ،والثمماني كممانوا آيسممين مممن الخلممق ،والثممالث كممانت
عدواتهم مع الشيطان ،والرابع كانوا مقبلين على أمر أنفسممهم :والخممامس
كانوا مشفقين على الخلق ،والسادس كمانوا محتمليمن لذى جميمع الخلمق،
والسابع كانوا موقنين بالجنة :يعني إذا عملموا عمل ً أيقنموا أن الّلمه ل يضميع
ثمموابهم ول ثممواب عملهممم ،والثممامن كممانوا متواضممعين فممي مواضممع الحممق،
والتاسع كانوا ل يدعون النصيحة في موضممع العممداوة ،والعاشممر كممان رأس
أموالهم الفقر :يعني كانوا ل يمسكون فضل المال وينفقون على الفقممراء،
والحادي عشر كانوا يديمون على الوضوء ،والثاني عشممر كممانوا ل يفرحممون
بما وجدوا من الدنيا ول يغتمون على ما فاتهم من الدنيا.
وقال بعض العلماء :حرمة الزاهدين عشرة أشياء :أولها عداوة الشيطان
م ع َمد ُّو ن ل َك ُم ْ طا َ شمي ْ َ ن ال ّ يرونهمما واجبممة علممى أنفسممهم لقمموله عممز وجممل} :إ ِ ّ
ذوه ُ ع َد ُوًّا{ ،والثاني ل يعملون عمل ً إل بالحجة :يعنممي ل يعملممون عمل ً خ ُ َفات ّ ِ
ل هَمماُتوا إل بعد ما ثبتت لهم الحجة يموم القيامممة لقمول الل ّممه عمّز وجمل }قُم ْ
ن{ يعني حجتكم ،والثالث أنهم مسممتعدون للممموت صاد ِِقي َ م َ كنت ُ ْ ن ُ م إِ ْ هان َك ُ ْ ب ُْر َ
ت{ ،والرابممع يحبمون فمي الّلمه مموْ ِ ة ال َ قم ُ ذائ ِ َ س َ فم ٍ ل نَ ْ كم ّلقممول الّلمه تعمالى } ُ
ّ وما ً ي ُؤ ْ ِ جد ُ ق َ ْ ويبغضون في الّله لقول الّله عز وجل }ل ت َ ِ
ن ب ِممال َلهِ َوالي َموْم ِ من ُممو َ
َ َ
م وان َهُ ْ
خم َ م أوْ إ ِ ْ م أوْ أب ْن َمماَءهُ ْ كاُنوا آَباَءهُ ْ ه وَل َوْ َ سول َ ُ حاد ّ الّله وََر ُ ن َ م ْ ن َ دو َ وا ّ خرِ ي ُ َ ال ِ
ن{ يعني من كان مؤمنا ً ل تكممون ُ َ
ما َ لي َ ما ِ ب ِفي قُُلوب ِهِ ْ ك ك َت َ َ م أوْل َئ ِ َ شيَرت َهُ ْ أوْ ع َ ِ
له صداقة مع من يخالف أمر الّله ولو كان أباه أو ابنه أو إخوانه وعشمميرته،
والخامس أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لقول الّله عممّز وجممل
َ ْ
عممْزم ِ ن َ م ْك ِ ن ذ َل ِ َ ك إِ ّ صاب َ َ ما أ َ صب ِْر ع ََلى َ منك َرِ َوا ْ ن ال ُ ه عَ ْ ف َوان ْ َ معُْرو ِ مْر ِبال َ }وَأ ُ
موِر{ ،والسادس أنهم يعتبرون ويتفكرون في أمر الّله تعالى لقممول الل ّممه ُ
ال ُ
ض{ ،وقمال فمي آيمة أخمرى َ ن ِفي َ ْ فك ُّرو َ
ت َوالْر ِ ماَوا ِ س َ ق ال ّ خل ِ َ
عّز وجل }وَي َت َ َ
ُ
صاِر{ والسابع يحرسممون قلمموبهم لكيل يتفكممروا فيممما }َفاع ْت َب ُِروا َيا أوِلي الب ْ َ
صممَر معَ َوالب َ َ س ْ ن ال ّ لم يكن فيه رضا الّله سبحانه وتعالى لقول الّله تعالى }إ ِ ّ
ل{ ،والثامن أن ل يممأمن مكممر الل ّممه لقممول سُئو ً م ْ ه َ ن ع َن ْ ُ كا َ ك َ ل أ ُوْل َئ ِ َ ؤاد َ ك ُ ّ ف َ َوال ُ
مك َْر الّله ِإل ال َ ْ
ن{ ،والتاسع أن ل يقنطوا سُرو َ خا ِ م ال َ قو ْ ُ ن َ م ُ الّله تعالى }َفل ي َأ َ
بفُر الذ ُّنو َ ن الّله ي َغْ ِ مةِ الّله إ ِ ّ ح َن َر ْ م ْ طوا ِ قن َ ُ من رحمة الّله لقوله تعالى }ل ت َ ْ
م{ ،والعاشر ل يفرحون بما آتاهم الّله من الدنيا حي ُ فوُر الّر ِ ه هُوَ الغَ ُ ميعا ً إ ِن ّ ُ ج ِ َ
ْ
م َول مما فَممات َك ُ ْ وا ع َل َممى َ سم ْ ول يحزنون على ما فماتهم لقموله تعمالى }ل ِك َْيل ت َأ َ
م{ ،يعني أن العبد ل يعلم بأن الصمملح فيممما يفمموته أو فيممما ما آَتاك ُ ْ حوا ب ِ َ فَر ُ تَ ْ
يأتيه فينبغي أن يكون في الحالين سواء،
]ص [317
فإن المؤمن مثله مثل الس والمنافق مثل الورد فالس يكممون علممى حممال
واحد في حال البرد والحر وأممما الممورد فيتغيممر حمماله إذا أصممابه أدنممى آفممة،
فكذلك المؤمن يكون حاله عند الشدة وعند الرخاء واحدا ً ويكون راضيا ً بما
قسم الّله له ،وأما المنافق فل يكون راضيا ً بما قسم الّله لممه فيطغممى عنممد
النعمة ويجزع عند الشدة ،فينبغي للمؤمن أن يقتدي بأفعال النبياء والزهاد
ول ينبغي أن يقتدي بأفعال الكفار والمنافقين ،وبالله التوفيق.
}باب المواعظ{
)قال الفقيه( أبو الليث السمرقندي رضي الّله تعالى عنه :حدثنا أبو نصر
الدبوسي منصور بن جعفر الفقيه رحمه الّله تعالى حدثنا أبو القاسم أحمممد
بن حم حدثنا محمد بن الفضل حدثنا يزيد بن هرون حدثنا محمد بن سمملمه
عن علي بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضممي الل ّممه تعممالى
عنه قال "خطبنا رسول الّله صلى الّله عليه وسملم بعمد العصمر إلمى مغيمر
بان الشمس حفظها منا من حفظها ونسيها من نسيها فقممال :أل إن الممدنيا
خضرة حلوة وإن الّله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون أل فاتقوا الممدنيا
واتقوا النساء ،أل إن بني آدم خلقوا علمى طبقمات شمتى فمنهمم ممن يولمد
مؤمنا ً ويحيا مؤمنا ً ويموت مؤمنا ً ومنهم من يولد مؤمنا ً ويحيا مؤمنا ً ويموت
كافرا ً ومنهم من يولد كممافرا ً ويحيمما كممافرا ً ويممموت مؤمن مًا ،أل وإن الغضممب
جمرة توقد في قلب ابن آدم ألم تممروا إلممى حمممرة عينيممه وانتفمماخ أوداجممه
فمن وجد من ذلك شيئا ً فالرض الرض ،إل أن خير الرجال من كان بطيء
الغضب سريع الفء فإذا كان سريع الغضب سريع الرضا فإنها بهمما ،أل وإن
شر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا فإن كممان بطيممء الغضممب
بطيء الرضا فإنها بها ،أل وإن خير التجار مممن كممان حسممن الطلممب حسممن
القضاء فإذا كان حسن الطلب سيء القضاء فإنهمما بهمما أل وإن شممر التجممار
من كان كان سيء الطلب سيء القضمماء فممإن كممان سمميء الطلممب حسممن
القضاء فإنها بها ،أل وإن لكل غادر لواء يعرف بممه يمموم القيامممة أل ول غممدر
أكبر من غدر إمام عامة ،أل وإن أفصل الجهاد كلمة عدل عنمد إممام جمائر،
أل ل يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بالحق إذا شهده وعلمه حتى إذا
كان عند مغيربان الشمس قال :أل إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إل كما
بقى من هذه الشمس أن تغيب".
قال :حدثنا أبي رحمه الّله تعالى حدثنا العباس بن الفضل المدني حمدثنا
عبد الّله بن عبد الرحمن حدثنا الحكم عن نافع حممدثنا شممعبة عممن الزهممري
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الّله تعالى عنممه قممال "شممهدنا
مع رسول الّله صلى الّله عليه وسلم يوم حنين فقال النبي صلى الّله عليه
وسلم لرجل ممن يدعي السلم :إن هذا من أهل النار ،فلما حضر الرجممل
القتال قاتل الرجل
]ص [318
أشد القتال ،فجاء رجل من أصحاب رسول الّله صلى الّله عليه وسلم إلممى
رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقال يا رسول الّله أرأيممت الرجممل الممذي
ذكرت أنه من أهل النار فو الّله ليقاتل في سبيل الل ّممه أشممد القتممال ،فقممال
أما إنه من أهل النار ،فكاد بعض الناس يرتاب ،فبينما هو على ذلك إذ وجد
ألم الجراح فأهوى بيده إلممى الكنانممة فاسممتخرج منهمما سممهما ً وتكلممم بكلمممة
منكرة ونحر نفسه ،فاشتد الرجمال ممن المسملمين إلمى النمبي صملى الّلمه
دق الّله حديثك قد فجممر فلن فقتممل عليه وسلم فقالوا يا رسول الّله قد ص ّ
نفسه ،فقال النبي صلى الّله عليه وسلم قم يا فلن فناد ل يدخل الجنممة إل
مؤمن" وقال النبي صلى الّله عليه وسلم "إنما العمال بممالخواتيم ل عممبرة
بكثرة الصلة والصيام وإنما ينظر إلى خاتمة أمره".
ّ
قال :حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم العطار حدثنا أبو عبد الله محمد
بن صالح الترمذي حدثنا سويد بن نصر حدثنا ابن المبارك حدثنا سفيان عن
العمش عن زيد بن وهب عن عبد الّله بن مسعود رضي الل ّممه تعممالى عنممه
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم وهو الصممادق المصممدوق "مممن خلممق
أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ً نطفة ثم يكون علقممة أربعيممن يوم ما ً
ثم يكون مضغة أربعين يومًا ،ثم يبعث الّله إليه الملك بأربع كلمممات فيقممال
له اكتب أجلمه وأملممه وعملمه ورزقممه واكتممب شمقيا ً أو سمعيدًا ،وإن الرجمل
ليعمل بعمل أهل الجنة حممتى ممما يكممون بينممه وبينهمما إل ذراع فيسممبق عليممه
الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها ،وإن أحممدكم ليعمممل بعمممل أهممل
النار حتى ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمممل
أهل الجنة فيممدخلها" فهممذا الحممديث موافممق الحممديث الول "إنممما العمممال
بالخواتيم" فالواجب علمى كمل مسملم أن يمدعوا الّلمه عممز وجممل أن يجعممل
خاتمته بخير فإن أكثر ما يخاف ذهاب اليمان عند النزع وذكر عن يحيى بن
معاذ الرازي رحمه الّله تعالى إنه كان يقول :اللهم إن أكممثر سممروري فيممما
أكرمتني باليمان ،وأخاف أن تنزعه مني ،فما دام هذا الخمموف معممي أرجممو
أن ل تنزعه مني .وسأل أبو القاسم الحكيم بسمرقند رحمه الّله تعالى هل
من ذنب ينزع اليمان من العبد؟ قال نعم ،ثلثة من الممذنوب تنممزع اليمممان
من العبد :أّولها أن ل يشكر الّله على ما أكرمه به من اليممان ،والثماني أن
ل يخاف فمموت اليمممان عنممه ،والثممالث أن يظلممم أهممل السمملم .وروى عممن
الحسن البصري رضي الّله تعالى عنه أنه قال :يعذب الرجل في النار ألممف
سنة ثم يخرج منها إلى الجنة ،ثم قال الحسن يا ليتني كنت أنا ذلك الرجل،
وإنما قال الحسن ذلك لنه خاف عاقبة أمره ،هكذا كان الصالحون يخافون
خاتمة أمرهم.
]ص [319
}باب الحكايات{
)قال الفقيه( أبو الليث رحمه الّله تعالى :حدثنا أبي رحمه الّله حدثنا أبو
الحسن الفراء حدثنا محمد بن حم الفقيممه حممدثنا محمممد بممن حمماتم لهممروي
حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عمرو الكلعي عن قتادة عن أنس رضممي الّلممه
تعالى عنه قال "جاء رجل إلى النبي صلى الّله عليه وسلم فقال يا رسممول
الّله أيمنعني سوادي ودمامة وجهي من دخول الجنة؟ قال ل والذي نفسممي
بيده ما أيقنت بربك وآمنت بما جاء به رسوله ،قال فوالذي أكرمك بممالنبوة
لقد شهدت أن ل إله إل الّله وأن محمدا عبده ورسوله من قبممل أن أجلممس
هذا المجلس بثمانية أشهر ،ولقد خطبت إلى عامة من بحضرتك ومن ليس
معك فردوني لسوادي ودمامة وجهي ،وإني لفي حسب من قومي من بني
ي سواد أخوالي ،فقممال رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
سليم ولكن غلب عل ّ
وسلم هل شهد اليوم عمرو ابن وهب وكان رجل مممن ثقيممف قريممب العهممد
بالسلم؟ قالوا ل ،قال له أتعممرف منزلممه ،قممال نعممم ،قممال فمماذهب واقممرع
الباب قرعا رقيقا ثم سلم فإذا دخلت فقل زوجني رسول الل ّممه صمملى الل ّممه
عليه وسلم فتاتكم ،وكان له ابنة عاتقة وكان لها حظ من الجمممال والعقممل
فلما أتى الباب وقرع وسلم فرحبموا بمه حيمث سممعوا لغمة عربيمة ففتحموا
الباب ،فلما رأوا سواده ودمامة وجهه انقبضوا عنممه فقممال إن رسممول الل ّممه
صلى الّله عليه وسمملم قممد زوجنممي فتمماتكم فممردوا عليممه ردا قبيحمما ،فخممرج
الرجل ومضى حتى أتى رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم فقممالت الفتمماة
لبيها النجاة النجاة قبل أن يفضحك الوحي ،فإن يك رسول الّله صلى الّلممه
عليه وسلم قد زوجني منه فقد رضيت بما رضي الّله لي ورسمموله ،فخممرج
الشيخ حتى أتممى رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه وسمملم وجلممس فممي أدنممى
المجلس ،فقال له رسول الّله أنت الذي رددت على رسول الّله ما رددت؟
قال قد فعلت وأستغفر الله ،وظننت أنممه كمماذب فيممما يقممول فأممما إذا كممان
صدقا فقد زوجناه فنعوذ بالله من سخط الّله وسخط رسوله ،فزوجها منممه
بأربعمائة درهم ،فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم للزوج وهممو سممعيد
السلمي :اذهب إلى صاحبتك فادخل بها ،فقال والذي بعثك بممالحق نبيمما ممما
أجد شيئا حتى أسأل إخواني؟ فقال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم مهممر
امرأتك على ثلثة نفر من المؤمنين ،اذهب إلى عثمان بن عفان رضي الّله
تعالى عنه فخذ منه مائتي درهم ،فأعطاه وزاده ،واذهب إلى عبمد الرحممن
ي وخذ منممه بن عوف وخذ منه مائتي درهم ،فأعطاه وزاده ،واذهب إلى عل ّ
مائتي درهم ،فأعطاه وزاده ،فبينما هو في السوق ومعه ما يشتري لزوجته
فرحا قرير العين إذ سمع صوت النفير ينادي يا خيل الل ّممه اركممبي :يعنممي أن
منادي رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ينادي النفير النفيممر ،فنظممر نظممرة
إلى السماء ثم قال اللهم إله السموات والرض وإله محمد صلى الّله عليه
وسلم لجعلن هممذه الممدراهم اليمموم فيممما يحممب الل ّممه ورسمموله والمممؤمنين،
فاشترى فرسا وسيفا ورمحا واشترى مجنة وشد ّ عمامته على بطنه
]ص [320
واعتجر فلم ير إل جماليق عينيه ،حتى وقممف علممى المهمماجرين فقممالوا مممن
ي رضي الّله تعالى عنه كفوا ً عن هذا الفارس الذي ل نعرفه؟ فقال لهم عل ّ
الرجل فلعله ممن طرأ عليكم من قبل البحرين أو مممن قبممل الشممام فجمماء
يسألكم عن معالم دينكم فأحب أن يواسيكم اليمموم بنفسممه ،فأقبممل يطعممن
برمحه ويضرب بسيفه حتى نام به فرسه فنزل وحسر عن ذراعيه وتشمممر
للقتال ،فلما رأى رسول الّله صلى الّله عليممه وسمملم سممواد ذراعيممه عرفممه
دك ،فممما زال فقال :أسعد أنت؟ قال نعم بممأبي أنممت وأمممي قممال :سممعد جم ّ
يطعن برمحه ويضرب بسيفه كل ذلك يقتل أعداء الّله إذ قالوا صرع سعد،
فخرج رسول الّله صلى الل ّممه عليممه وسمملم مقبل ً نحمموه فأتمماه فرفممع رأسممه
ووضعه على حجره ومسح عن وجهه التراب بثوبه وقال :ما أطيممب ريحممك
وّأحّبك إلى الّله رسول الله .قال :فبكى رسول الّله صلى الّله عليه وسمملم
ض ورب الكعبممة .قممال أبممو ثم ضحك ثم أعرض بمموجهه ثممم قممال :ورد الحممو ّ
لبابة :بأبي أنت وأمي يا رسول الّله وما الحوض؟ قال :حوض أعطانيه ربي
عرضه ما بين صنعاء إلى بصممرى ،حافتمماه مكللتممان بالممدّر واليمماقوت ،ممماؤه
أشد ّ بياضا ً من اللبن وأحلى مممن العسممل ،مممن شممرب منممه شممربة ل يظمممأ
بعدها أبدا ،فقممال يما رسمول الل ّممه رأينمماك بكيمت ثممم ضمحكت ثمم أعرضمت
بوجهك؟ قال :أما بكائي فبكيمت شموقا ً إلمى سمعد ،وأمما ضمحكي ففرحمت
بمنزلته من الّله تعالى وكرامته على الله ،وأما إعراضي فإني رأيت أزواجه
ن باديمات خلخيلهممن فأعرضممت من الحور العيممن يتبممادرنه كاشممفات سمموقه ّ
ن حياء منهن ،فأمر بسلحه وفرسه وما كان له من شيء فقال :اذهبوا عنه ّ
به إلى زوجته فقولوا إن الّله قد زوجه خيرا ً من فتاتكم".
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حدثنا محمد بن داود حدثنا محمد بن
جعفر الكرابيسي حدثنا إبراهيم بمن يوسممف حممدثنا سممفيان عممن عمممرو بمن
دينار عن سعد عن عمر رضي الّله تعالى عنهما قال :خرج ثلثة نفممر ممممن
قبلكم ينبسطون في الرض فأصابهم المطممر فلجئوا إلممى غممار ،فبينممما هممم
فيه إذا انقضت صخرة من الجبل فممأطبقت عليهممم بممابه ،فقممالوا عفمما الثممر
وانقطع الخبر وليس لكم إل الّله وصممالح أعمممالكم يعنممي أنممه قممال بعضممهم
لبعض ادعوا الّله بصالح أعمالكم الذي عملتم فلعل الّلمه يفمّرج عنمما :فقممال
رجل منهم :اللهمم إنمك تعلمم أنمه كمان لمي بنمت عمم وأنهما كمانت تعجبنمي
فراودتها عن نفسها فأبت فأصابتها حاجة شديدة فأتتني وسألني فقلت :ل،
ت وقممد أصممابتها حاجممة حتى تمكنيني مممن نفسممك فممأبت ،ثممم ذهبممت فرجعم ْ
شديدة ،وفي رواية أخرى :أن زوجها كان مريضما ً وكممان بينهممما أولد صمغار
وقد أصابهم القحط .قال :فأتتني فسألتني المّرة الثالثة والرابعة ،فقلممت ل
حتى تمكنيني من نفسك ،فقالت دونك ،فلما قعدت منها مقعد الرجمل ممن
ل لك أن تفك همذا إل بحقمه ،فتركُتهما ووفمرت امرأته ارتعدت ،فقالت ل يح ّ
عليها ما احتاجت إليه ،اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء
]ص [321
ج عنا ،فانفرجت من باب الغار فرجة ،وقال الخممر :اللهممم إنممك لوجهك ففر ّ
ً
ت حلب ما فجئت أعشمميهما َ
حلب م ُتعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران ،وإني َ
فوجدتهما نممائمين فكرهممت أن أوقظهممما وخشمميت علممى غنمممي لممو تركتهمما
لضاعت من السباع فتركت ماشيتي وأمسكت الناء على يممدي حممتى طلممع
الفجر وغنمي في البرّية ،اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغمماء وجهممك
ففرج عنا ،فانفرجت عنهم فرجة أخرى .وقال الخر :اللهم إنممك تعلممم أنممي
ممدّين ممن الطعمام ،فعملموا لمي استأجرت أجراء يعملمون لمي كمل رجمل ب ُ
فوفيتهم أجورهم فقال رجل منهم كان عملي أفضل فأعطني أفضل فأبيت
فغضب .وفي رواية أخرى .قال :جاء رجل آخر في نصف النهار فعمل فممي
بقية نهاره مثل ما عمل غيره في يومه كله فرأيت أن ل أنقص مممن أجرتممه
شيئا ً فقممال رجممل منهممم إنممه جمماء وسممط النهممار وأنمما جئت فممي أول النهممار
ويت بيننا في الجرة ،فقلت هل نقصت من أجرتك شيئًا ،فغضب وترك فس ّ
دين فزرعتهما فجاء منه المال فاشتريت من ذلممك أجرته وذهب فأخذت الم ّ
البقر والغنم والبل وشمميئا ً كممثيرًا ،فجمماءني بعممد ذلممك يطلبممه منممي بعممد ممما
اشتدت حاجته ،فقلت انظر كل شيء ههنا فخذه ،اللهم إن كنت تعلممم أنممي
فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا فانفرج عنهم فخرجمموا منهمما .وروى هممذا
الخبر أيضا ً النعمان بن بشير عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم انه كان
دث حديث الرقيم وذكر هذا الحديث .وروى غير النعمان أيضا ً هذا الخممبر يح ّ
عن رسول الّله صلى الّله عليه وسلم إل أنهم رووه بألفاظ مختلفة.
]حكاية[
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه إنه كان في بني إسممرائيل عابممد وكممان
قد أوتي جمال ً وحسنا ً وكان يعمل القفاف بيده فيبيعها فمّر ذات يوم ببمماب
الملك فنظرت إليه جارية لمرأة الملك ،فدخلت إليها وقالت لها ههنا رجممل
ي ،فممأدخلته فلمممان منه يطمموف بالقفمماف ،قممالت أدخليممه علم ّ
ما رأيت أحس ّ
دخل نظرت إليه فأعجبها فقالت له اطرح هذه القفاف وخذ هذه الملحفممة،
وقالت لجاريتها هات الدهن يا جاريممة وهممات الطيممب فتقضممي منممه حاجتهمما
ويقضيها منا ،وقالت ُنغِنك عن بيع هذا ،فقال ما أريد ذلك مرارًا ،قالت وإن
لم ترد فإنك غير خارج حتى تقضي حاجتنا منك ،وأمرت بالبواب فممُأغلقت،
فلما رأى ذلك قال هل فوق قصركم هذا موضع؟ قالت نعممم ،ثممم قممالت يمما
جارية ارقي بوضوئه ،فلما رقى جاء إلى ناحية السطح فرأى قصرا ً مرتفعا ً
ول شيء يتعلق به ليرسل نفسه من السطح ،فأخذ يعاتب نفسه ويقول يمما
نفس أنت منذ سبعين سنة تطلبين رضما المرب الكريمم حريصمة عليمه فمي
الليل والنهار جاءتك عشية واحدة تفسد عليك هذا كله إنك والله لخائنممة إن
جاءتك هذه العشية وأفسدت عليك عملك فتلقى الّله ببقيممة عملممك فجعممل
يعاتبها ،قال رسول الّله صلى الّله عليه وسلم :فلما تهيأ ليلقي نفسممه قممال
الّله عز وجل لجبريل يا جبريمل ،قمال لبيمك وسمعديك قمال عبمدي يريمد أن
يقتل نفسه فرارا ً من سخطي ومعصيتي
]ص [322
فتلقه بجناحيك ل يصيبه مكروه ،فبسط جبريل عليه السلم جنمماحه فأخممذه
به ثم وضعه كما يضع الوالد الرحيم ولده .قال :فأتى امرأته وترك القفمماف
وقد غابت الشمس ،فقالت له امرأته أين ثمن القفاف؟ فقال لها ما أصبت
لها ثمنًا ،فقالت على أيّ شيء نفطر الليلة؟ قال نصبر ليلتنا هذه ،ثم قممال:
قومي فاسجري تنممورك فإنمما نكممره أن جيراننمما إذا لممم يرونمما نسممجر التنممور
اشتغلت قلوبهم بنا ،فقامت فسجرته ثم جاءت فقعدت ،فجاءت امرأة ممن
جيرانها فقالت يا فلنة هممل عنممدك وقممود؟ قممالت نعممم ادخلممي فخممذي مممن
التنور ،فدخلت ثم خرجت فقالت يا فلنة مممالي أراك جالسممة تتحممدثين مممع
فلن وقد نضممج خممبزك فممي التنممور ويكمماد أن يحممترق ،فقممامت فممإذا التنممور
محشوّ خبزا ً نقيا فجعلته في جفنة ،ثم جاءت به إلى الزوج فقالت إن ربممك
لم يصنع بك هذا إل وأنت عليه كريم ،فادع الّله أن يبسط علينا بقية عمرنا،
فقال لها تصبري على هذا فلم تزل به حتى قال نعم أفعل ،فقام في جوف
الليل يصلي ودعا الّله تعالى وقال :اللهممم إن زوجممتي سممألتني فأعطهمما ممما
تتوسع به في بقية عمرها فانفرج السممقف فنزلممت إليممه كممف عليممه يمماقوته
أضاء لها البيت كما تضيء الشمس ،فغمز رجلها وكانت نائمممة قريبممة منممه،
فقال لها اجلسي وخذي ما سألت ،فقالت ل تعجل ألهذا أيقظتني قد كنممت
ي مصممفوفة مممن ذهممب مكللممة رأيممت فممي المنممام كممأني أنظممر إلممى كراس م ّ
بالياقوت والزبرجد فيها ثلمة ،فقلت لمن هممذا؟ قممالوا هممذا مجلممس زوجممك
فقلت ما هذه الثلمة؟ قالوا ما تعجل به زوجممك ،فقلممت ممما لممي حاجممة فممي
شيء يثلم عليك مجلسك ادع ربك فدعا ربه فرجع الكف.
}حكاية{
)قال الفقيه( رحمه الّله تعالى :حدثنا أبي رحمه الّله تعممالى بإسممناده عممن
عبد الّله بن الفرج العابد يقول :خرجت يوما ً أطلب رجل ً يروم لي شيئا ً في
ي برجل حسن الوجه بين يديه مروز وزنبيل ،فقلممت الدار ،فذهبت فأشير إل ّ
أتعمل لي اليوم إلى الليممل؟ قممال نعممم ،فقلممت بكممم؟ قممال بممدرهم ودانممق،
فقلت له قم فقام فعمل ذلك اليوم عمل ثلثة رجال ،ثممم أتيتممه فممي اليمموم
الثاني فسألت عنه قيل لي ذلك الرجل ل يرى في الجمعممة إل يومما ً واحممدا ً
يوم كذا ،فتربصت حتى أتى اليوم الذي وصفوه ثم جئت ذلك اليوم فإذا هو
جالس وبين يديه مروز وزنبيل ،فقلت له أتعمل لي؟ قال نعم ،قلممت بكممم؟
قال بدرهم ودانق ،فقلت قم فقام فعمل ذلك اليوم عمل ثلثة رجال ،فلما
كان بالمساء وزنت درهمين ودانقين ،وأحببت أن أعلم ممما عنممده ،قممال لممم
هذا؟ قلت درهمان ودانقان ،قال ألم أقل لممك بممدرهم ودانممق قممد أفسممدت
ي أجرتي لست آخذ منك شيئًا ،قال فمموزنت لممه درهمما ً ودانقما ً فممأبى أن عل ّ
ي فممأبى أن ّ
يأخذ وألححت عليه ،فقال سبحان اللممه أقممول ل آخممذ وتلممح عل م ّ
ت على أهلي فقالت فعل الّله بك ما أردت مممن الرجممل يأخذ ومضى .فأقبل ْ
قد عمل لك عمل ثلثة أيام
]ص [323
وأفسممدت عليممه أجرتممه ،قممال فجئت يوم ما ً أسممأل عنممه فقيممل إنممه مريممض،
فاستدللت على بيته فاستأذنت عليمه فمدخلت عليمه فمإذا همو مبطمون فمي
ي
خربة ليس في بيته شيء إل ذلك المروز والزنبيل ،فسلمت عليه فرد ّ عل ّ
السلم فقلت له لي إليك حاجة وتعرف فضل إدخال السرور على المممؤمن
وأنا أحب أن تأتي إلى بيتي أمّرضك ،قال أتحب ذلك؟ قلت نعم ،قال آتيممك
ي طعاما ً حتى أسألك، بثلث شرائط ،قلت نعم ،قال أحدها أن ل تعرض عل ّ
ت أن تدفنني في كسائي هذا وجبممتي هممذه ،فقلممت قلت نعم ،والثانية إذا م ّ
نعم ،قال أما الثالثة فهي أشد ّ منهما وسأخبرك عنها ،فحملتممه إلممى منزلممي
عند الظهر ،فلما أصبحت من الغممد نمماداني يمما عبممد اللممه ،فممأتيته فقلممت ممما
شأنك؟ قال الن أخبرك عن حاجتي الثالثة وإنممي قممد احتضممرت :يعنممي قممد
م جبتي ففتحها فإذا فيها خاتم لممه حضرت وفاتي ،ثم قال افتح صرة على ك ّ
فص أخضر ،فقال لي إذا أنا مممت ودفنتنممي فخممذ هممذا الخمماتم وادفعممه إلممى
هارون الرشيد أمير المؤمنين وقل له يقول لك صاحب هذا الخمماتم :ويحممك
ل تموتن على سكرتك هذه إن مت على سكرتك ندمت على ذلك.
فلما دفنتممه سممألت عممن يمموم خممروج هممرون الرشمميد وكتبممت لمه القصممة
وتعّرضت لمه فممدفعتها إليممه وتمأذيت أذى شممديدًا ،فلممما دخممل القصممر وقممرأ
ي يصمماحب هممذه القصممة ،فممدخلت إليممه فقممال ممما شممأنك. القصممة قممال علم ّ
فأخرجت الخاتم ،فلما نظر إلى الخاتم قال لي مممن أيممن لممك هممذا؟ فقلممت
ي رجل طيان ،ونظرت إلى دممموعه تتحممدر مممن عينيممه علممى لحيتممه دفعه إل ّ
ومن لحيته على ثيابه ويقول طيان طيان وقربنممي منممه وأدنمماني ،فقلممت يمما
أمير المؤمنين إنه أوصاني السلم أيضا ً وقال لممي إذا أوصمملت إليممه الخمماتم
قل له إنه يقرؤك صماحب همذا الخماتم السمملم ويقمول لمك ل تمموتن علممى
سكرتك هذه فإنك إن مت علممى سممكرتك هممذه نممدمت ،فقممام علممى رجليممه
قائما ً فضرب بنفسه على البساط وهو يتقلب برأسه ولحيته ويقول يمما بنممي
نصحت أباك حيا ً وميتًا ،فقلت في نفسي كممأنه ابنممه ولممم أشممعر بممه ،فبكممى
بكاء طويل ً ثم جلس وجاءوا بالممماء وغسممل وجهممه ثممم قممال كيممف عرفتممه؟
فقصصت عليه القصة بكى بكاءا ً شديدا ً طويل ً ثم قال :كان هذا أول مولود
ولد لي فكان أبي المهدي ،ذكر لي أن يزوجنممي زبيممدة فنظممرت يوم ما ً إلممى
امرأة فعلق قلبي بها فتزوجتها سرا ً من أبي وأولدتها هذا الولممد ،فأنقممذتهما
إلى البصرة ودفعممت إليهممما همذا الخماتم وأشممياء كمثيرة وقلمت لهمما اكتمممي
نفسك فإذا بلغك إني قد قعدت للخلفة فأتيني ،فلما قعدت للخلفة سألت
عنهما فذكر لي أنهما ماتا ولم أعلم أنه باق فأين دفنتممه؟ فلممت دفنتممه فممي
مقابر عبد الّله بن المبارك ،قال إن لي إليممك حاجممة إذا كممان بعممد المغممرب
وقفت لي حتى أخرج إليك متنكرا ً فممأخرج إلممى قممبره فممأزوره فمموقفت لممه
فخرج والخدم حوله حتى وضع يده في يدي فجئت به إلى قممبره ،فممما زال
ليلته
]ص [324
يبكي إلى الصبح ويقول يا بني نصحت أباك حيا ً وميتًا ،فجعلت أبكي لبكممائه
رقة مني له حتى طلع الفجر ،ثم رجع حتى إذا دنا إلى الباب فقال لممي قممد
أمرت لك بعشرة آلف درهم وأمرت بأن تجري عليك فإذا أنا مت أوصمميت
من يلي من بعدي أن يجري عليك ما بقي لممك عقممبى فممإن لممك علممي حقما ً
بدفنك ولدي ،فلما أراد أن يدخل الباب قال لي انظممر إلممى ممما أوصمميتك إذا
طلعت الشمس ،فقلت إن شاء الّله فرجعت من عنده فلم أعد إليه.
}حكاية{
)قال الفقيه( رحمه الّله حدثنا العباس بن الفضمميل حممدثنا يحيممى بممن أبممي
حاتم عن همام بن سمرة عن ليث بن خالد عن يزيد بن هارون عممن يحيممى
ي بممن أبممي طممالب ابن موسى عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة عن عل م ّ
رضي الّله تعالى عنهم قال "لما آخى نبي الّله صلى الّله عليممه وسمملم بيممن
المسلمين آخى بين سعيد بن عبد الرحمن وبين ثعلبة النصاري ،وغزا نممبي
الّله صلى الّله عليه وسلم غزوة تبوك فخرج سعيد بن عبد الرحمممن غازيمما ً
وخلف أخاه ثعلبة في أهله فكان يحتطب لهله الحطب ويستقي لهم الممماء
على ظهره في كل ذلك يرجو ثواب من الّله تعالى ،فأقبل ثعلبممة ذات يمموم
فدخل المنزل فجاءه إبليس لعنه الّله فقال له انظر ما خلف الستر ،فرفممع
ثعلبة الستر فرأى امرأة أخيه وكانت امممرأة جميلممة فلممم يصممبر حممتى دخممل
سها ،فقالت له يا ثعلبة ما حفظت فينمما حرمممة أخيممك الغممازي فممي عليها وم ّ
سبيل الله .فنادى ثعلبممة بالويممل والثبممور وخممرج هارب ما ً إلممى الجبممل ،فنممادى
واد واد بممالمغفرة وأنمما العم ّ
بأعلى صمموته إلهممي أنممت أنممت وأنمما أنمما أنممت العم ّ
بالذنوب والخطايا.
فلما أقبل النبي صلى الّله عليه وسلم من غزوتممه أقبممل جميممع الخمموان
يتلقون إخوانهم ولم يستقبل أخممو سممعيد ،فأقبممل سممعيد إلممى منزلممه فقممال
لمرأته يا هذه ما فعل أخي المؤاخي في الله؟ قالت إنه ألقى بنفسممه فممي
بحور الخطايا فخرج هاربا ً إلممى الجبممل ،فخممرج سممعيد يطلممب أخمماه فوجممده
منكبا ُ على وجهه واضعا ً يده على رأسه ينممادي بممأعلى صمموته واذل مقاممماه
مقام من عصى ربه ،فقال له سعيد قم يا أخمي فمما المذي بلغمك مما أرى؟
ل يديّ إلى عنقي وتقممودني كممما يقمماد فقال ثعلبة لست بقائم معك حتى تغ ّ
العبد الذليل إلممى بماب ممموله ،ففعممل وكممانت لمه ابنممة يقممال لهمما خمصممانة،
فأقبلت تقود أباها حتى أتت به إلى باب عمر رضي الّله تعالى عنه ،فممدخل
عليه فقال لمست امرأة أخي الغازي في سبيل الّله فهممل لممي مممن توبممة؟
فقال عمر :أخرج من عندي فقد هممت أن أقوم إليك وآخذ بشعرك أخممرج
من عندي فل توبة لك عندي ،فانطلق من عنده إلى باب أبو بكر رضي الّله
تعالى عنه ،فلما دخل قال لمست امرأة أخي الغازي في سبيل الل ّممه فهممل
لي من توبة؟ فقال أبو بكر الصديق رضي الّله تعالى عنه :أخرج من عندي
ل تحرقني بنارك فل توبة لك عندي أبدا ،فخرج مممن عنممده إلممى بمماب علممي
رضي الّله تعالى عنه وقال :لمست امرأة أخي الغازي في سبيل الّله فهل
لي من توبة؟ فقال له ،أخرج من عندي
]ص [325
فل توبة لك عندي أبدًا ،فخرج من عنده وهو يقممول يمما أخممي ويمما ابنممتي قممد
آيسني هؤلء النفر وأرجو أن ل يؤيسني رسول الّله صلى الّله عليه وسلم،
فأتت به ابنته إلى باب رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ،فلما دخممل عليممه
نظر إليه رسول الّله صلى الّله عليه وسلم فقممال :ذكرتنممي سلسممل جهنممم
ي الّله بأبي أنت وأمي لمسممت امممرأة أخممي الغممازي وأغللها ،فقال له يا نب ّ
في سبيل الّله فهل لي من توبة؟ قال النبي صلى الّله عليممه وسمملم أخممرج
من عندي فل توبة لك عندي أبدًا ،فخرج فقالت له ابنته يا أبممت لسممت لممي
بوالد ول أنا لك بابنة حتى يرضى عنك محمد عليه الصلة والسلم وأصحابه
فأقبل ثعلبة هاربا ً إلى الجبل ينادي بمأعلى صموته يما رب أتيممت عمممر فمأراد
ضربي ،وأتيت أبا بكر فانتهرني ،وأتيت عليا فطردنممي ،وأتيممت النممبي صمملى
الّله عليه وسلم فآيسني ،فما أنت يا مولي صانع بي أن تقول لدعائي نعممم
أو تقول ل ،فإن قلت ل فيا ويلتاه ويا شقوتاه ويمما نممدامتاه ،وإن قلممت نعممم
فطوبى لي .قال :فأقبل ملك من السماء وهو يقول للنبي صلى الّلمه عليممه
وسلم :يقول الّله تعالى أنت خلقت الخلق أو أنا؟ قال بممل أنممت يمما سمميدي،
قال يقول لك الجبار تبارك وتعالى بشر عبدي أني غفرت لممه .قممال :فقممال
النبي صلى الّله عليه وسلم من يأتيني بثعلبممة؟ قممال فقممام أبممو بكممر وعمممر
يرضي الّله تعالى عنهممما فقممال يمما رسممول الل ّممه نحممن نممأتي بممه ،فقممام علم ّ
وسلمان رضي الّله تعالى عنهما فقال يا رسول الل ّممه نحممن نممأتي بممه .فممأذن
ي وسلمان فخرجا وأخذا في وجهه فانطلقمما فممإذا هممما بممراع مممن رعمماة لعل ّ
ي كرم الّله وجهه هل رأيت رجل ً مممن أصممحاب رسممول المدينة ،فقال له عل ّ
الّله صلى الّله عليه وسلم؟ قال الراعي عسى أنكما تطلبممان الهممارب مممن
ن عليممه الليممل حضممر هممذا جهنم؟ قال نعم .فدلنا على موضممعه ،قممال إذا جم ّ
ل مقاممماه الوادي حتى يجيء تحت هذه الشجرة ثم ينادي بأعلى صمموته واذ ّ
ن عليهممما الليممل إذ أقبممل ثعلبممة فممأتى م من عصى ربه فأقاممما حممتى جم ّ مقا ُ
الشجرة فخّر تحتها ساجدا ً باكيًا ،فلما سمع بكاءه سلمان مشى إليه فقممال
يا ثعلبة قم فإن رب العالمين قد غفر لك؟ قال كيف تركتما حبيبي محمممدا ً
صلى الّله عليه وسلم؟ قال سلمان كما يحب الّله وتحب أنممت ،فلممما أقممام
بلل الصلة أدخله المسجد فأقاممماه فممي آخممر الصممف ،فقممرأ رسممول الل ّممه
حّتمى كماث ُُر{ فشمهق شمهقة فلمما تلمى } َ صلى الّله عليه وسلم }الَهماك ُ ْ
م الت ّ َ
قاب َِر{ شهق شهقة أخرى وفارق الممدنيا ،فلممما انفتممل النممبي صمملى م َ
م ال َ ُزْرت ُ ْ
الّله عليه وسلم جاء إلى ثعلبة فقممال يمما سمملمان انضممح عليممه الممماء فنممادى
ي الّله قد فارق الدنيا ،فأقبلت ابنته فقالت يا نبي الّله ما فعممل سلمان يا نب ّ
والدي فإني كنت بالشواق إليه؟ قال ادخلممي المسممجد ،فممدخلت فممإذا هممي
بوالدها ميت مسجى ،فوضعت يدها على رأسها ثمم أنشمأت تنمادي واغمماه
فمن لي بعدك يا أبتاه ،فقال النبي صلى الّله عليه وسمملم يمما خمصممانة أممما
ترضين أن أكون لك والدا ً وتكون فاطمة لك أختًا؟ فقممالت بلممى يمما رسممول
الله ،فلما حمل ثعلبة أقبل النبي صلى الّله عليه وسلم يتبع جنازته حتى إذا
بلغ شفير القبر أقبل يمشي على أطممراف أصممابعه؟ فلممما رجممع قممال عمممر
رضي الّله تعالى عنه يا رسول الّله رأيتك تمشممي علممى أطممراف أصممابعك؟
قال يا عمر ما قدرت أن أضع باطن قدمي من كثرة الملئكة".
]ص [326
)قال الفقيه( رضي الله تعالى عنه :قد روي هذا الخبر بألفمماظ مختلفممة، ّ
شم ً َ
ة أوْ ظ َل َ ُ
ممموا ذا فَعَل ُمموا َفا ِ
ح َ ن إِ َ ويقال هممذه اليممة نزلممت فممي شممأنه }َوال ّم ِ
ذي َ
ب ِإل الل ّم ُ
ه{ إلممى ن ي َغْفِ مُر ال مذ ُّنو َ
مم ْ فُروا ل ِذ ُُنوب ِهِ ْ
م وَ َ م ذ َك َُروا الّله َفا ْ
ست َغْ َ سه ُ ْ أ َن ْ ُ
ف َ
ن{. قوله }ون ِع َ
مِلي َجُر الَعا ِ
مأ َْ ْ َ
}حكاية{
)قال الفقيه( رضي الّله تعالى عنه :حممدثنا أبممي رحمممه الل ّممه تعممالى حممدثنا
محمد ابن موسى بن رجاء رفعه إلى أحنف بن قيس قال :قممدمت المدينممة
وأنا أريد عمر بن الخطاب رضي الّله تعممالى عنممه ،فممإذا أنما بحلقممة عظيمممة
فإذا بكعب الحبار يحدث الناس ويقول "لما حضممر آدم الوفمماة قممال يمما رب
سيشمت بي عدوي إذا رآني ميتا ً وهو منظر إلى الوقت المعلوم فقيممل لممه
يا آدم إنك تردى الجنة ويؤخر الملعممون إلممى النظممرة ليممذوق بعممدد الّوليممن
والخرين ألم الموت ،ثم قال آدم عليه الصلة والسلم لملك الموت :صف
لي كيف تذيقه الممموت ،فلممما وصممفه قممال آدم رب حسممبي حسممبي ،فضممج
الناس وقالوا يا أبا إسحاق يرحمك الّله حدثنا كيف يذوق الموت؟ فممأبى أن
يقول ،فألحوا عليه فقال :إنه إذا كان آخر الدنيا وقربت النفخة فإذا النمماس
قيام في أسواقهم وهم يتخاصمون ويتجرون ويتحدثون إذا هم بهده عظيمة
يصممعق فيهمما نصممف الخلئق فل يفيقممون منهمما مقممدار ثلثممة أيممام ،والنصممف
الباقي من الناس تممذهل عقممولهم فيبقممون مندهشممين قيامما ً علممى أرجلهممم
كالغنم الفزعة حيت ترى سبعًا ،فبينما الناس في همذا الهمول إذا همم بهمدة
بين السماء والرض غليظة كصوت الرعد القاصف فل يبقممى علممى ظهرهمما
أحد إل مات فتفنى الدنيا ول يبقى آدمي ول جني ول شيطان ول وحممش ول
دابة ،فهذه النظرة المعلومة التي كانت بين الل ّممه تعممالى وبيممن إبليممس ،ثممم
يقول الّله عز وجل لملك الموت :إني خلقممت لممك بعممدد الوليممن والخريممن
أعوانا ً وجعلت فيك قوة أهل السممموات وأهممل الرض وإنممي ألبسممك اليمموم
أثواب الغضب والسخط كلها فأنزل بغضبي وسخطي إلى ملعوني ورجيمي
إبليس فأذقه الموت واحمل عليه من الموت مرارة الّولين والخريممن مممن
الجن والنس أضعافا ً مضاعفة ،وليكن معك من الزبانية سبعون ألممف ملممك
قد امتلئوا غيظا ً وليكن مع كمل زيانيمة سلسملة ممن سلسمل لظمى ،وانمزع
روحه المنتن بسبعين ألف كلبة من كلليب لظى ،وناد مالكما ً ليفتممح أبمواب
النيران فينزل ملممك الممموت بصممورة لممو نظممر إليممه أهممل السممموات السممبع
والرضين السبع لذابوا كلهم من هول رؤية ملك الممموت ،فممإذا انتهممى إلممى
إبليس وزجره زجرة إذ هو صعق منها ونخر نخرة لو سمعه أهممل المشممرق
والمغرب لصعقوا من تلك النخرة ،وملك الموت يقول قف يا خبيث لذيقك
اليوم الموت بعدد من أغويت كم من عمر أدركته وكم مممن قممرون أضممللت
وكم من قرناء لك بسواء الجحيممم يقارنونممك ،وهممذا المموقت المعلمموم الممذي
بينك وبين ربك وإلى أين تهرب فيهممرب الشمميطان إلممى المشممرق فممإذا هممو
بملك الموت بين عينيه فيغوص في البحار فممإذا هممو بملممك الممموت فممترميه
البحار فل تقبله فل يزال يهرب في الرض
]ص [327
ول محيص ول ملجأ ول منجا ،ثم يقوم في وسط الدنيا عنممد قممبر آدم عليممه
ولت معلون ما ً رجيم ما ً فيمما ليتممك لممم تخلممق،
السلم ويقول من أجلك يا آدم ح ّ
فيقول لملك الموت بأي كأس تسممقيني :يعنممي بممأي عممذاب تقبممض روحممي،
فيقول ملك الموت بكأس أهل لظى :يعني مثل عذاب أهل النممار ،وبكممأس
أهل سقر وبكأس أهل الجحيم أضعافا ً مضاعفة قممال :وإبليممس يتمممرغ فممي
التراب مرة ويصيح أخرى ويهمرب ممرة ممن المشمرق إلمى المغمرب وممن
المغرب إلى المشرق حتى إذا كان في الموضع الذي أهبط فيممه يمموم لعممن
وقد نصبت له الزبانية الكلليب وصارت الرض كالجمرة وتحتوشه الزبانيممة
فيطعنونه بالكلليب فيكون في النزع والعذاب إلى ما شاء الله ،ويقال لدم
وحواء اطلعا اليوم إلى عممدّوكما وانظممرا ممما نممزل بممه كيممف يممذوق الممموت،
دة العذاب والممموت قممال ربنمما قممد
فيطلعان فإذا نظرا إلى ما هو فيه من ش ّ
أتممت النعمة.
]ص [328
فإذا بنهر فيه لبن لم يتغير طعمه في روضة فيها من كل زينممة فيهمما جمموار،
ن ،فلممما رأيننممي وقلممن هممذا زوج ن وجممماله ّ ن افتتنت مممن حسممنه ّ فلما رأيته ّ
ن العينمماء العينمماء المرضممية قممد قممدم علينمما ،فقلممت السمملم عليكممن أفيك م ّ
ي الّله نحن خدم لها وإماء لهمما فتقممدم المرضية؟ فقلن وعليك السلم يا ول ّ
أمامك ،فتقدمت فممإذا بنهممر آخممر مممن خمممر علممى شممط المموادي فيممه جمموار
ن أفيكن العيناء المرضية؟ فقلممن ل أنسينني من خّلفت ،فقلت السلم عليك ّ
نحن إماء لها وخدم لها امض أمامك ،فتقممدمت فممإذا بنهممر آخممر مممن عسممل
مصفى وروضة فيها جوار لهن من النور والجمال ممما أنسمماني مممن خلفممت،
ي الرحمممن نحممن فقلت السلم عليكن أفيكن العيناء المرضية؟ قلممن يمما ول م ّ
وفممة علممى إماؤ لها امض أمامك ،فتقدمت فمموقعت فممي خيمممة مممن درة مج ّ
ي والحلممل ممما ل أوصممفه فلممما رأتنممي بمماب الخيمممة جاريممة عليهمما مممن الحلم ّ
استبشرت ونادت من الخيمة أيتها العناء المرضية هذا بعلك قد قدم ،قممال:
فدنوت من الخيمة فدخلت فإذا هممي علممى سممريرها قاعممدة وسممريرها مممن
ذهب مكلل بالدّر والياقوت :فلما رأيتها افتتنت فيها وهي تقول مرحبا ً بول ّ
ي
نالرحمن قد دنا لك القدوم علينا .فذهبت لعتنقها فقالت مهل ً فإنه لممم يممأ ِ
لك أن تعانقني فإن فيك روح الحياة وأنت تفطر الليلة عنممدنا إن شمماء الل ّممه
تعالى ،فانتبهت يا عبمد الواحمد ول صمبر لمي عنهما .قمال عبمد الواحمد :فمما
انقطع كلمنا حتى ارتفعت لنا سرية من العدوّ فحملنا عليهم وحمل الغلم.
ت
قال فعددت تسعة من العدوّ الذين قتلهم الغلم وكان هو العاشممر فمممرر ْ
به وهو يتشحط في دمه فضحك ملء فيه حتى فارق الدنيا.
]ص [329
وتتعاطى ما ل يحل لك؟ قال :أي شيء فعلت؟ قال إنك قممد زنيممت بممامرأة
دقوه فقممال دقوه وحلممف علممى ذلمك فلممم يصم ّ كذا ،فقال لم أفعل فلممم يصم ّ
دوه إلى أمه فقال لها يا أماه إنك قد دعوت الل ّممه علم ّ
ي دوني إلى أمي ،فر ّ
ر ّ
فاستجاب الّله دعاءك فادعي الل ّممه أن يكشممف عنممي بممدعائك فقممالت أمممه.
اللهم إن كان جريج إنممما أخممذته بممدعوتي فاكشممف عنممه فرجممع جريممج إلممى
الملك فقال أين هذه المرأة وأين الصبي ،فجاءوا بالمرأة والصبي فسألوها
فقالت المرأة بلى هذا الذي فعل بي ،فوضع جريج يده علممى رأس الصممبي
وقال بحق الذي خلقك أن تخبرني من أبوك؟ فتكلم الصبي بإذن الّله وقال
إن أبي فلن الراعي .فلما سمعت المرأة ذلك اعترفت بممالحق وقممالت قممد
صدقت وكنت كاذبة وإنما فعل بممي فلن الراعممي .وفممي روايممة :إن المممرأة
كانت حامل ً لم تضع حملها بعد فقال لها أين أصابك؟ قممالت تحممت شممجرتك
وكانت الشجرة تحت صومعته ،قال جريج أخرجوني إلى تلك الشممجرة ،ثممم
قال يا شجرة أسألك بالذي خلقك أن تخبريني من زنى بهذه المرأة؟ فقال
كل غصن منها راعي الضأن ،ثم طعن بأصبعه في بطنها وقال يمما غلم مممن
أبوك؟ فنادى من بطنها أبي راعي الضأن ،فاعتذر الملك إلى جريج الراهب
وقال ائذن لي أن أبني صومعتك بالذهب؟ قال ل ،فبالفضة؟ قال ل ،ولكممن
بالطين كما كانت فبنوها بالطين كما كانت :وروى إبراهيم عممن مهمماجر بممن
ي في حال صغره وهو طفل إل أربعة :عيسى ابن مجاهد قال؟ ما تكلم صب ّ
مريم عليهما السلم ،وصمماحب الخممدود وصمماحب جريممر الراهممب وصمماحب
ن أ َهْل ِهَمما{
مم ْ ش مهِد َ َ
شمماه ِد ٌ ِ يوسف عليه السلم وهو قوله سبحانه وتعالى }وَ َ
والحمد لله رب العالمين ،وصلته وسلمه علممى أشممرف المرسمملين سمميدنا
محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته أجمعيممن،
وحسبنا الّله ونعم الوكيل آمين.
وهذا نقل من باب الدعاء والتسبيحات:
ي رضي الّله تعالى عنهما أنه قال :أنا ضامن لمممن قممرأ عن الحسن بن عل ّ
ص عاد وسبع ضار عشرين آية من شّر كل شيطان مارد وسلطان ظالم ول ّ
أن ل يضره ،وهي آية الكرسي ،وثلث آيممات مممن سمورة العممراف ،وعشممر
فًا{ وثلث ممن سمورة الرحممن }َيما صم ّ
ت َصماّفا ِ
آيات ممن أّول سمورة }َوال ّ
ن{ وثلث آيات من آخر سورة س{ إلى قوله }َفل َتنت َ ِ
صَرا ِ لن ِ ن َوا ِ ج ّ
شَر ال ِ معْ َ َ
مل ِمك{ إلممى آخرهمما .وهممذه اليممات ُ ه ِإل هُموَ ال َ َ
ذي ل إ ِلم َ ّ ّ
الحشر }هُموَ اللممه الم ِ
المذكورة:
ْ
ة خذ ُه ُ ِ
سن َ ٌ م ل ت َأ ُ قّيو ُ
ي ال َ ح ّ
ه ِإل هُوَ ال َ ه ل إ ِل َ َ
]بسم الّله الرحمن الرحيم[ }الل ّ ُ
ذا ال ّم ِ َ
عن ْمد َه ُ ِإل
فعُ ِ ذي ي َ ْ
شم َ ن َ
مم ْض َ ما فِممي الْر ِ ت وَ َ ماَوا ِس َما ِفي ال ّ ه َ م لَ َُول ن َوْ ٌ
َ َ
م
ديهِ ْن أي ْ ِ
ما ب َي ْ َم َ ب ِإ ِذ ْن ِهِ ي َعْل ُ
]ص [330
هس مي ّ ُ س معَ ك ُْر ِ شمماَء وَ ِ ممما َ م مهِ ِإل ب ِ َ عل ْ ِ ن ِ مم ْ يٍء ِ شم ْ ن بِ َ طممو َ حي ُ م َول ي ُ ِ فه ُ م ْ خل ْ َ ممما َ وَ َ
َ
م{. ظي ُ ي العَ ِ ما وَهُوَ العَل ِ ّ فظ ُهُ َ ح ْ ض َول ي َُئود ُه ُ ِ ت َوالْر َ ماَوا ِ س َ ال ّ
َ
ض ت َوالْر َ ماَوا ِ س َ خل َقَ ال ّ ذي َ م الّله ال ّ ِ ن َرب ّك ُ ْ ]بسم الّله الرحمن الرحيم[ }إ ِ ّ
حِثيث ما ً َ
ه َ ل الن ّهَمماَر ي َط ْل ُب ُم ُ شممي الل ّي ْم َ ش ي ُغْ ِ ِ وى ع َل َممى العَمْر َ س مت َما ْ ست ّةِ أّيام ٍ ث ُ ّ ِفي ِ
ك الل ّممه َ َ َ
مُر ت َب َمماَر َ خل ْقُ َوال ْ ه ال َ مرِهِ أل ل َ ُ ت ب ِأ ْ خَرا ٍ س ّ م َ م ُ جو َ مَر َوالن ّ ُ ق َ س َوال َ م َ ش ْ َوال ّ
دوا سمم ُ ف ِ نَ ،ول ت ُ ْ دي َ معْت َ ِ ب ال ُ ح ّ ه ل يُ ِ ة إ ِن ّ ُ في َ ً خ ْ ضّرعا ً وَ ُ م تَ َ عوا َرب ّك ُ ْ ن ،اد ْ ُ مي َ ب الَعال َ ِ َر ّ
َ
ن مم ْ ب ِ ريم ٌ ة الل ّممه قَ ِ مم َ ح َ ن َر ْ معما ً إ ِ ّ وفما ً وَط َ َ خ ْ حَها َواد ْع ُمموه ُ َ صل ِ ض ب َعْد َ إ ِ ْ ِفي الْر ِ
ن{. سِني َ ح ِ م ْ ال ُ
جممرًا، ت َز ْ جَرا ِ فًا ،فَممالّزا ِ صم ّ ت َ صمماّفا ِ ]بسممم الل ّممه الرحمممن الرحيممم[ }َوال ّ
َ
ب ممما وََر ّ ممما ب َي ْن َهُ َ ض وَ َ ت َوالْر ِ ماَوا ِ سم َ ب ال ّ دَ ،ر ّ ح ٌ وا ِ م لَ َ ن إ ِل َهَك ُ ْ كرًا ،إ ِ ّ ت ذِ ْ َفالّتال َِيا ِ
ن طا ٍ شمي ْ َ ل َ ن ك ُم ّ مم ْ فظما ً ِ ح ْ ب ،وَ ِ واك ِ ِ زين َةٍ الك َم َ ماَء الد ّن َْيا ب ِ ِ س َ ق ،إ ِّنا َزي ّّنا ال ّ شارِ ِ م َ ال َ
م حممورا ً وَل َهُ م ْ ب ،د ُ ُ جممان ِ ٍ ل َ ن ك ُم ّ م ْ ن ِ قذ َُفو َ مل ِ الع َْلى وَي ُ ْ ن إ َِلى ال َ مُعو َ س ّ مارٍِد ،ل ي َ ّ َ
َ ْ
ب{. ب َثاقِ ٌ شَها ٌ ه ِ ة فَأت ْب َعَ ُ ف َ خط َ ف ال َ خط ِ َ ن َ م ْ بِ ،إل َ ص ٌ ب َوا ِ ذا ٌ عَ َ
َ
ن مأ ْ س مت َط َعْت ُ ْ نا ْ س إِ ْ لن م ِ ن َوا ِ جم ّ ش مَر ال ِ معْ َ ]بسم الّله الرحمن الرحيم[ }َيا َ
َ س مل ْ َ َ ن أ َقْ َ
ن ،فَب ِمأ ّ
ي طا ٍ ن ِإل ب ِ ُ ذو َ ف ُ ذوا ل َتن ُ ف ُ ض َفان ُ ت َوالْر ِ ماَوا ِ س َ طارِ ال ّ م ْ ذوا ِ ف ُ َتن ُ
ن{. صَرا ِ س َفل َتنت َ ِ حا ٌ ن َنارٍ وَن ُ َ م ْ ظ ِ وا ٌ ش َ ما ُ ل ع َل َي ْك ُ َ س ُ ن ،ي ُْر َ ما ت ُك َذ َّبا ِ آلِء َرب ّك ُ َ
س دو ُ قم ّ ك ال ُ مل ِ ُ ه ِإل هُوَ ال َ ذي ل إ ِل َ َ ]بسم الّله الرحمن الرحيم[ }هُوَ الّله ال ّ ِ
ن، كو َ ش مرِ ُ ممما ي ُ ْ ن الّله ع َ ّ حا َ سب ْ َ مت َك َب ُّر ُ جّباُر ال ُ زيُز ال َ ن العَ ِ م ُ مهَي ْ ِ ن ال ُ م ُ مؤ ْ ِ م ال ُ سل ُ ال ّ
َ
مما فِممي ه َ ح َلم ُ سمب ّ ُ سمَنى ي ُ َ ح ْ ماُء ال ُ سم َ ه ال ْ صموُّر َلم ُ م َ خمال ِقُ الَبمارِئُ ال ُ هُوَ الّلمه ال َ
م{ َ
كي ُ ح ِ زيُز ال َ ض وَهُوَ العَ ِ ت َوالْر ِ ماَوا ِ س َ ال ّ
قال ابن عباس رضي الّله تعالى عنهما :كان يهمودي بالشممام قمرأ التمموراة
في يوم السبت ونشرها فنظر فيها فوجد نعت الرسول وصفته فممي أربعممة
مواضع فقطعها وحرقها ،ثم في السبت الثاني وجدهما في ثمانيممة مواضممع
فقطعها وأحرقها ،وفي السممبت الثممالث وجممدهما فممي اثنممي عشممر موضممعًا،
فتفكر وقال إن قطعتها صارت التوراة كلهمما نعت ما ً لممه فسممأل أصممحابه :مممن
محمد؟ قالوا كذاب خير لك أن ل تراه ول يراك ،فقال بحممق تموراة موسممى
ل تمنعوني من زيارته ،فأذنوا له فركب راحلته وسار مرحلة بالليل والنهار،
فلما دنا من المدينة كان أّول من استقبله سلمان وكان حسن الوجه فظن
أنه محمد صلى الّله عليه وسلم وكان قد توفي رسول الّله صلى الّله عليه
وسلم منذ ثلثة أيام فبكى سلمان وقممال أنمما عبممده ،قممال أيممن هممو؟ فتفكممر
سلمان وقال إن قلت إنه مات رجع وإن قلت إنه حي أكون كذابًا ،فقال له
تعممال معممي حممتى نممدخل علممى أصممحابه ،ودخممل المسممجد وأصممحابه كلهممم
محزونون ،فقال اليهودي السلم عليكم يا محمد ظنا ً أنه فيهم ،فهاج البكاء
من الصحاب وقالوا من أنت لقد جددت جراحتنا لعلممك غريممب أممما علمممت
أنه مات منذ ثلثة أيام ،فصاح وقال واحزناه واضياع سفري يا ليت أمي لم
تلدني وليتها ولدتني
]ص [331
ولم أقرأ التوراة وإذا قرأتها لم أجد نعته وإذا وجدته ليتني رأيتممه ،ثممم قممال:
ى هنا يصف لي نعته؟ فقال نعم ،قال ما اسمك؟ قممال علممي ،قممال إنممي أعل ّ
وجدت اسمك في التوراة ،فقال علممي كممان رسممول الل ّممه صمملى الل ّممه عليممه
دور الرأس ،واضممح الجممبين ،أدعممج العينيممن أزج وسلم ل طويل ً ول قصيرا ً م ّ
الحاجبين ،إذا ضحك خرج النور من ثناياه ،ذا مسربة ،شثن الكفين ،أخمص
ي
القدمين ،عظيم المشاش ،يبن كتفيمه خماتم النبموة ،قمال صمدقت يما علم ّ
ي منه ثوب أشمه؟ قال نعم اذهب يمما سمملمان هكذا نعته في التوراة هل بق ّ
ي جبمة أبيمك رسمول الّلمه صملى الّلمه عليمه إلى فاطمة وقل لهما ابعمثي إلم ّ
وسلم ،فجاء سلمان إلى باب فاطمة فقال يا باب فخر النبياء ويا باب زين
الولياء ،والحسن والحسين يبكيان ،فقرع الباب فقمالت فاطممة ممن يقمرع
ي ،فبكت فاطمة فقممالت باب اليتامى؟ قال أنا سلمان ،فأخبرها بما قال عل ّ
من الذي يلبس جبة أبي؟ فقص عليها القصة فأخرجت الجبمة وقمد خيطمت
منها سبعة مواضع بالليف ،فأخممذها علممي وشمممها ثممم الصممحابة ،ثممم أخممذها
اليهودي وشمها فقال ما أطيب هذه الرائحة ،ثم قام إلى قبره فرفع رأسممه
إلى السماء وقال أشهد يا رب أنك واحد أحد فرد صمد ،وأشهد أن صمماحب
همذا القمبر رسمولك وحبيبمك وصمدقته بمما قمال ،اللهممم إن قبلمت إسمملمي
فاقبض روحي الساعة ،فخر ميتا ً فغسله علي ودفنه في البقيع رحمممه الل ّممه
تعالى وحشرنا في زمرة الصالحين آمين.