You are on page 1of 204

‫حالة أهل الحقٌقة‬

‫مع هللا عز وجل‬


‫تـــــــــألٌؾ‬
‫السٌد اإلمام الشٌخ أبو العلمٌن‬

‫أحمد الرفاعً‬
‫‪ 578 -512‬هـ‬
‫رضً هللا عنه‬

‫شرحه وخرج أحادٌثه وعلق علٌه‬


‫الدكتور محمد حسٌنً مصطفى‬

‫‪3‬‬
4
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على سيدنا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وأتباعه ‪ ،‬وسلم‬

‫قال اإلمام الشعرانً (عبد الوهاب بن أحمد ‪ 973- 898‬هـ) ‪:‬‬


‫" قال الشٌخ ٌعقوب رضً هللا عنه خادمه ‪ :‬نظر سٌدي أحمد رضً هللا عنه‬
‫رأأها جعل هللا تعالى‬ ‫َس‬ ‫ْس‬
‫رفعت‬ ‫إلى النخلة ‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا ٌعقوب انظرْس إلى النخ لة ‪ ،‬ل ّسم ا‬
‫(‪) 1‬‬
‫الً ْسقطٌن ل ّسم ا‬ ‫ْسِسقل ِس ْسم لها علٌها ‪ ،‬ولو حملت مهما حملت ‪ ،‬وانظر إلى شجرر َس‬
‫وألقت خ ّسدها على اارر جعل ْسِسق َسل حملها على ؼٌرها ‪ ،‬ولو حملت‬ ‫ْس‬ ‫نفأها‬ ‫ْس‬
‫وضعت َس‬
‫مهما حملت تحأّس به "‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬وإنْس س ّسلم اامر لمو ه نصره من‬ ‫ت َس‬ ‫ؼضب لنفسه َس ِس‬‫َس‬ ‫وكان ٌقول ‪ :‬الفقٌر إنْس‬
‫ؼٌر عشٌرر و أهل ‪.‬‬
‫أتً كتابا ٌحط علٌه فٌه ‪ ،‬فقال سٌدي أحمد‬ ‫ّس‬ ‫ًا‬ ‫وأرسل إلٌه الشٌخ إبراهٌم البُس ْس‬
‫رضً هللا عنه للرسول(‪ :)2‬اقرأه لً ‪ .‬فقرأه ‪ ،‬فإذا فٌه ‪ :‬أيْس أعور ‪ ،‬أيْس د ّسج ال ‪،‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫أيْس مبتد ‪ٌ ،‬ا من جمع بٌن الرجال والنساء ‪ ...‬حتى ذكر الكلب بن الكلب ‪ ،‬وذكر‬
‫أشٌاء تؽٌظ ‪ .‬فل ّسم ا فرغ الرسول من قراءر الكتاب أخذه سٌدي أحمد رضً هللا عنه‬
‫وقرأه ‪ ،‬وقال‪ :‬صدق فٌما قال ‪ ،‬جزاه هللا عنً خٌراًا ‪ ،‬ثم أنشد ‪:‬‬
‫ب‬
‫ير ُتم ِرري ِر‬ ‫إا نسُت عند هللا َم‬ ‫لسسُت أبالل َمم نْن َمرمانل بريب ٍة‬
‫ثم قال للرسول ‪ :‬اكتب إلٌه الجواب ‪ " :‬من هذا الالش (‪ُ )4‬س مٌد إلى سٌدي الشٌخ‬
‫إبراهٌم البستً رضً هللا عنه ‪ ،‬أما قولك الذي ذكرت فإن هللا خلقنً كما ٌشاء ‪،‬‬
‫وأسكن فًّس‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ : ١٬ًٚ٬ٝ‬ج‪ٚٝ‬فٍ ج‪ٜٝ‬ف‪. ٓ٪٧‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤ‪ ٪‬لػح‪٠‬ل ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ْٞ‬ي ‪ :‬داح ٔداء ِثً ‪٠‬ب‪.‬‬
‫ً‬
‫اٌالغ ‪ :‬اٌر‪١ٌ ٞ‬ط ش‪١‬ئب (ال ش‪ٟ‬ء)‪.‬‬ ‫(‪) 4‬‬

‫‪5‬‬
‫ينً من ِس ّسلك(‪ )1‬و ِس ْسِسلم كْس (‪.)2‬‬ ‫ما ٌشاء ‪ ،‬وإنً أرٌد من صدقاتك أنْس تدعو لً و ُس ْس‬
‫ت ِسل َس‬
‫تلك من أنباء الشٌخ اإلمام السٌد أحمد الرفا عً الذي كان ٌقال به شٌخ‬
‫الطرابق ‪ ،‬وأستاذ الجماعة ‪ ،‬والسًّسد الكبٌر ‪ ،‬وسًّسد العارفٌن ‪ ،‬أبً العباأ ‪ ،‬وأبً‬
‫العلمٌن(‪ ،)3‬محًٌ الدٌن أحمد بن علً بن ٌحٌى بن ثابت ‪ ،‬وهو ٌنحدر من ذرّس يّسر‬
‫أبة إلى ج ّسد ه السابع الحسن بن‬ ‫اإلمام علً رضً هللا عنه وٌقال له الرفاعً ِسن ْس‬
‫ك ر المكرّس مة‬ ‫ٌلقب برفاعة ‪ ،‬وكان قد هاجر من م ّس‬ ‫المهدي الهاشمً المكً (‪ )4‬وكان ّس‬
‫وقرّس وقطن فٌه ‪ ،‬وبقٌت ذرّس ٌته بالمؽرب إلى زمن ٌحٌى بن ثابت ‪،‬‬ ‫إلى المؽرب ‪َ ،‬س‬
‫جد السٌد أحمد الرفاعً ‪ ،‬الذي رجع إلى مكة المكرمة ‪ ،‬لكنّسه لم ٌلب فٌها طوٌالًا‬
‫ابنه علٌا ًا والد الأّس يّسد‬ ‫حتى ؼادرها إلى العراق ‪ ،‬وهناك فً بلدر أم عبٌدر ُسر ِسز َسق َس‬
‫الرفاعً ‪.‬‬
‫وولدت له‬ ‫ْس‬ ‫كان علً بن ٌحٌى فقٌها ًا وتزوَّو ج من فاطمة اانصارٌة ابنة خاله ‪،‬‬
‫أحمد فً " قرٌة حسن " من أرر البطابح بٌن واسط والبصرر فً العراق سنة‬
‫‪ 512‬هـ ‪.‬‬
‫وأكثر الرواٌات تذهب إلى أنّس أباه مات وهو فً السنة الأ ابعة من عمره‬
‫فكفله خاله السًّسد منصور الرّس بّسانً البطابحً (‪ ،)5‬ف ُسعنً به وبتربٌته وتعلٌمه ‪ ،‬وكان‬
‫منصور نفسه عالما ًا ‪ ،‬وٌعد فً جملة شٌوخه ‪ .‬ومن شٌوخه أٌضا ًا أو أه ّسم هم القاضً‬
‫الخرْس قة وأجازه‬ ‫المقرئ أبو الفضل علً الواسطً ‪ ،‬وهو شٌخه فً التصوّس ؾ ‪ ،‬ألبسه ِس‬
‫والط رٌقة وهو ابن عشرٌن سنة ‪ ،‬أما أبو الفضل علً فكان قد‬ ‫ّس‬ ‫فً علوم الشرٌعر‬
‫أخذ الطرٌقة‬

‫(‪) 1‬‬
‫عِلّ‪ :ٛ‬سظح‪٧‬ق‪٧ ٛ‬وٗػ‪.ٛ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪( ٨‬ؿجف ج‪ًٝ‬دحُر ج‪ٝ‬نفٖ‪٬‬ر د‪٠‬وف) ‪٠٧ 188/1‬ح دِؿ‪٥‬ح‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤ‪ ُٟٞ ٪‬ج‪ٝ‬نف‪ِ٬‬ر ‪ ُٟٞ٧‬ج‪ٝ‬ػ‪ٚ٬ٚ‬ر‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ٙ٧‬حل جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬نِفج‪٢٠ " :٫٢‬ل‪٧‬خ ا‪ ٩ٝ‬د‪ ٫٢‬فٖحُر ‪ٙ ،‬د‪ٞ٬‬ر ‪ ١٠‬ج‪ِٝ‬فخ " [ ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪.] 187/1 ٨‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ـ‪٥‬خ ج‪ٝ‬ؿ‪ٜ‬س‪٧‬ف ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ ُدؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬ج‪٬٧ٝ‬ل‪ ٫‬ا‪ ٩ٝ‬ؤ‪٧ ١‬ج‪ٝ‬ؿ جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬فٖحُ‪٠ ٫‬حز ‪ٙ‬دل ‪ٝ٧٠‬ؿ‪٧ ، ٣‬ؤ‪ٝ٧ ٣ٓ١‬ؿ ٖ‪ ٫‬د‪٬‬ز‬
‫‪٥ 623‬ـ‬ ‫ؾح‪٢٠ ٤ٝ‬و‪٧‬ف [ ‪ٚ٠‬ؿٓ ‪٠‬ر ج‪ٝ‬ؿ‪ٜ‬س‪٧‬ف ج‪٬٧ٝ‬ل‪ٜٝ ٫‬سحخ ل‪٧‬جؿ ج‪ِٝ ١٬٢٬ِٝ‬دؿ ج‪ٜٝ‬ف‪ ٟ٬‬ج‪ٝ‬فجِٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬س‪ ٩ٖ٧‬ل‪٢‬ر‬
‫(ج‪٠٬ٝ‬ح‪٠‬ر ً‪ ) 1‬ه‪.] 8 ، 7‬‬

‫‪6‬‬
‫عن ابن كافح ‪ ،‬عن ؼالم بن تركان عن أحمد الروذباري عن علً العجمً ‪ ،‬عن‬
‫أبً بكر الشبلً ‪ ،‬عن أبً القاسم الجنٌد ‪ ،‬وتنتهً هذه السلسلة بالحسن البصري عن‬
‫اإلمام علًّس رضً هللا عنه‪ .‬وم َّوم نْس ذكر فً شٌوخه خاله أبو بكر بن ٌحٌى الن َّوناري ‪،‬‬
‫وابن عمه سٌؾ الدٌن عثمان ‪ ،‬وعبد السمٌع الخر تونً ‪ ،‬وعبد الملك الخر تونً ‪.‬‬
‫ودرأ اإلمام السٌد أحمد الرفاعً الفقه الشافعً ‪ ،‬وحفظ كتاب التنبٌه ابً إسحاق‬
‫الشٌرازي ‪.‬‬
‫ومنذ أن نضجت معارفه أخذ ٌعقد حلقات التعلٌم والتوجٌه فً بلدر أم عبٌدر ‪،‬‬
‫والتفسٌر والعقٌدر‬
‫َس‬ ‫الع ْسذ ِس‬
‫ب الفق َسه والحدٌ َس‬ ‫فالتؾّست حوله جمو كثٌرر ‪ ،‬لتنهل من َسم ِسٌنه َس‬
‫وعلوم الطرٌقة أو الحقٌقة ‪ ،‬وإلى طرٌقته ٌنتمً كثٌر من مشاهٌر المتصوفة ‪ ،‬مثل‬
‫أحمد البدوي ‪ ،‬وإبراهٌم الدسوقً ‪ ،‬وأبً الحسن الشاذلً ‪ ،‬وشٌخه عبد السالم ابن‬
‫مشٌش ‪ ،‬واإلمام الشعرانً ‪ ،‬واإلمام عبد الرحمن بن الكمال السٌوطً ‪ .‬وما بر‬
‫ْس‬
‫الكأبًّسر وال ّسلدنًّسر‪،‬‬ ‫اإلمام أحمد ٌفٌر على َسم نْس حو َسهل ِسم نْس علومه الشرعٌة واللّسوفٌة‪،‬‬
‫ما ٌقارب أربعة عقود من الزمن ‪ ،‬إلى أنْس لبّس نداء ربّسه ظهر ٌوم الخمٌأ فً‬
‫قبّس ج ّسد ه ا ّسم ه ‪ ،‬الشٌخ‬ ‫الثانً عشر من شهر جماد ااولى ام ‪ 587‬هـ‪ ،‬فدفن فً ر‬
‫ٌحٌى النجاري ‪ ،‬فً بلدته أم عبٌدر ‪.‬‬
‫كان السٌد الرفاعً رضً هللا عنه إماما ًا قدور ‪ ،‬عالما ًا عابداًا زاهداًا‪ ،‬طوٌل‬
‫الع ْسقٌان(‪،)1‬‬‫بز القابلٌن ‪ ،‬وسالت ِسم ن فٌه الكلم الحسان ‪ ،‬بل ُسد َسر ُسر ِس‬ ‫الصمت ‪ ،‬فإذا نطق َّو‬
‫الذ كْسر ‪ ،‬وما‬ ‫وكان سه َسل ال ُسخ ُسلق ‪ ،‬لًّس َسن العرٌكة ‪ ،‬كرٌم النفأ ‪ ،‬حسن المعاشرر كثٌر ِّذ‬
‫لؾُس‬ ‫ويْس ِس‬
‫أكثر ما كان ٌختم تالور القرآن الكرٌم فً نهار ولٌلة ‪ ،‬وكان ٌخدم نفسه ‪َ ،‬س‬ ‫َس‬
‫نعله ‪ ،‬وٌحدب على اارامل والٌتامى وذوي الحاجات ‪ ،‬ويُسج ّسل العلماء ‪ ،‬وٌقول ‪:‬‬
‫هإ ء أركان اامة وقادتها ‪ ،‬وكان ذا ثر ور واسعة يُسم ُّدده مو ه سبحانه بها من َسر يْس‬
‫أمالكه ‪ ،‬ومن أوقافه المحبوسة على رواقه ‪ ،‬ومما كان ٌبع به إلٌه أتباعه فً‬
‫‪ ،‬ولكن اإلمام‬ ‫ااقالٌم‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪٬َِْ٘ٝ‬ح‪( ١‬دح‪ٜٝ‬لف) ـَ‪ َ٣‬خْ ‪٢٬‬دز "[ ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك ج‪٠ٝ‬ػ‪ ٫ٖ٧ ]ً٬‬ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪٧ٝ‬ل‪ : ً٬‬ج‪٬َِْ٘ٝ‬ح‪ : ١‬ـ‪٥‬خ ‪٠‬س‪ٜ‬حصٕ ٖ‪٫‬‬
‫‪٢٠‬حظ‪ ، ٤٠‬ؾح‪ٝ‬ه ‪٠٠‬ح ‪٬‬ؾس‪ ًٞ‬د‪ ١٠ ٤‬ج‪ٝ‬ف‪٠‬حل ‪٧‬ج‪ٝ‬ػظحفذ "‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫يُسم سك من ك ّسل ذلك شٌبا ًا ‪ ،‬وإنما ٌجو ُسد به على َسمنْس حوله‬ ‫ْس‬ ‫الرفاعً كان ؼٌثا ًا ِسم ْسدراراًا‬
‫من مرٌدٌه وآ ِّذم ي رواقه ‪ ،‬وعلى البإساء والمساكٌن ‪.‬‬
‫وكان قد أصهر إلى خاله أبً بكر بن ٌحٌى النّس ّسجاري ‪ ،‬واقترن بابنته خدٌجة‬
‫‪ ،‬ورزق منها ابنتٌن فاطمة وزٌنب ‪ ،‬ثم ماتت ابنة خاله خدٌجة ‪ ،‬فاقترن بؤختها‬
‫رابعة ‪ ،‬ورزق منها ولداًا س ّسم اه صالحا ًا ‪ ،‬وفً الطبقات الكبر للشعرانً وصٌة‬
‫للمام أحمد و ّسجهها إلى ابنه صالح (‪ ،)1‬ولكن خٌر الدٌن الزركلً قال ‪" :‬مات ولم‬
‫(‪) 2‬‬
‫العقبُس فألخٌه "‬ ‫ِس‬ ‫قا ًا ‪ ،‬أما‬
‫ٌخلؾ َس ِسب‬
‫وقد صنؾ اإلمام الرفاعً كتبا ًا كثٌرر ‪ ،‬ذهب كثٌر منها لد ؼزو المؽول‬
‫والتتار‪ ،‬ومما ُسذكِسر له من تلك الكتب ‪ :‬معانً بسم هللا الرحمن الرحٌم ‪ ،‬تفسٌر سورر‬
‫القدر ‪ ،‬الرواٌة (حدٌ شرٌؾ ) ‪ ،‬الطرٌق إلى هللا ‪ ،‬الصراط المستقٌم ‪ ،‬البهجة ‪،‬‬ ‫ْس‬
‫رحٌق الكوثر ‪ ،‬النظام الخال اهل ا ختصال ‪ ،‬المجالأ ااحمدٌة ‪ ،‬كتاب‬
‫الح َسكم ‪ ،‬شر التنبٌه ‪ ،‬راتب الرفاعً (حزبه ‪ ،‬وهو آٌات وأذكار وأدعٌة ) ‪ ،‬أو‬ ‫ِس‬
‫المصبا المنٌر فً ورد السٌد الرفاعً الكبٌر ‪ ،‬الأِّذرّس المصون ‪ ،‬البرهان المإٌد ‪،‬‬
‫حالة أهل الحقٌقة مع هللا ‪ ،‬وفً " حالة أهل الحقٌقة مع هللا " رو هو نفسه بؤسانٌد‬
‫متصلة مرفوعة إلى النبً صلى هللا علٌه وسلم أربعٌن حدٌثا ًا ‪ ،‬ودرسها دراسة‬
‫مستفٌضة ‪ ،‬وأود هذه الدراسة مواعظه وطرٌقته ‪.‬‬
‫وكان اإلمام الرفاعً ٌجٌد القرٌر ‪ ،‬ومنه قوله ‪:‬‬
‫ُت ْن رانُت‬ ‫النو َمم‬ ‫فنّن‬ ‫ِرل‬ ‫َم َمر اللَّو ْن‬ ‫دْن َم‬ ‫تعو‬‫َّو‬
‫نْنب نيرانُت‬ ‫ُتف بى َّو‬
‫الإ‬ ‫ب‬ ‫إنْن ِر‬ ‫وو سَم ْنر َمنْن لى الَّو‬
‫وّن نُت‬ ‫لللرآن ِر‬ ‫ْنر ِرد‬ ‫الل‬ ‫ْنم للواحد َم‬ ‫ووُت‬
‫الذ ابعة قوله مخاطبا ًا رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم وهو واقؾ‬ ‫ومن اابٌات ّس‬
‫بحذاء قبره‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪( ٨‬ؿجف ج‪ًٝ‬دحُر ج‪ٝ‬نف‪٬ٙ‬ر ) ‪.190/1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫جٯُٴ‪( ٟ‬ج‪ًٝ‬دِر ج‪ٝ‬فجدِر دؿجف ج‪٠ٞٝ ِٟٞٝ‬ٴ‪.174/1 ) ١٬٬‬‬

‫‪8‬‬
‫الشرٌؾ ‪:‬‬
‫اارر عنّن وهل نائبتل‬
‫َم‬ ‫تلبل ُت‬
‫ِّب‬ ‫نس أ ُترسل ُتها‬
‫لبْن ِرد ُتروحل ُت‬
‫ل حالة ا ُت‬
‫ؤم ُتددْن يمينَم ل تحظى بها ألفتل‬ ‫ْن‬
‫حضرس‬ ‫ااألباا د‬ ‫وهإ دَم ُت‬
‫ولة‬
‫ِر‬

‫فم َّود له رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌده الشرٌفة من قبره الكرٌم ‪ ،‬فقبلها‬
‫(‪ )1‬أمام جمع من الحجٌن ‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ُدؿ ج‪ٜٝ‬ف‪ ٟ٬‬ج‪ٝ‬فجِٖ‪ :٫‬ل‪٧‬جؿ ج‪٢٠ ٫ٖ ١٬٢٬ِٝ‬ح‪ٙ‬خ ؤد‪ ٫‬ج‪( ١٬٠ِٞٝ‬ج‪٠٬ٝ‬ح‪٠‬ر) ‪40‬‬

‫‪9‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫[ أسانلد الأليخ أحمد ااخضر راو ال تاب]‬

‫قال الشٌخ اإلمام السٌد محًٌ الدٌن أحمد ااخضر بن السٌد سلمان بن السٌد‬
‫أحمد بن السٌد سلٌمان ‪ ،‬نزٌل الرحبة ‪ ،‬ابن السٌد إ براهٌم بن السٌد أبو المعالً‬
‫عبدالمنعم بن السٌد أبً العباأ أحمد البطاٌحً نزٌل ال ُسه مامٌة (‪ )1‬بواسط ‪ ،‬الرفاعً‬
‫الحسٌنً رضً هللا عنه وعن أسالفه الطاهرٌن أجمعٌن ‪.‬‬
‫ي ب ُسر واق عبٌد َسر عا َسم تسعة وأربعٌن وخمسمابة للقوم كتابُس "حالة أهل‬ ‫أ ُس ْسل ِسق َس‬
‫ؾ العدٌ َسم المثٌل ‪ ،‬الذي انتظم من أربعٌن‬ ‫الحقٌقة مع هللا" أعنً الكتاب الجلٌل ‪ ،‬والأِّذ ْس َسر‬
‫خمٌأ مجلأ ‪ ،‬وأولها أول خمٌأ من شهر رجب من ذلك العام ‪،‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ٍس‬ ‫مجلسا ًا ‪ ،‬ك َّول ِس‬
‫ٌوم‬
‫كنٌن ‪ ،‬سلطان ااولٌاء والعارفٌن ‪،‬‬ ‫المتم ّس‬ ‫لسان ُسقطب ااقطاب‬ ‫ِس‬ ‫وقد صدر من‬
‫بتقبٌل ٌ ِسد َسج ِّذده سٌد المرسلٌن ‪،‬‬
‫ِس‬ ‫ُسم حًٌ الحق والشرٌعة والدٌن ‪ ،‬ا ُسلمشَّو َسرؾِس جهاراًا‬
‫مصبا المعرفة المنٌر ‪ ،‬مو نا وشٌخنا و ُسم رْس شدنا إلى هللا تعالى السٌد أحمد الرفاعً‬
‫الحسٌنً الحسنً اانصاري الكبٌر رضً هللا عنه ‪ ،‬وعنّسا به ‪ ،‬ونفعنا والمسلمٌن‬
‫حال حضر ِسر اانأ ‪ٌ ،‬د ُّدل على‬ ‫بعلومه ‪ ،‬فهو رو ٌح من ورو القدأ ‪ ،‬وحا ٌحل من ِس‬
‫الطرٌق ‪ ،‬وٌؤخذ للتمأُّدكِس بالعهد الوثٌق ‪ ،‬ويُسلزم با ستقامة ‪ ،‬ويُسفرغ فً القلب التزا َسم‬
‫منهن أهل السالمة ‪ ،‬وإنً قد قرأته فً أربعٌن مجلسا ًا بعد اإلجازر به على سٌدي‬
‫الؾ د اا ْسو حد السٌد شمأ الدٌن أحمد المستعجل بن الرفاعً‬ ‫الق ْسط ب َسرْس‬
‫ومو ي ‪ُ ،‬س‬
‫أربعٌن مجلسا ًا بعد اإلجازر‬
‫َس‬ ‫رضً هللا عنه فً ُسرواق أم عبٌدر ‪ ،‬وهو قال‪ :‬قرأته فً‬
‫هلل تعالى‬ ‫ْسط ب العارؾ با‬ ‫ي امً السٌد ُس‬
‫الق‬ ‫به على ج ِّذد‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ َُٟ٤ٝ‬ج‪٬٠‬ر ‪ :‬د‪ٞ‬ؿذ ‪٧٢ ١٠‬جػ‪٧ ٫‬جلً د‪٦٢٬‬ح ‪٧‬د‪ ١٬‬ؾ‪٧‬قلسح‪٢٠ ، ١‬ل‪٧‬در ا‪٠٥ ٩ٝ‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٝ٧‬ر ‪٢٠‬و‪٧‬ف د‪ ١‬ؿد‪٬‬ك د‪١‬‬
‫ُٗ‪ ٕ٬‬جٯلؿ‪٬ٝ٧ ، ٪‬ك ‪٥‬ـج دوحػخ ج‪ٝ‬غِ ذلّ [ ‪ِ٠‬ظ‪ ٟ‬ج‪ٝ‬د‪ٞ‬ؿج‪( ١‬وحؿف ) ‪.]410/5‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ًُْ٘ٝ‬خ‪ :‬ج‪ٝ‬ل‪٬‬ؿ‪ ،‬ؤ‪ ٪‬ل‪٬‬ؿ جٯ‪٬ٝ٧‬حء ٖ‪ٙ٧ ٫‬س‪. ٤‬‬

‫‪10‬‬
‫أربعٌن مجلسا ًا‬
‫َس‬ ‫ُسه‬
‫قرأت فً‬ ‫نجم الدٌن أحمد بن الرفاعً رضً هللا عنه ‪ ،‬وهو قال ‪:‬‬
‫بعد اإلجازر به على أخً وسٌدي ومو ي القطب ااعظم أبً إسحاق السٌد إبراهٌم‬
‫أربعٌن مجلسا ًا من لسان جدي‬ ‫َس‬ ‫ااعزب رضً هللا عنه ‪ ،‬وهو قال ‪ :‬سمعته فً‬
‫القطب الؽو ااكبر ‪ ،‬سلطان ااولٌاء والعارفٌن ‪ ،‬سٌدنا السٌد أحمد الرفاعً‬
‫ت به فؤجاز‪.‬‬ ‫ْس‬
‫استجز ه ُس‬ ‫رضً هللا عنه ونفعنا بعلومه ‪ ،‬وقد‬
‫وسمعته أٌضا ًا من جامعه الشٌخ العارؾ باهلل الفقٌه أبً شجا بن منجح‬
‫الشافعً رضً هللا عنه انتهى‪.‬‬
‫وقد أجازنً بقراءته الشٌخ الفقٌة عفٌؾ الدٌن أبو طالب المقري ا لصوفً ‪،‬‬
‫وهو قال‪ :‬أجازنً بقراءته الشٌخ العارؾ العالم الشرٌؾ شرؾ الدٌن أبو طالب بن‬
‫عبد السمٌع العباسً الهاشمً ‪ ،‬وهو قال ‪ :‬قد أجازنً بقراءته القاضً الشٌخ‬
‫الصالح الفقٌه الجلٌل جامعه أبو شجا بن منجح الشافعً الواسطً ‪ ،‬وهو قال ‪ :‬قد‬
‫أجاز بقراءته بعد جمعه كما تلقًناه فً ج ٍّمم ؼفٌر من ناثر ُسد َسر ِسر ِسه الشرٌفة ‪ ،‬وناظم‬
‫أسالٌبه ال ُسم نٌفة ‪ ،‬سٌدنا ومو نا القطب الؽو ِس ااعظم ‪ ،‬حجة هللا على أولٌابه‬
‫العارفٌن ‪ ،‬السٌد محًٌ الدٌن الكبٌر الرفاعً الحسٌنً رضً هللا عنه ونفعنا به ‪.‬‬
‫ولنا من طرٌق الشٌخ عفٌؾ الدٌن اإلذنُس بقراءر كتاب "البرهان المإٌد" الذي‬
‫جمعه من كالم سٌدنا السٌد أحمد الرفاعً رضً هللا عنه الشرٌؾُس العالّسم ُسة شرؾ‬
‫الدٌن بن عبد السمٌع العباسً رحمه هللا عن الشرٌؾ شرؾ الدٌن عن صاحبه اإلمام‬
‫الرفاعً رضً هللا عنه ‪.‬‬
‫الح َسك ِسم ااحمدٌة بسندنا عن الشٌخ عؾٌؾ‬
‫ولن من هذا الطرٌق اإلذن بقراءر ِس‬
‫ا‬
‫الدٌن عن الشٌخ شرؾ الدٌن عن أبٌه الشرٌؾ عبد السمٌع الهاشمً الواسطً عن‬
‫ناسن برودها وناظم عقودها سٌدنا اإلمام السٌد أحمد الرفاعً رضً هللا عنه وعنهم‬
‫أجمعٌن‪ .‬وهذا نل ما تلقٌناه عن مشاٌخنا رحمهم هللا من كتاب (حالة أهل الحقٌقة‬
‫مع هللا)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫[ ملدمة ال تاب]‬
‫رسول الثقلٌن ‪ ،‬القطبُس الؽو ُس‬ ‫ِس‬ ‫الع َسلم يْسن وار ُس‬
‫قال شٌخنا وسٌدنا شٌخ الطوابؾ أبو َس‬
‫الجام ُسع الحج ُسة العارؾُس القدورُس إما ُسم ااولٌاء السٌ ُسد أحم ُسد محًٌ الدٌن أبوالعباأ الكبٌر‬
‫الرفاعً الحسٌنً بن السٌد أبً الحسن علً بن السٌد ٌحٌى بن السٌد ثابت ‪ ،‬اب ن‬
‫السٌد الحازم بن السٌد أحمد بن السٌد علً بن السٌد الحسن‪ ،‬بن السٌد المهدي ‪ ،‬ابن‬
‫السٌد أبً القاسم محمد ‪ ،‬بن السٌد الحسن بن السٌد الحسٌن ‪ ،‬بن السٌد أحمد ‪ ،‬ابن‬
‫السٌد موسى الثانً ‪ ،‬بن السٌد إبراهٌم المرتضى ‪ ،‬بن اإلمام موسى الكاظم ‪ ،‬بن‬
‫اإلمام جعفر الصادق ‪ ،‬بن ا إلمام محمد الباقر ‪ ،‬بن اإلمام زٌن العابدٌن علً ابن‬
‫امتِس َسن بؤنوا البالء ‪ ،‬أمٌر المإمنٌن‬ ‫ُسزبدر السادر اابمة ‪ ،‬و ُس مدر قادر اامة ‪ ،‬الذي ُس‬
‫أبً عبدهللا اإلمام الحسٌن الشهٌد بكربالء ‪ ،‬ابن إمام اابمة ااولٌاء ‪ ،‬وقابد أز ّسم ر‬
‫ؾ ‪ ،‬باب مدٌنة العلوم‬ ‫ااصفٌاء ذوي السوابق الكبر ‪ ،‬والمفا ر والمناقب الوُس ْس َسر‬
‫المشبَّو بكبار اانبٌاء كآدم وإبراهٌم ونو‬ ‫ه‬ ‫مقام له ممنو ‪،‬‬ ‫والح َسكم ‪ ،‬السٌد الذي ك ُّدل ٍس‬
‫ِس‬
‫‪ ،‬الذي قدرهُس كاسمه حسن وعلً ‪ ،‬أمٌر المإمنٌن أبً الحسن علً رضوان هللا علٌه‬
‫وعلٌهم أجمعٌن ‪.‬‬
‫ونعدَس ُس به من ااحباب ‪ ،‬ونشهد‬ ‫الحمد هلل حمداًا نص ُسل به إلى كشؾ الحجاب ‪َ ،‬س‬
‫شرٌك له ‪ ،‬ونشه ُسد أن محمداًا صلى هللا علٌه وسلم عبده‬ ‫َس‬ ‫أن إله إ هللا وحده‬
‫بالنور الأّساطع ‪ ،‬والبٌان‬‫ِس‬ ‫وخٌرت ِسم نْس خلقه ‪ ،‬بعثه هللا‬
‫هُس‬ ‫ورسوله ‪ ،‬وحبٌبه وصفًُّدهُس ‪،‬‬
‫الالمع ‪ ،‬والسٌؾ القاطع ‪ ،‬فب ّسلغ الرسالة ‪ ،‬وأ ّسد اامانة ‪ ،‬وأوضح السنّس َسر ‪ ،‬وأأّسأ‬
‫هللا حتى أتاه الٌقًن ‪ ،‬فصلوات هللا علٌه وعلى آله‬ ‫وع َسبدَس َس‬
‫الشرٌعة ‪ ،‬ونصح اامة ‪َ ،‬س‬
‫وصحبه أجمعٌن‪.‬‬
‫أما بعد فهذه ُسج َسم ٌحل نذكر فٌها (حالة أهل الحقٌقة مع هللا) ‪ ،‬و حول و قو َسر‬

‫إ باهلل ‪ ،‬وذلك لترتار (‪ )1‬النفوأ ‪ ،‬ولتتروّس القلوبُس بنسبة ما أ لفت إلٌه‪ ،‬وإ‬
‫فمنبعنا وقتً ‪ ،‬وثرٌدنا (‪ )2‬طريّس ‪ ،‬من مابدر النبً صلى هللا علٌه وسلم ‪ ،‬بالت ُّد‬
‫نزل‬
‫اإللهً ‪ ،‬ما فٌه َسقدٌد(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ازر‪١‬بع إٌفط‪ :‬ررٌ‪ٍٙ١‬ب‪ٚ ،‬ردز‪٠‬ج‪ٙ‬ب ‪ٚ‬رّس‪ٕٙ٠‬ب ‪.‬‬


‫‪ّ ٞ‬ثً ثّسق ‪.‬‬ ‫د ُ ث ُي‬ ‫‪َ ٞ‬ر ّث‬
‫‪َ ٞ‬رسد ِٓ اٌلجص‪ُ ٞ ،‬ي‬ ‫(‪ّ )2‬ث‬
‫اٌلز‪٠‬د‪ِ :‬ب ُي‬
‫ق ط ‪ٛ‬الً ‪ُ ٚ‬يَ يِّل َر ‪ُ ٚ‬يو ِّل َر ف‪ ٟ‬اٌ‪ٛٙ‬اء ‪ٚ‬اٌشّط ‪٠ .‬م‪ٛ‬ي اٌع‪١‬د اٌسفبع‪ : ٟ‬إْ عطبءٖ‬‫(‪ )3‬اٌمد‪٠‬د ِٓ اٌٍحُ ‪ِ :‬ب ُي‬
‫غ‪١‬س دظُ ‪٘ٚ ،‬را ِٓ ر‪ٛ‬اضعٗ زض‪ ٟ‬هللا عٕٗ ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الحديث ااول‬
‫[ من يإوو طعم اإليمان؟ ]‬

‫حدثنا الشٌخ اإلمام ال ُسم ْسقري القاضً الثقة ‪ ،‬علً أبو الفضل الواسطً‬
‫ّس‬
‫المهذب ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو‬ ‫بمدرسته فً واسط ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو علً الحسن بن علً بن‬
‫بكر أحمد ابن جعفر القطٌعً ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا عبدهللا بن أحمد بن حنبل ‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً‬
‫أبً ‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا قتٌبة بن سعٌد بن اللٌ بن سعد ‪ ،‬عن ابن الهادي ‪ ،‬عن محمد بن‬
‫إبراهٌم بن الحر ‪ ،‬عن عامر بن سعد عن العب اأ بن عبد المطلب ‪ ،‬أنه سمع‬
‫رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌقول ‪ " :‬ذاق طعم اإلٌمان من رضً باهلل ربا ًا ‪،‬‬
‫وباإلسالم دٌنا ًا ‪ ،‬وبمحمد صلى هللا علٌه وسلم نبٌا ًا(‪ ،")1‬وهذا الذوق المنبع عن هذا‬
‫الرضا هو المعرفة باهلل تعالى ‪ .‬والمعرفة نو ٌحر أسكنه هللا تعالى قلب من أحبه من‬
‫عباده ‪ ،‬و شً أجل وأعظم من ذلك النور ‪ ،‬وحقٌقة المعرفة حٌار القلب بال ُسم حًٌ‬
‫للنإر من ان حيا ً )(‪ ،)3‬وقال تعالى‬ ‫(‪) 2‬‬
‫( َمأو َمم ن ان َمم يتا ً ؤحيينا ) وقال تعالى ‪ُ ( :‬ت‬
‫حيلنه حيا ًا طيبة )(‪ ،)4‬وقال ‪ :‬سبحانه ‪( :‬استجيبوا هلل وللرسول إا دعا م لما‬‫( لنُت ّن‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪٠ ٫‬ل‪٢‬ؿ‪( ٣‬ؿجف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش) ‪ 384 ٧ 383/2‬دف‪٠( 1779 ٧1778 ٟٙ‬ل‪٢‬ؿ ج‪ِٝ‬دحك‬
‫د‪ُ ١‬دؿ ج‪ًٞ٠ٝ‬خ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٧ )٤٢‬ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ‪ :‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬ٝ‬ل ُ‪ ٩ٞ‬ؤ‪ ١٠ ١‬في‪ ٫‬دحهلل فدحً ‪٧‬دحٱلٴ‪ ٟ‬ؿ‪٢٬‬حً‬
‫‪٧‬د‪٠‬ػ‪٠‬ؿ و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬فل‪٧‬ٳً ٖ‪٠ ٧٦‬ئ‪ ،١٠‬ف‪.34ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯ‪ِ٢‬ح‪.122 :ٟ‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٬‬ك‪70 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ػل‪97 :‬‬

‫‪13‬‬
‫ُتحيي م)(‪ ،)5‬فمن م اتت نفسه ؛ بعدت عنه دنٌاه ‪ ،‬ومن مات قلبه بعد عنه مو ه ‪،‬‬
‫وأُسبل ابن السماك (‪ :)6‬متى ٌعرؾ العبد أنه على حقٌقة المعرفة ؟ قال ‪ :‬إذا شاهد‬
‫الحق بعٌن اعتباره فانٌا ًا عن كل من‬

‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯ‪ٗ٢‬حل‪.24 :‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ج‪ِٝ‬دحك د‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪٠‬ح‪ٜ ،ٛ‬ح‪٧ٚ٬ ١‬ل‪٬ ،‬ح ؤؾ‪٥ ٫‬خ ؤ‪ ١‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ‪٦ٜٞ‬ح ٖ‪٬ ٫‬ؿ‪ٖ ،ٛ٬‬ح‪ٌ٢‬ف ‪٠‬ح ٖ‪٬ ٫‬ؿ‪٦٢٠ ٛ٬‬ح ُ‪٢‬ؿ‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ز‪ .‬س‪ ٫ٖ٧‬دح‪ٖ٧ٜٝ‬ر ل‪٢‬ر ‪٥ 283‬ـ (ًد‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪.)80-79/1 ٫٢‬‬

‫‪14‬‬
‫سواه‪ ،‬وقٌل‪ :‬المعرفة فقدان رإٌة ما سواه ‪ ،‬بحٌ ٌصٌر ما دون هللا تعالى عنده‬
‫أصؽر ِسم ن خردلة ‪ ،‬قال تعالى ‪ ( :‬ل هللا م َمإ ْنر ُت م)(‪َ ،)1‬سم ن نظر إلى هللا تعالى لم‬
‫ٌنظر إلى الدنٌا و إلى العقبى ‪ ،‬وشمأ قلب العارؾ أضوأ من شمأ النهار ‪،‬‬
‫وأبهن منها فً مطلع اانوار‪.‬‬
‫روب‬
‫ُت‬ ‫استنارسْن ما لديها‬ ‫أا ّنب َم ليالً‬‫طلف سْن ألم ُت من َم‬
‫تتيب‬
‫ُت‬ ‫ب ليسس‬ ‫وألمو ُت الللو ِر‬ ‫تترب ليالً‬
‫ُت‬ ‫النهار‬
‫ِر‬ ‫نّن ألم َم‬

‫‪،‬‬ ‫قال ذو النون (‪ :)2‬إطال الحق سبحانه على ااسرار بمواصلة المدد‬
‫كإطال الشمأ على اارر بإشراق اانوار ‪ ،‬فعلٌكم بتصفٌة القلوب ‪ ،‬فإنها‬
‫مواضع نظره ‪ ،‬ومواطن سره ‪ ،‬فإن من عرؾ هللا ٌختار ؼٌره حبٌبا ًا سواه ‪ ،‬وفً‬
‫ظ لمة ‪ ،‬ثم ألقى علٌهم شٌبا ًا من نوره ‪ ،‬فمن‬ ‫الخ ْسل َسق فً ُس‬
‫الخبر‪" :‬إن هللا تعالى خلق َس‬
‫(‪) 3‬‬
‫أصابه من ذلك النور اهتد ‪ ،‬ومن أخطؤه ض َّول وؼو " وهو نور ٌخرج من‬
‫الم نّس ر ‪ ،‬فٌقع فً القلب ‪ ،‬فٌستنٌ ُسر به الفإاد ‪ ،‬وٌبلػ شعاعه إلى ُس ُسج ب‬ ‫سرادق ِس‬
‫الجبروت ‪ ،‬و ٌحجبه عن الحق الجبروت ‪ ،‬و الملكوت ‪ ،‬فٌصٌر العبد فً جمٌع‬
‫(هللا‬ ‫أفعاله وأقواله وحركاته وإرادته فً حٌاته ومماته صابراًا إلى النور‪،‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫نور السمواس واارر) (يهد هللا لنور من يألاء) ‪.‬‬

‫ٌراك وإن ُسغيِّذبْس َس‬


‫ت عن بصري‬ ‫َس‬ ‫قلبً‬ ‫َس‬
‫لست معً فالذك ُسر منك معً‬ ‫إن َس‬
‫كنت‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯ‪ِ٢‬ح‪.91 ٟ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪٧‬ج‪٬ٗٝ‬ى ص‪٧‬دح‪ ١‬د‪ ١‬ادفج‪ ٟ٬٥‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 245‬ـ‪ُ ١٠" :٤ٝ٧ٙ ١٠٧ .‬ٴ‪٠‬حز ج‪٠ٝ‬ػخ هلل ُق ‪٧‬ظل ‪٠ :‬سحدِر‬
‫ػد‪٬‬خ جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬ؤؾٴ‪٧ ٤ٙ‬ؤِٖح‪٧ ٤ٝ‬ؤ‪٧‬ج‪٠‬ف‪٧ ٣‬ل‪( " ٤٢٢‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر (ؿجف اػ‪٬‬حء ج‪ٝ‬سفجش‬
‫ج‪ِٝ‬فد‪.)33 )٫‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ :‬ؤؾفظ‪ ٤‬ؤػ‪٠‬ؿ دف‪ُ ١ُ 6854 ٧ 6659 ٧ 6644 ٟٙ‬دؿ جهلل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ ٤٢‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٫ٖ ٫٠‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪٧٠‬جفؿ ج‪٠ٌٝ‬أ‪ : ١‬ج‪ٚٝ‬ؿف‪ ،‬ج‪ٝ‬دحخ ج‪ٝ‬شج‪ٝ‬ش‪ ،‬ف‪( 1812 ٟٙ‬وػ‪٬‬غ جد‪ ١‬ػخٓ ج‪٧ 61698 ١‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ٛ‬‬
‫جٱ‪٠٬‬ح‪.30/1 ١‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٧٢ٝ‬ف ‪.35‬‬

‫‪15‬‬
‫قال ٌحٌى بن معاذ (‪ :)1‬المعرف ُسة قربُس القلب إلى القرٌب ‪ ،‬ومراقبة الرو‬
‫للحبٌب ‪ ،‬وا نفراد عن الكل بالملك المجٌب ‪ ،‬وقال ذو النون‪ :‬هً تخلٌة السر عن‬
‫كل إرادر ‪ ،‬وترك ما علٌه العادر ‪ ،‬وسكون القلب إلى هللا بال عالقة ‪ .‬وقال بعضهم ‪:‬‬
‫هٌبتها جنون ‪ ،‬وصورتها جهل ‪ ،‬ومعناها َس يْسرر ؛ فإن العارؾ ٌشؽله علم هللا تعالى‬
‫الخ ْسلق استجهلوه ‪ ،‬وٌكون أبداًا فً مٌدان العظمة‬ ‫عن جمٌع ااسباب ‪ ،‬فإذا نظر إلٌه َس‬
‫الخ ْسلق ‪ ،‬فإذا رأوه استجنُّدوه ‪ ،‬وٌكون بك ّسلٌته فانٌا ًا بحب جالل عظمته تعالى‬ ‫ولها ًا بٌن َس‬
‫ِس‬
‫بر عن‬ ‫ِس‬ ‫ُسخ‬
‫ٌ‬ ‫أن‬ ‫أحد‬ ‫ٌقدر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫استدهشوه‬ ‫أبصروه‬ ‫فإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫سواه‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َس‬ ‫عن‬ ‫ًا‬ ‫مشؽو‬ ‫‪،‬‬
‫الحق‬ ‫فان تحت ِّذ‬
‫اط‬ ‫بدت وإلٌه تعود ‪ .‬فالعارؾ ٍس‬ ‫المعرفة باهلل تعالى ‪ ،‬فإنها منه َس‬
‫ت حً ‪ ،‬وحًٌّي مًّست ‪،‬‬ ‫باق على بساط الحق بال نفأ و سبب ‪ ،‬فهو مًّس ٌح‬ ‫تعالى ‪ٍ ،‬س‬
‫ومحجوبٌح مكشوؾ ‪ ،‬ومكشوؾٌح محجوب ‪ ،‬تراه والها ًا على باب أمره ‪ ،‬هابما ًا فً‬
‫مد ًا تحت جمٌل ستره ‪ ،‬فانٌا ًا تح ت سلطان حكمه ‪ ،‬باقٌا ًا على بساط‬ ‫مٌدان برّس ه‪ْ ،‬س‬
‫‪،‬‬ ‫ُسلطفه ‪ .‬العارفون صارت أنفسهم فانٌة تحت بقابه وسلطانه عن كل حول وقور‬
‫تراهم باقٌن بحوله وقوته ‪ ،‬متالشٌن عن كونهم وأسبابهم تحت جالل ألوهٌته ‪،‬‬
‫وعزهم به وذ ّسلهم به‪.‬‬‫ّس‬ ‫ملوكا ًا به دون مملكته ‪ ،‬فقرهم به وؼناهم به ‪،‬‬
‫رو أن هللا تعا لى أوحى إلى داود علٌه السالم ‪ٌ :‬ا داود اعرفنً واعرؾ‬ ‫يُس َس‬
‫كر داود فقال ‪ :‬إلهً عرفتك بالفردانٌة والقدرر والبقاء ‪ ،‬وعرفت نفسً‬ ‫نفسك ‪ .‬فتف ّس‬
‫بالعجز والفناء ‪ .‬فقال ‪ :‬اآلن عرفتنً ‪ .‬وروي فً الخبر ‪ :‬لو عرفتم هللا تعالى حق‬
‫معرفته لعلمتم العلم الذي لٌأ بعده جهل ‪ ،‬ولزالت الجبال بدعابكم مع أنه ٌنتهً‬
‫أحد و‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ :‬ؤد‪ ٧‬ق‪ٜ‬ف‪٬‬ح ‪٬‬ػ‪ ٩٬‬د‪ِ٠ ١‬حـ د‪ ١‬ظِٗف ج‪٧ٝ‬جٌُ ج‪ٝ‬فجق‪ .. ٪‬ؤ‪ٙ‬ح‪ ٟ‬دد‪ٞ‬ؽ ‪٠‬ؿذ ص‪ُ ٟ‬ح ؿ ا‪٬٢ ٩ٝ‬لحد‪٧‬ف ‪٠٧‬حز د‪٦‬ح ل‪٢‬ر‬
‫‪٥ 258‬ـ‪ٜ ١٠٧ .‬ٴ‪ ٤٠‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١٧ٜ٬ ٕ٬ٜ: ٤٢‬قج‪٥‬ؿجً ‪ ١٠‬ٳ ‪٧‬فٍ ‪ ، ٤ٝ‬س‪٧‬فٍ ُ‪٠‬ح ‪٬ٝ‬ك ‪ ، ٛٝ‬ص‪ ٟ‬جق‪٥‬ؿ ٖ‪٠٬‬ح‬
‫‪[ ٛٝ‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪.] 106/1 ٫٢‬‬

‫‪16‬‬
‫ٌبلػ منتهى معرفته أن هللا تعالى أعظ ُسم من أن ٌنتهً أحد إلى منتهى معرفته(‪.)1‬‬
‫وقال اإلمام جعفر الصادق (‪ )2‬علٌه الرضوان والسالم ‪ٌ :‬عرؾ هللا حق‬
‫معرفته من التفت منه إلى ؼٌره ‪ ،‬المعرفة هً طٌران القلب فً سرادق ااُس نأ‬
‫والق درر ‪ ،‬وهذه حالة من لُس َّوم ت أذناه عن‬ ‫ُس‬ ‫واالفة ‪ ،‬جوّس ا ًا فً ُس ُسج ِس‬
‫ب الجالل‬
‫‪ ،‬وخرأ لسانه عن التكلم‬ ‫البطا ت ‪ ،‬وعمٌت عٌناه عن النظر إلى الشهوات‬
‫الخلق ‪ ،‬قال ‪ :‬به أراهم ‪ ،‬وأُس بل‬ ‫َس‬ ‫(‪ )4‬تر‬ ‫بالتهات (‪ ،)3‬وقٌل ابً ٌزٌد‬ ‫ُّدرُّد‬
‫عة ثم قال ‪ :‬من عرؾ هللا تعالى ق َّول‬ ‫محمد بن واسع هل عرفت ربك فسكت سا ًا‬
‫)‬ ‫‪5‬‬‫(‬

‫كال ُسم هُس ‪ ،‬ودام تحًُّدره ‪ ،‬وفنً عن صور ااعمال ‪ ،‬وتحًّسر مع ا تصال ‪ُ ،‬سم تقرِّذ با ًا فً‬
‫جمٌع ااحوال ‪ ،‬منقطعا ًا عن الحال إلى ولًّس الحال ‪ ،‬فإن اامور بحقابقها بالحأِّذ‬
‫وصورها‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤؾفض جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪ِ٠ ١ُ ٫٢‬حـ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬ؤ‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل ‪ُ ٧ٝ :‬فٖس‪ ٟ‬جهلل ػ٘‬
‫‪ِ٠‬فٕس‪٠ٝ ٤‬ن‪٬‬س‪ ٩ُٞ ٟ‬ج‪ٝ‬دػ‪٧‬ف‪ٝ٧ ،‬قج‪ٝ‬ز دؿُحث‪ ٟٜ‬ج‪ٝ‬ظدحل‪ ٧ٝ٧ ،‬ؾٗس‪ ٟ‬جهلل ػ٘ ‪٠‬ؾحٖس‪٠ِٞٝ ٤‬س‪ ٟ‬ج‪ ِٟٞٝ‬ج‪ٝ‬ـ‪٬ٝ ٪‬ك ‪٤ِ٠‬‬
‫ظ‪٦‬ل‪٬ ٟٝ ١ٜٝ٧ ،‬د‪ ْٞ‬ـ‪ ٛٝ‬ؤػؿ ‪٬ٙ .‬ل‪٬ :‬ح فل‪٧‬ل جهلل‪٧ ،‬ٳ ؤ‪٢‬ز؟ ‪ٙ‬حل ‪٧ :‬ٳ ؤ‪٢‬ح؛ جهلل ُق ‪٧‬ظل ؤٌُ‪ ١٠ ٟ‬ؤ‪٬ ١‬د‪ ْٞ‬ؤػؿ‬
‫ؤ‪٠‬ف‪٢ٜ [ ٤ٜٞ ٣‬ق ج‪٠ِٝ‬حل (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪ 144/3‬دف‪٧ .] 5893 ٟٙ‬اسػحٕ جللحؿذ ج‪٠ٝ‬س‪٧ 477 ٧75/9 ١٬ٚ‬ج‪ٝ‬ؿف ج‪٢٠ٝ‬ص‪٧‬ف‬
‫‪٧ 196/1‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪ٙ٧ 156/8‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪ ٫ٖ ٫ٙ‬ج‪٧ :97/4 ٫٢ٔ٠ٝ‬ف‪ ٨٧‬ؤد‪٢٠ ٧‬و‪٧‬ف ج‪ٝ‬ؿ‪٠ ٫ٖ ٫٠ٞ٬‬ل‪٢‬ؿ‬
‫ج‪ٗٝ‬فؿ‪٧‬ك دل‪٢‬ؿ يِ‪ ١٠ ٕ٬‬ػؿ‪٬‬ش ‪ِ٠‬حـ د‪ ١‬ظدل في‪ ٫‬جهلل ُ‪ُ ٧ٝ " : ٤٢‬فٖس‪ ٟ‬جهلل ػ٘ ‪ِ٠‬فٖس‪٠ٝ ٤‬ن‪٬‬س‪٩ُٞ ٟ‬‬
‫ج‪ٝ‬دظ‪٧‬ف ‪ٝ٧‬قج‪ٝ‬ز دؿُحث‪ ٟٜ‬ج‪ٝ‬ظدحل "‪٧‬ج‪ٌ٢‬ف ج‪.267/4 ٫٢ٔ٠ٝ‬‬

‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ُ ٧‬دؿ جهلل ظِٗف ج‪ٝ‬وحؿ٘ د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ ج‪ٝ‬دح‪ٙ‬ف ‪ٜ٧ ..‬ح‪ ١‬في‪ ٫‬ج‪٧ٚ٬ ٤٢ُ ٤ٝ‬ل ‪ " :‬اـج ل‪ِ٠‬س‪٠ ١ُ ٟ‬ل‪٠ٜٞ ٟٞ‬ر‬
‫‪٥ 148‬ـ‬ ‫ٖحػ‪٥٧ٞ٠‬ح ُ‪ ٩ٞ‬ؤػل‪٠ ١‬ح سظؿ‪ ،١٧‬ػس‪ ٩‬ٳ سظؿ‪٧‬ج ‪٦ٝ‬ح ‪٠‬ػ‪٠‬ٴً ٖ‪٧٠٧ٞ‬ج ؤ‪ٗ٢‬ل‪" ٟٜ‬س‪ ٫ٖ٧‬دح‪٠ٝ‬ؿ‪٢٬‬ر ل‪٢‬ر‬
‫( ج‪ٝ‬نِفج‪ )42/1 ٫٢‬ؤ‪٧٠٧ٝ ٪‬ج ؤ‪ٗ٢‬ل‪ ٟٜ‬دلدخ ُظق‪ ١ٍ ٟٜ‬ا‪٬‬ظحؿ ُـف ؤ‪٠ ٧‬ػ‪٠‬ل ‪ٝ‬س‪ ٛٞ‬ج‪٠ٜٞٝ‬ر‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ٝ‬سف‪٥‬حز ‪ :‬جٯدحً‪٬‬ل ‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪٧ ١‬جلَ د‪ ١‬ظحدف جٯقؿ‪ ،٪‬ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف‪٧ ٤٬ٖٚ :‬فٍ‪ ١٠ ،‬ص‪ٚ‬حز ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪ ،‬س‪ُ ٫ٖ٧‬ح‪٥ 123 ٟ‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ؤد‪٬ ٧‬ق‪٬‬ؿ ً‪٧ٗ٬‬ف د‪٬ُ ١‬ل‪ ٩‬ج‪ٝ‬دلًح‪٠ ٫٠‬حز ل‪٢‬ر ‪٬ٙ٧ 261‬ل ‪٥ 234‬ـ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫قال أبو ٌزٌد‪ :‬لٌأ على تحقٌق بالمعرفة ‪ ،‬من رضً بالحال دون ولً الحال‬
‫بحال ه َسه َسلكْس ‪ ،‬وإن‬
‫ِس‬ ‫‪ .‬فإن من عرؾ هللا َسك َّول لسانُسه ‪ ،‬ودهش عقله ‪ .‬العارؾ إن تكلم‬
‫سكت احترق ‪ .‬قال أبو بكر الواسطً (‪ :)1‬المعرفة على وجهٌن ‪ :‬معرفة اإلٌقان ‪،‬‬
‫ومعرفة اإلٌمان ‪ ،‬فمعرفة اإلٌمان شهادرُس اللسان بتوحٌد ال َسم ِسلك الديّسان ‪ ،‬واإلقرا ُسر‬
‫بالننان ‪،‬‬‫بصدق ما فً القرآن ‪ ،‬وأما معرفة اإلٌقان فهً دوام مشاهدر الفرد الديّسان َس‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬هً على ضربٌن ‪ ،‬ااول هو أن ٌعرؾ أن النعمة من هللا تعالى ‪،‬‬
‫قال هللا تعالى (وما ب م من نعم ٍة من هللا)(‪ )2‬فٌقوم بشكره ‪ ،‬فٌستزٌد به النعمة من‬
‫(‪) 3‬‬
‫نعم من ؼٌر أن‬ ‫هللا بدلٌل قوله تعالى ‪( :‬لئن أل رتم ازيدن م ) ‪ ،‬والثانً رإٌة ال ُسم ِس‬
‫نعم ‪ ،‬وٌقوم بحق معرفته ومحبته ‪ ،‬وذلك قوله‬ ‫ٌلتفت إلى النعمة فٌزٌد شوقه إلى (‪4‬ال) ُسم ِس‬
‫(‪) 5‬‬
‫تعالى‪( :‬يا أيها النبل حسب هللا ) ‪ ( ،‬فن تولّنوا لل حسبل هللا) ‪ ،‬وقال ذو النون‬
‫المصري ‪ :‬هً على ثالثة أوجه ‪ :‬أولها معرفة التو ٌد ‪ ،‬وهً لعامة المإمنٌن ‪،‬‬
‫والثانً معرفة ال ُسح ّسج ِسر والبٌان ‪ ،‬وهً للعلماء والبلؽاء والحكماء ‪ ،‬والثال معرفة‬
‫صفات الفردانٌة ‪ ،‬وهً اهل و ٌة هللا تعالى وأصفٌابه الذٌن أظهر هللا لهم ما لم‬
‫يدَس يْس َسم ن‬
‫يُسظهر لمن دونهم ‪ ،‬وأعطاهم من الكرامات ما لم ٌجز أن ٌوصؾ ذلك بٌن َس‬
‫ٌكون أهالًا له ؛ خلّس هم هللا من بٌن الخالبق واصطفاهم لنفسه واختارهم له ‪،‬‬
‫فحٌاتهم رحمة ومماتهم ؼبطة ‪ ،‬طوبى لهم ‪ .‬وقال ؼٌره‪ :‬هً على وجهٌن ‪ :‬معرفة‬
‫التوحٌد ‪ ،‬وهو إثبات وحدانٌة الواحد الق ّسه ار ‪ ،‬ومعرفة المزٌد ‪ ،‬وهً التً سبٌل‬
‫احد إلٌها ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬هً كشجر ٍسر لها ثالثة أؼصان توحٌد وتجرٌد وتفرٌد ‪ ،‬فالتوحٌد بمعنى‬
‫اإلقرار ‪ ،‬والتجرٌد بمعنى اإلخالل ‪ ،‬والتفرٌد بمعنى ا نقطا إلٌه بالكلٌة فً كل‬
‫حال ‪ .‬وأول مدارج المعرفة التوحٌد ‪ ،‬وهو قطع اانداد (‪ ،)1‬والتجرٌد ‪ ،‬وهو قطع‬
‫ااسباب ‪ ،‬والتفرٌد وهو بمعنى ا تصال بال سٌر و عٌن و دون ‪ ،‬ولها خمأ‬
‫طرابق ‪ .‬أولها ‪ :‬الخشٌة فً السر والعالنٌة ‪ ،‬والثانٌة ‪ :‬ا نقٌاد له فً العبودٌة ‪،‬‬
‫والثالثة ‪ :‬ا نقطا إلٌه بالكلًّس ر ‪ ،‬والرابعة ‪ :‬اإلخالل له بالقول والفعل والنًّس ر ‪،‬‬
‫والخامسة‪ :‬المراقبة فً كل خطرر ولحظة‪.‬‬
‫وحكً عن عبد الباري قال ‪ :‬خرجت مع أخً ذي النون فإذا نحن بصبٌان‬
‫ٌرمون واحداًا بالحجارر ‪ ،‬فقال لهم أخً‪ :‬ما ترٌدون منه ؟ قالوا‪ :‬هذا رج ٌحل مجنون ‪،‬‬
‫ومع ذلك ٌزعم أنه ٌر هللا تعالى ‪ ،‬قال‪ :‬فدنونا منه ‪ ،‬فإذا هو شابٌح وسٌم ‪ ،‬ظهر‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ :‬ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪٧٠ ١‬ل‪ ٩‬ج‪٧ٝ‬جلً‪ٖ ١٠ ،٫‬فٓح‪٢‬ر‪ ،‬وػخ ج‪ٝ‬ظ‪٬٢‬ؿ ‪٧‬ج‪٧٢ٝ‬ف‪ ،٪‬ؤ‪ٙ‬ح‪ ٟ‬د‪٠‬ف‪٠٧ ،٧‬حز د‪٦‬ح دِؿ ُح‪ٟ‬‬
‫‪٥ 320‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ػل ‪.53‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ادفج‪.7 ٟ٬٥‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯ‪ٗ٢‬حل‪.64 :‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬س‪٧‬در‪.129 :‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ظ‪٢ َ٠‬ؿٓ ‪ ٧٥٧ ،‬ج‪٬ٌ٢ٝ‬ف ‪٧‬ج‪٠ٝ‬صل‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫علٌه سٌما العارفٌن ‪ ،‬فس َّولمنا علٌه ‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنهم ٌزعمون أنك ت َّودعً رإٌة هللا تعالى ‪،‬‬
‫ت من ساعتً ‪ ،‬وأنشؤ‬ ‫عٌن َسلُسم ُّد‬
‫ٍس‬ ‫فقال‪ :‬إلٌك عنً ٌا ّس‬
‫بط ال(‪ ،)2‬لو فقدته أقل من طرف ِسة‬
‫ٌقول‪:‬‬
‫ب للا ُت‬ ‫ب من الحبي ِر‬ ‫و ُتمنى الحبي ِر‬ ‫ب رضا ُت‬ ‫ب من الحبي ِر‬ ‫ب الحبي ِر‬ ‫َمطل َم ُت‬
‫رب ُت ويرا ُت‬ ‫َّو‬ ‫يعرل‬
‫ُت‬ ‫والللب‬
‫ُت‬ ‫بفينل لب ِره‬ ‫َم‬ ‫يالا ُتظ‬ ‫ِر‬ ‫أبداً‬
‫ِر وا ُت‬ ‫دونَم العبا ِرد ‪ ،‬ما يري ُتد‬ ‫بلرب‬
‫ـ‬ ‫الحبيب من الحبي ِر‬
‫ب‬ ‫ُت‬ ‫يرر‬
‫َم‬

‫فقلت له‪ :‬أمجنون أنت ؟ فقال ‪ :‬أ ّسم ا عند أهل اارر فنعم ‪ ،‬وأما عند أهل‬
‫السماء فال ‪ُ ،‬س‬
‫قلت‪ :‬فكٌؾ حالك مع المولى ؟ فقال ‪ :‬منذ عرفته ما جفوته ‪ ،‬فقلت منذ‬
‫كم عرفته ؟ قال‪ :‬منذ جعل اسمً فً المجانٌن‪.‬‬

‫(‪) 2‬‬
‫خًََلَ ‪ :‬ج‪ِٝ‬ح‪٠‬ل خًَح‪ٝ‬ر (‪٠‬ص‪ٞ‬صر ج‪ٝ‬دحء) ‪ :‬سًِل ُ‪ ٧٦ٖ ،٤ٞ٠ُ ١‬دًّجل‪.‬‬
‫ا‪٬ ٫٢ُ ٛ٬ٝ‬ح خًَّجل‪ :‬س‪٢‬غ ُ‪ ٫٢‬؛ ٳ نٔل ‪ ٛٝ‬د‪٦‬ـج‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الحديث ال انل‬
‫[ ال ِّبل والعاجز ]‬

‫أخبرنا شٌخنا اإلمام ال ُسم قري القاضً أبو الفضل علً الواسطً بمدرسته‬
‫بواسطٍس ٍس ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا الشرٌؾ النقٌب أبو الفوارأ طرا ُسد بن محمد بن علً الزٌنبً‬
‫‪ ،‬قراءر علٌه ونحن نسمع ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الحسٌن علً بن محمد قال ‪ :‬أنبؤنا أبو‬
‫علً الحسٌن بن صفوان قال ‪ :‬أنبؤنا أبو بكر عبد هللا بن محمد بن أبً الدنٌا ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا الهٌثم بن خارجة ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا بقٌة بن الولٌد عنً أبً بكر بن أبً مرٌم قال ‪:‬‬
‫حدثنً حمزر بن جندب ‪ ،‬عن أبً ٌعلى شداد بن أوأ قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫أتبع نفسه‬ ‫بْس دَس الموت ‪ ،‬والع اج ُسز َسم ن َس‬
‫دان نفسه و َس ِسم َسل ِسلما َس‬ ‫علٌه وسلم ‪" :‬الكًِّذأُس َسم ن َس‬
‫‪ ،‬هو المعرف ُسة ‪ .‬نعم ‪ ،‬إن‬ ‫هواها وتمنّس على هللا "(‪ )1‬فالعمل بسرِّذ هذا الحدٌ‬
‫المعرفة من العبد والتعرٌؾ من الرب تعالى ‪ ،‬وهً أشرؾ وأعظم الهداٌا التً‬
‫يُسهدٌها إلى عباده ‪ ،‬فإن هللا تعالى إذا أراد أن ٌختار عبداًا من عبٌده وٌفرّسله على من‬
‫شمأ المعرف ِسة ٌنظر إلٌه بعٌن الفضل والرحمة ‪،‬‬ ‫َس‬ ‫أرّس ه‬ ‫سواه من َس ْسل ِسقه‪ْ ،‬س‬
‫وٌط ِسل َس فً ِس‬
‫وٌفتح له أبواب الهداٌة ثم ٌكرمه با نتباه ‪ ،‬وٌوقظه من نومة الؽافلٌن ‪ ،‬ويُسنعم وٌ ُسم نَّو‬
‫كرمه‬ ‫علٌه بشر القلب ‪ ،‬ويُسذهب عنه موت القلب بالفهم ‪ ،‬وٌذهب عنه الوهم ‪ ،‬ويُس ِس‬
‫‪ ،‬ويُس ذهب عنه الشك وجراءر‬ ‫بالحٌاء والخوؾ والٌقٌن‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (‪٠‬ل‪٢‬ؿ نؿجؿ د‪ ١‬ؤ‪٧‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪ 272/13 ) ٤٢‬دف‪٧ 17059 ٟٙ‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬وٗر ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر‪،‬‬
‫دحخ‪ :‬ج‪٬ٜٝ‬ك ‪ ١٠‬ؿج‪ٗ٢ ١‬ل‪( ٤‬ج‪ٝ‬دحخ ‪ )26‬ف‪٘٧ 2461 ٟٙ‬جل ؤد‪٬ُ ٧‬ل‪ ٩‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪٥ : ٪‬ـج ػؿ‪٬‬ش عل‪٧ .١‬جد‪٠ ١‬حظ‪: ٤‬‬
‫ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ‪ ،‬دحخ ـ‪ٜ‬ف ج‪٧٠ٝ‬ز ‪٧‬جٳلسِؿجؿ ‪٧ 4260 ٤ٝ‬ج‪ٝ‬ػح‪٧ 57/1 ٧ 251/4 ٟٜ‬وغٓػ‪ ٫ٖ ٤‬ج‪٧٠ٝ‬يِ‪٧٧ ١٬‬جٖ‪٤ٚ‬‬
‫ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪ ٫ٖ ٫‬ج‪ٝ‬ظقء ج‪ٝ‬فجدَ‪٧ ،‬ؾح‪ ٫ٖ ٤ٗٝ‬ج‪ٝ‬ظقء جٯ‪٧‬ل‪ ١٠ ،‬ؤظل فج‪ ٫ٖ ٍ٧‬ل‪٢‬ؿ‪ ٧٥ ، ٣‬جد‪ ١‬ؤد‪٠ ٫‬ف‪ٙ ، ٟ٬‬حل ج‪ٝ‬ػح‪ٟٜ‬‬
‫ُ‪٧ " ٤٢‬ج‪ُ٪٧ " ٕ٣‬ف‪٧ .." :٨٧‬س‪ ٩ُٞ ٨ٓ١٠‬جهلل جٯ‪٠‬ح‪ [ "٫٢‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف ‪ٞٝ‬ل‪( ٫ً٧٬‬ج‪ٜٗٝ‬ف ) ‪ 303/2‬دف‪6468 ٟٙ‬‬
‫‪٧‬وغٓػ‪.] ٤‬‬

‫‪20‬‬
‫اامن ‪ ،‬فإذا اجتمعت فً العبد هذه الخصال ‪ ،‬أشرق فإاده بنور‪ ،‬فٌر ما دون‬
‫لهبات النٌران ‪ ،‬ولو أن المعرفة‬ ‫ُس‬ ‫الننان ‪ ،‬وٌخمد منه‬ ‫ب الجبروت ‪ ،‬وتشتاق إلٌه ِس‬ ‫ُس ُسج ِس‬
‫نقشت على شًء ما نظر إلٌها أحد إ مات ِسمن حسنها وجمالها ‪ ،‬لكل أحد رأأ مال‬
‫‪ ،‬وه ي رأأُس مال المإمن ‪.‬‬
‫عرفت هللا فحسبك هللا ‪،‬‬ ‫َس‬ ‫وقال رجل لذي النون ‪ :‬إ ّسنً احبك ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن َس‬
‫كنت‬
‫وإن لم تعرفه فاطلب َسم ن ٌعرفه حتى ٌدلك علٌه ‪.‬‬
‫ك فً بستانه ‪ ،‬ثمٌن ٍسة جواهرها ‪،‬‬ ‫وعندي أن المعرفة كشجرر ٌؽرسها مل ٌح‬
‫ٌع ٍسة فروعها ‪ ،‬نقٌة أرضها ‪،‬‬ ‫مثمر ٍسر أؼصانها ‪ ،‬حلو ٍسر ثمارها ‪ ،‬طرٌف ٍسة أوراقها ‪ ،‬رؾ‬
‫لعزتها ‪ ،‬مسرو ٌحر بحسن زهرتها‬ ‫مشفق علٌها ّس‬ ‫ٌح‬ ‫عذب ماإها ‪ ،‬طًّسب رٌحها ‪ .‬صاحبها‬
‫‪ٌ ،‬دفع عنها اآلفات ‪ ،‬وٌمنع عنها البلًّسات ‪ ،‬وكذلك شجررُس المعرفة التً ٌؽرسها هللا‬
‫تعالى فً بستان قلب عبده المإمن ‪ ،‬فإنه ٌتع ّسه ُسدها بكرمه ‪ ،‬وٌرسل علٌها كل ساعة‬
‫ت الكرامة ‪ ،‬برعد القُسدرر ‪،‬‬ ‫الم نّس ِسر من خزابن الرحمة ‪ ،‬فًُسمطر علٌها قطرا ِس‬ ‫سحابب ِس‬
‫َس‬
‫بار رإٌة العبودٌ ِسة ‪ ،‬ثم ٌُسرسِس ل علٌها نسٌ َسم لطابؾ‬ ‫وبرق المشٌبة ‪ ،‬لٌطهِّذرها من ُسؼ ِس‬
‫ب العناٌة ‪ ،‬لٌت ّسم لها شرؾ الو ٌة باللّسٌانة والوقاٌة ‪ ،‬فالعارؾ أبداًا‬ ‫الرأفة ‪ِ ،‬سم ن ُس ُسج ِس‬
‫بمنْسجل اادب ما فسد‬ ‫بأرّس ه تحت ظاللها ‪ ،‬وٌش ُّدم من رٌاحٌنها ‪ ،‬وٌقطع منها ِس‬ ‫ٌطوؾُس ِس‬
‫أرّس العارؾِس تحتها ‪ ،‬ودام‬ ‫من ثمارها ‪ ،‬وح َّول فٌها من الخب واآلفة ‪ ،‬فإذا طال مقام ِس‬
‫ثمارها‬
‫َس‬ ‫بثمارها ‪ ،‬فٌم ّسد إلٌها ٌد الصفاء ‪ ،‬وٌجتبً‬ ‫ِس‬ ‫جو نه حولها ‪ ،‬هاج أن ٌتلذذ‬
‫بؤنام َسل الحُسرم ِسة ‪ ،‬ثم ٌؤكلها بفم ا شتٌاق ‪ ،‬حتى تؽلبه نا ُسر ا ستؽراق ‪ ،‬فٌضرب ٌدَس‬
‫ّس‬
‫الحق‬ ‫شربة ٌسكر بها عن كل ما سو‬ ‫ًا‬ ‫ا نبساط إلى بحر الوداد ‪ ،‬وٌشرب منه‬
‫سكر ًار يُسفٌق منها إ عند المعاٌنة ‪ ،‬ثم ٌطٌر بجنا ال ِسه ّسم ر ‪ ،‬إلى ما تدركه أوهام‬
‫الخالبق ‪.‬‬
‫رؾ بٌد‬ ‫ت َس ُس‬‫قمة ِسم ن ِسذكر هللا تعالى ‪ُ ،‬س‬‫وقٌل للواسطً ‪ :‬أي الطعام أشهى ؟ قال‪ُ :‬سل ٌح‬
‫الظن باهلل تعالى ‪.‬‬ ‫الٌقٌن ‪ ،‬من مابدر ال ُسخ ْس ِسلد ‪ ،‬عند ُس سن ّس‬

‫‪21‬‬
‫قال النساج (‪ٌ :)1‬خر ُسج أكثر أهل الدنٌا من الدنٌا ولم ٌذوقوا طٌباتها المقصودر‬
‫ُس‬
‫ولذابذ ُس‬
‫القربة ‪ ،‬وأنأُس‬ ‫‪ ،‬قٌل ‪ :‬وما هً ؟ قال ‪ :‬سرو ُسر المعرفة ‪ ،‬وحالورُس ِس‬
‫الم نّس ر ‪،‬‬
‫المحبّس ‪.‬‬
‫ر‬
‫أعز ه هللا بمعرفته أنْس يُس ِسذ ّسل نفسه لؽٌره ‪،‬‬‫وقال محمد بن واسع ‪ُ :‬س َّوق لمن ّس‬
‫لم نْس وا ه هللا بو ٌته أن ٌقوم بحقه ‪ ،‬و ُس َّوق لمن أكرمه هللا بصحبته أن‬ ‫و ُس َّوق ِس َس‬
‫ٌمٌل إلى ؼٌره‪ ،‬و ٌعمل بهو نفسه ‪.‬‬
‫وقال أبو ٌزٌد‪ :‬إن فً اللٌل شرابا ًا لقلوب العارفٌن ‪ ،‬تطٌ ُسر به قلوبهم حبّساًا هلل‬
‫وشوقا ًا إلٌه‪ ،‬أ إنّس الناظرٌن إلٌه إلى ؼٌره ذهبوا بصفو ِسر الدنٌا واآلخرر ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وهذا الشراب هو التحًُّدر ‪ ،‬وهو على ضربٌن ‪ :‬تحٌر َسو حشة وتحٌر‬
‫شة للمطرودٌن ‪ ،‬وتحًُّد ُسر الدهش ِسة للعارفٌن المشتاقٌن ‪ٌ ،‬ا دلٌل‬ ‫دَس هشة ‪ ،‬فتحًُّد ُسر الو ْس ْس‬
‫المتحٌرٌن زدنً تحًُّدراًا‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١٬‬ؾ‪٬‬ف ج‪ٓ١ٝ‬لحض ‪ :‬ؤو‪ ١٠ ٤ٞ‬كُفٖ ‪ ١٠‬فؤ‪ ، ٨‬اٳ ؤ‪ ٤٢‬ؤ‪ٙ‬ح‪ ٟ‬ددٔؿجؿ ‪ ُٟٓ٧‬ف ً‪٬٧‬ٴً ‪ٜ٧ ،‬ح‪ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٤٢‬‬
‫‪٧ٚ٬‬ل‪ :‬ج‪٠ِٝ‬ل ج‪ٝ‬ـ‪٬ ٪‬د‪ ٤٬ٖ ْٞ‬ج‪ِٝ‬دؿ ا‪ ٩ٝ‬ج‪ٔٝ‬ح‪٬‬حز ‪ ٧٥‬فئ‪٬‬ر ج‪ٝ‬س‪ٚ‬و‪٬‬ف ‪٧‬ج‪ِٝ‬ظق ‪٧‬ج‪ٝ‬يِٕ (ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪٫٢‬‬
‫‪ٖ ،‬إؾـ‪٣‬‬ ‫ك‪( ٪ ٟٓ‬ؾ‪٬‬فجً ج‪ٓ١ٝ‬لحض) ‪ ،‬ٯ‪ ٤٢‬ؾفض ا‪ ٩ٝ‬ج‪ٝ‬ػط‬
‫‪٬ٙ٧ .)136/1‬ل ‪ٜ‬ح‪ ١‬جل‪٠ ٤٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل ‪٧ ،‬ا‪٠٢‬ح ُ‬
‫‪،‬‬ ‫فظل ُ‪ ٩ٞ‬دحخ ج‪ٖ٧ٜٝ‬ر ‪ٙ٧‬حل ‪ :‬ؤ‪٢‬ز ُدؿ‪٧ ، ٪‬ال‪ ٛ٠‬ؾ‪٬‬ف ‪ٜ٧ ،‬ح‪٠( ١‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل ) ؤل‪٧‬ؿ ‪٬ ٟٖٞ ،‬ؾح‪٤ٗٝ‬‬
‫‪٧‬جلسِ‪ ٤ٞ٠‬ج‪ٝ‬فظل ٖ‪٢ ٫‬لط ج‪ٝ‬ؾقٓ‪( ..‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر ‪.)89‬‬

‫‪22‬‬
‫الحديث ال الث‬
‫[ اإلسالم واإليمان]‬

‫أخبرنا العبد اللالح الثقة الشٌخ أبو محمد بن عبد هللا بن الحسٌن بن أحمد بن‬
‫جعفر اآلمديُّد الواسطًّس ‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا أبو الحسن علً بن محمد بن علً بن كاتب‬
‫الوقؾ بواسط ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبوالحسن محمد بن علً الرواسً إمال ًاء بجامع واسط ‪،‬‬
‫قال‪ :‬أنبؤنا أبو القاسم بٌد هللا بن تمٌم ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبانا أحمد بن إبراهٌم اإلمام ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أعدر الباهلً ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫أنبؤنا علً بن حرب بن زٌد بن الحباب ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا علً بن َسم ْس‬
‫أنبؤنا ُسقتادر ‪ ،‬أنه سمع أنأ بن مالك ٌقول ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪:‬‬
‫عالنٌة واإلٌمانُس فً القلب والتقو ها هُس نا" ‪ٌ ،‬قولها ثالثا ًا وٌشٌر بٌده إلى‬ ‫ٌح‬ ‫"اإلسالم‬
‫(‪)1‬‬
‫صدره صلى هللا علٌه وسلم ‪ ،‬والتقو التً تقرُّد فً القلب ‪ُ ،‬س‬
‫فت ْس كِسم فٌه اإلٌمان ‪،‬‬
‫هً رو المعرفة ‪.‬‬
‫أي سادر ‪ ،‬إن هللا تعالى جعل لكل شًء َسق ْسدراًا ‪ ،‬ولكل َسق ْسد ٍسر ّسداًا ‪ ،‬ولكل حد‬
‫سببا ًا ‪ ،‬ولكل سبب أجالًا ‪ ،‬ولكل أجل كتابا ًا ‪ ،‬ولكل كتاب أمراًا ‪ ،‬ولكل أمر معنى ‪،‬‬
‫ولكل معنى صدقا ًا ‪ ،‬ولكل صدق حقا ‪ ،‬ولكل حق حقٌقة ‪ ،‬ولكل حقٌقة أهالًا ‪ ،‬ولكل‬
‫المحق من ال ُسم بطل ‪ ،‬وكل قلب أقعده على بساط‬ ‫ّس‬ ‫أهل عالمة ‪ ،‬فبالعالمة ٌُسعْس َسرؾُس‬
‫تحقٌق المعرفة ‪ ،‬وقع بسٌماء المعرفة على وجهه ‪ ،‬وٌظهر أثرها فً حركاته‬ ‫ِس‬
‫وأفعاله‬

‫(‪) 1‬‬
‫ال‪٢‬حؿ‪ ٣‬ػل‪٧ . ١‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (ؿجف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ) ‪ 437/10‬دف‪٧ 12322 ٟٙ‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫ً٧٬‬ج‪ٝ‬ظح‪َ٠‬‬
‫ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف ‪ 474/1‬ف‪ ١ُ 3060 ٟٙ‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ن‪٬‬در ‪٧‬ف‪٠‬ق ا‪ ٩ٝ‬يِٗ‪ ٫ٖ٧ ، ٤‬ج‪ٝ‬ؿف ج‪٢٠ٝ‬ص‪٧‬ف ‪٧ 100/6‬وػػ‪٫ٖ ٤‬‬
‫‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٢٦ٞٝ‬ؿ‪( ٪‬ج‪ٜٝ‬سحخ جٯ‪٧‬ل ‪ ١٠‬ػفٕ ج‪٠٦ٝ‬قذ ‪ /‬ػ‪ٚ٬ٚ‬ر جٱ‪٠٬‬ح‪ ) ١‬دف‪ ١ُ 44 ٟٙ‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٧‬ج‪٢ٝ‬لحث‪٧ ٫‬ؤد‪. ٩ِٞ٬ ٫‬‬
‫‪٧ 5941‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٫ٖ ٫٠‬‬ ‫‪ ٫ٖ ٧٥٧‬ج‪٢ٜٝ‬ق ؤ‪٬‬يحً دف‪ ١ُ 19 ٟٙ‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ن‪٬‬در ‪٧ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪٬٠ ٫ٖ ٫‬قج‪ ١‬جٳُسؿجل‬
‫‪٠‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 212/1‬دف‪ٙ٧ 160 ٟٙ‬حل‪ " :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٧‬ؤد‪ ٩ِٞ٬ ٧‬دس‪٠‬ح‪٧ ، ٤٠‬ج‪ٝ‬دقجف دحؾسوحف ‪٧ ،‬فظح‪٤ٝ‬‬
‫‪،‬‬ ‫فظحل ج‪ٝ‬وػ‪٬‬غ ‪٠‬ح ؾٴ ُ‪ ٫ٞ‬جد‪٠ ١‬لِؿذ ‪ٙ٧ ،‬ؿ ‪٧‬ص‪ ٤ٚ‬جد‪ ١‬ػخٓج‪٧ ١‬ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ ج‪٬ًٝ‬ح‪ٝ‬ل‪٧ ٫‬ؤد‪ ٧‬ػحس‪٧ ٟ‬جد‪١٬ِ٠ ١‬‬
‫‪٧‬يَٖٓ‪ ٤‬آؾف‪."١٧‬‬

‫‪23‬‬
‫ب ِريماه ْنم)(‪ ،)1‬وقال صلى هللا علٌه وسلم ‪" :‬‬ ‫وأقواله ‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪َ ( :‬مت ْنع ِرر ُت ُتهم ِر‬
‫(‪) 2‬‬
‫من أسرَّو سرٌرر ألبسه هللا رداءها ‪ ،‬إن خٌراًا فخٌر ‪ ،‬وإن شراًا فشر" ‪.‬‬
‫ًا‬
‫هٌبة ِسم نْس‬ ‫وقٌل لٌحٌى بن معاذ ‪ :‬ما بال العارفٌن أحسن وجوها ًا ‪ ،‬وأكثر‬
‫ؼٌرهم ؟ فقال‪ :‬انهم خلوا باهلل مستؤنسٌن ‪ ،‬وقربوا إلى هللا متوجهٌن ‪ ،‬وفزعوا إلٌه‬
‫متوالهٌن فكساهم هللا بنور معرفته ‪ ،‬فٌه ٌنطقون ‪ ،‬وله ٌعملون ‪ ،‬ومنه ٌطلبون ‪،‬‬
‫وإلٌه ٌرؼبون ‪ ،‬أولبك خوالّس هللا السابقون ‪ ،‬سعٌهم فً طاعة هللا من ؼٌر قة ‪،‬‬
‫وج لة‬ ‫وٌنصحون العامة من ؼٌر طمع ‪ ،‬مشتاقون منٌبون إلى هللا تعالى ‪ ،‬قلوبُسهم له ِس‬
‫‪ ،‬نفوأُسهم وحشٌة وقلوبهم َسعرْس شٌة ‪ ،‬وعقولهم مؽشًّس ر ‪ ،‬وأرواحهم ٌاسٌنٌة ‪ ،‬كلهم‬
‫م عصو ٌحم بلقبه عن فتنة الناأ ‪ ،‬وذِسك ُسر هللا ٌحمٌه من شر الوسواأ ‪ ،‬صدره مشرو‬
‫‪ ،‬وجسم ه مطرو ‪ ،‬وقلبه م جرو ‪ ،‬وباب الملكوت له مفتو ‪ ،‬قلبُسه مثل القندٌل ‪،‬‬
‫وجوارحه خاضعة كالمندٌل ‪ ،‬لسانه مشؽو ٌحل بتالور القرآن ‪ ،‬ولونه مُسص َسفرٌّي من خوؾ‬
‫ذاببة فً خدمة الرحمن ‪ ،‬وقلبه زاه ٌحر بنور اإلٌمان ‪ ،‬نفسُسه‬ ‫ٌح‬ ‫الهجران ‪ ،‬ونفسه‬
‫وصؾ الربوبٌة ‪،‬‬ ‫ٌح‬
‫مشؽولة بقُسرب الرب ‪ ،‬على لسانه‬ ‫ٌح‬
‫مشؽولة بالطلب ‪ ،‬ورو ُسح ُسه‬
‫وعلى أركانه خدم ُسة الدٌمومٌة ‪ ،‬وعلى نفسه أث ُسر العبودٌة ‪ ،‬وفً قلبه هٌبة الفردانٌة ‪،‬‬
‫وفً سِس رِّذ ه الطربُس باالوهٌة ‪ ،‬وفً روحه شؽؾ الوجدانٌة ‪ ،‬أفوا ُسه ُسهم إلٌه ضاحكة ‪،‬‬
‫وأعٌنهم نحْس َسوه طامحة ‪ ،‬وقلوبُسهم به متعلقة ‪ ،‬وهمو ُسم هم إلٌه واصلة ‪ ،‬وأسرا ُسرهم إلٌه‬
‫ناظرر ‪َ ،‬سر َسم ْسو ا ذنوبهم فً بحر التوبة ‪ ،‬وطرحوا طاعاتهم فً بحر المِسنّس ر ‪،‬‬
‫وضمابرهم فً بحر العظم ‪ ،‬ومرادهم فً بحر الصفو ‪ ،‬وهممهم فً بحر المحبة ‪،‬‬
‫‪ ،‬وتحت ظالل كرمه‬ ‫بون‬ ‫فً مٌدان خدمته ٌتق ّسل‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ ‪.273‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ٯػ‪ٜ‬ح‪ ٟ‬ج‪ٚٝ‬فآ‪ٚٞٝ ١‬فًد‪ٜ٧ 326/13 ٫‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء (ج‪ِٝ‬فٖح‪٧ ١‬ج‪ٔٝ‬قج‪ 226/2 ) ٫ٝ‬دف‪ٙ٧ 2375 ٟٙ‬حل‬
‫ج‪ٝ‬ن‪٬‬ؽ اك‪ ٟ‬جُ‪٬‬ل ج‪ِٝ‬ظ‪ : ٫٢٧ٞ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ٖ‪ ٫‬جٱؾٴه ُ‪ُ ١‬ص‪٠‬ح‪ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬د‪٠ : ٌٗٞ‬ح ‪ُ ١٠‬دؿ‬
‫‪َ٬‬لُفٗ لف‪٬‬فذ اٳ فؿٓ‪ ٣‬جهلل فؿجء‪٥‬ح ُٴ‪٬٢‬ر ‪ ،‬ا‪ ١‬ؾ‪٫‬فجً ٖؾ‪٬‬ف ‪٧ ،‬ا‪ ١‬نفجً ٖنف‪ٙ ..‬حل ج‪٢ٝ‬ظ‪٧ : ٟ‬ل‪٢‬ؿ‪ ٣‬وػ‪٬‬غ ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ٌتنفسون ‪ ،‬وفً رٌار رحمته ٌر َست ُسعون ومن رٌاحٌن امتنانه ٌش ّسم ون ‪ٌ .‬نظرون إلى‬
‫الدنٌا بعٌن ا عتبار ‪ ،‬وإلى اآلخرر بعٌن ا نتظار ‪ ،‬وإلى أنفسهم بعٌن ا حتقار ‪،‬‬
‫وإلى طاعتهم بعٌن ا عتذار ا ستكثار ‪ ،‬وإلى الؽفران بعٌن ا فتقار ‪ ،‬وإلى‬
‫المعرفة بعٌن ا ستبشار ‪ ،‬وإلى المعروؾ سبحانه بعٌن ا فتخار ‪ٌ .‬رمون أنفسهم‬
‫إلى البلو ‪ ،‬وأرواحهم إلى ا لعقبى ‪ ،‬وقلوبهم إلى النجو ‪ ،‬وأسرارهم إلى المولى ‪.‬‬
‫تاركة للدنٌا ‪ ،‬وأرواحهم للعقبى ‪ ،‬وقلوبهم مستؤنسة بالذكر ‪ ،‬وأسرارهم‬ ‫ٌح‬ ‫أنفسهم‬
‫بحب المولى ‪ .‬قلوبهم معدن التعظٌم والهٌبة ‪ ،‬وألسنتهم معادن الحمد والم ْسِسد حة ‪،‬‬
‫وأرواحهم مواطن الشوق والمحبة ‪ ،‬وأنفسهم مقهورر تحت سلطا ن العقل والفطنة ‪،‬‬
‫وأكثر همتهم التفكٌر والعبرر ‪ ،‬وأكثر كالمهم الثناء والم ْسِسد حة ‪ .‬عملهم الطاعة‬
‫والخدمة ‪ ،‬ونظرهم إلى لطابؾ صنع رب الع ّسِسز ر ‪ .‬أحدهم تراه مُسصْس فرّس اًا من خوؾ‬
‫ذابب ااطراؾ من هٌبة جالله ‪ ،‬طوٌل ا نتظار شوقا ًا إلى لقابه ‪ ،‬سلك‬ ‫َس‬ ‫فراقه ‪،‬‬
‫طرٌق المصطفى صلى هللا علٌه وسلم ‪ ،‬ورمى الدنٌا خلؾ القفا ‪ ،‬وأذاق الهو طعم‬
‫الجفا ‪ ،‬وقام على قدم صدق الوفا ‪ ،‬حاله فً الدنٌا ؼرٌب ‪ ،‬وقلبه فً صدره ؼرٌب‬
‫شتها ‪ ،‬ما لم ٌصل إلى‬ ‫‪ ،‬وسرُّد ه فً نفسه ؼرٌب ‪ ،‬فال ٌسترٌح من َسؼ ّسم ال ُسػرْس بة َس‬
‫وو ْس َس‬
‫الحبٌب ‪ ،‬فؤمره عجٌب ‪ ،‬والمولى له ط بٌب ‪ ،‬وكالمه وجدانًّس ‪ ،‬وقلبه فردانًّس ‪،‬‬
‫وعقله ربّس انً ‪ ،‬وهمه ل َسم دانً ‪ ،‬وعٌشُس ه روحانً ‪ ،‬وعمله نورانً ‪ ،‬وحدٌثه‬
‫ربوبٌت ‪ ،‬وأدخله‬ ‫ه‬ ‫سماوي ‪ .‬جعل هللا قلبه موضع سره وموطن نظره ‪ ،‬وزيّسنه ب ُسحلِسًّس‬
‫عز ته ‪ ،‬وٌرتع فً روضات قُس ْسد سه ‪،‬‬ ‫دار اإلمارر من سلطانه ‪ٌ ،‬دور بالفإاد حول ّس‬
‫ب‬ ‫وٌطٌر بجنا المعرفة فً سرادقات ؼٌبه ‪ ،‬وٌجول فً مٌادٌن قدرته ‪ ،‬و ُسح ُسج ِس‬
‫ت فً‬ ‫جبروته ‪ ،‬لو رآه الجاهل بشؤنه مات فزعا ًا بعد معرفته له من ساعته ‪ .‬عال َسم ُسه‬
‫الدنٌا أن ٌكون البال ُسء عنده عسالًا ‪ ،‬وااحزان رطبا ًا ‪ .‬وفً اآلخرر كل واحد ٌقول ‪:‬‬
‫نفسً نفسً ‪ ،‬وهو ٌقول ‪ :‬ربّسي ربّسي ‪ُ ،‬سم رادي م رادي ‪ .‬العارؾ عالمته أربعة ‪:‬‬
‫وات ُس ه التنزٌل ‪ ،‬وخوفه من التحوٌل ‪ .‬العاب ُسد‬ ‫ّسبا‬ ‫الكثٌر والقلٌل ‪،‬‬
‫َس‬ ‫حبُّد الجلٌ َسل ‪ ،‬وتركه‬
‫هُس‬
‫لب ‪ ،‬والخابؾ ذو َسه رب ‪ ،‬والمحب ذو َسش َسػب ‪ ،‬والعارؾ ذو طرب ‪.‬‬ ‫ذو َسن َس‬

‫‪25‬‬
‫الحديث الرابف‬
‫[ إو الوجهين]‬

‫أخبرنا شٌخنا الولً التقً الثقة الم ْسُسقري القاضً أبو الفضل علً الواسطً‬
‫القرشً بمدرسته فً واسط ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو علً الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد‬
‫‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا علً أبو طاهر الحسن بن الوزٌر أبً القاسم علً بن صدقة بن علً ‪،‬‬
‫قال‪ :‬أنبؤنا أبو المط َّوه ر سعد بن عبدهللا ااصبهانً ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو نعٌم أحمد بن‬
‫عبدهللا بن أحمد الحافظ ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أ بو محمد عبد هللا بن جعفر بن فارأ ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو داود الحضري ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا ابن‬
‫الربٌع عن نعٌم بن حنظلة ‪ ،‬عن عمار بن ٌاسر رضً هللا عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول‬
‫هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪" :‬ذو الوجهٌن فً الدنٌا ذو لسانٌن فً النار "(‪ )1‬ولهذا‬
‫صرؾ العارفون وجوههم إلى هللا تعالى فلن تر للعارؾ وجهٌن أصالًا ومن هذا‬
‫السر أ ُسمروا بعدم الجمع بٌن أستاذٌن ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إذا وُس جد ااكمل اافضل فً طرٌق‬
‫هللا تعالى ‪ ،‬ااصح اتباعا ًا لرسول هللا صلى هللا علٌه وسلم فعل المرٌد أن ٌتمسك به‬
‫‪ ،‬بل على كل َسمنْس كان ٌزعم المشٌخة أن ٌلتحق به هو وأو ده فً الطرٌق‪ ،‬وهذا‬
‫‪.‬‬ ‫من أعظم أضراب المعرفة باهلل‬ ‫ضربٌح‬

‫(‪) 1‬‬
‫) ‪879/2‬‬ ‫ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ‪ :‬جٯؿخ ‪ ،‬دحخ ٖ‪ ٫‬ـ‪ ٪‬ج‪٧ٝ‬ظ‪٧ 4873 ١٬٦‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٧٠ ٫ٖ ٫٠‬جفؿ ج‪٠ٌٝ‬أ‪٠( ١‬ئللر ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر‬
‫(جٯؿخ‪ ،‬دحخ ـ‪ ٪‬ج‪٧ٝ‬ظ‪ ) ١٬٦‬دف‪٧ 1979 ٟٙ‬ػكٓ‪ ٤٢‬جد‪ ١‬ػخج‪( ١‬وػ‪٬‬ػ‪٧ )5756 ٤‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ (ًدِر جد‪١‬‬
‫‪٧ 4349‬‬ ‫‪ٜ‬ص‪٬‬ف ‪٧‬نف‪ٜ‬حث‪ 568/3 )1 ً ٤‬ف‪٧ .4350 ٟٙ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬دل‪٢‬ؿ‪ ١٬‬آؾف‪ ١٬‬يِ‪٧ ١٬ٗ٬‬د‪ٚ٠ ١٬ٌٗٞ‬حفد‪٫ٖ ١٬‬‬
‫‪٧ ، 4351‬ف‪٢ ٨٧‬ػ‪ ٣٧‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫ً٧٬‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف (ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف ) ‪ 667/1‬دف‪٧ ،4345 ٟٙ‬ػكٓ‪٧ ،٤٢‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٫ٖ ٫٠‬‬
‫‪٠‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ ( 179/8‬جٯؿخ‪ :‬دحخ ج‪٧ٝ‬ظ‪٧ ١٬٦‬ج‪ٞٝ‬لح‪ ١٬٢‬ج‪ٝ‬دحخ ‪٧ ) 13154 – 13151( 126‬ؤد‪ٟ٬ِ٢ ٧‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ػ‪٬ٞ‬ر ج ٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٧ 160/2‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬و‪٠‬ز ‪٧ 282‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪٧ 9168 ٧ 1697‬جٯ‪٧‬لً‬
‫‪.6278‬‬

‫‪26‬‬
‫أي سادر ‪ ،‬اعلموا أن العارفٌن على أصناؾ مختلفة ‪ ،‬ومناهن متفاوتة ‪،‬‬
‫ومراتب متلوّس نة ‪ ،‬وأنوا ٍس متفرقة ‪ ،‬ومناز َسل متنوعة ‪ ،‬فمنهم َسم نْس عرؾ هللا بال َسق ْسد ِسر‬
‫َس‬
‫فخافه ‪ ،‬ومنهم من عرفه بالفضل فؤحسن الظن به ‪ ،‬ومنهم َسمنْس عرفه بالمراقبة‬
‫فاعتقد الصدق ‪ ،‬ومنهم من عرفه بالعظمة فاعتقد الخشٌة ‪ ،‬ومنهم َسمنْس عرفه بالكفاٌة‬
‫فاعتقد ا فتقار إلٌه ‪ ،‬ومنهم من عرفه بالفرادنٌة فاعتقد اللَّو فور ‪ ،‬ومنهم َسمنْس عرفه‬
‫جدَس أن الخوؾ على قدر عرفان القدرر ‪ ،‬ووُس جْس دان حسن الظن‬ ‫به فاعتقد الوصلة ‪ ،‬فوُس ِس‬
‫على قدر عِس رْس فان العظمة ‪ ،‬ووجدان ا فتقار على قدر عرفان الكفاٌة ‪ ،‬ووجدان‬
‫اللَّوفور على قدر عرفان الفردانٌة ‪ ،‬ووجدان الوصلة على قدر عرفان الربِّذ تعالى‬
‫‪ ،‬وكذلك أهل السموات فً العبادر عل مقامات ‪ ،‬فمقام بعضهم الحٌا ُسء والحُسرْس مة ‪،‬‬
‫ومقام بعضهم القُسرْس ب ُسة والم َسُسإانسة ‪ ،‬ومقام بعضهم رإٌ ُسة المِسنَّور ‪ ،‬ومقام بعضهم المراقبة‬
‫‪ ،‬ومقام بعضهم الهٌبة ‪ ،‬كما قال هللا تعالى ‪ ( :‬وما مِرنّنا و له ملا ٌمم معلوم )(‪ ،)1‬فؤهل‬
‫َّوتهم ٌعرفونه على سبٌل الخبر فً التوحٌد عن الصادق اامٌن ‪ ،‬سٌدنا‬ ‫المعرفة عام ُس‬
‫وسٌد العالمٌن محمد صلى هللاُس علٌه وسلم ‪ ،‬فص َّود قوه بقلوبهم وعملوا بؤبدانهم ‪ ،‬إ‬
‫أنهم دنَّوسوا أنفسهم بالذنوب والمعاصً ‪ ،‬فعاشوا فً الدنٌا على الجهل والتقصٌر ‪،‬‬
‫خطر عظٌم ‪ ،‬إ أن ٌرح َسم هم أرح ُسم الراحمٌن ‪ ،‬وأناأٌح فوقهم ٌعرفونه‬ ‫ٍس‬ ‫فهم على‬
‫والع ْسقل والفِسكْسر ‪ ،‬أٌقنوا بالتوحٌد من قِس َسب ِسل الد بل واآلثار‬
‫بالد بل ‪ ،‬وهم أهل النظر َس‬
‫وآٌات الربوبٌة ‪ ،‬استدلوا بالشاهد على الؽابب ‪ ،‬واستٌقنوا ص ّسحر الد لة ‪ ،‬فهم على‬
‫طرٌق حسن ‪ ،‬إ أنّسهم عاشوا محجوبٌن عن هللا تعالى برإٌة د بلهم ‪ ،‬وخوالُّد‬
‫كنٌن مع معرفتهم ‪،‬‬ ‫أهل المعرفة من أولً الٌقٌن ‪ ،‬عرفوه به سبحانه ‪ ،‬فوقفوا متم ِّذ‬
‫َست ْسخ َسطؾُسهم ااد ّسل ر ‪ ،‬و تصرفهم ال ِسع ّسل ر ‪ ،‬دلٌلهم رسول هللا صلى هللاُس علٌه وسلم ‪،‬‬
‫وإما ُسم هم القرآن ‪ ،‬ونورهم ٌسعى بٌن أٌدٌهم ‪ ،‬فمن عرفه تعالى بالخبر ‪ ،‬ك َسم َسث ِسل إخور‬
‫لوا عنه حتى افتضحوا بٌن‬ ‫ٌوسؾ ‪ ،‬إذ عرفوا لونه وؼؾ‬

‫(‪) 1‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح اٌظفبد‪. 164 :‬‬

‫‪27‬‬
‫ٌدٌه ‪ ،‬حٌ ‪ ( :‬الوا ن يسرو لد سرو أ ٌم له من بل )(‪ )1‬ومن عرفه بالد بل‬
‫ك َسم َسث ِسل ٌعقوب ‪ ،‬إذ عرؾ أن ٌوسؾ ٌ َسُسع ُّدد فً ااحٌاء فازداد ُس زنا ًا وبكاء ‪ ،‬واحتمل ما‬
‫احتمل من أنوا البالء ‪ ،‬حتى ابٌرَّوت عٌناه من الحزن ِس ْسلما ًا منه بحٌاته ‪ ،‬وشوقا ًا‬
‫رٌح ٌوسؾ )‬ ‫إلى لقابه ‪ ،‬حتى قال ‪( :‬اذهبوا فتحسَّوأُسوا من ٌوسؾ)‪ ،‬وقال‪( :‬إنّسي اجد َس‬
‫‪ ،‬حتى قال َسمنْس ؼفل عنه ‪ ( :‬الوا تا هللِر َّون َم لفل ضاللِر َم اللديم )(‪ )2‬وقالوا ‪( :‬تفتإُت ا‬
‫ل)(‪ )3‬اآلٌة ‪ ،‬و َسم َسث ُسل َسمنْس عرفه به ‪ ،‬كبنٌامٌن (‪ )4‬حٌن أخذه ٌوسؾ لنفسه ‪،‬‬ ‫تإ ُت ُتر يو ُت َم‬
‫فقال‪ :‬اي أخً أمشاهدتً ترٌد أم الرجو إلى أبٌك؟ قال ‪ :‬بل مشاهدتك أرٌد ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فإن أردتنً فاصبر على ِسم ْس نتً ‪ ،‬قال‪ :‬نعم أحتمل اجلك كل بلو ‪ ،‬ألٌأ أنً أبقى‬
‫معك و أفارقك ‪ ،‬ثم أخرج الصا َس من وعابه ‪ ،‬ونسبه إلى الس ِسَّورقة‪ ،‬حتى عابه أه ُسل‬
‫مصر على ذلك و موه ‪ ،‬وشتمه إخوته ‪ ،‬وهو فً ذلك ك هِّذل مسرو ٌحر ضاح ٌح‬
‫ك فً سِس رِّذ ه‬
‫ؾ من لومة الالبمٌن ‪ ،‬فهذا َسم َسث ُسل َسمنْس عرفه من أهل الٌقٌن ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ولم َسٌ َسخ ْس‬
‫وقال شٌخ الطابفة اإلمام الحسن البصري(‪ )5‬رضً هللا عنه‪ :‬أهل المعرفة فً‬
‫الدنٌا على ثال منازل ‪ ،‬رجل لقً العبادر فعانقها وخلط بها لح َسم ه ود َسم ه ‪ ،‬وفز‬
‫ُسه‬
‫رازق وكافٌه ‪ ،‬فوث َسِسق بوعده فلم ٌشؽل نفسه بشًء من‬ ‫قلبُس ‪ ،‬وعًا لِس َسم أن هللا تعالى‬
‫إلٌها ه‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٧٬‬لٕ‪.77 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٧٬‬لٕ‪.95 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٧٬‬لٕ‪.85 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ ٧٥‬ن‪٧٬ ٘٬ٚ‬لٕ د‪٧ِٚ٬ ١‬خ ُ‪٠٦٬ٞ‬ح ج‪ٝ‬لٴ‪٧ ، ٟ‬ؤ‪٠٦٠‬ح فجػ‪٬‬ل د‪٢‬ز ٳدح‪( ١‬د‪٢‬ز ؾحل ‪٧ِٚ٬‬خ) ‪٧‬كجثف اؼ ‪٧‬ذ‬
‫‪٧٬‬لٕ ُ‪ ٤٬ٞ‬ج‪ٝ‬لٴ‪ ٟ‬ا‪٠٢‬ح ‪ ٟ٥‬اؾ‪٧‬س‪ ٤‬ٯد‪ٜ٥ ، ًٖٚ ٤٬‬ـج ـ‪ٜ‬ف ج‪ٝ‬ػحٌٖ جد‪ٜ ١‬ص‪٬‬ف ٖ‪ٙ ٫‬وه جٯ‪٢‬د‪٬‬حء (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.267‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬د‪٬ ١‬لحف ج‪ٝ‬دوف‪ ، ٪‬ؤد‪ ٧‬لِ‪٬‬ؿ ‪٥ 110-21‬ـ‪ ١٠ ،‬ؤٖيل ج‪ٝ‬سحدِ‪٧ ١٬‬ؤُ‪ٜ ،ٟ٦٠ٞ‬ح‪٧ٚ٬ ١‬ل‪ " :‬نف ج‪٢ٝ‬حك‬
‫‪٬٠ٞٝ‬ز ؤ‪٬ ٤ٞ٥‬د‪٧ ٤٬ُٞ ١٧ٛ‬ٳ ‪ٙ ٟ٦٬ُٞ ١٧٦٬‬يحء ؿَ‪ً( " ُ٤َ٢ِ٬‬د‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪ٜ٧ .)38/1 ٫٢‬ح‪ ١‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٔٝ‬قج‪٧ٚ٬ ٫ٝ‬ل ‪" :‬‬
‫‪ٜ‬ح‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪ ٪‬ؤند‪ ٤‬ج‪٢ٝ‬حك ‪ٜ‬ٴ‪٠‬حً د‪ٜ‬ٴ‪ ٟ‬جٯ‪٢‬د‪٬‬حء"‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫سر أصبح أم‬ ‫واارر بساطه ‪ ،‬و ٌبالً على يُس ٍس‬
‫َس‬ ‫أمور الدنٌا ‪ ،‬جعل السماء سقفه ‪،‬‬
‫ٌؤتًه الٌقٌن ‪ ،‬فهذا الضرب فً الدنٌا أعز‬ ‫على ُس سر ‪ ،‬أمسى ٌعبد هللا تعالى حتى َس‬
‫من الكبرٌت اا حمر ‪ .‬ورجل آخر لم ٌصبر كما صبر ااول ‪ ،‬فطلب ِسكسْس َسر ًار من‬
‫خرْس قة ٌواري بها عورته ‪ ،‬وبٌتا ًا ٌسكنه ‪ ،‬وزوجة ٌستعؾُّد‬ ‫ِس ِّذلها(‪ٌ ،)1‬قٌم بها ص ْسُسل َسب ُسه ‪ ،‬و ِس‬
‫بها ‪ ،‬وهو مع ذلك شدٌد الخوؾ عظٌم الرجاء ‪ ،‬فهو على طرٌق حسن وأما الثال‬
‫الؾ َسه(‪ ،)2‬وٌستخدم‬ ‫القصر المشٌد ‪ ،‬وٌركب المركب َسِسر‬
‫َس‬ ‫فإنه ٌصدق هللا بقوله ‪ ،‬فٌبنً‬
‫(‪) 3‬‬
‫الخدم ‪ ،‬فلٌأ له فً اآلخرر من َس ق ‪ ،‬إ من ٌرحمه أرحم الراحمٌن‪.‬‬
‫رأٌت فً بعر ااخبار‪ :‬أن عٌسى بن مرٌم علٌه السالم مرَّو بنفر من الناأ‬
‫‪ ،‬قد نحلت أبدانهم ‪ ،‬وتؽٌرت ألوانهم ‪ ،‬فقال‪ :‬ما الذي بلػ بكم ما أر ؟ قالوا‪ :‬الخوؾ‬
‫من النار ‪ ،‬فقال ‪ :‬حق على هللا أن يُس َسإم َسِّذن(‪ )4‬الخابؾ ‪ ،‬ثم بلػ إلى نفر آخر ‪ ،‬فإذا‬
‫أبدانهم أشد نحو ًا ‪ ،‬وألوانهم أشد تؽٌراًا ‪ ،‬فقال‪ :‬ما الذي بلػ بكم ؟ قالوا‪ :‬الشوق إلى‬
‫الننان ‪ ،‬فقال‪ :‬حق على هللا أن ٌعطًكم ما ترجون ‪ ،‬ثم مر حتى بلػ نفراًا ثالثا ًا فإذا‬
‫ِس‬
‫أبدانهم أشد نحو ًا وألوانهم أشد تؽٌراًا ‪ ،‬فقال‪ :‬ما الذي بلػ بكم ما أر ؟ قالوا‪ :‬الحب‬
‫هلل والشوق إلٌه ‪ ،‬فقال لهم عٌسى علٌه السالم ‪ :‬أنتم المقرَّو بون ‪ ،‬ثال مرات ‪ ،‬فؤهل‬
‫المعرفة ثال أصناؾ ‪ ،‬صنؾ ٌمشون على قدم ا فتقار وا ضطرار ‪ ،‬وصنؾ‬
‫‪ ،‬ول نؾ ٌمشون على قدم ا فتخار‬ ‫ٌمشون على قدم ا عتبار وا نكسار‬
‫(‪) 5‬‬
‫) ‪.‬‬ ‫لنفسه‬ ‫‪ ( :‬منهم ظال ٌمم‬ ‫‪ ،‬قال هللا تعالى‬ ‫وا ستبشار‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪ًٞ ٪‬خ ‪٬ٞٙ‬ٴً ‪ ١٠‬ػٴ‪٦ٝ‬ح‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ ١٠‬ج‪ٗٝ‬فج‪٥‬ر ‪ ٫٥٧‬ج‪ٝ‬ظ‪٠‬حل ‪٧‬ج‪ٝ‬ػل‪٧ .١‬ج‪ٗٝ‬ف‪ ٧٥ ، ٣‬ج‪ٝ‬دًف‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؾٴ٘‪٢ :‬و‪٬‬خ‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ ١٠٧‬ؤل‪٠‬حء جهلل سِح‪ :٩ٝ‬ج‪٠ٝ‬ئ‪ ،١٠‬ٯ‪ ٤٢‬لدغج‪٢٠ " ٤٢‬دَ ‪ٛ‬ل ؤ‪٧ ١٠‬سوؿ‪ٜٖ ،٘٬‬ل ‪٬ ِ١َ٠‬ؿؾل ٖ‪ ٫‬ػو‪٧٦ٖ ٤٢‬‬
‫آ‪ ٧٦ٖ ..١٠‬ج‪٠ٝ‬ئ‪ٜ ١٠ ١ ٟٓ‬ل ؾ‪" ٕ٧‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٜ‬س‪٧‬ف ي‪٬‬حءج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ظ‪٠‬حك ‪ :‬ج‪ٝ‬سٗ‪ٗٛ‬ف ٖ‪ ٫‬جٯل‪٠‬حء (ؿجف ج‪٦ٝ‬ظفذ ً‪ )1‬ه‬
‫‪٠٧ 110‬ح دِؿ‪٥‬ح"‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٖحًف ‪.32‬‬

‫‪29‬‬
‫والناأُس فً مشهد المعرفة على مرتبتٌن ‪ ،‬إما فً ٌقظة المعرفة فهم فً تربٌة‬
‫الو ٌة فٌنظرون الكرامة ‪ ،‬وإما فً نوم الفضلة فهم فً تربٌة العداور ‪ ،‬فهم ٌنظرون‬
‫اامانة ‪ ،‬إ أن ٌرحمهم أرحم الراحمٌن ‪ .‬فسبحان َسمنْس َسخلَّو ِسمنْس عبًده َسمنْس شاء‬
‫وأعطاهم ثم دعاهم إلى نفسه بفضله حٌ قال ‪( :‬وأنيبوا لى رب م )(‪ ،)1‬فؤجابوه‬
‫برجْس ل الندامة على قدم‬ ‫وأنابوا إلٌه ‪ ،‬فهم على أصناؾٍس شتى ‪ ،‬فالتاببون ٌمشون ِس‬
‫الحٌاء ‪ ،‬والزاهدون ٌمشون برجل التوكل على قدم الرضا ‪ ،‬والخابفون ٌمشون‬
‫برجل الهٌبة على قدم الوفاء ‪ ،‬والمحبون ٌمشون برجل الشوق على قدم الصفاء ‪،‬‬
‫والعارفون ٌمشون برجل المشاهدر على قدم الفناء ‪ ،‬فالمعرفة طعا ٌحم أطعمه هللا َسمنْس‬
‫شاء من عباده ‪ ،‬فمنهم َسمنْس ٌذوقه ذوقا ًا ‪ ،‬ومنهم َسم ن ٌؤكل منه بالؼا ًا ‪ ،‬ومنهم َسم ن ٌؤكل‬
‫بعا ًا ‪ ،‬والناأ فً المعرفة على منازل ‪ ،‬فمنهم من‬ ‫منه َسكفافا ًا ‪ ،‬ومنهم َسم ن ٌؤكل شِس َس‬
‫كم صْس ر ‪ ،‬ومنهم من‬ ‫ٌكون منزله كشِس عْس ب ‪ ،‬ومنهم َسم ن ٌكون كقرٌة ‪ ،‬ومنهم من ٌكون ِس‬
‫ٌكون منزله منها كالدنٌا واآلخرر ‪ُ .‬سروي أن النبً علٌه الصالر والسالم قال ‪ " :‬إذا‬
‫كان ٌوم القٌامة ناد منا ٍسد أخرجو ا ِسم ن النار َسم ن قال إله إ هللا وفً قلبه حبة‬
‫(‪) 2‬‬
‫خردل من اإلٌمان"‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف ‪.54:‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ُ‪ ١‬ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪٬ :‬ؾفض ‪ ١٠‬ج ‪٢ٝ‬حف ‪ٙ ١٠‬حل ٳ ا‪ ٤ٝ‬اٳ جهلل ‪٫ٖ٧‬‬
‫‪ٞٙ‬د‪٧ ٤‬ق‪ ١‬نِ‪٬‬فذ ‪ ١٠‬ؾ‪٬‬ف‪٬٧ ،‬ؾفض ‪ ١٠‬ج‪٢ٝ‬حف ‪ٙ ١٠‬حل ٳ ا‪ ٤ٝ‬اٳ جهلل ‪ٞٙ ٫ٖ٧‬د‪٧ ٤‬ق‪ ١‬دُفٓ ذ ‪ ١٠‬ؾ‪٬‬ف‪٬٧ ،‬ؾفض ‪١٠‬‬
‫ج‪٢ٝ‬حف ‪ٙ ١٠‬حل ٳ ا‪ ٤ٝ‬اٳ جهلل ‪ٞٙ ٫ٖ٧‬د‪٧ ٤‬ق‪ ١‬ـَفٓ ذ ‪ ١٠‬ؾ‪٬‬ف "‪ٙ .‬حل ؤد‪ُ ٧‬دؿ جهلل (ج‪ٝ‬دؾحف‪ٙ :)٪‬حل ؤدح‪ :١‬ػؿص‪٢‬ح ‪ٙ‬سحؿذ ‪:‬‬
‫ػؿص‪٢‬ح ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ١٠( : ٟٞ‬ا‪٠٬‬ح‪ٜ٠ )١‬ح‪ ١٠( :١‬ؾ‪٬‬ف) [ ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٱ‪٠٬‬ح‪،١‬‬
‫دحخ ق‪٬‬حؿذ جٱ‪٠٬‬ح‪ٚ٢٧ ١‬وح‪ ،٤٢‬ف‪٠٧ ،44 ٟٙ‬ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ؤؿ‪ ٩٢‬ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر ‪٢٠‬ق‪ٝ‬ر ٖ‪٦٬‬ح ‪ ١ُ٧ ] 193‬ؤد‪ ٫‬لِ‪٬‬ؿ‬
‫‪٬‬ؾفض ‪ ١ ِٟ‬ج‪٢ٝ‬حف ‪ٛ ١ َٟ‬ج‪ٞٙ ٫ٖ ١‬د‪٠ ٤‬ص‪ٚ‬حل‬ ‫ج‪ٝ‬ؾؿف‪ ٪‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل ‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪: ٟٞ‬‬
‫ـفذ ‪ ١٠‬جٱ‪٠٬‬ح‪ " ١‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٫ٖ( ٪‬وٗر ظ‪ ، ٟ١٦‬ج‪ٝ‬دحخ ج‪ِٝ‬حنف‪ ،‬ف‪ٙ٧ 2601 ٟٙ‬حل ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪٥ : ٪‬ـج ػؿ‪٬‬ش‬
‫ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ) ‪ ٫ٖ٧‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ـ‪ٜ‬ف‪٥‬ح فق‪ ١٬‬ؤ‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪٬ :‬ؿؾل ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر‪٧ ،‬ؤ‪٥‬ل‬
‫ج‪٢ٝ‬حف ج‪٢ٝ‬حف‪ ،‬ص‪٧ٚ٬ ٟ‬ل جهلل ‪ :‬ؤؾفظ‪٧‬ج ‪ ١٠‬ج‪٢ٝ‬حف ‪ٜ ١٠‬ح‪ٞٙ ٫ٖ ١‬د‪٠ ٤‬ص‪ٚ‬حل ػدر ‪ ١٠‬ؾفؿل ‪ ١٠‬ا‪٠٬‬ح‪[" ١‬ظح‪ َ٠‬جٯو‪٧‬ل‬
‫ٳد‪ ١‬جٯص‪٬‬ف (ج‪٠ٝ‬دحف‪ ٛ‬د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ ‪٥ 606-544‬ـ) (ً ‪ 2‬ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 357/9‬ف‪ ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪.] 700‬‬

‫‪30‬‬
‫وقد قال علٌه أفضل الصالر والسالم ‪ " :‬اإلحسان أن تعبد هللا كؤنك تراه (‪ ،)1‬فإن لم‬
‫تكن تراه فإنه ٌراك "‪ ،‬وما ذلك إ حقٌقة المعرفة ‪ ،‬فٌقول لهم الرب تعالى ‪ :‬أنتم‬
‫عبٌدي حقا ًا ‪ ،‬فقد طال شوقكم إلًّس ‪ ،‬وشوقً إلٌكم ‪ ،‬السالم علٌكم عبٌدي ‪ ،‬فها أنا‬
‫خلقت الجنة إ من أجلكم ‪ ،‬فلكم الٌوم ما شبتم ‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫حبٌبكم ‪ ،‬فبعزتً ما‬
‫(‪) 3‬‬ ‫)‬ ‫(‬
‫و ُس كً أن مالك بن دٌنار وثابتا ًا البنانً رحمهما هللا ‪ ،‬دخال على رابعة‬
‫‪2‬‬

‫البصرٌة(‪ )4‬فقالت لمالك‪ :‬أخبرنً لم تعبد ربك؟ قال‪ :‬شوقا ًا إلى الجنان ‪ ،‬فقالت لثابت‬
‫‪ :‬وأنت ٌا ؼالم؟ فقال ‪ :‬خوفا ًا من النٌران ‪ ،‬فقالت‪ :‬أنت ٌا مالك مثل أجٌر السوء‬
‫ٌعمل إ طمعا ًا ‪ ،‬وأنت ٌا ثابت مثل عبد السوء ‪ ،‬تعمل خوفا ًا من الضرب ‪ ،‬فقا ‪:‬‬
‫ت ٌا رابعة ‪ ،‬فقالت‪ :‬حبا ًا هلل تعالى ‪ ،‬وشوقا ًا إلٌه‪.‬‬
‫وأن ِس‬
‫ُسكً أن ذا النون المصري رضً هللا عنه كان ٌعظ الناأ ذات ٌوم وهم‬ ‫وح َس‬
‫ٌبكون‪ ،‬وفٌهم شابٌّي ٌضحك ‪ ،‬فقال له‪ :‬ما لك ٌا فتى؟ فقال ٌنشد وٌقول‪:‬‬
‫ويرون النجاا حظا ً جزيال‬ ‫نار‬
‫ل ُّلهم يعبدون من خول ٍ‬
‫عيونها سلسبيال‬ ‫ريار‬
‫ٍ‬ ‫ل‬ ‫أو بؤن يس نوا الجنان ُتل ضحوا‬
‫بديال‬ ‫بحب‬
‫ّن‬ ‫أنا و أبتتل‬ ‫والل نان هوائل‬
‫ِر‬ ‫لي ل الخلد‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٠‬ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ د‪٬‬ح‪ ١‬جٱ‪٠٬‬ح‪٧ ١‬جٱلٴ‪٧ ٟ‬جٱػلح‪٧ 8 ١‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪٧ ٫‬وٕ‬
‫‪4695‬‬ ‫ظدف‪٬‬ل ‪٢ٞٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬جٱلٴ‪٧ ٟ‬جٱ‪٠٬‬ح‪٧ 2613 ١‬ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ل‪٢‬ر‪ ،‬دحخ ٖ‪ ٫‬ج‪ٚٝ‬ؿف‬
‫‪٧‬ج‪٢ٝ‬لحث‪ :٫‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ‪ِ٢‬ز جٱلٴ‪.97/8 ٟ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ح‪ ٛٝ‬د‪ ١‬ؿ‪٢٬‬حف‪ ١٠ ،‬ف‪٧‬جذ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪ ،‬دوف‪٧ ٪‬فٍ‪٠ ،‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 131‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫صحدز د‪ ١‬ؤلؿ ج‪ٝ‬د‪٢‬ح‪ٜ . ٫٢‬ح‪٧ٚ٬ ١‬ل ‪ :‬ا‪ ١‬ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ـ‪ٜ‬ف ‪٬‬ظ‪ٞ‬ل‪ٞٝ ١٧‬ـ‪ٜ‬ف ‪ ١٠ ٟ٦٬ُٞ٧‬ج‪ٝ‬ـ‪٧٢‬خ ؤ‪٠‬صحل ج‪ٝ‬ظدحل‪١٧٠٧ٚ٬ٕ ،‬‬
‫‪٬ٝ٧‬ك ُ‪ ٟ٦٬ٞ‬ـ‪٢‬خ ‪٧‬جػؿ (ج‪ًٚٝ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪.)47/1 ٫٢‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ؤ‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ؾ‪٬‬ف فجدِر د‪٢‬ز ال‪٠‬حُ‪٬‬ل ج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر ج‪ٝ‬دوف‪٬‬ر ‪٠ ،‬حسز دػؿ‪٧‬ؿ ‪٥ 180‬ـ‪٧ ،‬ج‪ٙ‬فؤ ا‪ ١‬نثز سحف‪٬‬ؽ نِفجء‬
‫ج‪ِٝ‬فد‪٬‬ر ‪٠ٝ‬ػ‪٠‬ؿ ػل‪٠ ٫٢‬وًٗ‪ ،٩‬ج‪ِٝ‬وف ج‪ِٝ‬دحل‪ ٫‬جٯ‪٧‬ل‪ ،‬ج‪ِٝ‬ؿؿ ج‪ٝ‬سحلَ (فجدِر ج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر)‪ٚٝ : ٤٬ٖ٧ ،،‬ؿ ؤػخٓ ز‬
‫(فجدِر) فخ ج‪ِٝ‬ح‪ ١٬٠ٝ‬ظل ظٴ‪٧ ، ٤ٝ‬سظفؿز ‪ِٝ‬دحؿس‪٧ ، ٤‬ؤ‪٢ٚ٬‬ز ؤ‪ ٤٢‬ؤ‪٥‬لٌ ؤ‪ُُ٪ ١‬دؿ‪ِ٠ً ،‬حً دفيح‪٧ ٣‬ظ‪٢‬س‪٧ ،٤‬جس‪ٚ‬حءّ‬
‫ؤ‪ُُ٪ ١‬دؿ ؛‬ ‫‪ِٝ‬ـجد‪ ،٤‬ػس‪ ٧ٝ ٩‬ؤ‪ُ ٤٢‬قٓ ‪٧‬ظل ‪٠‬ح ظِل ص‪٧‬جخ ج‪٠ٝ‬س‪ ١٬ٚ‬ظ‪٢‬ر‪ُ٧ ،‬ـجخ ج‪ِٝ‬حو‪ ١٬‬ج‪٢ٝ‬حف‪ٜٝ ،‬ح‪٬ ١‬لسػ٘‬
‫‪ٝ‬ظٴل ‪٧‬ظ‪ ٟ٬ٌُ٧ ،٤٦‬وٗحس‪٧ ،٤‬اػلح‪ ٤٢‬ج‪ٝ‬ـ‪ ٪‬ٳ ‪ُ٪‬عَؿ‪٧ ،‬آٳث‪ ٤‬ج‪ٔٝ‬ح‪٠‬فذ " ({فجدَذج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر ه ‪٥٧ )6‬ـج ‪٬‬ػسحض ج‪ٝ‬ـ‪١٬‬‬
‫‪٬‬سِفي‪٦ٝ ١٧‬ـ‪ ٣‬ج‪ٜٗٝ‬فذ ا‪ ٩ٝ‬ؿ‪ٙ‬ر دح‪ٔٝ‬ر ‪ٝ‬ؿ‪ ٨‬ج‪ٝ‬سِد‪٬‬ف ُ‪٦٢‬ح؛ ٖب‪ ١‬ج‪ِٝ‬ٴ‪٠‬ر ؤدح ج‪ِٝ‬دحك ؤػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬قف‪٧ٚ٬ ٘٧‬ل سٌِ‪٠ ٟ٬‬ح‬
‫ٌُ‪ ٟ‬جهلل ‪ ُٟ‬سِ‪٧ ١ِّ٫‬جػس‪ٚ‬حف ـ‪ ٛٝ‬فد‪٠‬ح ‪ٜ‬ح‪ٜٗ ١‬فجً [ ‪٧ٙ‬جُؿ ج‪ٝ‬سو‪ٜ٠( ٕ٧‬سدر ج‪٬ٜٞٝ‬حز جٯق‪٥‬ف‪٬‬ر ً‪.] 136 ) 2‬‬

‫‪31‬‬
‫الحديث الخام‬
‫انصر أخا ]‬
‫ْن‬ ‫[‬

‫أ خبرنا شٌخنا الصالح الثقة العارؾ باهلل القاضً أبو الفضل علً الواسطً‬
‫رضً هللا عنه ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا القاضً أبو بكر محمد بن عبد الباقً بن محمد البزاز‪،‬‬
‫قال ‪ :‬أنبؤنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عمر بن أحمد البرمكً ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو محمد ب‬
‫ن‬
‫عبدهللا بن محمد البزاز ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو مسلم إبراهٌم بن عبدهللا بن مسلم البصري ‪،‬‬
‫قال‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا اانصاري ‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حمٌد عن أنأ قال ‪ :‬قال رسول صلى‬
‫ص ُسرهُس مظلوما ًا فكٌؾ‬
‫هللا علٌه وسلم ‪" :‬انصر أخاك ظالما ًا كان أو مظلوما ًا ‪ ،‬قال ‪ :‬أن ُس‬
‫أنصره ظالما ًا ؟ قال‪ :‬تمنعه من الظلم فذلك نص ُسر َسك إٌاه"(‪ )1‬أقول ‪ :‬هذا بشؤن أخٌك‬
‫نفوأكم وامنعوها وازجروها‪.‬‬ ‫َس‬ ‫‪ ،‬فكٌؾ بك بشؤنك ‪ ،‬أخٌفوا‬
‫أي سادر ‪ ،‬للعارؾ أربع أجنحة ‪ ،‬الخوؾ ‪ ،‬والرجاء ‪ ،‬والمحبة ‪ ،‬والشوق ‪،‬‬
‫فال هو بجنا الخوؾ فٌسترٌح من الهرب ‪ ،‬و بجنا الرجاء فٌسترٌح من الطلب‬
‫‪ ،‬و بجنا المحبة فٌسترٌح من الطرب ‪ ،‬و بجنا الشوق فٌسترٌح من الشؽب ‪،‬‬
‫الدمف مما عر وا‬
‫ِر‬ ‫وهللا تعالى بٌ َسَّون فً كتابه نعْس َس‬
‫تهم بقوله ‪( :‬تر أع ُتينَمهم تفير من‬
‫من الحو)(‪ ،)2‬وقوله تعالى ‪( :‬و تلهيهم تجارا) اآلٌة ‪ ،‬وذلك ان عمل العارؾ‬
‫(‪) 3‬‬

‫خاللٌح للمولى ‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ ٫ٖ ٧٥٧‬وػ‪٬‬غ ج‪ٝ‬دؾحف‪ٜ٥ ٪‬ـج‪ ١ُ :‬ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل ‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪٢‬وف‬
‫ؤؾح‪ٌ ٛ‬ح‪٠ٝ‬حً ؤ‪٠٧ٌٞ٠ ٧‬حً ‪ٙ‬ح‪٧ٝ‬ج ‪٬ :‬ح فل‪٧‬ل جهلل‪٥ ،‬ـج ‪٢٢‬وف‪٠٧ٌٞ٠ ٣‬حً‪٢٢ ٕ٬ٜٖ ،‬وف‪ٌ ٣‬ح‪٠ٝ‬حً؟ ‪ٙ‬حل‪ :‬سإؾـ ٖ‪٬ ٘٧‬ؿ‪٤٬‬‬
‫‪١٠ ،‬‬ ‫(ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬ج‪ٌ٠ٝ‬ح‪ ،ٟٝ‬دحخ‪ :‬ؤُ‪ ١‬ؤؾح‪ٌ ٛ‬ح‪٠ٝ‬حً ؤ‪٠٧ٌٞ٠ ٧‬حً ف‪ ٫ٖ٧ .)2312 ٟٙ‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر‪" :‬سػظق‪ ،٣‬ؤ‪ ٧‬س‪٤ِ٢٠‬‬
‫ج‪ٖ ،ٌٟٞٝ‬ب‪ ١‬ـ‪٢ ٛٝ‬وف‪ [ "٣‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٱ‪ٜ‬فج‪ ،٣‬دحخ‪ ١٬٠٬ :‬ج‪ٝ‬فظل ‪ٝ‬وحػد‪ ٤‬ؤ‪ ٤٢‬ؤؾ‪ ،٣٧‬ف‪.] 6552 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٠ٝ‬حثؿذ‪.83 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٧٢ٝ‬ف‪.37 :‬‬

‫‪32‬‬
‫وقوله مستؤنأ بالذكر ‪ ،‬ونفسه صابرر فً البلو ‪ ،‬وسرّس ه دابم النجو ‪ ،‬وفكره‬
‫باافق ااعلى ‪ ،‬فمرَّو ًار ٌتفكر فً نعم ربه ‪ ،‬ومرَّو ًار ٌجول حول سرادقات قدسه ‪،‬‬
‫فحٌنب ٍسذ ٌصٌر حُسرّس اًا عبدا ًا‪ ،‬وعبدا حُسرّس اًا ‪ ،‬وؼنٌا ًا فقٌرا ‪ ،‬وفقٌراًا ؼنٌا ًا ‪ ،‬هكذا ٌع ُّدد ما‬
‫أمكنه َسطرداًا وعكسا ًا من االفاظ ‪ ،‬مثل الموجود والمعروؾ ‪ ،‬والعزٌز والمسرور ‪،‬‬
‫والقرٌب والمحمود ‪ ،‬والناطق والساكت ‪ ،‬والمقبول والخابؾ ‪ ،‬والشاهد والؽابب ‪،‬‬
‫والباكً والضاحك ‪ ،‬وذلك ان ضحكه وسروره فً حزنه ‪ ،‬وحزنه فً سروره ‪،‬‬
‫مختلط بع ِّذِسزه ‪ ،‬وخوفه ممزو ٌحج برجابه ‪ ،‬ورجاإه ممزو ٌحج‬ ‫ٌح‬ ‫بذ ِّذهل ‪ُ ،‬س‬
‫وذ ّسهل‬ ‫ٌح‬
‫مختلط ُس‬ ‫وعِس ُّدزه‬
‫بخوفه ‪ ،‬خوؾ ٌذهب برجابه ‪ ،‬و رجاء ٌذهب بخوفه ‪ ،‬وهو بنفسه ٌعٌشُس مع‬
‫الناأ ‪ ،‬وبقلبه مع هللا تعالى ‪ ،‬تؽلب معامل ُسة نفسه مع الناأ معامل َسة قلبه مع هللا‬
‫تعالى ‪ ،‬عزٌ ٌحز ذلٌل ‪ ،‬فقً ٌحر ؼنًّس ‪ ،‬كما قال أبو ٌزٌد رضً هللا عنه فً مناجاته ‪:‬‬
‫إلهً‪،‬‬
‫َسقيَّودونً وأوثقوا ِس‬
‫الم ْس‬
‫أمــارا‬ ‫قلت قد دنا َسح ُّدل َسقٌدي‬ ‫ك ّسلما ُس‬
‫وكان ٌسٌ ُسل الدم ُسع من عٌنٌه عند هذه الكلمة ‪ ،‬ولٌأ كل َسمنْس يُسر علٌه أثر‬
‫الزهد فهو زاهد ‪ ،‬وكذلك أث ُسر الرؼبة والحماقة والجنون والبطالة والؽفلة‪.‬‬
‫إن هللا تعالى كلما نظر إلى قلب عبد من عبٌده با لفضل والرحمة كشؾ عنه‬
‫حجاب الؽفلة ‪ ،‬وأظهر له لطابؾ القدرر ‪ ،‬فعند ذلك بد له من إحد ثال ‪ ،‬إما أن‬
‫ٌصٌر حكٌما ًا ٌتصل به الخلق إلى هللا ‪ ،‬وإما أن ٌك َّول لسانه فٌصٌر مدهوشا ًا مبهوتا ًا ‪،‬‬
‫ب ‪ ،‬محفوظا ًا فً قبضته ‪ ،‬حتى ٌراه ؼٌره لشدر‬ ‫وإما أن ٌصٌر مستوراًا فً ُسح ُسن ه ِس‬
‫ؼًرته علٌه ‪ ،‬فسبحان من حجب أهل معرفته عن جمٌع خلقه ‪ ،‬حجبهم عن أبناء‬
‫الدنٌا بؤستار اآلخرر ‪ ،‬وعن أبناء اآلخرر بؤستار الدنٌا ‪ ،‬وذلك أن أهل المعرفة‬
‫عرابأ هللا تعالى فً أرضه ‪ ،‬وهللا َسمحْس َسر ُسم هُس م‪َ ،‬سمحْس َسر َسم لهم ؼٌره ‪ ،‬فهم عند هللا‬
‫مخدورون‪.‬‬
‫وقد روي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه السالم ‪ٌ :‬ا داود أولٌابً فً‬
‫قباب ٌعرفهم إ أولٌابً ‪ ،‬فطوبى اولٌابً ‪ ،‬ثم طوبى احبابً ‪ٌ ،‬قال ‪ :‬لو بدت‬
‫َسذرَّو رٌح من نور النبً علٌه الصالر والسالم حترق ما بٌن العرش إلى الثر ‪.‬‬

‫لرب ‪ ،‬وعالمته أن‬ ‫احتراق بحبه ه‬ ‫ُسهُس‬ ‫قٌل لرابعة ‪ :‬ما كمال حال العارؾ ؟ قالت‪:‬‬
‫ٌكون مستؽنٌا ًا بال ُسم عطً عن العطاء ‪ ،‬وبالمكوِّذ ِسن عن الكون ‪ ،‬مستؽرقا ًا فً بحار‬
‫دانه ‪ ،‬ساكنا ًا بقلبه معه ‪ ،‬مع ترك كل اختٌار لنفسه ‪ ،‬و ٌجز عند‬ ‫سرور ِسو جْس ِس‬
‫الشدابد والبلو لرإٌته ‪ ،‬وٌعلم أن هللا تعالى أقرب إلٌه من كل شًء ‪ ،‬وأرحم علٌه‬
‫عز وأكب ُسر من كل شًء ‪ ،‬وأن لكل شًء خلفا ًا ما خال هللا تعالى‪.‬‬ ‫من كل أحد ‪ ،‬وأ ُّد‬
‫ل‬ ‫وما لف ْنل ِرد الحبي ِر‬
‫ب مِرنْن َمخلَم ْن‬ ‫ل‬ ‫أللء عدم ُتت ُته َمخلَم ْن‬
‫ٍ‬ ‫ل لِّب‬
‫وإنما يُسعرؾ العارؾ ‪ ،‬إذا مًّسز الخواطر النفسٌة من الخواطر الروحً ر ‪،‬‬
‫لٌة ‪ ،‬فمن ر ِسُسز َسق التوفٌق إلى‬ ‫واإلرادر الدنٌوٌة من ااُس ْسخ َسر ِسوٌّسة ‪ ،‬والهمم الع ْسُسلوٌة من الس ْس‬
‫ُّدؾ‬
‫حفظ حدود صدق وفاء العبودٌة ‪ ،‬والقٌام بشروطها ‪ ،‬ووجد السبٌ َسل إلى طرٌق حفظ‬
‫النفأ‬
‫ِس‬ ‫ش ْسك َسرهُس ‪ ،‬فٌصٌ ُسر مع‬ ‫تحقٌقها ‪ ،‬ثم قام بذكره ‪َ ،‬س‬
‫وذ َسك َسر ذ ْسِسك َسر ه ‪ ،‬ثم شكره ‪ ،‬و َسش َسك َسر ُس‬
‫الخ ْسل ِسق بال خلق‪.‬‬
‫بال نفأ ‪ ،‬ومع الرو بال رو ‪ ،‬ومع َس‬

‫‪33‬‬
‫كما قال اإلمام ابن عباأ رضً هللا عنهما ‪ :‬بلؽنا أن عٌسى وٌحٌى علٌهما‬
‫الط ُسرق ‪ ،‬فصدم ٌحٌى امرأر ‪ ،‬فقال له‬ ‫الصالر والسالم بٌنما كانا ٌسٌران فً بعر ُس‬
‫عٌسى ‪ٌ :‬ا بن خالتً ‪ ،‬لقد أصبت الٌوم ذنبا ًا عظٌما ًا ‪ ،‬قال ‪ :‬ما هو؟ قال ‪ :‬امرأر‬
‫شعرت بها ‪ ،‬فقال عٌسى ‪ :‬سبحان هللا نفأُسك معً ‪،‬‬ ‫ُس‬ ‫صدمتها ‪ ،‬قال ٌحٌى ‪ :‬وهللا ما‬ ‫َس‬
‫فؤٌن قلبُسك وروحك ؟ فقال ‪ :‬عند هللا ‪ٌ ،‬ا عٌسى لو سكن قلبً إلى جبرٌل ‪ ،‬أو إلى‬
‫عرفت هللا َّو‬
‫حق معرفته‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫ُس‬
‫لظننت أنّسي ما‬ ‫أحد ؼٌر هللا طرف َسة عٌن ‪،‬‬
‫وقٌل‪ :‬المعرف ُسة خمسة أحرؾ ‪ ،‬فمن وجد فً نفسه معناها فلٌعلم أنه من أهلها‬
‫نفأه ‪ ،‬وبالعٌن َسع َسبدَس هللا على صِس ْسد ق الوفاء ‪ ،‬وبالراء رؼب إلى هللا‬‫َس‬ ‫‪ ،‬بالمٌم َسملَس َسك‬
‫ك ّسلٌة ‪ ،‬وبالفاء فوّس ر أمره إلى هللا ‪ ،‬وبالهاء هرب من كل ما دون هللا إلى هللا ‪،‬‬ ‫بال ُس‬
‫فكل عارؾ ٌملك نفسه بقدر معرفته بكبرٌابه تعالى وعظمته ‪ ،‬وٌعب ُسد ربه على ْسقد ر‬
‫معرفته بربوبٌته ‪ ،‬وٌرؼب إلٌه على قدر م عرفته بفضله وامتنانه ‪ ،‬وٌفوِّذ ر أمره‬
‫إلٌه على قدر معرفته بقدرته ‪ ،‬وٌهرب إلٌه على قدر معرفته بملكه وسلطانه ‪ ،‬فهو‬
‫عارؾ‪.‬‬

‫الحديث الساد‬
‫[ استجابة الدعوا]‬

‫حدثنا الشرٌؾ محمد بن عبد السمٌع العباسً الهاشمً الواسطً ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أخبرنا الحاجب أبو شجا محمد بن الحسٌن ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا النقٌب أبو الفوارأ طراد‬
‫بن محمد ابن علً الزبٌبً الهاشمً ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو محمد عبدهللا بن ٌحٌى بن‬
‫عبدالجبار السكري ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو علً إسماعٌل بن محمد الصفار ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا‬
‫أبو بكر أحمد ابن منصور الرمادي ‪ ،‬قال أنبؤنا عبد الرزاق بن همام ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا‬
‫َسمعْس َسم ٌحر عن الزهري عن رجل س ّسم اه(‪ ،)1‬عن أبً هرٌرر رضً هللا عنه قال ‪ :‬قال‬
‫ُس‬
‫دعوت فلم‬ ‫رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪ " :‬يُسستجابُس احدكم ما لم َسٌعْس َسج ْسل فٌقول‬
‫والع َسجلَس ُسة هنا من َسؼلَس َسب ِسة اإلشتؽال بال َسقصْس ِسد دون خالقه ‪ ،‬وهذا من نُسقصان‬
‫َس‬
‫(‪) 2‬‬
‫يُسستجب لً"‬
‫المعرفة ‪ ،‬فإن العارؾ ٌشؽله شًء عن ربه‪.‬‬
‫وسنذكر من أحوال العارفٌن أشٌاء بقصد التبرك ِسبذ ْسِسك ِسر ِسه م ‪ ،‬قال هللا تعالى ‪:‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ب براهيم)(‪ )3‬وقال سبحانه‪ [ :‬نحن نلص علي ]‬ ‫(واإ ر ل ال تا ِر‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ ٧٥‬ؤد‪ُ٧‬د‪٬‬ؿ ‪ ٩ٝ٧٠‬جد‪ ١‬ؤق‪٥‬ف (ج‪ٝ‬دؾحف‪( ٪‬ج‪ٝ‬ؾؿ‪٠‬حز ج‪ًٝ‬دحُ‪٬‬ر) ‪.)2335/5‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬ج‪ٝ‬ؿُ‪٧‬جز‪ ،‬دحخ‪٬ :‬لسظحخ ‪ِٞٝ‬دؿ ‪٠‬ح ‪َِِ٬ ٟٝ‬ظَلْ ‪٠٧ 5981‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬ـ‪ٜ‬ف ‪٧‬ج‪ٝ‬ؿُحء ‪٧‬ج‪ٝ‬س‪٧‬در ‪ ،‬دحخ د‪٬‬ح‪ ١‬ؤ‪٤٢‬‬
‫‪٪‬لسظحخ ‪ٞٝ‬ؿجُ‪٠ ٫‬ح ‪ِ٬ ٟٝ‬ظل ‪.2735‬‬
‫ُ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٠‬ف‪.41 ٟ٬‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٧٬‬لٕ ‪.3‬‬

‫‪34‬‬
‫وفً الخبر‪ :‬اذكروا الصالحٌن ‪ ،‬عند ذكر الصالحٌن تنزل الرحمة (‪ .)5‬فلو ذلك لما‬
‫كان ٌنبؽً لنا أن نشتؽل بذكر ؼٌر هللا تعالى ‪ ،‬ومع ذلك فإن هللا تعالى معنا ‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪:‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫( وهو مع م أين ما نتم)‬
‫بٌت المقدأ فؤضلَس ْسل ُس‬
‫ت‬ ‫ُس‬
‫قصدت َس‬ ‫(‪) 2‬‬
‫ِسً أن عبدالو احد بن زٌد رحمه هللا قال‪:‬‬ ‫ُسحك َس‬
‫فقلت لها‪ٌ :‬ا ؼرٌبة ‪ ،‬أنت ضا َّولر؟ قالت ‪ :‬كٌؾ يكون‬ ‫ُس‬ ‫طرٌقً ‪ ،‬فإذا بامرأر أقبلت إلًَّو‬
‫بُّد ‪ ،‬ثم قالت ‪ :‬خذ رأأ عصاي وتق َّود م‬ ‫ؼرٌبا ًا َسمنْس ٌعرفه ‪ ،‬وكٌؾ ٌكون ضا ًا من يُس ِس هُس‬
‫رأأ عصاها ‪ ،‬ومشٌت بٌن ٌدٌها سبعة أقدام أقل أو أكثر‪،‬‬ ‫َس‬ ‫ُس‬
‫فؤخذت‬ ‫بٌن ٌديَّو مشٌا ًا ‪،‬‬
‫كت عٌنً ‪ ،‬قلت‪ :‬لعل هذا ؼلط منً ‪ ،‬فقالت‪ٌ :‬ا‬ ‫فإذا أنا فً مسجد بٌت المقدأ ‪ ،‬فدلَّو ُس‬
‫هذا سٌرك سٌر الزاهدٌن ‪ ،‬وسٌري سٌر العارفٌن ‪ ،‬فالزاهد ٌسٌر ‪ ،‬والعارؾُس ٌطٌر‬
‫َّوار؟ ثم ؼابت فلم أرها بعدها‪.‬‬ ‫الطٌ َس‬‫‪ ،‬وأ َّونى ٌلحق ال َّوسٌَّوا ُسر َّو‬
‫البحر ‪ ،‬إذ انكسرت‬ ‫َس‬ ‫‪ :‬كنت راكبا ًا‬ ‫قال أبو عمران الواسطً رحمه هللا‬

‫(‪) 5‬‬
‫اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪( ١٬‬ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ٙ ،231/2‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪٬ٝ : ٫ٙ‬ك ‪ ٤ٝ‬ؤول ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ج‪٠ٝ‬فٖ‪٧ ،ٍ٧‬ا‪٠٢‬ح ‪٧٥‬‬
‫‪٧ٙ ١٠‬ل لٗ‪٬‬ح‪ ١‬د‪٢٬٬ُ ١‬ر‪ٜ ،‬ـج ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ط ‪٧‬ق‪ٚ٠ ٫ٖ ٪‬ؿ‪٠‬ر وٗر ج‪ٝ‬وٗ‪٧‬ذ =‬
‫= [ ج‪( ٫٢ٔ٠ٝ‬د‪٦‬ح‪٠‬م جٱػ‪٬‬حء) ‪٧ ] 231/2‬اسػحٕ ج‪ٝ‬لحؿذ ج‪٠ٝ‬س‪٧ ،350/6 ١٬ٚ‬ؤل‪ ٩٢‬ج‪ً٠ٝ‬ح‪ٝ‬خ ‪: ٤٬ٖ٧ 140‬‬
‫"ػؿ‪٬‬ش" "ُ‪٢‬ؿ ـ‪ٜ‬ف ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬وٴع س‪٢‬قل ج‪ٝ‬فػ‪٠‬ر "‪ :‬ٳ ؤول ‪ٙ . ٤ٝ‬حل ج‪ِٝ‬فج‪٧ ٫ٙ‬جد‪ ١‬ػظف ‪٬ٙ :‬ل‪١٠ ٧٥ :‬‬
‫‪ٜ‬ٴ‪ ٟ‬جد‪٢٬٬ُ ١‬ر "‪ٜ٧ .‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء ‪ 70/2‬دف‪ٙ" :٤٬ٖ٧ 1772 ٟٙ‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ جد‪ ١‬ػظف‪ :‬ٳ ؤول ‪١ٜٝ .. ٤ٝ‬‬
‫‪ٙ‬حل جد‪ ١‬ج‪ٝ‬وٴع ٖ‪ ٟ٧ُٞ ٫‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪ :‬ف‪٢٬٧‬ح ُ‪ ١‬ؤد‪٠ُ ٫‬ف‪ ٧‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل د‪٠ ١‬ظ‪٬‬ؿ ؤ‪ ٤٢‬لح‪٬‬ف ؤدح ظِٗف ؤػ‪٠‬ؿ‬
‫‪ٜ٧‬ح‪ُ ١‬دؿ‪ ١٬‬وح‪ٝ‬ػ‪ٖٚ ، ١٬‬حل ‪ : ٤ٝ‬دإ‪٬٢ ٪‬ر ؤ‪ٜ‬سخ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش؟ ٖ‪ٚ‬حل ‪ :‬ؤ‪ٝ‬لس‪( ٟ‬سف‪ ) ١٧‬ؤ‪٢ُ ١‬ؿ‬
‫ج‬ ‫د‪ ١‬ػ‪٠‬ؿج‪، ١‬‬
‫‪.‬‬ ‫ـ‪ٜ‬ف ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬ػ‪ ١٬‬س‪٢‬قل ج‪ٝ‬فػ‪٠‬ر؟ ‪ٙ‬حل ‪ :‬د‪ٙ .٩ٞ‬حل‪ٖ :‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬فث‪٬‬ك ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬ػ‪١٬‬‬
‫ج‪٢‬س‪ٙ .٩٦‬حل ج‪ٚٝ‬حف‪ ١ٜٝ : ٪‬ج‪ ٌٗٞٝ‬ا‪ٜ ١‬ح‪( ١‬سف‪ )١٧٧‬د‪٧‬ج‪ ١٠ ،١٬٧‬ج‪ٝ‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر‪٬ٖ ،‬ؿل ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ظ‪ٞ٠‬ر ُ‪ ٩ٞ‬ؤ‪٤٢‬‬
‫ٳ (ؤ‪ ٪‬دي‪ ٟ‬ج‪ٝ‬سحء) ؤ‪ً٠٧ِٞ٠ ٧‬ح (دٗسػ‪٦‬ح ) ٖٴ‬
‫ػؿ‪٬‬ش‪ ٤ٝ٧ ،‬ؤول‪٧ ،‬ا‪ٜ ١‬ح‪( ١‬سف‪ ١٠ )١٧‬ج‪ٝ‬فئ‪٬‬ر‪٠ ،‬ظ‪ً ٧٦‬‬
‫ؿٳ‪ٝ‬ر ٖ‪ٙ٧ .٤٬‬حل ج‪ٝ‬ق‪٠‬ؽ نف‪ ٫ٖ ٪‬ؾًدر فلح‪ٝ‬ر ٖ‪ٖ ٫‬ىجثل ج‪َِٝ‬نَفَ ذ‪٧ :‬فؿ ٖ‪ ٫‬وػ‪٬‬غ ج٭صحف ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿذ ُ‪١‬‬
‫ج‪٠ِٞٝ‬حء ج‪ٜٝ‬دحف ؤ‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪٢ُ :‬ؿ ـ‪ٜ‬ف ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬ػ‪ ١٬‬س‪٢‬قل ج‪ٝ‬فػ‪٠‬ر " ‪٫ٖ ٧٥٧‬‬
‫ج‪٧ٗٝ‬جثؿ ج‪٠ٝ‬ظ‪ُ٧٠‬ر ‪ٞٝ‬ن‪ٜ٧‬ح‪( ٫٢‬ج‪ٝ‬لٗ‪ٓ١‬ذ ج‪٠ٝ‬ػ‪٠‬ؿ‪٬‬ر ) ‪٧ 508‬جٯلفجف ج‪٠ٝ‬فٖ‪ُ٧‬ر ‪ ٫ِٞٝ‬ج‪ٚٝ‬حف‪( ٪‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ) ‪249‬‬
‫‪193‬‬ ‫(‪٧٠‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪٧ )499/5‬ؤ‪٧‬فؿ‪٠ ٣‬ػ‪٠‬ؿ ًح‪٥‬ف ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪ ٪‬ج‪ٗٝ‬س‪ ٫ٖ ٫٢‬سـ‪ٜ‬فذ ج‪٧٠ٝ‬ي‪ُ٧‬حز‬
‫دحخ ٖيل جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٧‬جٯدؿجل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ؿ ‪.4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ؤؿف‪ ٛ‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪( ٪‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪.)60/1 ٫٢‬‬

‫‪35‬‬
‫فرفعت رأسً إلى‬ ‫ُس‬ ‫وبقٌت أنا وامرأتً ‪ ،‬فولدت ولداًا ‪ ،‬فؤرادت الماء ‪،‬‬ ‫ُس‬ ‫السفٌنة ‪،‬‬
‫السماء ‪ ،‬فإذا رج ٌحل جالأٌح على الهواء ‪ ،‬وفً ٌده ركور من ٌاقوت ٍسة حمراء فً سلسلة‬
‫تركت هواي ‪ ،‬فؤجلسنً فً الهواء‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫خذ ‪ ،‬فسؤلته عن ذلك ‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫من ذهب ‪ ،‬وقال ‪ْ :‬س‬
‫صنعت حٌن‬ ‫َس‬ ‫ِسً أن عبد الواحد بن ٌزٌد قال ‪ :‬ابً عاصم الربعً ‪ :‬كٌؾ‬ ‫و ُسحك َس‬
‫ُس‬
‫فصرت‬ ‫الح َّون اج ؟ قال‪ :‬كنت فً بٌتً فوقفوا على الباب لٌدخل علًَّو الرسو ُسل‬ ‫طلبك َس‬
‫جبل‬
‫فنظرت فإذا أنا علً ِس‬ ‫ُس‬ ‫مدهوشا ًا ‪ ،‬فإذا بٌ ٍسد أخذت بٌدي وجرَّو تنً قدَس ما ًا أو أكثر ‪،‬‬
‫أبً قبٌأ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫مررت برا ٍس فقلت له‪ :‬هل‬ ‫ُس‬ ‫ِسً أن إبراهٌم بن أدهم رضً هللا عنه قال‪:‬‬ ‫و ُسحك َس‬
‫أيُّد ما أحبُّد إلٌك؟ قلت‪ :‬الماء ‪ ،‬قال‪ :‬فضرب‬ ‫ربة من الماء أو من اللبن؟ قال‪ :‬ه‬ ‫عندك شُس ًا‬
‫فشربت منه وهو أبرد من‬ ‫ُس‬ ‫صد َس فٌه ‪ ،‬فانبجأ من الماء ‪،‬‬ ‫ْس‬ ‫للداًا‬ ‫بعصاه حجراًا َس‬
‫وبقٌت متعجبا ًا ‪ ،‬فقال الراعً ‪ :‬تتعجب فإن العبد إذا‬ ‫ُس‬ ‫الثلن ‪ ،‬وأحلى من العسل ‪،‬‬
‫أطا هللا أطاعه ك ُّدل شًء‪.‬‬
‫َسسلة معلقة فً بٌتها ‪ ،‬فكلما أرادت الطعام ‪،‬‬ ‫ٌح‬ ‫َّو‬ ‫(‪) 2‬‬
‫وكانت لرابعة البصرٌة‬
‫فوجدت فٌها أي الطعام شاءت‪.‬‬ ‫ْس‬ ‫ضربت بٌدها إلى السلة‬
‫)‬ ‫(‪) 3‬‬
‫وقال شٌخ الطابفة الحسن رضً هللا عنه‪ :‬خرج سلمانُس الفارسً رضً هللا‬
‫عنه من المدابن ومعه ضٌؾ‪ ،‬فإذا بظبا ٍسء تسٌر فً الصحراء‪ ،‬وطٌور تطٌر فً‬
‫الهواء‪ ،‬فقال سلمان ‪ :‬لٌؤتنً ظبًٌح وطٌ ٌحر سمٌنان‪ ،‬فقد جاءنً ضٌؾٌح أحب إكرامه‪،‬‬
‫الطٌر فً الهواء‪ ،‬قال ‪َ :‬سأو تتعجبُس‬ ‫َس‬ ‫فجاء كالهما‪ ،‬فقال الرجل سبحان الذي س َّوخ ر لك‬
‫‪.‬‬ ‫أطا هللا فعصاه هللا‬ ‫عبداًا‬ ‫َس‬
‫رأٌت‬ ‫من هذا؟ هل‬

‫(‪) 1‬‬
‫ادفج‪ ٟ٬٥‬د‪ ١‬ؤؿ‪ ٟ٥‬ج‪ٝ‬س‪ ٫٠٬٠‬ج‪ٝ‬د‪ٞ‬ؾ‪ ٫‬ؤد‪ ٧‬الػح٘ ‪ ،‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 161‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ ٫٥‬فجدِر ج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬جلدوف‪( ٪‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬د‪٬ ١‬لحف )‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫قال عبد الواحد بن زٌد‪ :‬بٌنما أنا وأٌوب السختٌانً(‪ )1‬نسٌر فً طرٌق الشام‪،‬‬
‫فإذا نحن بؤسودَس أقبل إلٌنا ٌحمل كارر حطب‪ ،‬فقلت‪ٌ :‬ا أسو ُسد َسم ن ربُسك؟ قال ‪ :‬ألمثلً‬
‫تقول هذا‪ ،‬فرفع رأسه إلى السماء‪ ،‬وقال‪ :‬إلهً حوِّذ ل هذا الحطب ذهباًا‪ ،‬فإذا هو ذهب‬
‫‪ ،‬ثم قال‪ :‬أرأٌتم هذا؟ قلنا ‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬اللهم ُسر َّوده حطباًا‪ ،‬فصار كما كان أو ًا‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫ُس‬
‫واستحٌٌت‬ ‫بقٌت َس ِسج ًا من العبد‪،‬‬ ‫ُس‬ ‫أ ُسلوا فإن العارفٌن تفنى عجاببهم ‪ ،‬فقال أٌوب‪:‬‬
‫َس‬
‫منه حٌا ًاء ما استحٌٌت مثله من قبل ذلك من أحد قط‪ ،‬ثم قلت ‪ :‬أ َسم َسع َسك شً ٌحء من‬
‫الطعام؟ قال‪ :‬فؤشار فإذا بٌن أٌدٌنا جا ٌحم(‪ )2‬فٌها عسل‪ ،‬أشد بٌاضا ًا من الثلن‪ ،‬وأطٌب‬
‫رٌحا ًا من المسك‪ ،‬قال ‪ :‬كلوا فوهللا الذي إله إ هو لٌأ ه ذا من بطن النحل‪ ،‬فؤكلنا‬
‫فما رأٌنا شٌبا ًا أحلى منه‪ ،‬فتع َّون بنا‪ ،‬فقال ‪ :‬لٌأ بعارؾٍس من تع ّسن ب من اآلٌات‪ ،‬ومن‬
‫تعجب فهو بعٌد من هللا‪ ،‬ومن عبده على رإٌة اآلٌات فهو جاهل باهلل‪.‬‬
‫وأردت التلبٌة‪ ،‬فؤخذت‬ ‫ُس‬ ‫كنت حاجا ًا‬ ‫ُس‬ ‫أعرؾ باهلل ‪ .‬وقد‬
‫هَس‬ ‫رحم هللا ذلك ااسودَس ‪ ،‬ما‬
‫مندٌالًا لً فػ سلته‪ ،‬وقطعته نصفٌن‪ ،‬ثم اتزرت بنصؾ‪ ،‬وارتدٌت بنصؾ آخر‬
‫ٌح‬
‫فضة ك ُّدلها‪،‬‬ ‫فنظرت فإذا البادٌ ُسة‬ ‫ُس‬ ‫لحاجة‪ ،‬فإذا بهاتؾ ٌهتؾ ‪ :‬انظر ما بٌن ٌدٌك‪،‬‬
‫فؽمضت عٌنً ومضٌت‪ ،‬وقلت‪ :‬اللهم إنً أعوذ بك من كل إراد ٍسر سواك‪.‬‬ ‫ُس‬
‫وحكً أن رجالًا من العارفٌن فرغ من أعمال الحن وأركانه‪ ،‬ثم أخذ يُس حرم‬
‫مرر أخر ‪ ،‬وقال ‪ :‬لبٌك اللهم لبٌك‪ ،‬فقٌل له ‪ٌ :‬ا هذا‪ ،‬إن وقت الحن والتلبٌة قد‬
‫أحرمت من الوطن إلى زٌارر البٌت‪ ،‬واآلن أحرمت من البٌت إلى‬ ‫ُس‬ ‫مضى‪ ،‬فقال‪ :‬قد‬
‫صاحب البٌت‪ ،‬فقٌل هنٌبا ًا لمن أحرم عن ؼٌره‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪٧٬‬خ د‪٬ٜ ١‬لح‪ ١‬ج‪ٝ‬لؾس‪٬‬ح‪ ٫٢‬ج‪ٝ‬دوف‪ ،٪‬ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف (‪٥ 131-66‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ظح‪ :ٟ‬ا‪٢‬حء ‪ٞٝ‬نفجخ ‪٧‬ج‪ًِٝ‬ح‪٧ .ٟ‬ج‪ٝ‬ظح‪٠ ٟ‬ئ‪٢‬صر‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الدجل فإذا‬
‫ر‬ ‫كنت أسٌ ُسر على شاطا‬ ‫ُس‬ ‫و ُس كً أن هرم بن حًّسان(‪ )1‬رحمه هللا قال‪:‬‬
‫علً فقلت له ‪ :‬كٌؾ حالك وشؤنك؟‬ ‫أنا بر ُسج ٍسل أقبل إلًّس وعلٌه سٌما العارفٌن‪ ،‬فسلمت ه‬
‫فقال‪( :‬سبحان ربنا ن ان وعد ربنا لمفعوو)(‪ٌ )2‬ا هرم بن حًّسان اشتؽ ْسل بما ٌعنًك‪،‬‬
‫عرفت اسمً واس َسم أبً‪ ،‬وما رأٌتك قبل الٌوم؟ فقال ‪ :‬أما‬ ‫َس‬ ‫أٌن‬
‫فقلت‪ :‬رحمك هللا ِسم ن َس‬
‫فتعجبت من حسن‬ ‫ُس‬ ‫عرفت أنَّو العارفٌن ٌتعارؾ بعرُسهم بعضا ًا بنور المعرفة‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫َس‬
‫رت من هٌبته‪.‬‬ ‫فصاحته‪ ،‬وتحًَّو ُس‬
‫والناأُس‬ ‫وقال ذو النون رضً هللا عنه ‪ :‬بٌنما أنا أسٌر فإذا أنا بقرٌ ٍسة‬
‫فدنوت فإذا أسو ُسد ٌسخرون به‪ ،‬فرفع رأسه إلًّس وقال‪ٌ :‬ا ذا النون اعرؾ‬ ‫ُس‬ ‫ٌصٌحون‪،‬‬
‫فسؤلت عن حاله‪ ،‬قٌل‬ ‫ُس‬ ‫الحبٌب ٌ ُسم نُّد على الحبٌب‪،‬‬‫َس‬ ‫قدر هللا‪ ،‬و ت ُسم نَّو عل هللا‪ ،‬فإن‬ ‫َس‬
‫ًا‬
‫إنه مجنون ٌجالأ الناأ‪ ،‬و ٌؤك ُسل فً أربعٌن ٌوما ًا إ أكلة واحدر‪ ،‬ثم نظر إلى‬
‫عرفتَسك فبمواهبك‪ ،‬وإن شكرتك فبعصمتك‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫السماء وقال‪ٌ :‬ا ؼاٌ َسة ِسه َسم م العارفٌن‪ ،‬إن‬
‫وقال ذو النون أٌضا ًا‪ :‬بٌنما أنا أسٌ ُسر على شاطا النٌل فإذا أنا بجارٌة منطلقة‬
‫فً النٌل‪ ،‬وقد اضطربت أمواجه‪ ،‬وتقول ‪ :‬إلهً تر ما تفعل بً‪ ،‬فقلت ‪ٌ :‬ا جارٌة‬
‫َس‬
‫شكرت‬ ‫أنت الذي إذا‬ ‫ٌن منه وهو صاحب كل بَسرٍّم وفاجر‪ ،‬فقالت ‪ٌ :‬ا ذا النون َس‬ ‫أتشكِس َس‬
‫طت علٌه‪ ،‬قلت‪ٌ :‬ا جارٌة‪ ،‬من أٌن عرفت اسمً وما‬ ‫سخ َس‬ ‫سخطت ِس‬‫َس‬ ‫َس‬
‫شكرت منه‪ ،‬وإذا‬
‫للوحدر؟ قالت‪:‬‬ ‫وحشة َس‬ ‫ًا‬ ‫تنً؟ فقالت‪ :‬عرفتك بنور معرفة الجبّسار‪ ،‬فقلت لها‪ :‬اتجدٌن‬ ‫رأٌ ِس‬
‫قط إلى ؼٌره ‪،‬فإنه مإنأُس اابرار‬ ‫والذي نوَّو ر قلبً بنور معرفته‪ ،‬ما سكن قلبً ّس‬
‫فً الخلوات‪ ،‬وصاحبُس الؽرباء فً الفلوات‪.‬‬
‫وقال ج ُّدد والدتً العارؾُس الواسطً رحمه هللا ‪ :‬بٌنما أنا أمشً فً البادٌة‪ ،‬إذ‬
‫مت علٌه‪ ،‬فر َّود علًّس السالم وأبً أن أك ِّذلمه‪،‬‬ ‫أعرابًّس جالأ منفرداًا‪ ،‬فدنوت منه وس ّسل ُس‬
‫ذكر هللا شفا ُسء القلوب‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬اشتؽ ْسل بذكر هللا فإن َس‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٥ :‬ف‪ ٟ‬د‪ ١‬ػ‪٬‬ح‪ ١‬ج‪ِٝ‬دؿ‪ ٪‬جٯقؿ‪ٙ :٪‬حثؿ ٖحسغ ‪ٜ ١٠‬دحف ج‪ُ١ٝ‬كٓج‪٠ .ٛ‬حز دِؿ ‪٥ 26‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٱلفجء‪.108 :‬‬

‫‪38‬‬
‫ثم قال‪ :‬كٌؾ ٌتفرغ ابن آدم من ذكره وخدمته‪ ،‬والموت فً أثره‪ ،‬وهللا ناظ ٌحر‬
‫إلٌه؟ ثم بكى وبكٌت معه‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما لً أراك فرٌداًا وحٌداًا؟ قال‪ :‬ما أنا بوحٌد وهللا‬
‫معً‪ ،‬وما أنا بفرٌد وهللا مإانسً‪ ،‬ثم قام ومضى مسرعاًا‪ ،‬وهو ٌقول ‪ :‬سٌدي‪ ،‬أكثر‬
‫خلقك مشؽولون عنك بؽٌرك‪ ،‬وأنت عِس َسو رٌح عن جمٌع ما فات‪ٌ ،‬ا صاحب كل‬
‫ؼرٌب‪ ،‬وٌا مإنأ كل وحٌد‪ ،‬وٌا مؤو كل فرٌد‪ ،‬وجعل ٌمُسرُّد وأنا أتبعه‪ ،‬ثم أقبل‬
‫إلىَّو وقال‪ :‬ارجعْس عافاك هللا إلى من هو خٌر لك منً‪ ،‬و تشؽلنً عمن هو خٌر لً‬
‫منك‪ ،‬ثم ؼاب عن بصري‪.‬‬
‫ب فسؤلته‪ :‬منذ كم أنت فً هذا‬ ‫ُس‬
‫مررت براه ٍس‬ ‫و ُس كً أن عبدالواحد بن زٌد قال‪:‬‬
‫المكان؟ فقال‪ :‬منذ أربع وعشرٌن سنة‪ ،‬قلت ‪ :‬من أنٌسك؟ قال ‪ :‬الفرد الصمد‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫من المخلوقٌن؟ قال‪ :‬الوحش‪ ،‬قلت‪ ،‬ؾما طعامك؟ قال ‪ :‬ذكر هللا‪ ،‬قلت ‪ :‬م َسِسن المؤكول‪،‬‬
‫قال‪ :‬ثمار هذه ااشجار‪ ،‬ونبات اارر‪ ،‬فقلت ‪ :‬أما تشتاق إلى أحد؟ قال ‪ :‬نعم إلى‬
‫ب قلوب العارفٌن‪ ،‬قلت ‪ :‬إلى المخلوقٌن‪ ،‬قال ‪َ :‬سم ن كان شوقه إلى هللا فكٌؾ‬ ‫حبٌ ِس‬
‫ّس‬ ‫ُس‬
‫الخ لق؟ قال ‪ :‬انهم َسسرَّو اق العقول‪ ،‬وقط ا‬ ‫ْس‬ ‫اعتزلت عن َس‬
‫َس‬ ‫ٌشتاق إلى ؼٌره‪ ،‬قلت‪ :‬فلِس َسم‬
‫طرٌق الهد ‪ ،‬قلت ‪ :‬ومتى ٌعرؾ العبد طرٌق الهد ؟ قال ‪ :‬إذا هرب إلى ربه من‬
‫كل ما سواه‪ ،‬واشتؽل بذكره عن كل َسم ن سواه‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫فسلمت علٌه‪ ،‬فقال ‪ :‬وعلٌك‬ ‫ُس‬ ‫قال هرم بن حٌان ‪ :‬رأٌت أوٌأ بن عامر‬
‫ؾت روحً‬ ‫ت اسمً واسم أبً؟ قال ‪َ :‬سع َسر َس‬ ‫عرؾ َس‬
‫ْس‬ ‫السالم ٌا َسه ِسر ُسم بن حٌان‪ ،‬فقلت ‪ :‬كٌؾ‬
‫رو َس ك بنور معرفة ربً‪ ،‬قلت ‪ :‬إنً أحبك فً هللا‪ ،‬قال ‪ :‬ما أظن أن أحداًا ٌحب ؼٌر‬
‫هللا فكٌؾ ٌحب ؼٌر هللا هلل‪ ،‬قلت ‪ :‬أرٌد الصحبة معك‪ ،‬واانأ بك‪ ،‬قال ‪ :‬ما ظننت‬
‫عارفا ًا ٌستوحش عن هللا حتى ٌستؤنأ بؽٌره‪ ،‬قلت ‪ :‬أوصنً‪ ،‬ق ال‪ :‬أوصٌك باهلل‬
‫‪.‬‬ ‫عن كل ما فاتك‬ ‫ه‪ ،‬فإنه عِس َسورٌح‬ ‫سبحان‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪٬٧‬ك د‪ُ ١‬ح‪٠‬ف ج‪َٚٝ‬فَ‪ ١٠ ٫٢‬خ‪ُ٘ ٫٢‬ف‪ :١‬ؤػؿ ج‪ُ١ٝ‬كٓج‪ ٛ‬ج‪ُِٝ‬خٓجؿ ج‪٠ٝ‬ن‪٧٦‬ف‪ ١٬‬س‪ ٫ٖ٧‬ؤ‪ٙ ٧‬سل ل‪٢‬ر ‪٥ 37‬ـ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫تزر‬ ‫كنت أسٌر فً بعر المفاوز‪ ،‬فإذا أنا برجل ُسم َّو ِس‬ ‫ُس‬ ‫وقال ذو النون المصري ‪:‬‬
‫فسلمت علٌه فرد علًّس السالم‪ ،‬ثم قال‪ :‬من أٌن الفتى؟ قلت‪:‬‬ ‫ُس‬ ‫بحشٌش‪ ،‬مرتد بحشٌش‪،‬‬
‫من مصر‪ ،‬قال ‪ :‬إلى أٌن؟ قلت ‪ :‬أطلب اانأ بالمولى‪ ،‬قال ‪ :‬اترك الدنٌا وال ُسع قبى‪،‬‬
‫ٌصح لك الطلب‪ ،‬قلت ‪ :‬هذا كال ٌحم صحٌح‪ ،‬ص َّوح ْس هُس لً‪ ،‬قال‪ ،‬أتتهمنا فٌما نقول‪ ،‬وقد‬
‫أ ُسعطٌنا خٌراًا مما نقول‪ ،‬وهو المعرفة‪ ،‬قلت‪ :‬ما أتهمك‪ ،‬ولكنً أرٌد أن تزٌدنً نوراًا‬
‫على نور‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا ذا النون‪ ،‬انظر فوقك‪ ،‬فإذا السماء واارر كؤنهما ذهب ٌتوقد‬
‫وٌتألا‪ ،‬قال ‪ :‬اؼضر بصرك‪ ،‬فصار تا كما كانتا‪ ،‬فقلت ‪ :‬كٌؾ السبٌل إلى هذا؟‬
‫قال‪ :‬تفرَّو د بالفرد إن كنت له عبداًا‪.‬‬
‫دخلت دار المجانٌن ٌوما ًا بالشام‪ ،‬فرأٌت‬ ‫ُس‬ ‫وقال محمد المقدسً (‪ )1‬رحمه هللا‪:‬‬
‫فٌها شابا ًا على رقبته ُسؼ ٌحل ‪ ،‬وعلى رجلٌه َسقٌد‪ ،‬مشدود بالسلسلة‪ ،‬فلما وقع بصره علًّس ‪،‬‬
‫قال لً ‪ٌ :‬ا محمد أتر ما فعل بً‪ ،‬وأشار بطرفه نحو السماء‪ ،‬ثم قال ‪ :‬جعلتك‬
‫جعلت السموات ؼالًا على عنقً‪ ،‬واارضٌن قٌداًا على‬ ‫َس‬ ‫رسو ًا إلٌه أن تقول له ‪ :‬لو‬
‫التفت منك إلى ؼٌرك طرفة عٌن‪ ،‬ثم أنشؤ ٌقول‪:‬‬ ‫ُّد‬ ‫رجلً‪ ،‬ما‬
‫ب‬‫ْنر ُت‬ ‫َمم ن عادته الوُت‬ ‫ب عد َم و يصب ُتر‬ ‫على ُت‬
‫ب‬ ‫ُّل‬ ‫ُت ال ُتل‬ ‫تلم‬
‫ن َّو َم‬ ‫َمم‬ ‫َم‬ ‫طف‬
‫وو يلو على ِر‬
‫الللب‬
‫ُت‬ ‫لد أبصر َم‬ ‫الف ينُت‬ ‫َمر َم َم‬ ‫إا لم سَم‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ٚٞ٬‬خ دًح‪٥‬ف‪ ١٠ ٧٥٧" ،‬ؤظ‪ٞ‬ر ‪٠‬نح‪٬‬ؽ ج‪ٝ‬نح‪ ٟ‬ل‪٠‬ح‪ ٣‬ج‪ٝ‬ند‪ "٫ٞ‬ػدف ج‪ٝ‬نح‪( " ٟ‬ج‪ٝ‬نِفج‪.)133/1 ٫٢‬‬

‫‪40‬‬
‫الحديث السابف‬
‫[ ال ة مرضياس‪ ،‬و ال ة أُتخ ُتر م روهاس]‬

‫حدثنا شٌخنا المقري اإلمام الصالح القاضً أبو الفضل علً الواسطً‬
‫القرشً رضً هللا عنه‪ :‬قال‪ :‬قرأت أنا وسدٌد الدولة محمد بن عبدالكرٌم بن إبراهٌم‬
‫بن عبد الكرٌم بن عبد القاهر بن زٌد بن رفاعة الشٌبانً وٌعرؾ بابن اانباري على‬
‫أبً عبدهللا بن أحمد ابن عمر الحافظ قلنا ‪ :‬أنباك أبوالحسٌن أحمد بن محمد فؤقر به‬
‫قال‪ :‬أنبؤنا الحسٌن محمد ابن عبد هللا الدقاق عن ٌحٌى بن محم د إسحاق بن شاهٌن‬
‫عن خالد بن عبدهللا عن سهٌل بن أبً صالح عن أبٌه عن أبً هرٌرر رضً هللا عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬إن هللا تعالى عز وجل ٌرضى لكم ثالثا ًا‬
‫وٌكره لكم ثالثاًا‪ٌ ،‬رضى لكم أن تعبدوه و تشركوا به شٌباًا‪ ،‬وأن تعتصموا بحبل هللا‬
‫أمر كم‪ ،‬وٌكره لكم قٌل وقال وكثرر‬ ‫نالحوا من و ّس ه هللا َس‬
‫ت ِس‬‫جمٌعا ًا و تفرقوا‪ ،‬وأن ُس‬
‫(‪) 1‬‬
‫السإال وإضاعة المال"‬
‫وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من رقابق أحكام المعرفة باهلل‪ ،‬ما ٌكفً العارؾ‬
‫ٌن ااخٌار إلى هللا تعالى‪.‬‬
‫المصطؾ‬
‫َس‬ ‫عن ؼٌره‪ ،‬فإن ااسرار المطلوبة فٌه هً سلم‬
‫أي سادر‪ ،‬إن هلل تعالى عباداًا اصطفاهم لمعرفته‪ ،‬وخصهم بمحبته‪ ،‬واختارهم‬
‫لصحبته‪ ،‬و اجتباهم لمإانسته‪ ،‬وقرّس بهم لمناجاته‪ ،‬وحرّس ضهم على ذكره‪ ،‬وأنطقهم‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ً٧٠ٝ‬إ‪ :‬ج‪ٝ‬ظح‪ ،َ٠‬دحخ ظح‪ َ٠‬ج‪ٜٝ‬ٴ‪٧ ،2089 ٟ‬ؤػ‪٠‬ؿ (‪٠‬ل‪٢‬ؿ ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ 8785 )٤٢‬ج‪ٝ‬دؾحف‪٫ٖ ٪‬‬
‫جٯؿخ ج‪ٗ٠ٝ‬فؿ‪ :‬ج‪ٝ‬لفٕ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬حل‪ ،‬دف‪ ٫ٖ٧ 442 ٟٙ‬وػ‪٬‬ػ‪ :٤‬ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ‪ ،‬دحخ ‪٧ٙ‬ل جهلل سِح‪( ٩ٝ‬ٳ ‪٬‬لإ‪ ١٧ٝ‬ج‪٢ٝ‬حك‬
‫ا‪ٝ‬ػحٖحً) (ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ ‪ )273‬ف‪٧ 1407 ٟٙ‬جٳلس‪ٚ‬فجى‪ ،‬دحخ ‪٠ :‬ح ‪ ١ُ ٩٦٢٬‬ايحُر ج‪٠ٝ‬حل ‪٧ 2277‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ‪:‬‬
‫ظر ‪.1715‬‬ ‫ُ‪ ٘٧ٚ‬ج‪٧ٝ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٠ ١٬‬ج‪ٜٝ‬دحثف ‪٠٧ 5630‬ل‪ :ٟٞ‬جٯ‪ٙ‬ي‪٬‬ر‪ ،‬دحخ ج‪ٜ ١ُ ٫٦٢ٝ‬صفذ ج‪٠ٝ‬لحثل ‪٬ٓ ١٠‬ف ػح‬
‫‪٧‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ل‪ ١ُ ٫ً٧٬‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٠٧‬ل‪٢ٜ( ٟٞ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪ ٫ِٞٝ‬د‪ ١‬ػلح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪ ٪‬ج‪ٝ‬دف‪٥‬ح‪٧ٖ ١‬ف‪( ٪‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪824/15‬‬
‫ف‪.)43275 ٟٙ‬‬

‫‪41‬‬
‫بحكمته‪ ،‬وأذاقهم من كؤأ محبته‪ ،‬وفضلهم على جمٌع خلقه حتى لم ٌرٌدوا به بد ًا‪،‬‬
‫و سواه كفٌالًا‪ ،‬و دونه ناصراًا ومعٌنا ًا ووكٌالًا‪ ،‬ولقد سبقوا َسم ن دونهم َس‬
‫أ بقا ًا‬
‫بكثرر ااعمال‪ ،‬ولكن بصحة اإلرادات‪ ،‬و حسن الٌقٌن‪ ،‬مع دقابق الور ‪ ،‬وا نقطا‬
‫بالقلب إلٌه‪ ،‬وتصفٌة السر عن كل ما دون الحق‪ ،‬فؤذاقهم هللا طعم ُسل باب معرفته‪،‬‬
‫رِّذ ه‪ ،‬و‬ ‫ب‬
‫وأنزلهم فً حظٌرر قدسه‪ٌ ،‬صبرون عن ذكره‪ ،‬و ٌشبعون من ِس‬
‫ٌسترٌحون لؽٌره‪ ،‬فٌا طوبى لهم ‪ ،‬هم ااقلون عدداًا‪ ،‬وااعظمون َسخ َسط راًا‪ ،‬بهم ٌحفظ‬
‫هللا محبته‪ ،‬حتى ٌإدوها إلى نظرابهم‪ ،‬فٌا طوبى لهم‪ ،‬هم الزاهدون فٌما رؼب فٌه‬
‫الؽافلون‪ ،‬والمستؤنسون فٌما استوحش منه الجاهلون‪ ،‬والمشتاقون إلى ما هرب عنه‬
‫وجالت أروا ُس هم فً‬ ‫ْس‬ ‫ب الؽٌوب‪،‬‬ ‫الساهون‪ ،‬هم الذٌن نظروا بؤعٌن القلوب‪ ،‬إلى ُسح ُسن ِس‬
‫َّوتم فً سِس رِّذ هم‪ ،‬وسِس رُّد هم عند ربهم‪ ،‬به ٌستمع ون‪ ،‬وبه ٌنظرون‪ ،‬وبه‬ ‫الملكوت‪َ ،‬سف ِسهم ه ُس‬
‫مستنسة بؤنسها‪.‬‬ ‫ٌرٌدون‪ ،‬وبه ٌتحركون‪ ،‬قلوبهم بحبها أ‬
‫قال أبو ٌزٌد رحمه هللا ‪ :‬الناأ ٌصٌحون من إبلٌأ‪ ،‬وهو ٌصٌح منً‪ ،‬قٌل‬
‫له‪ :‬كٌؾ هذا والمصطفى علٌه السالم كان مؤموراًا بالصٌا منه‪ ،‬فً قوله تعالى ‪:‬‬
‫(و ل رب أعوإ ب من همزاس الأليطين)(‪.)1‬‬
‫قال‪ :‬ان هللا تعالى أمره فً هذه اآلٌة با عتصام به‪ ،‬وتفوٌر اامر إلٌه‪،‬‬
‫وؾ ٌحق بٌن الصٌا من إبلٌأ‪ ،‬وبٌن ا عتصام باهلل‪ ،‬وقد قال هللا تعالى ‪ ( :‬ن عباد‬ ‫َسرْس‬
‫(‪) 2‬‬
‫لي ل عليهم سلطان) ‪.‬‬
‫قال ذو النون ‪ :‬للعارؾ نار ونور‪ ،‬نار الخشٌة‪ ،‬ونور المعرفة‪ ،‬فظاهره‬
‫محترق بنار الخشٌة‪ ،‬وباطنه ُسم َسنوَّو ٌحر بنور المعرفة‪ ،‬فالدنٌا تبكً بعٌن الفناء علٌه‪،‬‬
‫واآلخرر ترحك ِسب َسسنِّذ البقاء إلٌه(‪ ،)3‬فكٌؾ ٌقدر الشٌطان أن ٌدنو منه ظاهراًا وباطنا ًا‬
‫إ‬
‫(‪) 1‬‬
‫كالبرق الخاطؾ‪ ،‬أو كالرٌح العاصؾ ‪ ،‬فإن أتاه عاررٌح من قِس َسب ِسل َس‬
‫الع ٌن‪ ،‬أحرقته‬
‫العبْسرر‪ ،‬وإن أتاه ِسم ن قبل النفأ‪ ،‬أحرقته نار الخدمة‪ ،‬وإن أتاه من قبل العقل‪،‬‬
‫نار َس‬
‫أحرقته نار الفكرر‪ ،‬وإن أتاه من قبل القلب‪ ،‬أحرقته نار الشوق والمحبة‪ ،‬وإن أتاه‬
‫من قبل السر‪ ،‬أحرقته نار القرب والمشاهدر‪ ،‬فتار ًار ٌحترق قلبه بنار الخشٌة‪ ،‬وتارر‬
‫ٌتشفى بنور المعرفة‪ ،‬فإذا امتزجت نار الخشٌة ونور المعرفة‪ ،‬هاجت رٌح اللطؾ‬
‫والق ربة‪ ،‬فٌظهر صفاء الحق للعبد‪ ،‬فتراها تالشت اانانٌة‪،‬‬ ‫ُس‬ ‫من سرادقات اانأ‬
‫وبقٌت االوهٌة كما هو فً اازل‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٠ٝ‬ئ‪.97 :١٧٢٠‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٱلفجء‪.65 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫لَ‪٧ :ٓ١‬يَ‪ .‬اـج ‪٠‬حز ج‪ِٝ‬دؿ ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬غ د‪ٜ‬ز ُ‪ ٤٬ٞ‬ج‪ٝ‬ل‪٠‬حء ‪٧‬جٯفى‪ٖ٧ ،‬فػز ج‪ٝ‬ػ‪٧‬ف ج‪٧ ،٤ٝ ١٬ِٝ‬ج‪٠ٝ‬ٴث‪ٜ‬ر‪،‬‬
‫‪ٝ‬سؾلّو‪ ٤‬دح‪ٝ‬لٴ‪٠‬ر ‪ ١٠‬ؿ‪٬٢‬ح‪٧ ،٣‬جلسدنحفج دلِحؿس‪ ٫ٖ ٤‬ؤؾفج‪ ٣‬ج‪ٝ‬س‪ ٫‬ظِ‪٦ٞ‬ح جهلل سِح‪ ٫٥ ٩ٝ‬ؿجف ج‪ٝ‬ؾ‪٧ٞ‬ؿ ‪٧‬ج‪ٝ‬د‪ٚ‬حء ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪٠ٜٞ‬ر ف‪٬‬غ سُ َـ‪ٖٛ‬ف ‪٧‬سئ‪٢‬ش‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ٌفتح لؽٌره وهو‬ ‫قال أبو سلٌمان(‪ :)2‬يُسفتح للعارؾ وهو نابم على فراشه‪ ،‬ما‬
‫فً صالته‪.‬‬
‫قال أبو ٌزٌد رحمه هللا ‪ :‬أدنى مقامات العارؾ أن ٌمر على الماء‪ ،‬وٌطٌر فً‬
‫َس‬
‫ٌلتفت إلى َسم ن سواه‪.‬‬ ‫الهواء‪ ،‬وأعالها أن ٌمر على الدارٌن من ؼٌر أن‬
‫قال أبو بكر الواسطً رحمه هللا ‪ :‬دوران العارؾ مع محبوبه على أربعة‬
‫أوجه ‪ :‬سرور المعرفة‪ ،‬وهو ممزوج برإٌة حسن العناٌة‪ ،‬وحالور الخدمة‪ ،‬وهو‬
‫الم نّسر‪ ،‬وأنأ الصحبة‪ ،‬وهو ممزوج بلذابذ القربة‪ ،‬وخوؾ المفارقة‪،‬‬ ‫ممزوج بذكر ِس‬
‫وهو ممزوج بتحقٌق كمال القدرر‪ ،‬وقال ذو النون ‪ :‬العارؾ بٌن البر والذكر‪ ،‬هللاُس‬
‫ٌمل من ِسبرِّذ ه‪ ،‬و العارؾ ٌشبع من ذكره‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫سبل بعضهم عن قوله تعالى (وأنه هو أضح وأب ى ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬أضحك‬
‫العارفٌن بسرور معرفته ثم أبكاهم من خوؾ مفارقته‪ ،‬وأمات من شاء‬

‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ل‪٠٬ٞ‬ح‪ ١‬ج‪ٝ‬ؿجفج‪ُ :٫٢‬دؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬د‪٬ًُ ١‬ر ‪٠‬حز ل‪٢‬ر ‪٬ٙ٧ 285‬ل ‪٥ 215‬ـ (ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز األ‪١ٌٚ‬بء (داز‬
‫ج‪ٜٗٝ‬ف – د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪٧ ] 144/1‬ؤٌ‪ ٧ ٣ ٤٢‬ج‪٠ٝ‬فجؿ‪٧ ،‬ص‪٠‬ر ؤد‪ ٧‬ل‪٠٬ٞ‬ح‪ :١‬ؿج‪٧‬ؿ د‪٢ ١‬و‪٬‬ف ج‪ًٝ‬حث‪٠ ،٫‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 162‬ـ‬
‫(ج‪٠ٝ‬وؿف ‪ٗ٢‬ل‪٧ )63/1 ٤‬ج‪ٝ‬ؿجفج‪ ٫٢‬ؤن‪٦‬ف‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪.43 :ٟ‬‬

‫‪43‬‬
‫ته‪ ،‬لٌعلم الخالبق أنه فعال لما ٌرٌد ‪.‬‬ ‫بسًؾ قطٌعته‪ ،‬أوحٌى من شاء برو َسوصْس لَس ِس‬
‫وقٌل لعابشة رضً هللا عنها ‪ :‬كٌؾ ٌحاسب المإمنون العارفون؟ فقالت‪ :‬لٌأ‬
‫مع العارفٌن حساب‪ ،‬ولكن معهم عتاب‪.‬‬
‫وروي أن سلٌمان علٌه الصال ر والسالم نظر إلى مملكته ٌوماًا‪ ،‬فؤمر هللا‬
‫تعالى الرٌح حتى كشؾ عورته‪ ،‬فقال للرٌح‪ُ ،‬سر َّود علًَّو ثوبً‪ ،‬فقال الرٌح‪ُ ،‬سر َّود قلبك‬
‫إلى مكانه ‪ ،‬فطوبى اهل المعرفة‪ ،‬عرفهم أنفسهم قبل أن ٌعرفوه‪ ،‬وأكرمهم قبل أن‬
‫ٌعرفوا الكرامة‪ ،‬أولبك أقوام أنفسهم روحانٌة‪ ،‬وقلوبهم سماوٌة‪ ،‬وهمومهم َسمرْس ضِس ٌَّوة‪،‬‬
‫وصدورهم َسج ِسزعة‪ ،‬وقلوبهم خابفة‪ ،‬وأعٌنُسهم دامعة‪ ،‬عقلوا فعلموا‪ ،‬ووجدوا فرحلوا‪،‬‬
‫وانفتح لهم نور القلب‪.‬‬
‫اازمان‬
‫ِر‬
‫(‪) 1‬‬
‫ختارهم من ساللِر‬ ‫َم‬ ‫لونَم لنفسِر ِره‬ ‫َم‬
‫ص ط َم‬ ‫هلل و ٌمم ُتم ْن‬
‫وبيان‬
‫ِر‬ ‫ا م ٍة‬
‫ِر‬ ‫يهم ودائ ُتف‬ ‫بل ِرطر ِرا َمخللِر ِره م‬ ‫اختار هم من ِر‬‫َم‬

‫(‪) 1‬‬
‫لطط ّ٘صح اٌ‪ٛ‬طً ٌضس‪ٚ‬زح اٌشعس‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الحديث ال امن‬
‫[ الحياء من اإليمان ]‬

‫أخبرنا الشٌخ صالح الثقة أبو الفتح محمد بن عبد الباقً بن أحم د بن سلمان‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو عبد هللا مالك بن أحمد بن علً المالكً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الحسن أحمد ابن‬
‫محمد بن موسى القرشً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو إسحق إبراهٌم بن عبدالصمد الهاشمً‪،‬‬
‫قال ‪ :‬أنبؤنا أبو مصعب أحمد بن أبً بكر الزهري‪ ،‬عن مالك‪ ،‬عن ابن شهاب‬
‫الزهري‪ ،‬عن سالم‪ ،‬عن أبٌه أن رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم مر على رجل وهو‬
‫(‪) 1‬‬
‫ٌعظ أخاه فً الحٌاء‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪" :‬الحٌاء من اإلٌمان"‬
‫والحٌاء الذي ٌشمل الوجه من الناأ‪ ،‬أنموذج عن الحٌاء الذي ٌشمل القلب من هللا‬
‫تعالى‪ ،‬والحٌاء الشامل للوجه وللقلب‪ ،‬هو من اإلٌمان باهلل وهو َسط ْسو ُسر العارفٌن باهلل‬
‫سبح انه وتعالى‪ ،‬الذي جعل قلوبهم َسع ْسٌ َسب َسة أسراره (‪ ،)2‬وكذلك فإن قلوب العارفٌن‬
‫خزابنُس هللا فً أرضه‪ ،‬وضع فٌها ودابع سره‪ ،‬ولطابؾ حكمته‪ ،‬ودقابق محبته‪،‬‬
‫وأنوار علمه‪ ،‬وإمام َسة معرفته‪ ،‬فكالمهم هو الكشؾ عما ٌشاهد القلب‪ ،‬وإظهار علوم‬
‫السر‪ ،‬وبٌان معاملة الضمٌر‪ ،‬من تمًّس ز ا نفصال عن ا تصال‪ ،‬وبٌان ااسباب‬
‫الشاؼلة عن الحق‪ ،‬من ااسباب الداعٌة إلى الحق‪ ،‬أما الداعً إلى الخلق فالدنٌا‬
‫والنفأ والخلق‪ ،‬وأما الداعً‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ً٧٠ٝ‬إ‪ :‬ج‪ٝ‬ظح‪ ،َ٠‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ػ‪٬‬حء ‪٠٧ 1890‬ل‪٢‬ؿ ؤػ‪٠‬ؿ‪( :‬ػؿ‪٬‬ش جد‪٠ُ ١‬ف في‪ ٫‬جهلل‬
‫ُ‪٠٦٢‬ح) ‪٧ 4554‬ػؿ‪٬‬ش ؤد‪٥ ٫‬ف‪٪‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪( ٤٢‬وػ‪ٗ٬‬ر ‪٥٧‬خ د‪١٠ ١‬د‪٧ 10460 )٤‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ‪:‬‬
‫ج‪ٝ‬ػ‪٬‬حء ‪ ١٠‬جٱ‪٠٬‬ح‪٧ 24 ١‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ‪ :‬ج‪ٝ‬ػ‪٬‬حء ‪٧ 5767‬ؤؾفظ‪ ٫ٖ ٤‬جٯؿخ ج‪ٗ٠ٝ‬فؿ ‪٠٧ 602‬ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪، ١‬دحخ‬
‫د‪٬‬ح‪ُ ١‬ؿؿ نِخ جٱ‪٠٬‬ح‪٧ ١‬ؤٖي‪٦ٞ‬ح ‪٧‬ؤؿ‪٢‬ح‪٥‬ح‪ٖ٧ ،‬ي‪ٞ٬‬ر ج‪ٝ‬ػ‪٬‬حء‪ ١٠ ٤٢٧ٜ٧ ،‬جٱ‪٠٬‬ح‪.36 ١‬‬
‫(‪ ِٓٚ " )2‬اٌّعزعبز‪َ ٛ٘ :‬ر ‪٠‬جخ فالْ إذا وبْ ِ‪ٛ‬ضط ظسٖ‪ٚ ،‬عٓ زظ‪ٛ‬ي هللا طٍ‪ ٝ‬هللا عٍ‪ٚ ٗ١‬ظٍُ‪" :‬جٯ‪٢‬وحف ‪َٜ‬فِن‪٫‬‬
‫‪ٚ‬ع‪١‬جز‪ ٞ " ٟ‬ضط ف‪ ُٙ١‬ظساز‪ [ "..ٞ‬اٌصِلشس‪ :ٞ‬ظبض اٌجالغخ (داز اٌّعسفخ) ‪.]318‬‬

‫‪45‬‬
‫إلى ا لحق فالعقل والٌقٌن والمعرفة‪ ،‬كما ورد ‪َ " :‬سم نْس عرؾ نفسه عرؾ به "(‪ٌ ،)1‬عنً‬
‫من عرؾ ما لنفسه‪ ،‬عرؾ ما لربه‪ ،‬وكالمهم ٌدور على خمسة أوجه‪ ،‬به وله ومنه‬
‫وإلٌه وعلٌه‪ ،‬ولٌأ فً كالمهم أنا وإنً ونحن ولً وبً ان ألفاظهم فردانٌة‪،‬‬
‫وحركاتهم صمدانٌة‪ ،‬وأخالقهم ربانٌة‪ ،‬وإرادتهم وحدانٌة‪ٌ ،‬عرؾ إشارتهم إ َسمنْس‬
‫له قلب حرٌق‪ ،‬فٌه خزابن ااسرار ‪ ،‬وجواهر القدأ‪ ،‬وسُسرا ِسد قات اانوار‪ ،‬وبحار‬
‫الوداد‪ ،‬ومفاتٌح الؽٌب‪ ،‬وأودٌة الشوق‪ ،‬ورٌار اانأ‪ ،‬فكلما أبرز العارؾ لسان‬
‫الحكمة من ٌنبو المعرفة بإشارات استؤنأ بها قلوب المرٌدٌن والمشتاقٌن‪.‬‬
‫لسان ٌؽرؾ لك‬ ‫ٍس‬ ‫قال ٌحٌى بن معاذ‪ :‬القلوب كالقدور‪ ،‬ومؽارفها االسن‪ ،‬فكل‬
‫ما فً قلبه‪.‬‬
‫َس‬
‫وقٌل ابً بكر الواسطً ما تقول ؾ ي كالم أهل المعرفة؟ فقال ‪ :‬إن َسمث َسل‬
‫المعرفة‪ ،‬كمثل سراج فً قندٌل‪ ،‬والقندٌل معلق فً بٌت‪ ،‬فما دام السراج فً البٌت‪،‬‬
‫ٌكون البٌت مضٌباًا‪ ،‬وربما ٌفتح الباب فٌق ضوء السراج خارج البٌت وٌضًء‪.‬‬
‫كالم أهل المعرفة ٌقع ضٌاإه على قلوب أهل النور فتصٌر أعٌنهم دامعة‪،‬‬
‫وألسنتهم ذاكرر‪ٌ .‬قول هللا تعالى‪( :‬و إا سمعوا ما أنزل لى الرسول)(‪ ،)2‬اآلٌة‪ ،‬مثل‬
‫من الٌقٌن‪ ،‬وماإه‬ ‫نفأ العارؾ كمثل الب ٌت‪ ،‬ومثل قلبه كمثل القندٌل‪ ،‬دُسهْس ُسن ُسه‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬ػح‪ٗٞٝ ٪٧‬سح‪ٞٝ ٪٧‬ل‪( ٫ً٧٬‬ج‪ٝ‬لِحؿذ) ‪ٜ٧ 412/2‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء (ؿجف ج‪ٝ‬سفجش) ‪٧ 362/2‬جٯلفجف ج ‪٠ٝ‬فٖ‪ُ٧‬ر‬
‫(ج‪ٝ‬ػ‪ٞ‬د‪٧٠( 152 ) ٫‬ل‪ُ٧‬ر‬ ‫‪ ٫ِٞٝ‬ج‪ٚٝ‬حف‪( ٪‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪٧ 351‬ج‪ٝ‬ؿفف ج‪٢٠ٝ‬سصفذ ٖ‪ ٫‬جٯػحؿ‪٬‬ش ج‪٠ٝ‬نس‪٦‬فذ ‪ٞٝ‬ل‪٫ً٧٬‬‬
‫جًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش (ً‪٧ )395/8 )1‬ج‪ٚ٠ٝ‬حوؿ ج‪ٝ‬ػل‪٢‬ر ‪ٞٝ‬لؾح‪٧ ، 419 ٪٧‬ؤل‪ ٩٢‬ج‪ً٠ٝ‬ح‪ٝ‬خ ‪ٞٝ‬د‪٬‬ف‪٧‬س‪ً٠( ٫‬دِر ‪٠‬وًٗ‪٩‬‬
‫ج‪ٝ‬دحد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ػ‪ٞ‬د‪ ٫‬د‪٠‬وف ) ه‪" :٤٬ٖ٧ 214‬ػؿ‪٬‬ش‪ُ ١٠( :‬فٕ ‪ٗ٢‬ل‪ٖٚ ٤‬ؿ ُفٕ فد‪ٙ ) ٤‬حل ج‪ٝ‬ل‪ِ٠‬ح‪ : ٫٢‬ا‪ ٤٢‬ٳ ‪ُُ٪‬فٕ‬
‫‪٠‬فٖ‪ُ٧‬حً‪ٙ٧ .‬حل ج‪٬ٝ : ٪٧٧٢ٝ‬ك دػؿ‪٬‬ش ‪٢٧ .‬لد‪ ٤‬دِي‪ ٟ٦‬ا‪ ٩ٝ‬ؤد‪ ٫‬لِ‪٬‬ؿ ج‪ٝ‬ؾفجق ‪٧‬دِي‪ ٟ٦‬ا‪٬ ٩ٝ‬ػ‪ ٩٬‬د‪ِ٠ ١‬حـ‬
‫ج‪ٝ‬فجق‪."٪‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٠ٝ‬حثؿذ ‪٧ 83‬سس‪٠‬ر ج٭‪٬‬ر (سف‪ ٨‬ؤُ‪ ٟ٦٢٬‬سٗ‪٬‬ى ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ؿ‪٠٠ َ٠‬ح ُفٖ‪٧‬ج ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ػ٘‪ :١ ٧ٝ٧ٚ٬ ،‬فد‪٢‬ح آ‪٢٠‬ح‬
‫ٖح‪ٜ‬سد‪٢‬ح ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬نح‪٥‬ؿ‪.)١٬‬‬

‫‪46‬‬
‫من الصدق‪ ،‬وفتٌله من اإلخالل‪ ،‬والزجاجة من الصفاء والرضاء‪ ،‬وعالبقه من‬
‫العقل‪ ،‬فالخوؾ نار فً نور‪ ،‬والرجاء نور فً نار‪ ،‬والمعرفة نور فً نور‪ ،‬فالقندٌل‬
‫معلق بباب ال ُسكوَّو ر‪ ،‬إذا فتح العارؾ فاهُس بالحكمة التً فً قلبه‪ ،‬هاج فً ُسكوَّو ِسر فمه نو ٌحر‬
‫من اانوار التً فً قلبه‪ ،‬فٌقع ضٌاإه على قلوب أهل النور‪ ،‬فٌتعلق النور بالنور‪،‬‬
‫ظلمة من اللٌل‪ ،‬وكالم أهل‬ ‫ًا‬ ‫وإنَّو بعر القول أش ُّدد ضوءاًا من النهار‪ ،‬وبعضها أش ّسد‬
‫المعرفة كن ٌحز من كنوز الرب سبحانه‪ ،‬معادنه قلوبُس أهل المعرفة‪ ،‬أمرهم هللا تعالى‬
‫باإلنفاق منه على أهله فً قوله تعالى ‪( :‬اد ُت لى سبيل رب بالح مة والموعظة‬
‫الحسنة وجادلهم بالتل هل أحسن)(‪.)1‬‬
‫قٌل لبعر العارفٌن ‪ :‬أي شًء أضوأ من الشمأ؟ قال ‪ :‬المعرفة‪ ،‬قٌل ‪ :‬أي‬
‫شًء أنفع من الماء؟ قال ‪ :‬كالم أهل المعرفة‪ ،‬قٌل ‪ :‬وأي شًء أطٌب من المسك؟‬
‫قال‪ :‬وقت العارؾ‪ ،‬قٌل‪ :‬وما ِس رف ُسة العارؾ؟ قال‪ :‬النظ ُسر إلى لُسنع الرُّد بوبٌة‪ ،‬وأعالم‬
‫لطابؾ ُس‬
‫القدرر‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫أنفع من كالم الخلؾ؟ قال‪ :‬ان‬ ‫قٌل ابً سعٌد البلخً ‪ :‬لِس َسم كان كالم السلؾ َس‬
‫مرادهم كان عِس َّوز اإلسالم‪ ،‬ونجار النفوأ‪ ،‬والشفق َسة على اإلخوان‪ ،‬ورضا الرحمن‪،‬‬
‫ومرا ُسدنا عِس ُّدز النفأ‪ ،‬وثناء الناأ‪ ،‬وطلبُس التنعُّد م فً الدنٌا‪ ،‬فالعبد إذا أطا ربه‪ ،‬رزقه‬
‫نهلة من عٌن المعرفة‪ ،‬وأنطق بها لسانه‪ ،‬وإذا ترك طاعته لم ٌسلبها‪ ،‬ولكن أبقاها‬ ‫ًا‬
‫فً قلبه‪ ،‬ولم يُسنطق بها لسانه‪ ،‬لٌكون ذلك حسر ًار علٌه‪ ،‬وابتاله بؤنوا الم َسِسح ن‪ ،‬وما‬
‫نور المعرفة‪ ،‬قبل أن‬ ‫مإمنٌن ٌلتقٌان فٌذكران هللا إ وٌزٌد هللا تعالى فً قلوبهما َس‬ ‫َس‬ ‫ِسم ن‬
‫لع أه َسل المعرفة على تالطم أمواج بحار خواطر القلوب‪،‬‬ ‫ٌتفرقا‪ ،‬وإن هللا تعالى ْس‬
‫أط َس‬
‫وأشرفهم على خزابن ااسرار‪ ،‬وبواطن العلوم التً يُس حصى عددها‪ ،‬و ٌنقطع‬
‫ت فنى عجاببها‪ ،‬حتى ٌؽوصوا بنور‬ ‫ك قعرها‪ ،‬و ُس‬ ‫ُس‬ ‫ُسدر‬
‫مددها‪ ،‬و ٌ َس‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬طل‪.125 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٢ٞٝ‬د‪٦‬ح‪٫٢‬‬ ‫‪٥ 315‬ـ "ج‪ٌ٢‬ف ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬ح‬ ‫ؤػ‪٠‬ؿ د‪ُ ١‬دؿجهلل ج‪ٝ‬د‪ٞ‬ؾ‪٠ ،٫‬حز دِؿ ل‪٢‬ر‬
‫(‪٧٬‬لٕ د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل) ًدِر ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف ‪."485/1‬‬

‫‪47‬‬
‫المعرفة فً َسقعْس ِسر بواطن إشاراتها المكنونة فً مع انٌها المخزونة‪ ،‬فٌستخرجوا‬
‫وحقابق إشارات‪ ،‬تحترق منها قلوبُس المحبٌن‪،‬‬ ‫َس‬ ‫ولطابؾ زوابد‪،‬‬ ‫َس‬ ‫عجابب فوابد‪،‬‬
‫َس‬
‫وتستؤنأ بها أروا المرٌدٌن‪ ،‬وهً نو ٌحر من أنوار الهداٌة‪ٌ ،‬هتدي به العبد إلى‬
‫طرٌق حسن الرعاٌة‪ ،‬إذا أدركه من الحق التوفٌق والعناٌة‪.‬‬
‫مفالٌأ ‪ٌ ،‬فتحون من كٌأ‬ ‫َس‬ ‫ُس‬
‫لقٌت الحكماء فوجدت أكثرهم‬ ‫قال ٌحٌى بن معاذ ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ؼٌرهم‪ ،‬وكان ل ٌّسل المصري أ ‪ ،‬وكان باإلسكندرٌة‪ ،‬فلما قدم إلٌه قال‪ :‬إنً كنت‬
‫مقبالًا على ربً‪ ،‬قال ‪ :‬فؤٌن فواب ُسد إقبالك على ربك؟ فسكت‪ ،‬فقال اللٌ ‪ :‬العبد إذا‬
‫أقبل على هللا بصدق الوفاء‪ٌ ،‬مده هللا بفوابد لم تخطر على قلب بشر‪.‬‬
‫ومز ق ثوبه‪،‬‬ ‫وكان ٌحٌى بن معاذ ٌتكلم ذات ٌوم‪ ،‬فصا رجل فً مجلسه‪َّ ،‬و‬
‫فقٌل له‪ :‬ما تقول فٌه؟ قال كالم أهل المعرفة كلما نبع من عٌن سر الوحدانٌة‪ ،‬قر‬
‫قلب المحترق بنٌران الشوق والمحبة‪ ،‬فتالشت عن صاحبه صفات اإلنسانٌة‪ ،‬كالم‬
‫المتقٌن بمنزلة الوحً‪ ،‬وجرت كلمة على لسان بعضهم‪ ،‬فقٌل له ‪َ :‬سم ن َسح َّود ثك بهذا؟‬
‫قال‪ :‬ح َّود ثنً قلبً عن فكري عن سِس رِّذ ي عن ربً‪ ،‬فإسنا ُسد الحكمة وجو ُسد ها‪ ،‬وهً‬
‫ضا ّسلر المرٌد‪ ،‬حٌثما وجدها أخذها‪ ،‬فال يُس بالً من أي وعاء خرجت‪ ،‬وبؤي لسان‬
‫تبت‪ ،‬أو ِسم ن أي كافر ُسسم َسِسعت‪.‬‬ ‫َسن َسط َسقت‪ ،‬ومن أي قلب نُس ِسق َسلت‪ ،‬أو على أي حابط ُس‬
‫ك ِس‬
‫وقد ورد " َسم ن أراد أن ٌإتٌه هللا علما ًا من ؼٌر تعلم‪ ،‬وهُس د من ؼٌر هداٌة‪،‬‬
‫فلٌزهد فً الدنٌا "(‪ ،)2‬وإن للحكمة أهالًا وزماناًا‪ ،‬وقد مضً زمنها‪ ،‬وااكثرون ِسم ن‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪٬ٞٝ‬ش د‪ ١‬لِؿ‪ ،‬ؤد‪ ٧‬ج‪ٝ‬ػحفش (‪٥ 175-94‬ـ) ن‪٬‬ؽ ‪٠‬وف ‪ِٝ‬وف‪٠ ،٣‬ظس‪٦‬ؿ ‪ ً٘ٞ٠‬وحػخ ‪٠‬ـ‪٥‬خ ٖ‪،٫٦ٚ‬‬
‫‪ ١ٜٝ‬ؤسدحُ‪ ٤‬ـجد‪٧‬ج ‪ ١٠‬خُؿ‪ ٫ٖ ٣‬د‪٧‬س‪ٚ‬ر ج‪٠ٝ‬ـ‪٥‬د‪ ١٬‬ج‪٠ٝ‬ح‪٧ ٫ٜٝ‬ج‪ٝ‬نحِٖ‪( ٫‬ج‪ٝ‬د‪٧‬س‪ٚ‬ر‪ :‬ج‪ُ٧ٝ‬حء ج‪ٝ‬ـ‪٬ ٪‬ـجخ ٖ‪ ٫‬ج‪ِ٠ٝ‬ؿ‪.)١‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪.‬‬ ‫سـ‪ٜ‬فذ ج‪٧٠ٝ‬ي‪ُ٧‬حز ‪٢٦ٞٝ‬ؿ‪ ٪‬ج‪ٗٝ‬س‪ٙ٧ 20 ٫٢‬حل‪٧٬ ٟٝ" :‬ظؿ " ؤ‪٧٬ ٟٝ ٪‬ظؿ ‪ ٤ٝ‬ؤول ٖ‪ ٫‬جٯػحؿ‪٬‬ش ج‪٠ٝ‬فٖ‪ُ٧‬ر‬
‫‪٧‬اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪( ١٬‬ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ٙ٧ 224/4‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪ ٟٝ :٫ٙ‬ؤظؿ ‪ ٤ٝ‬ؤوٴ‪٧ .‬اسػحٕ جل لحؿذ ج‪٠ٝ‬س‪١٬ٚ‬‬
‫‪ٜ٧ .333/9‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء (ج‪ٝ‬سفجش جٱلٴ‪ 305/2 )٫٠‬دف‪ٙ :٤٬ٖ٧ 2346 ٟٙ‬حل ج‪ٚٝ‬حف‪ :٪‬ل‪٧٬ ٟ‬ظؿ ‪ ٤ٝ‬ؤول‪٠ٜ ،‬ح ٖ‪٫‬‬
‫ج‪٠ٝ‬ؾسوف‪٢ِ٠٧ ،‬ح‪ ٣‬وػ‪٬‬غ ‪٠‬لسٗحؿ ‪ ٤٬ُٞ ٤ٝ٧٘ ١٠‬ج‪ٝ‬وٴذ ‪٧‬ج‪ٝ‬لٴ‪ٔ٠َُ ١٠ " : ٟ‬ل د‪٠‬ح َُلِ‪ ٟ‬ؤ‪٧‬فص‪ ٤‬جهلل ُ‪٠ ٟٞ‬ح ‪ٟٝ‬‬
‫‪."ِٟٞ٬‬‬

‫‪48‬‬
‫مصابٌح كالم‬
‫َس‬ ‫أهلها‪ ،‬ولٌأ علٌنا إ أثر المصٌبة‪ ،‬فإنا هلل وإنا إلٌه راجعون‪ ،‬اطلبوا‬
‫العارفٌن قبل وفاتهم‪ ،‬نعم ر اعرفوا شرفها‪ ،‬وكمال فضلها‪ ،‬وإنما اختار لقمانُس الحكمة‬
‫الل َّودٌقٌن‪ ،‬ونزهة المتقٌن‪ ،‬وفردوأ العارفٌن‪ ،‬ومٌرا النبٌٌن‬ ‫لشرفها‪ ،‬هً برهان ِس‬
‫والمرسلٌن فاطلبوها قبل ذهابها‪:‬‬
‫رام‬
‫ِر‬ ‫ُته ُتم العلما ُتء أبنا ُتء ال ِر‬ ‫أرر‬ ‫ٍ‬ ‫اانام ب لِّب‬
‫ِر‬ ‫مصابي ُتل‬
‫مام‬‫ِر‬ ‫البدر وا بال َم‬
‫ِر‬ ‫نور‬
‫ِر‬ ‫وا ٍد‬ ‫تتا ِر ل ُتم ُته م ل لِّب‬

‫‪49‬‬
‫الحديث التاسف‬
‫[ أولئ يبدل هللا سيئاتهم حسناس ]‬

‫أخبرنا العبد الصالح الثقة أبو ؼالب عبدهللا بن م نصور بجامع واسط‪ ،‬أخبرنا‬
‫أبو عبد هللا محمد بن علً بن الحسٌن السلمً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الحسن بن أبً الفتح‬
‫الضرٌر العثمانً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا عمر بن محمد المق ري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا عبد الرحمن بن‬
‫أحمد ابن الحجاج‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أحمد بن محمد بن أبً الرجاء‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا وكٌع بن‬
‫الجرا ‪ ،‬قال حدثنا ااعمش‪ ،‬عن المعرور بن سوٌد‪ ،‬عن أبً ذر رضً هللا تعالى‬
‫عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪ٌ" :‬إتى بالرجل ٌوم القٌام ر فٌقال ‪:‬‬
‫اعرضوا علٌه صؽار ذنوبه‪ ،‬ويُس خفى عنه كبارها‪ ،‬فٌقال له ‪ :‬عملت كذا وكذا‪،‬‬
‫وعملت ٌوم كذا‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬وهو ُسمقِسرٌّي لٌأ ٌنكر‪ ،‬قال‪ :‬وهو مشفق من الكبار أن‬
‫يُسجا َسء بها‪ ،‬فإذا أراد هللا به خٌراًا‪ ،‬قال ‪ :‬أعطوه مكان كل سٌبة حسنة‪ ،‬فٌقول حٌن‬
‫طمع ‪ :‬إن لً ذنوبا ًا ما رأ ٌتها ها هنا "قال ‪ :‬فلقد رأٌت رسول هللا صلى هللا علٌه‬
‫وسلم ضحك حتى بدت نواجذه(‪ .)1‬ثم تال‪( :‬فؤولبك ٌبدل هللا سٌباتهم حسنات)(‪.)2‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ؤؿ‪ ٩٢‬ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر ‪٢٠‬قلذ ٖ‪٦٬‬ح‪ ،‬ف‪ ١ُ" :٤ٌٗٝ٧ ،190 ٟٙ‬ؤد‪ ٫‬ـف ‪ٙ‬حل ‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪٩ٞ‬‬
‫جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪" : ٟٞ‬ا‪ ٫٢‬ٯُ‪ ٟٞ‬آؾف ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر ؿؾ‪٧‬ٳً ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر‪٧ ،‬آؾف ؤ‪٥‬ل ج‪٢ٝ‬حف ؾف‪٧‬ظحً ‪٦٢٠‬ح ‪ .‬فظل ‪٬‬ئس‪ ٩‬د‪ٟ٧٬ ٤‬‬
‫ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر‪ٚ٬ٖ ،‬حل ‪ :‬جُفي‪٧‬ج ُ‪ ٤٬ٞ‬ؤحف ـ‪٧٢‬د‪٧ ٤‬جفِٖ‪٧‬ج ُ‪ٜ ٤٢‬دحف‪٥‬ح‪ٖ ،‬زُُفى ُ‪ ٤٬ٞ‬ؤحف ـ‪٧٢‬د‪ٚ٬ٖ ،٤‬حل ‪ٞ٠ُ :‬ز‬
‫‪ٜ ٟ٧٬‬ـج ‪ٜ٧‬ـج ‪ٜ :‬ـج ‪ٜ٧‬ـج‪ٞ٠ُ٧ .‬ز ‪ٜ ٟ٧٬‬ـج ‪ٜ٧‬ـج ‪ٜ :‬ـج ‪ٜ٧‬ـج‪٧ٚ٬ٖ .‬ل‪ .ِٟ٢ :‬ٳ ‪٬‬لسً‪ َ٬‬ؤ‪ٜ٢٬ ١‬ف‪٠ ٧٥٧ ،‬نٗ٘ ‪١٠‬‬
‫‪ٜ‬دحف ـ‪٧٢‬د‪ ٤‬ؤ‪ ١‬زُُفى ُ‪ٚ٬ٖ ،٤٬ٞ‬حل ‪ٖ :٤ٝ‬ب‪ٜ٠ ٛٝ ١‬ح‪ٜ ١‬ل ل‪٬‬ثر ػل‪٢‬ر ‪٧ٚ٬ٖ .‬ل‪ :‬فخ ‪ٙ‬ؿ ُ‪ٞ٠‬ز ؤن‪٬‬حء ٳ ؤفج‪٥‬ح ‪٥‬ح‬
‫‪٢٥‬ح "ٖ‪ٚٞ‬ؿ فؤ‪٬‬ز فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬يػ‪ ٛ‬ػس‪ ٩‬دؿز ‪٧٢‬جضـ‪٧ .٣‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ق‪ ٫ٖ ٪‬وٗر ظ‪،ٟ٢٦‬‬
‫ج‪ٝ‬دحخ ج‪ِٝ‬حنف‪ ،‬ف‪ٙ٧ 2599 ٟٙ‬حل‪٥ :‬ـج ػؿ‪٬‬ش ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٗٝ‬ف‪ٙ‬ح‪70 "١‬‬

‫‪50‬‬
‫وهذا اإلشفاق هو شًء من أسرار الٌقٌن باهلل‪ ،‬وحال من سلطانه‪ٌ ،‬فرؼه فً‬
‫قلوب أهل المعرفة به‪ ،‬ولهذا الحدٌ الشرٌؾ شؤن جلٌل‪ ،‬يُسنبا عن كرم إلهً فوق‬
‫تعبٌر اللسان‪ٌ ،‬عرفه العارفون‪ ،‬وٌزلق به الؽافلون‪ ،‬وٌزداد خوفا ًا من هللا به‬
‫الموفقون‪.‬‬
‫أي سادر‪ ،‬من أراد أن ٌتكلم بلسان أهل المعرفة‪ ،‬فٌنبؽً أن ٌحفظ أدب‬
‫كالمه‪ ،‬فال ٌكشؾ دقابقه إ عند أهله‪ ،‬وأن ٌ َسُسح ِّذم َسل المرٌدَس فوق طاقته‪ ،‬و ٌمنع‬
‫كالمه َسم ن كان ِسم ن أهله‪ ،‬وٌكون كالمه مع أهل المعرفة بلسان أهل المعرفة‪ ،‬ومع‬
‫أهل الصفا بلسان الصفا‪ ،‬ومع أهل المحبة بلسان المحبة‪ ،‬ومع أهل الزهد بلسانهم‪،‬‬
‫ومع كل صنؾ على قدر مراتبهم ومنازلهم‪ ،‬وقدر عقولهم‪ ،‬فإن هللا تعالى جعل‬
‫لحق‪ ،‬وٌنبؽً أن‬ ‫للعارؾ هذه االسن‪ ،‬نعم كلها تتالشى عند ظهور سلطان ا‬
‫ٌبلػ عقل المستمع إلٌه‪ ،‬فٌكون ذلك فتنة‪ ،‬فإن أكثر الناأ جاهلون‪،‬‬ ‫ٌح ِّذد بحدٌ‬
‫اشتؽلوا بعلوم الظاهر‪ ،‬وتركوا علم تصحٌح الضمابر‪ ،‬فال ٌحتملون دقابق كالم‬
‫العارفٌن‪ ،‬ا ن كلماتهم هوتٌة‪ ،‬وإشاراتهم قدسٌة‪ ،‬وعباراتهم أزلٌة‪ ،‬فلذلك ٌنبؽً‬
‫للمستمع أن يكون معه السراج اازلى‪ ،‬والنور الدٌمومً‪ ،‬وٌقال ‪ :‬لسان الحال أفصح‬
‫من لسان المقال‪ ،‬فمن رضً بالحال دون َسو لًِّذ الحال‪ ،‬صار مخذو ًا عن الحال‪،‬‬
‫ومحجوبا ًا عن ذي الجالل‪ ،‬وأي دهشه أشد من دهشة العارؾ‪ ،‬إن تكلم عن حاله‬
‫هلك‪ ،‬وإن سكت احترق‪ ،‬فمن َسو َسردَس قلبه الحضر َسر َسك َّول لسانُسه‪ ،‬و َسم ن ؼاب قلبه عن‬
‫الحضرر كثر كالمه‪.‬‬
‫قال ذو النون رحمه هللا ‪ :‬ما رأٌت محدثا ًا فً قوم ٌحدثهم بؽفلة إ كان ذلك‬
‫قسور‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬سكوت العارؾ حكمة‪ ،‬وكالمه نعمة‪ ،‬وٌقال ‪ :‬لٌأ على تحقٌق‬
‫فً المعرفة َسم ن ٌح ِّذد بحدٌ المعرفة عند أبناء اآلخرر‪ ،‬فكٌؾ أبناء الدنٌا؟ ما‬
‫تكلمت مع أحد من الناأ‪ ،‬إ ودعوته إلى هللا ثم كلمته‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الق ربة‪،‬‬ ‫من لم ٌكن له حالور المعرفة‪ ،‬ورإٌة المِسنَّو ر‪ ،‬وشكر النعمة‪ ،‬ولذابذ ُس‬
‫وخوؾ المفارقة‪ ،‬وأ ُسنأ اللُس حبة‪ ،‬وإخالل العبادر‪ ،‬وسرور الهداٌة‪ ،‬فلٌأ له أن‬
‫ٌتكلم بكالم أهل المعرفة‪ ،‬وإن تكلم فال ٌح ِّذم ل فوق الطاقة ‪ ،‬و ٌمنع أهل الحاجة‪،‬‬
‫و ٌضٌع أهل الؽفلة‪.‬‬
‫و ُس كً أن رجالًا جاء إلى عارؾ قال ‪ :‬حدثنً‪ ،‬فقال ‪ :‬إن مثلً معك كرجل‬
‫الطيْسب‪ ،‬فقال العطار‪ :‬اذهب اشتر‬ ‫وقع فً القاذورات‪ ،‬فذهب إلى العطار‪ ،‬وقال‪ :‬أٌن ِّذ‬
‫ااشنان(‪ ،)1‬واؼسل نفسك ولباسك‪ ،‬ثم تعال فتطٌب‪ ،‬وكذلك أنت ‪ ،‬لطخت (‪ )2‬نفسك‬
‫بؤنجاأ الذنوب‪ ،‬فخذ أشنان الحسرر‪ ،‬وطٌن وطٌن الندامة‪ ،‬وماء التوبة واإلنابة‪،‬‬
‫وطهر ظواهرك فً إ ّسجانة(‪ )3‬الخوؾ والرجاء‪ ،‬من أنجاأ ال ُسن رم والجفاء‪ ،‬ثم اذهب‬
‫إلى حمام الزهد والتقى‪ ،‬واؼسل نفسك بماء الصدق والصفاء‪ ،‬ثم ابتنً حتى أطًِّذبك‬
‫بعطر معرفتً‪.‬‬
‫قال بعر الناأ لعارؾ ‪ :‬إنً اعرؾ كالمكم‪ ،‬قال‪ :‬كالم ااخرأ ٌعرفه‬
‫ك ن كالطٌب‬ ‫إ أ ُّدم ه‪ ،‬ومن كالم عٌسى علٌه الصالر والسالم ‪ٌ :‬ا صاحب الحكمة‪ُ ،‬س‬
‫الناصح‪ٌ ،‬ضع الدواء حٌ ٌنفع‪ ،‬وٌمنع الدواء حٌ ٌضر‪ ،‬تضع الحكمة فً ؼٌر‬
‫أهلها‪ ،‬فتكون جاهالًا‪ ،‬و تمنعها من أهلها‪ ،‬فتكون ظالماًا‪ ،‬و تكشؾ أرك عند كل‬
‫أحد‪ ،‬فتصٌر مفتضحا ًا‪.‬‬
‫وقال ذو النون رحمه هللا ‪ :‬رأٌت رجالًا أسود ٌطوؾ حول البٌت وٌقول‪ :‬أنت‬
‫ْست به‪ ،‬فؤنشؤ‬ ‫أنت أنت‪ ،‬و ٌزٌد عل ذلك اللفظ شٌباًا‪ ،‬فقلت‪ٌ :‬ا عبدهللا‪ ،‬أي شًء َسع َسنٌ َس‬
‫ٌقول‪:‬‬
‫َم ٌّرط وو ل ٌمم عنه يحي ِره‬ ‫ُت ألي ِره‬ ‫ِر ٌّرر لي‬ ‫بين المحبينَم‬
‫بعر ما ي ِره‬ ‫يخب ُتر ُت عن ِر‬
‫ِّب‬ ‫نو ٌمر‬ ‫يماز ُتج ُته‬
‫ِر‬ ‫ب ُته ‪ ،‬أ ُتن ٌم‬ ‫نا ٌمر تلا لُت ِر‬
‫تمان سُتناجي ِره‬ ‫ِر ٍ‬ ‫هإ سرائ ُتر‬ ‫ألو ل ليه وو أبتل له بدوً‬

‫الحديث العاألر‬
‫[ أول من يدخل الجنة]‬
‫أخبرنا الشٌخ أبو طالب محمد بن علً‪ ،‬عن أبً القاسم علً بن أحمد‬
‫الرزاز‪ ،‬قال أنبؤنا أبوالحسٌن محمد بن مخلد فً أنة ثمان عشرر وأربعمابة‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫عرفة العبدي‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبوعلً إسماعٌل بن محمد الصفار‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا الحسن بن َس‬
‫أنبؤنا أبوالنضر هاشم بن القاسم‪ ،‬عن سلٌمان بن المؽٌرر‪ ،‬عن ثابت البنانً‪ ،‬عن‬
‫أنأ بن مالك رضً هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪" :‬آتى باب‬

‫(‪) 1‬‬
‫جٯن‪٢‬ح‪( ١‬دي‪ ٟ‬ج‪٠٦ٝ‬قذ ‪ٜ٧‬لف‪٥‬ح)‪ :‬نظف ‪ ١٠‬ج‪ٗٝ‬ه‪ٞ٬‬ر ج‪ٝ‬ف‪٠‬فج‪٬٠‬ر ‪٢٬‬دز ٖ‪ ٫‬جٯفى ج‪ٝ‬ف‪٬ٞ٠‬ر‪٬ ،‬لسِ‪٠‬ل ‪ ٧٥‬ؤ‪٧‬‬
‫ف‪٠‬حؿ‪ٓ ٫ٖ ٣‬لل ج‪ٝ‬ص‪٬‬حخ ‪٧‬جٯ‪٬‬ؿ‪( ٪‬ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪٧ٝ‬ل‪.)ً٬‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ًّٝ‬ؾز‪ :‬ؿ‪ٓ١‬لز‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫جٱضٓج‪٢‬ر‪ :‬ا‪٢‬حء سٔلل ٖ‪ ٤٬‬ج‪ٝ‬ص‪٬‬حخ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الجنة ٌوم القٌامة فؤستفتحُس‪ ،‬فٌقول الخازن ‪َ :‬سمن أنت؟ فؤقول محمد‪ ،‬فٌقول‪ِ :‬سب َسك أمرت‬
‫َس (‪.) 1‬‬
‫أفتح اح ٍسد َسقبل َسك"‬
‫َس‬ ‫أن‬
‫وقد علم أهل العلم باهلل‪ ،‬أن الجنة التً هً باب الخٌر اإللهً اابدي‪ُ ،‬ستفتح‬
‫خٌر دنٌوي وأخرو ي‪،‬‬ ‫إ بفتح محمد صلى هللا علٌه وسلم لها‪ ،‬فهو الفات ُسح لكل ٍس‬
‫والعل ُسم بشؤنه هو سر العلم باهلل تعالى‪ ،‬فمن أراد أن ٌُسفتح له أبواب الخٌر الدنٌوي‬
‫‪ ،‬فإن فً نفحاتها علم‬ ‫وااخروي فعلٌه أن ٌتعلق بؤذٌاله صلى هللا علٌه وسلم‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫أي سادر‪ ،‬علم المعرفة هو العلم باهلل تعالى‪ ،‬وهو نور من أنوار ذي الجالل‪،‬‬
‫وخصلة من أشرؾ الخصال‪ ،‬أكرم هللا به قلوب العقالء‪ ،‬فزٌنها بحسن جماله‪،‬‬
‫وعظٌم شؤنه‪ ،‬وخل به أهل و ٌته ومحبته‪ ،‬وفضَّوله على سابر العلوم‪ ،‬وأكثر‬
‫الناأ عن شرفه ؼافلون‪ ،‬وبلطابفه جاهلون‪ ،‬وعن عظٌم َسخطره ساهون‪ ،‬وعن‬
‫ؼوامر معانٌه هون‪ ،‬فال ٌُسدركه إ أرباب القلوب الموفقون‪ ،‬وهذا العلم أساأٌح‬
‫بُسنٌت علٌه ساب ُسر العلوم‪ ،‬به ٌُسنال خٌر الدارٌن‪ ،‬وعز المنزلٌن‪ ،‬وبه َسٌعرؾ العبد‬
‫عٌوب‬

‫(‪.) 1‬‬
‫‪ :‬وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪٠ ٫‬ل‪٢‬ؿ‪( ٣‬ؿجف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش) ‪٠( 442/10‬ل‪٢‬ؿ ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ( ٤٢‬دف‪12337 ٟٙ‬‬
‫‪٠٧‬ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ٖ‪٧ٙ ٫‬ل ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪" :ٟٞ‬ؤ‪٢‬ح ؤ‪٧‬ل ج‪٢ٝ‬حك ‪٬‬نَٗ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر‪٧ ،‬ؤ‪٢‬ح ؤ‪ٜ‬صف جٯ‪٢‬د‪٬‬حء‬
‫سدِحً" ف‪.197 ٟٙ‬‬

‫‪53‬‬
‫نفسه‪ ،‬و ِسم َسنن ربه‪ ،‬وجالل ربوبٌته‪ ،‬وكمال قدرته‪ ،‬به ٌطٌ ُسر سِس رُّد العبد بجنا المعرفة‬
‫فً سرادقات لطابؾ القدرر‪ ،‬وٌجول حول منتهى العزر‪ ،‬وٌرت ُسع فً روضات القدأ‪،‬‬
‫فال تتم العلوم كلها دون امتزاج شًء منه بها‪ ،‬و تفسد ااعمال إ بفقده‪ ،‬ولم‬
‫تسكن إلٌه قلوبٌح نظر هللا إلٌها بالرأفة والرحمة‪ ،‬وأمطر علٌها أمطار الفهم‬
‫والبالؼة‪ ،‬وطٌبها برٌاحٌن الٌقٌن والفِسطنة‪ ،‬وجعلها موضع العقل والفراسة‪ ،‬وطهرها‬
‫من أدناأ الجهالة والؽفلة‪ ،‬ونوَّو رها بمصابٌح العلم والحكمة‪ ،‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫(ير ف هللا الإين ءامنوا من م والإين أوتوا العلم درجاس )(‪ ،)1‬وكل عارؾ‬
‫‪:‬‬ ‫ٌخشى هللا تعالى وٌتقٌه على مقدار علمه باهلل عز وجل‪ ،‬لقوله تعالى‬
‫( نما يخألى هللا من عباد العلماء)(‪ ،)2‬بنوره ٌعرؾ وساوأ الشٌطان‪ ،‬الدافعة إلى‬
‫المعاصً والز ت‪ ،‬وٌحذر به آفات اإلرادات‪ ،‬قال هللا تعالى ‪( :‬أ من ألرا هللا‬
‫صدر لإلسالم هو على نور من ربه )(‪ ،)3‬وقال هللا تعالى ‪( :‬ومن لم يجعل هللا له‬
‫نوراً ما له من نور)(‪.)4‬‬
‫وفً الخبر‪" :‬إن من العلم كهٌبة المكنون المخزون‪ٌ ،‬عرفها إ أهل العلم‬
‫باهلل‪ ،‬و ٌنكرها إ أهل الؽرَّو ر "(‪ )5‬وجاء رجل إلى النبً صلى هللا علٌه وسلم فقال ‪:‬‬
‫أي ااعمال أفضل؟ فقال‪" :‬العلم باهلل"(‪.)6‬‬

‫ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال ‪ٌ :‬ا رب‪ ،‬أي العباد أكثر حسنة‪،‬‬
‫وأرفع درجة عندك؟ قال‪ :‬أعلمهم بً‪ .‬وقال اإلمام الجلٌل سٌدنا علً بن أبً طالب‬
‫رضً هللا عنه وكرم هللا وجهه‪ :‬أعلم الناأ باهلل أشدهم تعظٌما ًا لحرمة إله إ هللا‪،‬‬
‫قال أبو الدرداء رضً هللا عنه ‪ :‬من ازداد باهلل علما ًا ازداد َسو َسجال‪.‬‬
‫وروي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم ‪ :‬أن ٌا داود تعلم‬
‫العلم النافع‪ ،‬قال‪ :‬إلهً‪ ،‬وما العلم النافع؟ قال‪ :‬أن تعرؾ جاللي وعظمتً وكبرٌابً‪،‬‬
‫وكمال قدرتً على كل شًء‪ ،‬فإن هذا الذي ٌقربك إلً‪ ،‬وإنً أعذر بالجهالة َسمن‬
‫لقٌنً‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ ٟٝ‬ظحؿ‪ٝ‬ر‪11 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٖحًف‪.28 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف‪.22 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٧٢ٝ‬ف‪.40 :‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫(‪٠‬ل‪٢‬ؿ‬ ‫يِ‪ .ٕ٬‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ػحٌٖ ُدؿ ج‪ ٟ٬ٌِٝ‬ج‪٢٠ٝ‬ـف‪ٙ٧ ٪‬حل ‪" :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤد‪٢٠ ٧‬و‪٧‬ف ج‪ٝ‬ؿ‪ ٫ٖ ٫٠ٞ٬‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ‬
‫ج‪ٝ‬زٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ (ؿجف جد‪١‬‬
‫ج‪ٗٝ‬فؿ‪٧‬ك‪٧ )799‬ؤد‪ُ ٧‬دؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫٠ٞ‬جٯفدِ‪ ١٬‬ج‪ٝ‬س‪ ٫ٖ ٤ٝ ٫‬ج‪ٝ‬سو‪ [ " ٕ٧‬ف‬
‫‪ٜ‬ص‪٫‬ف ‪٧‬نف‪ٜ‬حث‪٦‬ح ) ‪ 135/1‬دف‪٧ ]141 ٟٙ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٔٝ‬قج‪ ٫ٖ ٫ٝ‬اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪( ١٬‬ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر ) ‪ٙ٧ 20/1‬حل‬
‫ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪ ٫ٖ ٫ٙ‬سؾف‪٬‬ظ‪" : ٤‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤد‪ُ ٧‬دؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫٠ٞ‬جٯفدِ‪ ٫ٖ ٤ٝ ١٬‬ج‪ٝ‬سو‪ ١٠ ٕ٧‬ػؿ‪٬‬ش ؤد‪٫‬‬
‫‪٥‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬دبل‪٢‬حؿ يِ‪."ٕ٬‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫(ج‪ٝ‬سفجش‬ ‫[ ‪ٜ‬نٕ ج‪ٝ‬ؾ‪ٗٞ‬حء‬ ‫ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ُ ١‬دؿ ج‪ٝ‬دف ٖ‪ٖ ٫‬يل جلٍ‪ ٟٝ‬دل‪١‬ؿ يِ‪ ١ُ ٕ٬‬ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٤٢‬‬
‫جٱلٴ‪.] 111/2 )٫٠‬‬

‫‪54‬‬
‫وقٌل لمحمد بن الفضل السمرقندي(‪ :)1‬ما العلم باهلل؟ قال‪ :‬أن تر قضاءه فً‬
‫نفسك هلل‪ ،‬وااشٌاء كلها فً‬ ‫َس‬ ‫الخ ْسلق ُسمب َسْسرماًا‪ ،‬والضر والنفع والعز والذل منه‪ ،‬وتر‬
‫َس‬
‫قبضته‪ ،‬وأن تختار لنفسك ؼٌر اختٌار‪ ،‬وتعمل هلل خالصا ًا‪.‬‬
‫ٌا بنً اجتهد فً تعلم علم السر‪ ،‬فإن بركته كثٌرر أكثر مما تظن‪ٌ ،‬ا بنً َسمن‬
‫تعلم علم العالنٌة دون علم السر هلك وهو ٌشعر ‪ٌ .‬ا بنً إن أردت أن ٌكرمك هللا‬
‫بعلم السر فعلٌك ببؽر الدنٌا ‪ .‬واعرؾ حرمة الصالحٌن‪ ،‬وأحكِسم أمرك للموت‪ ،‬قال‬
‫رب زدنل علما ً)(‪( .)2‬وعلّنم ما لم ت ن تعلم )(‪( )3‬وعلّنمنا من لدنا‬ ‫هللا تعالى‪( :‬و ُتل ّن‬
‫(‪) 5‬‬
‫بلنا) ‪ .‬فرُسبَّو‬‫س ُت‬
‫موضع آخر‪( :‬والإين جاهدوا ينا لنهدينهم ُت‬ ‫ٍس‬ ‫علما ً)(‪ )4‬إ أنه قال فً‬
‫رجل كثٌر الرواٌات جاهل باهلل‪ ،‬إنَّو عِس لم المعرفة فض ٌحل من هللا ٌإتٌه من اصطفاه‬
‫مِسن َسخلقِسهِس‪ ،‬واجتباه لصُسحبته‪.‬‬
‫جاء فً الخبر ‪ " :‬العل ُسم عِس لمان‪ ،‬علم باللسان‪ ،‬وهو حجة هللا على العباد‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫د‪ٞ‬ؾ‪ ٫‬جٯول‪ُ ،‬حم ٖ‪ ٫‬ل‪٠‬ف‪٢ٙ‬ؿ‪٠٧ ،‬حز د‪٦‬ح ل‪٢‬ر ‪٥ 319‬ـ (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر ‪.)73‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪.114 :٤‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬لحء‪.113 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪65 :ٕ٦ٜٝ‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٜ٢ِٝ‬د‪٧‬ز‪.69 :‬‬

‫‪55‬‬
‫صلى هللا‬ ‫وعلم بالقلب‪ ،‬وهو العلم ااعلى "(‪ٌ )1‬خشى العبد من هللا إ به وقال‬
‫علٌه وسلم‪" :‬أشدكم هلل خشٌة أعلمكم باهلل"(‪.)2‬‬
‫وقال سفٌان الثوري (‪ )3‬رحمه هللا ‪ :‬العلماء ثالثة ‪ :‬عال ٌحم بؤمر هللا ؼٌر عالم‬
‫باهلل‪ ،‬فذلك العالم الفاجر الذي ٌصلح إ للنار‪ ،‬وعالم باهلل ؼٌر عالم بؤمره‪ ،‬فذلك‬
‫ناقل‪ ،‬وعالم باهلل وبؤمره به‪ ،‬فهو العالم الكامل‪.‬‬
‫ُسعرؾ بااشٌاء بل‬ ‫قٌل لبعر العارفٌن ‪ :‬ما سبٌل معرفة هللا؟ قال ‪ :‬لٌأ ٌ َس‬
‫ُس‬
‫وعرفت ما دون هللا بنور هللا‪.‬‬ ‫ُس‬
‫عرفت هللا باهلل‪،‬‬ ‫ُست َس‬
‫عرؾ ااشٌاء به‪ ،‬كما قال ذو النون‪:‬‬
‫كنت أعرؾ َسمن‬‫ُس‬ ‫وقال إبراهٌم علٌه الصالر والسالم ‪ :‬إلهً‪ ،‬لو أنت كٌؾ‬

‫(‪) 1‬‬
‫ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف ج‪ٝ‬ؾً‪٬‬خ ٖ‪ ٫‬زجف‪٬‬ؾ‪ )346/4( ٤‬دبل‪٢‬حؿ ػل‪٧ ،١‬جد‪ُ ١‬دؿ ج‪ٝ‬دف ج‪٠٢ٝ‬ف‪ ٫ٖ ٪‬ظح‪ َ٠‬د‪٬‬ح‪ ١‬ج‪ِٟٞٝ‬‬
‫(‪)4194‬‬ ‫[(ج‪٬٢٠ٝ‬ف‪٬‬ر) ‪ ١ُ ] 190/1‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪٠ ٪‬فلٴً دبل‪٢‬حؿ وػ‪٬‬غ‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ؿ‪٠ ٫ٖ ٫٠ٞ٬‬ل‪٢‬ؿ ج‪ٗٝ‬فؿ‪٧‬ك‬
‫‪٧‬جٯود‪٦‬ح‪ٜ ٫ٖ ٫٢‬سحد‪( ٤‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪٧ )2192‬ج‪ٝ‬د‪ ٫ٖ( ٫ٚ٦٬‬نِخ جٱ‪٠٬‬ح‪ ١ُ )1825 ١‬ج‪ٗٝ‬ي‪٬‬ل د‪١‬‬
‫ُ‪٬‬حى ‪٫ٓ ٤ٝ٧ٙ ١٠‬ف ‪٠‬فٖ‪( ٍ٧‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ٞٝ‬ػحٌٖ ج‪٢٠ٝ‬ـف‪ : ٪‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬صح‪٧ )140 ٧139 ١‬ـ‪ٜ‬ف‪ ٣‬جٱ‪٠‬ح‪ٟ‬‬
‫ج‪ٔٝ‬قج‪ ٫ٖ ٫ٝ‬اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٙ٧ 24/3 ٧ 59/1 ١٬‬حل ق‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪ِٝ‬فج‪ ٫ٖ ٫ٙ‬ج‪" : ٫٢ٔ٠ٝ‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٪‬ج‪ٝ‬ػ‪ٟ٬ٜ‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪٧٢ٝ‬جؿف (‪٧ ..)255‬ؤل‪٢‬ؿ‪ ٣‬ج‪ٝ‬ؾً‪٬‬خ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬سحف‪٬‬ؽ ‪ ١٠‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ج‪ٝ‬ػل‪ ١ُ ١‬ظحدف دبل‪٢‬حؿ ظ‪٬‬ؿ‪٧ .‬ؤُ‪ ٤ّٞ‬جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ظ‪٧‬ق‪٪‬‬
‫"‪٧‬اُٴل جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ظ‪٧‬ق‪٬ٖ( ٟ٥٧ ٤ٝ ٪‬ى ج‪ٚٝ‬ؿ‪٬‬ف ‪٧ )391/4‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ل‪ً ١٠ ٫ً٧٬‬ف‪ً : ١٬ٚ٬‬ف‪ ٘٬‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ن‪٬‬در‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬ػ‪٧ ٟ٬ٜ‬ج‪ٝ‬ؾً‪٬‬خ ُ‪ ١‬ظحدف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ( ٤٢‬ق ‪ً٧ )28947 ٧ 28667‬ف‪ ٘٬‬ؤد‪٧٬ ١ُ ٟ٬ِ٢ ٫‬لٕ د‪٬ًُ ١‬ر‬
‫ُ‪ٙ ١‬سحؿذ ُ‪ ١‬ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ( ٤٢‬ق ‪ٙ٧ )28946‬حل‪٧" :‬ؤ‪٧‬فؿ‪ ٣‬جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ظ‪٧‬ق‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ِٞٝ‬ل (ج‪٠ٝ‬س‪٢‬ح‪٬٥‬ر ‪)83/1‬‬
‫‪ ١٠‬ج‪ًٝ‬ف‪٦ٖ ٫ٖ ٧٥٧ " ١٬ٚ٬‬فلر جد‪ ١‬ؾ‪٬‬ف ‪٧ 6‬اسػحٕ ‪٧ 295/7 ٧ 349 ٧ 85/1‬ج‪ٝ‬ؿف ج‪٢٠ٝ‬ص‪٧‬ف ‪٧ 250/5‬ؤ‪٠‬ح‪٫ٝ‬‬
‫ج‪ٝ‬نظف‪( ٪‬د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪٧٠( 60/1‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪.)518/5‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪( ١٬‬ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪٧ 76/1‬اسػحٕ ‪٧ 422/1‬ج‪ٜٝ‬حٕ ج‪ٝ‬نحٕ ٖ‪ ٫‬سؾف‪٬‬ط ؤػحؿ‪٬‬ش ج‪ٜٝ‬نحٕ ٳد‪١‬‬
‫ػظف (ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ُٚ٧ .139‬خ ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪ ٩ُٞ ٫ٙ‬ف‪٧‬ج‪٬‬س‪ ٤‬ج‪ٝ٧ً٠ٝ‬ر ٖ‪ ٫‬جٱػ‪٬‬حء د‪ ٟٝ : ٤ٝ٧ٚ‬ؤظؿ‪ٜ٥ ٣‬ـج دً‪.٤ٝ٧‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫لٗ‪٬‬ح‪ ١‬د‪ ١‬لِ‪٬‬ؿ ‪ ١٠‬د‪ ٫٢‬ص‪٧‬ف (‪٠ ٟ‬وف) ‪٥ 161-97‬ـ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫أنت؟ ومِسثله عن رابعة العدوٌة قالت لذي النون ‪ :‬كٌؾ عرفت هللا؟ قال ‪ :‬رزقنً‬
‫ذكرت جالل هللا فاستحٌٌت منه‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫ت بمعصٌة‬‫الحٌاء‪ ،‬وكسانً المراقبة‪ ،‬فكلما همم ُس‬
‫مثل المعرفة كشجرر لها ستة أؼصان‪ ،‬أصلها ثابت فً أرر الٌقٌن‬
‫والتصدٌق‪ ،‬وفرعها قابم باإلٌمان والتوحٌد‪.‬‬
‫فؤول أؼصانها الخوؾ والرجاء مقرونٌن بؽصن الفكرر‪.‬‬
‫والثانً‪ :‬الصدق والوفاء مقرونٌن بؽصن اإلخالل‪.‬‬
‫والثال ‪ :‬الخشٌة والبكاء مقرونٌن بؽصن التقو ‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬القناعة والرضاء مقرونٌن بؽصن التوكل‪.‬‬
‫والخامأ‪ :‬التعظٌم والحٌاء مقرونٌن بؽصن السكٌنة‪.‬‬
‫والسادأ‪ :‬اإلستقامة والوفاء مقرونٌن بؽصن الود والمحبة‪.‬‬
‫وٌتشعب من كل ؼصن ما نهاٌة له فً العدد من أنوا الخٌر‪ ،‬والصدق‬
‫فً المعاملة‪ ،‬وأن أ الصحبة‪ ،‬وفرابد القربة‪ ،‬وصفاء الوقت‪ ،‬وؼٌر ذلك مما‬
‫ٌصفه الواصفون‪ ،‬وعلى كل شعبة ثمار شتى‪ٌ ،‬شبه لون إحداها ااخر و‬
‫طعمها‪ ،‬تحتها أنوار التوفٌق‪ ،‬جارٌة من ٌنبو الفضل والعناٌة‪ ،‬والناأ فً ذلك‬
‫على تفاوت الدرجات‪ ،‬وتباٌن الحا ت‪ ،‬فمنهم من أخذ بفرعها ؼافالًا عن أصلها‪،‬‬
‫محروما ًا من أؼصانها‪ ،‬محجوبا ًا عن حالور ثمارها‪ ،‬ومنهم من تمسك بفروعها‪،‬‬
‫ومنهم من أخذ بؤصلها وأخذ كلها من ؼٌر أن ٌلتفت إلى كلها‪ ،‬نفراده بول ِّذٌ ِسه خالقها‪،‬‬
‫َسمن لم ٌكن له نور من سراج التوفٌق‪ ،‬ولو جمع الكتب وااخبار وااحادٌ كلها‪ ،‬لم‬
‫ٌزدد إ بُسعداًا ونفوراًا‪ ،‬كمثل الحمار ٌحمل أسفاراًا‪.‬‬
‫ٌُسقال إن رجالًا جاء إلى اإلمام علً علٌه السالم فقال علمنً من ؼرابب‬
‫أعرفت ربك؟ قال‬ ‫َس‬ ‫فعلت فً رأأ العلم؟ قال ‪ :‬وما رأأ العلم؟ قال ‪:‬‬ ‫َس‬ ‫العلم‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫فعلت فً حقه؟ قال ما شاء هللا‪ ،‬قال ‪ :‬فانطلِسق فؤحكِسم هذا‪ ،‬فإنْس أحكمته‬ ‫َس‬ ‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫الفرق بٌن علم المعرفة وؼٌرها كالفرق بٌن الحً‬ ‫ُس‬ ‫أعلمك ؼرابب العلم‪ ،‬قٌل ‪:‬‬
‫َس‬ ‫َسفؤْس ِس‬
‫ت‬
‫والمٌت‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الحديث الحاد عألر‬
‫[ يستظل المإمن يوم الليامة ل ظل صد ته]‬

‫أخبرنا شٌخنا اإلمام المقرئ الجلٌل الشٌخ أبو الفضل علً الواسطً قدأ هللا‬
‫روحه‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد الواعظ‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو حفل عمر‬
‫بن محمد بن عبد الرحمن الجمحً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا علً بن عبد العزٌز‪ ،‬عن ابن‬
‫المبارك‪ ،‬عن حرملة بن عمران‪ ،‬عن ٌزٌد بن أبً جندب‪ ،‬عن أبً الخٌر‪ ،‬عن عقبة‬
‫ابن عامر رضً هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪" :‬المرء فً ظل‬
‫لدقته حتى ٌُسقضى بٌن الناأ‪ ،‬أو قال ‪ٌ :‬حكم بٌن الناأ "(‪ )1‬هذا لكونه ترك شٌبا ًا‬
‫قلٌالًا مما تحبه نفسه لربه‪ ،‬فكٌؾ إذا خرج عن نفسه بالكلٌة؟‬
‫شر المُسذنبٌن بؤنً‬‫روي أن هللا تبارك وتعالى أوحى إلى داود علٌه السالم ‪ :‬ب ِّذ‬
‫ؼفور‪ ،‬وأنذر الصِس ِّذدٌقٌن بؤنً ؼٌور‪.‬‬
‫ورُسوي أن ٌوسؾ علٌه الصالر والسالم ‪ :‬لما ألقً فً الجب‪ ،‬كان ٌقول ‪ :‬من‬

‫(‪) 1‬‬
‫(ؿجف ج‪ٜٝ‬سخ‬ ‫وػ‪٬‬غ‪٧ .‬ؤ‪ٜ" :٤ٝ٧‬ل ج‪٠‬فة ٖ‪ٌ ٫‬ل وؿ‪ٙ‬س‪ " .. ٤‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪ .‬ؤؾفظ‪ ٤‬جد‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ ٫ٖ ٛ‬ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ‬
‫ج‪٬٠ِٞٝ‬ر) ج‪ٝ‬ظقء ج‪ٝ‬ؾح‪٠‬ك‪ :‬دحخ ج‪ٝ‬وؿ‪ٙ‬ر ه ‪ 227‬دف‪٧ 645 ٟٙ‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (ؿجف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ) ‪ 343/13‬دف‪ٟٙ‬‬
‫‪ ١٠( 17266‬ػؿ‪٬‬ش ُ‪ٚ‬در د‪ُ ١‬ح‪٠‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٧٠٧ ) ٟٞ‬جفؿ ج‪٠ٌٝ‬أ‪ ١‬ا‪ ٩ٝ‬ق‪٧‬جثؿ‬
‫‪ 94/4‬ف‪٧ 243 ٟٙ‬ػ‪٬ٞ‬ر‬ ‫جد‪ ١‬ػدح‪٬٦ٞٞٝ ١‬ص‪( ٫٠‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪ 362/1‬دف‪( 817 ٟٙ‬جٱػلح‪٧ )3310 ١‬جد‪ ١‬ؾق‪٠٬‬ر‬
‫جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٧ 181/8‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ : ٛ‬ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ ‪٧ 416/1‬وػػ‪٧٧ ٤‬جٖ‪ ٤ٚ‬ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪ ٫ٖ ٫‬ج‪ٝ‬س‪ٞ‬ؾ‪٬‬ه‪١ُ٧ ٤٢ُ٧ ،‬‬
‫ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ٖ‪٢ٜ ٫‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ 16068‬ج‪ٝ‬لؾح‪ ٫ٖ ٪٧‬ج‪ٚ٠ٝ‬حوؿ ج‪ٝ‬ػل‪٢‬ر ‪٧ 224‬ج‪ٔٝ‬قج‪ ٫ٖ ٫ٝ‬اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪225/1 ١٬‬‬
‫‪٧ 88/3 ٧‬ج‪ِٝ‬فج‪ ٫ٙ‬د‪٦‬ح‪٠‬ن‪٧ ،٤‬اسػحٕ ج‪ٝ‬لحؿذ ج‪٠ٝ‬س‪٧ 401/7 ٧ 167/4 ١٬ٚ‬نفع ج‪ٝ‬ل‪٢‬ر ‪ٞٝ‬دٔ‪٠٧ 136/6 ٪٧‬ظ‪َ٠‬‬
‫ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 285/3‬ف‪٧ 4612 ٟٙ‬ج‪ٝ‬ؿف ج‪٢٠ٝ‬ص‪٧‬ف ‪٧٠( 16/2 ٧ 355/1‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪ٟ٦ٜٞ )423/6‬‬
‫ُ‪ُٚ ١‬در د‪ُ ١‬ح‪٠‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪.٤٢‬‬

‫‪58‬‬
‫لعب فً خدمة مو ه‪ ،‬فؽٌابة الجب مؤواه‪ ،‬وهنا كلمات من طرابؾ مختصرات‬
‫ُسق لمن عرؾ‬ ‫‪ :‬ح َّو‬ ‫القوم‪ ،‬تنشط بها همم الموفقٌن‪ٌ ،‬قول قابلهم رضً هللا عنهم‬
‫المولى‪ ،‬أن ٌشكو من البلو ‪ ،‬إذا لم ٌعرؾ العب ُسد المولى‪ ،‬فكل لسان له دعو ‪،‬‬
‫لٌأ للعارؾ دعو ‪ ،‬و للمحب شكو ‪ ،‬إذا سبقت من الرب العناٌة‪ ،‬ه ِسُسز َسمت من‬
‫العبد الجناٌة‪ ،‬إذا سبقت العناٌة‪ ،‬وجبت الو ٌة‪ ،‬بالعناٌة تحصل الو ٌة‪ ،‬والو ٌة‬
‫ُسدرك الو ٌ َسة َسمن‬‫تهدم الجناٌة‪ ،‬لٌأ الشؤن فً الو ٌة‪ ،‬لكن الشؤن فً العناٌة‪ ،‬لم ٌ ِس‬
‫فاتته العناٌة‪ ،‬المُسصِس رُّد من أَس َسسرَّو السِّذر‪ ،‬طر ُس الخلق وجو ُسد الحق‪ ،‬اطر الدعو تجد‬
‫المعنى‪َ ،‬سمن كان له باطنٌح صحٌح‪ ،‬فجمٌع كالمه ملٌح‪ ،‬تؽتر بصفاء ااوقات (‪،)1‬‬
‫فإن تحتها فنون اآلفات‪ ،‬تؽتر بصفاء العبودٌة‪ ،‬فإن فٌها نسٌان الربوبٌة‪ ،‬خل‬
‫الدارٌن للطالبٌن‪ ،‬واستؤنأ برب العالمٌن‪ ،‬اس َست ْسه ِسد باهلل فنِسع َسم الدلٌل‪ ،‬وتوكل علٌه فنعم‬
‫الوكٌل‪ ،‬ما دام قلب العبد بؽٌر هللا معلقاًا‪ ،‬كان باب الصفاء عنه مُسؽلقاًا‪ ،‬ااُسنأ باهلل‬
‫نو ٌحر ساطع‪ ،‬واانأ بالمخلوق َسه ٌّيم واقع‪َ ،‬سمعدِسنُس ااسرار قلوبُس اابرار‪ ،‬قلوب‬
‫اابرار حصونُس ااسرار‪ ،‬القلب إذا اب ُستلً بالمربوب‪ُ ،‬س ِسز َسل عن و ٌة المحبوب‪،‬‬
‫عط‪ ،‬لٌأ باللبٌب َسمن‬ ‫وس ْسل ُست َس‬ ‫خٌ ُسر الرزق ما ٌكفً‪ ،‬وخٌ ُسر الذكر الخفً‪ ،‬توكل ُست َس‬
‫كؾ َس‬
‫اختار على الحبٌب‪ ،‬بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى‪ ،‬العب ُسد إذا سخط علٌه مو ه‪َ ،‬سسخ َس‬
‫ِسط‬
‫علٌه ما سواه‪ ،‬وإذا رضً عنه مو ه‪ ،‬رضً عنه ما سواه‪ ،‬ع ْسُسذ ُسر الحبٌب عند‬
‫ب مؽفور‪َ ،‬سمن أراد المولى فلٌتهٌؤ للبلو ‪.‬‬ ‫ب عند الحبٌ ِس‬ ‫الحبٌب مبرور‪ ،‬وذنبُس الحبٌ ِس‬
‫واجعل الحزن ِرلما بين يدي‬ ‫ه ِّبَمون الدنيا وما يها علي‬
‫الحبٌب إلى الحبٌب‪ٌ ،‬نبؽً أن ٌكون العب ُسد‬ ‫َس‬ ‫جس ٌحر َسمهٌب‪ٌُ ،‬سوصِس ل‬
‫الموت ِس‬
‫ٌسك‪ ،‬والدعا َسء أنٌسك ‪.‬‬ ‫َس‬ ‫مشؽو ًا بما ٌكون ؼداًا عنه مسإو ًا‪ ،‬اجعل ال ُستقى جل‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٙ٧ٝ‬ز‪" :‬ػحؿش ‪٠‬س‪ُ ٟ٥٧‬لّ٘ ػو‪ ٩ُٞ ٤ٝ٧‬ػحؿش ‪٠‬سػ‪ٖ ،٘ٚ‬ح‪ٝ‬ػحؿش ج‪٠ٝ‬سػ‪ٙ٧ ٘ٚ‬ز ‪ٞٝ‬ػحؿش ج‪٠ٝ‬س‪ ،ٟ٥٧‬س‪٧ٚ‬ل ‪:‬‬
‫آس‪ ٛ٬‬فؤك ج‪ٝ‬ن‪٦‬ف‪ٖ ،‬بٳس‪٬‬ح‪٠ ١‬س‪٧ ،ٟ٥٧‬ف ؤك ج‪ٝ‬ن‪٦‬ف ػحؿش ‪٠‬سػ‪ٖ ،٘ٚ‬فؤك ج‪ٝ‬ن‪٦‬ف ‪ٙ٧‬ز جٱس‪٬‬ح‪ٙ٧ .. ١‬ؿ ‪١٧٢ِ٬‬‬
‫دح‪ٙ٧ٝ‬ز ‪٠‬ح ‪ ١٠ ٤٬ٖ ٧٥‬ج‪ٝ‬ق‪٠‬ح‪( "١‬ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر ‪.)114‬‬

‫‪59‬‬
‫(‪) 1‬‬ ‫َم‬
‫محالة زائل ُت‬ ‫نعيم و‬
‫و ل ُّل ٍ‬ ‫أو ل أللء ما خال هللا باطل ُت‬
‫والشوق ٌُسقلق‪ ،‬وهذا سرو ُسر الخٌر‪ ،‬فكٌؾ سرو ُسر النظر؟ كل‬ ‫ُس‬ ‫الحبُّد ٌُسحرق‪،‬‬
‫(‪) 3‬‬ ‫(‪) 2‬‬
‫‪ ،‬التوبة تطهر الحوبة ‪،‬‬ ‫نعمة دون الجنة فانٌة‪ ،‬وكل بالء دون النار عافٌة‬
‫ا عتراؾ ٌهدؾ ا قتراؾ‪َ ،‬سهب أن هللاَس قد عفا عن المُسسٌبٌن‪ ،‬ألٌأ قد فاتهم ثوابُس‬
‫المُسحسنٌن‪ ،‬أعِس ّسد للسإال جواباًا‪ ،‬وللجواب صواباًا‪ ،‬اطلب ما ٌعنٌك بترك ما ٌعنٌك‪،‬‬
‫الرزق مقسوم‪ ،‬والحرٌلُس محروم‪ ،‬العب ُسد حُسرٌّي إذا قنع‪ ،‬والحُسر عب ٌحد إذا طمع‪ ،‬أخرج‬ ‫ُس‬
‫الطمع من قلبك‪ ،‬تح ّسل القٌدَس من ِسرجلك‪َ ،‬سق ِّذدم إلى الحشر زادك‪ ،‬فإن إلى هللا َسمعادك‪،‬‬
‫الدنٌا دنٌّسة‪ ،‬وحُسبها خطٌّسة (‪ ،)4‬والدنٌا ساعة‪ ،‬فاجعلها طاعة‪ ،‬الدنٌا كلها ؼرور‪،‬‬
‫(‪ ،)5‬الدنٌا معدن‬ ‫الخطا‪ ،‬والعُسقبى معدن العطا‬ ‫والعقبى كلها سرور‪ ،‬الدنٌا معدن َس‬
‫الجفاء‪ ،‬والعقبى معدن الوفاء‪ ،‬أساأ التقو ترك الدنٌا‪ ،‬أخوؾ الن اأ آمنهم‪ ،‬ما‬
‫ِسرت له‪ ،‬منعك طو ُسل اامل‪ ،‬عن ذكر‬ ‫أؼفلك عما ُسخلقت له‪ ،‬وما أعجزك عما أُسم َس‬

‫(‪) 1‬‬
‫ُ‪ ١‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل‪ٙ :‬حل ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪" : ٟٞ‬ؤوؿ٘ ‪٠ٜٞ‬ر ‪ٙ‬ح‪٦ٝ‬ح ج‪ٝ‬نحُف ‪٠ٜٞ‬ر ‪ٝ‬د‪٬‬ؿ‪:‬‬
‫ؤٳ ‪ٜ‬ل ن‪٫‬ء ‪٠‬ح ؾٴ جهلل دحًل ‪ [ " ..‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ‪ ٟ‬ج ‪٬‬ظ‪٧‬ق ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬نِف ‪٧‬ج‪ٝ‬فظق ‪٧‬ج‪ٝ‬ػؿجء ‪٠٧‬ح ‪ٜ٬‬ف‪٤٢٠ ٣‬‬
‫ف‪٠٧ 5795 ٟٙ‬ل‪ :ٟٞ‬ؤ‪٧‬جثل ‪ٜ‬سحخ ج‪ٝ‬نِف ف‪.]2256 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ٖ‪ ٟ٦‬ٳ‬ ‫ؤ‪٠‬صحل ‪٥‬ـ‪ ٣‬ج‪ِٝ‬دحفذ ‪ٞٝ‬ل‪٬‬ؿ جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬فٖحُ‪ ٫‬سلؿؿ ٖ‪ ٕٙ٧٠ ٟ٦‬ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬سػ‪ ٟ٬ِ٢ ١٠ ٘٬ٚ‬ج٭ؾفذ ‪ُ٧‬ـجد‪٦‬ح‪،‬‬
‫‪٬‬لس‪٦‬سف‪ ١٧‬ػ‪٬‬ح‪٠٦ٝ‬ح‪٧ ،‬ٳ ‪ُٔٚ٬‬لّ‪ ١٠ ١٧‬نإ‪٠٦٢‬ح‪ ،‬ا‪٠٢‬ح ‪ ١٧٠ٌِ٬‬جهلل ُق ‪٧‬ظل ٕ‪ ٧٥‬لدػح‪ ٤٢‬ج‪ٔٝ‬ح‪٬‬ر‪٬ ٧٥٧ ،‬لسػ٘ ج‪ِٝ‬دحؿذ‬
‫ػس‪٬ ٟٝ ٧ٝ ٩‬ؾ‪ ٘ٞ‬ظ‪٢‬رً ‪٧‬ٳ ‪٢‬حفجً‪٧ ٕ٬ٜٖ ،‬ؤ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪٢ٝ‬حك ا‪٠‬ح ظ‪٢‬ر ‪ ٟ٬ِ٢‬ؤ‪ُ ٧‬ـجخ ‪ٟ٬ٚ٠‬؟ ‪ِ٠٧‬ف‪ ٕ٧‬ؤ‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪٬‬ؿذ فجدِر‬
‫ج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر ‪ٜ‬ح‪٢‬ز ‪ ١٠‬ؤ‪ٜ‬صف ‪ ١٠‬ـجُز ُ‪٥ ٤٢‬ـ‪ ٣‬ج‪ٝ٧ٚ٠ٝ‬ر‪٦٢ٜٝ ،‬ح ‪ ١٠‬ج‪٠ٝ‬ئ‪ٜ‬ؿ ؤ‪٦٢‬ح ‪ٜ‬ح‪٢‬ز سفظ‪ ٧‬فػ‪٠‬ر فد‪٦‬ح ‪٧‬سؾن‪٩‬‬
‫ُـجد‪ٙ٧ ،٤‬حل ُدؿ ج‪٥٧ٝ‬حخ ج‪ٝ‬نِفج ‪ٜ " :٫٢‬ح‪٢‬ز (فجدِر) في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح ‪ٜ‬ص‪٬‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٜ‬حء ‪٧‬ج‪ٝ‬ػق‪ٜ٧ ١‬ح‪٢‬ز اـج ل‪ِ٠‬ز‬
‫ـ‪ٜ‬ف ج‪٢ٝ‬حف ٓن‪٦٬ُٞ ٫‬ح ق‪٠‬ح‪٢‬حً" (ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪( ٨‬ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.)65/1‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ٝ‬ػ‪٧‬در‪ :‬جٱص‪.ٟ‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ : ٓ٫‬ؾً‪٬‬ثر‪.‬‬
‫ؾً ذ‬
‫(‪) 5‬‬
‫ٕ ‪٠٥‬قذ "ج‪ٝ‬ؾًإ " ‪ٙ٧ ،‬وف " ج‪ًِٝ‬ح" ٱ‪ٙ‬ح‪٠‬ر ج‪ٝ‬لظَ‪.‬‬
‫ج‪ٝ‬ؾًح‪ :‬ج‪ٝ‬ؾًإ‪٧ ،‬ج‪ًِٝ‬ح‪ : ،‬ج‪ًِٝ‬حء‪ ،‬ؾّٕ‬

‫‪60‬‬
‫ِسرت له‪ ،‬منعك طول اامل‪ ،‬عن ذكر‬ ‫لقت له‪ ،‬وما أعجزك عما أُسم َس‬ ‫أؼفلك عما ُسخ َس‬
‫أردت المكارم‪،‬‬ ‫َس‬ ‫ك الجفاء‪ ،‬إن‬‫عل مو ك بطاعة هواك‪ ،‬رأأ الوفاء َسترْس ُس‬ ‫ااجل‪َ ،‬ست ِس‬
‫كثٌر ٌُسطؽٌك‪ ،‬المإمن كثٌ ُسر الفِسعال‪ ،‬قلٌ ُسل‬ ‫فاجتنب المحارم‪ ،‬قلٌ ٌحل ي كفٌك خٌ ٌحر من ٍس‬
‫والمنافق قلٌ ُسل الفِسعال‪ ،‬كثٌ ُسر المقال‪ ،‬اتق هللا إذا خلوت‪َ ،‬سٌستجب لك إذا‬ ‫ُس‬ ‫ال َسمقال‪،‬‬
‫التدبٌر إلى الملك‬ ‫َس‬ ‫هللا أش ُّدد من ناره‪ ،‬ورضوا ُسن ُسه أكب ُسر من جنته‪ ،‬د‬ ‫دعوت‪ ،‬ؼضبُس ِس‬
‫الخبٌر‪َ ،‬سطلَسبُس الحالل‪ ،‬أش ُّدد من َسن ْسقل الجبال‪ ،‬كل ه ٍّمم وذكر لؽٌر هللا فهو حِسجاب بٌنك‬
‫وبٌن هللا‪ ،‬تقع المإانسة بٌن العبد وربه‪ ،‬حتى تقع الوحشة بٌنه وبٌن خلقه‪،‬‬
‫الخ ْسلق‪ ،‬حسبً من سإالً عِس ل ُسم ُسه‬ ‫ٌصل العب ُسد إلى الحق‪ ،‬حتى ٌعتزل عن صُسحب ِسة َس‬
‫بحالً‪.‬‬
‫ل‬‫وعن ا ٌمء وبال ٌمء و َمتلَم ْن‬ ‫ل‬
‫س َمر ْن‬
‫ب سو هللاِر َم‬ ‫ل ُّل محبو ٍ‬
‫ل‬‫ما خال الرحمنَم ما عن ُته َمخلَم ْن‬ ‫ل‬
‫وأس ْن‬‫َم‬ ‫وهمو ٌمم و مو ٌمم‬

‫رأٌت مثل الجن ِسة نام طالِسبُسها‪ ،‬و مثل النار نام هاربُسها‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫ما‬
‫ين‬
‫المتر َمب ِر‬
‫ِر‬ ‫د ْنُترسُت‬ ‫َّوم‬ ‫د ْنُترسُت حولَم ال َمم ْن ِرروَم ْن ِرن‬
‫ل َمملي ِر ال َم َمللَم ْني ِرن‬ ‫ُت وَّو‬ ‫اامر‬
‫َم‬ ‫وجدسُت‬
‫َم ينل‬ ‫ِرإ ُتر ُت ُت َّوراُت‬ ‫نل اُت لبل‬ ‫ُتم َم‬ ‫ُتح ُّلب ُته‬

‫‪61‬‬
‫الحديث ال انل عألر‬
‫[ الراحمون يرحمهم الرحمن]‬
‫أخبرنا الشٌخ الجلٌل المقرئ العارؾ باهلل خالً أبو بكر اانصاري‬
‫الواسطً‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو عبد هللا محمد بن أبً نصر الحمٌدي‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو القاسم‬
‫منصور ابن النعمً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو نصر عبدهللا بن سعٌد بن حاتم الوا بلً‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو َسٌعْس لى حمزر بن عبد العزٌز المهلبً‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو حامد أحمد بن محمد بن‬
‫بالل ّس‬
‫البزاز‪ ،‬قال أنبؤنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا سفٌان بن عُسٌٌنة‪،‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫عن عمرو بن دٌنار‪ ،‬عن أبً قابوأ ‪ ،‬عن عبد هللا بن عمرو بن العال رضً‬
‫هللا عنه‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم قال ‪" :‬الراحمون ٌرحمهم الرحمن‪،‬‬
‫ارحموا َسمن فً اارر ٌرحمكم َسمن فً السماء"(‪.)2‬‬
‫هذا الحدٌ الشرٌؾ فٌه من أسرار العلم باهلل العجابب‪ ،‬أَس َسم َسر المصطفى صلى‬
‫هللا علٌه وسلم بالرحمة لِس َسمن فً اارر من المخلوقٌن‪ ،‬لتحصل بذلك الرحمة للعبد‬
‫تنزل الرحمات الربانٌة‪،‬‬ ‫مِسن كل َسمن فً السماء من العُسلوٌٌن‪ ،‬فإن السماء طرٌق ُّد‬
‫ومحل أنبوب اإلفاضات الرحموتٌة‪ ،‬ومقر المالبكة الذٌن جعلهم هللا وسابط أسراره‬
‫بٌنه وبٌن خلقه‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤد‪ٙ ٧‬حد‪٧‬ك‪ُ ٫ٝ٧٠ ٧٥ :‬دؿ جهلل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪.ٟ٦٢‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬جل‪ ٟ‬ل‪٢‬ؿ (ؿجف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش) ‪٠( 46/6‬ل‪٢‬ؿ ُدؿجهلل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬د‪ ١‬ج‪ِٝ‬حه في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح)‬
‫دف‪٧ 6494 ٟٙ‬ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ‪ :‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬فػ‪٠‬ر ‪٧ 4941‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬ج‪ٝ‬دف ‪٧‬ج‪ٝ‬و‪ٞ‬ر‪ ،‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬فػ‪٠‬ر ج‪٢ٝ‬حك‬
‫)‬ ‫‪ٙ٧ 1925‬حل ؤد‪٬ُ ٧‬ل‪٥ :٩‬ـج ػؿ‪٬‬ش ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ‪٧ .‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ٜ( 159/4 ٛ‬سحخ ج‪ٝ‬دف ‪٧‬ج‪ٝ‬و‪ٞ‬ر‬
‫‪٧‬وػػ‪٧ ٧٥ ٤‬ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪٧ . ٫‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٠ ٫ٖ ٫٠‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪( 341/8‬ف‪ ١ُ )13672 ٟٙ‬ظف‪٬‬ف في‪٫‬‬
‫جهلل ُ‪ ٤٢‬د‪ " : ٌٗٞ‬ازحُ ِٓ ف‪ ٟ‬األزع ‪٠‬سحّه ِٓ ف‪ ٟ‬اٌعّبء " ‪ٚ‬لبي ‪ :‬ز‪ٚ‬اٖ اٌطجسأ‪ٚ ،ٟ‬زجبٌٗ زجبي اٌظح‪١‬ح ‪.‬‬
‫‪ٚ‬ز‪ٚ‬اٖ ث‪ٙ‬را اٌٍفظ ‪٠‬ضب ً عٓ عجد هللا ثٓ ِعع‪ٛ‬د في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬دف‪ٙ٧ 13674 ٟٙ‬حل‪ :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤد‪٧ ٩ِٞ٬ ٧‬ج‪ًٝ‬دفج‪٫٢‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬صٴصر‪٧ .‬فظحل ؤد‪ ٩ِٞ٬ ٫‬فظحل ج‪ٝ‬وػ‪٬‬غ اٳ ؤ‪ ١‬ؤدح ُد‪٬‬ؿذ ‪٬ ٟٝ‬ل‪ ١٠ َ٠‬ؤد‪ ُٟ ٧٦ٖ ٤٬‬فلل ‪٬ ٤٢ٜٝ .‬س‪٨٧ٚ‬‬
‫دن‪٧‬ج‪٥‬ؿ‪.٣‬‬

‫‪62‬‬
‫فإذا ألقى الرحمة فً سر َسملَسك الرزق طاب الرزق‪ ،‬وإذا ألقاها فً سر كاتب‬
‫ااعمال أنساه السٌبات ‪ ،‬وإذا ألقاها فً سر الرقٌب أعان ورفق‪ ،‬والرحمة حال‬
‫العارؾ‪ ،‬ومعراج قلبه إلى ربه‪ ،‬وإن عباد هللا العارفٌن‪ ،‬مظاهر لرحمة رب‬
‫العالمٌن فً المخلوقٌن‪ ،‬وهو سبحانه أرحم الراحمٌن‪.‬‬
‫جالست العارفٌن‬ ‫َس‬ ‫تحققت بالرحمة للمخلوقٌن رُسحمت‪ ،‬وإذا‬ ‫َس‬ ‫أي بنً‪ ،‬إذا‬
‫نجحت‪ ،‬وإذا سؤلت الحكماء الربانٌٌن تعلمت‪ ،‬أي بنً‪ ،‬اعلم أن لكل شًء مفتاحاًا‪،‬‬
‫ومفتا العلم السإال‪ ،‬فإن َسقدَس َسر المُسرٌد على أن ٌجالأ أهل المعرفة‪ ،‬فٌقتبأ من‬
‫(‪ ،)1‬فإن شرؾ العلماء‬ ‫علمهم‪ ،‬وتحقٌق رمزهم‪ ،‬ولطابؾ إشاراتهم‪َ ،‬سف َسب ٍسخ َسب ْسخ‬
‫الربانٌٌن‪ ،‬أكبر من أن ٌدركه أح ٌحد ؼٌرهللا‪ ،‬انهم أحبا ُسء هللا ‪ ،‬وأ ُس َسمنا ُسء سِس رِّذ ه‪ ،‬فلٌؽتنم‬
‫حُسرمتهم‪ ،‬ولٌحرك خواطرهم بحسن السإال‪ ،‬فإن أمواج خواطر العارفٌن تفنى‬
‫عجاببها‪ ،‬وكفى للمرء جهالًا إمسا ُسكه عن التعلم‪ ،‬واستكفاإه بما عنده‪ ،‬وقد قال هللا‬
‫تعالى‪ ( :‬اسؤلوا أهل الإ ر ن نتم و تعلمون)(‪ ،)2‬وقال النبً صلى هللا علٌه وسلم‪:‬‬
‫"جالسوا الكبراء‪ ،‬واسؤلوا العلماء"(‪.)3‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫دؽ‪ :‬جل‪ِٖ ٟ‬ل ‪٠‬يحفٍ د‪ ٩٢ِ٠‬ؤلزػل‪( ١‬ج‪ٔٝ‬ٴ‪ :٫٢٬٬‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؿف‪٧‬ك ج‪ِٝ‬فد‪٬‬ر (ً‪ٙ٧ )164/1 )10‬حل ج‪٬ٗٝ‬ف‪٧‬ق‬
‫ٌُُ‪ ٟ‬جٯ‪٠‬ف ‪َٖ٧‬ؽُ ‪ ،ٟ‬س‪ٚ‬حل ‪٧‬ػؿ‪٥‬ح ‪٧‬س‪ٜ‬فف ‪٠ٜٞ ..‬ر س‪ٚ‬حل ُ‪٢‬ؿ ج‪ٝ‬في‪٧ ٩‬جٱُظحخ دح‪ٝ‬ن‪٫‬ء ؤ‪٧‬‬
‫آدحؿ‪" :٪‬دؽ (‪ٜٚ‬ؿ) ؤ‪َ ٪‬‬
‫ج‪ٗٝ‬ؾف ‪٧‬ج‪٠ٝ‬ؿع" [ ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك ج‪٠ٝ‬ػ‪( ً٬‬دؽ)] ‪٧‬يدً‪٦‬ح ٖ‪ ٫‬ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك دٔ‪٬‬ف ‪٧‬ظ‪.٤‬‬
‫(‪ )2‬ظ‪ٛ‬زح إٌحً‪. 43 :‬‬
‫(‪ )3‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫ً٧٬‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف (ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف ) ‪ 554/1‬دف‪ُ٧ 3577 ٟٙ‬قج‪ ٣‬ا‪ ٩ٝ‬ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪ًٞٝ‬دفج‪٧ ٫٢‬ف‪٠‬ق‬
‫ا‪ ٩ٝ‬وػس‪ ١ُ ٧٥٧ ،٤‬ؤد‪ ٫‬ظػ‪ٗ٬‬ر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ ٫ٖ٧ . ٤٢‬ق ج‪٠ِٝ‬حل (‪ ١ُ )24661‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف‪٧ ،‬ف‪٧‬ج‪٣‬‬
‫ُ‪ ١‬ج‪ِٝ‬ل‪ٜ‬ف‪ ٪‬دف‪٧ 25583 ٟٙ‬فِٖ‪٧ ،٤‬دف٘‪ٖ٧ٙ٧٠ 25584 ٟ‬حً‪ٜ ٫ٖ ٧٥٧ .‬نٕ ج‪ٝ‬ؽ ٖحء دف‪٠ ٫ٖ٧ 1059 ٟٙ‬ظ‪َ٠‬‬
‫ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 334/1‬دف‪ٙ٧ 519 ٟٙ‬حل ج‪٬٦ٝ‬ص‪" :٫٠‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪ً ١٠‬ف‪ ،١٬ٚ٬‬اػؿج‪٠٥‬ح ‪٥‬ـ‪٣‬‬
‫(ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪٠ 125/22‬فٖ‪ُ٧‬حً) ‪٧‬جٯؾف‪ٖ٧ٙ٧٠ ٨‬ر (‪ُ ٤٬ٖ٧ )133/22‬دؿ ج‪ ٛٞ٠ٝ‬د‪ ١‬ػل‪ ١٬‬ؤد‪٠ ٧‬ح‪ ٛٝ‬ج‪٢ٝ‬ؾِ‪،٫‬‬
‫‪ٜ٢٠ ٧٥٧‬ف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪٧ ،‬ج‪ ٕ٧ٙ٧ ٟٝ‬وػ‪٬‬غ جٱل‪٢‬حؿ "‪ٙ٧ .‬حل ج‪ٝ‬د‪٬‬ف‪٧‬ز‪ُ ٤٬ٖ" :٪‬دؿ ج‪ ٛٞ٠ٝ‬د‪ ١‬ػل‪ ١٫‬د‪٠ ١‬ح‪ ٛٝ‬ج‪٢ٝ‬ؾِ‪،٫‬‬
‫يِٗ‪ ٤‬ؤد‪ ٧‬قفُر‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ؿجف ‪٧ ،٫٢ًٙ‬لح٘ ‪٢٠ ٤ٝ‬ح‪٬ٜ‬ف‪٥ ،‬ـج ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪٦٢٠‬ح " ؤل‪ ٩٢‬ج‪ً٠ٝ‬ح‪ٝ‬خ (ًدِر ‪٠‬وًٗ‪ ٩‬ج‪ٝ‬دحد‪٫‬‬
‫ج‪ٝ‬ػ‪ٞ‬د‪ )٫‬ه‪.]89‬‬

‫‪63‬‬
‫فارتحلت إلٌه‪ ،‬فوقفت عنده أربعٌن‬ ‫ُس‬ ‫قال ذو النون‪ :‬وُس صِس ؾ لً رج ٌحل بالمؽرب‪،‬‬
‫شؽله بربه‪ ،‬ولم أترك الحُسرْس مة‬ ‫صباحاًا‪ ،‬فلم أجد وقتا ًا أقتبأ به مِسن علمه شٌباًا‪ ،‬لكمال ُس‬
‫فٌوما ًا من ااٌام نظر إلًّس فقال ‪ :‬من أٌن المُسرتحِسل؟ فؤخبرته ببعر حالً‪ ،‬قال ‪ :‬بؤي‬
‫شًء جبت؟ قلت ‪ :‬اقتبأ من علمك‪ ،‬قال ‪ :‬اتق هللا‪ ،‬واستعن به‪ ،‬وتوكل علٌه‪ ،‬فإنه‬
‫ولًٌّي حمٌد وسكت‪ ،‬فقلت‪ ،‬زدنً رحمك هللا فإنً رجل ؼرٌب‪ ،‬جبتك من بلد بعٌد‪،‬‬
‫اختلجت فً ضمٌري (‪ ،)1‬فقال ‪ :‬أمُستعلِّذ ٌحم أم عالِس ٌحم أم مُسناظِس ر؟ فقلت ‪:‬‬‫َس‬ ‫اسؤلك عن أشٌاء‬
‫اادب و تتع َّود‪ ،‬فإنك إن‬ ‫َس‬ ‫بل متعلم محتاج‪ ،‬قال ‪ :‬قِسؾ فً درجة المتعلمٌن‪ ،‬واحفظ‬
‫ٌت فسدَس علٌك النفع‪ ،‬العقالء من العلماء‪ ،‬والعارفون من ااصفٌاء‪ ،‬الذٌن سلكوا‬ ‫تع َّود َس‬
‫سبٌل الصدق‪ ،‬وقطعوا أودٌة الح ْسُسزن‪ ،‬ذهبوا بخٌر الدارٌن‪ ،‬فقلت ‪ :‬رحمك هللا متى‬
‫ٌبلػ العبد إلى ما وصفت؟ قال ‪ :‬إذا كان خارجا ًا من ااسباب‪ ،‬قلت‪ :‬ومتى ٌكون العبد‬
‫ٌصٌر‬
‫َس‬ ‫الحول والقور ‪ .‬قلت ‪ :‬وما نهاٌة العارؾ؟ قال ‪ :‬أن‬ ‫كذلك؟ قال‪ :‬إذا خرج من َس‬
‫(‪) 2‬‬
‫الص ّسدٌقٌن؟ قال ‪ :‬إذا‬ ‫بال ُسكلٌّسة كالمعدوم عندَس وجوده ‪ .‬قلت ‪ :‬ومتى ٌبلػ إلى مهٌمنة‬
‫الم َّونة‪ ،‬وخرج‬ ‫قال‪ ):3‬إذا صار مستؽرقا ًا فً أبحر ِس‬ ‫عرؾ نفسه‪ .‬قلت‪ :‬متى ٌعرؾ نفسه؟‬
‫(‬
‫قدم ٌاسٌنٌّسة ‪،‬‬
‫من أودٌة اانانٌة‪ ،‬وقام على ٍس‬
‫قلت‪ :‬ومتى ٌبلػ العب ُسد على ما وصفته؟ قال ‪ :‬إذا جلأ على مركب الفردانٌة‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫وما مركب الفردانٌة؟ قال ‪ :‬القٌام بصدق العبودٌة ‪ .‬قلت ‪ :‬وما صدق العبودٌة؟ قال ‪:‬‬
‫‪ .‬قلت ‪ :‬أوصنً ‪ .‬قال ‪ :‬أوصٌك‬ ‫العلم هلل تعالى‪ ،‬والرضا بالقضاء‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪ ٪‬ؾًفز ‪ َ٠‬ن‪.ٛ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٢٠٬٥‬ر‪ :‬س‪ٜ ٩ٍٝ ١٠٬٥ ١٠ .١ٗٛ٠‬ـج‪ :‬ؤ‪ ٪‬ل‪ً٬‬ف ُ‪٧ ٤٬ٞ‬فج‪ٙ‬د‪٧ ٤‬ػٌٗ‪٢ َٟ٬ َ٣ ُٟ٧ . ٣‬ر‪٠ :‬وؿف ‪.١٠٬٥ ١٠ ٓ٫٠٬٠‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪٬‬حل‪٬٢٬‬ر‪٠ :‬غ‪٠‬ؿ‪٬‬ر‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫باهلل‪ .‬قلت‪ :‬زدنً‪ ،‬قال‪ :‬حسبُسك‪.‬‬
‫قال عبد الواحد بن زٌد رحمه هللا ‪ :‬رأٌت ر ُسجالًا فً بعر أسفاري‪ ،‬وعلٌه‬
‫أوجز‪ ،‬فإن ااٌام‬ ‫ْس‬ ‫فسلمت علٌه‪ ،‬قلت‪ :‬رحمك هللا أسؤلك مسؤلة؟ قال‪:‬‬ ‫ُس‬ ‫ثوبٌح من الشعر‪،‬‬
‫ُسطل ٌحع ٌسمع وٌر ‪ ،‬قلت ‪ :‬ما رأأ التقو ؟‬ ‫تمضً‪ ،‬واانفاأ ُست َسع ُّدد و ُستحصى‪ ،‬والرب م َّو‬
‫قال‪ :‬الصبر مع هللا تعالى ‪ :‬قلت‪ :‬ما رأأ الصبر؟ قال ‪ :‬التوكل على هللا‪ ،‬قلت ‪ :‬وما‬
‫رأأ التوكل؟ قال‪ :‬ا نقطا إلى هللا‪ .‬قلت‪ :‬وما رأأ ا نقطا إلى هللا؟ قال‪ :‬اإلنفرا ُسد‬
‫ألذ ااشٌاء؟ قال ‪:‬‬ ‫هلل‪ .‬قلت‪ :‬وما رأأ ا نفراد؟ قال ‪ :‬التجرٌد عما دون هللا ‪ .‬قلت‪ :‬ما ّس‬
‫ااُسنأُس بذ كر هللا‪ .‬قلت ‪ :‬ما أطٌبُس ااشٌاء؟ قال ‪ :‬العٌشُس مع هللا ‪ .‬قلت ‪ :‬ما أقرب‬
‫ااشٌاء؟ قال‪ :‬اللحوق باهلل(‪ ،)1‬قلت‪ :‬أي شًء أوجع للقلب؟ قال‪ :‬فراق هللا‪ ،‬قلت ‪ :‬ما‬
‫ِسه ّسم ُسة العارؾ‪ .‬قال‪ :‬لقاء هللا‪ .‬قلت ‪ :‬ما عالمة المحب؟ قال ‪ :‬حب ذكر هللا ‪ .‬قلت ‪ :‬ما‬
‫ااُسنأ باهلل ؟ قال ‪ :‬استقامة السِس رِّذ مع هللا‪ .‬قلت‪ :‬ما رأأ التفوٌر؟ قال‪ :‬التسلٌم امر‬
‫هللا‪ .‬قلت‪ :‬وما رأأ التسلٌم؟ قال ‪ :‬ذكر السإال عند هللا(‪ .)2‬قلت ‪ :‬ما أعظم السرور؟‬
‫قال‪ :‬حُسسْس نُس الظن باهلل ‪ .‬قلت‪َ :‬سمن أعظم الناأ؟ قال ‪ :‬من استؽنى باهلل ‪ .‬قلت‪ :‬من أقو‬
‫الناأ؟ قال‪ :‬من استقو باهلل ‪ .‬قلت‪ :‬من المؽبون؟ قال‪ :‬من رضً بؽٌر هللا‪ .‬قلت‪ :‬ما‬
‫النزول بدون هللا ‪ .‬قلت‪ :‬متى ٌكون العبد مُسبعداًا من هللا؟ قال ‪ :‬إذا‬ ‫ِس‬ ‫ك‬
‫المروءر؟ قال‪ :‬تر ُس‬
‫صار محجوبا ًا عن هللا ‪ .‬قلت‪ :‬متى ٌكون محجوبا ًا عن هللا؟ قال ‪ :‬إذا كان فً قلبه َسه ٌّيم‬
‫ؼٌر هللا ‪ .‬قلت ‪ :‬ومن ال ُسؽمْس ر (‪)3‬؟ قال ‪َ :‬سمن أنفق عمره فً ؼٌر طاعة هللا ‪ .‬قلت ‪ :‬ما‬
‫ُسقبل؟ قال‪َ :‬سمن أقبل‬ ‫الزهد فً الدنٌا؟ قال ‪َ :‬سترْس ك كل شًء ٌشؽل عن هللا‪ .‬قلت‪َ :‬سمن الم ِس‬
‫ُسدبر؟ قال‪َ :‬سمن أدبر عن هللا‪.‬‬
‫على هللا‪ .‬قلت‪ :‬و َسمن الم ِس‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪ ٪‬ج‪٧٠ٝ‬ز‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬لئجل ُ‪٢‬ؿ جهلل‪ :‬ج‪ٝ‬ػلحخ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ ُِٟٔٝ‬ف (دي‪ ٟ‬ج‪ :)١٬ٔٝ‬ج‪ٝ‬ظح‪٥‬ل‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫قلت‪ :‬ما القلب السلٌم؟ قال ‪ :‬الذي لم ٌكن فٌه سو هللا ‪ .‬قلت‪ :‬أخبرنً من أٌن تؤكل؟‬
‫قال‪ :‬من خزابن هللا ‪ .‬قلت‪ :‬ما تشتهً؟ قال‪ :‬ما ٌقضً هللا‪ ،‬قلت‪ :‬أوصنً‪ .‬قال‪ :‬اعمل‬
‫وارر بقضاء هللا‪ ،‬واستؤنأ بذكر هللا‪ ،‬تكن من أصفٌاء هللا‪.‬‬
‫َس‬ ‫بطاعة هللا‪،‬‬
‫قال ذو النون المصري ‪ :‬كنت فً بعر سٌاحتً‪ ،‬فإذا بشٌخ وفً وجهه‬
‫َس‬
‫لوجدت الطرٌق‬ ‫سٌما(‪ )1‬العارفٌن‪ ،‬قلت‪ :‬رحمك هللا‪ ،‬ما الطرٌق إلٌه؟ قال‪ :‬لو عرفته‬
‫إلٌه‪ ،‬قلت‪ :‬وهل ٌعبده َسمن ٌعرفه؟ قال ‪ :‬وهل ٌعصٌه َسمن ٌعرفه؟ قلت ‪ :‬ألٌأ آدم‬
‫فنسً ولم نجد له عزما ًا‪ .‬ثم قال‪ٌ :‬ا هذا د ا ختالؾ‬ ‫َس‬ ‫عصاه مع كمال معرفته؟ قال‪:‬‬
‫والخالؾ‪ .‬قلت‪ :‬ألٌأ فً اختالؾ العلماء رحمة؟ قال ‪ :‬بلى‪ ،‬إ فً تجرٌد التوحٌد‪،‬‬
‫قلت‪ :‬وما تجرٌد التوحٌد؟ قال ‪ :‬فقدان رإٌة ما سواه لوحدانٌته ‪ .‬قلت ‪ :‬وهل ٌكون‬
‫العارؾ مسروراًا؟ قال ‪ :‬وهل ٌكون العارؾ محزوناًا؟ قلت ‪ :‬ألٌأ من عرؾ هللا طال‬
‫َسهمُّده؟ قال‪ :‬بل من عرؾ هللا زال َسهمُّده‪ ،‬قلت ‪ :‬وهل تؽٌر الدنٌا قلوب العارفٌن؟ قال ‪:‬‬
‫الخ ْسلق؟ قال‪:‬‬‫وهل تؽٌر العُسقبى قلو َسبهم؟ قلت‪ :‬ألٌأ من عرؾ هللا صار مستوحشا ًا من َس‬
‫معاذ هللا أن ٌكون العارؾ مستوحشاًا‪ ،‬ولكن ٌكونُس مُسهاجراًا ومُستجرِّذ داًا‪ ،‬قلت ‪ :‬وهل‬
‫عرفه أحد؟ قال ‪ :‬وهل جهله أحد؟ قلت ‪ :‬وهل ٌتؤسؾ العارؾ على شًء ؼٌر هللا؟‬
‫قال‪ :‬وهل ٌعرؾ ؼٌر هللا فٌتؤسؾ علٌه؟ قلت ‪ :‬وهل ٌشتاق العارؾ إلى ربه قال ‪:‬‬
‫وهل ٌكون ؼاببا ًا عن العارؾ حتى ٌشتاق إلٌه؟ قلت ‪ :‬وما اسم هللا ااعظم؟ قال ‪ :‬أن‬
‫قلت ولم ٌداخلنً الهٌبة‪ ،‬قال ‪ :‬انك تقول من حٌ أنت‬ ‫تقول‪ :‬هللا‪ .‬قلت‪ :‬كثٌراًا ما ُس‬
‫من حٌ هو ‪ .‬قلت عِس ظنً ‪ .‬قال ‪ :‬حسبك من المواعظ علمك بؤنه ٌراك ‪ .‬فقمت من‬
‫عنده‪ ،‬وقلت‪ :‬ما تؤمر؟ قال‪ :‬كفى بإطالعه علٌك فً جمٌع أحوالك‪.‬‬
‫سُسبل ٌحٌى بن معاذ الرازي ما عالمة القلب الصحٌح؟ قال ‪ :‬الذي هو من‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٠٬‬ح‪ُ :‬ٴ‪٠‬ر‪٠ ،‬صل كِ‪٠‬ر ‪٧‬ل‪٬٠٬‬حء ‪٧‬كُ‪٠٧‬ر ‪٧‬كِ‪٠٬‬ر‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫هموم الدنٌا مسترٌح ‪ .‬قٌل ‪ :‬وما القوت؟ قال ‪ :‬ذكر حًٍّم ٌموت ‪ .‬قٌل ‪ :‬وما صدق‬
‫اإلرادر؟ قال‪ :‬ترك ما علٌه العادر‪ ،‬قٌل ‪ :‬وما الشوق؟ قال ‪ :‬مالحظة ما فوق ‪ .‬قٌل ‪:‬‬
‫متى ٌتم أمر العبد؟ قال‪ :‬إذا سكن مع هللا بال َسه ّسم‪ .‬قٌل‪ :‬وما عالمة المرٌد؟ قال‪ :‬أن‬
‫ٌشتؽل بالعبٌد ‪ .‬قٌل ‪ :‬وما رأأ الهد ؟ قال ‪ :‬صدق التقى ‪ .‬قٌل وما اللذر؟ قال ‪:‬‬
‫الموافقة‪ .‬قٌل‪ :‬و َسمن الؽرٌب؟ قال ‪ :‬الذي لٌأ له من حبه نصٌب ‪ .‬قٌل ‪ :‬ومتى ٌبلػ‬
‫العبد إلى و ٌة مو ه؟ قال ‪ :‬إذا عزل عن قلبه كل َسمن سواه ‪ .‬قٌل ‪ :‬وم ا الراح ُسة‬
‫ال ُسكبر ؟ قال‪ :‬التسلٌ ُسم للمولى‪ .‬قٌل‪ :‬وما أفضل ااعمال؟ قال‪ :‬ذكر هللا على كل حال‪.‬‬
‫قٌل‪ :‬وما الفاقة العظمى؟ قال ‪ :‬دوام اانأ بالمولى ‪ .‬قٌل ‪ :‬وما حجاب القلوب؟ قال ‪:‬‬
‫ا ستكفاء بالمربوب ‪ .‬قٌل ‪ :‬وما العٌش الجمٌل؟ قال ‪ :‬العٌش مع الجلٌل ‪ .‬قٌل ‪ :‬وما‬
‫حبُّدون؟ قال ‪ :‬العارفون‪ .‬قٌل ومن‬ ‫حقٌقة الوفاء؟ قا ل‪ :‬الصدق والصفاء‪ .‬قٌل‪ :‬ومن ال ُسم ِس‬
‫تعز َسز بالعزٌز‪ ،‬قٌل ومن الشرٌؾ؟ قال ‪ :‬من آنأ اللطٌؾ ‪ .‬قٌل ‪:‬‬ ‫العزٌز؟ قال‪ :‬من َّو‬
‫ومن ال ُسؽمْس ر؟ قال‪َ :‬سمن ضٌَّوع العُسمْس ر‪ .‬قٌل ما الدنٌا؟ قال‪ :‬ما شؽلك عن المولى‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫نعم‪ ،‬معدن المعرفة القلب لقوله تعالى ‪ ( :‬فنه ا من تلو الللوب ) ومعدن‬
‫المشاهدر الفإاد لقوله تعالى (ما إب الفإاد ما رأ )(‪ )2‬ومعدن النور الصدر لقوله‬
‫تعالى (أ من ألرا هللا صدر لإلسالم هو على نور من ربه )(‪ )3‬وما ازداد حبا ًا هلل‬
‫تعالى إ ازداد حبا ًا لرسوله صلى هللا علٌه وسلم واولٌابه‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ػط‪.32 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪11 :ٟ‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف‪.22 :‬‬

‫‪67‬‬
‫الحديث ال الث ع ر‬
‫ب]‬
‫أح ّن‬
‫[ ال َممر ُتء مف َمم ن َم‬

‫(‪) 1‬‬
‫أخبرنا الشٌخ الجلٌل الولً ااصٌل‪َ ،‬سفرْس ُسد الوقت أبو المكارم الباز‬
‫ااشهب (‪ ،)2‬خالً وسٌدي منصور الربانً اانصاري البطاٌحً رضً هللا عنه‬
‫برواقه فً نهر دقال‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا‪ :‬أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقالنً‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو عمر و عثمان بن محمد العالؾ قال ‪ :‬أنبؤنا أبو بكر أحمد بن سلٌمان إمالء‪،‬‬
‫قال‪ :‬قرأ علًّس ٌحٌى بن جعفر بً أبً طالب وأنا أسمع‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا محمد بن عبٌد‬
‫بن ااعمش‪ ،‬عن شقٌق عن أبً موسى رضً هللا عنه قال ‪ :‬جاء رجل إلى النبً‬
‫صلى هللا علٌه وسلم فقال ‪ٌ :‬ا رسول هللا‪ ،‬الرجل ٌحب ا لقوم و ٌلحق بهم‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أحبّس "(‪ )3‬هذا الحدٌ الشرٌؾ م ْسُسل ِسز ٌحم بمحبة العارفٌن‪ ،‬مُسبشر باإللحاق‬ ‫"ال َسمر ُسء مع َسمن َس‬
‫صحَّو ت المحبة‪ ،‬وهل الدٌن إ الحب فً هللا والبؽر فً هللا‪ ،‬وإن من سِس رِّذ‬ ‫بهم إذا َس‬
‫الحب الخالل‪ ،‬أن ٌرفع العارؾ إلى مقام السرور والنجو فً المحاضرر عند‬
‫أواه‪.‬‬
‫ؾ‬‫أي ُسب َسنًّس اعلم أن العارؾ بؤسرار المرٌدٌن‪ ،‬المتطلع على همم العارفٌن‪َ ،‬سكلَّو َس‬
‫العبادَس وفا َسء صدق العبودٌة‪ ،‬ثم بٌَّون لهم تحقٌق شرابطها‪ ،‬كٌال ٌتجاوزوا َسح َّود العبودٌة‬
‫‪:‬‬ ‫وح َّود الفقر إلى َسح َّود الؽنى‪ ،‬قال تعالى‬
‫إلى َسح َّود الربوبٌة‪َ ،‬س‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬دحق‪ :‬يفخ ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬و‪٧ٚ‬ف ‪٬‬لسؾؿ‪ ٫ٖ ٟ‬ج‪ٝ‬و‪٬‬ؿ ‪٧ .‬ج‪ٝ‬دحق‪ :٪‬جل‪ٖ ٟ‬حُل ‪ ١٠‬دحق ‪٬‬د‪٧‬ق اـج ج‪٢‬س‪ٚ‬ل ‪ٜ٠ ١٠‬ح‪ ١‬ا‪٩ٝ‬‬
‫‪ٜ٠‬ح‪٥ ً٘ٞ٬٧ .١‬ـج جٳل‪ ٩ُٞ ٟ‬دِى جٯ‪٬ٝ٧‬حء ج‪ٚ٠ٝ‬فد‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ـ‪ ١٬‬ؤ‪٠‬ؿ‪ ٟ٥‬جهلل سِح‪ ٩ٝ‬د‪ٜ‬فج‪٠‬ر ج‪٬ًٝ‬فج‪ ١‬ج‪٠ٝ‬فث‪٫‬‬
‫‪٧‬ج‪٬ًٝ‬فج‪ ١‬ج‪ٝ‬ؾٗ‪ ٫ٖ٧ ،٫‬ج‪٬ًٝ‬فج‪ ١‬ج‪٠ٝ‬فث‪٬ ٫‬دوف‪ ٟ٥‬ج‪٢ٝ‬حك ‪٥ ٫ٖ ٟ٥٧‬ـ‪ ٣‬ج‪ٝ‬ػح‪ٝ‬ر‪ ٫ٖ٧ ،‬ج‪٬ًٝ‬فج‪ ١‬ج‪ٝ‬ؾٗ‪٬ ٫‬ـ‪٥‬د‪ ١٧‬ا‪٩ٝ‬‬
‫ؤ‪٠‬ح‪٢ ١ٜ‬حث‪٬‬ر ‪ ١٠‬ؿ‪ ١٧‬آٳز ج‪ٚ٢ٝ‬ل جل‪٠‬حؿ‪٬‬ر ج‪ِ٠ٝ‬ف‪ٖ٧‬ر‪ ،‬د‪ٚ‬ؿفذ جهلل سِح‪.٩ٝ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬ـ‪٬ ٪‬ؾح‪ ًٝ‬د‪٬‬حي‪ ٤‬جل‪٧‬ؿجؿ‪ ١٠ ٧٥٧ .‬نحخ ‪ٙ‬ل‪ ١٠ ٟ‬نِف‪ ٣‬ؿ‪ ١٧‬دِى‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ُٴ‪٠‬ر ج‪ٝ‬ػخ ٖ‪ ٫‬جهلل ُق ‪٧‬ظل ‪٠٧ 5817 ٧ 5816‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬دف ‪٧‬ج‪ٝ‬و‪ٞ‬ر ‪٧‬ج٭ؿجخ‪،‬‬
‫دحخ‪ :‬ج‪٠ٝ‬فء ‪ ١٠ َ٠‬ؤػخ ‪ٜ 2640‬ٴ‪٠٥‬ح ُ‪ ١‬جد‪٠ ١‬لِ‪٧‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ ٤٢‬ج‪ٝ‬دؽجف‪ ١ُ )5818( ٪‬ؤد‪٫‬‬
‫‪٧٠‬ل‪ ٩‬جٯنِف‪ ٪‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢ُ٧ ،٤٢‬ؤ‪٬‬يحً ‪٠‬ل‪.)2641( ٟٞ‬‬

‫‪68‬‬
‫أنس الفلراء لى هللا)(‪ )1‬اآلٌة‪ ،‬وجعل لكل شًء سبباًا‪ ،‬فجعل سبب‬ ‫م‬ ‫( يا أيها النا‬
‫المخرج من عبودٌة المخلوقٌن‪ ،‬القٌام بصدق العبودٌة‪ ،‬قوله تعالى ‪( :‬ومن يتو هللا‬
‫يجعل له مخرجا ً)(‪ ،)2‬مِسن عبودٌة َسمن سواه‪( ،‬وٌرزقه ) المإانسة والمحبة والشوق‬
‫ٌحتسب ) ومعنى آخر ‪( :‬ومن ٌتق هللا ) بحفظ السر عن آفات‬ ‫إلٌه (من حٌ‬
‫ب اإلبعاد‪ ،‬وٌرزقه المشاهد َسر‬ ‫ا لتفات إلى ما سواه (ٌجعل له مخرجا ًا ) من ُسح ُسج ِس‬
‫ٌحتسب)‪ ،‬وكذلك جعل سبب معرفة العبد ربه معرفة العبد‬ ‫والوصلة (من حٌ‬‫َس‬
‫(‪) 3‬‬
‫نفسه‪ ،‬بشاهد‪َ :‬سمن عرؾ نفسه "أي بالعبودٌة " عرؾ ربه" بالربوبٌة‪ ،‬و َسمن عرؾ‬
‫نفسه بالفناء‪ ،‬عرؾ ربه بال بقاء‪ ،‬و َسمن عرؾ نفسه بالجفا ِسء والخطؤ‪ ،‬عرؾ ربه‬
‫بالوفا ِسء والعطاء‪ ،‬و َسمن عرؾ نفسه با فتقار‪ ،‬قام هلل على قدم ا ضطرار‪ ،‬و َسمن‬
‫عرؾ نفسه لمو ه‪َ ،‬سقلَّوت حوابجه إلى َسمن سواه‪.‬‬
‫رُسوي أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال‪َ " :‬سمن عرؾ هللا قام بحقه"(‪ )4‬أي من‬
‫أ َسم نفسه إلٌه‪ ،‬و َسمن عرؾ هللا بالربوبٌة قام له بؤشراط العبودٌة‪،‬‬ ‫عرؾ هللا بالهداٌة َسلَّو‬
‫ومن عرؾ هللا بالجزاء أوقع نفسه فً العناء‪ ،‬ومن عرؾ هللا بالكفاٌة‪ ،‬اكتفى به عن‬
‫كل ما سواه‪.‬‬
‫روي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه السالم ‪ :‬أ َسمن عرفنً أرادنً‬
‫وطلبنً‪ ،‬و َسمن طلبنً وجدنً‪ ،‬و َسمن وجدنً لم ٌختر علَسًَّو حبٌبا ًا سواي‪.‬‬
‫قال الشٌخ أبو بكر الواسطً رحمه هللا ‪َ :‬سمن عرؾ هللا أحبه‪ ،‬ومن أحبه‬
‫أطاعه‪ ،‬ومن أطاعه قطع عن قلبه كل ما دونه‪ ،‬و َسمن ح ِسُسرم المعرفة‪ ،‬ح ِسُسرم حالور‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٖحًف‪15 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ًٝ‬ٴ٘‪.2:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫لد٘ سؾف‪٬‬ظ‪ ٫ٖ ٤‬نفع ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ج‪ٝ‬صح‪.١٠‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ٖ‪ ٫‬سحف‪٬‬ؽ دٔؿجؿ ‪ٞٝ‬ؾً‪٬‬خ ‪٧ 362/2‬ج‪ِٝ‬ظ‪ٜ ٫ٖ ٫٢٧ٞ‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء (‪ُ ١٠" :)2533‬فٕ ‪ٗ٢‬ل‪َٜ ٤‬لَّ ‪ٝ‬لح‪٫ٖ٧ "٤٢‬‬
‫‪ٜ‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء ‪ُ ١ َٟ :2534‬فٕ ‪ٗ٢‬ل‪ ٤‬جلسفجع ‪ٙ٧‬حل ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫ً٧٬‬جٯ‪٧‬ل ‪٬ٝ :‬ك دصحدز‪ٙ٧ .‬حل ج‪ِٝ‬ظ‪٫ٖ ٫٢٧ٞ‬‬
‫ج‪ٝ‬صح‪٬ٝ :٫٢‬ك ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬فٖ‪ٜ( ٍ٧‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء ج‪ٝ‬سفجش جٱلٴ‪.)362/2 ٫٠‬‬

‫‪69‬‬
‫الطاعة‪ ،‬و َسمن ح ِسُسرم حالور الطاعة‪ ،‬ح ِسُسرم المإانسة فً الخلور‪ ،‬فال ٌجد فً المعاملة‬
‫هللا على الحقٌقة‪ ،‬وٌُسؽلب فً ااحوال فٌسقط عن استقامة‬ ‫رإٌة ال ِسم َّونة‪ ،‬و ٌعرؾ َسقدَس َسر ِس‬
‫السِس رِّذ مع الحق‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫وقال ٌوسؾ بن أسباط رحمه هللا‪َ :‬سمن عرؾ هللا وفً قلبه َسه ٌّيم سو هللا‪ ،‬لم‬
‫خالصة هلل‪ ،‬و َسمن عرؾ هللا ولم ٌستؽن باهلل‪ ،‬فال أؼناه هللا‪ ،‬و َسمن قال ‪:‬‬ ‫ًا‬ ‫ٌسجد سجد ًار‬
‫هللا‪ ،‬وفً قلبه شًء سو هللا فلم ٌقل ‪ :‬هللا‪ ،‬نعم َسمن خاؾ هللا فً كل شًء آمنه هللا‬
‫ِسأ بمو ه استحوش عن كل ما سواه‪ ،‬و َسمن اع َست َّوز بذي الع ِّذِسز‬ ‫من كل شًء‪ ،‬و َسمن أن َس‬
‫َسع ّسز‪ ،‬و َسمن اؼتر بؽٌره فال فخر و عز‪ ،‬و َسمن انقطع عن ااسباب الشاؼلة عن هللا‬
‫اتصل بااسباب الشاؼلة باهلل‪ ،‬و َسمن ترك عرور العالقات صار مستؤنسا ًا به فً جمٌع‬
‫ِسكر مو ه ظهرت له أسرار الؽٌوب‪ ،‬و َسمن جعل الهموم‬ ‫ااوقات‪ ،‬و َسمن ذاق حالور ذ ِس‬
‫هما ًا واحداًا كفاه هللا الهموم‪ ،‬ومن طلب رضاء مو ه ٌبالً بسخط ما سواه‪ ،‬ومن‬
‫ب عن إمامه‪ ،‬و َسمن كان هلل قرٌبا ًا كان مع غ ٌره ؼرٌباًا‪ ،‬و َسمن أراد‬ ‫ج َس‬
‫اكتفى بمقامه ُسح ِس‬
‫الدارٌن‪ ،‬و َسمن ترك حُسسْس َسن الرعاٌة َسز َّول عن سبٌل‬ ‫َس‬ ‫الدارٌن فلٌنقطع إلى َسمن له مُسلك‬ ‫َس‬ ‫عِس َّوز‬
‫ربة فلٌشرب من بُسؽر ؼٌر هللا جُسرعة‪،‬‬ ‫الهداٌة‪ ،‬و َسمن أراد أن ٌشرب من محبة هللا َسش ًا‬
‫ومن استؤنأ بكل شًء استوحش من كل شًء‪ ،‬و َسمن َسس َسك َسن قلبه إلى شًء فلٌأ من‬
‫هللا فً شًء‪ ،‬قال علٌه الصالر والسالم ‪َ " :‬سمن أصبح و َسهمُّده ؼٌر هللا فلٌأ من هللا فً‬
‫‪َ :‬سمن أرادنا أردناه‪ ،‬ومن أراد‬ ‫شًء " (‪ ،)2‬قال هللا تعالى فً بعر الكتب‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٧٬‬لٕ د‪ ١‬ؤلدحً‪ :‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٧ ٕ٬٢‬سلِ‪٠٧ ١٬‬حثر (ج‪ٝ‬نِفج‪)62/1 ٫٢‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫يِ‪ .ٕ٬‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ٙ٧ .320/4 ٛ‬حل ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪ ٫ٖ ٫‬ج‪ٝ‬سؾل‪٬‬ه‪ :‬الػح٘ ‪ٚ٠٧‬حسل (‪٬‬ف‪٬‬ؿ الػح٘ د‪١‬‬
‫دنف ‪ٚ٠٧‬حسل د‪ ١‬ل‪٠٬ٞ‬ح‪٠٥٧ ،١‬ح ‪ ١٠‬ػ‪ٞ٠‬ر ‪٥‬ـج ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش )‪٬ٝ :‬لح دص‪ٚ‬س‪٧ ١٬‬ٳ وحؿ‪٧ .١٬ٙ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ُ ١‬ؿ‪" ٫ٖ ٪‬ج‪ٜٝ‬ح‪٠‬ل‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬يِٗحء" ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف ‪٧ 2530/7‬ج‪ٝ‬قد‪٬‬ؿ‪ ٫ٖ ٪‬جٱسػحٕ ‪٧ 84/8‬ؤد‪ ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧‬ج‪ٝ‬ػ‪٬ٞ‬ر ‪ ١ُ ٧٥٧ 48/3‬جد‪١‬‬
‫‪٠‬لِ‪٧‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ ٫ٖ ٤ٌٗٝ٧ . ٤٢‬ق ج‪ ِٟٝ‬جل (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪ 10/16‬دف‪ ١ َٟ " :43706 ٟٙ‬ؤودغ ‪٬ٓ ٣ َٟٗ٥٧‬ف جهلل‬
‫ٖ‪٬ٞ‬ك ‪ ١٠‬جهلل (ٖ‪ ٫‬ن‪٫‬ء) ‪٦٬ ٟٝ ١٠٧‬س‪ ٟ‬دح‪٠ٝ‬ل‪٬ٖٞ ١٬٠ٞ‬ك ‪."ٟ٦٢٠‬‬

‫‪70‬‬
‫أحبَّونا أحببناه‪ ،‬ومن اكتفى بنا عمّسا لنا ُسك ّسنا له وما لنا‪ ،‬أ َسمن طلبنً‬ ‫ِسم ّسنا أعطٌناه‪ ،‬و َسمن َس‬
‫وجدنً‪ ،‬ومن طلب ؼٌري لم ٌجدنً‪ ،‬قٌل‪ :‬أ َسمن طلبنً بالتوبة وجدنً بالمؽفرر‪،‬‬
‫و َسمن طلبنً بشكر النعمة وجدنً بالزٌادر‪ ،‬و َسمن طلبنً بالدعاء وجدنً باإلجابة‪،‬‬
‫و َسمن طلبنً بالتوكل وجدنً بالكفاٌة‪ ،‬و َسمن طلبنً بالقُسربة وجدنً بالمإانسة‪ ،‬و َسمن‬
‫بالوصلة‪ ،‬ومن طلبنً با شتٌاق وجدنً باللقاء والرإٌة‪.‬‬ ‫طلبنً بالمحبة وجدنً َس‬
‫وقال بعضهم‪َ :‬سمن كان هلل كان هللا له‪ ،‬أي َسمن كان فً أمر هللا كان هللا فً‬
‫أمره‪ ،‬و َسمن كان فً ذكر هللا كان هللا فً ذكره‪ ،‬و َسمن كان فً حب هللا كان هللا فً‬
‫حبه‪ ،‬ومن كان فً مرضار هللا ٌكن هللا فً مرضاته‪( ،‬ومن يعتصم باهلل لد ُته ِرد َم‬
‫لى صراطٍ مستليم)(‪.)1‬‬
‫قال صلى هللا علٌه وسلم ( َسم ن أحب لقاء هللا أحب هللا لقاءه‪ ،‬ومن كره لقاء‬
‫(‪) 2‬‬
‫لً بمعاملة العبٌد‪،‬‬ ‫هللا كره هللا لقاءه ) ‪ ،‬ومن حكم العارفٌن قول قابلهم ‪ :‬من اب ُست َس‬
‫فلٌلبأ لهم لباسا ًا من حدٌد‪ ،‬ومن رضً من الدنٌا بالٌسٌر فقد استرا من شؽل‬
‫كثٌر‪ ،‬ومن أصبح على الدنٌا حرٌصا ًا أصبح من هللا بعٌداًا‪ ،‬و َسمن َسه َست َسك ستر ال ُستقً لم‬
‫تستره‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.101 :١‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ُ‪ُ ١‬دحؿذ د‪ ١‬ج‪ٝ‬وح‪٠‬ز في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪ ١٠ " :‬ؤػخ ‪ٚٝ‬حء جهلل ؤػخ جهلل‬
‫‪ٚٝ‬حء‪ٜ ١٠٧ ،٣‬ف‪ٚٝ ٣‬ح ء جهلل ‪ٜ‬ف‪ ٣‬جهلل ‪ٚٝ‬حء‪ٙ " ٣‬ح‪ٝ‬ز ُحثنر ؤ‪ ٧‬دِى ؤق‪٧‬جظ‪ ٤‬في‪٧‬ج‪ ١‬جهلل ُ‪ : ١٦٬ٞ‬ا‪٢‬ح ‪ٜ٢ٝ‬ف‪ ٣‬ج‪٧٠ٝ‬ز ‪.‬‬
‫‪ٙ‬حل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٬ٝ : ٟٞ‬ك ـج‪ ١ٜٝ٧ ، ٛ‬ج‪٠ٝ‬ئ‪ ١٠‬اـج ػيف‪ ٣‬ج‪٧٠ٝ‬ز دُنِّفَ دفي‪٧‬ج‪ ١‬جهلل ‪ٜ٧‬فج‪٠‬س‪٬ٖٞ ،٤‬ك ؤػخ‬
‫ا‪٠٠ ٤٬ٝ‬ح ؤ‪٠‬ح‪ٖ ،٤٠‬إػخ ‪ٚٝ‬حء جهلل ‪٧‬ؤػخ جهلل ‪ٚٝ‬حء‪٧ ،٣‬ا‪ ١‬ج‪ٜٝ‬حٖف اـج عُ يف دُنِّفَ دِـجخ جهلل ‪٧ُٚ٧‬دس‪٬ٖٞ ،٤‬ك ن‪٫‬ء‬
‫ؤ‪ٜ‬ف‪ ٣‬ا‪٠٠ ٤٬ٝ‬ح ؤ‪٠‬ح‪ٜٖ ،٤٠‬ف‪ٚٝ ٣‬حء جهلل ‪ٜ٧‬ف‪ ٣‬جهلل ‪ٚٝ‬حء‪( " ٣‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬ج‪ٝ‬ف‪ٙ‬ح٘‪ ،‬دحخ ‪ ١٠‬ؤػخ ‪ٚٝ‬حء جهلل ؤػخ جهلل ‪ٚٝ‬حء‪٣‬‬
‫‪٠٧ 6142‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬ـ‪ٜ‬ف ‪٧‬ج‪ٝ‬ؿُحء ‪٧‬ج‪ٝ‬س‪٧‬در ‪٧‬جٳلسٔٗحف‪ ،‬دحخ ‪ ١٠ :‬ؤػخ ‪ٚٝ‬حء جهلل ‪٧ )2683‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٪‬ؤ‪٬‬يحً ‪١٠‬‬
‫ًف‪ ٘٬‬لِ‪٬‬ؿ د‪ ١‬ج‪٠ٝ‬ل‪٬‬خ ٍ ‪ٙ ١‬سحؿذ ُ‪ ١‬قفجفذ ُ‪ ١‬لِؿ د‪٥ ١‬نح‪ُ ١ُ ٟ‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ُ‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪٩ٞ‬‬
‫جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٠٧ .)6142( ٟٞ‬ل‪٧ .)2684( ٤٢٠ ٟٞ‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٪‬دف‪ ١ُ 6143 ٟٙ‬ؤد‪٧٠ ٫‬ل‪ ٩‬جٯنِف‪ ٪‬في‪٫‬‬
‫جهلل ُ‪٧ .٤٢‬ؤؾفظ‪٠ ٤‬ل‪ ٟٞ‬دف‪ ١ُ 2685 ٟٙ‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪.٤٢‬‬

‫‪71‬‬
‫السموات العلى‪ ،‬ومن نظر فً عواقب اامور َسسلِس َسم من نوابب الدهور‪ ،‬ومن لم ٌقنع‬
‫بالقلٌل وقع فً ؼ ٍّمم طوٌل‪ ،‬ومن َسس َّول سٌؾ ال ُستقى ضرب به عنق الرد ‪ ،‬ومن كان‬
‫مسروراًا لم ٌزل مؽموراًا‪ ،‬ومن لم ٌحفظ لسانه فسد علٌه شؤنه‪ ،‬ومن لم ٌعرؾ‬
‫موضع ضُسرَّو ه لم ٌعرؾ موضع نفعه‪ ،‬ومن أعرر عن صحبة الفجار عوضه هللا‬
‫صحبة اابرار‪ ،‬ومن أخذ عِس ّسزاًا بؽٌر حق أورثه هللا ُسذ ًاّس بحق‪ ،‬ومن ضٌَّوع أٌام حرثه‬
‫ندم أٌام حصاده‪ ،‬ومن توكل على ؼٌر هللا ٌعذبه هللا به‪ ،‬ومن رضً باهلل وكٌالًا‬
‫خٌر سبٌال‪ ،‬و َسمن عرؾ حالور النجو‬‫خٌر دلٌال‪ ،‬ووجد إلى كل ٍس‬ ‫صار له بكل ٍس‬
‫(‪) 1‬‬
‫ٌجد مرارر البلو ‪( ،‬ومن ان ل هإ أعمى هو ل اآلخرا أعمى) ‪.‬‬
‫وقٌل ‪ :‬ثال كلمات كان ااخٌار من المتقدمٌن ٌوصً بعضهم بعضا ًا فً‬
‫كتبهم بهن ‪َ :‬سمن عمل آلخرته كفاه هللا أمر دنٌاه‪ ،‬ومن أصلح سرٌرته أصلح هللا‬
‫عالنٌته‪ ،‬ومن أصلح ما بٌنه وبٌن هللا أصلح هللا ما بٌنه وبٌن الناأ‪ .‬شعر‪:‬‬
‫واستوجب ال نا‬
‫َم‬ ‫ين‬
‫الدار ِر‬
‫َم‬ ‫رأ الع َّوِرز ل‬ ‫المإمن استو‬‫ِر‬ ‫إا السِر ُّلر واإلعالنُت ل‬
‫(‪) 2‬‬
‫على عله ضل ٌم سو ال دِّب والعنا‬ ‫سراً ما له‬ ‫خال أ إلعالن‬‫َم‬ ‫ون‬
‫آخر‬
‫ومن رام عِر ّنز اً ِرم ن سوا إليل ُت‬ ‫بالمولى إا جليل ُت‬ ‫َّو‬
‫اعتز‬ ‫من‬
‫للليل ُت‬ ‫ضس وطراً ل سجد ٍا‬ ‫لو أنَّو نفسا ً ُتم ْنإ براها ملي ُت ها‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٱلفجء‪.72:‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠٥ ًَٙ‬قذ جل‪٧‬ول ٖ‪( ٫‬جل) ج‪ٝ‬سِف‪ ٕ٬‬ٱ‪ٙ‬ح‪٠‬ر ج‪٧ٝ‬ق‪. ١‬‬

‫‪72‬‬
‫الحديث الرابف عألر‬
‫[ ااعمال بالنلاس]‬

‫أخبرنا شٌخنا الشٌخ أبو الفضل علً المقرئ القرشً الواسطً رحمه هللا تعالى‬
‫رحمة واسعة‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو الح سن عبدالرحمن بن محمد بن المظفر الداودي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو محمد عبدهللا بن أحمد بن حموٌة السرخسً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا محمد‬
‫ابن ٌوسؾ الفربري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا‬
‫قزعة‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا مالك عن ٌحٌى بن سعٌد‪ ،‬عن محم د بن إبراهٌم بن‬ ‫ٌحٌى بن َس‬
‫الحار ‪ ،‬عن علقمة بن وقال‪ ،‬عن عمر بن الخطاب رضً هللا عنه قال‪ :‬قال النبً‬
‫صلى هللا علٌه وسلم ‪" :‬العمل بالنٌة‪ ،‬وإنما مرئ ما نو ‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى‬
‫هللا ورسوله فهجرته إلى هللا ورسوله‪ ،‬و َسمن كانت هجرته إلى دنٌا ٌصٌبها أو امرأ ٍسر‬
‫ٌنكحها فهجرته إلى ما هاجر إلٌه "(‪ .)1‬ومن هذا الطرٌق رو هذا الحدٌ سٌدنا‬
‫عمر الفاروق رضً هللا عنه بنل ‪ :‬سمعت رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌقول‪" :‬‬
‫إنما ااعمال بالنٌات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نو ‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى هللا‬
‫ورسوله‪ )2("..‬إلى آخر الحدٌ ‪ ،‬وهو نل علٌه مدار الدٌن‪ ،‬وأحكام العلم والعرفان‬
‫والٌقٌن‪ ،‬وبه قلوب العارفٌن‪ ،‬إلى حضرر قدأ رب العالمٌن‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬ج‪ٜ٢ٝ‬حع‪ ،‬دحخ ‪٥ ١٠ :‬حظف ؤ‪٠ُ ٧‬ل ؾ‪٬‬فجً ‪ٝ‬سق‪٬٧‬ط ج‪٠‬فؤذ ٖ‪٠ ٤ٞ‬ح ‪ ،٨٧٢‬ف‪ٖ٧ .4783 ٟٙ‬سغ ج‪ٝ‬دحف‪٪‬‬
‫‪.115/9 ٧ 12/1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ ج‪ًٝ‬ٴ٘‪ ،‬ج‪ٝ‬دحخ ‪ :718‬دحخ ٖ‪٠٬‬ح ُ‪ ٫٢‬د‪ ٤‬ج‪ًٝ‬ٴ٘ ‪٧‬ج‪٬٢ٝ‬حز‪ ،‬ف‪٧ 2201 ٟٙ‬ظح‪ َ٠‬جٯو‪٧‬ل ج‪ٜٝ‬سحخ‬
‫ج‪ٝ‬فجدَ ‪ ١٠‬ػفٕ ج‪ ٫ٖ : ١٧٢ٝ‬ج‪٬٢ٝ‬ر ‪٧‬جٱؾٴه ف‪٧ 9163 ٟٙ‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ :‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ٖ‪ ٫‬جٱؾٴه‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬وؿ٘ ‪٧‬ج‪٬٢ٝ‬ر ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬ػر‪ ،‬ف‪.15 ٟٙ‬‬

‫‪73‬‬
‫هلل و تلصد سو هللاِر‬ ‫ير بال عائو‬ ‫الس ِر‬
‫طارل َم‬ ‫َم‬ ‫ُتخ ْنإ‬
‫بهجر ِرا اللل ِر‬
‫ب لى هللاِر‬ ‫ل ما أ َّومل َمت ُته ائ ٌمم‬

‫أي بنً‪ ،‬أهل الحجاب ٌتعجبون من كالم أولً االباب‪ ،‬وربما ٌنتهً التعجب بهم‬
‫إلى طرؾ من اإلنكار‪ ،‬لقوله تعالى ‪( :‬أفمن هذا الحدٌ تعجبون ) (‪ )1‬أي تنكرون‬
‫فعلهم‪.‬‬
‫روي عن أنأ بن مالك رضً هللا عنه قال ‪ :‬كانت تحت الجدار الذي أخبر‬
‫هللا عنه بقوله ‪( :‬و ان تحته نز لهما)(‪ )2‬لو من ذهب‪ ،‬والذهب مكتوب فٌه ‪ :‬بسم‬
‫هللا الرحمن الرحٌم‪ ،‬عجبت لمن أٌقن بالموت كٌؾ ٌفر ؟ وعجبت لمن أٌقن بالقدر‬
‫كٌؾ ٌحزن؟ وعجبت لمن أٌقن بالنار كٌؾ ٌضحك‪ ،‬وعجبت لمن أٌقن بزوال الدنٌا‬
‫وتقلبها بؤهلها كٌؾ ٌطمبن إلٌها؟ إله إ هللا محمد رسول هللا‪.‬‬
‫قال وهب (‪ )3‬رحمه هللا‪ :‬بٌنما كنت أسٌر فً أرر الروم‪ ،‬إذ سمعت صوتا ًا‬
‫من شاهق الجبل ٌقول ‪ :‬إلهً عجبت لمن عرفك‪ ،‬كٌؾ ٌتعرر لسخطك برضاء‬
‫ؼٌرك‪ ،‬إلهً عجبت لمن عرفك‪ ،‬كٌؾ ٌرجو ؼٌرك‪ ،‬فاتبعت الصوت‪ ،‬فإذا أنا بشٌخ‬
‫ساجد‪ٌ ،‬قول ‪ :‬سبحانك عجبا ًا للخلٌقة‪ ،‬كٌؾ ٌرٌدون بك بد ًا‪ ،‬سبحانك عجبا ًا كٌؾ‬
‫ٌشتؽلون بخدمة ؼٌرك‪ ،‬سبحانك عجبا ًا للخلٌقة‪ ،‬كٌؾ ٌشتاقون إلى ؼٌرك؟ سبحانك‬
‫سبحانك كٌؾ ٌتلذذون بؽٌرك وبشًء دونك‪ .‬فمضٌت وما أشؽلته عما رأٌت‪.‬‬
‫قال أبو ٌزٌد رحمه هللا ‪ :‬عجبت اهل الجنة كٌؾ ٌتلذذون بدونه‪ ،‬أم كٌؾ‬
‫ٌستؤنسون بؽٌره‪ ،‬وعجبت ممن ٌسكن إلى حال دون ولًّس ااحوال‪ ،‬والعجب لمن‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪.59 :ٟ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪.82 :ٕ٦ٜٝ‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤد‪ُ ٧‬دؿجهلل ‪٥٧‬خ د‪٢٠ ١‬د‪ .٤‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 124‬ـ (ًد‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪.)40/1 ٫٢‬‬

‫‪74‬‬
‫الخ ْسلق والحق ٌقول‪ :‬إلًَّو إلًّس ‪.‬‬
‫أقبل على َس‬
‫قال أبو عبدهللا بن مقاتل رحمه هللا ‪ :‬عجبت بن آدم‪ ،‬اختاره هللا لنفسه مع‬
‫ؼناه عنه‪ ،‬وهو ٌُسعرر عنه مع فقره إلٌه‪ ،‬وعجبت لمن ٌشؽل نفسه بشًء وهو ٌعلم‬
‫أنه قد فرغ منه‪ ،‬وعجبت ممن ٌؤمر ؼٌره بما ٌفعله‪ ،‬وٌؽضب على ؼٌره بما‬
‫مطٌع‬
‫ٍس‬ ‫ٌفعله‪ ،‬وممن ٌكره أن ٌُسعصى وهو عال‪ ،‬وممن ٌحب أن ٌُسطا وهو ؼٌر‬
‫لربه‪ ،‬وممن ٌلوم ؼٌره على الظن‪ ،‬و ٌذم نفسه على الٌقٌن(‪.)1‬‬
‫قال حاتم ااصم(‪ )2‬رحمه هللا‪ :‬عجبت ممن ٌستحً من الخلق كٌؾ ٌستحً‬
‫من الخالق‪ ،‬ولمن ٌطلب رضاء المربوبٌن كٌؾ ٌطلب رضاء الرب‪ ،‬ولمن ٌحب‬
‫نه‪،‬‬ ‫أهل الطاعة وهو مقبل على المعصٌة‪ ،‬ولمن ٌعرؾ جالل هللا كٌؾ ٌعرر‬
‫ولمن ٌؤكل رزق ربه كٌؾ ٌشكر ؼٌره‪ ،‬ولمن ٌشتري المملوك بماله‪ ،‬كٌؾ‬
‫ٌشتري ااحرار بمعروفه وطٌب كالمه‪.‬‬
‫وقال ُسخنٌأ بن عبدهللا ‪ :‬عجبت من رجل لٌله قابم‪ ،‬ونهاره صابم‪ ،‬وٌجتنب‬
‫المحارم‪ ،‬و تلقاه إ باكٌا ًا حزٌناًا‪ ،‬ورجل لٌله نابم‪ ،‬ونهاره عب‪ ،‬وٌرتكب‬
‫المحارم‪ ،‬و تلقاه أبداًا إ ضاحكا ًا مستبشراًا‪.‬‬
‫وقال ٌحٌى بن معاذ (‪ )3‬رحمه هللا ‪ :‬عجبت ممن ٌتذلل للعبٌد وهو ٌجد من‬
‫سٌده ما ٌرٌد‪ ،‬وعجبت لمن كان قوته رؼٌفا ًا ٌعصً ربا ًا لطٌفاًا‪ ،‬وعجبت لمن ٌخاؾ‬
‫على موت نفسه‪ ،‬و ٌخاؾ على موت قلبه‪ ،‬ولمن ٌخاؾ على فوات دنٌاه‪ ،‬كٌؾ‬
‫ٌخاؾ على فوات دٌنه‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٬‬إؾـ ٓ‪٬‬ف‪ ٣‬دح‪ ١ٌٝ‬ج‪ٝ‬ل‪٬‬ت ٖ‪٬‬ػ‪٬( ٤ٚٚ‬ظِ‪ ٤ٞ‬ػ‪ٚ٬ٚ‬ر) ‪٧‬ٳ ‪٬‬دح‪ ٫ٝ‬دإؾًحث‪ٗ٢ ٧٥ ٤‬ل‪ َ٠ ،٤‬س‪ ١٠ ٤٢ٚ٬‬س‪ٞ‬دل‪ ٤‬د‪٦‬ح‪١٠٧ ،‬‬
‫‪٦ُ٧ٙ٧‬ح ‪.٤٢٠‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ػحس‪ ٟ‬د‪٧٢ُ ١‬ج‪ ١‬جٯو‪ ،ٟ‬قج‪٥‬ؿ ‪ ١٠‬د‪ٞ‬ؽ‪ ،‬س‪ُ ٫ٖ٧‬ح‪٥ 237 ٟ‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪٬‬ػ‪ ٩٬‬د‪ِ٠ ١‬حـ ج‪ٝ‬فجق‪ ٪‬ؤد‪ ٧‬ق‪ٜ‬ف‪٬‬ح ‪ٜ .‬ح‪ ٫ٖ ٟ٬ٚ٬ ١‬د‪ٞ‬ؽ‪٠٧ ،‬حز ٖ‪٬٢ ٫‬لحد‪٧‬ف ل‪٢‬ر ‪٥ 258‬ـ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫قال ٌحٌى بن معاذ ‪ :‬إلهً ذِسك ُسر الجنة موت‪ ،‬وذِسك ُسر النار موت‪ ،‬فٌا عجبا ًا‬
‫لنفسً تحٌا بٌن َسموتٌن‪ ،‬أما الجنة فال صبر عنها‪ ،‬وأما النار فال صبر علٌها‪ ،‬وقٌل ‪:‬‬
‫ذكر الوصال موت‪ ،‬وذكر الفراق موت‪ ،‬كٌؾ ٌحٌا قلب بٌن موتٌن‪ ،‬موت العارؾ‬
‫عجٌب‪ ،‬ان العارؾ بٌن سرور الم عرفة وخوؾ الفرقة‪ ،‬فكٌؾ الموت مع سرور‬
‫المعرفة‪ ،‬أم كٌؾ الحٌار مع خوؾ الفرقة؟‬
‫وهل أنسى ؤإ ُتر َممن نسِر يسُت‬ ‫عجبسُت لِر َممن يلول ُت إ رسُت ربل‬
‫ولوو ما ُتء وصل َم ما حييسُت‬ ‫أموسُت إا إ رت َم م أحيا‬
‫م أحيا علي َم و م أموسُت‬ ‫ؤحيا بال ُتمنى وأموسُت ألو ا ً‬
‫الألراب وما َمر ِرويسُت‬
‫ُت‬ ‫ما َمنفِردَم‬ ‫الحب ؤسا ً بعد ؤ ٍ‬
‫َّو‬ ‫ألربسُت‬

‫يا عجبا ً‬
‫صِر رسُت عجيبا ً عِر ندَم ل ِّب عجي ِر‬
‫ب‬ ‫َمت َمت َّور َمب أمر عِر ندَم ل ِّب ري ِر‬
‫ب‬

‫‪76‬‬
‫الخامأ عشر‬ ‫الحدٌ‬
‫[ مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا‬
‫صلى هللا علٌه وسلم ]‬

‫أخبرنا القاضً اإلمام المُسقري الشٌخ علً أبو الفضل القرشً الواسطً بداره‬
‫بواسط‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو إسماعٌل عبدهللا بن محمد اانصاري‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو ٌعقوب‪،‬‬
‫قال ‪ :‬أنبؤنا زاهد بن أحمد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا محمد بن إبراهٌم بن نٌروز‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا‬
‫المطلب بن شعٌب بن عبدهللا بن صالح‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا الهقل بن زٌاد‪ ،‬عن بكر ابن‬
‫خنٌأ‪ ،‬قال‪ :‬حدثنً عاصم بن عبدهللا النخعً‪ ،‬عن أبً هارون العبدي‪ ،‬قال‪ :‬أتٌنا أبا‬
‫سعٌد الخدري رضً هللا عنه فسؤلناه عن حدٌ رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‬
‫فقال‪ :‬مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬قال ‪ " :‬إنه سٌؤتٌكم بعدي أناأ‬
‫من اآلفاق ٌسؤلونكم عن حدٌثً وعن ال ُسس َّونة فاستوصوا بهم خٌراًا فكان إذا رآنا قال ‪:‬‬
‫مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم(‪.)1‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫يِ‪ ٫ٖ ٧٥٧ .ٕ٬‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ : ٪‬ج‪ ،ِٟٞٝ‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬جٳكس‪٬‬وحء د‪ًٞ ١٠‬خ ج‪ ١ُ 2652 ِٟٞٝ‬ؤد‪ ٫‬لِ‪٬‬ؿ‬
‫في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ ، ٤٢‬ؤ‪ : ٤ٝ٧‬ا‪ ١‬ج‪٢ٝ‬حك ‪ ٟٜٝ‬سدَ‪٧ ،‬ا‪ ١‬فظحٳً ‪٬‬إس‪ ١٠ ٟٜ٢٧‬ؤ‪ًٙ‬حف جٯفي‪ . .. ١٬‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪٧ ،‬جد‪٠ ١‬حظ‪: ٤‬‬
‫‪29276 ٧ 29275 ٧ 29314‬‬ ‫ج‪ٚ٠ٝ‬ؿ‪٠‬ر دحخ ج‪٧ٝ‬وحذ دً‪ٞ‬در ج‪٧ 249 ِٟٞٝ‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٢ٜ٧ 273/9‬ق ج‪٠ِٝ‬حل‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪٧ ،2653 ٪‬ؤ‪٬ :٤ٝ٧‬إس‪ ٟٜ٬‬فضجل ‪ٙ ١٠‬دل ج‪٠ٝ‬نف٘ ‪٬‬سِ‪٧ .. ١٧٠ٞ‬جد‪٠ ١‬حظ‪ :247 ٤‬ل‪٬‬إس‪ ٟٜ٬‬ؤ‪٧ٙ‬ج‪ًٞ٬ ٟ‬د‪١٧‬‬
‫ج‪ ١ُ ..ِٟٞٝ‬ؤد‪ ٫‬لِ‪٬‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ " :248 ٧ ٤٢‬ا‪ ٤٢‬ل‪٬‬إس‪ ٟٜ٬‬ؤ‪٧ٙ‬ج‪ ١٠ ٟ‬دِؿ‪ ١ُ ..٪‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٤٢‬‬
‫‪ ٫ٖ ٧٥٧ .‬نفٕ ؤوػحخ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪ٞٝ‬ؾً‪٬‬خ ج‪ٝ‬دٔؿجؿ‪٦ٖ٧ 34 ٧ 33 ٪‬فلر جد‪ ١‬ؾ‪٬‬ف ‪٧ 8 ٧ 7‬سحف‪٬‬ؽ ؿ‪٠‬ن٘ ٳد‪١‬‬
‫ُلح‪ٜ‬ف ‪٠٧ 0250/4 ٧ 247/2‬و‪ُ ٕ٢‬دؿ ج‪ٝ‬فقج٘ ‪٧ 466‬سحف‪٬‬ؽ دٔؿجؿ ‪ٞٝ‬ؾً‪٬‬خ ‪٧ 387/14‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ظ‪٧‬ج‪َ٠‬‬
‫‪ٞٝ‬ل‪( ٫ً٧٬‬ج‪ٝ‬دػ‪٧‬ش) ‪٠٧ 5970‬ن‪ٜ‬حذ ج‪٠ٝ‬وحد‪٬‬غ ‪ٞٝ‬سدف‪٬‬ق‪٧ 215 ٪‬سٗل‪٬‬ف ج‪ٚٝ‬فًد‪٧ 101/20 ٫‬ج‪٧ ٤ٚٗٝ‬ج‪٠ٝ‬سٗ‪٤ٚ‬‬
‫) ‪54/6‬‬ ‫‪ٞٝ‬ؾً‪٬‬خ ج‪ٝ‬دٔؿجؿ‪( ٪‬د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪٧ 116/2‬ج‪ٝ‬ل‪ٞ‬كذل ج‪ٝ‬وػ‪٬‬ػر ‪٧ 280‬ؿٳثل ج‪٢ٝ‬د‪٧‬ذ ‪ٞٝ‬د‪( ٫ٚ٦٬‬ج‪ٜٝ‬سخ ج‪٬٠ِٞٝ‬ر‬
‫ػكٖ‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ً٧٬‬ؤػؿ ًف‪( ٤ٙ‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف (ج‪ٜٗٝ‬ف )‬
‫(‪٧٠‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪َ ٧ )251 ٧ 250/5 ٧ 262/3‬‬
‫‪ 56/2‬ف‪.)4733 ٟٙ‬‬

‫‪77‬‬
‫هذا الحدٌ الشرٌؾ ٌجذب العارؾ إلى طلب حدٌ المصطفى صلى هللا‬
‫علٌه وسلم و ُسس ّسنته‪ ،‬لٌكون محل نظره النبويّس ‪ ،‬فً بُسحبوبة التوصٌة السارٌة فً عوالم‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وهل لباب المعرفة باهلل‪ ،‬إ ااخذ بح دٌ ِس رسول هللا صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ ،‬والعمل بسُسنته السُسنٌة؟ وهذا القامع للنفأ‪.‬‬
‫وع َّوز‬
‫أي ُسب َسنًّس ‪ ،‬اعلم أن معرفة النفأ‪ ،‬أحد أصول العبودٌة و َسق َّول َسمن ٌعرفها‪َ ،‬س‬
‫وجود من ٌتمنى عرفانها‪ ،‬وما خلق هللا تعالى فً الدارٌن سِس جنا ًا أضٌق على‬
‫العارؾ‪ ،‬و أوحش و أنتن من النؾأ‪َ ،‬سف َسمن عرفها على التحقٌق‪ ،‬وخالؾ أمرها‬
‫خطر عظٌم‪،‬‬ ‫ٍس‬ ‫أرر له ثِسؽ ٌحر وطرسوأ"(‪ ،)1‬ومن ؼفل عن معرفتها‪ ،‬فهو على‬ ‫ٍس‬ ‫"ف ُسك َّول‬
‫و ٌسلم من شرها‪ ،‬فإنَّو َسمن ٌعرفها كٌؾ ٌقوم بمخالفتها‪.‬‬
‫قال أحمد بن حرب ‪ :‬إنً اشتهً أن أموت ولو ساعة‪ ،‬حتى أعرؾ نفسً‬
‫وأخالفها‪ ،‬قال محمد بن الفضل (‪ :)2‬من عرؾ نفسه ٌتنفأ َسن َسفسا ًا إ بدوام جهدها‪،‬‬
‫وكثرر عبادتها‪ ،‬و ٌؽتر بصفاور أوقاتها‪ ،‬وحسن أحوالها‪ ،‬ولطابؾ أنفاسها‪ ،‬وصِس دق‬
‫معاملتها‪ ،‬لما علم من ؼوامر آفاتها ومكرها وسوء طبعها وكمال شرها‪ ،‬وإنً‬
‫ونظرت فً شؤن نفسً‪ ،‬فما رضٌت فً عمري من نفسً‬ ‫ُس‬ ‫تفكرت فً جمٌع عمري‪،‬‬ ‫ُس‬
‫طرف َسة عٌن‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫قال اانطاكً رحمه هللا ‪َ :‬سمن ٌعرؾ نفسه فهو مؽرور‪ ،‬قال إبراهٌم بن‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؿج‪ِ٠ [ ١‬ظ‪ ٟ‬ج‪ٝ‬د‪ٞ‬ؿج‪١‬‬ ‫ًفل‪٧‬ك‪٠ :‬ؿ‪٢٬‬ر دصٔ‪٧‬ف ج‪ٝ‬نح‪ ٟ‬د‪ ١‬ؤ‪ً٢‬ح‪٬ٜ‬ر ‪٧‬ػ‪ٞ‬خ ‪٧‬دٴؿ ج‪ٝ‬ف‪٬٧ ،ٟ٧‬ن‪٦ٚ‬ح ‪٦٢‬ف ج‪ٝ‬دفَ‬
‫(وحؿف) ‪ٜ" :٩٢ِ٠٧ ]28/4‬ل ؤفى ‪ ٤ٝ‬صٔف ‪ً٧‬فل‪٧‬ك " ؤ‪٠ٜ ٤٢‬ح ‪٢٬‬دٔ‪ ٫‬جٳ‪٢‬سدح‪ ٣‬ا‪ٚ٢ ٩ٝ‬حً ج‪ٝ‬صٔ‪٧‬ف ‪٧‬ج‪٠ٝ‬ظحد‪٦‬ر ‪َ٠‬‬
‫ج‪ِٝ‬ؿ‪ًٜ( ٧‬فل‪٧‬ك) ‪٧‬ا‪٬‬ٴئ‪٥‬ح ُ‪٢‬ح‪٬‬ر ؾحور‪٢٬ ،‬دٔ‪ ٫‬ؤ‪ٜ ٫ٝ٧٬ ١‬ل ج‪٠‬فة ظ‪٧‬ج‪٢‬خ ج‪ٝ‬يِٕ ٖ‪ٗ٢ ٫‬ل‪ ٤ٝ٧٬٠٧ ٤‬ج‪٥‬س‪٠‬ح‪٠‬حً‬
‫ؾحوحً‪٠ ١٠ ،‬ظح‪٥‬ؿذ ‪٠٧‬فج‪ٙ‬در ‪٧‬س‪٬ٝ ،ٟ٬٧ٚ‬ل‪ ١٠ ٟٞ‬نف‪٥‬ح‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ج‪ٗٝ‬يل ج‪ٝ‬د‪ٞ‬ؾ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ل‪٠‬ف‪٢ٙ‬ؿ‪( ٪‬ز ‪٥ 319‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ ٤ِٞٝ‬ؤػ‪٠‬ؿ د‪ُ ١‬حو‪ ٟ‬جٯ‪ً١‬ح‪ ،٫ٜ‬ؤد‪( ٫ُٞ ٧‬ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر ‪ .)62‬ؤ‪ ٧‬ؤد‪٠ ٧‬ػ‪٠‬ؿ ُدؿج‪ ٕ٬ًٞٝ‬د‪ ١‬ػ‪ ٕ٬٢‬جٯ‪ً٢‬ح‪[ ٫ٜ‬‬
‫ج‪ٝ‬نِفج‪( ٫٢‬ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.] 83/1‬‬

‫‪78‬‬
‫وجدت رجالًا إ وهو راكب‬ ‫ُس‬ ‫خالطت الناأ سبعٌن سنة‪ ،‬فما‬ ‫ُس‬ ‫أدهم (‪ )1‬رحمه هللا ‪:‬‬
‫هواه‪ ،‬حتى أنه إن أخطؤ أحبَّو أن ٌ َسُسخ ِّذطا الناأ كلهم‪ ،‬وان ٌُسضرب ظهري بالسٌاط‪،‬‬
‫عرضت قولً‬ ‫ُس‬ ‫أحب إلًّس من أن ٌُسقال أخطؤ فالن المسلم‪ ،‬وقال إبراهٌم ال َّوتٌمً(‪ :)2‬ما‬
‫على عملً إ وجدته مكذوبا ‪ .‬وكان عمر بن الخطاب رضً هللا عنه كثٌراًا ما‬
‫ٌقول‪ :‬اللهم إنً أعوذ بك من شر نفسً ‪ .‬قال ذو النون‪ :‬من نظر بعٌن المعرفة إلى‬
‫ص ُسؽ َسرت عنده عظمة‬ ‫سلطان ربه َسفن َسِسً عنه سلطانُس نفسه‪ ،‬ومن نظر إلى عظم ر ربه َس‬
‫نفسه‪ ،‬وقُس ِسه َسرت تحت جالل هٌبته ‪ .‬وقٌل لمالك بن دٌنار حٌن ماتت زوجته أم ٌحٌى ‪:‬‬
‫لطلقت نفسً‪ ،‬ولو أن منادٌا ًا ٌنادي بباب‬ ‫ُس‬ ‫ُس‬
‫استطعت‬ ‫لو تزوجت ٌا أبا ٌحٌى‪ ،‬قال ‪ :‬لو‬
‫المسجد‪ :‬لِسٌخرج شرَّوكم رجالًا‪ ،‬فو هللا ما سبقنً أح ٌحد إلى الباب إ رجل له فضل قو ٍسر‬
‫فً السعً‪.‬‬
‫وقال أبو ٌزٌد ‪ :‬قلت ٌا رب كٌؾ الوصول إلٌك؟ قال ‪ٌ :‬ا أبا ٌزٌد دَس ْس َس‬
‫نفس َسك‬
‫وتعال‪.‬‬
‫لقً حكٌ ٌحم حكٌما فقال ‪ٌ :‬ا أخً إنً احبك فً هللا‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا أخً وهللا لو‬ ‫ًا‬
‫ِسمت منً ما أعلم من نفسً لَس َسب ِسؽضْس تنً الحالة‪.‬‬
‫عل َس‬
‫(‪) 4‬‬ ‫(‪) 3‬‬
‫بالموقؾ‪ ،‬فقال‬ ‫ومطرؾ بن عبدهللا‬ ‫وكان بكر بن عبدهللا المزنً‬
‫مطرؾ‪ :‬اللهم تردهم اجلً‪ ،‬وقال بكر‪ :‬ما أشرؾ هذه المواضع وأرجاها لو أنا‬
‫فٌهم ! اللهم تحبأ المؽفرر بشإمً‪ ،‬و تردهم اجلً‪.‬‬
‫وقال موسى بن القاسم(‪ : )5‬وقع عندنا زلزلة ورٌح حمراء‪ ،‬فذهبت إلى محمد‬

‫(‪) 1‬‬
‫ادفج‪ ٟ٬٥‬د‪ ١‬ؤؿ‪ ٟ٥‬د‪٢٠ ١‬و‪٧‬ف‪٧ٜ ١٠ ،‬فذ د‪ٞ‬ؽ‪٠ ،‬حز ٖ‪ ٫‬ظد‪ٞ‬ر ل‪٢‬ر ‪٦٬ٖ٧ ،162‬ح ‪ٙ‬دف‪.٣‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ٙ‬حل جٯُ‪٠‬م (ل‪٠٬ٞ‬ح‪ ١‬د‪٦٠ ١‬فج‪ ١‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 148‬ـ)‪ٙ :‬حل ‪ ٫ٝ‬ادفج‪ ٟ٬٥‬ج‪ٝ‬ز‪٠ :٫٠٬‬ح ؤ‪ٜٞ‬ز ‪٢٠‬ـ ؤفدِ‪ٞ٬ٝ ١٬‬ر‬
‫اٳ ػدر ُ‪٢‬خ (ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٢ٞٝ‬د‪٦‬ح‪.)384/1 ٫٢‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫د‪ٜ‬ف د‪ُ ١‬دؿجهلل ج‪٠ٝ‬ق‪ :٫٢‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 108‬ـ‬
‫(‪) 4‬‬
‫س‪ً٠ ٫ٖ٧‬فٕ د‪ُ ١‬دؿجهلل د‪ ١‬ج‪ٝ‬نؾ‪٬‬ف ل‪٢‬ر ‪٥ 107‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ج‪ِٝ‬دحك ‪٧٠‬ل‪ ٩‬د‪ ١‬ج‪ٚٝ‬حل‪ ٟ‬د‪٦٠ ١‬ؿ‪ ٪‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪.342‬‬

‫‪79‬‬
‫ابن مقاتل‪ ،‬فقلت ‪ٌ :‬ا أبا عبدهللا اد ُس هللا لنا فؤنت إمامنا‪ ،‬فقال ‪ :‬لٌتنً أكون سبب‬
‫هالككم‪ ،‬فقال موسى بن القاسم‪ :‬رأٌت النبً صلى هللا علٌه وسلم تلك اللٌلة فً المنام‬
‫فقال‪ :‬إن هللا دفع عنكم البالء بدعاء ابن مقاتل‪.‬‬
‫وكان عطاء السلمً (‪ٌ )1‬بكً كلما هبت رٌح شدٌدر‪ ،‬وٌقول ‪ :‬هذه من أجلً‬
‫ٌصٌب بها الخالبق‪ ،‬لو مات عطاء سترا الخالبق من بالبه‪ ،‬وكثٌراًا ما ٌنو‬
‫على نفسه‪ ،‬وٌقول‪ٌ :‬ا عطا ُسء لعلك أول مسحوب إلى النار وأنت ؼافل‪.‬‬
‫وكان الفضل(‪ )2‬واقفا ًا بعرفات‪ ،‬فنظر إلى جمٌع الناأ وقال ‪ٌ :‬ا له من موقؾ‬
‫‪ٌ :‬ا‬ ‫ما أشرفه لو أنا فٌهم‪ ،‬ثم بكى ورفع رأسه وأخذ لحٌته وقبر علٌها وقال‬
‫سوأتاه على ما كان من نفسً‪ ،‬فإنها مؽرورر وبالثناء مسرورر‪ ،‬وإن من ؼاٌة بالء‬
‫النفأ‪ ،‬أن لو مات نصفها لم ٌصلح النصؾ اآلخر‪.‬‬
‫وحُسكً أن أبا ٌزٌد البسطامً قال ‪ :‬نظرت فً حال عبادتً فرأٌتها مختلطة‪،‬‬
‫منسوبة إلى كل بالء‪ ،‬ورأٌتها تخل و من‬ ‫ٌح‬ ‫ثم نظرت إلى نفسً وتركٌبها‪ ،‬فإذا هً‬
‫الشرك‪ ،‬وعلمت أن هللا تعالى ٌقبل الشرك‪ ،‬فقلت لها ‪ٌ :‬ا مؤو كل شر‪ ،‬إلى كم‬
‫ُس‬
‫فعمدت‬ ‫ٌدعوك هللا إلى توحٌده و تنظرٌن إلٌه؟ فاشتد على قلبً ؼم هذا اإلشراك‪،‬‬
‫ت فٌه نار الحق‪ ،‬ووضعت فٌه كٌر اللَّوٌْسسٌة‪،‬‬ ‫وأعددت لها كانون الصٌاؼة ثم َسسعَّورْس ُس‬
‫ُس‬
‫سندان الوحدانٌة‪ ،‬وضربتها بمِسطرقة اامر والنهً‪ ،‬وطال بً العناء‪ ،‬فلما‬ ‫َس‬ ‫ُس‬
‫ونصبت‬
‫نظرت إلٌها وجدتها مُسشركة‪ ،‬فقلت ‪ :‬إنا هلل وإنا إلٌه راجعون‪ ،‬إنها تنظؾ بالجفاء‪،‬‬ ‫ُس‬
‫ُس‬
‫ووضعت بٌن‬ ‫فلعلها تنظؾ بالرفق واللٌن والمُسدارار‪ ،‬فرددتها إلى بستان ذكر ال ِسم َّونة‪،‬‬
‫ٌدٌها رٌاحٌن رإٌة اللطؾ والكرامات‪ ،‬وترو حت بمراو التح ُّدنن والبر واإلحسان‪،‬‬
‫‪ٌ :‬ا مؤو‬ ‫وطال منً العناء‪ ،‬فلما ف َّوتشتها وجدتها مُسشركة‪ ،‬فقلت لها‬

‫(‪) 1‬‬
‫ًُحء ج‪ٝ‬ل‪ :٫٠ٞ‬ج‪ٌ٢‬ف ٖ‪ً ٤٬‬د‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪( ٫٢‬ج‪ٛٗٝ‬ف) ‪٧ 47/1‬ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪.304/2‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٗٝ‬يل د‪ ١‬جػ‪٠‬ؿ ج‪ ٫٢٬٦٠ٝ‬ز ‪٥ 440‬ـ (ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪.)439/2‬‬

‫‪80‬‬
‫كل شر وبالء‪ ،‬تصلحً بالجفاء و بالرفق‪ ،‬ثم رددتها إلى قصار ااحذٌة‪،‬‬
‫لٌضربها على حجر الفردانٌة‪ ،‬وٌؽسلها بماء صفور الصمدانٌة‪ ،‬فلم ٌزل ٌضربها‬
‫رجاء أن تنظؾ من اإلشراك‪ ،‬وطال منً العناء‪ ،‬فلما نظرت إلٌها فإذا هً مُسشركة‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬إنا هلل لعل صالحها من وجه آخر‪ ،‬ثم أنزلتها بمنزلة امرأر مستحاضة‪ ،‬فلم‬
‫ُس‬
‫وعلمت أن‬ ‫ت منها‪،‬‬‫أزل أنظر إلٌها كالمُستحٌ ِسِّذر المُسضطر‪ ،‬وأنظر إلى بالبها حتى أٌسْس ُس‬
‫رت وحدي إلى ربً‪،‬‬ ‫ٌتؤ ّستً مُسرادي منها‪ ،‬فطلقتها ثال َس تطلٌقات وترك ُستها‪ ،‬وصِس ُس‬
‫ونادٌته‪ٌ :‬ا عزٌزي أدعوك دعا َسء َسمن لم ٌبق له ؼٌرك بالعتق من عبودٌة ما سواك‪،‬‬
‫فلما علم هللا تعالى صدق الدعاء منً‪ ،‬والٌؤأ من نفسً‪ ،‬كان أول إجابة الدعاء أن‬
‫أنسانً نفسً بال ُسكلّسٌة‪.‬‬
‫الخ ْسلق اجتمعوا على أن ٌضعونً كإٌضاعً عند‬ ‫)‬ ‫(‬
‫قال أبو سلٌمان ‪ :‬لو أن َس‬
‫‪1‬‬

‫نفسً لم ٌقدروا على ذلك ‪ .‬طوبى لعب ٍسد أطلعه هللا على شر النفأ‪ ،‬وعرؾ أصل‬
‫وح َّوق َسرها‪ ،‬وا َّوتهمها َسو َسو َس‬
‫ض َسعها‪.‬‬ ‫وقهرها َس‬
‫َس‬ ‫خِسلقتها‪ ،‬وأنوا َس عوارضها‪ ،‬و َسم ْسق َستها و َسمؤلفها‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪215‬‬ ‫‪ .‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر‬ ‫ؤد‪ ٧‬ل‪٠٬ٞ‬ح‪ ١‬ج‪ٝ‬ؿجفج‪ُ" : ٫٢‬دؿج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬د‪٬ًُ ١‬ر " ‪٢٠‬ل‪٧‬خ ا‪ ٩ٝ‬ؿجف‪٬‬ح د‪ٚ‬فخ ؿ‪٠‬ن٘‬
‫(ج‪ٝ‬نِفج‪.)79/1 ٫٢‬‬

‫‪81‬‬
‫عألر‬ ‫الحديث الساد‬
‫[ ضل الصحابة رضوان هللا عليهم]‬

‫أخبرنا سٌدنا فرد الوقت أ بو المكارم الباز ااشهب الشٌخ منصور الربانً‬
‫البطاٌحً اانصاري رضً هللا عنه برواقه فً بلدر نهر دقال من واسط‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا‬
‫أبو عبدهللا مالك بن أحمد بن علً الفرّس ا قراءر علٌه‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الحسن أحمد بن‬
‫موسى بن الصلت‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عبد الصم د الهاشمً‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫حدثنا عبٌد ابن أسباط‪ ،‬عن أبً سفٌان‪ ،‬عن عبدالملك بن عمٌر‪ ،‬عن ربعً‪ ،‬عن‬
‫حذٌفه رضً هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬اقتدوا َس‬
‫باللذٌن من‬
‫بعدي أبً بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّسار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد "(‪ .)1‬فقد أمر‬
‫علٌه الصالر والسال م بتصحٌح القدور بالشٌخٌن العظٌمٌن‪ ،‬سٌدنا أبً بكر الصدٌق‪،‬‬
‫وسٌدنا عمر الفاروق رضً هللا عنهما‪ ،‬وبالتحقق باإلهتداء بهدي عمار رضً هللا‬
‫عنه‪ ،‬فإنه مات على حب الصهر العظٌم‪ ،‬الصنو الكرٌم‪ ،‬سٌدنا علً رضً هللا عنه‪،‬‬
‫وأكد لزوم التمسك بالعهد‪ ،‬كما كان محافظا ًا علٌه ابن أم عبد رضً هللا عنه ‪ ،‬وفً‬
‫هذا حكمة الجمع بٌن حب الصحب واآلل‪ ،‬سر ٌدركه العارفون الموؾّسقون‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪ٙ٧ 23312 ٧ 23169‬حل ‪٠‬ػ‪ : ٤ٚٚ‬اك‪٢‬حؿ‪ ٣‬وػ‪٬‬غ‪٧ ،‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ؤؾف‪ ٨‬ؤ‪٦ٝ٧‬ح ‪ :‬ا‪ٝ ٫٢‬لز‬
‫ؤؿف‪٠ ٪‬ح ‪ٙ‬ؿف د‪ٚ‬حث‪ .. ٟٜ٬ٖ ٫‬دف‪٧ .23279 ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ِ٠ : ٛ‬فٖر ج‪ٝ‬وػحدر ‪ ١ُ 75/3‬ػـ‪ٗ٬‬ر في‪٫‬‬
‫جهلل ُ‪٧ ،٤٢‬وػػ‪٧٧ ٤‬جٖ‪ ٤ٚ‬ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪ ٫ٖ ٫‬ج‪ٝ‬س‪ٞ‬ؽ ‪٬‬ه‪ٖ .‬ح‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش وػ‪٬‬غ ‪ ١ٜٝ٧ .‬ص‪٠‬ر ‪ٚ٠‬حٳز ؤل‪٦ٙ٧‬ح ‪ٝ‬ٲًٴٍ‪،‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬سٗو‪٬‬ل‪ َ٠ ،‬سوػ‪٬‬ػ‪ ٫ٖٗ . ٤‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬هٓ‪٬‬ف ‪( 197/1‬دف‪ )1319 ٟٙ‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر‪" :‬ج‪ٙ‬سؿ‪٧‬ج دح‪ٞٝ‬ـ‪ ١٠ ١٬‬دِؿ‪١٠ ٪‬‬
‫ؤوػحد‪ :٫‬ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف ‪٠ُ٧‬ف‪ ٧ ،‬ج‪٥‬سؿ‪٧‬ج د‪٦‬ؿ‪ ُٟٓ ٪‬جف‪٧ ،‬س‪٠‬ل‪٧ٜ‬ج دِ‪٦‬ؿ جد‪٠ ١‬لِ‪٧‬ؿ " ‪ ١٠ ٫٥٧‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ١ُ ٪‬جد‪١‬‬
‫‪٠‬لِ‪٧‬ؿ‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ف‪٬٧‬ح‪ ١ُ ٫٢‬ػـ‪ٗ٬‬ر‪٧ ،‬جد‪ُ ١‬ؿ‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٜٝ‬ح‪٠‬ل ُ‪ ١‬ؤ‪٢‬ك ‪ٙ٧ .‬حل ج‪ٝ‬ل‪ :٫ً٧٬‬ػؿ‪٬‬ش وػ‪٬‬غ‪٧ .‬لح٘ ج‪ٝ‬ػح‪ٟٜ‬‬
‫‪٧‬ج‪٧ .٣‬ف‪٧‬ج‪ ٕ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪= ٫٢‬‬ ‫ؿف‪ ُّ٘٧ ،76/3 ٛ‬خ ُ‪٦٬ٞ‬ح ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪ ٫‬دإ‪ ١‬ل‪٢‬ؿ‪٥‬ح‬ ‫‪٥‬ـ‪ ٣‬ج‪ٝ‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬لز‬

‫‪82‬‬
‫وقد جعل صحة المتابعة له بإتبا الشٌخٌن رضً هللا عنهما‪ ،‬وحقٌقة‬
‫ا هتداء بهدٌه بموا ر اامٌر رضً هللا عنه ‪ ،‬وجمع بٌن النكتتٌن بلزوم التمسك‬
‫بالعهد‪ ،‬ومتى اقتد العبد اهتد ‪ ،‬ومتى اهتد تمسك بعهد هللا‪ ،‬وهناك وقد عرؾ‪،‬‬
‫وهل المعرفة باهلل تعالى إ هذا‪ ،‬فإن من اهتد بهدي محمد صلى هللا علٌه وسلم‬
‫واقتد به‪ ،‬وتمسك بعهده‪ ،‬أقبل على هللا‪ ،‬وأعرر عن ؼٌره‪.‬‬
‫جاء فً الخبر أن هللا تعالى قال‪ٌ " :‬ا دنٌا اخدمً َسمن خدمنً‪ ،‬واستخدمً َسمن‬
‫خدمك"(‪ )1‬ولٌأ من معالً الهمة ا شتؽال بما فٌه حظ النفأ‪ ،‬وفً َسنعْس ِس‬
‫ت النبً‬
‫صلى هللا علٌه وسلم بعلوّس همته الشرٌفة (ما زا البصر وما طتى )(‪ )2‬و ٌصل‬
‫العبد إلى هللا تعالى‪،‬‬

‫= ٖ‪ ٫‬جٯ‪٧‬لً ‪ٙ٧ .7177 ٧ 5840 ٧ 5503 ٧ 3816‬حل ج‪٬٦ٝ‬ص‪٬ ٤٬ٖ٧" : ٫٠‬ػ‪ ٩٬‬د‪ُ ١‬دؿج‪ٝ‬ػ‪٬٠‬ؿ ج‪ٝ‬ػ‪ ٟٓ‬ج‪٧٥٧ ٫٢‬‬
‫يِ‪٠ [ "ٕ٬‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 484/9‬دف‪٢ٜ ٫ٖ ٧٥٧ ] 15606 ٟٙ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪33679 ٧ 33117 ٧ 32657‬‬
‫‪ٜ٧‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء ‪ 181/1‬دف‪٧ ،482 ٟٙ‬ؤل‪ ٩٢‬ج‪ً٠ٝ‬ح‪ٝ‬خ ‪ٙ٧ 46‬حل ج‪ٝ‬د‪٬‬ف‪٧‬س‪" :٤٬ٖ ٫‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪٧ ٪‬ػلٓ‪،٤٢‬‬
‫‪٧‬ؤُ‪ ٤ّٞ‬ؤد‪ ٧‬ػحس‪ٙ٧ . ٟ‬حل ج‪ٝ‬دقٓجف‪ٜ -‬حد‪ ١‬ػق‪ :-ٟ‬ٳ ‪٬‬وغ ‪ ٫ٖ٧‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ‪ٞٝ‬سف‪٠‬ـ‪٧ – ٪‬ػلٓ‪٦٢‬ح‪٧ ":-‬ج‪٥‬سؿ‪٧‬ج د‪٦‬ؿ‪٠ُ ٪‬حف‬
‫‪٧‬س‪٠‬ل‪٧ٜ‬ج دِ‪٦‬ؿ جد‪ ١‬ؤ‪٠ ٟ‬لِ‪٧‬ؿ " ‪ٙ٧‬حل ج‪٬٦ٝ‬ص‪ :٫٠‬ل‪٢‬ؿ‪٥‬ح ‪٧‬ج‪٧ ."٣‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٫ٖ ٪‬ج‪٢٠ٝ‬ح‪ٙ‬خ‪ ،‬خجخ ‪٢٠‬ح‪ٙ‬خ ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف‬
‫‪٠ُ٧‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ‪٠٦٬ٜٞ‬ح ‪ٙ٧ 3664 ٧ 3663‬حل‪ :‬ػؿ‪٬‬ش ػل‪٧ .١‬ج‪ٝ‬ػ‪٬٠‬ؿ‪ 214/1 ٪‬دف‪٧ 449 ٟٙ‬جد‪١‬‬
‫‪٠‬حظ‪ :٤‬ج‪ٚ٠ٝ‬ؿ‪٠‬ر‪ ،‬دحخ ٖ‪ٖ ٫‬يحثل ؤوػحخ فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٖ( ٟٞ‬يل ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪97 ) ٤٢‬‬
‫‪٧‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ١ُ ٫٢‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿفؿجء في‪ ٫‬جهلل ُ‪ َ٠ ٤٢‬جؾسٴٕ ‪٠( ٌٗٝ‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ ‪ 40/9‬دف‪٧ .)14356 ٟٙ‬جد‪١‬‬
‫ؤ‪ُ ٟ‬دؿجهلل د‪٠ ١‬لِ‪٧‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪.٤٢‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ٖ‪ [ ٫‬ج‪ٝ‬ٮ‪ٝ‬ت ج‪٠ٝ‬و‪ُ٧٢‬ر ‪ٞٝ‬ل‪ ٤ٝ٧ ] ٫ً٧٬‬نح‪٥‬ؿ‪٬( :‬ح ؿ‪٬٢‬ح‪٠ ،‬ف‪ ٩ُٞ ٪‬ؤ‪٬ٝ٧‬حث‪٧ ٫‬ؤػدحث‪ ،٫‬ٳ سػ‪ٖ ٫ٝ٧ٞ‬سٗس‪،ٟ٦٬٢‬‬
‫‪٧‬ؤ‪ٜ‬ف‪ ١٠ ٫٠‬ؾؿ‪٧ ،٫٢٠‬ؤسِد‪ ١٠ ٫‬ؾؿ‪٧٠ ) ٛ٠‬ي‪ً ٤ٝ٧ .ٍ٧‬ف‪ ٘٬‬آؾف‪٠٧ ،‬ؿجف ج‪ًٝ‬ف‪ ٩ُٞ ١٬ٚ٬‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١٬‬د‪ ١‬ؿج‪٧‬ؿ‪،‬‬
‫" ‪٧٠‬ي‪ [ ) ٍ٧‬سـ‪ٜ‬فذ‬ ‫ّ‪٬‬ف ص‪ٚ‬ر ‪٧ [ .‬ف‪٧‬ج‪ ]٣‬ج‪ٝ‬ؤح‪٬ ( :٫٢‬ح ؿ‪٬٢‬ح جؾؿ‪ ١٠ ٫٠‬ؾؿ‪٧ ٫٢٠‬ؤسِد‪٬ ٫‬ح ؿ‪٬٢‬ح ‪ ١٠‬ؾؿ‪ٛ٠‬‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ي‪ُ٧‬حز ‪ٗٞٝ‬س‪٠( ٫٢‬ػ‪٠‬ؿ ًح‪٥‬ف د‪ ٫ُٞ ١‬ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪ – ) ٪‬د‪٬‬ف‪٧‬ز – ه ‪٠٧ .]175‬ف‪ :٪‬دٗسغ ج‪ ١٠ ،ٟ٬٠ٝ‬ج‪ٝ‬دحخ‬
‫ج‪ٝ‬فجدَ‪٠ ٫٥٧ ،‬صل ‪٠‬لَّ ‪٠٬‬لّ‪ ،‬ؤ‪ ٪‬ه‪٪‬ف‪ ُٟ ٪‬فٖذ (ـجز ‪٠‬فجفذ) ‪٬٧ .‬ظ‪٧‬ق ٖ‪٠ ٫‬يحفٍ ؾؿَ‪ ٟ‬ي‪ ٟٓ‬ج‪ٝ‬ؿجل ‪ٜ٧‬لف‪٥‬ح‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪17 :ٟ‬‬

‫‪83‬‬
‫حتى ٌقطع مفاوز الدنٌا وما فٌها‪ ،‬ومن زهراتها ولذاتها‪ ،‬وراحاتها وشهواتها‪،‬‬
‫الخلق وما منهم‪ ،‬من جمٌل معاشرتهم وثنابهم و َسمحْس َسمدَس ت ِسِسهم‪ ،‬وأن هللا‬ ‫وٌجاوز أودٌة َس‬
‫تعالى خلق جمٌع ذلك ابتال ًاء لكل َسمن أراد أن ٌصٌر مجرداًا‪ ،‬حتى إن التفت إلى‬
‫شًء منها صار مفتضحا ًا فً دعواه‪ ،‬وؼرق فً أودٌة الحُسسبان (‪ )1‬وال ُسخسران‪ ،‬فكم‬
‫بعرفان النفأ‪،‬‬ ‫الخلق‪ ،‬ؼافل عن الصدق‪ ،‬جاهل‬ ‫ب عن َس‬ ‫مستدر ٍسج بالنعم‪ ،‬محجو ِس‬
‫َس‬
‫ٌصبح وٌمسً على الحسبان‪ ،‬فٌبدو له من ذي العرش ما لم ٌكن ٌحتسب؛ قال هللا‬
‫تعالى‪ [ :‬وبدا لهم من هللا ما لم ي ونوا يحتسبون](‪ )2‬وأن من معالً الهمة‪ ،‬ما قٌل‬
‫ابً عبد هللا ‪ :‬لو أعطاك هللا تعالى الدنٌا بجمٌع ما فٌها‪ ،‬ماذا تفعل بها؟ فقال ‪ :‬لو‬
‫أمكننً أن أ جعلها لقمة‪ ،‬وأضعها فً فم كافر لفعلت‪ ،‬قٌل ‪ :‬ولم؟ قال ‪ :‬ان هللا تعالى‬
‫ٌبؽر الكافر والدنٌا جمٌعاًا‪ ،‬فؤفعل ذلك لٌقع البؽٌرُس إلى البؽٌر‪.‬‬
‫ثم حُسكً من صدق ما ادعاه أن سلطان هرار (‪ )3‬بع إلٌه سبعة أوقار من‬
‫الحنطة‪ ،‬وكان الشٌخ ٌومبذ بهرار مع أصحابه‪ ،‬فؤطعم الخادم منها أولٌاءه‪ ،‬فقال له‬
‫أبو عبدهللا‪ :‬أطعم الباقً فقراء العامة فقال ‪ٌ :‬مكن‪ ،‬اابواب مؽلقة‪ ،‬فقال‪ :‬اذهب به‬
‫فخشٌت عقوبة هللا تعالى فً ترك‬ ‫ُس‬ ‫إلى المجوأ الذٌن هم فً جوارنا قال الخادم ‪:‬‬
‫أمره‪ ،‬فؤعطٌته المجوأ‪ ،‬فجاإوا بكرر إلٌه وقالوا‪ :‬ما الحكمة فً إعطابك إٌانا ونحن‬
‫مخالفو ك؟ فقال ‪ :‬الدنٌا عدو هللا‪ ،‬والكافر عدو هللا‪ ،‬و ٌقرب الحبٌب من الحبٌب‬
‫حتى ٌبعد من عدوِّذ ه‪ ،‬قال‪ :‬فؤسلموا جمٌعا ًا على ٌدٌه‪.‬‬
‫حُسكً أن بعر المرٌدٌن كان ٌمشً فً البادٌة‪ ،‬فحدثته نفسه ببعر حاجتها‪،‬‬
‫فإذا هو على شط ببر‪ ،‬فرمى ركوته فً الببر لٌستقً الماء فخرجت له الركورُس‬
‫مملوء ًار من الذهب‪ ،‬فرمى بها فً الببر‪ ،‬وقال‪ٌ :‬ا عزٌزي أرٌد ؼٌرك‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫علدح‪ :١‬ػلحخ‪ٚ٬٧ ،‬حل ‪ ٧٥‬ظ‪ َ٠‬ػلحخ‪٠ ،‬صل ن‪٦‬حخ ‪٧‬مُ‪٥‬دح‪٢ [ "١‬ق‪٥‬ر ج‪٧ٞٚٝ‬خ ٖ‪ ٫‬سٗل‪٬‬ف ٓف‪٬‬خ ج‪٘ٝ‬فآ‪١‬‬
‫ُ‬
‫ج‪ِٝ‬ق‪٬‬ق ‪ٞٝ‬لظلسح‪٠( ٫٢‬ػ‪٠‬ؿ د‪ُُ ١‬قَ‪٬‬ق) – ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر – ه ‪.].212‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف‪.47 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪٥‬فجذ‪٠ :‬ؿ‪٢٬‬ر دؾفجلح‪.١‬‬

‫‪84‬‬
‫قال عمار القرشً‪ :‬كنت فً البادٌة فؤردت التلبٌة وكنت حاجاًا‪ ،‬فؤخذت مندٌل‬
‫شٌخ لً فقددته نصفٌن‪ ،‬واتزرت بنصفه‪ ،‬وارتدٌت باآلخر‪ ،‬فلم تزل نفسً تنازعنً‬
‫ببعر الحاجة‪ ،‬فإذا البادٌة كلها فضة‪ ،‬فمضٌت وقلت ‪ :‬إلهً إنً أعوذ بك من كل‬
‫إرادر سواك‪.‬‬
‫لرجل َسذ َسك َسر هللا‪ ،‬ولم ٌذكر إ هللا‪،‬‬
‫ٍس‬ ‫قال عٌسى علٌه الصالر والسالم ‪ :‬طوبى‬
‫ٌخش إ هللا‪ ،‬وطوبى لعب ٍسد سؤل هللا‪ ،‬ولم ٌسؤل إ هللا‪.‬‬ ‫َس‬ ‫وطوبى لرجل خشً هللا‪ ،‬ولم‬
‫وحكً أن اإلمام بن اإلمام سٌدنا زٌن العابدٌن علً بن الحسٌن رر ي هللا‬
‫عنهما‪ ،‬قال‪ :‬كنت عند أبً عبدهللا الحسٌن علٌه السالم‪ ،‬أقرأ فً بعر الكتب‪ ،‬وكان‬
‫فً ٌده سكٌن‪ ،‬فرأٌت حرفا ًا خطؤ‪ ،‬فقلت‪ :‬ناولنً السكٌن اصلح هذا الحرؾ‪ ،‬فناولنً‬
‫قضٌت الحاجة رددته علٌه‪ ،‬فقال لً ‪ٌ :‬ا علً تعد إلى هذه مرر أخر ‪ ،‬فتقع‬ ‫ُس‬ ‫فلما‬
‫إلى ُسذ ّسل السإال‪ ،‬وخساأر الهمة ‪.‬‬
‫ورُسوي أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ذات ٌوم لثوبان رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫"ٌا ثوبان تسؤل الناأ "(‪ )1‬فكان ثوبان ربما ٌسقط السوط من ٌده‪ ،‬فال ٌقول احد‬
‫ناولنً إٌاه حتى ٌنزل وٌرفعه‪.‬‬
‫وسؤل رجل من سفٌان رحمه هللا كسرر فؤعطاه دٌناراًا‪ ،‬فقٌل له فً ذلك فقال‪:‬‬
‫إن كان ٌعرؾ هو قدر نفسه فال أد كرم نفسً‪ ،‬وإن كان هذا ترك الهمة فؤنا‬
‫أد الجود‪ ،‬همم العارفٌن متصلة بمحبة الرحمن‪ ،‬وقلوبهم ناظرر إلى مواضع العز‬
‫من العزٌز‪ ،‬راحة لهم فً دار الدنٌا دون الخروج منها‪ ،‬وكان كثٌراًا ما ٌر‬

‫(‪) 1‬‬
‫) ‪22266 ٧ 22322 ٧ 22285‬‬ ‫ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (ػؿ‪٬‬ش ص‪٧‬دح‪ ٩ٝ٧٠ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٟٞ‬‬
‫‪٧‬جد‪٠ ١‬حظ‪ : ٤‬ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ‪ ،‬دحخ ‪ٜ‬فج‪٬٥‬ر ج‪٠ٝ‬لإ‪ٝ‬ر ‪٧ 1837‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪٢٠ٞٝ‬ـف‪ : ٪‬ج‪ٝ‬وؿ‪ٙ‬حز‪ ،‬ج‪ٝ‬سف‪٬ ٣‬خ ‪١٠‬‬
‫ج‪٠ٝ‬لإ‪ٝ‬ر‪٧ ،‬سػف‪٦٠٬‬ح ‪ َ٠‬ج‪ ،٩٢ٔٝ‬ف‪ ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪.1200 ،‬‬

‫‪85‬‬
‫حبٌب العجمً(‪ )1‬رضً هللا عنه ٌوم التروٌة بالبصرر‪ ،‬وٌوم عرفة بعرفات‪ ،‬فقٌل له‬
‫فً ذلك فقال‪ :‬هو أقل ما أطار إلٌه الهم َسة أهل الهمة‪.‬‬
‫ودخل علً كرم هللا وجهه مسجد رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم فرأ‬
‫أعرابٌا ًا فً المسجد ٌقول ‪ :‬إلهً أرٌد منك شوٌهة (‪ ،)2‬ورأ أبا بكر الصدٌق فً‬
‫زاوٌة أخر ٌقول‪ :‬إلهً أرٌدك‪ ،‬فشتان ما بٌن الهمتٌن‪ ،‬فك ٌّيل ٌطٌر بهمته‪ ،‬فإذا بلػ‬
‫‪ ( :‬ل ل يعمل على‬ ‫طٌرانه إلى ؼاٌة همته وقؾ فلم ٌجاوزها قال هللا تعالى‬
‫ألا لته)(‪ )3‬أي على نٌته وهمته‪.‬‬
‫وقٌل ابً ٌزٌد‪ :‬سمعنا أنك تمرُّد على الماء‪ ،‬وتطٌ ُسر فً الهواء‪ ،‬فقال‪ :‬المإمن‬
‫ب أن ٌبلػ مقام طٌر أو حوت‪ ،‬قُسرئ بٌن‬ ‫أعز على هللا من السماوات السبع‪ ،‬فؤي عج ٍس‬ ‫ُّد‬
‫(‪) 5‬‬ ‫(‪) 4‬‬
‫ٌدي ابن المبارك قوله تعالى‪ ( :‬أولئ يسارعون ل الخيراس) فقال‪ :‬لٌأ أنه‬
‫ِسمة تسبق ِسهمّسة‪ ،‬فً جمٌع الخٌرات‬‫ٌسبق عمالًا‪ ،‬ولكن ه ٌح‬
‫ُس‬ ‫ٌسبق بدنٌح بدناًا‪ ،‬و عم ٌحل‬
‫واإلرادات‪.‬‬
‫بكثرر ااعمال‪،‬‬ ‫قال بعر العارفٌن ‪ :‬مساكٌنُس أهل الؽفلة‪ٌ ،‬شتؽلون‬
‫وٌعظمونها وٌفتخرون بها‪ ،‬ولو أن أهل المعرفة عملوا أعمال أهل السموات‬
‫واارر من اازل إلى اابد كان ذلك أصؽر وأحقر فً أعٌنهم من خردلة فً‬
‫السماء واارر‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤد‪٠ ٧‬ػ‪٠‬ؿ ػد‪٬‬خ ج‪ٗٝ‬حفل‪ ٫‬ج‪ِ٠ٝ‬ف‪ ٕ٧‬دح‪ِٝ‬ظ‪( ٫٠‬ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪.)17/2‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫سؤ‪٬‬ف ن‪٫‬ء‪ :‬ن‪٬٧‬ت‪ ،‬ؤُ‪ِّ٢‬شَ ‪٧‬ؤُدؿ‪ٝ‬ز ج‪٠٦ٝ‬قذُ ‪٬‬حء‪ :‬مُ‪ٓ٪َ٧‬ذ‪ ،‬ص‪ ٟ‬ؤدؿ‪ٝ‬ز ج‪٬ٝ‬حء ج‪ٝ‬صح‪٬٢‬ر ُ‪٬ٓ ٩ٞ‬ف ‪٬ٙ‬حك ‪٥‬حء ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫جٱلفجء‪.84 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ُدؿ جهلل د‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ ٛ‬ج‪٠ٝ‬ف‪٧‬ق‪ ،٪‬ؤ‪٬٠‬ف ج‪٠ٝ‬ئ‪ ٫ٖ ١٬٢٠‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪ٜ ٤ٝ ،‬سحدح‪ً٠ ١‬د‪ُ٧‬ح‪ : ١‬ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ظ‪٦‬حؿ‪٠ ،‬حز‬
‫ل‪٢‬ر ‪٥ 181‬ـ‪٧ .‬ج‪ٌ٢‬ف ا ‪ ١‬نثز ج‪ٝ‬سٗو‪٬‬ل ‪ٜ‬سحخ نِف ج‪٦ٚٗٝ‬حء ‪٠ٞٝ‬ػ‪ً( ٘ٚ‬دِس‪ ٤‬ج‪ٜ٠ٝ‬سدر ج‪ِٝ‬فد‪٬‬ر دػ‪ٞ‬خ ) ه ‪320‬‬
‫‪٠٧‬ح دِؿ‪٥‬ح‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ج‪٠ٝ‬ئ‪.61 :١٧٢٠‬‬

‫‪86‬‬
‫" تستكثروا طاعتكم‪ ،‬و تستقلوا‬ ‫قال النبً صلى هللا علٌه وسلم‬
‫ذنوبكم"(‪ )1‬ورُسوي أن موسى لٌه الصالر والسالم كان ٌمر على شاطا البحر‪ ،‬فقال‬
‫إلهً قد اصطكت ركبتاي‪ ،‬وانحنى ظهري‪ ،‬حبٌبً فما أنت صانع بً؟ فؤمر هللا‬
‫تعالى ضفدعا ًا أن ٌجٌبه‪ ،‬فقال ٌا بن عمران ‪ .‬أ َستمُسنُّد على ربك بعبادتك إٌاه‪ ،‬وقد‬
‫اصطفاك وكلمك‪ ،‬وقربك وناجاك‪ ،‬فوالذي خلقنً وٌرانً‪ ،‬إنً على صخرر من ذ‬
‫ثالثمابة وستٌن سنة‪ ،‬أسبحه لٌال ونهاراًا أفتر منها لحظة‪ ،‬ومنذ ثالثة أٌام لم آكل‪،‬‬
‫وكل ساعة ترتعد فرابصً من هٌبته‪.‬‬
‫كنت فً البادٌة فنالنً جو ٌح شدٌد‪ ،‬فطالبتنً نفسً‬ ‫ُس‬ ‫وقال أبو سعٌد أبو الخٌر‬
‫أن أسؤل هللا طعاماًا‪ ،‬فقال لٌأ هذا من دأب المتوكلٌن‪ ،‬فطالبتنً أن أسؤ له اصطباراًا‪،‬‬
‫فلما هممت به ثانٌا ًا سمعت هاتفا ًا ٌقول‪:‬‬
‫وأ ّسنا ُسنض ِّذٌ ُسع َسمن أتانا‬ ‫أٌجه ُسل أننا من ُسه قرٌبُس‬
‫كؤ ّسنا نراهُس و ٌرانا‬ ‫صبر‬
‫ٍس‬ ‫ٌرٌ ُسد أبو سعٌدَس سإا َسل‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤؾفض ج‪ٝ‬د‪ ١ُ ٫ٚ٦٬‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٢ُ٪ ١ٝ " ٟٞ‬ظ‪ ٫‬ؤػؿجً‬
‫‪٧ ،٤ٞ٠ُ ٟٜ٢٠‬ٳ ؤ‪٢‬ح‪ ،‬اٳ ؤ‪٬ ١‬سٔ‪٠‬ؿ‪ ٫٢‬جهلل دفػ‪٠‬س‪ " .. ٤‬جلػؿ‪٬‬ش [ ‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ج‪ٜٝ‬سحخ ج‪ٝ‬صح‪ٝ‬ش ‪ ١٠‬ػفٕ ج‪٠٦ٝ‬قذ ‪٫ٖ :‬‬
‫جٯؾٴ٘ ‪٧‬جٯِٖحل ج‪٠ٝ‬ػ‪٧٠‬ؿذ ‪٧ 5316‬ج‪ٌ٢‬ف ‪٧ .] 5315 ٧ 5314‬جؾفض جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ؤػ‪٠‬ؿ ُ‪ُ ١‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح‬
‫ؤ‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪٬ :‬ح ُحثنر ا‪٬‬ح‪٠٧ ٛ‬ػ‪ٚ‬فجز ج‪ٝ‬ـ‪٧٢‬خ‪ٖ ،‬ب‪٦ٝ ١‬ح ‪ ١٠‬جهلل ُق ‪٧‬ظل ًح‪ٝ‬دحً‬
‫[ؤػ‪٠‬ؿ ُدؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬د‪٢‬ح‪ :‬ج‪ٗٝ‬سغ ج‪ٝ‬فدح‪ٝ ٫٢‬سفس‪٬‬خ ‪٠‬ل‪٢‬ؿ جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ؤػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ػ‪٢‬دل ج‪ٝ‬ن‪٬‬دح‪( ٫٢‬ؿجف اػ‪٬‬حء ج‪ٝ‬سفجش ج‪ِٝ‬فد‪) ٫‬‬
‫‪٧ ] 253/19‬ف‪ ٨٧‬ج‪ٝ‬ل‪٠‬ف‪٢ٙ‬ؿ‪ ١ُ ٪‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬ؤ‪ٙ ٤٢‬حل‪ :‬ؤٌُ‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ـ‪٧٢‬خ ُ‪٢‬ؿ جهلل سِح‪٩ٝ‬‬
‫ؤؤف‪٥‬ح ُ‪٢‬ؿ ج‪٢ٝ‬حك‪٧ ،‬ؤؤف ج‪ٝ‬ـ‪٧٢‬خ ُ‪٢‬ؿ جهلل سِح‪ ٩ٝ‬ؤٌُ‪٦٠‬ح ُ‪٢‬ؿ ج‪٢ٝ‬حك‪ : ٫٢ِ٬ ،‬ؤٌُ‪٦٠‬ح ُ‪٢‬ؿ ج‪٠ٝ‬ـ‪٢‬خ اـج ٌُ‪٤٠‬‬
‫‪٧‬ؾحٖ‪ٖ ،٤‬ب‪٦٢‬ح ؤؤف ُ‪٢‬ؿ جهلل سِح‪٧ ،٩ٝ‬ؤ‪٠‬ح اـج ‪ٜ‬ح‪ ١‬ؤ‪٬‬فجً ٖ‪ ١٬ُ ٫‬ج‪٠ٝ‬ـ‪٢‬خ ٖ‪٢ُ ٟ٬ٌُ ٧٦‬ؿ جهلل سِح‪ ،٩ٝ‬ٯ‪ ١‬ؤٌُ‪ٟ‬‬
‫ج‪ٝ‬ـ‪٧٢‬خ ‪٠‬ح ‪ٜ‬ح‪ُ٠ ١‬هِّفٓجً ُ‪ [ ..٤٬ٞ‬ؤد‪ ٧‬ج‪٬ٞٝ‬ش ج‪ٝ‬ل‪٠‬ف‪٢ٙ‬ؿ‪٢( ٪‬وف د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ)‪ :‬س‪٢‬د‪ ٤٬‬ج‪ٔٝ‬حٖ‪( ١٬ٞ‬ج‪ٚٝ‬لً‪٬٢٬ً٢‬ر ‪1325‬‬
‫‪٥‬ـ) ه ‪ ٫ٖ٧ ] 134‬س‪٢‬ق‪ ٤٬‬ج‪ٝ‬نف‪ِ٬‬ر ٳخ‪ُ ١‬فج٘ (ج‪ٚٝ‬ح‪٥‬فذ) ‪ ١ُ 234/2‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٟٞ‬‬
‫‪٠‬فٖ‪ُ٧‬حً‪" :‬ٳ س‪ٌ٢‬ف ا‪ ٩ٝ‬ؤف ج‪ٝ‬ؾً‪٬‬ثر ‪ ١ٜٝ٧‬ج‪ٌ٢‬ف ا‪ُ ١٠ ٩ٝ‬و‪٬‬ز"‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الحديث السابف عألر‬
‫[ يدخلون الجنة بتير حساب]‬

‫أخبرنا شٌخنا القاضً العدل الثقة المقري اإلمام الش ٌخ علً أبو الفضل‬
‫القرشً الواسطً رضً هللا عنه‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو طالب محمد بن علً بن الفتح‬
‫العشاري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلل‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو‬
‫محمد ٌحٌى بن محمد بن صاعد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا مالك بن الخلٌل أبو ؼسان‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا‬
‫ابن عدي‪ ،‬عن أشع ‪ ،‬ن الحسن‪ ،‬عن عمران بن حصٌن‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم قال ‪ٌ " :‬دخل الجنة من أمتً سبعون ألفا ًا بؽٌر حساب هم الذٌن‬
‫ٌكتوون‪ ،‬و ٌسترقون‪ ،‬و ٌتطٌرون‪ ،‬وعلى ربهم ٌتوكلون" (‪.)1‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪٠ ٣‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ج‪ٝ‬ؿ‪٬ٝ‬ل ُ‪ ٩ٞ‬ؿؾ‪٧‬ل ً‪٧‬جثٕ ‪ ١٠‬ج‪٠ٝ‬ل‪ ١٬٠ٞ‬ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر دٔ‪٬‬ف ػلحخ ‪٧‬ٳ‬
‫ُـجخ‪ ،‬ف‪٧ 218 ٟٙ‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء ( ُ‪ ١‬ؾدحخ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ [ ) ٤٢‬ق ج‪٠ِٝ‬حل (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪ ٤٢ُ٧ ]5701‬ج‪ًٝ‬دفج‪٫٢‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪٠٧ 183 ٧ 169/18‬ل‪٢‬ؿ ؤد‪٧ُ ٫‬ج‪٢‬ر (د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪٧ 87/1‬ج‪ٌ٢‬ف ‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ .5700 ٧ 5699‬ؤؾفض‬
‫جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ؤػ‪٠‬ؿ ُ‪ُ ١‬دؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬د‪ ١‬ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ؤ‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل ‪ " :‬ا‪ ١‬فد‪٫‬‬
‫ؤًُح‪ ٫٢‬لدِ‪ ١٬‬ؤ‪ٗٝ‬حً ‪ ١٠‬ؤ‪٠‬س‪٬ ٫‬ؿؾ‪ ١٧ٞ‬ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر دٔ‪٬‬ف ػلحخ " ٖ‪ٚ‬حل ُ‪٠‬ف ‪٬ :‬ح فل‪٧‬ل جهلل‪٦ٖ ،‬ٴ جلسقؿس‪٤‬؟ ‪ٙ‬حل ‪ٙ " :‬ؿ‬
‫جلسقؿس‪ٖ ٤‬إًُح‪ٜ َ٠ ٫٢‬ل فظل لدِ‪ ١٬‬ؤ‪ٗٝ‬ح " ‪ٙ‬حل ُ‪٠‬ف ‪٦ٖ :‬ٴ جلسقؿس‪٤‬؟ ‪ٙ‬حل ‪ٙ " :‬ؿ جلسقؿس‪ٖ ٤‬إًُح‪ٜ٥ ٫٢‬ـج " ‪ٖ٧‬فٖض‬
‫ُدؿ جهلل د‪ ١‬د‪ٜ‬ف (‪ ٧٥٧‬ؤػؿ ن‪٧٬‬ؼ جد‪ ١‬ػ‪٢‬دل‪ ٤٢ُ٧ ،‬ف‪٥ ٨٧‬ـج ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ) د‪٬ ١٬‬ؿ‪ٙ٧ ،٤٬‬حل ُدؿ جهلل‪٧ :‬دلً دحُ‪،٤٬‬‬
‫‪٧‬ػصَح ُدؿجهلل‪ٙ٧ .‬حل ‪٥‬نح‪( ٟ‬د‪ ١‬ػلح‪ ٧٥٧ ،١‬ن‪٬‬ؽ ُدؿ جهلل د‪ ١‬د‪ٜ‬ف )‪٥٧ :‬ـج ‪ ١٠‬جهلل ٳ ‪ُ٬‬ؿف‪٠ ٨‬ح ُؿؿ‪٠ [ ) ٣‬ل‪٢‬ؿ‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ ( ػؿ‪٬‬ش ُدؿج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬د‪ ١‬ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف ُ‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٧ ]1706 ) ٟٞ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ‬
‫ج‪ٝ‬د‪٢‬ح ج‪ٝ‬ؿ‪٬٠‬حً‪ ١ُ ٫‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪ ١ُ٧‬ج‪ٝ‬دقجف ‪٧‬ج‪ًٝ‬دفج‪٧ ٫٢‬سػؿش ُ‪ ١‬جٯُ‪٠‬حل ج‪٧٠ٝ‬ظدر ‪ٝ‬ـ‪ [ " ٛٝ‬ج‪ٝ‬ـؾحثف ج‪٠٦٠ٝ‬حز‬
‫(‪ً٠‬دِر ج‪ٝ‬د‪٦‬حء دػ‪ٞ‬خ ‪٥ 1328‬ـ = ‪٧ ] 215 ) ٟ1910‬ف‪٢ ٨٧‬ػ‪ ٟ٥٧‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٫ٖ ٪‬وٗر ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر‪ ،‬دحخ ‪٬ :‬ؿؾل‬
‫ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر ‪٥ ١٠‬ـ‪ ٣‬جٯ‪٠‬ر لدِ‪ ١٧‬ؤ‪ٗٝ‬حً ؿ‪ ١٧‬ػلحخ دف‪٧ 2439 ٟٙ‬ؤػ‪٠‬ؿ ؤ‪٬‬يح دف‪.22204 ٟٙ‬‬

‫‪88‬‬
‫جعل رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم عدم التطٌُّدر المرتبة الثالثة‪ ،‬بعد ترك‬
‫ا كتواء وا سترقاء‪ ،‬وهذه مرتبة ال ُسخلَّول من أهل ا نمحاق عنهم وعن كونهم فً‬
‫مراد هللا تعالى رحمهم هللا ما أقلهم فً كل عهد‪ ،‬فإن رتبتهم التحقق بالتوكل على هللا‬
‫تعالى‪ ،‬توكالًا تنطوي فٌه ااسباب والمرادات‪ ،‬وأولبك هم العارفون باهلل حقا رضً‬
‫هللا عنهم‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ٌا هذا لو أن العا لم فرٌقان‪ ،‬فرٌق ٌروحنً بمراو من َسن ّسد ‪ ،‬وفرٌق ٌقرر‬
‫جسمً بمقارر من نار‪ ،‬ازداد هإ ء عندي و نقل هإ ء‪ ،‬اعلم أن َسمن‬
‫عرؾ هللا حق معرفته‪ ،‬تالشت همته تحت سرور وحدانٌته‪ ،‬و شًء من العرش‬
‫إلى الثر أعظم من سرور العارؾ بربه‪ ،‬والجنة بكل ما فٌها فً جنب سروره‬
‫بربه أصؽر من خردلة‪ ،‬لِسما َسعلِس َسم أنه أكبر من كل كبٌر‪ ،‬وأعظم من كل عظٌم‪ ،‬فمن‬
‫وجده فؤي شًء ٌجد‪ ،‬وبؤي شًء ٌشتؽل بعده‪ ،‬وهل رإٌة ؼٌره إ من خساسة‬
‫النفأ‪ ،‬ودناءر الهمة‪ ،‬وقلة المعرفة به‪ ،‬وهل ٌكون لباأٌح أجم ُسل من لباأ اإلسالم‪ ،‬أو‬
‫تاج أج ّسل من تاج المعرفة‪ ،‬أو بساط أشرؾ من بساط الطاعة‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫قال هللا تعالى‪ ( :‬ل بفضل هللا وبرحمته بإل يلفرحوا) ‪.‬‬
‫قال إبراهٌم بن أدهم فً بعر مناجاته ‪ :‬إلهً إنك تعلم أن الجنة وما فٌها‬
‫تزن عندي جنا بعوضة بعدما وهبت لً معرفتك‪ ،‬وآنستنً بك‪ ،‬وفرَّو ؼتنً للتفكر‬
‫فً عظمتك‪ ،‬ووعدتنً النظر إلى وجهك‪ ،‬نعم إن أدنى منازل العارؾ أن هللا تعالى‬
‫لو أدخله النار‪ ،‬وأحاط به العذاب‪ ،‬لم ٌزدد قلبه إ حبا ًا وأنسا ًا به وشوقا ًا إلٌه‪.‬‬
‫قال ابن سٌرٌن (‪ )3‬لو ُسخٌِّذرت بٌن الجنة وركعتٌن تخٌَّورت الركعتٌن‪ ،‬ان فً‬
‫الركعتٌن رضاء هللا تعالى‪ ،‬والقرب منه‪ ،‬وفً الجنة هو النفأ‪ ،‬ومحب ُسة الناأ ‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ٍ‪٧‬ؿ ج‪٬ًِّٝ‬خ‪.‬‬
‫ج‪ٓ ٢ٝ‬ؿ‪ُ :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٢٧٬‬ك‪.58 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ل‪٬‬ف‪ ١٬‬ج‪ٝ‬دوف‪٥ 110-33( ٪‬ـ)‬

‫‪89‬‬
‫حر و‬ ‫‪ ( :‬الوا ِّب‬ ‫قٌل ‪ :‬لما أُسلقً الخلٌل إبراهٌم علٌه الصالر والسالم فً النار و‬
‫وانصروا ءالهت م) (‪ )1‬قال‪ :‬حسبً ربً ونعم الوكٌل‪ ،‬نعم المولى ونعم النصٌر‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ( :‬يا نار ونل برداً وسالما ً على براهيم)(‪.)2‬‬
‫وروي أن هللا تعالى أوحى إلٌه‪ٌ :‬ا إبراهٌم أنت خلٌلً وأنا خلٌلك‪ ،‬فال تشؽل‬
‫قلبك بدونً فتنقطع ال ُسخلَّو ُسة بٌنك وبٌنً‪ ،‬ان الصادق فً دعو ُسخلَّوتً ‪ :‬من إذا أُسحرق‬
‫بالنار لم ٌتحول قلبه عنً إلى ؼٌري إجال ًا لحُسرمتً‪َ ،‬س‬
‫وذ َسك َسر هللا تعالى ذلك فً كتابه‬
‫بقوله‪ ( :‬إا ال له ربه أسلم ال أسلمس لرب العالمين)(‪ )3‬فعرؾ صدقه فً التسلٌم‬
‫حتى أُسلقً فً النار‪.‬‬
‫قال أبو عبد هللا بن مقاتل فً مناجاته ‪ :‬إلهً تدخلنً فً النار فإنها تصٌر‬
‫برداًا علً من حبً لك ‪ .‬قال أٌوب السختٌانً (‪ :)4‬إنما ٌخاؾ النار من نسً مو ه‬
‫فٌقال لهم‪ ( :‬إو وا بما نسيتم للاء يوم م هإا)(‪ )5‬مع ثواب أعماله‪.‬‬
‫قال أبو حفل (‪ :)6‬إنً اخاؾ على معرفة قوم ٌكون على جباههم مكتوبا ًا‬
‫رفع تلك العالمة عنهم‪ ،‬ولو كنت أنا‬
‫"عتقاء هللا" بعد إخراجهم منها‪ٌ ،‬سؤلون هللا َس‬
‫لسؤلته أن ٌكتب ذلك على جمٌع أعضابً‪ ،‬وٌكفٌنً فخراًا أنً من عتقابه‪ ،‬وأنا أقول ‪:‬‬
‫إنما الحاصل للمرٌد فً الجنة من الجنة هو ال رب تعالى‪ ،‬وقربه ونظره‪ ،‬واستما‬
‫كالمه‪ ،‬أما تر امرأر فرعون إذ قالت ( رب ابن لل عند بيتا ً ل الجنة )(‪ )7‬كما‬
‫ٌقال ‪ :‬الجار قبل الدار ‪ .‬قال إبراهٌم بن أدهم ‪ :‬إنً استحً أن ٌكون ؼاٌة همتً‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯ‪٢‬د‪٬‬حء‪.68 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯ‪٢‬د‪٬‬حء‪.69 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ‪.131 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ؤ‪٧٬‬خ د‪٬ٜ ١‬لح‪ ١‬ج‪ٝ‬لؾس‪٬‬ح‪ ٫٢‬ج‪ٝ‬دوف‪ ،٪‬ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف (ز ‪٥ 131‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬لظؿذ‪.14 :‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ػٗه‪٠ُ :‬ف د‪٠ ١‬ل‪٠ٞ‬ر ج‪ٝ‬ػؿجؿ‪٠ ،‬حز ل‪٢‬ر ‪٧ ٕ٬٢‬لس‪٠٧ ١٬‬حثس‪.١٬‬‬
‫(‪) 7‬‬
‫ك‪٧‬فذ ج‪ٝ‬سػف‪.11 :ٟ٬‬‬

‫‪90‬‬
‫مخلوقاًا‪ ،‬وقد قال هللا تعالى لبعر أنبٌابه‪ :‬من أرادنا لم ٌرد سوانا‪.‬‬
‫قال بعر المشاٌخ ‪ :‬رأٌت شابا ًا فً المسجد الحرام‪ ،‬قد َّوأثر فٌه الضر‬
‫والجو ‪ ،‬فؤدركتنً الرحمة علٌه‪ ،‬وكان معً مابة دٌنار فً صُسرر‪ ،‬فدنوت منه‬
‫ُس‬
‫فؤلححت علٌه‪،‬‬ ‫وقلت‪ٌ :‬ا حبٌبً اصرؾ هذا فً بعر حوابجك‪ ،‬فلم ٌلتفت إلًّس ‪،‬‬
‫حالة أبٌعها بالجنة وما فٌها‪ ،‬وهً دار الجال ل ومعدن القرار‬ ‫ٌح‬ ‫فقال‪ٌ :‬ا شٌخ هذه‬
‫بثمن بخأ‪.‬‬ ‫ٍس‬ ‫والبقاء‪ ،‬فكٌؾ أبٌعها‬
‫قال أبو موسى الدبٌلً خادم أبً ٌزٌد ‪ :‬سمعت شٌخا ًا ببسطام ٌقول‪ :‬رأٌت فً‬
‫منامً كؤن هللا تعالى ٌقول ‪ :‬كلكم تطلبون منً‪ ،‬ؼٌر أبً ٌزٌد فإنه ٌطلبنً‪ ،‬وٌرٌدنً‬
‫وأنا أرٌده‪.‬‬
‫هللا جلٌسا ًا وأنٌساًا‪ ،‬و الزم خدمة مو ك تؤتك الدنٌا وهً‬ ‫خ ِسذ َس‬
‫قال أبو عبد هللا ‪ :‬ات ِس‬
‫راؼمة‪ ،‬وتطلبك اآلخرر وهً عاشقة‪ ،‬وقال ‪ٌ :‬ا طالب الدنٌا د الدنٌا تطلبك‪ ،‬وٌا‬
‫(‪) 1‬‬
‫طالب اآلخرر‪ ،‬أو لم ٌكؾ بربك أنه على كل شًء قدٌر؟ قال أبو سعٌد الخراز ‪:‬‬
‫فهممت أن أسؤل هللا شٌبا ًا فهتؾ بً هاتؾ‪ :‬بعد هللا تسؤل ؼٌر هللا‪.‬‬ ‫ُس‬ ‫كنت بالموقؾ‪،‬‬
‫وكتب رجل إلى أ له ‪ :‬أما بعد فاضرب بالدنٌا وج َسه عشاقها‪ ،‬وباآلخرر وجه‬
‫طالبها‪ ،‬واستؤنأ برب العالمٌن‪ ،‬والسالم ‪ .‬قال أبو عبد هللا النسّساج (‪ :)2‬تستكثر‬
‫الجنة للمإمن‪ ،‬فإنه قد وافى هلل تعالى بما هو أكثر قدراًا من الجنة وهو المعرفة‪.‬‬
‫وصلى رج ٌحل من العارفٌن على جنازر فكبَّور خمساًا‪ ،‬فقٌل له فً ذلك فقال ‪:‬‬
‫كبرت أربعا ًا على المٌت‪ ،‬وواحدر على الدارٌن‪ .‬وحكً أنه قرئ بٌن ٌدي أبً ٌزٌد‬
‫(من م من يريد الدنيا ومن م من يريد اآلخرا)(‪ )3‬قال‪ :‬فؤٌن من ٌرٌد المولى؟‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤد‪ ٧‬لِ‪٬‬ؿ ؤػ‪٠‬ؿ د‪٬ُ ١‬ل‪ ٩‬ج‪ٝ‬ؾفجق ( ز ‪٥ 277‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ ؾ‪٬‬ف ج‪٢ٝ‬لحض (‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل) س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 322‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.152 :١‬‬

‫‪91‬‬
‫وقال أمٌر المإمنٌن علً بن أبً طالب ابً بكر الصدٌق رضً هللا عنهما ‪:‬‬
‫ٌا خلًفة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬بماذا بلؽت هذه المنزلة حتى سبقتنا؟ فقال ‪:‬‬
‫بخمسة أشٌاء‪ ،‬أولها ‪ :‬وجدت الناأ صنفٌن‪ ،‬طالب دنٌا‪ ،‬وطالب عقبى‪ ،‬فكنت أنا‬
‫‪ :‬ما‬ ‫طالب المولى‪ ،‬والثانً ‪ :‬منذ دخلت اإلسالم ما شبعت من طعام الدنٌا‪ ،‬والثال‬
‫روٌت من شراب الدنٌا‪ ،‬والرابع ‪ :‬إذا استقبلنً عمالن‪ ،‬عمل للدنٌا‪ ،‬واآلخر للعقبى‪،‬‬
‫اخترت عمل اآلخرر على عمل الدنٌا‪ ،‬والخامأ ‪ :‬صحبت النبً علٌه الصالر‬
‫فؤحسنت صحبته‪ ،‬فقال له علًّس ‪ :‬هنٌبا ًا لك ٌا أبا بكر‪.‬‬
‫ُس‬ ‫والسالم‪،‬‬

‫‪92‬‬
‫الحديث ال امن عألر‬
‫[ أدبنل ربل ]‬

‫أخبرنا ابن العم الولً الصالح السٌد سٌؾ الدٌن عثمان‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً أبوك‬
‫السٌد علً بن ٌحٌى الرفاعً صاحب المشهد المنوّس ر ببؽداد‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً ابن عمً‬
‫السٌد حسن بن عسلة‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً النقٌب الجلٌل السٌد ٌحٌى بن ثابت‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً‬
‫أبً السٌد ثابت‪ ،‬عن أبٌه السٌد علً الحازم أبً الفوارأ عن أبٌه السٌد أحمد ابن‬
‫علً أبً الفضابل‪ ،‬عن أبٌه السٌد رفاعة الحسن المكً نزٌل إشبٌلٌة‪ ،‬عن أبٌه السٌد‬
‫أبً القاسم محمد البؽدادي نزٌل مكة‪ ،‬عن أبٌه السٌد الحسن القاسم أبً موسى‬
‫الربٌأ‪ ،‬عن أبٌه السٌد الحسٌن عبدالرحمن الرضً المحد القطٌعً‪ ،‬عن أبٌه‬
‫السٌد أحمد ااكبر‪ ،‬عن أبٌه السٌد موسى‪ ،‬عن أبٌه اامٌر الكبً ر السٌد إبراهٌم‬
‫المرتضى‪ ،‬عن أخٌه اإلمام ااعظم قبلة أهل الباطن علً الرضا صاحب طوأ‪،‬‬
‫عن أبٌه اإلمام الشهٌد موسى الكاظم‪ ،‬عن أبٌه اإلمام السعٌد جعفر الصادق‪ ،‬عن أبٌه‬
‫اإلمام محمد الباقر‪ ،‬عن أبٌه اإلمام زٌن العابدٌن علً السَّوجّساد‪ ،‬عن أبٌه اإلمام‬
‫المظلوم الشهٌد السعٌد الحسٌن صاحب كربالء‪ ،‬عن أبٌه أمٌر المإمنٌن ٌعسوب‬
‫نحل الموحدٌن اإلمام علً كرم هللا وجهه‪ ،‬عن ابن عمه سٌد المخلوقٌن وحبٌب رب‬
‫العالمٌن نبٌنا ورسولنا محمد صلى هللا علٌه وسلم أنه قال ‪ " :‬أدبنً ربً فؤحسن‬
‫"(‪ )1‬هذا الحدٌ الشرٌؾ مُسلزم‬ ‫تؤدٌبً‬

‫(‪) 1‬‬
‫يِ‪ .ٕ٬‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ن‪ٜ٧‬ح‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪٧ٗٝ‬جثؿ ج‪٠ٝ‬ظ‪ُ٧٠‬ر ( ج‪ٝ‬ل‪٢‬ر ج‪٠ٝ‬ػ‪٠‬ؿ‪٬‬ر ) ‪٧ 327‬ج‪ٗٝ‬س‪ ٫٢‬ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪ ٫ٖ ٪‬سـ‪ٜ‬فذ‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ي‪ُ٧‬حز ‪ٙ٧ 87‬حل‪ :‬ك‪٢‬ؿ‪ ٣‬يِ‪٧ ،ٕ٬‬ؤؾفظ‪ ٤‬جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪ِ٠‬ح‪ ٫ٖ ٫٢‬ؤؿخ جٱ‪٠‬ٴء ُ‪ ١‬جد‪٠ ١‬لِ‪٧‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٤٢‬‬
‫(دل‪٢‬ؿ ‪٢ٜ ) ًَٚ٢٠‬ق ‪ٙ٧ )31895‬حل ‪٠‬ػ‪ ٘ٚ‬ج‪٢ٜٝ‬ق ‪ٙ :‬حل ج‪٢٠ٝ‬ح‪ ٫ٖ ٪٧‬ج‪٬ٗٝ‬ى ‪ :224/1‬ال‪٢‬حؿ‪ ٣‬يِ‪٧ . ٕ٬‬ؤؾفظ‪٤‬‬
‫جد‪ُ ١‬لح‪ٜ‬ف د‪" :ٌٗٞ‬ؤؿد‪ ٫٢‬فد‪٢٧ ٫‬نإزُ ٖ‪ ٫‬د‪ ٫٢‬لِؿ" [‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪.] 32024‬‬

‫‪93‬‬
‫بالتحقٌق بآدابه صل هللا علٌه وسلم‪ ،‬فإن َسمن ز َّول عنها هو و َسمن فارقها ض َّول‬
‫وؼو ‪ ،‬وبها تعرج ِسه َسم ُسم المقربٌن‪ ،‬و ُستز ِسه ُسر أسرا ُسر العارفٌن‪ ،‬و وجه ٌلتحق به‬
‫العارؾ بربه إ طرٌق اادب المحمدي و ُسسلَّو ُسم كل هذا‪ :‬الذك ُسر المتواصل‪.‬‬
‫َّو‬
‫وعظم‬ ‫أي بنً‪ ،‬اذكر هللا تعالى‪ ،‬واعلم أن هللا تعالى أعلى درج ر الذكر‪،‬‬
‫والجنان‪ ،‬فٌنبؽً‬ ‫َس‬ ‫رُستبته‪ ،‬ورفع شؤنه‪ ،‬وشرَّو فه وفضَّوله‪ ،‬ثم قسَّومه على اللسان وااركان‬
‫أن ٌكون الذاك ُسر على حذر أن ٌلتفت إلى الذكر‪ ،‬وٌكون شرٌؾ الهمة واإلرادر‪،‬‬
‫لطٌؾ الفطنة فً اإلشارر‪ ،‬صحٌح النٌة واإلرادر‪ٌ ،‬رٌد بذكره ؼٌره‪ ،‬و ٌلتمأ‬
‫منه فراؼه نه إلى ما دونه‪ ،‬ان الوصول إلى الكل تحت الرضا به عن ؼٌره‪،‬‬
‫والحرمان من الكل تحت ا شتؽال بؽٌره‪ ،‬وٌجب على الذاكر أن ٌذكره على ؼاٌة‬
‫من التعظٌم والحُسرمة‪ ،‬على العادر والؽفلة‪ ،‬فٌصٌر بذلك محجوبا ًا عن المذكور‪،‬‬
‫عقوبة لترك التعظٌم والحُسرمة‪ ،‬ان حفظ الحرمة فً الذكر‪ ،‬خٌر من الذكر‪ ،‬وما من‬
‫عبد ذكره على التحقٌق‪ ،‬إ نسً فً جنب ذكره ما سواه‪ ،‬وكان هللا له عِس وضا ًا من‬
‫كل شًء‪ ،‬وربما ٌرٌد العارؾُس أن ٌذكره فٌهٌن فً سرِّذ ه أمواج‬

‫‪94‬‬
‫التعظٌم والهٌبة‪ ،‬فٌك ُّدل لسانه وٌطٌر فإداه من إجالل الوحدانٌة‪ ،‬ثم ٌبدو له شعا‬
‫الشوق والمحبة من حجب القلب واالفة‪ ،‬فتنتهً همته إلى سرادقات االوهٌة‪،‬‬
‫ومٌادٌن الربوبٌة بإذن هللا‪ ،‬فحٌنبذ ٌكشؾ له عما سُستر عن ؼٌره من عجابب ؼٌبه‪،‬‬
‫ولطابؾ صُسنعه‪ ،‬وكمال قدرته‪ ،‬وأنوار قدسه‪ ،‬عند إل يعرل العبد أن هللا تعالى‬
‫‪ ،‬بٌده ال َسم نُّد والعطاء‬ ‫يفعل ما يألاء بمن يألاء لمن يألاء متى يألاء يل ألاء‬
‫واإلرادر‪ ،‬را َّود لفضله‪ ،‬و مُسع ِّذقب لحكمه‪ ،‬فٌشتؽل به‪ ،‬وٌصٌر فانٌا ًا تحت بقابه‪،‬‬
‫‪َ :‬سمن‬ ‫وهذا معنى ما رُسوي فً بعر ااخبار‪ ،‬أن هللا تعالى قال فً بعر الكتب‬
‫(‪) 1‬‬
‫ُس‬
‫حركت قلبه لمحبتً‪ ،‬إذا تكلم لً‪ ،‬وإذا سكت سكت لً‬ ‫ٌذكرنً و ٌنسانً‬
‫(‪) 2‬‬
‫قال هللا تعالى‪ ( :‬الإين ءامنوا وتطمئن لوبهم بإ ر هللا)‬
‫وقال ٌحٌى بن معاذ ‪ :‬الذكر أكبر من الجنة‪ ،‬ان الذكر نصٌب هللا والجنة‬
‫نصٌب العبد‪ ،‬وفً الذكر رضاء هللا‪ ،‬وفً الجنة رضاء العبٌد‪ ،‬وعن علً بن أبً‬
‫طالب رضً هللا عنه قال ‪ :‬إن هللا ٌتجلى للذاكرٌن عند الذكر وتالور القرآن‪ ،‬و‬
‫ٌرونه ا نه أعز من أن ٌُسر ‪ ،‬وأظهر من أن ٌخفى‪ ،‬فتفردوا باهلل سبحانه‪ ،‬واستؤنسوا‬
‫بذكره‪ ،‬وما نزلت بؤحد نازل ٍسة إ وفً كتاب هللا لها دلٌل من الهد والبٌان‪.‬‬
‫قال أبو عبد هللا النساج ‪ :‬إن هلل تعالى فً الدنٌا جنة‪ ،‬من دخلها كان آمنا ًا‬

‫(‪) 1‬‬
‫ف‪ ٨٧‬ج‪ٝ‬ؿجف ‪ ٫ٖ ٫٢ًٙ‬جٯ ٖفجؿ ‪٧‬جد‪ُ ١‬لح‪ٜ‬ف ُ‪ ١‬جد‪٠ُ ١‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح فِٖ‪ٙ " : ٤‬حل ‪٧٠‬ل‪٬ : ٩‬ح فخ‬
‫‪٧‬ؿؿزُ ؤ‪ ١‬ؤُ‪ ١٠ ٟٞ‬سػخ ‪ُ ١٠‬دحؿ‪ٖ ٛ‬إػد‪ٙ . " ٤‬حل‪ " :‬اـج فؤ‪٬‬ز ُدؿ‪ٜ٬ ٪‬صف ـ‪ٜ‬ف‪ٖ ٪‬إ‪٢‬ح ؤـ‪٢‬ز ‪ ٫ٖ ٤ٝ‬ـ‪٧ ٛٝ‬ؤ‪٢‬ح‬
‫ؤػد‪ "...٤‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش [ ‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪ ٫ٖ٧ ] 1870‬ػؿ‪٬‬ش ‪٠‬فلل ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤد‪ ١ُ ٟ٬ِ٢ ٧‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪٧ٚ٬ ٪‬ل جهلل ُقٖ‬
‫‪٧‬ظل‪ " :‬اـج ‪ٜ‬ح‪ ١‬ج‪ٔٝ‬ح‪ٝ‬خ ُ‪ ٩ٞ‬ج‪ِٝ‬دؿ جٳنسٔحل د‪ ٫‬ظِ‪ٞ‬ز دٔ‪٬‬س‪ٝ٧ ٤‬ـس‪ ٫ٖ ٤‬ـ‪ٜ‬ف‪ٖ ،٪‬بـج ظِ‪ٞ‬ز دٔ‪٬‬س‪ٝ٧ ٤‬ـس‪٫ٖ ٤‬‬
‫ـ‪ٜ‬ف‪ُ ٪‬ن‪ُ٧ ٫٢ٚ‬ن‪ٚ‬س‪ٖ ،٤‬بـج ُن‪ُ٧ ٫٢ٚ‬ن‪ٚ‬س‪ ٤‬فِٖز ج‪ٝ‬ػظحخ ٖ‪٠٬‬ح د‪٧ ٫٢٬‬د‪٧ ،٤٢٬‬و‪ٖ٫‬فزُ ـ‪ ٛٝ‬سٔح‪ٝ‬دحً ُ‪ ،٤٬ٞ‬ٳ‬
‫‪٬‬ل‪ ٧٦‬اـج ل‪٦‬ح ج‪٢ٝ‬حك‪٢ٜ [ ..‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪.] 1872‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬فُؿ‪.28 :‬‬

‫‪95‬‬
‫(طوبى لهم وحسن مآب )(‪ )1‬قٌل ‪ :‬ما هً ؟ قا ل‪ :‬اانأ بذكره‪ ،‬قال هللا تعالى فً‬
‫بعر كتبه‪ :‬أولٌابً وأحبابً تنعموا بذكري‪ ،‬واستؤنسوا بً‪ ،‬فإنً نعم الرب لكم فً‬
‫الدنٌا واآلخرر‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫قٌل ابً بكر الواسطً هل تشتهً طعاماًا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قٌل‪ :‬أي شًء؟ قال‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫لقمة من ذكر هللا‪ ،‬بصفاء الٌقٌن‪ ،‬على مابدر المعرفة‪ ،‬بؤنامل حُسأ ن الظن باهلل‪ ،‬من‬
‫جفنة الرضا عن هللا سبحانه‪ ،‬وروي أن هللا تعالى قال للخلٌل علٌه الصالر والسالم ‪:‬‬
‫أتدري لم اتخذتك خلٌالًا؟ قال ‪ . :‬قال‪ :‬انك ُستؽفل قلبك عنً‪ ،‬وعلى كل ٍس‬
‫حال‬
‫أراك تنسانً‪.‬‬
‫لو أنك أمرتنا بذكرك‪ ،‬ف َسمن كان ٌجتري أن ٌذكرك‪ ،‬إجال ًا وإعظاما ًا لك‬
‫أبحانك؟ عجبا ًا للذاكرٌن‪ ،‬كٌؾ تثبت قلوبهم فً أبدانهم عند ذكر عظمتك‪ ،‬وروي أن‬
‫هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر والسالم ‪ٌ :‬ا موسى إنً لم أقبل صالر و ذكراًا‬
‫إ ممن ٌتواضع لعظمتً‪ ،‬وٌُسلزم قلبه خوفً‪ ،‬وٌقطع عمره بذكري‪ٌ ،‬ا موسى إن‬
‫َسم َسثله فً الناأ كمثل الفردوأ فً الجن ان‪ٌ ،‬تؽٌر طعمها‪ ،‬و َسٌٌْسبأ ورقُسها‪،‬‬
‫فؤجع ُسل له عند الخوؾ أمناًا‪ ،‬وعند الظلمة نوراًا‪ ،‬وأجٌبه قبل أن ٌدعونً‪ ،‬وأعطٌه قبل‬
‫أن ٌسؤلنً‪ ،‬ورو كعب ااحبار (‪ )3‬أن هللا تعالى قال‪ :‬من شؽله ذكري عن مسـؤلتً‬
‫أعطٌه أفضل مما أعطً سابلً"(‪.)4‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬فُؿ ‪.29 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪٧٠ ١‬ل‪ ٩‬ج‪٧ٝ‬جلً‪ٜ ،٫‬ح‪٬ ١‬لس‪٧ٜ ١ً٧‬فذ ‪٠‬ف‪٠٧ ٧‬حز د‪٦‬ح دِؿ ‪٥ 320‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ِٜ‬خ د‪٠ ١‬ح‪ َ٢‬ج‪ٝ‬ػ‪٬٠‬ف‪ : ٪‬سحدِ‪ ٫‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 32‬ـ ُ‪٠ ١‬ثر ‪٧‬ؤفدَ ل‪٧٢‬جز ‪ .‬ؤل‪٦ُ ٫ٖ ٟٞ‬ؿ ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف في‪٫‬‬
‫جهلل ُ‪.٤٢‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬ؾ‪ ٘ٞ‬ؤِٖحل ج‪ِٝ‬دحؿ‪٧ ،‬جد‪ ١‬نح‪ ٫ٖ ١٬٥‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ـ‪ٜ‬ف‪٧ ،‬ؤد‪ ٫ٖ ٟ٬ َ٢ ٧‬ج‪ِ٠ٝ‬فٖر‪٧ ،‬ج‪ٝ‬د‪٫ٖ ٫ٚ٦٬‬‬
‫نِخ جٱ‪٠٬‬ح‪ ١ُ( ١‬جد‪٠ُ ١‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ) ‪ُ٧‬دؿ ج‪ٝ‬فقج٘ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ظح‪ ١ُ ( َ٠‬ظحدف جد‪ُ ١‬دؿجهلل في‪ ٫‬جهلل‬
‫ُ‪٠٦٢‬ح) ‪٧‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ن‪٬‬در ُ‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬د‪ ُٟ ١‬فٖذ ‪٠‬فلٴً [ ‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ( ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪ 434/1‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬صح‪٧ 1874 ١‬‬
‫‪.]1875‬‬

‫‪96‬‬
‫وقال عٌسى بن مرٌم علٌه الصالر والسالم ‪ :‬طوبى لمن ذكر هللا‪ ،‬ولم ٌذكر‬
‫إ هللا‪ ،‬وطوبى لمن ٌخشى هللا ولم ٌخش إ هللا‪.‬‬
‫وروي أن ٌعقوب علٌه الصالر والسالم لما قال ‪ٌ :‬ا أسفا على ٌوسؾ‪ ،‬أوحى‬
‫هللا تعالى إلٌه ‪ :‬إلى متى تذك ُسر ٌوسؾ‪ ،‬أٌوسؾ خلقك أو رزقك‪ ،‬أو أعطاك النبور‪،‬‬
‫جت عنك من ساعتك‬ ‫واشتؽلت بً عن ذكر ؼٌري‪ ،‬لفرَّو ُس‬
‫َس‬ ‫فبعزتً لو كنت ذكرتنً‪،‬‬
‫فعلم ٌعقوب أنه مخطا فً ذكره ٌوسؾ‪ ،‬فؤمسك لسانه عن ذكره‪.‬‬
‫وقالت رابعة البصرٌة رضً هللا عنها ‪ :‬ما أوحش الساعة التً أذكرك‬
‫فٌها‪.‬‬
‫وقال موسى علٌه الصالر والسالم ذات ٌوم ‪ :‬إلهً أقرٌبٌح أنت فؤناجٌك‪ ،‬أم‬
‫بعٌد فؤنادٌك (‪ ، )1‬فقال هللا تعالى ‪ :‬أنا جلٌأ لمن ذكرنً‪ ،‬وقرٌبٌح ممن أنأ بً‪،‬‬
‫أقربُس إلٌه من حبل الورٌد(‪.)2‬‬
‫قٌل لذي النون ‪ :‬متى ٌكون ذكر هللا للعبد صافٌاًا؟ قال ‪ :‬إذا كان به عارفاًا‪،‬‬
‫وممن دونه متبربا ًا‪ .‬قال علً بن أبً طالب رضً هللا عنه ‪ :‬ذكر هللا طعام الرو ‪،‬‬
‫والثناء علٌه شراب الرو ‪ ،‬والحٌا ء منه لباأ الرو ‪ ،‬وما تلذذ المتلذذون بمثل‬
‫ذكره‪ ،‬وما تنعم المتنعمون بمثل أنسه‪.‬‬
‫إن هللا تعالى قال فً الكتب ‪َ " :‬سمن ذكرنً فً نفسه ذكرته فً نفسً‪ ،‬ومن‬
‫ذكرنً فً مأل ذكرته فً مأل‪ ،‬ومن ذكرنً من حٌ هو‪ ،‬ذكرته من‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ ١ُ٧‬ج‪٠ِ٢ٝ‬ح‪ ١‬د‪ ١‬دن‪٬‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ‪ٙ‬حل ‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ : ٟٞ‬ج‪ٝ‬ؿُحء ‪ ٧ ٣‬ج‪ِٝ‬دحؿذ ‪.‬‬
‫‪ٙ٧‬فؤ‪( .‬جؿُ‪ ٫٢٧‬ؤلسظخ ل‪ ،ٟٜ‬ا‪ ١‬ج‪ٝ‬ـ‪٬ ١٬‬لس‪ٜ‬دف‪ُ ١ُ ١٧‬دحؿس‪ ٫‬ل‪٬‬ؿؾ‪ ١٧ٞ‬ظ‪ ٟ٢٦‬ؿجؾف‪ٓ [ ) ١٬‬حٖف ‪ٖٚ ]60‬حل‬
‫ؤوػحد‪ :٤‬ؤ‪ٙ‬ف‪٬‬خ فد‪٢‬ح ٖ‪٢٢‬حظ‪ ،٤٬‬ؤ‪ ٟ‬دِ‪٬‬ؿ ٖ‪٢٢‬حؿ‪٤٬‬؟ ٖ‪٢‬ق‪ٝ‬ز ‪٧( :‬اـج لإ‪ُ ٛٝ‬دحؿ‪ٖ ٫٢ُ ٪‬ب‪ٙ ٫٢‬ف‪٬‬خ ؤظ‪٬‬خ ؿُ‪٧‬ذ ج‪ٝ‬ؿجٍ‬
‫اـج ؿُح‪ [ )١‬ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ‪ [ ] 176 :‬ظح‪ َ٠‬جٯو‪٧‬ل (ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ ( 24/2‬ج‪ٝ‬سٗل‪٬‬ف – سٗل‪٬‬ف ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ) ‪.] 24/2‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ػدل ج‪٧ٝ‬ف‪٬‬ؿ‪ُ :‬ف٘ ٖ‪ ٫‬ج‪٬ ،٘٢ِٝ‬يفخ د‪ ٤‬ج‪٠ٝ‬صل ٖ‪ ٫‬ج‪ٚٝ‬فخ ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫حٌ أنا"‬
‫وقال‪ :‬إن الخالبق صاحوا من إبلٌأ‪ ،‬وإن إ بلٌأ صا من الذاكرٌن‪ ،‬وتال‬
‫طائل من الأليط ان تإ روا فإا هم مبصرون )(‪ .)2‬قال‬ ‫ٌم‬ ‫( ن الإين اتلوا إا مسهم‬
‫ابن عباأ رضً هللا عنهما ‪ :‬ما من مإمن إ وعلى قلبه شٌطان‪ ،‬إذا ذكر هللا‬
‫خنأ(‪ ،)3‬وإذا نسً هللا وسوأ‪ ،‬ذِسك ُسر هللا شفا ٌحء ٌضر معه داء‪ ،‬وذكر الناأ داء‬
‫ٌنفع مع دواء‪ ،‬فاجعل ذكر هللا قِسبلة همك (‪ ،)4‬وإضاءر مسجد فكرتك‪ ،‬واعلم أن حقٌقة‬
‫ا ستبناأ بذكر الحبٌب هو نسٌان ؼٌره‪.‬‬
‫من شؽله ذكر هللا تعالى َسفن َسِسً عن ذكر ما سواه‪ ،‬وصار مدهوشا ًا تحت لطابؾ‬
‫صنعه‪ ،‬وتالشت ُسكلٌته تحت جمال حسن ؼاٌته‪ ،‬واستؽرق فً بحار ذكر امتنانه‪:‬‬
‫العصر أعيا ُتد‬ ‫ِر‬ ‫وللمري ِرد جمي ُتف‬ ‫للنا عيدان معدودان ل سن ٍة‬
‫(‪) 5‬‬
‫الرب ّنأوا ُتد‬
‫ِّب‬ ‫س‬
‫والللب ل مل و ِر‬‫ُت‬ ‫الإ ُتر عاد ُتت ُته ‪ ،‬والحم ُتد راح ُتت ُته‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ُ‪ ١‬ؤد‪ُ ٫‬دحك ‪ِ٠ ١ُ٧‬حـ د‪ ١‬ؤ‪٢‬ك في‪٧‬ج‪ ١‬جهلل ُ‪٢ٜ [ ٟ٦٬ٞ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪1867 ٧ 1866‬‬
‫] ‪٧‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ن‪٫‬در ُ‪ ١‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ [ ٤٢‬ق ‪ٙ ٤٬ٖ ٤ٌٗٝ٧ ] 1868‬حل جهلل سِح‪٬ ١٠ : ٩ٝ‬ـ‪ٜ‬ف‪ٗ٢ ٫ٖ ٫٢‬ل‪٤‬‬
‫ـ‪ٜ‬فس‪ٗ٢ ٫ٖ ٤‬ل‪ ١٠٧ ،٫‬ـ‪ٜ‬ف‪ ١٠ ٰ٠ ٫ٖ ٫٢‬ج‪٢ٝ‬حك ـ‪ٜ‬فس‪ ٰ٠ ٫ٖ ٤‬ؤ‪ٜ‬صف ‪٧ ٟ٦٢٠‬ؤً‪٬‬خ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫جٯُفجٕ ‪.201‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؾ‪٢‬ك‪ :‬سفجظَ ‪٧‬ـ‪٥‬خ‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ :ٛ ٟٓ٥‬ج‪٥‬س‪٠‬ح‪.ٛ٠‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ؤ‪ٓ٧‬جؿ‪ ١٠٧ ،ٕ٧ًِ٠ :‬آؿ ‪٬‬ئ‪٧‬ؿ اـج ج‪٢‬ص‪.ًُٕ٧ ٩٢‬‬

‫‪98‬‬
‫الحديث التاسف عألر‬
‫[ حسب أن تصوم من ل ألهر ال ة أيام]‬

‫أخبرنا الفقٌه الصالح بندار بن بختٌار الواسطً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو جعفر محمد‬
‫بن أحمد المهدي الهاشمً‪ ،‬قال أنبؤنا أبو عثمان إسماعٌل بن محمد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو‬
‫بكر محمد بن عبدهللا الضبً‪ ،‬قال أنبؤنا سلٌمان بن أحمد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا إدرٌأ بن‬
‫جعفر العطار‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا ٌزٌد بن هارون بن محمد‪ ،‬عن عمرو بن علقمة‪ ،‬عن أبً‬
‫سلمة ابن عبدالرحمن‪ ،‬عن عبدهللا بن عمرو‪ ،‬قال ‪ :‬دخل علًَّو رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم بٌتً فقال ‪ٌ " :‬ا عبدهللا بن عمرو‪ ،‬ألم أخبر أنك تكلّسؾ قٌام اللٌل وصٌام‬
‫النهار؟ قلت‪ :‬إنً أفعل‪ ،‬قال ‪ " :‬إن حسبك أن تصوم من كل شهر ثالثة أٌام‪ ،‬الحسنة‬
‫بعشر أمثالها‪ ،‬فكؤنك صمت الدهر كله"(‪.)1‬‬
‫ففً هذا الحدٌ الشرٌؾ أسرار‪ ،‬منها البشارر بتواصل نور ااعمال‪ ،‬وبنور‬
‫ااعمال من دون انقطا ‪ ،‬وإن تباعدت ااوقات‪ ،‬ومنها مضاعفة ثواب العمل لهذه‬
‫اامة‪ ،‬الحسنة بعشر أمثالها‪ ،‬لتنشط قلوبهم لعمل الخٌر‪ ،‬ومنها اامر بعدم التكلؾ‪،‬‬
‫القلوب الؽفل ُسة‪،‬‬
‫َس‬ ‫الذي ٌُسفضً بالعبد إلى السؤم والملل‪ ،‬ومنها لزوم التذكر‪ ،‬حتى تط ّسم‬
‫ومنها اإلٌمان القطعً بوعد هللا وحسن كرمه‪ ،‬وكل هذه الخصال خصال العارفٌن‪،‬‬
‫الذٌن انقطعوا عن كل الهموم الدنٌوٌة وااخروٌة‪ ،‬وصار همهم ربهم ومن كان همه‬
‫ربه فال هم له‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪٠ ٫‬ل‪٢‬ؿ‪٠( ٣‬ل‪٢‬ؿ ُدؿ جهلل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬د‪ ١‬ج‪ِٝ‬حه في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ُ‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل‬
‫ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ) ٟٞ‬دف‪٧ ،6878 ٟٙ‬قجؿ ُدحفذ ‪٧ " :‬ٳ ؤ‪٧ٙ‬ل جِٖل " ٖف‪٧‬ج‪٬‬س‪ " :٤‬ا‪ ١‬ػلد‪٧ -ٛ‬ٳ ؤ‪٧ٙ‬ل ؤِٖل – ؤ‪ ١‬سو‪ٟ٧‬‬
‫‪ٜ ١٠‬ل ن‪٦‬ف ‪ ..‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪ ٫ٖ ٧٥٧ .‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٪‬ج‪ٝ‬و‪ ،ٟ٧‬دحخ و‪ ٟ٧‬ج‪ٝ‬ؿ‪٥‬ف‪ ،‬ف‪٠٧ ،1875 ٟٙ‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬و‪٬‬ح‪ ،ٟ‬دحخ ج‪٫٦٢ٝ‬‬
‫ُ‪ ١‬و‪ ٟ٧‬ج‪ٝ‬ؿ‪٥‬ف ‪.1159‬‬

‫‪99‬‬
‫قال ٌحٌى بن معاذ فً مناجاته ‪ :‬إلهً إن عرفتك فؤنت الذي قد هدٌتنً‪ ،‬وإن ط لب ُست َسك‬
‫فؤنت الذي أردتنً‪ ،‬وإن أجبتك فؤنت الذي اخترتنً‪ ،‬وإن أطعتك فؤنت الذي وفقتنً‪،‬‬
‫وإن أنبت إلٌك فؤنت الذي آوٌتنً‪ ،‬وإن هللا تعالى َسٌ ِسك ُسل العارفٌن إلى أنفسهم‪ ،‬و‬
‫إلى طاعاتهم‪ ،‬و إلى ذكرهم‪ ،‬بفضله ورحمته‪ ،‬بل ٌكلإهم بؤكالٌل شفقته‪ ،‬وٌمطر‬
‫علٌهم أمطار رحمته‪ ،‬من سحابب فضله وعناٌته‪.‬‬
‫ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال ‪ٌ :‬ا رب كٌؾ لً أن أإدي شكر‬
‫عرفت أنك عاجز‬ ‫َس‬ ‫نعمك‪ ،‬ولك علًّس فً كل شعرر نعمتان؟ فقال له ‪ٌ :‬ا موسى‪ ،‬إذا‬
‫عن شكري فقد شكرتنً‪ ،‬وقٌل ‪ :‬إن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم ‪:‬‬
‫اشكر نعمتً علٌك ‪ .‬فقال‪ :‬إلهً كٌؾ لً أن أشكرك وشكري لك على النعم أعظم‬
‫نعمة علً؟ فؤوحى هللا تعالى إلٌه‪ :‬إذا علمت ذلك فؤنت أشكر العباد لً‪.‬‬
‫وقال محمد بن السمّساك (‪ )1‬اذ ُسكر َسمن كان ذكره لك قبل ذكرك‪ ،‬وحبه قبل‬
‫حبك‪ ،‬وما ذكرته إ بذكره لك‪ ،‬وما أحببته إ بحبه لك ‪ .‬وقال أبو بكر الواسطً ‪:‬‬
‫من نسى ذكر هللا تعالى كان مستدرجا ًا‪.‬‬
‫واعلم أن أدنى أوصاؾ العارؾ‪ ،‬عٌش القلب مع هللا بال عالقة‪ ،‬وذلك من‬
‫(‪) 2‬‬
‫ذكر هللا إٌاه‪ ،‬وذلك بٌِّذنٌح فً قول هللا تعالى (ولإ ر هللا أ بر)‬
‫(‪) 3‬‬
‫وقٌل فً قوله تعالى ‪ ( :‬و ليل ٌم من عباد الأل ور ) ‪ ،‬أي قلٌل من ٌر‬
‫ِسم َّونتً علٌه عند شكره لً‪.‬‬
‫ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال‪ :‬إلهً كٌؾ استطا آدم أن ٌشكر‬
‫نعمتك‪ ،‬إذ خلقته بٌدٌك‪ ،‬ونفخت فٌه من روحك‪ ،‬وأسكنته جنتك‪ ،‬وأمرت‬

‫(‪) 1‬‬
‫(ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٪‬نِفج‪٫٢‬‬ ‫جد‪ ٧‬ج‪ِٝ‬دحك ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪٠‬ح‪٠ ،ٛ‬حز دح‪ٖ٧ٜٝ‬ر ل‪٢‬ر صٴش ‪٧‬ص‪٠‬ح‪٠٧ ١٬٢‬حثر‬
‫(ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.] 61/1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٜ٢ِٝ‬د‪٧‬ز‪.45 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ لدإ‪.13 :‬‬

‫‪100‬‬
‫المالبكة فسجدوا له؟ فقال هللا‪ٌ :‬ا موسى‪ ،‬علم آدم ذلك منً فحمدنً علٌه‪.‬‬
‫فمن أطاعه فبتوفٌقه أطاعه فله المنة‪ ،‬ومن عصاه فبمقدور ه عصاه‪ ،‬فله‬
‫الحجة علٌه‪ ،‬فقد سبق فضله لمن أطاعه قبل طاعته‪ ،‬وقد سبق عدله لمن عصاه قبل‬
‫معصٌته إٌاه‪ ،‬انه الفعّسال لما ٌرٌد‪.‬‬
‫وروي أن إبراهٌم علٌه الصالر والسالم قال ‪ :‬إلهً لو أنت كٌؾ كنت‬
‫أعرؾ َسمن أنت؟ وقٌل ابً عبدهللا ‪ :‬ما لنا نحب المد والثناء؟ فقال ‪ :‬لنسٌان امتنان‬
‫هللا علٌكم‪ ،‬وحسن عناٌته التً سبقت منه لكم‪ ،‬فمن نسً المنة‪ ،‬وجحد النعمة‪ ،‬قُسلبت‬
‫له النعمة نقمة‪.‬‬
‫ٌا بنًّس ‪ ،‬إن هللا تعالى أعطاك المعرفة‪ ،‬وو ّسفقك لطاعته من ؼٌر إحسان سبق‬
‫منك‪ ،‬ومن ؼٌر شفاعة كانت اجلك‪ ،‬فٌنبؽً أن تشتؽل بذكره وخدمته‪ ،‬من ؼٌر‬
‫طلب عِس َسور ومكافؤر منه‪ ،‬فؤهل الذكر أصناؾ مختلفة‪ ،‬فمنهم َسمن ٌذكر على جهة‬
‫ِسم ّسنة اإلسالم‪ ،‬ومنهم على جهة السُسنة والجماعة‪ ،‬ومنهم َسمن ٌذكره على جهة منة‬
‫ذكره‪ ،‬حتى ٌصٌر قلبه والها ًا (‪ ،)1‬ولسانه كلٌالًا‪ ،‬وعقله هابما ًا وٌصٌر فً عظمته‬
‫مبهوتاًا‪ ،‬وٌتٌه فً كرمه‪ ،‬وٌُسد َسهش فً محبته‪ ،‬لما علم أن اا عمال تقوم إ به‪،‬‬
‫والذكر على جهتٌن‪ ،‬ذكر ٌتولد منه الخوؾ والخشٌة‪ ،‬وذكر ٌتولد منه الشوق‬
‫والمحبة‪ ،‬فؤما ما ٌُسنتن الخوؾ والخشٌة‪ ،‬فهو ذكر َسمن ٌذكر هللا مع نفسه‪ ،‬وٌر ذكر‬
‫هللا له سبب ذكر هللا تعالى‪ ،‬وٌعلم أنه بذكر هللا ٌصل إلى ذكره إٌاه‪ ،‬وأما ااخر فهو‬
‫الذكر الذي تذ ّسكر ذكر هللا له فً اازل‪ ،‬حٌ لم ٌكن موجوداًا‪ ،‬إلى أن ٌصٌر فً‬
‫الدنٌا مفقوداًا‪ ،‬ثم إلى اابد‪ ،‬فوجد ذكر هللا له سابقا ًا أزلٌاًا‪ ،‬خالداًا أبدٌاًا‪ ،‬وذكره مكدراًا‬
‫بالشهوات‪ ،‬ممزوجا ًا بالؽفالت‪ ،‬فشتان بٌن من ٌدخل على هللا برإٌة ذكره‪ ،‬وبٌن من‬
‫ٌدخل على هللا برإٌة فضله ومنته‪ ،‬واعلم أن ذكر العبد هلل تعالى‪ ،‬فً إضافة ذكر هللا‬
‫للعبد‪ ،‬كالؽبار تحت اامطار‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪( ٤ٝ٧‬دٗسغ ج‪ٝ‬ٴ‪ )ٟ‬ػحف ‪ ١٠‬نؿذ ج‪٧ٝ‬ظؿ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫وإ ُتر َم لل من بل إ ر َم أ ب ُتر‬ ‫بإ ِرر َم تحيا ُتمهجتل يا مإ ِّبملل‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤ َّو أيادي َم الجزيلة أأل ُت ُتر؟‬ ‫ول (‪ )1‬و أ و ُتم بأل ِرر ِر‬ ‫مننسَم َم‬
‫بط ٍ‬

‫الحديث العألرون‬

‫(‪) 1‬‬
‫ً‪٧‬ل (دٗسغ ج‪ًٝ‬حء) ٖيل‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤ‪٬‬حؿ‪.ٛ٠ِ٢ :ٛ٬‬‬

‫‪102‬‬
‫س َمننُت الرواتب]‬
‫[ ال ُّل‬

‫أخبرنا الشٌخ الحجة الثقة العارؾ أبو بكر بن ٌحٌى النجاري اانصاري‬
‫الواسطً‪ ،‬قال أنبؤنا أبو القسم طلحة الكتانً‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو الحسٌن أحمد بن عثمان‬
‫اآلدمً‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أحمد بن ماهان السمسار‪ ،‬قال أنبؤنا عبد الرحمن بن مهدي‪ ،‬عن‬
‫شعبة‪ ،‬عن النعمان بن سالم‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت عمر بن أوأ ٌحد عتبة بن أبً سفٌان‪،‬‬
‫عن أم حبٌبة رضً هللا عنها‪ ،‬قالت ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪َ " :‬سمن‬
‫صلى اثنتً عشرر ركعة تطوعا ًا كل ٌوم ؼٌر الفرٌضة بنى هللا له بٌتا ًا فً الجنة"(‪.)1‬‬
‫هذا الحدٌ الشرٌؾ ٌح على مالزمة النوافل‪ ،‬فإنها من المقربات إلى هللا‬
‫تعالى‪ ،‬وهً زاد العارفٌن فً طرٌقهم إلٌه سبحانه‪ ،‬وشؤن المتجردٌن لجنابه جلَّوت‬
‫قدرته‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪٠( 10410‬ل‪٢‬ؿ ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠( 26654 ٧ 26653 ٧ ) ٤٢‬ل‪٢‬ؿ ؤ‪ٟ‬‬
‫ػد‪٬‬در في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح ) ‪٠٧‬ل‪ :ٟٞ‬وٴذ ج‪٠ٝ‬لحٖف‪ ،١٬‬دحخ ٖيل ج‪ٝ‬ل‪ ١٢‬ج‪ٝ‬فجسدر ‪٧ 728‬ج‪٢ٝ‬لحث‪٬ٙ :٫‬ح‪ ٟ‬ج‪٬ٞٝ‬ل‪ ،‬دحخ‬
‫ص‪٧‬جخ ‪ ١٠‬و‪ ٫ٖ ٩ٞ‬ج‪٧ ٟ٧٬ٝ‬ج‪ٞ٬ٞٝ‬ر ش‪٢‬س‪ُ ٫‬نفذ ف‪ِٜ‬ر ل‪ ٨٧‬ج‪ٜ٠ٝ‬س‪٧‬در ‪٧ 261 ٧ 264/3‬ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ‪ :‬ج‪ٝ‬وٴذ‪ ،‬دحخ‬
‫سٗف‪ َ٬‬ؤد‪٧‬جخ ج‪ٝ‬سً‪٧ 1250 ٍ٧‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬ج‪ٝ‬وٴذ دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ١٠٬‬و‪ٞ٬ٝ٧ ٟ٧٬ ٫ٖ ٩ٞ‬ر جص‪٢‬س‪ُ ٫‬نفذ ف‪ِٜ‬ر ‪١٠‬‬
‫ج‪ٝ‬ل‪٢‬ر‪ ،‬ف‪ٙ٧ ، 415 ٧ 414 ٟٙ‬حل ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش جٯؾ‪٬‬ف ‪ :‬ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ ‪٧ .‬جد‪٠ ١‬حظ‪ ٫ٖ ٤‬ا‪ٙ‬ح‪٠‬ر ج‪ٝ‬وٴذ‪ ،‬دحخ ‪٠‬ح ظحء‬
‫ٖ‪ ٫‬ص‪٢‬س‪ُ ٫‬نفذ ف‪ِٜ‬ر ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ل‪٢‬ر ‪٧ 1142 -1140‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٧٠ ٫ٖ ٫٠‬جفؿ ج‪٠ٌٝ‬أ‪( ١‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ) ‪٧ 614‬ج‪ٝ‬ػح‪٫ٖ ٟٜ‬‬
‫ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ :ٛ‬وٴذ ج‪ٝ‬سً‪٧ .311/1 ٍ٧‬ؤ‪ ٟ‬ػد‪٬‬در ‪ ٫٥‬ج‪ٝ‬ل‪٬‬ؿذ ف‪ٞ٠‬ر د‪٢‬ز ؤد‪ ٫‬لٗ‪٬‬ح‪ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح‪ ،‬ؤ‪ ٟ‬ج‪٠ٝ‬ئ‪،١٬٢٠‬‬
‫‪٧‬ظُلَّ ف‪٧‬ج‪٬‬حز ‪٥‬ـج ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ُ‪٦٢‬ح‪٧ ،‬دِي‪٦‬ح ُ‪ ١‬ؤ‪ ٟ‬ج‪٠ٝ‬ئ‪ُ ١٬٢٠‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح ؤ‪ ١ُ ٧‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ ؤ‪ ٧‬جد‪١‬‬
‫ُ‪٠‬ف ؤ‪ ٧‬ؤد‪٧٠ ٫‬ل‪ ٩‬في‪٧‬ج‪ ١‬جهلل ُ‪.ٟ٦٬ٞ‬‬

‫‪103‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن َسمن تجرد بسِس رِّذ ِسه عن ال ُسكل‪ ،‬وتفرَّو د بسر السر ال َسفرد‪ ،‬كشؾ له‬
‫الؽطاء‪ ،‬واستبانت له البراهٌن‪ ،‬عند مشاهدر نور الحق سبحانه‪ ،‬وهنالك ٌسقٌه هللا‬
‫صب‪ ،‬وٌصٌر سكوته‬ ‫بكؤأ محبته‪ ،‬حتى ٌُسسكره به عن ؼٌره وٌُسزٌل عنه التعب وال َسن َس‬
‫ذكراًا‪ ،‬وأنفاسه تسبٌحاًا‪ ،‬وكالمه تقدٌساًا‪ ،‬ونومه صالر‪ ،‬و ٌزال العبد ٌركب بسره‬
‫مركب المعرفة‪ ،‬حتى ٌتصل بالمعروؾ‪ ،‬فإذا اتصل بالمعروؾ‪ ،‬بقً معه إلى اابد‪،‬‬
‫من ؼٌر أن ٌلتفت منه إلى ما سواه‪ ،‬واعلم أن َسم َسث َسل القلب كالقصر‪ ،‬والمعرفة فٌه‬
‫كالسلطان‪ ،‬والعق ُسل أمٌ ٌحر على ااركان‪ ،‬له تب ٌحع وأعوان‪ ،‬واللسان كالترجمان‪ ،‬والسر‬
‫من خزابن الرحمن‪ ،‬و بد لكل واحد منها من ا ستقامة فً مواضعه‪ ،‬ودوران كلها‬
‫على استقامة السر مع الحق‪ ،‬فإذا استقام السر استقامت المعرفة‪ ،‬فٌستقٌم العقل‪ ،‬وإذا‬
‫استقام العقل‪ ،‬استقام القلب‪ ،‬وإذا استقام القلب‪ ،‬استقامت النفأ‪ ،‬وإذا استقامت‬
‫النفأ‪ ،‬استقامت ااحوال‪ ،‬فالسر ُسم َسنوَّو ٌحر بنور الجمال والجالل‪ ،‬والعقل منوَّو ر بنور‬
‫لنفأ منورر بنور‬ ‫الٌقظة وا عتبار‪ ،‬والقلب منوَّو ر بنور الخشٌة واافكار‪ ،‬وا‬
‫الرٌاضة وا نزجار‪ ،‬فالسر بحر من بحور العطاٌا‪ ،‬وأمواج الهمة فٌه ٌُسحصى‬
‫عددها‪ ،‬و ٌنقطع مددها‪ ،‬وإن استقامة السر مع الحق‪ ،‬هً الدوام على بساط‬
‫المشاهدر‪ ،‬مع فقد رإٌة ا ستقامة‪ ،‬واعلم أن صراط ا ستقامة السُّدرادق‪ ،‬من صراط‬
‫اآلخرر‪ ،‬والمرو ُسر على جأرها أصعب من المرور على جسر اآلخرر‪ ،‬وأن عالم‬
‫ااسرار ؼٌور‪ٌ ،‬حب أن ٌكون فً قلب العبد حب أو ذِسكر لؽٌره‪ ،‬قال هللا تعالى‬
‫فً بعر كتبه ‪ " :‬إذا كان الؽالب على عبدي ا شتؽال بً‪ ،‬جعلت لذته وهمته فً‬
‫(‪) 2‬‬
‫محبتً‪ ،‬ورفعت الحجاب فٌما بٌنً وبٌنه "(‪ )1‬ودخل رج ٌحل على سري السقطً‬
‫رضً هللا عنه فقال له‪ :‬أي شًء أقرب إلى هللا‪ ،‬لٌتقرب به العبد إلى هللا؟‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤؾفظ‪ ٤‬ؤد‪ ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧‬ج‪ٝ‬غل‪٬‬ر ‪٠‬فلٴً ُ‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪٢ٜ( ٪‬ق ‪.)1872‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫لف‪ ٪‬د‪ ١‬ج‪ٞٔ٠ٝ‬ك ج‪ٝ‬ل‪ ٫ًٚ‬ج‪ٝ‬دٔؿجؿ‪ ،٪‬ؾحل ج‪ٝ‬ظ‪٬٢‬ؿ س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 253‬ـ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫فبكى السري‪ ،‬فقال ‪ :‬أمثلك ٌسؤل عن هذا؟ إن أفضل ما ٌتقرب به العبد إلى هللا‬
‫سبحانه‪ ،‬أن ٌطلع هللا على قلبك وأنت ترٌد من الدارٌن ؼٌره‪.‬‬
‫وقال إبراهٌم بن أدهم‪ :‬ؼاٌة همتً ومرادي من هللا تعالى‪ ،‬أن ٌجعل لً المٌل‬
‫إلٌه‪ ،‬فال أر شٌبا ًا دونه‪ ،‬و أشتؽل بؤحد سواه‪ ،‬ثم أبالً إلى التراب صٌَّورنً‪ ،‬أم‬
‫إلى العدم رجعنً ‪ .‬وقٌل إلبراهٌم علٌه الصالر والسالم ‪ :‬بؤي شًء وجدت ال ُسخلة؟‬
‫أكلت قط إ مع‬ ‫ُس‬ ‫فقال‪ :‬بانقطاعً إلى ربً‪ ،‬واختٌاري إٌاه على ما سواه‪ ،‬وبؤنً ما‬
‫الرٌؾ‪.‬‬
‫وقالت رابعة البصرٌة ‪ :‬إلهً همتً ومرادي فً الدنٌا من الدنٌا ذكرك‪ ،‬وفً‬
‫ُس‬
‫رفعت‬ ‫َس‬
‫شبت‪ .‬وقال أبو ٌزٌد البسطامً‪:‬‬ ‫اآلخرر من اآلخرر رإٌتك‪ ،‬ثم افعل بٌنهما ما‬
‫السر إلى مواصلة الحق‪ ،‬فطار بؤجنحة المعرفة‪ ،‬بنور الفطنة‪ ،‬فً هواء الوحدانٌة‪،‬‬
‫ُسك‪ ،‬بد لك منً‪ ،‬فلم ٌلتفت السر إلٌها‪،‬‬ ‫فاستقبلت ُسه النفأ وقالت‪ :‬أٌن تذهب‪ ،‬أنا نفس َس‬
‫لق‪ ،‬وقالوا أٌن تذهب؛ نحن رفقاإك وندماإك‪ ،‬و بد لك منا ومن‬ ‫ثم استقبل ُسه َس‬
‫الخ ُس‬
‫معاونتنا إٌاك‪ ،‬فلم ٌلتفت إلٌهم‪ ،‬ثم استقبلته الجنة بكل ما فٌها‪ ،‬وقالت ‪ :‬أٌن تذهب؟‬
‫فإنً لك‪ ،‬و بد لك منً؟ فلم ٌلتفت إلٌها‪ ،‬ثم استقبلته العطاٌا والمواهب والكرامات‬
‫كذلك‪ ،‬حتى جاوز المملكة‪ ،‬وبلػ سُسرادقات الفردانٌة‪ ،‬وجاوز الكلٌة واانانٌة حتى‬
‫وصل إلى الحق‪ ،‬وهو المطلوب ‪ .‬وروي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال فً‬
‫عجبت ممن ٌجدك ثم ٌرجع عنك ‪ .‬فقال هللا تعالى‪ٌ :‬ا موسى‪،‬‬ ‫ُس‬ ‫بعر مناجاته‪ٌ :‬ا رب‬
‫إن َسمن وجدنً ٌرجع عنً‪ ،‬وما رجع من رجع إ عن الطرٌق‪.‬‬
‫وقال أبو العباأ بن عطاء (‪ )1‬متى ظهرت على عب ٍسد اآلخرر‪ ،‬فنِس َسٌت فً جنبها‬
‫الدنٌا‪ ،‬وبقً العبد مع دار البقاء‪ ،‬ومتى ظهرت على العبد مشاهدرُس الحق تعالى‪ ،‬فنً‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ل‪٦‬ل جٯؿ‪ ،٫٠‬ؤد‪ ٧‬ج‪ِٝ‬دحك‪ ،‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 309‬ـ ؤ‪.311 ٧‬‬

‫‪105‬‬
‫عنده ما دون الحق‪ ،‬وبقً العبد مع الحق‪.‬‬
‫ُس‬
‫وقال رجل ابً ٌزٌد ‪ :‬بلؽنً أن عندك اسم هللا ااعظم‪ ،‬أحِسب أن تعلمنً‬
‫ذلك‪ ،‬فقال أبو ٌزٌد ‪ :‬لٌأ سم هللا ح ٌّيد محدود‪ ،‬ولكنه فرا ُسغ قلبك لوحدانٌته‪ ،‬وترك‬
‫اسم شبت تسٌر به من المشرق إلى‬ ‫كنت كذلك‪ ،‬فخذ أي ٍس‬ ‫ا لتفات منه إلى ؼٌره‪ ،‬فإذا َس‬
‫المؽرب فً ساع ٍسة ثم تجًء‪.‬‬
‫إذا بشاب ٌقول‪ :‬إلهً قد اجتمع وف ُسدك‪ ،‬وأنت أعلم‪،‬‬ ‫كنت حاجا ًا ؾ‬ ‫قال ذو النون‪ُ :‬س‬
‫فسمعت صوتا ًا ٌقول ‪ :‬وفدي كثٌر‪ ،‬وطالّسبً قلٌل وسبل بعضهم ‪:‬‬ ‫ُس‬ ‫أنت صان ٌحع بهم؟‬‫فما َس‬
‫الخلق‪ ،‬وقدما ًا‬‫كم بٌن الحق والعبد؟ قال‪ :‬أربعة أقدام‪ٌ ،‬رفع قدما ًا من الدنٌا‪ ،‬وقدما ًا من َس‬
‫من النفأ‪ ،‬وقدما ًا من اآلخرر‪ ،‬فإذا هو ‪ .‬ثم قال السري‪َ :‬سمن قام على طاعة هللا بؽٌر‬
‫ربة من عٌن محبته‪ ،‬وبلِّذؽ ُسه إلى مقعد صدق‪.‬‬ ‫عالقة‪ ،‬سقاه هللا َسش ًا‬
‫قال علً رضً هللا عنه ‪ :‬العارؾ إذا خرج من الدنٌا لم ٌجده السابق و‬
‫‪ .‬قٌل ‪ :‬وأٌن‬ ‫الشهٌد فً القٌامة‪ ،‬و رضوان فً الجنة‪ ،‬و مالك النار فً النار‬
‫ٌوجد؟ قال‪ :‬فً مقعد صدق عند ملٌك مقتدر‪ ،‬إذا قام من قبره ٌقول ‪ :‬أٌن أهلً‬
‫وولدي‪ ،‬و أٌن جبرٌل ومٌكابٌل والجنة والثواب‪ ،‬ولكن ٌقول أٌن حبٌبً وأنٌسً‪.‬‬
‫تر ما و يرا ُت الناظرونا‬ ‫لوب العار ين لها عيونٌم‬
‫ٌم‬
‫رام ال اتبينا‬‫تدوُّل عن ال ِر‬ ‫وألسنة بسِر ٍّر د تناجل‬
‫تؤو عِر ندَم رب العالمينا‬ ‫ٌم‬
‫وأجنحة تطي ُتر بتير ري ٍ‬
‫المرسلينا‬
‫َم‬ ‫وتألرب من بحار‬
‫ُت‬ ‫ترعى ل ريار اللُتد ِر طوراً‬
‫دنوا منه وصاروا واصلينا‬ ‫عبا ٌمد اصدون ليه حتى‬

‫‪106‬‬
‫الحديث الواحد والعألرون‬
‫[ صنائف المعرول]‬

‫أخبرنا الشٌخ العارؾ باهلل تعالى سٌدي عبدالملك بن الحسٌن بن مٌمون بن‬
‫الحسٌن الحربونً الواسطً قدأ هللا سره قال ‪ :‬أنبؤنا الشٌخ الثقة عبدالحق بن‬
‫عبدالخالق ابن أحمد‪ ،‬أقول ‪ :‬وبهذا السند عن عبدالحق بن عبدالخالق بن أحمد‪،‬‬
‫بزٌادر لفظة" ابن ٌوسؾ" بعد أحمد‪ ،‬أجازنا كتابة مو نا الخلٌفة المفترر الطاعة‬
‫لدٌن هللا‬ ‫فً اارر‪ ،‬القابم هلل بإحٌاء السنة والفرر‪ ،‬أبو العباأ الناصر‬
‫العباسً(‪ )1‬الهاشمً أعز هللا به كلمة الدٌن والمسلمٌن‪ ،‬وأٌد باقتداره شرٌعة سٌد‬
‫المرسلٌن‪ ،‬علٌه صلوات رب العالمٌن‪ ،‬وعبدالحق بن عبدالخالق بن أحمد بن ٌوسؾ‬
‫المتقدم ذكره‪ ،‬قال أنبؤنا أبو الحسن محمد بن مرزوق بن عبدالرزاق قراءر‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫لً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا عمً الحسن بن علً ‪ .‬قال ‪ :‬محمد بن‬ ‫أنبؤنا علً بن أحمد بن‬
‫وقرأت علً أبً نصر محمد بن سلمان‪ ،‬أخبركم ذو النون بن محمد بن‬ ‫ُس‬ ‫مرزوق‪:‬‬
‫عامر فؤقر به‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو أحمد الحسن بن عبدهللا بن سعٌد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن‬
‫هارون‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا محمد بن العباأ الننسً‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا عمرو بن أبً سلمة‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫حدثنا صدقة‪ ،‬عن ااصبػ‪ ،‬عن ابن حكٌم‪ ،‬عن أبٌه‪ ،‬عن جده‪ ،‬أن النبً صلى هللا‬
‫علٌه وسلم قال ‪ " :‬صنابع المعروؾ تقً مصار السوء‪ ،‬وإن صدقة السر تطفا‬
‫ؼضب الرب‪ ،‬وإن صلة الرحم تزٌد العمر وتنفً الفقر" (‪.)2‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫جلؾ‪ٗ٬ٞ‬ر ج‪٢ٝ‬حوف ‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬جهلل ؤػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ج‪٠ٝ‬لسي‪٫‬ء ج‪ٝ‬ػل‪٥ 622-553( ١‬ـ) ؤظحق‪ ٣‬ظ‪٠‬حُر‪ٙ ،‬حل ج‪ٝ‬ـ‪٥‬د‪ٟٝ٧ : ٫‬‬
‫‪٬‬ل ج‪ٝ‬ؾٴٖر ؤػؿ ؤً‪٧‬ل ‪٠‬ؿذ ‪ٖ ،٤٢٠‬ب‪ ٤٢‬ؤ‪ٙ‬ح‪٦٬ٖ ٟ‬ح لدِحً ‪٧‬ؤفدِ‪ ١٬‬ل‪٢‬ر (‪٥ 622 – 575‬ـ) [ ًُح ػل‪ : ٫٢‬ػ‪٩ٞ‬‬
‫جٯ‪٬‬ح‪ ٫ٖ ٟ‬ؾ‪ٗٞ‬حء جٱلٴ‪٠( ٟ‬وف ‪٥ 1327‬ـ) ه ‪٠٧ 887‬ح دِؿ‪٥‬ح‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ػل‪ ٟ ٫ٖ ٧٥٧ .١‬ض‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪( 293/3‬ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ‪ :‬دحخ وؿ‪ٙ‬ر ج‪ٝ‬لف) دف‪= ٟٙ‬‬

‫‪107‬‬
‫وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من مكارم ااخالق‪ ،‬ما ٌُسصعِّذ د همة العارؾ إلى‬
‫حضرر ربه‪ ،‬فإن أُسأ (‪ )1‬المعرفة باهلل مكارم ااخالق‪ ،‬وأما سوء ااخالق فهو‬
‫والعٌاذ باهلل من انحجاب السر عن هللا تعالى‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن أعظم مصابب السر حجابه عن هللا تعالى‪ ،،‬فكل من حلت‬
‫ب سكران‪،‬‬ ‫به هذه المصٌبة‪ ،‬فقد تالشت سابر مصاببه فً جنبها‪ ،‬فإن المح‬
‫والسكران ٌجد حالة سكره وجع المصٌبة‪ ،‬فإذا أفاق وجد االم‪ ،‬ومصٌبة‬
‫المحجوب عن هللا تنجبر أبداًا‪ ،‬إ بتجرٌد السر عن كل ما دون هللا تعالى‪ ،‬و‬
‫وعٌد فً القرآن أصعب من قوله تعالى ‪ ( :‬ال بل ران على لوبهم )(‪ )2‬فكم من‬
‫طاعة حجبت صاحبها عن المطا ‪ ،‬وكم م ن نعمة قطعت صاحبها من المنعم‪ ،‬ورب‬
‫نابم رُسزق ا نتباه بعد رقدته‪ ،‬ومنتبه نام بعد طول ا نتباه‪ ،‬ورب فاجر رزق الو ٌة‪،‬‬
‫وبلػ منازل اابرار‪ ،‬وزاهد سقط عن و ٌته‪ ،‬وسلك مسالك الفجار‪ ،‬وكم من عامل‬
‫قد حجبته رإٌة أعماله‪ ،‬عن رإٌة امتنان ربه‪ ،‬حتى عمً بصره فصار مُسبعداًا و هو‬
‫ٌحسب أنه واصل‪ ،‬و مصٌبة أشد على العارؾ من الحجاب‪ ،‬ولو طرفة عٌن‪،‬‬
‫وأعظم عقوبة على العبد من هللا البعد والحجاب‪.‬‬
‫وحكً أن رجالًا من ال ُسعبّساد قال ‪ :‬إلهً كم أعصٌك و تعاقبنً ! فؤوحى هللا‬
‫إلى نبً ذلك الزمان أن قل به ‪ :‬إلى كم أعاقبك وأنت تدري‪ ،‬ألم أحجبك عن‬

‫= ‪ٙ٧ 4637‬حل ‪٧٢‬ف ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪ : ٫٠‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ُ‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ؤ‪٠‬ح‪٠‬ر‪٧ ،‬ال‪٢‬حؿ‪ ٣‬ػل‪٧ ١‬ج‪ٌ٢‬ف ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ظ‪َ٠‬‬
‫‪ 344/6‬دف‪ٟٙ‬‬ ‫‪٧ .4639‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪٢ٜ ٫ٖ ٪‬ق ج‪٠ِٝ‬حل (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ ج‪ٝ‬دحخ ج‪ٝ‬صح‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٝ‬لؾحء ‪٧‬ج‪ٝ‬وؿ‪ٙ‬ر‬
‫‪٧ .15973‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤ‪٬‬يح دف‪ 16026 ٟٙ‬د‪ " :ٌٗٞ‬وؿ‪ٙ‬ر ج‪ٝ‬لف سًٗت ٓيخ ج‪ٝ‬فخ‪٧ ،‬و‪ٞ‬ر ج‪ٝ‬فػ‪ ٟ‬سق‪٬‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ِٝ‬ف‪،‬‬
‫‪ِٖ٧‬ل ج‪ِ٠ٝ‬ف‪٠ ٫ٚ٬ ٕ٧‬وحفٍ ج‪ٝ‬ل‪٧‬ء" [ ‪٢ٜ‬ق ‪.] 353/6‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ؤك‪ :‬ؤلحك‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪.14 : ١٬ًٗٗ٠ٝ‬‬

‫‪108‬‬
‫لطابؾ أُسنسً‪ ،‬ألم أخرج عن قلبك حالور مناجاتً؟ وقال‪ :‬أبو موسى خادم أبً ٌزٌد‪:‬‬
‫خلق كثٌر‪ ،‬فلما نظر أبو ٌزٌد إلٌهم وإلى ازدحامهم نحوه‪،‬‬ ‫دخل الشٌخ مدٌنة فتبعه ٌح‬
‫‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬اللهم إنً أعوذ بك أن تحجبنً عنك بهم‪ ،‬وأعوذ بك أن تحجبهم عنك بً‬
‫رحمه هللا ما أكثر إنصافه‪ ،‬ما أصدقه بربه‪ ،‬ما أشفقه على إخوانه المسلمٌن‪ ،‬أراد‬
‫لهم الخٌر وصحة النظر‪ ،‬كما أراد لنفسه‪ ،‬تنبه ٌا من ٌرٌد اجتما الناأ علٌه‪،‬‬
‫واعتقادهم به‪ ،‬كم طٌرت طقطقة النعال حول الرجال من رأأ‪ ،‬وكم أذهبت من‬
‫دٌن‪ ،‬اللهم سلم‪ ،‬اللهم سلم‪.‬‬
‫اعلم أن الناأ أربعة أصناؾ‪ ،‬رجل جعل هللا قلبه بلٌراًا ٌنظر بنور الٌقٌن‬
‫إلى لطابؾ صنعه وكمال قدرته‪ ،‬ورجل جعل هللا عقله بصٌراًا ٌنظر بنور الفطنة‬
‫إلى الوعد والوعٌد‪ ،‬ورجل جعل هللا سره بصٌراًا ٌنظر فً كل ااوقات بنور‬
‫المعرفة إلى هللا تعالى‪ ،‬ورجل جعله هللا مكفوفا ًا ٌبصر شٌباًا‪ ،‬فهو مظهر قوله‬
‫(‪) 1‬‬
‫تعالى‪ ( :‬ومن ان ل هإ أعمى هو ل اآلخرا أعمى وأضل سبيالً)‪.‬‬
‫واعلم أن الكفار محجوبون بظلمة الضاللة عن نور الهد ‪ ،‬وأهل المعصٌة‬
‫محجوبون بظلمة الؽفلة عن أنور التقو ‪ ،‬وأهل الطاعة محجوبون بظلمة رإٌة‬
‫الطاعة عن أنوار رإٌة التوفٌق وعناٌة المولى‪ ،‬فإذا رفع هللا عنهم هذه ال ُسحجُسب‪،‬‬
‫نظروا بؤعٌن النور إلى النور‪ ،‬فعند ذلك ٌُسحجبون عن ؼٌره به‪ ،‬فكل من نظر إلى‬
‫حركاته وأفعاله فً طاعة هللا‪ ،‬صار محجوبا ًا عن ولٌها مفلساًا‪ ،‬ومن نظر إلى ولٌها‬
‫صار محجوبا ًا به عن رإٌتها‪ ،‬انه إذا رأ عجزه عن تحقٌقها وإتمامها‪ ،‬صار‬
‫مستؽرقا ًا فً امتنانه‪ ،‬وربما ٌحجب برإٌة العباد عن وجدان حالوتها وربما ٌحجب‬
‫برإٌة وجدان الحالور عن صحة اإلدارر‪ ،‬وربما ٌحجب برإٌة المنة عن المنان‬
‫سبحانه‪ ،‬قال النساج ‪ :‬من رأ نفسه عند الطاعة لم ٌتخلل من العُسجب‪ ،‬ومن رأ‬
‫الخلق لم ٌتخلل من الرٌاء‪ ،‬ومن رأي‬

‫(‪) 1‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح اإلظساء‪. 72 :‬‬

‫‪109‬‬
‫الطاعة لم ٌتخلل من الؽرور ومن رأي الثواب لم يتخلل من الحجاب‪ ،‬ومن رأي‬
‫الرب تعالى فذلك فً مقعد صدق عند ملٌك مقتدر‪.‬‬
‫وقال بكر بن عبدهللا (‪ )1‬من اشتؽل بطرابؾ الحكمة ودقابقها‪ ،‬صار محجوبا ًا‬
‫عن حقابقها‪ ،‬وما أعرؾ معصٌة أضر بصاحبها من نسٌان الرب‪ ،‬وعالقة القلب‬
‫بؽٌره‪ .‬وقال‪ :‬كل هم وذكر لؽٌر هللا تعالى فهو حجاب بًنك وبٌن هللا‪ ،‬وفً الخٌر ‪:‬‬
‫( رُسبَّو حسن ٍسة ٌعملها الرجل ٌكون له سٌبة أضر علٌه منها‪ ،‬ورب سٌبة ٌعملها‬
‫الرجل ٌكون له حسنة أنفع له منها )‪ ،‬قٌل فً معناه‪ :‬ان الحسنة محمودر‪ ،‬والسٌبة‬
‫مذمومة‪ ،‬فمادام العبد فً الحسنة مع رإٌة الحسنة فهو فً مٌدان الد ل وا فتخار‪،‬‬
‫وما دام العبد فً السٌبة مع رإٌة السٌبة فهو فً مٌدان ا نكسار وا فتقار‪ ،‬وحال‬
‫العبد فً وقت ا فتقار أحسن(‪.)2‬‬
‫قال اإلمام أبو بكر الصدٌق رضً هللا عنه ‪ :‬اللهم إنً أعوذ بك من الشرك‬
‫الخفً‪ ،‬قالت رابعة رضً هللا عنها ‪ :‬حجبت الدنٌا قلوب أهلها عن هللا‪ ،‬فلو تركوها‬
‫ي ملكوته‪ ،‬ثم رجعت بطرابؾ الفوابد‪.‬‬‫لجالت ؾ‬
‫قٌل لسٌدي منصور الربانً رضً هللا عنه‪ :‬بؤي شًء ٌعرؾ العبد أنه ؼٌر‬
‫محجوب عن‬

‫(‪) 1‬‬
‫د‪ٜ‬ف د‪ُ ١‬دؿ جهلل ج‪٠ٝ‬ق‪ٜ " :٫٢‬ح‪ ١‬في‪ ٫‬جهلل سِح‪٧ٚ٬ ٤٢ُ ٩ٝ‬ل ‪ :‬ؤ‪٧‬ص٘ ؤُ‪٠‬ح‪٢ُ ٫ٝ‬ؿ‪ ٪‬ػد‪ٞٝ ٫‬فظل ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬غ ‪..‬‬
‫‪٠‬حز ل‪٢‬ر ص‪٠‬ح‪٠٧ ١‬حثر" [ ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪( ٫٢‬ؿجف ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.]35/1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ٙ‬حل جد‪ًُ ١‬حء جهلل ج‪ٝ‬ل‪٢ٜ‬ؿف‪( ٪‬ؤػ‪٠‬ؿ د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ‪ ،‬ج‪٠ٝ‬س‪ُ ٩ٖ٧‬ح‪٥ 709 ٟ‬ـ) فد‪٠‬ح ٖسغ ‪ ٛٝ‬دحخ ج‪ًٝ‬حُر‪٠٧ ،‬ح‬
‫ٖسغ ‪ ٛٝ‬دحخ ج‪ٚٝ‬د‪٧‬ل‪٧ ،‬فد‪٠‬ح ‪ٙ‬ي‪ ٛ٬ُٞ ٩‬دح‪ٝ‬ـ‪٢‬خ‪ٜٖ ،‬ح‪ ١‬لددحً ٖ‪ ٫‬ج‪٧ٝ‬و‪٧‬ل‪ٙ ،‬حل ٍ دؿ ج‪٠ٝ‬ظ‪٬‬ؿ ج‪ٝ‬نف‪٧٢‬د‪ ٫٢ِ٬ :٫‬ؤ‪١‬‬
‫ج‪ًٝ‬حُر فد‪٠‬ح ‪ٙ‬ح ف‪٦٢‬ح آٖحز ‪ٙ‬حؿػر ٖ‪ ٫‬جٱؾٴه ٖ‪٦٬‬ح‪ٜ ،‬حٱُظحخ د‪٦‬ح ‪٧‬جػس‪ٚ‬حف ‪٦ِٞٗ٬ ٟٝ ١٠‬ح‪ٖ ،‬ٴ ‪ٗ٬‬سغ ‪٦ٝ‬ح دحخ‬
‫ج‪ٚٝ‬د‪٧‬ل‪٧ ،‬فد‪٠‬ح ‪ٙ‬حف‪ ١‬ج‪ٝ‬ـ‪٢‬خ نؿذ ج‪٢ٝ‬ؿ‪٧ ٟ‬جلسؤحف ج‪ٗ٢ٝ‬ك ‪٧‬ػل‪ ١‬جٳُسـجف ا‪ ٩ٝ‬جهلل‪ ١٧ٜ٬ٖ ،‬لددحً ٖ‪ ٫‬ج‪٧ٝ‬و‪٧‬ل‪،‬‬
‫‪٠ٜ‬ح د‪ ١٬‬ـ‪ ٛٝ‬ج‪٠ٝ‬و‪ [ ٕ٢‬ؤ‪ ٪‬جد‪ًُ ١‬حء جهلل] د‪ِ٠" :٤ٝ٧ٚ‬و‪٬‬ر ؤ‪٧‬فصز ـٳ ‪٧‬جٖس‪ٚ‬حفجً ؾ‪٬‬ف ‪ً ١٠‬حُر ؤ‪٧‬فصز ُقجً‬
‫‪٧‬جلس‪ٜ‬دحفج" [ نفع ج‪ٝ‬ػ‪ ٟٜ‬ج‪ًِٝ‬حث‪٬‬ر ‪ِٝ‬دؿ ج‪٠ٝ‬ظ‪٬‬ؿ ج‪ٝ‬نف‪٧٢‬د‪ ( ٫‬ؿجف جد‪ٜ ١‬ص‪٬‬ف – ج‪ًٝ‬دِر ج‪ٝ‬صح‪ٝ‬صر) ه ‪.] 82‬‬

‫‪110‬‬
‫ربه؟ قال‪ :‬إذا طلبه ولو ٌطلب منه‪ ،‬وأراده ولم ٌرد منه‪ ،‬وأن ٌختار على اختٌاره‬
‫شٌباًا‪ ،‬وإن اختار له النار‪ ،‬وكل َسمن لٌأ فً قلبه سلطان الهٌبة‪ ،‬ونار المحبة‪ ،‬وأُسنأ‬
‫الصحبة‪ ،‬فهو محجوب ‪ .‬وقال‪ :‬كفاك من المعرفة أن تعلم أن هللا مطلع علٌك‪ ،‬وكفاك‬
‫ٌح‬
‫سابق‬ ‫مستؽن عنك‪ ،‬وكفاك من المحبة أن تعلم أن حبه‬
‫ٍس‬ ‫من العبادر أن تعلم أن هللا‬
‫على حبك‪ ،‬وكفاك من الذكر أن تعلم أن ذكره متقدم على ذكرك ‪ .‬القلوب إذا قعدت‬
‫على بساط الهٌبة‪ ،‬زالت عنها الشهوات‪ ،‬وإذا قعدت على بساط المعرفة‪ ،‬زالت عنها‬
‫الؽفالت‪ ،‬وإذا قعدت على صدق الفردانٌة بالفرد للفرد فذلك مقعد الصدق‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الحديث ال انل والعألرون‬
‫[ و تحاسدوا‪]..‬‬

‫أخبرنا الشٌخ الثقة العارؾ باهلل تعالى عبدالملك بن الحسٌن الحربونً قدأ‬
‫هللا روحه‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا أبو مطٌع محمد بن عبدالواحد اادٌب‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو بكر‬
‫عبدهللا بن أحمد بن العباأ الباطرقانً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا سلٌم بن أحمد الطبرانً‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫حدثنا إسحاق بن إبراهٌم الدٌري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا عبد الرزاق‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا معمر‪ ،‬عن‬
‫الزهري‪ ،‬عن أنأ بن مالك رضً هللا عنه‪ ،‬قال ‪ :‬قال ر سول هللا صلى هللا علٌه‬
‫وسلم ‪ " :‬تحاسدوا و تباؼضوا و تجسسوا وكونوا إخوانا ًا كما أمركم هللا‬
‫تعالى"(‪.)1‬‬
‫هذا الحدٌ الشرٌؾ تضمَّون من أسرار المعرفة باهلل العجابب‪ ،‬فإنه أمر‬
‫بالتخلً عن الصفة اإلبلٌسٌة‪ ،‬وهً الحسد‪ ،‬ثم بالتجرد من الصفة النفسانٌة‪ ،‬وهً‬
‫البؽر لؽًر هللا تعالى‪ ،‬ثم بالترفع عن الصفة السافلة الهوابٌة‪ ،‬وهً التجسأ‪ ،‬ثم‬
‫بعد أن أكمل درجات التنقٌة‪ ،‬أمر برإٌة عدم ال َسفرقٌة بٌن المرء وبٌن إخوانه‪ ،‬وأن‬
‫هذا من أمر هللا تعالى‪ ،‬وإذا كملت للعبد هذه الخصال‪ ،‬فقد أحكم شؤن المعرفة باهلل‪،‬‬
‫ومن هذا السر قول سٌدنا علً كرم هللا وجهه ورضً هللا عنه‪َ " :‬سمن عرؾ نفسه فقد‬
‫عرؾ ربه"(‪.)2‬‬
‫الخلق تجرد عن‬ ‫التفت منه إلى َس‬
‫َس‬ ‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن العبد بٌن هللا وخلقه‪ ،‬إن‬
‫الحق‪ ،‬وصار متروكا ًا محروما ًا مخذو ًا‪ ،‬وإن التفت إلى هللا عن الخلق‪ ،‬قرَّوبه هللا‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٜ٢ٝ‬حع‪ ،‬دحخ ‪ :‬ٳ ‪٬‬ؾًخ ُ‪ ٩ٞ‬ؾًدر ؤؾ‪ ،٤٬‬ف‪ ٫ٖ٧ 4849 ٟٙ‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ‪٠‬ح‬
‫‪٢ُ ٫٦٢٪‬ؿ ج‪ٝ‬سػحلؿ ‪٧‬ج‪ٝ‬سؿجدف ‪٧ 5718 ٧ 5717‬دحخ‪٬ ( :‬إ‪٦٬‬ح ج‪ٝ‬ـ‪ ١٬‬آ‪٧٢٠‬ج جظس‪٢‬د‪٧‬ج ‪ٜ‬ص‪٬‬فجً ‪ ١٠‬ج‪ ١ٌٝ‬ا‪ ١‬دِى ج‪١ٌٝ‬‬
‫ُ‬
‫اص‪٧ ٟ‬ٳ سظلل‪٧‬ج ) [ ج‪ٝ‬ػظفجز ‪ ] 12‬ف‪٠٧ 5719 ٟٙ‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬دف ‪٧‬ج‪ٝ‬و‪ٞ‬ر ‪٧‬ج٭ؿجخ‪ ،‬دحخ ‪ :‬سػف‪ ٟ٬‬ج‪ٝ‬سػحلؿ ‪٧‬ج‪ٝ‬سدحٓى‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬سؿجدف‪ ،‬ف‪.2559 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫س‪ٚ‬ؿ‪ ٟ‬سؾف‪٬‬ظ‪ ٫ٖ ٤‬ص‪٢‬ح‪٬‬ح ؿفجلر ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ج‪ٝ‬صح‪. ١٠‬‬

‫‪112‬‬
‫وأدناه‪ ،‬وأوصله إلى قُسربه‪ ،‬فإن هللا تعالى إذا أحب عب داًا ؼار علٌه َسق ْسد َسر قربه منه‪،‬‬
‫وحبه له‪ ،‬ولم ٌحتمل منه ا لتفات إلى شً ٍسء سواه‪ ،‬فإنه إن نظر إلى شً ٍسء دونه َّو‬
‫عذ َسب ُسه‬
‫هللا بذلك الشًء‪ ،‬وجعله وبا ًا علٌه‪ ،‬أما تر أن إبلٌأ لعنه هللا نظر إلى نفسه‪ ،‬وقال‬
‫عن آدم‪ :‬أنا خٌ ٌحر منه‪ ،‬فلعنه وطرده‪ ،‬وكذلك نظر فرعون إلى ملكه وقال‪ :‬ألٌأ لً‬
‫علم عندي‪ ،‬فخسؾ‬ ‫ملك مصر فؽرَّو قه‪ ،‬وقارون نظر إلى ماله وقال ‪ :‬إنما أوتٌته على ٍس‬
‫هللا به وبداره اارر‪ ،‬وكذلك المالبكة‪ ،‬نظروا إلى تسبٌحهم وتقدٌسهم حٌ قالوا ‪:‬‬
‫ونحن نسبح بحمدك ونقدأ لك‪ ،‬فابتالهم هللا تعالى بالسجدر آلدم وكذلك كل َسمن قال‬
‫أنت هللا‪،‬‬ ‫أنا ٌقول هللا تعا لى بل أنا‪ ،‬ثم ٌر ّسده إلى أسفل السافلٌن‪ ،‬وكل َسمن ٌقول ‪َ :‬س‬
‫ٌرفعه إلى أعلى عِس لّسٌٌن‪.‬‬
‫فالتفات العٌن مثل ما‬ ‫ُس‬ ‫لتفات على وجهٌن‪ ،‬التفات العٌن‪ ،‬والتفات القلب‪،‬‬ ‫ُس‬ ‫وا‬
‫قال هللا تعالى لمحمد حبٌبه علٌه الصالر والسالم ‪( :‬و ت ُسم َّود َسن عٌنٌك إلى ما متعنا به)‬
‫كدت تركنُس‬ ‫َس‬ ‫(‪ )1‬اآلٌة‪ ،‬ثم َسمنَّو علٌه لمّسا عصمه حٌ قال تعالى ‪ ( :‬ولو أن ثبتناك لقد‬
‫إلٌهم شٌبا ًا قلٌالًا)(‪ ،)2‬ثم مدحه بترك ا لتفات إلى ما سواه‪ ،‬فً قوله تعالى ‪( :‬ما زاغ‬
‫البص ُسر وما طؽى)(‪ ،)3‬ثم أورثه ذلك الترك ال ُسكلّسً أن ُسرف َسِسع له الحجاب‪ ،‬حتى رأ ما‬
‫ًا‬
‫نزلة أخر )(‪.)4‬‬ ‫رأ فً قوله تعالى‪( :‬ولقد راءهُس‬
‫(‪) 5‬‬
‫وإن موسى علٌه الصالر والسالم‪ ( :‬ال ربل أرنل أنظر لي ) قال‪ :‬انظر‬
‫نظرت إلى ؼٌري‪.‬‬‫َس‬ ‫إلى الجبل‪ ،‬ولن ترانً بعد أن‬
‫كان بعر العارفٌن ٌطوؾ حول الكعبة‪ ،‬فناداه واحد‪ ،‬فخطر بباله أن ٌلتفت‬
‫َس‬
‫التفت إلى ؼٌرنا‪.‬‬ ‫إلٌه‪ ،‬فسمع هاتفا ًا ٌقول‪ :‬لٌأ ِسم ّسنا َسمن‬
‫وحُسكً أن آخر كان ٌطوؾ حول الكعبة‪ ،‬فنظر إلى امرأر‪ ،‬فظهرت ٌ ٌحد من‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪.131 :٤‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫و‪٧‬فذ جٱلفجء‪.74 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪.17 :ٟ‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪13 :ٟ‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯُفجٕ‪.143 :‬‬

‫‪113‬‬
‫نظرت بقلبك إلى‬ ‫َس‬ ‫نظرت بعٌنك إلى دوننا ففقؤناها ولو‬‫َس‬ ‫الهواء وفقؤت عٌنه‪ ،‬ثم نودي‬
‫ؼٌرنا لكوٌناه‪.‬‬
‫جه التوحٌد من النار‪،‬‬ ‫وقال ذو النون ‪َ :‬سمن نظر من توحٌده إلى نفسه لم ٌُسن ِس‬
‫التفت من الصالر إلى ؼٌرها فقط سقط عن درجة المصلٌن‪ ،‬و َسمن التفت من‬ ‫َس‬ ‫و َسمن‬
‫التفت العب ُسد فً‬ ‫َس‬ ‫وقته إلى وقته ذهب عنه الوقت وهو ٌشعر‪ ،‬وفً الخبر ‪ " :‬إذا‬
‫تلتفت إلى َسمن هو خٌر لك منً؟ أقبل و ُستعرر بوجهك‬ ‫ُس‬ ‫الصالر‪ٌ ،‬قول هللا ‪ :‬عبدي‬
‫(‪) 1‬‬
‫عنً فإنً إذاًا أعررُس عنك" ‪.‬‬
‫قال النبً علٌه الل ر والسالم ‪ " :‬أتانً جبرٌل بمفاتٌح خزابن الدنٌا‪ ،‬فلم‬
‫أصبحت وقد َسم َسن َسع‬
‫ُس‬ ‫ألتفت إلٌها ولم أقبلها " (‪ )2‬قٌل لبعضهم ‪ :‬كٌؾ أصبحت؟ قال ‪:‬‬
‫الكونٌن عنً‪ ،‬ومنعنً أن أنظر إلٌهما‪.‬‬
‫صدٌق لً ثالثٌن سنة‬ ‫ٍس‬ ‫كنت فً طلب‬ ‫ُس‬ ‫وقال العارؾ السقطً رضً هللا عنه ‪:‬‬
‫فلم أظفر‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ٜ٬‬ف‪ ٣‬جٳ‪ٝ‬سٗحز ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬وٴذ دٴ ػحظر ‪٠٦٠‬ر ‪٧ ..‬ؿ‪٬ٝ‬ل ‪ٜ‬فج‪٥‬ر جٳ‪ٝ‬سٗحز ‪٬ٔٝ‬ف ػحظر دحسٗح٘ ج‪٠ٝ‬ـج‪٥‬خ ػؿ‪٬‬ش‬
‫ُحثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح‪ٙ ،‬ح‪ٝ‬ز ‪ :‬لإ‪ٝ‬ز فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ١ُ ٟٞ‬ج‪ٝ‬س‪ٗٞ‬ز ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬وٴذ ٖ‪ٚ‬حل ‪" :‬جؾسٴك‬
‫‪٬‬ؾس‪ٞ‬ل‪ ٤‬ج‪ٝ‬ن‪ً٬‬ح‪ ١٠ ١‬ج‪ِٝ‬دؿ" (ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٧‬ج‪ٝ‬دؾحف‪٧ ٪‬ج‪٢ٝ‬لحث‪٧ ٫‬ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ [ ‪٬٢‬ل جٯ‪ً٧‬حف ‪٢ ،327/2‬وخ ج‪ٝ‬فج‪٬‬ر‬
‫‪٧ ] 89/2‬ػؿ‪٬‬ش ؤد‪ ٫‬ـف في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪" : ٟٞ‬ٳ ‪٬‬قجل جهلل ‪ٚ٠‬دٴ ُ‪٩ٞ‬‬
‫ج‪ِٝ‬دؿ ٖ‪ ٫‬وٴس‪٠ ،٤‬ح ‪٬ ٟٝ‬ز‪ٗٝ‬ز‪ٖ ،‬بـج وفٕ ‪٧‬ظ‪ ٤٦‬ج‪٢‬وفٕ ُ‪( " ٤٢‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٧‬ج‪٢ٝ‬لحث‪٧ ٫‬ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ [ ج‪٠ٝ‬وؿفج‪١‬‬
‫ج‪ٝ‬لحد‪ٚ‬ح‪ [ )]١‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٜ‬س‪٧‬ف ‪٥٧‬در ج‪ٝ‬قػ‪ :٫ٞ٬‬ج‪ ٤ٚٗٝ‬جٱلٴ‪٧ ٫٠‬ؤؿ‪ٝ‬س‪.965/2 ) 4ً( ٤‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪١‬وفز دح‪ٝ‬فُخ ‪٠‬ل‪٬‬فذ ن‪٦‬ف " ُ‪ ١‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬ج‪ٝ‬ظ‪٦‬حؿ‪ ،‬دحخ ‪٧ٙ‬ل ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ُ " : ٟٞ‬‬
‫في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬ؤ‪ ١‬فك‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل ‪ :‬دِصز دظ‪٧‬ج‪ َ٠‬ج‪٢٧ ،ٟٜٞٝ‬وفز دح‪ٝ‬فُخ‪ٖ ،‬د‪٢٬‬ح ؤ‪٢‬ح ‪٢‬حث‪ٟ‬‬
‫ؤُ‪٧‬س‪٬‬ز د‪ٗ٠‬حس‪٬‬غ ؾقجث‪ ١‬جٯفى ٖ‪٧‬يِز ٖ‪٬ ٫‬ؿ‪٧ " ٪‬ف‪٧‬ج‪٠ ٣‬ل‪ :ٟٞ‬ؤ‪٧‬جثل ‪ٜ‬سحخ ج‪٠ٝ‬لحظؿ ‪ٙ٧ .523‬حل ُدؿجهلل د‪١‬‬
‫ج‪٠ٝ‬دحف‪ :ٛ‬ؤؾدف‪ ٫٢‬جٯ‪٧‬قجُ‪ُ ١ُ ٫‬دؿجهلل د‪ُ ١‬د‪٬‬ؿ ‪ٙ‬حل ‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪" : ٟٞ‬ؤسح‪ ٫٢‬ظدفث‪٬‬ل‬
‫د‪ٗ٠‬حس‪٬‬غ ؾقجث‪ ١‬جٯفى‪ ٧ٖ ،‬ج‪ٝ‬ـ‪ٗ٢ ٪‬ل‪ ٫‬د‪٬‬ؿ‪٠ ٣‬ح دلًزُ ا‪٦٬ٝ‬ح ‪٬‬ؿ‪ٙ ،"٪‬حل ُدؿجهلل د‪ُ ١‬د‪٬‬ؿ ‪ ُٟٞ ٧ٝ :‬ؤ‪٦٬ٖ ١‬ح ؾ‪٬‬فجً‬
‫‪ٝ‬دلً ا‪٦٬ٝ‬ح ‪٬‬ؿ‪ُ [ ٣‬دؿ جهلل د‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ :ٛ‬ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ (ؿجف ج‪ٜٝ‬سخ ج‪٬٠ِٞٝ‬ر) ه ‪ 265‬ف‪ ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪.] 767‬‬

‫‪114‬‬
‫فمررت ٌوما ًا فً بعر الجبال‪ ،‬فإذا هو قاب ٌحم على صخرر‪ ،‬فدنوت منه وأخذت‬ ‫ُس‬ ‫به‪،‬‬
‫ذٌله‪ ،‬فقال‪ ،‬خل عنً ٌا سري‪ ،‬فإن الحق ؼٌور‪ ،‬فال ٌراك تؤنأ بؽٌره‪ ،‬فتسقط من‬
‫عٌنه‪.‬‬
‫وحكً أن رابعة كانت فً طرٌق مكة فؤقبل إلٌها رجل وقال ‪ٌ :‬ا هذه ُسكلّسً‬
‫كنت صادقا ًا ف ُسكلّسً ل ُسكلِّذ َسك مبذول‪ ،‬إ أن لً أختا ًا أحسن منً‬
‫ب ُسكلِّذكِس مشؽول‪ ،‬فقالت‪ :‬إن َس‬
‫بطال‪،‬‬ ‫وهً وراءك‪ ،‬فالتفت الرجل فلطمته رابعة على وجهه‪ ،‬وقالت ‪ :‬إلٌك عنً ٌا ّس‬
‫وجدت عارفاًا‪ ،‬فلما‬ ‫ُس‬ ‫ُس‬
‫فقلت ‪:‬‬ ‫نظرت إلى ؼٌرنا‪ ،‬رأٌتك من بعٌد‪،‬‬ ‫َس‬ ‫ادعٌت محبتنا ثم‬‫َس‬
‫تكلمت قلت ‪ :‬وجدت عارفاًا‪ ،‬فلما جربتك وجدتك كذاباًا‪ ،‬ما رأٌت معك صفاور‬
‫العارفٌن ومروءتهم‪ ،‬و طرٌقة العاشقٌن وصٌانتهم‪ ،‬فصا الرجل‪ ،‬وجعل التراب‬
‫ُس‬
‫فؤعرضت عنه‪ ،‬فجاءت اللطمة على‬ ‫ادعٌت محبة مخلوق‬ ‫ُس‬ ‫على رأسه‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫وجهً‪ ،‬فؤخاؾ أن أدعً محبة الخالق‪ ،‬فإذا أعرضت بقلبً أن تكون اللطمة على‬
‫قلبً‪.‬‬
‫ًا‬ ‫(‪) 1‬‬
‫صبً‪ ،‬فٌوما من‬ ‫وأما ا لتفات بالقلب‪ ،‬فقد حُسكً أنه كان لفتح الموصلً‬
‫ااٌام عانقه وقبّسله فنودي من الهواء ‪ٌ :‬ا فتح ادعٌت محبتنا وفً قلبك حب ؼٌرنا‪،‬‬
‫ًا‬
‫صٌحة خرَّو مؽشٌا ًا علٌه‪.‬‬ ‫فصا‬
‫)‬ ‫(‬
‫وهو ٌُسقبِّذل صبٌا ًا من أهله‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫ونظرت رابعة البصرٌة إلى ربا القٌسً‬
‫فقالت‪ :‬أتحبه؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت ‪ :‬ما كنت حسبت أن فً قلبك موضعا ًا فارؼا ًا لمحبة‬
‫ؼٌره‪ ،‬ففز القٌسً فزعا ًا شدٌداًا حتى ُسؼشً علٌه‪ ،‬فؤفاق وهو ٌمسح العرق عن‬
‫وجهه‪ .‬قال صلى هللا علٌه وسلم " لو كنت متخذاًا خلٌالًا تخذت أبا بكر خلٌالًا‪ ،‬لكن‬
‫خلٌلً هللا(‪.)3‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ٖسغ د‪ ١‬لِ‪٬‬ؿ ج‪٧٠ٝ‬و‪ٜ : ٫ٞ‬ح‪ ١٠ ١‬ؤ‪ٜ‬حدف جٯ‪٬ٝ٧‬حء‪٧ ١‬ؤٍ جٌ‪ ٟ‬جٯوٗ‪٬‬حء ‪ٜ ١٠ .‬فج‪٠‬حس‪ ٤‬ؤ‪ٜ ٤٢‬ح‪٠٬ ١‬ن‪٩ُٞ ٫‬‬
‫ج‪٠ٝ‬حء‪٠ ..‬حز ل‪٢‬ر ‪ [ 320‬ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.] 437/2‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ج‪٦٠ٝ‬حظف فدحع د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬ج‪٬ٚٝ‬ل‪( ٫‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪( ٫٢‬ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.] 46/1‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪٠ ٣‬ل‪ٖ ٫ٖ ٟٞ‬يحثل ج‪ٝ‬وػحدر‪ ،‬دحخ ‪٢٠‬ح‪ٙ‬خ ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف ج‪ٝ‬وؿ‪ ٘٬‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ 2383 ٤٢‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪:٪‬‬
‫ج‪٢٠ٝ‬ح‪ٙ‬خ‪ ،‬دحخ ‪٢٠‬ح‪ٙ‬خ ؤد‪ ٫‬د‪ٜ‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪.3656 ٤٢‬‬

‫‪115‬‬
‫وحُسكً أن داود علٌه الصالر والسالم استقبله رجل فً بعر سٌاحاته‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫أٌن ترٌد؟ قال ‪ :‬استوحشت عن الناأ‪ ،‬واستؤنست باهلل‪ .‬فقال له الرجل‪ :‬هذا من ِسق َسبل َسِسك‬
‫أم من قِس َسب َسل هللا؟ قال‪ :‬فسقط داود مؽشٌا ًا علٌه‪ ،‬ثم أفاق وقال‪ :‬نبهك هللا كما نبهتنً‪.‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬إن هللا تعالى أمر قوم موسى بقطع رإوسهم حٌن سجدوا‬
‫للعجل‪ ،‬بعد أن سجدوا هلل تعالى‪ ،‬فقال‪ :‬رأأٌح سجد لً ثم سجد لؽٌري فال ٌصلح لً‪،‬‬
‫فكذلك القلب‪.‬‬
‫وبلؽنا أن داود علٌه الصالر والسالم قال ‪ :‬أوتٌت ما أوتً الناأ وما لم‬
‫وهممت بما ه َّوم به الناأ وما لم ٌهموا ‪ ،‬فوجدت ااشٌاء كلها هلل‪ ،‬واامور‬ ‫ُس‬ ‫ٌإتوا‪،‬‬
‫كلها بٌد هللا والحاصل من الدارٌن وما فٌهما هو هلل‪ ،‬فال ٌنبؽً لمن ا دعى محبته‪ ،‬أن‬
‫ٌكون فً قلبه حب لؽٌره‪ ،‬قالت رابعة‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫رحم اليو َمم ُتم إنبا ً د أتا ا‬ ‫ب َمم ن لل سوا ا‬
‫حبيب الللو ِر‬
‫َم‬ ‫يا‬
‫أح َّوب سوا ا‬
‫الللب ن َم‬ ‫ُت‬ ‫إب‬ ‫يا حبيبل وصفوتل ورجائل‬
‫طال ألو ل متى ي ون للا ا؟‬ ‫يا أنيسل و ُتم نيتل و ُتم راد‬

‫(‪) 1‬‬
‫ًُِ٘ز ‪٠٥‬قذ ج‪٧ٝ‬ول ٖ‪ " ٫‬جفػ‪ٝ " ٟ‬يف‪٧‬فذ ج‪ٝ‬نِف‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫الحديث ال الث والعألرون‬
‫[ خير م من تعلم اللرآن وعلمه]‬

‫أخبرنا شٌخنا الشٌخ الكبٌر العارؾ باهلل تعالى القاضً المُسقري أبو الفضل‬
‫علً الواسطً رضً هللا عنه قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الحسٌن عاصم بن الحسن بن المقري‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا أبو عمر عبدالواحد بن محمد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا مهدي بن إسماعٌل بن محمد‬
‫الصفار‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا محمد بن عبٌدهللا المناوي‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا شبابة ٌعنً ابن سوار‪،‬‬
‫قال‪ :‬أخبرنا شعبة ابن علقمة بن مزٌد‪ ،‬عن سعٌد بن عبٌدر‪ ،‬عن أبً عبدالرحمن‬
‫السلمً‪ ،‬عن عثمان بن عفان رضً هللا عنهما‪ ،‬عن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ‪:‬‬
‫"خٌركم من تعلم القرآن وعلمه "(‪ .)1‬هذا الحدٌ الشرٌؾ يفٌد أن الخٌرٌة قد صحت‬
‫ح َسكم‪ ،‬وؼامر السر‪،‬‬‫لمن تعلم القرآن وعلمه‪ ،‬لما فً القرآن العظٌم من بالػ ال ِس‬
‫وخطٌر الشؤن‪ ،‬وهو حبل هللا ااعظم‪ ،‬به ٌهتدي المهتدون‪ ،‬وٌصل الواصلون‪ ،‬وهو‬
‫ُسخلُس ُسق رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪ ،‬وباب هللا تعالى‪ ،‬والمعجزر الدابمة‪ ،‬والنور‬
‫الذي ينحجب‪ ،‬وعنه تؤخذ أروا العارفٌن أسرار المعرفة‪ ،‬وما المعرفة التً لم‬
‫ترجع إلٌه‪ ،‬ما هً إ زو ٌحر وضاللة ‪ ،‬ومتى تحقق العبد بالعلم بالقرآن العظٌم‪ ،‬فقد‬
‫صار عارفاًا‪ ،‬وانكشفت له ااسرار الربانٌة‪ ،‬المُسلكٌة والملكوتٌة‪ ،‬ومتى صار عارفا ًا‬
‫َسحنَّو وأنَّو ‪ ،‬وطلب زٌادر العلم باهلل من كل طرٌق ومن كل فن‪ ،‬وكل الطرق والفنون‬
‫فً القرآن العظٌم‪ ،‬والعارفون هم الراسخون بالعلم ٌقولون آمنا به‪ ،‬وإلٌه منتهى سٌر‬
‫ِسه َسمم ِسِسهم‪ ،‬وعنه ٌصدرون‪ ،‬وبه‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (‪٠‬ل‪٢‬ؿ ُص‪٠‬ح‪ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ) ٤٢‬دف‪" : ٤ٌٗٝ٧ ،405 ٟٙ‬ؤٖي‪ ١ َٟ ٟٜٞ‬سِ‪".. ٟٞ‬‬
‫‪.1317‬‬ ‫‪ ٤٢ُ ،‬دف‪ٟٙ‬‬ ‫‪٧‬دف‪ 412 ٟٙ‬د‪" :ٌٗٞ‬ؾ‪٬‬ف‪٧ 500 ٧ "..ٟٜ‬ف‪٧‬ج‪٠ ٫ٖ ٣‬ل‪٢‬ؿ جٱ‪٠‬ح‪ ٫ٝ ٍ ٟ‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٤٢‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ٖ :٪‬يحثل ج‪ٚٝ‬فآ‪ ،١‬دحخ ‪" :‬ؾ‪٬‬ف‪ ١٠ ٟٜ‬سِ‪ ٟٞ‬ج‪ٚٝ‬فآ‪ ." ٤٠ُٞ٧ ١‬ف‪٧ ،4739 ٟٙ‬د‪" : ٌٗٞ‬ا‪ ١‬ؤٖي‪ ١٠ ٟٜٞ‬سِ‪ٟٞ‬‬
‫ج‪ٚٝ‬فآ‪( "٤٠ُٞ٧ ١‬ف‪.)4740 ٟٙ‬‬

‫‪117‬‬
‫ٌهٌمون‪ ،‬ومنه ٌؤخذون‪ ،‬ولذلك ٌقال فٌهم ‪ :‬ندماء الحق‪ ،‬وبهذا السر ٌفرِّذ قون بٌن‬
‫الباطل والحق‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن هللا تعالى ربما َسٌ ِسزٌنُس أعداءه بلباأ أولٌابه وأصفٌابه‪ ،‬حتى‬
‫إنهم ٌؽترون بصفاء ااوقات‪ ،‬وٌحسبون أنهم من أهل و ٌته‪ ،‬فهذا من هللا لهم‬
‫استدراج‪ ،‬وربما ٌزٌنهم بالعز والجاه والرٌاسة والمنزلة عند الناأ‪ ،‬حتى ٌؽتروا‬
‫بثناء الناأ ومحمدتهم‪ ،‬وٌُسحسبوا من أهل فضله‪ ،‬فهذا أ ٌضا ًا من هللا استدراج لهم‪،‬‬
‫وكذلك ربما ٌزٌنهم بؤنوا لطابؾ الحكمة‪ ،‬فٌؽترون بحسن بالؼتهم‪ ،‬وكمال فهمهم‬
‫وفطنتهم‪ ،‬وٌحسبون أنهم أحاطوا بكل حقٌق ٍسة علماًا‪ ،‬فهذا لهم من هللا استدراج‪ ،‬وربما‬
‫ٌزٌنهم بلباأ النعمة‪ ،‬وٌؽرقهم فً أنوا النعم‪ ،‬فٌؽترون بحسن تجملهم‪ ،‬وطٌب‬
‫عٌشهم‪ ،‬وٌحسبون أنهم علً شًء من هللا فهذا لهم من هللا استدراج‪ ،‬و ٌتركهم‬
‫(‪) 1‬‬
‫حتى ٌردهم إلى حقٌقة معلومة‪ ،‬قال سبحانه ‪( :‬سنستدرجهم من حيث و يعلمون )‬
‫فهذا ما كدر عٌش المرٌدٌن فً دار الدنٌا‪ ،‬حتى دام كمدهم‪ ،‬واصفرت ألوانهم‪،‬‬
‫وذابت نفوسهم‪ ،‬ودهشت عقولهم‪ ،‬وطارت أفبدتهم‪ ،‬وانشقت مراراتهم‪ ،‬وفقدوا من‬
‫نفسه‬
‫حذر َس‬ ‫ٌحذر مو ه‪ ،‬كما ّس‬ ‫الخالبق‪ ،‬وواجب على كل حال ذي عقل ومعرفة أن َس‬
‫بقوله تعالى‪( :‬ويحإر م هللا نفسه)(‪ )2‬وكما قال‪( :‬واعلموا أن هللا يعلم ما ل أنفس م‬
‫احإرو )(‪.)3‬‬
‫وقال صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬المإمن ٌسكن اضطرابه‪ ،‬و تؤمن روعته‪،‬‬
‫حتى ٌخلؾ جسر جهنم " (‪ ،)4‬إ أن هللا تعالى ؼٌَّوب مكره فً حِسلمه‪ ،‬وخداعه فً‬
‫تره‪ ،‬وقطٌعته‬ ‫لطفه‪ ،‬وعدلَسه فً كرمه‪ ،‬وخِسذ نه فً أنوا نِسعمه‪ ،‬وسخطه فً جمٌل َسس ِس‬
‫فً إمهاله‪ ،‬فٌنبؽً‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪.44 :ٟٞٚٝ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.30 :١‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ‪.235 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ؿج‪٧‬ؿ‪ :‬ج‪ٝ‬ل‪٢‬ر‪ ،‬دحخ ـ‪ٜ‬ف ج‪٬٠ٝ‬قج‪.4755 ١‬‬

‫‪118‬‬
‫للعبد أن ٌعتمد حسن أوقاته‪ ،‬وكثرر حسناته‪ ،‬فكم من أحد تراه فً زي المرٌدٌن‪،‬‬
‫وهو فً علم هللا من المطرودٌن‪ ،‬و ٌشعر أن هللا تعالى ربما ٌزٌن عدوه بلباأ‬
‫أولٌابه ثم ٌرده آخر اامر إلى بُسعده‪ ،‬وربما ٌكسو ولٌّسه لباأ ااعداء‪ ،‬ثم ٌر ّسده آخر‬
‫اامر إلى حقابق كرمه‪ ،‬انه هو ٌبديء وٌعٌد‪ٌ ،‬عنً ‪ٌ :‬بديء على أولٌابه صفات‬
‫أعدابه‪ ،‬وعلى أعدابه صفات أولٌابه‪ ،‬ثم ٌع ٌدهم إلى حقابق معلومة‪ ،‬وهو الفعّسال لما‬
‫ٌرٌد‪ ،‬بإظهار فضله فً أهل عدله‪ ،‬وإظهار عدله فً أهل فضله‪ ،‬أ تر أن هللا‬
‫تعالى زٌَّون إبلٌأ بزٌنة عصمته‪ ،‬وهو فً سابق علمه من أهل اللعنة‪ ،‬ستر علٌه ما‬
‫سبق منه إلٌه‪ ،‬حتى أظهر أمره فً العاقبة‪ ،‬وكذلك زٌَّون "بلعام " (‪ )1‬بؤنوار و ٌته‪،‬‬
‫وهو عند هللا تعالى من أهل سخطه‪ ،‬وأؼرق قارون فً بحار نعمته‪ ،‬وهو عند هللا‬
‫تعالى من أهل سخطه‪ٌ .‬ؽرنك باهلل أربعة أشٌاء‪ :‬إظهاره لك ما تعلم‪ ،‬وستره علٌك‬
‫بما قد عملت‪ ،‬وزٌادته لك فٌما لم تشكره‪ ،‬وإعطاإه إٌاك ما لم تسؤله‪ ،‬فإنه ربما أراد‬
‫هللا تنبٌها ًا لك أو استدراجا ًا‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وقال ٌوسؾ بن الحسٌن من رأ صنع الربوبٌة عند إقامة العبودٌة انقطع‬
‫عن نفسه‪ ،‬واعتصم بربه‪ ،‬وفور أمره إلٌه‪ ،‬فحٌبنذ ٌسلم من آفات ا ستدراج‪.‬‬
‫ِسصم‪ ،‬و تؽتروا‬ ‫وكان ٌحٌى بن معاذ ٌقول‪ٌ :‬ا معشر المستورٌن بال ِّذنعم والع َس‬
‫فإن تحتها آفات النقم‪ ،‬تؽتروا بعمارر ااوقات‪ ،‬فإن تحتها ؼوامر اآلفات‪ ،‬و‬
‫‪ :‬فٌا رُسبَّو‬ ‫تؽتروا بصفات العبودٌة‪ ،‬فإن فٌها نسٌان الربوبٌة‪ ،‬واامر كما قال‬
‫مفتون بالنعم علٌه وٌا‬
‫ٍس‬ ‫مستدر ٍسج باإلحسان إلٌه‪ ،‬وٌا رُسبَّو مؽترٍّم بالثناء علٌه‪ ،‬وٌا رُسبَّو‬
‫َس‬
‫عٌن ظاهره‬ ‫رب مستهلك بالستر علٌه‪ ،‬فمن لم ٌكن باطنه فً مالزمة الحق تعالى َس‬
‫كان‬

‫(‪) 1‬‬
‫د‪ِٞ‬ح‪ ٟ‬د‪ ١‬دحُ‪٧‬فجء [ج‪ٌ٢‬ف سٗحل‪٬‬ف ‪٧ٙ‬ل جهلل سِح‪٧( :٩ٝ‬جسل ُ‪٢ ٟ٥٫ٞ‬دإ ج‪ٝ‬ـ‪ ٪‬آس‪٢٬‬ح‪ [ ] .. ٣‬جٯُفجٕ ‪.]175‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪٧ِٚ٬ ٧‬خ ج‪ٝ‬فجق‪٧٬ : ٪‬لٕ د‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ،١٬‬ن‪٬‬ؽ ج‪ٝ‬ف‪٧ ٪‬ج‪ٝ‬ظدحل‪ٜ٧ ،‬ح‪٢ ١‬ل‪٬‬ط ‪٧‬ػؿ‪ ٫ٖ ٣‬ال‪ٚ‬حً ج‪ٝ‬سو‪٠ .. َ٢‬حز‬
‫ك‪٢‬ر ؤفدَ ‪٧‬صٴص‪٠‬حثر [ ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬م‪٬‬ف‪٬‬ر ‪( 78‬ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر ‪.])34‬‬

‫‪119‬‬
‫شكه أؼلب من ٌقٌنه‪ ،‬وإن كان ظاهره ٌدل على أوصاؾ الموقنٌن‪ ،‬وفقدان أنوار‬
‫الباطن من رإٌة حركات الظاهر‪ ،‬والؽفلة عن ؼوامر آفات ا ستدراج‪ ،‬من رإٌة‬
‫صفاء العبودٌة(‪ ،)1‬فلٌأ للمو َّوفق أن ٌعتمد‪ ،‬و للمخذول أن ٌٌبأ‪ ،‬واستدراج أهل‬
‫الذنوب الركون إلٌها‪ ،‬واإلصرار على اإلعرار عن هللا سبحانه‪ ،‬واستدراج أهل‬
‫العلم طلب الجاه والمنزلة عند الخلق‪ ،‬واستدراج أهل ا جتهاد ا ستكثار واإلعجاب‪،‬‬
‫واستدراج المرٌدٌن تطلعهم إلى العطاٌا والكرامات‪ ،‬وسكونهم إلٌها‪ ،‬واستدراج‬
‫العارفٌن استؽناإهم بالمعرفة دون المعروؾ حتى جع لوا لها حداًا وؼاٌة ونهاٌة‪،‬‬
‫وظنوا أنهم قد أحاطوا بها‪ ،‬فكل من كانت منزلته أرفع‪ ،‬كان استدراجه أعظم وأدق‪،‬‬
‫ناأ هلل‪ ،‬وكم من مخوِّذ ؾٍس باهلل جري ٌحء على هللا‪ ،‬وكم دا ٍس إلى هللا‬ ‫كم من مُسذ ِّذك ٍسر هلل ٍس‬
‫تال كتاب هللا منسل ٌحخ من آٌات هللا‪.‬‬
‫بعٌ ٌحد من هللا‪ ،‬وكم من ٍس‬
‫(‪) 2‬‬
‫َس‬
‫وافتخرت بتركها‪ ،‬فالفخ ُسر‬ ‫َس‬
‫تركت الدنٌا‬ ‫لو َس‬
‫كنت‬ ‫وقال أبو سع ٌد الخراز‬
‫وأعجبت بتركها‪ ،‬فالعُسجبُس عٌبه أكبر‪،‬‬ ‫َس‬ ‫عٌوب النفأ‬
‫َس‬ ‫َس‬
‫تركت‬ ‫أعظم من إمساكها‪ ،‬ولو‬
‫(‪) 3‬‬
‫وأمنت على أنك‬ ‫َس‬ ‫َس‬
‫خفت‬ ‫وتعلقت بجهدك‪ ،‬فتعلقك أعظم ا ستراحة‪ ،‬ولو‬ ‫َس‬ ‫جهدت‬‫َس‬ ‫ولو‬
‫خفت‪ ،‬فاامن من الخوؾ أكبر‪ ،‬ثم قال ‪ :‬رإٌة القرب فً القرب أقرب البُسعد‪ ،‬ورإٌة‬ ‫َس‬
‫ااُسنأ فً اانأ أعظم الوحشة‪ ،‬ورإٌة الذكر فً الذكر أشد النسٌان‪ ،‬ورإٌة‬
‫المعرفة فً المعرفة أكبر النكرر‪.‬‬
‫ُس‬
‫ظننت‬ ‫وجدت فحٌنبذ فقدت‪ ،‬وكلما‬‫ُس‬ ‫ُس‬
‫ظننت أنً‬ ‫وقال بعر أهل المعرفة ‪ :‬كلما‬
‫دتنً‪،‬‬ ‫فقدت فحٌنبذ وجدت‪ ،‬إلهً إن تركتك طلبتنً‪ ،‬وإن طلبتك طر‬ ‫ُس‬ ‫أنً‬

‫(‪) 1‬‬
‫ٳ دؿ ‪٠ ١٠‬فج‪ٙ‬در ج‪٠ٝ‬فء ‪ٗ٢ٝ‬ل‪ُ٧ ٤‬فى ؤػ‪٧‬ج‪٦ٝ‬ح ‪ٜ٧‬ل نئ‪٦٢٧‬ح ُ‪٬٠ ٩ٞ‬قج‪ ١‬ج‪ِٝ‬د‪٧‬ؿ‪٬‬ر هلل ُق ‪٧‬ظل‪ًٚٞ٢٠ ،‬حً ‪١٠‬‬
‫‪ٙ‬حُؿذ جٳٖس‪ٚ‬حف ا‪ ٩ٝ‬ج‪٦ٚٝ‬حف‪٧ ،‬ج‪ٝ‬سـ‪ٝ‬ل ا‪٧ ٤٬ٝ‬جٳ‪ٜ٢‬لحف‪ِٗ٬ ٟٝ ١٠٧ ،‬ل ـ‪ٗٓ ٛٝ‬ل ُ‪٠ ١‬قج‪ ٘ٝ‬جٳلسؿفجض ‪٧‬آٖحس‪٤‬‬
‫ج‪ٝ‬ؾحٖ‪٬‬ر‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬لِ‪٬‬ؿ‪ :‬ؤػ‪٠‬ؿ د‪٬ُ ١‬ل‪ ٩‬ج‪ٝ‬ؾفجق‪ ١٠ .‬ؤ‪٥‬ل دٔؿجؿ‪٠ .‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 277‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ظ‪َ٤‬ؿ ‪٬‬ظ‪َ٤‬ؿ (خٖسغ ج‪٦ٝ‬حء ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬حي‪٧ ٫‬ج‪٠ٝ‬يحفٍ ) ظَؿٖ ‪َ٬‬ظِؿٓ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫معك قرار‪ ،‬و مع ؼٌرك أنأ‪ ،‬فالمستؽا منك إلٌك‪ .‬وقال أبو ٌعقوب‪ )1(:‬أجهل ما‬
‫ٌكون العبد باهلل‪ ،‬إذا ظن أنه استؽنى عن الدنٌا بالمعرفة‪.‬‬
‫َس‬
‫افتخرت بها علٌه ‪.‬‬ ‫َس‬
‫افتقرت به إلٌه‪ ،‬خٌ ٌحر من طاع ٍسة‬ ‫وقال ٌحٌى بن معاذ‪ :‬ذنبٌح‬
‫وكان فضٌل كثٌراًا ما ٌبكً وٌردد هذه اآلٌة ‪( :‬وبدا لهم من هللا ما لم ي ونوا‬
‫يحتسبون)(‪ )2‬وٌقول‪ :‬عملوا أعما ًا حسبوا أنها حسنات فإذا هً سٌبات‪ ،‬حٌن ٌبدو‬
‫لهم من هللا ما لم ٌكونوا ٌحتسبون‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬المعرفة مستقر ومستود ‪ ،‬مستقر فً قلوب ااولٌاء‪ ،‬ومستود فً‬
‫قلوب ااعداء‪ ،‬ثم ٌُسسلب فً آخر اامر‪ ،‬فلٌأ للموؾَّوق أن ٌعتمد على توفٌقه‪ ،‬وٌؤمن‬
‫من مكره‪ ،‬و للمخذول أن ٌٌبأ من َسرو ربه‪ ،‬وربما ٌر الرجل للرجل الرإٌا‬
‫الصالحة‪ ،‬وهو استدرا ٌحج من هللا تعالى‪ ،‬كما حُسكً أن رجالًا من أهل الشام أتى إلى‬
‫العالء بن زٌاد (‪ )3‬وقال له‪ :‬إنً رأٌتك فً المنام كؤنك من أهل الجنة‪ ،‬فترك مجلسه‬
‫وأ ذ فً البكاء‪ ،‬وقال‪ :‬لعل هللا أراد أمراًا‪.‬‬
‫قٌل‪ :‬أصل ا ستدراج نسٌان الحق‪ ،‬وا ستؽناء بمن دونه‪ ،‬والتعلق بما سواه‪،‬‬
‫وا لتفات منه إلى ؼٌره ولٌأ على تحقٌق فً المعرفة َسمن ٌؽتر بكثرر العلم والعمل‪،‬‬
‫ان إبلٌأ كان معلم المالبكة‪ ،‬ثم فً آخر اامر نظر إلى نفسه وعبادته‪ ،‬وترك أمراًا‬
‫من أوامر هللا‪ ،‬فصار من الملعونٌن المطرودٌن أبد اآلبدٌن‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬ ‫وإٌاك أن تؽتر بعمارر ااوقات‪ ،‬وصفاء ااحوال‪ ،‬فإن برصٌصا ًا‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤد‪٧ِٚ٬ ٧‬خ‪٧٬ :‬لٕ د‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١٬‬ج‪ٝ‬فجق‪ ( ٪‬ز ‪٥ 304‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف‪.47 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫"[‬ ‫ج‪ِٝ‬ٴء د‪ ١‬ق‪٬‬حؿ في‪ ٫‬جهلل سِح‪ٜ٧ ..٤٢ُ ٩ٝ‬ح‪ٙ ١‬ؿ د‪ ٩ٜ‬ػس‪ُٓ ٩‬مِّ‪ ٪‬دوف‪ ..٣‬س‪ ٫ٖ٧‬ؤ‪٬‬ح‪٧ ٟ‬ٳ‪٬‬ر ج‪ٝ‬ػظحض‬
‫ج‪ٝ‬نِفج‪ :٪١‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪( ٨‬ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.] 35/1‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫سِدؿ دفو‪٬‬ه لس‪ ١٬‬ل‪٢‬ر‪٧ ،‬ؤفجؿ ج‪ٝ‬ن‪ً٬‬ح‪ ١‬ؤ‪ٞٗ٬ ٟٖٞ ٤٬٧ٔ٬ ١‬غ‪٠ِٖ ،‬ؿ اد‪٬ٞ‬ك ا‪ ٩ٝ‬ج‪٠‬فؤذ ٖإظ‪٥ٖ١‬ح ‪ٙ٧‬حل ٱؾ‪٧‬س‪٦‬ح‪:‬‬
‫ُ‪ ٟٜ٬ٞ‬د‪٦‬ـج ج‪ٝ‬فج‪٥‬خ ٖ‪٬‬ؿج‪٦٬٧‬ح‪ٖ ،‬ظحئ‪٧‬ج د‪٦‬ح ا‪ٖ ،٤٬ٝ‬ؿج‪٧‬ج‪٥‬ح‪ٜ٧ ،‬ح‪٢‬ز ُ‪٢‬ؿ‪= ،٣‬‬

‫‪121‬‬
‫وبلعام (‪ )1‬كانا أعبد الناأ فً زمانهما‪ ،‬وأحسنهم حا ًا‪ ،‬وفً آخر اامر ما إلى‬
‫مفتضحٌْسن فً الدنٌا واآلخرر‪ ،‬و تؽتر بصحبة الصالحٌن‬ ‫َس‬ ‫النفأ والهو ‪ ،‬فصارا‬
‫والزهاد بؽٌر الحُسرمة والمتابعة لهم‪ ،‬فالصحبة لو نفعت لنفعت امرأر نو وامرأر‬
‫لوط‪ ،‬وان ا ؼترار مدرجة من مدارج ا ستدراج‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫قال هللا تعالى ‪ ( :‬ال تترن م الحيوا الدنيا ) اآلٌة‪ ،‬وقال تعالى ‪( :‬يؤيها‬
‫اإلنسان ما ر برب ال ريم)(‪ )3‬وذلك أن الشٌطان ربما ٌؤتً الزاهد لٌؽره‪ ،‬فٌقول‪:‬‬
‫ٌا ولً هللا وٌا خٌرته من خلقه‪ ،‬أما تر من ربك هذه الكرامات والعطاٌا والقرب‬
‫واانأ‪ ،‬أما تدري ما ألهمك ربك من كالم أهل المعرفة‪ ،‬وحقابق أنوا اإلشارات‪،‬‬
‫بك‪،‬‬ ‫فهل ٌكون مثل هذا إ اهل محبته؟ أما تر حال قربك معه‪ ،‬وكمال لطفه‬
‫وأنك لو أقسمت على هللا ابرك‪ ،‬و شك أن المالبكة ٌنظرون إلى حركاتك‬
‫وسكناتك وحسن أحوالك‪ ،‬وقد َسر َسج َسح فضلك على أهل زمانك‪ ،‬فما أؼفل الناأ عما‬
‫أنت فٌه ! حتى ٌؽره بؤنوا مكره وخدٌعته‪ ،‬فإن تداركه هللا بالفضل والرحمة‪،‬‬
‫وبصَّوره بمكابد عدوه‪ ،‬وعرج ملتجبا ًا بسره إلى سُسرادقات قدرته‪ ،‬فعند ذلك ٌسلم من‬
‫درجات آفات ا ستدراج‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫واعلم أن قلوب أهل المحبة تزال تموج من خوؾ ا ستدراج ‪ ،‬كما تموج‬

‫= ٖد‪٠٢٬‬ح ‪٠٧٬ ٧٥‬حً ُ‪٢‬ؿ‪٥‬ح ؤُظدس‪ٖ ،٤‬إسح‪٥‬ح‪ٖ ،‬ػ‪ٞ٠‬ز ‪٠ِٖ . ٤٢٠‬ؿ ا‪٦٬ٝ‬ح ٖ‪ٚ‬س‪٦ٞ‬ح‪ٖ ،‬ظحء اؾ‪٧‬س‪٦‬ح‪ٖٚ ،‬حل اد‪٬ٞ‬ك ‪ٝ‬دفو‪٬‬ه ‪:‬‬
‫ؤًِ‪ ٫٢‬ؤُ‪٢‬ظِ‪ ،ٛ‬جلظؿ ‪ ٫ٝ‬لظؿذ ‪ٖ .‬لظؿ ‪ٖٚ .٤ٝ‬حل ج‪ٝ‬ن‪ً٬‬ح‪ :١‬ا‪ ٫٢‬دف‪٪‬ء ‪ ٛ٢٠‬ا‪ ٫٢‬ؤؾحٕ جهلل فخ ج‪ِٝ‬ح‪ [ ١٬٠ٝ‬ج‪ٝ‬دؿج‪٬‬ر‬
‫‪٧‬ج‪٦٢ٝ‬ح‪٬‬ر ٳد‪ٜ ١‬ص‪٬‬ف ‪.] 136/2‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫د‪ِٞ‬حج‪ ٟ‬د‪ ١‬دحُ‪٧‬فجء‪ٜ :‬ح‪٠ُٞ ١٠ ١‬حء د‪ ٫٢‬الفجث‪٬‬ل‪ ،‬ص‪ ٟ‬س‪٧‬جًإ ‪ َ٠‬ج‪ٜٗٝ‬حف ٖ‪.ٛٞ٦‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٖحًف‪.5 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٳ‪ًٗ٢‬حف‪.6:‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪٢٥ ١٠‬ح ُ‪٢٠ٞ‬ح ل‪٬‬ؿ‪٢‬ح فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬ؤ‪ٜ٢ ١‬صف ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ؿُحء دح‪ٝ‬سصد‪٬‬ز؛ ُ‪ ١‬ؤ‪٢‬ك د‪٠ ١‬ح‪ٛٝ‬‬
‫في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل‪ٜ :‬ح‪ ١‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٜ٬ ٟٞ‬صف ؤ‪٧ٚ٬ ١‬ل‪٬" :‬ح ‪ٞٚ٠‬خ ج‪٧ٞٚٝ‬خ صدز ‪ٞٙ‬د‪ ٩ُٞ ٫‬ؿ‪"ٛ٢٬‬‬
‫ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش [ ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬ج‪ٚٝ‬ؿف‪ ،‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ؤ‪ ١‬ج‪٧ٞٚٝ‬خ د‪ ١٬‬ؤودِ‪ ١٠ ١٬‬ؤوحدَ ج‪ٝ‬فػ‪ٙ٧ 2141 ١٠‬حل ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪٥ :٪‬ـج‬
‫ػؿ‪٬‬ش ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ‪٧ .‬ج‪ٝ‬ؿُ‪٧‬جز‪ ،‬ج‪ٝ‬دحخ ‪ 135‬دف‪.]3581 ٟٙ‬‬

‫‪122‬‬
‫البحار‪ ،‬حتى ٌصٌر كل ما فٌه باهلل هلل‪ ،‬ورأٌت مكتوبا ًا على عصا ًا واحدر‪:‬‬
‫ٍر سو اإلعـرار عنل‬ ‫ب ل متفـــو‬ ‫ل إن ٍ‬
‫فقلت‪:‬‬
‫الوصل ما نسُت‬
‫ِر‬ ‫عدسُت لى‬ ‫ن نسُت أعرضسُت لد تبسُت‬
‫نظرسُت ل ال ُتل ِّبب عو بـسُت‬ ‫ولي لل ُتج ْنر ٌمم سو أننل‬

‫‪123‬‬
‫الحديث الرابف والعألرون‬
‫[ أحبوا هللا‪] ..‬‬

‫أخبرنا شٌخنا اإلمام فرد الوقت الباز ااشهب خالً أبو المكارم منصور‬
‫البطاٌحً الربانً رضً هللا عنه‪ ،‬قال ‪ :‬أنبأنا القاضً أبوالحسٌن محمد بن علً بن‬
‫المهتدي‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبوالحسن علً بن هبة هللا بن عبدالسالم‪ ،‬قال أنبؤنا أبوالحسٌن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الحسن علً بن محمد الحربً‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا‬
‫أحمد بن علً عن عبدهللا بن عباأ رضً هللا عنهما قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم‪ :‬أحبوا هللا لما ٌؽذوكم به من نعمه‪ ،‬وأحبونً لحب هللا‪ ،‬وأحبوا أهل بٌتً‬
‫لحُسبً " (‪ )1‬وبهذا الحدٌ الشرٌؾ نظام التصفٌة‪ ،‬فمن أدركها فقد أدرك الصفاء‪،‬‬
‫والتحق بؤهل ا صطفاء‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن للصفاء ظهراًا وبطناًا‪ ،‬فؤما ظهرها فؤن تصفً كلٌتك من‬
‫والخلق والدنٌا‪ ،‬وأما بطنها فؤن تصفً ُسكلِّذٌَّوتك من ؼبار رإٌة‬
‫َس‬ ‫أدناأ النفأ‪،‬‬
‫ااعمال‪ ،‬وطلب ااعوار على ااعمال‪ ،‬وا لتفات منه إلى ما سواه‪ ،‬رُسوي أن‬
‫إسراركم‪ ،‬فإنه عند هللا بواد" (‪ .)2‬وٌقال‪:‬‬
‫َس‬ ‫إسراركم‬
‫َس‬ ‫النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ‪" :‬‬
‫جدٌ ُسدك مع هللا ُستخلِسقه مع‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬ج‪٢٠ٝ‬ح‪ٙ‬خ‪٢٠ ،‬ح‪ٙ‬خ ؤ‪٥‬ل د‪٬‬ز ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ، ٟٞ‬ف‪ٙ٧ 3792 ٟٙ‬حل ؤد‪٬ُ ٧‬ل‪٥ : ٩‬ـج ػؿ‪٬‬ش‬
‫ػل‪ٓ ١‬ف‪٬‬خ ‪٧ .‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ٜ ،ٛ‬سحخ ‪ َ٠‬فٖر ج‪ٝ‬وػحدر (‪٢٠ ١٠٧‬ح‪ٙ‬خ ؤ‪٥‬ل د‪٬‬ز فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٤٬ٞ‬‬
‫‪٧‬آ‪٧ ٤ٝ‬ل‪٧ 150/3 )ٟٞ‬وػػ‪٧٧ ،٤‬جٖ‪ ٤ٚ‬ج‪ٝ‬ـ‪٥‬خ‪ٜ .٪‬ٴ‪٠٥‬ح ُ‪ ١‬جد‪ُ ١‬دحك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ٙ‬حل جهلل سِح‪٧ ( : ٩ٝ‬ؤلف‪٧‬ج ‪ ٟٜٝ٧ٙ‬ؤ‪ ٧‬جظ‪٦‬ف‪٧‬ج د‪ ٤‬ا‪ ٟ٬ُٞ ٤٢‬دـجز ج‪ٝ‬وؿ‪٧‬ف ) [ ج‪ ١ُ٧ ] 14 ٛٞ٠ٝ‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿفؿجء‬
‫في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪ :‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ‪٢٧ِٞٞ٠‬ر‪٠ ١٧ِٞ٠ ،‬ح ٖ‪٦٬‬ح‪ ،‬اٳ ‪٠‬ح جدزُٓ‪ ٫‬د‪٧ ٤‬ظ‪ ٤‬جهلل‬
‫ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫٢‬دبل‪٢‬حؿ ٳ دإك د‪ ١ُ٧ . ٤‬نؿجؿ د‪ ١‬ؤ‪٧‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬ؤ‪ ٤٢‬ل‪ َ٠‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٤٬ٞ‬‬
‫‪٧‬ل‪٧ٚ٬ ٟٞ‬ل‪= :‬‬

‫‪124‬‬
‫الناأ‪ ،‬وصفاإك مع هللا تكدره مع الناأ ‪ .‬وقال ٌحٌى بن أبً كثٌر(‪ )1‬دخلت مكة‬
‫فاستقبلنً عطاء بن أبً ربا (‪ ،)2‬وسلم علً‪ ،‬ثم أقبل على الناأ فقال‪ :‬تسؤلونً عن‬
‫العلم وفٌكم ٌحٌى بن أبً كثٌر قال ‪ :‬فتضرعت إلى هللا أربعٌن ٌوما ًا إلى أن ٌُسذهب‬
‫حالور هذه المقالة من قلبً‪.‬‬
‫وٌرو أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال‪" :‬أ إن أوانً هللا فً اارر هً‬
‫القلوب‪ ،‬فؤحب ااوانً إلى هللا تعالى أصفاها وأصلبها وأرقها (‪ ،)3‬معناهُس أصفاها هلل‬
‫عند المراقبة‪ ،‬وأصلبها فً دٌن هللا عند المخاطبة وأرقها على اإلخوان عند الموافقة‪.‬‬
‫وقال ٌوسؾ ابن الحسٌن لم ا اشتؽل قلب مرٌم بحب ابنها‪ ،‬سمعت صوتا ًا ‪ :‬لما كان‬
‫سرك صافٌا ًا لنا‪ ،‬كنا نرزقك فً الشتاء والصٌؾ من ؼٌر واسطة و شدر عناء‪،‬‬
‫ت سرك عنً فال ٌؤتٌك رزقك إ بشدر‪ ،‬وذلك قوله تعالى ‪( :‬وهز لي‬ ‫فلما مٌَّول ِس‬
‫(‪) 5‬‬ ‫(‪) 4‬‬
‫اعلم أن العبد إذا لم ٌُسصْس ؾِس‬ ‫بجإ النخلة ) اآلٌة ‪ .‬وقال أبو محمد الجرٌري‬
‫وقته هلل‬

‫= ‪ ١٠‬وح‪٬ ٟ‬فجث‪ٖٚ ٫‬ؿ ؤنف‪ ١٠٧ ،ٛ‬و‪٬ ٩ٞ‬فجث‪ٖٚ ٫‬ؿ ؤنف‪ ١٠٧ ،ٛ‬سوؿ٘ ‪٬‬فجث‪ٖٚ ٫‬ؿ ؤنف ‪ ٛ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬د‪٫ٖ [ ٫ٚ٦٬‬‬
‫‪٧ 118‬ج‪ٚٝ‬فًد‪ ٫ٖ ٫‬سٗل‪٬‬ف‪٣‬‬ ‫نِخ جٱ‪٠٬‬ح‪٧ 6844 ١‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪٧ 126/4‬جٯود‪٦‬ح‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ‬
‫‪ ٧٥٧ .71/11‬ػؿ‪٬‬ش ػل‪ [ ] ١‬ػؿ‪٬‬صح ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿفؿجء ‪٧‬نؿجؿ ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ٞٝ‬ػحٌٖ ج‪٢٠ٝ‬ـف‪( ٪‬جد‪ٜ ١‬ص‪٬‬ف‬
‫‪٧‬نف‪ٜ‬حئ‪ 80 ٧ 61/1 )٣‬دف‪ٙ٧ ] 43 ٧ 10 ٟٙ‬حل ُ‪٠‬ف جد‪ ١‬ج‪ٝ‬ؾًحخ ؤ‪٬٠‬ف ج‪٠ٝ‬ئ‪ ١٬٢٠‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ " :٤٢‬لفجثف‪ٟٜ‬‬
‫د‪٧ ٟٜ٢٬‬د‪ ١٬‬فد‪٠ [ "ٟٜ‬ل‪٢‬ؿ ؤػ‪٠‬ؿ (وحؿف) ‪.] 41/1‬‬
‫‪٧‬الفجف‪٧ِٗ٠ :ٟٜ‬ل ‪٠ٝ‬ػـ‪ ٕ٧‬س‪ٚ‬ؿ‪٬‬ف‪ :٣‬فج‪ٙ‬د‪٧‬ج ؤ‪ ٧‬جػٌٗ‪٧‬ج ؤ‪٦ً ٧‬ف‪٧‬ج‪..‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪٠ُٞ ١٠‬حء ج‪ٝ‬سحدِ‪ٙ ١٠٧ ،١٬‬ؿ‪٠‬حء ج‪ٝ‬و‪٬ٖ٧‬ر‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ًُحء د‪ ١‬ؤل‪ ٟٞ‬د‪ ١‬وٗ‪٧‬ج‪٥ 114-27( ١‬ـ)‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤؾفض ج‪ًٝ‬دفج‪ ١٠ ٫٢‬ػؿ‪٬‬ش ؤد‪ُ ٫‬سدر ج‪ٝ‬ؽ ‪٧‬ٳ‪٬ ٫٢‬فِٖ‪ ٤‬ا‪ ٩ٝ‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪ " :‬ا‪ ١‬هلل آ‪٬٢‬ر‬
‫‪ ١٠‬ؤ‪٥‬ل جٯفى‪٧ ،‬آ‪٬٢‬ر فد‪٧ٞٙ ٟٜ‬خ ُدحؿ‪ ٣‬ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬ػ‪٧ ،١٬‬ؤػد‪٦‬ح ا‪ ٤٬ٝ‬ؤ‪٦٢٬ٝ‬ح ‪٧‬ؤف‪٦ٙ‬ح " [ ج‪ ١ُ ٫٢ٔ٠ٝ‬ػ‪٠‬ل جٯلٗحف‬
‫‪ٝ‬ق‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪ِٝ‬فج‪( ٫ٙ‬ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪٢ٜ٧ 15/3‬ق ج‪٠ِٝ‬حل‪ :‬جٱ‪٠٬‬ح‪٧ ١‬جٱلٴ‪ ،ٟ‬ج‪ٝ‬دحخ ج‪ٝ‬صح‪ٝ‬ش دف‪.]1207 ٟٙ‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٠‬ف‪.25 :ٟ٬‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ ج‪ٝ‬ظف‪٬‬ف‪ ٪‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 311‬ـ [ ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر ‪.] 82‬‬

‫‪125‬‬
‫تعالى فً إقامة العبودٌة‪ ،‬انقطع عن هللا وهو ٌشعر‪ ،‬فمن اجتهد فً صفاء معاملة‬
‫الظاهر‪ ،‬أورثه هللا صفاء معاملة الباطن‪ ،‬ومعنى قوله ‪" :‬انقطع عن هللا وهو‬
‫ٌشعر" قول أبً ٌزٌد ‪َ :‬سمن ظن أنه بالحال ٌصل فبالحال ٌنقطع‪ ،‬ومن طلب اانأ‬
‫بالحال فبالحال ٌستوحش‪.‬‬
‫قال أبو محمد الجرٌري ‪ :‬إن هللا تعالى حكم على أصفٌابه وأحبابه‪ ،‬أن‬
‫ٌخرجوا من الدنٌا إ وطوق العبودٌة فً أعناقهم‪ ،‬وبحق أقول‪ :‬ما اشتؽل أحد بؽٌره‬
‫إ ضا عمره‪ ،‬وذهبت عنه صفاور الوقت‪ ،‬فمن أراد صفاور الوقت فلٌإثر هللا على‬
‫شهوته‪.‬‬
‫وقٌل لواحد‪ :‬ما قٌقة صفاور الوقت؟ فقال ‪ :‬تصفٌة ال ُسكلٌة‪ ،‬لخالّسق البرٌة‪،‬‬
‫بوفار صدق العبودٌة ‪ .‬قال اانطاكً (‪ )1‬إن وجدت َسرٌنا ًا (‪ )2‬فً قلبك فؤدم الصٌام‪،‬‬
‫فإن وجدت َسرٌنا ًا فؤقِسل الكالم‪ ،‬فإن وجدت َسرٌنا ًا فاترك اآلثام‪ ،‬فإن وجدت َسرٌنا ًا فؤكثر‬
‫البكاء والتضر إلى الملك العالّسم ‪ .‬وٌقال‪ :‬الجهل كله موت إ من ٌرزقه هللا العلم‪،‬‬
‫والعلم كله حُسجة إ من وفقه هللا للعمل به‪ ،‬والعمل كله هبا ٌحء منثور‪ ،‬إ أن ٌكون‬
‫خطر عظٌم‪ ،‬إ أن ٌسلموا ذلك إلى هللا تعالى بال‬ ‫ٍس‬ ‫صافٌا ًا هلل‪ ،‬وأهل الصفاء على‬
‫عٌب‪ ،‬وٌجب على العبد أن ٌنظر فً حال أكله وشربه ولباسه وكالمه وحرك اته‬
‫وإرادته‪ ،‬فٌد َس منها ما كدر‪ ،‬وٌؤخذ ما صفا‪ ،‬ان صفاور ااوقات على قدر صفاور‬
‫ااحوال‪.‬‬
‫ًا‬
‫قال هللا تعالى حكاٌة عن إبراهٌم علٌه الصالر والسالم ‪( :‬يوم و ينفف مال ٌم وو‬
‫بنون * و من أتى هللا بللب سليم )(‪ .)3‬وقال ذو النون ‪ :‬إن هلل عباداًا ٌبلؽون فً‬
‫درجة الصفاء مقا ما ًا تقع فراستهم على سرّس الناأ‪ ،‬فٌعرفون السعداء من ااشقٌاء‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ د‪ُ ١‬حو‪ ٟ‬جٯ‪ً٢‬ح‪ ،٫ٜ‬ؤد‪ [ ٩ُٞ ٧‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر ه ‪ 62‬ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر ‪ ] 20‬ؤ‪ ٧‬ؤد‪٠ ٧‬ػ‪٠‬ؿ ُدؿ جهلل د‪١‬‬
‫ػ‪ ٕ٬٢‬جٯ‪ً٢‬ح‪ً [ ٫ٜ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪ 83/1 ٫٢‬ج‪ٝ‬سفػ‪٠‬ر ‪.]158‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ف‪ٙ :١٬‬ل‪٧‬ذ ‪ٖ٧‬لحؿ ‪٧‬ؿ‪٢‬ك‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬نِفجء ‪89 ٧ 88‬‬

‫‪126‬‬
‫ٌختل برحمته من ٌشاء من عباده‪.‬‬
‫وقٌل ابً عبدهللا ‪ :‬ما فضل أهل الصفاء على ؼٌرهم؟ قال ‪ :‬رفع الحجاب‬
‫عنهم‪ ،‬واتهام الوشار فٌهم‪ ،‬وإفشاء ااسرار إلٌهم ‪ .‬قٌل ‪ :‬هل ٌكون اهل الصفاء‬
‫حالور العبادر؟ قال‪ :‬أما قبل رإٌة ال ِسم َّونة فنعم‪ ،‬وأما قبل رإٌة العبادر فال‪ ،‬بال تعلٌق‪.‬‬
‫وقٌل لبعضهم‪ :‬متى ٌعرؾ الرجل أنه من أهل الصفاء؟ فقال‪ :‬إذا ستر جمٌع‬
‫المعاصً بستر التوبة‪ ،‬وستر جمٌع الخٌرات بذكر ستر ال ِسم َّونة‪ ،‬وستر ما دون هللا‬
‫بستر هللا تعالى‪.‬‬
‫شًا ًا من أحد‪ ،‬وإن أُسكثر علٌه اإللحا ‪ ،‬فقٌل‬ ‫وحُسكً أن بهلو ًا كان ٌؤخذ ب‬
‫)‬ ‫‪1‬‬‫(‬

‫قٌل ‪:‬‬ ‫له فً ذلك‪ ،‬فقال ‪ :‬أمرنا أن نؤخذ بالواسطة‪ ،‬ان منها ذهاب الصفاء ‪.‬‬
‫وما الصفاء؟ قال ‪ :‬طٌران القلب بؤجنحة ا شتٌاق لرب العالمٌن ‪ .‬وٌقال ‪ :‬أدنى‬
‫أوصاؾ أهل الصفاء عٌش القلب مع هللا بال عالقة‪ ،‬و َسمن لم ٌعرؾ نفسه با لفقر‪،‬‬
‫والفاقة والعجز والضعؾ‪ ،‬لم ٌنل صفور الٌقٌن‪ ،‬وإذا كان العبد هلل تعالى كؤن لم‬
‫ٌكن‪ٌ ،‬كون هللا تعالى له كما لم ٌزل‪.‬‬
‫وقال أبو سلٌمان ‪ :‬طوبى لمن صحت له خطور واحدر ٌرٌد بها إ هللا‬
‫تعالى‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وقال اإلمام معروؾ الكرخً رضً هللا عنه‪ :‬بٌنا أنا أسٌر فً البادٌة‪ ،‬ولم‬
‫ٌكن معً‬

‫(‪) 1‬‬
‫د‪٧ٞ٦‬ل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬ج‪ٝ‬و‪٬‬فٖ‪ ،٫‬ؤد‪٬٥٧ ٧‬خ‪ ،‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 119‬ـ‪ٙ ،‬حل ج‪ٝ‬نِفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ‪( 68/1‬ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر‬
‫‪ٜ٧ )138‬ح‪( ١‬د‪٧ٞ٦‬ل ج‪٠ٝ‬ظ‪ )١٧٢‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢٬ ٤٢‬نؿ‪:‬‬
‫سً‪َِ٠‬‬ ‫‪ ٫ٖ٧‬ج‪٬ِٝ‬م ٖٴ‬ ‫ُ‪ ٩ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح‬ ‫ؿٍ ج‪ٝ‬ػفهَ‬
‫‪ ١‬سظ‪َِ٠‬‬ ‫‪َٟ‬‬ ‫ٖ‪٠‬ح سؿف‪ ٪‬لِ‬ ‫‪٧‬ٳ سظ‪ ١٠ َ٠‬ج‪٠ٝ‬حلِ‬
‫‪٧‬ل‪٧‬ء ج‪ ١ٌٝ‬ٳ ‪َِٗ٢٬‬‬ ‫ٖب‪ ١‬ج‪ٝ‬فق٘ ‪ٚ٠‬ل‪ْٟ٧‬‬
‫‪َِ٢ٚ٬ ١‬‬ ‫‪ٜ‬ل ‪َٟ‬‬ ‫ٓ‪ٌّ٫٢‬‬ ‫فهٍ‬ ‫ـ‪ ٪‬عِ‬ ‫‪ٜ‬لُّ‬ ‫ٖ‪٬ٚ‬فْ‬

‫(‪) 2‬‬
‫‪ِ٠‬ف‪ ٕ٧‬د‪٬ٖ ١‬ف‪٧‬ق ج‪ٜٝ‬فؾ‪ ،٫‬ؤد‪٠ ٧‬ػٗ‪ ،ٌ٧‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 200‬ـ‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫أحد من البشر‪ ،‬إذ نزل شخلٌح من السماء‪ ،‬فسؤلنً ما الصفاء؟ فقلت ‪ :‬صدق الوفاء‪.‬‬
‫فقال‪ :‬صدقت‪ ،‬ثم عرج وهو ٌقول‪ ( :‬يو ون بالنإر ويخا ون)(‪.)1‬‬
‫أما تر أن إبراهٌم علٌه الصالر والسالم وضع قدما ًا بصدق الوفاء على‬
‫صخرر صماء‪ ،‬فؤمر هللا تعالى أن اتخذوا من مقام إبراهٌم مصلى‪.‬‬
‫وحقٌقة الصفاء ‪ .‬التخلق بخلق المصطفى صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬وا قتداء‬
‫بؤصحابه أولً الصدق والوفاء‪ ،‬وا نقطا إلى الملك ااعلى‪ ،‬وقٌل ‪ :‬حقٌقة الصفاء‬
‫طر القلب على بساط ا متنان‪ ،‬واستقامة السر مع الملك الدٌّسان ‪ .‬وقٌل ‪ :‬تصفٌة‬
‫القلوب لعالم الؽٌوب‪ .‬وقٌل‪ :‬صدق ا فتقار مع دوام ا ضطرار‪ ،‬وترك ا ختٌار مع‬
‫حسن ا نتظار‪.‬‬
‫الهمة بؤجنحة الشوق نحو رب‬ ‫وقٌل‪ :‬فناء الكلٌة تحت كمال القدرر‪ ،‬وطٌران ِس‬
‫العزر ‪ .‬وقٌل ‪ :‬هجرر السر إلى هللا من المراتب والدرجات‪ ،‬والفرار إلى هللا من‬
‫المنازل والمقامات ‪ .‬وقٌل ‪ :‬هً مجانبة دواعً الن فأ‪ ،‬ومتابعة دواعً الرو ‪،‬‬
‫وإخماد صفات البشرٌة تحت صفات الربوبٌة‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ؿ‪٥‬ف‪.7 :‬‬

‫‪128‬‬
‫والعألرون‬ ‫الحديث الخام‬
‫طلب]‬ ‫[ َمم ن تصدو من َم ْن ٍ‬
‫ب ِّب‬

‫أخبرنا شٌخنا القاضً العدل الثقة المقري الكبٌر الشٌخ أبو الفضل علً‬
‫الواسطً رحمه هللا رحمة واسعة‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو القاسم هبة هللا بن محمد ال كاتب‪،‬‬
‫قال ‪ :‬أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد الؽٌالن‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا أبو بكر محمد بن‬
‫عبدهللا الشافعً‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا محمد بن ؼالب‪ ،‬حدثنً عبدالصمد بن ورقاء‪ ،‬عن‬
‫عبدهللا بن دٌنار‪ ،‬عن سعٌد‪ ،‬عن أبً هرٌرر رضً هللا عنه عن النبً صلى هللا علٌه‬
‫وسلم قال‪ " :‬من تصدق بعدل تمرر من كسب طٌب‪ ،‬و ٌطعمه إ هلل تعالى‪ ،‬فإن‬
‫(‪) 1‬‬
‫هللا ٌقلبها بٌمٌنه‪ ،‬وٌربٌها لصاحبها كما ٌربً أحكم فلوه حتى ٌكون مثل الجبل" ‪.‬‬
‫ح هذا الحدٌ الشرٌؾ على بذل المعروؾ‪ ،‬ونبّسه على لزوم اإلخالل‬
‫فٌه‪ ،‬وبشر بعد اإلخالل بمضاعفته وقبوله‪ ،‬وكل هذا انطو فً اإلخالل‪ ،‬وهو‬
‫نور العارفٌن باهلل‪ ،‬إذا ااعمال بؽٌر اإلخالل كلها ُس‬
‫ظلمة‪ ،‬وبه تنوّس ر (‪ ،)2‬وبذلك‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪٠ ٫‬ل‪٢‬ؿ ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪( ٤٢‬وػ‪ٗ٬‬ر ‪٠٥‬ح‪ ٟ‬د‪٢٠ ١‬د‪ ) ٤‬د‪ ١٠ " :ٌٗٞ‬سوؿ٘‬
‫دِؿل س‪٠‬فذ ‪ٜ ١٠‬لخ ً‪٬‬خ‪٧ ،‬ٳ ‪٬‬وِؿ ا‪ ٩ٝ‬جهلل اٳ ج‪٬ًٝ‬خ‪ٖ ،‬ب‪ ١‬جهلل ‪ٚ٬‬د‪٦ٞ‬ح د‪ ٤٢٬٠٬‬ص‪٬ ٟ‬فد‪٦٬‬ح ‪ٝ‬وحػد‪٦‬ح ‪٠ٜ‬ح ‪٬‬فد‪٫‬‬
‫ؤػ‪ ٣٧ٖٞ ٟٜ‬ػس‪ ٩‬س‪٠ ١٧ٜ‬صل ج‪ٝ‬ظدل " ‪٧‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬س‪٧‬ػ‪٬‬ؿ‪ :‬دحخ ‪٧ٙ‬ل جهلل سِح‪( :٩ٝ‬سِفض ج‪٠ٝ‬ٴث‪ٜ‬ر ‪٧‬ج‪ٝ‬ف‪٧‬ع ا‪[ ) ٤٬ٝ‬‬
‫ج‪ِ٠ٝ‬حفض ‪ ٤ٝ٧ٙ٧ ] 4‬ظل ـ‪ٜ‬ف‪( : ٣‬ا‪٬ ٤٬ٝ‬وِؿ ج‪ ٟٜٞٝ‬ج‪٬ًٝ‬خ ) [ ٖحًف ‪ ] 10‬ف‪ ٫ٖ٧ 6993 ٟٙ‬ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ‪ ،‬دحخ‪ :‬ٳ ‪ٚ٬‬دل جهلل‬
‫وؿ‪ٙ‬ر ‪٧ٞٓ ١٠‬ل‪٧ ،‬ٳ ‪ٚ٬‬دل اٳ ‪ٜ ١٠‬لخ ً‪٬‬خ‪ ،‬ف‪٠٧ 1344 ٟٙ‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬ج‪ٝ‬ق‪ٜ‬حذ‪ ،‬دحخ ‪ٙ‬د‪٧‬ل ج‪ٝ‬وؿ‪ٙ‬ر ‪ ١٠‬ج‪ٜٝ‬لخ‬
‫ج‪٬ًٝ‬خ ‪٧‬سفد‪٬‬س‪٦‬ح‪ ،‬ف‪ُ٧ .1014 ٟٙ‬ؿل س‪٠‬فذ ‪٠ :‬ح ‪ِ٬‬حؿل س‪٠‬فذ ‪٧‬ق‪٢‬حً ؤ‪٠٬ٙ ٧‬ر ‪ٜ .‬لخ ً‪٬‬خ‪ :‬ػٴل‪ .‬ج‪( ٧ٞٗٝ‬دٗسغ ج‪ٗٝ‬حء‬
‫‪٧‬ي‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ٴ‪٧ ٟ‬سنؿ‪٬‬ؿ ج‪٧ٝ‬ج‪ ،٧‬ؤ‪ ٧‬د‪ٜ‬لف ج‪ٗٝ‬حء ‪٧‬ال‪ٛ‬ج‪ ١‬ج‪ٝ‬ٴ‪٧ ٟ‬سؾٗ‪ ٕ٬‬ج‪٧ٝ‬ج‪ ) ٧‬ج‪٥ ُٟٝ‬ف ‪ ١ُ ٩ُٖٞ٪‬ؤ‪ ،٤٠‬ؤ‪ُٖ٪ ٪‬ول ‪ُُ٪٧‬قل‪.‬‬
‫ٓ‪٧ٞ‬ل‪ :‬ؾ‪٬‬ح‪٢‬ر‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٢‬زُ‪ٓ٧‬ف (دي‪ ٟ‬ج‪ٝ‬سحء) ُ‪ ٩ٞ‬ج‪ٝ‬د‪٢‬حء ‪٠ٝ‬ح ‪ُ٪ ٟٝ‬كَ‪ٖ ٟٓ‬حُ‪٠ٞٝ( ٤ٞ‬ظ‪٧٦‬ل)‪٢ ( ٧ ،‬زَ‪ٓ٧‬ف) دٗسغ ج‪ٝ‬سحء ُ‪ ٩ٞ‬ؤ‪ ١‬ؤو‪( ٤ٞ‬سس‪٧٢‬ف)‬
‫‪ ٟ٧ِٞ٠٧‬ؤ‪ٜ ١‬ل ‪٠‬يحفٍ ‪٠‬لس‪٦‬ل دسحء‪٬ ١٬‬ظ‪٧‬ق ػـٕ اػؿج‪٠٥‬ح ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ارتفعت همم العارفٌن فً ااعمال إلى اإلخالل‪ ( :‬أو هلل الدين الخالص)‪.‬‬
‫أ إن(‪ )2‬المتحققٌن بالتصوؾ صفت سرابرهم‪ ،‬وحسنت شعابرهم‪ ،‬هممهم‬
‫ربهم و ُسخلُسقُسهم سُسنة نبٌهم‪ ،‬عكأ المروق من أصحاب الدعو ‪.‬‬
‫رأٌت أن أكثرهم من‬ ‫َس‬ ‫نظرت فً القوم الذٌن ا َّودعوا التصوؾ الٌوم‪،‬‬
‫َس‬ ‫أي بُسنًّس ‪ ،‬إذا‬
‫الزنادقة والحرورٌة والمبتدعة‪ ،‬ورأٌتهم أكثر الناأ جهالًا وحمقاًا‪ ،‬وأشدهم مكراًا‬
‫وخدٌعة‪ ،‬وأعظمهم عُسجبا ًا وتطاو ًا‪ ،‬وأسوأهم ظنا ًا بؤهل الزهد والتقو ‪ ،‬وأهل‬
‫الصدق والصفاء‪ ،‬وعال مات أهل الصفاء أدق من أن ٌصفها واصؾ‪ ،‬وأعلى من أن‬
‫تحتملها ااوهام‪ ،‬فمن عالمة الصوفً أن ٌصفو فً أقواله وأفعاله وحركاته من‬
‫والخلق والدنٌا‪ ،‬وتصفو خواطره من ؼبار اإلعرار عنه تعالى‬ ‫َس‬ ‫أدناأ آفات النفأ‬
‫والنظر منه إلى َسمن سواه‪ ،‬وأٌضا ًا من عالماته أن ٌكون مع النفأ بال نفأ‪ ،‬ومع‬
‫الخلق بال َسخلق‪ ،‬ومع القلب بال قلب‪ ،‬ومع الحال بال حال‪ ،‬ومع الوقت بال وقت‪،‬‬ ‫َس‬
‫وٌكون مستقٌما ًا على بساط أمر هللا‪ ،‬متذلالًا تحت جالل عظمه هللا‪ ،‬مستكفٌا ًا مستؽنٌا ًا‬
‫به عن ؼٌره‪ ،‬قلبه مضروب بسٌاط خوؾ القطٌعة والهجران‪ ،‬وسِس رُّد ه مضروب‬
‫بسٌاط خشٌة البُسعد والحرمان‪ ،‬نفسه منورر بنور الخدمة‪ ،‬وقلبه منور بنور المحبة‪،‬‬
‫وسره منوّس ر بنور المعرفة‪ ،‬ومن عالماته أٌضا ًا أن ٌكون فإاده طابراًا بؤجنحة‬
‫الشوق‪ ،‬وأركانه مستقٌمة على طرٌق الحق‪ ،‬بالحق للحق مع حسن ا نتظار‪ ،‬وعلى‬
‫ؼاٌة ا نكسار‪ ،‬مقبالًا بالكلٌة على ملٌكه‪ ،‬مع ترك ا لتفات منه إلى مُسلكه‪ ،‬مع الفرار‬
‫من المخلوقٌن‪ ،‬لشدر‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف‪.3 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤٳ (دسؾٗ‪ ٕ٬‬ج‪ٝ‬ٴ‪ )ٟ‬ؤؿجذ جلسٗسحع ‪٧‬س‪٢‬د‪٧ ،٤٬‬س‪ٜ‬لف ‪٠٥‬قذ ا‪ ٓ١‬دِؿ‪٥‬ح ‪ ١ٜ٠٬٧ .‬ؤ‪ ١‬سيدً د‪ٜ‬لف ج‪٠٦ٝ‬قذ ‪٧‬سنؿ‪٬‬ؿ‬
‫ج‪ٝ‬ٴ‪( :ٟ‬اٳ) ُ‪ ٩ٞ‬ؤ‪٦٢‬ح جلسص‪٢‬حث‪٬‬ر‪ٖ ،‬سٗسغ دِؿ‪٥‬ح ‪٠٥‬قذ ؤ‪. ٓ١‬‬
‫(‪ً )3‬حثٗر ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ؾ‪٧‬جفض ‪٢٠‬ل‪٧‬د‪ ١٧‬ا‪ ٩ٝ‬ػف ‪٧‬فجء‪٧٠ ٧٥٧ ،‬يَ ‪ٙ‬فخ ج‪ٖ٧ٜٝ‬ر‪ٜ ،‬ح‪ ٤٬ٖ ١‬ج‪٧‬ل جظس‪٠‬حُ‪٠٦‬ػ‪١٬‬‬
‫ؾح‪٧ٗٝ‬ج ُ‪ٓ٬ٞ‬حً في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ،٤٢‬حل ج‪٬ٗٝ‬ف‪٧‬ق آدحؿ‪٢ ٟ٥٧" : ٪‬ظؿذُ ‪٧‬ؤوػحد‪] "٤‬ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك ج‪٠ٝ‬ػ‪.[ً٬‬‬

‫‪130‬‬
‫وجدانه حالور اانأ برب العالمٌن‪ ،‬رجوعه إلى الحق‪ ،‬واعتماده على الحق‪،‬‬
‫الخلق‪ ،‬وحشًّس القلب سماوي الحدٌ ‪،‬‬ ‫وقراره مع الحق‪ ،‬من ؼٌر أن ٌلتفت منه إلى َس‬
‫ربانً العلم‪ ،‬فردانً الهمة‪ ،‬روحانً العٌش‪ ،‬نورانً القدر‪ ،‬وحدانً المعنى‪ ،‬جمٌع‬
‫إ رادته تحت إرادر المعبود‪ ،‬شاكر هلل فً السر واإلعالن‪ ،‬كً ٌقع فً أبحر‬
‫الكفران‪ ،‬ذاكر هلل بالقلب واللسان‪ ،‬فً كل وقت وأوان‪ ،‬كٌال ٌتٌه فً مفاوز النسٌان‪،‬‬
‫ٌعلم أن المولى ٌراه‪ ،‬ومن فوق العُسال ٌرعاه‪ ،‬فهو فان تحت عظمة نظره‪ ،‬متالش‬
‫بكلٌَّوته تحت كمال قدرته‪ ،‬مستؽرق صفا ء أوقاته فً أبحر امتنانه‪ ،‬مع سقوط كل‬
‫حالور‪ ،‬ؼٌر حالور محبة ربه‪ ،‬مستقٌم على صدق العبودٌة‪ ،‬من ؼٌر رإٌة‬
‫العبودٌة‪ ،‬فارغ القلب عن الشؽل بؽٌر هللا‪ ،‬مع ا تكال بالقلب على هللا‪ ،‬متواضع‬
‫اهل اإلٌمان‪ ،‬قابم على بساط ااحزان‪ ،‬حتى ٌؤتٌه الٌقٌن (‪ )1‬بالعفو والرضوان‪،‬‬
‫لسانه مثل قلبه‪ٌ ،‬صدق فً جمٌع أقواله وأفعاله‪ ،‬كما قال هللا تعالى ‪( :‬لم تلولون‬
‫ما و تفعلون)(‪ ، )2‬شاكر لقلٌل النعمة‪ ،‬صابر على كثٌر الشدر‪ ،‬رار بقضاء رب‬
‫العزر‪ ،‬دابم على احتراأ القلب هلل بالحجة‪ٌ ،‬خاؾ دون هللا‪ ،‬و ٌرجو ؼٌر هللا‪،‬‬
‫ررّس و نافع‪ ،‬و رافع و دافع‪ ،‬و معز و‬ ‫و ٌرٌد إ هللا‪ ،‬لما َسعلِس َسم أنه ُسم ِس‬
‫مذل‪ ،‬إ هللا وحده شرٌك له‪ ،‬متابع لسنة المصطفى صلى هللا علٌه وسلم وأخالقه‬
‫ومذاهب أصحابه‪ ،‬خابؾ من سوء العاقبة‪ ،‬مشتؽل بالمُسق ِّذدر إذا اشتؽل الناأ بالتقدٌر‪،‬‬
‫وبالمدبر إذا اشتؽلوا بالتدبٌر‪ ،‬جالأ على بساط ال خدمة مع الحٌاء‪ ،‬متكاٌح على‬
‫سرٌر الفقر والفاقة‪ ،‬مُسشرؾٌح على ُسؼرؾ القُسرب والمشاهدر‪ ،‬شاربٌح بكؤأ اانأ‬
‫والمحبة‪ٌ ،‬طٌل صمته‪ ،‬وٌكظم ؼٌظه‪ ،‬وٌؽلب شهوته‪ ،‬وٌفارق راحته‪ ،‬من ؼٌر أن‬
‫ٌلتفت إلى معاملة قلبه‪ ،‬فارغ من مصالح نفسه‪ ،‬تارك لجمٌع راحاته وشهواته‪،‬‬
‫خابؾ من الوحشة بٌنه وبٌن حبٌبه‪ٌ ،‬كون أحسن الناأ للناأ وأتقاهم‪ ،‬وأصدق‬
‫الناأ وأصفاهم‪ ،‬وأعقل‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪٢٥( ١٬ٚ٬ٝ‬ح) ‪ :‬ج‪٧٠ٝ‬ز‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬وٕ‪.2:‬‬

‫‪131‬‬
‫الناأ وأرعاهم‪ٌ ،‬نظر إلى الدنٌا بعٌن ا عتبار‪ ،‬وإلى النفأ بعٌن ا حتقار‪ ،‬وإلى‬
‫اآلخرر بعٌن ا ستبشار‪ ،‬وإلى الرب بعٌن ا فتخار‪ ،‬فً ا ستقامة كالجبل الراسً‪،‬‬
‫تحركه الرٌا الهابجة‪ٌ ،‬طل ب ما لٌأ له‪ ،‬و ٌهتم بما قُسسم له‪ ،‬فارغ عن‬
‫ُسعرر عنه ببلواه‪ ،‬و ٌختار‬ ‫خدمة المخلوقٌن‪ ،‬مشتؽل بخدمة رب العالمٌن‪ِ ٌ ،‬س‬
‫وزلّسة‪ ،‬وقلبه متبرئ من كل سهو وؼفلة‪،‬‬ ‫حبٌبا ًا سواه‪ ،‬نفسه طاهرر من كل خط ٍسؤ َس‬
‫وسرُّد ه من كل حول وقور‪ ،‬بدون هللا سبحانه ٌرضى‪ ،‬طعامه طعام المرضى‪،‬‬
‫وبكاإه بكاء الثكلى‪ٌ ،‬توكل قلبه إ علٌه‪ ،‬و ٌسلم إ إلٌه‪ ،‬و ٌشكر النعمة إ‬
‫له‪ ،‬و ٌطلب الحاجة إ منه‪ ،‬مستؤنأ باهلل فً جمٌع ااحوال‪ ،‬منقطع إلٌه فً‬
‫جمٌع ااعمال‪ ،‬وذكر هللا حدٌثه فً جمٌع المقال‪ ،‬تارك اختٌاره إلى ذي الجالل‪،‬‬
‫ك الجلٌل‪ ،‬حسبنا هللا ونعم‬
‫نومه قلٌل‪ ،‬وحزنه طوٌل‪ ،‬وبد نه نحٌل‪ ،‬وأنٌسه ال َسملِس ُس‬
‫الوكٌل‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫والعألرون‬ ‫الحديث الساد‬
‫[ من صام رمضان وأتبعه ستا ً من ألوال]‬

‫أخبرنا شٌخنا العارؾ باهلل خالً الشٌخ أبو بكر بن ٌحٌى النجاري اانصاري‬
‫الواسطً رضً هللا عنه قال‪ :‬حدثنً ااستاذ أبو القاسم علً بن أحمد البأري‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو عمر عبدالواحد بن محمد بن مهدي‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا محمد بن مخلد العطار‪،‬‬
‫قال‪ :‬أنبؤنا محمد بن علً بن خلؾ‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا عمرو بن عبدالؽفار‪ ،‬عن حسن بن‬
‫حُسًٌ وسفٌان الثوري‪ ،‬عن سعد بن سعٌد أخً ٌحٌى بن سعٌد‪ ،‬عن عمر بن أٌوب‪،‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ " :‬من صام رمضان وأتبعه ستا ًا من شوال‬
‫كان كصٌام الدهر"(‪.)1‬‬
‫وسِس رُّد ذلك استؽراق العبد فً أداء الفرر‪ ،‬وانؽماسه فً السنة المحمدٌة‪،‬‬
‫فإنها بركة الوقت‪ ،‬ولٌأ عند العارؾ أهم من استحصال بركة الوقت‪ ،‬بفرر أو‬
‫سنة‪ ،‬أو َسجمْس ٍسع بٌنهما‪ ،‬وهناك منتهى الهمم‪ ،‬فإن السنة ا لمحمدٌة رو العارؾ‪ ،‬بها‬
‫ٌقوم وبها ٌقعد‪ ،‬وهً منار باب العارفٌن‪ ،‬فإن مُسشٌِّذد أركانها‪ ،‬ورافع بنٌانها صلى هللا‬
‫(‪) 2‬‬
‫( ما زا البصر وما طتى )‬ ‫علٌه وسلم لم ٌنطق عن الهو ‪ ،‬بل هو جلجلة‬
‫ولوراثه العارفٌن هذه الحصة من بركة إ ِّذتباعه‪ ،‬وأرواحنا وأروا العالمٌن فداه‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪٠ ٣‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬ج‪ٝ‬و‪٬‬ح‪ ،ٟ‬دحخ جلسػدحخ و‪ ٟ٧‬لسر ؤ‪٬‬ح‪ ١٠ ٟ‬ن‪٧‬جل اسدحُحً ‪ٝ‬ف‪٠‬يح‪ )822/2( ١‬دف‪ٟٙ‬‬
‫‪٧ 1164‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬و‪ ،ٟ٧‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬و‪٬‬ح‪ ٟ‬لسر ؤ‪٬‬ح‪ ١٠ ٟ‬ن‪ ٧‬جل ف‪ٙ٧ 759 ٟٙ‬حل‪ :‬ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ‪٧ ،‬ؤد‪٧‬‬
‫ؿج‪٧‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬و‪ ،ٟ٧‬دحخ ٖ‪ ٫‬و‪ ٟ٧‬لسر ؤ‪٬‬ح‪ ١٠ ٟ‬ن‪٧‬جل‪ ،‬دف‪٧ 2433 ٟٙ‬جد‪٠ ١‬حظ‪ ٫ٖ ٤‬ج‪ٝ‬و‪٬‬ح‪ ،ٟ‬دحخ و‪٬‬ح‪ ٟ‬لسر ؤ‪٬‬ح‪ٟ‬‬
‫‪ ١٠‬ن‪٧‬جل ف‪٧ 1716 ٟٙ‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٧٠ ٫ٖ ٫٠‬جفؿ ج‪٠ٌٝ‬أ‪ ١‬ا‪ ٩ٝ‬ق‪٧‬جثؿ جد‪ ١‬ػ‪٬‬ح‪ )405/1( ١‬ج‪ٝ‬و‪٬‬ح‪ .ٟ‬دحخ ٖ‪ ١٠٬‬وح‪ٟ‬‬
‫ف‪٠‬يح‪٧ ١‬لسحً ‪ ١٠‬ن‪٧‬جل دف‪( 928 ٟٙ‬اػلح‪٧ .)3635 ١‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪14635 ٧ 14414 ٧ 14236‬‬
‫‪٧‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٠ ٫ٖ ٫٠‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ ‪٧ 183/3‬يَٖٓ‪ ٧٥٧ .٤‬وػ‪٬‬غ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪.17 :ٟ‬‬

‫‪133‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن قلوب أهل المعرفة خزابن هللا فً أرضه‪ٌ ،‬ضع فٌها ودابع‬
‫سره‪ ،‬ولطابؾ حكمته‪ ،‬وحقابق محبته‪ ،‬وأنوار علمه‪ ،‬وآٌات معرفته‪ ،‬التً ٌطلع‬
‫علٌها ملك مقرب‪ ،‬و نبً مرسل‪ ،‬و أحد دون هللا بؽٌر إذنه سبحانه‪ ،‬فٌنبؽً أن‬
‫لى معاملته‪ ،‬عارفا ًا بربحه‬ ‫ٌكون العارؾ عالما ًا بصالحه وفساده‪ ،‬مستقٌما ًا‬
‫وخسرانه‪ ،‬حافظا ًا له من مكابدر عدوه‪ ،‬مستعٌنا ًا باهلل فً ذلك كله‪ ،‬وأن ٌد فً قلبه‬
‫مكانا ًا لؽٌره‪ ،‬فإن هللا تعالى إذا اطلع على قلب فرأ فٌه ؼٌره مقته وخذله‪ ،‬وسلط‬
‫علٌه العدو‪ ،‬ومعاملة القلوب هلل خاصة‪ ،‬ومعاملة ااركان مختلطة‪ ،‬ومعاملة القل وب‬
‫ُستقبل بؽٌر ااركان‪ ،‬ومعاملة ااركان ُستقبل بدون القلوب‪ ،‬و تستوجب الثواب‪،‬‬
‫فإن كان العبد فً معاملة القلب مقصراًا‪ ،‬وفً معاملة ااركان مو ِّذفرا‪ ،‬حُسكم على‬
‫توفٌر أحكامه بتقصٌر قلبه‪ ،‬وإن كان فً معاملة القلب مو ِّذفرا وفً معاملة ااركان‬
‫مقصراًا‪ ،‬حُسكم على تقصٌر أركانه بتوفٌر قلبه‪.‬‬
‫رُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم مر بقوم من بنً إسرابٌل قد لبسوا‬
‫المسو ‪ ،‬وقد جعلوا التراب على رإوسهم‪ ،‬ودموعهم منحدرر على خدودهم‪ ،‬فبكى‬
‫علٌهم رحمة لهم‪ ،‬وقال ‪ :‬إلهً‪ ،‬أما ترحم عبادك‪ ،‬أما تر حالهم؟ فؤوحى هللا إلٌه ‪ٌ :‬ا‬
‫أولست بؤرحم الراحمٌن؟ كال(‪ ،)1‬ولكن أعلمهم بؤنً‬ ‫ُس‬ ‫موسى انظر هل نفدت خزابني‪،‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بذوات الصدور خبٌر‪ٌ ،‬دعوننً بقلوب خالٌة عنً‪ ،‬مابلة إلى الدنٌا‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ٜ‬ٴ‪ :‬ػفٕ ظ‪٧‬جخ ‪ٞٝ‬فؿٍ ‪٧‬ج‪ٝ‬قظف‪٢٥ ٫٥٧ ،‬ح ظ‪٧‬جخ ُ‪٥ " ١‬ل ‪ٗ٢‬ؿز‪ٖ "..‬ؾقجث‪ ١‬جهلل سِح‪ ٩ٝ‬ٳ س‪ٗ٢‬ؿ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ُ‪ ١‬ي‪٠‬فذ د‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ػد‪٬‬خ ‪ٙ‬حل ‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ " : ٟٞ‬ا‪ ١‬ج‪٠ٝ‬ٴث‪ٜ‬ر ‪٬‬فِٖ‪٠ُ ١٧‬ل ُدؿ ‪١٠‬‬
‫ُدحؿ‪٪ٕ ٣‬لس‪ٜ‬صف‪٬٧ ٤٢٧‬ق‪ ،٤٢٧ٜ‬ػس‪٢٬ ٩‬س‪٧٦‬ج د‪ ٤‬ا‪ ٩ٝ‬ػ‪٬‬ش نحء جهلل سِح‪ ١٠ ٩ٝ‬ل‪ًٞ‬ح‪٧٬ٖ ٤٢‬ػ‪ ٫‬جهلل سِح‪ ٩ٝ‬ا‪ ٟ٦٬ٝ‬ا‪ٟٜ٢‬‬
‫ػٌٗر ُ‪٠ُ ٩ٞ‬ل ُدؿ‪٧ ،٪‬ؤ‪٢‬ح ف‪٬ٙ‬خ ُ‪٠ ٩ٞ‬ح ٖ‪ٗ٢ ٫‬ل‪ ،٤‬ا‪ُ ١‬دؿ‪٥ ٪‬ـج ‪٬ ٟٝ‬ؾ‪ٞ‬ه ‪ٖ ، ٤ٞ٠ُ ٫ٝ‬ح‪ٜ‬سد‪ ٫ٖ ٣٧‬لٔطِّ ‪.١٬‬‬
‫‪:‬‬ ‫ُخ ٕ‪٪‬لس‪٬٧ ٤٢٧ٞٚ‬ػس‪ٚ‬ف‪،٤٢٧‬ػس‪٢٬ ٩‬س‪٧٦‬ج د‪ ٤‬ا‪ ٩ٝ‬ػ‪٬‬ش نحء جهلل ‪ ١٠‬ل‪ًٞ‬ح‪٧٬ٖ ،٤٢‬ػ‪ ٫‬جهلل ا‪ٟ٦٬ٝ‬‬
‫‪٬٧‬وِؿ‪ ١٧‬دِ‪٠‬ل ؿ‬
‫ا‪ ٟٜ٢‬ػٌٗر ُ‪٠ُ ٩ٞ‬ل ُدؿ‪٧ ٪‬ؤ‪٢‬ح ف‪٬ٙ‬خ ُ‪٠ ٩ٞ‬ح ٖ‪ٗ٢ ٫‬ل‪ ،٤‬ا‪ُ ١‬دؿ‪٥ ٪‬ـج ؤؾ‪ٞ‬ه ‪ٖ ،٤ٞ٠ُ ٫ٝ‬ح‪ٜ‬سد‪" ١٬٬ُٞ ٫ٖ ٣٧‬‬
‫[ س‪٢‬د‪ ٤٬‬ج‪ٔٝ‬حٖ‪ٞٝ ١٬ٞ‬ل‪٠‬ف‪٢ٙ‬ؿ‪ ( ٪‬ج‪ٚٝ‬لً‪٬٢٬ً٢‬ر ‪ ٣ 1325‬ـ) ه‪٧ .] 4‬لٔطِّ‪ :١٬‬لظل ؤُ‪٠‬حل ؤ‪٥‬ل ج ‪٢ٝ‬حف ‪: ١٧٬ُٞ٧ .‬‬
‫لظل ؤُ‪٠‬حل ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫وروي أنه(‪ )1‬صلى هللا علٌه وسلم مر برجل ساجد على صخرر منذ ثالثمابة‬
‫سنة‪ ،‬كان ٌبكً ودموعه تجري على ااودٌة‪ ،‬فوقؾ علٌه وبكى لبكابه‪ ،‬وقال ‪ٌ :‬ا‬
‫إلهً أما ترحم عبدك؟ فقال هللا تعالى ‪ :‬أرحمه‪ ،‬قال ‪ :‬ولم ٌا إلهً؟ قال ‪ :‬ان قلبه‬
‫ٌسترٌح إلى ؼٌري‪ ،‬وكان له جبّسة ٌستتر بها من الحر والبرد‪.‬‬
‫علً الصالر والسالم ‪ٌ " :‬ستقٌم عمل العبد حتى ٌستقٌم قلبه‪،‬‬ ‫وقال النبً ه‬
‫(‪) 2‬‬
‫و ٌستقٌم قلبه حتى ٌستقٌم لسانه" ‪.‬‬
‫ُسضؽة إذا صلحت صلحت‬ ‫ًا‬ ‫وقال علٌه الصالر والسالم ‪ " :‬إن فً الجسد م‬
‫ااعضاء كلها‪ ،‬أ وهً القلب " (‪ ،)3‬وقال هللا تعالى لموسى علٌه الصالر والسالم ‪:‬‬
‫جلَسة‪ ،‬وأبصار‬
‫ٌا موسى قل لبنً إسرا بٌل أن ٌدخلوا بٌتا ًا من بٌوتً إ بقلوب َسو ِس‬
‫خاشعة‪ ،‬وأبدان نقٌة‪ ،‬ونٌة صادقة‪.‬‬
‫قال ٌحٌى بن معاذ ‪ :‬قلب المإمن مضؽة جوفانٌة‪ ،‬حشوها جوهرر ربانٌة‪،‬‬
‫حولها روضة فردانٌة‪ ،‬تحتها ساحة نورانٌة‪ ،‬وهللا تعالى ناظر إلٌها فً كل لحظة‬
‫بالرحمة والشفقة‪ ،‬وٌحول بٌنها وبٌن ما ٌشؽله عنه‪ ،‬قال هللا تعالى ‪( :‬ومن أوفى‬
‫بعهده من هللا) (‪ )4‬وقٌل‪ :‬معاملة القلوب أمر شدٌد‪ ،‬والثبات علٌها أشد وأصعب‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬ي‪٬٠‬ف ‪٧ِ٬‬ؿ ا‪٢ ٩ٝ‬د‪ ٫‬جهلل ‪٧٠‬ل‪ ٤٬ُٞ ٩‬ج‪ٝ‬لٴ‪.ٟ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ( ‪٧ )12982‬جد‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬و‪٠‬ز (‪ٜ )9‬ٴ‪٠٥‬ح ‪ ١٠‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ُ‪ ٫ٞ‬د‪٠ ١‬لِؿذ ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ٞٝ‬ػحٌٖ ج‪٢٠ٝ‬ـف‪( ٪‬جد‪ٜ ١‬ص‪٬‬ف ‪٧‬نف‪ٜ‬حئ‪ 328/3 ) ٣‬دف‪ 509/3 ٧ ،3758 ٟٙ‬دف‪٧ .4219 ٟٙ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪٬٦ٝ‬ص‪٫٠‬‬
‫‪ ٫ُٞ ٪‬د‪٠ ١‬لِؿذ‪٧ :‬صّ‪ ٤ٚ‬ظ‪٠‬حُر ‪٧‬يِٓٗ‪ ٤‬آؾف‪.١٧‬‬
‫ٖ‪٠ ٫‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ ‪ٙ٧ 53/1‬حل ٕ‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ ١٠‬ػؿ‪٬‬ش ج‪٠ِ٢ٝ‬ح‪ ١‬د‪ ١‬دن‪٬‬ف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ُ‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٩‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ " : ٟٞ‬ج‪ٝ‬ػٴل د‪٧ ١ ِّ٫‬ج‪ٝ‬ػفج‪ٟ‬‬
‫د‪ [ "..١ِّ٫‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ٖيل ‪ ١٠‬جلسدفؤ ‪ٝ‬ؿ‪٠٧ 52 ٤٢٬‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪٠ٝ‬لح‪ٙ‬حذ‪ ،‬دحخ‪ :‬ؤؾـ ج‪ٝ‬ػٴل ‪٧‬سف‪ ٛ‬ج‪ٝ‬ند‪٦‬حز‬
‫‪.]1599‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬س‪٧‬در‪.111 :‬‬

‫‪135‬‬
‫قٌل لبعر أهل المعرفة ‪ :‬عب ٌحد فقد قلبه متى ٌجده؟ قال ‪ :‬إذا نزل فٌه الحق ‪.‬‬
‫قال‪ :‬متى ٌنزل؟ قال‪ :‬إذا ارتحل عنه ما دون الحق‪.‬‬
‫ومعاملة القلوب عل عشر مدارج‪ ،‬أولها الخطرات‪ ،‬ثم حدٌ النفأ‪ ،‬ثم‬
‫الهم‪ ،‬ثم الفكر‪ ،‬ثم اإلرادر‪ ،‬ثم الرضا‪ ،‬ثم ا ختٌار‪ ،‬ثم النٌة‪ ،‬ثم العزٌمة‪ ،‬ثم القصد‪،‬‬
‫حتى ٌبلػ إلى عمل الظاهر‪ ،‬فمن قام هلل تعالى فحفظ معاملة القلب عند الخطرات‪،‬‬
‫فهو على مدارج الصدٌقٌن‪ ،‬ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند حدٌ النفأ فهو‬
‫على مدارج المقربٌن‪ ،‬ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند الهم فهو على مدارج‬
‫ااوابٌن‪ ،‬ومن قام هلل على حفظ معاملة القلب عند الفكرر فهو على مدارج‬
‫المخلِسصٌن‪ ،‬ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند اإلرادر فهو على مدارج المرٌدٌن‪،‬‬
‫و َسمن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند ا ختٌار فهو على مدارج المتقٌن‪ ،‬ومن قام هلل‬
‫فحفظ معاملة القلب عند النٌة فهو على مدارج الزاهدٌن‪ ،‬ومن قام هلل فحفظ معاملة‬
‫القلب عند العزم فهو على مدارج المنٌبٌن‪ ،‬ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند‬
‫القصد فهو على مدارج المجتهدٌن‪ ،‬ومن قام هلل فح فظ معاملة القلب على عمل‬
‫الظاهر فهو على مدارج العابدٌن من عامة الموحدٌن‪.‬‬
‫وقال إسحاق بن إبراهٌم (‪ِ :)1‬سانْس ُست َسر ِّذد ْسد قلبك إلى هللا تعالى ذرر خٌر لك من‬
‫جمٌع ما طلعت علٌه الشمأ‪ ،‬وما من أحد صفا قلبه من أدناأ الشهوات‪ ،‬وطهره‬
‫من ؼبار الؽفالت‪ ،‬ونقاه من كدورات الؽواٌات‪ ،‬إ أطلعه هللا على ؼاٌة الؽاٌات‪.‬‬
‫وقال بكر بن عبد هللا (‪ )2‬فً معنى قوله تعالى‪ ( :‬وجاء بللب منيب )(‪ )3‬قال ‪:‬‬
‫الذي ٌمشً ببدنه على اارر‪ ،‬وقلبه معلق باهلل تعالى‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫جد‪ ١‬فج‪ :٤٬٧٥‬الػح٘ د‪ ١‬ادفج‪ ٟ٬٥‬د‪٠ ١‬ؾ‪ٞ‬ؿ ج‪ٝ‬ػ‪ ٫ٌٞ٢‬ج‪ٝ‬س‪ ٫٠٬٠‬ج‪٠ٝ‬ف‪٧‬ق‪ ،٪‬ؤد‪٧ِٚ٬ ٧‬خ (‪٥ 238 – 161‬ـ)‬
‫[جٯُٴ‪.]292/1 )4ً( ٟ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫د‪ٜ‬ف ُدؿ جهلل ج‪٠ٝ‬ق‪٠ .٫٢‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 108‬ـ [ج‪ٝ‬نِفج‪.]35/1 ٫٢‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٘‪.33 :‬‬

‫‪136‬‬
‫وقٌل ابً عبدهللا‪ :‬ما القلب السلٌم؟ قال‪ :‬قلب منقطع من عالبق الدنٌا‪ ،‬مملوء‬
‫من حب المولى‪ ،‬يشكو من الشدابد والبلو ‪ ،‬و ٌهتك أستار الصٌانة والتقو ‪.‬‬
‫وٌقال‪ :‬من لم ٌكن بٌنه وبٌن هللا معاملة سرٌة كان مسٌبا ًا وإن كان محسناًا‪ ،‬ومن‬
‫ٌر أن الكونٌن بما فٌهما بسٌر قدرته‪ ،‬وسرٌع لحظته‪ ،‬لم ٌنل معاملة القلب‪.‬‬
‫وقال أبو سعٌد الخراز(‪ :)1‬اعلم أن معاملة القلب هً تن دٌد السر مع ا نفراد‬
‫به‪ ،‬ومالحظة القلب على دوام حفظ ااوقات مع صدق الحال‪ ،‬من ؼٌر التفات منه‬
‫إلى الوقت والحال‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫وقال أبو الدرداء ‪ :‬إن هلل تعالى عباداًا تطٌر قلوبهم إلى هللا اشتٌاقا ًا ٌدركها‬
‫‪2‬‬

‫البرق الخاطؾ‪.‬‬
‫وٌُسرو أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ‪ " :‬ما سبقكم أبو بكر بكثرر صالر‬
‫و صٌام ولكن بحق وقر فً قلبه" (‪.)3‬‬
‫إن هللا تعالى ٌر ُّدد القلٌل لقلته‪ ،‬و ٌقبل الكثٌر لكثرته‪ ،‬ولكن (إنما ٌتقبل هللا‬
‫من المتقٌن) (‪ )4‬وٌقال‪ :‬لٌأ على مقام الصدق َسمن تعلق قلبه بالمقام‪ ،‬ولكن الصادق‬
‫ٌر مع هللا ؼٌر هللا أحداًا ‪ .‬وٌقال ‪ :‬إذا‬ ‫من تعلق قلبه برب المقام مجرداًا‪ ،‬حتى‬
‫صارت المعاملة إلى القلوب استراحت اابدان ‪ .‬وٌقال ‪ :‬تكون معاملة القلب إ‬
‫لمن له قلب صاؾ لٌأ بساه‪ ،‬صحٌح لٌأ بجرٌح‪ ،‬بصٌر لٌأ بضرٌر‪ ،‬فرٌد لٌأ‬
‫بطرٌد‪ ،‬طالب لٌأ بهارب‪ ،‬قرٌب لٌأ بؽرٌب‪ ،‬عاقل لٌأ بؽافل‪ ،‬سماوي لٌأ‬
‫بؤرضً‪ ،‬عرشً لٌأ بوحشً‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤػ‪٠‬ؿ د‪٬ُ ١‬ل‪ ٩‬ج‪ٝ‬ؾفجق‪ ،‬ؤد‪ ٧‬لِ‪٬‬ؿ‪ ،‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪.277‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬وػحد‪٠٬٧ُ ٫‬ف د‪٠ ١‬ح‪ ،ٛٝ‬ؤ‪٧‬ل ‪ٙ‬حى ‪٠ٝ‬ؿ‪٢٬‬ر ؿ‪٠‬ن٘ ‪ .‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 32‬ـ في‪ ٫‬جهلل ُ‪.٤٢‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫جٯلفجف ج‪٠ٝ‬فٖ‪ُ٧‬ر ‪ ٫ِٞٝ‬ج‪ٚٝ‬حف‪( ٪‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪.476‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ٚ٠‬سدك ‪ ١٠‬ج٭‪٬‬ر ‪ ١٠ 27‬ل‪٧‬فذ ج‪٠ٝ‬حثؿذ‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫وقال ثابت النساج (‪ :)1‬قرأت القرآن سنٌن بالخوؾ فلم أجد القلب‪ ،‬ثم قرأته‬
‫بالرجاء فلم أجد القلب‪ ،‬ثم قرأته بتجرٌد القلب عن كل ما دون هللا تعالى‪ ،‬فعند ذلك‬
‫وجدته‪ ،‬ورأٌت عند وجوده الو ٌة الكبر ‪ ،‬والعزر العظمى‪ ،‬والمراتب العلٌا‪.‬‬
‫وقال هللا تعالى فً بع ر الكتب ‪ :‬القلوب بٌدي‪ ،‬والحب فً خزابنً‪ ،‬فلو‬
‫حبً لعبدي ما قدر العبد أن ٌحبنً‪ ،‬ولو ذكري له فً اازل ما قدر أن ٌذكرنً‪،‬‬
‫ولو إرادتً إٌاه فً القدم ما قدر العبد أن ٌرٌدنً‪.‬‬
‫قٌل‪ :‬إن عارفا ًا رأ رجالًا ٌدور حول المسجد‪ ،‬فقال له ‪ٌ :‬ا هذا ما تطلب؟‬
‫قال‪ :‬أطلب موضعا ًا الٌا ًا أصلً فٌه‪ ،‬فقال ‪ :‬خل قلبك عما دون هللا‪َ ،‬س‬
‫وص ِّذل فً أي‬
‫موضع شبت‪.‬‬
‫ٍس‬
‫وٌقال‪ :‬بقدر إقبالك على هللا ٌكون قرب القلب منه‪ ،‬وما اطلع هللا على قلب‬
‫عبد فرأ فٌه ؼٌره إ عذبه هللا به‪ ،‬ووكله إلٌه‪.‬‬
‫وقال ٌحٌى بن معاذ ‪ :‬القلب إذا وضعته عند الدنٌا خاب‪ ،‬وإذا وضعته عند‬
‫العقبى ذاب‪ ،‬وإذا وضعته عند المولى طاب‪ .‬وقال‪ :‬الدنٌا خراب‪ ،‬وأخرب منها قلب‬
‫َسمن ٌعمرها‪ ،‬واآلخرر دار عمران‪ ،‬وأعمر منها قلب من ٌطلبها ‪ .‬وقال ‪ :‬مفاوز الدنٌا‬
‫ُستقتطع بااقدام‪ ،‬ومفاوز اآلخرر تقتطع بالقلوب ‪ .‬وقال ‪ :‬خراب النفأ من عمارر‬
‫القلب‪ ،‬وعمارر النفأ من خراب القلب‪.‬‬
‫أبل واحد من أبناء القلوب ‪ :‬ما لك تتكلم؟ فقال ‪ :‬قلبً ٌتكلم‪ .‬قٌل ‪ :‬مع من؟‬
‫قال‪ :‬مع مقلب القلوب‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ :‬ج‪٠ٝ‬ن‪٧٦‬ف ؤ‪ ١‬جل‪٠ ٤٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل ص‪ ٟ‬ؤً‪ ٤٬ُٞ ٘ٞ‬ؾ‪٬‬ف ج‪٢ٝ‬لحض ج‪ٌ٢‬ف ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ج‪ٚٝ‬ن‪٬‬ف‪٬‬ر (ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر ‪)50‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬نِفج‪( ٫٢‬ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر ‪٧ )200‬ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٠ .175/1‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 322‬ـ‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الحديث السابف والعألرون‬
‫[المر ُتء مف َمم ن أحب]‬

‫أخبرنا شٌخنا الجلٌل العارؾ باهلل شٌخنا أبو الفضل على الواسطً القرشً‬
‫ٌعرؾ بابن القاري رضً هللا عنه‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو الح سن عبدالرحمن بن محمد‬
‫المظفر الداودي‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو محمد عبدهللا بن أحمد بن حموٌه السرخسً‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو عبدهللا بن ٌوسؾ الفربري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل‬
‫البخاري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا بشر بن خالد‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن‬
‫سلٌمان‪ ،‬عن أبي وابل‪ ،‬عن عبدهللا‪ ،‬عن النبً صلى هللا علٌه وسلم أنه قال ‪" :‬المرء‬
‫مع من أحب"(‪.)1‬‬
‫وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من اإللزام بمحبة أحباب هللا ورسول هللا صلى هللا‬
‫علٌه وسلم ما فٌه بالغ للموقنٌن‪ ،‬وهد للمتقٌن‪ ،‬ونور للعارفٌن‪ ،‬فإن َسمن تدبر سر‬
‫المعٌة التً أفصح بها هذا النل ااشرؾ‪ ،‬انسلخ إ عن محبة هللا تعالى‪ ،‬ومحبة‬
‫َسمن أحبه هللا وأحب هللا‪ ،‬وكذلك العارفون رضً هللا عنهم‪ ،‬ومِسن العارفٌن َسمن هم‬
‫أهل القلوب المنٌرر‪ ،‬أصحاب صفاء السرٌرر‪ ،‬والعمدر على القلوب‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن هللا تعالى ذكر فً محكم كتابه للعباد أمره ونهٌه‪ ،‬ووعده‬
‫ووعًده‪ ،‬وترؼٌبه وترهٌبه‪ ،‬وقضاءه وتقدٌره‪ ،‬وحكمه وتدبٌره‪ ،‬ومشٌبته فً خلقه‪،‬‬
‫وضرب اامثال‪ ،‬وذكر آ ءه ونعماءه‪ ،‬ولطابؾ صنعه‪ ،‬وكمال قدرته‪ ،‬وعظٌم‬
‫ربوبٌته‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ثم قال ‪ ( :‬ن ل إل لإ ر لمن ان له لب ) أشهدَس فً هذه اآلٌة‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ُٴ‪٠‬ر ج‪ٝ‬ػخ ٖ‪ ٫‬جهلل ُق ‪٧‬ظل ‪٠٧ 5818 – 5816‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬دف ‪٧‬ج‪ٝ‬و‪ٞ‬ر ‪٧‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ‬
‫"ج‪٠ٝ‬فء ‪ ١٠ َ٠‬ؤػخ" ‪٧ .2641 ٧2640‬ج‪ٌ٢‬ف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ج‪ٝ‬صح‪ٝ‬ش ُمف‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٘‪.37 :‬‬

‫‪139‬‬
‫ؾ مراتب أبناء القلوب‪ ،‬و َسبًَّو َسن فضلهم على َسمن دونهم‪.‬‬ ‫جمٌع العباد‪َ ،‬سشرَّو َس‬
‫قال بعر المفسرٌن فً معنى قوله تعالى ‪ ( :‬لمن ان له لب )‪ :‬أي قلب‬
‫واثق بجمٌع ما ذكره هللا سبحانه فً كتابه من الوعد والوعٌد وؼٌرهما‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم ‪ :‬لمن كان له عقل ٌزجره عن جمٌع الضال ت والؽواٌات فً جمٌع‬
‫الحا ت‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬لمن كان له ذهن ٌفر به عن الشرك والشك ‪ .‬وقال بعضهم ‪:‬‬
‫لمن كان له ٌقٌن ٌسقط عنه وثابق الؽرور‪ ،‬فً جمٌع اامور إلى أن ٌصل إلى الملك‬
‫الؽفور‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬لمن كان له سر ٌتالشى مع جمٌع أوصاؾ العبودٌة‪ ،‬تحت‬
‫إشارر الربوبٌة‪ ،‬عند مشاهدر الحق‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬لمن كان له استقامة السر مع‬
‫ت منه إلى ما سواه‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬لمن كان له قلب مفرد لتفرد‬ ‫الحق‪ ،‬من ؼٌر التفا ٍس‬
‫الفرد‪.‬‬
‫وإن هللا تعالى زٌن قلوب العارفٌن بزٌنة المعرفة كرما ًا وامتناناًا‪ ،‬وزٌن قلوب‬
‫رحمة وإحساناًا‪ ،‬وحجب قلوب الؽافلٌن بالجهل والؽفلة‬ ‫ًا‬ ‫المرٌدٌن بالعظمة والهٌبة‬
‫محنة وخذ ناًا‪ ،‬وطبع على قلوب الكافرٌن باإلبعاد والنكرر طرداًا وحرمانا ًا‪ .‬والقلوب‬ ‫ًا‬
‫ثالثة‪ :‬قلب ٌطٌر فً الدنٌا حول الشهوات‪ ،‬وقلب ٌطٌر فً العقبى حول الكرامات‪،‬‬
‫وقلب ٌطٌر فً سدرر المنتهى حول اانأ والمناجار‪ ،‬فقلبٌح معلق بالدنٌا‪ ،‬وقلب‬
‫وقلب سحٌق ‪.‬‬ ‫معلق بالعقبى‪ ،‬وقلب معلق بالمولى‪ ،‬وقلب حرٌق‪ ،‬وقلب ؼرٌق‪،‬‬
‫وقلب منتظر للعطاء‪ ،‬وقلب منتظر للرضاء‪ ،‬وقلب منتظر للقاء ‪ .‬وقلب مشرو ‪،‬‬
‫وقلب مجرو ‪ ،‬وقلب مطرو ‪ .‬وقلب منٌب‪ ،‬وهو قلب آدم علٌه الصالر والسالم‪،‬‬
‫وسلٌم‪ ،‬وهو قلب إبراهٌم علٌة الصالر والسالم‪ ،‬ومنٌر‪ ،‬وهو قلب سٌدنا محمد علٌه‬
‫أفضل الصالر والسالم‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫الحديث ال امن والعألرون‬
‫[ من دعاء النبل صلى هللا عليه وسلم ]‬

‫أخبرنا شٌخنا القاضً الثقة المقري الجلٌل الشٌخ أبوالفضل علً الواسطً‬
‫القرشً رحمه هللا رحمة واسعة‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنً أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد‬
‫الداودي‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنً عبدهللا أحمد السرخسً‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً أبو عبدهللا محم د‬
‫الفربري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنً أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً إسحاق‬
‫ابن إبراهٌم‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا الحسٌن‪ ،‬عن زابدر‪ ،‬عن عبٌد الملك‪ ،‬عن مصعب بن‬
‫سعد‪ ،‬عن أبٌه قال‪ :‬تعوذوا بكلمات كان النبً صلى هللا علٌه وسلم ٌتعوذ بهن‪" :‬اللهم‬
‫إنً أعوذ بك من الجُسبن‪ ،‬وأعوذ بك من البخل‪ ،‬وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل‬
‫العمر‪ ،‬وأعوذ بك من فتنة الدنٌا وعذاب القبر "(‪ .)1‬استعاذ صلى هللا علٌه وسلم من‬
‫القواطع من هللا تعالى‪ ،‬فإن الجبن مُسقعِسد عن قول الحق‪ ،‬والبخل مقصر عن طلب‬
‫الحق‪ ،‬وأرذل العمر صارؾ عن بذل الهمة فً الحق‪ ،‬وفتنة الدنٌا قاطعة عن الحق‪،‬‬
‫وعذاب القبر نتٌجة أولبك‪ ،‬والعٌاذ باهلل‪ ،‬وفً مضمون هذه ا ستعاذر الشرٌفة‬
‫المحمدٌة‪ ،‬إرشاد بإعالء الهمة عن الجبن‪ ،‬والبخل‪ ،‬وح على التجرد إلى هللا‬
‫تعالى‪ ،‬وهذا بؽٌة العارفٌن‪ ،‬اللهم وفقنا لما تحب وترضى ٌا مصلح الصالحٌن‪ٌ ،‬ا‬
‫ولً المتقٌن‪ٌ ،‬ا دلٌل المتحٌرٌن‪ٌ ،‬ا أنٌأ العارفٌن‪ٌ ،‬ا أرحم الرحمٌن‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن العبد إذا علم أن هللا سبحانه وتعالى حكٌم فٌما حكم‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬ؿُ‪٧‬جز‪ ،‬دحخ جٳلسِحـذ ‪ ١٠‬ؤفـل ج‪٠ِٝ‬ف‪ٖ ١٠٧ ،‬س‪٢‬ر ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ‪ٖ٧‬س‪٢‬ر ج‪٢ٝ‬حف‬
‫‪ ٫ٖ٧ 6013‬دحخ ج‪ٝ‬سِ‪٧‬ـ ‪ُ ١٠‬ـجخ ج‪ٚٝ‬دف ‪٧ 6004‬دحخ ج‪ٝ‬سِ‪٧‬ـ ‪ٖ ١٠‬س‪٢‬ر ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ‪٧ 6027‬ف‪٧‬ج‪ ٫ٖ ٣‬ج‪ٝ‬ظ‪٦‬حؿ‪ ،‬دحخ ‪٠‬ح‬
‫‪٬‬سِ‪٧‬ـ د‪ ١٠ ٤‬ج‪ٝ‬ظد‪٧ .2667 ١‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬ؿُ‪٧‬ج ز‪ ،‬دحخ‪ ٫ٖ :‬ؿُحء ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٧ ٟٞ‬سِ‪٧‬ـ‪ ٫ٖ ٣‬ؿدف‬
‫‪ٜ‬ل وٴذ ‪ٙ٧ 3562‬حل‪ :‬ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ ‪٧ .‬ج‪٢ٝ‬لحث‪ :٫‬جٳلسِحـذ (جٳلسِحـذ ‪ٖ ١٠‬س‪٢‬ر ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ) ‪٧ .266/8‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪٫‬‬
‫ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (‪٠‬ل‪٢‬ؿ لِؿ د‪ ١‬ؤد‪ٙ٧ ٫‬حه في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪.1621 ٧ 1585 )ٟٞ‬‬

‫‪141‬‬
‫وقدٌ ٌحر عال ٌحم بما قضى ودبَّور‪ ،‬وعرؾ أنه جاهل بالمحبوب والمكروه‪ ،‬رضً عن هللا‬
‫فً حكمته وقضابه‪ ،‬والرضا هو سكون القلب إلى الحكٌم‪ ،‬وترك ا ختٌار مع‬
‫التسلٌم‪ ،‬و شًء أشد على النفأ من الرضا بالقضاء‪ ،‬ان الرضا بالقضاء‪ٌ ،‬كون‬
‫على خالؾ رضا النفأ وهواها‪ ،‬فطوبى لعبد آثر رضا هللا تعالى على رضا نفسه‪.‬‬
‫‪ :‬إلهً‬ ‫وروي أن موسى علٌه الصالر والسالم كان ٌقول فً مناجاته‬
‫خصصتنً بالكالم ولم تكلم بشراًا قبلً‪ ،‬فدلنً على عمل أنال به رضاك‪ ،‬فقال هللا‬
‫تعالى‪ٌ :‬ا موسى رضابً عنك رضاك بقضابً‪.‬‬
‫وقال الدارانً (‪ : )1‬أرجو أن أكون قد أُسعطٌت من الرضا طرفاًا‪ ،‬وذلك أن هللا‬
‫تعالى لو أدخلنً النار لكنت بذلك راضٌاًا‪ ،‬وإن أحق الناأ بالرضا أهل المعرفة‪،‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وهو باب هللا ااعظم‪.‬‬
‫ورو فً بعر الكتب‪ :‬أن جبرٌل علٌه الل ر والسالم كان ٌهبط اارر‪،‬‬
‫فرأ رجالًا علٌه أثر السكٌنة‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا رب ما أحسن هذا الرجل‪ ،‬فقال هللا تعالى ‪ٌ :‬ا‬
‫جبرٌل انظر اسمه فً اللو فً أسماء أهل النار‪ ،‬فقال ‪ :‬إلهً ما هذا؟ فقال ‪ٌ :‬ا‬
‫جبرٌل إنً أُسسؤل عما أفعل‪ ،‬وإنه ٌبلػ أحد من َسخلقً علمً إ بما شبت ‪ .‬فقال‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٥ 215‬ـ [‬ ‫ؤد‪ ٧‬ل‪٠٬ٞ‬ح‪ ١‬ج‪ٝ‬ؿجفج‪ُ : ٫٢‬دؿ ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬د‪٬ًُ ١‬ر‪٧ ،‬ؿجف‪٬‬ح د‪ٞ‬ؿذ ‪ ١٠‬ؤُ‪٠‬حل ؿ‪٠‬ن٘‪٠ ،‬حز ل‪٢‬ر‬
‫ج‪ٝ‬نِفج‪ :٫٢‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪( ٨‬ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر ‪.])150‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ٙ٧‬حل ؤد‪ً ٧‬ح‪ٝ‬خ ج‪٠( ٫ٜ٠ٝ‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ٫ُٞ ١‬د‪٬ًُ ١‬ر ج‪ٝ‬ػحفص‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 386‬ـ )‪" :‬ج‪ٝ‬فيح ُ‪ ١‬جهلل‬
‫) [ ل‪٧‬فذ‬ ‫لدػح‪٧ ٤٢‬سِح‪ ١٠ ٩ٝ‬ؤُ‪ٚ٠ ٩ٞ‬ح‪٠‬حز ج‪ ١٬ٚ٬ٝ‬دحهلل‪ٙ٧ ،‬ؿ ‪ٙ‬حل سِح‪ ٣( : ٩ٝ‬ل ظقجء جٱػلح‪ ١‬اٳ جٱػلح‪١‬‬
‫ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠ٖ ]60 ١٠‬ؤػل‪ ١‬ج‪ٝ‬فيح ُ‪ ١‬جهلل ظحقج‪ ٣‬جهلل دح‪ٝ‬فيح ُ‪ٖٚ ،٤٢‬حدل ج‪ٝ‬فيح دح‪ٝ‬فيح‪٥٧ ،‬ـج ٓح‪٬‬ر ج‪ٝ‬ظقجء‬
‫‪٦٢٧‬ح‪٬‬ر ج‪ًِٝ‬حء‪ُ ٤ٝ٧ٙ ٧٥٧ ،‬ق ‪٧‬ظل ‪ ( :‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ ٟ٦٢‬في‪٧‬ج ُ‪ [ ) ٤٢‬ج‪٠ٝ‬حثؿذ ‪٧ 119‬ج‪ٝ‬س‪٧‬در ‪٧ 100‬ج‪٠ٝ‬ظحؿ‪ٝ‬ر‬
‫‪٧ 22‬ج‪ٝ‬د‪٢٬‬ر ‪٧ٙ [ ] 8‬ز ج‪٧ٞٚٝ‬خ ٖ‪َ٠ ٫‬ج‪ٞ٠‬ر ج‪٠ٝ‬ػد‪٧‬خ (‪٠‬وًٗ‪ ٩‬ج‪ٝ‬دحد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ػ‪ٞ‬د‪٠ – ٫‬وف ً‪ٙ٧ ]76/2 )1‬حل ج‪ٝ‬ن‪٬‬ؽ‬
‫ُدؿ ج‪ٚٝ‬حؿف ج‪ٝ‬ظ‪٬‬ٴ‪٥ 561 – 471( ٫٢‬ـ)‪ ١٠ :‬ؤفجؿ ؤ‪٬ ١‬ػول ‪ ٤ٝ‬ج‪ٝ‬فيح د‪ٚ‬يحء جهلل ُق ‪٧‬ظل ٖ‪٬ٞ‬ؿ‪ ٟ‬ـ‪ٜ‬ف‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ز‪ٖ ،‬ب‪ ١‬ـ‪ٜ‬ف‪ ١ِّ٧٦٬ ٣‬ج‪٠ٝ‬وحثخ ‪٧‬ج٭ٖحز" [ ج‪ٗٝ‬سغ ج‪ٝ‬فدح‪٠ ( ٫٢‬وف – ‪ً٠‬دِر ج‪ٝ‬ػ‪ٞ‬د‪٥ 1380 ٫‬ـ) ه‪.] 190‬‬

‫‪142‬‬
‫جبرٌل‪ٌ :‬ا رب أتؤذن لً أن أخبره بما رأٌت؟ قال لك اإلذن‪ ،‬فهبط جبرٌل وأخبره‬
‫بحاله‪ ،‬فخر الرجل ساجداًا‪ ،‬وكان ٌقول ‪ :‬لك الحمد ٌا مو ي على قضابك وقدرك‪،‬‬
‫حمداًا ٌعلو حمد الحامدٌن‪ ،‬وٌزٌد على شكر الشاكرٌن ‪ .‬قال‪ :‬فما زال ٌحمد هللا تعالى‬
‫حتى ظن جبرٌل أنه لم ٌسمع ما قال‪ ،‬فقال‪ٌ :‬ا عبدهللا وهل سمعت ما قلت لك؟ قال ‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬أخبرتنً أنك وجدت اسمً بٌن أسماء أهل النار فً اللو المحفوظ‪ ،‬قال فما‬
‫هذا الحمد والشكر؟ قال ‪ :‬سبحان هللا ٌا جبرٌل‪ ،‬إن هللا تعالى قد قضى مع كمال‬
‫تى‬ ‫علمه‪ ،‬وسعة رحمته وحلمه‪ ،‬ولطابؾ ربوبٌته‪ ،‬وحقابق حكمته‪ ،‬فمن أنا‬
‫أرضى؟ تبارك هللا ربً‪ ،‬ثم خر ساجداًا‪ ،‬وأخذ فً التسبٌح والتحمٌد ‪ .‬قال ‪ :‬فرجع‬
‫جبرٌل إلى هللا‪ ،‬فقال هللا تعالى‪ :‬ارجع فً اللو المحفوظ وانظر ماذا تر ‪ ،‬فرجع‬
‫فإذا اسمه فً أسماء أهل الجنة‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا جبرٌل‪ ،‬هو ما تر ‪ ،‬إنً أُسسؤل عما‬
‫أفعل‪ ،‬فقال جبرٌل ‪ :‬إلهً ابذن لً حتى أخبره بما رأٌت‪ ،‬فقال‪ :‬لك اإلذن‪ ،‬قال‪ :‬فهبط‬
‫جبرٌل فؤخبره بما رأ ‪ ،‬قال ‪ :‬لك الحمد ٌا سٌدي ومو ي على قضابك وقدرك‪،‬‬
‫حمداًا ٌعلو حلو الحامدٌن‪ ،‬وٌزٌد على شكر الشاكرٌن (‪ .)1‬فرجع جبرٌل متعجبا ًا من‬
‫كمال رضاه عن هللا بكل ما حكم له‪.‬‬
‫وكذلك روي‪ :‬أن هللا تعالى أوحى إ لى نبً من أنبٌابه‪ ،‬أن قل لعبدي فالن ابن‬
‫فالن‪ :‬إنك من أهل النار ‪ .‬فلما بلّسػ إلٌه الرسالة حمد هللا تعالى‪ ،‬وقال ‪ :‬الحمد هلل على‬
‫ما قضى‪ ،‬فاامر أمره‪ ،‬والحكم حكمه ‪ .‬فقال هللا تعالى لنبٌه ‪ :‬الحق به ثانٌا ًا وأخبره‬
‫أنً قد ؼفرت لك‪ ،‬حٌ رضٌت بقضابً‪ .‬فبلػ الرسالة‪ ،‬فشهق الرجل شهقة وخر‬
‫مٌتا ًا‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫" ج‪ٝ‬ن‪ٜ‬ف ‪ ١٠‬ؤُ‪ ٩ٞ‬ج‪ٚ٠ٝ‬ح‪٠‬حز‪ ،‬ٯ‪٬ ٤٢‬ن‪٠‬ل ج‪ٞٚٝ‬خ ‪٧‬ج‪ٞٝ‬لح‪٧ ١‬ج‪ٝ‬ظ‪٧‬جفع‪٧ ،‬ٯ‪٬ ٤٢‬سي‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ودف ‪٧‬ج‪ٝ‬فيح ‪٧‬ج‪ٝ‬ػ‪٠‬ؿ‪،‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪ٜ٧‬ص‪٬‬فجً ‪ ١٠‬ج‪ِٝ‬دحؿجز ج‪ٝ‬دؿ‪٬٢‬ر ‪ ٧‬ج‪ٞٚٝ‬د‪٬‬ر‪٦ٝ٧ ،‬ـج ؤ‪٠‬ف جهلل سِح‪ ٩ٝ‬د‪ ١ُ ٩٦٢٧ ٤‬يؿ‪ ٧٥٧ ٣‬ج‪ٜٗٝ‬ف ‪٧‬ج‪ٝ‬ظػ‪٧‬ؿ‪ٖٚ ،‬حل‬
‫(‪٧‬جن‪ٜ‬ف‪٧‬ج ‪٧ ٫ٝ‬ٳ س‪ٜٗ‬ف‪ [ )١٧‬ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ ‪ُ [ ] 152‬دؿج‪ٚٝ‬حؿف ُ‪٬‬ل‪ :٩‬ػ‪ٚ‬حث٘ ُ‪ ١‬ج‪ٝ‬سو‪ )4ً( ٕ٧‬ه ‪.]388‬‬

‫‪143‬‬
‫وإن قضاء هللا تعالى على أربعة أوجه ‪ :‬قضاء النعمة‪ ،‬فعلى العبد فٌه الرضا‬
‫والشكر‪ ،‬والثانً قضاء الشدر‪ ،‬فعلى العبد فٌه الرضا وذكر المنة‪ ،‬والقٌام بالواجب‬
‫إلى الموت‪ ،‬والرابع قضاء المعصٌة‪ ،‬فعلى العبد فٌه الرضا عن هللا والتوبة‪.‬‬
‫وسُسبل علً بن أب ي طالب رضً هللا عنه عن القضاء والقدر‪ ،‬فقال ‪ :‬لٌ ٌحل‬
‫مظلم‪ ،‬وبحر عمٌق‪ ،‬وسر هللا ااعظم‪ ،‬فمن رضً به فله الرضا‪ ،‬ومن سخط فله‬
‫السخط‪.‬‬
‫وروي أنه لما وُس ضع المنشار على رأأ زكرٌا علٌه الصالر والسالم َسه َّوم أن‬
‫ٌستؽٌ باهلل تعالى‪ ،‬فؤوحى هللا إلٌه أن ٌا زكرٌا إما أن ترضى بح كمً لك‪ ،‬وإما أن‬
‫أخرب اارر وأُسهل َسِسك من علٌها ‪ .‬فسكت حتى قُسطع نصفٌن ‪ .‬وحكً أن رابعة‬
‫البصرٌة مرضت‪ ،‬فقٌل لها أما ندعو لك طبٌباًا؟ فقالت ‪ :‬من قضى علً؟ فقالوا ‪ :‬هللا‬
‫تعالى‪ .‬قالت‪ :‬أو مثلً من ٌرد قضاء سٌده؟‬
‫ومرر أبو بكر الصدٌق رضً هللا عنه‪ ،‬فقٌل له ‪ :‬أما ندعو لك الطبً ب؟‬
‫فقال‪ :‬قد رآنً‪ .‬قٌل وما قال؟ فقال‪ :‬قال إنً فعّسال لما أرٌد‪.‬‬
‫شكا نبً من اانبٌاء بعر ما ناله من المكروه‪ ،‬فؤوحى هللا إلٌه ‪ :‬كم تشكونً‬
‫ولست أهل ذم و شكو ‪ ،‬فهكذا كان شؤنك فً عملً؟ فلم تسخط؟ أفتحب أن أعٌد‬ ‫ُس‬
‫الدنٌا من أجلك؟ أو أبدل اللو بسببك‪ ،‬فؤقضً ما ٌسرك ك ما ترٌد كما أرٌد‪،‬‬
‫وٌكون ما تحب دون ما أحب؟ فبعزتً حلفت لبن َستلَسجْس لَس َسن هذا فً صدرك مرر أخر ‪،‬‬
‫اسلبنك ثوب النبور‪ ،‬واوردنك النار و أبالً‪.‬‬
‫قال بعر الحكماء لٌأ العجب ممن ابتلً فصبر‪ ،‬إنما العجب ممن ابتلً‬
‫فرضً‪ .‬قٌل لعبدالواحد بن زٌد ‪ :‬أي الرجلٌن أفضل ‪ :‬رجل أ حب البقاء لٌطٌع‪ ،‬أو‬
‫رجل أحب الخروج شوقا ًا إلٌه؟ فقال ‪ :‬هذا و ذاك‪ ،‬ولكن رجل فور أمره إلى‬
‫هللا‪ ،‬وقام على قدم الصدق فً الرضا‪ ،‬فإن أبقاه أحب ذلك‪ ،‬وإن أخرجه أحب ذلك‪،‬‬
‫فهذه منازل الرضا عنه‪ ،‬وخلق العارؾ معه‪.‬‬
‫قٌل لعمر بن عبد العزٌز رحمه هللا ‪ :‬ما تشتهً؟ قال ‪ :‬ما ٌقضً هللا ‪ .‬وقال‬

‫‪144‬‬
‫أبو عبدهللا النساج‪ :‬إن هلل عباداًا ٌستحٌون من الصبر وٌسلكون مسلك الرضا وإن له‬
‫عباداًا لو ٌعلمون من أٌن ٌؤتً القدر‪ ،‬ستقبلوه حبا ًا ورضا ًا‪.‬‬
‫وفً الخبر‪ " :‬إن أول ما كتب هللا سبحانه وتعالى فً اللو المحفوظ ‪ :‬إله‬
‫إ هللا‪ ،‬محم ٌحد رسول هللا‪ ،‬من استسلم لقضابً‪ ،‬وصبر على بالبً‪ ،‬وشكر لنعمابً‪،‬‬
‫ٌرر بقضابً‪ ،‬ولم ٌصبر‬ ‫َس‬ ‫كتبته صدٌقاًا‪ ،‬وبعثته ٌوم القٌامة مع الصدٌقٌن‪ ،‬ومن لم‬
‫على بالبً‪ ،‬ولم ٌشكر نعمابً‪ ،‬فلٌختر ربا ًا سواي" (‪ٌ .)1‬قول قابلهم رضً هللا عنهم‪:‬‬
‫ٌا نفأ إنً أسلمتك إلى ربك‪ ،‬على أنه إن شاء جوَّو عك‪ ،‬وإن شاء أشبعك‪ ،‬وإن شاء‬
‫أعزك‪ ،‬وإن شاء أذلَّوك‪ ،‬وإن شاء أحٌاك‪ ،‬وإن شاء أماتك‪ ،‬وهو أؼنى وأولى بكِس‬
‫منك‪ ،‬وأنت بال ُسكلّسٌة له ٌا نفأ‪ ،‬فما لكِس والحكم على َسمن له الحكم والخلق واامر‪.‬‬
‫وقٌل لٌحٌى بن معاذ الرازي ‪ :‬متى ٌطٌب عٌش المإمن؟ قال ‪ :‬إذا رضً عن‬
‫هللا تعالى بكل ما قضى وقدر‪ ،‬وحكم ودبر‪ .‬وقٌل له‪ :‬متى ٌكون العبد راضٌا ًا عنه؟‬
‫قال ‪ :‬إذا قال العبد لربه ‪ :‬إلهً إن أعطٌتنً شكرت‪ ،‬وإن منعتنً رضٌت‪ ،‬وإن‬
‫دعوتنً أجبت‪ ،‬وإن تركتنً عبدت‪.‬‬
‫والزهد عشرر أجزاء‪ ،‬وأعلى درجة الزهد أدنى درجة الور ‪ ،‬والور‬

‫(‪) 1‬‬
‫يِ‪ ٫ٖ٧ .ٕ٬‬جٱسػحٖحز ج‪ٝ‬ل‪٬٢‬ر ‪ِٝ‬خؿج‪ٝ‬فئ‪ ٕ٧‬ج‪٢٠ٝ‬ح‪ :٪٧‬دل‪ ٟ‬جهلل ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬فػ‪ .ٟ٬‬ا‪ ١٠ ١‬جلسل‪ٚٝ ٟٞ‬يحث‪٫‬‬
‫‪٧‬في‪ ٫‬دػ‪٧ ٫٠ٜ‬ودف ُ‪ ٩ٞ‬دٴث‪ ٫‬دِصس‪ ٟ٧٬ ٤‬ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬وؿ‪ " ١٬ٚ٬‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١ُ .٫٠ٞ٬‬جد‪ُ ١‬دحك في‪ ٫‬جهلل‬
‫ُ‪٠٦٢‬ح ؤ‪ٙ ٤٢‬حل ‪ :‬ا‪ ١‬ؤ‪٧‬ل ن‪٫‬ء ‪ٜ‬سد‪ ٤‬جهلل ٖ‪ ٫‬ج‪٧ٞٝ‬ع ج‪ ٟٝ‬ػٗ‪ :ٌ٧‬دل‪ ٟ‬جهلل‪ ..‬ا‪ ٩ٝ‬آؾف‪ [ "٣‬جٱسػحٖحز ج‪ٝ‬ل‪٬٢‬ر دحٯػحؿ‪٬‬ش‬
‫ج‪ٚٝ‬ؿل‪٬‬ر (د‪٬‬ف‪٧‬ز – ‪٠‬ئللر ج‪ٝ‬قُد‪ )4 ً ٫‬ه ‪ 46‬ف‪ ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪٧ ] 96‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ ١‬ج‪٢ٝ‬ظحف ُ‪ ٫ُٞ ١‬في‪ ٫‬جهلل‬
‫ُ‪٢ٜ [ ٤٢‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ ] 43402/15 ٧ 8659/3‬ـ‪ٜ‬ف ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ ًح‪٥‬ف د‪ ٫ُٞ ١‬ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪ٙ ٪‬ل‪٠‬حً ‪٢ ١٠ " ٤٢٠‬لؾر جد‪١‬‬
‫جٯنِش" [ سـ‪ٜ‬فذ ج‪٧٠ٝ‬ي‪ٍ٧‬جز ‪٧ ] 190‬ف‪ ٨٧‬دِي‪ " ٧٥٧ ،٤‬ا‪ ٫٢‬ؤ‪٢‬ح جهلل ٳ ا‪ ٤ٝ‬اٳ ؤ‪٢‬ح‪٬ ٟٝ ١٠ ،‬ودف ُ‪ ٩ٞ‬دٴث‪٫‬‬
‫‪٬ ٟٝ٧‬فى د‪ٚ‬يحث‪٬ ٟٝ٧ ،٫‬ن‪ٜ‬ف ‪٠ِ٢ٝ‬حث‪٬ٖٞ ،٫‬سؾـ فدحً ل‪٧‬ج‪ٙ٧ "٪‬حل‪ :‬يِ‪ [ ٕ٬‬سـ‪ٜ‬فذ ‪.] 189‬‬

‫‪145‬‬
‫عشرر أجزاء‪ ،‬وأعلى درجة الور أدنى درجة الٌقٌن‪ ،‬والٌقٌن عشرر أجزاء‪ ،‬وأعلى‬
‫درجة الٌقٌن أدنى درجة الرضا‪ ،‬ان الرضا أعلى درجة العبودٌة‪ ،‬وإن هللا سبحانه‬
‫جعل الرو والراحة فً الرضا‪ ،‬وجعل الهم فً السخط‪.‬‬
‫وحُسكً أن عطٌة الحمصً (‪ ،)1‬قال إن والدي قال إلبراهٌم بن أدهم ‪ٌ :‬ا أبا‬
‫(‪) 2‬‬

‫ُس‬
‫اشتؽلت بثالثة أجزاء‪ ،‬فإن‬ ‫إسحاق‪ ،‬لو كتبت من هذا الحدٌ كما ك تنبا ‪ .‬فقال له ‪:‬‬
‫فرؼت منها فعلت ما تقول ‪ .‬قال‪ :‬وما هً ؟ قال ‪ :‬التوكل على هللا فٌما تكفل به من‬
‫الرزق‪ ،‬وإخالل العمل هلل‪ ،‬والرضا بقضاء هللا‪ .‬فؤما التوكل واإلخالل فقد فرؼت‬
‫‪ :‬فبكى‬ ‫منهما بعون هللا‪ ،‬وأما الرضا بقضاء هللا‪ ،‬فإنً منه فً شؽل شاؼل‪ ،‬قال‬
‫والدي بكاء شدٌداًا‪ ،‬وقال‪ :‬ما أبعدنا عما أنت فٌه‪ ،‬هل ٌكون فوق الرضا منزلة نقدر‬
‫أن نقول فٌها شٌبا ًا‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ :‬إنً أؼبط إ َسمن أصبح ولٌأ له ؼداء و‬ ‫قال محمد بن واسع‬
‫عشاء‪ ،‬وهو عن هللا تعالى رار ‪ .‬قٌل لسفٌان الثوري ‪ :‬متى ٌكون العبد عن هللا‬
‫راضٌاًا؟ قال‪ :‬إذا سرّسته المصٌبة كما سرّسته النعمة‪.‬‬
‫وقال رجل عند اإلمام الحسٌن (‪ )4‬رضً هللا عنه ‪ :‬إن أبا ذر (‪ )5‬كان ٌقول ‪:‬‬
‫الفقر أحب إلًّس من الؽنى‪ ،‬والسقم أحب إلىّس من الصحة‪ ،‬فقال ‪ :‬رحم هللا أبا ذر‪ ،‬أما‬
‫أنا فؤقول‪ :‬من رضً بحسن اختٌار هللا تعالى لم ٌتمن ؼٌر ما اختاره هللا له ‪ .‬وقال‬
‫ٌحٌى بن معاذ‪ :‬طلبت العلم فلم أستر ‪ ،‬ثم طلبت العمل فلم أستر ‪ ،‬فرضٌت عن هللا‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ُ :‬حم ‪104‬‬ ‫ًُ‪٬‬ر د‪٬ٙ ١‬ك ج‪ٝ‬ػ‪٠‬و‪ / ٫‬سحدِ‪ٙ .٫‬حل ج‪ٝ‬قف‪ ٫ٖ ٫ٜٞ‬جٯُٴ‪٠ِ٠" :238/4 ) 4ً( ٟ‬ف‪٬ٙ ،‬ل‬
‫ل‪ "١٬٢‬س‪ ٫ٖ٧‬دِؿ ‪٥ 121‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ادفج‪ ٟ٬٥‬د‪ ١‬ؤؿ‪ ٟ٥‬ج‪ٝ‬د‪ٞ‬ؾ‪ ٫‬ج‪ٝ‬س‪ ،٫٠٬٠‬ؤد‪ ٧‬الػح٘‪ ،‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 161‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪٧ ١‬جلَ د‪ ١‬ظحدف جٯقؿ‪ .٪‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 123‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ج‪ٝ‬ػل‪ ١٬‬ج‪ٝ‬لدً‪ ،‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬د‪ ٫ُٞ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح (‪٥ 61-4‬ـ)‬
‫(‪) 5‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ـف‪ :‬ظ‪٢‬ؿخ د‪ ١‬ظ‪٢‬حؿذ ( ز ‪٥ 32‬ـ) في‪ ٫‬جهلل ُ‪.٤٢‬‬

‫‪146‬‬
‫فؽرقت فً الراحة ‪ .‬قال أبو الدرداء رضً هللا عنه ‪ :‬لٌأ الشؤن فً أكل خبز‬
‫الشعٌر‪ ،‬ولبأ الصوؾ‪ .‬لكن الشؤن فً الرضا عن هللا تعالى‪.‬‬
‫ر العبد أم رضل‬ ‫ضل‬ ‫سي ون الإ وُت‬
‫إا سينلضل‬ ‫ل‬ ‫لي هإا يدوم بل‬

‫كان مكتوبا ًا على سٌؾ عمر بن الخطاب رضً هللا عنه‪:‬‬


‫انلضى ما يريد‬ ‫د ضى ي ُتح َمم ُته‬
‫(‪) 1‬‬
‫لم ي ن ما تريد‬ ‫ؤرد ما ي ون ن‬

‫كان مكتوبا ًا على سٌؾ علً بن أبً طالب رضً هللا عنه‪:‬‬
‫يوم و ُتيلدَم ُتر أم يو ٌمم ُتد ْنِرر‬ ‫أ يومل من الموس أ ّنر‬
‫الحإ ْنِرر‬
‫الملدور و ينجو َم‬ ‫ِر‬ ‫ومن‬ ‫يوم و ُتيلدَم ُتر و يؤتل به‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٥‬ـج‪ ١‬ج‪ٝ‬د‪٬‬سح‪٧ ،١‬ج‪ٝ‬د‪٬‬زج‪ٙ ١‬د‪٠٦ٞ‬ح‪٠ ١٠ ،‬ظق‪٧‬ء ج‪ٝ‬ؾٗ‪. ٕ٬‬‬

‫‪147‬‬
‫الحديث التاسف والعألرون‬
‫[ و له و هللا]‬

‫أخبرنا خالً وسٌدي أبو المكارم منصور الربانً البطاٌحً اانصاري‬


‫الواسطً رضً هللا عنه قال ‪ :‬حدثنً السٌد الشرٌؾ حسن بن عسلة الرفاعً برواق‬
‫أبً فً أم عبٌدر‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً النقٌب السٌد ٌحٌى الرفاعً‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً أبً السٌد‬
‫ثابت‪ ،‬قال‪ :‬حدثنً أبً السٌد علً الحازم الرفاعً‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً أبً السٌد علً أبو‬
‫الفضابل‪ ،‬قال‪ :‬حدثنً أبً السٌد الكبٌر رفاعة الحسن المكً الحسٌنً‪ ،‬نزٌل إشبٌلٌة‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثنً أبً السٌد محمد أبو القاسم‪ ،‬عن أبٌه السٌد الحسن القاسم‪ ،‬عن أبٌه السٌد‬
‫حسٌن عبدالرحمن الرضً المحد القطٌعً‪ ،‬عن أبٌه السٌد أحمد ااكبر‪ ،‬عن أبٌه‬
‫السٌد موسى‪ ،‬عن أبٌه اامٌر السٌد إبراهٌم المرتضى‪ ،‬عن أخٌه اإلمام علً الرضا‪،‬‬
‫عن أبٌه اإلمام موسى الكاظم‪ ،‬عن أبٌه اإلمام جعفر الصادق‪ ،‬عن أبٌه اإلمام محمد‬
‫الباقر‪ ،‬عن أبٌه اإلمام علً زٌن العابدٌن‪ ،‬عن أبٌه اإلمام الحسٌن الشهٌد بكربالء‪،‬‬
‫عن أبٌه أمٌر المإمنٌن علً المرتضى‪ ،‬عن ابن عمه سٌد المرسلٌن‪ ،‬وأشرؾ‬
‫المخلوقٌن نبٌنا محمد المصطفى صلى هللا علٌه وسلم أنه قال ‪ " :‬حدثنً جبرٌل علٌه‬
‫الصالر والسالم‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً رب العزر سبحانه وتعالى قال ‪ :‬كلمة إله إ هللا‬
‫حصنً‪ ،‬فمن قالها دخل حصنً‪ ،‬ومن دخل حصنً أم َسِسن من عذابً"(‪.)1‬‬
‫هذا الحدٌ القدسً الذي وصل إلٌنا بالسند النبوي فٌه من إعظام شؤن كلمة‬
‫التوحٌد‪ ،‬ما ٌزٌد العبد إٌماناًا‪ ،‬وٌملإه عرفاناًا‪ ،‬وٌلزمه بالمداومة على الذكر بهذه‬
‫الكلمة‪ ،‬التً هً رو التوحٌد‪ ،‬وما على قابلها بعد اإلٌمان بمبلِّذؽها صلى هللا علٌه‬
‫وسلم من بؤأ‪ ،‬وكونها آخذر بالعبد إلى ا فتقار إلى هللا تعالى‪ ،‬وا نقهار تحت‬
‫عظمة فردانٌته‪ ،‬فلذلك صارت حصنا ًا للعبد بإذن هللا تعالى‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن الؽنى والفقر صفتان ‪ :‬صفة هلل‪ ،‬وصفة للعبد‪ ،‬فصفة الفقر‬
‫للعبد‪ ،‬وهو (‪ )1‬صفة مد ‪ ،‬كما أن صفة الؽنى هلل‪ ،‬وهو صفة مد ‪ ،‬والفقر بالحقٌقة‬
‫صفة العبد‪ ،‬إذ ٌشوبه ؼنى‪ ،‬والؽنى بالحقٌقة صفة الرب‪ ،‬إذ ٌشوبه فقر‪ ،‬وإن‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤؾفظ‪ ٤‬جد‪ُ ١‬لح‪ٜ‬ف (‪ ٫ُٞ ١ُ )85/2‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٢ٜ [ ٤٢‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ ] 1769 ٧ 158/1‬جد‪ ١‬ج‪٢ٝ‬ظحف ُ‪٤٢‬‬
‫‪ ١ُ٧‬ؤ‪٢‬ك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح [ ‪٢ٜ‬ق ‪٧ ]235/1‬ق‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪٢٠ٝ‬ح‪ ٫ٖ ٪٧‬جٱسػحٖحز ج‪ٝ‬ل‪٬٢‬ر (ج‪ٝ‬قُد‪ )٫‬ه ‪ 73‬ف‪ٟٙ‬‬
‫‪ٙ٧ 166‬حل‪ :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤد‪٧ ٟ٬ِ٢ ٧‬جد‪ ١‬ج‪٢ٝ‬ظحف ‪٧‬جد‪ُ ١‬لح ‪ٜ‬ف ُ‪ ٫ُٞ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ . ٤٢‬ج‪ٌ٢‬ف ٖ‪ ٫‬جٱسػحٖحز ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‬
‫" ؤؾفظ‪٤‬‬ ‫‪٧ .165‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٔٝ‬قج‪ ٫ٖ ٫ٝ‬اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪( ١٬‬ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ٙ٧ 167/1‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪٫ٙ‬‬
‫ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬ج‪ٝ‬سحف‪٬‬ؽ ‪٧‬ؤد‪ ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧‬ج‪ٝ‬ػل‪٬‬ر ‪ً ١٠‬ف‪ ٘٬‬ؤ‪٥‬ل ج‪ٝ‬د‪٬‬ز ‪ ١٠‬ػؿ‪٬‬ش ُ‪ ٫ٞ‬خال‪٢‬حؿ يِ‪ ٕ٬‬ظؿجً‪٧ٙ٧ ،‬ل ؤد‪٫‬‬
‫‪٢٠‬و‪٧‬ف ج‪ٝ‬ؿ‪ " :٫٠ٞ٬‬ا‪ ٤٢‬ػؿ‪٬‬ش صحدز" ‪٠‬فؿ‪٧‬ؿ ُ‪."٤٬ٞ‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪ ٪‬ج‪ٚٗٝ‬ف‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫أشرؾ صفات العبد افتقاره إلى هللا فً كل شًء كما أن أشرؾ صفات الرب‬
‫(‪) 2‬‬
‫استؽناإه عن العبد فً كل شًء قال هللا تعالى ‪ ( :‬وهللا نل وأنتم الفلراء ) ‪،‬‬
‫و(يؤيها النا أنتم الفلراء لى هللا وهللا هو التنل الحميد)(‪.)3‬‬
‫واعلم أن ا فتقار إلى هللا مقسو ٌحم على النفأ والرو والقلب والسرّس‪ ،‬ففقر‬
‫النفأ إلى هللا تعالى ٌكون على سبٌل القرب والرضاء‪ ،‬وفقر السر إلى هللا تعالى‬
‫على أبٌل المشاهدر واللقاء‪ ،‬فكلما رأ العبد نفسه متحٌرر على باب عهده ووفابه‪،‬‬
‫رجع با فتقار إلى باب عفوه‪ ،‬وكلما رأ روحه متحٌرر على باب وده ومحبته‪،‬‬
‫رجع با فتقار إلى باب عناٌته‪.‬‬
‫ومن حقٌقة ا فتقار ا ستكفاء بالكافً‪ ،‬وطر النفأ السقٌمة بٌن ٌدي‬
‫المعافً ‪ .‬وأٌضا حقٌقته انتظار السبب من المسبب مع رإٌة السبب‪ ،‬وا شتؽال‬
‫بالمسبب مع نسٌان السبب ‪ .‬وأٌضا من حقٌقته دوام التبصبل (‪ )4‬وا عتذار‪ ،‬بلسان‬
‫صدق‬

‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪38 :ٟٞ‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٖحًف‪.15 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ج‪ٝ‬سدوخه‪ :‬ج‪ٝ‬س‪ [ ٘ٞ٠‬ج‪ٌ٢‬ف ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك ج‪٠ٝ‬ػ‪٠( ً٬‬ئللر ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪٠‬حؿذ دوده (ج‪٦ٝ‬ح‪٠‬م) ‪٧‬ؤلحك ج‪ٝ‬دٴٓر‬
‫(ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر ‪٧ .)23‬ج‪٠ٝ‬فجؿ ‪٢٥‬ح‪ :‬جٳلسفيحء ‪٧‬جٳُسـجف ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫ا فتقار‪ ،‬مع ؼاٌة ا نكسار‪ ،‬ومن حقٌقته تخلٌل ااسرار من رإٌة ااعمال‪ ،‬وترك‬
‫ا عتماد على حسن الحال‪ ،‬ومن حقٌقته أن ٌنصرؾ العبد عنه بخلقه و بملكه‪.‬‬
‫قٌل ابً عبد هللا بن مقاتل ‪ :‬متى ٌكون العبد ؼنٌا ًا محتاجا ًا وهو فً ؼناه‬
‫وحاجته محمود؟ قال ‪ :‬إذا كان ؼناه باهلل عن َسخلقه‪ ،‬وحاجته إلى ربه‪ .‬قال الشٌخ أبو‬
‫بكر الواسطً‪ :‬إن العبد ٌعرؾ هلل حق معرفته‪ ،‬حتى ٌعرؾ الفاقة الكبر ‪ ،‬قٌل ‪:‬‬
‫وما الفاقة الكبر ؟ قال‪ :‬أن ٌعلم أنه لم ٌهتد إلى ربه إ به‪ ،‬و ٌنجو من سخطه إ‬
‫به‪ .‬وٌقال‪ :‬ا فتقار لواء أهل الو ٌة ‪ .‬وٌقال‪ :‬ا فتقار طر النفأ بٌن ٌدي الرب‪،‬‬
‫كالصبً الرضٌع بٌن ٌدي اام‪.‬‬
‫وٌقال ا فتقار فراؼة فً رعاٌة‪ ،‬ورعاٌة فً و ٌة‪ ،‬وو ٌة فً عناٌة‪،‬‬
‫وعناٌة فً هداٌة‪ ،‬فمن فراؼة له رعاٌة له‪ ،‬ومن رعاٌة له و ٌة له‪ ،‬ومن‬
‫و ٌة له عناٌة له‪ ،‬ومن عناٌة له هداٌة له‪.‬‬
‫الخلق بؤسرهم فقراء محتاجون إلى هللا تعالى‪ ،‬أسرّس اء تحت‬ ‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن َس‬
‫مشٌبته‪ ،‬ضعفاء تحت علمه وقدرته‪ٌ ،‬ملكون انفسهم و لؽٌرهم نفعا ًا و ضراًا‪،‬‬
‫و ذ ًا و عزاًا‪ ،‬و موتا و حٌار‪ ،‬منصوبون بٌن سهام النعمة والرخاء‪ ،‬موقوفون‬
‫بٌن القطٌعة والشقاء‪ ،‬مستورر عنهم خواتٌمهم‪ ،‬لهم الخوؾ والرجاء‪ ،‬والفقر‬
‫والدعاء‪ ،‬والتضر والبكاء‪ ،‬فما أفقر من هذه صفته‪ ،‬وما أضعؾ من هذه حالته‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫واعلم أن ا فتقار أجل مر اتب المحبٌن‪ ،‬وأرفع منازل المنٌبٌن‪ ،‬وأزلؾ‬
‫حا ت المرٌدٌن‪ ،‬وأعظم آ ت ااوابٌن (‪ )2‬وأج َّول مقامات التاببٌن‪ ،‬وأعلى وسابل‬
‫المقربٌن‪ ،‬وهو أصل العبودٌة‪ ،‬وصدر اإلخالل‪ ،‬ورأأ التقو ‪ ،‬ومخ الصدق‪،‬‬
‫وأساأ الهد ‪ ،‬فمن أراد أن ٌدخل فً عُسصبة أهل ا فتقار‪ ،‬فٌنبؽً أن ٌهتم‬
‫بمصلحة نفسه وعٌاله‪ ،‬وأن ٌتملق بٌن ٌدي هللا تعالى‪ ،‬وأن ٌكون آٌسا ًا مما سو‬

‫هللا‪ ،‬مع ا فتقار إلى هللا تعالى‪ ،‬كرجل ٌكون فً ببر مظلمة‪ ،‬ورأأ الببر مسدود‪،‬‬
‫وأثره مستور‪ ،‬ولٌأ له فً الببر مإنأ‪ ،‬و للخلق على رأأ الببر ممر‪ ،‬فهل‬
‫ٌكون رجاإه وافتقاره إلى أحد دون مو ه؟‬
‫وحكً أن رجالًا من الصالحٌن وقع فً ببر فً البادٌة وكان ضرٌراًا ‪ ،‬فمرت‬
‫على رأأ الببر قافلة‪ ،‬فناداهم الرجل من قعر الببر‪ ،‬فهتؾ هانؾ ‪ :‬أٌستؽٌ بؽٌري‬
‫وأنا ؼٌا المستؽٌثٌن‪ ،‬قال ‪ :‬فسكت الرجل‪ ،‬فإذا أهل القافلة س ّسدوا رأي الببر‪،‬‬
‫وأرادوا أن ٌُسخفوه (‪ )1‬كً ٌقع فٌه أحد ‪ ،‬فصار الرجل آٌسا ًا من نفسه‪ ،‬وانقطع‬
‫رجاإه عن الخلق‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إلهً اآلن لم ٌبق لً ؼٌرك‪ ،‬وأنا فقٌر إلٌك‪ ،‬فسلط هللا‬
‫أسداًا حتى فتح رأأ الببر‪ ،‬وهبط فٌه‪ ،‬فؤخذ الرجل بذنب ااسد‪ ،‬فرفعه إلى رأأ‬
‫الببر‪ ،‬فنودي من فوقه‪ :‬تقطع قلبك عمن ٌنجٌك بتلؾٍس َسمن تلؾ‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫شٌف‪ :‬قزة‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫األ‪ٚ‬اة‪ :‬اٌزبئت‪ ِٓ ،‬آة ‪٠‬ؤ‪ٚ‬ة إذا زجط‪.‬‬
‫سِ‪٧‬ؿ ج‪٦ٝ‬حء ٖ‪٬( ٫‬ؾٗ‪ )٤ٙ٧ٖ( ٧ )٤٬ٖ( ٧ )٣٧‬ا‪٠ٜٞ ٩ٝ‬ر فؤك‪ .‬ؤ‪٠‬ح (دثف) ٖ‪٠‬ئ‪٢‬صر‪.‬‬ ‫(‪) 1‬‬

‫‪150‬‬
‫واعلم أن هللا وضع تحت قوله ( يا نعبد) (‪ )2‬كمال وفاء صدق العبودٌة‪ ،‬ثم‬
‫علم كمال ضعؾ العبد وعجزه‪ ،‬فؤعطاه كلمة أخر وجمع له خٌر الدارٌن‪ ،‬وهو‬
‫قوله تعالى‪ ( :‬و يا نستعين )(‪ )3‬فكل حق هللا تعالى على العبد‪ ،‬تحت قوله (إٌاك‬
‫نعبد)‪ ،‬وكل فقر للعبد إلى هللا تعالى تحت قوله (وإٌاك نستعٌن)‪.‬‬
‫وقٌل ‪ :‬إن أعرابٌا ًا وقؾ بالموقؾ (‪ )4‬فقال ‪ :‬إلهً إلٌك خرجت وأنت‬
‫أخرجتنً‪ ،‬ولك وقفت وأنت أوقفتنً‪ ،‬وقد عصٌت أمرك‪ ،‬وأنت خذلتنً‪ ،‬ومع ذلك‬
‫عذر لً و حجة‪ ،‬فإن رحمتنً وعفوت عنً‪ ،‬فؤنت أهل اإلحسان‪ ،‬و فقٌر لك‬
‫أفقر منً ٌا سٌدي وٌا مو ي‪.‬‬
‫واعلم أن هللا تعالى كلَّوؾ العباد صدق ا فتقار‪ ،‬كٌال ٌتجاوزوا حد العبودٌة‬
‫إلى حد الربوبٌة‪ ،‬ومن اإلرادات العقلٌة إلى اإلرادات الهوابٌة‪ ،‬ومن الصفاور‬
‫الروحٌة‬

‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٗٝ‬حسػر‪5 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٗٝ‬حسػر‪5 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ٖ‪ُ ٫‬فٖحز‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫إلى الكدورر النفسٌة‪ ،‬ومن الهمم العلوٌة إلى الهمم السفلٌة‪.‬‬
‫قال هللا تعالى لنبٌه ااعظم علٌه الصالر والسالم ‪( :‬لي ل من اا مر‬
‫(‪) 3‬‬
‫أللء)(‪ ،)1‬وقال سبحانه ‪ ( :‬ل ن اامر له هلل) (‪ )2‬وقال‪ ( :‬بل هلل اامر جميعا ً )‬
‫وقال ‪ ( :‬أو له الخلو واامر )(‪ ،)4‬نعم صال العبد با فتقار‪ ،‬نعم ا ستعانة‬
‫بالمستعان‪ ،‬نعم سبب الوصول إلى طرٌق الهداٌة واللحوق بؤهل الو ٌة ا فتقار‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.128 :١‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.154 :١‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬فُؿ ‪.31‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯُفجٕ‪.54 :‬‬

‫‪152‬‬
‫الحديث ال ال ون‬
‫[ إا راا أحد م الجمعة لل تسل]‬

‫أخبرنا الشٌخ الثقة العارؾ باهلل تعالى خالً أبوبكر بن ٌحٌى النجاري‬
‫اانصاري الواسطً رضً هللا عنه ‪ " :‬قال‪ :‬أخبرنا أبو ؼالب محمد بن عبدالواحد‬
‫القزاز‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عمر بن أحمد البرمكً‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا‬
‫إسحاق بن سعٌد‪ ،‬قا ل‪ :‬أخبرنا محمد بن هارون‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أو آمنة محمد بن‬
‫إبراهٌم‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا محمد بن سابق‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا إبراهٌم بن طهمان‪ ،‬عن منصور‪،‬‬
‫عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر رضً هللا عنهما قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪:‬‬
‫" إذا را أحدكم الجمعة فلٌؽتسل " (‪ .)1‬وهذا الحدٌ الشريؾ فٌه من إعظام مناجار‬
‫هللا الؽاٌة‪ ،‬فإن العبد إذا صلى ناجى ربه‪ ،‬سٌَّوما فً ٌوم الجمعة ومشهدها‪ ،‬فإنه من‬
‫أعظم مشاهد الحضرر ‪ .‬وا ؼتسال عبارر عن ؼسل القلب والقالب من الوجودات‪،‬‬
‫هذا مع ما فٌه من فضٌلة التطهر الشرعً‪ ،‬وهذا سر من أسرار ا ؼتسال‪ ،‬ولم ٌكن‬
‫من حكم شرعً إ فٌه من ااسرار الباطنة والظاهرر ما تحٌّسر(‪ )2‬له العقول‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬د‪٦‬ـج ج‪ ٌٗٞٝ‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪٧ 5488 ٧ 5482/5 ٧ 319 ٧ 91/1‬ج‪٢ٝ‬لحث‪ ٫ٖ ٫‬ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر‪ ،‬دحخ‪:‬‬
‫ػى جٱ‪٠‬ح‪ ٫ٖ ٟ‬ؾًدس‪ ٩ُٞ ٤‬ج‪ٔٝ‬لل ‪ ٟ٧٬‬ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر ‪ٖ٧ 105/3‬سغ ج‪ٝ‬دحف‪٧ 360/2 ٪‬ف‪ ٫ٖ ٪٧‬ج‪ً٧٠ٝ‬إ‪ :‬ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر‪ ،‬دحخ‬
‫‪٠‬ح ظحء ٖ‪ٓ ٫‬لل ‪ ٟ٧٬‬ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر ف‪" : 429 ٟٙ‬اـج ظحء ؤػؿ‪ ٟٜ‬ج‪ٝ‬ظ‪ُ ٟ‬ر ٖ‪ٔ٬ٞ‬سلل " ‪ٜ ٧٥٧‬ـ‪ ٫ٖ ٛٝ‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪٧ 4466/4‬‬
‫‪٧ 5828 ٧ 5311/5 ٧ 5169 ٧ 5083‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر‪ ،‬دحخ ٖيل ج‪ٔٝ‬لل ‪ ٟ٧ ٪‬ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر ‪٠٧ 837‬ل‪: ٟٞ‬‬
‫ج‪ٝ‬ظ‪ِ٠‬ر (ؤ‪٧‬جث‪٧ .845 ٧ 844 )٤ٞ‬ج‪ٌ٢‬ف ج‪ٝ‬دؾحف‪.877 ٧ 854 ٪‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫سػ‪ٓ٫‬ف (دي‪ ٟ‬ج‪ٝ‬فجء)‪٠ :‬يحفٍ ؾٗٗز ‪ ٤٢٠‬اػؿ‪ ٨‬سحء‪٧ ٤٬‬ؤو‪ ٤ٞ‬سسػ‪٬‬ف‪ٚ٬ ،‬حل ‪ :‬ػحف ‪٬‬ػحف ‪٧‬سغ ‪٬‬ف ‪٬‬سػ‪٬‬ف (ج‪ٌ٢‬ف‬
‫ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك ج‪٠ٝ‬ػ‪.)ً٬‬‬

‫‪153‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن َسمن نظر فً حسن تدبٌر هللا تعالى‪ ،‬ولطابؾ صنعه‪ ،‬وكمال‬
‫قدرته فً كل شًء‪ ،‬علم أنه تعالى قاب ٌحم على نفسه بما كسبت‪ ،‬وأن نواصً العباد‬
‫(‪ )1‬فً مار ي حكمته‪ ،‬راد‬ ‫بٌده‪ٌ ،‬قلبهم كٌؾ ٌشاء‪ ،‬وأن سعادتهم وشقاوتهم‬
‫لقضابه و معقب لحكمه‪ ،‬فمتى تحقق ذلك اعتصم باهلل‪ ،‬واستسلم له‪ ،‬وفور ال ُسكـلّسٌة‬
‫إلٌه‪ ،‬وقام بقدم ا ضطرار بٌن ٌدٌه‪ ،‬وبقً بال حول و قور‪ ،‬و اختٌار و تعلٌق‪،‬‬
‫و تدبٌر و سإال‪ ،‬فإن راحة الدارٌن وسرورهما فً ا عتصام باهلل‪ ،‬وهمومهما‬
‫فً ا عتصا م بؽٌر هللا‪ ،‬ورإٌة الحول والقور بالنفأ‪ ،‬أ تر قول هللا تعالى لنبٌه‬
‫علٌه الصالر والسالم‪ ( :‬ل و أمل لنف نفعا ً وو ضراً و ما ألاء هللا)(‪ )2‬ومعاملة‬
‫(و أمل و‬ ‫هللا تعالى موسى علٌه الصالر والسالم فً التٌه مكافؤر لقوله ‪:‬‬
‫نف وأخل) (‪ )3‬وقٌل فً م عنى قوله تعالى‪ ( :‬اخلف نعلي ) أي اخلع عن قلبك‬
‫(‪) 4‬‬

‫أهلك وولدك وكل ما سو هللا (‪ ،)5‬ثم قال تعالى ‪ ( :‬وما تل بيمين يا موسى * ال‬
‫هل عصا ) (‪ )6‬أضافها إلى نفسه‪ ،‬قال ما تصنع بها قال‪( :‬أتوكإا علٌها)(‪ )7‬فقال له‪:‬‬
‫(‪) 8‬‬
‫( أللها يا موسى * ؤللاها فإا هل حية تسعى)‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬ن‪ٚ‬ح‪٧‬ذ ‪٧‬ج‪ٝ‬ن‪٧ٚ‬ذ (دٗسغ ج‪ٝ‬ن‪٦٬ٖ ١٬‬ح ‪ٜ٧‬لف‪٥‬ح) ‪٧‬ج‪ٝ‬ن‪ٚ‬ح‪ :‬ج‪ٝ‬ن‪ٚ‬حء‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯُفجٕ‪.188 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٠ٝ‬حثؿذ‪.25 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح ٗ‪. 12 :‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫‪٥‬ـج ‪ ٫٢ِ٬‬ؤ‪٧٬ ١‬ػؿ ج‪٠ٝ‬فء فد‪ ٤‬لدػح‪ٗ٬٧ ،٤٢‬فؿ‪ ٣‬دح‪ٝ‬س‪٧‬ظ‪٧ ٤‬ج‪ٝ‬ؾن‪٬‬ر ‪٧‬ج‪ِٝ‬دحؿذ‪٬ٝ ٤٢ٜٝ٧ ،‬ك ‪ ٫٢ِ٬‬ؤ‪ ١‬ػخ ج‪ ٟٝ‬فء‬
‫‪ٝ‬فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٬ٓ ٟٞ‬ف ‪٧‬جظخ‪ٖ ،‬ب‪ ١‬ج‪٠ٝ‬فء ٳ ‪٬‬ئ‪ ١٠‬ػس‪ ١٧ٜ٬ ٩‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬ؤػخ ا‪٤٬ٝ‬‬
‫‪٠ ١٠‬ح‪ٝ٧٧ ٤ٝ‬ؿ‪ٗ٢٧ ٣‬ل‪ ٤‬ج‪ٝ‬س‪ ٫‬د‪ ١٬‬ظ‪٢‬د‪٬ٝ٧ ،٤٬‬ك ‪ ٫٢ِ٬‬ؤ‪٬‬يح ؤٳ ‪٬‬ػخ ج‪٠ٝ‬فء ؤ‪ ٤ٞ٥‬ؤ‪ ٧‬ؤٳ ‪٬‬فُح‪ ١٠ٖ ،ٟ٥‬ج‪ٝ‬نف ؤ‪١‬‬
‫‪٬‬ي‪ َ٬‬ج‪٧ٚ٬ ١ َٟ ٕٜٞ٠ٝ‬ز‪٧ ،‬ؾ‪٬‬ف ج‪ِٝ‬دحؿ ‪ ٧٥‬ؾ‪٬‬ف‪ ٟ٥‬ٯ‪ ٟ٦٬ٖ ٧٥٧ ،٤ٞ٥‬فج ٍ ‪٠٧‬لئ‪٧‬ل ُ‪٧ ،ٟ٦٢‬دػد‪٧ ٟ٦‬دػخ لحثف‬
‫‪٧" :‬ظدز ‪٠‬ػدس‪٫‬‬ ‫ج‪٠ٝ‬ل‪٬ ١٬٠ٞ‬س‪ٚ‬فخ ا‪ ٩ٝ‬جهلل سِح‪ ٩ٝ‬ج‪ٝ‬ـ‪٧ٚ٬ ٪‬ل ‪" :‬ػ‪ٚ‬ز ‪٠‬ػدس‪٠ٞٝ ٫‬سػحد‪ ٫ٖ٧ ".. ٓ٫ٖ ١٬‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر‬
‫‪٠ٞٝ‬سػحد‪ [ "..ٓ٫ٖ ١٬‬جٱسػحٖحز‪ :‬ه‪.] 70 ٧49‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪.18- 17 :٤‬‬
‫(‪) 7‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪18 :٤‬‬
‫(‪) 8‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪.20-19 :٤‬‬

‫‪154‬‬
‫قال هللا تعالى‪ٌ :‬ا موسى هذه التً قلت أتوكؤ علٌها صارت عدور لك‪ ،‬لتعلق قلبك‬
‫‪( :‬قال خذها و‬ ‫بؽٌري‪ ،‬فرجع موسى بقلبه إلى هللا تعالى‪ ،‬فلما علم ذلك منه‬
‫تخؾ)(‪ )1‬وقال لنبٌنا علٌه الصالر والسالم‪ ( :‬ل لن يصيبنا و ما تب هللا لنا) ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫ٌقول هللا تعالى‪ " :‬ما من عبد نزلت به بلٌة فاعتصم بمخلوق دونً إ قطعت‬
‫أسباب السماء من ٌدٌه‪ ،‬ووكلته إلى نفسه‪ ،‬وما من عبد نزلت به بلٌة فاعتصم بً‬
‫دون خلقً إ أعطٌته قبل أن ٌسؤلنً‪ ،‬وأستجٌب له قبل أن ٌدعونً"(‪ )3‬وبلؽنا أن هللا‬
‫تعالى أوحى إ داود علٌه الصالر والسالم ‪ :‬وعزتً وجاللً وعظمتً وارتفا عً‬
‫فوق َس لقً‪ٌ ،‬عتصم عبد من عبٌدي بً دون خلقً‪ ،‬فؤعلم ذلك من قلبه فٌكٌده‬
‫السموات السبع و َسم ن فٌهن‪ ،‬واارضون السبع و َسم ن فٌهن‪ ،‬إ جعلت له من ذلك‬
‫مخرجاًا‪ ،‬وعزتً وجاللً‪ ،‬وعظمتً وارتفاعً فوق َسخلقً‪ٌ ،‬عتصم عبد من‬
‫عبادي بمخلوق دونً‪ ،‬فؤعلم ذلك من قلبه‪ ،‬إ قطعت عنه ااسباب‪ ،‬ثم أبالً فً‬
‫أي واد‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪21 :٤‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬س‪٧‬خ‪.51 :‬‬
‫ذ‬ ‫ل‪٧‬فذ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ِٝ‬ل‪ٜ‬ف‪ ٫ُٞ ١ُ ٪‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٧ٚ٬ : ٟٞ‬ل جهلل سِح‪٠" : ٩ٝ‬ح‬
‫‪٠ ١٠‬ؾ‪ِ٬ ٘٧ٞ‬سو‪ ٟ‬د‪٠‬ؾ‪ ٘٧ٞ‬ؿ‪ ٫٢٧‬اٳ ‪ًِٙ‬ز ؤد‪٧‬جخ ج‪ٝ‬ل‪٧٠‬جز ‪٧‬جٯفى ؿ‪ٖ ،٤٢٧‬ب‪ ١‬ؿُح‪ ٟٝ ٫٢‬ؤظد‪٧ ،٤‬ا‪ ١‬لإ‪٫٢ٝ‬‬
‫‪ ٟٝ‬ؤًُ‪٠٧ ،٤‬ح ‪٠ ١٠‬ؾ‪ِ٬ ٘٧ٞ‬سو‪ ٟ‬د‪ ٫‬ؿ‪ ١٧‬ؾ‪ ٫ٚٞ‬اٳ ي‪٢٠‬ز ج‪ٝ‬ل‪٧٠‬جز ف ق‪ٖ ،٤ٙ‬ب‪ ١‬لإ‪ ٫٢ٝ‬ؤًُ‪٬‬س‪٧ ،٤‬ا‪ ١‬ؿُح‪٫٢‬‬
‫ؤػددس‪٧ ،٤‬ا‪ ١‬جلسٔٗف‪ٗٓ ٫٢‬فز ‪٢ٜ [ " ٤ٝ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪٧ .]8512/3‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ ٫ٖ ٛ‬ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ ُ‪ ١‬جد‪١‬‬
‫‪٠‬لِ‪٧‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ٙ ٤٢‬حل‪ٙ :‬حل فل‪٧‬ل جهلل و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ١٠ " :ٟٞ‬ؤوحدس‪ٖ ٤‬ح‪ٙ‬ر ٖإ‪٢‬ق‪٦ٝ‬ح دح‪٢ٝ‬حك ‪ ٟٝ‬سلؿ‬
‫ٖح‪ٙ‬س‪ ١٠٧ ،٤‬ؤ‪٢‬ق‪٦ٝ‬ح دحهلل سدحف ‪٧ ٛ‬سِح‪ ٩ٝ‬ؤ‪٧‬ن‪ ٛ‬جهلل ‪ ٤ٝ‬دح‪ ٩٢ٔٝ‬ا‪٠‬ح ‪٧٠‬سحً ُحظٴً‪ ،‬ؤ‪ ٩٢ٓ ٧‬آظٴً " [ ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ (سو‪٬٧‬ف‬
‫د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪ :‬دحخ ‪٠‬ح ف‪٧‬ج‪ ٟ٬ِ٢ ٣‬د‪ ١‬ػ‪٠‬حؿ ٖ‪٢ ٫‬لؾس‪ ٤‬قجثؿجً ُ‪٠ ٩ٞ‬ح ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪٠ٝ‬ف‪٧‬ق‪ ١ُ ٪‬جد‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ ٛ‬ه ‪ 34‬ف‪ٟٙ‬‬
‫ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪ ٫ٖ٧ ]132‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ‪٢ ١٠ " :‬ق‪ٝ‬ز د‪ ٤‬ػحظر ٖإ‪٢‬ق‪٦ٝ‬ح دح‪٢ٝ‬حك ‪٢ٜ [ "..‬ق ‪ ١ُ 16781/6‬جد‪ ١‬ظف‪٬‬ف ‪ ٪‬س‪٦‬ـ‪٬‬د‪،٤‬‬
‫‪٧‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف‪٧ ،‬ؤد‪ ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٫‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪٧‬ج‪ٝ‬د‪ ٫ٖ ٫ٚ٦٬‬نِخ جٱ‪٠٬‬ح‪.]١‬‬

‫‪155‬‬
‫أهلكته‪ ،‬وأمأل قلبه شؽالًا وحرصاًا‪ ،‬وأمالًا ٌبلؽه أبداًا"‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫وفً الخبر ‪ ":‬من اعتصم باهلل واستعان به‪ ،‬أحوج هللا إلٌه الناأ‪ ،‬وأنطقه‬
‫بالحكمة‪ ،‬وجعله من ملوك الدارٌن‪ ،‬ومن اعتصم بمخلوق دونه‪ ،‬ووكل إلٌه قلبه‪،‬‬
‫عذبه هللا‪ ،‬وقطع عنه أسباب الدنٌا واآلخرر "‪.‬‬
‫وروي أٌضا ًا‪ " :‬تفرؼوا من هموم الدنٌا ما استطعتم‪ ،‬وأقبلوا إلى هللا تعالى‬
‫بقلوبكم‪ ،‬واعتصموا به فً جمٌع أموركم‪ ،‬ان العبد إذا أقبل إلى هللا بقلبه‪ ،‬أقبل هللا‬
‫(‪) 2‬‬
‫بقلوب العباد إلٌه‪ ،‬ومن ٌعتصم باهلل كفاه هللا كل مإنة"‪.‬‬
‫قٌل لٌحٌى بن معاذ ‪ :‬متى ٌكون الرجل معتصما ًا باهلل؟ فقال ‪ :‬إذا قطع قلبه عن‬
‫كل عالقة موجودر ومفقودر‪ ،‬ورضً باهلل وكٌال‪ .‬وروي أن هللا تعالى قال لداود علٌه‬
‫الصالر والسالم‪ :‬ما ٌتعبد المتعبدون‪ ،‬و ٌتقرب المتقربون بشًء أبلػ عندي من‬
‫ا عتصام والتسلٌم‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وقال عامر بن قٌأ احد العارفًن‪ :‬اد هللا لً‪ :‬فقال‪ :‬لقد استعنت بمن هو‬
‫‪ .‬وقال ‪ :‬فٌما‬ ‫أعجز منك‪ ،‬أطع هللا واعتصم به‪ٌ ،‬عطك أعظم ما ٌعطً السابلٌن‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٧ .229‬ف‪٨٧‬‬ ‫جٱسػحٖحز ج‪ٝ‬ل‪٬٢‬ر دحٯػحؿ‪٬‬ش ج‪ٚٝ‬ؿل‪٬‬ر ‪ٝ‬ق‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪٢٠ٝ‬ح‪( ٪٧‬د‪٬‬ف‪٧‬ز) ه ‪ 99‬ف‪ ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‬
‫ج‪ٔٝ‬قج‪ ٫ٝ‬دِي‪ ٫ٖ ٤‬جٱػ‪٬‬حء (ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪.244/4‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ٞٝ‬ػحٌٖ ج‪٢٠ٝ‬ـ ف‪( ٪‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ٖ‪ ٫‬ج‪ٗٝ‬فجّ ‪ِٞٝ‬دحؿذ) ‪ 24/4‬ف‪ ٟٙ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪ٙ٧ 4632‬حل ‪ :‬ف‪٧‬ج‪٣‬‬
‫ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪٧‬جٯ‪٧‬لً‪٧ ،‬ج‪ٝ‬د‪ ٫ٖ ٫ٚ٦٬‬ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ ‪٠٧ .‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 432/10‬دف‪ٙ٧ 17816 ٟٙ‬حل ‪:‬‬
‫"ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫ٖ ٫٢‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪٧‬جٯ‪٧‬لً "‪٢ٜ٧ .‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ 6077/3‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪ ١ُ ٟ٦ٜٞ .227/1‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿفؿجء‬
‫في‪ ٫‬جهلل ُ‪٧ .٤٢‬ج‪ٌ٢‬ف د‪٦‬ـج ج‪ ٩٢ِ٠ٝ‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ :‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ٖ‪ ٫‬ج‪ٗٝ‬فجّ ‪ِٞٝ‬دحؿذ ‪٧‬جٱ‪ٙ‬دحل ُ‪ ٩ٞ‬جهلل سِح‪،٩ٝ‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪ ١٠‬جٳ‪٥‬س‪٠‬ح‪ ٟ‬دح‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ‪٧‬جٳ‪٠٦٢‬ح‪٦٬ُٞ ٛ‬ح ‪٠٧ 23/4‬ح دِؿ‪٥‬ح‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ًٝ‬د‪ٚ‬حز ج‪ٜٝ‬دف‪ٞٝ ٨‬نِفج‪( ٫٢‬ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ُ :28/1‬ح‪٠‬ف د‪ُ ١‬دؿ جهلل د‪٬ٙ ١‬ك ‪ٙ٧ .‬حل ج‪٢ٝ‬د‪٦‬ح‪ُ " : ٫٢‬ح‪٠‬ف د‪ُ ١‬دؿ‬
‫جهلل ج‪ِ٠ٝ‬ف‪ ٕ٧‬دحد‪ُ ١‬دؿ ‪٬ٙ‬ك‪٠ ..‬حز ٖ‪ ٫‬ؾٴٖر ‪ِ٠‬ح‪٬٧‬ر في‪ ٫‬جهلل ُ‪ [ " ٤٢‬ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪.]134/2‬‬

‫‪156‬‬
‫أنزل على موسى علٌه الصالر والسالم‪ :‬إن أردت أن تكون قابداًا اهل الدنٌا‪ ،‬وسٌداًا‬
‫فً المنظر ااعلى فكن مستسلما ًا راضٌا ًا بحكمً‪.‬‬
‫وقال الفضٌل بن عٌار (‪ :)1‬إنً استحً من هللا أن أقول إنً معتصم باهلل‪،‬‬
‫ان من اعتصم باهلل ٌخاؾ َسمن دونه‪ ،‬و ٌرجو ؼٌره‪ ،‬وٌقطع قلبه عن عالبقه‬
‫فً الدارٌن‪.‬‬
‫وقٌل فً معنً قوله ‪ ( :‬إنا هلل ) اآلٌة‪ ،‬أي نحن عبٌد هللا وإماإه‪ ،‬نتقلب فً‬
‫مشٌبته وقضابه‪ ،‬و َسنواصً العباد بٌده (و نا ليه راجعون)(‪ )2‬بالرضا عنه‪ ،‬والتسلٌم‬
‫له وا عتصام به‪ ،‬والتفوٌر إلٌه‪ ،‬وروي أن هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر‬
‫والسالم ‪ ( :‬اإهب لى رعون نه طتى )(‪ ،)3‬فقال ٌا رب أهلً وؼنمً ‪ .‬قال هللا‬
‫تعالى‪ :‬إذا وجدتنً فؤي شًء تصنع بؽٌري؟ ٌا موسى اذهب واعتصم‪ ،‬واستسلم لً‬
‫اامور إ لًّس ‪ ،‬فإنً جعلت الذبب راعٌا ًا لؽنمك‪ ،‬والمالبكة حافظٌن اهلك‪ٌ ،‬ا‬ ‫َس‬ ‫وفوِّذ ر‬
‫أنجاك‬
‫َس‬ ‫أمك بعده؟ و َسمن‬‫ألقتك أمك فٌه؟ و َسمن ر َّود َسك إلى َس‬
‫َس‬ ‫موسى َسمن أنجاك من الٌم حٌن‬
‫قتلت نفسا‪ ،‬ومن أنجاك من المفازر حٌن فررت من‬ ‫ًا‬ ‫َس‬ ‫عدوك فرعون حٌن‬
‫َس‬ ‫من‬
‫فرعون؟ وهو ٌقول فً ذلك كله‪ :‬أنت أنت‪.‬‬
‫واعلم أن َسمن اعتصم بؽٌره أو بشًء دونه فهو مخذول‪ ،‬خارج من حد‬
‫العبودٌة‪ ،‬ان حد العبودٌة ترك ا ختٌار إلى الجبار‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫قال هللا تعالى ‪ ( :‬ورب يخلو ما يألاء ويختار ما ان لهم الخيرا) ‪( ،‬ما‬
‫يفتل هللا للنا من را مة ال ممس لها )(‪ )5‬وقال ‪ ( :‬و ن يمسس هللا بضر ال‬
‫(‪) 7‬‬
‫)‬ ‫األل له و هو )(‪ )6‬وقال تعالى ‪ ( :‬ل لن يصيبنا و ما تب هللا لنا‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٗٝ‬ي‪٬‬ل د‪٬ُ ١‬حى ج‪ٝ‬س‪٥ 187- 105( ٫٠٬٠‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ‪.156 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ً‪.24 :٤‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح اٌمظض‪. 68 :‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح فب س‪2 :‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح األٔعبَ‪. 17 :‬‬
‫(‪) 7‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح اٌز‪ٛ‬ثخ‪. 51 :‬‬

‫‪157‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫وقال تعالى‪( :‬ومن يتو ل على هللا هو حسبه)‬
‫واعلم أن العبودٌة مبنٌة على عشر خصال ‪ :‬ا عتصام باهلل فً كل شًء‪،‬‬
‫والرضا عن هللا فً كل شًء‪ ،‬والرجو إلٌه فً كل شًء‪ ،‬والفقر إلى هللا فً كل‬
‫شًء‪ ،‬واإلنابة إلى هللا فً كل شًء‪ ،‬والصبر مع هللا فً كل شًء‪ ،‬وا نقطا إلى‬
‫هللا فً كل شًء‪ ،‬وا ستقامة باهلل فً كل شًء‪ ،‬والتفوٌر إلى هللا فً كل شًء‪،‬‬
‫والتسلٌم له فً كل شًء‪.‬‬
‫واعلم أن التسلٌم وا ستسالم‪ ،‬شعبتان من شعب اإلٌمان والمعرفة‪ ،‬التسلٌم‬
‫هو تسلٌم ال ُسكـلّسٌة إلى الأ م بالسالمة بال تخلٌط‪ ،‬وا ستسالم هو أن ٌستسلم راضٌا ًا‬
‫بجمٌع ما ٌنزل علٌه منه‪.‬‬

‫الحديث الحاد وال ال ون‬


‫[ أ ال أ ون عبداً أل وراً]‬

‫(‪) 1‬‬
‫ظ‪ٛ‬زح اٌطالق‪3 :‬‬

‫‪158‬‬
‫أخبرنا شٌخنا الجلٌل أبوالفضل علً القاري القرشً الواسطً رضً هللا عنه‬
‫قال‪ :‬أنبؤنا أبوالحسن عبدا لرحمن بن محمد بن المظفر الداودي‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو محمد‬
‫عبد هللا بن أحمد السرخسً‪ ،‬قال أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن ٌوسؾ الفربري‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا صدقة بن الفضل قال ‪:‬‬
‫أخبرنا ابن عٌٌنة‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا زٌاد هو ابن عالقة أنه أمع المؽٌرر ٌقول ‪ :‬قام النبً‬
‫صلى هللا علٌه وسلم حتى تورمت قدماه فقٌل له ‪ :‬ؼفر هللا لك ما تقدم من ذنبك وما‬
‫تؤخر‪ ،‬قال‪" :‬أفال أكون عبداًا شكورا؟ " (‪.)1‬‬
‫فً هذا الحدٌ الشرٌؾ من اإللزام بالقٌام بواجب العبودٌة ؼاٌة الؽاٌة عند‬
‫َسمن ٌعقل‪ ،‬فإن السٌد ااعظم‪ ،‬والكنز المط لسم صلى هللا علٌه وسلم (‪ ،)2‬حالة كونه‬
‫الخلق والخالق‪ ،‬قد فعل فً‬‫سِس رّس الوجودات‪ ،‬وسبب الموجودات‪ ،‬والبرز الوسط بٌن َس‬
‫مقام عبدٌته ما تورّس م له قدماه الشرٌفان‪ ،‬فؤٌن نحن؟ هات أٌها العارؾ‪ ،‬ابذل مهجتك‬
‫اتباعا ًا لهذا الرسول العظٌم صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬وامحق ُسكلّسك فً الٌوم واللٌلة ألؾ‬
‫مرر‪ ،‬وأنت بعدها مقصر‪ ،‬العبودٌة وصؾ العارؾ المحر‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (ػؿ‪٬‬ش ج‪٬ٔ٠ٝ‬فذ د‪ ١‬نِدر في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪) ٟٞ‬‬
‫‪٧ .18159 ٧ 18855‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬س‪٦‬ظؿ‪ ،‬دحخ ‪٬ٙ‬ح‪ ٟ‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬ػس‪ ٩‬ز‪٧‬ف‪ٙ ٟ‬ؿ‪٠‬ح‪ ،٣‬ف‪1078 ٟٙ‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬سٗل‪٬‬ف‪ ،‬دحخ ‪ٗٔ٬ٝ ( : ٤ٝ٧ٙ‬ف ‪ ٛٝ‬جهلل ‪٠‬ح س‪ٚ‬ؿ‪ ١٠ ٟ‬ـ‪٢‬د‪٠٧ ٛ‬ح سإؾف ‪٬٧‬س‪٠ِ٢ ٟ‬س‪٦٬٧ ٛ٬ُٞ ٤‬ؿ‪ ٛ٬‬وفجًحً ‪٠‬لس‪٠٬ٚ‬حً ) [‬
‫ج‪ٗٝ‬سغ ‪ ] 2‬ف‪" :٤٬ٖ٧ 4557 ٧ ،4556 ٟٙ‬ؤٖٴ ؤػخ ؤ‪ ١‬ؤ‪ُ ١٧ٜ‬دؿجً ن‪٧ٜ‬فج " ‪٧‬ج‪ٝ‬ف‪ٙ‬ح٘‪ ،‬دحخ ج‪ٝ‬ودف ُ‪٠ ١‬ػحف‪ ٟ‬جهلل‬
‫‪٠٧ .6106‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬وٗحز ج‪٢٠ٝ‬حٖ‪ ،١٬ٚ‬دحخ‪ :‬ا‪ٜ‬صحف جٯُ‪٠‬حل ‪٧‬جٳظس‪٦‬حؿ‪ ،‬ف‪.2819 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ًٞ٠‬ل‪ٓ :ٟ‬ح‪٠‬ى [ ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪٧ٝ‬ل‪.]ً٬‬‬

‫‪159‬‬
‫أي بنً‪ ،‬قد ذكر هللا تعالى فً كتب اانبٌاء نعت ااصفٌاء‪ٌ ،‬قول هللا تعالى ‪:‬‬
‫عبدي بً وجدتنً‪ ،‬وبً وقع بٌنً وبٌنك عقد المحبة‪ ،‬وبً صرت من أهل خدمتً‪،‬‬
‫قصدت صحبتً‪،‬‬ ‫َس‬ ‫وبً تعرفنً وبً تذكرنً وتثنً علًّس ‪ ،‬وبً تتلذذ بذك ري‪ ،‬وبً‬
‫وبً قدرت أن تنظر فً اآلخرر إلى وجهً‪ ،‬عبدي نفسك لً‪ ،‬وروحك لً‪ ،‬وقلبك‬
‫لً‪ ،‬و ُسكلِّذٌتك لً‪ ،‬فإن أعطٌتنً الكل أعطٌتك الكل‪ ،‬وكنت لك مع الكل‪.‬‬
‫وفً الخبر‪ :‬أوحى هللا تعالى إلى داود علٌه الصالر والسالم‪َ :‬سمن الذي دعانً‬
‫فقطعت رجاءه؟ ومن الذي قر بابً فلم ٌفتح له؟ أنا الذي جعلت آمال َسخلقً بً‬
‫متصلة‪ ،‬وعندي م ّسدخرر‪ٌ ،‬ا داود ما لعبدي ٌُسعرر عنً وأنا أقول إلًّس ‪ٌ ،‬ا داود أنا‬
‫مح ُّدل اآلمال‪ ،‬أنا الذي جعلت طٌران قلوب المشتاقٌن نحوي‪ ،‬وجعلتها فً اارر‬
‫شر‬‫ود ب ِّذ‬ ‫مواضع نظري‪ ،‬وأطلق ُستها إلًّس حتى تزداد شوقا ًا إلًّس ‪ ،‬وقربا ًا منً‪ٌ ،‬ا دا‬
‫أولٌابً وأحبابً بؤنً كل ساعة أُسرٌهم كرامتً‪ ،‬ولطابؾ صنعً‪ ،‬وحسن امتنانً‬
‫ٌنسونً‪ ،‬و ٌمٌلوا إلى ؼٌري‪ ،‬وشوقتهم إلًّس حتى ٌصبروا عنً‪،‬‬ ‫َس‬ ‫علٌهم‪ ،‬حتى‬
‫وفتحت لهم أبواب أنسً‪ ،‬واستجبت لهم قبل أن ٌدعونً‪ ،‬وأعطٌتم قبل أن ٌسؤلونً‪،‬‬ ‫ُس‬
‫ٌا داود فوعِس َّوزتً وجاللً ا قعدنهم فً الفردوأ‪ ،‬امكن َّونهم من رإٌتً حتى أرضى‬
‫عنهم وٌرضوا عنً‪.‬‬
‫ٌا داود أخبر أهل اارر بؤنً حبٌبٌح ل َسمن أحبنً‪ ،‬وجلٌأٌح لمن جالسنً‪،‬‬
‫ِسأ بً‪ ،‬وصاحبٌح لمن صاحبنً‪ ،‬ومطٌ ٌحع لمن أطاعنً‪ ،‬ومختا ٌحر لمن‬ ‫ومإنأٌح لمن أن َس‬
‫وا إلى محبتً‬ ‫اختارنً‪ ،‬وقل لعبادي هلمّسوا إلى مصاحبنً ومإانستً‪ ،‬وسار‬
‫وقربً‪.‬‬
‫اعلم ٌا داود أنً خلقت طٌنة أحبابً من طٌنة إبراهٌم خلٌلً‪ ،‬وٌحٌى زكٌّسً‪،‬‬
‫ومحمد حبٌبً‪ٌ ،‬ا داود هل رأٌت حبٌبا ًا ٌبخل على حبٌبه‪ٌ ،‬ا داود أ إن طال شوق‬
‫اابرار إلى لقابً‪ ،‬فإنً إلٌهم اشد شوقاًا‪ ،‬أ َسمن طلبنً وجدنً‪ ،‬ومن طلب ؼٌري‬
‫لم ٌجدنً‪.‬‬
‫ٌا داود إذا كان الؽالب على عبدي ا شتٌاق لً‪ ،‬وا شتؽال لً‪ ،‬جعلت‬

‫‪160‬‬
‫راحته ولذته فً ذكري وعشقته‪ ،‬ورفعت الحجاب بٌنً وبٌنه‪ ،‬أحبه وٌحبنً‪ ،‬حتى‬
‫ٌؽفل إذا ؼفل الناأ‪ ،‬و ٌسهو إذا سها الناأ‪ ،‬و ٌلهو إذا لها الناأ‪ ،‬أولبك‬
‫اابرار حقاًا‪ٌ ،‬ا داود إن طلبتنً وجدتنً‪ ،‬وكفٌت ك ااسباب‪ ،‬ولم أطالبك بالحقوق‪،‬‬
‫وإن طلبت ؼٌري شؽلتك بااسباب‪ ،‬وطالبتك بالحقوق‪ٌ ،‬ا داود إنً جعلت محبتً‬
‫لمن ٌنسانً بلسانه وقلبه‪ ،‬فإنه شًء أنقل عندي من الؽفلة والنسٌان‪.‬‬
‫ٌا داود إن رضٌت عنً رضٌت عنك‪ ،‬وإن أفردتنً بالحاجة أفردتك‬
‫باإلنجا ‪ ،‬وإن شكرتنً صٌرتك ملكا ًا فً الدارٌن‪ٌ ،‬ا داود من لم ٌصبر على بالبنا‬
‫ٌفز إلٌنا‪ٌ ،‬ا داود إنً إذا أحببت عبداًا من عبٌدي مألت قلبه خوفا ًا منً‪ ،‬وتشوقا ًا‬
‫إلى لقابً‪ ،‬وحرصا ًا على طاعتً‪.‬‬
‫ٌا داود أولٌابً فً قبابً ٌعرفهم إ أولٌابً‪ ،‬فطوبى اولٌابً وطوبى‬
‫احبابً‪ٌ ،‬ا داود إنً أنسى َسمن ٌنسانً‪ ،‬فكٌؾ أنسى من ٌذكرنً‪ٌ ،‬ا داود إنً‬
‫أجود على َسمن ٌبخل علًّس ‪ ،‬فكٌؾ أبخل على من ٌجود بً‪ٌ ،‬ا داود إنً أحب َسمن‬
‫شر عبادي السابلٌن‪ ،‬بؤنً بهم رإوؾٌح‬ ‫ٌبؽضنً‪ ،‬فكٌؾ أُسبؽر َسمن ٌحبنً‪ٌ ،‬ا داود ب ِّذ‬
‫ب ٌحب خلو َسر حبٌبه‪ ،‬وأنا مُسطلع على قلوب أحبائ ي‪ ،‬قل‬ ‫رحٌم‪ٌ ،‬ا داود كل حبٌ ٍس‬
‫(‪) 1‬‬ ‫ُس‬
‫للمتلذذٌن بذكري‪ :‬هل وجدتم ربا أبرَّو منً؟ ٌا داود َسمن أطاعنً وهو ٌحبنً أسكنه‬
‫جنتً‪ ،‬وأُسرٌه وجهً‪ ،‬و َسمن عصانً ولم ٌحبنً أدخله ناري‪ ،‬وأح ُّدل علٌه سخطً‪ٌ ،‬ا‬
‫داود وعزتً وجاللً ٌجاورنً إ َسمن طلب جواري‪.‬‬
‫ٌا داود كذب من ادعى محبتً وإذا َسجنَّو علٌه اللٌل نام عنً‪ٌ ،‬ا داود َسمن‬
‫عرفنً أرادنً‪ ،‬ومن أرادنً طلبنً‪ ،‬ومن طلبنً وجدنً‪ ،‬ومن وجدنً ٌختار‬
‫حبٌبا ًا سواي‪ٌ .‬ا داود َسمن طلبنً قتلته‪ ،‬ومن أحبنً ابتلٌته‪ ،‬ومن هرب منً أحرقته ‪.‬‬
‫ٌا داود بشر المذنبٌن بؤنً ؼفور‪ ،‬وأنذر الصدٌقٌن بؤنً ؼٌور ‪ٌ .‬ا داود من لقٌنً‬
‫وهو‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٬‬ظ‪٧‬ق ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬يحفٍ ج‪٧ٝ‬ج‪ َٙ‬ظ‪٧‬جخ نفً – اـج ‪ٜ‬ح‪ِٖ ١‬ل ج‪ٝ‬نفً ‪٠‬حي‪٬‬حً‪ -‬ؤ‪٬ ١‬فَٖ ‪٬٧‬ظ‪٧‬ق ؤ‪٬ ١‬ظق‪. ٟ‬‬

‫‪161‬‬
‫ٌخافنً لم أعذبه بناري‪ ،‬ومن لقٌنً وهو ٌحبنً لم أحزنه بفراقً‪ ،‬ومن لقٌنً وهو‬
‫مستحً منً لم أخجله ٌوم ٌلقانً ‪ٌ .‬ا داود جنتً لمن لم ٌقنط من رحمتً‪ ،‬وؼضبً‬
‫عاجلت أحداًا بالعقوبة إذاًا‬
‫ُس‬ ‫عن َسمن أخطؤ خطٌبة فاستعظمها فً جنب عفوي‪ ،‬ولو‬
‫عاجلت القانطٌن من رحمتً‪ ،‬وما العجلة من شؤنً‪ ،‬ؾ ها أنا مطلع على قلوب‬
‫أحبابً‪ ،‬إذا جن اللٌل جعلت أبصارهم فً قلوبهم‪ ،‬فخاطبونً علً المشافهة‪،‬‬
‫وكلمونً على الحضور‪.‬‬
‫ٌا داود لو أنً ربطت أروا أحبابً فً أبدانهم‪ ،‬لخرجت ااروا من‬
‫أبدانهم شوقا ًا إلى لقابً‪ٌ ،‬ا داود إن من عبادي عباداًا جعلتهم للخٌر أهالًا‪ ،‬وجعلت لهم‬
‫المإانسة نصٌباًا‪ ،‬طوبى لهم وحسن مآب‪.‬‬
‫ورُسوي أن هللا تعالى أوحى إلى ٌحٌى بن زكرٌا علٌهما الصالر والسالم ‪ :‬إنً‬
‫قضٌت على نفسً أن ٌحبنً عب ٌحد من عبادي أعلم ذلك من قلبه إ كنت سمعه‬ ‫ُس‬
‫ُس‬
‫وبصره ولسانه‪ ،‬وأبؽر إلٌه كل شًء‪ ،‬وأمنعه شهوات الدنٌا ولذاتها‪ ،‬وطٌب‬
‫عٌشها‪ ،‬وأط لع علٌه فً كل ٌوم سبعٌن ألؾ مرر‪ ،‬وأزٌد له كل ساعة لذابذ حبً‪،‬‬
‫وحالور أنسً‪ ،‬وأمأل قلبه نوراًا منً‪ ،‬حتى ٌنظر إلى كل ساعة فؤمسح برأسه‪،‬‬
‫وأضع ٌدي على ألم قلبه‪ ،‬حتى ٌشكو منه‪ ،‬وأنا أسمع خفقان قلبه من الشوق إلى‬
‫لقابً‪ ،‬والخوؾ من قطٌعتً‪ ،‬وهو ٌقول ‪ :‬حقٌق علًّس أن يسكن قلبً حتى أصل‬
‫إلٌك ٌا ربً‪ٌ ،‬ا ٌحٌى وكٌؾ ٌسكن قلب المشتاق وأنا ؼاٌة مُسنٌته‪ ،‬ومنتهى أمله‪،‬‬
‫وهو كل ساعة ٌتقرب إلًّس وأتقرب إلٌه‪ ،‬وأسمع كالمه‪ ،‬وأعلم أسفه‪ ،‬وأحب صوته؟‬
‫فوعِس َّوزتً وجاللً‪ ،‬انقبنه ٌوم القٌامة منقبا ًا (‪ٌ )1‬ؽبطه ااولون واآلخرون‪ ،‬ثم آمر‬
‫منادٌا ًا ٌنادي من تحت عرشً‪ :‬هذا فالن ابن فالن ولً هللا وصفٌُّده‪ ،‬دعاه هللا ل ُسٌقِسرَّو‬
‫عٌنه‪ ،‬ثم آمر برفع الحجاب حتى ٌنظر حبٌبً إلًّس ‪ ،‬وأقول ‪ :‬السالم علٌك عبدي‬
‫‪.‬‬ ‫وولًٌ أب ِّذ‬
‫شرك‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ِ٬‬ؿ‪ ٣‬جهلل ُق ‪٧‬ظل دِ‪ ٧ٞ‬ج‪ٚ٠ٝ‬ح‪ ٟ٧٬ ٟ‬ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر‪٬ٚ٢٧ .‬خ ج‪ :ٟ٧ٚٝ‬ي‪ُ٧ ٟ٦٢٬٠‬ف‪ٙ٧ .ٟ٦ٗ٬‬ؿ ‪ٚ٢‬خ ُ‪ِٙ١ ٟ٦٬ٞ‬حدر‪ :‬ؤ‪٪‬‬
‫وحف ي‪٢٬٠‬حً ‪ُ٧‬ف‪ٗ٬‬حً ‪. ٟ٦ٝ‬‬

‫‪162‬‬
‫قال‪ :‬فؽشً على ٌحٌى فلم ٌفق ثالثة أٌام‪ ،‬فلما أفاق قال ‪ :‬سبحانك سبحانك ما أكثر‬
‫توددك إلى أولٌابك وأصفٌا بك‪ٌ ،‬فصل عنك اامل‪ٌ ،‬ا خٌر صاحب وأنٌأ‪ ،‬فنعم‬
‫أنت ونعم النصٌر‪ .‬وروي أن هللا تعالى قال فً بعر كتبه‪ " :‬إذا كان الؽالب‬ ‫المولى َس‬
‫على قلب عبدي ا شتؽال واانأ بً‪ ،‬رفعت الحجاب بٌنً وبٌنه فً الباطن‪ ،‬حتى‬
‫كؤنه ٌنظر إلًّس (‪.")1‬‬
‫ورُسوي أن هللا تعالى قال فً بعر الكتب ‪ :‬وعزتً وجاللً اقطعن أمل كل‬
‫ُس‬
‫فقطعت‬ ‫مإمِّذل ؼٌري باإلٌاأ‪ٌ ،‬إمل عبدي ؼٌري والخٌر كله بٌدي‪َ ،‬سمن الذي أملنً‬
‫عنه أمله‪ ،‬ومن الذي رجانً فخٌبت رجاءه‪ ،‬ومن الذي قر بابً بالدعاء فلم أفتح‬
‫له؟ عبدي تنعم بذكري‪ ،‬فإنً نعم الحبٌب لك فً الدنٌا واآلخرر‪ ،‬عبدي ستذكرنً إذا‬
‫َس‬
‫أعرضت‬ ‫جربت ؼٌري بؤنً لك خٌر من كل ما سواي‪ ،‬عبدي ما استحٌٌت منً أن‬
‫قبل على ؼٌري؟ عبدي إلى أٌن تذهب وطرٌق الوسٌلة إلًّس إلى‬ ‫وجهك عنً‪ ،‬و ُست ِس‬
‫ؼٌري‪ ،‬عبدي أٌن َسمن دعانً فلم أجبه‪ ،‬وأٌن َسمن سؤلنً فلم أعطه‪ ،‬عبدي بابً لك‬
‫مفتو ‪ ،‬عطابً لك مبذول‪ ،‬وأنا أرحم الراحمٌن‪.‬‬
‫‪ :‬ح َّوقت محبتً‬ ‫وروي أن هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر والسالم‬
‫للمتحابٌن من أجلً‪ ،‬وحقت محبتً للمتواصلٌن من أجلً‪ ،‬وحقت محبتً‬
‫للمتزاورٌن من أجلً‪ٌ ،‬ا موسى إن ذكرتنً ذكرتك‪ ،‬وإن رضٌت عنً رضٌت‬
‫عنك‪ ،‬وإن كنت لً فرداًا كنت لك الفرد‪ ،‬وإن لم تر َّود على حكمً والٌتك واصطفٌتك‪،‬‬
‫َس‬
‫أحببت فؤحبنً‬ ‫وقرَّوبت مقعدك منً‪ٌ ،‬ا موسى إذا خ َس‬
‫ِسفت فخفنً حتى أإمنك‪ ،‬وإذا‬ ‫ُس‬
‫حتى أحبك‪ ،‬وأحببك إلى قلوب الصالحٌن‪ ،‬وإذا نظرت فانظر إلًّس حتى أنظر إلٌك‬
‫من فوق عرشً‪.‬‬
‫وروي فً بعر ااخبار أن هللا تعالى ٌقول ٌوم القٌامة اولٌابه ‪ٌ :‬ا أولٌابً‬
‫طالما لحظتكم‪ ،‬ورأٌتكم فً دار الدنٌا وقد ؼارت أعٌنكم‪ ،‬وقلصت شفاهكم‪ ،‬وخفت‬
‫بطونكم‪ ،‬فكلوا واشربوا هنٌبا ًا بما أسلفتم فً ااٌام الخالٌة‪ ،‬أولٌابً وأحبابً‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤؾفظ‪ ٤‬ؤد‪ ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء ُ‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪٠ ٪‬فلٴً [ ‪٢ٜ‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪.] 1872/1‬‬

‫‪163‬‬
‫جزابً لكم أفضل البذل‪ ،‬وفضلً لكم أوفر الفضل‪ ،‬ومعاملتً إٌاكم أحسن المعاملة‪،‬‬
‫ومطالبتً إٌاكم أشد المطالبة‪ ،‬أنا مإنأ القلوب‪ ،‬وأنا عالّسم الؽٌوب‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫الحديث ال انل وال ال ون‬
‫[ المتو ل‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم ]‬

‫أخبرنا شٌخنا الشٌخ الجلٌل أبوالفضل علً الواسطً قال ‪ :‬أنبؤنا أبوالحسن‬
‫عبدالرحمن الداودي قال ‪ :‬أنبؤنا أبومحمد عبدهللا السرخسً قال ‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا‬
‫محمد بن ٌوسؾ الفربري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫حدثنا عبدهللا بن مسلمة‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا عبدالعزٌز بن أبً سلمة عن هالل بن أبً هالل‬
‫عن عطاء بن ٌسار عن عبدهللا بن عمرو بن العال أن هذه اآلٌة التً فً القرآن‪( :‬‬
‫ٌؤٌها النبً إنا أرسلناك شاهداًا ومبشراًا ونذٌراًا )(‪ )1‬قال فً التورار ٌا أ ٌها النبً إنا‬
‫أرسلناك شاهداًا ومبشراًا ‪ .‬وحِسرزاًا لألمٌٌن‪ ،‬أنت عبدي ورسولً‪ ،‬سمٌتك المتوكل‪،‬‬
‫سخاب بااسواق‪ ،‬و ٌدفع السٌبة بالسٌبة‪ ،‬ولكن ٌعفو‬ ‫ّس‬ ‫بفظ و ؼلٌظ‪ ،‬و‬ ‫لٌأ ٍّم‬
‫وٌصفح‪ ،‬ولن ٌقبضه هللا حتى ٌُسقٌم به الملة العوجاء‪ ،‬بؤن ٌقولوا إله إ هللا‪ ،‬فٌفتح‬
‫بها أعٌنا ًا عُسمٌاًا‪ ،‬وآذانا ًا صُسماًا‪ ،‬وقلوبا ًا ُسؼلفا ًا (‪ .)2‬ولنا بهذا السند عن البخاري قال‪ :‬حدثنا‬
‫خالد بن مخلد قال ‪ :‬حدثنا سلٌمان قال‪ :‬حدثنا عبدهللا بن دٌنار‪ ،‬عن أبً صالح‪ ،‬عن‬
‫أبً هرٌرر رضً هللا عنه‪ ،‬عن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ‪ ": :‬الرحم شجنة‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯػقجخ‪.45 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤؾفظ‪ ٤‬د‪٦‬ـج ج‪ ٌٗٞٝ‬جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬سٗل‪٬‬ف (ل‪٧‬فذ ج‪ٗٝ‬سغ) دحخ‪ ( :‬ا‪٢‬ح ؤفل‪٢ٞ‬ح‪ ٛ‬نح‪٥‬ؿجً ‪٠٧‬دنفجً ‪٢٧‬ـ‪٬‬فجً ) [‬
‫ج‪ٗٝ‬سغ ‪ ] 8‬ف‪ ٫ٖ٧ 4558 ٟٙ‬ج‪ٝ‬د‪ ،ٍ٧٬‬دحخ ‪ٜ‬فج‪٬٥‬ر ج‪ٝ‬لؾخ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ل‪ ،٘٧‬ف‪٧ 2018 ٟٙ‬ؤ‪ ٪ٕ ٤ٝ٧‬ج‪ٝ‬د‪ًُ ١ُ " :ٍ٧٬‬حء‬
‫د‪٬ ١‬لحف‪ٙ ،‬حل‪٬ٚٝ :‬ز ُدؿجهلل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬د‪ ١‬ج‪ِٝ‬حه في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ‪ٞٙ ،‬ز‪ :‬ؤؾدف‪ ١ُ ٫٢‬وٗر فل‪٧‬ل جهلل و‪٩ٞ‬‬
‫جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬ج‪ٝ‬س‪٧‬فجذ‪ٙ ،‬حل ‪ :‬ؤظل‪٧ ،‬جهلل ا‪٧٠ٝ ٤٢‬و‪ ٫ٖ ٕ٧‬ج‪ٝ‬س‪٧‬فجذ ددِى وٗس‪ ٫ٖ ٤‬ج‪ٚٝ‬فآ‪٬ ( : ١‬إ‪٦٬‬ح ج‪٢ٝ‬د‪٫‬‬
‫ا‪٢‬ح ؤفل‪٢ٞ‬ح‪ ٛ‬نح‪٥‬ؿجً ‪٠٧‬دنفجً ‪٢٧‬ـ‪٬‬فجً ) ‪٧‬ػفقجً ‪ " ..١٬٬٠ٰٝ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪ :ٌٖ٧ .‬ل‪٫‬ء ج‪ٝ‬ؽُ ‪ .٘ٝ‬لؾّحخ‪٬ :‬فَٖ و‪٧‬س‪٩ُٞ ٤‬‬
‫ج‪٢ٝ‬حك‪ُّٗٝ .‬حً‪ًٓ :‬س‪٦‬ح ٌ‪٠ٞ‬ر ج‪ٝ‬نف‪.ٛ‬‬

‫‪165‬‬
‫من الرحمن‪ ،‬فقال هللا‪َ :‬سم ن وصلكِس وصلته‪ ،‬ومن قطعكِس قطعته" (‪.)1‬‬
‫فالحدٌ ااول أفاد أن هللا ٌُسسعؾ نبٌه صلى هللا علٌه وسلم حتى ٌقوِّذ م‬
‫العوجاء بكلمة إله إ هللا‪ ،‬والحدٌ الثانً أفاد أن الرحم من أشعة نور الرحمن‪،‬‬
‫َسمن وصلها اتصل‪ ،‬و َسمن قطعها انقطع‪ ،‬والجمع بٌن السرّسٌن فً الحدٌثٌن‪ ،‬هو ؾ تح‬
‫القلب والعٌن وااذن بالتوحٌد الخالل وإٌصال القلب بالرحمن‪ ،‬بحبل الرحمة‬
‫الخلق‪ ،‬وبهذا َستعٌَّون ااقرب فااقرب‪ٌ ،‬فهم ذلك العارؾ‪ ،‬فكلمة التوحٌد‬ ‫والشفقة على َس‬
‫تفٌد اإلٌمان باهلل‪ ،‬وصلة الرحم تفٌد التخلق ب ُسخلُسق هللا‪ ،‬وهو الرحمن‪ ،‬وإلٌه المرجع‬
‫فً ال َسمبطن والعِسٌان‪ ،‬وبه المستعان‪ ،‬وعلٌه التكالن‪ ،‬وما ذاك إ إلعظام أمر هللا‪،‬‬
‫وهو من إعظام هللا‪.‬‬
‫قال ٌحٌى بن معاذ ‪ :‬اعرؾ حُسرمة من تعرؾ الفض َسل إ منه‪ ،‬و ترجو‬
‫ك شٌباًا‪،‬‬ ‫الراح َسة إ منه‪ ،‬واستحً منه حق الحٌاء‪ ،‬واذكر امتنانه إذ خلقك ولم ت ُس‬
‫وزٌّسنك بنور المعرفة‪ ،‬حتى كؤنك لم تزل تعرفه‪ ،‬ولو فضله ورحمته علٌك‪ ،‬كٌؾ‬
‫كنت تعرفه بؤنه مو ك‪ ،‬من ؼٌر أن تراه بعٌنك؟ ثم َسطه َسَّور سرّس ك وضمابرك من‬
‫الشك والشبهة والنفاق‪ ،‬وألبسك من أحسن لباسه‪ ،‬وتوَّو َسجك بتاجه بال سإال‪ ،‬ثم دعاك‬
‫ّس‬
‫عظم‬ ‫وعظم أمره‪ ،‬و‬ ‫َّو‬ ‫إلى دار السالم‪ ،‬وٌقال ‪ٌ :‬زال المإمن عظٌما ًا ما أعظم هللا‪،‬‬
‫أولٌاءه‪ ،‬وعرؾ قدرهم وحرمتهم‪.‬‬
‫سل حاجتك قال ‪ :‬إنً‬ ‫(‪) 2‬‬
‫وحُسكً أن رجالًا من ملوك الدنٌا قال لشقٌق‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ‪٧ ١ َٟ‬ول ‪٧‬و‪ ٤ٞ‬جهلل‪ ،‬ف‪ٖ٧ 5642 ٟٙ‬سغ ج‪ٝ‬دحف‪٧ 417/10 ٪‬ؤع‪ ٟ‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪2956‬‬
‫‪٬٧ .9244 ٧ 9832 ٧ 8954 ٧‬ظ‪٧‬ق ٖ‪ ٫‬ن‪ " ١٬‬نظ‪٢‬ر" ج‪ٝ‬ي‪٧ ٟ‬ج‪ٜٝ‬كف ‪٧‬ج‪ٗٝ‬سغ‪ ١٠ ٫٦ٖ ،‬ج‪٠ٝ‬ص‪ٞ‬صحز‪٫ٖ ٫٥٧ ،‬‬
‫جٯول‪ُ :‬ف‪ ٘٧‬ج‪ٝ‬نظف ج‪٠ٝ‬نسد‪ٜ‬ر ‪ ١٠ .‬ج‪ٝ‬فػ‪ : ١٠‬جنزُ٘ جل‪٦٠‬ح ‪٥ ١٠‬ـج جٳل‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ـ‪ ٧٥ ٪‬وٗر ‪ ١٠‬وٗحز ج‪ٝ‬فع‪.١٠‬‬
‫‪٧‬ج‪ ( :٩٢ِ٠ٝ‬ؤ‪ ١‬ج‪ٝ‬فػ‪ ٟ‬ؤصف ‪ ١٠‬آ صحف فػ‪٠‬س‪ ٤‬سِح‪٠ ٩ٝ‬نسد‪ٜ‬ر د‪٦‬ح‪٦ًِٙ ١٠ٖ ،‬ح ‪ ١٠ ًَْٚ٢٠‬فػ‪٠‬ر جهلل ُقٖ ‪٧‬ظلّ‪١َ٠٧ ،‬‬
‫‪٧‬و‪٦ٞ‬ح ‪٧‬و‪ٞ‬س‪ ٤‬فػ‪٠‬ر جهلل سِح‪ [ ) ٩ٝ‬سِ‪ ٘٬ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٜ‬س‪٧‬ف ‪ ٟ‬وًٗ‪ ٩‬ج‪ٝ‬دٔح ُ‪ ٩ٞ‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش د‪٦‬ح‪٠‬م ج‪ٝ‬ظقء ج‪ٝ‬ؾح‪٠‬ك ه‬
‫‪( 2232‬وػ‪٬‬غ ج‪ٝ‬دؾحف‪٠ ،٪‬ئللر ج‪ٝ‬ؾؿ‪٠‬حز ج‪ًٝ‬دحُ‪٬‬ر ٖ‪ ٫‬د‪٬‬ف‪٧‬ز)‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫شم‪١‬ك ثٓ إثسا٘‪ ُ١‬األشد‪ ٞ‬اٌجٍل‪ ،ٟ‬ر‪ٛ‬ف‪ ٟ‬ظٕخ‪٘ 194‬ـ‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫استحً من ربً أن أسؤلك‪ ،‬ومو ي ناظر إلًّس ٌقول َسسل حاجتك بال حشمة‪ ،‬حتى‬
‫ٌح‬
‫جماعة من‬ ‫(‪) 1‬‬
‫أرضى عنك‪ ،‬و تسؤل ؼٌري فؤمقتك ‪ .‬ودخل على رابعة البصرٌة‬
‫الزهاد وفٌهم سفٌان الثوري (‪ ،)2‬فرأوا لها حالة رثة‪ ،‬فقال لها بعضهم ‪ :‬أما ُسترسلٌن‬
‫إلى بعر موالٌك لٌعطٌك شٌباًا؟ فقالت ‪ :‬وهللا إنً استحًٌ أن أسؤل الدنٌا ممن‬
‫ٌملكها‪ ،‬فكٌؾ ممن ٌملكها ‪ .‬وقٌل ابً عبدهللا ‪ :‬ما صفة المرٌدٌن؟ قال‪ :‬أن ٌكونوا‬
‫مع الناأ بؤبدانهم‪ ،‬وقلوبهم تحت العرش كؤنهم ٌرون ربهم فوق عرشه‪ ،‬وٌستحٌون‬
‫أن ٌسؤلوه شٌبا ًا سواه‪.‬‬
‫وفً الخبر‪ " :‬أرأٌتم سلٌمان وما أعطً من الملك‪ ،‬فإنه لم ٌرفع رأسه إلى‬
‫السماء‪ ،‬تخشعا ًا هلل وحٌا ًاء منه‪ ،‬حتى قبضه هللا " (‪ .)3‬وقال عامر بن عبد قٌأ (‪ )4‬ما‬
‫نظرت إلى شًء إ رأٌت هللا أقرب إلًّس منه‪ ،‬وأنَّو نظره إلًّس قب َسل نظري إلى ذلك‬
‫الشًء ‪ .‬وكان ٌحٌى بن معاذ رحمه هللا إذا قرأ ‪ ( :‬ونحن أ رب ليه من حبل‬
‫الوريد)(‪ )5‬قال‪ :‬إلهً هذا قربك إلى أعدابك‪ ،‬فكٌؾ قربك إلى أولٌابك؟‬
‫وقال شهر بن َسحوشب (‪ )6‬رحمه هللا‪ :‬ما رأٌت إبراهٌم التٌمً (‪ )7‬رافعا ًا رأسه‬
‫هللا حٌا ًاء منه‪ ،‬ومرر العارؾ داود‬ ‫وبصره إلى السماء قط‪ ،‬حتى قبضه‬

‫(‪) 1‬‬
‫فجدِر د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل ج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر‪٠ ،‬حسز دػؿ‪٧‬ؿ ‪٥ 180‬ـ‪٫ٙ٧ .‬ل ل‪٢‬ر ‪٥ 135‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫لٗ‪٬‬ح‪ ١‬د‪ ١‬لِ‪٬‬ؿ ج‪ٝ‬ص‪٧‬ف‪٥ 161 – 97 ( ٪‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤؾفض جد‪ُ ١‬لح‪ٜ‬ف ُ‪ُ ١‬دؿجهلل د‪٠ُ ١‬ف‪ ٧‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ُ‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪٠ ( :‬ح نؿ‬
‫ل‪٠٬ٞ‬ح‪ً ١‬فٖ‪ ٤‬ا‪ ٩ٝ‬ج‪ٝ‬ل‪٠‬حء‪ ،‬سؾنِحً‪ ،‬ػ‪٬‬ش ؤًُح‪٠ ٣‬ح ؤًُح‪٢ٜ [ )٣‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪.] 32332/11‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫" ُح‪٠‬ف د‪ُ ١‬دؿجهلل ج‪ِ٠ٝ‬ف‪ ٕ٧‬دحد‪ُ ١‬دؿ ‪٬ٙ‬ك ج‪٢ِٝ‬دف‪ ٪‬ج‪ٝ‬دوف‪ ٪‬ج‪ٝ‬سحدِ‪٠ .. ٫‬حز ٖ‪ ٫‬ؾٴٖر ‪ِ٠‬ح‪٬٧‬ر في‪ ٫‬جهلل‬
‫ُ‪ ٫ٖ ٤٢‬د‪٬‬ز ج‪ٚ٠ٝ‬ؿك" [ ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪.] 136/2‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٘‪.16 :‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫ن‪٦‬ف د‪ ١‬ػ‪٧‬نخ جٯنِف‪٥ 100-20( ٪‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 7‬‬
‫ادفج‪ ٟ٬٥‬ج‪ٝ‬س‪ " :٫٠٬‬س‪ ٫ٖ ٫ٖ٧‬ػدك ج‪ٝ‬ػظحض ل‪٢‬ر جص‪٢‬س‪٧ ١٬‬سلِ‪ً [ " ١٬‬د‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪.] 41/1 ٫٢‬‬

‫‪167‬‬
‫خرجت إلى صحن الدار‬ ‫َس‬ ‫الطابً (‪ )1‬رضً هللا عنهوهو فً جوؾ بٌته‪ ،‬فقٌل له‪ :‬لو‬
‫حتى تهب علٌك رٌح الهواء‪ ،‬قال ‪ :‬إنً استحً من هللا أن ٌرانً وأنا أطلب الراحة‬
‫لنفسً فً الدنٌا ‪ .‬وٌقال ‪ :‬كان فً مصر رجل مجذوم فقال ‪ :‬إنه ٌعرؾ اسم هللا‬
‫ااعظم‪ ،‬فقٌل‪ :‬له‪ :‬لو دعوت هللا باسمه ااعظم أن ٌكشؾ عنك هذا البالء؟ قال ‪ :‬إنً‬
‫استحً منه أن ٌكون لً مراد بخالؾ مراده‪.‬‬
‫وكان سٌدنا اإلمام الحسٌن بن اإلمام علً علٌهما السالم‪ ،‬إذا توضؤ لٌصلً‬
‫ُسق لمن وقؾ بٌن ٌدي رب‬ ‫أصفر لونه‪ ،‬وارتعدت فرابصه‪ ،‬فقٌل له فً ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ح َّو‬
‫(‪) 2‬‬
‫ٌصلً‪ ،‬فانهدمت‬ ‫العرش أن ٌتؽٌر لونه حٌا ًاء من إجالله ‪ .‬وكان مسلم بن ٌسار‬
‫زاوٌة المسجد ولم ٌشعر ‪ .‬وكان اإلمام علً بن أبً طالب علٌه السالم ترتعد‬
‫فرابصه عند قضاء أمانة لم تحملها السموات واارر‪ ،‬وهً الصالر‪ .‬ولدؼت امرأ ًار‬
‫ٌح‬
‫حٌة فً أربعٌن موضعا ًا ولم تشعر‪ ،‬من حالور الصالر‪.‬‬
‫وكان مسلم بن ٌسار ٌصلً‪ ،‬فوقع الحرٌق فً بٌته‪ ،‬وفز الناأ إلٌه‪ ،‬حتى‬
‫أطفإوها ولم ٌشعر ‪ .‬قال الجرٌري (‪ )3‬إنً استحًٌ من هللا أن أنام تكلفا ًا حتى‬
‫ٌصرعنً النوم ‪ .‬وحكً أن معاذر بنت عبدهللا (‪ )4‬ما رفعت بصرها إلى السماء‬
‫أربعٌن عاماًا‪ ،‬وكانت تقول ‪ :‬عجبت لعٌن تنا م‪ ،‬والحبٌب إلٌها ناظر‪ ،‬وربما كانت‬
‫تتفكر فً جاللته وعظمته‪ ،‬حتى ٌُسؽشى علٌها ‪ .‬وكان داود علٌه الصالر والسالم‬
‫هٌبة من إجالله تعالى ‪ .‬وقال ابن سنان (‪ :)5‬ما اتخذ هللا‬ ‫ًا‬ ‫ٌرفع رأسه إلى السماء‬
‫إبراهٌم خلٌالًا حتى ألقى فً قلبه إجال منه‪ ،‬بحٌ ٌسمع خفقان قلبه كالطٌر فً‬
‫ًا‬
‫الهواء‪.‬‬
‫عالمة السعداء ثال ‪ :‬التمسك بسنة النبً المختار صلى هللا علٌه وسلم ‪،‬‬
‫والصحبة مع‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؿج‪٧‬ؿ د‪٢ ١‬و‪٬‬ف ج‪ًٝ‬حث‪ ،٫‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 165‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ك‪ ٟٝ‬د‪٬ ١‬لحف‪ٗ٠ ،‬س‪ ٫‬ج‪ٝ‬دوفذ‪ ،‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 108‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤد‪٠ ٧‬ػ‪٠‬ؿ ؤػ‪٠‬ؿ د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ظف‪٬‬ف‪٠ ،٪‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 311‬ـ [ ًد‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪.] 94/1 ٫٢‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ِ٠‬حـذ د‪٢‬ز ُدؿ جهلل ج‪ِٝ‬ؿ‪٬٧‬ر‪ ،‬سحدِ‪٬‬ر ‪٠‬ػؿصر‪٠ ،‬حسز ل‪٢‬ر ‪٥ 83‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ؤد‪ ٧‬ظِٗف ؤػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ػ‪٠‬ؿج‪ ١‬د‪٠ .٫ُٞ ١‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 311‬ـ [ ج‪ٝ‬نِفج‪.] 103/1 ٫٢‬‬

‫‪168‬‬
‫‪ٌ :‬ا داود إنً‬ ‫ااولٌاء ااخٌار‪ ،‬والحٌاء من الملك الجبار‪ ،‬ومكتوبٌح فً الزبور‬
‫استحًٌ من عبدي أن أرده إذا دعانً‪ ،‬وإن عبدي ٌستحًٌ أن أدعوه فال‬
‫ٌجٌبنً‪.‬‬
‫قال النبً للى هللا علٌه وسلم ‪ " :‬اإلحسان أن تعبد هللا كؤنك تراه‪ ،‬فإن لم‬
‫تكن تراه فإنه ٌراك " (‪ )1‬قال الفضٌل‪ :‬إلهً ارحم َسمن لو عقل لم ٌتكلم من الحٌاء ‪.‬‬
‫انفلت من صالته مسح‬‫َس‬ ‫وحكً أن عامر ابن قٌأ كان ٌصلً‪ ،‬فاكتنفته السبا ‪ ،‬فلما‬
‫ِسبت منهم؟ قال‪ :‬إنً‬‫ظهورهم بٌده‪ ،‬وقال‪ :‬أنتم كالب هللا‪ ،‬وأنا عبد هللا‪ ،‬فقٌل له‪ :‬هل ه َس‬
‫استحًٌ من ربً أن أهاب شٌبا ًا دونه‪.‬‬
‫وقال صالح المُسرّس ي (‪ :)2‬رأٌت ربً فً المنام لٌلة‪ ،‬قلت ‪ :‬لبٌك لبٌك‪ ،‬وصرت‬
‫كالبعوضة من إجالله‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا صالح إنً لخبٌر بالمرٌدٌن‪ ،‬وإنً أسمع أنٌنهم‪،‬‬
‫وأر حركاتهم‪ ،‬وإنً لمطلع على سرابرهم وضما برهم‪ ،‬قال ‪ :‬فدهش عقلً حٌا ًاء‬
‫منه‪ .‬وحُسكً أن الحسن البصري صعد موضعا ًا ٌإذن للصالر‪ ،‬فلما قال ‪ :‬أشهد أن‬
‫إله إ هللا ُسؼشً علٌه من إجالله‪.‬‬
‫وقالت عابشة رضً هللا عنها ‪ " :‬كان رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌحدثنا‬
‫" (‪ )3‬وقال بعر أهل‬ ‫ونحدثه‪ ،‬فإذا حضرت الصالر كؤنه لم ٌعرفنا ولم نعرفه‬
‫(‪) 4‬‬
‫المعرفة فً معنى قوله علٌه الصالر والسالم ‪ " :‬جُسعلت قرر عٌنً فً الصالر ‪ ،‬لم‬
‫تكن الصالر قرر عٌنه‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ لئجل ظدف‪٬‬ل ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ١ُ ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪٧ ١‬جٱلٴ‪٧ ٟ‬جٱػلح‪ُٟٞ٧ ١‬‬
‫ج‪ٝ‬لحُر‪ ،‬ف‪ ١ُ ٧٥٧ 50 ٟٙ‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٧ .٤٢‬ل‪ ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ د‪٬‬ح‪ ١‬جٱ‪٠٬‬ح‪٧ ١‬جٱلٴ‪٧ ٟ‬جٱػلح‪،١‬‬
‫‪٧٧‬ظ‪٧‬خ جٱ‪٠٬‬ح‪ ١‬دبصدحز ‪ٙ‬ؿف جهلل لدػح‪٧ ٤٢‬سِح‪ ،٩ٝ‬ف‪٧ 10 ٧ 9 ٟٙ‬ؤؾفظ‪ ٤‬دف‪٠ُ ١ُ 8 ٟٙ‬ف د‪ ١‬ج‪ٝ‬ؾًحخ في‪٫‬‬
‫جهلل ُ‪.٤٢‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬دنف وح‪ٝ‬غ ج‪٠ٝ‬ف‪ :٪‬ج‪ٌ٢‬ف ٖ‪ً ٤٬‬د‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪.46/1 ٫٢‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪( ١٬‬ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ٙ٧ 150/1‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ق‪ ١٬‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١٬‬ج‪ِٝ‬فج‪ : ٫ٙ‬ؤؾفظ‪ ٤‬جٯقؿ‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬يِٗحء‬
‫‪ ١٠‬ػؿ‪٬‬ش ل‪٬٧‬ؿ د‪ٞٗٓ ١‬ر ‪٠‬فلٴً‪ٜ " :‬ح‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬اـج ل‪ َ٠‬جٯـج‪ٜ ١‬إ‪ ٤٢‬ٳ ‪ِ٬‬فٕ ؤػؿجً ‪١٠‬‬
‫ج‪٢ٝ‬حك"‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪٠‬ل‪٢‬ؿ ؤػ‪٠‬ؿ ‪٧ 12991/11 ٧ 12234 ٧ 12233/10‬ج‪٢ٝ‬لحث‪ُ ٫ٖ ٫‬نفذ ج‪٢ٝ‬لحء ‪.61/7‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ " :‬اإلحسان أن تعبد هللا كؤنك‬ ‫ولكن إذا قام للصالر رأ فٌها ما تقرُّد عٌنه‪ ،‬لقوله‬
‫تراه"‪.‬‬
‫لما أراد أن‬
‫صلٌت خلؾ ذي النون صالر العصر‪ ،‬ؾ‬ ‫ُس‬ ‫وقال الفضٌ ُسل بن عٌار‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫وبقً كؤنه جسد رو فٌه من إجالله‪ ،‬ثم‬ ‫ٌكبِّذر‪ ،‬رفع ٌدٌه وقال ‪ :‬هللا‪ ،‬فبهت‬
‫قال‪ :‬أكبر‪ ،‬فظننت أن قلبً ٌنخلع من هٌبة تكبٌره‪.‬‬
‫تلوا ُت‬ ‫لهم ُت ظه ُتر‬ ‫ل حياء النا من ربهم‬
‫(‪) 2‬‬ ‫َم‬
‫ل عاجل دنيا ُت‬ ‫َمم ن بالى‬ ‫وب ِره‬
‫ل ِر‬ ‫الخبث‬ ‫لي يبالل‬
‫موو ُت‬ ‫وو يبالل َمم سَم‬ ‫أن يملته أهلُت ُته‬ ‫يخال‬
‫ُت‬

‫(‪) 1‬‬
‫دَ‪ِ٦‬زَ‪ :‬ؿ‪٥‬م ‪٧‬سػ‪ٖ٫‬ف‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؼًُٗز جٯ‪ ٕٝ‬ج‪ٚ٠ٝ‬و‪٧‬فذ ٖ‪ ٫‬دح‪٬ٝ ٩ٝ‬لس‪ ٟ٬ٚ‬ج‪٧ٝ‬ق‪ ٫٥٧ ،١‬يف‪٧‬فذ نِف‪٬‬ر ٓ‪٬‬ف ‪٧٦ِ٠‬ؿذ ٖ‪ ٫‬نِف جٯ‪ٙ‬ؿ‪. ١٬٠‬‬

‫‪170‬‬
‫الحديث ال الث وال ال ون‬
‫[ اللهم بار لنا ل رجب وألعبان ‪]...‬‬

‫أخبرنا شٌخنا القاضً المقري القدور الشٌخ أبو الفضل علً الواسطً رضً‬
‫هللا عنه‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو علً الحسن بن علً‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا عمر بن أحمد‪ ،‬أنبؤنا‬
‫شاهٌن‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا عبدهللا البؽوي‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا عبدهللا بن عمر القوارٌري‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا‬
‫زابدر بن أبً الرقاد‪ ،‬عن زٌاد النمٌري‪ ،‬عن أنأ بن مالك رضً هللا عنه قال ‪ :‬كان‬
‫رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم إذا دخل رجب قال ‪ ( :‬اللهم بارك فً رجب وشعبان‬
‫وبلؽنا رمضان (‪.))1‬‬
‫معان كثٌرر‪ ،‬منها طلب فسحة ااجل لصالح العمل‪،‬‬ ‫ٍس‬ ‫فً هذا الحدٌ الشرٌؾ‬
‫لٌكون العمر هللا‪ ،‬والعمل فٌه هلل‪ ،‬وكذلك مقاصد العارفٌن باهلل‪ ،‬الوارثٌن رسول هللا‬
‫صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬وهذا حال أهل التقو ‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن التقو على وجهٌن ‪ :‬خال وعام‪ ،‬فؤما التقو الخال‬
‫الهمّسة وال ُسم ْسنٌة من ؼٌر ذات هللا تعالى‪ ،‬حٌ قال هللا تعالى‪( :‬اتلوا‬
‫عن ِس‬ ‫فا تقاء بالسر‬
‫(‪) 2‬‬
‫هللا حو تلاته) ‪ ،‬وأما التقو العام فا تقاء بالظاهر عن جمٌع ما كره هللا تعالى‪،‬‬
‫قال هللا سبحانه ( ومن يتو هللا ي فر عنه سيئاته )(‪ ،)3‬وهللا تعالى جعل ال َسف َسر َسج‬
‫والمخر َسج من الهموم‪ ،‬والٌُسسر والسَّوعة فً التقو ‪ ،‬لقوله تعالى‪ ( :‬ومن يتو هللا يجعل‬
‫َس‬
‫(‪) 5‬‬ ‫(‪) 4‬‬
‫له من أمر يسراً) ‪ ،‬وقوله تعالً‪ ( :‬ومن يتو هللا يجعل له مخرجا ً) اآلٌة‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫يِ‪٠ ٫ٖ ٧٥٧ ٕ٬‬ك‪٢‬ؿ ؤػ‪٠‬ؿ (‪٠‬ل‪٢‬ؿ جد‪ُ ١‬دحك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ‪٧ 2346/3‬ػ‪ ٤ٚ‬ؤ‪٬ ١‬صدز ٖ‪٠ ٫‬ل‪٢‬ؿ ؤ‪٢‬ك‬
‫د‪٠ ١‬ح‪ ٛٝ‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١٠ ٧٥٧ ، ٤٢‬ق‪٬‬حؿجز ُدؿجهلل د‪ ١‬ؤػ‪٠‬ؿ ‪٠٧ .‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪ 375/2‬ف‪ٙ٧ 3006 ٟٙ‬حل‬
‫" ‪٧‬ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ٟ‬‬ ‫ج‪٬٦ٝ‬ص‪ " :٫٠‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬دقجف ‪ ٤٬ٖ٧‬قجثؿذ د‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ف‪ٙ‬حؿ ‪ٙ .‬حل ج‪ٝ‬دؾحف‪ٜ٢٠ : ٪‬ف ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‪٧ ،‬ظ‪ ٤ٝ ٓ٤‬ظ‪٠‬حُر‬
‫جٯ‪٧‬لً ‪ًٞٝ‬دفج‪ ،٫٢‬ف‪.3939 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.102 :١‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ًٝ‬ٴ٘‪.5 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ًٝ‬ٴ٘ ‪.4 :‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ًٝ‬ٴ٘‪2 :‬‬

‫‪171‬‬
‫قٌل فً معناه ‪ :‬ومن ٌتق هللا فً أداء الطاعة‪ٌ ،‬جعل له مخرجا ًا من ؼبار‬
‫ٌحتسب ‪ .‬ومعنى آخر ‪:‬‬ ‫الذنوب والز ت‪ ،‬وٌرزقه النجار من العقوبات‪ ،‬من حٌ‬
‫ومن ٌتق هللا عند اإلنابة بالحُسجة‪ٌ ،‬جعل له مخرجا ًا من شِس ّسد ِسر المحاسبة‪ ،‬وٌرزقه‬
‫ٌحتسب ‪ .‬ومعنى آخر ‪ٌ :‬جعل له مخرجا ًا من جمٌع‬ ‫سالمة الدارٌن من حٌ‬
‫ٌحتسب ‪ .‬ومعنى آخر ‪ :‬من ٌتق‬ ‫ا شتؽال بؽٌر هللا‪ ،‬وٌرزقه حٌار طٌبة‪ ،‬من حٌ‬
‫هللا بترك المحارم والشبهات‪ٌ ،‬جعل له مخرجا ًا من اإلرادات والشهوات‪ ،‬وٌرزقه‬
‫ٌحتسب‪ ،‬ومن ٌتق هللا عند قول الحق‪ ،‬و ٌخاؾ لومة‬ ‫حالور الطاعة من حٌ‬
‫بم‪ٌ ،‬جعل له مخرجا ًا من مكر الناأ ومكابدهم‪ ،‬وٌرزقه َّو‬
‫الظ َسفر من حٌ‬
‫ٌحتسب‪ ،‬و َسمن ٌتق هللا بترك التعلّسق بؽٌر هللا ٌجعل له مخرجا ًا من عبودٌة ما سواه‪،‬‬
‫ٌحتسب‪.‬‬ ‫وٌرزقه الصدق واإلخالل من حٌ‬
‫ٌرو أن أبا هرٌرر سمع النبً صلى هللا علٌه وسلم ٌقول ‪ " :‬إذا كان ٌوم‬
‫القٌامة ٌقول هللا تعالى ‪ٌ :‬ا أٌها الناأ إنً جعلت نسباًا‪ ،‬وأنتم جعلتم نسباًا‪ ،‬إنً جعلت‬
‫أكرمكم أتقاكم‪ ،‬وأنتم جعلتم أكرمكم أؼناكم‪ ،‬وإنً أرفع الٌوم نسبً وأضع نسبكم‪،‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫فؤٌن المتقون‪ ،‬الٌوم خوؾ علٌكم و أنتم تحزنون"‬
‫وقال صلى هللا علٌه وسلم ‪ " :‬الحالل بٌِّذن‪ ،‬والحرام بٌِّذن‪ ،‬وبٌنهما أمور‬
‫متشابهات‪ٌ ،‬علمها كثٌ ٌحر من الناأ‪ ،‬فمن اتقى الشبهات سلم دٌنه‪ ،‬ومن وقع فً‬
‫الشبهات وقع فً الحرام" (‪ )2‬فـ " د ما ٌرٌبك إلى ما يرٌبك"(‪.)3‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫اسػحٕ ج‪ٝ‬لحؿذ ج‪٠ٝ‬س‪٧٠ [ 210/9 ١٬ٚ‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪٠ٝ‬ػ‪٠‬ؿ قٓ‪٧ٞ‬ل (ُح‪ ٟٝ‬ج‪ٝ‬سفجش ‪.]644/3‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪١‬‬ ‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ ‪ٖ :‬يل ‪ ١٠‬جلسدفؤ ‪ٝ‬ؿ‪ ،٤٢٬‬ف‪٧ 52 ٟٙ‬ج‪ٝ‬د‪ ،ٍ٧٬‬دحخ ‪ ( :‬ج‪ٝ‬ػٴل د‪٧ ١ ِّ٫‬ج‪ٝ‬ػفج‪ ٟ‬د‪ِّ٫‬‬
‫‪٧‬د‪٠٦٢٬‬ح ‪٠‬نخٓ‪٥‬حز) ‪٠٧ 1946‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬ج‪٠ٝ‬لح‪ٙ‬حذ‪ ،‬دحخ‪ :‬ؤؾـ ج‪ٝ‬ػٴل ‪٧‬سف‪ ٛ‬ج‪ٝ‬ند‪٦‬حز‪ ،‬ف‪.1599 ٟٙ‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ٫ٖ ٪‬وٗر ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر‪ ،‬ج‪ٝ‬دحخ ‪ 61‬ف‪٧ 2520 ٟٙ‬ج‪٢ٝ‬لحث‪ :٫‬جٯنفدر‪= ،‬‬

‫‪172‬‬
‫وقال عٌسى علٌه الصالر والسالم ‪ :‬لو صمتم حتى تكونوا كااوتار‪ ،‬وصلٌتم‬
‫حتى تكونوا كالحناٌا‪ ،‬ما قبل منكم إ بور صادق ‪ .‬وقال وهب بن منبّسه (‪َ :)1‬سمن‬
‫وضع شهواته تحت قدمٌه‪ ،‬فرَّو الشٌطان من ظله‪ ،‬ومن ؼلب عقلُسه هواه فذاك الصابر‬
‫الؽالب‪.‬‬
‫وقٌل لرجل من أهل التقو ‪ :‬من أٌن جبت؟ قال ‪ :‬ما سإالك عن شًء‬
‫‪ :‬ما‬ ‫ٌنفعك معرفته‪ ،‬و ٌضرك جهله‪ ،‬فاشتؽل بما ٌعنٌك عما ٌعنٌك‪ ،‬فقٌل له‬
‫رأأ التقو ؟ قال ‪ :‬أن تحفظ نفسك من الشهوات‪ ،‬وحلقك من اللذات‪ ،‬وقلبك من‬
‫الؽفالت‪.‬‬
‫وقال‪ :‬اتق هللا الذي آخذ آدم بلقمة‪ ،‬وموسى بلطمة‪ ،‬وداود بنظرر‪ ،‬وٌوأ ؾ‬
‫بهمّسة‪ ،‬ونوحا ًا بدعور‪ ،‬ومحمداًا بخطرر‪ ،‬صلوات هللا علٌهم أجمعٌن ‪ .‬وقال عبٌد بن‬ ‫ِس‬
‫(‪) 2‬‬
‫عمٌر ‪ٌ :‬نبؽً لمن تزٌن بلباأ الور والتقو أن ٌنظر إلى زهرات الدنٌا‪،‬‬
‫وٌتكلم بما ٌعنٌه‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وقال جعفر الخلدي ‪ :‬بلت فً أصل حابط‪ ،‬فهتؾ بً هاتؾ ‪ :‬ت َّودعً التقو‬
‫وتبول فً أصل حابط ؼٌرك؟‬
‫(‪) 4‬‬
‫وحُسكً أن ابن المبارك ارتحل من َسمرْس َسو إلى الشام‪ ،‬من أجل قلم كان قد‬
‫استعاره فلم ٌرده إلى صاحبه‪ ،‬وفً الخبر ‪ :‬تفضلوا أحداًا على أحد إ بالور‬
‫والتقو ‪ ،‬انهما أفضل ااعمال‪.‬‬

‫= دحخ ج‪ٝ‬ػش ُ‪ ٩ٞ‬سف‪ ٛ‬ج‪ٝ‬ند‪٦‬حز ‪٧ 328 ٧ 327/8‬ؤػ‪ ٟ‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ (ػؿ‪٬‬ش ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬د‪ ٫ُٞ ١‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪٤٢‬‬
‫ُ‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٧ 1727/2 ٟٞ‬ػؿ‪٬‬ش ؤ‪٢‬ك د‪٠ ١‬ح‪ ٛٝ‬في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ١ُ ٤٢‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٟٞ‬‬
‫‪٧ .12488/10‬ج‪ٌ٢‬ف ج‪٢ٝ‬لحث‪( 230/8 ٫‬ج‪ٚٝ‬يحذ‪ ،‬دحخ ج‪ٝ‬ػ‪ ٟٜ‬دحسٗح٘ ؤ‪٥‬ل ج‪.)ِٟٞٝ‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫خٓ ج‪ٝ‬و‪ِ٢‬ح‪ ٫٢‬ج‪ٝ‬ـ‪٠‬حف‪٠ : ٪‬ئفؼ ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬سحدَ‪٥ 114 – 34 ( ١٬‬ـ)‪.‬‬
‫‪٥٧‬خ د‪٣ ٢٠ ١‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ُد‪٬‬ؿ د‪٬٠ُ ١‬ف ج‪ُ٧ ١٠ ،٫ٜ٠ٝ‬حٌ ‪ٜ٠‬ر‪ ١٠ ،‬ج‪ٝ‬سحدِ‪ ،١٬‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 68‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ :‬ظِٗف د‪٠ ١‬ػ‪٠‬ؿ ‪٥ 348 – 253‬ـ‪ .‬ن‪٬‬ؽ ج‪ٝ‬و‪٬ٖ٧‬ر ٖ‪ ٫‬ؤ‪٬‬ح‪ ٤٠‬ددٔؿجؿ‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ُدؿ جهلل د‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ ٛ‬ج‪٠ٝ‬ف‪٧‬ق‪٥ 181 – 118( ٪‬ـ) وحػخ ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ظ‪٦‬حؿ‪٠٥٧ ،‬ح ‪ٜ‬سحدح‪ ٫ٖ ١‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش‬
‫ج‪٢ٝ‬د‪.٪٧‬‬

‫‪173‬‬
‫وقال أُسبًّس بن كعب رضً هللا عنه (‪ )1‬ما من أحد ترك شٌبا ًا هلل إ آتاه هللا ما‬
‫ٌحتسب ‪ .‬وقال ابن سٌرٌن (‪ :)2‬حرا ٌحم على كل قلب فٌه‬ ‫هو خٌر له منه من حٌ‬
‫(‪) 3‬‬
‫حب الدنٌا أن تسكن فٌه التقو ‪ .‬وقال عمر بن عبدالعزٌز رحمه هللا ‪ :‬القلٌل من‬
‫الور ‪ ،‬خٌر من صالر أهل الدنٌا‪.‬‬
‫خلقت آدم بٌدك‪ ،‬وأدخلته‬ ‫َس‬ ‫ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال ‪ :‬إلهً‬
‫‪ .‬فقال ‪ٌ :‬ا‬ ‫الجنر‪ ،‬وفعلت به ما فعلت من اإلحسان‪ ،‬ثم أخرجته منها بزلة واحدر‬
‫موسى أما علمت أن جفاء الحبٌب شدٌد‪ ،‬ما ٌحتمل من ااعداء‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫التلل ــــو السعي ُتد‬
‫َّو‬ ‫ول نَّو‬ ‫مال‬
‫جمف ٍ‬
‫َم‬ ‫ولسسُت أر السعاد َما‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤد‪ ٫‬د‪ِٜ ١‬خ جٯ‪٢‬وحف‪ ٪‬ج‪ٝ‬ؾقفظ‪٠ُٞ ١٠ : ٫‬حء ج‪ٝ‬وػحدر ‪٠٧‬ظح‪٥‬ؿ‪ ٟ٦٬‬في‪٧‬ج‪ ١‬جهلل ُ‪ . ٟ٦٬ٞ‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر‬
‫‪٥ 21‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ل‪٬‬ف‪ ١٬‬ج‪ٝ‬دوف‪٥ 110-33( ٪‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ؤ‪٬٠‬ف ج‪٠ٝ‬ئ‪٠ُ ١٬٢٠‬ف د‪ُ ١‬دؿج‪ِٝ‬ق‪٬‬ق د‪٠ ١‬ف‪٧‬ج‪ ،١‬ؤد‪ ٧‬ػٗه‪ ،‬ج‪ٝ‬ؾ‪ٗ٬ٞ‬ر ج‪ٝ‬وح‪ٝ‬غ (‪٥ 99- 61‬ـ)‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪ٞٝ‬ػً‪٬‬ثر دِؿ س‪٧‬دس‪٧ ٤‬ا‪٢‬حدس‪٧ ،٤‬دِؿ‪:٣‬‬
‫‪٢ُ٧‬ؿَ جهللِ ‪ٰٝ‬س‪ َٟ ٩ٚ‬قِ‪٬‬ؿُ‬ ‫‪٧‬س‪ ٨٧ٚ‬جهلل ؾ‪٬‬فُ ج‪ٝ‬قجؿٔ ـُؾفجً‬

‫‪174‬‬
‫الحديث الرابف وال ال ون‬
‫[ َمم ن ُتولد له مولود سما محمداً]‬

‫أخبرنا شٌخنا القاضً القدور أبو الفضل علً الواسطً‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا أبو‬
‫الحسن محمد بن أحمد‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو عبدهللا الحسٌن‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أحمد بن بكٌر بن‬
‫حامد‪ ،‬عن حمّساد العسكري‪ ،‬عن إسحاق بن سٌار‪ ،‬عن حجاج بن منهال‪ ،‬عن حماد‬
‫بن سلمة‪ ،‬عن برد بن سنان‪ ،‬عن مكحول‪ ،‬عن أبً أمامة الباهلً‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول‬
‫هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪َ " :‬سمن وُس لد له مولود فسماه محمداًا تبركا ًا به‪ ،‬كان هو‬
‫ومولوده فً الجنة"(‪.)1‬‬
‫فً هذا الحدٌ الشرٌؾ مِسن سِس رِّذ الحب له صلى هللا علٌه وسلم ما ٌفهمه أهل‬
‫زكٌة‪،‬‬ ‫الخصوصٌة‪ ،‬فإنهم بذكر اسمه المبارك ترتا هممهم للتخلق بؤخالقه ال‬
‫وللتشب بؤذٌاله‪ ،‬فتراهم تقؾ هممهم فً طرٌق متابعته وقفة المشؽول بالدنٌا‪ ،‬بل‬
‫هم متنبهون خاشعون‪ ،‬ومن هللا خابفون‪ ،‬ولنبٌهم متبعون‪ ،‬وبسنته عاملون‪ ،‬وأولبك‬
‫هم العارفون‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫) ‪55/1‬‬ ‫ج‪٧٠ٝ‬ي‪ٍ٧‬جز ٳد‪ ١‬ج‪ٝ‬ظ‪٧‬ق‪٧ 157/1 )1ً( ٪‬ج٭‪ ِ٩ٝ‬ج‪٠ٝ‬و‪ُ٧٢‬ر ‪ٞٝ‬ل‪( ،٫ً٧٬‬ؿجف ج‪ٜٝ‬سحخ ج‪ِٝ‬فد‪٫‬‬
‫) ‪٧ 171‬سـ‪ٜ‬فذ‬ ‫‪٧‬جٯلفجف ج‪٠ٝ‬فٖ‪ُ٧‬ر ‪ ٫ِٞٝ‬ج‪ٚٝ‬حف‪( ٪‬ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر) ‪٧ 435‬ج‪ٝ‬ل‪ٞ‬لر ج‪ٝ‬يِ‪ٗ٬‬ر‪( ،‬ج‪ٜ٠ٝ‬سخ جٱلٴ‪٫٠‬‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ي‪ُ٧‬حز ‪ ٟٝ‬ػ‪٠‬ؿ ًح‪٥‬ف ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪( ٪‬د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪ٙ٧ 89‬حل ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪ ٫ٖ " :٪‬ال‪٢‬حؿ‪ ١ َٟ ٣‬س‪ٞٙ .٤٬ٖ ٟٜٞ‬ز‪ :‬فظح‪ٟ٦ٜٞ ٤ٝ‬‬
‫) ‪ 393/2‬دف‪ٟٙ‬‬ ‫ص‪ٚ‬حز ‪ِ٠‬ف‪٧ ،١٧ٖ٧‬ف‪ ٫٠‬دِي‪ ٟ٦‬دح‪ٚٝ‬ؿف‪٬ٓ ٧٥٧ ،‬ف ‪ٙ‬حؿع " ‪ٜ٧‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء (ج‪ٝ‬سفجش جٱلٴ‪٫٠‬‬
‫‪ٙ٧ 2644‬حل ج‪ِٝ‬ظ‪ " :٫٢٧ٞ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ُ ١‬لح‪ٜ‬ف ُ‪ ١‬ؤد‪ ٫‬ؤ‪٠‬ح‪٠‬ر في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬فِٖ‪ٙ .٤‬حل ج‪ٝ‬ل‪٠ ٫ٖ ٫ً٧٬‬ؽ سوف‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ي‪ُ٧‬حز‪٥ ( :‬ـج ؤ‪٠‬صل ػؿ‪٬‬ش ‪٧‬فؿ ٖ‪٥ ٫‬ـج ج‪ٝ‬دحخ ‪٧ .‬ال‪٢‬حؿ‪ ٣‬ػل‪٧ )١‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬فجِٖ‪ ٫‬د‪ُٝ٧ ١ َٟ ٌٗٞ‬ؿ ‪٧ٝ٧٠ ٤ٝ‬ؿ‬
‫ـ‪ٜ‬ف ٖل‪٠‬ح‪٠ ٣‬ػ‪٠‬ؿجً ػدحً ‪٧ ٫ٝ‬سدف‪ٜ‬حً دحل‪٢ٜ [ ".. ٫٠‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ ]45223/16‬ج‪ٝ‬ل‪ ٫ٖ ٫ً٧٬‬ج‪ٝ‬ػح‪ٗٞٝ ٪٧‬سح‪٪٧‬‬
‫(ج‪ٝ‬لِحؿذ) ‪٧٠ [ 114 ٧100/2‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪.] 602/8‬‬

‫‪175‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن أهل المعرفة ٌبكون إذا ضحك أهل الؽفلة‪ ،‬وٌحزنون إذا‬
‫فر أهل الؽِسرَّو ر‪ ،‬قال هللا تعالى (وجو يومئإ ناضرا * لى ربها ناظرا )(‪ )1‬وقوله ‪:‬‬
‫(وجو يإمئإ مسفرا * ضاح ة مستبألرا)(‪ )2‬وأن هللا تعالى ذكر من د بل المعرفة‬
‫(‪) 3‬‬
‫ومن عالمات العارفٌن كثرر البكاء وسٌل الدمو ‪ ،‬قال (ويخرون لتإ ان يب ون )‬
‫(‪) 4‬‬
‫وذم أهل الؽفلة بالضحك وترك البكاء فً قوله (أ من هإا الحد ث تعجبون )‬
‫اآلٌة‪.‬‬
‫واعلم أن البكا َسء بكا ُسء العٌن‪ ،‬وبكا ُسء القلب وبكاء السر‪ ،‬فؤما بكا ُسء العٌن فهو‬
‫اهل المعرفة من المنٌبٌن‪ ،‬وأما بكاء القلب فهو اهل المعرفة من المرٌدٌن‪ ،‬وأما‬
‫بكاء السر فهو اهل المعرفة من المحبٌن‪.‬‬
‫واعلم أن اهل المعرفة هموما ًا مخبوءر تحت أسرارهم‪ ،‬مستورر عن أفكارهم‬
‫فكلما هاج من أسرارهم رٌا خشٌة الهٌبة‪ ،‬ومن قلوبهم لهب نٌران ااحزان‪،‬‬
‫أحرقت ما علٌها من هشٌم الؽفلة والنسٌان‪.‬‬
‫والبكاء على خمسة أوجه ‪ :‬بكا ُسء الحٌاء‪ ،‬مثل بكاء آدم‪ ،‬وبكاء الخطٌبة‪ ،‬مثل‬
‫بكاء داود‪ ،‬وبكاء الخوؾ مثل بكاء ٌحٌى بن زكرٌا‪ ،‬وبكاء الفقد‪ ،‬مثل بكاء ٌعقوب‪،‬‬
‫( إا تتلى عليهم ءايس‬ ‫وبكاء الهٌبة‪ ،‬مثل بكاء سابر اانبٌاء‪ ،‬وهو قوله تعالى‬
‫الرحمن) (‪ )5‬اآلٌة‪.‬‬
‫وبكاء سادأ‪ :‬مثل بكاء شعٌب ذلك بكاء الشوق والمحبة‪ ،‬بكى شعٌب حتى‬
‫ذهب بصره‪ ،‬ثم ُسر َّود إلٌه بصره‪ ،‬فبكى حتى ذهب بصره‪ ،‬ثال مرات‪ ،‬فؤوحى هللا‬
‫تعالى إلٌه‪ :‬أن ٌا شعٌب إن كان بكاإك من مخافة النار فقد أمنتك من النار‪ ،‬وإن‬
‫كان بكاإك من أجل الجنة فقد أوجبت لك الجنة‪ .‬فقال‪:‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٫ٚٝ‬ج‪٠‬ر‪.23-22 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ُدك‪.39-38 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٱلفجء‪.109 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ظ‪.59 :ٟ‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ ‪٠‬ف‪.58 :ٟ٬‬‬

‫‪176‬‬
‫ٌا رب ولكن من الشوق إلى رإٌتك‪ ،‬فؤوحى هللا إلٌه ‪ :‬أن ٌا شعٌب َسح َّوق لِس َسمن‬
‫أرادنً أن ٌبكً من شوقً‪ ،‬إنه لٌأ لهذا دواء ؼٌر لقابً‪ ،‬وٌرو أن النبً علٌه‬
‫الصالر والسالم قال ‪ " :‬لو أن عبداًا بكى من خشٌة هللا فً أُسمّسة لرحم هللا تلك اامة‬
‫ببكابه"(‪.)1‬‬
‫وقالت رابعة‪ :‬بكٌت عشر سنٌن عن هللا‪ ،‬وعشر سنٌن باهلل‪ ،‬وعشر سنٌن إلى‬
‫هللا‪ .‬فؤما ما هو باهلل فالرجاء به وأما ما هو عن هللا فالخوؾ منه‪ ،‬وأم ا ما هو إلى هللا‬
‫ُس‬
‫فجلست‬ ‫فالشوق إلٌه‪ .‬وقال بعضهم ‪ :‬دخلت على رابعة البصرٌة فإذا هً ساجدر‪،‬‬
‫ُس‬
‫فسلمت‬ ‫عندها حتى رفعت رأسها‪ ،‬فإذا فً موضع سجودها ماء واقؾ من دموعها‪،‬‬
‫علٌها فردت علً السالم‪ ،‬وقالت‪ :‬ما حاجتك ؟ قلت‪ :‬أرٌد زٌارتك‪ ،‬فبكت ثم صرفت‬
‫وجهها عنً‪ ،‬وكانت تبكً وتقول ‪ :‬قرر عٌنً بد لً منك‪ ،‬فالعجب ممن عرفك‪،‬‬
‫كٌؾ ٌشتؽل بؽٌرك‪ ،‬والعجب ممن أرادك‪ ،‬كٌؾ ٌرٌد ؼٌرك؟‬
‫وكان عطاء السلمً (‪ )2‬كثٌراًا ما ٌقول فً بكابه" اللهم ارحم انقطاعً إلٌك‪،‬‬
‫وإعراضً عن سواك‪ ،‬وؼربتً فً بالدك‪ ،‬ووحشتً بٌن عبادك‪ ،‬ووقوفً بٌن‬
‫ٌدٌك‪.‬‬
‫وقال الفضٌل بٌن عٌار ‪ :‬بٌنا أنا فً الطواؾ‪ ،‬إذ أنا برجل قد تؽٌر لونه‪،‬‬
‫ونحل جسمه‪ ،‬وهو ٌبكً وٌدندن (‪ )3‬مع نفسه‪ ،‬فدنوت منه‪ ،‬فإذا هو ٌقول ‪ :‬إلهً قد‬
‫أستؤنست بك قلوبُس المحبٌن‪ ،‬واستراحت إلٌك قلوب العارفٌن‪ ،‬فال تقطع منك آمال‬
‫المشتاقٌن‪ .‬قال‪ :‬فسمعت هاتفا ًا ٌقول ‪ٌ :‬ا ولًّس لقد أبكٌت السموات السب ‪ ،‬اسكت فإن‬
‫لك ما سؤلت‪.‬‬
‫وروي أن آدم علٌه الصالر والسالم لما نزل من الجنة‪ ،‬بكى حتى نبت من‬
‫دموعه النبات‪ ،‬فؤوحى هللا إلٌه‪ :‬هذا البكاء على فوت الجنان‪ ،‬فؤٌن البكاء على ترك‬

‫(‪) 1‬‬
‫اٌداز إٌّث‪ٛ‬ز ‪. 206/ 4‬‬
‫أظس سفبً ِٓ خجبزٖ ف‪ ٟ‬اٌطجمبد اٌىجس‪ٌٍ ٜ‬شعسأ‪(ٟ‬اٌفىس) ‪ٚ . 47/ 1‬جبِط وساِبد األ‪١ٌٚ‬بء ‪. 305/ 2‬‬ ‫(‪) 2‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫دٔدْ اٌسجً‪ :‬رىٍُ ثظ‪ٛ‬د خف‪ُ٠ ٟ‬يعُ ‪ٚ‬ال ‪ُ٠‬يف‪ ٚ ،ُٙ‬ثظ‪ٛ‬د خبفذ‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫إله إ أنت سبحانك‪ ،‬قال هللا تعالى‪:‬‬ ‫خدمتً؟ ففز آدم إلى كلمة اإلخالل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫( تللى ءادم من ربه لماس تاب عليه)(‪.)1‬‬
‫وقال ذو النون ‪ :‬رأٌت بمكة رجال ٌبكً بكاء العارفٌن‪ ،‬فدنوت منه وقلت ‪:‬‬
‫ٌح‬
‫موافق لك أم‬ ‫ألك حبٌب؟ قال ‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬حبٌبك قرٌبٌح أم بعٌد؟ قال ‪ :‬قرٌب‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫علمت أن عذاب‬ ‫َس‬ ‫مخالؾ؟ قال‪ :‬بل موافق لً‪ ،‬قلت ‪ :‬سبحان هللا فلم تبكً؟ قال ‪ :‬أما‬
‫القرب والموافقة‪ ،‬أشد من عذاب البعد والمخالفة؟‬
‫وحكً أن رابعة كانت تمر ٌوما ًا فً بعر طرق البصرر‪ ،‬فقطرت علٌها‬
‫قطررٌح من المٌزاب‪ ،‬فسؤلت عنها‪ ،‬فقٌل ‪ :‬أنها من بكاء الحسن‪ ،‬قالت‪ :‬قولوا للحسن لو‬
‫محبة له‪ ،‬لكان قلٌال‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫ازددت بالدمو ‪ ،‬حتى تصل العرش‬
‫وقٌل لعبادر بن شمٌط بن عجال ن‪ :‬هل ٌبكً المنافق؟ قال ‪ :‬أما من الرأأ‬
‫فنعم‪ ،‬وأما من القلب فال ‪ .‬قال الفضٌل‪ :‬إذا رأٌت الرجل ٌبكً‪ ،‬وقلبه سا ٍسه فهو بكاء‬
‫منافق‪ ،‬وإن البكاء بكاء القلب‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫قٌل لمالك بن دٌنار ‪ :‬أ تجا بقارئ ٌقرأ بٌن ٌدٌك؟ فقال ‪ :‬إن الثكلى‬
‫تحتاج إلى النابحة‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وقال كعب ااحبار ان أبكً دمعة من خشٌة هللا أحب إلًّس من أن أتصدق‬
‫بجبل من الذهب ‪ .‬وكان مالك بن دٌنار كثٌراًا ما ٌبكً وٌقول ‪ٌ :‬ا نفأ ترٌدٌن أن‬
‫تجاوري الجبار‪ ،‬وتشاهدي المختار‪ ،‬بؤي شهور تركتِسها‪ ،‬بؤي بعٌد قربته إلى هللا‪ ،‬بؤي‬
‫ولً أحببته هلل‪ ،‬بؤي عدو أبؽضته هلل‪ ،‬بؤي ؼٌظ كظمته هلل ‪ ،‬وهللا لو عفو هللا‬
‫ورحمته‪ ،‬ثم ٌؽشى علٌه ‪ .‬وروي أن هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر والسالم‪ :‬لن‬
‫ٌتقرب إلًّس المتقربون بمثل البكاء من خشٌتً‪.‬‬
‫وقال ثابت النساج رحمه هللا ‪ :‬ما شرب داود علٌه الصالر والسالم شربة من‬
‫الماء بعد الخطٌبة إلى وكان نصفه دموعه حتى لحق باهلل عز وجل‪ ،‬فقال ٌوما ًا من‬
‫ااٌام فٌما رأ من كثرر دموعه‪ :‬أما ترحم بكابً ٌا إلهً؟ فنودي من السماء ٌا داود‬
‫تذكر دموعك‪ ،‬و تذكر ذنبك؟ فؤخذ برمر النار من الرماد‪ ،‬وصار ٌجعله على‬
‫رأسه‪ ،‬وٌقول ‪ :‬ذهب ماء وجهً عند ربً ‪ .‬وقٌل ‪ :‬كان فً عهد الحسن البصري‬
‫رضً هللا نه رجل كان له ابنة تبكً حتى عمٌت عٌناها‪ ،‬فجاء الرجل إلى الحسن‬
‫ودعاه لٌعظها‪ ،‬لعلها ترفق بنفسها‪ ،‬فؤتاها الحسن وقال لها ‪ :‬ارفقً‪ ،‬فقالت ‪ :‬أٌها‬
‫ااستاذ إن عٌنً تخلو من وجهٌن‪ ،‬إما أن تصلح لرإٌة ربً أو تصلح‪ ،‬فإن لم‬
‫تصلح فحق لها أن تعمى‪ ،‬وإن كانت تصلح فؤلوؾ م ل عٌنً فداء لرإٌته‪ ،‬قال‬
‫فوجدت طبٌبا ًا‪.‬‬
‫ُس‬ ‫وأتٌت مطٌّسبا ًا‬
‫ُس‬ ‫مداو ‪،‬‬ ‫ُس‬
‫فصرت َس‬ ‫جبت مداوٌا ًا‬
‫ُس‬ ‫الحسن‪:‬‬
‫وقالت سلمة بنت خالد المخزومً رحمها هللا ‪ :‬كانت امرأر من الشام ببٌت هللا‬
‫الحرام‪ ،‬وٌقال لها حزٌنة‪ ،‬أبداًا تبكً من ؼلبة الشوق‪ ،‬وكلما نظرت إلى باب الكعبة‪،‬‬
‫قالت‪ :‬بٌت ربً‪ ،‬بٌت ربً‪ ،‬ففُستح باب الكعبة ٌوما ًا من ااٌام‪ ،‬فرأت فٌها طابفٌن‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ‪.37 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ح‪ ٛٝ‬د‪ ١‬ؿ‪٢٬‬حف ج‪ٝ‬دوف‪٠ ،٪‬ػؿش ‪٧‬فٍ‪٠ ،‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 131‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ِٜ‬خ د‪٠ ١‬حسَ‪٠ُٞ ١٠ :‬حء ج‪ٝ‬سحدِ‪٠ .١٬‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 32‬ـ ‪٧‬ؿٖ‪ ٫ٖ ١‬ػ‪٠‬ه‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫ٌبكون‪ ،‬وٌقولون‪ :‬ملٌكنا وقرر أعٌننا‪ ،‬طال شوقنا متى تكون مالقاتنا‪ ،‬فسمعت تلك‬
‫المقالة (‪ ،)1‬فصاحت صحٌة وخرت مؽشٌا ًا علٌها‪ ،‬ولم تزل تضطرب حتى ماتت‪.‬‬
‫وقال ٌحٌى بن أصفر‪ :‬دخلنا مع جماعة من أصحابنا على عفٌرر ا لعابدر (‪،)2‬‬
‫وكانت عمٌاء من كثرر بكابها‪ ،‬فقال واحد منا ‪ :‬ما أشد العمى بعد البصٌرر‪ ،‬فسمعت‬
‫وددت لو أن هللا‬ ‫ُس‬ ‫ذلك فقالت‪ٌ :‬ا أبا عبدهللا عمى القلب عن هللا أشد من عمى العٌن‪،‬‬
‫أعطانً ُسكن َسه محبته‪ ،‬ولم ٌُسبق لً جارحة إ أخذها منً‬
‫يا ُتم‬ ‫الجليل‬
‫ِر‬ ‫والعار ون لد‬ ‫داا وال ُتفصااُت نيا ُتم‬
‫ٍ‬ ‫الليل ُت‬
‫تفير ِرجا ُتم‬ ‫ُت‬ ‫تجر ‪ ،‬ومنها د‬ ‫س الهد ودمو ُت هم‬ ‫يتلون آيا ِر‬
‫ألو ا ً ولي لمن يحب َمم نا ُتم‬ ‫و يصبرون ُت ً‬
‫ويعة عن إ ِرر ِر‬

‫(‪) 1‬‬
‫ؤ‪ ٪‬ل‪ِ٠‬ز ‪٧ٙ‬ل ج‪ًٝ‬حثٗ‪٢ٜ٬ٞ٠ :١٬‬ح ‪ٙ٧‬فذ ؤُ‪٢٢٬‬ح ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٌ٢‬ف دِى جؾدحف‪٥‬ح ٖ‪ً ٫‬د‪ٚ‬حز ج‪ٝ‬نِفج‪( 67/1 ٫٢‬ج‪ٝ‬سفظ‪٠‬ر ‪.)132‬‬
‫(‪ )3‬لظ‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ؿ‪٧ َ٠‬ج‪٢‬لظ‪ :ٟ‬ج‪٢‬وخٖ‪ ،‬لحل‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫وال ال ون‬ ‫الحديث الخام‬
‫حدي ا ً‪]..‬‬ ‫[ َمم ن أدّن‬

‫اخبرنا شٌخنا خالً أبو المكارم منصور الباز ااشهب البطاٌحً رضً هللا‬
‫عنه‪ ،‬قا ل أنبؤنا أبو علً الحسن بن شاذان‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا أبو نصر أحمد بن محمد بن‬
‫‪ :‬أنبؤنا‬ ‫أشكاب النجاري‪ ،‬قال ‪ :‬أنبؤنا الحسن بن محمد بن موسى القُسمّسً‪ ،‬قال‬
‫عبدالرحٌم بن جندب‪ ،‬عن إسماعٌل بن ٌحٌى بن عبٌدهللا‪ ،‬عن سفٌان‪ ،‬عن لٌ ‪ ،‬عن‬
‫طاووأ‪ ،‬عن ابن عباأ رضً هللا عنهما قال ‪ :‬قال رأول اللهصلى هللا علٌه وسلم‪:‬‬
‫" َسمن أ ّسد حدٌثا ًا إلى أمتً ل ُستقام به سنة أو ل ُستثلَسم به بدعة فله الجنة " (‪ .)1‬ومن هذا‬
‫الحدٌ الشرٌؾ ٌُسعلم أن اهل الجنة القابمون بإقامة السنة‪ ،‬وإثالم البدعة‪ ،‬تجرداًا هلل‬
‫تعالى‪ ،‬وتوكالًا علٌه‪ ،‬وإٌمانا ًا به‪ ،‬وحبا ًا له‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن حبٌب القلوب سبحانه إذا أحب عبداًا أطلع سره على جالل‬
‫ربة من كؤأ محبته‪ ،‬حتى ٌُسسكره به‬ ‫قدرته‪ ،‬وحرك قلبه بمراو ذكر ِسم ّسنته‪ ،‬وسقاه َسش ًا‬
‫عن ؼٌره‪ ،‬وجعله من أهل أُسنسه وقُسربه وصُسحبته‪ ،‬حتى ٌصبر عن ذكر ربه‪ ،‬و‬
‫(‪) 2‬‬
‫ٌختار أحداًا علٌه‪ ،‬و ٌُسشؽل بشًء دون أمره ‪ .‬وقال الشٌخ أبو بكر الواسطً‬
‫رحمه هللا‪ :‬منزلة الحب أقدم من منزلة الخوؾ‪ ،‬فمن أراد الدخول فً عصبة أهل‬
‫ِّذ‬
‫ولٌعظم حُسرْس َسم َست ُسه‪.‬‬ ‫المحبة‪ ،‬فلٌحسن الظن باهلل‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫يِ‪ .ٕ٬‬ف‪٧‬ج‪ ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٣‬ػ‪٬ٞ‬ر جٯ‪٬ٝ٧‬حء (ج‪ٝ‬ؽج‪٢‬ظ‪٢ٜ [ 44/10 )٫‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٧ 28815/10‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف‬
‫‪ 560/2‬ف‪ ١ُ 8363 ٟٙ‬جد‪ُ ١‬دحك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ] ‪٧‬اسػحٕ ج‪ٝ‬لحؿذ ج‪٠ٝ‬س‪٧ 75/1 ١٬ٚ‬ج‪ٝ‬ل‪ٞ‬لر ج‪ٝ‬يِ‪ٗ٬‬ر ‪979‬‬
‫‪٧‬نفٕ ؤوػحخ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش ‪ٞٝ‬دٔؿجؿ‪( ٪‬د‪٬‬ف‪٧‬ز) ‪٧٠ [ 171‬ل‪ُ٧‬ر ؤًفجٕ ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش (ً‪.] 61/8 )1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ؤد‪ ٧‬د‪ٜ‬ف ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪٧٠ ١‬ل‪ ٩‬ج‪٧ٝ‬جلً‪٠ .٫‬حز دِؿ ‪٥ 320‬ـ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫وروي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم‪ :‬أن ٌا داود أحِسبنً‪،‬‬
‫وأحِسبّس أحبابً‪ ،‬وحببنً إلى عبادي‪ ،‬فقال داود ‪ :‬إلهً أحبك وأحب أحباءك‪ ،‬فكٌؾ‬
‫أحببك إلى عبادك؟ فقال ‪ :‬ذكرهم آ بً‪ ،‬وحُسسن لطابفً ‪ .‬وفً الخٌر ‪ " :‬إذا أحب هللا‬
‫عبداًا من عباده ناد جبرٌل علٌه الصالر والسالم ‪ٌ :‬ا أهل السماء واارر‪ٌ ،‬ا‬
‫معشر أولٌاء هللا وأصفٌابه‪ ،‬إن هللا تعالى ٌحب فالنا ًا فؤحبوه" (‪.)1‬‬
‫وقال أبو عبدهللا النسّساج (‪ )2‬كل عمل لم ٌكن فٌه محبة هللا لم ٌُسقبل‪ .‬وقال ‪َ :‬سمن‬
‫أحبه هللا ابتاله بالمحن‪ ،‬فمن التفت منه إلى ما سواه صار محجوبا ًا عنه‪ ،‬وسقط عن‬
‫بساط أهل المحبة ‪ .‬وقال عبدهللا بن ٌزٌد (‪ )3‬مررت برجل نابم فً الثلن‪ ،‬وعلى‬
‫جبٌنه قطرات من العرق‪ ،‬فقلت له‪ٌ :‬ا أبا عبدهللا‪ ،‬أما تجد البرد؟ فقال‪َ :‬سمن شؽله حب‬
‫مو ه ٌجد البرد‪ ،‬قلت ‪ :‬وما عالمة المحب؟ قال ‪ :‬استقالل الكثٌر من نفسه‪،‬‬
‫واستكثار القلٌل من حبٌبه‪ ،‬فقلت له‪ :‬أوصنً‪ ،‬فقال‪ :‬كن هلل ٌكن هللا لك‪.‬‬
‫وقال محمد بن الحسٌن (‪ )4‬دخلت سوق النخاسٌن اشتري جارٌة‪ ،‬فرأٌت‬
‫جارٌة مشدودر على وجنتٌها عصابة‪ ،‬مكتوب علٌها ‪َ :‬سمن أرادنا أفلسناه‪ ،‬ومن هرب‬
‫منا وسْس وسناه ‪ .‬فقلت ‪ :‬كذا قال هللا تعالى لعباده ‪ :‬إن طلبتمونً أنسٌتكم بنفسً عن‬
‫ؼٌري‪ ،‬وأفنٌتكم بً عن أنفسكم‪ ،‬حتى تروا شٌبا ًا دونً‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫وػ‪٬‬غ‪ .‬ؤؾفظ‪٠ ٤‬ح‪ ٫ٖ ٛٝ‬ج‪ً٧٠ٝ‬إ (ج‪ٝ‬فلح‪ٝ‬ر ً‪ 132/2 )1‬دف‪٧ 2006 ٟٙ‬ؤػ‪٠‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪10563 ٧ 8481‬‬
‫‪5693‬‬ ‫‪٧ 10622 ٧‬ج‪ٝ‬دؾحف‪ ٫ٖ ٪‬دؿء ج‪ٝ‬ؾ‪ ،٘ٞ‬دحخ ـ‪ٜ‬ف ج‪٠ٝ‬ٴث‪ٜ‬ر ‪٧ ، 3037‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ج‪ َ٘ ِٟٝ‬ذٔ ‪ ١٠‬جهلل سِح‪٩ٝ‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬س‪٧‬ػ‪٬‬ؿ‪ ،‬دحخ ‪ٜ‬ٴ‪ ٟ‬ج‪ٝ‬فخ ‪ َ٠‬ظدف‪٬‬ل ‪٠٧ 7047‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬دف ‪٧‬ج‪ٝ‬و‪ٞ‬ر ‪٧‬ج٭ؿجخ‪ ،‬دحخ اـج ؤػخ جهلل ُدؿجً ػدد‪ ٤‬ا‪٩ٝ‬‬
‫ُدحؿ‪ ،٣‬ف‪.2637 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ال‪٠‬حُ‪٬‬ل ج‪ِ٠ٝ‬ف‪ ٕ٧‬دؾ‪٬‬ف ج‪٢ٝ‬لحض ‪ .‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 322‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ُدؿ جهلل د‪٬ ١‬ق‪٬‬ؿ ج‪ٝ‬ظف‪ ٫٠‬ؤد‪ٙ ٧‬ٴدر ج‪ٝ‬سحدِ‪٠ . ٫‬حز دح‪ٝ‬نح‪ ٟ‬ل‪٢‬ر ‪٥ 104‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ؤد‪ُ ٧‬دؿ جهلل ‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪ ١‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١٬‬ج‪ِ٠ٝ‬ف‪ ٕ٧‬دح‪ٝ‬قُٗفج‪ ٫٢‬وحػخ جٱ‪٠‬ح‪ ٟ‬ج‪ٝ‬نحِٖ‪. ٫‬‬

‫‪181‬‬
‫قال‪ :‬قر واحد باب محبوبه‪ ،‬فقال َسمن داخل الباب ‪َ :‬سمن أنت؟ قال‪ :‬أنا أنت‪ ،‬فقا ل ٌا‬
‫أنا ادخل‪:‬‬
‫أ نيتنل ب عنل‬ ‫عجبسُت مِرن َم ومنل‬
‫(‪) 1‬‬
‫ظننسُت أن أ ّننل‬ ‫أدنيتنل من َم حتى‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٬‬ئ‪٧‬ل ج‪ٝ‬لحؿذ ج‪ٝ‬و‪٬ٖ٧‬ر ‪٠‬صل ‪٥‬ـ‪ ٣‬ج‪ِٝ‬دحفذ سإ‪٬٧‬ٴز سدِؿ ُ‪٦٢‬ح ‪ ٩٢ُ ٟ‬جٳسػحؿ ‪٧‬ج‪ٝ‬ػ‪٧ٞ‬ل ‪٧٧‬ػؿذ ج‪٧ٝ‬ظ‪٧‬ؿ‪٧ .‬جٯل‪ٟٞ‬‬
‫جظس‪٢‬حخ ‪٠‬صل ‪٥‬ـ‪ ٣‬ج‪ِٝ‬دحفذ‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫وال ال ون‬ ‫الحديث الساد‬
‫[ سمف هللا لمن حمد ]‬

‫أخبرنا شٌخنا العارؾ باهلل على القاري الواسطً‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا أبو بكر‬
‫الوراق‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا أبو محمد ٌحٌى بن صاعد‪ ،‬عن أحمد ب ن عبد المإمن‪ ،‬عن‬
‫علً ابن الحسن المروزي‪ ،‬عن أبً حمزر‪ ،‬عن منصور‪ ،‬عن إبراهٌم‪ ،‬عن علقمة‪،‬‬
‫عن عبدهللا قال ‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم إذا قال ‪ :‬سمع هللا لمن حمده‬
‫قال‪ :‬ربنا ولك الحمد "(‪ .)1‬فً هذا الحدٌ من أسرار الموافقة لداعً هللا‪ ،‬الذي ٌرد‬
‫شؤنه على كل لسان‪ ،‬ما ٌفهمه أهل الذوق من أرباب المحبة‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬قٌل لواحد ‪ :‬ما حقٌقة المحبة؟ قال ‪ :‬الموافقة‪ :‬قال النبً علٌه الصالر‬
‫والسالم‪ " :‬اللهم ارزقنً حبك وحب من ٌحبك‪ ،‬والعمل الذي ٌبلؽنً حبك‪ ،‬واجعل‬
‫حبك أحب ااشٌاء إلًّس " (‪ ،)2‬وقال اإلمام أبو بكر الصدٌقرضً هللا عنه‪َ :‬سمن ذاق من‬
‫خالل حب هللا استوحش عمن سواه‪ ،‬وترك اجله كل ما ٌهواه ‪ .‬وٌقال‪ :‬جفاء العدو‬
‫ؼ ٌّيم نازل‪ ،‬وجفاء الحبٌب س ٌّيم قاتل ‪ .‬وكان ذو النون المصري كثٌراًا ما ٌقرأ القرآن‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك ٌشتؽل بالحدٌ ‪ ،‬فسمع فً المنام‪:‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٝ‬دؾحف‪ :٪‬وٗر ج‪ٝ‬وٴذ‪ ،‬دحخ ‪ :‬ا‪ ٩ٝ‬ؤ‪٬ ١٬‬فَٖ ‪٬‬ؿ‪ ،٤٬‬ف‪٠٧ .705 ٟٙ‬ل‪ :.ٟٞ‬ج‪ٝ‬وٴذ‪ ،‬دحخ اصدحز ج‪ٝ‬س‪ٜ‬د‪٬‬ف ٖ‪ٜ ٫‬ل‬
‫ؾٗى ‪٧‬فَٖ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬وٴذ اٳ فِٖ‪ ١٠ ٤‬ج‪ٝ‬ف‪ ٍ٧ٜ‬ف‪.392 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ ١ُ ٪‬ؤد‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿفؿجء في‪ ٫‬جهلل ُ‪ : ٤٢‬ج‪ٝ‬ؿُ‪٧‬جز‪ ،‬ج‪ٝ‬دحخ ج‪ٝ‬صح‪ٝ‬ش [ ‪ ١٠‬ؿُحء ؿج‪٧‬ؿُ‪ ٤٬ٞ‬ج‪ٝ‬لٴ‪ ]ٟ‬ف‪3485 ٟٙ‬‬
‫‪٧٧‬فؿ ي‪ ١٠‬ػؿ‪٬‬ش ‪ِ٠‬حـ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٫ٖ ٤٢‬ج‪ٝ‬سٗل‪٬‬ف (سٗك‪٬‬ف ل‪٧‬فذ ه ) ف‪٧ ،3233 ٟٙ‬اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪١٬‬‬
‫‪.177/7‬‬ ‫(ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ٙ 319/1‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ‪ ٫ٖ ٫٥٧ :‬ج‪ٝ‬ؿُحء ‪ًٞٝ‬دفج‪ ٟ٧ .295/4 ٧ 296/2 ٧ ٫٢‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ‬
‫‪٧‬ج‪ٌ٢‬ف ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ ٳد‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪ :ٛ‬ج‪ٝ‬ظقء ج‪ٝ‬صح‪ٝ‬ش‪ ،‬دحخ‪٠ :‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬س‪ٜ٧‬ل ه ‪ 144‬ف‪.430 ٟٙ‬‬

‫‪183‬‬
‫لِر ْنم هجرسَم تابل‬ ‫ن نسَم تزع ُتم حبل‬
‫ـ ِره من لطيلِر عتابل‬ ‫أما تدبرسَم ما يـ‬

‫قال‪ /‬فترك الحدٌ ‪ ،‬وأقبل على قراءر القرآن‪.‬‬


‫وروي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم ‪ :‬تجعل بٌنً‬
‫وبٌنك عالما ًا مفتونا ًا فً الدنٌا وأهلها‪ ،‬فٌصدك عن طرٌق محبتً‪ ،‬أولبك قطا‬
‫الطرٌق على عبادي ‪ .‬وٌقال ‪ :‬أصل المحبة هو ال َسمحْس وُس ‪ ،‬إ أنها على ثالثة مدارج ‪:‬‬
‫العام‪ ،‬والخال‪ ،‬وخال الخال‪ ،‬فؤما العام فمحو القلب عن حب الذنوب‬
‫والمعاصً‪ ،‬والخال محو القلب عن حب الدنٌا وأهلها‪ ،‬وخال الخال محو القلب‬
‫عن حب ما دون هللا تعالى‪.‬‬
‫أنت حبٌبه‪ ،‬إلهً‬ ‫وقال ٌحٌى بن مُسعاذ فً بعر مناجاته ‪ :‬إلهً تعذب قلبا ًا َس‬
‫أكرمت َسمن‬‫َس‬ ‫َس‬
‫أهنت َسمن أحبك‪ ،‬وإن أكرمتنً‬ ‫أحبك‪ ،‬وإن أهنتنً‬ ‫َس‬
‫عذبت َسمن َس‬ ‫إن تعذبنً‬
‫أحبك‪.‬‬‫َس‬
‫وحكً أن أبا ٌزٌد تكلم ٌوما ًا بكالم أهل المحبة‪ ،‬فجاء طابر فلم ٌزل ٌدنو منه‬
‫حتى جلأ بٌن ٌدٌه‪ ،‬ثم ضرب بمنقاره على اارر وسال منه الدم حتى مات‪.‬‬
‫وحكً أن واحداًا من العارفٌن‪ ،‬مر برجل من العٌّسارٌن (‪ٌ ،)1‬ضرب عبداًا له‬
‫بعود‪ ،‬والعبد ٌضحك فً وجهه‪ ،‬فقٌل له ‪ٌ :‬ا هذا ٌضربك السٌد بالسٌاط وأنت‬
‫تضحك ‪ .‬قال ‪ :‬من حالور حبه أجد ألم الضرب‪ ،‬فصا العارؾ‪ ،‬وخر مؽشٌا ًا‬
‫علٌه‪.‬‬
‫وقال ٌحٌى‪ :‬لٌأ بصادق فً حبه َسمن لم ٌحفظ حدوده‪ ،‬ولم ٌعظم حرمته‪،‬‬
‫ولم ٌعرؾ ِسم َّونته ‪ .‬وحكي أن رجالًا جاء إلى عبدالواحد بن زٌد (‪ )2‬فقال ‪ :‬أخبرنً‬
‫بؤقرب‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪٬ِٝ‬حف‪ :‬ج‪ٝ‬ـ‪٬ ٪‬ؾ‪ٗ٢ ٫ٞ‬ل‪٧٥٧ ٤‬ج‪٥‬ح ٳ ‪٬‬فؿُ‪٦‬ح ‪٧‬ٳ ‪٬‬قضف‪٥‬ح [ ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪٧ٝ‬ل‪.]ً٬‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ُدؿ ج‪٧ٝ‬جػؿ د‪ ١‬ق‪٬‬ؿ‪ :‬ؤؿف‪ ٛ‬ج‪ٝ‬ػل‪ ١‬ج‪ٝ‬دوف‪ [ ٪‬ج‪ٝ‬نِفج‪٧ ] 46/1 ٫٢‬ج‪ٝ‬ػل‪٠ ١‬س‪ ٩ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 110‬ـ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫ااعمال إلى هللا تعالى‪ ،‬وأعظمها عنده زلفى‪ ،‬فقال ‪ :‬أن تحب ما ٌحب هللا‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫اشر لً صفة المحبة‪ ،‬فبكى عبدالواحد وقال‪ :‬أتحتمل؟ قال‪ :‬ما شاء هللا‪ ،‬فوصؾ له‬
‫شٌبا ًا من المحبة وحقابقها‪ ،‬ف ُسؽشً على الرجل‪ ،‬فلم ا أفاق قال‪ :‬سبحان هللا َسمن ٌستؤه ُسل‬
‫ب قصد محبوبه قصداًا‬ ‫ٌطٌق ا ستقامة على تحقٌق المحبة؟ فقال‪ :‬رُسبَّو قل ٍس‬ ‫ُس‬ ‫هذا‪ ،‬أو َسمن‬
‫ٌدركه الرٌ ُسح العاصؾ‪ ،‬و البرق الخاطؾ‪ ،‬حتى وصل إلى محبوبه‪ ،‬قٌل‪ :‬أو هل‬
‫ٌكون للمحب عالمة؟ قال ‪ :‬إن الملوك إذا دخلوا قرٌة أفسدوها‪ ،‬وكذلك المحب ر إذا‬
‫دخلت القلب‪ ،‬تالشت النفأ بكل ما فٌها عن صفات اإلنسانٌة‪ ،‬تحت سلطانها‪،‬‬
‫فاحترق ما فً القلب من ؼٌر هللا بنٌرانها‪.‬‬
‫قٌل لبعضهم ‪ :‬ما بال المحبٌن كالمبهوتٌن؟ قال ‪ :‬انهم ذاقوا حالور محبته‬
‫وسمعوا أصوات عجابب حسن دعوته‪ ،‬حتى طارت عقولهم وقلوبهم إلٌه‪ ،‬وصاروا‬
‫مدهوشٌن به‪ ،‬هٌهات أٌن الحب‪ ،‬وأٌن صفور الحب‪ ،‬وأٌن حقابق الحب‪ ،‬وأٌن َسمن‬
‫أحبَّوه ٌصبر عنه طرف َسة عٌن‪.‬‬ ‫ٌستحق الحب؟ أ إنّس َسمن َس‬
‫بين العبا ِرد يسي ُتر ال ُتمتفر ِرد‬ ‫حب نها ُتر ُت مستوح ٌم‬ ‫نَّو ال ُتم َّو‬
‫للاء الواا ِرد المتوح ِرد‬ ‫يرجو َم‬ ‫العينُت من ُته ريراٌم بحبيبِر ِره‬
‫نحو اإلل ِره مف النبل محم ِرد‬ ‫يا ُتحسنَم مو بهم إا ما أ بلوا‬

‫صلى هللا علٌه وسلم‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫الحديث السابف وال ال ون‬
‫[ و تدخلون الجنة حتى تإمنوا]‬

‫اخبرنا شٌخنا أبو المكارم باز هللا ااشهب خالً الشٌخ منصور اانصاري‬
‫الحسٌنً برواقه فً نهر دقلى‪ ،‬قال‪ :‬أنبؤنا أبو الحسن أحمد اش ُستهر بابن الصلت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عبدالصمد الهاشمً‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا الحسٌن بن الحسن‬
‫المروزي‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا الفضٌل بن موسى ااعمش‪ ،‬عن أبً صالح‪ ،‬عن أبً هرٌرر‬
‫رضً هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪ " :‬تدخلون الجنة حتى‬
‫أخبركم بشًء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا‬ ‫تإمنوا‪ ،‬ولن تإمنوا حتى تحابوا‪ ،‬أ‬
‫السالم بٌنكم"(‪ .)1‬أمر صلى هللا علٌه وسلم بهذا الحدٌ الشرٌؾ بقمع النفأ‪ ،‬ومحق‬
‫ثورتها‪ ،‬وصفعها بنعل الهمة‪ ،‬إذا تع َّودت طورها‪ ،‬بشؤن إخوانها المسلمٌن‪ ،‬وألزم‬
‫بالمحبة الخالصة‪ ،‬وجعلها عماد اإلٌمان‪ ،‬انها هلل سبحانه وتعالى‪ ،‬و لَّومنا وهو معلم‬
‫ممتحنون بؤهل‬
‫َس‬ ‫الخٌر صلى هللا علٌه وسلم أن إفشاء السالم مُسنتِس ٌحن للمحبة‪ ،‬وأهل الحق‬
‫الباطل‪ ،‬ولكن تنحرؾ هممهم عن الحق‪ ،‬اعتماداًا علٌه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن هللا تعالى خلق الدنٌا‪ ،‬وجعلها دار المحنة‪ ،‬ومحل ااخطار‬
‫وااشرار‪ ،‬ثم خلط فٌها اابرار والفجار‪ ،‬وأهل المحبة بؤهل البطالة‪ ،‬ثم ٌقلبهم من‬
‫حال النعمة إلى حال الشدر‪ ،‬ومن حال الشدر إلى حال النعمة‪ ،‬إلظهار َسمن ٌعبده على‬
‫بساط المحنة‪ ،‬ممن ٌعبده على بساط النعمة‪ ،‬و َسمن ٌعبده على رإٌة المُسعطً‪ ،‬ممن‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٠‬ل‪ :ٟٞ‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ،١‬دحخ د‪٬‬ح‪ ١‬ؤ‪ ٤٢‬ٳ ‪٬‬ؿؾل ج‪ٝ‬ظ‪٢‬ر اٳ ج‪٠ٝ‬ئ‪٧ ،١٧٢٠‬ؤ‪٠ ١‬ػدر ج‪٠ٝ‬ئ‪ ١٠ ١٬٢٠‬جٱ‪٠٬‬ح‪ ١‬ف‪٧ 54 ٟٙ‬ؤد‪٧‬‬
‫ؿج‪٧‬ؿ‪ :‬جٯؿخ‪ ،‬دحخ ٖ‪ ٫‬اٖنحء ج‪ٝ‬لٴ‪ ،ٟ‬ف‪٧ 5193 ٟٙ‬ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪ :٪‬جٳلسثـج‪ ،١‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬اٖنحء ج‪ٝ‬لٴ‪ ،ٟ‬ف‪ٟٙ‬‬
‫‪٧ 2689‬وٗر ج‪٬ٚٝ‬ح‪٠‬ر‪ ،‬دحخ ل‪٧‬ء ـجز ج‪ٝ‬د‪ ٫٥٧ ١٬‬ج‪ٝ‬ػح‪ٚٝ‬ر ف‪.2512 ٟٙ‬‬

‫‪186‬‬
‫ٌعبده على رإٌة العطاء‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫قال هللا تعالى‪( :‬ومن النا من يعبد هللا على حرل) اآلٌة‪ ،‬وفً الخبر إن‬
‫الذهب لٌجرَّو ب بالنار‪ ،‬والعبد الصالح لٌجرَّو ب بالبالء "(‪ )2‬والحكمة فً امتحان هللا‬
‫تعالى عباده الصالحٌن‪ ،‬إظهار ما فً ضمابرهم من صدق الدعو وكذبه‪ ،‬وحقٌقة‬
‫المعنى وبطالنه‪ ،‬لٌكون فٌه ظهور مرتبة الصدٌقٌن وافتضا ؼٌره م‪.‬‬
‫أما تر أنه ٌسع للحاكم أن ٌحكم للخصم على إحاطة علمه‪ ،‬فً تصدٌق‬
‫دعواه وبطالنه‪ ،‬من ؼٌر أن ٌظهر لؽٌره ذلك‪ ،‬قال تعالى ‪( :‬ألم أحسب النا أن‬
‫يتر وا)(‪ )3‬اآلٌة‪ ،‬وقال تعالى ‪ ( :‬اصبر ما صبر أولوا العزم من الرسل )(‪ ،)4‬وقال‬
‫للحو الحو ويبطل الباطل )(‪ ،)5‬ثم اختلفوا فقال بعر العلماء‪ :‬من ٌعبده‬ ‫هللا تعالى‪ُ ( :‬ت‬
‫على بساط النعمة أولى ممن ٌعبده على بساط المحنة‪ ،‬ان منزلة الشكر أفضل من‬
‫ٌح‬
‫طاعة على بساط الفراؼة‪،‬‬ ‫منزلة الصبر‪ ،‬وذلك ان الشكر على النعمة‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ػط ‪٧‬ج٭‪٬‬ر دس‪٠‬ح‪٦٠‬ح ‪ٜ٥‬ـج ‪ ١٠٧( :‬ج‪٢ٝ‬حك ‪ِ٬ ١٠‬دؿ جهلل ُ‪ ٩ٞ‬ػفٕ‪ٖ ،‬ب‪ ١‬ؤوحد‪ ٤‬ؾ‪٬‬ف جً‪٠‬إ‪ ١‬د‪٧ ٤‬ا‪١‬‬
‫ؤوحدس‪ٖ ٤‬س‪٢‬ر ج‪ٞٚ٢‬خ ُ‪٧ ٩ٞ‬ظ‪ ،٤٦‬ؾلف ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ‪٧‬ج٭ؾفذ‪ ،‬ـ‪ ٧ ٣ ٛٝ‬ج‪ٝ‬ؾلفج‪ ١‬ج‪٠ٝ‬د‪.)١٬‬‬

‫ا‪١‬‬ ‫ٌُ جدٖ‪ٌٚ ،‬ىٓ ف‪ِ ٟ‬عٕد حّد (طبدز) ِٓ حد‪٠‬ل عجد هللا ثٓ عّس‪ ٚ‬زض‪ ٟ‬هللا عٕ‪ّٙ‬ب عٓ زظ‪ٛ‬ي هللا طٍ‪ ٝ‬هللا عٍ‪ٚ ٗ١‬ظٍُ ‪" :‬‬ ‫(‪) 2‬‬

‫‪٠‬صل ج‪٠ٝ‬ئ‪٠ٜٝ ١٠‬صل ج‪ًِٚٝ‬ر ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ـ‪٥‬خ ‪ٗ٢‬ؽ ُ‪٦٬ٞ‬ح وحػد‪٦‬ح ٖ‪ ٟٞ‬سٔ‪٬‬ف ‪ ٟٝ٧‬س‪ٚ٢‬ه ‪ [ " ..‬ج‪٠ٝ‬ل‪٢‬ؿ ‪٧٥٧ .199/2‬‬
‫ػؿ‪٬‬ش وػ‪٬‬غ جٱل‪٢‬حؿ ] ‪ ٫ٖ٧‬ج‪ٝ‬سف‪ ٟ‬ـ‪٠ ١ُ ٪‬وِخ د‪ ١‬لِؿ ُ‪ ١‬ؤد‪ ٤٬‬لِؿ د‪ ١‬ؤد‪ٙ٧ ٫‬حه " في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح‬
‫‪ٙ‬حل‪ٞٙ :‬ز‪٬ :‬ح فل‪٧‬ل جهلل‪ ،‬ؤ‪ ٪‬ج‪٢ٝ‬حك ؤنؿ دٴء؟ ‪ٙ‬حل ‪ :‬جٯ‪٢‬د‪٬‬حء ص‪ ٟ‬جٯ‪٠‬صل ٖحٯ‪٠‬صل‪ُ٬ٖ ،‬دس‪ ٩ٞ‬ج‪ٝ‬فظل ُ‪ ٩ٞ‬ػلخ ؿ‪،٤٢٬‬‬
‫ـ‪:٪‬‬ ‫ٖب‪ٜ ١‬ح‪ ١‬ؿ‪ ٤٢٬‬وُ‪ٞ‬دحً جنسؿ دٴئ‪٧ ،٣‬ا‪ٜ ١‬ح‪ ٫ٖ ١‬ؿ‪ ٤٢٬‬ف‪ٙ‬ر جدسُ‪ ٩ُٞ ٫ٞ‬ػلخ ؿ‪ " .. ٤٢٬‬ج‪ٝ‬ػؿ‪٬‬ش [ ل‪ ١٢‬ج‪ٝ‬سف‪ٟ‬‬
‫ؤد‪٧‬جخ ج‪ٝ‬ق‪٥‬ؿ‪ ،‬دحخ ‪٠‬ح ظحء ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ودف ُ‪ ٩ٞ‬ج‪ٝ‬دٴء‪ ،‬ف‪ٙ٧ 2400 ٟٙ‬حل‪ :‬ػل‪ ١‬وػ‪٬‬غ ] ‪ ٫ٖ٧‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ٳد‪ ١‬ػدح‪٫ٖ ١‬‬
‫وػ‪٬‬ػ‪ ١٠ٖ" :٤‬صَؾُ‪ ١‬ؿ‪ ٤٢٬‬جنسؿ دٴئ‪ ١َ٠٧ ٣‬يِٕ ؿ‪ ٤٢٬‬يِٕ دٴئ‪٧ٝ [ " ٣‬ج‪ َٙ‬جٯ‪٧٢‬جف ج‪ٚٝ‬ؿل‪٬‬ر ‪ٞٝ‬نِفج‪)1ً( ٫٢‬‬
‫‪.]577‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٜ٢ِٝ‬د‪٧‬ز‪.2 ٧ 1 :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ل‪٧‬فذ جٯػ‪ٚ‬حٕ‪.35 :‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ك‪٧‬فذ جٯ‪ٗ٢‬حل‪8 :‬‬

‫‪187‬‬
‫هللا فارؼا ًا كمن عبده‬ ‫ٌح‬
‫طاعة على بساط الشؽل‪ ،‬ولٌأ َسمن َسع َسبدَس َس‬ ‫والصبر على الشدر‬
‫مشؼو ‪.‬‬
‫وقال بعضهم‪َ :‬سمن ٌعبده على بساط المحنة أفضل‪ ،‬ان اانبٌاء أفضل مرتبة‬
‫ممن دونهم(‪ ،)1‬فامتحن هللا عامتهم بؤنوا المحن والبالء‪ ،‬قال صلى هللا علٌه وسلم ‪:‬‬
‫"إن أشد الناأ بال ًاء اانبٌاء "(‪ )2‬الخبر‪ ،‬وأن الكفرر هم أهون الخلق على هللا‪ ،‬وعٌش‬
‫عامتهم بؤنوا النعم‪ ،‬ولٌأ َسمن طلبه بنفً الحجاب كمن طلبه مِسن وراء الحجاب‪،‬‬
‫والشاكر ٌطلبه من وراء الحجاب‪ ،‬والصابر ٌطلبه دون الحجاب‪ ،‬والشاكر ٌطلبه‬
‫على حظ نفسه‪ ،‬والصابر ٌعبده على حب ربه‪ ،‬والشاكر مفتخر بملكه‪ ،‬والصابر‬
‫عم‪،‬‬ ‫مفتخر بملٌكه‪ ،‬والشاكر حبأ نفسه مع النعمة‪ ،‬والصابر حبأ قلبه مع المُسن‬
‫والشاكر ٌقول ‪ :‬ما دامت النعمة معً أبالً إن أصابنً ما أصابنً‪ ،‬والصابر‬
‫ٌقول‪ :‬ما دام المنعم معً أبالً إن أصابنً ما أصابنً‪ ،‬قال هللا تعالى ‪( :‬الإين إا‬
‫أصابتهم مصيبة الوا نا هلل و نا ليه راجعون )(‪ )3‬وإن هللا تعالى أوجب للشاكر‬
‫الزٌادر‪ ،‬ونفى عن أجر اللابر النهاٌة‪ ،‬حٌ قال ‪ ( :‬نما يو ى الصابرون أجرهم‬
‫بتير حساب)(‪ )4‬وقال‪( :‬وهللا يحب الصابرين)(‪.)5‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪٥ ٫ٖ٧‬ـج فؿ ُ‪ ١٠ ٩ٞ‬قُ‪ ٟ‬ؤ‪ ١‬ج‪٧ٝ‬ٳ‪٬‬ر ؤُ‪٠ ٩ٞ‬فسدر ‪ ١٠‬ج‪٢ٝ‬د‪٧‬ذ‪ٙ٧ ،‬ؿ ُؿٖ جد‪ ١‬ػظف ج‪٬٦ٝ‬س‪ ١٠ ٫٠‬ؤ‪٧٢‬جٍ ج‪ٜٗٝ‬ف "‬
‫ج‪ٝ‬ـ‪٥‬حخ ا‪ ٩ٝ‬ؤ‪" ١‬ج‪ ٫ٝ٧ٝ‬ؤ‪ٙ‬فخ ‪ ١٠‬ج‪٢ٝ‬د‪ [ "٫‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جظف ُ‪ ١‬ج‪ٙ‬سفجٕ ج‪ٜٝ‬دحةف ( ‪٠‬وف‪ -‬ج‪ً٠ٝ‬دِر ج‪٬٢٠٬٠ٝ‬ر) ‪.[22/1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ز‪ٚ‬اٖ اٌع‪ِ ِٓ ٟ ٛ١‬عٕد حّد ‪ٚ‬اٌجلبز‪( ٞ‬ثبة شد إٌبض ثالء األٔج‪١‬بء) ‪ٚ‬اٌزسِر‪ٚ ٞ‬اثٓ ِبجٗ عٓ ظعد ثٓ ث‪ٚ ٟ‬لبص زض‪ ٟ‬هللا‬
‫عٕٗ‪ٚ ،‬زِص إٌ‪ ٝ‬طحزٗ‪ٚ ،‬ز‪ٚ‬اٖ ِٓ اثٓ ِبجٗ ِٓ س‪٠‬ك آخس ‪ِٚ‬عٕد ث‪٠ ٟ‬عٍ‪ٚ ،ٟ‬اٌّعزدزن عٓ ث‪ ٟ‬ظع‪١‬د زض‪ ٟ‬هللا عٕٗ ‪٧ ،‬وػػ‪٤‬‬
‫ؤ‪٬‬يح‪٧ ،‬ف‪٧‬ج‪ ١٠ ٣‬ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪ٜٝ‬د‪٬‬ف ‪ًٞٝ‬دفج‪ ١ُ ٫٢‬ؤؾز ػـ‪ٗ٬‬ر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح ‪٧‬ػلٖ‪ [ ٤٢‬ج‪ٝ‬ظح‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ؤ‪٬‬ف (ج‪ٜٗٝ‬ف)‬
‫‪ 160/1‬جٯػحؿ‪٬‬ش ‪٢ٜ٧ ] 1057 ٧ 1056 ٧ 1054‬ز ‪ٙ‬ؿ ؤنفز ‪ٙ ١٠‬ف‪٬‬خ ا‪ ٩ٝ‬ف‪٧‬ج‪٬‬ر ج‪ٝ‬سف‪٠‬ـ‪.٪‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬د‪ٚ‬فذ‪.156 :‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬ق‪٠‬ف‪.10 :‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ل‪٧‬فذ آل ُ‪٠‬فج‪.146 :١‬‬

‫‪188‬‬
‫رت فً أم الكتاب‪ ،‬أنً إذا‬ ‫أوحى هللا تعالى إلى نبً من اانبٌاء ‪ :‬إنً ق َّود ُس‬
‫أحببت عبداًا جعلته للبالء ؼرضاًا‪ ،‬وألبسته جلباب الفقر‪.‬‬
‫وفً الخبر‪ :‬أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم‪ :‬قُسل اولٌابً‬
‫وأصفٌابً وأهل محبتً‪ ،‬أن ٌدخلوا مداخل أعدابً‪ ،‬و ٌسكنوا مساكن أعدابً‪،‬‬
‫طعموا (‪ )1‬مطاعم أعدابً‪ ،‬فٌكونوا أعدابً‪ ،‬كما أولبك أعدابً‪.‬‬ ‫و َسٌ َس‬
‫(‪) 2‬‬
‫وقال وهب إنا نجد فً كتاب هللا المنزل ‪ :‬أن عبادي المخلصٌن‪ ،‬كانوا إذا‬
‫سلكوا طرٌق الشدر والبالء فرحوا واستبشروا‪ ،‬وٌقولون‪ :‬اآلن ٌتعهدنا ربنا‪.‬‬
‫وفً الحدٌ القدسً ‪ :‬أن البالء أسر إلى َسمن ٌحبنً من السٌل إلى‬
‫منتهاه(‪ .)3‬حكً أن ذا النون المصري سمع مرٌضا ًا ٌقول ‪ :‬أ أ ‪ ،‬فقال ‪ :‬لٌأ هذا‬
‫بصادق فً حبه‪ ،‬فقال المرٌر‪ :‬أنٌنً من وجدان اللذر‪ ،‬من وجدان الشدر‪.‬‬
‫وحكً أن فتحا ًا الموصلً (‪ ،)4‬أصابته الحمى فصلى ألؾ ركعة‪ ،‬شكراًا هلل‬
‫على ذلك‪ ،‬وقال ‪ :‬أمثلً ٌذكره هللا من فوق عرشه‪ ،‬وعلم أن لً ذنبا ًا فؤراد طهارتً ‪.‬‬
‫وقالت رابعة‪ :‬ما عرفت البالء منذ عرفت هللا‪.‬‬
‫الخلق صنفان ‪ :‬ولًّس وعدو ‪ ,‬والحال حا ن ‪ :‬شِس در ونعمة‪ ،‬فربما‬ ‫أي بنً‪َ ،‬س‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪( ًَََٟ٪‬دٗسغ ج‪٬ٝ‬حء ‪٧‬ج‪٬ )١٬ِٝ‬إ‪ٜ‬ل‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٥٧‬خ د‪٢٠ ١‬د‪ ٤‬ج‪ٝ‬سحدِ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬ئفؼ (‪٥ 114 – 34‬ـ)‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ُ‪ ١‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ في‪ ٫‬جهلل سِح‪ٙ ٤٢ُ ٩ٝ‬حل ‪ :‬ظحء فظل ا‪ ٩ٝ‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٠ ٧٥٧ ٟٞ‬لس‪ٖٚ ،٘ٞ‬حل‪:‬‬
‫‪ ١٠‬ؤ‪ ٪‬ن‪٫‬ء سنس‪٫ٜ‬؟ ‪ٙ‬حل‪ :‬ج‪ٝ‬ؾ‪٠‬ه‪ :٫٢ِ٬ .‬ج‪ٝ‬ظ‪ٖ .ٍ٧‬د‪ ٫ٜ‬ج‪ٝ‬فظل‪ ،‬ص‪ ٟ‬ـ‪٥‬خ ‪٠ِ٬‬ل ‪ٖ .‬حلس‪ٝ ٩ٚ‬فظل ؿٳء‪ٜ ،‬ل ؿ‪٧ٝ‬‬
‫دص‪٠‬فذ‪ ،‬ص‪ ٟ‬ظحء ا‪ ٩ٝ‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٟٞ‬دن‪٫‬ء ‪ ١٠‬س‪٠‬ف‪ٖٚ ،‬حل‪٠ :‬ح ؤفج‪ِٖٞ ٛ‬زَ ‪٥‬ـج اٳ ‪٧‬ؤ‪٢‬ز سػد‪ٖٚ .٫٢‬حل‪:‬‬
‫ا‪٧ ٪‬جهلل‪ ،‬ا‪ ٫٢‬ٯػد‪ٙ .ٛ‬حل‪ :‬ا‪٢ٜ ١‬زَ وحؿ‪ٙ‬حً ٖإُؿ ‪ٞٝ‬دٴء ظ‪ٞ‬دحدحً‪٧ٖ ،‬جهلل ‪ٞٝ‬دٴءُ ؤلفٍ ا‪٬ ١َ٠ ٩ٝ‬ػد‪ ١٠ ٫٢‬ج‪ٝ‬ل‪٬‬ل ‪١٠‬‬
‫ؤُ‪ ٩ٞ‬ج‪ٝ‬ظدل ا‪ ٩ٝ‬ج‪ٝ‬ػي‪٬‬ى [ س‪٢‬د‪ ٤٬‬ج‪ٔٝ‬حٖ‪ٞٝ ١٬ٞ‬ل‪٠‬ف‪٢ٙ‬ؿ‪( ٪‬ج‪ً٠ٝ‬دِر ج‪ِٝ‬ص‪٠‬ح‪٬٢‬ر) ه ‪.] 92‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ٖسغ د‪ ١‬لِ‪٬‬ؿ ج‪٧٠ٝ‬و‪٠ ،٫ٞ‬حز ل‪٢‬ر ‪٥ 320‬ـ [ ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء (ج‪ٜٗٝ‬ف) ‪.] 437/2‬‬

‫‪189‬‬
‫تصل الشدر إلى الولً كرامة له‪ ،‬كما وصلت إلى الرسل واانبٌاء علٌهم الصالر‬
‫والسالم‪ ،‬وربما تصل اللذر إلى العدو خسرانا ًا له‪ ،‬كما قال هللا سبحانه ‪( :‬ولنإيلنهم‬
‫من العإاب اادنى دون العإاب اا بر )(‪ )1‬ربما تصل النعمة إلى الولً استدراجا ًا‬
‫وتنبٌها ًا له‪ ،‬وربما تصل النعمة إلى العدو وهو حظه من اآلخرر‪ ،‬كما قال هللا تعالى ‪:‬‬
‫( ل تمتعوا فن مصير م لى النار)(‪.)2‬‬
‫ثم ا بتالء على نوعٌن ‪ :‬إكرام وإهانة‪ ،‬فكل بالء ٌقربك من المولى فهو فً‬
‫ا سم بلو ‪ ،‬وفً الحقٌقة ُسزلفى (‪ ،)3‬وكل بالء ٌبعدك عن المولى فهو فً الحقٌقة‬
‫بلو ‪ ،‬أ تر أن هللا تعالى ابتلى إبراهٌم علٌه الصالر والسالم‪ ،‬وكان سبب ابتالبه‬
‫ال ُسخلة(‪ )4‬والقُسربة‪ ،‬وابتلى إبلٌأ‪ ،‬وكان سبب ابتالبه اللعنة والفضٌحة‪ ،‬فقال إبراهٌم‬
‫فً البلو ‪ :‬حسبً ربً‪ ،‬وقال إبلٌأ ‪ :‬حسبً نفسً‪ ،‬فنودي إلبراهٌم علٌه الصالر‬
‫والسالم بال ُسخلة‪ ،‬وإلبلٌأ باللعنة‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٝ‬لظؿذ‪.21 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ادفج‪.30 :ٟ٬٥‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ُق‪ُ٘ :٩ٗٝ‬فد‪.٩‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ج‪ٝ‬ؾُ‪ّٞ‬ر ([ي‪ ٟ‬ج‪ٝ‬ؾحء) ج‪ٝ‬وؿج‪ٙ‬ر ‪٧‬ج‪٠ٝ‬ػدر‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫الحديث ال امن وال ال ون‬
‫[ صلة الرحم]‬

‫أخبرنا ابن عمً العبد الصالح السٌد سٌؾ الدٌن عثمان‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً أبوك‬
‫السٌد علً بن ٌحٌى الرفاعً صاحب المشهد المنور بالجانب الشرقً من بؽداد‪،‬‬
‫قال ‪ :‬حدثنً ابن عمً السٌد حسن‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً السٌد ٌحٌى‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنً السٌد‬
‫ثابت‪ ،‬عن أبٌه السٌد علي الحازم‪ ،‬وٌكنى بؤبً الفوارأ‪ ،‬عن أبٌه السٌد علً‪ ،‬عن‬
‫أبٌه السٌد رفاعة الحسن المكً‪ ،‬عن أبٌه السٌد أبً القاسم محمد‪ ،‬عن أبٌه السٌد‬
‫الحسن الربٌأ‪ ،‬عن أبٌه السٌد الحسٌن عبدالرحمن الرضً المحد ‪ ،‬عن أبٌه السٌد‬
‫أحمد ااكبر‪ ،‬عن أبٌه السٌد موسى‪ ،‬عن أبٌه السٌد إبراهٌم ا لمرتضى‪ ،‬عن أخٌه‬
‫اإلمام علً الرضا صاحب طوأ‪ ،‬عن أبٌه اإلمام موسى الكاظم‪ ،‬عن أبٌه اإلمام‬
‫جعفر الصادق‪ ،‬عن أبٌه اإلمام محمد الباقر‪ ،‬عن أبٌه اإلمام زٌن العابدٌن علً‪ ،‬عن‬
‫أبٌه الشهٌد المظلوم اإلمام الحسٌن‪ ،‬عن أبٌه أمٌر المإمنٌن علً المرتضى رضً‬
‫هللا عنه‪ ،‬وعنهم أجمعٌن‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ‪" :‬لمّسا أُسسري بً‬
‫إلى السماء رأٌت رحما ًا معلقة بالعرش تشكو رحما ًا إلى ربها أنها قاطعة لها‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫كم بٌنك وبٌنها من أب؟ قالت‪ :‬نلتقً فً أربعٌن أبا ًا"(‪.)1‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ُ‪ُ ١‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح ُ‪ ١‬ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ٙ ٟٞ‬حل‪ :‬ج‪ٝ‬فػ‪ِٚٞ٠ ٟ‬ر دح‪ِٝ‬فم س‪٧ٚ‬ل‪٧ ١ َٟ :‬و‪٫٢ٞ‬‬
‫‪٧‬و‪ ٤ٞ‬جهلل‪ ٤ًِٙ ٫٢ًِٙ ١٠٧ ،‬جهلل " ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬دؾحف‪٠٧ ٪‬ل‪ ١ُ٧ . ٟٞ‬ؤد‪٥ ٫‬ف‪٬‬فذ ‪ٙ ،‬حل‪ :‬ل‪ِ٠‬ز فل‪٧‬ل جهلل و‪٩ٞ‬‬
‫جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪٧ٚ٬ ٟٞ‬ل ‪ :‬ا‪ ١‬ج‪ٝ‬فػ‪ ٟ‬نظ‪٢‬ر ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬فػ‪ ١٠‬س‪٧ٚ‬ل ‪٬ :‬ح فخ ا‪ًُِ٘ ٫٢‬ز‪٬ ،‬ح فخ ا‪ ٫٢‬ؤُ ل‪٫‬ء ا‪٬ ،ٓ٫ٝ‬ح فخ‬
‫ا‪٠ٌُٝ ٫٢‬ز‪٬ ،‬ح فخ‪٬ٖ ..‬ظ‪٬‬د‪٦‬ح‪ :‬ؤٳ سفي‪ ١٬‬ؤ‪ ١‬ؤول ‪٧ ١ َٟ‬و‪٧ ،ٛٞ‬ؤ‪ًِٛٙ ١ َٟ ًَٙ‬؟‪ .‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ؤػ‪٠‬ؿ دبل‪٢‬حؿ ظ‪٬‬ؿ‬
‫‪٧ .٪٧ٙ‬جد‪ ١‬ػدح‪ ٫ٖ ١‬وػ‪٬‬ػ‪ [ ٤‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ ‪٢٠ٞٝ‬ـف‪( ٪‬جد‪ٜ ١‬ش‪ ٪‬ف ‪٧‬نف‪ٜ‬س‪ ) ٤‬ف‪3711 ٧ 3708 ٟٙ‬‬
‫‪٧‬نظ‪٢‬ر‪ٙ :‬فجدر ‪٠‬نسد‪ٜ‬ر‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من اإللزام للعبد بالرحمة‪ ،‬ما ٌقٌد نفسه عن‬
‫جم وحها‪ ،‬إذا أدرك وكان من الموفقٌن‪ ،‬وقد بلؽنً عن بعر العارفٌن أنه كان ٌقول‬
‫ب بك اشتؽلت‪.‬‬ ‫فً مناجاته‪ :‬إلهً بؤرحام اتصلت‪ ،‬وبقلو ٍس‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن المحبٌن فً طرابق العبودٌة‪ ،‬وأوقات المناجار‪ ،‬على‬
‫أصناؾ شتى‪ ،‬فمنهم من ناجاه على لسان ا عتذار‪ ،‬ومنهم من ناجاه على لسان‬
‫التحٌر وا ضطرار‪ ،‬ومنهم من ناجاه على لسان الطرب وا فتخار‪ ،‬ولو علم أهل‬
‫الؽفلة ما فاتهم فً كل نفأ‪.‬‬
‫قال النبً صلى هللا علٌه وسلم فً مناجاته ‪ " :‬إلهً إذ قرت أعٌن أهل الدنٌا‬
‫من دنٌاهم‪ ،‬فؤقر عٌنً بك‪ ،‬واقر عٌنً بلذابذ أنسك‪ ،‬والشوق إلى لقابك "(‪ ،)1‬وكذا‬
‫ٌقول َسمن ٌح ب‪ٌ :‬ا خٌر مإنأ وأنٌأ‪ٌ ،‬ا خٌر صاحب وجلٌأ‪ ،‬طوبى لمن اكتفى‬
‫منك بك‪ ،‬اللهم لبٌك لبٌك ٌا حبٌب القلوب‪ ،‬لبٌك ٌا سرور القلوب‪ ،‬لبٌك لبٌك ٌا منى‬
‫القلوب‪ ،‬لبٌك اللهم آلٌت بك علٌك‪ ،‬أن تصرفنً بك عنك‪ ،‬و تحجبنً بك عنك‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ ١٠‬ؿُحء ج‪٢ٝ‬د‪ ٫‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ ٟ٦ٞٝ‬ا‪ ٫٢‬ؤلإ‪ ٛٝ‬ا‪٠٬‬ح‪٢‬حً ٳ ‪٬‬فسؿ‪٠٬ِ٢٧ ،‬حً ٳ ‪ٗ٢٬‬ؿ‪ٙ٧ ،‬فذ ُ‪ ١٬‬جٯدؿ‪٠٧ ،‬فجٖ‪ٚ‬ر ‪٢‬د‪٠ ٛ٬‬ػ‪٠‬ؿ و‪٩ٞ‬‬
‫جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ ٫ٖ ٟٞ‬ؤُ‪ ٩ٞ‬ظ‪٢‬ر ج‪ٝ‬ؾ‪ٞ‬ؿ" [ اػ‪٬‬حء ُ‪ ٟ٧ٞ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ( ١٬‬ؿجف ج‪ِ٠ٝ‬فٖر) ‪ٙ ] 319/1‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪ ٫ٖ ٫ٙ‬ج‪ :٫٢ٔ٠ٝ‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪٢ٝ‬لحث‪٫ٖ ٫‬‬
‫ج‪٧ ٟ٧٬ٝ‬ج‪ٞ٬ٞٝ‬ر‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ػح‪ ١٠ ٟٜ‬ػؿ‪٬‬ش ُدؿجهلل د‪٠ ١‬لِ‪٧‬ؿ في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬ؿ‪ٙ٧ " :٤ٝ٧ٙ ١٧‬فذ ُ‪ ١٬‬جٯدؿ" ‪ٙ٧‬حل وػ‪٬‬غ جٱل‪٢‬حؿ‪٧ ،‬ج‪٢ٝ‬لحث‪١٠ ٫‬‬
‫ػؿ‪٬‬ش ُ‪٠‬حف د‪٬ ١‬حلف دبل‪٢‬حؿ ظ‪٬‬ؿ‪٧ " :‬ؤلإ‪٠٬ِ٢ ٛٝ‬حً ٳ ‪٬‬د‪٬‬ؿ‪ٙ٧ ،‬فذ ُ‪ ١٬‬ٳ س‪ ١٠٧ ."ًَٚ٢‬ؿُحث‪ ٤‬و‪ ٩ٞ‬جهلل ُ‪٧ ٤٬ٞ‬ل‪ " :ٟٞ‬ج‪ ٟ٦ٞٝ‬دِ‪ٛ٠ٞ‬‬
‫ج‪٬ٔٝ‬خ‪ٙ٧ ،‬ؿفس‪ ٩ُٞ ٛ‬ج‪ٝ‬ؽَ ‪ ،٘ٝ‬ؤػ‪٠ ٫٢٬‬ح ‪ٜ‬ح‪٢‬ز ج‪ٝ‬ػ‪٬‬حذ ؾ‪٬‬ف جً ‪٧ ،٫ٝ‬س‪٠ ٫٢ٖ٧‬ح ‪ٜ‬ح‪٢‬ز ج‪ٖ٧ٝ‬حذ ؾ‪٬‬فجً ‪ ،٫ٝ‬ؤلإ‪ ٛٝ‬ؾن‪٬‬س‪ ٫ٖ ٛ‬ج‪٬ٔٝ‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬ن‪٦‬حؿذ‪،‬‬
‫‪٠ٜٞ٧‬ر ج‪ِٝ‬ؿل ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬فيح ‪٧‬ج‪ٔٝ‬يخ‪٧ ،‬ج‪ٚٝ‬وؿ ٖ‪ ٫‬جلٓ‪٧ ٩٢‬ج‪ٚٗٝ‬ف‪ٝ٧ ،‬ـذ ج‪ٌ٢ٝ‬ف ا‪٧ ٩ٝ‬ظ‪٧ ،ٛ٦‬ج‪ٝ‬ن‪ ٘٧‬ا‪ٚٝ ٩ٝ‬حث‪٧ ،ٛ‬ؤُ‪٧‬ـ د‪ ١٠ ٛ‬يفجء‬
‫‪٠‬يفذ ‪ٖ٧‬س‪٢‬ر ‪٠‬ي‪ٞ‬ر‪ .‬ج‪ ٟ٦ٞٝ‬ق‪٢٬‬ح دق‪٢٬‬ر جٱ‪٠٬‬ح‪٧ ،١‬جظِ‪٢ٞ‬ح ‪ُ٥‬ؿجذً ‪٦٠‬ؿ‪ ] ١٬٬‬اػ‪٬‬حء ‪ٙ [320/1‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ‪ :‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪٢ٝ‬لحث‪٧ ٫‬ج‪ٝ‬ػح‪ٙ٧ ٟٜ‬حل ‪:‬‬
‫وػ‪٬‬غ جٱل‪٢‬حؿ‪ ١٠ ،‬ػؿ‪٬‬ش ُ‪٠‬حف د‪٬ ١‬حلف في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫إلهً لو دعوتنً إلى النار اجبتك‪ ،‬وافتخرت بك‪ ،‬فك ٌؾ وقد دعوتنً إلى‬
‫نفسك‪ ،‬إلهً إن قربتنً منك‪ ،‬فمن الذي ٌبعدنً‪ ،‬وإن أعززتنً بك فمن الذي ٌذلنً‪،‬‬
‫وإن رفعتنً إلٌك فمن الذي ٌضعنً‪ ،‬إلهً َسمن أرهب وأنت مو ي؟ ولمن أرجو‬
‫وأنت مناي؟ وبمن أستؤنأ وأنت جلٌسً؟ فبك علٌك أن تتفضل بإتمام فضلك‪ٌ ،‬ا‬
‫نعم المولى ونعم النصٌر‪ ،‬إله ي سِس رِّذ ي عندك مكشوؾ‪ ،‬وأنا إلٌك ملهوؾ‪ ،‬وأنت‬
‫بالجود معروؾ‪ ،‬وبالكرم موصوؾ‪.‬‬
‫إلهً أنت أنٌأ المستؤنسٌن من أحبابك‪ ،‬ومؤو الموهوبٌن من أصفٌابك‪،‬‬
‫وجلٌأ الملهوفٌن من أولٌابك‪ ،‬إلهً ما أطٌب معرفتك فً قلوب العارفٌن‪ ،‬وما‬
‫أحلى ذكرك فً أفواه الذاكرٌن‪ ،‬وما أحلى مودتك فً أأ رار المحبٌن‪ ،‬إلهً أنت‬
‫الذي تبطل أمل اآلملٌن‪ٌ ،‬خفى علٌك أحوال المرٌدٌن‪ ،‬و ٌخٌب لدٌك رجاء‬
‫المنٌبٌن‪.‬‬
‫ُس‬
‫استكفٌت بك منك‪،‬‬ ‫نظرت منك إلٌك وأنت حسبً إذا‬‫ُس‬ ‫إلهً أنت سروري إذا‬
‫منك بك‪ ،‬اللهم ارحم انقطاعً إلٌك‪ ،‬وانفرادي بك ووحشتً‬ ‫ُس‬
‫نزلت َس‬ ‫وأنت أنٌسً إذا‬
‫(‪ )1‬عمن سو اك‪ ،‬فٌا خٌر مإنأ وأنٌأ‪ ،‬وٌا خٌر صاحب وجلٌأ‪ ،‬كن دلٌلً منك‬
‫وإلٌك‪ ،‬إلهً اجعل أج َّول العطاٌا فً قلبً حٌاءك‪ ،‬وأعذب الكالم على لسانً ثناءك‪،‬‬
‫ًا‬
‫ساعة ٌكونُس فٌها لقاإك‪.‬‬ ‫وأحب الساعات إلًَّو‬
‫إلهً ما أوحش قلبا ًا لٌأ فٌه ذكرك‪ ،‬وما أخرب قلبا ًا لٌأ فٌه خوفك‪ ،‬وما أقل‬
‫سروراًا لًأ فً حبك‪ ،‬إلهً صبر لً فً الدنٌا عن ذكرك‪ ،‬فكٌؾ أصبر فً‬
‫اآلخرر عن رإٌتك؟‬
‫إلهً أشكو إلٌك ؼربتً فً بالدك‪ ،‬ووحشتً بٌن عبادك‪ ،‬إلهً ما لمرادنا‬
‫ؼٌرك‪ ،‬و لبؽٌتنا دونك‪ ،‬وما لحاجتنا سواك‪ ،‬إلهً هذه لذابذ المناجار‪ ،‬فكٌؾ لذابذ‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪٧ٝ‬ػنر (دٗسغ ج‪٧ٝ‬ج‪٧ ٧‬ل‪ ١٧ٜ‬ج‪ٝ‬ػحء) ج‪ٝ‬ؾ‪٧ٞ‬ذ‪٧ ،‬ج‪ٝ‬ؾ‪٧ ،ٕ٧‬ج‪٧ٝ‬ػنر ‪ ١٠‬ج‪٢ٝ‬حك ‪ :‬جٳ‪ًٚ٢‬حٍ ُ‪٧ ٟ٦٢‬خُُؿ ج‪ٞٚٝ‬خ ُ‪١‬‬
‫ػمَ ‪٧َ٪‬عَم د‪ٜ‬لف ج‪ٝ‬ػحء ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬حي‪ٖ٧ ٫‬سػ‪٦‬ح ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬يحفٍ (‪ ١٠‬ج‪ٝ‬دحخ ج‪ٝ‬فجدَ )‪.‬‬
‫‪٧٠‬ؿجس‪٧ ،ٟ٦‬ج‪ِٗٝ‬ل‪ٔ َ٧ :‬‬

‫‪193‬‬
‫المالقار؟ إلهً هذا شكري‪ ،‬وشكر شكري‪ ،‬إلهً هذا سروري وسرور سروري‪،‬‬
‫إلهً هذا ودي وود ودي‪ ،‬إلهً أُسنسً بك أوحشنً من خلقك‪ ،‬ومعرفتً بك تمنعنً‬
‫عن مناجار ؼٌرك‪.‬‬
‫إلهً كٌؾ أشؽل لسانً بذكر ؼٌرك‪ ،‬أم كٌؾ أشؽل بصري برإٌة ؼٌرك‪ ،‬أم‬
‫كٌؾ أشؽل قلبً بحب سواك‪ ،‬وأنا أعرؾ ؼٌرك؟ إلهً‪ ،‬على من أُسثنً وأنت‬
‫ولًٌ‪ ،‬و َسمن أرجو وأنت مُسناي؟ ٌا خٌر معروؾ مذكور‪ ،‬أعززتنً بو ٌة معرفتك‪،‬‬
‫فال تذلنً ٌا سٌدي بعدها ب َسمن سواك‪ ،‬إلهً عجبت ممن ٌعرفك كٌؾ ٌستؽنً‬
‫عجبت ممن أنأ بك كٌؾ ٌستوحش من ؼٌرك؟‬ ‫ُس‬ ‫عمن سواك‪ ،‬إلهً‬
‫إلهً عجبت لمن أرادك كٌؾ ٌرٌد سواك‪ ،‬إلهً هذا سروري بك فً دار‬
‫(‪) 1‬‬
‫الفناء‪ ،‬فكٌؾ سروري بك فً دار البقاء؟ إلهً هذا سروري بك فً قراطق‬
‫الخدمة‪ ،‬فكٌؾ سروري بك فً ؼالبل (‪ )2‬النعمة؟ إلهً هذه لذابذ المحبة‪ ،‬فكٌؾ لذابذ‬
‫الرإٌة؟ إلهً هذه لذابذ المإانسة‪ ،‬فكٌؾ لذابذ الزٌارر؟ إلهً َسمن لم ٌكن مسروراًا بك‬
‫فمن أي شًء ٌكون له سرور؟ إلهً سقٌتنً بكؤأ ا لحب حتى أسكرتنً‪ ،‬فالحب‬
‫ٌقتلنً والشوق ٌُسحرقنً‪ ،‬إلهً أرٌتنً حبك‪ ،‬فؤرنً وصلك‪ ،‬إلهً طال بك حسن‬
‫ظنً‪ ،‬على أن تردنً خاببا ًا فال تخٌب ظنً بك‪ٌ ،‬ا معروفا ًا بالمعروؾ‪ ،‬إلهً لٌأ‬
‫لً عنك صبر‪ ،‬و فٌك حٌلة‪ ،‬و منك بد‪ ،‬و عنك َسمهرب‪ ،‬و مع سواك أُسنأ‪.‬‬
‫إلهً أحٌٌتنً بمعرؾتك‪ ،‬فال ُستمتنً بنكرتك‪ ،‬إلهً أرٌتنً وصالك‪ ،‬فال ُسترنً‬
‫فراقك‪ ،‬إلهً إن لم تفعل ما نرٌد‪ ،‬فصبرنا على ما ترٌد‪ ،‬إلهً فرِّذغ قلبً لذكر‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪ٙ‬فجً٘ ج‪ٝ‬ؾؿ‪٠‬ر‪٠ :‬ٴدل‪٦‬ح‪ٗ٠ ،‬فؿ‪٥‬ح‪ُ٘ :‬فً٘‪ٜ :‬ظ‪٢‬ؿخ‪ٙ٧ ،‬فً‪ٚ‬س‪ ٤‬ا‪٬‬ح‪ٖ ٣‬س‪ٚ‬فً٘ ‪ :‬ؤ‪ٝ‬دلس‪ ٤‬ا‪٬‬ح‪ٖ ٣‬لدل‪ [ ٤‬ج‪ٚٝ‬ح‪٧٠‬ك‬
‫ج‪٠ٝ‬ػ‪( ً٬‬ج‪ُ٘ٝ‬فً٘)]‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ج‪ٔٝ‬ٴثل‪ :‬ظ‪ َ٠‬ج‪ِْٝ‬ٳ‪ٝ‬ر (د‪ٜ‬لف ج‪ ٫٥٧ )١٬ٔٝ‬ص‪٧‬خ ف‪ُٝ٪ ٘٬ٙ‬دك سػز ج‪ٝ‬ؿصحف " [ ج‪ِ٠ٝ‬ظ‪ ٟ‬ج‪٧ٝ‬ل‪.]ً٬‬‬

‫‪194‬‬
‫عظمتك‪ ،‬وأطلق لسانً بوصؾ منتك‪ ،‬وقونً على شكر نعمتك‪ ،‬إلهً ارحمنً فؤنا‬
‫عاجز عند النصب‪ ،‬جاهل بالسبب‪ ،‬حٌران فً الطلب‪ ،‬إلهً جعلت سبب ما تعطً‬
‫رجاءك‪ ،‬وسبب ما ٌجمع بٌن أولٌابك تؤلٌفك بٌن قلوبهم‪.‬‬
‫إلهً فؤعطنً المرجو كما وهبت الرجاء‪ ،‬واجمع بٌنً وبٌن أولٌابك‪ ،‬كما‬
‫ألفت بٌن القلوب‪ ،‬كٌؾ ٌفتقر َسمن أنت حظه‪ ،‬أم كٌؾ ٌستوحش من أنت أنٌسه‪ ،‬أم‬
‫عنً‬ ‫كٌؾ ٌذل من أنت حبٌبه‪ ،‬أم كٌؾ ٌحزن من أنت نصٌبه؟ إلهً همك أبطل‬
‫الهموم وحبك حال بٌنً وبٌن الرقاد‪ ،‬وشوقً إلٌك منعنً اللذات‪ ،‬وأُسنسً بك‬
‫أوحشنً عمن سواك‪.‬‬
‫إلهً أنت ُستوالً َسمن ٌعادٌك‪ ،‬فكٌؾ ُستعادي َسمن ٌوالٌك؟ إلهً معرفتً بك‬
‫دلٌلً علٌك‪ ،‬وحبً لك وسٌلتً إلٌك‪ ،‬إلهً عرؾ المحبون كمال ربوبٌتك‪،‬‬
‫والمذنبون صنٌعك‪ ،‬وكمال قدرتك‪ ،‬فاستسلموا وانقادوا لك‪ ،‬إلهً اجعلنً ممن‬
‫ٌتخذ دونك خلٌالًا‪ ،‬و ٌلتمأ إلى سواك سبٌالًا‪ ،‬و ٌرجو من ؼٌرك فتٌالًا (‪ .)1‬إلهً‬
‫تجعلنً ممن صرفت عنه وجهك‪ ،‬وحجبت عنه عفوك‪ ،‬وأؼلقت علٌه بابك‪،‬‬
‫وقطعت عنه أسباب عصمتك‪ ،‬ووكلته إلى نفسه‪ ،‬إنك على كل شًء قدٌر‪.‬‬
‫قال مالك بن دٌنار‪ :‬رأٌت جارٌة متعلقة بؤستار الكعبة تقول‪:‬‬
‫أللء سوا ُت حيينا‬ ‫ولي‬ ‫لي جئنا وأنس جئس بنا‬
‫(‪) 2‬‬
‫ألل ٌمء سوا يإتينا‬ ‫ولي‬ ‫من َم طلبنا وأنس ِر‬
‫تمل نا‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪ٗٝ‬س‪٬‬ل‪ :‬ج‪ٝ‬ؾ‪ ً٬‬ج‪ٝ‬ـ‪ ٫ٖ ٪‬ن٘ ج‪٧٢ٝ‬جذ ‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪ ١٠‬ج‪٢٠ٝ‬لفع‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫الحديث التاسف وال ال ون‬
‫[ نظر الولد لى والديه]‬

‫أخبرنا شٌخنا منصور الربانً رضً هللا عنه‪ ،‬عن أبٌه سٌدي ٌحٌى‬
‫النجا ري‪ ،‬عن سٌدي أبً محمد الشنبكً اانصاري ثم الحسٌنً الحسنً‪ ،‬عن الشٌخ‬
‫أبً بكر بن هوار البطاٌحً‪ ،‬عن سٌدي سهل بن عبد هللا التستري‪ ،‬عن الشٌخ ذي‬
‫النون المصري‪ ،‬عن الشٌخ إسرافٌل المؽربً‪ ،‬عن اإلمام موسى الكاظم‪ ،‬عن أبٌه‬
‫اإلمام جعفر الصادق‪ ،‬عن أبٌه اإلمام محمد الباقر‪ ،‬عن أبٌه اإلمام زٌن العابدٌن‬
‫علً عن أبٌه اإلمام الحسٌن عن أبٌه اإلمام علً المرتضى رضً هللا عنهم عن‬
‫النبً صلى هللا علٌه وسلم أنه قال ‪ " :‬نظر الولد إلى والدٌه عبادر " (‪ .)1‬قلت ‪ :‬وفً‬
‫هذا الحدٌ الشرٌؾ‪ ،‬من إعظام شؤن الحب هلل‪ ،‬ما ٌرفع بهمم المحبٌن إلى هللا‪ ،‬فإن‬
‫النظر فً هللا عبادر‪ ،‬وكذلك أي بنً‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ـ‪ٜ‬ف ج‪ٝ‬ل‪ُ ٫ً٧٬‬ؿذ ؤػحؿ‪٬‬ش ٖ‪٥ ٫‬ـج ج‪ ،٩٢ِ٠ٝ‬ؤ‪٦ٞٚ٢‬ح دإف‪ٙ‬ح‪٦٠‬ح ٖ‪٢ٜ ٫‬ق ج‪٠ِٝ‬حل ‪٠ٞٝ‬س‪ ٫ُٞ ٫ٚ‬ج‪٢٦ٝ‬ؿ‪:٪‬‬
‫‪ 34714‬ج‪ٌ٢ٝ‬ف ا‪ ٩ٝ‬ج‪ِٜٝ‬در ُدحؿذ‪٧ ،‬ج‪ٌ٢ٝ‬ف ٖ‪٧ ٫‬ظ‪ ٤‬ج‪٧ٝ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ُ ١٬‬دحؿذ‪٧ ،‬ج‪ٌ٢ٝ‬ف ٖ‪ٜ ٫‬سحخ جهلل ُدحؿذ (ؤؾفظ‪ ٤‬جد‪١‬‬
‫ؤد‪ ٫‬ؿج‪٧‬ؿ ٖ‪ ٫‬ج‪٠ٝ‬وحػٕ ُ‪ُ ١‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح‪ ٤٬ٖ٧ ،‬قجٖف‪ٙ ،‬حل جد‪ُ ١‬ؿ‪ :٪‬ٳ ‪٬‬سحدَ ُ‪ ٩ٞ‬ػؿ‪٬‬ص‪.)٤‬‬
‫‪ 45536‬ج‪ٌ٢ٝ‬ف ٖ‪ ٫‬صٴصر ؤن‪٬‬حء ُدحؿذ ‪ :‬ج‪ٌ٢ٝ‬ف ٖ‪٧ ٫‬ظ‪ ٤‬جٯد‪ ٫ٖ ٧ ،١٬٧‬ج‪٠ٝ‬وػٕ‪ ٫ٖ٧ ،‬ج‪ٝ‬دػف (ؤؾفظ‪ ٤‬ؤد‪ٟ٬ِ٢ ٧‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ػ‪٬ٞ‬ر ُ‪ُ ١‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح)‪.‬‬
‫‪٠ 45496‬ح ‪ ١٠‬فظل ‪ٌ٢٬‬ف ا‪٧ ٩ٝ‬ظ‪٧ ٤‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٌ٢ ٤٬‬فذ فػ‪٠‬ر اٳ ‪ُٛ‬سخ ‪ ٤ٝ‬د‪٦‬ح ػظر ‪ٚ٠‬د‪ٝ٧‬ر ‪٠‬دف‪٧‬فذ (ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬فجِٖ‪٫‬‬
‫ُ‪ ١‬جد‪ُ ١‬دحك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح) ‪٧‬ؤؾفظ‪ ٤‬ج‪ٝ‬ػح‪ ٫ٖ ٟٜ‬سحف‪٬‬ؾ‪٧ ٤‬جد‪ ١‬ج‪٢ٝ‬ظحف ُ‪ [ ٤٢‬ج‪ٌ٢‬ف ‪٢ٜ‬ق ‪.] 45535‬‬
‫‪ ٫ٖ٧‬ؤل‪ ٩٢‬ج‪ً٠ٝ‬ح‪ٝ‬خ (ًدِر ج‪ٝ‬ػ‪ٞ‬د‪ )٫‬ؾدف‪ٌ٢ ( :‬فذ ا‪٧ ٩ٝ‬ظ‪ ٤‬ج‪ِٝ‬ح‪ ٟٝ‬ؤػخ ا‪ ٩ٝ‬جهلل ‪ُ ١٠‬دحؿذ لس‪١٬‬‬
‫ل‪٢‬ر)‪ :‬ٳ ‪٬‬وغ‪ٜ٧ ،‬ـج ج‪ٌ٢ٝ‬ف ا‪ ٩ٝ‬ج‪٧ٝ‬ج‪ٝ‬ؿ ‪٧ .‬ا‪ٜ ١‬ح‪ٜ ١‬ل ‪٠٦٢٠‬ح ‪٠‬ػد‪٧‬دحً نفُحً" [ ؤل‪ ٩٢‬ج‪ً٠ٝ‬ح‪ٝ‬خ ‪ٞٝ‬د‪٬‬ف‪٧‬س‪٠( ٫‬ػ‪٠‬ؿ‬
‫د‪ ١‬ج‪ٝ‬ل‪٬‬ؿ ؿف‪٬٧‬م) ه ‪.] 237‬‬

‫‪196‬‬
‫فاعلم أن عالِس َسم أسرار المحبٌن‪ ،‬والمطلع على همة المشتاقٌن‪ ،‬طٌَّوب الدنٌا للعارفٌن‬
‫بذكر الخروج منها‪ ،‬كما طٌب الجنة اهلها‪ ،‬بذكر الخلود فٌها‪ ،‬و شًء أحب إلى‬
‫اتت‬ ‫المحب من لقاء المحبوب‪ ،‬ولو اآلجال التً كتبها هللا على المشتاقٌن لم‬
‫أرواحهم فً أبدانهم‪ ،‬لشدر ا شتٌاق إلٌه‪.‬‬
‫قال أنأ‪ :‬قٌل ٌا رسول هللا‪ ،‬لو شاء هللا أن ٌدوم البقاء اولٌابه فً الدنٌا‪،‬‬
‫فقال‪ٌ :‬ؤبى هللا أن ٌجعل الخلود اولٌابه فً الدنٌا‪ ،‬بل اختار اولٌابه وأحبابه‪ ،‬ما‬
‫عنده من جزٌل كراماته‪ ،‬أما تعلمون أن الحبٌب ٌشتاق إلى الح بٌب‪ ،‬فطوبى لمن‬
‫كان روحه وراحته فً لقاء هللا‪.‬‬
‫وحكً أن أبا هرٌرر قال لرفٌق له ‪ :‬أٌن تذهب؟ فقال ‪ :‬أشتري شٌبا ًا اهلً‪،‬‬
‫قدرت أن تشتري الموت لً فافعل‪ ،‬فإنه طال شوقً إلى‬ ‫َس‬ ‫فقال أبو هرٌرر له ‪ :‬إن‬
‫ربً‪ ،‬وإن الموت أحب إلًَّو من شرب الماء البارد للعطشان‪ ،‬وأحلى من العسل‪ ،‬ثم‬
‫بكى بكاء شدٌداًا‪ ،‬وقال‪ :‬واشوقاهُس إلى َسمن ٌرانً و أراه‪ ،‬و ُسؼشً علٌه‪.‬‬
‫قٌل اوٌأ (‪ )1‬كٌؾ أصبحت‪ ،‬قال‪ :‬كٌؾ ٌصبح َسمن إذا أصبح ٌشتهً أن‬
‫ٌُسمسً‪ ،‬وإذا أمسى ٌشتهً أن ٌصبح‪ ،‬وطال شوقه إلى مُسنى قلبه‪.‬‬
‫قال مالك بن دٌنار ‪ :‬كنت أسٌر فً بعر حٌطان البصرر‪ ،‬فرأٌت شابا ًا‬
‫مرٌضاًا‪ ،‬أشع أؼبر‪ ،‬مستقبالًا للقبلة‪ٌ ،‬قول ‪ :‬قرر عٌنً طال شوقً إلٌك‪ ،‬وما آن أن‬
‫ألقاك‪ ،‬فإلى متى تحبسنً عنك؟ فقلت ‪ٌ :‬ا شاب هذا الوقت الذي ٌطلب فٌه ااحبة‬
‫محبوبهم؟ فقال‪ :‬الحبٌب فً كل ااوقات موجود‪ ،‬لٌأ بمفقود‪ ،‬بل هذا الوقت الذي‬
‫تظهر ااحبة احتراقهم بحبٌبهم‪ ،‬وٌكشؾ المشتاقون كتمان سرابرهم‪ ،‬بهٌجان نٌران‬
‫ا شتٌاق إلى مُسناهم‪.‬‬
‫وحكً أن رجالًا من أهل البصرر‪ ،‬بكى على شوقه حتى ذهبت عٌناه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫إلهً إلى متى ألقاك؟ فبعزتك لو كانت بٌنً وبٌنك نار تلتهب‪ ،‬ما رجعت عنك‬
‫بعونك وتوفٌقك‪ ،‬حتى أصل إلٌك‪ ،‬و أرضى منك بدونك‪.‬‬

‫قٌل ‪ :‬كان لفتح الموصلً ابنتان عارفتان فخرجتا إلى الحن‪ ،‬فلما وقعت‬
‫أعٌنهما على البٌت‪ ،‬قالت إحداهما لألخر ‪ٌ :‬ا هذه أهذا بٌت ربً؟ فقالت ااخر ‪:‬‬
‫‪ :‬إلهً أشكو من نفسً‬ ‫نعم‪ ،‬فصاحت صٌحة وماتت من ساعتها وقالت ااخر‬
‫إلٌك‪ ،‬وقد طال شوقً إلٌك آه آه آه‪ ،‬وتقولها حتى ماتت‪.‬‬
‫وقٌل ابً بكر الواسطً رحمه هللا ‪ :‬ما حظٌرر القدأ؟ قال ‪ :‬هً حظٌررٌح‬
‫جعلها هللا ستما كالمه ومناجاته‪ ،‬والنظر إلى وجهه‪ ،‬حٌ شاإوا ومتى شاإوا‪،‬‬
‫وتال قوله‪ ( :‬ول م يها ما تألتهل أنفس م)(‪.)1‬‬
‫قال إبراهٌم بن أدهم(‪ )2‬دخلت جبل لبنان فإذا أنا بشاب قابم ٌقول‪ٌ :‬ا َسمن قلبً‬
‫له محب‪ ،‬ونفسً له خادمة‪ ،‬وشوقً إلٌه شدٌد‪ ،‬متى ألقاك؟ فقلت ‪ :‬رحمك هللا ما‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪٠ٚ‬ط ثٓ عبِس اٌمسٔ‪ :ٟ‬ربثع‪ ِٓ ٟ‬اٌظبٌح‪ ،ٓ١‬ر‪ ٞ ٛ‬ظٕخ ‪٘ 37‬ـ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ٖو‪ٞ‬ز‪.31 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ادفج‪ ٟ٬٥‬د‪ ١‬ؤؿ‪ ٟ٥‬د‪٢٠ ١‬و‪٧‬ف‪ .‬س‪ ٫ٖ٧‬ل‪٢‬ر ‪٥ 161‬ـ‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫ٌنساه فً كل‬ ‫عالمة حب هللا؟ قال ‪ :‬حب ذكره‪ ،‬قلت‪ :‬فما عالمة المشتاق؟ قال‪ :‬أن‬
‫حال‪.‬‬
‫بعر أهل المعرفة حضرته الوفار‪ ،‬فبكت امرأته‪ ،‬فقال ‪ :‬ما ٌبكٌك؟ قالت ‪:‬‬
‫كٌؾ أبكً وأنا أبقى منك فرداًا‪ ،‬قال ‪ٌ :‬ا هذه أنا منذ أربعٌن سنة بكٌت شوقا ًا إلى‬
‫هذا الٌوم‪ ،‬فإنه ٌوم وصلتً وأُسلفتً وراحتً‪ ،‬فمرحبا ًا به‪.‬‬
‫وحكً أن الحسن البصري رضً هللا عنه حضرته الوفار‪ ،‬وكانوا ٌلقنونه‬
‫الشهادر‪ ،‬ففتح عٌنٌه وقال‪ :‬إلى متى تدعوننً إلٌه وأنا محترق به منذ عشرٌن سنة‪.‬‬
‫وسبل سهل بن علً عن خفقا ن قلب الخلٌل‪ ،‬وأزٌز قلب المصطفى صلى هللا‬
‫علٌهما وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬خفقانه من الخوؾ‪ ،‬وأزٌزه من الشوق‪.‬‬
‫وبكت رابعة العدوٌة عند موتها‪ ،‬وضحكت من ساعتها فقٌل لها فً ذلك‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬أما بكابً فمن مفارقتً الذكر آناء لٌلً ونهاري‪ ،‬وأما ضحكً فمن سروري‬
‫بلقابه‪ ،‬وماتت من لحظتها‪.‬‬
‫ًا‬
‫ومرر أبو الدرداء رضً هللا عنه فقٌل له ‪ :‬أ ندعو لك طبٌبا ٌداوٌك؟‬

‫‪198‬‬
‫فقال‪ :‬الطبٌب أمرضنً‪ ،‬طال شوقً إلى ربً‪ ،‬وإلى قرر عٌنً محمد صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ ،‬وإلى إخوانً الذٌن مضوا من قبلً‪ ،‬وإنً أخاؾ أن أفرَّو ق عنهم‪.‬‬
‫‪ :‬المستؽا الم ستؽا ‪ ،‬ثم دخله‬ ‫وكان ذو النون ٌقول ًا‬
‫لٌلة إلى الصبا‬
‫السكٌنة‪ ،‬فقٌل له فً ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬نظرت البارحة بعٌن السر‪ ،‬فً مالحظة الحق حتى‬
‫ُس‬
‫فاستؽثت إلٌه بالخروج من الدنٌا‪ ،‬كما‬ ‫بسط إلى بساط محبته‪ ،‬وؼلبنً ا شتٌاق إلٌه‪،‬‬
‫ٌستؽٌ أهل النار بالخروج منها‪ ،‬ثم نظرت إلى سرور المجتهدٌن فً الدنٌا‪،‬‬
‫ومإانسة المرٌدٌن فً ظلم اللٌالً‪ ،‬وافتراشهم الجبهة بٌن ٌدي عالم الؽٌوب بصفاء‬
‫ْس‬
‫فدخلت علًّس السكٌنة‪.‬‬ ‫القلوب‪،‬‬
‫قال عقبة بن سلمة ‪ :‬ما من ساعة ٌكون العبد أقرب إلى هللا من حٌن ٌخر‬
‫ساجداًا‪ ،‬وما من َسخصلة فً العبد أحب إلى هللا من الشوق إلى لقابه‪ .‬وفً الخبر‪" :‬نعم‬
‫التحفة للمإمن لقاء مو ه "(‪ .)1‬قال محمد بن ٌوسؾ (‪ )2‬لو خٌرت بٌن أن أعٌش فً‬
‫الدنٌا مابة سنة أعبد هللا تعالى أعصٌه طرف َسة عٌن‪ ،‬وبٌن أن أموت خترت‬
‫الموت‪ ،‬قٌل‪ :‬ولم ذلك؟ قال‪ :‬من شدر اشتٌاقً إلٌه‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪٢٠ٝ‬ـف‪ ٫ٖ ٪‬ج‪ٝ‬سفٓ‪٬‬خ ‪٧‬ج‪ٝ‬سف‪٬٥‬خ (جد‪ٜ ١‬ص‪٬‬ف ) ‪ 299/4‬دف‪ 5123 ٟٙ‬د‪ " : ٌٗٞ‬سػٗر ج‪٠ٝ‬ئ‪١٠‬‬
‫ج‪٧٠ٝ‬ز" ‪ٙ٧‬حل‪ :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ًٝ‬دفج‪ ٫٢‬دبل‪٢‬حؿ ظ‪٬‬ؿ ‪ ٫ٖ ٧٥٧ .‬جٱػ‪٬‬حء ‪ٙ٧ 450/4‬حل ج‪ٝ‬ػحٌٖ ج‪ِٝ‬فج‪ : ٫ٙ‬ؤؼفظ‪ ٤‬جد‪ ١‬ؤد‪٫‬‬
‫‪٢ٜ٧ 320/2‬ق‬ ‫ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ٖ‪ٜ ٫‬سحخ ج‪٧٠ٝ‬ز ‪٧ " ..‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ٜ( ٛ‬سحخ ج‪ٝ‬ف‪ٙ‬ح٘ ) ‪٧ 319/4‬وػغ‪٠٧ ، ٣‬ظ‪ َ٠‬ج‪ٝ‬ق‪٧‬جثؿ‬
‫‪.‬‬ ‫‪ٜ٧ 42110/15‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء ‪ٙ٧ 352/1‬حل‪ :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬جد‪ ١‬ج‪٠ٝ‬دحف‪٧ ..ٛ‬ؤد‪ ١ُ ٟ٬ِ٢ ٧‬جد‪ُ ١‬دحك في‪ ٫‬جهلل ُ‪٠٦٢‬ح‬
‫‪٧‬ؤ‪ٜ‬صف ف‪٧‬ج‪٬‬حس‪ ١ُ ٤‬جد‪٠ُ ١‬ف‪ ٫ٖ٧ ،‬ج‪٠ٝ‬لسؿف‪ ١ُ ٛ‬جد‪٠ ٍ ١‬ف‪ ٧‬في‪٧‬ج‪ ١‬جهلل ُ‪٧ ، ٟ٦٬ٞ‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١ُ ٫٠ٞ٬‬ج‪ٝ‬ػل‪١‬‬
‫د‪" ٌٗٞ‬سػٗر ج‪٠ٝ‬ئ‪ ٫ٖ ١٠‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬ح ج‪٧٠ٝ‬ز "‪ٜ ] .‬نٕ ‪٧ [352/1‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ؿجف‪ ١ُ ٫٢ًٙ‬ظحدف في‪ ٫‬جهلل ُ‪ ٤٢‬د‪ٌٗٞ‬‬
‫"ج‪٧٠ٝ‬ز سػٗر ج‪٠ٝ‬ئ‪٢ٜ [ " ١٠‬ق ‪٧ 42138/15‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ِٝ‬ظ‪ ٫٢٧ٞ‬د‪٦‬ـج ج‪ٙ٧ ٌٗٞٝ‬حل ‪ :‬ف‪٧‬ج‪ ٣‬ج‪ٝ‬ؿ‪ ١ُ ٫٠ٞ٬‬ظحدف دق‪٬‬حؿذ ‪" :‬‬
‫‪ :‬ج‪٧٠ٝ‬ز‬ ‫٘‪٠٥٧ ،‬ح قجؿ‪ ٣‬ا‪ ٩ٝ‬ج‪٢ٝ‬حف" ‪٧‬ف‪٧‬ج‪ُ ١ُ ٣‬حثنر في‪ ٫‬جهلل ُ‪٦٢‬ح د‪٦‬ـج ج‪ٌٗٞٝ‬‬
‫‪٧‬ج‪ٝ‬ؿف‪٧ ٟ٥‬ج‪ٝ‬ؿ‪٬٢‬حف ‪ َ٠‬ج‪٢٠ٝ‬ح ٕ‬
‫ٓ‪٠٬٢‬ر‪٧ ،‬ج‪ِ٠ٝ‬و‪٬‬ر ‪٠‬و‪٬‬در‪٧ ،‬ج‪ٚٗٝ‬ف فجػر‪٧ ،‬ج‪٧ُٚ ٫٢ٔٝ‬در‪٧ ،‬ج‪ٝ‬سحثخ ‪ ١٠‬ج‪ٝ‬ـ‪٢‬خ ‪ ١٠ٜ‬ٳ ـ‪٢‬خ ‪ٜ [ " ٤ٝ‬نٕ ج‪ٝ‬ؾٗحء‬
‫(ج‪ٝ‬سفجش جٱلٴ‪ 401/2 )٫٠‬دف‪.] 2667 ٟٙ‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬ػ‪٠‬ؿ د‪٧٬ ١‬لٕ جٯوٗ‪٦‬ح‪ ،٫٢‬س‪٥ 184 ٫ٖ٧‬ـ [ ج‪ٝ‬نِفج‪.] 61/1 ٫٢‬‬

‫‪199‬‬
‫الحديث ااربعون‬
‫[ التسبيل للرجال والتصفيو للنساء]‬

‫حدثنا شٌخنا الشٌخ القدور علً الواسط ي رضً هللا عنه قال ‪ :‬حدثنً أبو‬
‫الفوارأ طراد بن محمد الزٌنبً‪ ،‬قال ‪ :‬حثنا أبو الحسن محمد بن زرقوٌه‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫حدثنا أبو جعفر محمد بن ٌحٌى الطابً‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرنا جد أبً علً بن حرب بن‬
‫محمد الطابً‪ ،‬عن سفٌان بن عٌٌنة‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن أبً سلمة‪ ،‬عن أبً هرٌرر‬
‫رضً هللا عنه عن ا لنبً صلى هللا علٌه وسلم قال ‪ " :‬التسبٌح للرجال والتصفٌق‬
‫(‪) 1‬‬
‫جد فً ااعمال وا ستهالك للحركات والسكنات‬ ‫للنساء" هذا الحدٌ ٌشٌر إلى ال ِس‬
‫فً هللا تعالى‪.‬‬
‫وقد تر جماعة من العارفٌن‪ٌ ،‬ضربون للشارات فً الحا ت‪ ،‬ولذي‬
‫الحضرات كفا ًا بكؾ‪ ،‬فإٌاك أن تظن أن إشارتهم هذه من التصفٌق فتزلق‪ ،‬إنما هً‬
‫استهالك حركة هلل‪ ،‬فً حركة أخر هلل‪ ،‬فإنهم ماتوا باهلل حالة كونهم أحٌاء‬

‫(‪) 1‬‬
‫‪1146 ٧1145‬‬ ‫ج‪ٝ‬دؾحف‪( ٪‬خسػ‪ ٘٬ٚ‬ج‪ٝ‬ؿ‪ٜ‬س‪٧‬ف ‪٠‬وًٗ‪ ٩‬ج‪ٝ‬دٔح ) ج‪٠ِٝ‬ل ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬وٴذ‪ ،‬دحخ ‪ :‬ج‪ٝ‬سوٗ‪٢ٞٝ ٘٬‬لحء‬
‫‪٧‬ؤ‪ٌ٢‬ف ؤ‪٬‬يحً ‪٠٧ 6767 ٧ 2547 ٧2544 ٧ 1177 ٧ 1160 ٧ 1146 ٧ 1143 ٧ 652‬ل‪ :ٟٞ‬ج‪ٝ‬وٴذ‪ ،‬دحخ‬
‫س‪ٚ‬ؿ‪ ٟ٬‬ج‪ٝ‬ظ‪٠‬حُر ‪٬ ١٠‬و‪ ٫ٞ‬د‪ ٟ٦‬اـج سإؾف جٱ‪٠‬ح‪ ،ٟ‬ف‪٧ 421 ٟٙ‬دحخ سلد‪٬‬غ ج‪ٝ‬فظل ‪٧‬سوٗ‪ ٘٬‬ج‪٠ٝ‬فؤذ اـج ‪٢‬حد‪٠٦‬ح ن‪٫‬ء‬
‫‪٪‬ل‪ٞٝ ١‬فظل ج‪ٝ‬ـ‪٢ ٪‬حد‪ ٤‬ن‪٫‬ء ٖ‪ ٫‬وٴس‪ٜ ،٤‬س‪٢‬د‪ ٤٬‬ا‪٠‬ح‪٢ٝ ٤٠‬ػ‪ ٧‬ل‪٧ ،٧٦‬اـ‪ٝ ٤٢‬ؿجؾل جلسإـ‪١‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬وٴذ ‪ُ " ٧ .422‬‬
‫ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬ؿؾ‪٧‬ل ُ‪٧ ،٤٬ٞ‬ا‪٢‬ـجف‪ ٣‬ؤُ‪٠ ٩٠‬ؽجٖر ؤ‪٠ ٫ٖ َٚ٬ ١‬ػـ‪٧‬ف‪ ،‬ؤ‪٢ ٧‬ػ‪ ٧‬ـ‪ٜٔ ٛٝ‬حٖل ‪٬ٓ٧‬ف ‪٬٠٠‬ق‪ٙ ١٠٧ ،‬وؿ‪ٌ ٣‬ح‪ٟٝ‬‬
‫فؤذ‬ ‫ؤ‪٢ ٧‬ػ‪ ٧‬لدَ‪ ،‬ؤ‪٬ ١‬لدغ ٖ‪٧ٚ٬‬ل ‪ " :‬لدػح‪ ١‬جهلل" دنفً ؤٳ ‪ٚ٬‬وؿ ج‪ٝ‬س‪٢‬د‪٧ ٣٫‬ػؿ‪٧ ،٣‬اٳ دً‪ٞ‬ز وٴس‪٧ . ٤‬ؤ‪٠‬ح ج‪ٟٝ‬‬
‫ٖسوٗ٘ ديفخ دً‪ ١‬ج‪ ٩ُٞ ١٬٠٬ٝ‬ج‪٬ٝ‬لحف ؤ‪ُٜ ٧‬ل‪٥٧ .. ٤‬ـ‪ ٣‬ل‪٢‬ر ‪٠‬سٗ٘ ُ‪٦٬ٞ‬ح اٳ ج‪٠ٝ‬ح‪٬ٜٝ‬ر ‪ٙ‬ح‪٧ٝ‬ج ‪ :‬ج‪ٝ‬نإ‪٢ ١٠ٝ ١‬حد‪٤‬‬
‫" [ ؿ‪٥٧ .‬در‬ ‫ن‪٫‬ء ‪٬ ٧٥٧‬و‪ ٫ٞ‬ج‪ٝ‬سلد‪٬‬غ (لدػح‪ ١‬جهلل ) ‪ٜ٬٧‬ف‪ ٣‬ج‪ٝ‬سوٗ‪٠ٞٝ ٘٬‬فؤذ " ‪٧‬ج‪ٝ‬ؾ‪٢‬ص‪ٜ ٩‬ح‪٠ٝ‬فؤذ ٖ‪ ٫‬ج‪ٝ‬سوٗ‪٘٬‬‬
‫ج‪ٝ‬قػ‪ :٫ٞ٬‬ج‪ ٤ٚٗٝ‬جٱلٴ‪٧ ٫٠‬ؤؿ‪ٝ‬س‪٧ 935 ٧ 934/2 )4ً( ٤‬ج‪ٌ٢‬ف ‪( 1122‬س‪٢‬د‪ ٤٬‬جٱ‪٠‬ح‪ ٩ُٞ ٟ‬ج‪ٝ‬ل‪.])٧٦‬‬

‫‪200‬‬
‫فلذلك أحٌاهم هللا حالة كونهم أمواتا ًا‪.‬‬
‫أي بنً‪ ،‬اعلم أن هلل تعالى عباداًا قد مُسلبت قلوبهم بمحبة ربهم‪ٌ ،‬نتظرون‬
‫الموت اشتٌاقا ًا إلى حبٌبهم‪ ،‬وٌكرهون طول المك فً هذه الدنٌا‪ ،‬راحة لهم دون‬
‫الخروج منها‪ ،‬وهم مؽمومون بطول البقاء فٌها‪ ،‬وشوقهم إلى الخروج أشد من شوق‬
‫العطشان إلى الماء الز ل‪ ،‬فإذا قرب أجلهم أتاهم ملك الموت مع سبعٌن ألؾ ملك‬
‫من هللا بالتحٌة والسالم‪ ،‬كما قال تعالى ‪ ( :‬الإين تتو اهم المالئ ة طيبين يلولون‬
‫سالم عل ي م)(‪ )1‬اآلٌة‪ ،‬وكذلك ٌجًء الملك للمإمن على أطٌب رٌح‪ ،‬وأحسن‬
‫صورر‪ ،‬فٌقول المإمن له‪ :‬مرحبا ًا اي أمر جبت؟ فٌقول له‪ :‬لقبر روحك‪ ،‬على أي‬
‫حال تحب أن أقبر روحك؟ فٌقول ‪ :‬إذا كنت فً السجود‪ ،‬فٌفعل ذلك ملك الموت‪،‬‬
‫فٌؤتٌه حافظاه وٌقول أحدهما لصاحبه ‪ :‬كان لنا صاحبا ًا وأخا ًا ق د حان له الفراق‪،‬‬
‫كنت أٌسر مإمن ونعم‬ ‫فٌقو ن له جزاك هللا خٌراًا‪ ،‬وؼفر لك‪ ،‬فنعم اا كنت‪ ،‬لقد َس‬
‫(‪) 2‬‬
‫قدمت لنفسك ‪ ( :‬يؤيتها النف المطمئنة ارجعل لى رب راضية مرضية )‬ ‫َس‬ ‫ما‬
‫)‬ ‫(‬
‫كنت تحب الخٌر‬‫والراحة‪ ،‬وتقول روحه لجسده‪ :‬جزاك هللا عنً خٌراًا‪َ ،‬س‬ ‫‪3‬‬
‫بالرو‬
‫وأهله‪ ،‬وتبؽر الشر وأهله‪ ،‬أستودعك هللا‪.‬‬
‫مُسرَّو بجنازر على أمٌر المإمنٌن علً كرم هللا وجهه ورضً هللا عنه فقال ‪:‬‬
‫مسترٌح أو مسترا من نصب الدنٌا‪ ،‬وإٌذاء أهلها‪ ،‬فلقً رحمة هللا علٌه‪ ،‬والمسترا‬
‫منه الفاجر‪ ،‬إذا ما استرا منه العباد والبالد‪.‬‬
‫وقال مؤمون السلمً رحمه هللا ‪ :‬لما توفً أبو عبدهللا بن مقاتل ؼسلناه وكفناه‬
‫ودفناه‪ ،‬فهتؾ بنا هاتؾ من السماء‪ :‬الحمدهلل الذي أوصل الحبٌب إلى الحبٌب راضٌا ًا‬
‫مرضٌا ًا‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪٢ٝ‬ػل‪.32 :‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ل‪٧‬فذ ج‪ٗٝ‬ظف‪.27 :‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ٝ‬ف‪٧‬ع‪ :‬ج‪ٝ‬فػ‪٠‬ر‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫وقال رجل من أصحاب أبً عبد هللا ‪ :‬رأٌته فً المنام بعد موته كان ٌتبختر‬
‫فً حظٌرر القدأ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما هذا التبختر ٌا أبا عبدهللا‪ ،‬ألٌأ قد ُسنهٌنا عنه؟ فقال ‪:‬‬
‫هذا مشً الخدام‪ ،‬فً دار السالم‪ ،‬عند الملك العالّسم ‪ .‬ورإي ذو النون بعد موته فً‬
‫المنام‪ ،‬فقٌل له ‪ :‬ما حالك؟ قال ‪ :‬سؤلت هللا أربع مسابل‪ ،‬فؤعطانً اثنتٌن‪ ،‬وأنتظر‬
‫قبضت روحً فال تكلنً إلى ملك‬ ‫َس‬ ‫اثنتٌن‪ ،‬فقٌل ‪ :‬وما هن ؟ قال ‪ :‬قلت إلهً إن‬
‫الموت‪ ،‬وإن سؤلتنً فال تكلنً إلى منكر ونكٌر‪ ،‬وإن أهتنً فال تكلنً إلى مالك‪،‬‬
‫وإن أكرمتنً فال تكلنً إلى رضوان‪.‬‬
‫وحكً أن داود العجمً (‪ )1‬لما مات حمل إلى قبره‪ ،‬فإذا هو مفروش‬
‫بالرٌحان‪ ،‬فؤخذ الذي ٌدفنه شعبة من الرٌاحٌن‪ ،‬وكان الناأ ٌنظرون إلٌها تعجبا ًا‬
‫سبعٌن ٌوما ًا لم ٌتؽٌر حالها‪ ،‬فؤشخل اامٌر وأخذها من الرجل‪ ،‬ففُسقِسدت فال ٌُسدر‬
‫كٌؾ ذهبت؟‬
‫وقال عمار بن إبراهٌم ‪ :‬رأٌت المسكٌنة الطاوٌة بعد موتها فً المنام‪ ،‬وكانت‬
‫تحب مجلأ الذكر‪ ،‬فقلت ‪ :‬مرحبا ًا ٌا مسكٌنة‪ ،‬فقالت ‪ :‬هٌهات ٌا عمار‪ ،‬ذهبت‬
‫المسكٌنة‪ ،‬وجاء الؽنى‪ ،‬قلت ‪ :‬هنٌبا ًا لك‪ ،‬فقالت ‪ :‬وما تسؤل عمن أبٌحت له الجنة‬
‫بحذافٌرها‪ ،‬قلت‪ :‬بماذا؟ قالت‪ :‬بمجالأ الذكر‪ ،‬فقلت ‪ :‬فما فعل هللا بعلً بن زادان؟‬
‫فضحكت وقالت‪ :‬كساه حلة البهاء‪ ،‬وقٌل له‪ٌ :‬ا قارئ اقرأ وارق‪.‬‬
‫وقال ابن أبً الحواري (‪ )2‬رأٌت الواصلً بعد موته فً المنام‪ ،‬كؤنه قابم فً‬
‫الهواء‪ ،‬وقد امتأل الهواء من نوره‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما فعل هللا بك؟ قال ‪ :‬نعم المولى‬
‫‪ :‬أوصنً‪ ،‬قال ‪ :‬علٌك‬ ‫مو نا‪ ،‬ؼفر لنا وأكرمنا‪ ،‬وفعل بنا ما هو أهله‪ ،‬قلت له‬
‫بمجالسة الذاكرٌن‪ ،‬فإنهم عندنا فً الرفٌع من الدرجات‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ظح‪ٜ َ٠‬فج‪٠‬حز جٯ‪٬ٝ٧‬حء ‪.65 ٧ 64/2‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫حّد ثٓ ث‪ ٟ‬اٌح‪ٛ‬از‪ ٞ‬اٌدِشم‪ِ .ٟ‬بد ظٕخ ‪٘ 230‬ـ [ اٌسظبٌخ اٌمش‪١‬س‪٠‬خ ‪.]59‬‬

‫‪202‬‬
‫ولما حضر معاذاًا الموت أؼمً علٌه‪ ،‬ثم أفاق‪ ،‬فقال ‪ :‬ألحِسقونً بالذٌن أنعم هللا‬
‫علٌهم من النبٌٌن والصدٌقٌن والشهداء‪ ،‬ثم ضحك وقال‪ :‬إله إ هللا محمد رسول‬
‫هللا الحمد هلل ثم مات‪.‬‬
‫وحكً أن امرأر دخلت على عابشة رضً هللا عنها‪ ،‬فصلت عند قبر النبً‬
‫صلى هللا علٌه وسلم‪ ،‬ثم سجدت فلم تزل تقول واشوقاه‪ ،‬فلم ترفع رأسها حتى ماتت‪.‬‬
‫وقال جعفر الضبً ‪ :‬حضرت زٌارر قبر مالك بن دينار‪ ،‬فقلت‪ :‬لٌت شعري ما فعل‬
‫هللا بمالك؟ فسمعت صوتا ًا من فوق مالك ٌقول ‪ :‬مالك نجا من المهالك‪ ،‬ومن وعثاء‬
‫المسالك‪ ،‬وصار إلى دار السرور‪ ،‬بمجاورر الرب الؽفور‪ ،‬فقلت‪ :‬الحمد هلل‪.‬‬
‫وقال ابن ب ّسكار ‪ :‬صلٌنا الؽدار ٌوما ًا بالمصّسٌصة (‪ ،)1‬فلما سلم اإلمام قام رجل‬
‫وقال‪ٌ :‬ا أٌها الناأ إنً رجل من أهل الجنة‪ ،‬وإنً أموت الٌوم‪ ،‬فمن كانت له حاجة‬
‫فلٌؤت‪ ،‬فلما صلٌنا العصر مات الرجل فً سجوده‪.‬‬
‫وحكً أن الحار بن عمرو الطابً (‪ ،)2‬مرر بإرمٌنٌة فٌوما ًا من ااٌام‪،‬‬
‫استقبل القبلة وصلى ركعتٌن‪ ،‬ثم قال فً آخر سجوده ‪ :‬اللهم إن أسؤلك باسمك الذي‬
‫هو قوام الدٌن‪ ،‬وبه ترزق العالمٌن‪ ،‬وبه تحًٌ العظام وهً رمٌم‪ ،‬إن كان لً خٌ ٌحر‬
‫عندك فعجل قبضتً‪ ،‬ثم سكت فحركوه فإذا هو مٌت ‪ .‬وقال مالك بن دٌنار رضً‬
‫هللا عنه‪ :‬كان لً رفٌق‪ ،‬وكان وهللا من العارفٌن‪ ،‬فمرر فحضرته اعوده‪ ،‬فإذا هو‬
‫رافع طرفه نحو السماء‪ ،‬وقال ‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أنً أحبك فبارك لً فً لقابك‪،‬‬
‫فلم ٌتم كالمه حتى مات‪.‬‬
‫وحكً أن رجالًا رأ مالك بن دٌنار رضً هللا عنه كؤنه فً قصر معلق فً‬
‫الهواء بحٌ لم ٌصؾ الواصفون حسنه فقال ‪ :‬ما فعل هللا بك ٌا مالك؟ فقال‪ :‬أنزلنً‬
‫ربً فً هذا القصر كما تر ‪ ،‬وأبا لً أن أنظر إلٌه كلما اشتقت إلى رإي ته بال‬
‫كٌؾ و شبٌه‪،‬‬

‫(‪) 1‬‬
‫ج‪٠ٝ‬و‪٬‬ور‪ :‬صٔف ؤ‪ً٢‬ح‪٬ٜ‬ر ‪٧‬دٴؿ ج‪ٝ‬ف‪ٙ ٟ٧‬ؿ‪٠٬‬حً‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪٠‬س‪ُ ٩ٖ٧‬ح‪٥ 112 ٟ‬ـ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫والحمد هلل رب العالمٌن‪ .‬ولما حضرت الوفار سٌدي الشٌخ منصور بكٌنا حوله فؤفاق‬
‫من ؼشٌته وقال‪:‬‬
‫د ماس و ٌمم وهم ل النا أحياء ُس‬ ‫المحب حيااٌم و انلطا له ا‬
‫ِّب‬ ‫موس‬
‫ثم قال ‪ :‬أشهد أن إله إ هللا وأشهد أن محمداًا رسول هللا صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ ،‬وقضى نحبه رضً هللا عنه وعن عباد هللا الصالحٌن أجمعٌن‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫المحتو‬

‫تمهٌد (للمحقق)‬ ‫‪5‬‬


‫أسانٌد راوي الكتاب‬ ‫‪10‬‬
‫مقدمة الكتاب‬ ‫‪12‬‬
‫من ٌذوق طعم اإلٌمان؟‬ ‫الحدٌ ااول‪:‬‬ ‫‪14‬‬
‫الكٌأ والعاجز‬ ‫الحدٌ الثانً‪:‬‬ ‫‪20‬‬
‫اإلسالم واإلٌمان‬ ‫الحدٌ الثال ‪:‬‬ ‫‪23‬‬
‫ذو الوجهٌن‬ ‫الحدٌ الرابع‪:‬‬ ‫‪26‬‬
‫انصر أخاك‬ ‫الحدٌ الخامأ‪:‬‬ ‫‪33‬‬
‫استجابة الدعور‬ ‫الحدٌ السادأ‪:‬‬ ‫‪36‬‬
‫ثالثة َسمرْس ضٌات‬ ‫الحدٌ السابع‪:‬‬ ‫‪43‬‬
‫الحٌاء من اإلٌمان‬ ‫الحدٌ الثامن‪:‬‬ ‫‪47‬‬
‫(أولبك ٌبدل هللا سٌباتهم حسنات)‬ ‫الحدٌ التاسع‪:‬‬ ‫‪52‬‬
‫أول من ٌدخل الجنة‪.‬‬ ‫الحدٌ العاشر‪:‬‬ ‫‪55‬‬
‫ٌستظل المإمن ٌوم القٌامة فً ظل صدقته‬ ‫الح دي الحادي عشر‪:‬‬ ‫‪60‬‬
‫الراحمون ٌرحمهم الرحمن‬ ‫الحدٌ الثانً عشر‪:‬‬ ‫‪64‬‬
‫المرء مع من أحب‬ ‫الحدٌ الثال عشر‪:‬‬ ‫‪70‬‬
‫ااعمال بالنٌات‬ ‫الحدٌ الرابع عشر‪:‬‬ ‫‪75‬‬
‫مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‬ ‫الحدٌ الخامأ عشر‪:‬‬ ‫‪79‬‬
‫فضل الصحابة رضوان هللا علٌهم‬ ‫الحدٌ السادأ عشر‪:‬‬ ‫‪84‬‬
‫ٌدخلون الجنة بؽٌر حساب‬ ‫الحدٌ السابع عشر‪:‬‬ ‫‪90‬‬

‫أدبنً ربً‬ ‫الثامن عشر‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪95‬‬


‫حسبك أن تصوم من كل شهر ثالثة أٌام‬ ‫التاسع عشر‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪101‬‬
‫السنن الرواتب‬ ‫العشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪105‬‬
‫صنابع الم عروؾ‪.‬‬ ‫الواحد والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪109‬‬
‫تحاسدوا‪..‬‬ ‫الثانً والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪114‬‬
‫خٌركم من تعلم القرآن وعلمه‬ ‫الثال والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪119‬‬
‫أحبوا هللا‪..‬‬ ‫الرابع والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪126‬‬
‫من تصدق من كسب طٌب‬ ‫الخامأ والعشرون‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪131‬‬
‫من صام رمضان وأتبعه ستا ًا من شوال‬ ‫السادأ والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪135‬‬
‫المرء مع من أحب‬ ‫السابع والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪141‬‬

‫‪205‬‬
‫من دعاء النبً صلى هللا علٌه وسلم‬ ‫الثامن والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪143‬‬
‫إله إ هللا‬ ‫التاسع والعشرون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪150‬‬
‫إذا را أحدكم الجمعة فلٌؽتسل‬ ‫الثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪155‬‬
‫أفال أكون عبداًا شكوراًا؟‬ ‫الواحد والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪161‬‬
‫المتوكل صلى هللا علٌه وسلم‬ ‫الثانً والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪167‬‬
‫اللهم بارك لنا فً رجب وشعبان‬ ‫الثال والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪173‬‬
‫من ولد له مولود فسما محمداًا‬ ‫الرابع والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪177‬‬
‫من أد حدٌثا ًا‬ ‫الخامأ والثالثون‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪182‬‬
‫سمع هللا لمن حمده‬ ‫السادأ والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪185‬‬
‫تدخلون الجنة حتى تإمنوا‬ ‫السابع والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪188‬‬
‫صلة الرحم‬ ‫الثامن والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪193‬‬
‫نظر الولد إلى والدٌه‬ ‫التاسع والثالثون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪198‬‬
‫التسبٌح للرجال والتصفٌق للنساء‪.‬‬ ‫ااربعون‪:‬‬ ‫الحدٌ‬ ‫‪203‬‬

‫‪206‬‬

You might also like