Professional Documents
Culture Documents
أعتقد أن المنحى يسير حاليا في اتجاه تغليب كفة المطالبين بإلغاء عقوبة العدام في المغرب على كفة ++
المناهضين للغائها .فرغم استمرار العمل بهذه العقوبة في القانون الجنائي المغربي ،فإن تطبيقها معلق ،و هذا ما
يدفع كفة المناهضين لتلك العقوبة لتزيد ثقل .و في واقع المر قطع المغرب نصف مسافة الطريق ،و لم يبق الن
إل العمل بواقع حال قائم .و هذا باعتبار أن المغرب ،منذ سنوات ،يكتفي بالحكم بالعدام دون تطبيقه إل نادرا
جدا .علما أن دافع الجهات الرسمية لعتماد هذا الموقف ،هو دافع أنساني بالدرجة الولى ،و هذا بالضبط ما
يستند عليه بالساس مناهضو هذه العقوبة .فلم يعد ناقصا إل التفعيل و تكريس هذه القناعة النسانية بخصوص
القوانين و المساطر ،و هو أمر ليس بالعزيز على مغرب "العهد الجديد" و على عاهله الذي حقق خطوات أكثر
.جرأة و شجاعة من هذه الخطوة المنتظرة و التي ل تكاد تبين في وجه المنجزات الحقوقية
و مهما يكن من أمر ،علوة على الشارات النسانية ،هناك جملة من العتبارات البرغماتية التي ربما هي الهم
في المرحلة الحالية .و أظن ل يفصلنا عن القرار بإلغاء عقوبة العدام إل مسافة قليلة يمكن قطعها مع توسيع
حركة مناهضة هذه العقوبة وسط أوسع الجماهير .خصوصا و أنه اتضح أنه إذا ما كانت الغاية من تطبيق عقوبة
العدام بشكل عام هي الحد من تكرار ممارسة الفعل الذي استحق هذه العقوبة ،و تحقيق الرادع لعدم تكراره ،إل
أنه من الواضح أن عقوبة العدام و بشكلها العام في تطبيقاتها لم تحقق هذه الغاية .هذا إضافة إلى أنه في العالم
كله ل يوجد نظام قضائي مثالي ،فلكل نظام ضعفه و قوته ،و تحقيقه للعدالة بشكلها المطلق أمر مستحيل و يبقى و
يكاد يكون من قبيل المستحيل إن لم يكن القضاء بعد قد بلغ إلى مستوى النزاهة و الستقللية المطلوبة ،فبأي حق
يصدر حكما قضائيا مطلقا ل يمكن التراجع عنه بعد تنفيذه .و إن كان لبد من إعطاء مثال ،أعطي مثال ،رغم
أنه سيثير ل محالة الكثير من الحساسيات .ففي سنة ،1971على إثر انقلب الصخيرات تم إعدام عشرة
أشخاص ،و بعد سنة واحدة فقط حصلت محاولة انقلب ثانية سنة 1972و تم إعدام أحد عشر شخص آخرين ،و
بعد سنة أخرى ،1973 ،أعدم 15أشخاص ،و هذا فقط بخصوص الصراع السياسي .و إن دل هذا عن شيء،
فإنه يدل على أن عقوبة العدام في حد ذاتها لم تكن و لن تكون الوسيلة الرادعة لعدم تكرار الفعل الذي استوجب
.تطبيقها ،هذا الطرح بدأ يغزو الكثير من الوساط بالمغرب
حسب تقييمك ،من هي الوساط التي يمكن أن تعارض إلغاء عقوبة العدام في المغرب؟ +
قبل محاولة الجابة ،ل مناص من التذكير أن الموقف الرسمي بخصوص إلغاء عقوبة العدام مازال لم ++
يتضح بعد بشكل شفاف ،رغم أن هناك العديد من الوزراء و المسؤولين الكبار يساندون مطلب إلغاء عقوبة
العدام ،و من ضمنهم وزير العدل الحالي ،و قد سبق له أن صرح بهذا أكثر من مرة و في أكثر من مناسبة .و
لزال غموض الموقف الرسمي قائما بالرغم من أن هناك حضور رسميين وازنين في النقاشات و مختلف
النشطة بهذا الخصوص .إل أن المدخل للحسم في هذه الشكالية لم يتضح بعد من طرف الجانب الرسمي .لحد
.الن ليس هناك أي جهة رسمية تعارض إلغاء عقوبة العدام بوضوح ،بدون لف و ل دوران
و يبدو الن الكثر معارضة لللغاء هم السلميين و رموز سنوات الجمر و الرصاص الذين مازالوا يحتلون
مواقع نافذة في دوائر صناعة القرار ،لسيما منهم من تأكد تورطهم في النتهاكات الجسيمة لحقوق النسان .و
غالبا ما يتم العتماد ،بهذا الخصوص ،على بعض الحتيات المرتبطة بالدين .و ربما هذا ما يدفع الدولة إلى
الحتفاظ بالمور على ما هو عليه ،أي إبقاء عقوبة العدام مع تعليق تنفيذها منذ .1993علما أن السلم يسعى
لدرء جميع أنواع العقوبات التي هي أدنى بكثير من عقوبة العدام ،من خلل الشروط المشددة لمنع إنزال العقوبة
.تحقيقا للعدالة اللهية النسبية في الدنيا
و من المعلوم أن بعض النواب قدموا في غضون هذه السنة مشروع قانون للغاء عقوبة العدام لكنهم و وجهوا
برفض اتخذ شكل من أشكال الهمال و عدم إعطاء الهمية ،مؤيدي هذه العقوبة مع الشارة للتعليل بورودها في
.القرآن الكريم و لكونها ضرورية لحفظ النظام المغربي
تم مؤخرا منع الوقفة التي كان من المقرر أن ينظمها الئتلف المغربي لمناهضة عقوبة العدام أمام البرلمان+ ،
كيف تقيم هذا المنع؟ و أين وصل أمر قرار الئتلف لمقاضاة وزارة الداخلية؟
بادئ ذي بدء ل مندوحة من التساؤل بخصوص تبرير منع جملة من الوقفات الحتجاجية و التنديدية ،فهل هو ++
ناتج عن نوع من أنواع الغباوة لدى القائمين على السياسة المنية ببلدنا؟ و الداعي لهذا التساؤل هو أن المنع في
كل الحالت بالمغرب خدمت الممنوعين أكثر مما كان سيخدمهم السماح لهم بالوقفة .كما أن منع البعض و السماح
للبعض الخر ،يشير بوضوح أن المر ل يتعلق بإقرار مقتضيات دولة الحق و القانون ،و إنما هو خاضع
.بالساس للضغط و لموازين القوة ،و هذا من شأنه تبيان "مسخ" ما يقال بخصوص إقرار دولة الحق و القانون
علما أنمنع وقفة مناهضة عقوبة العدام أمام البرلمان ،هو من هذا القبيل ،و بالمس سمحت السلطات بتنظيم وقفة
بمناسبة "يوم المختطف" ،لكنها منعت وقفة مناهضة عقوبة العدام ،أتساءل كيف يمكن للقضاء المغربي أن
يبرر هذا الوضع ،و إن فعل قبل الدعوة التي سيقدمها القائمون على الئتلف المغربي لمناهضة عقوبة العدام
على أنظاره .علما أن الحتجاج عن هذا المنع قد أبلغ للمنظمات الدولية .و هذا ما من شأنه أن يضع الدولة
المغربية في موقع محرج مجانا .أليست هذه غباوة؟
و ما بلغ إلى علمي أن الطعن في قرار المنع بصدد العداد حاليا .فهناك منع و إبلغ المنظمات الدولية عن هذا
المنع ،و إن تم تقديم شكوى بهذا الخصوص للقضاء سيعلم بها الجميع و يتابعها الجميع و على امتداد مدة أطول
بكثير من الفترة التي كانت مقررة للوقفة ،فماذا كان سيقع لو تم السماح لوقفة مدتها ساعة؟ ل شيء على الطلق،
إذن على كل الذين يعتزمون القيام بوقفة بالمغرب أن يتمنون منعها و ربما يسعون لتفعيله ،مادام المنع يخدمهم
.أكثر
قدمت جبهة القوى الديمقراطية مقترح قانون إلى الحكومة المغربية من أجل إلغاء عقوبة العدام ،هل تواكب+
كمهتم تطورات هذا المسعى؟ و ما هي في نظرك فرص تمرير هذا المقترح خلل ما تبقى من الولية التشريعية
الحالية؟
إن المتتبع للتطورات التي حققها المغرب في مجال حقوق النسان يبدو له من السهل بمكان تمرير هذا ++
المقترح ما دام أنه سبق و مررت مقترحات أكثر جرأة و أهمية ،إل أنه بالرغم من كل ما يقال في هذا المجال ،و
بالرغم من أن بلدنا استضافت الجمع العام للئتلف العالمي ضد العدام ،مازالت ساعة انضمام المغرب إلى
ركب الدول التي ألغت هذه العقوبة من قوانينها لم تحن بعد .و لعل السبب الرئيسي البارز حاليا هو معارضة
.السلميين ،و كذلك غموض الموقف الرسمي بهذا الخصوص
إن قدوم الدولة المغربية على إلغاء عقوبة العدام لزال مرتبطا بجملة من المحددات دينية و سياسية و اجتماعية،
و أخرى مرتبطة بموازين قوى مرحلية .و هذا ما يعرقل عموما مسار صيرورة ملءمة التشريعات المغربية مع
.التشريعات الدولية
بالرغم من أن الئتلف المغربي لمناهضة عقوبة العدام ناشد مختلف الجهات ،مجلس النواب و مجلس
المستشارين و الوزارة الولى و وزارة العدل و المجلس الستشاري ،للمطالبة بتصديق المغرب على البروتوكول
الختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي حول الحقوق المدنية و السياسية و المتعلق الصادرة بتحويلها إلى عقوبات
.أخرى في انتظار إلغائها المنشود
و يبدو أنه من الكيد أن المقترح لن و لم يمرر خلل ما تبقى من الولية التشريعية وجب البث فيها لرتباطها
.بقضايا حيوية ،و هي كذلك لن يبث فيها فيما تبقى من مدة ،و مثل كل القضايا الكبرى ،الجميع ينتظر تدخل الملك
كيف تتوقع موقف المؤسسة الملكية من مشروع إلغاء عقوبة العدام في المغرب ،و ذلك علما أن مقترح +
القانون المذكور لبد أن يصادق عليه من طرف مجلس الوزراء برئاسة الملك؟
في اعتقادي أن موقف الملك واضح بخصوص إلغاء عقوبة العدام في المغرب .و هناك أكثر من مؤشر يبين ++
.ذلك
فمن المعروف أن الملك محمد السادس بارك احتضان المغرب للجمع العام للئتلف العالمي ضد العدام ،و هذا
أمر أوله أهمية .كما أنه من المعلوم أن تنفيذ أحكام العلم ل تتم إل بإذن مباشر من الملك ،إل أن المعمول به
حاليا ،و منذ سنوات ،منذ ،1993لم يتم تنفيذ أي حكم للعدام بالرغم من استمرار العمل بها ،إذ أنها مطبقة على
.أكثر من 560جريمة و فعل جرمي التي يقرها القانون الجنائي المغربي
.أل تكفي هذه المؤشرات لستشفاف موقف الملك محمد السادس بهذا الخصوص
بالمغرب مع إدريس ولد القابلة رئيس تحرير أسبوعية المشعل المغربية IPSحوار أجراه مراسل