You are on page 1of 87

‫الطريق إلى‬

‫الصحراء الغربّية‬
‫عبر تل أبيب ‪.‬‬

‫بقلم ‪ /‬الصحفي‬
‫والكاتب‬
‫الجزائري يحي‬
‫أبوزكريا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المحتويات ‪..‬‬
‫‪ -1‬الهداء ‪.‬‬
‫‪ -2‬إختراقات الموساد في‬
‫المغرب العربي ‪.‬‬
‫‪ -3‬أزمة الربع قرن بين‬
‫الجزائر والمغرب أما آن لها‬
‫أن تنتهي ‪.‬‬
‫‪ -4‬أزمة الصحراء الغربية‬
‫العقبة الكأداء في طريق‬
‫التحاد المغاربي ‪.‬‬
‫‪ -5‬إسرائيل تخترق‬
‫المغرب العربي ‪.‬‬
‫‪ -6‬الرعاية المريكية‬
‫للتحاد المغاربي ‪.‬‬
‫العلقات الجزائرية –‬ ‫‪-7‬‬

‫التونسّية ‪.‬‬
‫‪ -8‬المغرب بين الحسن‬
‫الثاني ومحمد السادس ‪.‬‬
‫‪ -9‬المغرب على خطى‬
‫الجزائر ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -10‬تقسيم الصحراء‬
‫الغربية هل يكون هو الح ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫أزمة الصحراء الغربية‬ ‫‪-11‬‬

‫ومستقبل العلقات‬
‫الجزائرية – المغربية ‪.‬‬
‫‪ -12‬حتى ل يصبح المغرب‬
‫العربي المغرب العبري‪.‬‬
‫‪ -13‬خلفيات وأبعاد‬
‫التغييرات السياسّية‬
‫المزمنة في الجزائر ‪.‬‬
‫‪ -14‬دور يهود المغرب‬
‫العربي في تأسيس الدولة‬
‫العبرية ‪.‬‬
‫‪ -15‬صراع الرادات الدولية‬
‫حول المغرب العربي‪.‬‬
‫ضر واشنطن‬ ‫‪ -16‬ماذا تح ّ‬
‫لجبهة البوليساريو ‪.‬‬
‫‪ -17‬ماذا جرى في‬
‫موريتانيا ‪..‬‬
‫‪ -18‬مساعي لنعاش التحاد‬
‫المغاربي ‪.‬‬
‫‪ -19‬مستقبل إتحاد المغرب‬
‫العربي ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫مصير العلقات‬ ‫‪-20‬‬

‫الموريتانية – الصهيونية ‪.‬‬


‫‪ -21‬مصير جبهة‬
‫البوليساريو ‪.‬‬
‫‪ -22‬ملف الغتيالت‬
‫السياسية في المغرب‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ -23‬متى يعلن القذافي عن‬
‫سّر إختفاء موسى الصدر ‪.‬‬
‫‪ -24‬الطريق إلى الصحراء‬
‫الغربّية عبر تل أبيب ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الهداء‬

‫إلى كل المخلصين لحضارتهم‬


‫العربّية و السلمية ‪ ,‬وإلى كل‬
‫الذين يذوذون عن ثوابت هذه‬
‫المة في وجه المركة و الصهينة‬
‫و التغريب وكل أشكال‬
‫الستئصال المني والسياسي و‬
‫الثقافي والحضاري والقتصادي ‪.‬‬

‫يحي أبوزكريا ‪.‬‬

‫إختراقات الموساد في المغرب‬


‫العربي!‬
‫لم تصبح منطقة المغرب العربي تحت المجهر اليهودي –‬
‫الموسادي على وجه التحديد‪ -‬بسبب التواجد الكبير‬
‫للفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة بيروت متوجهين‬
‫ن منطقة المغرب العربي‬ ‫إلى دول المغرب العربي ‪ ,‬بل إ ّ‬
‫كانت مرصودة بسبب مواقف بعض دولها من الدولة‬

‫‪5‬‬
‫العبرية و مشاركتها بقوة في الحروب العربية‪ -‬السرائيلية‬
‫‪ .‬وقد استطاعت الجهزة المنية السرائيلية و بفضل‬
‫الوجود اليهودي الغزير في منطقة المغرب العربي من‬
‫إقامة شبكات استطاعت أن تمد الدولة العبرية بأدق‬
‫التفاصيل حول قضايا عديدة ‪.‬وعندما استقرت منظمة‬
‫التحرير الفلسطينية في تونس ازداد نشاط الجهزة‬
‫المنية في منطقة المغرب العربي وما لم يكونوا يتمكنون‬
‫منه عبر شبكتهم كانوا يحصلون على ما يريدونه من‬
‫معلومات من خلل المخابرات الفرنسية التي اخترقت‬
‫المخابرات المغاربية وتحديدا في الجزائر وتونس‬
‫والمغرب ‪ .‬ففي تونس كلف الموساد السرائيلي سيدة‬
‫مجتمع تونسية بعد أن تم توظيفها في عاصمة النور‬
‫والملئكة باريس ‪,‬بفتح محل للحلقة النسوية وتحول هذا‬
‫المحل مع مرور اليام إلى محط رحال زوجات‬
‫المسؤولين التونسيين والفلسطينيين الموجودين في‬
‫تونس وكانت هذه السيدة تقوم بتسجيل ما يتلفظن به‬
‫من أسرار تتعلق بالوجود الفلسطيني في تونس أو بعض‬
‫القرارات السياسية المزمع اتخاذها ‪.‬‬
‫ولم يكتف الموساد بالسيدة التونسية المذكورة بل عمل‬
‫على شراء ذمم بعض الشخصيات السياسية في الخارجية‬
‫التونسية للحصول على معلومات تتعلق بنشاط كافة‬
‫التنظيمات الفلسطينية في تونس ‪.‬‬
‫و قد أعلنت الخارجية التونسية ذات يوم أنها سلمت‬
‫للقضاء التونسي مديرا رفيع المستوى في الخارجية‬
‫التونسية لتورطه في التعامل مع جهة أجنبية –الموساد‬
‫السرائيلي ‪ . -‬وأستغل الموساد الوجود المكثف لليهود‬
‫التونسيين الذين يتمتعون بحقوق المواطنة التونسية‬
‫ط بعضهم في جمع معلومات عن منظمة التحرير‬ ‫فور ّ‬
‫الفلسطينية ونشاطها العسكري والسياسي وقد أعتقلت‬
‫السلطات التونسية ذات يوم اثنين من هؤلء وأطلقت‬
‫سراحهما بعد تدخل حاخام اليهود الكبر في تونس لدى‬
‫الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ‪.‬ومن الشخصيات‬
‫الفلسطينية المهمة التي جرى اعتقالها في تونس الرجل‬

‫‪6‬‬
‫الثاني في سفارة فلسطين في تونس عدنان ياسين الذي‬
‫كلف من قبل الموساد السرائيلي بجمع معلومات عن‬
‫مسودات محمود عباس –أبو مازن‪ -‬وذلك قبل لقاء جرى‬
‫بين محمود عباس – أبومازن وشمعون بيريز في‬
‫القاهرة ‪.‬وقد تفاجأ أبو مازن لكون شمعون بيريز كان‬
‫على إطلع كامل على تفاصيل الطروحات الفلسطينية‬
‫المتعلقة باتفاق غزة‪-‬أريحا أول ‪.‬وقد طلب أبو مازن‬
‫م الكتشاف أن المصباح‬ ‫بإجراء مسح على مكتبه فت ّ‬
‫الموضوع على مكتب أبو مازن هو في حقيقته جهاز‬
‫م اعتقال عدنان ياسين تم‬ ‫تصوير دقيق للغاية وعندما ت ّ‬
‫العثور في بيته على حبر سري وأربعة أقلم تحتوي على‬
‫أجهزة تنصت و أفادت المعلومات الولية عندها أن عدنان‬
‫ياسين جرى توظيفه في دولة غربية أثناء عرض زوجته‬
‫التي كانت مصابة بسرطان المعدة على مستشفيات‬
‫غربية وتم هذا التوظيف في بون وكانت الدفعة الولى‬
‫التي استلمها هي ‪ 10,000‬دولر ‪.‬كما جرى اعتقال العديد‬
‫من المنيين بتهمة التجسس لصالح الموساد السرائيلي ‪.‬‬
‫وفي الجزائر نجحت فرقة كوماندوس إسرائيلية في‬
‫تفجير سفن حربية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية‬
‫والتي كانت راسية في ميناء مدينة عنابة الواقعة في‬
‫الشرق الجزائري ‪.‬‬
‫وكان الموساد السرائيلي يوظف اليهود الجزائريين الذين‬
‫منحتهم فرنسا جنسيتها عقب انتهاء حربها مع الجزائر و‬
‫غادروا الجزائر مع القوات الفرنسية في ‪ 5‬تموز – جويليا‪-‬‬
‫‪ . 1962‬وكان هؤلء على علقة بمسؤولين جزائريين كانوا‬
‫يقيمون في فرنسا وكانوا محسوبين على حزب فرنسا‬
‫في الجزائر وتركيز الموساد في الجزائر كان على أمور‬
‫منها المعسكرات الفلسطينية في الجزائر ‪ ,‬التسلح‬
‫الجزائري ‪ ,‬مفاعل عين وسارة الجزائري النووي ‪ ,‬وتجدر‬
‫ن بعض الشخصيات السياسية الجزائرية‬ ‫الشارة إلى أ ّ‬
‫المحسوبة على التيار البربري واليساري والفرانكوفوني‬
‫نسجت علقات مع ضباط في الموساد وذلك في العاصمة‬
‫الفرنسية باريس ‪ ,‬وقد ضبطت السلطات الجزائرية‬

‫‪7‬‬
‫حمولة أسلحة إسرائيلية موجهة من ميناء مارسيليا في‬
‫جنوب فرنسا وإلى ميناء بجاية الجزائري والتيار السياسي‬
‫المسيطر على بجاية هو التجمع من أجل الثقافة‬
‫والديموقراطية البربري ‪ ,‬ومن الشخصيات السياسية‬
‫الجزائرية التي قتلت برشاش عوزي السرائيلي مدير‬
‫المخابرات العسكرية السبق ورئيس الوزراء الجزائري‬
‫السبق قاصدي مرباح ‪.‬‬
‫كما أن السلطات الجزائرية اعتقلت بعض الطلبة العرب‬
‫الذين جرى توظيفهم لحساب الموساد وكان عملهم أن‬
‫يجمعوا معلومات كافة المعلومات المتوفرة عن مفاعل‬
‫عين وسارة النووي ‪.‬‬
‫وفي المغرب وجد اليهود الساحة مفتوحة والمجال أرحب‬
‫وكانت علقتهم بدوائر البلط مباشرة ‪ ,‬وكان أرباب‬
‫الشركات الكبرى من اليهود وعندما يشاركون في‬
‫المعارض القتصادية الدولية في الرباط كانوا يحظون‬
‫بمآدب يقيمها لهم الراحل الملك الحسن الثاني ‪.‬والذي‬
‫كان يحاول على الدوام الجمع بين هؤلء وشخصيات مالية‬
‫من إحدى دول الخليج ‪ ,‬وكانت الشخصيات اليهودية من‬
‫أصل مغربي كديفيد ليفي وأيلي درعي وغيرهما دائما تجد‬
‫كل الجوبة عن كل التساؤلت العبرية ‪,‬‬
‫ويعتبر أندريه أزولي مستشار الملك الراحل الحسن‬
‫الثاني ومستشار الملك الحالي محمد السادس يهودي‬
‫مغربي سبق له العمل في مصرف فرنسي كبير قبل أن‬
‫يتحول إلى القصر الملكي في الرباط كمستشار سياسي‬
‫وكان أحد أبرز الدافعين الى العلقات العبرية‪-‬المغربية‬
‫والحوار العربي – السرائيلي‪,‬‬
‫وكانت مقررات القمم العربية و المداولت السرية تصل‬
‫تباعا إلى تل أبيب عبر الرباط و ربما هذا ما جعل مراسل‬
‫ن يهود المغرب أفضل‬ ‫التايمز اللندنية في الرباط يقول ‪ :‬أ ّ‬
‫حال من السكان الصليين !!!!!‬

‫‪8‬‬
‫أزمة الربع قرن بين المغرب‬
‫والجزائر أما آن لها أن تنتهي‬
‫!‬

‫تعتبر أزمة الصحراء الغربّية من أعقد المشاكل العربّية‬


‫التي ظّلت تراوح مكانها ‪ ,‬حيث جاوز عمر هذه الزمة أزيد‬
‫من ربع قرن والذي زاد في مفاقمتها هو توّزع هذه الزمة‬
‫على الجزائر والمغرب أصحاب العلقة المباشرة بهذه‬
‫الزمة ‪ .‬فالجزائر التي ساهمت في تأسيس جبهة‬
‫ن هذه الجبهة من حّقها إنشاء دولة‬ ‫البوليساريو تعتبر أ ّ‬
‫مستقلة في الساقّية الحمراء ووادي الذهب ‪ ,‬فيما تعتبر‬
‫ن الصحراء الغربّية هي أرض مغربّية ول وجود‬ ‫المغرب أ ّ‬
‫‪ .‬في التاريخ المغاربي لشيئ اسمه الدولة الصحراوّية‬
‫ن الرئيس الجزائري السبق هواري‬ ‫والواقع أ ّ‬
‫بومدين أوعز إلى مدير المخابرات العسكرية‬
‫في عهده قاصدي مرباح باحتضان مجموعة من‬
‫الطلبة الصحراويين الذين كانوا يدرسون في‬
‫الجامعات الجزائرية ومنهم المين العام لجبهة‬
‫هم بالمال والسلح ومساعدتهم‬ ‫البوليساريو ومد ّ‬
‫في تأسيس جبهة تنادي بإقامة دولة في‬
‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬وكان هدف بومدين من هذه‬
‫الستراتيجية هو إشغال المغرب بقضّية‬
‫الصحراء الغربية حتى ل ينشغل بصحراء تندوف‬
‫الجزائرية التي كان يعتبرها العاهل المغربي‬
‫الراحل الحسن الثاني مغربّية أيضا ‪ ,‬كما كان‬
‫بومدين يحرص على أن يكون للجزائر مطل ّ‬
‫على المحيط الطلسي ولن يتأتى ذلك للجزائر‬

‫‪9‬‬
‫إل ّ إذا توّلت جبهة البوليساريو إقامة دولتها في‬
‫ن الحسن الثاني‬ ‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬ورغم أ ّ‬
‫عرض على بومدين عبر وسطاء معينين منح‬
‫الجزائر منفذا إلى الطلسي مقابل التخلي عن‬
‫ن بومدين رفض‬ ‫ي مشروع البوليساريو إل ّ أ ّ‬ ‫تبن ّ‬
‫ن الخلفات‬ ‫العرض ‪ .‬و تجدر الشارة إلى أ ّ‬
‫دت إلى نشوب حرب بين‬ ‫الجزائرّية – المغربية أ ّ‬
‫البلدين مباشرة في سنة ‪ , 1963‬كما أندلعت‬
‫عشرات الحروب غير المباشرة بين المغرب‬
‫والجزائر حيث كان الجيش الجزائري يحارب‬
‫القوات المغربية من خلل جبهة البوليساريو‬
‫وقد أسرت القوات المغربية عشرات الجنود‬
‫الجزائريين ‪ .‬وبسبب جبهة البوليساريو كانت‬
‫الجزائر تستقبل معارضي النظام المغربي‬
‫وتمنحهم جوازات سفر ديبلوماسّية ‪ ,‬والمغرب‬
‫كان يلجأ إلى الشيئ نفسه ‪ ,‬وعندما اندلعت‬
‫ض الطرف عن‬ ‫الفتنة الجزائرّية كانت الرباط تغ ّ‬
‫دخول السلح إلى الجماعات المسلحة في‬
‫الجزائر عبر الراضي المغربية ‪ .‬و كانت بعض‬
‫عناصر الجماعات السلمّية الجزائرية تّفر إلى‬
‫المغرب بعد قيامها بأعمالها العسكرية في‬
‫مناطق الغرب الجزائري ‪ .‬و على امتداد ثلثين‬
‫سنة كانت العلقات الجزائرّية – المغربية‬
‫محكومة بوضع الصحراء الغربّية ‪ .‬وكان هناك‬
‫ل الزمة الصحراوية‬ ‫خياران ل ثالث لهما في ح ّ‬
‫الخّيار الجزائري والمتمثل في إقامة دولة‬
‫مستقلة لجبهة البوليساريو في الصحراء الغربّية‬
‫‪ ,‬والخيار المغربي المتمثل في بسط السّيادة‬
‫على الراضي الصحراوية بناءا على أصالة‬
‫مغربية الصحراء الغربّية ‪ .‬وبسبب تصّلب‬
‫ن‬
‫ي المغرب والجزائر على السواء فا ّ‬ ‫موقف ّ‬
‫الجهود الممّية باءت بالفشل الذريع ‪ ,‬و عندما‬
‫استعصى على جمعية المم المتحدة حلحلة هذه‬

‫‪10‬‬
‫المعضلة كلّفت وزير الخارجّية المريكي السبق‬
‫جميس بيكر بتوّلي هذا الملف حيث تردد ّ أكثر‬
‫من مرة إلى الجزائر والمغرب ومناطق جبهة‬
‫البوليساريو وحاول ترتيب استفتاء حول‬
‫مستقبل الصحراء الغربية ‪ ,‬لكن اختلف الجزائر‬
‫مع المغرب حول من يحق له المشاركة في‬
‫الستفتاء حال دون ترتيبه ‪ ,‬وفي هذه الثناء‬
‫وفي الوقت الذي كانت فيه الجزائر منشغلة‬
‫بفتنتها الداخلّية قام العاهل المغربي الشاب‬
‫مد السادس بزيارة إلى واشنطن وباريس‬ ‫مح ّ‬
‫وحاول إقناع الرسميين هناك برجاحة الخّيار‬
‫المغربي ووعد واشنطن بتسهيلت عسكرية في‬
‫المغرب فيما لو عمدت واشنطن إلى دعم‬
‫الخّيار المغربي ‪ .‬وبعد طول صمت أعلنت‬
‫واشنطن عن خيارها الثالث المتمثل في منح‬
‫جبهة البوليساريو حكما ذاتّيا محدودا فيما يمنح‬
‫المغرب حقّ الشراف على وزارة الدفاع‬
‫والخارجّية ووزارات السّيادة الخرى ‪ ,‬و قد‬
‫رفضت الجزائر هذا المشروع جملة وتفصيل ‪,‬‬
‫ن جبهة البوليساريو رفضت المشروع‬ ‫كما أ ّ‬
‫ق‬
‫المريكي و أعتبرته تعدّيا صريحا على مبدأ ح ّ‬
‫تقرير المصير وتجاوزا على نضالت الشعب‬
‫الصحراويى ‪ .‬وينسجم الخّيار المريكي مع‬
‫ص على إحقاق شراكة‬ ‫أطروحة أمريكية تن ّ‬
‫مغربّية‬
‫أمريكية ولهذا الغرض انعقدت العديد من الندوات‬
‫في واشنطن وتستهدف هذه الشراكة إلى سحب‬
‫البساط بشكل كامل من فرنسا في المناطق‬
‫المغاربّية ‪ ,‬وباريس التي تنظر إلى هذه التطورات‬
‫باستّياء تعي ّأن هوى النظم السياسية المغاربية بات‬
‫أمريكّيا ولذلك راحت تخلط الوراق الداخلية في‬
‫الجزائر وتفتح ملف حقوق النسان في تونس وملف‬
‫بن بركة في المغرب وتعتقل رسميين موريتانيين في‬

‫‪11‬‬
‫فرنسا بحجة انتهاكات واسعة لحقوق النسان في‬
‫ى‬
‫وإذا تسن ّ‬ ‫نواكشوط ‪.‬‬
‫للخيار المريكي أن يأخذ مجراه في حلحلة الزمة‬
‫ن واشنطن قد وضعت‬ ‫الصحراوية فمعنى ذلك أ ّ‬
‫مسمار جحا في منطقة المغرب العربي وهو ما‬
‫يش ّ‬
‫كل النهاية الفعلّية للمجد الفرانكفوني في‬
‫!! المغرب العربي‬

‫أزمة الصحراء الغربّية العقبة‬


‫حاد‬
‫الكأداء في طريق بناء الت ّ‬
‫المغاربي !‬

‫تعيش منطقة المغرب العربي حالة من الستقرار‬


‫اللمستقّر ‪ ,‬ووضعا مرتبكا قد يتضعضع في أيّ لحظة ‪,‬‬
‫وقد بات المغرب العربي على هذه الحالة منذ أزيد من‬
‫ربع قرن وتحديدا لدى بداية ما عرف في هذه المنطقة‬
‫بأزمة الصحراء الغربّية ‪.‬‬
‫وقد أصبحت قضية الصحراء الغربية مؤثّرة إلى أبعد‬
‫الحدود في العلقات الجزائرية – المغربية ‪ ,‬بل في‬
‫العلقات المغاربّية – المغاربّية أيضا والتي عرفت تداعّيات‬
‫كبيرة بسبب أزمة الصحراء الغربية ‪.‬‬
‫ن التصريحات الرسمّية التي تصدر في كل من الرباط‬ ‫ورغم أ ّ‬
‫والجزائر إيجابّية وتوحي بقرب إنفراج تام في العلقات بين‬
‫ن تصريحات الكواليس وما يجري تحت‬ ‫الجزائر والمغرب إل ّ أ ّ‬
‫ن الزمة بين البلدين ستتواصل إلى أجل غير‬ ‫السطح يؤ ّ‬
‫شر إلى أ ّ‬
‫مسمى ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫خ الحيوية في جبهة‬ ‫م الرباط الجزائر بأّنها أعادت ض ّ‬ ‫ومثلما تته ّ‬
‫البوليساريو ودعتها إلى تصعيد عملياتها في القريب العاجل ضد‬
‫ن الرسميين الجزائريين يتهمون المغرب‬ ‫وات المغربية ‪ ,‬فإ ّ‬ ‫الق ّ‬
‫بتقديم الدعم للجماعات السلمية المسلحة في الجزائر وتسهيل‬
‫عبور أفراد هذه الجماعات عبر الحدود المغربية ‪ ,‬وقد شكّلت‬
‫هذه الملفات المنّية العالقة بين البلدين حاجزا حال دون تفعيل‬
‫العلقات الثنائّية بين البلدين ‪.‬‬
‫ن الرباط مازالت تعمل على وأد الحق‬ ‫وحسب الجزائريين فإ ّ‬
‫الصحراوي وحرمان جبهة البوليساريو من إقامة دولتها في‬
‫الساقّية الحمراء و وادي الذهب ‪ ,‬وهي – أي الرباط – تعمل ما‬
‫في وسعها لعرقلة الستفتاء حول مصير الصحراء الغربية وفق‬
‫ن الجزائر و‬ ‫ن الرباط من جهتها فترى أ ّ‬ ‫خطة المم المتحدة ‪ ,‬لك ّ‬
‫أجهزتها المنية هي وراء خلق جبهة البوليساريو وذلك عندما كان‬
‫طلبة صحراويون يدرسون في الجامعات الجزائرية ‪ ,‬وأصدر‬
‫هواري بومدين الرئيس الجزائري السبق أوامره إلى مدير‬
‫الستخبارات العسكرية في ذلك الوقت قاصدي مرباح‬
‫بإستقطاب هؤلء الطلبة ومنهم الرئيس الصحراوي الحالي‬
‫ودعمهم ماديا وسياسيا وعسكريا لنشاء جبهة تحرير الساقّية‬
‫ن تاريخ المغرب العربي لم‬ ‫الحمراء ووادي الذهب وتعتبر الرباط أ ّ‬
‫ن‬
‫يعرف ل قديما ول حديثا شيئا اسمه دولة الصحراء الغربية وأ ّ‬
‫هذه الصحراء كانت على الدوام أرضا مغربّية كما تؤكد ّ كل‬
‫الوثائق ‪.‬‬
‫فات الستعمار‬ ‫ن ما عرف بأزمة الصحراء الغربية هو من مخل ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن المغرب لم تكن تعترف‬ ‫م الفرنسي ‪ .‬ومعروف أ ّ‬ ‫السباني ث ّ‬
‫على الطلق باستقلل موريتانيا لنّها كانت تعتبر موريتانيا أرضا‬
‫مغربّية أيضا ‪ ,‬وكان العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني‬
‫يطالب بالرض الموريتانية المر الذي جعل الموريتانيين يرتمون‬
‫في أحضان الجزائر في عهد هواري بومدين كنوع من الحماية‬
‫لهم ضد العاهل المغربي الراحل ‪ ,‬وحتى الراحل جمال عبد‬
‫ن موريتانيا أرض مغربية وهو ما جعل القيادة‬ ‫الناصر كان يرى أ ّ‬
‫الموريتانية في ذلك الوقت تستاء من عبد الناصر ومن الخط‬
‫القومي العربي عموما ‪.‬‬
‫وقد أصبحت أزمة الصحراء الغربية ترسم منحنيات‬
‫العلقات المغاربية – المغاربية ونشأت في المغرب‬
‫ن الدول‬
‫العربي معادلة سياسية وديبلوماسّية مفادها أ ّ‬
‫المغاربية الخرى كتونس وليبيا وموريتانيا إن هي دعمت‬

‫‪13‬‬
‫جبهة البوليساريو فإّنها بذلك ترضي الجزائر وتغضب‬
‫المغرب وإن هي سحبت إعترافها بجبهة البوليساريو‬
‫ن الجزائر‬‫فسوف تغضب الجزائر وترضي المغرب‪ ,‬ول ّ‬
‫والمغرب من أكبر الدول المغاربية من حيث الديموغرافيا‬
‫والجغرافيا على السواء فقد بات يؤثران بقوة في رسم‬
‫منحنيات العلقات المغاربية – المغاربية ‪.‬‬
‫ن المعادلة السياسية التي جئنا على ذكرها قد أرّقت‬ ‫ول ّ‬
‫الدول المغاربية كثيرا فقد أصبحت الدول المغاربية‬
‫الخرى غير مبالّية بأزمة الصحراء الغربية وتداعياتها ‪,‬‬
‫فراحت كل دولة تبحث عن محور إقليمي أو دولي آخر‬
‫تتعامل معه ‪.‬‬
‫فالجمهورّية الموريتانّية وجدت عزاءها في الدولة‬
‫العبرّية ‪ ,‬والجماهيرية الليبية العظمى راحت تبحث عن‬
‫عزائها في القارة الفريقية‬
‫مر القذافي الزعيم الليبي في نظر‬ ‫و أصبح العقيد مع ّ‬
‫الصحافة الليبية زعيم إفريقيا وباعث نهضتها المعاصرة ‪,‬‬
‫فيما تونس وجدت عزاءها في واشنطن بعد أن أدارت‬
‫ظهرها لفرنسا التي انتهى عّزها في تونس مع النهاية‬
‫المأساوّية للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة ‪.‬‬
‫ن أيّ انفراج في العلقات الجزائرية –‬ ‫ويبقى القول أ ّ‬
‫المغربية ‪ ,‬والعلقات المغاربية – المغاربّية مرهون بحل‬
‫قضية الصحراء الغربية ‪ ,‬لكن المؤشرات كلها ل تشير إلى‬
‫قرب حلحلة هذه الزمة التي جاوزت الربع قرن بدون ح ّ‬
‫ل‬
‫‪.‬‬
‫ولم تفلح كافة مبادرات جمعّية المم المتحدة في إيجاد‬
‫سك المغرب بحّقها في‬ ‫ل للمعضلة الصحراوّية بسبب تم ّ‬ ‫ح ّ‬
‫م الرض الصحراوّية إليها لّنها بالساس أرض مغربّية‬ ‫ض ّ‬
‫ق‬
‫في نظر الرباط ‪ ,‬وبسبب إصرار الجزائر على ح ّ‬
‫الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتبّنيها لمشروع‬
‫جبهة البوليساريو القاضي بإقامة دولة مستقّلة في‬
‫الساقّية الحمراء ووادي الذهب – الحّيز الجغرافي‬
‫للصحراء الغربّية ‪. -‬‬

‫‪14‬‬
‫و من جهتها جبهة البوليساريو التي تملك قواعد عسكرّية‬
‫في العمق الجزائري مازالت ترفض كافة المبادرات‬
‫السياسّية والتي ل تنسجم مع مشروعها السياسي‬
‫المحصور فقط في ضرورة إقامة الدولة الصحراوّية‬
‫المستقّلة في الصحراء الغربّية ‪.‬‬
‫وتعتبر معضلة الصحراء الغربّية ثاني أعقد أزمة حدودّية‬
‫بعد أزمة كشمير بين الهند وباكستان ‪ ,‬ويجدر تسميتها‬
‫بكشمير المغرب العربي والتي تسبّبت في حرب حدودّية‬
‫بين الجزائر والمغرب في سنة ‪. 1963‬‬
‫وقد طرحت جمعية المم المتحدة العديد من المشاريع‬
‫السياسّية لحلحلة الزمة الصحراوّية لكن أّيا منها لم ينفذ ّ ‪,‬‬
‫ط‬‫وع الحلول السياسّية ودخول واشنطن على خ ّ‬ ‫و قبل تن ّ‬
‫دة تتبّنى خيار‬ ‫الزمة الصحراوّية كانت جمعّية المم المتح ّ‬
‫الستفتاء في الصحراء الغربّية وخلصة المشروع الممي‬
‫الذي طرح على المغرب وجبهة البوليساريو عندما كان‬
‫خافيير دي كويلر أمينا عاما للمم المتحدة ‪,‬هو أن‬
‫يشارك الصحراويون في استفتاء عام حول مصير‬
‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬وهنا وقع خلف حاد بين المغرب وجبهة‬
‫البوليساريو حول هوّية الصحراوي الذي يحقّ له المشاركة‬
‫في الستفتاء ‪ ,‬وفي هذا الصدد كانت جبهة البوليساريو‬
‫ن سكّان القليم الصحراوي وسكان شمال الصحراء‬ ‫ترى أ ّ‬
‫الذين غادروا الصحراء الغربّية بحثا عن لقمة العيش إلى‬
‫أماكن أخرى كلهم يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ‪,‬‬
‫ن سكان منطقة الصحراء‬ ‫فيما كانت المغرب ترى أ ّ‬
‫الغربّية والمسجّلين في السجّلت قبل سنة ‪ 1975‬هم‬
‫وحدهم الذين يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ‪ ,‬ونظرا‬
‫ل مشروع الستفتاء إلى أن تبدد ّ بشكل‬ ‫لهذا الخلف تأج ّ‬
‫ل‬‫نهائي ‪ ,‬ولما عجزت جمعّية المم المتحدة في إيجاد ح ّ‬
‫للمعضلة الصحراوّية أسند الملف إلى وزير خارجّية أمريكا‬
‫السبق جميس بيكر والذي قام بزيارات ميدانّية إلى‬
‫المنطقة المغاربّية و إلتقى المسؤولين الجزائريين‬
‫والمغاربة وكذا المسؤولين على جبهة البوليساريو ‪ .‬وبعد‬
‫دراسات مكثفة و لقاءات الطراف المعنّية بهذا الملف‬

‫‪15‬‬
‫في هيوستن في أمريكا ‪ ,‬طرح جميس بيكر مشروع الح ّ‬
‫ل‬
‫الثالث والمتمّثل في منح الصحراء الغربّية حكما ذاتّيا لكن‬
‫في إطار السّيادة المغربّية و هو المشروع الذي رحبت به‬
‫المغرب ورفضته الجزائر وجبهة البوليساريو جملة وتفصيل‬
‫‪.‬‬
‫والجزائر التي تبّنت مشروع جبهة البوليساريو سنة ‪1975‬‬
‫وأيدتّها إعلمّيا وسياسّيا ومالّيا ولوجستّيا ل تريد أن ينتهي‬
‫ي ثمارا‬ ‫الصراع المرير حول الصحراء الغربّية دون أن تجن ّ‬
‫سياسّية وإستراتيجّية وعلى رأسها أن يكون لديها منفذ‬
‫دا للطماع المغربّية‬ ‫على المحيط الطلسي ‪ ,‬وأن تضع ح ّ‬
‫القديمة في صحراء تندوف الجزائرّية وذلك عبر إقامة‬
‫دولة صحراوّية بينها وبين المغرب‪ .‬ومثل المشروع‬
‫ن مشروع الخّيار الثالث تبدد ّ ولم ير النور المر‬ ‫السابق فا ّ‬
‫الذي جعل المين العام للمم المتحدة الحالي كوفي أنان‬
‫دم مبادرة يرى المراقبون أّنها قد تكون الخيرة ‪ ,‬و‬ ‫يق ّ‬
‫تتمّثل المبادرة في أربع نقاط هي ‪ :‬استمرار جهود المم‬
‫المتحدة من أجل إيجاد حلحلة للملف الصحراوي ‪ ,‬العمل‬
‫بالخيار الثالث الذي طرحه جميس بيكر ‪ ,‬إنهاء وجود‬
‫قوات المم المتحدة في الصحراء الغربّية المر الذي‬
‫يعني تأجيج الموقف بين الجزائر والمغرب ‪ ,‬والنقطة‬
‫الرابعة تتمّثل في تقسيم الصحراء الغربّية بين الجزائر‬
‫والمغرب ‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي رفضت فيه المغرب مشروع تقسيم‬
‫ن الجزائر أبدت إستعدادها للتعاطي‬ ‫الصحراء الغربّية فإ ّ‬
‫ن المندوب الجزائري الدائم‬ ‫مع مشروع التقسيم ‪ ,‬بل إ ّ‬
‫دة عبد الله بعلي وفي رسالة له إلى‬ ‫في المم المتح ّ‬
‫المين العام للمم المتحدة أبدت استعدادها لمناقشة‬
‫مشروع تقسيم الصحراء الغربية بما يحفظ الحقوق‬
‫المشروعة للشعب الصحراوي ‪.‬‬
‫و قد انفعلت المغرب أّيما انفعال من المبادرة الجزائرّية‬
‫ن الجزائر تهدد ّ أمن‬‫وأعتبرت وسائل العلم المغربّية أ ّ‬
‫ن‬
‫المنطقة المغاربّية فيما رأت صحف مغربّية أخرى أ ّ‬
‫الجزائر وبتبّنيها لمشروع التقسيم كشفت عن نيتها‬

‫‪16‬‬
‫الحقيقّية من وراء تبّني مشروع الصحراء الغربّية ‪ ,‬فهي ل‬
‫تهدف إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي بقدر ما تصبو‬
‫ت قدميها في الرض الصحراوّية الغنّية‬ ‫إلى أن تثب ّ‬
‫بالثروات الطبيعّية وعلى رأسها الفوسفات ‪.‬‬
‫وقبل ذروة النسداد الذي عرفته القضّية الصحراوية‬
‫شهدت المناطق الحدودّية على طرفي المغرب والجزائر‬
‫مناورات عسكرّية ‪ ,‬الغرض منها إبراز العضلت والتلويح‬
‫بورقة القوة ‪ ,‬ولم يسبق أن وصلت قضّية الصحراء‬
‫الغربّية إلى ذروة التعقيد مثلما هي عليه الن ‪ ,‬فل الجزائر‬
‫مستعدة لتسليم الصحراء الغربّية وبالتالي التضحّية بكل‬
‫دة للتخلي‬ ‫ما قدمته لجبهة البوليساريو ‪ ,‬ول المغرب مستع ّ‬
‫عن الرض الصحراوّية التي تعتبرها المغرب أرضا مغربّية‬
‫قلبا وقالبا ‪ ,‬ول جبهة البوليساريو الرافضة ليّ مشروع ل‬
‫يحققّ حلمها بإقامة الدولة المستقّلة في الصحراء الغربّية‬
‫مستعدة للتخلي عن الرض الصحراوّية ‪ ,‬ولهذا من‬
‫المستبعد أن ينجح مشروع التقسيم ‪ ,‬وقد يؤدي هذا‬
‫المشروع إلى إنتاج حرب ضروس في منطقة المغرب‬
‫دة لقواتها من‬ ‫ن سحب المم المتح ّ‬ ‫العربي ‪ ,‬كما أ ّ‬
‫دي إلى انهيار الوضع العسكري في‬ ‫المنطقة قد يؤ ّ‬
‫المنطقة المغاربّية ‪.‬‬
‫ن تعقيد الحل في المنطقة من قبل‬ ‫ي القول أ ّ‬ ‫وبق ّ‬
‫واشنطن و المم المتحدة ربما يهدف إلى إنتاج حرب‬
‫عربّية – عربّية جديدة تهدف واشنطن من خللها إلى‬
‫إخراج فرنسا بشكل كامل من المغرب العربي ‪ ,‬ووضع‬
‫يدها على منطقة تّعد من أغنى المناطق في العالم !!‬

‫‪17‬‬
‫اسرائيل تخترق المغرب‬
‫العربي !‬

‫في الوقت الذي يقتل فيه الفلسطينيون جملة وتفصيل‬


‫ن بعض الدول في المغرب‬ ‫بفعل الغطرسة الصهيونّية فا ّ‬
‫العربي ل يعنيها البّتة ما يجري في الرض المحتلة ويعنيها‬
‫أمر الربح السريع القادم للسف الشديد من الدولة‬
‫شن يومّيا مقبرة جديدة للبرياء‬ ‫العبرّية التي تد ّ‬
‫الفلسطينيين في الرض المحتلة ‪ .‬وقد كشفت مصادر‬
‫ن شركة تجارّية في شرقي‬ ‫في وزارة التجارة الجزائرّية أ ّ‬
‫در النحاس واللمنيوم إلى‬ ‫الجزائر كانت على الدوام تص ّ‬
‫الدولة العبرّية عبر قبرص ‪ ,‬وقد استغّلت هذه الشركة‬
‫تشجيع الدولة الجزائرية تصدير المواد النتاجّية من غير‬
‫ن أزيد من سبعين‬ ‫النفط والغاز ‪ ,‬وأفادت معلومات أولّية أ ّ‬
‫شخصا يصدّرون اللمنيوم والنحاس إلى إسرائيل التي‬
‫دة في حسابات خاصة بهؤلء في‬ ‫تودع ثمن البضائع المور ّ‬
‫بنوك أوروبّية ‪ ,‬وقد أكد ّ العاملون في هذا المجال أّنها‬
‫م التعامل فيها مع الدولة‬ ‫ليست المرة الولى التي يت ّ‬
‫ن العملّية التي كشفت عنها جريدة الخبر‬ ‫العبرّية بل إ ّ‬
‫صة المحقق التلفزيونية في الجزائر تأتي بعد‬ ‫الجزائرّية وح ّ‬
‫سلسلة من عمليات بيع بالجملة لللمنيوم والنحاس‬
‫ن الجهات الرسمية‬ ‫لسرائيل ‪ ,‬وحسب مصادر عليمة فا ّ‬

‫‪18‬‬
‫ن أصحاب هذه الصفقات‬ ‫كانت على علم بكل الصفقات وأ ّ‬
‫لهم علقة بالمافيا الجزائرية التي ازداد نفوذها في العشر‬
‫سنوات الخيرة التي قوامها ضبّاط رفيعو المستوى‬
‫وعناصر في الجهزة المنية وسياسيون وأرباب أموال في‬
‫الجزائر ‪ ,‬وقد اعترف مدير عام الجمارك سيد علي لبيب‬
‫بوجود مثل هذه الحالت لكن وبتعبيره ل يوجد قرار‬
‫ن النحاس‬ ‫سياسي بتعرّية هذه الحالت ‪ ,‬والعجيب أ ّ‬
‫واللمنيوم المباع لسرائيل هو من بقايا سكك الحديد‬
‫المسروقة والكابلت المسروقة والمصنوعة من النحاس ‪,‬‬
‫ن المافيا المتورطة في هذه‬ ‫وحسب معلومات أكيدة فا ّ‬
‫التجارة المشبوهة مع إسرائيل استغّلت الزمة المنّية في‬
‫الجزائرية وراحت تفتح قنوات مع الدولة العبرية ‪ .‬وتأتي‬
‫هذه الفضيحة التي كشفت عنها وسائل العلم الجزائرية‬
‫ن واشنطن‬ ‫بعد أن أفاد مراقبون في العاصمة الجزائرية أ ّ‬
‫طلبت من الجزائر بعد مقابلة بوتفليقة – بوش في البيت‬
‫البيض بتاريخ ‪ 12‬تموز – يوليو الفائت إعادة فتح قنوات‬
‫مع الدولة العبرّية ‪ .‬ومن الجزائر والى موريتانيا تجري‬
‫ترتيبات عسكرّية بعيدة عن الضوء بين نواكشوط وتل‬
‫أبيب لجراء مناورات عسكرّية موريتانّية ‪ -‬إسرائيلّية في‬
‫محاولة من الدولة العبرّية لجعل موريتانيا كتركيا – تركيا‬
‫خنجر إسرائيلي في جسد المشرق العربي وموريتانيا‬
‫خنجر إسرائيلي في جسد المغرب العربي ‪ , -‬ومازالت‬
‫التصالت نشيطة للغاية بين تل أبيب ونواكشوط وهناك‬
‫صفقات بين العاصمتين متوسطة وبعيدة المدى ‪ ,‬و هذا ما‬
‫ن‬
‫ض الطرف عن النتقادات العربّية ل ّ‬ ‫يجعل موريتانيا تغ ّ‬
‫الربح الذي تنتظره وفي نظرها يّعد أكبر من كل الذي‬
‫جنته موريتانيا من علقاتها العربّية ‪ .‬وللسفارة العبرّية في‬
‫موريتانيا نشاط كبير وخصوصا بعد أن دّبت البرودة بين‬
‫نواكشوط والعواصم العربية بسبب الزيارة الخيرة التي‬
‫قام بها وزير خارجية موريتانيا الدا ولد عيدي إلى الدولة‬
‫العبرية في العهد الشاروني ‪ ,‬ويفيد مصدر موريتاني‬
‫ن التفاقات السرّية في المجال التجاري‬ ‫مطّلع أ ّ‬
‫والصناعي والعسكري بين الدولة الموريتانّية والدولة‬

‫‪19‬‬
‫العبرّية كبير ومهم للغاية لكن لم يحن الوقت للعلن عن‬
‫ما في المغرب‬ ‫هذه التفاقات للضرورات المعروفة ‪ .‬أ ّ‬
‫فرغم إعلن المغرب عن تجميد مكتبه التمثيلي‬
‫ن سياسة القنوات المفتوحة‬ ‫والديبلوماسي في تل أبيب فا ّ‬
‫مع الدولة العبرّية مازالت سارّية ‪ ,‬وانشغال المغاربة‬
‫بالملفات الداخلّية كملف المهدي بن بركة حال بينهم وبين‬
‫ن لليهود‬
‫متابعة سلسلة التصالت السرّية خصوصا وأ ّ‬
‫المغاربة مصالح اقتصادّية كبيرة ومن خلل المغرب‬
‫يصدرون بضائع بلدهم إسرائيل إلى الدولة التي ل يوجد‬
‫بينها وبين الدولة العبرّية علقات سياسية وتجارّية ‪ .‬وفي‬
‫تونس فان وكالت السفر والساحة منشغلة بنقل اللف‬
‫من السرائيليين من أراضي الرض المحتلة في فلسطين‬
‫وإلى تونس للحج إلى مقام غريبة في الساحل التونسي‬
‫والذي ينتظر أن يشهد زيارات مكّثفة إلى المقام الذي‬
‫يوليه اليهود أهمّية خاصة ‪ ,‬والسلطة التونسّية تعتبر ذلك‬
‫جزءا من تنشيط صناعة السّياحة ‪.‬‬
‫ن الدول المغاربّية في إعلنها عن وقف التصالت مع‬ ‫إ ّ‬
‫الدولة العبرّية عقب وصول آرييل شارون إلى رئاسة‬
‫ن المصالح‬ ‫الحكومة هو من باب رفع العذر ‪ ,‬والواقع أ ّ‬
‫المادّية للدول المغاربية التي مازالت قنواتها مفتوحة مع‬
‫م من كل الشهداء الذين‬ ‫الدولة العبرّية هي أولى وأه ّ‬
‫ما من أجل كل‬ ‫يسقطون يومّيا في الرض المحتلة ‪ ,‬ورب ّ‬
‫الذي سلف لم تنبس العواصم المغاربّية ببنت شفة في‬
‫المذابح المتواصلة في الرض المحتلة ضد ّ الشعب‬
‫الفلسطيني ‪ ,‬وما ينطبق على المغرب العربي ينطبق‬
‫على مشرقه ‪ ,‬وتلك الكارثة التي جعلت كل الوراق بّيد‬
‫هولكو عصره آرييل شارون !!!!‬

‫‪20‬‬
‫الرعاية المريكية للتحاد‬
‫المغاربي ‪.‬‬

‫تبدي الدارة المريكية إهتماما مبالغا فيه بمنطقة المغرب‬


‫العربي التي تعتبرها منطقة جيوسياسية وحساسة للغاية ‪,‬‬
‫وهي بمثابة خليج القارة الفريقية لما فيها من ثروات‬
‫باطنية لم يسثتمر الكثير منها ‪ ,‬وهذا الهتمام المريكي‬
‫بالشمال الفريقي ليس وليد الساعة ‪ ,‬بل يعود إلى ما‬
‫بعد الحرب الكونية الثانية عندما بدأت أمريكا تتطّلع إلى‬
‫العالم الخارجي ‪ ,‬وتقطع الطريق عن اليديولوجيا الحمراء‬
‫التي كانت تنشرها موسكو هنا وهناك ‪ ,‬و عندما أستقّلت‬
‫تونس قام الرئيس التونسي تاريخئذ الحبيب بورقيبة‬
‫بزيارة واشنطن وألتقى بالرئيس المريكي ايزنهاور الذي‬
‫طلب منه أن يعمل بورقيبة على إقامة تحالف بين الدول‬
‫ي أربعة عقود‬ ‫المغاربية وأمريكا من جهة أخرى ‪ ,‬وبعد مض ّ‬
‫على هذه الفكرة عاودت واشنطن طرح الفكرة على أكثر‬
‫من رئيس مغاربي ولكن هذه المرة على شكل شراكة‬
‫أمريكية – مغاربية لقطع الطريق على مشروع الشراكة‬
‫ن واشنطن‬ ‫الوروبية – المغاربية ‪ .‬وتجدر الشارة إلى أ ّ‬
‫تبدي حماسها الشديد لفكرة التحاد المغاربي ‪ ,‬ومن أجل‬
‫وة فيما‬‫إحقاق المصالحة بين الدول المغاربية و ردم اله ّ‬
‫ظيم ندوة دولّية في واشنطن في الخامس من‬ ‫م تن ّ‬
‫بينها ت ّ‬
‫شهر نوفمبر – تشرين الثاني – في السنة الماضّية حول‬
‫الستثمار في المغرب العربي وشارك في هذه الندوة كل‬
‫من الجزائر والمغرب وتونس ‪ ,‬وحسب الرسميين‬
‫ن هذه الندوة التي رعتها الدارة المريكية‬ ‫المريكيين فا ّ‬

‫‪21‬‬
‫تناولت العراقيل التي تحول دون تفعيل الستثمار في‬
‫منطقة المغرب العربي كما تناولت الندوة موضوع‬
‫الخلفات السياسية بين دول التحاد المغاربي وسبل‬
‫معالجتها ‪ ,‬و قد أعقب هذا الجتماع اجتماع أخر في شهر‬
‫أبريل –نيسان – الماضي وكان الجتماع الثاني بحضور‬
‫ستيوارت ايزنستات مساعد كاتبة الدولة المريكية‬
‫للخزينة و تناول اللقاء الثاني كيفية استثمار مليارين و‬
‫نصف المليار من الدولرات في منطقة المغرب العربي ‪,‬‬
‫جهت الدعوة لموريتانيا لحضور الندوة الثانية‬‫وقد و ّ‬
‫كملحظ ‪ ,‬وطالب هذا المسؤول المريكي أن تكون هناك‬
‫وحدة بين القطار المغاربية معتبرا أن مثل هذه الوحدة‬
‫ستخدم الستثمار المريكي ‪ ,‬ويرى مراقبون في المغرب‬
‫العربي في هذا التوجه المريكي بأّنه ل يدخل في باب‬
‫ن واشنطن تريد‬ ‫الحرص على التحاد المغاربي بقدر ما إ ّ‬
‫صة‬ ‫الكعكة المغاربية برمتها ‪ ,‬فهي ل تريد أن تكون لها ح ّ‬
‫في الجزائر ‪ ,‬ولفرنسا مثل حصة في تونس وموريتانيا ‪,‬‬
‫فهي تريد الخضر واليابس في منطقة المغرب العربي ‪,‬‬
‫وهذا ما يفسّر هجوم الشركات المريكية على تونس‬
‫والجزائر والمغرب وموريتانيا ونفس هذه الشركات‬
‫المريكية المتعددة الجنسيات بدأت تعود إلى ليبيا و لبد ّ‬
‫أن نشير أّنه ورغم الحصار المريكي المفروض سابقا‬
‫على ليبيا بسبب أزمة لوكربي كانت الشركات النفطية‬
‫المريكية تشتري حصة السد من النفط الليبي ‪.‬‬
‫كز على‬ ‫وهناك العديد من الدراسات المريكية التي تر ّ‬
‫حجم الثروات الهائلة الموجودة في المغرب العربي من‬
‫نفط وغاز وحديد وفوسفات ويورانيوم و ما إلى ذلك من‬
‫الثروات الباطنية ‪ .‬وبالضافة إلى عامل الثراء هناك عامل‬
‫الموقع الجيوسياسي ‪ ,‬ول يمر شهر إل ّ وتشهد مياه البحر‬
‫البيض المتوسط مناورات عسكرية بحرية بين القوات‬
‫الجزائرية والمريكية ‪ ,‬أو بين القوات المغربية والقوات‬
‫المريكية ‪ .‬فهذا المنفذ البحري الهام يجعل اللة‬
‫العسكرية المريكية البحرية على تماس جغرافي بأوروبا ‪,‬‬
‫وعلى تماس جغرافي بإفريقيا‪ ,‬وعلى تماس جغرافي‬

‫‪22‬‬
‫بالشرق الوسط وهي كلها مناطق تعني الكثير‬
‫للستراتيجية المريكية‬
‫كز على ضرورات المنافذ المائية لتكريس‬ ‫التي كثيرا ما تر ّ‬
‫الوجود المريكي في مختلف نقاط العالم ‪.‬‬
‫سة للعروض المريكية ‪ ,‬وهي‬ ‫وتبدو الدول المغاربية متحم ّ‬
‫في مجموعها بات الرضا المريكي يعني لها أكثر مما‬
‫ل عولمة‬ ‫يعنيها الرضا الفرنسي الذي لم يعد مجدّيا في ظ ّ‬
‫ن‬
‫أمريكية الشكل والمضمون ‪ ,‬وترى الدول المغاربية أ ّ‬
‫هذا التوجه المريكي لتوحيد المغرب العربي والستثمار‬
‫فيه من شأنه أن يساهم في حلحلة العديد من المشاكل‬
‫ن‬
‫ور هذه الدول أ ّ‬ ‫التي تتخّبط فيها هذه الدول ‪ ,‬وتتص ّ‬
‫ن المقابل‬
‫واشنطن ستعطيهم بدون مقابل متناسين أ ّ‬
‫ل هشاشة الوضع السياسي‬ ‫سيكون كبيرا للغاية في ظ ّ‬
‫المغاربي ‪.‬‬
‫ن الدول المغاربية ل‬ ‫والعجيب كما يقول سياسي مغاربي أ ّ‬
‫تجتمع فيما بينها لحل مشكلة إنهيار التحاد المغاربي ‪,‬‬
‫وتنتظر من واشنطن أن تعمد إلى مساعدتها على تفعيل‬
‫التحاد المغاربي ‪ ,‬وهي خطوة إن تمت ستصبح منطقة‬
‫المغرب العربي بموجبه قاعدة أمريكية تماما كتركيا ‪ ,‬و‬
‫ن معظم الدول المغاربية معجبة بالنموذج‬ ‫الغريب أ ّ‬
‫التركي و خصوصا الرتماء التركي في الحضن المريكي و‬
‫الوروبي في نفس الوقت !!!!!!!!!‬

‫‪23‬‬
‫العلقات الجزائرية‪-‬‬
‫التونسية‬
‫عقد الماضي ومخاوف‬
‫المستقبل !‬
‫الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد العزيز‬
‫بوتفليقة إلى تونس بدعوة من نظيره التونسي زين‬
‫العابدين بن علي ‪ ,‬ورد ّ الزيارة التي قام بها قبل فترة‬
‫وجيزة الرئيس زين العابدين بن علي إلى الجزائر ‪ ,‬ل‬
‫تندرج في سياق البحث عن الشروط الموضوعية لعادة‬
‫الحياة الى التحاد المغاربي الذي ينتظر من يطلق عليه‬
‫رصاصة الرحمة و محاولة ترميم العلقات الجزائرية –‬
‫المغربية ‪ ,‬و اعادة تصحيح العلقات التونسية –الجزائرية ‪,‬‬
‫بقدر ما تندرج في سياق البحث في الملفات المنّية‬
‫حة وخصوصا بعد قيام مجموعة مسلحة جزائرية في‬ ‫المل ّ‬
‫أقصى الشرق الجزائري بالهجوم على مركز حدودي‬
‫تونسي المر الذي جدد ّ المخاوف التونسية التي بقيت في‬
‫ذروتها منذ السماح للحزاب السلمية بالعمل السياسي‬
‫في الجزائر ‪ .‬و قبل هذا ظّلت العلقات الجزائرية‬
‫التونسية خاضعة للمد ّ والجزر لكّنها لم تصل الى حد ّ‬

‫‪24‬‬
‫القطيعة كما هو الشأن في العلقات الجزائرية‪-‬‬
‫المغربية ‪.‬‬
‫وخلفية الخلفات التونسية – الجزائرية تعود إلى الحقبة‬
‫الستعمارية الفرنسية ‪ ,‬حيث كان الرئيس التونسي‬
‫ى رئاسة الحكومة‬ ‫الراحل الحبيب بورقيبة وبعد أن تول ّ‬
‫التونسية في ‪ 1956‬يدعو قادة الثورة الجزائرية إلى‬
‫الكف عن الثورة والعودة إلى الهدوء في ظل فرنسا ‪,‬‬
‫وعندما قام بزيارة إلى واشنطن في تلك الفترة طلب منه‬
‫دئ للثورة‬ ‫الرئيس المريكي ايزنهاور بالقيام بدور المه ّ‬
‫الجزائرية مقابل مساعدات اقتصادية أمريكية ‪ ,‬وطلب‬
‫وار الجزائريين بالعودة‬ ‫ايزنهاور من بورقيبة أن يقنع الث ّ‬
‫إلى السلم والعيش في كنف فرنسا ‪ ,‬ووعد بورقيبة‬
‫ايزنهاور بالقيام بهذا الدور و محاولة إقناع الجزائريين‬
‫بوقف القتال كما فعل هو في تونس عندما قبل‬
‫بالستقلل الذاتي ‪ ,‬وكان أول تصريح لبورقيبة في البيت‬
‫البيض قوله ‪ :‬نحن مع الغرب وسنظل معه ل بحكم‬
‫موقعنا الجغرافي فقط بل بحكم ثقافتنا وتقاليدنا !‬
‫ن لدى عودة بورقيبة من واشنطن أن واشنطن كلفته‬ ‫وتبي ّ‬
‫بالتحرك من أجل إقامة حلف عسكري يضم أقاليم‬
‫الشمال الفريقي – المغرب العربي – وفرنسا وإيطاليا‬
‫مل للحلف‬ ‫وإسبانيا وترعاه أمريكا وبريطانيا ويكون مك ّ‬
‫ن هذا الطرح مازال قائما‬ ‫الطلسي ‪ ,‬وتجدر الشارة إلى أ ّ‬
‫وترّوج للفكرة تونس حيث تعرض الرئيسان التونسي زين‬
‫العابدين بن علي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى‬
‫المشروع المريكي القاضي بتأسيس شراكة أمريكية _‬
‫مغاربية ‪.‬‬
‫وحاول بورقيبة جاهدا إقناع قادة الثورة الجزائرية‬
‫بالمشروع وعلى مدى ثلثة أسابيع بعد عودته من‬
‫ل على اتصال بقادة الثورة الجزائرية و‬ ‫واشنطن ظ ّ‬
‫الساسة في المغرب العربي ولما ّ لم ينجح في مشروع‬
‫إطفاء الثورة الجزائرية و ل في مشروع الحلف مع أمريكا‬
‫راح وحده يغّرد خارج السرب وكان يردد ‪ :‬يا ليت تونس‬

‫‪25‬‬
‫تقع بمنأى عن موقعها الجغرافي الحالي ‪ ,‬يا ليتها تقع في‬
‫شمال العالم على مقربة من الدول السكندينافية ‪.‬‬
‫وزاد في التشويش على العلقات الثنائية بين تونس‬
‫والجزائر احتضان الجزائر لبعض الشخصيات المعارضة‬
‫للحبيب بورقيبة وحكمه ‪ ,‬كما أن وقوف بورقيبة إلى‬
‫جانب المغرب في قضية الصحراء الغربية أدىّ إلى انزعاج‬
‫كبير من طرف هواري بومدين الذي وضع كل ثقل‬
‫الجزائر في قضية الصحراء الغربية ومعروف أن هواري‬
‫بومدين كان وراء تأسيس جبهة البوليساريو ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫و عندما تولى الشاذلي بن جديد الحكم في الجزائر‬
‫في ‪ 1980‬كان التحاد المغاربي في طور التأسيس‬
‫المر الذي أدى نسبيا إلى إعادة تصحيح العلقة بين‬
‫الجزائر وتونس ‪ ,‬لكن سرعان ما تغيّرت الوضاع بعد‬
‫خريف الغضب الجزائري في ‪ 05‬تشرين الول –‬
‫طرت السلطة الجزائرية إلى‬ ‫أكتوبر ‪ 1988‬حيث أض ّ‬
‫تغيير أسلوبها السياسي وأطلقت مشروع التعددية‬
‫السياسية الذي بموجبه تأسست الحزاب السياسية‬
‫في الجزائر من وطنية وإسلمية وبربرية ‪ ,‬وترافق‬
‫هذا التغير الجزائري مع تغّير أخر في تونس تمث ّ‬
‫ل‬
‫في النقلب البيض الذي قاده الجنرال زين العابدين‬
‫بن علي على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة في‬
‫تشرين الثاني – نوفمبر ‪ , 1987‬وكان بن علي‬
‫منزعجا كل النزعاج من السلطة الجزائرية التي‬
‫منحت العتماد للجبهة السلمية للنقاذ وقد أوصل‬
‫انزعاجه هذا إلى الرئيس الشاذلي بن جديد وطالبه‬
‫ل جبهة النقاذ لن وجودها في الجزائر من شأنه‬ ‫بح ّ‬
‫أن يحرج السلطة التونسية مع حركة النهضة‬
‫ج بكل قيادييها‬
‫التونسية التي حظرت في تونس وز ّ‬
‫دة التوتر بين الجزائر‬
‫في السجن ‪ ,‬و أرتفعت ح ّ‬
‫وتونس عندما أقام زعيم حركة النهضة التونسية‬
‫ل يتردد‬‫راشد الغنوشي في الجزائر العاصمة وظ ّ‬
‫على الدكتور عباسي مدني ورفاقه من قادة الجبهة‬
‫السلمية للنقاذ ‪ ,‬وقد أرسلت تونس رئيس وزرائها‬
‫حامد القروي إلى الجزائر للطلب رسميا من الجزائر‬
‫بتسّلم راشد الغنوشي المحكوم عليه بالعدام في‬
‫تونس مع مجموعة من قياديي حركة النهضة‬
‫التونسية ‪ ,‬وغادر الموفد التونسي الجزائر خالي‬
‫ن الرسميين في الجزائر كانوا يتصورون‬ ‫الوفاض ل ّ‬
‫ن خطوة من هذا القبيل من شأنها تفجير الشارع‬ ‫أ ّ‬
‫السلمي الذي كان يغلي في الجزائر ‪ ,‬وتبع‬
‫الغنوشي إلى الجزائر عشرات من أنصار النهضة‬
‫وكوادرها وارتابت السلطة التونسية في المر حيث‬

‫‪27‬‬
‫تخوفت من عودة المارد النهضوي إلى تونس من‬
‫البوابة الجزائرية ‪ ,‬و قد نشرت صحيفة البديل التي‬
‫كانت تابعة للرئيس الجزائري السبق أحمد بن بلة‬
‫تقريرا مستقى من جهات عليا يفيد بأن الجهزة‬
‫المنية في تونس أرسلت إلى الجزائر فرقة تدعى‬
‫النمور السوداء لغتيال راشد الغنوشي في الجزائر ‪,‬‬
‫وقد أبلغ الغنوشي بالمر فأتخذ ّ الحتياطات اللزمة‬
‫‪ .‬وفشلت المحاولة بعد كشفها إعلميا‬
‫و عندما تزايدت الضغوط على الجزائر من قبل تونس‬
‫طلب من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية أن‬
‫يغادر الجزائر واختار التوجه الى السودان ومنه توجه الى‬
‫بريطانيا للقامة فيها كلجيء سياسي ‪.‬‬
‫وبعد إبعاد الشاذلي بن جديد عن الحكم و فرض حالة‬
‫ل الجبهة السلمية للنقاذ اندلعت مواجهات‬ ‫الطوارئ وح ّ‬
‫ب على‬ ‫دامية بين أنصار النقاذ والسلطة الجزائرية و ترت ّ‬
‫إلغاء النتخابات التي فازت فيها الجبهة السلمية للنقاذ‬
‫سلح وعشرات الحركات السلمية‬ ‫بروز العمل الم ّ‬
‫المسلحة التي كان بعضها يقوم بالهجوم على مواقع على‬
‫الحدود التونسية الجزائرية ‪ ,‬وفي ظل غياب التنسيق‬
‫السياسي كان التنسيق المني بين تونس والجزائر في‬
‫أوجه حيث كانت السلطات التونسية تسّلم عناصر‬
‫متعاطفة مع الحركات السلمية الجزائرية فّرت إلى‬
‫تونس وبدورها الجزائر تسلم معلومات عن نهضويين‬
‫تونسيين مروا بالجزائر ‪.‬ومنذ ‪ 1992‬والى يومنا هذا كان‬
‫عمل التحاد المغاربي مقتصرا على الملفات المنية وجمع‬
‫المعلومات عن التيارات الصولية ‪.‬‬
‫وزيارة عبد العزيز بوتفليقة إلى تونس تهدف إلى احتواء‬
‫ملفات الماضي و وضع استراتيجية أمنية موحدة لنه و‬
‫حسب الرسميين في تونس والجزائر فان التحديات‬
‫مازالت قائمة والمخاوف مازالت مشروعة ‪ ,‬وبعد توحيد‬
‫الرؤى بشأن القضايا المنية يأتي الحديث عن العلقات‬
‫م توسيع‬ ‫الثنائية في شقها السياسي والقتصادي ومن ت ّ‬
‫دائرة الحديث ليشمل مستقبل اتحاد المغرب العربي‬

‫‪28‬‬
‫وإصلح ذات البين بين الجزائر والرباط خصوصا وأن‬
‫العاهل المغربي محمد السادس سبق بوتفليقة إلى تونس‬
‫و يحاول زين العابدين بن علي أن يكون عرّاب‬
‫المصالحة بين بوتفليقة ومحمد السادس !!!!!!!‬

‫المغرب بين الحسن الثاني و‬


‫محمد السادس!‬

‫ن غّياب العاهل المغربي الحسن الثاني‬ ‫لش ّ‬


‫كأ ّ‬
‫عن المشهد السّياسي المغربي قد أثّر على الحركّية‬
‫السياسية في المغرب وأفقدها أحد عراّبها الكبار ‪ ,‬ورغم‬
‫محمد السادس الحكم‬ ‫مرور أزيد من سنة على تولي‬
‫ن التحديات مازالت قائمة ‪ ,‬حيث رحل الحسن الثاني‬ ‫ال ّ أ ّ‬
‫ل وعلى رأسها‬ ‫سلسلة من الملفات الثقيلة بقيت بدون ح ّ‬
‫قضية الصحراء الغربية ‪ ,‬وهنا اطللة على العهد الجديد‬
‫مد السادس ‪.‬‬ ‫في المغرب بزعامة الملك مح ّ‬

‫كل الترتيبات السياسية التي قام بها العاهل المغربي‬


‫الحسن الثاني قبل وفاته بأربع سنوات على الصعيد‬
‫الداخلي والمغاربي و الدولي كانت في مجملها تهدف‬
‫إلى تسليم مقاليد المملكة لبنه محمد السادس بدون‬
‫منغصات وحتى ينصرف نجله إلى تولي الملك بدون‬
‫إرباكات ‪ ,‬ولعل كل الملفات الساخنة والملحة قد تم حلها‬

‫‪29‬‬
‫في عهد الحسن الثاني و حلحلتها عدا ملف الصحراء‬
‫الغربية الذي ما يزال ساخنا بسبب تشبث الجزائر‬
‫بموقفها وإصرارها على ضرورة قيام الدولة الصحراوية‬
‫التي صرفت عليها الجزائر الكثير على الرغم من عجزها‬
‫القتصادي وخصوصا في العشر سنوات الخيرة‪.‬‬
‫و على الرغم من أن كل دوائر القرار والمؤسسات‬
‫الدستورية في المغرب كانت مع تولي محمد السادس‬
‫للعرش في الرباط ‪,‬إل أن هناك تحديات كانت في‬
‫انتظار محمد السادس عشية توليه العرش ‪ ,‬وعلى الرغم‬
‫من دخوله المعترك السياسي باكرا إل أنه يفتقد إلى‬
‫الكثير من الحنكة السياسية والتجربة أيضا ‪ ,‬والفترة التي‬
‫قضاها مع والده في دائرة القرار كما يقول عارفون‬
‫بالبيت المغربي غير كافية لنضاجه سياسيا بالضافة‬
‫إلى أنه لم يكن مطلقا هو الذي يتخذ القرار بل كان أبوه‬
‫المعروف بحنكته وراء كل صغيرة وكبيرة وكان محمد‬
‫السادس يكتفي بالمعاينة فقط‪.‬‬
‫و لحد الن لم يتسن له أن يمل الفراغ الذي خلفه والده‬
‫وخصوصا لجهة التعاطي مع القضايا الداخلية المعقدة و‬
‫المتداخلة ‪ ,‬ومع ملف الصحراء الغربية‪ ,‬إذ أن الجزائر‬
‫تجد في غياب الملك الحسن الثاني فرصة تاريخية لتفعيل‬
‫مشروع دولة البوليساريو ‪.‬‬
‫و يمكن حصر التحديات التي تواجه الملك محمد‬
‫السادس في التحديات الداخلية وتحديدا في المجالين‬
‫القتصادي والسياسي ‪,‬‬
‫والتحديات الخارجية وتحديدا ملف الصحراء الغربية‬
‫والشراكة مع التحاد الوروبي والموقف من عملية‬
‫السلم خصوصا وأن الملك المغربي الراحل كثيرا ما‬
‫لعب دور ساعي البريد بين الدولة العبرية و بقية الدول‬
‫العربية ‪.‬‬
‫أما داخليا فعلى الرغم من أن معظم الحزاب السياسية‬
‫متوافقة على قواعد اللعبة ضمن القرار بأن الملك هو‬
‫الملك و هو المحور الذي ل يمكن تجاوزه و ل يمكن‬
‫اللعب السياسي إل تحت سقفه إل أن هناك كثيرا من‬

‫‪30‬‬
‫التيارات السياسة ل تملك ضمانات ‪ ,‬وكانت على الدوام‬
‫عرضة للضطهاد السياسي ومن هذه التيارات ‪,‬التيار‬
‫السلمي والتيار اليساري التي كانت محل ملحقة‬
‫واغتيل بعض رموزها في السبعينات والثمانينات ‪ ,‬وإذا‬
‫كانت هذه التيارات لم تسلم مطلقا بحكم الملك الحسن‬
‫الثاني فكيف بحكم نجله‪ .‬ولعل لهذا السبب أبدى محمد‬
‫السادس بعض النفتاح على هذه التيارات على وجه‬
‫التحديد ‪,‬وبدون النفتاح الكامل سيعرف عهد محمد‬
‫السادس العديد من التشنجات الداخلية خصوصا في‬
‫ظل استمرار الزمة القتصادية والجتماعية ‪..‬‬
‫والمغرب ورغم دخوله في اقتصاد السوق منذ سنوات‬
‫إل أنه لم يحقق النتائج المرجوة منه ‪,‬فالهوة تزداد اتساعا‬
‫بين الغنياء و الفقراء والرتباط بصندوق النقد الدولي أيل‬
‫إلى اللتحام وبالتالي مزيد من شروط صندوق النقد‬
‫الدولي التي ترهق كاهل المغرب‪.‬‬
‫و قد ل يجد الملك الشاب ما يفعله في هذا المجال‬
‫خصوصا وأن المغرب يفتقد إلى وفرة الطاقة من نفط‬
‫وغاز ‪ ,‬وحتى المراهنة على الشراكة مع التحاد الوروبي‬
‫أو دول جنوب أوروبا لن يجدي في حل المعضلة‬
‫القتصادية ذلك أن السمة الغالبة للقتصاد‬
‫المغربي هي الستهلك وليس التصنيع والنتاج ‪,‬وحتى إذا‬
‫لجأ الملك الشاب إلى تفعيل قطاع السياحة فان هذا ل‬
‫يكفي وحده في تحقيق الزدهار القتصادي ‪ ,‬فان مصر‬
‫السباقة إلى صناعة قطاع السياحة ما استطاعت أن‬
‫تحقق النقلة في اقتصادها إل بالشيء القليل فقط ‪..‬‬
‫أما التحديات الخارجية التي تعترض الملك الشاب فتكمن‬
‫في مشكلة الصحراء الغربية ‪ ,‬فالرسميون في الجزائر‬
‫يريدون أن تقوم لجبهة البوليساريو دولة ‪,‬تريح الجزائر‬
‫من بعض المطامع المغربية القديمة في صحراء تندوف‬
‫الجزائرية…‬
‫و من جهة أخرى فان الجزائر كانت تطمح على الدوام‬
‫أن يكون لها منفذ على المحيط الطلنطي وهذا يتسنى‬
‫لها في حال تأسيس دولة البوليساريو‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫و رغم حنكة الملك الراحل وسعة علقاته الدولية لم‬
‫يتمكن من إحراز أي نصر على صعيد القضية الصحراوية‪,‬‬
‫وتنص وجهة النظر المغربية على أن الصحراء الغربية هي‬
‫منطقة مغربية و هي معضلة افتعلها الستعمار السباني‬
‫لدى مغادرته المغرب ومن بعد السبان الفرنسيون الذين‬
‫مكثوا في المغرب العربي أكثر من قرن ونصف ‪.‬‬
‫وليس من السهولة إحراز تقدم باتجاه إغلق هذا الملف‬
‫الذي بقي ربع قرن بدون تسوية ‪ ,‬كما أن القضايا‬
‫المرتبطة بهذا الملف مازالت عالقة فعلى سبيل المثال‬
‫يوجد في السجون المغربية العديد من الضباط‬
‫الجزائريين الذين كانوا إلى جنب المقاتلين الصحراويين‬
‫في حربهم مع المغرب‪.‬‬
‫كما أن المغرب اتهم الجزائر بالضلوع في تفجيرات عرفها‬
‫المغرب‪ ,‬وكانت المغرب قد انسحبت من منظمة الوحدة‬
‫الفريقية التي تترأسها الجزائر حاليا ‪,‬وذلك بسبب‬
‫اعتراف هذه المنظمة بجبهة البوليساريو‪.‬‬
‫أما اتحاد المغرب العربي المشلول منذ عشر سنوات‬
‫تقريبا فل يمكن تصور إحيائه ‪ ,‬وحتى إذا عاد إلى دائرة‬
‫الضوء فكل قراراته ستظل حبرا على ورق‪.‬‬
‫أما الشراكة مع التحاد الوروبي فمعروف أن هذا الخير‬
‫كان يرفع ورقة حقوق النسان المنتهكة في الرباط‪,‬‬
‫وعلى الرغم من‬
‫أن الرباط قامت بتحسين صورتها في هذا المجال إل أن‬
‫الطريق ما زالت طويلة حتى تقتنع العواصم الغربية بأن‬
‫الدمقرطة أصبحت سيدة الموقف في الرباط‪.‬‬
‫وعلى صعيد علقات المغرب مع بقية الدول سواء الدولة‬
‫العبرية والمحاور الدولية الخرى ‪,‬فل شك كما يقول‬
‫عارفون بالبيت المغربي أن ثقافة الحسن الثاني الواسعة‬
‫و خبرته القديمة أهلته أن يجيد لعبة التوازنات ‪ ,‬والملك‬
‫الجديد في حاجة إلى وقت للحصول على بعض هذه‬
‫المواصفات ولن يكون كما كان والده في واقع الملقي‬
‫وفي الغلب سيكون في موقع المتلقي ‪ .‬والعلقة مع‬
‫الدولة العبرية ستستمر متطورة في عهد محمد السادس‪,‬‬

‫‪32‬‬
‫بسبب نفوذ الجالية اليهودية في المغرب ‪,‬وبسبب وجود‬
‫مستشارين يهود في دوائر البلط الملكي إلى وقتنا هذا ‪.‬‬
‫و يبقى القول أن الملك الحسن الثاني كان يحلم أن تعود‬
‫سبتة ومليلة إلى السيادة المغربية إل أن إصرار إسبانيا‬
‫على أنهما ملك لسبانيا من شأنه تعقيد الزمة وعلى‬
‫الرجح فانه لن يكون في وسع محمد السادس إسترجاع‬
‫سبتة ومليلة وخصوصا بعد أن أضيف إلى ملف سبة‬
‫ومليلة ملف أخرى وهو جزيرة ليلى أو جزيرة الباقدونس‬
‫…‪..‬‬

‫المغرب على خطى الجزائر !‬

‫إلى وقت قريب كان الرسمّيون في المغرب يعيدون‬


‫سبب الستقرار السّياسي في المغرب إلى إستفادة‬
‫الرباط إستفادة قصوى من الحداث الجزائرّية التي‬
‫مازالت تفتك بالجزائر منذ بداية الصدام بين السلطة‬
‫الجزائرّية والسلميين الذي إندلع عقب قّيام السلطة‬
‫الجزائرّية بإلغاء النتخابات التشريعية في الجزائر والتي‬
‫فازت فيها جبهة النقاذ السلمية بأغلبية مطلقة – ‪188‬‬
‫مقعدا برلمانّيا ‪ -‬وتفادّيا لوقوع أحداث مشابهة في‬
‫المغرب ‪ ,‬أقدمت السلطات المغربّية على تخفيف‬

‫‪33‬‬
‫الحصار على الحالة السلمّية المغربّية بدأت بإطلق‬
‫سراح الشيخ عبد السلم ياسين الب الروحي للحركة‬
‫السلمية المغربية وزعيم جمعية العدل و الحسان ‪ ,‬كما‬
‫رفعت القيود عن العديد من الشخصّيات السلمية‬
‫المغربية وسمحت للتّيار السلمي بالنزول إلى الشارع‬
‫في العديد من المناسبات السياسّية المحلّية والعربية من‬
‫قبيل السماح بتظاهرات مليونية ضد ّ مشروع قانون‬
‫للسرة منافي للشريعة السلمية ‪ ,‬والسماح للشارع‬
‫السلمي بإبداء سخطه على سياسة شارون في الرض‬
‫العربية المحتلة في فلسطين ‪ .‬وكانت هذه السياسّية‬
‫المغربّية ‪ -‬والتي كان بعض المراقبين في المغرب يراها‬
‫مد‬‫مؤقّتة ومتزامنة مع توّلي العاهل المغربي الشاب مح ّ‬
‫السادس خلفا للعاهل المغربي السابق الحسن الثاني‬
‫للحصول على دعم كافة ألوان الطيف السياسي في‬
‫المغرب – ضرورّية في نظر صّناع القرار المغربي لنزع‬
‫كل فتائل الشتعال حتى ل يحدث ما حدث في الجزائر‬
‫وة على الجوار المغاربي ‪.‬‬ ‫التي أرخت أحداثها بظللها بق ّ‬
‫وقد جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول التي عصفت‬
‫ل فيها بنسبة‬ ‫بأمريكا لتلغي هذه السياسة النفتاحّية ولتعد ّ‬
‫‪ 180‬درجة‪ .‬فالرباط وتعاطيها مع الحالة السلمّية قبل‬
‫الحادي عشر من أيلول تختلف عن الرباط في تعاملها مع‬
‫الحالة السلمّية بعد الحادي عشر من أيلول ‪ .‬والرباط‬
‫التي تربطها بالوليات المتحدة المريكّية أوشج الروابط‬
‫والتي جعلت واشنطن تتبّنى الخّيار المغربي في كيفية‬
‫حلحلة موضوع الصحراء الغربية وجدت نفسها مستجيبة‬
‫تلقائّيا للضغوط المريكية وخصوصا بعد إعتقال مجموعة‬
‫من المنضمين لتنظيم القاعدة المتهمين بالشروع في‬
‫القّيام بتنفيذ عمليات عسكرّية ضد ّ بوارج أمريكّية في‬
‫مضيق جبل طارق ‪ .‬وتحت ذريعة ملحقة فلول القاعدة‬
‫في المغرب شّنت السلطات المغربّية أوسع حملة‬
‫إعتقالت في صفوف بعض الجماعات السلمّية في‬
‫مت الصحافة العلمانّية المغربّية إلى هذه‬ ‫المغرب ‪ ,‬وإنض ّ‬
‫ن حملة على من أسمتهم بأمراء‬ ‫الحملة حيث بدأت تش ّ‬

‫‪34‬‬
‫الدم في المغرب وضرورة إستئصالهم من الواقع‬
‫مت بها‬ ‫المغربي ‪ ,‬وهي عينها اللهجة العلمّية التي إتس ّ‬
‫الصحافة الرسمية والفرانكفونّية في الجزائر عقب إلغاء‬
‫المسار النتخابي سنة ‪ 1992‬والتي ساهمت في إذكاء نار‬
‫ب النار في زيت الصراع الجزائري ‪ .‬وتعتبر‬ ‫الفتنة وص ّ‬
‫ن الرباط تنفذ ّ أجندة أمريكية‬ ‫التّيارات السلمّية المغربّية أ ّ‬
‫ن هذه السياسة تندرج في سيّاق‬ ‫في المغرب ‪ ,‬كما أ ّ‬
‫الحملة النتخابّية الرسمية للنتخابات التشريعية المقبلة‬
‫التي ستجري في ‪ 27‬أيلول – سبتمبر المقبل ‪ .‬وتعمل‬
‫بعض الوساط السياسّية الرسمّية على جعل البرلمان‬
‫ح‬‫ن صر ّ‬ ‫المغربي المقبل خالّيا من السلميين ‪ ,‬وبمجّرد أ ّ‬
‫وزيرالشؤون السلمّية عبد الكبير مدغري علوي بأّنه‬
‫سيكون مسرورا جدا إذا نجح السلميون في النتخابات‬
‫ن عليه رئيس الوزراء والحزاب اليسارّية‬ ‫المقبلة ‪ ,‬ش ّ‬
‫والعلمانّية حملة شرسة ونعتوا وزير الشؤون الدينية بأّنه‬
‫المتحدث بإسم الظلمّية في المغرب‪.‬‬
‫والجدل السّياسي الدائر في المغرب بين السلطة‬
‫والسلميين من جهة ‪ ,‬وبين الحزاب العلمانّية والتيارات‬
‫كر ببدايات الصراع الجزائري‬ ‫السلمية من جهة أخرى يذ ّ‬
‫ول الختلف اليديولوجي إلى إستعمال العنف‬ ‫حيث تح ّ‬
‫ب العنف في مقتل مائتين ألف‬ ‫والبنادق ‪ ,‬حيث تسب ّ‬
‫جزائري ومازالت القائمة طويلة ‪.‬‬
‫ن المشهد‬ ‫وتطمئن الجهات الرسمية في المغرب بأ ّ‬
‫ن‬‫الدموي في الجزائر لن يتكرّر في المغرب بإعتبار أ ّ‬
‫السلميين لن يحصلوا على الغلبية المطلقة في البرلمان‬
‫ن هناك حصصا ستوّزع على التيارات السياسية ‪ ,‬كما‬ ‫وأ ّ‬
‫ن السلميين الذين سيدخلون البرلمان هم المحسوبون‬ ‫أ ّ‬
‫ط المعتدل ‪.‬‬ ‫على الخ ّ‬
‫ط في‬ ‫ن السلطة الجزائرّية كانت تخط ّ‬ ‫وللتذكير فقط فإ ّ‬
‫نفس السّياق إلى أن حدثث المفاجأة التي لم تكن دوائر‬
‫القرار الجزائرّية تتوقّعها على الطلق ‪ ,‬وشروع المغرب‬
‫ن بعضها مرتبط‬ ‫جة أ ّ‬‫في الصدام مع التيارات السلمية بح ّ‬
‫بتنظيم القاعدة ‪ ,‬صحيح أّنه سيرضي واشنطن إلى أبعد‬

‫‪35‬‬
‫الحدود لكّنه سيحدث ثغرة كبيرة في الجدار الوطني‬
‫عات الداخلّية ‪.‬‬
‫المغربي وقد يكون مدخل لكثير من التصد ّ‬

‫تقسيم الصحراء الغربّية هل‬


‫ل!‬‫يكون هو الح ّ‬
‫دا للغاية بسبب‬
‫تعيش منطقة المغرب العربي وضعا معق ّ‬
‫تعّقد الوضع في الملف الصحراوي الذي لم يعرف الح ّ‬
‫ل‬
‫منذ أزيد من ربع قرن أي منذ ‪ . 1975‬ولم تفلح كافة‬
‫ل للمعضلة‬‫مبادرات جمعّية المم المتحدة في إيجاد ح ّ‬
‫م الرض‬ ‫سك المغرب بحّقها في ض ّ‬ ‫الصحراوّية بسبب تم ّ‬
‫الصحراوّية إليها لّنها بالساس أرض مغربّية في نظر‬
‫الرباط ‪ ,‬وبسبب إصرار الجزائر على حقّ الشعب‬
‫الصحراوي في تقرير مصيره وتبّنيها لمشروع جبهة‬
‫البوليساريو القاضي بإقامة دولة مستقّلة في الساقّية‬

‫‪36‬‬
‫الحمراء ووادي الذهب – الحّيز الجغرافي للصحراء الغربّية‬
‫‪ . -‬و من جهتها جبهة البوليساريو التي تملك قواعد‬
‫عسكرّية في العمق الجزائري مازالت ترفض كافة‬
‫المبادرات السياسّية والتي ل تنسجم مع مشروعها‬
‫السياسي المحصور فقط في ضرورة إقامة الدولة‬
‫الصحراوّية المستقّلة في الصحراء الغربّية ‪ .‬وتعتبر‬
‫معضلة الصحراء الغربّية ثاني أعقد أزمة حدودّية بعد أزمة‬
‫كشمير بين الهند وباكستان ‪ ,‬ويجدر تسميتها بكشمير‬
‫المغرب العربي والتي تسبّبت في حرب حدودّية بين‬
‫الجزائر والمغرب في سنة ‪ . 1963‬وقد طرحت جمعية‬
‫المم المتحدة العديد من المشاريع السياسّية لحلحلة‬
‫وع‬‫الزمة الصحراوّية لكن أّيا منها لم ينفذ ّ ‪ ,‬و قبل تن ّ‬
‫ط الزمة‬ ‫الحلول السياسّية ودخول واشنطن على خ ّ‬
‫دة تتبّنى خيار‬‫الصحراوّية كانت جمعّية المم المتح ّ‬
‫الستفتاء في الصحراء الغربّية وخلصة المشروع الممي‬
‫الذي طرح على المغرب وجبهة البوليساريو عندما كان‬
‫خافيير دي كويلر أمينا عاما للمم المتحدة ‪,‬هو أن‬
‫يشارك الصحراويون في استفتاء عام حول مصير‬
‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬وهنا وقع خلف حاد بين المغرب وجبهة‬
‫البوليساريو حول هوّية الصحراوي الذي يحقّ له المشاركة‬
‫في الستفتاء ‪ ,‬وفي هذا الصدد كانت جبهة البوليساريو‬
‫ن سكّان القليم الصحراوي وسكان شمال الصحراء‬ ‫ترى أ ّ‬
‫الذين غادروا الصحراء الغربّية بحثا عن لقمة العيش إلى‬
‫أماكن أخرى كلهم يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ‪,‬‬
‫ن سكان منطقة الصحراء‬ ‫فيما كانت المغرب ترى أ ّ‬
‫الغربّية والمسجّلين في السجّلت قبل سنة ‪ 1975‬هم‬
‫وحدهم الذين يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ‪ ,‬ونظرا‬
‫ل مشروع الستفتاء إلى أن تبدد ّ بشكل‬ ‫لهذا الخلف تأج ّ‬
‫نهائي ‪ ,‬ولما عجزت جمعّية المم المتحدة في إيجاد ح ّ‬
‫ل‬
‫للمعضلة الصحراوّية أسند الملف الى وزير خارجّية أمريكا‬
‫السبق جميس بيكر والذي قام بزيارات ميدانّية الى‬
‫المنطقة المغاربّية والتقى المسؤولين الجزائريين‬
‫والمغاربة وكذا المسؤولين على جبهة البوليساريو ‪ .‬وبعد‬

‫‪37‬‬
‫دراسات مكثفة ولقاءات الطراف المعنّية بهذا الملف في‬
‫ل‬‫هيوست في أمريكا ‪ ,‬طرح جميس بيكر مشروع الح ّ‬
‫الثالث والمتمّثل في منح الصحراء الغربّية حكما ذاتّيا لكن‬
‫في اطار السّيادة المغربّية و هو المشروع الذي رحبت به‬
‫المغرب ورفضته الجزائر وجبهة البوليساريو جملة وتفصيل‬
‫‪ .‬والجزائر التي تبّنت مشروع جبهة البوليساريو سنة‬
‫‪ 1975‬وأيدتّها إعلمّيا وسياسّيا ومالّيا ولوجستّيا ل تريد أن‬
‫ي‬
‫ينتهي الصراع المرير حول الصحراء الغربّية دون أن تجن ّ‬
‫ثمارا سياسّية واستراتيجّية وعلى رأسها أن يكون لديها‬
‫دا للطماع‬ ‫منفذ على المحيط الطلسي ‪ ,‬وأن تضع ح ّ‬
‫المغربّية القديمة في صحراء تندوف الجزائرّية وذلك عبر‬
‫إقامة دولة صحراوّية بينها وبين المغرب‪ .‬ومثل المشروع‬
‫ن مشروع الخّيار الثالث تبدد ّ ولم ير النور المر‬ ‫السابق فا ّ‬
‫الذي جعل المين العام للمم المتحدة الحالي كوفي أنان‬
‫دم مبادرة يرى المراقبون أّنها قد تكون الخيرة ‪ ,‬و‬ ‫يق ّ‬
‫تتمّثل المبادرة في أربع نقاط هي ‪ :‬إستمرار جهود المم‬
‫المتحدة من أجل إيجاد حلحلة للملف الصحراوي ‪ ,‬العمل‬
‫بالخيار الثالث الذي طرحه جميس بيكر ‪ ,‬انهاء وجود‬
‫قوات المم المتحدة في الصحراء الغربّية المر الذي‬
‫يعني تأجيج الموقف بين الجزائر والمغرب ‪ ,‬والنقطة‬
‫الرابعة تتمّثل في تقسيم الصحراء الغربّية بين الجزائر‬
‫والمغرب ‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي رفضت فيه المغرب مشروع تقسيم‬
‫ن الجزائر أبدت استعدادها للتعاطي‬ ‫الصحراء الغربّية فا ّ‬
‫ن المندوب الجزائري الدائم‬ ‫مع مشروع التقسيم ‪ ,‬بل إ ّ‬
‫دة عبد الله بعلي وفي رسالة له إلى‬ ‫في المم المتح ّ‬
‫المين العام للمم المتحدة أبدت استعدادها لمناقشة‬
‫مشروع تقسيم الصحراء الغربية بما يحفظ الحقوق‬
‫المشروعة للشعب الصحراوي ‪ .‬و قد انفعلت المغرب‬
‫أّيما انفعال من المبادرة الجزائرّية وأعتبرت وسائل‬
‫ن الجزائر تهدد ّ أمن المنطقة المغاربّية‬ ‫العلم المغربّية أ ّ‬
‫ن الجزائر وبتبّنيها‬
‫فيما رأت صحف مغربّية أخرى أ ّ‬
‫لمشروع التقسيم كشفت عن نيتها الحقيقّية من وراء‬

‫‪38‬‬
‫تبّني مشروع الصحراء الغربّية ‪ ,‬فهي ل تهدف إلى تقرير‬
‫ت‬
‫مصير الشعب الصحراوي بقدر ما تصبو إلى أن تثب ّ‬
‫قدميها في الرض الصحراوّية الغنّية بالثروات الطبيعّية‬
‫وعلى رأسها الفوسفات ‪.‬‬
‫وقبل ذروة النسداد الذي عرفته القضّية الصحراوية‬
‫شهدت المناطق الحدودّية على طرفي المغرب والجزائر‬
‫مناورات عسكرّية ‪ ,‬الغرض منها إبراز العضلت والتلويح‬
‫بورقة القوة ‪ ,‬ولم يسبق أن وصلت قضّية الصحراء‬
‫الغربّية إلى ذروة التعقيد مثلما هي عليه الن ‪ ,‬فل الجزائر‬
‫مستعدة لتسليم الصحراء الغربّية وبالتالي التضحّية بكل‬
‫دة للتخلي‬ ‫ما قدمته لجبهة البوليساريو ‪ ,‬ول المغرب مستع ّ‬
‫عن الرض الصحراوّية التي تعتبرها المغرب أرضا مغربّية‬
‫قلبا وقالبا ‪ ,‬ول جبهة البوليساريو الرافضة ليّ مشروع ل‬
‫يحققّ حلمها بإقامة الدولة المستقّلة في الصحراء الغربّية‬
‫مستعدة للتخلي عن الرض الصحراوّية ‪ ,‬ولهذا من‬
‫المستبعد أن ينجح مشروع التقسيم ‪ ,‬وقد يؤدي هذا‬
‫المشروع إلى إنتاج حرب ضروس في منطقة المغرب‬
‫دة لقواتها من‬‫ن سحب المم المتح ّ‬ ‫العربي ‪ ,‬كما أ ّ‬
‫دي إلى انهيار الوضع العسكري في‬ ‫المنطقة قد يؤ ّ‬
‫ن تعقيد الحل في‬ ‫ي القول أ ّ‬
‫المنطقة المغاربّية ‪ .‬وبق ّ‬
‫المنطقة من قبل واشنطن و المم المتحدة ربما يهدف‬
‫إلى إنتاج حرب عربّية – عربّية جديدة تهدف واشنطن من‬
‫خللها إلى إخراج فرنسا بشكل كامل من المغرب العربي‬
‫‪ ,‬ووضع يدها على منطقة تّعد من أغنى المناطق في‬
‫العالم !!‬

‫‪39‬‬
‫أزمة الصحراء الغربّية العقبة‬
‫حاد‬
‫الكأداء في طريق بناء الت ّ‬
‫المغاربي !‬

‫تعيش منطقة المغرب العربي حالة من الستقرار‬


‫اللمستقّر ‪ ,‬ووضعا مرتبكا قد يتضعضع في أيّ لحظة ‪,‬‬
‫وقد بات المغرب العربي على هذه الحالة منذ أزيد من‬
‫ربع قرن وتحديدا لدى بداية ما عرف في هذه المنطقة‬
‫بأزمة الصحراء الغربّية ‪.‬‬
‫وقد أصبحت قضية الصحراء الغربية مؤثّرة إلى أبعد‬
‫الحدود في العلقات الجزائرية – المغربية ‪ ,‬بل في‬
‫العلقات المغاربّية – المغاربّية أيضا والتي عرفت تداعّيات‬
‫كبيرة بسبب أزمة الصحراء الغربية ‪.‬‬
‫ن التصريحات الرسمّية التي تصدر في كل من‬ ‫ورغم أ ّ‬
‫الرباط والجزائر إيجابّية وتوحي بقرب إنفراج تام في‬
‫ن تصريحات الكواليس‬ ‫العلقات بين الجزائر والمغرب إل ّ أ ّ‬
‫ن الزمة بين البلدين‬ ‫شر إلى أ ّ‬ ‫وما يجري تحت السطح يؤ ّ‬
‫ستتواصل إلى أجل غير مسمى ‪.‬‬
‫خ الحيوية في‬ ‫م الرباط الجزائر بأّنها أعادت ض ّ‬ ‫ومثلما تته ّ‬
‫جبهة البوليساريو ودعتها إلى تصعيد عملياتها في القريب‬
‫ن الرسميين الجزائريين‬ ‫وات المغربية ‪ ,‬فإ ّ‬ ‫العاجل ضد الق ّ‬
‫يتهمون المغرب بتقديم الدعم للجماعات السلمية‬
‫المسلحة في الجزائر وتسهيل عبور أفراد هذه الجماعات‬
‫عبر الحدود المغربية ‪ ,‬وقد شكّلت هذه الملفات المنّية‬
‫العالقة بين البلدين حاجزا حال دون تفعيل العلقات‬
‫الثنائّية بين البلدين ‪.‬‬
‫ن الرباط مازالت تعمل على وأد‬ ‫وحسب الجزائريين فإ ّ‬
‫الحق الصحراوي وحرمان جبهة البوليساريو من إقامة‬
‫دولتها في الساقّية الحمراء و وادي الذهب ‪ ,‬وهي – أي‬

‫‪40‬‬
‫الرباط – تعمل ما في وسعها لعرقلة الستفتاء حول‬
‫ن‬‫مصير الصحراء الغربية وفق خطة المم المتحدة ‪ ,‬لك ّ‬
‫ن الجزائر و أجهزتها المنية هي‬ ‫الرباط من جهتها فترى أ ّ‬
‫وراء خلق جبهة البوليساريو وذلك عندما كان طلبة‬
‫صحراويون يدرسون في الجامعات الجزائرية ‪ ,‬وأصدر‬
‫هواري بومدين الرئيس الجزائري السبق أوامره إلى‬
‫مدير الستخبارات العسكرية في ذلك الوقت قاصدي‬
‫مرباح بإستقطاب هؤلء الطلبة ومنهم الرئيس الصحراوي‬
‫الحالي ودعمهم ماديا وسياسيا وعسكريا لنشاء جبهة‬
‫ن‬‫تحرير الساقّية الحمراء ووادي الذهب وتعتبر الرباط أ ّ‬
‫تاريخ المغرب العربي لم يعرف ل قديما ول حديثا شيئا‬
‫ن هذه الصحراء كانت على‬ ‫اسمه دولة الصحراء الغربية وأ ّ‬
‫الدوام أرضا مغربّية كما تؤكد ّ كل الوثائق ‪.‬‬
‫ن ما عرف بأزمة الصحراء الغربية هو من مخلّفات‬ ‫وأ ّ‬
‫ن المغرب‬ ‫م الفرنسي ‪ .‬ومعروف أ ّ‬ ‫الستعمار السباني ث ّ‬
‫لم تكن تعترف على الطلق باستقلل موريتانيا لنّها كانت‬
‫تعتبر موريتانيا أرضا مغربّية أيضا ‪ ,‬وكان العاهل المغربي‬
‫الراحل الملك الحسن الثاني يطالب بالرض الموريتانية‬
‫المر الذي جعل الموريتانيين يرتمون في أحضان الجزائر‬
‫في عهد هواري بومدين كنوع من الحماية لهم ضد العاهل‬
‫المغربي الراحل ‪ ,‬وحتى الراحل جمال عبد الناصر كان‬
‫ن موريتانيا أرض مغربية وهو ما جعل القيادة‬ ‫يرى أ ّ‬
‫الموريتانية في ذلك الوقت تستاء من عبد الناصر ومن‬
‫الخط القومي العربي عموما ‪.‬‬
‫وقد أصبحت أزمة الصحراء الغربية ترسم منحنيات‬
‫العلقات المغاربية –المغاربية ونشأت في المغرب العربي‬
‫ن الدول المغاربية‬ ‫معادلة سياسية وديبلوماسّية مفادها أ ّ‬
‫الخرى كتونس وليبيا وموريتانيا إن هي دعمت جبهة‬
‫البوليساريو فإّنها بذلك ترضي الجزائر وتغضب المغرب‬
‫وإن هي سحبت إعترافها بجبهة البوليساريو فسوف‬
‫ن الجزائر والمغرب‬ ‫تغضب الجزائر وترضي المغرب‪ ,‬ول ّ‬
‫من أكبر الدول المغاربية من حيث الديموغرافيا‬

‫‪41‬‬
‫والجغرافيا على السواء فقد بات يؤثران بقوة في رسم‬
‫منحنيات العلقات المغاربية – المغاربية ‪.‬‬
‫ن المعادلة السياسية التي جئنا على ذكرها قد أرّقت‬ ‫ول ّ‬
‫الدول المغاربية كثيرا فقد أصبحت الدول المغاربية‬
‫الخرى غير مبالّية بأزمة الصحراء الغربية وتداعياتها ‪,‬‬
‫فراحت كل دولة تبحث عن محور إقليمي أو دولي آخر‬
‫تتعامل معه ‪.‬‬
‫فالجمهورّية الموريتانّية وجدت عزاءها في الدولة‬
‫العبرّية ‪ ,‬والجماهيرية الليبية العظمى راحت تبحث عن‬
‫عزائها في القارة الفريقية‬
‫مر القذافي الزعيم الليبي في نظر‬ ‫و أصبح العقيد مع ّ‬
‫الصحافة الليبية زعيم إفريقيا وباعث نهضتها المعاصرة ‪,‬‬
‫فيما تونس وجدت عزاءها في واشنطن بعد أن أدارت‬
‫ظهرها لفرنسا التي انتهى عّزها في تونس مع النهاية‬
‫المأساوّية للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة ‪.‬‬
‫ن أيّ انفراج في العلقات الجزائرية –‬ ‫ويبقى القول أ ّ‬
‫المغربية ‪ ,‬والعلقات المغاربية – المغاربّية مرهون بحل‬
‫قضية الصحراء الغربية ‪ ,‬لكن المؤشرات كلها ل تشير إلى‬
‫قرب حلحلة هذه الزمة التي جاوزت الربع قرن بدون ح ّ‬
‫ل‬
‫!!‬

‫‪42‬‬
‫حتى ل يصبح المغرب‬
‫العربي المغرب العبري‬
‫!‪.‬‬

‫من مفارقات الزمن المغاربي – والزمن العربي كله‬


‫مفارقات ‪ -‬ومن المتناقضات المؤسفة حقا أن القلع‬
‫المغاربية التي أفرزت في يوم من اليام المير عبد القادر‬
‫الجزائري و عمر المختار وخير الدين الثعالبي وعبد‬
‫مات الحضارية‬ ‫الكريم الخطابي وغيرهم من رموز المقو ّ‬
‫والنهضوية في المغرب العربي بدأت تتهاوى الواحدة تلو‬
‫الخرى أمام المد ّ التطبيعي مع الدولة العبرّية ‪.‬‬
‫وبدل أن تلوذ الدول المغاربية بإتجاه بناء التحاد المغاربي‬
‫مى مزمنة منذ ظهوره على المشهد السياسي‬ ‫المصاب بح ّ‬
‫المغاربي أو بناء جسور قوية مع المشرق العربي فإنها‬
‫راحت مهرولة ومسرعة باتجاه الدولة العبرية على أمل‬
‫قطف الغنائم في غير موسم الغنائم ‪.‬‬
‫وحسب الدول المغاربية فإنها ل يجب أن تتأخر عن ركب‬
‫المطبعين الرسميين في المشرق العربي على قاعدة خير‬
‫البر عاجله وعلى قاعدة أن مثل هذا التأخر قد ينعكس‬
‫سلبا سياسيا وإقتصادّيا على الدول المغاربية ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ن الدول المغاربية تخلت تقريبا‬‫والغريب في المر أ ّ‬
‫بالكامل عن إلتزاماتها القومية وراحت تذعن لشروط‬
‫التطبيع قبل أن تأخذ اللعبة السلمية مداها و قبل إتضاح‬
‫الفق والرؤية المستقبلية ‪ ,‬وهي اليوم تتحرك من منطلق‬
‫أنه ل علقة لها البتة بالقضية الفلسطينية ول بمظلومية‬
‫المستضعفين من الناس في جنوب لبنان أو الجولن‬
‫المحتل ‪.‬‬
‫وقد هرولت هذه الدول باتجاه التطبيع دون العودة الى‬
‫رأي الشارع المغاربي الذي يتلقى يوميا صدمة قاسية من‬
‫قبيل العلن الموريتاني السابق بتدشين العلقات‬
‫الديبلوماسية مع الدولة العبرية وإعلن المغرب بقرب‬
‫التطبيع مع الكيان الصهيوني و عودة الحيوية إلى الجسور‬
‫السرية العبرية – الجزائرية ‪ ,‬و العبرية –التونسية و‬
‫الفظع من كل ذلك أن الوفود السرائيلية تذهب وتسوح‬
‫في البلدان المغاربية والشعوب ل تعلم بذلك لن الوامر‬
‫الصادرة لهؤلء –أي شخصيات الوفود السرائيلية _عدم‬
‫التكلم بالعبرية والكتفاء بالحديث باللغة الفرنسية أو‬
‫اللهجة المغربية لن العديد منهم من أصل مغاربي ‪.‬‬
‫وكانت جريدة الخبر الجزائرية الناطقة باللغة العربية في‬
‫وقت سابق دشنت التطبيع العلمي مع الكيان الصهيوني‬
‫من خلل الحوار الذي هو الول من نوعه في صحيفة‬
‫جزائرية ناطقة باللغة العربية مع رئيس الوزراء‬
‫السرائيلي السابق يهودا باراك والذي رحب في هذا‬
‫الحوار بمقابلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و دعا إلى‬
‫م اجراؤه عندما كان‬ ‫تطبيع العلقات مع الجزائر والحوار ت ّ‬
‫دة‬
‫يهودا باراك رئيسا للوزراء وقبل وصول شارون إلى س ّ‬
‫رئاسة الحكومة بقليل و في نفس الوقت دعا وزير الدفاع‬
‫الجزائري السبق خالد نزار من خلل جريدة لوماتن‬
‫الناطقة بالفرنسية هذه المرة الجزائريين إلى الستعداد‬
‫النفسي لتدشين العلقات الجزائرية –السرائيلية في‬
‫حال حدوث التطبيع الكامل بين العرب والدولة العبرّية ‪.‬‬
‫ويعتقد العديد من السياسيين في المغرب العربي أن‬
‫الدولة العبرية تراهن كثيرا على المغرب العربي و ذلك‬

‫‪44‬‬
‫لسباب سياسية و إقتصادية وأمنية وقد لعبت الجاليات‬
‫اليهودية التي إستوطنت في المغرب العربي دورا كبيرا‬
‫في تحقيق التقارب بين دولتهم العبرية ودول المغرب‬
‫العربي ‪ ,‬والعديد من اليهود ذوي الصول المغاربية تولوا‬
‫مناصب سياسية حساسة في الدولة العبرية وهذا ما‬
‫يفسر مثل طرح المغرب نفسه كوسيط في أوج الصراع‬
‫العربي –السرائيلي ‪,‬كما أن بعض اليهود المغاربة شغلوا‬
‫مناصب إستشارية لدى العاهل المغربي الراحل الحسن‬
‫الثاني ومنهم دافيد بن عمار وأندريه أزولي الذي ما زال‬
‫مستشارا للملك الشاب محمد السادس ‪.‬‬
‫وعلى مدى سنوات الصراع العربي – السرائيلي لعب‬
‫المغرب أدوارا غير معلنة وصفت بأنها من الهمية بمكان‬
‫بحيث أن رئيس الوزراء السرائيلي المغتال إسحاق رابين‬
‫وعقب توقيعه على اتفاق غزة –أريحا أول في واشنطن‬
‫توجه إلى الرباط لتقديم شكره الخاص للعاهل المغربي‬
‫الراحل الحسن الثاني على المساعي التي بذلها في‬
‫سبيل تحقيق التقارب السرائيلي –الفلسطيني‪.‬‬
‫صحيح أن الرباط لم تكن تعلن عن كثير من لقاءات السر‬
‫والكواليس والزيارات التي كان يقوم بها إسرائيليون إلى‬
‫المغرب والتي كان يصادف أن يجهر بها الملك المغربي‬
‫الراحل في بعض أحاديثه الصحفية وقد أصبح اليوم للدولة‬
‫ن‬
‫العبرية سفارة كاملة الركان في المغرب وللشارة فإ ّ‬
‫موشي دّيان كشف في مذكراته أّنه كان ينزل في أفخم‬
‫قصور الملك الراحل الحسن الثاني و كان يشعر بكثير من‬
‫الرفاهية وهو في قصور الضيافة في الرباط دون أن يعلم‬
‫بوجوده فيها غالبية الشعب المغربي وحتى العديد من‬
‫المسؤولين والرسميين ‪.‬‬
‫و تونس التي استضافت منظمة التحرير الفلسطينية بعد‬
‫خروجها من بيروت أعلنت هي الخرى بعد التوقيع على‬
‫اتفاق غزة‪-‬أريحا عن فتح مكتب لها في تل أبيب وكذلك‬
‫فعلت مورياتانيا التي أقامت مهرجانا في واشنطن أعلنت‬
‫فيه عن تدشين العلقات الموريتانية‪-‬السرائيلية‪ ,‬والجزائر‬
‫بعثت أكثر من رسالة الى الدولة العبرية مفادها أن‬

‫‪45‬‬
‫التطبيع على البواب و تأجيل التطبيع الجزائري‪-‬‬
‫السرائيلي سابقا كان بسبب تردي الوضع المني وكان‬
‫الرسميون الجزائريون يخافون أن يؤدي التطبيع مع‬
‫إسرائيل إلى مفاقمة الوضع المني وتجيير المعارضة هذا‬
‫ب في العلقات‬ ‫ن الحيوية بدأت تد ّ‬ ‫التطبيع لصالحها غير أ ّ‬
‫السرّية بين البلدين ‪.‬‬
‫وتراهن إسرائيل على المغرب العربي لسباب سياسية‬
‫وإقتصادية وأمنية وجيوسياسية ‪ .‬فعلى الصعيد القتصادي‬
‫تبرز الدراسات السرائيلية أن السواق في المغرب‬
‫العربي تستهلك المنتوجات الصناعية والزراعية بما يفوق‬
‫‪ 30‬مليار دولر سنويا وهذه البضائع تصل معظمها من‬
‫فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وحسب‬
‫ن الدولة العبرية بامكانها أن تزود‬‫الدراسات السرائيلية فإ ّ‬
‫الحزام المغاربي بنفس البضائع التي تأتي من دول‬
‫المتوسط وبتكاليف أقل مما هي عليه التكاليف الغربية و‬
‫قد تصل هذه البضائع برا عبر مصر وإلى المغرب العربي‬
‫في حال حصل التطبيع بكل أبعاده ‪.‬كما أن الدولة العبرية‬
‫تتطلع بشغف إلى اليورانيوم الجزائري الموجود بوفرة في‬
‫منطقة التاسيلي الواقعة جنوب الجزائر‪.‬‬
‫ودائما حسب الدراسات السرائيلية فإن الستهلك في‬
‫المغرب العربي واسع للغاية وتفترض هذه الدراسات بقاء‬
‫القتصاد الستهلكي على المدى القريب والمتوسط‬
‫وحتى على المدى البعيد ‪.‬‬
‫ن الدولة العبرية تطمح في‬ ‫وعلى الصعيد السياسي فإ ّ‬
‫إقامة علقات سياسية وديبلوماسية طبيعية مع دول‬
‫المغرب العربي و ترى في ذلك إستكمال لعملية السلم و‬
‫على الصعيد المني فان أي علقة بين الدولة العبرية‬
‫ودول المغرب العربي من شأنها أن تؤدي إلى تنسيق‬
‫الجهود وتبادل المعلومات حول الحركات السلمية التي‬
‫تعارض في مجملها الصلح مع إسرائيل ‪,‬وتحاول إسرائيل‬
‫جاهدة الحصول على معلومات تتعلق بأعضاء في حركة‬
‫المقاومة السلمية حماس والذين بعضهم من حملة‬
‫الجنسية المغربية وتحاول إسرائيل معرفة ما إذا كان‬

‫‪46‬‬
‫هناك تنسيق بين الحركات السلمية في المغرب العربي‬
‫وتلك الموجودة في فلسطين ولبنان والردن ومصر‪.‬‬
‫وعلى الصعيد الجيوبوليتيكي فإن الدراسات الستراتيجية‬
‫السرائيلية تبين أن التطبيع مع الشمال الفريقي ضروري‬
‫لجهة تكريس الدور السرائيلي في كل القارة الفريقية‬
‫وتظهر بعض التقارير أن الدولة العبرية نجحت إلى أبعد‬
‫الحدود في ترميم علقاتها بكل الدول الفريقية و أنها‬
‫بدأت تجني ثمار هذا الترميم و الشمال الفريقي هو بوابة‬
‫إفرقيا فلبد من إستحكام الدور في كل التجاهات كما‬
‫يرى إستراتيجيو الدولة العبرية!‬
‫ل إنهيار المصالحة المغاربّية – المغاربية والتي‬ ‫وفي ظ ّ‬
‫تسبّبت في حالة الغيبوبة القاتلة التي تلف إتحاد المغرب‬
‫ن المصالحة المغاربية – العبرية آخذة في‬ ‫العربي ‪ ,‬فإ ّ‬
‫التحققّ و في كل التجاهات ‪ ,‬وقد يفضي ذلك إلى تحو ّ‬
‫ل‬
‫المغرب العربي إلى المغرب العبري ‪.‬‬

‫خلفّيات وأبعاد التغييرات‬


‫السياسية المزمنة في الجزائر !‬

‫عاشت الجزائر ومازالت تعيش وضعا حكومّيا مضطربا‬


‫دى باستمرار إلى نكوص جميع الخطط التنموية‬ ‫أ ّ‬
‫والقتصادية والجتماعية والسياسية التي كانت توضع من‬
‫مر بعضها سوى شهور كما هو‬ ‫قبل الحكومات التي لم تع ّ‬
‫شأن حكومة أحمد بن بيتور التي ولدت بعملّية قيصرية‬
‫‪-‬بعد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة – وماتت بأول جلطة‬
‫مت بها ‪.‬‬
‫سياسية أل ّ‬
‫ومنذ ‪ 1988‬والى يومنا هذا تعاقبت على الجزائر العديد‬
‫من الحكومات وهي على التوالي‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫حكومة قاصدي مرباح ‪ ,‬حكومة مولود حمروش ‪ ,‬حكومة‬
‫سيد أحمد غزالي ‪ ,‬حكومة رضا مالك ‪ ,‬حكومة مقداد‬
‫سيفي ‪ ,‬حكومة أحمد أويحي ‪ ,‬حكومة أحمد بن بيتور‬
‫ووصول إلى حكومة علي بن فليس الذي كان قبل تعيينه‬
‫رئيسا للحكومة أحد مديري الحملة النتخابية للرئيس عبد‬
‫العزيز بوتفليقة ولحقا مدير الديوان الرئاسي بعد أن‬
‫أصبح بوتفليقة رئيسا للجزائر وبعده خروجه من القصر‬
‫الحكومي ليتفرغّ لمعركته مع رئيس الجمهورية عبد العزيز‬
‫بوتفليقة عاود أحمد أويحي الظهور في زيّ رئيس حكومة‬
‫وهو ل يتمّتع بأي شعبية مطلقا ‪. .‬‬
‫ن السبب‬ ‫والواقع كما يقول عارفون بالبيت الجزائري أ ّ‬
‫المركزي للخلل في الداء الحكومي يعود الى تداخل‬
‫السلطات الفظيع في الجزائر حيث باتت بموجبه الحكومة‬
‫مجّرد جهاز تنفيذي لمؤسسات فاعلة كالمؤسسة‬
‫العسكرية ومؤسسة الرئاسة التي كانت تحاول أن‬
‫تستعيض عن ضعفها إزاء المؤسسة العسكرية بالستيلء‬
‫على صلحيات الحكومة والتي كان معظم أعضائها من‬
‫ما موالين لشخصيات عسكرية كبيرة أو موالية‬ ‫الوزراء إ ّ‬
‫لرئيس الدولة مباشرة ‪,‬وهذا ما ذكره رئيس الحكومة‬
‫ن‬‫أحمد بن بيتور عشية إبعاده من منصبه حيث أشار إلى أ ّ‬
‫الحكومة ل تقّرر ول تفكّر وكل صغيرة وكبيرة تصاغ في‬
‫قصر المرادّية أي قصر الرئاسة الجزائرية ‪ ,‬وأشار أيضا‬
‫ن العديد من الوزراء يتلقون أوامرهم من رئيس الدولة‬ ‫أ ّ‬
‫وليس من رئيس الحكومة ‪.‬‬
‫ن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان‬ ‫وتجدر الشارة الى أ ّ‬
‫كر في إلغاء منصب رئيس الحكومة كما هو المر في‬ ‫يف ّ‬
‫كر في تغيير‬‫الوليات المتحدة المريكية ‪ ,‬كما كان يف ّ‬
‫الدستور الحالى الذي جرى وضعه في عهد الرئيس‬
‫اليامين زروال ‪ .‬وإختيار علي بن فليس رئيسا للحكومة‬
‫في بداية عهد بوتفليقة ربما كان يعتبر خطوة في إتجاه ما‬
‫كر فيه عبد العزيز بوتفليقة ولكن بل ضجيج إعلمي‬ ‫كان يف ّ‬
‫‪ ,‬فعلي بن فليس كان مديرا للديوان الرئاسي وأحد أقرب‬
‫المقّربين إلى عبد العزيز بوتفليقة وهو بعبارة أخرى الباب‬

‫‪48‬‬
‫الموصل إلى بوتفليقة ‪ ,‬وبهذا الشكل كان بوتفليقة يدير‬
‫ي‬‫الحكومة من خلل مدير ديوانه الذي تغّير منصبه وبق ّ‬
‫ن الحكومة‬‫ولؤه لبوتفليقة ‪ ,‬وبناءا عليه يمكن القول أ ّ‬
‫انتقلت الى قصر المرادية – قصر الرئاسة الجزائرّية ‪,‬‬
‫لكن ولء علي بن فليس لم يطل ‪ ,‬فبمجّرد أن وصلته‬
‫رسائل ما من جهات ما بأّنه سيكون رجل الجزائر الّول‬
‫في أبريل – نيسان – من السنة المقبل ‪ 2004‬حيث‬
‫موعد الستحقاق الرئاسي حتى قلب ظهر المجن وفتح‬
‫دت بوضوح صراع مراكز‬ ‫النار على بوتفليقة في لعبة جس ّ‬
‫القوة في الجزائر ! ‪.‬‬
‫ولم يجرؤ رئيس الحكومة السبق أحمد بن بيتور على‬
‫كشف هذه التحديات والتي ذكرناها سابقا إل ّ في الخمس‬
‫دقائق الخيرة من عمره السياسي و قد كان العديد من‬
‫وزرائه موالين لرئيس الجمهورية ‪ ,‬فيما كان بعض الوزراء‬
‫المتحزّبين موالين لزعماء أحزابهم كشأن وزراء حركة‬
‫حمس – مجتمع السلم‪ -‬بزعامة محفوظ نحناح الذي نتقل‬
‫إلى الرفيق العلى‪ ,‬أو وزراء التجمع من أجل الثقافة‬
‫والديموقراطّية البربري بزعامة سعيد سعدي ‪ ,‬أو وزراء‬
‫حزب جبهة التحرير الوطني وغيرهم ‪..‬‬
‫ومادامت السلطات متداخلة وفي غياب مبدأ الفصل بين‬
‫ن الزمات الحكومّية في الجزائر مرشحة‬ ‫السلطات فإ ّ‬
‫للكثير من التطورات ‪.‬‬
‫وإذا كان التغيير الحكومي في الجزائر طبيعيا ّ في سياق‬
‫ن ما يدعو إلى‬‫إفرازات الزلزال الجزائري السابق ‪ ,‬فإ ّ‬
‫الدهشة هو عودة رجال قرار ساهموا في تدمير الجزائر‬
‫وسمعتهم سيئة وسوداء لدى الرأي العام الجزائر‬
‫كالجنرال العربي بلخير الذي عاد إلى قصر المرادية‬
‫كمدير للديوان الرئاسي خلفا لعلي بن فليس الذي أصبح‬
‫رئيسا للحكومة في بداية عهد بوتفليقة والحالم بمنصب‬
‫السيد الرئيس راهنا ‪.‬‬
‫ويعتبر الجنرال العربي بلخير أحد أخطر الجنرالت‬
‫الجزائريين المحسوبين على حزب فرنسا ‪ ,‬فقد كان‬
‫م مديرا للديوان‬ ‫جنرال في المؤسسة العسكرية ث ّ‬

‫‪49‬‬
‫الرئاسي في عهد الشاذلي بن جديد حيث كان يعتبر في‬
‫ذلك الوقت الرئيس الفعلي للجزائر وكان وراء إصدار‬
‫الوامر إلى الجهزة المنية بإطلق النار على المتظاهرين‬
‫في الشوارع الجزائرية أثناء الضطرابات السياسية التي‬
‫كانت تعرفها الجزائر في ذلك الوقت ‪ ,‬و عيّنه الشاذلي بن‬
‫جديد وزيرا للداخلية قبل النتخابات التشريعية الملغاة في‬
‫سنة ‪, 1992‬وقد لعب دورا كبيرا في إعتقال قادة الجبهة‬
‫السلمية للنقاذ وسحب إعتمادها وإرسال عشرين ألف‬
‫جزائري مناصر للجبهة السلمية للنقاذ إلى سجون‬
‫ط في إلغاء النتخابات‬‫الصحراء الجزائرية ‪ ,‬كما تور ّ‬
‫التشريعية وإغتيال الرئيس محمد بوضياف ‪.‬‬
‫و كان عبد العزيز بوتفليقة و من خلل إعادته إلى الرئاسة‬
‫إلى ايجاد نوع من توازن القوى بين الرئاسة والمؤسسة‬
‫العسكرية و عودة العربي بلخير الى قصر الرئاسة مؤشر‬
‫على استمرار حلقات الضياع في الجزائر ‪ ,‬و الضياع‬
‫الكبر هو عودة أحمد أو يحي الفرانكفوني العتيق ورئيس‬
‫الحزب الذي أوجدته السلطة الجزائرّية وأرتدت عليه‬
‫مؤقتا وهو التجمع الوطني الديموقراطي الذي دخل في‬
‫صراع مع حزب جبهة التحرير الوطني وكلهما إبني‬
‫السلطة المدللين لكّنهما أبناء بدون وفاق ومحبة ‪ ,‬ورّبما‬
‫خير مصداق للحكمة المعروفة ‪ :‬الثورة تأكل أبناءها هو‬
‫الجزائر ومعها بقية الدول العربية ‪ ,‬التي تحوّلت فيها‬
‫الثورات إلى لعنات ونكبات ‪ ,‬و هكذا نجح المستعمر‬
‫القديم ومن خلل أبناء جلدتنا الذين أوصلهم إلى دوائر‬
‫القرار في جعل المواطنين الجزائريين والعرب يأسفون‬
‫للثورة عليه ‪ ,‬مادام الخلف الوطني أسوأ من السلف‬
‫الستعماري ‪.‬‬

‫دور يهود المغرب العربي‬


‫في تأسيس الدولة العبرية !‬

‫‪50‬‬
‫لعب يهود المغرب العربي أدوارا كبيرة وعملقة في‬
‫التمهيد لتأسيس الدولة العبرية في فلسطين المحتلة‬
‫ومنذ انطلقة الستراتيجية الصهيونية في مدينة بازل‬
‫السويسرية سنة ‪ 1897‬وهم يعملون على تفعيل مشروع‬
‫الحركة الصهيونية القاضي بإنشاء دولة اليهود الموعودة‬
‫في فلسطين المحتلة ‪ .‬وقبل انخراط يهود المغرب‬
‫العربي في هذه اللعبة السياسية كانوا ضالعين في صناعة‬
‫ن أحد‬‫الذهب والفضة وأتقنوا هذه الحرفة إلى درجة أ ّ‬
‫ك عملة‬ ‫ملوك المغرب العربي كلف بعض اليهود في س ّ‬
‫المسلمين الذهبّية ‪ ,‬وشيئا فشيئا أصبح النشاط القتصادي‬
‫لليهود متميزا وحتى المرأة اليهودية انخرطت في مجالت‬
‫العمل وتحصيل الموال في وقت كانت فيه المرأة‬
‫المغاربية ترزح بين الجدران الربعة ‪.‬وعندما تعرضت‬
‫منطقة المغرب العربي إلى الستعمار الفرنسي ازداد‬
‫نفوذ اليهود القتصادي على اعتبار أنهم قدموا كل الدعم‬
‫للستعمار الفرنسي بحكم معرفتهم الكاملة بتفاصيل‬
‫الناس والشياء والعادات في المغرب العربي و قد‬
‫منحتهم السلطات الفرنسية الجنسية الفرنسية ‪ ,‬كما‬
‫منحتهم الضوء الخضر للقيام بكل ما في وسعه لخدمة‬
‫القضية الصهيونية و تكريس المشروع الصهيوني ‪.‬‬
‫ويفيد الباحث حاييم الزعفراني أنه كان يطلق على اليهود‬

‫صّناع الصياغة في النصوص العبرية اسم ‪-‬صورفيم –‬

‫وبالعربية الذهابين وكان جودا بن ع ّ‬


‫طار واحدا من أمهر‬

‫الذهابين المغاربة في القرن التاسع عشر وكان جودا‬

‫بالضافة إلى عمله في صناعة الذهب قاضي قضاة‬

‫ورئيس المحكمة الربّية ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫هذه الخلفية التاريخية التي أكدتها الوثائق اليهودية كما‬
‫المغاربية تبين أن اليهود كانوا ممسكين بعصب الحياة‬
‫القتصادية في المغرب العربي ‪.‬‬
‫و عندما انعقد المؤتمر الصهيوني الول في مدينة بازل‬
‫السوسرية سنة ‪ 1897‬برئاسة تيودور هرتزل ‪ ,‬شارك في‬
‫هذا المؤتمر مجموعة من يهود المغرب العربي الذين‬
‫قدموا دراسة عن وضعية إخوانهم في المغرب العربي‬
‫وأفادت هذه الدراسة أن عدد يهود المغرب العربي يبلغ‬
‫‪150,000‬يهوديا – مائة وخمسون ألف يهودي – وحسب‬
‫الدراسة فان دورهم سيكون بالغ الهمية في قيام الدولة‬
‫العبرية وكانت المهام الموكلة بهم تتمثل في جمع المال‬
‫للمشروع الصهيوني ونقله الى المنظمة الصهيونية‬
‫العالمية واقامة تجمعات ومنظمات سياسية ‪ ,‬وبناءا عليه‬
‫تأسست منظمات في الجزائر والمغرب وتونس من قبيل‬
‫الفيديرالية الصهيونية التي تأسست في تونس بتاريخ ‪22‬‬
‫تشرين الول –أكتوبر –‪ 1920‬وفي الوقت نفسه وتحت‬
‫الرعاية الفرنسية تشكلت مثل هذه الفيديراليات في بقية‬
‫الدول المغربية حيث نشطت في جمع المال وتوعية‬
‫اليهود بأهمية أن تكون لهم دولة ‪ ,‬كما كانت هذه‬
‫المنظمات تضطلع بتوزيع المنشورات والكتب التي تدعو‬
‫للفكر الصهيوني ‪ ,‬كما كانت هذه المنظمات تشارك في‬
‫أعمال المؤتمرات اليهودية العالمية ‪ ,‬فعلى سبيل المثال‬
‫كان اليهود الجزائريون يشاركون بقوة في أعمال المؤتمر‬
‫اليهودي العالمي وتحديدا في المؤتمرات ‪ -25-24-23‬و‬
‫المؤتمر الصهيوني العام الذي أقيم في القدس سنة‬
‫‪. 1960‬‬
‫وقد كان يهود المغرب العربي براغماتيين الى أقصى‬
‫درجة ففي عهد الملوك المغاربة كانوا يتقربون الى هؤلء‬
‫الملوك بتقديم هدايا من ذهب يسيل لها لعاب الملوك ‪,‬‬
‫وعندما وصل الفرنسيون الى المغرب العربي هللوا لهم‬
‫وكانوا في طليعة الداعمين لهم بحكم معرفتهم بالواقع‬
‫التاريخي والجغرافي للمنطقة المغاربية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ورغم أن فرنسا اصطحبت معها عشرات اللف من‬
‫اليهود عقب مغادرتها المغرب العربي ومنحتهم كل حقوق‬
‫المواطنة الفرنسية ‪ ,‬إل أن بعض اللف فضلوا البقاء في‬
‫المغرب العربي وأنفتحوا على النظم الوطنية الفتّية وقد‬
‫استغلوا علقتهم بالشباب المغاربي التكنوقراطي الذي‬
‫درس في الجامعات الفرنسية وأتقن اللغة الفرنسية‬
‫وأستوعب الثقافة الفرانكوفونية ووجد نفسه في دوائر‬
‫القرار بحجة أن العهد الثوري الجديد هنا وهناك من دول‬
‫المغرب العربي في حاجة الى خبراء ومعظم هؤلء‬
‫الخبراء درسوا في الجامعات الفرنسية ‪.‬‬
‫وقد نسج بعض اليهود علقات مع بعض الشخصيات‬
‫السياسية المغاربية إلى درجة أن بعضهم صار وزيرا للبناء‬
‫مثل ألبير بيسي الذي كان صديقا للحبيب بورقيبة و عينه‬
‫وزيرا في الحكومة التونسية الفتية أو أندريه أزولي‬
‫مستشار الملك المغربي الراحل الحسن الثاني والذي‬
‫يواصل عمله مع الملك المغربي الشاب محمد السادس‬
‫وجيش من اليهود المغاربيين الذين بات لهم تغلغل في‬
‫كل الوزارات والدوائر ‪.‬‬
‫وقد تورط الكثير منهم في قضايا تجسس لصالح الدولة‬
‫ن الحكومات المغاربية ل تريد أن تفصح عن‬ ‫العبرية لك ّ‬
‫هذه الملفات لرتباطها بالمن القومي من جهة و لن هذه‬
‫الحداث ترّتب عليها لقاءات واتصالت في عواصم‬
‫أوروبية والكشف عن هذه التصالت من شأنها أن يزيد‬
‫في تعرية النظم المغاربية المتأكدة قلبا وقالبا من عدم‬
‫إستمزاج الشعوب المغاربية لفكرة التطبيع أو مجرد‬
‫التصال بالدولة العبرية ‪.‬‬
‫ففي تونس على سبيل المثال تحرك بعض اليهود‬
‫التونسيين لرصد تحركات الكوادر الفلسطينية ‪ ,‬و نجحت‬
‫السلطة التونسية في اعتقال بعض الجواسيس لصالح‬
‫الدولة العبرية لكن أطلق سراحهم بعد ضغط عبري‬
‫ووساطات قام بها الربي التونسي الكبر وهو زعيم‬
‫الطائفة اليهودية في تونس وعندما أطلق سراح هؤلء‬
‫الجواسيس بعث هذا الرّبي برقية إلى الكنيست‬

‫‪53‬‬
‫السرائيلي في تل أبيب جاء فيها أن يهود تونس بألف خير‬
‫‪ ,‬وفي الجزائر كلف الموساد من يرصد صيرورة المور‬
‫في عين وسارة النووي وقد أعتقلت المخابرات الجزائرية‬
‫بعض من كلف بهذه المهمة وفي المغرب اليهود هم‬
‫أصحاب الدار تقريبا يعقدون مؤتمراتهم بل إزعاج من‬
‫أحد ‪.‬‬
‫والسهام في تقديم الخدمات من قبل اليهود المغاربة‬
‫للدولة العبرية تواصل حتى لما استقلت الدول المغاربية ‪.‬‬
‫م تقديمه في‬‫وربما الخدمات الحالية تفوق بكثير ما ت ّ‬
‫السابق !!!!!!‬

‫صراع الرادات الدولّية على‬


‫المغرب العربي ‪.‬‬
‫تدور في المغرب العربي حرب خفّية وباردة إلى حد ّ‬
‫ما بين فرنسا والوليات المتحدة المريكية والتي‬
‫بدأت تنعكس على العلقات الفرنسية –المغاربية‬
‫بشكل عام مؤشرة إلى أن اللعب المريكي استطاع‬
‫بجدارة التسلل الى الملعب المغاربي والذي ما فتئت‬
‫فرنسا تؤكد أنه من صلحياتها دون غيرها ‪ ,‬و فرنسا‬
‫الرسمية التي تشن تصريحات يفهم منها عدم رضاها‬
‫على وضعية حقوق النسان في تونس وموريتانيا‬
‫والجزائر والمغرب وليبيا ‪,‬ترفض الجهر بامتعاضها‬

‫‪54‬‬
‫من التسهيلت التي بدأت تعطيها بعض هذه الدول‬
‫المغاربية لمريكا وموضوع حقوق النسان في‬
‫المغرب العربي الذي تثيره فرنسا هو مجّرد لهو‬
‫حديث لن الكلب الفرنسية أفضل حال من‬
‫المهاجرين من المغرب العربي في فرنسا ‪ .‬و‬
‫مخاوف فرنسا من فقدها للمغرب العربي متشعّبة‬
‫منها السياسية والقتصادية والثقافية وحتى‬
‫الجيوسياسية ‪.‬‬
‫الى وقت قريب كانت فرنسا هي المحتكر الوحيد‬
‫للسواق المغاربية تمدها بكل صغيرة وكبيرة وحتى‬
‫تبقي على هذا الحتكار كانت تقدم مساعدات لبعض‬
‫الدول المغاربية لبقائها دوما في الدائرة الفرنسية ‪,‬‬
‫فعلى سبيل المثال قدمت فرنسا منذ ‪ 1994‬مساعدات‬
‫ن‬
‫كمنح لموريتانيا قدرت بمبلغ ‪ 900‬مليون فرنك ‪ ,‬لك ّ‬
‫هذه المساعدات تقلصت بعد بداية التقارب الموريتاني‪-‬‬
‫المريكي وفتح واشنطن أبوابها لنواكشوط عقب‬
‫استئناف علقاتها مع الدولة العبرية ‪ ,‬صحيح أن‬
‫واشنطن تبحث عن المواقع التي فيها موارد أولية لكن‬
‫موريتانيا تتمتع بموقع استراتييجي مهم للغاية بالنسبة‬
‫للوليات المتحدة المريكيية ‪.‬‬
‫و في تقرير سابق كان قد كتبه أحد المستشارين‬
‫للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران جاء فيه أن‬
‫كل فرنك تدفعه فرنسا لفريقيا – والمقصود هنا شمال‬
‫افريقيا أيضا أي المغرب العربي –تسترجع مقابله‬
‫فرنسا عشر فرنكات ! وذلك في اشارة الى حجم‬
‫الرباح التي تجنيها فرنسا من إفريقيا ‪ .‬وحتى الموارد‬
‫الطبيعية كالنفط والغاز فان الشركات الفرنسية هي‬
‫التي كانت مسيطرة عليها تنقيبا وتسويقا واحتكارا ‪.‬أما‬
‫الن فالشركات المريكية باتت الكثر حضورا في مواقع‬
‫النفط والغاز وعلى الخص في الجزائر ‪.‬‬
‫وعلى الصعيد الثقافي فان اللغة النجليزية باتت تنافس‬
‫اللغة الفرنسية التي كانت سيدة الموقف وبل منازع‬
‫ولجل هذا تحركت الدوائر الفرنسية ومنها منظمة‬

‫‪55‬‬
‫الفرانكفونية العالمية لعادة العتبار للغة الفرنسية‬
‫ووقف الزحف اللغوي النجليزي للمغرب العربي ‪.‬‬
‫وفرنسا التي حظرت اللغة العربية في المدارس‬
‫الفرنسية تطالب دول المغرب العرب بضرورة اعطاء‬
‫تسهيلت للغة الفرنسية في المغرب العربي وجاءها‬
‫الرد هذه المرة من الرئيس الجزائري عبد العزيز‬
‫بوتفليقة الذي قال أن على فرنسا أن تتصالح مع اللغة‬
‫العربية في مدارسها وبعد ذلك تطالبنا بتسهيلت للغة‬
‫الفرنسية ‪.‬‬
‫وعلى الصعيد الجيوسياسي فان فرنسا تعتبر المغرب‬
‫العربي هو بوابتها على افريقيا التي فقدت فيها فرنسا‬
‫كل أو بالحرى جل مواقعها و اخراجها من هذا الحزام‬
‫هو بمثابة انهاء وجودها التاريخي العريق في افريقيا ‪.‬‬
‫وتخشى الدوائر الفرنسية أن يؤدي تدفق الشركات‬
‫المريكية على المغرب العربي الى نكسة للقتصاد‬
‫ول كثيرا على السواق المغاربية‬ ‫الفرنسي الذي يع ّ‬
‫ومعروف أن هذه السواق تستورد كل صغيرة وكبيرة‬
‫من المواد الغذائية والزراعية والدوات الكهربائية و‬
‫السيارات وغيرها من فرنسا ‪.‬وقد بات مألوفا بين‬
‫المغاربيين النكتة التي تقول أن البواخر الفرنسية‬
‫المحملة بالحنطة لو تأخرت يوما واحدا في الوصول الى‬
‫الموانئ المغاربية فان الشعوب المغاربية لن تجد ما‬
‫تخبزه وبالتالي ما تأكله ‪ ,‬وهذا التداخل بين فرنسا‬
‫واقتصاديات الدول المغاربية أفرز طبقة رسمية متنفذة‬
‫تقتات من السمسرة والعمولت المقدمة من الشركات‬
‫الفرنسية الى درجة أن بعض المسؤولين في بعض‬
‫الدول المغاربية يرفضون شراء بضائع معروضة عليهم‬
‫من دول غير فرنسا بأثمان زهيدة لكن العروض تهمل‬
‫ن المعنيين بالستيراد ل يرجون عمولة مزجاة‬ ‫نظرا ل ّ‬
‫من الدول العارضة وهؤلء تربطهم بالدوائر الفرنسية‬
‫أوشج العلقات ولديهم في باريس حسابات يسهل‬
‫الضخ فيها بعيدا عن أعين المواطنين المسحوقين في‬
‫المغرب العربي ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وفي الوقت الذي تسعى فيه باريس لتجذير مصالحها‬
‫ن‬
‫القتصادية والثقافية في المغرب العربي ‪ ,‬فا ّ‬
‫لواشنطن بعدا أخر غير هذين البعدين – وان كانت عينها‬
‫جاحظة على الموارد الطبيعية الغنية في الشمال‬
‫الفريقي – وهو البعد الستراتييجي حيث تشير بعض‬
‫الدراسات المريكية ومجلة فرين أفرز المريكية‬
‫المتخصصة في القضايا الدولية أن منطقة المغرب‬
‫العربي حساسة لدوائر القرار المريكية التي وضعت‬
‫دراسة برمتها في كيفية زحزحة فرنسا عنها ‪ ,‬ويرى‬
‫بعض المراقبين في المغرب العربي أن الفترة المغاربية‬
‫المقبلة ستكون أمريكية خصوصا وأن الرئيس التونسي‬
‫الحالي زين العابدين بن علي علقته بالمريكان أقوى‬
‫منه بالفرنسيين فهو أكمل تكوينه العسكري في‬
‫الوليات المتحدة المريكية ولدى عودته من هناك بدأ‬
‫نجمه السياسي يسطع وبدأ نجم بورقيبة الفرانكفوني –‬
‫الفرنسي‪ -‬يخفت ‪ ,‬والملك محمد السادس كما أبوه‬
‫علقته بالمريكان أمتن الى درجة أن الكونغرس‬
‫المريكي اعتبر المغرب بلدا نموذجيا في الوقت الذي‬
‫تتهم فيه وسائل العلم الفرنسية الرباط بأنها تنحر‬
‫حقوق النسان جهارا نهارا ‪ ,‬وعبد العزيز بوتفليقة‬
‫يحظى بدعم أمريكي مباشر الى درجة أن المناورات‬
‫العسكرية البحرية بين القوات المريكية والجزائرية‬
‫على السواحل الجزائرية قد تكثّفت بشكل ملحوظ في‬
‫المدة الخيرة ‪,‬والتطبيع بين واشنطن ونواكشوط‬
‫يضطرد بسرعة المر الذي أغاظ باريس وجعلها تعتقل‬
‫بعض المسؤولين الموريتانيين على أراضيها بدعوى‬
‫انتهاك حقوق النسان في موريتانيا ‪ ,‬أما ليبيا فهي‬
‫وجدانيا أقرب الى واشنطن منه الى باريس وقد بدأت‬
‫دوائر أمريكية تكشف عن محطات تعاون بين الجهزة‬
‫المنية في تل أبيب وطرابلس الغرب وتقديم هذه‬
‫الخيرة لمعلومات تتعلق بتنظيمات فلسطينية كانت‬
‫تحظى بالدعم الليبي في يوم من اليام ‪ ,‬والزحف‬
‫المريكي باتجاه المغرب العربي يتم بسرية مغلقة‬

‫‪57‬‬
‫وتامة الى درجة أن باريس كلما تستيقظ صباحا تجد أن‬
‫ضفتها الجنوبية –المغرب العربي – تنزاح بهدوء باتجاه‬
‫الهوى والهواء المريكيين ‪,‬وهذا ما يجعل فرنسا‬
‫متحمسة لفكرة الشراكة بين التحاد الوروبي والدول‬
‫المغاربية لكن مالم تحققه باريس في مواقع أخرى من‬
‫العالم ل يمكن أن تحققه في المغرب العربي !!!!‬

‫‪58‬‬
‫ضر واشنطن‬ ‫ماذا تح ّ‬
‫لجبهة البوليساريو!‬

‫تعتبر أزمة الصحراء الغربّية من أعقد المشاكل‬


‫العربّية التي ظّلت تراوح مكانها ‪ ,‬حيث جاوز‬
‫عمر هذه الزمة أزيد من ربع قرن والذي زاد‬
‫في مفاقمتها هو توّزع هذه الزمة على الجزائر‬
‫والمغرب أصحاب العلقة المباشرة بهذه الزمة‬
‫‪ .‬فالجزائر التي ساهمت في تأسيس جبهة‬
‫ن هذه الجبهة من حّقها‬ ‫البوليساريو تعتبر أ ّ‬
‫إنشاء دولة مستقلة في الساقّية الحمراء ووادي‬
‫ن الصحراء الغربّية‬‫الذهب ‪ ,‬فيما تعتبر المغرب أ ّ‬
‫هي أرض مغربّية ول وجود في التاريخ‬
‫المغاربي لشيئ اسمه الدولة الصحراوّية ‪.‬‬
‫ن الرئيس الجزائري السبق هواري‬ ‫والواقع أ ّ‬
‫بومدين أوعز إلى مدير المخابرات العسكرية‬
‫في عهده قاصدي مرباح باحتضان مجموعة من‬
‫الطلبة الصحراويين الذين كانوا يدرسون في‬
‫الجامعات الجزائرية ومنهم المين العام لجبهة‬
‫هم بالمال والسلح ومساعدتهم‬ ‫البوليساريو ومد ّ‬
‫في تأسيس جبهة تنادي بإقامة دولة في‬
‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬وكان هدف بومدين من هذه‬
‫الستراتيجية هو إشغال المغرب بقضّية‬
‫الصحراء الغربية حتى ل ينشغل بصحراء تندوف‬
‫الجزائرية التي كان يعتبرها العاهل المغربي‬
‫الراحل الحسن الثاني مغربّية أيضا ‪ ,‬كما كان‬
‫بومدين يحرص على أن يكون للجزائر مطل ّ‬
‫على المحيط الطلسي ولن يتأتى ذلك للجزائر‬
‫إل ّ إذا توّلت جبهة البوليساريو إقامة دولتها في‬
‫ن الحسن الثاني‬‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬ورغم أ ّ‬

‫‪59‬‬
‫عرض على بومدين عبر وسطاء معينين منح‬
‫الجزائر منفذا إلى الطلسي مقابل التخلي عن‬
‫ن بومدين رفض‬ ‫ي مشروع البوليساريو إل ّ أ ّ‬ ‫تبن ّ‬
‫ن الخلفات‬ ‫العرض ‪ .‬و تجدر الشارة إلى أ ّ‬
‫دت إلى نشوب حرب بين‬ ‫الجزائرّية – المغربية أ ّ‬
‫البلدين مباشرة في سنة ‪ , 1963‬كما أندلعت‬
‫عشرات الحروب غير المباشرة بين المغرب‬
‫والجزائر حيث كان الجيش الجزائري يحارب‬
‫القوات المغربية من خلل جبهة البوليساريو‬
‫وقد أسرت القوات المغربية عشرات الجنود‬
‫الجزائريين ‪ .‬وبسبب جبهة البوليساريو كانت‬
‫الجزائر تستقبل معارضي النظام المغربي‬
‫وتمنحهم جوازات سفر ديبلوماسّية ‪ ,‬والمغرب‬
‫كان يلجأ إلى الشيئ نفسه ‪ ,‬وعندما اندلعت‬
‫ض الطرف عن‬ ‫الفتنة الجزائرّية كانت الرباط تغ ّ‬
‫دخول السلح إلى الجماعات المسلحة في‬
‫الجزائر عبر الراضي المغربية ‪ .‬و كانت بعض‬
‫عناصر الجماعات السلمّية الجزائرية تّفر إلى‬
‫المغرب بعد قيامها بأعمالها العسكرية في‬
‫مناطق الغرب الجزائري ‪ .‬و على امتداد ثلثين‬
‫سنة كانت العلقات الجزائرّية – المغربية‬
‫محكومة بوضع الصحراء الغربّية ‪ .‬وكان هناك‬
‫ل الزمة الصحراوية‬ ‫خياران ل ثالث لهما في ح ّ‬
‫الخّيار الجزائري والمتمثل في إقامة دولة‬
‫مستقلة لجبهة البوليساريو في الصحراء الغربّية‬
‫‪ ,‬والخيار المغربي المتمثل في بسط السّيادة‬
‫على الراضي الصحراوية بناءا على أصالة‬
‫مغربية الصحراء الغربّية ‪ .‬وبسبب تصّلب‬
‫ن‬
‫ي المغرب والجزائر على السواء فا ّ‬ ‫موقف ّ‬
‫الجهود الممّية باءت بالفشل الذريع ‪ ,‬و عندما‬
‫استعصى على جمعية المم المتحدة حلحلة هذه‬
‫المعضلة كلّفت وزير الخارجّية المريكي السبق‬
‫جميس بيكر بتوّلي هذا الملف حيث تردد ّ أكثر‬

‫‪60‬‬
‫من مرة إلى الجزائر والمغرب ومناطق جبهة‬
‫البوليساريو وحاول ترتيب استفتاء حول‬
‫مستقبل الصحراء الغربية ‪ ,‬لكن اختلف الجزائر‬
‫مع المغرب حول من يحق له المشاركة في‬
‫الستفتاء حال دون ترتيبه ‪ ,‬وفي هذه الثناء‬
‫وفي الوقت الذي كانت فيه الجزائر منشغلة‬
‫بفتنتها الداخلّية قام العاهل المغربي الشاب‬
‫مد السادس بزيارة الى واشنطن وباريس‬ ‫مح ّ‬
‫وحاول إقناع الرسميين هناك برجاحة الخّيار‬
‫المغربي ووعد واشنطن بتسهيلت عسكرية في‬
‫المغرب فيما لو عمدت واشنطن الى دعم‬
‫الخّيار المغربي ‪ .‬وبعد طول صمت أعلنت‬
‫واشنطن عن خيارها الثالث المتمثل في منح‬
‫جبهة البوليساريو حكما ذاتّيا محدودا فيما منح‬
‫المغرب حقّ الشراف على وزارة الدفاع‬
‫والخارجّية ووزارات السّيادة الخرى ‪ ,‬و قد‬
‫رفضت الجزائر هذا المشروع جملة وتفصيل ‪,‬‬
‫ن جبهة البوليساريو رفضت المشروع‬ ‫كما أ ّ‬
‫ق‬
‫المريكي وأعتبرته تعدّيا صريحا على مبدأ ح ّ‬
‫تقرير المصير وتجاوزا على نضالت الشعب‬
‫الصحراويى ‪ .‬وينسجم الخّيار المريكي مع‬
‫ص على إحقاق شراكة‬ ‫أطروحة أمريكية تن ّ‬
‫مغربّية‬
‫أمريكية ولهذا الغرض انعقدت العديد من الندوات‬
‫في واشنطن وتستهدف هذه الشراكة إلى سحب‬
‫البساط بشكل كامل من فرنسا في المناطق‬
‫المغاربّية ‪ ,‬وباريس التي تنظر إلى هذه التطورات‬
‫باستّياء تعي ّأن هوى النظم السياسية المغاربية بات‬
‫أمريكّيا ولذلك راحت تخلط الوراق الداخلية في‬
‫الجزائر وتفتح ملف حقوق النسان في تونس وملف‬
‫بن بركة في المغرب وتعتقل رسميين موريتانيين في‬
‫فرنسا بحجة انتهاكات واسعة لحقوق النسان في‬
‫ى‬
‫وإذا تسن ّ‬ ‫نواكشوط ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫للخيار المريكي أن يأخذ مجراه في حلحلة الزمة‬
‫ن واشنطن قد وضعت‬ ‫الصحراوية فمعنى ذلك أ ّ‬
‫مسمار جحا في منطقة المغرب العربي وهو ما‬
‫يش ّ‬
‫كل النهاية الفعلّية للمجد الفرانكفوني في‬
‫!! المغرب العربي‬

‫ماذا جرى في موريتانّيا !‬

‫كن النظام الموريتاني بقّيادة معاوية ولد طايع من‬ ‫لم يتم ّ‬
‫م السياسي والقتصادي لمورتانيا شأنه شأن‬ ‫تحقيق التقد ّ‬
‫العديد من النظم العربية التي حقّقت العديد من‬
‫التراجعات الكبيرة والتي أفضت إلى إحداث إحتقان شديد‬
‫في الواقع السياسي والجتماعي ‪ ,‬فسياسّيا ظّلت‬
‫سة العسكرّية الموريتانّية والتي يتزعمّها دستورّيا‬
‫المؤس ّ‬
‫الرئيس الموريتاني معاوية ولد طايع تشرف على تفاصيل‬
‫صناعة القرار مبعدة بذلك كل القوى السياسية‬
‫الموريتانية وتحديدا القوى الوطنية والسلمّية التي تش ّ‬
‫كل‬
‫الرقم القوى في المعادلة السياسية الموريتانية ‪ ,‬و كان‬
‫النظام الموريتاني يتعامل مع الوطنيين العروبيين‬
‫والسلميين تعامل خاصا و كثيرا ما كان يقصيهم عن‬

‫‪62‬‬
‫المؤسسات السياسية ومؤسسات القرار بل كان‬
‫يستأصلهم تماما كما فعلت السلطة الجزائرية مع الجبهة‬
‫السلمية للنقاذ عقب فوزها في النتخابات التشريعية‬
‫الملغاة في الجزائر سنة ‪. 1992‬‬
‫ولم يكتف النظام السياسي الموريتاني بحرمان التيارات‬
‫الوطنية والسلمية من المشاركة اليجابية في الحياة‬
‫السياسّية ‪ ,‬بل قرّر النظام الرسمي الموريتاني وبدون‬
‫الرجوع إلى البرلمان إقامة علقات سياسية وإقتصادية‬
‫وأمنية مع الكيان الصهيوني ‪ ,‬و أصبحت السفارة‬
‫السرائيلية محروسة بكثافة من قبل عناصر المن‬
‫الموريتاني في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط ‪ ,‬و قد‬
‫أفضت هذه العلقات الثنائية بين النظام الموريتاني‬
‫والكيان الصهيوني إلى قطع كل جسور التواصل بين‬
‫المعارضة الموريتانية الوطنية والسلمية والنظام‬
‫الموريتاني ‪ ,‬و قد تفاعل النظام الموريتاني بعد ذلك مع‬
‫أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر ‪ 2001‬في‬
‫أمريكا متبنّيا النهج المريكي في التعاطي مع الحركات‬
‫ن حملة إعتقالت واسعة في صفوف‬ ‫السلمّية و ش ّ‬
‫السلميين والوطنيين وجرى تعذيب المعتقلين بشكل‬
‫وحشي كما إعترف بذلك العديد من المعتقلين السّياسيين‬
‫‪ .‬و إنفتاح و موريتانيا على الكيان الصهيوني وبعد ذلك‬
‫على المشروع المريكي المني القاضي بملحقة كل ما‬
‫ت بصلة إلى السلم أوحى لكثير من الضّباط‬ ‫يم ّ‬
‫ن العديد‬ ‫ك خصوصا وأ ّ‬ ‫الموريتانيين الشباب بضرورة التحر ّ‬
‫من الضّباط الشباب هم من الذين تشبّعوا بالثقافة العربية‬
‫والسلمية وكانوا مستاءين إلى أبعد الحدود من التوجهات‬
‫السياسية لنظام بلدهم الذي عزل موريتانيا بالكامل عن‬
‫محيطها العربي والسلمي و تجرأ في أوج النتفاضة‬
‫الفلسطينية أن يوفد رسمييه إلى الكيان الصهيوني‬
‫لعطاء الشرعية لرئيس الوزراء الصهيوني آرييل‬
‫شارون ‪.‬‬
‫و تعليقا على المحاولة النقلبية التي جرت في موريتانيا‬
‫عات‬‫والتي قادها عقيد عسكري سابق في سلح المدر ّ‬

‫‪63‬‬
‫الموريتاني وهو العقيد صلح ولد حّنانة الذي أقيل من‬
‫الجيش الموريتاني في السنة الماضية بسبب توجهاّته‬
‫القومية المعارضة للدولة العبرّية و الذي كان معارضا‬
‫دة لقامة علقات رسمّية بين نواكشوط وتل أبيب ‪,‬‬ ‫بش ّ‬
‫قال العسكري المغربي أحمد رامي المقيم في العاصمة‬
‫السويدية ستوكهولم و قد كان أحمد رامي يشرف على‬
‫سلح المدرعات في الجيش المغربي وأشترك في‬
‫المحاولة النقلبّية التي قادها الجنرال أوفقير ضد ّ الملك‬
‫موز – يوليو من عام ‪ 1972‬والذي‬ ‫المغربي الراحل في ت ّ‬
‫فّر إلى العاصمة السويدية ستوكهولم بعد فشل المحاولة‬
‫ن المحاولة‬ ‫وحصل فيها على حقّ اللجوء السياسي أ ّ‬
‫النقلبية التي شهدتها موريتانيا كانت متوقّعة بسبب وجود‬
‫تململ داخل صفوف الضّباط الشباب الذين لم يقبلوا‬
‫على الطلق بسياسة رئيس بلدهم معاوّية ولد طايع الذي‬
‫إنفرد بإقامة علقات رسمية مع الدولة العبرّية متجاوزا‬
‫بذلك توجهات الشعب الموريتاني ذات البعدين العربي‬
‫ن القيادات المركزّية‬ ‫والسلمي ‪ ,‬و إستطرد رامي قائل إ ّ‬
‫في الجيش الموريتاني قيادات علمانية فرانكفونية –‬
‫جت من الكاديميات‬ ‫مشبعة بالثقافة الفرنسية – وتخر ّ‬
‫ن جيل الشباب في الجيش‬ ‫العسكرية الفرنسية غير أ ّ‬
‫الموريتاني هم من الذين أتيحت لهم فرصة التعّرف على‬
‫الثقافة العربية والسلمية وبالتالي من المتفاعلين مع‬
‫هذه الثقافة ‪.‬‬
‫ورغم المحاولت التي بذلها معاوية ولد طايع لتطهير‬
‫الجيش من العناصر المعارضة للعلمنة و التغريب‬
‫سة عسكرية‬ ‫والفرنسة إل ّ أّنه لم ينجح في إقامة مؤس ّ‬
‫بعيدة عن واقعها العربي والسلمي ‪ ,‬و دائما كانت‬
‫سة العسكرية وبحكم تكوينها الفرانكفوني تخشى‬ ‫المؤس ّ‬
‫العناصر العربية والسلمية و أصحاب هذه التوجهات كان‬
‫م بإستمرار طردهم من الجيش وإقالتهم قبل أن يصلوا‬ ‫يت ّ‬
‫إلى أعلى المراتب‪.‬‬
‫وأستشهد أحمد رامي بتجربته عندما رفض رئيس الركان‬
‫المغربي في الستينيات طلبه بالنضمام إلى الكلية‬

‫‪64‬‬
‫العسكرّية في مدينة مكناس المغربّية لّنه كان من‬
‫المعجبين بالتوجهات السياسّية لجمال عبد الناصر و‬
‫الكتابات الفكرية لسّيد قطب وتحديدا كتابه معالم في‬
‫الطريق ‪.‬‬
‫وتفيد مصادر موريتانية أخرى شديدة الطلع على ما‬
‫شا‬‫ن الوضع الموريتاني سيبقى ه ّ‬ ‫يجري في موريتانيا أ ّ‬
‫حتى لو إستطاع المحيطون بالرئيس الموريتاني من‬
‫ج‬
‫ن الجيش الموريتاني يع ّ‬ ‫إسقاط المحاولة النقلبّية ل ّ‬
‫بالخليا العسكرّية غير المنسجمة مع التوجهات الرسمية‬
‫للنظام الموريتاني ‪ ,‬وتستشهد هذه المصادر بالتاريخ‬
‫الموريتاني الذي كان ينتج إنقلبات متواصلة والتي كانت‬
‫من إنتاج محلي وأحيانا من إنتاج دول إقليمية مجاورة‬
‫لموريتانّيا ‪ ,‬ومهما حاول النظام في موريتانيا من فرض‬
‫ن الشعب‬ ‫التوجّهات الشاذة على الشعب الموريتاني إل ّ أ ّ‬
‫ك جدا بأصالته السلمية قد يفاجئ‬ ‫الموريتاني المتمس ّ‬
‫النظام القائم في أي لحظة ‪.‬‬
‫و المحاولة النقلبّية التي جرت في موريتانّيا هي رسالة‬
‫قوّية على طاولة الرئيس الموريتاني معاوية ولد طايع ‪,‬‬
‫فإما ّ الستمرار في النهج السياسي المنفتح إلى أبعد‬
‫الحدود على واشنطن وتل أبيب وبالتالي توقع محاولت‬
‫إنقلبية في أي لحظة خصوصا في ظل توفر الرضية‬
‫سة العسكرّية ‪ ,‬أو تغيير النهج‬ ‫والشروط من داخل المؤس ّ‬
‫السياسي الذي أفضى إلى المحاولة النقلبية و وضع‬
‫إستراتيجية جديدة تتماشى مع تطلعات الشعب‬
‫الموريتاني ول تتضارب معه ‪ ,‬و بدون ذلك ستبقى‬
‫موريتانيا حبلى بالمفاجآت كما كانت دائما !‬

‫‪65‬‬
‫حاد المغرب‬
‫مساعي لإنعاش إت ّ‬
‫العربي !‬

‫تحاول بعض العواصم المغاربية اعادة بعث الحياة في‬


‫التحاد المغاربي الذي أصيب بشلل كامل و لم يبق منه ال‬
‫هذا السم الجميل الذي يذكّرنا الى حد ّ ما بالفكار‬
‫الوحدوية التي تلشت بشكل نهائي في زمن العولمة‬
‫دت‬‫المريكية ‪ .‬وكانت نشاطات التحاد المغاربي قد تجم ّ‬
‫بشكل كامل بعد سلسلة التداعيات التي أّلمت بالعلقات‬
‫بين الدول المغاربية ‪ ,‬ومعروف أن الجزائر وتونس‬
‫ذت‬ ‫وموريتانيا والمغرب كانت من أوائل الدول التي نف ّ‬
‫قرارات الحصار المفروضة على ليبيا بسبب قضية‬
‫ص على‬ ‫لوكربي علما أن قانون التحاد المغاربي ين ّ‬
‫ضرورة أن تقف الدول المغاربية الى أيّ عضو من أعضاء‬
‫التحاد المغاربي يصيبه اعتداء من أيّ جهة كانت ‪,‬‬
‫دت عملها في التحاد‬ ‫بالضافة الى ذلك فان المغرب جم ّ‬
‫بسبب الموقف المغاربي العام من قضية الصحراء الغربية‬
‫دت عضويتها في منظمة الوحدة الفريقية وزاد‬ ‫وجم ّ‬
‫الخلف المغربي –الجزائري في تراجع فعالية التحاد‬
‫المغاربي الذي تحول الى بؤرة للتنفيس عن الخلفات‬
‫الحادة بين الدول المغاربية‪.‬‬
‫و لدى استقباله للسفير المغربي الجديد في الجزائر في‬
‫ن فكرة‬ ‫وقت سابق أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أ ّ‬
‫ود ازالة‬ ‫ن الجزائر ت ّ‬‫التحاد المغاربي مازالت قائمة وأ ّ‬
‫العقبات التي تعترض معاودة التحاد المغاربي لنشاطه‬
‫ن‬
‫الكامل و الواقع كما يقول عارفون بالبيت الجزائري فا ّ‬
‫ن الفعل السياسي لكل من‬ ‫هذه المنيات مجّرد أحلم ل ّ‬
‫المغرب والجزائر هو في اتجاه وأد التحاد المغاربي ‪,‬‬
‫فقبل فترة وجيزة فقط تحدث وفد صحراوي مغاربي أمام‬

‫‪66‬‬
‫لجنة تعنى بملحقة التعذيب في العالم في مقر المم‬
‫المتحدة في نيورك ‪ ,‬وكانت النتيجة فظيعة عندما كشف‬
‫الوفد الصحراوي الذي أنشقّ عن جبهة البوليساريو عن‬
‫انتهاكات كبيرة لحقوق النسان في مخيمات جبهة‬
‫البوليساريو في الصحراء الجزائرية كمنطقة تندوف على‬
‫ن جبهة البوليساريو‬‫عاء فا ّ‬
‫سبيل المثال ‪ ,‬وحسب هذا الد ّ‬
‫وقيادييها وبمساعدة المخابرات الجزائرية تقوم بملحقة‬
‫العديد من المناضلين الراغبين بالعودة الى كنف المغرب‬
‫ج بهم في سجون ومعتقلت تفتقد الى أبسط‬ ‫وتز ّ‬
‫المقاييس النسانية ‪.‬‬
‫ن بعض القادة المغاربة قاموا بجولت في بعض‬ ‫ورغم أ ّ‬
‫ن معظم المساعي باتت بالفشل‬ ‫الدول المغاربية ال ّ أ ّ‬
‫ل بقاء المعضلة الصحراوية على‬ ‫الذريع وخصوصا في ظ ّ‬
‫ل موضوع الستفتاء حول‬ ‫حالها وخصوصا بعد أن تأج ّ‬
‫مستقبل الصحراء الغربية أربع مرات تقريبا في ظل عدم‬
‫توافق الجزائر والمغرب حول من يحق له أن يشارك في‬
‫هذا الستفتاء الذي يفترض أن يحدد ّ مصير الصحراء‬
‫الغربية ‪ .‬والى أن يتم حلحلة أزمة الصحراء الغربية يظ ّ‬
‫ل‬
‫التحاد المغاربي مجّرد فكرة متأرجحة بين المد والجزر‬
‫المغاربيين !!!!‬

‫‪67‬‬
‫حاد المغرب‬
‫مستقبل إت ّ‬
‫العربي !‬

‫مة المغاربّية التي كان مقرّرا أن تنعقد‬ ‫دى تأجيل الق ّ‬ ‫أ ّ‬


‫سابقا في العاصمة الجزائرّية إلى طرح العديد من‬
‫حاد المغاربي الذي دخل في‬ ‫التساؤلت حول مستقبل الت ّ‬
‫ل منذ تأسيسه حبيس النظرّيات ولم‬ ‫حالة غيبوبة والذي ظ ّ‬
‫يساهم على الطلق في تفعيل أي فعل وحدوي بين‬
‫الدول المغاربّية ل على الصعيد السّياسي ول على الصعيد‬
‫القتصادي ‪ .‬ومن يوم لخر تزداد الفجوات السّياسّية‬
‫ق‬
‫حاد المغاربي التي ولحد ّ الن لم تحق ّ‬ ‫عا بين دول الت ّ‬ ‫إتسا ّ‬
‫سقف النسجام السياسي المطلوب لعقد القمة المغاربّية‬
‫حاد‬ ‫‪ .‬وبناءا عليه ل يمكن الحديث عن مستقبل واعد لت ّ‬
‫المغرب العربي إذا بقيت الخلفات السّياسية تعصف بين‬
‫حاد المغاربي ‪ .‬ولم يسبق للخلفات المغربّية –‬ ‫دول الت ّ‬
‫الجزائرّية أن وصلت إلى درجة من التدهور مثلما هو حال‬
‫العلقات الجزائرّية – المغربّية اليوم بسبب أزمة الصحراء‬
‫ن‬
‫وة إلى الواجهة السّياسّية ‪ .‬كما أ ّ‬ ‫الغربّية التي عادت بق ّ‬
‫ملف الخلفات الجزائرّية – الموريتانّية مازال مفتوحا لم‬
‫تّتم تسويته إلى الن ‪ ,‬وتكاد ليبيا تكون على خلف مع كل‬
‫الدول المغاربّية وإن لم تكن تملك الشجاعة السياسّية‬
‫للجهر بذلك ‪ ,‬فيما تونس تكاد تكون منكفئة علىنفسها غير‬
‫مبالّية بالتطوّرات المغاربّية وقد كانت هذه مسلكيتها‬
‫السياسّية منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ‪.‬‬
‫ن القيادات السياسّية في المغرب العربي ل‬ ‫والواقع أ ّ‬
‫يوجد بينها أي توافق ل حول السياسات الداخلّية ول‬
‫مها أن تكرس‬ ‫ل دولة مغاربّية يه ّ‬‫السياسات الخارجّية وك ّ‬
‫مصالحها القومّية العلّيا وإختيار المحاور الدولّية التي يجب‬
‫التعامل معها والتي تساهم في تحقيق هذه المصالح‬
‫حاد المغاربي يقضي بإيجاد‬ ‫القومّية العلّيا ‪ .‬و إنجاح الت ّ‬

‫‪68‬‬
‫تقارب بين هذه القيادات والسياسات وهو مالم يتحققّ‬
‫ن الدول‬ ‫بتاتا في المشهد المغاربي ‪ ,‬بل الكثر من ذلك فإ ّ‬
‫المغاربّية لم تكّلف نفسها عناء السعي لتذويب الجليد‬
‫فيما بينها ‪ ,‬فخوفا من إحراج الجزائر والمغرب إرتأت ليبيا‬
‫وموريتانيا وتونس عدم بذل أي مسعى في سبيل حلحلة‬
‫ن هذه الدول إن تبّنت وجهة‬ ‫أزمة الصحراء الغربّية ‪ ,‬فإ ّ‬
‫ل أزمة الصحراء الغربّية‬ ‫النظر الجزائرّية في كيفّية ح ّ‬
‫أغضبت المغرب ‪ ,‬وإن هي تبنت الخّيار المغربي أحرجت‬
‫الجزائر ‪ ,‬وبالتالي تلقّفت المحاور الدولّية هذا الملف‬
‫ول الملف‬ ‫الشائك وتعمل على مفاقمته و بالتالي قد يتح ّ‬
‫الصحراوي إلى عامل إرباك دائم للمن في منطقة‬
‫المغرب العربي ‪.‬‬
‫ورغم مرور أزيد من عقد ونّيف من الزمن على تأسيس‬
‫س المغرب العربي في سنة ‪1989‬‬ ‫المغرب العربي – تأس ّ‬
‫– فإّنة لم ينجح في بلورة قواعد التحاد ناهيك عن‬
‫التفاصيل والجزئيات ‪ ,‬فمازالت الحدود‬
‫البرّية مغلقة بين الجزائر والمغرب ‪ ,‬ومازال نظام‬
‫التأشيرة معمول به بين العديد من الدول المغاربّية ‪,‬‬
‫ومازالت قوانين التبادل القتصادي و نظام الجمارك‬
‫مختلفة قلبا وقالبا بين الدول المغاربّية ‪ ,‬بالضافة إلى‬
‫غّياب‬
‫شر إلى نّية الدول المغاربّية‬ ‫أبسط القضايا التي تؤ ّ‬
‫حاد‬‫حاد ‪ .‬وإذا كان ماضي الت ّ‬ ‫الحسنة في إنجاح هذا ال ّ‬
‫دم أيّ إنجازات تذكر ‪ ,‬فكيف‬ ‫المغاربي مترهل ّ ولم يق ّ‬
‫ل تراكم المشاكل السّياسية بين‬ ‫سيكون مستقبله في ظ ّ‬
‫حاد المغاربي !‬‫دول الت ّ‬
‫حاد‬ ‫في الواقع هناك مجموعة أمور تحدد ّ مستقبل الت ّ‬
‫المغاربي ومساره ‪ ,‬ومنها القضّية الصحراوّية ‪ ,‬والتوافق‬
‫السياسي بين الدول المغاربّية ‪ ,‬و المحاور الدولّية‬
‫ونظرتها إلى مشروع التحاد المغاربي ‪ .‬و فيما يتعّلق‬
‫بقضّية الصحراء الغربّية فإّنه ل إلحاقها بالمغرب يرضي‬
‫الجزائر ول تحويلها إلى دولة مستقلة ذات سّيادة يرضي‬
‫المغرب ‪ ,‬وإحتمال تنازل الجزائر للمغرب أو المغرب‬

‫‪69‬‬
‫للجزائر غير وارد على الطلق ‪ ,‬المر الذي يجعل أزمة‬
‫دة إن لم يكن أكثر ‪.‬‬ ‫الصحراء الغربّية مستمّرة بنفس الح ّ‬
‫كما أن التوافق السياسي بين الدول المغاربّية بعيد المنال‬
‫خصوصا وأن لدى كل دولة مغاربّية الرغبة في أن تبقى‬
‫منكفئة على‬
‫طة في مشاكلها الداخلّية خصوصا في ظ ّ‬
‫ل‬ ‫نفسها متخب ّ‬
‫إستمرار المعضلت الجتماعّية والقتصادّية ‪ .‬وفيما يتعّلق‬
‫بالمحاور الدولّية فأبرز محورين لديهما إهتمام بالغ‬
‫بالمغرب العربي هما واشنطن وباريس ‪ ,‬ولكل العاصمتين‬
‫لهما إستراتيجية محدّدة ومغايرة في المغرب العربي ‪ ,‬و‬
‫قد نجحت هاتان العاصمتان في تعميق وجودهما في‬
‫ن كل ّ من الجزائر والمغرب‬ ‫المغرب العربي خصوصا وأ ّ‬
‫ل الزمة الصحراوّية لصالح‬ ‫حاولتا الستنجاد بهما لح ّ‬
‫المغرب أو لصالح الجزائر ‪ .‬وقد لعب هذان المحوران‬
‫دورا كبيرا في تعميق الخلفات بين الدول المغاربّية وقد‬
‫وجدت في ذلك أفضل وسيلة للتسلل إلى المغرب‬
‫العربي وتحصين المواقع والمصالح هناك ‪.‬‬
‫حاد‬
‫ن مستقبل الت ّ‬ ‫وبناءا على كل هذه المعطّيات فإ ّ‬
‫ما كان عليه قبل‬ ‫المغاربي ل يمكن أن يكون أفضل م ّ‬
‫ن التحاد‬‫عشر سنوات ‪ ,‬وفي هذا السّياق يشار إلى أ ّ‬
‫المغاربي الذي بدأ بداية حماسّية إنتهى به المطاف في‬
‫غرفة النعاش الدئم إلى إشعار غير محدد ّ !!‬

‫‪70‬‬
‫مصير العلقات الموريتانّية –‬
‫العبرّية !‬

‫كل الرهانات التي راهنت عليها موريتانيا جّراء علقاتها‬


‫بالدولة العبرّية تلشت ولم يحّقق الرسميون الموريتانيون‬
‫ما كانوا يصبون اليه من خلل اقامة علقات ديبلوماسّية‬
‫مع اسرائيل بل على العكس من ذلك ازدادت موريتانيا‬
‫عزلة عن محيطها المغاربي ومحيطها العربي ‪ ,‬ورغم كل‬
‫ن مبعوثين من قبل أرييل شارون رئيس الحكومة‬ ‫ذلك فا ّ‬
‫السرائيلية يفدون الى نواكشوط سّرا تارة وجهرا تارة‬
‫أخرى كما حدث قبل أسابيع ‪ .‬بهذه الجملة المختصرة‬
‫يوجز سياسي موريتاني معارض الوضع الحالي في‬
‫دت‬ ‫ن الدول المغاربية جم ّ‬ ‫موريتانيا ‪ ,‬فعلى الرغم من أ ّ‬
‫ن نواكشوط ورغم‬ ‫ولو ظاهرّيا علقاتها بالدولة العبرّية ال ّ أ ّ‬
‫مستجدات انتفاضة القصى والطلب المتكرر من الدول‬
‫المغاربّية بوقف العلقات السرائيلية – الموريتانّية ال ّ أ ّ‬
‫ن‬
‫نواكشوط لم تصغ لحد ‪ ,‬المر الذي جعلها معزولة الى‬
‫أبعد الحدود عن محيطها المغاربي كونها تفّردت في رفع‬
‫سقف علقاتها الديبلوماسية مع الدولة العبرّية دون وضع‬
‫أحد في الصورة بل هو أمر دّبر بليل على حد ّ ماذهب اليه‬
‫ن‬‫ورون أ ّ‬ ‫رئيس دولة مغاربّية ‪ .‬و كان الموريتانيون يتص ّ‬
‫خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تجعل المريكان‬
‫يغدقون على موريتانيا بالخير الوفير والمساعدات‬
‫المتواصلة ‪ ,‬لكن وبحسب تعبير قوى المعارضة للتطبيع‬
‫ن دار لقمان مازالت على حالها‬ ‫داخل موريتانيا فا ّ‬

‫‪71‬‬
‫ومازالت نواكشوط هي نواكشوط بكل تفاصيل مشاكلها‬
‫ن موريتانيا‬‫المادّية والسياسّية والجتماعّية ‪ .‬والعجيب أ ّ‬
‫التي راهنت على التطبيع كمدخل لتجاوز محنتها‬
‫دم ‪ ,‬وحتى‬ ‫القتصادّية لم تشهد أرقامها القتصادية أي تق ّ‬
‫لما بادر أرييل شارون الى نهج ابادة الشعب الفلسطيني‬
‫لم تحرك موريتانيا ساكنا رغم الحتجاجات الواسعة من‬
‫الشارع الموريتاني الذي ضاق ذرعا بسياسة معاوية ولد‬
‫طايع التطبيعية ‪ .‬وأرييل شارون الذي يبدو مختنقا من‬
‫الدانة العربية له حتى الرسمية منها ‪ ,‬يحاول التنفيس في‬
‫موريتانيا حتى لو كان شارون متيقنا أن نواكشوط ليست‬
‫ح علقة حكومته مع الدول العربية ‪,‬‬ ‫في وزن من يصح ّ‬
‫ومع ذلك أوفد مبعوثين عنه الى موريتانيا للحديث عن‬
‫ن دوائر القرار في‬ ‫مستقبل العلقات الثنائّية ‪ .‬ول ّ‬
‫نواكشوط عربّية ول تريد ايذاء الضيف ‪ ,‬فلم نسمع‬
‫تصريحا رسمّيا واحدا من نواكشوط ضد ّ الجرام‬
‫ن‬
‫الصهيوني أمام مبعوثي شارون الى نواكشوط ‪ .‬بل ا ّ‬
‫نواكشوط أوفدت رئيس ديبلوماسيتها الى تل أبيب‬
‫لستكمال عرس ذبح القصى وشارك رسمّيوها في‬
‫الحتفال الضخم الذي أقامته السفارة العبرّية في‬
‫نواكشوط بمناسبة ذكرى نكبة فلسطين ‪.‬‬
‫لقد كان حرّيا بموريتانيا كما يقول معارضو التطبيع فيها أن‬
‫تبادر الى التوبة السياسية وتطرد سفير الدولة العبرية‬
‫فيها عسى هذا الموقف يصلح ما أفسدته السياسة‬
‫الموريتانّية التطبيعية سابقا ‪ .‬وموريتانيا التي تلّقت‬
‫بانزعاج تضايق الدول المغاربّية من علقاتها مع الدولة‬
‫مت في كواليس الخارجية الموريتانية من هذه‬ ‫العبرّية تهك ّ‬
‫العنتريات ‪ ,‬وفي زعم بعض الديبلوماسيين الموريتانيين‬
‫ن الجسور مازالت قائمة وعلى أوجها بين بعض الدول‬ ‫فا ّ‬
‫ن حركة الكواليس نشيطة‬ ‫المغاربية والدولة العبرية وأ ّ‬
‫دت‬ ‫ن بعض الدول المغاربية التي جم ّ‬ ‫الى أبعد الحدود ‪ ,‬وأ ّ‬
‫علقاتها بالدولة العبرية أرسلت أكثر من رسالة تطمين‬
‫ن هذا التصرف جاء‬ ‫ن الزمة مؤقتة وأ ّ‬ ‫الى تل أبيب وفيها أ ّ‬
‫نتيجة ضغوط من الشارع المحلي الذي ل يجب أن يصدم‬

‫‪72‬‬
‫ل تقافم البطالة وتدّني المستوى المعيشي‬ ‫خصوصا في ظ ّ‬
‫وأزمة السكن وغيرها من الزمات ‪ ,‬وكانت الدولة العبرية‬
‫مة للوضع ‪ ,‬لذلك لم يصدر منها انزعاج أو استنكار‬ ‫متفه ّ‬
‫مادامت هذه المسلكية السياسية في حدود القول ل‬
‫الفعل ‪.‬‬
‫والرسميون في نواكشوط يرون أّنه ل داعي لهذه‬
‫المداهنات التي حسب رأيهم ل تزيد الطين ال ّ بّلة ‪ .‬وفي‬
‫رد ّ هؤلء الرسميين على اخفاق الرهانات الموريتانية‬
‫ن الخطوة التي أقدمت عليها موريتانيا مع‬ ‫فيقولون أ ّ‬
‫الدولة العبرية ل يمكن أن تؤتي أكلها في المدى القريب ‪,‬‬
‫ن موريتانيا باتت‬ ‫بل في المدى المتوسط والبعيد والمهم أ ّ‬
‫ي‬
‫نأ ّ‬ ‫في دائرة الهتمام المريكي والحماية المريكية وأ ّ‬
‫مها كما كانت‬ ‫كر في ازعاج موريتانيا أو ض ّ‬ ‫دولة مغاربية تف ّ‬
‫كر في ذلك في الستينّيات والسبعينّيات فعليها‬ ‫الرباط تف ّ‬
‫ن‬
‫أن تنظر تجاه واشنطن قبل أن تنظر تجاه موريتانيا ‪ .‬ول ّ‬
‫موريتانيا هي الحلقة الضعف في المغرب العربي فاّنها‬
‫من يوّفر لها الطمأنينة والمان ‪ ,‬لكّنها‬ ‫راحت تبحث ع ّ‬
‫أخطأت بنسبة ‪ 180‬درجة عندما توجّهت الى الدولة‬
‫العبرية لتحقيق الطمأنينة السياسّية والقتصادّية ‪ .‬وسوف‬
‫ن رهانها على الدولة العبرية‬ ‫يأتي يوم تدرك فيه موريتانيا أ ّ‬
‫ن في فلسطين على الجيوش‬ ‫كان كرهان بعض كبار الس ّ‬
‫العربية التي ستصل قريبا الى القصى السير وتحرّره من‬
‫السر العبري !!!!‬

‫‪73‬‬
‫مصير جبهة البوليساريو !‬

‫كان للتصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي جاك‬


‫شيراك في الرباط في وقت سابق حول ضرورة أن تعود‬
‫الصحراء الغربّية الى المغرب وأحقّية المغرب في‬
‫الصحراء الغربّية وقع كبير على جبهة البوليساريو التي‬
‫دت في الجزائر بهذا التصريح معتبرة اّياه تدخّل فرنسّيا‬ ‫ند ّ‬
‫سافرا في قضّية الصحراء الغربّية وانحياّزا كامل‬
‫للمغرب ‪ .‬ويندرج تصريح الرئيس الفرنسي في سّياق‬
‫حصول توافق أمريكي – فرنسي بشأن حلحلة القضّية‬
‫ل الثالث القاضي بمنح جبهة‬ ‫الصحراوّية وهو ما يعرف بالح ّ‬
‫ى المغرب‬ ‫البوليساريو حكما ذاتّيا في مناطقها فيما تتول ّ‬
‫الشراف على وزارات السّيادة بما في ذلك رسم‬
‫السياسة العامة للصحراء الغربّية ‪ ,‬وعلى هذا الساس‬
‫ستعد لعطاء صلحّيات‬ ‫بدأت الرباط تتحّرك حيث أخذت ت ّ‬
‫واسعة للمناطق الصحراوّية ‪ ,‬وقد دعا العاهل المغربي‬
‫مد السادس الى تنظيم حوار شامل حول اعطاء‬ ‫مح ّ‬
‫القاليم الصحراوّية صلحّيات واسعة وذلك في ضوء الحل‬
‫مه جميس بيكر المشرف‬ ‫السياسي المريكي الذي قد ّ‬
‫ل التوافق المريكي‬ ‫على ملف الصحراء الغربّية ‪ .‬وفي ظ ّ‬
‫ن‬‫– الفرنسي حول ألّية الحل في الصحراء الغربّية فا ّ‬
‫الخناق السّياسي بدأ يلّتف حول جبهة البوليساريو التي‬

‫‪74‬‬
‫مت الرئيس الفرنسي جاك شيراك بانتهاك الشرعية‬ ‫اته ّ‬
‫الدولّية لدى تصريحه بتبعّية الصحراء الغربّية للمغرب ‪.‬‬
‫وحتى الجزائر التي رعت تأسيس جبهة البوليساريو‬
‫وتقديم الدعم المالي والسياسي واللوجستي لها بدأ‬
‫تأييدها المطلق يتراجع لجبهة البوليساريو ‪ .‬والجزائر التي‬
‫كا على بياض لواشنطن في حربها ضد ّ الرهاب‬ ‫مت ص ّ‬ ‫قد ّ‬
‫ل يمكنها أن تقف في وجه الخّيار المريكي القاضي‬
‫ل الثالث ‪ ,‬مقابل الحل الجزائري القاضي‬ ‫بتطبيق الح ّ‬
‫سابقا باستقلل منطقة الصحراء الغربّية ‪ ,‬والحل المغربي‬
‫القاضي ببسط السيطرة الكاملة على المناطق‬
‫الصحراوّية ‪ ,‬وكانت الرباط ترفض جملة وتفصيل الحديث‬
‫عن أي حقّ لجبهة البوليساريو ‪ ,‬وقد منعت السلطات‬
‫المغربّية في وقت سابق في شهر تشرين الثاني –‬
‫نوفمبر رئيسة مؤسسة فرنسا للحرّيات دانيال ميتيران‬
‫أرملة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران من‬
‫دخول أراضي الصحراء الغربّية ورفضت تنقّلها على متن‬
‫رحلة الى العاصمة الصحراوّية العيون ‪ .‬وتجدر الشارة‬
‫ل الثالث لحلحلة أزمة الصحراء‬ ‫ه قبل طرح الح ّ‬ ‫الى أن ّ‬
‫الغربّية كانت جمعية المم المتحدة تطالب باجراء استفتاء‬
‫عام في مناطق الصحراء الغربّية حول النضمام أو‬
‫صالت المغربية‬ ‫ن الت ّ‬‫النفصال عن المغرب ‪ ,‬غير أ ّ‬
‫المكثّفة بعواصم القرار وتحديدا واشنطن وباريس أفضت‬
‫ل الثالث ‪ .‬ولم يبق لجبهة‬ ‫الى تبّني واشنطن لمشروع الح ّ‬
‫خذ‬ ‫البوليساريو غير الجزائر حيث مازالت هذه الجبهة تت ّ‬
‫من منطقة تندوف الجزائرّية قاعدة عسكرّية وسياسّية لها‬
‫ن الجزائر التي أخذت في المدة الخيرة تقنع‬ ‫‪ .‬غير أ ّ‬
‫ث الشركات‬ ‫واشنطن بضرورة تقديم مساعدات لها وتح ّ‬
‫المريكية بالدخول الى الجزائر قد ل تصمد طويل في‬
‫ن‬‫ما جبهة البوليساريو فترى أ ّ‬ ‫ي خّيار النفصال ‪ .‬أ ّ‬ ‫تبن ّ‬
‫الخّيار الثالث سيفضي الى عودتها الى الكفاح المسّلح‬
‫وات المغربية المرابطة في‬ ‫وتكثيف الحرب ضد ّ الق ّ‬
‫ن الرباط أوفدت وزير‬ ‫مناطق الصحراء الغربّية‪ .‬ورغم أ ّ‬
‫داخليتها ادريس جّتو الى الجزائر للحتكاك بالمسؤولين‬

‫‪75‬‬
‫الجزائريين والتقّرب منهم في محاولة لمعرفة وجهة نظر‬
‫ن المسافة مازالت بعيدة بين‬ ‫الجزائر عن قرب ال ّ أ ّ‬
‫الجزائر والرباط والتي انعكست على غلق حدود البلدين‬
‫وتراجع العلقات السياسّية والقتصادّية بينهما ‪ .‬ويرى‬
‫ن واشنطن‬ ‫متابعون لملف الصحراء الغربّية في الجزائر أ ّ‬
‫مادامت قد أمسكت بالملف الصحراوي وبدأت تفرض‬
‫ن المور في الصحراء الغربّية‬ ‫ل الثالث فا ّ‬ ‫مايسمى بالح ّ‬
‫ل العصر‬ ‫ستؤول الى ما تريده واشنطن خصوصا في ظ ّ‬
‫المريكي الراهن ‪ .‬ويرى هؤلء المتابعون للمّلف‬
‫ن جبهة البوليساريو ل تستطيع أن تحسم‬ ‫الصحراوي أ ّ‬
‫ن الجزائر التي‬ ‫الموقف عسكرّيا لصالحها ‪ ,‬خصوصا وأ ّ‬
‫دعمت جبهة البوليساريو عسكرّيا في أوقات سابقة لم‬
‫يعد في وسعها اليوم مواصلة هذا الدعم العسكري ‪ ,‬ومن‬
‫ن هذا التوافق بين باريس وواشنطن بشأن‬ ‫جهة أخرى فا ّ‬
‫ل الثالث سوف يضعف الموقف الجزائري الداعي الى‬ ‫الح ّ‬
‫اقامة دولة مستقلة للصحراويين ‪ ,‬كما يضعف جبهة‬
‫جه المؤسسات‬ ‫البوليساريو التي أصبحت مستاءة من تو ّ‬
‫ي خيار‬ ‫دة الى تبن ّ‬ ‫الدولّية وعلى رأسها جمعية المم المتح ّ‬
‫ل الثالث ‪ .‬وهذه التراجعات جعلت العديد من القادة‬ ‫الح ّ‬
‫مون الى المغرب وأعلنوا صراحة من‬ ‫الصحراويين ينض ّ‬
‫ن الصحراء الغربّية مغربّية ‪ .‬وحسب المراقبين‬ ‫الرباط أ ّ‬
‫ن انحسار الدور الدولي والقليمي للجزائر‬ ‫في الجزائر فا ّ‬
‫بسبب الفتنة الداخلّية في الجزائر انعكس سلبا على جبهة‬
‫البوليساريو التي ربطت نفسها قلبا وقالبا بالجزائر ‪ .‬ول‬
‫ن واشنطن اذا استطاعت أن تفرض الحل الثالث‬ ‫كأ ّ‬ ‫ش ّ‬
‫ن جبهة البوليساريو قد ل تكون‬ ‫في الصحراء الغربّية فا ّ‬
‫ظ في ادارة مناطق الحكم الذاتي في‬ ‫صاحبة الح ّ‬
‫ن قادتها يرفعون شعار الدولة‬ ‫الصحراء الغربّية باعتبار أ ّ‬
‫ن الرباط ستستعين بقادة‬ ‫الصحراوّية أو الموت ‪ ,‬غير أ ّ‬
‫جبهة البوليساريو السابقين الذين انشّقوا عن جبهة‬
‫م‬
‫موا الى المغرب ‪ .‬و الجزائر التي ت ّ‬ ‫البوليساريو وانض ّ‬
‫تعيينها كدولة ملحظة في اجتماعات هيوستن التي‬
‫انعقدت بين الطرف المغربي والصحراوي تبدي‬

‫‪76‬‬
‫مؤسساتها الديبلوماسّية استياءا خفّيا من خروج اللعبة من‬
‫يد المم المتحدة الى يد واشنطن التي أملت مشروع‬
‫الحل الثالث الذي سيجعل نهاية للمشروع الجزائري في‬
‫الصحراء الغربّية ‪ ,‬و مشروع جبهة البوليساريو التي‬
‫ست قبل ربع قرن ولم تر بعد حلم الدولة الصحراوّية‬ ‫تأس ّ‬
‫المستقّلة يتحققّ في الراضي الصحراوّية الفاصلة‬
‫جغرافّيا وسياسّيا بين المغرب والجزائر !!!!‬

‫ملف الغتيالت السّياسّية‬


‫في المغرب العرب !‬

‫دى فتح ملف المناضل السياسي المغربي المعارض‬ ‫أ ّ‬


‫المهدي بن بركة إلى إرباك واسع لدوائر القرار ليس في‬
‫المغرب فحسب بل في تونس والجزائر وموريتانيا وليبيا ‪,‬‬
‫حيث هناك المئات من الشخصيات المغاربّية المشابهة‬
‫م تصفيتها في الداخل المغاربي‬ ‫للمهدي بن بركة والتي ت ّ‬

‫‪77‬‬
‫وفي عواصم أوروبّية متعددة مثل ألمانيا الغربية في ذلك‬
‫الوقت وفرنسا و إسبانيا وايطاليا وغيرها من العواصم‬
‫الغربّية ‪ .‬وتأمل المعارضات في المغرب العربي إلى‬
‫إعادة فتح كل ملفات التصفيات السياسية التي كان‬
‫معارضون من الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس‬
‫عرضة لها وفي أحايين كثيرة كانت الجهزة المنّية الغربية‬
‫تتواطأ مه الجهزة المنية المغاربية على الرغم من‬
‫الخلف اليديولوجي والسياسي الذي كان سائدا بين هذه‬
‫العواصم الغربية التي سهّلت أجهزتها عملية التصفيات‬
‫ودول المغرب العربي وتحديدا في فترات الستينيات‬
‫والسبعينيات وحتى في بداية الثمانينّيات ‪.‬‬
‫ففي الجزائر على سبيل المثال صّفت الجهزة الجزائرّية‬
‫مد خيضر في إسبانيا وكريم بلقاسم في ألمانيا وعلي‬ ‫مح ّ‬
‫المسيلي في فرنسا ‪ ,‬والذين جرت تصفيتهم في الداخل‬
‫هم ‪ ,‬وصّفت الجهزة الليبّية عشرات‬ ‫ل يحصى عد ّ‬
‫المعارضين الليبيين في بريطانيا وغيرها وأخر المختطفين‬
‫من القاهرة كان منصور الكيخيا وزير خارجّية ليبيا السبق‬
‫الذي كان يحمل جواز سفر جزائري ‪ ,‬وقد جرى اختطافه‬
‫بمساعدة أجهزة عربّية من القاهرة والى جهة مجهولة‬
‫ن نظام بورقيبة من‬ ‫يعتقد أّنها ليبيا ‪ .‬وفي تونس تمك ّ‬
‫تصفية عشرات الشخصيات السياسية التي كانت تعرف‬
‫باليوسفيين نسبة إلى المعارض الرئيس للحبيب بورقيبة‬
‫يوسف بن صالح الذي فّر إلى الجزائر و أحتضنته القيادة‬
‫الجزائرّية ‪ ,‬وعندما كان زعيم حركة النهضة التونسية‬
‫ج قوة الجبهة السلمّية‬ ‫راشد الغنوشي في الجزائر في أو ّ‬
‫للنقاذ أوفدت المخابرات التونسية فرقة النمور السوداء‬
‫صة في الغتيالت خارج تونس لتصفّية الغنوشي ‪,‬‬ ‫المتخص ّ‬
‫م إبلغه بمشروع التصفّية من قبل جهات جزائرية‬ ‫وت ّ‬
‫فغادر إلى الخرطوم ومنها إلى لندن حيث يقيم كلجئ‬
‫سياسي ‪ .‬و حسب معلومات أكيدة كثيرا ما كانت تّتم‬
‫عملية التبادل المعلوماتي بين بعض الجهزة المغاربّية‬
‫وأخرى مماثلة في الغرب من قبيل معلومات عن لجئين‬
‫سياسيين من الباسك في الجزائر والمغرب ‪ ,‬أو أعضاء‬

‫‪78‬‬
‫من الجيش الجمهوري في ليبيا وبالمقابل تحصل الدول‬
‫المغاربّية على معلومات دقيقة عن معارضين مغاربيين‬
‫في فرنسا و إسبانيا ‪ .‬وفي موضوع المهدي بن بركة كان‬
‫هناك تنسيق كامل بين المخابرات الفرنسّية والمخابرات‬
‫المغربّية ‪ ,‬وكانت المخابرات الفرنسية تزّود المخابرات‬
‫المغربّية بأدقّ المعلومات عن بن بركة واتصالته‬
‫والشخصيات التي يلتقيها وتحركاته ‪ ,‬وقد لجأ العاهل‬
‫المغربي السابق الحسن الثاني إلى استثمار علقاته‬
‫الوطيدة بكبار الرسميين في فرنسا ‪ ,‬والتي تؤكد‬
‫معلومات أكيدة أّنه كان يستضيفهم للشهر والشهرين‬
‫يقضوّنها في بعض قصوره في الرباط ومنهم الرئيس‬
‫ور خروج‬ ‫الفرنسي السبق جسكار ديستان ‪ ,‬ول يمكن تص ّ‬
‫مت بها‬ ‫شخص من الحدود الفرنسية بالسهولة التي ت ّ‬
‫اختطاف المهدي بن بركة ‪ ,‬وقد اعترف مقربون من‬
‫الجنرال أوفقير الذي كان وزيرا للداخلّية قبل أن يقود‬
‫ن‬
‫ي حتفه بعدها أ ّ‬ ‫عملية انقلب ضد ّ الحسن الثاني ولق ّ‬
‫هناك ثلثة أجهزة أمنّية شاركت في اختطاف المهدي بن‬
‫بركة وهي المخابرات الفرنسّية والموساد السرائيلي‬
‫ن العاهل المغربي الحسن الثاني‬ ‫والمخابرات الفرنسية وأ ّ‬
‫م هائل من المعلومات عن‬ ‫كافأ الموساد السرائيلي بك ّ‬
‫مجموعة كبيرة من الفصائل الفلسطينية ورجالتها الذين‬
‫كانوا يستخدمون أسماء حركّية في العديد من العواصم‬
‫الغربّية ‪ .‬و ل يزال في المغرب مصير مائتين شخصية‬
‫معارضة مجهول ويطالب المنتدى المغربي للحقيقة‬
‫والنصاف بالكشف عنهم جميعا حتى لو أدى ذلك إلى‬
‫محاكمة الحسن الثاني وهو في لحده ‪ ,‬وفي فرنسا كشف‬
‫ن‬
‫ضابط مخابرات جزائري سابق ويدعى هشام عّبود أ ّ‬
‫رئيس ديوان الرئيس بوتفليقة الجنرال العربي بلخير هو‬
‫الذي أصدر أمره بتصفية المعارض الجزائري في باريس‬
‫ن لبلخير علقات وطيدة بالجهزة‬ ‫علي مسيلي ومعروف أ ّ‬
‫الفرنسية منذ كان ظابطا صغيرا في الجيش الفرنسي‬
‫في عهد الجنرال شارل ديغول ‪ .‬ومازال الجزائريون‬
‫يبحثون عن ستة ألف معارض سياسي خطفوا على‬

‫‪79‬‬
‫امتداد الزمة الجزائرية ومازال مصيرهم مجهول ‪ .‬وفي‬
‫تونس يطالب مئات العوائل بالكشف عن أبنائهم‬
‫المخطوفين والذين ل يعرف عنهم شيئا ‪ .‬و تخشى الدوائر‬
‫المغاربّية أن يؤدي السترسال في فتح ملفات الغتيال‬
‫السياسي في المغرب العربي الى مبادرة معارضين‬
‫كام‬‫مغاربيين في أوروبا الى رفع دعاوى ضد ّ الح ّ‬
‫المغاربيين في محكمة بروكسل التي تستعد لمحاكمة‬
‫وف‬ ‫رئيس الوزراء السرائيلي آرييل شارون ‪ .‬وهذا التخ ّ‬
‫لم ينبعث من فراغ إذ توالت إلى عواصم المغرب العربي‬
‫ن هناك جماعات مغاربّية معارضة بصدد‬ ‫تقارير تفيد بأ ّ‬
‫إعداد ملفات مشفوعة بأدّلة وبراهين لتقديمها إلى‬
‫المحكمة البلجيكّية ‪.‬‬
‫وقد دعا وزير خارجّية بلجيكا زعيم جبهة القوى الشتراكّية‬
‫الجزائري حسين آيت أحمد ليسمع منه عن حقيقة تورط‬
‫الجيش الجزائري في المذابح الجزائرّية خصوصا في هذه‬
‫المرحلة التي تبحث فيها الجزائر عن شراكة مع التحاد‬
‫الوروبي ‪.‬‬
‫وإذا كان الفصل المتعلق بتوّرط الجهزة المغاربّية في‬
‫تصفية معارضيها مكشوفا ‪ ,‬فهل تميط العواصم الغربّية‬
‫اللثام عن الدوار الذي أضطلّعت بها أجهزتها في تصفية‬
‫عشرات المعارضين المغاربيين لجأوا إلى الغرب للحصول‬
‫على المان المفقود !!!!‬

‫‪80‬‬
‫متى يعلن القذافي عن سّر‬
‫إختفاء موسى الصدر !‬

‫كلّفت المصالحة الليبية – المريكية والليبية – الغربية‬


‫دا ونقدا‬ ‫الجماهيرية الليبّية مليير الدولرات دفعتها ليبيا ع ّ‬
‫للوليات المتحدة المريكية التي سبق لها وأن شّنت‬
‫غارات جوّية حربية على ليبيا دون أن تعترف بخطأ ما‬
‫ودون أن تدفع تعويضات لليبيا عن الضرار الجسمية التي‬
‫ن ليبيا ستدفع تعويضات‬ ‫ألحقتها بليبيا مادّيا ومعنوّيا ‪ ,‬كما أ ّ‬
‫مشابهة للمانيا وفرنسا وبذلك تكون ليبيا قد أغلقت‬
‫مجموعة من الملفات الثقيلة التي كانت بحوزة الرادات‬
‫الدولية الغربية والتي كانت تضغط بها على ليبيا إلى أن‬
‫تحققّ لها ما تريد وخصوصا بعد الحتلل المريكي للعراق‬
‫وبداية عصر أمريكي جديد قوامه الهجوم بدل الدفاع ‪ ,‬و‬
‫م وجهها سياسّيا‬ ‫تغيير النظمة وتحديدا تلك التي ل تيم ّ‬
‫شطر واشطن ‪.‬‬
‫وإذا كان من حق العواصم الغربية أن تطالب ليبيا بحقوق‬
‫ن الغرب وبإعتراف‬ ‫مواطنيها كاملة غير منقوصة ‪ ,‬رغم أ ّ‬
‫مر القذافي ظ ّ‬
‫ل‬ ‫الكتاب الخضر الذي وضعه العقيد مع ّ‬
‫ينهب خيرات و ثروات العالم العربي و السلمي على‬
‫إمتداد الحركة الستعمارية و مراحل إحتلل الغرب لبلدنا‬
‫ووصول إلى نهب هذه الخيرات من خلل الحكومات‬
‫الوطنية العميلة التي صنعها الغرب على عينه لتكمل‬
‫تكريس المشروع الستعماري الكولونيالي بأدوات وطنية‬
‫عربية و إسلمية ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫مر القذافي على إغلق كافة‬ ‫ومثلما يعمل العقيد مع ّ‬
‫الملفات العالقة بين بلده وبين عواصم الرادات الدولية ‪,‬‬
‫مر القذافي‬ ‫داها العقيد مع ّ‬ ‫هذه الرادات التي لطالما تح ّ‬
‫محمل ّ إّياها وزر التداعيات الخطيرة في المشهد‬
‫السياسي العربي والسلمي ‪ ,‬فيجب عليه وبالتوازي مع‬
‫ذلك أن يغلق بعض الملفات العالقة ذات العلقة‬
‫ل أبرز ملف في هذا‬ ‫بالجغرافيا العربية و السلمية ‪ ,‬ولع ّ‬
‫السّياق هو ملف إختفاء السيد موسى الصدر رئيس‬
‫س أفواج‬ ‫المجلس السلمي الشيعي في لبنان و مؤس ّ‬
‫سها راهنا‬ ‫المقاومة الوطنية في لبنان حركة أمل التي يترأ ّ‬
‫المحامي نبيه بّري رئيس البرلمان اللبناني ‪.‬‬
‫ن ذكرى إختفاء موسى الصدر‬ ‫ومن المفارقات العجيبة أ ّ‬
‫تتزامن مع ذكرى الفاتح من سبتمبر – أيلول أي تاريخ‬
‫مر القذافي على السنوسي حاكم ليبيا‬ ‫إنقلب العقيد مع ّ‬
‫في مرحلة الستينيات ‪.‬‬
‫وكان المام موسى الصدر الذي ولد في مدينة قم‬
‫سة اليرانية في سنة ‪ 1928‬قد وصل إلى لبنان‬ ‫المقد ّ‬
‫سنة ‪ 1960‬ليتولى توجيه الطائفة الشيعية عقب وفاة‬
‫السّيد عبد الحسين شرف الدين صاحب التصانيف‬
‫المشهورة ككتاب المراجعات مع شيخ الزهر سليم‬
‫البشري وغيرها ‪ ,‬وتولى في سنة ‪ 1969‬رئاسة المجلس‬
‫السلمي الشيعي العلى في لبنان حيث ساهم بالنهوض‬
‫سات الثقافية والجتماعية والمهنية‬ ‫بالعديد من المؤس ّ‬
‫والتربوّية و تحديدا في الجنوب اللبناني الذي كان ساحة‬
‫داها المام موسى‬ ‫مستباحة للغطرسة الصهيونية والتي تح ّ‬
‫الصدر متحالفا في ذلك مع فصائل المقاومة الفلسطينية‬
‫التي كانت ترى فيه رمزا نضالّيا كبيرا ‪.‬‬
‫سي حركة الحوار‬ ‫وبالضافة إلى ذلك كان أحد مؤس ّ‬
‫السلمي – المسيحي مع المطران الكاثوليكي غريغوار‬
‫داد و من أبرز مواعظه كلمة ألقاها في كنيسة‬ ‫ح ّ‬
‫الكبوشيين أثناء صّيام عيد الفصح سنة ‪ 1964‬في لبنان ‪.‬‬
‫ونظرا لشخصيته المتألقة وثقافته الواسعة فقد أصبح‬
‫موسى الصدر شخصية يشار إليها بالبنان حيث كانت‬

‫‪82‬‬
‫ده العديد من العواصم العربية ‪ ,‬ومنها طرابلس‬ ‫تخطب و ّ‬
‫الغرب التي وجّهت إليه دعوى لم يعد بعدها ل إلى وطنه‬
‫لبنان ول لهله الذين ظلوا يتابعون أخباره ويتصيدون أي‬
‫معلومة يلقيها هذا الديبلوماسي الليببي الهارب أو ذاك ‪.‬‬
‫ن المام موسى‬ ‫وحسب المصادر الجزائرية الرسمية فإ ّ‬
‫الصدر غادر الجزائر متوجها إلى ليبيا وفي ليبيا لم يرشح‬
‫عنه أي خبر حيث ضرب حصار كامل عن السرار الكامنة‬
‫دت إلى خطفه ‪,‬‬ ‫وراء خطفه والسباب الموضوعية التي أ ّ‬
‫ن يتحرك في الساحة اللبنانية ضد ّ أي نظام‬ ‫علما أّنه لم يك ّ‬
‫عربي بعينه بل ركّز قضيته على أمرين إثنين في لبنان‬
‫وهما التصدي للكيان الصهيوني الذي كان يستبيح جنوب‬
‫جة وجود مقاومة فلسطينية فيه ‪ ,‬و مطالبة‬ ‫لبنان بح ّ‬
‫الدولة اللبنانية ذات التركيبة المارونية الطائفية العنصرية‬
‫تاريخئذ بالعتراف بحقوق الشيعة في لبنان وإنصافهم‬
‫سواء على صعيد إدماجهم في لعبة صناعة القرار‬
‫السياسي اللبناني أو توفير الخدمات الضرورية لقراهم‬
‫وأريافهم التي مازال الكثير منها يشكو الهمال إلى يومنا‬
‫هذا المر الذي أوعز لكثيرين اللجوء إلى زراعة المخدرات‬
‫جار بها وتحديدا في مناطق البقاع اللبناني والجنوب‬ ‫والت ّ‬
‫اللبناني على حد ّ سواء ‪.‬‬
‫وربما لن يسلم ضمير القذافي بدفع الدّية بمليير‬
‫ن هذا الضمير يجب أن يواصل‬ ‫الدولرات للغربيين ‪ ,‬بل إ ّ‬
‫التوبة السياسية بالعلن عن مصير موسي الصدر‬
‫ومرافقيه ‪ ,‬وبعد ذلك أيضا الكشف عن ملفات الليبيين‬
‫المخطوفين والمقتولين على شاكلة منصور الكيخيا‬
‫م توضيح ملبسات إغتيال فتحي الشقاقي‬ ‫وأقرانه ‪,‬و من ت ّ‬
‫زعيم تنظيم الجهاد الفلسطيني في مالطا الذي خرج قبل‬
‫إغتياله من ليبيا بجواز سفر ليبي ‪.‬‬
‫وحتى ل يكون الدم الغربي أشرف من الدم العربي‬
‫والمسلم فعلى معمر القذافي أن يريح حقبتنا التاريخية‬
‫م البحث المتواصل عن أسرار وقضايا وحده‬ ‫الراهنة من ه ّ‬
‫العقيد يملك الكلم عنها ‪.‬‬
‫فهل يتكّلم العقيد !!!‬

‫‪83‬‬
‫الطريق إلى الصحراء الغربّية عبر‬
‫تل أبيب !‬

‫في الوقت الذي تشهد فيه العلقات بين الدول المغاربية‬


‫إنحدارا خطيرا وتراجعا ينذر بتفجير الوضع وتحديدا بين‬
‫الجزائر والرباط في أيّ لحظة بسبب أزمة الصحراء‬
‫ن العلقات المغاربية – العبرية ‪ ,‬وتحديدا‬ ‫الغربّية ‪ ,‬فإ ّ‬
‫العلقات المغربّية ‪ -‬العبرية تمّر بشهر عسل واعد بإيصال‬
‫العلقات الثنائية إلى ذروتها في كل التفاصيل ‪.‬‬
‫وعلى رغم القتل المتواصل للمناضلين الفلسطينيين‬
‫بمختلف توجهاتهم الفكرية من قبل الجيش السرائيلي‬
‫ن الرباط لم‬‫بدباباته وطيرانه و رجال إستخباراته ‪ ,‬إل ّ أ ّ‬
‫تأبه لتدهور المشهد السياسي والمني الفلسطيني‬
‫وأستقبلت بكل سرور وفرح وزير خارجية الدولة العبرية‬
‫شالوم سليفان في الرباط ويأتي هذا الستقبال‬
‫المصحوب بالبتسامات الرسمية العريضة بعد أّيام قلئل‬
‫جر الخلف الجزائري – المغربي بشأن الصحراء‬ ‫من تف ّ‬

‫‪84‬‬
‫الغربية ‪ ,‬حيث ألقى العاهل المغربي الشاب محمد‬
‫السادس كلمة في الرباط قاطعا فيها الطريق على‬
‫كدا على مغربية الصحراء الغربية بل الصحراء‬ ‫الجزائر مؤ ّ‬
‫الشرقية الجزائرية ‪ ,‬وهو تصريح أدخل الجهات الرسمية‬
‫في حالة طوارئ ‪.‬‬
‫وقد أعادت هذه التصريحات الوضع إلى درجة ما قبل‬
‫الصفر بين الجزائر والمغرب ‪ .‬وتأتي زيارة وزير خارجية‬
‫الدولة العبرية إلى الرباط في سّياق تفعيل العلقات‬
‫العبرية – المغربّية وإخراجها إلى العلن و المكشوف بعد‬
‫أن كانت نشيطة تحت الرض وبعيدا عن الضواء ‪ ,‬وربما‬
‫العلقات المغربية – العبرية هي القدم من نوعها حتى‬
‫قبل إتفاقية أوسلو التي شرعنت التلقي العربي – العبري‬
‫ث عن زياراته المتكرّرة‬ ‫‪ ,‬فموشي ديان في مذكراته تحد ّ‬
‫إلى الرباط في عهد العاهل المغربي الراحل الحسن‬
‫ث عن تمّتعه بالقصور التي كان ينزل فيها‬ ‫الثاني و تحد ّ‬
‫في الرباط ‪ ,‬وعن عطورها وفخامتها ‪ ,‬وتحدث عن بعض‬
‫المسؤولين العرب الذين كان يلتقيهم سّرا وبعيدا عن‬
‫الضواء وبترتيب من الحسن الثاني ‪.‬‬
‫وإختيار المغرب هذا الوقت بالتحديد لتدشين العلقات‬
‫المغربية – العبرية والتي هي بالساس كانت سارية‬
‫عت الجهات الرسمية المغربية‬ ‫المفعول ل يهدف كما إد ّ‬
‫إلى المساهمة في تفعيل عملّية السلم المنهارة أساسا‬
‫بإعتراف رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الذي أعلن‬
‫ن خارطة الطريق ضاعت في الطريق أو ماتت بتعبيره ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫وإذا كانت بعض دول الطوق المجاورة أساسا للدولة‬
‫العبرية كمصر قد أخفقت في تفعيل هذه العملية رغم أّنها‬
‫سخّرت أجهزتها المنية بقيادة مدير مخابراتها ‪ ,‬وحتى‬
‫الراعي المباشر لعملية السلم واشنطن شكت من تلكؤ‬
‫العلمية السلمّية في الشرق الوسط ‪ ,‬فماذا ستقدر‬
‫الرباط من تقديمه لعملية السلم التي أصبحت مبررا‬
‫لدعاة التطبيع والهرولة و تفعيل العلقات مع الدولة‬
‫العبرية برئاسة شارون المعروف دولّيا بإجرامه ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫والواقع أن الرباط ومن خلل تفعيل علقاتها مع الدولة‬
‫العبرية تسعى للحصول على مزيد من الرضا المريكي‬
‫والعجاب المريكي لترجح كفتها في الصراع من أجل‬
‫مغربة الصحراء الغربية ‪ ,‬حيث تعمل الرباط جاهدة‬
‫وبسعي حثيث لقناع واشنطن بضرورة العتراف بأحقية‬
‫م الصحراء الغربية و قطع الطريق عن‬ ‫المغرب في ض ّ‬
‫الجزائر التي تسعى لقّيام دولة صحراوية بقيادة جبهة‬
‫البوليساريو ‪ ,‬حتى لو أّدى المر إلى منح جزء من هذه‬
‫الراضي للمريكان لتحويلها إلى قواعد عسكرية أمريكية‬
‫في المغرب العربي وعلى زواية المحيط الطلسي ‪.‬‬
‫ن خطوة من قبيل تفعيل العلقات‬ ‫ويعرف المغاربة جيدا أ ّ‬
‫الثنائّية بين تل أبيب و الرباط وفي هذا الظرف العربي‬
‫والسلمي العصيب حيث الكراهية المطلقة والمتصاعدة‬
‫عربيا وإسلمّيا لكل ما هو أمريكي أو صهيوني خصوصا‬
‫في ظل إقترافات أمريكا في العراق ‪ ,‬وما تقترفه الدولة‬
‫العبرية في فلسطين المحتلة ضد ّ أبناء الشعب‬
‫الفلسطيني ‪ ,‬من شأنه أن يجعل الدولة العبرية ترد ّ‬
‫الجميل بالضغط على واشنطن لتتبنى موقف المغرب في‬
‫ن جمعية المم المتحدة‬ ‫قضية الصحراء الغربية خصوصا وأ ّ‬
‫ستتوّلى النظر بجدّية في الملف الصحراوي لحّله وإخراجه‬
‫ل‪.‬‬ ‫من دائرة التذبذب واللح ّ‬
‫ن الطريق إلى الصحراء الغربية‬ ‫و إذا كانت الرباط تعتقد أ ّ‬
‫يكون عبر المرور بتل أبيب فهي مخطئة في حساباتها‬
‫لسباب محلية وإقليمية ودولّية ‪ ,‬فعلى الصعيد المحلي‬
‫ن كل القوى السياسية والوطنية ترفض جملة وتفصيل‬ ‫فإ ّ‬
‫أي تطبيع مع الكيان الصهيوني في الراهن العربي حيث‬
‫تلجأ القوات الصهيونية وبشكل يومي إلى نحر‬
‫الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم ‪ ,‬وقد يرفع هذا التطبيع‬
‫من سقف الدعاة إلى ممارسة العنف ضد ّ النظام‬
‫المغربي الذي يتجاوز الشعب وطلئعه في كثير من‬
‫ممارساته السياسية وتحديدا على صعيد القرارات‬
‫الخطيرة التي يتخ ّ‬
‫ذها ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ن خطوة من هذا القبيل ستزيد‬ ‫وعلى الصعيد القليمي فإ ّ‬
‫في مراكمة الخلفات بين الدول المغاربية التي ل تحكمها‬
‫وال معين تغنيه ‪,‬‬ ‫توجهات سياسية واحدة ولكل دولة م ّ‬
‫فهذه الدولة إرتمت في أحضان أمريكا وأخرى مازالت‬
‫موصولة المصل الفرنسي ‪ ,‬وثالثة إنفتحت على إفريقيا‬
‫وهناك الغارف من بحيرات الجميع بما في ذلك البحيرة‬
‫العبرية ‪.‬‬
‫وعلى الصعيد العربي والسلمي فسوف يزداد سخط‬
‫الشارع العربي والسلمي على الرباط التي ورغم حجم‬
‫الدماء المراقة ظلما وعدوانا في فلسطين المحتّلة فإّنها‬
‫قفزت على هذه الدماء وقرّرت التطبيع مع الكّيان‬
‫م الصحراء‬ ‫ن ذلك سيمكّنها من ض ّ‬ ‫الصهيوني ظّنا منها أ ّ‬
‫الغربية إليها أو على القل سيرفع من أسهمها السّياسية‬
‫لدى الدارة المريكية التي باتت سيدة الحل والربط في‬
‫النزاعات الدولّية الراهنة ‪.‬‬
‫ن الدولة العبرية ستكون المستفيد الول من‬ ‫والواقع أ ّ‬
‫هذا التطبيع بإعتبار أنها كانت ومازالت تخترق الجدار‬
‫العربي و تخرم لغة الجماع العربية ‪ ,‬حيث يأتي حفل‬
‫التطبيع المغربي – العبري بعد إّيام من إجتماع لجنة‬
‫المقاطعة العربية لسرائيل التابعة للجامعة العربية في‬
‫مقر الجامعة العربية في القاهرة ‪.‬‬
‫ن سبب تدشين العلقات المغربية – العبرية‬ ‫ما التبرير بأ ّ‬‫أ ّ‬
‫هو للمساهمة في حلحلة أزمة الشرق الوسط فهو أقرب‬
‫إلى فن الضحاك على الذقون وعلى الشعوب والذي‬
‫تجيده بإحكام وإمتياز و إحتراف كبير كل العواصم‬
‫العربّية !!‬

‫بقلم ‪ /‬يحي أبوزكريا ‪.‬‬

‫‪87‬‬

You might also like