Professional Documents
Culture Documents
الصحراء الغربّية
عبر تل أبيب .
بقلم /الصحفي
والكاتب
الجزائري يحي
أبوزكريا .
1
المحتويات ..
-1الهداء .
-2إختراقات الموساد في
المغرب العربي .
-3أزمة الربع قرن بين
الجزائر والمغرب أما آن لها
أن تنتهي .
-4أزمة الصحراء الغربية
العقبة الكأداء في طريق
التحاد المغاربي .
-5إسرائيل تخترق
المغرب العربي .
-6الرعاية المريكية
للتحاد المغاربي .
العلقات الجزائرية – -7
التونسّية .
-8المغرب بين الحسن
الثاني ومحمد السادس .
-9المغرب على خطى
الجزائر .
2
-10تقسيم الصحراء
الغربية هل يكون هو الح ّ
ل.
أزمة الصحراء الغربية -11
ومستقبل العلقات
الجزائرية – المغربية .
-12حتى ل يصبح المغرب
العربي المغرب العبري.
-13خلفيات وأبعاد
التغييرات السياسّية
المزمنة في الجزائر .
-14دور يهود المغرب
العربي في تأسيس الدولة
العبرية .
-15صراع الرادات الدولية
حول المغرب العربي.
ضر واشنطن -16ماذا تح ّ
لجبهة البوليساريو .
-17ماذا جرى في
موريتانيا ..
-18مساعي لنعاش التحاد
المغاربي .
-19مستقبل إتحاد المغرب
العربي .
3
مصير العلقات -20
4
الهداء
5
العبرية و مشاركتها بقوة في الحروب العربية -السرائيلية
.وقد استطاعت الجهزة المنية السرائيلية و بفضل
الوجود اليهودي الغزير في منطقة المغرب العربي من
إقامة شبكات استطاعت أن تمد الدولة العبرية بأدق
التفاصيل حول قضايا عديدة .وعندما استقرت منظمة
التحرير الفلسطينية في تونس ازداد نشاط الجهزة
المنية في منطقة المغرب العربي وما لم يكونوا يتمكنون
منه عبر شبكتهم كانوا يحصلون على ما يريدونه من
معلومات من خلل المخابرات الفرنسية التي اخترقت
المخابرات المغاربية وتحديدا في الجزائر وتونس
والمغرب .ففي تونس كلف الموساد السرائيلي سيدة
مجتمع تونسية بعد أن تم توظيفها في عاصمة النور
والملئكة باريس ,بفتح محل للحلقة النسوية وتحول هذا
المحل مع مرور اليام إلى محط رحال زوجات
المسؤولين التونسيين والفلسطينيين الموجودين في
تونس وكانت هذه السيدة تقوم بتسجيل ما يتلفظن به
من أسرار تتعلق بالوجود الفلسطيني في تونس أو بعض
القرارات السياسية المزمع اتخاذها .
ولم يكتف الموساد بالسيدة التونسية المذكورة بل عمل
على شراء ذمم بعض الشخصيات السياسية في الخارجية
التونسية للحصول على معلومات تتعلق بنشاط كافة
التنظيمات الفلسطينية في تونس .
و قد أعلنت الخارجية التونسية ذات يوم أنها سلمت
للقضاء التونسي مديرا رفيع المستوى في الخارجية
التونسية لتورطه في التعامل مع جهة أجنبية –الموساد
السرائيلي . -وأستغل الموساد الوجود المكثف لليهود
التونسيين الذين يتمتعون بحقوق المواطنة التونسية
ط بعضهم في جمع معلومات عن منظمة التحرير فور ّ
الفلسطينية ونشاطها العسكري والسياسي وقد أعتقلت
السلطات التونسية ذات يوم اثنين من هؤلء وأطلقت
سراحهما بعد تدخل حاخام اليهود الكبر في تونس لدى
الرئيس التونسي زين العابدين بن علي .ومن الشخصيات
الفلسطينية المهمة التي جرى اعتقالها في تونس الرجل
6
الثاني في سفارة فلسطين في تونس عدنان ياسين الذي
كلف من قبل الموساد السرائيلي بجمع معلومات عن
مسودات محمود عباس –أبو مازن -وذلك قبل لقاء جرى
بين محمود عباس – أبومازن وشمعون بيريز في
القاهرة .وقد تفاجأ أبو مازن لكون شمعون بيريز كان
على إطلع كامل على تفاصيل الطروحات الفلسطينية
المتعلقة باتفاق غزة-أريحا أول .وقد طلب أبو مازن
م الكتشاف أن المصباح بإجراء مسح على مكتبه فت ّ
الموضوع على مكتب أبو مازن هو في حقيقته جهاز
م اعتقال عدنان ياسين تم تصوير دقيق للغاية وعندما ت ّ
العثور في بيته على حبر سري وأربعة أقلم تحتوي على
أجهزة تنصت و أفادت المعلومات الولية عندها أن عدنان
ياسين جرى توظيفه في دولة غربية أثناء عرض زوجته
التي كانت مصابة بسرطان المعدة على مستشفيات
غربية وتم هذا التوظيف في بون وكانت الدفعة الولى
التي استلمها هي 10,000دولر .كما جرى اعتقال العديد
من المنيين بتهمة التجسس لصالح الموساد السرائيلي .
وفي الجزائر نجحت فرقة كوماندوس إسرائيلية في
تفجير سفن حربية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية
والتي كانت راسية في ميناء مدينة عنابة الواقعة في
الشرق الجزائري .
وكان الموساد السرائيلي يوظف اليهود الجزائريين الذين
منحتهم فرنسا جنسيتها عقب انتهاء حربها مع الجزائر و
غادروا الجزائر مع القوات الفرنسية في 5تموز – جويليا-
. 1962وكان هؤلء على علقة بمسؤولين جزائريين كانوا
يقيمون في فرنسا وكانوا محسوبين على حزب فرنسا
في الجزائر وتركيز الموساد في الجزائر كان على أمور
منها المعسكرات الفلسطينية في الجزائر ,التسلح
الجزائري ,مفاعل عين وسارة الجزائري النووي ,وتجدر
ن بعض الشخصيات السياسية الجزائرية الشارة إلى أ ّ
المحسوبة على التيار البربري واليساري والفرانكوفوني
نسجت علقات مع ضباط في الموساد وذلك في العاصمة
الفرنسية باريس ,وقد ضبطت السلطات الجزائرية
7
حمولة أسلحة إسرائيلية موجهة من ميناء مارسيليا في
جنوب فرنسا وإلى ميناء بجاية الجزائري والتيار السياسي
المسيطر على بجاية هو التجمع من أجل الثقافة
والديموقراطية البربري ,ومن الشخصيات السياسية
الجزائرية التي قتلت برشاش عوزي السرائيلي مدير
المخابرات العسكرية السبق ورئيس الوزراء الجزائري
السبق قاصدي مرباح .
كما أن السلطات الجزائرية اعتقلت بعض الطلبة العرب
الذين جرى توظيفهم لحساب الموساد وكان عملهم أن
يجمعوا معلومات كافة المعلومات المتوفرة عن مفاعل
عين وسارة النووي .
وفي المغرب وجد اليهود الساحة مفتوحة والمجال أرحب
وكانت علقتهم بدوائر البلط مباشرة ,وكان أرباب
الشركات الكبرى من اليهود وعندما يشاركون في
المعارض القتصادية الدولية في الرباط كانوا يحظون
بمآدب يقيمها لهم الراحل الملك الحسن الثاني .والذي
كان يحاول على الدوام الجمع بين هؤلء وشخصيات مالية
من إحدى دول الخليج ,وكانت الشخصيات اليهودية من
أصل مغربي كديفيد ليفي وأيلي درعي وغيرهما دائما تجد
كل الجوبة عن كل التساؤلت العبرية ,
ويعتبر أندريه أزولي مستشار الملك الراحل الحسن
الثاني ومستشار الملك الحالي محمد السادس يهودي
مغربي سبق له العمل في مصرف فرنسي كبير قبل أن
يتحول إلى القصر الملكي في الرباط كمستشار سياسي
وكان أحد أبرز الدافعين الى العلقات العبرية-المغربية
والحوار العربي – السرائيلي,
وكانت مقررات القمم العربية و المداولت السرية تصل
تباعا إلى تل أبيب عبر الرباط و ربما هذا ما جعل مراسل
ن يهود المغرب أفضل التايمز اللندنية في الرباط يقول :أ ّ
حال من السكان الصليين !!!!!
8
أزمة الربع قرن بين المغرب
والجزائر أما آن لها أن تنتهي
!
9
إل ّ إذا توّلت جبهة البوليساريو إقامة دولتها في
ن الحسن الثاني الصحراء الغربّية ,ورغم أ ّ
عرض على بومدين عبر وسطاء معينين منح
الجزائر منفذا إلى الطلسي مقابل التخلي عن
ن بومدين رفض ي مشروع البوليساريو إل ّ أ ّ تبن ّ
ن الخلفات العرض .و تجدر الشارة إلى أ ّ
دت إلى نشوب حرب بين الجزائرّية – المغربية أ ّ
البلدين مباشرة في سنة , 1963كما أندلعت
عشرات الحروب غير المباشرة بين المغرب
والجزائر حيث كان الجيش الجزائري يحارب
القوات المغربية من خلل جبهة البوليساريو
وقد أسرت القوات المغربية عشرات الجنود
الجزائريين .وبسبب جبهة البوليساريو كانت
الجزائر تستقبل معارضي النظام المغربي
وتمنحهم جوازات سفر ديبلوماسّية ,والمغرب
كان يلجأ إلى الشيئ نفسه ,وعندما اندلعت
ض الطرف عن الفتنة الجزائرّية كانت الرباط تغ ّ
دخول السلح إلى الجماعات المسلحة في
الجزائر عبر الراضي المغربية .و كانت بعض
عناصر الجماعات السلمّية الجزائرية تّفر إلى
المغرب بعد قيامها بأعمالها العسكرية في
مناطق الغرب الجزائري .و على امتداد ثلثين
سنة كانت العلقات الجزائرّية – المغربية
محكومة بوضع الصحراء الغربّية .وكان هناك
ل الزمة الصحراوية خياران ل ثالث لهما في ح ّ
الخّيار الجزائري والمتمثل في إقامة دولة
مستقلة لجبهة البوليساريو في الصحراء الغربّية
,والخيار المغربي المتمثل في بسط السّيادة
على الراضي الصحراوية بناءا على أصالة
مغربية الصحراء الغربّية .وبسبب تصّلب
ن
ي المغرب والجزائر على السواء فا ّ موقف ّ
الجهود الممّية باءت بالفشل الذريع ,و عندما
استعصى على جمعية المم المتحدة حلحلة هذه
10
المعضلة كلّفت وزير الخارجّية المريكي السبق
جميس بيكر بتوّلي هذا الملف حيث تردد ّ أكثر
من مرة إلى الجزائر والمغرب ومناطق جبهة
البوليساريو وحاول ترتيب استفتاء حول
مستقبل الصحراء الغربية ,لكن اختلف الجزائر
مع المغرب حول من يحق له المشاركة في
الستفتاء حال دون ترتيبه ,وفي هذه الثناء
وفي الوقت الذي كانت فيه الجزائر منشغلة
بفتنتها الداخلّية قام العاهل المغربي الشاب
مد السادس بزيارة إلى واشنطن وباريس مح ّ
وحاول إقناع الرسميين هناك برجاحة الخّيار
المغربي ووعد واشنطن بتسهيلت عسكرية في
المغرب فيما لو عمدت واشنطن إلى دعم
الخّيار المغربي .وبعد طول صمت أعلنت
واشنطن عن خيارها الثالث المتمثل في منح
جبهة البوليساريو حكما ذاتّيا محدودا فيما يمنح
المغرب حقّ الشراف على وزارة الدفاع
والخارجّية ووزارات السّيادة الخرى ,و قد
رفضت الجزائر هذا المشروع جملة وتفصيل ,
ن جبهة البوليساريو رفضت المشروع كما أ ّ
ق
المريكي و أعتبرته تعدّيا صريحا على مبدأ ح ّ
تقرير المصير وتجاوزا على نضالت الشعب
الصحراويى .وينسجم الخّيار المريكي مع
ص على إحقاق شراكة أطروحة أمريكية تن ّ
مغربّية
أمريكية ولهذا الغرض انعقدت العديد من الندوات
في واشنطن وتستهدف هذه الشراكة إلى سحب
البساط بشكل كامل من فرنسا في المناطق
المغاربّية ,وباريس التي تنظر إلى هذه التطورات
باستّياء تعي ّأن هوى النظم السياسية المغاربية بات
أمريكّيا ولذلك راحت تخلط الوراق الداخلية في
الجزائر وتفتح ملف حقوق النسان في تونس وملف
بن بركة في المغرب وتعتقل رسميين موريتانيين في
11
فرنسا بحجة انتهاكات واسعة لحقوق النسان في
ى
وإذا تسن ّ نواكشوط .
للخيار المريكي أن يأخذ مجراه في حلحلة الزمة
ن واشنطن قد وضعت الصحراوية فمعنى ذلك أ ّ
مسمار جحا في منطقة المغرب العربي وهو ما
يش ّ
كل النهاية الفعلّية للمجد الفرانكفوني في
!! المغرب العربي
12
خ الحيوية في جبهة م الرباط الجزائر بأّنها أعادت ض ّ ومثلما تته ّ
البوليساريو ودعتها إلى تصعيد عملياتها في القريب العاجل ضد
ن الرسميين الجزائريين يتهمون المغرب وات المغربية ,فإ ّ الق ّ
بتقديم الدعم للجماعات السلمية المسلحة في الجزائر وتسهيل
عبور أفراد هذه الجماعات عبر الحدود المغربية ,وقد شكّلت
هذه الملفات المنّية العالقة بين البلدين حاجزا حال دون تفعيل
العلقات الثنائّية بين البلدين .
ن الرباط مازالت تعمل على وأد الحق وحسب الجزائريين فإ ّ
الصحراوي وحرمان جبهة البوليساريو من إقامة دولتها في
الساقّية الحمراء و وادي الذهب ,وهي – أي الرباط – تعمل ما
في وسعها لعرقلة الستفتاء حول مصير الصحراء الغربية وفق
ن الجزائر و ن الرباط من جهتها فترى أ ّ خطة المم المتحدة ,لك ّ
أجهزتها المنية هي وراء خلق جبهة البوليساريو وذلك عندما كان
طلبة صحراويون يدرسون في الجامعات الجزائرية ,وأصدر
هواري بومدين الرئيس الجزائري السبق أوامره إلى مدير
الستخبارات العسكرية في ذلك الوقت قاصدي مرباح
بإستقطاب هؤلء الطلبة ومنهم الرئيس الصحراوي الحالي
ودعمهم ماديا وسياسيا وعسكريا لنشاء جبهة تحرير الساقّية
ن تاريخ المغرب العربي لم الحمراء ووادي الذهب وتعتبر الرباط أ ّ
ن
يعرف ل قديما ول حديثا شيئا اسمه دولة الصحراء الغربية وأ ّ
هذه الصحراء كانت على الدوام أرضا مغربّية كما تؤكد ّ كل
الوثائق .
فات الستعمار ن ما عرف بأزمة الصحراء الغربية هو من مخل ّ وأ ّ
ن المغرب لم تكن تعترف م الفرنسي .ومعروف أ ّ السباني ث ّ
على الطلق باستقلل موريتانيا لنّها كانت تعتبر موريتانيا أرضا
مغربّية أيضا ,وكان العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني
يطالب بالرض الموريتانية المر الذي جعل الموريتانيين يرتمون
في أحضان الجزائر في عهد هواري بومدين كنوع من الحماية
لهم ضد العاهل المغربي الراحل ,وحتى الراحل جمال عبد
ن موريتانيا أرض مغربية وهو ما جعل القيادة الناصر كان يرى أ ّ
الموريتانية في ذلك الوقت تستاء من عبد الناصر ومن الخط
القومي العربي عموما .
وقد أصبحت أزمة الصحراء الغربية ترسم منحنيات
العلقات المغاربية – المغاربية ونشأت في المغرب
ن الدول
العربي معادلة سياسية وديبلوماسّية مفادها أ ّ
المغاربية الخرى كتونس وليبيا وموريتانيا إن هي دعمت
13
جبهة البوليساريو فإّنها بذلك ترضي الجزائر وتغضب
المغرب وإن هي سحبت إعترافها بجبهة البوليساريو
ن الجزائرفسوف تغضب الجزائر وترضي المغرب ,ول ّ
والمغرب من أكبر الدول المغاربية من حيث الديموغرافيا
والجغرافيا على السواء فقد بات يؤثران بقوة في رسم
منحنيات العلقات المغاربية – المغاربية .
ن المعادلة السياسية التي جئنا على ذكرها قد أرّقت ول ّ
الدول المغاربية كثيرا فقد أصبحت الدول المغاربية
الخرى غير مبالّية بأزمة الصحراء الغربية وتداعياتها ,
فراحت كل دولة تبحث عن محور إقليمي أو دولي آخر
تتعامل معه .
فالجمهورّية الموريتانّية وجدت عزاءها في الدولة
العبرّية ,والجماهيرية الليبية العظمى راحت تبحث عن
عزائها في القارة الفريقية
مر القذافي الزعيم الليبي في نظر و أصبح العقيد مع ّ
الصحافة الليبية زعيم إفريقيا وباعث نهضتها المعاصرة ,
فيما تونس وجدت عزاءها في واشنطن بعد أن أدارت
ظهرها لفرنسا التي انتهى عّزها في تونس مع النهاية
المأساوّية للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة .
ن أيّ انفراج في العلقات الجزائرية – ويبقى القول أ ّ
المغربية ,والعلقات المغاربية – المغاربّية مرهون بحل
قضية الصحراء الغربية ,لكن المؤشرات كلها ل تشير إلى
قرب حلحلة هذه الزمة التي جاوزت الربع قرن بدون ح ّ
ل
.
ولم تفلح كافة مبادرات جمعّية المم المتحدة في إيجاد
سك المغرب بحّقها في ل للمعضلة الصحراوّية بسبب تم ّ ح ّ
م الرض الصحراوّية إليها لّنها بالساس أرض مغربّية ض ّ
ق
في نظر الرباط ,وبسبب إصرار الجزائر على ح ّ
الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتبّنيها لمشروع
جبهة البوليساريو القاضي بإقامة دولة مستقّلة في
الساقّية الحمراء ووادي الذهب – الحّيز الجغرافي
للصحراء الغربّية . -
14
و من جهتها جبهة البوليساريو التي تملك قواعد عسكرّية
في العمق الجزائري مازالت ترفض كافة المبادرات
السياسّية والتي ل تنسجم مع مشروعها السياسي
المحصور فقط في ضرورة إقامة الدولة الصحراوّية
المستقّلة في الصحراء الغربّية .
وتعتبر معضلة الصحراء الغربّية ثاني أعقد أزمة حدودّية
بعد أزمة كشمير بين الهند وباكستان ,ويجدر تسميتها
بكشمير المغرب العربي والتي تسبّبت في حرب حدودّية
بين الجزائر والمغرب في سنة . 1963
وقد طرحت جمعية المم المتحدة العديد من المشاريع
السياسّية لحلحلة الزمة الصحراوّية لكن أّيا منها لم ينفذ ّ ,
طوع الحلول السياسّية ودخول واشنطن على خ ّ و قبل تن ّ
دة تتبّنى خيار الزمة الصحراوّية كانت جمعّية المم المتح ّ
الستفتاء في الصحراء الغربّية وخلصة المشروع الممي
الذي طرح على المغرب وجبهة البوليساريو عندما كان
خافيير دي كويلر أمينا عاما للمم المتحدة ,هو أن
يشارك الصحراويون في استفتاء عام حول مصير
الصحراء الغربّية ,وهنا وقع خلف حاد بين المغرب وجبهة
البوليساريو حول هوّية الصحراوي الذي يحقّ له المشاركة
في الستفتاء ,وفي هذا الصدد كانت جبهة البوليساريو
ن سكّان القليم الصحراوي وسكان شمال الصحراء ترى أ ّ
الذين غادروا الصحراء الغربّية بحثا عن لقمة العيش إلى
أماكن أخرى كلهم يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ,
ن سكان منطقة الصحراء فيما كانت المغرب ترى أ ّ
الغربّية والمسجّلين في السجّلت قبل سنة 1975هم
وحدهم الذين يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ,ونظرا
ل مشروع الستفتاء إلى أن تبدد ّ بشكل لهذا الخلف تأج ّ
لنهائي ,ولما عجزت جمعّية المم المتحدة في إيجاد ح ّ
للمعضلة الصحراوّية أسند الملف إلى وزير خارجّية أمريكا
السبق جميس بيكر والذي قام بزيارات ميدانّية إلى
المنطقة المغاربّية و إلتقى المسؤولين الجزائريين
والمغاربة وكذا المسؤولين على جبهة البوليساريو .وبعد
دراسات مكثفة و لقاءات الطراف المعنّية بهذا الملف
15
في هيوستن في أمريكا ,طرح جميس بيكر مشروع الح ّ
ل
الثالث والمتمّثل في منح الصحراء الغربّية حكما ذاتّيا لكن
في إطار السّيادة المغربّية و هو المشروع الذي رحبت به
المغرب ورفضته الجزائر وجبهة البوليساريو جملة وتفصيل
.
والجزائر التي تبّنت مشروع جبهة البوليساريو سنة 1975
وأيدتّها إعلمّيا وسياسّيا ومالّيا ولوجستّيا ل تريد أن ينتهي
ي ثمارا الصراع المرير حول الصحراء الغربّية دون أن تجن ّ
سياسّية وإستراتيجّية وعلى رأسها أن يكون لديها منفذ
دا للطماع المغربّية على المحيط الطلسي ,وأن تضع ح ّ
القديمة في صحراء تندوف الجزائرّية وذلك عبر إقامة
دولة صحراوّية بينها وبين المغرب .ومثل المشروع
ن مشروع الخّيار الثالث تبدد ّ ولم ير النور المر السابق فا ّ
الذي جعل المين العام للمم المتحدة الحالي كوفي أنان
دم مبادرة يرى المراقبون أّنها قد تكون الخيرة ,و يق ّ
تتمّثل المبادرة في أربع نقاط هي :استمرار جهود المم
المتحدة من أجل إيجاد حلحلة للملف الصحراوي ,العمل
بالخيار الثالث الذي طرحه جميس بيكر ,إنهاء وجود
قوات المم المتحدة في الصحراء الغربّية المر الذي
يعني تأجيج الموقف بين الجزائر والمغرب ,والنقطة
الرابعة تتمّثل في تقسيم الصحراء الغربّية بين الجزائر
والمغرب .
وفي الوقت الذي رفضت فيه المغرب مشروع تقسيم
ن الجزائر أبدت إستعدادها للتعاطي الصحراء الغربّية فإ ّ
ن المندوب الجزائري الدائم مع مشروع التقسيم ,بل إ ّ
دة عبد الله بعلي وفي رسالة له إلى في المم المتح ّ
المين العام للمم المتحدة أبدت استعدادها لمناقشة
مشروع تقسيم الصحراء الغربية بما يحفظ الحقوق
المشروعة للشعب الصحراوي .
و قد انفعلت المغرب أّيما انفعال من المبادرة الجزائرّية
ن الجزائر تهدد ّ أمنوأعتبرت وسائل العلم المغربّية أ ّ
ن
المنطقة المغاربّية فيما رأت صحف مغربّية أخرى أ ّ
الجزائر وبتبّنيها لمشروع التقسيم كشفت عن نيتها
16
الحقيقّية من وراء تبّني مشروع الصحراء الغربّية ,فهي ل
تهدف إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي بقدر ما تصبو
ت قدميها في الرض الصحراوّية الغنّية إلى أن تثب ّ
بالثروات الطبيعّية وعلى رأسها الفوسفات .
وقبل ذروة النسداد الذي عرفته القضّية الصحراوية
شهدت المناطق الحدودّية على طرفي المغرب والجزائر
مناورات عسكرّية ,الغرض منها إبراز العضلت والتلويح
بورقة القوة ,ولم يسبق أن وصلت قضّية الصحراء
الغربّية إلى ذروة التعقيد مثلما هي عليه الن ,فل الجزائر
مستعدة لتسليم الصحراء الغربّية وبالتالي التضحّية بكل
دة للتخلي ما قدمته لجبهة البوليساريو ,ول المغرب مستع ّ
عن الرض الصحراوّية التي تعتبرها المغرب أرضا مغربّية
قلبا وقالبا ,ول جبهة البوليساريو الرافضة ليّ مشروع ل
يحققّ حلمها بإقامة الدولة المستقّلة في الصحراء الغربّية
مستعدة للتخلي عن الرض الصحراوّية ,ولهذا من
المستبعد أن ينجح مشروع التقسيم ,وقد يؤدي هذا
المشروع إلى إنتاج حرب ضروس في منطقة المغرب
دة لقواتها من ن سحب المم المتح ّ العربي ,كما أ ّ
دي إلى انهيار الوضع العسكري في المنطقة قد يؤ ّ
المنطقة المغاربّية .
ن تعقيد الحل في المنطقة من قبل ي القول أ ّ وبق ّ
واشنطن و المم المتحدة ربما يهدف إلى إنتاج حرب
عربّية – عربّية جديدة تهدف واشنطن من خللها إلى
إخراج فرنسا بشكل كامل من المغرب العربي ,ووضع
يدها على منطقة تّعد من أغنى المناطق في العالم !!
17
اسرائيل تخترق المغرب
العربي !
18
ن أصحاب هذه الصفقات كانت على علم بكل الصفقات وأ ّ
لهم علقة بالمافيا الجزائرية التي ازداد نفوذها في العشر
سنوات الخيرة التي قوامها ضبّاط رفيعو المستوى
وعناصر في الجهزة المنية وسياسيون وأرباب أموال في
الجزائر ,وقد اعترف مدير عام الجمارك سيد علي لبيب
بوجود مثل هذه الحالت لكن وبتعبيره ل يوجد قرار
ن النحاس سياسي بتعرّية هذه الحالت ,والعجيب أ ّ
واللمنيوم المباع لسرائيل هو من بقايا سكك الحديد
المسروقة والكابلت المسروقة والمصنوعة من النحاس ,
ن المافيا المتورطة في هذه وحسب معلومات أكيدة فا ّ
التجارة المشبوهة مع إسرائيل استغّلت الزمة المنّية في
الجزائرية وراحت تفتح قنوات مع الدولة العبرية .وتأتي
هذه الفضيحة التي كشفت عنها وسائل العلم الجزائرية
ن واشنطن بعد أن أفاد مراقبون في العاصمة الجزائرية أ ّ
طلبت من الجزائر بعد مقابلة بوتفليقة – بوش في البيت
البيض بتاريخ 12تموز – يوليو الفائت إعادة فتح قنوات
مع الدولة العبرّية .ومن الجزائر والى موريتانيا تجري
ترتيبات عسكرّية بعيدة عن الضوء بين نواكشوط وتل
أبيب لجراء مناورات عسكرّية موريتانّية -إسرائيلّية في
محاولة من الدولة العبرّية لجعل موريتانيا كتركيا – تركيا
خنجر إسرائيلي في جسد المشرق العربي وموريتانيا
خنجر إسرائيلي في جسد المغرب العربي , -ومازالت
التصالت نشيطة للغاية بين تل أبيب ونواكشوط وهناك
صفقات بين العاصمتين متوسطة وبعيدة المدى ,و هذا ما
ن
ض الطرف عن النتقادات العربّية ل ّ يجعل موريتانيا تغ ّ
الربح الذي تنتظره وفي نظرها يّعد أكبر من كل الذي
جنته موريتانيا من علقاتها العربّية .وللسفارة العبرّية في
موريتانيا نشاط كبير وخصوصا بعد أن دّبت البرودة بين
نواكشوط والعواصم العربية بسبب الزيارة الخيرة التي
قام بها وزير خارجية موريتانيا الدا ولد عيدي إلى الدولة
العبرية في العهد الشاروني ,ويفيد مصدر موريتاني
ن التفاقات السرّية في المجال التجاري مطّلع أ ّ
والصناعي والعسكري بين الدولة الموريتانّية والدولة
19
العبرّية كبير ومهم للغاية لكن لم يحن الوقت للعلن عن
ما في المغرب هذه التفاقات للضرورات المعروفة .أ ّ
فرغم إعلن المغرب عن تجميد مكتبه التمثيلي
ن سياسة القنوات المفتوحة والديبلوماسي في تل أبيب فا ّ
مع الدولة العبرّية مازالت سارّية ,وانشغال المغاربة
بالملفات الداخلّية كملف المهدي بن بركة حال بينهم وبين
ن لليهود
متابعة سلسلة التصالت السرّية خصوصا وأ ّ
المغاربة مصالح اقتصادّية كبيرة ومن خلل المغرب
يصدرون بضائع بلدهم إسرائيل إلى الدولة التي ل يوجد
بينها وبين الدولة العبرّية علقات سياسية وتجارّية .وفي
تونس فان وكالت السفر والساحة منشغلة بنقل اللف
من السرائيليين من أراضي الرض المحتلة في فلسطين
وإلى تونس للحج إلى مقام غريبة في الساحل التونسي
والذي ينتظر أن يشهد زيارات مكّثفة إلى المقام الذي
يوليه اليهود أهمّية خاصة ,والسلطة التونسّية تعتبر ذلك
جزءا من تنشيط صناعة السّياحة .
ن الدول المغاربّية في إعلنها عن وقف التصالت مع إ ّ
الدولة العبرّية عقب وصول آرييل شارون إلى رئاسة
ن المصالح الحكومة هو من باب رفع العذر ,والواقع أ ّ
المادّية للدول المغاربية التي مازالت قنواتها مفتوحة مع
م من كل الشهداء الذين الدولة العبرّية هي أولى وأه ّ
ما من أجل كل يسقطون يومّيا في الرض المحتلة ,ورب ّ
الذي سلف لم تنبس العواصم المغاربّية ببنت شفة في
المذابح المتواصلة في الرض المحتلة ضد ّ الشعب
الفلسطيني ,وما ينطبق على المغرب العربي ينطبق
على مشرقه ,وتلك الكارثة التي جعلت كل الوراق بّيد
هولكو عصره آرييل شارون !!!!
20
الرعاية المريكية للتحاد
المغاربي .
21
تناولت العراقيل التي تحول دون تفعيل الستثمار في
منطقة المغرب العربي كما تناولت الندوة موضوع
الخلفات السياسية بين دول التحاد المغاربي وسبل
معالجتها ,و قد أعقب هذا الجتماع اجتماع أخر في شهر
أبريل –نيسان – الماضي وكان الجتماع الثاني بحضور
ستيوارت ايزنستات مساعد كاتبة الدولة المريكية
للخزينة و تناول اللقاء الثاني كيفية استثمار مليارين و
نصف المليار من الدولرات في منطقة المغرب العربي ,
جهت الدعوة لموريتانيا لحضور الندوة الثانيةوقد و ّ
كملحظ ,وطالب هذا المسؤول المريكي أن تكون هناك
وحدة بين القطار المغاربية معتبرا أن مثل هذه الوحدة
ستخدم الستثمار المريكي ,ويرى مراقبون في المغرب
العربي في هذا التوجه المريكي بأّنه ل يدخل في باب
ن واشنطن تريد الحرص على التحاد المغاربي بقدر ما إ ّ
صة الكعكة المغاربية برمتها ,فهي ل تريد أن تكون لها ح ّ
في الجزائر ,ولفرنسا مثل حصة في تونس وموريتانيا ,
فهي تريد الخضر واليابس في منطقة المغرب العربي ,
وهذا ما يفسّر هجوم الشركات المريكية على تونس
والجزائر والمغرب وموريتانيا ونفس هذه الشركات
المريكية المتعددة الجنسيات بدأت تعود إلى ليبيا و لبد ّ
أن نشير أّنه ورغم الحصار المريكي المفروض سابقا
على ليبيا بسبب أزمة لوكربي كانت الشركات النفطية
المريكية تشتري حصة السد من النفط الليبي .
كز على وهناك العديد من الدراسات المريكية التي تر ّ
حجم الثروات الهائلة الموجودة في المغرب العربي من
نفط وغاز وحديد وفوسفات ويورانيوم و ما إلى ذلك من
الثروات الباطنية .وبالضافة إلى عامل الثراء هناك عامل
الموقع الجيوسياسي ,ول يمر شهر إل ّ وتشهد مياه البحر
البيض المتوسط مناورات عسكرية بحرية بين القوات
الجزائرية والمريكية ,أو بين القوات المغربية والقوات
المريكية .فهذا المنفذ البحري الهام يجعل اللة
العسكرية المريكية البحرية على تماس جغرافي بأوروبا ,
وعلى تماس جغرافي بإفريقيا ,وعلى تماس جغرافي
22
بالشرق الوسط وهي كلها مناطق تعني الكثير
للستراتيجية المريكية
كز على ضرورات المنافذ المائية لتكريس التي كثيرا ما تر ّ
الوجود المريكي في مختلف نقاط العالم .
سة للعروض المريكية ,وهي وتبدو الدول المغاربية متحم ّ
في مجموعها بات الرضا المريكي يعني لها أكثر مما
ل عولمة يعنيها الرضا الفرنسي الذي لم يعد مجدّيا في ظ ّ
ن
أمريكية الشكل والمضمون ,وترى الدول المغاربية أ ّ
هذا التوجه المريكي لتوحيد المغرب العربي والستثمار
فيه من شأنه أن يساهم في حلحلة العديد من المشاكل
ن
ور هذه الدول أ ّ التي تتخّبط فيها هذه الدول ,وتتص ّ
ن المقابل
واشنطن ستعطيهم بدون مقابل متناسين أ ّ
ل هشاشة الوضع السياسي سيكون كبيرا للغاية في ظ ّ
المغاربي .
ن الدول المغاربية ل والعجيب كما يقول سياسي مغاربي أ ّ
تجتمع فيما بينها لحل مشكلة إنهيار التحاد المغاربي ,
وتنتظر من واشنطن أن تعمد إلى مساعدتها على تفعيل
التحاد المغاربي ,وهي خطوة إن تمت ستصبح منطقة
المغرب العربي بموجبه قاعدة أمريكية تماما كتركيا ,و
ن معظم الدول المغاربية معجبة بالنموذج الغريب أ ّ
التركي و خصوصا الرتماء التركي في الحضن المريكي و
الوروبي في نفس الوقت !!!!!!!!!
23
العلقات الجزائرية-
التونسية
عقد الماضي ومخاوف
المستقبل !
الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة إلى تونس بدعوة من نظيره التونسي زين
العابدين بن علي ,ورد ّ الزيارة التي قام بها قبل فترة
وجيزة الرئيس زين العابدين بن علي إلى الجزائر ,ل
تندرج في سياق البحث عن الشروط الموضوعية لعادة
الحياة الى التحاد المغاربي الذي ينتظر من يطلق عليه
رصاصة الرحمة و محاولة ترميم العلقات الجزائرية –
المغربية ,و اعادة تصحيح العلقات التونسية –الجزائرية ,
بقدر ما تندرج في سياق البحث في الملفات المنّية
حة وخصوصا بعد قيام مجموعة مسلحة جزائرية في المل ّ
أقصى الشرق الجزائري بالهجوم على مركز حدودي
تونسي المر الذي جدد ّ المخاوف التونسية التي بقيت في
ذروتها منذ السماح للحزاب السلمية بالعمل السياسي
في الجزائر .و قبل هذا ظّلت العلقات الجزائرية
التونسية خاضعة للمد ّ والجزر لكّنها لم تصل الى حد ّ
24
القطيعة كما هو الشأن في العلقات الجزائرية-
المغربية .
وخلفية الخلفات التونسية – الجزائرية تعود إلى الحقبة
الستعمارية الفرنسية ,حيث كان الرئيس التونسي
ى رئاسة الحكومة الراحل الحبيب بورقيبة وبعد أن تول ّ
التونسية في 1956يدعو قادة الثورة الجزائرية إلى
الكف عن الثورة والعودة إلى الهدوء في ظل فرنسا ,
وعندما قام بزيارة إلى واشنطن في تلك الفترة طلب منه
دئ للثورة الرئيس المريكي ايزنهاور بالقيام بدور المه ّ
الجزائرية مقابل مساعدات اقتصادية أمريكية ,وطلب
وار الجزائريين بالعودة ايزنهاور من بورقيبة أن يقنع الث ّ
إلى السلم والعيش في كنف فرنسا ,ووعد بورقيبة
ايزنهاور بالقيام بهذا الدور و محاولة إقناع الجزائريين
بوقف القتال كما فعل هو في تونس عندما قبل
بالستقلل الذاتي ,وكان أول تصريح لبورقيبة في البيت
البيض قوله :نحن مع الغرب وسنظل معه ل بحكم
موقعنا الجغرافي فقط بل بحكم ثقافتنا وتقاليدنا !
ن لدى عودة بورقيبة من واشنطن أن واشنطن كلفته وتبي ّ
بالتحرك من أجل إقامة حلف عسكري يضم أقاليم
الشمال الفريقي – المغرب العربي – وفرنسا وإيطاليا
مل للحلف وإسبانيا وترعاه أمريكا وبريطانيا ويكون مك ّ
ن هذا الطرح مازال قائما الطلسي ,وتجدر الشارة إلى أ ّ
وترّوج للفكرة تونس حيث تعرض الرئيسان التونسي زين
العابدين بن علي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى
المشروع المريكي القاضي بتأسيس شراكة أمريكية _
مغاربية .
وحاول بورقيبة جاهدا إقناع قادة الثورة الجزائرية
بالمشروع وعلى مدى ثلثة أسابيع بعد عودته من
ل على اتصال بقادة الثورة الجزائرية و واشنطن ظ ّ
الساسة في المغرب العربي ولما ّ لم ينجح في مشروع
إطفاء الثورة الجزائرية و ل في مشروع الحلف مع أمريكا
راح وحده يغّرد خارج السرب وكان يردد :يا ليت تونس
25
تقع بمنأى عن موقعها الجغرافي الحالي ,يا ليتها تقع في
شمال العالم على مقربة من الدول السكندينافية .
وزاد في التشويش على العلقات الثنائية بين تونس
والجزائر احتضان الجزائر لبعض الشخصيات المعارضة
للحبيب بورقيبة وحكمه ,كما أن وقوف بورقيبة إلى
جانب المغرب في قضية الصحراء الغربية أدىّ إلى انزعاج
كبير من طرف هواري بومدين الذي وضع كل ثقل
الجزائر في قضية الصحراء الغربية ومعروف أن هواري
بومدين كان وراء تأسيس جبهة البوليساريو .
26
و عندما تولى الشاذلي بن جديد الحكم في الجزائر
في 1980كان التحاد المغاربي في طور التأسيس
المر الذي أدى نسبيا إلى إعادة تصحيح العلقة بين
الجزائر وتونس ,لكن سرعان ما تغيّرت الوضاع بعد
خريف الغضب الجزائري في 05تشرين الول –
طرت السلطة الجزائرية إلى أكتوبر 1988حيث أض ّ
تغيير أسلوبها السياسي وأطلقت مشروع التعددية
السياسية الذي بموجبه تأسست الحزاب السياسية
في الجزائر من وطنية وإسلمية وبربرية ,وترافق
هذا التغير الجزائري مع تغّير أخر في تونس تمث ّ
ل
في النقلب البيض الذي قاده الجنرال زين العابدين
بن علي على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة في
تشرين الثاني – نوفمبر , 1987وكان بن علي
منزعجا كل النزعاج من السلطة الجزائرية التي
منحت العتماد للجبهة السلمية للنقاذ وقد أوصل
انزعاجه هذا إلى الرئيس الشاذلي بن جديد وطالبه
ل جبهة النقاذ لن وجودها في الجزائر من شأنه بح ّ
أن يحرج السلطة التونسية مع حركة النهضة
ج بكل قيادييها
التونسية التي حظرت في تونس وز ّ
دة التوتر بين الجزائر
في السجن ,و أرتفعت ح ّ
وتونس عندما أقام زعيم حركة النهضة التونسية
ل يترددراشد الغنوشي في الجزائر العاصمة وظ ّ
على الدكتور عباسي مدني ورفاقه من قادة الجبهة
السلمية للنقاذ ,وقد أرسلت تونس رئيس وزرائها
حامد القروي إلى الجزائر للطلب رسميا من الجزائر
بتسّلم راشد الغنوشي المحكوم عليه بالعدام في
تونس مع مجموعة من قياديي حركة النهضة
التونسية ,وغادر الموفد التونسي الجزائر خالي
ن الرسميين في الجزائر كانوا يتصورون الوفاض ل ّ
ن خطوة من هذا القبيل من شأنها تفجير الشارع أ ّ
السلمي الذي كان يغلي في الجزائر ,وتبع
الغنوشي إلى الجزائر عشرات من أنصار النهضة
وكوادرها وارتابت السلطة التونسية في المر حيث
27
تخوفت من عودة المارد النهضوي إلى تونس من
البوابة الجزائرية ,و قد نشرت صحيفة البديل التي
كانت تابعة للرئيس الجزائري السبق أحمد بن بلة
تقريرا مستقى من جهات عليا يفيد بأن الجهزة
المنية في تونس أرسلت إلى الجزائر فرقة تدعى
النمور السوداء لغتيال راشد الغنوشي في الجزائر ,
وقد أبلغ الغنوشي بالمر فأتخذ ّ الحتياطات اللزمة
.وفشلت المحاولة بعد كشفها إعلميا
و عندما تزايدت الضغوط على الجزائر من قبل تونس
طلب من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية أن
يغادر الجزائر واختار التوجه الى السودان ومنه توجه الى
بريطانيا للقامة فيها كلجيء سياسي .
وبعد إبعاد الشاذلي بن جديد عن الحكم و فرض حالة
ل الجبهة السلمية للنقاذ اندلعت مواجهات الطوارئ وح ّ
ب على دامية بين أنصار النقاذ والسلطة الجزائرية و ترت ّ
إلغاء النتخابات التي فازت فيها الجبهة السلمية للنقاذ
سلح وعشرات الحركات السلمية بروز العمل الم ّ
المسلحة التي كان بعضها يقوم بالهجوم على مواقع على
الحدود التونسية الجزائرية ,وفي ظل غياب التنسيق
السياسي كان التنسيق المني بين تونس والجزائر في
أوجه حيث كانت السلطات التونسية تسّلم عناصر
متعاطفة مع الحركات السلمية الجزائرية فّرت إلى
تونس وبدورها الجزائر تسلم معلومات عن نهضويين
تونسيين مروا بالجزائر .ومنذ 1992والى يومنا هذا كان
عمل التحاد المغاربي مقتصرا على الملفات المنية وجمع
المعلومات عن التيارات الصولية .
وزيارة عبد العزيز بوتفليقة إلى تونس تهدف إلى احتواء
ملفات الماضي و وضع استراتيجية أمنية موحدة لنه و
حسب الرسميين في تونس والجزائر فان التحديات
مازالت قائمة والمخاوف مازالت مشروعة ,وبعد توحيد
الرؤى بشأن القضايا المنية يأتي الحديث عن العلقات
م توسيع الثنائية في شقها السياسي والقتصادي ومن ت ّ
دائرة الحديث ليشمل مستقبل اتحاد المغرب العربي
28
وإصلح ذات البين بين الجزائر والرباط خصوصا وأن
العاهل المغربي محمد السادس سبق بوتفليقة إلى تونس
و يحاول زين العابدين بن علي أن يكون عرّاب
المصالحة بين بوتفليقة ومحمد السادس !!!!!!!
29
في عهد الحسن الثاني و حلحلتها عدا ملف الصحراء
الغربية الذي ما يزال ساخنا بسبب تشبث الجزائر
بموقفها وإصرارها على ضرورة قيام الدولة الصحراوية
التي صرفت عليها الجزائر الكثير على الرغم من عجزها
القتصادي وخصوصا في العشر سنوات الخيرة.
و على الرغم من أن كل دوائر القرار والمؤسسات
الدستورية في المغرب كانت مع تولي محمد السادس
للعرش في الرباط ,إل أن هناك تحديات كانت في
انتظار محمد السادس عشية توليه العرش ,وعلى الرغم
من دخوله المعترك السياسي باكرا إل أنه يفتقد إلى
الكثير من الحنكة السياسية والتجربة أيضا ,والفترة التي
قضاها مع والده في دائرة القرار كما يقول عارفون
بالبيت المغربي غير كافية لنضاجه سياسيا بالضافة
إلى أنه لم يكن مطلقا هو الذي يتخذ القرار بل كان أبوه
المعروف بحنكته وراء كل صغيرة وكبيرة وكان محمد
السادس يكتفي بالمعاينة فقط.
و لحد الن لم يتسن له أن يمل الفراغ الذي خلفه والده
وخصوصا لجهة التعاطي مع القضايا الداخلية المعقدة و
المتداخلة ,ومع ملف الصحراء الغربية ,إذ أن الجزائر
تجد في غياب الملك الحسن الثاني فرصة تاريخية لتفعيل
مشروع دولة البوليساريو .
و يمكن حصر التحديات التي تواجه الملك محمد
السادس في التحديات الداخلية وتحديدا في المجالين
القتصادي والسياسي ,
والتحديات الخارجية وتحديدا ملف الصحراء الغربية
والشراكة مع التحاد الوروبي والموقف من عملية
السلم خصوصا وأن الملك المغربي الراحل كثيرا ما
لعب دور ساعي البريد بين الدولة العبرية و بقية الدول
العربية .
أما داخليا فعلى الرغم من أن معظم الحزاب السياسية
متوافقة على قواعد اللعبة ضمن القرار بأن الملك هو
الملك و هو المحور الذي ل يمكن تجاوزه و ل يمكن
اللعب السياسي إل تحت سقفه إل أن هناك كثيرا من
30
التيارات السياسة ل تملك ضمانات ,وكانت على الدوام
عرضة للضطهاد السياسي ومن هذه التيارات ,التيار
السلمي والتيار اليساري التي كانت محل ملحقة
واغتيل بعض رموزها في السبعينات والثمانينات ,وإذا
كانت هذه التيارات لم تسلم مطلقا بحكم الملك الحسن
الثاني فكيف بحكم نجله .ولعل لهذا السبب أبدى محمد
السادس بعض النفتاح على هذه التيارات على وجه
التحديد ,وبدون النفتاح الكامل سيعرف عهد محمد
السادس العديد من التشنجات الداخلية خصوصا في
ظل استمرار الزمة القتصادية والجتماعية ..
والمغرب ورغم دخوله في اقتصاد السوق منذ سنوات
إل أنه لم يحقق النتائج المرجوة منه ,فالهوة تزداد اتساعا
بين الغنياء و الفقراء والرتباط بصندوق النقد الدولي أيل
إلى اللتحام وبالتالي مزيد من شروط صندوق النقد
الدولي التي ترهق كاهل المغرب.
و قد ل يجد الملك الشاب ما يفعله في هذا المجال
خصوصا وأن المغرب يفتقد إلى وفرة الطاقة من نفط
وغاز ,وحتى المراهنة على الشراكة مع التحاد الوروبي
أو دول جنوب أوروبا لن يجدي في حل المعضلة
القتصادية ذلك أن السمة الغالبة للقتصاد
المغربي هي الستهلك وليس التصنيع والنتاج ,وحتى إذا
لجأ الملك الشاب إلى تفعيل قطاع السياحة فان هذا ل
يكفي وحده في تحقيق الزدهار القتصادي ,فان مصر
السباقة إلى صناعة قطاع السياحة ما استطاعت أن
تحقق النقلة في اقتصادها إل بالشيء القليل فقط ..
أما التحديات الخارجية التي تعترض الملك الشاب فتكمن
في مشكلة الصحراء الغربية ,فالرسميون في الجزائر
يريدون أن تقوم لجبهة البوليساريو دولة ,تريح الجزائر
من بعض المطامع المغربية القديمة في صحراء تندوف
الجزائرية…
و من جهة أخرى فان الجزائر كانت تطمح على الدوام
أن يكون لها منفذ على المحيط الطلنطي وهذا يتسنى
لها في حال تأسيس دولة البوليساريو.
31
و رغم حنكة الملك الراحل وسعة علقاته الدولية لم
يتمكن من إحراز أي نصر على صعيد القضية الصحراوية,
وتنص وجهة النظر المغربية على أن الصحراء الغربية هي
منطقة مغربية و هي معضلة افتعلها الستعمار السباني
لدى مغادرته المغرب ومن بعد السبان الفرنسيون الذين
مكثوا في المغرب العربي أكثر من قرن ونصف .
وليس من السهولة إحراز تقدم باتجاه إغلق هذا الملف
الذي بقي ربع قرن بدون تسوية ,كما أن القضايا
المرتبطة بهذا الملف مازالت عالقة فعلى سبيل المثال
يوجد في السجون المغربية العديد من الضباط
الجزائريين الذين كانوا إلى جنب المقاتلين الصحراويين
في حربهم مع المغرب.
كما أن المغرب اتهم الجزائر بالضلوع في تفجيرات عرفها
المغرب ,وكانت المغرب قد انسحبت من منظمة الوحدة
الفريقية التي تترأسها الجزائر حاليا ,وذلك بسبب
اعتراف هذه المنظمة بجبهة البوليساريو.
أما اتحاد المغرب العربي المشلول منذ عشر سنوات
تقريبا فل يمكن تصور إحيائه ,وحتى إذا عاد إلى دائرة
الضوء فكل قراراته ستظل حبرا على ورق.
أما الشراكة مع التحاد الوروبي فمعروف أن هذا الخير
كان يرفع ورقة حقوق النسان المنتهكة في الرباط,
وعلى الرغم من
أن الرباط قامت بتحسين صورتها في هذا المجال إل أن
الطريق ما زالت طويلة حتى تقتنع العواصم الغربية بأن
الدمقرطة أصبحت سيدة الموقف في الرباط.
وعلى صعيد علقات المغرب مع بقية الدول سواء الدولة
العبرية والمحاور الدولية الخرى ,فل شك كما يقول
عارفون بالبيت المغربي أن ثقافة الحسن الثاني الواسعة
و خبرته القديمة أهلته أن يجيد لعبة التوازنات ,والملك
الجديد في حاجة إلى وقت للحصول على بعض هذه
المواصفات ولن يكون كما كان والده في واقع الملقي
وفي الغلب سيكون في موقع المتلقي .والعلقة مع
الدولة العبرية ستستمر متطورة في عهد محمد السادس,
32
بسبب نفوذ الجالية اليهودية في المغرب ,وبسبب وجود
مستشارين يهود في دوائر البلط الملكي إلى وقتنا هذا .
و يبقى القول أن الملك الحسن الثاني كان يحلم أن تعود
سبتة ومليلة إلى السيادة المغربية إل أن إصرار إسبانيا
على أنهما ملك لسبانيا من شأنه تعقيد الزمة وعلى
الرجح فانه لن يكون في وسع محمد السادس إسترجاع
سبتة ومليلة وخصوصا بعد أن أضيف إلى ملف سبة
ومليلة ملف أخرى وهو جزيرة ليلى أو جزيرة الباقدونس
…..
33
الحصار على الحالة السلمّية المغربّية بدأت بإطلق
سراح الشيخ عبد السلم ياسين الب الروحي للحركة
السلمية المغربية وزعيم جمعية العدل و الحسان ,كما
رفعت القيود عن العديد من الشخصّيات السلمية
المغربية وسمحت للتّيار السلمي بالنزول إلى الشارع
في العديد من المناسبات السياسّية المحلّية والعربية من
قبيل السماح بتظاهرات مليونية ضد ّ مشروع قانون
للسرة منافي للشريعة السلمية ,والسماح للشارع
السلمي بإبداء سخطه على سياسة شارون في الرض
العربية المحتلة في فلسطين .وكانت هذه السياسّية
المغربّية -والتي كان بعض المراقبين في المغرب يراها
مدمؤقّتة ومتزامنة مع توّلي العاهل المغربي الشاب مح ّ
السادس خلفا للعاهل المغربي السابق الحسن الثاني
للحصول على دعم كافة ألوان الطيف السياسي في
المغرب – ضرورّية في نظر صّناع القرار المغربي لنزع
كل فتائل الشتعال حتى ل يحدث ما حدث في الجزائر
وة على الجوار المغاربي . التي أرخت أحداثها بظللها بق ّ
وقد جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول التي عصفت
ل فيها بنسبة بأمريكا لتلغي هذه السياسة النفتاحّية ولتعد ّ
180درجة .فالرباط وتعاطيها مع الحالة السلمّية قبل
الحادي عشر من أيلول تختلف عن الرباط في تعاملها مع
الحالة السلمّية بعد الحادي عشر من أيلول .والرباط
التي تربطها بالوليات المتحدة المريكّية أوشج الروابط
والتي جعلت واشنطن تتبّنى الخّيار المغربي في كيفية
حلحلة موضوع الصحراء الغربية وجدت نفسها مستجيبة
تلقائّيا للضغوط المريكية وخصوصا بعد إعتقال مجموعة
من المنضمين لتنظيم القاعدة المتهمين بالشروع في
القّيام بتنفيذ عمليات عسكرّية ضد ّ بوارج أمريكّية في
مضيق جبل طارق .وتحت ذريعة ملحقة فلول القاعدة
في المغرب شّنت السلطات المغربّية أوسع حملة
إعتقالت في صفوف بعض الجماعات السلمّية في
مت الصحافة العلمانّية المغربّية إلى هذه المغرب ,وإنض ّ
ن حملة على من أسمتهم بأمراء الحملة حيث بدأت تش ّ
34
الدم في المغرب وضرورة إستئصالهم من الواقع
مت بها المغربي ,وهي عينها اللهجة العلمّية التي إتس ّ
الصحافة الرسمية والفرانكفونّية في الجزائر عقب إلغاء
المسار النتخابي سنة 1992والتي ساهمت في إذكاء نار
ب النار في زيت الصراع الجزائري .وتعتبر الفتنة وص ّ
ن الرباط تنفذ ّ أجندة أمريكية التّيارات السلمّية المغربّية أ ّ
ن هذه السياسة تندرج في سيّاق في المغرب ,كما أ ّ
الحملة النتخابّية الرسمية للنتخابات التشريعية المقبلة
التي ستجري في 27أيلول – سبتمبر المقبل .وتعمل
بعض الوساط السياسّية الرسمّية على جعل البرلمان
حن صر ّ المغربي المقبل خالّيا من السلميين ,وبمجّرد أ ّ
وزيرالشؤون السلمّية عبد الكبير مدغري علوي بأّنه
سيكون مسرورا جدا إذا نجح السلميون في النتخابات
ن عليه رئيس الوزراء والحزاب اليسارّية المقبلة ,ش ّ
والعلمانّية حملة شرسة ونعتوا وزير الشؤون الدينية بأّنه
المتحدث بإسم الظلمّية في المغرب.
والجدل السّياسي الدائر في المغرب بين السلطة
والسلميين من جهة ,وبين الحزاب العلمانّية والتيارات
كر ببدايات الصراع الجزائري السلمية من جهة أخرى يذ ّ
ول الختلف اليديولوجي إلى إستعمال العنف حيث تح ّ
ب العنف في مقتل مائتين ألف والبنادق ,حيث تسب ّ
جزائري ومازالت القائمة طويلة .
ن المشهد وتطمئن الجهات الرسمية في المغرب بأ ّ
نالدموي في الجزائر لن يتكرّر في المغرب بإعتبار أ ّ
السلميين لن يحصلوا على الغلبية المطلقة في البرلمان
ن هناك حصصا ستوّزع على التيارات السياسية ,كما وأ ّ
ن السلميين الذين سيدخلون البرلمان هم المحسوبون أ ّ
ط المعتدل . على الخ ّ
ط في ن السلطة الجزائرّية كانت تخط ّ وللتذكير فقط فإ ّ
نفس السّياق إلى أن حدثث المفاجأة التي لم تكن دوائر
القرار الجزائرّية تتوقّعها على الطلق ,وشروع المغرب
ن بعضها مرتبط جة أ ّفي الصدام مع التيارات السلمية بح ّ
بتنظيم القاعدة ,صحيح أّنه سيرضي واشنطن إلى أبعد
35
الحدود لكّنه سيحدث ثغرة كبيرة في الجدار الوطني
عات الداخلّية .
المغربي وقد يكون مدخل لكثير من التصد ّ
36
الحمراء ووادي الذهب – الحّيز الجغرافي للصحراء الغربّية
. -و من جهتها جبهة البوليساريو التي تملك قواعد
عسكرّية في العمق الجزائري مازالت ترفض كافة
المبادرات السياسّية والتي ل تنسجم مع مشروعها
السياسي المحصور فقط في ضرورة إقامة الدولة
الصحراوّية المستقّلة في الصحراء الغربّية .وتعتبر
معضلة الصحراء الغربّية ثاني أعقد أزمة حدودّية بعد أزمة
كشمير بين الهند وباكستان ,ويجدر تسميتها بكشمير
المغرب العربي والتي تسبّبت في حرب حدودّية بين
الجزائر والمغرب في سنة . 1963وقد طرحت جمعية
المم المتحدة العديد من المشاريع السياسّية لحلحلة
وعالزمة الصحراوّية لكن أّيا منها لم ينفذ ّ ,و قبل تن ّ
ط الزمة الحلول السياسّية ودخول واشنطن على خ ّ
دة تتبّنى خيارالصحراوّية كانت جمعّية المم المتح ّ
الستفتاء في الصحراء الغربّية وخلصة المشروع الممي
الذي طرح على المغرب وجبهة البوليساريو عندما كان
خافيير دي كويلر أمينا عاما للمم المتحدة ,هو أن
يشارك الصحراويون في استفتاء عام حول مصير
الصحراء الغربّية ,وهنا وقع خلف حاد بين المغرب وجبهة
البوليساريو حول هوّية الصحراوي الذي يحقّ له المشاركة
في الستفتاء ,وفي هذا الصدد كانت جبهة البوليساريو
ن سكّان القليم الصحراوي وسكان شمال الصحراء ترى أ ّ
الذين غادروا الصحراء الغربّية بحثا عن لقمة العيش إلى
أماكن أخرى كلهم يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ,
ن سكان منطقة الصحراء فيما كانت المغرب ترى أ ّ
الغربّية والمسجّلين في السجّلت قبل سنة 1975هم
وحدهم الذين يحقّ لهم المشاركة في الستفتاء ,ونظرا
ل مشروع الستفتاء إلى أن تبدد ّ بشكل لهذا الخلف تأج ّ
نهائي ,ولما عجزت جمعّية المم المتحدة في إيجاد ح ّ
ل
للمعضلة الصحراوّية أسند الملف الى وزير خارجّية أمريكا
السبق جميس بيكر والذي قام بزيارات ميدانّية الى
المنطقة المغاربّية والتقى المسؤولين الجزائريين
والمغاربة وكذا المسؤولين على جبهة البوليساريو .وبعد
37
دراسات مكثفة ولقاءات الطراف المعنّية بهذا الملف في
لهيوست في أمريكا ,طرح جميس بيكر مشروع الح ّ
الثالث والمتمّثل في منح الصحراء الغربّية حكما ذاتّيا لكن
في اطار السّيادة المغربّية و هو المشروع الذي رحبت به
المغرب ورفضته الجزائر وجبهة البوليساريو جملة وتفصيل
.والجزائر التي تبّنت مشروع جبهة البوليساريو سنة
1975وأيدتّها إعلمّيا وسياسّيا ومالّيا ولوجستّيا ل تريد أن
ي
ينتهي الصراع المرير حول الصحراء الغربّية دون أن تجن ّ
ثمارا سياسّية واستراتيجّية وعلى رأسها أن يكون لديها
دا للطماع منفذ على المحيط الطلسي ,وأن تضع ح ّ
المغربّية القديمة في صحراء تندوف الجزائرّية وذلك عبر
إقامة دولة صحراوّية بينها وبين المغرب .ومثل المشروع
ن مشروع الخّيار الثالث تبدد ّ ولم ير النور المر السابق فا ّ
الذي جعل المين العام للمم المتحدة الحالي كوفي أنان
دم مبادرة يرى المراقبون أّنها قد تكون الخيرة ,و يق ّ
تتمّثل المبادرة في أربع نقاط هي :إستمرار جهود المم
المتحدة من أجل إيجاد حلحلة للملف الصحراوي ,العمل
بالخيار الثالث الذي طرحه جميس بيكر ,انهاء وجود
قوات المم المتحدة في الصحراء الغربّية المر الذي
يعني تأجيج الموقف بين الجزائر والمغرب ,والنقطة
الرابعة تتمّثل في تقسيم الصحراء الغربّية بين الجزائر
والمغرب .
وفي الوقت الذي رفضت فيه المغرب مشروع تقسيم
ن الجزائر أبدت استعدادها للتعاطي الصحراء الغربّية فا ّ
ن المندوب الجزائري الدائم مع مشروع التقسيم ,بل إ ّ
دة عبد الله بعلي وفي رسالة له إلى في المم المتح ّ
المين العام للمم المتحدة أبدت استعدادها لمناقشة
مشروع تقسيم الصحراء الغربية بما يحفظ الحقوق
المشروعة للشعب الصحراوي .و قد انفعلت المغرب
أّيما انفعال من المبادرة الجزائرّية وأعتبرت وسائل
ن الجزائر تهدد ّ أمن المنطقة المغاربّية العلم المغربّية أ ّ
ن الجزائر وبتبّنيها
فيما رأت صحف مغربّية أخرى أ ّ
لمشروع التقسيم كشفت عن نيتها الحقيقّية من وراء
38
تبّني مشروع الصحراء الغربّية ,فهي ل تهدف إلى تقرير
ت
مصير الشعب الصحراوي بقدر ما تصبو إلى أن تثب ّ
قدميها في الرض الصحراوّية الغنّية بالثروات الطبيعّية
وعلى رأسها الفوسفات .
وقبل ذروة النسداد الذي عرفته القضّية الصحراوية
شهدت المناطق الحدودّية على طرفي المغرب والجزائر
مناورات عسكرّية ,الغرض منها إبراز العضلت والتلويح
بورقة القوة ,ولم يسبق أن وصلت قضّية الصحراء
الغربّية إلى ذروة التعقيد مثلما هي عليه الن ,فل الجزائر
مستعدة لتسليم الصحراء الغربّية وبالتالي التضحّية بكل
دة للتخلي ما قدمته لجبهة البوليساريو ,ول المغرب مستع ّ
عن الرض الصحراوّية التي تعتبرها المغرب أرضا مغربّية
قلبا وقالبا ,ول جبهة البوليساريو الرافضة ليّ مشروع ل
يحققّ حلمها بإقامة الدولة المستقّلة في الصحراء الغربّية
مستعدة للتخلي عن الرض الصحراوّية ,ولهذا من
المستبعد أن ينجح مشروع التقسيم ,وقد يؤدي هذا
المشروع إلى إنتاج حرب ضروس في منطقة المغرب
دة لقواتها منن سحب المم المتح ّ العربي ,كما أ ّ
دي إلى انهيار الوضع العسكري في المنطقة قد يؤ ّ
ن تعقيد الحل في ي القول أ ّ
المنطقة المغاربّية .وبق ّ
المنطقة من قبل واشنطن و المم المتحدة ربما يهدف
إلى إنتاج حرب عربّية – عربّية جديدة تهدف واشنطن من
خللها إلى إخراج فرنسا بشكل كامل من المغرب العربي
,ووضع يدها على منطقة تّعد من أغنى المناطق في
العالم !!
39
أزمة الصحراء الغربّية العقبة
حاد
الكأداء في طريق بناء الت ّ
المغاربي !
40
الرباط – تعمل ما في وسعها لعرقلة الستفتاء حول
نمصير الصحراء الغربية وفق خطة المم المتحدة ,لك ّ
ن الجزائر و أجهزتها المنية هي الرباط من جهتها فترى أ ّ
وراء خلق جبهة البوليساريو وذلك عندما كان طلبة
صحراويون يدرسون في الجامعات الجزائرية ,وأصدر
هواري بومدين الرئيس الجزائري السبق أوامره إلى
مدير الستخبارات العسكرية في ذلك الوقت قاصدي
مرباح بإستقطاب هؤلء الطلبة ومنهم الرئيس الصحراوي
الحالي ودعمهم ماديا وسياسيا وعسكريا لنشاء جبهة
نتحرير الساقّية الحمراء ووادي الذهب وتعتبر الرباط أ ّ
تاريخ المغرب العربي لم يعرف ل قديما ول حديثا شيئا
ن هذه الصحراء كانت على اسمه دولة الصحراء الغربية وأ ّ
الدوام أرضا مغربّية كما تؤكد ّ كل الوثائق .
ن ما عرف بأزمة الصحراء الغربية هو من مخلّفات وأ ّ
ن المغرب م الفرنسي .ومعروف أ ّ الستعمار السباني ث ّ
لم تكن تعترف على الطلق باستقلل موريتانيا لنّها كانت
تعتبر موريتانيا أرضا مغربّية أيضا ,وكان العاهل المغربي
الراحل الملك الحسن الثاني يطالب بالرض الموريتانية
المر الذي جعل الموريتانيين يرتمون في أحضان الجزائر
في عهد هواري بومدين كنوع من الحماية لهم ضد العاهل
المغربي الراحل ,وحتى الراحل جمال عبد الناصر كان
ن موريتانيا أرض مغربية وهو ما جعل القيادة يرى أ ّ
الموريتانية في ذلك الوقت تستاء من عبد الناصر ومن
الخط القومي العربي عموما .
وقد أصبحت أزمة الصحراء الغربية ترسم منحنيات
العلقات المغاربية –المغاربية ونشأت في المغرب العربي
ن الدول المغاربية معادلة سياسية وديبلوماسّية مفادها أ ّ
الخرى كتونس وليبيا وموريتانيا إن هي دعمت جبهة
البوليساريو فإّنها بذلك ترضي الجزائر وتغضب المغرب
وإن هي سحبت إعترافها بجبهة البوليساريو فسوف
ن الجزائر والمغرب تغضب الجزائر وترضي المغرب ,ول ّ
من أكبر الدول المغاربية من حيث الديموغرافيا
41
والجغرافيا على السواء فقد بات يؤثران بقوة في رسم
منحنيات العلقات المغاربية – المغاربية .
ن المعادلة السياسية التي جئنا على ذكرها قد أرّقت ول ّ
الدول المغاربية كثيرا فقد أصبحت الدول المغاربية
الخرى غير مبالّية بأزمة الصحراء الغربية وتداعياتها ,
فراحت كل دولة تبحث عن محور إقليمي أو دولي آخر
تتعامل معه .
فالجمهورّية الموريتانّية وجدت عزاءها في الدولة
العبرّية ,والجماهيرية الليبية العظمى راحت تبحث عن
عزائها في القارة الفريقية
مر القذافي الزعيم الليبي في نظر و أصبح العقيد مع ّ
الصحافة الليبية زعيم إفريقيا وباعث نهضتها المعاصرة ,
فيما تونس وجدت عزاءها في واشنطن بعد أن أدارت
ظهرها لفرنسا التي انتهى عّزها في تونس مع النهاية
المأساوّية للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة .
ن أيّ انفراج في العلقات الجزائرية – ويبقى القول أ ّ
المغربية ,والعلقات المغاربية – المغاربّية مرهون بحل
قضية الصحراء الغربية ,لكن المؤشرات كلها ل تشير إلى
قرب حلحلة هذه الزمة التي جاوزت الربع قرن بدون ح ّ
ل
!!
42
حتى ل يصبح المغرب
العربي المغرب العبري
!.
43
ن الدول المغاربية تخلت تقريباوالغريب في المر أ ّ
بالكامل عن إلتزاماتها القومية وراحت تذعن لشروط
التطبيع قبل أن تأخذ اللعبة السلمية مداها و قبل إتضاح
الفق والرؤية المستقبلية ,وهي اليوم تتحرك من منطلق
أنه ل علقة لها البتة بالقضية الفلسطينية ول بمظلومية
المستضعفين من الناس في جنوب لبنان أو الجولن
المحتل .
وقد هرولت هذه الدول باتجاه التطبيع دون العودة الى
رأي الشارع المغاربي الذي يتلقى يوميا صدمة قاسية من
قبيل العلن الموريتاني السابق بتدشين العلقات
الديبلوماسية مع الدولة العبرية وإعلن المغرب بقرب
التطبيع مع الكيان الصهيوني و عودة الحيوية إلى الجسور
السرية العبرية – الجزائرية ,و العبرية –التونسية و
الفظع من كل ذلك أن الوفود السرائيلية تذهب وتسوح
في البلدان المغاربية والشعوب ل تعلم بذلك لن الوامر
الصادرة لهؤلء –أي شخصيات الوفود السرائيلية _عدم
التكلم بالعبرية والكتفاء بالحديث باللغة الفرنسية أو
اللهجة المغربية لن العديد منهم من أصل مغاربي .
وكانت جريدة الخبر الجزائرية الناطقة باللغة العربية في
وقت سابق دشنت التطبيع العلمي مع الكيان الصهيوني
من خلل الحوار الذي هو الول من نوعه في صحيفة
جزائرية ناطقة باللغة العربية مع رئيس الوزراء
السرائيلي السابق يهودا باراك والذي رحب في هذا
الحوار بمقابلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و دعا إلى
م اجراؤه عندما كان تطبيع العلقات مع الجزائر والحوار ت ّ
دة
يهودا باراك رئيسا للوزراء وقبل وصول شارون إلى س ّ
رئاسة الحكومة بقليل و في نفس الوقت دعا وزير الدفاع
الجزائري السبق خالد نزار من خلل جريدة لوماتن
الناطقة بالفرنسية هذه المرة الجزائريين إلى الستعداد
النفسي لتدشين العلقات الجزائرية –السرائيلية في
حال حدوث التطبيع الكامل بين العرب والدولة العبرّية .
ويعتقد العديد من السياسيين في المغرب العربي أن
الدولة العبرية تراهن كثيرا على المغرب العربي و ذلك
44
لسباب سياسية و إقتصادية وأمنية وقد لعبت الجاليات
اليهودية التي إستوطنت في المغرب العربي دورا كبيرا
في تحقيق التقارب بين دولتهم العبرية ودول المغرب
العربي ,والعديد من اليهود ذوي الصول المغاربية تولوا
مناصب سياسية حساسة في الدولة العبرية وهذا ما
يفسر مثل طرح المغرب نفسه كوسيط في أوج الصراع
العربي –السرائيلي ,كما أن بعض اليهود المغاربة شغلوا
مناصب إستشارية لدى العاهل المغربي الراحل الحسن
الثاني ومنهم دافيد بن عمار وأندريه أزولي الذي ما زال
مستشارا للملك الشاب محمد السادس .
وعلى مدى سنوات الصراع العربي – السرائيلي لعب
المغرب أدوارا غير معلنة وصفت بأنها من الهمية بمكان
بحيث أن رئيس الوزراء السرائيلي المغتال إسحاق رابين
وعقب توقيعه على اتفاق غزة –أريحا أول في واشنطن
توجه إلى الرباط لتقديم شكره الخاص للعاهل المغربي
الراحل الحسن الثاني على المساعي التي بذلها في
سبيل تحقيق التقارب السرائيلي –الفلسطيني.
صحيح أن الرباط لم تكن تعلن عن كثير من لقاءات السر
والكواليس والزيارات التي كان يقوم بها إسرائيليون إلى
المغرب والتي كان يصادف أن يجهر بها الملك المغربي
الراحل في بعض أحاديثه الصحفية وقد أصبح اليوم للدولة
ن
العبرية سفارة كاملة الركان في المغرب وللشارة فإ ّ
موشي دّيان كشف في مذكراته أّنه كان ينزل في أفخم
قصور الملك الراحل الحسن الثاني و كان يشعر بكثير من
الرفاهية وهو في قصور الضيافة في الرباط دون أن يعلم
بوجوده فيها غالبية الشعب المغربي وحتى العديد من
المسؤولين والرسميين .
و تونس التي استضافت منظمة التحرير الفلسطينية بعد
خروجها من بيروت أعلنت هي الخرى بعد التوقيع على
اتفاق غزة-أريحا عن فتح مكتب لها في تل أبيب وكذلك
فعلت مورياتانيا التي أقامت مهرجانا في واشنطن أعلنت
فيه عن تدشين العلقات الموريتانية-السرائيلية ,والجزائر
بعثت أكثر من رسالة الى الدولة العبرية مفادها أن
45
التطبيع على البواب و تأجيل التطبيع الجزائري-
السرائيلي سابقا كان بسبب تردي الوضع المني وكان
الرسميون الجزائريون يخافون أن يؤدي التطبيع مع
إسرائيل إلى مفاقمة الوضع المني وتجيير المعارضة هذا
ب في العلقات ن الحيوية بدأت تد ّ التطبيع لصالحها غير أ ّ
السرّية بين البلدين .
وتراهن إسرائيل على المغرب العربي لسباب سياسية
وإقتصادية وأمنية وجيوسياسية .فعلى الصعيد القتصادي
تبرز الدراسات السرائيلية أن السواق في المغرب
العربي تستهلك المنتوجات الصناعية والزراعية بما يفوق
30مليار دولر سنويا وهذه البضائع تصل معظمها من
فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وحسب
ن الدولة العبرية بامكانها أن تزودالدراسات السرائيلية فإ ّ
الحزام المغاربي بنفس البضائع التي تأتي من دول
المتوسط وبتكاليف أقل مما هي عليه التكاليف الغربية و
قد تصل هذه البضائع برا عبر مصر وإلى المغرب العربي
في حال حصل التطبيع بكل أبعاده .كما أن الدولة العبرية
تتطلع بشغف إلى اليورانيوم الجزائري الموجود بوفرة في
منطقة التاسيلي الواقعة جنوب الجزائر.
ودائما حسب الدراسات السرائيلية فإن الستهلك في
المغرب العربي واسع للغاية وتفترض هذه الدراسات بقاء
القتصاد الستهلكي على المدى القريب والمتوسط
وحتى على المدى البعيد .
ن الدولة العبرية تطمح في وعلى الصعيد السياسي فإ ّ
إقامة علقات سياسية وديبلوماسية طبيعية مع دول
المغرب العربي و ترى في ذلك إستكمال لعملية السلم و
على الصعيد المني فان أي علقة بين الدولة العبرية
ودول المغرب العربي من شأنها أن تؤدي إلى تنسيق
الجهود وتبادل المعلومات حول الحركات السلمية التي
تعارض في مجملها الصلح مع إسرائيل ,وتحاول إسرائيل
جاهدة الحصول على معلومات تتعلق بأعضاء في حركة
المقاومة السلمية حماس والذين بعضهم من حملة
الجنسية المغربية وتحاول إسرائيل معرفة ما إذا كان
46
هناك تنسيق بين الحركات السلمية في المغرب العربي
وتلك الموجودة في فلسطين ولبنان والردن ومصر.
وعلى الصعيد الجيوبوليتيكي فإن الدراسات الستراتيجية
السرائيلية تبين أن التطبيع مع الشمال الفريقي ضروري
لجهة تكريس الدور السرائيلي في كل القارة الفريقية
وتظهر بعض التقارير أن الدولة العبرية نجحت إلى أبعد
الحدود في ترميم علقاتها بكل الدول الفريقية و أنها
بدأت تجني ثمار هذا الترميم و الشمال الفريقي هو بوابة
إفرقيا فلبد من إستحكام الدور في كل التجاهات كما
يرى إستراتيجيو الدولة العبرية!
ل إنهيار المصالحة المغاربّية – المغاربية والتي وفي ظ ّ
تسبّبت في حالة الغيبوبة القاتلة التي تلف إتحاد المغرب
ن المصالحة المغاربية – العبرية آخذة في العربي ,فإ ّ
التحققّ و في كل التجاهات ,وقد يفضي ذلك إلى تحو ّ
ل
المغرب العربي إلى المغرب العبري .
47
حكومة قاصدي مرباح ,حكومة مولود حمروش ,حكومة
سيد أحمد غزالي ,حكومة رضا مالك ,حكومة مقداد
سيفي ,حكومة أحمد أويحي ,حكومة أحمد بن بيتور
ووصول إلى حكومة علي بن فليس الذي كان قبل تعيينه
رئيسا للحكومة أحد مديري الحملة النتخابية للرئيس عبد
العزيز بوتفليقة ولحقا مدير الديوان الرئاسي بعد أن
أصبح بوتفليقة رئيسا للجزائر وبعده خروجه من القصر
الحكومي ليتفرغّ لمعركته مع رئيس الجمهورية عبد العزيز
بوتفليقة عاود أحمد أويحي الظهور في زيّ رئيس حكومة
وهو ل يتمّتع بأي شعبية مطلقا . .
ن السبب والواقع كما يقول عارفون بالبيت الجزائري أ ّ
المركزي للخلل في الداء الحكومي يعود الى تداخل
السلطات الفظيع في الجزائر حيث باتت بموجبه الحكومة
مجّرد جهاز تنفيذي لمؤسسات فاعلة كالمؤسسة
العسكرية ومؤسسة الرئاسة التي كانت تحاول أن
تستعيض عن ضعفها إزاء المؤسسة العسكرية بالستيلء
على صلحيات الحكومة والتي كان معظم أعضائها من
ما موالين لشخصيات عسكرية كبيرة أو موالية الوزراء إ ّ
لرئيس الدولة مباشرة ,وهذا ما ذكره رئيس الحكومة
نأحمد بن بيتور عشية إبعاده من منصبه حيث أشار إلى أ ّ
الحكومة ل تقّرر ول تفكّر وكل صغيرة وكبيرة تصاغ في
قصر المرادّية أي قصر الرئاسة الجزائرية ,وأشار أيضا
ن العديد من الوزراء يتلقون أوامرهم من رئيس الدولة أ ّ
وليس من رئيس الحكومة .
ن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان وتجدر الشارة الى أ ّ
كر في إلغاء منصب رئيس الحكومة كما هو المر في يف ّ
كر في تغييرالوليات المتحدة المريكية ,كما كان يف ّ
الدستور الحالى الذي جرى وضعه في عهد الرئيس
اليامين زروال .وإختيار علي بن فليس رئيسا للحكومة
في بداية عهد بوتفليقة ربما كان يعتبر خطوة في إتجاه ما
كر فيه عبد العزيز بوتفليقة ولكن بل ضجيج إعلمي كان يف ّ
,فعلي بن فليس كان مديرا للديوان الرئاسي وأحد أقرب
المقّربين إلى عبد العزيز بوتفليقة وهو بعبارة أخرى الباب
48
الموصل إلى بوتفليقة ,وبهذا الشكل كان بوتفليقة يدير
يالحكومة من خلل مدير ديوانه الذي تغّير منصبه وبق ّ
ن الحكومةولؤه لبوتفليقة ,وبناءا عليه يمكن القول أ ّ
انتقلت الى قصر المرادية – قصر الرئاسة الجزائرّية ,
لكن ولء علي بن فليس لم يطل ,فبمجّرد أن وصلته
رسائل ما من جهات ما بأّنه سيكون رجل الجزائر الّول
في أبريل – نيسان – من السنة المقبل 2004حيث
موعد الستحقاق الرئاسي حتى قلب ظهر المجن وفتح
دت بوضوح صراع مراكز النار على بوتفليقة في لعبة جس ّ
القوة في الجزائر ! .
ولم يجرؤ رئيس الحكومة السبق أحمد بن بيتور على
كشف هذه التحديات والتي ذكرناها سابقا إل ّ في الخمس
دقائق الخيرة من عمره السياسي و قد كان العديد من
وزرائه موالين لرئيس الجمهورية ,فيما كان بعض الوزراء
المتحزّبين موالين لزعماء أحزابهم كشأن وزراء حركة
حمس – مجتمع السلم -بزعامة محفوظ نحناح الذي نتقل
إلى الرفيق العلى ,أو وزراء التجمع من أجل الثقافة
والديموقراطّية البربري بزعامة سعيد سعدي ,أو وزراء
حزب جبهة التحرير الوطني وغيرهم ..
ومادامت السلطات متداخلة وفي غياب مبدأ الفصل بين
ن الزمات الحكومّية في الجزائر مرشحة السلطات فإ ّ
للكثير من التطورات .
وإذا كان التغيير الحكومي في الجزائر طبيعيا ّ في سياق
ن ما يدعو إلىإفرازات الزلزال الجزائري السابق ,فإ ّ
الدهشة هو عودة رجال قرار ساهموا في تدمير الجزائر
وسمعتهم سيئة وسوداء لدى الرأي العام الجزائر
كالجنرال العربي بلخير الذي عاد إلى قصر المرادية
كمدير للديوان الرئاسي خلفا لعلي بن فليس الذي أصبح
رئيسا للحكومة في بداية عهد بوتفليقة والحالم بمنصب
السيد الرئيس راهنا .
ويعتبر الجنرال العربي بلخير أحد أخطر الجنرالت
الجزائريين المحسوبين على حزب فرنسا ,فقد كان
م مديرا للديوان جنرال في المؤسسة العسكرية ث ّ
49
الرئاسي في عهد الشاذلي بن جديد حيث كان يعتبر في
ذلك الوقت الرئيس الفعلي للجزائر وكان وراء إصدار
الوامر إلى الجهزة المنية بإطلق النار على المتظاهرين
في الشوارع الجزائرية أثناء الضطرابات السياسية التي
كانت تعرفها الجزائر في ذلك الوقت ,و عيّنه الشاذلي بن
جديد وزيرا للداخلية قبل النتخابات التشريعية الملغاة في
سنة , 1992وقد لعب دورا كبيرا في إعتقال قادة الجبهة
السلمية للنقاذ وسحب إعتمادها وإرسال عشرين ألف
جزائري مناصر للجبهة السلمية للنقاذ إلى سجون
ط في إلغاء النتخاباتالصحراء الجزائرية ,كما تور ّ
التشريعية وإغتيال الرئيس محمد بوضياف .
و كان عبد العزيز بوتفليقة و من خلل إعادته إلى الرئاسة
إلى ايجاد نوع من توازن القوى بين الرئاسة والمؤسسة
العسكرية و عودة العربي بلخير الى قصر الرئاسة مؤشر
على استمرار حلقات الضياع في الجزائر ,و الضياع
الكبر هو عودة أحمد أو يحي الفرانكفوني العتيق ورئيس
الحزب الذي أوجدته السلطة الجزائرّية وأرتدت عليه
مؤقتا وهو التجمع الوطني الديموقراطي الذي دخل في
صراع مع حزب جبهة التحرير الوطني وكلهما إبني
السلطة المدللين لكّنهما أبناء بدون وفاق ومحبة ,ورّبما
خير مصداق للحكمة المعروفة :الثورة تأكل أبناءها هو
الجزائر ومعها بقية الدول العربية ,التي تحوّلت فيها
الثورات إلى لعنات ونكبات ,و هكذا نجح المستعمر
القديم ومن خلل أبناء جلدتنا الذين أوصلهم إلى دوائر
القرار في جعل المواطنين الجزائريين والعرب يأسفون
للثورة عليه ,مادام الخلف الوطني أسوأ من السلف
الستعماري .
50
لعب يهود المغرب العربي أدوارا كبيرة وعملقة في
التمهيد لتأسيس الدولة العبرية في فلسطين المحتلة
ومنذ انطلقة الستراتيجية الصهيونية في مدينة بازل
السويسرية سنة 1897وهم يعملون على تفعيل مشروع
الحركة الصهيونية القاضي بإنشاء دولة اليهود الموعودة
في فلسطين المحتلة .وقبل انخراط يهود المغرب
العربي في هذه اللعبة السياسية كانوا ضالعين في صناعة
ن أحدالذهب والفضة وأتقنوا هذه الحرفة إلى درجة أ ّ
ك عملة ملوك المغرب العربي كلف بعض اليهود في س ّ
المسلمين الذهبّية ,وشيئا فشيئا أصبح النشاط القتصادي
لليهود متميزا وحتى المرأة اليهودية انخرطت في مجالت
العمل وتحصيل الموال في وقت كانت فيه المرأة
المغاربية ترزح بين الجدران الربعة .وعندما تعرضت
منطقة المغرب العربي إلى الستعمار الفرنسي ازداد
نفوذ اليهود القتصادي على اعتبار أنهم قدموا كل الدعم
للستعمار الفرنسي بحكم معرفتهم الكاملة بتفاصيل
الناس والشياء والعادات في المغرب العربي و قد
منحتهم السلطات الفرنسية الجنسية الفرنسية ,كما
منحتهم الضوء الخضر للقيام بكل ما في وسعه لخدمة
القضية الصهيونية و تكريس المشروع الصهيوني .
ويفيد الباحث حاييم الزعفراني أنه كان يطلق على اليهود
51
هذه الخلفية التاريخية التي أكدتها الوثائق اليهودية كما
المغاربية تبين أن اليهود كانوا ممسكين بعصب الحياة
القتصادية في المغرب العربي .
و عندما انعقد المؤتمر الصهيوني الول في مدينة بازل
السوسرية سنة 1897برئاسة تيودور هرتزل ,شارك في
هذا المؤتمر مجموعة من يهود المغرب العربي الذين
قدموا دراسة عن وضعية إخوانهم في المغرب العربي
وأفادت هذه الدراسة أن عدد يهود المغرب العربي يبلغ
150,000يهوديا – مائة وخمسون ألف يهودي – وحسب
الدراسة فان دورهم سيكون بالغ الهمية في قيام الدولة
العبرية وكانت المهام الموكلة بهم تتمثل في جمع المال
للمشروع الصهيوني ونقله الى المنظمة الصهيونية
العالمية واقامة تجمعات ومنظمات سياسية ,وبناءا عليه
تأسست منظمات في الجزائر والمغرب وتونس من قبيل
الفيديرالية الصهيونية التي تأسست في تونس بتاريخ 22
تشرين الول –أكتوبر – 1920وفي الوقت نفسه وتحت
الرعاية الفرنسية تشكلت مثل هذه الفيديراليات في بقية
الدول المغربية حيث نشطت في جمع المال وتوعية
اليهود بأهمية أن تكون لهم دولة ,كما كانت هذه
المنظمات تضطلع بتوزيع المنشورات والكتب التي تدعو
للفكر الصهيوني ,كما كانت هذه المنظمات تشارك في
أعمال المؤتمرات اليهودية العالمية ,فعلى سبيل المثال
كان اليهود الجزائريون يشاركون بقوة في أعمال المؤتمر
اليهودي العالمي وتحديدا في المؤتمرات -25-24-23و
المؤتمر الصهيوني العام الذي أقيم في القدس سنة
. 1960
وقد كان يهود المغرب العربي براغماتيين الى أقصى
درجة ففي عهد الملوك المغاربة كانوا يتقربون الى هؤلء
الملوك بتقديم هدايا من ذهب يسيل لها لعاب الملوك ,
وعندما وصل الفرنسيون الى المغرب العربي هللوا لهم
وكانوا في طليعة الداعمين لهم بحكم معرفتهم بالواقع
التاريخي والجغرافي للمنطقة المغاربية.
52
ورغم أن فرنسا اصطحبت معها عشرات اللف من
اليهود عقب مغادرتها المغرب العربي ومنحتهم كل حقوق
المواطنة الفرنسية ,إل أن بعض اللف فضلوا البقاء في
المغرب العربي وأنفتحوا على النظم الوطنية الفتّية وقد
استغلوا علقتهم بالشباب المغاربي التكنوقراطي الذي
درس في الجامعات الفرنسية وأتقن اللغة الفرنسية
وأستوعب الثقافة الفرانكوفونية ووجد نفسه في دوائر
القرار بحجة أن العهد الثوري الجديد هنا وهناك من دول
المغرب العربي في حاجة الى خبراء ومعظم هؤلء
الخبراء درسوا في الجامعات الفرنسية .
وقد نسج بعض اليهود علقات مع بعض الشخصيات
السياسية المغاربية إلى درجة أن بعضهم صار وزيرا للبناء
مثل ألبير بيسي الذي كان صديقا للحبيب بورقيبة و عينه
وزيرا في الحكومة التونسية الفتية أو أندريه أزولي
مستشار الملك المغربي الراحل الحسن الثاني والذي
يواصل عمله مع الملك المغربي الشاب محمد السادس
وجيش من اليهود المغاربيين الذين بات لهم تغلغل في
كل الوزارات والدوائر .
وقد تورط الكثير منهم في قضايا تجسس لصالح الدولة
ن الحكومات المغاربية ل تريد أن تفصح عن العبرية لك ّ
هذه الملفات لرتباطها بالمن القومي من جهة و لن هذه
الحداث ترّتب عليها لقاءات واتصالت في عواصم
أوروبية والكشف عن هذه التصالت من شأنها أن يزيد
في تعرية النظم المغاربية المتأكدة قلبا وقالبا من عدم
إستمزاج الشعوب المغاربية لفكرة التطبيع أو مجرد
التصال بالدولة العبرية .
ففي تونس على سبيل المثال تحرك بعض اليهود
التونسيين لرصد تحركات الكوادر الفلسطينية ,و نجحت
السلطة التونسية في اعتقال بعض الجواسيس لصالح
الدولة العبرية لكن أطلق سراحهم بعد ضغط عبري
ووساطات قام بها الربي التونسي الكبر وهو زعيم
الطائفة اليهودية في تونس وعندما أطلق سراح هؤلء
الجواسيس بعث هذا الرّبي برقية إلى الكنيست
53
السرائيلي في تل أبيب جاء فيها أن يهود تونس بألف خير
,وفي الجزائر كلف الموساد من يرصد صيرورة المور
في عين وسارة النووي وقد أعتقلت المخابرات الجزائرية
بعض من كلف بهذه المهمة وفي المغرب اليهود هم
أصحاب الدار تقريبا يعقدون مؤتمراتهم بل إزعاج من
أحد .
والسهام في تقديم الخدمات من قبل اليهود المغاربة
للدولة العبرية تواصل حتى لما استقلت الدول المغاربية .
م تقديمه فيوربما الخدمات الحالية تفوق بكثير ما ت ّ
السابق !!!!!!
54
من التسهيلت التي بدأت تعطيها بعض هذه الدول
المغاربية لمريكا وموضوع حقوق النسان في
المغرب العربي الذي تثيره فرنسا هو مجّرد لهو
حديث لن الكلب الفرنسية أفضل حال من
المهاجرين من المغرب العربي في فرنسا .و
مخاوف فرنسا من فقدها للمغرب العربي متشعّبة
منها السياسية والقتصادية والثقافية وحتى
الجيوسياسية .
الى وقت قريب كانت فرنسا هي المحتكر الوحيد
للسواق المغاربية تمدها بكل صغيرة وكبيرة وحتى
تبقي على هذا الحتكار كانت تقدم مساعدات لبعض
الدول المغاربية لبقائها دوما في الدائرة الفرنسية ,
فعلى سبيل المثال قدمت فرنسا منذ 1994مساعدات
ن
كمنح لموريتانيا قدرت بمبلغ 900مليون فرنك ,لك ّ
هذه المساعدات تقلصت بعد بداية التقارب الموريتاني-
المريكي وفتح واشنطن أبوابها لنواكشوط عقب
استئناف علقاتها مع الدولة العبرية ,صحيح أن
واشنطن تبحث عن المواقع التي فيها موارد أولية لكن
موريتانيا تتمتع بموقع استراتييجي مهم للغاية بالنسبة
للوليات المتحدة المريكيية .
و في تقرير سابق كان قد كتبه أحد المستشارين
للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران جاء فيه أن
كل فرنك تدفعه فرنسا لفريقيا – والمقصود هنا شمال
افريقيا أيضا أي المغرب العربي –تسترجع مقابله
فرنسا عشر فرنكات ! وذلك في اشارة الى حجم
الرباح التي تجنيها فرنسا من إفريقيا .وحتى الموارد
الطبيعية كالنفط والغاز فان الشركات الفرنسية هي
التي كانت مسيطرة عليها تنقيبا وتسويقا واحتكارا .أما
الن فالشركات المريكية باتت الكثر حضورا في مواقع
النفط والغاز وعلى الخص في الجزائر .
وعلى الصعيد الثقافي فان اللغة النجليزية باتت تنافس
اللغة الفرنسية التي كانت سيدة الموقف وبل منازع
ولجل هذا تحركت الدوائر الفرنسية ومنها منظمة
55
الفرانكفونية العالمية لعادة العتبار للغة الفرنسية
ووقف الزحف اللغوي النجليزي للمغرب العربي .
وفرنسا التي حظرت اللغة العربية في المدارس
الفرنسية تطالب دول المغرب العرب بضرورة اعطاء
تسهيلت للغة الفرنسية في المغرب العربي وجاءها
الرد هذه المرة من الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة الذي قال أن على فرنسا أن تتصالح مع اللغة
العربية في مدارسها وبعد ذلك تطالبنا بتسهيلت للغة
الفرنسية .
وعلى الصعيد الجيوسياسي فان فرنسا تعتبر المغرب
العربي هو بوابتها على افريقيا التي فقدت فيها فرنسا
كل أو بالحرى جل مواقعها و اخراجها من هذا الحزام
هو بمثابة انهاء وجودها التاريخي العريق في افريقيا .
وتخشى الدوائر الفرنسية أن يؤدي تدفق الشركات
المريكية على المغرب العربي الى نكسة للقتصاد
ول كثيرا على السواق المغاربية الفرنسي الذي يع ّ
ومعروف أن هذه السواق تستورد كل صغيرة وكبيرة
من المواد الغذائية والزراعية والدوات الكهربائية و
السيارات وغيرها من فرنسا .وقد بات مألوفا بين
المغاربيين النكتة التي تقول أن البواخر الفرنسية
المحملة بالحنطة لو تأخرت يوما واحدا في الوصول الى
الموانئ المغاربية فان الشعوب المغاربية لن تجد ما
تخبزه وبالتالي ما تأكله ,وهذا التداخل بين فرنسا
واقتصاديات الدول المغاربية أفرز طبقة رسمية متنفذة
تقتات من السمسرة والعمولت المقدمة من الشركات
الفرنسية الى درجة أن بعض المسؤولين في بعض
الدول المغاربية يرفضون شراء بضائع معروضة عليهم
من دول غير فرنسا بأثمان زهيدة لكن العروض تهمل
ن المعنيين بالستيراد ل يرجون عمولة مزجاة نظرا ل ّ
من الدول العارضة وهؤلء تربطهم بالدوائر الفرنسية
أوشج العلقات ولديهم في باريس حسابات يسهل
الضخ فيها بعيدا عن أعين المواطنين المسحوقين في
المغرب العربي .
56
وفي الوقت الذي تسعى فيه باريس لتجذير مصالحها
ن
القتصادية والثقافية في المغرب العربي ,فا ّ
لواشنطن بعدا أخر غير هذين البعدين – وان كانت عينها
جاحظة على الموارد الطبيعية الغنية في الشمال
الفريقي – وهو البعد الستراتييجي حيث تشير بعض
الدراسات المريكية ومجلة فرين أفرز المريكية
المتخصصة في القضايا الدولية أن منطقة المغرب
العربي حساسة لدوائر القرار المريكية التي وضعت
دراسة برمتها في كيفية زحزحة فرنسا عنها ,ويرى
بعض المراقبين في المغرب العربي أن الفترة المغاربية
المقبلة ستكون أمريكية خصوصا وأن الرئيس التونسي
الحالي زين العابدين بن علي علقته بالمريكان أقوى
منه بالفرنسيين فهو أكمل تكوينه العسكري في
الوليات المتحدة المريكية ولدى عودته من هناك بدأ
نجمه السياسي يسطع وبدأ نجم بورقيبة الفرانكفوني –
الفرنسي -يخفت ,والملك محمد السادس كما أبوه
علقته بالمريكان أمتن الى درجة أن الكونغرس
المريكي اعتبر المغرب بلدا نموذجيا في الوقت الذي
تتهم فيه وسائل العلم الفرنسية الرباط بأنها تنحر
حقوق النسان جهارا نهارا ,وعبد العزيز بوتفليقة
يحظى بدعم أمريكي مباشر الى درجة أن المناورات
العسكرية البحرية بين القوات المريكية والجزائرية
على السواحل الجزائرية قد تكثّفت بشكل ملحوظ في
المدة الخيرة ,والتطبيع بين واشنطن ونواكشوط
يضطرد بسرعة المر الذي أغاظ باريس وجعلها تعتقل
بعض المسؤولين الموريتانيين على أراضيها بدعوى
انتهاك حقوق النسان في موريتانيا ,أما ليبيا فهي
وجدانيا أقرب الى واشنطن منه الى باريس وقد بدأت
دوائر أمريكية تكشف عن محطات تعاون بين الجهزة
المنية في تل أبيب وطرابلس الغرب وتقديم هذه
الخيرة لمعلومات تتعلق بتنظيمات فلسطينية كانت
تحظى بالدعم الليبي في يوم من اليام ,والزحف
المريكي باتجاه المغرب العربي يتم بسرية مغلقة
57
وتامة الى درجة أن باريس كلما تستيقظ صباحا تجد أن
ضفتها الجنوبية –المغرب العربي – تنزاح بهدوء باتجاه
الهوى والهواء المريكيين ,وهذا ما يجعل فرنسا
متحمسة لفكرة الشراكة بين التحاد الوروبي والدول
المغاربية لكن مالم تحققه باريس في مواقع أخرى من
العالم ل يمكن أن تحققه في المغرب العربي !!!!
58
ضر واشنطن ماذا تح ّ
لجبهة البوليساريو!
59
عرض على بومدين عبر وسطاء معينين منح
الجزائر منفذا إلى الطلسي مقابل التخلي عن
ن بومدين رفض ي مشروع البوليساريو إل ّ أ ّ تبن ّ
ن الخلفات العرض .و تجدر الشارة إلى أ ّ
دت إلى نشوب حرب بين الجزائرّية – المغربية أ ّ
البلدين مباشرة في سنة , 1963كما أندلعت
عشرات الحروب غير المباشرة بين المغرب
والجزائر حيث كان الجيش الجزائري يحارب
القوات المغربية من خلل جبهة البوليساريو
وقد أسرت القوات المغربية عشرات الجنود
الجزائريين .وبسبب جبهة البوليساريو كانت
الجزائر تستقبل معارضي النظام المغربي
وتمنحهم جوازات سفر ديبلوماسّية ,والمغرب
كان يلجأ إلى الشيئ نفسه ,وعندما اندلعت
ض الطرف عن الفتنة الجزائرّية كانت الرباط تغ ّ
دخول السلح إلى الجماعات المسلحة في
الجزائر عبر الراضي المغربية .و كانت بعض
عناصر الجماعات السلمّية الجزائرية تّفر إلى
المغرب بعد قيامها بأعمالها العسكرية في
مناطق الغرب الجزائري .و على امتداد ثلثين
سنة كانت العلقات الجزائرّية – المغربية
محكومة بوضع الصحراء الغربّية .وكان هناك
ل الزمة الصحراوية خياران ل ثالث لهما في ح ّ
الخّيار الجزائري والمتمثل في إقامة دولة
مستقلة لجبهة البوليساريو في الصحراء الغربّية
,والخيار المغربي المتمثل في بسط السّيادة
على الراضي الصحراوية بناءا على أصالة
مغربية الصحراء الغربّية .وبسبب تصّلب
ن
ي المغرب والجزائر على السواء فا ّ موقف ّ
الجهود الممّية باءت بالفشل الذريع ,و عندما
استعصى على جمعية المم المتحدة حلحلة هذه
المعضلة كلّفت وزير الخارجّية المريكي السبق
جميس بيكر بتوّلي هذا الملف حيث تردد ّ أكثر
60
من مرة إلى الجزائر والمغرب ومناطق جبهة
البوليساريو وحاول ترتيب استفتاء حول
مستقبل الصحراء الغربية ,لكن اختلف الجزائر
مع المغرب حول من يحق له المشاركة في
الستفتاء حال دون ترتيبه ,وفي هذه الثناء
وفي الوقت الذي كانت فيه الجزائر منشغلة
بفتنتها الداخلّية قام العاهل المغربي الشاب
مد السادس بزيارة الى واشنطن وباريس مح ّ
وحاول إقناع الرسميين هناك برجاحة الخّيار
المغربي ووعد واشنطن بتسهيلت عسكرية في
المغرب فيما لو عمدت واشنطن الى دعم
الخّيار المغربي .وبعد طول صمت أعلنت
واشنطن عن خيارها الثالث المتمثل في منح
جبهة البوليساريو حكما ذاتّيا محدودا فيما منح
المغرب حقّ الشراف على وزارة الدفاع
والخارجّية ووزارات السّيادة الخرى ,و قد
رفضت الجزائر هذا المشروع جملة وتفصيل ,
ن جبهة البوليساريو رفضت المشروع كما أ ّ
ق
المريكي وأعتبرته تعدّيا صريحا على مبدأ ح ّ
تقرير المصير وتجاوزا على نضالت الشعب
الصحراويى .وينسجم الخّيار المريكي مع
ص على إحقاق شراكة أطروحة أمريكية تن ّ
مغربّية
أمريكية ولهذا الغرض انعقدت العديد من الندوات
في واشنطن وتستهدف هذه الشراكة إلى سحب
البساط بشكل كامل من فرنسا في المناطق
المغاربّية ,وباريس التي تنظر إلى هذه التطورات
باستّياء تعي ّأن هوى النظم السياسية المغاربية بات
أمريكّيا ولذلك راحت تخلط الوراق الداخلية في
الجزائر وتفتح ملف حقوق النسان في تونس وملف
بن بركة في المغرب وتعتقل رسميين موريتانيين في
فرنسا بحجة انتهاكات واسعة لحقوق النسان في
ى
وإذا تسن ّ نواكشوط .
61
للخيار المريكي أن يأخذ مجراه في حلحلة الزمة
ن واشنطن قد وضعت الصحراوية فمعنى ذلك أ ّ
مسمار جحا في منطقة المغرب العربي وهو ما
يش ّ
كل النهاية الفعلّية للمجد الفرانكفوني في
!! المغرب العربي
كن النظام الموريتاني بقّيادة معاوية ولد طايع من لم يتم ّ
م السياسي والقتصادي لمورتانيا شأنه شأن تحقيق التقد ّ
العديد من النظم العربية التي حقّقت العديد من
التراجعات الكبيرة والتي أفضت إلى إحداث إحتقان شديد
في الواقع السياسي والجتماعي ,فسياسّيا ظّلت
سة العسكرّية الموريتانّية والتي يتزعمّها دستورّيا
المؤس ّ
الرئيس الموريتاني معاوية ولد طايع تشرف على تفاصيل
صناعة القرار مبعدة بذلك كل القوى السياسية
الموريتانية وتحديدا القوى الوطنية والسلمّية التي تش ّ
كل
الرقم القوى في المعادلة السياسية الموريتانية ,و كان
النظام الموريتاني يتعامل مع الوطنيين العروبيين
والسلميين تعامل خاصا و كثيرا ما كان يقصيهم عن
62
المؤسسات السياسية ومؤسسات القرار بل كان
يستأصلهم تماما كما فعلت السلطة الجزائرية مع الجبهة
السلمية للنقاذ عقب فوزها في النتخابات التشريعية
الملغاة في الجزائر سنة . 1992
ولم يكتف النظام السياسي الموريتاني بحرمان التيارات
الوطنية والسلمية من المشاركة اليجابية في الحياة
السياسّية ,بل قرّر النظام الرسمي الموريتاني وبدون
الرجوع إلى البرلمان إقامة علقات سياسية وإقتصادية
وأمنية مع الكيان الصهيوني ,و أصبحت السفارة
السرائيلية محروسة بكثافة من قبل عناصر المن
الموريتاني في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط ,و قد
أفضت هذه العلقات الثنائية بين النظام الموريتاني
والكيان الصهيوني إلى قطع كل جسور التواصل بين
المعارضة الموريتانية الوطنية والسلمية والنظام
الموريتاني ,و قد تفاعل النظام الموريتاني بعد ذلك مع
أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر 2001في
أمريكا متبنّيا النهج المريكي في التعاطي مع الحركات
ن حملة إعتقالت واسعة في صفوف السلمّية و ش ّ
السلميين والوطنيين وجرى تعذيب المعتقلين بشكل
وحشي كما إعترف بذلك العديد من المعتقلين السّياسيين
.و إنفتاح و موريتانيا على الكيان الصهيوني وبعد ذلك
على المشروع المريكي المني القاضي بملحقة كل ما
ت بصلة إلى السلم أوحى لكثير من الضّباط يم ّ
ن العديد ك خصوصا وأ ّ الموريتانيين الشباب بضرورة التحر ّ
من الضّباط الشباب هم من الذين تشبّعوا بالثقافة العربية
والسلمية وكانوا مستاءين إلى أبعد الحدود من التوجهات
السياسية لنظام بلدهم الذي عزل موريتانيا بالكامل عن
محيطها العربي والسلمي و تجرأ في أوج النتفاضة
الفلسطينية أن يوفد رسمييه إلى الكيان الصهيوني
لعطاء الشرعية لرئيس الوزراء الصهيوني آرييل
شارون .
و تعليقا على المحاولة النقلبية التي جرت في موريتانيا
عاتوالتي قادها عقيد عسكري سابق في سلح المدر ّ
63
الموريتاني وهو العقيد صلح ولد حّنانة الذي أقيل من
الجيش الموريتاني في السنة الماضية بسبب توجهاّته
القومية المعارضة للدولة العبرّية و الذي كان معارضا
دة لقامة علقات رسمّية بين نواكشوط وتل أبيب , بش ّ
قال العسكري المغربي أحمد رامي المقيم في العاصمة
السويدية ستوكهولم و قد كان أحمد رامي يشرف على
سلح المدرعات في الجيش المغربي وأشترك في
المحاولة النقلبّية التي قادها الجنرال أوفقير ضد ّ الملك
موز – يوليو من عام 1972والذي المغربي الراحل في ت ّ
فّر إلى العاصمة السويدية ستوكهولم بعد فشل المحاولة
ن المحاولة وحصل فيها على حقّ اللجوء السياسي أ ّ
النقلبية التي شهدتها موريتانيا كانت متوقّعة بسبب وجود
تململ داخل صفوف الضّباط الشباب الذين لم يقبلوا
على الطلق بسياسة رئيس بلدهم معاوّية ولد طايع الذي
إنفرد بإقامة علقات رسمية مع الدولة العبرّية متجاوزا
بذلك توجهات الشعب الموريتاني ذات البعدين العربي
ن القيادات المركزّية والسلمي ,و إستطرد رامي قائل إ ّ
في الجيش الموريتاني قيادات علمانية فرانكفونية –
جت من الكاديميات مشبعة بالثقافة الفرنسية – وتخر ّ
ن جيل الشباب في الجيش العسكرية الفرنسية غير أ ّ
الموريتاني هم من الذين أتيحت لهم فرصة التعّرف على
الثقافة العربية والسلمية وبالتالي من المتفاعلين مع
هذه الثقافة .
ورغم المحاولت التي بذلها معاوية ولد طايع لتطهير
الجيش من العناصر المعارضة للعلمنة و التغريب
سة عسكرية والفرنسة إل ّ أّنه لم ينجح في إقامة مؤس ّ
بعيدة عن واقعها العربي والسلمي ,و دائما كانت
سة العسكرية وبحكم تكوينها الفرانكفوني تخشى المؤس ّ
العناصر العربية والسلمية و أصحاب هذه التوجهات كان
م بإستمرار طردهم من الجيش وإقالتهم قبل أن يصلوا يت ّ
إلى أعلى المراتب.
وأستشهد أحمد رامي بتجربته عندما رفض رئيس الركان
المغربي في الستينيات طلبه بالنضمام إلى الكلية
64
العسكرّية في مدينة مكناس المغربّية لّنه كان من
المعجبين بالتوجهات السياسّية لجمال عبد الناصر و
الكتابات الفكرية لسّيد قطب وتحديدا كتابه معالم في
الطريق .
وتفيد مصادر موريتانية أخرى شديدة الطلع على ما
شان الوضع الموريتاني سيبقى ه ّ يجري في موريتانيا أ ّ
حتى لو إستطاع المحيطون بالرئيس الموريتاني من
ج
ن الجيش الموريتاني يع ّ إسقاط المحاولة النقلبّية ل ّ
بالخليا العسكرّية غير المنسجمة مع التوجهات الرسمية
للنظام الموريتاني ,وتستشهد هذه المصادر بالتاريخ
الموريتاني الذي كان ينتج إنقلبات متواصلة والتي كانت
من إنتاج محلي وأحيانا من إنتاج دول إقليمية مجاورة
لموريتانّيا ,ومهما حاول النظام في موريتانيا من فرض
ن الشعب التوجّهات الشاذة على الشعب الموريتاني إل ّ أ ّ
ك جدا بأصالته السلمية قد يفاجئ الموريتاني المتمس ّ
النظام القائم في أي لحظة .
و المحاولة النقلبّية التي جرت في موريتانّيا هي رسالة
قوّية على طاولة الرئيس الموريتاني معاوية ولد طايع ,
فإما ّ الستمرار في النهج السياسي المنفتح إلى أبعد
الحدود على واشنطن وتل أبيب وبالتالي توقع محاولت
إنقلبية في أي لحظة خصوصا في ظل توفر الرضية
سة العسكرّية ,أو تغيير النهج والشروط من داخل المؤس ّ
السياسي الذي أفضى إلى المحاولة النقلبية و وضع
إستراتيجية جديدة تتماشى مع تطلعات الشعب
الموريتاني ول تتضارب معه ,و بدون ذلك ستبقى
موريتانيا حبلى بالمفاجآت كما كانت دائما !
65
حاد المغرب
مساعي لإنعاش إت ّ
العربي !
66
لجنة تعنى بملحقة التعذيب في العالم في مقر المم
المتحدة في نيورك ,وكانت النتيجة فظيعة عندما كشف
الوفد الصحراوي الذي أنشقّ عن جبهة البوليساريو عن
انتهاكات كبيرة لحقوق النسان في مخيمات جبهة
البوليساريو في الصحراء الجزائرية كمنطقة تندوف على
ن جبهة البوليساريوعاء فا ّ
سبيل المثال ,وحسب هذا الد ّ
وقيادييها وبمساعدة المخابرات الجزائرية تقوم بملحقة
العديد من المناضلين الراغبين بالعودة الى كنف المغرب
ج بهم في سجون ومعتقلت تفتقد الى أبسط وتز ّ
المقاييس النسانية .
ن بعض القادة المغاربة قاموا بجولت في بعض ورغم أ ّ
ن معظم المساعي باتت بالفشل الدول المغاربية ال ّ أ ّ
ل بقاء المعضلة الصحراوية على الذريع وخصوصا في ظ ّ
ل موضوع الستفتاء حول حالها وخصوصا بعد أن تأج ّ
مستقبل الصحراء الغربية أربع مرات تقريبا في ظل عدم
توافق الجزائر والمغرب حول من يحق له أن يشارك في
هذا الستفتاء الذي يفترض أن يحدد ّ مصير الصحراء
الغربية .والى أن يتم حلحلة أزمة الصحراء الغربية يظ ّ
ل
التحاد المغاربي مجّرد فكرة متأرجحة بين المد والجزر
المغاربيين !!!!
67
حاد المغرب
مستقبل إت ّ
العربي !
68
تقارب بين هذه القيادات والسياسات وهو مالم يتحققّ
ن الدول بتاتا في المشهد المغاربي ,بل الكثر من ذلك فإ ّ
المغاربّية لم تكّلف نفسها عناء السعي لتذويب الجليد
فيما بينها ,فخوفا من إحراج الجزائر والمغرب إرتأت ليبيا
وموريتانيا وتونس عدم بذل أي مسعى في سبيل حلحلة
ن هذه الدول إن تبّنت وجهة أزمة الصحراء الغربّية ,فإ ّ
ل أزمة الصحراء الغربّية النظر الجزائرّية في كيفّية ح ّ
أغضبت المغرب ,وإن هي تبنت الخّيار المغربي أحرجت
الجزائر ,وبالتالي تلقّفت المحاور الدولّية هذا الملف
ول الملف الشائك وتعمل على مفاقمته و بالتالي قد يتح ّ
الصحراوي إلى عامل إرباك دائم للمن في منطقة
المغرب العربي .
ورغم مرور أزيد من عقد ونّيف من الزمن على تأسيس
س المغرب العربي في سنة 1989 المغرب العربي – تأس ّ
– فإّنة لم ينجح في بلورة قواعد التحاد ناهيك عن
التفاصيل والجزئيات ,فمازالت الحدود
البرّية مغلقة بين الجزائر والمغرب ,ومازال نظام
التأشيرة معمول به بين العديد من الدول المغاربّية ,
ومازالت قوانين التبادل القتصادي و نظام الجمارك
مختلفة قلبا وقالبا بين الدول المغاربّية ,بالضافة إلى
غّياب
شر إلى نّية الدول المغاربّية أبسط القضايا التي تؤ ّ
حادحاد .وإذا كان ماضي الت ّ الحسنة في إنجاح هذا ال ّ
دم أيّ إنجازات تذكر ,فكيف المغاربي مترهل ّ ولم يق ّ
ل تراكم المشاكل السّياسية بين سيكون مستقبله في ظ ّ
حاد المغاربي !دول الت ّ
حاد في الواقع هناك مجموعة أمور تحدد ّ مستقبل الت ّ
المغاربي ومساره ,ومنها القضّية الصحراوّية ,والتوافق
السياسي بين الدول المغاربّية ,و المحاور الدولّية
ونظرتها إلى مشروع التحاد المغاربي .و فيما يتعّلق
بقضّية الصحراء الغربّية فإّنه ل إلحاقها بالمغرب يرضي
الجزائر ول تحويلها إلى دولة مستقلة ذات سّيادة يرضي
المغرب ,وإحتمال تنازل الجزائر للمغرب أو المغرب
69
للجزائر غير وارد على الطلق ,المر الذي يجعل أزمة
دة إن لم يكن أكثر . الصحراء الغربّية مستمّرة بنفس الح ّ
كما أن التوافق السياسي بين الدول المغاربّية بعيد المنال
خصوصا وأن لدى كل دولة مغاربّية الرغبة في أن تبقى
منكفئة على
طة في مشاكلها الداخلّية خصوصا في ظ ّ
ل نفسها متخب ّ
إستمرار المعضلت الجتماعّية والقتصادّية .وفيما يتعّلق
بالمحاور الدولّية فأبرز محورين لديهما إهتمام بالغ
بالمغرب العربي هما واشنطن وباريس ,ولكل العاصمتين
لهما إستراتيجية محدّدة ومغايرة في المغرب العربي ,و
قد نجحت هاتان العاصمتان في تعميق وجودهما في
ن كل ّ من الجزائر والمغرب المغرب العربي خصوصا وأ ّ
ل الزمة الصحراوّية لصالح حاولتا الستنجاد بهما لح ّ
المغرب أو لصالح الجزائر .وقد لعب هذان المحوران
دورا كبيرا في تعميق الخلفات بين الدول المغاربّية وقد
وجدت في ذلك أفضل وسيلة للتسلل إلى المغرب
العربي وتحصين المواقع والمصالح هناك .
حاد
ن مستقبل الت ّ وبناءا على كل هذه المعطّيات فإ ّ
ما كان عليه قبل المغاربي ل يمكن أن يكون أفضل م ّ
ن التحادعشر سنوات ,وفي هذا السّياق يشار إلى أ ّ
المغاربي الذي بدأ بداية حماسّية إنتهى به المطاف في
غرفة النعاش الدئم إلى إشعار غير محدد ّ !!
70
مصير العلقات الموريتانّية –
العبرّية !
71
ومازالت نواكشوط هي نواكشوط بكل تفاصيل مشاكلها
ن موريتانياالمادّية والسياسّية والجتماعّية .والعجيب أ ّ
التي راهنت على التطبيع كمدخل لتجاوز محنتها
دم ,وحتى القتصادّية لم تشهد أرقامها القتصادية أي تق ّ
لما بادر أرييل شارون الى نهج ابادة الشعب الفلسطيني
لم تحرك موريتانيا ساكنا رغم الحتجاجات الواسعة من
الشارع الموريتاني الذي ضاق ذرعا بسياسة معاوية ولد
طايع التطبيعية .وأرييل شارون الذي يبدو مختنقا من
الدانة العربية له حتى الرسمية منها ,يحاول التنفيس في
موريتانيا حتى لو كان شارون متيقنا أن نواكشوط ليست
ح علقة حكومته مع الدول العربية , في وزن من يصح ّ
ومع ذلك أوفد مبعوثين عنه الى موريتانيا للحديث عن
ن دوائر القرار في مستقبل العلقات الثنائّية .ول ّ
نواكشوط عربّية ول تريد ايذاء الضيف ,فلم نسمع
تصريحا رسمّيا واحدا من نواكشوط ضد ّ الجرام
ن
الصهيوني أمام مبعوثي شارون الى نواكشوط .بل ا ّ
نواكشوط أوفدت رئيس ديبلوماسيتها الى تل أبيب
لستكمال عرس ذبح القصى وشارك رسمّيوها في
الحتفال الضخم الذي أقامته السفارة العبرّية في
نواكشوط بمناسبة ذكرى نكبة فلسطين .
لقد كان حرّيا بموريتانيا كما يقول معارضو التطبيع فيها أن
تبادر الى التوبة السياسية وتطرد سفير الدولة العبرية
فيها عسى هذا الموقف يصلح ما أفسدته السياسة
الموريتانّية التطبيعية سابقا .وموريتانيا التي تلّقت
بانزعاج تضايق الدول المغاربّية من علقاتها مع الدولة
مت في كواليس الخارجية الموريتانية من هذه العبرّية تهك ّ
العنتريات ,وفي زعم بعض الديبلوماسيين الموريتانيين
ن الجسور مازالت قائمة وعلى أوجها بين بعض الدول فا ّ
ن حركة الكواليس نشيطة المغاربية والدولة العبرية وأ ّ
دت ن بعض الدول المغاربية التي جم ّ الى أبعد الحدود ,وأ ّ
علقاتها بالدولة العبرية أرسلت أكثر من رسالة تطمين
ن هذا التصرف جاء ن الزمة مؤقتة وأ ّ الى تل أبيب وفيها أ ّ
نتيجة ضغوط من الشارع المحلي الذي ل يجب أن يصدم
72
ل تقافم البطالة وتدّني المستوى المعيشي خصوصا في ظ ّ
وأزمة السكن وغيرها من الزمات ,وكانت الدولة العبرية
مة للوضع ,لذلك لم يصدر منها انزعاج أو استنكار متفه ّ
مادامت هذه المسلكية السياسية في حدود القول ل
الفعل .
والرسميون في نواكشوط يرون أّنه ل داعي لهذه
المداهنات التي حسب رأيهم ل تزيد الطين ال ّ بّلة .وفي
رد ّ هؤلء الرسميين على اخفاق الرهانات الموريتانية
ن الخطوة التي أقدمت عليها موريتانيا مع فيقولون أ ّ
الدولة العبرية ل يمكن أن تؤتي أكلها في المدى القريب ,
ن موريتانيا باتت بل في المدى المتوسط والبعيد والمهم أ ّ
ي
نأ ّ في دائرة الهتمام المريكي والحماية المريكية وأ ّ
مها كما كانت كر في ازعاج موريتانيا أو ض ّ دولة مغاربية تف ّ
كر في ذلك في الستينّيات والسبعينّيات فعليها الرباط تف ّ
ن
أن تنظر تجاه واشنطن قبل أن تنظر تجاه موريتانيا .ول ّ
موريتانيا هي الحلقة الضعف في المغرب العربي فاّنها
من يوّفر لها الطمأنينة والمان ,لكّنها راحت تبحث ع ّ
أخطأت بنسبة 180درجة عندما توجّهت الى الدولة
العبرية لتحقيق الطمأنينة السياسّية والقتصادّية .وسوف
ن رهانها على الدولة العبرية يأتي يوم تدرك فيه موريتانيا أ ّ
ن في فلسطين على الجيوش كان كرهان بعض كبار الس ّ
العربية التي ستصل قريبا الى القصى السير وتحرّره من
السر العبري !!!!
73
مصير جبهة البوليساريو !
74
مت الرئيس الفرنسي جاك شيراك بانتهاك الشرعية اته ّ
الدولّية لدى تصريحه بتبعّية الصحراء الغربّية للمغرب .
وحتى الجزائر التي رعت تأسيس جبهة البوليساريو
وتقديم الدعم المالي والسياسي واللوجستي لها بدأ
تأييدها المطلق يتراجع لجبهة البوليساريو .والجزائر التي
كا على بياض لواشنطن في حربها ضد ّ الرهاب مت ص ّ قد ّ
ل يمكنها أن تقف في وجه الخّيار المريكي القاضي
ل الثالث ,مقابل الحل الجزائري القاضي بتطبيق الح ّ
سابقا باستقلل منطقة الصحراء الغربّية ,والحل المغربي
القاضي ببسط السيطرة الكاملة على المناطق
الصحراوّية ,وكانت الرباط ترفض جملة وتفصيل الحديث
عن أي حقّ لجبهة البوليساريو ,وقد منعت السلطات
المغربّية في وقت سابق في شهر تشرين الثاني –
نوفمبر رئيسة مؤسسة فرنسا للحرّيات دانيال ميتيران
أرملة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران من
دخول أراضي الصحراء الغربّية ورفضت تنقّلها على متن
رحلة الى العاصمة الصحراوّية العيون .وتجدر الشارة
ل الثالث لحلحلة أزمة الصحراء ه قبل طرح الح ّ الى أن ّ
الغربّية كانت جمعية المم المتحدة تطالب باجراء استفتاء
عام في مناطق الصحراء الغربّية حول النضمام أو
صالت المغربية ن الت ّالنفصال عن المغرب ,غير أ ّ
المكثّفة بعواصم القرار وتحديدا واشنطن وباريس أفضت
ل الثالث .ولم يبق لجبهة الى تبّني واشنطن لمشروع الح ّ
خذ البوليساريو غير الجزائر حيث مازالت هذه الجبهة تت ّ
من منطقة تندوف الجزائرّية قاعدة عسكرّية وسياسّية لها
ن الجزائر التي أخذت في المدة الخيرة تقنع .غير أ ّ
ث الشركات واشنطن بضرورة تقديم مساعدات لها وتح ّ
المريكية بالدخول الى الجزائر قد ل تصمد طويل في
نما جبهة البوليساريو فترى أ ّ ي خّيار النفصال .أ ّ تبن ّ
الخّيار الثالث سيفضي الى عودتها الى الكفاح المسّلح
وات المغربية المرابطة في وتكثيف الحرب ضد ّ الق ّ
ن الرباط أوفدت وزير مناطق الصحراء الغربّية .ورغم أ ّ
داخليتها ادريس جّتو الى الجزائر للحتكاك بالمسؤولين
75
الجزائريين والتقّرب منهم في محاولة لمعرفة وجهة نظر
ن المسافة مازالت بعيدة بين الجزائر عن قرب ال ّ أ ّ
الجزائر والرباط والتي انعكست على غلق حدود البلدين
وتراجع العلقات السياسّية والقتصادّية بينهما .ويرى
ن واشنطن متابعون لملف الصحراء الغربّية في الجزائر أ ّ
مادامت قد أمسكت بالملف الصحراوي وبدأت تفرض
ن المور في الصحراء الغربّية ل الثالث فا ّ مايسمى بالح ّ
ل العصر ستؤول الى ما تريده واشنطن خصوصا في ظ ّ
المريكي الراهن .ويرى هؤلء المتابعون للمّلف
ن جبهة البوليساريو ل تستطيع أن تحسم الصحراوي أ ّ
ن الجزائر التي الموقف عسكرّيا لصالحها ,خصوصا وأ ّ
دعمت جبهة البوليساريو عسكرّيا في أوقات سابقة لم
يعد في وسعها اليوم مواصلة هذا الدعم العسكري ,ومن
ن هذا التوافق بين باريس وواشنطن بشأن جهة أخرى فا ّ
ل الثالث سوف يضعف الموقف الجزائري الداعي الى الح ّ
اقامة دولة مستقلة للصحراويين ,كما يضعف جبهة
جه المؤسسات البوليساريو التي أصبحت مستاءة من تو ّ
ي خيار دة الى تبن ّ الدولّية وعلى رأسها جمعية المم المتح ّ
ل الثالث .وهذه التراجعات جعلت العديد من القادة الح ّ
مون الى المغرب وأعلنوا صراحة من الصحراويين ينض ّ
ن الصحراء الغربّية مغربّية .وحسب المراقبين الرباط أ ّ
ن انحسار الدور الدولي والقليمي للجزائر في الجزائر فا ّ
بسبب الفتنة الداخلّية في الجزائر انعكس سلبا على جبهة
البوليساريو التي ربطت نفسها قلبا وقالبا بالجزائر .ول
ن واشنطن اذا استطاعت أن تفرض الحل الثالث كأ ّ ش ّ
ن جبهة البوليساريو قد ل تكون في الصحراء الغربّية فا ّ
ظ في ادارة مناطق الحكم الذاتي في صاحبة الح ّ
ن قادتها يرفعون شعار الدولة الصحراء الغربّية باعتبار أ ّ
ن الرباط ستستعين بقادة الصحراوّية أو الموت ,غير أ ّ
جبهة البوليساريو السابقين الذين انشّقوا عن جبهة
م
موا الى المغرب .و الجزائر التي ت ّ البوليساريو وانض ّ
تعيينها كدولة ملحظة في اجتماعات هيوستن التي
انعقدت بين الطرف المغربي والصحراوي تبدي
76
مؤسساتها الديبلوماسّية استياءا خفّيا من خروج اللعبة من
يد المم المتحدة الى يد واشنطن التي أملت مشروع
الحل الثالث الذي سيجعل نهاية للمشروع الجزائري في
الصحراء الغربّية ,و مشروع جبهة البوليساريو التي
ست قبل ربع قرن ولم تر بعد حلم الدولة الصحراوّية تأس ّ
المستقّلة يتحققّ في الراضي الصحراوّية الفاصلة
جغرافّيا وسياسّيا بين المغرب والجزائر !!!!
77
وفي عواصم أوروبّية متعددة مثل ألمانيا الغربية في ذلك
الوقت وفرنسا و إسبانيا وايطاليا وغيرها من العواصم
الغربّية .وتأمل المعارضات في المغرب العربي إلى
إعادة فتح كل ملفات التصفيات السياسية التي كان
معارضون من الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس
عرضة لها وفي أحايين كثيرة كانت الجهزة المنّية الغربية
تتواطأ مه الجهزة المنية المغاربية على الرغم من
الخلف اليديولوجي والسياسي الذي كان سائدا بين هذه
العواصم الغربية التي سهّلت أجهزتها عملية التصفيات
ودول المغرب العربي وتحديدا في فترات الستينيات
والسبعينيات وحتى في بداية الثمانينّيات .
ففي الجزائر على سبيل المثال صّفت الجهزة الجزائرّية
مد خيضر في إسبانيا وكريم بلقاسم في ألمانيا وعلي مح ّ
المسيلي في فرنسا ,والذين جرت تصفيتهم في الداخل
هم ,وصّفت الجهزة الليبّية عشرات ل يحصى عد ّ
المعارضين الليبيين في بريطانيا وغيرها وأخر المختطفين
من القاهرة كان منصور الكيخيا وزير خارجّية ليبيا السبق
الذي كان يحمل جواز سفر جزائري ,وقد جرى اختطافه
بمساعدة أجهزة عربّية من القاهرة والى جهة مجهولة
ن نظام بورقيبة من يعتقد أّنها ليبيا .وفي تونس تمك ّ
تصفية عشرات الشخصيات السياسية التي كانت تعرف
باليوسفيين نسبة إلى المعارض الرئيس للحبيب بورقيبة
يوسف بن صالح الذي فّر إلى الجزائر و أحتضنته القيادة
الجزائرّية ,وعندما كان زعيم حركة النهضة التونسية
ج قوة الجبهة السلمّية راشد الغنوشي في الجزائر في أو ّ
للنقاذ أوفدت المخابرات التونسية فرقة النمور السوداء
صة في الغتيالت خارج تونس لتصفّية الغنوشي , المتخص ّ
م إبلغه بمشروع التصفّية من قبل جهات جزائرية وت ّ
فغادر إلى الخرطوم ومنها إلى لندن حيث يقيم كلجئ
سياسي .و حسب معلومات أكيدة كثيرا ما كانت تّتم
عملية التبادل المعلوماتي بين بعض الجهزة المغاربّية
وأخرى مماثلة في الغرب من قبيل معلومات عن لجئين
سياسيين من الباسك في الجزائر والمغرب ,أو أعضاء
78
من الجيش الجمهوري في ليبيا وبالمقابل تحصل الدول
المغاربّية على معلومات دقيقة عن معارضين مغاربيين
في فرنسا و إسبانيا .وفي موضوع المهدي بن بركة كان
هناك تنسيق كامل بين المخابرات الفرنسّية والمخابرات
المغربّية ,وكانت المخابرات الفرنسية تزّود المخابرات
المغربّية بأدقّ المعلومات عن بن بركة واتصالته
والشخصيات التي يلتقيها وتحركاته ,وقد لجأ العاهل
المغربي السابق الحسن الثاني إلى استثمار علقاته
الوطيدة بكبار الرسميين في فرنسا ,والتي تؤكد
معلومات أكيدة أّنه كان يستضيفهم للشهر والشهرين
يقضوّنها في بعض قصوره في الرباط ومنهم الرئيس
ور خروج الفرنسي السبق جسكار ديستان ,ول يمكن تص ّ
مت بها شخص من الحدود الفرنسية بالسهولة التي ت ّ
اختطاف المهدي بن بركة ,وقد اعترف مقربون من
الجنرال أوفقير الذي كان وزيرا للداخلّية قبل أن يقود
ن
ي حتفه بعدها أ ّ عملية انقلب ضد ّ الحسن الثاني ولق ّ
هناك ثلثة أجهزة أمنّية شاركت في اختطاف المهدي بن
بركة وهي المخابرات الفرنسّية والموساد السرائيلي
ن العاهل المغربي الحسن الثاني والمخابرات الفرنسية وأ ّ
م هائل من المعلومات عن كافأ الموساد السرائيلي بك ّ
مجموعة كبيرة من الفصائل الفلسطينية ورجالتها الذين
كانوا يستخدمون أسماء حركّية في العديد من العواصم
الغربّية .و ل يزال في المغرب مصير مائتين شخصية
معارضة مجهول ويطالب المنتدى المغربي للحقيقة
والنصاف بالكشف عنهم جميعا حتى لو أدى ذلك إلى
محاكمة الحسن الثاني وهو في لحده ,وفي فرنسا كشف
ن
ضابط مخابرات جزائري سابق ويدعى هشام عّبود أ ّ
رئيس ديوان الرئيس بوتفليقة الجنرال العربي بلخير هو
الذي أصدر أمره بتصفية المعارض الجزائري في باريس
ن لبلخير علقات وطيدة بالجهزة علي مسيلي ومعروف أ ّ
الفرنسية منذ كان ظابطا صغيرا في الجيش الفرنسي
في عهد الجنرال شارل ديغول .ومازال الجزائريون
يبحثون عن ستة ألف معارض سياسي خطفوا على
79
امتداد الزمة الجزائرية ومازال مصيرهم مجهول .وفي
تونس يطالب مئات العوائل بالكشف عن أبنائهم
المخطوفين والذين ل يعرف عنهم شيئا .و تخشى الدوائر
المغاربّية أن يؤدي السترسال في فتح ملفات الغتيال
السياسي في المغرب العربي الى مبادرة معارضين
كاممغاربيين في أوروبا الى رفع دعاوى ضد ّ الح ّ
المغاربيين في محكمة بروكسل التي تستعد لمحاكمة
وف رئيس الوزراء السرائيلي آرييل شارون .وهذا التخ ّ
لم ينبعث من فراغ إذ توالت إلى عواصم المغرب العربي
ن هناك جماعات مغاربّية معارضة بصدد تقارير تفيد بأ ّ
إعداد ملفات مشفوعة بأدّلة وبراهين لتقديمها إلى
المحكمة البلجيكّية .
وقد دعا وزير خارجّية بلجيكا زعيم جبهة القوى الشتراكّية
الجزائري حسين آيت أحمد ليسمع منه عن حقيقة تورط
الجيش الجزائري في المذابح الجزائرّية خصوصا في هذه
المرحلة التي تبحث فيها الجزائر عن شراكة مع التحاد
الوروبي .
وإذا كان الفصل المتعلق بتوّرط الجهزة المغاربّية في
تصفية معارضيها مكشوفا ,فهل تميط العواصم الغربّية
اللثام عن الدوار الذي أضطلّعت بها أجهزتها في تصفية
عشرات المعارضين المغاربيين لجأوا إلى الغرب للحصول
على المان المفقود !!!!
80
متى يعلن القذافي عن سّر
إختفاء موسى الصدر !
81
مر القذافي على إغلق كافة ومثلما يعمل العقيد مع ّ
الملفات العالقة بين بلده وبين عواصم الرادات الدولية ,
مر القذافي داها العقيد مع ّ هذه الرادات التي لطالما تح ّ
محمل ّ إّياها وزر التداعيات الخطيرة في المشهد
السياسي العربي والسلمي ,فيجب عليه وبالتوازي مع
ذلك أن يغلق بعض الملفات العالقة ذات العلقة
ل أبرز ملف في هذا بالجغرافيا العربية و السلمية ,ولع ّ
السّياق هو ملف إختفاء السيد موسى الصدر رئيس
س أفواج المجلس السلمي الشيعي في لبنان و مؤس ّ
سها راهنا المقاومة الوطنية في لبنان حركة أمل التي يترأ ّ
المحامي نبيه بّري رئيس البرلمان اللبناني .
ن ذكرى إختفاء موسى الصدر ومن المفارقات العجيبة أ ّ
تتزامن مع ذكرى الفاتح من سبتمبر – أيلول أي تاريخ
مر القذافي على السنوسي حاكم ليبيا إنقلب العقيد مع ّ
في مرحلة الستينيات .
وكان المام موسى الصدر الذي ولد في مدينة قم
سة اليرانية في سنة 1928قد وصل إلى لبنان المقد ّ
سنة 1960ليتولى توجيه الطائفة الشيعية عقب وفاة
السّيد عبد الحسين شرف الدين صاحب التصانيف
المشهورة ككتاب المراجعات مع شيخ الزهر سليم
البشري وغيرها ,وتولى في سنة 1969رئاسة المجلس
السلمي الشيعي العلى في لبنان حيث ساهم بالنهوض
سات الثقافية والجتماعية والمهنية بالعديد من المؤس ّ
والتربوّية و تحديدا في الجنوب اللبناني الذي كان ساحة
داها المام موسى مستباحة للغطرسة الصهيونية والتي تح ّ
الصدر متحالفا في ذلك مع فصائل المقاومة الفلسطينية
التي كانت ترى فيه رمزا نضالّيا كبيرا .
سي حركة الحوار وبالضافة إلى ذلك كان أحد مؤس ّ
السلمي – المسيحي مع المطران الكاثوليكي غريغوار
داد و من أبرز مواعظه كلمة ألقاها في كنيسة ح ّ
الكبوشيين أثناء صّيام عيد الفصح سنة 1964في لبنان .
ونظرا لشخصيته المتألقة وثقافته الواسعة فقد أصبح
موسى الصدر شخصية يشار إليها بالبنان حيث كانت
82
ده العديد من العواصم العربية ,ومنها طرابلس تخطب و ّ
الغرب التي وجّهت إليه دعوى لم يعد بعدها ل إلى وطنه
لبنان ول لهله الذين ظلوا يتابعون أخباره ويتصيدون أي
معلومة يلقيها هذا الديبلوماسي الليببي الهارب أو ذاك .
ن المام موسى وحسب المصادر الجزائرية الرسمية فإ ّ
الصدر غادر الجزائر متوجها إلى ليبيا وفي ليبيا لم يرشح
عنه أي خبر حيث ضرب حصار كامل عن السرار الكامنة
دت إلى خطفه , وراء خطفه والسباب الموضوعية التي أ ّ
ن يتحرك في الساحة اللبنانية ضد ّ أي نظام علما أّنه لم يك ّ
عربي بعينه بل ركّز قضيته على أمرين إثنين في لبنان
وهما التصدي للكيان الصهيوني الذي كان يستبيح جنوب
جة وجود مقاومة فلسطينية فيه ,و مطالبة لبنان بح ّ
الدولة اللبنانية ذات التركيبة المارونية الطائفية العنصرية
تاريخئذ بالعتراف بحقوق الشيعة في لبنان وإنصافهم
سواء على صعيد إدماجهم في لعبة صناعة القرار
السياسي اللبناني أو توفير الخدمات الضرورية لقراهم
وأريافهم التي مازال الكثير منها يشكو الهمال إلى يومنا
هذا المر الذي أوعز لكثيرين اللجوء إلى زراعة المخدرات
جار بها وتحديدا في مناطق البقاع اللبناني والجنوب والت ّ
اللبناني على حد ّ سواء .
وربما لن يسلم ضمير القذافي بدفع الدّية بمليير
ن هذا الضمير يجب أن يواصل الدولرات للغربيين ,بل إ ّ
التوبة السياسية بالعلن عن مصير موسي الصدر
ومرافقيه ,وبعد ذلك أيضا الكشف عن ملفات الليبيين
المخطوفين والمقتولين على شاكلة منصور الكيخيا
م توضيح ملبسات إغتيال فتحي الشقاقي وأقرانه ,و من ت ّ
زعيم تنظيم الجهاد الفلسطيني في مالطا الذي خرج قبل
إغتياله من ليبيا بجواز سفر ليبي .
وحتى ل يكون الدم الغربي أشرف من الدم العربي
والمسلم فعلى معمر القذافي أن يريح حقبتنا التاريخية
م البحث المتواصل عن أسرار وقضايا وحده الراهنة من ه ّ
العقيد يملك الكلم عنها .
فهل يتكّلم العقيد !!!
83
الطريق إلى الصحراء الغربّية عبر
تل أبيب !
84
الغربية ,حيث ألقى العاهل المغربي الشاب محمد
السادس كلمة في الرباط قاطعا فيها الطريق على
كدا على مغربية الصحراء الغربية بل الصحراء الجزائر مؤ ّ
الشرقية الجزائرية ,وهو تصريح أدخل الجهات الرسمية
في حالة طوارئ .
وقد أعادت هذه التصريحات الوضع إلى درجة ما قبل
الصفر بين الجزائر والمغرب .وتأتي زيارة وزير خارجية
الدولة العبرية إلى الرباط في سّياق تفعيل العلقات
العبرية – المغربّية وإخراجها إلى العلن و المكشوف بعد
أن كانت نشيطة تحت الرض وبعيدا عن الضواء ,وربما
العلقات المغربية – العبرية هي القدم من نوعها حتى
قبل إتفاقية أوسلو التي شرعنت التلقي العربي – العبري
ث عن زياراته المتكرّرة ,فموشي ديان في مذكراته تحد ّ
إلى الرباط في عهد العاهل المغربي الراحل الحسن
ث عن تمّتعه بالقصور التي كان ينزل فيها الثاني و تحد ّ
في الرباط ,وعن عطورها وفخامتها ,وتحدث عن بعض
المسؤولين العرب الذين كان يلتقيهم سّرا وبعيدا عن
الضواء وبترتيب من الحسن الثاني .
وإختيار المغرب هذا الوقت بالتحديد لتدشين العلقات
المغربية – العبرية والتي هي بالساس كانت سارية
عت الجهات الرسمية المغربية المفعول ل يهدف كما إد ّ
إلى المساهمة في تفعيل عملّية السلم المنهارة أساسا
بإعتراف رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الذي أعلن
ن خارطة الطريق ضاعت في الطريق أو ماتت بتعبيره . أ ّ
وإذا كانت بعض دول الطوق المجاورة أساسا للدولة
العبرية كمصر قد أخفقت في تفعيل هذه العملية رغم أّنها
سخّرت أجهزتها المنية بقيادة مدير مخابراتها ,وحتى
الراعي المباشر لعملية السلم واشنطن شكت من تلكؤ
العلمية السلمّية في الشرق الوسط ,فماذا ستقدر
الرباط من تقديمه لعملية السلم التي أصبحت مبررا
لدعاة التطبيع والهرولة و تفعيل العلقات مع الدولة
العبرية برئاسة شارون المعروف دولّيا بإجرامه .
85
والواقع أن الرباط ومن خلل تفعيل علقاتها مع الدولة
العبرية تسعى للحصول على مزيد من الرضا المريكي
والعجاب المريكي لترجح كفتها في الصراع من أجل
مغربة الصحراء الغربية ,حيث تعمل الرباط جاهدة
وبسعي حثيث لقناع واشنطن بضرورة العتراف بأحقية
م الصحراء الغربية و قطع الطريق عن المغرب في ض ّ
الجزائر التي تسعى لقّيام دولة صحراوية بقيادة جبهة
البوليساريو ,حتى لو أّدى المر إلى منح جزء من هذه
الراضي للمريكان لتحويلها إلى قواعد عسكرية أمريكية
في المغرب العربي وعلى زواية المحيط الطلسي .
ن خطوة من قبيل تفعيل العلقات ويعرف المغاربة جيدا أ ّ
الثنائّية بين تل أبيب و الرباط وفي هذا الظرف العربي
والسلمي العصيب حيث الكراهية المطلقة والمتصاعدة
عربيا وإسلمّيا لكل ما هو أمريكي أو صهيوني خصوصا
في ظل إقترافات أمريكا في العراق ,وما تقترفه الدولة
العبرية في فلسطين المحتلة ضد ّ أبناء الشعب
الفلسطيني ,من شأنه أن يجعل الدولة العبرية ترد ّ
الجميل بالضغط على واشنطن لتتبنى موقف المغرب في
ن جمعية المم المتحدة قضية الصحراء الغربية خصوصا وأ ّ
ستتوّلى النظر بجدّية في الملف الصحراوي لحّله وإخراجه
ل. من دائرة التذبذب واللح ّ
ن الطريق إلى الصحراء الغربية و إذا كانت الرباط تعتقد أ ّ
يكون عبر المرور بتل أبيب فهي مخطئة في حساباتها
لسباب محلية وإقليمية ودولّية ,فعلى الصعيد المحلي
ن كل القوى السياسية والوطنية ترفض جملة وتفصيل فإ ّ
أي تطبيع مع الكيان الصهيوني في الراهن العربي حيث
تلجأ القوات الصهيونية وبشكل يومي إلى نحر
الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم ,وقد يرفع هذا التطبيع
من سقف الدعاة إلى ممارسة العنف ضد ّ النظام
المغربي الذي يتجاوز الشعب وطلئعه في كثير من
ممارساته السياسية وتحديدا على صعيد القرارات
الخطيرة التي يتخ ّ
ذها .
86
ن خطوة من هذا القبيل ستزيد وعلى الصعيد القليمي فإ ّ
في مراكمة الخلفات بين الدول المغاربية التي ل تحكمها
وال معين تغنيه , توجهات سياسية واحدة ولكل دولة م ّ
فهذه الدولة إرتمت في أحضان أمريكا وأخرى مازالت
موصولة المصل الفرنسي ,وثالثة إنفتحت على إفريقيا
وهناك الغارف من بحيرات الجميع بما في ذلك البحيرة
العبرية .
وعلى الصعيد العربي والسلمي فسوف يزداد سخط
الشارع العربي والسلمي على الرباط التي ورغم حجم
الدماء المراقة ظلما وعدوانا في فلسطين المحتّلة فإّنها
قفزت على هذه الدماء وقرّرت التطبيع مع الكّيان
م الصحراء ن ذلك سيمكّنها من ض ّ الصهيوني ظّنا منها أ ّ
الغربية إليها أو على القل سيرفع من أسهمها السّياسية
لدى الدارة المريكية التي باتت سيدة الحل والربط في
النزاعات الدولّية الراهنة .
ن الدولة العبرية ستكون المستفيد الول من والواقع أ ّ
هذا التطبيع بإعتبار أنها كانت ومازالت تخترق الجدار
العربي و تخرم لغة الجماع العربية ,حيث يأتي حفل
التطبيع المغربي – العبري بعد إّيام من إجتماع لجنة
المقاطعة العربية لسرائيل التابعة للجامعة العربية في
مقر الجامعة العربية في القاهرة .
ن سبب تدشين العلقات المغربية – العبرية ما التبرير بأ ّأ ّ
هو للمساهمة في حلحلة أزمة الشرق الوسط فهو أقرب
إلى فن الضحاك على الذقون وعلى الشعوب والذي
تجيده بإحكام وإمتياز و إحتراف كبير كل العواصم
العربّية !!
87