You are on page 1of 42

‫الدولة والحزاب السياسية فى مصر‬

‫الواقع والفاق‬

‫عبد الغفار شكر‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫انتقلت مصر فى أقل من ربع قرن )‪ (1976-1953‬من نظام تعدد‬
‫الحزاب إلى نظام الحزب الواحد ثم عادت مرة أخرى إلى نظام تعدد‬
‫الحزاب وفى كل مرة كان النتقال يتم بقرار من الدولة‪.‬‬
‫عرفت مصر نظام تعدد الحزاب منذ بداية القرن العشرين‪ ،‬ونشأت‬
‫على امتداد النصف الول من القرن العشرين تكوينات حزبية عديدة‬
‫ومورست أنشطة سياسية متنوعة تجسيدا ً لقدر واسع من التعددية‬
‫السياسية التى تعبر فى الحقيقة عن الواقع الطبقى القائم‪ ،‬الذى يضم‬
‫كبار ملك الراضى الزراعية )القطاعيون( وكبار الرأسماليين والفئات‬
‫الوسطى )متوسطى ملك الراضى الزراعية والمهنيون والصناعيون(‬
‫والبورجوازية الصغيرة والعمال وفقراء الفلحين والحرفيين‪ .‬فكانت هناك‬
‫أحزاب سياسية تعبر عن مصالح النخب المالكة والحاكمة من كبار ملك‬
‫الراضى الزراعية وكبار الرأسماليين )حزب الحرار الدستوريين والحزب‬
‫السعدى(‪ ،‬وأحزاب أخرى تعبر أكثر عن الفئات الوسطى )حزب الوفد‬
‫والحزب الوطنى( وأحزاب تميل فى مجملها إلى أفكار ومصالح‬
‫البورجوازية الصغيرة )حزب مصر الفتاة والحزب الوطنى الجديد والخوان‬
‫المسلمون( وأحزاب تعبر عن مصالح العمال وفقراء الفلحين والحرفيين‬
‫)الحزاب الشيوعية مثل الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى‪ ،‬والحزب‬
‫الشيوعى للعمال والفلحين‪ ،‬والحزب الشيوعى المصرى(‪.‬‬
‫وشهدت الفترة من ‪ 1923‬إلى ‪ 1952‬قيام نظام ملكى دستورى وفق‬
‫رؤية ليبرالية واضحة‪ ،‬لكن خضوع البلد للستعمار البريطانى واحتكار فئة‬
‫محدودة للثروة واستئثارها بالجزء الكبر من الدخل القومى‪ ،‬والخلل الكبير‬
‫فى توزيع الدخل القومى لصالح هذه الفئة على حساب أغلبية محرومة من‬
‫أبسط ضرورات الحياة وخاصة فقراء الريف‪ ،‬والستغلل الرأسمالى الذى‬
‫مارسته الشركات الرأسمالية الجنبية والمصرية على عمال الصناعة‪ ،‬كل‬
‫هذا أفسد التطور الليبرالى الديمقراطى فى مصر‪ ،‬وحال دون التطور إلى‬
‫نظام ديمقراطى دستورى حقيقى‪ .‬ولعب القصر الملكى والسفارة‬
‫البريطانية وأحزاب القلية الحاكمة دورا ً واضحا فى تزوير النتخابات‬
‫البرلمانية‪ ،‬وحرمان حزب الغلبية )الوفد( من تولى الحكم رغم أحقيته فى‬
‫ذلك أكثر من مرة‪ .‬ونمت نتيجة للحتلل والفقر والتخلف والفساد‬
‫والستبداد حركة شعبية واسعة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ‪1945‬‬
‫قادتها الحزاب البورجوازية الصغيرة والتنظيمات الشيوعية والطليعة‬
‫الوفدية )شباب حزب الوفد(‪ ،‬وسرعان ما تجاوزت الحركة الوطنية‬
‫الشعبية مطالب تصحيح أوجه القصور فى نظام الحكم إلى المطالبة‬
‫بالطاحة به لتحقيق الهداف الوطنية الكبرى وعلى رأسها جلء قوات‬
‫الحتلل الجنبى وتحقيق العدالة الجتماعية والتنمية القتصادية لرفع‬
‫مستوى معيشة المواطنين وخاصة الفقراء والمعدمين بالضافة إلى‬

‫‪1‬‬
‫تحقيق ديمقراطية سليمة وتحت ضغط الحركة الوطنية والشعبية استولت‬
‫على السلطة جماعة الضباط الحرار يوم ‪ 23‬يوليو ‪ 1952‬فيما عرف فيما‬
‫بعد باسم ثورة ‪ 23‬يوليو سنة ‪ ،1952‬وجماعة الضباط الحرار هى تنظيم‬
‫سياسى تكون داخل الجيش المصرى من مجموعة من الضباط الوطنيين‬
‫الشبان لبعضهم ارتباطات قوية بالتجاهات الفكرية والسياسية النشطة‬
‫مثل الخوان المسلمين والشيوعيين‪.‬‬
‫وفى الشهور الولى للثورة حدثت مواجهة بين الحكام الجدد والحزاب‬
‫السياسية القائمة تصاعدت حدتها تدريجيا انتهت بصدور قرار من مجلس‬
‫قيادة الثورة فى ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1952‬بإلغاء الدستور وبدء مرحلة انتقالية‬
‫مدتها ثلث سنوات‪ ،‬وصدر قرارا ً آخر فى ‪ 16‬يناير ‪ 1953‬بحل الحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬ثم صدر قرار ثالث فى ‪ 23‬يناير ‪ 1953‬بقيام تنظيم سياسى‬
‫واحد هو هيئة التحرير أمينه العام جمال عبد الناصر مؤسس تنظيم‬
‫الضباط الحرار والقائد الحقيقى لثورة ‪ 23‬يوليو سنة ‪ .1952‬بذلك انتقلت‬
‫مصر إلى نظام الحزب الواحد بقرار من سلطة الدولة‪ .‬ورغم مقاومة‬
‫الحزاب السياسية لهذا التوجه إل أنها خسرت المعركة ليس فقط بسبب‬
‫اعتقال أهم قادتها فى ذلك الوقت‪ ،‬بل لن جماهير الشعب كانت مهتمة‬
‫أكثر بقضايا جلء قوات الحتلل وتحقيق العدالة الجتماعية وتحسين‬
‫مستوى المعيشة والقضاء على مظاهر الفساد التى كثر الحديث عنها فى‬
‫السنوات الخيرة من عمر النظام السابق‪ ،‬وكانت الثورة قد أثبتت‬
‫مصداقيتها لدى الشعب عندما أصدرت فى الشهور القليلة التى انقضت‬
‫من توليها السلطة قانون الصلح الزراعى الذى يقضى بتوزيع أراضى كبار‬
‫الملك القطاعيين على فقراء الفلحين وإلغاء اللقاب‪ ،‬مما يعنى التزامها‬
‫العملى‪ ،‬بالعدالة الجتماعية والمساواة بين المواطنين‪ ،‬فضل عن طرحها‬
‫لنهج جديد فى مواجهة الحتلل الجنبى‪ .‬بينما كانت الحزاب السياسية قد‬
‫فقدت مصداقيتها لدى الشعب لعجزها عن إيجاد حل حقيقى لهذه القضايا‪،‬‬
‫وانغماسها فى الصراع الحزبى على حساب القضايا والمشكلت الكثر‬
‫أهمية شعبيًا‪.‬‬
‫عاشت مصر تحت حكم نظام الحزب الواحد أو التنظيم السياسى‬
‫الواحد حسب التعبير المفضل لدى قادة الثورة ما يقرب من ربع قرن‪،‬‬
‫ورغم تغير اسم التنظيم من هيئة التحرير سنة ‪ 1953‬إلى التحاد القومى‬
‫‪ 1956‬إلى التحاد الشتراكى العربى سنة ‪ 1962‬إل أن جوهر الصيغة‬
‫الجديدة للحكم بقى كما هو‪ :‬احتكار الحكم لتنظيم سياسى واحد‪ ،‬وتحريم‬
‫التعددية الحزبية‪ ،‬وإلغاء أى مظهر للمنافسة السياسية العامة‪.‬‬
‫ونتيجة للتطورات التى شهدها المجتمع المصرى فى بداية السبعينيات‬
‫فى المجالت القتصادية والجتماعية والسياسية‪ ،‬وما ترتب عليها من تغير‬
‫فى سياسة مصر الخارجية وتغير تحالفاتها القليمية والدولية عادت مصر‬
‫مرة أخرى فى مارس ‪ 1976‬إلى نظام التعددية السياسية بقرار من‬
‫رئيس الجمهورية‪ .‬أى أن الدولة هى التى ألغت التعددية السياسية عام‬
‫‪ 1953‬وهى التى أعادتها عام ‪ .1976‬وكما سيطرت الدولة على التنظيم‬
‫السياسى الواحد لمدة ‪ 24‬سنة وحددت دوره فى الحياة السياسية‬
‫وموقعه من الحكم‪ ،‬وطورته حسب المتغيرات التى شهدها المجتمع‬
‫المصرى‪ ،‬فإنها تحرص على القيام بنفس الدور بالنسبة للحزاب السياسية‬

‫‪2‬‬
‫المستجدة‪ ،‬وتحرص على التحكم فى مسيرة التعددية الحزبية ووضع‬
‫الحزاب السياسية تحت سيطرتها‪ ،‬وتستخدم أدواتها التشريعية والعلمية‬
‫واليديولوجية والقمعية لحكام سيطرتها على هذه الحزاب‪ .‬ورغم مضى‬
‫أكثر من ‪ 25‬سنة على قيام التعددية الحزبية من جديد إل أنها لم تحقق‬
‫تطورا ً ملموسا عن نقطة البداية بسبب سيطرة الدولة عليها ولسباب‬
‫أخرى سوف نعالجها فيما بعد‪.‬‬
‫تكتسب التجربة الحزبية الراهنة فى مصر أهمية خاصة بالنسبة‬
‫لفريقيا‪ ،‬فالتعددية الحزبية فى مصر تأتى بعد فترة طويلة من الحكم‬
‫الشعبوى )السلطوى( غابت فيه الحقوق المدنية والسياسية الفردية‬
‫وكذلك الحقوق الجماعية القتصادية والجتماعية‪ ،‬ولم تكن هناك فرصة‬
‫حقيقية فى ظل الحكم الشعبوى لتنمية ثقافة ديمقراطية أو توفير‬
‫الظروف الملئمة لغرس القيم الديمقراطية فى المجتمع وفى سلوك‬
‫المواطنين‪ ،‬كما غابت عن المجتمع المصرى لفترة طويلة المؤسسات‬
‫والليات التى تمارس من خللها المنافسة السياسية العامة‪ .‬وفى العديد‬
‫من المجتمعات الفريقية أوضاع مشابهة مما يعطى أهمية لدراسة التجربة‬
‫الحزبية المصرية واستخلص الدروس المستفادة منها بالنسبة للتطور‬
‫الديمقراطى فى أفريقيا‪ ،‬وتكتسب التجربة الحزبية الراهنة فى مصر‬
‫أهميتها أيضا ً بسبب الدور المركزى للدولة فى هذه التجربة وما يترتب‬
‫عليه من تعويق للتطور الديمقراطى‪.‬‬
‫من هنا فإننا نقدم هذه الدراسة عن "الدولة والحزاب السياسية فى‬
‫مصر‪ -‬الواقع والفاق" لعلها تساهم فى إلقاء الضوء على هذه التجربة وما‬
‫تنطوى عليه من دللت كجزء من دراسات مماثلة تجرى حول الحزاب‬
‫السياسية فى بعض القطار الفريقية‪ .‬وسوف نجيب فى هذه الدراسة‬
‫على التساؤلت التى تطرحها حالة مصر فى انتقالها من التعددية إلى‬
‫الحزب الواحد إلى التعددية مرة أخرى بقرار من الدولة‪ ،‬وفى مقدمة هذه‬
‫التساؤلت‪:‬‬
‫‪-1‬إلى أى حد تتأثر الدولة عموما بالمصالح الطبقية؟ وما هى الظروف‬
‫والتطورات التى دفعت الدولة المصرية للقيام بدور مباشر فى النتقال‬
‫عام ‪ 1976‬من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية؟‬
‫‪-2‬كيف ساهمت الوضاع القتصادية والجتماعية والسياسية‬
‫والتشريعية القائمة فى مصر عام ‪ 1976‬فى تحديد طبيعة النظام‬
‫التعددى‪ ،‬وحدوده‪ ،‬وخريطة الحزاب السياسية الجديدة؟‬
‫‪-3‬ما هى التحديات التى واجهت التعددية الوليدة؟ وما مدى تأثيرها‬
‫على مستقبل التعددية الحزبية؟‬
‫‪-4‬إلى أى حد نجحت الحزاب السياسية فى ممارسة نشاط سياسى‬
‫فعال يمكنها من التحول إلى قوى جماهيرية مؤثرة وبناء قوتها الذاتية؟ وما‬
‫هى علقتها بالحركة الجماهيرية ومنظماتها الساسية؟‬
‫‪-5‬ما هو حصاد التجربة الحزبية فى مصر؟ وما مدى مسئولية الحزاب‬
‫عن أوضاعها الحالية؟‬
‫‪-6‬ما هى آفاق المستقبل بالنسبة للتعددية الحزبية فى مصر؟ وكيف‬
‫يمكن إخراجها من مأزقها الراهن؟‬

‫‪3‬‬
‫‪-1-‬‬
‫تحولت الدولة المصرية والنتقال إلى التعددية‬

‫قامت الدولة المصرية بدور مركزى فى النتقال ميين التعددييية الحزبييية‬


‫إلييى التنظيييم السياسييى الواحييد عييام ‪ ،1953‬وفييى النتقييال ميين التنظيييم‬
‫السياسى الواحد إلى التعددية الحزبية عام ‪ 1976‬فلماذا فعلييت ذلييك فييى‬
‫الحالتين وكيف نفسر أسباب توجهها نحو نظام الواحد مرة‪ ،‬ثم توجهها إلى‬
‫التعددية الحزبية مرة أخيرى‪ .‬وهيل هنياك تنياقض فيى موقيف الدولية فيى‬
‫الحالتين؟ أم أنها فى كييل مييرة كييانت تتصييرف بشييكل منطقييى؟ ومييا هييو‬
‫العامل الساسى الذى أدى إلييى اتخاذهييا توجهييا مختلفييا فييى كييل مييرة؟ ل‬
‫يمكن فهم موقييف الدوليية المصييرية فييى الحييالتين أو تفسييير أسييباب هييذا‬
‫الموقف إل من خلل فهيم طبيعية الدولية أى دوليية‪ ،‬وموقعهيا مين النظيام‬
‫الجتماعى‪ ،‬والعوامل المؤثرة فى قيامها بوظائفها‪.‬‬

‫الدولة والنظام الجتماعى‪:‬‬


‫ل يكفى لفهيم دور الدوليية والعوامييل الميؤثرة فيى أدائهيا لوظائفهيا أن‬
‫نعرفها بأنها "كيان سياسى قععانونى ذو سععلطة سياسععية معععترف‬
‫بها فى رقعة جغرافية محددة على مجموعة بشرية معينعة" )‪(1‬‬
‫وهو تعريف صحيح لكنه ل يساعدنا على تفهم كثير من الظييواهر المحيطيية‬
‫بالدولة والمؤثرة فى تصرفاتها‪ .‬وإذا كان البعض ينظر إلى الدولة باعتبارها‬
‫ما بين الطبقات‪ ،‬أى أنها تتخذ موقعا يتعالى على الصراعات الدائرة فى‬ ‫حك ً‬
‫قلب المجتمع‪ ،‬ومن هذا الموقع يمكنها أن تتصرف كحكم محايد فييى فييض‬
‫النزاعات والصراعات داخل المجتمييع‪ ،‬وهييو رأى يجسييده هارولييد ويلسييون‬

‫‪4‬‬
‫رئيس وزراء بريطانيا العمالى فى السبعينيات عندما شبه الدولة بالسيييارة‬
‫قائل إن من يكسب النتخابات يحصل على مفتاح تحريك السيارة ويحق له‬
‫الجلوس فى مقعد القيادة ثم يوجه السيارة إما فى اتجاه اليسار وإمييا فييى‬
‫اتجاه اليمين )‪ (2‬إل أن الكثيرين ميين البيياحثين يختلفييون علييى هييذا الييرأى‬
‫ويرون أنه قد يكون صحيحا نسبيا فى المراكز الرأسمالية المتقدميية فقييط‬
‫لما حققته من تطور ديمقراطى يصعب النتكاس عليييه إل فييى ظييل أزميية‬
‫تهدد بقاء النظام الرأسمالى نفسه كما حدث فى الثلثينيييات بقيييام النازييية‬
‫فى ألمانيا والفاشية فى إيطاليا‪ .‬أما فييى بيياقى دول العييالم "فليييس هنيياك‬
‫وصف صحيح للدولة )‪ (3‬إل بأنها استجابة لحاجات بعض القوى الجتماعييية‬
‫على حساب قوى اجتماعية أخرى" وهو ما ينطبق أيضا ً فى التحليل الخييير‬
‫على الدولة فييى المراكييز الرأسييمالية المتقدميية‪ .‬ولن الدوليية هييى الطييار‬
‫الرئيسى الذى تمييارس داخلييه السييلطة السياسييية فهييى تكييون باسييتمرار‬
‫الغاية النهائية لكييل المتصييارعين علييى القييوة فييى أى مجتمييع )‪ . (4‬أى أن‬
‫الدولة هى فى النهاية مجال للصييراعات بييين جماعييات مختلفيية يبغييى كييل‬
‫منها السيطرة على مؤسسات الحكم لما يمكن أن تحققيه هيذه السييطرة‬
‫من مزايا‪ ،‬وحتى تتم السيطرة لهذه الجماعات فإنها تحرص على إيجاد نوع‬
‫من التوازن بينها وبين المجتمع من ناحية وبينها وبين العناصر الخرى داخل‬
‫جهاز الدولة من ناحية أخرى‪ ،‬وتلعب الحزاب السياسيية دورا ً أساسييا فيى‬
‫ذلك )‪. (5‬‬
‫تتحدد طبيعة الدولة بطبيعة القوى الجتماعية التى تستجيب لحاجاتها أو‬
‫بمعنى أدق لمصالحها‪ ،‬وتعتبر الوظيفة الرئيسييية للدوليية هييى المحافظععة‬
‫على إعادة إنتاج النظام الجتماعى القائم الذى يحقععق مصععالح‬
‫هذه القوى‪ .‬وفى هذا الصدد يحدد رالف ميليباند ‪ Ralef Miliband‬وظائف‬
‫الدولة الساسية التى تحقق هذا الهدف فى أربع وظائف هى )‪: (6‬‬
‫‪-1‬وظيفة حماية المن والنظععام‪ :‬أو مييا يمكيين تسييميته بالضييبط‬
‫الجتماعى‪ ،‬فوظيفة الدولة هى حماية نظام اجتماعى معييين‪ ،‬وهييو النظييام‬
‫الذى يعبر عن مصالح الكتلة الطبقية المسيطرة‪ ،‬والتى تتألف من القسام‬
‫القائدة فى أنماط النتاج التى يتألف منها التكوين الجتماعى‪ .‬وتييؤدى هييذه‬
‫الوظيفة من خلل مؤسسات الضبط‪.‬‬
‫‪-2‬وظيفة أيديولوجية‪ :‬فالدولة تعمل على دعم الجميياع حييول عييدد‬
‫من القيم التى تقبل بالتنظيم الساسى للمجتمع وتضييبط أى انحييراف عيين‬
‫هذه القيم‪.‬‬
‫‪-3‬وظيفة اقتصادية‪ :‬فأيا كان نمط الدولة‪ ،‬فإنها تؤدى دائما وظيفيية‬
‫اقتصادية‪ ،‬فحتى فى التنظيم الرأسييمالى الييذى يقييوم علييى حرييية السييوق‬
‫تقوم الدوليية بوضييع القواعييد الساسييية للتعامييل القتصييادى‪ ،‬بييل إن عييدم‬
‫تدخل الدولة فى القتصاد هو نتيجة لقرار تتخذه الدولة نفسها‪.‬‬
‫‪-4‬وظيفة خارجية‪ :‬تقوم بها الدولة فى مواجهة المجتمعات الخرى‪،‬‬
‫حيث تسترشد بما تعتبره مصلحة قومية فى علقاتها بالدول الخرى‪.‬‬
‫تتمتع الدولة فى أغليب الحييوال بدرجية عاليية مين السييتقلل النسيبى‬
‫تحتمها حقيقة تعدد الطبقات المتنافسة من أجل السيطرة علييى المجتمييع‪،‬‬
‫وتعدد الطبقات الخاضعة أيضًا‪ ،‬مما جعييل ميين الصييعب علييى أى ميين هييذه‬
‫الطبقات أن تطرح تصورا ً مقبول ً لكل الطبقات بشأن نوع التوجهييات الييتى‬

‫‪5‬‬
‫يجب أن تتبعها الدولة‪ .‬ويعطى هذا الوضع للدولة إمكانية القيييام بييدور فييى‬
‫التوفيق بين المصالح المتضاربة بما ل يخرج عن حماية المصالح السياسية‬
‫للطبقات الحاكمة )‪ .(7‬وانطلقا من الستقللية النسبية للدولة فإنها يمكن‬
‫أن تكون مصدر التغيير فى المجتمع بما تقوم بييه ميين إجييراءات قييد تييؤدى‬
‫إلى تغيير طبيعيية الدوليية ذاتهييا‪ ،‬وأقييرب المثليية علييى ذلييك مييا حييدث ميين‬
‫تطورات فى الدول الشتراكية السابقة التى قامت فيها الدولة بييالخطوات‬
‫الولى للتحول إلى الرأسمالية‪ .‬وهناك أيضا ً أمثليية عديييدة ميين دول العييالم‬
‫الثالث )‪ ،(8‬ومن بينها مصر كما حدث فى النتقييال إلييى التعددييية الحزبييية‬
‫‪.1976‬‬
‫من المهم هنا أن نميز بين مفهومى الدوليية والحكوميية‪ ..‬الحكوميية هييى‬
‫الوكيل الساسى للدولية‪ ،‬والقيائم بتنفييذ الميور اليوميية‪ .‬الحكوميات هيى‬
‫آليات قصيرة الجل لدارة أهداف الدولة طويلة الجل‪ ،‬وهييى ليسييت بييديل‬
‫للدولة‪ ،‬لن الحكومة ليست هيئة تتمتع بالسيادة‪ ،‬كما هى الحال مع الدوليية‬
‫وفييى حييين أن معارضيية الحكوميية تعتييبر نشيياطا سياسيييا مشييروعا فييإن‬
‫معارضة الدولة تعد خيانة‪ .‬وتحيياول بعييض الحكومييات أن تظهيير فييى أعييين‬
‫المواطنين كتجسيد للدولة‪ ،‬وذلك لكيى تيبرر إدانية منافسييها أو معارضييها‬
‫بتهمة الخيانة )‪. (9‬‬
‫وفيما يتصل بدراستنا هذه عن "الدولة والحزاب السياسية فييى مصيير"‬
‫فإن ما يهمنا بشأن مسألة الدولة هو موقفها من المعارضة السياسية الذى‬
‫يتحدد حسب طبيعية القيوى الجتماعيية اليتى تعيبر الدولية عين مصيالحها‪،‬‬
‫وحسب الظروف والملبسات المحيطة بهذه المصالح فى فترة معينة‪ .‬من‬
‫هنا فإن الدولة قد تشهد نظما سياسية مختلفة رغم اسيتمرار تعبيرهيا عين‬
‫نفس المصالح الطبقية‪ ،‬لن حماية هذه المصييالح قييد تتطلييب فييى مرحليية‬
‫التضييق على الطبقات المنافسة وحرمانهييا كلييية ميين ممارسيية أى نشيياط‬
‫سياسى معارض‪ ،‬وقد تتطلب فى مرحلة أخرى لحماية هذه المصالح إتاحة‬
‫الفرصيية لهييذه الطبقييات للمشيياركة السياسييية‪ .‬وتنقسييم أنميياط النظييم‬
‫السياسية وفقا لتعاملها مع المعارضة السياسييية إلييى ثلثيية أنميياط حسييب‬
‫رأى المحلل السياسى روبييرت دال‪ .‬وينطلييق هييذا التصيينيف ميين معيييارين‬
‫أساسيين‪:‬‬
‫المعيار الول هو حرية المنافسة العامععة وتعنييى وجييود مؤسسييات‬
‫مفتوحة أو عامة أمام المعارضة‪.‬‬
‫والمعيار الثييانى هييو المشاركة السياسععية وتقيياس بنسييبة السييكان‬
‫الذين لهم حق المشاركة بشكل متساو فى معارضة سلوك الحكومة‪.‬‬
‫وطبقا لهذين المعيارين توجد النظم السياسية التالية‪:‬‬
‫‪-‬نظم شمولية تتسم بالتقييد الشديد لفرص التعييبير‪ ،‬والحرمييان ميين‬
‫حق المعارضة‪.‬‬
‫‪-‬نظم تعددية‪ :‬تفتييح البيياب واسييعا أمييام المعارضيية فييى إطييار قيييود‬
‫محدودة‪.‬‬
‫‪-‬نظم مختلطة تجمييع بييين التقييييد وعييدم التقييييد‪ ،‬ويمكيين اعتبارهييا‬
‫مرحلة انتقالية من الشمولية إلى التعددية )‪. (10‬‬
‫هذه نظرة عامة على الدولة‪ ،‬يتضييح منهييا أنهييا رغييم تمتعهييا باسييتقللية‬
‫نسبية إل أنها فى التحليل الخير تعييبر عيين مصييالح طبقييية محييددة وتلعييب‬

‫‪6‬‬
‫دورا ً فى المحافظة على هذه المصييالح سييواء بتثييبيت الوضيياع القائميية أو‬
‫فتح الباب أمام التغيير‪ .‬كما يتحدد موقفها ميين المعارضيية السياسييية طبقييا‬
‫لمتطلبات حماية هذه المصييالح‪ .‬فهييل تنطبييق هييذه الحقييائق علييى الدوليية‬
‫المصرية فى الفترة موضع الدراسة؟ وهل يمكن تفسييير مواقفهييا انطلقييا‬
‫من هذه الحقائق؟‬

‫تحولت الدولة المصرية فى السبعينيات‪:‬‬


‫انتقلت مصر عام ‪ 1976‬إلى نظام التعددية الحزبييية بقيرار مين رئييس‬
‫الجمهورية‪ .‬وكان لهذا النتقال علقة قوية بما شهدته مصيير ميين تطييورات‬
‫اقتصادية واجتماعية وسياسية فى هذه الفترة أثرت على الطبيعة الطبقييية‬
‫للدولة المصرية فتغير تبعا لذلك التحالف الطبقى الحاكم‪ ،‬ودور الدولة فيى‬
‫المجتمع‪ ،‬وسياساتها الداخلية‪ ،‬وتحالفاتها القليمية والدولية‪.‬‬
‫فقد شهد النصف الول من السبعينيات تحولت بنائية‪ -‬علييى المسييتوى‬
‫الداخلى والخييارجى‪ -‬أدت علييى المسييتوى القتصييادى إلييى تغييير مقومييات‬
‫القتصاد المصرى من اقتصيياد يعتمييد عليى نميوذج التنمييية المسييتقلة إلييى‬
‫اقتصاد يعتمد علييى النفتيياح علييى القتصيياد الرأسييمالى العييالمى والتبعييية‬
‫للخارج‪ ،‬وأدت على المستوى السياسى إلى الخذ بصيغة التعددية الحزبييية‬
‫المقيدة أو المشروطة‪ ،‬كما أدت على المستوى الجتماعى إلى تغير معالم‬
‫البنيياء الطبقييى للمجتمييع‪ ،‬ومييا واكييب هييذا كلييه ميين تغييير تحالفييات مصيير‬
‫وعلقاتها القليمييية والدولييية بحيييث أصييبحت الوليييات المتحييدة المريكييية‬
‫الحليف الساسى لنظييام الحكييم فييى مصيير وكييذلك نظييم الحكييم العربييية‬
‫المحافظة كالمملكة العربية السعودية )‪.(11‬‬
‫يعتبر عام ‪ 1976‬البداية الحقيقية لتنفيذ سياسييات النفتيياح الرأسييمالى‬
‫التى شكلت أساس التحول فى طبيعة الدولة ودورها وسياساتها‪ ،‬ففى هذا‬
‫العام استكمل إصدار القوانين الساسية التى فتحييت البيياب أمييام التحييول‬
‫إلى اقتصاد السوق والندماج فى القتصاد الرأسمالى العالمى وفتح البيياب‬
‫أمام رأس المال العربى والجنبى للسييتثمار المباشيير فييى كييل المجييالت‬
‫تقريبا وهى‪:‬‬
‫‪-‬قانون فتح الباب أمام الستثمار العربييى والجنييبى فييى كييل المجييالت‬
‫الذى صدر ‪.1973‬‬
‫‪-‬تطبيق نظام الستيراد بدون تحويل عملة أجنبييية الييذى أصييبح بمييوجبه‬
‫لى شخص لديه موارد بالنقد الجنبى أن يستخدمها فى الستيراد مباشييرة‬
‫دون الحاجة إلى الرجوع إلى الجهاز المصرفى‪ ،‬الذى طبق عام ‪.1974‬‬
‫‪-‬قييانون الييترخيص للقطيياع الخيياص بالقيييام بأعمييال الوكاليية التجارييية‬
‫للشركات الجنبية الذى صدر عام ‪.1974‬‬
‫‪-‬قانون إلغاء المؤسسات العامة للقطاع العييام الييتى كيانت تقييوم بييدور‬
‫الشركات القابضة والمنسق بين الشركات التابعة الذى صدر سنة ‪.1975‬‬
‫‪-‬قانون الستيراد والتصدير الييذى يفتييح بيياب السييتيراد والتصييدير أمييام‬
‫القطاع الخاص كما هو مفتوح أمام القطاع العام وصدر سنة ‪ 1975‬وبذلك‬
‫تم إنهاء سيطرة الدولة واحتكارها للتجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬قانون تحرييير معيياملت النقييد الجنييبى فييى الييداخل الييذى صييدر عييام‬
‫‪،1976‬‬

‫‪7‬‬
‫وبييذلك فييإن عييام ‪ 1976‬يعتييبر نقطيية تحييول حاسييمة فييى السياسيية‬
‫القتصادية‪ ،‬ومن ثم فييإنه يمثييل بداييية فييترة جديييدة تفيياعلت خللهييا نتييائج‬
‫تطبيق هذه السياسيية سييواء فيمييا يتعلييق بقييدرة القتصيياد المصييرى علييى‬
‫التوازن والنمو‪ ،‬وقدرته على تلبية الحتياجات الساسية للمجتمع‪ ،‬وبالتييالى‬
‫علقته بالقتصيياد العيالمى‪ ،‬أو بإعييادة توزييع اليدخل القييومى وفيق أسيس‬
‫جديدة متحيزة للفئات الرأسمالية )‪.(12‬‬
‫هكذا شهدت فييترة النصييف الول ميين السييبعينيات التصييفية التدريجييية‬
‫لسس ومقومات النظييام القتصييادى والجتميياعى الييذى أقييامته ثييورة ‪23‬‬
‫يوليو سنة ‪ ،1952‬وتوجهاته السياسييية والييذى قييام علييى التنمييية الوطنييية‬
‫المستقلة ومن أهييم ركائزهيا التخطيييط المركييزى‪ -‬والييدور القيائد للقطيياع‬
‫العام فى التنمية‪ ،‬وزيادة نصيب عنصر العمل فييى توزيييع الييدخل القييومى‪.‬‬
‫وما صاحب هذه السياسة التنموية من نظام سياسييى يقييوم عليى التنظييم‬
‫السياسى الواحد ومنع المعارضة السياسية وإلحاق المنظمات الجماهيرييية‬
‫كالنقابات العمالية والمهنية والتعاونيات واتحييادات الطلبيية بالدوليية‪ .‬وعلييى‬
‫الصعيد القليمى التحالف مع نظم الحكم الوطنية والتقدمية‪ ،‬وعلى الصعيد‬
‫الدولى التحالف مع المعسكر الشتراكى بقيييادة التحيياد السييوفيتى‪ .‬لييذلك‬
‫فإن التحول إلييى اقتصيياد السييوق لييم يكيين ليسييتقر ويتييدعم بييدون إجييراء‬
‫تحييولت مماثليية فييى الحييياة السياسييية الداخلييية بالنتقييال إلييى نييوع ميين‬
‫التعددية السياسية المقيدة وتغير تحالفييات مصيير القليمييية والدولييية تجيياه‬
‫نظم الحكم العربية المحافظة والغرب والوليات المتحييدة المريكييية‪ ،‬كمييا‬
‫تغيرت النخبة الحاكمة من تحالف اجتماعى عريض فى ظل ثورة ‪ 23‬يوليو‬
‫يضم الفئات البيروقراطييية والتكنوقراطييية ميين الطبقيية الوسييطى وصييغار‬
‫ومتوسطى ملك الراضى الزراعية وأغنييياء الريييف والرأسييمالية المصييرية‬
‫المنتجيية والمهنيييين وفقييراء الفلحييين والحرفيييين والعمييال إلييى تحييالف‬
‫اجتماعى مختلف نابع من سياسة النفتاح الرأسمالى الييتى شييكلت ميييدانا‬
‫للتقاء المصالح بين العديد من الشرائح الرأسمالية ذات الصول والروافييد‬
‫المتباينة هى‪:‬‬
‫‪-‬العناصر البيروقراطية التى شكلت فيما بينها طبقيية جديييدة نمييت ميين‬
‫قلب عمليات التحول الجتماعى والقتصادى فى السييتينيات والييتى اكتمييل‬
‫بناؤها بعد ذلك بانضمام عناصر بيروقراطية السبعينيات والثمانينيات إليها‪.‬‬
‫‪-‬رأسمالية تقليدية من كبييار ملك الراضييى الزراعيييين الييذين أصييابتهم‬
‫الثورة فى الماضى بالتصفية عن طريق المصادرات والتأميم والحراسات‪.‬‬
‫‪-‬كبار الرأسماليين الجدد الذين تكونوا فى ظل الثورة‪.‬‬
‫‪-‬الجناح الطفيلى الذى تشكل من خلل أنشييطة غييير إنتاجييية كالتجييارة‬
‫فى السييوق السييوداء وفييى العمليية الجنبييية والتهريييب وأعمييال الوسيياطة‬
‫والسمسرة )‪.(13‬‬
‫وانتقييل المجتمييع المصييرى ميين خلل هييذه السياسييات القتصييادية‬
‫والجتماعية والسياسية من نمييط رأسييمالية الدوليية الوطنييية الييذى وصييف‬
‫بالشتراكية إلى نمط رأسمالية الدولة التابعة‪ .‬والحقيقة أن هذا التحول لييم‬
‫يبدأ بالجراءات التى اتخذت فى السبعينيات أو القوانين المشار إليها ولكن‬
‫جذوره الحقيقييية تمتييد إلييى النصييف الثييانى ميين السييتينيات كنتيياج لعملييية‬
‫تاريخية معقدة هى عملية تحلل نمط رأسمالية الدولة الوطنية الييتى بلغييت‬

‫‪8‬‬
‫ذروتها فى تفسييخ الكتليية الطبقيية الحاكميية وانهيييار مؤسسياتها السياسيية‬
‫والعسكرية نتيجة لهزيمة يونيو ‪ ،1967‬وجاء انقلب مايو ‪ 1971‬الذى قاده‬
‫الرئيس أنور السادات والسهولة التى تم بها حسييم قضيية السيلطة تعيبيرا ً‬
‫واضحا ً عن التغير الذى طرأ على علقات القوى داخل السييلطة السياسييية‬
‫ذاتها‪ ،‬بل على علقات القوى الطبقية فى المجتمييع المصييرى كلييه‪ .‬وعلييى‬
‫أنقاض الكتليية الحاكميية القديميية وتحالفاتهييا السياسييية الخارجييية تشييكلت‬
‫"الكتلة الطبقية الحاكميية الجديييدة" لهييا تحالفاتهييا الجديييدة داخليييا وعربييا ً‬
‫ودوليا ً استثمرت نصر اكتييوبر ‪ 1973‬فييى دعييم سييلطتها وتوسيييع القاعييدة‬
‫الجتماعية من ناحية أخرى‪ ،‬مما أتيياح إجييراء تغييييرات هيكلييية عميقيية فييى‬
‫اقتصاد المجتمع ومؤسساته السياسية والعسكرية والثقافية )‪(14‬‬
‫وقد لعبت الدور الساسى فى هذه التحولت الطبقة الجديدة فى مصر‬
‫والتى تتشكل من الفئات الجتماعية التى تتولى الوظائف العليا فى الدولة‬
‫وفى القطاع العام وتتألف ميين كييوادر عسييكرية وإدارييية وفنييية نابعيية ميين‬
‫أصول بورجوازية صغيرة ومتوسييطة‪ .‬وتكييونت تاريخيييا ميين خلل عمليييات‬
‫التصييينيع والتحيييول الجتمييياعى‪ ،‬وخاصييية الصيييلح الزراعيييى‪ ،‬وتمصيييير‬
‫المؤسسات والشييركات والبنييوك الجنبييية‪ ،‬وتييأميم الشييركات الرأسييمالية‬
‫المصرية ونشييوء القطيياع العييام الصييناعى والزراعييى والتجييارى‪ .‬وسياسيية‬
‫التصنيع الواسييع ميين خلل خطييط التنمييية الخمسييية والتوسييع الكييبير فييى‬
‫التعليم بجميع مراحله وخاصة التعليم الجامعى‪ .‬وقد استفادت هييذه الفئات‬
‫من امتلكها سلطة اتخاذ القرارات القتصادية فييى الحصييول لنفسييها علييى‬
‫امتيازات اقتصادية فى صورة مرتبات مرتفعيية ومزايييا متنوعيية وميين خلل‬
‫قيادتهييا الدارييية والفنييية للتنمييية القتصييادية تمكنييت ميين وضييع الخطيية‬
‫القتصييادية والجتماعييية القومييية وتحديييد طريقيية التصييرف فييى الفييائض‬
‫القتصادى المتولد فى القطاع العام )‪.(15‬‬
‫وتحولت إلى قوة اجتماعية مؤثرة علييى المسييرح السياسييى المصييرى‪،‬‬
‫وانتقلت بعييض عناصييرها ميين خلل اسييتغلل مواقعهييا القيادييية فييى جهيياز‬
‫الدولة والقطاع العام إلى صفوف الطبقة الرأسمالية التقليدية )‪. (16‬‬
‫نجحت الطبقة الجديدة فى قيادة هذه التحولت مسيتفيدة مين موقعهيا‬
‫فى أجهزة الدولة لحسم الصراع الذى تفاقم بييين أقسييام الكتليية الحاكميية‬
‫حيييث تصييبح البيروقراطييية أحييد العناصيير الجوهرييية فييى تحقيييق الوحييدة‬
‫السياسية للكتلة الحاكمة وإدخال التعديلت المطلوبة على الكتلة الحاكميية‬
‫بما يضمن استمرارها واستمرار مصالحها‪ ،‬وهذا هو جوهر مييا حييدث ابتييداء‬
‫من انقلب مايو ‪ 1971‬بقيادة الرئيس محمد أنور السادات وما ترتب عليه‬
‫من تحولت اقتصييادية واجتماعييية وسياسييية )‪ (17‬والييتى كييانت محصييلتها‬
‫النهائية تغير وظيفة الدولة المصرية‪ .‬فبعد أن كييانت فييى السييتينيات الداة‬
‫الستراتيجية لتعبئة الفائض القتصادى‪ ،‬وعنصًرا أساسيا فى عملييية النتيياج‬
‫الجتميياعى‪ ،‬أصييبحت أداة رأس المييال المحلييى والييدولى فييى اسييتنزاف‬
‫الفائض القتصادى وتبديده‪ ،‬بل وفى نهييب أصييول المجتمييع النتاجييية ذاتهييا‬
‫وتبديدها‪ ،‬فقييد تحييولت الدوليية المصييرية فييى ظييل النفتيياح ميين مؤسسيية‬
‫اجتماعية إنتاجية إلى أكبر مؤسسة استهلكية فييى المجتمييع‪ .‬كمييا أصييبحت‬
‫الدولة وسيطا ً بين رأس المال المحلى ورأس المال الدولى )‪. (18‬‬

‫‪9‬‬
‫وهكذا أصبحنا أمام رأسمالية دولة تتخلى تييدريجيا عيين سيييطرتها علييى‬
‫السييوق الييوطنى وعيين اسييتقللها الييوطنى عيين طريييق فييك ارتباطاتهييا‬
‫بالقطاعات المنتجة محليا‪ ،‬وتعميق ارتباطاتها بالرأسييمالية العالمييية‪ ،‬الميير‬
‫الذى يؤدى إلى تغيرات طبقية مهمة‪ ،‬وكذلك إلى تغيرات هيكليية أساسيية‪،‬‬
‫وتحويرات بالغة الخطييورة فييى دور الدوليية فييى المجتمييع‪ .‬هييذه التحييولت‬
‫الخطيرة ل تتم إذن بمعزل عن جهاز الدولة‪ ،‬بل إن الدولة هى الييتى تلعييب‬
‫الدور الرئيسى فى عملية إعادة تشكيل الهيكل القتصادى والطبقى التابع‪،‬‬
‫وفى علميات تجدده‪ ،‬كما أن الدوليية هييى الييتى تلعييب بتزايييد دور الوسيييط‬
‫النشييط بييين الرأسييمالية المصييرية والرأسييمالية العالمييية‪ .‬وتتغييير بطبيعيية‬
‫الحال‪ ،‬فى أثناء هذه التطورات‪ ،‬طبيعة الكتلة الحاكميية الييتى تقييود الدوليية‬
‫فتصبح الرأسمالية التجارية والمالية المرتبطة عضويا بالرأسمالية العالمييية‬
‫والمتناقضية فيى مصيالحها تناقضيا رئيسييا ميع مصيالح الطبقيات الوطنيية‬
‫والعاملة )‪. (19‬‬
‫لم تكن هذه التطورات القتصييادية والجتماعييية والطبقييية بمعييزل عيين‬
‫الحياة السياسية فيى البلد‪ ،‬فكيان لبيد أن يواكبهيا تطيور سياسيى مماثيل‬
‫يستجيب لها ويعززها فى نفس الوقت‪ .‬من هنا جاءت خطوة النتقييال ميين‬
‫التنظيم السياسى الواحد إلى نظام تعدد الحزاب‪.‬‬

‫النتقال إلى التعددية السياسية‪:‬‬


‫كان على التحالف الحاكم الجديييد أن يعيييد ترتيييب الوضييع سياسيييا بمييا‬
‫يخدم هذه التطورات القتصادية الجتماعية‪ ،‬ويضمن تعزيييز مصييالح الفئات‬
‫الجتماعية الحاكمة المستفيدة من سياسة النفتاح الرأسمالى‪ ،‬وكييان لبييد‬
‫من قدر من الليبراليية السياسيية يتمشيى ميع هيذا التيوجه نحيو الليبرالييية‬
‫القتصادية‪.‬‬
‫هكذا نشييأت التعددييية الحزبييية الحديثيية فييى مصيير عييام ‪ 1976‬أى مييع‬
‫تطبيق السياسات القتصادية الجديدة‪ ،‬ويتمثل مغزى هذا التطور فى ثلثيية‬
‫أمور أساسية‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن التناقضات بين الطبقات الجتماعية قييد وصييلت إلييى‬
‫درجة من الحدة يستحيل معها الجمع بينها داخل تنظيم سياسييى واحييد هييو‬
‫التحيياد الشييتراكى العربييى‪ ،‬وكييان واضييحا أن ثميية حاجيية لن تجييد هييذه‬
‫التناقضات تعبيرا ً عنها فى أطر تنظيمية مختلفة‪ ،‬وقد عبر عن هذه الحاجيية‬
‫فى شكل عدم الرضا الواضح ميين جييانب كافيية القييوى يسييارا ً ويمينييا عيين‬
‫التنظيم السياسى الواحد التحاد الشتراكى العربى‪.‬‬
‫المر الثانى‪ :‬كيان ميين الواضيح أن هييذا التنيياقض الجتمياعى سييوف‬
‫يترجم فى صورة صراع سياسى مفتوح قد يهدد استقرار النظييام‪ ،‬ومبعييث‬
‫هذا الحتمال لم يكن فقط الجدل السياسى العنيف الذى يشهده المجتمييع‬
‫بين القوى والتيارات السياسية المختلفة‪ ،‬وإنما أيضا ً ما شهدته الفييترة ميين‬
‫‪ 1971‬إلى ‪ 1976‬من حركة طلبية نشطة أثارت انزعاج النظام‪ ،‬ومن بين‬
‫ما كانت تطرحه هذه الحركيية قضييية الديمقراطييية والحاجيية إلييى مراجعيية‬
‫صيغة تحالف قوى الشييعب العامييل الييتى يقييوم عليهييا التنظيييم السياسييى‬
‫الواحد )التحاد الشتراكى( وضييرورة الخييذ بالتعييدد الحزبييى‪ .‬كمييا شييهدت‬

‫‪10‬‬
‫نفييس الفييترة إضييرابات واعتصييامات عمالييية متزايييدة التسيياع ل تطييرح‬
‫مطالب اقتصادية فقط بل وديمقراطية أيضًا‪.‬‬
‫بعبييارة أخييرى‪ ،‬فييى ضييوء التناقضييات الجتماعييية الييتى نتجييت عيين‬
‫السياسات القتصادية والتوجهات الجتماعية الجديدة ميين الواضييح أن ثميية‬
‫حاجة إلى صيغة تعددية تجد هذه القوى المتناقضة ميين خللهييا تعييبيرا عيين‬
‫نفسها فيها‪ ،‬وتحتوى الصراعات المحتملة فى نفس الوقت وتحول دون أن‬
‫تصل هذه الصراعات إلى حد النفجار‪ .‬وهذا بالضبط هو جوهر الصيغة التى‬
‫تم التوصل إليها أى التعددية الحزبية المقيدة والييتى ميين محييدداتها الهاميية‬
‫السيطرة المركزية لجهاز الدولة على مجمل الحييياة السياسييية‪ ،‬بحيييث إن‬
‫الحزب المسيطر يظل دائمييا حييزب الغلبييية‪ ،‬بينمييا الحييزاب الخييرى غييير‬
‫مسموح لها بتداول السلطة معه من خلل النتخابييات العاميية بييالرغم ميين‬
‫إقرار هذا الحق دستوريا )‪.(20‬‬
‫المر الثالث‪ :‬الخذ بالتعددية السياسية يعطى للنظام صييورة إيجابييية‬
‫لدى حلفائه الجدد بقيادة الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬حيييث سييوف يكسييبه‬
‫هذا التحول مظهرا ً ديمقراطيا هو فييى أشييد الحاجيية إليييه عنييد تعييامله مييع‬
‫حلفائه الجدد الذين يقدمون النظام الرأسمالى لشعوب العالم الثالث على‬
‫أنه النظام القدر على تحقييق طميوحهم إليى التقيدم القتصيادى والتحيرر‬
‫السياسى‪.‬‬
‫إذا كانت هذه هى السباب التى أدت إلى النتقال إلى التعددية الحزبية‪،‬‬
‫فهل حققت الصيغة الحزبية التى طبقت فى مصر أهدافها‪ ،‬وكيف تطييورت‬
‫التجربة؟ وما هى أهم سماتها؟ وإلى أين يقودها مصيرها؟‬
‫هذا ما نعالجه فى القسم التالى من الدراسة‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫نشأة وتطور التعددية الحزبية‬

‫بدأت التعددية الحزبييية فييى مصيير فييى مييارس ‪ 1976‬بموافقيية رئيييس‬


‫الجمهورييية علييى تأسيييس ثلثيية منييابر داخييل التنظيييم السياسييى )التحيياد‬
‫الشتراكى العربى( وذلك من بين ‪ 39‬طلبا لتأسيس منابر‪ .‬وتم تييبرير هييذا‬
‫القرار بأن المنابر الثلثة ستمثل التيارات الرئيسية الثلثيية بييالمجتمع وهييى‬
‫اليمين والوسط واليسار وهى‪:‬‬
‫‪-‬منبر مصر العربى الشتراكى )الوسط( برئاسيية ممييدوح سييالم رئيييس‬
‫الوزراء‪.‬‬
‫‪-‬منبر الحرار الشتراكيين )اليمين( برئاسة مصطفى كامل مييراد عضييو‬
‫جماعة الضباط الحرار سابقاً‪.‬‬
‫‪-‬منبر التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى )اليسييار( برئاسيية خالييد محييى‬
‫الدين عضو مجلس قيادة ثورة يوليو سابقا‪.‬‬
‫وفى نوفمبر ‪ 1976‬أجريييت النتخابييات البرلمانييية وفيياز منييبر الوسييط‬
‫بالغلبية الكاسحة لمجلس الشييعب بينمييا فيياز اليمييين بيياثنى عشيير مقعييدا‬
‫ومنبر اليسار بأربعة مقاعد‪.‬‬
‫وفى يناير ‪ 1977‬تحولت المنابر إلى أحزاب سياسية مستقلة بقرار من‬
‫رئيس الجمهورية أيض يًا‪ .‬ويبييدو أن الرئيييس السييادات عنييدما قييرر منفييردا ً‬

‫‪11‬‬
‫تحويل المنابر إلى أحزاب لييم يكيين يهيدف إليى أكييثر مين إقامية نيوع مين‬
‫التوزيع الوظيفى الذى يخدم الحزب الحاكم‪ -‬حيزب الوسيط‪ -‬بحيييث تصييبح‬
‫وظيفة حزب اليمين هى استكشاف المدى الممكيين للتحييول نحييو اليمييين‪.‬‬
‫ووظيفة حزب اليسار هى أن تجنب الحكومة مسئولية ما قييد يييترتب علييى‬
‫التحول نحييو اليمييين ميين خلييل فييى البنييية الجتماعييية‪ .‬ولن خلييق قنييوات‬
‫المشاركة السياسييية الحقيقييية لييم يكيين هييو المقصييود عنييد إنشيياء تجربيية‬
‫التعددية فقد بدأت مظاهر التوتر عندما وضحت نيية حيزب اليسيار فيى أن‬
‫يمارس دوره بوصيفه حيزب معارضية حقيقيية رافضيا أن يبقيى فيى إسيار‬
‫الوظيفة التى أرادتهييا لييه سييلطة الدوليية خاصيية عنييدما نجييح فييى اجتييذاب‬
‫عناصر كثيرة من الناصريين والقوميين ولم يستمر حزبييا للماركسيييين كمييا‬
‫أرادت له الدولة )‪.(21‬‬
‫توالى بعد ذلك تأسيس أحزاب جديدة حتى بلغ عددها الن سبعة عشيير‬
‫حزبا‪ .‬فقد تأسس حزب الوفد الجديد عام ‪ ،1978‬وهو إحياء لحييزب قييديم‬
‫من بين الحزاب التى ألغيت سنة ‪ ،1953‬ويمثل مصالح الطبقييات والقييوى‬
‫الجتماعية التى قامت الثورة بتصفية أملكهييا وثرواتهييا وخاصيية كبييار ملك‬
‫الراضييى الزراعيييين والرأسييمالية الكييبيرة‪ .‬كمييا تأسييس حييزب العمييل‬
‫الشتراكى سنة ‪ 1978‬بمبادرة من رئيييس الجمهورييية الييذى أميير ‪ 20‬ميين‬
‫نواب الحزب الحاكم فى البرلمان بالنضمام إليييه ليكتسييب شييرعية طبقييا‬
‫لقانون الحزاب لكى يوازن النفوذ المتزايد لحزب اليسار الييذى اتجييه إلييى‬
‫المعارضة الجذرية للحكم وسياساته الجديدة نحو الرأسييمالية والصييلح مييع‬
‫إسرائيل والرتباط بالوليات المتحدة المريكية‪ ،‬وهذا الحزب هو أيضا ً إحياء‬
‫لحييزب قييديم الغييى سيينة ‪ 1953‬هييو حييزب مصيير الفتيياة )أو حييزب مصيير‬
‫الشتراكى(‪ .‬وفى نفييس العييام أسييس رئيييس الجمهورييية حزبييا جديييد هييو‬
‫الحزب الوطنى الديمقراطى على أنقاض الحزب الحاكم حزب الوسط‪.‬‬
‫وقد انبثقت أغلب الحزاب السياسية التى شهدتها التجربيية ميين بييدايتها‬
‫من داخل التنظيييم السياسييى الواحييد‪ .‬وقييد جيياءت قيييادات هييذه الحييزاب‬
‫الثلثة من النخبة السياسية لنظييام ثييورة يوليييو ‪) 1952‬الضييباط الحييرار(‪.‬‬
‫كما اتخذت كلها مواقف وسطية ميين جميييع التيييارات والتجاهييات الفكرييية‬
‫والسياسية‪ ،‬فضل عن التصاقها كلهييا بشييرعية النتسيياب إلييى ثييورة يوليييو‪.‬‬
‫ولذا فقد حملت برامجها السياسية والقتصادية الكثير من عوامييل التشييابه‬
‫والختلط‪ .‬كما افتقدت إلى وجود قوى اجتماعييية متجانسيية تعييبر عنهييا‪ ،‬أو‬
‫أيديولوجية فكرية واضحة تدافع عنها‪ .‬ولييم يكيين حييزب العمييل الشييتراكى‬
‫الذى جاء بدوره بقرار من السلطة سنة ‪ 1978‬أحسيين حييال ميين الحييزاب‬
‫السابقة عليه‪ ،‬فقد كان وريثا لحركة مصر الفتاة التى قامت فى الثلثينيات‬
‫بما عرف عنها من طابع شمولى وجمعت الكييثير ميين التيييارات المتناقضيية‬
‫اشتراكية وإسلمية وقومية مصرية‪.‬‬
‫وتعكييس هييذه الطريقيية فييى النشييأة والتكييوين للحييزاب السياسييية‬
‫حقيقتين‪:‬‬
‫دا له‪ ،‬ولم تحمل أى طابع‬ ‫الولى‪ :‬أنها كانت تعبيرا عن الماضى وامتدا ً‬
‫مجييدد‪ .‬والخييرى أن تشييكيلها جيياء بقييرار فييوقى أى بقييرار ميين السييلطة‪،‬‬
‫فافتقدت منذ البداية قواعد جماهيرية تستند عليها‪ .‬ورغييم مييرور أكييثر ميين‬
‫ربع قرن على وجود هذه الحزاب إل أنها لم تستطع إعييادة تنظيييم هياكلهييا‬

‫‪12‬‬
‫الداخلية أو تطوير قواعد جماهيرية تتجيياوز بهييا هييذا القصييور الييذى ارتبييط‬
‫بطريقة نشأتها وتكوينها‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فقييد كييانت هييذه الحييزاب بتشييكيلها أقييرب إلييى‬
‫التنظيمات الشعبوية أو الجبهوية التى تقوم علييى فكييرة التوحييد‪ ،‬وتتجاهييل‬
‫أى تناقضات أو اختلفات سياسية واجتماعية‪ ،‬وتقييوم علييى تصييور إمكانييية‬
‫تمثيييل الحييزب وتعييبيره عيين كافيية التيييارات والتجاهيات الفكرييية والقييوى‬
‫السياسية والجتماعية فى آن واحد ميين اليمييين إلييى اليسييار‪ .‬حييتى بلغييت‬
‫المفارقيية أن الحييزب الييذى أريييد لييه أن يمثييل اليمييين فييى بداييية التجربيية‬
‫الحزبية سمى باسم حزب الحرار الشتراكيين أى أن السييم كييان ينطييوى‬
‫على تناقض واضح‪ .‬وكذلك حزب التجمع الذى جمع كافة التيارات اليسارية‬
‫من ماركسييية وناصييرية وقومييية وشخصيييات يسييارية مسييتقلة ممييا جعلييه‬
‫أقرب إلى الجبهة‪ .‬أما حزب العمل الشتراكى فقد ظلت خلفيته التاريخييية‬
‫لمصر الفتاة محورا ً هاما لتوجهاته وممارساته الحالييية والييتى حملييت معهييا‬
‫طابعا شموليا‪.‬‬
‫ول يعييد الحييزب الييوطنى الييديمقراطى )الحيياكم( اسييتثناء ميين هييذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬فمشكلة الحزب ل ترجع إلى صلته الوثيقة بالسييلطة ممثليية فييى‬
‫مؤسسة الرئاسة‪ ،‬وهى سمة ورثها عن التنظيم السياسى الواحد‪ ،‬بقدر مييا‬
‫ترجع إلى الطابع البيروقراطى الغالب على الحزب والذى أثيير كييثيرا ً علييى‬
‫أدائه السياسى‪ ،‬فضل عن افتقاده منذ بداييية إنشييائه إلييى التجيياه الفكييرى‬
‫الواضح حيث أراد الحفاظ على التوجهات التقليدية لثورة يوليو بوصفها أحد‬
‫مصييادره للشييرعية السياسييية رغييم اتخيياذه مواقييف عملييية مغييايرة منييذ‬
‫تأسيسه حتى الن‪ .‬فافتقد بذلك التميز السياسى اللزم وغلبت عليه نزعيية‬
‫شديدة المحافظة منعته من التبلور كحزب جديد يتفق مع مرحلة التغيييير )‬
‫‪.(22‬‬
‫لم تكن ظروف النشأة وحدها هييى الييتى أثييرت علييى فاعلييية الحييزاب‬
‫السياسية ومسيرة التجربة الحزبية كلها بل كان هناك أيضا ً البيئة المحيطيية‬
‫بالتجربة وعلى رأسها الطار السياسى والقييانونى الييذى نشييطت الحييزاب‬
‫داخله‪.‬‬

‫الطار السياسى والقانونى للتعددية الحزبية‪:‬‬


‫تأثر نشاط الحزاب السياسية بشدة بالطار السياسى والقانونى القائم‬
‫وما يتصل منه بصفة خاصة بطبيعة النظام السياسى وقانون الحزاب‪.‬‬
‫يتمتع رئيييس الجمهورييية بصييلحيات شيبه مطلقيية طبقييا للدسيتور ممييا‬
‫يجعله محور الحياة السياسية والمهيميين علييى سييلطات الدوليية كلهييا فهييو‬
‫القائد العلى للقوات المسلحة والرئيس العلى للشرطة ورئيس المجلس‬
‫العلى للهيئات القضائية فضل عن رئاسته للسييلطة التنفيذييية‪ ،‬يعليين حاليية‬
‫الطوارىء‪ ،‬ويبرم المعاهدات‪ ،‬ويستفتى الشعب فى المسائل الهاميية الييتى‬
‫تتصل بمصالح البلد العليا‪ ،‬ولييه طبقييا للمييادة )‪ (74‬ميين الدسييتور إذا قييام‬
‫خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلمة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن‬
‫أداء دورها الدستورى أن يتخذ الجراءات السييريعة لمواجهيية هييذا الخطيير‪،‬‬
‫ويوجه بيانا إلى الشعب ويجرى الستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلل‬
‫ستين يوما من اتخاذها‪ .‬وقد أتاح هذا النييص لرئيييس الجمهورييية أن يعتقييل‬

‫‪13‬‬
‫فى سبتمبر ‪ 1981‬أكثر من ‪ 1600‬شخصية سياسية يمثلون جميع قيييادات‬
‫الحزاب والقوى السياسية المعارضيية والمنظمييات الجماهيرييية والقيييادات‬
‫الصحفية وأغلق جميع دور الصحف والنشر الحزبييية وكييثير ميين الجمعيييات‬
‫الهلية وليس هناك ما يمنع من تكرار هذا الجراء فى أى وقت‪.‬‬
‫وتتضمن صلحيات رئيس الجمهورية طبقا للدستور تعيين نائب الرئيس‬
‫وإعفيياءه ميين منصييبه‪ ،‬وتعيييين رئيييس الييوزراء والييوزراء وإعفيياءهم ميين‬
‫مناصبهم‪ ،‬وتعيين الموظفين المدنيين والعسييكريين والممثلييين السياسيييين‬
‫)السفراء( وعزلهم‪ .‬وإصدار اللوائح التنفيذية للقوانين وإصدار القوانين فى‬
‫غيبة مجلس الشييعب وليييس لمجلييس الشييعب )السييلطة التشييريعية( دور‬
‫رقابى حقيقى على السلطة التنفيذية )‪. (23‬‬
‫والنتيجة الطبيعية لهذه الوضاع الدستورية هى قدرة رئيس الجمهورييية‬
‫والسلطة التنفيذية على السيطرة على الحياة السياسية بما فيها الحييزاب‬
‫السياسية والتحكم فى مسارها‪.‬‬
‫يعزز هذا الوضع ما ورد من قيود على حرية تأسيييس ونشيياط الحييزاب‬
‫السياسية فى قانون الحزاب السياسية الصادر سنة ‪ 1977‬وما أدخل عليه‬
‫من تعديلت بعد ذلك لحكام سيطرة الدولة على الحزاب السياسية‪.‬‬
‫يشييترط قييانون الحييزاب أن تمييارس الحييزاب نشيياطها علييى أسيياس‬
‫الوحييدة الوطنييية وتحييالف قييوى الشييعب العامييل والسييلم الجتميياعى‬
‫والشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلحين‪.‬‬
‫ويتضمن قانون الحزاب شروطا قاسييية ومتناقضيية لتأسيييس الحييزاب‬
‫واستمرارها مثل‪:‬‬
‫‪-1‬عييدم تعييارض مقومييات الحييزب أو مبييادئه أو أهييدافه أو برامجييه أو‬
‫سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع مبييادىء الشييريعة السييلمية‪،‬‬
‫ومبادىء ثورة ‪ 23‬يوليو ‪ 1952‬و ‪ 15‬ميايو ‪ ،1971‬والحفياظ عليى الوحيدة‬
‫الوطنية والسلم الجتماعى والنظام الشييتراكى الييديمقراطى والمكاسييب‬
‫الشتراكية‪.‬‬
‫‪-2‬تميز برامج الحزب وسياسيياته أو أسيياليبه فيى تحقييق هييذا البرناميج‬
‫تميزا ً ظاهرا ً عن برامج الحزاب الخرى‪.‬‬
‫‪-3‬عدم قييام الحيزب بميا يتعيارض ميع قيانون حمايية الجبهية الداخليية‬
‫والسلم الجتماعى أو على أساس طبقييى أو طييائفى أو فئوى أو جغرافييى‬
‫أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الصل أو الدين أو العقيدة‪.‬‬
‫‪-4‬أل يكون من بين مؤسسى الحيزب أو قيياداته مين تقيوم أدلية جديية‬
‫على قيامه بالييدعوة أو المشياركة فييى الييدعوة أو التجنيييد أو الترويييج بأييية‬
‫طريقيية ميين طييرق العلنييية لمبييادىء واتجاهييات أو أعمييال تتعييارض مييع‬
‫المبادىء المنصوص عليها فى البند السابق‪.‬‬
‫‪-5‬أل يترتب على قيام الحزب إعادة تكوين أى حزب من الحزاب الييتى‬
‫ألغيت سنة ‪.1953‬‬
‫هذا ويتضمن قانون الحزاب تشكيل لجنيية شييئون الحييزاب بقييرار ميين‬
‫رئيس الجمهورية تضم رئيس مجلس الشورى وثلثيية وزراء بالضييافة إلييى‬
‫ثلثة من رجال القضاء السابقين أى أن أغلبيتها لعضاء من الحكومة تقييدم‬
‫إليها طلبات تأسيس الحزاب فإذا ثبت لها مخالفة اى شرط من الشييروط‬
‫السابقة ترفض اللجنة قيام الحزب‪ .‬وللمؤسسييين أن يلجييأوا إلييى محكميية‬

‫‪14‬‬
‫خاصة تتضمن عددا ً من الشخصيات العامة يعينهم وزير العدل للتظلييم ميين‬
‫قرار لجنة شئون الحزاب برفض تأسيس الحزب‪.‬‬
‫ومن سلطة لجنة شئون الحزاب أن توقف نشيياط الحييزاب السياسييية‬
‫وتوقف إصدار الصحف الحزبية وتوصى بحل الحزاب السياسية فييى حاليية‬
‫مخالفة هذه الشروط‪.‬‬
‫وينص قانون الحزاب على معاقبة كل من يخالف هذا القانون بالسييجن‬
‫لمدة تصل إلى خمسة وعشرين سنة وغرامات مالية كبيرة )‪. (24‬‬
‫ول يقتصر الطار التشريعى القائم على هذه القيود بل هناك أيضا ً عييدد‬
‫كبير من القوانين صدرت خلل السنوات التى تلت قيييام الحييزاب تتضييمن‬
‫قيودا ً إضيافية تحيرم النشياط السياسيى الجمياهيرى والحيزاب السياسيية‬
‫والمظاهرات وتعطى للسلطات حييق اعتقييال المشييتبه فيهييم‪ .‬وتضييع هييذه‬
‫التشريعات المنظمات النقابية والجماهيرية تحت وصاية الجهزة الدارية‪.‬‬
‫وهكذا يتضييح أن التعددييية الحزبييية تعييانى ميين مييأزق شييديد‪ ،‬وأهييم مييا‬
‫يعترضها هو طبيعة النظام السياسى السائد الذى ظل محتفظا بالكثير ميين‬
‫الخصائص اليتى ورثهييا مين المرحليية السيابقة رغييم التحييول فيى اتجاهياته‬
‫السياسية فالنظام ما زال محتفظ يا ً بطييابعه السييلطوى الييذى يتجسييد فييى‬
‫هيمنة جهاز الدولة‪ ،‬أى الحكومة وعلييى رأسييها مؤسسيية الرئاسيية والجهيياز‬
‫البيروقراطى‪ ،‬مقابيل ضيعف المجتمييع الميدنى‪ ،‬وفيى كل المجيالين تسيود‬
‫العلقات الشخصية والرعوية وتلعب دورا ً هاما فى تجميع المصالح والتعبير‬
‫عنها‪.‬‬
‫هذه الطبيعة الخاصة للنظام السياسى عرضت عملية التحول الليبرالى‬
‫والديمقراطى لضغوط شديدة‪ ،‬فالثقافة السياسة ما زالييت تحكمهييا القيييم‬
‫التقليدية وما يتبعها من التأكيد علييى قيييم الييولء والطاعيية‪ ،‬والسييتناد إلييى‬
‫الييدين كأحييد المصييادر الرئيسييية للشييرعية السياسييية‪ ،‬أمييا المؤسسييات‬
‫والتنظيمييات السياسييية فقييد ظلييت ضييعيفة‪ ،‬وبالتييالى لييم تمثييل القنييوات‬
‫الرئيسيية للنشياط السياسيى فيى ظيل عمليية التحيول اليديمقراطى فيى‬
‫الثمانينيييات )‪ .(25‬كمييا أن الحييزاب السياسييية المعييترف بهييا فييى إطييار‬
‫التعددية لم تنجح فى التحول إلى تنظيمات سياسييية مسييتقلة‪ ،‬تقييوم بييدور‬
‫فعيال فيى عملييية المشياركة السياسيية تتفييق ميع طبيعية التغيييرات الييتى‬
‫تتطلبها عملييية التحييول اليديمقراطى وكيان للطيار التشييريعى القيائم بميا‬
‫تضييمنه ميين قيييود أكييبر الثيير علييى فاعلييية هييذه الحييزاب وضييعفها علييى‬
‫المستوى اليييديولوجى أو التنظيمييى كمييا سيتضييح فيمييا بعييد عنييد معالجيية‬
‫نشاط الحزاب السياسية وحصاد التجربة‪ .‬كما أدى تطبيق قانون الحييزاب‬
‫إلى منع قيام العديد من الحييزاب الييتى تعييبر بالفعييل عيين قييوى اجتماعييية‬
‫حقيقية وتمارس نشاطا ً واقعيا فييى المجتمييع بينمييا سييمح بقيييام أحييزاب ل‬
‫تعبر عن أى قوى اجتماعية وليس لها نشاط يذكر‪.‬‬

‫السمات المميزة للتعددية الحزبية فى مصر‪:‬‬


‫مما سبق يتضح أن التعددية الحزبية التى قامت فييى مصيير تنييدرج فييى‬
‫إطار ما يسمى "التعددييية السياسييية المقيييدة" ويشييير هييذا المفهييوم إلييى‬
‫قبول النظام السياسى مبدأ التعددية السياسية فى شكل أحييزاب سياسييية‬
‫ولكن فيى إطيار قيييود وضييوابط معينيية تحيد مين إمكانييية تييداول السيلطة‬

‫‪15‬‬
‫وممارسة هذه الحزاب لوظائفها المتعارف عليها فى النظييم الديمقراطييية‬
‫التعددية )‪.(26‬‬
‫وتتميز التعددية المقيدة بعدة سمات وخصائص من أهمها‪:‬‬

‫‪-1‬أن التحول يتم من أعلععى‪ :‬فقييرار التعددييية يصييدر ميين القيييادة‬


‫السياسية ويضمن أن يسيطر النظام السياسييى عليى عملييية التحييول إلييى‬
‫التعدديية‪ ،‬ويرتبيط بيذلك اسيتمرار احتفياظ عناصير النظيام بحيويتهيا أثنياء‬
‫عملية النتقال‪ ،‬فل تفقد النخبة الحاكمة مراكز تأثيرها‪ .‬وقد حييرص النظييام‬
‫المصرى على تقييد التعددية‪ ،‬ورفضت لجنة شئون الحزاب معظم طلبييات‬
‫تأسيس الحزاب المقدمة إليها واضطرت هذه الحزاب إلى اللجوء للقضاء‬
‫الذى وافق على تأسيس بعضها‪ ،‬ومن بين السبعة عشر حزبا القائمة هناك‬
‫أحييد عشيير حزبييا تأسسييت بحكييم قضييائى بعييد أن رفضييتها لجنيية شييئون‬
‫الحزاب‪.‬‬

‫‪-2‬تدرج التحول نحو التعددية‪:‬‬


‫يرتبط بالسمة السابقة الخاصة بسيطرة النظام السلطوى على عملييية‬
‫التحول‪ ،‬أن هذا التحول يتم بصورة تدريجية يحدد النظييام جييدولها الزمنييى‪،‬‬
‫وتمكنييه ميين ذلييك سيييطرته علييى أجهييزة الدوليية‪ .‬ويشييمل ذلييك تحديييد‬
‫الخطوات النتقالية وتوسيع مجال حركة المعارضة‪ ،‬وتحديييد عييدد الحييزاب‬
‫المسييموح بهييا‪ ،‬وطبيعيية اتجاهاتهييا السياسييية والفكرييية‪ ،‬والجهيية الدارييية‬
‫الرقابية على نشاطها‪ ،‬وتحديد بعض المبادىء التى ل يجوز تجاوزهييا ويييبرر‬
‫النظام هذا التدرج فى عملية التحول إلى التعددية بضرورات الستقرار‪.‬‬

‫‪-3‬هيمنة السلطة التنفيذية‪:‬‬


‫ميين أهييم سييمات نظييم التعددييية المقيييدة اسييتمرار الييوزن المهيميين‬
‫للسلطة التنفيذية‪ ،‬وعلى الخص رئاسة الدولة‪ ،‬حيث يملييك رئيييس الدوليية‬
‫صلحيات واسعة‪ ،‬كما هو الحال فى مصر على النحو الذى أوضحناه سابقًا‪،‬‬
‫منها تعيين الوزارة وإقالتها‪ ،‬وإعلن الحكام العرفية وحالة الطوارئ‪ ،‬وحييل‬
‫البرلمان‪ ،‬كما يرأس القييوات المسييلحة‪ .‬وتسيييطر الحكوميية وحزبهييا علييى‬
‫أجهزة العلم الجماهيرية وتسخرها للدعاية للحزب الحاكم‪ .‬وعلييى الرغييم‬
‫ميين أن الدسييتور ينييص علييى اسييتقلل القضيياء وحصييانته‪ ،‬إل أن الحكوميية‬
‫تنشئ أشكال ً أخرى ميين القضيياء غييير الطييبيعى مثييل محيياكم أميين الدوليية‬
‫والمحاكم العسكرية للمدنيين‪ ،‬وتتوسع اختصاصات هييذه المحيياكم لتختييص‬
‫بنظر القضايا السياسية‪.‬‬
‫وفيما يتصييل بمصيير فإننييا نلحييظ أن هييذه السييمات الثلث قائميية فييى‬
‫تجربة التعددية المقيدة وبصفة خاصة‪:‬‬
‫‪-1‬الدور المهيمن لرئيس الدولة ميين خلل سييلطاته الواسييعة بمقتضييى‬
‫الدستور‪.‬‬
‫‪-2‬بالرغم من قبول مبدأ التعدد الحزبى من حيييث المبييدأ إل أن النظييام‬
‫يقترب فى الواقع من صيغة الحزب الواحد‪ ،‬حيث يتسم بوجود حزب واحييد‬
‫مهيمن هو الحييزب الييوطنى الييديمقراطى الييذى يتييولى رئيييس الجمهورييية‬

‫‪16‬‬
‫رئاسته‪ ،‬وهو يحتكر الحكم منذ بداية التعددية ويفوز بأغلبية مقاعييد مجلييس‬
‫الشعب‪ ،‬ويهيمن بدوره على وسائل العلم‪.‬‬
‫‪-3‬تتحكييم السييلطة التنفيذييية فييى المييدى الييذى يمكيين أن يييذهب إليييه‬
‫الحزب فى معارضة سياسات الحكم‪ ،‬وتتدخل فى الشييئون الداخلييية لهييذه‬
‫الحزاب لخلق المشاكل بين قياداتها وتستخدم ذلك ذريعة لتجميد نشاطها‪،‬‬
‫وقد تم بالفعيل تجمييد نشياط ثمانيية أحيزاب مين السيبعة عشير حزًبيا‪ ،‬ل‬
‫تستطيع استئناف نشيياطها السياسييى فييى المجتمييع إل بعييد حييل مشيياكلها‬
‫الداخلية ومن بينها أحزاب تجاوزت حدودها فى معارضة النظام مثل حييزب‬
‫العمل وحزب الوفاق وحزب الشعب الديمقراطى‪.‬‬
‫‪-3‬شييهدت التجربيية المصييرية سيييل ميين القييوانين السييتثنائية المقيييدة‬
‫للحريات والتى تشكل عائقا أساسيا يحول دون تطور التعددية وقد صدرت‬
‫هييذه التشييريعات لحكييام السيييطرة علييى التعددييية وسييد الثغييرات الييتى‬
‫تستطيع الحزاب من خللها أن تطور نفوذها السياسى والجماهيرى‪.‬‬
‫‪-4‬رغم الوعد بالتدرج فى التوسع فى الحقوق والحرييات وفيى أنشيطة‬
‫الحزاب وفى النشطة الجماهيرية إل أن القيود القائمة منذ بداية التعددييية‬
‫ما زالت قائمة بل ازدادت لتفرض مزيدا ً من الحصار على الحزاب القائمة‬
‫وتمنع قيام أحزاب جديدة‪.‬‬
‫‪-5‬رغم إجراء انتخابات برلمانية أعوام ‪،1990 ،1987 ،1984 ،1976‬‬
‫‪ ،1995‬ي ‪ ،2000‬فإنها أسييفرت جميعييا عيين حصييول الحييزب الحيياكم علييى‬
‫الغلبية المطلقية وليم تحصيل أحيزاب المعارضية إل عليى نسيبة محيدودة‬
‫للغاية من مقاعد مجلس الشعب‪.‬‬
‫ولم يتحقق فى الواقع الهيدف مين التعدديية وهيو تيداول السيلطة مين‬
‫خلل انتخابات دورية‪.‬‬
‫وسوف تتأكد هذه الحقائق أكثر من خلل استعرضنا لخريطيية الحييزاب‬
‫السياسية فى مصر ونشاطها فى مختلف المجالت‪.‬‬

‫خريطة الحزاب السياسية فى مصر‪:‬‬


‫رغم تبنى النظام السياسى للتعددية السياسية فى مصيير فييى منتصييف‬
‫السبعينيات إل أن نطاقها بدا محدودًا‪ ،‬وتزايدت محييدوديته باسييتمرار حييتى‬
‫أصبح النظام أقرب إلى نظام الحزب الواحد منه إلى نظام التعدد الحزبييى‬
‫نتيجة هيمنة حزب الحكومة علييى معظييم مقاعييد البرلمييان وعلييى وسييائل‬
‫العلم‪ .‬وقييد أدى ذلييك إلييى تقزيييم الحييزاب المسييموح بنشيياطها قانونييا‪،‬‬
‫وتهميش كل تأثير لها‪ ،‬وتحجيم البدائل التى تطرحها‪ ،‬والضغط على ممثليها‬
‫فى البرلمان إن وجدوا‪ .‬ومن ناحية أخرى فإن تضييق فرص المشاركة أدى‬
‫إلى وجود تيارات وقوى سياسية فاعلة فى المجتمع خيارج إطيار الشيرعية‬
‫أهمها التنظيمات الشيييوعية والتجمعييات الناصييرية والجماعييات السييلمية‪.‬‬
‫وقد أدت السياسات الحكومييية تجيياه الحييزاب الشييرعية إلييى تمكييين تيييار‬
‫السلم السياسى من تكثيف حضيوره السياسيى فيى معظيم المؤسسيات‬
‫السياسية والجتماعية والقتصادية دون أن يكون له حزب يعبر عنييه‪ ،‬فنمييا‬
‫من ثم على حساب القوى السياسية الخرى شرعية وغير شرعية مما كان‬

‫‪17‬‬
‫له أثر واضح علييى شييكل خريطيية الحييزاب السياسييية والقييوى السياسييية‬
‫المحجوبة عن الشرعية )‪.(28‬‬
‫يوضح الشكل رقم )‪ (1‬الخريطة الحزبية فى مصر‬
‫شكل رقم )‪ :(1‬الخريطة الحزبية فى مصر‬
‫وضع الحزب‬ ‫تارييييخ طريقة التأسيس‬ ‫الحزب‬ ‫م‬
‫التأسييي‬
‫س‬
‫موجود‬ ‫لجنة شئون الحزاب‬ ‫التجمع الوطنى التقدمى ‪1976‬‬ ‫‪1‬‬
‫الوحدوى‬
‫مجمد‬ ‫لجنة شئون الحزاب‬ ‫‪1976‬‬ ‫الحرار‬ ‫‪2‬‬
‫موجود‬ ‫لجنة شئون الحزاب‬ ‫‪1978‬‬ ‫الوطنى الديمقراطى‬ ‫‪3‬‬
‫مجمد‬ ‫لجنة شئون الحزاب‬ ‫‪1978‬‬ ‫العمل‬ ‫‪4‬‬
‫*‬
‫قيييرار بلجنييية شيييئون موجود‬ ‫‪1978‬‬ ‫الوفد‬ ‫‪5‬‬
‫الحزاب‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1983‬‬ ‫المة‬ ‫‪6‬‬
‫مجمد‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1990‬‬ ‫مصر الفتاة‬ ‫‪7‬‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1990‬‬ ‫الخضر‬ ‫‪8‬‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1990‬‬ ‫التحاد الديمقراطى‬ ‫‪9‬‬
‫مجمد‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪ 10‬مصيييييييير العربييييييييى ‪1992‬‬
‫**‬
‫الشتراكى‬
‫مجمد‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1992‬‬ ‫‪ 11‬الشعب الديمقراطى‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪ 12‬العربيييى اليييديمقراطى ‪1992‬‬
‫الناصرى‬
‫مجمد‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪ 13‬العدالة الجتماعية‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪1995‬‬ ‫‪ 14‬التكامل الجتماعى‬
‫قيييرار لجنييية شيييئون مجمد‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪ 15‬الوفاق القومى‬
‫الحزاب‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪ 16‬مصر ‪2000‬‬
‫موجود‬ ‫حكم قضائى‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪ 17‬الجيل الجديد‬
‫ومن أهم ملمحها أن هذه الخريطة تتكييون فييى بداييية عييام ‪ 2002‬مين‬
‫سبعة عشر حزبا هى‪:‬‬
‫الحزب الوطنى الديمقراطى )الحاكم(‪ ،‬حزب التجمع الوطنى التقييدمى‬
‫الوحدوى‪ ،‬حزب الحرار‪ ،‬حزب العمييل‪ ،‬حييزب الوفييد‪ ،‬حييزب الميية‪ ،‬حييزب‬
‫مصر الفتاة‪ ،‬حزب الخضر‪ ،‬حزب التحاد الديمقراطى‪ ،‬حزب مصر العربييى‬

‫* حزب الوفد الجديد‪ ،‬تم تجميد نشاطه فى ‪ 22‬يونيو ‪ 1978‬بعد قيامه بأشهر قليلة نتيجة‬
‫الصدام مع الرئيس السادات ثم عاد واستأنف نشاطه فى نوفمبر عام ‪ 1983‬بحكم محكمة‪.‬‬
‫** عاد حزب مصر العربى الشتراكى الذى تأسس عام ‪ ،1976‬بحكم المحكمة عام ‪.1992‬‬

‫‪18‬‬
‫الشييتراكى‪ ،‬حييزب الشييعب الييديمقراطى‪ ،‬الحييزب العربييى الييديمقراطى‬
‫الناصييرى‪ ،‬حييزب العداليية الجتماعييية‪ ،‬حييزب التكافييل الجتميياعى‪ ،‬حييزب‬
‫الوفاق القومى‪ ،‬حزب مصر ‪ ،2000‬حزب الجيل الجديد‪.‬‬

‫أول‪ :‬الحزاب الرئيسية‪:‬‬


‫‪-‬من بين هذه الحزاب ستة فقط لها توجهات فكرية وسياسية محييددة‪،‬‬
‫ولها قواعد جماهيرييية يختلييف حجمهييا ميين حييزب لخيير‪ ،‬وتمييارس نشيياطا‬
‫سياسيا منتظما تعبر من خلله عن مصييالح هييذه القييوى الجتماعييية‪ ،‬هييى‪:‬‬
‫الحزب الوطنى الديمقراطى وحييزب التجمييع الييوطنى التقييدمى الوحييدوى‬
‫وحزب العمل وحزب الوفد والحزب الناصييرى وحييزب الحييرار وفيمييا يلييى‬
‫نعرض لتوجهات هذه الحزاب الفكرية والسياسية‪:‬‬

‫‪-1‬الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم‬


‫تأسييس عييام ‪ 1978‬ويرأسييه رئيييس الجمهورييية ويتييولى الحكييم منييذ‬
‫تأسيسه حيث يحصل باستمرار على الغلبية الساحقة فى مجلس الشعب‪،‬‬
‫والتى ل تقل عن ‪ %75‬من عضوية المجلس وتصييل أحيانييا إلييى أكييثر ميين‬
‫‪ %95‬من مقاعد المجلييس كمييا هييو الحييال فييى مجييالس ‪ ،1990‬ي ‪،1995‬‬
‫‪ .2000‬وينتسب الحزب طبقا لبرنامجه إلييى ثييورة ‪ 23‬يوليييو ‪ 1952‬حيييث‬
‫ينص هذا البرنامج عليى أن الحييزب الييوطنى الييديمقراطى اليذى قيام فيى‬
‫أغسطس ‪ 1978‬هو التعبير الحى عن اللتزام بتطبيق مبادىء ثييورة يوليييو‬
‫من أجل الحرية السياسية والعدالة الجتماعييية وتطييبيق الديمقراطييية فييى‬
‫ظل حياة حزبية سييليمة‪ .‬وقييد أوقعيت هييذه الخاصييية الحييزب فيى تنيياقض‬
‫شييديد لن التوجهييات والسياسييات الرأسييمالية الييتى يييدافع عنهييا وخاصيية‬
‫سياسييات التكيييف الهيكلييى والصييداقة مييع الوليييات المتحييدة المريكييية‬
‫تتعارض مع المبادىء والفكار الييتى تبنتهييا ثييورة ‪ 23‬يوليييو‪ .‬وهييو مييا جعييل‬
‫الحييزب ضييعيفا ميين الناحييية اليديولوجييية يفتقيير إلييى التسيياق الفكييرى‬
‫والسياسى )‪ (29‬وليس للحزب خطاب سياسى محدد يمكن تصيينيفه يمينييا‬
‫أو يسارا ً بل يكتفى بطرح مفاهيم عامة يتغير مضييمونها ويتكيييف مييع تغييير‬
‫توجهات ومواقف الدولة‪ .‬وقد طييرح الحييزب شييعارا ً لييه هييو‪ :‬الديمقراطييية‬
‫والسييتقرار والتنمييية )‪ (30‬ويسييتمد الخطياب السياسييى للحييزب الييوطنى‬
‫قوته من ارتباطه وتعبيره عن رئيييس الحييزب وهييو رئيييس الجمهورييية فييى‬
‫نفس الوقت‪ ،‬من هنا فإن هذا الخطيياب يهيميين علييى السييلطة التشييريعية‬
‫والتنفيذية والنظام التعليمى والنظام العلمى‪ ،‬كمييا يتجلييى فييى القييرارات‬
‫والسياسات الحكومية داخليا وخارجيا ومن هنا يمكن وصييفه بييأنه الخطيياب‬
‫الرسمى لنظام الحكم‪ .‬وفى هذا السياق يبييدو الحييزب الييوطنى وحكييومته‬
‫مجرد إطييار عيام لتفاعييل النخبيية الحاكميية وظهييور آراء واتجاهييات متباينيية‬
‫داخلها يحسمها ويبلور معالمها فى النهاية رئيس الجمهورية‪ .‬أى أن خطاب‬
‫الحزب هو فى الحقيقة خطاب رئيس الدوليية )‪ (31‬وبالضييافة إلييى هيمنيية‬
‫رئيس الدولة على الحزب فإنه يتميز بسيييادة الطييابع الييبيروقراطى بحكييم‬
‫طبيعة تكوينه ونشييأته‪ .‬وقييد انعكسييت هييذه السييمة علييى الداء السياسييى‬
‫للحزب وعلى آليات العمل الداخلى أيضًا‪ ،‬حيث إن كوادر الحييزب لييم تييأت‬
‫من قواعده وإنما كان يتم تشكيلها من خلل التعيين‪ .‬أى أن حركة الحييزب‬

‫‪19‬‬
‫تأتى من أعلى إلى أسفل بالطريقة البيروقراطية المعروفة‪ .‬وقد اعييترفت‬
‫قيادة الحزب أخيرا ً بضعف الحزب وافتقاده إلى الفاعلييية وسييط الجميياهير‬
‫علوة على افتقاده الديمقراطية الداخلية‪ ،‬وأعلنت خططا ً لتحييديث الحييزب‬
‫وتطوير ديمقراطيته الداخلييية وبييدأ تنفيييذ هييذه الخطييط فييى يونيييو ‪2002‬‬
‫بانتخاب الهيئات القيادية فى كل المسييتويات تمهيييدا ً لعقييد المييؤتمر العييام‬
‫للحزب فى سبتمبر ‪.2002‬‬
‫‪-2‬حزب الوفد‪:‬‬
‫هو فى الحقيقة امتداد لحزب الغلبية فى الحقبة الليبرالية قبل ‪،1952‬‬
‫وبالتالى لم يشييارك الحييزاب الخييرى نفييس طريقيية النشييأة‪ .‬وهييو حييزب‬
‫ليبرالى‪ ،‬تؤكد المواقف التى يتضمنها برنامجه العام وممارساته العملية أن‬
‫إطاره الفكرى مستمد أساسا ً من المقومات الرئيسييية للفكيير الرأسييمالى‬
‫وفى مقدمتها إطلق الحريات العامة وتقليييص دور الدوليية القتصييادى إلييى‬
‫أقصى حد ممكن )‪ .(33‬فهو يؤمن بسياسة النفتاح القتصادى الرأسييمالية‬
‫وتشجيع استثمار رأس المال العربييى والجنييبى وتحرييير التجييارة الخارجييية‬
‫وسعر الصرف للنقييد الجنييبى‪ ،‬وإلغيياء الييدعم بالنسييبة للسييلع السييتهلكية‬
‫تدريجيا )‪ .(34‬ويطييالب بتصييفية وحييدات القطيياع العييام ويطييالب بإفسيياح‬
‫المجال أمام القطاع الخاص )‪ .(35‬ويلتقييى بهييذا مييع البرنامييج القتصييادى‬
‫للحزب الحاكم‪ ،‬بل إنه طرح مبكرا ً كافة السيس اليتى قيام عليهيا التفياق‬
‫بييين الحكوميية وصييندوق النقييد الييدولى الييذى يطبييق حاليييا باسييم الصييلح‬
‫القتصادى ويقوم على التكيف الهيكلى والتثبيت والذى يهدف أساسييا ً إلييى‬
‫إلغاء كافة القيود التى تمنع نمو النشاط الرأسمالى المصرى والجنبى فييى‬
‫مصر أو تحول دون اندماج القتصاد المصرى فييى السييوق العييالمى ورغييم‬
‫اتفاقه مع الحزب الحاكم فى القضايا القتصادية إل أنه يختلف معييه جييذريا‬
‫فى قضايا الصلح الديمقراطى‪.‬‬
‫‪-3‬حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى‪:‬‬
‫حزب يسارى ينص برنامجه العام على أن هدفه النهائى إقامة المجتمييع‬
‫الشتراكى الخالى من الستغلل‪ ،‬وأن إطاره الفكرى مستمد ميين رافييدين‬
‫هما الشتراكية العلمييية وفكيير ثييورة ‪ 23‬يوليييو ‪ 1952‬متمثل أساسييا فيمييا‬
‫تضمنه الميثاق الوطنى )‪ .(36‬إن الهدف النهييائى لنضييال حزبنييا هييو إقاميية‬
‫المجتمع الشتراكى الخالى من الستغلل‪ ،‬ومن أجل تحقيق هييذا المجتمييع‬
‫مستقبل وإتمام التنمية القتصادية الشيياملة فإننييا نناضييل ميين أجييل إقاميية‬
‫مجتمع المشاركة الشعبية كمرحلة انتقالية طويلة المد‪.‬‬
‫ويييرى الحييزب أن الصييراع الحتمييى بييين الطبقييات ل يمكيين تجيياهله أو‬
‫إنكاره وإنما ينبغى حليه سيلميا وفيى إطيار الوحيدة الوطنيية وعين طرييق‬
‫تذويب الفوارق بين الطبقات )‪. (37‬‬
‫ويعترف الحزب صراحة بأن القاعدة الطبقيية للمجتميع تشيمل العميال‬
‫والفلحييين والمثقفييين الثييوريين بالضييافة إلييى الحرفيييين وصييغار الصييناع‬
‫وصغار التجار والفئات المتوسطة والفئات الرأسمالية المنتجة التى تتضييرر‬
‫مصالحها من التوجهات القتصادية الحكومية )‪. (38‬‬

‫‪-4‬الحزب العربى الديمقراطى الناصرى‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫دا لثييورة ‪ 23‬يوليييو وفكيير القييائد‬
‫حزب قومى تقدمى‪ ،‬يعتبر نفسه امتدا ً‬
‫جمال عبد الناصر‪ ،‬وهو يلتزم بثوابت الثورة التى تضمها وثائقهييا الساسييية‬
‫وخاصة الميثاق الوطنى وبرنامييج ‪ 30‬مييارس وتتحييدد أهييدافه النهائييية فييى‬
‫الحرييية والشييتراكية والوحييدة‪ .‬ويييرى أن الختيييارات الييتى يتيحهييا الحييل‬
‫الشتراكى من خلل سيطرة تحالف قوى الشعب العامل علييى المسييارات‬
‫القتصادية هى وحدها الكفيلة بإطلق القدرات الكامنيية للييوطن والمجتمييع‬
‫من أجل تعظيييم النتيياج علييى نحييو يلييبى الحاجييات الساسييية للمييواطنين‪،‬‬
‫دا يتناسب مع ما يبذلونه من جهد‪.‬‬ ‫ويكفل للعاملين فى نفس الوقت عائ ً‬
‫وفى هذا الطار يطييرح الحييزب أسييس تنظيييم القتصيياد المصييرى فييى‬
‫التنمية المستقلة والتخطيط والحد من تحكم قوى السوق داخلية كييانت أو‬
‫خارجية فى هيكل السعار وإنشاء قطاع عام قييوى‪ ،‬ويعتييبر الحييزب نفسييه‬
‫إطييارا ً لتحييالف قييوى الشييعب العامليية الييتى تضييم العمييال والفلحييين‬
‫والرأسمالية الوطنية والمثقفين‪..‬‬
‫‪-5‬حععزب العمععل‪ :‬هييو امتييداد لحييزب مصيير الفتيياة الييذى نشييأ فييى‬
‫الثلثينيات متأثرا بصعود الفاشية والنازية‪ ،‬وهنيياك رافييدان أساسيييان لفكيير‬
‫هذا الحزب همييا المبييادىء السييلمية ومييا أطلييق عليييه البيييان التأسيسييى‬
‫للحزب الشتراكى النابع من واقعنا واليتى تهيدف إليى تيوفير الرخياء لكيل‬
‫الشعب وتستند إلى الحرية والديمقراطية وترتكز على التخطيط العلمييى )‬
‫‪ . (39‬ويعلن الحزب أن هدفه تطبيق الشتراكية المرتكزة علييى المبييادىء‬
‫الساسية لديننا الحنيييف والنابعيية ميين واقعنييا المصييرى والعربييى ويطييالب‬
‫الحزب بتصويب مفهوم النفتاح القتصادى بأن يكون انفتاحا لحييل مشيياكل‬
‫مصر بتحديد المجالت التى تتلءم مع طبيعية القطياع العيام بحيييث يتخلييى‬
‫عما عداها للقطاع التعيياونى أو المختلييط أو القطيياع الخيياص )‪ (40‬وإعييادة‬
‫النظر فى العلقة اليجارية للرض الزراعية ومستأجريها بما يحقق التوازن‬
‫العادل بين الدخول )‪. (41‬‬
‫وقد دخل حييزب العمييل فييى تحييالف إسييلمى مييع الخييوان المسييلمين‬
‫وحزب الحرار سنة ‪ 1978‬شيعاره "السيلم هيو الحيل" وطيرح بعيد ذليك‬
‫توجهات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مغايرة لبرنامجه التأسيسى‬
‫تدور كلها حول إقامة دولة تهتدى بمشروع إسلمى متكامل‪.‬‬

‫‪-6‬حزب الحرار‪:‬‬
‫وهو حزب ليبرالى‪ ،‬رغم أنه كان يصف نفسه بالشتراكية عند تأسيسييه‬
‫ويحاول تمويه موقفه الطبقى بإضفاء طييابع دينييى علييى طرحييه السياسييى‬
‫من خلل النص فى برنامجه على أنييه يييؤمن أنييه فييى الشييريعة السييلمية‬
‫حلول حاسمة لما يعانيه المجتمع المصرى من مشاكل‪ ،‬وأنه يتعيين معرفيية‬
‫هذه الحلول فى القرآن الكريم‪ .‬ومع ذلك فالطار الفكرى لهذا الحزب هييو‬
‫الفكر الرأسمالى‪ ،‬حيث كان سباقا إلى المطالبة بتعديل المادة الرابعة من‬
‫الدسييتور الييتى تنييص علييى أن السيياس القتصييادى للدوليية هييو النظييام‬
‫الشتراكى وطالب بأن يكون الساس القتصادى هو النظام السييلمى بمييا‬
‫يتضمنه من حماية الكسب المشروع‪ .‬كذلك فإن برنامج الحزب يركز علييى‬
‫الخذ بمبادىء ومقومات الفكر الرأسمالى المتمثلة أساسييا فييى المنافسيية‬

‫‪21‬‬
‫الحرة وتقليص دور الدولة إلى أقصييى حييد ممكيين ويؤيييد سياسيية النفتيياح‬
‫ويطالب بالحرية القتصادية كاملة‪.‬‬
‫وقد دخل حييزب الحييرار فيى التحييالف السيلمى ميع جماعيية الخيوان‬
‫المسلمين وحزب العمل واشييترك فييى إطييار هييذا التحييالف وتحييت شييعار‬
‫مشترك "السلم هو الحل" فى انتخابييات مجلييس الشييعب أعييوام ‪،1987‬‬
‫‪ 2000 ،1995‬وقاطع انتخابات ‪ 1990‬مع باقى قوى التحالف السلمى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القوى المحجوبة عن الشرعية‪:‬‬


‫هناك قوى سياسية قائمة فى الواقع‪ ،‬وتمارس بالفعييل نشيياطا سياسيييا‬
‫منتظما ولها وجييود ملمييوس فييى الحييياة السياسييية والحركيية الجماهيرييية‪،‬‬
‫ولبعييض هييذه القييوى ممثلييون منتخبييون فييى مجلييس الشييعب والمجييالس‬
‫الشعبية المحلية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمييع المييدنى‪ .‬وتنقسييم‬
‫هذه القوى إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫القسععم الول‪ :‬يضييم الجماعييات السييلمية وعلييى رأسييها جماعيية‬
‫الخوان المسلمين التى تحظى بنفوذ سياسى وجماهيرى كبير‪ ،‬وينظيير لهييا‬
‫باعتبارها قوة المعارضة الرئيسية للحكم‪ ،‬ولها نواب بمجلس الشييعب منييذ‬
‫عام ‪ ،1984‬وإلى جوارها حزب الوسط وحييزب الشييريعة وحييزب الصييلح‬
‫التى تقدمت بطلبات لتأسيس أحزاب سياسية تهتدى بالشييريعة السييلمية‬
‫ولكنها رفضت جميعا طبقا لقانون الحزاب الذى يشترط عدم قيام أحزاب‬
‫على أساس طائفى أو دينى رغييم أنهييا تعليين أنهييا أحييزاب سياسييية مدنييية‬
‫وليست أحزابا دينية وعضويتها مفتوحة لكييل المصييريين وليييس المسييلمين‬
‫فقط‪ .‬وهذه الجماعات السلمية تقبل بالمنافسة السياسية بوسائل سلمية‬
‫وبالحتكام إلى الديمقراطية فى الوصول إلى السييلطة وتييداولها ميين خلل‬
‫النتخابات البرلمانييية‪ .‬وتعتييبر أن برامجهييا السياسييية هييى اجتهيياد إنسييانى‬
‫وليييس لهييا قدسييية‪ .‬وإلييى جييوار هييذه الجماعييات الييتى تقبييل المنافسيية‬
‫السياسييية بوسييائل ديمقراطييية وسييلمية توجييد جماعييات إسييلمية أخييرى‬
‫تستهدف الوصول إلى السلطة عن طريق العنف وهى الجماعة السييلمية‬
‫وجماعيية الجهيياد وقييد نشييطت جماعييات العنييف طييوال حقبيية الثمانينيييات‬
‫والتسعينيات‪.‬‬
‫‪-‬أما القسم الثانى‪ :‬من القييوى السياسيية المحجوبيية عيين الشييرعية‬
‫فيشمل التنظيمات الشيوعية التى يمنع قانون الحييزاب قيامهييا لشييتراطه‬
‫أل يقوم الحزب على أساس طبقى‪ .‬وهناك بالفعل العديييد ميين التنظيمييات‬
‫الشيوعية التى تمارس نشياطا سياسييا منتظمييا ولهيا وجييود ملميوس فيى‬
‫الساحة السياسية والحركية الجماهيريية مثيل الحيزب الشييوعى المصيرى‬
‫وحزب العمييال الشيييوعى المصييرى والحييزب الشيييوعى المصييرى ‪ 8‬ينيياير‬
‫وحييزب الشييعب الشييتراكى ومنظمييات تروتسييكية علييى رأسييها تنظيييم‬
‫الشتراكيون الثوريون وقد نشطت الجماعييات التروتسييكية فييى السيينوات‬
‫الخيييرة نتيجيية لضييعف التنظيمييات الشيييوعية الخييرى وسييقوط التحيياد‬
‫السوفيتى وتزايد حدة الزمة القتصادية الجتماعية فى مصر‪.‬‬
‫ويشمل القسم الثالث من القوى السياسية المحجوبة عن الشييرعية‬
‫جماعات ناصرية منشقة على الحزب العربييى الييديمقراطى الناصييرى ولييم‬
‫يسمح لها بالتواجد‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪-1‬الخوان المسلمون‪ :‬رغييم أن القييوى السييلمية المحجوبيية عيين‬
‫الشرعية تضييم عييدة تنظيمييات إل أننييا فضييلنا الشييارة فقييط إلييى جماعيية‬
‫الخوان المسلمين باعتبارها أقوى هذه الجماعات وأكثرها انتشييارا ً ونفييوذا ً‬
‫سياسيا وجماهيريا‪ .‬وترفض جماعة الخوان المسلمين اعتبار نفسييها حزبييا‬
‫سياسيييا وبالتييالى فإنهييا ل تطييرح برنامجييا سياسيييا يسيياعد علييى التعييرف‬
‫بوضوح على مواقفها من قضايا المجتمييع ونظييامه القتصييادى الجتميياعى‪.‬‬
‫ومع ذلك فالجماعة تمارس نشاطا ً سياسيا مباشرا يستهدف الوصييول إلييى‬
‫سلطة الدولة لقامة دولة إسلمية تكون الشريعة السييلمية هييى المصييدر‬
‫الوحيييد للتشييريع فيهييا‪ .‬وتتخييذ الجماعيية موقفييا معاديييا للفكيير الشييتراكى‬
‫باعتباره من وجهة نظرها إلحاديا‪ .‬وتعتبر أن الملكية الخاصة لوسائل النتاج‬
‫وحرية النشاط القتصادى هى الوضع الطبيعى من وجهة نظر إسلمية وقد‬
‫تأكد هذا التوجه من المواقف العملية للنواب أعضاء الجماعيية فييى مجلييس‬
‫الشعب فى القضايا القتصادية والجتماعية‪ .‬وتعتييبر الجماعيية نفسييها ممثل‬
‫للمسلمين وليس لفئة أو طبقة اجتماعية معينة ولكنها فييى الواقييع العملييى‬
‫والممارسة الفعلية تدافع عن مصالح القييوى الرأسييمالية والفئات المالكيية‪.‬‬
‫وهناك كثير من قيادات الجماعة يمارسون أنشطة رأسمالية متنوعيية‪ .‬وقييد‬
‫أعلنت جماعة الخوان المسلمين أنها تقبييل المنافسيية السياسييية بوسييائل‬
‫ديمقراطية وتقبل تداول السلطة مع القييوى الخييرى ميين خلل النتخابييات‬
‫البرلمانية‪ ،‬وأصدرت الجماعة سلسلة من البيانات حول قضييايا هاميية مثييل‬
‫الموقف ميين الديمقراطيية والموقيف مين المييرأة والموقيف مين القبيياط‬
‫وتتضييمن هييذه البيانييات مواقييف متقدميية نسييبيا عيين المواقييف السييابقة‬
‫للجماعة تجاه هذه القضايا‪.‬‬

‫الحزب الشيوعى المصرى‪:‬‬


‫رغييم تعييدد التنظيمييات الماركسييية إل أننييا سنقصيير الحييديث هنييا علييى‬
‫الحزب الشيوعى المصرى لنه الفصيل الشيوعى الوحيد الذى شييارك فييى‬
‫النشاط السياسى العلنى المشترك للحزاب والقوى السياسية‪ .‬وهييو أكييبر‬
‫هذه التنظيمات وله وجود فى الحركة الجماهيرية رغم ما أصابه من ضعف‬
‫فييى السيينوات الخيييرة سييواء فييى بنيتييه التنظيمييية أو نشيياطه السياسييى‬
‫والجميياهيرى ويعييرف الحييزب نفسيه بيأنه "حييزب الطبقية العاملية‪ ،‬حييزب‬
‫الجماهير المصرية الكادحة من عمييال ومييوظفين ومثقفييين ثييورين‪ ،‬يعمييل‬
‫على مواصلة النضال الوطنى والجتماعى للشعب المصرى مستلهما تراثه‬
‫الكفيياحى السياسييى والطبقييى‪ .‬ويتخييذ ميين الماركسييية اللينينييية السيياس‬
‫النظرى لفكره وسياساته ونضيياله‪ ،‬ويلييتزم بالمبييادىء الماركسييية اللينينييية‬
‫وقوانينها العامة "مراعيا الخصائص الوطنية والقومية والقسييمات المميييزة‬
‫للواقع المصرى‪ ،‬محترما التقاليد التاريخية لشعبنا ووطننا" )‪. (42‬‬
‫ويييرى الحييزب أن القييوة الرئيسييية فييى معسييكر الثييورة هييى الطبقيية‬
‫العاملة‪ ،‬ويضم هذا المعسكر إلى جانبها حلفاء الطبقة العاملة فى المدينيية‬
‫والريف الذين لهم مصلحة أكيدة فى إحباط الثورة المضادة والسييير قييدما‬
‫فى طريق الثورة الوطنية الديمقراطية‪ .‬وهييذه الطبقييات والفئات الحليفيية‬
‫هييى‪ :‬البورجوازييية الصييغيرة وأشييباه البروليتاريييا فييى المييدن – المثقفييون‬

‫‪23‬‬
‫الثوريون – المعدمون فييى الريييف – عمييال زراعيييون‪ -‬الفلحييون الفقييراء‪-‬‬
‫الفلحون الصغار‪ -‬الفلحون المتوسطون‪ -‬القسام الوطنييية ميين الشييريحة‬
‫التكنوقراطية والبيروقراطية )‪. (43‬‬

‫ثالثا الحزاب الصغيرة والهامشية‪:‬‬


‫باقى الحزاب السياسية المعترف بها قانونا وعددها ‪ 11‬حزبا ليييس لهييا‬
‫توجه سياسى أو فكرى محدد‪ ،‬وتقوم برامجهييا علييى أفكييار جزئييية تميزهييا‬
‫عن برامج الحزاب القائمة‪ ،‬لكى تحصل على موافقة لجنة شئون الحزاب‬
‫طبقا لقانون الحزاب الذى يشترط تميز البرنامج تميزا ً واضحا عيين برامييج‬
‫الحزاب القائمة‪ .‬ول تزيد عضوية هذه الحييزاب عيين أعضييائها المؤسسييين‬
‫وتبلغ جملتهم ‪ 50‬عضوًا‪ .‬ول تمارس نشاطا سياسيا منتظما وليس ليعضييها‬
‫مقرات أو صحف‪ ،‬ول تصييدر عنهييا فييى الغييالب بيانييات سياسييية ووجودهييا‬
‫الفعلى ل يتعدى حصولها على الترخيص من الدولة بقيامها‪.‬‬
‫وقد اتجهيت بعيض هييذه الحييزاب إليى ممارسيية أنشيطة تجارييية‪ .‬وقييد‬
‫عجزت هذه الحزاب جميعها أن تنشىء وتجسد صيغة حديثة تتجاوز بها مييا‬
‫حدث للحزاب الكبيرة‪ .‬ولعييل أهييم المفارقييات هنييا أن أداء هييذه الحييزاب‬
‫الصغيرة يكمن فى أنها لم تنجييح حييتى فييى الحفيياظ علييى مييا عييرف فييى‬
‫البداية باسم الحزاب الصغيرة‪ ،‬وإنما تجاوزت ذلييك إلييى وضييعية الحييزاب‬
‫الهامشية‪ ،‬أى التى ل تأثير لها وبحيث يتساوى وجودها مع عدمه‪.‬‬
‫فقد عجز أى حييزب ميين أحزابهييا الحييد عشيير أن يقييدم صيييغة جديييدة‬
‫للعمل السياسى تنجح من خللها ولو جزئيا فى كسر طوق العزليية السييائد‬
‫على العمل الحزبى فى مصر‪ .‬ولعل هذا الوضع يبدو مدهشا إلى حد كييبير‪،‬‬
‫حيث كان من المتوقع مع ظهور أحزاب جديدة فى عصر إقليمييى وعييالمى‬
‫جديد أن تحمل مزيدا ً من احترام قيم الديمقراطييية والتنييوع وقبييول فكييرة‬
‫الجنحة الداخلية‪ .‬وهييو فييى الحقيقيية لييم يحييدث فبييدل ميين ذلييك انتشييرت‬
‫التهامات بالتآمر والتخوين المتبادل بين قياداتها‪ ،‬فى الوقت الذى ل تتجاوز‬
‫عضيويتها فيى كثيير من الحيان عشرات الشخاص )‪. (44‬‬

‫‪24‬‬
‫‪-3-‬‬
‫نشاط الحزاب وتحديات التعددية‬

‫مارست الحزاب السياسية أنشييطة سياسييية وجماهيرييية متنوعيية فييى‬


‫مختلف المجالت‪ ،‬وقد تراوحت فاعلية هذه النشطة من حييزب إلييى آخيير‪،‬‬
‫وواجهت الحزاب العديد ميين التحييديات الييتى حييالت دون تطييور نشيياطها‪،‬‬
‫وهذا النشاط فى بعض الحيان كما سيتضح مين استعراضينا لهييذا النشياط‬
‫فى مختلف المجالت‪.‬‬

‫أول‪ :‬النشاط البرلمانى‪:‬‬


‫يعتبر تمثيل الحزاب السياسية فى البرلمان هو المحك الرئيسى لمييدى‬
‫تحقيق التعددية الحزبية الهدف الساسى من قيامهييا وهييو تييداول السييلطة‬
‫من خلل النتخابات‪ .‬وتحظى النتخابات البرلمانية بأهمية جوهرييية فييى أى‬
‫نظام ديمقراطى مكتمل أو غير مكتمل‪ ،‬لنهييا تمثييل مييع التعييدد التنظيمييى‬
‫محور العملية الديمقراطية باعتبارهييا عملييية إجرائييية تنظييم التنييافس بييين‬
‫الجماعييات والمصييالح السياسييية والجتماعييية المختلفيية‪ .‬ولييذلك تتيييح‬
‫النتخابات العامة معرفة مدى التطور الديمقراطى فى بلد معييين‪ ،‬بوصييفها‬
‫الحقل التجريبى الكثر أهمية لهذا التطور )‪. (45‬‬
‫نظمت منذ قيام التعددية الحزبية ستة دورات انتخابية لمجلس الشييعب‬
‫شاركت فيها الحزاب السياسية الرئيسية )الحييزب الييوطنى الييديمقراطى‪،‬‬
‫حزب الوفد‪ ،‬حزب التجمع‪ ،‬حزب العمل‪ ،‬الحزب الناصرى‪ ،‬حزب الحييرار(‪.‬‬
‫وطرحييت هييذه الحييزاب برامييج انتخابييية توضييح فيهييا موقفهييا ميين قضييايا‬
‫المجتمع الساسية والمشكلت الجماهيرييية‪ .‬وقييد تييأثرت نتييائج النتخابييات‬
‫بعوامل عديدة منها نظام النتخابات نفسه الذى ل يييوفر ضييمانات حقيقييية‬
‫لنزاهة النتخابات‪ ،‬وحرمان الحزاب طبقا للقانون من مصادر التمويل التى‬
‫تمكنها من النفاق على العملية النتخابييية والظييروف الصييعبة الييتى تحيييط‬
‫بالحزاب وتمنعها من التطور وزيادة العضوية وحرمانها ميين أجهييزة العلم‬
‫الجماهيرية الييتى يحتكرهييا الحكييم‪ .‬ونتيجيية لييذلك فإننييا نلحييظ أن الحييزب‬
‫الحاكم كان يقدم مرشحين لكل الدوائر النتخابية بينما أحزاب المعارضة ل‬
‫تقدم سوى عييدد محييدود ميين المرشييحين ممييا أدى إلييى غييياب المنافسيية‬
‫الحقيقية التى تمكيين أحييزاب المعارضيية ميين تييداول السييلطة مييع الحييزب‬
‫الحاكم‪ .‬وفى كل النتخابات الييتى أجريييت أعييوام ‪،1979‬ي ‪،1984‬ي ‪،1987‬‬
‫‪،1990‬ي ‪،1995‬ي ‪ 2000‬حصل الحزب الحاكم على الغلبييية السيياحقة ميين‬
‫مقاعد مجلس الشعب والتى تزيد على ‪ %90‬من مقاعد المجلس باستثناء‬
‫مجلس ‪ ،1984‬ي ‪ 1987‬اللذين أجريت انتخاباتهمييا بنظييام القائميية النسييبية‬

‫‪25‬‬
‫المشروطة والتى حقق فيها الخوان المسلمون وهى جماعة غييير شييرعية‬
‫بالتحالف مع أحزاب أخرى نتائج هامة انظر الشكل رقم )‪(2‬‬
‫شكل رقم )‪(2‬‬
‫تمثيل الحزاب والقوى السياسية‬
‫فى مجلس الشعب‬
‫‪1979-2000‬‬

‫‪2000‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫‪199‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1984‬‬ ‫‪1979‬‬ ‫تاريخ النتخابات‬


‫‪0‬‬ ‫الحزاب والقوى‬
‫السياسية‬
‫‪390‬‬ ‫‪417‬‬ ‫‪384‬‬ ‫‪348‬‬ ‫‪390‬‬ ‫‪339‬‬ ‫الحزب الوطنى‬
‫الديمقراطى‬
‫‪17‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الخوان المسلمون‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪-‬‬ ‫حزب الوفد‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪23‬‬ ‫حزب العمل‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫حزب التجمع‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬ ‫حزب الحرار‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الحزب الناصرى‬
‫‪21‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫المستقلون‬
‫‪444‬‬ ‫‪444‬‬ ‫‪444‬‬ ‫‪448‬‬ ‫‪448‬‬ ‫‪366‬‬ ‫الجملة‬

‫‪-‬فى انتخابات ‪ 1979‬حصل الحزب الحاكم على ‪ 339‬مقعدا من جملة‬


‫المقاعد ‪ 366‬بينما حصل حزب العمل على ‪ 23‬مقعدا وحزب الحرار ‪3‬‬
‫مقاعد والمستقلون مقعد واحد‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-‬وفى انتخابات ‪ 1984‬حصل الحزب الحاكم على ‪ 390‬مقعدا وحزب الوفد‬
‫‪ 50‬مقعدا ً والخوان المسلمون ‪ 8‬مقاعد‪.‬‬
‫‪-‬وفى انتخابات ‪ 1987‬التى خاضها حزب التجمع وحزب الحرار وجماعة‬
‫الخوان المسلمون فى إطار التحالف السلمى فاز هذا التحالف بواحد‬
‫وستين مقعدا ً منهم ‪ 30‬مقعد للخوان المسلمين وحزب العمل ‪ 27‬مقعدا ً‬
‫وحزب الحرار أربع مقاعد وفاز حزب الوفد بخمسة وثلثين مقعدًا‪.‬‬
‫‪-‬فاز حزب التجمع اليسارى بخمسة مقاعد فى انتخابات ‪ ،1990‬وخمسة‬
‫مقاعد فى انتخابات ‪ 1995‬وستة مقاعد فى انتخابات ‪.2000‬‬
‫‪-‬فاز الحزب الناصرى بمقعدين فى انتخابات ‪ ،1995‬وانتخابات ‪.2000‬‬
‫‪-‬فاز الخوان المسلمون بسبعة عشر مقعدا ً فى انتخابات ‪.2000‬‬
‫‪-‬قاطعت جميع الحزاب انتخابات ‪ 1990‬ما عدا حزب التجمع‪.‬‬
‫ويتضح من هذه النتائج أن التعددية الحزبية ليس لها سوى وجود شكلى‬
‫فى البرلمان ولم تنجح المعارضة فى أى مجلس من المجالس الستة أن‬
‫تمرر قانونا أو تمنع صدور قانون تريده الحكومة فضل عن أنها لم تنجح أبدا‬
‫فى حجب الثقة عن الوزارة أو أحد أعضائها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ثانيا‪ :‬نشاط الحزاب فى الصحافة والعلم‪:‬‬
‫ينص الدستور على أن الصحافة مستقلة ول تخضع للرقابة‪ ،‬وأنها تمثل‬
‫السلطة الرابعة فى المجتمع‪ ،‬وتمارس هذه السلطة من خلل المجلس‬
‫العلى للصحافة‪ .‬ورغم ذلك فقد صدر القانون الذى ينظم أعمال المجلس‬
‫العلى للصحافة فوضع الصحافة القومية تحت إشراف الحكومة من خلله‬
‫حيث يتشكل بقرار من رئيس الجمهورية ويضم أغلبية من أعضاء الحزب‬
‫الحاكم‪ .‬وتعتبر الصحف القومية مملوكة للدولة‪ ،‬وتضم الصحافة القومية‬
‫أكثر من عشر مؤسسات صحفية تصدر أكثر من مائتى صحيفة ومجلة‬
‫يومية وأسبوعية وشهرية ويصل توزيع الصحف القومية اليومية إلى ما‬
‫يقارب مليون نسخة يوميا‪.‬‬
‫أما الصحافة الحزبية فيبلغ عددها ستة وثلثين صحيفة ل يزيد توزيع أكبرها‬
‫عن خمسين ألف نسخة فقط وهى تصدر عن ثمانية أحزاب فقط من بين‬
‫السبعة عشر حزبًا‪.‬‬
‫وتحتكر الدولة الذاعة والتليفزيون والتى تتكون من شبكة هائلة تضم‬
‫عشرات الذاعات المحلية والموجهة للمنطقة العربية ولفريقيا والدول‬
‫السلمية‪ ،‬وأكثر من عشرين قناة تليفزيونية محلية وفضائية ل يسمح‬
‫للحزاب باستخدامها إل لمدة ‪ 40‬دقيقة كل خمس سنوات أثناء الحملة‬
‫النتخابية لمجلس الشعب حيث يقوم رئيس الحزب بشرح برنامج الحزب‬
‫النتخابى خلل هذه الفترة‪.‬‬
‫ومن هذا العرض يتضح غياب أحد الشروط الساسية للتعددية وهى حرية‬
‫تدفق المعلومات عن المواطنين من مصادر مختلفة والقدرة على الوصول‬
‫بآراء الحزاب إلى أوسع القطاعات الجماهيرية فالحكومة تحتكر أجهزة‬
‫العلم الجماهيرية من صحافة وإذاعة وتليفزيون والحزب الحاكم يتمتع‬
‫بحرية التعبير عن آرائه فيها وتذاع أخباره على نطاق واسع ضمن تغطية‬
‫نشاط كبار المسئولين فى الدولة بما فيهم رئيس الجمهورية وهم قيادات‬
‫الحزب فى نفس الوقت‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نشاط الحزاب فى المجتمع المدنى‪:‬‬


‫تخضع مؤسسات المجتمع المدنى لقيود عديدة تضعها تحت وصاية‬
‫الحكومة‪ ،‬خاصة وأن القوانين المنظمة للجمعيات الهلية والتعاونيات‬
‫ومراكز الشباب تعطى للجهزة الدارية حق حل هذه المنظمات‬
‫والعتراض على المرشحين لمجالس إدارتها وإيقاف تنفيذ أى قرار ترفضه‬
‫الحكومة‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك فإننا نلحظ أن أغلبية مجالس الدارة فى هذه المنظمات‬
‫تتشكل من أعضاء بالحزب الحاكم‪ .‬بينما يوجد لحزب التجمع اليسارى‬
‫ممثلون منتخبون فى اللجان النقابية العمالية وعدد محدود للغاية فى‬
‫مجالس إدارة النقابات العامة العمالية‪ .‬وفى النقابات المهنية يوجد عدد‬
‫محدود من أعضاء حزب الوفد وحزب التجمع وحزب العمل فى مجالس‬
‫إدارة بعض النقابات مثل نقابة الصحفيين ونقابة المحامين‪ .‬بينما يسيطر‬
‫الخوان المسلمون على مجالس إدارات نقابات الطباء والمهنيين‬

‫‪27‬‬
‫والصيادلة والمحامين‪ ،‬المر الذى اضطر الحكومة إلى تعديل قانون‬
‫النقابات لتجميد نشاطها‪.‬‬
‫كما يسيطر الخوان المسلمون على عدد كبير من الجمعيات الهلية‬
‫السلمية التى يبلغ حجمها ‪ %35‬من إجمالى الجمعيات الهلية فى مصر‪.‬‬
‫وتسيطر الجماعات السلمية على التحادات الطلبية فى الجامعات‬
‫المصرية ول يوجد للحزاب الصغيرة والهامشية أى نشاط سياسى‬
‫وجماهيرى فى انتخابات مجلس الشعب أو المجالس المحلية أو مؤسسات‬
‫المجتمع المدنى‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬العلقة بين الحزاب‪:‬‬


‫نظمت أحزاب المعارضة الرئيسية الخمسة بالشتراك مع الخوان‬
‫المسلمين والشيوعيين نشاطا مشتركا حول العديد من القضايا‪ ،‬وشكلت‬
‫لجنة للتنسيق بينها استمرت أكثر من عشر سنوات ولكنها توقفت بعد‬
‫انتخابات مجلس الشعب ‪ .2000‬وخلل السنوات العشرين الماضية‬
‫تشكلت العديد من اللجان الجبهوية التى مورست من خللها أنشطة‬
‫مشتركة بين الحزاب والقوى السياسية المعارضة مثل لجنة القوى‬
‫الوطنية للدفاع عن الديمقراطية أو اللجنة القومية المصرية لمناصرة‬
‫الشعبين الفلسطينى واللبنانى‪ ،‬ولجنة مساندة النتفاضة الفلسطينية‬
‫وعقدت فى إطار هذه اللجان مؤتمرات جماهيرية وصدرت بيانات سياسية‬
‫مشتركة‪ ،‬كما عقدت تحالفات انتخابية مثل التحالف النتخابى بين حزب‬
‫الوفد وجماعة الخوان المسلمين فى انتخابات ‪ ،1984‬والتحالف السلمى‬
‫بين حزب العمل وحزب الحرار وجماعة الخوان المسلمين فى انتخابات‬
‫مجلس الشعب ‪.1987‬‬
‫ويلحظ أن النشطة الجبهوية بين الحزاب السياسية كانت موسمية ترتبط‬
‫بالحداث وتعتبر رد فعل لها أكثر من كونها تجسيد لستراتيجية لها أهداف‬
‫بعيدة المدى‪ .‬كما أن هذه النشطة الجبهوية لم تنظم من خلل أطر‬
‫تنظيمية تتيح لها الستمرار والنضج‪ .‬وفى السنوات الخيرة تراجعت هذه‬
‫الحزاب عن العمل المشترك وتوقفت لجنة التنسيق بين الحزاب حرصا‬
‫من قيادات هذه الحزاب أل تتورط فى اتفاقات تقيد حريتها فى الحركة‬
‫وخاصة فيما يتصل بعلقتها مع الحكم حيث اتجهت بعض هذه الحزاب‬
‫للتفاهم مع الحكم لضمان الستمرار بينما صعدت أحزاب أخرى مواجهتها‬
‫للحكم مثل حزب العمل فانتهى المر بتجميد نشاطها وإيقاف صحيفتها عن‬
‫الصدور‪.‬‬

‫التحديات التى واجهت التعددية‬


‫يلحظ من استعراضنا لنشاط الحزاب السياسية فى مختلف المجالت أنه‬
‫نشاط محدود‪ ،‬وأن هذا النشاط ل يتطور كما وكيفا‪ ،‬فحزب التجمع الذى‬
‫فاز بأربعة مقاعد فى انتخابات مجلس الشعب سنة ‪ 1976‬بعد تأسيسه‬
‫بشهور قليلة لم يزد عدد ممثليه فى هذا المجلس عن ستة أعضاء بعد‬
‫خمسة وعشرين سنة من عمر التعددية‪ .‬وكذلك الحال بالنسبة لحزب‬
‫الوفد الذى فاز فى انتخابات ‪ 1984‬بخمسين مقعدًا‪ ،‬وله الن فى مجلس‬
‫‪ 2000‬خمسة مقاعد فقط بعد انسحاب عضوين من الحزب‪ .‬نفس الحال‬

‫‪28‬‬
‫فى النقابات العمالية والمهنية والتعاونيات وسائر مجالت العمل الهلى‬
‫والمدنى ويعود هذا الوضع إلى طبيعة التعددية الحزبية المقيدة التى أشرنا‬
‫من قبل إلى أهم سماتها وخصائصها المميزة ومن بينها هيمنة السلطة‬
‫التنفيذية على الحياة السياسية‪ .‬وفى هذا الطار يمكن أن نرصد العديد من‬
‫التحديات التى تحول دون تطور ونضج التعددية الحزبية نذكر منها‪:‬‬
‫‪-1‬الطار القانونى والسياسى‪ :‬الذى تنشط الحزاب السياسية فى إطاره‬
‫والذى عرضنا له تفصيل من قبل‪.‬‬
‫‪-2‬احتكار الحكم لجهزة العلم الجماهيرية كالصحافة والذاعة‬
‫والتلفزيون وقد أوضحنا الحقائق المتعلقة بذلك عند معالجتنا لنشاط‬
‫الحزاب السياسية فى مختلف المجالت‪.‬‬

‫‪-3‬تصاعد العنف السياسى‪:‬‬


‫فقد شهدت البلد تصاعدا ملحوظا فى العنف السياسى بواسطة جماعات‬
‫السلم السياسى خلل حقبتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬وأثرت المواجهة بين الحكم وهذه الجماعات على العمل‬
‫السياسى بسبب القيود الكثيرة التى فرضت عليه والتى كان من نتيجتها‬
‫منع المؤتمرات والمسيرات الجماهيرية ومنع توزيع البيانات الحزبية على‬
‫المواطنين‪ ،‬وتزايد حالت العتقال السياسى للمشتبه فى صلتهم‬
‫بالجماعات التى نظمت عمليات اغتيال واسعة النطاق لرؤساء الجمهورية‬
‫والوزراء وكبار ضباط الشرطة والصحفيين والكتاب والقيادات الحزبية‬
‫والسياح الجانب‪ .‬وصدرت العديد من القوانين التى تعطى لجهزة المن‬
‫حرية أكبر فى التعامل مع المعارضة السياسية وخاصة التى تلجأ للعنف‪.‬‬
‫وقد أضرت هذه المواجهة بالحياة الحزبية وكان لها تأثير سلبى على‬
‫إمكانيات التطور الديمقراطى‪ .‬ورغم توقف أعمال العنف منذ ثلث‬
‫سنوات إل أن هذه التأثيرات السلبية لم تتوقف بعد‪.‬‬

‫‪-4‬الزمة القتصادية الجتماعية‬


‫ً‬
‫واجهت البلد خلل حقبتى الثمانينيات والتسعينيات أيضا مشكلت اقتصادية‬
‫واجتماعية حادة كان لها تأثيرها الكبير على مستوى معيشة المواطنين‬
‫وذلك نتيجة لتطبيق سياسات التثبيت والتكيف الهيكلى والتى كان من‬
‫آثارها انخفاض نصيب الجور فى الناتج المحلى الجمالى من ‪ %50‬سنة‬
‫‪ 1970‬إلى أقل من ‪ %25‬سنة ‪ .2000‬وارتفاع نسبة الفقراء إلى ‪%48‬‬
‫من السكان يحصلون على أقل من ‪ %20‬من الناتج المحلى الجمالى فى‬
‫الوقت الذى يستحوذ أغنى ‪ %10‬من السكان على ‪ %35‬من الناتج‬
‫المحلى الجمالى‪ (46) ،‬وقد تزايدت فى نفس الفترة معدلت البطالة بين‬
‫الشباب وأغلبهم من المتعلمين حيث وصلت إلى ‪ %17‬من قوة العمل‬
‫حسب تقرير البنك الدولى لعام ‪ ،2000‬واتسع نطاق الفئات المهمشة‪،‬‬
‫سكان الحياء العشوائية بالمدن الكبرى المحرومين‪ ،‬من الخدمات‬
‫الساسية ومن مصدر دخل منتظم حيث بلغ حجمهم ما يقرب من ‪ 3‬ملين‬
‫مواطن‪.‬‬
‫وترتب على هذه الزمة القتصادية والجتماعية تزايد التوتر فى المجتمع‬
‫والذى يعود أيضا ً إلى أن هذه الفترة شهدت صدور العديد من القوانين‬

‫‪29‬‬
‫التى تعيد صياغة العلقات الجتماعية لصالح الملك كما حدث بالنسبة‬
‫للعلقة اليجارية للرض الزراعية والمساكن‪ .‬وتزايدت حالت الضراب‬
‫والعتصام فى المصانع وحركات الحتجاج فى الريف‪ .‬وأصبحت الحياء‬
‫العشوائية مناطق نفوذ لجماعات العنف السلمية‪ .‬وكان لهذه التطورات‬
‫القتصادية والجتماعية آثارها السلبية أيضا ً على الحياة السياسية بصفة‬
‫عامة والتعددية الحزبية بصفة خاصة‪ .‬وأعلن كبار المسئولين فى الدولة أنه‬
‫ل يمكن اتخاذ إجراءات جديدة لتحقيق مزيد من التطور الديمقراطى قبل‬
‫حل المشاكل القتصادية والجتماعية الحادة‪ .‬وأنه طالما بقيت مشكلة‬
‫البطالة والفقر فإنه ل يمكن المغامرة بتحقيق مزيد من التطور حتى ل تهز‬
‫استقرار المجتمع‪ .‬ويضرب كبار المسئولين المثل دائما بالتحاد السوفيتى‬
‫عندما تعجل جوربا تشوف الصلح السياسى قبل أن تحل المشكلة‬
‫القتصادية فانهار التحاد السوفيتى‪ .‬ولذلك فإننا نرى أنه طالما استمرت‬
‫هذه السياسات القتصادية التى أنتجت هذه المشاكل فإن المل ضعيف‬
‫فى أن تبادر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات فعلية للنتقال من التعددية‬
‫الحزبية المقيدة إلى تعددية حزبية حقيقية‪.‬‬

‫‪-5‬نظام انتخابى فاسد‪:‬‬


‫من أهم معوقات تطور التعددية الحزبية فى مصر وتحقيقها للهدف‬
‫الساسى منها وهو تداول السلطة من خلل انتخابات حرة‪ ،‬أن النظام‬
‫النتخابى فى مصر فاسد ل تتوفر فيه ضمانات حقيقية لحرية النتخابات‬
‫وتعبيرها بصدق عن إرادة الناخب‪ .‬فالنتخابات طبقا لهذا النظام تجرى‬
‫تحت إشراف الحكومة‪ ،‬ووزارة الداخلية هى التى تعد جداول الناخبين‬
‫وتشرف على عملية التصويت وفرز الصوات وإعلن النتائج‪ .‬مما يعطى‬
‫للشرطة فرصة كبيرة للتدخل فى النتخابات‪ ،‬ويتم طرد مندوبى مرشحى‬
‫المعارضة من لجان النتخاب لتمكين مندوبى الحزب الوطنى من تسديد‬
‫التذاكر النتخابية لصالح مرشح الحزب الحاكم‪ .‬وتمتلئ الجداول النتخابية‬
‫بأسماء المتوفين والمهاجرين وأسماء مكررة لستخدامها للتصويت‬
‫لمرشح الحزب الحاكم‪ .‬ورغم تعديل هذا النظام مؤخرا ً وإشراف القضاء‬
‫على مرحلة التصويت وفرز الصوات إل أن النظام النتخابى فى مجمله ما‬
‫يزال يعطى للحكومة والشرطة الدور الكبر فى إدارتها لصالح مرشحى‬
‫الحزب الحاكم‪ .‬ورغم تقدم أحزاب المعارضة بمشروعات قوانين جديدة‬
‫لتعديل هذا النظام بحيث تكون النتخابات تحت إشراف القضاء فى كل‬
‫مراحلها إل أن الحكومة لم تستجب لهذه الرغبة وما يزال نظام النتخابات‬
‫من أهم التحديات التى تواجه التعددية الحزبية‪.‬‬

‫‪-6‬غياب تصور متكامل للنتقال الديمقراطى‪:‬‬


‫لم يكن قيام التعددية الحزبية فى مصر جزًءا من تصور متكامل للنتقال‬
‫إلى الديمقراطية‪ .‬بل جاء كما أوضحنا من قبل لنقاذ النظام من أزمته‬
‫وتوفير شرعية جديدة له‪ ،‬وإعطائه مظهرا ً ديمقراطيا‪ ،‬أمام الغرب‪ .‬من هنا‬
‫فإنه ل يمكن أن تزدهر التعددية الحزبية فى مناخ غير ديمقراطى وبمعزل‬

‫‪30‬‬
‫عن توافر الحقوق والحريات السياسية للمواطنين واستقلل القضاء‬
‫ووحدته وحرية الصحافة ومدى تغلغل القيم الديمقراطية والسلوك‬
‫الديمقراطى فى مؤسسات المجتمع المختلفة‪ ،‬وإنهاء وصاية الجهزة‬
‫الدارية على المنظمات الجتماعية والجماهيرية‪ ....‬إلخ‪ .‬ولما كان الطار‬
‫السياسى والقانونى للمجتمع غير ديمقراطى‪ ،‬والعلقات بين الدولة‬
‫والمواطن غير ديمقراطية‪ ،‬والعلقات بين الدولة والمؤسسات الخرى غير‬
‫ديمقراطية فإنه ل يمكن أن تحقق التعددية الهدف من قيامها وهو أن‬
‫تكون إطارا ً للمنافسة الديمقراطية السلمية بين مختلف القوى الجتماعية‬
‫والسياسية‪.‬‬

‫‪-7‬ميراث السلطوية‪:‬‬
‫وهكذا يمكن القول بأن ميراث السلطوية فى المجتمع المصرى يمثل‬
‫التحدى الكبر لتطور التعددية الحزبية‪ ،‬خاصة وأن السلطوية تقوم على‬
‫وجود حزب مهيمن على السلطة يحتكر الحكم باستمرار‪ ،‬كما تقوم على‬
‫احتكار الدولة لوسائل العلم‪ ،‬ووصايتها على منظمات المجتمع المدنى‪،‬‬
‫وحرصها على تأمين سطوتها من خلل ترسانة من القوانين التى تكفل لها‬
‫إحكام قبضتها على كل مناحى الحياة فى المجتمع‪ .‬وبدون تصفية ميراث‬
‫السلطوية فى المجتمع ل يمكن تصور إمكانية قيام نظام تعددى حزبى‬
‫ديمقراطى‪.‬‬

‫‪-8‬ممارسات أحزاب المعارضة‪:‬‬


‫حيث تتحمل أحزاب المعارضة جزًءا كبيًرا من المسئولية عن ضعفها‬
‫باصرارها على أن توجه خطابها السياسى إلى الحكم أكثر من توجهها‬
‫للجماهير‪ ،‬وسعيها إلى ضمان الستمرار من خلل التفاهم مع الحكم بديل‬
‫عن العمل لبناء نفسها كقوة جماهيرية قادرة على الضغط‪ .‬ولم تستخدم‬
‫الحزاب السياسية هامش الحركة المتاح لها لتتواجد بصورة أكبر فى‬
‫مؤسسات المجتمع المدنى ولتطوير بنيتها الداخلية وكسب عضوية جديدة‬
‫واكتشاف قيادات جديدة شابة للتوسع من خللها فى المجالت‬
‫الجماهيرية‪ .‬وهكذا أصيبت هذه الحزاب بالتكلس التنظيمى والجمود‬
‫القيادى والنحسار الجماهيرى وتشكل هذه الوضاع الذاتية للحزاب واحدا ً‬
‫من أهم التحديات التى يتعين عليها مواجهتها للخروج من مأزقها الحالى‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪-4-‬‬
‫حصاد التجربة وآفاق المستقبل‬
‫التعددية الحزبية الحديثة فى مصر هى إذن تجربة محدودة فى الليبرالية‬
‫السياسية‪ .‬خاصة وأن خريطة الحزاب الشرعية ل تعكس بنيان القوى‬
‫الجتماعية ول بنيان القوى السياسية الموجودة فى الواقع‪ .‬إذ ما زال‬
‫الحظر القانونى قائما على القوى السلمية والماركسية بل وعلى بعض‬
‫القوى الليبرالية الوسيطة‪ .‬ويدعو هذا إلى الشك فى قدرة الحزاب‬
‫الراهنة على التقدم بالتجربة الديمقراطية أو الدفاع عنها ضد خطر‬
‫النكوص عليها‪ .‬ومن المحددات المهمة لهذه التجربة‪ ،‬السيطرة المركزية‬
‫لجهاز الدولة على مجمل الحياة السياسية بحيث إن الحزب المسيطر على‬
‫هذا الجهاز يظل دائما حزب الغلبية والحكومة‪ .‬وبل شك فإن التعددية‬
‫الحزبية التى ل تتضمن إمكانية تبادل موقع السلطة فيما بين الحزاب هى‬
‫تجربة محدودة بل أقرب فى تعريفها إلى الوتوقراطية متعددة الحزاب )‬
‫‪ (47‬أو أنها استمرار لنظام الحزب الواحد فى قالب تعددى‪.‬‬
‫وفى ظل هذا النمط المختلط الذى يجمع بين التقييد وحرية العمل النسبى‬
‫للمعارضة يلجأ النظام السياسى فى مصر حفاظا على هذه الوسطية إلى‬
‫استخدام أساليب متعددة لتهدئة المعارضة ومنع وصول الصراع السياسى‬
‫إلى نقطة النفجار وتتراوح هذه الساليب بين محاولت الحتواء‬
‫والستقطاب والتحييد وغيرها )‪. (48‬‬
‫ومن أهم الظواهر التى أسفرت عنها التجربة الحزبية المقيدة فى مصر‬
‫أنها اتخذت طابع الستقطاب الثنائى بين الدولة وأنصارها من القوى‬
‫السياسية من ناحية والتجاه السلمى من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ويعود ذلك إلى عاملين رئيسيين‪ :‬العامل الول يتمثل فى طبيعة المعارضة‬
‫السلمية‪ ،‬وهى المعارضة التى لم تتخذ شكل حزبيا محددًا‪ ،‬ونجحت لهذا‬
‫السبب من بين أسباب أخرى كثيرة فى توظيف المشاعر الدينية لدى‬
‫المصريين لمصلحة خطابها السياسى وقوتها السياسية والتنظيمية‪ .‬أما‬
‫العامل الثانى فيتمثل فى ضعف الحزاب السياسية الشرعية‪.‬‬
‫وتعتبر جماعة الخوان المسلمين قوة المعارضة السياسية الكبر فى مصر‬
‫حاليا يؤكد ذلك حجم تواجدها فى مجلس الشعب وفى منظمات المجتمع‬
‫المدنى وفى الصحافة وفى العمل المشترك بين الحزاب والقوى‬

‫‪32‬‬
‫السياسية‪ ،‬وهى ل تمارس معارضتها للحكم بأسلوب عنيف أو التحدى‬
‫السافر للسلطة بل هى أقرب إلى ممارسة ضغط سياسى منتظم على‬
‫النظام بهدف دفعه إلى تقديم المزيد من التنازلت السياسية التى تخدم‬
‫أهدافها بعيدة المدى وهى إقامة دولة إسلمية مستخدمة فى ضغطها‬
‫القنوات والدوات السياسية الشرعية‪ ،‬والتجاه فى نفس الوقت إلى‬
‫مجالت العمل الجتماعى والجماهيرى لتغيير الوعى العام للجماهير بحيث‬
‫ما مع فكرهم )‪.(49‬‬ ‫يصبح أكثر تواؤ ً‬
‫هكذا يمكن القول إن الحصاد النهائى لتجربة التعددية الحزبية الحديثة فى‬
‫مصر هو‪:‬‬
‫‪-‬استمرار الطابع السلطوى للنظام‪.‬‬
‫‪-‬ضعف الحزاب السياسية الشرعية‪.‬‬
‫‪-‬تزايد قوة المعارضة السلمية غير الشرعية‪.‬‬
‫‪-‬تعرض المجتمع لمشاكل اقتصادية واجتماعية مصحوبة بالتوتر‬
‫الجتماعى والعنف السياسى‪.‬‬
‫ول توجد أى دلئل ملموسة تشير إلى استعداد الحكم فى ظل هذه‬
‫الظروف لمزيد من التحول الديمقراطى‪ ،‬كما ل تتوفر للحزاب الشرعية‬
‫القدرة على الضغط على الحكم لتقديم تنازلت تسمح بمزيد من التطور‬
‫الديمقراطى‪ .‬فى الوقت الذى تكتسب المعارضة السلمية قدرة متزايدة‬
‫على الضغط مما يعنى استمرار المواجهة بينها وبين النظام‪ .‬وهو ما يعنى‬
‫أن المجتمع المصرى يمر بأزمة سياسية حادة ل يستطيع أى‬
‫من أطرافها إخراج البلد منها حاليا‪ .‬وهو ما يطرح على القوى‬
‫الديمقراطية أن تتجمع معا وتتحمل مسئوليتها فى طرح قضية‬
‫التحول الديمقراطى فى مصر باعتباره الطار المناسب‬
‫لخراج البلد من هذا المأزق‪.‬‬
‫وذلك من خلل تشكيل جبهة للصلح الديمقراطى تتوجه‬
‫للجماهير للمشاركة فى الضغط من أجل تحقيق التطور‬
‫الديمقراطى المنشود والذى ل يمكن بدونه تحقيق فاعلية أكبر‬
‫للحزاب السياسية تمكنها من تجاوز أوضاعها البائسة الحالية‪.‬‬
‫وقد أثبتت التجربة فى كثير من المجتمعات أن الفئات الحاكمة ل تتنازل‬
‫طواعية عن امتيازاتها وأنه لبد من الضغط الشعبى عليها للتجاوب‬
‫مع مطالب الصلح الديمقراطى‪ .‬ويفرض هذا التوجه أن‬
‫يمارس العمل مع الجماهير من خلل المنظمات الشعبية‬
‫ومؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الهلى والتى تشمل‬
‫النقابات العمالية والمهنية والتحادات الطلبية والمنظمات‬
‫النسائية والشبابية والتعاونيات والجمعيات الهلية التنموية‬
‫والثقافية ومنظمات حقوق النسان ومراكز البحاث ودور‬
‫النشر والصحافة المستقلة‪ ،‬لن هذه المنظمات الشعبية من أهم‬
‫قنوات المشاركة الشعبية‪ ،‬ورغم أنها ل تمارس نشاطا سياسيا مباشرًا‪،‬‬
‫وأنها ل تسعى للوصول إلى سلطة الدولة إل أن أعضاءها أكثر قطاعات‬
‫المجتمع استعدادا للنخراط فى النشطة الديمقراطية السياسية‪ ،‬ولها‬
‫صلة مباشرة ومصلحة أكيدة فى دفع التطور الديمقراطى إلى المام‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫إن تعثر التحول الديمقراطى فى مصر يرجع فى جانب منه إلى غياب أو‬
‫ضعف هذه المنظمات وسوف يساعد مشاركتها فى النضال من أجل‬
‫الديمقراطية على تقويتها وتعزيز مكانتها كمجال أساسى تمارس من خلله‬
‫قيم الديمقراطية وعندما تصبح المنظمات الشعبية طرفا فاعل‬
‫ومشاركا فى الممارسة الديمقراطية فى المجتمع تنشأ‬
‫إمكانية حقيقية لقيام مجتمع مدنى شعبى وديمقراطى يكون‬
‫بمثابة البنية التحتية لنظام ديمقراطى فاعل فى المجتمع كله‪.‬‬
‫وبذلك تصبح الديمقراطية بناءً من أسفل يشمل الشعب كله‬
‫تربية وتدريبا وممارسة فى مختلف ميادين الحياة اليومية‪،‬‬
‫ويصبح الشعب عندها طرفا أساسيا فى معادلة الحكم‪ ،‬وتكون‬
‫الديمقراطية السياسية محصلة هذا كله‪.‬‬
‫وقد أدركت القوى السياسية الرئيسية فى مصر هذه الحقيقة‪ ،‬وكان‬
‫النضال من أجل مزيد من الديمقراطية أهم مجال لعملها المشرك‬
‫وتأسست أكثر من مرة لجان جبهوية بين الحزاب والقوى السياسية‬
‫الرئيسية هدفها تحقيق مكاسب ديمقراطية‪ .‬ويوجد بالفعل نتيجة لهذا‬
‫العمل المشترك برنامج متكامل للصلح السياسى والديمقراطى تمت‬
‫صياغته فى مؤتمر دعت إليه لجنة التنسيق بين الحزاب والقوى السياسية‬
‫بمناسبة مرور خمسين سنة على صدور الإعلن العالمى لحقوق النسان‬
‫يومى ‪ 9،8‬ديسمبر ‪ 1997‬شارك فيه عشرات من الساسة والمفكرين‬
‫وأساتذة الجامعات والخبراء والباحثين بمراكز حقوق النسان ومراكز‬
‫البحوث وقادة من كافة التجاهات والتيارات الفكرية والسياسية وقد‬
‫توصلوا بالفعل إلى صياغة برنامج متكامل للصلح السياسى‬
‫والديمقراطى‪ ،‬وقد أعلنت الحزاب والقوى السياسية الرئيسية فى‬
‫البلد اللتزام بالعمل من أجل تنفيذ هذا البرنامج وهى حزب الوفد‪ -‬حزب‬
‫التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى‪ -‬حزب الحرار‪ -‬حزب العمل‪ -‬الحزب‬
‫العربى الديمقراطى الناصرى‪ -‬الإخوان المسلمون‪ -‬الشيوعيون‪ .‬وتمثل‬
‫هذه القوى دائرة واسعة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يجمعها‬
‫سعيها المشترك من أجل دعم التعددية الحزبية وإلغاء القيود المفروضة‬
‫على حرية تأسيس الحزاب وتوسيع نطاق الحقوق والحريات الديمقراطية‬
‫ورغم أن هذه الحزاب والقوى السياسة لم تبذل الجهد الكافى من أجل‬
‫وضع هذا البرنامج موضع التطبيق إل أنه ما يزال صالحا للنضال من أجل‬
‫تطبيقه‪ ،‬وما لم يحدث ذلك فإن التعددية الحزبية فى مصر مهددة بمزيد‬
‫من التهميش‪.‬‬
‫برنامج مقترح للصلح السياسى الديمقراطى‬
‫إن جوهر الصلح السياسى الديمقراطى فى هذه المرحلة هو فتح الباب‬
‫عمليا أمام إمكانية تداول السلطة سلميا‪ ،‬وإل فإننا نغامر بتعريض المجتمع‬
‫لمزيد من العنف والرهاب‪ ،‬فإغلق باب التغيير الديمقراطى السلمى‪ ،‬هو‬
‫دفع لقوى التغيير لستخدام العنف‪ ،‬وإفساح للطريق أمام الجماعات‬
‫النقلبية والرهابية‪.‬‬
‫والصلح السياسى والديمقراطى بهذا المفهوم يتحقق من خلل عملية‬
‫متكاملة وليس بمجرد إجراءات جزئية هنا وهناك‪.‬‬
‫ومن ثم تم التفاق على ما يأتى‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫أول‪ :‬ضمان الحريات والحقوق الساسية للمواطنين وفى مقدمتها حرية‬
‫العقيدة وممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأى والتعبير وتداول المعلومات‬
‫والبداع الدبى والفنى والبحث العلمى‪ .‬وحرية تكوين الجمعيات والتعدد‬
‫الحزبى‪ ،‬وحق التظاهر والضراب السلميين دون قيود أو شروط مانعة‪-‬‬
‫وذلك فى نطاق المقومات الساسية للمجتمع وحدود النظام والداب‬
‫العامة‪ -‬والحق فى الحرية والمان الشخصى وسلمة الجسد‪ ..‬وإلغاء كافة‬
‫التشريعات التى تنتقص من هذه الحقوق والحريات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬توفير ضمانات التقاضى واستقلل القضاء وتيسير إجراءات‬


‫التفاضى‪ ،‬وإلغاء كافة صور القضاء الستثنائى‪ ،‬بما فى ذلك الغاء محاكم‬
‫أمن الدولة‪ ،‬وعدم جواز محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية‪ ،‬وإعادة‬
‫محاكمة كل من سبق الحكم عليه من محكمة عسكرية أمام قاضيه‬
‫الطبيعى‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إلغاء حالة الطوارىء القائمة وتعديل قانون الطوارىء‪ ،‬بحيث يقتصر‬
‫جواز إعلن حالة الطوارىء فى حالة الحرب الفعلية والكوارث العامة‬
‫فقط‪ .‬ولفترة محدودة ل يتم تجديدها إل بشروط دقيقة‪ ،‬وتحديد سلطات‬
‫الحاكم العسكرى فى ظل الطوارىء بحيث ل يتم تجميد الدستور فى ظلها‬
‫وانتهاك الحريات العامة والحقوق الساسية للمواطنين‪.‬‬
‫وتكثيف الجهود من أجل وقف القتل خارج القانون واحتجاز الرهائن‬
‫والتعذيب‪ ،‬وذلك عن طريق برنامج شامل يتضمن‪:‬‬
‫‪-‬إلغاء تبعية السجون لوزارة الداخلية تنفيذا لتوصية قضاة مصر فى مؤتمر‬
‫العدالة بتبعية السجون للهيئة القضائية‪ ،‬وإنشاء شرطة قضائية تتبع‬
‫المجلس العلى للقضاء‪ ،‬وإصدار قانون جديد للسجون يتفق مع أحكام‬
‫الدستور والمواثيق الدولية‪ ،‬وتفعيل دور القضاء فى الرقابة على السجون‪،‬‬
‫والسماح لمراكز حقوق النسان بزيارة السجون والتحقيق فى شكاوى‬
‫التعذيب‪.‬‬
‫‪-‬إلغاء تحفظ الحكومة المصرية على المادتين ‪ 21‬و ‪ 22‬من التفاقية‬
‫الدولية لمناهضة التعذيب‪ .‬بحيث يصبح للجنة الدولية لمناهضة التعذيب‬
‫الحق فى تسلم بلغات الفراد والدول والتحقيق فيها‪.‬‬
‫‪-‬معالجة القصور التشريعى الفادح فى جرائم التعذيب واستخدام‬
‫القسوة‪ ...‬فالمواد المتعلقة بهذه الجرائم قاصرة عن تغطية أفعال‬
‫التعذيب طبقا للتعريف الوارد فى التفاقية الدولية لمناهضة التعذيب‪ ..‬ول‬
‫نص قانونى يعاقب مسئول الجهاز المنى الذى مارس تابعوه أفعال‬
‫التعذيب‪.‬‬
‫‪-‬إعادة حق المواطن فى تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر قبل‬
‫الموظف العام‪ ،‬خاصة فى قضايا التعذيب وإلغاء المادة السادسة من‬
‫قانون الحكام العسكرية التى تخول لرئيس الجمهورية فى ظل حالة‬
‫الطوارىء الحق فى إحالة أى قضية للقضاء العسكرى‪ ،‬وإلغاء القانون رقم‬
‫‪ 48‬لسنة ‪ 1967‬بإنشاء محاكم الثورة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪-‬إلغاء القانون رقم ‪ 57‬لسنة ‪ 1968‬والذى يعطى لوزير الداخلية الحق فى‬
‫تحديد أماكن غير السجون العامة يجوز احتجاز كل من يعتقل أو يتحفظ‬
‫عليه فيها بقرار منه‪ .‬وإلغاء حق رئيس الجمهورية فى إنشاء سجون خاصة‬
‫شديدة الحراسة كسجن العقرب وسجن الوادى الجديد‪.‬‬
‫‪-‬إلغاء نيابة أمن الدولة‪ ،‬والخذ بنظام قاضى التحقيق كضمانة عملية لحق‬
‫كل مواطن يقبض عليه فى العرض على قاض يقرر بعد سماع أقواله‬
‫الفراج عنه أو استمرار حبسه‪.‬‬
‫‪-‬القيام بحملة سياسية وإعلمية وشعبية ضد التعذيب‪ .‬ووضع رئيس‬
‫الجمهورية أمام مسئولياته‪ ،‬فهو بحكم الدستور المسئول الول عن جرائم‬
‫الشرطة‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 184‬من الدستور على أن "الشرطة هيئة‬
‫مدنية نظامية رئيسها العلى رئيس الجمهورية" وتعهد المادة ‪ 73‬من‬
‫الدستور على رئيس الجمهورية بمسئولية "السهر على احترام الدستور‬
‫وسيادة القانون"‪ .‬وسيظل رئيس الجمهورية المسئول الول عن التعذيب‬
‫أمام الشعب والدستور والتاريخ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ضرورة تعديل الدستور بعد فترة انتقالية تطلق فيها‬


‫الحريات طبقا لما سبق بيانه‪ ،‬ليصبح دستورا ً ديمقراطيا يجعل‬
‫المة مصدرا ً حقيقيا ً للسلطة‪ ،‬ويركز على السلطة التنفيذية‬
‫فى مجلس وزراء يكون مسئول أمام مجلس نيابى منتخب‬
‫انتخابا حرا ً نزيها‪ ..‬ويجب أن يحقق التعديل المبادىء الساسية‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪-1‬ضبط الصياغات والتعبيرات غير المحددة الواردة فى الدستور‪ ،‬والتى‬
‫يسهل تفسيرها حسب المناخ السياسى السائد لخراج قوانين معادية‬
‫للحريات خاصة فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير والتنظيم والجتماع‪.‬‬
‫‪-2‬الغاء جداول القيد الحالية والتى ل تعبر بأى صورة من الصور عن‬
‫الشعب المصرى‪ ،‬وإعداد الجداول طبقا لكشوف السجل المدنى والرقم‬
‫القومى‪.‬‬
‫‪-3‬تعديل نظام انتخاب رئيس الجمهورية )ونوابه( ليصبح بالقتراع الحر‬
‫المباشر بين أكثر من مرشح‪.‬‬
‫‪-4‬تحديد وتقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية فى‬
‫الدستور وفرض قيود على تفويض مجلس الشعب لرئيس الجمهورية فى‬
‫إصدار قرارات لها قوة القانون‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-5‬إلغاء المادة ‪ 74‬من الدستور درءا لساءة استخدام السلطات المطلقة‬
‫الخطيرة الواردة فيها‪.‬‬
‫‪-6‬تقرير مبدأ المسئولية الوزارية السياسة والتضامنية أمام المجلس‬
‫النيابى‪ ،‬ليمارس المجلس اختصاصاته دون معوقات‪.‬‬
‫‪-7‬تقرير الحق الكامل لمجلس الشعب فى تعديل الموازنة العامة دون‬
‫تعليق ذلك على موافقة السلطة التنفيذية‪ .‬وكذا حقه فى نشر تقارير‬
‫الجهزة الرقابية‪.‬‬
‫‪-8‬إلغاء نظام المدعى الشتراكى الوارد فى المادة ‪ 179‬من الدستور‪.‬‬
‫‪-9‬إنشاء لجنة قضائية مستقلة وغير قابلة للعزل لدارة النتخابات العامة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫خامسا‪ :‬توفير ضمانات حرية ونزاهة النتخابععات‪ ،‬وإعععادة الحععق‬
‫للمواطنين فى التعبير عععن إرادتهععم عععبر صععندوق النتخابععات‪،‬‬
‫وذلك بتوفير ضمانات حقيقيععة وإصععدار قععانون جديععد لمباشععرة‬
‫الحقوق السياسية يتضمن‪:‬‬
‫‪-1‬تولى لجنة قضائية مستقلة غير قابلة للعزل الإشراف الكامل على إدارة‬
‫النتخابات والستفتاءات بمجرد صدور قرار دعوة الناخبين‪ ،‬وتخضع لها‬
‫كافة الجهزة التنفيذية والمحلية والمنية التى تتصل أعمالها بالنتخابات‪.‬‬
‫بحيث تشمل مرحلة الترشيح والتصويت والفرز وإعلن النتائج‪.‬‬
‫‪-3‬إلغاء جداول القيد الحالية والتى ل تعبر بأى صورة من الصور عن‬
‫الشعب المصرى‪ .‬وإعداد الجداول طبقا للرقم القومى‪.‬‬
‫‪-3‬توحيد نظم النتخابات الخاصة بكافة المجالس النيابية والمحلية‪.‬‬
‫‪-4‬إدلء الناخبين بأصواتهم طبقا للرقم القومى‪ ،‬مع توقيع الناخب فى‬
‫كشوف النتخابات أمام اسمه بإمضائه أو بصمته‪.‬‬
‫‪-5‬فرض عقوبات صارمة على التزوير أو التلعب أو التدخل فى‬
‫النتخابات‪ ،‬تصل إلى الشغال الشاقة بالنسبة للموظف العام‪ ،‬واعتبارها‬
‫جريمة ل تسقط بالتقادم‪.‬‬
‫‪-6‬وضع ضوابط دقيقة للنفاق المالى فى النتخابات‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬تحويل الدارة المحلية إلى حكم محلى شعبى حقيقى‪،‬‬


‫وإصدار قانون جديد يتم على أساسه انتخاب كافة هيئات‬
‫الحكم المحلى بالنتخاب العام المباشر‪ .‬وإحكام رقابة‬
‫المجالس المحلية المنتخبة على الجهزة التنفيذية ودعم‬
‫سلطتها عليها‪.‬‬

‫سابعًا‪ :‬إطلق حرية التنظيمات السياسية والنقابية والجمعيععات‬


‫الهليععة فععى إطععار المقومععات الساسععية للمجتمععع والنظععام‬
‫والداب العامة وذلك عن طريق‪:‬‬
‫‪-‬إلغاء قانون الحزاب ‪ 40‬لسنة ‪ 1977‬وإطلق حرية تشكيل الحزاب‬
‫لكافة القوى والتيارات السياسية بمجرد الخطار على أسس ديمقراطية‬
‫تضمن أن يكون الحزب مفتوحا لجميع المصريين بل تمييز‪ ،‬واعتبار حق‬
‫المواطنة مناطا ً للحقوق والواجبات وأن يلتزم بقواعد العمل الديمقراطى‬
‫فى إطار دستور يضعه الشعب ويقره ديمقراطيا‪ ،‬وقبول مبدأ تداول‬
‫السلطة من خلل النتخابات العامة والتعددية الحزبية الن وفى‬
‫المستقبل‪ ،‬وأن ل ينشىء تشكيلت عسكرية أو شبه عسكرية‪ .‬وتختص‬
‫المحكمة الدستورية دون غيرها بالفصل فى أى منازعة حول التزام الحزب‬
‫بهذه المبادىء‪.‬‬
‫‪-‬إلغاء كافة صور الدمج بين مؤسسات وأجهزة الدولة وتنظيمات حزب‬
‫الحكومة‪ ،‬بما يضمن أن تكون الدولة لكل المصرين وليس لحزب واحد‪،‬‬
‫وحماية حق النتماء والنشاط الحزبى لكافة المواطنين‪ .‬وضمان عدم‬
‫التعرض للضطهاد أو التمييز بسبب النشاط الحزبى أو النقابى أو النشاط‬
‫العام‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪-‬إلغاء الحظر القائم حاليا على ممارسة العمل السياسى فى الجامعات‬
‫والمدارس والمصانع‪.‬‬
‫‪-‬إطلق الحرية كاملة للتنظيمات النقابية‪ -‬المهنية والعمالية‪ -‬والجمعيات‬
‫التعاونية لمباشرة نشاطها طبقا للوائح تضعها بنفسها‪ .‬وانتخاب مجالس‬
‫إدارتها دون تدخل من الجهزة الإدارية‪ .‬وتأكيد استقلل الحركة النقابية‬
‫والتعاونية والطلبية بإلغاء القانون ‪ 100‬لسنة ‪ ،1933‬وتأكيد حرية الحركة‬
‫العمالية فى بناء تنظيماتها‪.‬‬
‫‪-‬إلغاء القيود على تشكيل ونشاط الجمعيات الهلية والجتماعية والثقافية‬
‫والشبابية‪ ،‬بما يضمن رفع أيدى الجهزة المنية والدارية عن هذه‬
‫الجمعيات بإلغاء القانون لسنة ‪ ،1964‬والعودة إلى مواد القانون المدنى‬
‫التى ألغيت بالقرار الجمهورى رقم ‪ 384‬لسنة ‪.1956‬‬
‫ثامنا‪ :‬تحرير أجهزة الإعلم والصحافة من السيطرة الحكومية‬
‫والحتكار‪ ،‬وذلك عن طريق إطلق حرية تملك وسائل العلم‬
‫)الإذاعة والتليفزيون( للمصريين‪ ،‬وتعديل قانون الإذاعة والتليفزيون‬
‫ليصبح جهازا ً إعلميا قوميا ً مستقل عن الدولة‪ ،‬تمثل فى إدارته التيارات‬
‫الفكرية والسياسية والحزبية‪ ،‬وتحصل من خلله الحزاب والقوى‬
‫السياسية على فرص متكافئة لمخاطبة الشعب‪.‬‬
‫وإطلق حرية تملك وإصدار الصحف دون ترخيص للحزاب‬
‫السياسية والنقابات والتحادات وسائر الشخاص العتبارية والخاصة‬
‫وللشخاص الطبيعيين المصريين كاملى الهلية‪ ،‬مع حظر مشاركة غير‬
‫المصريين فى تملك الصحف‪.‬‬
‫وإعادة النظر فى تملك الدولة للمؤسسات الصحفية والقومية‬
‫حتى ل تظل محتكرة لمالك واحد وحزب واحد‪ .‬وبما يضمن حق الجماهير‬
‫فى المعرفة والمعلومات وإدارة حوار حر بين الجميع أمام الرأى العام‪.‬‬
‫وتعديل قانون تنظيم الصحافة وقانون العقوبات بإلغاء‬
‫العقوبات المقيدة للحريات فى سائر الجرائم التى تقع بواسطة النشر فى‬
‫الصحف‪ ،‬وإلغاء الحبس الحتياطى فى جرائم النشر‪ ،‬والفصل بين سلطة‬
‫التحقيق وسلطة التهام فيها‪ ،‬والنص على عدم جواز تعطيل الصحف أو‬
‫إلغائها‪ ،‬وضمان الحصول على المعلومات وتدفقها‪ ،‬وإلغاء كل المواد‬
‫القانونية التى تفرض قيودا ً على المعلومات‪ ،‬وتجريم المتناع عن مد‬
‫الصحفى بالمعلومات‪.‬‬
‫ً‬
‫ونشر ميزانيات جميع المؤسسات الصحفية والصحف أيا كان نوع ملكيتها‪،‬‬
‫وإخضاعها لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات والرأى العام‪.‬‬
‫وإعادة النظر فى تشكيل ومهام المجلس العلى للصحافة ليتحول إلى‬
‫هيئة شعبية مستقلة ويتشكل بطريقة ديمقراطية وتلغى وصياته على‬
‫الصحافة‪.‬‬

‫تاسعًا‪ :‬المواجهة الشاملة للإرهاب وحماية الوحدة الوطنية‪،‬‬


‫بمعالجة مسببات العنف والتوتر فى المجتمع‪ ،‬سواء كانت‬
‫اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو فكرية أو أمنية‪ ،‬بما فى‬
‫ذلك إجراء تعديلت جذرية فى مناهج التعليم لتنمية التربية‬
‫الديمقراطية فى المدرسة والمجتمع‪ ،‬وتنمية العقلية النقدية‬

‫‪38‬‬
‫والقدرة على المناقشة والختيار‪ ،‬وتدريس الدين الإسلمى‬
‫والدين المسيحى بما يعمق المفاهيم الحقيقية للديان‬
‫السماوية ويحفظ الوحدة الوطنية‪ ،‬وتنقية أجهزة العلم‬
‫والصحافة من كل ما يؤدى إلى تفتيت الوحدة الوطنية‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬إدراكا منا أن تجاهل الحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية‬
‫للمواطنين‪ ،‬وحرمانهم من إشباع حاجاتهم الساسية‪ ،‬يؤثر على الممارسة‬
‫الديمقراطية ويحول دون التطور الديمقراطى السلمى للمجتمع‪ ،‬ودون‬
‫التداول السلمى للسلطة‪..‬‬
‫وانطلقا من شرائعنا التى ندين بها‪ ،‬وانطلقا من العلن العالمى لحقوق‬
‫النسان التى أكدت على هذه الحقوق‪ ،‬خاصة حق العمل‪ ،‬والحق فى‬
‫مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة للفرد وأسرته‪ ،‬وخاصة على صعيد‬
‫المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الجتماعية‬
‫الضرورية‪ ،‬وله الحق فيما يأمن به الغوائل فى حالة البطالة أو المرض أو‬
‫العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن‬
‫إرادته‪ ،‬والتى تفقده أسباب عيشه‪ ،‬وحق التعليم‪ ،‬وحق المومة والطفولة‬
‫فى رعاية ومساعدة خاصتين‪.‬‬
‫نطالب بسياسات اقتصادية واجتماعية تحرر المواطن المصععرى‬
‫مععن الفاقععة والعععوز والخععوف‪ ،‬وتضععمن توزيعععا عععادل ً للععدخل‬
‫القومى‪ ،‬فى ظل سياسة للتنميععة الوطنيععة المسععتقلة والنمععو‬
‫القتصادى‪ ،‬يكون النسان محورها وتخرجنععا مععن دائرة الركععود‬
‫والتخلف‪ ،‬معتمدة على زيادة مطععردة فععى الإنتاجيععة بالرتفععاع‬
‫بمعدل الدخار والستثمار وتحسين مستويات الصععحة والتعليععم‬
‫والإسكان والثقافة‪.‬‬
‫إننا إذ نطرح هذا البرنامج الطموح للصلح السياسى والدستورى‬
‫الديمقراطى‪ ،‬ندرك أن تحقيقه لن يتم مرة واحدة أو بضربة حظ‪ ،‬وإنما‬
‫يحتاج إلى عمل دءوب متواصل من كافة القوى الديمقراطية فى المجتمع‪،‬‬
‫وفى القلب منها الحزاب والقوى السياسية الديمقراطية‪.‬‬
‫وندرك أن قيامنا بالتصدى لإقامة مجتمع ديمقراطى عصرى‬
‫حقيقى فى مصر‪ ،‬يفرض علينا مراجعة أوضاعنا الداخلية‬
‫وعلقاتنا مع بعضنا البعض‪ ،‬وعلقتنا بالمجتمع‪ ..‬وهى مراجعة‬
‫تستهدف تعميق الديمقراطية داخل أحزابنا‪ ،‬وإعادة النظر فى‬
‫ممارساتنا على المستوى الفكرى والعملى بمنهج نقدى‬
‫صارم‪ ،‬يستهدف التخلى عن أى بقايا للجمود الفكرى وثقافة‬
‫المطلق وإنكار الخر لننطلق معًا‪ -‬كل القوى الديمقراطية أيا ً‬
‫كانت مرجعيتها العقائدية والفكرية‪ -‬فى عمل متناسق متناغم‬
‫ل ينفى الختلف ولكنه يركز على العمل المشترك من أجل‬
‫مجتمع ديمقراطى متحرر من الخوف والإرهاب فى مصر‪،‬‬
‫مؤكدين إصرارنا على كسر الحصار المفروض على الحزاب‬
‫والقوى السياسية لمنع اتصالنا وتفاعلنا مع الجماهير المصرية‬
‫الصابرة والصامدة‪.‬‬
‫ً‬
‫وعاشت مصر وطنا لكل المصريين‪ .‬ينعمون فى ظلها‬
‫بالديمقراطية والحرية والعدل‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الهوامش‬

‫‪-1‬أحمد عبد الحفييظ‪ ،‬الدوليية فييى الفكيير السياسييى‪ ،‬مجلية الديمقراطيية‪،‬‬


‫مركز الدراسات السياسيية والسيتراتيجية‪ ،‬الهيرام‪ ،‬العيدد الثيالث‪ ،‬صييف‬
‫‪ ،2001‬القاهرة ص ‪.55‬‬
‫‪-2‬بيتر تيلور‪ ،‬كولن فلنت‪ ،‬الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر‪ ،‬سلسلة‬
‫عالم المعرفة‪ ،‬يصدرها المجلس الوطنى للثقافة والفنون والداب‪،‬دولة‬
‫الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،282‬يوليو ‪ 2002‬الكويت ص ‪.297‬‬
‫‪-3‬بيتر تيلور‪ ،‬كولن فلنت‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪-4‬د‪.‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬دراسات فى النظرية السياسية القاهرة‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.145‬‬
‫‪-5‬د‪.‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.417‬‬
‫‪-6‬د‪ .‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.280/281‬‬
‫‪-7‬د‪.‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.283‬‬
‫‪-8‬د‪.‬مصطفى كامل السيد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.350‬‬
‫‪-9‬بيتر تيلور‪ ،‬كولن فلنت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪-10‬د‪.‬هالة مصطفى‪ ،‬الدولة والحركات الإسلمية المعارضة بين المهادنة‬
‫والمواجهة فى عهدى السادات ومبارك‪ ،‬مركز المحروسة للنشر‬

‫‪40‬‬
‫والخدمات الصحفية‪ ،‬سلسلة كتاب المحروسة‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ 1995‬ص ‪.25‬‬
‫‪-11‬د‪.‬محمد عبد الحميد إبراهيم‪ ،‬التكوين الجتماعى المصرى منذ منتصف‬
‫السبعينيات‪ ،‬كتاب حقيقة التعددية السياسية فى مصر‪ ،‬تحرير د‪.‬مصطفى‬
‫كامل السيد‪ -‬مكتبة مدبولى‪ ،‬القاهرة ‪ ،1996‬ص ‪.19‬‬
‫‪-12‬عبد الغفار شكر‪ ،‬التحالفات السياسية والعمل المشترك فى مصر )‬
‫‪ ،(1993-1976‬سلسلة كتاب الهالى‪ ،‬العدد ‪ ،49‬يوليو ‪ ،1994‬القاهرة‬
‫ص ‪.15‬‬
‫‪-13‬د‪.‬محمد عبد الحميد إبراهيم‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.42‬‬
‫‪-14‬عادل غنيم‪ ،‬النموذج المصرى الرأسمالية الدولة التابعة‪ ،‬دار المستقبل‬
‫العربى‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬القاهرة ‪ 1986‬ص ‪.107‬‬
‫‪-15‬عادل غنيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18/19‬‬
‫‪ -16‬عادل غنيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪-17‬عادل غنيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪-18‬عادل غنيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪-19‬عادل غنيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الخاتمة‪.‬‬
‫‪-20‬لمزيد من التفاصيل راجع عبد الغفار شكر‪ ،‬حول التجربة الحزبية‬
‫الحديثة فى مصر‪ ،‬مجلة قضايا عربية‪ ،‬لبنان‪ -‬بيروت‪ ،‬السنة الثانية أبريل‬
‫‪ .1981‬ص ‪.97/114‬‬
‫‪-21‬د‪.‬عل أبو زيد‪ ،‬الطار القانونى والسياسى للتعددية الحزبية )‪-1976‬‬
‫‪ ،(1992‬كتاب حقيقة التعددية السياسية فى مصر‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.77‬‬
‫‪-22‬التقرير الستراتيجى العربى‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية‬
‫بالهرام‪ ،‬عام ‪ .1994‬ص ‪.68‬‬
‫‪-23‬الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية ‪.1971‬‬
‫‪-24‬القانون رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 1977‬بشأن الحزاب السياسية‪.‬‬
‫‪-25‬د‪.‬هالة مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪-26‬إيمان حسن‪ ،‬وظائف الحزاب السياسية فى نظم التعددية المقيدة‪،‬‬
‫سلسلة كتاب الهالى رقم ‪ ،54‬أكتوبر ‪ 1995‬ص ‪.44‬‬
‫‪-27‬ايمان حسن‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.45/51‬‬
‫‪-28‬د‪.‬عل أبو زيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪-29‬د‪.‬هالة مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.179/180‬‬
‫‪-30‬التقرير الستراتيجى العربى‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية‬
‫بالهرام ‪ ،1990‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.415‬‬
‫‪-31‬التقرير الستراتيجى العربى‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية‬
‫بالهرام ‪ ،1989‬القاهرة ص ‪.409‬‬
‫‪-32‬د‪.‬هالة مصطفى مرجع سابق ص ‪.179/180‬‬
‫‪-33‬السيد زهرة‪ ،‬أحزاب المعارضة وسياسة النفتاح القتصادى فى مصر‪،‬‬
‫دار الموقف العربى‪ -‬القاهرة ‪ 1986‬ص ‪.89‬‬
‫‪-34‬البرنامج العام لحزب الوفد ص ‪.20/27‬‬
‫‪-35‬البرنامج العام لحزب الوفد ص ‪.55/74‬‬
‫‪-36‬السيد زهرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74/76‬‬
‫‪-37‬البرنامج العام لحزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى ص ‪.80‬‬

‫‪41‬‬
‫‪-38‬حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى‪ ،‬الطار العام لنضالنا‬
‫السياسى والجماهيرى‪ ،‬برنامج مرحلى صادر من الدورة الخامسة عشر‬
‫للجنة المركزية سنة ‪ 1993‬ص ‪.7‬‬
‫‪-39‬السيد زهرة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.85‬‬
‫‪-40‬البرنامج النتخابى لحزب العمل فى انتخابات مجلس الشعب ‪،1984‬‬
‫مجلة الطليعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مايو ‪ 1984‬ص ‪.147‬‬
‫‪-41‬البرنامج النتخابى لحزب العمل‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.146‬‬
‫‪-42‬لئحة النظام الداخلى للحزب الشيوعى المصرى‪ ،‬المادة الثانية‪.‬‬
‫‪-43‬البرنامج العام للحزب الشيوعى المصرى‪ ،‬سلسلة دليل المناضل‪،‬‬
‫تجارب حزبية رقم ‪ ،11‬دار ابن خلدون‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪1/1/1981‬‬
‫ص ‪.123‬‬
‫‪-44‬التقرير الستراتيجى العربى‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية‬
‫بالهرام – القاهرة ‪ 2001‬ص ‪.438‬‬
‫‪-45‬د‪.‬على الدين هلل‪ ،‬د‪.‬أسامة الغزالى حرب‪ ،‬انتخابات مجلس الشعب‪،‬‬
‫‪ ،1990‬دراسة وتحليل‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية بالهرام‪،‬‬
‫ومركز البحوث والدراسات السياسية بكلية القتصاد والعلوم السياسية‬
‫القاهرة ص ‪.4‬‬
‫‪-46‬د‪.‬إبراهيم العيسوى‪ ،‬مصر وقضايا المستقبل‪ ،‬سلسلة كتاب الهالى‬
‫العدد رقم ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1997‬القاهرة ص ‪.33‬‬
‫‪-47‬التقرير الستراتيجى العربى‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية‬
‫بالهرام‪ -‬القاهرة ‪ 1985‬ص ‪.337‬‬
‫‪-48‬التقرير الستراتيجى العربى‪ ،‬مركز الدراسات السياسية والستراتيجية‬
‫بالهرام‪ -‬القاهرة ‪ .1994‬ص ‪.67‬‬
‫‪-49‬د‪.‬هالة مصطفى‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.203‬‬

‫‪42‬‬

You might also like