You are on page 1of 757

‫ْف ِ‬

‫هلل َت َعالَىٰ‬ ‫َوق ٌ‬

‫تَأْلِ‬
‫ي‬
‫ف‬
‫ُ‬
‫ال َف ِقير إلى َع ْف ِو َربِِّه‬
‫بد ال َْع ِزي ِز بْ ِن ُم َح َّم ٍد السّ ِ‬
‫لمان‬ ‫َع ِ‬
‫المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض‬
‫سابقاً‬

‫الجزء الرابع‬

‫يم‬ ‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫بِس ِم ِ‬


‫الرح ْ‬ ‫اهلل َّ ْ‬ ‫ْ‬
‫َوبِ ِه نَستَ ِع ْي ْن‬
‫َفتُ ْح ِرقَهُ ُح ُزنْاً َوَت ْقُتلَهُ غَ ًّما‬ ‫شعراً‪ :‬إ َذا شئت أَ ْن َت ْلَقى ع ُد َّو َك ر ِ‬
‫اغماً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اد ُه َه ًّما‬ ‫فَ َم ْن فَ َاز ِفْي َها َم َ‬


‫ات ُح َّس ُ‬ ‫الز ْه ِد ُّ‬
‫والتَقى‬ ‫ص َو ُّ‬ ‫ك ِ‬
‫باإل ْخالَ ِ‬ ‫َف َعلَْي َ‬
‫ب َحثِْيث يف طَلبِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فائدة ‪ :‬وقَف َقوم علَى ع ا ٍمل َف َق الُوا ‪ :‬إنَّا س ائِلُ َ ِ‬
‫َّهار لَ ْن َي ُع ْو َد ‪ ،‬والطَّال َ‬
‫ت ؟ قَ َال ‪َ :‬س لُ ْوا َوالَ تُكْث ُر ْوا ‪ ،‬فَإ َّن الن َ‬ ‫وك أَفَ ُمجْيُبنَا أَنْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌْ‬
‫َح َس َن‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫خ‬‫ف‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َع‬‫أل‬‫ا‬ ‫حائف‬ ‫ص‬ ‫ام‬ ‫األي‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫الب‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫َب‬‫أ‬ ‫ا‬
‫َ ْ َ َّ َ ْ َ َ ُ َْ َ مُثّ َ َ‬‫م‬ ‫ِ‬
‫اد‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ي‬‫خ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ف‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ا‬ ‫و‬‫د‬ ‫و‬‫ز‬ ‫ت‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬قَ الُْوا ‪ :‬فأ َْو ِص نَا‬
‫ُ َْ َ َ ُْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ ُ ْ ََ َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫الع ْجز َع َثر بِه ‪ ،‬وَت َز َّو َج التَّواين‬ ‫َخالَ ِق ال ُكس اىَل واخلَوالِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ح ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َ‬ ‫اس َت ْوطَ َن َم ْر َك َ‬
‫ف ‪َ ،‬و َمن ْ‬ ‫َ‬ ‫اب ‪َ ،‬والت ََّواين م ْن أ ْ‬ ‫األ َْعمال ‪ ،‬ف إ َّن ال ُف َر َ‬
‫ص مَتُُّر َم َّر َّ َ‬
‫ض ُهم ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بال َك َسل َف ُول َد َبيْن ُهما اخلُ َس ْران أ ‪.‬هـ ‪ .‬قال َب ْع ُ‬
‫الم ْه‬ ‫ِ‬
‫فأ َْولَ َد َها غُالَماً َم ْع غُ َ‬ ‫البطَالَةُ بالتَّواني‬ ‫شعراً‪َ :‬تَز َو َجت َ‬
‫ت َس َّم ْو َها نَ َد َم ْه‬
‫َوأََّما البْن ُ‬ ‫ف(أََّما ا ِإلبْ ُن َس َّم ْو ُه بَِف ْق ِر‬
‫(‬ ‫(‬
‫اق‬ ‫تظر يوم ِ‬
‫الفَر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوانْ ْ َ ْ َ‬ ‫َّب‬
‫آخر‪ :‬يَا َساك َن ال ُدْنَيا تَأَه ْ‬
‫اق‬
‫الرفُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ف يُ ْح َدى ب ّ‬ ‫فَ َس ْو َ‬ ‫َ(وأ َِع َّد َزاداً لِ َّلر ِحْي ْل‬
‫(‬ ‫(‬
‫آق‬
‫الم ْ‬
‫ب َ‬ ‫َتْن َه ُّل ِم ْن ُس ْح ِ‬ ‫ب بأَ ْد ُم ٍع‬ ‫ِ‬
‫وابْك ال ُذ ُنو َ‬
‫ت َما َي ْفَنى بَِب ْ‬
‫اق‬ ‫ضْي َ‬‫أَر ِ‬ ‫اع َزَمانَهُ‬
‫َض َ‬ ‫(يا َم ْن أ َ‬
‫َ‬
‫(‬ ‫(‬

‫‪2‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يم‬ ‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫ِبس ِم ِ‬


‫الرح ْ‬ ‫اهلل َّ ْ‬ ‫ْ‬
‫ُمالحظة ‪:‬‬
‫ِ‬
‫س ُمونَه تَحقيقاً ألَ ْن ا ِإلختصار َسبَ ٌ‬
‫ب‬ ‫ض له بما يُ َ‬
‫صرهُ ْأو َيَت َع َّر َ‬
‫ال يسمح ألي إنسان أ ْن يَ ْختَ َ‬
‫األصل والتحقيق َأرى أنَّهُ إتهام للمؤلف ‪ ،‬وال يُطبع إال وقفاً هلل تعالى على من‬ ‫لتعطيل ْ‬
‫ينتفع به من المسلمين ‪.‬‬

‫الن َف ْع لِ َم ْن َو َّف َقهُ اهلل )‬


‫يمةُ َّ‬ ‫ِ‬
‫( فائدةٌ َعظ َ‬
‫ما أ ْنعم اهلل علَى عب ٍد نِعمةً أَفْ َ ِ‬
‫ض َل م ْن أ ْن َع َّرفَه الَ إلهَ إِال اهلل ‪ ،‬وفه َ‬
‫َّمهُ معناها ‪ ،‬ووفقه‬ ‫َ َ َ ُ َ َْ ْ َ‬
‫ضاها ‪ِ َّ ،‬‬
‫إلي َها ‪.‬‬
‫والد ْع َوة ْ‬ ‫للعم ِل بِ ُم ْقتَ َ َ‬
‫َ‬
‫األجَر َّ‬
‫والشَرفَا‬ ‫وا ْع ِِ‬ ‫ك لِل ُق ِ‬ ‫إِ ِ‬
‫ص ِر ْ‬
‫ال ْ‬ ‫كي َتَن َ‬
‫مل به ْ‬
‫َ‬ ‫رآن َت ْف َه َمهُ‬ ‫وم َ‬
‫ف ُه ُم َ‬
‫الب َشَرا‬
‫ألنهُ َق ْو ُل َم ْن قَ ْد أنْشأ َ‬ ‫أص َد ُق َق ْو ٍل فا ْف َهم ال َخَبَرا‬ ‫الذكر ْ‬‫ُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫يا َذا النُّهى كي َتَنال ِ‬
‫العَّز وال َف َخَرا‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫وم ْع ِرفَ ًة‬
‫فهماً َ‬ ‫فا ْع َم ْل بِِه إ ْن تُ ِر ْد ْ‬
‫وف واْنَت َشَرا‬ ‫وع َّم ال َخ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َ‬ ‫اء الح َس ُ‬ ‫ََ‬ ‫اد إ َذا‬ ‫الم َع َ‬
‫وتحمد اهلل في ْيوم َ‬ ‫ْ‬
‫يما يَ ِد ُق َو َما قَ ْد َج َّل وا ْشَت َهَرا‬
‫فَ‬
‫ِ‬ ‫جال َع ِام ْلي َن بِِه‬
‫هلل َد ُّر ر ٍ‬
‫َ‬

‫ور ْأو َس َآمه‬ ‫ِم ٌ‬


‫الل أو فتُ ٌ‬ ‫ب يُ ْد ِرك َم ْن قَ َ‬
‫راها‬ ‫آخر‪َ :‬ج ِمْي ُع ال ُكْت ِ‬
‫صطََفى يا َذا َّ‬
‫الش َه َامه‬ ‫ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْ‬
‫و َق ْول ُ‬ ‫تم ْع لي‬ ‫سوى ال ُق ْرآن فا ْف َه ْم َو ْ‬

‫‪3‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الر ِح ِيم‬
‫الر ْحم ِن َّ‬ ‫بِس ِم ِ‬
‫اهلل َّ‬ ‫ْ‬
‫اف َعلَيها حادث ِ‬ ‫وال ي َخ ِ‬ ‫آخر‪ِ :‬ه َي ال ُكنُ ُ‬
‫الغ َير‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وز التِّي تْن ُمو َذ َخائِ َ‬
‫رها‬
‫وم ْسَت ِم ٌع‬ ‫ِ ِ‬
‫وغير ُهما َكاللَّ ْغ ِو َ‬
‫واله َذ ِر‬ ‫اع ُ‬ ‫َو ٍ‬ ‫الناس إْثَنان ذُ ْو عل ٍْم ُ‬
‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫العاقِبةَ احلَ ِمْيدة إن شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫وحتمد َ‬
‫فاعمل فيهما أَعماالً ِ‬
‫صاحلةً َت ْربَح َ‬
‫َ َ‬ ‫ك َْ ْ‬
‫ِ‬
‫والنهار َي ْع َمالن فْي َ‬
‫ُ‬ ‫يل‬‫َّ‬
‫الل ُ‬
‫ب بِشطْر ُ‬
‫الع ْم ِر َن ْو َماً‬ ‫وال تَ ْذ َه ْ‬ ‫ك َشط ُْر ُع ْم ِر َك فَا ْغَتنِ ْمهُ‬‫َولَْيلُ َ‬
‫لحظَِة‬ ‫ِ‬
‫أال ِز ُم ذ ْكَر اهلل في ُك ّل َ‬
‫ِ‬
‫ت أَنّي َي ْو َم تَ ْدنُو َمنيَّ ْ‬
‫تي‬ ‫آخر‪ :‬أَالَ لَْي َ‬
‫(‬
‫(‪)2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ مِب‬ ‫ِ‬
‫ت‬
‫ض َّي ْع َ‬
‫ك َو َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَِإذَا أَمْهَْل َ‬
‫ت َقْلبَ َ‬ ‫ك َو َو ْقتُ َ‬ ‫ص َعلَى أ ْن ال َتْنط َق إالَّ َا يَ ُس ُّر َك يَوم القيَ َام ْة أ َ‬
‫َشرف األشيَاء قَلبُ َ‬ ‫فاحَر ْ‬ ‫املالئكةُ يَكْتُبَان َما تَ َّلف َظ به ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ك ‪ُ ،‬ك ُّل ال َف َوائد َذ َهبَ ْ‬
‫ك ‪ ،‬فَ َما َذا يبقى َم َع َ‬‫َو ْقتَ َ‬
‫وت يت ِ‬
‫َّس ُع‬ ‫ِ‬ ‫ك ِفي ال ُدْنيا َفو ِ‬
‫ِش ْعراً‪َّ :‬أما ُبُي ْوتُ َ‬
‫ت َقْبَر َك َب ْع َد الَ ْم َ‬
‫َفلَْي َ‬ ‫اس َعةٌ‬ ‫َ َ‬

‫(‪)3‬‬
‫وأخ ُذ اإلنسان على ِغَّر ٍة و َغ ِف ٍلة ‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫صنه ذكر فجأة املوت ْ‬
‫وح ِ‬
‫ص ُن ح ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األمل ذ ْك ُر املوت ‪َ ،‬‬‫ص ُن َ‬
‫ِ‬
‫األمل عليه َم َد ٌار عظيم ‪ ،‬وح َ‬ ‫ص ِر َ‬
‫إعلَم َّ ِ‬
‫أن ق َ‬ ‫ْ‬
‫اللهم صلي علي حممد وآله وسلم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وبنَا إنَهُ علي كل شيء قدير ‪ُ .‬‬
‫ض ُقلُ َ‬
‫يف غرر و ُفتُور عن العمل لْآلخَرة ‪ .‬نَ ْسأ َُل اهلل أ ْن يُوق َ‬
‫اق في غي ِر و ِ‬
‫اج ِ‬
‫ب‬ ‫اإلْنَف ِ‬
‫َعليه من ِ‬ ‫احتِر ْز‬
‫ِع ْم ُر َك فَ ْ‬
‫رأس المال ُ‬
‫َ‬ ‫آخر‪ :‬إذا كان ُ‬

‫‪4‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الر ِح ِيم‬
‫الر ْحم ِن َّ‬ ‫ِبس ِم ِ‬
‫اهلل َّ‬ ‫ْ‬
‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫اس ِة "‬ ‫ِ ِ‬
‫" ف ِي نماذج م ْن الف َر َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اس ةٌ ِم ْن َذلَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لقى‬‫ىت أم رد قد ُوج َد قَتيالً ُم ً‬ ‫ك أَنَّهُ أُيتَ يَوم اً ب َف ً‬ ‫وك ا َن عُ َم ُر َرض َي اهللُ َعْن هُ لَ هُ فَر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك َعليه ‪.‬‬‫فشق َ‬ ‫ف لَهُ َعلَى خَرَبٍ َّ‬ ‫األرض فسأل عُ َم ُر عن أ َْم ِر ِه واجتهد َفلَ ْم يَق ْ‬ ‫ِ‬ ‫علي‬
‫رين ب َقاتله حىَّت إذا ك ان علي رأس احل ول و ِ‬ ‫ال ‪ :‬الله َّم أَظْ ِ‬
‫ضع‬ ‫لقى مِب َْو َ‬‫ً‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ود‬
‫ٌ‬ ‫مول‬ ‫ٌّ‬ ‫ص يِب‬‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫فرت بِ َدم ال َق ْتيل إِ ْن َشاءَ اهلل َت َعاىَل فدفع الصيب إيل امرأة ترضعه‬ ‫ال ‪ :‬ظَ ُ‬ ‫القتيل فأيت به عُ َمُر َف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُخ ُذهُ منك فإذا وجدت امرأ ًة ُت َقبِلُ هُ‬ ‫ري من يَأ ُ‬ ‫ال ‪ُ :‬خ ذي منا نفقتهُ وانْظُ ْ‬ ‫وتقوم بشأنه ‪ ،‬وقَ َ‬
‫ميين مِب َ َكاهنِا ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وتضمه إيل صد ِرها فأعلِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫للمرأة ‪َّ :‬‬‫ِ‬
‫يب لرتاهُ‬ ‫بالص ّ‬
‫إليك لتَبعثي َّ‬ ‫ثتين َ‬ ‫إن َس يَّ َديت َب َع ْ‬ ‫الت‬
‫اءت َجاري ةٌ َف َق ْ‬ ‫يب َج ْ‬ ‫الص ُّ‬
‫شب َّ‬ ‫فلما َّ‬
‫ت‬ ‫بالصيب واملرأةُ َم َع هُ حىَّت َد َخلَ ْ‬ ‫بت‬
‫ك فَ َذ َه ْ‬‫ت ‪َ :‬نعم إذهيب بِه إليها وأنا مع ِ‬ ‫وتر ُّده ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫إلي ك ‪ .‬قَالَ ْ َ ْ‬ ‫ُ ُ ْ‬
‫إلي َها ‪.‬‬‫ض َّمْتهُ ْ‬
‫أخ َذتْهُ َف َقبَّ ْلتهُ َو َ‬
‫فلما َرأتْهُ َ‬ ‫علي سيَّدهِتَا َّ‬
‫فخبرته فاشتمل على ِ‬
‫سيف ِه‬ ‫ِ‬ ‫يخ من األَنْصا ِر ِ‬ ‫فإذَا ِ‬
‫َ َ‬ ‫النيب ‪ ‬فأتت عُ َمَر َّ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫أصحاب‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ابن‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ك فُاَل نَةُ ؟‬ ‫لت ابنتُ َ‬‫فقال ‪ :‬يا فُال ُن ما َف َع ْ‬ ‫ِ‬
‫مُثَّ أقبَ َل إىل منزل املرأة فوجد أباها متكئاً علي الباب َ‬
‫وح َّق أبِ َيها َم َع ُح ْس ِن‬ ‫ف النَّاس َّ ِ‬ ‫قَ َال ‪ :‬جزاها اهلل خ رياً يا أ َِم ري املؤم نني ِهي ِمن أَع ر ِ‬
‫حبق اهلل َ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫القيَام بِدينِها ‪.‬‬ ‫صاَل هِتَا وصي ِامها و ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬

‫‪5‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وأحث ََّها َعلي ِه فَ َد َخل أَبُوها‬ ‫إلي َها فَأَ ِزي َد َها َرغب ةً يف اخلَري ُ‬ ‫ت أن أ َْد ُخ َل ْ‬ ‫أح ْبب ُ‬
‫ال عُم ُر ‪ :‬قَ ْد ْ‬ ‫فق َ‬
‫ف‬ ‫الس ْي ِ‬
‫ف عُ َم ُر َعن َّ‬ ‫ودخل عمر معه فَأَمر من ِعْن َدها فخ رج وب ِقي ه و واملرأةُ يف ِ‬
‫البيت فَ َك َش َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ُ َُ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال لَت ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ت عُُن َقك َو َكا َن ال يَكْذ ُ‬ ‫ص ُدقْيين وإالَّ ضربْ ُ‬ ‫َوقَ َ َ ْ‬
‫َف َق الَت ‪ :‬على ِرس لِ َ ِ‬
‫ت‬‫ت تَ ْد ُخ ُل َعلَ َّي فاخَّت َذ ْت ُها أم اً َو َك انَ ْ‬ ‫إن َع ُج ْوزاً َك انَ ْ‬ ‫َص ُدقَ َّن ‪َّ ،‬‬ ‫ك َف َواهلل أل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت فَمض ي لِ َذلِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت ُقوم ِمن أَم ِري َكما َت ُق وم بِ ِه ِ‬
‫ت‬ ‫ك حنْيٌ مثَّ إِهَّن ا قَالَ ْ‬ ‫ت هَلَا مِب َْن ِزلَة البِْن ِ َ َ‬ ‫الوال َدةُ َو ُكْن ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ْ ْ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫رض ْيل َس َفٌر َويِل ْ ْابنَ ةٌ يِف َم ِو ِض ٍع‬
‫ت‬‫أحبَْب ُ‬‫أختوف َعلَْي َها في ه أَ ْن تض ْي َع َوقَ ْد ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪ :‬يَا بَُنيَّةُ إنّ هُ قَد ع َ‬
‫ك َحيَّت ْأر ِج ِع ِم ْن َس ِفَر ْي ‪.‬‬ ‫َض َّمها إلَي ِ‬
‫أَ ْن أ ُ َ ْ‬
‫اب أم ٍ‬
‫ك أَنَّهُ َجا ِري ةٌ فَ َك ا َن‬ ‫َش َّ‬‫رد َف َهيَّ ْئت هُ َك َهْيئَ ِة اجلَا ِريَ ِة َوأََتْتيِن ْ بِ ِه َواَل أ ُ‬ ‫ت إيل ابْ ٍن هَلَا َش ٍ‬ ‫َف َع َم َد ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يِن‬
‫ت َحىَّت َعالَ ْ‬ ‫َي َري مين َما َت َري اجلَا ِريَ ةُ من اجلَا ِريَ ة َحىَّت ا ْغَت َفلَين َي ْوم اً َوأَنَا نَائ َم ةٌ فَ َما َش َع ْر ُ‬
‫وخالَطَيِن َفم َدد ٍ‬
‫ت إيل َجْنيِب ْ َف َقَت ْلتُهُ ‪.‬‬ ‫ت يَد ْي إىل َش ْفَر ٍة َكانَ ْ‬ ‫ََ ْ َ ْ ُ‬
‫ت ِمْنه َعلَى َه َذا َّ‬ ‫ِ‬
‫ض ْعتُهُ ألْ َقْيتُ هُ يف َم ْو ِض ِع‬ ‫الص يِب ّ َفلَ َّما َو َ‬ ‫فاش تَ َم ْل ُ‬
‫ث َرأيْت ْ‬ ‫ت بِ ِه فَأُلْق َي َحْي ُ‬ ‫مُثَّ أ ََم ْر ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫أعلَ ْمتُ َ‬ ‫َأبِ ِيه َفه َذا ِ‬
‫واهلل َخَبُرمُهَا َعلَى َما ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫صَر َ‬ ‫ك مُثَّ انْ َ‬ ‫ال ألَبِْيها ‪ :‬ن ْع َم ْ‬
‫االبنَةُ ْابنَتُ َ‬ ‫رج وقَ َ‬ ‫اها َو َد َعا هَلَا َو َخ َ‬ ‫صَ‬ ‫ص َدقْت مُثَّ أ َْو َ‬ ‫الت ‪َ :‬‬ ‫َف َق ْ‬
‫اية إ ْن مَلْ يَ ُك ْن‬‫ال ‪ :‬لَست ذا ِدر ٍ‬ ‫ال نَافِع عن اب ِن عمر ‪ :‬بينما عمر جالِ‬
‫س إ ْذ َرأَى َر ُجالً َف َق َ ْ ُ َ‬ ‫َوقَ َ ُ َ ْ ْ ُ َ َ َْ َ َ ُ َ ُ َ ٌ‬
‫ت َتْنظُ ُر َوَت ُق ْو ُل يف‬ ‫ال ‪َ :‬ه ْل ُكْن َ‬ ‫الك َهانَ ِة ْادعُ ْوهُ يِل ‪ .‬فَ َد َع ْوهُ َف َق َ‬ ‫الرج ل قّ ْد َك ا َن يْنظُر يف ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َه َذا َّ ُ ُ‬
‫انة َشْيئاً ؟ قَ َال ‪َ :‬ن َع ْم ‪.‬‬‫الكه ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫اب قَ َ ِ‬ ‫إن عُم ر بْن اخلَطّ ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫وقَ َ ِ‬
‫ال ‪ :‬مَج ْ َرةُ ‪.‬‬ ‫ك ؟ قَ َ‬ ‫ال لَر ُج ٍل ‪ :‬ما امْسُ َ‬ ‫ك َع ْن حَيْىَي بْ ِن َس عْيد َّ َ َ َ‬ ‫ال َمال ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ال ‪ :‬م ْن احلُْرقَة ‪ .‬قَال ‪ :‬أيْ َن‬ ‫ِ‬ ‫ال َّْن ؟ قَ َ‬ ‫مِم‬ ‫اب ‪ .‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬ابْن من ؟ قَ َال ‪ :‬ابن شه ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫قَ َ ُ َ ْ‬

‫‪6‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال ‪ :‬أيُّها ‪ .‬ق اَ َل ‪ :‬بِ َذ ِ‬ ‫ك ‪ .‬قَ َ حِب‬


‫ك‬‫ال عُ َم ُر ‪ْ :‬أد ِر ْك ْأهلَ َ‬ ‫ات لَظَى ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ال ‪َّ َ :‬ر ِة النَّا ِر ‪ .‬قَ َ َ‬ ‫َم ْس َكنُ َ‬
‫احَتَرقُوا ‪ .‬فَ َكا َن َك َما قَ َال ‪.‬‬ ‫َف َق ْد ْ‬
‫ت اآلية ( َواخَّتِ ُذ ْوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫اهلل لَو اخَّتَ ْذ ِ‬ ‫ال ‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص لَّى َفَن َزلَ ْ‬
‫ت م ْن َم َق ام ْاب َراهْي َم ُم َ‬ ‫َ‬ ‫ول ْ‬ ‫ك أَنَّهُ قَ َ َ َ ُ‬ ‫َو ِم ْن ذَل َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ت آيَ ةُ‬ ‫ك أَ ْن حَيْتَجنْب َ َفَن َزلَ ْ‬ ‫ت نِ َس ائَ َ‬ ‫ال ‪ :‬يا رس ُ ِ‬
‫ول اهلل لَ ْو أ ََم ْر َ‬ ‫ص لَّى ) َوقَ َ َ َ ُ‬ ‫م ْن َم َق ام ْإب َراهْي َم ُم َ‬
‫ِ‬
‫ال هَلُ َّن ‪ :‬عُ َم ُر َع َس ى َربُ هُ إ ْن‬ ‫اهلل ‪ ‬نِ َس ُاؤهُ يف الغَْي َر ِة َف َق َ‬ ‫ول ِ‬ ‫اب َواجتَم ع َعلَى رس ِ‬
‫َُ‬ ‫َْ َ‬
‫احلِج ِ‬
‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َك َذل َ‬ ‫اجاً َخْيَراً مْن ُك َّن َفَنَزلَ ْ‬‫طَل َق ُك َّن أ ْن يُْبدلَهُ ْأز َو َ‬
‫َش َار بَِقْتلِ ِه ْم ‪ ،‬و َن َز َل ال ُق رآ ُن مِب َُوافقتِ ِه ‪َ .‬و َر َوى‬ ‫ُسَرى َي ْو َم بَ ْد ٍر فَأ َ‬ ‫ول اهلل ‪ ‬يف األ ْ‬ ‫َو َش َاو َرهُ َر ُس ُ‬
‫ض َي اهللُ َعنِ هُ ُحلَ ٌل ِم ْن اليَ َم ِن‬ ‫ت َعلَى عُم ر بن اخلطَّ ِ‬ ‫يد بن أس لم عن أَبِي ِه ‪ ،‬قَ َ ِ‬
‫اب َر ْ‬ ‫ََ‬ ‫ال ‪ :‬قَ د َم ْ‬ ‫ْ‬ ‫َز ُ ْ ُ ْ َ‬
‫أح َداً مَلْ َي ْقَب ْل َها‬
‫إن َ‬ ‫َص نَ ُع هِبَ ِذ ِه َّ‬
‫فأ ْ‬ ‫ال ‪َ :‬كْي َ‬ ‫اس َف َرأى فيها ُحلَّةً َر ِديئ ةً َف َق َ‬ ‫َف َق َس َمها َبنْي َ النّ ِ‬
‫َّاس ‪.‬‬ ‫قس ُم َبنْي َ الن ِ‬ ‫فَطَواها وجعلَها حَتْت جَمْلِ ِس ِه وأخرج طَر َفها ووضع احللَل ب ي َدي ِه فَجعل ي ِ‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ َنْي َ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ‬
‫فقال‬
‫ال ‪ :‬ما هذه احلُل ةُ ؟ َ‬ ‫لك احلُلةُ ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫فجعل يَنظُُُر إىل تِ َ‬ ‫َ‬ ‫احلال‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬‫الزبير وهو علَى تِ‬
‫فَ َد َخ َل ُّ َْ ُ َ ُ َ‬
‫َّك ال‬ ‫أع ِط ْني َها ‪ .‬قَ َال ‪ :‬إن َ‬ ‫ك ؟ قَ َال ‪َ :‬ما َش أنُ َها ؟ ق َال ‪َ :‬د ْع َها ‪ .‬قَ َال ‪ :‬فَ ْ‬ ‫عها َعْن َ‬ ‫‪ :‬عُ َم ُر َد َ‬
‫ِ‬
‫دها َر َمى هبَا إليه‬ ‫اها ‪ .‬قَ َال ‪َ :‬بلَى قَ ْد َرض ُيت َها ‪ .‬فلَ َّما َت َوثَّ َق منه واش َرت َط عليه أن ال َيُر َ‬ ‫ض َ‬ ‫َت ْر َ‬
‫ت ِمنها ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ات قَ ْد َف َر ْغ ُ‬ ‫َفلَ َّما نَظَ َر إليها إذا هي ِرديْئ ُةٌٌُ ‪ .‬قَ َال ‪ :‬ال أُِري ُد َها ‪ .‬ق َال عُ َم ُر ‪َ :‬هْي َه َ‬
‫فَأَجازها ِ‬
‫عليه َومَلْ َي ْقَب ْل َها ‪.‬‬ ‫َ ََ‬
‫الس ن َِّة‬
‫الم ِو ُّ‬ ‫اإلس ِ‬‫الله َّم َثبّْتنَا َعلَى ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َس بَاب اجلَ َهالَ ة َوالغَوايَ ة ‪ُ ،‬‬
‫للهداي ِة وأبعِ ْدنَا َعن أ ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫الله َّم َو َّف ْقنّا َ َ‬
‫ُ‬
‫اب ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َديْنا‬ ‫الو َّه ُ‬
‫َّك َ‬ ‫ك َرمْح َ ةً إن َ‬ ‫ب لَنَا ِم ْن لَ ُدنْ َ‬ ‫َوال تُ ِز ْغ ُقلُ ْو َبنَا َب ْع َد إ ْذ َه ديتنَا َو َه ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ني برمْح تِ ك يا أَرحم مِح‬
‫ص لى اهللُ علَى حُمَ َّمد َو َعلى آله وصحبِه أمْج َعنْي َ‬ ‫الرا ني ‪َ .‬و َ‬ ‫َ َ َ ْ ََ َ‬
‫ومجي ِع املسلم ِ‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ٍ‬
‫فج َحدتْ هُ‬
‫ِ ِ‬
‫ص ا ِر أ َُّمهُ إىل عُ َم َر بْ ِن اخلطَّاب َرض َي اهللُ عنه َ‬ ‫من األنْ َ‬ ‫الم ْ‬ ‫اص َم غُ ٌ‬ ‫ك أنَّهُ َخ َ‬ ‫َو ِم ْن ذَل َ‬
‫اذب‬ ‫زو ْج َو َّ‬ ‫اءت امل رأةُ بِن َف ٍر فَ َش ِه ُدوا أهَّن ا ملْ تتَ َّ‬ ‫ِ‬
‫أن الغُالم َك ٌ‬ ‫َ‬
‫البَّينَ ةَ َفلَ ْم تَ ُك ْن عْن َدهُ َو َج ْ‬ ‫فس ألهُ َ‬
‫ضربِِه ‪.‬‬ ‫ليها وقَد قَ َذفَها فَ َأمَر عُ َمُر بِ َ‬ ‫َع َ‬
‫ب فَسأَلَه عن أ َِم ِر ِهم فَأخبره فَ َدعاهم مُثَّ َقع َد يف ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫النيب صلي اهللُ‬ ‫مس جد ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ ُ َ ُ‬ ‫َفلَقيَهُ َعل ّي بْ ُن أَىِب ْ طَال ٍ َ ُ َ ْ‬
‫عم‬
‫ال ‪ :‬يَا ابْ َن َّ‬ ‫ك ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫الم ‪ :‬اجح ْد َها َك َما َج َح َدتْ َ‬ ‫ال للغُ ِ‬ ‫ت َف َق َ‬ ‫أل املرأة فَ َج َح َد ْ‬ ‫عليه وسلم وس َ‬
‫َ َ‬
‫وك َواحلَ َس ُن َواحلُس نْي ُ‬ ‫اج َح ْد َها وأنا أبُ َ‬ ‫ِ‬
‫َر ُس ول اهلل ص لي اهلل عليه وس لم إهنا أمي ‪ .‬ق ال ‪ْ :‬‬
‫أخ َو َاك ‪.‬‬‫َ‬
‫رأة َج ائٌِز ‪ .‬قَ الُوا ‪:‬‬ ‫املرأة أَم ري يف ه ِذه امل ِ‬ ‫ألولياء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َعلِ ُّى‬ ‫قَ َال ‪ :‬قَ ْد َج َح ْد ُت َها َوأن َك ْر ُت َها ‪َ .‬ف َق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ال ‪ :‬أ ُِش ِه ُد من حض ر أ قَ ْد ز َّوجت هذا الغُالم ِمن ه ِذ ِه امل ر ِأة الغَ ِر ِ‬
‫يبة‬ ‫َن َع ْم َوفِينَا أَيْض اً ‪ .‬ف َق َ‬
‫َ ْ َ َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ يّنْ َ ْ ُ‬
‫ائة َومَثَانِنْي َ ِد ْرمَه اً َف َق َذ َف َها َم ْهراً هَلَا ‪.‬‬
‫راهم فأتاه َفع َّد أربعم ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫مْنهُ يا َقْنَب ُر ائْتيِن ْ ب َد َ ُ َ ْ َ ْ َ‬
‫ك وال تَأْتِنَا إالَّ َو َعلَْيك أث ُر العُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الت امل رأةُ ‪ :‬يَا أبَا‬ ‫رس َفلَ َّما َوىل قَ ْ‬ ‫الم ُخ ْذ َبيَ د ْامرأَتِ َ‬ ‫ال للغُ ِ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َ‬
‫َّار ُه َو واهلل ابْ ْين ‪.‬‬ ‫احلَ َس ِن اهلل اهلل ُهو الن ُ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الت ‪َّ :‬‬ ‫ال ‪ :‬و َكي ِ‬
‫لد من أمة ْأو م ْن أبُوهُ‬ ‫يب ُو َ‬ ‫إن أَبَاهُ َك ا َن َهجين اً – اهلَجنْي ُ َع َر ّ‬ ‫ك ؟ قَ ْ‬ ‫ف ذَل َ‬ ‫ْ َ‬ ‫قَ َ‬
‫الر ُجل َغا ِزيَ اً َف ُقتِ َل‬‫رج َّ‬ ‫وإن إِخ ِويت ز َّوج ويِن ِمن ه فَحم ْل هِب‬ ‫َخْي ٌر ِم ْن أ َُّم ِه – َّ‬
‫ت َ ذا الغُالم وخ َ‬ ‫ُ ََ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ال َعلِ ُّي ‪ :‬أنا أبُو احلَ َس ِن‬ ‫ت أ ْن يَ ُك و َن ابْيِن ْ َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫يهم َوأن ْف ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ت َ ذا إيل َح ّي بَيِن فُالن َفنَ َش أَ ف ْ‬
‫وبعثْ هِب‬
‫َ ََ ُ‬
‫هِب‬
‫ت نَ َسبَهُ ‪.‬‬ ‫َوأَحْلََقهُ َا َوثَبَّ َ‬
‫ب‬‫ال ‪ :‬مِم َّْن حُيِ ُّ‬ ‫ت ؟ َف َق َ‬ ‫ف أَنْ َ‬ ‫كي َ‬‫أل َر ُجالً ْ‬ ‫اب َس َ‬ ‫أن عُمر بن اخلطَّ ِ‬
‫َوم ْن َذلك َّ َ‬
‫ِ‬

‫‪8‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال ‪:‬‬ ‫الس ْج ِن ف َأمَر َعلِ ٌّي بِ َر َّد ِه ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫الفتن ةَ ويَ ْك َرهُ احلَ َّق َويَ ْش َه ُد َعلَى َما مَلْ َي َرهُ ‪ .‬ف أ ََمَر بِ ِه إىل َّ‬ ‫ِ‬
‫ال اهلل تعاىل ( إمَّنَا أ َْم َوالُ ُك ْم‬ ‫لد َوقَ ْد قَ َ‬ ‫والو َ‬
‫املال َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص دَّقتَهُ ‪ .‬قَ َال ‪ :‬حُيِ ُّ‬ ‫ف َ‬ ‫ال ‪َ :‬كْي َ‬ ‫دق ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬
‫اهلل ومل يرهُ فَ أ ََمَر عُ َم ُر‬ ‫ول ِ‬ ‫املوت َو ُه َو احلَ ُّق َويَ ْش َه ُد أ ّن حُمَ َّمداً َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫َوأ َْوال ُد ُك ْم فْتنَ ةٌ ) ‪ ،‬ويكرهُ َ‬
‫حيث جَيْ َع ُل ِر َسالَتَهُ ﴾ ‪.‬‬‫أعلَ ُم ُ‬ ‫ال ﴿ اهللُ ْ‬ ‫بِإطْاَل قِ ِه َوقَ َ‬
‫ادوا َومل َيعُد أيِب‬ ‫إن َه ؤالء َخَر ُج وا َم َع أيب يف َس َف ٍر فَع ُ‬ ‫ال ‪َّ :‬‬ ‫اب إىل َعلي َن َف راً َف َق َ‬ ‫َو َش َكا َش ٌ‬
‫مال كثريٌ‬ ‫عن مالِ ِه َف َق الُوا ‪َ :‬ما َت َر َك َش ْيئاً َو َك ا َن معهُ ٌ‬ ‫ألت ُهم ْ‬ ‫مات ‪ .‬فَ َس ُ‬ ‫ألت ُهم عنهُ َف َق الُوا ‪َ :‬‬ ‫فَ َس ُ‬
‫ترافعنا إيل ُشَريْ ٍح فاَ ْستَ ْحلَ َف ُهم َو َخلَّى ُ‬
‫سبيلهم ‪.‬‬ ‫َو ْ‬
‫ض ُه ْم أ ْن يَ ْدنُو‬ ‫ِ‬
‫اه ْم أ ْن ال مُيْكنُ وا َب ْع َ‬ ‫صُ‬ ‫ني َوأ َْو َ‬‫رط َفو َّكل بِ ُك َّل ر ُج ٍل ِم ُنهم ر ُجل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بالش ِ‬‫فَ َد َعا َعلِ ُّى ُّ‬
‫أخرِب يِن َعن أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َب ْع ٍ‬
‫َب َه َذا‬ ‫ال ‪ْ ْ ْ :‬‬ ‫َح َد ُه ْم َف َق َ‬
‫كلم ُه ْم َو َد َعا َكاتبَ هُ َو َد َعا أ َ‬
‫أح َداً يُ ُ‬ ‫ض َوال مُيَ ِّكنُ وا َ‬
‫منزل َن زلتُم وكي ف َك ا َن س ير ُكم وبِأ َّ ِ ٍ‬
‫ف‬ ‫ات َو َكْي َ‬ ‫َي علَّة َم َ‬ ‫َ ُْ ْ َ‬ ‫رج َم َع ُك ْم َويف أي ٍ َ ْ َ ْ َ‬ ‫أي يوم َخ َ‬ ‫ال َفىَت َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب مِب َالِِه َوسألَهُ َع َّم ْن َغ َّسلَهُ َو َد َفنَ هُ َو َم ْن َت َوىَّل َّ‬
‫ب‬‫ك َوال َك ات ُ‬ ‫الص الَةَ َعلَْي ِه َوأَيْ َن ُدف َن َوحَنْ ِو ذَل َ‬ ‫أُص َ‬
‫ِ‬
‫أن ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احَب ُهم قَ ْد أََقّرَ‬ ‫َّه ُمو َن الَ ع ْل َم هَلُ ْم إِال أهنُ ْم ظَنُّوا َّ َ‬ ‫ب ‪ .‬فَ َكَّبَر َعل ٌّي َو َكَّبَر احلَاض ُرو َن َواملُت َ‬ ‫يَكْتُ ُ‬
‫َعلَْي ِهم ‪.‬‬
‫ك َحىَّت‬ ‫ِ‬ ‫األو َل عن جَمْلِ ِس ِه فَس ألَه َكما س أ ََل ِ‬
‫اآلخ َر َك َذل َ‬ ‫ص احبَهُ مُثَّ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫ب َّ َ ْ‬ ‫آخ َر َب ْع َد أ ْن َغيَّ َ‬ ‫مُثَّ َد َعا َ‬
‫ض َّد ما أخرب به ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عر َ ِ‬
‫فقال‬
‫أمر َبر َّد األول َ‬ ‫ص احبَهُ مث َ‬ ‫ف ما عْن َد اجلَمي ِع َف َو َج َد ُك َّل واحد خُي رِب ُ بِ َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫ك من العُ ُقوبَ ِة إال‬ ‫ِ‬ ‫ك مِب َا مَسِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وما يُْنجْي َ‬ ‫ك َ‬ ‫أص َحابِ َ‬‫عت م ْن ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك و َك ذبَ َ‬ ‫ت َغ ْد َرتُ َ‬ ‫يَا َع ُد َّو اهلل قَ ْد َع َرفْ ُ‬
‫دق مث َأمَر بِِه إىل السج ِن َو َكَّبَر َو َكَّبَر َم َعهُ احلاَ ِضُرو َن ‪.‬‬ ‫الص ُ‬‫َّ‬
‫ِ‬ ‫أن ِ‬
‫ال ‪ :‬يَا‬ ‫َّدهُ َف َق َ‬ ‫آخ َر مْنهم َف َه د َ‬ ‫ص احَب ُه ْم أََق َّر َعلي ِهم فَ َد َعا َ‬ ‫يش ُّكوا َّ َ‬ ‫ال مل ُ‬ ‫ص َر ال َق ْو ُم احلَ َ‬‫َفلَ َّما أبْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع‬
‫دعا اجلَم َ‬ ‫صَنعُوا مُث َ‬ ‫نت َكا ِرهاً ملا َ‬ ‫املؤمنني واهلل لقد ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫أمرَي‬

‫‪9‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يك ِس َوى‬ ‫ِ‬ ‫الس ْج ِن َوقَ َ‬ ‫ص ِة واست ْدعى ِ‬ ‫فَ ُّ ِ‬


‫ابك َوالَ يُْنج َ‬ ‫أصح َ‬ ‫ال لَ هُ ‪ :‬قَ ْد أق َّر َ‬ ‫الذي يف َّ‬ ‫أقروا بالق َّ َ‬
‫ال َوأقَ َاد ِمْن ُه ْم بال َقتِْي ِل ‪.‬‬
‫أقر بِِه ال َق ْو ُم فَأ ْغَر َم ُه ْم امل ُ‬
‫فأقر ب ُكل َما َّ‬ ‫َّّّ‬
‫الَصدق َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الله َّم أرحم غُربَتنَا يف ال ُقب و ِر و ِآمنَّا ي وم البع ِ‬
‫ُّش و ِر وا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَج يع املُ ْس لم َ‬
‫ني‬ ‫ث والن ُ‬ ‫ُ َ َْ َ َْ‬ ‫ُ ْ َ ْ َْ‬
‫صحبِ ِه أَمْج َعِني ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ك يا أرحم َّ مِحِ‬ ‫ِ‬
‫صلى اهللُ َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو ْ‬ ‫الرا نْي َ َو َ‬ ‫بَرمْح تَ َ َ ْ َ َ‬

‫فصل )‬
‫( ٌ‬
‫رأة ِمائَ ةَ ِد ْينَ ا ٍر َو ِد ْي َعة َوقَ اال ‪ :‬ال تَ ْدفَعِْي َها إىل‬ ‫ش د َفعا إىل ام ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن َر ُجلَنْي ِ م ْن ُق َريْ ٍ َ َ‬ ‫ك َّ‬ ‫َو ِم ْن َذل َ‬
‫ات فَ ْادفَعِ ْي‬ ‫إن ِ‬ ‫اح ٍد ِمنا إال ومع ه ِ‬ ‫وِ‬
‫ص اح ْيب قَ ْد َم َ‬ ‫فقال ‪َ َّ :‬‬ ‫َح ُدمُهَا َ‬ ‫ص احبهُ ‪َ ،‬فلَبَثَا َح ْوالً فَ َج اءَ أ َ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ‬
‫واح ٍد ِمنّا دو َن ِ‬ ‫إيل ال َّدنَانِري فَ أَبت ‪ ،‬وقَ الَت ‪ :‬إِنَّ ُكما قُلتُما ال تَ دفِعِيها إىل ِ‬
‫ت‬‫ص احبِه َفلَ ْس ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫أهلِ َها َو ِجْيَراهِنَا َحىَّت َد َف ْعَت َها إلَ ِيه ‪.‬‬
‫َّل َعلَْي َها بِ ْ‬
‫ك ‪َ ،‬فَثق َ‬
‫ِ‬
‫بِ َداف َعتِ َها إلَْي َ‬
‫الدنَانِير ‪َ .‬ف َق الَت ‪ :‬إ ّن ص ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ك َج اءَ ْ‬ ‫احبَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ‪ْ :‬ادفَع ْي إيَلَّ َّ ْ َ‬ ‫اآلخ ُر َف َق َ‬
‫آخ َر فَ َج اءَ َ‬ ‫ت َح ْوالً َ‬ ‫مُثَّ لَبِثَ ْ‬
‫ضي َع ْلي َها‬ ‫ِ‬
‫َراد أ ْن َي ْق َ‬ ‫ضي اهللُ َعْن هُ فَ أ َ‬ ‫ص َما إىَل عُ َم َر َر َ‬ ‫اختَ َ‬
‫ت فَ َد ْفعتُها إليه ‪ .‬فَ ْ‬ ‫أنك قَ ْد ُم َّ‬
‫َف َز َع َم َ‬
‫رف َعلِ ّي أَن َُّه َما قَ ْد َم َكرا هِبَا ‪.‬‬‫ض َي اهللُ َعْنهُ َف َع َ‬ ‫الب َر ْ‬‫ت ‪ْ :‬اد َف ْعنَا إىَل َعلِي بْ ِن أيِب طَ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫فقالَ ْ‬
‫ك ِعْن َدها‬ ‫ال ‪َ :‬مالُ َ‬ ‫احبِه ‪ .‬قَ َال ‪َ :‬بلَ َى ‪ .‬قَ َ‬ ‫اح ٍد ِمنَّا دو َن ص ِ‬ ‫ال ‪ :‬أَليس قُلتُما ال تَ ْدفَعِيها إىَل و ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َف َق َ ْ َ َ‬
‫إلي ُكما ‪.‬‬ ‫فَا ْذهب فَ ِجئ بِص ِ‬
‫ك َحىَّت تَ ْدفَعهُ ْ‬ ‫احبَ َ‬ ‫َ ْ ْ َ‬
‫ال أَح ُدمُه ا إنَّه ب ِ‬
‫اعيِن ْ َجا ِريَة َر ْعنَا َف َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ص َم إىَل إيَ ِ‬
‫اس ‪َ :‬وما‬ ‫ال إيَ ٌ‬ ‫رجالن َف َق َ َ َ ُ َ‬ ‫اس بْ ِن ُمعاوي ةَ ُ‬ ‫اختَ َ‬ ‫َو ْ‬
‫ال إي اس ‪ :‬لِ ِ ِ‬ ‫الرعونَ ةُ ؟ قَ َ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ين َمىَت‬‫لجاريَ ة أتَ ْذ ُك ِر َ‬‫َ‬ ‫ال ‪ :‬ش ْبهُ اجلُن و ُن ‪َ .‬ف َق َ َ ٌ‬ ‫َع َس ى أ ْن تَ ُك و َن َه ذه ُّ ُ ْ‬
‫اس ‪ُ :‬ر َّد َها فَان ََّها‬ ‫ت ‪َ :‬ه ِذ ِه ‪َ .‬‬ ‫ولِ ْديِت ؟ قَالت ‪َ :‬نعم ‪ .‬قَ َال ‪ِ ِ ُّ :‬‬
‫فقال إيَ ٌ‬ ‫أطو ُل ؟ قَالَ ْ‬ ‫فأي ر ْج ْلي ك َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ ْ‬
‫جَمْنُونَةٌ ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫األخ رى ُم ْر ِض ٌع‬ ‫ِ‬


‫اس ‪ :‬أ ََّما اح َد ُاه َّن فَحام ٌل َو َ‬ ‫ال إيَ ٌ‬ ‫اس بْ ِن ُم َعا ِويَ ةَ أ َْربَ ُع نِ ْس َو ٍة فَق َ‬
‫َّم إىل إيَ ِ‬ ‫وَت َق د َ‬
‫ال‬‫ت ؟ َف َق َ‬ ‫ف َعَرفْ َ‬ ‫ال ‪ .‬قَالُوا ‪َ :‬كْي َ‬ ‫األمَر َكما قَ َ‬ ‫كر َفنَظَُروا َف َو َج َدوا ْ‬ ‫واألخرى ثيّب ْ ِ‬
‫واألخرى ب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫رض ُع فَك انَ ْ‬ ‫وأما امل ِ‬ ‫ت أهَّن ا َح ِام ٌل ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫احلام ُل َفْتَرفُع ثَ ْوهَب ا َع ْن بَطْنِ َها َو ِه َي تُ َكلمّيُنْ فَعلِ ْم‬‫‪َّ :‬أما ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِرب ث ْديها فَعلِمت أهَن ا م ِ‬
‫هَّن‬
‫مت أ ا‬ ‫انت تُكل ُميِن ْ َوعينُها يف َعْي ْ فَعل ُ‬
‫يِن‬ ‫ب فك ْ‬ ‫الثيَّ ُ‬
‫وأما َّ‬
‫رض ٌع ‪َّ ،‬‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫تَ ْ ُ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ثيَّ ٌ‬
‫املدائِيِن ّ َع ْن َر ْوح‬ ‫ت أن ََّها بِ ْك ٌر ‪ ،‬وقَ َ‬ ‫و َّأما البِ ْك ر فَ َك انَت تُكلميِن وعينها يف األ ِ ِ‬
‫ال َ‬ ‫َرض َف َعل ْم َ‬ ‫ْ َ َ َُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع َر ُج ٌل َر ُجالً م ْن ْأبنَ اء الن ِ‬
‫ال لهُ‬ ‫أخَبَرهُ َف َق َ‬
‫َّاس ماالً مُثَّ َر َج َع فَطلَبَ هُ فَ َج َح َد فَأتَا إيَاس اً فَ ْ‬ ‫اس َت ْو َد َ‬
‫ْ‬
‫إيل َب ْع َد َي ْومنْي ِ ‪.‬‬
‫َّك أَتْيتَيِن ْ مث عُ ْد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِر ْ‬
‫ف فَا ْكتُ ْم ْأمَر َك َوال ُت ْعل ْمهُ أن َ‬ ‫اس ‪ :‬انْ َ‬ ‫إيَ ُ‬
‫يك أفح ِ‬
‫قال‬
‫ك؟ َ‬ ‫صنْيٌ من ِزلُ َ‬ ‫لمه إلَ َ َ‬ ‫ُس َ‬ ‫ال َكثريٌ َوأ ِريْ ُد أ ْن أ َ‬ ‫ضَر َم ٌ‬ ‫ال ‪ :‬قَ ْد َح َ‬ ‫ع َف َق َ‬ ‫ود َ‬
‫اس الْ ُم َ‬‫فَ َد َعا إيَ ٌ‬
‫اس ‪.‬‬ ‫ديع ِة إيل إيَ ٍ‬
‫الو َ‬ ‫ب َ‬ ‫صاح ُ‬
‫الرجل ِ‬
‫عاد َّ ُ ُ َ‬ ‫الني َو َ‬
‫ِ‬
‫ال ‪ :‬فأَع َّد لهُ َموض َعاً َومَحَّ َ‬
‫ِ‬ ‫‪َ :‬ن َع ْم ‪ .‬قَ َ‬
‫رِب‬ ‫ال انطل ق إيل ص ِ‬
‫اك فَ َذ َاك َوإ ْن َج َح َد َك َف ُق ْل لَ هُ إيَّنْ أخ ُ‬ ‫أعطَ َ‬ ‫ال فَ إ ْن ْ‬ ‫ب امل َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك ف اطْلُ‬ ‫احبَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫ليه َوأخرَب تُه بِ ْأمري ‪،‬‬ ‫اض ي و َش كْوت إِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل ص ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ت ال َق ْ َ‬ ‫قال ‪َ :‬م ايِل َوإال أََتْي ُ‬ ‫احبُه فَ َ‬ ‫القاضي فَأتى َّ ُ ُ َ‬
‫املال ‪.‬‬‫أعطَايِن ْ َ‬ ‫الر ُجل إيل إِيَ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ال ‪ :‬قَ ْد ْ‬ ‫اس َف َق َ‬ ‫فَ َدفَ َع إلَيه َمالَهُ َفَر َج َع َّ ُ‬
‫ال ‪ :‬الَ َت ْقَربْ ْين يَا َخ ائِ ُن ‪َ .‬وَت َقلَ َد‬ ‫اس لَِو ْع ِد ِه َفَز َج َر َه َوا ْنَت َه َرهُ َو َخ َّجلَ هُ َوقَ َ‬ ‫َو َج اءَ األ َِمنْي ُ إيَل إيَ ٍ‬
‫ألف ِدينَا ٍر ‪.‬‬ ‫هود ِه كِيساً خَم تُوماً ذَ َكر َّ ِ ِ‬ ‫ال َقضاء َبِواس َط رجل ثَِقةٌ فَأَودع رجل بعض ُش ِ‬
‫أن فْيه َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ ُ ٌ َْ َ‬ ‫َ َ َ َ ٌُ‬
‫َخ َذ الدَّنانِْيَر َو َج َع َل َمكاهَن ا َد َر ِاه َم‬ ‫ِِ‬
‫يس م ْن أَس َفله َوأ َ‬
‫الك ِ‬
‫َ‬
‫اه ُد ِ‬ ‫الش ِ‬
‫الر ُج ِل َفتَ َق َّ‬ ‫ت َغْيبَ ةُ َّ‬ ‫َفلَ َّما طَ الَ ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأع َاد اخليَاطَةَ َك َما َكانَ ْ‬ ‫َ‬

‫‪11‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اه َد‬ ‫س خِب َْت ِم ِه مَلْ َيَتغَرّي َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س فَطَلَ ِ‬ ‫الكْي ِ‬‫احب ِ‬ ‫وج اء ِ‬
‫فلما فَتح هُ َو َش َ‬ ‫ب َود ْي َعتَ هُ فَ َدفَ َع إلَْي ه الكْي َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ك‬ ‫يس َ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ُ :‬ه َو ك ُ‬ ‫إيل َد َر ِاهم ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ت َّ‬ ‫ك َدنَ انْرِي َ َواليِت ْ َد َف ْع َ‬‫ال ‪ :‬إيّنْ ْأو َد ْعتُ َ‬ ‫ال َر َج َع إلي ِه وقَ َ‬ ‫احلَ َ‬
‫اض ْي ‪ُ :‬مْن ُذ‬ ‫ال ال َق ِ‬‫ص َار َبنْي َ يَ َد ِيه قَ َ‬‫فلما َ‬‫ود ِع َّ‬ ‫إحض ا ِر املُ َ‬‫َمر بِ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫فاس َت ْع َدي َعليه ال َقاض ْي فَأ َ‬ ‫ك ْ‬ ‫خِب َامَتِ َ‬
‫فقال ‪ُ :‬مْن ُذ مخَ َسة َع َشر َسنَةً ‪.‬‬ ‫يس َ‬ ‫ك ه َذا ٍ‬
‫الك‬
‫ُ‬ ‫َك ْم ْأو َد َع َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ض رب ِم ْن َس نَتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َوثَالث فَ َأمرهُ‬ ‫ك ال دَّراه َم َو َق َرأَ س َّكتَها فَ اذا فْي َها َما قد ُ‬ ‫اض ْي تِْل َ‬ ‫فَأَخ َذ ال َق ِ‬
‫َ‬
‫اس‬‫رفع هُ إِىل إيَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َدفْ ِع َّ ِ ِ‬
‫ع َر ُج ٌل لغَ ريه َم االً فَ َج َح دهُ فَ َ‬ ‫اس َت ْو َد َ‬
‫أس َقطَهُ َونَ َادى َعلَْيه ‪َ ،‬و ْ‬ ‫الدنَانرْي إلَيه َو ْ‬
‫فَ َسألهُ فَأن َكَر ‪.‬‬
‫ال ‪:‬‬ ‫اك ؟ قَ َ‬ ‫ال ‪َ :‬و َما كا َن ُهنَ َ‬ ‫البَّريَِّة ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ت إِلَ ٍيه َف َق َ‬ ‫ال لِ ِ‬
‫ال يف َم َكان َكذا يف َ‬ ‫لمدَّع ْي أَيْ َن َد َف ْع َ‬‫َف َق َ ُ‬
‫الش َجَر َة‬‫ت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ك د َفْنت امل َ ِ‬ ‫ب إلَْي َها فَ َلعلَّ َ‬
‫ت َفتَ ذ ُكَر إ َذا َرأيْ َ‬ ‫ال عْن َدها َونَس ْي َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َش َجرةٌ ‪ .‬قَ َال ‪ :‬ا ْذ َه‬
‫اعةً َب ْع َد‬ ‫س‬ ‫ض ي وينظُ ر إلي ٍ‬
‫ه‬ ‫ك وإي اس ي ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِم ‪ِ :‬‬ ‫ال لِْلخ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫س َحىَّت َي ْرج َع َ ُ َ َ َ ٌ َ ْ َ ُ‬ ‫ب‬ ‫اح‬ ‫ص‬ ‫اجل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ض ى َوقَ َ َ‬ ‫فَ َم َ‬
‫اعةً ‪.‬‬
‫َس َ‬
‫َّك خائِ ٌن‬ ‫ال ‪ :‬يا ع ُد َّو ِ‬
‫اهلل إن َ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪ :‬الَ ‪ .‬قَ َ‬ ‫الش َجَر ِة قَ َ‬
‫ك َبلَ َغ َم َك ا َن َّ‬ ‫احبَ َ‬‫ال ‪ :‬يا ه َذا أَت رى ص ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫مُثَّ قَ َ‬
‫ب َم َع هُ‬ ‫اس ا ْذ َه ْ‬‫ال ل هُ إيَ ٌ‬ ‫الر ُج ُل َف َق َ‬ ‫ظ بِ ِه َحىَّت َج اءَ َّ‬ ‫ك اهللُ فَ َأمَر َم ْن حَيْتَ ِف ُ‬ ‫ال أقَالَ َ‬ ‫ال أقِليِن قَ َ‬ ‫‪ .‬قَ َ‬
‫َّك ‪.‬‬
‫فَ ُخ ْذ َحق َ‬
‫اض ْي أيِب َح ا ِزٍم فَ ّاد َعى‬ ‫ث أي ص غِري إيل ال َق ِ‬ ‫َي َكبِ ريُ َّ‬
‫وم َع هُ غُالم َح َد ٌ ْ َ ٌ‬ ‫الس َّن َ‬ ‫َّم َر ُج ٌل َش ْي ٌخ أ ْ‬ ‫َوَت َقد َ‬
‫يخ َما تُِريْ ُد َ‬
‫قال‬ ‫للش ِ‬ ‫ال ال َق ِ‬ ‫ف ِدينا ٍر َديناً َف َق َ‬ ‫الشَّيخ على الغُ ِ ٍ‬
‫اض ْي َ‬ ‫ول قَال َن َع ْم ف َق َ‬ ‫ال َما َت ُق َ‬ ‫الم بأل ْ‬ ‫ُْ‬
‫احْب ُسه قَال ال ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ول َم ايِل َفَت َف َّرس أبُو َح ا ِزٍم فِْي َهما‬ ‫القاض ي أ ْن حَي بِس ه َفه و أرجى حِل ص ِ‬
‫َُ َُ ْ َ ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫الش يخ إ ْن رأَى ِ‬
‫ال َّ ْ ُ َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ٍ‬ ‫قال تَاَل َزما َحىّت أنْظَُر يف ْأم ِر ُك َما يف جَم لِ ٍ‬
‫ت‬‫أخ َّر َ‬‫ال لهُ ُمك ِر ُم بْ ُن أمْح َد ملَا َذا َ‬ ‫آخر ف َق َ‬
‫س َ‬ ‫اعةً مث َ‬ ‫َس َ‬
‫ك إيَّن أع ِرف يف‬ ‫ال َوحْيَ َ‬‫َحْب َسهُ َف َق َ‬

‫‪12‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بطل وقد ص ارت يِل بذلِ ِ‬ ‫أكث ِر األَح و ِال يف وج و ِه اخل ِ‬


‫تكاد‬
‫ك د َراية ال ُ‬ ‫ص ْوم َو ْج هَ امل ِح َّق ِمن امل ِ َ َ َ ْ ْ َ‬ ‫ُ ُْ ُ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خُتْ ِطئ ‪.‬‬
‫مِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف يِل من ْأمر َا َما أ ُك ْو ُن َم َع هُ‬ ‫اإلقرا ِر َعنْي ُ َكذبِه َولعل هُ يَن َكش ُ‬ ‫احهُ َه ذا ب َ‬ ‫َوقَ ْد َوقَ َع يِل ْ َّ‬
‫أن مَسَ َ‬
‫اع ِه َما َم َع ِعظَ ِم‬ ‫اص ي ِهما يف املن ا َكر ِة وقلَّ ِة اختالفِ ِهما وس كْون ِطب ِ‬ ‫رية أما رأَيت قِلَّةَ َتع ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعلى بَص َ َ ْ َ‬
‫الص ْد ِر‬‫ِح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫اث بِ ِ‬ ‫املال وما ج رت ع ادات األح َد ِ‬ ‫ِ‬
‫َّورع َحىَّت يُق َّر مبثل ه طَْوع اً َعجالً ُمْن َش ر َ‬ ‫فرط الت ُّ‬ ‫َ ََ ْ َ َ ُ ْ‬
‫َعلى ه َذا ِ‬
‫املال ‪.‬‬ ‫َ‬
‫عض الت َّجا ِر فَ ِ‬ ‫أذ ُن على ال َق ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أذ َن لَهُ َفلَ َّما‬ ‫اض ي لبَ ِ ُ‬ ‫َّث إ ْذ أيَت اآلذ ُن يَ ْس تَ َ‬ ‫ك َنتَ َح د ُ‬ ‫قَ َال وحنن َعلى َذل َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ايل يف‬ ‫ف ُك َّل َما يَظ َف ُر ب ه م ْن َم ْ‬ ‫يت َبول د َح َدث ص غ ٍري يُْتل ُ‬ ‫أص لَ َح ال َقاض ْي إين بُل ُ‬ ‫ال ْ‬ ‫َد َخل قَ َ‬
‫ين إيل الْتَِزام العُ ْزِم عنهُ ‪.‬‬ ‫ضطَُّر ْ‬‫ال حِب يَ ٍل تَ ْ‬
‫احتَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫القنَان عْن َد فُالن فَإ َذا َمَن ْعتُهُ ْ‬
‫اض ْي لِيُِق َّر‬
‫ان يطَالِب بِأَلْف ِدينا ٍر حاالً وبلَغَ ين أنَّه َت َق دَّم إيل ال َق ِ‬
‫َ ْ ُ َ‬ ‫ب القنَ ُ ُ َ‬
‫صاح ِ ِ‬
‫ُ‬
‫وقَ ْد نَص ب الي وم ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت إىل‬ ‫ك بَ َاد ْر ُ‬ ‫عت بِ ذل َ‬ ‫يش نَا إيل أن أقْض َي عنهُ َفلَ َّما مَس ُ‬ ‫يما يُنكد َع َ‬ ‫لَ هُ َفيَ ْس ُجنَهُ َوأقَ ُع َم َع َّأمهُ ف َ‬
‫اض ْي أل ْشَر َح لَهُ ْأمَرهُ ‪.‬‬ ‫ال َق ِ‬
‫ال َعلَ َّي بالغُ ِ‬ ‫اهلل على ال َق ِ‬‫ال َكي ف رأَيت َف ُقلت ه َذا ِمن فَ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫الم‬ ‫اض ْي َف َق َ‬ ‫ض ِل َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َفتَبَ َّس َم ال َقاض ي وقَ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫صرفَا ‪.‬‬‫الر ُج ُل ْابنَهُ وانْ َ‬
‫َخ َذ َّ‬ ‫الم فَأََقَّر فَأ َ‬
‫َّيخ َو َو َع َظ الغُ َ‬‫والش ِ‬
‫ص َرهُ َعن‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ق ال عم رو بن جُنِ يد ك ان ش اه ال َكرم اين ح اد ِ‬
‫ض بَ َ‬ ‫ول َمن َغ َّ‬ ‫وي ُق ُ‬
‫راس ة ال خُيْطي َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َْ َ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وتع َّو َد أَ ْك َل‬
‫الس نة َ‬ ‫ك َن َف َسهُ َعن الشهوات َو َع َم َر بَاطنَ هُ باملَُرا َقبَ ة وظَاهَرهُ باتباع ُ‬ ‫امل َحا ِرم َوأ َْم َس َ‬
‫الل مل خُت ِطئ فِ‬ ‫َ‬
‫استُه ‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫احل‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ص ْحبِ ِه َو َسلَّ َم ‪. . .‬‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫صلى اهللُ َعلى حُمَ َّمد َو َعلى آله َو َ‬ ‫أعلَ ُم َو َ‬
‫واهللُ ْ‬

‫اهلل َتي َّقظُ وا فَ العَِب ُر ِمْن ُكم مِب َ ْرأَى َو َم ْس َم ٍع ‪ ،‬وطَاَملا ن َادا ُكم لِس ا ُن َّ‬
‫الز َواجر َعن‬ ‫موعظة ‪ِ :‬عب اد ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫اك يف الدُّنيا وحطَ ِامها والتَّهالُ ِ‬
‫ك َعلَْي َها فَامْسْ َع ‪.‬‬ ‫االهْن م ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬

‫‪13‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َص بَ ُحوا ال‬ ‫ض وا لِْل ُّد ْنيا ُك َّل ما هلم ِمن أ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعم ال َوأ ْ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫عبَ َاد اهلل اح َذ ُروا أ ْن تَ ُكونُ وا مثْ َل َم ْن قَ ْد حَمَّ ُ ْ‬
‫اآلخرة فال ختطُُر هلُم َعلى بَ ٍال ‪.‬‬ ‫الدنيا وأما ِ‬ ‫ص ُدو َن بِت هِتِ‬ ‫ي ْق ِ‬
‫صُّرفَا م إالَّ ُ َ ّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ف الومْهِيَّ ِة اليت ِهي مراقِد ال َفن اءِ‬ ‫ِ‬
‫أخ َذت الدُّنيا أمساعهم وأبصارهم وع ُقوهلم مِب َا فيها ِمن َّ ِ ِ‬
‫ْ َ ََ َ َ‬ ‫الزخار َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َُ‬ ‫َ ْ َ َ َُ‬
‫الزوال وقَواتِل األوقَ ِ‬
‫ات ‪.‬‬ ‫ض َّ َ َ ُ ْ‬ ‫َو َمَرابِ ُ‬
‫ب َوهَلٌْو‬ ‫الهي امل َشاُر إلَيها بَِقولِ ِه َتع اىل ﴿ ْاعلَم وا إمنا احْل ي اةُ ُّ ِ‬ ‫وهل ِهي إال األَلْعاب وامل ِ‬
‫الد ْنيَا لَع ٌ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫الم َو ِال َواألوالَ ِد ﴾ اآلية وقوله ﴿ َو َما َه ِذ ِه احْلَيَ اةُ ُّ‬
‫الد ْنيَا إال‬ ‫َو ِزينَةٌ َوَت َف ُ‬
‫اخٌر َبْينَ ُك ْم َوتَ َكاثٌُر يِف ا ْ‬
‫األخرةَ هَلِ َي احْلََي َوا ُن لَ ْو َك انُوا َي ْعلَ ُم و َن ﴾ وقوله ﴿ َو َما احْلَيَ اةُ ُّ‬
‫الد ْنيَا إال‬ ‫َّار َ‬
‫هَلْو ولَعِ ِ‬
‫ب َوإ َّن الد َ‬ ‫ٌَ ٌ‬
‫أج ِل ال دُّنيا َو َما هَلَا ِمن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َوهَلْ ٌو ﴾ اآلية ‪ ،‬عبَ َاد اهلل ‪ُ ،‬ك ُّل َما َت َر ْو َن من البَالَيَا َوامل َح ِن م ْن ْ‬ ‫لَع ٌ‬
‫اع َحق ٍري ‪.‬‬‫َمتَ ٍ‬
‫ود ِة ‪َ ،‬و ُك ُّل َما فِ َيها ِم ْن‬ ‫أج ِل دا ِر الغُ ُر ْو ِر وأيَّ ِام َها امل ْع ُد ْ‬‫ْ‬ ‫االهتِ َم ِام ِم ْن‬
‫ب أ ْن يَ ُكو َن ُك ُّل َه َذا ْ‬ ‫َع َج ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬ ‫لذائ َذ معلُوم أنَّها منغَّصات مُثَّ منت ِهي ٍ ِ‬
‫يف اخلَبرُي‬‫األرزاق ف َيها قَ ْد ضمَن َها اللَّط ُ‬ ‫ك َف ْو َق َّ‬
‫أن‬ ‫ات َذل َ‬ ‫ْ َُ َ‬ ‫َ ٌ َ َُ َ‬
‫دابة يف األرض إال عليه ِرز ُق َها ‪.‬‬ ‫الذي ما من ٍ‬ ‫يء ِ‬ ‫خالِق ُكل ش ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُّ َ‬
‫ض ِمنَهُ َم ْوالَهُ الغَيِن ُّ احلَمي ُد لق ْد ك ا َن األج َد ُر واألويَل هِبَ ذا‬ ‫وهل يش ُّ ِ ِ‬
‫ك ُم ؤم ٌن عاق ٌُلٌُ يف َما َ‬ ‫ََ َُ‬
‫ت يف اهلَا ِويَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫اإلهتم ام حياَتنا الثانِية إلهنَا دار ال َق را ِر وألنَّها إذا فاتت ِ‬
‫ك ف َيها َد ُار ال َكَر َام ة َه َويْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫السعِ ِري ‪.‬‬
‫أنت ِم ْن ف ِر ِيق اجلَن َِّة ْأم ِم ْن فَ ِر ِيق َّ‬‫وأنت ال تَ ْد ِري َه ْل َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واملنكرات ‪.‬‬ ‫َفتي َّق َظ يا من ضاع عمره يف الغَ َفالت ! ا ْنتبِه يا من ي ْقتل أوقاته عند ِ‬
‫املالهي‬ ‫َْ َ َْ َ ُُ ُ‬ ‫َ َ ُ ُُ‬ ‫ََ َ‬
‫والس ْينَ َماَت‬‫والف ديو ِ‬ ‫ون ِ‬ ‫ض يَّع ِعْن َد التَّل ْفزي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ذهب اً تُ َ ُ‬ ‫األرض َ‬ ‫فى على أوق ات ال تُب اعُ مبلءَ‬ ‫أس َ‬‫يَا َ‬
‫األو َر ِاق احملُّر َمات ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫والبكمات ولَعب َ‬

‫‪14‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫والصح ِ‬ ‫ِشعراً‪ :‬أَح ِذرك أح ِذرك ال أحذرك ِ‬


‫ف‬ ‫المذاَيي ِع والتَّل َفا ِز ُّ ُ‬
‫عن َ‬ ‫واح َد ًة‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫لشر ِ‬ ‫طاع ِة أَحر ْز َ ِ‬ ‫ضاع ِمن وق ٍ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ت ل َّ َ‬ ‫لو كان في َ ْ َ‬ ‫ْت بال ثَ َم ٍن‬ ‫َك ْم عْن َد َها َ‬
‫ات ‪.‬‬‫اله ِيه الْمهلِ َك ِ‬
‫اع أَ َغانِ ِيه وم ِ‬ ‫استِ َم ِ‬ ‫قتل ِعْن َد املذيَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍآه على‬
‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫اع َو ْ‬ ‫ُ‬ ‫أوقات تُ‬
‫ات متضي ِعْن َدَ ال ُكر ِة واملطْ ِربني واملطْ ِرب ِ‬
‫ات ‪.‬‬ ‫ٍآه علَى ساع ٍ‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫رائد وامل ِ‬
‫جالت ‪.‬‬ ‫اخلليعة واجل ِ‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫وتفكريات تذهب يف قِراءة ال ُكتُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أوقات‬ ‫ٍآه على‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اهلل ورسولِه ‪.‬‬ ‫أعداء ِ‬ ‫اإلقامة بني ِ‬
‫ِ‬ ‫أوقات تنقضي يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍآه على‬
‫ات ‪.‬‬‫واملداهنَ ِ‬ ‫ِ‬
‫والتملق والنفاق َ َ‬ ‫ِ‬ ‫يبة والب ِ‬
‫هت‬ ‫ُ‬
‫أوقات تقتل يف الغِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍآه على‬
‫ات تقتل يف اجلل وس يف األس واق ال ملص لحة دنيا وال دي ٍن بل ألم و ٍر عند أهل‬ ‫ٍآه على أوق ٍ‬
‫الضياع معلومات ‪.‬‬
‫سق وال ُف ُج ْو ِر واألمور املهلكات ‪.‬‬ ‫بالد احلَّر ِية ِ‬
‫والف ِ‬ ‫أوقات تُقضى يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍآه على‬
‫ُ‬
‫ات ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫آه على أوقات تقتل باحلكايات املضحكات والت َّْمثيليَ ْ‬
‫الكالم واملغَ َازالت ألهل املعاصي واملنكرات ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أوقات تَنقضي بِلَغو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍآه على‬
‫ِ‬ ‫ُِ‬
‫ِ‬
‫أوقات تَن َقضي يف االستماع لأل َغاين اخلَل َيعات ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍآه على‬
‫ُّخا ْن ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫الس ْك ِر و ُش ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬
‫رب أيب اخلَبَائث الد َ‬ ‫آه على أوقات مَت ض ْي يف ُّ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واألم و ِر املَاض يَات اليت ال َتعُ ُ‬
‫ود َعليهم بنف ٍع بل رمبا‬ ‫آه على أوق ات تُقت ُل يف ذك ِر احلَ َوادث ُ‬
‫عادت بالضر ِر والنّ ِ‬
‫كبات ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫أوقات تذهب سدى يف الن ِ‬
‫َّوم والغَ َف ِ‬
‫الت ‪.‬‬ ‫ٍآه على ٍ‬
‫َُ‬
‫َسين َد ُم وقَتاً ال يُفي ُد التََّن ُّد ُم‬ ‫األوقات في غي ِر ٍ‬
‫طاعة‬ ‫َ‬ ‫ومن َي ْقطَ ِع‬
‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ٍآه على أم وال ْتنَف ق فْيما ي ْغ ِ‬
‫ض ب فَ اطَر األرض ( َّ‬
‫للخ دَّام َ‬
‫والس موات وعلى ْأم وال تُب َذ ُل َ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫رين والكافِرات ‪.‬‬‫ِ‬
‫واخل ّدمات ال َكاف َ‬

‫‪15‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫تبدلْهُ بِتَ ْم ِجْيد َوتَ ْس بِْي ِح َوتَ ْكبِري َوَت ْهلِي ِل‬
‫الم فِيما يض ُّر ومل تَس ِ‬
‫َ َُ َ ْ ْ‬
‫ٍآه على ألس ٍنة ال تف رت َعن ال َك ِ‬
‫ُ‬
‫موات ‪.‬‬‫والس ِ‬ ‫ِاألرض َّ‬‫ِ‬ ‫بَديع‬
‫وم ْش تَغِ ٍلة ط ْول لَيلِ َها َوهَن ا ِر َها َفْي َما يف ال دُّنيا ِم ْن َمتَ ٍ‬
‫اع‬ ‫ٍ‬
‫ص ُروفة ُ‬
‫ٍ‬
‫آه على أفك ا ٍر وأذه ان َم ْ‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع َق ٍ‬
‫وما يف‬ ‫وع َقب ات َ‬ ‫أمامها م ْن ْأه ْو ٍال وش دائ َد َ‬ ‫ت وتَ ْس تع ّد إىل َما يف َ‬ ‫ارات ومَلْ تُ َّ‬
‫فك ْر َوَت ْلتَف ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رات ‪.‬‬ ‫اه ٍ‬ ‫سان طَ ِ‬‫اآلخر ِة لِمن أَطَاع اهلل ِمن أهنا ٍر ومثا ٍر وحو ٍر ِح ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬
‫األفه ِام ل َذ َ‬ ‫ِ‬
‫لك َر َّج ُح وا فاني اً ُمكدراً‬ ‫اد َها َعلي َ‬ ‫َّاس َحىَّت أثَّر فَ َس ُ‬‫ت أم ِز َجةُ أ ْكثَر الن ِ‬ ‫تاهلل لقد فَ َس َد ْ‬
‫أوالء َك َما َت َرى ال َه َّم هَلُ ْم َوال َع َمل إال‬ ‫باق ض ِمن ص فوه م ويل األنع ِام وه اهم ِ‬ ‫مَنغَّص ا على ٍ‬
‫َ ََ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُْ‬ ‫ُ ً َ‬
‫األخرةُ َخْيٌر َوأ َْب َقي ﴾ ‪.‬‬ ‫الد ْنيَا * َو َ‬ ‫ال َت َعاىل ﴿ بَ ْل ُت ْؤثُِرو َن احْلَيَا َة ُّ‬‫طام قَ َ‬‫للدُّنيا وما هلا ِمن ح ٍ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫أخ َش ى‬ ‫ِ‬ ‫اهلل أما مَسِ عتُ ْم َق ْو َل نَبِيَّ ُك ْم ‪ُ " : ‬‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫يس ُّركم َف َواهلل َما ال َفق َر ْ‬ ‫أبش روا َو َّأملُ وا ما ُ‬ ‫َ َ‬
‫ت َعلى من كا َن َقْبلَ ُك ْم َفَتنَافَ ُس ْو َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنيا َعلَْي ُكم َك َما بُس طَ ْ‬ ‫أخ َشى أن ُتْب َس َط ُ‬ ‫َع ْلي ُكم ‪َ ،‬ولَك ْن ْ‬
‫ومسلِ ٌم ‪َ .‬و ِختَاماً ‪:‬‬‫ى ُ‬ ‫أهلكت ُهم " ‪َ .‬ر َواهُ البُ َخا ِر ّ‬‫وها َفُت َهلِككم َكما ْ‬ ‫َكما تَنافَ ُس َ‬
‫َّم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫رف َش ر َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ف َز َمان ه َوقَ ْد َر َوقْت ه فَال يُض ْي ُع مْن هُ حلظ ةً يف غري قُرب ة َويُ َق د َ‬ ‫َفْينَبَغ ْي ل َلعاقل أ ْن َي ْع َ َ‬
‫والع َمل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األفضل فاألفْ ِ‬
‫ض َل م ْن ال َق ْول َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫احش َّ‬
‫ألن‬ ‫اغلك به َغ ف ِ‬ ‫ك ف إن تَ َش ِ‬ ‫ِ‬
‫نْبٌ‬ ‫رض َ‬ ‫ك َغ ُ‬ ‫وحيص ُل ب َذل َ‬ ‫وم به َغْي ُر َك َ‬ ‫فوائد ‪ُ :‬ك ُل َما يق ُ‬
‫والفكر آك ُد والْ َز َم‬ ‫إحتياج ك إىل التش اغل مبا ال يق وم به غ ري َك ِمن العلم والعمل وال ِذكر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫وأ ْن َفع ‪.‬‬
‫ك َعبَث ‪.‬‬
‫والش ْغ ُل مبا لَيَس لَ َ‬
‫ك ُ‬ ‫س لَ َ‬
‫ت إىل مفارقته وتركه للناس َفلَْي َ‬
‫احتَ ْج َ‬
‫أعلم أن ما ْ‬
‫َعلى َسَف ٍر ُي ْفنِ ِيه في اليوم والشه ِر‬ ‫اكب ظَ ْهَر ُعم ِره‬ ‫وما المرءُ إاَّل َر ٌ‬
‫بَِعْيداً عن ُّ‬
‫الد َنيا قَريباً إلى القب ِر‬ ‫وليَل ٍة‬ ‫ٍ‬
‫كل يَوم ْ‬ ‫ت ويضحي َّ‬ ‫يَ ْبي ُ‬
‫الح َذ ِر‬
‫رى يُغني عن َ‬
‫ِ‬
‫ما قَ ْد تَ َ‬ ‫الر ِحْي ُل فَ َك ْن على ح َذ ٍر‬
‫آخر‪ :‬آ َن ّ‬
‫لى َخطَ ِر‬ ‫ب َ ِ‬ ‫(ال تغتِرر بالي ِ‬
‫وم ْأو بِغَ ٍد‬
‫الم ْغ ُروريْ َن َع َ‬ ‫قُ ُلو ُ‬ ‫َ َْ َ‬
‫(‬

‫‪16‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫خلو َها لََنا‬


‫َر َحلُْوا َعْن َها َو ْ‬ ‫آخر‪َ :‬د َخ َل ال ُد َنيا أُنَ ٌ‬
‫اس ْقبَلَنا‬
‫ونُ َخلِّي َها لَِق ْوٍم َب ْع َدنَا‬ ‫(وَنَزلَْن َاها كما ْ‬
‫قد نَزلَوا‬
‫ِ‬
‫واجب‬ ‫ِ‬
‫اإلنفاق في َغْي ِر‬ ‫ليه ِمن‬
‫(َع ِ‬ ‫احَت ِر ْز‬ ‫آخر‪ :‬إ( َذا َكا َن رأس ِ‬
‫المال ُع ْم ُر َك فَ ْ‬
‫ضى اهلل لَ ْي البُ َّد يَأتِينِ ْي‬‫وما قَ َ‬ ‫األيام تَ ْكِفينِي‬ ‫آخر‪ِ :‬ع ِ‬
‫لمي بَِعاقبة ِ‬
‫وس ال َقَوانِْي ِن‬ ‫رمو َن َم ْع ُك َ‬
‫فيما يَ ُ‬ ‫الناس ُم ُذ ُخل ُق ْوا‬
‫بأن َ‬ ‫خالف َّ‬
‫َ‬ ‫(وال‬
‫فيها بالموازي ِن‬ ‫ِ‬
‫نفق َ‬ ‫والمال يُ ُ‬
‫ُ‬ ‫الع ْمَر في ال ُد َنيا ُمجازف ًة‬
‫إ ْذ ُيْنف ُق ْوا ُ‬
‫فوت أوقَات َزَمان َحَياتَِها‬ ‫َعلى ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة حسر ًة‬ ‫ستبكي ٌ‬
‫رجال في‬ ‫آخر‪َ :‬‬

‫والش يطان وأيّ ْس هُ ِمنا كما أيَّستَهُ ِمن َرمحتِ َ‬


‫ك‬ ‫اإلميان وأعنَّا على أن َف ِس نَا َّ‬
‫ِ‬ ‫وبنَا بنُ ور‬
‫نو ْر ُقلُ َ‬
‫اللهم ّ‬
‫ُ‬
‫يا رمْح ان وآتِنا يف ال دُّنيا حس نةً ويف األخ ر ِة حس نةً وقِنا ع ذاب النَّار ‪ِ ،‬‬
‫واغفر لَنَا َوجَلَ ِميِع‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫الُمسلمني بِرمحتك يا أرحم مِح‬
‫ني ‪.‬‬‫وصحبِه أَمْج َع َ‬
‫وعلى آله َ‬
‫ني وصلي اهلل علي حممد َ‬ ‫الرا َ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ص ٌل )‬‫( فَ ْ‬
‫ِ‬ ‫أَتَت عمر امرأَةٌ فَ َش َك ِ‬
‫باح‬
‫الص ِ‬ ‫يل َحىَّت َّ‬ ‫وم اللَ َ‬‫الت ُه َو م ْن َخْيَر أ َْه ِل الدُّنيَا َي ُق ُ‬ ‫ت عنَدهُ َز ْو َج َها َوقَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ََ َ‬
‫ت الثَّنَاءَ ‪.‬‬ ‫ويصوم النَّهار حيت مُي سي مُث أدركها احلياء فقال عمر ‪ :‬جز ِاك اهلل خ اً َف َق ْد أَحسْن ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ َ ُ َ َ ُ َرْي‬ ‫ّ َ َ ََ‬ ‫ََ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬
‫كوى ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫الش َ‬‫ك يف َّ‬ ‫ت إلي َ‬ ‫ب بْ ُن ُس ْو ٍر ‪ :‬يَا أَمْي َر امل ْؤمننْي َ لََق ْد أَبْلغَ ْ‬‫ُ‬ ‫ت قَ َال لَ هُ َك ْع‬ ‫َفلَ َّما َولَّ ْ‬
‫ِ‬ ‫هِب ُ‬
‫َنت‬ ‫أ‬‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ق‬‫َ‬‫أ‬
‫ْ َْ َ ُ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫ب‬ ‫كع‬
‫زو َج َها ‪ ،‬قَ ال َعلَ َّي َا َف َق َ ْ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ت قَ َال ْ‬ ‫اش تَ َك ْ‬ ‫َو َما ْ‬
‫ت لِ َما مَلْ أفْطَ ْن لَ ْه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّك قَ ْد فَطْن َ‬
‫ال إن َ‬ ‫اضٌر ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ح ِ‬
‫َ‬
‫ص ْم‬ ‫ِ‬
‫اع ﴾ ُ‬ ‫ث َو ُربَ َ‬ ‫ِّس اء َم ْثىَن َوثُالَ َ‬ ‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬‫ق ال كعب إن اهلل يق ول ﴿ فَ انك ُحواْ َما طَ َ‬
‫ب إيَلَّ‬ ‫ال عُ َم ُر َه َذا أ َْع َج ُ‬‫ت ِعْن َدها لَْيلَ ةً ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ثالثَةَ أيّ ٍام َوافْ ِط ْر ِعْن َد َها َي ْوم اً َوقُ ْم ثَ َ‬
‫الث لَيَ ٍال َوبِ ْ‬
‫اس ِة أ ُُم ْوٌر َع ِجْيبَةٌ ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫صر ِة ف َكا َن َي َق ُع لَهُ م ْن الفَر َ‬ ‫األول َفَب َعثَهُ قَاضياً ِ‬
‫ألهل البَ ْ‬ ‫ِمن َّ‬
‫اس ِة َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫قَ َ مِح‬
‫َخَبَرهُ أنّهُ‬
‫ور َجاءَهُ َر ُج ٌل فَأ ْ‬ ‫نص َ‬ ‫أن املَ ُ‬ ‫ال َر َهُ اهللُ َوم ْن َدقْي ِق الفَر َ‬

‫‪17‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت َومَلْ َي َر‬ ‫ت أنَّه س ِر َق ِمن البي ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يِف جِت ٍ ِ‬


‫ْ َْ‬ ‫كر ْ ُ ُ‬ ‫ب َم االً فَدفَعهُ إىل ْامَرأَت ه مُثَّ طَلبَ هُ فَ َذ َ‬ ‫َخ َر َج َ َارة فَ َكس َ‬
‫ال ‪ :‬بِكْراً أو ثَيَّباً ؟‬ ‫ال ‪ُ :‬مْن ُذ َسنَ ٍة ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ص ْو ُر ‪ُ :‬مْن ُذ َك ْم َتَز َّو ْجَت َها ؟ قَ َ‬ ‫ال لهُ املَْن ُ‬ ‫َن ْقبَاً َوال أ ََم َار ًة َف َق َ‬
‫ال ‪َ :‬فلَ َها َولَ ٌد ِم ْن َغرْيِ َك ؟ قَ َال ‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫ال ‪ :‬ثَيَّباً ؟ قَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ب‬ ‫ال تَطَيَّ ْ‬ ‫َّوع فَ َد َف َع هُ إِ ْلي ِه َوقَ َ‬ ‫ب الن ِ‬ ‫ب يتَّخ ُذه لَه ح ُّاد َّ ِ ِ‬
‫الرائ َح ة َغ ِريْ ُ‬
‫ِ‬
‫ص ْو ُر ب َق ُار ْو َر ٍة طْي ٍ َ ُ ُ َ‬
‫فَ َد َعا لَهُ املْن ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ألرب َع ٍة ِم ْن ثَِقاتِ ِه‬
‫ً ُ ُ َ‬ ‫ور‬ ‫املنص‬ ‫قال‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ِم ْن َه َذا ال ْ َ ُ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َّ ُ ُ ْ ْ‬
‫ن‬‫ع‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫الر‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫لم‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫َّه‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ي‬‫َّ‬
‫ط‬
‫ب ِم ْن‬ ‫اب امل ِدينَ ِة فَم ْن َش َّم ِمْن ُكم رائِ َح ةَ َه ذا الطَّْي ِ‬ ‫اب ِمن ْأب و ِ‬ ‫واح ٍد َعلى ب ٍ‬
‫َ‬
‫لِي ْقع ْد ِمْن ُكم ُك ُّل ِ‬
‫ُ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت ِمْن هُ إىل َر ُج ٍل‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ل ب ِ‬ ‫أت بِ ِ‬‫أح ٍد فَلي ِ‬
‫ود َف َع هُ إىل امرأت ه َفلَ َّما مَشَّْتهُ َب َعثَ ْ‬ ‫الطيب َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ال ‪.‬‬ ‫َكانَت حُتِ به وق ْد َكانَت د َفعت ِ‬
‫إليه امل َ‬ ‫ْ ََْ‬ ‫ْ ُُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َفتَطَيَّ ِ‬
‫ور‬‫نص َ‬ ‫ب مْنهُ َو َمَّر جُمْتَازاً بَِب ْعض أ َْب َواب املَد ْينَة فَ َش َّم املَُو َّك ُل بِالبَاب َرائحةً طيَّبَةً فَ أتى به املَ ُ‬ ‫َ‬
‫الش رطَِة فق ال ‪ :‬إ ْن‬ ‫ث بِه إىل َوايِل ْ ُّ‬ ‫الم ِه فَ َبع َ‬‫ب ؟ َفلَجلَج يف َك ِ‬
‫ْ َ‬
‫ك َه ذا الطَّْي ِ‬ ‫فَ َس ألهُ ِم ْن أَيْ َن لَ َ‬
‫ف َس ْو ٍط ‪.‬‬ ‫اض ِربْهُ ألْ َ‬
‫املال فَ َخ َّل َعْنهُ َوإال ْ‬ ‫ضر لك َكذا و َكذا ِمن ٍ‬
‫ْ‬ ‫َح َ َ‬ ‫أْ‬
‫ب امل ِال فق َ‬ ‫رب أَحض ر املال على هيئتِ ِه ف دعا املنص ور ص ِ‬ ‫َفلَ َّما ج ِ‬
‫ت‬ ‫ال " إ ْن َر َد ْد ُ‬ ‫َ‬ ‫اح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫رد للض ِ َ‬ ‫ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ت املرأَةَ ِمْن َ‬ ‫ُ‬ ‫ك َوقَ ْد طَلَّ ْق‬ ‫قال ‪َ :‬هذا َمالُ َ‬ ‫ك قَ َال ‪َ :‬ن َع ْم ؟ َ‬ ‫ك مالَك حُتَ ِك َميِن ْ يف ْامَرأَتِ َ‬ ‫إلي َ‬‫ْ‬
‫َ‬
‫س لَهُ َيَتَنَّزهُ‬ ‫اس ِة َما ذُكَِر َع ْن أَمْح َ ِد بْ ِن طُْولُْو َن أنَّهُ َبْينَما ُه َو َجالِس يف جَمْلِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬
‫ب ِ‬
‫الف‬ ‫ال و ِمن َع ِجْي ِ‬
‫قَ َ َ‬
‫ٌ‬
‫ف وح ْل وى وأَم ر بعض الغِْلم ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ ََ ْ َ‬ ‫اج ةً َعلى َرغْي َ َ َ‬ ‫وضع لهُ َد َج َ‬ ‫َفْيه إ ْذ َرأى سائالً يف َث ْوب َخل ِق فَ َ‬
‫ش لَهُ َومَلْ َي ْعبَأْ بِِه ‪.‬‬ ‫فَأ َْعطَاهُ إيَّاهُ َفلَ َّما َوقَ َع يف يَ ِد ِه َوأخذهُ ملْ َي ْفَر ْح بِِه َومَلْ َي ُه َّ‬
‫اب‬ ‫بالسائِ ِل ‪َّ .‬‬ ‫الم ‪ :‬ائْتِيِن ْ َّ‬ ‫ال لِلغُ ِ‬
‫َح َس َن اجلََو َ‬ ‫اسَتْنطََقهُ فَأ ْ‬ ‫َّامهُ ْ‬
‫ف قُد َ‬ ‫فلما وقَ َ‬ ‫َف َق َ‬

‫‪18‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك َف َق ْد‬ ‫واص ُدقْىِن ْ ِم ْن بَعثَ َ‬


‫ك ْ‬ ‫ب اليِت ْ َم َع َ‬ ‫ِ‬
‫ال له ‪َ :‬ه ات ال ُكتُ َ‬ ‫ب ِم ْن َهْيبَتِ ِه َف َق َ‬ ‫ضطَ ِر َ‬ ‫ف َومَلْ يَ ْ‬ ‫َومَلْ خَي ْ‬
‫َّك ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫فاعَتَر َ‬
‫السيَا َط ْ‬ ‫ضَر َّ‬ ‫أح َ‬ ‫ب خَرَبِ َو ْ‬ ‫صاح َ‬ ‫دي أن َ َ‬ ‫ص َّح عنَ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫الس حر ! قَ َال ‪ :‬ما هو بِ ِس ح ٍر ولَ ِكن فراس ةٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ص ادقَةٌ رأَيْ ُ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ض ُجلَ َس ائه ‪َ :‬ه ذا َواهلل َّ ْ ُ‬ ‫ال َب ْع ُ‬‫َف َق َ‬
‫ِح َوال َم َّد يَ َدهُ إِلَْي ِه‬ ‫إليه بِ ٍ‬ ‫وجهت ِ‬ ‫ِِ‬
‫ش لَهُ َوال فَر َ‬ ‫فما َه َّ‬ ‫ب أ ْكلَ هُ الش َّْب َعا ُن َ‬ ‫طعام ْير َغ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُس ْوءَ َحاله ‪ ،‬فَ َّ ْ ُ‬
‫احب خَرَبٍ‬ ‫فَأَحض رتُه َفَتلَقَّاين بِ ُق َّو ِة ج أْ ٍش َفلَ َّما رأيت رثَاثَة حالِ ِه و ُق َّو َة جأْ ِش ِه علِمت أنّه ِ‬
‫ص ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬
‫ال ‪.‬‬ ‫فَ َكا َن َك َما قَ َ‬
‫رجالهُ حَتْتَ هُ‬ ‫ب ْ‬ ‫ال تَض ط ِر ُ‬ ‫ب – َواحلَ َّم ُ‬ ‫ندوقاً ِم ْن َخ َش ٍ‬ ‫ص ُ‬ ‫أي ُ‬ ‫ص نّاً – ْ‬
‫ِ‬
‫َو َرأَى َي ْوم اً مَحَّاالً حَيْمل َ‬
‫ت عُنُ ُق احلَ َّم ِال َو َه ِذ ِه عُُن ُق هُ أ َُر َاها بَ ا ِر َز ًة َوما‬ ‫اص ْ‬‫َّقل لغَ َ‬ ‫اب ِمن الث ِ‬ ‫ِ‬
‫ال لَ ْو َك ا َن َه ذا االض طَر ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫أرى األَمر إالَّ ِمن خو ٍ‬
‫ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫اك‬ ‫ال ُهنَ َ‬ ‫اص ُدقْيِن ْ َع ْن حاَهِلَا َف َق َ‬ ‫فقال لِ ِ‬
‫لح َّمال ْ‬ ‫ت َ َ‬
‫ِِ‬
‫الص َّن فَإذَا فْيه أُْنثَى َم ْقتُولَةٌ َوقَ ْد قُطّ َع ْ‬ ‫ط َّ‬ ‫فَأ ََمر حبَ َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َربَهُ ألنَّهُ مَلْ‬ ‫يف الدَّا ِر ال ُفالنيَّة أ َْر َب َع ةُ نَ َفر أ َْعطَ ويِن ْ َه ذه الدَّنان َري َوأ ََم ُرويِن حبَ ْم ِل َه ذه امل ْقتُولَ ة فَ َ‬
‫َ‬
‫األر َب َع ِة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خُيْ ْهُ َرأْساً َو َأمَر ب َقْت ِل ْ‬
‫رِب‬
‫ال‬‫اج ِد فَ َد َعا ثَِق ةً َوقَ َ‬ ‫و َكا َن يتن َّكر ‪ -‬أَي يغََّير لِبسته وهيئت ه ‪ -‬وي ُدور ويس مع قِ راء َة أَئِ َّمةَ املس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ُ ْ َ ُ َ َ ََْ ُ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ‬ ‫َ ََ َ ُ‬
‫س َم َع‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫ف‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ب‬‫ول ال َق ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫غ‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ري‬ ‫ق‬‫خ ْذ ه ِذه ال َّدنَانِير وأَع ِطها إم ام املس ِج ِد ال ُفالَيِن َّ فَإنَّه فَِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َخ َذ َها الطَّ‬ ‫َخَبَرهُ أ َّ‬ ‫إم ام املس ِج ِ‬
‫اج إليه فَ أخربهُ‬ ‫س َم َع هُ َما حَيْتَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫َن‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫طه‬
‫ُ‬ ‫اس‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ب‬‫و‬‫َ‬ ‫د‬ ‫َ َ َْ‬
‫ت ُش ْغ َل قَلِ ِبه بِ َكثْر ِة َغلَ ِط ِه يف القراءة ‪.‬‬ ‫ص َد َق َعَرفْ ُ‬ ‫ال ‪َ :‬‬ ‫َف َق َ‬
‫الرعي ةَ إيل أ ْن َم َّر يوم اً يف ُس ْو ٍق‬ ‫َّش ويتفق ُد َّ‬ ‫وف ليالً وهناراً يُ َفت ُ‬ ‫ب وح دهُ َويَطُ ُ‬ ‫و َك ا َن َي ْر َك ُ‬
‫أح ِد أ َْب َوابِ ِه‬‫وو َج َدهُ ال َيْن ُف ُذ َف َرآى َعلى َ‬ ‫البلَ د فَ َد َخله َف َو َج َد ُمْنكراً َ‬
‫أطراف ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ض‬‫ود يف َب ْع ِ‬ ‫مس ُد ٍ‬
‫َْ‬
‫لب ‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫وعظَام ُّ‬ ‫ك َكث ٍري ِ‬ ‫َشوك مَسَ ٍ‬
‫ْ‬
‫ال ‪:‬‬‫الذ ْي َه ِذ ِه ِعظَ ُامهُ ؟ قَ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ‪َ :‬ك ْم يُ َق َّو ُم َت ْقديُر مثَ َن َه َذا َّ َ‬ ‫ال لِ َش ْخ ِ‬ ‫َف َق َ‬

‫‪19‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َح َواهُلُ ْم ُم ْش َتَرى ِمثْ ِل َه ذا ألَنَّهُ ُز ٌ‬ ‫ِ‬ ‫اق – أَى ُّ ِ‬ ‫ال أَهل ه َذا الزقَ ِ‬ ‫ِ‬
‫قاق َبنّيُ‬ ‫الس وق ال حَتْتَم ُل أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ينار قَ َ ْ ُ َ ُ‬ ‫د ٌ‬
‫ال يُْن ِف ُق ِمْن هُ ه ِذه‬ ‫اف َعلي ِه أ َْو لَ هُ َم ٌ‬ ‫راء ال َيْن ِزلُ هُ َم ْن َم َعه َش ٌئ خَيَ ُ‬ ‫الص ح ِ‬ ‫الل إىل َج انِ ِ‬ ‫االختِ ِ‬
‫ب َّ ْ‬
‫ال َهذا فِكٌْر بَعِي ٌد ‪.‬‬ ‫الر ُج ُل َهذا وقَ َ‬ ‫استَ َبع َد َّ‬
‫ف َعْن َها فَ ْ‬ ‫ْش َ‬
‫ِ‬
‫الن َف َقة َو َما هي إالّ بَليَّةٌ َيْنبَغِ ْي أ ْن يُك َ‬ ‫َّ‬
‫ب َم اء‬ ‫وك َوطَلَ َ‬ ‫َّرب أُ َكلَّ ُم َها فَ َد َّق بَاب اً َغْي َر ال ذي علي ِه الش ُ‬ ‫ال ‪ :‬اطْلَب وا يِل ْام رأةً ِمن ال د ِ‬
‫ْ‬ ‫ُُ‬ ‫َف َق َ‬
‫ك‬ ‫زال يطْلُب ش ربةً بع َد ش رب ٍة و ِهي تَس ِق ِيه وه و يف ِخ ِ ِ‬
‫الل َذل َ‬ ‫وز ض عيفةٌ فما َ َ ُ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫رجت َع ُج ٌ‬ ‫فَ َخ َ‬
‫لك ‪.‬‬ ‫ب َذ َ‬ ‫يَسأ َُل َعن الد َّْر ِب و ْأهلِ ِه و ِهي خُتِ ربهُ َغْير َعا ِرفٍَة بِ َعواقِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫الس م ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك فق الَ ْ‬ ‫أش َار إىَل اليت عْن َد با ا عظ ُام َّ َ‬ ‫ال هَل ا ‪َ :‬و َه ذه ال داُر َم ْن يَ ْس ُكُن َها ؟ َو َ‬ ‫إىل أ ْن قَ َ‬
‫فِيها مَخْس ةُ َش باب أع َف ار ك أَنَّهم جُتَّار وقَ ْد َنزلُوا مْن ُذ َش ه ٍر الَ نَراهم َنه اراً إال يِف م ّد ًة طَ ٍ‬
‫ويلة‬ ‫ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َ ٌ ٌ ُ ٌَ َ ُ‬
‫ود َسريعاً ‪.‬‬ ‫الواح َد ِمْنهم خَي رج لِلح ِ‬ ‫ونَري ِ‬
‫اجة ويعُ ُ‬ ‫ُ ُُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫يش َربُو َن َو َي ْل َعبُ و َن بِ َّ‬ ‫َّه ا ِر جَيْتَ ِمعُ و َن فَي أ ُكلو َن َو ْ‬ ‫ِ‬
‫ص يِب ٌّ‬
‫الش طَْرنْ ِج َوالن َّْرد َوهَلُم َ‬ ‫َو ُه ْم يف طُ ْول الن َ‬
‫الص يِب َّ يف ال دَّا ِر حَيْ َفظُ َها فَ إذَا‬
‫ص رفُوا إىل َدا ٍٍِِر هَلُم ب ال َك ْر ِخ َويَ َدعُ ْو َن َّ‬ ‫ِ‬
‫خَي ْ د َم ُهم ف إذَا َك ا َن اللَّي ُل انْ َ‬
‫َكا َن َس َحراً َجاؤا َوحَنْن نِيَ ٌام ال نَ ْشعُُر هِبِم ‪.‬‬
‫اس تَ ْد َعى َع َش ر ًة ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َف َق َ ِ‬
‫وص أ َْم الَ قَ َال ‪َ :‬بلَى ‪ .‬فَأَْن َف َذ يف احلَ ال فَ ْ‬ ‫ال ل َّلر ُج ِل َه ذه ص َفةُ لُ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصيِب َ َف َفتَ َح فَ َد َخ َل الشُّر ُط َم َعهُ فَ َما‬‫اب فَ َجاءَ َّ‬ ‫الشُّرط َو ْأد َخلَ ُهم إيل َسطْ ِح اجلْيَران َو َد َّق هو البَ َ‬
‫اب اخلِيَانَِة بِ َعين ِه ْم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أص َح ُ‬ ‫أح ٌد فَكانُوا ُه ْم ْ‬ ‫فَاتَهُ من ال َقوم َ‬
‫ِ‬ ‫الوالَِة مَس َع يف َب ْع ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْوتاً بِ َدا ٍر‬
‫ض لَياىِل ْ الشَّتَاء َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ك َّ‬
‫أن َب ْع َ‬ ‫َو ِم ْن َذل َ‬

‫‪20‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َم اءً بَا ِرداً فَ َأمَر بِ َكْب ِ‬


‫ت قَ َال املاءُ‬ ‫أخَر ُجوا َر ُجالً َو ْام َرأ ًة فَقْي َل لهُ م ْن أيْ َن َعل ْم َ‬ ‫س الدَّا ِر فَ ْ‬ ‫يَطْلُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني َهذيْ ِن ‪.‬‬‫المةٌ َ‬ ‫ك َع َ‬ ‫الشتَاء إمَّنَا َذل َ‬
‫ال يَُبَّر ُد يف ّ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وأَحضر بعض ِ‬
‫َخ َذهُ َوأَل َق اهُ يف‬‫َّه َمنْي ِ بِ َس ِرقَة فَأ ََمَر أَ ْن يُ ْؤتَى ب ُك و ٍز م ْن َم اء فَأ َ‬
‫ص نْي ُمت َ‬
‫الوالة َش ْخ َ‬ ‫َ ْ ََ َ ْ ُ ُ‬
‫اآلخ ر َفلَم يتغََّير َف َق َ ِ‬ ‫األرض عم َداً فانْ َكس ر فَارت اع أح ُدمُه ا وثَبت ِ‬
‫ب‬‫اذه ْ‬‫ال لل ذ ْي ا ْن َز َع َج َ‬ ‫ُ ْ ََ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َََ‬ ‫ِ َْ‬
‫ال لآلخ ِر أَح ِ‬
‫ض ْر العُ ْملَةَ ‪.‬‬ ‫َوقَ َ َ ْ‬
‫ج َوالرَب يءُ يُ َري أنّهُ ْلو َن َزلَ ْ ْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وي ال َقلب ال َيْن َزع ُ‬ ‫اللص قَ ُ‬ ‫ال ُّ‬ ‫ك َف َق َ‬
‫فت َذل َ‬ ‫فَق اَ َل لَهُ م ْن أَيْ َن َع َر َ‬
‫ت‬‫ت يِف البي ِ‬

‫الس ِرقَِة ‪.‬‬


‫ألز َع َجْته َو َمَن َعتُه ِم َن َّ‬
‫فَأْ َرهُ ْ‬
‫الع َم ُل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اب في ْام َهالك َ‬ ‫س قَ ْد طَ َ‬ ‫ش ْعراً‪ :‬يَا َن ْف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫َج ُل‬‫فاس ْتد ِركي َقْب َل أ ْن يَ ْدنُو لَك األ َ‬ ‫ْ‬
‫ب‬‫ت في لَ ْه ٍو وفي لَِع ٍ‬ ‫إلى مَتى أنْ ِ‬
‫َ‬
‫األم ُل‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫ص َو َ‬ ‫َيغُُّرك ال َخاد َعان الح ْر ُ‬
‫(‬ ‫ِ‬
‫س يَ ْد َف ُعهُ‬ ‫َو أنت في ُسكر لَ ْه ٍو لَْي َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ب َوال َْع َذ ُل‬ ‫َع ْن َق ْلبِك النَّاص َحان ُ‬
‫العْت ُ‬ ‫(‬
‫ت َسالِكه‬ ‫َفَز َّو ِدي لِطَ ِريْ ٍق أَنْ ِ‬
‫ْ‬
‫المثَ ُل‬ ‫قلي ٌل يَأْتِ َ‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫ك َ‬ ‫فْي َها َف َع َّما ْ‬
‫اب( فَِفي‬ ‫َوال َيغُُّر ِك أيَ ُام َّ‬
‫الشَب ِ‬
‫َج ُل‬ ‫ان َّ‬ ‫أَ ْعَقابَِها الموبَِق ِ‬ ‫(‬
‫ب َواأل َ‬ ‫الشْي ُ‬ ‫ُ‬
‫صي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫واجَت ِهدي‬ ‫ان ْ‬ ‫س ُت ْوبِ ْي م ْن الع ْ(َ‬ ‫يَا َن ْف ُ‬
‫الملل‬ ‫وال يغَُّرنَّ ِ‬
‫اد َو ُ‬ ‫األب َع ُ‬
‫ك ْ‬ ‫َ َ‬
‫صعب(اً لِ ِش َّدتِِه‬ ‫ِ‬
‫اح َذ ِر ْي َم ْوقَفاً َ‬ ‫ثُ َّم ْ‬
‫الو َج ُل‬ ‫ي ْغ َشى الورى ِ ِ‬ ‫(‬
‫الح ْز ُن َو َ‬ ‫المْتلَفان ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬

‫‪21‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ضاء نَ ِ‬ ‫ِ‬
‫اطَقةٌ‬ ‫ش ْعراً‪َ :‬ويَ ْختَ ُم ال َف ُم َواألَ ْع َ ُ‬
‫ط َوال َخطَ ُل‬ ‫ان ال َخ ُّ‬‫صح ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫الم ْف َ‬‫َويَظ َْه ُر ُ‬
‫َويَ ْح ُك ُم اهللُ َبْي َن ال َخل ِْق َم ْع ِدلَ ًة‬
‫الزلَ ُل‬ ‫الت ِ‬
‫ان البُِّر َو َّ‬ ‫الح َ‬ ‫(‬
‫فتُ ْذ َك ُر َ‬
‫َ َ َ َرْي َ َ َ ََّ‬ ‫اللهم قو ‪ ،‬إ اننا بِك ومِب الئِ َكتِ(ك وبِ ُكتبِ ك وبِرس لِك وباليوِم ِ‬
‫اآلخ ِر وبالق د ِر خ ِ ِه وش ِر ِه ربنا‬ ‫ُ َّ َ َّ مْيَ ََ َ َ‬
‫َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َْ‬
‫عذاب النّ ا ِر ‪َ ،‬ربَّنَا ال تُ ِز ْغ ُقلَُوبَنا َب ْع َد إ ْذ َه َد ْيتَنا‬
‫َ‬ ‫آتنا يف الدنيا حسنةً ويف األخرة حسنةً وقنا‬
‫صحبِه َو َسلَّ َم ‪.‬‬ ‫ٍ ِِ‬ ‫ب لنَا ِم ْن لَ ُدنْ َ‬
‫وصلَّى اهللُ على حُم مد َوآله َو َ‬ ‫اب َ‬‫الو َّه ُ‬
‫ت َ‬ ‫َّك أَنْ َ‬
‫ك َرمْح َةً إن َ‬ ‫وه ْ‬
‫َ‬
‫َم ْو ِعظَةٌ‬
‫إن فِْينَا ِمن‬ ‫ف َع ْن طَ ِري ِق احلَ َّق بَ ْل َّ‬ ‫س ِمنَّا َم ْن ال خُيْ ِط ْي َوال َيْن َح ِر ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫َّه‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫َ‬‫أ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬‫ن‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫اهلل ُكلُّ‬ ‫َ َ‬
‫اع ما مَيِيل بِنا إىل ُّ ِ‬
‫ف َخطَأَهُ أو‬ ‫الش َّر ولَيس ُك ُّل إنْ ٍ‬
‫سان َي ْع ِر ُ‬ ‫ِ‬
‫الر ْشد َوالغَ ّي َواخلَري َو َّ َ ْ َ‬ ‫الغَرائِِز َوالطّبَ ِ َ ْ ُ َ‬
‫إلي ِه ‪.‬‬
‫َي ْهتَ ْد ْي ْ‬
‫ص َح ل هُ يف أ َْم ِر ِه َو َه ذا ِمن‬ ‫ِ‬ ‫َخْي ِه أَ ْن يُبَ َّ‬‫ك ك ا َن ِمن ح َّق املس لِ ِم على أ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َرهُ بِعُُي ْوبِ ه َو َيْن َ‬ ‫ْ َ ُْ َ‬ ‫َوبِ َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّواص ي بِ احل َّق ‪ .‬و َكما جَيِ ب علي من رأى الظُّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫لم م ْن ح اكم ومس ئول أ ْن يُْنك َر َع ْلي ه ظُْل َم هُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َْ َ‬ ‫الت ْ َ َ‬
‫ني َم ْن يَظْلِ ْم‬ ‫ب َعلى َم ْن َرأى ُم ْؤ ِمن اً يَظلِ ُم غ َريهُ ْأو يَظْلِ ُم َن ْف َس هُ أ ْن حَيُ َ‬
‫ول َبْينَ هُ َوبْ َ‬ ‫َوب ْغيَ هَ َو َج َ‬
‫وم َو َعن امل ْجتم ِع ‪.‬‬ ‫إب َقاء على ح َّق األُخ َّو ِة ودفعاً لِألَ َذي عن املظْلُ ِ‬
‫ُِ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ً َ َ‬
‫قال ب ْعض ِ‬
‫العُلَ َماء‬ ‫َ ُ‬
‫ص ِد ٍيق‬ ‫ب ْأو َ‬ ‫ص ِديْ ِق َما يُ َق ُ‬
‫ال لَهُ َع ْن قَ ِريْ ِ‬ ‫االنس ا ُن إىَل تَ ْ‬
‫ِ‬
‫ب أوالً أ ْن ال يُبَ اد َر َ‬
‫ِ‬
‫النَّص ْي َحةُ َعلى َم َرات َ‬
‫ِ‬
‫ت يف َذلِك حىَّت يَ ْس َتْي ٍق َن أل ّن أ َكَث َر الناس يف َوقْتِنَا‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫أ َْو َجا ٍر ْأو َزمْي ٍل أو أحد م ْن النَّاس بَ ْل َيتَثَبَّ ُ‬
‫اإلساءَ ِة يُ ْس ِرعُو َن ‪َ ،‬و َيْن ُد ُر ِمْن ُهم َم ْن حُيْ ِس ُن الظَّ َّن ‪ ،‬فَال‬‫السوءَ َوأَ ْكَث ُر النَّاس إىل َ‬ ‫اعَة ُّ‬ ‫اعتادوا ِإشَ َ‬
‫ُ‬
‫َّق َف ْوراً بكل َما مَسِ ْعتَهُ ‪.‬‬ ‫صد ْ‬ ‫تُ َ‬

‫‪22‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اض ‪.‬‬ ‫اهلوى واألَ ْغَر ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫اه َدهُ َوَتتَأ ّك َد م ْن ثُبُوته َوبَراءَتَه َو ُخلُّوه م ْن َ‬ ‫ضَرهُ َو َش َ‬ ‫َحىّت تَ ْس َم َعهُ َّْن َح َ‬
‫وإ َذا رأَيت أَمراً أَو بلَغَك عن ِ‬
‫ت‬‫ت بِْن ُ‬ ‫ني فامْحِ ْلهُ حَمْ َمالً َح َسناً ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫الم حَيْتَ ِم ُل َو ْج َه ْ‬
‫ك َك ٌ‬ ‫صدي َق َ‬ ‫َ َ ْ َ َْ َ َ َ ْ َ‬
‫الناس يف َز َمانِ ِه َما‬ ‫أج َو َد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل بن م ِطي ٍع لِ ِ‬ ‫عب ِد ِ‬
‫زوج َها طَْل َح ةَ بْن َعْب د الرَّمْح َن بْ ِن َع ْوف َوكا َن ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫ت‬‫أع َس ْر َ‬ ‫ت لَ ِز ُم ْو َك َوإذا ْ‬ ‫الت أ ََر ُاه ْم إِذَ أيْ َس ْر َ‬
‫ك قَ ْ‬ ‫ك قَ َال هَلَا َومَلَ ذَل َ‬ ‫إخوانِ َ‬ ‫رأَيت َقوم اً ِ‬
‫أألم م ْن َ‬
‫َ‬ ‫َُْ ْ‬
‫أخالقِهم يَأتُوننا يف َح ِال قُ ْد َرتِنَا َعلى إ ْك َر ِام ِه ْم َويَرتُ ُك ْو َننَا‬ ‫ِِ‬
‫قال هَل ا َه َذا واهلل م ْن َك َرم ْ‬ ‫َتَر ُك ْو َك فَ َ‬
‫يف ح ِال عجزنَا عن ِ‬
‫القيَام حِب َ ّق ِه ْم ‪.‬‬ ‫َ َ َْ َ ْ‬
‫أن الن اس ليس وا مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وات‬
‫ني بَ ْل هلُم َه َف ٌ‬ ‫ض َراً َّ َ ُ َ ْ ُ‬
‫ص وم َ‬ ‫ف مَحَ َل ف ْعلَ ُهم َعلى َه َذا امل ْح َم ِل احلَ َس ِن ‪ ،‬وثَانِي اً أ ْن يَ ُك و َن َعلى بَال َ‬
‫ك ُم ْستَ ْح َ‬ ‫فَ انْظُْر َكْي َ‬
‫َ‬ ‫صور َذلِك يف ن ْف ِس ِ‬
‫أح َس َن ال َقائِ ُل ‪:‬‬
‫ك لَت ْع ُذ َر ُهم َول َق ْد ْ‬
‫َ‬ ‫َخطَاءٌ َوتَ َّ ْ َ‬ ‫َوأ ْ‬
‫الح ْسنَى َفَق ْط‬ ‫الذى َما َساء قَ َّ‬ ‫من ِ‬
‫َو َم ْن لَهُ ُ‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مال َفَي ْك ُم ُل‬ ‫الذي ُي ْعطَى ال َك َ‬ ‫(ومن َذا ِ‬
‫َْ‬ ‫ت لِ َكْي َما الَ تَرى لِ َى َعْثَر ًة‬ ‫آخر‪َ( :‬أر ْد َ‬
‫الم ْر َء ُنْبالً أَ ْن ُت َع َّد َم َعائِبُهُ‬ ‫الذ ْي ُت ْرضى َس َجايَاهُ ُكلََّها‬ ‫آخر‪ :‬ومن ِ‬
‫َكَفى َ‬ ‫ََ ْ‬
‫ات‬‫ت في الطَّلَب ِ‬ ‫فَنِ َي الزما ُن و أنْ َ‬ ‫ِ‬
‫الزمان ُم َه َّذباً‬ ‫ب في‬ ‫آخر‪ :‬إِ ْن ُكْن َ‬
‫َ‬ ‫ت تَطْلُ ُ‬
‫ود ْع أ ْخالَقَهُ ال َك ٍدر ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ص ْفواً َ‬
‫َ‬ ‫الص ِد ِيق وأ ْع ِط ِه‬‫الق َّ‬ ‫ُخ ْذ ص ْفو أَ ْخ ِ‬
‫ََ‬

‫ضاً ‪َ ،‬ف َق ْد يَ ُكو ُن جُمْتَ ِهداً‬ ‫رك و ِمن ِوجه ِة نَظَر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاحبه أَيْ َ‬ ‫َ‬ ‫ثَالثاً ‪ :‬أَ ْن َتْنظَُر إىل األ َْم ِر م ْن ِو ْج َهة نَظَ َ َ ْ ْ َ‬
‫ِع إيل االنْ َك ا ِر َعلَْي ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أي ُمتَ َحَّري اً ل ْلخَرْي فْي َما َس لَ َكهُ ِم ْن َس بِْي ٍل ‪ ،‬فَال تُ َس ار ْ‬ ‫ِ‬
‫أعَت َق دهُ م ْن َر ْ‬
‫فْي َما ْ‬
‫َك ْدت ِمن اخلطأ واالحْنِ ر ِ‬ ‫تمل أ ْن يَ ُك و َن لَ هُ َو ْج هٌ ِمن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِِ‬
‫اف‬ ‫َ‬ ‫احلق فَ إ ْن تَأ َّ َ ْ َ‬ ‫َوخَت ْطئَت ه َما َد َام م ْن احملُ َ‬
‫َّاس ‪ ،‬فَإنه‬ ‫عض الن ِ‬ ‫اس َك َما َي ْف َعل هُ بَ ُ‬ ‫مأل ِم ْن الن ِ‬‫ك وبينَ ه ‪ ،‬ال ِعْن َد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم بالنَّص ْي َحة س ّراً َبْينَ َ َ َْ ُ‬ ‫َفَت َق د ْ‬
‫َّصْي َح ِة َما ُه َو َشٌر ِمْن َها ‪.‬‬
‫َّصيح ِة ‪ ،‬رابِعاً ‪ :‬الَ يَترتَّب على الن ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ََ ُ َ‬ ‫أحرى ل َقبُول الن ْ َ َ َ‬

‫‪23‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اع ْة‬
‫الج َم َ‬ ‫ِ‬
‫وجنبّني النَّصْي َح َة فى َ‬
‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ص ٍح في انِْفَر ِاد‬ ‫ِش ْعراً‪َ :‬ت َع َّم ِدني بِنُ ْ‬
‫اع ْه‬‫تم َ‬‫اس َ‬
‫ضى ْ‬ ‫من الت َّْوبْيخ ال أ َْر َ‬ ‫ب‬
‫ض ْر َ‬‫الناس َ‬‫ُّص َح بين ِ‬ ‫ف(ِإ ْن الن ْ‬
‫اع ْة‬ ‫ب إِذا لم تُع َ‬
‫ط طَ َ‬ ‫فِإ ْن َخالَْفتنِي لِتُ ِريْ َد َن ْق ِ‬
‫ضْ‬‫فال َت ْغ َ‬ ‫ص ْي‬
‫(‬
‫االر َش ِاد تَ ُس وء َعالئِ ُق‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِديق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّص ِح َو ْ‬ ‫َخ َح َّق أَخْيه َعلَْيه يف الن ْ‬ ‫صد ْي َقهُ َويُ ْهم ُل األ ُ‬ ‫َوعْن َد َما يُ ْهم ُل َّ ْ ُ َ‬
‫ضى مَيُْو ُج بِالشََّّر َو االمْثِ ‪.‬‬ ‫تم ِع َف ْو َ‬‫بح أ َْم ُر اجملَ َ‬
‫ص ُ‬ ‫ض َوَتْن َقلِب َّ‬
‫الص َداقَةُ َع َد َاو ًة َويُ ْ‬ ‫هم َم َع َب ْع ٍ‬ ‫ِ‬
‫َب ْعض ْ‬
‫َّش ِر ِ‬‫اس تَ َحقُّوا اللَّ ْعنَ ةَ َواحلِْر َم اَن َوالت ْ‬ ‫أن ب ين ِ‬ ‫ِ‬
‫يد ألَن َُّه َم‬ ‫يل ْ‬ ‫أخَبَرنَا اهللُ يف ال ُق ْرآن ال َك رمْيِ َّ َ ْ ْ‬
‫اس َرائ َ‬ ‫َولََق ْد ْ‬
‫ود‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال َتع اىل ﴿ لُعِن الَّ ِذين َك َف رواْ ِمن بيِن إِس رائِ‬
‫يل َعلَي ل َس ان َد ُاو َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ناص ُحو َن ‪ ،‬قَ َ َ‬ ‫َك انُوا ال َيتَ َ‬
‫س‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫و ِعيسي اب ِن مرمَي َذلِ َ مِب‬
‫اه ْو َن َعن ُّمن َك ر َف َعلُوهُ لَبْئ َ‬ ‫ص وا َّو َك انُواْ َي ْعتَ ُدو َن * َك انُواْ الَ َيَتنَ َ‬ ‫ك َا َع َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ‬
‫َما َكانُواْ َي ْف َعلُو َن ﴾‬
‫اص ِح فِْي َما َبْينِ َها‬ ‫ِ خِب‬
‫رها م ْن مَتَ ُّس ك َها ُلُ ِق التَّنَ ُ‬
‫األم ِة واس تِ َقام ِة ض مائِ ِ‬
‫َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫س أ ََدل علي ُرق ّي َّ َ‬
‫َّ‬
‫َولَْي َ‬
‫ين َآمنُ وا َو َع ِملُ وا‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اص ي بِ احلق ‪ ،‬ق اَل َت َع اىل ﴿ والْ َع ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِر إ َّن اإلنس ان لَفي ُخ ْس ٍر إال الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َوالت ََّو ْ َ‬
‫اص ْوا بِ َّ‬ ‫َّ حِل ِ‬
‫الصرْبِ ﴾ ‪.‬‬ ‫اص ْوا بِاحْلَ ِّق َوَت َو َ‬‫الصا َات َوَت َو َ‬
‫السور ِة لَ َك َف ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وي َع ْن الشَّافِعِ ّي َرمحَهُ اهللُ أنّهُ قَ َ‬
‫ت الن ِ‬
‫َّاس ‪.‬‬ ‫ال لَ ْو مَلْ َيْن ِز ْل َغ َري َهذه ُّ َ‬ ‫ُر َ‬
‫اب النّ ِيب ‪ ‬إِذَا الَْت َقيا مَل يَت َفَّرقَا ح ي ْق رأَ أَح ُدمُه ا على ِ‬
‫اآلخر‬ ‫َص ح ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ ىّت َ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َوك ا َن ال َّر ُجالن م ْن أ ْ َ‬
‫اآلخ ِر ‪.‬‬
‫َح ُدمُهَا َعلى َ‬ ‫ص ِر مثَّ يُ َسلَّ ُم أ َ‬
‫الع ْ‬
‫ُس ْو َر َة َ‬
‫بالص رْبِ ‪،‬‬ ‫اص ي بِ احل َّق والتّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك أ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫واصْي َّ‬ ‫َن األ ََوام َر َوالن ََّواهي ُكلُّ َها تَ ُد ْو ُر َعلى الت ََّو ْ َ َ‬ ‫ت ‪َ :‬و َذل َ‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫ان بِ ِه ومالئِ َكتِ ِه و ُكتُبِ ِه ورس لِ ِه والي وِم ِ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫َّواص ي باحل َّق ِمثل االيص ِاء بَِتو ِحي ِد ِ‬
‫اهلل واإلميَ ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَالت ْ َ ُ ْ َ ْ ْ‬
‫َوال َق َد ِر خَرْيِ ِه َو َشّر ِه ‪.‬‬
‫ان إىل اليَتِْي ِم‬ ‫وبر الوالِ َدين و ِص لَ ِة األرح ِام واإلحس ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫الص يام َواحلَ َّج َّ َ ْ َ َ‬ ‫والز َك ِاة َو َّ‬ ‫الة َّ‬ ‫بالص ِ‬ ‫اإليص ِاء َّ‬‫َو َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السبِْي ِل َوحَنْ ِو َذل َ‬
‫ني َواجلَا ِر َوابْ ِن َّ‬ ‫واملِس ِك ِ‬
‫َ ْ‬

‫‪24‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الصغَائِر َوالكبَائِر ‪.‬‬ ‫اص ْي ُكلِّ َها َّ‬ ‫َّواصي باالبتِع ِاد عن ما هَن ى اهلل عْنه ورسولُه ِمن املع ِ‬ ‫والت ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ َ ُ ََ ُ ُ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫اص ْي‬‫التو ِ‬ ‫الص رْبِ َعلى امل َ ِ ِ‬ ‫واص ْي بِ َّ‬ ‫ات ‪ ،‬والتّ ِ‬ ‫ات ح املم ِ‬ ‫الص على الطَّاع ِ‬ ‫والت ِ‬
‫ص ائب ‪َ ،‬و ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ىّت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رْب‬ ‫َّواص ي َّ‬ ‫َ‬
‫الصرب عن امل ِ‬
‫عاص ْي ‪.‬‬ ‫بِ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الواح َد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الد ْنيَا َو ُحطَام َها َفتَج ُد َ‬ ‫ص َار الت ََّواص ْي عْن َد َه َذا اجلي ل فْي َما َيَت َعل ُق ب ُ‬ ‫َس ف َ‬ ‫َولك ْن يَا لَأل َ‬
‫ٍ‬
‫وسلفة‬ ‫اآلخَر ِة ِم ْن َمشاركِة‬ ‫ث ص ِدي َقه على التَّعلُّ ِق هِب ا و ِعمارهِتَا و ُك َّل ما ي ْشغَلُه ويل ِهي ِه عن ِ‬
‫َ َ َ ََ َ َ َ ُ ُ ْ َ‬ ‫حَيُ ُّ َ ْ ُ‬
‫وحنو ذلك ‪.‬‬
‫ب العِْل ِم ‪.‬‬ ‫وإذا انتقص بشيء مِم ا يتعلَّق هبا أَقَ َام النّاس وأ ْق َع َد ُهم َحىَّت املْنتَ ِسبنِي َ إىَل طَلَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ص م علَي ِه بعض ال د ِ‬ ‫َفتَ ِج ُد ِ ِ ِ ِ‬
‫اج هُ‬
‫ض ال ُفلُ وس ا ْن َف َع َل َوَتغَّي َر مَز ُ‬‫َّر َجات أو َب ْع ُ‬ ‫الواح َد مْن ُه ْم إ َذا ُخ َ َ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ص َار َيتَ َكلَّ ُم بِ َكالم َغرْي ُمتَّ ِز ٍن ‪.‬‬ ‫َو َ‬
‫اإلحر ِام مع ا ِإل َم ِام بل َت ُفوتُهُ الصالةُ َم َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َعكْس أ ُُم ْور اآلخر َة فإنَّهُ ال َي ْهتَ ُّم هلا ‪َ ،‬فَت ُفوتُه ت ْكب َريةُ َ‬
‫س َو ِع ْش ِريْ َن َد َر َج ٍة ‪.‬‬‫ص مَخْ ٍ‬ ‫باىل بَِن ْق ِ‬
‫اعة َوال يُ ْ‬
‫اجلم ِ‬
‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫احد ِمْنهم يو ِص ي ز ِميلَ ه بالدَّر ِ أِل‬ ‫وجَتِ ُد الو ِ‬
‫ص ْو ِل َعلى َش َهادة يف َز ْع ِم ه أنّ َها تَ أم ٌ‬
‫ني‬ ‫اس ة ْج ِل احلُ ُ‬ ‫ُ ْ ُْ ْ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لحيَ ِاة ِم ْن ال َف ْقر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ل َ‬
‫َّوك ِل على ِ‬ ‫ض ْع ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫ف الت ُّ َ‬ ‫َو َهذا يَ ُد ُّل َعلى َ‬
‫المةُ‬ ‫ني احلَيَ ِاة األَبَ ِديَِّة َّ‬
‫والس َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫اليت َا ب ِإ ْذن اهلل تأم ُ‬
‫عاص ي هِب‬ ‫ِ‬
‫اع ات َوَت ْر ُك املَ ْ ْ‬
‫الص الةُ وس ائِر الطَّ ِ‬
‫َو َّأما َّ َ َ ُ َ‬
‫ِم ْن َج َهنّ َم لِ َم ْن َو َّف َقهُ اهللُ فَال جَتِ ُدهُ يُ ْو ِص ِيه هِبَا ‪َ ،‬وال َي ْهتَ ُّم ِمْن َها ‪.‬‬
‫لالختِبَ ار‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َحىَّت اآلبَ اءُ َدخل َعلَْي ِه ْم َّ‬
‫ص ْو َن َعلى ْإي َق اظ ْأوالده ْم ْ‬ ‫األم حَيْ ِر ُ‬
‫األب َو َّ‬ ‫ص َفتَج ُد َ‬ ‫الن ْق ُ‬
‫ك َعلي ِهم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َيَتَر ّد ُو َن َعلي ِهم َولو َش َّق ذَل َ‬
‫رات فال ‪.‬‬ ‫ات واإلبتِع ِاد عن املالَ ِهي واملْن َك ِ‬ ‫الصلوات وساِئِر الطَّاع ِ‬ ‫الة ال َف ْج ِر َو َسائِِر َّ‬ ‫َّأما لِص ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪25‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل ِ‬ ‫أل ِ‬


‫وبنَا َوأ َْوالَ َدنا‬
‫لح ُق ْل َ‬
‫ص َ‬‫يحة َوأَ ْن يُ ْ‬ ‫يم أ ْن يُ ْوقَ َظ ُقلُوبَنا َومَيْأل ََها ب الغَرية َوالن َ‬ ‫العظ َ‬
‫َ‬ ‫نَس ُ‬
‫ِ‬
‫َح َوالَنَا َومَج ْيِ َع املُسلم َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َوأ ْ‬
‫ِ‬ ‫وإِذَا خالَ املجتَمع ِمن الت ِ‬
‫انتهت‬ ‫الع َمل بِه َف َق ْد َ‬ ‫هر َ‬‫ف َمظْ ُ‬ ‫ضعُ َ‬ ‫الصرْبِ والت ُ‬
‫َّناص ِح أ َْو َ‬ ‫َّواص ْي باحلَ َّق َو َّ‬ ‫َ َ ُْ ُ‬
‫الش ُرو ِر‬
‫وفش َّو ُّ‬ ‫الت َق اطُ ِع َوالت ََّدابُِر َوالعُ ْد َو ِان ُ‬ ‫ض ي وفَس ِاد األخ ِ‬
‫الق َو َّ‬ ‫األم ةُ ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أس وء َحاالتا من ال َف ْو َ‬ ‫ّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني وأعواهنم ‪.‬‬ ‫ني وال َك َّذابِ َ‬
‫ني والنَّمام َ‬ ‫من املُناف ْق َ‬
‫عروف والنَّهي عن املْن َك ِر وَت ر ِك الت ِ‬
‫َّواص ْي‬ ‫ال فِيما إ َذا ع ِدم األَم ر بِ امل ِ‬ ‫وانْظُ ر َكي ف تَ ُك و ُن احل ُ‬
‫َ ْ َ ُ َ ْ‬ ‫َ ْ َ ِ ْ َ ِ ْ َ ُِ َ ْ ُ َ‬
‫باحلَ َّق َوالت ََّواص ْي بِ َّ‬
‫الصرْبِ َوأُمْه ْ‬
‫لت النَّصْي َحةُ ‪.‬‬
‫اع الش ُُّرو ِر ‪.‬‬
‫َنو ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫صلُو َن فِيها إىَل ما تَ ِ‬
‫ِ‬ ‫اق على ِ‬
‫ض َو َما فْيه َما م ْن أ َ‬
‫ات َواأل َْر ُ‬
‫الس َم َو ُ‬
‫ض ُّج لَهُ َّ‬ ‫َ‬ ‫املعاص ْي َويَ ْ ْ َ‬
‫ئ ال ُف َّس ُ َ َ‬
‫يف جَيْرت ُ‬
‫َو ْك َ‬
‫والح َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب‬ ‫َهل ال َخسيسة أ َْه َل الدي ِن َ‬
‫أ ُ‬ ‫آخر‪ :‬ال َش َئ ْأبلَ َغ من ذُ ّل يُ َجّر ُعهُ‬
‫والر ِ‬
‫يب‬ ‫ين أل َْه ِل َّ‬
‫الز ِيغ َّ‬ ‫ِِ‬ ‫(القائِ ْ‬
‫والمْبغض ْ‬
‫ُ‬ ‫الر ُس ْو ُل به‬
‫مي َن بما َجاء َّ‬

‫ك حس ٍ‬
‫رات انْظُ ْر آ َك َد‬ ‫َّ‬ ‫ات َ ِ‬ ‫أي جه ٍة ِمن ِجه ِ‬ ‫ِ‬
‫الع امَل تَ ري َما َيَت َقط ُع لَ هُ قَلبُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت َف ُز ْر َّ َ َ‬ ‫َوإ ْن ش ْئ َ‬
‫ف َتر َك َها الكثريُ ِمن الن ِ‬
‫َّاس‪.‬‬ ‫َّه َادَتنْي ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْأر َكان ا ِإلسالَم َب ْع َد الش َ‬
‫الصالَّة َكْي َ َ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وانْظُر إىَل َّ ِ‬
‫ف مَلْ يُبَ ال ب ه َكث ريٌ‬ ‫ت مَلْ َيْب َق فَقْي ٌر وانْظُ ْر ِص يَ َام َر َم َ‬
‫ض ا َن َكْي َ‬ ‫الز َك اة اليِت ْ لَ ْو أُخ ِر َج ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِم ْن النَّاس ‪.‬‬
‫يح ِة َواأل َْم ِر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واص ي بِ َّ رِب‬
‫الص ْ َوإمْهَ ال النّص َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يج ةُ امْهَ ال التَواص ْي ب احلَ َّق واَلتَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الربا والغِ َّ ِ‬
‫ش َو َس ائر املُ َحَّر َم ات ُك ّل َه َذا نَت َ‬
‫ف َت َه او َن الن ِ‬
‫َّاس ب َّ َ َ‬
‫ُ‬ ‫َوانْظُ ْر َكْي َ َ‬
‫بِاملعر ِ‬
‫وف َوالنّهي َعن املْن َك ِر ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫اهلل قَ ُام ْوا لَِيْنَف ُع ْوا‬
‫ال بِ ِديْ ِن ِ‬ ‫ِر َج ٌ‬ ‫وما ِقْيمةُ األَوطَ ِ‬
‫ان إِ ْن لَ ْم يَ ُك ْن بَِها‬ ‫ََ َ ْ‬
‫اض وا ْشتَِب ِاه‬ ‫وفي َزَمن انْتَِق ِ‬ ‫والبالَيَا‬
‫آخر‪َ :‬و َق َعنا في ال َخطَايا َ‬
‫السَف ِاه‬
‫َو َعَّز بِ ُذلَِّه ْم أ َْه ُل َّ‬ ‫والصلَ َحاءُ َذلُّْوا‬
‫َت(َفانَى ال َخ ُير ُّ‬
‫(‬

‫‪26‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فَ َما َع ْن ُمن َك ٍر في الناس نَ ِاه‬ ‫ف‬ ‫وب ِ‬


‫اآلمرو َن بِ ُك َّل ُعر ٍ‬
‫ْ‬ ‫اء ُ ُ‬ ‫ََ‬
‫وج ِاه‬ ‫فَما لِل ِ‬ ‫الح ُر لِل َْم ْم َلو ِك عبداً‬
‫ْحَّر م ْن قَ ْد ٍر َ‬‫َ ُ‬ ‫ص َار ُ‬ ‫ف(َ َ‬
‫َو َهذا غَ ِاف ٌل َس ْكرا ُن اَل ِه‬ ‫(َف َه َذا ُش ْغلُهُ طَ َم ٌع َ‬
‫وج ْم ٌع‬
‫وس اخلَبِيثَ ِة أب (واب ِ‬
‫املعاص ْى َفَتَن ُف ُذ إىل َما تَ ْش تَ ِهي ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫لن‬
‫ُّ‬ ‫اهل هِب ِذ ِه األُم و ِر ي ْفتح لِ‬ ‫(‬
‫ْ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫َّس ُ َ َ‬ ‫ألَ ّن الت َ‬
‫كل َما حَيْلُو هَل ا َم ْه َما َك ا َن َع ِريق اً يف‬ ‫َّاس َفَتْن َدفِ ُع إيل َّ‬ ‫ك َس ْهالً َعلى الن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث َوتَرى َم ْوق َع ذل َ‬ ‫َخبَ ائِ َ‬
‫ِب ملا َت ْف َع ُل ‪.‬‬ ‫الر ِذيْ ِلة ِآمنَةً ِم ْن َتغَرُّيِ َو ْج ٍه ْأو انِْقبَ ِ‬
‫اض َق ْل ٍٍِ‬ ‫اب َّ‬ ‫ب ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫وإِذاً َتْنتعِش ِ‬
‫اح َش ِة‬ ‫ألن أَه ل اجله ِر بِال َف ِ‬
‫الرذيلَ ةُ َوتَ ْش تَ ُّد َوَت ْز َد ُاد َو َي ْق َوي أ َْهلُ َها َو ُهم ال َف َس َقةُ َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِِ‬ ‫الن ُف وس ِمن طَبِيعتِها َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وتس َم ُع‬
‫الت ْقلْي ُد َواملُ َحا َك اة ل َما تَ رى ْ‬ ‫يَ ُكونُ و َن قُ ْد َو ًة َس يَّئَةً لغَرْيِ ه ْم ‪َ .‬و ُّ ُ ْ ْ َ َ‬
‫صوصاً إِذا َكا َن َما تَراهُ أو تَ ْس َمعُهُ لَ َّذ ًة َواطْالَقَاً ‪.‬‬ ‫ُخ ُ‬
‫ِ‬ ‫ض ْيلَ ِة يف َ ٍ‬ ‫الر ِذيلَ ِة يف ُق َّو ِة قَ َّل جيش ال َف ِ‬
‫ش‬ ‫ب َجْي ُ‬ ‫ض ْعف ‪َ ،‬وال تَ ْس تَْبع َد أ ْن َيَتغَلَّ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ش َّ ْ‬ ‫َوإذَا َك ُث َر َجْي ُ‬
‫اق ِمْنهُ أَْفَر ٌاد ‪.‬‬ ‫زال ب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ش ال َفضْيلَة ْأو جَيْ َعلَه يف ُح ْك ِم املبُاد وإ ْن َكا َن ال يَ ُ َ‬ ‫الرذيْلة َفيُبِْي َد َجْي ُ‬
‫اآلخ َر ِة وال َيْن ُج ْو ِم ْن‬ ‫ض ب اهلل ج َّل وعال على ِعب ِاد ِه َفع ا َقبهم يف ال دُّنيا َقب ل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ َُ ْ‬ ‫و إ َذا ك ا َن َغ َ ُ َ َ َ َ َ‬
‫ب ِدي ِنه يت أمَّّل لَه ويغضب على خَم الِفي ِه ِآم راً هَل م ونَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهي اَ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ش اهلل َو َعذابِه إال َم ْن َك ا َن يف جان ِ ْ ََ ُ ُ َ َ ُ َ‬ ‫بَطْ ِ‬
‫ك ِم ْن إِيْ َذ ٍاء ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َم ْه َما نَالَهُ يف َسبِْي ِل ذَل َ‬
‫َخ ْذنَا‬ ‫علَّمنا َذلِ ك ربُّنا بَِقولِ ِه ﴿ َفلَ َّما نَس واْ ما ذُ ِّكرواْ بِ ِه أَجنينا الَّ ِذين يْنه و َن ع ِن ُّ ِ‬
‫الس وء َوأ َ‬ ‫َََْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ ََ َ َ َ‬
‫لكن َك انُواْ أَن ُف َس ُه ْم‬ ‫يس مِب َا َك انُواْ ي ْفس ُقو َن ﴾ ‪ ﴿ ،‬وما ظَلَمهم اللّ ه و ِ‬ ‫الَّ ِذين ظَلَم واْ بِع َذ ٍ‬
‫اب بَئِ ٍ‬
‫ََ َُ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫يَظْلِ ُمو َن ﴾ ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت أَيْ ِدي ُك ْم َو َي ْع ُفو َعن َكثِ ٍري ﴾ وق ال يف اآلية‬ ‫ِ ٍ‬


‫َص ابَ ُكم ِّمن ُّمص يبَة فَبِ َما َك َس بَ ْ‬
‫قَ َال َت َع اىل ﴿ َو َما أ َ‬
‫ض الَّ ِذي َع ِملُوا لَ َعلَّ ُه ْم‬ ‫األخري ﴿ ظَهر الْ َفس اد يِف الْب ِّر والْبح ِر مِب ا َكس بت أَي ِدي الن ِ ِ ِ‬
‫َّاس ليُذي َق ُهم َب ْع َ‬ ‫ََ َ ُ َ َ َ ْ َ ََ ْ ْ‬
‫َي ْر ِجعُو َن ﴾‬
‫عاص ي ِه ْم‬‫آالم لِم ِ‬ ‫الد ْنيا مبا يْن ِز ُل ِمن ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّهي َعن املُنك ِر َش َقاءُ ُّ َ َ‬ ‫َّساه ِل يف األ َْم ِر َ‬
‫باملعُروف َوالن ْ‬ ‫إذاً َعاقبَ ةُ الت ُ‬
‫أع ّد ربُّنَا لِلّعص ِاة ِمن َع َذ ٍ‬ ‫ِ ِ مِب‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اب ‪.‬‬ ‫ليها َو َمالم َو َشقاء اآلخَر ِة َا َ َ ُ َ ْ‬ ‫اليِت ْ َي ْقرَتِ ُف ْوهَن ا آمننْي َ م ْن َز ْج ٍر َع َ‬
‫ض ُهم ‪:‬‬
‫قَ َال َب ْع ُ‬
‫الزما ُن و َعي ِشي َعيش ِ‬
‫تنك ْيد‬ ‫ضي َّ َ َ ْ ْ ْ ُ‬ ‫َم َ‬
‫ص ْو ِد‬
‫الع ْم ُر َولّى َولَ ْم أَظَْف ْر بِ َم ْق ُ‬ ‫َو ُ‬ ‫(‬

‫أج َم َعهُ‬
‫ك ْ‬ ‫ين َو َع ِاد َّ‬
‫الش (َ‬ ‫َو ِال َ‬
‫الي ْق َ‬
‫ك ال َتر َكن لِمْن ِ‬
‫قود‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫َعظ ْم إلَ َه َ ْ ْ َ‬
‫َّاس ُكلُّ ُهم‬ ‫ص َار الن( ُ‬ ‫ْب َع َّم َو َ‬
‫فَال َخط ُ‬
‫ُم َعظّ ِمْي َن لِبِ ْد ِع ٍّي َو َم ْر ُد ْو ِد‬ ‫(‬
‫الذي ُكنَّا نُ( َح ِاذ ُرهُ‬‫الزما ُن ِ‬
‫َه َذا َّ َ‬
‫ب وفي َقو ِل اب ِن مسع ِ‬
‫ود‬ ‫في َق ْو ِل َك ْع ٍ‬ ‫(‬
‫ْ ْ َ ُْ‬
‫وت َو ُمْن َكتِ ٌم‬ ‫الديْ ِن َم ْم ُق ٌ‬
‫ب َّ‬ ‫فَ ِ‬
‫صاح ُ‬ ‫َ‬
‫الفس ِق ِفي ِهم غَير مظْه ِ‬
‫ود‬ ‫اح ِ‬ ‫و ِ‬
‫ب ْ ْ ُْ َ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫َ َ‬
‫األهو ِاء ِ‬
‫صاحَبهُ‬ ‫ُك ٌّل يُقلد في ْ َ َ‬
‫الد لَها َشأْ ٌن بَِت ْقِل ِ‬
‫يد‬ ‫َحتَّى الْبِ َ َ‬ ‫(‬
‫ثم الن َّْه(ُي َع ْن نُ ُك ٍر‬ ‫ف َّ‬ ‫واألَمر بِالعر ِ‬
‫َ ْ ُ ُْ‬
‫ك َك َم ْف ُق ْو ِد‬ ‫صارا لَ َدْيَنا بِال َش ٍ‬
‫ََ‬ ‫(‬
‫ت َك َذا‬ ‫ال أنْ َ‬ ‫ص قَ( َ‬ ‫ت لِ َش ْخ ٍ‬ ‫ص ْح َ‬ ‫إِ َذا نَ َ‬
‫ب لَ َدْيَنا غَْيُر َم ْح ُم ْو ٍد‬
‫العُي ْو َ‬
‫ك ُ‬ ‫ِفْي َ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪28‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض َحى َتَفا ُخ ُر ُه ْم في ُح ْس ِن بَِّزتِِه ْم‬ ‫أَ ْ‬


‫َو َمْن ِز ٍل َح َس ٍن َع ٍال بَِت ْشيِْي ِد‬ ‫(‬
‫َو َج ْم ِع ُح ْل ٍي َو ُخ َّد ٍام وأ(َْمتِ َع ٍة‬
‫ت في َج ْم ِع َمْن ُق ْو ِد‬ ‫هم فَنِْي َ‬ ‫أيَّ ُام ْ‬ ‫(‬
‫الم ُأم ْو(ِر في َو َه ٍن‬ ‫ِ‬
‫َت ْلَقى األَمْيَر َم َع َ‬
‫َع ْن َرفْ ِع َمظلَ َم ٍة أ َْو َن ْف ِع َمْن ُك ْو ٍد‬ ‫(‬
‫ضا ِريٍَة‬ ‫ُس ِد (َ‬ ‫ِ‬
‫اه ُم َكاأل ْ‬ ‫لَنْي ِل ُدْنَي ُ‬
‫و ُكلُّهم في الهوى مب ٍد لِمجه ِ‬
‫ود‬ ‫(‬
‫َ َ ُْ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫صالَحاً يَ ْد ُعو لَِنْي ِل ُه َدي‬ ‫إ َذا َرأ َْوا َ‬
‫تَ َّأنُب ُو ُه بِإيْ َذ ٍاء َوَتَب َعْي ِد‬ ‫(‬
‫صلَ َحةٌ‬ ‫ُح ْك ُم ال َقَوانِْي ِن قَالُوا ِفْي ِ(ه َم ْ‬
‫ب لِ َم ْولُْو ِد‬ ‫ت شْي ٌ‬
‫اع َد ْ ِ‬ ‫الربَا َس َ‬ ‫َوفي َّ‬ ‫(‬
‫ُّهى َما(لُوا لِ ُم ْح َدثٍَة‬ ‫أ َْه َل الح َجى َوالن َ‬
‫ِ‬
‫الش ِريع َة ال تَ ْكِفي لِم ْقص ِ‬
‫ود‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫قَالُوا َّ ْ َ‬ ‫(‬
‫أَبْ َد ْوا َلنا بِ َد َعاً َما ُكنّا َن(ْع ِر ُف َها‬
‫وجاَنبوا َن ْه ٍج َتو ِفي ٍق وتَس ِد ٍ‬
‫يد‬ ‫(‬
‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ََ ُ‬
‫الج ْو َر ُم ْرتَ َكباً‬ ‫الربَا َو ( َ‬ ‫الهوى َو َّ‬ ‫َت ْلَقى َ‬
‫ُّص َح ِفْي ِه ْم غَْيَر َم ْو ُج ْو ِد‬ ‫العلْم َوالن ْ‬ ‫وِ‬
‫َ‬ ‫(‬
‫رج َتلََق َاها( َم ُر َّو َج ًة‬
‫الم َ‬
‫اله ْر َج َو َ‬‫َو َ‬
‫اب َم ْر ُد ْو ِد‬ ‫ت في ِجلَْب ِ‬ ‫الس ْم َ‬‫الديْ َن َو َّ‬ ‫َو َّ‬ ‫(‬
‫َو ُقلَّ َد األ َْمَر لِ ْك ِع ُّي أ ُخو بِ َد ٍع‬
‫ب ْأم ٍر َو ِف ْك ٍر غَْي ِر َم ْح ُم ْو ِد‬ ‫لِ َجِل ِ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪29‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اجتِ ِه‬
‫الشَّر لَ ْم يَظَْف ْر بِ َح َ‬
‫ف َّ‬‫ُم َحالِ ُ‬
‫ص َار ُاه لَِتْب ِديْ ِد‬‫ال َخْيَراً قُ َ‬ ‫لَْو نَ َ‬ ‫(‬
‫ت‬ ‫الذ ُّم َوااليْذاءُ (قَ ْد ُو َج َد ْ‬ ‫ت َو َّ‬ ‫الب ْه ْ‬
‫ُ‬
‫ب يَوماً لَِت ْو ِحْي ِد‬ ‫لِ ُك َّل ُمْنَت ِس ٍ‬ ‫(‬
‫ٍ‬
‫َّاس أَ ْكَث ُر ُه ْم‬‫الديْ ُن في غُْربة َوالن (ُ‬ ‫فَ َّ‬
‫ث طَب ٍع ُيَوالي ُك َّل َمط ُْر ْو ِد‬ ‫بِ ُخْب ِ‬ ‫(‬
‫اله َداةُ بِِه‬ ‫ِ‬
‫ص َار الذ ْي َكا َن تَأتَ ُّم (ُ‬ ‫َ‬
‫َوَت ْقَتِفْي ِه بأ َْم ٍر َغْي ِر َم ْع ُه ْو ِد‬ ‫(‬
‫َم ْن َكا َن َي ْه ُج ُر َذا بِ ْد ٍع( َو َمظْلَ َم ٍة‬
‫اشرها ِمن غَي ِر َتر ِد ِ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫أ َْم َسى ُيَب ُ َ ْ ْ ْ‬
‫فَال ُك ُّل يس ِري لِما ي ْهو (ُاه َخ ِ‬
‫اط ُر ُه‬ ‫َْ ْ َ َ َ‬
‫اضي َخي ِر م ْعب ِ‬
‫ود‬ ‫لَم يلَْتِف ْ ِ ِ‬ ‫(‬
‫ت ل َمَر ْ ْ َ ُ‬ ‫َْ‬
‫الجا(ِر أ َْه َملَهُ‬ ‫ب َو َح ُّق َ‬ ‫َح ُّق ال َق ِريْ ِ‬
‫الج ْو ِد‬
‫الديْ ِن َو ُ‬ ‫َم ْن َكا َن َن ْع ِرفَهُ بِ َّ‬ ‫(‬
‫تُ َّج ُار ُه ْم لَ ْم ُتَز َّك َويْ ُل أ(َُّم ِه ُم‬
‫ِم ْن َشَّر َع ِاقَب ٍة في َي ْوِم َم ْو ُع ْو ِد‬ ‫(‬
‫ال ا ِإللَهُ لَ ُك ْم‬ ‫ت َك َما قَ( َ‬ ‫ب ُس ْح ٌ‬ ‫الَ َي ْر ُ‬
‫رام طَ ِري ٌق غَير محم ِ‬
‫ود‬ ‫الح ِ ْ ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫َك ْس ُ‬ ‫(‬
‫ت‬ ‫الفَر ُار و َك ْم ِم ْن بِ ْد(َع ٍة َح َدثَ ْ‬ ‫أَين ِ‬
‫َْ‬
‫ت ِم ْن َغْي ِر َت ْع ِديْ ِد‬ ‫َو ُسن ٍَّة َد َر َس ْ‬ ‫(‬
‫َك ْم ِم ْن طَ ِرائِ ِق ُس ْوٍء بَا (َن ُمْن َك ُر َها‬
‫ض َحى غَْيَر َم ْو ُر ْو ِد‬ ‫الحق أ ْ‬ ‫َو َمْن َه ُل َ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪30‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أح َم َد َم ْع‬‫فَ َما الطَّ ِرْيَقةُ إِالَّ َن ْه ُج ْ‬


‫اد ِة الغَُّر َّ‬
‫الصَن ِاديْ ِد‬ ‫َص َحابِِه َّ‬
‫الس َ‬ ‫أْ‬ ‫(‬
‫اتب ْع َن ْ(ه َج َسيَّ ِدنا‬
‫ك َو ْ‬ ‫ص لَِربَّ َ‬ ‫ِ‬
‫فَأَ ْخل ْ‬
‫َق ْوالً َو ِف ْعالً َتَن ْل َف ْوزاً بَِت ْس ِديْ ِد‬ ‫(‬
‫في َأرانِبِ َها‬
‫ت (‬ ‫اد ْ‬ ‫َثعالِب ُّ ِ‬
‫الس ْوء نَ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ش َم ْح ُم ْو ِد‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫(‬
‫َه َذا َز َمانُك عْيش ْي َعْي َ‬
‫حماَةٌ غَْيَر( َم ْن َر َحلُوا‬‫َما في األَنَ ِام ُ‬
‫ْح ْو ِد‬
‫ي َمل ُ‬ ‫َو َم ْن بَِق َي ِعْن َدنَا في ِز َّ‬ ‫(‬
‫ان(في َزم ٍن‬ ‫الديْ ِن واإليْم ِ‬
‫َواغُْربََة َّ َ َ‬
‫الهدى َبْي َن َم ْق ُه ْو ٍر َو َمظ ُْه ْو ِد‬ ‫أ َْه ُل ُ‬ ‫(‬
‫ص (ْل لَهُ غَْيٌر‬ ‫إ ْن َد َام َه َذا َولَ ْم يَ ْح ُ‬
‫ت َولَ ْم ُي ْفَر ْح بِ َم ْولُْو ِد‬ ‫ك َمْي ٌ‬ ‫لم ُيْب َ‬‫ْ‬ ‫(‬
‫َح ٍد‬ ‫ِ‬
‫َوفَا ِرق ال ُك َّل ال َت ْل ِو َع (لى أ َ‬
‫ض َو ِخالَناً بِ َم ْو ُج ْو ِد‬ ‫أَرضاً بِأ َْر ٍ‬ ‫(‬
‫ض ٍلة‬‫ف م ْع ِ‬ ‫ِ‬
‫َم ْن َكا َن نَأ َْملُهُ في َك ْش( ُ‬
‫ص ْو ِد‬‫َج َدي بِ َم ْق ُ‬ ‫أَبْ َدى بِ ُعذ ٍر َوال أ ْ‬ ‫(‬
‫ض بِها االسالم(في َشر ٍ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫َي أ َْر ٍ َ ْ ُ‬ ‫فَأ ُّ‬
‫صطََفى َت ْز ُه ْو بَِت ْج ِديْ ِد‬ ‫الم ْ‬‫َو ُسنَّةُ ُ‬ ‫(‬
‫الدا ِر َن(ْلَقى بَِها‬ ‫َي َّ‬ ‫أَين ِ‬
‫الفَر ُار َوأ ُّ‬ ‫َْ‬
‫ُوالَت َها ُك َّل َمْي ُم ْو ٍن َو َم ْح ُم ْو ِد‬ ‫(‬
‫اش ثُ( َّم ُمْبَت ِد ٍع‬
‫ُع ْم ِر ْي غَ َدا َبْي َن َو ٍ‬
‫أنصا ٍر لَِت ْو ِحْي ِد‬
‫ب يَ َّسْر بِ َ‬ ‫يَا َر ِّ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪31‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اح َم ْن َر َام َف ْوزاً يَ ْم ِشَي َن َعلى‬ ‫صِ‬ ‫يَا َ‬


‫صطََفى يُ ْحظَى بَِت ْس ِعْي ِد‬ ‫ِ‬
‫طَ ِرْيَقة ُ‬
‫الم ْ‬ ‫(‬
‫اب لَهُ َتَب(ٌع‬ ‫َص َح ٍ‬ ‫ِِ‬
‫َوآله ثُ َّم أ ْ‬
‫فَ ُازوا بِسبِ ٍق وفَا ُقونَا بَِتس ِد ِ‬
‫يد‬ ‫(‬
‫َ َ ْ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫وقَ َ ِ‬
‫ادة ال َخْي ِر َكالن ُّْع َمان(أول ْ‬
‫هم‬ ‫َ‬
‫الج ْو ِد‬
‫َخا ُ‬ ‫َح َم َد َوابْ ِن ا ْد ِر ٍ‬
‫يس أ َ‬ ‫َوأ ْ‬ ‫(‬
‫ك ُكلِّ ِه ْم َكانُوا أَئِ َّم(َتَنا‬ ‫ومالِ ٍ‬
‫ََ‬
‫ص ْو ِد‬‫اس قَ ْد َج ُاؤوا بِ َم ْق ُ‬ ‫أَئِ َّمةُ النّ ِ‬ ‫(‬
‫ْك فَا ْف َه َم َها‬ ‫الديْ ِن َع ْشٌر تِل(َ‬ ‫ض َّ‬ ‫ِ‬
‫َنَواق ُ‬
‫ال نَ ْعيماً غَْيَر َم ْح ُد ْو ِد‬ ‫لِ َك ْي َتَن َ‬ ‫(‬
‫اهلل ال َت ْر َك ْن( لِ ُم َبت ِد ٍع‬
‫ب في ِ‬ ‫َو ُح َّ‬
‫الخنا حباً لِم ْعب ِ‬
‫ود‬ ‫َو ْاه ُج ْر ِر َج َ‬ ‫(‬
‫ال َ ُ ّ َ ُ‬
‫ج بَِها‬ ‫َوالَ ِزِم ُّ‬
‫السن َة الغََّر َاء َتْن ُ(‬
‫ِعْن َد الِلَّق ِاء بَِف ْو ٍز غَْي ِر َم ْح ُد ْو ِد‬ ‫(‬
‫َوالَ ُتَو ِاف ْق أل َْهَو ٍاء ُتلََّفُق(َها‬
‫أَقَْو ُام ُس ْوٍء بِالَ َشك َوَت ْر ِديْ ِد‬ ‫(‬
‫ِ‬
‫َخْي ُر األ ُُمو ِر أَخ ْي َما َكا( َن َم ْر ِج ُعهُ‬
‫ول بِالَ َشك َوَت ْر ِديْ ِد‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫إلى َّ‬ ‫(‬
‫ف‬‫ك َعَلي ِه وجانِب (ُكل مْنح ِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫فَ ْامس ْ ْ َ َ ْ‬
‫الج ْو ِد‬ ‫ِ‬
‫وز بِ َدا ِر ال ُخلْد َو ُ‬ ‫لِ َك ْي َتُف َ‬ ‫(‬
‫ابة َويَ َّس ْرنَا لِْليُ ْس َرى‬
‫ول واإلجاب ِة وارز ْقنَا ِص ْد َق التَّوب ِة وحسن االنَ ِ‬
‫َْ َ ُ ْ َ‬ ‫اب ال َقبُ ِ( َ َ َ َ ْ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫اللهم ا ْفتَ ْح ل ُد َعائنَا بَ َ‬
‫ُ‬
‫َو َجنَّْبنَا العُ ْسَرى َوآتِنَا يف الدُّنيا َح َسنةً ويف‬

‫‪32‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخ َر ِة َح َس نَةً َوقِنَا َع‬


‫ذاب النَّا ِر َوا ْغف ْر لنا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمْي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يَا أ َْر َح َم‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫الرامِحِ و َّ‬
‫ص ْحبِ ِه أَمْج َعِنْي َ ‪.‬‬
‫صلّى اهللُ َعلى نَبَِّينَا حُمَ َّمد َو َعلى آله َو َ‬ ‫َّ نْي َ َ َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال رضي اهللُ َعْنهُ يف ُخطْبِتِ ِه‬ ‫ك مَنَ ِاذ ُج ِم ْن َع ْدلِِه َو ُز ْه ِد ِه َو َو َر ِع ِه ‪ ،‬قَ َ‬‫ب فَإلَْي َ‬ ‫وأ ََّما َعلِي بْن أَيب طاَلِ ٍ‬
‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َّاس إمَّنَا أنَا َر ُج ٌل ِمْن ُكم يِل ْ َما لَ ُك ْم َو َعلَ َّي َما َعلَْي ُكم ‪ ،‬و إِيّن َح ِاملُ ُكم‬ ‫ع ِقب ِ‬
‫البْي َع ة لَ هُ ‪ :‬أيُّها الن ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫إن ُك َّل قَ ِطْي َع ٍة أَقْطَ َع َها عُثْ َم ا ُن ‪َ .‬و ُك ُّل َم ٍال‬ ‫ت بِ ِه ‪ ،‬أالَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلى َمْنهج نَبِيَّ ُك ْم َو ُمَن َّف ٌذ فْي ُكم َما أُم ْر ُ‬
‫فإن احلَ َّق ال يُْب ِطلُ ِه َش ٌئ َولَ ْو َو َج ْدتُه قَ ْد ُت ُز َو َج‬ ‫ت امل ِال ‪َّ ،‬‬ ‫ود يف بي ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ َْعطَاه ِمن م ِال ِ‬
‫اهلل َف ُه َو َم ْر ُد ٌ‬ ‫ُ َْ‬
‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْد َل َس َعةٌ ‪.‬‬ ‫فإن َ‬ ‫لدان َلر َد ْدتُه َّ‬ ‫اإلماء َو ُفَّر َق يف البُ َ‬ ‫ك َ‬ ‫َّساء َو ُمل َ‬ ‫به الن َ‬
‫ال ِمْن ُكم َغ داً قَ ْد‬ ‫َّاس أَال الَ َي ُق ولَ َّن ِر َج ٌ‬ ‫َض يَ ُق ‪ ،‬أَيُّ َها الن ُ‬ ‫اق َعلَْي ِه احلَ ُّق فَ اجلَْو ُر َعلَْي ِه أ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫َو َم ْن َ‬
‫ف املَر َّق َع ةَ إذَا َما‬ ‫الد ْنيا فامَتلَ ُكوا الع َقار وفَ َّجروا األَهْن ار وركِبوا اخليل واخَّتَ ُذوا الوص ائِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َْ َ َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َغ َمَر ْت ُهم ُّ َ ْ‬
‫ب‬ ‫َص رهُت م إىل ُح ُق ْوق ِهم اليِت َي ْعلَم و َن (( َحر َمنَا ابْن أَيِب طَ الِ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫وض ون فْي ه َوأ َ ْ‬ ‫َمَن ْعتُهم َما َك انُوا خَي ُ ُ‬
‫ُح ُقو َقنَا )) ‪.‬‬
‫ول ِ‬ ‫اب رس ِ‬ ‫اجرين واألَنْصا ِر ِمن أ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل صلى اهللُ َعليه وسلم يَرى أ َّ‬
‫َن‬ ‫َص َح َ ُ‬ ‫أَالَ َوأَمُّيَا َر ُج ٍل م ْن املَُه َ َ َ ْ‬
‫اهلل وثَوابه وأَج ره على ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ص ْحبَتِ ِه ف َّ‬ ‫ِ‬
‫اهلل ‪ ،‬أالَ َوأَمُّيَا‬ ‫ض َل َغ داً عْن َد َ َ ُ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫إن ال َف ْ‬ ‫ض َل لَ هُ َعلى س َواهُ بِ ُ‬ ‫ال َف ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رج ٍل استَجاب لِلّ ِه ولِرسولِِه فَصد َ ِ‬
‫وق‬‫ب ُح ُق َ‬ ‫اس َت ْو َج َ‬ ‫َّق ملََّتنَا َو َد َخ َل د ْيَننَا َو ْ‬
‫اس َت ْقبَ َل قْبلََتنَا َف َقد ْ‬ ‫َ ُ ْ َ َ َ َ ُْ َ‬
‫االس ِ‬
‫الم َو ُح ُد ْو َدهُ ‪.‬‬ ‫ْ‬

‫‪33‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َح ٍد‬ ‫ض ل فِي ِه أل ٍ‬


‫َح د َعلى أ َ‬ ‫َ‬ ‫بالس ِويَِّة َوال فَ ْ‬
‫اهلل ‪ ،‬يُ ْق َس ُم َبْينَ ُك ْم َّ‬‫ال ِ‬ ‫ال َم ُ‬‫اهلل ‪َ ،‬وامل ُ‬‫فَ أَْنتُم ِعب اد ِ‬
‫ْ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َخ َرج أَبُو نُ َعْي ٍم يف احل ْلية َع ْن َعلِ ّي بْ ِن َربِْي َعة ال َواىِل َع ْن‬
‫َح َس ُن اجلَ َزاء‪َ .‬وأ ْ‬
‫ِ‬
‫َول ْل ُمتَّقنْي َ عْن َد اهلل أ ْ‬
‫مني ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫اج فق َ ِ‬ ‫َعلِي بْ ِن أَيب طَ الِ ٍ‬
‫ت َم ِال املُ ْس ل َ‬ ‫نني ْامتَألَ َبْي ُ‬
‫ال يَا أم َري املُْؤم َ‬ ‫ب قَ َال َج اءَ ابْ ُن النَّبَّ ِ‬ ‫ّ‬
‫ت م ِال املسلِمِ‬ ‫َّباج حىَّت قَام على بي ِ‬ ‫ِ‬
‫قال اهللُ أ ْكَب ُر َف َق َام ُمَت َوكئاً على ابْ ِن الن ِ َ َ َ َْ َ ُ نْي َ‬ ‫ضاءَ فَ َ‬ ‫ص ْفَراءَ َو َبْي َ‬
‫َ‬
‫ال ‪:‬‬‫َف َق َ‬
‫اي َو ِخَي ُار ُه ِفْي ِه‬
‫َهذا َجَن َ‬
‫ان يَ ُد ُه إلى ِفْي ِه‬
‫و ُك ُّل ج ٍ‬
‫َ َ‬ ‫(‬
‫ت امل ْس لِ ِمني‬
‫َّاس فَ أ َْعطَى مَجِ ي ع ما يِف بي ِ‬
‫ْ َ َ ْ َْ‬ ‫ودي يف الن ِ‬ ‫َش ي ِ ( ِ‬
‫اع ال ُك ْوفَ ة قَ ال ‪َ :‬فنُ َ‬ ‫َّباج َعلَ َّي بأ ْ َ‬
‫يَا ابْ َن الن ِ‬
‫ُِ‬
‫قي ِمْن هُ ِد ْينَ ٌار َوالَ د ْر َه ٌم مُثَّ‬ ‫ص ْفراء ويَا َبْي َ ِ ِ‬
‫ض اءُ غُ ر ْي َغرْي ي َها َو َها َحىَّت َما بَ َ‬ ‫َو ُه َو َي ُق ْو ُل ‪ :‬يَا َ َ ُ َ‬
‫ت‬‫س َبْي َ‬
‫ِ‬
‫ض َي اهللُ َعْن هُ يَكْن ُ‬ ‫ني َو َع ْن جَمْ َمع التَّْي ِمي قَ َال َك ا َن َعلِ ّي َر ْ‬ ‫ص لي فِْي ِه ر ْك َعتَ ِ‬
‫َ‬ ‫ض حه َو َ‬
‫أَم ر بِنَ ْ ِ ِ‬
‫ََ‬
‫َّخ ُذه مس ِجداً رجاء أ ْن ي ْشه َد له يوم ِ‬
‫القيَ َام ِة ‪.‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ َ ُ َْ َ‬ ‫صلَّي فْيه َو َيت ُ َ ْ‬ ‫الَمال َويُ َ‬
‫ِ‬ ‫يِب‬ ‫َّه قَ َال مَسِ ع ِ‬ ‫وعن مع ِاذ ب ِن العال عن أَبِي ِه عن ج د ِ‬
‫ضي اهللُ َعْن هُ َي ْق ُو ُل َما‬ ‫ت َعل ّي بْ َن أَ ْ طَالب َر َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ ْ َُ ْ َ َ ْ ْ َ ْ َ‬
‫فر َق ُك َّل‬ ‫ت املال فَ َّ‬ ‫أص بت ِمن َفيئِ ُكم َغي ر ه ِذ ِه ال َق ارور ِة أه َداها إيَلَّ الدَّه َقا ُن ‪ ،‬مُثَّ نَ ز َل إىل بي ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُْ ْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ ُ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫اهلل ‪ ‬اهلِ ْج َر َة ِم ْن َبْيتِ ِه ال ِذ ْي‬ ‫َما فِْي ِه ‪َ ،‬ولَ َّما َق َّر َر َر ُس ُ‬
‫أح ا َط بِ ِه امل ْش ِر ُك ْو َن ليَ ُ‬
‫قتلُ وهُ إ ْث َر‬ ‫ول ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض َع َم َكانَهُ يف فَِر ِاش ِه ابْن َع َّم ِه أبَا احلَ َس ِن َعلِيّاً َر ِض َي اهللُ َعْنهُ ‪.‬‬ ‫م ْك ِر ِ‬
‫هم به يف َدا ِر النَّ ْد َوة َو َ‬ ‫َ ْ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوأَ ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوآثََر َعل ٌّي أَ ْن يَ ُك ْو َن الف َدا لَر ُس ْول اهلل َ‬

‫‪34‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك فَ َدى بَِن ْف ِس ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع َّرض َن ْفس ه لِ ُّ ِ‬


‫لس ْيوف ُس ُي ْوف امل ْش ِركِنْي َ ُت َقطَّ ُع حَلْ َم هُ َو ُت ْزه ُق ُر ْو َح هُ َوبِ َذل َ‬ ‫َُ َ َ ُ‬
‫ُ‬
‫اظ ُم لِ َلع ِقْي َد ِة ‪:‬‬
‫ول النّ ِ‬‫ليه َو َسلم َوفِْي ِه َي ُق ُ‬
‫اهلل صلى اهلل ع ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ول ِ‬ ‫َر ُس َ‬

‫صطََفى َوابْ َن َع َّم ِه‬


‫الم ْ‬ ‫والَ َتْن ِ‬
‫س ص ْهَر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وم َو َسيَّ َدا‬ ‫َفَقد َكان حبرا لِلْعلُ ِ‬ ‫(‬
‫ْ َ َْ ً ُ‬
‫اهلل طَْو (عاً بَِن ْف ِس ِه‬
‫ول ِ‬ ‫ادى َر ُس َ‬ ‫َوفَ َ‬
‫َع ِشيَّ َة َّلما ِ‬
‫بالفَر ِ‬
‫اش َتَو َّس َدا‬ ‫(‬
‫َو َم ْن َكا َن َم ْوالَُه النَِّب ّي (َفَق ْد َغ َدى‬
‫الح َّق َم ْولَ ًى َو ُمْن ِج َدا‬ ‫ِ‬
‫َعل ُّي لَهُ بِ َ‬ ‫(‬
‫(‬
‫ِ‬
‫ك‬‫ك َو ُح ْس َن الت ََّو ُّك ِل َعلَْي َ‬ ‫اعتِ َ‬
‫ك َوأَهْل ْمنَا ذ ْكَر َك َو ُشكَْر َك َو ْار ُز ْقنَا االنَابَةَ ْ‬
‫إلي َ‬ ‫اللَّ ُه َّم َن َّو ْر ُقلُ ْو َبنَا بِطَ َ‬
‫اب النَّا ِر َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمْي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوآتنَا يف ال ُّد ْنيَا َح َس نَةً ويف اآلخ َر ِة َح َس نَةً َوقنَا َع َذ َ‬
‫ِ‬
‫الرامِح ني وصلى اهلل على حُم م ٍد وعلى آلِِه و ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْسل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ص ْحبِه أمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ك يَا أ َْر َح َم َّ َ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫َص َحابِِه َي ْو َم اً فَقالُوا لهُ لَ ْو‬ ‫ب رضي اهلل عْنه مَج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعةٌ م ْن أ ْ‬ ‫ي أَنَّهُ َد َخ َل َعلَى َعل َّي بَ ِن أَيْب طَال ٍ َ َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َو ُر ِو َ‬
‫ب‬‫اس تَتَ َّ‬ ‫اف ‪ ،‬ومن خَت ُ ِ‬ ‫أعطَيت ه ِذ ِه األم و َال ‪ ،‬وص ْلت هِب ا ه ؤ ِ‬
‫اف فَراقَ هُ ‪َ ،‬حىَّت إذَا ْ‬ ‫األش َر َ َ َ ْ َ‬ ‫الء ْ‬ ‫َ َ َ َ َُ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫الس ِويَِّة ‪.‬‬
‫الق ْس َمة بِ َّ‬‫الر ِعيَّ ِة و ِ‬ ‫ت إىل ما َع َّو َد َك اهلل ِمن ِ‬
‫الع ْدل يف َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يده عُ ْد َ َ‬ ‫ك َما تُ ْر ُ‬ ‫لَ َ‬
‫ت َعلَْي ِه ْم ِم ْن أ َْه ِل‬ ‫ِ‬
‫َّصَر بِاجلَْو ِر فْي َم ْن َولّْي ُ‬
‫ب الن ْ‬ ‫يِن‬
‫ال أَتَأْ ُم ُر ْو ْ أَ ْن أَطْلُ َ‬
‫َف َق َ‬

‫‪35‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ف َوإِمَّنَا ِه َي أ َْم َواهُلُم ‪.‬‬ ‫ِِ‬


‫ت َبْيَن ُهم فْيه َكْي َ‬ ‫املال يِل ْ لَ َس َّويْ ُ‬
‫لك لَ ْو َكا َن َه َذا ُ‬ ‫اهلل الَ أَْف َع ُل َذ َ‬‫االسالَِم و ِ‬
‫ْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ت امل ِال َف َق َ‬ ‫أن أخ اه ع ِقيالً س أَلَه َش يئاً ِمن بي ِ‬
‫ال إ َذا َك ا َن َي ْو ُم اجلُ ُم َع ة فَأتيِن ْ ‪ ،‬فَأَتَاهُ يَ َ‬
‫وم‬
‫َ‬ ‫ي َّ َ ُ َ ْ َ ُ ْ ْ َْ‬ ‫َو ُر ِو َ‬
‫ال ر ِضي اهلل عْن ه ما َت ُق و ُل فِيمن خ ا َن ه ؤ ِ‬
‫الء ‪،‬‬ ‫اجلمع ِة إىل املس ِج ِد ‪ ،‬وقَ ْد اجتَمع فِي ِ‬
‫َّاس َف َق َ َ َ ُ َ ُ َ ْ ْ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ه‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ُُ َ‬
‫ال ‪.‬‬‫َخوهَن م ْأو َك َما قَ َ‬ ‫َّك َسأَلْتَيِن ْ أَ ْن أ ُ‬
‫ال إن َ‬ ‫ال أَُق ْو ُل إِنَّهُ َر ُج ُل ُس ْو ٍء ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫َف َق َ‬
‫نني َعلِ ٍّي بْ ِن أَيِب طَالِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلى أَمرْيِ املُؤم َ‬ ‫ي َع ْن ُس َويْ ِد بْ ِن َغ ْفلَةَ قَ َ‬
‫ص َار إلََْي هِ‬ ‫ب َب ْع َد َما َ‬ ‫ْ‬ ‫ال َد َخ ْل ُ‬ ‫َو ْر ِو َ‬
‫ؤم نني أَنْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األَم ر فَ إذَا ه و ج الِ‬
‫ك‬ ‫ت َمل ُ‬ ‫ت يَا أم َري املُ َ َ‬ ‫س يف َدا ِر ِه س َواهُ َف ُق ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫لى‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫لى‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ٌ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُْ‬
‫ال يا ابْ َن‬ ‫س َعليه فَق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االس ِ‬
‫ت َج ال ٌ‬ ‫ص لّى أنْ َ‬ ‫ك أَثاث اً َوال َمتَاع اً ‪ ،‬س َوى ُم َ‬ ‫الم ‪َ ،‬وال َأرى يف َبْيت َ‬ ‫ْ‬
‫دار ِه َي َد ُار امل َق ِام ‪ ،‬وقَ َد َن ْق ْلنَا إلَْي َها َخْي َر‬ ‫ٌ‬ ‫الن ْقلَ ِة ‪َ ،‬و َأم َامنَا‬
‫ث يف َدا ِر ُّ‬ ‫ب ال َيتَ أثَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫إن اللَّبِْي‬‫َغ ْفلَ ةَ َّ‬
‫ُ‬
‫اع َوحَنْ ُن إلَْي َها ُمْنتَ ِقلُو َن ‪.‬‬ ‫َمتَ ٍ‬
‫ض َها‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َوبِيَ ِد ِه الد َّ‬ ‫ت َعلِيّ اً يَطُ ْو ُ‬ ‫ض ِه ْم قَ َ‬ ‫وعن بع ِ‬
‫ُّرةُ َو َعلَْي ه َإز ٌار فْي ه أ َْربَ َع َع ْش َر َة ُر ْق َع ةً َب ْع ُ‬ ‫ال َرأَيْ ُ‬ ‫َ َ ْ َْ‬
‫ِم ْن ِج ْل ٍد ‪.‬‬
‫ص ْي ِه‬ ‫ِِ‬ ‫الم ِه ر ِضي اهلل عْن ه أال وإن إم ام ُكم قَ ْد ا ْكتَفى ِمن ُّ ِ ِ ِ‬
‫الد ْنيَا بِط ْمريْه َوم ْن طَ َعام ه بِ ُق ْر َ‬ ‫َوم ْن َك َ َ ُ َ ُ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬أال وإنَّ ُكم ال َت ْق وو َن على ذَلِ ك ولَ ِكن أ َِعينُ ويِن بِ ور ٍع و ِ ٍ‬
‫اجت َه اد ‪َ ،‬ف َو اهلل َما َكَن ْز ُ‬ ‫َ َ ْ ْ ْ ََ َ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ت ِم ْن َغنَائِ ِم َها َو ْفَراً ‪.‬‬‫أحَر ْز ُ‬
‫ِ‬
‫ُد ْنيَا ُك ْم ترباً ‪َ ،‬وال ْ‬
‫اب َه َذا ال َق ْم ِح ‪،‬‬ ‫يت الطَِّريْ َق إىَل مص فَّى َه َذا العس ِل ‪ ،‬ولُب ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ ََ‬ ‫َُ‬ ‫الهتَ َد ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫ال ‪َ :‬ولَ ْو ش ْئ ُ‬ ‫إىَل أ ْن قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اي ‪،‬‬‫ات أَ ْن َي ْغلبَيِن ْ َه َو َ‬ ‫َونَ َسائ ِج َه َذا ال َقَّز ‪َ ،‬ولَك ْن َهْي َه َ‬

‫‪36‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َو َي ُق ْو ُديِن َج َشعِي إىَل خَتَرُّيِ األَطْعِ َم ِة ‪.‬‬


‫ت ِمْبطَان اً َو َح ْويِل‬
‫ص ‪َ ،‬والَ َع ْه َد لَهُ بِالشَّبَع ‪َ ،‬أو أَبِْي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َولَ َع َّل باحل َجاز َواليَ َم َامة َم ْن الَ يُ ْد ِر ُك ال ُق ْر َ‬
‫بُطُْو ٌن َغ ْرثَى ِمن اجلُْو ِع ‪َ ،‬وأَ ْكبُ ٌد َحَّراءُ ‪ ،‬فأ ُكو ُن َك َما‬
‫ال القائِ ُل ‪:‬‬ ‫قَ َ‬
‫ت بِبِطَْن ٍة‬
‫ك َعاراً أَ ْن تَبِْي َ‬
‫َو َح ْسبُ َ‬
‫ك أَ ْكبا ٌد تَ ِح ُّن إِلى ِ‬
‫الق َّد‬ ‫(‬
‫َو َح ْولَ َ َ‬
‫(‬
‫الذ َخائِِر‬
‫ب َّ‬ ‫َح‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫اله‬ ‫و‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش‬ ‫أل‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫هد‬ ‫الع‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫ت‬‫ِ‬
‫ك‬ ‫يف‬ ‫و ِمن َك ِ ِ ِ‬
‫ْ رَت نْي َ ُ ُ َ َ َْ ُ ْ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الم َعل ٍّي َرض َي اهللُ َعْن ُ‬
‫ه‬ ‫َ ْ‬
‫الش َّح‬
‫إن ُّ‬‫ك ‪ ،‬ف َّ‬ ‫ك َع ْن َما ال حَيِ ُّل لَ َ‬
‫ك َه َو َاك َو ُش َّح بَِن ْف ِس َ‬ ‫الص الِ ِح فَ ْاملِ ْ‬
‫الع َمل َّ‬ ‫إلَي َ ِ‬
‫ك َذخْي َر َة َ‬ ‫ْ‬
‫س باالنْ ِ ِ ِ‬
‫ت ‪ .‬أ‪.‬هـ‬ ‫ت َو َك ٍر َه ْ‬ ‫َحبَّ ْ‬
‫صاف مْن َها فْي َما أ َ‬ ‫َ‬ ‫بالن ْف ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األفعال فضائحها ‪.‬‬ ‫ران ِمن‬
‫األخالق قَبائِحها ويظْ ِه ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ان ِمن‬‫وقال غريه ‪ :‬اهلوى والنفس ينَتِج ِ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َفَق ْد ثَ ِكلَتُه ِعن َد َذ َ‬
‫اك ثَ ِ‬
‫واكلُ ْه‬ ‫الهوى‬
‫الم ْر َء َي ْقَتاده َ‬
‫ت َ‬ ‫إذا ما َرأَيْ َ‬
‫الناس إالّ حا ِز ُم الرْأ ِي َك ِاملُ ْه‬
‫ِ(من ِ‬ ‫الهَوى‬
‫الح ُر ْو َن عن َ‬‫س َ‬ ‫الن ْف ُ‬
‫ع َ‬‫وما َي ْر َد ُ‬
‫ت ِفيه َمَقاالً َعَو ِاذلُ ْه‬ ‫وقَ ْد َو َج َد ْ‬ ‫ت األ ْع َداء ج ْهالً بِن َف ِ‬
‫سه‬ ‫َ َ‬ ‫وقد أَ ْش َم َ‬

‫ان فال َخ ُير في الذي‬ ‫إذا ا ْشَتب َه األ َْمر ِ‬


‫َ َ‬
‫س َيْث ُق ُل‬ ‫راه إذا َكلَّْفَته َّ‬
‫النْف َ‬ ‫تَ ُ‬ ‫(‬
‫ِ‬
‫ب َهَو َاها واطَّر ْ‬
‫ِح(ما تُ ِريْ ُد ُه‬ ‫فَ َجان ْ‬
‫ت َت ْعِق ُل‬ ‫ِ‬
‫واللذات إ ْن ُكْن َ‬ ‫ِمن اللَّ ْه ِو‬ ‫(‬

‫ض ا ِريَاً َي ْغتَنِ ُم‬ ‫ك املحبَّةَ لِ َّلر ِعيَّ ِة والرَّمْح ِة هِبِم و َّ هِبِ‬ ‫وأ ْ ِ‬
‫الرفْ َق ْم َوالَ تَ ُك ْونَ َّن َعلَْي ِه ْم َس ُب َعاً َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َش ع ْر َق ْلبَ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ك يَف‬ ‫أخ لَ َ‬
‫ان َّإما ٌ‬ ‫أ ْكلَهم ‪ ،‬فَإمَّنَا هم ِصْن َف ِ‬
‫ُْ‬ ‫ُْ‬

‫‪37‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك يف اخلُلُ ِق ‪َ ،‬ي ْف ُر ُط ِمْن ُهم َّ‬


‫الع ْم ُد‬‫ض هَلُم العلَ ُل َويَأْيِت َعلَى أَيْديْ ِهم َ‬ ‫الزلَ ُل َوَت ْع ِر ُ‬ ‫الدَّيْ ِن أ َْو نَ ِظْيٌر لَ َ‬
‫َواخلَطَأْ ‪.‬‬
‫َّك‬‫ص ْف ِح ِه فَإن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب أَ ْن يُ ْعطْيك اهللُ م ْن َع ْف ِوه َو َ‬ ‫ك ‪ِ ،‬مثْ َل ال ِذي حُتِ ُّ‬ ‫ص ْف ِح َ‬ ‫ف ِْ ِ‬
‫أعط ُه ْم م ْن َع ْف ِو َك ‪َ ،‬و َ‬
‫اك أ َْم َر ُه ْم ‪َ ،‬و ْابتَالَك‬ ‫ك َواهللُ َف ْو َق َم ْن َواَّل َك ‪َ ،‬وقَ ْد ْ‬
‫اس تَ ْك َف َ‬ ‫ك َف ْوقَ َ‬ ‫َف ْو َق ُه ْم ‪َ ،‬و َوايِل َ األ َْمر َعلَْي َ‬
‫َهِبِ ْم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ند ْو َحةً ‪.‬‬ ‫ت َعْن َها َم ُ‬ ‫َوفْيه الَ َتْن َد َم َّن َعلَى َع ْف ٍو َوالَ َتتَبَ َّج َح َّن بِعُ ُق ْوبَة َوالَ تَ ْس ِر َع َّن إىل بَاد َر ٍة َو َج ْد َ‬
‫ب ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ال يف ال َق ْل ِ‬ ‫والَ َت ُق ولَ َّن إِين ام رٌؤ آم ر فَأُطَ اع ‪ ،‬فَ َّ ِ‬
‫ب َو َمْن َه َك ةٌ للدَّيْ ِن ‪َ ،‬وَت َق ُّر ٌ‬ ‫ك ْإد َغ ٌ‬ ‫إن َذل َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُُ‬ ‫َ‬
‫الغَرْيِ ‪.‬‬
‫ك ‪َ ،‬وقُ ْد َرتِ ِه‬ ‫ك ِ‬
‫اهلل َف ْوقَ َ‬ ‫ك أُبَّهةٌ أو خَمْيلَ ةٌ فَانْظُر إىل ِعظَم م ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫دث لَ َ ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ك َما فيه م ْن ُس ْلطَان َ َ‬ ‫َح َ‬ ‫فَإ َذا أ ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ك ِمن ِطم ِ‬
‫اح َ‬ ‫إن ذَلِ َ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬فَ َّ‬ ‫ِ‬
‫ك َعلَى َما ال َت ْقد ُر َعلَْي ِه ِم ْن َن ْف ِس َ‬ ‫ِمْن َ‬
‫ك يُطَام ُن إلَْي َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫َّش بُّه بِ ِه يف َجَبُروتِ ِه ‪َّ ،‬‬ ‫ِِِ‬
‫فإن اهللَ يُذ ُّل ُك َّل َجبَّا ٍر َويُِهنْي ُ‬ ‫اهلل يف َعظَ َمتِ ِه ‪َ ،‬والت َ‬ ‫ات ِ‬ ‫اك ومس ام ِ‬
‫َوفْيه إيَّ َ َ ُ َ َ‬
‫ك فِْي ِه‬ ‫ك ‪َ ،‬و َم ْن ل َ‬
‫ص ف النَّاس ِمن َن ْف ِس ك ‪ ،‬ومن خ َّ ِ‬
‫اص ةَ أ َْهل َ‬ ‫َ ََ ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ص ف اهلل ‪ ،‬وانْ ِ‬
‫َ َ‬
‫ُك َّل خُمْتَ ٍال ‪ ،‬أَنْ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪،‬د ْو َن‬ ‫ص َمهُ ُ‬ ‫ك تَظْل ْم َو َم ْن ظَلَم عبَ َاد اهلل َك ا َن اهللُ َخ ْ‬ ‫فع ْل َذل َ‬ ‫َّك إ ْن مَلْ تَ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَإن َ‬ ‫ى ِم ْن َر ِعيَّتِ َ‬ ‫َه َو ً‬
‫ض ُح َّجتَهُ ‪.‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫اص َمهُ اهللُ أ َْد َح َ‬ ‫عبَاده ‪َ ،‬و َم ْن َخ َ‬
‫إن يف النَّاس عُيُوبَ اً‬ ‫ب الن ِ‬
‫َّاس فَ َّ‬ ‫َش َن ُؤ ُهم ِعْن َد َك ‪ ،‬أَطْلََب ُهم لِم َع ائِ ِ‬ ‫َولْيَ ُك َن أ َْب َع ُد َر ِعيَّتِ َ‬
‫ْ َ‬ ‫ك َوأ ْ ْ‬ ‫ك َعْن َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك تَطْ ِهْي ُر َما ظَ َهر لَ َ‬ ‫ك ِمْن َها فَإمَّنَا َعلَْي َ‬
‫اب َعْن َ‬ ‫ِ‬
‫أح ُّق ب َس رْتِ َها ‪ ،‬فَالَ تَكْش َف َّن َع ْن َما َغ َ‬
‫ِ‬
‫الوايِل َ‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫اب َعْن َ‬‫َواهللُ حَيْ ُك ُم َعلَى َما َغ َ‬

‫‪38‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّاص ِحنْي َ َوالَ تُ ْد ِخلَ َّن يِف‬‫اش وإ ْن تَ َش بَّه بِالن ِ‬


‫َ‬ ‫الس اع ْي َغ ٌّ َ‬
‫إن َّ ِ‬ ‫اع فَ َّ‬ ‫ص ِديْ ِق َس ٍ‬ ‫وفيه َوالَ َت ْع َجلَ َّن بِتَ ْ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫األم و ِر َوالَ‬ ‫ك َعن ُ‬ ‫ض عِ ُف َ‬ ‫ض ِل ويَعِ ُد َك ال َف ْق َر َوالَ َجبَانَ اً يُ ْ‬ ‫ك َعن ال َف ْ‬ ‫ك خَبِ ْيالً َي ْع د ُل بِ َ‬ ‫َم ُش ْو َرتِ َ‬
‫إن يف‬ ‫احد ٍة فَ َّ‬
‫ك الشََّر َه بِاجلَْو ِر َوالَ يَ ُك ْو ُن امل ْح ِس ُن َوامل ِسيُء ِعْن َد َك َس َواءً مِب َْن ِزلٍَة َو َ‬ ‫صاً يَُزيَّ ُن لَ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬‫َح ِري‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُِ‬ ‫ك َتز ِهي َداً أل َْه ِل ا ِإلحس ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫اإلس اءَة َوألْ ز ْم ُكالً مْن ُه ْم َما ألْ َز َم‬ ‫أله ل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان يف ا ِإل ْح َس ان َوتَ ْدريْباً ْ‬ ‫ذَل َ ْ ْ‬
‫َْ‬
‫َن ْف َسهُ ‪.‬‬
‫الب َؤ َس ِاء‬ ‫ني َو ُ‬
‫ِ‬
‫ني َواملُ ْحتَ اج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ْفلَى ِمن الن ِ ِ‬
‫َّاس ال ذيْ َن ال حْيلَ ةَ هَلُ ْم َوامل َس اك ْ‬ ‫ْ‬ ‫مُثَّ اهللَ اهللَ يف الطََّب َق ِة ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِِ‬ ‫وال َّزم فَاح َف َظ اهلل فِي ِهما َكما اس تَح َفظَ َ ِ‬
‫ك‬ ‫اج َع ْل هلُ ْم ق ْس َماً م ْن َبْيت َمال َ‬ ‫ك م ْن َحقِّه فْي ِه ْم َو ْ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ْ‬ ‫َ ْىَن ْ‬
‫ص َوايِف َبلَ ِد َك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سه َماً َم ْن َغاَّل ت َ‬ ‫َو ْ‬
‫إن َه ُؤالَِء ِم ْن‬ ‫مِم‬
‫ال فَ َّ‬ ‫الر َج ُ‬ ‫ك ِمْن َه ْم َّْن َت ْقتَ ِح ُم هُ العُُي ْو ُن َوحَتَْت ُق ُره ِّ‬ ‫ص ُل إِ ْلي َ‬ ‫وَت َف َّق ْد أُم ور من ال ي ِ‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫مِم‬
‫الس ِّن َّْن ال ِحيلَ ةَ لَهُ وال‬ ‫الرقَِّة يف ِّ‬ ‫اف ِم ْن َغرْيِ ِه ْم َوَت َع َّه ْد أ َْه َل اليَتِي ِم َوأُويِل ِّ‬ ‫الر ِعيَّ ِة أَح ُّق باالنْص ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ُّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل ‪.‬‬ ‫يل واحْلَ ُّق ُكلهُ ثَق ٌ‬ ‫ك َعلَى الْ ُوالة ثَق ٌ‬ ‫ب نَ ْف َسهُ ل ْل َم ْسأَلَِة َوذَل َ‬ ‫ِ‬
‫َيْنص ُ‬
‫الض ِيق َوقِلَّةُ‬ ‫الر ِعيَّ ِة ُش ْعبَةٌ ِمن ّ‬ ‫الة َع ِن َّ‬ ‫وفِ ِيه وال يطُولَ َّن احتِجابك عن ر ِعيَّتِ ك فَِإ َّن احتِج اب الْ و ِ‬
‫ْ َ َ ُ‬ ‫ْ َ ُ َ َْ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ص غُُر ِعْن َد ُه ْم ال َكبِْي ُر‬ ‫احتَ َجبُ وا ُد ْونَ هُ َفيَ ْ‬
‫ِ‬
‫اب مْن ُه ْم َي ْقطَ ُع َعْن ُه ْم ع ْل َم َما ْ‬
‫ِع ْل ٍم ب األُمو ِر واالحتِج ِ‬
‫ُ َ ْ َ ُ‬
‫اط ِل ‪.‬‬ ‫الصغِير وي ْقبح احلسن وحَي سن ال َقبِيح وي َشاب احل ُّق بِالب ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َي ْعظُ ُم عْن َد ُه ْم َّ ْ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ ُ ُ َ َ‬
‫س َش ٌئ أ َْد َعى لَِن ْق َم ٍة َوال‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫َّه‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ها‬ ‫ِّماءَ َو َس ْف ِك َها بِغَرْيِ ِحلِّ‬ ‫د‬ ‫ال‬‫و‬ ‫اك‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫اهلل‬ ‫ه‬ ‫ويِف كِتابِ ِه رمِح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫أعظَم تَبِع ٍة والَ أَح رى لِ زو ِال نِعم ٍة وانِْقطَ ِ ٍ ِ‬
‫ِّها ‪ ،‬فَالَ ُت َف ِّوتَ َّن‬ ‫اع ُم دَّة م ْن َس ْفك ال د َماء بِغَرْيِ َحق َ‬ ‫ْ َ َ َ ْ َ ََ َْ َ‬
‫ك َدٍم َحَر ٍام ‪ ،‬فَ َّ‬
‫إن‬ ‫ك بِس ْف ِ‬
‫ُس ْلطَانَ َ َ‬

‫‪39‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ض عِ ُفهُ َويُ ْو ِهنُ هُ ‪ ،‬بَ ْل يُِز ْيلُ هُ َو َيْن ُقلُ هُ َو ِّ‬ ‫َذلِ مِم‬
‫ك َفتَ ْمل َ‬ ‫ض بُ َ‬ ‫الس طْ َو َة َحىَّت يَ ْس ُك َن َغ َ‬ ‫أخ ْر َّ‬ ‫ك َّا يُ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اخلِيار ‪ ،‬ولَن حُت ِكم َذلِك حىَّت تَكْثر مُه وم ِ‬
‫السالَ ُم ‪.‬‬
‫ك َو َّ‬ ‫ك بِذ ْك ِر امل َعاد إىل ربِّ َ‬ ‫ُ َ ُْ ُ َ‬ ‫ََ َ ْ ْ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫ال ‪ :‬وج َد علي بن أَيب طَ الِ ٍ ِ‬
‫ص َرايِن ّ فَأ ْقبَ َل بِ ِه إىل ُش َريْ ٍح‬ ‫ِ‬
‫ب د ْر َع هُ عْن َد َر ُج ٍل نَ ْ‬ ‫الش ْعيِب ّ قَ َ َ َ َ ُّ ْ ُ‬ ‫َو َع ْن َّ‬
‫ص ِم ْي ُم ْس لِ َماً‬ ‫ب ُش َريْ ٍح قَ َال يَا ُش َريْ ُح لَ ْو َك ا َن َخ ْ‬ ‫اص مهُ قَ َال فَ َج اء َعلِ ُّي َحىَّت َجلَس إىل َجْن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خُيَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صَرايِن ٌّ َوقَ ْد قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم‬‫ص لى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّ َم إذا ُكْنتُ ْم َوإيَّ ُ‬ ‫ول اهلل َ‬ ‫ت إال َم َعهُ َولَكنَّهُ نَ ْ‬ ‫َما َجلَ ْس ُ‬
‫ص غََّر اهللُ هِبِم ِم ْن َغرْيِ أ ْن تَطْغَ ْوا مثَّ قَ َ‬ ‫هِبِ‬ ‫طروهم إىل م ِ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫كما َ‬ ‫وص غ ُِّر ْوا ْم َ‬ ‫ض ايِق ِه َ‬ ‫اض ُّ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫يف طَ ِريْ ٍق فَ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َبع َومَلْ َأه ْ‬ ‫َه َذا الد ِّْرعُ د ْرع ْى َومَلْ أ ْ‬
‫َّص َرايِن ّ َما الد ِّْرعُ إالّ ِد ْر ِع ْي ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ول فِيما ي ُق ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال الن ْ‬ ‫نني َف َق َ‬‫ول أَمريُ املُؤم َ‬ ‫َّصَرايِن ّ َما َت ُق ُ َ َ‬ ‫ال ُشَريْ ٌح للن ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫ال لَهُ‬ ‫ب َف َق َ‬ ‫ؤمنني َعلَى بْ ِن أِيب طَالِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نني عْن د ْي بِكاذ ٍب فَالَْت َف َ‬
‫ؤم ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ت ُش َريْ ٌح إىل أمرْي املُ َ ّ‬ ‫أمي ُر املُ َ‬ ‫َو َما ْ‬
‫ض ى ُش َريْ ٌح هِبَا‬ ‫ه ل ِمن بِّين ٍة فَض ِح ِ‬
‫اب ُش َريْ ٌح َم ايِل َف َق َ‬ ‫أص َ‬ ‫ال َ‬ ‫ض َي اهللُ َعْن هُ ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ك َعل ٌّي َر َ‬ ‫َ ْ ْ ََ َ َ‬
‫َّصَرايِن ّ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للن ْ‬
‫َح َك ُام األنْبِيَ ِاء ‪ِ ،‬أمْي ُر‬ ‫ال َّأما أَنَا فَأَ ْشه ُد َّ ِ ِ‬
‫أن َهذه أ ْ‬ ‫َ‬ ‫شى ُخطاً مُثَّ َر َج َع َف َق َ‬ ‫َخ َذهُ الن ْ يِن‬
‫َّصَرا ّ َو َم َ‬ ‫ال فَأ َ‬‫قَ َ‬
‫ض ْي َعلَْي ِه ‪.‬‬ ‫اضي ِه ي ْق ِ‬‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫املُؤمننْي َ يُ ْدنْيِيْن إىل قَ ْ َ‬

‫ني‬ ‫اهلل ِدرع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ ْش َه ُد أَ ْن الَ إلَهَ إالَ اهللُ َوأَ ْش َه ُد أ َّ‬
‫ك يَا أَمْي َر املُؤمْن َ‬ ‫َن حُمَ َّم َداً َعْب ُدهُ َو َر ُسولُه ‪ ،‬الد ِّْرعُ َو ْ ُ‬
‫ت‬ ‫ت ِم ْن َب ْعرِي َك األ َْو َر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّأما إ َذا أس لَ ْم َ‬ ‫ق َف َق َ‬ ‫ني فَ َخ َر َج ْ‬ ‫ت ُمْنطَل ٌق إىل ص ف َ‬ ‫ش وأنْ َ‬ ‫ت اجلَْي َ‬ ‫اتََّب ْع ُ‬
‫ك َومَحَلَهُ َعلَى َفَر ٍس ‪.‬‬ ‫ف ِه َي لَ َ‬

‫‪40‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الغنى‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬لَعمر َك ما ُت ْغنِي المغَانِي والَ ِ‬


‫َ َ‬ ‫َُْ َ‬
‫المثْ ِري الثََّرى َوثَوى بِِه‬ ‫إ َذا َس َك َن ُ‬ ‫(‬
‫بالمال َراضياً‬ ‫اهلل ( ِ‬ ‫اضي ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ ُج ْد في َمَر ْ‬
‫أج ِر ِه َوَثَوابِِه‬ ‫ِ‬
‫بِ َما َت ْقَتنِي م ْن ْ‬ ‫(‬
‫الذي َما أَطَ َ‬
‫اعهُ‬ ‫س (ِ‬ ‫النْف ِ‬
‫اص َهَوى َّ‬ ‫َو َع ِ‬
‫أ ُخ ْو ظَل ٍّة إال َهَوى ِم ْن ُعَقابِِه‬ ‫(‬
‫خو ِف ِه‬ ‫ِ‬
‫َو َحاف ْظ َعلَى َت ْقوى اآل(لَه َو ْ‬
‫ٍ‬
‫لَِتْن ُجو ِم َّما ُيّتَقي ِم ْن ِعَقابِِه‬ ‫(‬

‫ك َوابلُهُ‬ ‫َوالَ َتلْهُ َع ْن تِ ْذ َكا ِر َذنْبِ( َ‬


‫صابِِه‬ ‫بِ َدم ٍع ي َ ِ‬ ‫(‬
‫ال ُم َ‬ ‫الم ْز َن َح َ‬
‫ضاه ْي ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ك ِ‬
‫الح َم َام َ(و َوق َْعهُ‬ ‫َو َمثِّل لَِعْيَنْي َ‬
‫صابِِه‬‫َو َر ْو َع َة ُم ْلَق ُاه َو َمط َْع َم َ‬ ‫(‬
‫الح( ِّى ُح ْفَرةٌ‬ ‫ص َارى َمْن ِز ِل َ‬ ‫إن قُ َ‬‫َو َّ‬
‫َسَيْن ِزلَُها ُم ْسَتْنَزالَ َع ْن ِقَبابِه‬ ‫(‬
‫اء ُه ُس ْوءُ (ِف ْعِل ِه‬ ‫فَ ِ ٍ‬
‫واها ل َعْبد َس َ‬ ‫ً‬
‫َوأَبْ َدى التَّالَِف ْي َقَب َل إغالَ ِق بَابِِه‬ ‫(‬
‫(‬
‫ك ‪ ،‬وإ ْن‬ ‫ص ْف َقتُ َ‬
‫ت َ‬
‫ِ‬ ‫ضي اهللُ َعْنهُ لِ َع َّما ٍر َعالَ َم َتتَأ ََّوهُ ؟ إن ْ َكا َن َعلَى ُّ‬
‫الد ْنيَا َف َق ْد َخسَر ْ‬ ‫قَ َ َ ّ َ‬
‫ر‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ال علِ‬
‫األش يَ ِاء‬
‫َح َق ِر ْ‬ ‫ات ُّ‬
‫الد ْنيَا يف أ ْ‬
‫ك ‪ ،‬يا ع َّماُر إيَّن وج ْدت لَ ّذ ِ‬
‫ََْ ُ‬ ‫ت َ َارتُ َ َ َ‬
‫اآلخ ر ِة َف َق ْد رحِب جِت‬
‫ََْ‬
‫ِ‬
‫كا َن علَى َ‬
‫ض ْل َها َسائَِرةٌ يف اهلََو ِاء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َس ُل َو ُه َو م ْن َح َشَر ِة ‪ ،‬امل ْش ُر ْوبَات ‪َ ،‬وأَفْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الطَّ َع ِام َوأَفْ َ‬
‫ضلُه‬
‫َ‬

‫‪41‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك َو ُه َو ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ض لُ َها امل ْس ُ‬ ‫ات ‪َ ،‬وأَفْض لُ َها احلَ ِر ْي ُر َو ُه َو م ْن ُد ْود ال َق ِّز ‪ ،‬املَ ْش ُم ْو َم ُ‬
‫ات َوأَفْ َ‬ ‫املَْلُب ْو َس ُ‬
‫اض َسائَِرةٌ يف اهلََو ِاء ‪.‬‬ ‫أعَر ٌ‬
‫ِ‬
‫ات َوه َي ْ‬ ‫فَ َأر ٍة ‪ ،‬املَ ْس ُم ْو َع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال يف َمبَ ٍال َو َح ْس بُ َ‬
‫ك أ َّ‬
‫َن املَْرأةَ َتَتَزيَّا ب أَ ْقبَ ِح َش ٍئ فْي َها ‪َ :‬ه ذه العظَةُ تَكْش ُ‬
‫ف لَنَا‬ ‫اح َو ُه َو َمبَ ٌ‬‫النِّ َك ُ‬
‫هِت‬ ‫عن ه و ِان ال ُّد ْنيا علَى ِ‬
‫أح َق ِر األَش ياء واهلل أعلم ‪ .‬وص لى اهلل على‬ ‫ث َج َع َل لَ َّذا َا يف ْ‬ ‫اهلل َحْي ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫حممد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫وم َن احلِ َكم املروية عنه ما يلي ‪:‬‬ ‫فَصل ‪ِ :‬‬
‫ٌْ‬
‫وق ال رضي اهلل عنه ‪ (( :‬البخل ع ار واجلنب منقصة والفقر خيرس الفطن عن حجته واملقل‬
‫غريب يف بلدته والعجز آفة والصرب شجاعة والزهد ثروة والورع جنة )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬نعم الق رين الرضى والعلم وراثة كرمية و اآلداب حلل جمددة والفكر م رآة ص افية‬
‫)) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬ص در العاقل ص ندوق س ره والبشاشة حبل املودة واالحتم ال قرب العي وب )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬إذا أقبلت ال دنيا علي أحد أعارته حماسن غ ريه وإذا أدب رت عنه س لبته حماسن‬
‫نفوسه )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬إذا ق درت علي ع دوك فاجعل العفو عنه ش كرا للق درة عليه )) ‪ .‬وق ال ‪ (( :‬إذا‬
‫وصلت إليكم أطراف النعم فال تنفروا قصاها بقلة الشكر )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬من جري يف عنان أمله عثر بأجله )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬من أبطأ به عمله مل يسرع به‬
‫نس به )) وي روي ه ذا عن رس ول اهلل ‪ (( ‬من كف ارات ال ذنوب العظ ام إغاثة املله وف‬
‫والتنفيس عن املكروب )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬يا ابن آدم إذا رأيت ربك س بحانه يت ابع نعمه عليك و أنت تعص يه فاح ذره )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬احلذر احلذر فواهلل لقد سرت حيت كأنه غفر )) ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وقال ‪ (( :‬فاعل اخلري خري منه وفاعل الشر شر منه)) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬كن مسحاً وال تكن مبذراً‬
‫وكن مقدراً وال تكن مقرتاً ))‬
‫وقال ‪ (( :‬من أسرع إىل الناس مبا يكرهون قالوا فيه مبا ال يعلمون )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬طوىب ملن ذكر املعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف ورضي عنه اهلل )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ :‬اح ذروا ص ولة الك رمي إذا ج اع وص ولة الل ئيم إذا ش بع )) ‪ .‬وق ال ‪ (( :‬أوىل الن اس‬
‫بالعفو أقدرهم على العقوبة )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬القناعة مال ال ينفذ )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬اللس ان س بع إن خلي عنه عقر )) ‪ .‬وق ال ‪ (( :‬ف وت احلاجة أه ون من طلبها إيل‬
‫غري أهلها )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬ال تستح من إعطاء القليل فإن احلرمان أقل منه )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬إذا مت العقل نقص الكالم )) ‪ .‬وق ال ‪ (( :‬من نصب نفسه للن اس إمام اً فليب دأ‬
‫بتعليم نفسه قبل تعليم غريه وليكن تأدبيه بسريته قبل تأديبه بلسانه ومعلم نفسه ومأدهبا أحق‬
‫باالجالل من معلم الناس ومؤدبيهم )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬قيمة كل امرئ ما حيسنه )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ ( :‬أوص يكم خبمس لو ض ربتم إليها آب اط االبل لك انت ل ذلك أهالً ال يرج ون أحد‬
‫منكم إال ربه وال خيافن إال ذنبه وال يس تحني أحد إذا س ئل عما ال يعلم أن يق ول ال أعلم‬
‫وال يستحني أحد إذا مل يعلم الشيء أن يتعلمه ‪.‬‬
‫وعليكم بالصرب فان الصرب من اإلميان كالرأس من اجلسد وال خري يف جسد بغري رأس وال يف‬
‫إميان ال صرب معه )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬من أص لح ما بينه وبني اهلل أص لح اهلل ما بينه وبني الن اس ومن أص لح أمر آخرته‬
‫أصلح اهلل له أمر دنياه ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من اهلل حافظ )) ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وقال ‪ (( :‬اعقلوا اخلري عقل رعاية ال عقل رواية فإن رواة العلم كثري ولكن رعاته قليل )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬ال ي رتك الن اس ش يئًا من امر دينهم الستص الح دني اهم إال فتح اهلل عليهم ما هو‬
‫اضر منه )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬إضاعة الفرصة غصة )) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ (( :‬عجبت للبخيل يس تعجل الفقر ال ذي منه ه رب ويفوته الغىن ال ذي إي اه طلب‬
‫فيعيش يف الدنيا عيش الفقراء وحياسب يف اآلخرة حساب األغنياء ‪.‬‬
‫وعجبت للمتكرب الذي كان باالمس نطفة ويكون غداً جيفة ‪.‬‬
‫وعجبت ملن شك يف اهلل وهو يرى خلق اهلل ‪.‬‬
‫وعجبت ملن نسي املوت وهو يرى املوتى ‪.‬‬
‫وعجبت ملن أنكر النشأة األخرى وهو يرى النشأة األوىل ‪.‬‬
‫وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء )) ‪.‬‬
‫َعلى ِح ْف ِظ ٍ‬
‫مال وهو لِْلغَْي ِر يَ ْد َخ ُر‬ ‫ضْي ُع َحَياتَهُ‬‫فيا َعجباً ِم َّمن ي ِ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ث ُيْن ِك ُر‬ ‫ْبع ِ‬ ‫وَتر ِجع فيه َكي َ ِ‬ ‫(ومن ُتَتوفى نَفسه ُك َّل ٍ‬
‫ف لل ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ليلة‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬
‫الج ْس ِم أَقْ َد ُر‬‫وح منه فى ِ‬ ‫َعلَى َر ِّد ُر ٍ‬ ‫َبلَى قَ ِاد ٌر أنْ َشأ ٌه أ ََّو َل َمَّرٍة‬
‫(‬
‫وق ال ‪ (( :‬ال يك ون الص ديق ص ديقاً حىت حيفظ أخ اه يف ثالث يف نكبته وغيبته ووفاته )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬تنزل املعونة على قدر املؤنة )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬املرء خمبوء حتت لسانه )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬ال يعدم الصبور الظفر وان طال به الزمان‬
‫)) ‪.‬‬
‫وق ال ‪ ( :‬الراضي بفعل ق وم كال داخل معهم وعلى كل داخل يف باطل امثان إمث العمل به و‬
‫إمث الرضى به )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها يف عقوهلا )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬من كتم سره كانت اخلرية بيده ) وقال ‪ (( :‬االعجاب مينع االزدياد )) ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وق ال ‪ (( :‬الن اس أع داء ما جهل وا )) ‪ .‬وق ال ‪ (( :‬زاجر املسيء بث واب احملسن )) ‪ .‬وق ال ‪:‬‬
‫(( الطمع رق مؤبد )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬مل يذهب من مالك ما وعظك )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬ال يزهدنك يف املعروف من ال يشكر لك فقد يشكرك عليه من ال يستمع به وقد‬
‫تدرك من شكر الشاكر اكثر مما أضاع الكافر واهلل حيب احملسنني )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬بئس الزاد إيل املعاد العدوان على العباد )) ‪ .‬وقال ‪(( :‬من كساه احلياء ثوبه مل ير‬
‫الناس عيبه )) ‪.‬‬
‫وقال ‪ (( :‬الكرم أعطف من الرحم )) ‪ .‬وقال ‪ (( :‬من ظن بك خرياً فصدق ظنه )) ‪ .‬وقال‬
‫‪ (( :‬احلدة ضرب من اجلنون فان صاحبها يندم فان مل يندم فجنونه مستحكم )) ‪ .‬انتهى‬
‫ك ش ُئ ِم ْن أ َْمرنَا‬ ‫اللهم إِنَّك َت ْعلَ ُم ِس َّرنَا َو َعالَنِيََتنَا وتَ ْس َم ُع َكالََمنَا وَت َرى َم َكا َننَا الَ خيَْفى َعلي َ‬
‫ُ‬
‫ِِ‬
‫ص ُرهُ‬‫ك َم ْن َيْن ُ‬ ‫ك أَ ْن ُت َقيِّظ ل دينِ َ‬‫ك نَ ْس أَلُ َ‬‫ك املس تغيثون املس تجريو َن بِ َ‬ ‫الب َؤ َس اءُ ال ُف َق راءُ إِلي َ‬
‫حَنْ ُن ُ‬
‫الزيْ ِغ وال ُك ْف ِر والعِنَ ِاد‬
‫َهل َّ‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫وي‬ ‫رات وي ِقيم علَم اجلِه ِ‬
‫اد‬ ‫ث ِمن البِ َدع واملْن َك ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويُزي ُل َما َح َد َ ْ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ك يا أ َْر َحم ال رامحني وصلى اهلل على‬ ‫ك أَ ْن َت ْغف َر لنَا ول َوال د ْينَا ومجي ِع الْ ُمس لمني برمحتِ َ‬ ‫ونَ ْس أَلُ َ‬
‫حممد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫مواعظ ونصائح‬
‫ب عليه السالم خطب فقال (( احلمد هلل أمحده‬ ‫علي بن أيِب طَالِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫وعن رجل من بين شيبان أن َّ َ‬
‫وأتوكل َعليه ‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأؤم ُن بِِه‬
‫وأستعٍينه ‪ِ ،‬‬
‫ودين احلق لِيُ ِزيْ َح به‬
‫وأن حممداً عبده ورسوله ‪ ،‬أرسله باهلدى ِ‬

‫‪45‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ْو ُق ُف ون على‬
‫ومْبعُوثُون من بعد املوت َ‬ ‫علَّتَ ُك ْم ‪ ،‬وليُوق َظ به َغ ْفلَتَ ُكم ‪ ،‬واعلموا أنكم َميِّت ُون َ‬
‫أعمالكم وجمَّزيُو َن هبا ‪.‬‬
‫ص وفَةٌ ‪ُ ،‬ك ُل‬ ‫فال َتغُرنّ ُكم احلَياةُ الدنيا فإهنا داٌر بالبالء حَم ُفوفةٌ ‪ ،‬وبالفناء معروفة ‪ ،‬وبِالغَ در َم ْو ُ‬
‫وم أهواهُل ا ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بني أهلها ُد َو ٌل وس َجال ‪ ،‬ال تَ ُد ُ‬ ‫ما فيها َزوال وهي َ‬
‫وس رور ‪ ،‬إِذا هم ِمنها يف بالء وغُ ُرور‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولن يَ ْس لَ َم من ش ِرها نَُّزاهلُا ‪ ،‬بينا أهلها منها يف َر َخ اء ُ‬
‫صّرفَةٌ ‪.‬‬ ‫وتارات ُمتَ َ‬
‫ٌ‬ ‫َح َو ٌال خُمْتَلِفة ‪،‬‬
‫‪،‬أْ‬
‫راض ُم ْس َت ْهدفَة َت ْر ِميهم‬ ‫أهلها فيها أغ ٌ‬ ‫العيش فيها َم ْذ ُموم ‪ ،‬والرخ اءُ فيها ال يَ ُدوم ‪ ،‬وإمنا ُ‬ ‫ُ‬
‫مامها ‪ ،‬حت ُفه فيها َم ْق ُدور وحظُّه فيها َم ْوفُور ‪.‬‬ ‫وتقصمهم حِبِ ِ‬‫بسهامها ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫أطول منكم‬ ‫ض ى مِم َّْن كان َ‬ ‫الدنيا على سبيل َمن قد َم َ‬ ‫اهلل وما أنتم فيه ِمن زهر ِة ُ‬ ‫واعلموا ِعباد ِ‬
‫ََ‬
‫َعمَر ِدياراً ‪َ ،‬‬
‫وأبعد آثاراً ‪.‬‬ ‫َش َّد منكم بَطْشاً ‪ ،‬وأ َ‬
‫أعماراً ‪ ،‬وأ َ ِ‬
‫وآثار ُهم عافِية‬ ‫ِ‬
‫يار ُهم َخالية ‪ُ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫اد ُهم بالية َود ُ‬ ‫َج َس ُ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ت أمواهُل م هام َدةً من بعد نُ ْقلَت ِهم ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫فأصبَ َح ْ‬
‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫ين‬
‫ور واألحج َار يف ال ُقب ور اليت قَ ْد بُ َ‬ ‫فاس تبدلُوا بال ُقص ور الْ ُم َش يَّ َد ِة والنم ا ِر ِق الْ ُم َّم َه َد ِة ُّ‬
‫الص ُخ َ‬
‫وشيِّ َد بالرتاب بِنَ ُاؤ َها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ناؤ َها ‪ُ ،‬‬ ‫على اخلراب ف ُ‬
‫اغلِني ‪ ،‬ال‬ ‫فَمحلُّها م ْق ب ‪ ،‬وساكنها م ْغ ب ‪ ،‬بني أَه ل ِعم ار ٍة مو ِح ِش ني ‪ ،‬وأَه ِل حَم لَّ ٍة متَ َش ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُْ‬ ‫ُ رَت‬ ‫َ َ َ ُ رَت‬
‫بينهم ِمن ُق ْر ِب‬
‫واص َل اجل ريان وا ِإلخ وان ‪ ،‬على َما ُ‬
‫ِ‬
‫واص لُون تَ ُ‬ ‫يَ ْستأْن ُس و َن ب العُ ْمران ‪ ،‬وال َيتَ َ‬
‫ِ‬
‫اجلِوار ‪ُّ ،‬‬
‫ودنُ ّو الدار ‪.‬‬
‫َص بَ ُحوا‬
‫والثرى ‪ ،‬فَأ ْ‬‫واص ٌل وقد طَ َحَن ُهم بِ َك ْل َكلِ ِه البِلَى وأَظَلَّْت ُه ُم اجلَنَ ِاد ُل َّ‬ ‫ف يكو ُن َبْيَن ُهم تَ ُ‬ ‫و َكْي َ‬
‫يش ُرفَاتاً ‪.‬‬ ‫الع ِ‬ ‫ض َار ِة َ‬ ‫وب ْع َد َغ َ‬
‫بعد احلياة أ َْم َواتاً ‪َ ،‬‬

‫‪46‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ هِبِ‬
‫هات ‪َ ﴿ ،‬كالّ‬ ‫ات َهْي َ‬ ‫فليس هلم إِياب ‪َ ،‬هْي َه َ‬ ‫وس َكنُوا الرُت اب ‪ ،‬وظَ َعنُ وا َ‬ ‫َحبَ اب ‪َ ،‬‬ ‫فُج َع م األ ْ‬
‫يوم يُْب َعثُون ﴾ ‪.‬‬ ‫إِهّن ا َكلمةٌ هو قائلها وم ِن ورائِهم برزخ إىل ِ‬
‫ََ ْ َ َ ٌ‬
‫وارهُتِْنتم يف ذلك‬ ‫ِ‬
‫والو ْح َدة يف َدا ِر املَْث َوى ‪ْ ،‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ص ُاروا إليه من البلى ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫وك أن قد ص ْرمُت إىل َما َ‬
‫ودع ‪.‬‬ ‫وض َّم ُكم ذلك الْ ُم ْستَ َ‬ ‫ض َجع ‪َ ،‬‬ ‫امل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الص دور ‪َ ،‬و َو َق ْفتُم‬ ‫ُ‬ ‫يف‬ ‫ما‬ ‫ل‬
‫ُ ّ َ‬ ‫ص‬ ‫وح‬ ‫‪،‬‬ ‫ور‬ ‫ب‬‫ق‬‫ُ‬ ‫ال‬ ‫رت‬ ‫عث‬ ‫وب‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫ور‬ ‫ُم‬
‫ُ‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫اه‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫َ ْ ََ َ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫لو‬ ‫بكم‬ ‫فكيف‬
‫ك اجلَ ِ‬
‫ليل ‪.‬‬ ‫صيل ‪ ،‬بني ي َدي امللِ ِ‬ ‫لِلَّتح ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َس تَار ‪،‬‬ ‫ت َعن ُكم احلُ ُجب و األ ْ‬ ‫وهتَ َك ْ‬
‫وب ‪ُ ،‬‬ ‫الف ال ُذنُ ِ‬‫وب ‪ِ ،‬إل ْش َفاقِها ِمن س ِ‬ ‫فَطَ ار ِت ال ُقلُُُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َسَرار ‪.‬‬ ‫وظَه ِ‬
‫يوب واأل ْ‬ ‫رت منكم العُ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫َس ُاؤوا مِب َا‬ ‫س مِب ا كس بت ﴾ إِن اهلل عز وجل يقول ﴿ لِيج ِز َّ ِ‬ ‫كل َن ْف ٍ‬ ‫ِ‬
‫ين أ َ‬
‫ي الذ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ك ﴿ جُتْ زى ُّ‬ ‫ُهنَال َ‬
‫َح َسنُوا بِاحْلُ ْسىَن ﴾‬ ‫ع ِملُوا وجَي ِز َّ ِ‬
‫ين أ ْ‬‫ي الذ َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ني مِم َّا فِي ِه َو َي ُقولُ و َن يَا َو ْيلََتنَا َم ِال َه َذا‬ ‫ِِ‬
‫ني ُم ْش فق َ‬
‫ِ‬
‫اب َفَت َري الْ ُم ْج ِرم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وق ال ﴿ َو ُوض َع الْكتَ ُ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫اب اَل يغَ ِادر ص غِري ًة واَل َكبِ ري ًة إال أَحص اها ووج ُدوا ما ع ِملُ وا ح ِ‬ ‫الْ ِكتَ ِ‬
‫اض ًرا َواَل يَظْل ُم َربُّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ َ‬
‫َح ًدا ) ‪.‬‬ ‫أَ‬
‫جعلنا اهلل و إِي اكم ع املني بكتابه ‪ُ ،‬متّبعني ألوليائه ‪ ،‬حىت حُيِ لَّنا وإِي اكم َد َار امل َق َام ِة ِمن‬
‫ُ‬
‫ضلِ ِه ‪ ،‬إِنه محيد جميد ‪.‬‬ ‫فَ ْ‬
‫اس ومل يعرفه‬ ‫ف الن َ‬ ‫علي عليه الس الم ‪ ،‬ق ال ‪ :‬طُ وىب لِ ُك ِّل عب ٍد نُ َو َم ٍة َع َر َ‬ ‫عن احلسن ‪ ،‬عن َّ‬
‫الناس ‪َ ،‬عَرفَه اهللُ بِ ِرضوان ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ف اهللُ عنهم ُك َّل فتن ة ُمظْلمة ‪ ،‬س يدخلهم اهلل يف رمحته منه ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابيح اهلدى يَكْش ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ك َم َ‬ ‫أولئ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علي عليه السالم ‪" :‬‬ ‫ض ْمرة عن َّ‬ ‫ليسوا بامل َذايِْي ِع البُ ُذ ِر وال اجلَُف اة الْ ُم رائني ‪ .‬وعن عاصم بن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ص هلم يف‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫ِ‬
‫ذاب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫اهلل‬ ‫رمحة‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِّط‬ ‫ن‬‫ق‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ذي‬ ‫ال‬ ‫الفقيه‬ ‫أال إن‬
‫ُ َ ِّ ُ‬ ‫ُ َ ُُ‬ ‫ُ‬
‫اصي اهلل ‪.‬‬ ‫مع ِ‬
‫ََ‬

‫‪47‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وال يَ َدعُ ال ُق رآن َر ْغبَ ةً عنه إِىل َغ ِري ِه وال َخْي َر يف ِعبَ َاد ٍة ال ع ْل َم فيها وال خري يف علم ال َف ْه َم‬
‫فيه ‪ ،‬وال خير يف قِ ٍ‬
‫راءة ال تَ َّدبُّر فيها )) ‪.‬‬ ‫ََْ‬
‫َن علي اً عليه الس الم ق ال ( يا أيها الن اس ‪ُ ،‬خ ُذ ْوا عين ه ؤالء الكلم ات ‪ ،‬فلو‬ ‫عن الش عيب ‪ ،‬أ َّ‬
‫َصبتم ِم ْثلَها ) ‪.‬‬
‫ض ْو َها ما أ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َركْبتُم الْ َمط َّي حىت تُْن ُ‬
‫لم ‪ ،‬وال‬ ‫ال يرج و َّن عب ٌد إِال ربَّه ‪ ،‬وال خَيَ افَ َّن إِال َذ ْنبه ‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ستحيي ‪ -‬إِذا مل َيع ْل َم ‪ -‬أن َيَت َع َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ َْ‬
‫ول ‪ :‬ال أ َْعلَم ‪.‬‬‫يَ ْستَ ِحيي ‪ -‬إِذا ُسئل عما ال يعلم ‪ -‬أَ ْن ي ُق َ‬
‫رأس له ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الصرب ِمن اإلميان مبنزلة ِ ِ‬
‫الرأس من اجلسد ‪ ،‬وال َخْيَر يف َج َسد ال َ‬ ‫واعلَ ُموا أن َّ‬ ‫ْ‬
‫لمى ‪ ،‬عن علي بن أيب ط الب ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أوحى اهلل عز وجل إىل نيب‬ ‫الس َ‬
‫وعن أيب عبد ال رمحن ُّ‬
‫من األنبي اء أنه ليس من أهل بيت وال أهل دار وال أهل قرية يكون ون يل على ما أحب‬
‫فيتحولون عن ذلك إىل ما أكره ‪ ،‬إِال حتولت هلم مما حيبونه إىل ما يكرهون ‪.‬‬
‫وليس من أهل بيت وال أهل دار وال أهل قرية يكونون يل على ما أكره فيتحولون من ذلك‬
‫إىل ما أحب إال حتولت هلم مما يكرهون إىل ما حيبون ‪.‬‬
‫انتفعت بكالم أحد بعد رس ول اهلل ‪ ‬كانتف اعي‬ ‫ُ‬ ‫وعن عبد اهلل بن عب اس أنه ق ال ‪ :‬ما‬
‫إيل ‪:‬‬
‫الب ‪ ،‬فإنه كتب َّّ‬ ‫بكتاب َكتَب علي بن أىب طَ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ ّ‬
‫ويس َّره َد ْرك ما مل يكن لَِي ُفوتَه ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ت ما مل يكن ليُ ْدر َكه ‪َ ،‬‬ ‫(( أما بعد ف ان املرءَ يس وءُهُ َف ْو ُ‬
‫ت ِمن‬ ‫ِ‬
‫ك منها وما ن ْل َ‬ ‫أس ُفك على ما فَاتَ َ‬ ‫ك ولي ُك ْن َ‬ ‫آخرت َ‬ ‫ِ‬
‫لت من أم ر َ‬
‫َف ْلي ُكن س رور ُك مبا نِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ُُْ‬
‫ثرن به َفرحاً ‪ ،‬وما فَ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫عد املوت‬ ‫ك فيما بَ َ‬ ‫تأس عليه َحَزن اً وليكن مَهُّ َ‬
‫اتك منها فال َ‬ ‫اك فَال تُك َّ َ َ‬ ‫ُد ْنيَ َ‬
‫)) ‪.‬‬
‫وعن جعفر بن حممد ‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬عن ج ده ‪ ،‬أن علي اً رضي اهلل عنه ش يَّع َجنَ َاز ًة ‪ ،‬فلما‬
‫ِ‬
‫كوها فقال ‪ (( :‬ما تبكون ؟‬ ‫ت يف حَلْد َها َع َّج أهلُها وبَ ْ‬ ‫ُو ِض َع ْ‬

‫‪48‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َذهلَْت ُهم ُم َع اينََت ُهم عن َميِّتِهم ‪ ،‬وإِن له فيهم لَ َع ْو َدة ‪ ،‬مث‬ ‫ُّهم أل َ‬ ‫اين َميِت ُ‬
‫ِ‬
‫أما واهلل لو َع َاينُوا ما َع َ‬
‫عودة ‪ ،‬حيت ال يُبقي منهم أحداً )) ‪ .‬مث قام فقال ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت لكم اآلجال ‪ ،‬وجعل لكم‬ ‫أوصيكم عبَ َاد اهلل بتقوى اهلل الذي ضرب لكم األمثال ‪ ،‬ووقَّ َ‬
‫أمساعاً تعي ما َعناها ‪ ،‬وأبصاراً لتجلو عن غشاها ‪ ،‬وأفئدة َت ْف َه ُم ما دهاها ‪.‬‬
‫إِن اهلل مل خيلقكم عبث اً ‪ ،‬ومل يض رب عنكم ال ذكر ص فحاً بل اك رمكم ب النعم الس وابغ ‪،‬‬
‫وج دُّوا يف الطلب ‪ ،‬وب ِادروا بالعمل َقْب َل ه ادم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأرصد لكم اجلزاء ‪ ،‬ف اتقوا اهلل عبَ َاد اهلل ُ‬
‫اللذات ‪.‬‬
‫ناد مائِ ِل ‪ ،‬اتَّعظوا ِعبَ َاد‬ ‫وس ٌ‬ ‫فان الدنيا ال ي ُدوم نعِيمها ‪ ،‬وال ُت ْؤمن فَجائِعها ‪َ ،‬غ رور حائِل ‪ِ ،‬‬
‫ُ ٌ‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وازد ِجُر بِالنُ ُذر ‪ ،‬وانتفعُوا باملواعظ ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫اهلل بالعرب ‪َ ،‬‬
‫ات األُم ور بنفخ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت الرُت اب ‪ ،‬ودمهت ُكم ُم ْفظع ُ‬ ‫وض ِّمْنتُم َبْي َ‬
‫الب املنية ‪ُ ،‬‬ ‫فَ َك أَ ْن قَ ْد َعل َقْت ُكم خَمَ ُ‬
‫قف احلساب ‪ ،‬بِ ِ‬
‫احاطة قُ ْد َر ِة اجلبار ‪.‬‬ ‫ياق احملش ِر ‪ ،‬ومو ِ‬ ‫وس ِ‬ ‫الصور ‪ ،‬وبعثَر ِة ال ُقبور ‪ِ ،‬‬
‫َْ‬ ‫ُْ َ َْ‬
‫س معها سائِق يسوقُها لِمحش ِرها ‪ِ ،‬‬
‫وشاه ٌد يَ ْش َهد َعليها ‪:‬‬ ‫ََْ‬ ‫ُك ُّل َن ْف ٍ َ َ َ ٌ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قت األَر ُ ِ‬ ‫وأش ر ِ‬
‫احلق‬
‫ني والش هداء وقُض َى بينهم ب ّ‬ ‫اب وجئ ب النّبيِّ َ‬ ‫ض بنُ و ِر رهّب ا َو ُوض َع الكت ُ‬ ‫ْ‬ ‫( َْ‬
‫وهم ال يُظْلَمون )‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ارجَتَّت لِ ذلك اليوم البِالد ‪ ،‬ونادى املنَ ِادي ِ ِ‬
‫َس رار ‪ ،‬وارجتَّ ْ‬‫ش ‪ ،‬وبَ َدت األ ْ‬ ‫الوح ُو ُ‬
‫وحش رت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫تأجج ج ِحيمها وغال ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫محْي ُم َها ‪.‬‬ ‫األَفئدةُ ‪ ،‬وبُّرزت اجلحيم قد َّ َ َ ْ ُ َ‬
‫َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث طَلَب اً َوجَن ا َهَربَاً ‪ ،‬وقَ د َ‬‫فاحتَ َّ‬
‫واز َد َج َر ْ‬ ‫ص َر ْ‬
‫حذر وأَبْ َ‬
‫عبَ َاد اهلل ‪ ،‬اتقوا اهلل ُت ْقيَ ةَ َم ْن َوج َل َو َ‬
‫واستَظْ َهَر بالزاد ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ل ْل َم َعاد ْ‬
‫وأسَت ْغ ِف ُر اهللَ يل ولكم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صرياً ‪ ،‬وك َفى بالكتاب خصماً ِ‬
‫وحجْيجاً ‪ ،‬وك َفى باجلنة ثواباً ‪ ،‬وك َف َى بالنار وباالً وعقاباً ‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫وك َفى باهلل مْنتَ ِقماً ونَ ِ‬
‫ُ‬
‫ت ُم َّد ًة فَ ُم ِح ْي‬
‫ت خطّاً فَطَالَ ْ‬ ‫ِ‬
‫وص ْر َ‬ ‫ِش ْعراً‪ُ :‬خِلَق َ‬
‫ت ِج ْسماً ثَ ِرياً ثم ُز ْر َ‬
‫ت ثَرى‬

‫‪49‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص وال َشَب ِح‬ ‫فَ َما َتَري ثَ َّم ِمن َش ْخ ٍ‬ ‫ف بالمنا ِز ِل من َع ٍاد وغَي ِ‬
‫ره ُموا‬ ‫ْ‬ ‫ِق ْ‬
‫ِح‬ ‫فاه ُج ِر َّ‬
‫الس ْؤآت َواْنتَز ِ‬ ‫وسيِّ ٍئ ْ‬
‫َ‬ ‫أس َداهُ ِمن َح َس ٍن‬
‫ُك ٌل ُم َج َازى بِما ْ‬
‫علي بن أيب طالب بِيَ ِدي فأخرجين إِىل ناحية اجلبّ ان ‪ ،‬فلما‬ ‫وعن ُك َمْيل بن زياد قال ‪ :‬أخذ َّ‬
‫ِ‬
‫اها‬
‫َوع َ‬
‫فخْيُرها أ َ‬ ‫بن ِزي اد ‪ ،‬القل ُ‬
‫وب أ َْوعي ةٌ َ‬ ‫أص َحرنا جلس ‪ ،‬مث تنفس مث ق ال ‪ (( :‬يا ُك َمْيل َ‬ ‫ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫اح َف ْظ ما أَقُ ُ‬
‫ول لَ َ‬ ‫ِِ‬
‫ل ْلع ْلم ‪ْ ،‬‬
‫كل نَ ِ‬
‫اع ٍق ‪ ،‬مَي يلو َن‬ ‫الناس ثالث ةٌ ‪ :‬ع امِل رباين ‪ِ ،‬‬
‫اع ِّ‬‫ومتَعلِّ ٌم على سبيل جَنَ اة ‪ ،‬ومهَ ٌج َر َع اعُ اَْتبَ َ‬
‫ُ‬ ‫َ ٌ‬
‫َم َع ُك ِّل ِريح ‪ ،‬ومل يستضيئوا بنور العلم ومل يلجؤوا إىل رك ٍن وثيق ‪.‬‬
‫العلم خري من املال ‪ ،‬العلم حيرسك وأنت حترس املال ‪ ،‬العلم يزكو على العمل واملال تنقصه‬
‫بالنفقة ‪ ،‬العلم حاكم واملال حمكوم عليه وصنيعة املال تزول بزواله ‪.‬‬
‫ْس بُه الطاعة يف َحيَاته ومَجِ ْيل األحدوثة بعد مماته ‪ ،‬م ات‬ ‫وحمبة الع امل دين ي دان هبا العلم يك ِ‬
‫ُ‬
‫ُخ ّزان املال وهم أحي اء ‪ ،‬والعلم اء ب اقون ما بقي ال دهر ‪ ،‬أعي اهنم مفق ودة ‪ ،‬وأمث اهلم يف‬
‫القلوب موجودة ‪.‬‬
‫إن ها هنا وأومأ بيده إِىل صدره ِعلم اً لو أصبت له مَحَلَ ةً بلى أصبته لَقن اً غري مأمون عليه ‪،‬‬
‫يستعمل آلة الدين للدنيا ‪ ،‬يستظهر بنعم اهلل على عباده ‪ ،‬وحبججه على كتابه ‪.‬‬
‫أو معانداً أِل َهل احلق ال بصرية له يف إحيائه ‪ ،‬ينقدح الشك يف قلبه ‪ ،‬عارض من شبهة ‪ .‬ال‬
‫واالدخار‬
‫رى جبمع األموال ّ‬ ‫سلس القياد للشهوات ‪ ،‬أو ُم ْغ ً‬ ‫ذا وال ذاك ‪ .‬أو منهوماً باللذات ِ‬
‫‪ ،‬ليسا من دعاة الدين يف شئ ‪ ،‬أقرب شبهاً هبم األنعام السائمة ‪.‬‬
‫اللهم بلى ‪ ،‬لن ختلو األرض من ق ائم هلل حبجة لكي ال‬ ‫ك ذلك ميوت العلم مبوت حامليه ‪ُ ،‬‬
‫تبطُل ُح َجج اهلل وبيّناته أولئك هم األقلون عدداً األعظمون عند اهلل قدراً ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫دوها إىل نظ رائهم ويزرعوهنا يف قل وب أش باههم ‪َ ،‬هجم هبم‬ ‫هبم حيفظ اهلل حججه حىت يُ َؤ ْ‬
‫وأنسوا مبا استوحش منه اجلاهلون‪.‬‬‫املترفُون ‪ِ ،‬‬
‫العلم على حقيقة األمر ‪ ،‬فاستالنوا ما استوعر ْ َ‬
‫احملل األعلى آه آه شوقاً إىل ُرؤيتهم ‪ ،‬وأستغفر اهلل يل‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫صحبوا الدنيا بأبدان أروحها معلقة يف ّ‬
‫ولك إِذا َشْئ َ‬
‫ت َف ُق ْم ))‬
‫علي بن أيِب طالب عليه السالم صالة الفجر ‪ ،‬فلما س لّم‬ ‫َو َع ْن أَ أَراكة ‪ ،‬قال ‪ :‬صليت مع ّ‬
‫يِب‬
‫انفتل عن ميينه ‪ ،‬مث مكث كأن عليه كآبة ‪ ،‬حىت إِ َذا كانت الشمس على حائط املسجد قِ َ‬
‫يد‬
‫رمح ‪ ،‬قال وقلب يده ‪:‬‬
‫(( لقد رأيت أص حاب رس ول اهلل ‪ ‬فما أرى الي وم ش يئاً يش بههم لقد ك انوا يص بحون‬
‫ب املِْع زى ‪ ،‬قد باتوا هلل ُس ّجداً وقيام اً ‪ ،‬يتلون كتاب‬‫ص ْفراً غُرْب اً بني أعينهم أمثال ر َك ِ‬
‫ُ‬ ‫ُش ْعثاً ُ‬
‫اهلل يراوحون بني جباههم وأقدامهم ‪.‬‬
‫ف إذا أص بحوا ف ذكروا اهلل م َاد ْوا كما مَت يد الش جرة يف ي وم ال ريح ‪ ،‬ومَه لت أعينهم حىت تب ّل‬
‫ثياهبم ‪ ،‬واهلل لكأن القوم باتوا غافلني )) ‪.‬‬
‫مفتًرا يضحك حىت ضربه ابن ُمْل َج ٍم ‪ ،‬والسالم ‪.‬‬
‫مث هنض فما رئي ّ‬
‫صْي ٍح وأَ ْع َج ِم‬‫َعادى ِمن فَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال غُرو باألَ ْشر ِ‬
‫اف إِ ْن ظَِف ْ‬
‫رت بِِه ْم‬
‫كالَب األ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ت َعلي ِمن حسام ابْ ِن مل ِ‬
‫ْج ِم‬ ‫وم ْو ُ‬ ‫الر َدى‬‫ت َح ْمز َة َّ‬‫فَ َح ْربَةُ َو ْح ِش ٍي َسَق ْ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫أو استلَ ُذوا لَ ٍذيِ َذ ِ‬
‫النوم أو َه َج ُهوا‬ ‫َْ‬ ‫ت ألهل العلم أعينُهم‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬وكيف َق ْر ْ‬
‫ع لََق ْد َس ِم ُعوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫والموت ُيْن ِذ ِر ُهم َج ْهراً َعالنَِي ًة‬
‫أس َما ٌ‬
‫لَْو َكان ل ْلَقوم ْ‬ ‫ُ‬
‫ضِ‬
‫ولَيِس يَ ْد ُرو َن َمن َيْن ُجو َ‬
‫وم ْن َيَق ُع‬ ‫احيةُ ال بُ َّد َم ْو ِر ُد ُه ْم‬ ‫والنار َ‬
‫ُ‬
‫ت الطير واألنعام ِ‬ ‫قَ ْد ْأمس ِ‬
‫الب ْح ِر لَ ْن َي ْغَتالَُها َفَز ُ‬
‫ع‬ ‫والنو ُن في َ‬ ‫آمن ًة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قيب على األ ْشرا ِر يَطَِّل ُع‬ ‫لَهُ َر ٌ‬ ‫هن‬
‫ب ُم ْرتَ ٌ‬ ‫واأْل ََدِم ُّي بَِهذا ال َك ْس ِ‬
‫والس َم ُع‬
‫ص ُار َّ‬ ‫وخ ْ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ص ُم َه الج ْل ُد واألبْ َ‬ ‫َ‬ ‫الج ْم ِع ُمْنَفرداً‬ ‫َحتَّى يُوافيه َي ْو َم َ‬
‫الك قد َخ َش ُعوا‬ ‫نس واأل َْم ُ‬ ‫ُ ِ‬
‫والجن واإل ُ‬ ‫واألشهاد قَائِمةٌ‬
‫ُ‬ ‫إ َذا النَّبِيو َن‬

‫‪51‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫األخبار تُطَّ ُ‬
‫لع‬ ‫ُ‬ ‫ِف َيها َّ‬
‫السَرائُِر َو‬ ‫األيدي ُم َّ‬
‫نشر ًة‬ ‫ْ‬ ‫ف في‬ ‫الص ْح ُ‬‫وطارت ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫َع َّما قَِلْي ِل وال تَ ْد ِر ْي بِ َما َيَق ُع‬ ‫كيف َس ْه ُو َك واألَنباءُ َو ِاقعةٌ‬ ‫ِف َ‬
‫الج ِحْيم فال ُتْبِق ْي وال تَ َد ُ‬
‫ع‬ ‫أَِم َ‬ ‫اع لَهُ‬‫نان و َف ْو ٍز ال انِْقطَ َ‬ ‫الج ِ‬‫أ َِفي ِ‬
‫إذا َر َج ْوا َم ْخَرجاً ِمن غَ َّم َها قُ ِم ُعوا‬ ‫اكنَ ِها طَْوراً وَت ْر َف ُع ُه ْم‬ ‫َت ْه ِوي بِس ِ‬
‫ْ َ‬
‫ات ال ِرقَةُ تَِغ ْي وال َجَز َ‬
‫ع‬ ‫َهْي َه َ‬ ‫ضَر َع َه ْم‬ ‫ال البُ َكاءُ َفلَ ْم ُي ْر َح ْم تَ َ‬
‫طَ َ‬
‫الر ْج َعي فما ُر ِج ُعوا‬ ‫ال قَ ٌ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ب َها ُ‬ ‫قَ ْد َس َ‬ ‫الموت َعال ُمهُ‬ ‫لم َقْب َل‬
‫لَيْنَفع الع ُ‬
‫ك ‪ ،‬و ُت ْوقِ ُن‬ ‫ص رِب ُ َعلى بَالئِ ْ‬ ‫ك ‪ ،‬وتَ ْ‬ ‫ض ائِ ْ‬ ‫ض ى ب َق َ‬ ‫ك ‪ ،‬وَت ْر َ‬‫اللهم ارزقنا أ ْن ُف ًس ا َت ْقنَ ُع بِ َعطَائِ ْ‬
‫ُ‬
‫ك و ُتبغِض أعداء ْك ِ‬ ‫وحت ِ‬ ‫ائك وتَ ْش ُكر لِنعمائِ ْ ِ‬
‫واغف ْر لنا ولوالدينا ومجيع املسلمني‬ ‫ب أ َْوليائَ ْ ْ ُ ْ َ‬ ‫ك َُ‬ ‫ُ َْ‬ ‫بِل َق َ‬
‫برمحتك يا أرحم الرامحني وصلى اهلل على حممد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫وال اخلل ِق ُكلِّهم بالنس ِبة إىل َدع ِوة‬ ‫ض رب ابن رجب رمحه اهلل مثالً جامع اً ألح ِ‬
‫صل‪َ َ ُ َ ََ :‬‬ ‫فَ ْ‬
‫ص ٍد ‪ ،‬وظَ ا ٍمل لَِن ْف ِس ه ‪ ،‬وبه يَظْ َهر‬ ‫دعوتِه إىل س ابِ ٍق ‪ ،‬وم ْقتَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الرس ول ‪ ‬وانقس امهم يف إجاب ة ْ َ‬
‫لماء الربانيني على غريهم ِمن الناس أَمجعني ‪.‬‬ ‫فَضل الع ِ‬
‫ُْ ُ‬
‫ك إىل َس ائِر‬ ‫فأدى ِرسالة امللِ ِ‬ ‫ك األَعظ ِم ّ‬ ‫لد امللِ ِ‬
‫ول قَ ِدم ِمن ب ِ‬ ‫فنقول ‪ :‬مثَل ذلك كمثل رس ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫دان ‪ ،‬وظَ َهَر هل ِم ِص ْدقُه يف ِر َسالتِ ِه ‪.‬‬ ‫الب ْل ِ‬
‫ُ‬
‫إح َس ا َن أَمَتَّ ِمن‬ ‫ك إىل َر ِعيت ِه َّ‬ ‫ض مو ُن ال ِرس الِة اليت َّأداها ِمن امللِ ِ‬
‫أن َه ذا امللك ال ْ‬ ‫َ‬ ‫فك ا َن َم َ ُ‬
‫أشد ِمن بَطْ ِش ِه ‪.‬‬ ‫ش َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫أكمل من َع ْدله ‪ ،‬وال بَطْ َ‬ ‫إحسانه ‪ ،‬وال َع ْد َل َ‬
‫بإحسان َج َزاهُ بإحسانه‬ ‫ٍ‬ ‫فمن قَ ِد َم‬ ‫يم وا عنده ‪َ .‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنه ال بُ َّد أ ْن يَستدعي الرعي ةَ ُكلَّهم إليه ليُق ُ‬
‫أشد اجلََز ِاء ‪.‬‬
‫ومن قَ ِد َم عليه بإساءَ ٍة َجَزاهُ بإساءَتِِه َ‬
‫ِ‬
‫أَمَتَّ اجلزاء ‪َ ،‬‬
‫َخَبَر َه ُم مِب ا حُيِ بُهُ‬ ‫وأنه حُي ب َك َذا و َكذا ‪ ،‬ويكْره َكذا وكذا مل ي َد ْع َشيئاً مِم َّا تعملُه َّ ِ‬
‫الرعيةُ إالَّ أ ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬
‫ك ‪ ،‬اليت فيها اإلقامةُ ‪.‬‬ ‫امللِك منه وما يكْره ‪ ،‬وأَمرهم بالتَّجهز والسري إىل َدا ِر امللِ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ ُ ََ ُ‬ ‫َ‬

‫‪52‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الد ِسوى ذلك ِ‬ ‫راب مجيِ ِع البِ ِ‬


‫البلد ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َخَبَر َه ُم خِب َ ِ ْ‬ ‫وأ ْ‬
‫َس َوأِ َحال ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ك َمن يُْزع ُجهُ عن وطنه َوينقلُه مْنهُ على أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث إليه املل ُ‬ ‫هز لِ َّ‬
‫لسرْيِ َب َع َ‬ ‫وأن َمن مل َيتَ َج ْ‬ ‫َّ‬
‫ض ِال ‪.‬‬ ‫الل وا ِإلفْ َ‬ ‫فات هذا امللك احْل سىن ِمن اجلم ِال وال َكم ِال واجل ِ‬ ‫صف ِص ِ‬ ‫ِ‬
‫وجع َل يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ص َّدقَهُ ومل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الرسول الدَّاعي إىل امللك أَقساماً َعديْ َدةً فم ُنهم َمن َ‬ ‫الناس يف إ َجابَة هذا ُ‬ ‫فانقسم ُ‬ ‫َ‬
‫ك ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِاَّل‬
‫عند السري إليه ‪.‬‬ ‫الرعيَة استصحابَه إىل دا ِره َ‬ ‫ب هذا املل ُ‬ ‫السؤال َع َّما حُي ُ‬ ‫يَ ُك ْن لَهُ َه ٌّم إ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِِ ِِ‬
‫تغل بتَ ْخليص ه لَن ْفس ه وبِ ُد َعاء َمن مُي كنُ هُ ُد َع ُاؤهُ من اخلَل ْق إىل ذلك ‪َ ،‬‬
‫وع َّما يَكَْر ُه هُ َه َذا‬ ‫فاش َ‬
‫فاجَتنَبَهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك ْ‬ ‫املل ُ‬
‫ض الِِه ‪َ ،‬ف َز َاد‬ ‫ِِ‬
‫وعظَ َمت ه وإفْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ات امللِ ِ‬‫وأَمر الن اس باجتنابِ ِه وجعل مَهَّه األَعظَم الس ؤال عن ِص َف ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والشوق إىل لِقائِِه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ك وإجاللِِه‬ ‫ك حَم بةً هِل ذا امللِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بِ َذل َ‬
‫ك مستص ِحباً ألَْن َفس ما قَ ِدر عليه مِم َّا حُي بِه امللِ‬ ‫ِِ‬
‫ب َم َع هُ‬‫َ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫واس‬
‫ْ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ض يِ‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫وي‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فارحتل إِىل املل ُ ْ َ ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ر ْكباً َع ِظيماً على ِمثْ ِل حالِِه سار هبم إىل َدا ِر امللِ ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يتوص ُل بالسري‬ ‫أقرب الطرق اليت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرسول الصاد ُق َ‬ ‫ُ‬ ‫الدليل الذي هو‬
‫ُ‬ ‫ذلك‬
‫عرف من ج َهة َ‬ ‫وقَ ْد َ‬
‫ك ‪ ،‬وما يْن َف ع ِمن التزو ِد لِ ِ‬ ‫فِيها إىل امللِ ِ‬
‫ومن‬ ‫الس رْيِ هو َ‬ ‫مبقتض ى ذلك يف َ‬ ‫وع ِم َل َ‬ ‫لمس ِري فيها ‪َ .‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اتبعهُ ‪.‬‬
‫َ‬
‫طريق ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫اخللق َم َع ُهم إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫فهذه صفةُ العُلماء الربانيني الذين اهتدوا وهدوا َ‬
‫املشتاقني إليه َّ‬
‫أشد الشوق ‪.‬‬ ‫الغائب على أهلِ ِه املنتظ ِرين لُِق ِ‬
‫دوم ِه‬ ‫ِ‬ ‫ك قُدوم‬ ‫ِ‬
‫وهؤالء ي ْق َدمو َن على امللِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫بِِه َوَيَنالُْوا ُك َّل َما َيَت َشَّو ُف ْوا‬ ‫الس ْلطَا َن َق ْو ٌم لَِي ْشر ُف ْوا‬
‫ِش ْعراً‪ :‬إِ َذا َخ َد َم ُّ‬
‫ص ِمَن ْي ِم ْن ُك ِّل َما أَتَ َخَّو ُ‬
‫ف‬ ‫لِي ْع ِ‬
‫َ‬ ‫ت بِ َحْبِل ِه‬
‫ص ْم ُ‬ ‫ت إِل ِهي َوا ْعَت َ‬‫َخ َد ْم ُ‬

‫‪53‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ف‬
‫س َي ْفنَى َوَيْتلَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بالعلْم ِ‬
‫والحل ِْم َو ُّ‬ ‫وي ْك ِرمنِي ِ‬
‫َوُي ْؤتينَي ما لَْي َ‬ ‫التَقى‬ ‫َُ َ ْ‬
‫ف‬
‫َج ُّل وأ ْشَر ُ‬
‫َوَيْنَز َعهُ َعْن ُه ْم أ َ‬ ‫الساَل ِطْي َن ُم ْل َك ُه ْم‬
‫ت َم ْن ُي ْع ِطي َّ‬‫فَ ِخ ْد َم ُ‬
‫اب َغرْي ِه ْم‬
‫صح ِ‬ ‫اِل ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب مبس ِريهم بأن ُفس ِهم إىل امللك ومل َيَت َفَّرغُوا ْست ْ َ‬
‫ِ‬ ‫بالتأه ِ‬
‫آخ ُرو َن اشتغَلُوا ّ‬ ‫وق ْس ُم َ‬
‫ِ‬
‫َم َع ُهم ‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫موا ما يَنفعُ ُهم يف خاصة أَنفس ِهم واشتغلُوا َ‬
‫بالع َم ِل مبُْق َ‬
‫تضاه ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وهذه ص َفةُ العُبّاد الذين َت َعل ُ‬
‫َّزو َد للَِّر ِحيل‬
‫صد ُهم الت ُ‬ ‫َن قَ َ‬ ‫روا لِلن ِ‬
‫َّاس أَن َُّهم ِمْن ُهم وأ َّ‬ ‫وقِسم آخرو َن تَش َّبهوا بأ ِ ِ‬
‫َحد الق ْس َمني وأَظْ َه ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ ٌ َُ‬
‫وطنُون ‪.‬‬ ‫صدهم استيطان دا ِر ِهم اليت هم هبا مستَ ِ‬ ‫‪ ،‬وإمنا كان قَ ُ‬
‫ُُ ُ ْ‬
‫ال هلم اطْلبُ وا ِج َزاءَ أ َْع َم الِكم مِم َّْن‬ ‫دموا عليه َش ّر ح ٍال ‪ ،‬ويق ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال ه ؤالء عند املل ك إذا ق ُ‬
‫ِ‬ ‫وح ُ‬‫َ‬
‫سع ُر هبُم ِمن أهل التوحيد ‪.‬‬ ‫أول َمن تُ َّ‬ ‫وهم ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فليس ل َكم عندنا من َخالق ‪ُ .‬‬ ‫َعم ْلتُم هلَم ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫والتقاعد‬
‫ُ‬ ‫ب َعليهم ال َك َس ُل‬ ‫َّهم َغلَ َ‬‫الرسول من رسالة املل ك لَكن ُ‬ ‫آخ ُرو َن فَ ِه ُموا ما أ ََر َادهُ‬
‫وق ْس ٌم َ‬
‫ِ‬
‫واجتناب ما يَكَْره ‪.‬‬ ‫ك‬‫عن التزود للسفر واستصحاب ما حُيِ ب امللِ ِ‬
‫ُ‬
‫وه ْم على َش َفا َهل َك ٍة ‪ ،‬ورمبا انتف َع غ ريُ ُهم‬ ‫ِِ‬
‫وه ؤالء العُلم اء ال ذين ال َي ْع َملُ و َن بِع ْلم ِهم ‪ُ ،‬‬
‫وانقطع َمن تَعلَّموا ِمنهم فهلكوا ‪.‬‬ ‫فنج َوا‬ ‫ِ‬ ‫ريق َّ ِ‬ ‫ص ِفهم لِطَ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فسار املتعل ُمو َن َ‬ ‫السري ‪َ ،‬‬ ‫مبعرفتهم َو َو ْ‬
‫َّهم مل َيَت َعلَّ ُم وا منه طَ ِريْ َق‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقِس م آخ رو َن ص َّدقُوا الرس َ ِ‬
‫ول فيما َد َعا إليه من دع وة املل ك لَكن ُ‬ ‫ْ ٌ َُ َ‬
‫أنفس هم يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫السري ‪ ،‬وال َم ْعرفة تفاص يل ما حُي بُه املل ك وما يَ َكَر ُه هُ ‪ ،‬فس اروا بأنفس هم َو َر َم ْوا َ‬
‫الطريق ‪ ،‬ومل ي ِ‬ ‫طَري ٍق شاقٍَّة ‪ ،‬وخَمَاو َ ِ‬
‫ص لُوا إىل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رهم ‪ ،‬وانقطعُ وا يف‬ ‫ك أَ ْكثُ ُ‬ ‫وع َر ٍة َف َهلَ َ‬
‫ف ‪ ،‬وق َفا ٍر ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫وهؤالء الذين َي ْع َملُون بِغَري ِع ْل ٍم ‪.‬‬‫ِ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫َدا ِر امللِ ِ‬
‫إقامتِهم يف أوطاهِنِم‬ ‫مبص احل َ‬ ‫واشتغَلُوا َ‬ ‫سالة ‪ ،‬وال َر َفعُ وا هبا َرأْس اً ‪َ ،‬‬ ‫هبذه ال ِر ِ‬ ‫وقِس م مل يهت ُّموا ِ‬
‫ْ ٌ ََْ‬
‫الرسول خبَراهبا ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اليت أَخرب‬

‫‪54‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫صدقَه بالقول ولكنَ هُ مل يَ ْش تَغِ ْل‬ ‫ِ‬


‫مبعرفة‬ ‫الرسول بال َكلية ‪ ،‬ومنهم من َّ‬‫َ‬ ‫وه ؤالء منهم َمن َك َّذ َ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والع َم ِل ‪.‬‬
‫ضو َن عن العلم َ‬ ‫وم اخللق املع ِر ُ‬ ‫َما َد َّل عليه وال بالعمل بِه ‪َ .‬‬
‫وهؤالء عُ ُم ُ‬
‫داعي‬‫َنفس ِهم فال يشعرون إِال وقد طر َقهم ِ‬ ‫ومنهم ال ُكفار واملنافقو َن ومنهم العصاةُ الظاملون أل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫ك ف َق ِدموا علي ِه قُ ُدوم اآلب ِق على س ِ‬
‫يد ِه‬ ‫دعاهم إىل امللِ ِ‬ ‫هِن‬ ‫ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫أجالهم عن أوط ا ِم ْ‬
‫واس تَ َ ُ‬ ‫املل ك ف ْ‬
‫ِ‬
‫الغضبان عليه ‪.‬‬
‫صلوات اهلل‬
‫ُ‬ ‫اخللق بعد امل ُر َس لِني‬
‫أفض ل ِ‬
‫الربانيني ‪َ .‬ف ُهم َ ُ‬
‫العلماء َّ‬ ‫رف وال أَقْ رب َ ِ ِ ِ‬
‫عند املل ك من ُ‬ ‫َ‬ ‫َش َ‬
‫املذكورة مَل جَت ْد أ َ‬
‫ُ‬ ‫أقسام ِ‬
‫الناس‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫فإذا تَ أَملَّ َ‬
‫َ‬
‫وسالمه علي ِهم أمجعني أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫ُ‬
‫الم ْختا ِر‬ ‫أ َْهالً لِ ِح ْف َ ِ ِ‬ ‫ُخَّزا ُن و ْحي ِ‬
‫ظ َكالمه ُ‬ ‫اهلل لَ ْم ُيَرى غَْي ُر ُهم‬ ‫َ‬
‫الم ْش ُر ْوع لِأْل َْبَرار‬ ‫ِِ‬ ‫لَ ِكن َعلَيهم أَ ْن ي ُقوموا ِ‬
‫(فيه من َ‬ ‫بالذي‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ ْ‬
‫وقيام لَْي ٍل م ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫اد ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صَي ِام َن َها ِر‬ ‫( َُ َ‬ ‫وح ْس ُن عَب َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ص ْد ٌق وإِ ْخاَل ٌ‬
‫(وتَ َشبٍُّه بِ َخالئِ ِق األَ ْخَيا ِر‬ ‫ف‬‫ُّد وَت َعُف ٍ‬‫وَتو ُّر ٍع وَتزه ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُّب لِ َخالئِ ِق األَ ْشرا ِر‬ ‫(وتَ َجن ٍ‬ ‫وصَيانَة وأ ََمانٍَة‬
‫وديانٍَة ِ‬
‫( َ‬
‫ِ‬
‫ْح ْم ِد واألَذْكا ِر‬ ‫ٍِ‬
‫(وإِ َد َامة لل َ‬ ‫واجتَِناب َم َحا ِرٍم‬ ‫ض ْ‬ ‫(وأ ََد ِاء َف ْر ٍ‬
‫يا ح ِامل ال ُق ِ‬
‫الدا ِر (‬
‫فو ِز ُع ْقَبى َّ‬‫الهَناءُ بِ ْ‬
‫ك َ‬ ‫(َفلَ َ‬ ‫ك َه َكذا‬ ‫رآن إ ْن تَ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ت َد َار َبَوا ِر‬
‫وس َكْن َ‬ ‫ِِ‬ ‫ت ُح ُد ْو َد ُه لم َتْنَتَِف ْع‬ ‫َو َمَتى أَ َ‬
‫بح ُر ْوفه َ‬
‫ُ‬ ‫ض ْع َ‬
‫(‬
‫لح نِياتِنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله َّم َعل ّمنَا ما َيْن َفعُنَا وان َف ْعنَا مبا علَّ ْمَتنَا َوبَ ا ِر ْك لنا يف عُلُومنَا وأَعمالنا وأَعما ِرنا وأ ْ‬
‫َص ْ‬ ‫ُ‬
‫رامحني وص لى اهللُ على‬ ‫أرحم ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وذُّريَاتنا واغف ْر لنا ول َوال دينا وجلميع املس لمني برمحْتَك يا َ‬
‫وصحبِ ِه أمجعني ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫حممد وعلى آله ْ‬

‫‪55‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ٌل )‬‫( فَ ْ‬
‫رج ْع إليه‬ ‫احل الع الِمني وكيفي ِة قَطْعِه ِم إياَّها ْفلَْن ِ‬ ‫وق ال ابن القيم رمحه اهلل يف الكالم على مر ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫رب‬‫غض ب ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش َقياءُ فقطعُ وا تِل َ‬
‫ك املراح َل َس ائرين إىل دار الش قاء ُم تزودين َ َ‬ ‫فنق ول َّأما األ ْ‬
‫ُسْب َحانِِه ‪.‬‬
‫والص َّد عن سبيلِ ِه وحمارب ةَ َمن يدعو إِىل‬ ‫وم َع َادا َة أوليائِ ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ور ُس له ‪ ،‬وما بُعثُوا به ُ‬
‫ِِ‬
‫وم َع ادا َة ُكتُب ه ُ‬ ‫ُ‬
‫ث هبا ُر َس لَه‬ ‫دينه ومقاتل ةَ الذين يأمرون بالقسط من الناس وإقامة دعوة غري دعوة اهلل اليت َب َع َ‬
‫لِتَ ُكو َن الدعوةُ لَهُ َو ْحده ‪.‬‬
‫اح َل أعم ا ِر ِهم يف ِض ّد ما حُيِ به اهللُ ويَُرض اه ‪ :‬وأ ََّما الس ائِرو َن إليه‬ ‫ؤالء األَش قياء مر ِ‬ ‫فقط ع ه ِ‬
‫ُ ََ‬ ‫َ‬
‫راض ال رب س بحانه‬ ‫راح ل عُ ُم ِر ِه يف غفالتِ ِه وايث ار ش هواته ولَ َّذاتِ ِه على َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فظ ال ُم ُهم قَطَ َع َم َ‬
‫وأوام ِره مع اميانه باهلل وكتبه ورسله واليوم اآلخر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لكن نفسه مغلوبة معه مأسورة مع حظه وهواه يعلم سوء حاله ويعرتف بتفريطه ويعزم على‬
‫الرجوع إىل اهلل فهذا حال املسلم ‪.‬‬
‫وأما من زين له سوء عمله فرآه حسناً وهو غري معرتف وال مقر وال عازم على الرجوع إىل‬
‫اهلل وا ِإلنابة إليه أصالً ‪.‬‬
‫فه ذا ال يك اد إس المه أن يك ون ص حيحاً أب داً وال يك ون ه ذا إال منس لخ القلب من اإلميان‬
‫ونعوذ باهلل من اخلذالن ‪.‬‬
‫القلب على‬ ‫اهلل وعق ِد ِ‬ ‫اح ل س َفرهم باالهتم ام بإقام ِة أم ِر ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫وأَما األَب رار املقتص دون ف َقطَع وا َمَر َ َ‬
‫ِ‬
‫القبيحة‬ ‫واجتناب األ ِ‬
‫َعمال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصاحلة‬ ‫القيام باأل ِ‬
‫َعمال‬ ‫اصيه فَهمهم مصروفْةٌ إىل ِ‬ ‫َتر ِك خُمَالََفتِ ِه ومع ِ‬
‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬‬
‫القيام إىل الو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َول َما يَ ْس تَ ِيق ُ‬
‫ض وء والصالة كما أ ََم َرهُ اهللُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َح ُد ُهم من َمنام ه يَ ْس بِ ُق إِىل لُبِ ه ُ‬ ‫ظأَ‬ ‫فأ ُ‬
‫الض ِحى ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالتالوة واالَذكا ِر إىل ِح ِ‬ ‫ض وقْتِ ِه ا ْشَتغَ َل‬
‫الشمس فري َك ُع ُ‬‫ُ‬ ‫تطلع‬
‫ني ُ‬ ‫فِإذا أ َّدى َف ْر َ‬

‫‪56‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض الظُه ِر َ‬
‫باد َر إىل التَّطَ َُّهر والسعي‬ ‫ضر ْفر ُ‬ ‫أقام هُ اهللُ فيه من األسباب ف إذا َح َ‬ ‫ب إىل ما َ‬ ‫مث يَ ْذ َه ُ‬
‫وس نَنِها‬ ‫هِنِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إىل الصف ِ ِ‬
‫ض تَهُ كما أُم َر ُم َك ِّمالً هلا ب َش َرائط َها وأركا ا ُ‬ ‫أدى فَريْ َ‬ ‫األول من املسجد فَ ّ‬
‫ضو ِر بني يَ َدي الرب ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وح َقائِِقها ِ‬
‫الباط ِنة ِمن‬
‫اخلشوع واملَراقبة واحلُ ُ‬‫ِ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬
‫الة وقد أَثَّرت يف ق ْلبه وب َدنِ ِه وس ائر ِ ِ‬ ‫ف ِمن الص ِ‬
‫ص َف َحاتِِه‬
‫أح َوال ه آث اراً َتْب ُدو على َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َفَيْنص ِر ُ‬
‫قلبه من اإلنابة إىل دا ِر اخلُلود والتجايف عن دار الغرور وقِلَّ ِة‬ ‫ِولِ ِسانِِه وجوا ِر ِح ِه وجي ُد مَثَرَتها يف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلها ‪.‬‬ ‫الب واحلِرص على الدنيا وع ِ‬ ‫الت َك ِ‬
‫َ‬
‫اط ٍع َي ْقطَعُه عن‬ ‫قَد هنَت ه ص التُه عن الفحش ِاء واملنكر وحبَّبت إليه لِق اء ِ‬
‫اهلل و َنفَّرتْ ه عن ُك ِّل قَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضَر الصالةُ ‪.‬‬ ‫وم َكأَنَّهُ يف س ْج ٍن حىت ْحت ُ‬ ‫وم َم ْه ُم ٌ‬
‫اهلل َف ُهو َم ْغ ُم ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫بالصالة‬ ‫تطيب له احلياة إال‬
‫وحيَاة قلبه فهو ال ُ‬ ‫وس ُرو ِره وقُر ِة عينه َ‬ ‫ت قَام إىل َنعْيمه ُ‬ ‫ضَر ْ‬ ‫فِإذا َح َ‬
‫شئ ما أَم َكَن ُهم ‪.‬‬ ‫السنن ال خُيِ لُّو َن منها بِ ٍ‬ ‫حِل ِ ِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫وهم يف ذلك ُكله ُمَراعُو َن ْفظ ُ‬ ‫هذا ُ‬
‫خلف‬ ‫ني ِ‬ ‫ومن الصفوف َّأوهَلَا عن مي ِ‬ ‫الوقت أ ََّولَه ِ‬
‫ِ‬ ‫ضوء أكمله ِ‬ ‫َفي ْقصدو َن ِمن الو ِ‬
‫اإلمام أو َ‬ ‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُْ‬
‫ظهره ‪.‬‬
‫ك‬‫الم ومن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللهم أنت الس ُ‬ ‫تغفار ثالث اً وق ول ُ‬ ‫وي أتو َن بعد الفريضة باالذك ار املش روعة كاالس َ‬
‫اجلالل وا ِإل ِ‬
‫كرام ‪.‬‬ ‫السالم تَباركت يا ذا ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اللهم ال‬ ‫احلمد وهو على كل شئ قدير ُ‬ ‫لك ولَهُ ُ‬ ‫شريك لَهُ لَهُ امل ُ‬
‫َ‬ ‫وحدهُ ال‬
‫وقول ال إلهَ إال اهلل َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اجلد ال إل هَ إال اهللُ وال نعب ُد إال‬ ‫َ ُ‬ ‫ك‬ ‫من‬ ‫اجلد‬ ‫ذا‬ ‫ع‬
‫عت وال ينف ُ‬ ‫ت وال معطي ملا َمنَ َ‬ ‫انع ملا أ َْعطَْي َ‬
‫م َ‬
‫الدين ولو كره الكافرون‬ ‫خملصني له َ‬ ‫َ‬ ‫الفضل وله الثناءُ احلَ َس ُن ال إِله إال اهللُ‬ ‫ُ‬ ‫اياهُ له النعمةُ وله‬
‫‪.‬‬
‫ريك‬
‫وحدهُ ال َش َ‬ ‫سعني وخَي ْتِ ُمو َن املائةَ بال إلهَ إال اهللُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مدون ويُ َكرِب و َن تسعاً وت َ‬ ‫مث يُسبِ ُحو َن وحيَ ُ‬
‫شئ قدير ‪.‬‬ ‫احلمد وهو علي كل ٍ‬ ‫امللك وله ُ‬ ‫لَهُ ‪ ،‬لَهُ ُ‬

‫‪57‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أح ِاديْث رواها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ب كل ص الة ف إن فيها َ‬ ‫ومن أ ََر َاد املزي َد قَ رأَ آي ةَ ال ُكرس ِي واملَُع ِو َذتني َعق َ‬ ‫َ‬
‫النسائي وغريهُ ‪.‬‬
‫ض ٍة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الو ُجوه هذا َدأبُ ُهم يف ُك ّل فَ ِريْ َ‬ ‫أح َس ِن ُ‬ ‫مث يَر َكعُو َن السنة على ْ‬
‫الس نَ ِة نَ ِظْي ُر أَذك ا ِر‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املس اء ال َواردة يف ُ‬ ‫ف إذا ك ان قب َل غُ روب الش مس َت َو َّف ُر ْوا على أذَك ار َ‬
‫الوا ِر َد ِة يف أ ََّو ِل النها ِر ال خُيِ لُّو َن هِب ا أَبَ َداً ‪.‬‬
‫باح َ‬‫الص ِ‬
‫َّ‬
‫الرب سبحانَه اليت قَ َّسمها بني ِع ِ‬
‫باد ِه ‪.‬‬ ‫فِإذا جاء اللَيل َكانُوا فِيه على منا ِزهلِم ِمن م ِ‬
‫َ َ‬ ‫ب ِ ُْ َ ُ‬ ‫واه ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫تبلغ حَنْواً من أَربَعِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫الس ِنة وهي َكثريةٌ ُ‬ ‫اجعهم أَتَوا بِأَذْكا ِر النَّوِم ِ ِ‬ ‫فِإذا أَخ ُذوا م ِ‬
‫الوار َدة يف ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ض َُ‬ ‫َ ََ‬
‫ني ثالث اً مث‬ ‫في أتو َن ِمنها ما َعلم وهُ وما َي ْق ِدر ْو َن عليه ِمن قِ راء ِة ُس ور ِة االخالص وامل َع و َذتَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫وخ َواتِيم ُس ور ِة‬ ‫ِ‬
‫وي ْق َر ُؤو َن آي ةَ ال ُك ْرس ي َ‬ ‫وأج َس َاد ُهم ثالث اً َ‬ ‫وه ُهم ْ‬ ‫وس ُه ْم َو ُو ُج َ‬ ‫مَيْ َس ُح ْو َن هبا ُر ُؤ َ‬
‫الب َقر ِة ويُ َسبّ ُحو َن ثالثاً وثالثني وحَيْ ِم ُدو َن ثالثاً وثالثني ويُ َكربُو َن أ َْربعاً وثالثني ‪.‬‬ ‫َ‬
‫قول أَح ُدهم اللَّه َّم إِين أسلَمت نَِ‬
‫ت ْأم ِرى إِ َ‬
‫ليك‬ ‫ض ُ‬ ‫ت َو ْج ِهي َ‬
‫إليك و َف َّو ْ‬ ‫إليك َو َو َّج ْه ُ‬
‫سي َ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫مث يَ ُ َ‬
‫ت بِكتَابِك‬ ‫ك ‪ .‬آمْن ُ‬ ‫ك إِال إِلي َ‬‫ور ْهبَ ةً إليك ال َم ْل َج أَ َوال َمْن َجا ِمن َ‬ ‫َجلأت ظَ ْه ِر ْي إِلي َ ِ‬
‫ك َر ْغب ةً َ‬ ‫وأ ُ‬
‫ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫يك الذي أ َْر َس ْل َ‬ ‫الذي أَْنَز َ‬
‫لت و َنبّ َ‬
‫نفس ي ف ا ْغ ِف ْر هَل ا وإِ ْن‬ ‫ك أر ْفع ه ف ِإ ْن أَمس كْت ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ت جْنيِب وبِ َ َ ُ‬ ‫ض ْع ُ‬ ‫وإِ ْن َش اء قَ ال بامسك ريِب َو َ‬
‫ظ بِِه ِعبَ َاد َك الصاحِل ني ‪.‬‬ ‫فاح َفظْها مبا حَتْ َف ُ‬
‫أ َْر َس ْلَت َها ْ‬
‫ب ُكل َش ِئ ف الِ َق‬ ‫رش العظي ِم َريب َو َر َّ‬ ‫الع ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ب الس موات الس بع َو َر َّ‬ ‫وإِن َش اءَ قَ ال ‪ُ :‬‬
‫الله َّم َر َّ‬
‫ناصيتِ َها ‪.‬‬
‫دابة أَنْت آخ ٌذ بِ ِ‬ ‫ك ِمن شر ُكل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أعوذ بِ َ‬‫احلب والنَّوى ُمَنّز َل التوراة واالجنيل والقرآن ُ‬
‫س َب ْع َد َك َش ٌئ وأَنْ َ‬
‫ت‬ ‫فلي َ‬
‫اآلخر ْ‬‫وأنت ُ‬ ‫شئ َ‬ ‫ك ٌ‬ ‫األو ُل فليس َقْبلَ َ‬‫ت َّ‬ ‫أنْ َ‬

‫‪58‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الدين وأَ ْغنِين ِمن الفق ِر ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ك َش ٌئ إقض عين َ‬ ‫س ُد ْونَ َ‬ ‫الباطن َفلَْي َ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ك َش ٌئ وأنْ َ‬ ‫س فَوقَ َ‬ ‫الظاه ُر فَ ْلي َ‬
‫يادةٌ لَه ِمن قُربِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وز َ‬ ‫النوم فهذا َن ْو ُم هُ عبَ َادةٌ َ‬
‫وباجلُملَة فَال َيَز ُال يَ ْذ ُكر اهلل على فراشه حىت َي ْغلبَهُ ُ‬
‫ِمن ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫ضى وتَ ْش يِْي ٍع‬ ‫باد ِمن ِع ِ‬ ‫وق العِ ِ‬ ‫قائم حِب ُق ُ‬ ‫اسَتْي َق َظ عاد إِىل َعادتِِه األ ُْوىَل َو َم َع هذا َف ُه َو‬ ‫فِإذا‬
‫يادة امل ْر َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫وقائم‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ابة الدَّعو ِة واملعاونَة هلم باجلاه والبدن والنفس واملال و ِزيارهِتِم وت َف ُقَ ِد ِ‬
‫ه‬ ‫اجلنائِز وإِج ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُ َ‬ ‫َ‬
‫وعيالِه ‪.‬‬
‫وق أَهلِ ِه ِ‬
‫ُق ْ‬
‫حِبِ ِ‬
‫ط يف ح ٍق ِمن ح ُق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وق‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫يف نقلَ هُ فيها األ َْم ُر ف إذا َوقَ َع منه تَف ْري ٌ َ‬ ‫قل يف َمنَ ا ِز ِل العُبُودية َك َ‬ ‫َف ُه َو ُمنَتَ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫زيل أََث َرهُ فهذا َوظي َفتُهُ‬ ‫ص ا ٍحل يُ ُ‬‫وم َد َاوات ه بِ َع َم ٍل َ‬
‫باد َر إىل االعتذا ِر والتوبة واالستغفا ِر وحَمْ ِوه ُ‬
‫اهلل َ ِ‬
‫َدائِما ‪.‬أ هـ ‪.‬‬
‫واخلروج عنه ‪.‬‬ ‫اجلهل مبا جاء به الرسول ‪‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫الد ْنيَا واآلخَرة إمنا ُهو ُ‬ ‫رور ُ‬ ‫وقال إ َن ُش َ‬
‫وه ذا بُره ا ُن ق اطع على أ ْن ال جناةَ لِْل َعب ِد وال َس عادةَ إال باالجته اد يف َم ْع ِرفَ ِة ما َج اءَ به‬
‫ِ‬
‫والقيام به َع َمالً ‪.‬‬ ‫الرسول ‪ ‬ع ْلماً‬
‫ال ه ذه َّ ِ‬
‫ك‬ ‫ادهُ َعلى تِل َ‬ ‫ص ْبُرهُ واجته ُ‬ ‫َح ُدمها دع وة اخللق إليه ‪ ،‬والث اين َ‬ ‫الس َع َادة ب أ َْمَرين أ َ‬ ‫وكم ُ‬
‫الدعوة ‪.‬‬
‫الكمال لِ ِإلنسان على هذه املراتب األربع ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فاحنصَر‬
‫َ‬
‫العلم مبا جاء به النَّيب ‪. ‬‬ ‫َح ُد َها ُ‬ ‫أَ‬
‫العمل به ‪.‬‬
‫والثانيةُ ُ‬
‫والثالثةُ نَ ْش ُرهُ يف الناس والدعوة إليه ‪.‬‬
‫ونتنفي ذه ومن طَلَع مِه‬ ‫ِِ ِ‬
‫ت َّتُ هُ إىل َم ْعرفَ ِة ما كان عليه الصحابةُ‬ ‫وجهادهُ يف َأدائ ه ْ ُ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ص ْب ُرهُ‬
‫والرابع ةُ َ‬
‫طريقت ُهم َح َقا ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اعهم فهذه ُ‬ ‫وأر َاد اتبَ ُ‬‫رضي اهللُ عنهم َ‬

‫‪59‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت فِْتنَ ةً يف ق وم‬ ‫ِ‬


‫املس اكنْي ِ وإذا َأر ْد َ‬ ‫ب َ‬ ‫وح َّ‬ ‫ِ‬
‫ألك ف ْع َل اخلَْي َرات ‪ ،‬وَت ْرك املنك رات ُ‬
‫ِ‬
‫اللهم إنا نس َ‬ ‫ُ‬
‫َفَت َو َّفنَا َغْيَر َم ْفُتْنونِنْي َ ‪.‬‬
‫أحكامها معلوم ةٌ‬ ‫ُ‬ ‫وق ال رمحه اهلل اهلج رةُ ِه ْجرت ان ‪ِ :‬هج رةٌ باجلسم ِمن بلد إىل بلد وه ذه‬
‫الكالم فيها ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫املراد‬
‫وليس ُ‬
‫ود ُهنا وه ِذ ِه اهلِج رةُ ِهي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واهلج رةُ الثاني ةُ اهلج رةُ ب القلب إىل اهلل ورس ِوله وه ذه ه َي املقص ُ‬
‫اهلِجرةُ احلِقيقيةُ وهي األَصل ‪.‬‬
‫جسر بَِق ْلبِ ِه ِمن حَم بَ ِة‬ ‫اجلسد تابع ةٌ هلا هلل وهي ِهجرة تتضمن ( ِ‬ ‫ِ‬
‫إىل ) فيها ٌ‬ ‫َ‬ ‫(‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫وهجرةُ‬
‫والتوك ِل عليه‬ ‫َّ‬ ‫ور َجائِ ِه ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫غري اهلل إىل حَمَبَّت ه ‪ ،‬ومن عُبوديه غريه إىل عُبوديت ه ومن َخ ْوف َغ ريه َ‬
‫وع له وال ذل له‬ ‫ريه وس ؤالِِه ‪ ،‬واخلض ِ‬ ‫اهلل ورجائِ ِه والتوك ِل عليه ومن دع ِاء غ ِ‬ ‫وف ِ‬ ‫إىل خ ِ‬
‫َ‬
‫واالستكانة له إىل دعاء اهلل وسؤال اهلل واخلضوع له والذل له واالستكانة له ‪.‬‬
‫املطلوب ِمن العبد ُهو‬ ‫ُ‬ ‫والتوحيد‬
‫ُ‬ ‫الف رار إليه قال تعاىل ‪ ﴿ :‬فَِف ُّروا إِىَل اللَّ ِه ﴾‬ ‫وه َذا بعيِنِ ِه مع ِ‬
‫َ َ ْ ىَن‬
‫الفَر ُار ِمن اهلل إليه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رار إليه ُس ْب َحانَهُ‬ ‫ت ( من ) و ( إىل ) يف ه ذا س ٌّر عظي ٍم من أس رار التوحيد ف إ ّن الف َ‬ ‫وحَتْ َ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الرسل‬ ‫ت عليها َدعوةُ‬ ‫ض ِّم ٌن لتَوحيد ا ِإلهليَّة اليت اّت َف َق ْ‬ ‫ِ‬
‫بالطلب والعبودية َف ُهو ُمتَ َ‬ ‫ض َّم ُن إِفْ َ‬
‫رادهُ‬ ‫َيتَ َ‬
‫اهلل وسالمهُ عليهم أمجعني ‪.‬‬ ‫صلوات ِ‬
‫ُ‬
‫ون ِمن‬ ‫وأن ُك َّل ما يف الك ِ‬ ‫ات ال َق َد ِر َّ‬ ‫وحي ِد الربوبي ِة وإثب ِ‬ ‫الف رار ِمنه إليه َفهو متَض من لِتَ ِ‬ ‫وأما ِ‬
‫ُُ‬ ‫ُ ُ َ ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وح َدهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املكروه وامل ْح ُذو ِر الذي يَِفُّر ِمْنه ُ‬
‫العبد فإمنا أ َْو َجبَْتهُ مشْيئةُ اهلل ْ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ودهُ ل َعدم َمشيئته ‪.‬‬ ‫وج ُ‬ ‫ْ‬
‫وامتنع ُ‬ ‫َ‬ ‫ودهُ مبشيئته وما مل يَشأ مل يَ ُكن‬ ‫وج ُ‬
‫ب ُ‬ ‫فإن ما شاءَ كا َن َو َو َج َ‬
‫فار ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل فإمنَا يَِفُّر ِمن ٍ‬
‫العبد إىل ِ‬
‫شئ إيل َش ٍئ ُوج َد مبشيئة اهلل وقَد ِره فهو يف احلقيقة ٌ‬ ‫فإذا َفَّر ُ‬
‫اهلل إليه ‪.‬‬‫ِ‬

‫‪60‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫نك )) وقوله ‪ (( :‬ال َم ْلج أَ‬ ‫ك ِم َ‬ ‫ص ُو ِره فَ ِه َم َم ْعىن قول ِه ‪ (( : ‬وأعُ وذُ بِ َ‬
‫تصو َر هذا َح َّق تَ َ‬
‫وم ْن َّ‬ ‫ِ‬
‫فر ِمنه ويسَتعاذُ ِمنه ويلَتجأَ ِمنه إِالَّ هو ِمن ِ‬
‫اهلل َخْلقاً وإِبْ َداعاً ‪.‬‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫شئ يَ ُّ‬ ‫ِ‬
‫الو ُجود ٌ‬
‫ليس يف ُ‬ ‫نك إالَّ َ‬
‫إليك )) ‪ .‬فإنه َ‬ ‫وال َمْن َجى ِم َ‬
‫ض ْي َوي َق ِد ُر‬‫فإن اهلل ي ْق ِ‬
‫ت َّ َ‬ ‫َأر ْد َ‬ ‫ِشعراً‪َ :‬تو َّكل على الرحم ِن في ُك َّل ح ٍ‬
‫اجة‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫صْبهُ ‪ ،‬وما لِل َْعبِ ِد ما يَت َخَّيُر‬
‫يِ‬
‫ُ‬ ‫رش أ َْمراً بَِعْب َد َه‬
‫الع ِ‬
‫َمَتى ما يُر ْد ذُو َ‬
‫ث يَ ْح َذ ُر‬ ‫بإذن اهلل ِمن َحْي ُ‬ ‫(وينجو ِ‬ ‫ك ا ِإلنسا ُن ِمن َو ْج ِه ْأمنِ ِه‬
‫وقد يَهلَ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬ ‫ِ‬
‫َوج َد قَ َد ُر اهلل ومش يئتهُ وخل ُقه إىل ما تقض يه رمحتُه وب ُّره ولُطف هُ‬ ‫فالف ُار واملُ ْس تَعْي ُذ فَ ٌار َّا أ َ‬
‫باهلل ِمنه ‪.‬‬
‫اهلل إليه مسَتعي ٌذ ِ‬
‫ُْ ْ‬
‫احلقيقة هو هارب ِمن ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫واحسانُه ‪ ،‬ففي‬
‫ور َج اءً ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫وتَص ُّور ه َذي ِن األَم ري ِن ي وجب لِْلع ِ‬
‫انقطاع َت َعلق َق ْلب ه عن غريه بالَ ُكلية ‪َ ،‬خوف اً َ‬ ‫َ‬ ‫بد‬ ‫َ ُ َ ْ َْْ ُ ُ َ‬
‫وحمَبةً ‪.‬‬
‫وخ ْل ِق ِه مل َيْب َق يف قلبه‬ ‫ِِ‬ ‫مِب ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فإنه إذا َعل َم أن الذي يف ُر منه ويَ ْس ت ْعي ُذ منه إمنا هو َش ْيئته اهلل وقُ ْد َرت ه َ‬
‫وم ْو ِج ِد ِه ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫وف من غري خالقه ُ‬
‫خ ٌ ِ‬
‫َ‬
‫والرجاء ‪ .‬ولو كان فِ َر ُارهُ مِم َّا مل يَ ُك ْن مِب َ ِش ْيئَتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باخلوف واحلُب‬ ‫ِ‬
‫ذلك إفراد اهلل َو ْح دهُ‬ ‫ض َّم َن َ‬ ‫َفتَ َ‬
‫وال قُ ْد َرتِِه لكن ذلك موجباً خلوفه منه مثل ما يفر من خملوق إىل خملوق آخر أَقدر منه ‪.‬‬
‫ف منه َح ِذراً أن ال يك و َن الث اين يُِفْي ُدهُ ِمنه خبالف َما إذا‬ ‫األول خ ائِ ٌ‬ ‫فإنه يف ح ِال فِ را ِر ِه من ِ‬
‫التفات إىل‬ ‫ُ‬ ‫وشاءَ ما يَِف ُر ِمنه فإنهُ ال َيْب َقى يف القلب‬ ‫ضى وقَد ََّر َ‬ ‫كان الذي يفر إليه ُه َو الذي قَ َ‬
‫غريه ‪.‬‬
‫ِ‬
‫نك )) و (( ال َم ْل َج أَ وال َمْن َجى منك‬ ‫ب يف قَول ِه (( أعُ وذُ بِك ِم َ‬ ‫جي ِ‬
‫الع ْ‬
‫ِ‬
‫َفَت َفطَ ْن إىل هذا الس ّر َ‬
‫ْتة اليت ِهي‬ ‫َن النَ اس قد ذكروا يف هذا أَقواالً ‪ ،‬وقُ َّل من َتع َّرض منهم هلِ ِذ ِه النُك ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫إليك )) ف أ َّ‬
‫إال َ‬
‫ومقصوده ‪ .‬وباهلل التوفيق ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكالم‬ ‫ب‬
‫لُ ُّ‬

‫‪61‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الفرا ِر ِمن اهلل إليه وهو َمعىن اهلِجرة إىل اهلل تعاىل ‪ ،‬وهلذا قال‬ ‫فتأمل كيف عاد األَمر ُكلُّه إىل ِ‬
‫َ َ ُ ُ‬
‫املهاج ُر َمن َه َجَر ما هنى اهللُ عنه )) ‪.‬‬ ‫النيب ‪ِ (( ، ‬‬
‫لآلخر‬ ‫ا‬ ‫واقتضاء أحدمِهِ‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫هم‬ ‫م‬‫وهلذا ي ْقر ُن سبحانَه وَتع اىَل اإلميا َن واهلجرةَ يف غ ِري موض ٍع لِتالز ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫احلب‬ ‫ِ‬ ‫واملقصود أن اهلجر َة إىل ِ‬
‫تتضمن ه ْجرا َن ما يَكَْر ُههُ واتيا َن ما حُي به ويرضاه وأص لُ ُهما ُ‬ ‫ُ‬ ‫اهلل‬ ‫ُ‬
‫غض ‪.‬‬
‫والبُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫املهاجر ِمن ٍ‬ ‫فِإ ّن‬
‫ب‬‫َح َّ‬
‫هاجَر منه فَيؤث ُر أ َ‬ ‫ب مما َ‬ ‫أح َّ‬‫شئ إىل شيء ال بُ َّد أن يكو َن ما يُهاج ُر إليه َ‬ ‫َ‬
‫األمري ِن إليه على اآلخر ‪.‬‬ ‫َ‬
‫رض اهُ ‪ ،‬وقد بُلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َواهُ ‪ ،‬وش يطانُه إمنا يدعونَ هُ إىل خالف ما حُي ب ه ويَ َ‬ ‫س العب د َ‬ ‫وإذا ك ان ن َف ُ‬
‫ؤآلء الثالث ‪.‬‬ ‫هِب ِ‬
‫َ‬
‫رضاة ربِه ‪ ،‬فعليه يف ُك ِل‬ ‫ميان يدعوه إىل م ِ‬ ‫وداعي ا ِإل ِ‬ ‫فال يزالُو َن ي ْدعونَه إىل غري مرض ِاة ربِ ِه ‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ك يف ِه ْجَرتِه إيل املمات ‪.‬‬ ‫اهلل وال َيْن َف َ‬‫هاجر إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫وقْت أن يُ َ‬
‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫ت‬‫ب َداعي احملبة يف قلب العبد فِإن كان الداعي أَقْوى َك ان ْ‬ ‫حبس َ‬
‫ف َ‬ ‫ضعُ ُ‬ ‫وى وتَ ْ‬ ‫وهذه اهلجرةُ َت ْق َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اد يَ ْش عَُر هبا‬‫ف ال َداعي ضعُ َفت اهلج رةُ حىت ال يَ َك ُ‬ ‫ض عُ َ‬ ‫ه ذه اهلجرة أَْق َوى وأَمَتُ واكم ُل وإِذَا َ‬
‫ِعلماً ‪ ،‬وال َيتَ َحَّر ُك هلا َإر َاد ًة ‪.‬‬
‫املسائل يف اهلِجرة ِمن دا ِر الكفر إىل‬ ‫َ‬ ‫الكالم ُوي َف ِّرعُ‬
‫َ‬
‫َن املرء ي ِ‬
‫وس ُع‬ ‫ب أ َّ َ ُ‬ ‫الع َج ُ‬
‫ِ ِ‬
‫والذي َي ْقضي منه َ‬
‫دا ِر ا ِإلسالم ‪ ،‬ويف اهلِجرة اليت ا ْن َقطَعت بال َفْت ِح ‪ِ ِ ِ ،‬‬
‫لق به يف‬ ‫وه ذه ه ْج َرُةٌٌُ َع َ‬
‫ارض ةُ ‪ُ .‬رمَّبَا ال َتَت َع ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َصالً ‪.‬‬‫العُ ْمر أ ْ‬
‫ذاك‬
‫وما َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأما َه ِذ ِه اهلِ ْج َرةُ اليت ِهي واجبَ ُةٌٌُ على َم َدى األَْن َف ِ‬
‫ص ُل فيها ع ْلم اً وال َإر َاد ًة َ‬ ‫اس ال حَيْ ُ‬
‫وح َدهُ َع َّما ال يُْن ِجْيه َغْي ُرهُ قال تعاىل ‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ مِب‬
‫واالشتغال ا ال يُْنجْي ه ْ‬ ‫اض َع َّما ُخلِ َق لَ هُ ‪،‬‬ ‫إِالَّ لِأل َْع َر ِ‬
‫اه ْم أَن ُف َس ُه ْم ﴾ ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َنس ُ‬
‫ين نَ ُسوا اللهَ فَأ َ‬ ‫﴿ َواَل تَ ُكونُوا َكالذ َ‬

‫‪62‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وم واأل َْع َم ِال واهلل املس تعان ‪.‬‬ ‫ب العلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال من عش يت ب ِ‬
‫ت َم ْعرفتُه مبرات ِ ُ‬ ‫وض عُ َف ْ‬
‫ص رْي تُهُ َ‬ ‫وه ذا َح ُ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ب ِس َواهُ ‪.‬‬‫وباهلل التوفيق ال إلهَ َغْي ُرهُ وال َر َّ‬
‫ات الطري ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومْن َه ٌج مل َتْت ُر ْك بَُنيَّ ُ‬‫الرس ول ‪ ‬فَع ْل ٌم مل َيْب َق منه س َوى امْسُهُ َ‬ ‫وأما اهل ْج َرةُ إىل ُ‬
‫َع ِادي‬
‫ت عليها األ َ‬ ‫وم َها و َغ َار ْ‬ ‫ت ُر ُس َ‬ ‫ت عليها الس وايِف فَطَ َم َس ْ‬ ‫س وى َرمْسَهُ ‪ ،‬وحَمَ َّجةٌ س َف ْ‬
‫ِ‬
‫َفغَ َّورت من ِ‬
‫اهلَ َها وعُيوهَن ا ‪.‬‬ ‫َ ْ ََ‬
‫فسالِ ُكها َغ ِريب ب ِ ِ‬
‫ني ُك ِّل حي وناد ‪ .‬بعيد على قرب املكان وحيد على كثرة‬ ‫ني العبَاد فَ ِري ٌد بَ َ‬‫َ ٌْ ََ‬
‫اجلريان ‪.‬‬
‫يستوح ُش ْون مقيم إذا ظعن وا ‪ ،‬ظ اعن إذا‬ ‫ِ‬ ‫مس توحش مما به يستأنس ون ‪ ،‬مس تأنس مما به‬
‫قطن وا ‪ ،‬منف رد يف طريق طلبه ال يقر ق راره ‪ ،‬حىت يظفر بإربه ‪ .‬فهو الك ائن معهم جبس ده‬
‫الب ائن منهم مبقص ده ‪ ،‬ن امت يف طلب اهلدى أعينهم ‪ ،‬وما ليل مطيته بن ائم ‪ ،‬وقع دوا عن‬
‫اهلجرة النبوية ‪ ،‬وهو يف طلبها مشمر قائم ‪.‬‬
‫يعيبونه مبخالفة أرائهم وي زرون عليه إزارءً على جه االهتم واه وائهم ‪ ،‬قد رمجوا فيه الظن ون‬
‫ال‬
‫ص و َن ﴾ ﴿ قَ َ‬ ‫ص واْ إِنَّا َم َع ُكم ُّمَتَربِّ ُ‬
‫وأح دقوا فيه العي ون ‪ ،‬وتربص وا به ريب املن ون ﴿ َفَتَربَّ ُ‬
‫ص ُفو َن ﴾‬ ‫ب اح ُكم بِاحْل ِّق وربُّنَا الرَّمْح ن الْمسَتعا ُن علَى ما تَ ِ‬
‫َُ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َر ِّ ْ‬
‫اجتمع ا ِإلميا ُن‬ ‫قاح ا ِإلميان ‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫العمل الصاحلَ ‪.‬‬‫والطلب أَمْثََر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الطلب ل ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال رمحه اهلل‬
‫الد َع ِاء ‪.‬‬
‫إليه فإذا اجتمعا أَمثَرا إِجابةَ ُ‬ ‫وحسن الظن باهلل لِقاح االفتقار واالضطرا ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫َوام ِر ‪ ،‬واجتناب ِ‬
‫النواهي ‪.‬‬ ‫امتثال األ ِ‬
‫احملبة فإذا اجتمعا أَمْثَرا َ‬ ‫واخلشيةُ لقاح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫قاح اليقني ‪ ،‬فإذا اجتمعا أ َْو َرثَا ا ِإلمامةَ يف الديْ َن قال تعاىل‬ ‫ِ‬
‫والصربُ ل ُ‬

‫‪63‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صَبُروا َو َكانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُو َن ﴾‬ ‫ِ ِ‬


‫﴿ َو َج َع ْلنَا مْن ُه ْم أَئ َّمةً َي ْه ُدو َن بِأ َْم ِرنَا لَ َّما َ‬
‫واالعتداد بِِه ‪.‬‬ ‫قبول ِ‬
‫العمل‬ ‫َمثرا َ‬ ‫قاح ا ِإل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫خالص فإذا اجتمعا أ َ‬ ‫وصحةُ االقتداء بالرسول ل ُ‬
‫َح َدمُهَا عن اآلخ ِر مل يُِفد‬ ‫انفرد أ َ‬
‫الفالح والسعادةُ ‪ ،‬وإن َ‬ ‫ُ‬ ‫اح العِلَم فإذا اجتمعا كان‬ ‫ِ‬
‫والعمل ل َق ُ‬
‫ُ‬
‫شيئاً ‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النفع واالنتفاعُ ‪.‬‬‫ات ُ‬ ‫َح ُدمُهَا عن صاحبِه ف َ‬ ‫انفرد أ َ‬‫قاح العلم ‪ ،‬وإ ْن َ‬ ‫واحللم ل ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وحص ل االنتفاعُ‬ ‫ص احُب ُه َما َخْي َر الدنيا واآلخ رة ‪َ ،‬‬ ‫قاح البص رية ‪ ،‬فإذا اجتمعا نَ َ َ‬ ‫والعزميةُ ل ُ‬
‫ِِ‬ ‫بِعلم العامِلِ ‪ ،‬وبلَغَ ِ مِه ِ‬
‫َح ُدمُهَا عن صاحبِه ف ات ُ‬
‫النفع‬ ‫ت بِه تهُ من العلياء ُك َّل مكان وإِ ْن َ‬
‫انفرد أ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫واالنتفاعُ ‪.‬‬
‫ص َّح ِة‬ ‫مية ‪ ،‬وحسن ال َقص ِد لَِقاح لِ ِ‬ ‫رية ‪ ،‬وإِ َّما ِمن ع َدِم الع ِز ِ‬‫ص ِ‬ ‫االت إِ َّما ِمن ع َدِم الب ِ‬ ‫َفتَخلُّف ال َكم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُُْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِ ِ‬
‫أنواع اخلريات ‪.‬‬‫أمثرا َ‬ ‫ال ُذ ْه ِن ‪ ،‬فإذا فُق َدا فُق َدا اخلريُ َكلُه ‪ ،‬وإذا ْ‬
‫اجتَ َم َعا َ‬
‫َّص ُر والظََّف ُر ‪ ،‬وإِ ْن فُق َدا فاخلُ ْذال ُن‬ ‫وص حةُ ال َّرأْي لَِق اح الش ِ‬ ‫ِ‬
‫اجتَ َم َعا ‪ ،‬ك ان الن ْ‬ ‫جاعة ‪ ،‬ف ِإذا ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لت الش جاعةُ بال َرأ ٍي ‪،‬‬ ‫واخليبة ‪ .‬وإن وج َد ال رأي بال َش ج ٍ‬
‫ص ْ‬ ‫والع ْج ُز ‪ ،‬وإن َح َ‬ ‫نب َ‬ ‫اعة ف اجلُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫والعطَ ُ‬‫َّه ُو ُر َ‬ ‫فالت َ‬
‫شئت أَ ْن تَرى‬ ‫اع ِه َما ‪ .‬قال‬‫البصرية ‪ ،‬فإذا اجتمعا فاخلري يف اجتِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫احلسن ‪ :‬إذا َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫اح‬
‫والص ْب ُر ل َق ُ‬
‫بص رياً لَ ه رأَيتَه ‪ ،‬وإذا ش ئت أن ت رى ص ابراً ال بص ري َة لَه رأَيتَه ‪ ،‬ف إذا رأَيت ص ابِراً ب ِ‬
‫ص رْي اً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬
‫فذاك ‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قل واستنَ َار ‪.‬‬‫الع ُ‬
‫وي َ‬ ‫الع ْقل ‪ ،‬ف ُكلما قَ ِويَت النصيحةُ قَ َ‬ ‫اح َ‬ ‫والنصيحةُ ل َق ُ‬
‫الز ْه َد يف ال دنيا ‪ .‬والرغب ةَ يف‬ ‫ِ‬
‫اآلخ َر ‪ ،‬إذا اجتمعا أَنتجا ُ‬ ‫اح َ‬ ‫والت ذ ُك ُر والتفك ُر ُك ٌل منهما ل َق ُ‬
‫اآلخر ِة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القلب ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسَت َق َام ُ‬ ‫التوكل ‪ ،‬فإذا اجتمعا ْ‬ ‫اح‬
‫والتقوى ل َق ُ‬

‫‪64‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ص ُر األ َِمل ‪ ،‬ف إذا اجتمعا ف اخلري كله يف اجتماعهما ‪،‬‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬ ‫ولَِق اح أ ِ ِ‬
‫َخ ذ أ َْهبَ ة االس تعداد لل ّق اء ق َ‬ ‫ُ ْ‬
‫والشر يف فرقتهما ‪.‬‬
‫العبد َغايةَ املراد ‪.‬‬
‫العالية ‪ ،‬النيةُ الصحيحةُ فإذا اجتمعا َبلَ َغ ُ‬ ‫ولَِقاح اهلِ َّم ِة ِ‬
‫ُ‬
‫واملراد هبذا‬ ‫َّص َل َإر َادتُه وحمبت هُ بوجهه األ َْعلَى ‪،‬‬ ‫وق ال ال ي زال العب ُد مْن َق ِطع اً عن اهلل حىت َتت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لق بِِه َو ْح َدهُ ‪ ،‬فَال حَيْ ُجبَها َش ٌئ ُدونَهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االتصال ‪ ،‬أَن ُت ْفضي احملبةُ إِليه ‪ ،‬وَتَت َّع ُ‬
‫ِ‬
‫ورها ظلم ةُ التعطيل ‪ ،‬كما ال‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫وأ َّ ِ‬
‫س نُ َ‬‫َن َتتَّص َل املعرف ةُ بأمسائه وص فاته وأفعال ه ‪ ،‬فال يَطْم ْ‬
‫ِ‬
‫الشرك ‪.‬‬ ‫يطْ ِمس نُور ِ‬
‫احملبة ظُْل َمةُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫حج اب الغَ ْفلَة والتفاتُ هَ يف َح ال‬ ‫بني ال ذاكر واملذكور َ‬ ‫ول َ‬ ‫ص ل ِذ ْك ُرهُ بِ ِه ُس ْب َحانَهُ َفَي ُز ُ‬ ‫َن يتَ ِ‬
‫وأ َّ َ‬
‫الذ ْك ِر إىل غ ِري َمذ ُكوره ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ونواهي ِه ‪ ،‬فيفع ُل الطاع ةَ ألنه أ ََم َر هِب ا‬ ‫أوام ِر ِه ِ‬ ‫َّص ل ال ذكر بِ ِه ‪ ،‬ويتص َّل العم ل بِ ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فحْينَئ ذ َيت ُ‬ ‫َ‬
‫ضها ‪.‬‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫وأبغَ َ‬
‫ويرْت ُك املَنَاه َي ل َكونه هَن ى َعنها ‪ْ ،‬‬ ‫َحَّب َها ‪َ ،‬‬
‫وأ َ‬
‫رتك ِمن‬ ‫الفعل وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فه ذا معىن اتَّص ِال العم ِل ب أمره و َنهيِ ِه ‪ِ .‬‬
‫وحقْي َق ةُ َز َوال العلَ ِل البَاعثَ ة على ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وظ ِ‬
‫العاج ِلة ‪.‬‬ ‫راض واحلظُ ِ‬
‫األ َْع ِ ُ‬
‫اض ياً حِب ُ ْس ن تَ ْدب ِريه‬‫إليه ‪ ،‬ر ِ‬‫ث يصير واثِق اً بِه س بحانَه ‪ ،‬مطْمئِن اً ِ‬ ‫ِِ حِب‬ ‫ويت ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ َ ُ ُ َ‬ ‫واحلب به ْي ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫التوكل‬
‫ُ‬ ‫َّص ُل‬ ‫َ‬
‫َحوال ‪.‬‬‫حال ِمن األ ِ‬ ‫لَه َغير متَّ ِه ٍم لَه يف ٍ‬
‫َْ ُ ُ‬
‫قرهُ وفا َقتُه به ُسْب َحانَه ُدو َن َمن ِسواهُ ‪.‬‬ ‫ويتصل فَ ُ‬
‫ُ‬
‫خياف َغْي َرهُ ‪ ،‬وال‬ ‫وابتهاجه بِ ِه َو ْح َدهُ ‪ ،‬فال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ورهُ ‪،‬‬
‫رحه وس ُر ُ‬ ‫ور َج ُاؤهُ ‪ ،‬وفَ ُ‬ ‫ويتص ُل َخوفُه َ‬
‫الس ُر ْو ِر ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫رج ْوهُ ‪ ،‬وال َي ْفَر ُح بِِه َّ‬
‫كل ال َفَر ِح وال يُ َس ُر به غايةَ ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫واالبتهاج‬
‫ُ‬ ‫الكامل ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والسرور‬
‫ُ‬ ‫التام‬
‫الفرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ليس‬ ‫ِ‬
‫والس َرور ‪ ،‬فَ َ‬ ‫بعض ال َف َرح ُ‬ ‫وإِ ْن نَالَ هُ باملخلوق ُ‬
‫ين َآمنُ واْ َوتَطْ َمئِ ُّن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫وس كو ُن القلب إال ب ه ُس ْب َحانَه ‪ .‬قَ ال تع اىل ‪ ﴿ :‬الذ َ‬ ‫والنعيم و ُق ُرةُ العني ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬
‫وب ﴾ ‪ .‬اآليه‬ ‫ُقلُوبُ ُهم بذ ْك ِر اللّه أَال بذ ْك ِر اللّه تَطْ َمئ ُّن الْ ُقلُ ُ‬

‫‪65‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫جب عنه َف ُهو ب احلُْز ِن بِ ِه‬ ‫ِِ ِ‬


‫وس َّر ب ه ‪ .‬وإ ْن ُح َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وما س واهُ إ ْن أ ََع ا َن َعلَى َه ذا املطل وب فَ رح ب ه ُ‬
‫َحق ِمنه بأَ ْن َي ْفَر َح بِ ِه ‪ ،‬فال َف ْر َح ةَ وال ُس ُر ْو َر إِال‬ ‫ب حب ِِ‬ ‫والو ْح َش ِة ِمنهُ ْ ِ ِ‬
‫صوله لَهُ أ ُ‬‫واضطراب القلَ ِ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ب ال َف ِر ِحني بالدنيا‬ ‫ض اته ‪ .‬وقد أخرب ُس ْب َحانَه أنه ال حُي ُ‬
‫ليه وأعا َن على مر ِِ‬
‫َْ َ‬
‫بِ ِه ‪ ،‬أو مبا أَوص ل إِ ِ‬
‫ْ ََ‬
‫و ِزينَتها ‪.‬‬
‫اع‬ ‫ول إلى انِْقطَ ِ‬ ‫طَْو ٍيل ال َي ُؤ ُ‬ ‫ب الدنيا بَِه َّم‬ ‫ْت لِطَالِ ِ‬
‫ِش ْعراً‪َ :‬كِفل ُ‬
‫َو َف ْق ٍر ال يَ ُد ُّل َعلَى اتَّ ِس ِ‬
‫اع‬ ‫ياة بِغَي ِر ِعٍّز‬
‫(وذُ ٍّل في الح ِ‬
‫َ‬
‫ائم مع ُك ِل س ِ‬
‫اعى‬ ‫َ‬ ‫وس ْعي َد ٍ َ َ‬ ‫(َ‬ ‫غ‬
‫س َي ْع ُقبُهُ فَرا ٌ‬ ‫(‬
‫و ُش ْغ ٍل لَْي َ‬
‫س بِ ِذى ْارتَِف ِ‬
‫اع‬ ‫ص لَْي َ‬‫الح ْر ِ‬‫وعب ُد ِ‬
‫َْ‬ ‫ال َعلَ ِيه َعْبداً‬
‫ص ال َيَز ُ‬ ‫وح ْر ٍ‬ ‫(ِ‬
‫‪2‬‬

‫سالم وا ِإلميا ُن والقرآ ُن كما فَ َّس َرهُ الصحابةُ والتابعو َن ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫وأما الفرح بَِف ْ ِ ِ‬
‫وهو ا ِإل ُ‬ ‫ورمَح ت ه ‪ُ ،‬‬‫ض له َ‬ ‫ُ‬
‫ص ل ‪ ،‬وإِالَّ َف ُهو َم ْقطُوعٌ َع ْن َربِّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملقصود أ َّ‬
‫األمور باهلل سبحانه فقد َو َ‬
‫ُ‬ ‫ت لَه هذه‬ ‫َّصلَ ْ‬
‫َن َمن ات َ‬ ‫ُ‬
‫وسلُ ْوكِ ِه ‪.‬‬
‫وإر َادته ُ‬
‫ِ‬
‫س عليه َم ْعرفَتِه َ‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ِّ‬‫ل‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫متَّصل حب ِظ ِه ون ْف ِس ِ‬
‫ه‬ ‫ُ ٌَ َ َ‬
‫(م ْو ِعظَةٌ )‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ك مص و ُن يف ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫خالص ُروح ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ص ْو َرةٌ وا ِإل‬ ‫القلب يُنبّه ِرحْيُ هُ َعلى َحامله ‪َ ،‬‬
‫الع َم ُل ُ‬ ‫خالص م ْس ٌ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ا ِإل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت املن ا ِز َل مل تكن َحاج اً إال ُ‬
‫بش ُهود‬ ‫وح َدهُ فال َتْت َعب ‪ ،‬لو قَطَ ْع َ‬‫العم َل هلل ْ‬ ‫ص َ‬ ‫إذا مل خُتْل ْ‬
‫صورة الطاعات ‪.‬‬ ‫الوقُوف باملوقف ‪ ،‬وال َت ْغَتَّر بِ ُ‬
‫كان أيوب ِ‬
‫َش َّد ال ُزكام ‪.‬‬ ‫َّث َفَر َّق قلبهُ َ‬
‫وجاءَ الد َّْم ُع قال ما أ َ‬ ‫السختياين إذا حَتَد َ‬ ‫ُ‬
‫َص َحاء َكْيالَ َيتَشَّبهُ بالشاكِني ‪.‬‬
‫أس ِه ما يأكل األ ِ‬ ‫راهيم بن أدهم إذا م ِرض جَي عل عند ر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َْ ُ َ‬ ‫وكان إبْ ُ ْ ُ‬
‫س بداخل نام على فراشه ‪.‬‬ ‫أح َّ‬‫وكان ابن أيب ليلي يصلي فإذا َ‬

‫‪66‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أح ُد غطاه ‪.‬‬ ‫وكان النخعي ي ْقرأَ يف امل ْ ِ‬


‫ص َحف فإذا َدخل عليه َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫العرْب ةُ واخلشوعُ فيقوم خشيةَ أ ْن يُ ْفطَ َن له ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواحد من السلف تأتيه َ‬ ‫ُ‬ ‫وكان‬
‫غسل َو ْج َههُ عن الدموع لئال يتنبه له ‪.‬‬ ‫صل ِي ويبكي وإذا جاءه زائر َّ‬ ‫بعضهم يُ َ‬ ‫وكان ُ‬
‫ني ال ذين إذا َس امَهُوا يف َم ْش ُر ْو ٍع ِديْين نش روا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل ه ذا من اإلخالص َبلِّ ْغ يا أَخى َم ْع َش َر املَُرائ َ‬
‫ِّد ْو َن َك ْم َح ُّج ْوا من َس نَة وهم ما ُس ئِلُ ْوا‬ ‫أمْسَاءَ ُهم يف اجلرائد واجملالت واالذاع ات وال ذين يُ َع د ُ‬
‫وي ُقولون حَن ُن نعتمر كل سنة وأهلنا وأوالدنا وجَيْلِس باحلرم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ل له‬ ‫ورمَّبَا َح َ‬
‫ويُ ْهمل َعائلَت هُ وال حُيَافظ عليهم وال ي دري أَيْ َن يَ ْذ َهبُون يف الليل والنه ار ُ‬
‫ت َكغَريها ‪.‬‬ ‫بسببهم إمثٌ عظيم ألَن َسيئَةَ احلرم َعظيمة لَْي َس ْ‬
‫ورمبا كان مع ذلك املأكل وامللبس واملركب حرام نسأل اهلل العفو والعافية يف الدنيا واآلخرة‬
‫‪.‬‬
‫ضالً عن غريهم ‪.‬‬ ‫وهذه املسائل قَ َّل َمن َينَتَّبهُ هلا ِمن طلبة العلم فَ ْ‬
‫وضر ُرهُ َع ِظيم وقد حُيْبِ َط األعمال ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أص َع ِ‬ ‫ِ‬
‫اها َ‬ ‫وأخ َف َ‬
‫ب األَشياء ْ‬ ‫فالرياءُ من ْ‬
‫ب َعْيَنْي ِه يف الص الة والزك اة والص يام واحلج وس ائر‬ ‫ص َ‬ ‫َفَيْنبَغي لإلنس ان أن جَيْ َعلَ هُ َدائم اً نَ ْ‬
‫ِ‬
‫األعمال ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّ ُه َّم َق ِّونَا ب الْيَ ِق ِ‬
‫ني َو ْامنَ ْحنَا الت َّْوفْي َق َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال د ْينَا َوجلَ ِمْي ِع الْ ُم ْس لمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬
‫الرامِح ني وصلَى اهلل علَى حُم َّم ٍد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ‬

‫ص ُر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫س تُ ْح َ‬ ‫ل َك ْون أَيَاد ْي ُج ْوده لَْي َ‬ ‫ص ُر‬
‫الو َرى َعْنهُ َي ْق ُ‬ ‫ش ْعراً‪َ :‬تَب َار َك َم ْن ُش ْكُر َ‬
‫اج يُ ْش َكُر‬‫الش ْك ِر يَ ْحَت ُ‬
‫ك ُش ْكُر ُّ‬ ‫َك َذلِ َ‬ ‫ش ْك ِر َها‬ ‫اج ُش ْكَراً لِ ُ‬ ‫ِ‬
‫َو َشاك ُر َها يَ ْحَت ُ‬
‫صغُُر‬ ‫بغَْير َتَن ٍاء ُد ْوَن َها ُّ‬
‫الش ْك ُر يَ ْ‬ ‫فَِف ْي ُك ِّل ُش ْك ِر نِْع َمةٌ َب ْع َد نِْع َم ٍة‬

‫‪67‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الش ْك ِر َما ُهو أَ ْكَب ُر‬ ‫ض ْم َن ُّ‬ ‫تَح َّمل ِ‬ ‫رها‬


‫ب ُش ْك َ‬ ‫اج ِ‬ ‫ضي ح َّق و ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫فَ َم ْن َر َام َي ْق َ َ َ‬
‫اى ُم َسخَُّر‬ ‫الهو ِ‬ ‫تُسبِّحهُ ِ‬
‫ش َوطَْيٌر في َ َ‬ ‫ُو ُح ْو ٌ‬ ‫الحْيتَا ُن في ال َْما وفي الْفالَ‬ ‫َ ُ‬
‫س َي ْفُت ُر‬ ‫ِ‬
‫َن َه َاراً َولَْيالً َدائ َماً لَْي َ‬ ‫ْك َواأل َْماَل ِك ُك ٌل ُم َسبَّ ٌح‬ ‫وفي ال ُفل ِ‬
‫َ‬
‫ال َوأَبْ ُح ُر‬ ‫الجَب ُ‬ ‫ضو ِ‬
‫َس َماءٌ َوأ َْر ٌ َ‬ ‫ات بِ َح ْم ِد ِه‬
‫تُسبَّح ُك ُّل ال َكائِنَ ِ‬
‫َ ُ‬
‫العظ َْمى َوالَ َيَت َكَّبُر‬ ‫ِ ِِ‬ ‫هن وال ُك ُّل َخ ِ‬ ‫ِ‬
‫ل َهْيَبته ُ‬ ‫اش ٌع‬ ‫َج ْم َيعاً َو َم ْن فْي َّ َ‬
‫صِّو ُر‬‫الم َ‬ ‫اإللَهُ ُ‬ ‫البا ِر ْي ِ‬ ‫َعلَي أنهُ َ‬ ‫الو ُج ْو ِد َشَو ِاه ٌد‬
‫ذرات ُ‬
‫لَهُ ُك ُّل َّ ِ‬
‫ْعالمْي َن لَِيْنظُُروا‬ ‫وأَْتَقَن َها لِل ِ‬
‫َ‬ ‫ات‬‫السماو ِ‬
‫السْب َع َّ َ َ‬ ‫ض َو َّ‬ ‫َد َحا األ َْر َ‬
‫ض َك ْي َيَتَف َّكُروا‬ ‫ت األ َْر ِ‬ ‫وفي ملَ ُكو ِ‬ ‫الصْن ِع في َملَ ُك ْوتَِها‬ ‫ع ُح ْس َن ُّ‬ ‫اددَهاَ‬
‫َوَشأَبْ َ‬
‫َ َ ْ‬
‫شق َق أَْن َه َاراً بَِها َتَتَف َّجُر‬ ‫َو َّ‬ ‫اسي ِ‬
‫ات َفلَ ْم تَ ِم ْد‬ ‫وأَوتَ َدها بِ َّ ِ‬
‫الر َ‬ ‫َْ َ‬
‫َولِْل ُك َّل يَأَتِي ِمْنهُ ِر ْز ٌق ُمَق َّد ُر‬ ‫ث َد َو َاب َها‬‫َ(وأَ ْخَر ْج َم ْر َع َاها َوبَ َّ‬
‫اكهُ ُتثْ ِم ُر‬ ‫اب َفو ِ‬ ‫ِ‬
‫َ(ونَ ْخ ٍل َوأَ ْعَن ٍ َ‬ ‫ب َوال َكالَ‬ ‫ضِ‬ ‫َب وال َق ْ‬ ‫ب ثُ َّم األ ّ‬‫الح ِّ‬
‫م ْن َ‬
‫الربِْيع َتَب َ‬ ‫ِ‬ ‫ت بِ ُح ْس ِن َّ‬
‫الز ْه ِر َت ْز ُه ْو ِريَ ُ‬
‫خت ُر‬ ‫نس ُج َّ‬ ‫َوفي ُحلَ ٍل ْ‬ ‫اض َها‬ ‫ض َح ْ‬‫فَأَ ْ‬
‫وأَمس ْ ِ‬
‫الح ْسن َت ْز ُه ْو َوَت ْز َه ُر‬ ‫ت بَِباه ْي ُ‬ ‫َْ‬ ‫ت‬‫َصَب َح ْ‬ ‫صابِْي ِح أ ْ‬ ‫الم َ‬ ‫و َزا َن َسم ِ‬
‫اء ب َ‬ ‫ًَ‬ ‫َ‬
‫قَاَل ئِ َد ُد ِّر ٍّي لِ ُد ٍّر تُ َحِّقُر‬ ‫ت‬‫الد َجى قَ ْد َتَقلَّ َد ْ‬ ‫َتَر َاها إِ َذا َج َّن ُّ‬
‫ُّك أَ ْعمى لَْيس لِلْحس ِن ُتْب ِ‬ ‫الب َساتِْي َن ُد ْوَن َها‬ ‫ِ‬
‫ص ُر‬ ‫َ ُْ‬ ‫أَظُن َ َ‬ ‫َفَيا نَاظراً َز ْهَر َ‬
‫ْب يَ ْخطُُر‬ ‫ب َدا ٍر بَِها ما ال َعلَى ال َقل ِ‬ ‫اس َن كلَّ َها‬ ‫ويا من لَها إِ َّن المح ِ‬
‫ََ‬ ‫ََ َ ْ َ‬
‫الح ِال يَ ْح ُ‬
‫ض ُر‬ ‫س في َ‬ ‫النْف ُ‬‫َو َما ت ْشَت ِهْي ِه َّ‬ ‫ت‬
‫صَر ْ‬ ‫ت أُ ْذ ٌن َواَل ال َْعْي ُن أَبْ َ‬ ‫والَ ِ‬
‫سم َع ْ‬ ‫َ‬
‫قط الَ َيَت َك َّد ُر‬ ‫اء ُّ‬ ‫صَف ً‬ ‫يَزيْ ُد َ‬ ‫ش َها‬ ‫اء ُك َّل ِحْي ٍن َو َعْي ُ‬ ‫تَزيْ ُد َب َه ً‬
‫ب َم ْع ِفض ٍَّة الَ َتغََّيُر‬ ‫َ(وِم ْن َذ َه ٍ‬ ‫ص ْو ُر َها‬ ‫ِ‬
‫اليا ُق ْوت ُتْبَنى قُ ُ‬ ‫ِم ْن ُّ‬
‫الد َّر َو َ‬
‫هة ِم َّما لَهُ ُيَت َخَّيُر‬ ‫اك ٍ‬
‫وفَ ِ‬
‫َ‬ ‫َو َما يُ ْشَت َهى ِم ْن لَ ْح ِم طَْي ٍر طََع ُام َها‬
‫ْسبِْي ُل َو َك ْوَث ُر‬ ‫َ(وتَ ْسنِْي ُم َها َّ‬
‫والسل َ‬ ‫َو َم ْش ُر ْوُب َها َكا ُف ْو ُر َها َو َر ِحْي ُق َها‬

‫‪68‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َلبا ٌن َو َماءٌ ُيَف َّجُر‬ ‫ِ‬ ‫وِمن َعس ٍل وال َخمر َن ْهر ِ‬
‫َوَن ْهَران أ َ‬ ‫ان َج ْو ُف َها‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ‬
‫ب ِم ْس ٌ‬ ‫ِ‬
‫ك َو َج ْو َهُر‬ ‫صَب ُاؤ َها والتُّْر ُ‬ ‫َ(و َح ْ‬ ‫اس َها‬‫الي َح ِريْ ٍر ُف ْر ُش َها َولَب ُ‬ ‫َو َغ ْ‬
‫ْك ُتثْ ِم ُر‬ ‫َوِم ْن َج ْو َه ٍر أَ ْش َج ُار َها تِل َ‬ ‫ش َها‬ ‫ان َنْبُت َها َو َح ِشْي ُ‬ ‫(وِمن َز ْعَفر ٍ‬
‫َ ْ َ‬
‫اع َوتُ ْح َج ُر‬ ‫ت ال ُتَب ُ‬ ‫ت أُبِْي َح ْ‬ ‫أ ُِديْ َم ْ‬ ‫اكهُ تَ ْكِف ْي َحبَّةٌ لَِقبِْيلَ ٍة‬
‫َفو ِ‬
‫َ‬
‫صغُُر‬ ‫ِ‬ ‫على َشا ِر ٍ ِ‬ ‫َ(وأَ ْكَو ُاب َها َم ُن ِفض ٍَّة الَ َكبِْيَر ٍة‬
‫ب مْن َها َوال ه َي تَ ْ‬ ‫َ‬
‫يِل ُّذ بِها َعي ِ‬ ‫ِب َز ِاهي الجم ِال ِ‬ ‫ِ‬
‫ش بِه َ‬
‫العْي ُن َت ْق ُر ُر‬ ‫َ َ ْ ٌ‬ ‫ص َحا ُف َها‬ ‫َ(وم ْن َذ َه ٍٍِ ْ َ َ‬
‫ب أَبْ َك ٌار بَِها الن ُّْو ُر َي ْز ُه ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ(ر َعابْي ُ‬ ‫ب‬‫اج ُها ُح ْو ٌر ح َسا ٌن َكَواع ٌ‬ ‫َوأَ ْز َو ُ‬
‫الد ْه ِر الَ َتْبَل َى َوال َتَتغََّيُر‬ ‫َم َدى َّ‬ ‫ات َو ِغْي ٌد ُ‬
‫وخَّر ٌد‬ ‫اكْي ُل ُخ ْو َد ٌ‬‫هر ِ‬
‫ََ‬
‫الح ِة َي ْفُت ُر‬ ‫ِ ٍ ِ ِ‬ ‫اص ٍر‬‫ت ُعرباً أَْتراب ِسن قَو ِ‬
‫لطَْرف َكحْي ٍل لل َْم َ‬ ‫ّ َ‬ ‫نَ َش ْ ُ َ‬
‫ت ِم ْن ُك ِّل َما ُيَتَق َّذ ُر‬ ‫ت طَ ُهَر ْ‬ ‫َز َك ْ‬ ‫اخٌر‬‫عوالي الحَلى والحلْي عين َفو ِ‬
‫ُ َ َ ُ َْ ٌ َ‬ ‫ََ‬
‫ض ُر‬ ‫ت َت ْغ ُدر َوتَ ْح ُ‬ ‫َعلى سر ِر اليا ُقو ِ‬
‫ُُ َ ْ‬ ‫الب َها‬
‫ضة َ‬
‫الد ِّر في رو َ ِ‬
‫َْ‬ ‫ت في ِخَي ِام ُّ‬ ‫َثَو ْ‬
‫ص ُر‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ح َي ْق ُ‬ ‫الم ْد ُ‬
‫َو ُك ُّل َج َمال ُد ْونَهُ َ‬ ‫الب َها‬
‫الح ْسن َو َ‬ ‫ت في َر ْونَق ُ‬ ‫الح َز َه ْ‬‫م ٌ‬
‫الو ُج ْو َد ُي َع ِط ُر‬ ‫ضيء َّ ِ‬
‫الديَاج ْي َو ُ‬ ‫يُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ح ِفْي َم ْن نَ َش ُر َها َوابْتِ َس ُام َها‬ ‫َو َما ال َْم َد ُ‬
‫ين يُ َحَّيُر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُجاج ْبر ِيق َها‬
‫َو َم ْن ُح ْسَنها لل َْعالْم َ‬ ‫الب ْح ُر األ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫َو َم ْن َي ْع ُذ ُ‬
‫الورى ِم ْن ُح ْسنِ َها ِحْي َن تَظ َْه ُر‬ ‫َ(و َح َار َ‬ ‫اء َم ْغ ِر ٌ‬
‫ب‬ ‫ضَ‬ ‫رق َ‬ ‫ت ِمن م ْش ٍ‬
‫َو َم ْن لَْو بَ َد ْ ْ َ‬
‫الم ْد ِح َعْن َها ُي َعِّبُر‬ ‫ين ُحلَّ ًة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ومن مخ ِ‬
‫ف ُم ْوفي َ‬ ‫ُيَرى َكْي َ‬ ‫ُّها م ْن تَ ْحت َسْبع َ‬ ‫ََ ْ ُ َ‬
‫ت الخَِم ِ‬
‫ار‬ ‫ح َ‬ ‫سْن ِبَمْن تَ ْ‬ ‫فأَْح ِ‬ ‫الدْنَيا َجميعاً ِخ َم ُار َها‬ ‫فَ َخْيٌر ِم ْن ُّ‬
‫خشِبّمْي ِه أَو ِ ِ ِ‬ ‫ات المح ِ‬ ‫َحِقر بِربَّ ِ‬
‫ص َّد ُر‬
‫صاف الجَنان تُ َ‬ ‫بِمَُت َْ ْ َ‬ ‫اسن َوالت ِ‬
‫َّى‬ ‫َ‬ ‫َوأ ْ ْ َ‬
‫الم َستَُّر‬‫َّع ِام ُ‬ ‫ض َم ْكنُو ُن الن َ‬‫البْي ُ‬
‫َو َما َ‬ ‫ت بَِع ْس ِج ٍد‬ ‫ضاءُ ِشْيَب ْ‬ ‫البْي َ‬
‫ضةُ َ‬
‫فَما ِ‬
‫الف َّ‬ ‫َ‬
‫ْب ُيْنَث ُر‬ ‫الرط ُ‬ ‫وفي َر ْونَ ٍق َما اللُّْؤلُؤ َّ‬ ‫الصَفا‬
‫ت في َّ‬ ‫اء َو ُح ْسناً َما الَْيَو ِاقْي ُ‬‫َب َه ً‬
‫ك يُ ْذ َك ُر‬ ‫وت فَ َذلِ َ‬
‫ض وياقُ ٍ‬
‫بَِبْي ٍ َ َ‬ ‫صِفها‬ ‫ض َو ْ‬ ‫الر ْح َم ُن ِم ْن َب ْع ِ‬
‫َو َما َشبَّ َه َّ‬

‫‪69‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ُع ُق ْو ٌل َعلَْي َها َف ْه ُم َما َيَت َع َّسُر‬ ‫ب لِل ُذ ْه ِن إِ ْذ لََنا‬ ‫َعلى ِج َه ِة َّ‬
‫التْقريْ ِ‬
‫الم َدّب ُر‬
‫الح َكْي ُم ُ‬ ‫ُهَو اهللُ َم ْوالنَا َ‬ ‫َتَب َار َك ُمْن ِش ْي ال َخل ِْق َع ْن ِسِّر ِح ْك َم ٍة‬
‫ين لَِيْنظُُروا‬ ‫كل ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ َذا َما تَ َجلَّى اهللُ لِْل َخل ِْق َج ْهَر ًة‬
‫الم ْؤمن َ‬ ‫َت َعالَى ل ِّ ُ‬
‫ص ُروا‬ ‫نَسوا َّ ِ ِ ِ‬ ‫َّات َع ْد ٍن َو ُز ْخ ِرفَ ْ‬
‫كل َما فْي َها ل َما مْنهُ أَبْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ت َجن ُ‬ ‫َوقَ ْد ُزِّيَن ْ‬
‫ضالً َوإِْن َع َاماً يَ ِج ُّل َوي ْكُب ُر‬ ‫َوفَ ْ‬ ‫س َك ِمثِْل ِه‬ ‫صفاً َج َّل لَْي َ‬ ‫َج َماالً َو َو ْ‬
‫ْك َو َمْت َج ُر‬ ‫ضَوا ٌن َو ُمل ٌ‬ ‫ب َو ِر ْ‬ ‫َو ُق ْر ٌ‬ ‫ات َو ِعٌّز َو ِر ْف َعةٌ‬‫نَِعْي ٌم َولَ َّذ ٌ‬
‫ك يَظُْفر‬ ‫َهْنيئاً لِ َم ْس ُع ْو ٍد بِ َذلِ َ‬ ‫ص ْد ٍق ِفي ِجَوا ِر َمِلْي ِك ِه ْم‬ ‫بِ(م ْقع ِد ِ‬
‫ََ‬
‫ات ُيْنَث ُر‬ ‫العَناي ِ‬‫ِ‬
‫(َعلى َو ْج ِه َها ُد ُّر َ‬ ‫ات يُ ْجَتَلى‬ ‫اد ُ‬ ‫اع ًة ِف َيها َّ‬
‫الس َع َ‬ ‫أَيَا َس َ‬
‫الكَر ِام ُتَن َّشُر‬‫ات ِ‬ ‫الها َو َخل َْع ُ‬ ‫ويا ساع ًة ِفيها الم َف ِ‬
‫ُع َ‬ ‫اخ ُر ُت ْرَتَقى‬ ‫ََ َ َْ‬
‫دم ُر‬
‫س َيْبَلي َويَ ُ‬ ‫لِك لَْي َ‬
‫طي ٍر وم ٍٍِ‬
‫َخ ْ َ ُ‬ ‫الحِقْير بَِباقي‬ ‫ِ ِ‬
‫أَالَ بَائ ُع ال َفان ْي َ‬
‫ْك تُ ْح َمى َوتُ ْس َع ُر‬ ‫ف ِسْنين تِل َ‬ ‫ُلو ُ‬ ‫أْ‬ ‫أَ(الَ ُم ْفَت ٍد ِم ْن نَ َار َحٍّر َع ِظْي َم ٍة‬
‫َغالل َفغُلُّْوا َو ُج ْر ِجُروا‬ ‫ظام َوأ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫صر ِفيها س ِ‬
‫ع ٌ‬ ‫الس ٌل‬ ‫َلها َشَر ٌر َكال َق ْ ْ َ َ‬
‫ين َعاماً ُع ْم ُق َها قَ ْد َت َهَّو ُروا‬ ‫ِ‬
‫َو َسْبع َ‬ ‫صا ٌة َوفُ َّج ٌار َو َسْب ٌع ِطَبا ُق َها‬ ‫ُع َ‬
‫الزبَانِ ُي َيْن َه ُر‬ ‫بِغَ ٌ‬ ‫وحيَّاتُها َكالب ْخ ِ ِ‬
‫ب َو َّ‬ ‫وض ْر ٌ‬ ‫ال َ‬ ‫ب‬‫ت فْي َها َعَقا ِر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ال تَ َك َّسُر‬ ‫الص َّم ِ‬
‫الجَب َ‬ ‫ضَرب ُّ‬ ‫ِإ َذا َ‬ ‫ظ َش ِديْ ٌد في يَ َديِْه َمَق ِام ٌع‬ ‫َغِلْي ٌ‬
‫َح ِمْي ٌم بَِها أ َْم َع ُاؤ ُه ْم ِمْنهُ َتْن ُد ُر‬ ‫وم ُه ْم َز ُّق ْو ُم َها َو َشَر ُاب ُه ْم‬‫َو َمط ُْع ُ‬
‫الذ ْي َكا َن َي ْف ُج ُر‬ ‫َتَف َّجر ِمن َفر ِج ِ‬ ‫ص ِديْ ٍد َو ِجْيَفة‬ ‫ِ‬
‫ُ ْ ْ‬ ‫َويُ ْسَقو َن أَيضاً م ْن َ‬
‫لِ َه ْو ٍل َع ِظْيم لِْل َخالئِ ِق يُ ْس ِكُر‬ ‫وس َشَب ُاب ُهم‬ ‫اب ِم ْن َي ْوٍم َعبُ ٍ‬ ‫َوقَ ْد َش َ‬
‫ْك نَ ْح َذ ُر‬ ‫س لِ َذ ْي نَ ْشَتا ُق أ َْو تِل َ‬ ‫َولَْي َ‬ ‫َفَيا َع َجباً نَ ْد ِر ْي بَِنا ٍر َو َجن ٍَّة‬
‫ُيذ َك ُر‬‫فَ َما َذا بَِق ْي ِفْيَنا ِم َن ال َخْير ْ‬ ‫إِ َذا لَ ْم يَ ُك ْن َخ ْو ٌ‬
‫ف و َش ْو ٌق َوال َحَيا‬
‫صبِ ُر‬ ‫ِ‬
‫ف َعلى النِّْيَران يَا َق ْو ُم نَ ُ‬ ‫فَ َكْي َ‬ ‫ين َوال بَالَ‬ ‫حر َ ِ‬
‫صاب ْر َ‬ ‫س لِ َّ‬ ‫َولَْي َ‬

‫‪70‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫َعلى تِل َ‬ ‫ان ال ُخل ِْد أَ ْعظَ ُم َح ْسَر ًة‬


‫ت ِجَن ِ‬
‫المَت َح ِّسُر‬ ‫ْك َفلَْي َسَت ْحس ِر ُ‬ ‫َو َف ْو ُ‬
‫إلى َنْتنِ َها َن ْغ َد ْوا َوال َنَت َدَّبُر‬ ‫الب َمَزابِ ٍل‬ ‫ُف لََنا أ ٍّ ِ‬
‫فَأ ًّ‬
‫ُف ك ُ‬
‫ب ُمَنَّو ُر‬ ‫س لََنا َع ْق ٌل َولُ ٌّ‬ ‫(‬
‫َولَْي َ‬ ‫نَبِْي ُع َخطيراً بالحقي ِر ِع َمايَة‬
‫اعة ِ‬ ‫وأَوقَاتُهُ في طَ ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َي ْع ُم ُر‬ ‫َْ‬ ‫التَقى‬ ‫اع َة َو ُّ‬ ‫من ُي ْؤتَى ال َقَن َ‬ ‫ف(َطُْوبَي ل ْ‬
‫لب َحاض ٍر َيَت َذ َّكُر‬ ‫لَ(هُ َف ْه ُم قَ ٍ‬ ‫َفَيا أَُّي َها األَ ْخَوا ُن ِم ْن ُك ِّل َسام ٍع‬
‫لِ َ ِ ِ ِ‬ ‫اع ٍة‬ ‫اهلل َخْي ُر بِ َ‬ ‫إن َت ْقوى ِ‬
‫س يَ ْخ َس ُر‬ ‫صاحبها ربْ ٌح ب َها لَْي َ‬ ‫ضَ‬ ‫أَالَ َّ َ‬
‫الس ْع ُي يُ ْش َكُر‬ ‫ات َو َّ‬ ‫بَِها ي ْك ِسب ال َخْير ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫اعتُهُ لِل ُْمتَِّقى َخْي ُر ِح ْرفٍَة‬ ‫َوطَ َ‬
‫حسُر‬
‫َسى َيَت َّ‬ ‫فأ ً‬ ‫ض َعلى َك ٍّ‬ ‫َي ُع ُّ‬ ‫الح ْش ِر نَ ِادماً‬ ‫ال في َ‬ ‫البطَّ ُ‬
‫َصبح َ‬ ‫إِ(َذا أ ْ‬
‫اهلل ُي ْؤثُِر‬‫اعة ِ‬ ‫َعلى ُك ُّل َش ٍئ طَ َ‬ ‫بح َع ِامالً‬ ‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫فَطُْوبَى ل َم ْن يُ ْم ِس ْي َويُ ْ‬
‫اب َويَ ْذ ُك ُر‬ ‫لكَت ِ‬ ‫يصلّي ويْتلُو لِ ِ‬ ‫ات أَيَّ َام ُع ْم ِر ِه‬‫بَِها َي ْع ُم ُر األ َْوقَ َ‬
‫ُ َ ْ ََ‬
‫صِب ُر‬ ‫ِ‬ ‫(ويَأْنَ ِ‬
‫السَّرا َوفي الضََّّرا يَ ْ‬ ‫َويَ ْش ُك ُر في َّ‬ ‫الو َرى‬ ‫ش َ‬ ‫الم ْولَى َويَ ْسَت ْوح ُ‬ ‫سب َ‬ ‫َ ُ‬
‫لب نَِق ُّي ُمَنَّو ُر‬
‫ف لَهُ قَ ٌ‬ ‫َعِفْي ٌ‬ ‫الد ْو ِن قَانِ ُع‬ ‫ات بِ ُّ‬ ‫ويسلُو َع َّن اللَّ َّذ ٍ‬
‫ََ ْ ْ‬
‫ت ُي ْف ِط ُر‬ ‫الدْنيا َعلى المو ِ‬ ‫ح ِزين نَ ِحيل ِجسمه َ ِ‬
‫َْ‬ ‫ص ْو ُم َع َّن ُّ َ‬ ‫يَ( ُ‬ ‫الح َشا‬ ‫ضام ُر َ‬ ‫َ ٌْ ْ ٌ ْ ُُ‬
‫ب ا ْشتَِياقاً نَ ْحَو َاها َويُ َش ِّمُر‬ ‫يَ ُذ ْو ُ‬ ‫َّات َع ْد ٍن َوأ َْهلُ َها‬ ‫ت َجن ُ‬ ‫إِ َذا ذُ ِكَر ْ‬
‫ض َم ْجنُوباً َعن الن ُّْو ِر يُ ْسِف ُر‬ ‫ويعلُو جواد ِ‬
‫َوأَْبَي َ‬ ‫الع ْزم أَ ْد َه َم َسابِقاً‬ ‫ََْ ََ َ َ‬
‫لِصب ٍر على ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َّمُر‬ ‫اله ِجْي ِر يُ َ‬‫ص ْوم َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ض‬‫اء َعْي ٍن َوأَْبَي ٌ‬ ‫فَأَ ْد َه ُم يَ ْسق ْي َم َ‬
‫ِ‬
‫الي َويَ ْس َه ُر‬ ‫الم َع ْ‬‫َويَ ْس ِر ْى إلى َنْي ِل َ‬ ‫ض في َمْي َدان َسْب ٍق إلى ُ‬
‫العال‬ ‫َوَي ْر ُك ُ‬
‫الر ْو ِح ال َخ ِطْي ِر َفَيظُْف ُر‬ ‫ي َخ ِ‬
‫اط ُر بِ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اج ٍد‬ ‫فَم ْج ُد العالَ ما نَالهُ َغْير م ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ضل لِْل َخل ِْق َي ْغ ُم ُر‬ ‫ض ال َف ْ‬ ‫ِ‬ ‫الو ُج ْو َد بِ ُج ْو ِد ِه‬ ‫سأَل ُ ِ‬
‫َو َم ْن مْنهُ َفْي ُ‬ ‫ْت الذ ْي َع َّم ُ‬ ‫َ‬
‫الصالِ ِحْي َن َوَي ْغِف ُر‬ ‫ويل ِ‬
‫ْح ُقَنا بِ َّ‬ ‫َُ‬ ‫ول ُد َعائَِنا‬ ‫يَم ُّن َعَلْيَنا ِفي َقبُ ِ‬
‫ُ‬
‫صطََفى َما الَ َح ِف ْي األُ ْف ِق َنِّيُر‬ ‫اهلل ثُ َّم س ِ‬
‫الم ِه‬ ‫الة ِ‬ ‫(وأَ َز ْكى ص ِ‬
‫الم ْ‬
‫َعلى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪71‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫الع ِزيْ ِز‬ ‫ِ‬ ‫في ِذ ْك ِر بع ِ ِ ِ‬
‫ض س ْي َرة عُ َم َر بْ ِن َع ْبد َ‬ ‫َْ‬
‫َو ُز ْه ِد ِه َو َو َر ِع ِه َو َع ْدلِ ِه‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِح‬ ‫ِ ِِ‬
‫َخ َذ‬‫َخ َذ َج ْو َاهَر َز ْو َجت ه َو ُحلّي َها فْي َما أ َ‬ ‫صافُهُ م ْن َن ْفس ه َوأَقَا ِربِه َر َهُ اهللُ َت َع اىل فَعْن َد َما َت َوىَّل أ َ‬ ‫انْ َ‬
‫اج إِلَْي ِه امل ْسلِ ُمو َن أَْن َف َقهُ َعلَْي ِه ْم ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫احتَ‬
‫ْ‬ ‫ت امل ِال َحىَّت إِذَا‬ ‫فَأ َْو َد َعهُ َبْي َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض ا مِب َا َف َع َل َخَّيَر َها َبنْي َ أَ ْن تُِقْي َم ِعْن َدهُ َو َبنْي َ أَ ْن‬ ‫الر َ‬‫س أََن َها مَلْ ترض أ ََّو َل األ َْم ِر ُك َّل ِّ‬ ‫َح َّ‬ ‫ِ‬
‫َوعْن َد َما أ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حِب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َت ْلح ق بِأَهلِها فَ ِ‬
‫ت أَ ْن تُقْي ُم عْن َدهُ َوأ ْن تَ ْدفَ َع ُلَّي َها َو َج َواه ِر َها إىل َبْيت املَ ال مُثَّ ال َت ُر ُّدهُ‬ ‫رض يَ ْ‬ ‫ََ َْ‬
‫إِلَيها أب داً ‪ .‬وما ز َال عم ر يف زوجتِ ِه حىَّت أَثَّر علَيها وا ْقت َدت بِ ِه يف الور ِع و ُّ ِ‬
‫ضي اهللُ‬ ‫الز ْه د َر َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ َُُ َْ َ َ َ َ َْ َ َ ْ‬
‫اط َمةَ َف َع َل بِأ َْوالَ ِد ِه ِم ْن ِر َج ٍال َونِ َس ٍاء ‪.‬‬ ‫عْنهما ‪ .‬و َكما َفعل عمر مع زوجتِ ِه فَ ِ‬
‫َ ُ َ َ َ َ ُ َُ َ َ َ ْ َ‬
‫َج َعلَها يف أ ُِذيَنَّ‬ ‫بأخت َها َحىْت أ ْ‬
‫ِ‬
‫ث يِل ْ ْ‬ ‫ت أَ ْن َتْب َع َ‬ ‫ت لَ هُ ‪ :‬إِ ْن َرأَيْ َ‬
‫ٍ‬
‫ت إِلَْي ه ْابنَتُ هُ بلؤل وة َوقَ الَ ْ‬
‫ِ‬
‫أ َْر َس لَ ْ‬
‫ك‬ ‫يك بعثت إلَي ِ‬ ‫ِ‬
‫ني اجلَ ْم َرَتنْي ِ يف أذُنَ َ ُ ْ‬ ‫ت أ ْن جَتْ َعلِي َه اتَ ِ‬ ‫ال هَل ا إن اس تَطع ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫فأر ْس َل هَلَا جِب َ ْم َرَتنْي ِ مُثَّ قَ َ‬
‫َ‬
‫أختِ َها ‪.‬‬
‫بِ ْ‬
‫ت َه ذا اخلَامَتَ‬ ‫ك إال بِ ْع َ‬ ‫ب َع ِزمْيَةٌ ِميِّن ْ َع ْلي َ‬ ‫ف ْ ٍ‬
‫در َهم فَ َكتَ َ‬
‫ص َخامَتٍ بِأَلْ ِ‬ ‫َن ْابنَهُ ا ْشَتَرى فَ َّ‬ ‫َو َبلَ َغ عُ َمَر أ َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ت َعلَْي ه ‪َ :‬رح َم اهللُ‬ ‫آخ َر بِ ْد َره ٍم َن َق َش ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ت بثَ َمنِ ِه ْ‬
‫اش َتَريْ َ‬ ‫ص َّدقْ َ‬‫در َه ٍم َوتَ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اش َتَر ْيتَهُ ب ألْف ْ‬ ‫ال ِذي ْ‬
‫الم ‪.‬‬
‫الس ُ‬ ‫ف قَ ْد َر َن ْف ِس ِه ‪َ .‬و َّ‬ ‫ْامَرأً َعَر َ‬
‫اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‬ ‫ول ِ‬ ‫ت بي ِد رس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َومَجَ َع َي ْوم اً ُر َؤ َس ِاء الن ِ‬
‫َّاس فَ َخطََب ُهم َف َق َال ‪ :‬إ َّن فَ َد َك َك انَ ْ َ َ ُ‬
‫َص َمعِ ُّي َو َما ْأد َري َما قَ ال يف عُثْ َم ا َن‬ ‫ِ‬
‫قال األ ْ‬
‫ك َ‬ ‫ليها أبو بَك ٍر َوعُ َم ُر َك ذل َ‬‫ث أ ََراهُ اهللُ مُثَّ َو َ‬ ‫ض عُ َها َحْي ُ‬
‫يَ َ‬
‫ص يب ووهبيِن الولِي ِد وس ْليما ُن نَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْيَب ُهما َوملْ يَ ُك ْن من‬ ‫ص ل يِل ْ مْن َها نَ ْ ٌ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫مثْ قَ ال أ َّ‬
‫َن َم ْر َوا َن أقْطَ َع َها فَ َح َ‬
‫ص لى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مايل شىء أرده أغلى منها وقد رددهتا ىف بيت املال على ما كانت عليه ىف َزمان َر ُس ول اهلل َ‬
‫وسلم ‪.‬‬ ‫اهللُ عليه َ‬
‫ت ِ‬
‫املال‬ ‫ك ِمن املظَامِل مُثَّ أَمر بأمو ِال مَج اعةً ِمن بيِن أُميَّة َفر ُّدوها إىل بي ِ‬‫قال فَيئِس الن ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫َّاس عْن َد َذل َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫لم َيْن َج ْع‬ ‫ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ومَسَّاها أم و ُال املظامِل فاستَ َْش ِ ِ‬
‫َّاس وَت َو َّس لُوا إلَْي ه َبعمت ه فَاط َم ة بْنت َم ْروا َن فَ ْ‬
‫فع إلْيه الن ُ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫فِْي ِه َش ٌئ ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّاس بِِه ‪.‬‬‫َح ِّق الن ِ‬ ‫أِل‬


‫ت َع ْن َه َذا األ َْم ِر َ‬ ‫ت إىل َم َّكةَ َفَنَزلْ ُ‬ ‫ال هَلُم لَتَ َدعُين َوإِالَّ َذ َهْب ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ف إىل ُك ِّل ِذ ْي َح ًّق‬ ‫مِل‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫مِح‬
‫ص َر َ‬ ‫ص ِر َها َحىَّت َر َّد املظَ ا َ َو َ‬ ‫َوقَ ْد اَ ْجَت َه َد َر َ هُ اهللُ يف ُم دَّة ِواليَت ه َم َع ق َ‬
‫َح ّقهُ ‪.‬‬
‫املس اكِنْي ُ أَيْ َن اليَتَ َامى َحىَّت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َو َك ا َن ُمنَاديْ ه يف ُك ِّل َي ْوم يُنَ اد ْي أَيْ َن الغَ ار ُم ْو َن أَيْ َن النَّاك ُح ْو َن أَيْ َن َ‬
‫أَ َغين كالًّ ِمن ه ؤ ِ‬
‫الع ْدل والص دق وال َو َر ِع‬ ‫وع َعلى َ‬ ‫ك ال ُّر ْو ِح املطْبُ ِ‬ ‫اهلل َعلى تِْل َ‬ ‫الء َفرمْح ةُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ‬
‫َ‬
‫والز ْه ِد ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫اض عاً َخ دَّهُ على يَ ِد ِه‬ ‫اطم ةُ دخ ْلت علَي ِه يوم اً وه و ج الِس يف مص الَّه و ِ‬
‫ت َز ْو َجتُ هُ فَ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ ُ َ َ ٌ ُ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫وقَ الَ ْ‬
‫اطمة قد ولِّيت ِمن أَم ِر ِ‬
‫هذ ِه األ َُّم ِة َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُْ ُ ْ ْ‬ ‫ال َوحْيَ ك يَا فَ َ‬ ‫ك َف َق َ‬‫لت َمالَ َ‬ ‫َو ُد ُم ُوعُه تَسْي ُل على َخدَّيْه ف ُق ُ‬
‫وذي‬ ‫الش ي ِخ ال َكبِ ِ ِ‬
‫رْي‬ ‫ب َواألَس رْيِ َو َّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ت يف ال َف ِقرْيِ اجلَ ائِ ِع واملظْلُ ْوِم امل ْق ُه ْو ِر والغَ ِريْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت َفَت َف َّك ْر‬‫ُ‬ ‫ُولِّْي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫الو ِحْي َد ِة والْ َم ُ‬ ‫ود واليتِي ِم املكْس و ِر واألَرمل ِ‬
‫ة‬ ‫الض ائِع والع ا ِري املج َه ِ‬ ‫املريْض َّ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ُ ْ َ َْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َُْ‬ ‫العيَ ال ال َكثرْي َو َ‬
‫اف البِالَ ِد ‪.‬‬‫ض وأَطْر ِ‬
‫األر ِ َ َ‬ ‫اه ُهم يف أقطا ِر ْ‬ ‫قَ ْلي ٌل َوأَ ْشبَ ُ‬
‫ص ِم ْي ُد ْو َن ُهم حممد ص لى اهلل‬ ‫َن ريَّب ع َّز وج َّل سيس أَلُيِن عْنهم ي وم ِ‬
‫القيَ َام ِة َوأ َّ‬ ‫ِ‬
‫َن َخ ْ‬ ‫َ ُ ََْ‬ ‫ت أ َّ َ ْ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫فعل ْم ُ‬ ‫َ‬
‫ت ‪ ،‬قَ الُوا ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫عليه وس لم فخ ِش يت أ ْن ال يثبت يِل ح ِّجةٌ ِعن د خ ِ ِ مِح‬
‫بكي ُ‬
‫ت َن ْفس ْي فَ ْ‬ ‫ص ْو َمته َف َر ْ ُ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫َ ُْ َ ْ ُ‬ ‫َ ُْ‬
‫س ‪ .‬قَالُوا ‪َ :‬و َد َخ َل‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ىَّت‬‫ح‬ ‫ل‬‫اح ٍد فَ َك ا َن إِذا َغس لُوه جلَس يِف املْن ِز ِ‬ ‫ومَل ي ُكن لَه ِسوى ثَو ٍب و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ْ ُ َ ْ َ‬
‫ض هُ ِد ْرمَه اً أو ُفلُوس اً يَ ْش رَتِ ْي لهُ هِبَا ِعنَب اً فلَ ْم جَيِ ْد ِعْن َد َها َش ْيئاً‬ ‫فس أهَل ا أَ ْن ُت ْق ِر َ‬
‫ِِ‬
‫َم َّر ًة َعلَى ْامَرأَت ه َ‬
‫ك ما تَ ْشرَتِ ْي بِِه ِعنَباً ‪.‬‬ ‫س يف ِخَزانَتِ َ‬ ‫املؤمنني َولَْي َ‬
‫َ‬ ‫أنت ِأمْي ُر‬‫ت لهُ َ‬ ‫َف َقالَ ْ‬
‫اجه َعلى‬ ‫ِ‬ ‫َيس ُر ِم ْن ُم َعاجَلَ ِة األَغْاَل ِل َواالنْ َك ِال َغ داً يف َج َّهنَم ‪ .‬قَ َ‬
‫ال َو َك ا َن س َر ُ‬ ‫ال ‪َ :‬ه َذا أ َ‬ ‫َف َق َ‬
‫يش ِو ْي لهُ حَلْم اً فَ َج اءَ هِبَا َس ِريْعاً َم ْش ويَّةً‬ ‫الم هُ لِ ْ‬‫ث َي ْو َم اً غُ َ‬ ‫ني َو َب َع َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص بَات يف َرأْس ِه َّن ط ٌ‬
‫ثالث قَ ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بخ ‪.‬‬ ‫ال أَيْ َن َش َو ْيَت َها قَ َال يف املطْ ِ‬ ‫َف َق َ‬
‫َ‬

‫‪73‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َو َس َّخنُوا‬ ‫ال ‪ُ :‬ك ْل َها فَ إيِّْن مَلْ ْأر َز ْق َها ه َي ِر ْزقُ َ‬ ‫ني ؟ قَ َال ‪َ :‬ن َع ْم ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ال ‪ :‬يف َمطْبَ ِخ املُ ْس ل ْم َ‬ ‫َف َق َ‬
‫بد َل ذلك ِ‬
‫بد ْر َه ٍم َحطَباً ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الع ِّام َفَر َّد َ‬
‫لهُ املَاءَ يف املطْبَ ِخ َ‬
‫ص الِ ُح امل ْس لِ ِمنْي َ ال‬ ‫َ‬ ‫ب َعلَْي ِه َم‬ ‫ُ‬ ‫ت امل ِال يَكْتُ‬ ‫و َك ا َن لَ ه ِس راج يكْتُب علَي ِه حوائِج ه و ِس راج لِبي ِ‬
‫ُ َ ٌ َ ُ َ ْ َ َ َ ُ َ ٌ َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َص َحابِه تُ ُوىِّف فَ َج اءَ إىَل أ َْهل ه يُ َع ِّزيْ ِه ْم‬‫أن َرجالً م ْن أ ْ‬ ‫ض ْوئه لَن ْفسه َح ْرفاً َو َبلَ َغ عُ َمُر َّ‬ ‫ب َعلى َ‬ ‫يَكْتُ ُ‬
‫احبَ ُك ْم مَلْ يَ ُك ْن َي ْر ُزق ُكم إ َن ال ِذي َي ْر ُزقُ ُك ْم‬ ‫إن ص ِ‬
‫ال َم ْه َّ َ‬ ‫ص َر ُخوا يف َو ْج ِه ِه بِالبُ َك ِاء َعلَْي ِه َف َق َ‬ ‫فَ َ‬
‫احبَ ُك ْم َه َذا مَلْ يَ ُس َّد شيئًا ِم ْن ُح َف ِركِ ْم ‪َ ،‬وإِمَّنَا َس َّد ُح ْف َر َة َن ْف ِس ِه ‪ ،‬أَال َوإِ َّن‬ ‫إن ص ِ‬
‫ت َو َّ َ‬ ‫َح ٌّي ال مَيُْو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل ُك ِّل ْام ِر ٍئ مْن ُكم ُح ْفَرةً ال بُ َّد َواهلل أَ ْن يَ ُسد َ‬
‫َّها ‪.‬‬
‫َت ِعْب َرةً َوالَ اْ َجتَ ُمع وا إال َت َفّرقُ وا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِ َّن اهلل َع َّز وج َّل ملا َخلَ َق ال ُّد ْنيا ح َكم َعلَْيها بِ اخلَر ِ‬
‫اب َو َعلى أ َْهل َها بِال َفنَ اء َو َما ْامتَأل ْ‬
‫َت َد ٌار ُحْب َرةً إِاّل ْامتَأل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫احبُ ُك ْم ُك َّل الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫إن ال ِذي ص ار إلَي ِه ص ِ‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫ك على َن ْف ِس ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ي‬‫ل‬‫ف‬ ‫ا‬ ‫ي‬‫ِ‬
‫اك‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ف‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫ل‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫ض‬ ‫َر‬‫أل‬‫ا‬ ‫ث‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ َ ْ ََْ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ً َ َْْ َ‬ ‫َحىَّت يَ ُك ْو َن اهللُ ُه َ‬
‫صْي ُرو َن إلَْي ِه َغداً ‪.‬‬
‫يِ‬
‫َ‬
‫ك ِمْيَراثاً لَِوا ِرثِِه‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬أَْبَقْي َ‬
‫ت َمالَ َ‬
‫ال‬
‫الم ُ‬
‫ك َ‬ ‫ت ِش ْع ِر َي َما أَْبَقى لَ َ‬ ‫َفلَْي َ‬ ‫(‬
‫ٍ‬
‫ال َق ْو ُم َب ْع َد َك في َحال تَ( ُ‬
‫سُّر ُه ُم‬
‫ال‬
‫الح ُ‬
‫ك َ‬ ‫ت بِ َ‬‫ص َار ْ‬
‫ده ُمو َ‬ ‫ف َب ْع ُ‬ ‫كي َ‬ ‫فَ ْ‬ ‫(‬
‫َح ٍد‬ ‫ملُّوا الب َكاء فَما يب ِكي َ ِ‬
‫ك م ْن أ َ‬ ‫َ ُ َ َ َْ ْ‬
‫ال‬ ‫المْير ِ‬
‫اث َوال َق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫اسَت ْح َك َم القْي ُل في َ‬
‫َو ْ‬
‫ت لَ ُه ُموا‬ ‫ت بِِه ْم َعْن َ‬
‫ك ُدْنَيا أَقَْبلَ ْ‬ ‫َمالَ ْ‬
‫ال‬ ‫ك َواألَيَّ ُام أ َ‬
‫َحو ُ‬ ‫ت َعْن َ‬
‫َوأ ْدَبَر ْ‬ ‫(‬

‫الع ْد َل فَ َما‬‫و‬ ‫ب‬ ‫َد‬


‫أل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ْم‬
‫ك‬ ‫و َكان رمِح ةُ اهلل قَ ْد رزقَه اهلل (العِْلم واحلِ‬
‫َ َ َ ُ ََ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ‬

‫‪74‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الر ِاش ِديْ َن َوقَ ْد َكا َن ِم ْن أ َْم ِر ِه َما ذُكِ َر َعْن هُ أنّهُ َش يَّ َع َجنَ َاز ًة‬ ‫قة اخلُلَ َف ِاء َّ‬ ‫َتزحزح َقي َد ِش ٍ عن طَ ِري ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ رْب َ ْ‬
‫احيَةً ‪.‬‬‫َخر معه أُنَاس وجلَسوا نَ ِ‬
‫أخَر عُ َمُر َوتَأ َّ َ َ َ ُ ٌ َ َ ُ‬ ‫اس تَ ّ‬ ‫ف النّ ُ‬ ‫صَر َ‬ ‫لما انْ َ‬‫فَ َّ‬
‫ت َولُِّي َها َف َق َ‬
‫ال َن َع ْم‬ ‫ت َوَت َركت اجلَنَ َازةَ َوأَنْ َ‬ ‫َص َحابِِه يَا أ َِم َري امل ْؤ ِمنِنْي َ مِلَ تَ أ َّ‬
‫َخ ْر َ‬ ‫ضأ َ‬ ‫فَق اَ َل لَ هُ َب ْع ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لت بَلى ‪ .‬قَ َال‬ ‫ت باألحبَّة قُ ُ‬ ‫ص َن ْع ُ‬ ‫الع ِزيْ ِز أال تَ ْس أَلُيِن ْ َما َ‬ ‫نَ َادايِن ْ ال َقْب ُر م ْن َخ ْلف ْي يَا عُ َم َر بْ َن َعْب د َ‬
‫ت‬ ‫ص َن ْع ُ‬‫ال أَاَّل تَ ْس أَلُيِن ْ َما َ‬
‫ت اللَّ ْح َم قَ َ‬ ‫َّم َوأَ َك ْل ُ‬ ‫ت الد َ‬ ‫ص ُ‬ ‫صْ‬ ‫ت األبْ َدا َن َو َم َ‬ ‫ت األَ ْك َف ا َن َو َم َّزقْ ُ‬ ‫َح َرقْ ُ‬‫أْ‬
‫الو ْر َكنْي ِ ِمن‬ ‫ض َديْ ِن َو َ‬ ‫الع ُ‬
‫الذراع ِ وال ّذر ِ‬
‫اعنْي ِ م َن َ‬ ‫ني م ْن ِّ َ َنْي َ َ َ‬
‫بِاألَوص ِال قُلت بلى قَ َال َن ز ْعت ال َك َّف ِ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ني ِمن ال َق َد َمنْي ِ ‪ .‬مُثَّ بَ َكى عُ َم ُر‬ ‫والساقَ ِ‬
‫ني َّ‬ ‫الساقَ ِ‬ ‫ني ِمن َّ‬ ‫والر ْكبت ِ‬‫ني ُّ‬ ‫الر ْكبت ِ‬ ‫ال َف ِخ َذيْ ِن َوال َف ِخ َذيْ ِن ِمن ُّ‬
‫وت فَال‬ ‫حي َها مَيُ ُ‬ ‫ال أَاَل إِ َّن ال ُّد ْنيَا َب َق ُاؤ َها قَلِْي ٌل َو َع ِز ْيُز َها َذلِْي ٌل َو َغنُِّي َها فَِق ريٌ َو َش اهُّب ا َي ْه َر ُم َو ُّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫أج َه َد َن ْف َس هُ يف‬ ‫وم وامل ْفتُ و ُن َم ْن ْ‬
‫مِب‬
‫ور َم ْن ا ْغَت َّر َا ال يَ ُد ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َيغُ َّرن ُكم إقبَاهُلَا َم َع ُس ْر َعة ْادبَار َها فَ امل ْغ ُر ُ‬
‫س مِب َْق ُس ْوٍم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫طَلَب َما لَْي َ‬
‫َش َج َار َها لََق ْد أَقَ ُاموا‬ ‫الذيْ َن َتَب َّو ُؤا َم َدائِنَها َو َش قُّوا أَْن َه َار َها َو َغَر ُس وا أ ْ‬ ‫ال أَين س ّكانُها ِ‬
‫مُثَّ قَ َ ْ َ ُ َ‬
‫ف فركِب وا املع ِ‬ ‫أَيام اً ي ِس ير ًة َفتنْتهم ِ‬
‫اص ْي حىَّت أنَ اخَت‬ ‫الز َخ ا ِر ُ َ ُ ََ‬ ‫َّش ا ُط َوأَهْلَْت ُهم َّ‬ ‫العافيَ ةُ َو َغ َّر ُهم الن َ‬ ‫ّ َ ْ َ ََ ُ َ‬
‫ات احلُ َف ِر ‪.‬‬ ‫اها عَلى َح َاف ِ‬ ‫ِهبم َم َطايَ َ‬
‫اض اجلَ ِنة ْأو ُح ْفَرةٌ ِم ْن ُح َف ِر النَّا ِر‬ ‫ضة ِم ْن ِريَ ِ‬ ‫َوال َقْب ُر َّإما َر ْو َ‬
‫صَنعُوا‬ ‫ِ مِب‬ ‫هِبِ‬ ‫هِل‬
‫اخْيبَةَ َآما م ويَا َح ْسَر َة قلُو م لَق ْد َكانُوا َم ْغَب ُوطنْي َ َا َ‬ ‫َف َو َ‬

‫‪75‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اب بأبْ َداهِنِم َوالديْ َدا ُن بِلُ ُح ْو ِم ِه ْم ‪.‬‬


‫صنَ َع التَُّر ُ‬
‫ِ‬
‫وحَمْ ُسوديْ َن َعلى َما مَجَعُوا َولََق ْد َعل ْمتُم َما َ‬
‫ِ‬
‫َيام قَالئِ َل َما َّ‬
‫غر َك‬ ‫وع و ُهو يْب ِكي إىل أَ ْن قَ َال يا ساكِن ال َقرْبِ ب ْع َد أ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض ِ َ ََ ْ‬ ‫املو ُ‬
‫الم يف َه َذا ْ‬ ‫ال ال َك ُ‬ ‫َوأَطَ َ‬
‫ِ‬ ‫ت ِم ْن آبَائِ َ‬
‫َج ُل‬
‫األم ُر َو َج اءَ األ َ‬ ‫ك َم ْن قَ ْد َن َز َل بِ ه ْ‬ ‫ك َتْب َقى هلَا أ ََما َرأيْ َ‬‫ت أنّ َ‬ ‫من الدنيا َه ْل ظََننَ ْ‬
‫ات‬‫فأص بح ال ي ْدفَع عن نَ ْف ِس ِه ما نَ ز َل بِ ِه وه و ير َش ح عرقَ اً ويتَلظَّى عطَش اً ويَت َقلَّب يف غم ر ِ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َْ ُ ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ ُ َ ْ‬
‫امل ْو ِت َو َس َكَراتِِه ‪.‬‬
‫لك ْن ال‬ ‫مُثََّ َق رأَ ﴿ حىَّت إِ َذا بلَغَت احل ْل ُق وم وأَْنتُم ِحينَئِ ٍذ َتْنظُ رو َن وحَنْن أ ْق رب إِلَي ِه ِمْن ُكم و ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ُ ُْ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال لَْي َ‬ ‫ني ﴾ َوبَ َكى طَويْالً مُثَّ قَ َ‬ ‫ص ادق َ‬ ‫ني َت ْرجعُوهَن ا إ ْن ُكْنتُم َ‬ ‫ُتْبص ُر ْو َن َفلَ ْوال أ ْن ُكْنتُم َغ َري َمدين َ‬
‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫الد ْنيَا َوما يَأَتْيين به م ْن ر َسالَة َريِّبْ‬ ‫املو ِت ِعْن َد ُخُر ْو ِج ْي ِمن ُّ‬ ‫ك ْ‬
‫ِ‬
‫ِش ْع ِر ْي َما الذ ْي يَل َقايِن ْ بِِه َملَ ُ‬
‫ضهم عُ َمَر بن َعبد العزيز فقال ‪:‬‬
‫َرثى َب َع ُ‬
‫ك ُتْنتَظُر‬ ‫رى مْن َ‬ ‫ريعة َح ٍق قَ ْد َب َعثْ َ‬ ‫ِ‬
‫ت َوأ ْخ َ‬ ‫مو ُ‬
‫ت تَ ُ‬ ‫اد ْ‬
‫َك َ‬ ‫ت لَ َها‬ ‫َك ْم م ْن َش َ‬
‫المطَُر‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الحبيب الذى يُ ْسَقى به َ‬ ‫على َ‬ ‫الواجديْن َم َعي‬ ‫ف‬ ‫ف َن ْفسي ولَ ْه ْ‬ ‫يا لَ ْه َ‬
‫ِ‬
‫ظم أَ ْعظُ ُم ُه ْم في المسجد ُ‬
‫الحَف ُر‬ ‫تَ ُ‬ ‫أت َعينى َلها َشَبهاً‬ ‫ثالثة ما َر ْ‬
‫وف ْتبَت ِد ُر‬‫لِلحق واألَم ِر بالمعر ٍ‬ ‫ت ُمجتِهداً‬ ‫ابعهم إذ ُكْن َ‬
‫ْ َ ُْ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫َوأنْ َ‬
‫كر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَأْتي َر َواحاً وتْبَياناً َو ْتبَت ُ‬ ‫ك واألَقْ َد ُار غَالبةُ‬ ‫ت أ َْمِل ُ‬‫لو ُكْن َ‬
‫ب ال َق َد ُر‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ت عن ُعمر الم ِ‬
‫ب َدير س ْم َعان لَك ْن َي ْغل ُ‬ ‫صَر َعهُ‬‫رضي َم ْ‬ ‫َ َ‬ ‫صَرفْ ُ‬‫َ‬
‫يموت وفي أْنَبائه ِعَبُر‬ ‫ِ‬
‫فْي َم ْن ُ‬ ‫تسِلَي َة‬
‫اب َرسول اهلل ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫وفي ُم َ‬
‫السَي ُر‬
‫ت به ّ‬ ‫على البريِّة وا ْز َد َاد ْ‬ ‫الذي َم ّن ا ِإللَهُ به‬ ‫الرسول ِ‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫ضر‬ ‫ت ِمن ِ ِ‬ ‫ت َع ْدنَا ُن ِ‬
‫أجله ُم ُ‬ ‫ْ‬ ‫وخير َمن َش ُرفَ ْ‬ ‫َ‬ ‫قاطب ًة‬ ‫وخير َمن َول َد ْ‬
‫هر‬
‫الز ُ‬
‫جم ّ‬
‫س وما َخلََفْت َها األنْ ُ‬
‫َش ْم َ‬ ‫ت‬
‫العرش ما طَلَ َع ْ‬
‫صلى عليه إلهُ َ‬

‫ين هلُم احلُ ْس ىَن و ِزيَ َادةٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ال َذ َ‬
‫واج َع ْلنَا م ْن عبادك املُ ْحسن َ‬
‫عاد ْة ‪ْ ،‬‬
‫الس َ‬‫الله َّم انظ ْمنَا يف س ْلك أهل ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األحياء ِمْن ُهم‬ ‫مني‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬وا ْغفر لنَا ولوالديْنا وجلميع املُ ْسل َ‬

‫‪76‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وامليتني بِرمْح تِك يا أرحم الرامَح ني ‪ ،‬وصلى اهلل على ٍ‬


‫حممد وعلى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫بن عبد العزيز رض َي اهللُ َعْن هُ ملا‬ ‫َن عُ َم َر َ‬ ‫ت أ َّ‬ ‫ُخرِب ُ‬‫ي قَ َال أ ْ‬ ‫َوذَ َك َر َغْي ُر َواح د َع ْن حُمَ َّمد املُ ْر َو ِز ّ‬
‫ال َما َه ِذ ِه فَِقْي َل‬ ‫ض َه َّدةٌ أو َر َّجةٌ َف َق َ‬ ‫ُدفِ َن ُس ليما ُن بن عب ِد امللك َو َخ َر َج ِم ْن َقرْبِ ِه مُسِ َع لأل َْر ِ‬
‫يِل يِت‬ ‫ِ‬ ‫يِل‬
‫ال ‪َ :‬ما ْ َوهَلَا أَبْع ُد ْو َها َعيِّن ْ َو َقِّربُ وا ْ َدابَّ ْ‬ ‫ك لَِت ْر َكَب َها َف َق َ‬ ‫بت إِلَْي َ‬ ‫ه ِذ ِه م راكِ ِ ِ‬
‫ب اخلالفَ ة ُق ِّر ْ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫بة َج ْري اً َعلى َع َاد ِة اخلُلَ َف ِاء‬ ‫الش رطَِة ي ِس ير ب ي َدي ِه باحلر ِ‬
‫ب ُ ْ َ ْ ُ َنْي َ َ ْ َْ‬
‫َف ُق ِّربت إِلَي ِه َفركِبها فج اء ِ‬
‫ص اح ُ‬ ‫َ ْ ْ َ ََ َ َ َ‬
‫َقْبلَهُ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫َّاس َحىَّت َد َخ َل‬ ‫لمني مُث َس َار خُمَْتلَط اً َبنْي َ الن ِ‬ ‫ك إمَّنَا أَنَا َر ُج ٌل من املُس َ‬ ‫ال َتنَ َّح َعيِّن ْ َما يِل ْ َولَ َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص لى اهلل عليه‬ ‫اس إِلَْي ه فَ َحم َد اهللَ َوأ ْثىَن َعلَْي ه َوذَ َك َر الن َّ‬
‫َّيب َ‬ ‫اجتَ َم َع النّ ُ‬ ‫ص َع َد املْنَب َر َو ْ‬‫املَ ْس ج َد َو َ‬
‫األم ِر ِم ْن َغرْيِ َرأْ ٍى ِميِّن ْ َوال ِط ْلبَ ٍة َوال َم ُش ْو َر ٍة َوإيِّنْ قَ ْد‬ ‫قال أيُّها النَّاس إِمَّنَا بلِي هِب‬
‫ت َ َذا ْ‬ ‫ُ ُْ ُ‬ ‫وسلم مثّ َ‬
‫اح َدةً قَد‬ ‫خلَعت ما يِف أ َْعنَاقِ ُكم ِمن بيع ٍة فَاختَاروا أِل ْن ُف ِس ُكم َغ ِ ي فَص اح املسلِمو َن ص يحةً و ِ‬
‫ْ رْي ْ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َْ َ ْ ُ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫البَر َك ِة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اك يا أ َِمير املؤ ِمنني ورضين َ ِ‬
‫اك فَلي ْأمَرنَا باليُ ْم ِن َو َ‬ ‫اخَت ْرنَ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬

‫اهلل فَإ ّن‬‫َفلَ َّما س َكتُوا مَحِ َد اهلل َتعاىَل وأَْث علَي ِه وص لَّى على النَّيِب ‪ ‬مُثَّ قَ َال أُو ِص ي ُكم بَِت ْق وى ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ ىَن َ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ص لِح‬ ‫ِ‬ ‫ىء وليس من تق وى اهلل خل ف وأ ِ‬ ‫اهلل خلَ ف ِمن ُك ل ش ٍ‬ ‫َت ْق وى ِ‬
‫َص ل ُحوا َس َرائَر ُكم يُ ْ‬ ‫ٌ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫االستِ ْع َد َاد َقْب َل أَ ْن َيْن ِز َل بِ ُك ْم ‪.‬‬ ‫ات املوت وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َحسنُوا لَهُ ْ‬ ‫َعالنيَتَ ًًُُكم َوأَ ْكث ُر ْوا ذ ْكَر َهاذِم الل ّذ َْ َ َ ْ‬

‫رق يف امل ْو ِت َوإ ّن َه ِذه‬ ‫آد َم أب اً َحيًّا ملعُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫وبني‬


‫َ‬ ‫س َبْيَن ُهم‬‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬
‫إن من ال ي ْذ ُكر من آبائِ ِه ال ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َو َّ‬
‫َ‬ ‫ِ هِب‬ ‫ِ‬
‫ف يف َر ِّب َها َوالَ يِف نَ ِّبي َها َوال يف كتَا َا إِمَّنَا ْ‬
‫اختَل ُفوا‬ ‫األ ُّم ِة ملْ خَت ْتَل ْ‬

‫‪77‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َحداً َحقًّا ‪.‬‬ ‫أحداً بَاطالً َوال أ َْمنَ ُع أ َ‬ ‫ِّره ْم وإيِّنْ َواهلل ال أ َْعط ْي َ‬ ‫يف الد ِّْينَا ِر والد َ‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫اعة لَهُ أَطْيعُ ويِن ْ َما أَطَ ْع ُ‬ ‫ص ى اهللَ فال طَ َ‬ ‫اعتُه َو َم ْن َع َ‬ ‫ت طَ َ‬ ‫اع اهللَ َت َع اىَل َو َجبَ ْ‬ ‫َّاس َم ْن أَطَ َ‬ ‫أَيُّ َها الن ُ‬
‫ِ‬ ‫اع ةَ يِل ْ َعلَْي ُكم مُثَّ َن َز َل َو َد َخ َل َد َار اخلِالَفَ ِة َوأ ََم َر بِ ُّ‬
‫ت‬ ‫الس تُو ِر َف ُهت َك ْ‬ ‫ص ْيتُه فَال طَ َ‬ ‫اهللَ فَ إذَا َع َ‬
‫ت َم ِال امل ْسلِ ِمنْي َ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ك َو ْاد َخ ِال أَمْثَاهِنَا َبْي‬ ‫ِ‬
‫عت َوأ ََمَر بَِبْي ِع َذل َ‬
‫ِ ِ‬
‫وبالبُ ُسط َفُرف ْ‬
‫ُ‬
‫َي بُيَنَّ أَقِْي ُل‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫َ َ ْ ََ ْ‬ ‫ق‬ ‫يت‬ ‫َب‬
‫أ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫صنع‬ ‫ال َما تُِريْ ُد أَ ْ َ‬
‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك ف َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َيتََب َّوءُ َمقْيالً فَأَتَ اهُ ْابنُ هُ َعْبد املل َ‬ ‫َ‬ ‫مُثَّ َذ َه‬
‫َ‬
‫ك ُس لَْي َمان فَ ِإ َذا‬ ‫ِ‬ ‫يِف‬ ‫ح‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬أ ْ ُيَنّ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ِّ َ‬
‫م‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫َم‬‫أ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫الب‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫َي‬ ‫ال تَِقْي ُل َوال َت ُر ُّد املظ امِلَ َف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ِ‬ ‫مِل‬
‫فقال‬
‫ش إىل الظّ ْهر َ‬ ‫ك أَ ْن تَعْي َ‬ ‫ؤمنني ِم ْن أَيْ َن لَ َ‬
‫ت الْ َمظَا َ ‪ .‬فقال ‪ :‬ياَ أمري املُ َ‬ ‫ت الظُّ ْهَر َر َد ْد ُ‬ ‫صلَّْي ُ‬
‫َ‬
‫فدنَا ِمْنهُ ف َقبّ َل َبنْي َ َعْيَنْي ِه ‪.‬‬
‫‪ْ :‬اد ُن ِميّن ْ َ‬
‫َخ َر َج ِم ْن ظَ ْه ِري ِم ْن يُعِْنيُن َعلى ِديْ ْين فَ َخ َر َج َومَلْ يَِق ْل َوأَم َر ُمنَادي اً‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬احلَ ْم ُد هلل ال ذي أ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال يَا أ َِمْي َر‬ ‫ص َف َق َ‬ ‫مِح‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فلري ْفع َها إيَلَّ َفَت َق ّد َم إلَْيه ذ ِّم ّي م ْن ْأهل ْ َ‬ ‫ت لَ هُ َمظْلَ َم ةٌ َ‬ ‫يُنَ ادي أَال َم ْن َك انَ ْ‬
‫اس‬ ‫ِ‬ ‫ال إِ َّن العبَّاس بن ِ ِ‬ ‫ؤم نني أَس أَلُ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫العبَّ ُ‬‫ص بَ ْين أ َْرض ْي َو َ‬ ‫الولْي د ا ْغتَ َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫اب اهلل قَ َال َو َما َذ َاك قَ َ‬ ‫ك كتَ َ‬ ‫املُ َ ْ‬
‫املؤم نني ِ‬ ‫ول يا عبَّاس قَ َال إِ َّن أ َِمي ر ِ‬ ‫ح ِ‬
‫اها‬ ‫الولْي ُد أَقْطَ َعيِن ْ إيَّ َ‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ضي اهللُ َعْن هُ َما َت ُق ُ َ َ ُ‬ ‫ال عُ َم ُر َر َ‬ ‫اض ٌر َف َق َ‬ ‫َ‬
‫َو َهذا كِتَابُهُ ‪.‬‬
‫ك كِتَ اب ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫اهلل َت َع اىَل ف َق َ‬ ‫َ‬ ‫َس أَلُ َ‬
‫ال عُ َم ُر َرضي اهللُ َعْن هُ َما َت ُق ْو ُل يَا ذ ِّم ْي قَ َال أمْي َر املُْؤمننْي َ أ ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫أرض هُ يَا َعبَّاس‬ ‫ِ‬ ‫اب ِ‬ ‫اهلل أَح ُّق أَ ْن يتَّب ع ِمن كِتَ ِ‬ ‫عم ر رض ي اهلل عْن ه كِتَ اب ِ‬
‫ارد ْد َعلَْي ه َ‬ ‫الولْيد فَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫مِل‬ ‫مِم‬
‫َّعى َعلى ش ٍئ َّا ىف أَيْ ِد ْي أ َْهل َبْيتِ ِه ِمن املظَ ا َ إِالَّ َر َّدهُ َمظْلَ َم ةً‬ ‫َ‬ ‫َفَر َّد َها َع ْلي ِه مثَّ َج َع َل الَ يُ د‬
‫َ‬ ‫مِل‬
‫اجتَ َمعُوا َوقَالُوا َما َيْنبَغِي لَنَا أَ ْن نُ َقاتِل‬ ‫ِ‬
‫ِج سْيَرةُ عُ َمَر َو َما َر َّد من املَظَا َ ْ‬
‫مظْلَمةً ولَما بلَ َغ اخلوار ِ‬
‫َ َ َ َ ََ َ‬
‫ال فِْي ِه ُكَثِّيُر َعَّزةَ ‪:‬‬ ‫الر ُج َل َوقَ َ‬‫َه َذا َّ‬

‫‪78‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ف‬‫ب َعِليّاً َولَ ْم تُ ِخ ْ‬ ‫ت َولَ ْم تَ ْسبُ ْ‬


‫َولَْي َ‬
‫بَ ِريَّاً َولَ ْم َت ْقَب ْل َمَقالَ َة ُم ْج ِرِم‬ ‫(‬
‫ال مع ِ‬ ‫ِ‬
‫الذ ْي‬ ‫ْت بِال َق ْو ِل الف َع َ( َ َ‬ ‫ص َّدق َ‬
‫َو َ‬
‫اضَياً ُك َّل ُم ْسِل ِم‬ ‫ت فَ ْأمسى ر ِ‬
‫أََتْي َ َ َ َ‬ ‫(‬
‫ب ُكلِّ َها‬‫ض (َوالغَْر ِ‬ ‫فَ َما َبْي َن َش ْر ِق األ َْر ِ‬
‫صْي ٍح َوأَ ْع َج ِم‬ ‫مَن ٍاد يَن ِادي ِمن فَ ِ‬ ‫(‬
‫ُ ُ ْ ْ‬
‫الم ْؤِمنِْي َن ظَ(لَ ْمَتنِ ْي‬ ‫ِ‬
‫َي ُق ْو ُل أَمْيَر ُ‬
‫بِأَ ْخ ِذ َك ِدْيَنا ِر ْي َواَل أَ ْخ ِذ ِد ْر َه ِم‬ ‫(‬
‫ص ْفَق ٍة لِ ُم(َبايِ ٍع‬ ‫ِ‬
‫فَأ َْربِ ْح بَِها م ْن َ‬
‫َوأَ ْك ِر ْم بَِها ِم ْن َبْي َع ٍة ثُ َّم أَ ْك ِرِم‬ ‫(‬
‫(‬
‫َن عمر بن عب ِد الع ِزي ِز رمِح ه اهلل ر َّد الضَّيعةَ علَى ِ‬
‫الذ ِم ّي‬ ‫ولَ َّما بلَغ اجلبَّار العنِي َد عمر ب ِن ِ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫الولْيد أ َّ ُ َ َ ْ َ َْ َ ْ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ْ ُ ََ ْ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ور ‪ ،‬فق ال يف كتابه إنك قد‬ ‫ض َعلَى َع ْدل ه َو َي ْزعُ ُم أنه ج ٌ‬ ‫الع ِزيْ ِز َي ْعرَتِ ُ‬
‫ب إىل عُ َم َر بْ ِن َعْب د َ‬ ‫َكتَ َ‬
‫ت عليهم وسرت بغري سرهتم بغضاً هلم وشيناً‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ازدريت على من كان قبلك م ْن اخلُلَ َفاء ‪َ ،‬وعْب َ‬
‫ت إىَل أ َْم َو ِال ُق َريْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش‬ ‫ص َل إ ْذ َع َم ْد َ‬ ‫ت َما أ ََم َر اهللُ بِ ه أ ْن يُ ْو َ‬ ‫هم ‪ .‬قَطَ ْع َ‬ ‫ملن بع دهم م ْن أ َْوالَد ْ‬
‫ت امل ِال َج ْو َراً َوعُ ْد َوانَاً ‪َ ،‬ولَ ْن تُْتَر َك َعلَى َه ِذ ِه احلَ ِال ‪َّ ،‬‬
‫والسالَ ُم ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َو َم َوا ِريْثِهم فَأ َْد َخ ْلَت َها َبْي‬
‫الر ِحيم ) ِمن عب ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫اهلل عُ َم َر‬ ‫َّمْح َّ ْ ْ َْ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫اهلل‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ِبس‬
‫ْ‬ ‫(‬ ‫ه‬ ‫الع ِزيْ َ َ ُ َ َ َ َْ‬
‫ي‬‫ل‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ت‬‫ك‬ ‫ه‬ ‫اب‬ ‫ت‬‫ك‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫َفلَ َّما َق َرأَ عُ َم ُر بْ ُن َعْب د َ‬
‫الع الَ ِمنْي َ أ ََّما َب ْع ُد َف َق ْد‬
‫ب َ‬ ‫السالَ ُم َعلَى امل ْر َسلِنْي َ َواحلَ ْم ُد لِ ِله َر ِّ‬ ‫الولِْي ِد َّ‬ ‫َ‬ ‫الع ِزيْ ِز إىل عُ َمَر بْ ِن‬ ‫َ‬ ‫بْ ِن َعْب ِد‬
‫ِ ِ ُ‬
‫ف يف س وقِ‬
‫ت تَطُ ْو ُ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫الس ُك ْون ك انَ ْ‬ ‫ك َبنَانَ ةُ ُّ‬ ‫الولْي د فَأ ُُّم َ‬
‫ك يَا ابْ َن َ‬ ‫ك ‪ ،‬أ ََّما أ ََّو َل َش أْنِ َ‬ ‫َبلَغَيِن ْ كِتَابُ َ‬
‫ص َوتَ ْد ُخ ُل يف َح َوانِْيتِ َها مُثَّ اهللُ أ َْعلَ ُم هِبَا ‪.‬‬ ‫مِح‬
‫ْ َ‬

‫‪79‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫ت‬‫س املَْولُ ْو ُد ‪ ،‬مُثَّ نَ َش أْ َ‬ ‫ت بِ َ ِ‬
‫ك فَبْئ َ‬ ‫ك فَ َح َملَ ْ‬‫اش َتَر َاها ذُ ْبيَ ا ُن ِم ْن َم ِال امل ْس ل ِمنْي َ فَأ َْه َد َاها ألبِْي َ‬ ‫مُثَّ ْ‬
‫اهلل َتع اىَل ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الذي ُه َو‬ ‫َ‬ ‫ك َم َ‬ ‫ك َوأ َْه َل َبْيتِ َ‬ ‫ت َجبَّ َاراً َعنِْي َداً َت ْزعُ ُم أَيِّن ِم ْن الظَّال ِمنْي َ إ ْذ َحَر ْمتُ َ‬ ‫َوكْن َ‬
‫ات َوامل َساكِنْي ِ َواأل ََر ِام ْل ‪.‬‬ ‫يِف ح ِّق ال َقراب ِ‬
‫َ ََ‬
‫َ‬
‫ني حَتْ ُك ْم فِْي ِه ْم‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ص بِيَّاً َس فْي َهاً َعلَى ُجْن د املُس لم َ‬ ‫ك َ‬ ‫اس َت ْع َملَ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ َّن أَظْلَ َم ميِّن ْ َوأَْت َر َك ل َع ْه د اهلل َم ْن ْ‬
‫ب ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ك َومَلْ ي ُكن لَ هُ ىف َذلِ َ ِ ِ‬
‫ص َم ُاؤهُ َي ْو َم‬ ‫ك َما أ ْكثَر ُخ َ‬ ‫الوال د ل َولَ ده َف َويْ ٌل أِل بِْي َ‬ ‫ك نيِّةٌ إال ُح ُّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫بَِرأْيِ َ‬
‫ص َمائِِه ‪.‬‬ ‫القيام ِة و َكيف يْنجو أب َ ِ‬ ‫ِ‬
‫وك م ْن ُخ َ‬ ‫ََ َ ْ َ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّماءَ َويَأْ ُخذ َ‬
‫املال احلََر َام ‪.‬‬ ‫ك الد َ‬ ‫اج يَ ْسف ُ‬ ‫اسَت ْع َم َل احلَ َّج َ‬ ‫َوإِ ّن أَظْلَ َم مىِّن ْ َوأَْتَر َك ل َع ْهد اهلل َم َن ْ‬
‫اهلل من استعمل ُقَّر َة أَعرابِيَّاً جافِياً علَى ِمص ر و ِأذ َن لَه يف املع ا ِز ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ُ ََ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َوإ َّن أَظْلَ َم ميّن ْ َوأَْتَر َك ل َع ْهد َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫الله ِو َو ُش ْر ِب اخلَ ْم ِر ‪.‬‬
‫َو ْ‬
‫س الع ر ِب نَ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْيبَاً َفُر َويْ َداً يَا ابْ َن‬ ‫إن أظْلَ َم ميّن ْ َوأَْت َر َك ل َع ْه د اهلل َم َن َج َع َل ل َعالَيَ ة الرَب يْقيَّةَ يف مُخ ِ َ َ‬ ‫َو َّ‬
‫أله ِل َبْيتِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْعُت ُهم َعلى‬ ‫ك َف َو َ‬ ‫ك َو ْ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫َبنَان ةَ لَ ْو الَْت َقتَا حلَ ُق البِطَ ان َو ُر َّد ال َف ُئ إىل ْأهل ه لََت َف َّر ْغ ُ‬
‫اط َل َو ِم ْن َو َر ِاء‬ ‫احملجة البيض ِاء فَطَالَما َت ر ْكتُم املح َّج ِة البيض ِاء فَطَالَما َت ر ْكتُم احل َّق وأَخ ْذمُت الب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َْ َ‬ ‫ّ َْ َ‬
‫ك على األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َرامل واملساكني واليَتَ َامى‬ ‫ك وقَ ْس ِم مَثَن َ َ‬ ‫ك َما ْأر ُجو أَ ْن أ ُك و َن َرأ َْيتُ هُ ِم ْن َبيَ ِع َر َقبَتِ َ‬ ‫ذَل َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الم َعلَى َم ِن اتَّبَ َع اهلَُدى َواَل َينَال َساَل ُم اهلل ال َق ْو َم الظَّالمنْي َ‬ ‫الس ُ‬ ‫ك َح َّقاً َو َّ‬ ‫فإن ل ُك ٍّل فْي َ‬

‫إن َقْبلِي أنَاس اً ِمن العُ َّم ِال قَد‬ ‫ال أ ََّما بع ُد أَص لَح اهلل ِ‬
‫األمْي َر فَ َّ‬ ‫َح ُد عُ َّمال ه َف َق َ َ ْ ْ َ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب إلَْي ه أ َ‬‫َو َكتَ َ‬
‫اس تِ ْخر ِاج ِه ِمن أيْ ِديْ ِهم إاّل أ ْن أم َّس هم بِ َش ٍْئ ِمن الع َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫ٍْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت أَقْ د ُر علَى ْ َ‬ ‫ا ْقتَطَعُوا ماالً َعظْي َم اً لَ ْس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤمنني أَ ْن يَأ َذ َن يِل ْ يف َذل َ‬
‫ك أَْف َع ُل ‪.‬‬ ‫فَإ ْن َرأَى أَمْي ُر املُ َ‬

‫‪80‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك إيَّاي يف َع َذ ِ‬ ‫ب ِمن ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ك‬ ‫اب بَ َش ٍر َك أَيِّنْ لَ َ‬ ‫اس تْئ َذان َ َ‬ ‫الع َج ِ ْ ْ‬ ‫ب ُك َّل َ‬ ‫الع َج ُ‬‫ب إِلَْيه عُ َم ُر أ ََّما َب ْع ُد فَ َ‬ ‫فَ َكتَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ك يْن ِجي َ ِ‬ ‫َن ِر ِ‬ ‫ِوقَاي ةٌ ِمن ع َذ ِ ِ‬
‫ت‬ ‫ك م ْن َس َخط اهلل َع َّز َو َج َّل فَ اْنْظُْر َم ْن قَ َام ْ‬ ‫ض ائ ْي َعْن َ ُ ْ‬ ‫اب اهلل َو َك أ َّ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ت بِِه َّ‬
‫البِّينَةُ ‪.‬‬ ‫دول فخذه مِب َا قَ َام ْ‬ ‫َعلَْي ِه َبِّينَةٌ عُ ٌ‬
‫باهلل ِ‬ ‫ك بِ َش ٍئ فَخ ْذه مِب َا أ َق ر بِ ِه ومن أَنْ َك ر فَاس تَحلِ ْفه ِ‬
‫العظْي ِم َو َخ ِّل َس بِْيلَهُ َوأمْيُ اهللُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ََ ْ َ ْ ْ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َو َم ْن أ َقَّر بَ َ‬
‫ب ِم َن أ ْن أل َقى اهللَ بِ ِد َمائِ ِه ْم َّ‬
‫والساَل ُم ‪.‬‬ ‫أح ُّ‬ ‫خِب هِت‬
‫أل ْن َي ْل ُق ْوا اهللَ يَانَا ْم َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫و َك ا َن لِْلولِيد ب ِن َعب ِد امللِ ِ‬
‫ال لَهُ َر ْو ٌح َو َك ا َن نَ َش أَ بالبَاديَة فَ َكأنهُ أ َْع َرايِب ٌّ فَأتَى نَ ٌ‬
‫اس‬ ‫ك ابْ ٌن يُ َق ُ‬ ‫َْ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫حِبِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم أَبُ وهُ‬ ‫ت هَلُ ْم أقْطَ َع َها إيَّ ُ‬‫ص َو َك انَ ْ‬ ‫ت ْم ٍ‬ ‫رو َح اً يف َح َوانْي َ‬ ‫من املُس لمنْي َ إِىل عُ َم َر خُي اص ُم ْو َن ْ‬
‫الولِْي ِد ‪.‬‬
‫بسج ِّل َ‬
‫ِِ ِ‬
‫البيِّنِ ةُ َعلَْي َها َخ ِّل هَلُ ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَ َال ما ي ْغيِن عْن ك ِس ِج ُّل ِ ِ‬
‫ت هَلُ ْم َ‬ ‫ت َح َوانْيُت ُه ْم قَ ْد قَ َام ْ‬ ‫الولْي د ‪ ،‬احلَ َوانْي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬
‫ص ي َفرجع احلِم ِ‬
‫ص ُّي إِىَل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ص ي مْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِرفنْي َ َفَت َو َّع َد َر ْو ٌح احل ْم ُّ َ َ ْ‬ ‫ص ُمهُ احلَ ْم ُّ ُ َ‬ ‫رو ٌح َو َخ ْ‬ ‫َح َوانْيَت ُهم َف َق َام ْ‬
‫ؤمنِنْي َ ‪.‬‬
‫واهلل يَتو َّع ُديِن يا ِأمير امل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال ‪ :‬هو ِ‬
‫عُ َمَر َف َق َ ُ َ‬
‫ُِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ب فَ إ ْن َس لَّ َم‬ ‫ب بْ ِن َحام د َو ُه َو م ْن َح َر ِس عُ َم َر إ ْذ َه ْ‬ ‫ال عُم ر لِ َك ْع ِ‬
‫رو ٍح يَا َك ْع ُ‬ ‫ب إىَل ْ‬ ‫َف َق َ َ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ع يف‬ ‫أسَر َ‬‫ض املَُوالنْي َ لَر ْو ٍح َكالَ َم عُ َمَر فَ ْ‬ ‫ت إِىل احل ْمص ّي فَ َذ َاك َوإال أَتيِن ْ بَِرأسه فَ َسم َع َب ْع ُ‬ ‫احلََوانْي َ‬
‫السْي ِ‬ ‫ِِ‬ ‫إِ ْخبَا ِر ِه مِب َا قَ َ‬
‫خل لَهُ‬ ‫ال لَهُ قُ ْم فَ ِّ‬ ‫ف َف َق َ‬ ‫ض َّ‬ ‫ب َوقَ ْد َس َّل َب ْع َ‬ ‫ال عُ َمُر فَ َخلَ َع َق َْْلَبُه َو َخَر َج إلَْيه َك ْع ٌ‬
‫ت إلَْي ِه َمظْلَ َم ةٌ إالَّ‬ ‫ِ‬ ‫مِل‬ ‫ال َنعم وخلَّى لَ ه احل وانِ‬ ‫َح َوانِْيتَ هُ قَ َ‬
‫َّاس يف َرفْ ِع املظَ ا ِ فَ َما ُرف َع ْ‬ ‫ُ‬ ‫يت َوتَ ابَ َع الن‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫َر َّد َها ‪.‬‬

‫الت ْقَوى َدلِْيالَ‬ ‫ب ِسَوى َ‬ ‫وال تَطْلُ ْ‬ ‫المولَى َسبِيالَ‬ ‫ك إِلَى َ‬


‫ِ‬
‫ش ْعراً‪ :‬أَالَ فَ ْ‬
‫اسلُ ْ‬
‫ضاً َوطُْوال‬ ‫المَنى َع ْر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َو ِس ْر ِف َيها بِ ِج ٍد وانْتِ َهاض‬
‫تَج ْد فْي َها ُ‬
‫واج َعلْه َو ِكْياَل‬‫َعلَى َم ْواَل َك ْ‬ ‫َو(اَل َت ْر َك ْن إِلى ُّ‬
‫الدنْيا َو َعِّو ْل‬
‫يَ ُد ْو ُم فَ ُك ْن لَهُ َعْبداً َذلِْياَل‬ ‫ت أَ ْن ُت َعَّز ِعزاً‬ ‫(وإِ ْن أ ْ‬
‫َحَبْب َ‬
‫(‬ ‫(‬

‫‪81‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ين تَ ُك ْن َنَبْياَل‬ ‫الم ْس ِرف َ‬‫ال ُ‬ ‫وص َ‬
‫َ‬ ‫اب إِليه واق ْ‬
‫ْطع‬ ‫َو َواص َل َم ْن أَنَ َ‬
‫الر ِحْياَل‬
‫ك َّ‬ ‫ِّل َبْي َن َعْي ْني َ‬
‫َومث ْ‬ ‫بابك وا ْغتَنِ ْمهُ‬
‫وال ُت ْفنِى َش َ‬
‫(َعلَى طََبقاتِهم َه ْجَراً َج ِمْياَل‬ ‫واه ُج ْر بَنِْي َها‬ ‫صل ُّ‬
‫الدنَا ْ‬ ‫(وال تَ ِ‬
‫ك ِفي ُقلُوبِِههُ ال ُق ُبواَل‬ ‫ض ْع لَ َ‬‫يَ( َ‬ ‫ص ْد ٍق‬ ‫و َعامل ِفي ِهم الْولَى بِ ِ‬
‫َ ْ ُ َ‬
‫واهلل أَعلم وصلى اهلل على حُمَ ّم َد ‪.‬‬
‫َم ْو ِعظَةٌ‬
‫ص َو ُرهُ األَ ْف َه ام َوجَيْ ِز ُم ُك َّل اجلَ ْزِم أَنَّهُ َرفِْي ُع امل َق ِام ‪ِ ،‬ر ْف َع ةً ُك ُّل َرفِْي ٍع‬
‫َح ُد ُه ْم قَ ْد َر نَ ْف ِس ِه َف ْو َق َما َتتَ َّ‬ ‫الي ْو َم أُنَ ٌ‬
‫اس َي َرى أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عبَ َاد اهلل قَ ْد َكثُ َر يف َز َمننَا َ‬
‫َ‬
‫اخَراً مِب َا لَهُ ِم ْن َم َق ٍام وقَ ِدمْيَاً قِْي َل ‪:‬‬
‫ك وهَّز رأسه مَته ِّكماً ِس ِ‬
‫ضح َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ‬
‫اضالً إِاّل ِ‬
‫َ‬ ‫معها حَتْت األَقْ َد ِام ‪ ،‬اَل تَ ْذ ُكر أَمامه فَ ِ‬
‫ُ َ َُ‬ ‫َََ َ‬
‫سهُ قَ ْد َر ُه‬ ‫َو َم ْن َج ِهلَ ْ‬
‫ت َن ْف ُ‬
‫َرأَى َغْيُر ُه ِمْنهُ َما ال َيَرى‬ ‫(‬
‫ص ٍاء َحىَّت َعلَى َخالَِق هَ ال َق ِديْر‬ ‫وجَتِ ُد ه َذا املتَ َكِّبر املعجب بَِن ْف( ِس ِه َش ِرس اً أَمْح ق اً َذا إب ٍاء و ِ‬
‫است ْع َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ ُْ َ ُ‬
‫ص َد‬ ‫اج ي ْلتِهب التِهاب اً ويْن َف ِج ر أِل ْدىن َكلِم ٍة ال ُتر ِض ي ِه ولَو مَل ي ْق ِ‬ ‫ال َكبِ املتعاىل وتراه نا ِر َّ ِ‬
‫ْ ْ َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ي املَز ِ َ ُ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ ََ ُ َ‬
‫ِ رْي ُ‬
‫قَائلُ َها إال احلُ ْسىَن ‪.‬‬
‫صغُوا إىَل َكاَل ِم ِه َويُ َؤملهُ َكاَل ُم‬ ‫صاً َعلَى أَ ْن يَ ُك ْو َن أ ََم َام الن ِ‬
‫َّاس َوأَ ْن يُ ْ‬
‫و ِمن عاَل ماتِِه أَن َ ِ‬
‫َّك جَت ُدهُ َح ِريْ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫غ ِ ِه ولَ و كان ح ًّقا وجَتِ ُد ثِياب ه مس بلَةٌ ويِف م ْش يِ ِه يتَبخ مص ع ِراً خ دَّه وإ ْن َك ا َن علَي ِه ِع َق ٌ ِ ِ‬
‫َرْي َ ْ‬
‫ِ‬
‫ض ُه ْم قَ ْد َو َّفَر‬
‫ال جَت ُدهُ مُم ْيالً لَ هُ َوجَت ُد َب ْع َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ ْرَت ُ َ ّ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َُ ُ َْ‬
‫ِِ‬
‫َشا ِربَهُ َو َفَتلَهُ َو َس َّوى َشنَبَاته كال ُق ُر ْو ِن قَ َال َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ‪:‬‬
‫ال بِِه‬
‫الر َج ُ‬
‫ـاد ِّ‬ ‫ال ِ‬
‫الذ ْي َسـ َ‬ ‫َّ‬
‫إن ال َك ـ َـم َ‬
‫ِ‬
‫قار َو َق ْر ُن العل ِْم بِ َ‬
‫الع َم ِل‬ ‫الو ُ‬ ‫ُهَو َ‬ ‫(‬
‫َف ُق ْل لِ َم ْن َي ْز َد ِه ْي ُع ْجَباً( بِ َمْن ِطِق ِه‬
‫ص واألََم ِل‬ ‫و َقلْبهُ في ُقيو ِد ِ‬
‫الح ْر ِ‬ ‫(‬
‫ُْ‬ ‫َ ُ‬
‫(‬

‫‪82‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َج ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫َم ْهاَل فَ َما اهلل َس ٍاه َع ْن تَاَل ُعبِ ُك ْم‬
‫لَك َّن َم ْوع ُد ُك ْم في ُمْنتهى األ َ‬
‫ت ُع ْمَر َك َبْي َن ال ْكبِ ِر َوال َك َس ِل‬ ‫ض ْع َ‬ ‫أَ َ‬ ‫َوقُ ْل لِ َم ْن فَ ْخ ُره في َفْت ِل َشا ِربِِه‬
‫َما ِفي طََوايَاهُ إاَّل َخْيَبةُ األََم ِل‬ ‫َّام ُتْب ِر ُم يَا َو ِاف ْي ال َقَفا َشنََباً‬
‫َحت َ‬
‫ض ال َخ َج ِل‬ ‫َخ ْف َ ِ‬ ‫َهالَّ أ َ‬ ‫ت ب ْعبع من وفي البْي ِ‬
‫ت الع َدا يَا َم ْعَر َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َصَب ْح َ ُ ُ َ َ ْ‬ ‫أْ‬
‫أح ْف َى لِِل َحيتِه‬ ‫آخر‪ُ :‬تز ِ‬
‫بات َح ْش ُو َها قَ َذ ُر‬ ‫وتَ َاه في َشنَ ٍ‬
‫َ‬ ‫ّئيمم الذى َ‬ ‫قلع لِلُج ُه ِْ‬
‫ْ‬
‫لَ ِكنَّهُ َنَت ُن يَ ُ‬
‫ش ْوبُهُ َم َذ ُر‬ ‫س َك َماالً َما تَتِْيهُ بِِه‬‫أ ُْرفُ ْق َفلَْي َ‬
‫(‬

‫ِ‬ ‫ب ال ُف َق ر ِاء ِمْن هُ واَل ي أْلَ ُ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّك جَتِ ُد ِ‬ ‫َو ِم ْن َعاَل ِماتِ ِه أَن َ‬
‫ف إاَّل األَ ْغنيَ اءَ‬ ‫َ َ‬ ‫ب ُق ْر َ َ‬ ‫ب الكرْب اَل َي ْر َغ ُ‬ ‫ص اح َ‬ ‫َ‬
‫ب كِرْبِ ِه َوعُ ْجبِ ِه َواَل‬‫ك بِس بَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب لِْلم ْؤ ِمنِ ما حُيِ ُّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب لَن ْفس ه ألنَّهُ ال َي ْق د ُر َعلَى َذل َ َ‬ ‫فَ املُتَ َكِّب ُر ال حُي ُّ ُ نْي َ َ‬
‫األص ِفيَ ِاء ‪.‬‬
‫أخاَل ق ْ‬
‫ِ‬
‫أس ْ‬‫َ ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫اض‬
‫ُ‬ ‫َّو‬
‫َ‬ ‫الت‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ُ‬
‫ي ْق ِ‬
‫د‬ ‫َ‬
‫الص ْد ِق َوالَ َي ْق ِد ُر َعلَى َت ْر ِك‬ ‫َواَل َي ْق ِد ُر املتَ َكِّب ُر َعلَى َت ْر ِك احلِْق ِد َوالَ َي ْق ِد ُر أَ ْن يَ ُد ْو َم َعلَى ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الب ْهت ألنَّهُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احت َق اره للنَّاس َواَل يَ ْس لَ ُم من الغْيبَ ة َو ُ‬ ‫ِ‬
‫ب َواَل َعلَى َكظْم الغَْي ظ َوال يَ ْس لَ ُم م َن ْ‬ ‫ضِ‬ ‫الغَ َ‬
‫ِ‬ ‫فِي ِه ِمن العظَم ِة والعَِّز ِة و ِ ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫الكرْبِ يَاء َما حَيُ ْو ُل َبْينَهُ َو َبنْي َ َذل َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ض طَُّر إِلَْي ِه ليَ ْح َف َظ بِ ِه ِع َّزهُ َو َعظَ َمتَ هُ َول َذل َ‬
‫الكرْبِ ُم ْ‬ ‫احب ِ‬
‫ص ُ‬
‫فَما ِمن خلُ ٍق َذِمي ٍم وقَ بي ٍح إاّل و ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ال ذَ َّر ٍة ِم ْن كِرْبٍ "" ‪ .‬ويف َو ِصيَّ ِة لُْق َم ا َن‬ ‫ث أنّهُ ‪ " :‬اَل يَ ْد ُخ ُل اجلَنّةَ َم ْن يف َق ْلبِ ِه ِم ْث َق ُ‬‫ورد يف احل ِدي ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َََ‬
‫ب ُك َّل خُمْتَ ٍال‬ ‫ض َمَرح اً إِ َّن اهلل ال حُيِ ُّ‬‫ش يف األ َْر ِ‬ ‫َّك لِلن ِ‬
‫َّاس َواَل مَتْ ِ‬ ‫ص ِّع ْر َخ د َ‬
‫ول ﴿ َواَل تُ َ‬ ‫البْنِ ِه َي ُق ُ‬
‫فَ ُخ ْو ٍر ﴾ ‪.‬‬
‫ول اهللُ َت َع اىَل ﴿ َواَل مَتْ ِ‬
‫ش يف‬ ‫والس اَل ُم َي ُق ُ‬
‫الص الةُ َّ‬ ‫َو ِم ْن َت َع الِْي ِم َربِّنَا هِلَ ِذ ِه األ َُّم ِة َونَبِِّي َها َعلَْي ِه َّ‬
‫ال طُْوال ﴾‬ ‫ض َولَ ْن َتْبلُ َغ اجلِبَ َ‬ ‫َّك لَ ْن خَت ْ ِر َق ْ‬
‫األر ِ‬ ‫ض َمَرحاً إن َ‬ ‫األر ِ‬
‫ْ‬

‫‪83‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّك َبْينَ َما َت َراهُ هِبَ ِذ ِه‬


‫الرثَ اءُ فإن َ‬ ‫إن املتَ َكِّبَر ِم ْس ِكنْيٌ مث ِم ْس ِكنْيٌ إىَل َح ٍّد يَ ْس تَ ِح ُّق َم َع هُ ِّ‬ ‫َوبِاحلَِقْي َق ِة َّ‬
‫َّم ‪.‬‬ ‫ِ ِ هِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الك ِ ياء و ِ‬ ‫ِ‬
‫العظَ َمة َتَراهُ َغارقَاً يف حَبْر املََعاص ْي َوذُ َا يُْلق ْي َن ْف َسهُ يف َج َهن َ‬ ‫رْب َ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اص ْي‬‫ات املع ِ‬
‫ض بَا ٌن أ َْو يَظُ ُّن أَنَّهُ َرفْي ٌع َو ُه ُو يف قاذُ ْو َر ََ‬ ‫أَيَظُ ُّن َه َذا امل ْس ِكنْي ُ أَنَّهُ َع ِز ْي ٌز واهللُ َعلَْي ِه َغ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن العِ َّزةَ ِّ‬
‫َّه َما بِيَ د اهلل َو ْح َدهُ‬ ‫ص ْوهُلَُما بِيَ د خَمْلُ وق َولَكن ُ‬ ‫س ُح ُ‬ ‫َّع َوى َولَْي َ‬‫ص الَ ِن بِالد ْ‬ ‫والر ْف َع ةَ الَ حَيْ ُ‬ ‫َّ‬
‫َّس ‪.‬‬
‫جل َو َعاَل َوَت َقد َ‬ ‫اع ِة َم ْوالَ ُهم َّ‬‫مَيْنَ ُح ُه َما إىَل َم ْن يُ َسا ِرعُو َن إىل طَ َ‬
‫الع الَ ِمنْي َ ِمثْ َل قَولِ ِه‬
‫ب َ‬
‫اهلل انْص حوا من وقَ ع يف ورطَ ِة ِ‬
‫الكرْبِ َوقُولُ وا لَ هُ تَ َدبَّ ْر َكالَ َم َر ِّ‬ ‫َ ُ َ ْ َ َ َْ‬
‫َفيا ِعب اد ِ‬
‫َ ََ‬
‫ف عن آي ايِت ِ‬ ‫َت َع اىَل إنّهُ ال حُيِ ُّ‬
‫ض‬ ‫الذيْ َن َيتَ َكَّب ُر ْو َن يف األ َْر ِ‬ ‫َص ِر ُ َ ْ َ‬ ‫ب املُ ْس تَ ْكرِب ِ يْ َن َو َق ْولَهُ َت َع اىَل ﴿ َسأ ْ‬
‫الر ْش ِد اَل يت ِ‬
‫َّخ ُذ ْوهُ َس بِْياَل َوإ ْن َي َر ْوا‬ ‫بِغَرْيِ احلَ ِّق وإ ْن َي َر ْوا ُك َّل آيَ ٍة ال يُ ْؤ ِمنُوا هِبَا َوإ ْن َي َر ْوا َس بِْي َل ُّ‬
‫َ‬
‫ك بِأَن َُّه ْم َك َّذبُوا بِآيَاتِنَا َو َكانُوا َعْن َها َغافِلِنْي َ ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّخ ُذوهُ َسبِْياَل َذل َ‬ ‫سبِيل الغَي يت ِ‬
‫َ ْ َ ِّ َ‬
‫ال‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل ‪ " : ‬حُيْ َش ُر املتَ َكِّب ُر ْو َن ْأمثَ َ‬ ‫ال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ب عن أَبِي ِه عن ج د ِ‬
‫ِّه قَ َ‬ ‫وع ْن َع ْمر ِو بْ ِن ُش َعْي ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ال َّذ ِّر يف ص و ِر ِّ ِ‬
‫ال لَ هُ‬ ‫اه ْم ال ُّذل م ْن ُك ِّل َم َك ان يُ َس ا ُق ْو َن إىَل س ْج ِن يف َج َهن ْ‬
‫َّم يُ َق ُ‬ ‫الر َج ال َي ْغ َش ُ‬ ‫َُ‬
‫َّس ائِ ّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫بُ ولُس َت ْعلُ و ُهم نَ ار األ ْنيَ ا ِر يُس َقون َِم ْن عُ َ ِ‬
‫ص َارة ْأه ِل النَّار طْينَ ة اخلَب ال "" ‪َ .‬ر َواهُ الن َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ ْ ُ‬
‫ث َح َس ٌن ‪.‬‬‫ال ‪َ :‬ح ِديْ ٌ‬‫ظ لَهُ َوقَ َ‬‫الرت ِم ِذ ْي َواللّ ْف ُ‬
‫َو ْ‬
‫الر َكايَا‬ ‫ِ ِ‬
‫اسَتَقت الب َح ُار م َن ّ‬ ‫إِ َذا ْ‬ ‫لى ْارتَِو ٍاء‬ ‫العطَ ُ ِ‬
‫اش إ َ‬
‫ص ِل ِ‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬مَتى ي ِ‬
‫َ َ‬
‫س األَ َكابُِر في َّ‬
‫الزَوايَا‬ ‫اغَر َع ِن ُمَر ٍاد‬ ‫ومن يث ِن األَص ِ‬
‫َوقَ ْد َجَل َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫الر َف َع ِاء ِمن إح َدى َّ‬
‫الر َزايَا‬ ‫َعَلى ُ‬ ‫ض َع ِاء َي ْوماً‬ ‫َوإِ َّن َتَرفَّ َع ُ‬
‫الو َ‬
‫المَنايَا‬
‫اد َمةُ ُ‬
‫ت ُمَن َ‬
‫قد طَابَ ْ‬
‫فَ ْ‬ ‫َعالِ ْي‬‫َس ِاف ُل واأل َ‬ ‫ت األ َ‬‫اسَتَو ْ‬‫إِ(َذا ْ‬
‫(‬

‫‪84‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت و َخير ِ‬
‫العل ِْم أَْنَف ُعهُ‬ ‫ِ‬
‫آخر ‪ :‬ا ْعلَ ْم ُهديْ َ َ ْ ُ‬
‫ب ِم ْن ال َخَب ِل‬ ‫ض ْر ٌ‬ ‫الهوى َ‬ ‫اع َ‬ ‫اتب َ‬‫أَ ًَّن َ‬ ‫(‬
‫المْي َن َعلى ُ‬ ‫ب َ ِ‬
‫الع َ‬ ‫الح ْم ُد لِ ِله َر ِّ‬
‫َو َ‬
‫إْن َع ِام ِه َوتعالى اهللُ َخْي ُر َولِ ّي‬ ‫(‬
‫اعتِها‬ ‫ِ‬
‫فَ َك ْم َو َك ْم ظَ َّل باأل َْهَو (اء َوطَ َ‬
‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫(‬
‫م ْن َعاق ٍل َجام ٍع للْعل ِْم َو َ‬
‫الع َم ِل‬
‫الهَوا ُن َك َما قَالُوا َ(وقد ُسرقَت‬ ‫ُهَو َ‬
‫الن ُّْو ُن ِمْنهُ فَ َجانِْبهُ َو ُخ ْذ َوِم ِل‬ ‫(‬
‫الر ْح(َم ِن َوالَْز َم َها‬‫اع ِة َّ‬‫َوأَقْبِ ْل َعلى طَ َ‬
‫في َك ِّل ِحْي ٍن َوال تَ ْخلُ ْد إِلَى ال َك َس ِل‬ ‫(‬
‫ف لَهُ أ َْمراً َتَب َار َك ِم ْن‬
‫َوال تُ َخالِ ْ‬
‫ِ‬
‫ب َع ِظْي ٍم َو ِس ْر في أَقَْوم ُّ‬
‫السبُ ِل‬ ‫َر ٍّ‬ ‫(‬
‫اب (ِ‬
‫اهلل ُم ْجَت ِهداً‬ ‫َو ُخ ْذ بِ َما ِفي ِكَت ِ‬
‫ف َواألََم ِل‬ ‫احَت ِر ْز ِم ْن َس ْو َ‬
‫ُم ْش ِّمراً َو ْ‬ ‫(‬
‫َوال ُت َعِّر ْج َعلى َدا ِر الغُ(ُر ْو ِر َودا‬
‫َج ِل‬ ‫الزو ِر والن ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّسَيان لأل َ‬
‫وال ُخلُف َو ُّ ْ َ ْ‬
‫ضْي ِع َفَق ْد‬‫اح َذر مصاحب َة المر ِء(الم ِ‬
‫َو ْ ْ ُ َ َ َ َ ْ ُ‬
‫الزلَ ِل‬ ‫صي ِ‬
‫ان َو َّ‬ ‫صاروا إِلَى َّ ِ‬ ‫(‬
‫الشِّر َوالع ْ َ‬ ‫َُ‬
‫ان ُكلُّهُ ِفَت ٌن‬
‫َصبحوا في َزم ٍ‬
‫َ‬ ‫َوأ ْ َ ُ‬
‫اد َبيِّ ٌن َو َجِل ْي‬
‫اط ٌل َوفَ َس ُ‬ ‫وب ِ‬
‫ََ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪85‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الذي قَد َكا َن يَ ْح َذ ُرهُ‬ ‫الزما ُن ِ‬


‫ُهَو َّ َ‬
‫وم ْن بَ َدلِ ْي‬‫أَئِ َّمة الح ِّق ِمن حب ٍر ِ‬ ‫(‬
‫َ ْ َْ‬
‫الذي اَل َخْي(َر ِف ِيه َواَل‬ ‫الزما ُن ِ‬
‫ُهَو َّ َ‬
‫الج َم ِل‬ ‫ف َنر ُاه َعَلى َّ ِ‬
‫التْفصْي ِل َو ُ‬ ‫ُع ْر ٌ َ‬ ‫(‬
‫الحَر ُام بِِه‬ ‫ِ‬
‫الزَما ُن الذي َع َّم َ‬ ‫ُهَو َّ‬
‫ك َوال َج َد ِل‬ ‫ْم ِم ْن غَْي ِر َما َش ٍّ‬ ‫ُّ‬
‫َوالظل ُ‬ ‫(‬
‫اهلل ُح َّجتُهُ‬‫أَيْن ال ُقرآ ُن ِكَتاب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫الر ُسل‬‫َوأَيْ َن ُسنَّةُ طَ َه َخاتَ ِم ُّ‬ ‫(‬
‫ف‬ ‫اهلل ِم(ن سلَ ٍ‬ ‫وأَيْن ُه ْدي ِرج ِال ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫الع َم ِل‬
‫اله َدى َشأْنُهم في ال َق ْول َو َ‬ ‫َكا َن ُ‬ ‫(‬
‫الح ِّق قَ ْد َذ َهبُوا‬ ‫اله َدى َو َ‬ ‫أَ ُك ُّل أ َْه ِل ُ‬
‫احْبي َف ُق ِل‬ ‫بالموت أَم ستروا يا ص ِ‬ ‫(‬
‫َ ْ ْ ُُ َ َ‬
‫ض ال تَ ْخلُو ِم ْن ( ْقوٍم َي ُق ْوم بِِه ْم‬ ‫َواأل َْر ُ‬
‫احَتِف ِل‬‫اء فَ ْ‬
‫ِ‬
‫أ َْم ُر ا ِإلله َك َما قد َج َ‬
‫ت‬ ‫َس َو(ا ْن َب ُع َد ْ‬ ‫ج اإللَ َه َوال َتْيأ ْ‬ ‫فَ ْار ُ‬
‫مي َن َمِل ْي‬ ‫ب ِ‬
‫العاَل ْ‬
‫إن َر َّ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫َمطَال ٌ‬ ‫(‬
‫الميِ( َن ِغًنى‬ ‫الع َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َوفي اإللَه َملْيك َ‬
‫يء فَال ِز ْم بَابَهُ َو َسِل ْي‬‫عن ُك ِّل َش ٍ‬ ‫(‬
‫َْ‬
‫اث بِِه‬ ‫الم ْسَتغَ ُ‬ ‫ب (ُ‬
‫ُهو ال َق ِريْب ِ‬
‫المجْي ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ود ْي َو ُمتَّ َكِل ْي‬‫قَل حسبِي اهلل م ْعب ِ‬
‫ْ َْ َ َُُ‬ ‫(‬
‫اسأَلهُ َ(خاتِ َم ًة‬ ‫ِ‬
‫َسأَلُهُ َم ْغفَر ًة َو ْ‬
‫َوأ ْ‬
‫الجْبَر لِْل َخَل ِل‬ ‫ِ‬
‫ُح ْسَنى َو َعافَي ًة َو َ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪86‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫لصالِح ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َو َما‬ ‫َوأَ ْن ُيَو ِّفَقنَا ل َّ َ‬
‫ضْي ِه َعنّا َويَ ْحَفظْنَا ِم ْن ال َخطَ ِل‬ ‫ير ِ‬
‫ُْ‬ ‫(‬
‫الم ْخَتا( ِر َسيِّ ِدنَا‬
‫صلّي َعلى ُ‬ ‫َوأَ ْن يُ َ‬
‫ب بِ ُمْن َه ِم ِل‬
‫ت ُس ْح ٌ‬‫ُم َح ِّم ٍد َما بَ َك ْ‬ ‫(‬
‫َّت ُمطََّوقَةٌ‬ ‫الص ْحب َما غَن( ْ‬
‫اآلل َو َّ‬ ‫َو َ‬
‫اجداً َو َخِل ْي‬ ‫توِ‬ ‫َعلى الغُ ِ‬
‫ص ْون فأ ْش َج ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫(‬
‫وجنِّْبنَا مَجِ ْي َع‬ ‫ات حِل ِ‬ ‫ات وو ِّف ْقنَا لِْلعمل يف الباقِي ِ‬ ‫الله َّم ثَبِّت إِمْيَا َننَا ثُب وت اجِل ب ال َّ ِ ِ‬
‫الص ا َات َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫الراس يَ َ َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬
‫َّات يا رفِي ع ال دَّر ِ‬
‫جات بَِرمْح َتِ َ يِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ك ال ْ‬ ‫الطُّرق املُرديَ ات َو َز ْح ِزحنَا َع ْن النّ ار َوأ َْد َخلنَا فَس ْي َح اجلَن َ َ ْ َ َ‬
‫ص ْحبِ ِه أَمْج َعنْي َ ‪.‬‬ ‫ٍ ِِ‬ ‫ِ‬
‫صلّى اهللُ َعلَى حُمَ َّمد َوآله َو َ‬
‫َحيَاءَ َواأل َْم َوات َو َ‬
‫ت األ ْ‬
‫سع ْ‬
‫َو َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬

‫الص ِ‬
‫الة‬ ‫ب عُ َم ُر بن عبد العزيز َرمِح هُ اهللَ إىَل عُ َّمالِ ِه أَ ْن ال يُ َقيَّ َد َم ْس ُج ْو ٌن فَإنَّهُ مَيَْنعُ هُ ِم ْن َّ‬ ‫َو َكتَ َ‬
‫َّاس إِىَل ظُْل ِم ِهم فَا ْذ ُكروا قُ ْدر َة ِ‬
‫اهلل َعلَْي ُك ْم َو َن َف ا َذ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب إىَل عُ َّمالِِه إِ َذا َد َعْت ُك ْم قُ ْد َرتُ ُك ْم َعلى الن ِ‬ ‫َو َكتَ َ‬
‫ت ُح ْج َزةُ َإزا ِر ِه َقْب َل اخلِاَل فَ ِة‬ ‫ما تَ أْتُو َن إِلَْي ِهم وب َق اء ما ي أْيت إِلَْي ُكم ِمن الع َذ ِ‬
‫اب بِ َس بَبِ ِه ْم َو َك انَ ْ‬ ‫ََ َ َ َ ْ ْ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َض اَل َعهُ ِم ْن‬ ‫ت أ ْن َتعُ َّد أ ْ‬ ‫ِ‬
‫ال فلو ش ْئ َ‬ ‫ك احلَ ُ‬ ‫ت تِْل َ‬ ‫اِل ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫غائبَةً يف عُ َكنه م ْن احلَ ِال َفلَ ّما َت َويَّلَ اخل فَة ذَ َهبَ ْ‬
‫ِ‬
‫س لَ َع َد ْدَت َها ‪.‬‬ ‫َغرْيِ َم ٍّ‬
‫ص ار يُ ِنف ُق َها ُك َّل ِح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِد ْينَ ا ٍر فَ َّ‬ ‫ِ‬
‫ت لَ هُ َغلَّةٌ مَخْس نْي َ أَلْ َ‬
‫ني َحىَّت َما بقي لَ هُ‬ ‫لما ُويِل َ اخلالفة َ َ‬ ‫َوك انَ ْ‬
‫ث بِالبي ِ‬
‫ت َحىَّت جَيِ َّ‬ ‫واح ٍد اَل خَي ْلَع ه حىَّت يت ِ‬
‫َغير قَ ِميص ِ‬
‫ف مُثَّ َي ْلبَ ُس هُ‬ ‫َّس َخ َغ َس لَهُ َو َم َك َ َ ْ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫إ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫َّس‬ ‫ُُ َ َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫غ‬ ‫ال قَ ْد َن ز َل يِب أَم ر قَد ش غَلَيِن عْن ُك َّن إىَل ي وِم ِ‬
‫القيَ َام ِة َو َحىَّت َي ْف ُر َ‬ ‫َولَ َّما َويِل َ َخَّيَر َج َوا ِريْ ِه َوقَ َ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ ٌْ َ ْ َ‬
‫ت أَ ْن أ ُْم ِس َك َها َعلى أَ ْن ال‬ ‫َحبَّ ْ‬
‫ِ‬ ‫اب فَمن أحبَّ ِ‬
‫ت مْن ُك ّن عْت َقها أ َْعَت ْقُت َها َو َم ْن أ َ‬ ‫َّاس م َن احل َس ِ َ ْ َ ْ‬
‫الن ِ ِ‬
‫ُ‬
‫يَ ُك ْو َن ِميِّن ْ إلَْي َها َش ٌئ َفبَ َكنْي َ َو ْارَت َف َع بُ َك ُاؤ ُه َّن إِيَاساً ِمْنهُ ‪.‬‬

‫َّام ِم ْن َبنْي ِ يَ َديِْه َو ِم ْن َخ ْل ِف ِه ‪.‬‬


‫ب م ْن قُد ْ‬
‫ص مر ُقو ِع اجلي ِ ِ‬
‫َّاس بَِقمْي ٍ َ ْ ْ َْ‬
‫ِ‬
‫ب الن َ‬ ‫َو َكا َن خَي ْطُ ُ‬
‫قال‬
‫اعةً مثّ َ‬ ‫أس هُ َس َ‬ ‫س َر َ‬ ‫اك َفلَ و لَبِس َ َّ‬ ‫ال لَهُ َر ُج ٌل يَا أ َِمْيَر امل ْؤ ِمنِنْي َ َّ‬
‫ت َفنَك َ‬ ‫إن اهللَ َت َعاىَل قَ ْد أ َْعطَ َ ْ ْ‬ ‫ُ‬
‫َف َق َ‬
‫الع ْف ِو َع ْن امل ْق ِد َر ِة ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ض ُل‬ ‫ٍِ‬
‫صد َعن اجل َدة َوأفْ َ‬
‫أفْضل ال َق ِ‬
‫َُ ْ‬
‫َ‬
‫َن عُ َم َر َما ا ْغتَ َس َل َع ْن ُحلُ ٍم َوال َجنَابَ ٍة ُمْن ُذ َوىَل‬ ‫ك أ َّ‬ ‫اطم ةُ بِْنت َعب ِدامللِ ِ‬ ‫وذَ َك رت زوجتُه فَ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ‬
‫َّاس َو َر ِّد املظامِل إىل أ َْهلِ َها َولَْيلُه يف ِعبَ َاد ِة َربِِّه ‪.‬‬ ‫اخلِاَل فَةَ َن َه ُارهُ يف أَ ْشغَ ِال الن ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫العزيْ ز َرض َي اهللُ َعْن هُ‬ ‫ت َعلى أَمرْي املُ ْؤمننْي َ عُ َم َر بْن َعْب د َ‬ ‫ال َم ْس لَ َمةُ بْ ُن َعْب داملَلك َد َخ ْل ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك ا ْغ ِس لِ ْي‬‫ت َعب ِد امللِ ِ‬
‫ْ‬
‫اطمةَ بِْن ِ‬
‫َ‬
‫الذي مات فِي ِه فَإ َذا علَي ِه قَ ِميص و ِس ٌخ َف ُق ْلت لَِف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أَعوده يف مر ِض ِه ِ‬
‫ُ ُ ُ ََ‬
‫َ‬
‫ص َعلى َحالِ ِه‬ ‫ِ‬
‫لمةُ مُثَّ عُ ْدتُه فَ إ َذا ال َقمْي ُ‬ ‫ت َن ْف َع ُل إ ْن َش اءَ اهللُ قَ َال َم ْس َ‬ ‫ني َف َق الَ ْ‬
‫ِِ‬
‫ص أَمرْيِ املُؤمن َ‬
‫قَ ِمي ِ‬
‫ْ َ‬
‫إن النَّاس يعودونَه َف َق الَت و ِ‬ ‫ِ‬ ‫اطم ةَ أَمَل آم ر ِك أَ ْن َت ْغ ِس لِي قَ ِمي ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َما‬ ‫ْ َ‬ ‫نني فَ َّ َ َ ُ ْ ُ ْ ُ‬ ‫ص أَمري املؤم َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ت يَا فَ َ ْ ُ ُ‬ ‫َف ُق ْل ُ‬
‫ات ‪:‬‬‫لَه قَ ِميص َغيره وكا َن رمِح ه اهلل َكثِ اً ما يتَمثَّل هِب ِذ ِه األَبي ِ‬
‫ُ ْ ٌ ْ ُ ُ َ َ َ ُ ُ رْي َ َ َ ُ َ َْ‬

‫َن َه ُار َك يَا َم ْغ ُر ْو ُر َس ْهٌو َوغَ ْفلَةٌ‬


‫ك اَل ِز ُم‬
‫الر َدى لَ َ‬
‫ك َن ْو ٌم َو َّ‬‫َولَْيلُ َ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪88‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ح بِال ُْمنَى‬ ‫سُّر َك َما َي ْفنَى َوَت ْفَر ُ‬ ‫يَ ُ‬


‫ات ِفي الن َّْوِم َحالِ ُم‬ ‫َكما غَُّر بِاللَّ َذ ِ‬
‫َ‬ ‫(‬
‫ِ‬ ‫ك ِفْي َما َس ْو َ‬
‫ف تَ ْ(كَرهُ غبَّهُ‬ ‫َو ُش ْغلُ َ‬
‫الب َهائِ ُم‬
‫ش َ‬
‫ك في ُّ ِ‬
‫الدْنَيا تَعْي ُ‬ ‫ك َذلِ َ‬ ‫(‬
‫الج ِاهِلْي َن (بَِربِِّه ْم‬
‫ك ف ْع ُل َ‬
‫و ِفعلُ َ ِ‬
‫َ ْ‬
‫ت ظَالِ ُم‬ ‫النْقص ِ‬
‫ان بَ ْل أَنْ َ‬ ‫َو ُع ْمُر َك في ُّ َ‬ ‫(‬
‫الي ْقظَا َن َي ْقظَان َحا ِز ُم‬ ‫ت في َ‬ ‫فَال أَنْ َ‬
‫اج َو َسالِ ُم‬‫ت في النَُّّو ِام نَ ٍ‬ ‫َوال أَنْ َ‬ ‫(‬
‫الدْنَيا َولَ ِك ْن( فَ ُذَّم َها‬
‫فَالَ تَ ْح َم ِد ُّ‬
‫ك ظَالِ ُم‬‫صَيا َن إنَّ َ‬ ‫وال تَ ْكثِ ِر ِ‬
‫الع ْ‬ ‫َ‬ ‫(‬
‫(‬

‫اب العُلَ َم ِاء‬ ‫الطنْي ُ ي أْتُو َنهم َفي ِق ُف و َن َعلى أ َْب و ِ‬


‫َ‬ ‫َ ُْ َ ْ‬
‫الس ِ‬ ‫َو َك ا َن َي ْق ُو ُل ْأد َر ْكنَا العُلَ َم اءَ ‪َ ،‬واأل َُم راءُ َو َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َك ِ‬
‫الي ْو ُم َرأ َْينَا العُلَ َم اءَ َوال ُف َق َه اءَ َوالعُبَّ َاد ُه َم الذيْ َن يَأْتُو َن األ َُم راءَ واألغنيَ اءَ‬‫العبِْي د َحىَّت إذَا َك ا َن َ‬ ‫َ‬
‫احَت َق ُر ْو ُه ْم ‪.‬‬ ‫فلما رأَوا َذلِ َ ِ‬
‫ك مْن ُه ْم ْاز َد َر ْو ُه ْم َو ْ‬ ‫َّ َ ْ‬
‫ك َم َعنَا ‪َ .‬ونُِق َل َعْن هُ أَنَّهُ قَ َال َّ يِن‬ ‫ِ‬ ‫مِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقَالُوا لَوالَ أ َّ ِ‬
‫إن بَ ْ‬ ‫َن الذ ْي بِأَيْد ْينَا َخْي ٌر َّا بِأَيْديْ ِهم َما َف َعلُوا َذل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت العُلَ َم اءُ تَِف ُّر بِ ِديْنِ َها‬ ‫ِ‬ ‫الص و ِ‬ ‫ِ‬
‫اج إىل العُلَ َم اء َو َك انَ ْ‬
‫األم َراءُ حَتْتَ ُ‬‫ت َ‬ ‫اب َك انَ ْ‬ ‫إسَرائْي َل ملا َك انُوا َعلى َّ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫َّاس َتعلَّموا ذَلِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ك الع ْل َم َوأََت ْوا بِه األ َُم راءَ فَ ْ‬
‫اس َت ْغنَ ْ‬ ‫ك َق ْو ٌم م ْن ُرذَالَة الن ِ َ ُ‬ ‫ِمن األ َُمراء َفلَ َّما َرأَى َذل َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صونُ ْو َن‬
‫اجتَ َم َع ال َق ْو ُم َعلى املَْعص يَة فَ َس َقطُوا َوا ْنتَ َك ُس وا ‪َ ،‬ولَ ْو َك ا َن عُلَ َم ُاؤنَا يَ ْ‬ ‫بِه َعن العُلَ َم اء َو ْ‬
‫ت ‪َ :‬ولِ ِله َد ُّر ال َقائِ ِل ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ع ْل َم ُه ْم مَلْ تَزل األ َُمراءُ هَت ابُ ُه ْم ُق ْل ُ‬

‫‪89‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫صاَن ُه ْم‬ ‫صاُن ْوهُ َ‬ ‫َن أ َْه َل العل ِْم َ‬ ‫َولَْو أ َّ‬
‫وس لَ ُعظِّ َما‬
‫النُف ِ‬ ‫َولَْو َعظَّ ُم ْو ُه في ُّ‬ ‫(‬
‫ِ‬
‫سوا‬ ‫َولَك ْن أ ََهاُن ْو ُه َف َهانُوا َو(َدنَّ ُ‬
‫َّما‬ ‫ِ‬ ‫(‬
‫اع َحتَّى تَ َجه َ‬ ‫طم ِ‬‫ُم َحيَّ ُاه با ْال َ‬
‫اب فَإنَّ َما‬ ‫العل ِْم َك( ٍ‬ ‫ْت َزنْ ُد ِ‬ ‫فَإ ْن ُقل َ‬
‫ث لَ ْم تُ ْح َمى ِح َم ُاه َوأَظْلَ َما‬ ‫َكَبى َحْي ُ‬ ‫(‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الهَوى‬ ‫آخر ‪َ :‬ف ُهبُّوا أ َُهْي َل العل ِْم م ْن َر ْق َدة َ‬
‫َوِميلُوا إلَى َن ْه ِج َّ‬
‫الر َش ِاد َو َخالُِف ْوا‬ ‫(‬
‫س ِمن أَ ْكب ِر ِ‬ ‫س َّ‬ ‫النْف ِ‬
‫الع َدا‬ ‫النْف َ( ْ َ‬ ‫إن َّ‬ ‫َهَو َى َّ‬
‫المَتالِ ُ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫اع َ‬ ‫َولل َْعْب ِد ِفْي َها إ ْن أطَ َ‬
‫وحثُّوا مطَايا ِ‬
‫الع ْزم في(طَلب ُ‬
‫العاَل‬ ‫َُ َ َ َ‬
‫ف‬‫السَوالِ ُ‬ ‫الكَر ُام َّ‬ ‫وه ِ‬ ‫ات ْأهلُ ُ‬ ‫َفَق ْد َم َ‬ ‫(‬
‫ت( بِ َم ْوتِِه ْم‬ ‫َونَ ْح ُن إ َذا َماُت ْوا نَ ُم ْو ُ‬
‫ف‬‫إِ َذا لَ ْم يَ ُك ْن ِمنّا َعلى الن َّْه ِج َعا ِر ُ‬ ‫(‬
‫العل ِْم ِمْن ُك ْم بَِعطَْف ٍة‬ ‫ات ِ‬ ‫َحيُوا َمَو َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫ضائِ ُ‬
‫ف‬ ‫الو َ‬ ‫العل ِْم َك ْي تَ ْحَيا بِتِل َ‬ ‫إلى ِ‬ ‫(‬
‫ْك َ‬ ‫َ‬
‫الهَوى‬ ‫ِ‬
‫الحَياة َعلى َ‬ ‫فَاَل َخْيَر ُي ْر َجى في َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬‫صا ِر ُ‬ ‫إِ َذا لَ ْم يَ ُك ْن فْيَنا إلَى العل ِْم َ‬
‫الم ْز َجا ُة ِفْي ِه قَِلْيَلةٌ‬
‫اعُتَنا ُ‬ ‫ضَ‬ ‫بِ َ‬
‫ف‬‫اح ُ‬ ‫وقَ ْد كا َن ِفينا ِجسمه و ْهو نَ ِ‬ ‫(‬
‫َْ ْ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ف يُطَْو(ى ِس ِّجلَهُ‬ ‫َو َع َّما قَِلْي ٍل َس ْو َ‬
‫ف‬‫اب لَهُ َوطََوائِ ُ‬ ‫ب ْأربَ ٌ‬ ‫َوتَ ْذ َه ُ‬ ‫(‬
‫(‬

‫‪90‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت أَْف َو َاه َولَ ِد َك ِم ْن َه َذا‬ ‫ؤمنني إِن َ‬


‫َّك أَْف َق ْر َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َو َد َخ َل َعلَى عُ َم َر َم ْس لَ َمةُ يف َمَرض ه فَق اَ َل يَا أَمْي َر املُ َ‬
‫ال عُ َم ُر‬‫ك َف َق َ‬ ‫ت هِبِ ْم إىَل َو ٍال نَظَ َر إىَل أ َْه ِل َبْيتِ َ‬ ‫ص ْي َ‬ ‫املَال َوَت َر ْكَت ُه ْم َعْيلَ ةً ال َش َئ هَلُ ْم َفلَ ْو أ َْو َ‬
‫ِ‬
‫َسنِ ُد ْويِن ْ ‪.‬‬
‫أْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت أَْف َو َاه َولَ د ْي م ْن َه َذا املَال َف َواهلل َما َمَن ْعُت ُه ْم َحقًّا ُه َو هَلُ ْم َومَلْ‬ ‫ك إِيّنْ أَْف َق ْر ُ‬ ‫ال أ ََّما َق ْولُ َ‬‫مُثَّ قَ َ‬
‫إن َو ِص يِّ ْي َو َويِل ِّ فِْي ِه ْم ﴿ اهللُ ال ذي َن َّز َل‬ ‫ت هِبِ ْم ف َّ‬ ‫ص ْي َ‬ ‫ك لَ ْو أ َْو َ‬ ‫س هلُ ْم ‪َ ،‬وأ ََّما َق ْولُ َ‬ ‫ِِ‬
‫أ ُْعطه ْم َما لَْي َ‬
‫الصاحِلِنْي َ ﴾‬ ‫اب َو ُه َو َيَت َويَّل ّ‬ ‫الكتَ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ب َعلَى املََعاص ْي فَإيِّن مَلْ‬ ‫أح ُد َر ُجلَنْي ِ َّإما َر ُج ٌل َيت َِّق ْي اهللَ َفيَ ْج َع ُل لَهُ خَمَْر ًجا َو ّإما َر ُج ٌل ُم ِك ُّ‬ ‫بَيِن ّ َ‬
‫اصي ‪.‬‬ ‫أَ ُكن أََق ِّوي ِه على املع ِ‬
‫ْ ْ َ ََ‬
‫ال بِن ْف ِس ي ال َفتِي ةُ ِ‬
‫الذيْ َن‬ ‫ت َعْينَ اهُ مُثَّ قَ َ َ ْ َ‬ ‫ض َعة َع َش َر ذَ َك َراً َفنَظَ َر إِلَْي ِه ْم فَ َذ َرفَ ْ‬ ‫ث إِلَْي ِه ْم َو ُه ْم بِ ْ‬
‫مُثَّ َب َع َ‬
‫أي بَيِن ّ إ ّن أَبَا ُك ْم قَ ْد َمَّيَز َبنْي َ ْأم َريْ ِن‬ ‫خِب‬ ‫حِب ِ ِ‬
‫َتَر ْكُت ُه ْم َعْيلَةً ال َش َئ هَلُ ْم فإيِّنْ َ ْمد اهلل قَ ْد َت َر ْكُت ُه ْم َرْي ْ‬
‫َّار أَبُو ُك ْم ‪ ،‬أَو َت ْفتَ ِق ُروا َويَ ْد ُخ ُل أَبُو ُك ْم اجلَنّ ةَ ‪ ،‬فَ َك ا َن أَ ْن َت ْفتَ ِق ُروا‬ ‫َبنْي َ أ ْن تَ ْس َت ْغُن ْوا َويَ ْد َخ ُل الن َ‬
‫ص َم ُك ْم اهللُ ‪.‬‬ ‫وي ْدخل اجلنّةَ أَح َّ ِ ِ‬
‫َّار ُق ْو ُموا َع َ‬‫ب إلَْيه م ْن أ ْن تَ ْسَت ْغنُوا َويَ ْد ُخ ُل الن َ‬ ‫ََ ُ ُ َ َ‬
‫َجلِس ويِن‬ ‫الذي م ات فِي ِ‬ ‫َن عم ر بن عب ِد العزيز لَ َّما َك ا َن يف الي وِم ِ‬ ‫َوذ َك َر ابْ ُن أَيِب ْ ُّ‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫الد ْنيَا أ َّ ُ َ َ ْ َ َْ‬
‫ٍ ِ‬ ‫قال أنَا ِ‬
‫الث َم َّرات َولَك ْن الَ إلهَ إِال اهللُ‬ ‫ت ثَ َ‬ ‫ت َو َن َهْيتَيِن ْ َف َع َ‬
‫ص ْي ُ‬ ‫ص ْر ُ‬ ‫الذ ْي أ ََم ْرتَيِن ْ َف َق َّ‬ ‫فأجلَ ُس وهُ فَ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي‬‫ال إيِّنْ أل ََر َ‬ ‫نني َف َق َ‬‫َّك َلتْنظُ ُر نَظَ راً َش ديْداً يَا أَمْي َر املُؤم َ‬ ‫أح ّد النَّظَ َر َف َق الُوا إن َ‬ ‫مُثّ َرفَ َع َرأْ َس هُ فَ َ‬
‫س واَل ِج ٍن مُثَّ قُبِض رمْح ةُ ِ‬
‫اهلل َعلَْي ِه ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ضَر ًة َما ُه ْم بإنْ ٍ َ‬ ‫َح َ‬
‫الم َكَّرِم‬
‫َوتَ ْد ُعوا لَهُ َب ْعد النبي ُ‬
‫ِ‬
‫ت أَ ْن َت ْرثي فَ ْقيداً من َ‬
‫الو َرى‬ ‫آخر‪ :‬إذا ِشْئ َ‬
‫بالتْف ِهْي ِم لِل ُْمَت َعلِّ َم‬
‫ُيَب ِاد ُر َّ‬ ‫لى َف ْق ِد َعالِ ٍم‬ ‫بك ْ ِ َّ‬
‫ين إال َع َ‬
‫فَال تَ ِ‬
‫ِ‬
‫َّح ُك ِم‬
‫رع ال بالت َ‬ ‫(بأْنَوار ُح ْك ِم ال َش ِ‬ ‫َو َف ْق ِد إِ َم ٍام َعال ٍم قَ َام ُم ْل ُكهُ‬
‫التَق ُدِم‬
‫ت َرايتُهُ في َّ‬ ‫َوقد ُك ِسَر ْ‬ ‫هاد ِه‬
‫اع ص ِاد ٍق في ِج ِ‬
‫(و َف ْقد ُش َج ٍ َ‬
‫ِ‬
‫ؤس ال َف ْق ِر عن ُك ّل ُم ْع ِدِم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليُطْف َئ بُ َ‬ ‫َو َف ْقد َك ِريْ ٍم ال يَ َم ُّل م ْن َ‬
‫العطَا‬

‫‪91‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ظم‬ ‫ب َ ِ‬
‫المْي َن ُم َع ٍ‬
‫الع َ‬ ‫ُمطُْي ٍع لَِر ِّ‬ ‫و َف ْق ِد تَِق ٍي ِ‬
‫زاه ٍد ُمَتَو ّر ٍع‬
‫ت َر ْحلَ َها ُأم قَ ْش َع ِم‬‫ث أَلَْق ْ‬‫إِلى َحْي ُ‬ ‫(َف ُهم َخ ْم َسةٌ ُيْب َكى َعلَْي ِهم َوغَيُ ُ‬
‫ره ْم‬
‫اح ِد‬‫ْف بِو ِ‬ ‫ِش ْعراً‪َ :‬ولَ ْم َأر أ َْمثَ ِال ال ِر َج ِال َتَف ُاوتاً‬
‫لَ َد َى الدِّيْ ِن َحتَّى ُع َّد أَل ٌ َ‬
‫اك بِتوفْ ٍيق ِمن ِ‬
‫اهلل َو ِاف ُد‬ ‫َو َذ َ َ‬ ‫آخر‪َ :‬ت(َفَّر َد بال َْعلَْي ِاء َعن أ َْهل َبْيتِ ِه‬
‫الماء و ِ‬‫لماء و ِ‬ ‫إِ(َذا َش ِرب ْ ِ ِ‬ ‫(َوت َخْتلَ ُ‬
‫احد‬ ‫َ‬ ‫ت باْ َ‬ ‫َ‬ ‫اتها‬
‫شجَر َ‬ ‫مار في َ‬ ‫ف األَثْ ُ‬

‫بعضها على ٍ‬
‫بعض يف األُ َك ْل ﴾ ‪.‬‬ ‫إشارة إىل قول اهلل جل وعاَل ﴿ يسقى مِب اء واح ِد ِ‬
‫ونفضل َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ َ‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال ‪ :‬قَ َال عُم ر بن َعب ِد الع ِزي ِز اِل بنِ ِه َعب ِد املل ِ‬
‫ف‬‫ض َكْي َ‬‫ك َو ُه َو َم ِريْ ٌ‬ ‫َُ ُْ ْ َ ْ ْ ْ‬ ‫ي قَ َ‬ ‫َو َر َوى ُس ْفيَا ُن الث َّْو ِر ّ‬
‫ال لَ هُ ‪:‬‬ ‫أكو َن يف ِمْيَزانِ َ‬
‫ك َف َق َ‬ ‫إيل أ ْن ُ‬ ‫ب َّ‬ ‫أح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جَت ُد َك قَ َال يف املَ ْوت قَ َال ‪ :‬أل ْن ت ُك و َن يف مْي َزايِن ْ َ‬
‫ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫إيل ِم ْن أ ْن يَ ُكو َن َما أ ُِح ُّ‬
‫ب َّ‬ ‫َح ُّ‬
‫بأَ‬ ‫أبت ألَ ْن يَكو َن َما حُتِ ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واهلل يا ِ‬

‫ال اهللُ َج َّل ثَنَ ُاؤهُ ﴿‬ ‫ت يف ُّ‬


‫الد ْنيَا َك َما قَ َ‬ ‫ات ابنُه َعب ُدالْملِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال عُ َمُر يَا بُيَنَّ لََق ْد ُكْن َ‬‫ك قَ َ‬ ‫قْي َل َفلَ َّما َم َ ْ ْ َ‬
‫الي ْو َم ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫ض َل ِز ْينَت َها َوإِيّنْ ألَرجو أ ْن تَ ُك ْو َن َ‬ ‫ت أفْ َ‬ ‫البنُ و َن ِز ْينَ ةُ احلَيَ ِاة ُّ‬
‫الد ْنيَا ﴾ َولََق ْد ُكْن َ‬ ‫املال َو َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫ك ِم ْن َج انِ ٍ‬ ‫اهلل َما َس َّريِن ْ أ ْن َد َع ْوتُ َ‬‫ات اليِت ِهي خي ر ثَواب اً وخي ر أمالً و ِ‬ ‫الص احِل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َْ ٌ َ َ‬ ‫ْ َ َْ ٌ‬ ‫البَاقيَ ات َّ َ‬
‫أجْبتَيِن ْ ‪.‬‬
‫فَ َ‬
‫إيل‬
‫أس َّر َّ‬ ‫ط َ‬ ‫ت قَ ُّ‬‫ك َو َما ُكْن ُ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ك ُمْن ُذ بُ ِّش ْر ُ‬ ‫ت َم ْس ُروراً بِ َ‬ ‫ال ‪َ :‬ما ِزلْ ُ‬ ‫َوملا َد َفنَهُ قَ َام َعلى َقرْبِ ِه َف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫الي ْو َم مُثَّ قَ َال ‪ :‬اللّ ُه َّم اغ ْف ْر ل َعْبد امللك بْ ِن عُ َمَر َول َم ْن ْ‬
‫اسَتغَ َفَر لَهُ ‪.‬‬ ‫ك َ‬ ‫ِمْن َ‬
‫َّاس‬ ‫مَّن‬ ‫َّاس لَ هُ قَ َال ‪ :‬يَا َم ْع َش َر الن ِ‬
‫وم وا َن ُق ْم َوإ ْن َت ْقعُ ُد ْوا َن ْقعُ ْد فَإ َا َي ُق ْو ُم الن ُ‬ ‫َّاس إ ْن َت ُق ُ‬ ‫َولَ َّما قَ َام الن ُ‬
‫َخذ هِبَا حَلَق َو َم ْن َتَر َك َها حُمِ َق ‪.‬‬ ‫ض َو َس َّن ُسَننَاً َم ْن أ َ‬
‫ِ‬
‫ض َفَرائ َ‬ ‫إن اهللَ َفَر َ‬ ‫العالَ ِمنْي َ َّ‬
‫ب َ‬ ‫لَِر ِّ‬

‫‪92‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اجتُهُ ‪َ ،‬ويَ ُدلُّنَا‬ ‫ِ‬ ‫ص َحْبنَا خِب َْ ٍ ِ ِ‬ ‫َو َم ْن أ ََر َاد أَ ْن يَ ْ‬


‫اج ةَ َم ْن ال تَص ُل إلَْينَا َح َ‬ ‫مس يُ ْوص ُل إلَْينَا َح َ‬ ‫ص َحْبنَا َف ْليَ ْ‬
‫إلينَا َوإىَل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْدل إىل َما ال َن ْهتَ د ْي إلَْي ه ‪َ ،‬ويَ ُك و ُن َع ْونَ اً لَنَا على احلَ ِّق ‪َ ،‬ويُ َؤ ِّد ْي األ ََمانَة ْ‬ ‫من َ‬
‫َّاس وال ي ْغتَب َعْن َدنَا أَحداً ‪ ،‬ومن مَل ي ْفعل َفهو يِف حر ٍج ِمن صحبتِنَا والدُّخ ِ‬
‫ول َعلَْينا ‪.‬‬ ‫َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َُ ََ ْ ُ َْ َ ُ‬ ‫الن ِ َ َ ْ‬
‫ك زوج ِة عم ر ب ِن عب ِد العزيز عن ِعب اد ِة عم ر َف َق الَت ‪ :‬و ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َما‬ ‫ْ َ‬ ‫ت َعْب د املَل َ ْ َ ُ َ َ ْ َْ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫ت فَاط َم ةُ بِْن ُ‬ ‫َو ُس ئلَ ْ‬
‫ف لِ ِله ِمْنهُ لَق ْد َك ا َن يَ ْذ ُك ُر‬ ‫اهلل ما رأيت أخو ِ‬ ‫ِ‬
‫أكثر صيَ َاماً َولك ْن َو َ ْ ُ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالًَة َوال َ‬ ‫اس َ‬ ‫َكا َن بأ ْكثَر النّ ِ‬
‫ف َحىَّت نَق ول لُ ْ َِ‬ ‫َّة اخل و ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اهلل يف فِر ِاش ِه َفينَتَ ِف ِ‬
‫اس َوال‬ ‫يص ِبَ َح َّن النّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص ُفو ِر م ْن ش د َ ْ‬ ‫اض العُ ْ‬ ‫ض انْت َف َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫َخلِْي َفةَ هَلُ ْم ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬يا فَ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫اط َمةُ‬ ‫ب َعلى َكتف َها َوقَ َ َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ذات يَوم بَِفاط َمةَ َز ْو َجته فَ َ‬ ‫العزيز َ‬ ‫ال ‪َ :‬و َمَّر عُ َمُر بْ ُن َعْبد َ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ‬
‫فأد َبَر‬‫الي ْو َم ‪ْ .‬‬ ‫ك َ‬ ‫ك أَقْ َد َر ِمْن َ‬ ‫ت َعلى َذل َ‬ ‫ِ‬
‫ت ‪َ :‬واهلل َما ُكْن َ‬ ‫الي ْو َم ؟ فَقالَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لنَ ْح ُن ليَايِل ْ َداب َق أَْن َع ُم منَا َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ول ‪ :‬يا فَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْي ُ‬ ‫اف إ ْن َع َ‬ ‫أخ ُ‬ ‫َّار يَا فَاط َم ةُ ﴿ إيِّنْ َ‬ ‫اف الن َ‬ ‫اط َم ةُ إيَّنْ أَخ ُ‬ ‫عن ْها َولَ هُ َحننْيٌ َو ُه َو َي ُق ُ َ‬ ‫َ‬
‫اب َي ْوٍم َع ِظْي ٍم ﴾ ‪.‬‬ ‫َريِّب َع َذ َ‬
‫ذات لَْيلَ ٍة‬‫هن َ‬ ‫هن فَ َد َخ َل َعلَْي َّ‬ ‫العتَ َم ةَ مُثَّ يَ ْد ُخ ُل َعلَى َبنَاتِ ِه َفيُ َس لِّ ُم َعلَْي َّ‬
‫ص لِّي َ‬ ‫ال ‪َ :‬و َك ا َن عُ َم ُر يُ َ‬ ‫قَ َ‬
‫حاض نَ ِة ‪َ :‬ما َش أْنُ ُه َّن ؟‬ ‫قال لِْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب فَ َ‬ ‫ض ْع َن أيْ د َي ُه َّن َعلى أ ْف َواه ِه َّن مثَّ َتبَ َاد ْر َن البَ َ‬ ‫أح َس ْس نَهُ َو َ‬ ‫لما ْ‬ ‫فَ َّ‬
‫ك ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٌل فَ َك ِر ْه َن أَ ْن تَ ُش َّم َذل َ‬ ‫س َوبَ َ‬ ‫ت ‪ :‬إنّ هُ مَلْ يَ ُك ْن عْن َد ُه َّن َش ٌئ َيَت َع َّش ْينَهُ إاْل َع َد ٌ‬ ‫قَ الَ ْ‬
‫شن األلَ وا َن َويُ ْؤ َم ُر بِ أَبِْي ُك َّن إىَل‬ ‫يِت‬
‫ال هَلُ َّن يَا َبنَ ا ْ َما َيْن َفعُ ُك َّن أ ْن تَعيَ َ‬ ‫أَْف َو ِاه ِه َّن ‪َ .‬فبَ َكى عُ َم ُر مُثَّ قَ َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫صَر َ‬‫أص َوا ُت ُه َّن مُثَّ أنْ َ‬
‫ت ْ‬ ‫ْني َحىَّت َعلَ ْ‬ ‫النَّا ِر قَ َال ‪َ :‬فبَك َ‬

‫الت هَلَا ِاج ْل ِس ْي‬ ‫ِ‬


‫الت ‪ :‬إيَّنْ أُِريْ ُد َكاَل َم أَم ِري املُؤم َ‬
‫نني قَ ْ‬
‫ِ‬
‫ت َع َّمةٌ لَه إىَل فَاط َم ةَ ْامَرأته َف َق ْ‬ ‫َو َج اءَ ْ‬
‫أخ َذ‬ ‫ت فإذا بِغُ ٍ‬
‫الم قَ ْد أتَى فَ َ‬ ‫غ فَ َجلَ َس ْ‬ ‫َحىَّت َي ْف ُر َ‬

‫‪93‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ب‬ ‫ت تُريدينَه ف اآلن فَإنه إ َذا َك ا َن يف ح وائِ ِج ِ‬ ‫اطم ةُ ‪ :‬إ ْن ُكْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َّامة َكتَ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫س َراجاً ‪َ .‬ف َق الَت هلَا فَ َ‬
‫اج ِة َن ْف ِس ِه َد َعا بِ ِسَر ِاج ِه ‪.‬‬
‫ص َار إىَل َح َ‬ ‫َّم ِع َوإذا َ‬‫َعلى الش ْ‬
‫ت يَا أ َِم ِري‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫اص َو َش ٌئ م ْن م ْل ٍح َو َزيْت َو ُه َو َيَت َعشَّى َف َق الَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَْيه فَإ َذا َبنْي َ يَ َديْه أ ْقَر ٌ‬
‫ت فَ َد َخلَ ْ‬
‫َف َق َام ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ؤم نني أََتيت حِل اج ٍة يِل مثَّ رأَيت أ ْن أب َدأ بِ ك َقب ل ح ِ‬
‫اجيِت ْ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫َوما ذَ َاك يَا َع َّمةُ ؟ قَ الَ ْ‬‫ال ‪َ :‬‬ ‫املُ َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫لَو اخَّت ْذت لَك طَعاماً أَلْ ِمن هذا ؟ قَ َال ‪ :‬لَي ِ ِ‬
‫س عْند ْي يَا َع َّمةُ َولَ ْو َكا َن عْند ْي لََف َع ْل ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ نَيَ ْ َ‬
‫ِِ‬ ‫ت ‪ :‬يَا أ َِمْيَر امل ْؤ ِمنِنْي َ َك ا َن َع ُّم َ‬
‫الولَْي ُد‬
‫أخ ْو َك َ‬ ‫ك َعْب ُد الَ َمل ك جُيْ ِر ْي َعلَ َّي َك َذا َو َك َذا مُثَّ َك ا َن َ‬ ‫ُ‬
‫قَالَ ْ‬
‫ِ‬
‫إن َع ِّم ْي َعبد‬ ‫ال ‪ :‬يَا َع َّمةُ َّ‬ ‫ت َف َقطَ ْعتَ هُ َعيّن ْ قَ َ‬ ‫ت أنْ َ‬ ‫وك ُس ْليَ َما ُن َف َز َاديِن ْ مُثَّ َولْي َ‬ ‫أخ َ‬ ‫َفَز َاديِن ْ مُثَّ َكا َن ْ‬
‫َخ ْي ُس ْليَ َما ُن َكانُوا يُ ْعطُْونَك ِم ْن َم ِال امل ْسلِ ِمنْي َ ‪.‬‬ ‫أخي الولِي ِد وأ ِ‬ ‫كو ِ‬ ‫امللِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت األم ِو ِ ِ‬ ‫اص ِمن البي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ين‬
‫ي بع ْش ْر َ‬ ‫َ ّ‬ ‫الع ِ َ َ ْ‬ ‫َو َك ا َن ُس لَْي َما ُن بْ ُن َعْب د املَل ك قَ ْد أ ََم َر ل َعْنبَ َس ةَ بْ ِن َس عد ب ِن َ‬
‫ت املعاملةُ يف ال ّدوا ِوي ِن حىَّت ا ْنتَ ْ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض َها يِف‬
‫فتو َ‬‫لم َيْب َق إاّل َقْب ُ ُ‬ ‫هت إىل د ْي َوان اخلَْت ِم فَ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ألْف د ْينَا ٍر فَ َد َار ْ َُ َ‬
‫ض َها ‪.‬‬ ‫ُسلَْي َما ُن َقْب َل أ ْن يَقبِ َ‬
‫ب ِم ْن عُ َم َر َما َأمر لَهُ بِ ِه ُس ْلي َما ُن َف َو َج َد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ِزيْ ِز َفغَ َدا يَطْلُ ُ‬ ‫ص ديقاً لعُ َم َر بْ ِن َعْب د َ‬ ‫َوكا َن َعْنبَ َس ةُ َ‬
‫الع ِزيْ ِز يُِريْ ُد َو َن ا ِإل ْذ َن َع ْلي ِه لِيُ َكلِّ ُم وهُ يف أ ُُم ْو ِر ِه ْم فلَ َّما رأو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْوراً بِبَاب عُ َمَر بْ ِن َعْب د َ‬ ‫بيِن ْ أُميّة ُح ُ‬
‫ص ِديْ َق عُ َمر َعْنبَ َسةَ قَالُوا ‪َ :‬نْنتَ ِظر َماذا َي ْع َم ُل َم َعهُ َقْب َل أ ْن نُ َكلِّ َمهُ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ال لَ ه ‪ :‬يا أَم ري امل ْؤ ِمنِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫نني ُس لَْي َما ُن ك ا َن ق ْد أ ََم َر يِل ْ‬
‫إن أَم َري الْ ُمؤم َ‬ ‫فَ َد َخ َل َعْنبَ َس ةُ َعلَْي ه َف َق َ ُ َ َ ُ نْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ويف َقْب َل أ ْن‬ ‫ض َها َفتُ َ‬ ‫ت إىَل د ْي َو ِان اخلَْت ِم َومَلْ َيْب َق إال أ ْن أقْبِ َ‬ ‫بع ْش ِريْ َن أَلْ ف د ْينَ ا ٍر َحىَّت َو َ‬
‫ص لَ ْ‬
‫ِ‬
‫نني ْأوىَل‬
‫ض َها وأمريُ املُْؤم َ‬ ‫أقْبِ َ‬

‫‪94‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ان بَْينِي َوبَْيَن أَ ِم ري ْال ُم ْؤمِِن َ‬


‫ني‬ ‫ِباسِْتتَْمامِ الصَِّنيعَِة ِعنْ ِدي َو َم ا َبيِْني َوَبيَْن ُه َأعَْظُم مَِّما َك َ‬
‫ان ‪.‬‬‫ُسَلْيَم ُ‬
‫ف ِدينَ ارِ ‪ .‬قَ َال ُع َم ُر ‪:‬‬ ‫ك ؟ قَ َال ‪ُ :‬عشُْرونَ َأْل ِ‬ ‫ال َل ُه ُع َم ُر ‪َ :‬كْم َذِل َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ني َوَأْدَفُع َه ا ِإلى َر ُج ٍل‬ ‫ت مِْن ْالُمس ِْلِم َ‬ ‫الف َبيْ ٍ‬ ‫ف ِدينَ ارٍ ُتغِْني َأْربَ َع َة آ ِ‬ ‫ِعش ُْرونَ َأْل ِ‬
‫يل ‪.‬‬ ‫ك ِمْن سَِب ٍ‬ ‫اهلل مَا ِلي إِلى َذِل َ‬ ‫احٍد َو ِ‬ ‫َو ِ‬
‫ك َأنْ‬ ‫ال ُعَمُر ‪ :‬ال عََليْ َ‬ ‫ك ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫الذي ِفيهِ الصَّ ُّ‬ ‫اب ِ‬ ‫سُة ‪َ :‬فَرمَْيتُ ِبْالكَِت ِ‬ ‫ال عَْنبَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ك بِ ِه ‪.‬‬ ‫مر َل َ‬ ‫ك َفَلَعَّلُه َأنْ َي ْأتِي مَْن ُه َو َأ ْج َرأُ عَلَى َه َذا ْال َم الِ ِمنِّي َفيَ أْ َ‬ ‫َيكُ ونَ َمعَ َ‬
‫س َبعْ َد‬ ‫ك َف َق الَوا ‪َ :‬ليْ َ‬ ‫ان مِْن َذِل َ‬ ‫َعَلْمُتهم مَ ا َك َ‬ ‫َفَأَخْذتُ ُه َو َخ َرْجتُ ِإلى َبنِي أَُميََّة َوأ ْ‬
‫اسأَْلُه َأنْ َيأَْذنَ َلَنا ِفي ْالبُْلَدانِ ‪.‬‬ ‫َيءٌ ْارِجْع إَِلْيِه َف ْ‬ ‫َهَذا ش ْ‬
‫ك أَْن‬ ‫ون َ‬
‫اب َيسْأَُل َ‬ ‫ك ِبْالبَ ِ‬ ‫ني إَِّن َقْومَ َ‬ ‫ت ‪ :‬يَ ا َأمِ َري ْال ُم ْؤِمنِ َ‬ ‫َف َرَجعْتُ ِإَليْ ِه َفُقْل ُ‬
‫اهلل مَ ا َه َذا الْ َم الُ‬ ‫ال ُع َم ُر ‪َ :‬و ِ‬ ‫ك ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫جِري عََليِْهْم مِْن َقْبِل َ‬ ‫ان يَ ْ‬‫جِري عََليِْهْم مَا َك َ‬ ‫ُت ْ‬
‫يل ‪.‬‬‫ك ِمْن سَِب ٍ‬ ‫ِلي َومَا ِلي إِلى َذِل َ‬
‫ال‬
‫ك أَْن تَْأَذَن َلُهْم َيضِْربُوا ِفي ْالبُْلَدانِ ‪ .‬قَ َ‬ ‫ون َ‬
‫سأَُل َ‬
‫ني َفَي ْ‬
‫ُقْلتُ ‪َ :‬يا أَمَِري الُْمْؤمِِن َ‬
‫ت أَْيضًا‬ ‫ال ‪َ :‬وأَنْ َ‬ ‫ت َلُهْم ‪ُ .‬قْلتُ ‪َ :‬وَأنَ ا أَيْضًا ؟ قَ َ‬ ‫‪َ :‬م ا شَاءوا َذِل َك َلُهْم َوَق ْد َأِذن ْ ُ‬
‫يع تَِر َك ِة‬
‫ك َر ُج ٌل َكثِ ُري النَّقْ ِد َوَأنَ ا أَِب ُ‬ ‫يم َفِإَّن َ‬ ‫ك َأنْ ُتقِ َ‬ ‫ك َوَلكِِّني َأرَى َل َ‬ ‫َق ْد َأِذْنتُ َل َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ك ِفي ِرْبح ِِه ِعَوضٌ ِمَّما َفَات َ‬ ‫ون َل َ‬ ‫شتَِري مِْنَها مَا َيكُ ُ‬ ‫ك َت ْ‬ ‫ان َفَلَعَّل َ‬
‫ُسَلْيَم َ‬
‫ت بِ َه ا إِلى‬ ‫خ َرْج ُ‬ ‫ف َف َ‬‫ان بَِمائَ ِة أَْل ٍ‬ ‫ت مِْن َتِر َك ِة سَُلْيَم َ‬ ‫قَ َال ‪َ :‬ف أََقْمتُ َفاشْتََريْ ُ‬
‫يد ُ‬
‫بن‬ ‫ك َفَلَّما ُت ُوِّفيَ ُع َم ُر َوَوِليَ َيِز ُ‬ ‫ار َوَحَبسْت الصَّ َّ‬ ‫ف دِينَ ٍ‬ ‫ْالعَِراقِ َفِبعُْتَها بَِمائََتيْ أَْل ِ‬
‫ان َفأَْنفََذ ِلي َما َكانَ ِفِيه ‪.‬‬ ‫اب ُسَلْيَم َ‬ ‫ك أََتيُْته بِِكتَ ِ‬ ‫َعبِْد الَْمِل ِ‬
‫الرِعيَِّة ِفي ضَْوِء السَِّر ِ‬
‫اج‬ ‫ال َّ‬ ‫يز يَْنُظُر َلْيالً ِفي أَْحَو ِ‬ ‫بن عَْبِد ْالعَِز ِ‬‫َوَكانَ ُعَمُر ُ‬
‫ال ُعَمُر ِلْلُغالمِ ‪:‬‬ ‫حَّدثَُه ِفي شَْأنٍ َخاصٍّ ِبعَُمَر َف َق َ‬ ‫الم َلُه َف َ‬ ‫اء غُ ٌ‬ ‫جَ‬ ‫َف َ‬

‫‪95‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ني َوال‬ ‫ال الُْمس ِْلِم َ‬ ‫الدهَْن ِمْن بَْيتِ َم ِ‬ ‫اج بَْيتِ ْال َم الِ ُثَّم َح ِّدثِْني َألنَّ ُّ‬ ‫أطِْفئْ س َِر َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫سِلِم َ‬ ‫ال الُْم ْ‬ ‫استِْعمَاُله ِإال ِفي أَْشغَ ِ‬ ‫وز ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫َي ُ‬
‫يز يَْقسُِم تَُّفاحَ ْالفِيء‬ ‫بن َعبْ ِد ْالعَِز ِ‬‫ي عَْن َأبِِيه قَ َال ‪َ :‬ك انَ ُع َم ُر ُ‬ ‫َو َعْن ْالفِْهِر ٌّ‬
‫ت إِلى‬ ‫اوَل ابْنُ ُه تَُّفاحَ ةً َفْانتََزعَ َه ا مِْن ُه ُع َم ُر َوَأْو َج َع َفَّمُه َفسَعَى ِإلى أُمِِّه َفَأْرسََل ْ‬ ‫َفَتنَ َ‬
‫ت َلُه تَُّفاحًا ‪.‬‬ ‫اشتََر ْ‬
‫السوقِ َو ْ‬ ‫ُّ‬
‫ال ِلَزْوَجتِ ِه َفاطِ َم ُة ‪َ :‬ه ْل ِفي الَْبيْ ِ‬
‫ت‬ ‫يح التُّفَ احِ َف َق َ‬ ‫َفَلَّما َر َج َع ُع َم ُر َو َج َد ِر َ‬
‫اهلل َل َق ْد انْتََزعَْت ُه ا‬
‫ال ‪َ :‬و ِ‬ ‫ت عََليْ ِه الِْقصََّة َف َق َ‬ ‫ِيء ؟ قَالَتْ ‪ :‬ال َوَقصَّ ْ‬ ‫شَيء ِمْن هََذا ْالف ِ‬
‫ٌْ‬
‫اح ٍة ِمْن‬ ‫يع نَْفسِي بُِتفَّ َ‬ ‫ت أَْن أُضِ َ‬ ‫ِمْن ابْنِي َو َكأََّن َم ا انْتََزعُْت َه ا ِمْن َقْلِبي َوَلِكْن َك ِرهْ ُ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫سِلِم َ‬ ‫ف ِ‬
‫ِيء الُْم ْ‬
‫يم َفَوَف َد عََليْ ِه َق ْوم‬ ‫ط َعِظ ٌ‬ ‫حٌ‬ ‫يز َق ْ‬‫ان ِفي َزَمِن عَُمر بن َعبِْد الَْعِز ِ‬ ‫َوُذِكَر َأنَُّه َك َ‬
‫خَطِابِه ‪.‬‬ ‫ال ِل ِ‬‫اروا ِمنُْهْم َرُج ً‬ ‫اختَ ُ‬
‫ب َف ْ‬ ‫ِمن الَْعَر ِ‬
‫يم ٍة َوَق ْد‬ ‫ورةٍ َعِظ َ‬‫ني إَِّنا أَتَْينَ اكَ مِْن ضَُر َ‬ ‫الر ُج ُل ‪َ :‬ي ا َأمِ َري الْ ُم ْؤِمن ِ َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ال َذِل َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ت الَْمالِ ‪.‬‬ ‫احتَُنا ِفي َبيْ ِ‬ ‫ادنَا ِلِفقِْد الطََّعِام َوَر َ‬ ‫سِ‬ ‫سْتُجُلودَُنا عَلَى َأْج َ‬ ‫َيبِ َ‬
‫هلل ‪ .‬أَْو ِلعِبادِ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫سام ‪ .‬إَِّما أَْن يَُكونَ ِ‬ ‫الثِة أَْق َ‬ ‫خُلو ِمْن ثَ َ‬ ‫ال ال يَ ْ‬ ‫َوهََذا ْالَم ُ‬
‫َ‬
‫ان ِلعِبادِ ِ‬
‫اهلل فَآتِِهْم إَِّياهُ ‪.‬‬ ‫اهلل غَِنيٌّ َعنُْه َوإِنْ َك َ َ‬ ‫هلل َفِإَّن َ‬ ‫ان ِ‬ ‫ك َفِإْن َك َ‬ ‫َأْو َل َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫جِزي ْالُمَتصَِّدِق َ‬ ‫ك َفَتصََّدقَ ِبِه عََليَْنا إَِّن َ‬
‫اهلل يَ ْ‬ ‫َوِإنْ َكانَ َل َ‬
‫ال ‪ :‬هُ َو َك َم ا َذ َك ْر َ‬
‫ت‬ ‫يز ِبالدُُّموعِ َوقَ َ‬ ‫بن عَْب ِد الَْعِز ِ‬ ‫ت عَْينَ ا عُ َم َر ِ‬ ‫َفتََغْر َغ َر ْ‬
‫ت الَْمالِ ‪.‬‬ ‫ت مِْن َبيْ ِ‬ ‫ضيَ ْ‬ ‫حَوائِِجِهْم َفقُ ِ‬ ‫َوَأمََر بِ َ‬
‫ح ر َك َم ا َأْوصَْلتَ‬ ‫ال َل ُه ُع َم ُر ‪ :‬أَُّي َها الِإنْسَانُ ْال ُ‬ ‫خرُوجِ ‪ .‬فَ َق َ‬ ‫َفهََّم الأَْعَرابُِّي بِْال ُ‬
‫اجتِي إِلى ِ‬
‫اهلل‬ ‫المي َوْارَف ع َح َ‬ ‫المُهْم َفَأْوصِْل َك ِ‬ ‫اهلل َوَأسَْمْعتَِني َك َ‬ ‫ِإَليَّ َح َوائَِج ِعب ادِ ِ‬
‫َ‬
‫ت َعَاىل ‪.‬‬
‫اصنَْع مََع عَُمَر ِ‬
‫بن‬ ‫ال ‪ :‬إَِلِهي ْ‬ ‫اء ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫السَم ِ‬
‫حَّوَل األَعَْرابِيُّ َوْجهَهُ ِقبََل َّ‬ ‫َف َ‬

‫‪96‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يم َف أَْمَطَر‬ ‫ادكَ َفَما اْستََتّم الأَ ْع َرابُِّي َكالمَ ُه َحتَّى ْارتَ َف َع َغ ٌ‬ ‫صنِيع َِه ِفي ِعبَ ِ‬ ‫يز َك َ‬ ‫َعبِْد الَْعِز ِ‬
‫يرا ‪.‬‬ ‫َمَطًرا غَِز ً‬
‫ازنً ا ِلبَي ْتِ ْال َم الِ َو َك انَ ِلُع َم َر‬ ‫ان َخ ِ‬ ‫الم َو َك َ‬ ‫يز غُ ٌ‬ ‫بن َعبْ ِد ْالعَِز ِ‬ ‫َو َك انَ ِلُع َم َر ُ‬
‫الرِعيََّة َوَبنَ ُاتُهْم َيُلْمنََن ا َويَُقْلَن‬‫اء َّ‬ ‫يد َونِسَ ُ‬ ‫جئَْن ُه يَ ْوَم عََرَف ًة َوُقْلَن َل ُه ‪َ :‬غ ًدا الِْع ُ‬ ‫ات َف ِ‬‫َبنَ ٌ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ات أَِمِري الُْمْؤمِِن َ‬ ‫‪َ :‬أنُْتَّن بََن ُ‬
‫اق صَْدُر‬ ‫اب تَْلبَسَْنَها َوبََكيَْن ِعنْ َدُه َفضَ َ‬ ‫ات ال أََق َّل ِمْن ثَِي ِ‬ ‫اكَّن عَِريَ َان ٍ‬ ‫َوَن َر ُ‬
‫احٍد ‪.‬‬‫شْهٍر َو ِ‬ ‫اهَرِتي ِل َ‬ ‫شَ‬ ‫ال لَهُ ‪ :‬أَْعِطنِي مُ َ‬ ‫خازَِن َوقَ َ‬ ‫المُه الْ َ‬
‫ُعَمَر َفَدَعا غُ َ‬
‫ني تََأ ْخ ُذ ُْالُمشَاهََرةِ ِمْن بَْيتِ ْال َم الِ سََلفًا‬ ‫ازنُ ‪َ :‬ي ا َأمِ َري الْ ُمْؤِمنِ َ‬ ‫خ ِ‬‫ال الْ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫حيََّر عَُمُر ‪.‬‬ ‫اهَرَة شَْهٍر َفتَ َ‬ ‫شَ‬ ‫ك ُعْمَر شَْهٍر َفتَْأُخُذ مُ َ‬ ‫َأتَُظَّن َأنَّ َل َ‬
‫ت إِلى بََناتِ ِه‬ ‫يك ‪ .‬ثَُّم الَْتفَ َ‬ ‫اهلل ِف َ‬ ‫اركَ ُ‬ ‫ال ‪ :‬نِعَْم َم ا ُقْلتَ َأيُّ َه ا الُْغالمُ َب َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫شَّقٍة ‪.‬‬‫جنََّة ال َيْدُخُلَها َأَحٌد إِال ِبَم َ‬ ‫ال ‪َ :‬أْكِظْمَن َشَهَواتِكَُّن َفِإَّن الْ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ب َيْومً ا‬ ‫ت أَضِْر ُ‬ ‫ال ‪ُ :‬كنْ ُ‬ ‫ك قَ َ‬ ‫ان سََببَ َتْوبَِت َ‬ ‫يز مَا َك َ‬ ‫بن عَْبِد ْالعَِز ِ‬ ‫ُسئَِل ُعَمُر ُ‬
‫الم ِفي‬ ‫ك ْالكَ ُ‬ ‫يحتَُها ْالقَِي َام َة َفعَ ِم َل َذِل َ‬‫اللْيَلَة َّالتِي تَُكونُ صَِب َ‬ ‫ال ِلي ‪ْ :‬اذكُْر َّ‬ ‫ُغالمًا َف َق َ‬
‫َقْلبِي ‪.‬‬
‫اسٌر َقائٌِم عَلَى‬ ‫اف َح ِ‬ ‫يد ِفي عََرَفات َوهَُو َح ٍ‬ ‫الرشِ َ‬
‫ون َّ‬ ‫َرأَى بَْعضُ الأََكِابر َهارُ َ‬
‫ارةِ ‪.‬‬‫حِ‬ ‫اء ْال َ‬‫الرْمضَ ِ‬‫َّ‬
‫الذي َدأْب ِي ُك َّل يَ ْوم‬ ‫ت أَْنتَوَأنَ ا َأنَ ا ِ‬ ‫ول ‪ :‬إَِلِهي َأنْ َ‬ ‫َوَقْد َرَفَع َيَدْيِه َوهَُو َيقُ ُ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ك َأنْ تَُعودَ ِإَليَّ ِبَرْحَمِت َ‬ ‫ك َوَدْأبُ َ‬ ‫صيَِان َ‬
‫ود إِلى عِ ْ‬ ‫َأعُ ُ‬
‫ي َجَّبارِ‬ ‫ار الأَْرضِ َبيَْن يَ َد ْ‬ ‫ض الُْكبَ َراءِ ‪ :‬انْ ُظ ُروا ِإلى َتضَُّرعِ َجبَّ ِ‬ ‫ال َبعْ ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫اء ‪.‬‬ ‫السَم ِ‬
‫َّ‬
‫ال َلُه َأبُو َحازٍِم ‪ :‬إَِذا‬ ‫يز َيْومًا َأبَا َحازٍِم الَْمْوعَِظَة َف َق َ‬ ‫بن َعبِْد الَْعِز ِ‬ ‫سََأَل عَُمُر ُ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫حتَ َرْأسِ َ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫ت َفضِْع الَْمْو َ‬ ‫ِنْم َ‬

‫‪97‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َو ُك ُّل َم ا أَْحبَْبتَ َأنْ َيأِْتيكَ ْال َم ْو ُ‬


‫ت َوأَْنتَ َعَلْي ِه ُمصُِّر َفَأْلَز ْم ُه َو ُك ُّل مَ ا ال‬
‫ُتِر ُ‬
‫يد‬

‫‪98‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك َقِريبًا ‪.‬‬ ‫ت ِمنْ َ‬ ‫اجتَِنبُْه َفُربََّما َكانَ ْالَمْو ُ‬ ‫ت عََليِْه َف ْ‬ ‫ت َوَأنْ َ‬ ‫َأنْ َيأِْتيكَ ْالَمْو ُ‬
‫حكَ َاي َة َنصْبَ َعيَْنيْ ِه َوأَْن يَْقبَ َل‬ ‫جعَ َل هَ ِذِه الْ ِ‬ ‫الية أَْن يَ ْ‬‫ب الِْو ِ‬ ‫َفَينَْبغِي ِلصَاحِ ِ‬
‫ظ ِبَها غَْيُرُه ‪.‬‬ ‫ظ َّالتِي ُوعِ َ‬ ‫ْالَمَواعِ َ‬
‫الدْنيَا َزاهِ ًدا ِفيهَ ا عَلَى‬ ‫اء ُّ‬ ‫س مِْن ُعَل َم ِ‬ ‫ال بَِعْل ِم ِه َلْي َ‬
‫َفُكَّل َم ا َرأَى عَِال ًم ا َع ِام ً‬
‫ف الصَِّالِح َسأََلُه َأنْ َيعَِظُه ‪.‬‬ ‫َطِرَيقِة السََّل ِ‬
‫ظ َوال َيغُ روهُْم َوال‬ ‫وك بِِمثْ ِل هَ ِذِه الَْمَواعِ ِ‬ ‫َوَينَْبغِي ِلْلُعَلمَاِء أَنْ َيعِ ُظ وا ْالُمُل َ‬
‫اركٌ َلُهْم ‪.‬‬ ‫شِ‬ ‫حِّق َوُكُّل ِمْن غََّرهُْم َفُهَو مُ َ‬ ‫َيَّدِخُروا عَْنُهْم َكِلَمَة ْال َ‬
‫إيل الرش يد‬ ‫ال ‪ :‬أرسل َّ‬ ‫وعن الفضل بن الربيع ح اجب ه ارون الرش يد قَ َ‬
‫ت بني يديه ضبارة سيوف وأنوع‬ ‫وجْد ُ‬‫دخلت عليه َ‬ ‫ُ‬ ‫فحضرت إليه فلما‬‫ُ‬ ‫ذات ليلة‬‫َ‬
‫من آالت العذاب ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬عََليَّ ِب َه َذا‬ ‫ك َيا أمري املؤم نني ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ال ‪ :‬يا فضل ‪َ .‬فقُْلتُ ‪َ :‬لَّبيْ َ‬ ‫ف َق َ‬
‫ضبٌ الساعةَ الساعةَ ‪.‬‬ ‫جازِي يعين الشافعي رضي اهلل عنه وهو ُمغْ َ‬ ‫حَ‬ ‫ْال ِ‬
‫حَّبتِي للش افعي لفص احته‬ ‫فخ رجتُ ويب مِن الغم واحلزن ما ال ُيوصَف ِلَم َ‬
‫ت إلى بابه ‪.‬‬ ‫فجئ ُ‬
‫وبراعته وبالغته وعقله ْ‬
‫صِّلي َف َوَقْفتُ حتى َف ِرغَ‬ ‫حَنَح َفَعِلْمتُ َأنَّهُ يُ َ‬ ‫ت مَن َدقَّ عليه البابَ َفتَن َ ْ‬ ‫فأمَْر ُ‬
‫ت عليه ‪.‬‬ ‫سَّلْم ُ‬
‫صالتِِه َوَفَتَح البابَ َف َ‬ ‫ِمْن َ‬
‫اع ًة َو َج َّدَد ْالُوضُ َ‬
‫وء‬ ‫ال ‪ :‬سَْمًعا َوطَ َ‬ ‫ني ‪ .‬ف َق َ‬‫ت َل ُه ‪ :‬أَِجبْ أَ ِم َري الْ ُم ْؤمِِن َ‬ ‫وقل ُ‬‫ْ‬
‫ت ‪ :‬يَ ا أَبَ ا عَْب ِد ِ‬
‫اهلل‬ ‫ج َيْمشِي َفِمْن شَفََقتِي عََليْ ِه ُقْل ُ‬ ‫َوْارَت دَى َوَر َك َع َرَكعَْتيِْن َو َخ َر َ‬
‫يح بَْينََما أَسَْتأِْذنُ ‪.‬‬ ‫ستَِر َ‬
‫ف ِلَت ْ‬‫ِق ْ‬
‫َف َدَخْلتُ َعلى أمري املؤمنني فإذا ُه َو على َحاِل ِه ِفي َغضَبِِه َفَلَّما رَآِني قَ َال‬
‫جازِي ؟‬ ‫حَ‬ ‫ْال ِ‬ ‫‪َ :‬أيَْن‬
‫الدُخ ِ‬
‫ول‬ ‫جْئتُ ِإلَي ْ ِه َوأََمْرُت ُه بِ ُّ‬ ‫ول ‪َ .‬ف ِ‬ ‫ال ‪ :‬مُ ْرُه ِبالدُُّخ ِ‬ ‫الستِْر ‪َ .‬ف َق َ‬
‫ُقْلتُ ‪ِ :‬عن َْد ِّ‬

‫‪99‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ف َوال َقِل ٍق َوال ُمنْ َزعِج ثَُّم بَ َدأَ‬ ‫ع َوال َخ ِائ ٍ‬ ‫َف َدَخَل يَْمشِي ُمْطَمِئنً ا َغيْ َر َف َز ٍ‬
‫سَتنِري ‪.‬‬‫حِّركُ َشفََتيِْه َوَوْجُهُه مُ ْ‬ ‫ُي َ‬
‫ني َق َام إَِلْي ِه َقائِ ًما َواسَْتقَْبَلُه َواعَْتنَ َق ُه َوَج َع َل‬‫َفَلَّما َدَخَل َوَبصَُر بِ ِه َأمِ ُري ْال ُم ْؤِمنِ َ‬
‫ش ‪.‬‬ ‫ش ِبِه َوبَ َّ‬ ‫ُيقَِّبُل بَْيَن عَْينَْيِه َوهَ َّ‬
‫ون عِْن َدَنا َف ِإنِّي إَِلْي َ‬
‫ك‬ ‫ورنَ ا َوَتكُ َ‬ ‫اهلل ِلَم ال تَُز َ‬ ‫ال ‪ :‬مَْرَحًب ا بِ أَبِي عَْب ِد ِ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ث َمعَُه َساعََة ‪.‬‬ ‫حَّد َ‬ ‫سُه مََكانَُه َوَقَعَد ِإلى َجانِِبِه َوتَ َ‬ ‫اق َوَأْجَل َ‬ ‫شتَ ُ‬ ‫ِم ْ‬
‫ب ِلي ِفِيه َفسَأََلُه َأْن‬ ‫ال الشَِّافِعيُّ ‪ :‬ال َأَر َ‬ ‫ب َف َق َ‬ ‫الذهَ ِ‬‫ثَُّم أَ َم َر ل َ ُه ِببَ ْدَرةٍ ِمن َّ‬
‫ت ِبِه ( يَْعنِي مَا َهُّمُه ) ‪.‬‬ ‫َيقَْبَلُه َفَقبَِلُه غَْيَر ُمكَْثِر ٍ‬
‫ح َم َل ْالبَ ْدَرةُ َبيَْن ي ََدْي ِه َفَّل َم ا َخَرْجَن ا‬ ‫ُثَّم َأمَ َرنِي أَْن أَُرَّدُه إِلى َدِارِه َوأَْن تُ ْ‬
‫َجعَ َل يَْعطِي ُك َّل مَْن رَآُه َو ُك َّل َمْن سَأََلُه َيِم ًين ا َوشِمَاًال َحتَّى َوصََل إِلى مَْنِزِل ه‬
‫َيء ‪.‬‬ ‫َوَما مََعُه مِْنَها ش ْ‬
‫ت بَْيَن يََديِْه َوُقْلتُ لَهُ ‪َ :‬يا أََبا‬ ‫وس َقعَْد ُ‬ ‫جُل ُ‬ ‫َفَلَّما َدَخَل مَن ِْزَلُه َواطَْمأََّن ب ِِه ْال ُ‬
‫ب أَ ِم ِري‬ ‫ت َغض َ َ‬ ‫اهْد ُ‬ ‫ك َوِإنِّي ش َ َ‬ ‫ك َوش َفََقتِي عََليْ َ‬ ‫حبَِّتي َل َ‬ ‫ت مَ َ‬ ‫اهلل َق ْد َع َرْف َ‬ ‫َعبْ ِد ِ‬
‫اك ‪.‬‬‫َاء طََلبَِه إِيَّ َ‬‫ني ِفي ابِْتد ِ‬ ‫ْالُمْؤِمنِ ِ‬
‫ت مِْن ُه مَِن التََّواضِِع َوالتََّودُِد وَالِإْج ِ‬
‫الل وَالِإ ْك َرِام‬ ‫ثَُّم ل ََّما َدَخْلتَ َعَلْي هِ َرَأيْ ُ‬
‫ك عََليِْه ‪.‬‬ ‫ول َ‬
‫ك عِْنَد ُدُخ ِ‬ ‫ت شََفتَي ْ َ‬ ‫ت َرأَْيتَُك َحَّرْك َ‬ ‫ك َما سََّرنِي َوُكنْ ُ‬ ‫َل َ‬
‫ول ِفي‬ ‫خَرُه ِإال مَ ا َعَّلْمتَِني َم ا ُكْنتَ َتقُ ُ‬ ‫ك َوسَ َّ‬ ‫َفِبَّالِذي سََّكَن غَضََبُه عََليْ َ‬
‫ك مَعِي َعل َيِْه ‪.‬‬ ‫ول َ‬‫ُدُخ ِ‬
‫ِ‬
‫حزاب‬ ‫ال ‪َ :‬ح َّدَثن ِي َن ِافُع عن ابن عمر أن رسول اهلل ‪ ‬قرأه يَ ْومَ األ‬ ‫َف َق َ‬
‫اهلل ونصرهم على عدوهم ‪.‬‬ ‫َفَهَزمَُهُم ُ‬

‫‪100‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫إِالَّ ُه َو َوالْ َمالَئِ َك ةُ َوأ ُْولُواْ الْعِْل ِم قَآئِ َم اً‬ ‫َوهُ َو هَ َذا ﴿ َش ِه َد اللّ هُ أَنَّهُ الَ إِلَـهَ‬
‫ند اللّ ِه ا ِإل ْس الَ ُم ﴾ مث قَ َال ‪:‬‬ ‫ِّين ِع َ‬ ‫يم * إِ َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫الد َ‬ ‫بالْق ْسط الَ إلَـهَ إالَّ ُه َو الْ َعز ُيز احْلَك ُ‬
‫وأنا‬

‫‪101‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اهلل إِلى يَ ْوِم‬ ‫اهلل هَ ِذِه الشََّهادَِة َوِد َيع ٌة ِلي ِعنْ ِد ِ‬ ‫ع َ‬ ‫اهلل َوَأسَْتْوِد ُ‬ ‫َأشَْهُد بِ َم ا شَِهَد بِ ِه ِ‬
‫ْالقَِيَامِة ‪.‬‬
‫ك َوبََر َك ِة‬ ‫ك َوَعَظ َم ِة َطَهارَِت َ‬ ‫يم بََرَكتِ َ‬ ‫ك َوَعِظ ِ‬ ‫ور ُقْدسِ َ‬ ‫الل ُهمَّ ِإنِّي أَ ُع وذُ ِبنُ ِ‬ ‫َّ‬
‫ك مِْن ُكِّل َآفٍة َوَعاهٍَة ‪.‬‬ ‫َجاللَِت َ‬
‫خْي ِر يَ ا‬ ‫ارقً ا َي ْط ُرقُ ِب َ‬‫س ِإال طَ ِ‬ ‫جِّن وَا ِإلنْ ِ‬ ‫ار مَِن ْال ِ‬ ‫الليْ ِل َوالنَّ َه ِ‬
‫ق َّ‬‫َومِْن َط َوِار ِ‬
‫َرْحَمن ‪.‬‬
‫اذي‬ ‫ت عَِي ِ‬ ‫ك أَُل وذُ َوَأنْ َ‬ ‫الذي َفبِ َ‬ ‫ك اسْتَِغيثُ َوأَْنتَ َم ِ‬ ‫ت غَِي ِاثي َفِب َ‬ ‫الل ُهمَّ َأنْ َ‬
‫َّ‬
‫اق الَْفَراعَِنِة ‪.‬‬
‫جَبابَِرةِ َوَخضََعتْ َلُه َأعَْن ُ‬ ‫اب ْال َ‬‫ك أَُعوذُ َيا مَْن َذَّلتْ َلُه ِرَق ُ‬ ‫َفِب َ‬
‫ان ِذ ْك ِركَ وَاالنْصَِر ِ‬
‫اف‬ ‫ف سِْتِرَك َومِْن ِنسْيَ ِ‬ ‫ك َوِمْن َكشَ ْ‬ ‫ك ِمْن ِخْزيِ َ‬ ‫وذ بِ َ‬ ‫َأعُ ُ‬
‫َعْن شُْكِرَك ‪.‬‬
‫اري َوظَْعنِي‬ ‫ت َكنَ ِف َك َليِْلي َوَن َه ارِي َوَن ْومِي َوَق َر ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َأنَ ا ِفي ِح ْرِزكَ َوَت ْ‬
‫اعاتِي َوأَْوَقِاتي ‪.‬‬ ‫يع سَ َ‬ ‫َوَأسَْفارِي َوَحَركَِاتي َوَسكََناتِي َوَحَياتِي َومََماتِي َوَجِم ِ‬
‫ت َوال إَِلَه َغيُْرَك َوال‬ ‫ي َأشَْهُد أَنْ ال إَِلَه إِال َأنْ َ‬ ‫اؤك ِدَثارِ َ‬ ‫اري َوَثنَ َ‬ ‫ِذْكُركَ ِشعَ ِ‬
‫َمعُْبودَ ِسَواكَ ‪.‬‬
‫ك َوِإ ْق َر ًارا‬ ‫ات َوْج ِه َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك َوت َْكِرميً ا ِلسُبُ َ‬ ‫ح ْم ِدكَ ت َشِْري ًفا ِلَعَظَمِت َ‬ ‫ك َوبِ َ‬ ‫حَان َ‬ ‫سُْب َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِبصَْمَدانَِّيتِ َ‬
‫الظِالُم َ‬
‫ون‬ ‫ول الْ َك ِافُرونَ َو َّ‬ ‫ك عََّما يَ ُق ُ‬ ‫ك َوتَْنِز ًيه ا َل َ‬ ‫َواعْتَِرافً ا ِبَو ْح َدانِي َِّت َ‬
‫ك عُلًُّوا َكِب ًريا ‪.‬‬ ‫ت عَْن َذِل َ‬ ‫ون تَعَاَليْ َ‬ ‫احُد َ‬ ‫ج ِ‬ ‫َوْال َ‬
‫ات ِحْف ِظ ك‬ ‫ب َعَلَّي سََرِادَق ِ‬ ‫ادكَ َواضِْر ْ‬ ‫ك َومِْن َشِّر ِعبَ ِ‬ ‫الل ُهمَّ َأِجْرنِي مِْن ِخْزِي َ‬ ‫َّ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫احِم َ‬‫الر ِ‬
‫خيٍْر يَا َأْرَحَم َّ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ك َوعََنايتكَ َوُجْد َعَلَّي مِْن َ‬ ‫َوَأدِْخْلِني ِفي ِحْفِظ َ‬

‫‪102‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت أََمِلي أَْم َكيْ فَ أَضَامُ َوعََليْ كَ تَ َوكُّلِي أَْم َكيْ فَ‬


‫اف َوَأنْ َ‬ ‫إَِلِهي َكيْ َ‬
‫ف أَ َخ ُ‬
‫ت‬
‫ور اعْتِ َم ادِي ضََربْ ُ‬‫ب َوعََليْ كَ ِفي كُ ِّل األُمُ ِ‬ ‫ف أَْغَل ُ‬
‫ت عِ َم ادِي َأمْ َكْي َ‬
‫َأْق َه رُ َوَأنْ َ‬
‫َو ْج َه ُكِّل‬

‫‪103‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الص َم ُد *‬‫َح ٌد * اللَّهُ َّ‬ ‫ص َد َوظَِالٍم َكنََد بـ ﴿ قُ ْل ُه َو اللَّهُ أ َ‬ ‫اصٍد َر َ‬‫سَد َوَر ِ‬ ‫اسٍد َوَح َ‬ ‫َح ِ‬
‫ِ‬
‫َح ٌد ﴾ ‪.‬‬ ‫مَلْ يَل ْد َومَلْ يُولَ ْد * َومَلْ يَ ُكن لَّهُ ُك ُفواً أ َ‬
‫اهلل بن َمسُْعود‬ ‫ان عَْن َعبْ ِد ِ‬ ‫يح ابُْن ِحبَّ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫اإلمَ ِام أَْح َم د َوصَ ِ‬ ‫َوِفي ُمسَْنِد ِ‬
‫ال ‪ :‬اللَّ ُهمَّ ِإنِّي عَْب ُدَك بن‬ ‫اب َعبْ ٌد هٌَّم َوال غٌَّم َوال ُح ْزنٌ َف َق َ‬ ‫وع ا ‪َ « :‬م ا أَصَ َ‬ ‫َمْرُف ً‬
‫اؤَك ‪.‬‬ ‫ك َع ْدلٌ ِفَّي َقضَ ُ‬ ‫اض ِفي ُحْكُم َ‬ ‫اصَيتِي بَِيِدَك مَ ٍ‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫َعبُْدكَ بن َأمَُت َ‬
‫ك َأْو‬‫ك َأْو أَْنَزْلَت ُه ِفي ِكَتابِ َ‬ ‫ت بِ ِه َنفْسَ َ‬ ‫ك سََّميْ َ‬ ‫ك ِبكُ ِّل اسٍْم ُه َو َل َ‬ ‫أَسْأَُل َ‬
‫ب عِْنِدَك ‪.‬‬ ‫ت ِبِه يِف ِعْلِم الَْغيْ ِ‬ ‫ك َأْو اسَْتأَْثْر َ‬‫َعَّلْمتَُه َأَح ًدا ِمْن َخْلقِ َ‬
‫اب َهِّمي ‪.‬‬ ‫الء ُحْزِني َوَذهَ َ‬ ‫صْدِري َوَج َ‬ ‫ور َ‬ ‫يع َقْلبِي َونُ َ‬ ‫آن َربِ َ‬
‫جَعَل الُْقْر َ‬ ‫َأنْ َت ْ‬
‫اهلل ُحزْنَُه َوَهَّمُه َوابَْدَلُه مََكانَُه َفَرحًَا » ‪.‬‬ ‫ِإال أَْذهََب ُ‬
‫يد يَ ا‬‫ئ َي ا مُِع ُ‬ ‫يد َيا مُْبدِ ُ‬ ‫جِ‬ ‫ش الَْم ِ‬ ‫ين يَا َوُدود َيا َذا الَْعْر ِ‬ ‫َوِمْن أَْدعَِيِة الُْمضَْطِر َ‬
‫ك َّالتِي‬ ‫ك َوبقُ ْدَرتِ َ‬‫الء َأْر َك انَ َعْرشِ َ‬ ‫ك الَِّذي مَ ِ‬ ‫ور َوْج ِه َ‬ ‫ك ِبنُ ِ‬‫يد أَسْأَُل َ‬ ‫َفَّعالٌ ِل َم ا تُِر ُ‬
‫ت ُك َّل شَْيٍء ال إِله ِإال أَْنتَ‬ ‫ك الَِّتي َوسِعَ ْ‬ ‫ك َوِبَرْحَمِت َ‬ ‫يع َخْلقِ َ‬
‫قدرت بَِها َعلَى َجِم َ‬ ‫َ‬
‫اءتنا ِفي األَ ْق َو ِ‬
‫ال‬ ‫ب َلنَ ا إِسَ َ‬ ‫ال ‪َ ،‬وهَ ْ‬ ‫الل ُهمَّ َتقََّبْل مَِّنا يَسَِري األَعْ َم ِ‬
‫أغثِْني َّ‬ ‫َي ا ُمغِيثُ ِ‬
‫يع ْالُمسِْلِم َ‬
‫ني‬ ‫جِم ِ‬‫حَنا عَِن ْالغَْفَل ِة وَا ِإلْه َم الِ َواغْ ِف ْر َلنَ ا َوِلَوالِ َدْينَا َوِل َ‬ ‫ال َوسَِام ْ‬ ‫وَاألَْف َع ِ‬
‫ني‬
‫حبِِه َأْجَمعِ َ‬ ‫حَّمٍد َوعَلَى ِآل ِه َوصَ ْ‬ ‫اهلل َعلَى مُ َ‬‫ني ‪ .‬وَصَلَّى ُ‬ ‫احِم َ‬‫الر ِ‬
‫ك َي ا َأْرَحَم َّ‬ ‫ِبَرْحَمِت َ‬
‫‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ضاء ‪.‬‬
‫عرا َوشَِريكَا ِليَُوِّلَيُهم ْالقَ َ‬‫سً‬ ‫َدعَا ْالَمْنصُور َأبَا َحنَِيفَة َوالثَّْوِري َومِ ْ‬
‫خَّلص ‪.‬‬
‫حَامُق َفُأقَ َال َوَأت َ‬‫ال َأبُو َحنَِيفَة ‪ :‬أََنا أََت َ‬
‫َف َق َ‬
‫ص ‪.‬‬‫خَّل َ‬ ‫جُنون ) وََيتَ َ‬
‫جان ( أَْي يُظِْهُر َكَأنَُّه َم ْ‬ ‫سعَرُ َفَيتَ َ‬
‫َوَأمَّا مِ ْ‬
‫َوَأمَّا ُسفَْيان َفَيْهَرب ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يك َفيَ َق ُع َفَلَّما َدَخُل وا َعلَى الَْمنْصُور قَ َال َأبُ و َحِنيفَ َة ‪ :‬أََن ا َر ُج ٌل‬
‫َوأََّما شَِر ُ‬
‫ت مِن ْالعََرب ‪.‬‬ ‫َمْولى َوَلسْ ُ‬

‫‪105‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك َف ِإنِّي ال أَصَْلُح ِل َه َذا‬ ‫ب َتْرضَى َب َأنْ َيكُ ونَ َعَلْيِهْم َم ْولَى َومَ عَ َذِل َ‬ ‫َوال َتكَ ادُ ْالعَ َر ُ‬
‫اء ‪.‬‬‫صِلُح ِلْلَقضَ ِ‬ ‫ادقًا ِفي َقْوِلي َفال َأ ْ‬ ‫صِ‬ ‫األمِْر َفِإنْ ُكْنتُ َ‬ ‫َ‬
‫ني َوأَ ْم وَاَلُهْم‬
‫اء ْال ُمسِْلِم َ‬
‫ك أَْن تُ َوِّلي َكاذِبً ا ِدمَ َ‬ ‫جو ُز َل َ‬ ‫ت َكاذِبًا َفال يَ ُ‬ ‫َوإِْن ُكنْ ُ‬
‫وضُهْم ‪.‬‬ ‫َوُفُر َ‬
‫ف‬‫ص َر َ‬ ‫َوَأمَّا س ُفَْيانُ فَأ َْدر َك ه الْم ْش ِخص يِف طَ ِريق فَ َذهب حِل ِ ِ‬
‫اجت ه فَانْ َ‬‫َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ص َيْنتَ ِظ ُر َفَرا َغهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الْ ُم ْشخ ُ‬
‫ال ِلْلمالح َقائِ د السَِّفينة ‪ :‬إِْن مَكَّْنتَِني ِمْن سَِفينَِت َ‬
‫ك‬ ‫َف َرأَى ُس ْفيَا ُن سَفَِينٌة َف َق َ‬
‫ت بَِغيِْر سِِّكني ‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫َوِإال ُذِب ْ‬
‫اء َفقَْد ُذِبَح بِغَرْيِ سِكِّني » ‪ .‬فََأْخ َف اهُ‬ ‫ضَ‬ ‫َتَأَّوَل َقْوَل النَِّبي ‪ِ « : ‬مْن ُوِليَ ْالقَ َ‬
‫اريَة ‪.‬‬
‫ت السَّ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ْالمالحُ َت ْ‬
‫ات يَ َدَك كَيْ َ‬
‫ف‬ ‫ال له ‪ :‬هَ ِ‬ ‫َوأََّما مِسْعَُر ابن ُك َدام فدخل على الْمنصور ف َق َ‬
‫ال ‪َ :‬أْخِرُجوه فإنه جمنون ‪.‬‬ ‫الدَواب وَاألَوالد َف َق َ‬ ‫ت َو َّ‬ ‫َأنْ َ‬
‫الدَماغ‬ ‫يف ِّ‬ ‫رجل َخفِ ُ‬‫ٌ‬ ‫ال له ‪ :‬أنا‬ ‫ال له املنص ور ‪َ :‬تقََّلْد ف َق َ‬ ‫َوَأمَّا ش ريك ف َق َ‬
‫ك َفَتقََّلَد ‪.‬‬ ‫إليك َعقُْل َ‬
‫بالنبِيذ الشديد حتى يرجع َ‬ ‫ال ‪َ :‬تقََّلد وعليك َّ‬ ‫ف َق َ‬
‫ب ‪.‬‬ ‫ب َفَلْم تَْهِر ْ‬ ‫ك اْلَهَر ُ‬ ‫ال له ‪ْ :‬أمكََن َ‬ ‫جَرُه الثوري َوقَ َ‬ ‫َفَه َ‬
‫جَّنَن نَْفسَُه َوَل ِزم‬ ‫اء مِصَْر َفَت َ‬ ‫وكتب اخلليفة إلى عبد اهلل بن وهب يف قَضَ ِ‬
‫حَن َدِارِه ‪.‬‬ ‫صْ‬ ‫ضأُ ِفي َ‬ ‫َبيَْتُه فاطََّلَع عليه راشد بن سَْعٍد َوُهَو يََتَو َ‬
‫ج إلى الن اس َفَتْقضِي َبي َْنُهم بكت اب اهلل َوسُنَِّة‬ ‫خ ُر ُ‬
‫ال ‪ :‬أبا حممد أال َت ْ‬ ‫ف َق َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ت بَْيتَ َ‬ ‫ك َوَلِزمْ َ‬ ‫س َ‬‫ت نَْف َ‬‫رسوله ‪ ‬فقد َجنَْن ُ‬
‫ون َمَع األَْنبَِي ِ‬
‫اء‬ ‫شُر َ‬‫ك إَِّن ْالعَُلماء حُيْ َ‬ ‫ال ‪ :‬إلى َها ُهنَا عَْقُل َ‬ ‫َفَرَفُع إليه َرْأسَُه َوقَ َ‬
‫السالطِني أ هـ ‪.‬‬ ‫شُرونَ َمَع َّ‬ ‫حَ‬‫ضاةَ ُي ْ‬ ‫َوِإنَّ ْالقُ َ‬

‫‪106‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫حصُول عليه‬
‫شحونَ َأنُْفسَُهم ِلْلقَضَاء وَيُْعمِلُ ون الَْوسَائِط ِلْل ُ‬
‫ين يُرَ ُ‬
‫َبِّلْغ يَ ا َأِخي الَِّذ َ‬
‫ون الَْقضَاء ‪.‬‬
‫سنُ َ‬
‫حِ‬ ‫جتَِمْع فيهم الشروط وال يُ ْ‬ ‫أهل له مل تَ ْ‬ ‫وهم غري ٍ‬

‫‪107‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫حَّمد بن ُمقَ ِات ل الرَِّازي َوَأبَ ا الصَّْلتِ َعْب ِد السَّ ِ‬


‫الم‬ ‫حنَ ِة مُ َ‬ ‫خِليفَ ةُ َأيامَ ْالِم ْ‬‫َوَد َع ا الْ َ‬
‫آن ؟‬‫ول ِفي الُْقرْ ِ‬ ‫حَّمد ابن ُمقَاتل ‪ :‬مَا َتقُ ُ‬ ‫َف َق َال لُِم َ‬
‫قَ َال ‪ :‬أقول التوراة ‪ ،‬واإلجنيل ‪ ،‬والزبور ‪ ،‬والفرقان ‪ ،‬فإنَّ هذه األربعة وأشار‬
‫وقة ‪.‬‬ ‫خُل َ‬‫إلى أصابِعهِ األربعة َم ْ‬
‫جا ‪.‬‬ ‫صابَِع َيِدِه األربعة َفنَ َ‬ ‫فظنوا أنه يُِريدُ الكتبَ املنزلة وهُو يُِريدُ َأ َ‬
‫ف َق َال لآلخر وهو أبو الصَّْلتِ ‪ :‬ما تقول ؟ ف َق َال ‪ :‬تََعزَّ يا أمري املؤمنني ‪.‬‬
‫ك ؟ قَ َال عن القُرآن َفِإنَُّه ماتَ ‪ .‬قَ َال ‪َ :‬فَكْيفَ ؟ قَ َال ‪ْ :‬‬
‫إن‬ ‫قَ َال ‪ :‬عن َمنْ َويَْل َ‬
‫خُلوقًا َفِإنَُّه يَُموت ‪.‬‬ ‫ان مَ ْ‬
‫َك َ‬
‫ادُة علي الواثق والن اس يُضْرَُبون َويُقَْتُل ون يف االمتح ان ب القُرآن قَ َال‬ ‫وأُدخل عُبَ َ‬
‫اهلل َأ ْج رَك‬
‫ت ِب ِه َفقُْلتُ ‪َ :‬عظم ُ‬ ‫حَننِي َقتََلنِي َفبَ َدْأ ُ‬
‫عُبَادة ‪َ :‬فقُْلتُ يف َنفْسِي َواهلل لَِئنْ ْامتَ َ‬
‫آن َي ُم وت ؟‬ ‫ك َوْالقُ رْ ُ‬
‫ح َ‬‫آن ‪ .‬قَ َال ‪َ :‬ويْ َ‬ ‫ت ‪ :‬يف الْ ُق ْر ِ‬ ‫خِليفَ ة ‪ .‬قَ َال ‪ِ :‬فيمَْن ؟ َفُقْل ُ‬ ‫َأيُّ َه ا ْال َ‬
‫قُْلتُ ُك لَّ خمل وق َي ُم وت ف إذا م ات الق رآن يف ش عبان فب أي ش يء يص لي الن اس يف‬
‫رمضان ‪ .‬ف َق َال الواثق ‪َ :‬أْخِرُجوه فإنه جمنون ‪.‬‬
‫س ُك ِّل‬ ‫فائ دة نفيسة ‪ :‬قَ َال أحد العلم اء رمحه اهلل تع اىل ‪ :‬اعلم َّ‬
‫أن الدُّْنيَا َرْأ ُ‬
‫وعدوًة َألْعَد ِائ ِه ‪ ،‬أما‬ ‫ّ‬ ‫وعدوًة َألْولَِيائِ هِ‬
‫ّ‬ ‫عدوًة هلل‬
‫قَ َال ‪ ‬وقد صارت ّ‬ ‫َخطِيئَ ةٍ َك َم ا‬
‫أوليائهِ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الطريقَ بينه وبنيَ‬ ‫فألنّها َقطََعتِ َّ‬ ‫َعَدَاوتَُها هلل تعاىل َ‬
‫ت هلم‬ ‫فألّنها َت زََّينَ ْ‬
‫فإنه مل َينُْظر إليها ُمنُْذ َخَلَقَها ‪ ،‬وأََّما عداوتَُها َألوليائِ هِ َ‬ ‫وهلذا ّ‬
‫ات الص َِّرب يف‬ ‫ِبزِينَِتها َوَغ َم رتُْهم بَِزْهرَِت َه ا َوَت َزَّهتْ هلم بنَض َارَِتَها حتى َجتَّر ُع وا مَ رََار ِ‬
‫اق ِفي ْالبُعِْد مِْنَها ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫حَّمُلوا ْالَم َ‬ ‫اطعَِتَها َوتَ َ‬‫ُمَق َ‬
‫ألهنا اسْتَْدَرَجْتُهم ِبَمْكِر َه ا َومََكايِ ِدَها َوْاقَتنَصَْتهمِ َحببَِائِل َه ا‬ ‫َوَأمَّا َع دواتَُها َألْعَدائِ هِ َف َ‬
‫سَهِامَها َحتَّى َوِثقُوا هِبَا َوعوَُّلوا عليها ‪.‬‬ ‫صَدتُْهْم بِ ِ‬ ‫َوَأْق َ‬
‫ت بِِهْم َأسَْكَن مَ ا َك انُوا ِإَليْ َه ا َف اجَْتنَْوا‬ ‫ج مَ ا َك انُوا ِإلَيْ َه ا َو َغ َدَر ْ‬ ‫خ َذَلتُْهْم َأ ْح َو َ‬‫َف َ‬
‫ول األَ َم اد‬ ‫ادَة األَْخرَِويَِّة َعلَى طُ ِ‬ ‫اد ‪ .‬وَ َح َرمَْتُهْم السََّع َ‬ ‫ون َه ا األَْكبَ ُ‬ ‫ِمنْ َه ا َحسَْرًة تَن ْقَ ِط ُع ُد َ‬
‫اب ْالُمغَْترِّينَ ِبَها ‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫ك مِْثلَ َما َأ َ‬ ‫صيبَ َ‬ ‫اغت ََّر بَِها َقبَْل َأْن يُ ِ‬ ‫َفْانتَِبه َيا مَْن ْ‬

‫‪108‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫آدم َبعْ َد َم ا ِقيلَ لَ هُ ‪ُ :‬أسُْكْن َأْنتَ‬ ‫ون ا َ‬ ‫ان َأُب َ‬‫ني ‪ِ :‬إذَا َك َ‬ ‫ارِف َ‬
‫ض ْالعَ ِ‬
‫َوقَ َال َبعْ ُ‬
‫ول َه ا‬
‫جنَِّة َفَكيْ فَ َنرْ ُج وا ُدُخ َ‬ ‫وج ِمنَ ْال َ‬ ‫خرُ ِ‬ ‫جنََّة صََدرَ ِمنْ ُه ذَْنبٌ َواحِ ٌد فَ ِأمَر بِ ْال ُ‬ ‫ك ْال َ‬ ‫َوزَّوُج َ‬
‫خطََايا الُْمَتَوِاترَِة ‪.‬‬ ‫وب الُْمَتتَِابعَِة َوْال َ‬
‫ون َعَليِْه مَِن الذُُّن ِ‬
‫حنُ ُمقِيمُ َ‬ ‫َمَع مَا َن ْ‬
‫ك ان أبو الفتح املنهى قد ب رع يف الفقه وتق دم عند الع وام وحَصَل له م ال‬
‫ض إليه التَّْدرِيس بالنِّظامية وأدَْرَكُه املوتُ َهبَمدان ‪.‬‬ ‫وفُّو َ‬
‫ودَخَل بَْغَداد ِ‬ ‫كثري َ‬
‫ِ‬
‫ول ‪ ﴿ :‬يَا‬ ‫ُخُر ُجوا ‪َ .‬فلَ َّما َخَر ُجوا َعْنهُ َج َع َل َي ْلطُ ُم َو ْج َههُ َو َي ُق ُ‬ ‫ألص َحابِه ‪ :‬أ ْ‬
‫ت َوفَاتُهُ قَ َال ْ‬‫فلما َدنَ ْ‬
‫ِ ِِ‬ ‫حس رتَى علَى ما َف َّرطت يِف ج ِ ِ‬
‫ت الْعُ ُم َر يف‬ ‫نب اللَّه ﴾ ويق ول لَن ْفس ه ُم َوخِّبًا هَلَا ‪ :‬يَا أَبَا الْ َفْت َح َ‬
‫ض َّي ْع َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السالطني َويُْنش ُد َه َذيْ ِن الَْبْيَتنْي ِ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طَلَب الدنيا وحتصيل املال واجلاه والتََّر ُدد إىل َّ‬
‫ص َحْوَل‬‫حْر ِ‬‫ب الْ ِ‬ ‫جُرونَ َث ْو َ‬ ‫يَ ُ‬ ‫ت َألْهِل الْعِْلمِ َكْي َ‬
‫ف‬ ‫َعجِْب ُ‬
‫ت‬ ‫كِ َحْوَل الَْبْي ِ‬
‫ت وَْق َ‬ ‫وفالِ َ‬
‫ون‬ ‫يَالُْطَمَمُ‬ ‫ورُووا َن َح ْو َل‬
‫تيََغُدافُل‬
‫اسٍدكِ لَ ُه َكْي ًسا مَِن الدََّراهم ِإلى أيب‬ ‫اهلل َعنْ ُه مَ الَْعَمَنَعْبِ‬
‫ان بن َعَّفان رَضَِي ُ‬ ‫الظّلَ ُعْثَم ُ‬ ‫َأرَْس‬
‫ذر رضي اهلل عنه َوقَ َال لِ َعْب ِد ِه ‪ :‬إ ْن قَب َل َه َذا أَبُو َذر َف َأْنتَ ُح ٌر أي َعتِيق َف َأتَى‬
‫الم َألِبي َذرٍ ‪ِ :‬إنَُّه َعَّلَق‬ ‫ول هِ َفَلْم يَْقبَ ْل َف َق َال ْالغُ ُ‬ ‫ب الكيس إلى أيب َذرٍ َوَأَلَّح َعَليْ ِه ِفي ُقُب ِ‬
‫ولِه رِِّقي ‪.‬‬ ‫يس ‪َ .‬ف َق َال َأبَُو ذٍَّر ‪ :‬لَِكنَّ ِفي ُقبُ ِ‬ ‫ك َهَذا ْالِك َ‬ ‫ول َ‬ ‫ِعْتقِي َعلَى ُقبُ ِ‬
‫ضَها فيه شيء ال يصلح ‪.‬‬ ‫ان َبعْ ُ‬ ‫ات َوَك َ‬ ‫ض َأْبيَ ٍ‬
‫يها َبعْ َ‬
‫هذه القصيدة الشيبانية َعَّدْلنَا ِف َ‬
‫وَأَنِْظ ُم ِعقْ ًدا ِفي الَْعقِ َ‬
‫يد ِة أَْوَحَدا‬ ‫َسَأْحَمُد‬
‫تََعّز‬ ‫َروّبأَْشَهُد‬
‫اءَشْيءٌ َعال‬ ‫َ(َز وَِقالدْ ًماَبعْ بَِدالَْب‬
‫هَُق ِ‬ ‫أَُهّنَو‬
‫ين كََما بََدا‬ ‫َقوََتدَِوٌيرّح يُعِي ُد الَْعالِمِ َ‬ ‫ص ٌير َعالِ ٌم‬ ‫يع َب ِ‬ ‫األِموّ ٌ‬
‫َسَ‬
‫ْجَدا‬
‫شا مَا أََرادَ َوأَو َ‬
‫ير َفأَْن َ‬
‫َقدِ ٌ‬ ‫ريدلّ أََرادَ الَْكائَِناتِ لَِوْقِتَها‬
‫ُِمتََكٌ‬
‫وقاتِهِ‬
‫وََبايََن َمخْلُ َ‬ ‫ش‬
‫إله َعلَى َعْر ِ‬
‫لَوَقَتدَْوّحَكانَ َقْبَل الَْكْو ِن َربًّا‬ ‫السّ الَْكْوُن َمخُْلو ٌق‬ ‫إِِذ‬
‫وَشِبَسيّيهٌ َتعَالى‬ ‫اهلل َشيْءٌ َوال َلهُ‬
‫س كَِمْثِل ِ‬ ‫وََلَرْيبّ َ‬
‫َرّب‬

‫‪109‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يق طَغَى‬
‫َفذَِلكَ ِزنِْد ٌ‬ ‫ال ِفي‬
‫وََمنْ قَ َ‬
‫وََتَزَمّر‬
‫اغَ َعِن‬ ‫تب اهلل‬
‫ف ُك َ‬‫وَالدَّخالَ َ‬
‫الشّ‬
‫َى وَْجُههُ ي َْومَ الِْقَيامَِة أَْسَوَدا‬ ‫يُر‬ ‫الرّكَ‬
‫وَذَلِ‬
‫كََما‬ ‫مِوََلّمِكْن يََراهُ في الجَِنانِ ِعَب ُ‬
‫اد ُه‬
‫حَج َ‬
‫اء ِجْبِر ُ‬
‫يل‬ ‫صّ‬
‫بِِهَ‬ ‫وََنعَْتِقدُ الُْقرْآَن تَْنِز َ‬
‫يل‬
‫ُهالنّدَى اهلل يَا طُوبى بِِه لمن‬ ‫روَّبَأن َْزَلهُ وَْحًيا إَِلْيهِ‬
‫بَِأاهْمَْتٍردَىَونَْهٍي‬ ‫وكََأنّالم كريم ُمنَْزٌل من إلهنا‬
‫الدّ‬
‫َفوََمْن‬ ‫ين َحِقيقَة‬
‫كالم إِلهِ الَْعالَِم َ‬
‫يََشُع ّ‬
‫ك‬
‫ودُ ِإلى‬ ‫وَِمن ْهُ بََدا َقْوالً وال‬
‫الرّنْ َزادَ ِفِيه َقدْ َطغَى‬
‫وََم‬ ‫َفَشمنّْ‬
‫ك‬
‫َفوَتقََمْدّر َخالََفا ِإلْجَماعِ َجْهالً‬ ‫لهنا‬
‫الم إ َ‬
‫وق كَ ُ‬ ‫ك قَ َ‬
‫ال َمخْلُ ٌ‬ ‫وََشَمْنّ‬
‫حّدَا‬
‫وََأِبلْالرَ‬ ‫وَُنْؤمُِن بِالُْكتبِ‬
‫سلَدادَُحًّقا ال‬
‫ُوََيْزَ‬ ‫الّوَِإيمَانُنَا َقْو ٌل وَِفْع ٌل‬
‫وَالتّال مَْق َ‬
‫صَد‬ ‫ال َمذَْهَب‬ ‫َفوَِنّي‬
‫وَالتّقَدْ ف َ َ‬
‫از بِالْقُْرآنِ َعْب ٌد َقدِ‬ ‫وَالتَّلِكّن‬
‫َى‬
‫مِاهَْتَند ِ‬
‫اهلل َتقِْد ًيرا َعلَى الْعَْبِد‬ ‫َوَُنبِْؤالْمُِقْرُنآنِ َنْهِدي َونَْهَتِدي‬
‫شا ال َكانَ ِفي الْخَْلِق‬ ‫وَُعَمدّا َلمْ َي َ‬ ‫أَف َّنما َش َ‬
‫اء‬
‫وجعَدَاُ‬
‫ث‬ ‫مَُسُنْب‬ ‫بمُِن‬
‫روَُنْؤّ‬
‫عَحلّقَى الْجِ ْ‬
‫سِم‬ ‫أَوََأّننّ‬
‫ُهوََماالرّ يَ ْ‬
‫سأَالنِ الْع َْبَد ِفي الَْقْبِر‬ ‫ابَُرُهالَْقْبَر‬
‫َوَُمنَع ْذَكَ‬
‫مُوَْقجعَنَدّا‬ ‫ثُوَّمِميزَانُ‬
‫َُتهُ‬ ‫رَبّ‬

‫‪110‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫آن َعْنُه‬
‫كََما أَْخَبَر الْقُْر ُ‬ ‫وََأنّ‬
‫لَوَُهَشدّاهلل ُد َ‬
‫ون‬ ‫اهللَحٌّقَحقًّا‬
‫ولِق ِ‬
‫خْلِ‬
‫ابَ َرالُْس َ‬
‫سضُ‬
‫َوََحِحْو َ‬
‫ُسالرِّقي ِمْنهُ َكأْ ًسا لَمْ َيجِْد بَْعدَ ُ‬
‫ه‬ ‫ب مِْنُه الُْمْؤمُِن َ‬
‫ون‬ ‫أَوَيَعّدْ‬
‫شَر ُ‬
‫سافَِة‬
‫صْن ًعا ِفي الَْم َ‬
‫صرَى وَ َ‬ ‫صُبَداْ‬
‫كََ‬ ‫ارّليقُهُ‬
‫أَبوَُكِ‬
‫آدمَ َأوْ‬‫ض مِْن أَْوال ِد َ‬ ‫َعُحلدَّى األ َْر ِ‬ ‫وَعَأدّنّ‬
‫إِلَغَدىا‬ ‫ضُل َمْن َمشى‬
‫ولَ اهلل أَْف َ‬
‫َوََأ َْرَسَُلُه‬
‫وَالثَّأْدنَُاه مِْنُه َقابَ قَْوسَْيِن ُمصِْعَدا‬ ‫بْسرَى بِهِ َلْيالً إِلى الَْعْرِش ِرْفَعةً‬
‫روَأَ ّ‬
‫َعلَى‬ ‫وََخ ّ‬
‫ص‬
‫وَالطَّخ ّ‬
‫ص‬ ‫صَّل ُموسَى‬
‫َوَُك‬
‫صََي بِالِْفُقيْر ِ‬
‫آن‬ ‫َُرِو‬ ‫ُوََأْعطَُاه ِفي الْحَ ْ‬
‫شِر‬
‫الصّ ًيعا لَُه َقدْ َف َ‬
‫از َفْو ًزا وََأْسَعدَا‬ ‫َشِف‬ ‫الشّْن‬
‫َفَم‬
‫لَِمْن َعاشَ ِفي‬ ‫كَفعُ َبعْدَ الُْم ْ‬
‫صطَفَى‬ ‫شّ‬
‫وَشَي ْ‬
‫وَالدُّكّل‬ ‫وَكُُكّللّ‬
‫ُوَال مُْؤِمٌن ِإال َلهُ كَِافٌر َفدَا‬ ‫ُوََيغِْفُر ُد َ‬
‫ون‬
‫وَلَْو َقَتَل‬ ‫جحِ ِ‬
‫يم‬ ‫الشّمْ َيْبَق ِفي نَ ِ‬
‫ار الْ َ‬ ‫وَلَ‬
‫ضالً‬
‫األْبَرارِ فَ ْ‬ ‫بَِأالنّصْ َ‬
‫حابِهِ َ‬ ‫شّحَهُد‬
‫ُموَنوَ ْ‬
‫بِوَِهَأيّمْ َيقَْتِدي ِفي‬ ‫أَفُّهنمْ َخي ُْر َخْلِق ِ‬
‫اهلل بَْعدَ َأنِْبَيائِِه‬
‫أَُبالدوّ بَْكٍر‬ ‫وََأْفضَُلُهم بَْعدَ‬
‫آمَّن َقْبَل‬
‫وَالصَ‬ ‫لََقالنّْد‬
‫وَالنَّو َ‬
‫اساهُ بِالأَمَْوالِ َحتَّى‬ ‫ادّداُه يَْوَم الْغَ ِ‬
‫ار َطْو ًعا ِبن َْفِسِه‬ ‫وَصفََ َ‬
‫صًنا‬
‫الم ِح ْ‬
‫إلْس ِ‬ ‫جْدّر كَ َ‬
‫ان لِ ِ‬ ‫تلََق َ‬ ‫وق ال َتن ْ َ‬
‫س‬ ‫ار ُ‬
‫وَمَْن بَْعِدهِ الَْف ُ‬
‫ُمشَّي‬ ‫ضَلهُ‬
‫َف ْ‬

‫‪111‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ين‬
‫سِلِم َ‬
‫الد الُْم ْ‬
‫ير بِ ِ‬
‫كَِث َ‬ ‫ار ُ‬
‫وق‬‫ح الْفَ ُ‬
‫لََقدْ َفَت َ‬
‫شِرِكينَ َوأَْخَمدَا‬ ‫وََأَمطّْهَفأَ َن َ‬
‫ار الُْم ْ‬ ‫اهلل بَْعدَ َخفَائِِه‬
‫ين ِ‬ ‫السَهَر ِد َ‬
‫بِوََأظّْ‬
‫آن َدْه ًرا‬
‫ام بِالُْقْر ِ‬
‫وَقَدْ َق َ‬ ‫ان ُذو‬
‫وَُعْثَم ُ‬
‫جسّ‬
‫تَوََهَو ّ‬ ‫وَالنَّجّه‬
‫خَت ِ‬
‫ار‬ ‫َمُعَبايَ ِلعَْلَةُم ْ‬ ‫شَالِمَاهلِِه‬
‫َىا بِمِ‬
‫ص يَطفْو ًم‬
‫سِر ْ‬
‫شْنُه الُْعالُْمْ‬
‫َزوََبايَجعَْي عَ‬
‫وم‬ ‫الرّدْ كَ َ‬
‫ان َحْب ًرا لِْلعُُل ِ‬ ‫َفقَ‬ ‫صَطفَى وَابُْن‬ ‫صَهر الُْم ْ‬ ‫س ِْ‬ ‫وَال تَْن َ‬
‫وَعَسِ‬
‫شّي‬ ‫سِه‬ ‫وَعَفّمادَى َرُسولَ ِ‬
‫اهلل طَْو ًعا بَِنف ْ ِ‬
‫َةَعِلّي‬ ‫وََمْن َكانَ َمْوالهُ‬
‫ُكَ لََذُها َوَسعِ ٌ‬
‫يد‬ ‫وَالنَّطْل َ‬
‫حُتُهْم‬
‫السانَ ابُْن‬
‫بِوََك ّ‬ ‫اذَل الَْم ِ‬
‫ال‬ ‫ثُوَمَّكانَ ابُْن َعْو ٍ‬
‫ف َب ِ‬
‫ارهُ‬
‫صَ‬‫وَجَأنّر ْ َ‬ ‫حِبِه وََأْهَل َبْيِتهِ‬
‫صْ‬ ‫موَُْنالفِ ًقاتَْن َ‬
‫س َباقِي َ‬
‫ضا‬
‫اهلل َأيْ ً‬
‫ول ِ‬ ‫وََأثْالتّنَى َرُس ُ‬ ‫َفُكّل‬
‫َفوَأَويْكٌّل وََويٌْل ف ِي الَْورَى لَِمْن‬ ‫ََفُهمُال تَأثْنُكَى َعْبالًداإلهُ رََعافَِلْيضِهًيْام فََتْعَتدِي‬
‫ادا‬ ‫َىَى بَْيَنُهْم َكانَ ْ‬
‫اجِتهَ ً‬ ‫َجاعَْترد‬ ‫وََنْسُكَتَعْن َحْربِ‬
‫جاتِّرَلُهْم ِفي‬
‫مُوَقََ‬ ‫الصّدْ‬
‫وَقَ‬
‫وَجَمّنالِك‬ ‫حا اعِْتَق ُ‬
‫اد‬ ‫َفصَهذَّ‬
‫وََمالنّنْ زَاغَ َعْنه ُ قَْد طَغَى‬ ‫الشّْن يَْعَتقِْدهُ‬
‫َفَم‬
‫حبِِه َأْجَموََتعَِمّرَ‬
‫ني‬ ‫صْ‬ ‫اهللكُّل َعلَى مُ َ‬
‫حَّمٍد َوعَلَى ِآلِه َو َ‬ ‫صلَّى ُ‬
‫َو َ‬
‫قصة‬
‫ت الظَّ ِه رية ِلُمَقابََلتِ ِه‬
‫اضي ِإلى ْالَمْهِدي يَْو ًم ا يف َوْق ِ‬
‫ودي الَْق ِ‬
‫يد األَ ِ‬
‫َتَوَّجَه َعِافيَةُ بنُ َيِز ُ‬
‫جل ‪.‬‬ ‫َعلَى َع َ‬

‫‪112‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َفَلَّما أَِذنَ َل ُه ِإَذا بِ ِه حيمل أوراقَ ه َبيَْن َيَدْي ِه َويَسَْأل امله دي أن ُيعِْفيهِ ِمن‬
‫سليمها‬ ‫اخلليفة بتَ ِ‬‫ُ‬ ‫أمر‬
‫القضاء ويَسْتأذنه يف تسليم األوراق اليت يف َحْوَزِت ِه إلى من َي ُ‬
‫له ‪.‬‬
‫اء مِْن ْالقَضَ ِ‬
‫اء‬ ‫خِلَيفُة أََّن الَْقاضِي َعِافية َق ْد أَ ْق َدمَ َعلَى طََلبَ االسِْتعَْف ِ‬ ‫َوَظَّن الْ َ‬
‫اوَل عََليْ ِه َأْو‬ ‫خِل َيف ِة َق ْد َت َط َ‬ ‫وبونَ َعلَى الْ َ‬ ‫حسُ ُ‬ ‫َألَّن أَ َح ِد ِر َج الِ َحاشِيَِتِه َومَْن ُهْم َم ْ‬
‫احتِ َرٍام َل ُه َت َدخل يف ش أنٍ ِمن ش ؤون‬ ‫اء ُمعََامَلته َأْو أَْب دَى ع دم ْ‬ ‫ال مِْن ُه َأْو أَسَ َ‬ ‫َن َ‬
‫خِليفَ ِة ِحينَ َم ا‬ ‫أحكَ ِام ِه َولشََّد مَ ا َك َانتْ َدهْشَُة ْال َ‬ ‫ف سُْلَطَانه يف َتنِْفيذ ْ‬ ‫َقضَائِِه فأضْعَ َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ف َأنَُّه َلْم يََقْع َشيٌْء ِمْن َذِل َ‬ ‫َعَر َ‬
‫حقِِيقي َّالِذي َدَف َع ْالقَاضِي‬ ‫ب الْ َ‬ ‫ك السَّبَ َ‬ ‫ف ِمْن َذِل َ‬ ‫خِليفَ ُة َأنْ َيتَ َع َّر َ‬
‫َف أََحبَّ ْال َ‬
‫اح ِة َوهُ و‬ ‫الر َ‬ ‫اس ِفيهِ ِإلى َّ‬ ‫ج ُأ النَّ ُ‬ ‫ك ْالَوْقتِ َّالِذي َيْل َ‬ ‫جٍل ِفي َذِل َ‬ ‫اء عَلَى َع َ‬ ‫ِإلى االسِْتعَْف ِ‬
‫ت الظَِّهَريِة ‪.‬‬ ‫َوْق ِ‬
‫ج َد ْالقَاضِي بُ ًدا ِمْن‬ ‫ب َلْم َي ِ‬ ‫ب مَْعِرَف ِة السَّب َ ِ‬ ‫خِليفَ ُة عَلَى َطَل ِ‬ ‫َولََّما أَصََّر ْال َ‬
‫صا عَلَى ِدينِ ِه‬ ‫اء ِحْر ً‬ ‫َأنْ َي ْروي َل ُه َم ا َج رَى َل ُه مَِّما َك انَ سَبَبًا ِفي طََلبِ ا ِإلعْ َف ِ‬
‫سِه ‪.‬‬‫َوَطَهارًَة ِلنَْف ِ‬
‫ِح َدى ْالقَضََايا‬ ‫حثَ ِفي إ ْ‬ ‫ال الَْقاضِي عَِافَي ُة ‪ُ :‬منْ ُذ شَْهَريْن َوَأنَا َأت ِابُع ْالبَ ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫يل َخصَْمان مُوسَِران‬ ‫ح ِّق َف َق ْد تَ َق دم ِإ ّ‬ ‫ْالُمْعضَِلِة ُمحَاوالً أَْن أَصَِل ِفيهَ ا إِلى َو ْج ِه الْ َ‬
‫ضَلٍة ُمشْكَِلٍة ‪.‬‬ ‫ضيٍَّة ُمعْ ِ‬ ‫ان ِفي َق ِ‬ ‫َوِجيهَ ِ‬
‫ت ‪.‬‬ ‫حَتاجُ ِإلى َتأَُّمٍل َوتََثبُّ ٍ‬ ‫جٍج َت ْ‬ ‫حَ‬ ‫ودا َويُْديل ِب ُ‬ ‫ُوُكٌّل ِمنُْهَما يََّدعِي بَِّينًَة َوُشُه ً‬

‫حوا أَْو يََتبََّين‬


‫اء أَنْ َيصَْل ُ‬
‫خصُومَ َرجَ ً‬
‫ت الْ ُ‬
‫دد ُ‬
‫ح ِّق َر ْ‬
‫وملا مل يََتبََّينْ ِلي َو ْج ُه ْال َ‬
‫صٍل بَْينَهَُما ‪.‬‬ ‫ِلي َوْجُه َف ْ‬

‫‪113‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الرطَ َ‬
‫ب‬ ‫ب ُّ‬ ‫أح ُّ‬
‫خصَْميِْن ِمْن َخَب ِري َعلَى أَِّني ِ‬ ‫ف أَ َح ُد الْ َ‬
‫ك َوَق َ‬ ‫اء َذِل َ‬
‫َوأَْثنَ َ‬
‫السكَِري ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫الرطَِبَوَجَمَع ُرطَبًا ُسكَِّريًا ال َيتََهَيأ ِفي‬
‫ت ُّ‬ ‫َفَعَمَد ِفي َوْقِتنَا َهَذا َوهَُو أََّوُل َوْق ِ‬

‫‪114‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫سَن منه ‪.‬‬ ‫ت أَْح َ‬ ‫ني َوَحًّقا مَا َرَأيْ ُ‬ ‫َهَذا الوقتِ َألحدٍ َجْم ُع مِْثِلِه ِإال َألمِري ْالُمْؤِمنِ َ‬
‫إيل عَلَى أََّنُه ال‬ ‫الطبَ َق َّ‬ ‫مث عَ َم َد إلى َب َّوابِي َفَرشَاهُ ُجْمَل َة َدَراهِم ِليُ ْدِخَل َّ‬
‫ك أَْن أَْقَبَل الطََّبَق أَْو َأُرَّدُه ‪.‬‬ ‫ُيبَاِلي بَْعَد َذِل َ‬
‫ت ِب َرِّد الطََّب ِق‬ ‫ت بَ َّوابِي َوأَ َم ْر ُ‬‫ت َأمْ َرُه َو َط َرْد ُ‬ ‫يل َأنْ َك ْر ُ‬ ‫الطبَ َق ِإ َّ‬
‫َفَلَّما أَْد َخ َل َّ‬
‫ساعَِتِه ‪.‬‬ ‫َفَردَُّه ِل َ‬
‫اويَا‬ ‫يل َهَذا الرجلُ مع َخصِْمِه َفَهَالنِي أََّنُهَما َلْم يََتسَ َ‬ ‫ان اليومُ َتقََّدمَ ِإ َّ‬‫َفَلَّما َك َ‬
‫ِفي َقْلِبي َوال ِفي عَْينِي ‪.‬‬
‫وهذا يا أمري املؤمنني وأنا لَْم أَْقَب ْل فكيف يكون حَايل لو َقْبلتُ وال آمَُن‬
‫ك وقد َفسد الناسَ فأقِْلين َأقَالَكَ اهلل وأعْفِين ‪.‬‬ ‫أن َيقََع على ِحَيلٍة يف ِديين فأهِْل ُ‬
‫الوَرعِ‬ ‫مع إىل ذلك الكالم املنيب عن ش َِّدةِ َ‬ ‫ومل َيس َِع اخلليفةُُ وهو َيستَ ُ‬
‫واحلرص اخلالص على نزاهةِ احلكم وبُْعَد القاضي عن املؤثرات أًَّيا كان نوعَُها إال‬
‫اضي النَِّقي النَِّبيل فأعْفَُاه من القَضَاء ‪.‬‬ ‫ب القَ ِ‬ ‫جيبَ ِلَطَل ِ‬ ‫ستَ ِ‬‫أن َي ْ‬
‫وقارْن بَْينَُه َوبَْيَن َكِثٍري من ُقضَِاة هذا الزمن يََتبََّيُن‬ ‫َفَتأَمل هَِذه القِصَِّة بدقة ‪ِ .‬‬
‫ون الشاسِع نسأل اهلل العافية ‪.‬‬ ‫ك الفرق العظيمُ والبُ ُ‬ ‫َل َ‬
‫ك َوَجِّمل َأْلسَِنتََنا‬ ‫حبَِّت َ‬‫ان َوَزيِّْن َه ا ِبَم َ‬
‫ور الِإ َمي ِ‬
‫وبنَ ا َونَِّوْر َه ا ِبنُ ِ‬ ‫الل ُهمَّ َأ ْحي ُقُل َ‬
‫َّ‬
‫ظ َأْوَقاتَِن ا َوأَْحيينَ ا َحَي اةً َطيَِّب ًة َوتََوَّفَن ا‬‫حفْ ِ‬ ‫ِب ِذْكِركَ َوشُكِْركَ َوَحسِّْن أَعَْمَالنَ ا َوَوِّفْقنَ ا ِل ِ‬
‫حِبِه‬‫حَّمٍد َوَعلَى ِآل ِه َوص َ ْ‬ ‫اهلل عَلَى ُم َ‬ ‫ني َوص َلَّى ُ‬ ‫ح َ‬ ‫حْقنَ ا ِبعَِب ادَِك الص َِّال ِ‬ ‫ني َوَأْل ِ‬
‫ُمس ِْلِم َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َأْجَمعِ َ‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫خيْ ِر َأنَّهُ َكَتبَ‬
‫ج َوائِِز َلِمْن َيُدُّلهُ َعلَى الْ َ‬
‫َوِمْن إِْعالنِ عمر بن عبد العزيز الْ َ‬
‫ِإلى َأهْ ِل ْالُموسِِم ‪ :‬أََّما بَ ْع ُد َفَأيُّ َم ا َر ُج ٍل َق ِدمَ َعَلْينَ ا ِفي رَِّد َمْظَل َم ٍة أَْو َأمْ ٍر يُصِْلح‬
‫اصا‬
‫اهلل ِبِه َخ ًّ‬
‫ُ‬

‫‪115‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ار بِ َق ْدٍر مَ ا يَ ِري‬ ‫مائ ِة ِد َين ٍ‬


‫ين َفَل ُه مَ ا بَْيَن مَ َائ ِة ِدينَ ار ِإلى َثالثِ َ‬ ‫َأْو عَ ًام ا مِْن أَ ْم ِر ِّ‬
‫الد ِ‬
‫حيِي بِ ِه َحقًّ ا َأْو يُِميتُ بِ ِه َب اطِالً أَْو َيفَْتَح ِب ِه‬ ‫اهلل يُ ْ‬
‫سبَِة وَبُعْ ِد السََّفِر َل َع َّل َ‬ ‫حْ‬‫ِمْن الْ ُ‬
‫ك عَْن َمنَاسِكَُكْم‬ ‫ب َفيَش ْغَُلكُْم َذِل َ‬ ‫يل عََليُْكم َوأَْطنِ ُ‬ ‫ِمْن َوَرائِ ِه َخيْ ًرا َوَل ْوال َأنِّي أُِط ُ‬
‫اهلل ُه و‬ ‫اهلل َو َك انَ ُ‬ ‫ورا ِمَن الَْباطِ ِل َأمََات َه ا ُ‬ ‫اهلل َوأُ ُم ً‬
‫ح ِّق أَْظَهَر َه ا ُ‬ ‫ورا ِمَن الْ َ‬ ‫ت أُ ُم ً‬‫سَّميْ ُ‬‫َل َ‬
‫ون غَْي َرُه َفِإَّنُه َل ْو َوَكَلنِي إِلى نَْفس ِي َلكُْنتُ‬ ‫ج ُد َ‬ ‫ك ال َت ِ‬ ‫ْالُمَتَوِّحُد َلكَْم ِفي َذِل َ‬
‫الم ‪.‬‬ ‫َكَغيِْري َوالسَّ ُ‬
‫بن َعبْ د‬ ‫خِري ‪ :‬مِْن عُ َم َر ِ‬ ‫بن الشَّ ِّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ي َومُ َط ِّر َ‬ ‫سِن الَْبصِْر ّ‬ ‫حَ‬‫َوَكَتبَ َمَّرًة إِلى الْ َ‬
‫علْيكُ َم ا َف ِإنِّي‬ ‫خِري سَالمُ َ‬ ‫اهلل ابنِ الشَّ ِّ‬ ‫بن عَْب ِد ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ي َوُم َط ِّر ِ‬ ‫سِن الَْبصِْر ّ‬ ‫حَ‬ ‫يز إِلى الْ َ‬ ‫ْالعَِز ِ‬
‫حَّمٍد عَْب ِده‬ ‫اهلل َّالِذي ال إَِل َه إِال ُه َو َوأَس ْأَُله َأنْ ُيص َِّلي َعلَى مُ َ‬ ‫َأْح َم ُد ِإَليُْك َم ا ُ‬
‫اهلل َف ِإنَّ َمْن يَُقولُ َه ا َكثِ ٌري َومَْن َيعْ َم ُل ِب َه ا‬ ‫َوَرُسولِِه َأمَّا َبعْ ُد َف ِإنِّي أُوصِيكَُما ِبتَ ْق وَى ِ‬
‫السالمُ ‪.‬‬ ‫اكَما ِكَتابِي فَعِظَايِن َوال ُتَزِّكَيانِ َو َّ‬ ‫يل َفِإَذا أََت ُ‬‫َقِل ٌ‬
‫اهلل َّالِذي ال‬ ‫ك َ‬ ‫ك َفِإِّني أَْحَمُد ِإَليْ َ‬ ‫الم َعَلْي َ‬‫سُن ‪ِ :‬إلى عَُمَر سَ ٌ‬ ‫حَ‬ ‫َفَكَتبَ إَِلْيِه ْال َ‬
‫وب ًة‬ ‫ط ِإَليْ َه ا آدَُم عََليْ ِه السَّالمِ ُعقُ َ‬ ‫خموف ٍة ُأهَْب َ‬‫الدنَْيا َدُار َ‬ ‫إَِل َه ِإال هُ َو أََّما بَ ْع ُد َف ِإَّن ُّ‬
‫هني مِْن َأْكَرَم َه ا َوُتكْ ِرُم مَْن َأهََان َه ا َوُتفْ ِق ُر مَْن َج َم َع َل َه ا هَل ا ِفي ُك ِّل يَ ْومٍ َقِت ٌ‬
‫يل‬ ‫ُت ُ‬
‫اف ِمن‬ ‫خ ُ‬ ‫الدَوِاء ِل َم ا َت َ‬‫جرِحِه َواصِْبْر َعلَى شَِّدةِ َّ‬ ‫َفُكْن يَا َأمَِري ْالُمْؤِمنِيَن َكْالُمَداوِي ِل ْ‬
‫الء ‪.‬‬
‫ول الَْب ِ‬ ‫ُط ِ‬
‫اهلل َوَبَرَك ِات ِه‬
‫ني َوَرْح َم ُة ِ‬ ‫ك َي ا َأمِ َري الْ ُم ْؤِمنِ َ‬ ‫الم عََلي ْ َ‬‫ف ‪ :‬سَ ٌ‬ ‫ب إَِلْي ُه ُمطَ ِّر ُ‬ ‫َوَكتَ َ‬
‫اهلل‬
‫ك بِ ِ‬ ‫َاس َ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َّالِذي ال إَل َه إِال ُه َو أََّما بَ ْع ُد َفْليَُكْن اسِْتئْن ُ‬ ‫ك َ‬ ‫َف ِإِّني َأْح َم ُد ِإَليْ َ‬
‫اسا ِمنُْهْم‬ ‫استِْئنَ ً‬
‫اهلل َوانْقََطُعوا ِإَليِْه ِفي َوْحَدتِِهْم أََشُّد ْ‬ ‫ك ِإَليِْه َفِإَّن َقْو ًما َأنِ ُسوا بِ ِ‬ ‫َوانِْقَطاعُ َ‬
‫وبُهْم َوَتَر ُك وا‬ ‫الدنَْيا مَ ا َخ ُافوا َأنْ ُيِميتَ ُقُل َ‬ ‫توا ِمن ُّ‬ ‫عدِدِهْم ‪ ،‬أََما ُ‬ ‫اس ِفي ُكثْ َرَة ِ َ‬ ‫ِبالنَّ ِ‬
‫اس ِمنْ َه ا أَ ْع َداءً َجعََلنَ ا ُ‬
‫اهلل‬ ‫حوا ِل َم ا سََالَم النَّ ُ‬ ‫ِمنْ َه ا مَ ا عَِل ُم وا َأنْ سََيتُْرَكُهْم َفَأصَْب ُ‬
‫الم ‪.‬‬
‫حوا بَِها َقِليالً َوالسَّ ُ‬ ‫صَب ُ‬
‫اك مِْنُهْم ‪َ ،‬فِإَّنُهْم َقْد أَ ْ‬ ‫َوِإيَّ َ‬

‫‪116‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ارتْ‬
‫يز ‪ .‬فََلَّما صَ َ‬
‫بن َعبْ ِد ْالعَِز ِ‬
‫ت امْ َرَأةٌ ِمن الْ ِع َراقِ َعلَى عَ ْه ِد ُع َم رَ ِ‬
‫َوَق ِدمَ ْ‬
‫ادُخِلي ِإنْ شِئْت‬‫ني َح اجِبٌ ؟ َف َق الَوا ‪ :‬ال َف ْ‬ ‫ِإلى َبابِِه قَالَتْ ‪ :‬هَْل َعلَى أَِمِري الُْمْؤمِِن َ‬
‫‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اط َم َة َوِهيَ َجِالسَِة ِفي َبيِْت َه ا َوِفي َي ِدَها ُقْطٌن‬ ‫َف َدَخَلتْ ْال َم ْرأَُة عَلَى َزْو َج ِة عُ َم َر َف ِ‬
‫الم َوقَالَتْ َلَها ‪ْ :‬أدُخِلي ‪.‬‬ ‫ت َعَلْيَها َفاطَِمُة السَّ ِ‬ ‫ت الَْمْرَأةُ َفَرَّد ْ‬ ‫سَّلَم ْ‬
‫جُه َف َ‬‫تَََُعِال ُ‬
‫ت بَصََرهَا َفَلْم َت َر ِفي ْالبَي ْتِ شَْيئًا َل ُه َباٍل َوُذو‬ ‫ت الْ َم ْرأَُة َرَفعَ ْ‬ ‫َفَلَّما َجَلسَ ْ‬
‫اب قَ الَتْ َفاطِ َم ُة ‪:‬‬ ‫خ َر ِ‬‫ت َألعْ ُم َر بَْيتِي مِْن َه َذا ْالبَْيتِ ْال َ‬ ‫َأِمهيٍَّة ‪َ ،‬ف َق الَتْ ‪ِ :‬إنَّ َم ا ِجئْ ُ‬
‫الدَار َفسََّلم‬ ‫ك َفأَْقَب َل ُع َم ُر َحتَّى َد َخ َل َّ‬ ‫وت أَْمثَ ِال ِ‬ ‫ارةُ ُبيُ ِ‬ ‫ت عِ َم َ‬ ‫ب هَ َذا الَْبيْ َ‬ ‫إِنَّ َم ا َخ َّر َ‬
‫صِّلي ِفيهِ ‪.‬‬ ‫ت يُ َ‬ ‫صلّى َكانَ َلُه ِفي الَْبيْ ِ‬ ‫ال إِلى مُ َ‬ ‫َوَدَخَل َبيَْتُه َفَم َ‬
‫اط َم ُة عَن ْال َم ْرأَِة َف َق الَتْ ‪ِ :‬هيَ َه ِذِه َفأَ َخ َذ ِمكْت َالً َل ُه ِفِيه شَْيٌء‬ ‫َفسَأََل َف ِ‬
‫اجتُ ِ‬
‫ك‬ ‫ال ‪َ :‬م ا َح َ‬ ‫اوُلَها ِإيَُّاه ثَُّم أَْقَبَل عََليْ َه ا َف َق َ‬ ‫سنَُه ُينَ ِ‬
‫خيَُّر َلَها أَْح َ‬ ‫جعََل َيتَ َ‬ ‫ِمْن عَِنبٍ َف َ‬
‫؟‬
‫ك ابْتَِغي‬ ‫جْئتُ َ‬
‫ات ُك ُسلٍ ُكسٍُد َف ِ‬ ‫س بََن ٍ‬ ‫اق ِلي َخْم ُ‬ ‫َف َقالَتْ ‪ْ :‬امَرَأةٌ ِمْن َأهِْل الِْعَر ِ‬
‫الدَواةَ‬
‫ول ‪ُ :‬ك ُس لٌ ‪ُ ،‬ك ُس دَ َوَيبِْكي َفَأخَ َذ َّ‬ ‫جعَ َل َيقُ ُ‬ ‫ُحس َْن نَ َظ ِركَ ل َُهَّن ‪َ ،‬ف َ‬
‫ض َل َه ا‬ ‫ال ‪ :‬سَِّمي أَْكَب َرهَُّن َفسَمتها َففَ َر َ‬ ‫ب إِلى وَايل الْ ِع َراقِ َف َق َ‬ ‫اس َوَكتَ َ‬ ‫َوْالقِْرطَ َ‬
‫هلل ‪.‬‬
‫حْمُد ِ‬ ‫َف َقالَتْ الَْمْرَأةُ ‪ْ :‬ال َ‬
‫ض َل َه ا‬ ‫اهلل َف َف َر َ‬
‫ح َم ُد َ‬ ‫ُثَّم سَأََلَها َعْن اسِْم الثَّانَِي ِة َوالثَِّالثَ ِة َو َّ‬
‫الرابِ َع ِة َوالْ َم ْرَأةُ َت ْ‬
‫ال ‪َ :‬ق ْد ُكنَّا‬ ‫جَزتْ ُه َفَرَف َع َي َدُه َوقَ َ‬ ‫ح َف َدَعتْ َل ُه َف َ‬ ‫ألْربَْع اسَْتفََّزهَا ْالفََر ُ‬ ‫َفَلَّما َفَرضَ ل ِ َ‬
‫الء األَْربَ َع يُفِضَْن عَلَى َه ِذِه‬ ‫َؤ ِ‬ ‫ح ْم َد أَْهَل ُه َف ُمرِي ه ُ‬ ‫ني ْال َ‬ ‫ني ُكنْتِ تُولِ َ‬ ‫َنفِْرضُ َلُهَّن ِح َ‬
‫سِة ‪.‬‬ ‫خِام َ‬
‫ْال َ‬
‫اق َفَلَّما َدَفَعتْ‬ ‫ت بِِه ْالعَِراقَ َفَدعَْتُه إِلى وَايل الِْعَر ِ‬ ‫اب َحتَّى َأتَ ْ‬ ‫خَرَجتْ ِبْالكَِت ِ‬ ‫َف َ‬
‫اب َف َق الَتْ‬
‫احبَ َه َذا الِْكتَ ِ‬ ‫اهلل صَ ِ‬ ‫ال ‪َ :‬رِحَم ُ‬ ‫اؤُه َوقَ َ‬ ‫اب بَكَى َواشْتََّد بُ َك ُ‬ ‫ِإَليْ ِه ْالكَِت َ‬
‫ت َألُرَّد‬ ‫ك مَ ا ُكنْ ُ‬ ‫س عََليْ ِ‬ ‫ال ‪ :‬ال َب ْأ َ‬ ‫ت َف َق َ‬ ‫ت َوَوْل َوَل ْ‬ ‫‪َ :‬أَمات َ؟ قَ َال ‪َ :‬نعَْم َفصَاحَ ْ‬
‫ض ِلبََناتَِها ‪.‬‬ ‫ِكَتابَُه ِفي شَْيٍء َفقَضَى َحاجََتَها َوَفَر َ‬

‫‪118‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ريني عَْن ُعَمَر قَالَتَ ‪َ :‬أْفعَُل‬ ‫ك أَْخبِ ِ‬‫ت عَْبِد ْالَمِل ِ‬ ‫اطَمةَ ِبنْ َ‬
‫َوأَْرَسَل عََطاءُ ِإلى َف ِ‬
‫ورهِْم َفكاََن‬
‫سُه َوُألُم ِ‬‫ني َنفْ َ‬
‫سِلِم َ‬
‫غ ِلْلُم ْ‬
‫اهلل َعَلْيِه كَانَ َقْد َفَّر َ‬
‫‪ .‬إَِّن عُ َمَر َرْحَمةُ ِ‬

‫‪119‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صَل يَْوِمِه بَِليَْلتِ ِه إِلى أَْن أَْمسَى مَسَاء‬ ‫غ ِفيهِ ِمْن َحَوائِِج يَْوِمِه َو َ‬ ‫ِإَذا أَْمسَى َوَلْم يَْفُر ْ‬
‫اجِه الَِّذي َك انَ ِمْن مَاِل ِه َفصَلَّى َرْكعََتيِْن ُثَّم‬ ‫غ َح َوائَِج يَْو ِم ِه َف َدَعا بِسَِر ِ‬ ‫َوَق ْد َف ِر َ‬
‫وع ُه عَلَى َخَّدْي ِه يَش َْهُق الش َّْهقََة َيكَ اد‬ ‫يل ُدمُ ُ‬ ‫َأْقعَى َواض ِ ًعا َرأْس َُه عَلَى َيَدْي ِه تَس ِ ُ‬
‫ق الصُّْبُح َأصَْبَح صَائِ ًما َف َدنَْو ُ‬
‫ت‬ ‫ج َل َه ا َنفْسُُه َحتَّى إَِذا بِ َر َ‬ ‫خ ُر ُ‬ ‫َينْصَِدعُ َقْلبُ ُه َل َه ا َوَت ْ‬
‫ِمنُْه ‪.‬‬
‫ْك ِبشَأْنِ َ‬
‫ك‬ ‫ال ‪ :‬أَ َج ْل َفَعَلي ِ‬ ‫ان قَ َ‬‫ك مَ ا َك َ‬ ‫س ِمنْ َ‬ ‫ني أََليْ َ‬
‫َفقُْلتُ ‪َ :‬ي ا َأمِ َري الْ ُم ْؤِمنِ َ‬
‫ال ‪ :‬إَِذنْ أُْخِب ُرَك إِِّني َن َظ ْر ُ‬
‫ت‬ ‫ظ قَ َ‬ ‫َوَخِّلِيني َوَشأِْني قَالَتْ ‪َ :‬فقُْلتُ ِإنِّي أَْر ُج و أَْن أََّتعِ َ‬
‫َفَوَجْدُتنِي َقْد ُوِّلْيتُ َأمَْر هَِذِه األُمَِّة َأسَْوَدَها َوأَْحَمَرهَا ‪.‬‬
‫ال‬
‫ور َوَذا ْال َم ِ‬ ‫ج ائَِع َوالْ َغ ِريبَ الضَِّائَع وَاألَسَِري الَْمقْ ُه ِ‬ ‫ت ْالفَ ِق َري الْ َ‬ ‫ُثَّم َذ َك ْر ُ‬
‫اف األَْرضِ َفَعِلْمتُ َأنَّ‬ ‫الد َوَأطْ َر ِ‬ ‫ك ِفي أََقاصِي ْالبِ ِ‬ ‫يل َوالِْعيَ الِ ْالكَِث ِري َوأَشَْباهِ َذِل َ‬ ‫ْالقَِل ِ‬
‫ت أَ ْن ال َي ْقبَ َل اهللُ ِميِّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اهلل ‪َ ‬حجيجي في ِه ْم فَخ ْف ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫اهلل سَِائِلي عَْنُهْم َوَأنَّ َرسُ َ‬ ‫َ‬
‫اهلل َي ا َفاطِ َم ُة‬ ‫اهلل ‪ُ ‬حجٌَّة َف َرِحْمتُ َو ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫مع ِذريِت فِي ِهم وال َت ُق وم يِل م ع رس ِ‬
‫َ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ت َل َه ا ِذ ْك ًرا‬ ‫ت َل َه ا عَْينِي َوَو ِج َع َل َه ا قَْلِبي َفَأنَّا ُكَّل َم ا ْازَدْد ُ‬ ‫َنفْسِي َرْح َم ًة َدَمعَ ْ‬
‫ت أَْو َذِري ‪.‬‬ ‫ِظي ِإنْ ِشئْ ِ‬ ‫ت ِمنَْها َخْوًفا َفاتَّع ِ‬ ‫ْازَدْد ُ‬
‫اهلل َوسُنَِّة‬ ‫اب ِ‬ ‫اء بِِكتَ ِ‬ ‫حثُُهْم ِفي االعِْتنَ ِ‬ ‫اس ِفي َزَمنِ ِه َكالمُُهْم َوبَ ْ‬ ‫ان النَّ ُ‬ ‫َو َك َ‬
‫ث َعِن‬ ‫ح ِ‬‫ع َوالَْب ْ‬ ‫الز ْه ِد َو ْال َوَر ِ‬
‫حابَِة َو ُّ‬ ‫ول َوالصَّ َ‬ ‫الرسُ ِ‬ ‫اللْي ِل َوسَِريِة َّ‬ ‫ولِه ‪َ ‬وِقيَ ِام َّ‬ ‫َرس ُ ِ‬
‫ح َو‬ ‫وف َوالنَّْهي عَِن ْالُمْنكَ ِر َونَ ْ‬ ‫ني وَاألََر ِام ِل وَاألَيَْت ِام َواألَ ْم ِر ِب ْالَمْعُر ِ‬ ‫اك ِ‬‫ْالفُ َق َرِاء َوالَْمسَ ِ‬
‫ادت ِِهْم َوعَُلَمِائِهْم َغِالبًا ‪.‬‬ ‫وكِهْم َوَق ِ‬ ‫اس ِفي ُكِّل َعصٍْر تََبُع ُمُل ِ‬ ‫ك وهََكَذا النَّ ُ‬ ‫َذِل َ‬
‫يزٌة ِفي َنفْسِِه َوِمْن‬ ‫اف َر ِك َ‬ ‫ب الَْعَد َال ِة وَا ِإلْنصَ ِ‬ ‫اهلل عَْن ُه ُح ُّ‬‫ان عُ َم ُر َرضَِي ُ‬ ‫َو َك َ‬
‫جوبَ َة التَّارِيخ ‪َ ،‬ك انَ َناشِئًا‬ ‫ك َو َك انَ ُأعْ ُ‬ ‫ب َل ُه ابُْن ُه َعبْ ِد ْالَمِل ِ‬ ‫اهلل بِ ِه أَْن َوهَ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ُل ْط ِ‬
‫ي ا ِإل َمي انِ‬‫اهلل َل ُه أََّنُه مُْن ُذ صَِغِرِه َق ِو ُّ‬ ‫يق ِ‬ ‫ين عَ ًام ا ‪َ ،‬وَلكَِّنُه ِم ْن تَْوِف ِ‬ ‫اوْز ِعشِْر َ‬ ‫ج ِ‬‫َلْم يُ َ‬
‫ولتِ ِه يَُحثُُّه‬
‫ع نَْو ِم ِه َوَقْيُل َ‬ ‫خ َد ِ‬ ‫اديهِ َوَم ْ‬‫جِلسِِه َونَ ِ‬ ‫حُم َعلَى أَِبيهِ ِفي مَ ْ‬ ‫َوَر ًع ا َزاهِ ًدا ‪ ،‬يَْقتَ ِ‬

‫‪120‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫حَّم األَ َج ُل‬


‫مظلمة الناس خمافة أن َي ْ‬
‫ً‬ ‫ذكُرُه ِباهللِ َوُيوقظه َوينهيه إال يؤخر‬ ‫َوَيعُِظهُ َوَي ُ‬
‫ب عَلَى َأبِِيه النَّارُ ‪.‬‬
‫وء الَْمغََّبُة َوتَْلتَِه ُ‬
‫َفَتسُ ُ‬

‫‪121‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك َقِويًّ ا‬ ‫حَم َه ا عَْب ُد ْالَمِل ِ‬ ‫ور عَلَى َبيَِّن ٍة اقَْت َ‬ ‫ان ُكَّل َم ا َد َخ َل عُ َم ُر ِفي األُ ُم ِ‬ ‫َو َك َ‬
‫ور َوَد َخ َل عَْب ُد الَْمِل ِ‬
‫ك‬ ‫يزِه ِلألُ ُم ِ‬ ‫جِ‬ ‫جالً َوَق ْد َأثََّر عَلَى َأبِِيه َوَزَاد ِفي َوَر ِع ِه َوَتنْ ِ‬ ‫ُمسَْتعْ ِ‬
‫ال ‪ :‬أَِسٌّر‬ ‫ان عِْنَدُه عَُّمُه َمسَْلَمةُ َفَطَلبَ ِإلى أَبِيهِ َأنْ خُيِْليهِ ِبِه َف َق َ‬ ‫َيْو ًما َعلَى أَِبيهِ َوَك َ‬
‫ال َل ُه‬ ‫ي أَِبيهِ َف َق َ‬ ‫ك بَْيَن يََد ْ‬ ‫س عَْبُد ْالَمِل ِ‬ ‫سَلَمُة َوَجَل َ‬ ‫ك ؟ قَ َال ‪َ :‬نعَْم َفقََام َم ْ‬ ‫ُدونَ َعِّم َ‬
‫ال ‪َ :‬رأَْيتَ ِبْد َع ًة َلْم‬ ‫ك َف َق َ‬ ‫ك َغ ًدا ِإَذا سَأََل َ‬ ‫ني مَ ا أَْنتَ َق ِائ ٌل ِلَربِّ َ‬ ‫‪ :‬يَا َأمِ َري الْ ُم ْؤِمنِ َ‬
‫ي َرأيَْت ُه قَ َال ‪:‬‬ ‫ك َأمْ َرْأ ٌ‬ ‫ال عُ َم ُر ‪ :‬يَ ا بَُنيَّ َأشَيٌْء َحَمَل َ‬ ‫حِي َه ا َف َق َ‬
‫مُتِتْ َه ا أَْو سَُّنًة َلْم ُت ْ‬
‫ت َقائٌِل ‪.‬‬ ‫سُؤٌل َفَما َأنْ َ‬ ‫ك َم ْ‬ ‫سي عََرْفتُ َأنَّ َ‬ ‫ي َرَأيُْتُه مِْن َنفْ ِ‬ ‫اهلل َوَلِكْن َرأْ ٌ‬ ‫لا َو ِ‬
‫اهلل إِِّني َألْرُجو‬ ‫يك مِْن َوَلٍد َخْيًرا َفَو ِ‬ ‫جِز َ‬ ‫اهلل ي َا ُبنَّي َويَ ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫وه ‪ :‬يَْرَحُم َ‬ ‫قَ َال َأبُ ُ‬
‫ك شَُّدوا َه َذا األَ ْم َر ُعقْ َدةً‬ ‫خْي ِر َي ا بَُنيَّ ِإنَّ َقْو َم َ‬ ‫ون مِن األَ ْع َوانِ عَلَى ْال َ‬ ‫َأنْ َتكُ َ‬
‫يهم َلْم آمَْن أَْن يَْفتِ ُق وا‬ ‫اع مَ ا ِفي أَْي ِد ْ‬ ‫يد ُم َك ابََرتَُهْم عَلَى انِْت َز ِ‬ ‫َو ُع ْرَوًة َومَتَى َم ا أُِر َ‬
‫الدنَْيا أَ ْه َوُن عََليَّ ِمْن أَْن يُ ْه َراق ِفي سََببِي‬ ‫ال ُّ‬ ‫اهلل ِل َزَو ُ‬‫اء َو ِ‬ ‫الدَم ُ‬
‫َعَلَّي َفتْ ًق ا َتكُْث ر ِفيهِ ِّ‬
‫الدْنيَا ِإال َوهُ َو‬ ‫جَمٌة ِمْن َدْم أَْو َما تَْرضَى أَال َي أْت ِي َعلَى أَِبيكَ َي ْومٌ ِم ْن َأيَِّام ُّ‬ ‫حَ‬ ‫ِم ْ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫اكِم َ‬
‫ح ِ‬ ‫اهلل َوُهَو َخْيَر ْال َ‬ ‫حُكَم ُ‬ ‫حيِي ِفيهِ ُسنًَّة َحتَّى يَ ْ‬ ‫مُيِيتُ ِفيهِ ِبْدَعًة َويُ ْ‬
‫ون َرأِْيِه‬ ‫صارَ ال ُيبِْرمُ َأمًْرا ِفي ْالَمَظِالِم ُد َ‬ ‫ك ِبأَِبيهِ َحتَّى َ‬ ‫وَلَْم َيَزْل َعبُْد الَْمِل ِ‬
‫يز َوإِلى مَْك ُح ول َوإِلى أَِبي‬ ‫ْد اْلعَِز ِ‬ ‫بن َعب ِ‬ ‫ث إَِلَّي عُ َم رُ ُ‬ ‫بن مَ ْه َرانْ ‪َ :‬بعَ َ‬ ‫ون ُ‬ ‫قَ َال َميْ ُم ُ‬
‫ال‬ ‫اس ظُْل ًم ا َف َق َ‬ ‫ت ِمَن النَّ ِ‬ ‫ال َّالتِي أُ ِخ َذ ْ‬ ‫ال ‪ :‬مَ ا َت َرْوَن ِفي َه ِذِه األَمْ َو ِ‬ ‫الب َة َف َق َ‬
‫ِق َ‬
‫َمكْ ُحول يَو َْمئٍِذ َق ْوالً ضَِعي ًفا َكِرهَ ُه ُع َم ر قَ َال ‪َ :‬أرَى أَْن تُسَْتأَْنف َفنَ َظ َر عُ َم ُر ِإَليَّ‬
‫ك َفأَْحضِْرُه‬ ‫ك عَْب ِد الَْمِل ِ‬ ‫ث ْإلى اْبنِ َ‬ ‫ني ابعْ َ‬ ‫ت ‪ :‬يَ ا أَ ِم َري ْال ُم ْؤمِِن َ‬ ‫َكْالُمسَْتغِيثِ ِبي َفُقْل ُ‬
‫ون مَْن َرَأيْت ‪.‬‬ ‫س ِبُد ِ‬ ‫َفِإَّنُه َليْ َ‬
‫ف الَأَّوِل مِْن ُفَق َه اء‬ ‫صارَ ِفي الصَّ ِّ‬ ‫س َحتَّى َ‬ ‫ك َقْد َتفََّقَه َوَدَر َ‬ ‫ان عَْبُد ْالَمِل ِ‬ ‫َوَك َ‬
‫ك َفَلَّما‬ ‫ع ِلي َعبْ ُد الَْمِل ِ‬ ‫ث ْاد ُ‬ ‫ال ُع َم ُر ‪ :‬يَ ا َح ارِ ُ‬ ‫الشَِّام ثَُّم َزهِ َد قَ َال َميْ ُم ون ‪َ :‬ف َق َ‬
‫ت ِمن‬ ‫ك َم ا َت رَى ِفي َه ِذِه األ َْم َوال الَِّتي ُأ ِخ َذ ْ‬ ‫ال َل ُه ‪َ :‬ي ا َعبْ َد ْالَمِل ِ‬ ‫َد َخ َل عََليْ ِه قَ َ‬

‫‪122‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اس ُظْل ًما َوَقْد َحضَُروا َيْطُلُبونََها َوَق ْد عََرْفنَ ا َمَواضَِعَها قَ َال ‪ :‬أ ََرى َأنْ َتُرَّدهَ ا َف ِإْن‬
‫النَّ ِ‬
‫َلْم تَْفعَْل ُكْنتَ َشِري ًكا ِلَمْن أََخَذَها ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وََيحُْلو كََطعِْم‬ ‫اعَها‬


‫ات يُِطيبُ َسَم ُ‬
‫سَمعُ ِحَكايَ ٍ‬
‫تَ ْ‬
‫الشّْم مِْن مََعانٍ ِلْلُعُوم ِ َ‬
‫حقَائِِق‬ ‫وَكَ‬ ‫وب َرَقائٍِق‬
‫َفَكْم ِمْن َشَواجٍ لِْلقُُل ِ‬
‫وني ‪.‬‬ ‫ات ِفِيه قَ َال ‪َ :‬أْجِلسُ ِ‬ ‫ان ِفي َيْو ِم ِه الَِّذي مَ َ‬ ‫الدْنَيا َأَّن ُع َم َر بنَ َعْب ِد ْالعَِزِيز َلَّما َك َ‬
‫َوذَ َك رَ ْابُن َأِبي ُّ‬
‫اهلل َثَّم َرَف َع َرْأسَُه َوَأ َح َّد‬ ‫وه َف َق َال ‪َ :‬أنَا َّالِذي َأ َم رَْتِني َفقَص َّْرت َوَنَهْيَتِني َفَعصَْيتُ َوَلِكْن ال إَِل هَ ِإال ُ‬ ‫َفَأْجَلسُ ُ‬
‫س َوال ِجٍّن ُثم‬ ‫ضرَ ًة مَا ُهْم ِب ِإْن ٍ‬‫ني َف َق َال ‪ِ :‬إِّني َألرَى َح ْ‬ ‫َّالنَظَر َف َقالَوا ‪ :‬إِن َ‬
‫َّك لََتْنظُُر َنَظًرا َشِد ًيدا َيا َأِمَري الُْمْؤِمِن َ‬
‫احُتضَِر ُع َم ُر بنُ َعْب ِد ْالعَِزِيز ُكَّنا ِعْن َدُه ِفي ُقَّبٍة َفَأْومَ َأ ِإَلْيَن ا أ َِن‬ ‫ض ‪َ .‬وقَ َال َمسَْلَمَة بن َعْب ِد ْالَمِل كَ ‪َ :‬لَّما ْ‬ ‫ُقِب َ‬
‫َّار اآْل ِخ َرةُ جَنْ َعلُ َها‬‫ك الد ُ‬ ‫سِمْعَنُاه َيقَْرَأ َهِذِه اآلية ‪ ﴿ :‬تِْل َ‬ ‫صيفٌ َف َ‬ ‫خرَْجَنا َحْوَل الُْقَّبِة َوَبِقَي ِعْنَدُه َو ِ‬ ‫ُأْخرُُجوا َف َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين اَل يُِري ُدو َن عُلُ ّواً يِف اأْل َْر ِ‬ ‫ِِ‬
‫س َوال ِجٍّن ُثَّم َخ َر َ‬
‫ج‬ ‫ني ﴾ مَ ا َأْنُتْم ِب ِإْن ٍ‬ ‫ض َواَل فَ َس اداً َوالْ َعاقبَ ةُ ل ْل ُمتَّق َ‬ ‫للَّذ َ‬
‫خُلوا َفِإذَا ُهَو َق ْد ُقِبض ‪.‬‬ ‫يف َفَأْوَمَأ ِإَلْيَنا َأِن ْاد ُ‬
‫ْالَوصِ ُ‬
‫ير‬
‫صُ‬ ‫َوانْظُْر ِبفِْكَرَك مَا إَِلْيهِ َت ِ‬ ‫َشّم‬
‫سيتُ‬
‫َونَ ِ‬ ‫ِرطَّو َعسَى أَْن ينَْفعَ‬
‫يب‬
‫ش ُ‬ ‫َأَوأَنّتَى َم ِ‬
‫شُيبكَ َوالَْم ِ‬ ‫اك َعن َغَدَراتَِها‬
‫ت ُدْنَي َ‬ ‫صًالَ‬
‫ح ْ‬ ‫ت َأْفآمَاَ‬
‫َلَْقدَْ‬
‫ير‬
‫سُ‬ ‫َت(ْرُجو الَْمَقامَ ِبَها َوأَْن َ‬
‫ت َت ِ‬ ‫ت بَِزْهِوَها مَُتمَتِّ ًعا‬
‫ار لََهْو َ‬
‫َد ٌ‬
‫ُعّم‬ ‫اعَلْم‬
‫وَ ْ‬
‫ير َكِث ُ‬
‫ير‬ ‫ام ثَِمِبْنهُُ‬
‫سيرِْفيهَما يمَاْكِفأََقيكَ‬
‫ِْرَويَتَِ‬ ‫ش إِال بُلْغًَة‬ ‫بلََْأينّ َ‬
‫س الِْغن َى ِفي الْعَْي ِ‬
‫ير‬
‫ير َحِق ُ‬
‫حقِ ِ‬‫َأبَ ًدا َف ُم ْلَتمِسُ الْ َ‬ ‫ال‬
‫ور بَِها وََأمِيرُ‬ ‫ِفي األَْر ِ‬
‫ض مَْأمُ ٌ‬ ‫شقْغَدَلّن تَ َ‬
‫ساوَى بَْيَن أَْطَباقِ‬ ‫يَوََلْ‬
‫َما َكانَ َساكِن َُها َلهَا‬ ‫آخر‪َ :‬حالثَّان‬
‫جَتدِي‬
‫ح يَ ْ‬
‫صَب َ‬ ‫ِبَعُمْب ٌدخَّل ِبَبابِ الْ ُ‬
‫جودِ َأ ْ‬ ‫وَالرّ ْ‬
‫اضَرْع ِإلى الَْمِل ِ‬
‫ك‬
‫ِدًينا ِسوَى ِد ِ‬
‫ين‬ ‫ودا وَال‬‫لَالْْمجَ َيّوْرضَ ِإال اهلل مَْعُب ً‬
‫قَ َال بَْعضُُهْم ملا َحضََرتُْه الَْوَف اة ‪ ( :‬إِلَِهي َوالنّسَيِّدي َومَ ْوالي َق ْد َ‬
‫آن الرَِّحيل ِإَليْ َ‬
‫ك‬
‫ور َوَأنَ ا الَْعاصِي َوَأنْتَ‬
‫ك الَْغفُ ُ‬
‫ك َغْي َر َأَّن َ‬ ‫ك َوال ُع ْذرَ ِلي َبيَْن يَ َديْ َ‬ ‫وم َعَلْي َ‬
‫َوَأِزف ْالقُ ُد َ‬
‫يد َوَأنَا ْالعَْبُد ارَْحمْ‪.‬‬
‫ت السَّ ُ‬‫جانِي َوَأنْ َ‬‫ني َوَأنَا ْال َ‬
‫َأرَْحُم الرَّاحِِم َ‬

‫‪124‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل َعلَى‬ ‫ك ) ‪َ .‬وصَلَى ُ‬ ‫ك َفِإنَُّه ال َح ْوَل َوال ُق َّوةَ ِإال بِ َ‬ ‫وعي َوَزَّلِتي َبيَْن َي َدْي َ‬ ‫ُخضُ ِ‬
‫حِبِه أَْجَمِعني ‪.‬‬ ‫صْ‬ ‫حَّمٍد َوَعلَى ِآلِه َو َ‬ ‫ُم َ‬
‫سري ‪َ ،‬وَأِزَفتِ اآلِزَفُة‬ ‫حُّوُل َوْالَم ِ‬ ‫ب التَّ َ‬‫اعِة َوَقُر َ‬ ‫اهلل اْقَتَرَبتِ السَّ َ‬‫مَْوِعَظة ‪ِ :‬عباد ِ‬
‫ََ‬
‫يل َوال َكثِ ٍري ﴿‬ ‫ان ِلقَِل ٍ‬‫حيفَُة َفال نِس ْيَ َ‬ ‫ت الص َّ ِ‬ ‫يم َوال نَص ٌِري َوُكِتبَ ِ‬ ‫اك َحِم ٌ‬ ‫س هَُن َ‬ ‫َوَلْي َ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫اب ُّمبِ ٍ‬ ‫ض إِاَّل يِف كِتَ ٍ‬ ‫الس َماء َواأْل َْر ِ‬ ‫َو َما ِم ْن َغائِبَ ٍة يِف َّ‬
‫يل اْل ُه دَى َوأَْعَرضُوا عَْن‬ ‫اهلل َفَتَر ُك وا سَِب َ‬‫ت األََمانِي أَْكَث َر َخ ْل ِق ِ‬ ‫َتاهللِ َلَقْد َغَّر ِ‬
‫ادوا َعلَى التََّوانِي َوَظنُّوا أَن‬ ‫الردَى َوتَ َم ُ‬ ‫َدِار التَّه ِاني َوْالقَ َرِار َفَوَق ُع وا ِفي ش ِْركِ َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ َوَقْوُل ُه تَ َع اىل‬ ‫ُيتَْر ُك وا ُس دَى َوَنسُوا َقْوَل ُه َتعَ اىل ‪َ ﴿ :‬وأ ُْملي هَلُ ْم إِ َّن َكْي دي َمت ٌ‬
‫ف َي ْعلَ ُم و َن ﴾ َوَقْوُل ُه تَ َع اىل ‪﴿ :‬‬ ‫‪َ ﴿ :‬ذ ْر ُه ْم يَ أْ ُكلُواْ َو َيتَ َمتَّعُ واْ َويُْل ِه ِه ُم األ ََم ُل فَ َس ْو َ‬
‫ات بَل اَّل يَ ْش عُُرو َن‬ ‫أَحَي س بو َن أَمَّنَا مُنِ دُّهم بِ ِه ِمن َّم ٍال وبنِني * نُس ارِع هَل م يِف اخْل ي ر ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َ ُ ُْ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َُ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫ور حَيَ ارَى ُح َف اةً عُرَاةً ُغ ْرَال ‪،‬‬ ‫ف َح ُالُكْم ِإَذا ُقْمُتْم ِمْن الُْقبُ ِ‬ ‫اهلل َكْي َ‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫ََ‬
‫َّاس ُس َك َارى َو َما ُهم بِ ُس َك َارى ﴾ َوَل ِزَمتِ‬ ‫ال ﴿ َوَت َرى الن َ‬ ‫ت األَهْ َو ُ‬ ‫َوَق ْد َعُظَم ِ‬
‫حكُْم َوهُ َو أَس َْرعُ‬ ‫ح َّق أَال َل ُه الْ ُ‬ ‫اهلل مَ ْوالهُْم الْ َ‬ ‫ف األَْعنَ اق ثَُّم ُرُّدوا إلى ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫الص ُّ ُ‬
‫ني ‪.‬‬‫اسِب َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ْال َ‬
‫ت‬ ‫جَّبارِ ‪ ﴿ :‬اَل خَت ْتَ ِ‬
‫ي َوقَ ْد قَ د َّْم ُ‬‫ص ُموا لَ َد َّ‬ ‫ف َأنُْتْم ِإَذا سَِمْعتُْم َق ْوَل ْال َ‬ ‫َكْي َ‬
‫ول َه ْل ِمن َّم ِزي ٍد ﴾ ‪.‬‬ ‫ْت َوَت ُق ُ‬ ‫ول جِل هنَّم ه ِل امتَأَل ِ‬
‫إِلَْي ُكم بِالْ َوعي د ﴾ ﴿ َي ْو َم َن ُق ُ َ َ َ َ ْ‬
‫ِ ِ‬
‫الش ْيطَا َن إِنَّهُ لَ ُك ْم‬
‫آد َم أَن اَّل َت ْعبُ ُدوا َّ‬ ‫َوَقْوُل ُه َتعَ اىل ‪ ﴿ :‬أَمَلْ أ َْع َه ْد إِلَْي ُك ْم يَا بَيِن َ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫َع ُد ٌّو ُّمبِ ٌ‬
‫يم مَْن‬ ‫حِ‬ ‫جِ‬ ‫ح ِفي ْال َ‬ ‫جِر ُم ونَ ِبالنََّواصِي وَاألَ ْق َدامِ ‪َ ،‬وُي ْط َر ُ‬ ‫ك يُْؤ َخ ُذ ْالُم ْ‬ ‫َفعِْنَد َذِل َ‬
‫اصي َجَرَاءةٌ َوِإْقَدام ‪.‬‬ ‫ان َلُه عَلَى ْالَمَع ِ‬ ‫َك َ‬

‫‪125‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ح ِ‬
‫ات‬ ‫ات الصَِّال َ‬
‫ات ِل َدارِ السَّالمِ َوَع ِم َل ِبْالبَِاقَي ِ‬
‫خْي َر ِ‬
‫يم مَْن َق َّدمَ ْال َ‬
‫ح ِب النَِّع ِ‬
‫َوَي ْم َر ُ‬
‫اء وَاألَرْضِ فَاَّتقُوا اهلل ِعباد ِ‬
‫اهلل‬ ‫ض السََّم ِ‬ ‫ضَها َكَعْر ِ‬‫جنٍَّة َعْر ُ‬ ‫حظَى بِ َ‬
‫َوَي ْ‬
‫ََ‬

‫‪126‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ع الْ َق ِوِمي الَِّذي ال اعِْو َج اجَ ِفِيه َوُقومُوا بِ أََوِامِر ْالَمَّنانِ َوال‬ ‫يق الش َّْر ِ‬ ‫َواس ُْلكُوا طَِر َ‬
‫ات الشَّْيَطانَ ‪.‬‬ ‫َتتَِّبعُوا ُخُطَو ِ‬
‫ك ُه ْم‬ ‫اطلَة َوأُولَئِ َ‬
‫الزائِلَة و ِزينَتِها الْع ِ‬
‫الد ْنيَا بَِز َخا ِر َف َها َّ َ َ َ‬ ‫اح َذ ُروا أَ ْن تَ ُكونُوا مِم َّْن َغَّر ْت ُه ْم احْلَيَاةَ ُّ‬‫َو ْ‬
‫اله و َن َوجَتْ ِري هِبِ ْم األ َْع َو ُام إِىل َمَراقِ ِد ُقبُ و ِر ِه ْم َو ُه ْم‬ ‫ين َتْن ُقص األَيَّ ُام واللي ايل آجاهلم َو ُه ْم ُ‬
‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫ظ وهم ال يس معو َن وال يب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُرو َن‬ ‫نَ ائ ُمو َن َوَتتَ َخطََّف ُه ْم الْ َمنَايَا العبُ و َن َو ُتنَ اد ُيه ْم الْعَب ُر َوالْ َم َواع ُ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ ُْ‬
‫َو َي َر ْو َن َما َوقَ َع بِ األ َُم ِم ِم ْن َقْبلِ ِه ْم َو َما َن َز َل بِآبَ ائِ ِه ْم َولَ ِك ْن ال َي ْف َق ُه و َن َواهللُ ُس ْب َحانَهُ َوَت َع اىل‬
‫وم ِة ِم ْن َق ْولِ ِه َت َع اىل ‪ ﴿ :‬يَا أَيُّ َها‬ ‫ص ائِرو َن ‪ ،‬إِذَا ُهم و َ ِ‬
‫ص لُوا إىل الْغَايَة الْ َم ْف ُه َ‬ ‫َْ‬
‫ِِ‬ ‫مِب هِلِ‬
‫أ َْعلَ ُم َآ ْم َو َما إلَْيه َ ُ‬
‫ك َك ْدحاً فَماَل قِ ِ‬
‫يه ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّك َكاد ٌح إِىَل َربِّ َ‬ ‫نسا ُن إِن َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اإْل َ‬
‫َجدّ‬ ‫ِش ْعًرا‪َ :‬يا َغِافالً‬
‫ََقِنُعوا ِبذَا‬ ‫عَسّم َ‬
‫ار‬
‫ظَُهْم وَرَ ِ‬
‫ضيتَ ِبالْحِْرَمانِ‬ ‫حْعت ّ‬
‫َفالَْتِبَ‬ ‫َوالرَّرَأيْ َ‬
‫ت أَْكَثَر مَْن تَرَى‬
‫ت‬
‫صحِْب َ‬
‫ـل بَعَْد ذَا وَ َ‬
‫ٍ‬ ‫َلُمَتِكخَْنّل أََتْي َ‬
‫ت‬
‫األْبدَانِ‬
‫احةِ َ‬
‫ير وََر َ‬
‫سِ‬ ‫ِدُكّلَعِن الَْم ِ‬ ‫ِبَمّنخُّط‬
‫ت َذا إمََكِان‬
‫ت َوكُْن َ‬
‫صَنْع َ‬
‫مَاَذا َ‬ ‫ف‬
‫ش ُ‬ ‫فُس َتكَعَْلُم ِح َ‬
‫ين يَْنَك ِ‬ ‫سْونَْف َ‬
‫كَ‬
‫َْتَولَ َ‬
‫َولَّذ‬ ‫آخر‪ :‬الُدْنِْغًياطَا‬
‫ضي مِْن بَعِْدَها نََدمُ‬
‫ٌَةَوِف تَيْنَق ِ‬ ‫ب مُْعَتَبرءٍ‬ ‫مَوغَِفّبي الَْمُن ِ‬
‫ون َألْهِل الْكتْ ِ‬
‫َتَوَزمَاوّلِِه َغْي ُر مَا َقدْ‬ ‫ضِل‬
‫سعَى ِلفَ ْ‬
‫َوالَْمْرُء َي ْ‬
‫ط‬
‫َوُخ ّ‬
‫اهلل َيعَْلمُ ِمْنهَا َغْيَر مَا َعلُِموا‬ ‫َكالرّْم َخ ِ‬
‫اشعٍ في ُعي ُ ِ‬
‫ون‬
‫النّ‬
‫ت يف احلَيَ ِاة ال ُّد ْنيَا ‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬ ‫اللَّه َّم َن ِّور ُقلُوبنَا بِنُ و ِر ا ِإلميَ ِ‬
‫ك الثَّابِ ْ‬
‫ان َو َثبِّْت َها َعلى َق ْول َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫اج َع ْلنَا هَُداةً مُْهَتِدين َواغِْفْر‬ ‫ِ‬
‫اآلخر ِة ‪َ ،‬وَي ِّ‬
‫سرَى َوَجنِّْبنَا الْعُ ْسَرى ‪َ ،‬و ْ‬ ‫سْرَنا ِلْلُي ْ‬

‫‪127‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص لَّى اهللُ َعلَى حُمَ َّم ٍد َو َعلَى َوآلِ ِه‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫لَنَا ولِوالِ َدينَا ومَجِ ي ِع الْمس لِ ِم ِ ِ‬
‫ني ‪َ ،‬و َ‬
‫الرا َ‬ ‫ني بَرمْح َت َ َ ْ َ‬
‫ُْ َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫وص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َ‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫اهلل َعنُْه َيْو ًم ا عَلَى َمنَْب ِرِه َبعْ َد َأنْ َق َط َع ْالعََط َاي ا املالية‬ ‫ضيَ ُ‬ ‫اوَيَة َر ِ‬ ‫ف ُمعَ ِ‬‫َوَوَق َ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫الني َف َق َ‬
‫خ ْو ِ‬ ‫سِلُم ْال َ‬‫اسَمُعوا َوَأطُِيعوا َفَقَام إَِلْيِه أَُبو مُ ْ‬ ‫ال ‪ْ :‬‬ ‫ني َف َق َ‬ ‫سِلِم َ‬
‫َعْن أَْفَرِاد الُْم ْ‬
‫اويَ ُة ‪:‬‬ ‫ال يا مَُع ِ‬ ‫سِلم َف َق َ‬‫اوَية ‪َ :‬وِلَم َيا أََبا مُ ْ‬ ‫اوَيُة ‪ .‬قَ َال ُمعَ ِ‬ ‫اعَة يَا ُمعَ ِ‬ ‫ال َسْمَع َوال طَ َ‬
‫ك ‪.‬‬
‫يك َوال مِْن َكِّد أُِّم َ‬ ‫س ِمْن َكِّدَك َوال َكِّد َأبِ َ‬ ‫ف تَْمنَُع الَْعَطا َوإَِّنُه َليْ َ‬ ‫َكْي َ‬
‫ين ‪ :‬مَ َك َانكُْم ‪َ .‬وغَ َ‬
‫اب‬ ‫حاضِِر َ‬ ‫ال ِلْل َ‬ ‫اوَي ُة َوَن َزَل عَِن ْالِمْنبَ ِر َوقَ َ‬ ‫َفَغضِبَ ُمعَ ِ‬
‫ال ‪ :‬إَِّن أََب ا مُس ِْلْم َكَّلَمِني‬ ‫ج عََليِْهْم َوَق ْد اغَْتس ََل َف َق َ‬ ‫س َاعًَة َعْن أَْعيُِنِهْم ُثَّم َخ َر َ‬
‫ول ‪ْ « :‬الغَض َبُ ِمَن الش َّْيَطانِ‬ ‫اهلل ‪ ‬يَ ُق ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫الم أَْغض ََبنِي َوإِِّني س َِمْعتُ َرس ُ َ‬ ‫ِبكَ ٍ‬
‫اء َف ِإَذا غَضِبَ َأ َح ُدُكْم َفْليَْغتَسِْل‬ ‫ار َوإَِّن َم ا ُتْطفَ أُ النَّ ُار بِْال َم ِ‬‫ان ُخِل َق مَِن النَّ ِ‬ ‫َوالشَّيَْط ُ‬
‫اغتَسَْلتُ َوصََدقَ َأبُ و ُمس ِْلم إَِّنُه مِْن َك ِّدي َوال مِْن َك ِّد أَِبي‬ ‫» ‪َ .‬وإِِّني َدَخْلتُ َف ْ‬
‫لموا ِإلى َعَطائُِكم ‪.‬‬ ‫َفَه ُّ‬
‫يز َرضَِي ُ‬
‫اهلل‬ ‫بن َعبْ ِد ْالعَِز ِ‬ ‫صَفُة اإلِ َم ِام ْالعَ ادِل ‪ :‬كََتبَ ُع َم ُر ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫َوِبالتَّاِلي َفِإَليْ َ‬
‫خِب َرُه َعْن ص َِفِة اإلِ َم ِام ْالعَ ادِل‬ ‫حس َِن الَْبص َِري ِلُي ْ‬ ‫الف َة ِإلى ْال َ‬ ‫َعن ْ ُه َلَّما َوِليَ ْالِخ َ‬
‫اهلل َجعَ َل ا ِإل َم َام ْالعَ ادَِل ِق ّوامَ ُك ِّل‬
‫ني َأنَّ َ‬ ‫حسَن اْعَلْم يَ ا أَ ِم َري ْال ُم ْؤمِِن َ‬ ‫ب إَِلْي ِه ْال َ‬
‫َفَكتَ َ‬
‫الح ُك ِّل َفاسٍِد َوُق َّوَة ُك ِّل ضَعِيف َوَنصََفَة ُك ِّل مَْظُل وم‬ ‫صَد ُك ِّل َج ائٍِر َوصَ َ‬ ‫َمائِِل َوَق ْ‬
‫يق َعلَى إِْبِل ِه‬ ‫ني َك الرَّاعِي الشَّفِ ِ‬ ‫ع ُك ِّل َمْل ُه وف َواإلِ َم ُام ْالعَاِدل يَ ا أَ ِم َري ْال ُم ْؤمِِن َ‬ ‫َوَمفْ َز َ‬
‫حِميهَ ا‬ ‫اد َل َه ا َأطَْيبَ ْال َم ْرعَى َوَي ُذودَُها عَْن َمَراتِ ِع اْلَهَل َك ِة َوَي ْ‬ ‫يق ِب َه ا َّالِذي َيْرَت ُ‬ ‫الرِف ِ‬
‫َّ‬
‫اع َويُِكنَُّها َعْن أَذَى احلََّر َوالَْقر ‪.‬‬ ‫َعِن السَِّب ِ‬
‫ح انِي عَلَى َول َ ِدِه يَسْعَى َلُهْم صِغَ ًارا َوُيعَِّلُمُهْم‬ ‫ب ْال َ‬ ‫األ ِ‬‫ادُل َك َ‬ ‫اإلمَ ُام الْ َع ِ‬
‫َو ِ‬
‫ب َلُهْم ِفي َحَياتِِه َوَي ّدخُِر َلُهْم َبعَْد مََماتِِه ‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ِكَب ًارا يَْكتَ ِ‬

‫‪128‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ضعَْتُه‬
‫الرِقيقَِة ِبَوَلِدَها ََحَمَلْتُه ُكرًْها َوَو َ‬
‫الشفَِيقُة الَْبَّرِة َّ‬
‫ادُل كَاألُمِّ َّ‬
‫اإلمَُام ْالعَ ِ‬
‫َو ِ‬

‫‪129‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ونِه تُْرضِعُُه َت ارَ ًة َوتُْفِط ُم ُه ُأ ْخ رَى‬ ‫ُكْرهً ا َوَرَّبتْ ُه ِطفْالً تَسَْهُر بِسََهِرِه َوَتسْكُُن ِبسُكُ ِ‬
‫شكََايتِِه ‪.‬‬ ‫ح ِبعَِافَيتِِه َوَتغَْتُّم ِب ِ‬‫َوَتفَْر ُ‬
‫اكني يُرَبِّي صَغَِري ُهمْ َوَي ُم ُ‬
‫ون‬ ‫ازنُ ْالَمسَ ِ‬ ‫َواإلِ َم ُام الْ َع ادُِل َوصُِّي اْلَيتَ امَى َو َخ ِ‬
‫اهلل َويُسِْمعَُهم‬ ‫الم ِ‬ ‫اهلل َوبَْيَن عَِب ادِِه يَسَْمُع َك َ‬ ‫َكِبَريهُْم َواإلَِمُام الَْعادُِل َهُو الْ َق ائُِم بَْيَن ِ‬
‫يم ا‬
‫ني ِف َ‬ ‫ودهُْم َفال َتكُْن َي ا َأمِ َري الْ ُم ْؤِمنِ َ‬ ‫اهلل َويَ ُق ُ‬
‫اد إلى ِ‬ ‫اهلل َويُرِيهم َوَينْ َق ُ‬ ‫َوَينْ ُظ ر ِإلى ِ‬
‫ال‬
‫حفََظُه مَاُل ُه َوعِيَاَل ه َفبَ َّدَد ْال َم َ‬ ‫اهلل عَ َّز َو َج َّل َكَعبْ ٍد اْئتََمنَ ُه سَيُِّدُه َواسْتَ ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫َمَّل َك َ‬
‫ق مَاله ‪.‬‬ ‫ال َفأَْفَقَر َأهَْلُه َوَفَّر َ‬ ‫َوَشَّرَد الِْعيَ َ‬
‫ف ِإَذا‬ ‫ش َفَكيْ َ‬ ‫اح ِ‬ ‫خبَِائث َوْالفََو ِ‬ ‫ود ِليَْزُجَر بَِها َعن الْ َ‬ ‫حُد َ‬ ‫اهلل َأنَْزَل الْ ُ‬ ‫َوَأعَْلْم َأنَّ َ‬
‫ف ِإَذا َقتََلُهْم َمْن يَْقتَص‬ ‫ادِه َفَكيْ َ‬ ‫اص َحَي اةً ِلِعبَ ِ‬‫اهلل أَنْ َزَل الِْقصَ َ‬ ‫يه ا َوإَِّن َ‬ ‫اه ا مِْن َيِل َ‬ ‫َأتَ َ‬
‫ك ِعنْ َدُه َوَأنْصَارََك عََليْ ِه َفَت َزَّوْد َل ُه وَلِ َم ا‬ ‫ت َوَما بَْعَدُه َوِقَّلَة َأشَْياعِ َ‬ ‫َلُهْم َوْاذُكر ْالَمْو َ‬
‫ع األَْكبَِر ‪.‬‬ ‫َبعَْدُه ِمَن الَْفَز ِ‬
‫ول ِفِيه ثَ واؤُكَ‬ ‫ت ِفيهِ َي ُط ُ‬ ‫ك َّالِذي َأنْ َ‬ ‫ك مَْن ِزالً َغيْ َر َمنِْزِل َ‬ ‫َواعَْلْم َأنَّ َل َ‬
‫ك يَ ْومَ‬ ‫حُب َ‬ ‫يدا َفتَ َزَّوْد َل ُه َم ا َيصْ َ‬ ‫يدا َفِر ً‬ ‫ك ِفي َقعْ ِرِه َوِح ً‬ ‫اؤَك يُسِْلُمونَ َ‬ ‫ك أَِحبَّ ُ‬ ‫َوُيف َارُِق َ‬
‫احبَِتِه َوبَِنيهِ َوْاذكُ ْر ِإَذا بُْعثِ َر َم ا ِفي الُْقبُ ور‬ ‫َيفِ ُّر ْال َم ْرُء ِمْن أَِخيهِ َوُأمِِّه َوَأبِِيه َوصَ ِ‬
‫اب ال ُيغَ ادُِر صَغَِريًة َوال َكبِ َريةً ِإال‬ ‫ور فَاألَسَْرُار ظَ اهَِرة َوْالكَِت ُ‬ ‫صَِل َم ا يف الصُُّد ِ‬ ‫َو ُح ّ‬
‫صاهَا ‪.‬‬ ‫َأْح َ‬
‫حكُُم ِفي‬ ‫اع األَمَ ِل ال تَ ْ‬ ‫ول األَ َج ل َوانْقِ َط ِ‬ ‫ت يف َم ْه ٍل َقْب َل ُحُل ِ‬ ‫فَ اآلنَ َوَأن ْ َ‬
‫ني َوال ُتس َِّلط‬ ‫يل الظَِّالِم َ‬
‫ك ِبِهْم س َِب َ‬ ‫ني َوال تَس ُْل َ‬ ‫اهِل َ‬
‫ج ِ‬ ‫حكِْم الْ َ‬ ‫اهلل بِ ُ‬ ‫اد ِ‬ ‫ِعبَ ِ‬
‫فني َف ِإنَُّهْم ال يَْرُقبُ ونَ ِفي مُ ْؤمٍِن ِإال َوال ِذَّمًة َفتَُب َ‬
‫وء‬ ‫سَتض ِعِ َ‬ ‫ين عَلَى ْالُم ْ‬ ‫ْالُمس ْتَْكبِِر َ‬
‫حِم ُل َأثْ َقالَكَ َوأَْث َقالًا مََع أَْث َقالَكَ ‪.‬‬ ‫ِبأَْوَزِارَك َوتَ ْ‬

‫‪130‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ات يف ُدنَْياهُْم ِبِإْذَهاب‬


‫الطيَِّب ِ‬
‫ك َويَْأُكُلونَ َّ‬ ‫ون ِفي ُبْؤسِ َ‬ ‫ك َّالِذينَ يََتنََّعُم َ‬
‫َوال يَُغَّرَّن َ‬
‫ك اْليَْوَم َولَكِْن انُْظْر إِلى ُقْدَرِت َ‬
‫ك‬ ‫ك وَال تَْنُظْر ِإلى ُقْدَرتِ َ‬ ‫آخَرِت َ‬
‫ِك يف ِ‬ ‫َطيَِّبات َ‬

‫‪131‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ج َم ٍع ِم َن‬
‫وف َبيَْن َي َدي اهللِ يف َم ْ‬ ‫ت َوَمْوُق ٌ‬ ‫ور ِفي َحَبائِ لِ الْ َم ْو ِ‬ ‫َغ داً َوأَْنتَ َمأْس ُ ٌ‬
‫حيِّ ْالقَُّيومِ َّالذِي ال َتأْ ُخ ُذُه سَِنةُ‬
‫وه ِلْل َ‬
‫ت الُْو ُج ُ‬
‫ني وََقْد َعنِ ِ‬ ‫ني َوالُْمْرَسِل َ‬
‫الئكَِة َوالنَِّبيِّ َ‬
‫ْالَم ِ‬
‫َوال َنْوم ‪.‬‬
‫واس ‪.‬‬
‫األَْق َ‬ ‫ِشعْ ًرا ‪ِ :‬زْدَنا عََليِْه َما بَْيَن‬
‫في أيَ َشْيٍء َبغَى ا ِإلنْ َ‬
‫سانُ َأوْ‬ ‫جُربَ ِة‬
‫َسِل الَْمَنايَا َعلَى ِعْلمٍ َوتَ ْ‬
‫سدَا‬
‫أََّحن َ‬ ‫تََنَافس‬
‫وها تَْقُتوََلَقُهْدم أَْفَنْتُهُم َعدََدا‬
‫فَ‬
‫َوََكَساثَْوُر َ‬ ‫شالً‬
‫آذتُْهم َف َ‬
‫وها َوَقدْ َ‬ ‫تََبالنّ َ‬
‫ادُر َ‬
‫لَْم يَْتُرِك‬ ‫ُقْل‬
‫سَتِنَدا‬
‫ور ُم ْ‬
‫ورا ِبَها الْمَغُْر ُ‬
‫ص ً‬‫وَالدّال ُق ُ‬ ‫اراتٍ وَال فُلَالً‬ ‫لِ(ْلُمَوَلحَمّْد ي ُغَ ِ‬
‫ادْر َعَم َ‬
‫اء في األَنَْه ِ‬
‫ار‬ ‫)وََس ِ‬
‫اهُر المَ ِ‬ ‫اهَيةً‬ ‫ساتِينَ ِفي األَْشجَ ِ‬
‫ار َز ِ‬ ‫( َوال بَ َ‬
‫جمُْع مُْنَفِردَا‬ ‫مُوَّطال ُشَج ً‬
‫اعا َيْهِزمُ الْ َ‬ ‫ت َذا‬ ‫اف الْمَْو َ‬
‫خ َ‬‫( َوال َجَبانًا يَ َ‬
‫اسَتْمَنحْت َهُ َشَردَا‬‫خيالً إَِذا ْ‬ ‫)وَال بَ ِ‬ ‫احُتهُ‬
‫ال َر َ‬ ‫َق(َل َوٍقال كَِر ًيما ُتِب ُ‬
‫يد الْمَ َ‬
‫جَرائَِمنَ ا َو َم ا َوَق َع ِمنَّا‬ ‫خَال َف ِة َوالِْعصَْيانِ )َوال ُتَؤ ِ‬
‫اخ ْذَنا بِ َ‬ ‫احَفْظنَ ا ِمن الُْم َ‬ ‫الل ُهمَّ ْ‬
‫َّ‬
‫ني‬
‫اء مِْنُهْم َوْالَمِّيتِ َ‬
‫ني األَْحيَ ِ‬ ‫يع ْالُمسِْلِم ِ‬
‫جِم ِ‬‫خ َط َأ َوالنِّسَْيانِ َواغْ ِف ْر َلنَ ا َوِلَوالِ َدْينَا َوِل َ‬
‫ِمن الْ َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫حِبه أَْجَمِع َ‬ ‫صْ‬‫حَّمٍد َوَعلَى ِآلِه َو َ‬ ‫اهلل عَلَى ُم َ‬‫صلَّى ُ‬ ‫ني َو َ‬ ‫احِم َ‬ ‫الر ِ‬
‫ك يَا َأْرَحَم َّ‬ ‫ِبَرْحَمِت َ‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫أخ له يف اهلل يقول له ‪ ( :‬أما بعدُ ‪ :‬عافانا اهلل‬ ‫كتب سفيانَ الثوريّ إلى ٍ‬
‫ي بََتقْوَى اهلل ‪.‬‬ ‫يك وإيَّا َ‬
‫برمحته ‪ ،‬أوصِ َ‬ ‫ِ‬ ‫وإيَّاك مِن النَّار‬
‫بعد إِْذ أبص رتَ ‪ ،‬وتَ َدع الطريق‬ ‫فتهلك َ‬
‫َ‬ ‫ج َه َل بعد ِإْذ َعِلْمتَ ‪،‬‬ ‫رك أن َت ْ‬ ‫أح ِّذ َ‬
‫َو َ‬
‫وإكثارِهم‬
‫ِ‬ ‫وحْرصِِهْم عليها‬
‫ك ‪َ ،‬وَتغَْت َّر بأهلِ الدنيا ِبَطَلِبهم َل َه ا ‪ِ ،‬‬
‫بعد ْإذ َوضََح َل َ‬
‫منها ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يم ‪،‬‬‫يد ‪َ ،‬واخلطرَ َعِظ ٌ‬ ‫ش عَِت ٌ‬


‫من ِاق َ‬
‫يد ‪َ ،‬والْ َ‬ ‫يق بَِع ٌ‬‫يد ‪ ،‬والطَِّر َ‬ ‫َف ِإنَّ اْل َه ْوَل شَِد ٌ‬
‫ان ‪.‬‬‫الوقتَ َقِريبٌ ‪َ ،‬وكأنْ َقْد َك َ‬ ‫َو َ‬
‫ب ا َهل َر َ‬
‫ب‬ ‫الوحَاَء ‪ ،‬وَا َهل َر َ‬ ‫اء َ‬ ‫جد ‪ ،‬والوَ َح َ‬ ‫اجلد الْ َّ‬
‫ك ‪ ،‬ثَُّم َّ‬ ‫غ َوَف ِّرغْ َقْلبِ َ‬
‫َفَتفَ ّر ْ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫حَل بِ َ‬ ‫حْل ِإلى الآِخَرةِ ِم ْن َقْبِل أَْن يُْرتَ َ‬ ‫‪َ ،‬وْارَت ِ‬
‫اؤَك ‪َ ،‬وحُيَالَ‬ ‫ك ‪َ ،‬واشُْدْد مِْئَزَرَك ِمْن َقْبِل َأنْ يُقْضَى َقضَ ُ‬ ‫َواسَْتقِْبْل ُرُسَل َرِّب َ‬
‫يق مِن اهلل ‪.‬‬ ‫سي ‪َ ،‬والتَّْوِف ُ‬ ‫ت بِِه َنفْ ِ‬ ‫ك بَِما َوعَْظ ُ‬ ‫ك َوبَْيَن مَا ُتِريد ‪َ ،‬فَقْد َوعَْظُت َ‬ ‫َبيَْن َ‬

‫ضرعُ واالسِْتكََانُة َوالندامةُ َعلَى ما َف رَّطتَ ‪ ،‬وال تُضَيِّع‬ ‫َوِمفَْت احُ الت ِ‬
‫َّوفيق التَّ ُّ‬
‫سبُ ْالعَُّبادِ ‪.‬‬ ‫الزهَّاد ‪َ ،‬ومَْك َ‬ ‫جُر ُّ‬ ‫الليَاِلي َّالتِي هَِي مَْت َ‬ ‫ك مِْن َهِذِه األَيَِّام َو َّ‬ ‫َحَّظ َ‬
‫اء ‪َ ،‬ف ِإْن َلْم َيكُْن ِرَي ٌ‬
‫اء‬ ‫الريَ ُ‬
‫ك َوهُ َو ِّ‬ ‫ك عََمَل َ‬ ‫ثَُّم إَِّيَاك َو َم ا يُفْسُِد عََليْ َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ك بَِنفْ ِ‬ ‫جُاب َ‬
‫َفِإْع َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫وك بَِعَمِل َ‬
‫حبُّ َأنْ ُيكِْرمُ َ‬ ‫اس َأْو تَ ِ‬ ‫حِامَد النَّ ِ‬ ‫ب مَ َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫َوإَِّياكَ َأنْ ُت ِ‬
‫روهِْم ‪ ،‬أَْو َحاجًَة َتْطُلب َُها ِإَليِْهْم‬ ‫صُد ِ‬‫ضَيلًة َوشََرفًا َومَْنِزَلةً ِفي ُ‬ ‫َوَيَرْوَن ل ََك َف ِ‬
‫ور ‪.‬‬
‫ِفي أَْمٍر ِمن األُُم ِ‬
‫يد ِب ِه َ‬
‫غريه‬ ‫الدِار ال َآ ِخ َرةَ َوال ُتِر ُ‬ ‫اهلل َو َّ‬
‫يد ِبعََمِل َك َو ْج هَ ِ‬ ‫ك ُتِر ُ‬ ‫ك َزعِْمَتَأنَّ َ‬ ‫َفِإن َّ َ‬
‫‪.‬‬
‫ف ‪ ،‬وج رٌأة‬ ‫ول األَ َم ِل ِقَّلُة اخلَ ْو ِ‬ ‫ت ‪َ ،‬فكَفَى ِب ُط ِ‬ ‫ك بَِكثْ َرِة ِذك ْ ِر ْال َم ْو ِ‬ ‫َوعََليْ َ‬
‫ك َلْم تعلم ومل َتعْ َم ْل‬ ‫حسَْرِة َوالنََّد َام ِة َي ْوَم الِْقيَ َام ِة أََّن َ‬ ‫بال َ‬
‫على الَْمعَاصِي ‪َ ،‬وَكفى ْ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِبعِْلِم َ‬
‫َواطْلب الِْعْلَم ل ِتَْع َمل ِب ِه ‪َ ،‬وال تَْطُلْب ه ِلتَُب اهِي بِ ِه العَُل َم اء ‪ ،‬أو ِلتُ َم ارِي به‬
‫اء ‪.‬‬ ‫اء ‪َ ،‬أْو تَْأُكَل بِِه األَْغنَِي َ‬ ‫السفََه َ‬
‫ُّ‬

‫‪133‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك مِْن‬ ‫ك ‪َ ،‬ف ِإنَّ َل َ‬ ‫اس إَِلْي َ‬ ‫ف ِب ِه ُو ُج وهَ النَّ ِ‬ ‫خِدَم بِ ِه الُْفقَ َراءَ ‪ ،‬أَْو َتص ِْر َ‬ ‫َأْو تَس ْتَ ْ‬
‫ت مِْنُه ‪.‬‬
‫ضَّيعْ َ‬‫ك مَا َ‬ ‫ت بِِه ‪َ ،‬وَعَلْي َ‬ ‫ك َما عَِمْل َ‬ ‫َعلمِ َ‬
‫ش َواسَْتقِْم‬ ‫ار غَِريبً ا ف ِي َزَمانِ ِه ‪َ ،‬فال َتسَْتْوِح ْ‬ ‫خْي َر صَ َ‬ ‫َف ُك ُّل َمْن طََلبَ ْال َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫يل َربِّ َ‬ ‫َعلى سَِب ِ‬
‫اح َزْن عَلَى َم ا‬ ‫وب غَْي ِركَ ‪َ ،‬و ْ‬ ‫ك َعْن ِذ ْك ِر ُعيُ ِ‬ ‫وب نَْفسِ َ‬ ‫َواشَْتغِْل ِب ِذْكِر ُعيُ ِ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫آخَرتِ َ‬‫َمضَى مِْن ُعْمرَِك ِفي َغيِْر طََلبِ ِ‬
‫خلُصُ ِمنْ َه ا َوال مُتْسِ ْ‬
‫ك‬ ‫ك َت ْ‬ ‫ت ظَ ْه َركَ ‪َ ،‬لَعَّل َ‬ ‫اء عَلَى َم ا أَْوَق ْر َ‬ ‫َوَأْكثِ ْر مَِن ْالبُ َك ِ‬
‫خيِْر َوأَْهِلِه ‪َ ،‬وال َتتََباعَْد عَْنُهْم ‪.‬‬ ‫َعن الْ َ‬
‫جاورهم‬ ‫َ‬ ‫فإنه ال يَْنجو من‬ ‫اطلهم مهما استطعت ‪َّ ،‬‬ ‫جَّهال َوَب ِ‬ ‫َوتََباعَ ْد ِمن الْ ُ‬
‫عصم اهلل ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫إال مَْن‬
‫واحذُ‬ ‫ملُهم ‪ْ ،‬‬ ‫عمل عَ َ‬
‫اق بالص احلِني فا ْ‬ ‫ح َ‬ ‫الل َ‬
‫ت ِّ‬ ‫ال رمحه اهلل ‪ :‬وإنْ أََرْد َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الدنَْيا ‪.‬‬
‫ف ِبَما ُر ِزْقتَ ِمن ُّ‬ ‫ِسَريتَُهم ‪ ،‬واكْتَ ِ‬
‫ك ‪ ،‬حُي صِي َأثَ َرَك ‪،‬‬ ‫س مَْن ال َينْسَاكَ ‪َ ،‬وال َتغْ َف ْل َعَّمَن ُوكَِّل بِ َ‬ ‫وال تَْن َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫َوَيكُْتبُ َعَمَل َ‬
‫ك ‪َ ،‬واسَْتحي مَِّمْن هُ َو‬ ‫ك ‪َ ،‬ف ُه َو َرِقيب َعَلْي َ‬ ‫اهلل ِفي سِِّركَ َوَعالنَِّيتِ َ‬ ‫َوَرِاقبِ ِ‬
‫يد ‪.‬‬‫ك ِمْن َحْبِل الَْوِر ِ‬ ‫ب ِإَليْ َ‬ ‫ك ‪َ ،‬وَأْقَر ُ‬ ‫َمعَ َ‬
‫اء عََليْ َه ا ‪َ ،‬وال تَْغب ْط أَ ْه َل‬‫وأكثِ ْر ِمن الُْبكَ ِ‬
‫محه ا ْ‬ ‫ك وَاْر َ‬ ‫ف ِبفَ َاق ِة نَْفسِ َ‬ ‫َواعْتَ ِر ْ‬
‫عم بِِنعَمهم ‪.‬‬ ‫شَواتِِهْم َوال َأهَْل النَّ ِ‬ ‫الشَهواتِ ِب َ‬‫َّ‬
‫اع ُ‬
‫ف‬ ‫رعد ِفيهِ األَْجسَُام ‪َ ،‬وتََتضَ َ‬ ‫َف ِإَّن َوَراءَُهْم َيو ًما تُزَْل َزُل ِفِيه األَ ْق َدُام ‪َ ،‬وتُ ُ‬
‫ِفِيه اآلالمُ ‪َ ،‬وَتتََزايَُد ِفِيه األَسَْقُام ‪.‬‬
‫اب ‪َ ،‬ويُشَْفُق ِفيهِ العذاب ‪،‬‬ ‫س ُ‬‫حَ‬ ‫شَتُّد ِفِيه الْ ِ‬ ‫ول ِفيهِ ْالقَِيُام ‪َ ،‬ويَ ْ‬ ‫َوَيُط ُ‬

‫‪134‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫حنَ اجَِر ‪َ ،‬فيَ ا َل َه ا ِمْن نََدامَ ٍة عَلى َم ا َأصَُابوا ِمن‬ ‫َوَت ِط ُري ِفِيه الُْقُل وبُ َحتَّى َتبُْل َغ الْ َ‬
‫َهِذِه الشََّهوات ‪.‬‬
‫اجتَِنبْ‬ ‫ك ‪َ ،‬و ْ‬ ‫يم ا يَ ُك ونُ َعَلْي َ‬ ‫جعَ ْل ه ِف َ‬ ‫ك وال تَ ْ‬ ‫ون لَ َ‬ ‫يم ا َيكُ ُ‬ ‫ك ِف َ‬ ‫اج َع ْل َكسْبَ َ‬ ‫َو ْ‬
‫سُبه ‪.‬‬ ‫س مََع مَْن َيكْ ِ‬ ‫جِل ْ‬ ‫حَرامَ َوال َت ْ‬ ‫ْال َ‬
‫حَبُه أَْو ُتؤاكُِل ه ‪ ،‬أَْو َتبَسََّم‬ ‫ون عَْونً ا ِللظَِّالِم أَْو َتصْ َ‬ ‫اك َوالظُّْلَم ‪َ ،‬أْو تَ ُك َ‬ ‫َوِإيَّ َ‬
‫خ ِال ْ‬
‫ف‬ ‫يك ‪َ ،‬وال ُت َ‬ ‫ون عَْونً ا َل ُه ‪َ ،‬واْلعَ ْونُ شَِر ٌ‬ ‫يف َوْج ِه ِه ‪ ،‬أَْو َتنَ الَ ِمنْ ُه شَيًْئا َفتَ ُك َ‬
‫خَطايَا ‪.‬‬ ‫َأهَْل التَّْقوَى ‪َ ،‬وال تُِطْع أَْهل الْ َ‬
‫َدْدهَا‬ ‫ك ِبالتَّْوَبِة ‪َ ،‬وج ِّ‬ ‫حارَِم ‪ .‬وَعََليْ َ‬ ‫اجتَِنبْ ْالَم َ‬‫اصي ‪َ ،‬و ْ‬ ‫س أَْهَل الَْمعَ ِ‬ ‫جِال ْ‬
‫َوال تُ َ‬
‫الذْنبِ‬ ‫ب تَْوب ةٌ ‪َ ،‬وَت ْركُ َّ‬ ‫ِفي ُك ِّل َي ْوٍم ‪ ،‬بَ ْل ِفي ُك ِّل سَاعٍَة ‪َ ،‬ف ِإنَّ ِل ُك ِّل َذنْ ٍ‬
‫ب التَّْوبَِة ‪.‬‬ ‫سُر مِْن َطَل ِ‬ ‫َأيْ َ‬
‫اونْ ِبالذَّْنبِ الصَِّغِري ‪َ ،‬وَلكِْن انْ ُظ ْر مَن َعصَْيتَ ‪َ ،‬عصَْيتَ َرًّب ا‬ ‫َوال تََت َه َ‬
‫اء ‪.‬‬ ‫ب عَلَى الصَِّغُري ‪َ ،‬ويَْعفُو َعِن الَْكبِِري ِإنْ َش َ‬ ‫يما ‪ ،‬يُعَِاق ُ‬ ‫َعِظ ً‬
‫لو َمنِْزَلتِِه‬‫سُه َمَع ُقِربِه َوُخَّلِتِه ‪َ ،‬وعُ ِّ‬ ‫يل عليه السالم َح َّذَر نَْف َ‬ ‫خِل َ‬
‫يم ْال َ‬ ‫َفِإَّن إِْبَراهِ َ‬
‫َصنَ َام ﴾ ‪.‬‬ ‫اجنُْبيِن َوبَيِن َّ أَن ن َّْعبُ َد األ ْ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬و ْ‬ ‫سَأَل َربَُّه َف َق َ‬ ‫‪َ ،‬ف َ‬
‫الم مَ َع ِعصَْمِتِه َونَُبَّوتِ ِه ‪َ ﴿ :‬ت َوفَّيِن ُم ْس لِماً‬ ‫يق َعَلْي ِه السَّ َ‬ ‫ال ُيوسف الصِِّّد ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫وأَحْلِْقيِن بِ َّ حِلِ‬
‫الصا َ‬ ‫َ‬
‫ت َعلَ َّي َفلَ ْن أَ ُك و َن ظَ ِه رياً‬ ‫ال مُوسَى عََليْ ِه السَّالمُ ‪ ﴿ :‬ر ِّ مِب‬
‫ب َا أَْن َع ْم َ‬ ‫َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫لِّْل ُم ْج ِرم َ‬
‫ود فِ َيها إِالَّ أَن‬ ‫الم ‪َ ﴿ :‬و َما يَ ُك و ُن لَنَا أَن نَّعُ َ‬ ‫ال شُعَْيبٌ َعَلْي ِه السَّ ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫يَ َشاءَ اللّهُ َربُّنَا ﴾ ‪.‬‬
‫الرسََالِة َوعُ ِّ‬
‫لو‬ ‫النبَُّوِة َو ِّ‬
‫خصُوصُونَ ِب ُّ‬ ‫جَتبَ ْون ْالَم ْ‬‫اء ْالُمَقَّرُب ون الُْم ْ‬ ‫الء األَْنبَِي ُ‬
‫َف َه ُؤ ِ‬
‫ضَّرُعوا إلى َمِالكِِهْم ‪.‬‬ ‫سِهْم ‪َ ،‬وتَ َ‬ ‫ْالَمْنِزَلِة َخافوا عَلَى أَْنفُ ِ‬

‫‪135‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫( تحذير إلي الغافلين )‬


‫مَِن الْعََمِل‬ ‫أَال يَا َغافِالً يُحْصَى َعَلْيهِ‬
‫يرهْ‬
‫صَ‬ ‫الصّدْ أَْن َ‬
‫سْتُه َغفَْلُتهُ َم ِ‬ ‫وََق‬ ‫صاحُ ِبهِ َويُْن ُ‬
‫ذر‬ ‫يُ َ‬
‫ذرَك‬
‫وَأَنْ َ‬ ‫تََأكُّهَّل‬
‫الرّْن َلمْ َتقَْتِرْف ِفيهَا َ‬
‫صِغيرَ ْ‬
‫ه‬ ‫كََأ‬ ‫بنْ َ‬
‫ت‬ ‫َوَأَ‬
‫وََعْيُن َ‬
‫ك‬ ‫يرةٍ‬
‫صَ‬ ‫ت َعلَى َب ِ‬ ‫روَِخَكمّْي َذْن ٍ‬
‫ب َأتَْي َ‬
‫بوَِإِّنالّ‬ ‫اك َعْيٌن‬
‫اذُر َأنْ َتَراكَ ُهَن َ‬
‫حِ‬‫تُ َ‬
‫َهَخْيَر ْ‬
‫ه‬ ‫صهُير َْو‬
‫كَ بِِلَرْلَعحْيَُمنةٍ الَْبِمْن ِ‬
‫َمُن َِعَلعْْي َ‬
‫ت‬ ‫ت ِمْن َأمٍْر َعِظ ٍ‬
‫يم‬ ‫وََكمْ َحاوَل ْ َ‬
‫يرهْ‬
‫شَ‬ ‫ت بِِه نَكَاًال ِفي الَْع ِ‬
‫لَُكْن َ‬ ‫وََكمْ ِمْن َمدَْخٍل َلْو‬
‫يرهْ‬
‫ت بِِنْعَمةٍ فِيهِ َست ِ َ‬
‫وَُرْح َ‬ ‫تَ‬
‫موُِق ّ‬
‫يت‬
‫َه‬
‫س تَْعرضُفَها كَِثير ْ‬
‫ح لَي ْ َ‬
‫صِب ُ‬
‫وَُت ْ‬ ‫سي‬ ‫السّمْ ِمْن ن ِعَْمٍة ِ‬
‫هلل تُمْ ِ‬ ‫وََك‬
‫الل ُهمَّ َحِّببْ ِإَليَْن ا ا ِإل َمي انَ َوَزِّينْ ُه ِفي ُقُلوبَِن ا َو َك ِره إَِلْينَ ا الُْكفْ َر َوْالفُسُوقَ‬
‫َّ‬
‫ك َي ا‬
‫ني بَِرْحَمتِ َ‬
‫يع ْالُمسِْلِم َ‬ ‫ين َواغْفِ ْر َلنَ ا َوِلَو ِال َدْينَا َوَجِم ِ‬
‫الراشِِد َ‬
‫اجعَْلنَا ِمَن َّ‬ ‫ان َو ْ‬ ‫صيَ ِ‬
‫َوْالعِ ْ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫حِبِه أَْجَمِع َ‬‫صْ‬ ‫حَّمٍد َوَعلَى ِآلِه َو َ‬ ‫اهلل عَلَى ُم َ‬
‫صلَّى ُ‬ ‫ني َو َ‬‫احِم َ‬‫الر ِ‬
‫َأْرَحَم َّ‬
‫ؤدي‬ ‫نافلة حتى ُت ِّ‬ ‫يقبل ً‬
‫ال رمحه اهلل ‪ :‬واعلم يا أخي َأنَّ اهلل ال ُ‬ ‫( فَص ْلٌ ) َوقَ َ‬
‫قبله بالنهار ‪.‬‬ ‫هلل َحًّقا بالليل ال يَ ُ‬ ‫الفريضةُ ‪ ،‬وأنَّ ِ‬
‫اسبُ العبدَ يومَ القيامةِ بالفرائض ‪،‬‬ ‫ح ِ‬‫بالليل ‪ ،‬وأنه يُ َ‬ ‫قبله َّ‬
‫وحقا بالنهارِ ال َي ُ‬ ‫ًّ‬
‫ت فرائضهُ ونواُفله ‪.‬‬ ‫فإن جاءَ هبا تامةٌ قُبلَ ْ‬ ‫ْ‬
‫شاء غََفَر َلُه َوِإنْ‬
‫فإن َ‬
‫وافل بالفرائض ؛ ْ‬ ‫حقت النَّ ُ‬
‫اعها أُل ِ‬ ‫ضَ‬‫ؤدهَا َوأَ َ‬‫َوإنْ مل يُ ِّ‬
‫شاء َعَّذَبُه ‪.‬‬
‫َ‬
‫ق َونَِّيٍة َخِالصٍَة ‪ ،‬وأعم ال‬
‫ك بتقوى اهلل َع َّز َو َج َّل ‪ ،‬ولِسَانٍ صَادِ ٍ‬ ‫وعلْي َ‬
‫َ‬
‫ش َوال ُخْدَعًة ‪.‬‬‫س فيها غِ ٌّ‬ ‫حٍة ‪َ ،‬ليْ َ‬ ‫صِال َ‬‫َ‬

‫‪136‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وأصلح‬
‫ْ‬ ‫ك ‪،‬‬
‫خَدعُ َ‬
‫ادع اهلل َي ْ‬
‫خِ‬ ‫راك َوإِْن مل تكنْ َتَراهُ ‪ ،‬فال تُ َ‬
‫اهلل يَ َ‬
‫َفِإَّن َ‬

‫‪137‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك َوَبيَْن النَّاس‬ ‫حسِن ما َبيَْن َ‬ ‫وبني اهلل يُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫وأحسِْن فيما بَْينَ َ‬ ‫ك َوَعالنِ َيت ك ‪ْ ،‬‬ ‫يرتَ ْ‬ ‫سَِر َ‬
‫حُهما َجِميعً ا‬ ‫ك َتْرَب ُ‬ ‫بآخَرتِ َ‬
‫يك أَْمَر ُدنَْياكَ ‪َ ،‬وِبْع ُدنَْي اكَ ِ‬ ‫ك يَْكفِ َ‬ ‫آلخَرِت َ‬
‫واعمل ِ‬ ‫ْ‬
‫سْرهَُما َجِم ًيعا ‪.‬‬ ‫خَ‬‫ك بُِدنَْياكَ َفَت ْ‬‫آخَرَت َ‬
‫‪َ ،‬وال َتبِْع ِ‬
‫حبْ ِإال مُْؤِمنً ا ‪َ ،‬وال َيأْ ُك ْل‬ ‫اء ‪َ ،‬وال تَص ْ َ‬ ‫جفَ ِ‬ ‫جَالسََة َأهْ ِل الْ َ‬ ‫اك َومُ َ‬‫َوِإيَّ َ‬
‫سُه ‪.‬‬‫جِال ْ‬ ‫احبْ ْالَفاجَِر وال ُت َ‬ ‫ك ِإال تَِقيٌّ ‪َ ،‬وال ُتصَ ِ‬ ‫َطعََام َ‬
‫اب مَْن َي ْه وَى هَ َواهُْم ‪َ ،‬ف ِإنَّ َمعَُهْم‬
‫لوك َوأَْب َوابَ َمْن يَ ْأتِي أَْب َوابَُهْم َوَأبْ َو َ‬
‫اب الُْم ِ‬‫َوإَِّيَاك َوَأبْ َو َ‬
‫جال ‪.‬‬
‫الد َّ‬
‫ِمثَْل ِفَتِن َّ‬
‫اروا َعلَى‬
‫سيرُوا َكَما َس ُ‬
‫َف ِ‬ ‫ِشْع ًرا‪َ :‬مضَى‬
‫الِْبّر‬ ‫ّ‬
‫الس‬
‫الطيبِ ‪َ ،‬ومَ ا‬ ‫ك بِْالَكسْبِ َّ‬ ‫ك ‪َ ،‬وَعَلْي َ‬ ‫ك ِإلْخَوانِ َ‬ ‫ك َونَْفسِ َ‬ ‫َوُكْن مَْبُذوالً بَِمِال َ‬
‫تلبسه ‪.‬‬‫كله أَْو َ‬ ‫اس أَْن تَْأ َ‬ ‫اخ النَّ ِ‬
‫ك ‪َ ،‬وإَِّياكَ َوَأْوسَ َ‬ ‫ب بَِيِدْي َ‬ ‫س ُ‬ ‫َتكْ ِ‬
‫ذلٍة َوتََواضٍُع َو َه وَى ‪،‬‬ ‫اس َف ُه َو َيتََكَّلُم مََعُهْم ِب َّ‬‫َف ِإنَّ َّالِذي َيأْكُ ُل أَْوسَاخَ النَّ ِ‬
‫خمافة أنْ َيْمَنعُوه ‪.‬‬
‫اضُع هلم َ‬ ‫َوَيتََو َ‬
‫ت بَْعضَ‬ ‫ك ‪َ ،‬وَأك ْ َرمْ َ‬ ‫ت لِسَانَ َ‬ ‫اس شَْيئًا َقَطعْ َ‬ ‫اوَلتَ ِمن النَّ ِ‬‫ويا أخي ! مَتَى َتنَ ْ‬
‫يك ِمن َمالِ ِه‬ ‫ِ‬
‫ك َيْومَ ْالقَِي َام ِة ‪َ ،‬ف ِإنَّ الَّذي يُ ْع ِط َ‬ ‫اس َوَأهْنتَ َبعضَهم َمَع ما َينِْزُل بِ َ‬ ‫النَّ ِ‬
‫فَِإمَّنَا ُه َو َو َس ُخه ‪.‬‬
‫ت مِن النَّ ِ‬
‫اس‬ ‫وب ‪ ،‬فَ ِإ ْن أَْنَتَتنَ َ‬
‫اوْل َ‬ ‫وَت ْف ِس ري وس ِخ ِه ‪ :‬تَطْ ِه ري َعملِ ِه ِمن ال ُّذنُ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬
‫َشيًْئا َفال َتأَْمْن إِْن َدَعْوكَ ِإلى ُمنَْكِر َأَجْبتَهم ‪.‬‬
‫اء ِفي شَْيٍء يَن َْبغِي َل ُه َأنْ‬ ‫الرجلِ َلُه شَُرَك ِ‬ ‫اس َك َّ‬ ‫َوإِنَّ َّالِذي َيأْكُُل أَْوَساخَ النَّ ِ‬
‫اخ النَّاس‬ ‫وع َوَقِليل ِمْن الِْعبَ ادة َخْي ٌر مِْن َأنْ َتشَْبَع ِمْن أَْوسَ ِ‬ ‫اسَمُهْم ‪َ ،‬يا أَِخي ُج ٌ‬ ‫ُيقَ ِ‬
‫َوَكِثٌري مِن ْالعَِبادَِة ‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل ‪ ‬قَ َال ‪ « :‬لَ ْو أَنَّ أحدَكم أَ َخ َذ َحبْالً ثَُّم‬ ‫ول ِ‬‫َن َرسُ َ‬‫َفقَ ْد بََلغنَ ا أ َّ‬
‫وم عَلَى َظ ْه ِر أَِخيِ ه َفيَسْأَُله‬
‫احَتَطبَ َحتَّى يُ ْدِبَر َظ ْه َرُه ‪َ ،‬ك انَ َخيْ ًرا َل ُه ِمْن أَْن يَقُ َ‬
‫ْ‬
‫َأْو َي ْر ُجوهُ » ‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال ‪ :‬مَْن عَِمَل مِْنكُْم َحِمْدَناهُ‬ ‫اهلل َعنُْه قَ َ‬


‫ضيَ ُ‬ ‫اب َر ِ‬ ‫خَّط ِ‬‫َوَبَلَغنَا َأنَّ ُعَمَر بن الْ َ‬
‫‪َ ،‬وَمْن َلْم َيعَْمْل اتََّهْمَناهُ ‪.‬‬
‫وع عَلَى َم ا‬ ‫خشُ َ‬ ‫يدوا ْال ُ‬ ‫ال ‪ :‬يَ ا َمعْشََر الُ ُقرَّا ! اْرَف ُع وا ُرؤُوسَكم ‪ ،‬ال تَِز ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اس َفقَ ْد َوض ََح‬ ‫ون وا ِعيَاًال َعلَى النَّ ِ‬ ‫خ َرياتِ ‪َ ،‬وال َتكُ ُ‬ ‫ب ‪ ،‬اس َْتبُِقوا ِفي الْ ِ‬ ‫ِفي الَْقْل ِ‬
‫يق ‪.‬‬‫الطِر ُ‬
‫َّ‬
‫يش مِْن َأيْ ِدي‬ ‫بن أَيب ط الب رضي اهلل عنه ‪ :‬إنَّ ال ذي َيعِ ُ‬ ‫ال َعِلٌّي ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫جَرًة يف أرض غريه ‪.‬‬ ‫س شَ َ‬ ‫النَّاس كالذي َيغِْر ُ‬
‫ار َح ِق ريًا‬ ‫اس شَيْئًا إال صَ َ‬ ‫أحد من النَّ ِ‬ ‫أخي ‪ ،‬فإنّ ه ما نَ الَ ٌ‬ ‫ف اتق اهلل يا ِ‬
‫رض ‪.‬‬ ‫هود اهلل يف األ ِ‬ ‫َذِليالً عندَ النَّاس ‪ ،‬واملؤمنون شُ ُ‬
‫ب َخِبيثً ا َفتُْنفِ َق ُه يف طاعةِ اهلل ‪ ،‬ف إنَّ تَْر َك ُه واهلل َفِريضةٌ‬ ‫اك أن تَْكسِ َ‬ ‫وإيَّ َ‬
‫ب ‪.‬‬‫الطيِّ َ‬
‫واجبة ‪َ ،‬وإَِّن اهلل عََّز َوَجَّل ال َيقَْبُل إِال َّ‬
‫آخ َر ‪،‬‬ ‫ول َ‬ ‫اب َثْوبَ ه بَ ْو ٌل ثَُّم أََرَاد أَْن يطهَِّرُه َفَغسَل َُه ِببَ ٍ‬ ‫َأَرأَْيتَ َرُجالً َأصَ َ‬
‫َأتُرَى كان ذلك يَُطِّهُره ؟‬
‫ك ال تُْمحَى سيئة بسيئةٍ ‪،‬‬ ‫ب ‪َ ،‬فكَ َذِل َ‬ ‫اهٍر َطيِّ ٍ‬‫ِإنَّ البولَ ال ي َُطَّهُر ِإال بِ َط ِ‬
‫سٍنة ‪.‬‬ ‫حَ‬‫وال مُتْحَى إال ِب َ‬
‫اك والك ذبَ واخليانة ‪َ ،‬وِإيَّ َ‬
‫اك‬ ‫ك بِالصِّْدقِ ِفي الْ َم َواطِن ُكِّل َه ا ‪ .‬وَِإيَّ َ‬ ‫َوعََليْ َ‬
‫رك بعينِِه ‪.‬‬ ‫اء يف ْالقَْوِل َوْالعََمِل َفِإنَُّه الش ُ‬ ‫الرَي َ‬
‫َو ِّ‬
‫خذ إِال ِمَّمْن‬ ‫جبٌ ‪َ ،‬وال تأ ْ‬ ‫رفع َوِفِيه عُ ْ‬ ‫ب َف ِإَّن ال َْع َم َل ال ي ُ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫اك َوالُْع ْ‬‫َوِإيَّ َ‬
‫ُهَو مُْشفٌِق َعلَى ِدِينه ‪.‬‬
‫شفٍِق َعلَى ِدِينِه َكَمَث ٍل َطبِيبٍ ِب ِه َداءٌ ال َيسَْتِط ُ‬
‫يع‬ ‫َفِإنَّ َمثََل ِّالِذي ُهَو غَْيُر ُم ْ‬
‫حِميهَ ا‬ ‫جَّنبْ َم ا يَضُُّر َمَرضَه َوَي ْ‬ ‫َأنْ ُيعَ ِالَج َدَاء نَْفسِهِ ‪َ ،‬وال يَْنصَُح ِلنَْفسِِه ‪َ ،‬وال يََت َ‬
‫ِمنُْه ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اس َويَْنصَُح َلهم ؟! فهذا الذي ال ُيشِْفُق عَلَى ِدين ِ‬


‫ِه‬ ‫ف يصلح أن ُيعَِالَج َدَاء النَّ ِ‬ ‫َفَكيْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ؟!‬ ‫ف يُ ْشف ُق َعلَى دينِ َ‬
‫‪َ ،‬كْي َ‬

‫‪141‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك َوأَْرَحم َْه ا ‪،‬‬‫ك عَلَى َنفْسِ َ‬‫ك ‪َ ،‬فابْ ِ‬


‫ك َوَدمُ ْ‬‫ح ُم َ‬‫َوَي ا َأِخي ! إِنَّ َم ا ِدينُ كَ َل ْ‬
‫حبِِه‬
‫حَّمٍد َو ِآل ِه َوصَ ْ‬ ‫اهلل َأعَْلُم َوصَلَّى ُ‬
‫اهلل عَلَى ُم َ‬ ‫َفِإن أَْنتَ َلْم تَْرَحْمَها لَْم تُ ْرَحْم ‪ .‬وَ ُ‬
‫َوَسَّلَم ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫ك يف الآِخَرةِ‬ ‫الدْنيَا َويَُرغُِّب َ‬
‫ك َمْن ُيْزِهُدَك يف ُّ‬ ‫يس َ‬
‫ال رمحه اهلل ‪َ :‬وْليَُكْن َجِل ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الذين خيوضُونَ يف حديثِ الدنيا ‪ ،‬فإنَّهم ُيفْسُِدونَ‬ ‫َ‬ ‫ُجَالسَِة أَ ْه ِل الدنيا‬ ‫‪َ ،‬وِإيََّاك َوم َ‬
‫ت ‪.‬‬ ‫ك ‪ .‬وَأَْكِثْر ِذْكَر ْالَمْو ِ‬ ‫ك َوَقْلَب َ‬ ‫ك ِدَين َ‬ ‫َعَلْي َ‬
‫المة َوالِْعصَْمَة‬‫اهلل السَّ َ‬ ‫ك ‪َ ،‬وسَِل َ‬ ‫وب َ‬
‫ف مِْن ُذنُ ِ‬ ‫ار مَِّما َقْد سََل َ‬ ‫َوَأْكثِْر االْستِْغفَ َ‬
‫سٍن ‪.‬‬ ‫سٍن ‪َ ،‬وُخُلٍق َح َ‬ ‫ب َح َ‬ ‫ك ِبأََد ٍ‬ ‫ِلَما قَ ْد َبقَِي مِْن ُعُمِركَ ‪ .‬ثَُّم َأِخي عََليْ َ‬
‫اخلري فيها ‪ .‬وانصحْ ِلُكل‬ ‫خِالفََّن اجلماعة إذا كانوا على السَُّّنِة ‪ ،‬فإنَّ َ‬ ‫وال تُ َ‬
‫ك يف َأمِْر ِدِينِه ‪.‬‬ ‫ُمْؤمٍِن ِإَذا سََأَل َ‬
‫ضا ‪،‬‬ ‫يحِة شَيْئًا ِإَذا شَاو ََرَك فيما ك ان هلل ِر ً‬ ‫َوال َتكْْتُمَّن َأ َح ًدا ِمن النَّصِ َ‬
‫وله ‪.‬‬ ‫اهلل َوَرسُ َ‬‫ان َ‬ ‫ان مُْؤِمنًا َفقَْد َخ َ‬ ‫خونَ ُمْؤمِنًا ؛ َفَمْن َخ َ‬ ‫اك أَْن تَ ُ‬ ‫َوِإيَّ َ‬
‫خصُومَ ِ‬
‫ات‬ ‫وال ُ‬
‫ك ‪ .‬وَإَِّياكَ ْ‬ ‫ك َوَم َال َ‬ ‫َوإَِذا َأْحَببَْتأَ َخ اكَ يف اهلل فابْ ِذْل َل ُه نَْفسَ َ‬
‫يما ‪.‬‬
‫وما َخَّوانًا َأثِ ً‬ ‫َّك تصريُ ظَُل ً‬ ‫جدَاِل َوْالِمَراءَ ‪َ ،‬فِإن َ‬ ‫َوْال ِ‬
‫جر‬ ‫ج ُّر إلى البِ ِّر ‪ ،‬والرِب ِّ َي ُ‬ ‫كلها ‪ ،‬فإنَّ الصربَ َي ُ‬ ‫وعليك بالصرب يف املواطن ِّ‬
‫جن َِّة ‪.‬‬ ‫إىل ْال َ‬
‫ج ُّر إلى‬ ‫ور يَ ُ‬‫ج ُ‬ ‫ور ‪ ،‬والُْف ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫جَّرانِ إلى الُْف ُ‬ ‫حَّدَة َوالغضب ؛ فإهنما َي ُ‬ ‫اك َوالْ ِ‬ ‫َوِإيَّ َ‬
‫ار ‪.‬‬ ‫النَّ ِ‬
‫الف إلى العَُلم ِاء َرْح َم ٌة ‪،‬‬ ‫ك ‪ ،‬وإن الاْخِت ِ‬ ‫اريََّن َعِالم اً َفَيْمُقتَ َ‬‫وال مُتَ ِ‬
‫ط الرمحن ‪.‬‬ ‫خُ‬ ‫وَاالنقطاعَ عنهم سَ َ‬
‫الدين‬
‫اء اهلل َوُهَداةُ ِّ‬ ‫اب مََوِاريثهم ‪ ،‬وأَُمنَ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫صَ‬‫فإهنم ُخزَّانُ األنبياء َوأَ ْ‬

‫‪142‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫( ُيِريد العلماء املتبعون للكتاب والسنة واملطبقون هلما يف األقوال واألفعال ) ‪.‬‬
‫ار العِلم فهؤالء جيب‬ ‫س ُبعَلَماء ال يُرَى عليهم آثَ َ‬ ‫موَن ُعلماء َوَلْي َ‬ ‫س ْ‬‫ال مَن يُ َ‬
‫االبتعاد عنهم والتحذير منهم نسأل اهلل السالمة والعِصَْمة ‪.‬‬
‫سَاب َ‬
‫ك‬ ‫ف اهلل ِح َ‬ ‫بالَوَرعِ خُيَِّف ُ‬‫ك ْ‬ ‫الدنَْيا ‪َ ،‬وعََليْ َ‬
‫ات ُّ‬ ‫صْرَك عَْوَر ِ‬ ‫وعليك بالزهد يُبَ ِّ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫وادَف ْع الشَّك‬ ‫ك َتكُْن سَاملاً ‪ْ ،‬‬ ‫ك إلى ما ال يريبُ َ‬ ‫يريب َ‬
‫َوَدعْ َكِث ًريا ِمَّما ُ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ك ِدُين َ‬ ‫سَلْم َل َ‬ ‫باليَِقني َي ْ‬
‫ح‬
‫اهلل ‪َ ،‬وَأِق َّل الفَ َر َ‬ ‫عروف ‪ ،‬وانهَ عن املُنْ َك ِر َتكُْن َحبِيبَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوأمُ ْر بِ َامل‬
‫ك اهلل ْأمَر ُدنَْياكَ ‪.‬‬ ‫ك يَْكفِ َ‬ ‫ك تَْزَدْد قََُّوًة عندَ اهلل ‪ ،‬واعَْمْل ِ‬
‫آلخَرِت َ‬ ‫ح َ‬‫والضَّ ِ‬
‫واف ًق ا‬
‫وأَدِة ؛ ف إنْ رأيتَ ه مُ ِ‬ ‫ك ب التَّ َ‬‫ور ال دنيا َفَعَلْي َ‬ ‫أردت أَ ْم ًرا من ُأمُ ِ‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬
‫س َن الَْعِاقبَِة ‪.‬‬‫وح ْ‬
‫وسل اهلل العافية ُ‬ ‫َ‬ ‫ف عنه ‪،‬‬ ‫خذُه ‪َ ،‬وإال َفِق ْ‬ ‫ك َف ْ‬ ‫آلخَرتِ َ‬
‫ِ‬
‫ح َ‬
‫ول‬ ‫شِّمْر إليها ُمسِْر ًعا ِمن َقبْ ِل أن َي ُ‬ ‫بأمر من أمور الآخرة َف َ‬ ‫َوإَِذا َهَمْمتَ ٍ‬
‫الشيَْطان ‪.‬‬ ‫ك َوبَْينََها َّ‬ ‫َبيَْن َ‬
‫َوال تَ ُك ونََّن َأ ُك والً ‪َ ،‬وال تأكلنَّ بغريِ شَْهوةٍ ‪ ،‬وال بغَ ري ن ِيٍَّة ‪ ،‬وال عَلَى‬
‫اس ‪َ ،‬ف ِإَّن الطَّ َم َع َهالكُ‬ ‫يم ا يف أَْي ِدي النَّ ِ‬ ‫الطمعَ ِف َ‬
‫ك ‪ .‬وَإَِّياكَ َو َّ‬ ‫شِبٍَع ؛ َفيَسُْقو َقْلُب َ‬
‫ين ‪.‬‬‫الد ِ‬
‫ِّ‬
‫اهَر‬
‫رص يَْفضَ ُح يَْوَم الِْقَيَامِة ‪ .‬وَُكْن طَ ِ‬ ‫احل َ‬‫حْرصَ َعلَى الدنيا ‪ ،‬فإن ِ‬ ‫َوإَِّياكَ َوْال ِ‬
‫اجلسد من ال ُذنُ ُوبِ َواخلََطَايا ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫القلب َنِقيَّ‬
‫واخليَ َان ِة ‪ ،‬خَايل‬
‫ش واملكرِ ِ‬ ‫يم القلبِ مِن ْالغِ ِّ‬ ‫دين من املظ امل ‪ ،‬سَِل َ‬ ‫نَِقّي اليَ ِ‬
‫ت ‪.‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫حلم َنبتَ مِْن ُس ْ‬ ‫اجلنَة ٌ‬‫ْالبَْطِن ِمن احلََرامِ ‪َ ،‬فِإَّنُه ال يَْدُخُل َّ‬
‫اج ٍة ‪َ ،‬وال‬ ‫ني ِإلى َغيْ ِر َح َ‬ ‫اس ‪َ ،‬وال متشِ َ‬ ‫ف بَصََرَك عَْن َع ْوَراتِ النَّ ِ‬ ‫َو ُك َّ‬
‫َتكََّلمنَّ ِبغَْيِر ِحكَْمٍة ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫لوما‬
‫ك مِن األََمانةِ َشيْئًا ‪َ ،‬وَقْد سََّماكَ اهلل َظ ً‬
‫س َ‬
‫اك ثَُّم إَِّياكَ َأنْ َتِلي نَْف ِ‬
‫َوِإيَّ َ‬

‫‪144‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ره َوُي ْؤمَُن‬


‫ذنب مَْن ُي ْرجَى َخيْ ُ‬ ‫َ‬ ‫رة ‪َ ،‬وأَِق َّل الاعت ذارَ ‪ ،‬واغفرْ‬ ‫جه والً ‪ ،‬وأقِ ِل العَْث َ‬
‫شره ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ك ‪َ ،‬وصِْل َمْن‬ ‫يع اهلل ورس ولَُه ‪ ،‬وال تَْق َط ْع َرِح َم َ‬ ‫َوال تُبِْغضْ َأ َح ًدا ُيِط ُ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ك َوإِْن َقَطعَْت َ‬ ‫صْل َرِحَم َ‬ ‫ك ‪َ ،‬و ِ‬ ‫َقَطَع َ‬
‫ِ‬
‫السوق‬ ‫اء َوالشَُّهَدِاء ‪َ ،‬وأَِق َّل ُد ُخ َ‬
‫ول‬ ‫األنِْبيَ ِ‬
‫يق َ‬‫ك َتكُْن َرِف َ‬ ‫اوْز َعَّمْن َظَل َم َ‬‫ج َ‬‫َوتَ َ‬
‫اجلن وا ِإلنسِ ‪.‬‬‫من ِّ‬ ‫وق مََرَدُة الشياطنيِ ِ‬ ‫اب ‪ ،‬ويف السُّ ِ‬ ‫اب َعَلْيِهْم ِثيَ ٌ‬
‫‪َ ،‬فِإَّن أَْهَلُه ِذئَ ٍ‬

‫َوِإَذا َدَخْلَتها َفقُ ْل ‪ :‬أش هدُ أنْ ال إِل ِه إال اهلل وح ده ال ش ريك له ‪ ،‬له‬
‫حي ال ميوت ‪ ،‬بي ده اخلري وهو على‬ ‫ويميتُ ‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫ح يي ُ‬ ‫احلمد يُ ْ‬
‫ُ‬ ‫امللك وله‬
‫حممد وأصحابه أمجعني ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حممد وعلى آل‬ ‫ٍ‬ ‫صل على‬ ‫شيء قدير ‪ .‬اللهم ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫كل‬
‫وق ِمن‬‫عدَد مَْن يف السُّ ِ‬ ‫بلغنَا عن النيب ‪ ‬أنه قَ َال ‪ « :‬يُكتبُ ِلَقائَِلها ِب َ‬ ‫فقد ِ‬
‫الدسََم ؛ َفِإنَُّه َأتَُّم ِلعَْقِل َ‬
‫ك‬ ‫ق َّ‬ ‫اك أَْن تُ َف ارِ ُ‬
‫ات » ‪َ .‬وِإيَّ َ‬ ‫يح عَشُْر َحسََن ٍ‬ ‫جِمي أو َفصِ ٍ‬‫َأعْ َ‬
‫حْلِم ‪َ ،‬وَعَلْي َ‬
‫ك‬ ‫يد يف ْال ِ‬
‫ت ؛ َفِإَّنُه يَِز ُ‬ ‫‪َ ،‬وال َتْمَنعََّن نفس َك ِمن احلالوَةِ إنْ َق ِدْر َ‬
‫ك ‪َ ،‬وال‬ ‫اللحم إِْن َوَجْدتَ ُه ‪َ ،‬وال تَ ُدْم عََليْ ِه َوال تََدعهُ أربعني َيْو ًم ا َفيَسوء ُخلُ ُق َ‬ ‫ِب َّ‬
‫اغ قُو ًَة ‪.‬‬
‫الدمَ َ‬
‫يد ِّ‬
‫فإنه يَِز ُ‬‫رد الطِّيبَ ؛ َّ‬
‫َت َّ‬
‫واهلل أعلم وصلى اهلل على حممد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫جد حالوةَ اإلميان ‪ ،‬وعليكَ‬ ‫اس اخلشنِ َت ْ‬
‫باللبَ َ‬ ‫وعليك ِّ‬
‫َ‬ ‫ال رمحه اهلل ‪:‬‬‫َوقَ َ‬
‫بقلِة الكالمِ‬
‫ويفَْتْح عليكَ ب ابَ العِب ادة ‪ ،‬وعليك َّ‬ ‫بالصَّْوم َيسُُّد ب ابَ الفُج ور ‪َ ،‬‬
‫ت ‪ :‬إال بذكر اهلل وما واله ‪.‬‬ ‫ك ‪ .‬قُْل ُ‬
‫َيِلْن َقْلبُ َ‬
‫أخَرِوي أو ما‬‫الوَرعَ ‪ ( ،‬أي إال ما فيه نفع ْ‬ ‫متلك َ‬
‫ْ‬ ‫ول الصمتِ‬‫بط ِ‬
‫وعليكَ ُ‬
‫اس ‪.‬‬
‫سِن النَّ ِ‬
‫هو وسيلة إليه ) َوال تكنْ َطعَّانًًا وال ُمغَْتابًا تسلمْ من َأْل ُ‬

‫‪145‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫قسم اهلل لك تكنْ َغنيًّا ‪،‬‬


‫رض مبا َ‬
‫حمببًا إلى النَّاس ‪ ،‬وا َ‬
‫رحيما تكنْ َّ‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫وكن‬

‫‪146‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أعمال البِّر ‪.‬‬


‫َ‬ ‫وتوكْل على اهلل تكنْ َقِوًّيا ‪ ،‬وكنْ مَُتواضِ ًعا تستكملْ‬
‫خاء‬‫رحيما يَُتَرَّحم عليكَ ‪ ،‬وعليك بالسَّ َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫وكن‬ ‫تظفر حباجتِك ‪،‬‬ ‫وكْن عفوًّا َ‬ ‫ُ‬
‫فإنه يسُْتر العوراتِ ‪.‬‬
‫ج ْد‬
‫كلها تَ ِ‬ ‫ك اهلل يف َق ِربكَ واجتنبْ احملارَِم َّ‬ ‫وعليك بك ثرةِ املع روف ُيْؤنسْ َ‬ ‫َ‬
‫َحالوةَ اإلميان ‪.‬‬
‫ك ُ‬
‫اهلل‬ ‫اجلن ٍة تكنْ معهم ي ومَ القيامة وابغضْ أهلَ املعاصي حُيِبُّ َ‬ ‫ب أهلَ ّ‬ ‫وأح َّ‬
‫ِ‬
‫واملؤمنون ‪.‬‬
‫وآخره على تقوى اهلل يف ِّ‬
‫السر‬ ‫ُ‬ ‫أمرك‬
‫أخي ! أن يَ ُك ونَ َأَّوُل ِ‬ ‫رص يا ِ‬ ‫واحْ ْ‬
‫والعالنيةِ ‪.‬‬
‫ور َومَْوق وفٌ َ‬
‫بني‬ ‫حشُ ٌ‬ ‫وث َومَ ْ‬
‫واخشَ اهلل خش ية َمن عَِلَم أن ه مَِّيتٌ َوَمبْ ُع ٌ‬
‫جَّبارِ ‪.‬‬‫ي ْال َ‬ ‫َيَد ْ‬
‫ناعمة خال دةٍ ‪ ،‬أو إلى ن ارٍ‬ ‫ٍ‬ ‫جنٍة‬
‫أحد ال دارينِ ؛ ِإمَّا إلى َّ‬ ‫مث املصريُ إلى ِ‬
‫دائمة ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫حامية مؤبََّدٍة‬
‫ٍ‬
‫املساكني ‪ ،‬وأرضَ بعيشتهم ‪ ،‬وتأسَّ بفقريهم‬ ‫َ‬ ‫وجالس الفقراء ‪ ،‬واصحبِ‬
‫واصرب علي ُمضطَِّرهم ‪.‬‬ ‫‪ْ ،‬‬
‫حكم ‪ ،‬ساهًِرا يف ُج ِ‬
‫نح‬ ‫راضيا عن اهلل مبا قسم ‪ ،‬وداخالً حتتَ ما َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫وكن‬
‫الظَلِم ‪ .‬انتهى ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫خُل و‬
‫يخا َي دخُل على املأمون وك ان يَ ْ‬ ‫ال حييى بن أكثم ‪ُ :‬كنتَ أرى ش ً‬ ‫قَ َ‬
‫ينصرف فال نسمع له َخَبرَا فلما تُويف ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫به خلو ًة طويلةً مث‬
‫وق به‬
‫ديق َمس ُْكونٍ إليه مَْوُث ٌ‬ ‫ال لنا املأمونُ ‪َ :‬وا أس َفَا على فقد ص َ ٍ‬ ‫قَ َ‬
‫س منه الَْفَوائدُ َوْالغُرَر ُقْلَنا ‪:‬‬ ‫َوُتقَْتبَ ُ‬

‫‪147‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫خُل وا به‬
‫شيخا يأتِينَ ا َونَ ْ‬
‫ومن ذاكَ يا أمري املؤمنني ؟ قَ َال ‪ :‬أما ُكنتَ تَرى ً‬ ‫َ‬
‫مات ‪.‬‬‫ال ‪ :‬قد تأخر عن إبانِِه وأظن أنه َقْد َ‬ ‫ت ‪ :‬بلى ‪ .‬قَ َ‬‫اس ُقْل ُ‬
‫ِمن دونَ النَّ ِ‬
‫يح إليه‬ ‫ت أسَْتِر ُ‬ ‫وكنْ ُ‬
‫صديقي خبرسان ُ‬
‫ال ‪ :‬كان َ‬ ‫ذلك ؟ قَ َ‬
‫ُقْلتُ ‪ :‬وما يف َ‬

‫‪148‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫املك ُروب وأجد به ما يوجد بالولد الس ارَ احملب وب ولقد اس تمد منه َر ًأي ا أق وم به أوَدَ‬ ‫اس ْتَِراحََة ْ‬
‫استَش ََّن ما‬
‫داع هِ ‪ :‬إذا ْ‬‫اململكة وأصل به إلى رضا اهلل يف ِسيَاس َة الرعية ‪ .‬وآخر ما قَ َال يل ِعْن َد َو ِ‬
‫اخليِْر ؟ قَ َال ‪ :‬باالقتداء به يف اإلحسان إلى عبادة فإنه‬ ‫احبَ َ‬ ‫ص ِ‬‫فابلُلُْه ُقْلتُ ‪ :‬مباذا َيا َ‬‫بينك َوبَْينَ اهلل ْ‬
‫ك ‪ .‬واهلل ما أعطاك‬ ‫حيب اإلحسان ِمن عباده إلى عباده كما حتب اإلحسان إلى ولدك من حاشِيَِت َ‬
‫والتغَ ُم َد لسيئاهتم َوأي شيء‬ ‫القُ ْدَرَة عليهم إال لتصري على إحسانك إليهم بالشكر على َحسََناتِِهْم َّ‬
‫ورأفة ورمحةَ مَن ِلي‬ ‫ك عند ربك من أن يكون أمامك عدل وإنصاف وإحسان وإسَْعافٌ َ‬ ‫أوجه لَ َ‬
‫مبثل هذا القائلِ وأنَّى يل مبن يذكرين ما انا إليه صائر ‪.‬‬

‫الء ُمؤذنٍ بثُبُور‬


‫وََدارُ َب ٍ‬ ‫أَال إنما‬
‫حورِ‬ ‫(وََد ُ‬
‫ار َفًنا في ظُلَْمةٍ َوبُ ُ‬ ‫الدّارُ‬
‫وََد‬
‫وحدُ ِ‬
‫ور‬ ‫ود في الهوى ُ‬
‫صعُ ٍ‬
‫ار ُ‬
‫وََد ُ‬ ‫وك وَِحيرٍَة‬ ‫ارمّ َخَي ٍ‬
‫ال ِمْن ُشُك ٍ‬ ‫ُمدَلِ ُ‬
‫ور‬
‫صُب ٍ‬
‫َعلَى مَا يَرى ِفيهَا لََغْيُر َ‬ ‫إِّن‬
‫إَِرادَُة‬ ‫َوَالْامرأً لم َيْنجُ فيها ِبَنفْ ِ‬
‫سهِ‬
‫لَِجرّب‬ ‫بُكَدَّأنّ‬
‫رة َوبُكورِي‬
‫احي مَ ً‬
‫صّيَروَ ِ‬
‫ِتُي َ‬ ‫أخذْ ُ‬
‫ت‬ ‫سماَرًة َ‬
‫َىَيْومَح ْ‬
‫ِكَيف ِب‬
‫ك ُم أَونَْهٍقَل وَُقُبُحُبورِ ٍ‬
‫ور‬ ‫شِ‬
‫ُِروََز أَهْْهَرةَِل َعالْيُمْلٍ‬ ‫أَّنال‬
‫وَ ّ‬
‫ظل‬ ‫بّاءِ‬
‫ُروَأَبَْن‬
‫اصير‬
‫سّْتَق ِ‬
‫ِ ُم مَ‬ ‫نلَّذَظْرتُ إليهم في ُبيوتٍ مِن‬
‫ور ُشعُ ِ‬
‫ور‬ ‫سْيُتِر ِ‬
‫ضٍ ِبوََغُ‬
‫ضَرشَ ٍ‬
‫ار‬ ‫ََرعةلٍَىمِ َغنْيِرَر أَبْ‬ ‫ت‬ ‫وَالثَّكمْ ُ‬
‫صَوٍر َتحْ َ‬
‫ور‬
‫صخُ ِ‬
‫ف مِْن َجْندٍَل وَ ُ‬
‫وَِمْن َلخَ ٍ‬ ‫ثَالتَّوْتفي َسَرابِيلٍ َعَلْيَها ِمن‬
‫مََررْنَا ِبدُ ٍ‬
‫ور‬ ‫اجٍة‬ ‫صى مََرْرن َا بالقُ ِ‬
‫بور لحَ َ‬ ‫الحَ مَا‬
‫إَِذا‬
‫ُهوََيانّ‬ ‫أَال‬
‫ُروَلَبِّكنّ‬ ‫بيلِي كَْم مِْن‬
‫ُرَخِل ّ‬
‫وري‬
‫ض ِ‬‫ح ُ‬
‫َِني لَْم أَن َْتفِْع بِ ُ‬ ‫مَّي‬

‫‪149‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ور قَدْ َجَرْتَوأُُمورِ‬


‫وََكمْ ِمْن ُأمُ ٍ‬ ‫وب َقْد طََوْتِني‬
‫وََكمْ ِمْن ُخطُ ٍ‬
‫لَُهّن‬ ‫يرمْةٍ ِمْن َلَيالٍ َقدْ َأرَتِْني َعجَائًِبا‬
‫وكَِثَك َ‬
‫ََفذَ َ‬
‫اك‬ ‫وََمْن َلمْ َتزدْ ُ‬
‫ه‬
‫ور ؟‬
‫سُر ِ‬
‫يها َواثِ ًقا بِ ُ‬ ‫َفالّأَ ْ‬
‫صَبحَ ِف َ‬ ‫السّ‬
‫َى َدامَ في‬‫مَت‬
‫ك أَْن تَُوِّفَقنَ ا ِل َم ا‬ ‫وات وَاألَْرضِ َنسَْأُل َ‬ ‫يع السَّمَا ِ‬ ‫الدّمَّ َي ا َحيُّ َي ا َقُّيومُ َي ا َب ِد َ‬ ‫الل ُه‬
‫َّ‬
‫جِم ِ‬
‫يع‬ ‫الح ِدِيننَا َوُدنَْيانَ ا َوَأْحسِْن َعِاقبََتنَ ا َوَأ ْك ِرْم مَْثَوانَ ا َواغْفِ ْر َلنَ ا َوِلَو ِال َدْينَا َوِل َ‬
‫ص ُ‬ ‫ِفِيه َ‬
‫حَّمٍد َوعَلَى ِآل ِه‬ ‫اهلل َعلَى مُ َ‬ ‫ني ‪َ .‬وص َلَّى ُ‬ ‫احِم َ‬
‫الر ِ‬ ‫ك َي ا َأْرَحَم َّ‬ ‫ني ِبَرْحَمِت َ‬ ‫ْالُمس ِْلِم َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫حبِِه َأْجَمعِ َ‬ ‫صْ‬‫َو َ‬
‫صلٌ )‬ ‫( فَ ْ‬
‫ير ِ‬
‫ه‬ ‫صِ‬ ‫ان َوَم ِ‬ ‫س ِ‬‫في َمآلِ ا ِإلنْ َ‬
‫حَتِه مَُتمَِّت ًع ا َفِر ًح ا ِبقَُّوِت ِه َوشََبابِِه‬ ‫ان ِفي صِ َّ‬ ‫ض الُْعَل َم اءَ ‪ :‬بَيَْن َم ا ا ِإلْنسَ ُ‬‫قَ َال َبعْ ُ‬
‫جَم عََليْ ِه الْ َم َرضُ َو َج َ‬
‫اء‬ ‫ف عَلَى َقْلبِ َوال ْال َم ْوُتَعلَى بَ ال ِإْذ َه َ‬ ‫خ ُط ُر َل ُه الضَّْع ُ‬ ‫َي ْ‬
‫اء َوَلْم‬ ‫ح َوْالكَ َدُر َمكَ انَ الصّفَ ِ‬ ‫ح َّل الْ َف َر ِ‬‫ف َبعْ َد ْالقُ َّوةِ َو َح َّل اْلَهُّم ِمْن نَْفسِِه َم َ‬ ‫الضَّعْ ُ‬
‫اهلل الَْعِّلي الَْعِظيم‬
‫َيعُ ْد يَُؤِّنسُه َجِليسٌ َوال ُيِر َحي ُه َح ِديثٌ َوال َح ْوَل َوال ُق َّوةَ ِإال بِ ِ‬
‫ار ال يَشْتَِهي الْ ِغ َذاء َوَيكْ َره‬ ‫حِتِه َوصَ َ‬ ‫َق ْد سَِئَم َو َم َّل ِمَّما َك انَ َيْرَغبُ ُه ِفي َأيَِّام صِ َّ‬
‫حتُُه ِفي عَْقِل ِه يَُفكُِّر ِفي ُع ُم ر َأْفنَ اهِ َوشََب ٍ‬
‫اب‬ ‫اء ِفي لبَ ِه َوصِ َّ‬ ‫الدَواءِ َعلَى بَ َق ِ‬ ‫اوَل َّ‬ ‫َتنَ َ‬
‫والُمْنكََراتِ ‪.‬‬ ‫ان َوعِْنَد ْالَمالهيِ ْ‬ ‫صيَ ِ‬
‫سوقِ َوْالعِ ْ‬ ‫ضاعَُه ِفي الُْف ُ‬ ‫َأ َ‬
‫اعا َج َّد َو َك َّد ِفي‬ ‫ورا شَيََّدهَا َوضَِي ً‬ ‫ورا بََناهَ ا َوُقصُ ً‬ ‫َويََت َذَّكُر أَ ْم واًال َجَمَعها َوُد ً‬
‫اع ِمْن بَ ْع ِدِه‬ ‫اف عََليِْهْم الضَّيَ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ازتِ َه ا َوَيتَ َأَّلُم ِل ُدنَْيا َفارََقها َوَيتْ ُركُ ُذِّريًَّة ضَِعافًا يَ َ‬
‫ِحيَ َ‬
‫ح َيل ُة‬
‫اءُه َوَلِكْن مَ ا الْ ِ‬‫جُل شَِف َ‬ ‫َم َع اشْتَِغالِ َنفْسِِه بَِمَرضِِه وَآالمِ ِه َوتََعُّلِق َقْلبِ ِه بِ َم ا يُعَ ِّ‬
‫اءت‬‫حِبيبُ ﴿ َو َج ْ‬ ‫س ْال َ‬‫الطبِيبُ َوَيئِ َ‬ ‫الدَواءُ َو َح ارَ َّ‬ ‫الداءُ َوَلْم يُفِ ِد َّ‬ ‫حَل َّ‬ ‫ِإَذا اس َْتفْ َ‬
‫ِ‬
‫يد ﴾ ‪.‬‬ ‫نت ِمْنهُ حَتِ ُ‬ ‫ك َما ُك َ‬ ‫َسكَْرةُ الْ َم ْو ِت بِاحْلَ ِّق َذل َ‬

‫‪150‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ب التَّفِْريطِ وَا ِإلهَْمالِ‬


‫س بَِعَواقِ ِ‬
‫ح ُّ‬
‫شِعُر النََّدمَ َعلَى مَا َمضَى َويَ ُ‬
‫ستَ ْ‬
‫ِعنَْد هََذا َي ْ‬
‫صارَ بَْينَ َأْهِلهِ‬ ‫سانُُه َو َ‬
‫س ِل َ‬
‫سنُُه َوَجمَاُلهُ َوَخرِ َ‬ ‫ب ُح ْ‬ ‫ال ُعُنقُُه َوَأْنفُُه َوذََه َ‬
‫ت َعيَْناهُ َوَم َ‬
‫َوَقْد َتغََّيرَ لَْونَُه َوَغارَ ْ‬
‫الدِه وَأَْهِل ِه َوِإْخَوِت ِه‬
‫يمنْ َحْولَ هُ مِْن َأْو ِ‬‫َوَأصِْدَقائِِه َينْ ُظ ر َوال يَْفعَ لَ َوَيسَْمُع َوال َينْ ِط ق يُقَِّلبُ بَصََرُه ِف َ‬
‫خفِيفِ َكْربِ ه‬ ‫اذِه َأْو َت ْ‬
‫ب َوشَِّدٍة َوَلِكَّنُهْم َعنْ ْإنقَ ِ‬ ‫ون َما ُيقَاسِيهِ ِمنْ َك ْر ٍ‬ ‫اربِِه َوَأْحبَِابهِ َوِجَريِانهِ يَْنظُُر َ‬‫َوَأَق ِ‬
‫اجزُون ‪.‬‬ ‫َع ِ‬
‫َوأَْبَل َ‬
‫س‬ ‫ومُه‬
‫ت ِبهِ َأْحَزانُُه وَُهُم ُ‬ ‫اط ْ‬‫ِش ْعًرا‪َ :‬أَح َ‬
‫س َلهُ‬ ‫َلَولّمَْي َ‬ ‫س لَُه مِْن كُْرَبةِ الَْمْو ِ‬
‫ت‬ ‫َفَلْي َ‬
‫تُِمرَّمدّ‬ ‫ج َج َ‬
‫شْأتَ َخْو َ‬
‫ف‬ ‫اردْ ٌ‬
‫َفَوَقِ‬
‫صابُِر‬ ‫سَتْنمِْنجِهُدٌ َ‬
‫صْب ًرا وََما ُهَو َ‬ ‫ُِدَومَُها ْ‬ ‫َفالْمَكِنمّيْ ُموجٌِع يَْبِكي َعَلْيهِ ُمف َ‬
‫ْج ٌع‬
‫يعِّد‬ ‫صا‬‫اهلل ُمخِْل ً‬
‫سَتْرجٍِع َداعٍ لَُه َ‬ ‫َومُ ْ‬
‫ُِدَوَع ِمّْنهُ‬ ‫شٍر بَِوَفاتِِه‬
‫ت ُمسَْتْب ِ‬
‫َوكَْم َشِام ٍ‬
‫يلّ‬
‫ث‬‫َا َيَقِحلُ ٍ‬ ‫َوَحّل‬
‫ادرُ‬
‫يزِه َويَُب ِ‬
‫َُووَُعلّجَى َتجِْه ِ‬ ‫ََوَشمّ‬
‫ِ َُهمشَّيَعهُ إِْخَوانُهُ َوالْعَ َ‬
‫شائُِر‬ ‫سِلهِ‬
‫وه لَِغ ْ‬
‫ضُر ُ‬
‫َرَوكَُمّفنْ َقْد أَْح َ‬
‫(َعلَى َفْقدِِه مِْنُهْم ُقُل ٌ‬
‫وب‬ ‫اكَتَمَأعُوْواالدَلَُُهه‬
‫اجَ‬
‫صَرْوبَْيْتِنَعْينوَ ْ‬
‫َِفنَلْو ِف أَيْب ثَ‬
‫آه وَيَْرَتاعُ َناظِ ُر‬ ‫َتيُفهَّط ُ‬
‫ال لَِمْر ُ‬ ‫َلالّعَايَن ْ َ‬
‫ت مِْن ِ‬
‫قبح‬
‫اغُر‬
‫صِ‬‫ون األَ َ‬ ‫اسْوُه الَْبُن َ‬
‫ِإَذا َما َتن َ َ‬ ‫يج اكِْتَئ ُآب ُهم‬ ‫َأالْكَمِنابِّيرُ َأوْ ٍ‬
‫الد يَِه ُ‬
‫از ُر‬
‫ود َغوَ ِ‬ ‫َمدَامُِعهُمْ َفْوقَ الْخُُد ِ‬ ‫َوَربّ‬
‫اه ُر‬
‫صِ‬‫ارَيثهُ َأوْالده وَاألَ َ‬
‫َمَو ِ‬ ‫ازعٌ‬
‫انٍدًاَعَلِفي ْيهِ َلْحَجِدَوِهِ‬ ‫ََثةُو نِ‬
‫َىسْ ُمَوفَْر‬
‫َفال َحِامدٌ مِْنُهمْ َعَلْيَها وََشاكُِر‬ ‫ونَها‬ ‫َوأتََوْحُنّزوا إلى أَْموَالِهِ يَْق ِ‬
‫سُم َ‬
‫آمنًا‬
‫َويَا ِ‬ ‫َفَيا َعِامَر‬
‫ص َفمَا لَ َ‬
‫ك‬ ‫خذْ َأُهَب ًة وَاحِْر ْ‬ ‫َفمِّمُ‬ ‫الدّل ْقَى‬
‫َسَت‬
‫َعا ِذرُ‬ ‫الّ‬

‫‪151‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اءُه صَارُوا يََتَمنَّْونَ َمْوَت ُه َوَراحَتَ هُ َو ُه َو يَْعَلُم‬‫حُّبونَ َحَياتَ هُ َوبَ َق َ‬


‫َوَبعْ دَ َأْن َك انُوا يُ ِ‬
‫ون رَِّد‬
‫ستَِطيعُ َ‬‫ون َعلَى مَنْعِهِ َوال َي ْ‬ ‫ث ال َيقِْدُر َ‬ ‫وذ ِمنْ َبيِْنِهْم َحيْ ُ‬ ‫َأنَُّه َعَّما َقلِيلٍ َمْأُخ ٌ‬

‫‪152‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫* َوأَنتُ ْم ِحينَئِ ٍذ تَنظُ ُرو َن‬ ‫ِ‬


‫ال تَ َع َالى ‪َ ﴿ :‬فلَ ْواَل إِ َذا َبلَغَت احْلُْل ُق َ‬
‫وم‬ ‫ُرو ِح ِه إلى بََدنِ ه قَ َ‬
‫ني *‬ ‫ِِ‬ ‫ص ُرو َن * َفلَ ْواَل إِن‬ ‫* وحَنْن أَْق رب إِلَي ِه ِمن ُكم ولَ ِكن اَّل ُتب ِ‬
‫ُكنتُ ْم َغْي َر َم دين َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ َ ُ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫صادق َ‬ ‫َت ْرجعُو َن َها إِن ُكنتُ ْم َ‬
‫شَتُّد ِب ِه النَّْزع َوَجعَ َل يَُت ُ‬
‫ابع‬ ‫ت َوشََدائَِده َويَ ْ‬ ‫ات الَْمْو ِ‬ ‫اجل سََكَر ِ‬ ‫ال يَُع ُ‬ ‫ثَُّم َال يََز ُ‬
‫ك ِلسَُانه َحتَّى َإذا‬ ‫اخَتَّل نَْبضُه َوَتعََّطَل سَْمعُه َوبَصَُره َك َم ا َتعََّطَل َقْب َل َذِل َ‬ ‫سه َو ْ‬ ‫َنفَ َ‬
‫جيفةً َبيَْن‬‫امدةً َو َ‬ ‫صارَ ُجثًَّة َه َ‬ ‫وحُه إلَى السََّماء َ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫اض ْ‬‫اء َوَف َ‬ ‫اء األَجلْ َوَنفََذ الَْقضَ ُ‬ ‫َج َ‬
‫ون ُه‬‫اسُمُه َّالِذي َك انُوا يَْعَرُف َ‬ ‫ات ْ‬ ‫اعُدوا َومَ َ‬ ‫شوا ِمْن َجِانبِْه َوَتبَ َ‬ ‫استَْوَح ُ‬
‫شَريِته َقْد ْ‬ ‫َأهِْلِه َوعَ ِ‬
‫ولونَ ْالَمْيتُ َبعَْد أَْن َكانَوا‬ ‫َحوا َيقُ ُ‬ ‫وأصب ُ‬
‫ون بِِه ْ‬ ‫س َ‬ ‫ي َكانُوا يَأنَ ُ‬ ‫صُه الِّذ ِ‬ ‫خُ‬ ‫ات َش ْ‬ ‫َكَما مَ َ‬
‫اسِمِه َحًيا ‪.‬‬ ‫ونُه بِ ْ‬‫يُنَادُ َ‬
‫ضُع يََدُه‬ ‫ار ُيقََّلبُُه عُرْيَانًا َويَ َ‬
‫صَ‬ ‫جَّردَُه ِمْن ِثيَِابه َو َ‬‫اسُل َف َ‬‫اجُعون ثَُّم َأَخَذ ْالغَ ِ‬ ‫َفإنا هلل َوَإنَّا إلَْيِه َر ِ‬
‫ج يف أَْكَفانِ ِه َك َم ا‬ ‫ج ُل ِمنْ ُه َح الَ َحيَ ِات ه ‪ .‬ثَُّم أُْدِر َ‬ ‫خَ‬ ‫حي َويَ ْ‬ ‫ان يَسَْت ِ‬
‫َعلَى سَْوِأته َوعَْوَرِت ِه َوَق ْد َك َ‬
‫كونَ ُه‬
‫حِمُلونَ ُه إلى ُح ْف َرةٍ َعِمْيقَ ٍة ضَّيقٍَة ُموِْحشٍَة َويَْتُر ُ‬ ‫اع يف ِلفَِافِته َوبَْعَد الصَّالَِة عََليْ ِه يَ ْ‬ ‫ج اْملتَ ُ‬
‫ُيْدَر ُ‬
‫د مكْتُوبا عَلى َقْبِره ‪:‬‬
‫يق إال عََمُله انَْتهَى َوُوِج َ َ ً‬ ‫يدا َال ِأنيسَ َوال َرِف َ‬ ‫َوِح ً‬
‫وأخلي الَْمقاصِ ُر‬
‫ْ‬ ‫سُهمْ ِمْنُهمْ‬
‫َمجَالِ ُ‬ ‫سْوا َرِميمًا في‬
‫ِشْعًرا‪َ :‬فْأم َ‬
‫َوأَنَّى‬ ‫َوالتَّحّل‬
‫لسسَّكط‬
‫ُم ُ‬ ‫ورُهامْ َثَوْوا‬
‫َُفواَما بِ أَدْنارٍ تَرَالَىَتَزإِاوُالَر قَُبُْيَن ً‬
‫س تَِفْهيِويَعَلْيإِلَهْياَهااألََع ِ‬
‫اص ُر‬ ‫ادَرَتٌة ْ‬
‫ح ًةَ‬‫َُمبَ‬ ‫ِبفََهَماا َ‬
‫صَرَفْت‬
‫َوالذَّحّف‬ ‫ص َ‬
‫ون‬ ‫ف َدَفَعْتَعْنهُ الْ ُ‬
‫ح ُ‬ ‫وَكال ّ‬
‫اريهُ‬
‫تال بَِهطاِمعَأَْنْتَهِف ُ‬
‫ََو ْ‬ ‫ت َعْنهُ‬ ‫الَّوال َق َ‬
‫ارَع ْ‬
‫اهلل ال‬ ‫الَوأََّذْمٌربّ َق َ‬
‫ضُاه ُ‬ ‫َأالْتََمُاهِنّي مَِن‬
‫اهُر‬
‫األمِْر َق ِ‬
‫يم نَافُِد َ‬ ‫ُبَحدِّك ٌ‬
‫يم َعِل ٌ‬ ‫جبّ ٌ‬
‫يك َعِزيزٌ ال‬ ‫َمالْلِ َ‬
‫ُيَرّد‬

‫‪153‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اغُر‬
‫صِ‬‫َفَكْم مِْن َعِزيزٍ ِلْلُمَهْيِمِن َ‬ ‫َعنَى‬
‫لِِعّز‬ ‫سَلَم ْ‬
‫ت‬ ‫اسَت ْ‬
‫ت َو ْ‬ ‫لَكَُقدّْل َخ َ‬
‫ضْع َ‬
‫ونجََب؟ابِقَُر َال ‪َ :‬ألنِّي‬
‫حزُ الْ‬ ‫وكْ‬
‫تُل َم ُ‬
‫ش َأنْالُْمَ‬
‫يالْعَشَْرْيٍءِ‬
‫حزِْن َف َق َالَةِ‪ِ :‬مِذنْيَأ ِّ‬‫يد ْال ُ‬
‫ان شَِد ِ‬‫س ٍ‬‫تفِ َعلَى ِإنْ َ‬ ‫اءَلالسََّلْ‬
‫ضَ‬ ‫ضَ‬
‫ف َبعْوََت ُ‬
‫َوَق َ‬
‫وب َفَأَن ا َح زِينٌ َعَلْي َه ا ثَُّم َأسْبََل َدمْ َع هُ َف َق َال لَ ُه ‪َ :‬م ا ُيبِْكيكَ‬ ‫الذُن ِ‬‫ك َأنِّي َقَتْلُتَها بِ ُّ‬
‫سي َوذَِل َ‬ ‫ت ِفي َنفْ ِ‬ ‫صبْ ُ‬‫ُأ ِ‬
‫حسُنْ ِفيهِ َعَمِلي َفبُ َك ائِي ِلقَِّلةِ الزَّادِ َوبُعْ ِد الَْم َف ازَة‬ ‫ت َيْو ًم ا َمضَى ِمنْ َأَجِلي َلْم َي ْ‬ ‫اآلن ؟ قَ َال ‪َ :‬ذ َك ْر ُ‬
‫د‪:‬‬ ‫شَ‬ ‫جنَِّة َأمْ إلى النَّارِ ثَُّم َأْن َ‬ ‫ط بِي ِإلى ْال َ‬ ‫ودَها ثَُّم ال َأدْ ِري َأْينَ يُْهبَ ُ‬
‫صعُ ِ‬ ‫َوَعقََبةٌ ال بَُّد لِي ِمنْ ُ‬
‫ان ُن ُزولَِكا‬
‫باهلل َهْل َتدِْري َمَك َ‬
‫ِ‬ ‫سَافة ُع ْمِرهِ‬
‫يَا َراكًِبا يَْطِوي َم َ‬
‫في ُحْفَرةِ َتْبلَى بُِطولِ ُحلُولَِكا‬ ‫َشّم‬
‫‪َ -‬و ُو ِج َد َم ْكتُوبًا َعلَى َق ْبر‪-‬‬ ‫ِْر وَُقْم مِْن َقْبِل‬
‫شعُوا‬
‫ار وََأسَْلُموكَ َوأَْق َ‬
‫َونَأَى الَْمَز ُ‬ ‫َذَه َ‬
‫ب‬
‫سوا‬
‫وك وَكُْرَبةٍ َما ن َفَ ُ‬
‫س َ‬‫َلْم يُْؤن ِ ُ‬ ‫اتََرألَكُِحبّوكَ َأوَْحشَ مَا تَُك َ‬
‫ون بَِقْفَرةٍ‬
‫َعْنَك‬ ‫ب‬ ‫صْرتَ ِ‬
‫صاح َ‬ ‫َ‬ ‫اء وَ ِ‬
‫ضُ‬
‫وَقَضَى الْقَ َ‬
‫شيَّةِ أَْو غَدِ‬ ‫اأُخْألَتَِحبَّ‬
‫ان َر ْه ٌن لِْلعَ ِ‬ ‫آخر‪ :‬إُِّحنْفَرةٍ‬
‫َأّن‬ ‫َن‬
‫ك َفت ََيقن ْ‬ ‫سَسَأةِمعْ َ‬
‫ت بَِهالِ ِ‬ ‫ََفإَِذالْاَم َ‬
‫ََمْن مِْنُكْم الَْمغُْمورُ ِفي ظُُلَماتَِها‬ ‫احِتَها‬
‫ف ِبالُْقُبورِ َوُقْل َعلَى َس َ‬ ‫آخر‪ِ :‬ق ْ‬
‫َقْد َذاقَ بَْرَد األَمِْن مِْن َروََعاتَِها‬ ‫وَمَِن‬
‫التهَا‬
‫ف الْحََقائَِق َبعْ ُد مِنْ حَا ِ‬
‫ص ُ‬‫َت ِ‬ ‫لَالْْوُمَكَجّراوَُبوكَ َألَخْبَرُوَك بَِألْ ُ‬
‫سن‬
‫اء مِْن‬
‫ضي إلى مَا ش َ َ‬ ‫ُيف ْ ِ‬ ‫أَمّ‬
‫ِفَدْويَحاتُِحهفَْاَرةٍ َيأْوِي إلى َحَياتَِها‬ ‫ضةٍ‬
‫ازٌل في َروْ َ‬
‫َاوَالْ ُالْمُمجِْطرمُيعُ َفَن ِ‬
‫ِفي‬ ‫وحهُ‬
‫سعَى ِإلَْيهِ َفُر ُ‬ ‫الطّقَ ِ‬
‫ارٌبَت ْ‬ ‫وََع‬
‫ِالشدّ يَْمَنعُ ال َمْوتَ‬ ‫آخر‪ :‬إِّن‬
‫بَّو‬ ‫يب مَِن األَْحَباب ُمخَْتَل ُ‬
‫س‬ ‫َ الْحَِب َ‬

‫‪154‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َيا َمْن‬ ‫ف تَْفَرحُ‬


‫َفَكْي َ‬
‫ُيَوعأَْنّدتَ َدْهر َ‬
‫ُك في‬ ‫الدَّبحْ َ‬
‫ت يَا َغافِالً ِفي‬ ‫بأَِ ْ‬
‫ص‬
‫اللال‬
‫َوّ‬ ‫الالنّ َيرَْحُم الَْمْوتَ َذا َجْهل لِِغرّتِهِ‬
‫ضُه يَْو ًما‬
‫ار َأْغَم َ‬
‫صَ‬‫ِإالّذْ َ‬ ‫آخر‪ :‬بَْينَا‬
‫ج ُن األَْرض مِْنُه ثُ ّم يَْن َ‬
‫س ُاه‬ ‫َفَويُ ْمَسِكّ‬ ‫الشّي َعَلْيهِ َقِليالً‬
‫يَْبِك‬
‫َوكُُّل ِذي َعَمل يَْوًما َسَيل َْقاهُ‬ ‫ثُوَّمكُّل‬
‫س‬
‫سانًا مَا بِهِ َخَر ُ‬
‫َعن الْجََوابِ ِل َ‬ ‫تَسَيْبفُِلُغيهُ َقْبر‬
‫آخر‪ُ :‬كَْمِذيأَْخَأرََجسٍَل يَالْْوَمًماْو ُ‬
‫َفَقْبُرَك اْلَيوْمَ ِفي األَْجَداثِ‬ ‫صُر َك َمعُْمورًا لَُه‬ ‫تبِهِ‬
‫انَ َق ْ‬ ‫َقوََقدْْفَكَ‬
‫سَو الَِّذي يَْن ُظ ُر إلى َقْب ر َغيْ ِرِه َفَي رَى‬
‫ور لالعْتَِب ار َفْالَبصُمِنِْريدَِرُه ُ‬‫ت عَلَى ُقُب ٍ‬ ‫ف ُ‬
‫ات ُكِتبَ ْ‬ ‫َه ِذِهَشَراألَْبيَُ‬
‫ح َق بِِهْم‬
‫لح وقِ بِِهْم َويَْعَلُم أنَُّهْم ال يَْبَر ُح ونَ ِمْن مَ َك انِِهْم َحتَّى َيْل َ‬ ‫َمكَ َان ُه بَْيَن أَْظ ُه ِرِهْم َفَيسْتَِعّد ِل ُ‬
‫ك اْليَ ْوُم أََحبُّ‬
‫ان َذِل َ‬
‫ض عََليِْهْم يَ ْوٌم مِْن َأيَِّام ُع ُم ِرِه َّالِذي ُه َو مَضَيٌّع َل ُه َلكَ َ‬ ‫حقَّْق َأنَُّه َل ْو ُع ِر َ‬
‫َوْلَيتَ َ‬
‫ح َذافِِريَها َألنَُّهْم عََرُف وا َق ْدَر األَعْ َم ارِ وَاألَْع َم ال َوانْكَش ََفتْ َلُهْم َح َق ائَِق‬ ‫الدْنيَا ِب َ‬
‫ِإَليِْهْم مَِن ُّ‬
‫خَّلصَ ِمَن الِْعقَ ِ‬
‫اب‬ ‫سَرتُهْم عَلَى َيْومٍ ِمن الُْع ُم ر ِليََت َدَارَك الُْمقَصُِّر ِب ِه تَْقصُِريُه َفيََت َ‬ ‫ور َوِإنََّما َح ْ‬‫األُمُ ِ‬
‫واب ‪.‬‬ ‫ف َلُه الثَّ َ‬
‫ضاعَ ُ‬‫وفُق بِِه ُرْتبَةً َفيَ َ‬
‫يد الُْم َّ‬
‫ستَِز َ‬‫َوْلَي ْ‬
‫ِفي‬ ‫ال َي ْحقِر‬
‫السَ‬
‫صَغائُِر‬‫َو ّ‬ ‫َفالرَّكَبائُِر‬
‫الرَّعلّ‬
‫َولَ‬ ‫آخر‪ :‬يَاالرّ‬
‫َِنِديًيناَعن َبابِهِ ال أُْطَر ُد‬ ‫يََرابّ‬
‫لي ِ‬
‫سّ‬
‫السِل الِْوْزِر‬‫ِبَع َ‬ ‫حِال َعْبِدَك‬
‫ير بِ َ‬
‫خب ِ ُ‬ ‫أََرن ْبّ َ‬
‫ت الْ َ‬
‫َتالثّحَ ْ‬
‫ت‬ ‫أإَِّنسَ ًفا َعلَى ُعْمِري‬
‫الذّ‬ ‫الّ‬

‫‪155‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫بِِإَزِاء َعْيِني لَْم تََزْل‬ ‫يَا‬


‫تَتطَرَم ًّدعا ِبَرْحَمِت َ‬
‫ك‬ ‫يََرابّ‬
‫ير‬
‫ت الْ ُمجِ ُ‬ ‫أَالّْن َ‬ ‫جيبُ‬ ‫أََرْن ّ‬
‫ب‬
‫تَ الُْم ِ‬
‫لِوَُكَألّليّ‬ ‫لِمُِكْنلّ‬
‫ص ُد‬
‫ك نَْق ُ‬
‫اب َغْيَر بَابِ َ‬
‫ِ بَ ٍ‬ ‫أَ ّ‬
‫ي‬
‫ص ْحبِ ِه َو َسلَّ ْم ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صلى اهللُ َعلى حُمَ َّمد َو َ‬ ‫واهللُ أ َْعلَ ُم ‪َ .‬و َ‬
‫ان حُمْسِنًا نَ ِدمَ َأنْ‬ ‫وت إِال َن ِدم ‪ :‬إِنْ َك َ‬ ‫ح ِديثِ ‪َ « :‬م ا مِْن َأ َح ٍد يَ ُم ُ‬ ‫َوِفي الْ َ‬
‫ع » ‪َ .‬ف ِإَّنُهْم ِإنَّ َم ا عََرُف وا‬ ‫ون اْزَدَاد ‪َ ،‬وإِْن َك انَ ُمسِيئًا َن ِدَم أَْن ال يَ ُك ونَ َن َز َ‬ ‫ال َيكُ َ‬
‫ادٌر‬ ‫حيُّ َق ِ‬ ‫ت أَُّي َه ا الْ َ‬‫حَي اةِ َوَأنْ َ‬‫اعٍة مَِن ْال َ‬ ‫حسَْرُتُهْم َعلَى سَ َ‬ ‫َق ْدَر الُْع ُم ِر بَ ْع َد انِْقَطاعِ ِه َف َ‬
‫اهلل َعلَى أَْمثَاِلَها ‪.‬‬ ‫اعِة َوُربََّما أَْقَدَركَ ُ‬ ‫ك السَّ َ‬ ‫َعلَى تِْل َ‬
‫يم ا َمضََّرةٌ عََليْ َ‬
‫ك‬ ‫يم ا ال َفائِ َدةَ ِفِيه أَْو ِف َ‬ ‫ثَُّم أَْنتَ ُمضَِّيع ِل ْل َوْقتِ َوَق ِات ُل َل ُه ِف َ‬
‫وج األَ ْم ِر‬ ‫ت عِْن َد ُخ ُر ِ‬ ‫يع الْ َوْق ِ‬ ‫ف عَلَى َتضِْي ِ‬ ‫حسُِّر َوالتََّلُّه ِ‬ ‫ك عَلَى النََّدمِ َوالتَّ َ‬ ‫َفَوِّطْن نَْفسَ َ‬
‫ك مِن ْالعََمِل الصَِّالح ‪.‬‬ ‫اركَ َوَعَدِم تَْمكِِن َ‬ ‫اختَ ِ‬
‫ِمْن ْ‬
‫س يَا َح ْس َرتَى علَى َما‬ ‫ول نَ ْف ٌ‬‫اهلل َج َّل َوعَال ‪ ﴿ :‬أَن َت ُق َ‬ ‫َوْاذ ُك ُر َق ْوَل ِ‬
‫نب اللَّ ِه وإِن ُكنت لَ ِمن َّ ِ‬ ‫طت يِف َج ِ‬
‫ين ﴾ اآليَات َوَقْوُلُه َعَّز ِمْن َقائِ ِل ‪:‬‬ ‫الساخ ِر َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َفَّر ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ب لَ ْواَل‬‫ول َر ِّ‬ ‫ت َفَي ُق َ‬ ‫﴿ َوأَنف ُق وا من َّما َر َز ْقنَ ا ُكم ِّمن َقْب ِل أَن يَ أْيِت َ أ َ‬
‫َح َد ُك ُم الْ َم ْو ُ‬
‫َّق وأَ ُكن ِّمن َّ حِلِ‬ ‫َج ٍل قَ ِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ َوَقْوُل ُه تَ َع اىل ‪﴿ :‬‬ ‫الص ا َ‬ ‫َ‬ ‫َص د َ َ‬ ‫يب فَأ َّ‬ ‫َخ ْرتَيِن إىَل أ َ‬ ‫أ َّ‬
‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم يِف َغ ْفلَ ٍة َو ُه ْم اَل يُ ْؤ ِمنُ و َن ﴾ َوَقْوُل ه‬ ‫وأَن ِذرهم ي وم احْل س ر ِة إِ ْذ قُ ِ‬
‫َ ُْْ ََْ ََْ‬
‫ت ﴾ اآلَي ُة َوَقْوُل ُه ‪َ ﴿ :‬و َّات ُق واْ َي ْوم اً‬ ‫ك َتْبلُو ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫ِ‬
‫َس لَ َف ْ‬
‫س َّما أ ْ‬ ‫َتعَ اىل ‪ُ ﴿ :‬هنَال َ‬
‫ت َو ُه ْم الَ يُظْلَ ُمو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫س َّما َك َسبَ ْ‬ ‫ُت ْر َجعُو َن فِ ِيه إِىَل اللّ ِه مُثَّ ُت َوىَّف ُك ُّل َن ْف ٍ‬
‫حِقيقَِة ِلَمْن تََدبََّرهَا َأبَْلُغ ِمَن السَِّياطِ ‪،‬‬ ‫ات الَِّتي ِهيَ ِبْال َ‬ ‫حَو َهِذِه اآلَي ِ‬ ‫َوَن ْ‬

‫‪156‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل َج َّل‬
‫ب إلى ِ‬ ‫يم ا يُ َق ّر ُ‬
‫حثِّ َعلَى التََّزّوِد ِلْلَمعَ ادِ َوصِيََانِة الْ َوْقتِ َوصَْرِفِه ِف َ‬‫ِفي الْ َ‬
‫َوَعال ‪.‬‬
‫ناظم ا املفاتيح اليت ذكرها ابنُ القيم رمحه ُ‬
‫اهلل‬ ‫بن عتيق رمحه اهلل تعاىل ً‬ ‫ال الشيخ سعدُ ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫حادي األرواح ‪.‬‬ ‫تعاىل يف كتابِِه ِ‬
‫َحِمدتُ‬
‫اء وَُيْكِرُم‬
‫شُ‬‫ضُل ُيْؤتِي مَْن يَ َ‬
‫لَُه الْفَ ْ‬ ‫الّ‬
‫اهلل‬
‫الة ِ‬‫ص ِ‬
‫َوأَْزكَى َ‬
‫وق َعَلْيِه‬
‫َعلَى َخْيِر َمخُْل ٍ‬ ‫ُثمّ‬
‫يُسَّل‬ ‫ُمحَّم‬
‫اجِتَه ٍ‬
‫اد‬ ‫صحَابِِهبِ ُحاألُ‬
‫سِْنولَى ْ‬ ‫ادي َوأَ ْ‬
‫ٍَد اْلَه ِ‬
‫ُعلّ‬ ‫َوبَْعدُ َفَقدْ‬
‫بَِوْعدِي‬ ‫َعّن‬
‫إِّي‬ ‫يح َكانَ ْ‬
‫ت‬ ‫َمفَاتِ َ‬
‫از مَن بِالْ َخْيِر‬
‫َفقَْد َف َ‬ ‫ِل ّ‬
‫لش‬
‫الشّ‬
‫ضحَى بَِما يَْدِري وَمِن‬
‫َوأَ ْ‬
‫ت َتعَْل ُم‬
‫َفُكْن َعامِالً ِبالْعِْلمِ ِإْن ُكْن َ‬ ‫حّق‬
‫الْ َ‬
‫َوقَْد َجَعَل الَْمْولى‬
‫اهلل‬
‫ال ِبَها َو ُ‬
‫تََن َ‬ ‫َلُهّن‬
‫حّق‬
‫بِالْ َ‬ ‫َفِمْفَتاحُ َشْرِعيّ‬
‫جا‬
‫وََيفَْت ُح َح ً‬ ‫ّ‬
‫الص‬
‫ُمحَّر‬ ‫َوبِ ّ‬
‫الص‬
‫َى‬ ‫ِْدِق َفت ْحُ‬
‫ال َعْن َفت ً‬
‫سِن ُسَؤ ٍ‬‫حْ‬ ‫بِ ُ‬
‫يََتَعّل‬

‫‪157‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صغَ ِ‬
‫اء‬ ‫سِن ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫سَتحْ ِ‬
‫َومُ ْ‬
‫مََع‬ ‫َوالنّ‬
‫هلل مِْفَتاحُ الظّ‬
‫يدنَا ِ‬
‫َوتَْوِح ُ‬
‫ِع ِ‬
‫يم‬ ‫َجّن‬
‫َفِبالتّ‬ ‫َوبِ ّ‬
‫الش‬
‫صُل‬
‫وََيحْ ُ‬ ‫ُْكِر‬
‫ب‬
‫ُح ّ‬ ‫احِه‬
‫ِبمفَْت ِ‬
‫الح وَُيْكَرمُ‬
‫ال بَِتْقَواهُ الْفَ َ‬
‫يََن ُ‬ ‫الذّ‬
‫ق َرْغَبٍة‬ ‫َومِْفَتاحُ َتْوِفيقِ الَْفتَى( ِ‬
‫صدْ ُ‬
‫وََرْهَبِتهِ‬
‫اح ا ِإلثَُجّمابَِة وَ ْ‬
‫اعَلَمْن‬ ‫َلدَى اهلل ِمفَْت ُ‬
‫بَِأنّ‬ ‫(‬
‫يل‬
‫َ َجِم َ‬ ‫َويُْفَتحُ ِلْلَعْبدِ‬
‫ازَهْد‬
‫اء َف ْ‬
‫ار الَْبقَ ِ‬
‫بَِد ِ‬ ‫التّ‬
‫ادََعّل‬
‫ان الْعَِب لِ‬
‫َومِْفَتاحُ ِإيمَ ِ‬
‫بَِما َكانَ‬ ‫َتفَكّ‬
‫ِإلى نََظٍر ِفيهِ َوأَْن رَبّ‬
‫بِِه وَُدُخولُ الَْعْبدِ َذ َ‬
‫اك‬ ‫َيَتفَّك‬
‫الْ ُمفَ ّ‬
‫خ‬ ‫َعلَى‬
‫ب لِلإَلهِ َفأَْسِلُموا‬
‫الم َقْل ٍ‬
‫وَِإسْ ُ‬ ‫َربّ‬
‫الص (‬
‫َومََع َذاكَ ِإْخ ٌ‬
‫وَِفعٍْل َوتَْرٍك‬ ‫ِبحُّب‬
‫كُّل‬

‫‪158‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ارِفينَ‬
‫وب الَْع ِ‬
‫وَُيحِْيي ُقُل َ‬
‫ت مِْنُهُم‬
‫ات أَْسحَارٍ َفُكْن َأنْ َ‬ ‫بَِأوَْق ِ‬ ‫ضرّ‬
‫تَ َ‬
‫سِن تَ َدبُِّر‬
‫كََذا الَْوْحُي ِإْذ يُْتلَى ِبحُ ْ‬
‫وََتْرُك‬
‫سانُ َعْبٍد ِفي ِعَبالذَّ‬
‫ادِة‬ ‫وَِإحْ َ‬
‫اد وَالِْقَيامُ َعَلْيِهمُ‬
‫وََنفُْع الْعَِب ِ‬ ‫َرب ّ‬
‫يل َرْحَمةِ الْـ‬
‫ص ِ‬ ‫اح تَ( ْ‬
‫ح ِ‬ ‫الحِهمْ ِمفَْت ُ‬
‫ص ِ‬‫ِإل ْ‬
‫الزمْ َذا‬
‫إلهِ َف ِ‬
‫اح ِرْزقِ الَْعْبدِ لََعّلَسعٌْي مََع‬
‫وَِمفَْت ُ‬
‫جِر ُم‬
‫ار ِإْذ ُهَو مُ ْ‬
‫وََكْثَرةُ االْسِتغَْف ِ‬ ‫التّ‬
‫وَِمفَْت ُ‬
‫اح‬
‫اعةُ َخْيِر الْ ُم ْرَسِلينَ‬
‫وََط َ‬ ‫ِعّز‬
‫اد مَِفْنعَّظَ‬
‫ك لَِما َلهُ‬ ‫اح االْسِتْعدَ ِ‬
‫وَِمفَْت ُ‬
‫ص ُير ِمن‬‫تَ ِ‬ ‫(‬
‫صُر ِلآلمَِال وَالْالدَّ‬
‫خْيُر‬ ‫َهُو الْقَ ْ‬
‫ب ِمن الَْعْبدِ يُعَْل ُم‬
‫َفِمْفَتاحُُه رَْغ ٌ‬ ‫كُّل‬
‫بَِمْو ُ‬
‫اله‬
‫وَِمفَْت ُ‬
‫اح‬ ‫وَالدّ‬
‫احذَْركُّلُغُر َ‬
‫ورَها‬ ‫إَِطالَُتكَ اآلَمَال َف ْ‬
‫وَُحّب‬ ‫(‬
‫كَْرٌك‬
‫خْلِد ُ ِش‬
‫ار الْ ُ‬
‫اح نَ ِ‬
‫وَِمفَْت ُ‬
‫وب‬
‫وَِكْبرُ الْفَتَى َفالِْكْبُر ُح ٌ‬ ‫ب َِرّب‬
‫مُعَظّ‬

‫‪159‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اضه‬
‫وَِإْعَر ُ‬
‫ادي‬
‫صَطفَى اْلَه ِ‬
‫بِِه الُْم ْ‬ ‫َعّم‬
‫وََغْفَلُتُه َعْن ِذْكِرهِ النَّوِقَيامِِه‬
‫حّق‬
‫بِ َ‬ ‫(‬
‫وَِمفَْتاحُ إِْثمٍ يُوبِ ُق ِالْعَْبلَِدِذيُمسْالَْعِكٌْرشِ الَْمِليكِ‬
‫احذَْرَها‬
‫مِن الْخَْمِر فَ ْ‬ ‫(‬
‫تلََعّل‬
‫اح ِذي الَْمْق ِ‬
‫وَِمفَْت ُ‬
‫وََذِلكَ ُقْر ُ‬
‫آن‬ ‫الزّ‬
‫اللّ‬ ‫ف‬
‫الق طَْر ِ‬
‫وَِإطْ ُ‬
‫سِن األَْشَب ِ‬
‫اح َفُهَو‬ ‫حِ‬‫سَت ْ‬
‫لُِم ْ‬ ‫الشّ‬
‫حّرَراحَةِ الَْفتَى‬
‫وم مََُعَ‬
‫سِل الَْمْذمُ ِ‬
‫وَِبالَْك َ‬
‫خيبُ‬
‫يَ ِ‬
‫َىَُك وَّلبَِريدُ ُه‬
‫وَِمفَْتاحُ ُكفَْرانِ الْفَت و‬
‫اصي َقِرًيبا َسيَْندَُم‬
‫اصيهِ َوالْعَ ِ‬‫مََع ِ‬ ‫(‬
‫اق الْعَْبِد ي(َْفَتحُُه إَِذا‬ ‫وََبابُ نِفَ ِ‬
‫ون كَُذوبًا َوالَْكُذوبُ‬ ‫يَُك ُ‬ ‫(‬
‫اح بُخِْل ِه‬ ‫صذَّم ِمفَْت ُ‬
‫وَ ُش ُّح الَْفتَى َوالْحِْر ُم ُ‬
‫اح أَْخذِ الَْم ِال ِمْن َحي ْ ُ‬
‫ث يُْعلَ ُم‬ ‫وَِمفَْت ُ‬
‫س ِحالً مَْع َقطَِيعةِ رَحِْم ِه‬ ‫بََأنْ َلْي َ‬
‫وَكُّل‬ ‫(‬
‫خِليقَ ِة يُعَْل ُم‬
‫َفِمْفَتاحُهُ ا ِإلْعَراضُ ُ ابِْتدَاعٍ ِفي الْ َ‬
‫نَِبّي‬ ‫َعّم‬
‫ُ اْلُهدَى مِْن‬

‫‪160‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اخِتمْ َقْوِلي ِفي الْقَِر ِ‬


‫يض‬ ‫َو ْ‬
‫صل‬
‫أُ ّ‬ ‫َبأَّن‬
‫ِي َعلَى َخي ِْر الَْورَى‬ ‫َوآلِ َمَع‬
‫س ِعْلَم‬
‫لُِمْقَتِب ٍ‬ ‫ّ‬
‫الص‬
‫الشّ‬
‫حَّمٍد َوِآلِه َوسََّلَم‬
‫اهلل َعلَى مُ َ‬
‫صلَّى ُ‬
‫اهلل َأعَْلُم َو َ‬
‫َو ُ‬
‫َمْوِعَظةٌ‬
‫ال َوْارغَُبوا ِإَليِْه ِفي ِحَراسَِة‬ ‫واحَمُدوهُ َعلَى ُكِّل َح ٍ‬ ‫اهلل اتَُّقوا اهلل تعاىل ْ‬ ‫ِعباد ِ‬
‫ََ‬
‫ت الَْب َوِادي وَاألَمْصَارَ َوِإنَّ َََِنعَم اهللِ ال تُ َع ُّد‬ ‫اهلل َق ْد َعَّم ِ‬
‫ال َف ِإنَّ ِنعََم ِ‬ ‫الزَو ِ‬‫النَِّعِم َعن َّ‬
‫حُّد بِِمقَْدِار ‪.‬‬‫حصَى َوال ُت َ‬ ‫َوال ُت ْ‬
‫ص َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم‬
‫نس ا َن لَظَلُ ٌ‬ ‫وها إ َّن اإل َ‬ ‫ت اللّ ه الَ حُتْ ُ‬ ‫ال تَ َع اىل ‪َ ﴿ :‬وإِن َتعُ دُّواْ ن ْع َم َ‬ ‫قَ َ‬
‫اهلل وَاْذ ُك ُروهُ‬ ‫الء ِ‬‫اث مَْلُهوفً ا َفاش ْكُروا آ َ‬ ‫وف ا َوَكْم أَ َغ َ‬ ‫َّار ﴾ َفَكْم َأس ْدَى مَْعُر ً‬ ‫َكف ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وب ﴾ ‪.‬‬ ‫ال تََعاىل ‪ ﴿ :‬أَالَ بذ ْك ِر اللّه تَطْ َمئ ُّن الْ ُقلُ ُ‬ ‫َكِثًريا قَ َ‬
‫ث ْالَمَه ِال َ‬
‫ك‬ ‫ور ُ‬‫اح َذُروا األَ ْه َواءَ َفِإَّن َه ا تُ ِ‬ ‫الر ْق َدِة َوالَْمقَ ِام َو ْ‬‫َوُهبُّوا مِْن َه ِذِه َّ‬
‫ك الَْعالم ‪َ ،‬واغَْتنِ ُم وا َبقَِّيَة الُْع ُم ِر وَاألَيَِّام ‪َ ،‬وَب ادُِروا‬ ‫َوْال َم َذامَّ ‪َ ،‬وْالِز ُم وا َطاعَ َة ْالَمِل ِ‬
‫اء ِبْالغَ َم ِام‬ ‫ِبالتَّْوَب ِة ِمَن الَْمعَاصِيَ وَا ِإل ْج َرِام ‪َ ،‬قبْ َل أَْن يَ أِْتيَ َي ْوٌم تَشَقَّ ُق ِفِيه السََّم ُ‬
‫الظَل َم ُة ُرُؤوس ََها‬ ‫س ِفيهِ َّ‬ ‫الطَوام ‪َ ،‬وُتنَ ِّك ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫الدَواهِي وَاألَ ْه َو ُ‬ ‫خَفايَ ا َو َّ‬
‫َوَتْظ َه ُر ِفيهِ ْال َ‬
‫اكُم‬ ‫ادِه َح ِ‬ ‫اء بَْيَن عَِب ِ‬ ‫جلَّى ِلَفصِْل الَْقضَ ِ‬ ‫وس إلى األَ ْق َدِام َويََت َ‬ ‫الرُؤ ِ‬‫الذُل مِن ُّ‬ ‫َوَيعُْلوهَ ا ُّ‬
‫حَّكام ‪.‬‬ ‫ْال ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال تََعاىل ‪ ﴿ :‬وأَ ْشرقَ ِ‬
‫اب َوجيءَ بِالنَّبِيِّ َ‬
‫ني‬ ‫ض بنُو ِر َر ِّب َها َو ُوض َع الْكتَ ُ‬
‫ت اأْل َر ُ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫قَ َ‬
‫والشُّه َداء وقُ ِ‬
‫س‬ ‫ت ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫ض َي َبْيَن ُهم بِاحْلَ ِّق َو ُه ْم اَل يُظْلَ ُمو َن * َو ُو ِّفيَ ْ‬ ‫َ َ َ‬

‫‪161‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الظَلَمِة َو َم ْن َك ان‬ ‫َمُة َوَأعَْوانُ َّ‬ ‫ودي أَْيَن الظَّل َ‬ ‫ت َو ُه َو أ َْعلَ ُم مِب َا َي ْف َعلُو َن ﴾ َونُ ِ‬ ‫َّما َع ِملَ ْ‬
‫الء مَ ا أَْهَوَل ُه‬
‫وب َوإِ ْق َدُام َفيَ ا َل ُه ِمْن يَ ْومٍ َم ا َأطَْوَل ُه َومِْن َب ٍ‬ ‫َلُهْم عَلَى ْالَمَعاصِي ُوثُ ٌ‬
‫اكم‬‫َجَزلَ هُ َومِْن َح ِ‬ ‫اب مَ ا َأعْضََلُه َوِمْن َج َزاءٍ َما أ ْ‬ ‫اب َم ا أَْثقََل ُه َومِْن َع َذ ٍ‬ ‫َوِمْن ِحسَ ٍ‬
‫َما أَْعَدَلُه ‪.‬‬
‫ال تَ َع اىل ‪﴿ :‬‬ ‫يد قَ َ‬‫يد َوَعُظَم اْل َه ْوُل الشَِّد ُ‬ ‫يد َو َح َّق ْالَوعِ ُ‬ ‫اب الَْوِل ُ‬
‫ك شَ َ‬ ‫ُهنَ ِال َ‬
‫نت يِف َغ ْفلَ ٍة ِّم ْن َه َذا فَ َك َش ْفنَا‬ ‫ِ‬
‫س َّم َع َها َس ائ ٌق َو َش ِهي ٌد * لََق ْد ُك َ‬ ‫اءت ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫َو َج ْ‬
‫اجٍر َك َّذابِ‬ ‫اب َوَذَّل ُك ُّل َف ِ‬ ‫الرَق ُ‬‫ت ِّ‬ ‫ص ُر َك الَْي ْو َم َح ِدي ٌد ﴾ َوَخضَعَ ِ‬ ‫اءك َفبَ َ‬ ‫نك ِغطَ َ‬ ‫َع َ‬
‫اع ِة الَْمِل ِ‬
‫ك‬ ‫يد مَن اسْتَْعَمَل َنفْسَُه ِفي طَ َ‬ ‫اب َفالسَِّع ُ‬ ‫خسَْرانِ َوالتَّبَ ِ‬ ‫اء بِْال ُ‬‫َوَر َج َع األَشْقَِي ُ‬
‫ار بَْعد ْالُوُرودِ ‪.‬‬ ‫جو مِن النَّ ِ‬ ‫اف َأنْ ال َينْ ُ‬ ‫ود َوَخ َ‬ ‫ْالَمْعبُ ِ‬
‫ول َقْب ِركَ‬
‫ظ َأيََّام ُع ْم ِرَك َقبْ َل ُحُل ِ‬
‫ك وَأْح َف ْ‬‫اق أَْحبَ ِاب َ‬
‫ك َقْب َل ِف َر ِ‬ ‫َفانَْتبِ ْه أَُّي َه ا ْالعَْب ُد َأليَِّام شََبابِ َ‬
‫الليَاِلي واألَيَِّام‬
‫ور َّ‬‫ني يُنَْهب وَاألَ َج ُل ِب ُم ُر ِ‬ ‫ك َف ِإنَّ ْالعُ ُم َر ِبالسِّنِ َ‬‫ك َقْب َل أََوانِ َوَف ِات َ‬ ‫َواغَْتنِْم َحَياتَ َ‬
‫ب‬
‫ش ّ‬
‫َت ُ‬ ‫ِش ْعًرا‪ِ :‬لَمْن َوْرَق ُ‬
‫اء ِبالَْوادِي الَْمِريعِ‬
‫وع‬
‫الضُُّلْشُيِ‬
‫يحَُها َو‬
‫ارطَِاف‬
‫َى َتأَبْع ِ‬
‫َُعلِبهِ‬ ‫صفُو‬‫ضَرَاء يَ ْ‬
‫َعلَى َفْيَنانٍَة َخ ْ‬
‫ت بِاألَْهِل الْجَِمي ِع‬ ‫الرَّ َ‬
‫اها الَْمْو ُ‬ ‫َرم‬ ‫ُتَرّد‬
‫صِريعِ‬
‫ب َ‬
‫َغَر ًاما َعاثَ ِفي َقْل ٍ‬ ‫صْوتَ َباكَِيٍة َعَلْيَها‬
‫شّت َ‬
‫َِفُد َ‬
‫َوتَب ِْكي َوِهَي َجامَِدةُ‬ ‫تَهالََها‬
‫جب َْشْمَلُ‬
‫تِ‬
‫ََع َ‬
‫سَران في َأمٍْر َشِنيعِ‬
‫خْ‬‫ِمالدّن الْ ُ‬ ‫ت‬ ‫تَفِهَكّلْم ُ‬
‫ت َحِديثََها وََفِهْم ُ‬
‫يع‬ ‫شَرُبِمْنهُ بِالَْكأْ ِ‬
‫س الْفَِظ ِ‬ ‫َوتَ ْ‬ ‫يسا‬ ‫َأنتَّب ِْكي ِتْل َ‬
‫ك أَْن َفقََدتْ َأنِ ً‬
‫ضِييعِي الْحََيَاة مََع الْ ُمضِيعِ‬
‫َوتَ ْ‬ ‫سي‬
‫ت َأبِْكي َفْقدَ َنفْ ِ‬
‫س ُ‬
‫َوَها َأنَا لَ ْ‬
‫ت الَْمدَِامعَ‬
‫َألْرَسْل ُ‬ ‫َولَْو‬
‫ِبالنّ‬ ‫َأنّ‬

‫‪162‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ب بِالُْهجُ ِ‬
‫وع‬ ‫ت يَْذَه ُ‬
‫وَِذْكُر الَْمْو ِ‬ ‫ص ِ‬
‫اح‬‫أال يَا َ‬
‫َفَما ِفي ُمقَْلت َْيهِ ِمن‬ ‫لَوَعّلالشّ‬
‫الدّال ُغُر ٌ‬
‫ور‬ ‫إِ‬ ‫اك َدمْ ًعا‬
‫ير أََخ َ‬
‫فَ‬
‫كَا َأُزنْْخُرتعِ ُ‬‫آخر‪ َ :‬م‬
‫وَكَُلّلَتم ِ‬
‫ْضَيّن‬ ‫الدُّربّ‬
‫وََل‬
‫َىِه امِألَنْقَوام‬
‫ضْ‬
‫َى مََعَلي‬
‫َأَمْكَسَما‬ ‫سِبيلِهِْم‬
‫ضْوا لِ َ‬
‫َوََلأَُرْقَوبّامٍ مَ َ‬
‫تَْلالتُّهو وََتْلَع ُ‬
‫ب ِبالُْمنَى َوتََنامُ‬ ‫شَْعَمُل َوالْعُُي ُ‬
‫ون‬ ‫تُر ي ٍ‬
‫َوَالِْذَميْو ُف‬
‫يرهُ‬
‫اء ُتدِ ُ‬
‫وََعلَى الْفََن ِ‬ ‫َقكُِرّليرٌَة‬
‫امَِلألَيًّكا‬ ‫الدّورُ َعلَى الَْبَق ِ‬
‫اء‬ ‫ُوَ يَُد‬
‫أتََبَقًدطّا وَلَي ْ َ‬
‫س ِلَما ِسَواهُ َدوَامُ‬ ‫هللوتِ‬
‫ََفائِالْمُحَمالْدُملَُكِ‬
‫الر ِاس ِ‬ ‫وت اجلب ِال َّ‬
‫ور ا ِإل َمي انِ َو ْ‬
‫اجَعْلَن ا‬ ‫يات َونَِّوْر َه ا بُِن ِ‬ ‫ك يف ُقلُوبِنَا ثُبُ َ‬ ‫ت حَمَبَّتَ َ‬‫اللَّ ُه َّم ثَالّبِّ ْ‬
‫ني َواغِْفْر َلَن ا َوِلَوالِ َديَْنا َوَجِميع‬ ‫ح َ‬
‫ادكَ الصَِّال ِ‬
‫حقَْنا بِِعبَ ِ‬‫ني َوأَْل ِ‬
‫سِلِم َ‬
‫ين َوتََوَّفَنا مُ ْ‬
‫ُهَداةً ُمْهتَِد َ‬
‫حَّمٍد َوعَلَى ِآل ِه‬ ‫اهلل َعلَى نَِبيَِّن ا مُ َ‬
‫ني َوص َلَّى ُ‬ ‫احِم َ‬
‫الر ِ‬‫ك َي ا أَْرَحَم َّ‬ ‫ميَن بَِرْحَمتِ َ‬ ‫ْالُمس ِْل ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫حبِِه َأْجَمعِ َ‬ ‫صْ‬
‫َو َ‬
‫مَْوِعَظٌة‬
‫احِمنيَ‬
‫اهلل َعَلْي ِه َوسََّلَم َأنْ َنكُ ونَ ِإْخوانً ا ُمتَ َر ِ‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫اهلل َق ْد َحثََّن ا َنبُِّينَ ا صَلَّى ُ‬ ‫ََ‬
‫حبُّ ِلَنفْسِِه َويَسْعَى ِفي‬ ‫حبُّ ُك ُّل مَِّنا َألِخِيه مَ ا يُ ِ‬ ‫ني يُ ِ‬
‫اطفِ َ‬
‫ني ُمتَ َع ِ‬ ‫ح ِّاب َ‬
‫ني ُمتَ َ‬‫اوِن َ‬
‫ُمتَ َع ِ‬
‫ي َرضَِي اهلل‬ ‫هما َعْن أَِبي ُموسَى األَشَْعِر ُّ‬ ‫يح َ‬ ‫ح َ‬
‫اري َومُسِْلُم ِفي صَ ِ‬ ‫خِ‬ ‫ج الُْب َ‬ ‫ك أَْخَر َ‬‫َذِل َ‬
‫اهلل عََليْ ِه َوسََّلَم ‪ « :‬الْ ُم ْؤمِِن ِلْل ُم ْؤِمِن َكْالبُْنيَ ِ‬
‫ان‬ ‫اهلل صَلَّى ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال ‪ :‬قَ َال َرسُ ُ‬ ‫َعنْ ُه قَ َ‬
‫صِابعِه ‪.‬‬
‫شبك بَْيَن أَ َ‬
‫ضه بَْعضَا )) َو َ‬ ‫شّد َبعْ ُ‬‫َي ُ‬

‫‪163‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َفِإنّ‬ ‫وَُكّل‬
‫هُ ِفَويال َتخَ ْ‬
‫ف مِْنُه مِالال‬ ‫َِفيَزْربِِه‬ ‫اهلل‬
‫سي ِفي ِ‬
‫تْي ِفَ‬
‫يققْ لََ‬
‫صِدَحَقٍ‬
‫آخر‪ُ :‬إَِذا َ‬
‫َوال َتُك ِفي‬ ‫وَِّدُكْن‬
‫اهلل عَْنُه َم ا َأنَّ‬‫يحِه مََعَونّد ابِْن عُ َم َر َرضِيَ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي أَْيضًا ِفي صَ ِ‬ ‫ار ُّ‬
‫خ ِ‬ ‫ج الُْب َ‬‫الشَر َ‬
‫خّ‬
‫َوأكَ ْ‬
‫اهلل ‪ ‬قَ َال ‪ْ « :‬الُمسِْلُم أَ ُخ و ْالُمسِْلم ال يَْظِل ُم ه َوال يُسْلُِمه َومَْن َك انَ ِفي‬ ‫ول ِ‬ ‫َرسُ َ‬
‫اهلل عَْن ُه ُكْربَ ًة‬ ‫ج ُ‬ ‫ج َعْن مُسِْلٍم ُكْرَب ةً َف َّر َ‬ ‫اهلل ِفي َحاجَِت ِه َوَمْن َف َّر َ‬ ‫ان ُ‬ ‫َحاجَِة َأِخِيه َك َ‬
‫ب َيْومِ ْالقَِيَامِة َو َم ْن َسرَت ُم ْسلِ ًما َسَتَرهُ اهللُ َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة » ‪.‬‬ ‫ِمْن ُكَر ِ‬
‫ني مِْن شَْأنِِهْم التَّنَاصُُر َوالتََّناصُُح‬ ‫يد أََّن الْ ُم ْؤِمنِ َ‬ ‫ح ِديثِ األََّوِل مَ ا يُِف ُ‬ ‫يف الْ َ‬
‫ني ُك َّل‬ ‫احِم َ‬
‫خاصَِة َوأَْن يَُكونُ وا مَُت َر ِ‬ ‫حِهْم الَْع َام ِة َوالْ َ‬‫ف َوالتَّ َع اون َعلَى مَصَِال ِ‬ ‫َوالتَّ َك اتُ ُ‬
‫يع َك َم ا‬ ‫جِم ِ‬‫اوُنُه عَلَى َما يُصِْلُح حَاَل ُه َوُيصِْلُح َح الَ ْال َ‬ ‫ساعُِد أََخاهُ َوُيعَ ِ‬ ‫احٍد مِْنُهْم ُي َ‬ ‫َو ِ‬
‫احِمِهْم َوتَ َع اطُِفِهْم َكَمثِ ِل‬ ‫ح ِديثِ الآ َخ ِر ‪ « :‬مََث ُل الُْمْؤمِ ِنيَن ِفي َت َوِّادهِْم َوتَ َر ُ‬ ‫ِفي الْ َ‬
‫لسَهِر » ‪.‬‬ ‫حمَّى واَ َّ‬ ‫سِد بِْال ُ‬ ‫جَ‬ ‫اشتَكَى ِمنُْه َعضٌْو َتَداعَى َلُه سَِائُر ْال َ‬ ‫سِد إَِذا ْ‬ ‫جَ‬ ‫ْال َ‬
‫ين َم َع هُ أ َِش دَّاء‬ ‫اهلل َج َّل َوعَال ‪ ﴿ :‬حُّم َّم ٌد َّرس ُ ِ َّ ِ‬
‫ول اللَّه َوالذ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َوَك َم ا َوصََفُهْم ُ‬
‫ح ِديثِ الآ َخ ِر ‪ « :‬الْ ُم ْؤِمُن أَ ُخ و ْال ُم ْؤمِِن‬ ‫َعلَى الْ ُكفَّا ِر ُرمَحَ اء َبْيَن ُه ْم ﴾ ‪َ .‬وِفي ْال َ‬
‫وطُه مِْن َوَرائِِه » ‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ضيَْعتَُه َوَي ُ‬
‫ف َعَلْيِه َ‬ ‫َيكُ ُّ‬
‫ب أَن َُّه ال ي َْظِلُم أَ َخ اهُ َوال ُيسِْلُمُه‬ ‫س ِ‬ ‫ين أَِو النَّ َ‬ ‫الد ِ‬
‫َومِْن ُمقَْتضَى األُُخَّوةِ ِفي ِّ‬
‫ب َومَ ا َح َّل بِ ِه مِْن ضَيٍْم َومَ ا انْتَ َاب ُه ِمْن هٍَّم‬ ‫يج َم ا َن َزَل ِب ِه ِمْن َك ْر ٍ‬ ‫َوَيسْعَى ِلَتفْ ِر ِ‬
‫شِهِري بِِه ‪.‬‬ ‫شِر ِسِّرِه َوالتَّ ْ‬ ‫ضِه َوَن ْ‬ ‫ك ِعْر ِ‬ ‫سعَى ِلَهتْ ِ‬ ‫يق َوال َي ْ‬ ‫ض ٍ‬‫سٍر َو ِ‬ ‫َوَغٍّم َوُع ْ‬
‫س مَْعُروفًا‬ ‫حِوِهْم ِمَّمْن َلْي َ‬ ‫ت َوَن ْ‬ ‫ان مِْن َذِوي اْلَهْيئَا ِ‬ ‫ك إَِذا َك َ‬ ‫حُّل َذِل َ‬ ‫َوَم َ‬

‫‪164‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت ‪.‬‬ ‫صيٍَة َوَقَعتْ َوانَْقضَ ْ‬ ‫اصي َوهََذا ِفي سَْتِر َمعْ ِ‬ ‫اهَرِة بِْالَمعَ ِ‬
‫جَ‬ ‫سِق َوالُْم َ‬ ‫ور َوالِْف ْ‬ ‫ج ِ‬‫ِبْالفُ ُ‬
‫ب الُْمبَ َاَدِرة بِا ِإلنْ َك ارِ َعَلْي ِه َومَْنعِ ِه‬ ‫س ِبهَا َفت ِ‬
‫َج ْ‬ ‫صيََتُه َوهَُو ُمتََلبِّ ٌ‬‫َأمَّا ِإَذا عَِلَم َمعْ ِ‬
‫ج َز َلِزمَ ُه َرْفعُ َه ا إلى َوِلي‬ ‫ب االسِْتَطاعَِة َف ِإنْ َع َ‬ ‫حسَ ِ‬ ‫حيُْلولَ ُة بَْينَ ُه َوبَْينَ َه ا بِ َ‬ ‫ِمنْ َه ا َوالْ َ‬
‫ك مََفاسُِد َأعَْظُم مِْن َه ا َألنَّ السَّتَْر عََليْ ِه ُيْطمِعُ ُه ِفي‬ ‫ب عَلَى َذِل َ‬ ‫األمْ ِر إِْن َلْم َيتَ َرتَّ ْ‬ ‫َ‬
‫استِْرس َاِلِه ِفي ُط ُرقِ ْالغَِّي َوالَْفس َاد‬ ‫ات َو ْ‬ ‫حُر َم ِ‬ ‫اك الْ ُ‬‫جِرئُ ُه عَلَى انِْت َه ِ‬ ‫ْالفَس َادِ َوُي َ‬
‫الت ‪.‬‬ ‫َوالضَّال ِ‬
‫وف َوالنَّْهيِ َعِن الُْمنْ َك ِر ُثَّم َبيََّن‬ ‫األمْ ِر بِ ْالَمعُْر ِ‬‫يحِة َو َ‬ ‫اب النَّصِ َ‬ ‫َو َه َذا مِْن َب ِ‬
‫ف الُْمسِْلِم َألِخيهِ ْالُمسِْلِم بَِأنَُّه ال‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم ِفي َح ِديثِ ابنِ ُع َم َر َوصْ َ‬ ‫َ‬
‫سائِِر أَن َْواعِِه ‪.‬‬‫حَّرمٌ ِب َ‬
‫ضِه َوال ِفي مَاِلِه َوالظُّْلُم ُم َ‬ ‫سِه َوال ِفي عَْر ِ‬ ‫َيْظِلُمُه ِفي َنفْ ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم‬ ‫بن شَُرْحبَِيٍل أََّن النَّبَِّي َ‬ ‫س ِ‬ ‫الطبَ َرانِي عَْن َأْو ِ‬ ‫ج َّ‬ ‫َوأَ ْخ َر َ‬
‫ج مَِن اإلس الم َف َه َذا‬ ‫ال ‪ « :‬مَْن َمشَى َم َع َظ ِالم َو ُه َو َي ْعلَ ُم أَنَّهُ ظَ امِلٌ َف َق ْد َخ َر َ‬ ‫قَ َ‬
‫ني َلُهْم عَلَى‬ ‫هم َوُمَوطِِّدي طُ رقهمْ الدَّاِل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫سِّهِلي ُمصَِال ِ‬ ‫الظَلَمِة َومُ َ‬ ‫يد َألعَْوانِ ُّ‬ ‫يد شَِد ٌ‬ ‫َوِع ٌ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫سِلِم َ‬‫َعْوَراتِ ْالُم ْ‬
‫وفَه‬
‫حَكُم ْالعَ ْدُل ِلْلفَصِْل َبيَْن ِعبَ ادِِه َوشُ ِ‬ ‫اء ْال َ‬ ‫ال الظََّل ِم ِة إَِذا َج َ‬ ‫ح ِ‬ ‫الظُّن بِ َ‬‫َف َما َّ‬
‫الدْنيَا ‪.‬‬
‫خَّلصَ ِمْن مََظِالِمِه ِفي ُّ‬ ‫الظِالُم ِبَما َجنَى َوأَْيقََن ِبْالعََذابِ َوَتَمنَّى َأنَّهُ َت َ‬ ‫َّ‬
‫وم َواألَ ْخ ِذ عَلَى َي ِد الظَِّالِم‬ ‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم ِبنَصَْرةِ ْالَمْظُل ِ‬ ‫َوِلَهَذا أََمَرَنا َ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه‬ ‫ول َ‬ ‫ح ِديثِ الآ َخ ِر يَ ُق ُ‬ ‫َوَكِّفِه عَْن ُظْل ِم ِه َوَمنْ ِع ِه ِمْن َج ْوِرِه َوِفي الْ َ‬
‫اهلل َه ِذا َننَصُُرُه‬ ‫ول ِ‬ ‫اك ظَِالم اً َأْو مَْظُلومً ا » ‪ .‬قَ الَوا ‪َ :‬ي ا َرسُ َ‬ ‫َو َس لَّ َم ‪ « :‬انْصُْر أَ َخ َ‬
‫ف نَْنصُُرُه َظِالًما ؟ قَ َال ‪َ « :‬تأُْخُذوا عَلَى َيِدِه » ‪.‬‬ ‫وما َفكَْي َ‬ ‫َمْظُل ً‬
‫َوُهَو ِكنََايٌة عَْن َمنِْعِه ِمن الظُّْلِم ِبالِْفعِْل كَاالْستَِعانَِة َعَلْيِه بَِرْفعِِه ِلُو ِ‬
‫الة‬

‫‪165‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الم ‪.‬‬
‫وب ْالكَ ِ‬ ‫ضُر ِ‬ ‫ان َو ُ‬ ‫س ِ‬ ‫صُح ِباللِّ َ‬‫ث َلْم ُيْؤثِّْر ِفيهِ النُّ ْ‬ ‫حكَِّام َحيْ ُ‬ ‫ور َوَرْفِعِه ِلْل ُ‬‫األُمُ ِ‬
‫المتِ ِه َوالضَّْرب عَلَى َي ِد الظَِّالِم َوَكفِِّه َعْن‬ ‫وم إَِعانَُت ُه َوالسَّْعيُ ِلَر ْف ِع ظَ َ‬
‫َوِمَن النُّصَْرِة لِْلَمْظُل ِ‬
‫آزقِ‬‫وقعُ ُه ِفي ْال َم ِ‬ ‫ك َوُي ِ‬‫ورْدُه الَْمَه ِال َ‬ ‫ُظْل ِم ِه َف َه َذا نُص َْرةٌ َل ُه عَلَى ش َْيَطانِِه َّالِذي ُيغِْوِيه َويُ ِ‬
‫اء ‪.‬‬
‫شِ‬ ‫حَ‬ ‫يرةِ َّالتِي تَْأمُُرُه ِبْالفَ ْ‬
‫سِه الشِِّّر َ‬‫خُّلصُ ِمنَْها َوُنصَْرةٌ َلُه َعلَى نَْف ِ‬ ‫ب التَّ َ‬
‫صعُ ُ‬‫ات َّالتِي يَ ْ‬
‫َوْالَوْرطَ ِ‬
‫ادُر‬
‫صِ‬ ‫ْك الَْم َ‬
‫ت َعَلي َ‬ ‫ضاقَ ْ‬
‫ارُدهُ َ‬
‫َمَو ِ‬ ‫ِش ْعًرا‪َ :‬وإِّي‬
‫اذ ُر‬
‫س لَُه مِْن َسائِِر الْخَْلِق َع ِ‬
‫َولَْي َ‬ ‫سمُْرٌن َأنْ يُعِْذَر الْمَْرءُ‬
‫األَ‬
‫اكا َوَح َ‬
‫ََفمَ‬
‫َحَّلل ِمْن أَْهِل الَْمَظِالِم ِفي ُدْنيَُاه َقبَْل الآِخَرةِ َوال َيَدعُ‬ ‫اللِبيبُ مَْن َيت َ‬ ‫َوْالعَِاقُل َّ‬
‫حَة ِمَّمْن َحصََل‬ ‫ب الُْمسََام َ‬‫ع َألَدِاء مَ ا ِفي ِذَّمتِ ِه َوَيْطُل ُ‬ ‫َحقًّ ا َأل َح ٍد َعَلْي ِه بَ ْل ُيسَارِ ُ‬
‫يد ‪.‬‬ ‫سٌة َأْو مَُنازََعٌة أَْو ُمعََامَلٌة مِْن َجارٍ َأْو َزْوَجٍة َأْو َقِريبٍ َأْو بَِع ٍ‬ ‫ِبيَْنُه َوبَْينَُه ُمنََاف َ‬
‫جعَ ُل الَْوْل َدانَ شَِيبا السََّم ُ‬
‫اء‬ ‫الرِهيبِ ِفي َي ْوَم يَ ْ‬ ‫ف َّ‬ ‫ف َذلِ َك الَْمْوِق َ‬ ‫َقْب َل َأنْ َيقِ َ‬
‫س جُتَ ِاد ُل َعن نَّ ْف ِس َها َو ُت َوىَّف‬ ‫وال ﴿ َي ْو َم تَ أْيِت ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫ُمنَْف ِط ٌر ِب ِه َك انَ َو ْع ُدُه مَْفعُ ً‬
‫ت َو ُه ْم الَ يُظْلَ ُمو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫س َّما َع ِملَ ْ‬ ‫ُك ُّل َن ْف ٍ‬
‫حقُ وقُ ِإلى َأهِْل َه ا َي ْوَم الِْقيَ َام ِة‬ ‫َوِفي َحِديثِ أَِبي ُهَرْي َرةَ ِعنْ َد ُمسِْلٍم َلُت َؤ ُدنَّ ْال ُ‬
‫الظْلِم‬ ‫جْلحاءِ ِمَن الشَِّاة الَْقْرنَاِء َوَق ْد َعقَ ْدنَا َفصْالً َك ِامالً ِلبََي انِ ُّ‬ ‫َحتَّى يُ َق ادَ ِللشَّاةِ ْال َ‬
‫ير ِمنُْه يف اجلزء الثالث من الكتاب ( ص ‪. )105‬‬ ‫حِذ ِ‬ ‫حِرِميِه َوالتَّ ْ‬
‫َوَأنَْواعِِه َوَأِدَّلِة َت ْ‬

‫شرَ‬‫اط َيا مَعْ َ‬


‫سِر يَْعنِيالصَِّر َ‬ ‫جْ‬ ‫ادي مَُنادٍ ِمْن َوَراءِ ْال َ‬
‫وب ِفي التَّْوَراةِ ُينَ ِ‬ ‫ال َأبُو ُهَرْيَرَة ‪ :‬مَْكتُ ٌ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اور َهَذا‬
‫ج ِ‬ ‫ف ِبعَِّزتِ ِه َوَجلاِل ِه َأنْ ال ُي َ‬
‫حِل ُ‬
‫اهلل يَ ْ‬
‫اء إَِّن َ‬
‫ني األَشْقَِي َ‬ ‫الطغَ ِاة َويَ ا َمعْشََر الُْمتْ َرِف َ‬
‫جَب ابَِرةِ ُّ‬‫ْال َ‬
‫م‪.‬‬‫سَر ظَِال ٌ‬‫جْ‬ ‫ْال َ‬
‫الظّ‬ ‫يهْم ِلْلُمْلكِ‬
‫ِشْع ًرا‪َ :‬ثالثَةٌ ِف ِ‬
‫ُْلمُ وَا ِإلْهَم ِ‬
‫ال ِفيهِ‬ ‫التّ‬

‫‪166‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ول اهللِ‬
‫حبَشَِة عَ َام الَْفتِْح إِلى َرسُ ِ‬ ‫اجَرُة الْ َ‬‫َوعَْن َج ِابٍر قَ َال َلَّما َرَجَعتْ ُم َه ِ‬
‫حبَشَِة » ‪.‬‬ ‫ض الْ َ‬ ‫جبَ َما َرأَْيتُْم بِ أَْر ِ‬ ‫خبُِرونِي بَِأعْ َ‬ ‫ال ‪ « :‬أَال تَ ْ‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫َ‬
‫ت ِبنَ ا‬ ‫وس إِْذ مَ َّر ْ‬ ‫حُن ُجُل ٌ‬ ‫اهلل بَْينَ َم ا َن ْ‬
‫ول ِ‬ ‫ال ِفتَْي ٌة َك انُوا مِْنُهْم ‪َ :‬بلَى يَ ا َرس ُ َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ج َع َل‬‫َى ِمنُْهْم َف َ‬ ‫ت ِبفَت ً‬‫اء َف َم َّر ْ‬‫ح ِم ُل َعلَى َرأْسَِها ُقَّلٌة ِمْن مَ ٍ‬ ‫ج ائِِزهِْم تَ ْ‬ ‫وز ِمْن عَ َ‬ ‫ج ٌ‬‫َع ُ‬
‫ت ُقَّلتَُها ‪.‬‬ ‫سَر ْ‬ ‫ت الَْمْرَأةُ على ُرْكبََتيَْها َوانَْك َ‬ ‫خَّر ْ‬ ‫ِإْحدَى يََديِْه َبيَْن كتفيها مث َدَفَعَها َف َ‬
‫ادُر إَِذا َوضََع ُ‬
‫اهلل‬ ‫ف َتعَْلُم َي ا غَ ِ‬ ‫ت الَْتفََتتْ ِإَليْ ِه ُثَّم قَ الَتْ ‪ :‬سَْو َ‬ ‫َفَلَّما َق َام ْ‬
‫ت األَيَ ِدي وَاألَْر ُج ُل ِب َم ا َك ُانوا َيكْسِبُ َ‬
‫ون‬ ‫ين َوَتكََّلَم ْ‬
‫ني َوالآ ِخ ِر َ‬‫األَّوِل َ‬
‫ْالكُْرسِيَّ َوَج َم َع َ‬
‫ف تَْعَلُم مَْن َأمِْري َوأَْمُرَك عِْنَدُه غَ ًدا ‪.‬‬ ‫‪َ ،‬سْو َ‬
‫س ُ‬
‫اهلل‬ ‫ف يُ َق ِّد ُ‬ ‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم ‪ « :‬صََدَقْتَكيْ َ‬ ‫اهلل َ‬‫ول ِ‬ ‫ال َرسُ ُ‬ ‫قَ َال ‪َ :‬ف َق َ‬
‫يدهِْم ِلضَِعيفِِهْم » ‪.‬‬ ‫َقْو ًما ال يُْؤَخُذ مِْن شَِد ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم َأنَّهُ قَ َال ‪َ « :‬خْمسٌَة َغضِبَ ُ‬
‫اهلل‬ ‫ي َعن النَّبُِّي َ‬ ‫َوُرِو َ‬
‫ار‬
‫خرةَ ِإلى النَّ ِ‬ ‫الدْنيَا َوِإال أَ َم َر بِِهْم ِفي الآ ِ‬ ‫اء َأمْضَى غَضََبُه عََليِْهْم ِفي ُّ‬ ‫َعَلْيِهِم ِإنْ شَ َ‬
‫أَ ِم ُري َق ْومٍ َيأْ ُخ ُذ َحقَُّه ِمْن َرعَِّيتِ ِه َوال ُينْصِفُُهْم مِْن َنفْسِِه َوال َي ْدَفُع الظُّْلَم‬
‫َعنُْهْم ‪.‬‬
‫يف َوَيتََكَّلُم بِاْلَهوَى‬ ‫اوي بَْيَن الْ َق ِّوي َوالضَّعِ ِ‬ ‫يم َق ْوٍم يُِطُيعونَ ُه َوال ُيسَ ِ‬ ‫َوَزعِ ُ‬
‫اهلل َوال ُيعَِّلُمُهْم أَْمرِ ِدِينِهْم ‪.‬‬ ‫َوَرُجٌل ال يَْأمُُر أَْهَلُه َوَوَلَدُه ِبَطاعَِة ِ‬
‫اسَتْوفَى ِمنُْه ْالعََمَل َوَلْم ُيَوِّفِه ‪.‬‬ ‫َوَرُجٌل اْستَْأَجَر أَِج ًريا َف ْ‬
‫ال ‪ :‬إَِّن َ‬
‫اهلل‬ ‫اهلل بن َسالمٍ قَ َ‬ ‫صَداقََها َوَعْن عَْبِد ِ‬ ‫َوَرُجٌل ظََلَم ْامَرَأتَُه َ‬

‫‪167‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اء َوقَالَوا‬ ‫خ ْل َق َواسَْتَمُّروا َعلَى أَ ْق َدامِِهْم َرَفعُ وا ُرؤُوسهَُم ْإلى السََّم ِ‬ ‫َتعَالى َلَّما َخَل َق ْال َ‬
‫ال ‪َ :‬مَع ْالَمْظُلومِ َحتَّى يَُؤدَى إَِلْيِه َحَّقُه ‪.‬‬ ‫ت ؟ قَ َ‬ ‫ب مََع مَْن َأنْ َ‬ ‫‪َ :‬يا َر ُّ‬
‫صْرَنا ِفي‬ ‫ك َوَوَلُدُه قَ َال ‪َ :‬يا َأبَِتي بَْعَد الِْعِّز ِ‬ ‫س َخِالُد بن َبْرَم ٍ‬ ‫يل َلَّما ُحبِ َ‬ ‫َوِق َ‬
‫ت ِبَلْي ٍل َغفَْلَن ا َعنْ َه ا َوَلْم َيغْ ُف ل‬ ‫وم سََر ْ‬ ‫ال ‪َ :‬ي ا ُبنََّي َد ْع َوُة مَْظُل ٍ‬ ‫س َف َق َ‬ ‫حب ْ ِ‬ ‫ْالقَْي ِد َوالْ َ‬
‫ِ‬
‫ط هَْيبَِتي َرُجالً َظَلْمتُ هُ‬ ‫ت أَ َح ًدا َق ُّ‬ ‫ول ‪ :‬مَ ا هبْ ُ‬ ‫يم يَ ُق ُ‬ ‫بن َحِك ٍ‬ ‫يد ُ‬ ‫ان يَِز ُ‬ ‫اهلل َعنْ َه ا َو َك َ‬
‫ُ‬
‫ك ‪.‬‬‫اهلل َبيِْني َوَبيَْن َ‬‫اهلل ‪َ ،‬و ُ‬ ‫سِبيَ ُ‬ ‫ول ‪ :‬حَ ْ‬ ‫اهلل يَُق ُ‬
‫اصَر َلُه ِإال ُ‬ ‫َوَأنَا َأعَْلُم ال َن ِ‬
‫ان عَلَى َجسْر‬ ‫يء الظَِّالُم يَْوَم الِْقيََامِة َحتّى إَِذا َك َ‬ ‫ج ُ‬ ‫َوَعْن أَِبي ُأمَا َمَة قَ َال ‪َ :‬ي ِ‬
‫ين ظَلَ ُم وا‬ ‫ين ظُلِ ُم وا ِبَّالِذ َ‬ ‫ح الَِّذ ِ‬ ‫وم َوعََّرَف ُه َم ا َظَل َم ُه ِب ِه َف َم ا َيبْ َر ُ‬ ‫َجَهنََّم َلقَِي ُه ْالَمْظُل ُ‬
‫ات َحَمُل وا َعَلْيِهْم‬ ‫ج ُدوا َلُهْم َحسََن ٍ‬ ‫ات َف ِإْن َلْم َي ِ‬ ‫سَن ِ‬ ‫حَ‬ ‫َحتَّى يَْنِزُعوا َما بَِأيِْديهِْم مَِن ْال َ‬
‫الدْركِ األَْسفَِل ِمن النَّارِ ‪.‬‬ ‫وهْم َحتَّى يَُرُّدوا إلى َّ‬ ‫ِمْن سَِّيئَاِتِهْم ِمثَْل َما ظََلُم ُ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم‬ ‫اهلل َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ت َرسُ َ‬ ‫ال ‪ :‬سَِمعْ ُ‬ ‫بن أَِنيسٍ قَ َ‬ ‫اهلل ِ‬ ‫َوعَْن َعبْ ِد ِ‬
‫ت َيسَْمعُُه‬ ‫اديهِْم بِصَْو ٍ‬ ‫شُر ْالعَِبادُ َي ْوَم الِْقيَ َام ِة ُح َف ا ًة عُ َرا ًة غُ ْرالً ُبْه ًم ا ِفيَُن ِ‬‫ول ‪ « :‬حُيْ َ‬ ‫َيقُ ُ‬
‫جنَِّة‬ ‫الديَّان ال يَْنبَِغي َأل َح ٍد ِمْن أَ ْه ِل الْ َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ب َأنَ ا ْالَمِل ُ‬ ‫َمْن بَ ُع َد َك َم ا يَسَْمعُُه َمْن َق ُر َ‬
‫جنَِّة َأْو أَ َح ٍد ِمْن أَ ْه ِل النَّارِ َأنْ َي ْدُخَل النَّارِ َوِعنْ َدُه َمْظَل َم ٌة إلى أَْن‬ ‫َأنْ َي ْدُخَل الْ َ‬
‫ك أََحَدا » ‪.‬‬ ‫اللْطَمَة َفَما َفْوَقَها َوال يَْظِلُم َرُّب َ‬ ‫ُأِقصَُّه َحتَّى َّ‬
‫حسَنَ ِ‬
‫ات‬ ‫ال ‪ِ « :‬بْال َ‬ ‫ف َوإَِّن َم ا نَ أِْتي ُحفَ ا ًة ُع َرا ًة َف َق َ‬ ‫اهلل َكيْ َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ُقْلن َ ا ‪ :‬يَ ا َرسُ َ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم‬ ‫اء َعن النَّبِي َ‬ ‫ك أَ َح دا » ‪َ .‬و َج َ‬ ‫َوالسَِّّيئاتِ َج َزاءً َوال يَْظِلُم َرُّب َ‬
‫ب سَْوطاً ظُلْ ًما ا ْقتُصَّ مِْنُه يَْوَم الِْقيََامِة » ‪.‬‬ ‫ضَر َ‬ ‫ال ‪ « :‬مَْن َ‬ ‫َأنَُّه قَ َ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه‬ ‫اهلل َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َرسُ ُ‬ ‫اهلل عَْن ُه قَ َال ‪ :‬قَ َ‬ ‫ابن مَسُْعودٍ َرضَِي ُ‬ ‫َوعَن ِ‬
‫ب َرِح َم ُه ُ‬
‫اهلل‬ ‫بن ْالُمسَيِّ َ‬ ‫يد ُ‬ ‫ال سَعِ ُ‬ ‫ان ظَِال ًم ا ُس لِّ َط َعَلْي ِه » ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫َو َس لَّ َم ‪َ « :‬مْن أَ َع َ‬

‫‪168‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ط أَْعمَاُلُك ْم ‪.‬‬ ‫حُب َ‬


‫ار مِْن ُقُلوبُِكْم ِلَئال َت ْ‬ ‫َتْمَلُؤا َأعُْينَُكْم ِمْن أَْعَوانِ الظََّلَمِة ِإال با ِإلْنكَ ِ‬
‫الدَمشِْقي ‪ُ :‬ينَ ادِي ُمنَ ادٍ َي ْوَم الِْقيَ َام ِة أَْيَن الظََّل َم ُة َوأَ ْع َوانُ‬ ‫ول ِّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ال َمكْ ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الظَلَ َم ِة َف َم ا َيبْقَى َأ َح ٌد مَ َّد َلُهْم ِحبْ ًرا َأْو َحَّبَر َلُهْم َدَواةً َأْو بَ رَى َلُهْم َقَل ًم ا َف َم ا‬ ‫ّ‬
‫وت مِْن َنارٍ َفيُلَْقْونَ ِفي النَّارِ ‪.‬‬ ‫ضَر َمعَُهْم َفيُجَْمُعو َن ِفي تَُاب ٍ‬ ‫ك ِإال َح َ‬ ‫ق َذِل َ‬
‫َفْو َ‬
‫ال ‪ :‬إِِّني َر ُج ٌل أِخيطُ ِثيَ َ‬
‫اب‬ ‫ان الثَّْوِري َف َق َ‬ ‫اء َر ُج ٌل َخيَّا ٌط إلى سُْفيَ ِ‬ ‫َو َج َ‬
‫ت ِم َن الظَّلَ َم ِة أَْنفُسِِهْم‬ ‫ال ُس ْفيَا ُن ‪ :‬أَنْ َ‬ ‫السُّْلَطانِ َه ْل أَنَا ِم ْن أ َْع َو ِان الظَّلَ َم ِة ؟ َف َق َ‬
‫خيُوط ‪.‬‬ ‫ك ا ِإلْبَرَة َوالْ ُ‬
‫يع مِْن َ‬‫َوَلِكْن أَْعَوانِ الظََّلَمِة َمْن يَِب ُ‬
‫حَّمٍد َوِآلِه َوسََّلَم ‪.‬‬ ‫اهلل َعلَى مُ َ‬ ‫صلَّى ُ‬ ‫اهلل َأعَْلُم َو َ‬
‫َو ُ‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫التواضع‬
‫في َّ‬
‫الرْح َم ةِ‬‫الذِّل َو َّ‬
‫اح ُّ‬ ‫ض َجَن ِ‬ ‫هلل َوَخفْ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ار الَْقْل ِ‬
‫اضِع ُيقَِابُل الِْكبَْر َوهَُو انِْكسَ ُ‬ ‫التََّو ُ‬
‫حُّقُه َفضْلُهُ َومَنِْزَلتُ ُه َوَفضَِيلتُُه‬ ‫ان بَِمنِْزَل ٍة ُدونَ َم ا َيسَْت ِ‬ ‫يل ‪ُ :‬ه َو ِرضَا ا ِإلْنسَ ِ‬ ‫خ ْل ِق َوِق َ‬ ‫ِلْل َ‬
‫اس َوُعَل َم ِائِهم‬ ‫ك ِفي أَِجلاِء النَّ ِ‬ ‫اس َوِإنَّ َم ا َيتََبيَُّن َذِل َ‬
‫ال َتكَ ادُ َتْظ َه ُر ِفي َأْكثَ ِر النَّ ِ‬
‫ادٌر َوهُ َو ِمْن‬ ‫ف َكثِ ٌري َأمَّا اْليَ ْوَم َف ُه َو نَ ِ‬ ‫اء السََّل ِ‬
‫ان ِفي ُعَل َم ِ‬ ‫ني ِبعِْلِمِهْم َوهََذا َك َ‬ ‫ْالعَِامِل َ‬
‫ط َبيَْن ْالكِْب ِر َوالضََّعِة‬ ‫ض َحِّقِه َوالتََّواضُُع ُمتََوسِّ ٌ‬ ‫ضِل َألنَّ ْالُمَتَواضَِع يَْت ُركُ َبعْ َ‬ ‫اب التَّفَ ُّ‬
‫َب ِ‬
‫اب ‪.‬‬ ‫َوْالكِْبُر َتقََّدمَ َتعِْريفُُه ِفي أََّوِل ْالكَِت ِ‬
‫خسَّة‬ ‫اءةِ َوْال ِ‬ ‫َوالضَّعَةُ َوضُْع ا ِإلنْسَان َنفْسَُه ِفي َمنِْزَل ٍة ُت ْزِري بِ ِه مِْن َّ‬
‫الدَن َ‬
‫ف ِفي‬ ‫يع يَِق ُ‬ ‫ضَ‬ ‫جُد ْالَو ِ‬ ‫اسَدِة َفتَ ِ‬
‫يل َشَهَواتَِها الَْف ِ‬ ‫س ِفي َسبِ ِ‬ ‫ال النَّْف ِ‬‫َوابِْتَذ ِ‬

‫‪169‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال أَْو َج اهٍ َأْو امْ َرأَةٍ‬ ‫ول عَلَى َوِظيفَ ٍة َأْو مَ ٍ‬ ‫حصُ ِ‬ ‫ف الَِّتي تُزِْري بِِه مِْن َأْجِل ْال ُ‬ ‫ْالَمَوِاق ِ‬
‫ف َعلَى‬ ‫ون ُه أَْو َيتََمَّلَق ِلَمْن يُِه ُين ُه أَْو َيقِ َ‬ ‫ك َفال يُبَاِلي َأنْ يَ ِذ َّل ِلَمْن ُد َ‬ ‫ح َو َذِل َ‬ ‫َأْو نَ ْ‬
‫ح احِ َعَلْي ِه َوْالُوُق ِ‬
‫وف‬ ‫اب َمْن يَسْتَْثقُِلُه َويُْظ ِه ُر االشِْمْئَزَاز ِمنْ ُه َوهُ َو ال يُبَاِلي بِا ِإلْل َ‬ ‫َب ِ‬
‫يمةٌ ‪.‬‬
‫صَفٌة َذِم َ‬‫ك أََّن هََذا ِ‬ ‫اض ًعا َوال َش َّ‬ ‫َبيَْن َيَدْيِه َذِليالً َخ ِ‬
‫ان َقْدَر َعَظَمِة َربِِّه َوَمعِْرَفتِِه َقْدَر نَْفسِِه َألنَّ‬ ‫س ِ‬ ‫اضِع ِمْن مَْعِرَفِة ا ِإلنْ َ‬ ‫شأُ التََّو ُ‬ ‫َومَْن َ‬
‫لرْف َع ة‬ ‫وجبَ ِة ِل َّ‬
‫يف فَاٍن َوأََّن ُك َّل صِفٍَة ِمْن صِفَِاتِه الُْم ِ‬ ‫ص ضَعِ ٌ‬ ‫خ ٌ‬ ‫َمْن يُ ْدِركُ َأنَّهُ شَ ْ‬
‫اض َزائَِل ٌة َويُ ْدِركُ َأنَّ َرَّبُه هُ َو‬ ‫ات َل َه ا َب ْل ِهيَ َأعْ َر ٌ‬ ‫حَي اةِ ال َثبَ َ‬ ‫َوْالكِْب َر ِفي هَ ِذِه ْال َ‬
‫اء ‪َ ،‬ف َه َذا ال يََت َم َّرُد عَلَى َخِالقِ ِه بِ ْاقتَِرافِ‬ ‫اء َوْالكِْبِرَي ِ‬ ‫يم الُْمتَ َف ِّرُد ِبْالبَ َق ِ‬
‫خ ِالُق الَْعِظ ُ‬ ‫ْال َ‬
‫ف َوَرْح َم ٍة َوِر ْف ٍق َوِلني‬ ‫اس مَُعَامَل ٌة َحسَنٌَة ِبُل ْط ٍ‬ ‫ك ُيعَ ِام ُل النَّّ َ‬ ‫جَرائِِم وَاآلثَِام َوِعنْ َد َذِل َ‬ ‫ْال َ‬
‫اهِر ْالعََظ َم ِة‬ ‫خُل وقٍ َوال ُيبَايل بَِم َظ ِ‬ ‫َج ِانبٍ َوال َيتََكبَُّر عَلَى َأ َح ٍد َوال َيْز ُه و َعلَى مَ ْ‬
‫خ اطََبتِِهم‬ ‫جَالسَِة ْالفُ َق َراءِ َوْالَمشْي َمعَُهْم َوإِ َجابَ ِة َد َع َوِتِهْم َوُم َ‬ ‫اذبَِة َوال َيتََرَّفُع َعْن مُ َ‬ ‫ْالكَ ِ‬
‫ونُه ‪.‬‬ ‫يحِة مَْن ُهَو ُد َ‬ ‫ص َ‬ ‫اع نَ ِ‬ ‫استَِم ِ‬ ‫ف مِْن ْ‬ ‫ني َوال َيأَْن ُ‬ ‫الل ِ‬
‫الم َّ‬‫ِبْالكَ ِ‬
‫اد َل ُه َوَل ْو‬ ‫ح ِّق َوَتنْ َق َ‬‫خضََع ِلْل َ‬ ‫اض ‪ :‬التََّواضُُع َأنْ َت ْ‬ ‫بن عََّي ٍ‬ ‫ال ْالفُضَي ُْل ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اس َقِبْلَت ُه َوِلَّلتَواضُِع َفَوائِ ُد‬ ‫سَِمعَْتُه مِْن صَبِي َقبِْلتَ ُه مِْن ُه َوَل ْو سَِمْعتَُه مِْن أَْج َه ِل النَّ ِ‬
‫خْيِر ْالكَِث ِري َف ِإنَّ ْالُمَتَواضَِع َق ِريبٌ إلى‬ ‫ات بِ ْال َ‬‫جَماعَ ِ‬ ‫َوَمنَ ِافُع َتعُوُد عَلَى األَ ْف َرِاد َوْال َ‬
‫يل عِْن َدُهْم َوُكَّل َم ا‬ ‫حَّببٌ إلى ُنفُوس ِِهْم ض ُِّد الُْمتَكَِّبِر َفِإَّنُه بَِغيضٌ ِإَليِْهْم ثَِق ٌ‬ ‫اس ُم َ‬‫النَّ ِ‬
‫يزانُ ه‬ ‫ونِهْم َوَثقُ َل ِم َ‬ ‫اس ْارَتفََعتْ َمنِْزَلتُ ُه ِعنْ َدهُْم َوعَُظَم ِفي ُعيُ ِ‬ ‫ََدنا ْالُمَتَواضُِع مَِن النَّ ِ‬
‫اد مِْنُهْم َوَأَفادَُهْم ‪.‬‬ ‫ِعنَْدهُْم َواسَْتفَ َ‬
‫يما َذا مََكانٍَة َرِف َيع ٍة َك انَ التََّواضُُع ِمنْ ُه َأْكبَ ُر أََث ًرا‬ ‫اضُع َعِظ ً‬ ‫ان الُْمتََو ِ‬ ‫َوُكَّلَما َك َ‬
‫يل ‪:‬‬ ‫ستََنُد ِإَليِْه َكَما ِق َ‬‫سَبِة مَْن َت ْ‬ ‫اء تَْعُظُم ِبنِ ْ‬ ‫َوَأْكثَُر َفائَِدةٌ َألَّن األَشَْي َ‬

‫‪170‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َعلَى قَ ْد ِر أ َْه ِل ال َْع ْزِم تَأْتِي ال َْعَزائِ ُم‬


‫ال َْم َكا ِر ُم‬ ‫وتَأْتِي َعلَى قَ ْد ِر ال ِ‬
‫ْكَر ِام‬ ‫َ‬
‫الص ِغي ِر صغارها‬ ‫َوَت ْعظُ ُم ِفي َعْي ِن َّ‬
‫ال َْعظَائِ ُم‬ ‫صغَُر ِفي َعْي ِن ال َْع ِظ ِيم‬ ‫َوتَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ َذا َك ا َن الْمَتو ِ‬
‫ف َع ْن‬ ‫َع ْل ًما ألَنَّهُ ال يَ ْس َتْنك ُ‬ ‫اض ُع َعال ًما بِالت ََّو ُ‬
‫اض ِع َي ْز َد ُاد‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫مِل‬ ‫هِل‬ ‫مِم‬
‫َخ ِذ الْ َفائِ َدة َّْن ُه َو ُدونَ هُ َو َ َذا قي َل ‪َ :‬ت َعلَّ ُم وا َقْب َل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَ ْن تُ َس ّو ُدوا َوال يَ أْىَب الْ َع ا ُ‬ ‫أْ‬
‫وق ‪.‬‬‫َي خَمْلُ ٍ‬ ‫الْمَتو ِ‬
‫اض ُع أَ ْن َيْن ُق َل احْلَ َّق َع ْن أ ِّ‬ ‫َُ‬
‫الش ْي ِخ تَِق ِّي الدِّي ِن فَعِْن َد َما‬ ‫اظ ِم ِع ْق َد الْ َفرائِ ِد ونَظَم ابن عب ِد الْ َق ِّوي بعض اختِي ار ِ‬
‫ات َّ‬ ‫َْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َْ‬
‫الش يخ تَِقي الدِّي ِن علَى ب ِن عب ِد الْ َق ِّوي نَ ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َوقَ ْد َتَتْل َم َذ َّ ْ ُ ُّ‬
‫ص ِر قَ َال ‪:‬‬
‫ذَ َكَر َم َسافَةَ الْ َق ْ‬
‫ِ‬
‫اس ِم ِه َفلْيُ َحد َ‬
‫ِّد‬ ‫ِ‬
‫َعلَى َذا َولَك ْن بِ ْ‬ ‫َوعْن َد إِ َم ِام ال َْع ْ‬
‫ص ِر ال ُح َّج ًة لَ ُه ْم‬
‫َو ِعْن َد َما ذَ َكَر قِتَ َال أ َْه ِل الَْب ْغ ِي قَ َال ‪:‬‬
‫ُبغَا َة َذ ِوي األ َْر َح ِام ال ُذو‬ ‫صد‬‫ص ِر أَ ْن َي ْق ُ‬ ‫َويَ ْكَر ُه َشْي ُخ ال َْع ْ‬
‫الم َجَّر ِد‬
‫ُ‬
‫ت قَ َال ‪:‬‬ ‫ِعْندما ذَ َكر ِمن هَل ا عادةُ ِمن الن ِ‬
‫ِّساء َوَتغََّيَر ْ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ الََْفَتَىَ‬
‫لِظَ ِاه ِر ما يروى بِغَي ِر َتَقيُّدِ‬ ‫س ُمطْلَقا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َوعْن َد إ َمام الَْوقْت تَ ْجل ُ‬
‫اض ٍع ‪ .‬عكس ما عليه كثري من ح املي الش هادات احلالية‬ ‫فَلِلّ ِه د ُّره ِمن مَتو ِ‬
‫َُ‬ ‫َ ُ‬
‫دكتوراه وماجستري وبكالوريوس ودبلوم وحنوها نسأل اهلل الكرمي أن يعافيهم وال‬
‫ب واجْلَ ْهل ‪.‬‬‫يبالنا فيما بُلوا به من الكرب والعُ ْج ِ‬
‫اض ُع‬ ‫قِيل لِبز ِر مَج هر ‪ :‬ما النِّعمةُ الَّيِت ال حُي س ُد علَيها ص ِ‬
‫ال ‪ :‬الت ََّو ُ‬ ‫احُب َها ؟ قَ َ‬ ‫ْ َ َ َْ َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ‪ .‬وق ال ‪:‬‬ ‫ص احبُهُ ؟ قَ َال الْعُ ْج ُ‬ ‫‪ .‬قي َل لَ هُ ‪ :‬فَ َما الْبَالءُ الَّذي ال يُ ْر َح ُم َعلَْي ه َ‬
‫اب فَ أ َْع ِظ ْم حِب َ َس نَ ٍة‬
‫اآلد ِ‬ ‫الس خافَِة والْبخ ل أَمْح د ِمن الْ ِك ِ مع َّ ِ‬
‫الس َخاء َو َ‬ ‫رْب َ‬ ‫اض ُع َم َع َّ َ َ ُ ْ ُ َ ُ‬ ‫الت ََّو ُ‬
‫َح َس َن الْ َقائِ ُل ‪:‬‬ ‫ب أَفْس َد ِمن ِ ِ‬
‫صاحبِه َح َسنََتنْي َولََق ْد أ ْ‬‫ت َع ْن َسيِّئََتنْي ِ َوأَْقبَ َح بِ َعْي ٍ َ ْ َ‬ ‫َع َف ْ‬

‫‪171‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ض ِع‬ ‫ُخم ِ‬
‫ول َتَوا ُ‬ ‫َجاللَةُ قَ ْد ٍر ِفي‬ ‫وأَحسن م ْقروَني ِن ِفي َعي ِن نَ ِ‬
‫اظ ٍر‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َُ َ ُ ْ‬
‫َج ِ‬
‫الل‬ ‫َعَلى ْام ِر ٍئ ِذي‬ ‫ول بَِعا ٍر‬
‫س الْ ُخ ُم ُ‬ ‫آخر‪ :‬لَْي َ‬
‫ْك َخْي ُر اللََّي ِال‬ ‫َوتِل َ‬ ‫َفلَْيلَةُ الَْق ْد ِر تَ ْخَفى‬
‫َوبِِه التَِّق ُّي إلى ال َْم َعالي َي ْرتَِقي‬ ‫ص ِال ال ُْمتَِّقي‬ ‫آخر‪ :‬إِ َّن التَّوا ُ ِ ِ‬
‫ض َع م ْن خ َ‬ ‫َ‬
‫الشِقي‬ ‫ِفي َحالِِه أ َُهَو َّ‬
‫الس ِعي ُد أ َْم َّ‬ ‫ب َم ْن ُهَو‬ ‫ب ُع ْج ُ‬ ‫َوِم َن ال َْع َجائِ ِ‬
‫َي ْو َم النََّوى ُمَتسفل أ َْو ُم ْرتَِقي‬ ‫ِ‬
‫وحهُ‬
‫ف يُ ْخَت ُم ُع ْم ُره أ َْو ُر ُ‬ ‫أََْمجاه َكٌلْي َ‬
‫وصةٌ َفَت َجنََّب َها َواتَِّقي‬ ‫ْكْب ِري ِاء لِرِّبَنا ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َ‬ ‫َم ْخ ُ‬ ‫صَفةٌ لَهُ‬ ‫َوال َ َ‬
‫ف‬ ‫السَر ْ‬
‫َّ‬ ‫ئ ِم َن‬‫ال ثَالثًا ِم ْن بَِر َ‬ ‫ض احْلُ َك َم ِاء ‪َ :‬م ْن بَِرئ ِم ْن ثَالث نَ َ‬ ‫وقال َب ْع ُ‬
‫َكَر َام ةَ‬ ‫رئ ِم َن الْ ِكرْبِ نَ َ‬
‫ال‬ ‫الش َرف َو َم ْن بَ َ‬ ‫ال َّ‬ ‫ئ ِم َن الْبُ ْخ ِل نَ َ‬ ‫ال الْعِز َو َم ْن بَ ِر َ‬ ‫نَ َ‬
‫َمْنثُ و ِر‬ ‫ف ‪َ .‬وقِي ل يِف‬ ‫الش ر ِ‬ ‫د‬ ‫الزب ‪ :‬التَّواض ع مص ائِ‬
‫ب بن ُّ َرْي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُُ ََ‬ ‫ص َع ُ‬ ‫اض ع ‪ .‬وق ال ُم ْ‬ ‫الت ََّو ُ‬
‫ص ِدي ُقه ‪.‬‬ ‫اضعُهُ َك ُثَر َ‬
‫ِ‬
‫احْل َك َم َم ْن َد َام َت َو ُ‬
‫ِ ِِِ‬ ‫ِ‬
‫أ ََّما الْ ُمتَ َكِّب ُر َف ُه َو َك الْ َم ْغُرو ِر فَِإنَّهُ َكث ًريا َما َت ُفوتَهُ احْلََق ائ ُق الْع ْلميَّة ألَنَّهُ تَأْىَب‬
‫اع الْعِْل ُم َبنْي َ احْلَيَ ِاء َوالْ ِكْب ُر‬‫ض َ‬ ‫يل َ‬ ‫َ‬
‫علَي ِه َن ْفسه أَ ْن يأْخ َذ احْل ِّق حيث وج َده وهِل َذا قِ‬
‫َ ُ َ َْ ُ َ َ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬
‫األس تَاذ فَال َيْب َخ ُل َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫مُثَّ إِ ْن َك ا َن الْ ُمَت َواض ُع ت ْلمي ًذا جَيِ ُد لُطْ ًفا َو َعطْ ًفا م َن ْ‬
‫اض َع يَ ْسَت ْل ِز ُم األ ََدب ‪.‬‬ ‫ود ِه َوال يَ ُش ُّح َعلَْي ِه بَِفائِ َد ٍة أل َّ‬ ‫مِب جه ِ‬
‫َن الت ََّو ُ‬ ‫َُْ‬
‫ف َم َع الْ ُم َعلِّم الَّ ِذي َيْب ِذ ُل ُج ْه َدهُ يَف‬ ‫اض ِع واللُّطْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َس ُن األ ََدب َوالت ََّو ُ َ‬ ‫َوأ ََّما أ ْ‬
‫اض َع ِه َو ُح ْس ن ِس َريتِِه َم َع ُم َعلِّ ِم ِه‬ ‫سبِيل َتثْ ِق ِيف ِه وَته ِذيبه وَتربِيتِ ِه َتربِي ةً حِل‬
‫ص ا َةً َوأَنَّهُ بَِت َو ُ‬ ‫ََْ َْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫مِم‬
‫ِ‬
‫يم ةَ الْ َم ْع ُروف َوأَنَّهُ‬
‫ِ‬
‫ف قَ ْد َر الْع ْل ِم َوالْعُلَ َم اء َوأَنَّهُ يُ ْدر ُك ق َ‬ ‫يَُب ْر ِه ُن َعلَى أَنَّهُ َّْن َي ْع ِر ُ‬
‫ان ‪.‬‬‫ان بِا ِإلحس ِ‬ ‫مِم َّن جُي ا ِزي علَى ا ِإلحس ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫أ ََّما الْمت َكِّبر الَّ ِذي يت َكَّبر ويتع اظَم يِف َن ْف ِس ِه وحَي ِملُ ه الْ ِكب ر علَى س وءِ‬
‫َْ ُ ُْ َ ُ‬ ‫ََ ُ َ ََ َ ُ‬ ‫َُ ُ‬
‫اهل جلف فَ ِدم ال يع ِر ُ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫األ ََدب و ْ ِ ِ‬
‫يمتَه‬ ‫ف ل ْلع ْل ِم ق َ‬ ‫َْ‬ ‫ٌ‬ ‫احت َقار الْ ُم َعلِّم َف ُه َو باحْلَقي َقة َغيِب ٌّ َج ٌ‬ ‫َ‬

‫‪172‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ين‬ ‫ِ‬ ‫اه ٌد َم ْع ُروف فَِإن َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َوال يُِر ُ‬


‫يد أَ ْن‬
‫َّك َت َرى الْ ُمتَ َكرِّب َ‬ ‫ُم َش َ‬ ‫خَي ْ َر َج م ْن َج ْهل ه َو َه َذا َش ْيءٌ‬
‫ضالً َع َّما‬ ‫ف فَ ْ‬‫الس َخ ِ‬
‫َوال خَي ُْر ُجو َن َعن َّ‬ ‫َي ْع َم ُهو َن يِف مُحْ ِق ِه ْم َو َج ْهلِ ِه ْم‬ ‫ني‬ ‫ِ‬
‫َعلَى الْ ُم َعلِّم َ‬

‫‪173‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْارتَ َكبُوهُ م ْن نُكَْران اجْلَم ِيل َو َج ْحد الْ َم ْع ُروف الذي يُ ْس َدى إلَْيه ْم َوقَدميًا ق َ‬
‫يل ‪:‬‬
‫ت ُم َعلِّ ًما‬ ‫ك إِ ْن َجَف ْو َ‬ ‫اصبِ ْر لِ َج ْهِل َ‬ ‫َو ْ‬ ‫ت طَبِ َيبهُ‬ ‫ك إِ ْن َجَف ْو َ‬ ‫اصبِ ْر لِ َدائِ َ‬
‫فَ ْ‬
‫ول َحَياتِِه‬ ‫ْج ْه ِل طُ َ‬ ‫تَ َجَّرع ذُ َّل ال َ‬ ‫َّعلُ ِم َس َ‬
‫اع ًة‬ ‫آخر‪َ :‬و َم ْن لَ ْم يَ ُذ ْق َمَّر الت َ‬
‫وب ال ِْعل ِْم ِفي َنَفَراتِِه‬ ‫فَِإ َّن ُر ُس َ‬ ‫ْجَفا ِم ْن ُم َعلِّ ٍم‬ ‫صْبًرا َعلَى ُمِّر ال َ‬ ‫فَ َ‬
‫فَ َكِّبْر َعلَْي ِه أ َْرَب ًعا لَِوفَاتِِه‬ ‫ْت َشَبابِِه‬
‫يم َوق َ‬ ‫ِ‬
‫َو َم ْن فَاتَهُ الت َّْعل ُ‬
‫إِ َذا لَ ْم يَ ُكونَا ال ا ْعتَِب َار لِ َذاتِِه‬ ‫التَقى‬ ‫اهلل بِال ِْعل ِْم َو ُّ‬
‫ات الَْفَتى و ِ‬
‫َ‬ ‫َو َذ ُ‬
‫س ِعْن َد ُه ُم‬ ‫ِ‬
‫من الذي َح َاز عل ًْما لَْي َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ب ِفي ُّ‬
‫الدْنَيا َو ِر ْف َعُت َها‬ ‫ِ‬
‫آخر‪ :‬أَيْ َن ال َْمَرات ُ‬
‫لِ ِمثِْل ِه ْم ِعْن َدنَا قَ ْد ُر َوال لَ ُه ُموا‬ ‫َن لََنا قَ ْد ًرا َرأ َْو ُه َو َما‬ ‫ك أ َّ‬ ‫ال َش َّ‬
‫ود ُه ْم َحْيثُ َما ِشْئَنا َو ُه ْم َن َع ُم‬ ‫َت ُق ُ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫ُه ُم ال ُْو ُحوش َونَ ْح ُن اإلنْ َ‬
‫اح ٍد َك َسال‬ ‫اصل لِِعل ٍْم و ِ‬ ‫ِ‬ ‫صا َعلَى ُك ِّل ِعل ٍْم َتْبلُ َغ‬ ‫احْكِرَمُتَْن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َوال ُتَو ْ‬ ‫آخر‪ :‬حْ‬
‫ت ِمن ُك ِّل فَ ِ‬
‫اك َه ٍة‬
‫ْج ْو َهَريْ ِن َّ‬
‫الش ْم َع‬ ‫ت لََنا ال َ‬ ‫أَبْ َد ْ‬ ‫َّحال ُل لَ َّما َر َع ْ ْ‬ ‫افَالألنََم ْ‬
‫سه ُدال ُيْب ِري بِإ ْذ ِن الَْبا ِر ِئ ال ِْعلَال‬ ‫َوال َْعَّ‬
‫الشَْ‬ ‫ضاءُ بِِه‬ ‫الش ْم ُع بِاللَّْي ِل نُ ٌ‬
‫ور يُ ْسَت َ‬ ‫َّ‬
‫ص‬ ‫ر‬ ‫حُي‬ ‫و‬ ‫َّر‬
‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫اض‬ ‫و‬‫ت‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫َد‬
‫َّ‬ ‫أ‬‫ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َتْنبِيه ‪ :‬و َنعيِن بِالْعامِلِ الْمعلَّم الَّ ِ‬
‫ذ‬
‫َ ُ َ َ ُ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ك هِبَا‬ ‫الش ِر َيع ِة الْ ُمتَ َم ِّس ُ‬ ‫آد ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫علَى أ ِ ِ ِ‬
‫اب َّ‬ ‫َخذ الْع ْل ِم مْنهُ َوجُمَالَ َسته الْ َعام ُل بِ َع َمل ه الْ ُمتَ أ َِّدب بِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يد َع ِن الْ ُم َج َاملَة إِ َذا َرأَى َما‬ ‫اهلل لَ ْو َم ِة الئِم الْبَعِ ُ‬
‫ِيف ِ‬ ‫ص َدعُ بِاحْلَ ِّق َوال تَأْ ُخ ُذه ِ‬ ‫ِ‬
‫الَّذي يَ ْ‬
‫لم ِة َوأ َْع َواهِنِ ْم الْ ُمتَ َملِّ ِقني ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب اهلل الْبَعيد َعن الظَّ َ‬
‫ِ‬
‫يُ ْغض ُ‬
‫َس اتِ َذ َة َويُ َرى َعلَْي ِه ْم آثَ َار خُمَالََف ِة النَّيِب ‪ِ ‬م ْن‬ ‫ايخ َوأ َ‬ ‫أ ََّما َم ْن يُ َس ُّمو َن َم َش َ‬
‫ح ْل ِق حِل ي ٍة أَو تَ َش بُّ ٍه بِ الْ َك َفر ِة أَو َت ر ِك حض و ِر مُج ع ٍة أَو مَج اع ٍة أَو اس تِعم ِال ِ‬
‫آالت‬ ‫َْ ْ َ َ ْ ْ ْ َ‬ ‫َ ْ ْ ُ ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬
‫اد َع ْن جُمَالَ َس تِ ِه ْم َوجُمَ َاو َرهِتِ ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َف َه ُؤالء َيَت َعنَّي االبْت َع ُ‬
‫ِ‬
‫ان أ َْو حَنْ َو َذل َ‬‫هَلْو أَو َش ر ِب دخ ِ‬
‫ْ ْ َُ‬
‫ك أل َّ‬
‫َن‬ ‫ِ‬ ‫ومعاملَتِ ِهم ومشار َكتهم إِال لِضرور ٍة أَو حاج ٍة َش ِد َ ٍ‬
‫يدة تَ ْدعُو إىل َذل َ‬ ‫َُ َ ْ َ َ‬ ‫َ َُ َ ْ َ ُ َ َ ْ‬

‫‪174‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ص الْرَبِ ي ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّصل َما هِبِ ْم ِم ْن َمَر ٍ‬


‫ِ‬
‫َّخ ِ‬ ‫ض َم ْعنَ ِوي إىل َذل َ‬
‫ك الش ْ‬ ‫ِّ‬
‫الطبَاع َك َّسابَةٌ َوخُيْ َشى َعلَى َم ْن قَ َار َف ُه ْم أ َْو قَ َار َب ُه ْم أَ ْن َيت َ‬
‫ص َواألَط َْم ِ‬
‫اع‬ ‫ْح ْر ِ‬‫وتَ َشاغَلُوا بِال ِ‬
‫َ‬ ‫وب ِمن ال َْم َع ِاد َو ِذ ْك ِر ُه‬ ‫ِ‬
‫ش ْعًرا‪َ :‬خلَت الْ ُقلُ ُ‬
‫ِ‬
‫الت ْلَفا ِز َوال ِْم ْذيَ ِ‬
‫اع‬ ‫ف َو ِّ‬ ‫س َم ْن َتَرى َو َح ِديثُهم في ُّ‬
‫الص ْح ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َم َجال ُ‬ ‫ص َار ْ‬ ‫َ‬
‫اس ِف ْع َل األ ََر ِاذ ِل )‬ ‫الر ِ‬‫ض َّ‬ ‫َو َجٍّز لَِب ْع ِ‬ ‫ور ِفي َجِّر َث ْوبِِه‬ ‫آخر‪ ( :‬أَال أَُّي َها ال َْم ْغ ُر ُ‬
‫َس ِاف ِل )‬ ‫ٍ‬
‫ب َدخَّان َكَف ْع ِل األ َ‬ ‫َوال ُش ْر ِ‬ ‫( فَ َما ال ِْعِّز ِفي َحل ِْق اللِّ َحا أ َْو‬
‫ضائِ ِل )‬ ‫ص ْد ٍق َو ِحل ٍْم َواقْتَِن ٍاء الَْف َ‬ ‫وِ‬ ‫الز ْه ِد َو ُّ‬
‫التَقى‬ ‫سَّهُ بِال ِْعل ِْم َو ُّ‬ ‫(َخنََولَِاف ِكنٍ‬
‫َ‬
‫الر ُج ل لِيَ ُك و ُن َغائِبًا َع ِن الْ ُمْن َكر يِف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫قَ َال ابْ ُن َم ْس عُود َرض َي اهللُ َعْن هُ ‪ :‬إ َّن َّ َ‬
‫ض ى بِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ألَنَّهُ َيْبلُغه َفَي ْر َ‬ ‫ض َر َوذَل َ‬ ‫بُيُ وت الْ ُوالة َويَ ُك و ُن َعلَْي ه مثْ ُل ِو ْزر َم ْن َح َ‬
‫الس اكِتِني والْمدلِّ ِس ني والْم َد ِاهنِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬‫ني الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ت ‪َ :‬ويِف َوقْتنَا َما أَ ْكَث َر َّ َ َ‬ ‫ت َعلَْي ه ‪ُ .‬ق ْل ُ‬ ‫َويَ ْس ُك ُ‬
‫وم ََو ْم ُش روب أ َْو َما جُيَ ِّملُو َن‬ ‫مَهُّهم وهدفهم الْو ِحيد ما حَي شو َن بِِه بطُو َنهم ِمن مطْع ٍ‬
‫ُ ُْ ْ َ ُ‬ ‫ُْ َََ ُ َ ُ َ ْ ُ‬
‫وب أ َْو َيتَ َذ َّوقُو َن بِ ِه ِم ْن َز ْو َج ٍة إىل َز ْو َجة َدائِ ًما‬ ‫وس ومر ُك ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ب ه ظَ َواهَر ُه ْم م ْن َم ْلبُ ٍ َ َ ْ‬
‫َّو ِام ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يُطَلِّ ُق َو َيَتَز َّوج ال يَ ْستَقُّر َعلَى الد َ‬
‫ني‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫ِّس اءُ إِال ِم ْن ِريبَ ٍة إِ َّن اهللَ َت َع اىل ال حُيِ ُّ‬ ‫َّ‬
‫الذ َّواق َ‬ ‫قَ َال ‪ (( : ‬ال تُطَل ُق الن َ‬
‫الذ َواقَ ةُ الَّيِت ُك ُّل َم ْن‬ ‫الق ِم ْن َغرْيِ عُ ْذ ٍر َش ْر ِعي َو َّ‬ ‫اق الْ َكثِ ري النِّ َك اح والطَّ ِ‬
‫َ‬ ‫َوال َّذ َو ُ‬
‫ُ‬
‫َج ِل أَ ْن َتَتَز َّو َج بِغَرْيِ ِه ‪.‬‬ ‫أَخ َذها َتتَسبَّ ِِ ِ ِ‬
‫ب لفَراقه أل ْ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫دم التَّرفُّ ِع والْ ِكرْبِ‬
‫اجرا َذا م ٍال فَِإنَّهُ مِب ُ َخالَطَتِ ِه النَّاس و َع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َوإ ْن َكا َن الْ ُمَت َواض ُع تَ ً‬
‫اس َوالْ َم َحبَّةَ َوا ِإل ْقبَ ال َعلَْي ِه يف الْ ُم َع َاملَ ِة‬ ‫ِ‬
‫ال ب ه اإلنْ َس ا ُن األلفة واالئْتنَ َ‬
‫َعلَْي ِه ْم َينَ ُ ِ ِ ِ‬
‫وع‬‫الش َق ِاء َومَيُ ُّس ُه ْم ِمن اجْلُ ِ‬ ‫ص ُيب ُه ْم ِمن َّ‬ ‫اجني وي رى ما ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ف الْ ُف َق َراءَ َوالْ ُم ْحتَ َ َ َ َ َ ُ‬ ‫َو َي ْع ِر ُ‬
‫ص ُيب ُه ْم َفَي ْرمَحُ ُه ْم‬‫والْع ري وما ي ْؤ ِذيه ِم ِمن أَ ِمَل احْل ِّر والْب ر ِد َفتَ أَمَّل َن ْفس ه لِما ي ِ‬
‫ُ ُ ُ َ ُ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ّ ََ ُ‬
‫ف َعلَْي ِهم َفيَ ْس ُه ُل َعلَْي ِه فِ ْع ُل اخْلَرْيِ َوالْ ُم َش َار َكةُ فِ ِيه َويَ ْس ُه ُل َعلَْي ِه أ ََداءُ َما‬ ‫ِ‬
‫َو َي ْعط َ‬

‫‪175‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وب وإِ َغاثَ ِة الْم ْله ِ‬


‫وف‬ ‫إ ْن َق اذُ الْم ْك ر ِ‬ ‫ات َو َز َك ٍاة َو َي ُه و ُن َعلَْي ِه‬
‫ِمن َن َف َق ٍ‬
‫ضهُ اهللُ َعلَْي ِه‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َفَر َ‬
‫‪.‬‬
‫َّاس ألَنَّهُ بِ َع َملِ ِه َه َذا يُْر ِض ي‬ ‫الصاحِلَِة فَائِ َدةٌ لَهُ َولِلن ِ‬
‫النيَّ ِة َّ‬‫ك َم َع ِّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َويِف َع َمل ِه ذَل َ‬
‫الد ْنيا و ِ‬
‫اآلخ َر ِة أل َّ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َن‬ ‫ب َخْي ُر ذَخ َرية يَ ْذ َخُر َها الْ َم ْرءُ َتْن َفعُ هُ يِف ُّ َ َ‬ ‫الر ِّ‬
‫ض ى َّ‬ ‫اهللَ أ ََّوالً َو ِر َ‬
‫اآلخ َر ِة أ ََّما بِال ُّد ْنيَا فَلِ َما‬‫ي الْع ِزي ز َف َق ْد فَ از بِال ُّد ْنيا و ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ض ى َعْن هُ َم ْوالهُ الْ َق ِو ُّ َ ُ‬ ‫َم ْن َي ْر َ‬
‫َجلِ َها ِد َم ُاؤ ُه ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حَي ص ل لَ ه ِمن ر ِ‬
‫اح ة اخْلَ اط ِر الَّيِت َيتَ أَمَّلُ هَلَا الْ ُمتَ َكِّب ُرو َن َوَت ْغلي م ْن أ ْ‬ ‫ُْ ُ ُ ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّع دِّي َعلَى عب اد اهلل َق ْوالً َوف ْعالً َول َما يَكْس بُهُ‬ ‫ض ُب ُه ْم َفيَ ْحملُ ُه ْم َعلَى الت َ‬ ‫َويَطْغَى َغ َ‬
‫ض ِاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫الص ِه ْم يِف خ ْد َمته َوالْ ُمبَ َاد َر ِة ل َق َ‬‫َّاس وحَم بَّتِ ِهم لَه واحرِت ِام ِهم لَه وإِخ ِ‬
‫وب الن ِ َ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ِمن ُقلُ ِ‬
‫ْ‬
‫صا ِر لَهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اع َعْنهُ َواالنْت َ‬ ‫ضافُِرهم َعلَى ِّ‬
‫الدفَ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫َح َوائجه َوتَ َ‬
‫اض ُع ِم ْن‬ ‫ْس ِه الْمت َكِّبر الحتِ َق ا ِر ِه هَل م و ِ ِ‬ ‫وعلَى عك ِ‬
‫احت َق ا ِره ْم َوإِ ْن َك ا َن الت ََّو ُ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫َُ ُ ْ‬ ‫ََ َ‬
‫َن اجْلَ َاه إِ ْن مَلْ يُ ْس َت ْع َم ْل يِف فَائِ َد ِة‬ ‫جِل ِ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ص ِ‬
‫يم ةً أل َّ‬
‫اض َع جَيْ َع ُل َاه ه ق َ‬ ‫ب َج اه فَ ِإ َّن الت ََّو ُ‬ ‫اح ٍ‬ ‫َ‬
‫اض ْع هَلُ ْم فَِإنَّهُ ال‬ ‫األ َُّم ِة َواألَ ْف َر ِاد ال يَ ُك و ُن لَ هُ َم ْعىَن َو َم ْن َتَرفَّ َع َع ِن الن ِ‬
‫َّاس َومَلْ َيَت َو َ‬
‫ون‬‫اص ر علَي ِه ويص بِح امْس ا بِ ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ جِب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اههُ قَ ٌ َ ْ َ ُ ْ ُ ً‬ ‫اج َفيَظَ ُّل َج َ‬‫َح ٌد َوال َيْنتَف ُع َاهه حُمْتَ ٌ‬ ‫يَ ْدنُو مْنهُ أ َ‬
‫ُم َس َّمى ‪.‬‬
‫ك بِغَرْيِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫الد ْنيا ونَعِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫يم َها فَال يُبَ ايِل َب ْع َد ذَل َ‬ ‫ص َل لَهُ َما يَ ُس ُّد َش ْه َوتَهُ َو ْح َدهُ م ْن َمال أ َْو َجاه أ َْو ُسْلطَان َف َق ْد ظََف َر بلَ َّذات ُّ َ َ‬ ‫َو َم ْن ظَ َّن أَنَّهُ مَىَت َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ائِ ٌع أَمْح َق أل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫َّع ُاو ِن َم َع َغرْيِ ه ‪ ،‬قَ َال اهللُ َت َع اىل ‪َ ﴿ :‬و َر َف ْعنَا َب ْع َ‬
‫َن ا ِإلنْ َس ا َن ال يَ ْس تَق ُّل يِف َه ذه احْلَيَ اة بَ ْل ال بُ َّد م َن الت َ‬ ‫َش ق َي أ َْم َس ع َد َف ُه َو َ‬
‫َّخ َذ بعضهم بعضاً سخ ِرياً ﴾ قَ َال الش ِ‬
‫َّاع ْر ‪:‬‬ ‫ٍ ِ ِ‬ ‫َف ْو َق َب ْع ٍ‬
‫ض َد َر َجات ليَت َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ْ ّ‬
‫َّاس ِمن ب ْد ٍو وح ِ‬
‫اضَر ٍة‬ ‫الن ِ‬
‫َّاس للن ِ ْ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ض لَِب ْع ٍ‬
‫ض َوإِ ْن لَ ْم يَ ْش ُع ُروا َخ َد ُم‬ ‫َب ْع ٌ‬

‫‪176‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض ٍو ألَْم ٍر َما يُ َما ِر ُسه‬ ‫َو ُك ُّل ُع ْ‬


‫ف بَ ْل تَ ْم ِش َي بِِه الَْق َد ُم‬ ‫ال َم ْش َي لِْل َك ِّ‬
‫ت‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َما تَأََّملَْنا األ ُُم َ‬
‫ور َتَبَّيَن ْ‬
‫لََنا َوأَِم ُير الَْق ْوِم لِْلَق ْوِم َخ ِاد ُم‬
‫َم ْو ِعظَةٌ‬
‫َّه ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف يَق ُّر لَ هُ َق َرار َو َم ْن َك ا َن ال د ْ‬
‫ت يَطْلُبُ هُ َكْي َ‬ ‫عبَ َاد اهلل َم ْن َك ا َن الْ َم ْو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‬‫ص ار ‪َ ،‬و َم ْن َك ا َن َراحالً َع ِن ال ُّد ْنيَا إىل اآلخ َر ِة َكْي َ‬ ‫ف يُطي ُق االنْت َ‬ ‫جُيَا ِري ه فَ َكْي َ‬
‫َيلَ ُّذ لَ هُ َق َر ُار ‪َ ،‬ع َجبًا لِ َم ْن مَيْأل َعْين هُ بِ الن َّْوِم َو ُه َو ال يَ ْد ِري أَيُ َس ُ‬
‫اق إىل اجْلَن َِّة أ َْو‬
‫إىل النَّا ِر ‪.‬‬
‫َح َس َن َم ْن قَ َال ‪:‬‬
‫َولََق ْد أ ْ‬
‫ف َتَن ُام ال َْعْي ُن َو ِه َي قَ ِر َيرةٌ‬
‫( َو َكْي َ‬
‫َي ال َْم َكانِي ِن َتْن ِز ُل )‬ ‫ِ‬
‫َولَ ْم تَ ْد ِر في أ ْ‬

‫هِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ضى‬ ‫إِ ْن ه َي إِال َغ ْفلَ ةٌ َوأ ُْمنيَّةٌ َعاجلَ ةٌ َو َس جيَّةٌ َعادلَ ةٌ َج َرى َا الْ َقلَ ُم َو َم َ‬
‫ص َع َق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج َداث ‪ ،‬لََق ْد َ‬ ‫س األ ْ‬ ‫َح َداث َويَا َغ َرائ َ‬ ‫س األ ْ‬ ‫ف األ َُمم ‪َ ،‬فيَا َف َرائ َ‬ ‫َعلَْي َها َس ال ُ‬
‫الزم ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َو َما َك َذب ‪ ،‬فَ َكأَنَّهُ قَ ْد‬ ‫ف َّ َ‬ ‫ص ْر ُ‬‫ص َدقَ ُك ْم َ‬ ‫ت يِف ديَ ا ِر ُك ْم َفَن َعب ‪َ ،‬و َ‬ ‫الْ َم ْو ُ‬
‫َّص َعلَْي ُك ُم الْ َم ّس ر َة ‪َ ،‬وا ْنَت َه َز فِي ُكم الغِ َّرة ‪ ،‬فَ َما‬ ‫ب ‪َ ،‬و َنغ َ‬ ‫أ ََع َاد َعلَْي ُك ْم الْ َك َّر َة َو َس لَ َ‬
‫أَقَالَ ُك ْم َع ْثَرة ‪.‬‬
‫ومو َن‬ ‫ني قَ َال ‪َ :‬ي ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫َّاس لَِر ِّ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫وم الن ُ‬‫ب أ َْو َع ْن َقتَ َاد َة قَ َال َي ْو َم َي ُق ُ‬ ‫َع ْن َك ْع ٍ‬
‫ُّك بِ أَ ْقو ٍام قَ اموا ِ‬
‫هلل َع َّز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ول ‪َ :‬ما ظَن َ َ‬ ‫ت احْلَ َس َن َي ُق ُ‬ ‫م ْق َد َار ثَالمَثَائَ ة َع ْام ‪ .‬قَ َال ‪ :‬مَس ْع ُ‬
‫ف َسنَةَ مَلْ يَأْ ُكلُوا فِ َيها أَ ْكلَةَ َومَلْ يَ ْشَربُوا فِ َيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َج َّل َعلَى أَقْ َدام ِه ْم م ْق َد ُار مَخْس َ‬
‫ني أَلْ َ‬
‫ش‬ ‫َشرب ْة حىَّت إِ َذا ا ْن َقطَعت أ َْعنَاقُ ِ‬
‫هم م َن الْ َعطَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ‬

‫‪177‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ف هِبِ ْم إىل النَّا ِر فَ ُس ُقوا ِم ْن َعنْي ٍ قَ ْد آ َن‬ ‫ص ِر َ‬ ‫َج َوا ُف ُه ْم ِم َن اجْلُ ِ‬


‫وع انْ ُ‬ ‫ت أْ‬ ‫احَت َرقَ ْ‬
‫َو ْ‬
‫َحُّر َها َوا ْشتَ َّد َن ْف ُح َها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َفلَ َّما بلَ َغ الْمجه ِ‬
‫ب‬ ‫ض ا يِف طَلَ ِ‬ ‫ض ُه ْم َب ْع ً‬ ‫ود مْن ُه ْم َما ال طَاقَةَ هَلُ ْم بِه َكلَّ َم َب ْع ُ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ ِ‬
‫ص ِرفُوا إىل‬ ‫احة م ْن َم َقام ِه ْم َو َم ْوق َف ِه ْم لَيْن َ‬ ‫َم ْن يُك ُْر ُم َعلَى َم ْوالهُ أَ ْن يَ ْش َف َع هَلُ ْم يِف َّ َ‬
‫وس ى‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫اجْل ن َِّة أَو إىل النَّا ِر ِمن وقُوفِهم َف َف ِزع وا إىل آدم ونُ ٍ ِ‬
‫يم َو ُم َ‬ ‫وح َوم ْن َب ْع ده إ ْب َراه َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ب ِم ْثلَ هُ َقْبلَ ْه َوال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِعيس ى ُكلُّ ُهم ي ُق ُ ِ‬
‫ض ْ‬ ‫ض بًا مَلْ َي ْغ َ‬ ‫ب الَْي ْوم َغ َ‬ ‫ول ‪ :‬إ َّن َريِّب َغض َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ب َع َّز َو َج َّل َويُنَ ادي بِ ُّ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش غُل‬ ‫ب ال َّر ِّ‬ ‫هم يَ ْذ ُكُر ش َّدةَ َغ َ‬ ‫ب َب ْع َد ْه م ْثلَ ْه فَ ُكلُّ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫َي ْغ َ‬
‫الهتِ َم ِام ِه‬ ‫ِ‬
‫اعة هَلُ ْم إىل َرهِّب ْم ْ‬
‫الش َف ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ول َن ْفسي َن ْفس ي َفيَ ْش تَغ ُل بَِن ْفس ه َع َن َّ َ‬
‫ِ‬ ‫بَِن ْف ِس ه َفَي ُق َ‬
‫الص َها ‪.‬‬ ‫بَِن ْف ِس ِه وخ ِ‬
‫ََ‬
‫س جُتَ ِاد ُل َعن نَّ ْف ِس َها‬ ‫ول اهللُ َع َّز َو َج َّل ‪َ ﴿ :‬ي ْو َم تَأْيِت ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫ك َي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫َو َك َذل َ‬
‫ص‬ ‫ان ‪َ ،‬وَت َقلُّ ِ‬ ‫ان ا ِإلم َك ا ْن ‪َ ،‬قب ل ِض ِيق األَوطَ ِ‬ ‫﴾ َفب ِادروا رمِح ُكم اهلل وأَْنتُم يِف م َك ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ ْ َ ْ‬
‫ب ِمن ِجه ٍة إىل ِجهة ِمن ِشد ِ‬ ‫اص ِفَرا ِر الَْبنَان ‪َ ،‬و َّ‬
‫َّة اآلالم ‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫الت َقلُّ ِ ْ َ‬ ‫اللِّ َسا َن َو ْ‬
‫وق‬ ‫وح ِمن الْع ر ِ‬ ‫الس َكَرات ‪ ،‬جِلَ ْذ ِب ُّ‬ ‫ضع األُخرى ِمن َشد ِ‬ ‫ٍ‬
‫الر ِ ْ ُ ُ‬ ‫َّة َّ‬ ‫ْ‬ ‫َو َرفْ ُع يَد َو َو ْ ُ ْ َ‬
‫ت ال د َّْو ِد‬ ‫وص الْبص ر ‪ ،‬وب رود ِة الْب َد ِن ‪ ،‬و َن ْقلِ ِه لِبي ِ‬ ‫والْعص ِ ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ َ َ‬ ‫ب َوالْعظَ ام ‪َ ،‬قْب َل ُش ُخ ِ َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫َوالظُّْل َم ِة َوالْ َو ْح َش ِة َوا ِإلنِْفَر ِاد َو ُس َؤ ِال ُمْن َك ٍر َونَ ِك ٍري ‪َ ،‬و َما َي ْع ُقبُه ِم ْن ُك ِّل أ َْم ٍر َخ ِط ٍري‬
‫يب ِم ْن أ َْهوالِِه الْ ِولْ َدان ‪.‬‬ ‫يِف ٍ ِ‬
‫َي ْوم يَش ُ‬
‫ِ ٍ‬
‫ود َواألَلْ ِس نَةً‬ ‫ودهُ اجْلُلُ ُ‬ ‫ال ‪َ ،‬و ُش ُه ُ‬ ‫ض ائِعُهُ األ َْع َم ُ‬ ‫ِ‬
‫فَ َما ظَنّ ُك ْم عبَ َاد اهلل بَِي ْوم بَ َ‬
‫ِ‬
‫يم ال َي ْع َم ُل‬ ‫ِ‬
‫ك لََي ْو ٌم َعظ ٌ‬ ‫َّار ‪َ ،‬و َحاكِ ُم هُ اجْلَبَّ ُار ‪ ،‬إِ َّن َذل َ‬ ‫ِ‬
‫ص ال ‪َ ،‬وس ْجنُهُ الن ُ‬ ‫َواأل َْو َ‬
‫اح ةٌ َوال َن ْو ٌم ‪ ،‬فَ ا ْنتَبِ ُهوا‬ ‫ِ‬ ‫حِلِس ابِِه إِال من و َّف َق ه احْل ي الْ َقيُّوم لَي ِ ِ ِ‬
‫س في ه ل ْل ُم ْج ِرم َر َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ُّ‬ ‫َ‬
‫َّاس‬‫ب لِلن ِ‬ ‫ال َت َع اىل ‪ ﴿ :‬ا ْقَت َر َ‬ ‫َرمِح َ ُك ْم اهللُ َوَتَي َّقظُوا َوَت َز َّو ُدوا فَ َك أَنَّ ُكم بِ ِه َوقَ ْد أَتَى قَ َ‬
‫ضو َن ﴾ ﴿ أَتَى أ َْم ُر اللّ ِه فَالَ تَ ْسَت ْع ِجلُوهُ ﴾‬ ‫ٍ‬
‫ح َسابُ ُه ْم َو ُه ْم يِف َغ ْفلَة َّم ْع ِر ُ‬
‫ِ‬

‫‪178‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يح ُكنَّا نَ ْسَتضيءُ بَِها‬ ‫ت َم َ ِ‬


‫صاب ُ‬ ‫ِش ْعًرا‪َ :‬خَب ْ‬
‫يب األَنْ ُج ُم َّ‬
‫الز َه ُر‬ ‫ت لِل َْم ِغ ِ‬ ‫َوطََّو َح ْ‬
‫ت‬‫ت غُْربَةُ اإلسالم َوانْ َك َسَف ْ‬ ‫اسَت ْح َك َم ْ‬
‫َو ْ‬
‫وم الَّتِي َي ْه ِدي بَِها الَْب َش ُر‬ ‫شمس الْعلُ ِ‬
‫َْ ُ ُ‬
‫الصالِ ُحو َن ال ُْم ْقَت َدى بِِه ْم‬
‫تُ ُخِّر َم َّ‬
‫َوقَ َام ِمْن ُه ْم َمَق َام ال ُْمْبتَ َدا الْ َخَب ُر‬
‫ضى‬ ‫ت تَ ْس َم ُع إِال َكا َن ثُ َّم َم َ‬ ‫َفلَ ْس َ‬
‫ط الَْب ِاقي بِ َم ْن غََب ُروا‬ ‫ْح ُق الَْفا ِر ُ‬ ‫َوَيل َ‬
‫َّاس ِفي َس ْكَر ٍة ِم ْن َخ ْم ِر َج ْهِل ِه ُم‬ ‫َوالن ُ‬
‫ات لَْو َش ِع ُروا‬ ‫الص ْحو ِفي َعس َك ِر األ َْمو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َو َّ ُ‬
‫ش ِم ْن َسَف ٍه‬ ‫ف َه َذا ال َْعْي ِ‬ ‫َنلْهو بِز ْخر ِ‬
‫ُ ُ ُ‬
‫ودا َما لَهُ ثَ َم ُر‬
‫ت َع ً‬ ‫لَ ْهو الْمَنبِّ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ث منايانَا رو ِ‬ ‫ِ‬
‫احلََنا‬ ‫َوتَ ْسَتح ُّ ََ َ َ َ‬
‫ص َد ُر‬ ‫ِِ‬ ‫وق ٍ‬‫لِم ِ‬
‫ف َما لََنا َع ْن ُدونه َ‬ ‫َ‬
‫ف َتْب ُدوا َسَرائُِرنَا‬ ‫إِال إلى مو ِق ٍ‬
‫َْ‬
‫ين َما َسَت ُروا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫فيه َويَظ َْه ُر لل َْعاص َ‬
‫ص َد َرا َما َكا َن أَ ْعظَ َمهُ‬ ‫َفَيا لَهُ َم ْ‬
‫َّاس ِم ْن َه ْولِِه َس ْكَرى َو َما َس ِكُروا‬ ‫الن ُ‬
‫فَ ُك ْن أ َِخي َعابًِرا ال َع ِامًرا َفلََق ْد‬
‫ادوا َو َم ْن َع َم ُروا‬
‫ع َم ْن َش ُ‬
‫صَر َ‬
‫ت َم ْ‬ ‫َرأَيْ َ‬
‫اسُتْن ِزلُوا َب ْع َد ِعٍّز َع ْن َم َع ِاقِل ِه ْم‬
‫ْ‬

‫‪179‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َكأََّن ُهم َما َن َه ْوا ِف َيها َوال أ ََم ُروا‬


‫ُتغَ ُّل أَيْ ِدي ِه ُم ُو َي ْو َم الِْقَي َام ِة إِ ْن‬
‫الل ِإ ْن فَ َج ُروا‬ ‫ك و ِفي األَ ْغ ِ‬
‫َبُّروا ُتَف ُّ َ‬
‫الت َوقُ ْل‬‫َّاك ِ‬ ‫ونُح َعلَى ال ِْعل ِْم َنوح الث ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ف َن ْف ِسي َعلَى أ َْه ٍل لَهُ قُبِ ُروا‬ ‫َوال َْه ْ‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِِ‬
‫ان ُج ْه َد ُهم‬ ‫ين َعلَى ِ َ‬ ‫الثَّابت َ‬
‫ين فَ َما َمانُوا َوال َخَت ُروا‬ ‫و َّ ِ ِ‬
‫الصادق َ‬ ‫َ‬
‫اهلل لَْو َس َخطُوا‬ ‫الص ِاد ِعين بِأ َْم ِر ِ‬
‫َّ َ‬
‫أ َْه ُل الَْب ِسيطَِة َما بَالُوا َولَْو َكُث ُروا‬
‫ول َعَلى‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫ين َعَلى َن ْه ِج َّ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫السالك َ‬
‫السَو ُر‬
‫ات َو ُّ‬ ‫ت م ْح َكم اآلي ِ‬
‫َما َقَّر َر ْ ُ ُ َ‬
‫الدْنَيا َو َز ْهَرتَِها‬
‫ين َع ِن ُّ‬ ‫ِِ‬
‫ال َْعادل َ‬
‫َواأل َْمَريْ َن بِ َخْي ٍر َب ْع َد َما اْئَت َم ُروا‬
‫لَ ْم يَ ْج َعلُوا ُسلَّ ًما لِل َْم ِال ِعل َْم ُه ُموا‬
‫وه َفَل ْم َي ْعلُ ْق بِِه َو َ‬
‫ض ُر‬ ‫بَ ْل َنَّز ُه ُ‬
‫فَ َح َّي أ َْهالً بِِه ْم أ َْهالً بِ ِذ ْك ِر ِه ُموا‬
‫اء أَْيَن َما ذُ ِك ُروا‬
‫ين َثَن ً‬
‫ِ‬
‫الطِّيب َ‬
‫ت أَطْب ِ‬
‫اق الثََّرى َو ُه ُموا‬ ‫اص ُه ْم تَ ْح َ َ‬ ‫أَ ْش َخ ُ‬
‫نُ ِش ُروا‬ ‫َكأََّن ُه ْم َبْي َن أ َْه ِل ال ِْعل ِْم قَ ْد‬
‫يق أَبْنَِي ٍة‬
‫َه ِذ ْي ال َْم َكا ِر ُم ال َت ْز ِو ُ‬
‫بَِها ال ُ‬
‫ْج ُد ُر‬ ‫وف الَّتِي يُ ْك َسى‬ ‫الشُف ُ‬ ‫َوال ُّ‬

‫‪180‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ْم إِ ْن َكا َن أَقْواالً بِال َع َم ٍل‬ ‫ِ‬


‫َوالْعل ُ‬
‫ْج ْه ِل ُمْنغَ ِم ُر‬ ‫ت ِ‬
‫صاحَبةُ بِال َ‬ ‫َفلَْي َ َ‬
‫آن إِ َّن لََنا‬ ‫يا ح ِامل ال ِْعل ِْم والْ ُقر ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ضو َن َواألَ َخ ُر‬ ‫ض ُّم بِِه ال َْما ُ‬ ‫َي ْو ًما تُ َ‬
‫َفَي ْسأ َُل اهللُ ُكالً َع ْن َو ِظي َفتِ ِه‬
‫ت ِش ْع ِري بِ َما َذا ِمْنهُ َت ْعَت ِذ ُر‬ ‫َفلَْي َ‬
‫ال ال َْعِليم إِ َذا‬ ‫اب إِ َذا قَ َ‬ ‫ْجَو ُ‬ ‫َو َما ال َ‬
‫ِّيق أ َْو ُع َم ُر‬ ‫الصد ُ‬‫ول أ َْو ِّ‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫قَ َ‬
‫ول الَْي َديْ ِن فَ ِم ْن‬ ‫َوالْ ُك ُّل يَأْتِ ِيه َم ْغلُ َ‬
‫ت َسَق ُر‬ ‫ك قَ ْد لََّو َح ْ‬ ‫نَاج وِمن َهالَ ٍ‬
‫َ َ ْ‬
‫ص ًة‬ ‫فَجد ُ ِ ِ ِ‬
‫ِّدوا نيَّةُ هلل َخال َ‬ ‫َ‬
‫اصِب ُروا َو ُم ُروا‬ ‫وموا ُفَر َادى َو َمْثَنى َو ْ‬ ‫قُ ُ‬
‫ص ُحوا َم ْن َولِ َي أ َْمَر ُك ُم‬ ‫َونَاص ُحوا َوانْ َ‬
‫ِ‬
‫الصْف ُو ال بُ َّد يَأْتِي َب ْع َد ُه َك َد ُر‬ ‫فَ َّ‬
‫الدْنَيا بَِنا َوبِ ُك ْم‬ ‫ف ِفي ُّ‬ ‫َواهللُ َي ْلطُ ُ‬
‫ص ُر‬ ‫ِِ‬ ‫ويوم ي ْش َخ ِ‬
‫ص م ْن أ َْهَواله الَْب َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫ب َعَلى ال ُْم ْخَتا ِر َسيِّ ِدنَا‬ ‫ص ِّل َر ِّ‬ ‫َو َ‬
‫ب تَ ْسَت ِع ُر‬ ‫َشِف ِيعَنا َي ْو َم نَا ِر الْ َك ْر ِ‬
‫وث َو ِش َيعتِ ِه‬ ‫مح َّمد َخْي ِر مْبع ٍ‬
‫َُ‬ ‫َُ‬
‫ص ْحِب ِه َما بَ َدا ِم ْن أُ ْفِق ِه قَ َم ُر‬ ‫َو َ‬

‫‪181‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وهنَا َع ِن الْ َم ْس أَلَِة‬ ‫اللَّه َّم َكما ِص ْنت وجوهنا ع ِن ُّ ِ ِ‬


‫ص ْن ُو ُج َ‬ ‫الس ُجود لغَرْيِ َك فَ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لِغَرْيِ َك ‪ ،‬اللَّ ُه َّم َم ْن َكا َن َعلَى َه َوى َو ُه َو يَظُ ُن أَنَّهُ َعلَى احْلَ ِّق َفُر َّدهُ إىل احْلَ ِّق َحىَّت‬
‫ت لَنَا بِ ِه َوال جَتْ َع ْلنَا‬ ‫ال يظَ ُّل ِمن ه ِذ ِه األ َُّم ِة أَح ٌد اللَّه َّم ال تَ ْش غَل ُقلُ مِب‬
‫وبنَا َا تَ َك َف ْل َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك َخ َوالً لِغَرْيِ َك َوال مَتَْن ْعنَا َخْي َر َما ِعْن َد َك بِ َش ِر َما ِعْن َدنَا َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬ ‫ِ‬
‫يِف ِر ْزق َ‬
‫ني‬ ‫مِحِ‬ ‫ني بَِرمْح َتِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ولِوالِ َدينَا وجِل ِمي ِع الْمس لِ ِمني األ ِ ِ‬
‫ك يَا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫َحيَ اء مْن ُه ْم َوالْ َميِّت َ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫ص ْحبِ ِه أَمْج َعِني ‪.‬‬ ‫ٍ ِِ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَى حُمَ َّمد َوآله َو َ‬ ‫َو َ‬
‫َم ْو ِعظَةٌ‬
‫عب اد اهلل إِ َّن َعلَْي ُك ْم َم ْس ئوليَّةً ُكْب َرى َويِف أ َْعنَ اقِ ُك ْم أ ََمانَ ةً عُظْ َمى َستُ ْس أَلُو َن‬
‫ين ‪ ،‬فَ ِإ َّن اهللَ َس ائِ ٌل ُك َّل َر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َت ْر َعاهُ‬ ‫اع َع َّما ْ‬ ‫ني َواآلخ ِر َ‬ ‫ث اهللَ األ ََّول َ‬ ‫َعْن َها َي ْو َم َيْب َع ُ‬
‫ضيَّ َع ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َحف َظ أ َْم َ‬
‫اهلل إِ َّن يِف أ َْعنَ اقِ ُك ْم أ َْوال َد ُكم َو ُه ْم أَفْالذُ أَ ْكبَ ِاد ُكم فَ َّات ُقوا اهللَ فِي ِه ْم‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫اضلَ ِة ‪ ،‬فَِإ َّن ه ؤالء األَو ِ‬ ‫الصاحِل ِة واألَخ ِ‬
‫الق الْ َف ِ‬
‫الد َس يَ ُكونُو َن‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫وه ْم إىل األ َْع َم ِال َّ َ َ ْ‬ ‫َو َو ّج ُه ُ‬
‫الص احِلَةَ الَّيِت‬
‫الق َّ‬ ‫َخ َ‬ ‫يِف الْمس َت ْقب ِل ِرج االً ‪ ،‬فَ ِإ َذا َتربُّوا علَى طَ ِ ِ‬
‫اع ة اهلل َوَت َع َّو ُدوا األ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫وم النَّافِ َع ِة َما َيْن َفعُ و َن بِ ِه أَْن ُف َس ُه ْم‬ ‫ص لُوا ِمن الْعلُ ِ‬ ‫َت ْرفَ ُع َم َق َام ُه ْم َو ُت ْعلِي َش أَْن ُه ْم َو َح َّ‬
‫َ ُ‬
‫ض ِة األ َُّم ِة َو َه َذا أ َْم ٌر ال خَي ْتَلِف فِ ِيه‬ ‫ِ ِ‬
‫اسا َمكينًا لَن ْه َ‬ ‫َس ً‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫َو َيْن َفعُو َن به عبَ َاد اهلل ‪َ ،‬كانُوا أ َ‬
‫ان ‪.‬‬ ‫ا ْثنَ ِ‬
‫ني َعلَْي َها ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الق وهج روا الْعلُ وم َّ ِ ِ‬ ‫وإِ ْن اس َتعادوا س افِل األَخ ِ‬
‫الش ْرعيَّة َو َما يُع ُ‬ ‫ََ َُ ُ َ‬ ‫ْ َُ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ضَر ًرا َعلَى أَْن ُف ِس ِه ْم َو َعلَى األَُُّم ِة ‪.‬‬ ‫َكانُوا َ‬
‫يم ِة ‪َ ،‬والطِّْف ُل أ ََمانَة ِعْن َد َوالِ َديْ ِه‬ ‫ِ ِ‬
‫يم اخْلَطَ ِر َكب ريُ الْق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عباد اهلل الت َّْربيَةُ أ َْمٌر َعظ ُ‬
‫ور ٍة فَ ِإ ْن عُ ِّو َد اخْلَْي َر‬ ‫ص َ‬ ‫ش َو ُ‬ ‫يس ةٌ َخالِيَ ةٌ ِم ْن ُك ِّل َن ْق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫‪َ ،‬و َق ْلبُ هُ الطاه ُر َج ْو َهَرةٌ نَف َ‬
‫اآلخ َر ِة َو َش َار َكهُ يِف ثَ َوابِ ِه أ ََب َواهُ ‪َ ،‬و ُك ُّل‬ ‫وعلِّم ه نَ َش أَ علَي ِه وس عِ َد يِف ال ُّد ْنيا و ِ‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ََُ ُ‬

‫‪182‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الش َّر َوأَمْهِ َل َوتُ ِر َك بِال ِعنَايَ ٍة ‪َ ،‬ش ِق َي‬


‫يِف اخْلَْي َر ‪َ ،‬وإِ ْن عُ ِّو َد َّ‬ ‫ُم َؤ ِّد ٍب َو ُم َعلِّ ٍم لَ هُ‬
‫ولِيه ور ِ‬
‫اع ِيه َما يَ ْستَ ِح ُّق ِم َن ا ِإلمْثِ ‪.‬‬ ‫ك َو َكا َن َعلَى‬ ‫َو َهلَ َ‬
‫َ ّ ََ‬

‫‪183‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫آدابِ ِه َق ْوالً َو َع َمالً َو ْاعتِ َق ًادا ‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬


‫س الدِّي ِن اإلسالمي َوحَمَبَّت ه َو َ‬ ‫فَالت َّْربيَ ةُ ه َي َغ ْر ُ‬
‫يح ِة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِب ِ‬ ‫اض لَ ِة يِف نُ ُف ِ ِ ِ‬ ‫الق الْ َف ِ‬
‫و َغ رس األَخ ِ‬
‫ني َو َس ْقُي َها َ اء ا ِإل ْر َش اد َوالنَّص َ‬ ‫وس النَّاش ئ َ‬ ‫َ ْ ُ ْ‬
‫ني ِمن‬ ‫ِ‬ ‫اع س بِ ِيل َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الس ابِق َ‬
‫ني األ ََّول َ‬ ‫َوالت َّْوجي ه إىل كتَ اب اهلل َو ُس نَّة َر ُس وله َوإتِّبَ ِ َ‬
‫صا ِر َو َم ْن َح َذا‬ ‫ِ‬
‫َح ْذ َو ُه ْم ‪.‬‬ ‫ين َواألَنْ َ‬‫الْ ُم َهاج ِر َ‬
‫َخَر َج هُ الْبُ َخ ا ِري عن أيب‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّ َم يِف احْلَ ديث الَّذي أ ْ‬ ‫ال َ‬ ‫قَ َ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّ َم ‪َ (( :‬ما ِم ْن‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل َ‬ ‫هري ر َة َرض َي اهللُ َعْن هُ قَ َال ‪ :‬قَ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ص َرانِِه أ َْو مُيَ ِّج َس انِِه َك َما ُتْنتَ ُج‬‫ود يُولَ ُد إِال َعلَى الْ ِفطْ َر ِة فَ أ ََب َواهُ يُ َه ِّو َدانِ ِه أ َْو يُنَ ِّ‬ ‫مولُ ٍ‬
‫َْ‬
‫يمةُ مَج ْ َعاءَ َه ْل حُتِ ُّسو َن فِ َيها ِم ْن َج ْد َعاءَ )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الْبَه َ‬
‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس َعلَْي َها ال‬ ‫ول أَبُو ُهَر ْي َر َة َرض َي اهللُ َعْن هُ ‪ :‬فطْ َر َة اهلل اليِت فَطَ َر الن َ‬ ‫مُثَّ َي ُق ُ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَى حُمَ َّم ٍد‬ ‫ِّين الْ َقيِّ ُم ‪َ .‬واهللُ أ َْعلَ ُم َو َ‬ ‫ك الد ُ‬
‫َتب ِديل خِل ْل ِق ِ ِ‬
‫اهلل َذل َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ص ٌل )‬‫( فَ ْ‬
‫وس الْو ْع ِظيَّ ِة علَى ه َذا احْل ِد ِ‬
‫يث ‪ :‬أَمْج َ َع الْعُ َقالءُ َعلَى أ َّ‬
‫َن‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّر ِ َ‬ ‫ال يِف ال د ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ات قَ ابِالً لِ ُك ِّل‬ ‫ا ِإلنْس ا َن حِب اج ٍة إِىل التَّربِي ِة فَِإمَّنَا يولَ ُد ص غِريا جُم َّردا عن ُك ِّل الْممِّيز ِ‬
‫َُ َ‬ ‫َ ً َ ً َْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ش مستَعِدًّا لِ ُك ِّل ما ي ْل َقى إِلَْي ِه ِمن َت ْعلِي ٍم وحُيَا ُط بِِه ِمن َتثْ ِق ٍ‬
‫يف ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َن ْق ٍ ُ ْ‬
‫َّاس ‪ ،‬فَ ِإ ْن‬ ‫الن عْن ه لَ َدى ِ‬
‫اهلل َوالن ِ‬ ‫ان لِولَ ِدمِه ا الْمس ؤ ِ‬ ‫َوالْ َوالِ َد ِان مُهَا َّ‬
‫الر ِ‬
‫اعيَّ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َُْ‬
‫ال أ ُْمنِيَّتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َس نَا تَأْديبَ هُ َو َع َّو َداهُ اخْلَْي َر َوإنْ َش اءَهُ َعلَْي ه َس ْع َد يِف ُد ْنيَ اهُ َوأ ْ‬
‫ُخ َراهُ َونَ َ‬ ‫أْ‬
‫َجُرهُ ِعْن َد‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫رِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اه َم يِف َت ْهذيبِه أ ْ‬ ‫َو ُمْبَتغَاهُ ‪َ ،‬و َكا َن ل َوال َديْه َو ُك ِّل م ْن ا ْش َ َك يِف َت ْعليمه َو َس َ‬
‫اهلل بِ ِه َك ا َن إمْثُهما ِعْن َد ِ‬ ‫ال الْبه ائِم ومَل يرعيا ح َّق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل‬ ‫َُ‬ ‫اهلل ‪َ ،‬وإ ْن أَمْهَلََهُ َوال َداهُ إمْهَ َ َ َ َ ْ َ ْ ََ َ‬
‫َكبِ ًريا َو ُس َؤاهُلَُما َخ ِط ًريا ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َن َع ْقلِيَّ ِة الْ َولَ ِد‬ ‫اه َد ِة َعلَى َما قَد َّْمنَا أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ َّن من األ ُُمو ِر الْ ُم َح َّق َقة َواحْلََقائ ِق الْ ُم َش َ‬
‫الم ِة فِطَْرتِ ِه إِ َذ ْن ‪،‬‬ ‫َتتَأَثَّر بِتَأَثُِّر الْبِيئ ِة والْمجتَم ِع ِص َّحةٌ وفَس اَدا ‪ ،‬لِس َذ ِ ِ ِ‬
‫اجة َن ْفس ه َو َس َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ً‬ ‫َ َ َُْ‬ ‫ُ‬
‫ص ِح ٍ‬
‫يح‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف واجب الْوال د َكبِ ري َفعلَي ِه أَ ْن حَي وطُه بِعِنَاي ٍة دقي َق ٍة و ِرقَاب ٍة َش د َ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يدة َوَت ْوجيه َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ٌ َْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َوَت ْربِيَ ٍة َح َسنَ ٍة ‪.‬‬
‫ات‬ ‫اس ن الْع اد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك بِأَ ْن يؤ ِّدبه ‪ ،‬ويه ِّذبه ‪ ،‬ويعلِّمه م َكاِرم األ ِ‬ ‫ِ‬
‫َخالق ‪َ ،‬وحَمَ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َُ َ ُ َ َُ َ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫َو َذل َ‬
‫الق الْ ُمْن َحطَِّة ‪َ ،‬ولَْي ْعلَم الْ َوالِ ُد أ َّ‬ ‫وء ‪ ،‬و َذ ِوي األَخ ِ‬ ‫الس ِ‬
‫‪َ ،‬وحَيْ َفظَهُ ِم ْن ُقَرنَ ِاء ُّ‬
‫َن َولَ َدهُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الر َعايَِة ‪.‬‬
‫ب األ ََمانَِة ‪َ ،‬ولَْي ُق ْم حِب َ ِّق ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ ََمانَةٌ َبنْي َ يَ َديْه ‪َ ،‬ف ْلُي َؤ ِّد َواج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يث الطَّْب ِع‬ ‫َوإِ َذا أُمْه َل الْ َولَ ُد يِف ابْتِ َداء نَ ْش أَتِِه َوأ ََّو ِل َر ْعَر َعتِ ِه َومَتْيِ ي ِز ِه َخ َر َج َخبِ َ‬
‫ِ‬ ‫ان وفُ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ي ِء األ ِ‬
‫يما‬‫ض ول الْ َكالم ‪َ ،‬يتَ َد َّخ ُل ف َ‬ ‫َخالق ‪ ،‬حُمْتَ االً َك َّذابًا َس َّراقًا َكث َري اهْلَ َذيَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِّ‬
‫اع ِة ‪ ،‬قَ ِريبًا ِمن‬ ‫الت ْق َوى َوالطَّ َ‬ ‫يدا َعن َّ‬ ‫ان ُم ْغتَابًا مَنَّ ًاما َوقِ ًحا بَعِ ً‬ ‫ال يعنِ ِيه ‪ ،‬ب ِذيء اللِّس ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫الْ ُفس ِ‬
‫وق َوالْ ُف ُجو ِر ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ب أَ ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫ض ًوا فَاس ًدا جَي ُ‬ ‫ال ال يَ ُكو ُن َوبَاالً َعلَى الْ ُم ْجتَ َم ِع َوعُ ْ‬ ‫َويِف ِمثْ ِل َه ِذ ِه احْلَ ُ‬
‫ِ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫َيْبَتَر َويُ ْقطَ َع إِال َم ْن َحف َظ َربُّ َ‬
‫ب‬ ‫ب َعلَى َويِل ّ الطِّْف ِل َوالطِّْفلَ ِة ِعْن َد إَِر َاد ِة الت َّْعلِي ِم أَ ْن يُ َس لِّ َم الْ َولَ َد لِ ُم َر ٍّ‬ ‫ِ‬
‫َوجَي ُ‬
‫ض ه َومُيَِّرنُه‬ ‫آدابَ هُ ‪َ ،‬ويَُر ِّو ُ‬
‫اص ٍح ‪ ،‬حَي َف ُ ِ‬ ‫ص الِ ٍح ‪ ،‬ومعلِّ ٍم نَ ِ‬
‫َخالقَ هُ ‪َ ،‬وحُيَ ِّس ُن َ‬ ‫ظ َعلَْي ه أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫يمةَ ‪ ،‬اإلسالميَّ ِة َوال َيتَ َس َام ْح‬ ‫الص ِحيحة َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫علَى َّ ِ‬
‫الس ل َ‬ ‫الش َعائَر الدِّينيَّة ‪َ ،‬ويُلَقِّنَ هُ الْ َع َقائ َد َّ َ‬ ‫َ‬
‫آدابِِه ‪.‬‬ ‫َم َعهُ يِف إِمْهَ ِال أ َْم ِر الدِّي ِن َو َ‬
‫ِّك يَ ْس َت ْهرِت ُ بِ أ َْم ِر ال دِّي ِن أ َْو ِزنْ ِد ٍيق‬ ‫وز تَس لِيم الطِّْف ِل إىل معلِّ ٍم مَتهت ٍ‬
‫َُ ُ َ‬ ‫َوال جَيُ ُ ْ ُ‬
‫ات واَل ْغ رائِ ِ‬ ‫يف يبهتُه بِاخْل رافَ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫ب ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ني ‪ ،‬أ َْو َجاه ٍل َسخ َْ ُ‬ ‫َما ِرق ال يُبَايل بِ َع َقائد الْ ُم ْسلم َ‬
‫ني ‪،‬‬‫الس ِم ِ‬‫ث ِمن َّ‬ ‫اطل واَل ْغ َ‬ ‫وهو يِف َن ْف ِس ِه ال مُيَيِّز احْل َّق ِمن الْب ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َُ‬

‫‪185‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّع الِي ِم‬ ‫ٍ‬ ‫يس َّ ِ‬


‫الس َما ِويَّة َغْي َر ُم ْكرَتِ ث بِالت َ‬ ‫ِج َعن األ ََو ِام ِر ا ِإلهَلِيَّ ِة َوالن ََّو ِام ِ‬ ‫أ َْو ُم ْل ِح ٍد َخ ار ٍ‬
‫اض الْ َم ْع ُروفَ ِة‬ ‫ات األَ ْغ َر ِ‬ ‫ف بِ ِه يِف الْم َدا ِر ِس التَّب ِش ِرييَِّة األَجنَبِيَّ ِة َذ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الدِّينِيَّ ِة ‪ ،‬أ َْو َي ْق ِذ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َوالْغَايَات الدَّنيئَة َوالت َّْوجيه الْ َفاسد ض َّد اإلسالم َوالْ ُم ْسلم َ‬
‫ص لَّى اهللُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ِري َفة َوالْغَايَ ات النَّبِيلَ ة ‪ ،‬يُْرش ُدنَا النَّيِب َ‬
‫اض َّ ِ‬ ‫َولِ ِمثْ ِل َه ِذ ِه األَ ْغ َر ِ‬
‫ول ‪:‬‬ ‫َّة ُمَرا َقبَتِ ِه ‪َ ،‬ومِح َايَتِ ِه َف ُه َو َي ُق ُ‬ ‫علَي ِه وس لَّم إىل ِرعاي ِة الْولَ ِد ‪ ،‬و ِص يانَتِ ِه ‪ ،‬و ِش د ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َْ َ َ َ‬
‫يح ِة اإلس الميَّ ِة ‪َ ،‬والْ َع ِقي َد ِة الْ َم ْر ِض يَّة‬ ‫ود يولَ ُد إِال علَى الْ ِفطْ ر ِة َّ ِ‬
‫الص ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫(( َما م ْن َم ْولُ ُ‬
‫ِ‬
‫فَأ ََب َواهُ يُ َه ِّو َدانِِه )) ‪.‬‬
‫ال إىل الْ َع َقائِ ِد‬ ‫يح ِة َو َم َ‬
‫الص ح َ‬
‫ك فَمن َتغََّير عن الْ ِفطْ ر ِة َّ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الْ َم ْعىَن إِ َذا َت َق َّر َر َذل َ َ ْ َ َ‬
‫َن أ ََب َواهُ يُ َه ِّو َدانِ ِه‬‫ب َتغَرُّيِ ِه أ َّ‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫اس َد ِة ‪ ،‬والْم َذ ِاه ِ‬ ‫اطلَ ِة واآلر ِاء الْ َف ِ‬ ‫الْب ِ‬
‫الزاي َف ة َك ا َن َس بَ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يم ِه َما إِيَّاهُ ‪َ ،‬وَت ْر ِغيبِ ِه َما فِ ِيه ‪ ،‬أ َْو ‪.‬‬ ‫صرانِِه أَو مُيَ ِّجسانِِه بَِتعلِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ َْو يُنَ ِّ َ ْ‬
‫ُخ َرى َوأَنْ ِذ ْر‬ ‫اص طَرِب ْ َعلَْي َها َواآليَةُ األ ْ‬
‫وحَنْو ه ِذ ِه اآلي ِة وأْم ر أَهلَ ك بِ َّ ِ‬
‫الص الة َو ْ‬ ‫َ َ ُْ ْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَى حُمَ َّم ٍد َوآلِِه َو َسلَّ َم ‪.‬‬ ‫ني ‪َ .‬واهللُ أ َْعلَ ُم َو َ‬ ‫ك األَ ْقَربِ َ‬ ‫َع ِش َريتَ َ‬
‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫توج َيهات دينية ومناصحات فيما جيب علي الراعي والرعية ‪.‬‬ ‫وقال يف ِ‬
‫يا أيها املؤمنو َن املسئولون الكرام ‪ :‬إن املؤمن إذا أمعن الفكرة ‪ ،‬وتلمس‬
‫ِ‬
‫واملغالطة ‪.‬‬ ‫احلقيقةَ ‪ ،‬وجتاىَف عن التصن ِع‬
‫ص من أخالق الدين‬ ‫املسلمني ِمن تَ َد ْه ُو ٍر َواهْنِيَا ٍر ‪َ ،‬و َن ْق ٍ‬
‫َ‬ ‫أصاب‬
‫َ‬ ‫َعلِ َم أن ما‬
‫الوحيد ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احلنيف ‪ ،‬وتعاليمه القيمة وسببهُ‬

‫‪186‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّش ِء ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫النفوس على ما جَيِ ِ‬


‫ب من ُم َعانَاة الن ْ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الشباب والرتاخي يف ِ‬
‫جهاد‬ ‫ِ‬ ‫تربية‬ ‫ِ‬
‫زعماء األمة اإلسالمية يف ِ‬ ‫ط‬
‫املفرد تفري ُ‬ ‫ِ‬
‫وعاملُه ُ‬‫َ‬
‫وه‬
‫َعلَى َما َكا َن َعَّو َد ُه أَبُ ُ‬ ‫ان ِمنَّا‬
‫اشئ الِْفْتي ِ‬
‫ِ‬
‫َوَيْن َشأُ نَ ُ َ‬
‫أمرا ِم ْن أمور املسلمني بأمار ٍة‬ ‫ِ‬
‫ومن ُهم زعماءُ األمة ؟ َن ْعيِن ُك ُّل َم ْن يَلي ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ب َت ْعلي ٍم ‪ ،‬أو تكون له كلمةٌ َم ْس ُم َ‬
‫وعةٌ ‪.‬‬ ‫أو إدارة ‪ ،‬أو يَ ْشغَ ُل َمْنص َ‬
‫ِ‬
‫املستقبل بَ ْل ُه ْم‬ ‫رجال‬ ‫البالد اإلسالمية ‪ُ .‬ه ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عموم‬ ‫ِ‬
‫املدارس يف‬
‫ُ‬ ‫إن أبناءَ‬
‫حلمل الدي ِن َومِح َايَتِ ِه ‪.‬‬ ‫املسلمو َن املرجو َن ِ‬
‫الش ِر َيع ِة يِف ُقلُوهبم ‪،‬‬ ‫يم َّ‬ ‫ِ‬
‫الشى َت ْعظ ُ‬ ‫وسهم ‪ ،‬وتَ َ‬ ‫فإذا أهْن ار كيا ُن الدِّين يف نُ ُف ِ‬
‫َ‬
‫اغ‬‫حال طُُف ولَتِهم ‪ ،‬و َف َر ِ‬ ‫ُخ رى يف ِ‬ ‫ِِ‬ ‫وج ِهلُوا ما بلَ َغ ه َذا الدِّين ِ‬
‫العظيم بأهله ُد ْنيًا َوأ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫أذهاهِنِم ‪.‬‬
‫ب أ َْبنَ ُاؤنَا ‪َ ،‬و ُه ْم ال َي َر ْو َن َوال يَ ْس َمعُو َن إال‬ ‫احلال إِ َذا َش َّ‬ ‫ف يك و ُن ُ‬ ‫فكي َ‬
‫ض ِخيم الْغَ ْر ِب ‪،‬‬ ‫رب َق ْوالً َو َع َمالً َيتَ َش َّدقُو َن بِتَ ْ‬ ‫اس رةَ الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُد َع اةَ االس تعمار ‪َ ،‬ومَسَ َ‬
‫يد ِهم ‪.‬‬‫وَتع ِظيم ِرجالِِه ‪ ،‬وينخ ِرطُو َن يِف ه َّو ِة َت ْقلِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫أولئك عن مآثَِر ِه َي الْ ُمثُ ُل الْعُ ْليَا يِف ُرقِ ّي الْبَ َش َر‬ ‫هؤالء ‪َ ،‬و َيَتغَافَ ُل‬‫ِ‬ ‫َفَي ْف َع ُل‬
‫َ‬
‫وصلَة إىل َحيَاتِِه األَبَ ِديَِّة يِف ِج َوا ِر َخالِِق ِه الْ َك ِرمي ‪.‬‬ ‫‪ ،‬قِ ْدما يف حياتِِه اهلنِيئَ ِة امل ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ً‬
‫ك املآثِر الَّيِت جلَّت عن اخْل َف اء ‪ ،‬و َش ه َد هِب‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ت َا األ َْع َداءُ ‪َ ،‬وظَ َه َر ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫إِن تِْل َ‬
‫س يف املأل لتَُب ْر ِه ُن على جمد أبنائها ‪.‬‬ ‫َّم ِ‬
‫ور الش ْ‬ ‫ظُ ُه َ‬
‫اشةُ اإلميان‬ ‫ِ‬
‫ت بَ َش َ‬ ‫وسلَ ُفنَا الصال ُح ‪ ،‬الذين َخالَطَ ْ‬ ‫أولئك السادةُ آباؤنا الكرام َ‬ ‫َ‬
‫اليمه يف أخالقِهم‬ ‫ت آدابُه َوَت َع ُ‬
‫ِ‬
‫ت َع َقائ ُد الدِّي ِن بُِن ُفوسهم ‪َ ،‬وانْطََب َع ْ‬
‫ِ‬
‫وامتَز َج ْ‬
‫ُقلُوهَب م ‪َ ،‬‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فَ َمَّثلُوه َع َمالً ‪َ ،‬و َد َع ْوا إِلَْي ه ف ْعالً َقْب َل ُد َع ائ ِه ْم إِلَْي ه َق ْوالً ‪َ ،‬وطََّب ُق وا َق َوانينَ هُ‬
‫ات َو ُشعُوبًا َوأَْفَر ًادا ‪.‬‬ ‫وأَنْ ِظمتَه ح ُكوم ٍ‬
‫َ َُ ُ َ‬

‫‪187‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الد ِه ِم َوأ َْوطَاهِنِ ْم يِف مِح َى َح ْو َزتِِه ‪ ،‬والذب عن كِيانِِه ‪:‬‬


‫بيل إعزا ِز ِه ‪ ،‬وض ُّحوا بأمواهِلِم وأَو ِ‬
‫َْ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫صوا ُم َه َج ُهم يف َس ِ ْ َ‬
‫اسَت ْر َخ ُ‬
‫أولئك الذين ْ‬
‫َ‬
‫لِلدِّي ِن ِعْن َد ُه ْم َجا ٌه َوِم ْق َد ُار‬ ‫ِ‬
‫ين َر َعوا للدِّي ِن ُح ْر َمَتهُ‬ ‫َّ ِ‬
‫ُه ُم الذ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫َعظُ َم أ َْم ُر ال دِّي ِن يف ُقلُ وهِبِ ْم‬
‫َفلَ ْم يُ َش ا ِر ْكهُ َوطَ ٌن َوال َعش َرية ‪ .‬بِ ه َو ْح دهُ‬
‫ض وا ولِ َش َعائِِر ِه َعظَّ ُم وا ‪َ ،‬و ِعْن َد‬ ‫قَ ُاموا وهبم ق َام َولَ هُ قَ اتَلوا ‪َ ،‬وفِي ِه‬
‫َحبُ وا َوأ َْبغَ ُ‬
‫أَ‬
‫ح ُد ِ‬
‫ود ِه َو َق ُفوا ‪َ ،‬وبِأ ََو ِام ِره ْامتََثلُوا ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫األمثال يف العِز‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َص بَ ُحوا بِ ِه َم ْ‬
‫ض َر َ‬ ‫ني مَحَلُوهُ ‪َ ،‬وأ ْ‬
‫ِ‬
‫الع ا ِمَل ح َ‬
‫فَ ْامتَطَوا به َه َام َ‬
‫إذ َمَّثلُوه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مل تَ ْسَت ْعبِ ْد ُهم الدُّنيا ‪ ،‬ومل تُ َسْيط ْر َعلَى نُ ُفوس ِه ْم َشهوةٌ َذاتيَّةٌ ‪ ،‬ومل مَتْلك ُ‬
‫ْهم‬
‫صيَّ ِة ‪.‬‬ ‫األ َْعراض الشَّخ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ب الوطَ ِن عن اهْلِ ْجَر ِة إليه ‪:‬‬
‫ب االنتصا ِر َعلَى الظُّْل ِم امل َد ِّم ِر ‪ ،‬ومل َيثْنِ ِه ْم ُح ُّ‬
‫ومل حَيْ ِمْل ُهم ُح ُّ‬
‫ُ‬
‫ب ِسَوى َّ‬
‫الزراع‬ ‫ْح َّ‬
‫ص ُد ال ُ‬
‫ال يَ ْح ُ‬ ‫ِس ُيروا َك َما َس ُاروا لَِت ْجنُوا َما‬
‫ِّم التَّصريح بأن ما َح َّل باأل َُّم ِة اإلسالمية إمنا َيتَحمل‬
‫ُّص ِح لَيُ َحت ُ‬‫ض الن ْ‬‫إنَجنُ حَمواْ َ‬
‫َّ‬
‫األ َُّم ِة ‪ ،‬وعُلَ َماءُ الدِّي ِن ‪.‬‬ ‫َمسؤوليته عُُن َقان ‪ :‬أ َُمَراءُ‬‫ويَت َقلَّ ُد‬
‫كاهالن ‪َ ،‬‬ ‫تبعته‬
‫وامليثاق‬ ‫العهد‬ ‫ُخ َذ َعليهم‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬وأ َ‬ ‫السمع والطاعةَ‬
‫َ‬ ‫اهلل هَلُم‬
‫ب‬‫ُولئك الذين أ َْو َج َ‬ ‫أ َ‬
‫‪.‬‬
‫فَِإ َذا قَ َام العلماءُ بِنَ ْش ِر َت َع الِي ِم الدِّين ‪َ ،‬وجَتْلِيَتِ ِه باألعمال يف َمظْ َه ِر ِه احْلَِق ِيقي‬
‫اه ِر ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ورونَِق ِه الب ِ‬
‫َ‬ ‫ََْ‬
‫واالستفاد ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مية ‪َ ،‬وَتْنفيذ أ ََو ِام ِر ِه الْ َقيِّ َم ِة ‪،‬‬
‫وقَ ام األُم راء بِتَطْبِيق أَنْ ِظمتِ ِه الْ َك ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ُ‬
‫اط َع ِة ‪.‬‬ ‫شاداتِِه َّ‬
‫الس ِ‬
‫بإر َ‬
‫ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫خِل ِِ‬ ‫وحَتَ َّق ُقوا بِو ْ ِ‬
‫ين إِن َّم َّكن ُ‬
‫َّاه ْم يِف‬
‫صف اهلل ُلَ َفائه يف أ َْرضه ‪ ﴿:‬الذ َ‬ ‫َ‬

‫‪188‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وف َو َن َه ْوا َع ِن الْ ُمن َك ِر َولِلَّ ِه‬ ‫الز َك ا َة وأَم روا بِ الْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ََُ‬ ‫الص اَل َة َوآَت ُوا َّ‬ ‫األرض أَقَ ُاموا َّ‬
‫اأْل ُُمو ِر ﴾ ‪.‬‬ ‫َعاقِبَةُ‬
‫ور إىل أَ ْك َفائِ َها َع َمالً بَِق ْولِ ِه َت َع اىل ‪ ﴿ :‬إِ َّن اللّ هَ يَ أْ ُم ُر ُك ْم أَن‬ ‫َس نَ ُدوا األ ُُم َ‬ ‫وأ ْ‬
‫الص ِاد ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخبَ ا ِر َّ‬ ‫ص َّو ُروا َم ْس ُؤل َيت ُهم الْ ُم َح َّق َق ة بِأ ْ‬ ‫ؤدواْ األ ََمانَ ات إِىَل أ َْهل َها ﴾ َوتَ َ‬ ‫تُ ُّ‬
‫ول َع ْن َر ِعيَّتِ ِه )) ‪.‬‬ ‫اع ‪َ ،‬و ُكلُّ ُك ْم َم ْسئُ ٌ‬ ‫وق ‪ُ (( : ‬كلُّ ُك ْم َر ٍ‬ ‫الْمص ُد ِ‬
‫َ ْ‬
‫اه ِد ِه ْم َو َم َدا ِر ِس ِه ْم‬ ‫ان يف اختِي ا ِر الْمعلِّ ِمني يف مع ِ‬
‫ََ‬ ‫َُ َ‬ ‫َْ‬
‫فاجتَ ِه ُدوا حس ب ا ِإلم َك ِ‬
‫ََ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ض ا ال أمان ةً‬ ‫الدِّينيَّة ‪َ ،‬وَت َع ُه ده ْم باملراقب ة احلَقَّة الْ ُم َكافَح ة الختاذ الت َّْعلي ِم َمكْس بًا حَمْ ً‬
‫َو ِدينًا ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫( إن هذا العِ ِ‬
‫ف َق ْولُهُ‬ ‫ين فَ انْظُروا َم ْن تأخذو َن دين ُكم عنه ) فَ َم ْن َخ الَ َ‬ ‫لم د ٌ‬ ‫َ‬
‫الد املس لمني ‪ .‬بل‬ ‫عملَ ه ال حَيِ ُّل أَن ي وىَّل أَمانَ ةَ التَّعلِيم ‪ ،‬وال يص لُح لِرعاي ِة أَو ِ‬
‫َْ ُ ََ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫الح َحالِِه أَوالً كما قِيل ‪:‬‬ ‫إص ُ‬ ‫ب عليه ْ‬ ‫جَي ُ‬
‫ِ‬
‫‪ -‬فابْدأْ بنفسك فا ْن َه َها َع ْن غَيِّها ‪-‬‬
‫س ِمن ِص َف ِة ُم َعلِّ ِم ِه ‪.‬‬ ‫ِّ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن احملال أن َيْنطَب َع يف َق ْلب ُمَت َعلم ما لَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن الْ ُمَت َعلِّ َم‬‫ضَر ُرهُ أَ ْكَث ُر ِم ْن َن ْفعِ ِه ‪ ،‬أل َّ‬ ‫أثر لَهُ َ‬ ‫العمل ال َ‬ ‫ِ‬ ‫اجملرد عن‬‫َ‬ ‫القول‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫اعتقد حِب ُ ْك ِم طُُفولَتِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫ورةً جُمَ َر َدةً َعن‬‫ص َ‬‫يم اإلسالم عْن َد ُم َعلِّم ه ُ‬ ‫إذَا َرأَى َت َع ال َ‬
‫ِ‬ ‫وجِب هلِ ِه ب ِادئ األَم ِر أن الْعِْلم م ْقص ٌ ِ ِ ِ‬
‫ض َن ْف َس هُ على‬ ‫ود لَن ْفسه ‪ ،‬ال ل ْل َع َم ِل به فلم َي ْر َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ َ‬
‫الْ َع َم َل بِعِْل ِم ِه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ص يبتُهُ يف ُم ْس تَ ِ‬ ‫وهِب َذا َتعظُم م ِ‬
‫املس ئولُو َن يف‬ ‫ب أَ ْن َيتَ َج اىَف ْ‬ ‫قبل أم ره ‪َ .‬فيَج ُ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫ين َي ُقولُ و َن َما ال َي ْف َعلُ ون ‪َ ،‬ويُظْ ِه ُرو َن َما ال‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َم َعاه ده ْم َو َم َدارس هم الدِّينيَّة عن الذ َ‬
‫ك الَّ ِذين َمقََّت ُه ْم اهلل تعاىل ‪:‬‬ ‫يُْب ِطنُو َن ‪ .‬أ َُولئِ َ‬
‫ند اللَّ ِه أَن‬ ‫مِل‬ ‫َّ ِ‬
‫ين آَ َمنُوا َ َت ُقولُو َن َما اَل َت ْف َعلُو َن * َكُبَر َم ْقتاً ِع َ‬ ‫﴿ يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫َت ُقولُوا َما اَل َت ْف َعلُو َن ﴾ ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اف على أ َُّميِت ُك َّل من افِ ِق َعلِي ِم اللس ان‬


‫ف ما أخ َ‬
‫َخ َو َ‬
‫ويف احلديث ‪ (( :‬أ ْ‬
‫)) ‪.‬‬
‫ب على ح ديث ‪ (( :‬أ َْربَ ٌع َم ْن ُك َّن فِي ِه )) ‪ .... .‬اخل‬ ‫ويف َش ْر ِح ابن َر َج َ‬
‫اف عليكم‬ ‫وف ما أخ ُ‬ ‫ي عن عمر رضي اهلل عنه أنه قَ َال على املنرب ‪ :‬إن أخ َ‬ ‫ُر ِو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪َ :‬يتَ َكلَّ ُم باحلكم ة َ‬
‫وي ْع َم ُل‬ ‫يما ؟ قَ َ‬ ‫ف يَ ُك و ُن الْ ُمنَ اف ُق َعل ً‬‫املُنَ اف َق العليم ‪ .‬قي َل َكْي َ‬
‫باجلو ِر أو قَ َال املنكر ‪.‬‬
‫الس َرائَِر ‪ ،‬فإننا مل‬
‫تبع َّ‬ ‫ِ‬
‫يش عن البَ اط َن ‪َ ،‬وتَ َ‬
‫وال َن ْلتَ ِمس من املس ئولني َّ ِ‬
‫الت ْفت َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهر ِة للتعاليم املرسومة ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ك ‪َ ،‬ويَكْفي اجملاهرةُ مبخالفة األعمال الظ َ‬ ‫نُ ْؤ َمر بِ َذل َ‬
‫فإن َو َّف َقنَا اهلل للقيام بالواجب ‪ ،‬وأرجوا أن يكون آن لنا ذلك ‪.‬‬
‫وبذلك نكون قد تالفينا اخللل ‪ ،‬وعاجلنا الداء ووضعنا اهلناء موضع النقب ‪:‬‬
‫َ‬
‫الم َعالي‬‫ضوا نَ ْحَو َ‬ ‫بَِنا فَاْن َه ُ‬ ‫ْح َّك ِام ِمن ُك ِّل ُم ْسِل ٍم‬ ‫َفَيا َم ْع َشَر ال ُ‬
‫ص َسَّو ُروا‬ ‫فَوأ َْعشلَِّموُراوا و َعن ُك ِّل َّ ِ‬
‫النَقائ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫لَِن ْع ُمَر َم ْج ًدا قَ ْد َبَنْتهُ َسَراتُنا‬
‫نَبِ ّي أَتَى بِال َْع ْد ِل َوالْبِِّر يَأ ُْم ُر‬ ‫َح َم ٍد‬
‫َوس ُيروا بَِنا َن ْف ُقوا َش ِر َيع َة أ ْ‬
‫ِ‬
‫الذ ْك ِر ُيْتلَى َويُ ْذ َك ُر‬ ‫لَ َها َنَبأْ في ِّ‬ ‫ض ِم أَُّم ٍة‬ ‫ش في َه ْ‬ ‫َو َخافُوا إلَ َه ال َْع ْر ِ‬
‫اهلل أَ ْن َتَتأَخَُّروا‬ ‫وما الْع ْذر ِعْن َد ِ‬ ‫ض ُم إال أَ ْن تُ َ‬
‫ض َام‬ ‫َو َما ال َْه ْ‬
‫ََ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫فَُشُِعسوبيرُ ُكوام بَِها نَ ْحَو ِ ِ‬
‫ُس ُد‬‫ودا بِ ْل ه َي األ ْ‬ ‫ت ُجنُ ً‬ ‫َفلَْي َس ْ‬ ‫سُّر ُك ْم‬ ‫اإلَمام نَ ُ‬ ‫ُ‬
‫ْجْن َد ُجْن ٌد ُمظََّفُر‬ ‫ِ‬
‫َتَوْزأصَُرْدقًا فَِإ َّن ال ُ‬ ‫اد ٍة‬
‫اعو َن ُح ْس َن ِقَي َ‬ ‫إِ َذا أُوتِ َي َّ‬
‫الر ُ‬
‫َرأ َْونَا نَِي ًاما ثُ َّم قَ ُاموا َو َزَّمُروا‬ ‫ضالً َوإِنَّ َما‬ ‫ض الْ َكابُو َن فَ ْ‬ ‫فَ َما َن َه َ‬
‫ص ُروا‬ ‫اهلل ُتْن َ‬
‫صروا َ‬ ‫بِأَنَّ ُك ْم ِإ ْن َتْن ُ‬ ‫اء ِفي َّ‬
‫التْن ِز ِيل َو ْع ًدا‬ ‫َوقَ ْد َج َ‬
‫ِ‬ ‫إتباع ِكَتابِِه‬
‫المطَهَُّر‬
‫ول ُ‬ ‫الر ُس ُ‬‫ال َّ‬ ‫يم َما قَ َ‬ ‫َوتَ ْحك ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُموهَحَّقْلًقا نَ ْ‬
‫ص ُر ُه إِال‬
‫ورا َع ْن ُعال ُك ْم ُت ْق ْهِق ُر‬ ‫َو َخلُّوا أ ُُم ً‬ ‫اص ُروا‬‫يف َتَن َ‬ ‫اد َة الدِّي ِن الْحنِ ِ‬
‫َ‬ ‫َفَيا قَ َ‬

‫‪190‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وأَ ْن َتتواصوا بِالضِّع ِ‬ ‫اع َسَراتِ ُك ْم‬ ‫اجتِ َم ِ‬ ‫ِ‬


‫اف َوُت ْؤَث ُروا‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َْ‬ ‫فَ َما الْعُّز إِال في ْ‬
‫لِ ُك ِّل َغبِ ٍّي بِالَْقَبائِ ِح يَ ْج َه ُر‬ ‫س‬ ‫اء ِدي ٍن ُمَق َّد ٍ‬ ‫َوال تَ ْسَل ُموا أَْبَن َ‬
‫ال ُم َحَّر ُر‬ ‫َويَ ْكِف ِيه ِمْنهُ أَ ْن ُيَق َ‬ ‫ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َو َم ْج ُهول َحال قَ ْد َرأَى الْعل َ‬
‫صُر‬‫ين ُيْب ِّ‬ ‫ِِ‬
‫اب النَّاشئ َ‬ ‫َو َم ْن لِ َّ‬
‫لشَب ِ‬ ‫صمْنْنَع ًة يَا أَبَا َة الضَّْي ِم لِلدِّي ِن َب ْع َد ُك ْم‬ ‫فَ َ‬
‫ف ُتْن َش ُر‬ ‫َو َم ْد َر َس ٍة ِف َيها ال َْم َعا ِر ُ‬ ‫ْج ِافي ِن ِفي ُك ِّل‬ ‫تَ َجافُوا َع ِن ال َ‬
‫ين ُت ْؤَث ُر‬ ‫ِِ‬ ‫فَ َ ِ ِ‬
‫ضائلَ ُه ْم في النَّاشئ َ‬ ‫اضالً‬‫اك َعن الْغَالِين و ْابغُوا أَفَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫مَكْعذَه ٍٍَِِِِد‬
‫يذ ِه لَ َ‬ ‫وما ِف ِيه ِفي تِل ِْم ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَمرآةُ أَ ْخ ِ‬
‫ك يَظ َْه ُر‬ ‫ََ‬ ‫الق ال ُْم َعلِّ ِم ط ْفلُهُ‬ ‫ََ‬
‫الق ِه ْم َوتُطَِّهُر‬ ‫تُم ِّحص ِمن أَ ْخ ِ‬ ‫ص‬ ‫وهم منكم ِرقَابََة ُم ْخِل ٍ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫فَأ َْولُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ ْن ُتْبص ُروا أَْنتُ ْم فَ ُك ٌل َسيُْب َ‬
‫ص ُر‬ ‫يم ُش ُعوبُ ُك ْم‬ ‫اسَتَق ْمتُ ْم تَ ْسَتق ُ‬
‫فَ َم ْه َما ْ‬
‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ويا ب ِ‬ ‫فيات ويا س ِامع األ ِ‬ ‫اللَّه َّم يا ع امَل اخل ِ‬
‫ث األ َْم وات َويَا جُم َ‬ ‫اع َ‬ ‫َص َو َ َ َ‬ ‫ََ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ات يا خالَق األرض و َّ ِ‬ ‫اضي احل ِ‬ ‫ات ويا قَ ِ‬ ‫الد ِ‬
‫الصمد‬
‫ُ‬ ‫األحد‬
‫ُ‬ ‫ت اهللُ‬ ‫الس َم َاوات أَنْ َ‬ ‫َ‬ ‫اج َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّع َو َ َ‬ ‫َ‬
‫اب ال ذي ال َيْب َخ ُل‬ ‫ِ‬
‫الو َّه ُ‬ ‫َحد ‪َ ،‬‬ ‫ال ذي مَلْ يَل ْد َومَلْ يولَ ْد َومَلْ يَ ُك ْن لَ هُ ُك ُف ًوا أ َ‬
‫رك وال معق حِل‬ ‫ِ‬
‫ك أَ ْن تَ َ‬
‫غفر‬ ‫ك ‪ ،‬نَ ْس أَلَ َ‬ ‫ِّب ُ َك ِم َ‬ ‫ألم َ َ ُ َ َ‬ ‫ليم الذي ال َي ْع َج ُل ‪ ،‬ال َر َّاد ْ‬ ‫َواحل ُ‬
‫ك إِنك َعلَى ُك ِّل‬ ‫ك يِف ُقلُوبِنَا َوتُ ْس ِكَننَا َد َار َكَر َامتِ َ‬ ‫ت حَمَبَّتَ َ‬‫ور قلوبنَا َوتُثَبِّ َ‬ ‫نوبنَا َوتُنَ َ‬
‫ذُ َ‬
‫َشي ٍء قَ ِدير وصلَّى اهلل علَى حُم َّم ٍد وآلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬‫َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫الق فَ ِ‬ ‫صائِح وأَ ْخ ٍ‬ ‫اب ومو ِ‬
‫اضلَةَ )‬ ‫ظ َونَ َ َ َ‬ ‫اع َ‬ ‫آد ِ َ َ َ‬ ‫ص ٌل يَ ْحتَ ِوي َعلَى َ‬ ‫( فَ ْ‬
‫اجتِنَابًا َوالت َّْوبَ ةُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َن وقَايَ ةَ األَْن ُفس بِالَْزام َها أ ََوام َر اهلل ْامتثَ االً َو َن َواهيه ْ‬ ‫َو ْاعلَ ْم أ َّ‬
‫اب ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع َّما يُ ْس ِخ ُ‬
‫ب الْ َع َذ َ‬ ‫ط اهلل ‪َ ،‬ويُوج ُ‬
‫يم ِهم وإِلْ ز ِام ِهم علَى أَم ِر ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل فَال يَ ْس لَ ُم‬ ‫الد بِتَأْديبِ ِه ْم َوَت ْعل ْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫َو ِوقَايَة األ َْه ِل َواأل َْو َ‬
‫صرفِ ِه ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ت واليَته َوتَ َ‬ ‫يم ْن حَتْ َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الْ َعْب ُد إال إ َذا قَ َام بأ َْم ِر اهلل به يِف َن ْفسه َوف َ‬

‫‪191‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول ِ‬ ‫َن عمر قَ َ ِ‬


‫اهلل‬ ‫ت اآلية اآلتية بعد سطرين ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ني َن َزلَ ْ‬ ‫ال ح َ‬ ‫ي أ َّ ُ َ‬ ‫َو ُر ِو َ‬
‫الم ‪َ (( :‬تْن َه ْو َن ُه َّن َع َّما‬ ‫الس ُ‬ ‫الص الةُ َو َّ‬ ‫ال َعلَْي ِه َّ‬ ‫ف لَنَا بِأ َْهلِينَا َف َق َ‬ ‫نَقي أَْن ُف َس نَا فَ َكْي َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ك ِوقَايَ ةٌ َبْيَن ُه ْم َو َبنْي َ‬ ‫َن َه ا ُكم اهللُ َعْن هُ َوتَ أْ ُم ُرو َن ُه َّن مِب َا أ ََم َر ُك ْم اهللُ بِ ِه َفيَ ُك و َن َذل َ‬
‫النَّا ِر )) ‪.‬‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫ين َآمنُ وا قُ وا‬ ‫ض ُه ْم َب ْع َد س يَاقه ل َق ْول ه َت َع اىل ‪ ﴿ :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬ ‫ال َب ْع ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ود يُولَ ُد‬ ‫أَن ُفس ُكم وأَهلِي ُكم نَاراً وقُودها النَّاس واحْلِج ارةُ ﴾ وح ِديث ‪ُ (( :‬ك ُّل مولُ ٍ‬
‫َْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ َ ََ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ْ َْ ْ‬
‫صَرانِِه أ َْو مُيَ ِّج َسانِِه )) ‪.‬‬ ‫َعلَى الْ ِفطَْر ِة فَأ ََب َواهُ يُ َه ِّو َدانِِه أ َْو يُنَ ِّ‬
‫يم لَهُ َش أْنُهُ األَ ْكرَب َو َخطَرهُ اجْلَ ِس يم يِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يم ُه ْم أل َْمٌر َعظ ٌ‬ ‫إ َّن َت ْربيَةَ األ َْوالد َوَت ْعل َ‬
‫اعيَّ ِة ‪َ ،‬واخْلُلُِقيَّ ِة ‪َ ،‬ف ُه ْم ُق َوى الْ ُم ْجتَ َم ِع الْ ُمْنتَظَر َو َد َعائِ ِمه الَّيِت‬ ‫حياَتنَا الدِّينِيَّ ِة واالجتِم ِ‬
‫َ َْ‬ ‫ََ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ُّم َها ‪.‬‬
‫ف ُرق ُّي األ ٌَّمة احْلَقيق ّي َومُنُُّو َها َوَت َقد ُ‬ ‫وم َعلَْي َها ‪َ ،‬و َعلَْي ِه ْم َو ْح َد ُهم َيَت َوقَّ ُ‬ ‫َسَي ُق ُ‬
‫ات هِلَْدِم َع َقائِ ِد ِه ْم‬ ‫الث َقافَ ِ‬
‫ض َّ‬ ‫يم َو َغ ْزٌو َهائِ ٌل ُمتَ َستٌِّر بَِب ْع ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإ َّن أ ََم َام ُه ْم خَلَطٌَر َعظ ٌ‬
‫ِ‬
‫وس ِه ْم ‪َ ،‬وال َح ْو َل‬ ‫اف ِمن نُ ُف ِ‬ ‫اع روح اإلب ِاء والْغِري ِة والْع َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفَس ِاد أ ْ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َخالقه ْم ‪َ ،‬وانْتَز ِ ُ‬ ‫َ َ‬
‫اهلل ‪.‬‬‫وال ُق َّو َة إِال بِ ِ‬
‫َ‬
‫س أَيْ َس ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َوإن ُم ْش كلََت ُه ْم الَْي ْو َم هَل َي أ ُُّم الْ َم َش اكل فَألَ ْن خَن ْ َس َر األ َْم َو َال َواألَْن ُف َ‬
‫ب أَ ْن‬ ‫ِ‬ ‫وأَه و ُن ِمن أَ ْن خَن ْس ر روح نَ ْش ئِنَا الْمعنَ ِويَِّة ‪ ،‬وع َقائِ َدهم َّ ِ ِ‬
‫الس لَفيَّة ‪َ ،‬فيَج ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫وس ِه ْم أ ََّوالً َو َقْب َل ُك ِّل َش ْي ٍء‬ ‫اج ال دِّي ِن وأَ ْن َن ْغ ِرس يِف نُ ُف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَ ْس َعى يِف ِحيَ اطَتِ ِه ْم بِ ِس يَ ِ‬
‫آدابِِه َق ْوالً َو َع َمالً َو ْاعتِ َق ًادا ‪.‬‬ ‫احرِت ام اإلسالم ‪ ،‬وح َّ ِ ِ ِ‬
‫ب َت َعاليمه ‪َ ،‬و َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ََ‬
‫ص َّح ِة‬
‫ف بِ ِ‬ ‫اف َعلَْي ِه ْم إِال لِ َم ْن ُع ِر َ‬
‫يم ُه ْم َوَت ْه ِذ ُيب ُه ْم َوا ِإل ْش َر ُ‬‫ِ‬
‫ب أَ ْن ال يُو َك َل َت ْربِيتُهم َوَت ْعل ُ‬
‫ِ‬ ‫جَيِ ب أَ ْن يعتيِن بِ َذلِك اإلب اء والْم ِ‬
‫ص ل ُحو َن جَي ُ‬
‫َ َ َُ ُ ْ‬ ‫ُ َ َْ‬
‫َّش ئ إِال بِ ِ‬
‫اهلل مُثَّ بِال دِّينِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الْع ِقي َد ِة وس ِ‬
‫المة الْ َمْب َدأَ َونََز َاه ة الْع ْرض َوالْ ُم َحافَظَ ة َعلَى َش َعائر ال دِّين َوأ َْر َكان ه فَ َما أَْنتُ ْم إال باهلل مُثَّ بنَ ْش ئ ُك ْم َو َما الن ْ ُ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫واألَخ ِ‬
‫الق ‪.‬‬ ‫َ ْ‬
‫فَِإ ْن ُه ُم َذ َهَب ْ‬
‫ت أَ ْخال ُق ُه ْم َذ َهبُوا‬ ‫َوإِنَّ َما األَُم ُم األَ ْخال ُق َما بَِقَي ْ‬
‫ت‬

‫‪192‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ْم وال َع َم ٌل‬
‫س َيْنَف ُعهم عل ٌ‬
‫َفلَْي َ‬ ‫ت سجايا القوم فاسدة‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا ْ‬
‫اسَت َحالَ ْ‬
‫اآلخ ُر ‪:‬‬
‫ول َ‬ ‫َو َي ُق ُ‬
‫الق تَ ْسَتِق ِم‬
‫النْفس بِاألَ ْخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صالح أ َْم ِر َك لِألَ ْخ ِ‬
‫َفَقِّوم َّ َ‬ ‫جعهُ‬
‫الق َم ْر ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الص ِحيح ِة فَ َّات ُقوا اهلل ِعب اد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل يِف‬ ‫َ َ َ‬ ‫الق إِال بالت َّْربِيَ ة اإلس المية َّ َ‬ ‫َخ ُ‬ ‫َو َما األ ْ‬
‫ات أَ ْكبَ ِاد ُك ْم ال ُت ْه ِملُ وا تَ ربِيَُت ُه ْم الت َّْربِيَ ةَ اإلس المية ‪َ ،‬وال‬ ‫ات ُقلُ وبِ ُكم و َفلَ َذ ِ‬
‫ْ َ‬
‫مَثَ ر ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫هِب‬
‫َص بَ ْحتُ ْم ُر َع ا َة‬‫ت إِلَْي ُك ْم َم َقالَيِ ُد ُه ْم ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫اهلُوا َا فَ َّات ُقوا اهللَ عب اد اهلل َف َق ْد أُلْقيَ ْ‬ ‫َتتَ َس َ‬
‫َك ُدوا ِص َّحةَ‬ ‫اض نَ ٍة َوال ُمَربِّيَ ٍة َوال إىل ُم َعلِّ ٍم مَلْ َتتَأ َّ‬ ‫أُم و ِر ِهم ‪ ،‬وال تَ ِكلُ وا إىل ح ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫الم ِه ‪.‬‬‫إِس ِ‬
‫ْ‬
‫ني لِ ُك ِّل َما أُلْ ِق َي َعلَْي ِه ْم ِم ْن خَرْيٍ أ َْو َش ٍّر‬ ‫الن ُف ِ ِ‬ ‫َص ِفيَاءَ ُّ‬ ‫ِ‬
‫وس قَابِل َ‬ ‫فَِإن َُّه ْم ُول ُدوا أ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم هُ َويغذبه بلبَ ان ال دِّي ِن ‪َ ،‬وحُيَبِّبُ هُ‬ ‫يم ْن حُيْس ُن َت ْربيَتَ هُ َوَت ْعل َ‬ ‫َح ُد ُه ْم ف َ‬ ‫‪ ،‬فَ إ ْن ُوفِّ َق أ َ‬
‫س ‪ُ ،‬متَ َم ِّس ًكا بِ ِدينِ ِه ‪،‬‬ ‫الن ْف ِ‬
‫ب َّ‬ ‫ب حس ن األ ِ‬
‫َخالق طَيِّ َ‬ ‫لني ‪َ ،‬ش َّ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫لس َرية َس يِِّد الْ ُم ْر َس َ‬
‫ضائِ َل ‪ ،‬نَافِ ًعا لِأل َُّم ِة ‪.‬‬ ‫مبتَعِ ًدا عن َّ ِ‬
‫الر َذائ ِل ‪َ ،‬و ُمتَ َحلِّيًا بِالْ َف َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫وح‬ ‫الر ِ‬ ‫الق َخ ٍال ِم ْن ُّ‬ ‫االعتِ َق ِاد سيء األَخ ِ‬ ‫اس َد ْ‬ ‫س فَ ِ‬ ‫الن ْف ِ‬
‫يث َّ‬ ‫ب َخبِ َ‬ ‫َوإِال فَ َسيَ ِش ُّ‬
‫َ ِّ َ ْ‬
‫َّع الِي ِم النَّبَ ِويَِّة كالً َعلَى َن ْف ِس ِه َو َع ِش َريتِِه َو َش َقاءَ َو َش ًّرا َعلَى جُمْتَ َمعِ ِه ‪،‬‬ ‫اإلسالمية َوالت َ‬
‫َوبَالءً ‪.‬‬
‫اس ِدي‬ ‫وء وفَ ِ‬ ‫اعدوا بينهم وب ُقرنَ ِاء ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَ َّات ُقوا اهللَ عباد اهلل يِف‬
‫الس َ‬ ‫أ َْوالد ُك ْم بَ ُ َْ َ ُ ْ َ َنْي َ َ‬
‫ال اهللُ َت َع اىل ‪﴿ :‬‬ ‫وه ْم مِب َا أ ُِم ْرمُتْ بِِه ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫األ ِ‬
‫َخالق َوفَاقدي الْ ُمُروءَة َوالشََّرف ‪َ ،‬و ُم ُر ُ‬ ‫ْ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬و َك ا َن يَأْ ُم ُر‬ ‫يل َف َق َ‬ ‫ك بِالصَّاَل ِة واصطَرِب علَيها ﴾ وأَخب ر عن إِمْس ِ‬
‫اع‬ ‫َوأْ ُم ْر أ َْهلَ َ‬
‫َ ََْ َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ ْ َ َْ‬
‫وص ي ْابنَ هُ ‪ ﴿ :‬يَا‬ ‫ال ِح َكاي ةً عن لُْقم ا َن وه و ي ِ‬
‫َ َ ْ َ َ َُ ُ‬ ‫الز َك ِاة ﴾ اآليَ ِة َوقَ َ‬ ‫أ َْهلَهُ بِالصَّاَل ِة َو َّ‬
‫ك إِ َّن‬ ‫اص رِب ْ َعلَى َما أ َ‬
‫َص ابَ َ‬
‫ِ‬
‫الص اَل َة َوأْ ُم ْر بِ الْ َم ْع ُروف َوانْ هَ َع ِن الْ ُمن َك ِر َو ْ‬ ‫بُيَنَّ أَقِ ِم َّ‬
‫ك ِم ْن َع ْزِم اأْل ُُمو ِر ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ذَل َ‬
‫َش يَاءَ‬‫َخَب َر اهللُ َع ْن لُْق َم ا َن َب ْع َد َما أ ََم َر ْابنَ هُ بِأ ْ‬ ‫ض ُّر ُه ْم َك َما أ ْ‬ ‫وه ْم َع َّما يَ ُ‬ ‫َوا ْن ُه ُ‬
‫َن َهاهُ‬

‫‪193‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ش يِف األرض َمَرح اً إِ َّن اللَّهَ‬‫مَتْ ِ‬ ‫َّك لِلن ِ‬


‫َّاس َواَل‬ ‫ص ِّع ْر َخ د َ‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬واَل تُ َ‬ ‫َش يَاءَ َف َق َ‬
‫َع ْن أ ْ‬
‫ك إِ َّن أَن َك َر‬‫ص ْوتِ َ‬ ‫ِ‬
‫ض من َ‬
‫ض ْ‬‫َوا ْغ ُ‬ ‫ك‬ ‫ص ْد يِف َم ْش يِ َ‬ ‫ب ُك َّل خُمْتَ ٍال فَخ و ٍر * واقْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اَل حُيِ ُّ‬
‫احْلَ ِم ِري ﴾ ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ِ‬
‫ص ْو ُ‬ ‫َص َوات لَ َ‬ ‫اأْل ْ‬
‫َّميي ِز َفق َ مِح‬ ‫وذَ َك ر بعض الْعلَم ِاء آدابا حَنْ و الصيب إذا بلَ َغ ِس َّن الت ِ‬
‫ال َر َهُ اهللُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ ُ ُ َ َ ً َ‬
‫الص يب خمايل التمي يز فينبغي أن حُيْ َس َن ُمَرا َقبَتَ هُ ومطالع ةُ أحواله‬ ‫‪َ :‬و َم ْه َما ب دت من ّ‬
‫ِ‬
‫األفعال حىت‬ ‫فإذا ظهرت يف وجهه أنوار احلياء وكان حَيْتَ ِش م ويَستحي ِمن ِ‬
‫بعض‬
‫يَراها قبِيحة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وصفاء‬ ‫اعتدال األ ِ‬
‫َخالق‬ ‫ِ‬ ‫فهذه هدايَةٌ ِمن اهلل تعاىل إليه وبشارة تَ ُد ُّل على‬
‫ِ‬
‫القلب ‪.‬‬
‫البلوغ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫العقل عند‬ ‫َو ِم ْن َه ِذ ِه َحالهُ َف ُه َو ُمبَشَّر بكمال ِ‬
‫َدب ‪.‬‬ ‫االعتناء يف ح ّقه حِب ُسن األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفَينَْبغِي أن ال يُ ْه َم َل عن ِر َعايَِة‬
‫ْ‬
‫اآلداب َواح ٌد وثالثون أ ََدبًا ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َومُجْلَةُ ما نُ ِشريُ إليه ممَّا يُ َع َام ُل به من‬
‫الطعام َفَيْنبَغِي أن‬
‫ِ‬ ‫الش َرهُ يف‬ ‫األَدب األ ََّو ُل ‪ :‬ه و أ َّ ِ‬
‫ب على األطفال ّ‬ ‫َن الْغَ ال َ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬
‫كل الطَّ َع َام إال بِيَ ِمينِ ِه ‪.‬‬
‫ب فيه فال يأْ ُ‬ ‫يُ َؤ َّد َ‬
‫اهلل عند أَ ْكلِ ِه َوليَأْ ُك ْل مِم َّا يَلِ ِيه ‪.‬‬ ‫ويقول بسم ِ‬ ‫ُ‬
‫وال يُبَ ِاد ُر إىل الطَّ َع ِام َقْب َل َغرْيِ ِه ‪.‬‬
‫قَ َال الشاعر ‪:‬‬
‫َج َش ُع الَْق ْوِم أَ ْع َج ُل‬ ‫ِ‬
‫ت األَيْ ِدي إلى َّ‬
‫الز ِاد لَ ْم‬
‫بِأَ ْع َجل ِه ْم إِ ْذ أ ْ‬ ‫وإِن م َّد ِ‬
‫َ ُ‬
‫وال ُك ْنحُي دِّق إىل الطعام وإىل من يأْ ُكله َّ ِ ِ ِ‬
‫يل على البُخل ‪.‬‬
‫فإن َهذه َدل ٌ‬ ‫َْ َ‬ ‫أَ َ‬
‫ع يِف األَ ْك ِل ‪َ ،‬ومَيْ َ‬
‫ض َغ الطَّ َع َام َم ْ‬
‫ض غًا َجيِّ ًدا‬ ‫ب الثَّايِن ‪ :‬يُ ْؤ َم ُر أَ ْن ال يُ ْسَر َ‬
‫األ ََد ُ‬
‫ف اللُّ ْق َمةَ َوال يُلطِّ ُخ أَْث َوابَهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوال يُ َوايل َبنْي َ األَ َكالت َويُلَطِّ ُ‬
‫ض األَوقَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ث ‪ :‬يُ َع َّو َد أَ ْك َل اخْلُْب ِز م ْن َغرْيِ ا ِإل َدام يِف َب ْع ِ ْ‬ ‫ب الثَّال ُ‬‫األ ََد ُ‬

‫‪194‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ث ال يَرى ا ِإل َد َام َحْت ًما َو ِاجبًا ألَنَّهُ ُرمَّبَا َف َق َدهُ ‪.‬‬ ‫صريُ حِب َْي ُ‬ ‫حىَّت ي ِ‬
‫َ َ‬
‫َويُ َقبَّ ُح ِعْن َدهُ َك ْثَرةُ األَ ْك ِل بِأَ ْن يُ َشبِّهُ َم ْن يُكْثُِر األَ ْك َل بِالَْب َهائِ ِم ‪.‬‬
‫الص يِب ُّ الْ َقلِي ُل األَ ْك ِل َحىَّت‬ ‫الص يِب ُّ الَّ ِذي يُكْثِ ُر األَ ْك َل ِعْن َدهُ َومُيْ َد ُح َّ‬ ‫َويُ َذ ُّم َّ‬
‫ص َري َشَر ًها ال َي ُه َّمه إال بَطْنُه ‪.‬‬ ‫ك لِئال ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْقتَدي بِ َذل َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫األ ََدب َّ ِ‬
‫ب إِلَْي ه ا ِإليثَ ار بالطع ام َوقلَّة الْ ُمبَ االة ‪َ ،‬ومُيْ َد ُح عْن َدهُ‬ ‫الراب َع ‪ :‬حُيَبَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ث ال يَ ُك و ُن ُمولَ ًعا بِالطَّ َع ِام اللَّنِّي ِ‬ ‫َي طَ َع ٍام َك ا َن حِب َْي ُ‬ ‫الطَّ َع ِام الَّ ِذي فِي ِه ُخ ُش ونَةٌ أ َّ‬
‫ب َعلَْي ِه ُم َف َار َقتُهُ ‪.‬‬ ‫صعُ ُ‬‫َفيَ ْ‬
‫اب‬ ‫يض ُدو َن الثِّي ِ‬ ‫اب الْبِ ِ‬ ‫ب أَ ْن ي ُك و َن لِباس هُ ِمن الثِّي ِ‬ ‫س ‪ :‬يُ ْس تَ َح ُّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ب اخْلَام ُ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫اج َواألَبريس ِم ‪.‬‬ ‫اع الدِّيبَ ِ‬ ‫ات الْ ُمَز ْغ َفَر ِة واملعصفرة َوأَْن َو ِ‬ ‫الصبا َغ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الْ ُم َّلونَة ب ِّ َ‬
‫الر َج ِال الَّ ِذي ِن ال َخْي َر‬ ‫ِّس َو ِان َو ِّ‬
‫اس الن ْ‬ ‫ك إِمَّنَا ُه َو ِم ْن لِبَ ِ‬ ‫وي َق َّرر ِعْن َده أ َّ ِ‬
‫َن َذل َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬
‫ال يستنكفون عن ذلك ‪.‬‬ ‫الر َج َ‬‫َن ِّ‬ ‫ين هَلُ ْم َوأ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫فيه ْم َوال د َ‬
‫اج أ َْو َح ِري ٍر أ َْو‬ ‫س ‪ :‬أَنَّهُ َم ْه َما َرأَى َعلَى صيب َث ْوبًا ِم ْن ِديبَ ٍ‬ ‫األَدب َّ ِ‬
‫الس اد ُ‬ ‫َُ‬
‫َبريس م فينبغي أَن يُْن َك َر َعلَْي ِه َفيُ َذ َّم َعلَى لُْب ِس ِه َويُ َز َال َعْن هُ بِ ُك ِّل َح ٍال َوال يُ ْغَت َف ُر‬ ‫أ َ‬
‫إسبَال الثِّياب لَِي ْعتَ َاد َع َد َم اإلسبال ‪.‬‬ ‫ك َويُ َذ ُّم عنده ْ‬
‫ِ‬
‫لَهُ ذَل َ‬
‫عم‬ ‫ِ‬ ‫الص يِب ُّ َع ْن ِّ‬ ‫الس ابِ ُع ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن حُيْ َف َظ َّ‬
‫الص بيان ال ذين ع ّو ُدوا التَّنَ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫ب فيما ذكرناه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لبس الثِّيَاب ال َفاخَرة َو َع ْن خُمَالَطَة َم ْن َي ْر َغ ُ‬ ‫َوالتََّرفّه َو َ‬
‫الق َكذابًا‬ ‫ب ر ِدي األَخ ِ‬
‫َول النَّ ْشأَةُ َخَر َج يِف األَ ْغلَ ِ َ ّ ْ‬ ‫الصيِب إِ َذا أُمْهِل يِف أ ِ‬ ‫فَِإ َّن َّ‬
‫َ‬
‫ك ُكلِّ ِه حِب ُ ْس ِن‬ ‫ِ‬ ‫ض ول َوجُمُ ون ‪َ ،‬وإِمَّنَا حُيْ َف ُ‬
‫ظ َع ْن ذَل َ‬ ‫وجا ذَا فُ ُ‬ ‫ودا َس ُروقًا مَنَّ ًاما جَلُ ً‬ ‫َح ُس ً‬
‫األ ََد ِب ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّام ُن ‪ :‬مث إِنَّهُ يُ ْستَ َح ُّ‬ ‫األَدب الث ِ‬
‫ب أَ ْن يُ ْشغَل يف املكتب يتعلّم ال ُقرآن َوَت ْفس َريهُ‬ ‫َُ‬
‫اديث الرس ول ‪ ‬والفقه وحيرص على حفظ ال ُق ْرآن عن ظهر قلب وك ذلك‬ ‫وأح َ‬

‫‪195‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫األح اديث الص حيحة كالعم دة وك ذلك خمتصر املقنع أو دليل الط الب ألن احلفظ‬
‫استِ ْخَر ِ‬
‫اج املسائل غالبًا ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬ ‫هو العلم فمن مل حيفظ ال يقدر على ْ‬

‫‪196‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وي ْعتَ ِم ُد يف حفظ املواعظ احلسنة وأخبار األبرار وحكاية أهل الصالح يف‬ ‫َ‬
‫ني َوا ِإلقتداء‬ ‫ب َّ حِلِ‬
‫الص ا َ‬ ‫س يف قلبِ ِه ُح ُّ‬ ‫ِ‬
‫س َفَيْنغَ ر ُ‬ ‫اض ِة لِ َّلن ْف ِ‬ ‫الد ْنيَا َو ُح ْس ِن ِّ‬
‫الريَ َ‬ ‫هد يف ُّ‬ ‫الز ِ‬ ‫ُّ‬
‫تب األشاعرة واملعتزلة والرافضة ومجيع أهل البدع ‪.‬‬ ‫ت ‪ :‬وحيذر عن ُك ِ‬ ‫هبم ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫َّاس ُع ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن حُيْ َف َظ عن األَش عا ِر اليت فيها ذكر اهلج اء‬ ‫األَدب الت ِ‬
‫َُ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫اع اهلوى فَإ َّن َذ َاك َم ْه َما ا ْنغََر َ‬ ‫والعشَّاق وحُيْ َفظ عن خُمَالَطَِة َمن هذه َحالُه يف إتِّبَ ِ‬
‫الصبيان فإنه َيْب َذ ُر الْ َف َس َاد يف النُّفوس ‪.‬‬ ‫وب ّ‬ ‫يِف ُقلُ ِ‬
‫ط َو ِح ْف َظ األَمث ال الش عريّة واألش عار‬ ‫ب العاشر ‪ :‬أَ ْن يُ َع َّو َد كتاب ةَ اخْلَ ِّ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫الزهدية ف إن ذلك ص فةُ كم ٍال وزين ٍة ‪ ،‬وقد قَ َال أمري املؤم نني رضي اهلل عنه ‪:‬‬
‫اخلط فَِإنَّهُ ِم ْن مفاتيح الرزق ‪.‬‬ ‫عليكم حِب س ِن ِ‬
‫ُْ‬
‫يل َو ُخلُ ٌق َح َس ٌن‬ ‫ِ‬ ‫األَدب احْل ِادي عش ر ‪ :‬إِذَا ظَه ر ِمن ِجه ِة َّ ِ‬
‫الص يب ف ْع ٌل مَج ٌ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َُ َ‬
‫َّاس ‪.‬‬‫َفَيْنبَغِي أَ ْن يُكَْر َم َعلَْي ِه َوجُيَ َازى مِب َا َي ْفَر ُح بِِه َومُيْ َد ُح َبنْي َ أَظْهر الن ِ‬
‫ِ‬
‫ك‬‫َحوال َمَّرة واحد ًة َفَيْنبَغِي أَ ْن يَُتغَافَ َل عنه وال يُ ْهتَ ُ‬ ‫ك يف بعض األ ِ‬ ‫ف َذل َ‬ ‫فإن َخالَ َ‬
‫َن ِمثْ َل َه َذا ال‬ ‫ف يف َْو ِج ِهه َويُظْ َه َر لَ هُ أ َّ‬ ‫اش ُ‬ ‫ِس ْت ُرهُ يف َمأل ِمن اخْلَل ِق َوال يُ َك َ‬
‫السيَّ َما إِذَا َسَتَرهُ َّ‬ ‫يتَجاسر علَي ِه أَح ٌد ِ‬
‫الصيِب ُّ َوأ ْ‬
‫َخ َفاهُ ‪.‬‬ ‫َ َ ََ َ ْ َ‬
‫ب َس ًّرا َويُ َعظّ َم‬ ‫َن يُ َع اتَ َ‬ ‫ب الثَّايِن َع َش َر ‪ :‬أَنَّهُ إِ ْن َع َاد إىل ذلك َفَيْنبَغِي أ َّ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫ض َح َبنْي َ الن ِ‬
‫َّاس ‪.‬‬ ‫ك يِف ِمثْ ِل ه َذا َفَت ْفتَ ِ‬ ‫اك أَ ْن يُطَّلَ َع َعلَْي َ‬ ‫ال لَهُ إِيَّ َ‬
‫األمر َويُ َق َ‬
‫َ‬ ‫عليه ُ‬
‫املالم ِة يِف َحق ِِّه‬ ‫ِ‬ ‫اب يِف ُك ِّل ِح ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫اع َ‬ ‫ك يُ َه ِّو ُن مَسَ َ‬ ‫ني فَِإ َّن َذل َ‬ ‫َوال يُكَْث ُر َعلَْيه الْعتَ ُ‬
‫ط َوقْ ُع الكالم يف َق ْلبِ ِه ‪.‬‬ ‫َويَ ْس ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫َحيانًا ‪ ،‬واأل ُُّم خُتِّوفه بِاأل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث ع َشر ‪ :‬أَن ي ُكو َن األ ُّ ِ هِل ِ‬ ‫ِ‬
‫َب َوَت ْز ُج ُرهُ عن الْ َقبَ ائ ِح َوتُظْ ِه ُر لَهُ‬ ‫ُ‬ ‫َب َحافظًا َْيبَة الْ َكالم َم َعهُ َوال يُ َوخِّبُهُ إِال أ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ب الثَّال ُ َ َ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫َّة األَب َو َخ ْوفِ ِه ِمْنهُ ‪.‬‬
‫يد بِ ِشد ِ‬
‫الْ َو ِع َ‬
‫ب األَ ْعَر ِاق‬ ‫ت َش ْعًبا طَيّ َ‬ ‫أَ ْع َد ْد َ‬ ‫األ ُُّم َم ْد َر َسةٌ ِإ َذا أَ ْع َد ْدَت َها‬
‫بِالدِّي ِن أ َْو َرق أَيَّ َما إِ َير ِاق‬ ‫ض إِ ْن َت ْع َه َد ُه ال َ‬
‫ْحَيا‬ ‫األ ُُّم َر ْو ٌ‬

‫‪197‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك يُ و ِر ُ‬
‫ث‬ ‫ِ‬
‫فَ ِإ َّن َذل َ‬ ‫الرابِ َع َع َش َر ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن مُيْنَ َع ِمن الن َّْوِم َن َه ًارا‬ ‫ب َّ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫يِف اللَّْي ِل يُ و ِر ُ‬
‫ث‬ ‫َّع هُ ِم َن الن َّْوِم‬ ‫َن َمن َ‬ ‫الْ َك َس َل يِف َحق ِِّه َوال مُيْنَ ُع ِم َن الن َّْوِم لَْيالً أل َّ‬
‫اس ‪.‬‬ ‫ُّع ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫الْماللَةَ والتَّسخن وي ْ ِ‬
‫ف َع ْن ُم َكابَ َدة الن َّْوم َوشدَّة الن َ‬ ‫ضع ُ‬ ‫َ ُ َ َُ‬ ‫َ‬
‫اس تِ ْع َم ِال الْ ُف َر ِش الْ َو ِطي ِة َحىَّت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َع َش َر ‪َ :‬يْنبَغي أَ ْن مُيْنَ َع من ْ‬
‫األَدب اخْل ِ‬
‫ام‬
‫َُ َ َ‬
‫ِ‬
‫صرِب ُ عن ّ‬
‫التنع ِم ‪.‬‬ ‫ف بَ َدنُه فال يَ ْ‬ ‫ض ُاؤهُ َويَ ْستَخ ُ‬ ‫ب أ َْع َ‬ ‫صلَّ َ‬‫َتتَ َ‬
‫ال‬‫س َوالْ َم ْف َر ِش َوالْ َمطْ َع ِم َوالْ َم ْش َر ِب ‪َ .‬ف َق ْد قَ َ‬ ‫بَ ْل يُ َع َّو ُد اخْلُ ُش ونَِة يِف الْ َم ْلبَ ِ‬
‫ب بِالْ َق ْس َو ِة )) ‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ول الْ َمطْ َعم فَإنَّهُ يَس ُم الْ َق ْل َ‬ ‫ول اهلل ‪ (( : ‬إِيَّا ُك ْم َوفُ ُ‬
‫ض َ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫َُ‬
‫س َع َشَر ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن مُيْنَ َع ِمن ُك َّل َما َي ْف َعلُه يف ُخ ْفيَ ٍة فَِإنَّهُ ال‬ ‫األَدب َّ ِ‬
‫الساد َ‬ ‫َُ‬
‫يح ‪.‬‬‫ك إىل أَنَّهُ َيَت َع َّو ُد فِ ْع َل ُك ِّل قَبِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫يح َفيَ ْدعُو َذل َ‬ ‫َن قَبِ ٌ‬ ‫خُيْ ِف ِيه إِال َو ُه َو َي ْعتَ ِق ُد أ َّ‬
‫َّه ا ِر الْ َم ْش َي يِف احْلََر َك ِة‬ ‫ض الن َ‬ ‫الس ابِ ُع َع َش َر ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن يُ َع َّود يِف َب ْع ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫امليل إليه ‪.‬‬ ‫ود‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫وي‬ ‫الكسل‬ ‫عليه‬ ‫ب‬ ‫الرياض ِة حىَّت ال ي ْغلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َو ِّ َ َ َ‬
‫س بِ ُش ْغلِ ِه ‪َ ،‬و َه َك َذا احْلَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫ال يِف‬
‫اد ال َّر ْم َي َوحُي بُّهُ فَال بَ أْ َ‬ ‫َوإِ ْن َك ا َن َّْن َي ْعتَ ُ‬
‫ان بَِفَر ِس ِه‬ ‫ال ‪ (( : ‬ثَالثَ ةٌ ال ُتع ُّد ِمن اللَّه ِو ‪ ،‬هَلْو ا ِإلنْس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وب اخْلَْي ِل َف َق ْد قَ َ‬ ‫ر ُك ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وس ِه َوهَلَْوهُ بِأ َْهل ِه )) ‪.‬‬ ‫وهَل وه بِ ُق ِ‬
‫َ َْ ُ‬
‫ِع يِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف أَطَْرافَهُ َوال يُ ْسر َ‬ ‫ب الثَّام َن َع َشَر ‪َ :‬يْنبَغي أَ ْن يُ َع َّود أَ ْن ال يَكْش َ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫الْ َم ْش ِي َوال يُْر ِخي يَ َديِْه حُيَِّر ُك ُه َما َو َراءَهُ فِ ْع َل الْ ُمتَبَ ْخرِت ِ ‪.‬‬
‫َّمطُّ ِط ِعْن َد‬ ‫ال الت َ‬ ‫اهلل ‪َ ‬ع ْن َه ِذه الْ َم ْش يَ ِة ‪َ ،‬و َه َك َذا َح ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫َف َق ْد َن َهى َر ُس ُ‬
‫ضا َوقَ ْد َن َهى َعْنهُ ‪.‬‬ ‫الْ َمشي َمك ُْروه أَيْ ً‬
‫َّاس َع َع َش َر ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن مُيْنَ َع ِمن اال ْفتَ َخ ا ِر َعلَى أَْقَرانِ ِه َوأ َْمثَالِ ِه‬ ‫األَدب الت ِ‬
‫َُ‬
‫اض َع‬ ‫ِ‬
‫اع ِم ِه َو َمالبِ ِس ِه َوحَنْ َو َذل َ‬ ‫بِ َشي ٍء مِم َّا مَيْلِ ُكه أَبواه أَو بِ َش ي ٍء ِمن مطَ ِ‬
‫ك َويُ َع َّو ُد الت ََّو ُ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ََ ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ف يِف الْ َك ِ‬ ‫اشره ِمن ِّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم َم َع ُه ْم ‪.‬‬ ‫الصْبيَان َويُلَطَ َ‬ ‫َوا ِإل ْكَرام ل ُك ِّل َم ْن َع َ َ ُ‬

‫‪198‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ان ِم ْن أ َْمثَالِ ِه َش ْيئًا إِ َذا َك ا َن‬


‫الص بي ِ‬
‫يَأْ ُخ َذ َعلَى ِّ ْ َ‬ ‫ب الْعُ ْش ُرو َن ‪ :‬مُيْنَ ُع أَ ْن‬ ‫األ ََد ُ‬
‫َخ َذ لَ ْو ٌم َو ِخ َّس ةٌ َونُ ُز ُ‬
‫ول قَ ْد ٍر‬ ‫يِف َن ْف ِس ِه أ َّ‬ ‫اس ِة َويُ َق َّر ُر‬ ‫الش ر ِ‬ ‫ِ‬
‫َن األ ْ‬ ‫الريَ َ‬
‫ف َو ِّ‬ ‫م ْن أ َْه ِل َّ َ‬
‫ف ‪.‬‬ ‫َن ا ِإل ْعطَ ِاء َكَر ٌم َو َشَر ٌ‬ ‫َوأ َّ‬
‫َخ َذ طَ َم َع َويِف الطَّ َم ِع‬ ‫رر يِف نَ ْف ِس ِه أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن األ ْ‬ ‫َوإ ْن َك ا َن من أ َْوالد الْ ُف َق َراء َفُي َق ُ‬
‫الم فَِإنَّهُ َيتَ َذلَّ ُل يِف انْتِظَا ِر لُْق َم ٍة ‪.‬‬
‫ك ِمن َدأْ ِب الْ َك ِ‬ ‫مهانَةٌ وم َذلَّةٌ وأ َّ ِ‬
‫َن َذل َ ْ‬ ‫ََ ََ َ‬
‫ب‬ ‫ب ال َّذ َه ِ‬ ‫الد ُح َّ‬‫األَدب احْل ِادي والْع ْش رو َن ‪ :‬يْنبغِي أَ ْن ي َقبح إىل األَو ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َُ َ‬
‫ات َوالْ َع َق ا ِر ِب‬ ‫ض ِة والطَّم ع فِي ِهما وحُي َّذر ِمْنهما أَ ْكَث ر مِم َّا حُي َّذر ِمن احْل يَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوالْف َّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫وم ‪.‬‬ ‫السم ِ‬
‫َو ُّ ُ‬
‫الس م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ب َّ ِ ِ ِ‬ ‫فَ ِإ َّن آفَ ةَ ُح ِّ‬
‫وم َعلَى‬ ‫الذ َهب َوالْفضَّة َوالطَّ َم ِع فيه َما أَ ْكَث ُر م ْن آفَ ة ُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص بي ِ‬
‫الس ِّم َيْن َقط ُع بِ الْ َم ْوت َو َ‬
‫ض َر ُر‬ ‫ض َر َر ُّ‬ ‫ان بِ ْل َعلَى األَ َك ابَِر م ْن الْعُ َقالء ‪ ،‬فَ ِإ َّن َ‬ ‫ِّ ْ َ‬
‫َّد َب ْع َد الْ َم ْو ِت ‪.‬‬ ‫ُحبِّ ِه َما َيتَ َجد ُ‬
‫س َوال‬ ‫ص َق يِف الْ َم ْجلِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الثَّايِن َوالْعُ ْش ُرو َن ‪َ :‬يْنبَغي أَ ْن يُ َع َّو َد أَ ْن ال َيْب ُ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫ني َوال يُكْثَِر التَّثَاؤب ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َيتَ َم َّخط حِب َ ْ‬
‫ضَر ِة َغرْيِ ه َوال يَ ْستَ ْدبِ ِر َغْيَرهُ من الْ ُم ْسلم َ‬
‫وس َعلَى ُر ْكبََتْي ِه َعلَى‬ ‫ث َوالْعُ ْش ُرو َن ‪َ :‬يْنبَغِي أَ ْن يُ َعلَّ َم كيفيةَ اجْلُلُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الثَّال ُ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫ُخَرى َعلَى األرض أ َْو َي ْقعُ ْد حُمْتَبِيًا بِيَ َديْ ِه ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ني َواض َع األ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض أ َْو نَاصبًا قَ َد َمهُ الْيَم َ‬
‫َح َوالِِه ‪.‬‬‫ول اهلل ‪َ ‬ي ْف َع ُل يِف أَ ْكثَ ِر أ ْ‬
‫ه َك َذا َكا َن رس ُ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫الم إِال ِم ْن ِذ ْك ِر‬ ‫الرابِ ع والْع ْش رو َن ‪ :‬يْنبغِي أَ ْن مُيْنَ ع ِمن َك ْث ر ِة الْ َك ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ب َّ ُ َ ُ ُ‬ ‫األ ََد ُ‬
‫الس َفلَ ِة‬
‫الد َّ‬ ‫َن ذَلِ ك ِمن أَم ار ِة الْوقَاح ِة وأَنَّه ع ادةَ أَبنَ ِاء اللِّئ ِام وأَو ِ‬ ‫اهلل َويَُبنِّي َ لَ هُ أ َّ‬‫ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ ْ‬
‫ك َومَيْتَنِ َع ِمْنهُ ‪َ .‬واهللُ أ َْعلَ ُم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِمن الن ِ ِ ِ‬
‫َّاس لَيْنَزجَر َع ْن َذل َ‬ ‫َ‬
‫ت أ َْو‬ ‫ان ِص ْدقًا َك انَ ْ‬ ‫األَدب اخْلَ ِامس والْع ْش رو َن ‪ :‬يْنبغِي أَ ْن مُيْنَ ع ع ِن األَمْيَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫َُ‬
‫ك يِف َح ِال ِّ‬
‫الصغَ ِر ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكذبًا َحىَّت ال َيَت َع َّو َد ذَل َ‬

‫‪199‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الم َوفُ ْح ِش ِه َو ِم ْن اللَّ ْع ِن‬


‫ِمن لَ ْغ ِو الْ َك ِ‬ ‫س َوالْعُ ْش ُرو َن ‪ :‬مُيْنَ َع‬ ‫األَدب َّ ِ‬
‫ْ‬ ‫الس اد َ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ‪َ ،‬و ِم ْن خُمَالَطَِة َم ْن جَيْ ِري َعلَى لِ َسانِِه‬
‫ك ‪ ،‬فَِإ َّن َذل َ‬
‫ك‬ ‫ِمثْ ُل َذل َ‬ ‫الس ِّ‬
‫َو َّ‬

‫‪200‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الس ِ‬
‫وء‬ ‫ظ ِم ْن قُرنَ ِاء ُّ‬ ‫ان احْلِْف ُ‬
‫الصبي ِ‬ ‫َصل تَأْ ِد ِ‬ ‫ِمن ُقرنَ ِاء ُّ ِ‬
‫يَ ْس ِري ال حَمَالَةَ‬
‫يب ِّ ْ َ‬ ‫السوء ‪َ ،‬وأ ْ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫الق ‪.‬‬ ‫من التلفاز والفيديو واملذياع واجملالت اهلدَّام ِة لِألَخ ِ‬ ‫ت ‪ :‬وحيذر‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫ِ‬
‫الص رْبِ َعلَى‬
‫ب َو َّ‬ ‫الس ابِ َع َوالْعُ ْش ُرو َن ‪َ :‬يْنبَغي أَ ْن َيَت َعلَّ َم َش َج َ‬
‫اعةَ الْ َق ْل ِ‬ ‫ب‬ ‫األ ََد ُ‬ ‫َّ‬
‫س يِف َق ْلبِ ِه ُح ْس ُن َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ه ِذ ِه األَو ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ص اف َبنْي َ يَ َديْ ه َول َس َماعه هَلَا َيْنغَ ر ُ‬
‫دح‬
‫الش َدائ َد َومتْ َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َو َيَت َع َّو ُد َها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومؤدبه‬
‫ّ‬ ‫ب الثَّام ُن َوالْعُ ْش ُرو َن ‪َ :‬يْنبَغي أَ ْن يُ َعلَّ َم طاعة والديه ُ‬
‫ومعلمه‬ ‫األ ََد ُ‬
‫وكل من هو أَكرب منه س نًّا من ق ريب أ َْو بعيد أ َْو أجنيب من املس لمني وأن‬
‫اظرا إليهم بعني اجلاللة والتعظيم ‪ ،‬وأن ي رتك اللعب بني أي ديهم فه ذه‬ ‫يك ون ن ً‬
‫اآلداب كلها متعلقة بسن التمييز يف حالة الصغر قبل البلوغ ‪ .‬انتهى باختصار ‪.‬‬
‫واهلل أعلم وصلي اهلل علي حممد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫الم ناف ٍع في بيان فوائد الجوع وآفات الشبع‬ ‫فصل في َك ٍ‬
‫ال رحمه اهلل‬ ‫ف َق َ‬
‫ص َري ِة ‪ ،‬فَ ِإ َّن َّ‬
‫الش بَ َع‬ ‫ب و ِّات َق اد الْ َق ِرحية و َن َف اذُ الْب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َفاءُ الْ َق ْل ِ َ ُ‬ ‫الْ َفائ َدةُ األُوىل ‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫اغ يش ِبه ُّ‬
‫الس كْر حىَّت يَ ْس َت ْويِل‬ ‫ِّم ِ‬ ‫ِ‬
‫القلب َويُك ثر الْبُ َخ َار يف ال د َ‬
‫َ‬ ‫ورث الْبَالد َة َو ْيع ِمي‬ ‫يُ ُ‬
‫اجلريان يف األَفْ َكا ِر ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سبب ذلك‬ ‫على َم َع ِاد ِن الْ ِفكْر ِة َفيَْث ُقل القلب بِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوة املناج اة هلل َع َّز‬ ‫الْ َفائ َدةُ الثَّانيَ ةُ ‪ :‬رقَّةُ القلب اليت َيَت َهيَّأُ َا ِإل ْد َراك َح َ‬
‫ِ‬
‫القلب ‪.‬‬ ‫ضو ِر‬ ‫ِ‬
‫اللسان َم َع ُح ُ‬ ‫َو َج َّل ‪ ،‬فَ َك ْم ِم ْن ِذ ْك ٍر جَيْ ِري َعلَى‬
‫ب ال يَلت َذ بِ ِه وال َيتَ أَثَُّر عنه حىَّت َك أَن َبْينَ هُ َو َبْينَ هُ ِح َجابًا ِمن‬ ‫ولكن الْ َق ْل ُ‬
‫ب ‪.‬‬ ‫قَساو ِة الْ َق ْل ِ‬
‫ََ‬
‫َح َو ِال َفَي ْعظُم تَأَثُُّرهُ بالذك ِر وَتلّ ُذذُهُ باملناجاة ‪َ ،‬و ُخلُّو‬ ‫بعض األ ْ‬
‫َ‬ ‫َوقَ ْد يَِر ٌق يف‬
‫ب األظهر يف ذلك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السبَ َ‬
‫املعدة هو َّ‬

‫‪201‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫واألش ِر ال ذي هو‬ ‫َ‬ ‫وزوال البَطَ ِر وال َف َرح‬ ‫ُ‬ ‫الْ َفائِ َدةُ الثَّالِثَ ةُ ‪ :‬االنْ ِك َس ُار وال ُ‬
‫ذل‬
‫غيان والغ ْف ِلة عن اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫مبدأَ الطُ ِ‬
‫َْ‬
‫العبد لَِربِّهِ‬
‫ني ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س وال تَ َذ ّل َك َما تَذ ُّل باجلُوع ‪ ،‬فعْن َدهُ يَ ْستَك َ‬ ‫الن ْف ُ‬‫وال َتْن َك ِس ُر َّ‬
‫ف َعلى َع ُج ِز ِه َوذُلِِّه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوخَي ْ َش ُع لَهُ َويَق ُ‬
‫الذ ُل واالنْ ِك َس ُار‬ ‫بع ‪َ ،‬و ُّ‬ ‫الش ُ‬ ‫اب النَّا ِر َوأ ْ‬
‫َص لُ ُه َما ِّ‬ ‫ان ِمن أ َْب و ِ‬
‫ْ َ‬
‫والبطْر وال َفرح باب ِ‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ ُ‬
‫َصلُ ُه َما اجْلُوع ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ان ِمن أ َْبو ِ‬ ‫باب ِ‬
‫اب اجْلَنَّة ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫ور ِة‬ ‫اب اجْلَن َِّة بِ َّ‬
‫الض ُر َ‬
‫اب النَّا ِر َف َق ْد َفتَح بابا ِمن أ َْب و ِ‬
‫َ ًَ ْ َ‬
‫ومن أَ ْغلَ َق بابا ِمن أ َْب و ِ‬
‫ً ْ َ‬ ‫ََ ْ‬
‫ب ِم َن اآلخر ‪.‬‬ ‫الن كالْمغ ِرب والْمش ِرق ‪ ،‬فالْبعد ِمن أ ِمِه‬ ‫ألَنَّهما مَت َقابِ ِ‬
‫َحد َا َق ْر ٌ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َ ُْ ُ ْ َ‬ ‫َُ ُ‬
‫فإن‬‫البالء ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الرابِ َع ةُ ‪ ،‬ال يُْن َس ى بالءَ اهلل وعذابه وال ينسى أهل‬ ‫الْ َفائِ َدةُ َّ‬
‫اه ُد بَالءً إِال‬ ‫الش بعان يْنس ى اجل ائِعِني ويْنس ى اجل وع ‪ ،‬واملؤمن ال َف ِطن ال يش ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫َّ ْ َ َ َ‬
‫ومن‬ ‫القيامة ‪ِ ،‬‬ ‫ات ِ‬ ‫اآلخ ر ِة ‪ ،‬ويتَ َذ َّكر ِمن عطَ ِش ِه اخْل الئِ ِق يف عرص ِ‬ ‫وي َذ ِّكره بالء ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫الض ِري ِع َويُ ْس َق ْو َن‬ ‫الزقُّ ِ‬
‫ني جَيُوعُ و َن َفيُطْ َع ُم و َن ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وم ‪َ ،‬و َّ‬ ‫وع أ َْه ِل النَّا ِر ح َ‬ ‫ُجوع ه ُج َ‬
‫اق َوالْ َم ْه َل ‪.‬‬
‫الْغَ َّس َ‬
‫س‬ ‫اص َي ُكلِّ َها َواالس تيالءُ على َّ‬
‫الن ْف ِ‬ ‫ات الْمع ِ‬ ‫الْ َفائِ َدةُ اخْل ِامس ةُ ‪َ :‬كس ر َش هو ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫األ ََّمار ِة بِ ُّ ِ‬
‫وات ‪.‬‬‫َّه ُ‬‫السوء ‪ ،‬فَِإ ّن َمْن َشأَ الْ َم َعاصي ُكلِّ َها الش َ‬ ‫َ‬
‫ات َوالْ ُقوى ال حَمَالَةُ األَطْعِ َمة ‪،‬‬ ‫ادةُ الشَّهو ِ‬
‫ََ‬ ‫ات َم َادةُ الْ ُقوى ‪َ ،‬و َم َّ‬ ‫و َنيل الشَّهو ِ‬
‫َ ْ ُ ََ‬
‫تضعف ُك َّل َش ْه َو ٍة َو ُق ُّو ٍة ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فَبِ ِقلَّتِ َها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ا ِإلنْ َس ا َن‬ ‫الش َق َاوةُ يِف أَ ْن مَتْل َ‬ ‫ك ا ِإلنْ َس ا ُن َن ْف َس هُ ‪َ ،‬و َّ‬ ‫الس َع َادةُ ُكلَّها أَ ْن مَيْل َ‬ ‫َو َّ‬
‫هي الْ َم ْسَت ْولِيَةُ َعلَْي ِه ‪.‬‬ ‫َن ْف َسهُ َوتَ ُكو ُن َ‬
‫ب‬ ‫بع َش ِر َ‬ ‫ِ‬
‫الس َه ِر ‪ ،‬فَ إ َّن ُك َّل َم ْن َش َ‬ ‫الس ِاد َس ةُ ‪َ :‬رفْ ُع الن َّْوِم َو َد َو ُام َّ‬ ‫الْ َفائِ َدةُ َّ‬
‫َكثِ ًريا ‪َ ،‬و َم ْن َكَثَر ُش ْربُهُ َكَثُر َن ْو ُمه ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّهج ِد‬ ‫ِ‬


‫ِ‬
‫القلب ‪،‬‬ ‫وبالدةُ الطب ِع وقس اوةُ‬
‫َ‬ ‫الت ُّ‬ ‫وت‬
‫ض يَاعُ العمر وف ُ‬ ‫َويِف ُك ْث َر ِة الن َّْوم َ‬
‫الَّ ِذي به يت ِ‬
‫َّجُر ‪.‬‬ ‫والعمر أَْن َفس اجْل و ِاهر وهو م ِال اإلنْس ِ‬
‫ان‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ َ ُ َ َ‬ ‫ُ ُُ‬

‫‪203‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس ابِ َعةُ ‪َ :‬تْي ِس ريُ الْ ُم َواظَبَ ِة َعلَى الْعِبَ َاد ِة فَ ِإن َك ْث َر َة األَ ْك ِل مَتْنَ ُع ِم ْن‬
‫الْ َفائِ َدةُ َّ‬
‫ُك ْثَر ِة الْعِبَ َاد ِة ‪.‬‬
‫يه باألَ ْك ِل ‪ ،‬ورمَّبَا احتَ اج إىل َزم ٍ‬
‫ان‬ ‫ان ي ْش تَغِل فِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أل َّ‬
‫َ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫اج إىل َز َم َ ُ‬ ‫َن األَ ْك َل حَيْتَ ُ‬
‫اخلالل مث يَك ُْث ُر َتر ّددهُ لِْل ُخ ُر ِ‬‫غسل الْي ِد و ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وج‬ ‫اج إىل ِ َ َ‬ ‫يف شَراء الطَّ َعام َوطَْبخه مُثَّ حَيْتَ ُ‬
‫ت الْ َم ِاء ‪.‬‬ ‫إىل بي ِ‬
‫َْ‬
‫س هلا‬ ‫وض ا َع ِن األَ ْك ِل الْ ُمبَ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫اح َولَْي َ‬ ‫ص ْر ُف َها إىل الْعبَ َادة ع ً‬ ‫ميكن َ‬ ‫ات ُ‬ ‫َو َهذه أ َْوقَ ٌ‬
‫التوس ُع يف الشَّبَ ِع ‪.‬‬ ‫ب إِال كثرة األَ َك ِل َو ّ‬ ‫َسبَ ٌ‬
‫راض ف إن س ببها ك ثرةُ األك ِل‬ ‫دن ودفع األَم ِ‬ ‫َّامنَ ةُ ‪ :‬ص حة الب ِ‬ ‫الْ َفائِ َدةُ الث ِ‬
‫املعدة والعروق ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َخالط يف‬ ‫وحصول فضالت األ ِ‬
‫ُ‬
‫ومينع من الذك ِر والفك ِر‬ ‫العبادات ويُشوش القلوب‬ ‫ِ‬ ‫مينع من‬
‫ُ‬ ‫مث إن املَرض ُ‬
‫اج إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وج إىل الفص د واحلجامة وال دواء والط بيب ‪ ،‬و ُك ُّل ذلك حيت ُ‬ ‫ويُنغص وحُيْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ذلك ُكله ‪.‬‬ ‫مينع من َ‬ ‫أُمو ٍر كثرية وتبعات ويف اجلُوع ما ُ‬
‫املؤنة فَِإ َّن ُك َّل من َتع َّو َد قِلَّ ِة األَ ْك ِل َك َف اه ِمن ِ‬
‫املال‬ ‫الْ َفائِ َدةُ التاسعة ‪ِ :‬خ َّفةُ ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ َ‬
‫در يَسري ‪.‬‬ ‫قَ ٌ‬
‫الزما يَأْخ ُذ مِبِ ْخنَ ِقه ُك َّل َي ْوٍم َفَي ُق ُ‬
‫ول‬ ‫ص َار بَطْنُه َغ ِرميًا ُم ً‬ ‫َّبع َ‬ ‫والذي َت َع َّو َد الش َ‬
‫يوم ‪.‬‬‫َماذا تَأْ ُك ُل الْ َ‬
‫صي أَو ِمن احْل ِ‬
‫الل‬ ‫املداخ ِل اخْلَبِيثَة ِمن احْل ر ِام َفيع ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيحتاج إىل أَ ْن يَ ْدخل يف‬
‫ْ ْ َ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فَيذ َل َو َيْت َع ُ‬
‫يما يف أَيديهم وهو غايةُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج إىل أَ ْن َّ‬
‫ميد َعْيَنْيه إىل اخْلَْلق بالطم ِع ف َ‬ ‫ورمّب ا حَيْتَ ُ‬
‫يف املؤنة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِّل‬
‫ُّ‬
‫واملؤمن َخف ُ‬‫ُ‬
‫َطعمة على‬ ‫الْ َفائِ َدةُ العاشرةُ ‪ :‬التمكن من اإليثا ِر والتص ّد ِق مِب َا فَض ل ِم ِن األ ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ص َدقَته كما ورد يف اخلرب ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوم القيامة يف ظ ِّل َ‬ ‫اليَتَامى واملساكني ‪ ،‬ويكو ُن َ‬

‫‪204‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ضل ِ‬ ‫َّق بِِه فخ ِزا َنتُ ْه فَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اهلل َو َرمْح َتُه ‪.‬‬ ‫صد ُ‬ ‫فَ َما يَأْكلهُ فَخَزا َنتُهُ الْ َكنيف َو َما َيتَ َ‬
‫الش بع فهو‬ ‫اجلوع ‪ ،‬وأَما آف ات ّ‬ ‫ِ‬ ‫فه ذه مُجْلَ ةُ ما نريد ِذ ْك َرهُ ِمن َف َوائِ ِد‬
‫نقائض هذه اخلصال اليت أوردناها فال حاجة لنا إىل تكريرها انتهى ‪.‬‬
‫واهلل أعلم وصلى اهلل على حممد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫ِ مِح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ْي ِخ حُمَ َّمد ب ِن َعْب د الْ َو َّهاب َر َ ُه ْم اهللُ‬ ‫بن ُح َسنْي ب ِن َّ‬ ‫وقال الشَّْي ُخ َعل ّي ُ‬
‫ني يَ ْس َتْي ِقظُو‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِحني جلَو ِمن الدَّر ِعيَّ ِة بعد ِ ِ‬
‫اها لَ َع َّل الْ ُم ْس لم َ‬
‫استيالء األ َْع َداء َعلَْي َها ُس ْقنَ َ‬ ‫ْ َْ َ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫وف َو َيْن َه وا َع ْن الْ ُمْن َك ِر َق ْوالً َوفِ ْعالً‬ ‫اهلل وي أْمروا ب الْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ََ ُ‬
‫ِمن رقْ َدهِتِم وير ِجع وا إىل ِ‬
‫ْ َ ْ َ َْ ُ‬
‫ِِ‬ ‫َوخَي ْ َش ْوا الْعُ ُقوبَةَ الَّيِت َجاءَ ْ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص الظَّالم َ‬ ‫ت ال خَت ُ ُّ‬
‫ني ‪،‬‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫اللهم توفنا مسلمني ‪ ،‬وأحلقنا بعبادك الصاحلني ‪ ،‬واغفر لَنا ولِوالِدينا وجِل ِمي ِع املسلِ ِمني األَح ِ‬
‫ياء ِمنهم وامليِّتِ ِ ِ‬
‫الرا َ‬ ‫ني بَرمْح َت َ َ ْ َ‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َْ َ َ‬
‫ص ْحبِ ِه أَمْج َعِني ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وصلَّى اهللُ َعلَى حُم َّمد َو َعلَى آله َو َ‬
‫َ‬
‫ِش ْعًرا‪َ :‬خِل ِيلي ُع ْو َجا َع ْن طَ ِر ِيق ال َْعَو ِاذ ِل‬
‫بِ َم ْه ُجو ِر لَْيلَى فَابْ ِكَيا ِفي ال َْمَنا ِز ِل‬
‫اح ًة‬ ‫ِ‬ ‫لََع َّل انْ ِح َد َار َّ‬
‫ب َر َ‬ ‫الد ْم ِع ُي ْعق ُ‬
‫يل الَْبالبِ ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن الَْو ْجد أ َْو يَ ْشفي غَل َ‬
‫أ ََرى َعْبَر ًة غَْبَر َاء َتْتَب ُع أُ ْخَت َها‬
‫َعلَى إِثْ ِر أُ ْخَرى تَ ْسَت ِه ُّل بَِوابِ ِل‬
‫ت‬‫ُت َهيِّ ُج ِذ ْكًرا لِأل ُُمو ِر الَّتِي َجَر ْ‬
‫اصي َواللِّ َحا لِألََماثِ ِل‬ ‫تُ ِشيب النَّو ِ‬
‫ُ َ‬
‫ْحَو ِامل َح ْملَ َها‬ ‫ط م ْن بَطْ ِن ال َ‬
‫وتُسِق ُ ِ‬
‫َ ْ‬
‫ِّس ِاء ال َْمطَ ِاف ِل‬ ‫ِ‬
‫َوتُ ْذه ُل أَ ْخَي َار الن َ‬

‫‪205‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّاس َواأل َْم ُر أ َْم ُرنَا‬


‫ود الن َ‬
‫س ُ‬ ‫َفَبْيَنا نَ ُ‬
‫َح َك ٌام لََنا ِفي الَْقَبائِ ِل‬ ‫َوَتْنُف ُذ أ ْ‬
‫ْج َه ِاد َش ِه َير ًة‬ ‫َوتَ ْخِف ُق َرايَ ُ‬
‫ات ال ِ‬
‫ب يَ ْمَن ًة َو َش َمائِ ِل‬
‫بِ َش ْر ٍق َو َغ ْر ٍ‬
‫ت‬
‫َصَب َح ْ‬ ‫َتَب َّدلَ َ‬
‫ت الن َّْع َماءُ ُب ْؤ ًسا َوأ ْ‬
‫ْجئًا لِأل ََر ِاذ ِل‬
‫طُغَاةٌ ُعتَاةٌ َمل َ‬
‫ات الدِّي ِن ِفي األرض َب ْغَي ُهم‬ ‫ث ُعتَ ُ‬ ‫َوبَ َّ‬
‫ين الْغََو ِاف ِل‬ ‫ِِ‬ ‫َو ِر َيع ْ‬
‫وب ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫ت ُقلُ ُ‬
‫ات الضَّاللَِة َو َّ‬
‫الر َدى‬ ‫اد ِ‬‫َوأَقَْب َل قَ َ‬
‫اداُت َها ِفي َع ْس َك ٍر َو َج َح ِاف ِل‬ ‫َو َس َ‬
‫َصلُهُ‬
‫ت أْ‬ ‫ِّت َش ْم ُل الدِّي ِن َوأْنَب َّ‬
‫َو ُشت َ‬
‫اعا َكالْبُ ُدو ِر األََو ِاف ِل‬ ‫ضً‬ ‫ض َحى ُم َ‬ ‫فَأَ ْ‬
‫ان من َكا َن قَ ِ‬ ‫ِ‬
‫اطًنا‬ ‫َو َفَّر َع ِن األ َْوطَ َ ْ‬
‫َتراهم ُفرادى نَحو ِقطْ ٍر وس ِ‬
‫اح ِل‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُْ َ َ‬
‫َو ُفِّر َق َش ْم ٌل َكا َن لِْل َخْي ِر َش ِامالً‬
‫َع ِاد ِل‬
‫ين األ َ‬ ‫ِِ‬
‫ت ُوالةُ ال ُْم ْسلم َ‬ ‫َو َزالَ ْ‬
‫اد ِشَر ُار الْ َخل ِْق ِفي األرض َب ْع َد ُه ْم‬ ‫َو َس َ‬
‫َس ِاف ِل‬ ‫ِ ِ‬
‫ت َر َح ًى لأل َْر َذلْي َن األ َ‬ ‫َو َد َار ْ‬
‫ال ِفي ِه ْم َن َهائًِبا‬‫ت األ َْمَو ُ‬‫َصبح ِ‬
‫فَأ ْ َ َ‬
‫ت بَِها األَْيَتام ُخمص الْحو ِ‬
‫اص ِل‬ ‫ض َح ْ‬ ‫َوأَ ْ‬
‫ُ ْ َ ََ‬

‫فَ َك ْم َدَّمُروا ِم ْن َم ْس َك ٍن َكا َن آنِ ًسا‬

‫‪206‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َو َك ْم َخَّربُوا ِم ْن َم ْربَ ٍع َو َم َع ِاق ِل‬


‫س‬‫َم ْس ِج ٍد َو َم َدا ِر ٍ‬ ‫َو َك ْم َخَربُوا ِم ْن‬
‫َصائِ ِل‬ ‫ِ‬
‫ُّحى َواأل َ‬ ‫ُيَق ُام بَِها ذ ْك ُر الض َ‬
‫ات َنو ِ‬
‫اع ٍم‬ ‫اسَق ٍ‬ ‫بِ‬ ‫َو َك ْم قَطَ ُعوا ِم ْن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َو َك ْم أَ ْغلَ ُقوا ِم ْن َم ْعَق ِل َو َمَنا ِز ِل‬
‫ونَ ْسالً بَِب ْغيِ ِه ْم‬ ‫َو َك ْم أ َْهلَ ُكوا َح ْرثًا‬
‫و َكم أَيتموا ِط ْفالً بِغَ ْد ٍر وب ِ‬
‫اط ِل‬‫ََ‬ ‫َ ْ َْ ُ‬
‫َحّيًيا ُم َمَن ًعا‬ ‫َو َك ْم َهَت ُكوا ِسْتًرا‬
‫ب ال َْع َذ َارى ال َْعَقائِ ِل‬ ‫َو َك ْم َك َشُفوا ُح ْج َ‬
‫ب ِعل ٍْم َو ِح ْك َم ٍة‬ ‫َو َك ْم َحَرقُوا ِم ْن ُكتُ ِ‬
‫يد َو َش ْر ِح َم َسائِ ِل‬ ‫و ِف ْق ٍه وَتو ِح ٍ‬
‫َ َْ‬
‫صًرا ُم َشيَّ ًدا‬ ‫ورا َوقَ ْ‬‫َو َك ْم َه َد ُموا ُس ً‬
‫ص ًينا أ َْو َهنُوا بِال َْم َعا ِو ِل‬ ‫صًنا ح ِ‬ ‫ِ‬
‫َوح ْ َ‬
‫اك ٍم َب ْع َد َعالِ ٍم‬ ‫و َكم أَسروا ِمن ح ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫ات َغَو ِاف ِل‬ ‫و َكم َزلْزلُوا ِمن م ْحصَن ِ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ْح ِّق ِفْتَي ًة‬ ‫و َكم َقَتلُوا ِمن ُع ْ ِ‬
‫صَبة ال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫اع ِل‬‫الدجى َكالْم َش ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُتَقا ًة ُه َدا ًة في ُّ َ‬
‫وس ُه ْم‬‫الدنَايَا ُنُف َ‬‫ودو َن َع ْن ِو ْر ِد َّ‬
‫يَ ُذ ُ‬
‫ضائِ ِل‬‫َو ْس َع ْو َن ُج ْه ًدا القْتَِن ِاء الَْف َ‬
‫ش َر ْغَبةٌ‬ ‫اهلل ِفي ال َْعْي ِ‬
‫فَما ب ْع َد ُهم و ِ‬
‫َ َ ْ َ‬
‫الش َمائِ ِل )‬ ‫ص ُحٍّر َك ِر ِيم َّ‬ ‫( لَ َدى ُم ْخِل ٍ‬

‫‪207‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫ين أ َْو َرثُوا‬ ‫ت أَيَّ ُام ُه ْم ح َ‬ ‫ضْ‬ ‫ض ْوا َواْنَق َ‬ ‫َم َ‬
‫اء َو َم ْج ًدا َكال ُْه َد ِاة األََوائِ ِل‬ ‫َثَن ً‬
‫َسًفا ِم ْن ُف ْق ِد ِه ْم َو ُفَر ِاق ِه ْم‬ ‫َفَوا أ َ‬
‫ضائِ ِل‬ ‫اس ْو َءتَا ِم ْن َب ْع ِد أ َْه ِل الَْف َ‬ ‫َو َو َ‬
‫يم بَِر ْح َم ٍة‬ ‫ب الْ َك ِر ُ‬ ‫الر ُّ‬
‫فَ َج َاز ُاه ُم َّ‬
‫ْجَن ِاد ِل‬ ‫َتع ُّم ِعظَاما أَو ِد َع ْ ِ‬
‫ت في ال َ‬ ‫ً ْ‬ ‫ُ‬
‫صًرا َوأ َْهالً ُمَؤثَّالً‬ ‫َوأَبِْقي لَ ُه ْم نَ ْ‬
‫ْج َح ِاف ِل‬
‫يُعُّز ُه َدا َة الدِّي ِن َبْي َن ال َ‬
‫ِ‬
‫ت َعْي ٌن تَظُ ُّن بِ َمائَِها‬ ‫لََق ْد بَ ِخَل ْ‬
‫َعَلى َف ْق ِد ِه ْم أ َْو َد ْم ُع َعْي ٍن ُت َه ِام ِل‬
‫ف َب ْع َد ُه ْم‬ ‫ت َشمس الْمعا ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫َفَق ْد ُكسَف ْ ْ ُ َ َ‬
‫اط ِل‬‫وع الْهو ِ‬ ‫ت ُجُفو ٌن بِ ُّ‬
‫الد ُم ِ َ َ‬ ‫َو َسالَ ْ‬
‫فَ َك ْم َعاتِ ٍق َغَّر َاء َتْب ِكي بِ َش ْج ِو َها‬
‫َوأ َْر َمَل ٍة ثَ ْكَلى َو ُحْبَلى َو َحائِ ِل‬
‫ينُ ْح َن بِأَ ْكَب ٍاد ِحَرا ٍر َو َعْبَر ٍة‬
‫ب دِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخ ِل‬ ‫ْجَوانِ ِ َ‬ ‫َويُ ْكظ ْم َن َغْيظًا في ال َ‬
‫َّعّزي بِ ُح ْرقٍَة‬ ‫ْحا َن الت َ‬ ‫ُيَر ِّج ْع َن أَل َ‬
‫صْبًرا َع ْن ُش َم ٍاة َو َع ِاذ ِل‬ ‫َويُظْ ِه ْر َن َ‬
‫اك َي ْو َم َر ِح ِيل ِه ْم‬ ‫ت َعْيَن َ‬ ‫َفَل ْو َش ِه َد ْ‬
‫الرِف ِ‬
‫يع ال َْمَنا ِز ِل‬ ‫َع ْن ال َْم ْس َك ِن األَ ْعَلى َّ‬
‫اب ِفي ُك ِّل َق ْريٍَة‬
‫َحَب ُ‬
‫ت األ ْ‬
‫َو ُفِّرقَ ْ‬

‫‪208‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ب ال َْع ُدِّو ال ُْمَزايِ ِل‬ ‫َو َس َار بِِه ْم ح ْز ُ‬
‫سوقُوَن ُه ْم َس ْوقًا َعنِي ًفا بِ ِش َّدٍة‬ ‫يَ ُ‬
‫ْك الَْقَو ِاف ِل‬ ‫َوُي ْز ُجو َن أَ ْشَيا ًخا بِتِل َ‬
‫ْح َشا‬‫احَتَر َق ال َ‬ ‫ت ُجُفون ال َْعْي ِن َو ْ‬ ‫لَ َذابَ ْ‬
‫السَوائِ ِل‬‫وع َّ‬ ‫ت ُخ ُدو ٌد بِ ُّ‬
‫الد ُم ِ‬ ‫َو َسالَ ْ‬
‫اب ِفي األرض‬ ‫َحَز ُ‬ ‫ت األ ْ‬ ‫َفَق ْد َعاثَ ْ‬
‫ْحَبائِ ِل‬
‫ين ال َ‬ ‫ٍ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َب ْع َد ُه ْم‬
‫ب ُك ِّل َم َكان نَاصب َ‬
‫فَ َك ْم َغ َار ٍة َغْبَر َاء يُ ْكَر ُه ِو ْر ُد َها‬
‫ْك الَْقَبائِ ِل‬ ‫َعَلى إِثْ ِر أُ ْخَرى َبْي َن تِل َ‬
‫َو َك ْم ِفْتَن ٍة ُكْبَرى ُتَتابِ ُع أُ ْخَت َها‬
‫يل َوقَاتِ ِل‬ ‫ص ْغَرى ِم ْن قَتِ ٍ‬ ‫َعَلى إِث ِر ُ‬
‫َتَرى َخْيَل ُه ْم ِفي ُك ِّل َي ْوٍم ُم ِغ َير ًة‬
‫ِج أ َْو ُم َسابِ ِل‬ ‫اخ ٍل أ َْو َخار ٍ‬ ‫عَلى د ِ‬
‫َ َ‬
‫صَر اهللُ ِد َينَنا‬ ‫َع َسى َو َع َسى أَ ْن َيْن ُ‬
‫َويَ ْجُبَر َك ْسًرا ُمْثَقالً بِال َ‬
‫ْحَبايِ ِل‬
‫ت‬ ‫وعا َت َه َّدَم ْ‬ ‫ويعمر لِ َّ ِ‬
‫لس ْم َحاء ُربُ ً‬ ‫َ َْ َُ‬
‫َوُي ْعِلي َمَن ًارا لِل ُْه َدى َغْيَر َزائِ ِل‬
‫الم الضَّاللَِة ِإنَّهُ‬ ‫ِ‬
‫َويَ ْكسَر أَ ْع َ‬
‫يب لِ َسائِ ِل‬ ‫ِ‬
‫يب ُم ْسَتج ٌ‬ ‫يب ُمج ٌ‬
‫ِ‬
‫قَ ِر ٌ‬
‫س آثَ َار الَْف َس ِاد بِ ِد َيم ٍة‬ ‫ِ‬
‫َويَطْم َ‬
‫ب َوابِ ِل‬ ‫ْجَوانِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّص ِر َهتَّان ال َ‬ ‫م ْن الن ْ‬

‫‪209‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ْح ِّق أَ ْخَر َج شطأة‬ ‫ال َ‬ ‫ع‬


‫ت َز ْر ُ‬
‫َفَيْنبُ ُ‬
‫م ِسحا بِ َخْي ٍر لِلثِّما ِر الْحو ِ‬
‫اص ِل‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ً‬
‫اء فَِإَّنَنا‬
‫الر َج َ‬
‫َذا َّ‬ ‫إلَ ِهي فَ َحِّق ْق‬
‫ت َعنَّا بِغَ ِاف ِل‬‫َعبِي ُد َك ُتْبَنا لَ ْس َ‬
‫أغْثَنا أ َِغْثَنا َوأ َْرفَ ْع الضَُّّر َوالَْبال‬
‫ِ‬
‫بِع ْف ِو َك عنَّا يا قَ ِريب ِ‬
‫آلم ِل‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يب فَ َم ْن لََنا‬ ‫فَِإ ْن لَ ْم ُت ْغثَنا يَا قَ ِر ُ‬
‫ص َد ِفي َد ْف ِع األ ُُمو ِر َّ‬
‫الثَقائِ ِل‬ ‫ِ‬
‫لَن ْق ُ‬
‫ب َوالْ َخطَا‬ ‫الذنْ َ‬ ‫ك أََنْبَنا فَا ْغِف ْر َّ‬
‫إِلَْي َ‬
‫ك َر َج ْعَنا فَ ْار ِج ِع الْ َخْيَر َك ِام ِل‬ ‫إِلَْي َ‬
‫َفَق ْد َس َامَنا األَ ْع َداءُ َس ْو ًما ُمَبِّر ًحا‬
‫ْحَبائِ ِل‬
‫َس ٍر ُموَثًقا بِال َ‬ ‫بَِقْت ٍل َوأ ْ‬
‫يد َرِّبَنا‬ ‫َعَلى َغي ِر جرٍم َغي ِر َتو ِح ِ‬
‫ْ ُْ ْ ْ‬
‫اب الْم ْش ِر ِكين األَب ِ‬ ‫ِ‬
‫اط ِل‬ ‫َ َ‬ ‫َو َه ْدِم قَب ِ ُ‬
‫وف َوِإنْ َكا ِر ُمْن َك ٍر‬ ‫وأَم ٍر بِمعر ٍ‬
‫َ ْ َ ُْ‬
‫اع ِة َح ِاف ِل‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْج َم َ‬
‫صالة في ال َ‬ ‫َوف ْع ِل َ‬
‫ضا ُمَؤ َّك ًدا‬ ‫َوأَ ْخ ِذ َز َك ِاة ال َْم ِال َف ْر ً‬
‫ُيَر ُّد لِ ِذي َف ْق ٍر َوغُْرٍم َو َع ِام ِل‬
‫ْج َه ِاد ألَنَّهُ‬
‫وح ٍج وَت ْق ِويم ال ِ‬
‫ََ َ‬
‫أ ََما ٌن َو ِعٌز َع ْن َم َذلَِّة َخ ِاذ ِل‬
‫إِ َذا َما َمَل ْكَنا َق ْريًَة أ َْو قَبِي َل ًة‬

‫‪210‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ع ال ُْه َد ِاة الْ َكَو ِام ِل‬


‫أَقَ ْمَنا بَِها َش ْر َ‬
‫َفَن ْه ِدم أَوثَانًا وَنْبنِي مس ِ‬
‫اج ًدا‬ ‫ََ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫َونَ ْك ِس ُر ِم ْز َم ًارا َوطَْبالً لِ َج ِاه ِل‬
‫صًنا‬
‫َوَن ْقطَ ُع ُسَّراقًا َوَن ْر ُج ُم ُم ْح َ‬
‫الر َسائِ ِل‬
‫ص َّ‬ ‫َونَ ْجِل ُد َس ْكَرانًا بَِن ِّ‬
‫ض ِر ِإ ْن َغ َدا‬ ‫وم الَْب ْد ِو َوال َ‬
‫ْح ْ‬ ‫ف ظُلُ َ‬ ‫نَ ُك ُّ‬
‫اف األ ََر ِام ِل‬
‫ي ِغير َعلَى ح ِّق الضِّع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ص ْحبِ ِه‬ ‫الر ُس ِ‬
‫ول َو َ‬ ‫َوَنْتَب ُع آثَ َار َّ‬
‫اض ِل‬‫التَق ِاة األَفَ ِ‬
‫ف الِْبِّر ُّ‬‫السَل ِ‬
‫َم َع َّ‬
‫ك‬‫ان قُل لِي ومالِ ٍ‬ ‫َحم َد والن ُّْعم ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َكأ ْ َ َ َ‬
‫يث َونَ ِاق ِل‬ ‫الش ِاف ِعي ر ْك ِن الْح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َك َذا َّ‬
‫فَ َما َذا َعَلْيَنا إِ ْذ َسَل ْكَنا َسبِي َل ُه ْم‬
‫بَِقو ٍل و ِف ْع ٍل مس ِع ٍد َفَُنَُو ِ‬
‫اص ِل‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ َ‬
‫صْبًرا فَِإنَّنِي‬‫اإل ْخَوا ُن َ‬ ‫أَال أَُّي َها ِ‬
‫الصْبَر لِل َْم ْق ُدو ِر َخْيَر الَْو َسائِ ِل‬
‫أ ََرى َّ‬
‫ب‬ ‫ف َذا الْ َك ْر ِ‬ ‫وال َتْيأَسوا ِمن َك ْش ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْجالئِ ِل‬‫اج األ ُُمو ِر ال َ‬‫ش َفَّر ُ‬ ‫فَ ُذو ال َْع ْر ِ‬ ‫َوالَْبال‬

‫نَِي ًاما َو َس ْه ُمهُ‬ ‫ت‬


‫ضا لَْي َس ْ‬
‫ُعيُو ُن الَْق َ‬
‫يب فَ َما يُ ْخ ِطي ُعيُو َن ال ُْمَقاتِ ِل‬ ‫ِ‬
‫ُمص ٌ‬
‫صا‬ ‫ِ‬ ‫فَطُوبى لِعْب ٍد قَام ِ‬
‫ُم ْخل ً‬ ‫هلل‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َتَرنَّ َم ِفي ِم ْحَرابِِه ُمَت َمايِ ِل‬

‫‪211‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يَ ُم ُّد يَ َديِْه َسائِالً ُمَت َ‬


‫ضِّر ًعا‬
‫َك ِاف ِل‬ ‫يب بِا ِإل َجابَِة‬ ‫ب قَ ِر ٍ‬ ‫لَِر ٍّ‬
‫س ْر َع ٍة‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ت س َه ُام اللْي ِل َت ْه ِوي ب ُ‬
‫فَجاء ْ ِ‬
‫ََ‬
‫ُمَتغَ ِاف ِل‬ ‫إلى ظَالِ ٍم َع ْن ظُل ِْم ِه‬
‫ْب ِفي َو ْس ِط نَ ْح ِر ِه‬ ‫ت نَِيا َط الَْقل ِ‬ ‫َصابَ ْ‬
‫أَ‬
‫بِالبِ ِل‬ ‫ان َو َحِّر‬ ‫فَآب بِ َخسر ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫َّاب نَ ِاد ًما‬
‫اب َوالن ِ‬ ‫َف ُق ْم قَا ِر ًعا لِلَْب ِ‬
‫َعَلى َما َجَرى َوأَقَْب َل َعَلْي ِه َو َسائِ ِل‬
‫الدْنَيا فَال َت ْرج َن ْف َع ُه ْم‬ ‫َوأََّما َبنُو ُّ‬
‫فَال ُم ْرَتَقى ِمْن ُه ْم ُي ْر َجى لَِنا ِز ِل‬
‫ت األَنَ َام َفَل ْم أ َِج ْد‬ ‫فَِإنِّي َتَت ْبع ُ‬
‫ت أ َْو ُم َع ِاذ ِل‬ ‫اس ٍد أَو َش ِام ٍ‬ ‫ِسوى ح ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫َفَل ْم أ ََرى أَنْ َكى لِل َْع ُدِّو ِم َن ُّ‬
‫الد َعا‬
‫اص ِل‬‫ت بِالْمَن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َكَرمي بَنْب ٍل أُوتَر ْ َ‬
‫اهلل ِفي ُك ِّل َحالٍَة‬ ‫ع َغْير ِ‬
‫فَال تَ ْد ُ َ‬
‫يع الْ َخل ِْق طًُرا َو َعا ِز ِل‬ ‫ِ‬
‫َو َخ ِّل َجم َ‬
‫ود َوال َْم ِّن َوال َْعطَا‬ ‫ك يا َذا الْج ِ‬
‫ُ‬ ‫َسأَلْتُ َ َ‬
‫ود َوَت ْعُفو َع ْن ُعَبْي ِد َك يَا َولِي‬ ‫تَ ُج ُ‬
‫اعونًا َو ِر ْجًزا َونِْق َم ًة‬‫َوُت ْر ِس َل طَ ُ‬
‫ان َو َقْتالً لَِقاتِ ِل‬ ‫وطَ ْعًنا لِطََّع ِ‬
‫َ‬
‫ص ْحبِ ِه ْم‬ ‫َّالل َو َ‬‫اب الض ِ‬ ‫َحَز ِ‬‫َي ْعم أل ْ‬

‫‪212‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اج ٍل َغْير ِ‬
‫آج ِل‬ ‫اب َع ِ‬ ‫بِس ْو ِط َع َذ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّار َعلَى ُك ِّل قَ ِاه ِر‬
‫ك َقه ٌ‬ ‫فَِإنَّ َ‬
‫الب لِ ُك ِّل ُم َحا ِو ِل‬
‫َوأ َْم ُر َك َغ ٌ‬
‫صال ًة ال َتَن َاهى َعلَى الَّ ِذي‬ ‫َوأَ ْز َكى َ‬
‫لَهُ أنْ َش َّق ِإ َيوا ٌن لِ ِك ْسَرى بَِبابِ ِل‬
‫الصَبا‬
‫ت َّ‬ ‫َصحاب ما َهبَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُم َح َّمد َواأل ْ َ ُ َ‬
‫اهلل زيْ ِن ال َْم َح ِاف ِل‬
‫ول ِ‬ ‫آل ر ُس ِ‬
‫َو َ‬
‫ِ‬
‫ك َويُ َذ ُّل فِي ِه أ َْه ُل‬ ‫اعتِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اللَّ ُه َّم أَبْ ِر ْم هَل ذه األ َُّمةُ أ َْم َر ُر ْش د يُ َع ُّز في ه أ َْه َل طَ َ‬
‫ث ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫يه بِ الْمعر ِ‬ ‫ك وي ْؤمر فِ ِ‬
‫وف َويُْن َهى في ِه َع ِن الْ ُمْن َك ِر َويُ َز ُال بِ ِه َما َح َد َ‬ ‫َ ُْ‬
‫ِِ‬
‫َم ْعص يَت َ َ ُ َ ُ‬
‫يم ٍة َك ِرميَ ٍة‬ ‫ٍ ِ ٍ ِ‬ ‫اص ي وحَي يا بِ ِه ب َدهُل ا ما أ ُِم ِ‬ ‫ات ومع ِ‬ ‫ٍ‬
‫يت م ْن ُس نَّة َوغ َرية َوش َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫بِ َد ٍع َو ُمْن َك َر َ َ َ‬
‫َّك َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِدي ٍر َوبِا ِإل َجابَِة َج ِدير ‪.‬‬ ‫إِن َ‬
‫وف َقنا لِ َما‬ ‫ك أَ ْن تُ ِّ‬‫اوات واألرض نَ ْس أَلُ َ‬ ‫الس م ِ‬ ‫ِ‬
‫وم يَا بَ ديع َّ َ‬ ‫اللَّ ُه َّم يَا َح ُّي يَا َقيُّ ُ‬
‫َح ِس ْن َعاقِبََتنَا َوأَ ْك ِر ْم َم ْث َوانَا ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬ ‫ِِ‬
‫ص الَ ُح ديننَا َو ُد ْنيَانَا ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫في ه َ‬
‫ِ ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَى حُمَ َّم ٍد َو َعلَى آلِ ِه‬ ‫مِحِ‬ ‫ني بَِرمْح َتِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫جِل ِ‬
‫ني ‪َ ،‬و َ‬ ‫ك يَا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫َو َمي ِع املُ ْس لم َ‬
‫ص ْحبِ ِه أَمْج َعنِي َ ‪.‬‬
‫َو َ‬
‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫ب احْلِ َم َار َويُ ْر ِد ُ‬
‫ف َخ ْل َف هُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّ َم ُمَت َواض ًعا َك ا َن َي ْر َك ُ‬ ‫َك ا َن َ‬
‫بن َزيْ ٍد ‪َ ،‬وقَ ْد‬ ‫ُس َامةَ َ‬ ‫ف أَ‬ ‫ف ُم َع اذ بن َجبَ ٍل َوأ َْر َد َ‬ ‫ض نِ َس ائِِه َوأ َْر َد َ‬
‫ف َب ْع َ‬
‫َف َق ْد أ َْر َد َ‬
‫ال َر ُج ٌل‬ ‫الح َش ٍاة َف َق َ‬‫إص ِ‬ ‫َص َحابَهُ بِ ْ‬ ‫الم َكا َن يِف َس َف ٍر َوأ ََم َر أ ْ‬ ‫الس ُ‬ ‫ي َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالةُ َو َّ‬ ‫ُر ِو َ‬
‫آخ ُر ‪َ :‬علَ َّي‬ ‫‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫آخ ُر ‪َ :‬علَ َّي َس ْل ُخ َها ‪ .‬وق ال َ‬ ‫ول اهلل َعلَ َّي َذحْبُ َها ‪ .‬وق ال َ‬ ‫َ َُ‬
‫طَْب ُخ َها ‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ب )) ‪َ .‬ف َق الَوا‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه و َس لَّم ‪ (( :‬و َعلِ َّي مَج ْ ُع احْلَطَ ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل َ‬ ‫َف َق َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت أَنَّ ُك ْم تُ ْك ُف ونَيِن َولَ ِك ْن أَ ْك َرهُ أَ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ول ِ ِ‬
‫ال ‪َ (( :‬عل ْم ُ‬ ‫ك الْ َع َم َل َف َق َ‬ ‫اهلل نَكْفي َ‬ ‫‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫أَمَتََّيَز َعلَْي ُك ْم ‪َ ،‬وإِ َّن اهللَ ُس ْب َحانَهُ َوَت َع اىل يَ ْك َرهُ م ْن َعْب ده أَ ْن َي َراهُ ُمتَ َمِّيًزا َبنْي َ‬
‫ال لَ هُ‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّم خَي ْ ِد ُم ُهم َف َق َ‬ ‫َّجاشي َف َق َام َ‬
‫أَصحابِِه )) ‪ .‬وقَ ْد جاء وفْ ُد الن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َْ‬
‫ني ‪َ ،‬وأَنَا أ ُِح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب أَ ْن‬ ‫َص َحابِنَا ُم ْك ِرم َ‬ ‫ك ‪ ،‬قَ َال ‪ (( :‬إِن َُّه ْم َك انُوا أل ْ‬ ‫َص َحابُهُ ‪ :‬نَكْفي َ‬ ‫أْ‬
‫أُ َكافَِئ ُه ْم )) ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬أَتَى رس ُ ِ‬
‫ب بز‬ ‫ص اح َ‬ ‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّم َ‬ ‫ول اهلل َ‬ ‫َُ‬ ‫َو َع ْن ابْ ِن عُ َم َر قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ا ِر‬ ‫يص ا بِأ َْر َب َع ة َد َراه َم فَ َخ َر َج َو ُه َو َعلَْي ه ‪ ،‬فَ ِإ َذا َر ُج ٌل م َن األَنْ َ‬ ‫اش َتَرى مْن هُ قَم ً‬ ‫فَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اك اهلل ِمن ثِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬يا رس َ ِ ِ‬
‫يص‬
‫ع الْ َقم َ‬ ‫اب اجْلَنَّة َفَن َز َ‬ ‫يص ا َك َس َ ُ ْ َ‬ ‫ول اهلل ا ْكس يِن قَم ً‬ ‫َف َق َ َ َ ُ‬
‫يص ا بِأ َْر َب َع ِة َد َر ِاه َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اش َتَرى مْن هُ قَم ً‬ ‫وت فَ ْ‬ ‫ب احْل انُ ِ‬
‫ص اح ِ َ‬
‫ِ‬
‫فَ َك َس اهُ إِيَّاهُ مُثَّ َر َج َع إىل َ‬
‫يك‬‫ال ‪ (( :‬ما يب ِك ِ‬ ‫ان ‪ ،‬فَِإذَا ُه َو جِب َا ِريٍَة مَتْ ِشي يِف الطَِّر ِيق َتْب ِكي َف َق َ‬ ‫وب ِقي معه ِدرمَه ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ َ َ ََُ ْ َ‬
‫اش رَتِ ي هِبِ َما َدقِي ًقا َف َهلَ َكا فَ َدفَ َع‬ ‫يل أ َْهلِي ِد ْرمَهَنْي ِ ْ‬ ‫اهلل َدفَ َع إِ َّ‬ ‫ول ِ‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫)) ؟ قَالَ ْ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّم إِلَْي َها الد ِّْرمَهَنْي ِ الْبَاقَِينْي ِ ‪.‬‬ ‫النَّيِب ُّ َ‬
‫َخ ْذ ِت الد ِّْرمَهَنْي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪َ (( :‬ما يُْبكيك َوقَ ْد أ َ‬ ‫اها َف َق َ‬ ‫ت َوه َي َتْبكي فَ َد َع َ‬ ‫مُثَّ َولَّ ْ‬
‫ِ‬
‫ص ْوتَهُ مُثَّ‬ ‫ض ِربُويِن فَ َم َش ى َم َع َها إىل أ َْهل َها فَ َس لَّ َم َف َعَرفُ وا َ‬ ‫اف أَ ْن يَ ْ‬ ‫َخ ُ‬ ‫ت ‪:‬أَ‬ ‫)) ‪َ .‬ف َق الَ ْ‬
‫ث َفَر ُّدوا ‪.‬‬ ‫َع َاد فَ َسلَّ َم مُثَّ َع َاد َفَثلَّ َ‬
‫يدنَا‬‫َحبَْبنَا أَ ْن تَ ِز َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ (( :‬أ ََما مَسِ ْعتُ ْم أ ََّو َل َّ‬
‫الس ِ‬
‫الم )) ‪َ .‬ف َقالَوا ‪َ :‬ن َع ْم َولَك ْن أ ْ‬ ‫َف َق َ‬
‫وها‬‫ض ِربُ َ‬ ‫َش َف َقت َه ِذ ِه اجْلَا ِريَةُ أَ ْن تَ ْ‬ ‫ال ‪ (( :‬أ ْ‬ ‫ك بِأَبِينَا َوأ ُِّمنَا قَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ِمن َّ ِ‬
‫الس الم فَ َما أَ ْش َخ َ‬
‫)) ‪.‬‬
‫ص لَّى‬ ‫اك معها َفب َّش رهم رس ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ول اهلل َ‬ ‫صاحُب َها ه َي ُحَّرةٌ ل َو ْجه اهلل ل َم ْم َش َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫قَ َ َ‬
‫اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّم بِاخْلَرْيِ َواجْلَن َِّة ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يص ا َو َر ُجالً ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وق ال ‪ (( :‬لَ ْق َد بَ َار َك اهلل يِف الْ َع َش َر ِة َك َس ا اهللُ نَبِيَّهُ قَم ً‬
‫يص ا َوأ َْعتَ َق ِمْن َها َرقَب ةً َوأَمْح َ ُد اهللَ ُه َو الَّ ِذي َر َز َقنَا َه َذا بِ ُق ْد َرتِ ِه )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ص ا ِر قَم ً‬ ‫األَنْ َ‬
‫َخَر َجهُ الطََّبَرايِن ّ َك َما يِف جَمْ َم ِع الزوائد ( يف ‪ 9‬ص ‪. )13‬‬ ‫أْ‬
‫احتِ ِه َو َرمْح َتِ ِه وعن‬ ‫ِ‬ ‫يث ي ْش ه ُد لَِتو ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّم َومَسَ َ‬ ‫اض عه َ‬ ‫َف َه َذا احْلَد ُ َ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنس َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قَ َ‬
‫ال إِ ْن َك انَت األ ََم ةُ م ْن إِ َم اء الْ َمدينَ ة لَتَأْ ُخ ُذ بِيَ د النَّيِب َ‬
‫ص لَّى‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫ت رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ث َشاءَ ْ‬ ‫اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّم َفَتْنطَل ُق بِِه َحْي ُ‬

‫‪215‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وعن األ ِ‬


‫ت َعائَ َش ة َرض َي اهللُ َعْن َها َما َك ا َن النَّيِب ُّ‬ ‫َس َود بن يَِزي د قَ َال َس أَلْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ت ‪َ :‬ك ا َن يَ ُك و ُن يِف ِم ْهنَ ِة أ َْهلِه ‪َ ،‬ي ْعيِن‬ ‫ِِ‬
‫ص نَ ُع يِف َبْيت ه قَ الَ ْ‬
‫ِ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّم يَ ْ‬ ‫َ‬
‫ضَر ِت َّ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫الصالةُ َخَر َج إىل الصالة ‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬ ‫خ ْد َمة أ َْهله فَِإذَا َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب احْلَ َس ُن ظَ ْه َرهُ‬ ‫ص لِّي َف َرك َ‬ ‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ه َو َس لَّم يُ َ‬ ‫َو َد َخ َل احْلَ َس ُن َوالنَّيِب ُّ َ‬
‫ض‬ ‫ود ِه َفلَ َّما َف َر َ‬ ‫اج ٌد فَأبطَ أَ ص لَّى اهلل علَي ِه وس لَّم يِف س ج ِ‬ ‫وه و س ِ‬
‫غ قَ َال لَ هُ َب ْع ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََُ َ‬
‫ِ‬
‫ت أَ ْن أ َُع ِّجلَهُ )) ‪.‬‬ ‫ال ‪ (( :‬إِن ابْيِن ْارحَتَلَيِن فَ َك ِر ْه ُ‬ ‫ود َك قَ َ‬ ‫ت ُس ُج َ‬ ‫َص َحابِه لََق ْد أَطَْل َ‬
‫أْ‬
‫ت َعائِ َشةُ َر ِض َي اهللُ َعْن َها‬ ‫َص َحابَهُ َوقَالَ ْ‬‫ط أْ‬ ‫اس ُ‬‫و َكا َن صلَّى اهلل علَي ِه وسلَّم يب ِ‬
‫ُ َ ْ َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض َّحا ًكا ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اهلل ‪ ‬إِ َذا َخال يِف َبْيته أَلْنَيَ الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس بَ َّس ًاما َ‬ ‫َكا َن َر ُس ُ‬
‫ال ‪ :‬رأَيت رس َ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص لَّى اهللُ‬ ‫ول اهلل َ‬ ‫َو َعن الَْب َراء ب ِن َع ا ِزب َرض َي اهللُ َعْن هُ قَ َ َ ْ ُ َ ُ‬
‫اض بَطْنِ ِه ‪.‬‬ ‫علَي ِه وسلَّم يوم األ ِ ِ‬
‫اض َبيَ َ‬ ‫اب َوقَ ْد َو َارى الَْبيَ ُ‬ ‫َحَزاب َيْنق ُل التَُّر َ‬ ‫َ ْ َ َ َْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ال َكا َن رس ُ ِ‬ ‫أنس َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قَ َ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْيه َو َسلَّم َيعُ ُ‬
‫ود‬ ‫ول اهلل َ‬ ‫َُ‬ ‫َو َع ْن ٍ‬
‫ب احْلِ َم َار َولَ ْق َد َرأ َْيتُ هُ َي ْو ًما‬ ‫ِ‬ ‫يِت‬ ‫ِ‬
‫يض َويَ ْش َه ُد اجْلَنَ ائَز َويَ أْ َد ْع َو َة الْ َم ْملُ وك َو َي ْر َك ُ‬ ‫الْ َم ِر َ‬
‫ِ‬ ‫مِح‬
‫يف ‪.‬‬ ‫َعلَى َا ٍر ِخطَ ُامهُ ل ٌ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل‬ ‫ب إِلَي ِهم ِمن رس ِ‬
‫َح َّ ْ ْ ْ َ ُ‬ ‫ص أَ‬ ‫وعن أنس رضي اهلل عنه ما ك ا َن َش ْخ ٌ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫وم وا ل َما َي ْعلَ ُم و َن ِم ْن َكَراهيَتِ ِه ل َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْيه َو َس لَّم َو َك انُوا إ َذا َرأ َْوهُ مَلْ َي ُق ُ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّم‬ ‫وعن احلس ِن ر ِض ي اهلل عنه أَنَّه ذَ َك ر رس َ ِ‬
‫ول اهلل َ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اب ‪َ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ُدونَ هُ احْل َج ُ‬ ‫اب َوال َي ُق ُ‬ ‫ال ‪ :‬ال َواهلل َما َك ا َن يُ ْغل ُق ُدونَ هُ األ َْب َو ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫اح َعلَْي ِه هِبَا َولَ ِكنَّهُ بَا ِر ًزا َم ْن أ ََر َاد أَ ْن‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫يُ ْغ َدى َعلَْيه باجْل َفان َوال يَُر ُ‬

‫‪216‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫س الْغَلِي َظ‬ ‫ِ‬


‫وض ُع طَ َع ُام هُ ب األرض َو َي ْلبَ ُ‬ ‫س بِ األرض َويُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يُْل َقى نَيِب َّ اهلل لَقيَ هُ َك ا َن جَيْل ُ‬
‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ف َب ْع َدهُ َو َي ْل َع ُق َواهلل يَ َدهُ َ‬ ‫ب احْلِ َم َار َويُْر ِد ُ‬ ‫َو َي ْر َك ُ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّم َفلَ َّما‬ ‫َن َر ُجالً أَتَى النَّيِب َّ َ‬ ‫َو َع ْن ُقَبْيس ب ِن أَيِب َح ا ِزٍم أ َّ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّم ‪َ (( :‬ه ِّو ْن‬ ‫ال لَ هُ النَّيِب َ‬ ‫اس َت ْقَبلَْتهُ ِر ْع َدةٌ َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫قَ َام َبنْي َ يَ َديْ ه ْ‬
‫يد )) ‪.‬‬ ‫ت تَأَ ُك ُل الْ َق ِد َ‬ ‫ش َكانَ ْ‬ ‫ت َملِ ًكا إِمَّنَا أَنَا ابْ ُن ْامَرأ ٍَة ِم ْن ُقَريْ ٍ‬ ‫ك فَِإيِّن لَ ْس ُ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫المهُ َعلَْي ِه َح ْس ًما لِ َم َو ِّاد الْ ِكرْبِ َوقَطْ ًعا لِ َذ َرائِ ِع‬ ‫ِ‬
‫ات اهلل َو َس ُ‬ ‫صلَ َو ُ‬ ‫ك َ‬
‫وإِمَّنَا قَ َ ِ‬
‫ال َذل َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫االس ت ْعالء َو َه َذا أَبُو بَ ْك ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ْف ِ ِ‬ ‫ا ِإل ْعج ِ‬
‫س َوبَط ِر َها َوتَ ْذليالً ل َس طْ َوة ْ‬ ‫َش ِر َّ‬‫اب َو َك ْس ًرا أل َ‬ ‫َ‬
‫لض َع َف ِاء مِم َّْن َح ْولَ هُ أَ ْغنَ َام ُه ْم‬ ‫ب لِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َرض َي اهللُ َعْن هُ َك ا َن َقْب َل أَ ْن َيَت َوىَّل اخْل الفَ ةَ حَيْل ُ‬
‫ِ‬
‫ب لَنَا َمنَ ائِ ُح َدا ِرنَا فَ َس ِم َع َها‬ ‫ول ‪ :‬الَْي ْو َم ال حُتْلَ ُ‬ ‫َفلَ َّما َويِل َ اخْلِالفَ ةَ مَسِ َع َجا ِريَ ةً َت ُق ُ‬
‫احبَتِ َها يَا َجا ِريَ ةُ‬ ‫ال ‪ :‬بلَى لَعم ِري ألَحلُبنَّها لَ ُكم فَ َك ا َن حَي لِبها ورمَّبَا س أ ََل ص ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َُ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ‬ ‫َف َق َ َ َ ْ‬
‫َرغ ورمَّب ا قَ الَت ص ِّرح فَ أ ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫َي ذَل َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ت أ ِ َُ َ‬ ‫ُص ِّر ْح َفُرمَّبَا قَ الَ ْ‬ ‫ني أَ ْن أ ُْرغي لَ ك أ َْم أ َ‬ ‫أَحُت بِّ َ‬
‫ت َف َع ْل ‪.‬‬ ‫قَالَ ْ‬
‫الص الةُ َج ِام َعة‬ ‫ِ‬
‫ي َع ْن َع َم َر َر ِض َي اهللُ َعْن هُ أَنَّهُ نَ َادى َّ‬ ‫ك َما ُر ِو َ‬ ‫َو ِمثْ ُل َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفلَ َّما اجتَمع النَّاس ِ ِ‬
‫ص لَّى اهللُ‬ ‫ص لَّى َعلَى النَّيِب ّ َ‬ ‫صع َد الْمْنَبَر فَ َحم َد اهللَ َوأَْثىَن َعلَْيه َو َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّم ‪.‬‬
‫وم‬‫االت يِل ِمن بيِن خَمْ ز ٍ‬ ‫مُثَّ قَ َال ‪ :‬أَيُّها النَّاس لََق ْد رأَيتَيِن أَرعى على خ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ َْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ال لَهُ َعْب ُد الرَّمْح َ ِن‬ ‫َي َي ْوٍم َف َق َ‬‫يب فَأَظَ ُّل الَْي ْو َم َوأ ُّ‬ ‫الزبِ ِ‬ ‫ضةَ ِم َن الت َّْم ِر َو َّ‬ ‫ض َن يِل الْ َقْب َ‬ ‫َفَي ْقبِ ْ‬
‫ك يَا‬ ‫ال ‪َ :‬وحْيَ َ‬ ‫ك ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫ت بَِن ْف ِس َ‬ ‫ص ْر َ‬ ‫ت َعلَى أَ ْن قَ َّ‬ ‫ني َما ِز ْد َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ :‬واهلل يَا أَم َري الْ ُم ْؤمن َ‬
‫ِ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ض ُل‬ ‫ني فَ َم ْن أَفْ َ‬ ‫ت يَا أَم ريُ الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫ت أَنْ َ‬ ‫ت فَ َح َّد َثْتيِن َن ْفس ي َف َق الَ ْ‬ ‫ابْ َن َع ْوف إِيِّن َخلَ ْو ُ‬
‫ت أَ ْن أ َُعِّر َف َها َن ْف َس َها ‪.‬‬ ‫ك فَأ ََر ْد ُ‬ ‫ِمْن َ‬

‫‪217‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ش َعلَّ َ‬ ‫ض ْع لَِر ِّ‬


‫ِش ْعًرا‪َ :‬تَوا َ‬
‫ج‬

‫ك ُت ْرفَ ُع‬ ‫ب ال َْع ْر ِ‬


‫اب َعْب ٌد لِل ُْم َهْي ِم ِن يَ ْخ َ‬
‫ض ُع‬ ‫فَ َما َخ َ‬
‫ك إِنَّهُ‬‫اهلل َقلَْب َ‬ ‫و َدا ِو بِ ِذ ْك ِر ِ‬
‫َ‬
‫ألَ ْشَفى َد َو ًاء لِْل ُقلُ ِ‬
‫وب َوأَْنَف ُع‬
‫يع‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضع تَ ُكن َكالنَّجم الح لَِن ِ‬
‫اظ ِر‬
‫صَف َحات ال َْماء َو ُهَو َرف ُ‬ ‫َعلَى َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫آخر‪َ :‬تَوا َ ْ ْ‬
‫يع‬ ‫ِ‬
‫ْجِّو َو ُهَو َوض ُ‬
‫ِ‬
‫إلى طََبَقات ال َ‬ ‫ان َي ْرفَ ُع َن ْف ِسهُ‬ ‫الد َخ ِ‬‫ك َك ُّ‬ ‫َوال تَ ُ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ص لَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َس لَّم قَ َ‬ ‫ِ‬
‫َو َع ْن أَيِب ُهَر ْي َرةَ َرض َي اهللُ َعْن هُ َع ِن النَّيِب ّ َ‬
‫اع ألَجبت ولَو أُه ِدي إِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت )) ‪.‬‬ ‫يل ذ َراعٌ لََقبِْل ُ‬ ‫يت إىل ُكَر ٍ َ ْ ُ َ ْ ْ َ‬ ‫(( لَ ْو ُدع ُ‬
‫ف َوال يَ ْس تَ ْكرِب ُ أَ ْن‬ ‫ال َك ا َن رس ُ ِ‬ ‫َو َع ْن بن أَيِب أ َْوىف قَ َ‬
‫ول اهلل ‪ ‬ال يَ أْنَ ُ‬ ‫َُ‬
‫اجتَ هُ َو َع ْن أَنَس َر ِض ي اهللُ َعْن هُ أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن‬ ‫َ‬ ‫ني َفَي ْقض ي لَ هُ َح َ‬ ‫مَيْش ي َم َع األ َْر َملَ ة َوالْ ِم ْس ك ْ‬
‫ول ِ‬ ‫ِ‬
‫اج ةً قَ َال ‪ (( :‬يَا‬ ‫ك َح َ‬ ‫اهلل إِ َّن يل إِلَْي َ‬ ‫ت يَا َر ُس َ‬ ‫ْامَرأَةً َك ا َن يف َع ْقل َها َش ْيءٌ َف َق الَ ْ‬
‫ك )) ‪ .‬فَ َخال َم َع َها‬ ‫ومي حىَّت أَقُ وم مع ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫ت قُ ِ‬ ‫َي طَ ِري ٍق ِش ْئ ِ‬ ‫الن ُخ ِذي يِف أ ِّ‬ ‫أ ُُّم فُ ٍ‬
‫اجَت َها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ضى َح َ‬ ‫ول اهلل ‪ ‬يُنَاجيَا َحىَّت قَ َ‬ ‫َُ‬
‫تدخل على النيب ‪ ‬وكان‬ ‫ُ‬ ‫كنت أ ََرى امرأًَة‬ ‫ُ‬ ‫َوقَالَت عائشة رضي اهلل عنها‬
‫ال ‪ (( :‬يا عائش ةُ َه ِذ ِه‬ ‫لي َف َعلِ َم ذلك ِمين ف َق َ‬ ‫ك َع َّ‬
‫ٍ‬
‫يُ ْقبِ ُل عليها حِب َ َف َاوة فَ َش َّق ذل َ‬
‫هد ِمن اإلميان ))‪.‬‬ ‫كانَت َت ْغشانا أيام خ ِدجية وإن حسن الع ِ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ت ‪ :‬وهلل در القائل ‪:‬‬
‫ُقْل ُ‬
‫اك ِفي‬ ‫اس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِعْن َد ُّ‬
‫السُرو ِر الَّذي َو َ‬
‫ِ‬
‫َوإِ َّن أ َْولَى ال َْمَوالي أَ ْن ُتَوالَيهُ‬
‫المْن ِز ِل‬ ‫املن ِ‬ ‫إِن ال ِ‬
‫ألفهم في َ‬ ‫ْح ُز َنكا َن يَ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ْكَر َام إذا ما أَيْ َس ُروا ذَ َك ُروا‬
‫س‬ ‫اهلل ‪ ‬جَي لِ‬
‫ول ِ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ضي اهللُ َعْنهُ وأَيِب ذَ ٍّرال َخقَِشاالِن‬ ‫وعن أَيب هريرةَ ر ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َْ َ َ‬ ‫ََْ‬

‫‪218‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ب ظَه رايِن أ ِِ ِ‬


‫هم ُه َو َحىَّت يَ ْس أ ََل فَطَلَْبنَا إىل‬ ‫يب فَال يَ ْدري أَيْ ُ‬ ‫َص َحابه َفيَجيءُ الْغَ ِر ُ‬ ‫ْ‬ ‫َنْي َ ْ َ‬
‫ني‬‫اهلل ‪ ‬أَ ْن جَيْ َع ل جَمْلِس ا َي ْع ِرفُ هُ الْغَ ِريب إِ َذا أَتَ اهُ َفَبَنْينَا لَ هُ ُد َّكانًا ِم ْن ِط ٍ‬ ‫ول ِ‬ ‫رس ِ‬
‫َُ‬
‫ُ‬ ‫َ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ َك ا َن جَي لس علَي ِه وجَنْل جِب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت يَا‬ ‫ت ُق ْل ُ‬ ‫س َانبِي ه َو َع ْن َعائ َش ةَ َر ِض َي اهللُ َعْن َها قَ الَ ْ‬ ‫ْ ُ َْ َ ُ‬
‫ال ‪ (( :‬ال بَ ْل آ ُك ُل‬ ‫ك قَ َ‬ ‫َّكئًا فَِإنَّهُ أ َْه َو ُن َعلَْي َ‬ ‫اهلل ُك ل جعلَيِن اهلل فِ َد َاك مت ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ‬
‫س الْ َعْب ُد )) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َكما يأْ ُكل الْعب ُد وأ ِ‬
‫س َك َما جَيْل ُ‬ ‫َجل ُ‬ ‫َ َ ُ َْ َ ْ‬
‫الم‬ ‫ك يُ ْق ِرئُ َ‬ ‫ال إِ َّن َربَّ َ‬ ‫اهلل ‪َ ‬جاءَيِن َملَ ٌ‬ ‫ول ِ‬
‫الس َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ك َف َق َ‬ ‫ت قَ َال َر ُس ُ‬ ‫َو َعْن َها قَالَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َش َار يِل‬ ‫ت إىل جرْبِ ي ُل فَأ َ‬ ‫ت نَبِيًّّا َمل ًكا َفنَظَ ْر ُ‬ ‫ت نَبِيًّا َعْب ًدا َوإِ ْن ش ْئ َ‬ ‫ول إِ ْن ش ْئ َ‬ ‫َو َي ُق ُ‬
‫ال َك ا َن‬ ‫اهلل بن أَيِب أ َْوىَف قَ َ‬ ‫ك َف ُق ْلت ‪ (( :‬نَبِيًّا عب ًدا )) ‪ .‬وعن عب ُد ِ‬ ‫ض ْع َن ْف َس َ‬
‫َ َ ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ص ُر اخْلُطْبَ ةَ َوال يَ أْنَ ُ‬ ‫الص ال َة َويُ َق ِّ‬‫الذ ْكَر َويُِق ُّل اللَّ ْغ َو َويُ ِطي ُل َّ‬ ‫اهلل ‪ ‬يُكْثِ ر ِّ‬
‫ُ‬
‫ول ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫اجَت ُه َما ‪.‬‬ ‫وال يسَتْن ِكف أَ ْن مَيْ ِشي مع األَرملَ ِة والْ ِمس ِك ِ ِ‬
‫ني َي ْقضي هَلَُما َح َ‬ ‫ََ َْ َ ْ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ص ابٍَة ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ي َر ِض َي اهللُ َعْن هُ قَ َ‬ ‫ٍِ‬
‫ت يِف ع َ‬ ‫ال ُكْن ُ‬ ‫َو َع ْن أَيب َس عيد اخْلُ َد ِر ّ‬
‫ض ِمن الْعُ ْري َوقَ ا ِر ٌ‬ ‫ض ُه ْم يَ ْس تَرِت ُ بَِب ْع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ئ لَنَا َي ْق َرأُ َعلَْينَا‬ ‫ين َجال ًس ا َوإِ َّن َب ْع َ‬ ‫الْ ُم َه اج ِر َ‬
‫هلل الَّ ِذي َج َع َل ِم ْن أ َُّميِت‬ ‫ال النَّيِب ‪ (( : ‬احْل م ُد ِ‬
‫َْ‬
‫اب ِ‬
‫اهلل َف َق َ‬ ‫فَ ُكنَّا نَس تَ ِمع إِىل كِتَ ِ‬
‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل ‪َ ‬و ْس طَنَا لَي ْع َد َل‬ ‫س َر ُس ُ‬ ‫ُص ِّبَر َم َع ُه ْم َن ْفس ي )) ‪ .‬مُثَّ َجلَ َ‬ ‫ت أَ ْن أ َ‬ ‫َم ْن أُم ْر ُ‬
‫َّام َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة‬ ‫اج ِرين بِالنُّو ِر الت ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َعاليك الْ ُم َه َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ (( :‬أَبْش ُروا َم َعاش َر َ‬ ‫َبْيَننَا بَِن ْف ِس ِه َف َق َ‬
‫مائة َع ِام ))‪.‬‬ ‫ك مَخْس ِ‬ ‫تَ ْدخلُو َن اجْل نَّةَ َقبل األَ ْغنِي ِاء بِنِ ِ ٍ ِ‬
‫صف َي ْوم َو َذل َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬
‫ِذ ْك ُر َش ْي ٍء ِم ْن ُم ْع ِج َزاتِِه ‪‬‬
‫ك ال َْعابِ ُد ال ُْمَت َه ِّج َد‬ ‫صلَّى َعلَْي َ‬
‫َو َ‬ ‫اهلل ِمنَّا تَ ِحيَّ ًة‬
‫ول ِ‬ ‫ك َر ُس َ‬ ‫ِش ْعًرا‪ :‬إِلَْي َ‬
‫نَبِ ُّي ُه َد ًى لِألَنْبَِي ِاء ُمَؤيَّ ُد‬ ‫اهلل َه ٍاد َو ُم ْهَت ٍد‬ ‫ول ِ‬ ‫ت َر ُس ُ‬ ‫فَأَنْ َ‬
‫ِّد ُه األَيَّ ُام ُي ْر َوى َوُيْن َش ُد‬
‫تُ َجد ُ‬ ‫ال َح َّسا ٌن َو ِفي ِّ‬
‫الش ْع ِر‬ ‫َوقَ ْد قَ َ‬
‫وح َويُ ْش ِه ُد )‬ ‫ِ‬
‫من اهلل َم ْش ُهو ٌد َيلُ ُ‬
‫ِ‬ ‫(َشأَ ِاهغٌَُّرد َعلَْي ِه لِلنُُّبَّوِة َخاتِ ٌم‬
‫س ال ُْمَؤ َّذ ُن‬‫ال ِفي الْ َخ ْم ِ‬ ‫إِ َذا قَ َ‬ ‫اس َم النَّبِ ّي إلى‬
‫ض َّم ا ِإللهُ ْ‬
‫( َو َ‬
‫أَ ْش َه ُد )‬ ‫اس ِم ِه‬
‫ْ‬

‫‪219‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫بِِه ُم ْؤِمًنا َحًّقا لَِربِّي ُمَو َّح ُد‬ ‫ال إِنَّنِي‬ ‫ْت َشبِ ًيها بِالَّ ِذي قَ َ‬ ‫َف ُقل ُ‬
‫لَِي ْق ِرنَهُ ِعْن َد النِّ َد َاء ال ُْمَو َّح ُد‬ ‫فَال ُي ْقَب ُل الت َّْو ِحي ُد إِال بِ ِذ ْك ِر ِه‬
‫ات تَ ُد ُّل َوتَ ْش َه ُد‬ ‫ولَ ِكن بِآي ٍ‬ ‫اء يَ ْد ُعونَا بِغَْي ِر َداللٍَة‬
‫َ ْ َ‬ ‫َو َما َج َ‬
‫يل َويُ ْسَن ُد‬ ‫وما َز َال س َ ٍ ِ‬ ‫ع َح َّن َش ْوقًا ِإلى‬
‫اعات يَم ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫اك َج ْذ ٌ‬ ‫َو َم ْن َذ َ‬
‫ْح ُد‬‫ك ويل ِ‬
‫ش ُّ َ ُ‬ ‫َفَيا َع َجًبا ِم َّم ْن يَ ُ‬ ‫ْج ْذ ِع‬ ‫ضا س ِمعوا صوتًا ِمن ال ِ‬
‫الر ْدَ َ ُ َ ْ‬ ‫َوِّقَ‬
‫ت بِغَْز ٍر َح ِاف ٍل َيَتَزيَّ ُد‬ ‫فَ َد َّر ْ‬ ‫اك َشا ٌة ِخلَْو ُة الضَّْر ِع‬ ‫َبوِّيِمًناْن َذ َ‬
‫ع َمآل َن أَْبَر ُد‬ ‫أ ََوانِي ِه َما َوالضَّْر ُ‬ ‫ان فَأَْتَر َعا‬ ‫َمفَقَّس َامها إِلَْي َها الْحالِب ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسار إلى الْبْي ِ‬
‫س يُطَْر ُد‬ ‫َمس َير َة َش ْه ٍر َوار ًدا لَْي َ‬ ‫س لَْيَل ًة‬ ‫ت ال ُْمَق َّد ِ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬
‫اك َفَي ْس َع ُدوا‬ ‫الشْر ِك َذ َ‬ ‫وق َن أ َْه ُل ِّ‬ ‫لي ِ‬
‫ُ‬ ‫يُ ْخِّبُر بِال ِْعي ِر الَّتِي ِفي طَ ِر ِيق ِه‬
‫الص ْد ُق ِف َيها وي ِ‬
‫وج ُد‬ ‫َُ‬ ‫ُي َعايَ ُن ِمْن َها ِّ‬ ‫ب قَالَها‬ ‫اك أَ ْخَب ٌار َع ْن الْغَْي ِ‬ ‫َوِم ْن َذ َ‬
‫إِلَْي ِه َو َه ْل َف ْو َق النُُّبَّوِة ُس ْؤ َد ُد‬ ‫اهلل ِإ ْذ َكا َن َو ْحيُهُ‬ ‫ؤد ُد ُه بِ ِ‬
‫س َ‬ ‫فَ ُ‬
‫ض َّل بِِه َق ْو ٌم َو َق ْو ٌم بِِه ُه ُدوا‬ ‫فَ َ‬ ‫ص ِاد ٍق‬ ‫فَأَظ َْهَر بِاإلسالم َد ْعَو َة َ‬
‫اج ٍة َيَتَفَّر ُد‬ ‫ِ‬
‫إِ َذا َما َخال في َح َ‬ ‫يحة‬ ‫ِ ِ‬
‫َح َج ٌار َعَلْيه فَص َ‬ ‫تُ َسلِّ ُم أ ْ‬
‫تُ َم ّج ُده إِ َّن النَّبِ َّي ُم ُم َّج ُد‬ ‫َصَواتَِها ِفي طَ ِر ِيق ِه‬ ‫ِ‬
‫َويُ ْس َم ُع م ْن أ ْ‬
‫ب ال ُْمَت َعبِّ ُد‬ ‫رآها بحير َّ ِ‬ ‫َوأَنْ َشأَ َربِّي ُم ْزنًَة َف ْو َق َرْأ ِس ِه‬
‫الراه ُ‬ ‫َ َ ُ َْ ُ‬
‫يم َعَلْي ِه َما أَقَ َام َفَي ْر ُك ُد‬ ‫ِ‬ ‫تُظَلِّلُهُ ِمن ُك ِّل حٍّر ي ِ‬
‫تَق ُ‬ ‫صيبُهُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ال لَ ُه ْم َه َذا النَِّب ُّي ُم َح َّم ُد‬ ‫َفَق َ‬ ‫ت ال ُتَفا ِر ُق َرْأ َسهُ‬ ‫َوِإ ْن َس َار َس َار ْ‬
‫َس ِخ ٌي َحيِ ُّي َعابِ ٌد ُمَتَز ِّه ُد‬ ‫حِليم ر ِحيم لَيِّن مَتو ِ‬
‫اض ٌع‬ ‫َ ٌ َ ٌ ٌ َُ‬
‫َوقَ َال آخَر‪:‬‬
‫ت َبَو ِاد ِيه أل َْه ِل ال َْمغَا ِر ِ‬
‫ب‬ ‫الح ْ‬‫فَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نَب ٌّي تَ َس َامى في ال َْم َشا ِرق نُ ُ‬
‫ور ُه‬
‫ت بِِه األَ ْخَب ُار ِفي ُك ِّل‬ ‫اع ْ‬ ‫َو َش َ‬ ‫أََتْتَنا بِِه األَْنباء َقبل م ِج ِ‬
‫يئه‬ ‫َُ َْ َ‬
‫بهم ِمْنها رجوم الْ َكو ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الس ْم ِع ِج ٌّن َفَزَّيلَ ْ‬ ‫استَِر َ‬
‫اك ِ‬
‫ب‬ ‫َ ُُ ُ َ‬ ‫َمَجَقاناعَِد ُ‬ ‫ت‬ ‫اق َّ‬ ‫َو َر َام ْ‬

‫‪220‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬‫اضح ِ‬ ‫ِ‬
‫لطُول ال َْع َمى م ْن َو َ‬ ‫َه َدانَا إلى َما لَ ْم نَ ُك ْن َن ْهَت ِدي لَهُ‬
‫يب ُم َع ِاق ِ‬ ‫بجبَّا ٍر ُمثِ ٍ‬ ‫ِِِ‬ ‫وجاء بِآي ٍ‬
‫ب‬ ‫اَلد َْمالئَذ ُلاه َ‬ ‫ات َتَبيَّ َن أََّن َها‬ ‫َََ َ‬
‫ب ال َْم َشا ِر ِ‬
‫ب‬ ‫اد ُق ْر َ‬ ‫َوقَ ْد َع ِد َم ال ُْو َّر ُ‬ ‫وع ال َْم ِاء َبْي َن َبَنانِِه‬ ‫فَ ِمْن َها ُنبُ ُ‬
‫ب‬‫ف ال َْم َذانِ ِ‬ ‫بِأَ ْعَن ِاق ِه طَْو ًعا أَ ُك ُّ‬ ‫ت‬ ‫َس َهلَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َفَر َّوى بِه َج ًّما َغف ًيرا َوأ ْ‬
‫َوِم ْن َقْب ُل لَ ْم تَ ْس َم ْح بِ َم ْذ ِق ِه‬ ‫س َس ْه ِم ِه‬ ‫ت بِال َْم ِاء ِم ْن َم َّ‬ ‫َوبِْئ ٍر طَغَ ْ‬
‫ب‬‫ف َحالِ ِ‬ ‫صغَى إلى َك ِّ‬ ‫بٌة تَ ْ‬ ‫بَِِهشا ِر ِدَِّر‬ ‫اسَت َد َّر َولَ ْم يَ ُك ْن‬ ‫ض ْر ٍع َمَر ُاه فَ ْ‬ ‫َو َ‬
‫ب‬ ‫اص ِ‬ ‫لِ َكْي ِد َع ُدِّو لِلْع َداو ِة نَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫اع ُمَب َين ًة‬ ‫يح ِم ْن ِذ َر ِ‬ ‫صٍ‬ ‫ونُط ِْق فَ ِ‬
‫َ‬
‫يب ال َْمآتِي ُم ْسَت ِج ُّم ال َْع َجائِ ِ‬ ‫ات َو َحتَّى أَتَى بِِه‬ ‫وِمن َت ْل ُكم اآلي ِ‬
‫ب‬ ‫قَ ِر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫بَِليغًا َولَ ْم يَ ْخطَُر َعَلى َقل ِ‬
‫ْب‬ ‫رت األَفْ َك ُار َعْنهُ َفَل ْم يَطَ ْع‬ ‫َتَقاص ِ‬
‫َ‬
‫ب َمر َام ال ُْم ْسَت ِمر ال ُْمَوا ِر ِ‬ ‫وَخفَ ِ‬
‫اط َِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ات َ‬ ‫َ‬ ‫احَتَوى ُك َّل‬ ‫َحَوى ُك َّل عل ٍْم َو ْ‬
‫ف‬ ‫صِ‬ ‫ف ُم ْسَت ْم ٍل َوال َو ْ‬ ‫ص ْح ِ‬ ‫َوال ُ‬ ‫أَِتَحانَْاك َم ٍةبِِه ال َع ْن َر ِويَِّة ُم ْرتَئِ َي‬
‫ت وو ْع ِظ م َخ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫ُيَواتِ ِيه طَْو ًرا ِفي إِ َجابَِة َسائِ ِل‬
‫ب‬ ‫اط ِ‬ ‫ُ‬ ‫ََوكإِ ْاتفَتباء ُم ْسَت ْف َ َ‬
‫ب‬‫ص َمآ ِر ِ‬ ‫ث َونَ ِّ‬ ‫ص أَح ِاديِ ٍ‬ ‫ض َشَرائِ ِع‬ ‫ان َو َف ْر ِ‬ ‫ان بر َه ِ‬ ‫وَِ‬
‫َوقَ ِّ َ‬ ‫إيت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫يف‬‫يف ِذي ج ْحد وَتو ِق ِ‬ ‫وَت ْع ِر ِ‬ ‫يت ُح َّجة‬ ‫يف أ َْمثَ ٍال َوَتثْبِ َ‬ ‫ص ِر ِ‬ ‫َوتَ ْ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الت الْغََرائِ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوك ِعِْن ِ‬ ‫َّادي َو ِفي َح ْو َم ِة‬ ‫و ِفي مجم ِع الن ِ‬
‫ب‬ ‫اذ َدب ُح ُدوث ُ‬
‫الم ْع َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ب‬‫يم ال َْم َعانِي ُم ْسَت ِد َّر الضََّرائِ ِ‬ ‫قَ ِو َ‬ ‫ت ِم ْن طُُرقَاتِِه‬ ‫ْوْتِغَيى َعَلى َما ِشْئ َ‬ ‫اَفليَأ‬
‫ب‬‫ظ َم ْعَن ُاه بَِعْي ِن ال ُْمَر ِاق ِ‬‫الح ُ‬‫ي ِ‬ ‫ضا َكأَنَّ َما‬ ‫ض َب ْع ً‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫صدِّق مْنهُ الَْب ْع ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ب‬‫َّج ُار ِ‬
‫ول الت َ‬ ‫وم بِطُ ِ‬ ‫ص ْفَن ُاه َم ْعلُ ٌ‬
‫َو َ‬ ‫َو َع ْج ُز الَْو َرى َع ْن أَ ْن يَ ِجيئُوا‬
‫اج ِ‬
‫ب‬ ‫المن ِ‬
‫يبين َ‬ ‫َجَرى في ظُُهو ِر الطَّ َ‬ ‫ب‬ ‫اهلل أَ ْكَر َم ُمْن ِج ٍ‬ ‫ول ِ‬ ‫بَِومَثْكاِلَن َماَر ُس َ‬
‫ب‬‫وءا َو ِفي ُك ِّل َغا ِر ِ‬ ‫ض ً‬ ‫َالح لََنا ُ‬ ‫أ َ‬
‫سالم ِ‬
‫اهلل في ُك ِّل َشا ِر ٍق‬ ‫َ ُ‬ ‫َعَلْي ِه‬

‫ك احْلُ ْسىَن َو ِص َفاتِ َ‬


‫ك الْعُلَى أَ ْن‬ ‫ك بِأَمْسَائِ َ‬
‫وم إِنَّا نَ ْسأَلُ َ‬
‫اللَّ ُه َّم يَا َح ُّي يَا َقيُّ ُ‬

‫‪221‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يَا‬ ‫َّار‬ ‫َع ِز َيز‬ ‫اب آبَائِنَا وأ َُّم َهاتِنَا ِمن النَّا ِر والدِّي ِن والْمظَ امِلِ‬ ‫ِ‬
‫ُت ْعت َق ِرقَ َابنَا َو ِرقَ َ‬
‫يَا َغف ُ‬ ‫يَا‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ مِحِ‬ ‫ني بَِرمْح َتِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫جِل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.‬‬ ‫ني‬
‫الرا َ‬ ‫أ َْر َح َم‬ ‫يَا‬ ‫ك‬ ‫َّار َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َو َمي ِع الْ ُم ْس لم َ‬ ‫َك ِرميُ يَا َس ت ُ‬
‫وصلَّى اهلل علَى حُم َّم ٍد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫َم ْو ِعظَة‬
‫بأن ُك َّل َش ْي ٍء لَهُ ابتداء ال بُ َّد‬ ‫ت ِحكْم ةُ اهلل العلي ِم اخلبري َّ‬ ‫ض ْ‬‫عباد اهلل ا ْقتَ َ‬
‫ِ‬
‫باخلامتة‬ ‫آخر ‪ ،‬والعِ ربةُ‬ ‫له ِمن هِنَاي ٍة ‪ ،‬و ُك َّل َش ي ٍء ل ه أول حْتما ال منَ اص لَ ه ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ًَ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫نسأل اهلل ُح ْسَن َها ‪.‬‬
‫ول ‪ ،‬وال َيْب َقى إال ما‬ ‫ض ي واحلياةُ َت ُز ُ‬ ‫َن األَيام واللي ايل مَت ر والعم ر يْن َق ِ‬ ‫َوأ َّ‬
‫ُ ُُ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ال َواَل َبنُ و َن * إِاَّل َم ْن أَتَى‬ ‫ك ﴿ َي ْو َم اَل يَن َف ُع َم ٌ‬ ‫ِ‬
‫األعمال َيْن َفعُ َ‬ ‫قَد َّْمتَ هُ ِمن صاحل‬
‫س َشْيئاً َواأْل َْم ُر َي ْو َمئِ ٍذ لِلَّ ِه ﴾ ‪.‬‬ ‫ك َن ْفس لَِّن ْف ٍ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫ب َسلي ٍم ﴿ َي ْو َم اَل مَتْل ُ‬
‫اللَّه بَِق ْل ٍ ِ‬
‫َ‬
‫يب ِم ْن َه ْولِ ِه‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫املسلم َخطري فَ إن َم ْوق ًفا م ْن َم َواق ف الْقيَ َام ة تَش ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َمر أَيُّها‬
‫فاأل ُ‬
‫سريا ‪.‬‬ ‫اجلبال ً‬ ‫ُ‬ ‫ورا وتسريُ‬ ‫متور فيه السماءُ ُم ً‬ ‫يوم ُ‬ ‫ال ِولدان َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض ُع ُك ُّل مَح ْ ٍل مَح ْلَ َها َ‬
‫﴿ي ْو َم‬ ‫ت َوتَ َ‬ ‫ض َع ْ‬ ‫تذهل فيه ُك ُّل ُم ْر ِض َعة َع َّما أ َْر َ‬ ‫ُ‬ ‫يَ وم‬
‫احبَتِ ِه َوبَنِ ِيه * لِ ُك ِّل ْام ِر ٍئ ِّمْن ُه ْم َي ْو َمئِ ٍذ َش أْ ٌن‬ ‫َخ ِيه * وأ ُِّم ِه وأَبِ ِيه *وص ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ي ِفُّر الْمرء ِمن أ ِ‬
‫َ َْ ُ ْ‬
‫يب ﴾ ‪.‬‬ ‫ان قَ ِر ٍ‬ ‫ي ْغنِ ِيه ﴾ ﴿ يوم ينَ ِاد الْمنَ ِاد ِمن َّم َك ٍ‬
‫ُ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم الْ ُمتَ َمِّزقَةُ‬‫ال الْ ُمَت َقطَّ َع ةُ َواللُّ ُح ُ‬ ‫صُ‬ ‫ظام الْبَالي ةُ َواأل َْو َ‬ ‫يُنَاد بِاحلش ِر ‪ :‬يَا أَيُّ َتها الْع ُ‬
‫ص ل القض اء ‪َ ،‬فتَ ْخ ُر ُج اخلالئ ُق‬ ‫والش عور املتفرق ةُ ‪ ،‬إن اهلل ي أمركن أن جتتمعن لَِف ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِمن قبورها ‪.‬‬
‫بعض أحوالِِه َج ِدير أن يُ ْسَت َع َّد له بصا ِحل األعمال ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يوما هذا‬ ‫إن ً‬
‫اهلل ُكونُ وا من ال دنيا على َح َذ ٍر وأَ ْكثِ ُروا ِذ ْك ِر َه ِاذم الل ذات‬ ‫فيا ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫ات فَ َك أين بِكم َوقَ ْد َن َقلَ ُكم األَج ُل إىل‬ ‫وتَ َذ َّكروا ما َذه ِ‬
‫ب م ْن أَعم اركم َك ْم َوفَ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫انقضاء ِ‬
‫املدة ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪222‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ني يف اآلث ِام أَعلَى اهلل جَتْرَتِ ُؤن ‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راض املنغمس َ‬ ‫فيا َر َه ائ َن املوت وأع َ‬
‫اس ُدون ‪.‬‬ ‫الن ْقلَ ِة َتتَح ِ‬
‫وحطامها الفاين َتَتنَافَ ُسون ‪ ،‬ويف دار ُ‬ ‫ِ‬ ‫الدنيا‬
‫َ‬
‫وها َونُ ْذبِتُم لطلب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خِب هِب‬
‫أم رمُت ََرا َا َف َع َمرمُت وها َوهُن يتُم عن َت ْزيِين َها َفَز ْخَر ْفتُ ُم َ‬
‫ِ ِ‬
‫وها فَ َش غَلْت ُك ْم بل ذاهتا‬ ‫َجْبتُ ُم َ‬
‫وها َو َد َعْت ُكم اخلداع ةُ الغَ َّر َارةُ ب َد َاوع َيها فَأ َ‬ ‫اآلخ ر ِة فَأَمْهَلتُ ُم َ‬
‫يتم ِمن الكثري باليس ِري وبِ ْعتُم‬ ‫وقمعْت ُكم بِ َش هواهِتَا ِ‬
‫اس ْلتُم عن‬ ‫اجلزيل باحلق ِري َوتَ َك َ‬ ‫َ‬ ‫ورض ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ََ‬
‫يف والت َّْع ِذي ِر ‪.‬‬
‫اجلِ ِد والتَّ ْش ِمري وأقمتم على التَّس ِو ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض وعُ‬ ‫ف َوالْ َو َج ُل َواالس تغ َف ُار ‪َ ،‬وأَيْ َن اخْلُ ُش وعُ َواخْلُ ُ‬ ‫عب اد اهلل أَيْ َن اخْلَ ْو ُ‬
‫التفكر واالعتبار‬ ‫أين‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الدموع على الذنوب اليت تَ َذ ّكُرها َي ُروع ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫َوالبكاءُ وجريان‬
‫‪.‬‬
‫ال اهلل‬ ‫الن َق ِم َو ُمغَ َري ِة النَّعِم واألح وال َوقَ َ‬ ‫فاح ذروا املعاصي فإهنا َجالِبَ ةُ َّ‬ ‫أال ْ‬
‫جل وعال ‪ ﴿ :‬إِ َّن اللّ هَ الَ يُغَِّي ُر َما بَِق ْوٍم َحىَّت يُغَِّي ُرواْ َما بِأَْن ُف ِس ِه ْم َوإِذَا أ ََر َاد‬
‫اللّهُ بَِق ْوٍم ُسوءاً فَالَ َمَر َّد لَهُ َو َما هَلُم ِّمن ُدونِِه ِمن َو ٍال ﴾ ‪.‬‬
‫يم َها َوإِ ْن طَ َال ال يَ ُدوم ‪:‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت َمن َقْبلَكم فَإ َّن َحظَّ َها َم ْش ُؤم وإن نَع َ‬
‫عبَ َاد اهلل ال َتغَُّرنَ ُك ْم الدنيا كمال َغَّر ْ‬
‫ج‬ ‫بِ َما َقَتَل ْ‬ ‫وسا َو َج َّدتَها‬ ‫ت ُّ‬‫ولَو َكانَ ِ‬
‫الدها ال ُتَز َّو ُ‬
‫ت أ َْو َ‬ ‫الدْنَيا َعُر ً‬ ‫َْ‬
‫ويقول األخر ‪:‬‬
‫اء‬
‫ت ب َما َس َ‬ ‫ِسَوى ُم ْوِم ٍ‬
‫س أَ ْفَن ْ ِ‬ ‫س لَ ْم‬ ‫الدْنَيا ِمن ِ‬
‫اإلنْ ِ‬ ‫ت ُّ‬‫ولَو َكانَ ِ‬
‫َْ‬
‫األجلُع ْمَرحَمَهتُاوم وال يَصدنكم الشيطا ُن عما‬ ‫األمل فإن‬ ‫اهلل ال خيدعنكم‬‫ِعتبَ ُكاد ْن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫وس ْل َوةُ‬ ‫ِ‬ ‫خل ُقتم لَ هُ ِم ْن ِعبادة احلي‬
‫املستيقض َ‬ ‫تغرنك األَماين فإهنا حلم‬ ‫ُ‬ ‫القيوم وال‬
‫ضو َن‬ ‫ٍ‬
‫يِف َغ ْفلَة َّم ْع ِر ُ‬ ‫ب لِلن ِ‬
‫َّاس ِح َسابُ ُه ْم َو ُه ْم‬ ‫ال اهلل جل وعال ‪ ﴿ :‬ا ْقَتَر َ‬ ‫احملزون ‪ ،‬قَ َ‬
‫يِف َغ ْفلَ ٍة َو ُه ْم اَل‬ ‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم‬‫﴾ وق ال تع اىل ﴿ وأَن ِذرهم ي وم احْل س ر ِة إِ ْذ قُ ِ‬
‫َ ُْْ ََْ َ َْ‬
‫يُ ْؤ ِمنُو َن ﴾ ‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِش ْع ًرا ‪:‬‬


‫يُِغُّر بِ ِطيب العيش إنسان‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فَال‬ ‫صا ُن‬ ‫ل ُك ِّل َش ْيء إِ َذا َما تَ َّم ُن ْق َ‬
‫َسَّر ُه َزَم ٌن َسآته أَ ْز َمان‬ ‫َمن‬ ‫األمور كما َش َاه ْدَت َها ُد َول‬ ‫ُ‬ ‫هي‬
‫حال لَ َها شا َن‬‫وم على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َو َعالم ال َك ْو ِن ال تَب َقى‬
‫يَ ُد ُ‬ ‫وال‬ ‫محاسنُه‬
‫صان‬ ‫ِ‬ ‫إِ َذا نَبِ ْ‬ ‫الدهر َحْت ًما ُك َّل َسابِغَ ٍة‬
‫ت مشرفيات َوخ ْر َ‬ ‫مز ُق ُ‬ ‫يُ ّ‬
‫ابن ِذي َيَز ٍن َوالْغُ ْم ُد‬
‫كان َ‬ ‫ف لِْلَفَن ِاء ولو‬ ‫ضى ُك َّل سْي ٍ‬
‫َ‬ ‫َوُيْنَت َ‬
‫مدانمنهم أكاليل َوتِيجا ُن‬ ‫غُ َ‬
‫وأين‬ ‫ان ِم َن‬ ‫الملوك ُذووا التِّيج ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أين‬
‫َ‬
‫اسه في ال ُفرس‬ ‫وأين َما َس َ‬ ‫َ‬ ‫اد ِمن إِ ْرٍم‬ ‫شاد ُه َش َّد ُ‬
‫وأين ما َ‬ ‫يَم ِنَ‬
‫ساسان َعا ٌد َو َشدا ٌد َوقَ ْحطا ُن‬ ‫وأين‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫وأين ما َح َاز ُه قَ ُارو ُن ِمن َذ َه ٍ‬ ‫َ‬
‫الكل ما َكانوا‬ ‫َّ‬ ‫ضوا فَ َك َّ‬
‫ان‬ ‫َحتَّى قَ َ‬ ‫أَتَى على الْ ُك ّل أ َْمٌر ال َمَر َّد لَهُ‬
‫َك َما َح َكى َع ْن َخَي ِال الطيف‬ ‫ْك َوِمن‬ ‫وصار ما َكا َن ِمن مل ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ََ َ‬
‫آو ُاه إِ َيوا ُن‬ ‫ِ‬ ‫الزَما ُن َعلَى َد َارا َوقَاتِِل ِه‬ ‫مدِلارٍ‬
‫َوأ َََّمسَنا ُنك ْسرى فَ َما َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ََ‬
‫ك ُّ‬
‫الدْنَيا ُسلَْي َما ُن‬ ‫يوما ولَم يمِل ِ‬ ‫الص ْعب لم يَ ْس ُه ْل لَهُ‬ ‫َكأَنَّ َما َّ‬
‫َْ ً َ ْ َْ‬
‫َحَزا ُن‬ ‫ولِ َّلزم ِ‬ ‫بُع َّ‬
‫الد ْه ِر أَنْوا ٌ‬ ‫فََسبَجائُِ‬
‫ات َوأ ْ‬ ‫ان َم َسِّر ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ع ُمَنَّو َعةٌ‬
‫َو َما لِ َما َح َّل بِاإلسالم ُسلَْوا ُن‬ ‫ب ُسلَْوا ُن ُي َّه ِوُن َها‬ ‫صائِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َولل َْم َ‬
‫َح ٌد َوإِْن َه َّد َث ْهال ُن‬‫وى لَهُ أ َ‬ ‫َه َ‬ ‫ْج ِز َير َة أ َْمٌر ال َعَزاء لَهُ‬ ‫هى ال َ‬ ‫َد َ‬
‫ت ِمْنهُ أَقْطَ ٌار َوبلدان‬ ‫َحتَّى َخَل ْ‬ ‫َص َاب َها ال َْعْي ُن ِفي اإلسالم‬ ‫أَ‬
‫َوأَيْ َن ُق ْرطبةٌ أ َْم أَيْ َن َجيَّا ُن‬ ‫َتب َلنسي ًة ما َشأ ُن مر ٍ‬
‫سية‬ ‫فَ ْإرتَزْأ‬
‫ُْ‬ ‫فاسأل ْ َ ْ َ َ‬
‫اض لَهُ َشا ُن‬ ‫ب َفيَّ ٌ‬ ‫ِ‬
‫َوَن ْه ُر َها الْع ْذ ُ‬ ‫ص َو َما تَ ْح ِو ِيه ِم ْن ُنَز ٍه‬ ‫ِ‬
‫َوأَيْ َن ح ْم ٌ‬
‫فيها لَهُ َشا ُن‬ ‫من ٍ‬ ‫َك َذا طَُليطلةٌ دار العلُ ِ‬
‫عالم قَ ْد َس َما َ‬ ‫وم فَ َك ْم‬ ‫َُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ُس ٌد بَِها َو ُه ُم في َ‬
‫الح ْر ِ‬
‫ب ُع ْقَبا ُن‬ ‫أْ‬ ‫الجهاد َو َك ْم‬ ‫َوأَيْ َن غُْرناطةٌ َد ُار‬

‫‪224‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الْ ُخل ِْد َع ْدنَا ُن‬ ‫َكأََّن َها ِمن ِجَن ِ‬


‫ان‬ ‫َوأَيْ َن َح ْمَر ُاؤ َها ال َْعلَْيا َو ُز ْخ ُر ُف َها‬
‫ْ‬
‫لم َتْبَقى أركا ُن‬ ‫َع َسى البقاءُ ِإ َذا‬ ‫البالد فَ َما‬ ‫ِ‬ ‫اع ٌد ُك َّن أَر َكا َن‬ ‫َقو ِ‬
‫َ‬
‫دولَ َها َز ْهٌر َو َريْ َحا ُن‬ ‫قَ ْد َح َّ‬ ‫صو ِر‬ ‫والماء ي ْج ِري بِس ِ‬
‫ف َج َ‬ ‫احات الْ ُق ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫سي َ ِ ٍ‬ ‫ب يَ ْح ِكي ِفي‬
‫ْجّو لَ ْم َعا ُن‬ ‫وف هْند لَ َها في ال َ‬ ‫ُُ‬ ‫بهاْه ُر َها ال َْع ْذ ُ‬ ‫َوَن‬
‫ٍ ِ‬ ‫سلن ِ ِ ِ‬
‫آي َو ُف ْرقَا ُن‬ ‫في ُك ِّل َوقْت بِه ٌ‬ ‫ت‬
‫ور َك ْم ُتلََي ْ‬ ‫ْسلهَجام ُع َها ال َْم ْش ُه ُ‬ ‫تََوأََيْ َ ُ‬
‫س َولَهُ ِفي ال ِْعل ِْم تِْبَيا ُن‬ ‫ْج ُه ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُم َد ِّر ٌ‬ ‫ول ُه َدى‬ ‫َو َعالم َكا َن فيه لل َ‬
‫الد ْم ُع ِمْنهُ َعلَى الْ َخ َّديْ ِن طُوفَان‬ ‫َو َّ‬ ‫اض ٌع ِ‬
‫هلل ُمْبَت ِه ٌل‬ ‫و َعابِ ٌد َخ ِ‬
‫َ‬
‫ْك َوغُْربا ُن‬ ‫احتِ َها ُفل ٌ‬ ‫ت بِ َس َ‬ ‫أ ُْر َس ْ‬ ‫َوأَيْ َن َمالَِقةٌ َم ْر َسى المراكب َك ْم‬
‫ون لَهُ ِح ْذ ٌق َوتِْبَيا ُن‬ ‫و ِذي ُفنُ ٍ‬
‫َ‬ ‫اع ٍر فَ ِط ٍن‬ ‫اخِلها ِمن َش ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َك ْم بِ َد َ ْ‬
‫َو َجن ٍَّة َح ْولَ َها َن ْهٌر َوبُ ْسَتا ُن‬ ‫َو َك ْم بِ َخا ِر ِج َها ِم ْن َمْنَز ٍه ٍ‬
‫فرج‬
‫ال َو ُف ْر َسا ُن‬ ‫َوأَيْ َن يَا َق ْو ُم أَبْطَ ُ‬ ‫َّها‬
‫الز ْهَرا َو ُقَبت َ‬ ‫َوأَيْ َن َج َارُت َها َّ‬
‫الز ْعَفر ِ‬
‫الح ْس ِن‬‫َرأى َشِب ًيها لَ َها في ُ‬ ‫ان َف َه ْل‬ ‫َوأَيْ َن بَ ْسطَةُ َدا ِر َّ َ‬
‫ض ِه أ َْه ٌل َو ِولْ َدا ُن‬ ‫سكا ِيهُن ِمن أَر ِ‬ ‫إَِتنْب َِ‬
‫ْ‬ ‫َو َك ْم ُش َجاع َز ِع ٍيم في الو َغى‬
‫ْ ْ‬
‫َو َر َّد َت ْو ِحي َد َها ِش ْر ٌك َوطُ ْغَيا ُن‬ ‫ت بِالْ ُك ْف ِر َع ِامَر ًة‬ ‫طلِاديًا َمن َغ َد ْ‬ ‫بَو َوٍ‬
‫ْم بَ ْحٌر لَهُ َشا ُن‬ ‫قُط ِ ِ‬ ‫َك َذا الْمريَّةُ َدار َّ ِ ِ‬
‫ْب ب َها عل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ين فَ َك ْم‬ ‫الصالح َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ْف َهْي َما ُن‬ ‫َكما ب َكى لِِفر ِاق ا ِإلل ِ‬ ‫ضاء ِمن أَس ٍ‬
‫ف‬ ‫َتْب ِكي ال ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْحنيفيةُ الَْبْي َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َحتَّى ال َْمَنابَِر َتْب ِكي َو ِه َي ِعي َدا ُن‬ ‫َحتَّى ال َْم َحا ِريب َتْب ِكي َو ِه َي‬
‫ت َولَها بِالْ ُك ْف ِر ُع ْمَرا ُن‬ ‫قَ ْد أَ ْقَفَر ْ‬ ‫عَجَل ِامىَدة ِديَا ٍر ِم ْن اإلسالم َخالَِي ٍة‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ث الْمس ِ‬
‫صلَْبا ُن‬‫يس َو ُ‬ ‫في ِه َّن إال َنَواق ٌ‬ ‫ت‬‫اج َد قَ ْد أ َْم َس ْ‬ ‫َحْي ُ َ َ‬
‫ت ِفي ِس ٍنة فَ َّ‬
‫الد ْه ُر َي ْقظَا ُن‬ ‫إِ ْن ُكْن َ‬ ‫الد ْه ِر َم ْو ِعظَةٌ‬ ‫سالً َما َولَهُ ِفي َّ‬ ‫يََاكَنائِ َغ َِاف‬
‫المرء أ َْوطَا ُن‬
‫َ‬ ‫أََب ْع َد ِح ْم ٍ‬
‫ص َتغُُر‬ ‫اشيا َم ِر ًحا ُي ْل ِهيهُ َم ْوطَنُهُ‬
‫َو َم ً‬

‫‪225‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الد ْه ِر نِ ْسَيا ُن‬


‫َو َما لَ َها َم ْع طَ ِو ِيل َّ‬ ‫ت َما َتَق َّدَم َها‬ ‫ْك ال ِ‬
‫ْمص َيبةُ أَنْ َس ْ‬ ‫تِل َ‬
‫السْب ِق عقبا ُن‬ ‫َكأََّن َها ِفي َم َج ِال َّ‬ ‫ض ِامَر ًة‬ ‫اق الْ َخْي ِل َ‬ ‫ين ِعَت َ‬ ‫ِِ‬
‫يَا َراكب َ‬
‫َكأََّن َها ِفي ظَ ِ‬
‫الم اللَّْي ِل نِ َيرا ُن‬ ‫وف الْ ِهْن ِد ُم ْر َهَف ًة‬ ‫ين ُسيُ َ‬ ‫ِِ‬
‫َو َحامل َ‬
‫لَ ُه ْم بِأ َْوطَانِِه ْم َعٌز َو ُس ْلطَا ُن‬ ‫ين َو َر َاء الن َّْه ِر ِفي َد َع ٍة‬ ‫ِِ‬
‫َو َراتع َ‬
‫يث الَْق ْوِم ُر ْكَبا ُن‬ ‫َفَق ْد سرى بِح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫س‬‫أ َِعْن َد ُك ْم َنَبأَ ِم ْن أ َْم ِر أَنْ َدلُ ِ‬
‫َسَرى َو َقْتلَى فَال َي ْهَت ُز إِنْ َسا ُن‬ ‫أْ‬ ‫الر َجال‬ ‫صَن ِادي ُد ِّ‬ ‫يث َ‬ ‫َك ْم يَ ْسَت ِغ ُ‬
‫ِ‬
‫ص ٌار َوأَ ْعَوا ُن‬ ‫أ ََما َعلَى الْ َخْي ِر أَنْ َ‬ ‫مم‬
‫ات لَ َها ه ٌ‬ ‫وس أَْبَي ٌ‬ ‫ِإَوالُه ْم ُنُف ٌ‬
‫َوطُ ْغَيا ُن‬ ‫َسطَا َعَلْي ِه ْم بَِها ُك ْفٌر‬ ‫صَر ِة َق ْوٍم قُ ِسموا‬ ‫ِ‬
‫يَا َم ْن لنُ ْ‬
‫الْ ُك ْف ِر‬ ‫والْيوم ُهم في ُقي ِ‬
‫ود‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ ْ‬ ‫س َكانُوا ُملُو ًكا ِفي َمَنا ِزل ِهم‬ ‫بِاأل َْم ِ‬
‫الذ ِل أَلَْوا ُن‬
‫اب ُّ‬ ‫َُعْبَلْيَدِاه ُْمن ِم ْن ثَِي ِ‬ ‫يل لَ ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫َفَل ْو َتَر ُاه ْم َحَي َارى ال َدل َ‬
‫َحَزا ُن‬
‫ك أْ‬ ‫اسَت ْهَوتْ َ‬
‫ك األ َْم ُر َو ْ‬ ‫لَ َهالَ َ‬ ‫اهم ِعْن َد بِ ِيع ِه ْم‬ ‫ت بُ َك ُ‬ ‫َولَْو َرأَيْ َ‬
‫اح َوأَبْ َدا ُن‬ ‫ِ‬ ‫يا ر َّ ِ‬
‫َك َما ُتَفّر َق أ َْر َو ٌ‬ ‫يل َبْيَن ُه َما‬ ‫ب ط ْفل َوأ ٍُّم ح َ‬ ‫َ ُ‬
‫وت َو ُم ْر َجا ُن‬‫َكأَنَّ َما ِه َي يَاقُ ٌ‬ ‫س إِذ‬ ‫الش ْم ِ‬‫َوطَف َل ٍة ِمثْ َل ُح ْس ُن َّ‬
‫إسالم َوِإيما ُن‬
‫ٌ‬ ‫ِإ ْن َكا َن ِفي الَْقل ِ‬
‫ْب‬ ‫ْب ِم ْن‬ ‫وب الَْقل ُ‬ ‫ت َه َذا يَ ُذ ْ‬ ‫لِطَملَثَْعِل ْ‬
‫ْج َه ِاد بَِها ِم ْن طَالِ ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ت َجنَّةُ ال َْمأ َْوى لَ َها َشا ُن‬ ‫َتَز ْخَرفَ ْ‬ ‫ب َفَلَق ْد‬ ‫ََهك َْملد لل َ‬
‫ب بَِه َذا الْ َخْي ِر ُش َج َعا ُن‬ ‫ت َو َر ِّ‬ ‫فَ َاز ْ‬ ‫ور َوال ِولْ َدا ُن ِمن‬ ‫ْح ُ‬ ‫ف ال ُ‬ ‫َوأَ ْشَر َ‬
‫الصال ُة َعَلى ال ُْم ْخَتا ِر ِم ْن‬ ‫ف َّ‬ ‫ثغُمر ٍ‬
‫الصَبا َو ْاهَتَّز أَ ْغ َ‬
‫صا ُن‬ ‫ب ِر ُ‬
‫يح َّ‬ ‫َما َه َّ‬ ‫ُ ََّ‬
‫ض ٍرنقلناها من مقامات احلريري ‪:‬‬ ‫هذه منظومة م‬
‫وعظية‬
‫َُ‬
‫الم ْرتَبِ ِع‬ ‫و ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َخ ِل اد َك َار األ َْرب ِع‬
‫الم ْع َهد ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫َو َع ِّد َعْنهُ َو َد ِع‬ ‫َّع‬
‫المَود ِ‬‫َوالظَّاع ِن ُ‬
‫ت ِف ِيه ُّ‬
‫الص ُحَفا‬ ‫َسَّو َد َ‬ ‫ب َز َمانًا َسلََفا‬ ‫َوانْ ُد ْ‬
‫الشنِ ِع‬
‫يح َّ‬ ‫َعلَى الَْقبِ ِ‬ ‫َولَ ْم َتَز ْل ُم ْعَت ِكَفاً‬

‫‪226‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َمآثِ ًما أبَ ْد َعْت َها‬ ‫َك ْم لَْيَل ٍة أ َْو َد ْعَت َها‬
‫ض َج ِع‬ ‫في َم ْرقَ ٍد َو َم ْ‬ ‫لِ َش ْهَو ٍة أَطَ ْعَت َها‬
‫َح َدْثَت َها‬ ‫ٍ‬
‫في َخ ْزنَة أ ْ‬ ‫َو َك ْم ُخطَى َحثَثَْت َها‬
‫ب َو َم ْرتَ ِع‬ ‫لِ َمل َْع ِ‬ ‫َوَت ْوبٍَة نَ َكثَْت َها‬
‫ات َوال ُْعلَى‬ ‫السماو ِ‬ ‫َو َك ْم تَ َجَّرْأ َ‬
‫ب َّ َ َ‬ ‫َر ِّ‬ ‫ت َعلَى‬
‫يما تَ َّد ِعي‬ ‫ص َدق َ ِ‬
‫ْت ف َ‬ ‫َ‬ ‫َولَ ْم ُتَر ِاقْبهُ َوال‬
‫ت َم ْكَر ُه‬ ‫َو َك ْم أَِمْن َ‬ ‫ت بَِّر ُه‬ ‫صِ‬ ‫َو َك ْم َغ َم ْ‬
‫الح َذاء ال ُْمَرقَّ ِع‬ ‫َنْب َذ َ‬ ‫ت أ َْمَر ُه‬ ‫َو َك ْم َنَب ْذ َ‬
‫ب‬ ‫ت َع ْم ًدا بِالْ َك ِذ ِ‬ ‫َو ُف ْه َ‬ ‫ت في اللَِّعب‬ ‫ضَ‬ ‫َو َك ْم َر َك ْ‬
‫ِم ْن َع ْه ِد ِه ال ُْمَتبَّ ِع‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫اع َما يَج ْ‬ ‫َولَ ْم ُتَر ِ‬
‫يب َّ‬
‫الد ِّم‬ ‫ب َشآب َ‬
‫اس ُك ْ ِ‬ ‫َو ْ‬ ‫س ِش َع َار النَّ َدِم‬ ‫ِ‬
‫فَالْب ْ‬
‫صَر ِع‬ ‫ِ‬ ‫َقْب َل َز َو ِال الَْق َدِم‬
‫َو َقْب َل ُسوء ال َْم ْ‬
‫رف‬‫َولُ ْذ َمال َذ ال ُْم ْقَت ْ‬ ‫رف‬
‫وع ال ُْم ْعَت ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْع ُخ ُ‬ ‫َواخ َ‬
‫اف ال ُْم ْقِل ِع‬ ‫َعْنهُ انْ ِحَر َ‬ ‫ف‬
‫اك َوانْ َحَر ْ‬ ‫ص َهَو َ‬ ‫َوا ْع ِ‬
‫َو ُم ْعظَ ُم ال ُْع ُم ِر فَنِي‬ ‫الم تَ ْس ُهو وَتَن ِي‬ ‫ِإ َ‬
‫ت بِال ُْم ْرتَ ِد ِع‬ ‫َولَ ْس َ‬ ‫ضُّر ال ُْم ْقَتنِي‬
‫يما يَ ُ‬
‫فَ‬
‫ِ‬
‫س ُخطَ ْط‬ ‫الرْأ ِ‬ ‫ط ِفي َّ‬ ‫َو َخ َّ‬ ‫ب َو َخ ْط‬ ‫أ ََما َتَرى َّ‬
‫الشْي َ‬
‫بَِف ْو ِد ِه َفَق ْد نُِعي‬ ‫ط َّ‬
‫الش َم ْط‬ ‫َو َم ْن يَِل ْح َو ْخ َ‬
‫ص‬ ‫َعَلى ْارتَِي ِاد ال َْم ْخَل ِ‬ ‫صي‬ ‫اح ِر ِ‬
‫س ْ‬ ‫ِ‬
‫َويْ َحك يَا َن ْف ُ‬
‫ُّص َح َو ِعي‬ ‫اسَت ِم ِعي الن ْ‬ ‫َو ْ‬ ‫صي‬ ‫وطَا ِو ِعي وا ْخِل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضى‬ ‫ون َواْنَق َ‬ ‫ِمن الْ ُقر ِ‬ ‫ضى‬‫َوا ْعَتِب ِري بِ َم ْن َم َ‬
‫ُ‬

‫‪227‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َو َح ِاذ ِري أَ ْن تُ ْخ َد ِعي‬ ‫ضا‬ ‫َوأَ ْخ َشى ُمَف َ‬


‫اجأََة الَْق َ‬
‫َو َّاد ِك ِري َو ْشك َّ‬
‫الر َدى‬ ‫َوانْتِ َه ِجي( ُسْب َل ال ُْه َدى‬
‫َوال َْمْن ِز ِل الَْف ْق ِر الْ َخال‬ ‫ت الَْبلَى‬ ‫آها لَهُ َبْي ُ‬ ‫ً‬
‫و ِ‬
‫الالح ِق ال ُْمَتبَّ ِع‬ ‫السْف ِر األُولَى‬ ‫َو َم ْو ِر ِد َّ‬
‫َ‬
‫اسَت ْو َد َع ْه‬ ‫ت يرى من ُأََُ ِ‬
‫ض َّمهُ َو ْ‬ ‫قَ ْد َ‬ ‫ود َع ْه‬ ‫َبْي ٌ ُ َ َ‬
‫الث أَ ْذ ُر ِع‬ ‫َقْي َد ثَ ِ‬ ‫ض ِاء َو َّ‬
‫الس َع ْة‬ ‫َب ْع َد الَْف َ‬
‫ِ‬
‫َداهَيةٌ أ َْو أَْبلَهُ‬ ‫ال َف ْر َق أَ ْن يَ ِحلَّهُ‬
‫ْك ُتبَّ ِع‬ ‫ْك َكمل ِ‬
‫ُمل ٌ ُ‬ ‫أ َْو ُم ْع ِسٌر أ َْو َم ْن لَهُ‬
‫ْحيي وال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض الَّ ِذي‬
‫ْبذي‬ ‫يَ ْح ِوي ال ّ َ‬ ‫َوَب ْع َد ُه ال َْع ْر ُ‬
‫َو َم ْن َر َعى َوَم ْن ُر ِعي‬ ‫َوال ُْمْبَت ِدي َوال ُْم ْحَت ِذي‬
‫َو ِربْ َح َعْب ٍد قَ ْد ُو ِقي‬ ‫َفَيا َمَف َاز ال ُْمتَِّقي‬
‫َو َه ْو َل َي ْو َم ال َْم ْفَز ِع‬ ‫اب ال ُْموبِ ِق‬ ‫ْحس ِ‬ ‫ِ‬
‫وء ال َ‬ ‫ُس َ‬
‫َو َم ْن َت َع َّدى َوطَغَى‬ ‫َويَا َخ َس َار َم ْن َبغَى‬
‫لِ َمط َْع ِم أ َْو َمط َْم ِع‬ ‫ب نِ َيرا َن الَْو َغى‬ ‫َو َش َّ‬
‫قَ ْد َز َاد َما بِي ِم ْن َو َج ْل‬ ‫يَا َم ْن َعَلْي ِه ال ُْمتَّ َك ْل‬
‫ِفي ُع ْم ِري ال ُْم َ‬
‫ضيِّ ِع‬ ‫ت ِم ْن َزلَ ْل‬ ‫اجَتَر ْم ُ‬
‫ل َما ْ‬
‫ِ‬
‫َو ْار َح ْم بُ َك ُاه ال ُْمْن َس َج ْم‬ ‫فَا ْغِف ْر لَِعْب ٍد ُم ْجَت ِر ْم‬
‫َو َخْيَر َم ْد ُعٍّو ُد ِعي‬ ‫ت أ َْولَى َمن َر ِح ْم‬ ‫فَأَنْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫َّأه َ‬‫ك يِف ُقلُوبِنَا َو َق ِّو َها َو َو ِّف ْقنَا ل ُش ْك ِر َك َوذ ْك ِر َك َو ْار ُز ْقنَا الت ُ‬‫اللَّ ُه َّم ثَبت حَمَبَّتَ َ‬
‫ص َحائِِفنَا َكلِ َم ةَ الت َّْو ِحي ِد وا ْغ ِف ْر لَنِا َولَِوالِ َد ْينَا‬ ‫ِ‬
‫اج َع ْل ختَ َام َ‬
‫و ِ ِ ِِ ِ ِ‬
‫االس ت ْع َداد لل َقائ ك َو ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ص لَّى اهللُ َعلَى حُمَ َّم ٍد َو َعلَى آلِ ِه‬ ‫مِحِ‬ ‫ني بَِرمْح َتِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫جِل ِ‬
‫ك يَا أ َْر َح َم ال َّرا نْي َ ‪َ ،‬و َ‬ ‫َو َمي ِع املُ ْس لم َ‬
‫وص ْحبِ ِه أَمْج َعِني ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪228‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ص ٌل )‬‫( فَ ْ‬
‫ْحل ِْم َوآثَا ِر ِه‬
‫في الْمعا َشر ِة وال ِ‬
‫َُ َ َ‬
‫ض ْب ِط َّ‬ ‫اعثَ ِة َعلَى َ‬‫اب الْب ِ‬
‫الن ْف ِ‬
‫س‬ ‫َسبَ ِ َ‬‫َواأل ْ‬
‫س َوالطَّْب ِع ِعْن َد‬ ‫الن ْف ِ‬
‫ط َّ‬ ‫ضْب ُ‬ ‫احْلِْلم لُغَةً األَنَاةُ والْع ْقل لِ َكونِِه سبب احْلِْل ِم و ِ‬
‫الحا َ‬ ‫اصط ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ُ ْ ََ ُ‬ ‫ُ‬
‫احتَ َم َل‬
‫َن َم ْن ْ‬ ‫احتِ َم ِال األَ َذى ِم ْن األ َْدىَن َو ُه َو َي ْر ِج ُع إىل األ ََّو ِل أل َّ‬ ‫ضب أ َْو ْ‬ ‫ان الْغَ َ‬ ‫هيج ِ‬
‫ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫ضب ‪.‬‬ ‫ط َن ْفسهُ عْن َد الْغَ َ‬ ‫األَ َذى َّْن ُدونَهُ َم َع الْ ُق ْد َر ِة َعلَْيه ف َق ْد َ‬
‫ضبَ َ‬
‫ب َوقَا ٍر‬ ‫َي ِص َفةٌ تُو ِر ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث طَلَ َ‬ ‫اض ‪ :‬احْل ْل ُم َحالَةُ ُت َوقُّر َوثَبَات ‪ .‬أ ْ‬ ‫َوقَ َال الْ َقاضي عيَّ ٌ‬
‫اعثَِة َعلَى الْ َع َجلَ ِة يِف‬ ‫ب الْب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َسب ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت يِف األَم ِر و ِ‬ ‫وثُب ٍ‬
‫ضِ َ‬ ‫اب الْ ُم َحِّر َكة ل ْلغَ َ‬ ‫است ْقَرا ٍر عْن َد األ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف اهللُ‬ ‫ص َ‬‫ك طَْب ًعا ال تَ َكلُّ ًفا َوقَ ْد َو َ‬ ‫يما إِال إِذَا َكا َن ذَل َ‬ ‫الْعُ ُقوبَة ‪َ .‬وال يُ َس َّمى الْ َم ْرءُ َحل ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يل َعلَْي ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫يم ﴾ ‪َ .‬و َك َما قَ َال‬ ‫ألواهٌ َحل ٌ‬‫يم َّ‬ ‫الم َف َق َال ﴿ إ َّن إ ْبَراه َ‬‫الس ُ‬ ‫يم اخْلَل َ‬ ‫به َسيِّ ُدنَا إ ْبَراه ُ‬
‫يِف َولَ ِد ِه ﴿ َفبَش َّْرنَاهُ بِغُاَل ٍم َحلِي ٍم ﴾ ‪.‬‬
‫قَ َال الش ِ‬
‫َّاع ُر ‪:‬‬
‫ْم ال َْم ْر ِء أَ ْكَر ُم نِ ْسَب ٍة‬ ‫ِ ِ‬
‫أَال إ َّن حل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫تَ َس َامى ب َها عْن َد الْف َخا ِر َحل ُ‬
‫يم‬
‫ك ِحل ًْما فَِإنَّنِي‬ ‫ب َهب لِي ِمْن ِ‬
‫َفَيا َر َّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم لَ ْم َيْن َد ْم َعَلْيه َك ِر ُ‬
‫يم‬ ‫أ ََرى الْحل َ‬
‫اآلخ ُر ‪:‬‬
‫َوقَ َال َ‬
‫الق ُج ْه ِدي‬ ‫ب م َكا ِرم األَ ْخ ِ‬ ‫ِ‬
‫أُح ُّ َ َ‬
‫ِ‬
‫َوأَ ْن أ َ‬
‫ُعابَا‬ ‫َوأَ ْكَر ُه أَ ْن أَع َ‬
‫يب‬
‫ات ِفي‬ ‫فَال َت ْز َه َد ْن ِعْن َد الْمعافَ ِ‬ ‫ت َت ْر ُجو في ال ُْع ُقوبَِة‬ ‫آخر‪ :‬فَِإ ْن ُكْن َ‬
‫َُ‬
‫ض ُل‬
‫ك الَْف ْ‬ ‫يل َك ْي يَ ُكو َن لَ َ‬ ‫اَف َعألْفْ ِ ِ‬
‫َجٌور َجم ٌ‬ ‫ْت ظَالِ ًما‬ ‫احنًِةي ُم ِس ًيئا َكالَّ ِذي ُقل َ‬ ‫آخر‪َ :‬رف َهْبَ‬
‫فَِإ ْن لَم أَ ُكن لِلْع ْف ِو أَهالً لِس ِ‬
‫ت لَهُ أ َْه ُل‬ ‫ت بِِه َج ْهالً فَأَنْ َ‬ ‫أََتْي َ‬ ‫وء‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ َ ْ‬
‫األمال‬
‫رك َ‬ ‫َو َح َاز َقلًْبا ذَ ِكيًّا أ ْد َ‬ ‫ت ِفي النَّاس‬ ‫آخر‪َ :‬ما ُك ُّل َمن َح ُ‬
‫سَن ْ‬
‫ُس ْم َعتُهُ‬

‫‪229‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اك‬
‫َذا ُز ْه ًدا َو َذ َ‬ ‫مثل‬
‫يَ ُك ْن ُ‬ ‫إِ ْن لَ ْم‬ ‫ك‬‫ْب ُم ْد ٍن ِمْن َ‬
‫الس ْم َع َوالَْقل ُ‬
‫َما َّ‬
‫ِ‬ ‫ُتَوقأَ ْكىَر ُه‬ ‫الق ُج ْه ِدي‬ ‫بًة م َكا ِرم األَ ْخ ِ‬
‫َوأَ ْن أ َ‬
‫ُعابَا‬ ‫أَ ْن أَع َ‬
‫يب‬ ‫َحَف َعُّ َ َ‬‫آخر‪ :‬أَمْنُ‬
‫َّاس ِحل ًْما‬‫اب الن ِ‬ ‫َصَف ُح َع ْن ِسَب ِ‬‫َوأ ْ‬
‫السَبابَا‬
‫َّاس َم ْن َي ْهَوى َّ‬ ‫َو َشُّر الن ِ‬
‫وه‬
‫ال َت َهيَّبُ ُ‬
‫الر َج َ‬
‫اب ِّ‬
‫َو َم ْن َه َ‬
‫ال َفلَ ْن ُي َهابَا‬
‫الر َج َ‬
‫َو َم ْن َحَقَر ِّ‬
‫تَ َكلَّ َ‬
‫ف‬ ‫ف َف ُه َو حَتَلُّ ٌم ال ِح ْل ٌم فَِإ َذا‬ ‫ب مع التَّ َكلُّ ِ‬
‫ض ِ ََ‬
‫الن ْف ِ ِ‬
‫س عْن َد الْغَ َ‬ ‫ط َّ‬ ‫ضْب ُ‬‫فَأ ََّما َ‬
‫لَهُ‬ ‫َصبَ َح احْلِْل ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ِإلنْ َسا ُن احْل ْل َم بِأَ ْن َمَّر َن َن ْفسهُ َعلَى َكظْ ِم الْغَْيظ َمَّر ًة َب ْع َد َمَّر ٍة أ ْ‬
‫َع َاد ًة ‪.‬‬
‫اب َسدُّهُ ُشبِّ ِه بِِه‬ ‫َصل الْ َكظْ ِم َش ُّد رأْ ِس الْ ِقرب ِة ِعْن َد ْامتِالئِها و َكظْ ِم الْب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َوأ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ مِم‬ ‫ضِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اجهُ َومْنهُ‬ ‫ب َفلَ ْم َيْنتَق ْم َّْن أ ََه َ‬ ‫ضبَطَ َها عْن َد ْامتالئ َها بالْغَ َ‬ ‫ك َن ْف َسهُ َو َ‬ ‫َم ْن أ َْم َس َ‬
‫ِ‬ ‫فُال ٌن َك ِظ مِب‬
‫س ‪ ﴿ :‬إِ ْذ نَ َادى َو ُه َو َم ْكظُ ٌ‬
‫وم‬ ‫يم َْعىَن مُمْتَل ٌئ ُح ْزنًا قَ َال َت َعاىَل َع ْن يُونُ َ‬ ‫ٌ‬
‫ان ‪.‬‬ ‫﴾ أَي َغيظًا علَى َقو ِم ِه إِ ْذ مَل ي ْؤ ِمنُوا ملا دعاهم إىل ا ِإلميَ ِ‬
‫َّ َ َ ُ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫ان إِال بِإمس ِ‬ ‫ب وال يتِ ُّم ِح ْلم ا ِإلنْس ِ‬ ‫ظ مر ِاد ُ ِ‬
‫ِح ُكلِّ َها ‪:‬‬ ‫اك اجْلََوار ِ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ضِ َ َ‬ ‫ف ل ْلغَ َ‬ ‫َوالْغَْي ُ ُ َ‬
‫ب لَ ْف ٍظ‬ ‫ِ‬ ‫ش واللِّس ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوالت النَّظَ ِر َوأَْقَر ُ‬ ‫ش َوالْ َعنْي ِ َع ْن فُ ُ‬ ‫ان َع ْن الْ ُف ْح ِ‬ ‫الْيَد َع ْن الْبَطْ ِ َ َ‬
‫يُ ْسَت ْع َم ُل ِض َّد احْلِْل ِم التَّ َذ ُّم ُر ‪.‬‬
‫الذنْ ِ‬ ‫اخ َذةَ بِ َّ‬ ‫ِ‬
‫ب ‪،‬‬ ‫ورتَا احْل ْل ِم فَالْ َع ْف ُو َت ْر ُك الْ ُم َؤ َ‬
‫صَ‬ ‫الص ْف ُح َف ُه َما ُ‬ ‫َوأ ََّما الْ َع ْف ُو َو َّ‬
‫ب ‪ .‬بِأَ ْن ال‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬ ‫يب و ُهو حَمْم ٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫ود إ َذا َكا َن َعلَى الْ َو ْجه الذي جَي ُ‬ ‫الص ْف ُح َت ْر ُك التَّثْ ِر َ َ ُ‬ ‫َو َّ‬
‫يل ﴾ َتْنبِ ًيها‬ ‫ِ‬
‫الص ْف َح اجْلَم َ‬ ‫اص َف ِح َّ‬ ‫ال َت َعاىَل ‪ ﴿ :‬فَ ْ‬ ‫الل بِالدِّي ِن ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َّب َعلَْي ِه إِ ْخ ٌ‬ ‫َيَتَرت َ‬
‫َعلَى َما جَيْ ُم ُل ِمْنهُ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ضى الْ َم َق ُام الْعُ ُقوبَةَ ‪،‬‬ ‫ث ا ْقتَ َ‬ ‫ص َف ُح َحْي ُ‬ ‫الص ْف ُح يِف َغرْيِ حَمَلِّه فَال يَ ْ‬ ‫َوأ ََّما َّ‬
‫ين ال َيْن َف ُع فِي ِه ْم إِال الْعُ ُقوبَةُ ‪.‬‬ ‫َكع ُقوب ِة الْمعت ِدين الظَّالِ ِم َّ ِ‬
‫ني الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َْ َ‬

‫‪230‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ث اهلل َتعاىَل علَى َذلِ َ ِِ‬


‫ني َع ِن‬ ‫ني الْغَْي َظ َوالْ َعاف َ‬ ‫ك بَِق ْوله ‪َ ﴿ :‬والْ َكاظم َ‬ ‫َوقَ ْد َح َّ ُ َ َ‬
‫ص َف ُحوا ﴾‬ ‫ال َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬ولَْي ْع ُفوا َولْيَ ْ‬ ‫َّاس ﴾ فَأ ََمَر َج َّل َو َعال بِاحْلِْل ِم َوالْ َع ْف ِو َوقَ َ‬ ‫الن ِ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬فَ َم ْن َع َفا‬ ‫ني ﴾ َوقَ َ‬ ‫ِِ‬ ‫اص َف ْح إِ َّن اللّهَ حُيِ ُّ‬
‫ب الْ ُم ْحسن َ‬ ‫ف َعْن ُه ْم َو ْ‬ ‫اع ُ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬فَ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َح َس ُن فَِإذَا الَّ ِذي‬ ‫ِ‬
‫ال َت َعاىَل ‪ْ ﴿ :‬ادفَ ْع بِالَّيِت ه َي أ ْ‬ ‫َجُرهُ َعلَى اللَّ ِه ﴾ ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫َصلَ َح فَأ ْ‬
‫َوأ ْ‬
‫َّاها إِاَّل‬ ‫بينك وبينه ع َداوةٌ َكأَنَّه ويِل ٌّ مَحِ يم * وما يلَق ِ َّ ِ‬
‫صَب ُروا َو َما يُلَق َ‬ ‫ين َ‬ ‫َّاها إاَّل الذ َ‬
‫ٌ ََ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َْ َ َ َ َْ َ ُ َ َ‬
‫ذُو َح ٍّظ َع ِظي ٍم ﴾ ‪.‬‬
‫وقَ َال الش ِ‬
‫َّاع ُر ‪:‬‬ ‫َ‬
‫صداَقَ ًة‬
‫ْت َ‬ ‫ص َدق َ‬ ‫ص ِد َ‬
‫يقك إِ ْن َ‬ ‫اص ُد ْق َ‬
‫َو ْ‬
‫َوا ْدفَ ْع َع ُد َّو َك بِالَّتِي فَِإ َذا الَّ ِذي‬

‫َف َه َذا‬ ‫الْ َم ِال‬ ‫ض أ َْو‬‫الْعِْر ِ‬ ‫َوأ ََّما إِ ْن َكا َن احْلِْل ُم َعلَى َم ْن َي ْعتَ ِدي َعلَى الدِّي ِن أ َْو‬
‫ِعْن َد‬ ‫ضبِ َط‬ ‫ضيلَ ِة‬‫الذ ِّم َنعم يْنبغِي لِمن ي َدافِع عن الْ َف ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ْفسهُ‬ ‫أَ ْن يَ ْ‬ ‫َْ ُ ُ َْ‬ ‫َغايَة اجْلُنْب ِ َو ُمْنَت َهى َّ َ ْ َ َ‬
‫ف يِف االنْتِ َق ِام ‪.‬‬‫اع فَال يُ ْس ِر ْ‬‫الدفَ ِ‬
‫ِّ‬
‫ع يِف‬ ‫َّم إِلَْي ِه إِنْ َسا ُن مَلْ يَ ْسَت ْع ِم ْل ِّ‬
‫الرفْ َق َوتَ َسَّر َ‬ ‫ظ َفَت َقد َ‬ ‫َن ُم َعلِّ ًما َكا َن يُْل ِقي َد ْر ًسا أ َْو ُه َو يَعِ ُ‬
‫ور ِة ِم ْن أ َّ‬ ‫ويع ِجبيِن جواب ما ذُكِر يِف الْ ِق َّ ِ‬
‫صة الْ َم ْش ُه َ‬ ‫َ ُْ ُ ََ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫اب َما قَالَهُ الشَّْي ُخ‬
‫الص َو َ‬‫َن َّ‬ ‫َخطَأَ َوأ َّ‬ ‫ضى الشَّْي ُخ يِف َش ْرحه مُثَّ َب ْع َد َذل َ‬
‫ك َتَبنَّي َ للنَّاق ْد أَنَّهُ أ ْ‬ ‫االنْت َقاد َو َخطأ الْ ُم َعلِّ َم َج ْهًرا َوالن ُ‬
‫َّاس يَ ْس َم ُعو َن َو َم َ‬
‫ب إِلَْي ِه يِف َبْيتِ ِه ُم ْعتَ ِذ ًرا مِم َّا َفَر َط ِمْنهُ َف َق َال لَهُ الشَّْي ُخ نَظْ ًما َج َوابًا لَهُ ‪:‬‬
‫فَ َذ َه َ‬
‫َّاس َواْنَب َس ْط‬ ‫َجَرى َج ْهًرا لَ َدى الن ِ‬ ‫َجَفاءٌ‬
‫َما َفَر ْط‬ ‫َو ُع ْذ ٌر أَتَى ِسًّرا فَأ َّ‬
‫َك َد‬
‫لي َجَفائِِه‬
‫ظَ َّن أَ ْن يَ ْم ُحو َج َّ‬ ‫َو َم ْن‬
‫أَ ْعظَ ِم الْغََل ْط‬ ‫َخِف ُّي ا ْعتِ َذا ٍر َف ُهَو ِفي‬
‫ص ِد‬ ‫اح الْ َق ْ‬
‫جَنَ ُ‬ ‫َح َس ُن لِيَ ُكو َن ِم ْن َو َرائِِه‬ ‫ِ‬
‫ب أَ ْن يَ ُكو َن بِالَّيِت ه َي أ ْ‬ ‫ِ‬
‫جَي ُ‬ ‫الن ْق ُد‬
‫فَ َّ‬
‫الم َويَأْيِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِإلمْثِ َو َّ‬ ‫الم ِة ِم ْن‬
‫الْ َك َ‬ ‫ف‬‫ب َعلَى الْ ُمْنتَق ُد أَ ْن يُلَطِّ َ‬ ‫الزلَ ِل َو َكا َن الْ َواج ُ‬ ‫الس َ‬
‫َو َّ‬
‫َكا َن ُمَتَيقِّنًا‬ ‫استِ ْف َه ٍام َويَ ْسأ ََل َم ْن َح ْولَهُ َقْب َل أَ ْن َيتَ َكلَّ َم َه َذا إِ َذا‬
‫َو ْ‬ ‫صيغَ ِة ُس َؤ ٍال‬
‫بِ ِ‬

‫‪231‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وف ِم َن الْ َق ْو ِل‬ ‫لِْلخطَِأ وإِال َفبع َد التَّثبُّت يبنِّي لَه َذلِك بِالْ َكلِ ِم الطَّيِّب والْمعر ِ‬
‫َ َ ُْ‬ ‫َ ْ َ ْ َُ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫اعيةٌ إىل التَّم ِادي يِف الْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اط ِل ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َولْيَ ْح َذ ْر م ْن ُخ ُشونَة الْ َكالم فَِإن ََّها ُمَنفَِّرةٌ َو َد َ‬
‫وع لَِر ِّد الْ ُم ْعتَ ِدي ِن َو َر ْد ِع ِه ْم َوإِال‬ ‫ِ‬
‫َو َعلَى احْلَلي ِم أَ ْن ال َيتَ َج َاو َز احْلَ َّد الْ َم ْش ُر َ‬
‫ت جُمََّر ُد الْ ُق َّو ِة الَّيِت‬ ‫اعةُ تَ ْسَت ْل ِز ُم احْلِْل َم أل َّ‬ ‫ِ‬
‫اعةَ لَْي َس ْ‬ ‫َّج َ‬‫َن الش َ‬ ‫َّج َ‬ ‫َكا َن ُمَت َه ِّو ًرا ظَال ًما فَالش َ‬
‫س ِعْن َد‬ ‫ضْب ِط َّ‬ ‫ِ‬ ‫يست ِط هِب‬
‫الن ْف ِ‬ ‫َخطَا ِر بِل ال بُ َّد َم َع َها م ْن َ‬ ‫اج َهةَ األ ْ‬ ‫يع َا الْ َم ْرءُ ُم َو َ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫اع ُسنَ ِن الدِّي ِن ‪.‬‬ ‫ب َحىَّت َيتَ َم َّك َن ِمن إتِّبَ ِ‬ ‫ضِ‬ ‫الْغَ َ‬
‫يط‬ ‫والشَّجاع ِة ِهي احْل ُّد الْوس َط ب ر ِذيلَيِت اجْل ِ والتَّه ُّو ِر فَِفي اجْل ِ َت ْف ِر ِ‬
‫ُنْب‬ ‫ُنْب َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َنْي َ َ‬
‫الم ِة بِأَ ْن يُ ْق ِد َم‬ ‫الس َ‬ ‫اع ِة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّه ُّو ِر إِ ْفَرا ٌط َوَت َع ِّد ل ْل ُح ُدود َويِف الش َ‬
‫َّج َ‬
‫ِ‬
‫يع َوَت ْقصريٌ َويِف الت َ‬ ‫ضيِ ٌ‬‫َوتَ ْ‬
‫ث َيَرى ا ِإل ْح َج َام َح ْز ًما ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ث َيَرى ا ِإلقْ َد َام َع ْز ًما َوحُيْج َم َحْي ُ‬ ‫َحْي ُ‬
‫ف ا ِإلنْ َسا ُن قَ ْد َر َها إِذَا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّب َعلَى احْل ْل ِم آثَ ٌار َجليلَةٌ َو َمنَاف ٌع َعظ َ‬
‫يمةٌ َي ْع ِر ُ‬ ‫َو َيَتَرت ُ‬
‫ور‬
‫ت األ ُُم ُ‬ ‫اضطََربَ ْ‬ ‫ب نَ َار الْ ِفْتنَ ِة فَ ْ‬ ‫وس َو َش َّ‬ ‫الن ُف ِ‬
‫ف َوآثَ َار ُّ‬ ‫ِ‬
‫ب َوآثَ َار الْ َع َواط َ‬ ‫ضُ‬ ‫ص َل الْغَ َ‬ ‫َح َ‬
‫الص َد ُام‬
‫اع َو ِّ‬ ‫ب النَِّز ِ‬ ‫س ُح ُّ‬ ‫الن ْف ِ‬
‫اسَت ْوىَل َعلَى َّ‬ ‫ضاءُ َو ْ‬ ‫ت الْ َع َد َاوةُ َوالَْب ْغ َ‬ ‫استَ ْح َك َم ْ‬
‫ت َو ْ‬ ‫َوَتغََّيَر ْ‬
‫مِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش‬‫ب األ ُُمو ِر َّا جَيُُّرهُ الطَّْي ُ‬ ‫ت َع َواق ُ‬ ‫َّم ُار َونُسيَ ْ‬ ‫ك والد َ‬ ‫وس الْ َفْت ُ‬‫الن ُف ِ‬
‫ب إىل ُّ‬ ‫َو ُحبِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ض ُل‬‫ك َيتََبنَّي ُ َويَظْ َه ُر فَ ْ‬ ‫يم ٍة فَعِْن َد َذل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّه ُّو ُر م ْن بَالء َو َد َمار َو َش َقاء َو َنتَائ َج َوخ َ‬
‫ِ‬
‫َوالت َ‬
‫احْلِْل ِم ‪.‬‬
‫يع إِ َذا‬ ‫ِ‬ ‫فَِإ َّن احْلِْلم إِ َذا أَراد اهلل ي ْدفَع بِِه ه ِذ ِه الشُّرو ِر أل َّ ِ‬
‫يم يَ ْستَط ُ‬ ‫َن احْلَل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ ُ‬ ‫َ‬

‫‪232‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وي َقدِّره َت ْق ِديرا ِ‬ ‫ص ِادقًا‬ ‫ِ‬


‫يحا‬
‫صح ً‬ ‫ً َ‬ ‫َُ ُُ‬ ‫َو َّف َقهُ اهللُ أَ ْن َيْنظَُر إىل ُك ِّل أ َْم ٍر م ْن األ ُُمو ِر نَظًَرا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِبِ‬
‫إىل الْ ُم َخاطََر ِة َويَ ُسوقُهُ‬ ‫ش َفيَ ْد َفعُهُ‬ ‫ب َوالطَّْي ُ‬ ‫ضُ‬‫َويَِزنُهُ َيز ٍان َعاد ٍل فَال يَ ْستَخفُّهُ الْغَ َ‬
‫إىل َما ال قِبَ َل لَهُ بِِه ‪.‬‬
‫اطن اهْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظ ِم ْن الْ ُوقُ ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫الك‬‫وع يِف َم َو ْ َ‬ ‫وء َوحَتْ َف ُ‬ ‫ِع ُّ‬ ‫صار َ‬ ‫فَاحْل ْل ُم َخْيُر ِوقَايَة تَقي َم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وقَ ْد مثَّل الْعُلَماء ل َذلِ َ ِ ِ ِ‬
‫يما ال يَ ْسَتْنفُّزهُ‬ ‫ك أَْمثلَةً مْن َها إ َذا َكا َن احْلَاك ُم َحل ً‬ ‫َ َ َُ‬
‫ت ِمْن َها فَِإنَّهُ يَ ُكو ُن نِ ْع َمةٌ َو َبَر َكةٌ َعلَى َن ْف ِس ِه‬ ‫ضب إىل إِبر ِام األُُمو ِر َقبل التَّثَبِّ ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫الْغَ َ ُ‬
‫ت يِف األ ُُمو ِر َقْب َل إِ ْبَر ِام َها يَ ْسَت ْل ِز ُم الْ َع ْد َل َوإِ ْعطَاءَ ُُك ِّل ِذي‬ ‫َو َعلَى َر ِعيَّتِ ِه أل َّ‬
‫َن التَّثَبِّ َ‬
‫ك تَستَعِ ُد وتَ ُدوم الدَّولَةُ بِِإ ْذ ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ مِب‬
‫اهلل‬ ‫َح ٍّق َحقَّهُ َو َجَزاءَ ُك ِّل َف ْرد َا ُه َو أ َْهلُهُ َوبِ َذل َ ْ َ ُ ْ‬
‫وعْن َد ِعبَ ِاد ِه ‪.‬‬
‫اهلل ِ‬ ‫وَترتَِفع م َكا َنتَه ِعْن َد ِ‬
‫َْ ْ َ ُ‬
‫الر َؤ َساءُ إِذَا َكانُوا ُحلَ َماءَ فَِإن َُّه ْم َي ْر َفعُو َن َع ْن‬ ‫ال الثَّايِن ‪ُّ :‬‬
‫الز َع َماءُ َو ُّ‬ ‫الْ ِمثَ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬‫وم َ‬ ‫ص َ‬ ‫أَْتبَاع ِه ْم إِذَا أ ََر َاد اهللُ َكث ًريا م ْن األَذَى َويَ ْد َفعُو َن َعْن ُه ْم َشَّر التَّنَ ُاز ِع َواخْلُ ُ‬
‫الرفْ ِق‬
‫وء َو ِّ‬‫ض ِهم ومع َغ ِ ِهم فَِإ َّن احْل لِيم مُيْ ِكنه أَ ْن يعالِج األُمور بِاهْل د ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ ُ َ ُُ‬ ‫َ َ ُُ‬ ‫َم َع َب ْع ْ َ َ َ رْي ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َويُ َف ِّكر يِف الْو َسائِ ِل َواأل ْ ِ َّ ِ‬ ‫التلَطُّ ِ‬
‫ص َام‬ ‫َح َق َاد َوالضَّغَائ َن َواخْل َ‬ ‫يل األ ْ‬ ‫َسبَاب اليِت تُز ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َّ‬
‫وي ُكفُّهم عن الشَِّّر ويأْخ َذ ِمْنهم حِبِ ْل ِم ِه ولِينِ ِه ما مَل يست ِطع أَخ ُذه بِ ُق َّوتِِه وج ِ‬
‫اه ِه‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ْ َ َْ ْ ْ ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ ُ ْ َ ْ‬
‫ص ِام ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادةُ الشَِّّر َوحَي ُّل الْ ِوئَ ُام حَمَ َّل اخْل َ‬ ‫َفَتْن َحس ُم َم ّ‬
‫َّص ِفني بِاحْلِْل ِم فَِإنَّهم بِِإ ْذ ِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َي ْهتَ ُدو َن إىل‬ ‫ُْ‬ ‫ضاةُ إِ َذا َكانُوا ُمت َ‬ ‫َوم ْن األ َْمثلَة الْ ُق َ‬
‫اضي الستِم ِ ِ‬ ‫َن سعةً ص ْد ِر الْ َق ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اع مَج ي ِع َما َي ْذ ُك ُرهُ‬ ‫َْ‬ ‫الص َواب َويَظْ َه ُر هَلُ ْم احْلَ ُّق أل َّ َ َ َ‬
‫هم َحىَّت يُ ْدلُوا إِلَْي ِه بِ ُك ِّل ُح َج ِج ِه ْم َويَُبِّينُوا لَهُ ُك َّل َما‬ ‫ِ‬
‫وم َوح ْل ُمهُ َعلَْي ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫اخْلُ ُ‬

‫‪233‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اط احْلَ ِّق َو َم ْع ِرفَِة‬‫استِْنب ِ‬


‫ْ َ‬ ‫ات ِم ْن خَرْيِ الْ َو َسائِ ِل الَّيِت تَِف ُ‬
‫يد يِف‬ ‫يستَ ِطيعونَه ِمن طُر ِق ا ِإل ْثب ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ ُ ْ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ خِبِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫م ْن َن ْفعه َو َخطَأَهُ‬ ‫ضَر َرهُ أَ ْكَث ُر‬‫وب فَِإ َّن َ‬ ‫الْ ُمْبط ِل م ْن الْ ُمح ِّق الف األَمْح َ ِق الْغَ ُ‬
‫ص َوابِِه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أَ ْكَث ُر م ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يما فَِإنَّهُ إِذَا أ ََر َاد اهللُ أَْنتَ َج‬ ‫ِ‬
‫َن الْ ُمَريِّب إذا َكا َن َحل ً‬ ‫ك أ َّ‬ ‫َو ِم ْن األ َْمثِلَ ِة ل َذل َ‬
‫أَحسن النَّتَائِ ِج ويؤ ِّدي أل َُّمتِ ِه أَج َّل اخْلِ َدِم وأَفْضلَها ألَنَّه يستَ ِط حِبِ ِ ِ‬
‫يع ْلمه أَ ْن َيتََبنَّي َ‬ ‫ُ َْ ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ْ ََ‬
‫ب‬‫ب َحالُهُ َحىَّت يَ ِش َّ‬ ‫ِ‬ ‫جِل مِب‬ ‫ِ ِِ‬
‫س الْ َقائم َعلَى َت ْربيَته َفُي َعا َهُ َا يُنَاس ُ‬
‫ِِ‬ ‫ف ِم ْن َن ْف ِ‬ ‫مو ِضع الض َّْع ِ‬
‫َْ َ‬
‫ِ‬ ‫صاحِل ا نَافِعا إِذَا َكا َن قَائِما بَِت ْل ِقينِ ِه الْعِْلم فَِإ َّن ملَق ِ‬
‫يما فَِإنَّهُ‬ ‫ِّن الْع ْل ِم إذا مَلْ يَ ُك ْن َحل ً‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ ً ً‬
‫ص يِف َحيَاتهُ ألَنَّهُ مَيَْنعُهُ ِم ْن ُمنَاقَ َش ِة احْلََقائِ ِق‬ ‫َح َس َن الْ ُفَر ِ‬‫يع َعلَى َم ْن يُ َعلِّ ُمهُ أ ْ‬
‫ِ‬
‫يُض ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الْعِْل ِميَّ ِة الَّيِت يتَم َّكن هِب ا ِمن معرفِةَ ِاخْلَطَِأ ِمن َّ ِ‬
‫ب‬ ‫الص َواب َواحْلَ ِّق م َن الْبَاط ِل َو َيتَ َد َّر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ ْ َْ‬
‫يد ِة لِْل ِف ْك ِر ‪.‬‬
‫هِبَا َعلَى الْ ُمنَاظََر ِة الْ ُم ِف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س الْ ُمَريِّب‬ ‫ك أَثًَرا َسيِّئًا يِف نَ ْف ِ‬ ‫يف إىل َذل َ‬ ‫ك فَِإ َّن الْ ُمَريِّب األَمْح َ َق يُض ُ‬ ‫َو َم َع ذَل َ‬
‫َستَ ِاذ ِه ِم ْن َما بِِه ِم ْن أ َْمَر ٍ‬
‫اض‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اع َك َّسابةٌ َفيَتَأَثَُّر مْنهُ َويَ ْس ِري إِلَْيه م ْن أ ْ‬ ‫َن الطِّبَ َ‬ ‫أل َّ‬
‫َخالقِيَّ ٍة َغالِبًا َويَ ُكو ُن َشًّرا ُمَت َعدِّيًا َعلَى َن ْف ِس ِه َو َعلَى َغرْيِ ِه ‪.‬‬ ‫أْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يما فَِإن َُّه َما‬ ‫الز ْو ُج َم َع َز ْو َجته فَإذَا َكا َن ُكلٌّ مْن ُه َما َحل ً‬ ‫ك َّ‬ ‫َو ِم ْن األ َْمثِلَ ِة ل َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعِ َ ِ‬
‫وها فَال‬ ‫اآلخ ِر َو َي ْرفُ َ‬‫يشان َعْي َشةً َم ْرضيَّةً إِ َذا َكا َن ُكلٌّ مْن ُه َما يُ ْغضي َع ْن َه َف َوات َ‬ ‫َ‬
‫اب وأَْت َف ِهها وإِ ْن وقَع نَ ِادرا َعاجَل اه بِلُطْ ٍ‬ ‫َح َق ِر األ ْ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ف‬ ‫َُ‬ ‫َسبَ َ َ َ َ َ ً‬ ‫اعا ألَيْ َس ِر األ ُُمو ِر َوأ ْ‬ ‫يُث َريان نَز ً‬
‫َّب َعلَى إِظْ َها ِر ِه ِم ْن الضََّرر‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ مِب‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫رصا َعلَى َكْتمه َع ْن األ َْوالد لع ْلمه َما َا َيَتَرت ُ‬ ‫َوح َ‬
‫الق فِي ِه ْم َوانْتِ َق ِال‬ ‫اع األَخ ِ‬ ‫ِ‬
‫وصا ِإَذا َكا َن األ َْبنَاءُ يِف َح ٍّد قَابِ ٍل النْطبَ ِ ْ‬ ‫ص ً‬
‫ِ‬
‫الْ َعظيم ُخ ُ‬
‫ضَر َر احْلَ َماقَِة َش ِدي ٌد ِجدًّا‬ ‫يم َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِّ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫الص َفات إلَْيه ْم فَإ َّن احْل ْل َم يِف َهذه احْلَالَة َم ْوقعُهُ َعظ ٌ‬
‫اجلَةٌ َو َخْيٌر‬ ‫صيب األَبناء ِمن ضر ِر ع َدِم احْلِْل ِم فَاحْلِْلم يِف احْل ِقي َق ِة سعادةٌ ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ل َما يُ ُ َْ َ ْ َ َ َ‬
‫ُسَر ِة بِتَ َم ِام َها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لأل ْ‬
‫ِش ْعًرا ‪:‬‬
‫ْحلُ ُم َعْنهُ لَهُ لِ َج َاما‬
‫فَ َكا َن ال ِ‬ ‫ض ِل ِحل ِْمي‬
‫السِف ِيه بَِف ْ‬
‫ت َعلَى َّ‬
‫َر َج ْع ُ‬

‫‪234‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الما‬ ‫َس ِاف ُههُ َو ُقل ُ‬


‫ْت لَهُ َس َ‬ ‫أَ‬ ‫السَف ُاه َفلَ ْم يَ ِج ْدنِي‬
‫َوظَ َّن بِي َّ‬

‫‪235‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ب ال َْم َذلََّة َوال َْم َ‬


‫الما‬ ‫َوقَ ْد َك َس َ‬ ‫َفَق َام يَ ُجُّر ِر ْجَلْي ِه َذلِيالً‬
‫ال بِِه انْتَِق َاما‬
‫َحَرى أَ ْن َتَن َ‬
‫َوأ ْ‬ ‫ْحل ِْم أَْبَل ُغ ِفي َسِف ٍيه‬ ‫ضل ال ِ‬
‫َوفَ ْ ُ‬
‫وج جِت َ َارتُهُ َو َي ْقبَ ُل‬ ‫ِ‬ ‫و ِمن األ َْمثِلَ ِة لِ َذلِ َ ِ ِ ِ‬
‫يما َتُر ُ‬ ‫ك التَّاج ُر فَإنَّهُ إذَا َكا َن َحل ً‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الْمع ِاملُو َن علَي ِه أل َّ ِ‬
‫ضوبًا أل َْه َو َن‬ ‫ب يِف ُم َع َاملَته أ ََّما إِ َذا َكا َن مَحَقيًّا َغ ُ‬ ‫َن ح ْل َمهُ يَُر ِّغ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َُ‬
‫ضبُهُ أَ َح ًدا‬ ‫ص ٍام ال مُيَ ِّك ُن َغ َ‬
‫َّاس يِف جِل ٍ ِ‬
‫اج َوخ َ‬ ‫َ‬ ‫األَ ْشيَ ِاء َوأَيْ َس ِر األ ُُمو ِر َفتَ ِج ُدهُ َم َع الن ِ‬
‫ضبُهُ َو َع َد ُم ِح ْل ِم ِه إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يد أَ ْن يَبِ َيعهُ أ َْو يَ ْشرَتِ يه َو ُرمَّبَا أ ََّدى بِه َغ َ‬ ‫يما يُِر ُ‬ ‫م ْن ُم َفامَه ته ف َ‬
‫ان أَنَّهُ ال يَبِيعُ َها ِم ْن الْ ُم َسا ِوِم لَهُ أ َْو‬ ‫يد بيعها أَو إىل األَمْيَ ِ‬
‫الس ْل َعة الَّيِت يُِر ُ َْ َ َ ْ‬
‫الف ِّ ِ‬ ‫إتْ ِ‬
‫اب لِ َك َس ِاد‬ ‫َسب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َغ ِ َذلِ مِم‬
‫ني فَِإنَّهُ م ْن أ َْعظَ ِم األ ْ َ‬ ‫ك َّا َي ْف َعلُهُ َكثريٌ م ْن احْلَ ْم َقى اجْلَاهل َ‬ ‫َ‬ ‫رْي‬
‫ضلُو َن ُم َع َاملَةَ‬ ‫َّاس َعْن ُه ْم َونُ ْفَرهِتِ ْم ِم ْن ُم َع َاملَتِ ِه ْم ‪َ .‬وقَ ْد يُ َف ِّ‬‫اف الن ِ‬ ‫صر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َارة َه ُؤالء َوانْ َ‬
‫جِت ِ‬
‫ِ‬ ‫احْل لِي ِم حىَّت ولَو َكانَ ِ‬
‫ك األَمْح َق ‪.‬‬ ‫ودةً ِم ْن ِس ْل َع ِة ذَل َ‬ ‫ت س ْل َعتُهُ أَقَ َّل ُج َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ‬
‫َّاس ال يُ َع ِاملُو َن ُه ْم َخ ْوفًا‬ ‫ِ‬ ‫ك أَ ْهل َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصنَائ َع إ َذا َكانُوا مُحََقاءَ فَإ َّن الن َ‬ ‫َومثْ ُل َذل َ ُ‬
‫الن ُف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫وس‬ ‫يما ألَنَّهُ يَ ُكو ُن حُمَبَّبًا إىل ُّ‬ ‫م ْن أَلْسنَته ْم َويَ ْذ َهبُو َن َعْن ُه ْم إىل َم ْن َكا َن َحل ً‬
‫َّاس ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يح َم َعهُ الن ُ‬ ‫يَ ْسرَت ُ‬
‫( َم ْو ِعظَةٌ )‬
‫اب َربِّ ُك ْم‬ ‫اع َظ كِتَ ِ‬ ‫ِع الْعِ ِ وتَ َدبَّروا مو ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِح‬
‫عباد اهلل َتنََّب ُهوا َر َ ُك ْم اهللُ ب َق َوار ِ رَب َ ُ َ َ‬
‫ص َو ِاد ُق اخْلَرَبِ َوَت َف َّك ُروا ِيف َح َو ِاد ِث األَيَّ ِام فَِإ َّن فِ َيها الْ ُم ْز َد َجُر َوتَأ ََّملُوا َد ْو َر‬ ‫فَِإن َُّه َّن َ‬
‫ات تُطْ َوى‬ ‫صًرا أَيَّ ًاما َو َش ْهٌر َيْتلُو َش ْهًرا َو َسنَةٌ َتْتلُو َسنَةً َوأ َْوقَ ٌ‬ ‫َّ ِ‬
‫صًرا َف َع ْ‬ ‫الز َمان َع ْ‬
‫ُخَرى ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب أْ‬ ‫ب عُ ْمَرانًا َوَت ْع ُمُر َق ْفَرا َوتُعريُ َمَّرةً َوتَ ْسلُ ُ‬ ‫َفتُ َخِّر ُ‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫اع ُ ِ‬ ‫مو ِ‬
‫الد ْنيَا الْمظَلِّلة‬ ‫ف ُّ‬ ‫اح َذ ُروا َز َخا ِر َ‬ ‫ظ ُتنَادي الْ َعاق ُل بِل َسان احْلَقي َقة َج ْهًرا فَ ْ‬ ‫ََ‬
‫اهلل َوجَيْ َعلُهُ ذُ ْخًرا لِلدَّا ِر‬ ‫اضي ِ‬ ‫و ْاعلَموا أَنَّه ِمن تَ َكثَّر ِمْنها ومَل يسَتع ِم ْله يِف مر ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ ْ َْ ْ ُ‬ ‫َ ُ ُ ْ‬
‫اهلل إِال قِلَّةً ‪.‬‬ ‫اآلخر ِة مَل يزد ْد ِمن ِ‬
‫َ ْ َْ َ ْ‬
‫ِ‬
‫َّح ُّو ِل َوا ْنتَبِ ُهوا ِم ْن‬ ‫ٍ‬ ‫َفَتَز َّو ُدوا ِمْن َها َّ‬
‫الت ْق َوى فَِإن ََّها َخْيُر َزاد َو ُخ ُذوا أ ُْهبَةَ الت َ‬

‫‪236‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الر ِحيل إىل ِ‬


‫اآلخَر ِة ‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الرقَ ِاد َقبل أَ ْن تُ َقَّرب لَ ُكم مراكِب الت ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّح ُّول إىل الْ ُقبُور َويُنَادي ب ُك ْم َّ ُ‬
‫َ ْ ََ ُ َ‬ ‫سنَة ُّ ْ َ‬
‫فَ َما ِمْنهُ َمْن َجا َوال َعْنهُ ُعْن َد ِد‬ ‫ت‬‫الز َاد فَال َْم ْو ُ‬ ‫ُخ ُذوا أ َْهَب ًة ِفي َّ‬
‫َّها َد ُار ابْتِالً َوَتَز ُّو ِد‬ ‫ِ‬
‫َولَكن َ‬ ‫فَكَمائاِ ٌن َد ُار ُك ْم َه ِذي بِ َدا ِر إِقَ َام ٍة‬
‫فَ َما ُع ْذ ُر َمن َوافَ ُاه غَْي ُر ُمَز َّو ِد‬ ‫أ ََما َجاءكم عن َربكم َوَتَز َو ُدا‬
‫ب ِم ْن َدا ِر اللَِّقا ُك ّل ُمْب َع ِد‬ ‫ُتَقِّر ُ‬ ‫اح ٌل‬‫فَما ه ِذ ِه األَيَّام إِال مر ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫اع ِة الْ ِه َم َما‬ ‫ِ‬ ‫ت َعَزائِ ُمَنا‬
‫صَر ْفَنا إلى الْ َخ َّد َ‬‫ل َما َ‬ ‫ص َّح ْ‬‫ْحَيا َة َولَْو َ‬‫آخر‪َ :‬ن ْهَوى ال َ‬
‫ك ِم ْن آنَ ِاف َها َّ‬
‫الش َم َما‬ ‫أ ََز َال َذلِ َ‬ ‫ْجَب ِال بِِه‬ ‫ت ُش ُّم ال ِ‬ ‫لمَنا َعِل َم ْ‬ ‫ِ‬
‫لَْو ع ُ‬
‫ت ِفي الثََّرى‬ ‫ص َار ْ‬‫ب َ‬ ‫ضَ‬ ‫ُتَوا ِز ُن ال َْه ْ‬ ‫ت‬ ‫وص الَّتِي َكانَ ْ‬ ‫الش ُخ َ‬ ‫إِ َّن ُّ‬
‫َرَشَمْيًئَماا َفلَ ْم َتْب َق أَبْ َدانًا َوال ِق َم َما‬ ‫ات غَْي ُر ُمْبِقَي ٍة‬
‫احُُتم َها َح ِادثَ ٌ‬
‫رَع ََّمجْت ُهَ‬
‫اسَت ْع ِم ْلنَا بِأ َْم ِر َك َوال َت ْهتِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك َعلَْينَا‬ ‫اللَّ ُه َّم َعافنَا م ْن َم ْك ِر َك َو َز ِّينَّا بِذ ْك ِر َك َو ْ‬
‫ك َوبِِّر َك َوأ َِعنَّا َعلَى ِذ ْك ِر َك َو ُش ْك ِر َك اللَّ ُه َّم َسلِّ ْمنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل َسرْتِ َك َو ْامنُ ْن َعلَْينَا بِلُطْف َ‬
‫مَج َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يا‬ ‫ك َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬ ‫ك َو ِّآمنَّا ِم ْن ِع َقابِ َ‬
‫ِم ْن َع َذابِ َ‬
‫الرامِحِ ني وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫أ َْر َح َم َّ َ َ َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫يل يِف َمْنثُو ِر احْلَ َك ِم‬‫ِ‬ ‫َح ُد َها الرَّمْح َةُ لِْل ُج َّه ِال َو َذلِ َ ِ ٍ ِ ِ‬ ‫ضْب ِط َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ك م ْن خَرْي يُ َواف ُق رقَّة َوقَ ْد ق َ‬
‫الن ْف ِ‬
‫س َع َشَرةٌ أ َ‬ ‫اب احْل ْل ِم الْبَاعثَة َعلَى َ‬
‫َسبَ ُ‬‫قَ َال الْ ُعلَ َماءُ َوأ ْ‬
‫َّصَر ِة َوالْغِيبَ ِة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب احْلِْل ِم رمْح ةُ اجْل َّه ِال َفيأْمن ويأْمنُو َن ِمن استِح َد ِ‬
‫اث الُْب ْغ ِ‬ ‫َسب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َوالْ َقط َيعة الْ ُم َؤ ِّديني إىل َت ْرك الن ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ ََ َ‬ ‫م ْن أ َْو َكد أ ْ َ‬
‫يم‬ ‫ود بِِه َعلَى الْج ْه ِل ال ِ‬
‫ْحل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َي ُع ُ‬ ‫السَف َاه َة ِمثْ ُل ِحل ٍْم‬
‫ِش ْعًرا ‪َ :‬و َما َقَت َل َّ‬
‫َعَلى أ ٍ‬
‫لؤم‬
‫ش ُ‬ ‫َحد فَِإ َّن الُْف ْح َ‬ ‫َ‬ ‫يت غَْيظًا‬ ‫فَال تَ ْسَف ْه َوإِ ْن ُملِّ َ‬
‫وه الْ َك ِر ُ‬
‫يم‬ ‫ب َي ْعُف ُ‬ ‫فَِإن َّ‬
‫الذنْ َ‬ ‫ب‬ ‫ك ِعْن َد َذنْ ٍ‬ ‫َخا لَ َ‬‫َوال َت ْقطَ ْع أ ً‬
‫ُجا ِوبَ ْه‬‫َو َما ال َْع ُار إِال أَ ْن أَ ُكو َن أ َ‬ ‫ت ِر ْف َع ًة‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َسبَّنِي نَ ْذ ٌل َتَزايَ ْد ُ‬
‫لََقَّربتها ِمن ُك ِّل نَ ْذ ِل تُ َخ ِ‬
‫اطبُ ْه‬ ‫لي َع ِز َيزةٌ‬ ‫َن َما َن ْف ِسي َع َّ‬ ‫َولَْو أ َّ‬
‫ُْ َ ْ‬

‫‪237‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول‬ ‫الْغَُبا ِر َو ِع ْر ُ‬
‫ضهُ َمْب ُذ ُ‬ ‫َح َذ َر‬ ‫صو ُن ثَِيابَهُ‬ ‫َّك َمن يُ ُ‬ ‫آخر‪ :‬ال ُي ْع ِجَبن َ‬
‫ول‬
‫س ُ‬ ‫اب َو ِع ْر ُ‬
‫ضهُ َم ْغ ُ‬
‫الثَِّي ِ‬ ‫َو ْس َخ‬ ‫َفَلُربَّ َما ا ْفَتَقَر الَْفَتى َفَرأَْيَتهُ‬
‫ض الُْبلَغَ ِاء ‪:‬‬ ‫ِِ‬ ‫الص ْد ِر وحس ِن ِّ ِ ِ‬
‫الث َقة بِاهلل َوبِ ُق ْد َرته َوقَ َال َب ْع ُ‬
‫اف و َذلِ َ ِ ِ ِ ِ‬
‫ك احْل ْل ُم م ْن س َعة َّ َ ُ ْ‬
‫اب احْلِْل ِم الْ ُق ْدرةُ علَى االنْتِ َق ِام واالنْتِ ِ‬
‫ص َ‬‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َسب ِ‬ ‫ِ‬
‫الثَّايِن ‪ :‬م ْن أ ْ َ‬
‫ود الْ ُم ْفتَ ِق ْر ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َس ُن الْ َم َكا ِرم َع ْف ُو الْ ُم ْقتَد ِر َو ُج ُ‬
‫أْ‬
‫صَرا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضى لِص ِ‬
‫احِب ِه‬ ‫ِش ْعًرا‪َ :‬خْي ُر الْ َخِلي َلْي ِن َم ْن أَ ْغ َ‬
‫ص ًارا مْنهُ ال اْنَت َ‬
‫َولَْو أ ََر َاد انْت َ‬ ‫َ‬
‫س أَ ْن حَتَ َّم َل الْ َم َكا ِر َه‬
‫الن ْف ِ‬
‫ف َّ‬‫ت احْلُ َك َماءُ َشَر ُ‬ ‫ِِ‬ ‫الن ْف ِ‬ ‫اب وع َذلِك ِمن َشر ِ‬
‫اب احْلِْل ِم التَّرفُّع َعن ِّ ِ‬
‫َسب ِ‬ ‫والثَّالِ ْ ِ‬
‫س َو ُعلُِّو اهْل َّمة َوقَالَ ْ‬ ‫ف َّ‬ ‫السبَ َ َ ْ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ث ‪ :‬م ْن أ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َوقَ َال الشَّاع ُر ‪:‬‬
‫َحتَّى يَ ِذلُّوا َوإِ ْن َعُّزوا ألَقَْو ِام‬ ‫ال َيْبلُ ُغ ال َْم ْج َد أَقَْو ٌام َوِإ ْن َك ُر ُموا‬
‫ِ‬ ‫َويُ ْشَت ُموا َفَتَرى األَلَْوا َن ُم ْسِفَر ًة‬
‫َح ِ‬
‫الم‬ ‫صْف ُح أ ْ‬ ‫صْف َح ُذ ٍّل َولَك ْن َ‬ ‫ال َ‬
‫الشْت ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫تسو َد َع ِش َير ًة‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا ِشْئ َ‬
‫َّسُّر ِع َو َّ‬ ‫فَبالْحل ِْم ُس ْد ال بالت َ‬ ‫ت َي ْو ًما أَ ْن ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫النْف ِ‬‫آخر‪َ :‬وإِ ْن ُهَو لَ ْم يَ ْح ِم ْل َعَلى َّ‬
‫س إلى ُح ْس ِن الثََّناء َسب ُ‬
‫يل‬ ‫ف َلْي َ‬ ‫س‬
‫اب احْلِْل ِم االستِهانَةُ بِالْم ِس ِ‬
‫يء قَ َال الش ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّاع ُر ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ضْْيَسبََم َِها‬
‫َو َّالراب ُع ‪ :‬م ْن أَ‬
‫َح َسابِِه ْم أَ ْن ُي ْقَتلُوا َقَو َدا‬ ‫ِ ِ‬ ‫َق ْو ٌم إِ َذا َما َجَنا َجانِ ُيه ُموا أَِمنُوا‬
‫للُْؤم أ ْ‬
‫َوقَ َال آخر ‪:‬‬
‫اب يَ ِظ ُير‬ ‫َجنِ َح ِة ُّ‬
‫الذبَ ِ‬ ‫ِ‬
‫أَطَن ُ‬
‫ين أ ْ‬ ‫ضائِ ِري‬ ‫يدك َ‬ ‫فَ َدع الَْو ِعي َد فَ َما َو ِع َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫صا ِر ٌ‬‫َوإِ ْن َكا َن َشْتمي فيه َ‬ ‫آخر‪َ :‬و َك ْم م ْن لَئِ ٍيم َو َّد أَنِّي َشَت ْمتُهُ‬
‫شت ُم‬
‫ين يَ َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َضْلُّرَق ُملَهُ م ْن َشْتمه ح َ‬‫أَو َع‬ ‫ف َع ْن َشْت ِم اللَّئِ ٍيم تَ َك ُر َما‬ ‫َولِْل َك ُّ‬
‫وت‬
‫الس ُك ُ‬ ‫فَ َخْيٌر ِم ْن إِ َجابَتِ ِه ُّ‬ ‫السِفيهُ فَال تُ ِجْبهُ‬
‫آخر‪ :‬إِ َذا نَطَ َق َّ‬

‫‪238‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اب َو َما َعيِ ُ‬


‫ْجَو ِ‬ ‫ِع ُ‬ ‫السِف ِيه فَظَ َّن أَنِّي‬
‫ج‬

‫يت‬ ‫ييت َع ْن ال َ‬ ‫َس َك ُّ‬


‫ت َع ْن َّ‬
‫ِ‬
‫س َو َك َم ِال الْ ُم ُروءَة َك َما قَ َال َب ْع ُ‬ ‫االستِ ْحي ِاء ِمن جَز ِاء اجْل و ِ‬
‫اب َو َه َذا يَ ُكو ُن ِم ْن َّ‬ ‫واخْل ِامس ‪ِ :‬من أ ِ ِ‬
‫ض ُه ْم ‪:‬‬ ‫الن ْف ِ‬ ‫ََ‬ ‫َسبَاب احْل ْل ِم ْ َ ْ َ‬‫َ َ ْ ْ ْ‬
‫َن بِي َح ْمًقا‬ ‫ال أ َّ‬ ‫َحتَّى يَظُ ُّن ِر َج ٌ‬ ‫َس َم ُع َها‬‫اء أ ْ‬ ‫ض َع ْن أَ ْشَي َ‬ ‫إِنِّي ألَ ْع ِر ُ‬
‫فسل يَظُ ُّن ِر َج ٌ‬ ‫ٍِ‬
‫ص َدقَا‬‫ال أَنَّهُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫اء لَهُ‬ ‫اب َسفيه ال َحَي َ‬ ‫أَ ْخ َشى َجَو َ‬
‫ِِ‬ ‫بِأُنْ ٍ ِ‬ ‫آخر‪ :‬فَما األَنْس بِاألَنْ ِ َّ ِ‬
‫س‬‫س َولَك ْن ف َق ْد أَنْسه ْم أُنْ ُ‬ ‫ين َع َه ْدُت ُه ْم‬ ‫س الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ض ِمنِّي لَ ُه ْم‬ ‫فَ َح ْسبِي أَ ْن ال َْع ْر َ‬ ‫ت َن ْف ِسي َو ِدينِي ِمْن ُه ُموا‬ ‫إِ َذا َسِل َم ْ‬
‫َّآلف قَ َال الش ِ‬
‫ست ِ‬ ‫التفضُّل على الساب وهذا يكون ِمن الْكرِم وحب ال‬ ‫الس ِادس ‪ِ :‬من أَسب ِ‬
‫َّ ُ ْ ْ َ ُْ َ ُ ََ َّ ِّ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ َ َ ُُت ْرِّ ُ‬
‫َّاع ُر ‪:‬‬ ‫اب احْل ل ِم َّ‬
‫أَبي ُ ِ ِ‬ ‫يت بِ َج ْهِل ِه‬ ‫إِ َذا َكا َن ُدونِي َم ْن بُِل َ‬
‫ت لَن ْفسي أَ ْن أُقَابِ َل بِال َ‬
‫ْج ْه ِل‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫َوإِ ْن َكا َن ِمثِْلي ِفي َم َح ٍّل ِم ْن‬
‫ص ْف ًحا َع ْن‬ ‫ت إِ ًذا حل ًْما َو َ‬ ‫َهَويْ ُ‬
‫ض ِل‬ ‫الو ِة َوالَْف ْ‬ ‫ِ‬
‫تِل لَهُ َح َّق الْع َ‬ ‫ْج ْهُ‬
‫اَرلأَيَْ‬ ‫ض ِل‬ ‫ت أَ ْدنَى ِمْنهُ ِفي الَْف ْ‬ ‫اَلوإُِْع ْنال ُكْن ُ‬
‫ب‬ ‫ت إلى أَنْ َجى ُمَق ِر َو َم ْهر ِ‬ ‫ْح َهَجااِربًا ِم ْن ُس ْخ ِطَنا ُمَتَن ِّ‬ ‫آخر‪َ :‬فويالا ِ‬
‫َ‬ ‫َهَربْ َ‬ ‫صالً‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ول بِأَ ْه ٍل َو َم ْر َح ِ‬ ‫ُّك َم ْقبُ ٌ‬
‫َو ُود َ‬ ‫ي ُمَق َّدٌم‬ ‫ط لَ َد َّ‬
‫سو ٌ‬ ‫َف ُع ْذ ُر َك َمْب ُ‬
‫ب‬ ‫اش ِح ال ُْمَت َك ِّذ ِ‬ ‫ي مَقام الْ َك ِ‬ ‫ولَو بلَ ْغَتنِي َعْن َ ِ‬
‫لَ َد َّ َ َ‬ ‫أقمُت َها‬‫ك أ ْذني ْ‬ ‫َْ َ‬
‫وب‬ ‫َي الن ِ‬ ‫ب ِف ِيه‬ ‫آخر‪ :‬أَتَطْلُب ِ‬
‫س لَهُ ُعيُ ُ‬ ‫َّاس لَْي َ‬ ‫َوأ ُّ‬ ‫صاحًبا ال َعْي َ‬ ‫ُ َ‬
‫َعلَى َش َع ٍ‬
‫الر َج ِال ال ُْم َه َّذ ُ‬
‫ب‬ ‫َي ِّ‬ ‫ث أ ُّ‬ ‫ت بِ ُم ْسَتْب ٍق أَ ًخا ال َتلُ ُّمهُ‬ ‫آخر‪َ :‬ولَ ْس َ‬
‫إلم ِام الشَّافِعِ ُّي َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬‫اب وه َذا ي ُكو ُن ِمن احْل زِم وجود ِة الْع ْق ِل ومِب ا يْنس ِ‬
‫اب وقَطْ ِع ِّ ِ‬ ‫استِ ْك َف ُ‬ ‫َسب ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫بل َ‬‫ْ َْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫السبَ َ َ َ‬ ‫الس ِّ َ‬
‫اف َّ‬ ‫اب احْلُْل ِم ْ‬‫الساب ُع ‪ :‬م ْن أ ْ َ‬
‫اح‬ ‫إِ َّن الْجواب لِباب َّ ِ‬ ‫ت وقَ ْد ُخ ِ‬
‫الشِّر م ْفَت ُ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ْت‬
‫ت ُقل ُ‬
‫وص ْم َ‬ ‫قَالُوا َس َك َ َ‬
‫لَ ُه ْم‬

‫‪239‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ْو ِن ال ِْع ْر ِ‬ ‫أَي ً ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ض إِ ْ‬
‫ج‬

‫الح‬
‫ص ُ‬ ‫ضا َوفيه ل َ‬ ‫ْ‬ ‫َح َم ٍق‬ ‫ت َع ْن َجاه ٍل أ َْو أ ْ‬ ‫الص ْم ُ‬ ‫فَ َّ‬
‫ش َلع ْم ِري َو ُهَو َنبَّ ُ‬
‫اح‬ ‫ْب يَ ْخ َ‬ ‫َوالْ َكل ُ‬ ‫ُس َد تُ ْخ َشى َو ِه َي‬ ‫فَرى األ ْ‬ ‫أَََمشاَر ٌَت‬
‫ت بِأَ ْن أَ ُكو َن لَهُ ُم ِج ًيبا‬ ‫ب ِعر ِ‬ ‫صا ِامَتفَةٌ َاه َّ ِ‬
‫َك ِر ْه ُ‬ ‫ضي‬ ‫السفيهُ بِ َس ِّ ْ‬ ‫آخر‪ :‬إِذَ‬
‫ود َز َاد ُه ا ِإل ْحَرا ُق ِط َيبا‬
‫َكع ٍ‬
‫ُ‬ ‫يَ ِزي ُد َسَف َاه ًة َوأَ ِزي ُد ِحل ًْما‬
‫َحتَّى يَ ِذلُوا َوإِ ْن َعُزو األَقَْو ِام‬ ‫آخر‪ :‬لَ ْن يُ ْد ِر َك ال َْم ْج َد أَقَْو ٌام َوإِ ْن‬
‫ِ‬ ‫ويشتُواموا َفَترى األَلْوا َن َك ِ‬ ‫ُك ِر ُم‬
‫َح ِ‬
‫الم‬ ‫ال ذُ ِّل َع ْج ِز َولَك ْن ذُ َّل أ ْ‬ ‫اسَف ًة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ال َْم ْر ِء َم ْن َي ْعُفو إِ َذا‬ ‫بل ِ‬
‫صاح ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ب ال َْم ْرءُ َمن إن َز َّل‬ ‫صاح ُ‬
‫آخر‪ :‬ما ِ‬
‫َ َ‬
‫ص ِافًيا لِْل َخ ِّل إِ ْن َك َد َرا‬ ‫ِ‬
‫قََهدْجَرٌار فَ ُك ْن َ‬ ‫ِّر ُه‬
‫صاالً ال يُ َكد ُ‬ ‫ت ِو َ‬ ‫فَعِإا َْنقَبهُأ ََر ْد َ‬
‫ث ما يأْتِي ِمن الْحسَن ِ‬ ‫صِف َ‬
‫ات‬ ‫ََ‬ ‫َوبَِب ِّ َ َ‬ ‫ضلَهُ‬
‫فَ ْ‬ ‫ك‬ ‫اك بِ ُح ْس ِن َو ْ‬ ‫َخ َ‬
‫آخر‪ :‬زيّ ْن أ َ‬
‫ات‬‫من َذا الَّ ِذي يْنجو ِمن الْعَثر ِ‬ ‫إلى‬ ‫اف َع ْن َعَثَراتِِه َوانْظُْر‬‫َوتَ َج َ‬
‫َ ُ َ ََ‬ ‫َْ‬
‫ش يِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَتعَّرض رجل أَمْح ق ألَح ِد الْع َق ِ‬
‫الما َغليظًا َوأَفْ َح َ‬
‫احْلُ َك َماء َوأَمْسَ َعهُ َك ً‬ ‫الء‬ ‫َ َ َ َ ُ ٌ ٌَ َ ُ‬
‫يل لِ َماذَا ال جُتِ ْبهُ ؟‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫جُي ْبهُ ب َش ْيء فَق َ‬ ‫الْ َق ْول َفتَ َحلَّ َم َعْنهُ َوَتَر َكهُ يَُن ِّوعُ َسبَّهُ َومَلْ‬
‫َفق َال ‪ :‬أَرأَيت لَو عض مِح‬
‫ت َت ُعضُّهُ أ َْو‬ ‫َّك أَ ُكْن َ‬
‫ب أ َْو َعض َ‬ ‫ك َكْل ّ‬ ‫ت لَ ْو نَبَ َح َعلَْي َ‬
‫ت َت ُعضُّهُ أ َْو َت ْرحَمُهُ قَ َال ال ‪ ،‬قَ َال أ ََرأَيْ َ‬‫ك أَ ُكْن َ‬ ‫َّك َ ٌار أ َْو َرحَمَ َ‬ ‫َْ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السفيهَ إِ َّما يَ ُكو ُن َكالْ َكْل ِ‬ ‫ِ‬
‫َتْنبَ ُح َعلَْيه قَ َال ال قَ َال فَِإ َّن َّ‬
‫اد َعْنهُ‬ ‫ب أ َْو َكاحْل َما ِر ألَنَّهُ َما خَيْ ُل م ْن َج ْه ٍل َوأَ َذى َو َشٍّر َو َكث ًريا َما جَيْتَم َعان فيه فَاأل َْب َع ُ‬
‫الم ِة ِم ْن َشِّر ِه َوأَذَاهُ ‪.‬‬ ‫َغنِ ِ‬
‫الس َ‬‫ص َل َعلَى َّ‬ ‫يمةٌ ليُ ْح ُ‬‫َ‬
‫ْح ِّق َوالَْفَن ِد‬
‫ال َ‬ ‫فَال ُيَفّر ُق َبْي َن‬ ‫َع ْقالً َوِمثْ ُل الت ِ‬
‫ِّيس َم ْع ِرفَ ًة‬ ‫ِش ْع ًرا َكالث َّْو ِر‬
‫الربْ ِع ِم ْن‬
‫َما ِفي َّ‬ ‫الربْ َع‬
‫ال تَ ْسأَل ّ‬ ‫ص ُيَن ِادي َف ْو َق َه َامتِ ِه‬ ‫َش ْخ ٌ‬ ‫ْج ْه ُل‬‫ال َ‬ ‫‪:‬‬
‫َح ِد‬
‫أَ‬

‫‪240‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بِمكنونِها إِال َك ِعلْم األَب ِ‬ ‫ْم ِعْن َد ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫اع ِر‬‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َسَفا ِر ال عل َ‬ ‫آخر‪َ :‬ز َوام ُل لأل ْ‬
‫ون الْغََرائِ ِر‬ ‫َعلَى ظَ ْه ِر ِه ما ِفي بطُ ِ‬ ‫لََع ْم ُر َك َما يَ ْد ِري الَْب ِع ُير إِ َذا غَ َدا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َعلَى اجْل و ِ‬
‫اب َو َه َذا يَ ُكو ُن‬ ‫ََ‬ ‫الْعُ ُقوبَِة‬ ‫ف ِم ْن‬ ‫َسب ِ‬
‫اب احْلُْل ِم اخْلَْو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالثَّام ْن ‪ :‬م ْن أ ْ َ‬
‫احْلَْز ُم ‪.‬‬ ‫ضاهُ‬
‫ِ‬
‫َواقْت َ‬ ‫الس ِد ُ‬
‫يد‬ ‫ي َّ‬ ‫الرأْ ُ‬
‫س َو ُرمَّبَا أ َْو َجبَهُ َّ‬ ‫الن ْف ِ‬
‫ف َّ‬ ‫ض ْع ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن َ‬
‫يل يِف َمْنثُو ِر احْلِ َك ِم أَ ْكَر ُم الشِّيَ ِم‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اب احْل ْل ِم ِّ ِ ٍ‬ ‫َسب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت َو َه َذا يَ ُكو ُن م ْن الْ َوفَاء َو ُح ْس ِن الْ َع ْهد َوق َ‬ ‫ت َو ُح ْر َمة لَ ِز َم ْ‬
‫الر َعايَةُ ليَد َسلَ َف ْ‬ ‫ُ‬ ‫َوالتَّاس ُع ‪ :‬م ْن أ ْ َ‬
‫َّه ِاء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اب احْل ْل ِم الْ َكي ُد والْمكْر وَتوقُّ ِع الْ ُفر ِ ِ ِ‬
‫ص اخْلَفيَّة َو َه َذا يَ ُكو ُن م ْن الد َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ََُ‬ ‫ُ‬
‫َسب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اها لِ َّ‬
‫لذ َم ِم َوالْ َعاش ُر م ْن أ ْ َ‬ ‫أ َْر َع َ‬
‫َدا ِر ِه‬ ‫ت لَ ْم َت ْقَوى َع ُد ّو َك‬ ‫إِ َذا أَنْ َ‬ ‫ك ال َْع ْق ُل الَّ ِذي َزيَّ َن الَْفَتى‬ ‫ول لَ َ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫اقْتِ َدا ِر ِه‬ ‫ت‬‫ت تَ ْح َ‬ ‫َوبَا ِر ْك لَهُ َما ُد ْم َ‬ ‫ضا‬‫الر َ‬ ‫يب َوالْبِ ْش ِر َو ِّ‬ ‫الق ِه بِالتَّْر ِح ِ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫ب ُس ُقو َط‬ ‫ِ‬
‫َعلَى قَطْع َها َو ْارقُ َ‬ ‫ت‬ ‫ْجانِي الَّ ِذي لَ ْس َ‬ ‫َو َقبِّ ْل يَ َد ال َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ت َع ْن ال َْع ُد ّو فَ َدا ِر ِه‬ ‫ِ‬
‫اح َوفَا ُق‬ ‫ِ‬
‫َوج َْامداَزر ْهح لَهُ إِ َّن الْمَز َ‬ ‫آخر‪َ :‬قَوإِادَذاًرا َع ِج ْز َ‬
‫اج َوطَْب ُع َها ا ِإل ْحَرا ُق‬ ‫ُت ْع ِطي النِّ َ‬ ‫فَالنَّار بِالْم ِاء الَّ ِذي ُهو ِ‬
‫ض ُّد َها‬
‫ض َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الْ َعاق ِل يِف ف ْعله َوقَ َال َب ْع ُ‬
‫ض‬ ‫ضُ‬‫ب اجْلَاه ِل يِف َق ْوله َو َغ َ‬ ‫ضُ‬
‫ض األ َُدبَاء َغ َ‬
‫ضبُهُ قَ َّل َكْي ُدهُ َوقَ َال َب ْع ُ‬ ‫يل يِف َمْنثُو ِر احْلَ َك ِم َم ْن ظَ َهَر َغ َ‬
‫َوقَ ْد ق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن َقتَ َاد َة ‪:‬‬
‫اس ُ‬ ‫احْلُ َك َماء إِ َذا َس َك َ‬
‫ت َعن اجْلَاه َل َف َق ْد أ َْو َس ْعتَهُ َج َوابًا َوأ َْو َج ْعتَهُ ع َقابًا َوقَ َال إيَ ُ‬
‫َونَ ْشتُ ُم بِاألَ ْف َع ِال ال بِالتَّ َكلُّ ِم )‬ ‫ب أَيْ ِد َينا َويَ ْحلَ ُم َرْأُيَنا‬ ‫ِ‬
‫( ُت َعاق ُ‬
‫آخر ‪:‬‬
‫َو ُخ ْر ًسا َع ْن الَْف ْح َش ِاء ِعْن َد‬ ‫الْ َخَنا‬‫ص ًما ِعن‬ ‫ِِ‬
‫تَ َخالُ ُه ْم للْحل ِْم ُ‬
‫وث الْ َكو ِ‬ ‫ْحَفاظ َكاللُّي ِ‬ ‫التِعَفْناَدُخرال ِ‬ ‫َو ِعَّف ًة‬
‫اس ِر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َوَّ‬ ‫ضى إِ َذا األَقَْوا َحَي ً‬
‫اء‬ ‫َو َم ْر َ‬
‫س َق ْلبِي يُ َ‬
‫ص َّد ُ‬
‫ع‬ ‫تُ َذ ِّكْرنِ ِيه َّ‬
‫النْف ِ‬ ‫َس َم ُع الَْق ْو َل الَّ ِذي َك َ‬
‫اد‬ ‫آخر‪ :‬لََق ْد أ ْ‬
‫ُكلَّ َما‬

‫‪241‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫فَأُبْ ِدي لِ َم ْن أَبْ َد ُاه ِمنِّي بَ َشا َش ًة‬


‫رور بِ َما مْنهُ أ ْ‬
‫ج‬

‫َس َم ُع‬ ‫س ٌ‬ ‫َكأَنَّي َْم ُ‬


‫لشِّر أَقْطَ ُع‬ ‫الشَّر لِ َّ‬
‫أ ََرى أَ ْن َت ْر َك َّ‬ ‫ب بِِه غَْيَر أَنَّنِي‬ ‫اك ِم ْن ُع ْج ٍ‬ ‫َو َما َذ َ‬
‫َو ِفي َت ْر ِك أ َْهَو ِاء الُْفَؤ ِاد ال ُْمَتيَّ ِم‬ ‫الم لِل َْم ْر ِء َوا ِز ٌ‬
‫ع‬ ‫ْحل ِْم َوا ِإل َس ِ‬ ‫آخر‪ :‬و ِفي ال ِ‬
‫َ‬
‫ص ْد ٍق ِعل ُْم َها بِالت َّْعلُّ َم‬‫وأَ ْخال ُق ِ‬
‫َ‬ ‫صائُِر ُي ْر ِش ْد َن الَْفَتى ُم ْسَتْبَيَنةُ‬ ‫بَ َ‬
‫صي ِر ُع ْذ ْر َفَتى ُمِقّر‬ ‫التْق ِ‬‫ِم ْن َّ‬ ‫ك َي ْو ًما‬ ‫يق إِلَْي َ‬ ‫الص ِد ُ‬‫ذر َّ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا ا ْعَت َ‬
‫يمةُ ُك ّل ُحّر‬ ‫ِ‬
‫فَِإ َّن ال َْع ْفَو ش َ‬ ‫ف َعْنهُ‬ ‫ك َوا ْع ُ‬ ‫صْنهُ َع ْن ِعَتابِ َ‬ ‫فَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ور‬
‫اسَتْن َج ْدَت ُه ْم َوظُُه ُ‬ ‫اد إِ َذا ْ‬ ‫ع َم ُ‬ ‫ت‬
‫اسَتطَ ْع َ‬ ‫ِّين َما ْ‬ ‫آخر‪ :‬تُ ْكثر م َن أ َْهل الد َ‬
‫ش تُ ْحظَى بُِق ْربِِه‬ ‫ب ال َْع ْر ِ‬‫اع ِة َر ِّ‬ ‫لطَ َ‬
‫ِ‬ ‫ْف َخ ٍل ُمَوفَّ ٍق‬ ‫إِفََّنَمُها ْم بِ َكثِير أَل ُ‬
‫ك ِفي التَّ َخلُّ ْ‬
‫ف‬ ‫َولَ ْم ُي َعاتِْب َ‬ ‫ص ِد ٍيق‬‫ت َع ْن َ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا تَ َخلَّْف َ‬
‫فَِإنَّ َما ُو ّد ُه تَ َك ُ‬
‫لف‬ ‫فَال َت ْع ُد بِ ْع َد َها إِلَْي ِه‬
‫َوغُْفَرانِي‬ ‫ض ُع إِ ْح َسانِي‬ ‫فَأَيْن مو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ َْ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َخليل َي لَ ْم يُ ْكث ْر إِ َس َ‬
‫اءتَهُ‬
‫ان َعلَى‬ ‫حٍ‬
‫َ‬ ‫َح َس َن ِم ْن‬ ‫ال َش ْي َء أ ْ‬ ‫ص ِاف ًحا أَبَ َدا‬ ‫َحنُو َ‬ ‫يَ ْجنِي َعلَ َّي َوأ ْ‬
‫احْلَْر ِب َوال يُ ْعَر ُ‬
‫ف‬ ‫ُّجاعُ إِال يِف‬ ‫ج اِلْ‬
‫انُع ْسَر ِة ََوال يُ ْعَر ُ‬
‫ف الش َ‬ ‫ِ يِف‬ ‫ِ يِف ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض احْلُ َك َماء ثَالثَةٌ ال يُ ْعَرفُو َن إال ثَالَثة َم َواط َن ال يُ ْعَر ُف اجْلََّو ُاد إال َ‬
‫ب قَ َال الش ِ‬
‫قَ َال َب ْع ُ‬
‫ِ‬
‫َّاع ُر ‪:‬‬ ‫ضِ‬‫يم إِال يِف الْغَ َ‬
‫احْلَل ُ‬
‫ال يعر ُ ِ‬ ‫ْحلْم أَ ْغ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم إِال َس َ‬
‫اع َة‬ ‫ف الْحل ُ‬ ‫َُْ‬ ‫ضْبهُ لَت ْع ِرفَهُ‬ ‫( َم ْن يَ َّدعي ال َ‬
‫ض ِ‬
‫اب‬ ‫ت َحالَتَاهُ َقْب َل ا ِإل ْغ َ‬ ‫اسَت)َو ْ‬ ‫ضبَ ِة الَْحغَىَّتََِ‬
‫ِضب ْ‬
‫ضب يف األَ ْشي ِاء الْم ْغ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َو َم ْن َف َق ْد الْغَ َ َ‬
‫اع‬ ‫اع ِة َواألَن َفةَ َواحْلَ ِميَّةَ َوالْغِ َريةَ‬ ‫ضائِ ِل َّ‬
‫الن ْف ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الدفَ َ‬
‫َو ِّ‬ ‫َّج َ‬
‫س الش َ‬ ‫َو َب ْع َدهُ َف َق ْد َعد َم م ْن فَ َ‬
‫َومَلْ يَ ُك ْن‬ ‫ب فَِإ َذا َع ِد َم َها َها َن هِبَا‬ ‫ضِ‬ ‫ِ‬
‫ال ُمَر َّكبَةٌ م ْن الْغَ َ‬
‫صٌ‬ ‫ِ‬
‫َخ َذ بِالثَّأْ ِر ألَن ََّها خ َ‬
‫َواأل ْ‬
‫يمةٌ َوال لُِوفُو ِر ِح ْل ِم ِه َم ْوقِ ٌع ‪.‬‬ ‫الن ُف ِ ِ‬‫ضائِلِ ِه يِف ُّ‬ ‫ِ ِ‬
‫وس ق َ‬ ‫لَب َقاء فَ َ‬
‫وم َعلَْي ِه‬ ‫ٍ‬
‫ض ُه ْم إِذَا َكا َن احْلَْل ُم يُ َؤ ِّدي إىل فَ َساد بِأَ ْن َكا َن الْ َم ْحلُ ُ‬ ‫ال َب ْع ُ‬‫َوقَ َ‬

‫‪242‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َح َس ُن ألَنَّهُ َي ْر َد ُعهُ َع ْن الشَِّّر َوالت ََّم ِادي فِ ِيه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يما َي ْز َد ُاد َشُّرهُ َم َع احْل ْل ِم فَاجْلَ ْه ُل َم َعهُ أ ْ‬
‫ِ‬
‫لَئ ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح‬‫َوأ َْر َو ُ‬ ‫َعلَْيه فَِإ َّن ال َ‬
‫ْج ْه َل أَ ْعَنى‬ ‫ْم َع ْو ُن َع ُّدوه‬ ‫ش ْعًرا‪ :‬لَئ ْن َكا َن حل ُ‬
‫َم ْن َعْنهُ‬ ‫ت تَ ْخ َشى َكْي َد‬ ‫إِ َذا ُكْن َ‬ ‫ف َوال ُْع ُقوبَِة ُقَّوةٌ‬ ‫ض ْع ُ‬ ‫و ِفي ال ِ‬
‫ْحل ِْم َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫تَولِْل ِ‬ ‫ْج ْهل بِالَْفَتى‬
‫ْج ْه ِل أَقَْب ُح‬
‫َحَيانًا من ال َ‬ ‫ْم أ ْ‬ ‫صَفْحلُح ُ‬ ‫َ‬ ‫آخر‪ :‬أَبَا َح َس ٍن َما أَقَْب َح ال َ‬
‫ت الَّ ِذي ال‬ ‫ت ال َقْي ُ‬ ‫إِ َذا ِشْئ َ‬ ‫ول النََّوى َد َار غُْربٍَة‬ ‫آخر‪َ :‬وأَنْ ِزلْنِي طُ َ‬
‫ِ‬
‫ُع ِاقلُهُ‬
‫ت أَ‬ ‫أَُولَشْواكلُ َهُكا َن َذا َع ْق ٍل لَ ُكْن ُ‬ ‫ال َس ِجيَّةٌ‬
‫فَ َح َام ْقتُهُ َحتَّى ُيَق ُ‬
‫آخر‪:‬‬
‫فَ َكا َن لَبِ ُيب ُه ْم ِعْن ِدي قَِليال‬ ‫ْت الَْو َرى ِجيالً فَ ِجيالً‬ ‫تَأََّمل ُ‬
‫ول َوال ُع ُقوال‬ ‫َج َس ُام َت ُه ُ‬ ‫َوأ ْ‬ ‫وما‬
‫ور َت ُرو ُق َوال ُحلُ ً‬ ‫ص َ‬‫لَ ُه ْم ُ‬
‫ص َداقَا‬ ‫ِ ٍ‬
‫ب سَوى ص ْدق َ‬
‫فَال تَطْلُ ِ‬
‫ْ‬ ‫ك ُك ْفوءٌ‬ ‫الص َداقَ َة ِمْن َ‬
‫ب َّ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َخطَ َ‬
‫وه أَ ْكثَ ِر ِه ْم نَِفاقاً‬ ‫ْت ُو ُج ُ‬‫صُقل ُ‬ ‫َوقَ ْد ُ‬ ‫َّاس ِغ ًّشا‬ ‫وب الن ِ‬ ‫َت ُقلُ ُ‬ ‫ص ِدأ ْ‬‫َفَق ْد َ‬
‫ب‬‫وء ُة َي ْق ُر ُ‬‫ص َّد َعْنهُ ُذو ال ُْم ُر َ‬ ‫ِإ َذا َ‬ ‫الدنِيء َوال الَّ ِذي‬ ‫س َّ‬ ‫آخر‪َ :‬و َما أَنَا بِالنَّ ْك ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ت َوإِ ْن يَ ُك ْن‬ ‫َولَ ِكنَّهُ إِ ْن َد َام ُد ْم َ‬
‫ب َعنِّي فَلي َعْنهُ َم ْذ َه ُ‬ ‫لَهُ َم ْذ َه ُ‬
‫س ال ِو ٌّد أَتَى َو ُهَو‬ ‫بِِه َّ‬
‫النْف ُ‬ ‫ت‬‫َن الْ ِو َّد ِو ٌّد تَطََّو َع ْ‬ ‫أل َّ‬
‫ُمَكْتِلَعبسُِ ِ‬
‫بته َي ْو ًما أ َ‬
‫َج َّد َوأَ ْخَلَقا‬ ‫َْ‬ ‫اب فَ ُك ْن ِفي ثَِيابِه‬ ‫لد ْه ِر أَْثَو ٌ‬ ‫آخر‪َ :‬ولِ َّ‬
‫وإِ ْن ُكْن َ ِ‬ ‫س الْ َكْي َسى إِ َذا ُكْن َ‬
‫ْح ْمَقى فَ ُك ْن‬ ‫ت في ال َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫فَ ُك ْن أَ ْكَي َ‬
‫َح َمَقا‬
‫ت أْ‬
‫الطيب ‪:‬‬
‫احلكماء العفو يفسد من اللئيم بقدر إصالحه من الكرمي َوقَ َال أَنْأبو َ‬ ‫َوقَ َال بعض ِفي ِه ْم‬
‫ْحل ِْم طُْر ُق‬ ‫ت ِفي ال ِ‬ ‫إِ َذا اتَّ َس َع ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْج ْه َل‬‫م ْن الْحل ِْم أَ ْن تَ ْسَت ْعم َل ال َ‬
‫يعامل الكرمي معاملة‬ ‫فالل َْمظَالِ ِم‬‫يضعهُ ُكل َشيء يف احملل الالئق به ا‬ ‫دون‬
‫فاحلكيم ُ َ ّ ْ‬

‫‪243‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اللئيم وال بالعكس فإن َه َذا فيه ضرر َع ِظيم وخيل يف منصب الشخص وحيط من‬
‫ول أبو‬
‫قدره ويدل على ضعف عقله وأنه ال حيسن أن ينزل النَّاس منازهلم َو َي ُق ُ‬
‫ك ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الطيب يف َذل َ‬

‫ت أَ ْكر ْم َ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫إِ َذا أَنْ َ‬


‫يم تَ َمَّر َدا‬‫ت اللئ َ‬ ‫َوإ ْن أَنْ َ َ‬ ‫َملَ ْكَتهُ‬ ‫الْ َك ِر َ‬
‫يم‬ ‫ت‬‫ت أَ ْكَر ْم َ‬
‫ف ِفي مو ِ‬
‫ض ِع‬ ‫السْي ِ‬
‫ض ِع َّ‬‫ضٌّر َكَو ْ‬ ‫مِ‬ ‫ف‬‫السْي ِ‬
‫َّ‬ ‫ض ِع‬ ‫ض ُع النِّ َدا ِفي‬
‫مو ِ‬ ‫َفَو ْ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫ت فَال تَ ُك ْن ِم ْه َذ َارا‬‫فَالِإنِّذَداا انْطَْق ُ‬ ‫المةٌ‬
‫وت َس َ‬ ‫الس ُك ُ‬
‫ين َو ُّ‬ ‫ت ِز ٌ‬ ‫آخر‪ :‬بِال ُْعَّ‬
‫الص ْالم ُ‬
‫الم ِمَر َارا‬ ‫ت َعلَى الْ َك ِ‬‫َولََق ْد نَ ِد ْم ُ‬ ‫ت َعلَى ُس ُكوتِي َمَّر ًة‬ ‫َما إِ ْن نَ ِد ْم ُ‬
‫ول األخر ‪:‬‬
‫َو َي ُق ُ‬
‫تُط ِْغي َولَ ِكنَّهُ ِعْن َد الْ َك ِر ِيم يَ َدا‬ ‫َوال َْع ْف ُو ِعْن َد لَئِ ِيم الطَّْب ِع َم ْف َس َدٌة‬
‫َوقَ َال آخر ‪:‬‬
‫ولِي َفر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولِي َفر ِ ِ‬
‫ْج ْه ِل بِال َ‬
‫ْج ْه ِل ُم ْسَر ُ‬
‫ج‬ ‫س لل َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫س للْحل ِْم بِالْحل ِْم ُمل َ‬
‫ْج ٌم‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اء َت ْق ِو ِيمي فَِإنِّي ُمَقَّوٌم‬
‫اء َت ْع ِويجي فَِإنِّي ُم َعَّو ُ‬
‫ج‬ ‫َو َم ْن َش َ‬ ‫فَ َم ْن َش َ‬
‫ج‬ ‫ولَ ِكنَّنِي أَر َ ِِ ِ‬ ‫ْج ْه َل ِخ ْدنًا‬
‫ُحَر ُ‬ ‫ين أ ْ‬
‫ضى به ح َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ضى ال َ‬ ‫ت أ َْر َ‬ ‫َو َما ُكْن ُ‬
‫َوَي ُق ُول األخر ‪:‬وص ِ‬
‫احًبا‬ ‫َ َ‬
‫ض ُل‬ ‫َ‬
‫ْم أفْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِ َذا ُكْن َ‬
‫ت فَالْحل ُ‬ ‫ت أنى شْئ َ‬ ‫َو ُخِّيْر َ‬ ‫ْج ْهل‬ ‫ت َبْين الْحلْم َوال َ‬
‫ولَم يرض ِمْن َ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ْج ْه ُل‬
‫ْم فَال َ‬ ‫ك الْحل َ‬ ‫َ ْ َْ َ‬ ‫س‬‫ت َم ْن لَْي َ‬ ‫نََولَاشكًئاْن إِ َذا أَنْ َ‬
‫ص ْف َ‬
‫صًفّا ‪َ ‬و ُه َو حبمراء األسد بأيب عزةأ َْمثَ ُلالشاعر الَّ ِذي من َعلَْي ِه النَّيِب ّ ‪‬‬ ‫وملا ظفر ُمْنالنَِّيِب‬
‫يوم بدر وتعهد للنيب ‪ ‬أن ال يناصب املسلمني العدا وال حيرض َعلَْي ِه األعداء‬
‫فلم يف بقوله ومل يصدق بوعده بل نقض العهد وخان امليثاق وما أبرم من‬
‫ال ‪ :‬يا حُمَ َّمد أقلين وامنن علي ودعين‬ ‫والسالم بقتله َف َق َ‬ ‫االتفاق فأمر َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالة َّ‬
‫السالم ‪ (( :‬و ِ‬
‫اهلل ال‬ ‫ال َعلَْي ِه َّ‬
‫لبنايت وأعطيك عهداً إِال أَعُود ملثل ما فعلت َف َق َ‬
‫َ‬
‫تسمح عارضيك مبَ َّكة َوَت ُقول خدعت حممداً مرتني ال‬

‫‪244‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يلدغ امل ْؤ ِمن من ُجحر مرتني أضرب عُنقه يا زيد )) ‪ .‬فضرب عنقه ‪ .‬اللَّ ُه َّم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ِ‬‫ب‬ ‫املسلمني‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ي‬‫م‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ي‬‫د‬ ‫ال‬‫و‬‫ل‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫غ‬‫ا‬‫و‬ ‫عقابك‬ ‫من‬ ‫وآمنا‬ ‫عذابك‬ ‫من‬ ‫سلمنا‬
‫َ مْح َ َ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َ َ َْ َ َ‬
‫الرامِحِ ني وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫‪ .‬يا أ َْر َح َم َّ َ َ َ‬
‫( موعظة )‬
‫آداب اإلسالم مجال ال يوازنه مجال وحظ‬ ‫َخالق اليت ِه َي‬ ‫عباد اهلل إن مكارم األ ْ‬
‫َخالق وملا َكا َن النَّيِب ّ ‪ ‬متخلقاً‬
‫تلك األ ْ‬ ‫ا ِإلنْ َسان منها يكون بقدر ما ختلق به‬
‫جبميعها َكا َن أمجل خلق اهلل أمجعني ‪.‬‬
‫وجاءَ يف حديث‬ ‫َخالق )) ‪َ .‬‬ ‫وجاءَ َعْنهُ ‪ ‬أنه قال ‪ (( :‬إمنا بعثت ألمتم مكارم األ ْ‬ ‫َ‬
‫اهلل ما الدين ؟ َف َق َ يِب‬ ‫ول ِ‬ ‫مرسل أن رجالً َجاءَ إيل النَّيِب ّ ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ال النَّ ّ‬ ‫ال ‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫سن اخللق )) ‪.‬‬ ‫‪ُ (( : ‬ح ُ‬
‫الع ِظيم الَّ ِذي ُه َو ال قيام للدين‬ ‫وه َذا يدل على أن حسن اخللق ركن اإلسالم َ‬ ‫َ‬
‫ِّسبَ ِة للحج ف َق ْد َجاءَ َعْنهُ ‪ ‬أنه قال ‪ (( :‬احلج عرفة‬ ‫ِ‬
‫بدونه كالوقوف بعرفات بالن ْ‬
‫الع ِظيم الَّ ِذي ال يكون احلج إِال به الوقوف بعرفات ‪.‬‬ ‫)) ‪ .‬أي أنه ركن احلج َ‬
‫َخالق مكانة عظيمة أن الْ ُم ْؤ ِمنِني يتفاضلون يف‬ ‫مِم‬
‫و َّا يدل على أن لأل ْ‬
‫ا ِإلميَان وأن أفضلهم فيه أحسنهم خلقاً َجاءَ عن النَّيِب ّ ‪ ‬يف احْلَ ِديث أنه قال ملا‬
‫قيل له رسول اهلل أي الْ ُم ْؤ ِمنِني أفضل إميانًا ؟ قال ‪ (( :‬أحسنهم خلقاً )) ‪.‬‬
‫ك أن الْ ُم ْؤ ِمنِني يتفاوتون يف الظفر حبب رسول اهلل ‪ ‬والقرب منه يوم‬ ‫ِ‬
‫ومن َذل َ‬
‫حسنت أخالقهم َجاءَ يف احْلَ ِديث‬ ‫ين ُ‬
‫َّ ِ‬
‫القيامة وأكثرهم ظفراً حببه والقرب منه الذ َ‬
‫عن النَّيِب ّ ‪ ‬أنه قال ‪ (( :‬إن أحبكم إيل وأقربكم مين جملساً يوم القيامة‬
‫أحاسنكم أخالقاً )) ‪.‬‬
‫ك أن حسن اخللق أمر الزم وشرط البد منه للنجاة من النار‬ ‫ِ‬
‫ومن َذل َ‬
‫الصالة والصيام َجاءَ يف‬ ‫والفوز باجْلَنَّة وإن إمهال َه َذا الشرط ال يغين َعْنهُ َّ‬

‫‪245‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّه َار وَت ُقوم‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫احْلَديث أن أحد املسلمني قال لَر ُسول اهلل ‪ : ‬إن فُالنة تصوم الن َ‬
‫الليل وهي سيئة اخللق تؤذي جرياهنا ‪ .‬قال ‪ (( :‬ال خَرْي فيها ِه َي يف النار )) ‪.‬‬
‫و َكا َن النَّيِب ّ ‪ ‬يدعو ربه بأن حُي سن ُخلقه َو ُه َو أحسن النَّاس خلقاً و َكا َن‬
‫ول ‪ (( :‬اللَّ ُه َّم‬
‫ول يف دعائه ‪ (( :‬اللَّ ُه َّم حسنت خلقي فحسن ُخلقي )) ‪َ .‬و َي ُق ُ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ت )) ‪ .‬ومعلوم أنه ال‬ ‫َخالق فإنه ال يهدي ألحسنها إِال أَنْ َ‬ ‫أهدين ألحسن األ ْ‬
‫يدعو إِال مبا حيبه اهلل ويقربه منه ‪.‬‬
‫ك مدح اهلل َت َعاىَل للنيب ‪ ‬حبسن اخللق ف َق ْد َجاءَ يف القرآن ﴿‬ ‫ِ‬
‫ومن ذَل َ‬
‫ِ‬ ‫َّك لَعلى خلُ ٍق ع ِظي ٍم ﴾ و ِ‬
‫ك‬ ‫الع ِظيم ‪ ،‬ومن َذل َ‬ ‫اهلل ال ميدح إِال على َ‬
‫الش ْيء َ‬ ‫َ‬ ‫َوإِن َ َ ُ َ‬
‫َخالق أمراً باجليد منها ومدحاً للمتصفني به‬ ‫كثرة اآليات القرآنية مبوضوع األ ْ‬
‫وم َع الذم العقاب‬ ‫وم َع املدح الثواب ‪ ،‬وهنياً عن الردي منها وذم للمتصفني به َ‬ ‫َ‬
‫َخالق َدلِيل على أمهيتها ‪.‬‬ ‫وال شك أن كثرة اآليات يف موضوع األ ْ‬
‫َخالق الفاضلة واإلقالل منها يكون مجال ا ِإلنْ َسان‬ ‫وبالتايل فاإلكثار من األ ْ‬
‫َخالق شني لتاركها كبري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ترك مكارم األ ْ‬ ‫ك اإلكثار أو اإلقالل و َك َذل َ‬ ‫بنسبة َذل َ‬
‫وعلي قدر ما تركه شينه ِعْن َد الكبري منا والصغري فمهما أكثرت أو أقللت من‬
‫ك التقدير ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تركها يكون شينك بنسبة َذل َ‬
‫ك أنظر إىل الكفار حيث أهنم تركوها ُكلّ َها ومل يكن عندهم من‬ ‫ِ‬
‫ول َذل َ‬
‫َخالق عندنا فقط بل ِعْن َد اهلل به ميدح‬ ‫َخالق َش ْيء جتدهم يف قبح األ ْ‬ ‫مكارم األ ْ‬
‫ِ‬
‫ك ويدخلهم اجْلَنَّة فَانْظُْر أي نصيب نصيبك من تلك‬ ‫اهلل الْ ُم ْؤ ِمنِني املتصفني ب َذل َ‬
‫وعْن َد خلقه إن األمل ليملؤ اجلوانح‬ ‫اخلالل احلسان لتعرف قدرك وقيمتك ِعْن َد اهلل ِ‬
‫َخالق الفاضلة وعلى عُشاقها الفضالء النبَالء ماتت وماتوا ‪ ،‬أين ِه َي‬ ‫على األ ْ‬
‫ين يرون املوت خرياً من حياة الرياء ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫اإلخالص الذ َ‬

‫‪246‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ين يرون قطع ألسنتهم أخف عندهم من أن يكذبوا‬ ‫َّ ِ‬


‫أين أ َْهل الصدق الذ َ‬
‫أو يتملقوا أو يداهنوا أو ينافقوا أو ينموا أو يغتابوا أو يتجسسوا على الْ ُم ْؤ ِمنِني‬
‫ليزجوهنم بالسجون ‪.‬‬
‫ين إذا وعدوا صدقوا وإذا عاهدوا َو َف ْوا أين أ َْهل العفو ِعْن َد‬ ‫َّ ِ‬
‫أين الذ َ‬
‫املقدرة أين أ َْهل العدل واإلنصاف ‪.‬‬
‫ين يلتمسون الكرب ليُفرجوها‬ ‫َّ ِ‬
‫الذين حلمهم مثل اجلبال الراسيات أين الذ َ‬
‫ين يعرفون الوالء والرباء وال‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين يبتعدون عن الربا ومعامليه أين الذ َ‬ ‫‪ ،‬أين الذ َ‬
‫يألفون وال جيالسون إِال أ َْهل الصالح ويبتعدون ُك ّل البعد عن أ َْهل املعاصي من‬
‫ين يساكنون الكفار والعياذ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين يطاردون النساء يف السواق والذ َ‬ ‫اللوطية والزناة الذ َ‬
‫بِ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫ين ال مورد هَلُ ْم فينعشوهنم مبا تيسر من‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين يبحثون عن الفقراء الذ َ‬ ‫أين الذ َ‬
‫زكاة أو صدقة تطوع دراهم أو طعام أو كسوة ‪ .‬أو يتسببون هَلُ ْم يف وظائف‬
‫يكفون هبا وجوههم عن النظر ملا يف أيدي النَّاس ‪.‬‬
‫الز َكاة مكملة ملن يستحقها ال حيابون هبا ويبحثون عن‬ ‫ين يؤدون َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫أين الذ َ‬
‫أ َْهل العوائد فإذا وجدوهم غري مستحقني مل يبالوا هِب ُ ْم ومل يعطوهم لعلمهم أهنا‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال تربأ ذممهم ب َذل َ‬
‫هم به‬ ‫َّ ِ‬
‫وهبم مبا من اهلل َعلَْي ْ‬ ‫ين يبحثون عن األرامل واأليتام ليجبوا ُقلُ ْ‬ ‫أين الذ َ‬
‫ين يهجرون الفسقة والظلمة واجملرمني حىت ولو َكانُوا آباءهم أو‬ ‫َّ ِ‬
‫‪ ،‬أين الذ َ‬
‫أبناءهم أو إخواهنم ‪.‬‬
‫أين الرجل املهذب الَّ ِذي ال يلتبس يف سره وال يف عالنيته حبال يستحي‬
‫ول قوالً‬ ‫من اطالع العقالء َعلَْي ِه وال يعمل عمالً ال يرفعه ِعْن َد اهلل درجة وال َي ُق ُ‬

‫‪247‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ضمر لعدوه سوءًا إذا سامله وال يتخلق إِال‬


‫غري مفيد لسامعه فائدة يف دينه وال يُ ُ‬
‫بكل ُخلق مجيل ‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ ِ ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ني يبعدون عن الغش ُك ّل البعد‬ ‫ين ال يعرفون إِال النصح ل ْل ُمسلم َ‬ ‫أين الذ َ‬
‫‪ ،‬بعث أبو حنيفة مبتاع إىل شريكه يف التجارة حفص بن عبد الرمحن وأعلمه‬
‫أن يف ثوب منه عيبًا واستوىف الثمن كامالً لثوب غري كامل وقيل مثن املتاع‬
‫الَّ ِذي بيع ثالثون أل ًفا أو مخسة وثالثون أل ًفا فأىب أبو حنيفة إِال أن يبعث‬
‫لشريكه يف التجارة يكلفه أن يبحث عن املشرتي ولكن مل جيده بعد البحث‬
‫َعْنهُ ‪.‬‬
‫فأىب أبو حنيفة إِال انفصاالً من شريكه وتتاركا بل أىب أبو حنيفة أن‬
‫يضيف الثمن إىل ُحر ماله وتصدق به كامالً من شدة الورع ‪.‬‬
‫ب قيمة ُك ّل‬ ‫ِ‬
‫ض ْر ٌ‬
‫ويروى أنه َكا َن عْن َد يونس بن عبيد ُحلل خمتلفة الثمان َ‬
‫الصالة وخلف ابن‬ ‫ب ُك ّل حلة قيمتها مائتان فمر إىل َّ‬ ‫ضَّر ُ‬
‫ُحلة منه أربعمائة َو َ‬
‫أخيه يف الد َكا َن فَ َجاءَ أعرايب وطلب ُحلة بأربعمائة فعرض َعلَْي ِه من حلل املائتني‬
‫فاستحسنها ورضيها واشرتاها ومضي هبا وهي على يديه ‪.‬‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ال األعرايب ‪ :‬بكم اشرتيت ؟ َف َق َ‬ ‫فاستقبله يونس فعرف ُحلته َف َق َ‬
‫ال ‪ :‬هذه‬ ‫ال ‪ :‬ال تساوي أكثر من مائتني فارجع حىت تردها ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫بأربعمائة ‪َ .‬ف َق َ‬
‫ال يونس ‪ :‬انصرف فإن النصح يف‬ ‫تساوي يف بلدنا مخسمائة وأنَا ارتضيتها ‪َ .‬ف َق َ‬
‫الدين خَرْي من ُّ‬
‫الد ْنيَا وما فيها ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك‬‫مُثَّ رده إىل الد َكا َن ورد َعلَْي ِه مائيت درهم وخاصم ابن أخيه يف َذل َ‬
‫ال‬
‫ني َف َق َ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ال ‪ :‬أما استحيت أما اتقيت اهلل تربح مثل مثنها وترتك النصح ل ْل ُمسلم َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اهلل ما أخذها إِال َو ُه َو راض هبا ‪ .‬قال ‪ :‬فهل رضيت له مبا ترضاه لنفسك‬ ‫‪:‬و ِ‬
‫َ‬
‫‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وروي عن حُمَ َّمد بن املنكدر أن غالمه باع ألعرايب يف غيبته من‬


‫َّه َار لريد َعلَْي ِه مخسة‬ ‫ِ‬
‫ك األعرايب طول الن َ‬
‫اخلمسيات بعشرة فلم يزل يطلب َذل َ‬
‫ال له ‪ :‬إن الغالم قَ ْد غلط فباعك ما يساوي مخسةً بعشر ‪.‬‬ ‫حىت وجده َف َق َ‬
‫ال ‪ :‬وإن رضيت فإنَّا ال نرضى لك إِال ما‬ ‫ال ‪ :‬يا َه َذا رضيت ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫نرضاه‬

‫‪250‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ألنفسنا ‪ .‬ورد َعلَْيه مخسة ومثل َه َذا كثري َيو َج َد من الورعني الناصحني الذ َ‬
‫حيبون إلخواهنم الْ ُم ْؤ ِمنِني ما حيبون ألنفسهم نسأل اهلل أن يكثر أمثاهلم وأن يقلل‬
‫ين ال تأخذهم يف اهلل لومة الئم ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الغشاشني السراقني املنافقني الكذابني ‪ ،‬أين الذ َ‬
‫ين حينون إىل بيوت اهلل حنني األلف فارقه األلف ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫أين الذ َ‬
‫ين ال يطيب هَلُ ْم جملس إِال ِعْن َد كتاب اهلل والبخاري ومسلم‬ ‫َّ ِ‬
‫أين الذ َ‬
‫السنَن أو ما أخذ منها أو ما ُه َو وسيلة إليها ‪.‬‬ ‫وسائر ُّ‬
‫ين إذا فاهتم قيام الليل جلسوا يبكون على ما فات ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫أين الذ َ‬
‫ين درسوا سرية املصطفى وأصحابه فكأهنم بينهم يرتددون ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫أين الذ َ‬
‫ات‬ ‫َّ ِ‬
‫الوقْت ويسبحون ويهللون َم َ‬ ‫ين يتقدمون إىل بيوت اهلل قبل َ‬ ‫أين الذ َ‬
‫هؤالء وبلية من أكرب البال أن نف َق ْد َه َذا الطراز فهل لك يا أخي أن تسلك‬
‫سبيل هؤالء لتَ ُكون قدوة ومثالً للعاملني ‪.‬‬
‫وتفوز برضا رب العاملني فتحظى بالفوز بسكىن جنات النَّعِيم اليت فيها ما‬
‫ال عني رأت وال أذن مسعت وال خطر على قلب بشر من احلور العني والفواكه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ك فاجتهد يف حتسني عملك الَّذي ُه َو املهر ل َذل َ‬ ‫ك فإن رغبت يف َذل َ‬ ‫وغري ذَل َ‬
‫‪.‬‬
‫ضهم ‪:‬‬
‫قال َب ْع ْ‬
‫س َو َسابِ ْق نَ ْحَو َها ُك َّل َسابِ ِق‬ ‫ِ‬
‫َفَناف ْ‬ ‫ت لِل َْم ْهر الَّ ِذي َعَّز قَ ِاد ًرا‬ ‫فَِإ ْن ُكْن ُ‬
‫الدو ُن ِعْن َد‬
‫ضى ُّ‬ ‫فَبِالْ ُد ِ‬
‫ون َي ْر َ‬ ‫ض‬ ‫اجًزا فَ ْار ِ‬ ‫ت ِمثِْلي َع ِ‬ ‫َوإِ ْن ُكْن َ‬
‫اط ًعا ُك َّل َعائِ ِق‬‫الِلَنَيْع ِلالئِ ِاقلْمعالِي قَ ِ‬ ‫بَِر َعُّ‬
‫ْ ََ‬ ‫ض َحى َوأ َْم َسى‬ ‫الدْنىَيا َ‬
‫اهلل َم ْن أَ ْ‬
‫ب َم ْولَى‬ ‫ال ال ُْمَنى ِم ْن ُق ْر ِ‬ ‫َونَ َ‬ ‫ات ِفي‬ ‫ش ِّمًأَراْن َعال َف ْو َق ال َْمَق َام َ‬ ‫إُِملَ َى‬
‫ْح ِّق أَ ْفَر ُ‬
‫اد‬ ‫يق ال َ‬ ‫السالئالِِقُكو َن طَ ِر َ‬
‫اَلْو َخ َّ‬ ‫ْح ِّق ُمْنَف ِر ٌد‬
‫يق ال َ‬ ‫آخر‪ :‬الْعُْعلَ ْالم بِأ َّ‬
‫َن طَ ِر َ‬

‫‪251‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اد‬ ‫َف ُه ْم َعلَى َم َه ٍل يَ ْم ُ‬ ‫ال يطْلَبو َن وال تُطْلَب مس ِ‬


‫صُ‬ ‫شو َن قُ َّ‬ ‫اعَي ُه ْم‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫والن ِ‬
‫فَ ُجلُّ ُه ْم َع ْن طَ ِر ِيق ال َ‬
‫ْح ِّق ُرقَّ ُ‬
‫اد‬ ‫ص ُدوا‬‫َّاس في غَ ْفلَة َع َّما لَهُ قَ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اللَّ ُه َّم اسلك بنا سبيل عبادك األ َْبَرار وجننا من عذاب النار وأسكنا اجْلَنَّة دار‬
‫صلَّى اهلل‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫القرار َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني ‪َ .‬و َ‬‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫اك َومَجِ يع املسلمني ملا حيبه ويرضاه أن الزواج ُه َو أهم‬ ‫ْاعلَ ْم وفقنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫والز َوال‬
‫ات احلياة واملتمم للوظائف احليوية واحلافظ للجامعة البشرية من االنقراض َ‬ ‫مقوم َ‬
‫َ‬
‫بإذن اهلل وأساس لتقدير املرء يف اهليئة االجتماعية ‪.‬‬
‫وقوامه وجود األلفة والتحابب واالحرتام والتوقري بني الزوجني وبه حيصل‬
‫التعاون والتعاضد والتآلف والتآزر بني األسر املتناسبة بسبب ما مت بينها من املصاهرة‬
‫املقربة للبعيد واحملببة للقريب واملدنية لألجنيب ‪.‬‬
‫َنك ُحوا اأْل َيَ َامى ِمن ُك ْم‬
‫وقَ ْد ندب اهلل إىل الزواج َف َق َال عز من قائل ‪ ﴿ :‬وأ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصاحِلِ ِ ِ ِ‬
‫ني م ْن عبَاد ُك ْم َوإِ َمائ ُك ْم ﴾ َوقَ َال ُسْب َحانَهُ وتعاىل ﴿ فَانك ُحواْ َما طَ َ‬
‫اب‬ ‫َو َّ َ‬
‫اع ﴾ َوقَ َال ﴿ َوِم ْن آيَاتِِه أَ ْن َخلَ َق لَ ُكم ِّم ْن‬ ‫ث َو ُربَ َ‬ ‫ِّساء َم ْثىَن َوثُالَ َ‬
‫لَ ُكم ِّم َن الن َ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫أَن ُفس ُك ْم أ َْز َواجاً لتَ ْس ُكنُوا إلَْي َها َو َج َع َل َبْينَ ُكم َّم َو َّد ًة َو َرمْح َةً ﴾ َوقَ َال ﴿ يَا أَيُّ َها الن ُ‬
‫َّاس‬
‫لَِت َع َارفُوا ﴾ ‪.‬‬ ‫إِنَّا َخلَ ْقنَا ُكم ِّمن ذَ َك ٍر َوأُنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم ُشعُوباً َو َقبَائِ َل‬
‫وهلََذا خاطب النَّيِب ّ ‪ ‬الشباب يدعوهم إيل الزواج واملبادرة إليه مىت َكا َن قادراً‬
‫على مؤن الزواج ونفقاته و َكا َن به توقان إىل النساء حىت ال تزل به القدم يف‬
‫مهوات املعاصي فتقوده َن ْفسهُ ويغريه شيطانه فيقع فيما ال حيل من املوبقات ُّ‬
‫والذنُوب‬
‫املهلكات فإن للشباب فُتو ًة ونزو ًة تدفع الشباب إىل طاعة شهوته وتقهره على‬
‫إرضائها بدون أن يبايل بسوء مغبة أو حسنها ‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الذنُوب واملعاصي‬ ‫و َك ْم من شاب أغرته شهوته واستعبدته لذته فأتى نفسها من ُّ‬
‫َ‬
‫حظها وأروى من املوبقات غلتها ‪.‬‬
‫ك ضياع الثروة واالفتقار بعد اليسر والْ َمال العريض والذلة‬ ‫ِ‬
‫ف َكا َن عاقبة ذَل َ‬
‫بعد اجلاه والعزة ‪ ،‬والضعف بعد القوة والصحة الشاملة وانتابته بعد نضارة شبابه‬
‫العلل واألسقام وصار حليف اهلم والغم والسهاد ينام على مثل شوك القتاد قَ ْد‬
‫أقض مضجعه وذبلت نضرته وتنكرت له احلياة بعد إقباهلا وكشرت له األيام بعد‬
‫ك مبا قدمت يداه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ابتسامها أنياهبا َوذَل َ‬
‫و َكا َن أصحابه ينفرون َعْنهُ بعد ما َكا َن قرة أعينهم وموضع الغبطة‬
‫الر ُسول ‪ ‬حكمة املبادرة إىل الزواج بعد القدرة واالستطاعة‬ ‫والسرور ولََق ْد بني َّ‬
‫ات ومالبسة ما يغضب فاطر األرض‬ ‫احملرم َ‬
‫بأهنا حُت صن الفرج عن الوقوع يف َ‬
‫ات ‪.‬‬ ‫والكرام َ‬
‫َ‬ ‫والسماوات ويزري بالشرف‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫ات أضف إىل َذل َ‬ ‫احملرم َ‬
‫وإن املبادرة تدعو إىل العفة وغض البصر عن َ‬
‫أوالدا من تربيتهم‬
‫ً‬ ‫أن املبادرة يف الزواج متلكن املرء بإذن اهلل إذا رزقه اهلل‬
‫والقيام بشؤوهنم وإعدادهم ملستقبل حياهتم وجعلهم رجاالً صاحلني مصلحني‬
‫عمادا هلا وقوة يرهب هِب ُ ْم جناهبا وتقوى‬ ‫ً‬ ‫ينفعون أنفسهم وأمتهم وجيعل ِمْن ُه ْم‬
‫شوكتها وحتفظ هيبتها وكرامتها ويدفع من يريد إذالهلا واستعبادها ‪.‬‬
‫تأمل يف حياة املتزوج ِعْن َد َما يفاجئه مرض أو تنتابه نائبة وعنده زوجة‬
‫احة وتسليه‬ ‫حِل‬
‫الر َ‬
‫نائما على فراش َّ‬ ‫صا َة كيف يكون حماطًا بعطفها وقيامها خبدمته ً‬ ‫َ‬
‫وتؤنسه وَت ُقوم خبدمته وتضمر اخْلَرْي له ‪.‬‬
‫مرض يف حالة يأس وقنوط وندم على‬ ‫ٍ‬ ‫وارجع بنظرك إىل العزب يف حالة‬
‫صاحِلَة وقرينة ناصحة تَ ُكون له خَرْي معينة‬ ‫ما فرط منه لعدم اقرتابه بزوجة َ‬

‫‪253‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وأفضل مساعدة علي نوائب الدهر وأنكاده فق ْد ف َق َد العزب العطف والرأفة به‬
‫احة والقيام بتمريضه وحوائجه الكثرية يف أشد األوقات وأحرجها وأضيق‬ ‫والر َ‬
‫َّ‬

‫‪254‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الساعات و َكا َن يف حالته احملزنة كالغريب النائي عن وطنه وأقربائه وأصدقائه‬


‫يتمىن ويتلهف علي أحد يتصدق َعلَْي ِه بشربة ماء أو حنوها ‪.‬‬
‫وأما اإلبطاء عن الزواج حىت يتقدم يف العمر صاحبه على خطر ف َق ْد ال‬
‫يستطيع تربية أوالده لضعف قوته وعجزه عن حتصيل ما به حياهتم وتوفري‬
‫أسباب السعادة هَلُ ْم ‪.‬‬
‫كزغب القطا مهيضي اجلناح أيتام ال يقدرون‬ ‫َو ُرمَّبَا اخرتمته املنية فيرتكهم ُ‬
‫ك أن اإلبطاء يف الزواج يزيد‬ ‫ِ‬
‫على التخلص من األكدار واألنكاد زد على َذل َ‬
‫س هلن قوة‬ ‫كثرة الفتيات العانسات ويفوت عليهن زمن نضرهتن وجين مثارهن ولَْي َ‬
‫كالر َجال فرمبا تطغى عليهن ويسلكن طَ ِريق الغواية والفساد ‪.‬‬ ‫علي دفع الشهوة ِّ‬
‫وهناك الطامة الكربى واملصيبة العظمى من اختالط األنساب وانتهاك حرمة‬
‫األعراض ومتزيق ثوب احلياء واالستهتار مبا يزيل الكرامة ويذل الشرف والعزة‬
‫ويقضي على اإلباء واملروءة والنخوة ‪.‬‬
‫وإن مِم َّا يؤسف له أشد األسف من انصراف الشباب وإعراضهم عن‬
‫تاما ظنًا ِمْن ُه ْم أن حياة العزوبة ألذ وأهنأ وأ َْه َون محالً وأخف‬ ‫إعراضا ً‬
‫ً‬ ‫الزواج‬
‫كلفة من الزواج َم َع أهنم خمطئون يف عملهم شاذون يف رأيهم ضالون عن طَ ِريق‬
‫احلق تائهون عن جادة الصواب ‪.‬‬
‫س‬‫ول ‪ (( :‬فمن رغب عن سنيت فلَْي َ‬ ‫ألن التزوج سنة املرسلني والنَّيِب ّ ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫شديدا وروي ‪ « :‬ال صرورة‬ ‫ً‬ ‫مين )) ‪ .‬و َكا َن ‪ ‬يأمر بالباءة وينهى عن التبتل هنيًا‬
‫يف اإلسالم » ‪ .‬والصرورة الَّ ِذي مل يتزوج ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬من دعاك‬ ‫س العزوبة من أمر اإلسالم يف َش ْيء ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ال أَمَحَد ‪ :‬لَْي َ‬
‫َوقَ َ‬
‫إىل غري التزوج ف َق ْد دعاك إىل غري اإلسالم ‪.‬‬
‫ال ابن عباس لرجل تزوج ‪ :‬فإن خَرْي هذه األمة أكثرها نساء ولو مل‬ ‫َوقَ َ‬

‫‪255‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫العزبة إِال قوله َت َعاىَل ﴿ َولََق ْد أ َْر َسْلنَا ُر ُسالً ِّمن َقْبل َ‬
‫ك َو َج َعْلنَا هَلُ ْم أ َْز َواجاً َوذُِّريَّةً ﴾ لكفى وشفى ‪.‬‬ ‫يكن يف احلث على الزواج والنهي عن ُ‬
‫الرحم ِن فَاجعل من ُتَؤ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخي‬ ‫َْ ْ َ ْ‬ ‫في َّ ْ َ‬ ‫ْت َخال‬ ‫ت أ َْو َخالَل َ‬ ‫ش ْعًرا‪َ :‬وإِ ْن َ‬
‫صا َفْي َ‬
‫ك الضَّاللَ َة والتَّر ِ‬ ‫ِ‬
‫اخي‬ ‫َ َ‬ ‫َو َد ْع َعْن َ‬ ‫اهلل َشْيًئا‬ ‫َوال َت ْعد ْل بَِت ْقَوى َ‬
‫ْحَي ِاة إِلَى انْ ِس ِ‬
‫الخ‬ ‫َوأَيَّ ُام ال َ‬ ‫ورا‬
‫الدْنَيا ُس ُر ً‬ ‫ال ِفي ُّ‬ ‫ف َتَن ُ‬ ‫فَ َكْي َ‬
‫اخ‬ ‫وب بِالْبُ َك ِاء َوبِ ُّ‬
‫الصَر ِ‬ ‫ش ٌ‬ ‫َم ُ‬ ‫يما َع ِه ْدنَا‬ ‫ِ‬
‫َوإِ َّن ُس ُر َ‬
‫ور َها ف َ‬
‫اخ‬ ‫ص َم ِم ّ‬
‫الص َم ِ‬ ‫ضى إِلَى َ‬ ‫َع َمى أَفْ َ‬ ‫آد َم ال َيَر َاها‬ ‫َفَق ْد َع ِم َي ابْ ُن َ‬
‫ك عمن‬ ‫اللَّه َّم وفقنا لصاحل األعمال وأكفنا حباللك عن حرامك وبَِف ْ ِ‬
‫ضل َ‬ ‫ُ‬
‫ِِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َوآله أَمْج َع َ‬
‫سواك إنك على ُك ّل َش ْيء قدير َو َ‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال ‪ (( : ‬من تزوج ف َق ْد استكمل نصف دينه فليتق اهلل يف النصف‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال ‪ (( : ‬من أحب فطريت فليسنت بسنيت‬ ‫الباقي )) ‪ .‬رواه الطرباين يف األوسط َوقَ َ‬
‫ال ‪ (( : ‬أميا رجل‬ ‫السنَن الكربي َوقَ َ‬
‫ومن سنيت النكاح )) ‪ .‬رواه البيهقي يف ُّ‬
‫تزوج يف حداثة سنه عج شيطانه يا ويله عُصم دينه )) ‪ .‬رواه أبو ْيعلى يف‬
‫مسنده ‪.‬‬
‫حق على اهلل عوهنم اجملاهد يف سبيل اهلل ‪ ،‬واملكاتب‬ ‫ال ‪ (( : ‬ثالثة ٌ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الَّ ِذي يريد األداء ‪ ،‬والناكح الَّ ِذي يريد العفاف )) ‪ .‬رواه الرتمذي والنسائي‬
‫َو َغرْيِ مهَا بإسناد صحيح ‪.‬‬
‫ال ‪ ‬لعكاف بن وداعة اهلاليل ‪ (( :‬ألك زوجة يا عكاف )) ؟ قال ‪:‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫وسر خبري‬
‫ت ُم ٌ‬‫ال ‪ .‬قال ‪ (( :‬وال جارية )) ؟ قال ‪ :‬وال جارية ‪ .‬قال ‪ (( :‬وأَنْ َ‬
‫ت إ ًذا من إِ ْخ َوان الشياطني لو كنت‬ ‫)) ؟ قال ‪ :‬وأنَا موسر خبَرْي ‪ .‬قال ‪ (( :‬أَنْ َ‬
‫من النصارى كنت من رهباهنم إن سنتنا شراركم عُزابكم وأرذل موتاكم‬
‫أبلغ يف الصاحلني من النساء‬ ‫سالح ُ‬
‫ٌ‬ ‫عُزابكم أبا الشيطان مترسون ؟! ما للشيطان‬

‫‪256‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫إِال املتزوجون أولئك املطهرون املربؤن من اخلنا وحْي ك يا ع ّك ُ‬


‫اف إهنن صواحب‬
‫أيوب وداود ويوسف و ُكرفس )) ‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اهلل ؟ قال ‪ (( :‬رجل يعبد اهلل‬ ‫ول ِ‬ ‫س يَا َر ُس َ‬ ‫قال له بشر بن عطية ‪ :‬من ُكرفُ ُ‬
‫بساحل من سواحل البحر ثالمثائة عام يصوم النَّهار ويقوم الليل مُثَّ إنه كفر بِ ِ‬
‫اهلل‬ ‫ََ‬
‫بسبب امرأة عشقها وترك ما َكا َن َعلَْي ِه من عبادة مُثَّ استدركه اهلل ببعض ما‬
‫ت من املدبرين )) ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫تزوج وإِال فأَنْ َ‬‫ْ‬ ‫َكا َن منه فتاب َعلَْي ِه وحيك يا عكاف‬
‫اهلل ‪ .‬قال ‪ (( :‬زوجتك كرمية بنت كلثوم احلمريي )) ‪ .‬رواه‬ ‫ول ِ‬‫زوجين يَا َر ُس َ‬
‫أَمَحَد وأبو يعلى يف مسنده ‪.‬‬
‫ول ‪ :‬لو مل يبق من عمري إِال عشرةُ‬ ‫و َكا َن ابن مسعود َر ِض َي اهللُ َعْنهُ َي ُق ُ‬
‫ِ‬
‫أيام أحببت أن أتزوج حىت ال ألقي اهلل عزبًا وتزوج اإلمام أَمَحَد َرض َي اهللُ َعْنهُ‬
‫ال َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالة‬ ‫ال ‪ :‬أكره أن أبيت عزبًا َوقَ َ‬ ‫يف الَْي ْوم الثاين من وفاة امرأته َوقَ َ‬
‫خريا له من زوجة‬ ‫ِ‬
‫والسالم ‪ (( :‬ما استفاد املُْؤمن بعد تقوى اهلل َعَّز َو َج َّل ً‬ ‫َّ‬
‫صاحِلَة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم َعلَْي َها برته وإن غاب‬ ‫َ‬
‫َعْن َها نصحته يف نفسها وماله )) ‪ .‬رواه ابن ماجة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫رجاءَ أن خيََر َج‬ ‫ال عمر َرض َي اهللُ َعْنهُ ‪ :‬إين ألُ ْك ِرهُ نفسي على اجلماع َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال ‪ (( : ‬دعوا احلسناء العاقر وتزوجوا السوداء‬ ‫اهلل نسمة تُسبحه وت ْذكره َوقَ َ‬
‫الولود فإين أكاثر بكم األمم يوم القيامة )) ‪ .‬رواه الطرباين واأل َْمر للندب ‪.‬‬
‫ال ‪(( : ‬‬ ‫ال عمر ‪ :‬تكثروا من العيال فإنكم ال تدرون مبن ترزقون َوقَ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال‬
‫تزوجوا الودود الولود فإين ُمكاثر بكم األمم )) ‪ .‬رواه ابن ماجة والنسائي َوقَ َ‬
‫‪ (( : ‬ال تُطلق النساء إِال من ريبة إن اهلل َت َعاىَل ال حيب الذواقني وال الذوقات‬
‫)) ‪ .‬والذواق الكثري النكاح والطالق من دون عُذر شرعي والذواقة اليت ُك ّل من‬
‫أخذها تتسبب لفراقه ألجل التزوج بغريه َه َذا َواهللُ أ َْعلَ ُم معنامها ‪.‬‬
‫ومن األسباب الرئيسية لتوقف كثري من الشباب عن الزواج ثقل املهور‬

‫‪258‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك موافقة ُسحفاء العقول‬ ‫ِ‬


‫والتبذير السخيف يف الطرق اليت غري شرعية وسبب َذل َ‬
‫يف تصرفاهتم ‪.‬‬
‫فالعاقل إذا جاءه من يرضى دينه وعقله ما يغرت بالزخارف وينخدع‬
‫بالبهارج الكاذبة وحيذو حذاء املسرفني بل ينقاد لعقله الراجح ودينه احلق‬
‫وتعاليمه السامية ويرضى بامليسور إذا َكا َن له السلطة التامة علي أهله ‪ ،‬وإن‬
‫َكا َن من املستضعفني فيحاول باليت ِهي أحسن فإن عجز فلَيس له و ِ‬
‫اهلل إِال‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ضا مبا قدره اهلل وقضاه يف َه َذا الزمن الَّذي احنط أهله وسيطرت فيه‬ ‫والر َ‬
‫الصرب ِّ‬
‫الر َجال ِعْن َد أهليهم وأوالًدهم مبنزلة اخلادم‬ ‫الر َجال وصار األكثر من ِّ‬ ‫النساء على ِّ‬
‫حمقور وحمامي لألموال اليت ستؤول إليهم‬ ‫وخادم‬ ‫ك فهو حارس‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وم َع َذل َ‬ ‫احلقري َ‬
‫وعلَْي ِه التكالن ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وال شكر مْن ُه ْم وال ثناء ‪َ .‬واهللُ الْ ُم ْسَت َعا ُن َ‬
‫ِ‬
‫اج َع ْلنَا يوم الفزع األكرب آمنني‬ ‫اللَّ ُه َّم اجعلنا ممن يأخذ اْلكتَاب باليمني ‪َ ،‬و ْ‬
‫ك وكرمك إىل جنات النَّعِيم ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫‪ ،‬وأوصلنا بَِرمْح َتِ َ‬
‫ص ْحبِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫املسلمني ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬ ‫ني ‪َ ،‬و َ‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬
‫أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫وإليك قصة سعيد بن المسيب رحمه اهلل‬
‫قال أبو وداعة ‪ :‬كنت أجالس سعيد بن املسيب ففقدين أياماً َفلَ َّما جئته‬
‫ال ‪ :‬هال أخربتنا‬ ‫ت ‪ :‬توفيت زوجيت فاشتغلت هبا ‪َ .‬ف َق َ‬
‫قال ‪ :‬أين كنت ؟ ُق ْل ُ‬
‫ك‬ ‫مِح‬
‫ت ‪َ :‬ير َ َ‬ ‫فشهدناها َفلَ َّما أردت أن أقوم قال ‪ :‬هل أحدثت امرأة غريها ؟ ف ُق ْل ُ‬
‫اهللُ ومن‬

‫‪259‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت ‪ :‬نعم مُثَّ‬ ‫يزوجين وما أملك إِال درمهني أو ثالثة ‪ .‬قال ‪ :‬إن فعلت تفعل ؟ ُق ْل ُ‬
‫محد اهلل وصلى على النَّيِب ّ ‪ ‬وزوجين ابنته على درمهني ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬سعيد‬ ‫ت ‪ :‬من َه َذا ؟ َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫ك الَْي ْوم إذا بالْبَاب يُقرع ف ُق ْل ُ‬‫ويف مساء َذل َ‬
‫ففكرت يف ُك ّل إنسان أعرفه امسه سعيد إِال سعيد بن املسيب فإنه مل ير ُمْن ُذ‬
‫أربعني سنة إِال ما بني بيته واملسجد فقمت وفتحت الْبَاب وإذا سعيد بن‬
‫ت ‪ :‬فما تأمرين ؟ قال ‪ :‬رأيتك رجالً عزبًا‬ ‫املسيب فظننت أنه بدا له ف ُق ْل ُ‬
‫فكرهت أن تبيت اللَّْيلَة وحدك وهذه زوجتك فإذا ِه َي قائمة خلفه يف طوله مُثَّ‬
‫دفعها ورد الْبَاب ‪ .‬فاهلل دره من َعامِل ‪.‬‬
‫بدعا بيوتًا لألعراس‬ ‫امسَ َع يا من سول له الشيطان وأملى له فأحدث ً‬
‫صادم هبا األ َْمر بتخفيف الصداق واحلث على تكثري األمة نسأل اهلل العافية وهذه‬
‫البيوت تُؤجر بإجارات باهضة فيما يبلغنا يعجز الفقري عن حتصيل أجرهتا فضالً‬
‫عن الصداق الَّ ِذي سيدفعه وقَ ْد بلغنا أن أجرهتا ثالثة آالف أو أربعة نسأل اهلل‬
‫السالمة والعافية مِم َّا بُلي به من أحدثوها أو ساعدوا على إحداثها أو استأجروها‬
‫فشجعوا من أحثوها كم عرقلن عن الزواج من فقراء متعففني نسأل اهلل احلي‬
‫الع ِظيم أن يوفق والت األ َْمر إلزالتها اللَّ ُه َّم صلي على حُمَ َّمد وآله‬ ‫القيوم العلي َ‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫من اهلل َعلَْي ِه بعدم إحداثها أو امل َش َار َكة فيها أو اإلعانة‬ ‫من َّ‬ ‫فحذر يا ْ‬
‫ُ‬
‫َعلَْي َها بقول أو فعل وأكثر من قول احلمد هلل الَّ ِذي عافانَا مِم َّا ابتلوا به وانصح‬
‫اح َذر احلضور فيها فتَ ُكون ممن‬ ‫َعْن َها من يقبل منك من أقارب وأصحاب َو ْ‬
‫يشجع على البدعة احملرمة ‪.‬‬
‫وه َذا من أكرب األضرار على األمة ومن‬ ‫وثقل املهور ينشأ َعْنهُ التزوج باألجنبيات َ‬
‫أعظم األسباب لكساد بنات الوكن ألنه يكسد واحدة ويأيت بأخرى حتمله يف‬

‫‪260‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫جديدا ويبعد أن تتفق الطباع بينهما وإن حصل أوالًد مُثَّ فراق‬
‫ً‬ ‫مهرا‬
‫ُك ّل زيارة ً‬
‫فأعظم به من ضرر ‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ين ال حيسبون للمستقبل حسابًا وال يفكرون وال يفرضون ويقدرون أ َْهل ظواهر‬ ‫َّ ِ‬
‫وأكثر من يتزوج باألجنبيات األغبياء قصار النظر الذ َ‬
‫فقط عقوهلم ضعيفة ونظرهم قاصر ‪.‬‬
‫َّاس أَ ْكَث ُر ُه ْم فَأ َْه ُل ظََو ِاه ِر‬
‫َوالن ُ‬
‫سوا بِأ َْه ِل َم َعانِي‬
‫َتْب ُدو لَ ُه ْم لَْي ُ‬
‫شو ِر ِقَو ُام ُه ْم‬
‫ور َوبِالْ ُق ُ‬‫ش ُ‬ ‫َف ُه ْم الْ ُق ُ‬
‫اإلنْس ِ‬ ‫واللُّ ُّ ِ‬
‫ان‬ ‫الصةُ ِ َ‬ ‫ب مْنهُ ُخ َ‬ ‫َ‬

‫مُثَّ ْاعلَ ْم أن الغالب يف األجنبيات السفور االستهانة باألزواج وكثرة‬


‫اخْلُُروج واستطالة اللسان على الزوج وضعف الدين أو عدمه والغلظة على‬
‫األوالد وتكليف الزوج باملصاريف الباهضة حىت جتلسه على بساط الفقر َه َذا يف‬
‫ين اغرتوا وتزوجوا هبن يئنون ويتمنون اخلالص‬ ‫َّ ِ‬
‫نسم َع أن بعض الذ َ‬
‫الغالب وهلََذا َ‬
‫ك جتدهم‬ ‫ِ‬
‫وهيهات اخلالص بعد ما امتأل البيت من األوالد والبنات ول َذل َ‬
‫يتضجرون ويتشكون بعدما تورطوا ‪.‬‬
‫َو َك ْم من إنسان اضطر إىل مصادقة زوجته ألجل األوالد وبالعكس فكم من زوجة اضطرت إىل جماملة زوجها والصرب على جوره‬
‫ضهم وأظنه ممن ابتلِ َي بزوجة يبغضها ولكنه مضطر إىل اجملاملة والصداقة ‪.‬‬
‫أوالًدها قال َب ْع ْ‬
‫ت َز ْو َجتِي‬ ‫وإِنِّي لَم ْشَتا ٌق إِلَى مو ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اق ُم َع َّمُر‬‫وء ب ِ‬ ‫ولَ ِكن قَ ِرين ُّ ِ‬
‫الس َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ض ِج َيع ًة‬
‫ت َ‬ ‫َفَيا لَْيَت َها ِفي الَْقْب ِر أ َْم َس ْ‬
‫ُي َع ِّذُب َها ِف ِيه نَ ِك ٌير َو ُمْن َك ُر‬

‫َو َك ْم من زعيم اضطر إىل مصادقة زعيم َو َك ْم من مرؤوس اضطر إىل‬


‫وه َذا من أثقل ما يكون على‬
‫مصادقة رئيس وصرب على النكد والضََّرر َ‬

‫‪262‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الن ُفوس قال املتنيب ‪:‬‬


‫ُّ‬
‫ْحِّر أَ ْن َيَرى‬ ‫َوِم ْن نَ َك ِد ُّ‬
‫الدْنَيا َعلَى ال ُ‬
‫ص َداقَتِ ِه بُ ُّد‬ ‫ِ‬
‫َع ُد ًّوا لَهُ َما م ْن َ‬
‫حمذرا عمن ال تصلح وحاثًا على اليت تصلُ ُح ‪:‬‬
‫آخر ‪ً :‬‬
‫ض َة ِد ْمَن ٍة‬ ‫اك يَا َه َذا َو َر ْو َ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫َصِل َها َّ‬
‫الر ِدي‬ ‫ب إِلَى أ ْ‬ ‫َسَت ْر ِج ُع َع ْن ُق ْر ٍ‬
‫ج َمْنظًَرا‬ ‫الز ْو ُ‬
‫ت َّ‬ ‫اء َم ْن َسَّر ْ‬ ‫ِّس َ‬‫َو َخْي ُر الن َ‬
‫يب َو َم ْش َه ِد‬‫َو َم ْن َحِفظَْتهُ ِفي َم ِغ ٍ‬
‫ص َير ُة َبَبْيتِ َها‬‫اظ قَ ِ‬‫صير ُة أَلَْف ٍ‬ ‫ِ‬
‫قَ َ‬
‫ف ال َْعْي ِن َع ْن ُك ِّل أَْب َع ِد‬ ‫صير ُة طَر ِ‬ ‫ِ‬
‫قَ َ ْ‬
‫َص ٍل ِم ْن ِكَر ٍام َتُف ْز إِ َذا‬ ‫ِ‬
‫َحس َيبةُ أ ْ‬
‫ْص ِد‬ ‫ٍ ِ‬
‫بُِولْد كَرام َوالَْب َك َار َة فَاق ُ‬
‫اح َدٌة أَ ْدنَى ِإلَى ال َْع ْد ِل فَاقَْتنِ ْع‬ ‫وو ِ‬
‫ََ‬
‫ت فَابْل ْغ أ َْر ًبعا ال َتَزيَّ ِد‬
‫َوإِ ْن ِشْئ َ‬
‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من أ َْهل الصالح والنجاح والفالح ومن املؤيدين بنصرك‬
‫وتأييدك ورضاك يا رب العاملني ‪.‬‬
‫ك مِم َّن تَ َشاء َوتُعُِّز‬
‫ك َمن تَ َشاء َوتَنزِعُ الْ ُم ْل َ‬ ‫ك ُت ْؤيِت الْ ُم ْل َ‬‫ك الْم ْل ِ‬‫ِ‬
‫( اللَّ ُه َّم َمال َ ُ‬
‫َّك َعلَ َى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير ) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمن تَ َشاء َوتُذ ُّل َمن تَ َشاء بِيَد َك اخْلَْي ُر إِن َ‬
‫يا ودود يا ذا العرش اجمليد يا مبدئ يا معيد يا فعال ملا تريد نسألك‬
‫بنور وجهك الَّ ِذي مأل أر َكا َن عرشك وبقدرتك اليت قدرت هبا على مَجِ يع‬
‫ت أن تغفر ذنوبنا وسيئاتنا‬ ‫ك اليت وسعت ُك ّل َش ْيء ال إله إِال أَنْ َ‬ ‫خلقك وبَِرمْح َتِ َ‬
‫جواد كرمي رؤوف رحيم ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وأن تبدهلا لنا حبسنات إنك‬

‫‪263‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َولَِوالِ َد ْينَا َومَجِ يع‬ ‫اللَّ ُه َّم افتح لدعائنا باب القبول واإلجابة َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫وعلى آله وصحبه‬ ‫ني وصلى اهلل على حُمَ َّمد‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫اك َومَجِ يع املسلمني أنه يسن ملن أراد النكاح أن يتخَرْي ذات الدين حلديث أَيِب ُهَر ْيَر ِة مرفوعاً ‪ (( :‬تُنكح املرأة‬
‫مُثَّ ْاعلَ ْم وفقين اهلل َوإِيَّ َ‬
‫ألربع ملاهلا وجلماهلا وحلسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )) ‪ .‬متفق َعلَْي ِه ‪ .‬وأن تَ ُكون ذات عقل ال محقي جاهلة ألن النكاح‬
‫ِ‬
‫ك إىل ولدها وقَ ْد قيل ‪ :‬اجتنبوا احلمقاء فإن ولدها‬ ‫يراد للعشرة احلسنة وال تصلح العشرة َم َع احلمقاء وال يطيب معها عيش َو ُرمَّبَا تعدى ذَل َ‬
‫ضياع وصحبتها بَالء وال ينفع فيها العالج ‪ .‬وقدمياً قيل ‪:‬‬
‫ب بِِه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َم ْن يُ َدا ِو َيها‬ ‫يت‬ ‫إِال ال َ‬
‫ْح َماقَ َة أَ ْع ْ‬ ‫يُ ْسَتطَ ُّ‬ ‫ل ُك ِّل َداء َد َواءٌ‬
‫ْف‬
‫الْ ُخل ُ‬ ‫ِّس ِاء َعَر َاها‬
‫مثْ ُل الن َ‬
‫ِ‬ ‫لَ ْم يَ ْح ِم َها َر َش ٌد‬ ‫الر َجال إِ َذا‬
‫آخر‪ :‬إِ َّن ِّ‬
‫َّاء َواألَلِ ُ‬
‫ف‬ ‫الت ِ‬ ‫ف ِ‬
‫المؤنث َزيْ َد‬ ‫خعَل ُ‬
‫َوَجالْْم ََ‬ ‫َما ال َع ْق َل يُ ْسنِ ُد ُه‬ ‫ِأَال َتَرى َج ْم َع‬
‫وأن تَ ُكون الزوجة من بيت معروف بالقناعة ألنه مظنة دينها وقناعتها‬
‫ويستحب أن تَ ُكون مجيلة ألنه أسكن لنفسه وأغض لبصره وأكمل ملودته ولذلك‬
‫جاز النظر إليها قبل النكاح ‪.‬‬
‫ال له النَّيِب ّ ‪ (( : ‬انظر إليها‬ ‫وعن املغرية بن شعبة أنه خطب امرأة َف َق َ‬
‫فإنه أحرى أن يؤدم بينكما )) ‪ .‬رواه اخلمسة إِال أبو داود وعن جابر قال ‪:‬‬
‫ول ‪ (( :‬إذا خطب أحدكم املرأة َف َق ِد َر أن يرى منها‬ ‫مسعت رسول اهلل ‪َ : ‬ي ُق ُ‬
‫بعض ما يدعو إىل نكاحها فليفعل )) ‪ .‬رواه أَمَحَد َوأَبُو َداود ‪.‬‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ‪‬‬ ‫اهلل عن أيب محيد أو محيدة قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫وعن موسى بن عبد ِ‬
‫َْ‬
‫‪ (( :‬إذا خطب أحدكم امرأة فال جناح َعلَْي ِه أن ينظر منها إذا َكا َن إمنا ينظر‬
‫إليها‬

‫‪264‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت ال تعلم )) ‪ .‬رواه أَمَحَد ‪.‬‬ ‫خلطبة وإن كانَ ْ‬


‫ول ‪ (( :‬إذا ألقى اهلل‬ ‫وعن حُمَ َّمد بن مسلمة قال ‪ :‬مسعت رسول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫َعَّز َو َج َّل يف قلب امرئ خطبة امرأة فال بأس أن ينظر إليها )) ‪ .‬رواه أَمَحَد‬
‫وابن ماجة ‪.‬‬
‫ويشرتط أن يكون نظره إليها بال خلوة حلديث ‪ (( :‬ال خيلون رجل بامرأة إِال ومعها ذو‬
‫حمرم )) ‪ .‬فإن مل يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تتأملها له وتصفها ألنه ‪ ‬بعث أم سليم إىل‬
‫والعرقوب إذا مل يكن طويالً فهو أحسن بأن يكون مساوي‬
‫امرأة َوقَ َال ‪ (( :‬انظري ُعرقوهبا ومُش ي عوارضها )) ‪ .‬رواه احلاكم وصححه ُ‬
‫ضهم َو ُه َو من املتثاقلني للصيام ‪.‬‬
‫للساق ‪ ،‬و َكانُوا يذمون اليت عرقوهبا طويل َب ْع ْ‬
‫ت أَ ْخطبَُُها‬ ‫َن َفَتا ًة ُكْن ُ‬ ‫أُنْبِْئ ُ‬
‫ت أ َّ‬
‫الص ْوِم بِالطُّ ِ‬
‫ول‬ ‫وب َها ِمثْ ُل َش ْه ِر َّ‬‫ُع ْرقُ ُ‬
‫والعوارض األسنان اليت يف عرض الفم وهي ما بني الثنايا واألضراس‬
‫ول ‪ :‬ال‬ ‫ول إِال خرياً ال َي ُق ُ‬ ‫ك الختبار النكهة فإن مل تعجبه سكت وال َي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫َو َذل َ‬
‫ك إيذاءً ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أريدها ‪ .‬ألن يف َذل َ‬
‫اهلل أي النساء خريٌ ؟ قال ‪ (( :‬اليت تسره إذا نظر‬ ‫ول ِ‬ ‫وحلديث أَيِب ُهَر ْيَر ِة قال ‪ :‬قيل يَا َر ُس َ‬
‫إليها وتطيعه إذا أمرها وال ختالفه يف نفسها وال يف ماله مبا يكره )) ‪ .‬رواه أَمَحَد والنسائي‬
‫وعن حييي بن جعد َة أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪ (( :‬خَرْي فائدة أفادها املرء املسلم بعد إسالمه امرأة مجيلة إذا نظر إليها تسره‬
‫َ‬
‫وتطيعه إذا أمرها وحتفظه يف غيبته يف ماله ونفسها )) ‪ .‬رواه سعيد ‪.‬‬
‫ذب‬
‫ْحَيا ُة َوَت ْع ُ‬
‫ِ‬
‫يب بَِها َهذي ال َ‬ ‫تَط ُ‬
‫ِ‬ ‫ظ ال َْم ْر ِء ِو ْج َدا َن‬
‫ِش ْعًرا‪َ :‬وِم ْن َس ْع ِد َح ِّ‬
‫َص َها ِر إِ َذا ذُ ِكَر ال َْم ْه ُر‬ ‫ِ ٍِ ِ ٍ ِ‬
‫ثَالثَةُ أ ْ‬ ‫آخر‪ :‬لَزُكْو ِّلَجةأَبي بْنت ُي ْرجي َبَق َ‬
‫اء َها‬
‫َو َقْبٌر ُيَوا ِر َيها َو َخْي ُر ُه َما الَْقْب ُر‬ ‫صوُن َها‬‫ت ُيغَطِّ َيها َو َز ْوج يَ ُ‬ ‫َفَبْي ٌ‬

‫‪265‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الر ِح ِم‬
‫ُذوو َّ‬ ‫ِذ َّل الَْيتِ ْم َة يَ ْجُف َ‬
‫وها‬ ‫ش َم ْع ِرفَتِي‬ ‫آخر‪َ :‬و َز َادنِي َر ْغَبةٌ ِفي ال َْعْي ِ‬
‫لَ ْح ٍم َعَلى‬
‫الس َتر َع ْن‬
‫ك ِّ‬ ‫َفَي ْهتِ ُ‬ ‫ُح ِاذ ُر الَْف ْقَر َي ْو ًما أَ ْن يُِل َّم بَِها‬
‫أَ‬
‫ضْمِموت أَ ْكرم نَّز ٍال عَلى الْح ِ‬
‫رم‬ ‫َت ْهَوى َحَياتِي َوأ َْهَوى َم ْوُت َها َشَفًقا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َوالََ ْ ُ َ ُ َ‬
‫ت أَبِْقي َعَلْي َها ِم ْن أَ َذى‬ ‫َو ُكْن ُ‬ ‫َخ‬
‫اء أ ٍ‬ ‫أَ ْخ َشى فَظَاظَ َة َع ٍّم أ َْو َجَف َ‬
‫حيب اجلميلة فاألحسن أن يتزوج مبن حيب فإنه أحري‬ ‫وإن نظر إليها وأحبها وتعلقت َن ْفسهُ وهي ذات دين ولو مل تكن مجيلة ف َق ْدالْالَكِل ِم‬
‫أن يؤدم بينهما‬

‫ين ِج ْس ًما َو َع ْقالً‬ ‫َو َج َِماالً‬ ‫ِش ْعرا‪ :‬يا ْابَنتِي إِ ْن أَر ْد ِ‬
‫يَ ِز ُ‬ ‫ت أَيََّة ُح ْس ٍن‬ ‫َ‬ ‫ً َ‬
‫َس َمى َوأَ ْعال‬‫وس أ ْ‬ ‫النُف ِ‬
‫ُّ‬ ‫ال‬
‫فَ َج َم ُ‬ ‫فَاْنبُ ِذي َع َ‬
‫اد َة التَّبرج َنْب ًذا‬
‫ع َشكالً‬ ‫ض َار ُ‬ ‫ض ال تُ َ‬ ‫الر ْو ِ‬
‫َو ْر َد َة َّ‬ ‫الصانُِعو َن َو ْر ًدا َولَ ِك ْن‬
‫صَن ُع َّ‬ ‫يَ ْ‬
‫الد ْه ِر َمطْلُوبَا‬‫أَ ْن ال َيَز َال ِطَو َال َّ‬ ‫ْح ْس َن إِ َّن ال ُ‬
‫ْح ْس َن‬ ‫ْلب ال ُ‬‫آخر‪ :‬ال تَط ُ‬
‫َبْي َن الآللِئ إِال َكا َن َمْث ُقوبَا‬ ‫ف َي ْو ًما لُْؤلًُؤا َح َسًنا‬‫ص ِاد َ‬‫َآولَفتُْنهُ تُ َ‬
‫وشاور رجل رجالً يف النكاح َف َق َال ‪ :‬إياك واجلمال الفائق فإن الشاعر قال ‪:‬‬
‫ول‬‫ت بِِه آثَار َمأْ ُك ِ‬ ‫إِال َو َج ْد َ‬ ‫عى ُمونًِقا أَبَ َدا‬ ‫ص ِاد َ‬
‫َ‬ ‫ف َم ْر ً‬ ‫َولَ ْن تُ َ‬
‫اء َم ْخَب ُر َها‬ ‫َفر َّ ِ ٍ‬ ‫آخر‪ :‬ال َت ْر َكنَ َّن إِلَى ِذي َمْنظَ ٍر َح َس ٍن‬
‫ب َرائَقة قَ ْد َس َ‬ ‫ُ‬
‫ص ْفر ال َْع َقا ِر ِ‬
‫ب أ َْر َد َاها َوأَنْ َك ُر َها‬ ‫ُُ‬ ‫ص ْف ِرتِِه‬ ‫ِ ِ‬
‫َصَفَر دينَ ٌار ل ُ‬ ‫َما ُك ُّل أ ْ‬
‫ض ُّد ُه‬‫ب وِ‬ ‫ِ‬
‫يح ال يُح ُّ َ‬ ‫ب َمِل ٍ‬ ‫آخر‪َ :‬و ُر َّ‬
‫ف َوالَْف ُم‬ ‫ُيَّقَب ُل ِمْنهُ ال َْعْي ُن َواألَنْ ُ‬
‫ت ُم َسلَّ ًما‬ ‫ْج ُّد ُخ ْذ ُه إِ ْن أ ََر ْد َ‬ ‫ُهَو ال َ‬
‫يل فَاأل َْم ُر ُمْب َه ُم‬ ‫ِ‬ ‫َوال تَطْلُ ِ‬
‫ب الت َّْعل َ‬
‫َو ُك ُّل بَائَِر ٍة َي ْو ًما لَ َها ُسو ُق‬ ‫القطَةٌ‬ ‫آخر‪ :‬لِ ُك ِّل س ِاقطٍَة ِفي الْح ِّي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ِد ِيق ِه الْ َخَب ُر‬ ‫َكَفى َعن ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل تَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْح ْس ِن ُقل ُ‬
‫ْت‬ ‫ول َم ْن لل َْع َمى بِال ُ‬ ‫آخر‪َ :‬ت ُق ُ‬
‫لها‬
‫ْب يُ ْد ِر ُك َما ال َعْي َن تُ ْد ِر ُكهُ‬ ‫اَلَْقل ُ‬
‫ج‬

‫س ال‬
‫النْف ُ‬ ‫اسَت ْح َسَنْتهُ َّ‬‫ْح ْس ُن َما ْ‬ ‫َوال ُ‬
‫ص ُر‬
‫الَْب َ‬ ‫ول األخر ‪:‬‬
‫َو َي ُق ُ‬

‫‪266‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض ِر ُير‬ ‫ال َ‬ ‫ب أَ ْن ُيَق ُ‬ ‫َولَْيس بَِعْي ٍ‬


‫َ‬ ‫ب ِفي ِه ُموا‬ ‫ِ‬
‫َو َعَّيَرني األَ ْع َد َاء َوال َْعْي ُ‬
‫َّالث فَِق ُير‬
‫ْك الث ِ‬ ‫َوإِنِّي إِلَى تِل َ‬
‫ص َم ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجًرا َو ُذخًرا َوع ْ‬ ‫ت ال َْع َمى أ ْ‬ ‫َرأَيْ ُ‬
‫فَِإ َّن َعمى الْعْينِين لَْيس ي ِ‬
‫ض ُير‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫التَقى‬‫وء َة َو ُّ‬ ‫صَر ال َْم ْرءُ ال ُْم ُر َ‬ ‫إِ َذا أَبْ َ‬
‫ت بِ ُحِلِّي َها َتَتَزيَّ ُن‬ ‫ال َم ْن َغ َد ْ‬ ‫ين ُحلِّ َيها‬ ‫يح َة َم ْن تَ ِز ُ‬
‫ِ‬
‫آخر‪ :‬إِ َّن ال َْمل َ‬
‫الح ٍة‬ ‫ِ‬ ‫آخر‪ :‬وما الْح ُّ ِ‬
‫ب م ْن ُح ْس ٍن َوال م ْن َم َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ف‬ ‫وح تُ َكلَّ ُ‬ ‫الر ُ‬‫َولَ ِكنَّهُ َش ْيءٌ بِِه ُّ‬
‫اب َولِي ُد َها‬ ‫اء َش َ‬ ‫ت ب َها َش ْمطَ َ‬
‫آخر‪َ :‬كِل ْف ُ ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ولِلن ِ ِ‬
‫يما َي ْع َش ُقو َن َم َذاه ُ‬ ‫َّاس ف َ‬ ‫َ‬
‫َو ُك ُّل بَائَِر ٍة َي ْو ًما لَ َها ُسو ُق‬ ‫آخر‪ :‬لِ ُك ِّل س ِاقطٍَة ِفي الْح ِّي ِ‬
‫القطَةٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وس اهلل س ِ‬
‫اع ُد‬ ‫َولَ ِك ْن لِل َْع ُر ِ‬ ‫س أَْب َهى ِم ْن‬ ‫آخر‪ :‬فَ َك ْم ِفي ال ُْع ْر ِ‬
‫َ‬
‫ول ‪ « :‬تزوجوا‬ ‫ولودا حلديث أنس َكا َن رسول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫وسأن تَ ُكون ً‬ ‫سن ٍ‬ ‫ويُ َعُر‬
‫الودود الولود فإين مكاثر بكم األمم يوم القيامة » رواه سعيد ‪.‬‬
‫ت‬
‫ولودا بكوهنا من نساء يعرفن بكثرة األوالد فإذا كانَ ْ‬ ‫ويعرف كون البكر ً‬
‫ات فالغالب والعلم هلل أهنا‬‫أمها وأختها وخالتها وعمتها والقريبات من النساء ولُود ٍ‬
‫َ َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تَ ُكون مثلهن ويبعد أن تَ ُكون خبالف َذل َ‬
‫َّمن ففي احْلَ ِديث الَّ ِذي رواه الدارقطين يف‬
‫وليحذر ا ِإلنْ َسان من خضراء الد ْ‬
‫َّمن‬
‫َّمن » ‪ .‬قَالُوا ‪ :‬وما خضراء الد ْ‬ ‫األفراد والعسكري يف األمثال ‪ « :‬إياكم وخضراء الد ْ‬
‫السوء » ‪ .‬قال ابن اجلوزي‬ ‫اهلل ؟ قال ‪ « :‬املرأة اجلميلة من املنبت ُّ‬ ‫ول ِ‬ ‫َر ُس َ‬ ‫يَا‬
‫‪ :‬ينبغي للعاقل أن ينظر يف األصول فيمن خيالطه ويعاشره ويشاركه ويصادقه ويزوجه‬
‫ك يف الصور ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أو يتزوج إليه مُثَّ ينظر بعد ذَل َ‬
‫الش ْيء يرجع إىل أصله وبعيد ممن ال أصل له أن‬
‫قال ‪ :‬أما األصول فإن َ‬

‫‪267‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت من بيت رديء َف َق َّل أن‬ ‫يكون فيه معين حسن فإن املرأة احلسناء إذا كانَ ْ‬
‫اك أن ختالط إِال‬ ‫أيضا املخالط والصديق واملباضع واملعاشر َوإِيَّ َ‬ ‫تَ ُكون أمينة َو َك َذا ً‬
‫ِ‬
‫ك َكا َن‬ ‫من له أصل خياف َعلَْي ِه الدنس فالغالب السالمة وإن وقع خالف َذل َ‬
‫نادرا ‪ .‬أ ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫ً‬
‫َوقَ َال ابن القيم ‪:‬‬
‫ب باألَولَى‬ ‫ف ال ُْم َع َّذ ِ‬ ‫يا مطِْل َق الطَّر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬
‫جِّر ْد َن َعن حس ٍن و َعن إِ ْحس ِ‬
‫ان‬ ‫ْ ُْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ورةُ َم ْن تَ ْحَت َها َّ‬
‫الد‬ ‫ص َ‬ ‫َّك ُ‬ ‫ال تَ ْسبَِين َ‬
‫الدِفين َتبوء بِالْ ُخسر ِ‬
‫ان‬ ‫َْ‬ ‫اءُ َّ ُ ُ ُ‬
‫ت َخالئُِق َها َو ُقبِّ َح ِف ْعلُ َها‬ ‫َقبُ َح ْ‬
‫َشْيطَانَةٌ ِفي صور ِة اإلنْس ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫اد لِألَنْ َذ ِال َواألَ َذ ِال ُه ْم‬ ‫َتْنَق ُ‬
‫اإل ْحس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫أَ ْكَف ُاؤ َها م ْن ُدون ذي ِ َ‬
‫َما ثَ َّم ِم ْن ِدي ٍن َوال َع ْق ٍل َوال‬
‫ف ِم ْن َّ‬
‫الر ْح َم ِن‬ ‫ُخلُ ٍق وال َخو ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ع فَِإ ْن‬ ‫صنُو ٌ‬ ‫ور َو َم ْ‬ ‫َو َج َمالَُها ُز ٌ‬
‫ط ي َد ِ‬
‫ان‬ ‫َتَر َكْتهُ لَ ْم تَط َْم ْح لَ َها قَ ُّ َ‬
‫اع ًة‬ ‫صر َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الساعي َعلَْي َها َس َ‬ ‫إ ْن قَ َّ َ‬
‫ت ِمن إِ ْحس ِ‬
‫ان‬ ‫ت َو َه ْل أ َْولَْي َ ْ َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ت َولَ ْم‬
‫صْ‬ ‫أ َْو َر َام َت ْق ِو ًيما لَ َها ْ‬
‫اسَت ْع َ‬
‫النْقص ِ‬
‫ان‬ ‫َت ْقَب ْل ِسَوى الت َّْع ِو ِ‬
‫يج َو ُّ َ‬

‫‪268‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أَ ْف َك ُار َها ِفي ال َْم ْك ِر َوالْ َكْي ِد الَّ ِذي‬


‫قَ ْد حار ِف ِيه ِف ْكرةُ ا ِإلنْس ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫فَ َج َمالَُها ِق ْشٌر َر ِقي ٌق تَ ْحَتهُ‬
‫ب وِمن ُن ْقص ِ‬ ‫ما ِشْئ َ ِ‬
‫ان‬ ‫ت م ْن َعْي ٍ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َن ْق ٌد َر ِديءٌ َف ْوقَهُ ِم ْن ِفض ٍَّة‬
‫َشيء يظُ ُّن بِِه ِمن األَثْم ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫ٌْ َ‬
‫فَالن ِ‬
‫َّاق ُدو َن َيَر ْو َن َما َذا تَ ْحَتهُ‬
‫والنَّاس أَ ْكَثر ُهم ِمن الْعمي ِ‬
‫ان‬ ‫َ ُ ُ ْ ْ ُ َْ‬
‫وه فَ َخائَِنا‬ ‫يالت الْوج ِ‬ ‫ِ‬
‫أََّما َجم ُ ُ ُ‬
‫ت بعولَ ُه َّن و ُه َّن لِألَ ْخ َد ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ٌ ُُ‬
‫ب ِمْن ُه َّن الَّتِي‬ ‫ات الْغَْي ِ‬‫ْح ِافظَ ُ‬
‫َوال َ‬
‫ت َفر ًدا ِمن النِّسو ِ‬
‫ان‬ ‫ْ َْ‬ ‫َصَب َح ْ ْ‬ ‫قَ ْد أ ْ‬
‫اللَّ ُه َّم وفقنا توفي ًقا يقينا عن معاصيك وأرشدنا إىل السعي فيما يرضيك وأجرنا يا‬
‫موالنَا من خزيك وعذابك وهب لنا ما وهبته ألوليائك وأحبابك َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫صلَّى اهلل َعلَى‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِح ِ‬ ‫َوجِلَ ِمي ِع املسلمني األحياء ِمْن ُه ْم وامليتني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫( موعظة )‬
‫َّه ْم مل يكونوا يتقيدون‬ ‫عباد اهلل َكا َن تعدد الزوجات عادة شائعة يف الْ َعَرب فَِإن ُ‬
‫ك مِم َّا أصلحهُ اإلسالم فلم مينعه‬ ‫ِ‬
‫فيه بعدد وال يراعون عدالً بني الزوجات ف َكا َن َذل َ‬
‫ك من احلرج ومل يرتكه فوضى كما َكا َن بل أباحه إىل أربع‬ ‫ِ‬
‫منعا باتًا ملا يف َذل َ‬ ‫ً‬
‫وشرط للحل شرطًا وثي ًقا َو ُه َو العدل بني الزوجات يف املعاملة ‪.‬‬
‫اع فَِإ ْن‬ ‫ِ‬
‫ث َو ُربَ َ‬
‫ِّساء َم ْثىَن َوثُالَ َ‬
‫اب لَ ُكم ِّم َن الن َ‬‫قال اهلل َت َعاىَل ‪ ﴿ :‬فَانك ُحواْ َما طَ َ‬
‫اح َد ًة ﴾ فرتاه قَ ْد شرط إباحة تعدد الزوجات بالعدل كما‬ ‫ِخ ْفتُم أَالَّ َتع ِدلُواْ َفو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫‪269‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫جعل جمرد خوف اجلور والظلم سببًا كافيًا يف حترمي التعدد فمن مل يأنس من‬
‫َن ْفسهُ أن يقوم بالقسط بني الزوجات ال يتاح له التعدد وجيب َعلَْي ِه االقتصار‬
‫على واحدة ‪.‬‬
‫نعم األصل يف التزوج التوحد فيه يتم السكون لكل من الزوجني إىل‬
‫األخر ويستقيم أمرمها ويهنأ عيشهما وتسعد أوالدمها بإذن اهلل ولكن قَ ْد تدعو‬
‫احلاجة أو الضرورة إىل التعدد وتقتضيه املصلحة ملسائل كثرية كما إذا مل ترغب‬
‫أم أوالده يف مضاجعته واالتصال به وكما لو َكا َن هبا مرض ال يرجى بُرؤه أو‬
‫ات أوالدها ووقفت عن احلمل أو يكون به شبق وال يكتفي بواحدة ملا‬ ‫َم َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يتعرضها من حيض أو استحاضة أو نفاس أو حنو َذل َ‬
‫فإذا تزوج أكثر من واحدة وجب َعلَْي ِه العدل بني زوجاته فيبيت ِعْن َد‬
‫ِ‬
‫ك يفعل يف املطعم واملسكن وامللبس‬ ‫إحداهن كما يبيت ِعْن َد األخرى و َك َذل َ‬
‫ك وجرت َم َع‬ ‫ِ‬
‫وسائر أنواع النفقة إن كن يف الغىن متساويات وإن مل تفعل َذل َ‬
‫ت يف عداد الظاملني ‪.‬‬ ‫إحدامها فأَنْ َ‬
‫وال تظن األ َْمر يف َه َذا بسيطًا هينًا ال بل اعلم أنه َع ِظيم من أخل به‬
‫الر ُسول الكرمي َو ُه َو جزاء يناسب‬ ‫ك َّ‬ ‫ِ‬
‫َجاءَ يوم القيامة وشقهُ ساقط كما أخرب ب َذل َ‬
‫ُجرمه ألنه أسقط ناحية املظلومة بإخالله الذميم ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك‬‫ويا ليت األ َْمر يقف ِعْن َد َه َذا احلد بل وراءه النار دار املذنبني ول َذل َ‬
‫ال ‪ « :‬أعلم أميت باحلالل واحلرام‬ ‫معاذ بن جبل الَّ ِذي أثىن َعلَْي ِه رسول اهلل ‪َ ‬وقَ َ‬
‫ت عنده امرأتان فإذا َكا َن ِعْن َد إحدامها مل يشرب من بيت األخرى املاء »‬ ‫كانَ ْ‬
‫ت النوبة لواحدة وفر‬ ‫‪ .‬معناه أنه من ورعه وخوفه من امليل إىل إحدامها إذا كانَ ْ‬
‫يومها وليلتها َعلَْي َها فلو مر يف يومها يف بيت ضرهتا َو ُه َو عطشان مل يشرب‬
‫من عندها حىت يأيت بيت اليت الَْي ْوم يومها ‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ين اختاروا التعدد نادر الوجود يرتك‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫َه َذا العدل أصبح عْن َد النَّاس الذ َ‬

‫‪271‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أحدهم زوجته اليت ال حيبها مدة طويلة تقاسي من آالم اجلور والغرية وما‬
‫تقاسي َو ُه َو َم َع احملبوبة أو صاحبة الْ َمال ليله وهناره كأنه العن تلك املبغوضة‬
‫فحرمت َعلَْي ِه أبد اآلبدين ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وجتده إذا دعاه إنسان جعله يف ليلة املبغوضة ويومها واملفروض أن يستعمل القرعة وإذا قدم أتى إىل احملبوبة وخيتار هلا املسكن الطيب‬
‫ك الصوغ والثياب والطعام واألطياب والفواكه وبوده لو اسرتاح وطلق املبغوضة ولكنه خيشى أن ترتك األوالد وتذهب أو تسحب‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫فله َذا جياملها َم َع العداوة والبغض وينطبق َعلَْي ِه قول املتنيب ‪:‬‬
‫ما هلا عنده من أموال َ‬
‫ص َداقَتِ ِه بُ ُّد‬ ‫ِ‬ ‫ْحِّر أَ ْن‬ ‫َوِم ْن نَ َك ِد ُّ‬
‫َع ُد ًّوا لَهُ م ْن َ‬
‫الدْنَيا َعلَى ال ُ‬
‫ولكنى ليعلم َه َذا اجلائر أن اهلل َج َّل َو َعال له وألمثاله باملرصاد وليعلم أن‬ ‫َيَر‬
‫ت‬‫حنني الزوجة إىل زوجها يزيد بعد زواجه َعلَْي َها أضعافًا مضاعفات وقَ ْد كانَ ْ‬
‫شهورا أو سنوات فأطل‬ ‫ً‬ ‫ف تصرب بعد الزواج‬ ‫قبل زواجه ال تصرب َعْنهُ ساعة فَ َكْي َ‬
‫التفكر يف َه َذا لتعلم كيف تَ ُكون العاقبة لعلك تسلك طَ ِريق العدل وتبعد عن‬
‫اجلور واجلائرين‪.‬‬
‫ت ِعْن َد الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما َجاءَ يوم القيامة وشقه ساقط رواه الرتمذي َوأَبُو َداود َو َغرْيِ مهَا ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ففي احْلَديث إذا كانَ ْ‬
‫ضرا ِر غَير س ِد ِ‬ ‫ِش ْعرا‪ :‬ومن جمع َّ ِ‬
‫يد‬ ‫ات بِاألَ ْ َ ْ َ َ‬
‫َفَق ْد بَ َ‬ ‫ْلب لَ َّذ ًة‬
‫الض ِرات يَط ُ‬ ‫ً ََ ْ ََ َ‬
‫اللَّ ُه َّم وفقنا لالستقامة والعدل فيما وليتنا َعلَْي ِه اللَّ ُه َّم إنا نعوذ بك من دنيا‬
‫متنع خَرْي اآلخرة ونعوذ بك من حياة متنع خَرْي الْ َم َمات ونعوذ بك من أمل مينع‬
‫خَرْي الْ َع َمل ونسألك أن تغفر لنا ولوالدينا َوجِلَ ِمي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬
‫الرامِحِ ني ‪ ،‬وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬

‫‪272‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫وينبغي أن يتخَرْي الدينة حسنة السرية راجحة العقل احملسنة للتدبري وليحذر ُك ّل احلذر من اخلرقاء والبخيلة فكالمها ما يفسدانه أكثر مِم َّا‬
‫يصلحانه إن حصل صالح وفيما قيل قدميًا ‪:‬‬
‫ضائِ ُع‬ ‫ك َ‬ ‫ت ال أَبَا لَ َ‬ ‫فَ َذلِ َ‬
‫ك َبْي ٌ‬ ‫َو َم ْن لَ ْم يَ ُك ْن ِفي َبْيتِ ِه َق ْهَر َمانَةٌ‬
‫يما َتَولَّى الَْوالئِ ُد‬ ‫ِ‬
‫َرأى َخلالً ف َ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا لَ ْم يَ ُك ْن ِفي َمْن ِز ِل ال َْم ْر ِء ُحَّرةٌ‬
‫س الَْق َعائِ ُد‬ ‫ِ ِ‬
‫َف ُه َّن لََع ْم ُر اهلل بْئ َ‬ ‫َّخ ْذ ِمْن ُه َّن ُحٌّر قَِعي َد ًة‬
‫فَال يت ِ‬
‫َ‬
‫ص ٌم بِ ِسَوا ِر ِه )‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َك َما َيَت َحلَّى م ْع َ‬ ‫ُّهى‬ ‫ك َبْيًتا قَ ْد تَ َحلَّى بِه الن َ‬ ‫آخر‪َ ( :‬و ُدونَ َ‬
‫صالِ ُح َدا ِر ِه )‬ ‫ت َم َ‬ ‫اع ْ‬‫ضَ‬‫تُ َدِّبُر ُه َ‬ ‫( إِ َذا لَ ْم يَ ُك ْن ِفي َمْن ِز ِل ال َْم ْر ِء‬
‫َوِمْن ُه ْم َم ْن َتْبنِي بِ ُخ ْس ٍر تِ َجا ِر َها‬ ‫اح‬ ‫ت َي ْو ًما ُت ْع ِطي ِّ‬
‫الربَ َ‬ ‫آخر‪ :‬إِ ُحَذاَّرٌة ِشْئ َ‬
‫ود ُخ ْذ ِم ْن‬ ‫ْج ُ‬ ‫ِ‬
‫ك بَِبْيت ال ُ‬ ‫َعلَْي َ‬ ‫ك ُحَّر ًة‬ ‫ت أَ ْن تَ ْخَت ْر لَِن ْف ِس َ‬ ‫آخر‪ :‬فَعِإ ِْن‬
‫ش َير َِهشاْئ َ‬
‫ان بَِعا ِر ِه‬ ‫الزم ِ‬ ‫ُتِخعَياارِر ِه بِطُ ٍ ِ‬ ‫الدنِ َّي َف ُربَّ َما‬
‫يت َّ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫ول في َّ َ‬ ‫َُ‬ ‫اك َوالَْب َ‬
‫صبِ ُح ُك ُّل الْ َخْي ِر ِفي ِو ْس ِط‬ ‫َفيُ ْ‬ ‫َو ِفي ِه َّن َم ْن تَأْتِي الَْفَتى َو ُهَو ُم ْع ِسٌر‬
‫يق ِح َما ِر ِه‬ ‫ك َعِل َ‬ ‫َفدايُ ِر ِْه‬
‫صبِ ُح ال يَ ْمِل ْ‬ ‫َو ِفي ِه َّن َم ْن تَأْتِ ِيه َو ُهَو ُميَّ ِسٌر‬
‫ج طَلَّ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫الز ْو ُ‬ ‫إِ َذا غَ َ‬
‫اب َعْن َها َّ‬ ‫اهلل َو ْج َه َها‬ ‫ض َ‬ ‫َوفي ِه َّن َم ْن ال َبيَّ َ‬
‫لِ‬
‫األعصمَجا ِرَوِهُه َو أبيض اجلناحني فال يكاد‬ ‫الصاحِلَة كالغراب‬
‫وورد أن املرأة َّ‬
‫َيو َج َد إِال القليل ومن الصاحلات ما يف حديث أنس َر ِض َي اهللُ َعْنهُ عن النَّيِب ّ ‪‬‬
‫يِب‬ ‫قال ‪ « :‬أال أخربكم برجالكم يف اجْل نَّة » ؟ قلنا ‪ :‬بلى يا رس َ ِ‬
‫ول اهلل ‪ .‬قال النَّ ّ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫اهلل ‪ .‬قال‬ ‫ول ِ‬‫يف اجْلَنَّة ‪ « :‬أال أخربكم بنسائكم يف اجْلَنَّة » ؟ قلنا ‪ :‬بلى يَا َر ُس َ‬
‫‪ « :‬ودود‬

‫‪273‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت ‪ :‬هذه يدي يف يدك‬ ‫ولود إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قَالَ ْ‬ ‫ٌ‬
‫ال أكتحل بغمض حىت ترضي » ‪ .‬املعين أهنا ترضيه رواه الطرباين ‪.‬‬
‫الصاحِلَة القانتة وجناهتا فمنها ما‬ ‫وقَ ْد ورد ما فيه بشارة عظيمة أجر املرأة َّ‬
‫ال‬‫رواه اإلمام أَمَحَد والطرباين عن عبد الرمحن ابن عوف َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال ‪ :‬قَ َ‬
‫اهلل ‪ « : ‬إذا صلت املرة مخسها وصامت شهرها وحفظت فرجها‬ ‫ول ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫وأطاعت زوجها قيل هلا ادخلي اجْلَنَّة من أي أبواب اجْلَنَّة شئت » ‪.‬‬
‫وحنو َه َذا يف رواية ابن حبان عن أَيِب ُهَر ْيَر ِة وروى احلاكم وصححه ‪« :‬‬
‫حمذرا هلن عما‬ ‫ال ‪ً ‬‬ ‫أميا امرأة ماتت وزوجها َعْن َها راض دخلت اجْلَنَّة » ‪َ .‬وقَ َ‬
‫ت يف‬ ‫فيه ضرر َعلَْيهن ‪ « :‬أميا امرأة خرجت من بيتها بغري إذن زوجها كانَ ْ‬
‫سخط اهلل حىت ترجع إىل بيتها أو يرضى َعْن َها زوجها » ‪ .‬رواه اخلطيب عن‬
‫أنس ابن مالك ‪.‬‬
‫ال ‪ « : ‬إين ألبغض املرة ختََر َج من بيتها جتر ذيلها تشكو زوجها‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال ‪ « : ‬أيهما امرأة وضعت ثياهبا يف غري بيت زوجها‬ ‫» ‪ .‬رواه الطرباين َوقَ َ‬
‫ف َق ْد هتكت سرت ما بينها وبني اهلل َعَّز َو َج َّل » ‪ .‬رواه أَمَحَد واحلاكم ‪.‬‬
‫ال ‪ « : ‬أميا امرأة نزعت ثياهبا يف غري بيت زوجها خرق اهلل َعَّز َو َج َّل‬ ‫َوقَ َ‬
‫َعْن َها سرته » ‪ .‬رواه أَمَحَد والطرباين والبيهقي واحلاكم يف مستدركه ‪.‬‬
‫وأن تَ ُكون طيبة األصل حسيبة ليكون الولد بإذن اهلل جنيبًا فإنه أشبه‬
‫أهلها فجذبوه باخللق واخللق ويف اخلرب انظر يف أي َش ْيء تضع ولدك فإن العرق‬
‫والسالم ‪ « :‬ختريوا لطفكم فإن النساء يلدن‬ ‫ال َعلَْي ِه أفضل َّ‬
‫الصالة َّ‬ ‫دساس َوقَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أشباه إخواهنن وأخواهتن » ‪ .‬رواه ابن عدي وابن عساكر عن َعائ َشة َرض َي اهللُ‬
‫َعْن َها ‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بكرا ملا يف الصحيحني عن جابر َر ِض َي اهللُ َعْنهُ ‪ « :‬فهال‬ ‫وأن تَ ُكون ً‬


‫بكرا تعضها وتعضك » ‪ .‬رواه‬ ‫بكرا تالعبها وتالعبك » ‪ .‬ولقوله ‪ « :‬فهال ً‬
‫ً‬
‫والسالم ‪ « :‬عليكم باألبكار فإهنن‬ ‫الطرباين وإسناده صحيح ولقوله َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالة َّ‬
‫أفواها » ‪.‬‬
‫أعذب ً‬

‫‪275‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أرحاما وأرضى باليسري » ‪ .‬رواه ابن ماجة وغريه ويف رواية ‪ « :‬عليكم‬
‫ً‬ ‫وأنتق‬
‫أرحاما وأرضى باليسري من اجلماع » ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أفواها وأنتق‬
‫ً‬ ‫باألبكار فإهنن أطيب‬
‫ومن َف َوائِد نكاح البكر أهنا حتب الزوج األول وتألفه فإن الطباع جمبولة على حب األنس بأول مألوف ويف َه َذا املعين قيل ‪:‬‬
‫يب األََّو ِل‬ ‫ْحبِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب إِال لل َ‬ ‫ْح ُّ‬
‫َما ال ُ‬ ‫ت ِم َن‬ ‫َنِّق ْل ُفَؤ َاد َك َما ْ‬
‫اسَتطَ ْع َ‬
‫َو َحنِينُهُ أَبَ ًدا ألََّو ِل َمْن ِز ِل‬ ‫ض يَأْلَُفهُ الَْفَتى‬ ‫ىمْن ِز ٍل ِفي األ َْر ِ‬ ‫الَكَْهْمَو َ‬
‫أَ َش َهى ال َْم ِط ِّي إِلَ َّي َما لَ ْم ُي ْر َك ِ‬
‫ب‬ ‫َجْبُت ُه ْم‬ ‫ت ِ‬
‫صغ َير ًة فَأ َ‬‫آخر‪ :‬قَالُوا نَ َك ْح َ َ‬
‫ِ‬ ‫َك ْم َبْي َن َحبٍَّة لُْؤلُ ٍؤ َمْث ُقوبٍَة‬
‫ب‬‫َث ْقًبا َو َحبَّة لُْؤلُ ٍؤ لَ ْم ُتْثَق ُ‬
‫َحتَّى تُ َذلَّ َل بِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫الر ُكوب َوُت ْر َكَبا‬ ‫آخر‪ :‬إِ َّن ال َْمطيَّ َة ال ُيلَ ُذ ُر ُك ُ‬
‫وب َها‬
‫ف ِفي النِّظَ ِام َوُيْثَقَبا‬ ‫َما لَ ْم ُي ْؤلَّ ْ‬ ‫ِ‬
‫س بَِنافع أ ْ‬
‫َص َحابَهُ‬ ‫َو ُّ‬
‫الد ُّر لَْي َ‬
‫يب األََّو ِل‬ ‫ْحبِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب إِال لل َ‬ ‫ْح ُّ‬
‫َما ال ُ‬ ‫ين تَ َح َّدثُوا ِفي َق ْولِ ِه ْم‬ ‫آخر‪َ :‬ك َذ َّ ِ‬
‫ب الذ َ‬ ‫َ‬
‫آلخر َوال أ ََّو ِل‬ ‫ب ِف ِيه ِ‬ ‫ْح ُّ‬ ‫صِل ِه‬ ‫ب لِل َْم ْحبُ ِ‬
‫َما ال ُ‬ ‫اع ًة َو ْ‬ ‫وب َس َ‬ ‫ْح ُّ‬‫ال ُ‬
‫وه ِل‬ ‫َدرس َ ِ‬ ‫َح ُّن إِلَى َخر ٍ‬
‫ت َم َعال ُمهُ َكأَ ْن لَ ْم يُ َ‬ ‫َْ‬ ‫اب ُم ْقفر‬ ‫َ‬ ‫َما أَ ْن أ ُ‬
‫َّ ِ َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫س بِ َمْن ِز ِل‬ ‫أََّما الذي َولى فلَْي َ‬ ‫َم ْقتِي ل َمْن ِزلي الَّذي ْ‬
‫اسَت ْح َدْثتُهُ‬
‫اق الَْب ِريََّة َو ُهَو َخْي ُر ُم ْر َس ِل‬
‫فَ َ‬ ‫ك ِفي أ َّ‬
‫َن النَّبِ ّي ُم َح َّم ًدا‬ ‫ال َش َّ‬
‫َجَنبِي يَ ْس ُكنُوا‬ ‫يم أل ْ‬
‫ِ‬
‫َتَر ُكوا الَْقد َ‬ ‫ص َدا ُق َه َذا ِعْن َدنَا‬ ‫آخر‪ :‬واآل َن ج ِ‬
‫اء م ْ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ف َقلًْبا َخالًِيا َفَت َم َّكَنا‬
‫اد َ‬ ‫صَ‬
‫فَ َ‬ ‫ف ال َْهَوا‬ ‫أَتَانِي َهَو َاها َقْب َل أَ ْن أَ ْع ِر َ‬
‫أمثلة الْ َعَرب ( ال تنسى الشيباء أبا عذرها وال قاتل بكرها ) ‪.‬‬ ‫ومن‬
‫أهنا ال تنسي الَّ ِذي افتض بكارهتا وال الَّ ِذي يقتل أول أوالدها وهلََذا‬ ‫املعين‬
‫ك وواحدة ال لك وال‬ ‫‪ :‬النساء ثالث واحدة لك وواحدة َعلَْي َ‬ ‫ضهم‬
‫قال َب ْع ْ‬
‫ك ‪.‬‬‫َعلَْي َ‬

‫‪276‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫خريا محدت اهلل وإن‬


‫رأت ً‬ ‫فأما اليت لك فالبكر اليت مل تر غريك إن‬
‫‪.‬‬ ‫الر َجال أمْج َ ُع‬
‫ت ‪ :‬ه َك َذا ِّ‬ ‫ِ‬
‫قَالَ ْ‬ ‫ك‬
‫رأت غري َذل َ‬
‫ت ‪ :‬ه َك َذا جيمل يب وإن رأت شراً حنت إىل األول ولو أنه ُمسيء فيها‬‫خريا قَالَ ْ‬
‫ك غالبًا فالثيب إن رأت ً‬ ‫وأما اليت ال لك وال َعلَْي َ‬
‫ورأَيْت ما حيزنك‬
‫ت زوجها األول متقاربني يف السن والكرم والغنا والعفاف وإن كنت دونه مسعت ما يسؤك ويؤملك َ‬ ‫وه َذا إذا كنت أَنْ َ‬
‫َ‬
‫ذرا َعْن َها ‪:‬‬
‫حُم ً‬ ‫بعضهم‬ ‫قال‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫وهل‬
‫ً ََ‬ ‫ا‬ ‫وهزب‬ ‫ا‬ ‫ملز‬
‫ً‬ ‫وأفعاله‬ ‫األول‬ ‫زوجها‬ ‫ذكر‬ ‫من‬ ‫ويقلقك‬
‫مجَّرب ًة قَ ْد م َّل ِمْن َها وملَّ ِ‬
‫ت‬ ‫الد ْهَر َما ِع ْش َ‬
‫ت أَيِّ ًما‬ ‫َوال َتْن ِك َح َّن َّ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬
‫س وخلقة‬ ‫ِ‬
‫ضهم قَ ْد كرهت امرأتك شيبتك َف َق َال ‪ :‬إمنا مالت إىل اإلبدال لقلة الْ َمال َواهلل لو كنت يف سن نوح وشيبة إبلَْي َ‬
‫وقيل َلب ْع ْ‬
‫ِ‬ ‫مِت‬
‫منكر ونكري ومعي مال لكنت أحب إليها من ُمقتز يف مجال يوسف وخلق داود وسن عيسى وجود َحا وحلم أحنف ‪.‬‬
‫يض أَ ْع َذ ُر‬‫ب فَالْبِ ُ‬ ‫ك ِمْنهُ َّ‬
‫الشْي ُ‬ ‫بَِعْينِ َ‬ ‫فك ال َْمَرآة َوانْظُْر فَِإ ْن َنَبا‬ ‫أع ْر طَْر َ‬ ‫ِ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫َج َد ُر‬ ‫َفعين ِسو ُاه بِ َّ ِ ِ‬ ‫ب َن ْف ِس ِه‬ ‫إِ َذا شنُ ْ‬
‫الشَناءة أ ْ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫أت َعْي ُن الَْفَتى َشْي َ‬
‫ِ‬ ‫الشب ِ ِ‬ ‫ي ِر ْد َن َثراء الْم ِال حي ُ ِ‬
‫يب‬
‫اب عْن َد ُه َّن َعج ُ‬ ‫ح َّ َ‬ ‫َو َش ْر ُ‬ ‫ث َعل ْمَنهُ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫َخبِير بِأَ ْدو ِاء الن ِ ِ‬ ‫صلَ َها َبَت َملُّ ٍ‬
‫يب‬
‫ِّساء طَب ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫لق‬ ‫ب َو ْ‬‫ْت أَطْلُ ُ‬ ‫فَ َج َعل ُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب‬
‫س لَهُ م ْن ُودِّه َّن نَص ُ‬ ‫فلَْي َ‬ ‫س ال َْم ْرء أ َْو قَ َّل َمالُهُ‬ ‫اب َرْأ ُ‬ ‫إِ َذا َش َ‬
‫الشب ِ ِ‬
‫يب‬ ‫ِ‬
‫اب عْن َد ُه َّن َعج ُ‬ ‫خ َّ َ‬ ‫َو ِش ْر ُ‬ ‫ث َعِل َ‬
‫منهُ‬ ‫يُِر ْد َن َثَر َاء ال َْم ِال َحْي ُ‬
‫ود النَّو ِ‬
‫اظ ِر‬ ‫ضن َعنِّي وبِالْ ُخ ُد ِ‬ ‫رأَيْن الْغَوالِي ال ّشب الح بِعا ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَأَ ْعر ْ َ‬ ‫ضي‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫صَرنَنِي أ َْو َس ِم ْع َن بِي‬
‫فع َن الْ ُكَوى بِال َْم َح ُ‬
‫اج ِر‬ ‫ين َفَر ْ‬ ‫َرن َ‬ ‫َو ُك َّن إِ َذا أَبْ َ‬
‫ب الَْقل ِ‬
‫ْب‬ ‫اب َو َح َّ‬‫الشَب ِ‬
‫لَْو َن َّ‬ ‫ْس ْمَر إِال ِم ْن ِحَي َازتِِه ْم‬ ‫ِ‬
‫آخر‪ :‬لَ ْم أَ ْعش ْق ال ُ‬
‫ان ِفي‬ ‫ب واألَ ْكَف ِ‬ ‫ْح َِمد َِنق َّ‬
‫الشْي ِ َ‬ ‫إَِنوِّالي َ‬ ‫الشْيب َع ْن‬ ‫اض َّ‬ ‫ت َبَي َ‬ ‫َوال َسلَ ْو ُ‬
‫قت ْهَزئِي َم ْن ال يَطُ ْل ُع ْمٌر بِِه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َفالَر َ‬ ‫ْت لَ َها‬ ‫َت َشْيبِي َف ُقل ُ‬
‫أت أَ ْن َرأ ْ‬ ‫آخر‪َ :‬تغََهلََزط ْ‬
‫يَ ِ‬
‫شب‬

‫‪277‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ب‬ ‫ك َوال ِريَ َ‬ ‫اسَتَق َام بِال َش ٍّ‬ ‫ِإ َذا ْ‬ ‫ب التَّقي لَهُ ِعٌّز َو َم ْكَر َمةٌ‬ ‫َشْي ُ‬
‫ِ‬
‫وم ظَ ِ‬
‫الم‬ ‫يُ َشابِهُ فَ ْجًرا أ َْو نُ ُج َ‬ ‫َّه َار َولَ ْم يَ ُك ْن‬ ‫بَ َدا َشْيبُهُ مثْ َل الن َ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫الشْيخ َغْير َك ِ‬
‫الم‬ ‫ُ‬ ‫َولَ ْم َيْب َق ِعْن َد َّ‬ ‫استِ َم َ‬
‫اعهُ‬ ‫يُ َح ِّدُث َها َما ال تُ ِري ُد ْ‬
‫و َكَّفَل َها ِم ْن َب ْع ِد ِه بِغُ ِ‬
‫الم‬ ‫اهلل أَ ْعطَ ُاه َحْتَفهُ‬ ‫َن َ‬ ‫َتَو ُّد لَْو أ َّ‬
‫َ‬
‫ف بِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َغْيَر ُمِب َين ٍة‬ ‫ول لَهُ ِفي َّ‬
‫الم‬ ‫ص ِر ْ َ‬ ‫ُخذ ال َْم ْهَر منِّي َوانْ َ‬ ‫النْف ِ‬ ‫َت ُق ُ‬
‫يينا‬
‫اط ِّم َ‬ ‫ْج ِم ِعْن َد الَْف ِ‬ ‫ِمن ابن مل ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب أَ ْعظَ ُم ُج ْرٍم ِعْن َد َغانَِي ٍة‬ ‫َّ‬
‫الشْي ُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ب َعَلى َو ْفَرتِِه‬ ‫َع َّم َمهُ َّ‬
‫الشْي ُ‬ ‫اب َوقَ ْد‬ ‫َو ُم َّد ٍع َش ْر َخ َشَب ٍ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ب ِفي لِ ْحَيتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يَ ْكفيه أَ ْن يَ ْكذ َ‬ ‫َسَو ِد لِ ْحَيتِ ْه‬
‫ب بِاأل ْ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْخض ُ‬
‫ب أ َْولَى أَ ْن ُي َعابَا‬ ‫الشْي ِ‬
‫ب َّ‬ ‫ضُ‬ ‫َو َخ ْ‬ ‫ب لَ َّما َكا َن َعْيًبا‬ ‫ت َّ‬
‫الشْي ُ‬ ‫ضْب ُ‬‫َخ َ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫يت َوال ِعَتابَا‬ ‫َوال ُعْتًبا َخ ِش ُ‬ ‫ب َم َخافَة َه ْجر ِخ ٍّل‬ ‫ِ‬
‫َولَ ْم أَ ْخض ْ‬
‫اب لَهُ ِعَقابَا‬ ‫ض َ‬‫ْخ َ‬ ‫رت ال ِ‬
‫صيَّ ُ‬ ‫فَ َ‬ ‫يما‬ ‫ِ‬
‫يب بَ َدا َذم ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَك َّن ال َْمش َ‬
‫الشْيب نَ ِذير نَ ِ‬
‫صيح‬ ‫فَِإنَّ َما َّ ُ ٌ‬ ‫ص َحهُ‬ ‫ب فَ ُخ ْذ نَ ْ‬ ‫آخر‪ :‬أَنْ َذ َر َك َّ‬
‫الشْي ُ‬
‫َن ال َْم َدا ِوي ال َْم ِسيح‬ ‫ت لَْو أ َّ‬ ‫أَ ْعَي ْ‬ ‫ب إِ َذا َما ا ْعَت ْ‬
‫رت‬ ‫َو ِعلَّ ُةُ َّ‬
‫الشْي ْ‬
‫فَِإ ْسَرافُهُ لِل ُْع ْم ِر أَ ْقَوى ال َْهَو ِادِم‬ ‫ب ُم ْس ِرفًا‬ ‫اع ِ‬ ‫ك ِفي وط ِْء الْ َكو ِ‬ ‫آخر‪َ :‬والتَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األر ِاق ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ َما ه َي إِال مثْ ُل ُس ِّم َ‬ ‫وز َو َوطْأ ََها‬‫اك ال َْع ُج ُ‬ ‫اك إِيَّ َ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫ال ِمنِّي‬ ‫يما نَ َ‬ ‫َعتِب ُ ِ ِ‬
‫ت َعَلْيه ف َ‬ ‫ْ‬ ‫ت ِفي َشْيِبي َو ِسنِّي‬ ‫آخر‪ِ :‬إ َذا فَ َّكْر ُ‬
‫اض َعنِّي‬ ‫ض ُه َّن لِ ِإل ْعَر ِ‬
‫َف َعَّر َ‬ ‫ب غَ َار َعلَى ال َْعَوالِي‬ ‫َن َّ‬
‫الشْي َ‬ ‫َكأ َّ‬
‫الش ْيءُ ِف ِيه تَ َحُّر ُك‬ ‫اك َّ‬ ‫َما َد َام َذ َ‬ ‫ب َت ْغتَِف ُر الْغََوانِي َذْنَبهُ‬ ‫آخر‪َ :‬و َّ‬
‫الشْي ُ‬
‫الو ِة ِذ ْكَراهُ الَّتِي يَ َد ُ‬
‫ع‬ ‫أَْبَقى َح َ‬ ‫اب َو َما‬ ‫الشَب ِ‬ ‫ْصَر أَيَّ َام َّ‬ ‫آخر‪َ :‬ما َكا َن أَق َ‬
‫إِال لَ َها َنْبَوةٌ َعْنهُ َو ُم ْرتَ َد ُ‬
‫ع‬ ‫ب ِم ْن َعْي ٍن َوإِ ْن‬ ‫اج َه َّ‬
‫الشْي ُ‬ ‫َما َو َ‬
‫ات َرائِ ِيه َيْن َع ُم‬
‫َكلَْي ٍل َو ُحل ٍْم بَ َ‬ ‫س َواللَّ ْه ِو تَ ْحَتهُ‬ ‫ت َسَو َاد َّ‬
‫الرْأ ِ‬ ‫آخر‪َ :‬رأَمَيَْق ُ‬
‫تْ‬

‫‪278‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّم‬
‫َولَ ْم َيْب َق إال َع ْه ُد ُه ال ُْمَتَوه ُ‬ ‫اللَّْي َل َز َال نَع ُ‬
‫يمهُ‬ ‫ض َم َح َّل‬
‫اْ‬ ‫َفلَ َّما‬
‫س الَْقرين أ ََر ُاه َغْيَر ُمَفا ِر ِقي‬ ‫بْئ َ‬
‫ِ‬ ‫ضي َو َمَفا ِر ِقي‬
‫بِعا ِر ِ‬
‫َ‬ ‫يب‬ ‫ِ‬
‫ال َْمش ُ‬ ‫آخر‪َ :‬ح َّل‬
‫الحِقي‬ ‫ك ِ‬ ‫ال إِنَّ َ‬ ‫ِّع قَ َ‬ ‫ف لِي‬ ‫ْت ِق ْ‬ ‫َر َح َل َّ‬
‫َحتَّى أ َُود َ‬ ‫َف ُقل ُ‬ ‫اب‬
‫الشَب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَهُ ِم ْن َع ْو َد ٍة‬ ‫اعَلًة َّ‬
‫آخر‪َ :‬رَس َح َ‬
‫ب‬
‫يب فَأَيْ َن مْنهُ ال َْم ْهَر ُ‬ ‫َوأَتَى ال َْمش ُ‬ ‫اب فَ َما‬
‫الشَب ُ‬
‫الريْح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُك َّل ُفَتيٍَّة‬ ‫آخر‪َ :‬عانِ ْق ِمن النِّسو ِ‬
‫ان‬ ‫اس َها َكَر َوائ ِح َّ َ‬ ‫أَْنَف ُ‬ ‫ان‬ ‫َ َْ‬
‫ض ِج ِيع َها سَقم ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫َف ُه َما لِ ِج ْس ِم َ‬ ‫ض ِع َها‬
‫ال َْع ُجو ِز َوبُ ْ‬ ‫س‬‫َح ِذ ْر َك َع ْن َنَف ِ‬‫أْ‬
‫ب‬ ‫وقَ ْد يبِس الْجْنب ِ‬ ‫َّت أَ ْن تَ ُكون ُفَتيَّ ًة‬
‫اح َد ْو َد َ‬
‫ان َو ْ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫آخر‪َ :‬ع ُجو ٌز تَ َمن ْ‬
‫صِل ُح ال َْعطَّ ُار َما أَفْ َس َد‬ ‫َّ‬ ‫وح إِلَى ال َْعطَّا ِر َتْب ِغي َشَب َاب َها‬
‫َالو َهظ ْهْلُر يُ ْ‬ ‫َت ُر ُ‬
‫الدك ْهْحُر ٌل بَِعْينِ َها َوأَْثَو ُاب َها ُّ‬
‫الصْف ُر‬ ‫َو َُّ‬ ‫اب بِ َكِّف َها‬
‫ض ٌ‬‫َو َما َغَّرنِي إِال ِخ َ‬
‫ك َّ‬
‫الش ْه ُر‬ ‫فَ َكا ُم َحاقًا ُكلُّهُ َذلِ َ‬ ‫اق بَِلْيَل ٍة‬ ‫وجج ُاؤا بَِها َقْبل الْمح ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ََ‬
‫ال بعض العلماء ‪ :‬يكره نكاح احلنانة واملنانة واألنانة واحلداقة والرباقة‬ ‫َوقَ َ‬
‫واملمراض ‪.‬‬
‫فاحلنانة اليت هلا ولد حتن إليه أو زوج حتبه من قبلك ويف املثل ‪ ( :‬حب‬
‫األول ما يتحول )‬
‫واملنانة اليت متن على زوجها مبا تفعله أو تبذله ‪.‬‬
‫واألنانة كثرية األنني الكسالنة املتكاسلة ‪.‬‬
‫واحلداقة اليت تسرق ُك ّل َش ْيء حبدقتها اليت حتب أن تطّلع على ُك ّل َش ْيء‬
‫وتكلف زوجها بأنواع املشقات ‪.‬‬
‫والرباقة اليت تشتغل بتربيق وجهها ويديها ورجليها من حتمري وتبيض‬
‫وتنميق وحتسني وقيل أهنا اليت تغضب ِعْن َد الطعام وال تأكل إِال وحدها اليت‬
‫تبحم بالشيء ‪.‬‬
‫والشراقة كثرية الكالم قليلة الصمت ‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫س فيها مرض إمنا هترب من‬ ‫واملمراض اليت تتمارض غالب أوقاهتا ولَْي َ‬
‫دائما كسالنه حتب‬
‫دائما تعبس بوجهها مقطبة ً‬ ‫الْ َع َمل أو االستمتاع هبا فهي ً‬
‫احة ‪.‬‬
‫والر َ‬
‫النوم َّ‬
‫عصمنا اهلل وإياكم من الزلل ووفقنا لصاحل الْ َع َمل وهدانَا بفضله سبيل‬
‫الرشاد وطَ ِريق السداد إنه جل شأنه نعم املوىل ونعم النصري وصلى اهلل على‬
‫حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫موعظة ‪:‬‬
‫ول اهلل َت َعاىَل َو ُه َو أصدق قائل ﴿ َوالَ تُ ْل ُقواْ بِأَيْ ِدي ُك ْم إِىَل‬ ‫عباد اهلل َي ُق ُ‬
‫ول َج َّل َو َعال ‪َ ﴿ :‬والَ َت ْقُتلُواْ أَن ُف َس ُك ْم إِ َّن اللّهَ َكا َن بِ ُك ْم َر ِحيماً‬ ‫َّهلُ َك ِة ﴾ َو َي ُق ُ‬ ‫الت ْ‬
‫ت َعلَْي ُك ْم نِ ْع َميِت‬ ‫ِ‬
‫ت لَ ُك ْم دينَ ُك ْم َوأَمْتَ ْم ُ‬ ‫ول َج َّل َو َعال ‪ ﴿ :‬الَْي ْو َم أَ ْك َم ْل ُ‬ ‫﴾ َو َي ُق ُ‬
‫ول ‪ « : ‬تركتم على احلجة البيضاء ليلها‬ ‫يت لَ ُك ُم ا ِإل ْسالَ َم ِديناً ﴾ َو َي ُق ُ‬ ‫َو َرض ُ‬
‫ِ‬
‫ول ج َّل وعال ﴿ َّما َفَّرطْنَا يِف ِ‬
‫الكتَ ِ‬
‫اب‬ ‫كنهارها ال يريغ َعْن َها بعدي هالك َو َي ُق ُ َ َ َ‬
‫اب تِْبيَاناً لِّ ُك ِّل َش ْي ٍء ﴾ ‪.‬‬ ‫ول ﴿ و َنَّزلْنَا علَي َ ِ‬
‫ك الْكتَ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ِمن َش ْي ٍء ﴾ َو َي ُق ُ‬
‫ك قَ ْد وضح األ َْمر وتبني الرشد من الغي واهلدى من الضالل ومل‬ ‫ِ‬
‫وب َذل َ‬
‫ك حجة لطالب الرشد وال عذر ملن وقع يف الغواية ولكن فري ًقا من‬ ‫ِ‬
‫يبق بعد ذَل َ‬
‫الكتَاب والسنة واتبعوا‬ ‫النَّاس وضعوا عقوهلم حتت أرجلهم ومل يبالوا مبخالفة ِ‬
‫الشهوات أنفسهم فعميت بصائرهم واسقطوا أنفسهم من درجة الكمال الَّ ِذي‬
‫أعدهم اهلل له ‪.‬‬
‫ك بأهنم سعوا مبا يضر نفوسهم ودينهم وأمواهلم َو ُه َو شرهبم أليب‬ ‫ِ‬
‫َوذَل َ‬
‫اخلبائث الدخان الَّ ِذي ال يتوقف َعامِل بتحرميه وال يتوقف طبيب مبضرته ولو مل‬
‫ت كافية ألن إِ ْخ َوان‬ ‫يكن من األدلة الدالة علي حترميه إِال اآليات املتقدمة لكانَ ْ‬
‫ِ‬ ‫الشياطني َو ُه َو إسراف ﴿ إِنَّهُ الَ حُيِ ُّ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ب الْ ُم ْس ِرف َ‬

‫‪280‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫نبيه ‪َ ﴿ ‬وحُيِ ُّل هَلُ ُم‬


‫ومن أوضح األدلة على حترميه قوله َت َعاىَل يف حق‬
‫العامِل أنه من قسم‬ ‫عن َ‬ ‫ث ﴾ وال ميرتي عاقل فضالً‬ ‫ات َوحُيَِّر ُم َعلَْي ِه ُم اخْلَبَآئِ َ‬
‫الطَّيِّب ِ‬
‫َ‬
‫بصرية وإليك تعداد‬ ‫اخلبائث وله من املفاسد واألضرار ما ال خيفى على ذي‬
‫بعض مضاره وهي قليل من كثري ‪:‬‬
‫‪ -1‬فمن مضاره الدينية أنه إسراف واهلل ال حيب املسرفني ‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنها أنه تبذير واملبذرين إِ ْخ َوان الشياطني ‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪ -3‬ومنها أنه يعدي أوالده فيقلدونه بشربه ‪.‬‬


‫‪ -4‬أنه يثقل على الْ َعْبد العبادات ويبغضها عنده ‪.‬‬
‫‪ -5‬ومنها أن يبغض إليه املكث يف بيت اهلل املسجد ‪.‬‬
‫‪ -6‬ومنها أنه يكره الصيام لشاربه ‪.‬‬
‫‪ -7‬ومنها أنه يدعو إيل خمالطة األنذال والسفل ‪.‬‬
‫‪ -8‬ومنها أنه يزهد يف جُمَالَ َسة األخيار ‪.‬‬
‫ك َوقْت شربه‬ ‫ِ‬
‫‪ -9‬ومنها اقتطاع جزء من العمر كبري يف هذه املعصية َوذَل َ‬
‫وشرائه ‪.‬‬
‫‪ -10‬ومنها إيذاء الكرام الكاتبني يف رائحته الكريهة ‪.‬‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -11‬ومنها إيذاء املعقبات َك َذل َ‬
‫‪ -12‬ومنها توسيخ موضع قراءة كالم اهلل وسنة رسوله ألن حمل التالوة اللسان‬
‫واحللق والصدر والدخان يلوثه ‪.‬‬
‫‪ -13‬ومنها إيذاء املسلمني اجملالسني واملاشني معه ‪.‬‬
‫‪ -14‬ومن مضاره البدنية احتواؤه على مادة النيكوتني السامة وأنه سبب الرتفاع‬
‫ضغط الدم ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫‪ -15‬ومن مضاره أن شاربه يتعرض ألمراض خطرة كثرية يف بدنه من َذل َ‬
‫تعسري هضم الطعام وإفساد جماري البول ‪.‬‬
‫‪ -16‬ومنها إحداث التهاب يف الرئتني ‪.‬‬
‫‪ -17‬ومنها إحداث السعال وكثرة املخاط ‪.‬‬
‫‪ -18‬ومنها تعطيل الشرايني الصدرية وأوله تضييقها ‪.‬‬
‫‪ -19‬ومنها ما حيدث من عسر التنفس ‪.‬‬
‫‪ -20‬ومنها التأثري على الْ َق ْلب بتشويش انتظام دقاته ‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪ -21‬ومنها أن شاربه يعني علي قتل َن ْفسهُ ‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الدموع ‪.‬‬ ‫إفراز‬ ‫‪ -22‬ومنها إضعاف البصر وأوله إثارة‬


‫‪.‬‬ ‫فشْيئًا‬
‫َ‬ ‫‪ -23‬ومنها إضعاف شهية الطعام َشْيئًا‬
‫مفاجأة ‪.‬‬ ‫قطعها‬ ‫‪ -24‬ومنها إضعاف شهوة اجلماع أو‬
‫السم َع ‪.‬‬
‫‪ -25‬ومنها إضعاف َ‬
‫‪ -26‬ومنها إضعاف العقل إذ العقل يضعف تبع اجلسم ‪.‬‬
‫‪ -27‬ومنها أنه حيدث اخلفقان يف الْ َق ْلب ‪.‬‬
‫‪ -28‬ومنها إضعاف الفكر واحلفظ فتضعف الذاكرة ‪.‬‬
‫ضب ‪.‬‬ ‫‪ -29‬ومنها أنه يورث احلمق وسرعة الْغَ َ‬
‫‪ -30‬ومنها إحداثه للجنون التوتوين كما ذكره العِلماء واجلنون فنون ولو أن‬
‫إنسانَا أتى بألف من الرياالت وحرقها أمام النَّاس ل َقالُوا جمنون ومل يشكوا‬
‫وشارب الدخان حيرق آالفًا يف جوفه ال يف الفضاء نسأل اهلل العافية فَانْظُْر‬
‫وفكر واحكم أيهما أحق بإطالق اجلنون عليه الَّ ِذي حيرق ماله يف الفضاء أم‬
‫اهلل من عمى البصرية وإتباع اهلوى‬ ‫الَّ ِذي حيرق به بدنه ويعذب به َن ْفسه نعوذ بِ ِ‬
‫ُ‬
‫بالسوء ‪.‬‬
‫والنفس األمارة ُّ‬
‫‪ -31‬ومنها أنه خيرب كريات الدم اليت تدفع املكروبات عن اجلسم ‪.‬‬
‫‪ -32‬ومنها احنطاط القوة العصبية ‪.‬‬
‫‪ -33‬ومنها أنه يؤدي إىل مرض السل الرئوي ‪.‬‬
‫‪ -34‬ومنها املوت بالسكتة القلبية ‪.‬‬
‫‪ -35‬ومنها تقلص األوعية الدموية باألطراف ‪.‬‬
‫‪ -36‬ومنها أثره احملسوس يف مرض السرطان ‪.‬‬
‫‪ -37‬ومنها تسويده الفم والشفتني واحللق ‪.‬‬

‫‪284‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪ -38‬ومنها تسويد األسنان وسرعة بالئها وحتطمها وتآكلها بالسوس وذهاب‬


‫نظرهتا وتكريهها لناظرها ‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪ -39‬ومنها اهنيار الفم والبلعوم َو ُرمَّبَا حدث سرطان يف احللق بسببه أو شلل يف‬
‫األعضاء ‪.‬‬
‫‪ -40‬ومنها أنه يكره شاربه ِعْن َد زوجته وأهله ملا حيدثه من البخر ألنه خييس‬
‫الفم واألنف ‪.‬‬
‫اجملتم َع دينيًا واقتصاديًا ‪.‬‬
‫‪ -41‬ومنها أن ضرره يتعدى إىل َ‬
‫‪ -42‬ومنها أنه حُي دث األرق َو ُه َو السهر وعدم النوم فيتضرر به ‪.‬‬
‫‪ -43‬ومنها إضعافه حاسة الشم َو ُرمَّبَا تعطلت كليًا بسببه ‪.‬‬
‫كثريا من احلرائق حتدث بسببه ‪.‬‬ ‫‪ -44‬ومنها أن ً‬
‫‪ -45‬ومنها ما ذكره بعض العلماء من أنه يولد الباسور ويزداد معه إن َكا َن‬
‫موجودا من قبل ُشربه ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -46‬ومنها أن بعض العلماء ال يقبل شهادته ألنه يعتربه فاس ًقا هبذه املعصية‬
‫والعياذ بِ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫‪ -47‬ومنها أهنا ال تصح إمامته ِعْن َد بعض العلماء ‪.‬‬
‫‪ -48‬ومنها ما ذكره األطباء من أنه حيدث تيبس يف الكبد وأنه من أهم‬
‫املسببات للقرحة املعوية ‪.‬‬
‫‪ -49‬ومنها ما ذكره بعض العلماء من أنه حيدث الفاجل ‪.‬‬
‫‪ -50‬ومنها أن شاربه جُي لد أربعني جلدة ِعْن َد بعض العلماء ألنه حمرم كاخلمر‬
‫وفيه مضار أخرى ذكرها األطباء تركناها خوف اإلطالة ‪.‬‬
‫فالواجب علي العاقل الناصح لنفسه التوبة إىل اهلل عن شربه قبل أن ميوت‬
‫بسببه فيكون قَ ْد أعان على قتل َن ْفسهُ ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم يا من خلق ا ِإلنْ َسان وبناه واللسان وأجراه ‪ ،‬يا من ال خييب من‬
‫دعاه ‪ ،‬هب لكل منا ما رجاه ‪ ،‬وبلغه من الدارين مناه ‪ ،‬اللَّ ُه َّم اغفر لنا‬

‫‪286‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪،‬‬ ‫مَجِ يع الزالت ‪ ،‬واسرت َعلَْينَا ُك ّل اخلطيئات وساحمنا يوم السؤال واملناقشات‬
‫ني ‪.‬‬ ‫وانفعنا ومَجِ يع املسلمني مبا أنزلته من الكلمات يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ومِم َّا ال يستهان به وحيرص َعلَْي ِه أن تَ ُكون الزوجة ذات دين شريفة فإن‬
‫الشريفة غالبًا حتافظ علي شرفها ومسعتها وتبعد عما يدنس الشرف وقَ ْد قال‬
‫ال ‪َّ :‬أما أرباب الدين‬ ‫علي فيمن أستعمل ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫عمر بن َعْبد الْ َع ِزيز لرجل ‪ :‬أشر َّ‬
‫ك باإلشراف فَِإن َُّه ْم‬ ‫وأما أرباب ُّ‬
‫الد ْنيَا فال تريدهم ولكن َعلَْي َ‬ ‫فال يريدونك َّ‬
‫يصونون شرفهم عما ال يصلح ‪.‬‬
‫يوما فأدخلين معه احلمام مُثَّ‬ ‫وروي عن أيب إسحاق قال ‪ :‬دعاين املعتصم ً‬
‫ال ‪ :‬يا أبا إسحاق يف نفسي َش ْيء أريد أن أسالك َعْنهُ إن‬ ‫َخَر َج فخال يب َوقَ َ‬
‫ت ‪َ :‬و ِمْن ُه ْم قال‬ ‫أخي املأمون اصطنع فأجنبوا واصطنعت أَنَا مثلهم فلم ينجبوا ُق ْل ُ‬
‫واصطنعت أَنَا‬
‫ُ‬ ‫‪ :‬اصطنع طاهر وابنه وإسحاق وآل سهل ف َق ْد َرأَيْت كيف هم‬
‫ك انباح‬ ‫ِ‬
‫األفشني ف َق ْد َرأَيْت إيل ما آل أمره وأساس فلم أجده َشْيئًا و َك َذل َ‬
‫ووصيف ‪.‬‬
‫ضب ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫جواب على أمان من الْغَ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ت ‪ :‬يا أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني ها هنا‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫ت ‪ :‬نظر أخوك إىل األصول فاستعملها فأجنبت فروعها واستعملت‬ ‫ِ‬
‫ك ‪ُ .‬ق ْل ُ‬ ‫لك َذل َ‬
‫ال ‪ :‬يا أبا إسحاق ُمقاساةُ ما‬ ‫فلم تُنجب ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫فروعا ال أصول هلا‬ ‫ً‬
‫علي من َه َذا اجلواب ‪ .‬أ ‪ .‬هـ ‪.‬‬ ‫مر يب هذه املدة أ َْه َون َّ‬
‫يوما على أوالده وأهنم ليسوا‬ ‫وقيل ‪ :‬إن جعفر بن سليمان بن علي عاب ً‬
‫ال له ولده أَمَحَد بن جعفر ‪ :‬إنك عمدت إىل فاسقي َم َّكة‬ ‫كما جيب َف َق َ‬
‫بضعك مُثَّ تريد أن ينجبوا وإمنا حَنْ ُن لضاجبات احلجاز‬ ‫ِ‬
‫والْ َمدينَة فأوعيت فيهن ُ‬
‫هال فعلت يف ولدك ما فعل أبوك فيك حني اختار لك عقيلة قومها ‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وينبغي أن يقتصر على زوجة واحدة خوفًا من عدم العدل قال اهلل َت َعاىَل‬
‫ال َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬ولَن تَ ْستَ ِطيعُواْ أَن‬ ‫اح َد ًة ﴾ َوقَ َ‬ ‫‪ ﴿ :‬فَِإ ْن ِخ ْفتُم أَالَّ َتع ِدلُواْ َفو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وها َكالْ ُم َعلَّ َق ِة ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َتع ِ‬
‫صتُ ْم فَالَ مَت يلُواْ ُك َّل الْ َمْي ِل َفتَ َذ ُر َ‬
‫ِّساء َولَ ْو َحَر ْ‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫َ‬ ‫نْي‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫و‬‫ل‬
‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬
‫ك إِال مبلك اليمني فله أن يتسرى مبا َشاءَ من اإلماء وإن أرادا اصطحاب واحدة من نسائه‬ ‫ِ‬
‫وله أن يتزوج أربع نسوة وال يزيد على ذَل َ‬
‫يف سفره أقرع بينهن ومدح أحد العلماء زوجته وبالغ يف مدحها َف َق َال ‪:‬‬
‫اف ُخ ْلًقا َو ِخ ْلَق ًة‬ ‫م َك َّمَلةُ األَوص ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫فَأ َْهالً بَِها َو َس ْهالً بَِها َس َهال‬
‫َو ُدو ٌد َولُو ٌد ُحَّرٌة ُقَريِ َّشةٌ‬
‫ُم َخ َّد َرٌة َم َع ُح ْسنِ َها تُ ْك ِر ُم الَْب ْعال‬
‫َوبَ ِاذلَةٌ نَ ِظي َفةٌ َولَ ِطي َفةٌ‬
‫َح َسنِ ِه ْم َش ْكال‬ ‫ف ِإنْس ٍ‬ ‫ِمن أَظْر ِ‬
‫ان َوأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫يحةٌ‬ ‫ِ‬
‫ور ُحلْو ٌة َوفَص َ‬ ‫صبُ ٌ‬ ‫ور َ‬ ‫َش ُك ٌ‬
‫َو ُمْتِقَنةٌ ُتْتِق ُن الَْف ْو َل َوالِْف ْعال‬
‫ص ُكلِّ َها‬ ‫النَقائِ ِ‬ ‫اب َّ‬ ‫َسَب ِ‬ ‫ِ‬
‫َتغَ ُار م ْن أ ْ‬
‫س َواأل َْهال‬ ‫النْف َ‬
‫الز ْو ِج َو َّ‬‫ال َّ‬ ‫ظ َم َ‬ ‫َوتَ ْحَف ُ‬
‫س ِف َيها تَ َكُّبٌر‬ ‫ِ‬
‫صا ٌن َر َزا ٌن لَْي َ‬ ‫حَ‬
‫وم َوال أَ ْكال‬ ‫ِ‬
‫ب يَ ُد ُ‬ ‫ع فَال ش ْر ٌ‬ ‫َقنُو ٌ‬
‫ضي أ َِد َيبةٌ‬ ‫مطَا ِو َعةٌ لِلْب ْع ِل ي ْق ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ُمَو ِافَقةٌ َق ْوالً َو ِف ْعالً فَ َما أَ ْعال‬
‫الم َكبِ َيرةٌ‬ ‫ص ِغيرةُ ِس ٍّن ِفي الْ َك ِ‬
‫َ َ‬
‫ُن َه َاها ُيَرى ُم ْمَت َاز أَ ْك ِر ْم بِِه َ‬
‫ِع ْقال‬
‫يَ ِش ُير َعلَْي َها بِ َّ‬
‫التَفُّر ِج َمَّر ًة‬

‫‪288‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َفَتأْبى و َقعر الْبي ِ ِ‬


‫ت في َعْينِ َها أ ْ‬
‫َحال‬ ‫َ َ ُْ َْ‬
‫ت َوإِ ْن‬ ‫ُم َدا ِريَةٌ لِأل َْه ِل إِ ْن َعتَِب ْ‬
‫ت فَال ِح ْق ٌد لَ َدْي َها َوال ذلالً‬ ‫َحبَّ ْ‬
‫أَ‬
‫الم ِة ِدينِ َها‬
‫ْب َم ْع َس َ‬ ‫َر ِقي َقةُ َقل ٍ‬
‫َصال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّسا أ ْ‬
‫ت َتَرى شْب ًها لَ َها في الن َ‬ ‫َفلَ ْس َ‬
‫ْب ِفي َج ِمي ِع أ ُُمو ِر َها‬ ‫وم بَِقل ٍ‬
‫َخ ُد ٌ‬
‫ُمَبا َشَرٌة لِْل ُك ِّل َما َد َّق أ َْو َجال‬
‫ت َدائِ ًما‬ ‫لش ْغ ِل ِفي الْبْي ِ‬
‫َ‬ ‫ُمال ِز َمةٌ لِ ُّ‬
‫ِّها ال تَنِي ِف ْعال‬ ‫َعَلى ِ ِ ِ‬
‫صغَ ٍر م ْن سن َ‬
‫ُمطََّر َزٌة َخيَّاطَةٌ َذ َهِبيَّةٌ‬
‫صَلةٌ َخطَّاطَةٌ تُ ْح ِك ُم الْغَْزال‬ ‫ُمَف َّ‬
‫َتْنَّق ُل ِفي األ ْشغَ ِال ِم ْن َذا لِ َذا َو َذا‬
‫س َوالطَّْب َخ َوالْغَ ْسال‬ ‫َوَت ْف َع ُل َحتَّى الْ َكْن َ‬
‫اك ِم ْن ُع ْدٍم َفَل ْم يَ ُخ ُّل َبْيُت َها‬ ‫َو َما َذ َ‬
‫ت الِْف ْعال‬ ‫ِمن ْامرأ ٍَة تَ ْكِفي ِإ َذا َشاء ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ت نَظَافَ َة ُش ْغِل َها‬ ‫اد ْ‬
‫َّها ا ْعَت َ‬ ‫ِ‬
‫َولَكن َ‬
‫ت ِف ْعال‬ ‫احَت َمَل ْ‬
‫ال الْ ُك ِّل َو ْ‬ ‫ت ِف َع َ‬ ‫َف َعافَ ْ‬
‫وح َم َع َوقَا ٍر ذَ ِكيَّةٌ‬ ‫َخِفي َفةُ ُر ٍ‬
‫َفَت ْف َه ُم َما ُي ْلَقى لَ َدْي َها َو َما ُيْتَلى‬
‫وح َها‬
‫ول ُش ُر ُ‬ ‫لَ َها ِه َّمةٌ ُعلَْيا تَطُ ُ‬
‫ب األَ ْشغَ ِال َتْت ُر ُكهُ َس ْهال‬ ‫ص َع ِ‬‫َعَلى َ‬

‫‪289‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ات َر ْح َم ٍة‬
‫َحنَّانَةٌ َذ ُ‬ ‫ُمَرِّبَيةٌ‬
‫اح ٍد ِعْن َد َها فَ ْ‬
‫ضال‬ ‫وِ‬
‫َ‬ ‫َو ُك ُّل يَتِ ٍيم‬
‫وف أل َْهِل َها‬ ‫ت أُلُ ٌ‬ ‫ِإ َذا ْارتَابَ ْ‬ ‫ور‬
‫َنُف ُ‬
‫ِّساءُ بَِها َم ْهال‬
‫س الن َ‬
‫َقْي َ‬ ‫فَ َم ْهالً ِإ َذا‬
‫ت‬‫ات إِ َذا َم َش ْ‬ ‫َع ِديمةُ لَْف ٍظ والْتَِف ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وت فَال قَط ًْعا َت ُر ُّد َوال َو ْ‬
‫صال‬ ‫ص ُم ٌ‬ ‫َ‬
‫ف ِمْن َها َبَنا ٌن يَ َح ُار َم ْن‬ ‫َولَ ْم َيْن َك ِش ْ‬
‫َم َشى َم َع َها ِفي ِحْف ِظ َها يَ َد َها َقْبال‬
‫اب لَْفظَُها‬ ‫ِ‬
‫يَعُّز َعَلى َم ْن يَط ُْر ُق الَْب َ‬
‫َجَوابًا فَال َع ْق ًدا َتَر ُاه َوال َحال‬
‫اب ُم َحَّرٌم‬ ‫ِ‬
‫يل ُوقُوفًا ال يُ َج ُ‬ ‫يُط ُ‬
‫َجَنبِ ِّي َوإِ ْن قَال‬‫الم األ ْ‬ ‫َعَلْي َها َك ُ‬
‫ت‬ ‫صالِ َحة أَتَ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫َو َح ِافظَةٌ لِْلغَْي ِ‬
‫ت َمَن ِاقُب َها ُتْتال‬ ‫لِ َح ٌّق إِ َذا َكانَ ْ‬
‫صَّو َامةٌ َو ُم ِدلَّةٌ‬ ‫ِ‬
‫َوقَانَتةٌ َ‬
‫بَِع ْق ٍل َوتَ ْدبِي ٍر َتَر ُاه ال ِْع َدا بُ ْخال‬
‫تَ َج َّم َع ِف َيها ِعَّفةٌ َوَنَز َاهةٌ‬
‫س فَ ِه َي تَ ْكال َوال ُتْقال‬ ‫َو ِعَّز ُة َن ْف ٍ‬
‫ت ‪ :‬ما أظن مثل هذه وجدت وال يف القرن الرابع أو اخلامس فضالً‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫الر َجال بعد‬
‫وخصوصا يف زمننا الذي استطاعت فيه النساء على ِّ‬‫ً‬ ‫عما بعدمها‬
‫استعمارا ما بعده استعمار‬
‫ً‬ ‫الر َجال‬
‫خمالطة األجانب اخلاضعني هلن واستعمر النساء ِّ‬
‫خمريا‬
‫مسريا ال ً‬‫ً‬ ‫ِّسبَ ِة لشئون األوالد والبيت والذهاب واجمليء‬ ‫ِ‬
‫وصار الزوج بالن ْ‬

‫‪290‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫كالسيارة بيد السائق وامل ْل َع َق ِة بيد األكل والقلم بيد الكاتب ِه َي اليت تدبره‬
‫وتصرفه كالصيب اخلادم ‪.‬‬
‫وإن وجد أحد خالف ما ذكرنا فهو من النادر والشاذ والسبب الوحيد‬
‫ين هم يف أيدي نسائهم كاخلامت تصرفه كيف‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ُه َو تقليدنا لألجانب الذ َ‬ ‫يف َذل َ‬
‫شاءت يتبعها أينما توجهت سار خلفها حامالً لولدها قَ ْد نبذ احلياء كما نبذته‬
‫الع ِظيم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه َي بدون مباالت وال خجل فال حول وال قوة إِال بِاهلل العلي َ‬
‫اللَّ ُه َّم أمهنا ذكرك وشكرك ووفقنا ملا وفقت له الصاحلني من خلقك‬
‫صلَّى اهلل َعلَى‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَجِ يع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫( موعظة )‬
‫س‬‫عباد اهلل لََق ْد طغت شهوة الفرج الَْي ْوم على كثر من النَّاس طغيانَا لَْي َ‬
‫فوقه طغيان وأصبح سلطاهنا على أفراده شيبًا وشبانَا ال يدانيه سلطان حىت إنه‬
‫اهلل وأن مغازلة النساء واخللوة‬ ‫ليخيل إىل بعضهم أن فاحشة الزنا بسيطة والعياذ بِ ِ‬
‫َْ ْ‬
‫هبن مباحة نسأل اهلل العافية ‪.‬‬
‫الر َجال يف تأنق‬
‫الر َجال والنساء فرتى ِّ‬‫ك ما تشاهده من ِّ‬ ‫ِ‬
‫يدلك على َذل َ‬
‫ُ‬
‫بديع يف لباسهم قَ ْد حلقوا حلاهم وأهلبوا األصباغ يف وجناهتم وذكت روائحهم‬
‫ورجلوا شعر رؤوسهم وتعرضوا للنساء يف الطرق قَ ْد خلعوا سربال احلياء ‪.‬‬
‫تاما إذا أرادت اخْلُُروج من بيتها فتتزين‬ ‫استعدادا ً‬
‫ً‬ ‫وترى النساء تستعد‬
‫يلم َع ملعانَا يأخذ باألبصار ومن‬‫بأنواع الزينة من لباس براق وشفاف ومن ُحلي َ‬
‫تعطر مبا هتزأ رائحته برائحة املسك ومن أدهان تدهن به وجهها وأطرافها‬
‫كثريا‬
‫المعا ً‬ ‫ناعما ً‬
‫وحاجبها وشفتيها ومن آلة تفرق هبا رأسها وجفوهنا ليصري ً‬
‫ك تشق على العيون رؤيتها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت قبل ذَل َ‬ ‫ك تنقلب فتنة للناظرين بعد أن كانَ ْ‬ ‫وب َذل َ‬

‫‪291‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت تتقدم هبا‬ ‫وعلى اآلذان مساع صوهتا ويفر من شهابتها وقبحها وهيئتها اليت كانَ ْ‬
‫ك سببه خمالطة األجنبيات أبعدهن اهلل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لزوجها يف البيت ُك ّل َذل َ‬
‫فما ظنك إذا التقا هؤالء إهنا ملصائب جترح قلب كل مؤمن غيور لدينه‬
‫حمذرا عن فتنة النساء ‪ « :‬اتقوا الدنيا‬
‫كمدا من هذه املنكرات وأشباهها قال ‪ً ‬‬ ‫ً‬
‫بش ْيء من فُ ُخوخه بأوثق لصيده‬ ‫رصاد وما ُه َو َ‬
‫ٌ‬ ‫س طالع‬ ‫واتقوا النساء فإن إبلَْي َ‬
‫يف األتقياء من النساء » ‪.‬‬
‫وخص األتقياء ملا هَلُ ْم من الشهرة على قهر الشيطان ورد كيده فما ظنك‬
‫بش ْيء من آالت الصيد وثوقه بالنساء‬ ‫بغري األتقياء فهو ما يثق بصيده األتقياء َ‬
‫وكوهنن من فخوخه فألنه جعلهن مصيدة ال تفلت يزينهن يف ُقلُوب‬
‫ضهم ‪:‬‬
‫الر َجال ويغريهم هبن فيورطهم يف الزنا كصائد ينصب شبكة ليصطاد هبا ويغري الصيد َعلَْي َها ليقع يف حبائلها قال َب ْع ْ‬
‫ِّ‬
‫الس ُك ِ‬
‫وت‬ ‫ُت َعلِّ ُمهُ الْ َخ ِد َيع َة ِفي‬ ‫يس َيَر َاها‬ ‫وز النَّح ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫س إبْل ٌ‬ ‫ش ْعًرا‪َ :‬ع ُج ُ ْ‬
‫الْعْن َكب ِ‬
‫وت‬ ‫َ ُ‬ ‫ت بِ َخْي ِط‬ ‫إِ َذا اْنَفَر َد ْ‬ ‫ْف َب ْغ ٍل‬‫اس ِة أَل َ‬ ‫ود ِم َن ِّ‬
‫السَي َ‬ ‫َت ُق ُ‬
‫َّت‬
‫اد َتَفت ْ‬ ‫ِ‬ ‫آخر‪ِ :‬إ َذا َرأَيْ َ‬
‫مْن َها الُْفَؤ ُ‬ ‫ورا‬
‫ت أ ُُم ً‬
‫ت‬ ‫ِّس ِاء تَأَتَ ْ‬‫م َن الن َ‬
‫ِ‬ ‫تش َعلَْي َها تَ ِج ْد َها‬ ‫فَ ْ‬
‫ك ِمْن َها ُم ْم ِعًنا َهَربَا‬ ‫َوا ْخلَ ْع ثَِيابِ َ‬ ‫أََت ْو َك بَِها‬ ‫وزا ِإ ْن‬ ‫آخر‪ :‬ال َتْن َك َح َّن َع ُج ً‬
‫صِفْي َها الَّ ِذي َذ َهَبا‬ ‫َح َس َن نِ ْ‬ ‫فَِإ َّن أ ْ‬ ‫ف‬
‫صُ‬ ‫نَ َ‬ ‫فَِإ ْن أََت ْو َك َوقَالُوا إَِّن َها‬
‫ضَرائِ ِر‬ ‫الث َ‬‫اح َذ ْر ِم ْن ثَ َ‬ ‫َع ُد َّويْ ِن َو ْ‬ ‫ت َذا اْثَنَتْي ِن فَا ْغ ُد ُم َحا ِربًا‬ ‫آخر‪ِ :‬إ َذا ُكْن َ‬
‫ت ِفي الظَّ َمائِ ِر‬ ‫ود غُيَِّب ْ‬ ‫فَ َكم ِمن حُق ٍ‬ ‫ضى‬ ‫الر َ‬‫َوِإ ْن ُه َّن أَبْ َديْ َن ال َْمَو َّد َة َو ِّ‬
‫ْ ْ َ‬
‫يك ِإ ْح َدى اآلنِس ِ‬
‫ات الْغََرائِ ِر‬ ‫َفَي ْكِف َ‬ ‫ان َوأ َْهِل ِه‬
‫الزم ِ‬ ‫وإِ ْن ُكْن َ ِ‬
‫َ‬ ‫ت غًّرا بِ َّ َ‬ ‫َ‬
‫قال ‪ « : ‬يا أيها النَّاس اهنو نساءكم عن لبس الزينة والتبخرت يف‬
‫املسجد فإن بين إسرائيل مل يلعنوا حىت لبس نساؤهم الزينة وتبخرتن يف املساجد‬

‫‪292‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫» ‪ .‬رواه ابن ماجة ويف احْلَ ِديث اآلخر ‪ « :‬ما من صباح إِال وينادي مل َكا َن ويل‬
‫الر َجال » ‪ .‬رواه ابن ماجة واحلاكم ‪.‬‬ ‫لل ِر َجال من النساء وويل للنساء من ِّ‬
‫وروى مسلم عن أَيِب ُهَر ْيَرةَ َر ِض َي اهللُ َعْنهُ أن النَّيِب ّ ‪ ‬قَ َال ‪ « :‬إِ َّن‬
‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ور ِة َشْيطَان َوتُ ْدبُِر يِف ُ‬ ‫الْ َم ْرأَةَ تُ ْقبِ ُل يِف ُ‬
‫َح ُد ُك ُم من‬ ‫ور ِة َشْيطَان فَإذَا أََرى أ َ‬ ‫صَ‬ ‫صَ‬
‫ك َيُر ُّد َما يِف َن ْف ِس ِه » ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْامَرأًَة ما يعجبه َف ْليَأْ ِت أ َْهلَهُ فَِإ َّن َذل َ‬
‫ِ‬
‫استَ ْشَر َف َها‬‫َو َع ْن ابن مسعود َع ِن النَّيِب ِّ ‪ ‬قَ َال ‪ « :‬إِ َّن الْ َم ْرأَةُ َع ْو َرةٌ فَِإ َذا َخَر َجت ْ‬
‫الشَّْيطَا ُن » ‪ .‬رواه الرتمذي قَ َال أَبُو محزة اخلرساين ‪ :‬النظر رسول الباليا وسهام‬
‫الْ َمنَايَا ‪.‬‬
‫ال بعض احلكماء من غلب هواه عقله افتضح ومن غض طرفه اسرتاح ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ضهم ‪ :‬ال َش ْيء أشد من ترك الشهوة ألن حتريك الساكن أيسر من‬ ‫ال َب ْع ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫تسكني املتحرك ‪.‬‬
‫عبادا فإهنن يركن إلية ُك ّل بلية وال يستوحشن من ُك ّل‬ ‫وقَ َال ابن احلاج ‪ :‬قال ِ‬
‫صاحب األنوار ‪ :‬احذروا االغرتار بالنساء وإن كن نسا ًكا ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فتنة ‪.‬‬
‫ض ال ُْمِّر َمأْ ُك ُ‬
‫ول‬ ‫ِ‬
‫مْن ُه َّن ُمٌّر َوَب ْع َ‬ ‫َكأَ ْش َجا ٍر َنَبْت َن َم ًعا‬ ‫ِّس ِاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش ْعًرا‪ :‬إ َّن الن َ‬
‫ِ‬
‫ب ال بُ َّد َم ْف ُع ُ‬
‫ول‬ ‫فَِإنَّهُ َواج ٌ‬ ‫َمَتى ُيْن َهَي َن َع ْن ُخلُ ٍق‬ ‫اء‬
‫ِّس َ‬ ‫ِ‬
‫إ َّن الن َ‬
‫َوقَ َال بعض العارفني ‪ :‬ما أيس الشيطان من إنسان قط إِال أتاه من قبل النساء ألن حبس النفس ممكن أل َْهل الكمال إِال عن النساء ألهنن‬
‫الر َجال وشقائقهم ولسن َغْيًرا حىت ميكن التباعد َعْنهُ والتحرر َعْنهُ ‪.‬‬
‫من ذوات ِّ‬
‫ين‬ ‫علَى الن ِ ِ‬ ‫ِفي ِّ‬
‫الر َج ِال‬ ‫ِّس ِاء َولَْو أَ َخا‬ ‫ِ‬
‫ِّساء أَم ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َما‬ ‫ش ْعًرا‪ :‬ال تَأ َْمَن َّن َعلَى الن َ‬
‫ما َغاب ر ِ‬
‫اع َيها‬ ‫الص إِ َذا‬ ‫ِ‬ ‫إِ َّن‬ ‫الذ ْو ِد ال َت ْر َح ْل لِ َم ْكَر َم ٍة‬
‫اعي َّ‬ ‫يا ر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫الْق َ‬ ‫َ َ‬
‫ت تَ ْح ِم َيها‬‫إَِّما ُكْن َ‬ ‫ك‬
‫وص َ‬ ‫ِ‬ ‫ون الُْف ُح ِ‬‫لَم يثْنِ َها أَح ٌد ُد ِ‬
‫ُت ْهم ْل َقلُ َ‬ ‫ول فَال‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ت‬‫ت أ َْر َوْيَت َها إِ ْذ ُكْن َ‬ ‫لَْو ِشْئ َ‬ ‫ت‬‫َوال َتلُ ْم َها َعلَى ِو ْر ٍد َوقَ ْد ظَ ِمَئ ْ‬
‫وَسارِاقم َيهما م َذ ِاهب َها تَسلَم َقو ِ‬
‫اص َيها‬ ‫ف َجَوانَِب َها‬ ‫َحظَْر َم َشا ِرَب َها َو ْ‬
‫احُف ْ‬ ‫أْ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫َ ُْ ْ َ َ‬
‫ِفي ُك ِّل َبِّريٍَّة َق ْف ٍر َفَي ِاف َيها‬ ‫ول َغي ِر فَ ِ‬
‫اخَر ٍة‬ ‫ِ‬
‫َخلَْيَت َها لُف ُح ٍ ْ‬

‫‪293‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اح َد ٍة َو َج َع َل ِمْن َها‬


‫س وِ‬ ‫َّ ِ‬
‫قال اهلل َت َعاىَل ‪ُ ﴿ :‬ه َو الذي َخلَ َق ُكم ِّمن نَّ ْف ٍ َ‬
‫َز ْو َج َها ﴾ وما عداهن فاتباع هوى النفس فيه آية تكذيب الرمحن وعالمة‬
‫االسرتسال َم َع الشيطان وتصديقه فيما يزينه من البهتان ‪.‬‬
‫مقهورا حتت حكمهن قال جرير ‪:‬‬
‫ً‬ ‫منقادا مسرتسل الزمام لتلك الناقصات دينًا وعقالً‬
‫ولذا نرى احلازم اللبيب الكامل ً‬
‫إِ َّن ال ُْعيُو َن الَّتِي ِفي طَْر ِف َها َحَو ُر‬
‫َقَتلَْنَنا ثُ َّم ال يُ ْحيِ َ‬
‫ين َقْتالنَا‬
‫اك بِِه‬
‫ب َحتَّى ال َحَر َ‬ ‫صَر ْع َن َذا اللُّ ِّ‬‫يَ ْ‬
‫ف َخل ِْق ِ‬
‫اهلل إِنْ َسانَا‬ ‫ض َع ُ‬ ‫َو ُه َّن أَ ْ‬
‫فالنساء فتنة عظيمة لل ِر َجال فالَّ ِذي يقوى على قهر َن ْفسهُ عن هواها أمام‬
‫هذه الشهوة خوفًا من اهلل َت َعاىَل ويلزمها وعدم التسخط ِعْن َد فادحات املصائب‬
‫رضى مبا قدره اهلل وأجراه َدلِيل على كمال إميانه خبالف املتبع هلواه عادم الصرب‬ ‫ً‬
‫وه َذا ُه َو امليزان ِعْن َد االختبار ‪.‬‬
‫واالحتساب َ‬
‫ضهم ‪:‬‬
‫قال َب ْع ْ‬
‫َو َعْب ُد ال َْهَوى يَ ْمَت ُاز ِم ْن َعْب ِد َربِِّه‬
‫ص ْدِم بَِليَِّة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لَ َدى َش ْهَوة أ َْو عْن َد َ‬
‫ِ‬
‫بَ ِكي ِر الَْبال َيْب ُدو م َن التِّْب ِر ُح ْسنُهُ‬
‫س ِفي ُك ِّل ِم ْحَن ِة‬ ‫َّح ِ‬
‫اس الن ْ‬ ‫َوَيْب ُدو نُ َح ُ‬
‫َخال ِم ْن ُحَلى َق ْوٍم َكَر ٍام تَ َد َّر ُعوا‬
‫الصْب ِر ِفي ُك ِّل ِش َّدِة‬ ‫ضا َو َّ‬ ‫الر َ‬ ‫وع ِّ‬ ‫ُد ُر َ‬
‫س ِفي َم ْعَر ِك ال َْهَوى‬ ‫َوال َق ْوا ِط َعا َن َّ‬
‫النْف ِ‬
‫اضي األ َِسن َِّة‬ ‫وراحوا وقَ ْد أَرووا مو ِ‬
‫َ َ ُ َ ْ َ ْ ََ‬
‫ْج ِّد ِعْن َد ا ْشتَِي ِاق ِه ْم‬
‫اد ال ِ‬
‫َو َساقُوا ِجَي َ‬

‫‪294‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َوأ َْر َخ ْو لَ َها نَ ْحَو ال ُْعال لِأل َِعن َِّة‬


‫يض ال َْم َعالِي َعَوالًِيا‬ ‫َس َم ْوا فَا ْعَتلَ ْوا بِ َ‬
‫صو ِر ال َْعِليَِّة‬ ‫ِ ِ‬
‫يض ال َْعَوالي في الْ ُق ُ‬ ‫بِبِ ِ‬
‫س ِفي ُّ‬
‫السَرى‬ ‫ات َق ْوٍم أَْت َعبُوا َّ‬
‫النْف َ‬ ‫قام َ‬‫َم َ‬
‫وه َف ْو َق األ َِسَّرِة‬ ‫فازوا بِ َما نَالُ ُ‬ ‫َو ُ‬
‫اح ًة‬ ‫بِ ُذ ٍّل أُنِيلُوا ال ِْعَّز وال ِ‬
‫ْج ْهد َر َ‬ ‫َ ُ‬
‫ْح ْز ِن ُك َّل َم َسَّرِة‬ ‫ِ‬
‫َو َف ْق ٍر غَن ًى َوال ُ‬
‫ش بِالطَّوى ثُ َّم بِالظَّ َما‬ ‫ب َعْي ٍ‬ ‫َوطَيَّ َ‬
‫ات َهنِيَِّة‬ ‫وس حالِي ٍ‬
‫اب ُك ُؤ ِ َ َ‬ ‫َشَر َ‬
‫اض أَنِي َق ٍة‬ ‫َّات َع ْد ٍن ِفي ِريَ ٍ‬ ‫بِجن ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫وف تَ َدلَّ ِ‬ ‫ت ِمْن َها قُطُ ٌ‬ ‫لَ ُه ْم ُذلَِّل ْ‬
‫اكًيا ال يَ ُذوقُهُ‬ ‫جَنوا ِمن جَناها َز ِ‬
‫َْ ْ َ َ‬
‫س َز ِكيَِّة‬ ‫ِم َن الْ َخل ِْق إِال ُك ُّل َن ْف ٍ‬
‫ت َع ِن ال َْهَوى‬ ‫ت َعن ُّ‬
‫الدْنَيا َو َماتَ ْ‬ ‫تَ َسلَّ ْ‬
‫َو َغ َّسَل َها ِفي َم ْوتَِها َماءُ َد ْم َع ِة‬
‫ات ِف َعالِ َها‬ ‫صالِ َح ُ‬‫ت َعَلْي َها َ‬ ‫صلَّ ْ‬
‫َو َ‬
‫اب َت ْوبَِة‬ ‫ت ِفي بِ ِ‬
‫يض أَْثَو ِ‬ ‫َوقَ ْد ُكِّفَن ْ‬
‫ات ُكلَّ َها‬‫اد ِ‬‫الس َع َ‬
‫ت ُمَن َاها َو َّ‬
‫َونَالَ ْ‬
‫ت ما تَمن ِ‬ ‫َفَيا ُس ْع َد َن ْف ٍ‬
‫َّت‬ ‫س أَ ْد َر َك ْ َ َ‬
‫ك فاحرص ُك ّل احلرص علي صيانة أهلك يف َه َذا الزمن‬ ‫ِ‬
‫إذا فهمت َذل َ‬
‫هنارا من املشاغبات‬
‫الر َجال ال يهدأن ليالً وال ً‬
‫وأما البيوت فمتمردات على ِّ‬

‫‪295‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والتدخل فيما ال يعين حىت أن الرجل ليكره دخول بيته ألهنا من املؤذيات ال‬
‫ك الشغب يف يوم وال أسبوع وال شهر وال سنة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ينتهي َذل َ‬
‫ات وصار الرجل ال يقدر على منعها‬ ‫اللئيم َ‬
‫الر َجال حد تقف عنده أولئك َ‬ ‫كل يوم جتدد حماضرات املشاغبة فقاتلهن اهلل ما للُ ْؤمهن َم َع ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخالق والعقائد واألديان وقتل الغرية الدينية واملرؤة‬ ‫من اخْلُُروج إىل األسواق وال من اجللوس عْن َد التلفزيون والنظر إليه الَّذي حطم األ ْ‬
‫وسبب االحنالل والتميع يف العائالت وخدر أعصاب األبوين وانتزع السلطة منهما وسبب نشوز الزوجة عن زوجها والزوج عن زوجته‬
‫وخصوصا علماؤهم وأبطاهلم‬
‫ً‬ ‫ودل النَّاس على طرق املكر واحليل والسلب والنهب والعدوان على النَّاس َم َع ما فيه من احتقار املسلمني‬
‫وتع ِظيم الكفرة واملنافقني والنظر إىل األجنبيات ونزع احلياء والعفة والتشبه بأعداء اهلل والسري يف ركاهبم وضياع األوقات فيما يضر وال‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ك من املضار اليت فيما أظن تزيد على املائتني نسأل اهلل العافية يف ُّ‬ ‫ِ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة إنه القادر على َذل َ‬ ‫ينفع إىل غري َذل َ‬
‫وع انْ ِك َس ُار َها‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضلَع الْعوجاء لَس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ُّ‬
‫الضلُ ِ‬ ‫إال إ َّن َت ْق ِو َ‬ ‫يمها‬
‫ت تُق َ‬ ‫ش ْعًرا‪ :‬ه َي ال ّ ُ َ ْ َ ُ ْ‬
‫ض ْعُف َها َواقْتِ َد ُار َها‬
‫س َع ِج ًيبا ُ‬ ‫أَلَْي َ‬ ‫ض ْعًفا َواقْتِ َد ًارا َعلَى الَْفَتى‬ ‫أَتَ ْج َم ُع ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ورةُ‬ ‫َو ِعْن َد َك ِم ْذيَا ٌ‬ ‫الت ْلَفا ِز َوالِْف ْيديُو ُمولًَعا‬ ‫ت بِ ِّ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا ُكْن َ‬
‫ع َو ُك َ‬
‫ص ْوتًا لِ ُمط ِ‬
‫ْرب‬ ‫ِ‬
‫َوَت ْعش ُق َفنَّانًا َو َ‬ ‫ب دخَّانًا َوتَ ْحلَ ُق لِ ْحَي ًة‬ ‫َوتَ ْشَر ُ‬
‫َب‬ ‫ْت بِاأل ُِّم َواأل ِ‬ ‫ُيَف ِديك إِ ْن أَقَْبل َ‬ ‫اسًقا‬‫ت س َكرتِير لِمن َكا َن فَ ِ‬
‫فَأَنْ َ ُ ْ ٌ َ ْ‬
‫اب ال َْم َدائِ ِن َوالْ ُقَرى‬ ‫أَال أَيْ َن أ َْربَ ُ‬ ‫ف بِ َدا ِر ال ُْمْتُّر َفْي َن َوقُ ْل لَ ُه ْم‬ ‫آخر‪ :‬أَال ِق ْ‬
‫يض َّ ِ‬ ‫َّاع ُمو َن بِغَْبطٍَة‬‫وك الن ِ‬
‫يب‬‫الر َعاب َ‬ ‫َو َم ْن َعانَ َق الْبِ َ‬ ‫َوأَيْ َن ال ُْملُ ُ‬
‫اب َولِلَْبلَى‬ ‫ص ُاروا لِلتُّر ِ‬
‫َ‬ ‫ك ُّ‬
‫الدَمالْى َخْي ُر َ‬ ‫لََك َ‬ ‫ت ِديَ ُار ُه ْم‬ ‫ت َد ٌار لََقالَ ْ‬ ‫َفلَ ْو نَطََق ْ‬
‫َفلَ ْم َيْب َق لِألَيَّ ِام َك ْه ُل َوال َفَتى‬ ‫َّه َار َولَْيلُهُ‬
‫اه ْم َكُّر الن َ‬ ‫َوأَ ْفَن ُ‬
‫الد ْهَر ِفي َع ْزٍم‬ ‫َم ْن َي ْقطَ ُع َّ‬ ‫وز بَِها‬ ‫اضي َيُف ُ‬ ‫اعةُ الْعم ِر الْم ِ‬
‫ض َ ُُ َ‬ ‫بِ َ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫فَوتََمَّرْش ِميُعِرْم ُر ِك ِفي َس ْه ٍو َوَتْب ِذي ِر‬ ‫س ال َْم ِال ِفي‬ ‫يا َن ْفس َ ِ‬
‫ضَّي ْعت َرْأ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْت َعلَى الَْب ِاقي بَِت ْدبِي ِر‬ ‫ٍ‬
‫صل ُ‬‫َوال َح َ‬ ‫اض َما‬ ‫ت ال ُْع ْم ِر َم ٍ‬ ‫ضْي َع َ‬‫يَاَغلَط َ‬
‫ت فَِقي ُد‬‫لََع َّل غَ ًدا يَأْتِي َوأَنْ َ‬ ‫ات إِلَى‬ ‫الصالِح ٍ‬ ‫اْونَتالَف ْع ُتُر ِِ ِ‬
‫ت َجبه ف ْع َل َّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َجِليالً َف ْق ُد َم ٍال َو ُر ْز ُؤ ُه‬ ‫غد‬
‫َولَك َّن َف ْق َد الدِّي ِن َف ُهَو َجل ُ‬
‫يل‬ ‫َولَْيَ َ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫الد ْم ِع ِد ًيما َو ُهطَّال‬ ‫َس َحائُِب َها بِ َّ‬ ‫ت‬‫ت لََتَو َّكَف ْ‬ ‫اع َد ْ‬
‫َن َعْيًنا َس َ‬ ‫َولَْو أ َّ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ت اَألَ ْع َما ِر تَ ْم ِشي‬ ‫ضْي َع َ‬
‫َفَيا َ‬ ‫ت‬
‫ْحطَ ْ‬ ‫ْب أَق َ‬ ‫َّها ِم ْن قَ ْسَوة الَْقل ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَكن َ‬
‫َسَب ْهلَال‬

‫‪296‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ضيع ِة األَ ْعما ِر ِعْن َد الْمَن ِ‬


‫اك ِر‬ ‫َويَا‬ ‫ص َيبَتا‬‫حسرتَا يا م ِ‬ ‫َسَفا يَا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َْ َ ُ‬ ‫آخر‪َ :‬فَيا أ َ‬
‫لِ َك ْس ِر َقَن ِاة الدِّي ِن ُجْبَرا ُن‬ ‫َو َما‬ ‫فَِإ َّن َ‬
‫اهلل يَ ْج ُبر ُه‬ ‫آخر‪َ :‬و ُك ُّل َك ْس ٍر‬
‫من الفنت والطغيان وآتنا يف ُّ‬
‫الد ْنيَا‬ ‫اللَّ ُه َّم نور قلوبنا بنور ا ِإلميَان وامحنا‬
‫َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار‬
‫اهلل علَى حُم َّمد وآلِِه و ِ ِ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ص َّل‬
‫ني ‪َ .‬و َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫حيبه اهلل ويرضاه أنه يلزم ُك ّل‬ ‫اك َومَجِ يع املسلمني ملا‬ ‫ْاعلَ ْم وفقنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫الصحبة اجلميلة ‪ ،‬وكف األذى‬ ‫واحد من الزوجني معاشرة اآلخر باملعروف من‬
‫الكراهة لبذله ‪ ،‬بل ببشر‬ ‫‪ ،‬وأن ال ميطله حبقه ‪َ ،‬م َع قدرته ‪ ،‬وال بظهر‬
‫أذى ألن َه َذا من املعروف‬ ‫وطالقة ‪ ،‬وطيب نفس ‪ ،‬وال يتبعه منةً ‪ ،‬وال‬
‫املأمور به ‪.‬‬
‫وف ﴾ وقوله ‪َ ﴿ :‬وهَلُ َّن ِمثْ ُل الَّ ِذي‬ ‫اشروه َّن بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬
‫ِ‬
‫لقوله َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬و َع ُ ُ‬
‫وف ﴾ قال ابن عباس ‪ :‬إين ألحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن‬ ‫علَي ِه َّن بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َْ‬
‫وف ﴾ ‪.‬‬ ‫ول ‪ ﴿ :‬وهَل َّن ِمثْل الَّ ِذي علَي ِه َّن بِالْمعر ِ‬ ‫تتزين يل ‪ ،‬ألن اهلل َت َعاىَل َي ُق ُ‬
‫َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫وحق الزوج على املرأة أعظم من حقها َعلَْي ِه ‪ ،‬لقوله َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬ولِ ِّلر َج ِال‬
‫َعلَْي ِه َّن َد َر َجةٌ ﴾ ‪.‬‬
‫َح ًدا أن يسجد ألحد ألمرت النساء أن‬ ‫آمرا أ َ‬
‫ولقوله ‪ « : ‬لو كنت ً‬
‫هم من احلق » ‪ .‬رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫يسجدن ألزواجهن ملا جعل اهلل َعلَْي ْ‬
‫صبِ َح‬ ‫ِ‬ ‫اجرةً ِفِر ِ ِ‬ ‫ت الْمرأَةُ ه ِ‬ ‫ال ‪ «:‬إِذَا باتَ ِ‬
‫اش َز ْوج َها لَ َعنَْت َها الْ َمالَئ َكةُ َحىَّت تُ ْ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫» ‪ .‬متفق َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫ويف الصحيحني أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪ « :‬إذا دعا الرجل امرأته إىل‬
‫فراشه فلم تأته لعنتها املالئكة حىت تصبح » ‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫تصبح » ‪.‬‬ ‫ضبَان ‪ ،‬لعنتها املالئكة حىت‬ ‫ويف لفظ ‪ « :‬فبات َو ُه َو َعلَْي َها َغ ْ‬
‫إِال َكا َن‬ ‫أيضا ‪ « :‬إذا باتت املرأة هاجرة زوجها فتأىب َعلَْي ِه‬ ‫ولفظ الصحيحني ً‬
‫الَّ ِذي يف السماء ساخطًا َعلَْي َها ‪ ،‬حىت يرضى َعْن َها زوجها » ‪.‬‬
‫وعن جابر َر ِض َي اهللُ َعْنهُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬قال ‪ « :‬ثالثة ال يقبل اهلل هَلُ ْم‬
‫صالة وال ترفع هَلُ ْم إىل السماء حسنة الْ َعْبد األبق حىت يرجع إىل مواليه فيضع‬
‫يده يف أيديهم واملرأة الساخط َعلَْي َها زوجها حىت يرضى َعْن َها ‪ ،‬والسكران حىت‬
‫يصحوا » ‪.‬‬
‫ت زوجته من احلور العني ‪:‬‬ ‫ال ‪ « : ‬ال تؤذي امرأة زوجها إِال قَالَ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال تؤذيه قاتلك اهلل فإمنا ُه َو عندك دخيل يوشك أن يفارقك » ‪ .‬رواه ابن ماجة‬
‫ال ‪ :‬حديث حسن ‪.‬‬ ‫والرتمذي َوقَ َ‬
‫ِ‬
‫ت ‪ :‬سألت رسول اهلل ‪ ‬أي النَّاس‬ ‫وعن َعائ َشة َر ِض َي اهللُ َعْن َها قَالَ ْ‬
‫ت ‪ :‬فأي النَّاس أعظم ح ًقا على‬ ‫أعظم ح ًقا على املرأة ؟ قال ‪ « :‬زوجها » ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫الرجل ؟ قال ‪ « :‬أمه » ‪ .‬رواه البزار واحلاكم ‪.‬‬
‫ول ‪ « :‬أول ما تسأل َعْنهُ‬ ‫وعن احلسن قال ‪ :‬حدثين من مسَ َع النَّيِب ّ ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫املرأة يوم القيامة ‪ ،‬عن صالهتا وعن بعلها » ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬يَا‬‫وعن ابن عباس أن امرأة من خثعم أتت رسول اهلل ‪ ‬ف َقالَ ْ‬
‫اهلل أخربين ما حق الزوج على الزوجة ‪ ،‬فإين امرأة أمي فإن استطعت‬ ‫ول ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫وإِال جلست أميا ‪ .‬قال ‪ « :‬إن حق الزوج على زوجته إن سأهلا نفسها وهي‬
‫على ظهر قتب أن ال متنعه نفسها ‪.‬‬
‫تطوعا إِال بإذنه ‪ ،‬فإن‬ ‫ً‬ ‫ومن حقوق الزوج على زوجته أن ال تصوم‬
‫فعلت جاعت وعطشت وال يقبل منها ‪ ،‬وال ختََر َج من بيتها إِال بإذنه ‪ ،‬فإن‬

‫‪298‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فعلت لعنتها مالئكة السماء ومالئكة الرمحة ‪ ،‬ومالئكة العذاب ‪ ،‬حىت ترجع‬
‫أبدا » ‪ .‬رواه الطرباين ‪.‬‬ ‫ت ‪ :‬ال جرم وال أتزوج ً‬ ‫» ‪ .‬قَالَ ْ‬
‫ومِم َّا يدل على عظم حق الزوج ‪ ،‬ما رواه البزار عن ابن عباس َر ِض َي‬
‫ول ِ‬
‫اهلل أَنَا‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬‫اهللُ َعْن ُه َما قال ‪ :‬وجاءت امرأة إىل رسول اهلل ‪ ‬ف َقالَ ْ‬
‫الر َجال ‪ ،‬فإن أصيبوا أجروا ‪،‬‬ ‫وافدة النساء إليك ‪َ ،‬ه َذا اجلهاد كتبه اهلل على ِّ‬
‫وإن قتلوا َكانُوا أحياء ِعْن َد اهلل يرزقون ‪.‬‬
‫ال رسول‬ ‫ك ‪ ،‬قال ‪َ :‬ف َق َ‬ ‫ِ‬
‫هم فما لنا من َذل َ‬ ‫وحَنْ ُن معشر النساء ‪ ،‬نقوم َعلَْي ْ‬
‫« بلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعرتافًا حبقه يعدل‬ ‫اهلل ‪: ‬‬
‫يفعله » ‪.‬‬ ‫ك وقليل منكن من‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫ومِم َّا يدل على عظم حق الزوج ‪ ،‬حديث أيب سعيد َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال‬
‫ال هلا‬ ‫ال ‪ :‬ابنيت هذه أبت أن تتزوج َف َق َ‬ ‫‪ :‬أتى رجل بابنته إىل رسول اهلل ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ت ‪ :‬والَّ ِذي بعثك ال أتزوج حىت ختربين‬ ‫رسول اهلل ‪ « : ‬أطيعي أباك » ‪ .‬ف َقالَ ْ‬
‫ت به‬ ‫ما حق الزوج على زوجته ‪ .‬قال ‪ « :‬حق الزوج على زوجته لو كانَ ْ‬
‫ودما مُثَّ ابتلعته ‪ ،‬ما أدت حقه » ‪.‬‬ ‫صديدا ً‬ ‫ً‬ ‫قرحة فلحستها ‪ ،‬أو تنثر منخراه‬
‫ال النيب ‪ « : ‬ال تنكحوهن إِال‬ ‫ت ‪ :‬والَّ ِذي بعثك باحلق ال أتزوج ً‬
‫أبدا ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫بإذهنن » ‪ .‬رواه البزار وابن حبان يف صحيحه ‪.‬‬
‫ال ‪ « :‬انظري‬ ‫ت عمة حصني بن حمصن وذكرت زوجها للنيب ‪َ ‬ف َق َ‬ ‫وقَالَ ْ‬
‫ت منه ‪ ،‬فإنه جنتك ونارك » ‪ .‬أخرجه النسائي ‪.‬‬ ‫من أين أَنْ َ‬
‫ت َعائِ َشة َر ِض َي اهللُ َعْن َها ‪ :‬يا معشر النساء لو تعلمن حبق أزواجكن‬ ‫وقَالَ ْ‬
‫عليكن جلعلت املرأة منكن متسح الغبار عن قدمي زوجها خبد وجهها ‪.‬‬
‫ال ‪ « : ‬نساؤكم من أ َْهل اجْلَنَّة الودود اليت إذا أوذيت أو آذت أتت‬ ‫َوقَ َ‬
‫غمضا حىت ترضى » ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫زوجها حىت تضع يدها يف كفه َفَت ُقول ال أذوق‬

‫‪299‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اهلل بن عمرو َر ِض َي اهللُ َعْن ُه َما قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪« : ‬‬ ‫وعن عبد ِ‬
‫َْ‬
‫ال ينظر اهلل إىل امرأة ال تشكر زوجها وهي ال تستغين َعْنهُ » ‪.‬‬
‫وجاءَ َعْنهُ ‪ ‬أنه قال ‪ « :‬إذا خرجت املرأة من بيت زوجها لعنتها‬ ‫َ‬
‫املالئكة حىت ترجع أو تتوب » ‪.‬‬
‫اهلل ‪ « : ‬املرأة ال تؤدي حق‬ ‫ول ِ‬
‫وعن زيد بن أرقم قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫زوجها كله ولو سأهلا وهي على ظهر قتب مل متنعه نفسها » ‪ .‬رواه الطرباين‬
‫بإسناد جيد ‪.‬‬
‫وعن ابن عمرو َر ِض َي اهللُ َعْن ُه َما قال ‪ :‬قال رسول ‪ « : ‬اثنان ال جتاوز‬
‫صالهتما رؤوسهما عبد أبق من مواليه حىت يرجع وامرأة عصت زوجها حىت‬
‫ترجع » ‪.‬‬
‫ول ‪ « :‬إن املرأة إذا‬ ‫وعنه َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال ‪ :‬مسعت رسول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫خرجت من بيتها وزوجها كاره َلعْن َها ُك ّل ملك يف السماء وكل َش ْيء مرت‬
‫َعلَْي ِه ‪ ،‬غري اجلن واإلنس ‪ ،‬حىت ترجع » ‪ .‬رواه الطرباين يف األوسط ‪.‬‬
‫وعن طلق بن علي َر ِض َي اهللُ َعْنهُ أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪ « :‬إذا دعا‬
‫ال ‪:‬‬‫ت على التنور » ‪ .‬رواه الرتمذي َوقَ َ‬ ‫الرجل زوجته حلاجته فلتأته وإن كانَ ْ‬
‫حديث حسن والنسائي وابن حبان يف صحيحه ‪.‬‬
‫وعن ابن أيب أوىف َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال ‪ :‬ملا قدم معاذ بن جبل من الشام‬
‫اهلل قدمت‬ ‫ول ِ‬ ‫ال رسول اهلل ‪ « : ‬ما َه َذا » ؟ قال ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫سجد للنيب ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ك بك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشام فوجدهتم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم فأردت أن أفعل َذل َ‬
‫َح ًدا أن يسجد ألحد ألمرت املرأة أن‬ ‫قال ‪ « :‬فال تفعل فإين لو أمرت أ َ‬
‫تسجد لزوجها والَّ ِذي نفسي بيده ال تؤدي املرأة حق رهبا حىت تؤدي حق‬
‫زوجها » ‪ .‬رواه ابن ماجة وابن حبان يف صحيحه ‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َح ًدا أن يسجد ألحد ألمرت املرأة أن تسجد‬ ‫ال ‪ « : ‬لو أمرت أ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫لزوجها من عظم حقه َعلَْي َها وال جتد حالوة ا ِإلميَان حىت تؤدي حق زوجها ولو‬
‫سأهلا نفسها وهي على ظهر قتب » ‪.‬‬
‫اهلل أن تأذن يف بيت زوجها َو ُه َو‬ ‫ال ‪ « : ‬ال حيل المرأة تؤمن بِ ِ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َح ًدا وال تعزل فراشه وال تضربه فإن‬ ‫كاره وال خترج َو ُه َو كاره وال تطيع فيه أ َ‬
‫َكا َن ُه َو أظلم فلتأته حىت ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل اهلل عذرها‬
‫وأفلح ُحجتها وال إمُثَّ َعلَْي َها وإن ُه َو مل يرض ف َق ْد أبلغت ِعْن َد اهلل عُذرها » ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬صحيح اإلسناد ‪.‬‬ ‫رواه احلاكم َوقَ َ‬
‫اللَّ ُه َّم ارزقنا حبك وحب من حيبك وحب الْ َع َمل الَّ ِذي يقربنا إيل حبك‬
‫اللَّ ُه َّم افتح لدعائنا باب القبول واإلجابة وأهلمنا ذكرك وشكرك ووفقنا المتثال‬
‫الد ْنيَا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬ ‫أمرك وآتنا يف ُّ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َول َوال َد ْينَا َومَجِ ي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني ‪َ .‬و َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫إ َذا عُلِ َم ما سبق فالواجب على املرأة أن تطلب رضا زوجها وجتتنب‬
‫سخطه وال متتنع منه مىت أرادها وهي طاهرة وينبغي أن تقدر كأهنا كمملوكة‬
‫للزوج فال تتصرف يف نفسها وال يف ماله إِال بإذنه ‪.‬‬
‫وتقدم حقه على حقها وحقوق أقاربه على حقوق أقارهبا وتَ ُكون مستعدة‬
‫لتمتعه هبا جبَ ِميع أسباب النظافة وال تفتخر َعلَْي ِه وال تتطاول َعلَْي ِه برفع صوهتا‬
‫كما تفعله ضعيفات الدين سخيفات العقول امللسنات الفاهرات الاليت حيمل‬
‫عظيما إذا أراد دخول بيته خوفًا من شرورهن وألسنتهن وما‬ ‫ً‬ ‫أزواجهن مهًا‬
‫أكثرهن يف َه َذا الزمن ‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أيضا دوام احلياء من زوجها وغض طرفها قدامه وال تفعل قدامه‬ ‫وجيب َعلَْي َها ً‬
‫ما يكرهها عنده وال تسمعه ما ينغص َعلَْي ِه عيشه ويكدر خاطره وتطيعه إذا‬
‫أمرها يف غري معصية اهلل ‪.‬‬
‫وتسكت عند كالمه وال تنازعه القول وال تتدخل فيما ال يعنيها لئال‬
‫حيصل فراق وتبتعد عن ُك ّل ما يسخطه وَت ُقوم معه ِعْن َد خروجه ‪.‬‬
‫وتعرض نفسها َعلَْي ِه ِعْن َد النوم وتتجنب خيانته يف غيبته ويف حضوره يف‬
‫فراشه وماله وبيته وتطيب رائحتها ‪.‬‬
‫وتتعاهد فمها بالسواك وباملسك والطيب ودوام الزينة حبضرته وترتكها يف‬
‫غيبته وحترص على ُك ّل ما يسلكها عنده وتكرم أهله وأقاربه وترى القليل ِمْن ُه ْم‬
‫مستقيما يف أعماله وأخالقه ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وه َذا إذا َكا َن‬
‫كثريا َ‬
‫ً‬
‫ولََق ْد أحسن القائل خياطب زوجته ‪:‬‬
‫ُخ ِذي ال َْع ْفَو ِمنِّي تَ ْسَت ِد ِيمي َمَودَّتِي‬
‫ب‬ ‫ين أَ ْغ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ضُ‬ ‫َوال َتْنطقي في َس ْو َرتي ح َ‬
‫ب ِفي َّ‬
‫الص ْد ِر َواألَ َذى‬ ‫ْح َّ‬
‫ت ال ُ‬‫فَِإنِّي َرأَيْ ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫إِ َذا ْ‬
‫ب يَ ْذ َه ُ‬‫ْح ُّ‬
‫اجَت َم َعا لَ ْم َيلَْبث ال ُ‬

‫جدها فيما حيببها إليه ‪،‬‬


‫ومن حقوق الزوج على زوجته أن ال تألو ً‬
‫ت أمساء بنت خارجة الفزاري البنتها ِعْن َد الزفاف ‪ :‬يا بنية إنك خرجت من‬
‫قَالَ ْ‬
‫العش الَّ ِذي درجت فيه فصرت إىل فراش مل تعرفيه وقرين مل تألفيه ‪.‬‬
‫عمادا وكوين‬
‫ً‬ ‫مهادا يكن لك‬
‫أرضا يكن لك مساء وكوين له ً‬ ‫فكوين له ً‬
‫عبدا ال تلحفي فيقالك ( املعين ال تلحي َعلَْي ِه فيبغضك ) وال‬
‫له أمة يكن لك ً‬

‫‪302‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫تباعدي َعْنهُ فينساك إن دنا منك فاقْريب منه واحفظي أنفه ومسعه وعينه فال يشم‬
‫يسم َع إِال حسنًا وال ينظر إِال مجيالً ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫منك إال طيبًا وال َ‬
‫وه َك َذا تَ ُكون املرأة املؤدبة الناجحة يف امتالك قلب زوجها ال كاليت إذ‬
‫أتت لزوجها استقبلته بثياب املطبخ واملالبس الوسخة شهباء الوجه غرباء اجللد‬
‫شعثاء الشعر طويلة اللسان جاحدة اإلحسان كأن زوجها عندها خادم حقري‬
‫مضطر إليها ال تقيم له وزنًا وال تبايل فيه وال هتتم منه ‪.‬‬
‫ومن حقوق زوجها َعلَْي َها أن ترتك له وقتًا يتفرغ فيه لنفسه ولفكره فإن‬
‫عابدا تركت له وقتًا تطمئن فيه َن ْفسهُ إىل عبادة ربه خبشوع وخضوع‬ ‫َكا َن ً‬
‫وحضور وقلب وإن َكا َن عاملا تركت له وقتًا يطالع فيه وي َقَرأَ الكتب أو يؤلف‬
‫ً‬
‫أو يفكر ‪.‬‬
‫العامِل يف قراءته والعابد يف خلوته ال تعدهلا لذة يف‬ ‫فاللذة اليت جيدها َ‬
‫احلياة قال بعض العلماء ‪ ( :‬لو علم امللوك وأبناء امللوك ما حَنْ ُن فيه جلالدون َعلَْي ِه‬
‫بالسيوف ) ‪ .‬وقَ ْد ال تشعر املرأة هبذه اللذة فال تفهم هلا معىن وقَ ْد تتأمل منها‬
‫ك ُمتجنية على زوجها ونفسها َو ُرمَّبَا‬ ‫ِ‬
‫على معىن الكره والبعد َعْن َها وهي يف َذل َ‬
‫جنت على نفسها ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم طهر قلوبنا من النفاق وعملنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا‬
‫من اخليانة اللَّ ُه َّم إننا نسألك إميانًا يباشر قلوبنا ويقينًا صادقًا حىت نعلم أنه ال‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يصيبنا إِال ما كتبت لنا َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَجِ يع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬
‫الرامِحِ ني وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ت املرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه فالزوج أيضاً مأمور‬
‫وإذا كانَ ْ‬

‫‪303‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫باإلحسان إليها واللطف هبا والصرب على ما يبدو منها من سوء خلق وغريه‬
‫وإيصاهلا حقها من النفقة ‪.‬‬
‫وف ﴾ ‪.‬‬ ‫اشروه َّن بِالْمعر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫والكسوة والعشرة اجلميلة لقوله َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬و َع ُ ُ‬
‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫عندكم‬ ‫عوان‬ ‫هن‬ ‫فإمنا‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫خري‬ ‫ولقوله ‪ « : ‬أال واستوصوا بِالنِّس ِ‬
‫اء‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ْ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني بَِفاح َشة ُّمَبِّينَة فإن فعلن فَ ْاه ُج ُر ُ‬
‫وه َّن‬ ‫ك إِالَّ أَن يَأْت َ‬ ‫متلكون منهن َشْيئًا غري َذل َ‬
‫يِف الْمض ِ‬
‫وه َّن ( أي ضربًا غري مربح ) فإن أطعنكم فال تبغوا عليهن‬ ‫اض ِربُ ُ‬
‫اج ِع َو ْ‬ ‫َ َ‬
‫سبيال ‪.‬‬
‫أال إن لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا فحقكم عليهن أن‬
‫ال يوطئن فرشكم من تكرهون وال يأذن يف بيوتكم ملن تكرهون أال وحقهن‬
‫عليكم أن حتسنوا إليهن يف كسوهتن وطعامهن » ‪.‬‬
‫خي ُر ُك ْم َخْيُر ُك ْم أل َْهلِ ِه ‪َ ،‬وأَنَا َخْي ُر ُك ْم أل َْهلِي ما أكرم النساء‬ ‫ال ‪ْ « : ‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫إِال كرمي وال أهاهنن إِال لئيم » ‪.‬‬
‫اهلل ‪ « : ‬أكمل‬ ‫ول ِ‬ ‫وعن أَيِب ُهَر ْيَر ِة َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫املؤمنني إميانًا أحسنهم خل ًقا وخياركم خياركم لنسائهم » ‪.‬‬
‫اهلل ‪ « : ‬إن من أكمل‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫وعن عائشة َر ِض َي اهللُ َعنها قالت ‪ :‬قَ َ‬
‫الْ ُم ْؤ ِمنِني إميانًا أحسنهم خل ًقا وألطفهم بأهله » ‪.‬‬
‫ت ِم ْن ِضلَ ٍع ‪ ،‬فَِإ َّن أقمتها َك َس ْرَت ُها فدارها‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ « : ‬إِ َّن الْ َم ْرأََة ُخل َق ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫تعش هبا » ‪ .‬رواه ابن حبان يف صحيحه ‪.‬‬
‫ِّس ِاء‬ ‫اسَتو ُ ِ‬
‫صوا بالن َ‬
‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه ‪ْ ْ « :‬‬ ‫ويف الصحيحني َع ْن أَيِب ُهَر ْيَر َة قَ َال ‪ :‬قَ َ َ ُ‬
‫الضلَ ِع أ َْعالَهُ ‪ ،‬فَِإ ْن‬
‫ِّ‬ ‫ت ِم ْن ِضلَ ٍع ‪َ ،‬وإِ َّن أ َْعو َج َشي ٍء يِف‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬فَِإ َّن الْ َم ْرأََة ُخل َق ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِّس ِاء » ‪ .‬ويف‬ ‫اسَتو ُ ِ‬
‫صوا بالن َ‬
‫ِ‬
‫يمهُ َك َس ْرتَهُ ‪َ ،‬وإ ْن َتَر ْكتَهُ مَلْ َيَز ْل أ َْع َو َج ‪ ،‬فَ ْ ْ‬
‫ذَهب ِ‬
‫ت تُق ُ‬ ‫َْ َ‬
‫رواية‬

‫‪304‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ملسلِم ‪ « :‬إِ َّن الْمرأََة خلِ َق ْ ِ ِ‬


‫ت‬ ‫ك َعلَى طَ ِري َقة فَِإن ْ‬
‫استَ ْمَت ْع َ‬ ‫يم لَ َ‬
‫ت م ْن ضلَ ٍع لَ ْن تَ ْستَق َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ُْ ٌ‬
‫يم َها َك َس ْرَت َها َو َك ْس ُر َها طَالَ ُق َها » ‪.‬‬ ‫هِب ا استمتعت هِب ا وفيها ِعوج وإِ ْن َذهب ِ‬
‫ت تُق ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ٌَ َ‬ ‫َ َْ َْ ْ َ َ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ‪ « ‬الَ َي ْفَر ْك‬ ‫وعن أَيِب ُهَر ْيَر ِة َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آخَر » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ُم ْؤم ٌن ُم ْؤمنَةً إِ ْن َك ِر َه مْن َها ُخلًُقا َرض َي مْن َها َ‬
‫وه َذا اإلرشاد‬ ‫ِ‬
‫ففي َه َذا احْلَديث إرشاد منه ‪ ‬للزوج يف معاشرة زوجته َ‬
‫من أكرب األسباب والدواعي إىل حسن العشرة واستدامتها ف َق ْد هنى ‪ ‬عن سوء‬
‫العشرة ‪.‬‬
‫ومفهوم احْلَ ِديث احلث على حسن العشرة وأمره ‪ ‬الزوج أن ينظر إىل‬
‫رض َي منها فإنه إذا تأمل بإنصاف‬ ‫احملاسن واملساوئ وجيعل ما كره يف مقابلة ما ِ‬
‫َخالق‬ ‫َخالق اليت يكرهها تبني له يف الغالب أهنا أقل من األ ْ‬ ‫َخالق اجلميلة واأل ْ‬ ‫األ ْ‬
‫الفاضلة بكثري ‪.‬‬
‫احب إنصاف وعدل ورأى رجحان احملاسن على املساوئ‬ ‫فإذا َكا َن ص ِ‬
‫َ‬
‫غض عن املساوئ طرفه الضمحالهلا يف احملاسن ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وامسَ َع ما يلي روي أن رجالً َجاءَ إىل أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني عُ َمر بن اخْلَطَّاب‬
‫َر ِض َي اهللُ َعْنهُ يشكو زوجته من جهة سوء خلقها معه فوقف بباب عمر ينتظر‬
‫فسم َع امرأة عمر تستطيل َعلَْي ِه بلساهنا وختاصمه وعمر ساكت ال يرد‬ ‫خروجه َ‬
‫راجعا قائالً يف َن ْفسهُ ‪ :‬إذا َكا َن َه َذا حال أمري‬ ‫ً‬ ‫َعلَْي َها فقنع الرجل وانصرف‬
‫ِِ‬
‫فخَر َج عمر‬ ‫ف حايل أَنَا َم َع ضعفي ‪َ .‬‬ ‫الْ ُم ْؤمنني َم َع شدته وصالبته وحزمه فَ َكْي َ‬
‫مدبرا موليًا عن بابه ‪.‬‬ ‫قبل أن يبعد الرجل فرأى الرجل ً‬
‫ال ‪ :‬يا أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني‬‫ال له ‪ :‬ما حاجتك يا رجل ؟ َف َق َ‬ ‫فناداه عمر َوقَ َ‬
‫جئت أشكو‬

‫‪305‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك رجعت‬ ‫ِ‬
‫إليك سوء ُخلق زوجيت واستطالتها علي َفلَ َّما مسعت زوجتك َك َذل َ‬
‫ف حايل ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ت ‪ :‬إذا َكا َن َه َذا حال أمري الْ ُم ْؤمنني َم َع زوجته فَ َكْي َ‬ ‫و ُق ْل ُ‬
‫ال عمر ‪ :‬يا أخي إين احتملُها حلقوق هلا علي إهنا طباخة لطعامي‬ ‫َف َق َ‬
‫ك كله بواجب َعلَْي َها ويسكن‬ ‫ِ‬
‫س َذل َ‬
‫خبازة خلبزي غسالة لثيايب ُمرضعة لولدي ولَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ال الرجل ‪ :‬يا أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني و َك َذل َ‬ ‫ك ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫هبا قليب عن احلرام فأنَا أحتملها ل َذل َ‬
‫زوجيت ‪.‬‬
‫قال عمر ‪ :‬فاحتملها يا أخي فإمنا ِه َي مدة يسرية ‪ .‬فَانْظُْر إىل َه َذا‬
‫َخالق اجلميلة واحملاسن وغض عن املساوئ‬ ‫ِِ‬
‫اإلنصاف ألمري الْ ُم ْؤمنني فإنه الحظ األ ْ‬
‫بالكلية وتناساها ‪.‬‬
‫مُثَّ انظر كيف أثرت سريته على َه َذا الرجل الَّ ِذي َجاءَ إليه ليشكو امرأته‬
‫ورجع قانعا راضيا ‪ .‬وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ً َ َ‬ ‫ََ َ َ ً‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يغار َعلَْي َها فال يعرضها للشبهة وال‬
‫السوء والتساهل‬‫يتساهل معها يف ما يؤذي الشرف واملرؤة وال يعرضها أللسنة ُّ‬
‫َخالق ملا جيره من الشقاء هلا ولألسرة‬ ‫ِ‬
‫يف َه َذا قبيح يعد من َس ْف َساف األ ْ‬
‫ولزوجها ‪.‬‬
‫وما زال النَّاس تتأثر مسعتهم وكرامتهم بسلوك الزوجات فمن أغضى عن‬
‫ويسم َع أو أغضى عن بناته أو أخواته أو أي أنثى من قراباته‬ ‫َ‬ ‫زوجته َو ُه َو يرى‬
‫الن ُفوس ومنزلة‬
‫ين هَلُ ْم حرمة وشرف يف ُّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الر َجال الذ َ‬
‫أخَر َج َن ْفسهُ من زمرة ِّ‬
‫ف َق ْد َ‬
‫توسعا فيما مهت به أو‬
‫ً‬ ‫ِعْن َد اهلل على أهنا إذا رأت منه تساحمًا رمبا ازدادت‬
‫دخلت فيه ‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫حرصا على‬
‫ً‬ ‫فاملرأة شديدة التأثر بسلوك زوجها الديين فإن رأت منه‬
‫ك استجابة لعاطفته‬ ‫ِ‬
‫التسرت والعفة والنزاهة والعبادة اقتدت به وبادرت إىل َذل َ‬
‫تشجيعا على اإلمهال واالنفالت من أحكام الدين‬ ‫ً‬ ‫وإرضاء لزوجها وإن رأت منه‬
‫وأدب األسرة مل جتد بُ ًدا آخر األ َْمر من أن تستجيب له وتفعل ما يرضيه ‪.‬‬
‫َه َذا يف الغالب وقل أن جتد من تبتعد َعْنهُ إذا رأته غري مستقيم َو َك ْم‬
‫من زوجات خرجن من بيوت آبائهن عفيفات قانتات يصمن أيام البيض ويقمن‬
‫ك كله بتأثر الزوج‬ ‫ِ‬
‫لصالة الليل فما مكثن غري زمن يسري حىت احنرفن عن َذل َ‬
‫واحنرافه وجهله وتوجيهاته الفاسدة وتعليمه هلا بالقول والْ ِف ْعل نسأل اهلل العافية ‪.‬‬
‫َخالق الفاضلة من أهدر احملاسن‬ ‫وأقل النَّاس إميانًا وتوفي ًقا وأبعدهم عن األ ْ‬
‫ت تربو بكثري على املساوئ ‪.‬‬ ‫ُكلّ َها ولو كانَ ْ‬
‫وجعل املساوئ نصب عينيه َو ُرمَّبَا مددها وبسطها وطوهلا وأحلق هبا غريها‬
‫وكررها وأعادها وفسرها بظنونه السيئة وتأويالته الفاسدة ‪.‬‬
‫وأضاف إليها من الكذب والبهت ما تستغيث منه الفضيلة كما ُه َو الواقع‬
‫ِعْن َد كثري من أ َْهل َه َذا العصر املظلم باملعاصي والفنت واملنكرات والظلم ‪.‬‬
‫وبعض يالحظ احملاسن واملساوئ ويوازن بينهما ويعامل الزوجة مبا يرى‬
‫وه َذا منصف ولكن الكمال يف احلالة األوىل وقَ ْد‬ ‫أنه مقتضى ُك ّل واحد منها َ‬
‫حرمه ولََق ْد أجاد القائل ‪:‬‬

‫‪307‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اء ٍة‬ ‫ٍ‬


‫يس إِ ْح َسا َن ْام ِرئ بِإ َس َ‬
‫ِ ِ‬
‫إ َذا ق َ‬
‫فَأ َْربَى َعَلْي َها فَا ِإل َس َ‬
‫اء ُة ُت ْغَف ُر‬

‫كثرية نذكر بعضها إن‬ ‫وقَ ْد ورد يف فضل املرأة املطاوعة لزوجها أحاديث‬
‫ول ِ‬
‫اهلل‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ت ‪ :‬قَ َ‬ ‫ك ما ورد عن أم سلمة َر ِض َي اهللُ َعْن َها‬ ‫ِ‬
‫قَالَ ْ‬ ‫َشاءَ اهلل من ذَل َ‬
‫» ‪ .‬رواه ابن ماجة‬ ‫‪ « : ‬أميا امرأة ماتت وزوجها َعْن َها راض دخلت اجْلَنَّة‬
‫والرتمذي وحسنه ‪.‬‬
‫اهلل ‪ « : ‬إذا صلت‬ ‫ول ِ‬ ‫وعن أيب هريرة َر ِض َي اهللُ َعْنهُ قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫املرأة مخسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب اجْلَنَّة شاءت‬
‫» ‪ .‬رواه ابن حبان يف صحيحه ‪.‬‬
‫وروي َعْنهُ ‪ ‬أنه قال ‪ « :‬يستغفر للمرأة املطيعة لزوجها الطري يف اهلواء‬
‫واحليتان يف املاء واملالئكة يف السماء والشمس والقمر ما دامت يف رضا زوجها‬
‫‪.‬‬
‫فعلَْي َها لعنة اهلل واملالئكة َوالنَّاس أمجعني وأميا‬ ‫« وأميا امرأة عصت زوجها َ‬
‫امرأة كلحت يف وجه زوجها فهي يف سخط اهلل إىل أن تضاحكه وتسرتضيه‬
‫وأميا امرأة خرجت من دارها بغري إذن زوجها لعنتها املالئكة حىت ترجع » ‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬املراد بطاعة املرأة لزوجها إمنا ِه َي يف حدود الشريعة قال ‪« : ‬‬
‫ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق » ‪ .‬فلو أمرها زوجها مبعصية كإتياهنا يف الدبر‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أو يف احمليض فال جيوز هلا املوافقة وحيرم َعلَْي َها ذَل َ‬
‫و َك َذا لو أمرها برتك صيام رمضان أو حج البيت أو أمرها برتك َّ‬
‫الز َكاة‬ ‫َ‬
‫فال‬

‫‪308‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك ويف مثل هذه األمور يفهمها املوفق ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫جيوز هلا طاعته َو َك َذا لو أراد مجاعها وهي حائض حرم َعلَْي َها طاعته يف َذل َ‬
‫اجتِ َم ِ‬ ‫فَما بع َد الْمن ِ ِ‬ ‫لِ ُك ِّل َتَفُّر ِق ُّ‬
‫اع‬ ‫ون من ْ‬ ‫َ َْ َُ‬ ‫اجتِ َم ُ‬
‫اع‬ ‫الدْنَيا ْ‬
‫ث لِلَْو َد ِ‬
‫اع‬ ‫َو ُش ْغ ٌل ال يُِلبِّ ُ‬ ‫وى َشطُو ٌن‬ ‫ِ‬
‫فَرا ُق فَاص ٌل َونَ ً‬
‫ِ‬
‫ال إِلَى انِْقطَ ِ‬
‫اع‬ ‫ال الْ ِو َ‬
‫صُ‬ ‫َوإِ ْن طَ َ‬ ‫َو ُك ُّل أُ ُخَّوٍة ال بُ َّد َي ْو ًما‬
‫يل ِم َن ال َْمَت ِ‬
‫اع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ َما يُ ْجدي الَْقل ُ‬ ‫يل‬ ‫اع ِذي ُّ ِ‬
‫الدْنَيا قَل ٌ‬ ‫َوإِ َّن َمَت َ‬
‫اللَّ ُه َّم نور قلوبنا بنور ا ِإلميَان وثبتها على قولك الثابت يف احلياة ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫اج َع ْلنَا هداة مهتدين وتوفنا مسلمني وأحلقنا بعبادك الصاحلني يا‬ ‫ويف اآلخرة َو ْ‬
‫ص ْحبِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫أكرم األكرمني ويا أَرحم َّ مِحِ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬
‫ني َو َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬
‫أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫صٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫اك َومَجِ يع املسلمني أنه يقع مشاكل كثرية بني الزوجني‬ ‫اعلم وفقنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫للتنبيه َعلَْي َها لِتُ ْجتَب من أسباب املشاكل العائلية سوء خلق أحد الزوجني وكونه‬
‫سهوا فكم ثارت يف‬ ‫ت خارجة ً‬ ‫يثور ألدين سبب ويغضب ألقل كلمة ولو كانَ ْ‬
‫البيوت مشاكل من أسباب ضيق الصدر وسوء اخللق ‪.‬‬
‫َو َك ْم اهنارت بيوت فتفرقوا من أجل ضيق الصدر واحلمق من الزوج أو‬
‫الزوجة والغالب أن الزوج أكثر جتنيًا من الزوجة فاملرأة تتحمل من الزوج غالبًا‬
‫أكثر مِم َّا يتحمل زوجها منها لغروره َه َذا يف الزمن األول أما اآلن فالنساء‬
‫الر َجال‬
‫أكثرهن على العكس ألن املرأة يف زمننا صار هلا الكالم وسيطرت على ِّ‬
‫يف الغالب بأسباب خمالطة األجانب ألهنم خيضعون هلن ويقدموهنن يف ُك ّل َش ْيء‬
‫أبدا ‪.‬‬
‫وال خيرجون عن رأيهن َ‬
‫ومن أسباب املشاكل العائلية سوء الظن من أحدمها وغضبه قبل التذكر‬
‫ت فيقع النزاع َو ُرمَّبَا حصل فراق مُثَّ تبني األ َْمر خالف الظن ‪.‬‬ ‫والتثَبِّ ْ‬

‫‪309‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ومن أسباب املشاكل العائلية تدخل الزوج يف الشئون البيتية أكثر مِم َّا‬
‫تدعو احلاجة أو الضرورة إليه َو َك ْم من رجل فارغ من الْ َع َمل يقف َم َع زوجته‬
‫وه َذا‬
‫يف املطبخ ويعرتض اعرتاضات تافهة واقرتاحات يريد هبا التحدي والتعجيز َ‬
‫تضيق زوجته بفضوله فما تلبث أن تنفجر وتثور ويقع اخلصام واللجاج ‪.‬‬
‫ومن أسباب املشاكل سوء فهم ُك ّل من الزوجني لطباع اآلخر ف َق ْد يكون‬
‫الزوج حاد املزاج شديد اإلحساس يتأثر ألقل األَ ْشيَ ِاء اليت يراها خمالفة لذوقه فال‬
‫تراعي زوجته فيه َه َذا فمثالً ترتكه َو ُه َو يوجه إليها الكالم ومتزح واملقام يقتضي‬
‫ضبَان ويتكلم بالكلمة ‪.‬‬
‫اجلد وتضحك َو ُه َو َغ ْ‬
‫فتقابله بعشرين كلمة فقل أن تطول املدة قبل االنفجار وقَ ْد جيربها على‬
‫ما تكره لبسه أو يسكنها مبا ال يصلح ملثلها فما تلبث الزوجة أن حتس بضيق‬
‫الصدر واالنقباض مُثَّ ينقلب االنقباض إىل تربم مُثَّ يؤدي إيل الشقاق ألقل سبب‬
‫اهلل بقص رأسها أو على أن حتضر ِعْن َد املالهي ‪.‬‬ ‫ورمَّبَا أمرها والعياذ بِ ِ‬
‫َُ‬
‫ومن األسباب التدخل فيما ال يعين إما منها أو منه وأكثر املشاكل تقع‬
‫من َه َذا السبب وهلََذا يف احْلَ ِديث « من حسن إسالم املرء تركه ما يعنيه » ‪.‬‬
‫رضى صحيح وقبول وانقياد ِعْن َد‬ ‫ومن األسباب عدم رضا أحدمها باآلخر ً‬
‫زمن يسري مُثَّ يقع اخلصام‬ ‫ِ‬
‫فه َذا ال يلبث إال ٌ‬
‫ع َق ْد النكاح بل إكراه أو جماملة َ‬
‫والفراق والدعاوي واملطالبات ‪.‬‬
‫ومن األسباب تدخل أحد األبوين بني الزوج والزوجة فتقع املشاكل‬

‫‪310‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك السبب ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫بينهما ويطول النزاع وقَ ْد تقع الفرقة من َذل َ‬
‫ومن األسباب خروج املرأة من بيتها من غري إذن زوجها وقَ ْد كثر َه َذا‬
‫يف زمننا بسبب خمالطة األجانب أبعدهم اهلل عنا ‪.‬‬
‫ين ليسوا حمارم هلا وهلََذا‬ ‫َّ ِ‬
‫ومن األسباب خلو الزوجة َم َع أقارب الزوج الذ َ‬
‫احلمو املوت » ‪.‬‬
‫قال ‪ُ « : ‬‬
‫ومن األسباب إذا َكا َن له زوجتان فأكثر ميله إىل إحدى الزوجات فتجد‬
‫بعض من عنده أكثر من زوجة حيرص على أن جيعل مواعيد الدعوة لطعام أو‬
‫غريه يف ليلة اليت يكرهها أو أقل حمبة من األخرى ويأيت يف ليلة اليت حيبها من‬
‫ضهم يأيت راجحة‬ ‫وب ْع ْ‬
‫حني يصلي العشاء إن َكا َن ممن يشهدون صالة اجلماعة ‪َ ،‬‬
‫احملبة يف ليلة املرجوحة بغري رضاها والعياذ بِ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫وأما العادل فينظر إىل الساعة ويضع قرعة للدعوة فأيتهن خرجت يف‬
‫ك ‪ ،‬هذه ِه َي معظم ما حيصل به املشاكل بني الزوجني فينبغي‬ ‫ِ‬
‫ليلتها عمل ب َذل َ‬
‫دائما ليتجنبها وإذا َكا َن الرجل أكمل‬ ‫لإلنسان أن يالحظها وجيعلها علي باله ً‬
‫وعلَْي َها‬ ‫عقالً منها ِ‬
‫فعلَْيه أن يدمح الزاالت البسيطة لتدوم العشرة وتسود احملبة َ‬ ‫َ‬
‫أيضا أن حترص ُك ّل احلرص على طاعته يف غري معصية اهلل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ه َي ً‬
‫ِش ْعًرا ‪:‬‬
‫وَتهوى أَ ْن تَ ُكو َن لَه مس ِ‬
‫اع ْد‬ ‫َرفَ َع اإللهُ َم َكا َن َش ْخ ٍ‬
‫ص‬ ‫إِ َذا‬
‫ُ َُ‬ ‫َ َْ‬
‫ت َوإِ ْن َتَب َ‬
‫اع ْد‬ ‫يُنِيلُ َ‬
‫ك إِ ْن َدَن ْو َ‬ ‫َم َكا َن ُرْتَبتِ ِه تَ ِج ْد ُه‬ ‫أَنِلْهُ‬
‫اع ْد‬ ‫تَ ُك ْن َر ُجالً َع ِن ال ُ‬
‫ْح ْسَنى َتَق َ‬ ‫َت ُق ِل الَّ ِذي تَ ْد ِر ِيه ِف ِيه‬ ‫َوال‬
‫اع ْد‬ ‫وس ِ‬
‫اهلل َس َ‬ ‫َولَ ِك ْن لِل َْع ُر ِ‬ ‫س أَْب َهى ِم ْن‬ ‫فَ َك ْم ِفي ال ُْع ْر ِ‬
‫ص َار ُم ْح ِدقَا‬
‫ِّسا َ‬ ‫ِ‬
‫َوتُوقَى َع َذابًا بالن َ‬ ‫اد ًة‬
‫ت َس َع َ‬ ‫وس غََوانِي َم ْن أ ََر َاد ْ‬ ‫َالر يَاٍ‬
‫آخر‪ :‬أَعُ‬

‫‪311‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أ َْه ُل النَّا ِر ُه ْم َحِقي َق ًة‬ ‫فَأَ ْكَث ُر‬


‫ص َّدقَا‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫َر َوْيَنا َحديثًا فيه ص ْدقًا ُم َ‬
‫دل اللَّ ْهَو بِالْبُ َكا‬ ‫التََّب ِاهي ُتْب ُ‬ ‫ُتَََُخِّلي‬
‫التَقى‬‫الز ْه ِد َو ُّ‬ ‫ْج ْه ِد بِ ُّ‬
‫َوَتْب ُذ ُل ُك َّل ال ُ‬
‫شونًَة‬‫اض َع ْن لِي ٍن ُخ ُ‬ ‫َوَت ْعَت ُ‬
‫ضَر ُمو ِرقَا‬ ‫س ِفي الدِّي ِن أَ ْخ َ‬ ‫َو َع ْن يَابِ ٍ‬
‫يت َقَواتًِنا‬ ‫َر َعى اهللُ نِ ْسَونًا تَِب ُ‬
‫ف ُم ْح ِرقَا‬ ‫ويصبِح ِمْنها الَْقلْب بِالْ َخو ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ْ ُ َ‬
‫صَوائِ ًما‬ ‫ص ِ‬ ‫تَ ِظ ُّل َعن الْمر َعى الْ َخ ِ‬
‫يب َ‬ ‫ْ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْصَقا‬‫ين الَْبطْ ِن بِالظَّْه ِر ُمل َ‬ ‫َويُ ْمسي َسم ُ‬
‫اصالً‬ ‫َترى بين َعي ٍن و ُّ ِ‬
‫الس َهاد َتَو ً‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬
‫َوَبْي َن الْ َكَرى َوال َْعْي ِن ِمْن َها َتَفُّرقَا‬
‫َوَبْي َن ِم َع ٍاء َوال ِْغ َذ ِاء َتَقاطًُعا‬
‫الث ْغ ِر ُملَْتَقى‬ ‫ك َو َّ‬ ‫وف ال ِْمس ِ‬ ‫وبين ُخلُ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َْ َ‬
‫ات مص ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫احًفا‬ ‫َتَرى نَاحالت قَا ِرئَ َ َ‬
‫الد ِّر ِفي الَْو ْر ِد ُم ْش ِرقَا‬ ‫َولُْؤلُُؤ بَ ْح ِر ُّ‬
‫وس َم ْن‬ ‫ات ُك ُّل ُنُف ِ‬ ‫فَ َدْت َها ِمن اآلفَ ِ‬
‫ف غَ ْربًا َو َم ْش ِرقَا‬ ‫صِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يُ َخالُف َها في الَْو ْ‬
‫ك نَا ِز ٌل‬ ‫ت ال َش َّ‬ ‫َخِل ِيلي إِ َّن ال َْم ْو َ‬
‫ال ُمَفِّرقَا‬ ‫َوَبْي َن األ َِحبَّا ال َيَز ُ‬

‫‪312‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يم َها‬ ‫فَج َّدا لِ َدا ٍر ال يز ُ ِ‬


‫ول نَع ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫ْك َوالَْبَقا‬ ‫ات َوال ُْمل ُ‬‫ْح ْس ُن َواللَّ َذ ُ‬ ‫بَِها ال ُ‬
‫اعم ٍ‬
‫ات ُمَن َّع ٌم‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫َولُْقَيا ح َسان نَ َ‬
‫ك َم ْن لََقا‬ ‫بِِه َّن َس ِعي ٌد َس ْع َد َذلِ َ‬
‫ت ِفي ِخَي ِام َها‬ ‫ب أَْتر ٍ‬
‫اب َز َه ْ‬ ‫ِ‬
‫َكَواع َ َ‬
‫ط َما َم َّس َها َشَقا‬ ‫بِ ِظ ٍّل نَِع ٍيم قَ ُّ‬
‫وت َوَبْيض َن َع َام ٍة‬ ‫َك ُد ٍّر وياقُ ٍ‬
‫ََ‬
‫ْح ْس ُن َر ْوَنَقا‬
‫ُّور َوال ُ‬
‫َك َش َاها الَْب َها َوالن ُ‬
‫ُتغَنِّي بِما لَم تَسمع الْ َخل ُ ِ‬
‫ْق مْثَلهُ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫يما ُم َشَّوقَا‬ ‫ِ‬
‫ص ْوتًا َرخ ً‬
‫ت َ‬ ‫َوقَ ْد َحَّبَر ْ‬
‫ط َما‬ ‫ات َفَق ُّ‬‫اه َّن نَ ْح ُن الْ َخالِ َد ُ‬ ‫ِ‬
‫غَن ُ‬
‫ات فَال َشَقا‬ ‫نَبِي ُد ونَحن الن ِ‬
‫َّاع َم ُ‬ ‫َ ُْ‬
‫ات بَِنا ال ُْمَنى‬ ‫الر ِ‬
‫اضَي ُ‬ ‫ط َو َّ‬
‫َوال َس َخ ٌ‬
‫فَطُوبَى لِ َم ْن ُكنَّا لَهُ ِم ْن أُولِي ُّ‬
‫التَقى‬
‫َواهللُ أ َْعلَ ُم وصلى اهلل على حُمَ َّمد وآله وسلم ‪.‬‬
‫صٌل‬
‫َف ْ‬
‫ض أَْحوالِ َيْوِم القَِيامَِة )‬
‫( في ذِْكِر بَْع ِ‬
‫( والرَِّّد َعَلى مَْن َأَنَْكرَ َيْوَم القَِيامَِة )‬
‫عباد اهلل قَ ْد سبق ذكر املوت وأحوال امليت يف سكراته وفتنة القرب‬
‫وسؤال ُمنكر ونكري وعذاب القرب ونعيمه وخطر من َكا َن مسخوطًا َعلَْي ِه وأعظم‬
‫ك األخطار اليت بني يديه من نفخ الصور والبعث والنشور والعرض على‬ ‫ِ‬
‫من َذل َ‬
‫اجلبار والسؤال عن الدقيق واجلليل ونصب امليزان ملعرفة املقادير ‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ض ِاء إما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مُثَّ جواز الصراط َم َع دقته وحدته مُثَّ انتظار النداء عْن َد فصل ال َق َ‬
‫باإلسعاد وإما باألشقاء فهذه أحوال وأهوال ال بد من معرفتها مُثَّ ا ِإلميَان هبا‬
‫ك الَْي ْوم الَّ ِذي مقداره مخسون‬ ‫ِ‬
‫على سبيل اجلزم والتصديق مُثَّ تطويل الفكر يف َذل َ‬
‫ألف سنة ‪.‬‬
‫جيم َع اهلل فيه األولني واآلخرين يف صعيد‬ ‫ِ‬
‫كما َجاءَ يف اْلكتَاب والسنة َ‬
‫وينفذهم البصر ال يغيب منهم أحد وتدنو ِمْن ُه ْم الشمس‬ ‫ُ‬ ‫واحد يُسمعهم الداعي‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ض َع ْ‬ ‫ويُلجمهم العرق َه َذا الَْي ْوم ُه َو الَْي ْوم الَّذي تَ ْذ َه ُل يف ُك ُّل ُم ْر ِض َعة َع َّما أ َْر َ‬
‫َّاس ُس َك َارى َو َما ُهم بِ ُس َك َارى َولَ ِك َّن‬ ‫ِ‬
‫ض ُع ُك ُّل َذات مَح ْ ٍل مَح ْلَ َها َوَتَرى الن َ‬‫َوتَ َ‬
‫اب اللَّ ِه َش ِدي ٌد ‪.‬‬
‫َع َذ َ‬
‫ك الَْي ْوم يبلغ األ َْمر من احلرية والدهشة واالضطراب والذهول أن‬ ‫ِ‬
‫يف َذل َ‬
‫ف‬ ‫َّ ِ‬
‫فمهُ يف ثديها َو ُه َو أعز َش ْيء لديها فَ َكْي َ‬ ‫تذهل املرضعة عن ولدها الذي ُ‬
‫بالذهول عما سواه وتسقط احلوامل من الفزع والرعب والروع ما يف بطوهنا من‬
‫َّاس كأهنم ُس َك َارى من شدة الروع والفزع واخلوف‬ ‫األجنة قبل التمام َوَتَرى الن َ‬
‫الَّ ِذي صري من رآهم يشبههم بالسكارى لذهاب عقوهلم من شدة اخلوف كما‬
‫الر ِادفَةُ ﴾‬ ‫الر ِاج َفةُ َتْتَبعُ َها َّ‬
‫ف َّ‬ ‫يذهب عقل السكران من الشراب ﴿ َي ْو َم َت ْر ُج ُ‬
‫كالس ِفينَة يف البحر ِعْن َد اضطراب األمواج تكفأ بأهلها ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫تَ ُكون األرض‬
‫فيميد النَّاس على ظهرها ويتساقطون من شدة األ َْمر وبلوغه أقصى الغايات‬
‫ت‬‫وهل َذا أذهل العقول وأذهب التمييز والفكر والصحو إنه يوم القيامة ﴿إِذَا ُزلْ ِزلَ ِ‬
‫َ‬
‫ت األرض أَْث َقاهَلَا ﴾ ‪.‬‬ ‫األرض ِزلْزاهَل ا * وأَخرج ِ‬
‫َ َ َ َْ َ‬

‫‪314‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫إهنا هلزة عنيفة لل ُقلُوب الغافلة حيث ترجف األرض الثابتة ارجتافًا وتزلزل‬
‫زلزاال وتنفض ما يف جوفها وختََر َج ما يثقلها من أجساد ونقود وغريها مِم َّا محلته‬
‫يهز ُك ّل َش ْيء ثابت واألرض هتتز والسماء متور ‪.‬‬ ‫طويالً َو ُه َو مشهد ُ‬
‫إنه ملشهد جمرد تصوره ‪ ،‬خيلع ال ُقلُوب يري ا ِإلنْ َسان ما ال يعهد ويواجه‬
‫ال‬
‫ما ال يدرك ويشهد ما ال ميلك الصرب أمامه وال السكوت َعْنهُ ﴿ َوقَ َ‬
‫ِ‬
‫رجا ‪.‬‬‫نسا ُن َما هَلَا ﴾ ما الَّذي يزلزهلا ه َك َذا ويرجها ً‬ ‫ِ‬
‫اإْل َ‬
‫وكأنه من شدة ما نزل يتمايل علي ظهر األرض ويتشبث وحياول أن‬
‫شديدا قَ ْد امتأل من‬ ‫ً‬ ‫مورا‬
‫ت ألن ُك ّل ما حوله ميور ً‬ ‫بش ْيء لعله يثَبِّ ْ‬ ‫ميسك َ‬
‫الرعب والفزع والدهشة والعجب ‪.‬‬
‫يرى اجلبال وهي تسري وإذا اجلبال سريت ‪ ،‬هذه اجلبال وقَ ْد نسفت‬
‫ت َهبَاء ُّمنبَثّاً ﴾ ﴿‬ ‫ال بَ ّساً * فَ َكانَ ْ‬ ‫ت اجْلِبَ ُ‬‫وبست وراءها ذرات يف اهلواء ﴿وب َّس ِ‬
‫َُ‬
‫ت‬ ‫نس ُف َها َريِّب نَ ْسفاً ﴾ ﴿ َو ُسِّيَر ِت اجْلِبَ ُ‬
‫ال فَ َكانَ ْ‬
‫ك ع ِن اجْلِب ِال َف ُقل ي ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َويَ ْسأَلُونَ َ َ‬
‫َسَراباً ﴾‬
‫هذه تصرح وتشري إيل حدث َع ِظيم تتزلزل منه اجلبال وتذهب هباء‬
‫يتالشى ثباهتا ورسوخها واستقرارها ومتاسكها وا ِإلنْ َسان ينظر وال يكاد يلتقط‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫وب لَ َدى احْلَنَاج ِر َكاظم َ‬ ‫أنفاسه ﴿ إِذ الْ ُقلُ ُ‬
‫هنا يشاهد ويواجه احلشر واحلساب والوزن واجلزاء ويقف جربيل َعلَْي ِه‬
‫ص ّفاً‬ ‫ِ‬
‫وح َوالْ َماَل ئ َكةُ َ‬ ‫الر ُ‬‫وم ُّ‬ ‫السالم واملالئكة ص ًفا بني يدي الرمحن ﴿ َي ْو َم َي ُق ُ‬ ‫َّ‬
‫ص ّفاً اَّل َيتَ َكلَّ ُمو َن إِاَّل َم ْن أ َِذ َن‬ ‫ِ‬
‫وح َوالْ َماَل ئ َكةُ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫وم ُّ‬ ‫بني يدي الرمحن ﴿ َي ْو َم َي ُق ُ‬
‫ِ‬
‫ك َي ْو ٌم جَّمْ ُموعٌ لَّهُ‬ ‫ص َواباً ﴾ َذل َ‬ ‫ال َ‬ ‫لَهُ الرمْح َ ُن َوقَ َ‬

‫‪315‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫س إِالَّ بِِإ ْذنِِه ﴾ ‪َ ﴿ ،‬و َجاء‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ود * َي ْو َم يَأْت الَ تَ َكل ُم َن ْف ٌ‬ ‫ك َي ْو ٌم َّم ْش ُه ٌ‬ ‫َّاس َو َذل َ‬
‫الن ُ‬
‫ص ّفاً ﴾ ‪.‬‬ ‫ص ّفاً َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َوالْ َملَ ُ‬ ‫َربُّ َ‬
‫وموقف هؤالء املقربني خاشعني خاضعني لعظمة اهلل ‪َ ﴿ ،‬و َخ َش َعت‬
‫وم َوقَ ْد‬ ‫ت الْوجوه لِْلحي الْ َقيُّ ِ‬ ‫اأْل َصوات لِلرَّمْح ِن فَاَل تَسمع إِاَّل مَهْساً ﴾ ‪ ﴿ ،‬وعنَ ِ‬
‫ُ ُ ُ َ ِّ‬ ‫ََ‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫اب َم ْن مَحَ َل ظُْلماً ﴾ ‪.‬‬ ‫َخ َ‬
‫موقفهم ه َك َذا صامتني ال يتكلمون إِال بإذن من الرمحن يلقي يف النفس‬
‫الع ِظيم الَّ ِذي ينكشف فيه ُك ّل مستور‬ ‫ك الَْي ْوم َ‬
‫ِ‬
‫الرهبة والرعب والفزع من َذل َ‬
‫ويعلم فيه ُك ّل جمهول ‪.‬‬
‫والز َاد يف موقف الفصل‬ ‫وتقف فيه النفس أمام ما أحضرت من الرصيد َ‬
‫ت ﴾ ﴿ َي ْو َم جَتِ ُد ُك ُّل‬ ‫ك َتْبلُو ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫ِ‬
‫َسلَ َف ْ‬‫س َّما أ ْ‬ ‫﴿ ُهنَال َ‬ ‫واحلساب‬
‫َن َبْيَن َها َو َبْينَهُ‬ ‫ت ِمن ُس َو ٍء َت َو ُّد لَ ْو أ َّ‬ ‫ضراً َو َما َع ِملَ ْ‬‫ت م ْن خَرْيٍ حُّمْ َ‬
‫س َّما ع ِملَ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫نَ ْف ٍ‬
‫ت يَ َداهُ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬ي ْو َمئِ ٍذ يُ َوفِّي ِه ُم‬ ‫َّم ْ‬
‫أ ََمداً بَعيداً ﴾ ‪َ ﴿،‬ي ْو َم يَنظُُر الْ َم ْرءُ َما قَد َ‬
‫ِ‬
‫اللَّهُ ِد َين ُه ُم احْلَ َّق ﴾ ‪.‬‬
‫الع ِظيم الشامل للمعهودات السماوات واألرض‬ ‫ِ‬
‫ك الَْي ْوم يكون التغري َ‬ ‫يف َذل َ‬
‫الشمس ُمكورة والنجوم منكدرة والسماء ُمنشقة والوحوش النافرة حمشورة‬
‫ف الْ َق َم ُر * َومُجِ َع‬ ‫ص ُر * َو َخ َس َ‬ ‫واألنعام والطيور والعشار ُمعطلة ‪ ﴿ .‬فَِإ َذا بَِر َق الْبَ َ‬
‫ت *‬ ‫الس َماء ان َفطََر ْ‬ ‫نسا ُن َي ْو َمئِ ٍذ أَيْ َن الْ َم َفُّر ﴾ ﴿ إِ َذا َّ‬ ‫َّمس َوالْ َق َمر * َي ُق ُ ِ‬
‫ول اإْل َ‬ ‫ُ‬ ‫الش ْ ُ‬
‫الس َماء بِالْغَ َم ِام‬ ‫ِ‬
‫َّق َّ‬ ‫ت * َوإِذَا الْبِ َح ُار فُ ِّجَرت ﴾ ﴿ َو َي ْو َم تَ َشق ُ‬ ‫ب انتََثَر ْ‬ ‫ِ‬
‫َوإذَا الْ َك َواك ُ‬
‫ان ﴾ ‪.‬‬ ‫ت ورد ًة َكالدِّه ِ‬
‫َ‬ ‫الس َماء فَ َكانَ ْ َ ْ َ‬ ‫َّت َّ‬ ‫َونُِّز َل الْ َماَل ئِ َكةُ تَن ِزيالً ﴾ ﴿ فَِإ َذا َ‬
‫انشق ِ‬
‫هذه اآليات وأمثاهلا تشري إىل ذلك احلادث اهلائل يف الكون كله وال يعلم‬
‫ف‬ ‫ٌ ِ‬ ‫حقيقته إِال اهلل إنه‬
‫ترجف األرض منه وختاف وتنهار فَ َكْي َ‬ ‫حادث َعظيم ُ‬

‫‪316‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ف‬ ‫َّ ِ‬
‫خلعا ﴿ فَ َكْي َ‬ ‫وهبم ً‬ ‫هزا وختلع ُقلُ ْ‬ ‫ين هتزهم الصواعق ً‬ ‫باخللق الضعاف املهازيل الذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َتَّت ُقو َن إِن َك َف ْرمُتْ َي ْوماً جَيْ َع ُل الْ ِولْ َدا َن ِشيباً * َّ‬
‫ف‬‫الس َماء ُمن َفطٌر بِه ﴾ ﴿ َي ْو َم َت ْر ُج ُ‬
‫ال َكثِيباً َّم ِهيالً ﴾‬ ‫ت اجْلِبَ ُ‬ ‫ال و َكانَ ِ‬ ‫ِ‬
‫األرض َواجْل بَ ُ َ‬
‫ويف وسط َه َذا الرعب واخلوف والقلق والفزع والذهول واالنقالب يتساءل‬
‫ِ‬
‫ك يف سؤاله وكأمنا ينظر يف ُك ّل اجتاه فإذا‬ ‫ا ِإلنْ َسان املذعور أين املفر ويدو َذل َ‬
‫ُه َو مسدود دونه مأخوذ َعلَْي ِه وال ملجأ وال حميص وال منفذ وال وقاية من قهر‬
‫ك‬‫اهلل وأخذه ‪ ،‬والرجعة إليه واملصري واملستقر عنده ﴿ َكاَّل اَل َو َز َر * إِىَل َربِّ َ‬
‫استَطَ ْعتُ ْم أَن تَن ُف ُذوا ِم ْن أَقْطَا ِر‬ ‫يومئِ ٍذ الْمسَت َقُّر ﴾ ﴿ يا مع َشر اجْلِ ِّن واإْلِ ِ ِ‬
‫نس إِن ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ َ‬
‫ات َواألرض فَان ُف ُذوا ﴾ ‪.‬‬ ‫السماو ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫ففي َه َذا املوقف الرهيب يتبني عجز اخلالئق وضعفهم وكمال سلطان اهلل‬
‫ين ﴾ إِنَّ ُكم يف‬ ‫مِب ِ‬ ‫ٍ‬
‫وع ُدو َن آلت َو َما أَنتُم ُْعج ِز َ‬ ‫وقدرته ونفوذ مشيئته ﴿ إِ َّن َما تُ َ‬
‫اصيَتِ َها ﴾ ‪ ،‬إنه ليوم عصيب وموقف‬ ‫آخ ٌذ بِنَ ِ‬ ‫َقبضةً اهلل ﴿ َّما ِمن دآبٍَّة إِالَّ هو ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ات َواألرض إِاَّل آيِت الرَّمْح َ ِن َعْبداً * لََق ْد‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬
‫رهيب ﴿ إن ُك ُّل َمن يِف َّ َ َ‬
‫َف ْرداً ﴾ ‪.‬‬ ‫َّه ْم َع ّداً * َو ُكلُّ ُه ْم آتِ ِيه َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة‬
‫اه ْم َو َعد ُ‬‫صُ‬‫َح َ‬ ‫أْ‬
‫فال جمال هلرب أحد وال نسيان ألحد فعني اهلل على ُك ّل فرد وكل فرد‬
‫وحيدا ال يأنس بأحد فإذا ُه َو فريد وحي ٌد أمام الديان ‪َ ﴿ .‬ي ْو َم تَأْيِت ُك ُّل‬ ‫ً‬ ‫يقوم‬
‫احبَتِ ِه‬
‫َخ ِيه * وأ ُِّم ِه وأَبِ ِيه * وص ِ‬ ‫س جُت ِاد ُل عن نَّ ْف ِسها ﴾ ﴿ يوم ي ِفُّر الْمرء ِمن أ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َن ْف ٍ َ‬
‫َوبَنِ ِيه * لِ ُك ِّل ْام ِر ٍئ ِّمْن ُه ْم َي ْو َمئِ ٍذ َشأْ ٌن يُ ْغنِ ِيه ﴾‬
‫مشهد املرء يفر وينسلخ ويهرب من أقرب النَّاس إليه وألصقهم به أولئك‬
‫ين تربطهم به وشائج وروابط ال تنفصم ولكن الصاخة والطامة مُت َّزق‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬

‫‪317‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اب َبْيَن ُه ْم َي ْو َمئِ ٍذ َواَل‬ ‫َنس َ‬


‫هذه الروابط وتقطع الوشائج والصالت ﴿ فَاَل أ َ‬
‫َيتَ َساءلُو َن ﴾ ‪.‬‬
‫استبدادا‬
‫ً‬ ‫فاهلول يفزع النفس ويقلقها ويفصلها من حميطها ويستبد هبا‬
‫فلكل نَ ْفسهُ وشأنه ولديه الكفاية من اهلم اخْلَاص به الَّ ِذي ال يدع له فضلة من‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وب لَ َدى‬ ‫وعي أو جهد ﴿ ل ُك ِّل ْام ِرئ ِّمْن ُه ْم َي ْو َمئذ َشأْ ٌن يُ ْغنيه ﴾ ﴿ إِذ الْ ُقلُ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾‬ ‫احْلَنَاج ِر َكاظم َ‬
‫الاله َون‬ ‫ِ‬
‫فها ه َي ذي الساعة اليت يغفل َعْن َها الغافلون ويلهوا َعْن َها ْ‬
‫ين َآمنُوا‬ ‫هِب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِب َّ ِ‬ ‫ِ هِب‬
‫ين اَل يُ ْؤمنُو َن َا َوالذ َ‬ ‫َويَ ْسَت ْعج ُل َا املستعجلون ﴿ يَ ْسَت ْعج ُل َا الذ َ‬
‫س الْ ُم ْج ِر ُمو َن *‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعةُ يُْبل ُ‬ ‫الس َ‬‫وم َّ‬ ‫ُم ْشف ُقو َن مْن َها َو َي ْعلَ ُمو َن أَن ََّها احْلَ ُّق ﴾ ﴿ َو َي ْو َم َت ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وم‬
‫ين * َو َي ْو َم َت ُق ُ‬ ‫َومَلْ يَ ُكن هَّلُم ِّمن ُشَر َكائه ْم ُش َف َعاء َو َكانُوا ب ُشَر َكائه ْم َكاف ِر َ‬
‫ض ٍة‬ ‫الساعةُ يومئِ ٍذ يَت َفَّرقُو َن * فَأ ََّما الَّ ِذين آمنُوا وع ِملُوا َّ حِل ِ‬
‫الصا َات َف ُه ْم يِف َر ْو َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َّ َ َ ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اب‬ ‫ك يِف الْع َذ ِ‬
‫َ‬ ‫ين َك َف ُروا َو َك َّذبُوا بِآيَاتِنَا َول َقاء اآْل ِخَر ِة فَأ ُْولَئِ َ‬ ‫حُيَْب ُرو َن * َوأ ََّما الذ َ‬
‫ض ُرو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫حُمْ َ‬
‫رجاءَ وال خالص‬ ‫وهؤالء اجملرمون حائرين يائسني ال أمل يف النجاة وال َ‬
‫ِ‬
‫وها َومَلْ‬ ‫َّار فَظَنُّوا أَن َُّهم ُّم َواقعُ َ‬ ‫بل قَ ْد أيقنوا يف العطب ﴿ َو َرأَى الْ ُم ْج ِر ُمو َن الن َ‬
‫ند َرهِّبِ ْم‬ ‫وس ِه ْم ِع َ‬ ‫جَيِ ُدوا عْنها مص ِرفاً ﴾ ﴿ ولَو َترى إِ ِذ الْمج ِرمو َن نَاكِسو ر ُؤ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫صاحِل اً إِنَّا ُموقِنُو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْرنَا َومَس ْعنَا فَ ْارج ْعنَا َن ْع َم ْل َ‬
‫َربَّنَا أَبْ َ‬
‫بالد ْنيَا ويعلنون اليقني‬ ‫هنا يعرتفون باخلطيئة ويقرون باحلق الَّ ِذي جحدوه ُّ‬
‫الد ْنيَا ومنظرهم إذ‬ ‫الد ْنيَا إلصالح ما فات يف ُّ‬ ‫مبا شكوا فيه ويطلبون العودة إىل ُّ‬
‫خميف وهم ناكسوا الرؤوس خجالً وخزيًا ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ذاك ُمفزعٌ‬
‫أقوما حاسرين مكروبني وسؤال غريُ‬ ‫فاأل َْمر أمر فظيع واحلال مزعجة ً‬

‫‪318‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ان بعِ ٍ‬
‫يد‬ ‫ٍ‬ ‫جماب لفوات وقْت اإلمهال ﴿ وقَالُوا آمنَّا بِِه وأَىَّن هَل م التَّنَاو ِ‬
‫ش من َم َك َ‬‫ُ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫فيا عباد اهلل انتبهوا من رقدتكم واستدركوا بقية أعماركم واحذروا‬
‫االهنماك يف دار الغرور فالويل لكم إن أدرككم املوت وأنتم على هذه احلالة ‪،‬‬
‫زينتم ال ُفلل والقصور ونسيتم القبور ‪ ،‬اذكروا القرب وظلمته ووحشته واملوت‬
‫والكتَاب وأخذته والصراط ودقته ‪ ،‬واملوت ‪،‬‬ ‫وسكرته وامليزان وخفته أو رجحته ِ‬
‫وسكرة يف سكرة وحرية يف حرية وجذبة يا هلا من جذبة وكربة يا هلا من‬
‫كربة فاملسكني يكابد غُصص املنون داهش العقل كاحملزون ‪.‬‬
‫فاهلل اهلل عباد اهلل أفيقوا من سكراتكم وانتبهوا من نوماتكم واستيقظوا من غفالتكم قبل مفاجأة املنية وحلول الرزية ووقوع البلية‬
‫زاد وال سيئة حُت ذف وال حياة تعاد ويزودك أحبابك‬
‫طام َع وال حسنة تُ ُ‬
‫رجاءَ َ‬
‫حيث ال مال وال ولد نافع وال محيم شافع وال فرح واقع وال َ‬
‫ك والبُ َكاء فال عثرة تُقال وال رجعة تُنال ‪.‬‬
‫باحلزن َعلَْي َ‬
‫اح ُل‬‫ِشعرا‪ :‬أَال إِ َّن أَيَّام الْحي ِاة مر ِ‬
‫َ ََ ََ‬ ‫ًْ‬
‫ت سِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ُل‬ ‫طَ ِريق الَْفَتى مْن َها إِلَى ال َْم ْو َ‬
‫ضي لِما هو ِ‬
‫آم ٌل‬ ‫يسُّر بِما يم ِ‬
‫َ َُ‬ ‫ُ َ َ َْ‬
‫ون َما ُهَو أَِم ُل‬
‫الر َدى ِمن ُد ِ‬
‫ْ‬ ‫َويَأْتِي َّ‬
‫َو َما َي ْو ُمهُ إِال غَ ِر ٌ‬
‫يم ُم ْح َّك ٌم‬
‫ض ُاه َن ْفسه ال يم ِ‬
‫اط ُل‬ ‫إِ َذا َما اقَْت َ‬
‫َُ‬ ‫َُ‬

‫‪319‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الم َة َج ِاه ًدا‬ ‫ت لِ َم ْن َيْب ِغي َّ‬


‫الس َ‬ ‫َع ِجْب ُ‬
‫َو َمُّر اللََّيالِي ُكلُّ ُه َّن َغَوائِ ُل‬
‫ِ‬
‫َونَ ْح ُن َبنُو األَيَّ ِام نَظْل ْم ُنُف َ‬
‫وسَنا‬
‫الت الثَّو ِ‬
‫اك ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوَن ْرج ُع َوه َي الَْقات ُ َ‬

‫وأقم َع الكفر‬‫َ‬ ‫اللَّ ُه َّم أقم علم اجلهاد ووفقنا لسلوك طَ ِريق احلق والرشاد ‪،‬‬
‫ت‬‫‪ ،‬و َثبِّ ْ‬ ‫والزيغ والشر والفساد ‪ ،‬وانصر دينك وانصر من نصره من العباد‬
‫َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫حمبتك يف قلوبنا وقوها ‪ ،‬يا كرمي يا جواد ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫وتفكر يف حالتهم يف احملشر جتد مشهد مكروب ذليل يثري الفزع واخلوف‬
‫ين َك َف ُروا يَا َو ْيلَنَا قَ ْد ُكنَّا يِف َغ ْفلَ ٍة ِّم ْن َه َذا بَ ْل‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُار الذ َ‬ ‫﴿ فَِإذَا ه َي َشاخ َ‬
‫صةٌ أَبْ َ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ُكنَّا ظَالم َ‬
‫هذه أبصارهم ال تطرف من اهلول الَّ ِذي فوجئوا به َي ُقولُو َن يَا ويلنا َو ُه َو‬
‫تفجع وتوجع املفجوء الَّ ِذي تنكشف له احلَِقي َقة املروعة بغتة فيذهل ويشخص‬
‫بصره فال يطرف ويدعو بالويل واهلالك ويعرتف ويندم ولكن بعد فوات األوان‬
‫‪.‬‬
‫إهنا مشاهد يوم القيامة وما جيري فيه من تغريات كونية ومن اضطرابات‬
‫نفسية ومن حرية وحتسر يف مواجهة األحداث وحتسر يف مواجهة األحداث الغالبة‬
‫حيث يتجلى‬

‫‪320‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلول يف صميم الكون ويف اغرتار النفس وهي تروغ من هنا ومن هناك ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وع ُدو َن * َي ْو َم خَي ُْر ُجو َن‬ ‫وضوا َو َي ْل َعبُوا َحىَّت يُاَل قُوا َي ْو َم ُه ُم الَّذي يُ َ‬ ‫﴿فَ َذ ْر ُه ْم خَي ُ ُ‬
‫ص ُار ُه ْم َت ْر َه ُق ُه ْم ِذلَّةٌ‬ ‫ِ‬ ‫اث ِسراعاً َكأَنَّهم إِىَل نُص ٍ ِ‬ ‫ِمن اأْل َج َد ِ‬
‫ضو َن * َخاش َعةً أَبْ َ‬ ‫ب يُوف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وع ُدو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ك الَْي ْو ُم الَّذي َكانُوا يُ َ‬ ‫ذَل َ‬
‫ك خروجهم من القبور ينبئ أهنم يف كرب وشدة وأهنم أذالء غري‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫متمكنني من االستعصاء على الداعي إذ هم يهرولون مقهورين َم َع خشوع‬
‫أبصارهم وذلتها هلول ما حتققوا من الْ َع َذاب ‪.‬‬
‫وهبم واستوىل على أفئدهتم وسكن حركاهتم‬ ‫قَ ْد ملك القلق واخلوف ُقلُ ْ‬
‫الع ِظيم‬
‫وقطع أصواهتم تعلو وجوههم القرتة ملا أصاهبم من الكآبة واحلزن واهلم َ‬
‫ني مِم َّا َك َسبُوا َو ُه َو َواقِ ٌع هِبِ ْم ﴾‬ ‫ِِ‬
‫ني ُم ْشفق َ‬
‫ِِ‬
‫الَّذي ال يرجي له فرج ﴿َتَرى الظَّالم َ‬
‫ِ‬
‫اب َي ُقولُو َن َه ْل إِىَل َمَر ٍّد ِّمن َسبِ ٍيل ﴾ ﴿ َوَتَر ُاه ْم‬ ‫ِِ‬
‫﴿ َتَرى الظَّالم َ‬
‫ني لَ َّما َرأ َُوا الْ َع َذ َ‬
‫ف َخ ِف ٍّي ﴾ ‪.‬‬ ‫الذ ِّل ينظُرو َن ِمن طَر ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ني ِم َن ُّ‬ ‫ِِ‬
‫ضو َن َعلَْي َها َخاشع َ‬ ‫يُ ْعَر ُ‬
‫الد ْنيَا متكربين فناسب أن يكون الذل‬ ‫إن هؤالء الظاملني الطغاة َكانُوا يف ُّ‬
‫والصغار ُه َو مظهرهم البارز يوم القيامة اجلزاء على األعمال فعِْن َد ما يشاهدون‬
‫احلقائق ويرون الْ َع َذاب تتهاوى كربياؤهم وعظمتهم ويتساءلون يف ذل وانكسار‬
‫َسبِ ٍيل ﴾ ‪.‬‬ ‫وخوف ﴿ َه ْل إِىَل َمَر ٍّد ِّمن‬
‫يف هذه العبارة اليت يفهم منها اليأس َم َع التلهف واالهنيار َم َع التطلع إىل‬
‫أي بارقة للخالص ويعرضون على النار خاشعني ال من ورع وال تقوى وال من‬
‫حياء وخجل ولكن من الذل واهلوان منكسي أعينهم من الذل والعار ينظرون‬
‫من طرف خفي ‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫شنيعا جمرد تصوره يزعج ويقلق حيث يظهر‬ ‫فظيعا صعبًا ً‬ ‫إنه ملنظر َومَْرأً ً‬
‫الع ِظيم واحلزن الطويل واألسف الشديد على ما سلف ِمْن ُه ْم من‬ ‫منه الندم َ‬
‫اإلمهال والتفريط والتضييع الَّ ِذي ال ميكن تالفيه ‪.‬‬
‫ك انتبه ومثل نفسك يف َه َذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيا أيها الغَافل الساهي املهمل وكلنا َك َذل َ‬
‫اجلام َع لألولني واآلخرين فيا لعظم يوم يوجه السؤال فيه ملن قال‬ ‫الْيوم ِ‬
‫العظيم َ‬ ‫َْ َ‬
‫ني ﴾ ﴿ َوإِ ْذ قَ َال اللّهُ يَا‬ ‫ِ‬
‫اهلل جال وعال يف حقهم ‪َ ﴿ :‬و َساَل ٌم َعلَى الْ ُم ْر َسل َ‬
‫ون اللّ ِه ﴾ ﴿‬ ‫َّاس اخَّتِ ُذويِن وأ ُِّمي إِلَـه ِ ِمن د ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ نْي‬ ‫لت لِلن ِ‬ ‫َنت قُ َ‬ ‫يسى ابْ َن َم ْرمَيَ أَأ َ‬ ‫ع َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ين أ ُْرس َل إِلَْي ِه ْم َولَنَ ْسأَلَ َّن الْ ُم ْر َسل َ‬
‫َفلَنَ ْسأَلَ َّن الذ َ‬
‫احدا يا فالن َهلُ َّم إىل‬ ‫ِ‬
‫واحدا َو ً‬
‫ً‬ ‫ك الَْي ْوم العصيب ينادون اخلالئق‬ ‫يف َذل َ‬
‫ك تنخلع ال ُقلُوب وترتعد الفرائض وتضطرب اجلوارح وتنبهت‬ ‫العرض ِ ِ‬
‫وعْن َد ذَل َ‬
‫العقول وتتحري وييبس اللسان وتشخص األبصار ‪.‬‬
‫فما ظنك مبن يؤخذ بناصيته ويقاد وفؤاده مضطرب ولبه طائر وفرائضه‬
‫ترتعد وجوارحه تنتفض ولونه متغري ولِ َسانه وشفتاه قَ ْد نشف ما هبما من رطوبة‬
‫وقَ ْد عض على يديه ومل يأكل ومل يشرب ومل ينم ومل يسرتح ومل جيلس ومل‬
‫يركب ‪.‬‬
‫الد ْنيَا أضيق من‬ ‫وص َارت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِل‬
‫والعا واجلو َعلَْيه مظلم وضاقت َعلَْيه األرض َ‬ ‫َ‬
‫سم اخلياط مملوء من الرعب واخلجل من عالم الغيوب واألولني واآلخرين وأ َْهل‬
‫السماوات وأتى يتخطى رقاب النَّاس وخيرتق الصفوف يقاد كما يقاد الفرس‬
‫اجملنوب وقَ ْد رفع اخلالئق إليه أبصارهم حىت انتهى به إىل عرش الرمحن فرموه‬
‫من أيديهم ‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وناداه اهلل ُسْب َحانَهُ وتعاىل فدىن بقلب حمزون خائف وجل وطرف خاشع‬
‫ذليل وفؤاده متحطم متكسر وأعطي كتابه الَّ ِذي ال يغادر صغرية وال كبرية إِال‬
‫أحصاها ‪.‬‬
‫فكم من فاحشة نسيها فتذكرها َو َك ْم من ساعة قتلها ِعْن َد منكر َو َك ْم‬
‫من ليلة أضاعها ِعْن َد ملهى َو َك ْم من فلوس أنفقها يف املعاصي َو َك ْم من صالة‬
‫ضيعها ِعْن َد ملهى َو َك ْم من زكاة هتاون هبا َو َك ْم من صيام يف الكذب والغيبة‬
‫خرقه َو َك ْم من أعراض انتهكها وجلود مزقها َو َك ْم من جريان تأذوا مبجاورته‬
‫َو َك ْم من بريء قذفه بالزنا واللواط َو َك ْم من حمصنة قذفها واهتمها َو َك ْم من‬
‫حُم صنة حاوهلا للفساد َو َك ْم من خمالط له أوقعه يف املعاصي َو َك ْم من أرحام‬
‫قطعهم َو َك ْم من مسلم غشه َو َك ْم من ساعة قتلها فيما يُغضب اهلل حول‬
‫املنكرات َو َك ْم من زكاة تناساها َو َك ْم من صالة أضاعها وأسدها ‪.‬‬
‫َو َك ْم من حقوق خللق اهلل نسيها أو تناسها ومن أسرار تسمعها مل يؤن‬
‫ك َو َك ْم من حمرم نظر إليه ومسلم جس َعلَْي ِه وأوقعه فأفزعه وأزعج‬ ‫ِ‬
‫له يف َذل َ‬
‫أوالده وأحباءه وأثر به الفزع واهلم إىل أن أباده َو َك ْم من رحلة إىل بالد الكفر‬
‫أقامها وأنفق فيها األموال يف املعاصي ‪.‬‬
‫َو َك ْم من أعداء هلل جالسهم ومازحهم وشاركهم ووالهم وداهنهم َو َك ْم‬
‫من أ َْولِيَاء هلل عاداهم وانتهك أعراضهم َو َك ْم من كفار واالهم وصادقهم‬
‫ومدحهم َو َك ْم من عمل بالرياء أفسده ﴿ َوبَ َدا هَلُم ِّم َن اللَّ ِه َما مَلْ يَ ُكونُوا‬
‫اق هِبِم َّما َكانُوا بِِه يَ ْسَت ْه ِزئُون ﴾‬ ‫ات َما َع ِملُوا َو َح َ‬ ‫ِ‬
‫حَيْتَسبُو َن ﴾ ﴿ َوبَ َدا هَلُ ْم َسيِّئَ ُ‬
‫‪.‬‬
‫فليت شعري بأي قدم يقف بني يدي اهلل وبأي لسان جييب وبأي قلب‬

‫‪323‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول وبأي يد يتناول وبأي عني ينظر وبديع السماوات واألرض أمامه ﴿‬ ‫يعقل ما َي ُق ُ‬
‫إِن ُك ُّل من يِف َّ ِ‬
‫َّه ْم َع ّداً‬
‫اه ْم َو َعد ُ‬
‫صُ‬ ‫الس َم َاوات َواألرض إِاَّل آيِت الرَّمْح َ ِن َعْبداً * لََق ْد أ ْ‬
‫َح َ‬ ‫َ‬
‫* َو ُكلُّ ُه ْم آتِ ِيه َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة َف ْرداً ﴾ ‪.‬‬
‫فاعلَ ْم أن أكثر خلق اهلل مل‬ ‫إذا فهمت ما سبق من أحوال يوم القيامة وأدلته ْ‬
‫وهبم ومل يتمكن من سويداء أفئدهتم ‪.‬‬ ‫يدخل ا ِإلميَان بالَْي ْوم األخر يف ُقلُ ْ‬
‫ك استعداهم لربد الشتاء وحر الصيف وهتاوهنم جبهنم وزمهريرها‬ ‫ِ‬
‫ويدل على ذَل َ‬
‫ك من الشدائد واألهوال والكروب‬ ‫ِ‬
‫وزقومها ومحيمها وويلها وغساقها َم َع ما يتبع َذل َ‬
‫والقالقل واملزعجات ‪.‬‬
‫ولو َكانُوا مصدقني ما َكانُوا هبذه احلال ‪ ،‬اللسان يصدق والْ َع َمل يكذب إذا‬
‫وهبم ‪.‬‬
‫سئلوا عن الَْي ْوم اآلخر نطقت ألسنتهم وغفلت َعْنهُ ُقلُ ْ‬
‫ومن قدم له طعام وأخرب أنه مسموم َف َق َال للذي أخربه صدقت فيه سم مُثَّ مد يده يتناوله ليأكل َكا َن مصدقًا بلِ َسانه ومكذبًا بفعله‬
‫ضهم ‪:‬‬
‫وتكذيب الْ َع َمل أبلغ من تكذيب اللسان قال َب ْع ْ‬
‫ِفي ُك ِّل لَ ْحظٍَة‬ ‫ِش ْعرا‪ :‬ومْنَت ِظ ٍر لِلْمو ِ‬
‫ت‬ ‫َْ‬ ‫ً َُ‬
‫يَ ِشي ُد َوَيْبنِي َدائِ ًما َويُ َح ِّ‬
‫ص ُن‬
‫حِقي َقةُ م ِ‬
‫وق ٌن‬ ‫وه‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ين َتْبلُ ُ‬
‫لَهُ ح َ‬
‫ال من لَيس ي ِ‬
‫وق ُن‬ ‫َوأَ ْع َمالُهُ أَ ْع َم ُ َ ْ ْ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْج ْه ِل عل ُْمهُ‬‫عَيا ٌن َكِإنْ َكا ٍر َو َكال َ‬
‫بِ َم ْذ َهبِ ِه ِفي ُك ِّل َما َيُتَيَّق ُن‬
‫ص َّح َة ِج ْس ِم َ‬
‫ك أَ ْن تَ ْسَق َما‬ ‫وِ‬
‫َ‬ ‫ك أَ ْن َت ْهَر َما‬ ‫آخر‪ :‬بَ ِاد ْر َشَبابَ َ‬
‫اش أَ ْن يَ ْسلَ َما‬ ‫ك َقْبل الْمم ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُر َم ْن َع َ‬ ‫فَ َما قَ ْ‬ ‫ات‬ ‫َوأَيَّ َام َعْيش َ َ َ َ‬
‫ض َما‬ ‫ك ِفي َب ْع ِ‬ ‫لََيالِي ُش ْغِل َ‬ ‫ك بَ ِاد ْر بِِه‬ ‫ْت َفر ِ‬
‫اغ َ‬ ‫َو َوق ُ َ‬
‫س ُن‬‫ك الَْي ْو َم ال يَ ْح ُ‬ ‫لت َوِمْن َ‬ ‫َج ِه َ‬ ‫الر ُج ُل الْ َك ْه ُل‬
‫ب أَُّي َها َّ‬ ‫آخر‪ :‬أَِم ْن َب ْع ِد َشْي ٍ‬
‫ْج ْه ُل‬‫ال َ‬

‫‪324‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ْل‬
‫ك ال َْمط ُ‬ ‫يل ِإلَى ُّ‬
‫الدْنَيا َويَ ْخ َد ُع َ‬ ‫تَم ُ‬
‫ِ‬ ‫يك َوإِنَّ َما‬ ‫س ِف َ‬ ‫الرْأ ِ‬
‫ب َّ‬ ‫تَ َح َّك َم َشْي ُ‬
‫َوبَ ِاد ْر بِ ِج ٍّد ال يُ َخالِطُهُ َه ْز ُل‬ ‫ت‬‫ك َميِّ ٌ‬ ‫يف ِإنَّ َ‬ ‫َّس ِو َ‬
‫ْل َوالت ْ‬ ‫َد ِع ال َْمط َ‬
‫س لَِق ْلبِي َع ْن تَ َذ ُّك ِر ِه ُش ْغ ُل‬ ‫َفَلْي َ‬ ‫َسأَبْ ِكي َزَمانًا َه َّدنِي بُِفَر ِاق ِه‬
‫َوقَ ْد َكا َن َقْب َل الَْي ْوِم َبْيَن ُه َما‬ ‫ت لَق ْلبِي َوالْ َكَرى إِ ْذ َت َه َ‬
‫اجَرا‬ ‫َع ِجب ُ ِ‬
‫ْ‬
‫وب لَ َها‬ ‫ْت ظَ ْه ِري ِم ْن ُذنُ ٍ‬ ‫صَقلُل ُ‬
‫َوأَْثْ‬ ‫ف َن ْف ِسي‬ ‫ت لَِن ْف ِسي َحْت َ‬ ‫أَ َخ ْذ ُ‬
‫ِ‬ ‫صي ِ‬ ‫بِوبَكِّفارَهْزا َ ِ‬
‫ود‬
‫ْج ُ‬ ‫ثلَْقهُ ُل ال َْم ُّن َوا ِإل ْح َسا ُن َوال ُ‬ ‫منا‬
‫ان َربًّا َم َهْي ً‬ ‫ت بِالْع ْ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ض ُل َحًّقا أَنَّهُ َح َك ٌم َع ْد ُل‬
‫َواأَلْْعَفَل ُمْ‬ ‫ِ‬ ‫أَ َخ ُ‬
‫اف َوأ َْر ُجو َع ْفَو ُه َوعَقابَهُ‬
‫( موعظة )‬
‫ت احلال‬ ‫ِ‬
‫عباد اهلل إن من عباد اهلل من إذا أنعم اهلل َعلَْيه مبال كثري كانَ ْ‬
‫عنده فوضى فال تضع زوجتك وال بناته أيديهم يف دقيق وال جليل من أعمال‬
‫البيت فيجيء هلن خبدامني وسواقني وطباخني الواحد ِمْن ُه ْم يف طول النخلة يف‬
‫ين يعجبون النساء مجاالً َو ُرمَّبَا‬ ‫َّ ِ‬
‫منتهى العافية وال يبعد أن يكون من الشباب الذ َ‬
‫احب البيت من زوج أو غريه اله يف أمور دنياه أو يف‬ ‫خلو يف النساء وص ِ‬
‫َ‬
‫عمله ال يفكر فيما تفكر فيه النساء وال فيما يفكر فيه اخلادم أو السائق وكأن‬
‫ات وال يدري أنه ما خال رجل بامرأة إِال وثالثهما‬ ‫معصوم َ‬
‫َ‬ ‫نساءه يف اعتقاده‬
‫الشيطان وأن النساء حبائل الشيطان وأهنن من أضر ما على الرجل وأن لذة‬
‫ك أحد إِال معتوه أو حنوه فإذا‬ ‫ِ‬
‫الرجل عندهن ولذاهتن عنده ال خيالف يف َذل َ‬
‫ك فما موقف َه َذا املغفل‬ ‫ِ‬
‫رأت املرأة شابًا وال ثالث هلما فال يبعد أن تدعوه ل َذل َ‬
‫أمام بديع السماوات واألرض الَّ ِذي يعلم خائنة األعني وما ختفي الصدور ‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ولعل جواب َه َذا اجلاهل أنه ال يدور يف خلده أن امرأته تقدم على مثل‬
‫َه َذا ألهنا معصومة قولوا له أما مسعت بقصة امرأة العزيز اقرأها لعلك تأخذ‬
‫ِحذرك وتعلم أنه ال يسلم من فتنهن إِال عباد اهلل املخلصني ‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫صة لعلك تفهم أن اهلل جال وعال مل يذكرها يف القرآن‬ ‫قولوا له تأمل الْ ِق َّ‬
‫الر َجال علي نسائهم من اخلدم وحنوهم ‪.‬‬ ‫إِال ليعترب أولو األبصار فيحرتس ِّ‬
‫ت ذات مركز َع ِظيم يف مصر و َكا َن يوسف َعلَْي ِه‬ ‫إن امرأة العزيز كانَ ْ‬
‫ك مل تسأل عن شرفها وكرامتها‬ ‫ِ‬
‫وم َع َذل َ‬
‫والسالم يف بيتها كخادم هلا َ‬ ‫الصالة َّ‬ ‫َّ‬
‫دوسا ومل تتوقف يف بذل ُك ّل ما‬ ‫وال شرف زوجها بل داستهما بنعل الشهوة ً‬
‫السالم ولوال أن اهلل عصمه‬ ‫تستطيع من قوة وحيلة إلخضاع يوسف َعلَْي ِه َّ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫السوء والفحشاء لوصلت إىل ما تريد قال َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬ك َذل َ‬ ‫وصرف َعْنهُ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫السوءَ َوالْ َف ْح َشاء إِنَّهُ م ْن عبَادنَا الْ ُم ْخلَص َ‬ ‫ص ِر َ‬
‫ف َعْنهُ ُّ‬ ‫لنَ ْ‬
‫والفتنة الثَّانِيَة أنك جتد آخر يأيت خبدامة ويتخَرْي القوية اجلميلة وبيته الواسع‬
‫أيضا رمبا خال هبا َو ُرمَّبَا‬ ‫مملوء من العزاب أوالد وإِ ْخ َوان َو ُرمَّبَا خلو هبا َو ُه َو ً‬
‫تَ ُكون أمجل من زوجته أو أوالده فال هتمه تلك الناحية اليت يعرفها بعض النساء‬
‫ك من نسائه وأنه من احملال عنده فتنبهوا يا عباد اهلل وال‬ ‫ِ‬
‫الفاسقات ويستبعد َذل َ‬
‫تستخدموا الشباب وال الشابات من النساء وإِال ف َق ْد عرضتم أنفسكم للفنت‬
‫واملشاكل والعقوبات ‪ .‬واحذروا استخدام الكافرين والكافرات ‪.‬‬
‫ات فاحرصوا على كبرية السن املتدنية غري‬‫اخلدام َ‬
‫الر َجال خارج البيوت واحذروا من اتصاهلم بنسائكم وأما َ‬ ‫فإن َكا َن البد فاستخدموا ِّ‬
‫اجلميلة لتبتعدوا عن أسباب الشر والفساد وتطمئنوا على ما يأتيكم من أوالد أهنم من أصالبكم وإن أبيتم فالضََّرر عائد عليكم دنيا وأخري‬
‫‪.‬‬
‫ض َحى‬ ‫الر ْش َد ِء األ ُ‬
‫َفلَ ْم يَ ْسَتبِينُوا ُّ‬ ‫ِج اللَّوا‬‫ص ِحي بِ ُمْن َعر ِ‬‫ْت لَ ُه ْم نُ ْ‬‫ِش ْعًرا‪ :‬بَ َذل ُ‬
‫وء َحالِي‬ ‫اَفلْفغَِّرِدج ما َترى ِمن س ِ‬ ‫ْج ِ‬
‫الل‬ ‫آخر‪ :‬أََتْيتُ َ ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ك َراجًيا يَا َذا ال َ‬
‫ب لَ ْم يَ ْخطُْر بَِبالِي‬ ‫ب َّ‬
‫الذنْ ِ‬ ‫َو َعْي ُ‬ ‫ك َسيِّ ِدي َويِْلي بِ َج ْهِلي‬ ‫صْيتُ َ‬
‫َع َ‬
‫اله يَا َم ْولَى ال َْمَوالِي‬
‫إِلَى َم ْو ُ‬ ‫وك إِال‬ ‫إِلَى َم ْن يَ ْشَت ِكي ال َْم ْملُ ُ‬
‫يك ِفي ظَُل ِم اللََّيالِي‬
‫ص َ‬‫وال أَ ْع ِ‬
‫َ‬ ‫ت أُِّمي لَ ْم تَِل ْدنِي‬ ‫َفَويِْلي لَْي َ‬

‫‪327‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ْج ِ‬
‫الل‬ ‫ف يَا َذا ال َ‬ ‫ك َو ِاق ٌ‬ ‫بَِبابِ َ‬ ‫أَنَا َذا َعبِي ُد َك َعْب َد ُسوء‬ ‫َو َها‬
‫اب َوبِالنِّ َك ِال‬
‫َم ُح ُق بِال َْع َذ ِ‬ ‫ب فَِإنِّي‬ ‫ت يَا َر ُّ‬ ‫َعا َقْب ِ‬ ‫فَِإ ْن‬
‫يح َحالِي‬ ‫ويَ ْحسن إِ ْن َعَف ْو َ ِ‬
‫ت قَب َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫َت ْعُفو َف َع ْف ُو َك أ َْرتَ ِج ِيه‬ ‫َوِإ ْن‬
‫ك عمن‬ ‫اللَّه َّم وفقنا لصاحل األعمال وأكفنا حباللك عن حرامك وبَِف ْ ِ‬
‫ضل َ‬ ‫ُ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َوآلِِه َوسلم ‪.‬‬ ‫سواك إنك على ُك ّل َش ْيء قدير َو َ‬
‫صلٌ )‬ ‫( فَ ْ‬
‫اهلل أنكروا يوم القيامة بتاتًا مستبعدين‬ ‫وقسم من النَّاس والعياذ بِ ِ‬
‫ك َر ْج ٌع بَعِي ٌد ﴾‬ ‫ِ‬
‫ومستفهمني استفهام إنكار وهتكم ﴿ أَئِ َذا ِمْتنَا َو ُكنَّا ُتَراباً َذل َ‬
‫يم ﴾ فأوضح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب لَنَا َمثَالً َونَس َي َخ ْل َقهُ قَ َال َم ْن حُيْيي الْعظَ َام َوه َي َرم ٌ‬ ‫ضَر َ‬
‫﴿ َو َ‬
‫َج َّل َو َعال وبني أن الَّ ِذي خلقهم وأنشأهم أول مرة قادر على إحيائهم بعد‬
‫فنائهم ‪.‬‬
‫بل اإلعادة أ َْه َون يف نظر النَّاس وحدود قدرهتم من اإلبداع فالَّ ِذي يعرتف‬
‫ويقر بأن اهلل َت َعاىَل ُه َو الَّ ِذي بدأ اخللق جيب َعلَْي ِه ويتحتم أن يُيُ َسلِّ َم بأن اهلل‬
‫َت َعاىَل قادر على اإلعادة ‪.‬‬
‫نسا ُن أَئِ َذا‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬و َي ُق ُ ِ‬
‫ول اإْل َ‬ ‫وذكر َج َّل َو َعال البدأ دليالً على اإلعادة َف َق َ‬
‫ك‬‫نسا ُن أَنَّا َخلَ ْقنَاهُ ِمن َقْب ُل َومَلْ يَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُخَر ُج َحيّاً * أ ََواَل يَ ْذ ُكُر اإْل َ‬ ‫ف أْ‬ ‫َما ِم ُّ‬
‫ت لَ َس ْو َ‬
‫ال‬
‫َشْيئاً ﴾ وذكر جال وعال يف سورة الروم أن إعادة اخللق أ َْه َون من ابتدائه َف َق َ‬
‫َج َّل َو َعال ﴿ َو ُه َو الَّ ِذي َيْب َدأُ اخْلَْل َق مُثَّ يُعِ ُ‬
‫يدهُ َو ُه َو أ َْه َو ُن َعلَْي ِه َولَهُ الْ َمثَ ُل اأْل َْعلَى‬
‫يم ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يِف َّ ِ‬
‫الس َم َاوات َواألرض َو ُه َو الْ َعز ُيز احْلَك ُ‬

‫‪328‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومن األدلة العقلية الدالة على البعث داللة قاطعة مبجرد نظر العاقل إليها‬
‫يستدل هبا استدالالً ال يقبل الشك والشبهة بوقوع ما خربت به الرسل من‬
‫البعث خلق السماوات واألرض على عظمها فكل منصف يعلم بالبداهة احلسية‬
‫أن خلق السماوات واألرض أكرب من خلق النَّاس يف ابتدائهم وإعادهتم ‪.‬‬
‫وورد بعدة آيات االستدالل خبلق السماوات واألرض على قدرة اهلل َت َعاىَل‬
‫السماو ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ات َواألرض‬ ‫َن اللَّهَ الذي َخلَ َق َّ َ َ‬ ‫على إحياء املوتى قال َت َعاىَل ﴿ أ ََومَلْ َيَر ْوا أ َّ‬
‫َومَلْ َي ْع َي خِب َْل ِق ِه َّن بَِق ِاد ٍر َعلَى أَ ْن حُيْيِ َي الْ َم ْوتَى َبلَى إِنَّهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير ﴾‬
‫‪.‬‬
‫س ِّمن خ ْل ٍق ج ِد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يد ﴾‬ ‫ال َت َعاىَل ‪ ﴿ :‬أََف َعيِينَا باخْلَْل ِق اأْل ََّول بَ ْل ُه ْم يِف لَْب ٍ ْ َ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫هبذه اآلية أكد َج َّل َو َعال صحة البعث ‪ ،‬املعىن أن ابتداء اخللق مل يعجز اهلل‬
‫واإلعادة أسهل من االبتداء والكل على اهلل هني ﴿ إِمَّنَا أ َْم ُرهُ إِذَا أ ََر َاد َشْيئاً أَ ْن‬
‫ول لَهُ ُك ْن َفيَ ُكو ُن ﴾ ‪ ،‬فال جمال للشك يف اإلعادة ِعْن َد من يقر يف االبتداء‬ ‫َي ُق َ‬
‫‪.‬‬
‫ورادا‬ ‫َّ ِ‬
‫ين يستبعدون البعث ً‬ ‫خمربا عما قاله الكفار الذ َ‬ ‫ال جال وعال ً‬ ‫َوقَ َ‬
‫اسَرةٌ ﴾‬ ‫ك إِذاً َكَّرةٌ خ ِ‬ ‫هم ‪ ﴿ :‬أَئِ َذا ُكنَّا ِعظَاماً خَّنِ َر ًة * قَالُوا تِْل َ‬
‫َ‬ ‫َعلَْي ْ‬
‫وقَ ْد أمر اهلل رسوله ‪ ‬أن جييبهم ويعرفهم قدرته على بعثه إياهم بعد مماهتم وإنشائه هَلُ ْم كما َكانُوا قبل بالئهم خل ًقا ً‬
‫جديدا‬
‫حديدا أو خل ًقا مِم َّا يستبعد عندكم قبوله للحياة فإن اهلل على ُك ّل َش ْيء قدير ‪ ،‬ال يعجزه‬ ‫عظاما أو رفاتًا أو حجارة أو ً‬ ‫على أي حال َكانُوا ً‬
‫الس ِ‬
‫اهَر ِة‬ ‫ول لَهُ ُك ْن َفيَ ُكو ُن ﴾ ﴿ فَِإمَّنَا ِه َي َز ْجَرةٌ َو ِاح َدةٌ * فَِإذَا ُهم بِ َّ‬
‫إعادتكم مهما حتولتم ومتزقتم وتفرقتم ﴿ إِمَّنَا أ َْم ُرهُ إِذَا أ ََر َاد َشْيئاً أَ ْن َي ُق َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ت ِمن أ َْه ٍل وِمن أَوطَ ِ‬
‫ان‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫لََفَر ْر َ ْ‬ ‫ت بَِه ْولِِه‬ ‫الِْقَي َام ِة لَْو َعِل ْم َ‬ ‫ِش ْعًرا‪َ :‬ي ْو َم‬
‫وتَ ِشيب ِمْنهُ مَفا ِر ُق الْ ِولْ َد ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫الس َماءُ لِ َه ْولِِه‬
‫ت َّ‬ ‫تَ َشَّقَق ِ‬ ‫َي ْو َم‬

‫‪329‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫هم احلجة على البعث يقولون من يعيدنا أي من‬ ‫ِ‬


‫وأخرب أنه عْن َد َما يقيم َعلَْي ْ‬
‫وإرشادا إىل طَ ِريق‬‫ً‬ ‫يعيدنا وحَنْ ُن هبذه احلال ‪ :‬فقل حتقي ًقا للحق وإزاحة لالستبعاد‬
‫الع ِظيم الَّ ِذي ال يعجزه َش ْيء يف‬ ‫ك ُه َو القدير َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستدالل ‪ ،‬الَّذي يفعل َذل َ‬
‫األرض وال يف السماء ‪.‬‬
‫الَّ ِذي ذرأكم يف األرض أول مرة على غري مثال حيتذى وال منهاج معني‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يقدر على‬ ‫س الَّذي يقدر علي َذل َ‬ ‫يشم رائحة احلياة ألَْي َ‬ ‫ينتحى وكنتم ترابًا مل ُ‬
‫جيم َع ما تفرق ويفيض احلياة ويعيده َك َما َخلَ ْق ْه أ ََّو َل َمَّر ٍة بلى إنه ُسْب َحانَهُ‬ ‫أن َ‬
‫َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ضو َن إِلَْي َ‬ ‫ِ‬
‫مُثَّ بني ُسْب َحانَهُ ما يفعلونه حني ما يسمعوا اجلواب ﴿ فَ َسُيْنغ ُ‬
‫وس ُه ْم َو َي ُقولُو َن َمىَت ُه َو ﴾ أي مىت َه َذا البعث ويف أي َوقْت وحال يعيدنا‬ ‫ُر ُؤ َ‬
‫جديدا َك َما كنا أ ََّو َل َمَّر ٍة ومقصدهم من َه َذا السؤال استبعاد حصوله ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خل ًقا‬
‫ويف معىن هذه اآلية قوله َت َعاىَل حكاية عنهم ﴿ َو َي ُقولُو َن َمىَت َه َذا الْ َو ْع ُد‬
‫ني ﴾ قال َت َعاىَل ﴿ قُ ْل َع َسى أَن يَ ُكو َن قَ ِريباً ﴾ أي فاحذروا‬ ‫إِن ُكنتم ِ ِ‬
‫صادق َ‬ ‫ُْ َ‬
‫فإنه قريب منكم وسيأيت ال حمالة وكل آت قريب وكل ما ُه َو حمقق احلصول‬
‫قريب ‪.‬‬
‫َح ًدا ال مل ًكا مقربًا وال نبيًا‬ ‫وإن طال الزمان يف نظر العباد ومل خيرب به أ َ‬
‫يدعو َك ْم للبعث والنشور‬ ‫حِب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمرسالً ﴿ َي ْو َم يَ ْدعُو ُك ْم َفتَ ْستَجيبُو َن َ ْمده ﴾ أي يوم َ‬
‫واحلساب واجلزاء فتستجيبون له من قبوركم بقدرته ودعائه إياكم وله احلمد يف‬
‫ُك ّل حال وتظنون حني تقومون من قبوركم إن لبثتم إِال قليال يف دار ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫اعةً ِّمن ن ََّها ٍر ﴾ ‪.‬‬ ‫وع ُدو َن مَلْ َي ْلبَثُوا إِاَّل َس َ‬
‫وقوله ﴿ َكأَن َُّه ْم َي ْو َم َيَر ْو َن َما يُ َ‬

‫‪330‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وحنو هذه اآلية قوله َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬كأَن َُّه ْم َي ْو َم َيَر ْو َن َها مَلْ َي ْلبَثُوا إِاَّل َع ِشيَّةً‬
‫اعةُ يُ ْق ِس ُم الْ ُم ْج ِر ُمو َن َما لَبِثُوا َغْيَر‬‫الس َ‬ ‫وم َّ‬ ‫اها ﴾ وقوله ‪َ ﴿ :‬و َي ْو َم َت ُق ُ‬
‫ض َح َ‬
‫أ َْو ُ‬
‫س ٍ‬
‫َّها ِر‬ ‫اعة ﴾ وقوله ‪َ ﴿ :‬و َي ْو َم حَيْ ُش ُر ُه ْم َكأَن مَّلْ َي ْلبَثُواْ إِالَّ َس َ‬
‫اعةً ِّم َن الن َ‬ ‫َ َ‬
‫ول أ َْمَثلُ ُه ْم طَ ِري َقةً إِن لَّبِثْتُ ْم إِاَّل َي ْوماً ﴾ ‪.‬‬ ‫َيَت َع َارفُو َن َبْيَن ُه ْم ﴾ وقوله ‪ ﴿ :‬إِ ْذ َي ُق ُ‬
‫ِش ْعًرا ‪:‬‬
‫ب‬ ‫اصبِ ْر َما َعلَى َّ‬
‫الد ْه ِر َم ْعَت ُ‬ ‫الد ْه ِر فَ ْ‬
‫ُهَو َّ‬
‫ب‬
‫ضى اهللُ َم ْهَر ُ‬ ‫س لََنا ِم َّما قَ َ‬ ‫َولَْي َ‬
‫ور ًة‬ ‫ْح َم ِام َ‬
‫ض ُر َ‬ ‫ْس ال َ‬ ‫َوال بُ َّد ِم ْن َكأ ِ‬
‫ب‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫س يَ ْشَر ُ‬‫َو َم ْن َذا الذي م ْن َكأْسه لَْي َ‬
‫الدنِيَّ َة َحا ِز ٌم‬
‫الدْنَيا َّ‬
‫َو َما َي ْع ُم ُر ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِ َذا َكا َن ف َيها َعام ُر ال ُْع ْم ِر يَ ْخَر ُ‬
‫ب‬
‫وإِ َّن عِليًّا َذَّمها ِفي َك ِ‬
‫الم ِه‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ب‬ ‫وطَلََّقها وال ِ ِ‬
‫ْجاه ُل الْغُّر يَ ْخطُ ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ظ‬ ‫أَال إِ َّن ه َذا الْ َكو َن ِف ِيه مو ِ‬
‫اع ٌ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍِ ِ‬
‫ب‬‫ل ُمتَّعظ م ْن ظُل َْمة الَْقْب ِر َي ْهَر ُ‬
‫ْس صار ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت عظَ َامهُ‬ ‫فَ َك ْم م ْن َعظ ِيم الَْبأ ِ َ َ‬
‫ب‬ ‫ٍ ِ‬
‫أ ََوان َومْن َها ال َْماءُ يَا َق ْو ُم يُ ْشَر ُ‬
‫ض ألُ ْخَرى َو َما َد َرى‬ ‫َوُيْنَق ُل ِم ْن أ َْر ٍ‬
‫ب‬‫َفَو ًاها لَهُ َب ْع َد الْبِلَى َيَتغََّر ُ‬

‫اللَّ ُه َّم قومنا إذا اعوججنا وأعنا إذا استقمنا وكن لنا وال تكن َعلَْينَا‬
‫اج َع ْلنَا ِعْن َد السؤال‬ ‫وأحينا يف ُّ‬
‫الد ْنيَا مؤمنني طائعني وتوفنا مسلمني خملصني َو ْ‬

‫‪331‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اج َع ْلنَا يوم الفزع األكرب من اآلمنني‬ ‫اج َع ْلنَا ممن يأخذ كتابه باليمني َو ْ‬ ‫ثابتني َو ْ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ومتعنا بالنظر إىل وجهك الكرمي بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫صلٌ )‬‫( فَ ْ‬
‫ات املنكرين للبعث أن من ميوت يضل رفاته يف األرض فتذهب‬ ‫ومن تومهَ َ‬
‫جيم َع هذه‬‫ف يرجع اهلل هذه الذوات والصفات وكيف َ‬ ‫صورته وصفاته فَ َكْي َ‬
‫الذرات املتفتتة من عظامهم وأثر َه َذا التوهم الفاسد يظهر يف تومههم أن علم‬
‫ين ميوتون من النَّاس وغري حميط‬ ‫َّ ِ‬
‫اهلل غري حميط بكل صغري وكبري من أعداد الذ َ‬
‫بصفاهتم وأوصافهم وأعماهلم ‪.‬‬
‫وقَ ْد ذكر اهلل َج َّل َو َعال مقالتهم الفاسدة اليت تدل علي التوهم من‬
‫ض أَئِنَّا لَِفي َخ ْل ٍق‬ ‫ضلَْلنَا يِف اأْل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫تومهاهتم قال َت َعاىَل حكاية عنهم ‪َ ﴿ :‬وقَالُوا أَئ َذا َ‬
‫يد ﴾ وهؤالء قاسوا قدرة اخلالق الَّ ِذي بدأهم أول مرة على قدرة املخلوق‬ ‫ج ِد ٍ‬
‫َ‬
‫العاجز ‪.‬‬
‫ول لَهُ ُك ْن‬‫وشتان ما بني القدرتني ﴿ إِمَّنَا أ َْم ُرهُ إِ َذا أ ََر َاد َشْيئاً أَ ْن َي ُق َ‬
‫اهَر ِة ﴾ ‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫اح َدةٌ * فَِإذَا ُهم بِ َّ‬ ‫َفي ُكو ُن ﴾ ﴿ فَِإمَّنَا ِهي زجرةٌ و ِ‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫هم واإلنكار آلرائهم بقوله ‪ ﴿ :‬بَ ْل ُهم بِلِ َقاء َرهِّبِ ْم‬ ‫مُثَّ َز َاد يف النعي َعلَْي ْ‬
‫ك إىل اجلحود بلقاء رهبم وذكر اهلل َج َّل َو َعال مقالتهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكاف ُرو َن ﴾ أي تعدوا َذل َ‬
‫هذه يف سورة سبأ وهم أتوا هبا على وجه االستهزاء والتهكم والتكذيب‬
‫واالستبعاد واإلنكار ‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ين َك َف ُروا َه ْل نَ ُدلُّ ُك ْم َعلَى َر ُج ٍل يُنَبِّئُ ُك ْم إِ َذا ُمِّز ْقتُ ْم ُك َّل مُمََّز ٍق إِنَّ ُك ْم‬ ‫﴿ وقَ َ َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬ ‫َ‬
‫وعظاما‬ ‫ول إذا أكلتكم األرض وصرمت رفاتًا‬ ‫يد ﴾ أي إنه َي ُق ُ‬ ‫لَِفي خ ْل ٍق ج ِد ٍ‬
‫ً‬ ‫َ َ‬
‫وقطعتكم السباع والطري ستحيون وتبعثون مُثَّ حتاسبون عىي ما فرط منكم من‬
‫صاحل الْ َع َمل وسيئه ‪.‬‬
‫وإن أمره دائر بني أمرين إما أن يكون مفرتيًا علىآ اهلل وإما أن يكون‬
‫ال ‪ ﴿ :‬بَ ِل‬ ‫ت هَلُ ْم ما ُه َو أشد وأنكى َف َق َ‬ ‫هم مقالتهم وأثَبِّ ْ‬ ‫جمنونًا فرد اهلل َعلَْي ْ‬
‫س األ َْمر كما‬ ‫ي‬‫َ‬‫ل‬ ‫أي‬ ‫﴾‬ ‫الضاَل ِل الْبعِ ِ‬
‫يد‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫الَّ ِذين اَل ي ْؤ ِمنُو َن بِاآْل ِخر ِة يِف الْع َذ ِ‬
‫اب‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫زعموا وال كما ذهبوا إليه ‪.‬‬
‫كفر وشكوك وأوهام ويف‬ ‫عذاب يف حياهتم من داخل نفوسهم ٌ‬ ‫حممدا ‪ ‬صادق فيما أخرب به من البعث وهم يف شقاء ٌ‬ ‫بل إن ً‬
‫اآلخرة إذا بعثوا ذاقوا ألوان الْ َع َذاب ألهنم جمرمون متمردون على احلق وهم يف الضالل الْبَعِيد الدال على عدم استبعاد البعث َو ُه َو أهنم لو‬
‫نظروا إىل ما بني أيديهم وما خلفهم من السماء واألرض فرأوا من قدرة اهلل فيهما ما يبهر العقول ومن عظمته ما يذهل العلماء الفحول‬
‫ضو َن ﴾ َوقَ َال عما قاله نوح َعلَْي ِه َّ‬
‫السالم ‪:‬‬ ‫ض مَيُُّرو َن َعلَْي َها َو ُه ْم َعْن َها ُم ْع ِر ُ‬
‫ات َواأل َْر ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ٍ‬
‫ولكنهم كما قال َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬و َكأَيِّن ِّمن آيَة يِف َّ َ َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وها َوأَنتُ ْم هَلَا َكا ِر ُهو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫﴿ قَ َال يَا َق ْوم أ ََرأ َْيتُ ْم إِن ُك ُ‬
‫نت َعلَى َبِّينَة ِّمن َّريِّبَ َوآتَايِن َرمْح َةً ِّم ْن عنده َف ُع ِّميَ ْ‬
‫ت َعلَْي ُك ْم أَنُْل ِز ُم ُك ُم َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوفي الْ َك ْون م ْن سِّر ال ُْو ُجود َع َجائ ٌ‬
‫أَطَ َّل َعلَْي َها ال َْعا ِرفُو َن َوأَ ْشَرفُوا‬

‫‪333‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع َحَياتَهُ‬ ‫آخر‪َ :‬فَيا َع َجًبا م َّم ْن يُض ُ‬
‫َعلَى ِح ْف ِظ َم ٍال َو ُهَو لِْلغَْي ِر يَ ْد َخ ُر‬
‫سهُ ُك َّل لَْيلَ ٍة‬ ‫َو َم ْن ُتَتَوفَّى َن ْف ُ‬
‫ث ُيْن ِك ُر‬ ‫ف لِلْب ْع ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َوَت ْرج ُع فيه َكْي َ َ‬
‫َبلَى قَ ِاد ٌر أَنْ َش ُاه أ ََّو َل َمَّرٍة‬
‫ْج ْس ِم أَقْ َد ُر‬ ‫وح ِمْنهُ ِفي ال ِ‬ ‫َعلَى َر ِّد ُر ٍ‬
‫آخر ‪:‬‬
‫ات فَِإَّن َها‬ ‫سطُور الْ َكائَِن ِ‬ ‫تَأََّم ْل‬
‫ُ َ‬
‫ك َر َسائِ ُل‬
‫ك األَ ْعلَى إِلَْي َ‬ ‫ِمن الْمِل ِ‬
‫َ َ‬
‫ْت َخطََّها‬ ‫َكا َن ِف َيها لَْو تَأََّمل َ‬ ‫َوقَ ْد‬
‫اط ُل‬‫أَال ُك ُّل َشيء ما َخال اهلل ب ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ‬

‫ويف سورة ق ذكر اهلل َت َعاىَل أهنم استبعدوا البعث وتعجبوا قال َت َعاىَل‬
‫يب * أَئِ َذا ِمْتنَا َو ُكنَّا ُتَراباً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال الْ َكاف ُرو َن َه َذا َش ْيءٌ َعج ٌ‬‫حكاية عما قَالُوا ‪َ ﴿ :‬ف َق َ‬
‫ك َر ْج ٌع بَعِي ٌد ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫فعقول هؤالء سخيفة حيث قاست قدرة من ُه َو على ُك ّل َش ْيء قدير‬
‫وبكل َش ْيء عليم الكامل من ُك ّل وجه بقدرة الْ َعْبد الفقري الضعيف العاجز ِم ْن‬
‫مَجِ ي ِع الوجوه اجلاهل الَّ ِذي ال علم له ‪.‬‬
‫مؤكدا علمه‬ ‫ً‬ ‫مشريا إىل َدلِيل جواز البعث وقدرته َعلَْي ِه‬ ‫ً‬ ‫ال َج َّل َو َعال‬ ‫َف َق َ‬
‫ظ ﴾‬ ‫اب َح ِفي ٌ‬ ‫﴿ قَ ْد علِمنَا ما تَن ُقص اأْل َرض ِمْنهم و ِع َ ِ‬
‫ندنَا كتَ ٌ‬ ‫ُ ْ ُ ُْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫جبَ ِميع األَ ْشيَ ِاء‬
‫هم يف‬ ‫ِ‬
‫حافظ لتفاصيل األَ ْشيَاء ُكلّ َها حمفوظ عن التغيري والتبديل بكل ما جيري َعلَْي ْ‬
‫حياهتم أو مماهتم ‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الدلِيل الَّ ِذي يدحض‬


‫بعد أن ذكر حال منكري البعث لفت أنظارهم إىل َ‬
‫كالمهم أال َو ُه َو النظر يف آياته األفاقية كي يعتربوا ويستدلوا هبا على ما جعلت‬
‫أدلةً َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫فإن من خلق السماء وزينها بالكواكب وأحكمها وبسط األرض وجعل‬
‫فيها رواسي وأنبت فيها صنوف النَّبَات صنوان وغري صنوان يسقى مباء واحد‬
‫ويتفاضل يف األكل ‪.‬‬
‫ك تبصرة ألويل األلْبَاب ونزل من السماء ماء فأنبت به خضر‬ ‫ِ‬
‫وجعل ذَل َ‬
‫اجلنان والزرع املختلف األصناف واأللوان والطعوم والنخل الباسق ذا الطلع‬
‫املرتاكم بعضه فوق بعض رزقًا للعباد وأحيا األرض املوات ‪.‬‬
‫وه َذا شأنه أن خيََر َج النَّاس من القبور بعد‬
‫أفال يستطيع من هذه قدرته َ‬
‫بالئهم وبعد أن يصريوا عظاما ورفاتا وينشئهم خلقا آخر يف حياة أخرى وعامِل‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لما ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غري ه َذا مِل‬
‫العا بلي َواهلل إنه على ُك ّل َش ْيء قدير وبكل َش ْيء أحاط ع َ‬‫َ َ‬
‫وما أحسن ما قاله السفاريين ‪:‬‬
‫شو ِر‬ ‫اج ِز ْم بِأ َْم ِر الْب ْع ِ‬
‫ث َوالنُّ ُ‬ ‫َو ْ‬
‫َ‬
‫الصو ِر‬
‫ْح ْش ُر َح ْز ًما َب ْع َد َن ْف ِخ ُّ‬‫َوال َ‬
‫ْحس ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫َك َذا ُوقُوف الْ َخل ِْق لل َ‬
‫ان لِلثََّو ِ‬
‫اب‬ ‫ف وال ِْميز ِ‬
‫الص ْح ِ َ َ‬ ‫َو ُّ‬
‫صطََفى‬ ‫ِ‬ ‫َك َذا ِّ ِ‬
‫الصَراط ثُ َّم َح ْوظ ال ُْم ْ‬
‫ال ِّ‬
‫الشَفا‬ ‫َفَيا َهَنا لِ َم ْن بِِه نَ َ‬

‫‪335‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اد ال ُْم ْفَت ِري َك َما َو َر ْد‬


‫َعْنهُ يُ َذ ُ‬
‫الم ْة لَ ْم يُِر ْد‬
‫الس َ‬
‫َو َم ْن نَ َحا ُسْب َل َّ‬
‫ْف أ َْه َل الطَّ َ‬
‫اع ْة‬ ‫َو ُك ْن ُم ِط ًيعا َوأَق ُ‬
‫اع ْة‬ ‫وض َوالْ َك ْوثَ ِر َو َّ‬
‫الشَف َ‬ ‫ْح ِ‬ ‫ِ‬
‫في ال ُ‬
‫ِ‬
‫صطََفى‬‫فَِإَّن َها ثَابَِتةٌ لل ُْم ْ‬
‫َكغَْي ِر ِه ِم ْن ُك ِّل أ َْربَ ِ‬
‫اب الَْوفَا‬
‫ِم ْن َعالِ ٍم َك ُّ‬
‫الر ْس ِل َواألَْبَرا ِر‬
‫ت بِ ِذي األَْنَوا ِر‬ ‫صْ‬ ‫ِسَوى الَّتِي ُخ َّ‬

‫اللَّ ُه َّم إنَّا نعوذ بك من جهد البَالء ودرك الشقاء ومشاتة األعداء وسوء‬
‫املنظر يف األهل والْ َمال والولد اللَّ ُه َّم حبب إلينا ا ِإلميَان وزينه يف قلوبنا وكره‬
‫اج َع ْلنَا ِم ْن الراشدين َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َومَجِ ي ِع‬
‫إلينا الكفر والفسوق والعصيان َو ْ‬
‫ص ْحبِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬ ‫ني ‪َ .‬و َ‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬
‫أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( فَ ْ‬
‫َتَرى‬‫ومن األدلة الدالة على البعث قوله َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬و ِم ْن آيَاتِِه أَن َ‬
‫َّك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لَ ُم ْحيِي‬
‫اها‬ ‫ت إِ َّن الَّذي أ ْ‬
‫َحيَ َ‬ ‫ت َو َربَ ْ‬ ‫األرض َخاش َعةً فَِإذَا أ َ‬
‫َنزلْنَا َعلَْي َها الْ َماء ْاهَتَّز ْ‬
‫قَ ِد ٌير ﴾ ‪.‬‬ ‫الْ َم ْوتَى إِنَّهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء‬
‫إن جفاف الزرع ويبس الشجر وانقطاع تغذيته من األرض وحصاده‬
‫وحتطمه يشبه حالة املوت يف األحياء ‪.‬‬
‫مُثَّ إن سنة اهلل الكونية الدائمة الظاهرة املشاهدة يف عملية انشقاق‬

‫‪336‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫احلبوب يف بطن األرض ونباهتا بعد ما سبق من حاهلا اليت تشبه حالة املوت‬
‫وعودهتا إىل احلياة ‪.‬‬
‫ك ِعْن َد وجودها يف البيئة املالئمة من ماء ممتزج‬ ‫ِ‬
‫والنظرة كرة آخرةً َوذَل َ‬
‫مشاهدا باستمرار يف الظواهر الكونية لقصة‬ ‫ً‬ ‫بالتَُّراب الصاحل لتعطي تقريبًا حسيًا‬
‫بعث احلياة وتفرق أجزائها يف تراب األرض ‪.‬‬
‫وقَ ْد نبه اهلل يف القرآن إىل َه َذا الشاهد الكوين الَّ ِذي يقرب إيل تصور‬
‫أصحاب َه َذا التوهم إم َكا َن احلياة األخرى وإهنا تشبه عودة احلياة إىل الزرع‬
‫والنَّبَات بعد جفافها وما يشبه حالة املوات فيها قال اهلل َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬وَتَرى‬
‫ت ِمن ُك ِّل َز ْو ٍج هَبِ ٍ‬
‫يج‬ ‫ت َوأَنبَتَ ْ‬‫ت َو َربَ ْ‬ ‫َنزلْنَا َعلَْي َها الْ َماء ْاهَتَّز ْ‬
‫ِ‬
‫ض َهام َد ًة فَِإ َذا أ َ‬ ‫اأْل َْر َ‬
‫َن اللَّهَ ُه َو احْلَ ُّق َوأَنَّهُ حُيْيِي الْ َم ْوتَى َوأَنَّهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير ﴾ ‪.‬‬ ‫ك بِأ َّ‬ ‫ِ‬
‫* َذل َ‬
‫ِ ِ‬
‫ض‬‫ف حُيْيِي اأْل َْر َ‬ ‫ال يف سورة الروم ‪ ﴿ :‬فَانظُْر إِىَل آثَا ِر َرمْح َت اللَّه َكْي َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك لَ ُم ْحيِي الْ َم ْوتَى َو ُه َو َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هِت‬
‫َب ْع َد َم ْو َا إِ َّن َذل َ‬
‫السم ِاء ماء ُّمباركاً فَأَنبْتنَا بِِه جن ٍ‬
‫َّات‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال يف سورة ق ﴿ َو َنَّزلْنَا م َن َّ َ َ ً َ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َحَيْينَا بِِه َب ْل َدةً‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّخ َل بَاس َقات هَّلَا طَْل ٌع نَّضي ٌد * ِر ْزقاً لِّْلعبَاد َوأ ْ‬ ‫ب احْلَصيد * َوالن ْ‬ ‫َو َح َّ‬
‫وج ﴾ جعل ُسْب َحانَهُ وتعاىل ما سبق دليالً على البعث ألنه‬ ‫ِ‬
‫ك اخْلُُر ُ‬ ‫َّمْيتاً َك َذل َ‬
‫شبيه به ‪.‬‬
‫ويف التعبري عن إخراج النَّبَات من األرض باإلحياء وعن إحياء املوتى‬
‫باخلروج تفخيم لشأن اإلنبات وهتوين ألمر البعث وحتقيق للماثلة بني إخراج‬
‫ك قوله‬ ‫ِ‬
‫النَّبَات وإحياء املوتى لتوضيح منهاج القياس وتقريبه ألفهام النَّاس و َك َذل َ‬
‫ت َس َحاباً‬ ‫ِِ‬
‫اح بُ ْشراً َبنْي َ يَ َد ْي َرمْح َته َحىَّت إِ َذا أََقلَّ ْ‬ ‫َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬و ُه َو الَّ ِذي يُْر ِس ُل ِّ‬
‫الريَ َ‬
‫ت فَأَنزلْنَا بِِه الْماء فَأَخرجنَا بِِه ِمن ُك ِّل الثَّمر ِ‬
‫ات‬ ‫ثَِقاالً س ْقنَاه لِبلَ ٍد َّميِّ ٍ‬
‫ََ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬

‫‪337‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫موتَى لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ِج الْ ْ‬
‫ك خُنْر ُ‬
‫َك َذل َ‬
‫َدلِيل قاطع واضح على‬ ‫ففي إحياء األرض اليابسة بعد نزول املطر َعلَْي َها‬
‫ويعيد إليها أروحها يوم‬ ‫إحياء املوتى فكما أحيا األرض بعد موته حيي األجساد‬
‫القيامة ‪.‬‬
‫ك أن اهلل ينزل ماء من السماء فتمطر األرض أربعني‬ ‫ِ‬
‫فيقوم النَّاس من قبورهم لرب العاملني كما أخربنا َج َّل َو َعال َو ُه َو أصدق قائل َوذَل َ‬
‫َي ْو ًما فتنبت منه األجساد يف قبورهم كما ينبت احلب يف األرض ‪ ،‬قال ابن القيم َرمِح َهُ اهللُ َت َعاىَل ‪:‬‬
‫الو َرى‬
‫اج َ‬ ‫أ ََر َاد اهللُ إِ ْخَر َ‬ ‫وإِ َذا‬
‫َم َع ٍاد ثَانِي‬ ‫ات إِلَى‬ ‫ب ْع َد الْمم ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ض التِي ُه ْم تَ َحَت َها‬ ‫َعلَى األ َْر ِ‬ ‫أَلَْقى‬
‫س ْلطَ ِ‬
‫ان‬ ‫ُ‬ ‫واهللُ َم ْقَت ِد ٌر و َذ ْو‬
‫ضا ُمَتَتابًِعا‬‫َغِليظًا أَْبَي ً‬ ‫َمطًَرا‬
‫وع ْشرا ب ْع َد َها َع ْشر ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َع ْشًرا َ ً َ‬
‫ِ‬ ‫ََ‬
‫َ‬
‫َج َس ُام الَْو َرى‬ ‫ت مْنهُ أ ْ‬‫َفَتظَ ُّل َتْنبُ ُ‬
‫الريْح ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫وم ُه ْم َك َمَنابِت َّ َ‬ ‫َولُ ُح ُ‬
‫َحتَّى إِ َذا َما األ ُُّم َحا َن َو ُ‬
‫الد َها‬
‫ت فَنَِفاس َها مَت َد ِ‬
‫ان‬ ‫ضْ‬ ‫َوتَ َم َّخ َ‬
‫ُ ُ‬
‫الس َما َفَت َشَّقَق ْ‬
‫ت‬ ‫ب َّ‬ ‫أ َْو َحى لَ َها َر ُّ‬
‫الشبَّ ِ‬
‫ان‬ ‫ين َكأَ ْك َم ِل ُّ‬ ‫َفب َدا ال ِ‬
‫ْجن ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫‪338‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت‬‫ود َوأَ ْخَر َج ْ‬ ‫ت األ ُُّم الَْولُ ُ‬ ‫وتَ َخلَّ ِ‬


‫َ‬
‫أَْثَقالَ َها أُْنثَى وِمن ذُ ْكر ِ‬
‫ان‬ ‫َ ْ َ‬
‫َواهللُ ُيْن ِش ُئ َخ ْلَقهُ ِفي نَ ْشأ ٍَة‬
‫ال ِفي الْ ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫أُ ْخَرى َك َما قَ ْد قَ َ‬
‫ْ‬
‫اب َو ُسنَّةُ الْـ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اء الكَت ُ‬ ‫َه َذا الذي َج َ‬
‫اح ِرص َعَلى ا ِإليم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َـهادي بِه فَ ْ ْ‬

‫مثل قصة إحياء قتيل‬ ‫أيضا‬


‫يضاف إىل هذه األدلة ما ذكر اهلل يف كتابه ً‬
‫يف أوائل سورة البقرة‬ ‫صة أخربنا اهلل هبا‬ ‫بين إسرائيل لسؤاله عن القاتل وهذه الْ ِق َّ‬
‫له ابن واحد قتله ابن‬ ‫وملخصها فيما ذكر أنه َكا َن يف بين إسرائيل شيخ موسر‬
‫طمعا يف مرياثه ‪.‬‬ ‫عمه ً‬
‫قوما آخرين فأنكر املتهمون قتله وترافعوا إىل موسى‬ ‫مُثَّ َجاءَ يطالب بدمه ً‬
‫السالم ُك ّل ِمْن ُه ْم يدفع التهمة عن َن ْفسهُ َف َق َ‬
‫ال هَلُ ْم موسى ‪ ﴿ :‬إِ َّن اللّهَ‬ ‫َعلَْي ِه َّ‬
‫ِ‬
‫ك ليتبني هَلُ ْم القاتل احلقيقي َف َقالُوا ‪ :‬أهتزأ بنا قال‬ ‫يَأْ ُم ُر ُك ْم أَ ْن تَ ْذحَبُواْ َب َقَر ًة ﴾ َو َذل َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ فسألوه عن ما تتميز به من‬ ‫موسى ‪ ﴿ :‬أَعُوذُ بِاللّه أَ ْن أَ ُكو َن م َن اجْلَاهل َ‬
‫هم مُثَّ عثروا َعلَْي َها وذحبوها فأحيا‬ ‫األوصاف وشددوا على أنفسهم فشدد اهلل َعلَْي ْ‬
‫اهلل القتيل وأخرب بالقاتل ‪.‬‬
‫ك قصة أصحاب الكهف وكيف ضرب اهلل على آذاهنم ثالثة‬ ‫ِ‬
‫ومن ذَل َ‬
‫قرون وتزيد تسع سنني وحفظ أجسامهم من البلى على طول الزمان وثياهبم من‬
‫ين َكانُوا يف شك من قدرة اهلل على‬ ‫َّ ِ‬
‫هم الفريق اآلخر الذ َ‬ ‫العفن والبلى وأعثر َعلَْي ْ‬
‫إحياء املوتى ويف مرية من إنشاء أجسام خلقه كهيئتهم يوم قبضهم بعد‬

‫‪339‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك‬ ‫ِ‬
‫البلى ليعلموا أن وعد اهلل حق ويقنوا أن الساعة آتية ال ريب فيها ففي َذل َ‬
‫ودلِيل على وقوع املعاد اجلسماين يوم القيامة ‪.‬‬ ‫عربة َ‬
‫ال هَلُ ْم‬ ‫ين أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر املوت َف َق َ‬ ‫ومن ذَلِ َّ ِ‬
‫ك الذ َ‬ ‫َ‬
‫ودلِيل قاطع‬ ‫أيضا عربة َ‬ ‫اهلل موتوا مُثَّ أحياهم مُثَّ بعد هذه اإلماتة أحياهم ففيها ً‬
‫ك قصة الَّ ِذي مر على قرية‬ ‫ِ‬
‫على وقوع املعاد اجلسماين وأنه ال مرية فيه ومن َذل َ‬
‫مستبعدا لعودة عمارهتا وإحياء أهلها ﴿ أَىَّنَ‬ ‫ً‬ ‫ال‬
‫وهي خاوية على عروشها َف َق َ‬
‫حُيْيِـي َهـَ ِذ ِه اللّهُ َب ْع َد َم ْوهِتَا فَأ ََماتَهُ اللّهُ ِمئَةَ َع ٍام مُثَّ َب َعثَهُ ﴾ قيل إن اهلل َت َعاىَل‬
‫َّه َار ‪.‬‬‫َّه َار وأحياه بعد املائة أخر الن َ‬ ‫أماته يف أول الن َ‬
‫وقيل َواهللُ أ َْعلَ ُم أول شيء أحياه اهلل فيه عينيه لينظر هبما إىل قدرة اهلل‬
‫ت َي ْوماً أ َْو‬ ‫ت قَ َال لَبِثْ ُ‬
‫ال َك ْم لَبِثْ َ‬ ‫وصنعه كيف حييي بدنه َفلَ َّما استقل سويًا ﴿ قَ َ‬
‫ٍ‬
‫ك‬ ‫ت ِمئَةَ َع ٍام فَانظُْر إِىَل طَ َع ِام َ‬ ‫ض َي ْوم ﴾ قال جل وعال وتقدس ‪ ﴿ :‬بَل لَّبِثْ َ‬ ‫َب ْع َ‬
‫ك ﴾ قيل َكا َن معه عنب وتني وعصري فوجده مل يتغري وانظر إىل محارك‬ ‫َو َشَرابِ َ‬
‫َّاس ﴾ أي دليالً على املعاد حيث‬ ‫ك آيَةً لِّلن ِ‬ ‫ِ‬
‫كيف حيييه اهلل عز وجل ﴿ َولنَ ْج َعلَ َ‬
‫أحياه اهلل بعد إماتته وأحيا محاره ومل يتغري طعامه وشرابه ‪.‬‬
‫السالم من اهلل‬ ‫ك إحياء الطيور األربعة ملا طلب أبينا إبراهيم َعلَْي ِه َّ‬ ‫ِ‬
‫ومن َذل َ‬
‫أن يريه كيف حييي املوتى ليطمئن َق ْلبهُ فأمره أن يأخذ أربعة من الطري فيقطعهن‬
‫أجزاء مُثَّ يفرقها على عدة جبال حوله مُثَّ يدعوها ففعل ودعاها بأمسائهن فاقبلن‬
‫فه َذا أكرب برهان‬ ‫نفورا من ا ِإلنْ َسان غالبًا َ‬ ‫إليه سريعات تطري والطري أشد احْلََي َوان ً‬
‫على كمال عزة اهلل وحكمته وقدرته على البعث واملعاد واجلزاء ‪ .‬فتبارك اهلل‬
‫أحسن اخلالقني ‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بعِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث ما يِف قِ َّ ِ‬‫ومن األدلة الدَّالَِة علي ِ‬ ‫ِ‬


‫ص َى ُم ْو َس ى‬ ‫ص ة ُم ْو َس ى َو َه ُر ْو َن َم َع ف ْر َع و َن فَفي َق ْل ِ َ‬ ‫الب ْع َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ت تِنَّين اً َع ِظْيم اً َه ائِالً‬ ‫ان علَى البع ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ص َار ْ‬ ‫ك أن ََّها َ‬
‫ث َو َذل َ‬ ‫ف َما يَأْفَ ُكو َن أ ْكَب ُر بُْر َه َ َ ْ‬ ‫َحيَّةً تَ ْس َعي َت ْل َق ُ‬
‫ِ‬ ‫ك احلِبَ َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ال َوالْعُص َّي َحىَّت مَلْ َيْب َق مْن َها َش ْيءٌ‬ ‫ت َتْبتَل ُع تِْل َ‬ ‫َض ٍ‬
‫راس فَ َج َعلَ ْ‬ ‫ذَا َق َوائِ َم َوعُنُ ٍق َو َرأْ ٍس َوأ ْ‬
‫ض ْح َوةً ‪.‬‬ ‫والسحرةُ والناس يْنظُرو َن إيل ذَلِ َ ِ‬ ‫ِاَّل‬
‫ك عيَاناً َج ْهَرةً نَ َهاراً َ‬ ‫ُ َ ُْ‬ ‫إ ْابَتلَعْتهُ َّ َ َ‬

‫ف‬‫َخ ِذ َها لَ َّ‬ ‫ف ﴾ َفلَ َّما أ ََم َرهُ بِأ ْ‬ ‫مُثَّ أ ََم َرهُ اهللُ َج َّل َو َعال بِ أَ ْن يَأْ ُخ َذ َها قَ َال لَه ﴿ ُخ ْذ َها َواَل خَتَ ْ‬
‫ال لَه ملَ ك أَرأَيت يا موس ى لَو أ َِذ َن اهلل مِب ا حُت ِاذر أ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫طَر ِ‬
‫َكانت امل ْد َر َع ةَ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ف امل ْد َر َع ةَ َعلَى يَده َف َق َ ُ َ ٌ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ض َع َها يف فَ ِم‬ ‫ِِ‬ ‫ُت ْغيِن عْنك شيئاً قَ َال اَل ولَ ِك ضعِيف و ِمن ضع ٍ ِ‬
‫ف َعن يَده مثَّ َو َ‬ ‫ت فَ َك َش َ‬ ‫ف ُخل ْق ُ‬ ‫َ يّن ْ َ ْ ٌ َ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ َْ‬
‫ِ‬
‫ص اهُ اليِت َع ِه َد َها وإذَا يَ ُدهُ يف‬ ‫ض ف إذَا ه َي َع َ‬
‫اس واألَْني ِ‬
‫اب مُثَّ َقبَ َ‬ ‫َ‬ ‫َض َر ِ‬
‫س األ ْ‬ ‫احلَيَّ ِة َحىَّت ِمَسَََِ َع ِح َّ‬
‫ص َرهُ‬ ‫َج َس ِاد لِ َم ْن بَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الش ْعبََتنْي ِ فَفْي َها َدلي ٌل َواض ٌح علي َب ْعث األ ْ‬ ‫َم ْو ِض َع َها إ َذا َيَت َو َك أُ َعلَْي َها َبنْي َ ُ‬
‫اهللُ َو َن َّو َر َع ْقلُهُ‬
‫بن َم ْرمَيَ َعلَي إِ ْحيَ ِاء امل ْوتَى قَ َال اهللُ َت َع اىَل‬ ‫َ‬
‫ومن األ َِدلَِّة الدَّالَ ِة علي البع ِ‬
‫ث َما أَيَّ َد اهللُ بِ ِه ِعْي َس ي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫ني َك َهْيئَ ِة‬ ‫َخلُ ُق لَ ُكم ِّمن الطِّ ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫يل أَيِّن قَ ْد جْئتُ ُكم بِآيَ ة ِّمن َّربِّ ُك ْم أَيِّن أ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ و ََر ُس والً إىَل بَيِن إ ْس َرائ َ‬
‫ْل طَرْيٍ مثّ َيْن َف ُخ فِيه‬ ‫الطَّرْيِ فَ أَن ُف ُخ فِي ِه َفيَ ُك و ُن طَرْي اً بِ ِإ ْذ ِن اللّ ِه ﴾ فَ َك ان يُ َ ِ ِّ‬
‫ص َّو ُر من الطنْي َ َش ك َ‬
‫َفي ُكو ُن طَ اً ِعياناً بِإ ْذ ِن ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫رْي َ‬ ‫َ‬

‫ذن ِ‬‫ك إِحي اء امل وتَى ب ِإ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل ق ال َت َع اىَل‬ ‫َج َس اد و َك َذل َ ْ َ ُ َ ْ‬ ‫الب َراهنْي ِ َعلَي َب ْعث األ ْ‬ ‫َف َه َذا م ْن أَ ْكرَبِ َ‬
‫ب فِي ِه لِ ِذي‬ ‫ِ‬
‫األج َس اد الَ َريْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُحيِـي الْ َم ْوتَى بِ ِإ ْذن اللّ ه ﴾ َف َه َذا بُْر َه ا ٌن َواض ٌح َعلَي َب ْعث ْ‬ ‫﴿ َوأ ْ‬
‫َع ْق ٍل َسلِْي ٍم ‪.‬‬
‫ملعص يةُ والَ َتْن َفع ه الطَّاع ةُ أَْي ِقظْنَا ِمن َن وم الغَ ْفلَ ِة و َنبهْنا ال ْغتِنَ ام أَوقَ ِ‬
‫ِ‬
‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُُ َ ْ‬ ‫ض ُرهُ اْ َ‬ ‫اللَّ ُه َّم يَا َم ْن الَ تَ ُ‬
‫ض مائُِرنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واع ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫مص احِلِنَا ْ‬ ‫ِ‬
‫ص ْمنَا م ْن َقبَائحنا وذُنُوبِنا وال تُؤاخ ْذنَا مبَا انْطَ َو ْ‬
‫ت َعلَْي ه َ‬ ‫املُْهلَ ة َو َو ّف ْقنَا ل َ‬
‫ب‬‫وا َكنَّْتهُ َسرائِرنا ِم ْن أنْواع ال َقبَائِح وامل َعائِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬

‫‪341‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اليت َتعلَمها ِمنا وا ْغ ِفر لَنا ولِوالِ دينا وجِل ِمي ِع املس لِمني األ ِ‬
‫أرح َم‬ ‫َحي اء ِمْنُ ُه ْم واملي تنِي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا ْ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َْ َ َ‬ ‫ُْ ّ َ‬
‫الرامِح ني وصلى اهلل علَى حُم م ٍد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ّ َ َ َ ُ َ َّ َ َ‬
‫ض ))‬ ‫ات م ْختَاَرةٌ ِمن قَ ِ‬
‫ص ْي َد ِة لَِب ْع ِ‬ ‫ِِ‬
‫(( َهذه ْأبيَ ٌ ُ َ‬
‫ال بالطَّبِ َيع ِة ))‬ ‫(( العُلَ َماًِء َرداً َعلَى َم ْن قَ َ‬
‫ت‬‫ت َقَتلَ ْ‬ ‫َواهاً لِ ُدْنَيا ِإ َذا َما أَقَْبلَ ْ‬
‫ط إِقَْبالِ َها َف ْو ٌ‬
‫ت َوإِ ْدبَ ُار‬ ‫و َش ْو ُ‬
‫الس َّم في َحلَْوى َز َخا ِر ِف َها‬
‫ك ُّ‬‫ت لَ َ‬
‫َد َّس ْ‬
‫ك َما ُع ْقَب ُاه أَ ْ‬
‫ضَر ُار‬ ‫ت لَ َ‬ ‫َو َزَّيَن ْ‬
‫ت َد ْهراً ِم َن األَ ْعَو ِام ُمْنَت ِظراً‬ ‫ِ‬
‫وع ْش َ‬
‫صَر ُار‬ ‫ب ُكلُّهُ ُج ْر ٌم وِإ ْ‬ ‫في َمل َْع ٍ‬
‫ت‬‫ت َواْنَت َشَب ْ‬ ‫ْت الم ْق ِ‬
‫اء َوق ُ َ‬ ‫َحتَّى إ َذا َج َ‬
‫ك أَظَْف ُار‬‫لمَنايَا ِفْي َ‬ ‫ِ ِ‬
‫يَا الَهياً ل َ‬
‫ك ِفي ُدنْيا ُم َخ ِاد َع ٍة‬
‫ت ظُُن ْونُ َ‬
‫َخابَ ْ‬
‫ت تَ ْخَت ُار‬ ‫ك َع َّما ُكْن َ‬ ‫ت ِعَنانَ َ‬ ‫أَلَْو ْ‬
‫الع ِريْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض لََق ْد‬ ‫والجاه َ‬‫يَا َذا ال ِو َج َاهة َ‬
‫ص ُار‬‫ت ُع ُه ْو َد َك أَ ْعَوا ٌن وأَنْ َ‬ ‫َخانَ ْ‬
‫ك َو ْح َشُت َها‬ ‫أَلَْق ْو َك ِفي ُحْفَر ٍة َهالَْت َ‬
‫َكأَنَّها ِم ْخ َد ٌ‬
‫ع ُي ْغَلي بِِه ال َق ُار‬
‫الح ِّي ِمن َح َك ٍم‬ ‫ِ‬
‫اد ُر ْوك َو َما في َ‬ ‫َو َغ َ‬
‫تَ ْش ُكو إِْلَ ِيه َو َما ِفي َّ‬
‫الدا ِر َديَّ ُار‬
‫ضْي ُق ال َقْب ِر َم ْ‬
‫ض َج ُعهُ‬ ‫يا ر ِاقداً وم ِ‬
‫َ َ ََ‬
‫ك َّ‬
‫الد ُار‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫ك ِ‬
‫القط ُْر أ َْم َ‬ ‫َأملَّ َ‬

‫‪342‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الح ِّي من َس َع ٍة‬ ‫ِ ِ‬


‫أَبع َد َما في َمغَاني َ‬
‫َّجْي َع ع ِن األ َْمَيِال أَ ْشَب ُار‬ ‫ُت ْغنِي الض ِ‬
‫ت َو ْح َد َك الَ ِخ ٌل َوالَ َخ َد ٌم‬ ‫َخَل ْو َ‬
‫صالَ ِح أَ ْف َك ُار‬ ‫ك با ِإل ْ‬ ‫اجْي َ‬ ‫َف َهل ُتَن ِ‬
‫ْ‬
‫احَت ُه ْم‬ ‫أَم أَنْ َ ِ‬
‫ت َر َ‬ ‫الم ْو َ‬
‫ت م َّم ْن َيَر ْو َن َ‬ ‫ْ‬
‫َّار‬ ‫ِ‬
‫الح ْش ُر والن ُ‬ ‫الموت لَْوالَ َ‬ ‫يَا َحبَّ َذ ْ‬
‫ِِ‬
‫وال َقْب ُر ِإ ْن لَ ْم تَ ُك ْن فْيه ُمَنغ َ‬
‫ِّصةٌ‬
‫ت َز َوايَ ُاه َر ْوضاً ِفْي ِه أَ ْز َه ُار‬ ‫َحا َك ْ‬
‫الزيْ ِغ ُي ْو ِح ُ‬
‫شهُ‬ ‫لَ ِكنَّهُ َوظَالَ ُم َّ‬
‫ش ُع َّم ُار‬ ‫ات الن َّْه ِ‬ ‫ِس ٌجن َلُه ِمن َذو ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ض َج ُع ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ال َق ْوم َم ْ‬ ‫َف َه ْل يُ َحاكي ُقبُ َ‬
‫وآص ُار ا‬‫ات َ‬ ‫الم ٌ‬ ‫تك ظَ َ‬ ‫أ َْم َزاَ َح ْم َ‬
‫ص ْدراً أَ َخا ِكْب ٍر َوغَطَْر َس ٍة‬ ‫س َ‬ ‫بِاأل َْم ِ‬
‫َو َما ِسَوي َّ‬
‫الص ْد ِر َن َه ٌاؤ َوأََّم ُار‬
‫ضطَ ِج ٌع‬ ‫ض ُم ْ‬ ‫وم َبْي َن َهَو ِام ْ‬
‫األر ِ‬ ‫َوالَْي َ‬
‫ض َج ٍع َما بِِه َج ٌار َو ُس َّم ُار‬ ‫في َم ْ‬
‫ت‬
‫ت َقَتلَ ْ‬ ‫َواهاً لِ ُدْنَيا إِ َذا َما أَقَْبلَ ْ‬
‫ت وإِ ْدبَ ُار‬‫ط إقَْبالِ َها َف ْو ٌ‬‫و َش ْو ُ‬
‫فبِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َم ًة‬‫بالم ْرء َمَّر الطَّْي َ‬
‫تَ ُمُّر َ‬
‫الح ْز ِن َجَّر ُار‬
‫ش ُ‬ ‫و َخ ْلُف َها ِمن ُجُي ْو ِ‬
‫ْس إِْيَنٍاس أ َخا َسَف ٍه‬ ‫إِ َذا َسَق ْ‬
‫ت َكأ َ‬

‫‪343‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس َّم ِمْنهُ َو ُهَو ُم ْخَت ُار‬


‫ع ُّ‬ ‫تَ َجَّر َ‬
‫الس ُم ْو ُم ِسَوي لِ َذاتَِها وبَِها‬
‫َو َما ُّ‬
‫الس ُم ْو ُم ِسَوي لِ َذاتَِها وبَِها‬ ‫َو َما ُّ‬
‫الهَوي َحتَّى إِ َذا ْابَت َه ُج ْوا‬ ‫َت ْز ُه ْوا أل َْه ِل َ‬
‫ت بِ َما فْ ِيه ْأر َزاءٌ َوأَ ْك َد ُار‬ ‫اء ْ‬
‫َج َ‬
‫ت َي ْوماً بِم ْخَنِق ِه‬ ‫َخ َذ ْ‬
‫يَا َويْ َح َم ْن أ َ‬
‫إلي طَ ِريْ ٍق ِإلَْي َها َيْنَت ِهي َ‬
‫الع ُار‬
‫ت‬‫ض ِح َك ْ‬ ‫ك إ ْن َ‬ ‫ويا نَ َدام َة من لَم يْب ِ‬
‫َ َ َْ ْ َ‬
‫ات إِنْ َذ ُار‬‫ض ْح ُكها لِ َذ ِوي اللَّ َذ ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫ْ‬
‫َويَا َخ َس َار َة َم ْن أَنْ َسْتهُ َمْب َدأ َُه‬
‫ومْنَت َه ُاه َولَ ْم ُي ْو ِقظْهُ تَ ْذ َك ُار‬ ‫ُ‬
‫ب غَُّرتُهُ‬ ‫الشْي ِ‬ ‫صَر َّ‬ ‫اب ُتْن ِسْي ِه َع ْ‬ ‫الش ِ‬
‫َك َّ‬
‫ت باألُ ْز ِر أ َْو َز ُار‬ ‫َحتَّى إِ َذا َعَلَق ْ‬
‫اب َوظَ َّل الَّ ْشيُب َها ِز َمهُ‬ ‫الشَب ُ‬ ‫َفَّر َّ‬
‫ب َفَّر ُار‬ ‫الشْي ِ‬
‫اب أ ََم َام َّ‬ ‫الشَب َ‬ ‫إِ َّن َّ‬
‫َفهل لِ ِذي ِ‬
‫الجاه أَ ْن َيْن َسى َمنِيََّتهُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫الج ِاه ِم ْعثَ ُار‬
‫ب َ‬ ‫س َر ِّ‬ ‫ت ِفي َرْأ ِ‬ ‫والم ْو ُ‬ ‫َ‬
‫َو َك ْم َو ِجْي ٍه َت َع َامي َع ْن َعَو ِاقبِ ِه‬
‫رو َو َع َّم ُار‬ ‫ِإ ْذ َهابَهُ َخ ْشَي ًة َع ْم ٌ‬
‫ضِلْي ِل مت ِ‬
‫َّجراً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوظَ َّل في ُز ْخ ُرف التَّ ْ ُ‬
‫س ْو ِق َّ‬
‫الزيْ ِغ تَ ْمَت ُار‬ ‫والن ِ ِ‬
‫َّاس مْنهُ ب ُ‬
‫َ ُ‬

‫‪344‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض َج َعهُ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫الر َدى لِلْمو ِ‬ ‫َحتَّى إِ َذا َما َّ‬


‫َْ‬
‫ض ِحَي ٍه ِم ْن َح ْولِ َها َد ُاروا‬ ‫ض َحى كأُ ْ‬ ‫أً ْ‬
‫ضلُ ُع ِه‬
‫ف َح ٌي َبْي َن أَ ْ‬ ‫ات َوال َخ ْو ُ‬ ‫َو َم َ‬
‫الدا ِر أَ ْد َو ُار‬
‫ْك َّ‬ ‫لم َخا ِز ْي بِتِل َ‬ ‫ِ‬
‫َول َ‬
‫ت َعلَي َع َج ٍل‬ ‫ُف لِ ُم ْقبِلَ ٍة َمَّر ْ‬
‫أ ٍّ‬
‫َكأََن َها ال َف ْج ُر لَ ْم يُ ْم ِهلْهُ إِ ْسَف ُار‬
‫ت‬ ‫صَن َع ْ‬ ‫ت َو ُّ‬
‫الدْنَيا َو َما َ‬ ‫َكأَنَّ َما أَنْ َ‬
‫ان ِم ْهَز ُار‬ ‫الصْبي ِ‬
‫اع َها ِّ َ‬ ‫أُل ُْع ْوبًَة بَ َ‬
‫ت‬‫أَل َْهْت ُه ُموا ُب ْر َه ًة َحتَّى إِ َذا تَِلَف ْ‬
‫ف َوِم ْز َم ُار‬ ‫اد ُّ‬
‫الم َس َ‬ ‫ِ‬
‫َوفَاَت ُه ْم في َ‬
‫المالَ ِه ْي َغْيَر َس َ‬
‫اعتِ ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫لَ ْم َيلَْبثُوا في َ‬
‫َوقَ ْد َد َهْت ُه ْم ُمِل َّم ٌ‬
‫ات َوأَ ْك َد ُار‬
‫اء لَ َها‬ ‫ٍ‬
‫َو َه َك َذا ُك ُّل َحال الَ َبَق َ‬
‫ت أَثْ َم ُار‬ ‫و ُكلَُنا ِفي الجَني لِلْمو ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ت األَيَّ ُام َم ْر َكَبهُ‬‫َو ُك ُّل َم ْن َكانَ ْ‬
‫ِ‬
‫فَ ُك ُّل أ َْوقَاتِه ظَ ْع ٌن َوأ ْ‬
‫َسَف ُار‬
‫َتبّاً لِ َدا ٍر أ ََرْتَنا ِم ْن َمالَ ِعِب َها‬
‫َع َجائِباً َما أَتَ َاها َّ‬
‫الد ْهَر َس َّح ُار‬
‫ك إِ ْن‬‫ك ِعل ُْم َ‬ ‫َفيا أَ َخا ِ‬
‫العل ِْم الَ ُيْن ِجْي َ‬ ‫َ‬
‫الب ُار‬
‫اس ُمهُ َ‬
‫ب ْ‬‫ك َخ ْشَيةُ َر ٍّ‬ ‫فَاَتْت َ‬
‫الم ِال الَ َت ْر َك ْن لِ َكْثَرتِِه‬
‫َويَا أَ َخا َ‬

‫‪345‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الم ِاء َكَّر ٌار َو َفَّر ُار‬ ‫ال َك َ‬ ‫فَال َْم ُ‬


‫ف ِر ْحلَتُهُ‬‫ف و ُع ْقبي الضَّْي ِ‬
‫ضْي ٌ َ َ‬ ‫الج ُاه َ‬
‫َو ً‬
‫ول الم ْك ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ث أ َْوطَ ُار‬ ‫وِإ ْن َد َعْتهُ لطُ ُ‬
‫ات ِفي َس َع ٍة‬ ‫اهلل يَا َم ْن بَ َ‬ ‫ضر ْع ِإلي ِ‬
‫َوا ْ َ‬
‫اهلل إِ َّن َّ‬
‫الد ْهَر َد َّو ُار‬ ‫ِمن نِْعم ِة ِ‬
‫ْ َ‬
‫اهلل تأْتِي طَ َّي َر ْح َمتِ ِه‬
‫ونِْعمةُ ِ‬
‫َ‬
‫ال ِم ْد َر ُار‬
‫الهطَّ ُ‬ ‫ِ‬
‫َك َماط ِر َغْيثُهُ َ‬
‫ِ‬
‫لَكن ََّما الغَ ُّي والطُّ ْغَيا ُن َيْن ُق ُ‬
‫ص َها‬
‫فَ َما َت َهنَّى بَِها ِفي ال َك ْو ِن ُكَّف ُار‬
‫الب ْغ َي ِفي نَِع ٍم‬ ‫وإِ ْن َت ُق ْل إِ َّن أ َْه َل َ‬
‫َفَر ْكُب ُه ْم ِفي طَ ِريْ ِق الغَ ِّم َسيَّ ُار‬
‫والغَ ِافلُو َن لَ ُه ْم ِفي ال َقْب ِر ُم ْز ِع َجةٌ‬
‫َّار‬
‫اه ُم الن ُ‬ ‫ص ِل ال َق َ‬
‫ضا ُع ْقَب ُ‬ ‫َوَب ْع َد فَ ْ‬
‫الس تِ ْغَر ِاق‬
‫واس ُت ْر عُُي ْو َبنَا وأ َِّم ْن َْخو َفنَا َو َو ِّف ْقنَا ْ‬
‫ص ُد ْو َرنَا ْ‬ ‫واش َر ْح ُ‬ ‫ان ْ‬ ‫اللَّه َّم نَ َّور ُقلُوبنَا بُِن و ِر ا ِإلميَ ِ‬
‫ُ ْ َ ْ‬
‫ف َعلَي ِه ْم والَ ُه ْم‬ ‫الص احِلِنْي َ الّ ِذيْ َن الَ َخ ْو ٌ‬ ‫اج َع ْلنَا ِم ْن ِعبَ ِاد َك َّ‬ ‫ات َّ حِل ِ‬
‫الص ا َات َو ْ‬
‫أَوقَاتِنَا يِف الباقِي ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫اب النّ ا ِر َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َومَجِ يع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنْيا َح َس نَةً ويِف اآلخ َر ِة َح َس نَةً َوقنَا َع َذ َ‬ ‫حَيَْزنُون وآتِنَا يِف ُّ‬
‫ص ْحبِ ِه أَمْج َعِنْي َ ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫صلَّي اهللُ َعلَى حُمَ ّمد َو َعلَى آله َو َ‬ ‫ني َو َ‬ ‫الرا َ‬ ‫املُ ْسلمنْي َ بَرمْح َت َ َ ْ َ َ‬
‫( فصل )‬
‫قَال ابْ ُن ال ّقيم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫المهُ َعلَْي ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫طَبقات امل َكلَّ ِف يِف ِ‬
‫اآلخَر ِة مَثَايِن َع َشَر َة طََب َقةً أَعالَ َها َم ْرَتبَةُ ُّ‬
‫وات اهلل َو َس ُ‬ ‫صلَ ُ‬ ‫الر ُس ِل َ‬ ‫ُ ُ نْي َ‬
‫ِ‬ ‫قات أَعالهم أُولُو ِ‬
‫الر ُس ِل مُثَّ األَنْبِياءُ الّ ذيْ َن مَلْ‬ ‫الع ْزم اخلَ ْم َس ةُ مُثَّ َم ْن َع َد ُاه ْم ِمن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ ْ‬
‫الث طَب ٍ‬
‫َو ُه ْم ثَ ُُ َ‬
‫يُْر َسلُوا إىَل األ َُم ِم ‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الرس ِل ال َق ائِمو َن مِب َا بعُِث وا بِ ِه ِع ْلم اً وعمالً ود ْع و ًة لِْلخ ْل ِق إىل ِ‬


‫اهلل‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الص ّدي ُق َون َو َرثَ ةُ ُّ ُ‬ ‫الرابِ َع ةُ ‪ّ :‬‬ ‫َّ‬
‫َعلَي طَ ِريِْق ِه ْم ‪.‬‬
‫الع ْد ِل َو ُوالَتُهُ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلَام َسةُ ‪ :‬أَئ ّمةُ َ‬
‫اه ُدو َن يِف سبِي ِل ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫السادسةُ ‪ :‬املُ َج ْ‬
‫الص َدقَِة ‪.‬‬‫ان َو َّ‬ ‫السابِعةُ ‪ :‬أ َْهل ا ِإليثَا ِر وا ِإلحس ِ‬
‫َْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫الة و ِص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يام َو َح ٍّج‬ ‫ص َ‬ ‫الثّامنَ ةُ ‪َ :‬م ْن َفتَ َح اهللُ َعلَْي ه بَاب اً م ْن أ َْب َواب اخْلَرْي ال َقاص ِر َعلَى َن ْفس ه م ْن َ‬
‫َو َغرْيِ َها ‪.‬‬
‫ب حَمَا ِر ِمهُ ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اسعةُ ‪ :‬طَب َقةُ أَه ِل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ض اهلل َوجَيْتَن ْ‬ ‫َّجاة َو ُه ْم َم ْن يُ َؤ ِّد ْي َفَرائ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫التّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬
‫َس َر ُف ْوا َعلَى أَْن ُفس ِه ْم َو َغ َش ْوا َكبَ ائر َما َن َهى اهللُ َعْن هُ َولَك ْن َر َز َق ُه ُم اهللُ‬ ‫العاش َرةُ ‪ :‬طََب َق ةُ َق ْوم أ ْ‬
‫ص ِحْي َح ٍة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّص ْو َح َقْب َل املَْوت فَ َماتُوا َعلَى َت ْوبَة َ‬ ‫الت َّْوبَةَ الن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلادي ةَ عش رةَ ‪ :‬طَب َق ةُ أَْق و ٍام خلَطُ وا عمالً حِل‬ ‫ِ‬
‫وآخ َر َس يِّئاً َولَ ُق وا اهللَ ُمص ِّريْ َن َغْي َر تَ ائبِنْي َ‬
‫ص ا اً َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ات َف َه ُؤالَِء أيْض اً‬ ‫لَ ِكن حس نَا ُتهم أَ ْغلَب ِمن س يِّئاهِتِم فَ ِإ َذا و ِزنَت هِب ا رجحت كِ َّفةُ احلس نَ ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ ْ َ َََ ْ‬ ‫ْ َ َ ُْ ُ ْ َ ْ‬
‫اج ُح ْو َن فَائُِز ْو َن ‪.‬‬ ‫نَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األع َراف َو ُه َو َم ْوض ٌع َبنْي َ‬ ‫اب ْ‬ ‫َص َح ُ‬ ‫ت َح َس نَا ُت ُه ْم َو َس يّئاهتُ ْم َو ُه ْم أ ْ‬ ‫الثَانيَة َع َش رة ‪َ :‬ق ْو ٌم تَ َس َاو ْ‬
‫اجلَن َِّة والنّا ِر ولَ ِك ْن َمآهُلُ ْم إىل ُد ُخ ْو ِل اجلَن َِّة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫ت‬ ‫َّت َم َوا ِز ْيُن ُه ْم َو َر َج َح ْ‬‫الث َع َش رة ‪ :‬طََب َق ةُ أ َْه ِل البَليَّة وامل ْحنَ ة ِو ُه ْم َق ْو ٌم ُم ْس ل ُم ْو َن َخف ْ‬ ‫الثّ َ‬
‫ِ‬ ‫الء الّ ِذين ثَبت ِ‬ ‫ِس يِّئا ُتهم علَى حس ناهِتِم ِو ِه ؤ ِ‬
‫َّار َفيَ ُكونُ ْو َن‬ ‫ت فْي ِه ْم األح اد ُ‬
‫يث أَن َُّه ْم يَ ْد ُخلُو َن الن َ‬ ‫ْ َ ََ ْ‬ ‫َ ُْ َ َ ََ ْ ُ‬
‫فِْي َها َعلَى ِم ْق َدا ِر أ َْع َماهِلِ ْم مُثَّ خُيَْر ُج ْو َن‬

‫‪347‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الرامِحِ نْي ‪.‬‬ ‫بش َفاَ َع ِة الشَّافِعِنْي َ وبَِرمْح َِة أ َْر َح ِم َّ‬
‫ِمْن َها َ‬
‫ص يةَ والَ ُك ْف ر والَ إِمْيَا َن وهم أص نَ ٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫اف مْن ُه ْم َم ْن مَلْ‬ ‫َُْ ْ‬ ‫ََ‬ ‫اع ةَ هَلُ ْم والَ َم ْع َ َ‬ ‫الرابِ َع ةَ َع َش رة ‪َ :‬ق ْو ٌم الَ طَ َ‬ ‫َّ‬
‫َص ُّم اّلذي الَ يَ ْس َم ُع َش ْيئاً أَبَداً‬ ‫ِ ِ‬ ‫َتبلُ ْغهم الد ْ حِب ٍ ِ‬
‫َّع َوةُ َ ال َومْن ُه ْم املَ ْجنُو ُن اّلذي الَ َي ْعق ُل َومْن ُه ْم األ َ‬ ‫ْ ُُ‬
‫ت األَئِ َّمةُ فِْي ِه ْم َعلَى مَثَانِيَ ةَ‬‫ال امل ْش ِركِ اّل ِذين م ا ُتوا َقب ل أ ْن مُيََّيزوا َش يئاً ف اخَتلَ َف ِ‬
‫ْ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نْي‬ ‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫وِ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ات ِ‬ ‫ُ‬
‫ول فَ َم ْن أَطَ َ‬
‫اع‬ ‫اك َر ُس ٌ‬ ‫القيَ َام ِة ويُْر َس ُل إِلَْي ِه ْم ُهنَ َ‬ ‫ب أَرجحها أَنَّهم مُيْتَ ِحُن و َن يِف عرص ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َم َذاه ْ َ ُ َ ُ ْ‬
‫َّار ‪.‬‬‫صاهُ َد َخ َل الن َ‬ ‫ول َد َخ َل اجلَنَّةَ َو َم ْن َع َ‬ ‫الر ُس َ‬
‫ّ‬
‫والع ْد ُل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِب ِ‬
‫ْمةُ َ‬ ‫ث َوتُوافُق احلك َ‬ ‫األحاديْ ُ‬
‫و َ َذا َتتَّفق َ‬
‫لذيْ َن أَظْ َه ُر ْوا ا ِإل ْسالَ َم وأبْطَنُ وا ال ُك ْف َر‬ ‫الزنَ ِادقِّة وهؤالَِء املنافِ ُقو َن اّ ِ‬ ‫الطَّْب َقةُ اخلَ ِام َسةَ َع َشَرةَ ‪ :‬طََب َقةُ َّ‬
‫َ َ ُ َُ ْ‬
‫األس َف ِل ِم ْن النّا ِر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وه ْم يِف الد َّْرك ْ‬ ‫ُ‬
‫الع ِقْي َد ِة وبِالعِنَ ِاد‬ ‫ِ ِ‬
‫ظ ال ُك ْف ُر بِغلَ ظ َ‬ ‫الس ِاد َس ةَ َع َش َر َة ‪ُ :‬ر ُؤ َس اءُ ال ُك ْف ِر وأَئِ َّمتُهُ َو ُدعاتُهُ َو َيَتغَلَّ ُ‬
‫الطََّب َق ةُ َّ‬
‫َّعو ِة إِىل الب ِ‬
‫اط ِل ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وبالد ْ َ‬

‫َّار ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫السابِ َعةَ َع َشَرةَ‪ :‬طََب َقةُ الْ ُم َقلِّ ِديْ َن َو ُج َّه ُ‬
‫ال ال َك َفَر ِة َوقَ ْد َّات َف َقت األ َُّمةُ َعلَى أَن َُّهم ُكف ٌ‬ ‫َّ‬
‫الطَب َقةُ ّ‬
‫ات مِم َّا‬ ‫ب هِلِ ِ‬
‫أع َم ا ْم ول ُك ٍّل َد َر َج ٌ‬‫وه ْم ُم َكلَّ ُف ْو َن ُمثَابُو ًن ًو ُم َع ا َقُب ْو َن حبَ َس ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثّامنَةَ َع َشَر َة‪ :‬طََب َقةُ اجل ِّن ُ‬
‫أع َماهِلِ ْم َو ُه ْم الَ يُظْلَ ُم ْو َن ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َع ِملُ ْوا ولُي ْوفَي ُه ْم ْ‬

‫اعي ال َق ْل ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫راف دو ِ‬ ‫الرج وع إِىل ِ‬


‫اهلل وانْ ِ‬
‫ب ِوج ِواذبِ ه إِلَْي ه َوه َي َتتَ َ‬
‫ض َّم ُن امل َحبَ ةَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال ا ِإلنابَ ةُ ُّ‬
‫َوقَ َ‬
‫َ‬
‫الر ُج ْو ِع إِلَْي ِه ِمن‬ ‫واخل ْش يةَ والنَّاس يِف إِنَ ابتِ ِهم درج ات متَفا ِوتَ ةٌ فَ ِمْنهم املنِيب إِىل ِ‬
‫اهلل بِ ُّ‬ ‫ُ ْ ُْ ُ‬ ‫َ ْ ََ َ ٌ ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫ف َوالعِْل ُم ‪.‬‬
‫ات وامل َعاصي واحلَ ِام ُل اخلَْو ُ‬ ‫املخالََف ِ‬
‫َُ‬
‫َ‬

‫‪348‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الو ْع ِد‬
‫الر َج اءُ َو ُمطَالَ َع ةُ َ‬
‫در َها َّ‬
‫ومص ُ‬
‫ات َفه و س ٍ جِب ِ ِ‬
‫اع ُ ْه ده ْ‬
‫اهلل يِف أَْن و ِ ِ ِ‬
‫اع العبَ َاد ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫و ِمْنهم املنِيب إِىل ِ‬
‫َ ُ ْ ُْ ُ‬
‫ب َعلَى‬ ‫ِِ ِ‬
‫ب بِ ْ‬
‫األمَريْ ِن ولك ْن َي ْغل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب َو َه ُؤالَِء أبْ َس ُ‬
‫ط نُ ُف ْوس اً من األ ََّولنْي َ َو ُك لٌّ مْن ُه َما ُمنْي ٌ‬
‫والثَّو ِ‬
‫َ‬
‫اآلخ ِريْن ‪.‬‬ ‫الرجاء علَى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َّ َ ُ َ‬ ‫ف َو َي ْغل ُ‬
‫األ ََّولنْي َ اخلَْو ُ‬

‫ِ ِ‬ ‫و ِمْنهم املنِيب إِلَي ِه بالتَّضُّر ِع والدُّع ِاء و َك ْثر ِة االفْتِ َقا ِر وسؤ ِال احل ِ‬
‫اجات ُكلِّ َها َم َع قيَ ام ِه ْم ْ‬
‫باألم ِر‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُْ ُ ْ‬
‫اختِيَا ٍر ‪.‬‬
‫ضطَِّّر ال إِنَابَة ْ‬ ‫َّدائِ ِد فِ ِق ْط إِنَابَة امل ْ‬ ‫والنَّه ِي و ِمْنهم املنِيب إِىل ِ‬
‫اهلل َعْن َد الش َ‬ ‫ْ َ ُ ْ ُْ ُ‬
‫ُ‬
‫َّة املحبَّ ِة اخلالِ‬
‫ِ ِِ ِ‬
‫ص ِة امل ْغنِيَة هَلُ ْم َع َّما ِس َوى‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اع ا ِإلنَابَ ات إِنَابَة ال ُّر ْو ِح جِب ُ ْملَت َها إِلَْي ه لش د َ َ‬
‫ِ‬ ‫َوأ َْعلَى أَْن َو ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حَم بوهِبِم و ِح أنَاب ِ‬
‫ت‬ ‫َد‬
‫أ‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ت‬‫ي‬
‫َّ‬ ‫ع‬ ‫ر‬
‫ْ َ َ ُ َ َ َُ َ ّ ْ‬‫ا‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫اء‬ ‫ض‬ ‫َع‬‫أل‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫ف ِمْن ُه ْم َش ْيء َع ِن ا ِإلنَابَ َ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫ة‬ ‫ت إِلْي ِه مَلْ َيتَ َخلَّ ْ‬‫ُْ ْ ْ َ نْي َ َ ْ‬
‫ضل ِ‬
‫اهلل انتهي ‪.‬‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫وظَائَِفها َك ِاملَةً فَساعةُ من إِنَابة ه َذا أَعظَم ِمن إِنَابة ِسنِ ِمن َغ ِ ِه وذَلِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ نْي َ ْ رْي َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫(( موعظة ))‬
‫ت امل َشا ِر َق واملغَا ِرب و ُك َّل ما لألر ِ ِ‬ ‫اهلل حَنْن يِف عص ٍر بار َك اهلل فِي ِه بر َكةً ع َّم ِ‬ ‫ِعباد ِ‬
‫ض م ْن أَحْنَ اءَ‬ ‫َ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ِِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫مِم‬
‫ت‬
‫َس َر ًار َت ُف ْو ُ‬ ‫َّا َن ْعلَ ُم هُ َو َّجهَ بِ ُق ْد َرت ه َوإَِر َادت ه أَفْ َك َار بَيِن ْ َ‬
‫آد َم إِىل َما أ َْو َد َع هُ يِف َخ ْلق ه م ْن أ ْ‬
‫ِ‬ ‫االخرِت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كار‬
‫ش األفْ َ‬ ‫الع إِىل َما يُ ْده ُ‬‫اع واإلطّ ِ‬ ‫السبِْي َل َف َوصلُوا م ْن التََّراقي يِف ْ‬ ‫صاءَ َويَ َّسَر هَلُ ْم َّ‬ ‫اإلح َ‬ ‫ْ‬
‫َخَبَر اهللُ بِِه َو َر ُسولُه ‪.‬‬ ‫وَتزداد بِِه ع ِقي َدةُ امل ْؤ ِم ِن ُق َّوةَّ فَال يع ِ ي ِه ْأد َش ِّ ِ‬
‫ك يِف ما أ ْ‬ ‫َ ْ رَت ْ ىَن‬ ‫َْ ُ َ ْ ُ‬
‫ض ُه ْم َب ْعضاً َم َع بُ ْع ِد امل َسافَِة ِويُ َسافُِر ْو َن‬
‫اس َب ْع ُ‬
‫ُ‬
‫الد ْنيا ُكلُّها َكأَنَّها بيت و ِ‬
‫اح ٌد يُ َكلِّ ُم النّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ُّ‬ ‫أَصبح ِ‬
‫َْ َ‬
‫َ‬
‫َّة طَ ِو ْيلَ ٍة فِْي َما‬
‫َّة ي ِس ٍة ما حَي ت اج إِىل م د ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب الرَبِ يَّة والبِ ْح ِريَّة يِف ُم د َ رْي َ َْ ُ ُ‬
‫ب راً وحَب راً في ْقطَع و َن بِ املراكِ ِ ِ‬
‫َ ّ َ ْ َ ُ ْ ََ‬
‫ب الّيِت َخلَ َق َها‬ ‫ِ‬ ‫ضى ِوتِْن ُق ُل تِْل َ‬
‫ك املََراك ُ‬ ‫َم َ‬

‫‪349‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ات بَل لِ ْو أ ََر ُاد ْوا ُمس َاب َقةَ الطّرْيِ يِف‬‫اهلل لَنَا ِمن األ ْث َق ِال بِ ُق َّو ٍة وس رع ٍة تَِق ف أَمامها األلب اب ح ائِر ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ ُ َ ََ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫السم ِاء لَسب ُقوه بِالطّائِ ِ‬
‫رات ‪.‬‬ ‫َّ َ َ َ ْ ُ‬
‫ال َتعاىَل ‪ ﴿ :‬واللّه أَخرج ُكم ِّمن بطُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ون‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َْ َ‬ ‫صْن ِع َهذه املُ ْخَتَر َعات قَ َ َ‬ ‫فَ ُسْب َحا َن َم ْن أ َْر َش َد عبَ َادهُ إِىَل ُ‬
‫ص َار َواألَفْئِ َدةَ لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن ﴾‬ ‫ِ‬
‫أ َُّم َهات ُك ْم الَ َت ْعلَ ُمو َن َشْيئاً َو َج َع َل لَ ُك ُم الْ َّس ْم َع َواألَبْ َ‬

‫ص َار اللَّْي ُل بِأ ْن َوا ِر ِه و َكأنَّهُ َن َه ٌار َو َما‬ ‫باء وفَائِ َدهِتِا ِ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّها ِر َف َق ْد َ‬
‫العظْي َمة يِف اللَّْي ِل َوالن َ‬
‫َ‬ ‫وانْظُر إىَل ال َك ْهَر َ‬
‫الب ر ِاهنْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الراح ِة واملنَ افِ ِع ِ ِ‬
‫العظْي َم ة الّيِت مَلْ حَتْ ُ‬
‫أسب ِ‬ ‫فِْي ِه ِم ْن‬
‫س َه َذا م ْن أ َْعظَم َ َ‬ ‫ص ْل ل َم ْن َقْبلَنَا أَلَْي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اب َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اق َويِف أَن ُف ِس ِه ْم َحىَّت‬ ‫َخب ر اهلل بِ ِه بَِقولِ ِه ‪ ﴿ :‬س نُ ِري ِهم آياتِنَا يِف اآْل فَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫واألدلّ ة َعلَى ص ْدق َما أ ْ َ َ ُ‬
‫َيتََبنَّي َ هَلُ ْم أَنَّهُ احْلَ ُّق ﴾ ‪.‬‬

‫ت الَ مَتْ ِش ْي َش ْرقاً‬ ‫ص ُد ْو ُق ِم ْن أ َّ‬ ‫وعلَى ِص ْد ِق ما أَخب ر بِ ِه َّ ِ‬


‫ب َو َها أَنْ َ‬ ‫الز َم ا َن َيَت َق َار ُ‬
‫َن َّ‬ ‫الص اد ُق املَ ْ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ت َت َرى وتَ ْس َم ُع ِم ْن تِْل َ‬
‫َس َرا ِر َما حَتَ ُاربِ ه األَفْ َك ُار َفنَ ْح ُن الَْي َ‬
‫وم َنَت َقلَّب يِف‬
‫ُ‬ ‫ك األ ْ‬ ‫َوالَ َغ ْرب اً إِالّ وأَنْ َ‬
‫ُك ل أ ِ‬
‫ص ٌر ِم َن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِر يِف‬
‫الع ْ‬
‫َّك َت َرى َحَي َوا َن َه َذا َ‬ ‫ص ا ِر َحىَّت إِن َ‬ ‫اإلع َ‬ ‫َح َوالنَا يِف نَعْي ٍم مَلْ يَظْ َف ْر بِ ه َع ْ‬
‫ِّ ْ‬
‫ات إِ َّن َح ّق اً َعلَْينَا إِزاءَ ُك ِّل َه َذا أ ْن نَ ُك ْو َن‬ ‫اض ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫راح ٍة وإِ ْك ر ٍام مَل َتتمت هِب‬
‫ص و ِر الْ َم َ‬ ‫َّع َا َبُن ْو العُ ُ‬ ‫َ ْ ََ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ص هُ بِ ِه َم ْوالَهُ ‪.‬‬ ‫أسبق األجي ِال يِف ِمي َد ِان ش ْك ِر ِ ِ ِ‬
‫اختَ َّ‬ ‫مِب‬
‫س َويَ ْش عُُر ًا ْ‬ ‫اهلل ليَُب ْره َن ُك ِّل ِمنَّا أَنَّهُ حُيِ ُّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َْ َ َْ‬
‫أ ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ف مَل ي ُكن ِمنَّا ُش كْر ه ِذ ِه النَّع ِم واس تِعماهُل ا يِف طَ ِ ِ‬ ‫ولكن يا لِأل ِ‬
‫ك‬‫اض ْي ِه َو َدلْي ُل ذَل َ‬
‫اهلل ومر ِ‬
‫اع ة َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َس ْ َ ْ‬ ‫َْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬
‫اد أ ْن َتْبكي م ْن فُ ُش َّو َها َو ْازديَاد َها اجلَ َم َاد ُ‬ ‫ًما َت َرى َوتَ ْس َم ُع م ْن املََعاص ي واملُْن َك رات الّيِت تَ َك ُ‬
‫‪.‬‬

‫هلل لِْلمس لِ ِم إِنَّها لَتج رح َق ْلب امل ؤ ِم ِن مِل‬


‫الس ا ِ ِمْن َها َح ْرج اً يُ ْو ِش ُ‬
‫ك أ ْن يُ ْو ِص لَهُ إِىل ال َقرْبِ‬ ‫َّ‬ ‫َفيَا ِ ُ ْ نْي َ َ َ ْ َ ُ َ ْ‬
‫ُِ‬
‫رات ولِْتِأيْيِد ا ِإل ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫سالم ‪.‬‬ ‫اللّ ُه َّم َوفَّ ْق ُوالََتنَا ِإل َزالَة َهذه املُْن َك َ‬

‫‪350‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫اه ْم ‪.‬‬
‫َّد ُخطَ ُ‬ ‫ُّص ِح هَلُ ْم َو َسد ْ‬ ‫واملُ ْسلمنْي َ يِف مَج ْي ِع اجل َهات َو َو َّف ْق ُه ْم ل ِّلرفْ ِق يِف َر َعايَ ُ‬
‫اه ْم والن ْ‬
‫ف‬ ‫األه و ِال ‪ ،‬وأَمنّا ِمن ال َف ز ِع األَ ْكرَبِ يوم الر ْج ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اللَّه َّم و ّف ْقنا لِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ال ‪ ،‬وجَنِّنَا م ْن مَج ي ِع ْ َ‬ ‫األع َم َ‬
‫ص ال ِح ْ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫والزلْ ز ْال ‪ ،‬وا ْغ ِف ر لَنا ولِوالِ دينا ‪ ،‬وجِل ِمي ِع املس لِ ِم األ ِ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬‫َحيَ اء ِمْن ُه ْم وامليتني بَِرمْح َتِ َ‬
‫َ ْ َ َ َ َ َْ َ َ ْ ُ ْ نْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ني ‪ ،‬وصلي اهللُ َعلَى حُمَ َّم ٍد وآلِِه وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َّ مِحِ‬
‫الرا َ‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫الص حة‬
‫اس ّ‬‫ان َم ْغُب ْو ِن فِْي ِه َما َكثِْي ٌر ِمن النّ ِ‬
‫اس ر ِضي اهلل عْنهما عن النَّيِب ‪ ‬قَ َال نِعمتَ ِ‬
‫َْ‬ ‫َع ْن ابن َعبَّ ٍ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ّ‬
‫سائي وأمْح د وابن ماجة ‪.‬‬ ‫مذي والنّ ّ‬ ‫وال َفَراغُ ِرواهُ البُ ّ‬
‫خاري والرّت ّ‬
‫ِ‬ ‫ث الع ِظي ِم فَ ِإ َّن َكثِ اً ِمن الن ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لََق ْد ص َد َق رس ُ ِ‬
‫ب‬ ‫َّاس يُ ْهم ُل َواج َ‬ ‫رْي َ‬ ‫ول ‪ ‬فْي َما قَالَ هُ يِف َه َذا احلَ ديْ َ ْ‬ ‫َ َُ‬
‫بأد ِاء َح ِّق اهللَ فِْي َها‬
‫اس تْب َق َاؤ َها َ‬
‫الش ْك ِر والَ حُي ا ِو ُل ِ‬
‫ْ‬ ‫ب هَلَا م َن ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫النِّع ِم َعلَْي ِه فالَ يسَت ْقبِل الن مِب ِ‬
‫ِّع َم َا جَي ُ‬‫َْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل ويْن أى جِب انِبِ ِه والَ ي ْذ ُكر ه ِذ ِه الن ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّع َم ةَ م ْن ن َع ِم اهلل َعلَى َعظَم َها إالّ حنْي َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ض َع ْن َ َ‬ ‫بَ ْل يُ ْع ِر ُ‬
‫ض ْع ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫الش ب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ض ر َة ِ ِ‬
‫ف‬ ‫اب َعلَى َغرْيِ َم ْوع د إِىل َ‬ ‫العافيَ ة َوخَي ْطُ ْو ب ُق ّوة َّ َ‬ ‫ض فيُ ْذبِ ُل نَ ْ َ َ‬ ‫َي ْع ُد ْو َعلَْي َها املَ َر ُ‬
‫الشَّْي ُخ ْو َخ ِة ‪.‬‬
‫س احلَيَ ِويَّةَ تَ ْس ِر ْي يِف عُ ْر ْوقِ ِه َف ُه َو‬ ‫ِ‬
‫ض ائِِه و ُق َّوة بُْنيَتِ ِه َو ِحنْي َ حُيِ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ ََّما حنْي َ َيْن َع ُم ا ِإلنْ َسا ُن بِ َس الََمة أ َْع َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َّاهي ‪ ِ ،‬هِب‬ ‫اآلم ر الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ يِف‬
‫وخاس راً َا َو ُه َو حَيْس ُ‬ ‫َ‬ ‫َيْنطَل ُق َش َه َواته َخاض عاً هَلَا ‪َ ،‬و ُه َو يَظُ ُّن َن ْف َس هُ َ‬
‫َن ْف َسهُ قَ ْد َربَح ُك َّل َش ْي ٍء ‪.‬‬
‫ات ُد ْو َن َت ْف ِرقَ ٍة‬‫الت وم ْش روب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ومَتْض ْي به أَيَّ ُامهُ َولَيَالْيه َو ُه َو َي ْرتَ ُع َك احلََي َوان يِف َملَ َّذات ه م ْن َم أْ ُك ْو َ َ ُ ْ َ‬
‫ث َفيُ ِس يءُ إِىل َن ْف ِس ِه َو َيْب َخ ُس َها َح ّق َها إِ ْذ‬ ‫ب وخبِي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َبنْي َ َحالَل َو َح َر ٍام ِو ْمن َغرْيِ مَت ْيي ٍز َبنْي َ طَيِّ ٍ َ َ ْ‬
‫الو ِاجبَ ِة يِف اللَّ ْه ِو واللَّعِب ‪ .‬قال اهللُ َج َّل َو َعالَ‬ ‫اع ة َ‬
‫يض يِّع طَا َقَتها علَى العم ِل النَّافِ ِع وعلَى الطَّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َُ ُ‬
‫ون ﴾‬ ‫‪ ﴿ :‬وما خلَ ْقت اجْلِ َّن واإْلِ نس إِاَّل لِيعب ُد ِ‬
‫َ َ َ ُْ‬ ‫ََ َ ُ‬

‫‪351‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ض يُ ْف ِق ُد ا ِإلنْ َس ا َن ُم ْعظَ َم‬ ‫َن املََر َ‬ ‫اب وأ َّ‬ ‫الس ح ِ‬


‫ض ال يَ ُد ْو ُم بَ ْل مَيُُّر َم َّر َّ َ‬ ‫الص َحةَ َع َر ٌ‬ ‫َن ِّ‬ ‫ك أ َّ‬‫َوبِالَ َش ٍّ‬
‫الس َف ِه واحلُ ُم ِق إِذاً أَ ْن الَ َي ْغتَنِ َم ا ِإلنْ َس ا ُن‬ ‫الع َم ِل بَ ْل ُرمَّبَا َف َق َد َها ُكلَّ َها َو َع ِج َز فَ ِم َن َّ‬ ‫طَا َقتَ هُ َعلَى َ‬
‫اع ِة والعِبَ َاد ِة ‪.‬‬ ‫اغ ِمن الش ِ ِ‬ ‫الص َّح ِة وال َفَر ِ‬
‫َّواغ ِل للطَّ َ‬‫َ‬ ‫صةَ ِّ‬ ‫ُف ْر َ‬
‫ِ‬ ‫َن ُك َّل ي وٍم يَت َق د ِ‬ ‫و ُك ُّل إنْس ٍ‬
‫ف‬ ‫ض عُ ُ‬ ‫الع َم ِل تَ ْ‬ ‫ص ُر عُ ُم ُرهُ َو َم ْقد َرتُ هُ َعلَى َ‬ ‫َّم بِ ه ال َّز َم ُن َي ْق ُ‬
‫َْ َ ُ‬ ‫ان َي ْعلَ ُم أ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُكلَّما خطَا بِ ِه ال َّزمن وحمص ولُه ِمن األَعم ِال َّ حِل ِ ِ‬
‫ض أ َْو أَْث َقلَْت هُ‬ ‫الص ا َة يَق ُّل ُكلَّ َما أَْق َع َدهُ املَ َر ُ‬ ‫َ ُ َ ْ ُ ْ ُ َ َْ‬ ‫َ َ‬
‫ض يِّ ُع ِمْن هُ َش ْيئاً بَ ْل‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ظ حُيَافِ ُ‬
‫فالعاقِ ُل اليَ ِق ُ‬
‫ظ َعلَى َوقْت ه أَ ْكَث َر م ْن حُمَافَظَت ه َعلَى َمال ه َوالَ يُ َ‬ ‫الس ُن ْون َ‬ ‫ُّ‬
‫ك فَِإ َّن فَاتَهُ َش ْيءٌ أ َْو نَ ِس َي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب إِىل ذَل َ‬ ‫يَ ْس َت ْعملَهُ فْي َما يُ َقِّربُهُ إىل اهلل وال ّدا ِر اآلخ َر ِة أ َْو َما ُه َو َس بَ ٌ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْس ‪.‬‬ ‫العك ِ‬ ‫ضاهُ بِالن َ‬
‫َّها ِر وبِ َ‬ ‫َشْيئاً م ْن أ َْع َماله بِاللّْي ِل قَ َ‬
‫والع ْج ِز َعلَى‬ ‫َّش ي ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط املُْبتَع ُد َع ْن ال َك َس ل َ‬ ‫ات ُق ْرآنيّ ةٌ َيتَ َم َّش ى املُ ْس ل ُم الن ْ‬ ‫ات َك ْونيَّةٌ وآيَ ٌ‬ ‫وهلل آي ٌ‬
‫َّه َار ِخ ْل َف ةً لِّ َم ْن أ ََر َاد أَن يَ َّذ َّكَر أ َْو أ ََر َاد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْوئ َها قَ َال َت َع اىَل ‪َ ﴿ :‬و ُه َو الَّذي َج َع َل اللَّْي َل َوالن َ‬ ‫َ‬
‫الس ماو ِ‬ ‫ف اللَّْي ِل والن َ ِ‬ ‫ال ‪ ﴿ :‬إِ َّن يِف اختِالَ ِ‬
‫ض‬ ‫ات َواأل َْر ِ‬ ‫َّه ار َو َما َخلَ َق اللّ هُ يِف َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُش ُكوراً ﴾ َوقَ َ‬
‫ات لَِّق ْوٍم َيَّت ُقو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫آلي ٍ‬
‫َ‬
‫َّهار يطْلُبُهُ حثِيثاً ﴾ فاهللُ ُسْب َحانَهُ مَلْ خَيْلُ ْق َه ِذ ِه َعبَثاً فال ّذ ِاهلُو َن عن َم َعايِن ْ َه ِذ ِه‬ ‫ِ‬
‫ال َت َعاىَل ‪ ﴿ :‬يُ ْغشي اللَّْي َل الن َ َ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ِ‬
‫اآليات‬
‫َ‬
‫اع ِة أوقَ اهِت ْم يِف َغرْيِ فائِ َد ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص حو َن ِمن ِحك ٍ‬
‫ْم ة ِوال يَ ْس تَفْي ُد ْو َن م ْن َد ْر ٍس جَت ْد ُه ْم ال يُبَ الُْو َن َ‬
‫بإض َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬اهلَائ ُم ْو َن َو َراءَ َمنَ افعه ْم املَُع َّجلَ ة مَحْ َقي ال َيْنتَ ُ ْ‬
‫اصي ‪.‬‬ ‫ورمَّبا أَضاعوها يِف املع ِ‬
‫ََ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َُ‬
‫بالسَب ِق‬
‫اس ّ‬ ‫وز النّ ُ‬ ‫وم َيُف ُ‬ ‫لِل َّ‬
‫ْسْب ِق يَ َ‬ ‫ض َّمرةٌ‬‫التْقوى ُم َ‬ ‫ب ِجَياداً ِم َن َّ‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬أ ْ ِ‬
‫َجن ْ‬
‫الب ْر ِق إ َذا يَ ْجَت ُاز باألفُ ِق‬ ‫ِ‬ ‫الهو ِج َع ِ‬
‫ْأو لَ ْم َحة َ‬ ‫اصفةٌ‬ ‫اح ُ ْ‬ ‫الريَ ِ‬
‫ثَ ُمُّر َمَّر َّ‬
‫ص ُد ِق‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ض إِلى الغَايَِة ال ُق ْ‬
‫عَنا َن ص ْدق َرَمى في فْتَية ُ‬ ‫صوى و َخ ِّل‬ ‫َو ْار ُك ْ‬
‫بالعَن ِق‬
‫ك َ‬ ‫ض إِالَّ َويْ َ‬ ‫ت َتْن َه ُ‬ ‫ولَ ْس َ‬ ‫ك أ ْع َماالً ُمثَبِّطَةٌ‬‫لَفَِإهاَّن خ ْلَف َ‬
‫اليوم عن َم ْسلُْو َك ِة الطُّ ِر ِق‬ ‫صد َك َ‬
‫بَِق ْ ِ‬ ‫ك ِمن ُدنْياً ُم َعَّر َجة‬ ‫َك( ْم َّح َل َع ْز َم َ‬
‫والر َدى ِمْنهُ َعلَى َحَن ِق‬ ‫احكاً َّ‬ ‫ضِ‬ ‫َو َ‬ ‫يا غَ ِافالً والمَنايا ِمْنهُ َذ ِ‬
‫اكَرةٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ك لَْي ٌل َدائِ ُم‬‫وم ْن َأم ِام َ‬
‫ِ‬ ‫وفي ِسَن ٍة‬ ‫ت ُعمر َك ِفي س ْه ٍو ِ‬
‫َ‬ ‫قَطَ ْع َ ْ َ‬
‫(‬ ‫آالت لَ ْه ِو ِه ْم‬
‫اع ِ‬ ‫آخر‪ (( :‬إِذا َشغَّ َل الضَُّي ُ‬

‫‪352‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫المالَ ِه َي َم ْحَف ُل ))‬ ‫ِ‬


‫اب لَ ُه ْم عْن َد َ‬ ‫َوطَ َ‬
‫(( َو ُسُّر ْوا بِ َما ِفْي ِه َهالَ ُك ُنُف ْو ِس ِه ْم‬
‫ال أ ََّو ُل ))‬ ‫الم ُ‬ ‫ِ‬
‫َودْيُن ُه ُم َواأل َْه ُل َو َ‬
‫الماج َد الّذي‬ ‫ْص ْد ِ‬ ‫ضأ وأق ِ‬ ‫(( َف ُق ْم َوَتَو ّ‬
‫ان للَّْي ِل َيْن ِز ُل ))‬ ‫الثلْثَ ِ‬
‫ضي ُّ‬ ‫إِذا َما َم َ‬
‫ط ُس ْؤلَهُ‬ ‫ول أَالَ ِم ْن َسائِل ُي ْع َ‬ ‫(( َي ُق ُ‬
‫وم ْسَت ْغِف ٍر ُي ْغَف ْر لَهُ َما ُيَؤِّم ُل ))‬ ‫ُ‬
‫اء تَائِباً‬ ‫ومن م ْذنِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب م َّما َجَن (ى َج َ‬ ‫(( ْ ُ‬
‫ب َي ْقَب ُل ))‬ ‫ب لِلت َّْو ِ‬ ‫إِلى َغ ِاف ٍر لِلّ َذنْ ِ‬
‫ضُّر ٍع‬‫الد َعا بَِت َ‬
‫(( َو َكِّر ْر ُسَؤاالً َو ُّ‬
‫ّك تُ ْحظَى بِال َفالَ ِح َفُت ْقَب ُل ))‬ ‫لََعل َ‬
‫اء تائِباً‬ ‫ِ ِ‬
‫(( َوقُ ْل َعْب ُد َك الم ْسكْي ُن قَ ْد َج َ‬
‫َوَي ْر ُج ْو َك َت ْو ِفْيقاً ولِل َْع ْف ِو يَأ َْم ُل ))‬
‫اد لِ ًم ْن أتَى‬ ‫(( فَ ُج ْد َوتَ َج َاو ْز يَا َجَو ُ‬
‫س لَهُ ِإالَّ َر َج ُاؤ َك َم ْوئِ ُل ))‬ ‫َولَْي َ‬
‫األه و ِال ‪ ،‬وأمنّا ِمن ال َف ز ِع األ ْكرَبِ يوم الر ْج ِ‬
‫ف‬ ‫األعم َ ( ِ ِ‬ ‫اللَّه َّم و ّف ْقنا لِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ال ‪ ،‬وجَنِّنَا م ْن مَج يع ْ َ‬ ‫ص ال ِح ْ َ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األحيَ اء ِمْن ُه ْم وامليتني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬ ‫جِل ِ‬
‫وال ِزلْ َز ْال ‪ ،‬وا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا ‪َ ،‬و َمي ِع املُ ْس لمنْي َ ْ‬
‫الرامِحِ نْي َ ‪ ،‬وصلي اللَّ ُه َّم علي سيدنا حُمَ َّم ٍد وآلِِه وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪353‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫وأع َم ُار ُه ْم َس َب ْهلَالً ال يُِفْي ُق ْو َن ِم ْن َقْت ِل‬ ‫ين َك ا َن أ َْم ُر ُه ْم ُفُرطَاً ْ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫اع لَْل َوقْت الذ َ‬ ‫مُثَّ ْاعلَ ْم أ َْه َل الضَّيَ ِ‬
‫وس ْينَ َما َو َو َر ٍق َو ِغْيبة‬ ‫اع ِ‬ ‫وم ْذيَ ٍ‬ ‫ات ِمن ُك رة وفِ ْديو وتِلفزي ون ِ‬ ‫وعْن َد املْن َك ر ِ‬ ‫أوقَ اهِتِم يِف البطَالَ ِة ِ‬
‫ُْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومَنِي ٍ‬
‫ك‪.‬‬ ‫س َعلَى امل ْسل ْمني َوحَنْ ِو ذَل َ‬ ‫مة وجَتَ ُّس ٍ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫ون تَافِ َه ٍة أ َْو‬ ‫ات اآلخ ِرين فَ َش غَلُوهم عن أ َْعم اهِلِم بِ ُش ئُ ٍ‬
‫ُ َْ َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ك اجلِنَاي ةَ علَى أَوقَ ِ‬
‫َض ا ُف ْوا إِىل َذل َ َ َ ْ‬
‫ِ‬
‫َو ُرمَّبَا أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض و َن أَيَّ َام ُه ْم يِف َغرْيِ‬‫َس اءُوا م ْن ج َهَتنْي َعلَى أَْن ُفس ِه ْم إِ ْذ مُيْ ُ‬ ‫فْي َما َيعُ ْو ُد َعلَْي ِهم باخلُ ْسران َف َه ُؤالَء أ َ‬
‫أن ه ؤالَِء الّ ِذين ْاعتَ ادوا َقْت ل الوقْ ِ‬ ‫ِ‬
‫وعلَى َغرْيِ ه ْم َحْي ُ‬
‫ت‬ ‫ْ َ ُْ َ َ‬ ‫ب َّ َ ُ‬ ‫الع َم ِل َ‬
‫والع َج ُ‬ ‫ث َش غَلُ ْو ُه ْم َع ْن َ‬ ‫َع َم ٍل َ‬
‫اح ْوا َيتَساءَلُْو َن َع ْن ِس ِّر َه َذا ال َف َش ِل َو َيتَّ ِه ُم ْو َن األَيَّ َام تَارةً‬ ‫ِ ٍ‬
‫إذَا َما َتَبنَّي َ فَ َش لُ ُه ْم يِف نَ ْوبَة َي ْقظَة َر ُ‬
‫ِ‬
‫اح ُد ْو َن َع َم ٍل َوأَ ْن جَيُْن ْوا مِث َ َار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُخ َرى ‪َ ،‬ك أَن َُّه ْم عْن َد أَْن ُفس ِه ْم َمطُْب ْوعُ و َن َعلَى الن َ‬
‫َّج ِ‬ ‫ظ تَار ًة أ ْ‬ ‫واحلَ ّ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِِِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫َم َواهبه ْم َب ْع َد أَ ْن َقَتلُ ْوا َهذه املََواه َ‬
‫ف عُ ُق ْوهِل م‬ ‫ض ْع ِ‬ ‫بال والَ ي َف ِّكرو َن فِي ِه وذَلِ ِ‬
‫كل ُ‬ ‫ب احلَقْيقي ل َف َشل ِه ْم َف ُه َو الَ خَي ْطُُر هَلُ ْم بِ ٍ َ ُ ُ ْ ْ َ َ‬
‫ِِ ِ ِ‬
‫السبَ ُ‬ ‫أ ََّما َّ‬
‫‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫َفعلَى العاقِ ِل أَ ْن يبتعِ َد عن ه ؤالَِء ال ُكس اىَل ُك َّل ِ ِ‬
‫َص َاب ُه ْم َم ْن‬ ‫الب ْع د لئال يُ َؤثِّ ُر ْوا َعلَْي ه َفيُص ْيبُهُ َما أ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ص ْحبَتِ ِه ِض َّد َه ُؤالَِء أُنَاس اً أتْ ِقيَ اءَ حُمَ افِ ِظنْي َ َعلَى أ َْوقَ اهِتِ ْم الَ‬ ‫اع العُ ْم ِر ُس َدى وجَيْتَ ِه َد يِف ُ‬ ‫ض يَ ِ‬
‫َ‬
‫َح َس َن َما قيل ‪:‬‬ ‫مُيْضو َنها إِالَ يِف طَ ِ ِ‬
‫اعة اهلل َو َما أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫الف ْس ِق ال ُي ْغ ُر ْو َك ِمْنهُ َتَو ُد ٌد‬
‫أخو ِ‬
‫ف ُك ُل حَبال ال َفاس ْقيِ َن َم ِه ُ‬
‫ين‬
‫ك أَِمْي ُن‬‫ب ِمْن َ‬ ‫أَ( َخا ثَِق ٍة بالغَْي ِ‬ ‫ت يوماً مص ِ‬
‫احباً‬ ‫ب إ َذا َما ُكْن َ َ ْ ُ َ‬
‫و ِ‬
‫صاح ْ‬ ‫َ َ‬
‫ف(َالَ ُتَريَ ْن لِغَي ِر ُه ُم أَلُوفْا‬ ‫الكَر َام ُت َع ُّد ِمْن ُه ْم‬
‫تك ِ‬ ‫آخر‪ :‬بَِع ْشَر َ‬
‫(‬ ‫ب تَِقيّاً َعالِماً َتْنَتِف ْع بِِه‬ ‫آخر‪ :‬فَ ِ‬
‫صاح ْ‬ ‫َ‬
‫ص ْحَبةُ أ َْه ِل الْ َخْي ِر ُت ْر َجى َوتُطَْل ُ‬
‫ب‬ ‫فَ ُ‬
‫َّه ْم‬
‫ص َحَبن ُ‬
‫اق الَ تَ ْ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫اك وال ُف َّس َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫َف ُق ْرُب ُه ُم ُي ْعدى َو َه َذا ُم َجَّر ُ‬

‫‪354‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فَِإنََّا َرأَْيَنا َ‬
‫الم ْر َء يَ ْس ِر ُق طَْب َعهُ‬
‫الشُّر لِلن ِ‬
‫َّاس أَ ْغَل ُ‬
‫ب‬ ‫ْف ثُ َّم َّ‬ ‫ِم ْن ِ‬
‫اإلل ِ‬

‫ب َذ ِو ْي األ َْوزا ِر الَ َتَقَربن ُ‬


‫َّه ْم‬ ‫ِ‬
‫وجان ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫َف ُقربهم يردي ولِل ِْعر ِ ِ‬
‫ض َيثْل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ُ ُ ُْ‬
‫اع ِة‬
‫َع ْن اللَّ ْه ِو م ْق َداماً َعلَى ِف ْع ِل طَ َ‬ ‫ان ُك ّل ُم َجن ٍ‬
‫ِّب‬ ‫آخر‪ :‬وأ َْهو ِمن ا ِإل ْخو ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫لجن َِّة‬
‫فيما َي ُق ْو ُد َ‬
‫ٍ‬
‫َوذُ ْو َر ْغَبة َ‬ ‫لَهُ ِعَّفةٌ َع ْن ُك ِل َش ْي ِء ُم َحَرٍم‬
‫ب‬ ‫َ(وانظُْر إِلى ِديْنِ ِه َوانظُْر إِلى َ‬
‫األد ِ‬ ‫اب َعلَى َر ُج ٍل‬ ‫ك أْثَو ٌ‬ ‫آخر‪ :‬الَ ُي ْع ِجَبْن َ‬
‫ما َفَّر َق النَّاس بين ِ‬ ‫ِ‬
‫والحطَ ِ‬
‫ب‬ ‫العود َ‬ ‫ُ َْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫فالع ْو ُد لَْو لَ ْم َتُف ْح مْنهُ َر َوائِ ُحهُ‬
‫ُ‬
‫أن ِص َّحةَ البَ َد ِن نِ ْع َم ةُ ِم ْن‬ ‫وبالتَّايِل فالّ ِذي ير ِش ُدنَا إِلَي ِه النَّيِب ‪ ‬يِف ه َذا احْل ِد ِ‬
‫يث أَنَّهُ يُ َق ِّر ُر ّأوالً َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُّ‬ ‫ُْ‬
‫اهلل َعلَْينَا لُِي َريّب فِْينَا ال َو ْع َي بِِقْي َم ِة الطَّاقَ ِة اإلنْ َس انِيَّ ِة الّيِت َخلَ َق َها اهللُ فِْينَا ‪َ .‬فنَ ْس تَغِلّها‬‫أ َْعظَ ِم نِع ِم ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والن ْف ِع ‪.‬‬
‫اعةً باخلَرِْي َّ‬ ‫فْي َما َيعُ ْو ُد َعلَْينَا أَْفَراداً َومَجَ َ‬
‫َّن يِف َو َس ائِ ِل َقْتلِ ِه ُه َو‬ ‫ِ‬
‫َن َما حَنْس بُهُ َفَراغ اً َفنََت َفن ُ‬ ‫ت ُه َو احلَيَ اةُ ‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫أن ال َوقْ َ‬ ‫َويُ َق َّر ُر لَنَا ‪ ‬ثَانِي اً َّ‬
‫ت أَ ْن يَ ُك و َن َفْي ِه فَا ِرغ اً‬ ‫الت َق دُِّم فَاحل ِقي َق ةُ أَ ْن احلي الّ ِذي ي َق دِّر حياتَه يبخ ل يِف الوقْ ِ‬ ‫الطَِّريْ ُق إِىل َّ‬
‫ُ ُ َ َ ُ َْ َ ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َْ‬
‫ص دقٍَة وَت ْهلِي ٍل وتَ ْس بِ ٍ‬
‫يح‬ ‫ٍ‬
‫ص الَة َو َ‬
‫اهلل وإِىل مر ِِ ِ‬
‫ض اته م ْن َ‬ ‫َْ َ‬
‫وجَي تَ ِه ُد فِي ِه يِف العم ِل الّ ِذي يقرب ه إِىل ِ‬
‫ُ ُُّ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫وتكْب ٍري وحَت ِم ٍ‬
‫يد ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫اس تِ َد َامةَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ْ‬ ‫ك أ َّ‬‫الو َسائِ ِل امل َد َاو َمةُ َعلَى الْ َع َِمل َوإِ ْن َك ا َن قَلْيالً ‪َ .‬و َذل َ‬ ‫َ‬ ‫ت بأ ْن َف ِع‬ ‫الل الوقْ ِ‬
‫َ‬
‫و ِمن استِ ْغ ِ‬
‫َ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الْعم ِل ال َقلِي ِل علَى َت وايل َّ ِ‬
‫ث الَ جَيِ ُد ا ِإلنْ َس ا ُن‬ ‫واس تِ ْمَرا ِر ِه يُ َك ِّو ُن ِم ْن ال َقلْي ِل َكثِرْي اً ِم ْن َحْي ُ‬
‫الز َم ان ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ََ‬
‫ض َجراً ‪.‬‬ ‫َم َش َّقةً َوالَ َ‬
‫اآلخ ِر إِ َّن الدَّيْ َن يُ ْس ٌر َولَ ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب األ َْع َم ال إِىل اهلل َم َاد َام َوإِ ْن قَ َّل ويِف احْلَديْث َ‬ ‫ويِف احْلَديْث إ َّن أ َ‬
‫َح َّ‬
‫وش ْي ٍء ِم َن‬ ‫والر ْو َح ِة َ‬ ‫واس تَعِْيُن ْوا بالغَ ْد َو ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫َّد ْوا َوقَ ا ِربُوا َوأَبْش ُر ْوا ْ‬ ‫َح ٌد إِالَ َغلَبَ هُ فَ َس د ُ‬
‫اد ال ّديْ َن أ َ‬
‫يُ َش َّ‬
‫ص َد ‪.‬‬ ‫ُّ ِ‬
‫ص َد ال َق ْ‬‫الدجْلَة وال َق ْ‬

‫‪355‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت‬ ‫وس ‪ ،‬نَافِع ٍة ُتر ِش ُد إِىل املحافَظَِة علَى الوقْ ِ‬ ‫يث بَِو ِصيَّ ٍة َخ ِفْي َف ٍة َعلَى ُّ‬
‫الن ُف ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َق ْد َختَ َم ‪َ ‬ه َذا احْلَد َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ‬
‫ب أَ ْن َيْبدأَ‬ ‫رغ َ‬ ‫ث فِْي َها َعلَى التَّْب ِكرْي َو َّ‬‫ث َح ّ‬ ‫‪َ ،‬حْي ُ‬
‫اع ِم ْن أ ََّو ِل‬ ‫ص َعلَى االْنتِ َف ِ‬ ‫س مكْتَ ِم ل ِ ِ ِ‬ ‫املس لِم أ َْعم َ ِ ِ ِ‬
‫الع ْزم فَ إ َّن احل ْر َ‬‫الن ْف ِ ُ َ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ال َي ْوم ه نَش ْيطاً طَيّ َ‬ ‫ُْ ُ َ‬
‫ضْي َع سائُِرهُ ُس َدى ‪.‬‬ ‫الر ْغبةَ ال َق ِويَّةَ يِف أ ْن الَ ي ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الَْي ْوم يَ ْستَْتبِ ُع َّ َ‬
‫الس بب الو ِحي ُد لَِقطْ ِع املس افَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ات‬ ‫ََ‬ ‫ورةُ يِف احْلَ ديْث ‪َ ،‬ك َما أَن ََّها َّ َ ُ َ ْ‬ ‫ات الثّالثَ ةُ املَ ْذ ُك َ‬ ‫األوقَ ُ‬
‫َف َه ذه ْ‬
‫اح ٍة َو ُس ُه ْولٍَة‬ ‫احلَتِ ِه وو ْ ِِ ِ‬ ‫ال َق ِريب ِة والبعِي َد ِة يِف األَس َفا ِر احلِس يِ ِة م ع راح ِة املس افِ ِر وراح ِة ر ِ‬
‫ص ْوله بَر َ‬ ‫ُُ‬ ‫ّ َ َ َ َ َُ ََ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫والس ِ إِىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي وس لُو ِك ِّ ِ‬ ‫الو ِحْي ُد لَِقطْ ِع َّ‬ ‫فَ ِه َي َّ‬
‫اهلل َس رْي اً‬ ‫الص َراط املُ ْس تَقْي ِم َّ رْي‬ ‫ُخ َر ِو ِّ َ ْ ْ‬ ‫الس َف ِر األ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫الس بَ ُ‬
‫مَجِ ْيالً ‪.‬‬
‫اس ب ِة لِوقْتِ ِه أ ََّو َل َنه ا ِر ِه ِ‬
‫وآخ َر‬ ‫فَم أَخ َذ الع ِام ل َن ْفس ه و َش غَلَها بِ اخْل ِ واأل َْعم ِال َّ حِلِ ِ‬
‫َ‬ ‫الص ا َة املُنَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ىَت َ َ ُ َ ُ َ َ َرْي‬
‫ات‬‫ات الص احِل ِ‬ ‫آخ ر اللَّي ِل حص ل لَ ه ِمن اخْل ِ و ِمن الباقِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َنه ا ِر ِه َ ِ ِ ِ‬
‫ّ َ‬ ‫وص اً َ ْ َ َ َ ُ ْ َرْي َ ْ َ َ‬ ‫ص ً‬ ‫وخ ُ‬
‫وش ْيئاً م ْن لَْيل ه ُ‬ ‫َ‬
‫اح ٍة‬ ‫الس عادةَ وال َف وز وال َفالح ومَت لَ ه النَّج ِ ِ ِ ِ‬
‫اح ب إ ْذن اهلل يِف َر َ‬ ‫ََّ ُ َ ُ‬ ‫ال َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ب َونَ َ‬ ‫ص ْي ٍ‬‫أَ ْكم ل ح ٍّظ وأَو َف ر نَ ِ‬
‫َُ َ َْ ُ‬
‫الن ْف ِسيَّ ِة ‪.‬‬
‫اض ِه َّ‬
‫الد ْنيوي وأ ْغر ِ‬ ‫ول م ْق ِ ِ‬ ‫وطُمأْنِينَ ٍة مع ُح ِ‬
‫صده ُّ َ ّ َ‬ ‫ص َ َ‬ ‫َ َ ْ ََ ُ ْ‬
‫اس َر ِض ي اهللُ َعْن ُه َما أ َّ‬ ‫ث علَى ِص يانَِة الوقْ ِ‬ ‫مِم‬
‫َن النَّيِب َّ ‪‬‬ ‫َ‬
‫ت َما َو َر َد َع ْن ابْ ِن َعبّ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َّا َو َر َد يِف احلَ ِّ َ‬
‫اك َقْب َل َف ْق ِر َك‬ ‫وغنَ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك َقْب َل َس َق ِم َ‬
‫ك َو ِص َّحتَ َ‬ ‫ك َقْب َل َهَر ِم َ‬ ‫س ‪َ :‬ش بابَ َ‬ ‫ال ا ْغتَنِ ْم مَخْس اً َقْب ل مَخْ ٍ‬ ‫قَ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ك َقْب َل َم ْوتِ َ‬ ‫ك َو َحيَاتَ َ‬ ‫ك َقْب َل ُش ْغل َ‬ ‫َو َفَرا َغ َ‬
‫اهلل اجلَنَّةَ‬ ‫اهلل َغالِي ةٌ أَالَ إِ َن ِس ْلعةَ ِ‬ ‫اف أ َْدجَل ومن أ َْدجَل بلَ َغ املْن ِز َل أَالَ إِ َّن ِس ْلعةَ ِ‬
‫ال ‪ ‬من خ َ‬
‫َوقَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َِ ِ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ص َّحبَةٌ فَ َح َّر َكيِن ْ بِ ِر ْجلِ ِه مُثَّ قَ َال‬ ‫ور ِوي عن فاطمة رضي اهلل عنها ق الَت م ر يِب رس و ُل اهلل ‪ ‬وأنَا م ْ ِ‬
‫ض طَج َعةٌ ُمتَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُ َْ َ َ ْ َ َّ ْ َ ُ ْ‬
‫س ) إِ ْذ أ َّ‬
‫َن‬ ‫َّاس َما َبنْي َ طُلُ ْو ِع ال َف ْج ِر إِىل طُلُ ْو ِع َّ‬
‫الش ْم ِ‬ ‫اق الن ِ‬‫ك َوالَ تَ ُك ويِن ِم َن الغَ افِلِنْي َ فَ ِإ َّن اهللَ َي ْق ِس ُم أ َْر َز َ‬
‫فاش ه ِدي ِر ْز َق ربَّ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫يَا بَُنيَّةَ ُق ْوم ْي ْ َ‬
‫الد ْنيا ِ‬
‫واآلخَر ِة ‪.‬‬ ‫ت َفيعطَى ُك ُّل امر ٍئ حسب ِ ِ ِ ِ‬ ‫اجل ِادين أَو ال ُكساىَل يتَمَّيزو َن يِف ه َذا ِ‬
‫است ْع َداده م ْن خَرْيِ ُّ َ‬‫ْ ََ َ ْ‬ ‫الوقْ ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ ْ َ َ َ ُْ‬
‫الص ِديْ َق فَأ ْكَثَرا‬
‫َش َكا ال َف ْقَر أ َْو الَ َم َّ‬ ‫ب َم َعاشاً لَِن ْف ِس ِه‬‫الم ْرءُ لم يَطْلُ ْ‬
‫ِ‬
‫ش ْعراً‪ :‬إَ َذا َ‬
‫الت َذ ِو ْي ال ُق ْربَى لَهُ أَ ْن َتْن َكَرا‬
‫ص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ص َار َعلَى األ ََدَنْي ِن َكاَّل ً َوأ َْو َش َك ْ‬
‫ت‬ ‫َو َ‬

‫‪356‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫االجتِ َه َاد َغنِْي َم ةَ‬ ‫اهلل ‪ ،‬وأَ ْن الَ يثِ َق بِس الِ ِ‬
‫ف َع َم ٍل َوجَيْ َع َل ْ‬
‫ص ِ يِف طَاع ِة ِ‬
‫َ‬
‫غ وقْتِ ِه بِ َّ ِ‬
‫الت ْق رْي‬ ‫ضيِّ َع أَيَّ َام ِص َّحتِ ِه َوفَرا َ‬ ‫وختَاماً َفَيْنبَغِي لِْل َعاقِ ِل اللَّبِْي ِ‬
‫ب أَ ْن الَ يُ َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ات ُم ْستَ ْد ِركاً ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫الز َما ُن ُكلُّهُ ُم ْستَع َداً َوالَ َما فَ َ‬
‫س َّ‬ ‫صةَ فَراغه ‪ .‬فلَْي َ‬ ‫ص َّحته ‪َ ،‬وجَيْ َع َل الْ َع َم َل ُف ْر َ‬

‫ْ‬ ‫وتَظَ ُّّل َسالِكاً َم ْس َ‬


‫لك ال َكس ِ‬
‫الن‬ ‫ت ُمَن َّع َما‬ ‫ادة أَ ْن تَبِْي َ‬ ‫الس َع َ‬
‫س َّ‬ ‫ش ْعراً‪ :‬لَْي َ‬
‫ِ‬
‫اإلنْس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َما لِ ِّلر َج ِال وللتََّن ُع ِم إِنَّ َما‬
‫ان‬ ‫ُخل ُقوا ْلي ُعب ُد ْوا َخال َق ِ َ‬
‫ت ال َّر ْو ِح‬ ‫اب احل ِقْي َق ِة أل َّ‬
‫َن َف و َ‬ ‫ْ‬
‫َص ح ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأَ ِ‬
‫َش ُّد من َف وت ال ُّر ْو ِح عْن َد أ ْ َ‬‫ْ ْ‬
‫ض ه(م َف وت ال وقْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫قَ ال ب ْع ُ ُ‬
‫َ‬
‫الوقت انِْقطَاعٌ َع ْن احلَ ِّق ‪.‬‬ ‫انِْقطَاعٌ عن اخلَْل ِق و َفوت ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫ِّس ِاء ِغ ْل َم ةٌ فَال َفَراغُ َم ْف َس َدةٌ َوقَ َ‬
‫ال َب ْع ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ل‬‫الراح ةُ لِ ِّلرج ِال َغ ْفَلٌٌَة ولِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ال عُ َم ُر َرض َي اهللُ َعْن هُ َّ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ص ُر ِم ْن أ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ك يِف َغ ِ مْن َفع ٍة والَ تُ ِ‬
‫ك يِف َغرْيِ الف ْع ِل احلَ َس ِن ‪ ،‬فَ العُ ْمُر أقْ َ‬ ‫ض ْع َما لَ َ‬ ‫رْي َ َ َ‬ ‫الً مُتْ ِ‬
‫ض َي ْو َم َ‬
‫َيْن َف َد يِف َغرْيِ املنَافِ ِع َك َما قِْي َل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫أَ َذا ُن ال َْم ْرء حْي َن الطِّْفل يَأت ْي‬
‫ات‬‫الة إِلى المم ِ‬
‫ََ‬ ‫وتَأ ِْخْي ُر َّ‬
‫الص ِ‬
‫َن َم ْحَي ُاه قَِلْي ٌل‬
‫َدلِْي ٌل أ َّ‬
‫الصالَِة‬ ‫َكما بْين األ َذ ِ‬
‫ان إِلى َّ‬ ‫َ ََ‬
‫س ِم ْن أ ْن يُ ْفيِن أَياََّم هُ فِْي َما الَ‬‫َج ُّل وأَ ْكيَ ُ‬
‫الص نائِ ِع ِ‬
‫والعاق ِل أ َ‬
‫َ‬ ‫ف يِف َغرْيِ َّ َ‬ ‫ص َر َ‬ ‫ِ‬
‫ال أَقَ ُّل م ْن أَ ْن يُ ْ‬ ‫َوالْ َم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع ِ‬
‫وأج ُرهُ ‪.‬‬ ‫ود إِلَْيه َن ْفعُهُ َو َخْي ُرهُ ويُْنف ُق أ َْم َوالَهُ فْي َما الَ حَيْ ُ‬
‫ص ُل لَهُ ثَ َوابُهُ ْ‬ ‫َُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الب ُّر ثَالَثَةٌ املْن ِط ُق والنَّظَ ُر َّ‬ ‫الة َّ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فَ َم ْن َك ا َن َمْنط ُق هُ يِف َغرْيِ ذ ْك ٍر َف َق ْد لَغا َ‬
‫وم ْن َك ا َن‬ ‫والص ْم ُ‬ ‫والس الم ّ‬ ‫ض ُل َّ‬ ‫وعلَى نَبِّينَا أَفْ َ‬
‫َوقَ َال عْي َس ى َعلَْي ه َ‬
‫َ‬
‫ص ْمتُهُ يِف َغرْيِ فِ ْك ٍر َف َق ْد هَلَا ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نَظَُرهُ يِف َغرْيِ ْاعتبَ َار َف َقد َسها َ‬
‫وم ْن َكا َن َ‬
‫تَصُّرم لَه ِو ِ‬
‫الع ْق ُل‬
‫الم ْرء أ ْن يَ ْك ُم َل َ‬
‫ُ ُ ْ َ‬ ‫َّصابِي َوِإنَّما‬
‫ت الت َ‬
‫ود ْع ُ‬ ‫ِش ْعراً‪َ :‬عَقل ُ‬
‫ْت فَ َّ‬
‫ال بِِه ال َف ْ‬
‫ض ُل‬ ‫مر إِالّ َما ُيَن ُ‬
‫والَ ُع َ‬ ‫الحَي ِاة َوَب ْع َد َها‬ ‫ِ‬
‫أ ََرى ال ُك ْفَر َشَراً في َ‬

‫‪357‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس ْب ِق لِْل ُمجدِّيْ َن‬


‫القيَ َام ِة َو َحالَةَ َّ‬ ‫ومِم َّا حَي ِف ز ا ِإلنْس ا َن علَى املس اب َق ِة إِىل فِع ِل الطَّاع ِ‬
‫ات تَ َذ ُّكر ي وِم ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َ َ َُ َ‬
‫ض ُه ْم ‪:‬‬
‫ال َب ْع ُ‬‫قَ َ‬
‫اع ِة‬
‫ات ِفي غَْي ِر طَ َ‬
‫ت األ َْوقَ ُ‬‫ضِ‬‫إِ َذا َم َ‬
‫ك َم ْح ُز ْوناً فَ َذا أ ْعظَ ُم ال َخط ِ‬
‫ْب‬ ‫َولَ ْم تَ ُ‬
‫ْب أَ ْن الَ َتَرى بِِه‬
‫ت الَْقل ِ‬‫َعالَمةُ مو ِ‬
‫َ َْ‬
‫ومْيالً َع ِن َّ‬
‫الذنْ ِ‬
‫ب‬ ‫الت ْقَوى َ‬ ‫َحَراكاً إِلى ّ‬
‫اآلخ ُر ‪:‬‬
‫ال َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ص ِل َف ْرداً‬
‫ت َي ْو َم ال َف ْ‬ ‫َولَْو قَ ْد ِجْئ َ‬
‫المَنا ِز َل ِفْي ِه َشتَّى‬
‫ت َ‬ ‫ص ْر َ‬‫وأبْ َ‬
‫ت النَّ َد َام َة ِفْي ِه لَ ْهفاً‬
‫ألَ ْعظَ ْم َ‬
‫ك قَ ْد أَ َ‬
‫ض ْعَتا‬ ‫َعَلى َما ِفي َحَياتِ َ‬
‫الص َّح ِة والَّسالَم ِة والَ ي َف ِّوت ِمْنها َشيئاً يِف َغ ِ طَاع ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫رْي َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ ْ‬ ‫العاق ُل َم ْن يُبَاد ُر أَيَّ َام ِّ َ‬
‫َ‬
‫ال األ َْع َشى ‪:‬‬ ‫قَ َ‬
‫ت لَ ْم َت ْر َح ْل بَِز ٍاد ِم َن ُّ‬
‫التَقى‬ ‫إِذا أَنْ َ‬
‫ت َم ْن قَ ْد َتَز َّو َدا‬ ‫ت ب ْع َد اْلمو ِ‬
‫ص ْر َ َ َ ْ‬ ‫َوأَبْ َ‬
‫ت َعلَى أَ ْن الَ تَ ُك ْو َن َك ِمثِْل ِه‬ ‫نَ ِد ْم َ‬
‫ص َدا‬ ‫ِ‬ ‫َوأَنَّ َ‬
‫ك لَ ْم ُت ْرص ْد َك َما َكا َن أ َْر َ‬
‫ت َع َّما قَِلْي ٍل تَ َحَّر ُك‬‫ِش ْعراً‪َ :‬واِ ْن َس َكَن ْ‬
‫ت َع َّما قَِلْي ٍل تَ َحَّر ُك‬‫َواِ ْن َس َكَن ْ‬
‫الم ِة إَِّن َها‬
‫الس َ‬
‫ات َّ‬ ‫وب ِادر بأَوقَ ِ‬
‫َ ْ ْ‬
‫وه ْل لِ َّلر ْه ِن ِعْن َد َك َمْتَر ُك‬
‫ِر َها ٌن َ‬

‫‪358‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اع مِب ُ ُرو ِر‬ ‫ِ‬ ‫هِبِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬


‫نَ ْس ِأل اهللُ أَ ْن يُوف َقنَا لتَ دبُِّر آيات ه و َف ْه ِم ُس نَّة نَبِيِّه ‪ ‬والْ َع َم ِل َما وأ ْن َي ْر ُز َقنَا االنْت َف َ‬
‫اع َذ ِوي‬ ‫الس نَ ِة َو َوفِ ْقنَا ِالتِّبَ ِ‬
‫ك ‪ ،‬اللَّ ُه َّم أَيِْقظْنَا ِم ْن َه ِذ ِه ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الز َم ِن َعلَى خَرْيِ َو ْج ٍه إِنَّهُ ال َق اد ُر َعلَى َذل َ‬
‫َّ‬
‫اب النَّا ِر ‪ ،‬اللَّ ُه َّم وآتِنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس املُ ْحس نَ ْة وآتنَا يِف ال ُّد ْنيَا َح َس نَةً ويِف اآلخ َر ِة َح َس نَةً َوقنَا َع َذ َ‬ ‫الن ُف ِ‬‫ُّ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َرحم‬
‫ك يَا أ َ‬ ‫ني بَِرمْح َتِ َ‬ ‫جِل ِ‬ ‫أَفْض ل ما تُ ْؤيِت ِعب اد َك َّ حِلِ‬
‫الص ا نْي َ َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َو َمي ِع الْ ُمس لم َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫وصحبِ ِه أمْج َعني ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫مِحِ‬
‫وعلَى آله َ‬‫وصلّي اهللُ َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫ني َ‬ ‫الرا َ‬ ‫َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫واحتَ ِف ْظ‬ ‫ِ‬ ‫مِح‬
‫ك النَّف ْس يَةَ ْ‬ ‫ك اهللُ َحيَاتَ َ‬ ‫ويِف َو ِص يَّ ِة ا ِإل َم ِام امل َوفَّ ِق اب ِن قُ َد َام هَ َما لَ ْفظُ هُ ‪ :‬ف ا ْغتَنِ ْم َر َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ص به ُج ْزءُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ك َم ْع ُد ْو َدةٌ ف ُك ُل نَ َفس َيْن ُق ُ‬ ‫ك حَمْ ُد ْو َدةٌ وأَْن َف َ‬
‫اس َ‬ ‫َّ‬
‫واعلَ ْم أن ُم َّدةَ َحيَات َ‬ ‫الع ِز ْيَز ِة ْ‬
‫ك َ‬ ‫بأ َْوقَاتِ َ‬
‫ص ْيٌر والبَ اقِي ِمْن هُ ُه َو اليَ ِس ْي ُر َو ُك ُل ُج ْزءٌ ِمْن هُ َج َو َهَرةٌ نَِف ْس يَةٌ الَ ِع ْد َل هَلَا‬ ‫ك والعم ر ُكلُّه قَ ِ‬
‫مْن َ ُ ْ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫لف ِمْن َها ف ِإ َّن هِبَ ِذ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والبَ اقي مْن هُ ُه َو اليَس ْي ُر َو ُك ُل ُج ْزءٌ مْن هُ َج َو َهَرةٌ نَف ْس يَةٌ ال ع ْد َل هَلَا والَ َخ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اب األَلِْي ِم ‪.‬‬‫ود األَب ِد يِف النَّعِْي ِم أَو الْع َذ ِ‬
‫ْ َ‬
‫ِ ِ‬
‫احلَيَاة اليَسْيَر ِة ُخلُ ُ َ‬
‫َلف َع ٍام يِف‬ ‫َلف أ ِ‬ ‫س يع ِاد ُل أ ْكَث ر ِمن أ ِ‬ ‫خِب ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ ْ‬ ‫َن ُك َّل َن َف ٍ ُ َ‬ ‫ت أ َّ‬ ‫ت َه ذه احلَيَ ا َة ُلُ ود األَبَد َعل ْم َ‬ ‫وإذا َع َادلْ َ‬
‫ض يِّ َع َج َو ِاهَر عُ ْم ِر َك‬ ‫ِ‬
‫وما َك ا َن َه َك َذا فَالَ قْي َم ةَ لَ هُ فَالَ تُ َ‬ ‫ك َ‬
‫نَعِي ِم الَ خطَ ر لَ ه أَو ِخ َ ِ‬
‫الف َذل َ‬ ‫َ َ ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ض واجتَ ِه ْد أَ ْن الَ خَي ْلُو َن َفس ِمن أَْن َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك إِالَّ يِف َع َم ِل‬ ‫اس َ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫النَّف ْسيَةَ بِغَرْيِ َع َمل َوالَ تُ ْذهْب َها بِغَرْيِ ع َو ٍ ْ‬
‫ف‬ ‫ك َج ْو َهَرةٌ ِم ْن َج َو ِاه ِر ُ‬
‫الد ْنيَا لَ َس اءَ َك َذ َهابُ َها فَ َكْي َ‬ ‫َّك لَ ْو َكا َن َم َع َ‬ ‫ب هِبَا فِإن َ‬ ‫ٍ‬
‫اعة أَو ُق ْربَة ُت َقِّر ُ‬
‫طَ ٍ‬
‫َ‬
‫ض انتهي ‪.‬‬ ‫ب بِغَرْيِ ِع َو ٍ‬ ‫الذ ِاه ِ‬
‫ف الَ حَتَْز ُن َعلَى عُ ُم ِر َك َّ‬ ‫ك و َكْي َ‬ ‫اعاتِ َ‬‫ُت َفَّر ُط يِف َس َ‬
‫ول ْاع َملُ وا ِأل ْن ُف ِس ُك ْم َرمِح َ ُكم اهللُ يِف َه َذا اللَّي ِل َو َس َو ِاد ِه ‪ ،‬ف ِإ َّن‬ ‫وع ْن عُ َم َر ب ِن َذ ٍر أَنَّهُ َك ا َن َي ُق ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬‫َّه ا ِر ‪ ،‬واملَ ْح ُر ْو ُم َم ْن ُح ِر َم َخْيَرمُهَا ‪ ،‬إِمَّنَا ُجعال َس بِْيالً ل ْل ُم ْؤمن َ‬ ‫يل والن َ‬ ‫امل ْغُب ْو َن َم ْن غُنِب َ َخْي َر اللَّ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مَّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحيُوا هلل أَْن ُف َس ُك ْم بذ ْكره ‪ ،‬فإ َا‬ ‫ِ‬
‫اآلخريْ َن للغَ ْفلَ ة َع ْن أَْن ُفس هم ف أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اعة َرهّب م ‪َ ،‬و َوبَاالً َعلَى َ‬ ‫إِىل طَ َ‬
‫حَتْيا ال ُقلُوب بِ ِذ ْك ِر ِ‬
‫اهلل َعَّز َو َج َّل ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هلل َج َّل َو َعال يِف َه َذا اللَّ ِيل قَ ْد ا ْغتَبَ َط ِبقيَ ِام ِه يِف ظُْل َم ِة‬ ‫َكم ِمن قَائِ ٍم ِ‬
‫ْ ْ‬

‫‪359‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ح ْفرتِ ِه و َكم ِمن نَ ائِ ٍم يِف ه َذا اللَّي ِل قَ ْد نَ ِدم علَى طُ و ِل َنومتِ ِه ِعْن َدما ي رى ِمن َكرام ٍة ِ‬
‫اهلل‬ ‫َ ََ ْ َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ْ ْ‬
‫ات واللَّيَايِل واألَيَّ ِام َرمِح َ ُكم اهلل َو َراقِبُوا اهللَ َج َّل َو َعال يِف ُك ِّل‬ ‫الساع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل ْل َعابِديْ َن َغداً فا ْغتَن ُم ْوا مَمََّر َّ َ‬
‫ودا ِو ُم ْوا ُشكَْرهُ ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حَلْظَة َ‬
‫واج َع ْل ُشكَْر َك لِ َم ْن‬‫ك ْ‬ ‫ب َع ْن نَظَ ِر ِه إِلَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫ال حُم َّمد بن علي الرتمذي اجعل مرا َقبت ِ‬
‫ك ل َم ْن الَ تَغْي ُ‬ ‫ُ ْ َ ُ َ ََ َ‬ ‫قَ َ َ ُ َ‬
‫ك لِ َم ْن الَ خَت ُْر ُج َع ْن ُم ْل ِك ِه ‪.‬‬‫ض ْو َع َ‬ ‫واج َع ْل ُخ ُ‬
‫ك ْ‬ ‫الَ َتْن َق ِط ُع نِ ْع َمتُهُ َعْن َ‬
‫الدا ِر َف ُه َو ُم َس افٌِر فِْي َها إِىل‬ ‫مِح‬
‫ت قَ َد ُم هُ يِف َه ِذ ِه َ‬ ‫اس َت َقَّر ْ‬
‫ِ ِ‬
‫العْب ُد م ْن حنْي ِ ْ‬ ‫ابن ال َقيِّ ِم َر َهُ اهللُ ‪َ :‬‬ ‫ال ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الس َف ُر ‪،‬‬‫اح ُل فَالَ َي َز ُال يَطْ ِو ْي َها َحىّت َيْنتَ ِهي َّ‬ ‫ربِِّه ‪ ،‬وم َّدةُ س َف ِر ِه عم ره واأليَّام واللَّي ايِل مر ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ُُ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ِِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اس‬
‫ض راً مُثَّ النّ ُ‬ ‫س الَ َي َز ُال ُم ْهتَم اً بَِقطْ ِع املََراح ِل فْي َما يُ َقَّربُ هُ إِىل اهلل ليَج َد َما قَ د َ‬
‫َّم حُمْ َ‬ ‫ف ال َكيِّ ُ‬
‫الش َق ِاء ِم ْن ال ُك ْف ِر َوأَْن َو ِ‬
‫اع‬ ‫ُمْن َق ِس ُمو َن إِىل أقْ َس ٍام ‪ِ ،‬مْن ُه ْم َم ْن قَطَ َع َها ُمَت َز َّوداً مِب َا يُ َقَّربُ هُ إِىل َدا ِر َّ‬
‫اص ْي ‪.‬‬ ‫املع ِ‬
‫ََ‬
‫الم ‪َ ،‬و ُه ُم ثَالَثَ ةُ أَقْ َس ٍام ‪َ :‬س ابِ ُق ْو َن ُّأد ْوا‬ ‫الس ِ‬ ‫اهلل وإِىل َدا ِر َّ‬ ‫و ِمْنهم من قَطَعها س ائِراً فِيها إِىل ِ‬
‫َْ‬ ‫َ ُ ْ َ ْ ََ َ‬
‫ول املباح ِ‬ ‫ات وفُ ُ ِ‬ ‫اعها ‪ ،‬وَتر ُكوا املح ا ِرم ‪ ،‬واملكْروه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات ‪،‬‬ ‫ض َُ َ‬ ‫ض وأَ ْكَث ُر ْوا م ْن الن ََّوافل بأ ْن َو َ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ‬ ‫ال َفَرائ َ‬
‫ص احِل اً‬ ‫مِل ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض وَتَر ُك ْوا املَ َح ا ِر َم ‪َ ،‬ومْن ُه ْم الظَ ا ُ لَن ْفس ه الَّذي َخلَ َط َع َمالً َ‬ ‫وم ْقتَص ُد ْو َن أ ََّد ْوا ال َف َرائ َ‬‫ُ‬
‫ات َيَت َف َاو ُت ْو َن َت َف ُاوتاً َع ِظْيماً أ ‪.‬هـ ‪.‬‬ ‫ك درج ٍ‬ ‫ِ‬
‫وه ْم يِف ذَل َ َ َ َ‬ ‫وآخَر َسيّئاً ُ‬ ‫َ‬

‫ط َع ْن ِر َح اهِل م إِال يِف اجْلَن َِّة‬ ‫س هّلُ ْم َح ٌ‬ ‫ي‬


‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪ :‬النَّاس ُمْن ُذ ُخلِ ُق وا مَلْ َيَزالُ ْوا ُمس افِ ِ‬
‫ر‬ ‫َوقَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َخطَ ا ِر َو ِم َن امل َح ِال َع َاد ًة أَ ْن‬ ‫ْ‬ ‫وب األ‬ ‫أَو النَّا ِر والعاقِ ل ي ْعلَم أَ ْن الس َفر ْمبيِن َعلَى امل َش ق َِّة ور ُك ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫ّ َ ٌ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫َن ُك َّل َوطْ أ َِة قَ َدٍم أ َْو‬ ‫الس َف ِر و ِمن املعلُ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يطْلَ ِ ِ ِ‬
‫وم أ َّ‬ ‫ك َب ْع َد اْنت َه اء َّ َ َ َْ‬ ‫اح ةٌ إِمَّنَا َذل َ‬
‫يم ‪ ،‬ولَ َذةٌ َو َر َ‬
‫ب فْي ه نَّع ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫ت أَنَّهُ َس ا َفَر َعلَى احلَ ِال اليِت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫آن ِمن آنَ ِ‬ ‫ُك َّل ٍ‬
‫ف َوقَ ْد ثَبَ َ‬ ‫ف َواق ٌ‬ ‫الس َف ِر َغْي َر َواق َف ة َوالَ املُ َكلَّ ُ‬
‫ات َّ‬ ‫ْ‬
‫ب أَ ْن‬
‫حُيُ ُ‬

‫‪360‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫استِ ْع َد ٍاد ‪.‬‬ ‫ي ُكو َن املسافِر ِمن َتهيِئَ ِة َّ ِ ِ‬


‫اح َف َعلَى ْ‬ ‫الزاد املُْوص ِل َوإِذَا نََز َل أ َْو نَ َام أ َْو ْ‬
‫اسَتَر َ‬ ‫َ ْ َُ ُ ْ ْ‬
‫يق َوأَ ْن‬ ‫الم َس ِاف ُر ُّ‬
‫والدْنَيا الطَ ِر ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬أَنْ َ‬
‫الم ْر ِء إِيْ َما ُن‬
‫س َ‬ ‫اك َو َرْأ ُ‬
‫اس ُخطَ َ‬ ‫فَ ٌ‬
‫ك َت ْقوى ِ‬
‫اهلل َم ْد َر َج ًة‬ ‫ِ ِ‬
‫اج َع ْل لَن ْفس َ َ‬
‫فَ ْ‬
‫ات قُطَّ ُ‬
‫اع وأَ ْعَوا ُن‬ ‫فَِل ِإلساء ِ‬
‫ََ‬
‫وم ُدْنَيا ُك ُم ْوا َداٌر ُمَز َّوقَةٌ‬
‫يَا قَ ُ‬
‫الر ْم ِل أ َْر َكا ُن‬‫ت ِفي َّ‬ ‫ض َع ْ‬ ‫لَ ِكن لَ َها و ِ‬
‫ْ ُ‬
‫ُس ُمَز ْخَرفَةٌ‬ ‫وف بِالَ أ ٍ‬ ‫بَِها ُس ُق ٌ‬
‫ُس ُبْنَيا ُن‬‫ف ُيْبنِ َي بِ ْغْي ِر األ ِّ‬ ‫و َكْي َ‬
‫َك ْم فَاتِ ٍح َعْيَنهُ ِفْي َها تَ َخطََّفهُ‬
‫َجَفا ُن‬
‫ض َّم أ ْ‬ ‫الر َدى َقْب َل أَ ْن َتْن َ‬ ‫أيْ ِدي َّ‬
‫ِ‬ ‫ِه َي َّ‬
‫الو ْج ِه ُت ْره ُقهُ‬ ‫اب َو َماءُ َ‬ ‫السَر ُ‬
‫الم ِاء َعطْ َشا ُن‬ ‫ِِ‬
‫َوالَ َيَرى فْيه َو ْج َه َ‬
‫ِ‬
‫ب‬‫َر ّحى يَ ُد ْو ُر َدقْي ٌق َشأْنَهُ َع َج ٌ‬
‫غَ َدا لِ ُك ِّل َخِلْي ٍل َو ُهَو طَ َّحا ُن‬
‫ان بِِه‬ ‫الزم ِ‬
‫سُّر ُك ُّل َفتَّى طُْو ُل َّ َ‬ ‫يَ ُ‬
‫اصل األ ْزم ِ‬
‫ان إِ ْز َما ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول ْلَفَتى َح ُ َ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ مِب‬ ‫االش تِغَ ُ ِ‬ ‫وعم ارةُ ال وقْ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ مِح‬


‫ب إِىل اهلل ْأو يُعنْي ُ‬
‫ال يِف مَج ي ِع آنَائ ه َا يُ َق ِر ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫ال ابْ ُن ال َقْيم َر َ هُ اهللُ َ َ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اح ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫علَى َذلِ َ ِ‬
‫ك م ْن َمأْ َك ٍل َو َم ْشَرب ْأو َمْن َك ٍح أ َْو َمنَان أ َْو َر َ‬ ‫َ‬

‫‪361‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت َوإِ ْن‬ ‫فأنَّه م أَخ َذها بِنِيَّ ِة ال ُق َّو ِة علَى ما حُيِ بُّه اهلل وجَتَّنَب ما يس ِخطُه َك انَت ِمن ِعم ار ِة الوقْ ِ‬
‫ْ ْ ََ َ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َ َ ُ َُ‬ ‫ُ َ ىَت َ َ‬
‫الص ِاد ُق ُرمَّبَا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِب‬ ‫َكا َن لَه فِيها أَمَتَّ لَ َّذ ٍة فَالَ حَتْس ِ‬
‫ب َّ‬ ‫الوقْت َ ْج ِر اللَّ َذات َوالّطيَّبَ ات فاملُح ُ‬ ‫ب ع َم َار َة َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َْ‬
‫احتِ ِه أَْق َوى ِم ْن َس رْيِ ِه البَ َديِن يِف َب ْع ِ‬ ‫وش ربِِه ومِج ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ض‬ ‫اع أ َْهل ه َو َر َ‬ ‫َ‬ ‫َك ا َن َس ْي ُرهُ ال َق ْليِب يِف َح ال أَ ْكل ه ُ ْ‬
‫األَحي ِ‬
‫ان ‪.‬‬ ‫َْ‬
‫هلل ْأم الَ فَِإ ْن‬ ‫ال رمِح ه اهلل ‪ :‬والْعب ُد إِ َذا عزم علَى فِع ِل أَم ٍر َفعلَي ِه أَ ْن يعلَم أ ََّوالً هل هو طَاع ةٌ ِ‬
‫َ ْ َُ َ‬ ‫ََ َ َ ْ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َوقَ َ َ َ ُ ُ‬
‫ص ْي ُر طَاع ةً فَإ َذاً‬ ‫وحينَئِ ٍذ ي ِ‬
‫مَل ي ُكن طَاعةً فَالَ ي ْفعلَه إِالَّ أ ْن ي ُكو َن مباحاً يستَعِ بِِه علَى الطَّ ِ ِ‬
‫اعة ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ْ نْي ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫َْ ْ َ‬
‫اع ةٌ فَالَ يُ ْق ِد ْم َعلَْي ِه َحىَّت َيْنظُ َر َه ْل ُه َو ُم َع ا ٌن َعلَْي ِه أ َْم الَ فِ إ ْن مَلْ يَ ُك ْن ُم َعان اً َعلَْي ِه‬ ‫بَا َن لَ هُ أَنَّهُ طَ َ‬
‫وه َو أ ْن يَأْتِيَ ْه ِم ْن َغرْيِ بَابِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فال يُ ْق د ْم َعلَْي ه َفيُ ذ َل َن ْف َس ْه وإِ ْن َك ا َن ُم َعان اً َعلَْي ه بَق َي َعلَْي ه نَظَ ٌر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َص ُل‬ ‫اع ةُ وا ِإل َعانَةُ واهل َدايَةُ أ ْ‬ ‫اعهُ أ َْو َف َّر َط فْي ه أ َْو أَفْ َس َد مْن هُ َش ْيئاً َف َه ذه األ ُُم ْو ُر الثالَث ةُ ‪ :‬الطَّ َ‬ ‫َض َ‬ ‫أَ‬
‫العِْْبِد وفَالَ ِح ِه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َس َع َادة َ‬
‫واالس تِ َعانَِة‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫اك نَعب ُد وإِيَّ َ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َس َع ُد اخلَْل ِق أ َْه ُل َه ذه العبَ َادة ْ‬ ‫اك نَ ْس تَعنْي ُ فأ ْ‬ ‫َو َه َو َم ْعيَن قَول الْ َعِْْبد لَربَّه إيَّ َ ْ ُ َ‬
‫اك‬ ‫ب ِم ْن إيَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اية إَىل املطْلُ ِ‬ ‫واهلِ َد ِ‬
‫اه ْم َم ْن َع د َم األ ُُم ْو َر الثالثَةَ َومْن ُه ْم َم ْن يَ ُك و ُن لَ هُ نَص ْي ٌ‬ ‫وب وأش َق ُ‬ ‫ِ َ‬
‫ف َف َه َذا خَمْ ُذ ْو ٌل َم ِهنْيٌ حَمْ ُز ْو ُن َو ِمْن ُه ْم َم ْن يَ ُك و ُن‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ع‬ ‫ض‬ ‫َو‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ِ‬‫ع‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ن‬ ‫اك‬‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬
‫إ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫َن ْعبُ ُد ونَصْيبُهُ ْ َّ َ ْ َ نْي ُ َ ْ ُ ْ ٌ ْ َ ْ ٌ‬
‫م‬
‫ط‬ ‫ض عِْيفاً أ َْو َم ْف ُق ْوداً َف َه َذا لَهُ نُ ُف وذٌ َوتَ َس لُّ ٌ‬ ‫اك َن ْعبُ ُد َ‬‫ص ْيبُهُ ِم ْن إيَّ َ‬
‫اك نَس تَعِ قَ ِوي اً ونَ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫نَص ْيبُهُ م ْن إِيَّ َ ْ نْي ُ‬
‫َس َوءُ َعاقِبَةً ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ُق َّوةٌ ولك ْن الَ َعاقبَةَ لَهُ بَ ْل َعاقبَتُهُ أ ْ‬
‫ص ْو ِد‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اك َنعب ُد وإِيَّ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اك نَ ْستَعنْي ُ ولَك ْن نَص ْيبُهُ َم ْن اهل َدايَة إَىل املَْق ُ‬ ‫ب َم ْن إيَّ َ ْ ُ َ‬ ‫َومْن ُه ْم َم ْن يَ ُكو ُن لَهُ نَصْي ٌ‬
‫ث اهللُ بِ ِه حُمَ َّمداً‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ض عِي ِ‬
‫والز َه اد الَّذيْ َن قَ َّل ِع ْل ُم ُه ْم حبَ َق ائِ ِق َما َب َع َ‬
‫ف ج داً َك َح ال َكثرْيٍ م ْن العبَ اد ُ‬ ‫َ ٌْ‬
‫‪َ ‬م َن اهلَُدى ُ‬
‫والت َقى ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫العل ِْم العلم إَِّن ُه ُموا‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬ما ال َف ْخر إِالَّ أل َْه ِل ِ‬
‫اسَت ْه َدى أَدالَّءُ‬ ‫من ْ‬ ‫اله َدى ل ْ‬ ‫َعلَى ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫و ِ‬ ‫و ِقيمةُ ِ‬
‫ِ‬
‫الجاهلُو َن أل َْه ِل العل ِْم أَ ْع َداءُ‬
‫َ َ‬ ‫الم ْرء َما قَ ْد َكا َن يُ ْح ِسنُهُ‬‫ََ َ‬
‫النَّاس موتَى ْ ِ‬
‫وأه ُل العل ِْم أ ْ‬
‫َحَياءُ‬ ‫ُ َْ‬ ‫ش بِِعل ٍْم َتُف ْز َحياً بِِه أَبَداً‬
‫فَِع ْ‬

‫‪362‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ف بِنَا يَا َم ْوالَنَا َو َوفِ ْقنَا‬‫ك طَ ِريْق اً وألطُ ْ‬ ‫وس ِه ْل لَنَا إِىل َما يُْر ِض ْي َ‬ ‫اللَّه َّم اِجع ل إمْيَا َننَا بِ َ ِ‬
‫ك َعمْي َق اً َ‬ ‫ُ َْ ْ‬
‫ني‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص احِل ِ ِ‬
‫ات َت ْوفْي َق اً َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَجِ ي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬ ‫لِْلباقِي ِ‬
‫ك يَا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ات َّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آل ِه و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫َوقَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫رقتنْي ِ ‪ ،‬فرقَ هً قَ َابلَ ْ‬
‫والعطَ اء واملْن ِع فا ْفَتَر ُق ْوا ف َ‬
‫َ‬ ‫َّهي‬
‫ْ‬ ‫ُه َذا اخلَْل َق َبنْي َ األ َْم ِر والن‬
‫َ‬ ‫أَقَ َام اهللُ ُس ْب َحنه‬
‫َ‬
‫ِ َ‬
‫وه ُؤالَِء‬ ‫ط‬ ‫الس خ ِ‬
‫َ ْ َ ُ ُّ ْ َ‬ ‫ِ‬‫ب‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫وم‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬‫ْ‬ ‫اب ‪َ ،‬و َعطَ اءَهُ بِالغَ ْفلَ ة ‪َ ،‬ع ْ ُ‬
‫الش‬ ‫ن‬ ‫باالرتِ َك ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َْم َرهُ ب الت َّْرك ‪َ ،‬وهَن يَ هُ ْ‬
‫ِ‬ ‫أَْع َداؤه ‪ ،‬وفِي ِهم ِمن الع َداو ِة حِب س ِ ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ب َما فْي ِه ْم ِم ْن َذل َ‬ ‫ْ ُُ ْ ْ َ َ َ َ َ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وق ْس ًم قَ الُوا إمَّنَا حَنْ ُن َعْي ُد َك ‪ ،‬ف إ ْن أ ََم ْرَتنَا َس َار ْعنَا إىل ا ِإل َجابَ ة ‪ ،‬وإ ْن َن َهْيَتنَا أ َْم َس كْنَا نُ ُف َ‬
‫وس نَا‬
‫ك‬ ‫ض َّر ْعنَا إِلْي َ‬ ‫اك ‪ ،‬وإِ ْن َمَن ْعَتنَا تَ َ‬‫وش َك ْرنَ َ‬ ‫اك َ‬ ‫أعطَْيَتنَا مَحِ ْدنَ َ‬ ‫اها َع َّما َن َهْيَتنَا َعْن هُ وإِ ْن ْ‬ ‫و َك َف ْفنَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وت ‪،‬‬ ‫وبنْي َ اجلَنَّة إِالَ س ْت ُر احلَيَ اة ال ُّد ْنيَا ‪ ،‬ف ِإ َذا َمَّزقَ هُ َعلَي ِهم املَ ُ‬ ‫يس َبنْي َ َه ُؤالَء َ‬ ‫اك ‪َ ،‬فلَ َ‬ ‫وذَ َك ْرنَ َ‬
‫وبنْي َ النّ ا ِر إِالَ ِس ْت ُر احلَيَ ِاة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س َبْيَن ُه ْم َ‬‫ك لَْي َ‬ ‫َن أُولَئِ َ‬‫العنْي ِ ‪َ ،‬ك َما أ َّ‬ ‫ص ُاروا إِىل الن َّْعِيِم املُقْي ِم و ُق َّر ِة َ‬ ‫َ‬
‫ص ُاروا إِىل احلَ ْسر ِة واألَ ِمَل ‪.‬‬ ‫وت َ‬ ‫فِإذَا َمَّزقَهُ املَ ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ني أَنْ َ‬ ‫ت أَ ْن َت ْعلَم ِم ْن أَي ال َف ِر ْي َق ِ‬ ‫ك وأ ََر ْد َ‬
‫فَ إ َذا تَص ادمت جي وش ال ُّد ْنيا ِ‬
‫واآلخ َر ِة يِف َق ْلبِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُُ ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت َم َع‬ ‫وف َبنْي َ اجلَْي َش نْي ِ ‪ ،‬ف أَنْ َ‬ ‫الوقُ ُ‬
‫ك ُ‬ ‫وم َع َم ْن ُت َقاتِ ُل ‪ ،‬إ ْذ الَ مَيْ ِكنُ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫فَانْظُْر َم َع َم ْن مَت ْي ُل مْن ُه َما ‪َ ،‬‬
‫َح ِدمِه َا الَ حَمَالَةَ ‪.‬‬ ‫أَ‬
‫وب ُه ْم لِْل ِف ْك ِر‬
‫الع ْق َل فَ َش َاو ُرهُ ‪ ،‬و َفَّرغُ وا ُقلُ َ‬‫ص ُح ْوا َ‬ ‫واسَتْن َ‬
‫اسَتغَش ُّْوا اهلََوى فَ َخالَ ُفوهُ ‪َ ،‬‬ ‫يق مْن ُه ْم ْ‬
‫َف َف ِر ِ‬
‫ٌ‬
‫فِْي َما ُخلِ ُق ْوا لَ ْه ‪َ ،‬و َج َوا ِر َح ُهم لِْل َع َم ِل مِب َا أ ُِم ُر ْوا بِِه ‪،‬‬

‫‪363‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫واس تَظْ َه ُر ْوا َعلَى ُس ْر َع ِة الْ َع َم ِل باملبَ َاد َر ِة إِىل‬ ‫وأَوقَ اهَت م لِعِمارهِتَا مِب َا يعم ر منَ ا ِزهَل م يِف ِ‬
‫اآلخ َر ِة ‪،‬‬
‫ِ هِلِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ ُُ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫اآلخَر َة َقْب َل انْت َقا م إِلَْي َها ‪.‬‬ ‫الد ْنيا و ُقلُوبهم مسافِرةٌ عْنها ‪ ،‬واسَتوطَنُوا ِ‬ ‫ِ‬
‫ْْ‬ ‫ُُ ْ ُ َ َ َ َ‬ ‫وس َكنُوا ُّ َ‬ ‫األ َْع َمال ‪َ ،‬‬

‫آلخ َر ِة َعلَى قَ ْد ِر َم َق ِام ِه ْم فِْي َها ‪،‬‬ ‫اهلل وطَاعتِ ِه علَى قَ ْد ِر ح اجتِ ِهم إِلَي ِه ‪ ،‬وَت ز َّودوا لِ ِ‬
‫َ َ ْ ْ َ َ ُْ‬ ‫َ َ‬
‫واهتَ ُّموا بِ ِ‬
‫ْ ْ‬
‫حها أ ْن آنَ َس ُه ْم بَِن ْف ِس ِه ‪َ ،‬وأ ْقبَ َل ب ُقلُ وهِبِ ْم إِلَْي ِه ‪َ ،‬ومَجَ َع َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فَ َج َع َل هَلُ ْم ُس ْب َحانَهُ م ْن نَعْي ِم اجْلَنَّة َو َر ْو َ‬
‫وب َغرْيِ ِه ْم ِم ْن حَمَبَّ ِة‬ ‫مِم‬ ‫وش َّو َق ُه ْم إِىل لَِقائِِه َو َن َّع َم ُه ْم ب ُق ْربِ ِه ‪َ ،‬و َف َّر َ‬
‫وب ُه ْم َّا َمأل ُقلُ َ‬ ‫غ ُقلُ َ‬ ‫َعلَى حَمَبَّتِ ِه ‪َ ،‬‬
‫اس َت ْو َعَرهُ املْتَر ُف ْو َن ‪،‬‬ ‫فاس تَالَنُ ْوا َما‬ ‫ف َذ َهاهِبَا ‪،‬‬ ‫الد ْنيا واهل َّم واحل ز ِن علَى َفوهِتَا ‪ ،‬والغَ َّم ِمن خ و ِ‬ ‫ُّ‬
‫ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اح ِه ْم َعلَى َح ِّد‬ ‫الد ْنيَا بأَبْ َداهِنِ ْم واملأل األ َْعلَى بأ َْر َو‬
‫ص ِحبُوا ُّ‬ ‫ِ‬
‫ش مْنهُ اجلَاهلُو َن ‪َ ،‬‬
‫وأَنِسوا مِب َا اسَتوح ِ‬
‫َْْ َ‬ ‫ُْ‬
‫َقو ِل الش ِ‬
‫َّاعر ‪:‬‬ ‫ْ‬
‫احُب ْو َها بأَبْ َد ٍان ُقلُوبُ ُه ُم‬
‫ص َ‬ ‫َو َ‬
‫ِ ِ‬
‫الع ْر ِش ْأو َك ُار‬ ‫طَْيٌر هَلَا يِف ضالَل َ‬
‫يق العِْل ِم والت َّْعلِي ِم قَ ْد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّاس َم ْن يَ ُك و ُن َس يَّ ُد َع َمل ه وطَ ِر ْي ُق هُ الّذي َيعُ ُّد ُس لُ ْو َكهُ إِىل اهلل طَْر َ‬ ‫فَ ِم َن الن ِ‬
‫ك َعاكِف اً َعلَى طَ ِري ِق العِْل ِم والت َّْعلِي ِم َحىَّت‬ ‫ِ‬
‫اهلل فَالَ َي َز ُال َك َذل َ‬ ‫و َّفر علَي ِه زمانَ ه مبتَغِي اً بِ ِه وج ه ِ‬
‫ََْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ُ ُْ‬
‫ِ‬
‫ت يِف طَ ِريْ ِق طَلَبِ ه َفرُي َجى لَهُ‬ ‫اهلل َو َي ْفتَ َح لَهُ فِْي َها ال َفْت َح اخلَ َّ‬
‫اص أ ّْو مَيُْو َ‬
‫ك الطَِّري ِق إِىل ِ‬
‫ْ‬ ‫ص َل ِم ْن تِْل َ‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫اجراً إِىَل اللّ ِه َو َر ُس ولِِه مُثَّ‬ ‫ول إِىل مطْلَبِ ِه بع َد مَمَاتِ ِه قَ َال َتع اىَل ‪ ﴿ :‬ومن خَي ْ رج ِمن بيتِ ِه مه ِ‬
‫َ َ ُ ْ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ َ َْ‬ ‫الو ُ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫َج ُرهُ َعلى اهلل ﴾ ‪.‬‬ ‫ت َف َق ْد َوقَ َع أ ْ‬ ‫يُ ْد ِر ْكهُ الْ َم ْو ُ‬
‫ي بِ ْع ِد‬ ‫وقَ ْد ح ِكي عن مَج اع ٍة َكثِي ر ٍة مِم َّن أ َْدر َك ه األَج ل وه و ح ِريص طَ الِ ِ ِ‬
‫ب ل ْل ُق ْرآن أنَّهُ ُر ِؤ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ُ َ َْ َ َ َْ ْ َ ُ َ ُ ََُ َ ْ ٌ‬
‫اش َعلَْي ِه‬‫ت َعلَى َما َع َ‬ ‫الب ْر َز ِخ ف ِإ َّن َ‬
‫العْب َد مَيُْو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخَبَر أَنَّهُ يِف تَكْمْي ِل َمطْلُوبِه وأنّهُ َيَت َعلَّ ُم يِف َ‬
‫ِِ‬
‫َم ْوته وأ ْ‬
‫‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومن النَّاس من يكون سيد عمله الذكر وقَ ْد جعله زاده ملعاده ورأس ماله ملآله فميت فرت َعْن هُ‬
‫أو قصر رأي أنه قَ ْد غنب وخسر ‪.‬‬
‫الص الة فميت قصر يف ورده منها أو مضي َعلَْي ِه‬ ‫ومن النَّاس من يك ون س يد عمله وطريقة َّ‬
‫َوقْت َو ُه َو غري مشغول هبا أو مستعد هلا أظلم َعلَْي ِه وقته وضاق صدره ‪.‬‬
‫ومن النَّاس من يك ون طريقه اإلحس ان والنفع املتع دي كقض اء احلاج ات وتف ريج الكرب ات‬
‫وإغاثة اللهفات وأنواع الصدقات قَ ْد فتح له يف َه َذا وسلك منه طريقاً إيل ربه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّاس َم ْن يَ ُكو ُن طَ ِر ْي ُقهُ َّ‬
‫وم َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َحالُهُ ‪.‬‬ ‫الص ْو َم َف ُه َو َمىَت أَفْطََر َتغََّيَر َعلَْيه َق ْلبُهُ َو َساءَ ْ‬
‫ب َعلَى أ َْوقَاتِِه َو ِه َي أ َْعظَ ُم أ َْو َر ِاد ِه ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس َم ْن يَ ُكو ُن طَ ِر ْي ُقهُ تالََو َة ال ُق ْرآن َوه َي الغَال ُ‬ ‫وم َن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّه َي َع ِن الْ ُمْن َك ِر قَ ْد َفتَ َح اهللُ لًهُ فِْي ِه َو َن َف َذ ِمْن هُ إِىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َومْن ُه ْم َم ْن يَ ُكو ُن طَ ِر ْي ُقهُ األ َْمَر باملَْع ُر ْوف والن ْ‬
‫َربِِه ‪.‬‬
‫واالعتِ َم َار ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ِمْن ُه ْم َم ْن يَ ُكو ُن طَ ِر ْي ُقهُ الَّذي نَ َف َذ فْي ِه احلَ َّج ْ‬

‫و ِمْنهم من ي ُك و ُن طَ ِري ُق ه قَطْ ع العالئِ ِق وجَتْ ِري َد اهلِ َّم ِة ودوام الْمرا َقب ِة ومراع ا َة اخلَو ِ‬
‫اط ِر ِ‬
‫وح ْف َظ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ُ َ َ َ َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َ َ‬ ‫َ ُْ َْ َ‬
‫ضائَِعةً ‪.‬‬ ‫ب َ‬
‫ِ‬
‫األ َْوقَات أَ ْن تَ ْذ َه َ‬
‫اهلل يِف ُك ِّل و ٍاد الو ِ‬
‫اص ُل إِلَْي ِه ِم ْن ُك ِّل طَ ِري ٍق َف ُه َو َج َع َل‬ ‫ك إِىل ِ‬ ‫و ِمْنهم ج امع املْن َف ِذ َّ ِ‬
‫َ َ‬ ‫الس ال ُ‬ ‫َ ُْ َ َُ‬
‫َ‬
‫ِ ِِ ِ‬
‫ت َويَ ِسْي ُر‬ ‫ِِ‬
‫ب َعْينه َي ُؤ ُّم َها أَيْ َن َكاَنَ ْ‬
‫ِ‬
‫ف عُبُوديَّته قْبلَةَ َق ْلبِه َونَ ْ‬
‫صَ‬
‫ِ‬
‫َوظَائ َ‬

‫‪365‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫معها حيث سارت قَ ْد ضرب َم َع ُك ّل فريق بسهم فأين كانت العبودية وجدته هناك إن َك ا َن‬
‫علم وجدته َم َع أهله أو جه اده وجدته يف صف اجملاه دين أو ص الة وجدته يف الق انتني أو‬
‫ومَرا َقبَة وإنابة‬
‫ذكر وجدته يف ال ذاكرين أو إحس ان ونفع وجدته يف زم رة احملس نني أو حمبة ُ‬
‫إيل اهلل وجدته يف زمرة احملسنني املنيبني ‪.‬‬

‫ضا ِربُ َها لَ ْو قِْي َل لَهُ ‪:‬‬


‫ت َم َ‬ ‫اسَت َقَّر ْ‬
‫ث ْ‬ ‫ت َر َكائُِب َها َو َيتَ َّ‬
‫وجهُ إِلَْي َها َحْي ُ‬ ‫اسَت َقلَّ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يَديْ ُن بِديْ ِن العُُب ْوديَّة أيّن ْ‬
‫ت َجالِبَ ةً َما‬ ‫ت وأَيْ َن َك انَ ْ‬ ‫ث َك انَ ْ‬ ‫ُنف َذ أ ََو ِام َر َريِّبْ َحْي ُ‬
‫ال أُِريْ ُد أَ ْن أ ِّ‬ ‫َما تُِريْ ُد ِم َن األ َْع َم ِال ؟ لََق َ‬
‫ت مَجَ َعْتيِن ْ أ َْو َفَّر َقْتيِن ْ ‪.‬‬ ‫ت م ْقتَ ِ‬
‫ضْ‬‫ضيَةً َما ا ْقتَ َ‬ ‫َجلَبَ ْ ُ‬
‫ب َوالبَ َد ِن‬ ‫أدائِ َها ُمَراقِب اً لَ هُ فِْي َها َعاكِف اً َعلَْي ِه بِ ُّ‬
‫الر ْو ِح وال َق ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س يِل ُم َر ٌاد إِالَّ َتْنفي ُذها والقيَ ُام بِ َ‬ ‫لَْي َ‬
‫ني أَن ُف َس ُه ْم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اش َتَرى م َن الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫ت إِلَْي ِه املبِْي َع ُمْن ِظَراً ِمْن هُ تَ ْس لِْي َم الث ََّم ِن ﴿ إِ َّن اللّهَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫السّر قَ ْد َس لَّ ْم‬
‫َو ِّ‬
‫ك إِىل َربِِّه النّافِ ُذ إِلَْي ِه َح ِقْي َقةً ‪.‬‬ ‫َن هَل م اجلنَّةَ ﴾َ َفه َذا هو الْعب ُد السالِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ َْ ّ ُ‬ ‫َوأ َْم َواهَلُم بأ َّ ُ ُ َ‬
‫ومعين النف وذ إليه أن يتصل به َق ْلب هُ ويعلق به تعلق احملب الت ام احملبة مبحبوبه فيس لوا به عن‬
‫مَجِ يع املط الب س واه فال يبقي يف َق ْلب ِه إِال حمبة اهلل وأم ره وطلب التق رب إليه )) وص لي اهلل‬
‫علي حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫(فص ل) ف إذا س لك الْ َعْبد علي َه َذا الطَ ِريق عطف َعلَْي ِه ربه فقربه واص طفاه وأخذ ب َق ْلب هُ إليه‬
‫وتواله يف مَجِ يع أموره يف معاشه ودينه وتويل تربيته أحسن وأبلغ مِم َّا َيريِّب الوالد الشفيق ولده‬
‫فإنه ُسْب َحانَهُ القيوم الْ ُم ِقيم لكل شيء من املخلوقات طائعها وعاصيها ‪.‬‬
‫ف تَ ُكون قيوميته مبن أحبه وتواله واثره علي ما سواه ورضي به من‬ ‫فَ َكْي َ‬

‫‪366‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ص ْنعِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫اصراً ومعِيناً وه ِادي اً َفلَ و َك َش ِ‬ ‫اس حبِيباً ورباً ووكِيالً ونَ ِ‬
‫ف الغطَاءُ َع ْن ألطَاف ه َوبِِّر ِه َو ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ ْ ََ‬ ‫النّ ِ َ ْ َ َ ّ َ َ ْ َ‬
‫اب َق ْلبُهُ حَمَبَّةً لَهُ َو َش ْوقاً إِلَْي ِه َوَت َقطّ َع ُشكْراً لَهُ ‪.‬‬ ‫ث َي ْعلَ ُم َو ِم ْن َحْي ُ‬
‫ث الَ َي ْعلَ ُم لَ َذ َ‬ ‫لَهُ ِم ْن َحْي ُ‬
‫األس ب ِ‬ ‫ات والت َ ِ‬ ‫الش هو ِ‬ ‫الد َها إِىل َع ا ِ‬ ‫ك إِ‬ ‫ولَ ِكن حجب ال ُقلُ وب عن مش اه َد ِة ذَلِ‬
‫اب‬ ‫َّعلُّ ِق ب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مَل‬ ‫ُ‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫َ ْ ََ َ‬
‫ب يَ ُذ ْو ُق َحالََوةَ َم ْع ِرفَ ِة‬‫أي َق ْل ٍ‬ ‫العلِْي ِم وإِالَّ فَ ُّ‬ ‫الع ِزيْ ِز َ‬
‫ِ‬
‫ك َت ْق د ْي ُر َ‬
‫ِ‬
‫َّت َع ْن َك َم ِال نَعِْي ِم َها َوذَل َ‬
‫صد ْ‬ ‫فَ َ‬
‫اهلل َوحَمَبَّتِ ِه مُثَّ َي ْر َك ُن إِىل َغرْيِ ِه َويَ ْس ُك ُن إِىل َما ِس َواهُ َه َذا َما الَ يَ ُك ْو ُن أَبَداً ‪.‬‬
‫ِ‬

‫ك وع رف طريق اً موص لة إيل اهلل مُثَّ تركها وأقبل علي إرادته وراحاته‬ ‫ِ‬
‫ومن ذاق َش ْيئاً من َذل َ‬
‫وشهواته ولذاته وقع يف آثار املعاطب وأودع َق ْلبَهُ سجون املضايق وعذب يف حياته عذاباً مل‬
‫َح داً من العاملني ‪ ،‬فحياته عجز وغم وحزن وموته ك در وحسرة ومعاده أسف‬ ‫يع ذب به أ َ‬
‫وندامة قَ ْد فرط َعلَْي ِه أمره وشتت َعلَْي ِه مشله وأحضر َن ْفسهُ الغموم واألحزان ‪.‬‬

‫فال ل ذة اجلاهلني وال راحة الع ارفني يس تغيث فال يغ اث ويش تكي فال يش كي ف َق ْد ت رحلت‬
‫أفراحه وس روره م دبرة وأقبلت آالمه وأحزانه وحس راته ف َق ْد أب دل بأنسه وحشة وبع زه ذالً‬
‫وبغناه فقراً وجبمعيته تشتيتاً وأبعدوه فلم يظفر بقرهبم وأبدلوه م َكا َن األنس إحياشاً ‪.‬‬
‫ك بأنه ع رف طريقه إيل اهلل مُثَّ تركها ناكب اً مكب اً علي وجهه فأبصر مُثَّ عمي وع رف مُثَّ‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫أنكر وأقبل مُثَّ أدبر ودعي فما أجاب وفتح له فويل ظهره الْبَ اب قَ ْد ترك طَ ِريق مواله وأقبل‬
‫بكليته علي هواه ‪.‬‬

‫فلو نال بعض حظوظه وتلذذ براحاته وشؤونه فهو مقيد الْ َق ْلب عن‬

‫‪367‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫انطالقه يف فس يح الت َّْو ِحيد ومي ادين األنس وري اض احملبة وموائد الق رب قَ ْد احنط بس بب‬
‫إهله احلق إيل أس فل س افلني وحصل يف ع داد اهلالكني فن ار احلج اب تطلع ُك ّل‬ ‫إعراضه عن ِ‬
‫َوقْت فؤاده وإعراض الكون َعْنهُ – إذ أعرض ربه – حائل بينه وبني مراده ‪.‬‬
‫فهو قرب ميشي علي وجه األرض وروحه يف وحشة من جس مه و َق ْلب هُ يف مالل من َحيَات هُ‬
‫يتمين املوت ويش تهيه ولو َك ا َن فيه ما فيه حىت إذا ج اءه املوت علي تلك احلال والعي اذ بِ ِ‬
‫اهلل‬
‫فال تسأل عما حيل به من الْ َع َذاب األليم بسبب وقوع احلجاب بينه وبني مواله احلق وإحراقه‬
‫بنار البعد من قربه واإلعراض َعْنهُ وقَ ْد حيل بينه وبني سعادته وأمنيته ‪.‬‬
‫احلال وص َّورهتا لَه َن ْفس ه واَرتْ ه إِيَّاها علَى ح ِقي َقتِها َلت َقطَّع و ِ‬
‫اهلل‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ََ‬ ‫العْب ُد امل ْس كنْي ُ َه ذه َ َ َ ْ ُ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َفلَ ْو َت َو َّه َم َ‬
‫ث بِ ِه َويَ ْس َت ْعتِبُهُ يِف‬
‫اهلل َويَ ْس تَغِْي ُ‬‫دات جَي أر إِىل ِ‬
‫الص ع ِ‬
‫اب َوخَلََر َج إِىل ُّ ْ‬ ‫َق ْلبهُ ومَل ي ْلتَ َّذ بِطَع ٍام والَ َشر ٍ‬
‫ُْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ َْ‬
‫ف أ َْو ُم ْزنَ ِة‬ ‫كخي ِال طَْي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫َزم ِن ْ ِ ِ‬
‫االس ت ْعتَاب َه َذا َم َع أَنَّهُ إِذا آثَ َر َش َهواته َول َّذات ه الْ َفانيَ ةَ الّيِت ه َي َ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َح َو َج َما َك ا َن إِلَْي َها َو ِحْي َل َبْينَ هُ َو َبْيَن َها أَقْ َد َر َما َك ا َن َعلَْي َها وتِْل َ‬ ‫ت َعلَْي ِه َّ‬
‫لذهَت ا أ ْ‬ ‫َّص ْ‬
‫صْيف نَغ َ‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫ال َتع اىَل ‪ ﴿ :‬حىَّت إِ َذا أ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ت َوظَ َّن أ َْهلُ َها‬ ‫ض ُز ْخ ُر َف َها َو َّازيَّنَ ْ‬
‫َخ َذت األ َْر ُ‬‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُس نَّةُ اهلل يِف َخ ْلق ه َك َما قَ َ َ‬
‫ك‬ ‫ص يداً َك أَن مَّل َت ْغن بِ األَم ِ ِ‬ ‫أَنَّهم قَ ِادرو َن علَيها أَتَاها أَمرنَا لَيالً أَو َنه اراً فَجع ْلنَاها ح ِ‬
‫س َك َذل َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ْ َ َ ُْ ْ ْ َ‬
‫ات لَِق ْوٍم َيَت َف َّك ُرو َن ﴾ ‪.‬‬
‫صل اآلي ِ‬
‫نُ َف ِّ ُ َ‬

‫ب إعراضه وإيث ار ش هواته علي مرض اة ربه يع وق الق در َعلَْي ِه أس باب م رداه‬ ‫وه َذا ُه َو ِغ ُّ‬
‫َ‬
‫فيخسر األم رين مجيع اً فيك ون مع ذباً يف ال ُّد ْنيَا بتنغيص ش هواته وش دة اهتمامه بطلب ما مل‬
‫وح ْس َرة‬
‫يقسم له وإن قسم له منه شيء فحشوه اخلوف واحلزن والنكد واألمل فهم ال ينقطع َ‬
‫ال تنقضي وحرص ال ينفد وذل ال‬

‫‪368‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وه َذا يف هذه الدار ‪.‬‬ ‫وطم ٌع ال يقلع َ‬ ‫ينتهي َ‬


‫ك قَ ْد حيل بينه وبني ما يشتهي وفاته ما َك ا َن يتمناه من‬ ‫ِ‬
‫وأما يف الربزخ فأضعاف أضعاف َذل َ‬
‫ق رب ربه وكرامته ونيل ثوابه وأحضر مَجِ يع غمومه وأحزانه ‪ ،‬وأما يف دار اجلزاء فس جن‬
‫ني ‪.‬‬ ‫أمثاله من املبعدين املطرودين فواغوثاه مُثَّ واغوثاه بغياث املستغيثني وأَرحم َّ مِحِ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ض اهللُ َعْنهُ بال ُكلَّيَّ ِة َو َم ْن ْ‬ ‫اهلل بال ُكليَّ ِة ْ‬
‫س‬ ‫ض اهللُ َعْنهُ لَ ِز َمهُ ّ‬ ‫أعرض عن ِ‬
‫والب ْؤ ُ‬‫الش َقاءُ ُ‬ ‫أعَر َ‬ ‫أعَر َ‬ ‫فَ َم ْن ْ َ َ َ ْ‬
‫اد يِف ِديْنِ ِه ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبخس يِف أ ِ ِ‬
‫ض‬
‫أع َر َ‬ ‫ب إِ َذا ْ‬ ‫وماَله ِفَ إ َّن ّ‬
‫الر َّ‬ ‫َ‬ ‫وأعمال ِه وقَ َارنَ هُ ُس وءُ احلَ ِال َوفَ َس ٌ‬ ‫َحوال ه َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ‬
‫أنوار َها َوظَ َه َر َعلَْي َها َو ْح َش ةُ‬ ‫عن ِجه ٍة دار هِب‬
‫ف ُ‬ ‫جاؤ َها وانْ َك َس َ‬ ‫ت ْأر ُ‬ ‫وس وأظْلَ ْم ْ‬ ‫ُّح ُ‬ ‫ت َا الن ُ‬ ‫َْ َ ََ ْ‬
‫اط وهدفاً لِلشُّرو ِر ومصباً لِْلب ِ‬
‫الء ‪.‬‬ ‫ُ ََ ّ َ‬ ‫ت َمأْ َوى لِلشَّيَ ِ نْي َ َ َ َ‬ ‫ص َار ْ‬‫اض َو َ‬ ‫ا ِإل ْعَر ِ‬
‫ض َعْن َها أ َْو َو َج َد بَا ِرقَةً ِم ْن ُحبِّ ِه مُثَّ ُس لِبَها‬ ‫ف طَ ِريق اً إِلَْي ِه مُثَّ ْ‬
‫أع َر َ‬ ‫فَامل ْح ُر ْو ُم ُك َّل امل ْح ُر ْوِم َم ْن َعَر َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫َ‬
‫ص َرف جبُ ْملَتِ ِه‬ ‫َْ‬ ‫ن‬ ‫وا‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫َْ ْ‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ىل‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ة‬ ‫اد‬‫ر‬
‫َ ََ‬ ‫ِ‬
‫إل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ت‬‫ِ‬‫ب‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬
‫َ ْ ُ ُ ً َ‬ ‫وص‬ ‫ص‬ ‫خ‬ ‫ها‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ىل‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫مَلْ َْ ُ‬
‫اح ِه هابِط اً ِم َن‬ ‫ك يِف لَيلِ ِه وهَن ا ِر ِه وغُ ُد َّو ِه ورو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اض ّ ِ ِ‬ ‫صْي ِل األ ْغ َر ِ‬ ‫إِىل حَتْ ِ‬
‫َََ‬ ‫َ‬ ‫والش َه َوات عاك َف اً َعلَى َذل َ ْ َ‬
‫األدىَن ‪.‬‬
‫يض ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫األعلَى إِىل احل ِ‬ ‫األو ِج ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫قَ ْد مضت َعلَْي ِه برهة من أوقاته و َك ا َن مهه اهلل وبغيته قربه ورضاه وإيثاره علي ُك ّل ما سواه‬
‫ويظ ّل ويض حي و َك ا َن اهلل يف تلك احلال وليه ألنه ويل من ت واله‬ ‫ك يص بح وميسي ِ‬ ‫ِ‬
‫علي َذل َ‬
‫وحبيب من أحبه ووااله ‪.‬‬
‫فأصبح يف سجن اهلوى ثاوي اً ويف أسر الْ َع ُد ّو مقيم اً ويف بئر املعصية ساقطاً ويف أودية احلرية‬
‫والتفرقة هائماً معرضاً عن املطالب العالية إيل‬

‫‪369‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫األغراض اخلسيسة الفانية َكا َن َقْلبهُ حيوم حول العرش فأصبح حمبوساً يف أسفل احلُش ‪:‬‬
‫يري حس ٍ‬
‫رات ُكلَّ َما طَ َار طَائُِر‬ ‫َّف ِريْ ُ‬
‫شهُ‬ ‫َصبح َكالبا ِز المَنت ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫فَأ ْ َ َ َ ُ‬
‫َعلَى ُك ِّل َما َي ْهَوى ِم َن َّ‬
‫الصْي ِد قَ ِاد ُر‬ ‫اض ُمَن َّعماً‬ ‫الريِ ِ‬ ‫وقَ ْد َكا َن َد ْهراً ِفي ِّ‬
‫اس ُر‬‫إِ َذا هو م ْقصوص الجناحي ِن ح ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َُ َ ُ ُ‬ ‫أص َابْتهُ ِم َن ال ّد ْه ِر نَ ْكَبةٌ‬
‫إِلى أَ ْن َ‬
‫واس تَْب َد َل بِغَرْيِ ها ِمْن َها يَا َع َجب اً لَهُ َّ‬
‫بأي‬ ‫ض َعْن َها ْ‬ ‫أعَر َ‬‫اق َشْيئاً ِم ْن َم ْع ِرفَِة َربِِّه َوحَمَبَّتِ ِه مُثَّ ْ‬
‫َفيَا َم ْن ذَ َ‬
‫جوع إِىل أحنِيَتِ ِه َو َما َت َع ّرض َو َكْيف اخّتَ َذ ِس َوى‬ ‫ٍ‬
‫الر َ‬ ‫ب ُّ‬ ‫رارهُ فَما طَلَ َ‬ ‫ف َق َّر قَ ُ‬ ‫َش ْيء َت َّع َوض و َكْي َ‬
‫ف طَ َاو َع هُ َق ْلبُ هُ َعلَى‬ ‫أحنِيتِ ِه س كناً وجع ل قَلب ه لِمن ع اداه م والَه ِمن ِ ِ‬
‫أجل ه وطَن اً ْأم َكْي َ‬ ‫ََ َ َ ُ َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ ْ‬ ‫َ َ‬
‫االص ِطبَا ِر َو َوا َف َقهُ َعلَى ُم َسا َكنَ ِة األ ْغيَا ِر ‪.‬‬
‫ْ‬
‫اب األلْيِ ِم َويَا‬ ‫الدائِم ِة ونَعِْي ِم ِه امل ِقي ِم ويا بائِع اً س ع َادتَهُ العظْمى بِالع َذ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َفيَا ُم ْع ِرض اً َع ْن َحيَات ه َ َ َ‬
‫عادتُهُ يِف إِ ْرض ِاء ِس َواهُ إِمّنَا‬ ‫ِ‬
‫احتُ هُ َو َف ْو ُزهُ يِف ِرض اهُ وطَالب اً رضى َم ْن َس َ‬
‫ِ‬
‫ُم ْس خطاً َم ْن َحيَاتً هُ َو َر َ‬
‫اع ٍة الَ َش ْه ٍر و َغ ُّم َس نَ ٍة بَ ْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ل ّذاهُت ا وَتَب َقى تَبِ َعا ُت َها َف َر ُح َس َ‬‫ض يةٌ تَ ْذ َه ُ‬ ‫وش ْه َوةٌ ُمْنق َ‬ ‫ه َي لَ ّذةٌ فَانِيةٌ َ‬
‫وآخُرهُ َهالَ ُك ‪.‬‬‫ده ِر طَعام لَ ْذيِ ٌذ مسموم َّأولُه ل ّذةٌ ِ‬
‫َ ُْ ٌ ُ‬ ‫َْ َ ٌ‬
‫فالع امِل َعلَْي َها والساعي يف توصيلها كدودة القز يسد علي َن ْفسهُ املذاهب مبا نسج َعلَْي َها من‬ ‫َ‬
‫املعاطب فيندم حني ال تنفع الندامة ويستقيل حني ال تقبل االستقالة فطويب ملن أقبل علي اهلل‬
‫بكليته وعكف َعلَْي ِه بإرادته وحمبته ‪.‬‬

‫‪370‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ف إن اهلل يقبل َعلَْي ِه بتوليه وحمبته وعطفه ورمحته وإن اهلل ُس ْب َحانَهُ إذا أقبل علي عبد اس تنارت‬
‫جهاته وأش رقت س احاهتا وتن ورت ظلماهتا وظهر َعلَْي ِه آث ار إقباله من هبجة اجلالل وآث ار‬
‫اجلمال ‪.‬‬
‫ب َعْب داً أحبُّوهُ وإِذَا‬ ‫أح َّ‬ ‫األعلَى بِامل َحبّ ِة واملواالَِة ألن َُّهم َتبَ ٌع لِم و ُ ِ‬ ‫َوَت َو َّجهَ إِلَْي ِه أ َْه ُل امل ِأل ْ‬
‫اله ْم فَإذَا َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نادي ِجرْب ائيل يِف‬ ‫َحبَّه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوهُ إِ َذا َ ّ ُ َْ َ َ َ َ رْب ُ يّن ُّ ُ ً َ َّ ُ ُ‬
‫أ‬‫ف‬ ‫ا‬ ‫الن‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫ُح‬ ‫أ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ائيل‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫اد‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ب‬‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫اهلل‬ ‫ب‬ ‫أح‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َواىَل َوليّاً َو ْ‬
‫ض‪.‬‬‫األر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ماء إ ّن اهللَ حُيِ ُّ‬
‫السماء مُثَّ حُي بُّهُ أ َْه ُل ْ‬ ‫ب فُالناً فَأَحبُّوهُ فيُحبُّهُ أ َْه ُل ّ‬ ‫َّ‬
‫ك َم ْن‬ ‫ِ‬
‫والرمْح َ ِة ونَاهْي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫بالو ِّد واملَ َحبّة َ‬ ‫وب ْأوليائه تَف ُد إلَْي ه ُ‬ ‫وجي َع ُل اهللُ ُقلُ َ‬ ‫ول َبْيَن ُه ْم ْ‬ ‫ض ُع لَهُ ال َقبُ ُ‬‫َفُي ْو َ‬
‫كر َامتِ ِه‬ ‫لك ذُو اجلَالَ ِل وا ِإل ْك َر ِام مِب َ َحبَّتِ ِه ويُ ْقبِ ُل َعلَْي ِه بأ ْن َو ِ‬ ‫ِ‬
‫وي ْل َحظُهُ املألٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اع‬ ‫ك امل ِ‬ ‫توجهُ إِلَْي ِه مال ُ‬
‫يَ َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ض ِل‬ ‫ف‬‫ال‬ ‫و‬‫ذ‬ ‫واهلل‬ ‫اء‬ ‫ش‬
‫َ َ َ ْ ُ ُْ َ ْ َ َ ُ ُ ُْ َ ْ‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫ت‬ ‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫اهلل‬ ‫ل‬ ‫فض‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬‫و‬ ‫ِ‬
‫رمي‬ ‫ك‬ ‫ّ‬‫والت‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ي‬‫ج‬ ‫َّب‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫بال‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫األر‬
‫األعلَى وأ َْه ُل ْ‬ ‫ْ‬
‫الع ِظي ِم ‪.‬‬
‫َ‬
‫وصلي اهلل علي حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫(قاع دة) الس ائر إيل اهلل وال دار اآلخ رة بل ُك ّل س ائر إيل مقصد ال يتم س ريه وال يصل إيل‬
‫مقص وده إِال بق وتني – ق وة علمية – وق وة عملية – فب القوة العلمية يبصر من ازل الطَ ِريق‬
‫ومواضع الس لوك فيقص دها س ائراً فيها وجيتنب أس باب اهلالك ومواضع العطب وط رق‬
‫املهالك املنحرفة عن الطَ ِريق املوصل ‪.‬‬
‫ِ‬
‫فقوته العلمية كن ور َع ِظيم بي ده ميشي يف ليلة عظيمة مظلمة ش ديدة الظلمة فهو يبصر ب َذل َ‬
‫ك‬
‫الن ور ما يقع املاشي يف الظلمة يف مثله من الوه اد واملت آلف ويع ثر به من األحج ار والش وك‬
‫ك النور أيض اً أعالم الطَ ِريق وأداهتا املنصوبة َعلَْي َها فال يضل َعْن َها فيكشف‬ ‫ِ‬
‫وغريه ويبصر ب َذل َ‬
‫له النور عن األمرين‬

‫‪371‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أ َْعالَِم الطَ ِر ِيق وم ِ‬


‫عاطبِها‬ ‫ََ‬
‫الس ْيَر ُه َو َع َم ُل امل َس افِ ِر‬
‫العلَميّ ِة فَِإ َّن َّ‬ ‫َ‬ ‫الس ْي ُر ُه َو َح ِقي َق ةُ ال ُق َّو ِة‬
‫الع َملِيّ ِة يَ ِس ْي ُر َح ِقْي َق ةً بَ ِل َّ‬
‫َ‬ ‫وبال ُق ّو ِة‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫و َك َذلِ‬
‫ص َر املغَ ابَِر وال ِو َه َاد والطُُّر َق النّاكبَ ةَ‬ ‫َ‬ ‫الم َها وأب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ص َر الطَ ِري َق ْ‬
‫وأع‬ ‫َ‬ ‫الس ائُِر إِىل َربَِّه إِذَا أب‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َع َعص اهُ‬ ‫اآلخ ُر َو ُه َو أ ْن يَ َ‬
‫الش طُْر َ‬ ‫الح َوبق َي َعلَْي ه ّ‬ ‫عادة وال َف ِ‬ ‫الس َ‬‫ص َل لَ هُ َش طُْر ّ‬ ‫َعْن َها ف َق ْد َح َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫َعلَى َعاتق ه ويُ َش ِّمَر مس افراً يِف الطَِّري ِق قَاطع اً َمنَا ِزهَلَا َب ْع َد َمْن ِزلَ ة فَ ُكلَّ َما قَطَ َع َم ْر َحلَ ةً ْ‬
‫اس َت َع َّد‬
‫الس َف ِر ‪.‬‬
‫مش ّقةُ َّ‬ ‫ب ِم َن املْن ِز ِل فَها َن َعلَْي ِه َ‬ ‫َ‬ ‫استَ ْش َعَر ال ُق ْر‬
‫ْ‬ ‫ُخَرى َو‬ ‫ْ‬ ‫لَِقطْ ِع األ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وب ْر ُد‬ ‫ب التّالقي َ‬ ‫ِ‬
‫والرحي ل َو َع دها ُق ْر ُ‬ ‫الش ِّد َّ‬ ‫واص لَة َّ‬ ‫وم َ‬ ‫ِ‬
‫الس رْي ُ‬‫ت َن ْف ُس هُ ِم ْن َكالَ ِل َّ‬ ‫َو ُكلَّ َما َس َكنَ ْ‬
‫س أبْ ِش ِري َف َق ْد‬ ‫ول ‪ :‬يَا َن ْف ُ‬ ‫ك نَشاطاً َو َفَرح اً ومِه َّةً َف ُهو َي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫ث هَلَا َذل َ‬
‫ِ‬
‫ول َفيُ ْحد ُ‬ ‫ش َعْن َد الوص ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫العْي ِ‬
‫َ‬
‫ك َو َبنْي َ َمنَ ا ِز ِل‬ ‫ال بينَ ِ‬ ‫قطعِي يِف الطِّري ِق ُدو َن الو ِ‬ ‫َق رب املْن ِز ُل ودنَا التّالقِي فَال َتْن ِ‬
‫ص ول َفيُ َح َ َْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َ َ ََ‬
‫األحبَّ ِة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫فإن صربت وواصلت املسري وصلت محيدة مسرورة جذلة وتلقتك األحبة بأنواع التحف‬
‫ك إِال صرب س اعة ف إن ال ُّد ْنيَا ُكلّ َها كس اعة من س اعات‬ ‫ِ‬
‫س بينك وبني َذل َ‬ ‫ات ولَْي َ‬ ‫والكرام َ‬
‫َ‬
‫اهلل اهلالك‬ ‫اآلخ رة وعم رك درجة من درج تلك الس اعة فاهلل اهلل ال تنقطعي يف املف ازة فهو و ِ‬
‫َ‬
‫والعطب لو كنت تعلمني ‪.‬‬
‫ف إن استص عب َعلَْي ِه فلي ذكرها ما أمامها من أحبائها وما ل ديهم من اإلك رام واإلنع ام وما‬
‫خلفها من أع دائها وما ل ديهم من اإلهانة والْ َع َذاب وأن واع البَالء ف إن رجعت ف إيل أع دائها‬
‫رجوعها وإن تق دمت ف إيل أحبائها مص ريها وإن وقفت يف طريقها أدركها أع داؤها فَ ِإن َُّه ْم‬
‫وراءها يف الطلب والبد هلا من قسم من هذه األقسام الثالثة فلتخرت أيها شاءت انتهي ‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬
‫ت وطَ ِ‬ ‫ٍ‬
‫يم َها‬ ‫إِلى َجنَّة طَابَ ْ َ َ‬
‫اب نَع ُ‬ ‫ضا َي ْق ُد ُمونَِه ْم‬
‫الر َ‬
‫راه ْم وأ َْمالَ ُك ِّ‬‫تَ ُ‬
‫ب َج ِحْي ُم َها‬
‫ت نَ ٌار َو َش َّ‬
‫َوقَ ْد َبَر َز ْ‬ ‫ع‬ ‫يَ ِسْي ُر ْو َن ِفي أ َْم ٍن إِ َذا ال َخل ُ‬
‫ْق ُفَّز ٌ‬
‫آخر ‪:‬‬
‫لَِق ْوٍم َعلَى األَقْ َد ِام بِاللَّْي ِل ُقَّو ُم‬ ‫ت‬ ‫فَِلل ِّه َكم ِمن َخي ٍ‬
‫رة قَ ْد َت َهيََّئ ْ‬‫ْ ْ ْ‬
‫ِ‬
‫َفَت ْس ِري ُه ُم ْو ُم ال َق ْوم َوالن ُ‬
‫َّاس ُنَّو ُم‬ ‫العالَ ِمْي َن َ‬
‫إله ُه ْم‬ ‫ب َ‬ ‫اج ْو َن َر َّ‬
‫ُيَن ُ‬
‫آخر ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ضائِِه‬ ‫ِ‬
‫أسَرا ِر َها َيَتَفه ُ‬
‫َّم‬ ‫أَ ُخو ال َف ْه ِم في ْ‬ ‫طي قَ َ‬ ‫ْطاف بَ ِّ‬
‫وهلل أل ٌ‬
‫َترقَّى إِلى أ ْعلَى ال ُذ َرى َو ُهَو ُم ْكَر ُم‬ ‫ف الَْي ِّم تَ َّم ُعلُُّو ُه‬‫ف(َموسى بَِق ْذ ِ‬
‫ُْ َ‬
‫الم َعظَّ ُم‬
‫فاد ُ‬ ‫الم ْسَت ُ‬ ‫ْك َو ُهَو ُ‬
‫المل َ‬
‫َحَوى ُ‬ ‫والس ْج ِن ُح ْقَب ًة‬‫ب ّ‬ ‫الج ِّ‬ ‫ف َب ْع َد ُ‬ ‫وي ْو ُس ُ‬
‫ُ‬
‫الم َهْي ِم ِن أ ْكَر ُم‬ ‫ِ‬ ‫والتْقوى ُتَن ُ ِ‬ ‫وبِ َّ‬
‫الو َرى عْن َد ُ‬
‫وأْتَقى َ‬ ‫ال هَباتُهُ‬ ‫الصْب ِر َّ َ‬
‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫َوقَ َ‬
‫الس نة ش جرة والش هور فروعها واألي ام أغص اهنا والس اعات أوراقها واألنف اس مثرها فمن‬
‫كانت أنفاسه يف طاعة فثمرة شجرته طيبة ومن كانت يف معصية فثمرته ِ‬
‫حنظ ّل وإمنا يكون‬
‫ك يتبني حلو‬ ‫ِ‬
‫فعْن َد َذل َ‬
‫اجلداد يوم املعاد َ‬

‫‪373‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الثمار من مرها ‪.‬‬


‫واإلخالص والت َّْو ِحيد ش جرة يف الْ َق ْلب فروعها األعم ال ومثره طيب احلي اة يف ال ُّد ْنيَا والنَّعِيم‬
‫الْ ُم ِقيم يف اآلخ رة وكما أن مثار اجْلَنَّة ال مقطوعة وال ممنوعة فثم رة الت َّْو ِحيد واإلخالص يف‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫الد ْنيَا َك َذل َ‬
‫الد ْنيَا اخلوف واهلم والغم وضيق الصدر‬ ‫والشرك والكذب والرياء شجرة يف الْ َق ْلب مثرها يف ُّ‬
‫وظلمة الْ َق ْلب ومثرها يف اآلخرة الزقوم والْ َع َذاب األليم وقَ ْد ذكر هاتني الشجرتني يف سورة‬
‫إبراهيم ‪.‬‬
‫ود َوالبُ َّد ِم ْن ِس نَ ِة الغَ ْفلَ ِة َو ُرق ِاد‬ ‫ِ‬ ‫وقَ َ مِح‬
‫وق قَائِ َم ةٌ والث ََّم ُن َم ْو ُج ٌ‬ ‫الس ُ‬‫ك فَ ُّ‬ ‫ال َر َ هُ اهللُ ‪ :‬ا ْش رَتِ َن ْف َس َ‬ ‫َ‬
‫ض يءُ يِف لَْي ِل‬ ‫الص باح نُور الع ْق ِل ي ِ‬ ‫اهل وى ولَ ِكن ُكن خ ِفي ف النَّوِم فَح َّراس ِ‬
‫ص ُحو َن َدنَا َّ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫البلَ د يَ ْ‬
‫ْ ْ َْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫بالع ْزِم ِم ْن‬
‫ب األُمو ِر اُ ْخ ُر ْج َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْي ُر يِف ذَل َ‬
‫ك الن ُّْور َع َواق َ‬
‫اب َفيَتلَّمح الب ِ‬
‫الص َو َ ُ َ‬
‫اهلَوى َفَتلُوح ج َادةُ َّ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رأت َوالَ أُذُ ٌن‬‫ب الَّذي فيه َما الَ َعنْيٌ ْ‬ ‫الر ْح ِ‬
‫ك الفنَ اء َّ‬ ‫الضيّ ِق امل ْح ُش َّو باآلفات إِىل َذل َ‬ ‫َه َذا الفنَاء ّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ب بَ َش ٍر ‪.‬‬‫ت والَ َخطَر َعلَى َق ْل ِ‬
‫َ‬ ‫مَس َع ْ َ‬
‫ص لُهُ أ َذى‬ ‫هِب‬ ‫ِ‬
‫ض نَاً َو َو ْ‬‫وب يَا بَائ َع اً َن ْف َس هُ َ َوى َم ْن ُحبُّهُ َ‬ ‫طلوب َوالَ يٌ ْف َق ُد حمبُ ٌ‬
‫َف ُهنَ اك الَ َيَت َع ّذ ُر َم ٌ‬
‫الس َلع ِة َحىّت إِذَا‬‫ف قَ ْد َر ِّ‬ ‫ك مَلْ َت ْع ِر ْ‬ ‫س كأنّ َ‬ ‫َش يَ ِاء بِثَ َم ٍن خَب ْ ٍ‬
‫س األ ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫وحس نُهُ إِىل َفنَ ِاء لََق ْد بِ‬
‫ُْ‬
‫َ‬
‫ك الغَنْب ُ يِف َع َق ِد التّبايُ ِع الَ إِلهَ إِالَ اهللُ ِس ْل َعة اهللُ ُم ْش رَت يها ‪ ،‬ومَثَُن َها‬ ‫ت َي ْو َم التَّغَ ابُ ْن َتَبنَّي َ لَ َ‬ ‫قَ َد ْم َ‬
‫اجلَنّةُ ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم ثبتنا علي قولك الث ابت يف احلي اة ال ُّد ْنيَا ويف اآلخ رة اللَّ ُه َّم وأي دنا بنص رك وارزقنا من‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫فضلك وجننا من عذابك يوم تبعث عبادك ‪َ ،‬وا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫وسلم ‪.‬‬ ‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى َ‬ ‫ني ‪َ .‬و َ‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬

‫‪374‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬

‫حين َوفَاتي‬ ‫َرجو أ ْن تَ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫َصَب ْح ُ‬


‫وأ ْ‬ ‫يوب َحَياتِي‬ ‫ت َو َعالَِّم الغُ ِ‬ ‫َك ِر ْه ُ‬
‫والش َه ِ‬ ‫فَ َشا السوء إِال ِفي ال َقل ِ ِ‬
‫وات‬ ‫الله ِو َّ‬ ‫ضوا بِ َح َار ْ‬ ‫َو َخا ُ‬ ‫الو َرى‬‫ْيل م َن َ‬ ‫ُ ُ‬
‫الفس ِق مْنغَ ِمس ِ‬
‫ات‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت لَ َديْ ِه ْم ُح ْر َمةُ الدِّي ِن وا ْغَت َد ْ‬
‫وس ُه ُم ْوا في ْ ُ َ‬ ‫ُنُف ُ‬ ‫ت‬ ‫اع ْ‬‫ضَ‬ ‫وَ‬
‫الخ ْز ِي مْنَت ِشر ِ‬
‫ات‬ ‫ُ َ‬
‫الل ِ‬ ‫ت ِخ ُ‬ ‫ض َح ْ‬‫وأ ْ‬ ‫ت أَ ْخال ُق ُه ْم َوَتغَّ ْ‬
‫يرت‬ ‫َوقَ ْد فَ َس َد ْ‬
‫وج ْم َع طُغَ ِاة‬ ‫ٍ‬
‫ب فُ َّساق ً‬ ‫َكَتائِ ِ‬ ‫ت َأري ِسَوى‬ ‫َو َس َار ال َخَنا ِفْي ِه ْم فلَ ْس ُ‬
‫س ُع َداتِي‬ ‫(أر ُاه ِ ِ‬ ‫ب ِفي ال ِو َد ِاد ُم َخ ِاد ٌ‬ ‫ِ‬
‫صديقي َو ُهَو رْأ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ع‬ ‫فمْن ُه ْم َك ُذ ْو ٌ‬
‫ول َحَياتِي‬ ‫َيرانِي ويَ ْد ُعو لِي بِطُ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْف ِعْن َد َما‬
‫يقابِلُنِي بِالبِ ْش ِر واللُط ِ‬
‫ُ‬
‫للو َرى َو َهَناتِي‬ ‫َو َع َّد ُعيُوبي َ‬ ‫ت َعْنهُ َسَّبْني وأ ََهانَني‬ ‫وإِ ْن ِغْب ُ‬
‫الهلَ َك ِ‬ ‫وِمْنهم َشِقي ه ُّمهُ ِ‬
‫ات‬ ‫َ(ولَْو َكا َن ُع ْقَب ُاه إِلى َ‬ ‫الف ْس ُق وال ِزنَا‬ ‫َ ُْ ٌ َ‬
‫ف ِمن اللعَن ِ‬
‫ات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ْف ُم ْسِل َم ٍة بِالَ‬
‫الق ِيه يَ ْج ِري َخل َ‬ ‫تُ ِ‬
‫َحَياء َوالَ َخ ْو َ َ‬

‫‪375‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ات‬‫َفي ْغ ِمز َها لِلْح ِظ والغَمز ِ‬ ‫ْك َكأ ْختِ ِه‬ ‫أن تِل َ‬‫َكأ ْن لَ ْم ُيَف ِّكْر َّ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اهلل ِفي الحرم ِ‬
‫ات‬ ‫ُُ َ‬
‫حق ِ‬ ‫ع َّ‬ ‫(ولَ ْم َي ْر َ‬ ‫اب ِغ َّشاً َو ِخ ْد َع ًة‬ ‫ِ‬
‫َوُيْبدي لَ َها ا ِإل ْع َج َ‬
‫ات‬‫وفي س َكر ِ‬
‫َ َ‬
‫وأَصبح ِفي َخب ٍل ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫وآخ ُر أ َْم َسى لِل ُْعَقا ِر ُم َع ِاقراً‬
‫َ‬
‫َعلَْي ِه وو ِافي ب ِادي الظُلُم ِ‬ ‫ّيل ِسْتَرهُ‬
‫ات‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫َس َد َل الل ُ‬ ‫َتَراهُ إِ َذا َما أ ْ‬
‫ات‬‫والنغَم ِ‬
‫ْس َ َ‬ ‫ب َبْي َن ال َكأ ِ‬ ‫(ويَطَْر ُ‬ ‫ص َحابِِه‬ ‫ود بْين ِ‬ ‫ِ‬
‫العْن ُق َ َ‬ ‫يُدْي ُر ابْن َة ُ‬
‫ِ‬
‫القي ِمن جوى النَّز َع ِ‬
‫ات‬ ‫وما سي ِ‬ ‫الم ْس ِكْي ُن ِذ ْكَر َم َماتِِه‬ ‫وقَ ْد أَ ْغَفل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اسياً لِغَ َد ِاة‬
‫ال ِكبراً نَ ِ‬
‫َويَ ْخَت ُ ْ‬ ‫باد بِ ُع ْجبِ ِه‬
‫الع ِ‬‫يتِيهُ َعلَى ُك ِّل ِ‬
‫َْ‬
‫ود ال َقب ِر والح َشر ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫(طَعاماً لَ ُد ِ‬
‫َ‬ ‫وي ْغَت ِدي‬ ‫اب َ‬ ‫وارى ِفي التُّر ِ‬
‫َ‬ ‫غَ َدا َة يُ َ‬
‫ك ِمن سَن َد ِ‬
‫ات‬ ‫وما ِعْن َد ُه ِفي ِ‬ ‫ور ب َكْثَر ِة َمالِِه‬
‫البْن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫وآ َخ ُر َم ْغ ُر ٌ‬
‫ات‬‫ض ِل والحسَن ِ‬ ‫َوبِال َْم ِال الَ بِال َف ْ‬ ‫والغَنى‬ ‫اهلل بالْج ِاه ِ‬ ‫ْق ِ‬ ‫ي( ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫فاخ ُر َخل َ‬ ‫ُ‬
‫ف مْنَق ِشع ِ‬ ‫ال فَ ٍ‬
‫ات‬ ‫الصْي ِ ُ َ‬ ‫ب ّ‬ ‫س ْح ِ‬ ‫ول َك ُ‬ ‫َي ُز ُ‬ ‫ان وأَنَّهُ‬ ‫َولَ ْم يَ ْد ِر أ َّ‬
‫َن ال َْم َ‬

‫‪376‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وة ي ْش َه ْد بِ ُك ِّل َثب ِ‬


‫ات‬ ‫َ‬
‫ِ ٍ‬
‫أَ ُخ ْو ش ْق َ‬ ‫الزو ِر إِ ْن يَ ْسَت ِع ْن بِِه‬ ‫َو َذا َش ِاه ٌد بِ ُّ‬
‫اص ْي بِغَْي ِر ُح َم ِاة‬
‫ف الع ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بِه يَق ُ َ‬ ‫َع َّد لِمو ِق ٍ‬
‫ف‬ ‫َولَ ْم أَ ْد ِر َما َذا قَ ْد أ َ ْ‬
‫لَ(هُ ِعْن َد ر ِّد الح ِّق َغْير ُفَت ِ‬
‫ات‬ ‫اليتِْي ِم َولَ ْم يَ َد ْع‬ ‫و َذا ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ال َ‬ ‫آك ٌل َم َ‬ ‫َ‬
‫النَفح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو ِفي بَطْنِ ِه قَ ْد أ ْد َخ َل النّ َار َع ِامداً‬
‫ات‬ ‫َصَب َح َم ْح ُر ْوماً م َن َّ َ‬ ‫َ(وأ ْ‬
‫لِ ِحطَّتِ ِه قَ ْد ُع َّد ِفي النّ ِكر ِ‬
‫ات‬ ‫تاب َو َه َذا ُمَن ِاف ٌق‬ ‫ك ُم ْغ ٌ‬ ‫َو َذلِ َ‬
‫َ‬
‫(وأَرباحهُ مْنزو َعةُ البر َك ِ‬
‫ات‬ ‫ش النَّاس ِفي البي ِع ِ‬
‫والشَرا‬
‫َ َْ ُ َ ُ ْ ََ‬ ‫َْ‬ ‫َو َه َذا َيغُ ُّ َ‬
‫صَف ِ‬
‫ات‬ ‫(مع ال َخل ِْق وال َخالَّ ِق َشُّر ِ‬ ‫صَفاتُهُ‬‫و َه َذا حوى ُك َّل ال َخَنا و ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫يج ِاهر ِفي ا ِإل ْفطَا ِر ِفي الطُّرقَ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ات‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫صَّو ُم‬‫َّاس ُ‬ ‫َو َك ْم ُم ْعل ٍن للْفطْ ِر َوالن ُ‬
‫ات‬ ‫َّجس ِ‬ ‫وَت ْع ِذيْبِ ِه لِألَْنُف ِ ِ‬ ‫س ُيَبالِي بانْتَِق ِام إلَ ِهه‬
‫س الن َ‬ ‫َ‬ ‫ولَْي َ‬
‫ت َقْبل َفو ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬
‫ي(ب ِادر بِح ِّج البْي ِ‬
‫َُ ْ َ َ‬ ‫َ(و َك ْم ِم ْن غَنِ ٍّي ُم ْستَ ِطْي ٍع َتَراهُ الَ‬
‫ات‬‫الر ْحم ِن ِفي َعرفَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِِ‬
‫لَت ْلبَية َّ َ‬ ‫التَقى‬ ‫س ِمل ُْؤ َها البُِّر َو ُّ‬ ‫َفَي ْس َعى بَِن ْف ٍ‬
‫(‬

‫‪377‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الصلَو ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫َولَ ْم أ ََر إِالَّ النَّْز َر ِفْي ِه ْم ُمسا ِرعاً‬


‫ات‬ ‫ِإل ْحَياء ديْ ِن اهلل ب َّ َ‬
‫الرحم ِ‬
‫ات‬ ‫(َعلَى ِ‬ ‫س إِالَّ َو َسائِ ٌل‬
‫المتّقي تَ ْستَ ْنز ُل َّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ات ال َخ ْم ُ‬ ‫الصلََو ُ‬ ‫َو َما َّ‬
‫ات‬‫يز ُّج بِمن يأتْيِ ِه ِفي ال ُكرب ِ‬
‫َُ‬ ‫َُ َ ْ َ‬ ‫َوَتْن َهي َع ْن ال َف ْح َش ِاء وال ُْمْن َك ِر الَذي‬
‫ات ُعَر ِاة‬ ‫وع و َذ ِ‬ ‫ي(ج ُ ِ ِ‬ ‫َوَيْن ُد ُر أَ ْن أَلَْقى غَنِيّاً بِ َمالِِه‬
‫ود لذي ُج ٍ َ‬ ‫َُ‬
‫الصَفح ِ‬
‫ات‬ ‫َع ْن الن َّْهي َحتَّى َسَّو ُدوا َّ َ‬ ‫األم ِر َكال َوالَ اْنَت َه ْوا‬ ‫ف(َ َما اْئَت َم ُروا بِ ْ‬
‫ِ‬ ‫و َعاثُوا فَساداً ِفي الْبِ ِ‬
‫ات‬ ‫الدرج ِ‬
‫أسَف ِل َّ َ َ‬ ‫صَيانِِه ْم في ْ‬ ‫ِبع ْ‬ ‫َصَب ُحوا‬ ‫الد فَأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َح َم َق َعاتِي‬ ‫ضْي َها غَْي ُر أ ْ‬‫والَ يرتَ ِ‬
‫َ َْ‬ ‫الر ِشْي ُد لُِقْب ِح َها‬
‫َخالَئِ ُق يَأْبَ َاها َّ‬
‫ات‬ ‫وي ْخجل ِمْنها ص ِاد ُق العزم ِ‬ ‫والح َجا‬‫والرْأ ِي ِ‬ ‫الع ْق ِل َّ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫ويْنك ُرها ذُ ْو َ‬ ‫ُ‬
‫والَ ي ْقَتنِي ِمْن َها ِسوى الحسر ِ‬
‫ات‬ ‫اب َس ْعيُهُ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َو َم ْن َيتَّخ ْذها َمْن َهجاً َخ َ‬
‫اب ُمَواتِي‬ ‫ب َيل ُْه ْو َّ‬
‫والشَب ُ‬ ‫إِلى الغَْر ِ‬ ‫ف َش َّد ِر َحالَهُ‬ ‫الصْي ِ‬
‫ْت َّ‬ ‫اء َوق ُ‬ ‫إِ َذا َج َ‬
‫اإلسالَِم َشَّر ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫عاة‬ ‫ل َه ْدِم ُعالَ ِ ْ‬ ‫ص ِرنا غَ َد ْوا‬ ‫اإل ْسالَِم ِفي َع ْ‬ ‫َن بَنِي ِ‬ ‫كأ َّ‬
‫(‬

‫‪378‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الرغَب ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل َو ْار ِج ُعوا‬‫اهلل ِ‬ ‫اد ِ‬ ‫ِ‬


‫ات‬ ‫إِلَْيه َتنَالُوا ُمْنَت َهى َّ َ‬ ‫َفتُوبُوا عَب َ‬
‫الشب َه ِ‬
‫ات‬ ‫وس ُك ُموا َحتَّى َع ْن ُّ ُ‬ ‫ُن(ُف َ‬ ‫َوالَ َتَقّربُوا َما الَ يَ ِح ُّل وأَبْ ِع ُدوا‬
‫َكما يْنب ِغي ِفي الج ْه ِر وال َخلَو ِ‬
‫ات‬ ‫دودهُ‬
‫وار َع ْوا ُح َ‬ ‫وأَدُّوا ح َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫قوق اهلل ْ‬ ‫ُ‬
‫صْيب ُكموا ِفي الح ِّق ِمن َعَقب ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫َوالَ تَِهنُوا يَوماً َوالَ تَ ْحَزنُوا لِ َما‬
‫َ ْ َ‬ ‫يُ ُ ُ‬
‫وهب ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإللَِه ولُطِْف ِه‬
‫وان ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫وزوا ب ِر ْ‬
‫وي ْغد ْق َعلَْي ُك ْم أْن ُع َماً َ‬‫ُ‬ ‫َتُف ُ‬
‫الد َعو ِ‬ ‫إِ َذا ما َد َعوتُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب ال َقَب ِ‬
‫ات‬ ‫صال َح َّ َ‬ ‫َ ْ ْ َ‬ ‫ب‬
‫ول ويَ ْسَتج ْ‬ ‫َوَي ْفَت ْح لَ ُك ْم بَ َ‬
‫ب الثَّمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫َوَي ْر ُزقَ ُك ُم م ْن أطَْي ِ َ َ‬ ‫َّس ِل ُقَّر َة أ ْعيُ ٍن‬ ‫َويَ ْج َع ْل لَ ُك ْم في الن ْ‬
‫ات‬‫َعلَي ُكم ع ُدو رد َُّه بِ َشَت ِ‬ ‫َّص ِر َحتَّى إِ َذا طَغَى‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ ٌ َ‬ ‫ويُ ْمد ْد ُك ُم بالن ْ‬
‫َت(عالِيم ِديْ ِن ِ‬
‫اهلل َنْب َذ َنَو ِاة‬ ‫ال إِالَّ لَِنْب ِذ ُك ْم‬‫الح ُ‬
‫َ َ‬ ‫فَ َما َح َّل َه َذا َ‬
‫ض رفَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َما َسلَّ َ‬
‫ات‬ ‫(َفلَ ْم َيْب َق فْي ُك ْم غَْي ُر َب ْع ِ ُ‬ ‫ط اهللُ ال َْع ُد َّو َعلَْي ُك ُم‬
‫قَنِ ْعتُم َعن األ ْعم ِال بال َكِلم ِ‬
‫ات‬ ‫ِسَوى َب ْع ِد ُك ْم َع ْن ِديِ ِنه وألنّ ُك ْم‬
‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬

‫‪379‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت وقو حمبتك يف قلوبنا واشرح صدرونا ونورها بنور ا ِإلميَان َو ْ‬


‫اج َع ْلنَا هداة مهتدين‬ ‫اللَّ ُه َّم َثبِّ ْ‬
‫اج َع ْلنَا ممن يف وز ب النظر إيل وجهك يف جن ات النَّعِيم يا حليم ويا‬ ‫وأهلمنا ذك رك وش كرك َو ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يا أرحم الرامحني‬ ‫كرمي َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املسلمني األحياء ِمْن ُه ْم وامليتني بَِرمْح َتِ َ‬
‫وصلي اهلل علي حُمَ َّمد وعلي آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال ابن القيم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫فالح هَل ا َوالَ‬ ‫ودي ِن ِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اه َدها علَى َتعلُّ ِم اهل َدي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلق الّ ذي الَ َ‬ ‫ب أح ُد َها أ ْن جُي َ َ َ ُ‬ ‫اد ْأربَ ُع َم َرات َ‬
‫اجل َه ُ‬
‫عادها إِال بِ ِه ومىت فَاهَت ا علم ه ش ِقيت يِف ال دَّارين الثَّانِية أَ ْن جُي ِ‬ ‫اش ها وم ِ‬ ‫ِ‬
‫اه َد َها‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُُ َ َ ْ‬ ‫ََ‬ ‫مع َ َ‬ ‫عادةَ هَل ا يِف َ‬
‫َس َ‬
‫اه َد َعلَى‬‫علَى العم ِل بِِه ِع ْل ِم ِه وإِالَّ فمجَّرد العِْلم بِال عم ٍل إ ْن مَل يضَّرها مَل يْن َفعها الثّالِثةُ أ ْن جُي ِ‬
‫ْ َ ُ ْ َ َْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ذين يَكْتُ ُم و َن َما أَْن َز َل اهللُ ِم ْن اهلُ َدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال د ْ ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫َّع َوة إلَْي ه وَت ْعليم ه َم ْن الَ َي ْعلَ ُم هُ وإالّ َك ا َن م ْن الّ َ‬
‫اب ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫ات والَ يْن َفعهُ علمهُ والَ يْن ِج ِيه ِمن َع َذ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫والبِّينَ َ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ك كله‬ ‫ِ‬
‫الرابعة ‪ :‬أن جياه دها علي الصرب علي مش اق ال دعوة إيل اهلل وأذى اخللق ويتحمل َذل َ‬
‫الع امِل ال‬
‫الس لَف جممع ون علي َ‬ ‫هلل ف إذا اس تكمل ه ذه املراتب األربع ص ار من الرب انيني ف إن َّ‬
‫يستحق أن يسمي ربانياً حىت يعرف احلق ويعمل به ويعلمه ‪.‬‬
‫فمن علم وعلَّ َم وعمل فذاك يدعي عظيم اً يف ملكوت السماء وأما جهاد الشيطان فمرتبتان‬
‫جهاده علي دفع ما يلقي إيل الْ َعْبد من الشبهات والشكوك القادحة يف ا ِإلميَان ‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ات َّ ِ ِ‬ ‫الثَّانِية ‪ِ :‬جهاده علَى دفْ ِع ما ي ْل ِقيِه ِمن ا ِإلراد ِ‬
‫األو ُل يَ ُك ُون َب ْع َُد اليَق ُ‬‫اد ّ‬ ‫والش َه َوات فَاجل َه ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ص َب ُروا َو َك انُوا بِآيَاتِنَا‬ ‫ِ ِ‬
‫ال َت َع اىَل ﴿ َو َج َع ْلنَا مْن ُه ْم أَئ َّمةً َي ْه ُدو َن بِأ َْم ِرنَا لَ َّما َ‬ ‫الصْب ُر قَ َ‬
‫والثّاين َب ْع َدهُ َّ‬
‫ات وا ِإلراد ِ‬
‫ات‬ ‫ََ‬
‫الش هو ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫رُب‬ ‫ص‬‫ْ‬ ‫الص رْبِ واليَ ِقنْي َ فَالَّ‬
‫َّ‬ ‫ال بِ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫مَن‬‫َن إِمام ةَ الدِّيْ ِن إِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫فأخ‬
‫ْ‬ ‫﴾‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ن‬
‫ُ‬
‫يوقِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب واللّس ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب بالْ َق ْل َ َ‬ ‫اد ال ُك ّفار واملُنَافقنْي َ فأ َْربَ ُع َمَرات َ‬ ‫وأما ج َه ُ‬ ‫وك والشُُّب َهات ّ‬ ‫الش ُك َ‬‫ني يَ ْدفَ ُع ُّ‬
‫واليَق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫س و ِجه اد ال ُك ّف ا ِر أَخ ُّ ِ ِ‬ ‫والْ َم ِال َو َّ‬
‫اد‬
‫ص باللّ َس ان وأما ج َه ُ‬ ‫َخ ُّ‬ ‫اد املُنَ افقنْي َ أ َ‬ ‫ص باليَ د َوج َه ُ‬ ‫َ‬ ‫الن ْف ِ َ َ ُ‬
‫ب األُوىَل باليَ ِد إِ َذا قَ َد َر فَ ِإ ْن َع ِج َز ا ْنَت َق َل إِىل‬ ‫ات َفثَالَ ُ ِ‬
‫ث َم َرات َ‬
‫اب الظُّْل ِم والبِ َد ِع واملْن َك ر ِ‬
‫ُ َ‬
‫أَرب ِ‬
‫َْ‬
‫ات ومَلْ َي ْغ ُز َومَلْ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫عش َرةَ َم ْرَتبَ ةً م َن اجله اد َو َم ْن َم َ‬ ‫اه َد ب َق ْلبِ ِه َف َه ِذ ِه ثَالَثَ ةَ ْ‬ ‫ِ‬
‫اللّ َس ان فَ ِإ ْن َع َج َز َج َ‬
‫اد إِالَ ب اهلِ ْجَر ِة َوالَ اهلِ ْج َرةُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ات َعلَى ُش ْعبَة م َن النّف اق َوالَ يَت ُّم اجل َه ُ‬ ‫ِّث َن ْف َس هُ ب الغَْز ِو َم َ‬ ‫حُيَ د ْ‬
‫ان ‪.‬‬‫واجلِهاد إِالّ با ِإلميَ ِ‬
‫ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اج ُرواْ‬‫ين َه َ‬ ‫ين َآمنُ واْ َوالذ َ‬ ‫ين قاموا هبذه الثالثة قال َت َع اىَل " إ َّن الذ َ‬ ‫والراجون رمحة اهلل هم الذ َ‬
‫ك يرجو َن رمْح ت اللّ ِه واللّه َغ ُف ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم » ‪.‬‬ ‫ور َّرح ٌ‬ ‫اه ُدواْ يِف َسبِ ِيل اللّه أ ُْولَئ َ َ ْ ُ َ َ َ َ ُ ٌ‬ ‫َو َج َ‬
‫وكما أن ا ِإلميَان فرض علي ُك ّل أحد ففرض َعلَْي ِه هجرتان يف ُك ّل َوقْت هجرة إيل اهلل َع َّز‬
‫والرج اءَ واحملبة والتوبة وهج رة إيل‬ ‫ِ‬
‫َو َج َّل بالت َّْوحيد واإلخالص واإلنابة والتوكل واخلوف َ‬
‫رسوله باملتابعة واالنقياد ألمره والتصديق خبربه وتقدمي أمره وخربه علي أمر غريه وخربه ‪.‬‬
‫فمن ك انت هجرته إيل اهلل ورس وله فهجرته إيل اهلل ورس وله ومن ك انت هجرته إيل دنيا‬
‫يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إيل ما هاجر إليه ‪.‬‬
‫فه َذا كله فرض‬ ‫ِ‬
‫وفرض َعلَْيه جهاد َن ْفسه يف ذات اهلل وجهاد شيطانه َ‬

‫‪381‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫األمة إذا‬‫عني ال ينوب فيه أحد عن أحد وأما جهاد الكفار واملنافقني ف َق ْد يكتفي فيه ببعض ِ‬
‫حصل ِمْن ُه ْم مقصود‪.‬‬
‫اهلل من أَ ْكم ل م راتِب اجلِه ِاد ُكلّها ‪ ،‬واخل ْل ق متَفا ِوتُو َن يِف منَ ا ِزهِلِم عْن َد ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َ َُُ‬ ‫وأَ ْك َم ُل اخلَْل ِق َعْن َد َ ْ َ َ َ َ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫تَفاوَتهم يِف مراتِ ِ ِ ِ هِل‬
‫ب اجل َهاد َو ََذا َكا َن أ ْك َم ُل اخلَْل ِق وأ ْكَر ُم ُه ْم َعلَى اهلل َخامَتُ أنْبِيائ ه َو ُر ُس له فَِإنّهُ‬ ‫ُ ُ ْ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َك َّمل مراتِ ِ ِ‬
‫ث إِىل أَ ْن َت َوفَّاهُ‬ ‫ع يِف اجلِ َه اد ِم ْن ِحنْي َ بُعِ َ‬ ‫ِ‬
‫اه َد يِف اهلل َح َّق ج َه اده َو َش َر َ‬ ‫ب اجل َهاد َو َج َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫ِ‬
‫ك فَطَ ِّه ْر " مَشََّر‬ ‫ك فَ َكِّب ْر َوثِيَابَ َ‬ ‫اهللُ َع َّز َو َج َّل فَِإنَّهُ لَ َّما َن َز َل َعلَْي ِه " يَا أيها الْ ُم دَّثِّ ُر قُ ْم فَأَنذ ْر َو َربَّ َ‬
‫اهلل أَمَتَّ قِي ٍام ودعا إِىل ِ‬
‫اهلل لَْيالً َو َن َه اراً َو ِس ّراً َو َج ْه راً َفلَ َّما َن َز َل‬ ‫ات ِ‬ ‫َّعو ِة وقام يِف َذ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َََ‬ ‫َع ْن ساق الد ْ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِب‬ ‫ِ‬
‫غري‬
‫الص َ‬ ‫تأخ ُذهُ فْي ه لَ ْو َم ةُ الَئ ٍم فَ َد َعا إِىل اهلل ّ‬ ‫ع ب ْأم ِر اهلل الَ ُ‬ ‫ص َد َ‬ ‫اص َد ْع َا ُت ْؤ َم ُر " َ‬ ‫َعلَْي ه " فَ ْ‬
‫س‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َوال َكبِْيَر واحلَُّر والْ َعْب َد وال ّذ َكَر َواألُْنثَى واألمْح ََر ْ‬
‫واألس َو َد واجل َّن واإلنْ َ‬
‫وملا صدع بأمر اهلل وصرح لقومه بالدعوة وناداهم بسب آهلتهم وعيب دينهم اشتد أذاهم له‬
‫وملن استجاب له من أصحابه ونالوهم بأنواع األذى وهذه سنة اهلل َع َّز َو َج َّل يف خلقه كما‬
‫ك َج َع ْلنَا لِ ُك ِّل‬ ‫ِ‬
‫ال ‪َ « :‬و َك َذل َ‬ ‫ك " َوقَ َ‬ ‫ِ‬
‫يل ل ُّلر ُس ِل ِمن َقْبل َ‬
‫ال لَ ك إِال ما قَ ْد قِ ِ‬
‫َ‬ ‫قال َت َع اىَل " َما يُ َق ُ َ َ‬
‫ول إِال‬ ‫ك ما أَيَت الَّ ِذين ِمن َقبلِ ِهم ِّمن َّرس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنس َواجْلِ ِّن " َوقَ َ‬
‫ني ِ‬ ‫ِ‬
‫نيِب ٍّ َع ُد ًّوا َش يَاط َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال ‪َ « :‬ك َذل َ َ‬
‫اص ْوا بِِه بَ ْل ُه ْم َق ْو ٌم طَاغُو َن » ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قَالُوا َساحٌر أ َْو جَمْنُو ٌن أََت َو َ‬
‫ك وأن له أس و ًة مبن تقدمه من املرس لني وع زي أتباعه بقوله " أ َْم َح ِس ْبتُ ْم‬ ‫ِ‬
‫فع زي ُس ْب َحانَهُ ب َذل َ‬
‫ين َخلَ ْواْ ِمن َقْبلِ ُكم َّم َّس ْت ُه ُم الْبَأْ َس اء َو َّ‬
‫الض َّراء َو ُزلْ ِزلُ واْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫أَن تَ ْد ُخلُواْ اجْلَنَّةَ َولَ َّما يَ أْت ُكم َّمثَ ُل الذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ُ َّ ِ‬
‫يب » ‪.‬‬ ‫صَر اللّه قَ ِر ٌ‬ ‫ص ُر اللّه أَال إِ َّن نَ ْ‬ ‫ين َآمنُواْ َم َعهُ َمىَت نَ ْ‬ ‫ول َوالذ َ‬ ‫ول َّ ُ‬ ‫حىت َي ُق َ‬

‫‪382‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬

‫ب‬‫المَراتِ ِ‬
‫اع َ‬ ‫األمانِ ْي َو ْارت َف َ‬
‫َوَنْي َل َ‬ ‫العالَ‬ ‫لََع ْم ِر َي إِ َّن َ‬
‫الم ْج َد َوال َف ْخَر َو ُ‬
‫الش ِر ِمن ُك ِّل نَ ِ‬ ‫ص ِادقَاً‬ ‫ِ‬
‫اك ِ‬
‫ب‬ ‫َو َج َاه َد أ َْه َل َّ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ل َم ْن قَ َام بِالدِّيْ ِن َ‬
‫الحَنيِْي ِّ‬
‫ين ِمن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َِِوقَولِ ِه " أ ِ‬
‫َّاس أَن يُْتَر ُك وا أَن َي ُقولُ وا َآمنَّا َو ُه ْم اَل يُ ْفَتنُ و َن ‪َ ،‬ولََق ْد َفَتنَّا الذ َ‬ ‫ب الن ُ‬ ‫َحس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات أَن‬ ‫الس يِّئ ِ‬ ‫َقبلِ ِهم َفلَيعلَم َّن اللَّه الَّ ِذين ص َدقُوا ولَيعلَم َّن الْ َك ِاذبِني ‪ ،‬أَم ح ِس َّ ِ‬
‫ين َي ْع َملُو َن َّ َ‬ ‫ب الذ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َْ َ ُ َ َ َ َْ َ‬
‫الس ِم ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم‬
‫يع الْ َعل ُ‬ ‫َج َل اللَّه آَل ت َو ُه َو َّ ُ‬ ‫يَ ْسبِ ُقونَا َس اء َما حَيْ ُك ُم و َن ‪َ ،‬من َك ا َن َي ْر ُجو ل َق اء اللَّه فَإ َّن أ َ‬
‫الص احِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ات‬ ‫ين َآمنُوا َو َعملُوا َّ َ‬ ‫ني ‪َ ،‬والذ َ‬ ‫اه َد فَإمنا جُيَاه ُد لَن ْفس ه إِ َّن اللَّهَ لَغَيِن ٌّ َع ِن الْ َع الَم َ‬ ‫‪َ ،‬و َمن َج َ‬
‫َح َس َن الَّ ِذي َكانُوا َي ْع َملُو َن "‬ ‫هِتِ‬
‫لَنُ َكفَِّر َّن َعْن ُه ْم َسيِّئَا ْم َولَنَ ْج ِز َين ُ‬
‫َّه ْم أ ْ‬
‫ك بِ ِه ِع ْل ٌم فَاَل تُ ِط ْع ُه َما‬
‫س لَ َ‬ ‫نس ا َن بَِوالِ َديْ ِه ُح ْس ناً َوإِن َج َ ِ ِ يِب‬ ‫﴿ َو َو َّ ِ‬
‫اه َد َاك لتُ ْش ر َك َما لَْي َ‬ ‫ص ْينَا اإْل َ‬
‫َّه ْم يِف‬ ‫ِ‬ ‫إِيَلَّ م ر ِجع ُكم فَ أُنَبِّئ ُكم مِب َا ُكنتُم َتعملُ و َن ‪ ،‬والَّ ِذين آمنُ وا وع ِملُ وا َّ حِل ِ‬
‫الص ا َات لَنُ ْدخلَن ُ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ ُ ْ ُ‬
‫اب اللَّ ِه‬ ‫َّاس َكع َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ني ‪َ ،‬و ِم َن الن ِ‬ ‫َّ حِلِ‬
‫ي يِف اللَّه َج َع َل فْتنَ ةَ الن ِ َ‬ ‫ول َآمنَّا باللَّه فَ إ َذا أُوذ َ‬ ‫َّاس َمن َي ُق ُ‬ ‫الص ا َ‬
‫ِ‬ ‫مِب‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ص ُدو ِر الْ َع الَم َ‬ ‫س اللَّهُ بِأ َْعلَ َم َا يِف ُ‬ ‫ِ‬
‫ك لََي ُق ولُ َّن إنَّا ُكنَّا َم َع ُك ْم أ ََولَْي َ‬ ‫ص ٌر ِّمن َّربِّ َ‬
‫َولَئن َج اء نَ ْ‬
‫فليتأمل الْ َعْبد س ياق ه ذه اآلي ات وما تض منته من العرب وكن وز احلكم ف إن النَّاس إذا أرسل‬
‫ك بل يستمر علي‬ ‫ول أحدهم آمنا ‪ ،‬وإما أن ال ي ُق ُ ِ‬
‫ول ذَل َ‬ ‫َ‬ ‫إليهم الرسل بني أمرين ‪ :‬إما أن َي ُق ُ‬
‫السيئات والكفر ‪.‬‬
‫فمن ق ال آمنا ‪ .‬امتحنه ربه وابتاله وفتنه والفتنة االبتالء واالختب ار ليت بني الص ادق من الك اذب ‪ .‬ومن مل يقل آمنا فال حيسب أنه يعجز اهلل‬
‫ويفوته ويسبقه فإنه إمنا يطوي املراحل يف يديه ‪.‬‬
‫إِ َذا َكا َن يطْوي ِفي ي َدي ِه المر ِ‬
‫احل‬ ‫الم ْرءُ َعْنهُ بِ َذنْبِ ِه‬ ‫و َكي َ ِ‬
‫َ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫ف يَفُّر َ‬‫َ ْ‬
‫فمن آمن بالرسل وأطاعهم عاداه أعداؤهم وآذوه فابتلي مبا يؤمله ‪،‬‬

‫‪383‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وإن مل ي ؤمن هِب ُ ْم ومل يطعهم ع وقب يف ال ُّد ْنيَا واآلخ رة فحصل له ما يؤمله و َك ا َن َه َذا املؤمل‬
‫أعظم وأدوم من أمل إتب اعهم فالبد من حص ول األمل لكل نفس آمنت أو رغبت عن ا ِإلميَ ان‬
‫لكن امل ْؤ ِمن حيصل له األمل لكل نفس آمنت أو رغبت عن ا ِإلميَان لكن امل ْؤ ِمن حيصل له األمل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الد ْنيَا ابتداء مُثَّ يكون له العاقبة يف الد ْنيَا واآلخرة واملعرض عن اإلميَان حيصل له لذة ابتداء‬‫ُّ‬ ‫يف ُّ‬
‫مُثَّ يصري يف األمل الدائم ‪ ،‬وصلي اهلل علي حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني‬
‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫ض ل لِ َّلر ُج ِل أَ ْن مُيَ َّ‬ ‫الش افِعِي رمِح‬ ‫ِ‬
‫ال ال َمُيَ َّك ُن َحىَّت يُْبَتلَى واهللُ‬ ‫لى َف َق َ‬‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ْ‬‫ُ‬‫ي‬ ‫َو‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫ا‬‫َ‬‫مُّي‬ ‫أ‬ ‫اهلل‬
‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َو ُس ئ َل َّ ُّ َ‬
‫تعاىَل ابتلى أُويًل ِ‬
‫صَب ُر ْوا َم ّكَن ُه ْم ‪.‬‬ ‫الع ْزم ِم َن ُّ‬
‫الر ُس ِل َفلَ َّما َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫اع‬ ‫اآلالم يِف الع ُق ِ‬
‫ت أ َْه ل ِ‬ ‫ِمَّن‬ ‫ِ‬ ‫فَالَ يظُ ُّن أَح ٌد أَنَّه خَي ْلُ ِ‬
‫ول فَ أ َْع َقلُ ُه ْم َم ْن بَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ص م َن األَمَل البَتَّةَ وإ َا َت َف َاو َ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫الع ِظْي ِم‬ ‫ِ ِ‬ ‫أَملاً ُم ْس تَ ِمّراً َع ِظْيم اً ب أَ ٍمَل ُمْن َق ِط ٍع يَ ِس رْيٍ ْ‬
‫اع األَمَلَ املُْن َقط َع اليَس ْيَر ب األ ِمل َ‬ ‫اه ْم َم ْن بَ َ‬ ‫وأش َق ُ‬
‫س‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫والن‬
‫َّ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ئ‬ ‫َّسي‬ ‫ن‬‫وال‬ ‫َّقد‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ا‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫املس تَ ِمر ‪ .‬فَِإ ْن قِي ل َكي ف خَي ْتَ ار الع ْق ل هِل َذا ؟ قِي ل احل ِ‬
‫ام‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َْ ْ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫الد ْنيَا ﴿ َوتَ َذ ُرو َن اآْل ِخ َر َة ﴾ ﴿ إِ َّن َه ُؤالَِء‬ ‫أي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العاج ِل ﴿ َكاَّل بَ ْل حُت بُّو َن الْ َعاجلَ ةَ ﴾ ّ‬
‫مو َّكلَ ةٌ بِ ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫أح ٍد فَ ِإ ّن ا ِإلنْ َس ا َن َم َديِن ٌّ‬ ‫ِ‬
‫ص ُل ل ُك َّل َ‬ ‫وه َذا حَيْ ُ‬
‫ِ‬
‫اءه ْم َي ْوم اً ثَقيالً ﴾ َ‬
‫ِ‬
‫حُي بُّو َن الْ َعاجلَ ةَ َويَ َذ ُرو َن َو َر ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ش َم َع الن ِ‬
‫َّاس ‪.‬‬ ‫بِالطَّْب ِع البُ َّد لَهُ أ ْن يَعْي َ‬
‫َوالنَّاس هّلُ ْم إرادات وتص ورات فيطلب ون منه أن ي وافقهم َعلَْي َها وإن مل ي وافقهم آذوه‬
‫وعذبوه ‪ ،‬وإن وافقهم حصل له األذى والْ َع َذاب تَ َّارة ِمْن ُه ْم ‪ ،‬وتَ َّارة من غريهم كمن عنده‬
‫دين وتقي حل بني ق وم فج ار ظلمة وال يتمكن ون من فج ورهم وظلمهم إِال مبوافقته هّلُ ْم‬
‫وس كوته عنهم ف إن وافقهم أو س كت عنهم س لم من ش رهم يف االبت داء مُثَّ يس لطون َعلَْي ِه‬
‫باإلهانة واألذى أضعاف‬

‫‪384‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫هم وخ الفهم وإن س لم ِمْن ُه ْم فالبد أن يه ان ويع اقب علي‬ ‫ما َك ا َن خيافه ابت داء لو أنكر َعلَْي ْ‬
‫يد غريهم ‪.‬‬
‫ت أم الْ ُم ْؤ ِمنِني ملعاوية ‪ :‬من أرضي اهلل بسخط النَّاس كفاه‬ ‫فاحلزم ُك ّل احلزم يف األخذ مبا قَالَ ْ‬
‫اهلل مؤنة النَّاس ومن أرضي النَّاس بسخط اهلل مل يغنوا َعْنهُ َشْيئاً ‪.‬‬
‫الع امَل رأي َه َذا كث رياً فيمن يعني الرؤس اء علي أغراض هم الفاس دة وفيمن‬ ‫ومن تأمل أح وال َ‬
‫يعني أ َْهل البدع علي بدعهم هرباً من عقوبتهم فمن هداه اهلل وأهلمه رشده ووقاه شر َن ْفسهُ‬
‫امتنع من املوافقة علي فعل احملرم وصرب علي ع داوهتم مُثَّ يك ون له العاقبة يف ال ُّد ْنيَا واآلخ رة‬
‫كما ك انت للرسل وأتب اعهم كامله اجرين واألنص ار ومن ابتلي من العِلم اًء والعب اد وص احلي‬
‫الوالة والتجار وغريهم وملا َك ا َن األمل ال حميص منه البتة عزي ُس ْب َحانَهُ من اختار األمل اليسري‬
‫َج َل اللَّ ِه آَل ٍت َو ُه َو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫املنقطع علي األمل ِ‬
‫العظيم املس تمر بقوله " َمن َك ا َن َي ْر ُجو ل َق اء اللَّه فَ إ َّن أ َ‬ ‫َ‬
‫يم » ‪.‬‬ ‫الس ِم ِ‬
‫يع الْ َعل ُ‬
‫َّ ُ‬
‫فضرب ملدة َه َذا األمل أجالً البد أن يأيت َو ُه َو يوم لقائه فيلتذ الْ َعْبد أعظم اللذة مبا حتمل من‬
‫برج اءَ لقائه ليحمل الْ َعْبد اش تياقه إيل لق اء ربه‬ ‫األمل يف اهلل وهلل وأكد َه َذا الع زاء والتس لية َ‬
‫ووليه علي حتمل مش قة األمل العاجل بل رمبا غيبة الش وق إيل لقائه عن ش هود األمل‬
‫ُّعاء الَّ ِذي رواه أَمَحَد وابن‬ ‫ال الد َ‬ ‫واإلحساس به وهلَ َذا سأل النَّيِب ّ ‪ ‬ربه الشوق إيل لقائه َف َق َ‬
‫حبان ‪:‬‬
‫( اللَّ ُه َّم إين أسألك بعلمك الغيب وقدرتك علي اخللق أحيين إذا‬

‫‪385‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫كانت احلياة خرياً يل وتوفين إذا كانت الوفاة خرياً يل وأسألك خشيتك يف الغيب والشهادة‬
‫ض ِاء وأسألك برد‬ ‫ِ‬
‫ض ا بعد ال َق َ‬ ‫الر َ‬
‫وأسألك نعيم اً ال ينفذ وأسألك قرة عني ال تنقطع وأسألك ِّ‬
‫العيش بعد املوت وأس ألك ل ذة النظر إيل وجهك وأس ألك الش وق إيل لقائك يف غري ض راء‬
‫اج َع ْلنَا هداة مهتدين ) ‪.‬‬ ‫مضرة وال فتنة مضلة اللَّ ُه َّم زينا بزينة ا ِإلميَان َو ْ‬
‫فالش وق حيمل املش تاق علي اجلد يف السري إيل حمبوبه ويق رب َعلَْي ِه الطَ ِريق ويط وي له العبيد‬
‫ويه ون َعلَْي ِه اآلالم واملش اق َو ُه َو من أعظم نعمة أنعم اهلل هبا علي عب ده ولكن هلذه النعمة‬
‫أقوال وأفعال وأعمال مها السبب الَّ ِذي تنال به َواهللُ ُس ْب َحانَهُ مسيع لتلك األقوال عليم بتلك‬
‫ض ُهم بَِب ْع ٍ‬
‫ض لَِّي ُقول واْ‬ ‫األفع ال َو ُه َو عليم مبن يص لح هلذه النعمة كما ق ال َت َع اىَل " َفَتنَّا َب ْع َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫أَهؤالَِء م َّن اللّه علَي ِ ِ‬
‫س اللّهُ بأ َْعلَ َم بالشَّاك ِر َ‬
‫ين » ‪.‬‬ ‫هم من َبْيننَا ألَْي َ‬
‫َُ َ ُ َ ْ ْ‬
‫س اهلل بأعلم بالشاكرين " مُثَّ عزاهم‬ ‫فإذا فاتت الْ َعْبد نعمة من نعم ربه فلي َقَرأَ علي َن ْفسهُ " ألَْي َ‬
‫هم وإنه غين عن‬ ‫َت َع اىَل بع زاء آخر َو ُه َو أن جه ادهم فيه إمنا ُه َو ألنفس هم ومثرته عائ دة َعلَْي ْ‬
‫الع املني ومص لحة َه َذا اجله اد ترجع إليهم ال إليه ُس ْب َحانَهُ مُثَّ أخرب أنه ي دخلهم جبه ادهم‬
‫وإمياهنم يف زم رة الص احلني مُثَّ أخرب عن ح ال ال داخل يف ا ِإلميَان بال بص رية وأنه إذا أوذي يف‬
‫اهلل جعل فتنة النَّاس له كعذاب اهلل ‪.‬‬
‫وهي أذاهم له ونيلهم إي اه ب املكروه واألمل الَّ ِذي البد أن يناله الرسل وأتب اعهم ممن خ الفهم‬
‫ك الَّ ِذي ناله ِمْن ُه ْم كع ذاب اهلل الَّ ِذي فر منه املؤمن ون با ِإلميَ ان ف املؤمنون لكم ال‬ ‫ِ‬
‫جعل َذل َ‬
‫بصريهتم فروا من أمل عذاب اهلل إيل ا ِإلميَان وحتملوا ما فيه من األمل الزائل املفارق عن قريب‬
‫‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وه َذا لض عف بص ريته فر من أمل ع ذاب أع داء الرسل إيل م وافقتهم ومت ابعتهم ففر من أمل‬ ‫َ‬
‫عذاب اهلل فجعل أمل فتنة النَّاس يف الفرار منه مبنزلة أمل عذاب اهلل وغنب ُك ّل الغنب إذ استجار‬
‫من الرمضاء بالنار وفر من أمل ساعة إيل أ ِمل األبد وإذا نصر اهلل جنده وأولياءه قال إين معكم‬
‫واهلل عليم مبا انطوي َعلَْي ِه صدره من النفاق ‪.‬‬
‫الن ُف وس ويبتليها فيظهر‬ ‫واملقص ود أن اهلل ُس ْب َحانَهُ اقتضت حكمته أنه البد أن ميتحن ُّ‬
‫الن ُف وس‬
‫باالمتح ان طيبها من خبيثها ومن يص لح ملواالته وكراماته ومن ال يص لح وليمحص ُّ‬
‫اليت تصلح له وخيلصها بكري االمتحان كالذهب ال خيلص وال يصفو من غشه إِال باالمتحان‬
‫إذ النفس يف األصل جاهلة ظاملة وقَ ْد حصل هلا باجلهل والظلم من اخلبث ما حيت اج خروجه‬
‫إيل السبك والتصفية فإن َخَر َج يف هذه الدار وإِال ففي كري جهنم فإذا ُه ِّذ َ‬
‫ب الْ َعْب ُد ونقي أذن‬
‫له يف دخول اجْلَنَّة ‪.‬‬
‫قال الناظم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫ض ُك َّل َت َعبُّ ِد‬ ‫ض ُل َب ْع َد ال َف ْر ِ‬‫َوَي ْف ُ‬ ‫ض ِكَفايٍَة‬ ‫اد ال ُك ْف ِر َف ْر ُ‬‫َوإِ َّن ِج َه َ‬
‫المَقيَّ ِد‬ ‫وفَضل عم ِ‬ ‫َح َم ٍد‬ ‫َن بِِه تَح ِ ِ ِ‬
‫النْف ِع َف ْو َق ُ‬ ‫وم َّ‬ ‫َ ْ ُ ُُ‬ ‫صْي ُن ملَّة أ ْ‬ ‫أل َّ ْ‬
‫ْصى‬ ‫س أَق َ‬ ‫وج ْو ُد ال َفَتى ِفي َّ‬
‫النْف ِ‬ ‫ُ‬
‫اع ِ‬
‫هلل َن ْف َسهُ‬ ‫ف(َِلل ِّه َم ْن قَ ْد بَ َ‬
‫الم َخلَّ ِد‬ ‫ِ‬ ‫الوإتِ ْن ِ‬
‫َّجُّوَي ْدر َد يَظُْف ْر بالنَّعْي ِم ُ‬
‫َ‬ ‫وم ْغَن ٌم‬
‫أجٌر َ‬ ‫َ(و َم ْن َي ْغ ُز إِ ْن يَ ْسلَ ْم فَ ْ‬

‫‪387‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِسوى الَّ َشهدا َكي يجه ُدوا ِفي التَّز ِ‬


‫ود‬ ‫ات َر ْج َع ًة‬ ‫َو َما ُم ْح ِس ٌن َيْب ِغ ْي إِ َذا َم َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الم َس ْر َم ِد ْي‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َيُفو ُق األََمان ْي في النَّع ِيم ُ‬ ‫ضى‬
‫الر َ‬‫ض ِل الَّ ِذي أُ ْعطْوا َونَالُوا ِم َن ِّ‬ ‫لَِف ْ‬
‫َّات الن َِّعْي ِم َوَت ْغَت ِد ْي‬
‫َتروح بِجن ِ‬
‫ُْ ُ َ‬ ‫اهلل ُر ْو ُح ُه ْم‬ ‫َحيا لَ َدى ِ‬
‫َكَفى أََّن ُه ْم أ ْ َ‬
‫فَ َخْيٌر ِم َن ُّ‬
‫الدْنَيا بَِق ْو ِل ُم َح َّم ِد‬ ‫وغُ ْدو ُة َغا ٍز أَو رواح َُُم ِ‬
‫جاه ٍد‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الب ْح ِر‬
‫الو َرى وال ُك ُّل في َ‬ ‫وق َ‬ ‫ُحُق َ‬ ‫البِّر َما َع َدا‬ ‫يُ َكَّفُر َع ْن ُم ْسَت ْش َهد َ‬
‫ص ِة ُم ْفَر ِد‬ ‫اج َه ِ ِ‬ ‫الم ُخَت ُار َع ْن َحِّر َقْتِل ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫الدَيَر ُاه مثْ َل َق ْر َ‬‫َفَق ْ‬ ‫َوقَ ْد ُسئ َل ْ‬
‫اح ِفي َغ ِد‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ألوا ُن َن ْز ِف َها‬ ‫ِ ِ‬
‫(َد ٌم و َكم ْسك َع ْر ُف َها فَ َ‬ ‫ُكلُْو ُم غَُزاة اهلل َ‬
‫ان لَظَى أ ْش َه ِد‬
‫غُبار ِج َه ٍاد مع ُد َخ ٍ‬
‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫الم ْر ِء يَا َفَتى‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َولَ ْم يَ ْجَتم َع في َمْنخ ِر َ‬
‫َّع ُّد ِد‬ ‫ِجهاد ال َفتى ِفي ال َف ْ ِ‬ ‫ص َام لَ ْم ُي ْف ِط ْر وقَ َام َفَل ْم َيَن ْم‬
‫ض ِل عْن َد الت َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َك َم ْن َ‬
‫َجَر ِد‬ ‫وس ِاه ِر طَر ٍ‬ ‫َّجْي ِع بُِف ْر ِش ِه‬
‫لَ َشتَا َن ما بْين الض ِ‬
‫تأْ‬ ‫ف لَْيلَ ًة تَ ْح َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ِ‬ ‫اله َدى َو ِح ْريْ ِم ِه ْم‬
‫والي ِد‬
‫س وال َْم ِال َ‬ ‫َوْأ َموالِ ْهم بِ َ‬
‫الن ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫يُ َداف ُع َع ْن ْأَ ْه ِل ُ‬

‫‪388‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل الَ َغْي ُر َقيِّ ِد‬ ‫فَ َذا ِفي سبِْي ِل ِ‬


‫َ‬ ‫َو َم ْن قَاتَ َل األَ ْع َد َاء ِإل ْعالَِء ِديْنَِنا‬
‫َو َح َّل بِالَ ُك ْر ٍه َتَلِقْي ُه ُم أ ْش َه ِد‬ ‫اج ٍل‬ ‫وي ْحسن تَ ْشيِْيع الغُز ِاة لِر ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫الغ ِه ْم بُ ِد ْي‬‫بِغَي ِر دع ٍاء إِ ْذ بِإب ِ‬ ‫وس ِإ ْن تَ َشا‬ ‫وأ َْهل اْ ِ‬
‫لكَت ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ َُ‬ ‫والم ُج ُ‬‫اب َ‬ ‫ُ‬
‫الذ ِل َع ْن يَ ِد‬ ‫صغَاراً ِإلَْيَنا ِج ْزيََة ُّ‬ ‫(َ‬ ‫ويُْزغَُزه ْْوم َن َحتَّى يُ ْسِل ُم ْوا أ َْو يُ َسلِّ ُم ْوا‬
‫أ ْغُ‬
‫ان ِديْ ِن ُم َح َّم ِد‬ ‫ف األ ّدي ِ‬ ‫إَلى أَ ْشر ِ‬ ‫ع َقْب َل ِقَتالِِه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو َغْي ُر أُولَى َفلْيُ ْد َ‬
‫َوالَ َت ْقَبَل ْن ِمْنهُ ِسَو ُاه بأ َْوطَ ِد‬ ‫ان حْتم اِِّتب ِ‬
‫اع ِه‬ ‫ِ‬
‫بالب ْر َه َ َ َ‬ ‫َو َعِّر ْفهُ ُ‬
‫َّع ُّد ِد‬ ‫ِ‬ ‫َجٌر ُم َعظَّ ٌم‬ ‫وإِ َّن ِربا َط ِ‬
‫ُ(مال ِز ُم َث ْغ ِر للَِّقا بالت َ‬ ‫الم ْرء أ ْ‬‫َ َ‬
‫ان َبم ْجَل ِد‬ ‫(َكح ٍي وي ْؤمن با ْفتَِت ِ‬
‫َ َُ َ ْ‬ ‫َج ُر ِف ْعِل ِه‬ ‫وي ْج ِري َعَلى مي ٍ ِ‬
‫ت بِه أ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َّ ْ‬
‫َجَر ُك ِّل ُمَزيَّ ِد‬ ‫وي ْعطَى أ ْ‬‫تَّ َم ِام ُ‬ ‫َوالَ َح َّد ِفي أَ ْدنَ ُاه بَ ْل ْأرَب ُع ْو َن ِفي الـ‬
‫المنَ ِك ِد‬
‫ض ال َْع ُدِّو ُ‬ ‫ب ِم ْن ْأر ِ‬ ‫(وأَقَْر َ‬ ‫ف َم ْر َكزاً‬‫ضلُهُ َما َكا َن أ ْخَو َ‬ ‫وأَفْ َ‬
‫الصالَِة َفَزيَّ ِد‬ ‫ض ُل َّ‬ ‫َو ِفي َم َّك ٍة فَ ْ‬ ‫ك أَْثنَى ِم ْن ُمَق ٍام َبم َك ٍة‬
‫َو َذلِ َ‬

‫‪389‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ظهاراً لِ ِديْ ِن ُم َح َّم ِد‬


‫ِقَياماً َوإِ َ‬ ‫ضالَ ٍلة‬
‫ض ُك ِّل َ‬ ‫َو َم ْن لَ ْم يُ ِط ْق ِفي ْأر ِ‬
‫ات َت َع ُّد ِد‬
‫َهالَ َك َولَْو َف ْرداَ َو َذ َ‬ ‫فَ َحْت ٌم َعَلْي ِه ِه ْجَرٌة َم َع أ َْمنِ ِه الْـ‬
‫ات َم َع ُك ِّل ُم ْهَت ِد‬ ‫الصحابِي ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫لف ْع ِل َّ َ َ‬ ‫الم َدى‬
‫بالَ َم ْحَرم َم ْشياً َولَْو َب َع ُد َ‬
‫اللَّ ُه َّم أهلمنا ذك رك وش كرك ووفقنا ملا وفقت له الص احلني من خلقك َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫الرامِحِ ني ‪ .‬وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬ ‫َوجِلَ ِمي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم َّ َ َ َ‬
‫‪.‬‬
‫فائدة جليلة‬
‫ال إذا أصبح الْ َعْبد وأمسي وليس مهه إِال اهلل وحده حيمل اهلل ُس ْب َحانَهُ حوائجه ُكلّ َها ومحل‬ ‫َوقَ َ‬
‫َعْن هُ ُك ّل ما أمهه ‪ ،‬وف رغ َق ْلب هُ حملبته ولِ َس انه ل ذكره وجوارحه لطاعته وإن أص بح وأمسي‬
‫وال ُّد ْنيَا مهه محله اهلل مهومها وغمومها وأنكادها ووكله إيل َن ْفس هُ فش غل حمبته مبحبة اخللق‬
‫ولِ َسانه عن ذكره بذكرهم وجوارحه عن طاعته خبدمتهم وأشغاهلم ‪.‬‬
‫فهو يك دح ك دح ال وحش يف خدمة غ ريه ك الكري ينفخ بطنه ويعصر أض العه يف نفع غ ريه‬
‫فكل من أع رض عن عبودية اهلل وطاعته وحمبته بلي بعبودية املخل وق وحمبته وخدمته ق ال‬
‫ِ‬
‫ين » ‪ .‬أ ‪.‬هـ ‪.‬‬ ‫ض لَهُ َشْيطَانَاً َف ُه َو لَهُ قَ ِر ٌ‬
‫ش َعن ذ ْك ِر الرَّمْح َ ِن نُ َقيِّ ْ‬
‫َت َعاىَل " َو َمن َي ْع ُ‬
‫ِ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬

‫ف ِم ْن‬
‫ت أَ ْع ِر ْ‬
‫ت َما قَ ْد ُكْن ُ‬
‫وأنْ َك ْر ُ‬ ‫َكأنِّي َبن ْف ِس ْي قَ ْد َبَل ْغ ُ‬
‫ت َم َدى ُع ْم ِري‬
‫َد ْه ِري‬

‫‪390‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ْت ِم ْن َدا ِري إِلى ظُل َْم ِة ال َقْب ِر‬ ‫وحِّول ُ‬‫ُ‬ ‫َوطَالََبنِ ْي َم ْن الَ أَ ُق ُو ُم بِ َد ْف ِع ِه‬
‫َج َم ُع ِفي ُع ْم ِري‬ ‫تأْ‬ ‫بِإ ْف َس ِاد ِه ْم َما ُكْن ُ‬ ‫اس فَ َشتَُّت ْوا‬ ‫ِ ِ‬
‫َوفَ َاز بِمْيَراثي أُنُ ٌ‬
‫وي ْغ ِم ُر ُه بِِّر ْي‬ ‫ِ‬ ‫وأ َْه َمَلنِي َم ْن َكا َن ُيْب ِدي َم َحبَّتِ ْي‬
‫ِّي َ‬‫صهُ ُود ْ‬ ‫وأُ ْخل ُ‬
‫ضَرتِِه ِذ ْك ِري‬ ‫بح ْ‬ ‫إِ َذا َما َجَرى يَوماً َ‬ ‫ص ِديْ ُق بِ َد ْعَو ٍة‬ ‫ِ ِ‬
‫َولَ ْم يَ ْس ُخ لي مْن ُه ْم َ‬
‫الح ْش ِر‬ ‫وفي الل ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اك ٌن ُمْب َه ٌج بِِه‬ ‫ضحى لِبيتِي س ِ‬
‫ّحد َبْيت ْي الَ أَ ُق ْو ُم إَلى َ‬ ‫وأَ ْ َ َ ْ ْ َ‬
‫إِلَ ْهي ولَ ْم يَ ْجُب ْر َبر ْح َمتِ ِه َف ْق ِري‬ ‫َفَيا ِش ْقَوتِي إ ْن لَ ْم يَ ْج ْد َبن َجاتِِه‬
‫َعَلى ظَ ْه ِر طُْو ٍر أَْثَقَلْتهُ ِم ْن ال ِو ْز ِر‬ ‫ْت ظَ ْه ِري ُذُن ْو ٌ‬
‫ب لَْو َّأن َها‬ ‫َفَق ْد أث ُقل ْ‬

‫" موعظة "‬


‫ِ‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫ك‬‫اهلل مضي ِر َج ال من ه ذه األمة ك انوا خيش ون رهبم خش ية الع ارفني املوق نني ل َذل َ‬ ‫َ َ‬
‫كانت أقواهلم وأفعاهلم موزونة مبا للشرع من موازين َكانُوا يزنون كالمهم قبل أن يلفظوا به‬
‫ألهنم يوقنون أن خالقهم مسعها وشهد َعلَْي َها َو ُه َو َت َعاىَل خَرْي شاهد ‪.‬‬
‫َك انُوا إذا أظلم الليل يقفون يف حماريبهم باكني متضرعني هلُ ْم أنني كأنني املرضي وهلم حنني‬
‫كحنني الثكلى و َكانُوا رمبا مروا باآلية من كتاب اهلل‬

‫‪391‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس لَف الص احل‬


‫ات أولئك َّ‬ ‫هم ومرض وا بع دها َم َ‬ ‫فجعل وا يرددوهنا بقلب ح زين ف أثرت َعلَْي ْ‬
‫ين تتجايف جنوهبم عن املضاجع يدعون رهبم خوفاً وطمعاً ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫وم اتت تلك اخلش ية وأعقبها قَ ْس َوة أذهلت العب اد عن طاعة اهلل فص اروا ي أتون وي ذرون ما‬
‫يذرون دون سؤال عن سخط اهلل ورضاه ‪.‬‬
‫س هلا ضوابط وال‬ ‫وص َارت أفعاهلم فوضي لَْي َ‬
‫وغدت جوارحهم مطلقة يف ُك ّل ما يغضب اهلل َ‬
‫قيود العني جتول يف املناظر احملرمة من نساء سافرات إيل سينماء إيل تلفزيون إيل الفيديو معلم‬
‫جمالت يف طيها الشرور إيل صورة جمسدة وغري جمسدة إيل كتب هدامة‬ ‫ٍ‬ ‫الفساد إيل كورة إيل‬
‫ات اليت جترح ال ُقلُوب ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احملرم َ‬
‫ك من َ‬ ‫َخالق إيل غري َذل َ‬
‫لأل ْ‬
‫والفرج يسرح كما َشاءَ إيل الفواحش الدين ضعيف واخللق فاسد واألذ ُن ال تشبع من مساع‬
‫ما يسخط رهبا والبطن يستزيد من سحت األقوات ‪.‬‬
‫وأما اليد فح دث وال ح رج يف تع دي احلدود وأما اللس ان فليله وهناره يتح رك ويتقلب يف‬
‫منكر الق ول وزوره وال ك أن ربه الس ميع البصري العليم موج ود وت راه يف أع راض الغوافل‬
‫وميزق جلودهم يف السب والغيبة والبهت والكذب وال يعف عن عرض أي بشر ‪.‬‬
‫الع ِظيم ُك ّل يوم مرات وال يهمه أبر يف ميينه أم فجر وأما وعوده وعهوده‬ ‫ِ‬
‫وحيلف بِاهلل العلي َ‬
‫فه َذا وأمثاله قَ ْد اهنمكوا يف املعاصي وتوغلوا فيها‬
‫وعقوده فتهمل وال كأنه مكلف باحرتامها َ‬
‫مألوف هلُ ْم ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫طبعي‬
‫وش ْيء ٌّ‬‫وص َارت عندهم عادات َ‬ ‫َ‬

‫‪392‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك إذا م ررت هِب ُ ْم أو م ررت ح ول بي وهتم استوحشت من مساع األغ اين وال رقص‬ ‫ِ‬
‫ول َذل َ‬
‫واملطربني والسب واللعن والقذف واالستهزاء بالدين وأخذت يف العجب بني َه ُؤالَِء وأولئك‬
‫ين يف أوق ات التجلي ات يف حن ادس الظلم ين اجون رهبم راغ بني يف رض وان العزيز اجلب ار‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫خائفني من سخط املنتقم القهار متفكرين يف سرعة حلول الْ َمنَايَا اليت تسارع األيام والليايل‬
‫يف اقرتاهبا وموق نني ب أهنم حماس بون علي الفتيل والنقري والقطمري ع املني ب أهنم مكلف ون‬
‫بواجب ات عبودية ما ق اموا بالقليل منها وهم َعْن َها مس ؤلون وعلي ما ق دموه من خَرْي وشر‬
‫قادمون ‪.‬‬
‫وهل حال َه ُؤالَِء السعداء يف جانب أولئك التعساء األشقياء إِال كحال املصاب باجلنون يف جانب أوفر النَّاس عقالً وأكملهم وقاراً فأكثر‬
‫ين َخ ِسُروا أَن ُف َس ُه ْم َوأ َْهلِي ِه ْم َي ْو َم‬ ‫اس ِر َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬ ‫َّ ِ‬
‫يا أخي من قولك احلمد هلل الذي عافانَا َّا ابتالهم اهلل يعافيهم وال يبالنَا قال َت َعاىَل ﴿ قُ ْل إ َّن اخْلَ َ‬
‫ين الذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾‬ ‫الْقيَ َام ِة أال َذل َ‬
‫ك ُه َو اخْلُ ْسَرا ُن الْ ُمبِ ُ‬
‫َو َما لِ َك ْس ِر َقَن ِاة الدِّيْ ِن ُجْبَرا ُن‬ ‫َو ُك َّل َك ْس ٍر فَِإ َّن َ‬
‫اهلل يَ ْجُب ُر ُه‬
‫واعلَ ْم أنك مس ئول عن ُك ّل ما تعمل ال مهمل كاألنع ام ف اهنج هنج‬ ‫فتنبه أيها امل ْؤ ِمن ْ‬
‫ُ‬
‫االس تقامة وراقب ربك يف مص ادرك وم واردك لتقف َعْن َد احلدود ق ال بعض املرش دين إيل‬
‫ك مثالً ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫مِل‬
‫معا الرشد ضارباً ل َذل َ‬ ‫َ‬
‫واعلَ ْم أن ا ِإلنْ َس ان يف ت َق ْلبه يف أط وار حياته كمثل غ ريب ألقت به املق ادير إيل ق وم اس تقبلوه‬‫ْ‬
‫ك الن ازل فاقَد الق وى غري َع امِل مبا َعلَْي ِه الق وم من الش ئون وال‬ ‫ِ‬
‫برتح اب وتك رمي و َك ا َن ذَل َ‬
‫يدري من أين أيت وال إىل أين يذهب ‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فق ام الق وم بواجب ات خدمته وإكرامه حىت ق ويت حواسه وجوارحه ومداركه وأخذ يعمل‬
‫القوم فَ َجاءَ رجل من عالئقهم قائالً ‪ :‬يا َه َذا إن هذه الدار اليت توطنها مكرموك ما ِه َي دار‬
‫إقامة وال ِه َي مملوكة ألحد من اخللق ولكنهم أمثالك ن زالء من َك انُوا يعم رون ه ذه ال دار‬
‫قبلهم مُثَّ رحل وا وتركوها وما َك ا َن رحيلهم إيل م َك ا َن بعيد ولكنه َك ا َن إيل س جن ض يق‬
‫ك النَّعِيم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وم َكا َن مظلم لو أرسلت ببصرك لرأيته وقَ ْد فقدوا تلك القوي وتناسوا َذل َ‬

‫ال له ‪َ :‬ه َذا م راح الق وم ومس قط رؤوس هم‬ ‫مُثَّ أخذ بي ده إيل م َك ا َن قفر وأعين به املق ربة َوقَ َ‬
‫وإن الطَ ِريق اليت توص لك إيل َه ُؤالَِء الق وم ِه َي الطَ ِريق اليت س لكها مكرم وك وإهنا لطَ ِريق‬
‫ذات عقب ات مهلكة وهلا أوح ال من تورطها هلك وال خملص من تلك األح وال إِال بتجنب‬
‫تلك العقبات أو جتاوزها عدواً ‪.‬‬
‫ف إن رمت السالمة فسر فري داً متحفظ اً من ختاصم القوم وتنازعهم ومن مالهييهم وألع اهبم‬
‫وال تصغ ملن يناديك من خلفك ف إن الَّ ِذي يناديك من خلفك يف طَ ِريق النج اة ُه َو أجهل‬
‫منك هبا وال ختالف من ناداك من األمام فَِإن َُّه ْم أدري منك مبفاوز الطَ ِريق ‪.‬‬
‫ك الطرق وأصوات املنادين فإن طَ ِريق السالمة هلا أعالم ومصابيح نرية‬ ‫وإياك أن تشتبه َعلَْي َ‬
‫علي رأس ُك ّل مرحلة من مراحلها وأما باقي الطرق فإهنا مظلمة موحشة مهلكة وما ِه َي إِال‬
‫طَ ِريق واحدة ولكنها ذات شعب ومسارب كثرية ‪.‬‬

‫وم بنفوس هم فهلك وا وهم ال يش عرون ف إن َك ا َن‬‫فاح ذر أن تته اون بنفسك كما هتاون الق ُ‬
‫النازل الغريب علي استعداد لتعقل النصائح وذا قابيلة تقبل‬

‫‪394‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اإلرشاد وقف علي أفواه الطَ ِريق وفتح عينيه واستعمل فكره وتبصر يف أمره وتدبر عواقب ما‬
‫َعلَْي ِه وأخذ لنفسه ب أحوط األح وال وأقرهبا إيل الس المة وجعل عينه متجهة للنظر إيل من ازل‬
‫س‪.‬‬‫الراحلني اليت ال أنيس هبا وال جلَْي َ‬

‫ك َس بِْي َل امل ْهتَ ِديْ َن‬‫وس لَ َ‬


‫َ‬ ‫اب واملالَ ِهي‬‫َ‬ ‫َّب األلْ َع‬
‫َ‬
‫الر ِحي ِل وقِص ر أَوقَ ِ‬
‫ات اإلقَ َام ِة وجَتَن‬ ‫ََ ْ‬ ‫َوتَأ ََّم َل ُس ْر َعةَ َّ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اص ر النَّظَ ِر ض عِيف اهلِ َّم ِة ض ائِع الع ْق ِل س يئ التَّص و ِر فَاقِ َد ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الف ْك ِر‬ ‫َ َ َ َ َ َُ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ض يِّ َق احلَض ْيَرة قَ َ‬ ‫وإِ ْن َك ا َن َ‬
‫وم َس َاب َق ِة الالَّ ِهنْي َ َوَتغَافَََِِل َع ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫االس ت ْع َداد لَئْي َم الطَّْب ِع ال جَي ُد بُ داً م ْن ُمنَ َاز َع ة الالَّعبِنْي َ ُ‬
‫ث ْ‬ ‫َخبِْي َ‬
‫َص بَ َح ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ص ِ ِه وَتباع َد عن ِص ي ِ ِ ِ‬ ‫عاقِب ِة أَم ِر ِه ِ ِ‬
‫َص غَى إِىل ُم َد َاهنة الغَ ا ِويْ َن أ ْ‬ ‫اح النَّاص حنْي َ وأ ْ‬ ‫وس ْوء َم رْي َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫الناد ِمنْي َ ‪.‬‬
‫ت الغ ريب الَّ ِذي ن زلت ي وم ول دتك أمك بقومك‬ ‫وما ض ربنا لك َه َذا املثل إِال لتعلم أنك أَنْ َ‬
‫ون أمه اتكم ال‬ ‫وأَنْت ض عيف الق وي ال تعلم َش يئاً كما ق ال تع ايل " واهلل أخ رجكم من بط ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫تعلم ون ش يئاً وجعل لكم الس َم َع واألبص ار واألفئ دة لعلكم تش كرون )) فف رح بك قومك‬
‫وأكرموك إيل أن قويت اآلت أعمالك وصرت حتسن الرحيل وحدك ‪.‬‬
‫ونريد بالرحيل هنا س لوك إح دى الط ريقني إما طَ ِريق الكم االت وإما طَ ِريق النق ائص ألهنما‬
‫ين البد هلُ ْم من السري فيها للوص ول إيل أحد الغ ايتني فإنه ما من طَ ِريق‬ ‫َّ ِ‬
‫مس ارب املكلفني الذ َ‬
‫إِال وهلا غاية ينتهي إليها مسري سالكها ‪.‬‬
‫والس الم أو الن ائب َعْن هُ يف‬ ‫الص الة َّ‬ ‫احب الرس الة َعلَْي ِه َّ‬ ‫ِ‬
‫وما نريد بالرجل العاقل املرشد إال ص َ‬
‫السلَف‬ ‫تبليغها وما نريد مبن يناديك من األمام إِال َّ‬

‫‪395‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ثبتت‬‫ين سبقونا با ِإلميَان وبينوا لنا طَ ِريق النجاة أو األتقياء املقتفون آلثارهم الذ َ‬
‫الصاحل الذ َ‬
‫استقامتهم ‪.‬‬
‫ين ال ق دم هلُ ْم يف طَ ِريق النب وة فلم يس لكوا س بيل‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ين ادوك من خلفك إال الذ َ‬ ‫وما نريد بالذ َ‬
‫وه َذا ال تص لح متابعته‬
‫املهت دين بل اعتم دوا يف إرش ادهم علي مق ال ال ح ال معه وال عمل َ‬
‫ألهنم أجهل النَّاس بطَ ِريق االستقامة ‪.‬‬

‫وهبم وأمسكوا ألسنتهم وطه روا أقالمهم فال ع زم هلُ ْم‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫ين راقبوا ُقلُ ْ‬
‫وما أ َْهل االستقامة إال الذ َ‬
‫إِال علي أعمال الرب واملواساة وال يقولون إِال احلق املنجي وال يكتبون إِال ما لو سئلوا َعْنهُ يوم‬
‫وهبم والبك اؤون‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ي ذكرون اهلل كث رياً وإذا ذكر اهلل وجلت ُقلُ ْ‬‫القيامة ألحس نوا اإلجابة والذ َ‬
‫من خشية اهلل املقتفون آلثاره ‪. ‬‬

‫ضا النَّ ُد ِ‬
‫س‬ ‫الر َ‬
‫اب لَهُ نَ ْحَو ِّ‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬نُور الْح ِديْ ِ‬
‫ث ُمبِْي ٌن فَا ْد ُن َواقَْتبِ ِ‬
‫الر َك َ‬ ‫اح ُد ِّ‬ ‫َو ْ‬ ‫س‬ ‫ُ َ‬
‫س‬‫يَ ْجلُو بُِن ْو ِر ُه َد ُاه ُك ِّل ُملَْتبِ ِ‬ ‫العلْم إِالَ ِكَتاب ِ‬
‫اهلل أ َْو أََثٌر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َما ُ‬
‫س‬ ‫ِحمى لِ ُم ْخَت ِر ٍ‬
‫س ُن ْع َمى لِ ُمْبَتئِ ِ‬ ‫س‬‫س َخْيٌر لِ ُملَْت ِم ٍ‬
‫ُن ْو ٌر لِ ُم ْقَتبِ ٍ‬
‫ً‬
‫الع َمى بِِه َما َع ْن ُك ِّل ُملَْتبِ ِ‬
‫س‬ ‫تَ ْم ُح ْو َ‬ ‫ف بَِبابِِه َما َعلَى ِطالبِِه َما‬ ‫فا ْع ُك ْ‬

‫‪396‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫س‬‫َت ْغ ِس ْل بِ َمائِِه َما َما ِفْي ِه ِم ْن َدنَ ِ‬ ‫عذباً ِمن ِحي ِ‬


‫اض ِه َما‬ ‫ك ْ ْ َ‬ ‫َو ِر ْد بَِق ْلبِ َ‬
‫س‬‫ِم ْن َه ْديِِه ْم أَبَداً تَ ْدُن ْو إِلى َقَب ِ‬ ‫اع النَّبِ ّي َو ُك ْن‬ ‫ْف النَّبِ َّي واْتَب َ‬ ‫واق ُ‬
‫الد ُر ِ‬
‫س‬ ‫ب َم َدا ِر َس ُه ْم ْ‬
‫باألربُ ِع ُّ‬ ‫َوانْ َد ِ‬ ‫احَف ْظ ُم َجالِ َس ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫والَْز ْم َم َجال َس ُه ْم َو ْ‬
‫س‬‫ضَر ِة ال ُق ُد ِ‬
‫تَ ُك ْن َر ِفْيَق ُه ُم ِفي َح ْ‬ ‫ك طَ ِرْيَق ُه ْم َواْتَب ْع فَ ِري َق ُه ُم‬ ‫واسلُ ْ‬‫ْ‬
‫ت ِم ْن َت َع ِ‬
‫س‬ ‫ك قَ ْد ُع ْو ِفْي َ‬ ‫فَ ُح َّ‬
‫ط َر ْحلَ َ‬ ‫احتِ َها‬ ‫ِ‬
‫ادةُ إِ ْن ُتلْم ْم بِ َس َ‬ ‫الس َع َ‬
‫ْك َّ‬ ‫تِل َ‬
‫وما نريد مبراحل حياتك إِال األط وار اليت تتقلب بك فيها الش مس ُكلَّما غ ربت أو أش رقت‬
‫ت ال تش عر فما أس رع ُم ُرور الش مس بك إيل هناية أجلك وما‬ ‫وتنتقل بك إليها اللي ايل وأَنْ َ‬
‫أغفلك عن عملها فيك ‪.‬‬
‫وما نريد بأوح ال حياتك إِال متابعة ش هواتك َعْن َد بل وغ احللم ف إن لط ور الش بوبية أوح ال‬
‫مهلكه وهي الش هوات البهيمية اليت تض طر الش باب الَّ ِذي غلبت ش هوته عقله إيل مغازلة‬
‫ات فيصري قي أوحال تناسبه ‪.‬‬ ‫احملرم َ‬
‫الغانيات ومعانقة املالهي وتعاطي َ‬
‫ات الزيغ وتن ور بنور‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ظلم َ‬
‫وما من أحد تس تطيع تلك األوح ال إال الذي وفقه اهلل فتباعد عن َ‬
‫العلم ال ديين الَّ ِذي علمه العليم اخلبري لرس وله ‪ ‬وأم ره بتعليمه للن اس ألنه جل ش أنه ُه َو‬
‫احلكيم العليم الَّ ِذي علم الداء ودبر‬

‫‪397‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يف اخْلَبِريُ ﴾ انتهي بتصرف يسري ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الدواء قال َت َعاىَل ﴿ أَاَل َي ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َق َو ُه َو اللَّط ُ‬
‫ِ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬

‫القَي َام ِة َو َّ‬


‫الس َماءُ تَ ُم ْو ُر‬ ‫يوم ِ‬
‫َْ َ‬ ‫الم ْغ ُر ْو ُر‬
‫ك أَُّي َها َ‬ ‫ِّل لَِن ْف ِس َ‬
‫َمث ْ‬
‫العَب ِاد َتُف ْو ُر‬
‫س ِ‬ ‫(َحّراً َعلَى ُر ُؤ ِ‬ ‫ض ِعَف ْ‬
‫ت‬ ‫َّها ِر وأُ ْ‬ ‫س الن َ‬ ‫ت َش ْم ُ‬ ‫ق(َ ْد ُكِّو َر ْ‬
‫اب تَ ِسْي ُر‬ ‫الس َح ِ‬ ‫(َفَرأَْيَت َها ِمثْ َل َّ‬ ‫ُص ْولِ َها‬
‫ت بأ ُ‬ ‫ال َت َعلَّق ْ‬ ‫وإِ َذا ِ‬
‫الجَب َ‬ ‫َ‬
‫ضَي ِاء َك ُد ْو ُر‬‫ت َب ْع َد ال ّ‬ ‫َوَتَب َّدلَ ْ‬ ‫ت‬‫اسَر ْ‬ ‫ت َوَتَن َ‬ ‫وم تَ َساقَطَ ْ‬ ‫ُّج ُ‬ ‫َوإِ َذا الن ُ‬
‫الديَ ُار فَ َما بَِها َم ْع ُم ْو ُر‬
‫ت َّ‬ ‫(َخلَ ِ‬ ‫ت َع ْن أ َْهِل َها‬ ‫الع َش ُار َت َعطَّلَ ْ‬ ‫وإِ َذا ِ‬
‫َ‬
‫َ(وَت ُق ْو ُل لِأل َْمالَ ِك أَيْ َن نَ ِسْي ُر‬ ‫ضَرت‬‫ُح ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ش لَ َدى القَي َامة أ ْ‬ ‫الو ُح ْو ُ‬
‫َوإ َذا ُ‬
‫ِ‬
‫ت َوأ ُُم ْو ُر‬ ‫ضَر ْ‬‫ُح ِ‬ ‫َ(و َع َجائِباً قَ ْد أ ْ‬ ‫ضائِحاً‬ ‫ال ِسْي ُر ْوا تَ ْش َه ُد ْو َن فَ َ‬ ‫َفُيَق ُ‬
‫َخو َ ِ‬ ‫الجنِْي ُن بِأُِّم ِه ُمَت َعلِّ ٌق‬
‫اب و َقلْبُهُ َم ْذ ُع ْو ُر‬ ‫الحس ِ‬
‫ف َ‬ ‫ْ‬ ‫َوإِ َذا َ‬
‫ب ُد ُه ْو ُر‬ ‫الذُن ْو ِ‬‫ف ال ُْمِقْي ُم َعلَى ُّ‬ ‫َكْي َ‬ ‫اف لِ َه ْولِِه‬ ‫ب يَ َخ ُ‬ ‫(َه َذا بِالَ َذنْ ٍ‬

‫‪398‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك وامتث ال أم رك‬ ‫اعت َ‬‫ت وق وي حمبتك يف قلوبنا وأهلمنا ذك رك وش كرك ووفقنا لطَ َ‬ ‫اللَّ ُه َّم َثبِّ ْ‬
‫اج َع ْلنَا هداة مهتدين وتوفنا مسلمني وأحلقنا بعبادك الصاحلني‬ ‫اللَّ ُه َّم نور قلوبنا بنور ا ِإلميَان َو ْ‬
‫ص لَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى‬ ‫واغفر لنا ولوال دينا َومَجِ يع املس لمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أرحم ال رامحنب َو َ‬
‫آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬

‫ص ٌل )‬ ‫( فَ ْ‬
‫ص ٍل يَ ْحتَ ِو ْي َعلَى ُن ْب َذ ٍة يَ ِس ْي َر ٍة ))‬‫الج ْز َء في فَ ْ‬
‫(( نَ ْختُ ُم َه َذا ُ‬
‫((ع ْن ِس ْي َر ِة النَّبِ ِّي ‪)) ‬‬
‫َ‬
‫وذج َع ْن ِحل ِْم ِه َو َوفَائِِه ))‬
‫(( َونُ ُم ٍ‬
‫اهلل بن عبد املطلب بن هاشم بن عبد من اف بن قصي بن كالب بن م ره‬ ‫هو حُم َّمد بن عبد ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫بن كعب بن ل ؤي بن غ الب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزمية بن مدركة بن‬
‫إلياس بن مضر بن نزار بن َمعد بن عدنان َه َذا متفق علي صحته ‪.‬‬
‫وال خالف أن عدنان من ولد إمساعيل بن إبراهيم وإمساعيل ُه َو الذبيح علي القول الصحيح‬
‫والق ول بأنه إس حق باطل وال خالف أنه ‪ ‬ولد مبَ َّكة ع ام الفيل ي وم االث نني لثم ان خل ون‬
‫من ربيع األول وقيل لعشر منه وقيل الثنيت عشرة خلت منه سنة ‪ 571‬م ‪.‬‬
‫اهلل أبو رس ول اهلل ‪ ‬ف َك ا َن أحسن أوالد عبد املطلب وأعفهم و َك ا َن أب وه حيبه‬ ‫وأما عبد ِ‬
‫َْ‬
‫اهلل ‪ ‬شهران َومَجِ يع ما‬ ‫ول ِ‬ ‫ات ولِرس ِ‬
‫واألكثر يقولون أنه تويف والنَّيِب ّ ‪ ‬محل وقيل أنه َم َ َ ُ‬
‫خلفه عبد املطلب مخسة أمحال وجارية‬

‫‪399‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫حبشية امسها بركة وكنيتها أم أمين وهي حاضنته ‪. ‬‬


‫وروي البيهقي أنه ‪ ‬ولد خمتون اً وذكر البيهقي أيض اً ملا كانت اللَّْيلَة اليت ولد فيها رسول‬
‫اهلل ‪ ‬ارتج إيوان كسري وسقط من أربع عشرة شرفة ومخدت نار فارس ومل ختمد قبل‬
‫ك من ألف عام وغاضت حبرية ساوة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ذَل َ‬
‫وإيل َه َذا أشار الشاعر يف قوله ‪:‬‬
‫وأيَن َعا‬
‫الزَما ُن ْ‬ ‫لِلن ِ‬
‫َّاس فَا ْز َد َهَر َّ‬ ‫الر ْحم ِن ْأر َسلَهُ ُه َدى‬ ‫ُن ْو ٌر ِم َن َّ‬
‫ِِِ‬ ‫ك ْإيَوانَاً لِ ِك ْسَرى ِعْن َد َما‬
‫َهَتُف ْوا بِ َم ْولده َهَوى وتَ َ‬
‫ص َّد َعا‬ ‫َد ْع َعْن َ‬
‫َّعا‬
‫ص ِّح ُح َما اد َ‬ ‫أ َْهَواءُ َها ُك ٌّل يُ َ‬ ‫ف أَتَى ُش ُع ْوباً ُفِّرقَ ْ‬
‫ت‬ ‫وا ْذ ُك ْر ُه َكْي َ‬
‫ِفي ِ‬
‫اهلل إِ ْخَوانَاً َتَر ُاه ْم ُر َّك َعا‬ ‫أصَب ُح ْوا‬ ‫ِ‬
‫ْح ِّق َحتَّى ْ‬ ‫َف َه َد ُاه ْم لل َ‬
‫اف تَ َج َّم َع َش ْملُ ُه ْم‬ ‫أ(َبَناء أَ ْخي ٍ‬ ‫أَبَناء أَ ْخي ٍ‬
‫اف تَ َج َّم َع َش ْملُ ُه ْم‬
‫ْ َ َ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ِ‬
‫صناً أَ َش َّم ُم َمن َ‬
‫َّعا‬ ‫َ(وَبَن ْوا لَهُ ح ْ‬ ‫َفَت ْحوا لَهُ ُّ‬
‫الدْنَيا فَ َس َار ُمظََفراً‬
‫ص ِر ِه‬ ‫ِ‬
‫السالَِم األ َْر َف َعا‬
‫(َفَت َسن َُّم ْو َها ِم َّ‬ ‫ص ًة ِفي نَ ْ‬ ‫وس َرخْي َ‬ ‫النُف َ‬
‫بَ َذلُْوا ُّ‬
‫(‬

‫‪400‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫اض َت َعلَّ َق َز ِاهياً َوتَ َ‬
‫ضَّو َعا‬ ‫َم ٍ‬ ‫الحنِْيَف ِة أنَّهُ‬ ‫ِ‬
‫لَ ْهف ْي َعلَى َماضي َ‬
‫ِ‬

‫سهُ‬‫أَ(يَّ َام َكا َن الدِّيْ ُن تُ ْش ِر ُق َش ْم ُ‬ ‫سهُ‬‫أَيَّ َام َكا َن الدِّيْ ُن تُ ْش ِر ُق َش ْم ُ‬


‫ضَّي َعا‬‫ض َّل ُم َ‬‫إِنّ ْي أل ْخ َشى أَ ْن يَ َ‬ ‫يَا أَُّم َة الت َّْو ِحْي ِد َه َذا َم ْج ُد ُك ْم‬
‫ض َار ِة َعْن ُك ُم أَ ْن يَ ْخ َد َعا‬‫الح َ‬‫ف َ‬ ‫َزيْ َ‬ ‫ِسْي ُر ْوا َعلَى ُسنَ ِن النَّبِ ّي َو َجنُِّب ْوا‬
‫المنَ ُار إِ َذا َّ‬
‫الضالَ ُم تَ َج َّم َعا‬ ‫اله ِادي ُه َدى‬ ‫ِ ِ‬
‫َف ُهَو َ‬ ‫َو ُخ ُذ ْوا لَ ُك ْم م ْن ُسنَّة َ‬

‫وروي اإلم ام أَمَحَد وغ ريه عن العرب اض بن س ارية عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال إين َعْن َد اهلل يف أم‬
‫ك دعوة أيب إبراهيم‬ ‫ِ‬ ‫اْ ِ‬
‫لكتَ اب خلامت النبيني وأن آدم جملندل يف طينته وسوف أنبئكم بتأويل ذَل َ‬
‫وبشارة عيسي قومه ورؤيا أمي اليت رأت أنه َخَر َج منها نور أضأت له قصور الشام ‪.‬‬
‫قال يف اللطائف وخروج َه َذا النور عن وضعه إشارة إيل ما جيئ به من النور الَّ ِذي اهتدي به‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور َوكتَ ٌ‬ ‫أ َْهل األرض وزالت به ظلمة الش رك كما ق ال َت َع اىَل ‪ ﴿ :‬قَ ْد َج اء ُكم ِّم َن اللّ ه نُ ٌ‬
‫السالَِم ﴾ ‪.‬‬‫ض َوانَهُ ُسبُ َل َّ‬ ‫ني * َي ْه ِدي بِِه اللّهُ َم ِن اتَّبَ َع ِر ْ‬ ‫ُّمبِ ٌ‬
‫اللَّ ُه َّم يا من ال تض ره املعص ية وال تنفعه الطاعة أنق ذنا من ن وم الغَ ْفلَة ونبهنا الغتن ام أوق ات‬
‫املهلة ووفقنا ملص احلنا واعص منا من قبائحنا وزنوبنا وال تؤخ ذنا مبا انط وت َعلَْي ِه ض مائرنا‬
‫واكنته س رائرنا من أن واع القب ائح واملع ائب اليت تعلمها منا َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬
‫ص لَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آلِ ِه‬ ‫مِحِ‬ ‫املس لمني األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫و ِ ِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬‫َ َ‬

‫‪401‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫وبعد مولده ‪ ‬أرضعته أمه آمنه بنت وهب بن مناف بن زهرة بن كالب مُثَّ أرضعته ‪‬‬
‫ثوبية عتيقة أيب هلب أعتقها حني بشرته بوالدة النَّيِب ّ ‪ ‬مُثَّ أرضعته حليمة السعدية ‪.‬‬
‫ت حليمة الس عدية اليت أراد اهلل أن َت ُق وم بإرض اعه ق دمت مكه َم َع تسع نس وة من بين‬ ‫قَ الَ ْ‬
‫سعد بن بكر نلتمس الرضاع يف سنة شهباء علي أتان يل ومعي صيب لنا وقَ ْد عرض رسول‬
‫اهلل ‪ ‬علي ُك ّل امرأة منا فأبني أن يرضعنه حينما علمن أنه يتيم األب ‪.‬‬
‫ك أَنَا كنا نرجو املعروف من أيب الصيب فكنا نقول إنه يتيم ما عسي أن تصنع أمه وجده‬ ‫ِ‬
‫َوذَل َ‬
‫ت ‪ :‬فو اهلل ما بقي من ص واحيب ام رأة إِال أخ ذت رض يعاً َفلَ َّما مل‬ ‫ِ‬
‫ك قَ الَ ْ‬
‫فكنا نكرهه ل َذل َ‬
‫ت ل زوجي َو ُه َو احلارث بن عبد الع زي واهلل إين ال أك ره أن أرجع من بني‬ ‫أجد غ ريه ُق ْل ُ‬
‫ك اليتيم وآلخذنه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫س معي رضيع النطلقن إيل َذل َ‬ ‫صواحيب ولَْي َ‬
‫ك أن تفعلي ‪ .‬عسي اهلل أن جيعل لنا فيه بركة فذهب مُثَّ أخذته مبا ُه َو َعلَْي ِه‬ ‫قال ال ضرر َعلَْي َ‬
‫فأقبل َعلَْي ِه ث ديي مبا َش اءَ من لنب فش رب حىت روي وش رب ابين حىت ش بع ف ودعت النس اء‬
‫بعضهن بعضاً ‪.‬‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬
‫مُثَّ ركبت أت اين وأخ ذت حمم داً بني ي دي مُثَّ مشت أت اين حىت س بقت دواب النَّاس الذ َ‬
‫َكانُوا معي وصاروا يتعجبون مين مُثَّ وصلنا إيل منازل بين سعد وال أعلم أرض اً من أرض اهلل‬
‫أجدب منها فكانت غنمي تروح علي حني قدمنا به كثرية اللنب فنحلب ونشرب ‪.‬‬

‫‪402‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ويف السنة الرابعة من عمره ذكر أن ملكني شقا بطنه واستخرجا َق ْلبهُ وشقاه فاستخرجا منه‬
‫ال أح دمها زنه بعش ره من أمته فوزنه مُثَّ م ازال‬ ‫علقة س وداء مُثَّ غسال َق ْلب هُ وبطنه ب الثلج َوقَ َ‬
‫ال واهلل لو وزنته بأمته لوزهنا ‪.‬‬‫يزيد حىت بلغ األلف َف َق َ‬
‫الس الم ومل يستكمل إذ ذاك سبع سنني حني انصرفت من زيارات أخواله‬ ‫وماتت أمه َعلَْي ِه َّ‬
‫بين النجار وكانت خرجت به معها ومعه دايتُهُ أم أمين قدمت به إيل َم َّكة بعد موهتا ‪.‬‬
‫فكفله ج ده عبد املطلب ورق َعلَْي ِه رقة مل يرقها علي أحد من أوالده ف َك ا َن ال يفارقه وما‬
‫جيلس علي فراشه إجالالً له إِال رسول اهلل ‪. ‬‬
‫وق دم مكه ق وم من بين م دجل من القافة َفلَ َّما نظ روا إليه قَ الُوا جلده احتفظ به فلم جند ق دماً‬
‫ول َه ُؤالَِء واحتفظ به ‪.‬‬ ‫ال أليب طالب امسَ َع ما َي ُق ُ‬ ‫أشبهَ بالقدم الَّ ِذي يف املقام من قدمه َف َق َ‬
‫وتويف جده عبد املطلب يف السنة الثامنة من مولده ‪ ‬وأوصي به إيل عمه أيب طالب شقيق‬
‫اهلل فكفله وأحسن كفالته قال الواقدي أقام أبو طالب من سنة مثان من مولد رسول‬ ‫أبيه عبد ِ‬
‫َْ‬
‫اهلل ‪ ‬إيل الس نة العاش رة من النب وة ثالث اً وأربعني س نة حيوطه ويق وم ب أمره وي ذب َعْن هُ‬
‫ويلطف به ‪.‬‬
‫ص َري ف رآه حبريُ ال راهب‬ ‫وملا بلغ ‪ ‬اثنيت عش رة س نة َخ َر َج َم َع عمه أيب ط الب حىت بلغ بُ ْ‬
‫ال‬
‫ال َو ُه َو آخذ بيده َه َذا سيد العاملني َه َذا يبعثه اهلل رمحة للعاملني َف َق َ‬ ‫وامسه جرجيس فعرفه َف َق َ‬
‫ال إنكم حني أش رفتم من العقبة مل يبق حجر وال ش جر إِال وخ َّر‬ ‫ك َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫وما علمك ب َذل َ‬
‫ساجداً وال‬

‫‪403‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫تس جد إِال لنيب وإين أعرفه خبامت النب وة يف أس فل غض روف كتفه مثل التفاحة وإنا جنده يف‬
‫كتبنا ‪.‬‬
‫وسأل أبا طالب أن يرده خوفاً َعلَْي ِه من اليهود احْلَ ِديث رواه ابن أيب شيبة وفيه أنه أقبل َعلَْي ِه‬
‫وعلَْي ِه غمامة تظله ‪ .‬مُثَّ َخ َر َج ‪ ‬مرة أخري ومعه ميسرة غالم خدجية يف‬ ‫والس الم َ‬
‫الص الة َّ‬
‫َّ‬
‫جتارة هلا حىت بلغ سوق بصري وله إذ ذاك مخس وعشرون سنة ‪.‬‬
‫نسطور الراهب ما نزل حتت هذه الشجرة إِال نيب و َك ا َن ميسرة‬ ‫ُ‬ ‫فنزل حتت ِظ ّل شجرة َف َق َ‬
‫ال‬
‫ي ري يف اهلاجرة ملكني يظالنه من الش مس َفلَ َّما رجع وا إيل َم َّكة س اعة الظه رية وخدجية يف‬
‫عليَّ ٍة هلا رأت رسول اهلل ‪ ‬وهو علي بعريه ومل َكا َن يظالنه ذكره أبو نعيم ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم عمق إمياننا بك ومبالئكتك وبكتبك وبرسلك وبالَْي ْوم اآلخر وبالقدر خريه وشره وآتنا‬
‫الد ْنيَا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي اهلل علي حُمَ َّمد وآله وسلم ‪.‬‬ ‫يف ُّ‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ك وك انت حتت أيب إهابة بن زرارة التميمي مُثَّ‬ ‫ِ‬
‫وت زوج رس ول اهلل ‪ ‬خدجية بعد َذل َ‬
‫تزوجها عتيق بن عائد املخزومي فولدت له هنداً و َك ا َن هلا حني تزوجها رسول اهلل ‪ ‬من‬
‫العمر أربع ون س نة فول دت له ب نني وبن ات وكل أوالده منها حاشا إب راهيم فإنه من مارية‬
‫مصر ‪.‬‬ ‫القبطية اليت أهدها له املقوقس ِ‬
‫ب َ‬ ‫صاح ُ‬ ‫َ‬
‫فالذكور من ولده القاسم وبه َكا َن يكين َو ُه َو أكرب ولده عاش أياماً‬

‫‪404‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل َو ُه َو املس مي ب الطيب والط اهر ألنه‬ ‫يس رية قبل النب وة وولد له غري إب راهيم والقاسم عبد ِ‬
‫َْ‬
‫ات قبل موته َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬ ‫ولد بعد النبوة وأما إبراهيم فولد له بالْ َمدينَة وعاش عامني غري شهرين َ‬
‫السالم بثالثة أشهر يوم كسوف ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وأما بناته ‪ ‬ف أربع زينب حتت أيب الع اص بن الربيع وك انت خدجية خالته َوالثَّانِيَة رقية‬
‫تزوجها عثم ان بن عف ان وم اتت بعد ب در بنحو ثالثة أي ام وزينب م اتت يف حي اة أبيها ‪‬‬
‫والثالثة أم كلث وم وهي أص غر بناته ك انت مملكة بعتبة بن أيب هلب فلم ي دخل هبا وطلقها‬
‫فتزوجها عثمان َر ِض َي اهللُ َعْنهُ فماتت عنده يف حياة رسول اهلل ‪. ‬‬
‫الرابعة فاطمة تزوجها علي بن أيب طالب فولدت له احلسن واحلسني وزينب وأم كلثوم وابن اً‬
‫ات ص غرياً امسه احملسن وم اتت فاطمة بعد رس ول اهلل بس تة ش هور ‪ ،‬وخدجية أول ام رأة‬ ‫َم َ‬
‫السالم من رهبا ‪.‬‬ ‫تزوج هبا وأول امرأة ماتت من نسائه وأمره جربيل أن ي َقَرأَ َعلَْي َها َّ‬
‫وهي أول امرأة آمنت به وعاضدته وناصرته علي أمره و َكا َن هلا منه املنزلة العإلية ‪.‬‬
‫ت حمبتك وحمبة كتبك ومالئكتك ورس لك وأوليائك يف قلوبنا ثب وت اجلب ال‬ ‫اللَّ ُه َّم َثبِّ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الراس يات ون ور قلوبنا بن ور ا ِإلميَ ان َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَجِ يع املس لمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬
‫ني وصلي اهلل علي نبينا حُمَ َّمد وعلي آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َّ مِحِ‬
‫الرا َ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫واف ِل‬ ‫العوالِي ِفي ال َقَنا َّ‬
‫كالس ِ‬
‫س َ‬ ‫ولَْي َ‬ ‫َد َعا ُك ْم إِلى َخْي ِر ُ‬
‫األمو ِر ُم َح َّم ٌد‬
‫ات ِ‬
‫وآف ِل‬ ‫الدجى ِمن طَالِع ِ‬ ‫َد َعا ُكم إِلى َت ْع ِظ ِيم َم ْن َخل َ‬
‫ب ُّ َ ْ َ‬ ‫و ُش ْه َ‬ ‫ض َحى‬
‫ْق ال ُ‬
‫ف النِّس ِاء الغَ ِ‬
‫وعاقَب ِفي قَ ْذ ِ‬ ‫ِ‬
‫واف ِل‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫وملَْب ٍ‬
‫س‬ ‫ث َعلَى تطْ ِهْي ِر ج ْس ٍم َ‬ ‫وح َّ‬
‫َ‬
‫الم َح ِاف ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫وما فَ َّ ِ‬ ‫صلَّي َعَلْي ِه اهللُ َما َذ َّر َشا ِر ٍق‬
‫ت م ْسكاً ذ ْك ُر ُه في َ‬ ‫َ‬ ‫فَ َ‬

‫‪405‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ومل يرث ‪ ‬من والده َشْيئاً بل ولد يتيماً عائالً فاسرتضع يف بين سعد وملا بلغ مبلغاً ميكنه‬
‫ك ملا رجع إيل‬ ‫ِ‬
‫أن يعمل عمالً َكا َن ‪ ‬يرعي الغنم َم َع إخوانه من الرضاع يف البادية و َك َذل َ‬
‫َم َّكة َكا َن يرعاها ألهلها علي قراريط كما ذكر البخاري يف صحيحه ‪.‬‬
‫ال‬‫فعن أَيِب ُهَر ْي َر ِة َر ِض َي اهللُ َعْن هُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال ما بعث اهلل نبي اً إِال رعي الغنم َف َق َ‬
‫ال نعم كنت أرعاها علي قراريط أل َْهل َم َّكة ‪.‬‬ ‫ت َف َق َ‬ ‫أصحابه وأَنْ َ‬
‫وملا شب خلدجية ‪َ ‬ك ا َن يتجر و َك ا َن ش ريكه الس ائب بن أيب الس ائب وذهب بالتج ارة‬
‫خلدجية َر ِض َي اهللُ َعْن َها إيل الشام علي جعل يأخذه وملا شرفت خدجية بزواجه وكانت ذات‬
‫يس ار عمل يف ماهلا و َك ا َن يأكل من نتيجة عمله وحقق اهلل ما امنت َعلَْي ِه به س ورة الض حى‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ضااّل ً َف َه َدى * َو َو َج َد َك َعائالً فَ أَ ْغىَن‬ ‫آوى * َو َو َج َد َك َ‬ ‫بقوله جل ذكره ‪ ﴿ :‬أَمَلْ جَي ْد َك يَتيماً فَ َ‬
‫﴾ باإليواء واإلغناء قبل النبوة واهلداية بالنبوة هداه اهلل للكتاب وا ِإلميَان ودين إبراهيم َعلَْي ِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ُروح اً ِّم ْن أ َْم ِرنَا َما‬ ‫ك أ َْو َحْينَا إِلَْي َ‬‫ك ق ال َت َع اىَل ‪َ ﴿ :‬و َك َذل َ‬ ‫الس الم ومل يكن ي دري قبل َذل َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّش اء ِم ْن ِعبَادنَا َوإِن َ‬
‫َّك‬ ‫اب َواَل اإْلِ ميَا ُن َولَ ِكن َج َع ْلنَ اهُ نُوراً ن َّْه دي بِ ِه َم ْن ن َ‬ ‫ِ‬
‫نت تَ ْد ِري َما الْكتَ ُ‬ ‫ُك َ‬
‫اط ُّم ْستَ ِقي ٍم ﴾‬
‫لََته ِدي إِىَل ِصر ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫الص الة والس الم أحسن قومه خلق اً وأص دقهم ح ديثاً وأعظمهم أمانة وأبع دهم‬ ‫و َك ا َن َعلَْي ِه َّ‬
‫الر َج ال حىت َك ا َن أفضل قومه م روءة وأك رمهم خمالطة‬ ‫َخالق اليت ت دنس ِّ‬ ‫عن الفحش واأل ْ‬
‫وأخريهم جواراً وأعظمهم ِحلماً‬

‫‪406‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫األمني ‪.‬‬
‫َ‬ ‫وأصدقهم حديثاً فسموه‬
‫الص احِلَة احلمي دة والفع ال الس ديدة من احللم والصرب َو ُّ‬
‫الش كْر‬ ‫ملا مجَ َع اهلل فيه من األم ور َّ‬
‫ك ألد أعدائه النضر بن‬ ‫ِ‬
‫والعدل والتواضع والعفة واجلود والشجاعة واحلياء حىت شهد له ب َذل َ‬
‫ول قَ ْد َك ا َن حُمَ َّمد فيكم غالم اً ح دثاً أرض اكم فيكم‬
‫احلارث من بين عبد ال دار حيث َي ُق ُ‬
‫وأصدقكم حديثاً وأعظمكم أمانةً حىت إذا رأيتم يف صدغية الشيب وجاءكم مبا جاءكم قلتم‬
‫ساحر ال و ِ‬
‫اهلل ما ُه َو بساحر ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ين حيض رون املوسم حىت يكن وا‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ك يف مع رض االتف اق علي ما يقولونه للع رب الذ َ‬ ‫ق ال َذل َ‬
‫ين حيض رون املوسم حىت يكون وا متفقني علي ما يقولونه‬ ‫َّ ِ‬
‫متفقني علي ما يقولونه للع رب الذ َ‬
‫ول ما قال‬‫وملا سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان قائالً هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن َي ُق َ‬
‫ك يف‬ ‫ِ‬
‫ال هرقل ‪ :‬ما َك ا َن لي دع الك ذب علي النَّاس ويك ذب علي اهلل ورد ذَل َ‬ ‫ق ال ‪ :‬ال ‪َ .‬ف َق َ‬
‫أول صحيح البخاري ‪.‬‬

‫ص ِديْقاً ُمَواتَِيا‬‫يُ َذ ِّكُر لَْو َي ْلَقى َ‬ ‫س َع ْشَر َة َح َّج ًة‬ ‫ش َخ ْم َ‬ ‫َثَوى ِفي ُقَريْ ٍ‬
‫َفَلم يرى من ي ْؤ ِوي ولَم ير د ِ‬ ‫ويع ِرض ِفي ُك ِّل المو ِ‬
‫اعَيا‬ ‫ْ ََ َ ْ ُ ْ َ ْ ََ َ‬ ‫اس ِم َن ْفسهُ‬ ‫ََ‬ ‫ََْ ُ‬
‫و ُكَنا لَهُ َعوناً ِمن ِ‬
‫اهلل بَ ِاديَا‬ ‫ت بِِه النََّوى‬ ‫َفَل َّما أَتَانَا واط َْمأَنَّ ْ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫المَن ِاديا‬
‫اب ُ‬ ‫َج َ‬ ‫ال ُم ْو َسى إِ َذا أ َ‬
‫َ(و َما قَ َ‬ ‫ح لَِق ْوِم ِه‬
‫ال ُن ْو ٌ‬ ‫ص لََنا َما قَ َ‬‫َي ُق ُّ‬

‫‪407‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫قَ ِريْباً َوالَ يَ ْخ َشى ِم َن الن ِ‬


‫َّاس نَائَِيا‬ ‫احداً‬ ‫َّاس و ِ‬ ‫ِ‬
‫َصَب َح الَ يَ ْخ َشى م َن الن ِ َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫وأَْنُفسَنا ِعْن َد الو َغى والت ِ‬
‫َّآسَيا‬ ‫بَ َذلَْنا لَهُ األ َْمَو َال ِم ْن ُج ِّل َمالَِنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ج ِميعاً ولَو َكا َن الْحِبيب المو ِ‬
‫اسَيا‬ ‫َ ْ َ َُ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ادى ِم ْن الن ِ‬
‫َّاس ُكلِّ َه ْم‬ ‫ُن َع ِادي الَّ ِذي َع َ‬
‫َصَب َح َه ِاديَا‬ ‫وأن ِكَتاب ِ‬
‫اهلل أ ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫ره‬
‫ب َغْي ُ‬
‫اهلل الَ َر َّ‬
‫َن َ‬ ‫وَن ْعَل ْم أ َّ‬
‫(‬
‫اللَّ ُه َّم اغفر لنا مَجِ يع ما س لف منا من ال ُّذنُوب ‪ .‬واعص منا فيما بقي من أعمارنا ‪ ،‬ووفقنا‬
‫لعمل ص احل ترضي به وعنا َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املس لمني وص لي اهلل علي حُمَ َّمد وآله‬
‫وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال ش يخ اإلس الم َرمِح َ هُ اهللُ وقَ ْد نقل النَّاس ص فات النَّيِب ّ ‪ ‬الط اهرة الدالة علي كمال ِه‬
‫َوقَ َ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ونقلوا أخالقه من حلمه وشجاعته وكرمه وزهده وغريه وحَنْ ُن نذكر بعض َذل َ‬

‫ففي الص حيحني عن ال رباء بن ع ازب ق ال ‪َ :‬ك ا َن رس ول اهلل ‪ ‬أحسن النَّاس وجه اً‬
‫س بالطويل ال ذاهب وال بالقصري وعنه ق ال َك ا َن رس ول اهلل ‪ ‬بعيد ما‬ ‫وأحس نهم خلق اً لَْي َ‬
‫أحسن منه ‪.‬‬
‫َ‬ ‫بني املنكبني َع ِظيم اجلمة إيل شحمة أذنيه علية حلة محراء ما رأيت َشْيئاً قط‬
‫ويف البخاري وسئل الرباءُ أ َك ا َن رسول اهلل ‪ ‬مثل السيف ؟ قال ‪ :‬ال بل مثل القمر ‪.‬‬
‫ويف الص حيحني من ح ديث كعب بن مالك ق ال َك ا َن النَّيِب ‪ ‬إذا ُس َّر اس تنار وجهه حىت‬
‫كأنه فلقةُ قمر ‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ويف الصحيحني عن أنس بن مالك قال َك ا َن رسول اهلل ‪ ‬ضخم الرأس والقدمني ومل أر‬
‫ال َك ا َن ش عراً‬ ‫قبله وال بع ده مثله و َك ا َن بس يط الكفني ض خم الي دين وس ئل عن ش عره َف َق َ‬
‫س باجلعد وال بالسبط بني أذنيه وعاتقه ‪.‬‬ ‫رجالً لَْي َ‬
‫ويف الصحيحني عن مساك بن حرب عن جابر بن مسرة قال َك ا َن رسول اهلل ‪ ‬ضليع الفم‬
‫ال واسع الفم طويل شق العني قليل‬ ‫أش كل العي نني منه وس وفس رمها ابن مساك بن ح رب َف َق َ‬
‫حلم العقب ‪.‬‬
‫س بالطويل الب ائن وال‬ ‫ويف الص حيحني عن أنس بن مالك ق ال َك ا َن رس ول اهلل ‪ ‬لَْي َ‬
‫باأل َْبيَض األهبق وال باألدم وال باجلعد وال بالسبط ‪.‬‬
‫ويف الص حيحني َعْن هُ ق ال َك ا َن رس ول اهلل ‪ ‬أزهر الل ون ك أن عرقه اللؤلؤ إذا مشي تكفأ‬
‫ف رس ول اهلل ‪ ‬وروي عن ابن عب اس ق ال‬ ‫ألني من ك ِّ‬
‫وما مسست ديباجة وال حري رة َ‬
‫رؤي النور خيََر َج من ثناياه ‪.‬‬
‫َكا َن رسول اهلل ‪ ‬أبلج الثنيتني إذا تكلم َ‬
‫ال عن دنا – أي ن َام – فع رق وج اءت أمي‬ ‫وعن أنس ق ال دخل َعلَْينَا رس ول اهلل ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ال يا أم سليم ما َه َذا الَّ ِذي‬ ‫بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ رسول اهلل ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ت َه َذا عرقك جنعله يف طيبنا وإنه أطيب من الطيب أخرجاه ‪.‬‬ ‫تصنعني قَالَ ْ‬
‫اهلل ‪ ‬ال يس لك طريق اً فيتبعه أحد إِال ع رف أنه‬ ‫ول ِ‬
‫وروي ال درامي عن ج ابر قَ َال ‪َ :‬ر ُس ُ‬
‫سلكه من طيب عرقه ‪. ‬‬

‫‪409‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ويف ح ديث أم معبد املش هور ملا مر هبا النَّيِب ّ ‪ ‬يف اهلج رة ُه َو وأبو بكر وم واله ودليلهم‬
‫ت رجل ظاهر الوضاءة حلو املنطق فضل ال نزر‬ ‫ال صفيه يل يا أم معبد ف َقالَ ْ‬ ‫وجاءَ زوجها َف َق َ‬
‫َ‬
‫وال هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ‪.‬‬
‫ضهم زيادة علي َه َذا قال فيه ‪:‬‬ ‫وذكر َب ْع ْ‬
‫ب ق ريش‬ ‫اهلل ‪ ‬ق ال أبو معبد لزوجته ص في يل ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫يف وصف أم معبد اخلزاعية لِرس ِ‬
‫ص اح َ‬‫َ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫ظاهر الوضأة – أي احلسن والنظافة مبتلج الوجه‬
‫ت َرأَيْت رجالً َ‬ ‫الَّذي يطلب يا أم معبد قَالَ ْ‬
‫– أي مشرق ذو نور ‪. -‬‬
‫س رأسه‬‫س بطنه ض خم – ومل ت زر به ص علة – أي لَْي َ‬ ‫حسن اخللق مل تعبه ثجل ةٌ – أي لَْي َ‬
‫صغري – وسيم – أي مجيل معتدل القامة – يف عينه دعج – أي شدة سواد العني َم َع سعتها‬
‫‪.-‬‬
‫ويف أشفاره وطف – كثرة شعر احلاجبني – ويف صوته صحل – صوته رخيم – أحور –‬
‫ش دة بي اض العني يف ش دة س وادها – أطحل أزج – َك ا َن عينه مكحولة وإن مل تكحل –‬
‫دقيق احلاجبني يف طول – أقرن – مقرون احلاجبني – شديد سواد الشعر يف عنقه سطح –‬
‫أي ارتفاع وطول ويف حليته كثافة ‪.‬‬
‫فعلَْي ِه الوقار وإذا تكلم مسا – أي ارتفع – وعاله البهاء – احلسن واجلمال وكأن‬ ‫إذا صمت َ‬
‫منطقه خرزات يتحدرن حلو املنطق فصل ال نزر وال هذر – أي ال ِع َّي فيه وال ثرثرة أجهر‬
‫النَّاس وأمجلهم من بعيد وأحالهم وأحسنهم من قريب ‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ربعة ال تشنؤه من طول وال تقتحمه عني من قصر غصن بني غصنني فهو أنظر الثالثة منظراً‬
‫وأحسنهم قدراً له رفقاء خيصون به إذا قال استمعوا لقوله وإذا أمر تبادروا إيل أمره حمفود –‬
‫أي يطيعه أصحابه مسرعني – حمشود – جيتمعون حوله ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم أهلمنا ذك رك وش كرك ووفقنا ملا وفقت له الص احلني من خلقك َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫الرامِحِ ني ‪ .‬وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬ ‫َوجِلَ ِمي ِع املسلمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم َّ َ َ َ‬
‫‪.‬‬
‫" قصة أيب أيوب األنصاري "‬
‫أبو أي وب األنص اري خالد بن زيد األنص اري ‪ ،‬ش هد ب دراً والعقبة وروي مائة ومخسني‬
‫ات ب أرض ال روم غازي اً س نة ‪ 52‬هـ ودفن إيل أصل حصن بالقس طنطينية ‪ ،‬وله‬ ‫ح ديثاً ‪َ ،‬م َ‬
‫قصة حيلو ذكرها ‪.‬‬
‫الس الم إيل‬ ‫وج اءَ جربيل َعلَْي ِه َّ‬ ‫بعد ما ت آمرت ق ريش ب دار الن دوة علي قتل رس ول اهلل ‪َ ‬‬
‫ك وأمره أن ال ينام يف مضجعه تلك اللَّْيلَة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فأخربه ب َذل َ‬
‫ال‬‫َّه َار يف س اعة مل يكن يأتيه فيها متقنع اً َف َق َ‬ ‫وج اءَ رس ول اهلل ‪ ‬إيل أيب بكر نصف الن َ‬ ‫َ‬
‫ال رسول اهلل ‪ ‬إن اهلل قَ ْد أذن يل‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ال إمنا هم أهلك يَا َر ُس َ‬‫اخَر َج من عندك َف َق َ‬ ‫َ‬
‫ال أبو بكر فخذ ب أيب وأمي‬ ‫اهلل ‪ ،‬ق ال نعم َف َق َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال أبو بكر الص حبة يَا َر ُس َ‬ ‫يف اخْلُ ُروج َف َق َ‬
‫ال ب الثمن ‪ ،‬وأمر علي اً َر ِض َي اهللُ َعْن هُ أن ي بيت تلك اللَّْيلَة علي‬ ‫إح دى الراحل تني ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫فراشه ‪. ‬‬
‫ومضي رس ول اهلل ‪ ‬إيل بيت أيب بكر فخرجا من خوخة يف بيت أيب بكر ليالً ‪ ،‬ومضي‬
‫رسول اهلل ‪ ‬وأبو بكر إيل غار ثور ‪ ،‬فنسجت العنكبوت‬

‫‪411‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫علي بابه ‪ ،‬وحام احلمام فوق الغار وجدت قريش يف طلبهما وأخذوا معهم القافة حىت انتهوا إيل باب الغار ‪ ،‬فوقفوا َعلَْي ِه َفلَ َّما رأوا احلمام‬
‫ول الشاعر ‪:‬‬
‫ك َي ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك جداً وأعمي اهلل بصائرهم وأبصارهم ويف َذل َ‬
‫فوقه والعنكبوت قَ ْد نسجت علي به استبعدوا َذل َ‬
‫ف ِم َن ال ُكَّفا ِر َعْنهُ َع ِم ْي‬ ‫و ُكل طَر ٍ‬
‫ُ ْ‬ ‫وم ْن َكَرٍم‬
‫وما حوى الغَار ِمن َخي ٍر ِ‬
‫ُ ْ ْ‬ ‫َ َ ََ‬
‫الب ِريَِّة لَ ْم َتْن ِس ْج َولَ ْم تَ ُح ِم‬
‫َخْي ِر َ‬ ‫وت َعلَى‬
‫العْن َكبُ َ‬
‫الح َم َام وظَن َّْوا َ‬
‫ظَن ُّْوا َ‬
‫وع ْن َع ٍال ِم ْن األُطُِم‬ ‫م َن ال ُد ُر ْو ِع َ‬
‫ِ‬ ‫اعَف ٍة‬
‫ضَ‬ ‫ت َع ْن ُم َ‬ ‫ِوقَايةُ ِ‬
‫اهلل أَ ْغَن ْ‬ ‫َ‬
‫ال ما ظنك‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل لو أن أحدهم نظر إيل ما حتت قدميه ألبصرنا ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ال أبو بكر ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫َف َق َ‬
‫هم‬ ‫ِ‬
‫ب اثنني اهلل ثالثهما ‪ ،‬ال حتزن إن اهلل معنا وكانَا يس معان كالمهم إال أن اهلل عمي َعلَْي ْ‬
‫أمرمها إن اهلل علي ُك ّل َش ْيء قدير ‪.‬‬
‫بلغ النَّيِب ّ ‪ ‬الْ َم ِدينَة ‪ ،‬فتلقته ُقلُ وب أهلها ب أكرم ما يتلقي به وافد ‪ ،‬وتطلعت إليه عي وهنم‬
‫وهبم ليحل منها يف س ويدائها ‪ ،‬وأش رعوا له‬ ‫ِ‬
‫تبثُ هُ ش وق احْلَبيب إيل حبيبه ‪ ،‬وفتح وا له ُقلُ ْ‬
‫أبواب بيوهتم لينزل فيها أعز منزل ‪ ،‬ف َكانُوا خيرجون ُك ّل يوم إيل احلرة ينتظرونه ‪ ،‬فإذا اشتد‬
‫حر الشمس رجعوا إيل منازهلم ‪.‬‬
‫َفلَ َّما َك ا َن ي وم االث نني ث اين عشر األول علي رأس ثالث عش رة س نة من نبوته ‪ ‬خرج وا‬
‫علي عاداهتم َفلَ َّما محيت الشمس رجعوا ‪ ،‬فصعد رجل من‬

‫‪412‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اليه ود علي أطم من آط ام الْ َم ِدينَة ف رآي رس ول اهلل ‪ ‬وأص حابه مبيضني ي زول هِب ُ ْم‬
‫السراب ‪ ،‬فصرخ بأعلى صوته يا بين قيلة ‪َ ،‬ه َذا صاحبكم َه َذا جدكم الَّ ِذي تنتظرونه ‪.‬‬
‫الس الح ‪ ،‬ليتلقوا رسول اهلل ‪ ، ‬ومسهت الوجية والتكبري يف بين عمرو‬ ‫فثار األنصار إيل ِّ‬
‫وبن عوف وكرب املسلمون فرحاً َو ُس ُروراً بقدومه ‪.‬‬
‫َفلَ َّما َك ا َن ي وم اجْلُ ُم َعة ركب فأدركته اجْلُ ُم َعة يف بين س امل ابن ع وف فص الها يف املس جد‬
‫أول مجعة صالها بالْ َم ِدينَة ‪ ،‬مُثَّ ركب ناقته فجاءت سادات‬ ‫الَّ ِذي يف بطن الوادي ‪ ،‬فكانت َ‬
‫يثرب يف طريقها ُكل يريد أن يظفر بشرف نزوله ‪ ‬عنده ‪.‬‬
‫فأتاه عتبان بن مالك ‪ ،‬وعباس بن عبادة بن نضلة يف ِر َجال من بين سامل بن عوف ‪َ ،‬ف َق الُوا‬
‫اهلل أقم عن دنا يف الْ َع َدد والع دة واملنعة ق ال ( خل وا س بيلها فإهنا م أمورة ) فخل وا‬ ‫ول ِ‬‫يَا َر ُس َ‬
‫سبيل ناقته ‪. ‬‬
‫فانطلقت حىت إذا وازنت دار بين بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو ‪ ،‬يف ِر َج ال من‬
‫ول ِ‬
‫اهلل َهلُ َّم إلينا إيل الْ َع َدد والع دة واملنعة ‪ ،‬ق ال ( خل وا س بيلها‬ ‫بين بياضة ‪َ ،‬ف َق الُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫فإهنا مأمورة ) فخلوا سبيلها ‪.‬‬
‫ابن الربيع وخارجة بن زيد‬ ‫ف انطلقت حىت إذا وازنت دار بين احلرث بن اخلزرج اعرتضه ُ‬
‫وعبد اهلل بن رواحة يف ِر َجال من بين احلرث‬

‫‪413‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اهلل َهلُ َّم إلينا إيل الْ َع َدد والعدة واملنعة قال ‪ « :‬خلوا سبيلها فإهنا‬ ‫ول ِ‬
‫ابن اخلزج َف َقالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫مأمورة » ‪ .‬فخلوا سبيلها ‪.‬‬
‫ف انطلقت حىت إذا م رت ب دار بين ع دي بن النج ار وهم أخواله دنيا أم عبد املطلب س لمي‬
‫بنت عم رو إح دى نس ائهم اعرتض ها س ليط بن قيس وأبو س ليط أس ريه ابن أيب خارجة يف‬
‫اهلل إيل أخوالك إيل الْ َع َدد والعدة واملنعة قال‬ ‫ول ِ‬‫ِر َجال من بين عدي ابن النجار َف َقالُوا يَا َر ُس َ‬
‫‪ " :‬خلوا سبيلها فإهنا مأمورة » ‪ .‬فخلوا سبيلها ‪.‬‬
‫فانطلقت حىت إذا أتت دار بين مالك ابن النجار بركت علي باب مسجده ‪َ ‬و ُه َو يومئذ‬
‫مربد – املوضع الَّ ِذي جيفف فيه التمر – لغالمني ي تيمني من بين النج ار مُثَّ من بين مالك ابن‬
‫النجار يف حجر معاذ بن عفراء ‪:‬‬
‫ت فس ارت غري‬ ‫س هل وس هيل ابين عم رو َفلَ َّما ب ركت ورس ول اهلل ‪َ ‬علَْي َها مل ي نزل وثَبِّ ْ‬
‫بعيد ورسول اهلل ‪ ‬واضع هلا زمامها ال يثنيها به ‪.‬‬
‫مُثَّ التفت إيل خلفها فرجعت إيل مربكها أول مرة فربكت فيه مُثَّ حتلحلت – أي حتركت –‬
‫ورزمت ‪ -‬أي رغت ورجعت يف رغائها ووضعت جراهنا فنزل َعْن َها ‪. ‬‬
‫فاحتمل أبو أي وب األنص اري رحل النَّيِب ّ ‪ ‬وكأمنا حيمل كن وز ال ُّد ْنيَا من ش دة الف رح‬
‫والسرور وبادر أبو أيوب يرحب برسول اهلل ‪ ‬قال أبو أيوب ملا نزل علي رسول ‪ ‬يف‬
‫ِ‬
‫ت وأمي إين ال أكره‬ ‫ت له ‪ :‬يا نَيِب َّ اهلل بأيب أَنْ َ‬‫بييت نزل يف السفل وأنَا وأم أيوب يف العلو ف ُق ْل ُ‬
‫وأعظم أن أكون‬

‫‪414‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت فكن يف العلو وننزل حَنْ ُن فنكن يف السفل ‪.‬‬ ‫فوقك وتَ ُكون حتىت فاظهر أَنْ َ‬
‫ال يا أبا أي وب ارفق بنا ومبن يغش انَا أن نك ون يف س فل ال بيت ق ال ف َك ا َن رس ول اهلل ‪‬‬ ‫َف َق َ‬
‫يف سفله وكنا فوقه يف املسكن فلَ َق ْد انكسر حب لنا فيه ماء فقمت أَنَا وأم أيوب بقطيفة لنا‬
‫ما لنا حلاف غريها ننشف هبا املاء ختوفاً أن يقطر علي رسول اهلل ‪ ‬منه َش ْيء فيؤذيه ‪.‬‬
‫ق ال وكنا نص نع له العش اء و َنْب َعث به إليه ف إذا رد َعلَْينَا فض لة تيممت أَنَا وأم أي وب موضع‬
‫ك الربكة حىت إذا بعثنا إليه ليلة بعش ائه وقَ ْد جعلنا له فيه بص الً أو‬ ‫ِ‬
‫ي ده فأكلنا منه نبتغي ب َذل َ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ب أيب‬ ‫ت يَا َر ُس َ‬
‫ثوم اً ف رده رس ول اهلل ‪ ‬ومل أر لي ده فيه أث راً ق ال فجئته فزع اً ف ُق ْل ُ‬
‫وأمي رددت عش اءك ومل أر فيه موضع ي دك َو ُكْنت إذا رددته َعلَْينَا تيممت أَنَا وأم أي وب‬
‫ك الربكة قال إين وجدت فيه ريح هذه الشجرة وأنَا رجل أناجي فأما‬ ‫ِ‬
‫موضع يدك نبتغي ب َذل َ‬
‫أنتم فكلوه قال فأكلناه ومل نصنع له تلك الشجرة بعد ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ش ْعراً‪:‬‬

‫صْب ٍح ْأو َع ِش ِّي‬ ‫ِ‬


‫ّتُف ْز في ُك ِّل ُ‬ ‫إِلى َم ْوالَ َك َسلِّ ْم ُك َّل ْأم ِر‬
‫الس ِو ِّي‬‫الن ْه ِج َّ‬ ‫الص َعَلى ّ‬ ‫(بإ ْخ ٍ‬ ‫ؤاد بِ ُح ْس ِن َسْي ٍر‬‫ك ال ُف َ‬ ‫وص ْن ِمْن َ‬‫( ُ‬
‫الهنِ ِّي‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ٍل‬ ‫ِ‬
‫يش َ‬ ‫صَفا َ‬ ‫َتَن ْل مْنهُ َ‬ ‫ب َمْن َح فَ ْ‬ ‫وم ْن َم ْوالَ َك ْأطْلُ ْ‬
‫(َعَلى أسمى نَبِ ٍّي ه ِ‬
‫اش ِم َّي‬ ‫ك َم َع َس ٍ‬
‫الم‬ ‫صالتِ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫وأ ْكث ْر م ْن َ‬
‫ك َّ‬ ‫المس ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صال ُة ِ‬
‫كي‬
‫الز ِّ‬ ‫(َعَلْيه َد َام َك ْ‬ ‫الم‬
‫وها َس ٌ‬
‫اهلل َيْتلُ َ‬ ‫َ‬
‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من املتقني األ َْب َرار وأس كنا معهم يف (دار الق رار ‪ ،‬اللَّ ُه َّم وفقنا حبسن اإلقب ال‬
‫تك واملبادرة إيل خدمتك وحسن اآلداب يف معاملتك‬ ‫ك واإلصغاء إليك للتعاون يِف طَ َ‬
‫اع َ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫ضا‬ ‫والتسليم أل َْم ِر َك ِّ‬
‫والر َ‬

‫‪415‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الش كْر لنعمائك ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املس لمني‬
‫ك َو ُّ‬‫بقض ائك والصرب علي بَالئِ َ‬
‫ص ْحبِ ِه‬ ‫ِِ‬ ‫األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ص لَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آل ه َو َ‬ ‫ك يا أرحم ال رامحني َو َ‬
‫ِ‬
‫أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫" موعظة "‬
‫اهلل إن ا ِإلنْ َس ان منا كما علمتم مع رض لألذي واإلس اءة واإلهانة وعرضه لألخط ار ‪،‬‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫واملهلك ات ‪ ،‬فمنحه اهلل ق وة ي دفع هبا اإلهانة ‪ ،‬وي دفع هبا اخلطر ‪ ،‬وينجو هبا ب إذن اهلل من‬
‫ضب واحلمية ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهلالك ‪ ،‬ه َي قوة الْغَ َ‬
‫ضب ‪،‬‬ ‫ض ب من الن ار ‪ ،‬فتس لط الش يطان َعلَْينَا من َه َذا الطَ ِريق وركبنا َوقْت الْغَ َ‬ ‫وخلق الْغَ َ‬
‫حىت صار النَّاس يف غضبهم محقي متهورين ‪ ،‬وسفهاء طائشني ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َذا خطأ فظيع وخلط ال جيوز‬ ‫ك ‪ ،‬واصطلحوا علي ذمه مطلق اً ‪َ ،‬‬ ‫ض ب ل َذل َ‬ ‫فك ِر َه النَّاس الْغَ َ‬
‫س ُك ّل غضب م ذموم وال ُك ّل حلم مبم دوح ‪ ،‬واهلل َج َّل َو َعال ال خيلق لنا طبع اً إِال‬ ‫‪ ،‬فلَْي َ‬
‫ضب إِال لسبب وحكمة ‪.‬‬ ‫حلكمة ‪ ،‬وال يركب فينا قوة احلمية والْغَ َ‬
‫ض ب ‪ ،‬ومحاية الدين‬ ‫ضب ‪ ،‬والشر إذا نالنا ال يدفع إِال بالْغَ َ‬ ‫فاألذى إذا جاءنا ال يدفع إِال بالْغَ َ‬
‫ض ب بالكلية ‪ ،‬أو ضعفت فيه‬ ‫ض ب ‪ ،‬فمن ف َق ْد قوة الْغَ َ‬ ‫واألعراض والشرف ال تدفع إِال بالْغَ َ‬
‫احلمية فهو ناقص حملول العزم ‪ ،‬مفقود احلزم ‪ ،‬معدوم الرجولة ‪.‬‬
‫وقَ ْد امتدح اهلل غضب الْ ُم ْؤ ِمنِني علي الكفار ‪ ،‬ومحيتهم الدينية ‪ ،‬ملا له من أثر يف إعالء كلمة‬
‫ال َت َعاىَل ﴿ أ َِشدَّاء َعلَي الْ ُكفَّا ِر ُرمَحَاء َبْيَن ُه ْم ﴾ ‪.‬‬ ‫اهلل ‪َ ،‬ف َق َ‬

‫‪416‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ال " أ َِذلٍَّة َعلَي الْم ْؤ ِمنِ َ ِ ٍ‬


‫ال " وليجدوا فيكم غلظة "‬ ‫ين " َوقَ َ‬ ‫ني أَعَّزة َعلَي الْ َكاف ِر َ‬ ‫ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال يف الزن اة " َواَل‬
‫ض ب إذا انتهكت حرمة ال دين ‪ ،‬والغ رية علي ح دود اهلل ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫وأمرنا بالْغَ َ‬
‫تَأْ ُخ ْذ ُكم هِبِ َما َرأْفَةٌ يِف ِدي ِن اللَّ ِه إِن ُكنتُ ْم ُت ْؤ ِمنُو َن بِاللَّ ِه َوالَْي ْوم اآلخ ِر » ‪.‬‬
‫ض ب ‪ ،‬يصبح جبانَا ضعيفاً ‪ ،‬وذليالً حقرياً ال يأنف من العار وال يهمه ‪،‬‬ ‫فمن ف َق ْد قوة الْغَ َ‬
‫وال يت أمل ألذى الس فهاء ‪ ،‬يتط اول الس فهاء والفس قة علي حرمه ‪ ،‬فال يغ ار لع رض ‪ ،‬وال‬
‫يغضب لشرف ‪ ،‬فيكون تيساً يف صورة إنسان ‪ ،‬ومجاداً ال إحساس له ‪ ،‬وال شعور‪.‬‬
‫س احلِلم يف َش ْيء ‪ ،‬وإمنا ُه َو جنب وخور وذلة وقَ ْد ورد عن النَّيِب ّ ‪ ‬أنه قال لن يدخل‬ ‫ولَْي َ‬
‫اهلل قال الَّ ِذي ال يغار علي أهله ‪.‬‬ ‫ول ِ‬ ‫اجْلَنَّة ديوث ‪ ،‬قَالُوا وما الديوث يَا َر ُس َ‬
‫اهلل لو وج دت َم َع أهلي رجالً أمهله حىت آيت بأربعة‬ ‫ول ِ‬ ‫ال س عد َر ِض َي اهللُ َعْن هُ يَا َر ُس َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال كال والَّ ِذي بعثك ب احلق ‪ ،‬إن كنت ألعاجله بالس يف قبل‬ ‫ال ‪ ‬نعم ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ش هداء َف َق َ‬
‫ول سيدكم ‪ ،‬إنه لغيور وأنَا أغري منه واهلل أغري مين ‪.‬‬ ‫ال ‪ ‬امسعوا إىل ما َي ُق ُ‬ ‫ك ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ِ‬
‫ذَل َ‬
‫وإذا مل يغضب ا ِإلنْ َس ان لعرضه ضاعت األنساب واختلطت األوالد ‪ ،‬وكل أمة متوت الغرية‬
‫وه َذا ُه َو الض عف واخلور والعجز ‪،‬‬ ‫فيهم البد وأن تض يع العفة ‪ ،‬والص يانة من نس ائها ‪َ ،‬‬
‫واجلنب ‪ ،‬الَّ ِذي استعاذ منه النَّيِب ّ ‪ ، ‬وكيف تذم رجالً يغضب لدينه ‪ ،‬إذا رأي املنكرات‬
‫سه إذا مل يغضب َعلَْي َها ‪ ،‬ويشتد يف ردها‬ ‫‪ ،‬وقَ ْد أمر مبحاربتها وكيف يصلح املرء عيوب َن ْف ِ‬
‫عن هواها ‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ض ب املذموم فهو الَّ ِذي يعمي ص احبه عن احلق ‪ ،‬ويفق ده بصر البص رية ‪ ،‬والفكر‬ ‫أما الْغَ َ‬
‫فتأخ ذه الع زةُ ب اإلمث ‪ ،‬ويع رض عن النصح إذا نصح ‪َ ،‬و ُرمَّبَا َز َاد هيجانَ اً ‪ ،‬وإذا روجع‬
‫ول ازداد سخطاً وجلاجاً ‪.‬‬ ‫َفَي ُق ُ‬
‫وقَ ْد حيدث منه ضرر علي من حوله ‪ ،‬وجتده متغرياً لونه ‪ ،‬مرتعشة أعضاؤه ‪ ،‬زائغ اً بصره ‪ ،‬وكاألعمى يسب اجلماد واحْلََي َوان ‪ ،‬ويبطش‬
‫بكل ما يصادفه ‪ ،‬حىت إنه يتلف األثاث ‪ ،‬والرياش ‪َ ،‬و ُرمَّبَا ال يشفي غله ‪ ،‬وقَ ْد حيدث منه طالق ‪ ،‬ولعن وسب ‪ ،‬وشتم ‪َ ،‬‬
‫فه َذا غضب‬
‫ِ‬
‫ضب كما قيل ‪:‬‬ ‫س علي َه َذا الَّذي ال ميلك َن ْف َسهُ َعْن َد الْغَ َ‬
‫مذموم قبيح مرذول ينتصر فيه إبلَْي ُ‬
‫ب‬ ‫إِ َذا َكا َن ِفْيما لَْيس ِ‬ ‫ضب ا ِإلنْس ِ‬
‫ان إِالَّ َح َماقَةٌ‬
‫ضُ‬‫هلل َي ْغ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َما غَ َ ُ َ‬
‫احة واهلناء وجيعل نظرته‬
‫الر َ‬
‫ضب يهدم اجلسم ‪ ،‬ويتلف الصحة ‪ ،‬وحيرم صاحبه َّ‬ ‫ومثل َه َذا الْغَ َ‬
‫ض ب ضعف ‪ ،‬واإلفراط هتور وجنون ‪ ،‬واحملمود منه‬ ‫إيل احلياة مظلمة سوداء فالتفريط يف الْغَ َ‬
‫الوسط واالعتدال والقصد احملمود منه أن يكون غضبك للدين فإذا اعتدي قوم علي اإلسالم‬
‫بالطعن والتشهري أو التشكيك يف العقائد كما حياول امللحدون وكما يفعل املبشرون فيجب‬
‫هم انتصاراً لديننا ودفاعاً عن شرعنا‪.‬‬
‫أن تغضب َعلَْي ْ‬
‫ض ب علي من تع دي علي بالد إس المية أو تع دي علي مس لم أو‬ ‫ض ب احملم ود الْغَ َ‬ ‫ومن الْغَ َ‬
‫مدح غري الدين اإلسالمي أو ذكر اهلل أو كتابه أو مالئكته أو رسله بسوء أو سب صحابياً‬
‫أو إماماً مشهوراً بالتقي والورع‬

‫‪418‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫واالس تقامة أو طعن يف ِر َج ال ال دين ألجل دينهم أو ك ذب علي اهلل أو علي رس له أو حل‬
‫ات أو ح رم َش ْيئاً مِم َّا حلله اهلل أو اس تهان بكت اب اهلل أو س نة رس وله ‪ ‬أو‬ ‫احملرم َ‬
‫َش ْيئاً من َ‬
‫والش افِعِي ومالك وأيب حنيفة واملوفق واجملد وابن‬‫تب أ َْهل العلم احملققني مثل اإلم ام أَمَحَد َّ‬ ‫ُك ِ‬
‫أيب عمر وش يخ اإلس الم وابن القيم وابن كثري وابن رجب وابن مفلح وحنوهم من العِلم اًء‬
‫املشهورين باالستقامة والبعد عن البدع وكأئمة الدعوة ‪.‬‬
‫ب علي من مدح الكفرة واملنافقني وأئمة الضالل واحلياري كابن‬ ‫ضِ‬
‫ضُ‬ ‫ب احملمود الْغَ َ‬ ‫ومن الْغَ َ‬
‫يب وابن رشد والف ارايب وابن س ينا وابن كالب والعفيف التلمس اين وابن س بعني وابن‬ ‫ع َر ِّ‬
‫الف ارض وابن الروان دي والك وثري والبوص ريي واملع ري وحنو َه ُؤالَِء من املالح دة والزنادقة‬
‫واملبتدعة والفسقة والظلمة وأعواهنم ‪.‬‬
‫ض ب علي من ابتدع يف الدين بدعاً أو نشرها أو دعا إليها أو مدح‬ ‫ض ب احملمود الْغَ َ‬‫ومن الْغَ َ‬
‫َخالق وقضت َعلَْي َها‬
‫حملليها أو م دح الكف ار أو م دح املالهي واملنك رات اليت حطمت األ ْ‬
‫وأتلفت األموال وقتلت األوقات وأورثت اخللق أفانني العدوات وأحدثت التفرق يف البيوت‬
‫وال ُقلُوب ‪.‬‬
‫ِش ْعراً ‪:‬‬
‫ات )‬‫وأَورَثْننَا أَفَانِْين الع َدو ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫المالَ ِه َي أَلَْق ْ‬
‫ت َبْيَننَا إِ َحناً‬ ‫( إِ َّن َ‬
‫الضالَالَ ِ‬
‫ت)‬ ‫اب َّ‬ ‫َص َح ِ‬ ‫ِِ‬
‫إِ(الَّ بَِت ْقلْيد أ ْ‬ ‫اب الَْي ْوِم وانْ َحَر ُف ْوا‬ ‫ب َشَب ُ‬
‫ِ‬
‫( َو َه ْل أُصْي َ‬

‫‪419‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والَ حياء وم ْع ُدوم المر َؤ ِ‬


‫ات )‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ ٌ َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫( م ْن ُك ِّل أ َْهَو َج الَ ديْ ٌن َوالَ أ ََد ٌ‬
‫وحل ِْق لِ ْحيتِ ِه ِمثْل ال َخواج ِ‬
‫ات )‬ ‫( َيَري الت ََّم ُّد ِن ِفي تَطْ ِويْ ِل َشا ِربِِه‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫أ ْقبِح بِِه ِمن سِفْي ٍه س ِاق ٍط َع ِ‬
‫ات )‬ ‫(يَقلِّ ُد ال ُك ْف ِر ِفي تَطْ ِويْ ِل أَظُْف ِر ِه‬
‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اللَّ ُه َّم قوي إمياننا بك ومبالئكتك وبكتبك وبرسلك وبالَْي ْوم اآلخر وبالقدر خريه وشره اللَّ ُه َّم‬
‫وفقنا للهداية وجنبنا أس باب اجلهالة والغواية اللَّ ُه َّم ثبتنا علي اإلس الم والس نة وال ت زغ قلوبنا‬
‫ت الوه اب ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫بعد إذ ه ديتنا وهب لنا من ل دنك رمحة إنك أَنْ َ‬
‫ص لَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آلِ ِه‬ ‫ك يا أرحم ال رامحني َو َ‬ ‫املس لمني األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني بَِرمْح َتِ َ‬
‫و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ِ‬
‫ت ما غرت‬ ‫ومن وفائه ‪ ‬ما أخرجه البخاري يف صحيحه عن َعائ َش ة َر ِض َي اهللُ َعْن َها قَ الَ ْ‬
‫علي أحد من نس اء النَّيِب ّ ‪ ‬ما غ رت علي خدجية وما رأيتها ولكن َك ا َن النَّيِب ّ ‪ ‬يك ثر‬
‫ذكرها ‪.‬‬
‫ت له كأن مل يكن يف‬ ‫َو ُرمَّبَا ذبح الشاة مُثَّ يقطعها أعضاء مُثَّ يبعثها يف صدائق خدجية فرمبا ُق ْل ُ‬
‫ول إهنا كانت و َك ا َن يل منها ولد ‪ ،‬كانت خدجية َر ِض َي اهللُ َعْن َها‬ ‫الد ْنيَا امرأة إِال خدجية َفَي ُق ُ‬
‫ُّ‬
‫الر َج ال‬
‫يف اجلاهلية سيدة وقورة ذات عقل رزين وصاحبة مال ويسار وجاه وشرف تستأجر ِّ‬
‫يف ماهلا وتضارهبم إياه ‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َفلَ َّما وقع يف مسعها ما يتح دث به النَّاس ويتناقله الع ارفون عن املص طفي ‪ ‬من الوف اء‬
‫ك من مك ارم‬ ‫ِ‬
‫والص دق واألمانة والنصح وحسن الس رية وك رمي الش مائل والس خاء وحنو َذل َ‬
‫ليخ َر َج يف‬
‫َخالق وحماسن الش يم ما مل تس معه عن غ ريه حىت مساه قومه األمني اس تأجرته َ‬ ‫األ ْ‬
‫ماهلا تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غريه ‪.‬‬
‫والس الم بقصد االجتار إيل الش ام يص حبه غالمها ميس رة فباعا‬ ‫الص الة َّ‬ ‫فس افر َعلَْي ِه أفضل َّ‬
‫الش ْيء‬
‫وابتاعا ورحبا رحباً عظيماً وظهر له ‪ ‬يف هذه السفرة من الربكات وإفاضة اخلريات َ‬
‫الكثري وجعل اهلل حبه يف قلب غالمها ميسرة وأعجب مبا شاهده منه ‪.‬‬
‫وك انت س نُّهُ ‪ ‬يف ه ذه الس فرة مخس اً وعش رين س نة وهي الس فرة الثَّانِيَة من أس فاره إيل‬
‫الش ام وملا رجع ق افالً من الش ام وق دم َم َّكة ورأت خدجية ما وفقه اهلل له من ربح َك ا َن علي‬
‫يديه وبركات وفرية ‪.‬‬
‫وما أحتفها به غالمها ميس رة مِم َّا ش اهده من حسن س ريته وما جعل اهلل علي يديه من‬
‫ك حف زه يف نفس خدجية وحببه إليها فلم تتمالك نفس ها و َك ا َن س نها حنو‬ ‫ِ‬
‫الربك ات ُك ّل َذل َ‬
‫األربعني س نة وهي كما وص فنا وأض عاف ما وص فنا من كرامة حمت دها وش رف حس بها‬
‫وحسن سريهتا َر ِض َي اهللُ َعْن َها ‪.‬‬
‫فأرس لت إيل رس ول اهلل ‪ ‬ختطبه لنفس ها فق ام ‪ ‬ينجز رغبتها وجييب طلبتها واس تدعي‬
‫أعمامه حىت دخلها علي عمها عم رو بن أسد فخطبها منه بواس طة عمه أيب ط الب فزوجها‬
‫عمها ‪.‬‬
‫ال احلمد هلل الَّ ِذي جعلنا‬
‫مُثَّ قام أبو طالب عم رسول اهلل ‪ ‬خطيباً َف َق َ‬

‫‪421‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وس واس‬ ‫من ذرية إب راهيم وزرع إمساعيل وضئضي معد وعنصر مضر وجعلنا حض نة بيته ُ‬
‫حرمه وجعل لنا بيتاً حمجوباً وحرماً آمناً وجعلنا حكام النَّاس ‪.‬‬
‫اهلل ال ي وزن به رجل ش رفاً ونبالً وفض الً وإن َك ا َن يف‬ ‫مُثَّ إن ابن أخي ه َذا حُم َّمد بن عبد ِ‬
‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫اهلل بعد َه َذا له نبأ َع ِظيم‬ ‫الْم ال قل ف إن الْم ال ِظ ل زائل وأمر حائل وعارية مس رتدة وه و و ِ‬
‫ََُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وخطر جليل وقَ ْد خطب إليكم رغبة يف ك رميتكم خدجية وقَ ْد ب ذل هلا من الص داق َك َذا‬
‫ك مت األ َْمر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وعلي َذل َ‬
‫وملا أكرمه اهلل بالرس الة وش رفه ب النبوة ك انت خدجية َر ِض َي اهللُ َعْن َها أس رع النَّاس به إميانَ اً‬
‫ولدعوته تصديقاً وله إجابة ومل تنتظره آيةٌ أخري زيادة علي ما علمته من مكارم أخالقه ‪‬‬
‫وما مسعت من خوارق العادات اليت كانت تظهر علي يديه ‪.‬‬
‫وأول َش ْيء بديء به الوحي الرؤيا الصادقة ف َكا َن ال يري رؤيا إِال جاءت مثل فلق الصبح مُثّ‬
‫حبب إليه اخلالء والعزلة عن البشر ف َكا َن خيلو بغار حراء فيتعبد فيه الليإيل ذوات الْ َع َدد فتَ ارة‬
‫ميكث عشرة وتَارة أكثر إيل شهر ‪.‬‬
‫الس الم ويأخذ زاده ف إذا‬ ‫وك انت عبادته إذ ذاك علي الش ريعة احلنيفية دين أبيه إب راهيم َعلَْي ِه َّ‬
‫الس الم‬‫نفد رجع إيل خدجية في تزود ملثلها حىت َج اءَ مبلغ ال وحي وملك الس ماء جربيل َعلَْي ِه َّ‬
‫ت رس ول اهلل‬ ‫ال أبشر يا حُمَ َّمد أَنَا جربيل وأَنْ َ‬ ‫فبينما ُه َو ق ائم علي اجلبل إذ فاج أءه جربيل َوقَ َ‬
‫إيل هذه األمة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك أنه أمي مل يتعلم الق راءة من قبل فغطه بالنمط‬ ‫مُثَّ ق ال له ا َق َرأَ ق ال ما أَنَا بق اريء يريد ب َذل َ‬
‫ال له ا َقَرأَ قال ما أَنَا بقارئ فأخذه فغطه‬ ‫الَّ ِذي َكا َن ينام َعلَْي ِه حىت بلغ منه اجلهد مُثَّ أرسله َف َق َ‬
‫ال ا َقَرأَ قال ما أَنَا‬
‫ثانية مُثَّ أرسله َف َق َ‬

‫‪422‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اإلنس ا َن ِم ْن َعلَ ٍق ‪،‬‬ ‫ال " ا ْق رأْ بِاس ِم ربِّ َّ ِ‬


‫ك الذي َخلَ َق ‪َ ،‬خلَ َق َ‬ ‫بق ارئ فأخ ذه فغظه الثالثة َف َق َ َ ْ َ َ‬
‫اإلنسا َن َما مَلْ َي ْعلَ ْم "‬ ‫َّ ِ َّ ِ ِ َّ‬ ‫ا ْقَرأْ َو َربُّ َ‬
‫ك األ ْكَر ُم ‪ ،‬الذي َعل َم بالْ َقلَم ‪َ ،‬عل َم َ‬
‫الس الم مذعوراً خائف اً يرجف فؤاده وال يتمالك َن ْفسهُ من هول املنظر وشدة ما‬ ‫فرجع َعلَْي ِه َّ‬
‫ال " زملوين زملوين " لفوين يف ثويب ‪ ،‬ليزول َعْن هُ ما جيد‬ ‫أمل به فدخل علي خدجية زوجته َف َق َ‬
‫من الرعب والقشعريرة اليت انتابته من رؤية امللك فزملوه حىت ذهب َعْنهُ اخلوف ‪.‬‬
‫فذكر خلدجية األ َْمَر وأخربها قائالً لََق ْد خشيت علي نفسي من شدة ما أصابين من غط امللك‬
‫والس الم يعرف َش ْيئاً عن جربيل ووصفه وأشكاله ‪ ،‬فأجابته خدجية‬ ‫يل ومل يكن َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالة َّ‬
‫ِ‬
‫ك املوقف املش رف يف تث بيت ف ؤاده وهتدئة أعص ابه‬ ‫َر ِض َي اهللُ َعْن َها علي الف ور ووقفت َذل َ‬
‫اهلل ال خيزيك اهلل أب داً إنك لتصل ال رحم وحتمل الكل‬ ‫وتقوية دواعي األمل فيه قائلة كال و ِ‬
‫َ‬
‫ك الش ياطني‬ ‫وتكسب املع دوم وتق ري الض يف وتعني علي ن وائب احلق فال يس لط اهلل َعلَْي َ‬
‫واألوهام وال مراء أن اهلل اختارك هلداية قومك ‪.‬‬
‫ت ممن هّلُ ْم علم حبال الرسل واطالع‬ ‫مُثَّ مل تكتف هبَ َذا الق در من الق ول بل أرادت أن تتثَبِّ ْ‬
‫علي أخب ارهم مبا ق رؤوه يف الكتب القدمية ف انطلقت به إيل ورقة بن نوفل َو ُه َو ابن عمها‬
‫لكتَ اب العرباين فيكتب من اإلجنيل ما َش اءَ اهلل‬ ‫و َكا َن امرأ قَ ْد تنصر يف اجلاهلية و َكا َن يكتب اْ ِ‬
‫أن يكتب و َكا َن شيخاً كبرياً قَ ْد عمي ‪.‬‬
‫ال يا ابن أخي م اذا ت ري ف أخربه َعلَْي ِه‬ ‫ت له خدجية يا ابن عم امسَ َع من ابن أخيك َف َق َ‬ ‫ف َق الَ ْ‬
‫ال له ورقة َه َذا الناموس الَّ ِذي‬ ‫والسالم خرب ما رأي َف َق َ‬ ‫الصالة َّ‬ ‫َّ‬

‫‪423‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أن زل اهلل علي موسى ألنه يع رف أن واس طة ال وحي بني اهلل وبني أنبيائه ُه َو جربيل َعلَْي ِه‬
‫السالم ‪.‬‬‫َّ‬
‫مُثَّ ق ال يا ليتين فيها ج ذعاً إذ خيرجك قومك من بالدك اليت نش أت هبا ملع اداهتم إي اك‬
‫وك راهتم لك حينما تط البهم بتغيري اعتق اداهتم اليت وج دوا َعلَْي َها آب اءهم ف َك ا َن ق ول ورقة‬
‫موضع اس تغراب النَّيِب ّ ‪ ‬ملا يعرفه من حب قومه له التص افه بص دق احْلَ ِديث واألمانة‬
‫َخالق حىت مسوه األمني ‪.‬‬ ‫ومكارم األ ْ‬
‫خمرجي هم ق ال مل ي أت رجل قط مبثل ما جئت به إِال ع ودي علي حد ما َج اءَ يف‬ ‫َّ‬ ‫ال أو‬
‫َوقَ َ‬
‫ين َك َف ُرواْ لُِر ُس لِ ِه ْم لَنُ ْخ ِر َجنَّ ُكم‬ ‫القرآن الكرمي ﴿ لَنخ ِرجنَّك يا ش عيب ﴾ وقوله ‪ ﴿ :‬وقَ َ َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ ُ َْ ُ‬
‫وط ِّمن َق ْريَتِ ُك ْم ﴾ ‪.‬‬ ‫آل لُ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ود َّن يِف ملَّتنَا ﴾ وقوهلم ‪ ﴿ :‬أ ْ‬
‫َخ ِر ُجوا َ‬ ‫ِ‬
‫ِّم ْن أ َْرضنَا أ َْو لََتعُ ُ‬
‫مُثَّ قال ورقة مستأنفاً ‪ :‬وإن يدركين يومك انصرك نصراً مؤزراً مُثَّ تويف ورقة بعدها بقليل ‪:‬‬
‫وه َذا منوذج من من اقب أمنا وأم الْ ُم ْؤ ِمنِني خدجية ومواقفها إزاء ما َك ا َن حيدث‬ ‫ق ال َ‬
‫للنيب ‪. ‬‬
‫ول ذا َك ا َن ‪ ‬يبادهلا الوف اء واإلخالص و َك ا َن حينو وي دمي ذكرها بعد موهتا اللَّ ُه َّم ص لي‬
‫وسلم َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫و َكا َن ‪ ‬يكثر ذكرها َو ُرمَّبَا ذبح الشاة مُثَّ يقطعها أعضاء مُثَّ يبعثها يف صدائق خدجية َ‬
‫وه َذا‬
‫يش عر ببق اء ودها واس تمرار حبه هلا وإخالصه حىت َك ا َن يتعهد ص ديقاهتا باإله داء والعط اء‬
‫بعد موهتا ‪.‬‬
‫ت َعائِ َش ة َر ِض َي اهللُ َعْن َها ما غ رت علي أحد من نس اء النَّيِب ّ ‪ ‬ما غ رت علي‬ ‫ول ذا قَ الَ ْ‬
‫خدجية وما رأيتها ويف حديث رواه البخاري عن َعائِ َشة رضي اهلل َعْن َها‬

‫‪424‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت ‪ :‬اس تأذنت هالة بنت خويلد أخت خدجية علي رس ول اهلل ‪ ‬فع رف اس تئذان‬ ‫قَ الَ ْ‬
‫ت ‪ :‬فغرت ‪ ... .‬احْلَ ِديث ‪.‬‬ ‫ال اللَّ ُه َّم هالة قَالَ ْ‬
‫ك َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫خدجية فارتاع ل َذل َ‬
‫ت ‪ :‬ج اءت عج وز إيل‬ ‫ِ‬
‫ويف االس تيعاب أليب عمر ج ص ‪ 1810‬بس نده إيل َعائ َش ة قَ الَ ْ‬
‫ت حس انة املزنية ‪ :‬كيف‬ ‫ت أَنَا جثامة املزنية ‪ :‬ق ال بل أَنْ َ‬ ‫ت قَ الَ ْ‬ ‫ال هلا من أَنْ َ‬ ‫النَّيِب ّ ‪َ ‬ف َق َ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫ت خبَرْي بأيب أَنْ َ‬
‫ت وأمي يَا َر ُس َ‬ ‫حالكم كيف كنتم بعدنا قَالَ ْ‬
‫اهلل تقبل علي ه ذه العج وز َه َذا اإلقب ال ق ال إهنا ك انت تأتينا‬ ‫ول ِ‬ ‫ت يَا َر ُس َ‬ ‫َفلَ َّما خ رجت ُق ْل ُ‬
‫أي ام خدجية وإن حسن العهد من ا ِإلميَ ان ‪ :‬مقابلة طيبة ومالطفة مجيلة وت ودد حمم ود ووف اء‬
‫من النَّيِب ّ ‪ ‬لزوجته خدجية اليت م اتت وطاملا أيدته وخففت َعْن هُ وس لته وعاش رته وتب ادل‬
‫ُه َو وإياها الْ َم َو َّدة ومل تك در خ اطره وال م رة واح دة عكس ما َعلَْي ِه زوج ات َه َذا اجليل‬
‫املنحرف إِال النادرة ‪.‬‬
‫وأخ َر َج أبو داود ج‪ 2‬ص ‪ 63‬أن عمر بن الس ائب حدثه أنه بلغه أن رس ول اهلل ‪َ ‬ك ا َن‬ ‫َ‬
‫جالس اً َي ْوم اً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد َعلَْي ِه مُثَّ أقبلت أمه فوضع هلا‬
‫نصف ثوبه من جانبه اآلخر فجلست َعلَْي ِه مُثَّ أقبل أخوه من الرضاعة فقام له رسول اهلل ‪‬‬
‫فأجلسه بني يديها ‪.‬‬
‫وعْن َد أَمَحَد من حديث مسروق عن َعائِ َش ة ‪ :‬آمنت يب إذ كفر يب النَّاس وصدقتين إذ كذبين‬ ‫َ‬
‫النَّاس وواستين إذ حرمين النَّاس ورزقين اهلل ولدها إذ حرمين أوالد النساء و َك ا َن مَجِ يع أوالده‬
‫السالم منها عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية وتوفيت خدجية قبل اهلجرة بثالث سنني‬ ‫َعلَْي ِه َّ‬
‫وحزن َعلَْي َها ‪ ‬حزناً‬

‫‪425‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫شديداً ملا َك ا َن هلا من األعمال النبيلة والوفاء التام والتأييد له وتثبيته وملا هلا من آراء سديدة‬
‫‪.‬‬
‫ومنها القاسم الَّ ِذي َك ا َن يكين به وس ائر ول ده إب راهيم وبوفاهتا انطفأ مص باح منري وع ون كبري ليتمثل النس اء بأعماهلا يف حسن الوف اء‬
‫ول املتنيب ‪:‬‬
‫الر َجال ويف مثلها وأشباهها لو َيو َج َد حسن التمثل َي ُق ُ‬
‫واإلخالص والصدق والرب فإهنا امرأة ولكنها خَرْي من آالف ِّ‬
‫الر َج ِال )‬
‫ِّساءُ َعلَى ِّ‬ ‫لَُف ِّ ِ‬
‫ضلَت الن َ‬ ‫( َولَْو َكا َن النِ َساءُ َك َم ْن َفَق ْدنَا‬
‫وهلَ َذا استحقت أجر العاملني وثواب املخلصني وجاءهتا البشارة من رب السماء علي لسان‬
‫اهلل هذه خدجية قَ ْد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب‬ ‫ول ِ‬ ‫جربيل األمني قائالً " يَا َر ُس َ‬
‫ك ِعْن َد َما َك ا َن ‪ ‬يف غار حراء فإذا ِه َي أتتك فا َقَرأَ َعلَْي َها َّ‬
‫الس الم‬ ‫ِ‬
‫شك من الراوي " َو َذل َ‬
‫من رهبا ومين وبشرها ببيت يف اجْلَنَّة من قصب ال صخب فيه وال نصب "‬
‫السالم ورمحة اهلل وبركاته ‪.‬‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل َّ‬ ‫ك يَا َر ُس َ‬
‫وعلَْي َ‬
‫السالم َ‬
‫السالم وعلي جربيل َّ‬
‫السالم ومنه َّ‬
‫ت ُه َو َّ‬
‫ف َقالَ ْ‬
‫ِعَنايةُ ِ‬
‫اهلل َر ْغ َم ال َف ْق ِر واليُتُ ِم‬ ‫َت َخ ِديجةُ إِنْسانَاً تُ ِ‬
‫صاحبُهُ‬
‫َ‬ ‫َرأ ْ ْ َ َ َ‬
‫الم ْخَت ُار ِّ‬ ‫ِ‬
‫بالذَم ِم‬ ‫صطََفى ُ‬ ‫الم ْ‬‫َ(وف َّي لَ َها ُ‬ ‫صطََفى َز ْوجاً لَ َها ولََق ْد‬ ‫الم ْ‬‫ت ُ‬ ‫فا ْخَت َار ْ‬
‫استِ َجابَتِ َها ِفي الَ َو ِفي َن َع ِم‬ ‫ِ‬ ‫ضائِلَ َها‬‫ُيثْنِ ْي َعلَْي َها والَ َيْن َسى فَ َ‬
‫مثْ ُل ْ‬
‫س ِفي الن ِ‬
‫َّج ِم‬ ‫الش ْم ِ‬
‫ور َّ‬ ‫أَتَ ِ‬ ‫أَو ًَال ًَُد ُه غَير إِب ِ‬
‫راهْي َم ِستَُّت ُه ْم‬
‫وه مْن َها َونُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ْ‬
‫ضانَا‬ ‫فَ َسَّرنَا َما َس ِم ْعَن ُاه َوأ َْر َ‬ ‫ت‬ ‫سَن ْ‬ ‫آخر‪ :‬لََق ْد س ِمعَنا بأَو ٍ‬
‫صاف لَ ُك ْم َح ُ‬ ‫َ ْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫(واأل ْذ ُن َت ْعش ُق َقْب َل َ‬
‫العْي ِن أ ْ‬
‫َحَيانَا‬ ‫ِم ْن َقْب ِل ُر ْؤيَتِ ُك ْم نلََنا َم َحبََّت ُك ْم‬
‫" موعظة "‬
‫الصالة َع ِظيم جداً يف ديننا معشر املسلمني ويف ُك ّل دين وأسرارها العظيمة‬ ‫اهلل إن شأن َّ‬ ‫ِعباد ِ‬
‫ََ‬
‫وبركاهتا العميمة وفوائدها الكثرية ال ختفي علي كثري من الْ ُم ْؤ ِمنِني ‪.‬‬
‫الص الة جمرد أقوال يلوكها اللسان وحركات تؤديها اجلوارح بال تدبر من عقل وال‬ ‫ت َّ‬ ‫ولَْي َس ْ‬
‫ت تلك اليت ينقرها ص احبها نقر الديكة وخيطفها خطف‬ ‫تفهم وال خش وع من قلب لَْي َس ْ‬
‫الغ راب ومير هبا مر الس حاب ك أن وراءه ط الب ح ثيث ويلتفت فيها التف ات الثعلب ميين اً‬
‫ومشاالً وفوقاً وحتتاً ‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فالص الة املقامة متام اً ِه َي اليت تأخذ حقها من التأمل واخلش ية واخلض وع والس كون‬ ‫كال َّ‬
‫واستحضار عظمة املعبود جل جالله ‪.‬‬
‫الص الة وس ائر العب ادات ُه َو ت ذكري ا ِإلنْ َس ان بربه األعلى الَّ ِذي خلق‬‫ك أن القصد من َّ‬ ‫ِ‬
‫َوذَل َ‬
‫فسوي والَّ ِذي قدر فهدي ‪.‬‬
‫مِح‬
‫والص الة صلة بني الْ َعْبد وربه تقوي هبا حمبة الْ َعْبد لربه ُكلَّما تكررت قال ابن القيم َر َهُ اهللُ‬
‫َّ‬
‫فإن احملب يتلذذ خبدمة حمبوبه وتصرفه يف طاعته و ُكلَّما كانت احملبة أقوي كانت لذة الطاعة‬
‫واخلدمة أكمل فليزن الْ َعْبد إميانه وحمبته هبَ َذا امليزان ولينظر هل ُه َو ملتذ خبدمة حمبوبه أو‬

‫‪427‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فه َذا حمك إميان الْ َعْبد وحمبته هلل ‪.‬‬‫متكره هلا يأيت هبا علي السآمة وامللل والكراهة َ‬
‫الص الة فأمحل هم خروجي منها ويضيق صدري إذا فرغت‬ ‫الس لَف إين أدخل يف َّ‬‫قال بعض َّ‬
‫الص الة ومن كانت قرة عينه يف‬ ‫ألين خارج منها وهلَ َذا قال النيب ‪ ‬وجعلت قرت عيين يف َّ‬
‫َش ْيء فإنه ال يود أن يفارقه وال خيََر َج منه فإن قرة عني الْ َعْبد نعيمه وطيب َحيَاتهُ به‬
‫الس لَف إين ألف رح بالليل حني يقبل ملا تتل ذذ به عيشيت وتقر به عيين من مناج اة‬ ‫ال بعض َّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َّه َار عن‬ ‫من أحب وخل ويت خبدمته والت ذلل بني يديه واغتم للفجر إذا طلع ملا اش تغل به الن َ‬
‫ك فال َش ْيء ألذ للمحب من خدمة حمبوبه وطاعته أين َه ُؤالَِء ممن ل ذهتم وأنس هم َعْن َد‬ ‫ذَل َ‬
‫ِ‬
‫املنكرات ‪.‬‬
‫بالص الة عش رين سنة مُثَّ تنعمت هبا عش رين سنة وهذه اللذة والتنعم‬ ‫ضهم تعذبت َّ‬ ‫ال َب ْع ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫باخلدمة إمنا حتصل باملصابرة علي التكره والتعب أوالً فإذا صرب َعلَْي ِه وصدق يف صربه أفضي‬
‫به إيل هذه اللذة ‪.‬‬
‫ال أبو زيد س قت نفسي إيل اهلل وهي تبكي فما زلت أس وقها حىت انس اقت إليه وهي‬ ‫َوقَ َ‬
‫تضحك أ هـ ‪.‬‬
‫الصالة لذكري "‬‫ال اهلل َت َعاىَل " وأقم َّ‬‫َوقَ َ‬
‫الص الة وأمر ب احلج وأش عرت املناسك إلقامة ذكر اهلل رواه أبو داود‬ ‫ال ‪ ‬إمنا فرضت َّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اج َد اللّ ِه َم ْن َآم َن بِاللّ ِه َوالَْي ْوم‬‫وهل َذا ك انت عن وان علي الفالح ق ال َتع اىَل " إمنا يعم ر مس ِ‬
‫َْ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اآلخ ِر َوأَقَ َام َّ‬
‫الصالة "‬

‫‪428‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال ‪ « : ‬إذا رأيتم الرجل يعتاد املسجد فاشهدوا له‬ ‫بالص الة والقربات َوقَ َ‬ ‫واملراد بعمارهتا َّ‬
‫اج َد اللّ ِه َم ْن َآم َن بِاللّ ِه َوالَْي ْوم األخ ِر َوأَقَ َام‬ ‫ول ‪ ﴿ :‬إمنا يعم ر مس ِ‬ ‫با ِإلميَ ان » ‪ .‬ف إن اهلل َي ُق ُ‬
‫َْ ُ ُ َ َ‬
‫الصالة ﴾ ‪.‬‬
‫َّ‬
‫الص الة يف الق رآن يف مواضع كث رية وأثين َج َّل َو َعال علي املقيمني هلا واحملافظني‬ ‫وج اءَ ذكر َّ‬ ‫َ‬
‫الس الم أنه يسأل ربه أن‬ ‫َعلَْي َها وأخرب أهنا تنهي عن الفحشاء والْ ُمْن َكر ومن دعاء اخلليل َعلَْي ِه َّ‬
‫الصالة َو ِمن ذُِّريَّيِت ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يم َّ‬ ‫اج َع ْليِن ُمق َ‬‫ب ْ‬ ‫جيعله مقيماً هلا قال َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬ر ِّ‬
‫ند َربِِّه َم ْر ِض يّاً ﴾‬
‫الز َك اة َو َك ا َن ِع َ‬‫الص الة َو َّ‬‫ومدح هبا إمساعيل قال َت َعاىَل ﴿ َو َك ا َن يَأْ ُم ُر أ َْهلَ هُ بِ َّ‬
‫وأمر َج َّل َو َعال موسى بإقامتها أول ما ي أمره به يف س اعات ال وحي األويل ق ال َت َع اىَل ‪﴿ :‬‬
‫الص الة لِ ِذ ْك ِري ﴾‬ ‫اعبُ ْديِن َوأَقِ ِم َّ‬ ‫وحي * إِنَّيِن أَنَا اللَّهُ اَل آله إِال أَنَا فَ ْ‬
‫وأنَا اخترتُك فَ ِ ِ‬
‫استَم ْع ل َما يُ َ‬
‫َ َْْ َ ْ‬
‫الصالة ﴾ ‪.‬‬ ‫يمواْ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ مِبِ‬
‫اج َعلُواْ بُيُوتَ ُك ْم قْبلَةً َوأَق ُ‬
‫صَر بُيُوتًا َو ْ‬ ‫ال له وهلارون ﴿ أَن َتَب َّوءَا ل َق ْوم ُك َما ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الص الة وأمر باملعروف وانه عن الْ ُمْن َك ر‪ ...‬اآلية وينطق اهلل‬ ‫ويف وصية لقمان البنه يا بين أقم َّ‬
‫ت َحيّاً ﴾‬ ‫الز َكاة َما ُد ْم ُ‬ ‫الصالة َو َّ‬‫صايِن بِ َّ‬ ‫ول " َوأ َْو َ‬
‫عيسي َو ُه َو يف مهده َفَي ُق ُ‬
‫اب‬ ‫إليك ِمن الْ ِكتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول َج َّل َو َعال ﴿ اتْ ُل َما أُوح َي َ َ‬ ‫ويأمر اهلل هبا صفوة خلقه وخامت أنبيائه َفَي ُق ُ‬
‫الص الة و ْ رِب‬
‫اص طَ ْ‬ ‫ك ب َّ َ‬
‫ول ج َّل و َعال وتق دس ﴿ وأْم ر أ َْهلَ َ ِ‬
‫َُْ‬ ‫الص الة " َو َي ُق ُ َ َ‬ ‫َوأَقِ ِم َّ‬
‫الص الة إِ َّن َّ‬
‫َعلَْي َها ﴾ ‪.‬‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويبتدؤ هبا أوصاف الْ ُم ْؤ ِمنِني وخيتم هبا َفَي ُق ُ‬
‫ول ُس ْب َحانَهُ وتعايل " قَ ْد أَْفلَ َح الْ ُم ْؤمنُ و َن ‪ ،‬الذ َ‬
‫ين‬
‫َّ ِ‬ ‫هِتِ ِ‬
‫ين‬
‫صاَل ْم َخاشعُو َن " اآليات إيل قوله ﴿ َوالذ َ‬ ‫ُه ْم يِف َ‬

‫‪429‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صلَ َواهِتِ ْم حُيَافِظُو َن ﴾‬


‫ُه ْم َعلَي َ‬
‫ويؤكد احملافظة َعلَْي َها حض راً وس فراً ويف األمن واخلوف والس لم واحلرب ﴿ َح افِظُواْ َعلَي‬
‫ني ‪ ،‬فَإ ْن ِخ ْفتُ ْم فَ ِر َجاالً أ َْو ُر ْكبَانَاً ﴾‬‫والصالة الْوسطَي وقُ ِ ِ ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ومواْ للّه قَانت َ‬
‫الصلَ َوات َّ ُ ْ َ ُ‬
‫الص الة واتبعوا الشهوات أن عاقبة أعماهلم وسوء ماهلم شر‬ ‫وأخرب َج َّل َو َعال عمن أضاعوا َّ‬
‫الصالة واتَّبعوا الشَّهو ِ‬ ‫ِِ‬
‫ف َي ْل َق ْو َن‬
‫ات فَ َس ْو َ‬ ‫ََ‬ ‫َضاعُوا َّ َ َ ُ‬ ‫فأ َ‬‫ف ِمن َب ْعده ْم َخ ْل ٌ‬‫ال ﴿ فَ َخلَ َ‬ ‫وخسران َف َق َ‬
‫َغيّاً ﴾‬
‫ال بني الرجل وبني الكفر ت رك‬ ‫وجعلها النَّيِب ّ ‪ ‬الش عار الفاصل بني املس لم والك افر َف َق َ‬
‫الص الة فمن تركها ف َق ْد كفر ويف احْلَ ِديث اآلخر من‬ ‫ال العهد الَّ ِذي بيننا وبينهم َّ‬ ‫الص الة َوقَ َ‬
‫َّ‬
‫والس الم من فاتته‬ ‫الص الة َّ‬ ‫ال َعلَْي ِه َّ‬ ‫الص الة متعم داً ف َق ْد ب رئت منه ذمة اهلل ورس وله َوقَ َ‬ ‫ت رك َّ‬
‫صالة فكأمنا وتر أهله وماله ‪.‬‬
‫ك وضعه يف قربه متجه اً‬ ‫ِ‬
‫احملتض ِر َو ُه َو يف سكرات املوت إيل القبلة و َك َذل َ‬ ‫ومِم َّا يدل علي عظم شأن َّ‬
‫الصالة َم َع تقدم اهتمام املسلمني بتوجيه َ‬
‫إيل القبلة وما ذاك إِال أهنا اجلهة اليت يتجه إليها ُكلَّما أراد أن يتعرف إيل ربه ويدعوه وجيدد الصلة بينه وبني ربه يف َّ‬
‫الصالة ‪.‬‬
‫ض َعَلى ُك ِّل ُم ْهَت ِد‬ ‫الَ َك ُد َم ْف ُر ْو ِ‬ ‫س َح ِاف ْظ فَِإّن َها‬ ‫َعَلى الصل ِ‬
‫ْوات ال َخ ْم ِ‬ ‫َ‬
‫ب ِفي َغ ِد‬ ‫ص ِة ِفي َتر ِك َها لِم َكلَّ ٍ‬
‫اس ُ‬
‫وأ َْو ُل َما َعْنهُ يُ َح َ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫فَالَ ُر ْخ َ‬
‫فرعو َن مع َهاما َن ِفي َش ِر مو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫رد‬ ‫َْ‬ ‫بِ َ َ َ َ‬ ‫المَرءُ َق ْرنَهُ‬ ‫ب َ‬ ‫بإه َمال َها يَ ْسَتوج ُ‬
‫ت َحتَّى َك َّل َع ْن نُط ِْق ِم ْذ َو ِد‬ ‫لَ َدى المو ِ‬
‫َْ‬ ‫بالصالَِة نَبُِّيَنا‬
‫وص ْي َّ‬ ‫وم َاز َال ي ِ‬
‫ََ ُ‬
‫اللَّ ُه َّم اهنج بنا مناهج املفلحني وألبسنا خلَع ا ِإلميَان واليقني ‪ ،‬وخصنا منك بالت َّْوفِيق املبني ‪،‬‬
‫اط ِل وابتدعه ‪ ،‬وكن لنا مؤي داً وال جتعل لف اجر‬ ‫ووفقنا لق ول احلق وإتباعه وخلص نا ِمن الْب ِ‬
‫َ َ‬
‫َعلَْينَا يداً واجعل لنا عيشاً رغداً وال‬

‫‪430‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫تش مت بنا ع دواً وال حاس داً ‪ ،‬وارزقنا ِعلم اً نافع اً وعمالً متقبالً ‪ ،‬وفهم اً ذكي اً ص فياً‬
‫ني ‪،‬‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وش فاءً من ُك ّل داء ‪َ ،‬وا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع املس لمني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫وصلي اهلل علي حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ك أن تعتين هبا وجتتهد يف ُك ّل ما يص لحها ويكملها جتتهد أوالً يف‬ ‫ِ‬
‫فعلَْي َ‬
‫ك َ‬ ‫إذا فهمت َذل َ‬
‫ك أوالً باالسترباء من البول والغائط بأن‬ ‫فعلَْي َ‬
‫الطهارة والنظافة يف جسمك وثوبك وموضع َ‬
‫تتأين قليالً حىت خيََر َج البول كله بدون نرت ‪.‬‬
‫وهو دفع بقيت البول وبدون مصر للذكر فإن الْ َع َمل حيدث السلس وتغسل حمل الغائط حىت‬
‫يعود احملل كما قبل التغوط خال من آث ار النجاسة ولزوجتها لئال تَ ُك ون حامالً للنجاسة يف‬
‫صالتك فتبطل ‪.‬‬
‫مُثَّ َعْن َد الوض وء تزيل ما مينع وص ول املاء إيل البش رة من م رهم أو وازلني أو دهن علي غري‬
‫جرح يضره املاء وتتف َق ْد َعْن َد الوضوء أمخص القدمني والعقب َو ُه َو مؤخر القدم وأعلي اجلبة‬
‫وما حول املرافق ‪.‬‬
‫ويف الغسل صماخ األذنني وطي الركبتني وما حتت الشعور واإلبط والسرة وما بني األصابع‬
‫أصابع الرجلني واألظافر إن كانت طواِالً ومتنع املاء ويضرك قصها وإِال فتقصها مُثَّ بعد تنتبه‬
‫هلذه الدقائق ‪.‬‬
‫الص الة َعْن َد‬
‫وتَ ُكون حمسناً للوضوء وتسعي يف تفقد ما يفسدها أو ينقصها كما تراه يف فعل َّ‬
‫بعض النَّاس تري عنده من العبث واحلركة والتلفت ما جيعلك يف شك منه هل ُه َو يف صالة‬
‫أم ال فتج ده أحيانَ اً ينظر س اعته وأحيانَ اً يص لح غرتته وأحيانَ اً يواسي ثوبه ويطالعه وأحيانَ اً‬
‫خفه ‪ ،‬ويف ركوعه وسجوده ما يدهشك ‪.‬‬ ‫يعبث يف حمل حليته وأحيانَاً يف أنفه أو عينه ويف ِ‬

‫‪431‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ك فَانْظُْر بعد ما تسلم إيل الذ َ‬ ‫ولعلك تظن أن َه َذا مبالغة ولكن إذا أردت الوقوف علي َذل َ‬
‫ك النَّاس يف َغ ْفلَة وسهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َع َذل َ‬
‫يكلمون وإيل من يصلي وحده وعلي ُك ّل حال األ َْمر َعظيم َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عن ذَل َ‬
‫الص الة فيفهم ق در تركها من ح ديث املس يء يف ص الته الَّ ِذي رواه أبو‬ ‫وأما الطُّ َمأْنِينَة يف َّ‬
‫هري رة َر ِض َي اهللُ َعْن هُ أن رجالً دخل املس جد ورس ول اهلل ‪ ‬ج الس يف ناحية املس جد‬
‫الس الم ارجع فصل فإنك مل‬ ‫ك َّ‬ ‫وعلَْي َ‬
‫ال له ‪َ ‬‬ ‫فص لي مُثَّ َج اءَ إيل النَّيِب ّ ‪ ‬فس لم َعلَْي ِه َف َق َ‬
‫تصل ‪.‬‬
‫الس الم فارجع فصل فإنك مل تصل فصلي مُثَّ َج اءَ فسلم‬ ‫ك َّ‬ ‫وعلَْي َ‬
‫ال َ‬
‫فصلي مُثَّ َج اءَ فسلم َف َق َ‬
‫ال " إذا قمت إيل‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل َف َق َ‬ ‫ال يف الثَّانِيَة أو يف اليت تليها علمين يَا َر ُس َ‬‫السالم َف َق َ‬
‫ك َّ‬ ‫وعلَْي َ‬‫ال َ‬ ‫َف َق َ‬
‫الصالة فأسب ِغ الوضوء "‬ ‫َّ‬
‫مُثَّ اس تقبل القبلة فكرِّب مُثَّ ا َق َرأَ ما تيسر معك من الق رآن مُثَّ اركع حىت تطمئن راكع اً مُثَّ ارفع‬
‫حىت تستوي قائم اً مُثَّ اسجد حىت تطمئن ساجداً مُثَّ ارفع حىت تطمئن جالس اً مُثَّ اسجد حىت‬
‫تطمئن ساجداً مُثَّ ارفع حىت تطمئن جالساًَ ‪.‬‬
‫ك يف ص التك ُكلّ َها رواه البخ اري ومس لم فتأمل قوله ‪ ‬ملن ت رك الطُّ َمأْنِينَة‬ ‫ِ‬
‫مُثَّ افعل َذل َ‬
‫الص الة‬‫ارجع فصل فإنك مل تصل فإن َه َذا نفي صريح يف أن الرجل وإن َك ا َن يفعل صورة َّ‬
‫يف رأي العني مل يأت حبَ ِقي َقة الصالة ‪.‬‬
‫ذلك تركه للطمأنينة فيها وهي ركن من أركاهنا إذاً فليطمئن الَّ ِذي يريد أن‬ ‫والَّذي جعله ك َ‬
‫ِ‬
‫يصدق َعلَْي ِه أنه صلي وليعلم أ َْهل السرعة والنقر‬

‫‪432‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك متاماً وليمرنوا أنفسهم علي التأين والرتيث والرفق حىت يعدوا يف فريق املصلني ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫الص الة سواء حكمهم مبقتضي قوله ‪ ‬للمستعجل‬ ‫وإن مل يطمئنوا فليعلموا أهنم هم وتارك َّ‬
‫ال أبو هري رة َر ِض َي اهللُ َعْن هُ أوص اين خليلي ‪‬‬
‫يف ص الته ارجع فصل فإنك مل تصل ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫الص الة ) وإقع اء كإقع اء‬
‫بثالث وهناين عن ثالث هناين عن نق رة كنق رة ال ديك ( العجلة يف َّ‬
‫الكلب ( وضع اإللية علي األرض ونصب الساقني ووضع اليدين علي األرض ) ‪.‬‬
‫ال ‪ ‬ال ي زال اهلل مقبالً علي الْ َعْبد يف ص الته ما مل يلتفت‬‫والتف ات كالتف ات الثعلب ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫الص الة ‪ ،‬إذا علمت‬
‫فإذا صرف وجهه انصرف َعْن هُ وهني ‪ ‬عن رفع البصر إيل السماء يف َّ‬
‫اح َذر من التفريط‬ ‫ِ‬
‫ك فابذل يا أخي ُك ّل ما يف وسعك من االجتهاد يف تكميل صالتك َو ْ‬ ‫َذل َ‬
‫فعلَْي َها مدار َع ِظيم ‪.‬‬
‫فيها َ‬
‫الص الة كثرية منها حضور الْ َق ْلب ومعناه أنك تفرغ قلبك عن الشواغل‬ ‫واملعاين اليت تتم هبا َّ‬
‫اليت تتعلق بال ُّد ْنيَا وزينتها متفهم اً ملا تتل وه أو تقوله أو تس معه إن كنت مأموم اً فتص رف‬
‫ذهنك ومهتك إيل إدراك املعين بدفع اخلواطر الشاغلة وقطع موادها فإن املواد إذا مل تنقطع مل‬
‫السم َع والبصر ‪.‬‬
‫تنصرف اخلواطر واهلواجس َعْن َها واملواد إما ظاهرة وهي ما يشغل َ‬
‫وإما باطنة وهي أشد كمن تش بعت به اهلم وم يف أودية ال ُّد ْنيَا فإنه ال ينحصر فك ره يف فن‬
‫كاف يف االشتغال به ‪.‬‬‫واحد ومل يغنه غض البصر ألن ما وقع يف الْ َق ْلب ٍ‬

‫‪433‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والسم َع َو ُه َو القرب من القبلة‬ ‫ك إن َكا َن من املواد الظاهرة بقطع ما يشغل البصر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وعالج َذل َ‬
‫ك مِم َّا‬ ‫ِ‬
‫الص الة عما فيه نق وش أو تطريز أو حنو َذل َ‬ ‫والنظر إيل موضع الس جود واالبتع اد يف َّ‬
‫ال (( إهنا أهلتين‬ ‫يلهي ويش غل الْ َق ْلب ف إن النَّيِب ّ ‪ ‬ص لي يف أنبجانية فيها أعالم ونزعها َوقَ َ‬
‫آنفاً عن صاليت )) ‪.‬‬
‫الص الة ويشغلها‬ ‫وإن َكا َن من املواد الباطنة فطَ ِريق عالجه أن يرد النفس قهراً إيل ما ي َق َرأَ يف َّ‬
‫ِ‬
‫الصالة بأن يقضي أشغاله وجيتهد علي تفريغ َق ْلبهُ‬ ‫ك قبل الدخول يف َّ‬ ‫به عن غريه ويستعد ل َذل َ‬
‫عن اهلواجس وجيدد علي َن ْفس هُ ذكر اآلخ رة وخطر القي ام بني ي دي اهلل َع َّز َو َج َّل وه ول‬
‫املطلع ‪.‬‬
‫ك فليعلم أنه إمنا يتفكر فيما أمهه واش تهاه وناسب هلوه‬ ‫ِ‬
‫ف إن مل ت ذهب وتس كن األفك ار ب َذل َ‬
‫فليرتك تلك الشهوات وليقطع تلك العالئق ‪.‬‬
‫واعلَ ْم أن العلة واملرض ميت تكمن ال ينفع فيه إِال ال دواء الق وي والعلة إذا ق ويت ج اذبت‬ ‫ْ‬
‫ك كمثل رجل حتت شجرة أراد أن‬ ‫ِ‬
‫الصالة يف اجملاذبة ومثل َذل َ‬
‫املصلي وجاذهبا إيل أن تقضي َّ‬
‫يصفو له فكره أو أراد أن ينام وكانت هذه الشجرة مأوي للعصافري تقع َعلَْي َها وتشوش َعلَْي ِه‬
‫بأصواهتا وحركاهتا ويف يده عصا يطردها به فما يستقر فكره حىت تعود العصافري فيشتغل هبا‬
‫‪.‬‬
‫ك ف اقطع الش جرة‬ ‫مِم‬
‫فقيل له َه َذا َش ْيء ي دوم ال ينقطع ف إن أردت اخلالص َّا ش وش َعلَْي َ‬
‫ك ش جرة الش هوة وحب ال ُّد ْنيَا إذا ارتفعت وتف رقت أغص اهنا اجنذبت إليها األفك ار‬ ‫ِ‬
‫ف َك َذل َ‬
‫ف ذهب العمر النفيس يف دفع ما ال ين دفع والس بب الوحيد حب ال ُّد ْنيَا فهو الَّ ِذي جيذب‬
‫األفك ار ويول دها وينميها فعلي العاقل أن جيتهد يف قلع حبها َو ُه َو ص عب ج داً علي أك ثر‬
‫اخللق ‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال‬‫بالص الة اعتن اءً عظيم اً ويتل ذذون هبا وحيزنون النقض ائها َوقَ َ‬ ‫الس لَف يعتنون َّ‬ ‫وهلَ َذا َك ا َن َّ‬
‫الص الة ويف الق رآن ويف ذكر اهلل ف إن وج دمت‬ ‫هم تفق دوا قل وبكم يف ثالثة مواضع يف َّ‬ ‫َب ْعض ْ‬
‫حالوة وإِال فالْبَاب مغلق ‪.‬‬
‫الص الة ك املكره ب َدلِيل أنه إذا ت أخر اإلم ام ولو‬ ‫ومن املؤسف أنك جتد كث رياً من النَّاس ي أيت َّ‬
‫الص الة وجتدهم يسرعون اخْلُُروج بعدها‬ ‫قليالً ضاقت صدورهم َم َع أنه يف صالة ما انتظروا َّ‬
‫خبالف اجمليء إليها ‪.‬‬
‫وجتدهم حيرص ون علي اإلم ام الَّ ِذي ينقرها َم َع أنه يف أم ور ال ُّد ْنيَا علي العكس إذا أراد‬
‫أح دهم أن ي ذهب إيل طبيب ليكشف َعلَْي ِه ح رص علي من يرتكد ويطمئن ويطيل الفحص‬
‫ويتقنه ولو بزيادة كثرية ملا يؤمله من النصح وإتقان الْ َع َمل ‪.‬‬
‫ك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك إذا أراد صنعه َش ْيء حرص علي البصري اخلبري املتقن ل َذل َ‬ ‫و َك َذل َ‬
‫الص الة فكما ذكرنا ما يهتم هلا وال يب ايل ويراها َعلَْي ِه أثقل من أحد ورض وي وهي‬ ‫أما يف َّ‬
‫عشر دق ائق أو أقل ولو وقف َم َع ص ديق له أو ق ريب أو زميل س اعة أو أك ثر وأراد التف رق‬
‫لقال ساعة احملب قصرية ألنسه به وتلذذه مبناجاته ‪.‬‬
‫وأما رب الع املني الَّ ِذي نعمه َعلَْي ِه ال تعد وال حتصي ف الوقوف أمامه طويل وإن َك ا َن قص رياً‬
‫ِِ‬ ‫الع ِظيم حيث َي ُق ُ‬
‫ني ﴾ فال ح ول وال ق وة‬ ‫ول ‪َ ﴿ :‬وإِن ََّها لَ َكبِ َريةٌ إِالَّ َعلَى اخْلَاش ع َ‬ ‫وص دق اهلل َ‬
‫الع ِظيم ﴿ إِنَّا لِلّ ِه َوإِنَّـا إِلَْي ِه َر ِاجعو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إِال بِاهلل العلي َ‬
‫ِ‬
‫ش ْعراً ‪:‬‬
‫ِفي صور ِة الرج ِل السميِ ِع المْب ِ‬
‫ص ِر‬ ‫كصِ‬ ‫وِمن ِ ِ‬
‫ُ َ َ ُ َْ ُ‬ ‫احَباً‬ ‫البليَّة أَ ْن َتَرى لَ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اب بِ ِديْنِ ِه لَ ْم يَ ْش ُع ِر‬
‫ص ُ‬‫َوإِ َذا يُ َ‬ ‫صْيَب ٍة ِفي َمالِِه‬
‫ِف ِطن بِ ُك ِّل م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(‬ ‫(‬

‫‪435‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّاس ُمَت َم ِك ْن ُحُّب َها‬


‫وب الن ِ‬ ‫ب ُقلُ ِ‬ ‫َن ُّ‬
‫الدْنَيا‬ ‫آخر‪ِ :‬في أ َّ‬
‫العظَائِ ُم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(َأمان ٌي مْن َها ُد ْوَن ُه َّن َ‬ ‫الس َهى‬
‫وم َع ُّ‬
‫والمْنَت َهى َ‬
‫الم ْشَت َهى ُ‬ ‫(ه َي ُ‬
‫(َعَلْي َها وإِالَّ ِفي ُّ‬
‫الص ُد ْو ِر َس َخائِ ُم‬ ‫ِ‬
‫َولَ ْم َت ْلَقَنا ِإالَّ وفْيَنا تَ َح ُ‬
‫اس ٌد‬
‫َواهللُ أ َْعلَ ُم وصلي اهلل علي حُمَ َّمد وآله وسلم ‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫وإليك مناذج من حلمه ف َق ْد أراد م رة أن يعلم أص حابه احللم واألن اة والت ؤدة وض بط النفس‬
‫فروي أن أعرابي اً َج اءَ َي ْو ًم اً يطلب من النَّيِب ّ ‪َ ‬ش ْيئاً فأعطاه ‪ ‬مُثَّ قال له أحسنت إليك‬
‫ق ال األع رايب وال أمجلت فغضب املس لمون وق اموا إليه فأش ار إليهم أن كف وا مُثَّ ق ام ‪‬‬
‫ودخل منزله فأرسل إليه وزاده َش ْيئاً مُثَّ ق ال له أحس نت إليك ق ال نعم فج زاك اهلل من أ َْهل‬
‫وعشرية خرياً ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك َش ْيء ف ان أحببت فقل‬ ‫ت آنف اً ويف نفس أص حايب من ذَل َ‬ ‫ال النَّيِب ّ ‪ ‬إنك ُق ْل ُ‬
‫ت ما ُق ْل ُ‬ ‫َف َق َ‬
‫يِب‬
‫ال له النَّ ّ‬‫ك ق ال نعم َفلَ َّما َك ا َن الغد َج اءَ َف َق َ‬‫بني أي ديهم حىت ي ذهب ما يف ص دورهم َعلَْي َ‬
‫ك قال نعم فجزاك اهلل من أ َْهل‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬إن َه َذا األعرايب قال ما قال فزدناه فزعم أنه رضي أ َك َذل َ‬
‫وعشرية خرياً ‪.‬‬
‫ال رس ول اهلل ‪ ‬مثلي ومثل َه َذا وكمثل رجل له ناقة ش ردت َعلَْي ِه فاتبعها النَّاس فلم‬ ‫َف َق َ‬
‫ال هلُ ْم خلوا بيين وبني ناقيت فإين أرفق هبا منكم وأعلم‬ ‫يزيدوها إِال نفوراً فناداهم صاحبها َف َق َ‬
‫فتوجه هلا بني ي ديها فأخذ من قم ام األرض فردها حيت ج اءت واس تناخت وشد َعلَْي َها‬
‫رحلها واستوي َعلَْي َها وإين لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار ‪.‬‬
‫اهلل َر ِض َي اهللُ َعْن ُه َما أنه ‪َ ‬ك ا َن يقبض للن اس ي وم‬ ‫ك ما ورد عن ج ابر بن عبد ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ومن ذَل َ‬
‫ال أال أض رب عنقه‬ ‫اهلل أع دل فق ام عمر َف َق َ‬ ‫ال رجل يا نَيِب ِ‬ ‫ح نني من فضة يف ث وب بالل َف َق َ‬
‫ّ‬
‫ال معاذ اهلل أن يتحدث النَّاس أين‬ ‫فإنه منافق َف َق َ‬

‫‪436‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أقتل أصحايب " ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬


‫وعلَْي ِه برد جنراين غليظ‬ ‫ِ‬
‫ك ما ورد عن أنس بن مالك قال كنت أمشي َم َع النَّيِب ّ ‪َ ‬‬ ‫ومن َذل َ‬
‫احلاش ية فأدركه أع رايب فجب ذه بردائه جب ذة ش ديدة فنظر إيل ص فحة ع اتق النَّيِب ّ ‪ ‬وقَ ْد‬
‫أثرت هبا حاشية الربد من شدة اجلبذة مُثَّ قال يا حُمَ َّمد مر يل من مال اهلل الَّ ِذي عندك فالتفت‬
‫إليه فضحك مُثَّ أمر له بعطاء متفق َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫ك ما ورد عن أَيِب ُهَر ْي َر ِة رضي اهلل ق ال كنا إذا ص حبنا رس ول اهلل ‪ ‬يف س فر‬ ‫ِ‬
‫ومن َذل َ‬
‫تركنا له أعظم شجرة وأظلها فينزل حتتها فنزل ذات يوم حتت شجرة وعلق سيفه فيها فَ َج اءَ‬
‫ال رسول اهلل ‪ ‬اهلل مينعين منك ضع السيف فوضعه‬ ‫ال يا حُمَ َّمد من مينعك مين َف َق َ‬
‫أعرايب َف َق َ‬
‫‪ ،‬ومل يعاقبه ‪. ‬‬
‫وورد أنه ‪َ ‬ك ا َن يقسم متراً يف عرجونه يف ي وم ش ديد احلر فهجم َعلَْي ِه أع رايب فض ايقه‬
‫ال له خذ فاقتص‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل َف َق َ‬ ‫ال له الرجل أتضربين يَا َر ُس َ‬‫فضربه رسول اهلل ‪ ‬بعرجونه َف َق َ‬
‫اهلل ‪ ،‬فَانْظُْر إيل عفوه ‪ ‬عن الرجل الَّ ِذي أراد قتله فإنه لفت‬ ‫ول ِ‬‫ال له بل عفوت يَا َر ُس َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ال هّلُ ْم جئتكم‬‫ك ذهب الرجل إيل قومه َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫بعف وه نظر الرجل إيل مك ارم أخالقه ‪ ‬ول َذل َ‬
‫من َعْن َد خَرْي النَّاس ‪.‬‬
‫ك من ت وجيههم إىل النظر يف تعاليمه والبحث فيما ج اءهم به من َعْن َد رهبم ما قَ ْد‬ ‫ِ‬
‫ويف َذل َ‬
‫يكون سبباً يف إسالمهم وهدايتهم وهذه ِه َي النتيجة اليت يسعي هلا ‪. ‬‬
‫اهلل بن سالم بإسناد رجاله ثقات‬ ‫ك ما أخرجه الطرباين عن عبد ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ومن َذل َ‬

‫‪437‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ات النبوة شيء إِال وقَ ْد عرفتها يف‬


‫عالم َ‬
‫قال ملا أراد اهلل هدي زيد بن سعنة قال زيد ‪ :‬ما من َ‬
‫وجه حُمَ َّمد حني نظرت إليه إِال اثنتني مل أخربمها منه يسبق حلمه جهله وال تزيده شدة اجلهل‬
‫َعلَْي ِه إِال حلماً ‪.‬‬

‫فخَر َج رسول اهلل ‪َ ‬ي ْوماً من احلجرات ومعه علي بن أيب طالب فأتاه رجل‬ ‫قال زيد َ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل يل نفر يف قرية بين فالن قَ ْد أس لموا ودخل وا يف‬ ‫ال يَا َر ُس َ‬
‫علي راحلته كالب دوي َف َق َ‬
‫اإلسالم َو ُكْنت قَ ْد حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغداً وقَ ْد ‪.‬‬

‫اهلل أن خيرجوا من اإلسالم طمع اً كما دخلوا فيه طمع اً فإن َرأَيْت‬ ‫ول ِ‬
‫فأنَا أخشي يَا َر ُس َ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ما‬ ‫ال يَا َر ُس َ‬‫بش ْيء تغيثهم به فعلت فنظر إيل رجل جبانبه أراه علياً َف َق َ‬ ‫أن ترسل إليهم َ‬
‫ت يا حُمَ َّمد هل لك أن تبيعين متراً معلوم اً يف‬ ‫بقي منه شيء قال زيد بن سعنة فدنوت إليه ف ُق ْل ُ‬
‫قلت نعم‬
‫حائط بين فالن إيل أجل معلوم إيل أجل َك َذا َو َك َذا قال ال تسمي حائط بين فالن ُ‬
‫فبايعين فأطلقت مهياين فأعطيته مثانني مثقاالً من ذهب يف متر معلوم إيل أجل َك َذا َو َك َذا‬
‫هم وأغثهم ‪.‬‬
‫ال اعدل َعلَْي ْ‬
‫فأعطاها الرجل َوقَ َ‬
‫قال زيد َفلَ َّما َك ا َن قبل حمل الرجل بيومني أو ثالث َخ َر َج رسول اهلل ‪ ‬ومعه أبو بكر‬
‫وعمر وعثمان يف نفر من أصحابه ‪.‬‬
‫َفلَ َّما ص لي علي اجلن ازة ودنا إيل اجلدار ليجلس إليه أتيته فأخ ذت مبج َام َع قميصه وردائه‬
‫اهلل ما علمت بين املطلب إِال‬ ‫ونظ رت إليه بوجه غليظ ُق ْلت يا حُم َّمد أال تقص يين حقي فو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫وعْينَ اهُ ت دوران يف وجهه كالفلك‬ ‫مطالً ولََق ْد َك ا َن مبخ الطتكم علم ‪ ،‬ونظ رت إيل عمر َ‬
‫املستدير ‪.‬‬

‫‪438‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل ‪ ‬ما أمسَ َع وتصنع به ما أري‬ ‫ول ِ‬‫ال ‪ :‬يا عدو اهلل أتقول لِرس ِ‬ ‫مُثَّ رماين ببصره َف َق َ‬
‫َُ‬
‫فوالَّ ِذي نفسي بي ده ل وال ما أح اذر فوته لض ربت بس يفي رأسك ورس ول اهلل ‪ ‬ينظر إيل‬
‫يف سكون وتؤده ‪.‬‬
‫ال ي اعمر أَنَا َو ُه َو كنا أح وج إيل غري َه َذا أن ت أمرين حبسن األداء وت أمره حبسن اتباعه‬ ‫َف َق َ‬
‫اذهب به يا عمر فأعطه حقه وزده عشرين صاعاً من متر م َك ا َن ما ُرعتَ هُ فال زيد فذهب يب‬
‫عمر فأعطاين حقي وزادين عشرين صاعاً من متر ‪.‬‬
‫ت ما ه ذه الزي ادة ياعمر ق ال أم رين رس ول اهلل ‪ ‬أن أزيدك م َك ا َن ما رعتك قال‬ ‫ف ُق ْل ُ‬
‫ت احلرب ق ال فما دع اك إيل أن‬ ‫ت أَنَا زيد بن س عنة ق ال احلرب ُق ْل ُ‬ ‫وتعرفين يا عمر ق ال ال ُق ْل ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت له ما ُق ْل ُ‬
‫فعلت برسويل ما فعلت و ُق ْل ُ‬
‫ات النبوة َشْيئاً إِال وقَ ْد عرفته يف وجه رسول اهلل ‪ ‬حني‬ ‫عالم َ‬
‫ت يا عم مل يكن من َ‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫نظ رت إليه إِال اثن تني مل أخربمها منه ‪ .‬يس بق حلمه جهله وال تزي ده ش دة اجلهل َعلَْي ِه إِال‬
‫حلماً ‪.‬‬
‫وقَ ْد اختربهتما أش هدك يا عم ر أين قَ ْد رض يت بِ ِ‬
‫اهلل رب اً وباإلس الم دين اً ومبُ َح َّمد نبي اً‬
‫ضهم‬
‫وأشهدك أن شطر مايل فإين أكثرها ماالً صدقة علي أمة حُمَ َّمد ‪ ‬قال عمر أو علي َب ْع ْ‬
‫ال زيد أشهد‬ ‫ضهم فرجع عمر وزيد إيل رسول اهلل ‪َ ‬ف َق َ‬ ‫ت أو علي َب ْع ْ‬ ‫فإنك ال تسعهم ُق ْل ُ‬
‫أن ال إله إِال اهلل وأشهد أن حممداً عبده ورسوله وآمن به وصدقة وبايعه وشهد معه مشاهد‬
‫كثرية ‪.‬‬
‫رحم اهللُ زي داً ‪ ،‬من ه ذه اآلث ار وما ي أيت بع دها‬ ‫ٍ‬
‫مُثَّ ت ويف يف غ زوة تب وك مقبالً غري م دبر – َ‬
‫يتبني لك كيف قام رسول اهلل ‪ ‬بالقسط وأقامه علي َن ْف ِ‬
‫سه‬

‫‪439‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك يف القمة العإلية اليت ال يصل إليها راق‬ ‫ِ‬


‫وأتباعه وأصحابه بال حماباة وال مداهنة ف َك ا َن يف َذل َ‬
‫يف تنفيذ أمر اهلل وتطبيقه علي الكبري والصغري والقوي والضعيف والشريف والوضيع والسيد‬
‫واملسود ‪.‬‬
‫ِ‬
‫اللَّ ُه َّم ارزقنا حبك وحب من حيبك وحب الْ َع َمل الَّذي يقربنا إيل حبك ‪ ،‬اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫ت إمياننا‬
‫ات‬
‫احملرم َ‬
‫ثب وت اجلب ال الراس يات ووفقنا للعمل بالباقي ات الص احلات واعص منا يا موالنَا عن َ‬
‫واملشتبهات واغفر لنا مَجِ يع اخلطايا والزالت وافتح لدعائنا باب القبول واإلجابات يا أجود‬
‫األجودين وأكرم األكرمني وصلَّى اهلل علَى حُم َّمد وعلَى آلِِه و ِ ِ‬
‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬

‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬

‫اهلل فإنه ‪ ‬مل يتماد يف غضبه‬ ‫ول ِ‬ ‫ك حلمه َم َع األعرايب الَّ ِذي قال له أتضربين يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ومن ذَل َ‬
‫ال لألعرايب خذ العرجون واقتص مين‬ ‫ومل يستنكر من األعرايب استفهامه الَّ ِذي فيه املطالبة َف َق َ‬
‫‪.‬‬
‫ولََق ْد بلغ من حلمه ‪ ‬أنه مل يضرب امرأة وال خادماً وملا قيل له َو ُه َو يف القتال لو لعنتهم‬
‫وعْن َد َما لقي ‪ ‬من قومه أشد ما لقي‬ ‫ال إمنا بعثت رمحة ومل أبعث لعانَ اً ِ‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل َف َق َ‬ ‫يَا َر ُس َ‬
‫ناداه ملك اجلبال وسلم َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫مُثَّ قال يا حُمَ َّمد إن اهلل مسَ َع قول قومك وأنَا ملك اجلبال وقد بعثين ربك إليك لتأمرين بأمرك‬
‫ال رس ول اهلل ‪ : ‬بل أرجو أن خيَ َر َج اهلل من‬ ‫هم األخش بني َف َق َ‬ ‫فما ش ئت أن أطبق َعلَْي ْ‬
‫أصالهبم من يعبد اهلل وحده ال يشرك به َشْيئاً ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫وملا أذاه املشركون يوم أحد وكسروا رباعيته وشجوا وجهه وشق َذل َ‬

‫‪440‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال إين مل أبعث لعانَ اً ولكن بعثت داعي اً ورمحة‬ ‫هم َف َق َ‬‫علي أص حابه َف َق الُوا لو دع وت َعلَْي ْ‬
‫اهد قومي فَِإن َُّه ْم ال يعلمون ‪.‬‬ ‫اللَّه َّم اغفر لقومي أو ِ‬
‫ُ‬
‫لش ْيء صنعته ‪ :‬مل صنعته‬ ‫ال أنس َر ِض َي اهللُ َعْن هُ خدمت النَّيِب ّ ‪ ‬عشر سنني فما قال َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ض َي ل َكا َن ‪.‬‬‫ول دعوه فلو قُ ِ‬‫لش ْيء مل أصنعه ملَ ملْ تصنعه و َكا َن إذا عاتبين بعض أهله َي ُق ُ‬ ‫وال َ‬
‫اهلل علي‬ ‫ول ِ‬ ‫ال رجل يَا َر ُس َ‬‫وقَ ْد روي أنه ‪َ ‬ك ا َن يف سفر وأمر أصحابه بإصالح ش ٍاة َف َق َ‬
‫مجع‬
‫ال رس ول اهلل ‪ ‬وعلي ُ‬ ‫ال آخر علي طبخها َف َق َ‬ ‫لخها َوقَ َ‬ ‫ال آخر علي س ُ‬ ‫ذحبها َوقَ َ‬
‫ال علمت أنكم تكفونين ولكن أك ره أن أمتيز‬ ‫اهلل نكفيك الْ َع َمل َف َق َ‬ ‫ول ِ‬ ‫احلطب َف َق الُوا يَا َر ُس َ‬
‫عليكم وإن اهلل ُس ْب َحانَهُ وتع ايل يك ره من عب ده أن ي راه متم يزاً بني أص حابه وقَ ْد َج اءَ وفد‬
‫ال أص حابه نكفيك ق ال إهنم َك انُوا ألص حابنا مك رمني وأنَا‬ ‫النجاشي فق ام ‪ ‬خيدمهم َف َق َ‬
‫أحب أن أكافئهم ‪.‬‬
‫ال اجلسي يف أي س كك الْ َم ِدينَة‬ ‫اجة َف َق َ‬
‫ت إن يل إليك َح َ‬ ‫وجاءته ام رأة يف عقلها َش ْيء ف َق الَ ْ‬
‫شئت أجلس إليك حىت أقضي حاجتك فخال معها يف بعض الطَ ِريق حىت فرعت من حاجتها‬
‫وجاءَ يف البخاري كانت األمةُ تأخذ بيد رسول اهلل ‪ ‬فتنطلق به حيث شاءت ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ودخل احلسن بن علي والنَّيِب ّ ‪ ‬يص لي ف ركب علي ظه ره َو ُه َو س اجد فأبطأ يف س جوده‬
‫حىت ن زل احلسن َفلَ َّما ف رغ ق ال له بعض أص حابه لََق ْد أطلت س جودك ق ال إن ابين ارحتلين‬
‫فكرهت أن أعجله ‪.‬‬
‫و َكا َن ‪ ‬يباسط أصحابه و َكا َن رجل يسمي زهرياً يهادي النَّيِب ّ ‪ ‬مبا‬

‫‪441‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يستطرف من موجود البادية و َك ا َن ‪ ‬يهاديه ويكافئه مبوجود احلاضرة ومبا يستطرف منها‬
‫ول زهري باديتنا وحَنْ ُن حاضرته ‪.‬‬ ‫و َكا َن ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ولََق ْد َجاءَ إيل السوق َي ْوماً َفو َج َد زهرياً قائماً من قبل ظهره وضمه بيده إيل صدره فأحس‬
‫رج اءَ الربكة من اهلل مُثَّ من‬ ‫الر ُس ول ‪ ‬فجعل ميسح ظه ره يف ص در النَّيِب ّ ‪َ ‬‬ ‫زهري أنه َّ‬
‫ال املصطفي‬ ‫ول من يشرتي الْ َعْبد قال زهريٌ إذاً جتدين كاسداً َف َق َ‬ ‫جسده ‪ ‬فجعل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫‪ ‬أَنْت َعْن َد اهلل ٍ‬
‫غال ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ول ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل امحلين‬ ‫ال يَا َر ُس َ‬ ‫ك أن رجالً ج اءه َف َق َ‬ ‫ول إِال حق اً فمن َذل َ‬ ‫و َك ا َن ‪ ‬ميزح وال َي ُق ُ‬
‫ال النَّيِب ّ ‪ ‬وحيك وهل‬ ‫ال ما عسي يغين عين ابن الناقة َف َق َ‬ ‫ك علي ابن الناقة َف َق َ‬ ‫ال أمَحَلَ َ‬
‫َف َق َ‬
‫يلد اجلمل إِال الناقة ‪.‬‬
‫ال يا أم فالن ال‬ ‫اهلل ادع اهلل يل أن ي دخلين اجْلَنَّة َف َق َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ت يَا َر ُس َ‬ ‫وجاءته م رة عج وز ف َق الَ ْ‬
‫ال أخربوها أهنا ال ت دخلها وهي عج وز إن اهلل َت َع اىَل‬ ‫ي دخل اجْلَنَّة عج وز ف ولت تبكي َف َق َ‬
‫اه َّن أَبْ َكاراً ﴾ ‪.‬‬ ‫اه َّن إِ َ‬
‫نشاءً * فَ َج َع ْلنَ ُ‬ ‫ول ‪ ﴿ :‬إِنَّا أ َ‬
‫َنشأْنَ ُ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ال له أبو عمري و َك ا َن له نغر (( طائر صغري )) يلعب به‬ ‫ك أن أنس اً َك ا َن له أخ يُ َق ُ‬ ‫ِ‬
‫ومن َذل َ‬
‫ال يا‬‫ات نغره َف َق َ‬ ‫ال ما شأنه قيل له َم َ‬ ‫ات فدخل علي النَّيِب ّ ‪ ‬ذات يوم َو ُه َو حزين َف َق َ‬ ‫فم َ‬‫َ‬
‫أبا عمري ما فعل النغري ‪.‬‬
‫و َك ا َن النَّيِب ّ ‪ ‬يك رم ك رمي ُك ّل ق وم ويوليه أم رهم ويقبل مع ذرة املعت ذر إليه وإليك قصة‬
‫ال َعلَْي ِه َّ‬
‫الص الة‬ ‫كعب بن زهري غضب كعب علي أخيه جبري حني أس لم وآمن ب النَّيِب ّ ‪َ ‬ف َق َ‬
‫والسالم من لقي منكم كعب بن زهري فليقتله ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ك وأن النَّيِب ّ ‪ ‬أه در دمه ف إن َك ا َن لك يف نفسك‬ ‫ِ‬
‫فكتب جبريُ إيل أخيه كعب خيربه ب َذل َ‬
‫اجة فصر إليه فإنه يقبل من َجاءَ تائباً وال يطالبه مبا عمل‬ ‫َح َ‬

‫‪442‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫قبل اإلسالم ‪.‬‬


‫ك فأش فق وخ اف علي َن ْفس ِه‬ ‫ِ‬
‫لكتَ اب كعب اً فر إيل قبيلته لتج ريه ف أبت َعلَْي ِه َذل َ‬ ‫َفلَ َّما بلغ اْ ِ‬
‫وأرجف به أع داؤه فق دم الْ َم ِدينَة ون زل علي علي بن أيب ط الب َر ِض َي اهللُ َعْن هُ ف أيت به إيل‬
‫ال َه َذا رسول اهلل ‪ ‬فقم إليه واستأمنه ‪.‬‬ ‫املسجد َوقَ َ‬
‫اهلل إن كعب‬ ‫ول ِ‬ ‫فسم َع كالمه وقام إليه حىت جلس بني يديه فوضع يده يف يده قائالً يَا َر ُس َ‬ ‫َ‬
‫ك إن أَنَا جئتك به ق ال نعم‬ ‫ِ‬
‫ت قابل منه َذل َ‬ ‫بن زهري قَ ْد َج اءَ يس تأمنك تائب اً مس لماً فهل أَنْ َ‬
‫ول ‪.‬‬
‫ول ما َي ُق ُ‬‫ال النَّيِب ّ ‪ ‬الَّ ِذي َي ُق ُ‬
‫قال أَنَا كعب بن زهري َف َق َ‬
‫ال له‬
‫اهلل دعين وع دو اهلل أض رب عنقه َف َق َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال يَا َر ُس َ‬
‫ووثب إليه رج ٌل من األنص ار َف َق َ‬
‫ك فإنه قَ ْد َج اءَ تائب اً نازع اً مُثَّ أخذ كعب يف إنش اء قص يدته املشهورة‬ ‫رس ول اهلل ‪ ‬دعه َعْن َ‬
‫وإرجاف الوشاة به ومطلعها ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ميدح فيها رسول اهلل ‪ ‬ويذكر خوفه‬

‫ُمَتيَّ ٌم إِْثَر َها لَ ْم ُي ْف َد َم ْكُب ْو ُل‬ ‫اد َفَق ْلبِ ْي الَْي ْو َم َمْتُب ْو ُل‬
‫ت ُس َع ُ‬
‫بَانَ ْ‬
‫(‬ ‫إيل أن بلغ ‪:‬‬
‫وف ِ‬
‫اهلل َم ْسلُْو ُل‬ ‫مهنَّ ٌد ِمن سي ِ‬ ‫ضاءُ بِِه‬
‫ول لَُن ْو ٌر يُ ْسَت َ‬ ‫إِ َّن َّ‬
‫الر ُس َ‬
‫ُ َ ْ ُُ‬
‫فرمي رسول اهلل ‪ ‬بردته الشريفة إليه وعفا َعْنهُ كما ِه َي عادته الكرمية‬

‫‪443‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫بش ْيء يكرهه لس عة ص دره وغ زارة عقله وش دة حيائه‬ ‫َح داً يف وجهه َ‬ ‫و َك ا َن ‪ ‬ال يواجه أ َ‬
‫و َكا َن ‪ ‬يأمر بالرفق وحيث َعلَْي ِه وينهي عن العنف ويبغضه ومل يكن فاحش اً وال متفحش اً‬
‫وال جيزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح اللَّ ُه َّم صل وسلم َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫و َك ا َن يزور ضعفاء املسلمني تلطف اً هِب ُ ْم وإيناس اً هلُ ْم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم سواء‬
‫ك َك ا َن خَرْي أسوة و َك ا َن ‪ ‬أصرب النَّاس علي ما يكون من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لشريف أو وضي ٍع وب َذل َ‬ ‫كانت‬
‫قبيح األفعال ِمْن ُه ْم وسوء سريهتم وقبيح سريرهتم ألن اهلل َت َعاىَل شرح صدره فاتسع ملا تضيق‬
‫منه صدورهم ‪.‬‬
‫و َك ا َن ‪ ‬كامالً يف قوة عقله وإدراكه وصحة قياسه الفكري وصدق ظنونه وصحة فهمه‬
‫وقوة حواسه مفطوراً علي الصرب والسكون واحلياء واملروءة والْ َم َو َّدة والرمحة واهلداية للخلق‬
‫وحب اخْلَرْي هلُ ْم وإعطاء احلكمة حقها يف سائر أموره ‪.‬‬
‫و َك ا َن ‪ ‬ذا سياسة ش ريفة ومع ارف منيفة ونظر ث اقب ورأي ص ائب وح دس موافق‬
‫َخالق حمم ودة دينه اإلس الم وخلقه الق رآن يرضي لرض اه ويس خط‬ ‫وفض ائل مقص ودة وأ ْ‬
‫لسخطه حمرراً للشرائع حافظاً للودائع ‪.‬‬
‫و َك ا َن ‪ ‬كثري األفض ال يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويب ذل ملن منعه ويعفو عمن‬
‫ظلمه ويغضي طرفه عن الق ذى وحيبس َن ْفسه عن األذى ال ينتقم َم َع الق درة ويصرب علي ما‬
‫يشق ويكره وال يزيد َم َع أذي اجلاهل إِال صرباً وحلماً ‪.‬‬
‫وما ُخِّيَر بني أمرين إِال اختار أيسرمها ما مل يكن إمثًا َو َك ْم أعرض عن‬

‫‪444‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫جاهل ومعاند و َك ا َن ‪ ‬يأكل َم َع اخلادم ويب ادر إيل خدمة الق ادم ويرق ُع ثوبه وخيصف نعله‬
‫ويقم بيته وخيدم أهله وحيمل بض اعته من الس وق َم َع أنه س يد ولد آدم وأك رم اخللق علي‬ ‫ُّ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫و َك ا َن ‪ ‬رحيم اً حىت بأعدائه أمل تر أنه ملا دخل ي وم فتح َم َّكة علي ق ريش ‪ :‬وقَ ْد جلس وا‬
‫باملسجد احلرام وصحبه ينتظران أمره فيهم من قتل أو غريه ‪.‬‬
‫ول َك َما‬ ‫ال ‪ ‬أَقُ ُ‬ ‫َخ َك ِرمْيٍ َف َق َ‬ ‫َخ َك ِرمْيٌ ُ‬
‫وابن أ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ش َما تَظُنُّو َن أَيَّن فَاع ٌل بِ ُك ْم قَالُوا َخْي َراً أ ٌ‬ ‫ال لُِق َريْ ٍ‬‫قَ َ‬
‫ب َعلَْي ُك ُم الَْي ْو َم ‪ .‬ا ْذ َهْب وا ف أ ْنتُ ُم الطُّلَ َق اءُ َوالَ َغرابَ ةَ َف َق ْد ا ْن َف َر َد‬ ‫ِ‬
‫ف ‪ :‬الَ َتثْ ِريْ َ‬‫قَ َال أخ ْي يُ ْو ُس ُ‬
‫ف والتودد وال ِرفْ ِق و ِمن النظْ ِم الَّ ِذي الَ ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫باأل ِ‬
‫ف‬‫وص َ‬ ‫صل ُح أَ ْن يُ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َخالق ال َفاضلَة واملَ َحاس َن واملََعا ِر َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫بِِه إِالَّ النَّيِب ‪ ‬ما يلي ‪:‬‬
‫ُ‬
‫وقَ ْد يُ ِسيءُ ُم ِسيءٌ َو ُهَو غَ ْ‬
‫ضَبا ُن‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان ُم ْعتِ َذراً‬ ‫َت ْلَق ُاه َو ُهَو َم َع‬
‫َوإِ ْن بَ َدا َو ْجهُ َخط ٍ‬
‫ْب َف ْهَو َي ْقظَا ُن‬ ‫ب َف ْهَو ذُ ْو ِسَن ٍة‬ ‫إِ َذا بَ َدا َو َجهُ َذنْ ِ‬
‫وم ْر َع ُاه ِفي َو َاديِْه َس ْع َدا ُن‬
‫َس ْع ٌد َ‬ ‫فكو َكبُهُ‬
‫العافي ْ‬
‫إِ َذا َتي َّممهُ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫الم ْخلُْو ُق ُجثْ َما ُن‬
‫ح َو َ‬
‫الر ْو ُ‬
‫َكأَنَهُ ُ‬ ‫ْق ُكلَّ ُه ُم‬ ‫أحَيا بِِه اهللُ َه َذا ال َخل َ‬ ‫(ْ‬
‫اهلل إن أم امكم ي وم ال كاألي ام ي وم فيه من األه وال والش دائد والك روب ما يش يب‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫العامِل وينتهي نظامه الَّ ِذي نراه ‪.‬‬
‫الوالدان وتذهل فيه املرضعة عما أرضعت يوم يتغري فيه َ‬
‫فتنثر الكواكب وتتساقط وتطوي السماء كطي السجل للكتب يزيلها اهلل وتبدل األرض غري‬
‫األرض ومتد كما أخرب اهلل َت َعاىَل وينفخ يف الصور فيقوم النَّاس من قبورهم لرب العاملني ‪.‬‬
‫يسم َع أبكم ال ينطق ميشي‬
‫وحينئذ حيشر الكافر أعمي ال يبصر أصم ال َ‬

‫‪445‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬


‫العْيَننْي ِ يِف‬
‫الو ْج ه أْْز َر َق َ‬ ‫أس َو َد َ‬ ‫َعلَى َو ْج ِه ه لَي ْعلَ َم م ْن أ ََّول األ َْمر أنَّهُ م ْن أ َْه ِل ا ِإل َهانَ ة ويَ ُك و ُن ْ‬
‫س إِال ِم ْق َد ُار‬ ‫الش َم ِ‬ ‫وبنْي َ َّ‬ ‫س َبْينَ هُ َ‬
‫ٍ‬
‫ف َس نَة لَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش يِف َي ْو ُم َك ا َن م ْق َد ُارهُ مَخْس نْي َ أل َ‬ ‫العطَ ِ‬ ‫ُمنَْت َهى َ‬
‫ِمْي ٍل ‪.‬‬
‫ص ِر َيتَ َمىَّن أَ ْن يَ ُك و َن تَُراب اً مُثَّ يُ ْؤ َم ُر بِ ِه إِىل النَّا ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص البَ َ‬ ‫الع ْق ِل َش اخ َ‬
‫ف َمْب ُه ْوت اً َذاه َل َ‬ ‫إ ْذ ذَ َاك يِق ُ‬
‫ك يِف ِس ْل ِس ٍلة َذ ْرعُ َها َس ْبعُو َن ِذ َراع اً َو َب ْع َد ُد ُخولِ ِه فِْي َها ال خَي ْ ُر ُج ِمنَها أبَداً َوالَ َي َزداُد إِالَ‬ ‫ويُ ْسلَ ُ‬
‫َع َذاباً وال يُ َفت َُّر َعْنهُ ‪.‬‬
‫ط بِ ِه النّ ُار‬ ‫ود حُتِ ْي ُ‬
‫ب األ َْم َع اءَ َوحُيْ ِر ُق اجلُلُ َ‬
‫ِ‬
‫الو ُج ْو َه ويُذيْ ُ‬ ‫اث مِب َ ٍاء َكالُ ْم ِ ِ‬ ‫إِن ْ‬
‫هل يَ ْش و ْي ُ‬ ‫اث يُغَ ُ‬ ‫اس َتغَ َ‬
‫ِّل ِج ْلداً َغْيَرهُ ‪.‬‬ ‫ض َج ِج ْل ُدهُ بُد َ‬ ‫واش ُكلَّما نَ ِ‬ ‫وم ْن َف ْوقِ ِهم َغ ٍ‬ ‫اد ِ‬
‫َّم َم ِه ٌ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫م ْن ُك ِل ج َهاته هَلُ ْم م ْن َج َهن َ‬
‫ِ‬
‫ِِ‬ ‫ََِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫﴿‬ ‫ت‬
‫اب يُ َعانْي ه وال مَيُْو ُ‬ ‫و ُكلَّما أَْر َاد أَ ْن خَي ُْر َج مْن َها قُم َع مبََق َاِم َع م ْن َحديْد ُك ُل َه َذا َ‬
‫الع َذ َ‬
‫وت فِْي َها وال‬ ‫ظ ﴾ ال مَيُ ُ‬ ‫اب َغلِي ٌ‬ ‫ِِ‬ ‫مِب ٍ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ت من ُك ِّل َم َك ان َو َما ُه َو َيِّت َومن َو َرآئ ه َع َذ ٌ‬
‫ويأْتِي ِه الْم و ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫ََ‬
‫َّم ُخلُوداً ال انْتِ َهاءَ لَهُ أبَ َداً ‪.‬‬ ‫ِ يِف‬ ‫صبر ْأم مَلْ ي ْ رِب‬
‫ص ْ ُه َو َخال ٌد َج َهن َ‬ ‫َ‬ ‫وسواءٌ َ َ َ‬ ‫حَيْيَا َ‬

‫عن أَيِب ُهَر ْي َر ِة َر ِض َي اهللُ َعْن هُ أن رسول اهلل ‪ ‬أيت بفرس جيعل ُكل خطو منه أقصي بصره‬
‫فسار وسار معه جربيل َعلَْي ِه َّ‬
‫السالم ‪.‬‬
‫ف أيت علي ق وم يزرع ون يف ي وم وحيص دون يف ي وم ُكلَّما حص دوا ع اد كما َك ا َن َف َق َ‬
‫ال يا‬
‫جربيل من َه ُؤالَِء قال َه ُؤالَِء اجملاهدون يف سبيل اهلل تضاعف هلُ ْم احلسنات بسبعمائة ضعف‬
‫وما أنفقوا من َش ْيء فهو خيلفه ‪.‬‬
‫مُثَّ أيت علي قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر ُكلَّما رضخت عادت كما كانت وال يفرت عنهم‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َش ْيء قال يا جربيل من هؤالء قال هؤالء الذ َ‬ ‫من ذَل َ‬

‫‪446‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الصالة ‪.‬‬
‫ت رؤوسهم عن َّ‬ ‫تثا ُق ْل ُ‬
‫مُثَّ أيت علي ق وم علي أدب ارهم رق اع وعلي أقب اهلم رق اع يس رحون كما‬
‫تس رح األنع ام إيل الض ريع والزق وم ورضف جهنم ق ال ‪ :‬ما ه ؤالء يا جربيل ‪،‬‬
‫ين ال ي ؤدون ص دقات أم واهلم وما ظلمهم اهلل وما اهلل بظالم‬ ‫َّ ِ‬
‫ق ال ‪ :‬ه ؤالء الذ َ‬
‫للعبيد ‪.‬‬
‫مُثَّ أيت علي رجل قَ ْد مجَ َع حزمة عظيمة ال يس تطيع محلها َو ُه َو يريد أن يزيد‬
‫َعلَْي َها قال ‪ :‬يا جربيل ما َه َذا ‪ ،‬قال ‪َ :‬ه َذا رجل من أمتك َعلَْي ِه أمانة النَّاس ال‬
‫يستطيع أداءها َو ُه َو يريد أن يزيد َعلَْي َها ‪.‬‬
‫مُثَّ أيت علي ق وم تق رض ش فاههم وألس نتهم مبق اريض من حديد ُكلَّما قرضت‬
‫ك َش ْيء قال ‪ :‬يا جربيل ما هؤالء ‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬
‫عادت كما كانت ال يفرتعنهم من َذل َ‬
‫‪ :‬خطباء الفتنة ‪.‬‬
‫مُثَّ أيت علي حجر ص غري خيرج منه ث ور َع ِظيم فرييد الث ور أن ي دخل من حيث‬
‫خ رج فال يس تطيع ق ال ‪ :‬ما َه َذا يا جربيل ‪ ،‬ق ال ‪َ :‬ه َذا الرجل يتكلم بالكلمة‬
‫العظيمة فيندم َعلَْي َها فرييد أن يردها فال يستطيع ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬ما َه َذا‬
‫وو َج َد ريح مسك َم َع صوت َف َق َ‬ ‫ٍ‬
‫مُثَّ أيت علي واد َفو َج َد رحياً طيب ةً َ‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬صوت اجْلَنَّة ‪َ ،‬ت ُق ول ‪ :‬يارب ائتين بأهلي ومبا وعدتين ف َق ْد كثر غرسي‬
‫وحري ري وسندسي وإس تربقي وعبق ريي ومرج اين وفضيت وذهيب وأك وايب وص حايف‬
‫وأباريقي وفواكهي وعسلي ومائي ولبين ومخري ائتين مبا وعدتين ‪.‬‬
‫وم ْؤ ِمن ومؤمنة ومن آمن يب وبرسلي وعمل‬ ‫قال ‪ :‬لك ُك ّل مسلم ومسلمة ُ‬

‫‪447‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص احلاً ومل يش رك ش يئاً ومل يتخذ من دوين أن داداً فهو آمن ومن س ألين أعطيته‬
‫ومن أرضين جزيته ومن توكل علي كفيته إين أَنَا اهلل ال إله إال أَنَا ال خلف‬
‫مليع ادي قَ ْد أفلح املؤمنون تبارك اهلل أحسن اخلالقني ‪ ،‬ف َق الَت ‪ :‬رضيت ‪ .‬مُثَّ أيت‬
‫ال ‪ :‬يا جربيل ما َه َذا الصوت ‪ ،‬قال ‪َ :‬ه َذا‬ ‫فسم َع صوتاً منكراً ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫واد ِ‬ ‫علي ٍ‬
‫ص وت جهنم َت ُق ول يا رب ائتين ب أهلي ومبا وع دتين ف َق ْد ك ثرت سالس لي‬
‫وأغاليل وس عريي ومحيمي وغس اقي وغس ليين وقَ ْد بعد قع ري واش تد ح ري ائتين‬
‫مبا وعدتين قال لك ُك ّل مشرك و مشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار ال يؤمن‬
‫ت ‪ :‬قَ ْد رضيت ‪ ،‬رواه البزار عن أيب العإلية – أو غريه –‬ ‫بيوم احلساب ‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫عن أَيِب ُهَر ْيَر َة الرتغيب والرتهيب جـ ‪ 4‬ص ‪ 454‬يف كتاب صفة اجْلَنَّة والنار ‪.‬‬
‫واد يف جهنم يهوي‬ ‫عن أيب سعيد ر ِضي اهلل عنه عن النَّيِب ‪ ‬قال ‪ « :‬ويل ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫فيه الكافر أربعني خريفاً قبل أن يبلغ قعره )) ‪.‬‬
‫وعنه رضي اهلل عنه النَّيِب ‪ ‬قال يف قوله ‪ " :‬سأرهقه صعوداً )) قال ‪ « :‬جبل من نار يكلف الكافر أن يصعده فإذا وضع يده‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫واحلاكم‬
‫ُ‬ ‫َعلَْي ِه ذابت فإذا رفعها ع ادت وإذا وضع رجله َعلَْي ِه ذابت فإذا رفعها ع ادت يصعد سبعني خريف اً مُثَّ يهوي َك َذل َ‬
‫ك " رواه أَمَحَ ُد‬
‫َوقَ َال ‪ :‬صحيح اإلسناد ‪.‬‬
‫وث ال َف ِ‬
‫راش‬ ‫حيارى ِمثْل مْبثُ ِ‬ ‫َّاس ِفيه‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫يم َه ْولُهُ َوالن ُ‬ ‫َعظ ٌ‬
‫اش‬‫بارتَِع ِ‬
‫ض ْ‬ ‫ك ال َفرائِ ُ‬‫صطَ ُّ‬‫وتَ ْ‬ ‫بِِه َتَتغََّيُر االلْوا ُن َخوفَاً‬
‫اش‬ ‫ك ظَ ِاهٌر َو ِّ‬
‫السُّر فَ ِ‬ ‫َف َعْيبُ َ‬ ‫ت َيْب ُدو‬ ‫ك ُك ُّل َما قَ َّد ْم َ‬ ‫ُهَنالِ َ‬
‫الم َع ِ‬
‫اش‬ ‫ب َ‬
‫ِ‬
‫َفَق ْد ْأو َدى ب َها طَلَ ُ‬ ‫ك ُك َّل َي ْوم‬ ‫ص َن ْف ِس َ‬ ‫َتَفََّق ْد َن ْق َ‬
‫الر ِ‬
‫ياش‬ ‫طوراً تَ ْكْت ِسي لِْي َن َّ‬ ‫َو ْ‬ ‫وات طَْو َراً‬ ‫الش َه ِ‬ ‫إال لِ ْم َتْبَت ِغي َّ‬
‫الد ْنيَا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب‬ ‫االب َرار وآتنا يف ُّ‬ ‫اللَّ ُه َّم أحلقنا بعبادك ْ‬
‫ص لَّى اهلل‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ار َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ِ ِ ُ‬ ‫ِِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬

‫‪448‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اذجُ مِْن َعْدلِه ‪‬‬


‫َنَم ِ‬
‫ك ما ورد عن عروة عن َعائِ َش ة أن امرأة سرقت يف عهد رسول اهلل ‪‬‬ ‫ِ‬
‫من َذل َ‬
‫يف غ زوة الفتح فف زع قوها إيل أس امه بن زيد يستش فعون به ق ال ‪ :‬ع روه َفلَ َّما‬
‫تلو َن وجه رسول اهلل ‪. ‬‬
‫كلمه أسامه فيها َّ‬
‫ال أس امة ‪ :‬اس تغفر يل يَا‬ ‫ال ‪ :‬أتكلمين يف حد من ح دود اهلل تع اىل ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اهلل ‪َ ،‬فلَ َّما َك ا َن العشي قام رسول اهلل ‪ ‬خطيب اً فأثين علي اهلل مبا ُه َو‬‫ول ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫أهله ‪ ،‬مُثَّ قال ‪ :‬أما بعد فإمنا أهلك من َك ا َن قبلكم أهنم َك انُوا إذا سرق فيهم‬
‫الش ريف ترك وه وإذا س رق فيهم الض عيف أق اموا َعلَْي ِه احلد والَّ ِذي نفس حُمَ َّمد‬
‫بيده لو أن فاطمة بنت حُمَ َّمد سرقت لقطعت يدها ‪.‬‬
‫مُثَّ أمر رسول اهلل ‪ ‬بتلك املرأة فقطعت يدها ‪ ،‬احْلَ ِديث أخرجه البخاري ‪.‬‬
‫يئن فأرق النَّيِب ّ ‪ ‬فسئل عن‬ ‫وملا َكا َن العباس عم النَّيِب ّ ‪ ‬يف وثاقه َم َع األسري ُّ‬
‫سبب أرقه – أي عدم نومه – وقَ ْد نصره اهلل نصراً مؤزراً قال ‪ :‬مسعت أنني‬
‫العباس يف وثاقه فأسرع بعض امل ْس لِ ِمنْي َ ملا مسعه وحل وثاقه وعاد فأخرب النَّيِب ّ ‪‬‬
‫ك باألس ري كلهم فتأمل َه َذا‬ ‫أنه حل وث اق العب اس ق ال ‪ ُ ‬اذهب فافعل َذلِ‬
‫َ‬
‫النصف والعدل منه ‪. ‬‬
‫( موعظة )‬
‫ِعباد ِ‬
‫اهلل من أحكام ديننا ووحي قرآننا وتعاىل م نبينا حُمَ َّمد ‪ ‬املقررة‬ ‫ََ‬

‫‪449‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الثابتة أنه ال فضل لع َريِّب علي عجمي وال ألبيض علي أس ود وال لس يد علي‬
‫مسود وال مللك علي مملوك وال صعلوك إال بالتقوي ‪.‬‬
‫فاملعي ار الص حيح وامليزان الع دل احلق للتفاضل بني األف راد واجلماع ات وال رتجيح‬
‫بني خمتلف الطوائف والطبق ات واهليئ ات ما َج اءَ عن رب األرض والس ماوات ‪:‬‬
‫﴿ إِ َّن أَ ْك َر َم ُك ْم ِعْن َد اللَّ ِه أَْت َق ا ُك ْم ﴾ ومل يقل ُس ْب َحانَهُ وتع اىل ‪ :‬إن الك رمي من‬
‫عظم جاهه أو ك ثر ماله أو ك ثر رجاله واستس لم له النَّاس ط ائعني ومك رهني ‪،‬‬
‫بل الكرمي عنده من اتصف بالتقوي ‪.‬‬
‫يراع الرتب‬ ‫الس ّر والنجوي وعامل النَّاس باملساواة ومل ِ‬ ‫فالعاقل من راقب اهلل يف ِّ‬
‫وال درجات والش رف والس يادات وس وي بينهم وفق تس وية اهلل هلُ ْم يف الواجب ات‬
‫واحلدود والعبادات ‪.‬‬
‫والع ِظيم‬
‫بالص الة واحلج وكيف يتس اوي فيه االمري واملأمور َ‬ ‫فتأمل جتد يف املوقف َّ‬
‫واحلقري والغين والفقري والصعلوك والوزير كلهم بلسان واحد وهلجة صادقة يؤدون‬
‫العب ادة ملوالهم العلي الكبري وهم مع رتفون بش ده االفتق ار إليه والعجز والتقصري‬
‫فتلك ِه َي املس اواة ُك ّل املس اواة اليت َج اءَ هبا اإلس الم ودعي إليها النَّيِب ّ ‪‬‬
‫ومكنها يف نفوس أصحابه أي متكني ‪.‬‬
‫كما س رتي ما س نذكره إن ش اء اهلل من ع دهلم وإنص افهم وحبهم للمس اواة‬
‫وإيثارهم العدل يف االحكام وتأمل ما يف َه َذا احْلَ ِديث الشريف وما قاله املصطفي‬
‫‪ ‬وتأمل ما بعده مِم َّا سيأتيك من سريته أ ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫اهلل بن ح درد األس لمي َر ِض َي اهللُ عن هُ أنه َك ا َن‬ ‫أخ رج ابن عس اكر عن عبد ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ‬
‫ليهودي َعلَْي ِه أربعة دراهم فاستعدي َعلَْي ِه َف َق َ‬
‫ال ‪ :‬يا حُمَ َّمد إن يل علي َه َذا‬

‫‪450‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أربعة دراهم وقَ ْد غلبين َعلَْي َها ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أعطه حقه ‪ ،‬ق ال ‪ :‬والَّ ِذي بعثك ب احلق‬
‫ما أق در َعلَْي َها ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أعطه حقه ‪ ،‬ق ال ‪ :‬والَّ ِذي نفسي بي ده ما أق در َعلَْي َها‬
‫قَ ْد أخربته أنك تبعثنا إيل خيرب فأرجو أن تغنمنا شيئاً فأرجع فأقضيه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬أعطه حقه ‪ ،‬و َكا َن رسول اهلل ‪ ‬إذا قال ثالث اً مل يراجع فخرج ابن أيب‬
‫ح درد إيل الس وق وعلي رأسه عص ابة َو ُه َو م تزر ب ربدة ف نزع العمامة ف اتزر هبا‬
‫ال ‪ :‬اشرت مين ه ذه ال ربدة ‪ ،‬فباعها منه بأربعة دراهم فم رت‬ ‫ون زع ال ربده َف َق َ‬
‫ت ‪ :‬ها دونك‬ ‫ِ‬
‫ص احب رس ول اهلل ‪ ‬فأخربها ف َق الَ ْ‬ ‫ت ‪ :‬ما لك يا َ‬ ‫عج وز ف َق الَ ْ‬
‫َه َذا الربد لربد َعلَْي َها طرحته َعلَْي ِه ‪.‬‬
‫وعن أيب س عيد اخلدري ق ال ‪َ :‬ج اءَ أع رايب إيل النَّيِب ّ ‪ ‬يتقاض اه دين اً َك ا َن َعلَْي ِه‬
‫ك إال قضيتين فانتهره أصحابه َف َق الُوا ‪ :‬وحيك‬ ‫فاشتد َعلَْي ِه حيت قال ‪ :‬أحرج َعلَْي َ‬
‫ال النَّيِب ّ ‪: ‬‬ ‫ال ‪ :‬إين أطلب حقي ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫تدري من تكلم ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال هلا ‪ :‬إن َك ا َن‬ ‫احب احلق كنتم مُثَّ أرسل إيل خولة بنت قيس َف َق َ‬ ‫هال م ع ص ِ‬
‫ََ َ‬
‫ت وأمي يَا‬ ‫ت ‪ :‬نعم ب أيب أَنْ َ‬ ‫عن دك متر فأقرض ينا حيت يأتينا متر فنقض يك ف َق الَ ْ‬
‫اهلل ‪ ،‬فأقرضته فقضي األعرايب وأطعمه ‪.‬‬ ‫ول ِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ال ‪ :‬أوفيت أويف اهلل لك ‪ ،‬فق ال ‪ :‬أولئك خي ار النَّاس إنه ال قدست أمة ال‬ ‫َف َق َ‬
‫يأخذ الض عيف فيها حقه غري متعتع أخرجه ابن ماجة ورواه ال بزار من ح ديث‬
‫خمتصراً ‪.‬‬ ‫عنها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعائ َشة َرض َي اهللُ َ‬
‫ِ‬
‫وأخ َر َج الط رباين عن خولة بنت قيس ام رأة محزة بن عبد املطلب َرض َي اهللُ‬
‫ت ‪َ :‬ك ا َن علي رس ول اهلل وسق من متر لرجل من بين س اعدة فأت اه‬ ‫عنه َما قَ الَ ْ‬
‫ُ‬
‫يقتضيه فأمر رسول اهلل ‪ ‬رجالً من األنصار أن يقضيه فقضاه متراً دون متره‬

‫‪451‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال ‪ :‬أترد علي رسول اهلل ‪. ‬‬ ‫فأيب أن يقبل َف َق َ‬


‫ق ال ‪ :‬نعم ومن أحق بالع دل من رس ول اهلل ‪ ‬ف اكتحلت عينا رس ول اهلل ‪‬‬
‫َّس اهلل أمة ال يأخذ‬ ‫بدموعه ‪ ،‬مُثَّ ق ال ‪ :‬ص دق ومن أحق بالع دل مين ال ق د َ‬
‫ضعيفها حقه من شديدها وال يتعتعه ‪.‬‬
‫س من غ رمي خيرج من ِعْن َد غرميه‬ ‫مُثَّ ق ال ‪ « :‬يا خولة عديه واقض يه فإنه لَْي َ‬
‫س من عبد يل وي غرميه‬ ‫ِ‬
‫راض ياً إال ص لت َعلَْي ه دواب األرض ون ون البح ار ولَْي َ‬
‫َو ُه َو جيد إال كتب اهلل َعلَْي ِه يف ُك ّل يوم وليلة إمثاً ‪.‬‬
‫وملا بلغ بنيان قريش موضع الركن اختصم القبائل ُك ّل قبيلة تريد أن ترفع الركن‬
‫ال هلم أبو أمية ابن املغرية بن عبد ِ‬
‫اهلل‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ك َف َق َ ُ ْ‬ ‫إيل موضعه وكادوا يقتتلون علي َذل َ‬
‫بن عمرو بن خمزوم و َك ا َن شريفاً مطاع اً ‪ :‬اجعلوا احلكم بينكم ألول من يدخل‬
‫و َك ا َن أول داخل رسول اهلل ‪َ ‬فلَ َّما رأوه‬ ‫ك منه‬ ‫ِ‬
‫من باب الصفا فقبلوا َذل َ‬
‫األمني )) ألمانته وص دقه‬ ‫(( ِ‬ ‫ني أقبل و َك ا َن يس مي يف اجلاهلية‬ ‫ِ‬
‫قَ الُوا ‪ :‬األم ُ‬
‫َف َقالُوا مجيعاً رضينا حبكمه ‪.‬‬
‫والس الم ‪َ :‬هلُ َّم إيل ثوب اً ‪ ،‬ف أيت به‬
‫الص الة َّ‬ ‫ال َعلَْي ِه َّ‬ ‫مُثَّ قص وا َعلَْي ِه قص تهم َف َق َ‬
‫فوضع الركن فيه يعين احلجر األسود مُثَّ قال ‪ :‬لتأخذ ُك ّل قبيلة بطرف من َه َذا‬
‫الث وب فحمله من أربعة أط راف أربعة من وج وه القبائل وأش رافها وزعمائها‬
‫ورفعوه إيل حماذاة موضع احلجر ‪.‬‬
‫فتناوله رس ول اهلل ‪ ‬من الث وب ووض عه بي ده الش ريفة يف حمله ف َك ا َن األش راف‬
‫ول هبرية بن وهب املخزومي ‪:‬‬ ‫ك َي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫والزعماء خدماً له ‪ ‬ويف َذل َ‬

‫‪452‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض ِل ُخطٍَّة‬ ‫األحَياءُ ِفي فَ ْ‬


‫ت ْ‬ ‫تَ َشاجر ِ‬
‫ََ‬
‫َس َع ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّح ِ‬
‫م ْن َب ْعد أ ْ‬ ‫س‬ ‫ت طَْي ُر ُه ْم بالن ْ‬ ‫َجَر ْ‬
‫ض َب ْع َد َمَودٍَّة‬
‫َتَر َام ْوا بَِها بالغَ ِّ‬
‫ُم ْو ِق ِد‬ ‫َوأ َْوقَ َد نَاراً َبْيَن ُه ْم َشُّر‬
‫َفَل َّما َرأَْيَنا األمر قَ ْد َحا َن َج ُّد ُه‬
‫ولم يبق َشيء غَير س ِل المهن ِ‬
‫َّد‬ ‫ْ ٌ َْ َ َُ‬ ‫َ َْ‬
‫الع ْد ُل أ َّو ُل طَالِ ٍع‬ ‫ِ‬
‫َرضْينَا َو ُقلْنَا َ‬
‫ْح ِاء ِم ْن غَْي ِر َم ْو ِع ِد‬ ‫البط َ‬
‫ِ ِ‬
‫يَجيءُ م َن َ‬
‫َفَفاجأنَا ه َذا ِ‬
‫األمْي ُن ُم َح َّم ٌد‬ ‫َ َ‬
‫ضينا ِ‬
‫باألمْي ِن ُم َح َّمد‬ ‫َف ُقلْنَا َر ِ ْ َ‬
‫أسَو ِشْي َم ٍة‬ ‫ش ُكلِّ َها ْ‬ ‫بِ َخْي ِر ُقَريْ ٍ‬
‫ث اهللُ ِفي غَ ِد‬ ‫ِ‬
‫َو ِفي الَْي ْوم َم َع َما يُ ْح ِد ُ‬
‫فَجاء بأَم ٍر لم ير الن ِ‬
‫َّاس مْثلَهُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ ْ‬
‫والب ِد ْي‬
‫ب َ‬ ‫العَو ِاق ِ‬
‫ضى في َ‬
‫َع َّم وأَر َ ِ‬
‫ْ‬ ‫أَ‬
‫الر َد ِاء و ُكلَُّنا‬
‫اف ِّ‬ ‫َخ ْذنَا بأَطْر ِ‬
‫َ‬ ‫أَ‬
‫الي ِد‬
‫ضةُ َ‬ ‫صةٌ ِم ْن َرفْ ِع ِه َقْب َ‬ ‫لَهُ ِح َّ‬
‫ت بِِه‬ ‫ال ْار َف ُع ْوا َحتَّى إِ َذا َما َعلَ ْ‬ ‫َفَق َ‬
‫أ ُكُّف ُه ُم َوالَى بِِه َخْي ُر ُم ْسنِ ِد‬
‫صنِْي َعهُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو ُك ُّل َرضْيَنا ف ْعلَهُ َو َ‬
‫فَأَ ْع ِظ ْم بِِه ِم ْن َرْأ ٍي َه ٍاد َو ُم ْهَت ِد‬
‫ْك يَ ٌد ِمْنهُ َعلَْيَنا َع ِظْي َمةٌ‬ ‫وتِل َ‬

‫‪453‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الزَما ُن َوَي ْغَت ِد ْي‬


‫ح بَِها َه َذا َّ‬
‫َي ُر ْو ُ‬
‫واألربعة اآلخ ذون بط رف ال رداء هم ‪ :‬عتبة بن ربيعة بن أمية بن عبد مشس بن عبد من اف‬
‫واألس ود بن املطلب بن أسد بن عبد الع زي بن قصي ‪ ،‬وأبو حذيفة ابن املغ رية بن عم رو بن‬
‫خمزوم بن يقظة ‪ ،‬وقيس بن ع دي الس همي ‪َ ،‬واهللُ أ َْعلَ ُم وص لي اهلل علي حُمَ َّمد وآله وص حبه‬
‫الرسول ‪ ‬ما يلي ‪:‬‬ ‫مِم‬
‫وسلم ‪ .‬و َّا ينطبق علي َّ ُ‬
‫الع ْو َر َاء َي ْوماً َفَقالَ َها‬
‫ب َ‬ ‫اسَت ْع َذ َ‬
‫َوالَ ْ‬ ‫اب عن ِحل ٍْم َوالَ َش ِه َد‬ ‫فما َغ َ‬ ‫َ‬
‫صُّرَم َها ِم ْن ِشْي َم ٍة َوانْتَِقالَُها‬ ‫ويتَِّق ْي‬ ‫الخ ِ‬ ‫الخوَنما َعلَى َخي ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫تَ َ‬ ‫الل َ‬ ‫ْ‬ ‫يَ ُد ْ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ض ُل أيْ َما َن ال ِر َج ِال ِش َمالُهُ‬
‫ت يُ ْمَنى يَ ْديِه ش َم َ‬
‫الها‬ ‫ضلَ ْ‬ ‫َك َما فَ َ‬ ‫َوَت ْف ُ‬
‫إِ َذا َما َرأَى َحقاً َعلَْي ِه ابْتِ َذالَُها‬ ‫سهُ‬‫ص ْونََة َن ْف ُ‬
‫الم ُ‬
‫س َ‬ ‫َوَيْبَت ِذ ُل َّ‬
‫النْف َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال ش يخ اإلس الم ابن تيمية َرمِح َ هُ اهللُ ‪ :‬وس رية النَّيِب ّ ‪ ‬من آياته وأخالقه‬ ‫َوقَ َ‬
‫وكرام ات صاحلي أمته من آياته‬ ‫َ‬ ‫وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته وأمته من آياته‬
‫‪.‬‬
‫ات‬ ‫ِ‬
‫ك يظهر بت دبر س ريته من ولد إيل أن بعث ومن حني بعث إيل أن َم َ‬ ‫َو َذل َ‬
‫وبت دبر نس به وبل ده وأص له وفص له فإنه َك ا َن من أش رف أ َْهل األرض نس باً من‬
‫لكتَاب ‪.‬‬‫صميم ساللة إبراهيم الَّ ِذي جعل اهلل يف ذريته النبوة واْ ِ‬
‫فلم ي أت نيب من بعد إب راهيم إال من ذريته وجعل له اب نني إمساعيل وإس حاق‬
‫وه َذا وبشر يف التوراة مبا يكون من ولد إمساعيل ‪.‬‬ ‫وذكر يف التوراة َه َذا َ‬
‫ومل يكن يف ولد إمساعيل من ظهر فيما بش رت به النب وات غ ريه ودعا إب راهيم‬
‫لذرية إمساعيل بأن يبعث فيهم رسوالً ِمْن ُه ْم مُثَّ ُه َو من قريش صفوة بين إبراهيم‬
‫قريش ‪.‬‬ ‫من بين هاشم صفوة‬
‫ومن َم َّكة أم القري وبلده البيت الَّ ِذي بناه إبراهيم ودعا النَّاس إيل‬

‫‪454‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫حجه ‪ ،‬ومل ي زل حمجوج اً من عهد إب راهيم م ذكوراً يف كتب األنبي اء بأحسن‬


‫وصف ‪ ،‬و َك ا َن من أكمل النَّاس تربية ونش أة مل ي زل معروف اً بالص دق والرب‬
‫والعدل ومكارم األخالق وترك الفواحش والظلم وكل وصف مذموم ‪.‬‬
‫ك ِعْن َد مَجِ يع من يعرفه قبل النبوة وممن آمن به وكفر بعد النبوة‬ ‫ِ‬
‫مشهوداً له ب َذل َ‬
‫‪ ،‬ال يع رف له َش ْيء يع اب به ال يف أقواله وال يف أفعاله وال يف أخالقه وال‬
‫جربت َعلَْي ِه كذبة قط وال ظلم وال فاحشة ‪.‬‬
‫و َك ا َن خلقه وص ورته من أكمل الص ور وأمتها وأمجعها للمحاسن الدالة علي‬
‫كماله ‪ ،‬و َك ا َن أمي اً من ق وم أم يني ال يع رف ال ُه َو وال هم ما يعرفه أ َْهل‬
‫يل )) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلكتَاب (( الت َّْو َرا َة َواإلجن َ‬
‫ومل ي َق َرأَ من علوم النَّاس وال جالس أهلها ومل يدع بنبوة إيل أن أكمل اهلل له‬
‫أربعني س نة ف أيت ب أمر ُه َو أعجب األم ور وأعظمها وبكالم مل يس َم َع األول ون‬
‫واآلخرون بنظريه ‪.‬‬
‫وأخرب ب أمر مل يكن يف بل ده وال يف قومه من يع رف مثله ومل يع رف قبله وال‬
‫بعده ‪ ،‬ال يف مصر من األمصار وال يف عصر من األعصار من أيت مبثل ما أيت‬
‫به وال من ظهر كظهوره ‪.‬‬
‫وال من أيت من العجائب واآليات مبثل ما أيت به وال من دعا إيل شريعة أكمل‬
‫من ش ريعته ‪ ،‬وال من ظهر دينه علي األدي ان ُكلّ َها ب العلم واحلجة وباليد والق وة‬
‫كظهوره ‪.‬‬
‫مُثَّ إنه اتبعه اتباع األنبياء وهم الضعفاء من النَّاس وكذبه أ َْهل الرئاسة‬

‫‪455‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وع ادوه وس عوا يف هالكه وهالك من تبعه بكل الط رق ‪ ،‬كما َك ا َن الكف ار‬
‫يفعلون َم َع األنبياء وأتباعهم ‪.‬‬
‫ين اتبع وه مل يتبع وه لرغبة وال لرهبة ‪ ،‬فإنه مل يكن عن ده م ال يعطيهم وال‬ ‫َّ ِ‬
‫والذ َ‬
‫جهات يوليهم إياها وال َكا َن له سيف بل َكا َن السيف واجلاه والْ َمال َم َع أعدائه‬
‫‪ ،‬وقَ ْد آذوا أتباعه بأنواع األذي وهم صابرون حمتسبون ال يرتدون عن دينهم ملا‬
‫وهبم حالوة اإلميان واملعرفة ‪.‬‬ ‫خالطت ُقلُ ْ‬
‫فتجتم َع يف املوسم قبائل الْ َع َرب‬ ‫َ‬ ‫وك انت َم َّكة حيجها الْ َع َرب من عهد إب راهيم‬
‫فيخرج إليهم يبلغهم الرسالة ويدعوهم إيل اهلل صابراً علي ما يلقاه من تكذيب‬
‫اجتم َع بأ َْهل يثرب و َك انُوا جريان‬ ‫املكذب وجفاء اجلايف وإعراض املعرض إيل أن َ‬
‫اليهود قَ ْد مسعوا أخباره ِمْن ُه ْم وعرفوه ‪.‬‬
‫َفلَ َّما دعاهم علموا أنه النَّيِب ّ املنتظر الَّ ِذي ختربهم به اليهود و َك انُوا قَ ْد مسعوا من‬
‫أخب اره ما عرف وا به مكانته ‪ ،‬ف إن أم ره َك ا َن قَ ْد انتشر وظهر يف بضع عش رة‬
‫سنة فآمنوا به وتابعوه علي هجرته وهجرة أصحابه إيل بلدهم وعلي اجلهاد معه‬
‫س فيهم من آمن‬ ‫ي‬‫َ‬‫ل‬ ‫ار‬ ‫واألنص‬ ‫اجرون‬ ‫امله‬ ‫وهبا‬ ‫ة‬‫ين‬‫د‬‫فه اجر ه و ومن اتبعه إيل الْم ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫برغبة دنيوية وال برهبة إال قليالً من األنصار أسلموا يف الظاهر مُثَّ حسن إسالم‬
‫ضهم مُثَّ أذن له يف اجلهاد مُثَّ أمر به ‪.‬‬ ‫َب ْع ْ‬
‫ومل يزل قائم اً بأمر اهلل علي أكمل طريقة وأمتها من الصدق والعدل والوفاء ال‬
‫حيفظ َعلَْي ِه كذبة واح دة وال ظلم ألحد وال غ در بأحد ‪ ،‬بل َك ا َن أص دق‬
‫النَّاس وأع دهلم وأب رهم وأوف اهم بالعهد َم َع اختالف األح وال َعلَْي ِه من ح رب‬
‫وسلم وأمن وخوف وغين وفقر وقله وكثرة وظهوره علي الْ َع ُد ّو‬

‫‪456‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫تَارة وظهور الْ َع ُد ّو َعلَْي ِه تَارة ‪.‬‬


‫ك كله مالزم ألكمل الط رق وأمتها حيت ظه رت ال دعوة يف مَجِ يع‬ ‫ِ‬
‫وهو علي َذل َ‬
‫أرض الْ َع َرب اليت ك انت ممل وءة من عب ادة األوث ان ومن أخب ار الكه ان وطاعة‬
‫ِّماء احملرمة وقطيعة األرحام ال يعرفون آخرةً‬ ‫املخلوق يف الكفر باخلالق وسفك الد َ‬
‫وال معاداً ‪.‬‬
‫فص اروا أعلم أ َْهل األرض وأدينهم وأع دهلم وأفض لهم وه ذه آث ار علمهم وعملهم‬
‫يف األرض وآث ار غ ريهم يع رف العقالء فرق ما بني األم رين َو ُه َو ‪َ ‬م َع ظه ور‬
‫ات ومل خيلف درمهاً‬ ‫أمره و طاعة اخللق له وتقدميهم له علي األنفس واألموال َم َ‬
‫وال دين اراً وال متاع اً وال داب ةً إال بغلته وس الحه ودرعه مرهونة ِعْن َد يه ودي‬
‫علي ثالثني وسقاً من شعري ابتاعها ألهله ‪.‬‬
‫و َك ا َن بي ده عق ار ينفق منه علي أهله والب اقي يص رفه يف مص احل امل ْس لِ ِمنْي َ فحكم‬
‫ُ‬
‫بأنه ال يورث وال يأخذ ورثته منه شيئاً َو ُه َو يف ُك ّل َوقْت يظهر علي يديه من‬
‫ات ما يطول وصفه ‪.‬‬ ‫اآليات وفنون الكرام ِ‬
‫َ‬
‫وخيربهم مبا َك ا َن وما يك ون وي أمرهم ب املعروف وينه اهم عن الْ ُمْن َكر وحيل هلُ ْم‬
‫هم اخلبائث ويشرع الشريعة شيئاً بعد شيء ‪.‬‬ ‫الطيبات وحيرم َعلَْي ْ‬
‫أكمل اهلل دينه الَّ ِذي بعث به وج اءت ش ريعته أكمل ش ريعة مل يبق مع روف‬
‫تعرف العقول أنه معروف إال أمر به وال منكر تعرف العقول أنه منكر إال هني‬
‫عنهُ ‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ٍ‬
‫بشيء فقيل ‪ :‬ليته مل يأمر به وال هني عن َش ْيء فقيل ‪ :‬ليته مل ينه عنهُ‬ ‫مل يأمر َ‬
‫وأحل الطيب ات مل حيرم ش يئاً منها كما ح رم يف ش رع غ ريه وح رم اخلب ائث مل‬
‫حيل منها شيئاً كما استحله غريه ‪.‬‬
‫ومجَ َع حماسن ما َعلَْي ِه األمم فال يذكر يف التوراة واإلجنيل والزبور نوع من اخلرب‬
‫عن اهلل وعن مالئكته وعن الَْي ْوم اآلخر إال وقَ ْد َجاءَ به علي أكمل وجه وأخرب‬
‫ت يف هذه الكتب ‪.‬‬ ‫بأشياء لَْي َس ْ‬
‫وأمته أكمل األمم يف ُك ّل فض يلة ف إذا قيس علمهم بعلم س ائر األمم ظهر فضل‬
‫علمهم وإن قيس دينهم وعبادهتم وطاعتهم هلل بغريهم ظهر أهنم أدين من غريهم‬
‫وإذا قيس ش جاعتهم وجه ادهم وص ربهم علي املك اره يف ذات اهلل ظهر أهنم‬
‫أعظم جه اداً وأش جع قلوب اً وه ذه الفض ائل به نالوها ومنه تعلموها َو ُه َو الَّ ِذي‬
‫أمرهم هبا ا ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫ال آخر ‪:‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ْاعلم أن من ش اهد أحواله ‪ ‬وأص غي إيل مساع أخب اره املش تملة علي أخالقه‬
‫وأفعاله وأحواله وعاداته وس جاياه وسياس ته ألص ناف اخللق وهدايته إيل ض بطهم‬
‫وتألفه أصناف اخللق وقوده إياهم إيل طاعته ‪.‬‬
‫َم َع ما حيكي من عج ائب أجوبته يف مض ائق األس ئلة وب دائع تدبرياته يف مص احل‬
‫اخللق وحماسن إش اراته يف تفص يل ظ اهر الش رع اليت يعجز الْ ُف َق َه اء والعقالء عن‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫إدراك أوائل دقائقها يف ط ول أعم ارهم مل يبق له ريب وال شك يف أن ذَل َ‬
‫مل يكن مكتسباً حبيلة َت ُقوم هبا القوة البشرية ‪.‬‬
‫ك إال باالستمداد من تأييد مساوي وقوة إهلية وأن‬ ‫ِ‬
‫بل ال يتصور َذل َ‬

‫‪458‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك كله ال يتص ور لك ذب وال ملبس بل ك انت مشائله وأحواله ش واهد قاطعه‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫ول ‪ :‬و ِ‬
‫اهلل ما َه َذا وجه كذاب ‪.‬‬ ‫يب ال ُق َّح َكا َن يراه َفَي ُق ُ َ‬
‫العر َّ‬
‫بصدقه حيت أن َ‬
‫ف من ش اهد أخالقه وم ارس‬ ‫ف َك ا َن يشهد له بالص دق مبجرد رؤيته لش مائله فَ َكْي َ‬
‫أحواله يف مَجِ يع مصادره وموارده أ ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫ال حسان يرثي رسول اهلل ‪: ‬‬‫َوقَ َ‬
‫للر ُس ْو ِل َو َم ْع َه ُد‬
‫بِطَْيَب َة َر ْس ٍم َّ‬
‫الر ُس ْو ُم وَت ْه ُم ُد‬‫ُمنِْيٌر َوقَ ْد َت ْعُفو ُّ‬
‫ات ِم ْن َدا ِر ُح ْر َم ٍة‬ ‫َوالَ َتْن َم ِح ْي اآليَ ُ‬
‫الهاد ْي الَّ ِذي َكا َن يَ ْ‬
‫ص َع ُد‬ ‫بِها ِمْنبر ِ‬
‫َ َُ‬
‫آيات َوبَ ِاقي َم َعالِ ٍم‬‫اضح ٍ‬ ‫ِ‬
‫َو َو ُ‬
‫وم ْس ِج ُد‬ ‫ِ‬
‫صلَّى َ‬ ‫َو َربْ ٌع لَ ْه فيها ُم َ‬
‫ات َكا َن َيْن ِز ُل َو ْسطََها‬ ‫بَِها ُح ُجَر ٌ‬
‫ضاءُ َوُي ْوقَ ُد‬ ‫اهلل ُن ْو ٌر يُ ْسَت َ‬ ‫ِمن ِ‬
‫َ‬
‫آي َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْهد ُ‬ ‫س َعلَى َ‬ ‫َم َعال ُم لم تُط َْم ْ‬
‫اآلي ِمْن َها تَ ْج َّد ُد‬
‫أتَ َاها البلَى فَ ُ‬
‫ِ‬

‫الر ُس ْو ِل َ‬
‫وع ْه َد ُه‬ ‫ت بَِها َر ْس َم َّ‬ ‫َعَرفْ ُ‬
‫ْح ُد‬
‫ب َمل َ‬ ‫َو َقْبراً بِِه َو َار ُاه ِفي التُّْر ِ‬
‫ك‬‫ت يوماً ر ِزيَّةٌ َهالِ ٍ‬
‫َو َه ْل َع َدلَ ْ َ ْ َ‬
‫ات ِفيه ُم َح َّمد‬ ‫ٍ‬
‫َر ِزيَّة َي ْوم َم َ‬

‫‪459‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫عنه ُم‬
‫الو ْحي ُ‬ ‫َتَقطَّ َع فيه َمْن ِز ُل َ‬
‫ويْن ِج ُد‬‫ور ُ‬ ‫َوقَ ْد َكا َن َذا ُن ْو ٍر َيغُ ُ‬
‫الر ْح َم ِن َم ْن َي ْقَت ِد ْي بِِه‬‫يَ ُد ُّل َعلَى َّ‬
‫وي ْر ِش ُد‬ ‫ِ ِ‬
‫َوُيْنق ُذ م ْن َه ْو ِل ال َخَزايَا ُ‬
‫الح َّق َج ِاهداً‬ ‫ِ‬
‫إِ َم ٌام لَ ُه ْم َي ْهدْي ُه ُم َ‬
‫وه يَ ْس َع ُدوا‬ ‫ص ْد ٍق إِ ْن يُ ِطْي ُع ُ‬ ‫معِلم ِ‬
‫َُ ُ‬
‫ت َي ْقَب ُل ُع ْذ َر ُه ْم‬‫الزالَّ ِ‬
‫َعُفٌو ع ِن َّ‬
‫ِ‬
‫َجَو ُد‬‫وأ ْن يُ ْحسنُوا فَاهللُ بالْ َخْي ِر أ ْ‬
‫اهموا ِفي نِْعم ِة ِ‬
‫اهلل َبْيَن ُه ْم‬ ‫َ‬ ‫َفَبْيَن ُ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َدلْي ٌل بِه َن ْه ُج الطَّ ِرْي َقة ُي ْق َ‬
‫ص ُد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ِزْيٌز َعلَْيه أَ ْن يَحْي ُد ْوا عن ُ‬
‫اله َدى‬
‫ص َعلَى أَ ْن يَ ْسَتِقْي ُم ْوا َوَي ْهَت ُد ْوا‬ ‫َح ِريْ ٌ‬
‫احهُ‬
‫ِّي َجَن َ‬ ‫الَ ُيَثن ْ‬ ‫وف َعلَْي ِه ْم‬
‫َعطُ ٌ‬
‫َعلَْي ِه ْم َويَ ْم َه ُد‬ ‫ف يَ ْحُن ْو‬ ‫إِلى َكَن ٍ‬
‫ك الن ُّْو ِر إِ ْذ غَ َدى‬ ‫َذلِ َ‬ ‫اه ُم ْوا ِفي‬
‫َفَبْيَن ُ‬
‫ِ‬
‫ت م ْق ِ‬
‫ص ُد‬ ‫ِ‬ ‫إِلى نُو ِر ِه ْم َس ْه ٌم‬
‫الم ْو ُ‬
‫م َن َ‬
‫اهلل ر ِ‬
‫اجعاً‬ ‫َصبح م ْحموداً إِلى ِ‬
‫َ‬ ‫فَأ ْ َ َ َ ُ ْ‬
‫يب ِّكْي ِه جْفن المرس ِ‬
‫الت ويَ ْح َم ُد‬ ‫َ ُ ُْ َ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬
‫الح ْرم َو ْحشاً بَِق ُ‬
‫اع َها‬ ‫ت بِالَ ُد ُ‬ ‫وأ َْم َس ْ‬
‫الو ْحي َت ْع َه ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لغَْيَبة َما كانت م ْن َ‬
‫ضا َف َها‬‫ِقَفاراً ِسَوى َم ْع ُم ْو َر ِة اللَّ ْح ِد َ‬

‫‪460‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ط و َغ ْرقَ ُد‬ ‫فَِقْي ٌد ُيَب ِّكْي ِه بِالَ ٌ‬


‫ات لِْف ْق ِد ِه‬‫وح َش ُ‬ ‫ومس ِج ُده فَالم ِ‬
‫َْ ُ ُ‬
‫َخالَءٌ لَهُ ِفيه َمَق ٌام َو َم ْق َع ُد‬
‫اهلل يَا َعْي ُن َعْبَر ًة‬ ‫َفب ّكى رسو َل ِ‬
‫َ ْ َ ُْ‬
‫الد ْهر َد ْمع ِ‬ ‫َوالَ أ ْع ِر َفنّ َ‬
‫ك يَ ْج ُم ُد‬ ‫ك َّ َ ُ‬
‫ك الَ َتْب ِكْي َن َذا الن ِّْع َم ِة الَّتِ ْي‬ ‫وما لَ ِ‬
‫ََ‬
‫َّاس ِمْن َها َسابِ ٌغ َيَتغَ َّم ُد‬ ‫َعلَى الن ِ‬
‫بالد ُم ْو ِع وأ ْعولِي‬ ‫فَ ُج ْو ِد ْي َعَلْي ِه ُّ‬
‫الد ْه ُر ُي ْو َج ُد‬ ‫لَِف ْق ِد الَّ ِذي الَ ِمْثَلهُ َّ‬
‫ض ْو َن ِمثْ َل ُم َح َّم ٍد‬ ‫الما ُ‬
‫َو َما َفَق ْد َ‬
‫والَ ِمْثَلهُ حتَّى ِ‬
‫القَي َام َة ُي ْفَق ُد‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َوأ َْوفَى ِذَّم ًة َب ْع َد ِذَّم ٍة‬ ‫َع َّ‬
‫أَ‬
‫ب ِمْنهُ نَائِالً الَ ُيَن َّك ُد‬ ‫َوأَقَْر َ‬
‫ف وتَالِ ٍد‬ ‫وأَبْ َذ َل ِمْنهُ لِلطَّ ِريْ ِ‬
‫َكا َن ُيْتَل ُد‬ ‫ِإ َذا ظَ َّن ِم ْعطَاءٌ بِ َما‬
‫ت إِ َذا اْنَت َمى‬ ‫وأَ ْكرم حياً ِفي البيو ِ‬
‫ُُ ْ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫يُ َسَّو ُد‬ ‫َوأَ ْكَر َم َجداً أبْطَ ِحيّاً‬
‫العَلى‬ ‫ات وأَْثب َ ِ‬ ‫وأ َْمَنع ِذرو ٍ‬
‫ت في ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫تُ َشيَّ ُد‬ ‫ات‬‫َد َعائِم ِعٍّز َش ِاهَق ٍ‬
‫َ‬
‫ومثَْبتاً‬ ‫ِ‬ ‫وأَْثَب َ‬
‫ت َف ْرعاً في ال ُف ُر ْو ِع َ‬
‫الع ْو ُد أَ ْغَي ُد‬
‫الم ْز ُن فَ ُ‬
‫وع ْوداً َغ َذ ُاه ُ‬
‫ُ‬

‫‪461‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫فاسَتَت َّم تَ َم ُامهُ‬
‫َربّ ُاه َولْيداً ْ‬
‫ب ُم َم َّج ُد‬ ‫ات َر ٌّ‬ ‫َعلَى أَ ْكرِم ال َخْير ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الم ْسِل ِمْي َن بِ َكِّف ِه‬ ‫ات ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ت ِو َ‬ ‫َتَن َاه ْ‬
‫ِ‬
‫ي ُي ْفَن ُد‬ ‫الرْأ ُ‬
‫وس َوالَ َّ‬ ‫ْم َم ْحبُ ٌ‬ ‫فَالَ العل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب‬‫أَ ُق ْو ُل َوالَ ُي ْلَفى لَق ْول َي َعائ ٌ‬
‫الع ْق ِل ُمْب َع ُد‬ ‫ب َ‬ ‫َّاس إال َعا ِز ُ‬ ‫ِم َن الن ِ‬
‫س َهَوائِي نَا ِزعاً عن َثَنائِِه‬ ‫ولَْي َ‬
‫لََعلِّ ْي بِِه ِفي َجن َِّة ال ُخل ِْد أُ ْخَل ُد‬
‫اك ِجَو َار ُه‬ ‫صطََفى أ َْر ُج ْو بِ َذ َ‬ ‫الم ْ‬‫َم َع ُ‬
‫َج َه ُد‬ ‫ِ‬ ‫وفي َنْي ِل َذ َ‬ ‫ِ‬
‫أس َعى َوأ ْ‬ ‫اك الَْي ْوم ْ‬
‫يء الَ َيْبلَى َج ِدي ُد نِظَ ِام َها‬ ‫آلل َ‬
‫ِ‬ ‫آخر‪َ :‬سأَنْ ِظ ُم ِم ْن فَ ْخ ِر النَّبِ ِّي ُم َح َّم ٍد‬
‫ت ِم ْن ِك َم ِام َها‬ ‫ع أَ ْز َها ٍر بَ َد ْ‬ ‫ضُّو ُ‬ ‫تَ َ‬ ‫ضَّو َ ِ‬
‫ع طيباً َع ْر ُف َها فَ َكأَنَّهُ‬ ‫تَ َ‬
‫ْق َمَق ِام َها‬ ‫ِ‬
‫العلَْياء ِعل ُ‬‫اق َعلَى َ‬ ‫َفَف َ‬ ‫الس َما َكْي ِن َمْن ِزالً‬ ‫ت إال ِّ‬ ‫َس َجايا أَبَ ْ‬
‫اب ِخَي ِام َها‬ ‫نيف َفَتعلُ ِ‬
‫وها قَب ُ‬ ‫تُ ُ ْ َ‬ ‫ِخالَ ٌل إِ َذا الَحت قباب لدي عال‬
‫ض َحى إِ َم َام إِ َم ِام َها‬ ‫َح َمد قَ ْد أَ ْ‬ ‫فأ َ‬ ‫إِ َذا يَ َّم ُموا َي ْوماً إِ َم َام َم َكا ِرٍم‬
‫فَ َمَّر َولم يُ ْد ِر ْك َمَر ِامي َمَر ِام َها‬ ‫فَكم ذُ ْو ُعال أ َْو َما لِ َد ْر ِك َمَق ِام َها‬
‫ليل أ َُو ِام َها‬ ‫آب وقَ ْد أَ ْ‬ ‫يء قَ ْد َر َام ُي ْر َوى بَ ِرِّي َها‬ ‫وكم ظَ ِام ٍ‬
‫ض َحى َع َ‬ ‫فَ َ‬ ‫َ‬
‫ول ُمَق ِام َها‬ ‫وقَ ْد شوقْت َن ْف ِسي بِطُ ِ‬
‫َ‬ ‫شو ٌق بِ ُحبِّ ِه ْم‬ ‫العالَ قَلبِي َم ُ‬ ‫اك ُ‬ ‫لِ َذ َ‬
‫ت ِفيه لَ ِذي َذ َمَن ِام َها‬ ‫وقَ ْد ُح ِر َم ْ‬ ‫اء َها‬ ‫ِِ‬
‫فَللَّه َعْي ٌن الَ تَ َم ُّل بُ َك َ‬
‫البلَْوى َح َم َام ِح َم ِام َها‬ ‫تُطَار ِ‬
‫ِح في َ‬ ‫ُ‬ ‫قَ ِر َ‬
‫يحةٌ‬ ‫س َعلَى ُب ْع ِد الدِّيَا ِر‬
‫َوَن ْف ٌ‬
‫الد ْه ِر غُ ْ‬
‫ص َن‬ ‫ف َّ‬ ‫وقَ ْد قَ َّد َ‬
‫ص ْر ُ‬ ‫َشَبابِِه‬ ‫ت أَيّ ُام َش ْر ِخ‬ ‫ضْ‬
‫َو ُع َمٌر َم َ‬
‫قَ ِ‬
‫وام َها‬

‫‪462‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بض ِ‬
‫رام ِها‬ ‫ت ِ‬ ‫س قَ ْد َذ َو ْ‬‫أَلِ ِّمي َبن ْف ٍ‬ ‫األس َحا ِر ِم ْن نَ ْح ِو‬
‫َفَيا نَ ْس َم َة ْ‬
‫يب َسالَِم َها‬ ‫العلَْيا بِ ِط ِ‬
‫ص َ‬ ‫ص ِ‬
‫إال فَا ْخ ُ‬ ‫ان نَ ْحَو ِقَبابِِه ْم‬‫بح ِادي األظْع ِ‬
‫َ‬
‫ٍِ‬
‫يَثوْيَرا َ َ‬
‫َّ ِ‬
‫هم وال هم‬ ‫ين ال خ وف َعلَْي ْ‬ ‫اللَّ ُه َّم توفنا مس لمني وأحلقنا بعب ادك الص احلني الذ َ‬
‫ص لَّى اهلل‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حيزنون َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَجِ يع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ِ ِ ُ‬ ‫ِِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬‫َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬
‫( موعظة )‬
‫اهلل حَنْ ُن يف زمن بلغ فِيه الفساد مبلغاً ما َكا َن يدور يف خلد إنسان وهان‬ ‫ِعباد ِ‬
‫ََ‬
‫هم ج داً‬ ‫َعلَى كثري من النَّاس الَْي ْوم أن يتق دموا إيل املعاصي مطمئ نني وخف َعلَْي ْ‬
‫هم غري هيابني من اهلل تعاىل وال مبالني بنواهيه ‪.‬‬ ‫أن يرتكبوا ما حرم اهلل َعلَْي ْ‬
‫ولعل زمننا َه َذا ينطبق َعلَْي ِه ما يف حديث أنس َر ِض َي اهللُ عنهُ قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫ول‬
‫اهلل ‪ : ‬ي أيت َعلَى النَّاس زم ان الق ابض َعلَى دينه كالق ابض َعلَى اجلمر " ‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬
‫يف حديث أَيِب ُهَر ْيَر ِة َر ِض َي اهللُ عنهُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬أنه قال ‪ « :‬بدأ اإلسالم غريب اً‬
‫وسيعود غريباً كما بدأ ‪ ،‬فطويب للغرباء )) أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫وابن ماجة من حديث ابن مسعود بزيادة يف آخره وهي –‬ ‫وأخرجه اإلمام أَمَحَ ُد ُ‬
‫اهلل ‪ :‬ومن الغرب اء ‪ ،‬ق ال ‪ « :‬ال نزاع من القبائل )) ‪ ،‬وأخرجه‬ ‫ول ِ‬ ‫‪ :‬قيل يَا َر ُس َ‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫أبو بكر اآلج ِّري وعن ده – ‪ :‬قيل ومن هم يا رس َ ِ‬
‫ول اهلل ‪ ،‬ق ال ‪ « :‬الذ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬
‫يصلحون إِذَا فسد النَّاس )) ‪.‬‬
‫ين يف رون ب دينهم من الفنت )) ‪ ،‬وأخرجه‬ ‫َّ ِ‬
‫وأخرجه غ ريه ‪ ،‬وعن ده ق ال ‪ « :‬الذ َ‬
‫اهلل املزين عن أبيه عن ج ده عن النَّيِب ّ ‪: ‬‬ ‫الرتم ذي من ح ديث كثري بن عبد ِ‬
‫َْ‬
‫ين يصلحون ما أفسد‬ ‫َّ ِ‬
‫(( إن الدين بدأ غريباً وسريجع غريباً فطويب للغرباء الذ َ‬

‫‪463‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫النَّاس من س نيت )) ‪ ،‬ويف حديثه ‪ " :‬قيل ومن هم يا رس َ ِ‬


‫ول اهلل ق ال ‪ « :‬الذ َ‬ ‫َ َُ‬
‫يصلحون حني فساد النَّاس )) ‪.‬‬
‫أما احْلَ ِديث األول فهو واضح ومنطبق ُكل االنطب اق َعلَى َه َذا الزم ان فيما أري‬
‫ك أنك ت ري الشر والفس اد يف ُك ّل م َك ان منتش راً واخْلَرْي ن ادر‬ ‫ِ‬
‫َواهللُ أ َْعلَ ُم َوذَل َ‬
‫الوجود فالفنت يف البيوت واألسواق والدكاكني والسيارات والقطارات والطائرات‬
‫فنت ش هوات نس اء س افرات وفنت ش كوك وإحلاد وش بهات من أن اس منح رفني‬
‫وكتب ض الل وجمالت حتمل يف طيها الباليا والش رور وفي ديوهات تعلم الفس اد‬
‫أبلغ تعليم وهتيج َعلَْي ِه ‪ ،‬حدث فنت يرقق بعضها بعض اً وحوادث األخري أعظم‬
‫ات والس واقني والطب اخني‬ ‫من األويل ومن أعظم ما ح دث ك ثرة اخلدامني واخلدام ِ‬
‫َ‬
‫واملربني ف إن ض ررهم َع ِظيم َعلَى ال دين واألخالق وال ُّد ْنيَا ‪ .‬فانتبه يا من زين له‬
‫سوء عمله وأيت بكفار أعداء اهلل ورسوله والْ ُم ْؤ ِمنِني وأمنهم َعلَى حمارمه خدامني‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ك عيا َذاً بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل من َذل َ‬ ‫أو سواقني أو مربني أو حنو َذل َ‬
‫ب ِفي بِالَ ٍد‬ ‫ِ‬
‫شعراً‪ :‬إِ َذا أ ْكَث ُر َ‬
‫األجان ُ‬
‫اد‬
‫األم ُن واْنَت َشَر ال َف َس ُ‬ ‫تَالَ َشى ْ‬
‫ث ُب ْر َه ٍة‬ ‫ت أَ ْش ُكو ِم ْن َحَو ِاد َ‬ ‫وقَ ْد ُكْن ُ‬
‫ص َحائِ ُح‬ ‫ِ‬
‫س األيَ َام وهي َ‬ ‫وأسَت ْم ِر ُ‬‫ْ‬
‫ث‬ ‫حو ِاد ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ِإلى أَ ْن َتغَ َّشْتنِ ْي ُو ِقْي َ‬
‫ات َمَنائِ ُح‬ ‫السالَِف ِ‬
‫َن َّ‬ ‫تُ َحِّق ُق أ َّ‬
‫ض َها‬‫ات َب ْع ُ‬ ‫آخ َذ ٌ‬ ‫ت ِ‬ ‫آخر‪ :‬ظَُل ٌم َت َهافَ ْ‬
‫ب ال ُفَؤ َاد األل َْم َعا‬ ‫ِ‬ ‫بالب ْع ِ‬
‫ض تَ ْسَتل ُ‬ ‫َ‬
‫الم ْرءُ ِفيها َكَّفهُ‬ ‫ِ‬
‫الَ يَ ْسَتبْي ُن َ‬
‫ت ُمَولََّعا‬ ‫الحجى بالب ِ‬
‫اطالَ ِ‬ ‫تَ َذر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪464‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وج َهالَةٌ َج ْهالَ َي ْرتَ ُع ْأهلُ َها‬


‫َ‬
‫ت َم ْرَت َعا‬
‫اء ْ‬ ‫ِفي ِحْن ِد ٍ ِ‬
‫س مْن َها َو َس َ‬
‫وفنت أم وال انفتحت َعلَى النَّاس بك ثرة وفنت أوالد وبن ات وزوج ات وزمالء‬
‫وش ركاء وعمال من افقني ك ذابني ال يصلون وال يصومون وكثرة مغت ابني ومنامني‬
‫وخداعني ومكارين وجماهرة باملعاصي وقلة أنصار وأعوان وكثرة مثبطني عن األمر‬
‫ك مِم َّا يط ول ذك ره ‪ .‬وقل أن جتد من‬ ‫ِ‬
‫ب املعروف والنهي عن الْ ُمْن َكر وحنو َذل َ‬
‫هؤالء من حيافظ علَى أر َك ِ‬
‫ان اإلسالم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ولكن املتمسك بدينه الق ائم ب دفع ه ذه املعارض ات والعوائق اليت ال يص مد هلا إال أ َْهل البص ائر واليقني وأ َْهل اإلميان املتني الث ابتني ثب وت‬
‫ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫اجلبال الراسيات من أفضل خلق اهلل وأعالهم درجة ِعْن َد اهلل وأعظمهم عنده قدراً جعلنا اهلل وإياكم ِمْن ُه ْم إنه القادر َعلَى َذل َ‬
‫ِ‬ ‫لَِقْب ٍ‬ ‫ك بالّتِي‬
‫ض َعلَى َج ْم ِر َفَتْن ُجو م ْن َ‬
‫البالَ‬ ‫الصْب ِر َم ْن لَ َ‬
‫َو َه َذا َز َما ُن َّ‬

‫وأما احْلَ ِديث الث اين فاإلس الم يِف أول أم ره غ ريب قليل ألن النَّاس َك انُوا قبل‬
‫مبعث رس ول اهلل ‪َ ‬علَى ض الله عامة َفلَ َّما بُعث حُمَ َّم ٌد ‪ ‬مل يس تجب له يِف‬
‫أول األمر إال الواحد بعد الواحد من ُك ّل قبيلة و َك ا َن املس تجيب له خائف اً من‬
‫ك يِف اهلل َعَّز َو َج َّل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عشريته يؤذي غاية األذي وينال منه َو ُه َو صابر َعلَى َذل َ‬
‫و َك ا َن املس لمون إذ ذاك مستض عفني يش ردون ُك ّل مش َّرد ويهرب ون ب دينهم إيل‬
‫الْبِالد النائية كما ه اجروا إيل احلبشة م رتني مُثَّ ه اجروا إيل الْ َم ِدينَة و َك ا َن ِمْن ُه ْم‬
‫من يعذب يِف اهلل ويقتل كعمار وأمه وأبيه وبالل وغريهم من الصحابة ‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هم يِف أول إس المهم من األذي ف َق ْد ذكرنا مناذج مْن ُه ْم ‪ ،‬ق ال َب ْعض ْ‬
‫هم أبي ات ال تنطبق إال َعلَى‬ ‫ولعله مر بك أثن اء اْلكتَ اب ما ج ري َعلَْي ْ‬
‫هم أمجعني ‪:‬‬
‫الصحابة رضوان اهلل َعلَْي ْ‬
‫اهلل َخالِِق ِه ْم‬
‫َقو ٌم لََق ْد آمُنوا بِ ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫اج ُر ْوا َو َّاتَقوا إِثْماً َو ُع ْد َوانَا‬ ‫َو َه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َج َاه ُدوا في َسبِْي ِل اهلل بَ ْل َ‬
‫صَب ُر ْوا‬
‫اك أَ ْز َمانَا‬ ‫وصابروا لِ َذ ِوي اإل ْشر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َُ ْ‬
‫اح َه ُّم ُه ُم ْوا‬
‫باإلصَب ِ‬
‫ْ‬ ‫َتعلُّم ِ‬
‫العل ِْم‬ ‫َُ‬
‫ض ْي لَْيلُ ُه ْم ِذ ْكراً َو ُق ْرآنَا‬ ‫ويْنَق ِ‬
‫ََ‬
‫صِف ِه ُم ْوا‬ ‫وج ِامع األمر إِ ْن تَطْلُ ِ‬
‫ب لَو ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ُ‬
‫َس ٌد واللَّْي ُل ُر ْهَبانَا‬ ‫َن َه ُار ُه ْم أ ُ‬
‫ف َكا َن الداخلون يِف اإلسالم إذ ذاك غرباء ‪.‬‬
‫مُثَّ ظهر اإلس الم بعد اهلج رة إيل الْ َم ِدينَة وعز وص ار أهله ظ اهرين ُك ّل الظه ور‬
‫ِ‬
‫ك يِف دين اهلل أفواج اً وأكمل اهلل هلُ ْم ال دين وأمت َعلَْي ْ‬
‫هم‬ ‫ودخل النَّاس بعد َذل َ‬
‫النعمة ‪.‬‬
‫ك وأ َْهل اإلسالم َعلَى غاية من االستقامة يِف‬ ‫ِ‬
‫وتويِف رسول اهلل ‪ ‬واألمر َعلَى َذل َ‬
‫دينهم وهم متعاضدون متناصرون ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يِف زمن أيب بكر وعمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫عنه َما مُثَّ عمل الش يطان‬ ‫و َك انُوا َعلَى ذَل َ‬
‫مكائ ده َعلَى امل ْس لِ ِمنْي َ وألقي بأس هم بينهم وأفشي فيهم فنت الش بهات والش هوات‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬
‫ومل تزل هاتان الفتنتان تتزايدان شيئاً فشيئاً حيت استحكمت مكيدة‬

‫‪466‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فمْن ُه ْم من أطاعه ودخل يِف فتنة الش بهات َو ِمْن ُه ْم‬ ‫الش يطان وأطاعه أك ثر اخللق ِ‬
‫من دخل يِف فتنة الشهوات َو ِمْن ُه ْم من دخل يِف الفتنتني ‪.‬‬
‫ك مِم َّا أخرب النَّيِب ّ ‪ ‬بوقوعه فأما فتنة الشبهات ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وكل ذَل َ‬
‫ف َق ْد روي عن النَّيِب ّ ‪ ‬من غري وجه ‪ :‬أن أمته س تفرتق َعلَى أزيد من س بعني‬
‫فرقة وأن تلك الفرق يِف النار إال واحد ًة وهي من كانت َعلَى ما ُه َو َعلَْي ِه ُه َو‬
‫وأصحابه ‪. ‬‬
‫وعن أيب ب رزة عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال ‪ :‬إمنا أخشي عليكم الش هوات اليت يِف بط ونكم‬
‫و فروجكم ومضالت الفنت ويِف رواية ومضالت اهلوي ‪.‬‬
‫َفلَ َّما دخل أكثر النَّاس يِف هاتني الفتنتني أو إحديهما أصبحوا متقاطعني متباغضني‬
‫بعد أن َك انُوا إخوان اً متح ابني متواص لني ف إن فتنة الش هوات عمت غ الب اخللق‬
‫فص َارت غاية قصدهم هلا يطلبون وهبا يرضون وهلا يغضبون‬ ‫ففتنوا ُّ‬
‫بالد ْنيَا وزهرهتا َ‬
‫ك أرح امهم وس فكوا دم اءهم وارتكب وا‬ ‫ِ‬
‫وعلَْي َها يع ادون فقطع وا ل َذل َ‬
‫وهلا يوال ون َ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫معاصي اهلل بسبب َذل َ‬
‫وأما فتنة الشبهات واألهواء املضلة فبسببها تفرق أ َْهل القبلة وصاروا شيعاً وكفر‬
‫وهبم َعلَى‬ ‫هم بعض وأص بحوا أع داءً وفرق اً وأحزاب اً بعد أن َك انُوا إخوانَ اً ُقلُ ْ‬ ‫َب ْعض ْ‬
‫قلب رجل واحد فلم ينج من هذه الفرق ُكلّ َها إال الفرقة الواحدة الناجية ‪.‬‬
‫وهم املذكورون يِف قوله ‪ : ‬ال ت زال طائفة من أميت ظ اهرين َعلَى احلق ال‬
‫ك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يضرهم من خذهلم وال من خالفهم حيت يأيت أمر اهلل وهم َعلَى َذل َ‬

‫‪467‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ين يص لحون إِ َذا‬ ‫َّ ِ‬ ‫وهم يِف آخر الزم ان الغرب اء املذكورون يِف‬
‫ه ذه األح اديث الذ َ‬
‫ين يف رون ب دينهم من‬ ‫َّ ِ‬
‫فسد النَّاس ويص لحون ما أفسد النَّاس من الس نَّة وهم الذ َ‬
‫الفنت وهم النزاع من القبائل ‪.‬‬
‫ألهنم قل وا فال َيو َج َد يِف ُك ّل قبيلة ِمْن ُه ْم إال الواحد وقَ ْد ال َيو َج َد يِف بعض‬
‫ِ‬
‫ك ‪.‬‬ ‫القبائل ِمْن ُه ْم أحد كما َكا َن الداخلون يِف اإلسالم يِف أول األمر َك َذل َ‬
‫ويِف مس ند اإلم ام أَمَحَد عن عب ادة بن الص امت أنه ق ال لرجل من أص حابه ‪:‬‬
‫يوشك إن طالت بك احلياة أن تري الرجل قَ ْد َق َرأَ القرآن َعلَى لسان حُمَ َّمد ‪‬‬
‫فأع اده وأب داه وأحل حالله وح رم حرامه ون زل ِعْن َد منازله ال جيوز فيكم إال‬
‫كما جيوز احلمار امليت ‪.‬‬
‫ومثله ق ول ابن مس عود ‪ :‬ي أيت َعلَى النَّاس زم ان يك ون امل ْؤ ِمن فِيه أذل من األمة‬
‫ُ‬
‫‪ ،‬وإمنا ذل امل ْؤ ِمن آخر الزم ان لغربته بني أ َْهل الفس اد من أ َْهل الش بهات‬
‫ُ‬
‫والش هوات فكلهم يكرهه ويؤذيه ملخالفة طريقته لط ريقتهم ومقص وده ملقص ودهم‬
‫ومباينته ملا هم َعلَْي ِه من الشر والفس اد واخلبث وس ائر الص فات القبيحة اليت‬
‫أهوهنا توريد الكفار واملالهي واملنكرات لبالد امل ْسلِ ِمنْي َ ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وجتد أك ثر من يؤذيه س قطهم وس فلهم ولئ امهم لقلة أعوانه وأنص اره وك ثرة‬
‫س وجنوده خذهلم اهلل ودمرهم ‪.‬‬ ‫املخذلني واملرجفني وأعوان إبلَْي َ‬
‫ك بنفسك وحنو ه َذا الكالم والعياذ بِ ِ‬ ‫هِب‬ ‫ٍ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فكم فرتوا عزم آمر مبعروف أو ناه عن منكر بقوهلم ما أَنْ َ‬
‫ت مبكلف ُ ْم أتركهم َعلَْي َ‬
‫عن َه ِذ ِه ُّ‬
‫الدْنَيا بِالَ إِ ْش َك ِال‬ ‫ت ْأربةٌ ِال ْرتِ َحالِ ْي‬ ‫ت َو َحانَ ْ‬‫ِشْعراً‪َ :‬قَربَ ْ‬
‫ك َرائِ ُد َ‬
‫األهَو ِال‬ ‫َّت َو َذلِ َ‬
‫ظَن ْ‬ ‫والس َما‬
‫الها َّ‬ ‫ت َك َ‬ ‫األرض قَ ْد َمَن َع ْ‬
‫الح ِال‬ ‫ِ‬ ‫اد بَِبَّر َها َوبَِب ْح ِر َها‬
‫أحَوالَُها في َ‬ ‫ت ْ‬ ‫وَتَن َكَر ْ‬ ‫ظََهَر ال َف َس ُ‬
‫ص ال ُق ُر ْو ِن ال َخ ِال‬ ‫ِ‬
‫إال أَقَاصْي ُ‬ ‫الدْنَيا َج ِمْي ٌل ظَ ِاهٌر‬ ‫لم َيْب َق ِفي ُّ‬

‫‪468‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يَ َد ْع الثَّوانِ َي عنهُ ِفي األعمال‬ ‫ظ‬‫ض ُمَت َحِّف ٌ‬ ‫الو َرى ُمَتَيَق ٌ‬ ‫ِ‬
‫َه ْل في َ‬
‫االت أ َْهِل َها‬ ‫وقَ ْد تَسِلب االيَّام ح ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ُس ِد ِّ ِ‬
‫الر َجال الث ََّعال ُ‬ ‫َوَت ْع ُد ْوا َعَلى أ ْ‬
‫الع ِريْ َن َولم يَ ُك ْن‬ ‫ُس ُد َ‬‫ت أْ‬ ‫آخر‪ِ :‬إ َذا َهَل َك ْ‬
‫ِ‬ ‫ف ِفي ِ‬
‫ب‬
‫اد الث ََّعال ُ‬ ‫الغْي ِل َس َ‬ ‫لَ َها َخَل ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س أ َْو ُجهاً‬ ‫آخر‪َّ :‬لما َتَب َّدلَت َ‬
‫الم َجال ُ‬
‫ت ِم ْن ُعلَ َمائَِها‬ ‫غَْيَر الَّ ِذيْ َن ع ِه ْد ُ‬
‫ِ‬
‫األولَى‬‫َو َرأَْيُت َها َم ْحُفوفَ ًة بِسَوى ْ‬
‫ص ُد ْر ِو َها َو ِفنَائَِها‬
‫َكانُوا ُوالََة ُ‬
‫ت َبْيتاً َسائِراً ُمَتَقدِّماً‬ ‫أَنْ َش ْد ُ‬
‫ت بِ َجا ِر َي َمائَِها‬ ‫والعْي ُن قَ ْد َش ِرقَ ْ‬ ‫َ‬
‫الخَي ُام فَِإَّن َها َك ِخَي ِام ِه ْم‬
‫أََّما ِ‬
‫الح ِّي غَْيَر ِر َجالِ َها‬ ‫ال َ‬ ‫َوأ ََرى ِر َج َ‬
‫فيا له من زم ان يواجه فِيه امل ْؤ ِمن الص ابر عواصف الفنت َو ُرمَّبَا متين املوت ملا‬
‫ُ‬
‫يري من املنكرات اليت ال يستطيع هلا تغيرياً وامسَ َع إيل ما ورد ‪.‬‬
‫فعن حممر عن حييي بن أيب كثري قال ‪ :‬دخلت َعلَى أيب مسلمة ابن عبد الرمحن‬
‫اهلل لي أيت َعلَى النَّاس زم ان‬ ‫ال ‪ :‬إن اس تطعت أن متوت فمت فو ِ‬ ‫َو ُه َو م ريض َف َق َ‬
‫َ‬
‫يكون املوت أحب إيل أحدهم من الذهب األمحر ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬ويِف زمننا َه َذا موج ود يِف كثري من أقط ار األرض مس لمون ين وع َعلَْي ْ‬
‫هم‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫الْ َع َذاب عش ية وض حاها وب ودهم لو م اتوا واس رتاحوا ف املوت أحب إليهم من‬
‫ال طاووس ‪ :‬ال حترز دين املرء إال حفرته ‪.‬‬ ‫الذهب األمحر ‪َ ،‬وقَ َ‬

‫‪469‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ُّعاء ب املوت حيت‬ ‫ِ‬


‫عنه َما ‪ :‬أك ثرت ال د َ‬ ‫وروي أن ابن عب اس ق ال لعمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫ص احِل اً‬ ‫ِ‬
‫ك أسهل لك عْن َد أوان نزوله فلما َذا مللت أما تعني َ‬
‫ِ‬
‫خشيت أن يكون َذل َ‬
‫ت‬‫أو َت ُقوم فاسداً قال يا ابن عباس ‪ :‬إين قائل لك قوالً َو ُه َو إليك ‪ ،‬قال ‪ُ :‬ق ْل ُ‬
‫للهوة من‬ ‫ٍ‬ ‫لن يعدوين ‪ ،‬قال ‪ :‬كيف ال أحب فراقهم وفيهم ناس ُك ّل فاتح فيه‬
‫ال ُّد ْنيَا إما حبق ال ين وء به أو بباطل ال يناله ولوال أن أس أل عنهم هلربت منكم‬
‫فأصبح األرض مين بالقع ‪َ ،‬واهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد ‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ومن كالم أَمَحَد بن عاصم األنطاكي و َك ا َن من كبار التابعني قال ‪ :‬إين أدركت‬
‫من األزمنة زمانَاً عاد فِيه اإلسالم غريباً كما بدأ إن ترغب فِيه إيل َع ا ٍمل وجدته‬
‫ت ‪ :‬وما أك ثره يِف زمننا ف أمعن‬ ‫مفتون اً حبب ال ُّد ْنيا حيب ِ‬
‫التعظيم والرياسة ‪ُ ،‬ق ْل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫نظرك ‪ ،‬قال ‪ :‬وإن ترغب فيه إيل عابد وجدته جاهالً يِف عبادته خمدوعاً صريعاً‬
‫ف له‬ ‫غ دره إبلَْيس قَ ْد ص عد به إيل أعال درجة العب ادة َو ُه َو جاهل بأدناها فَ َكْي َ‬
‫بأعالها ‪.‬‬
‫ك من الرع اع مهج ع وج ذئ اب خمتلسة وس باع ض ارية وثع الب ض وار‬ ‫ِ‬
‫وس ائر َذل َ‬
‫َه َذا وصف عي ون أ َْهل زمانك من محلة العلم والق رآن ودع اة احلكمة ‪ ،‬أخرجه‬
‫ف مبا ح دث بع ده من‬ ‫فه َذا وصف أ َْهل زمانه ‪ ،‬فَ َكْي َ‬ ‫أبو نعيم يِف احللية ‪َ ،‬‬
‫العظائم والدواهي اليت مل ختطر بباله ومل تدر يِف خياله من املنكرات ‪.‬‬
‫وعن احلسن البص ري أنه ق ال ‪ :‬لو أن رجالً من الص در األول بعث الَْي ْوم ما‬
‫ت ‪ :‬ويِف زمننا َّ‬
‫الصالة‬ ‫الصالة ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫عرف من اإلسالم شيئاً إال تلك َّ‬

‫‪470‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫جسم بال روح ِعْن َد كثري من البقايا املتمس كني هبا فال ح ول وال ق وة إال بِ ِ‬
‫اهلل‬
‫الع ِظيم َو ُه َو حسبنا ونعم الوكيل ‪.‬‬
‫العلَى َ‬
‫َ‬
‫احب بدعة‬ ‫ِ‬
‫مُثَّ ق ال ‪ :‬والَّذي نفسي بي ده لئن ع اش علَى ه ذه املنك رات ف رأي ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احب دنيا يدعو إيل دنياه فعصمه اهلل تعاىل وجعل َق ْلبهُ حين‬ ‫يدعو إيل بدعته وص ِ‬
‫َ‬
‫الس لَف فيتبع آث ارهم ويسنت بس نتهم ويتبع س بيلهم َك ا َن له أجر َع ِظيم‬ ‫إيل ذكر َّ‬
‫‪.‬‬
‫ال َعلَى بن أيب ط الب ‪ :‬تعلم وا العلم تعرف وا به واعمل وا به تكون وا من أهله‬ ‫َوقَ َ‬
‫فإنه سيأيت بعد زمان ينكر احلق فِيه سبعة أعشارهم ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬وقَ ْد وقع شيء كثري‬
‫َوقَ َال ابن مسعود ‪ :‬يوشك من عاش منكم أن يري منكراً ال يستطيع له غري أن يعلم اهلل من َقْلبهُ أنه له كاره ‪ُ .‬قْل ُ‬
‫يِف زمننا وقبله مثل الصور والتلفزيون والفيديو واملذياع والكورة والسفور وحلق اللحية والدخان ‪.‬‬
‫الهَوى قَ ْد‬ ‫ب َ‬ ‫غَ َد ْو ابِ َجال يِْب ِ‬ ‫اله َدى غَْيَر َّأن ُه ْم‬ ‫َّاس ُ‬ ‫لََق ْد بَا َن لِلن ِ‬
‫الض ِر ْر‬ ‫احَْبَُبذِْروا ِ‬
‫الف ْدُي ْو َوتِْلَف َاز َّ‬ ‫تََو ْج ْل‬ ‫المالَ ِه ْي َوال ُكَر ْة‬
‫آخر‪ :‬ا ْعَت ِز ْل أ َْه َل َ‬
‫األج ْر‬
‫ْت َ‬ ‫اع ٍة نِل َ‬
‫ف ِفي طَ َ‬ ‫ص ِر ْ‬
‫لَْو ُ‬ ‫اع ُع ْمٌر يَا َفَتى‬ ‫ض َ‬ ‫كم بَِها قَ ْد َ‬
‫ال أبو الدرداء ‪ :‬لَ ْو خرج إليكم رسول اهلل ‪ ‬الَْي ْوم ما عرف شيئاً مِم َّا َك ا َن‬ ‫َوقَ َ‬
‫اهلل ‪" : ‬‬ ‫ول ِ‬ ‫الص الة ‪ ،‬وعن ابن عب اس ق ال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫َعلَْي ِه ُه َو وأص حابه إال َّ‬
‫من متسك بس نيت ِعْن َد فس اد أميت فله أج ُر مائة ش هيد " رواه ال بيهقي ورواه‬
‫الطرباين من حديث أَيِب ُهَر ْيَر ِة إال أنه قال ‪ :‬فله أجر شهيد ‪.‬‬
‫ت مل ما‬ ‫وروي الرتم ذي عن أمية الش عباين ق ال ‪ :‬أتيت أبا ثعلبة اخلشين ف ُق ْل ُ‬
‫ين َآمنُ واْ َعلَْيكم‬ ‫َّ ِ‬
‫ت ‪ :‬ق ول اهلل تع اىل " يَا أيها الذ َ‬ ‫تص نع هبذه اآلية ق ال ‪ُ :‬ق ْل ُ‬
‫ض َّل إِذَا ْاهتَ َد ْيتُ ْم " ‪.‬‬ ‫ضُّركم َّمن َ‬
‫أَن ُف َسكم الَ يَ ُ‬

‫‪471‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال ‪ :‬بل‬ ‫عنها رس ول اهلل ‪َ ‬ف َق َ‬ ‫ِ‬


‫عنها خب رياً س ألت َ‬ ‫ق ال ‪ :‬أما َواهلل لََق ْد س ألت َ‬
‫وي متبع اً‬ ‫ِ‬
‫ائتم روا ب املعروف وتن اهوا عن الْ ُمْن َكر حيت إ َذا َرأَيْت ش حاً مطاع اً وه ً‬
‫عنك العوام ‪.‬‬
‫ك بنفسك ودع َ‬ ‫فعلَْي َ‬
‫وإعجاب ُك ّل ذي رأي برأيه َ‬‫َ‬ ‫ودنيا مؤثرةً‬
‫مثل‬ ‫ف إن من ورائكم أيام اً الص ابر فيهن َعلَى دينه كالق ابض َعلَى اجلمر للعامل فيهن‬
‫عتبة‬ ‫وز َاد َغرْي‬
‫أجر مخسني رجالً يعمل ون كعملكم ‪ ،‬ق ال الرتم ذي ‪ :‬عن ابن مب ارك َ‬
‫عتبة‬ ‫أي ال راوي َو ُه َو ابن حكيم مخسني رجالً منكم ‪ ،‬وروي الط رباين من ح ديث‬
‫مبثل‬ ‫اهلل ‪ ‬من ورائكم أيام الصرب املتمسك فيها يومئذ‬ ‫ول ِ‬‫بن غزوان قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫ما أنتم َعلَْي ِه كأجر مخسني منكم ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫ال ابن القيم َر ِح َمهُ اهللُ تعالى‬
‫َوقَ َ‬
‫بسن َِّة الْ ـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َه َذا ولل ُْمَت َم ِّسكْي َن ُ‬
‫م ْخَتا ِر ِعْن َد فَس ِاد ِذي األ ْزم ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫س َي ْق ُد ُر قَ ْد َر ُه‬ ‫ِ‬
‫َجٌر َعظْي ٌم لَْي َ‬ ‫أْ‬
‫إال الَّ ِذي أَ ْعطَ ُاه لِ ِإلنْس ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫َفَر َوى أَبُو َد ُاو َد ِفي ُسَن ٍن لَهُ‬
‫الشْيَبانِي‬
‫َح َم ُد َّ‬
‫َو َر َو ُاه أَيْضاً أ ْ‬
‫َخ ْم ِسْي َن ْامرأً‬ ‫َجر َ‬ ‫ض َّم َن أ ْ‬‫أَثَراً تَ َ‬
‫َح َم َد ِخْيَر ِة َّ‬
‫الر ْحم ِن‬ ‫ب أْ‬ ‫ص ْح ِ‬ ‫م ْن َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ص َدا ٌق لَهُ‬ ‫اد ُه َح َس ٌن وم ْ‬ ‫إِ ْسَن ُ‬
‫اإلحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫في ُم ْسل ٍم فَأَ ْف َه ْمهُ ب ْ َ‬
‫ْت َه ْر ٍج ِه ْجَرةٌ‬ ‫اد َة َوق َ‬ ‫َن ِ‬
‫العَب َ‬ ‫أ َّ‬
‫اك ُذو بر َه ِ‬
‫ان‬ ‫َحقاً إِلى َو َذ َ ْ ُ ْ‬
‫السـ‬
‫ك أَُّي َها ّ‬ ‫َه َذا فكم ِم ْن ِه ْج ِر ٍة لَ َ‬

‫‪472‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّح ِقْي ِق الَ بِأَم ِ‬


‫ان‬ ‫َ‬ ‫ِّي بِالت ْ‬‫ُسن ُ‬
‫َه َذا َوكم ِمن ِه ْج ِر ٍة ُله ْم بِ َما‬
‫ول وجاء ِفي ال ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫ْ‬ ‫الر ُس ُ َ َ‬ ‫ال َّ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ي‬‫ص َداقُهُ في الت ْرمذ ُ‬ ‫ولََق ْد أَتَى م ْ‬
‫ِ ِ‬
‫اعيَت ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫ل َم ْن لَهُ أُ َذنَان َو َ‬
‫ت فَ َذا‬ ‫َج ِر ُم ْحيِ ْي ُسنَّ ًة َماتَ ْ‬ ‫ِ‬
‫في أ ْ‬
‫ول لِمن لَهُ َعْيَن ِ‬
‫ان‬ ‫الر ُس ِ َ ْ‬ ‫َك َم َع َّ‬
‫ث ّأو ٍل‬ ‫تَ ْشبِْيهُ أَُّمتِ ِه بِغَْي ٍ‬
‫وآخر ُه فَم ْشَتِب َه ِ‬
‫ان‬ ‫ِمْنه ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫اك الَ يُ ْد َري الَّ ِذي ُهَو ِمْن ُه َما‬ ‫فَِل َذ َ‬
‫والر ْجح ِ‬ ‫ص بِ َّ ِ‬
‫ان‬ ‫التْفضْي ِل ُّ َ‬ ‫قَ ْد ُخ َّ‬
‫ض َل ِفي الـ‬ ‫َن الَْف ْ‬ ‫ولََق ْد أَتَى أََثٌر بِأ َّ‬
‫أعنِ ْي أ ََّوالً والثَّانِي‬ ‫ـطََر َفْي ِن َ‬
‫ط ُذ ْو َثَب ٍج فَا ْعَو َج َه َك َذا‬ ‫والَْو ْس ُ‬
‫ث ولَْيس َذا نُ ْكر ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْح ِديْ ُ‬ ‫اء ال َ‬ ‫َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َدا ٌق لَهُ‬ ‫الو ْح ِي م ْ‬ ‫ولََق ْد أَتَى في َ‬
‫اك ِفي ال ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫ِفي ُ‬
‫الثلََّثْي ِن و َذ َ‬
‫ْ‬
‫الي ِمْي ِن َفُثلَّةٌ َم َع ِمثِْل َها‬
‫أ َْه ُل َ‬
‫والسابُِقو َن أَقَ ُّل ِفي الحسب ِ‬
‫ان‬ ‫ُ َْ‬ ‫َّ ْ‬
‫َن تَابَِع ُه ْم ُه ُم الْـ‬ ‫اك إال أ َّ‬ ‫َما َذ َ‬
‫ت غُرب َة األوطَ ِ‬
‫ان‬ ‫غَُربَاءُ لَْي َس ْ ْ َ ْ‬

‫‪473‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اهلل غُْربَةُ قَائِِم‬‫َّها و ِ‬ ‫ِ‬


‫لَكن َ َ‬
‫الشْيطَ ِ‬
‫ان‬ ‫بِالدِّي ِن بين َعس ِ‬
‫اك ِر َّ‬ ‫ْ َْ َ َ‬
‫فَِل َذ َ‬
‫اك َشَّب َه ُه ْم بِِه َمْتُب ْو ُع ُه ْم‬
‫اك ُذو تِْبي ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬‫في الغُْرَبَتْي ِن َو َذ َ ْ َ‬
‫لم يُ ْشبِ ُه ْو ُه ْم ِفي َج ِمْي ِع أ ُُم ْو ِر ِه ْم‬
‫ِمن ُك ِّل و ْج ٍه لَْيس يسَت ِوي ِ‬
‫ان‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اء بِالْـ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَانْظُْر إِلى‬
‫َت ْفسْي ِره الغَُربَ َ‬
‫م ْحِبْين سنَّتِ ِه بِ ُك ِّل َزم ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫والش ْو ُق يَ ْح ُد ْو ُه ْم إِلى‬ ‫َّ‬ ‫طُْوبَى ل ُّه ْم‬
‫َم ال ُقر ِ‬ ‫أَ ْخ ِذ ال ِ ِ‬
‫آن‬ ‫ْحديْث َو ُم ْح َك ِ ْ‬ ‫َ‬
‫لم َي ْعَب ُؤا بنُ َحاتَِة الْـ‬ ‫طُْوبَى ل ُّه ْم‬
‫أ ْف َكا ِر أَو بِزبالَِة األ ْذ َه ِ‬
‫ان‬ ‫ْ َُ‬
‫ِ‬
‫طُْوبَى ُله ْم َركبُوا َعَلى َمْت ِن َ‬
‫العَزا‬
‫اص ِديْ َن لِ َمطَْل ِع اإليمان‬ ‫ثُ َّم قَ ِ‬
‫طُْوبَى ُله ْم لم َي ْعَب ُؤا شيئاً بِ َدالْـ‬
‫اهم الو ْحي ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫أَراء ِإذ أ ْغَن ُ ُ َ َ‬
‫الو َرى‬ ‫طُْوبَى ُله ْم وإِ َم ُام ُه ْم ُد ْو َن َ‬
‫من جاء بِاإليمان وال ُفرقَ ِ‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ص ُد ْونَهُ‬ ‫و ِ‬
‫اهلل َما اْئَت ُّم ْوا بِ َش ْخ ٍ‬ ‫َ‬
‫إال ِإ َذا ما َدلَُّهم بِبي ِ‬
‫ان‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ‬
‫اب آثَ ٌار َع ِظْي ٌم َشأُْن َها‬
‫ِفي الَْب ِ‬

‫‪474‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت َعلَى العلَم ِاء ِفي األ ْزم ِ‬


‫ان‬ ‫أَ ْعَي ْ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫ص َحابََة الـ‬ ‫َن َ‬ ‫العلَ َماءُ أ َّ‬
‫َج َم َع ُ‬ ‫إِ ْذ أ ْ‬
‫ف اإلنسان‬ ‫م ْخَتا ِر َخْير طَوائِ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ْف َبْيـ‬ ‫س ِفيه ال ُخل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َذا بالضَُّر ْو َرة لَْي َ‬
‫ت بِِه َق ْوالَ ِن‬ ‫َن اِْثَنْي ِن َما ُح ِكَي ْ‬
‫ض َل أ َْم ُر َها‬ ‫اك ِذي األثَا ِر أَ ْع َ‬ ‫فَِل َذ َ‬
‫اإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫وَبغَ ْوا لَ َها َّ ِ ِ‬
‫التْفسْيَر ب ْ َ‬ ‫َ‬
‫اس َم ْع إِ َذا تَأْ ِوْيَل َها وا ْف َه ْمهُ الَ‬ ‫فَ ْ‬
‫ك أَو نُ ْكر ِ‬
‫ان‬ ‫ِ ِ‬
‫َت ْع َج ْل بَر ٍّد مْن َ ْ َ‬
‫إِ َّن البِ َد َار بَِر ِّد َش ْي ٍء لم تُ ِح ْط‬
‫الحرم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫ب إَلى ْ َ‬ ‫علْماً بِه َسَب ٌ‬
‫ض ُل ِمْنهُ ُمطَْل ٌق َو ُمَقيَّ ُد‬ ‫َوال َف ْ‬
‫ض ِل مرَتبَت ِ‬
‫ان‬ ‫َو ُه َما أل َْه ِل ال َف ْ َ ْ َ‬
‫ب‬ ‫الت ْقِيْي ِد لَْيس بِ ُم ْو ِج ِ‬ ‫ض ُل ُذ ْو َ‬ ‫َوال َف ْ‬
‫َ‬
‫ضالً َعَلى اإلطْالَ ِق ِمن إِنْس ِ‬
‫ان‬ ‫فَ ْ‬
‫ْ َ‬
‫ضي لَهُ‬ ‫الت ْقِيْي ُد أَ ْن ي ْق ِ‬‫ب َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الَ ُي ْوج ُ‬
‫ان‬‫الر ْجح ِ‬
‫ف بِ ُّ َ‬ ‫االستَِو ِاء فَ َكْي َ‬ ‫بِ ْ‬
‫ِإ ْذ َكا َن ُذ ْو اإلطْالَ ِق َح َاز ِم ْن ال َف َ‬
‫ضا‬
‫اإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫ئِ ِل َف ْو َق ِذي َّ ِ ِ ِ‬
‫التْقيْيد ب ْ َ‬
‫ضنا و ِ‬
‫احداً قَ ْد َح َاز َن ْو‬ ‫فَِإ َذا َفَر ْ َ َ‬
‫َعاً لم يح ْز ُه فَ ِ‬
‫اض ُل اإلنسان‬ ‫َُ‬

‫‪475‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ض ِل َعلَْيـ‬ ‫ص ِم ْن فَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ب التَّ ْخصْي ُ‬ ‫لم ُي ْو ِج ِ‬
‫ِـه والَ مساو ٍاة والَ ُن ْقص ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ ََُ َ‬
‫ب‬‫الي ِديْ ِن بِ ُم ْو ِج ٍ‬
‫آد َم بِ َ‬
‫ْق َ‬ ‫َما َخل ُ‬
‫ث بِال ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫ضالً َعلَى المْبعو ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ ُْ‬
‫ص َم ْن أَتَى ِم ْن َب ْع ِد ِه‬ ‫و َك َذا َخ ِ‬
‫صائ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ِمن ُك ِّل ر ْس ِل ِ‬
‫اهلل بِالبر َه ِ‬
‫ان‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فَ ُم َح َّم ٌد أَ ْعالَ ُه ُم َف ْوقاً َو َما‬
‫الر ْجح ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫كمت لَ ُه ْم بِ َم ِزيَّة ُّ َ‬ ‫َح َ‬
‫ِ‬
‫َجراً لم يَ ُح ْز‬ ‫الحائُِز ال َخ ْمسْي َن أ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫َها ِفي َج ِْمي ِع َشَرائِ ِع اإليمان‬
‫الم ِعْيـ‬ ‫ِ‬
‫َه ْل َح َاز َها ِإ ْذ َكا َن قَ ْد َعد َم ُ‬
‫َن و ُهم َفَق ْد َكاُنوا ْأولِي أَ ْعو ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ضْي ُع َما َيَت َح َّم ُل الْـ‬ ‫والرب لَْيس ي ِ‬
‫َّ ُ َ ُ‬
‫َجِل ِه ِمن َش ِ‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫ُمَت َح َّملُو َن أل ْ‬
‫ض ُاه َم ْع‬ ‫الو ْحِي ِد ِر َ‬‫َفَت َح ُّم ِل ال َْعْبد َ‬
‫ض الْع ُدِّو و ِقلَِّة األ ْعو ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َفْي ِ َ َ‬
‫ص ِاد ٍق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َّما يَ ُد َّل َعَلى يَقْي ٍن َ‬
‫ومحبٍَّة ِ ِ ِ‬
‫العرفَ ِ‬
‫ان‬ ‫وحقْيَقة ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫يَ ْكِفيه ُذالً َوا ْغتَِراباً ِقلَّةُ الْـ‬
‫الشْيطَ ِ‬
‫ان‬ ‫اك ِر َّ‬ ‫أَنْصا ِر بين َعس ِ‬
‫َ َْ َ َ‬
‫ِفي ُك ّل َي ْوٍم ِف ْرقَةٌ َت ْغ ُز ْو ُه إِ ْن‬

‫‪476‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َت ْر ِج ْع ُيَو ِافيه ال َف ِريْ ُق الثَّانِي‬


‫ض َام عن ال ِّذ ْي‬ ‫الم ْسَت َ‬
‫ب ُ‬ ‫فَ َس ِل الغَ ِريْ َ‬
‫ي ْلَق ُاه بْين ِع َدى بِال حسب ِ‬
‫ان‬ ‫ُ َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫الم َدى َوتَطَ َاو ْل الْـ‬ ‫َه َذا وقَ ْد َب ُع َد َ‬
‫اإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ب َْ‬ ‫َع ْه ُد الذي ُهَو ُم ْوج ُ‬
‫ض َج ْمراً فَ َس ْل‬ ‫اك َكا َن َكَقابِ ٍ‬ ‫ولِ َذ َ‬
‫َح َشاء ُه عن حِّر ِذي النِْير ِ‬
‫ان‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫أْ َ‬
‫َواهللُ أَ ْعلم بالَّ ِذي ِفي َقلْبهُ‬
‫اح ِد المَن ِ‬
‫ان‬ ‫ي ْكِفيه ِعلْم الو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫س َي ْق ُد ُر قَ ْد َر ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في الَْقلْب أ َْمٌر لَْي َ‬
‫إال الَّ ِذي آتَ ُاه لِ ِإلنْس ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ضا‬‫صْبٌر َم َع ِر َ‬ ‫بٌِر َوَت ْوحْي ٌد َو َ‬
‫َّح ِكْيم لِْل ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫َو ُّ‬
‫الش ْك ُر والت ْ ُ ْ‬
‫ضِل ِه بين ِ‬ ‫ِ‬
‫العَبا‬ ‫ُسْب َحا َن قَاس ِم فَ ْ َ ْ َ‬
‫واإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫َْ‬ ‫ض ِل‬‫اك ُم ْو ِل ال َف ْ‬ ‫ِد فَ َذ َ‬
‫ص ْو َر ِة الْـ‬ ‫ِ‬ ‫فَال َف ْ ِ‬
‫س بِ ُ‬ ‫ض ُل عْن َد اهلل لَْي َ‬
‫أَ ْع َم ِال بَ ْل بِ َحَقائِ ِق اإليمان‬
‫ض ُل األعمال َيْتَب ُع َما َي ُق ْو‬ ‫َوَتَفا ُ‬
‫احَِِِِبَها ِمن البر َه ِ‬ ‫ْب ِ‬
‫ان‬ ‫ص َ ْ ُْ‬ ‫ُم بَِقل ِ َ‬
‫الع ِامالَ ِن ِكالَ ُه َما‬
‫َحتَّى يَ ُكو َن َ‬
‫ِفي رْتب ٍة َتْب ُدو لََنا بِِعي ِ‬
‫ان‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬

‫‪477‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس َما‬
‫وبَيْن ُه َما َك َما َبْي َن َّ‬
‫َه َذا َ‬
‫ض ٍل ِ‬
‫وفي ر ْجح ِ‬
‫ان‬ ‫واألرض ِفي فَ ْ‬
‫ُ َ‬
‫اب َذا َوَثَو ِ‬
‫اب َذا‬ ‫َويَ ُكو ُن َبْي َن َثَو ِ‬
‫اعَفةٌ بِال حسب ِ‬
‫ان‬ ‫ضَ‬ ‫ب ُم َ‬
‫ُ َْ‬ ‫ُرتَ ٌ‬
‫الر ِ‬
‫ب َج َّل َجالَلُهُ‬ ‫َه َذا َعطَاءُ َّ‬
‫ف ِح ْك َمةُ َّ‬
‫الر ْحم ِن‬ ‫اك ُت ْعَر ُ‬ ‫َوبِ َذ َ‬
‫وعلَى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫َواهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫" موعظة "‬
‫اهلل إن لكم بأب دانكم عناية عظيمة ال تس اميها العناي ات بل ُك ّل حي اتكم‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫وهناركم يِف كد‬
‫ْ‬ ‫ليلكم‬
‫ْ‬ ‫س‬
‫ذاهبة فيما تبذلونه خلدمة َه َذا الب دن من جمه ودات ألَْي َ‬
‫مدمي جلمع األموال وهل ُك ّل تلك األموال إال وسيلة تصلون هِبَا ما هلَ َذا البدن‬
‫من ملذوذات ‪.‬‬
‫ال بأس باالعتناء بالبدن لكن بدون َه َذا اإلفراط الَّ ِذي ال يرتضيه العاقل اللبيب‬
‫ألن الب دن مهما أك رم ماله إيل التَُّراب تتمتع بلذيذ حلمه الدي دان والَّ ِذي ينبغي‬
‫ت هِبَا من ص فوة‬ ‫أن هتتم به وتص رف عنايتك به نفسك قبل جس مك اليت أَنْ َ‬
‫وعلَى العناية هِبَا تتوقف سعادتك يِف هذه احلياة وبعد الْ َم َمات ‪.‬‬ ‫العامل َ‬
‫َه َذا َ‬
‫وهلذه النفس غ ذاء ولعلك ت ود أن تعرفه َو ُه َو ج دير باالعتن اء منك والتق دير‬
‫واجلد لَ هُ والتش مري ألن منفعته دنيا وأخ رى وال نس بةَ بينها وبني منفعة ه ذه‬
‫ك الغذاء أو القوت ُه َو أنواع الطاعات كإخالص األعمال هلل‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬

‫‪478‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الش كْر لَ هُ وحمبته وتعظيمه والقي ام الت ام بأر َك ان اإلس الم الش هادتني‬ ‫وال ذكر لَ هُ َو ُّ‬
‫والز َكاة والصيام واحلج وسائر الباقيات الصاحلات وأنواع العلوم واملعارف‬ ‫والصالة َّ‬ ‫َّ‬
‫أوحاها اهلل وأودعها هذه املصنوعات ‪.‬‬
‫ك من أنواع القربات والَّ ِذي‬ ‫ِ‬
‫واالعتناء مبكارم األخالق وحماسن الشيم وما إيل َذل َ‬
‫يظهر لنا من حالك وس ريتك أنك يِف ش غل ش اغل عن اإلقب ال َعلَى النفس‬
‫ك أن قلبك متعلق بتحصيل غذاء اجلسم‬ ‫ِ‬
‫وتغذيتها مبا قلنا من أنواع الطاعات َذل َ‬
‫واالعتناء به فهو الَّ ِذي نصب عينيك ‪.‬‬
‫ت جاهل بض روريات ال دين اإلس المي َو ُرمَّبَا مر‬ ‫ِ‬
‫ك تشب وتشيب ومتوت وأَنْ َ‬ ‫ول َذل َ‬
‫تتفكَر بنعم اهلل وت ذكره بلس انك وتش كره َعلَى ما‬ ‫ك م دة طويلة ب دون أن َّ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫ك اآلخرة رمبا أهنا متضي املدة وال تذكرها وال تستعد هلا ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أوالك و َك َذل َ‬
‫وكما أن لألب دان أم راض كث رية فللنفس أم راض أك ثر وأعظم وأخطر وتلك‬
‫الس يِّئ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫األم راض ه َي الس يئات اليت من وقيها رحم ق ال اهلل تع اىل ‪َ " :‬و َمن تَ ِق َّ َ‬
‫ِ‬ ‫مِح‬ ‫ٍ‬
‫َي ْو َمئِذ َف َق ْد َر ْتَهُ َو َذل َ‬
‫ك ُه َو الْ َف ْو ُز الْ َع ِظيم " ‪.‬‬
‫ك من أمراض النفس رذائل األخالق واجلهل بالشرع احلكيم وهلذه األمراض‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫دواء نافع بإذن اهلل أن تتوب توبة نصوحاً إيل اهلل وتتخلق بضد الْ ِف ْعل أو اخللق‬
‫ال ذميم فهل لك ش وق إيل َه َذا ال دواء الش ايِف ب إذن اهلل كما أنك تش تاق بل‬
‫هترول وتسرع إيل طبيب األبدان ومعك ما معك من الْ َم ال إِ َذا أحسست مبرض‬
‫يِف بدنك وإن مل جتد يِف بالدك ذهبت تطلب الشفاء ولَ ْو يِف بالد احلرية والكفر‬
‫حمكمة القوانني أعداء اهلل ورسوله والْ ُم ْؤ ِمنِني ‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أما ب ديع الس موات واألرض فال أراك تلتجي لَ ه إال ِعْن َد الش دائد وه َذا و ِ‬
‫اهلل‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ق بيح ممن ي دين ب دين اإلس الم ي ؤمن ب البعث والنش ور ‪ ،‬ف التفت يا أخي لنفسك‬
‫ك لتتمكن حمبته وأقبل َعلَْي َها وعودها َعلَى اآلداب الش رعية‬
‫وذكرها بنعم اهلل َعلَْي َ‬
‫‪.‬‬

‫الج ْس ِم كم تَ ْس َعى لِ ِخ ْد َمتِ ِه‬


‫ِشعْراً‪ :‬يا َخ ِادم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الربْ َح ِم َّما ِفيه ُخ ْسَرا ُن‬ ‫ب ِّ‬ ‫أَتَطْلُ ُ‬
‫ضائِلَ َها‬ ‫واسَت ْك ِم ْل فَ َ‬
‫س ْ‬ ‫أَقْبِ ْل َعلَى َّ‬
‫النَف ِ‬
‫الج ْس ِم إِنْ ِسا ُن‬
‫س الَ بِ ِ‬ ‫النْف ِ‬‫ت بِ َّ‬‫فأَنْ َ‬

‫آخر‪ :‬أ ََرى ُو ُج ْو َد َك َه َذا لم يَ ُك ْن َعَبثاً‬


‫س فَاْنَتبِ ِه‬ ‫النْف ُ‬
‫ك َّ‬ ‫إال لَِت ْك ُم َل ِمْن َ‬
‫الج ْس ِم الَ ُت ْقِب ْل َعَلْي ِه َوِم ْل‬‫فَا ْع ِد ْل عن ِ‬
‫ت بِِه‬ ‫إِلى ِر َعايَِة َما اإلنسان أَنْ َ‬
‫ظ‬ ‫س عن أ َْهَوائَِها يَِق ٌ‬ ‫النْف ِ‬
‫س َّ‬ ‫ِ‬
‫فَ ُم ْؤي ُ‬
‫س ِفيه َغْيَر ُمْنَتبِ ِه‬ ‫النْف ِ‬ ‫ِع َّ‬
‫َو ُمطْو ُ‬
‫اله َدى تَ ْح ِم ْد َمغَبََّتهُ‬
‫ك َسبِْي َل ُ‬ ‫واسلُ ْ‬
‫ْ‬
‫الح ِّق بَ ٍاد َغْيَر ُم ْشَتِب ِه‬ ‫فَ َمْن َه ُج َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫فاعلم أن غذاء نفسك ودوائها عْن َد أ َْهل العلم العاملني به الذ َ‬ ‫ك ْ‬ ‫إِذَا فهمت َذل َ‬
‫ين ال‬ ‫َّ ِ‬ ‫يصدقون أقواهلم بأفعاهلم املعظمون للشريعة الَّ ِذ ِ‬
‫ين إ َذا رأيتهم ذكرت اهلل الذ َ‬‫َ‬
‫يتشبهون بأعداء اهلل وال جياهرون باملعاصي الصادعون باحلق الَّ ِذين ال تأخذهم يِف‬
‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫ين ال هتمهم ُّ‬
‫الد ْنيَا وزخارفها الرباقة ‪.‬‬ ‫اهلل لومة الئ ٍم الذ َ‬

‫‪480‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال دواء الَّ ِذي ذكرنا يِف كتب العلم اء الس لفيني أتب اع الص حابة‬ ‫ك موج ود‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫األربعة واملوفق وابن أيب عمر وش يخ اإلس الم وابن القيم وابن‬ ‫والت ابعني كاالئمة‬
‫وابن كثري ومن تتلمذ َعلَى كتبهم ممن َج اءَ بع دهم واقتفي‬ ‫رجب وابن مفلح‬
‫هنجهم فجزاهم اهلل عن اإلسالم وامل ْسلِ ِمنْي َ خرياً ‪.‬‬ ‫أثرهم وسار َعلى‬
‫ُ‬
‫شعْراً ‪:‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫الس ْؤ ِال‬ ‫ِعلْم ال ِ ِ‬
‫ف لَ َّذ َة‬‫ش َت ْع ِر ْ‬ ‫فَاقّطَ ْع بِه َ‬
‫العْي َ‬ ‫َج َّل ُ‬ ‫ْحديث أ َ‬ ‫ُ َ‬
‫العل ِْم واألثَ ِر‬ ‫العك ُميِر َتُفو َز بَِن ْق ِل ِ‬
‫ْ‬ ‫لِ َُ‬ ‫اك ُم ْرتَ ِحالً‬ ‫ك عن َم ْغَن َ‬ ‫والو ْطلَ ِر ِر َحالَ َ‬
‫واْنَُق‬
‫لعل ِْم ِم ْن ُع َذ ٍر لِ ُم ْعَت ِذ ِر‬ ‫ِفي التَّر ِك لِ ِ‬
‫ْ‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫َوالَ َت ُق ْل ‪َ :‬عاقَني ُش ْغ ٌل فلَْي َ‬
‫َوَن ْق ِل َما قَ ْد َر َو ْوا عن َسيِ ِد‬ ‫العل ِْم تَطْلُبُهُ‬‫ى ُش ْغ ٍل َك ِمثْ ِل ِ‬
‫ًيَوَأر ُ‬
‫َي‬
‫ات ؟ُدنْياً غَ َد ْوا ِمْن َها َعلَى غََر ِر‬ ‫البذ َشِِر‬
‫لَ َّ‬ ‫ألْهى عن ِ‬
‫العل ِْم أَقَْواماً تَطْلُُب ُه ْم‬ ‫َْ‬
‫اله ِ‬ ‫ِ‬
‫ون‬ ‫ب ُ‬ ‫إِلى الَّتي ُه َي َدْأ ُ‬ ‫ظ َو َم ْك ُر َمةٌ‬‫َو َخلَُفوا َمالَهُ َح ٌ‬
‫العل ِْم فَا ْفَت ِخ ِر‬ ‫ب ِ‬ ‫اف َو َك ْس ِ‬ ‫العخَفطَ ِرِ‬
‫وال َ‬‫وبِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اء لَ َها‬ ‫َي فَ ْخ ٍر ب ُدْنَي ُاه الَ َبَق َ‬ ‫وأ ُ‬
‫اآلص ِال والبُ ُك ِر‬ ‫ِ ِ‬
‫ذ ْكراً يُ َّجد ُد في َ‬
‫ِ‬ ‫ال َوَيْبَقى ِعل ُْم ُه ْم لَ ُه ُم‬ ‫الر َج ُ‬
‫َي ْفَنى ِّ‬
‫َّاس ِم ْن‬ ‫س َيْبَقى لَهُ ِفي الن ِ‬ ‫ولَْي َ‬ ‫احبِ َها‬‫الدْنيا وص ِ‬
‫ت بِ ُّ َ َ َ‬ ‫الم ُو َ‬
‫ب َ‬ ‫َويَ ْذ َه ُ‬
‫ت َذا‬ ‫ت بِ َ‬
‫الج ْه ِل قَ ْد أ ْ‬
‫َصَب ْح َ‬ ‫أَثوَأَِرنْ َ‬ ‫بالدْنَيا أَ ُخ ُو ِكَب ٍر‬
‫ك ُّ‬ ‫تَظُ ُّن أَنَّ َ‬
‫صغَ ِرَز َال ب ِ‬
‫العل ِْم َم ْشغُوالً َم َدى‬ ‫ماِ‬ ‫س ال َكْبيِ ُر َع ِظْي ُم ال َق ْد ِر َغْيَر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لَْي َ‬
‫والحل ِْم الَ ِفي ال َف ْخ ِر‬
‫العل ِْم ِ‬ ‫ِف ُ‬
‫العيُم ِر ِ‬ ‫ت ُر ْكَبَت ُاه ُك ُّل ِذي‬ ‫قَفَتْدى َز َ‬
‫اح َم ْ‬
‫الن ْف َع أ َْو تَ َأم ْن ِم َن‬ ‫والب ْطَجِلر ِ‬ ‫الم ْقَت َدى بِِه ُم‬ ‫س العلً ِ‬ ‫ِ‬ ‫فََشجرالٍِ‬
‫ف‬
‫ب َ‬ ‫تَ ْستَ‬ ‫ُ‬ ‫ماء‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اء ِفي ال َخَب ِر‬ ‫َّرر َه َك َذا قَ ْد َج َ‬
‫ادَةٌ ِ‬
‫الضَ‬ ‫ِزيَ‬ ‫وس‬
‫الجلُ ُ‬ ‫َّاس َحقاً َو ُ‬ ‫اد ُة الن ِ‬ ‫ُه ْم َس َ‬
‫ض‬ ‫فَار َكن إِلى ُك ِّل ِ ِ‬
‫صافي الع ْر َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ب ِم ْن َق ْوٍم‬ ‫لَ ُه ْمَ‬
‫والم ْرءُ يَ ْح َس ُ‬
‫ضهُ َشيء ِمن ِ‬ ‫يفَمصنِ‬
‫الغْير‬ ‫ٌْ ْ‬ ‫ش ِرْن ِعر َ‬
‫ولم يََك َِد‬ ‫عن‬ ‫ال َم َك ْر َم ًة‬‫س َك ِريْماً نَ َ‬ ‫ْ‬
‫احُبيُهجْمالِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََ ْ‬

‫‪481‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ب ِم ْن ِريْ ِح ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫م ْن عطْ ِره لم تَخ ْ‬ ‫لم تَ ْسَتِف ْد‬ ‫ب ِ‬
‫العطْ ِر ِإ ْن‬ ‫اح ِ‬‫كص ِ‬
‫َ‬
‫العالَِطهُِر َدنَس ِمن ِعر ِ‬
‫ض ِه ال َك ِد ِر‬ ‫الطَّْب ِع ُي ْر ِد بِهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ ْ ْ‬ ‫ونَ‬ ‫يء‬
‫س َرد َ‬ ‫َهوَبمًةْن يُ َجال ْ‬
‫الح ْر َق بِ َّ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ب ِ‬
‫الكْي ِر إِ ْن‬ ‫كص ِ‬
‫الشَر ِر‬ ‫م ْن َنْتنه لم ُيَو َّق َ‬ ‫يَ ْسلم‬ ‫اح ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ف ُك َّل ُقْب ٍح مْنهُ‬ ‫َت ْقَوى فَ َخ ْ‬ ‫الحَياءُ َوالَ‬ ‫س َيْن ِه ُاه َ‬ ‫مجالِسه‬
‫َُو َُك ُل ُ َُم ْن لَْي َ‬
‫ص ُير َوِمْن ُه ْم ُم ْخ ِط ُئ النَّظَ ِر‬ ‫ِمْوانْنُهَتمِظ ِر ب ِ‬
‫ْ َ‬ ‫س ُه ْم‬ ‫َّاس أ ْخالَ ُق ُه ُم َشتَّى َوأَْنُف ُ‬ ‫َوالن ُ‬
‫اب و ِ‬ ‫ِفي َما بِِه َشَر ُ‬
‫الف َك ِر‬ ‫ف األلَْب ِ َ‬ ‫صُّرفُهُ‬ ‫َّاس َرْأياً َم ْن تَ َ‬ ‫ب الن ِ‬ ‫َص ْو ُ‬‫َوأ ُ‬
‫َّاس ُم ْشتَ ِه ِر‬ ‫ِم ْن نَابِِه ال َق ْد ِر َبْي َن الن ِ‬ ‫َو ْار َك ْن إِلى ُك ِّل َم ْن ِفي ِودِِّه‬
‫َوإِ ْن يَ ُك ْن َقْب ُل شيئاً غَْيَر ُم ْعَتَب ِر‬ ‫ص َحُب ُه ْم‬ ‫ف بِاأل ْخَيا ِر يَ ْ‬ ‫فءُ يَ ْش ُر ُ‬ ‫فََشَرَ‬
‫الم ْرٌ‬
‫إِ َّن الع ْقيِ َق لَيسمو ِعْن َد نَ ِ‬
‫اظ ِر ِه‬
‫الد َر ِر‬
‫وم َم َع ُّ‬ ‫إِ َذا بَ َدا َو ُهَو َمْنظُ ُ‬ ‫َ ُُْ‬ ‫َ‬
‫السَي ِر‬
‫َولَْو غَ َدا َح َس َن األخالق َو ِّ‬ ‫ث بِاأل ْشَرا ِر يَألَُف ُه ْم‬ ‫والم ْرءُ يَ ْخبُ ُ‬‫َ‬
‫َحَتى يُ َجا ِو َرهُ َش ْيءٌ ِم ْن ال َك َد ِر‬ ‫َصالَتِ ِه‬ ‫ور في أ َ‬
‫فَالماء صْفو طَه ِ‬
‫َُ ٌَ ُ ٌ‬
‫إنه ْم لِل ُّه َدى َكاألنْ ُج ِم ُّ‬
‫الز ُه ِر‬ ‫فَ ُ‬ ‫اهلل ُم ْقَتدياً‬ ‫ول ِ‬ ‫ب ر ُس ِ‬
‫ص ْح ِ َ‬ ‫فَ ُك ْن بِ َ‬
‫يهم غَْيَر‬ ‫فَ ُكن عن الح ِ ِ‬ ‫الح ِد الَّ ِذي‬ ‫َوإِ ْن َع َج ْز َ‬
‫ب ف ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت عن َ‬
‫صاٍر ِم ْن َسَنا الت َّْو ِف ِيق َكال َق َم ِر‬ ‫َُمرأْقْيَتَت َِه‬ ‫الحق ٍ‬
‫وه ُه ُم‬‫ت ُو ُج ُ‬ ‫وا بَِق ْوم إِ َذا الَ َح ْ‬ ‫َوَسلَ َُك ْ‬
‫َس ْه ٍل َوقَ ُام ْوا بِ ِح ْف ِظ الدِّيْ ِن َواألثَ ِر‬ ‫العلَْي ِاء ِفي‬ ‫السَنة َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َح ْوا م َن َ‬ ‫أْ‬
‫ص َّح ِم ْن‬ ‫ول بِ َما قَ ْد َ‬ ‫الر ُس ِ‬
‫عن َّ‬ ‫ال أَ ْخَبَرنَا‬ ‫أَسَجَن ُِّلن َش ْيٍء لَ َديْ ِه ْم ‪ :‬قَ َ‬
‫ات َواأل َش ِر‬ ‫وَخَبالَِر التَّمتُع بِاللَّ َذ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ان ِم ْن لََب ِن‬ ‫َه ِذي الم َكا ِرم الَ َق ْعب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َج ٌّل ِم ْن َسَن ٍد عن ُك ِّل ُم ْشَت ِه ِر‬ ‫أَ‬ ‫َح َس َن ِم ْن ‪ :‬قَ َ‬
‫ال‬ ‫الَ َش ْي َء أ ْ‬
‫ّي ِم َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اد بِ َما‬ ‫س َوبَميان أ َْه ِل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الد َر ِر‬ ‫ِ‬
‫َحالَ م َن ال ُدر أ َْو ُحل ٌ‬ ‫العل ِْم َج َ‬ ‫لَوَّرَم ُسْجُوللٍ ْ َ‬
‫اك الَْي ْو َم ِم ْن‬ ‫ب َذ َ‬ ‫َحس ُ‬
‫ت أ ِ‬
‫َفلَ ْس َ ْ‬ ‫يث بِِه‬ ‫ْح ِد َ‬ ‫َي ْو ٌم يَ ُمُّر َولم أ َْر ِو ال َ‬
‫ض ِر‬‫ْجَن ِة ال ُخ ُ‬ ‫اض ال َ‬‫تَُعَمُتمُّعِراًي ِفي ِريَ ِ‬ ‫ول لََنا‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫س أَ ْخَبا ِر َّ‬ ‫فَِإ َّن ِفي َد ْر ِ‬

‫‪482‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫العْي ُن َه ّدا ال َش ْو َق بِاألثَ ِر‬ ‫ب ُر ْؤيَتِ ِه‬ ‫ِ ِ‬


‫َم ْن فَاتَهُ َ‬ ‫َت َعلُالً إِ ْذ َعد ْمَنا طْي َ‬
‫اآلص ِال‬
‫س بِ َ‬ ‫الد ْر ِ‬
‫س َّ‬ ‫ِفي َم ْجِل ِ‬ ‫َكأَنَهُ َبْي َن ظَ ْه ِرْيَنا نُ َش ِاه ُد ُه‬
‫بَوْعثالباًُ ُك ِرَوأ َّولُ ُه ْم ِفي َسابِ ِق ال َق َد ِر‬ ‫الر ْس ِل َخاتِ ُم ُه ْم‬ ‫َزيْ ُن النُُبَو ِة َعْي ُن ُّ‬
‫اع ِه َما َجَرى طَ ِّل َعلَى َز َه ِر‬ ‫أ ْشي ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ش ثُ َّم َعلَى‬ ‫صلَى َعلَْيه إِلَهُ َ‬
‫الع ْر ِ‬ ‫َ‬
‫رمْي َن األنْ ُج ِم‬‫عن صحبِ ِه األ ْك ِ‬ ‫ضا أَبَداً‬ ‫والر َ‬
‫الم َد َوماً ِّ‬ ‫الس ِ‬
‫َم َع َّ‬
‫َْ‬
‫األمِرِن ِم ْن ُك ِّل َما نَ ْخ َش ُاه ِم ْن‬ ‫الز ُهْ‬ ‫بِ ُّ‬ ‫الم ْذنِبِْي َن فَ ُج ْد‬ ‫ِِ‬
‫وعن َعبْيد َك نَ ْح ُن ُ‬
‫الس ْؤ ِل‬ ‫ِ‬
‫ضَيارر وأُ ْخَرى َجمْي َع ُ‬
‫ُدنَْ ِ‬ ‫ب َعلَى ال ُك ِّل ِمَنا وا ْع ِطَنا‬ ‫َوتُ ْ‬
‫الوطَ ِر‬ ‫تَكَرماًحمبتك يِف قلوبنا وقوها ووفقنا لش َو َ‬
‫كرك وذك رك وارزقنا الت أهب‬ ‫اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫واالس تعداد للقائك واجعل خت ام ص حائفنا كلمة التَّو ِحيد وا ْغ ِف ر لَنا ولِوالِ‬
‫َد ْينَا‬ ‫َ ْ َ ََ‬ ‫ْ‬
‫آلِ ِه‬ ‫ص لَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫وصحبِ ِه أَمْجُ عِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َْ‬
‫قال ابن رجب َرمِح َ هُ اهللُ ‪َ :‬علَى حديث ابن عباس املتضمن لوصية النَّيِب ّ ‪ ‬فإنه‬
‫تض من وص ايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أم ور ال دين وأجلها حيت ق ال اإلم ام‬
‫أبو الف رج ابن اجلوزي يِف كتابه ص يد اخلاطر ‪ :‬ت دبرت َه َذا احْلَ ِديث فأدهشين‬
‫وكدت أطيش مُثَّ قال فوا أسفاً من اجلهل هبَ َذا احْلَ ِديث وقلة الفهم ملعناه ‪.‬‬
‫فقوله ‪ " : ‬احفظ اهلل ‪ :‬حيفظك يعين احفظ حدود اهلل وحقوقه وأوامره ونواهيه‬
‫وعْن َد نواهيه باالجتن اب ِ‬
‫وعْن َد‬ ‫ك ه و الوق وف ِعْن َد أوام ره باالمتث ال ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬وحفظ َذل َ ُ َ‬
‫حدوده فال يتجاوز وال يتعدي ما أمر به إيل ما هني عنهُ " ‪.‬‬
‫ات ُكلّ َها كما يِف حديث ثعلبة‬ ‫ِ‬
‫احملرم َ‬
‫ك فعل الواجبات مجيع اً وترك َ‬ ‫ودخل يِف َذل َ‬
‫ات فال تنتهكوها وحد‬ ‫حرم َ‬
‫املرفوع ‪ " :‬إن اهلل فرض فرائض فال تضيعوها وحرم َ‬
‫ك ي دخل يِف حفظ ح دود اهلل كما ذك ره اهلل‬ ‫ِ‬
‫تعت دوها " ‪َ .‬و َذل َ‬ ‫ح دوداً فال‬

‫‪483‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وع ُدو َن لِ ُك ِّل‬


‫تع اىل ‪َ " :‬ه َذا َما تُ َ‬ ‫تع اىل يِف قوله ‪ " :‬واحلافظون حلدود اهلل " َوقَ َ‬
‫ال‬
‫ب ُّمنِ ٍ‬‫بَِق ْل ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫يب " ‪.‬‬ ‫أ ََّواب َحفيظ ‪َ ،‬م ْن َخش َي الرَّمْح َ ِن بالْغَْيب َو َجاءَ‬

‫‪484‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وفسر احلفيظ هاهنا باحلافظ ألوامر اهلل وفسر باحلافظ لذنوبه حيت يرجع منها ‪،‬‬
‫وكالمها ي دخل يِف اآلية ‪ .‬ومن حفظ وص ية اهلل لعب اده وامتثلها فهو داخل أيض اً‬
‫‪ ،‬والكل يرجع إيل معين واحد ‪.‬‬
‫ول أل َْهل‬ ‫وقَ ْد ورد يِف بعض ألفاظ حديث يوم املزيد يِف اجْلَنَّة ‪ ،‬إن اهلل تعاىل َي ُق ُ‬
‫ين حفظوا‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اجْلَنَّة إ َذا استدعاهم لزيارته وكشف هلُ ْم احلجاب ‪ " :‬مرحب اً بعبادي الذ َ‬
‫وصييت ورعوا عهدي وخافوين بالغيب و َكانُوا مين َعلَى ُك ّل حال مشفقني " ‪.‬‬
‫ف أمره ‪ ‬البن عب اس أن حيفظ اهلل ي دخل فِيه َه َذا كله ‪ .‬ومن أعظم ما جيب‬
‫ين ُه ْم َعلَى‬ ‫َّ ِ‬
‫حفظه من املأمورات الص لوات اخلمس ‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ‪َ " :‬والذ َ‬
‫صاَل هِتِ ْم حُيَافِظُو َن " ‪.‬‬
‫َ‬
‫ال ‪ " : ‬من حافظ َعلَْي َها َكا َن لَهُ ِعْن َد اهلل عه ٌد أن يدخله اجْلَنَّة " ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ويِف ح ديث آخر ‪ " :‬من حافظ عليهن كن ن وراً وبرهانَ اً وجناةً ي وم القيامة "‬
‫الصالة ‪.‬‬‫ك الطهارة فإهنا مفتاح َّ‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫ال النَّيِب ّ ‪ " : ‬ال حيافظ َعلَى الوضوء إال ُم ْؤ ِم ٌن فإن الْ َعْبد تنتفض طهارته وال‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك إال اهلل ‪ ،‬فاحملافظة َعلَى الوض وء للص الة َدلِيل َعلَى ثب وت اإلميان يِف‬ ‫ِ‬
‫يعلم ب َذل َ‬
‫الْ َق ْلب ‪.‬‬
‫َّارةُ أَمْيَ انِكم‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫ك َكف َ‬ ‫و َّا أمر اهلل حبفظه اإلميان ملا ذك ره كف ارة اليمني ق ال ‪َ " :‬ذل َ‬
‫اح َفظُ واْ أَمْيَ انَكم " ‪ .‬ف إن اإلميان كث رياً ما تقع من النَّاس وموجباهتا‬ ‫إِ َذا َحلَ ْفتُ ْم َو ْ‬
‫خمتلفة ‪.‬‬
‫فتَارة جيب هِبَا كفارة ميني وتَارة جيب فيها كفارة مغلظة وتَارة يلزم هِبَا‬

‫‪485‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫احمللوف َعلَْي ِه من طالق وحنوه ‪ .‬فمن حفظ أميانه دل َعلَى دخول اإلميان يِف َق ْل ِبه‬
‫‪.‬‬
‫اهلل البتة‬‫فمْنهم من َك ا َن ال حيلف بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الس لَف كثرياً ما حيافظون َعلَى األميان ُ ْ‬ ‫و َك ا َن َّ‬
‫‪َ .‬و ِمْن ُه ْم من َكا َن يتورع حيت يكفر فيما شك فِيه احلنث ‪.‬‬
‫خيرج عنهُ كفارة ميني ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ووصي اإلمام أَمَحَد َرمِح َهُ اهللُ ِعْن َد موته أن‬
‫الس الم ‪ :‬أنه‬ ‫ال أظن أين حنثت يِف ميني حلفتها ‪ .‬وقَ ْد روى عن أي وب َعلَْي ِه َّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اهلل ذهب فكفر عنهما ميينهما لئال يأمثان ومها ال‬ ‫َك ا َن إِذَا مر ب اثنني حيلف ان بِ ِ‬
‫يشعران ‪.‬‬
‫وهلَ َذا ملا حلف َعلَى ض رب امرأته مائة جل دة أفت اه اهلل بالرخصة حلفظه ألميانه‬
‫وأميان غريه ‪ .‬وقَ ْد اختلف العِلماء هل تتعدي الرخصة إيل غريه أم ال ؟‬
‫ال يزيد بن ح بيب ‪ :‬بلغين أن من محلة الع رش من يس يل من عينيه أمث ال‬ ‫َوقَ َ‬
‫األهنار من البُ َك اء ف ِإ َذا رفع رأسه قال ‪ :‬سبحانك ما ختشي حق خشيتك َفَي ُق ُ‬
‫ول‬
‫ك " وقَ ْد ورد‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين حيلف ون بامسي ك اذبني ال يعلم ون َذل َ‬ ‫اهلل تع اىل ‪ " :‬لكن الذ َ‬
‫التشديد الع ِظيم يِف احللف الكاذب بِ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬ ‫َ‬
‫اهلل تع اىل وقلة هيب ٍة يِف الص دور ‪.‬‬ ‫اهلل إال من اجلهل بِ ِ‬‫وال يص در ك ثرة احللف بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫و َّا يل زم املُ ْؤمن حفظه رأسه وبطنه كما يِف ح ديث ابن مس عود َرض َي اهللُ عن هُ‬
‫املرف وع ‪ " :‬االس تحياء من اهلل حق احلي اء أن حيفظ ال رأس ما وعي وحيفظ البطن‬
‫وما ح وي " أخرجه اإلم ام أَمحَ ُد والرتم ذي ‪ .‬وحفظ البطن وما ح وى يتض من‬
‫ب عن اإلصرار َعلَى حمرم ‪.‬‬ ‫حفظ الْ َق ْل ِ‬

‫‪486‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ص َر َوالْ ُف َؤ َاد ُك ّل‬ ‫ك كله يِف قوله تع اىل ‪ " :‬إِ َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫الس ْم َع َوالْبَ َ‬ ‫وقَ ْد مجَ َع اهلل َذل َ‬
‫ك َك ا َن عن هُ َم ْس ُؤوالً " ‪ .‬وي دخل يِف حفظ البطن وما ح وي حفظه من‬ ‫أُولئِ َ‬
‫إدخال احلرام إليه من املأكوالت واملشروبات ‪.‬‬
‫من الري اء وألس نتنا من الك ذب وأعيننا من‬ ‫اللَّ ُه َّم طهر قلوبنا من النف اق وعملنا َ‬
‫اخليانة وآ َذاننا عن االس تماع إيل ما ال يرض يك وتوفنا مس لمني وأحلقنا بالص احلني‬
‫ص لَّى اهلل َعلَى‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ِ ِ ُ‬ ‫ِِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬‫حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪ :‬ومِم َّا جيب حفظه من املنهيات حفظ اللسان والفرج ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ويِف حديث أَيِب ُهَر ْيَر ِة َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ " :‬من حفظ ما بني حلييه وما بني رجليه‬
‫دخل اجْلَنَّة " أخرجه احلا َكم ‪ ،‬وأخرجه البخ اري من ح ديث س هل بن س عد‬
‫َر ِض َي اهللُ عن هُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬ولفظه ‪ " :‬من يض من يل ما بني حلييه ورجليه‬
‫أضمن لَهُ اجْلَنَّة " ‪.‬‬
‫ويِف مس ند اإلم ام أَمَحَد عن أيب موسي عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال ‪ " :‬من حفظ ما بني‬
‫فقميه وفرجه دخل اجْلَنَّة " ‪ .‬وقَ ْد أمر اهلل حبفظ الف رج خاصة وم دح احلافظني‬
‫قال اهلل تعاىل ‪ " :‬قُل لِّْلم ؤ ِمنِني يغُضُّوا ِمن أَب ِ‬
‫ال‬
‫وج ُه ْم " ‪َ ،‬وقَ َ‬‫ص ا ِره ْم َوحَيْ َفظُوا ُف ُر َ‬
‫ْ َْ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫وج ِه ْم َح افِظُو َن‬
‫ال تعاىل ‪ " :‬والَّ ِذين هم لُِف ر ِ‬
‫َ َ ُْ ُ‬ ‫‪ " :‬واحلافظني فروجهم واحلافظات " َوقَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬إال َعلَى أ َْز َواج ِه ْم أ َْو َما َملَ َك ْ‬
‫ت أَمْيَأهنُ ْم فَإن َُّه ْم َغْي ُر َملُوم َ‬
‫ني "‬
‫وقَ ْد روى عن أيب إدريس اخلوالين ‪ :‬أن أول ما وصى اهلل به آدم ِعْن َد إهباطه‬
‫إيل األرض حبفظ فرجه وأن ال يضعه إال يِف حالل ‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫قوله ‪ " :‬حبفظك " يعين ‪ :‬أن من حفظ ح دود اهلل وراعي حقوقه حفظه اهلل ف إن‬
‫ال‬‫ُوف بِ َع ْه ِدكم " َوقَ َ‬ ‫اجلزاء من جنس الْعمل كما قال تعاىل ‪ " :‬وأَوفُواْ بِعه ِدي أ ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬
‫أذكركم " ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫‪ " :‬فاذكروين‬
‫ال ‪ " :‬إن تنص روا اهلل ينص ركم " ‪ .‬وحفظ اهلل تع اىل لعب ده يتض من ن وعني ‪:‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫أحدمها حفظه لَهُ يِف مصاحل دنياه كحفظه يِف بدنه وولده وأهله وماله ‪.‬‬
‫ِ‬
‫عنه َما ق ال ‪ :‬مل يكن رس ول اهلل ‪ ‬ي دع‬ ‫ويِف ح ديث ابن عم رو َرض َي اهللُ ُ‬
‫ه ؤالء ال دعوات حني ميسي وحني يص بح ‪ " :‬اللَّ ُه َّم إين أس ألك العافية يِف ال ُّد ْنيَا‬
‫واآلخرة ‪ ،‬اللَّ ُه َّم إين أسألك العفو والعافية يِف ديين ودنياي وآخريت وأهلي ومايل‬
‫خلفي وعن‬ ‫‪ ،‬اللَّه َّم اسرت ع ورايت وآمن روع ايت واحفظين من بني ي دي ومن ِ‬
‫ُ‬
‫مييين وعن مشايل ومن ف وقي ‪ ،‬وأع وذ بعظمتك أن أغت ال من حتيت " ‪ .‬أخرجه‬
‫اإلمام أَمَحَ ُد َوأَبُو َداود والنسائي وابن ماجة ‪.‬‬
‫ات ِّمن َبنْي ِ يَ َديْ ِه َو ِم ْن َخ ْل ِف ِه‬
‫ُّعاء منتزع من قول اهلل تعاىل ‪ " :‬لَ هُ ُم َعقِّبَ ٌ‬ ‫وه َذا الد َ‬
‫َ‬
‫عنه َما ‪ :‬هم املالئكة حيفظونه ب أمر اهلل ف ِإ َذا‬ ‫ِ‬
‫" اآلية ‪ .‬ق ال ابن عب اس َرض َي اهللُ ُ‬
‫ال َعلَى َر ِض َي اهللُ عن هُ ‪ :‬إن َم َع ُكل رجل ملكني‬ ‫َج اءَ الق در خل وا عن هُ ‪َ .‬وقَ َ‬
‫حيفظانه مِم َّا مل يقدر فِإ َذا َجاءَ القدر خليا بينه وبينه وإن األجل جنة حصينة ‪.‬‬
‫ال جماهد ‪ :‬ما من عبد إال لَ هُ ملك حيفظه يِف نومه ويقظته من اجلن واإلنس‬ ‫َوقَ َ‬
‫واهلوام فما من َش ْيء يأتيه إال ق ال وراءك إال ش يئاً قَ ْد أذن اهلل فِيه فيص يبه ‪.‬‬
‫ومن حفظ اهلل للعبد أن حيفظه يِف صحة بدنه وقوته وعقله وماله ‪.‬‬
‫حف َظ القرآ َن‬ ‫ال بعضهم ‪ :‬من ِ‬ ‫قال بعض السلَف ‪ :‬مِل‬
‫العا ال حيزن ‪َ ،‬وقَ َ َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫‪488‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫هم َعلَى قوله ‪ ( :‬مُثَّ رددن اه أس فل س افلني إال‬ ‫ِ‬


‫ك َب ْعض ْ‬‫متع بعقله ‪ ،‬وت أول َذل َ‬
‫ين آمنوا وعملوا الصاحلات ) ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫و َكا َن الطيب أبو الطربي قَ ْد جاوز املائة سنة َو ُه َو ممتع بعقله وقوته فوثب يوم اً‬
‫ال ‪ :‬ه ذه‬ ‫ك َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫من س فينة َك ا َن فيها إيل األرض وثبة ش ديدة فع وتب َعلَى ذَل َ‬
‫جوارح حفظناها يِف الصغر فحفظها اهلل َعلَْينَا يِف الكرب ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬إن َه َذا ض يع اهلل يِف‬ ‫وعكس َه َذا أن اجلنيد رأي ش يخاً يس أل النَّاس َف َق َ‬
‫ص غره فض يعه اهلل يِف ك ربه ‪ .‬وقَ ْد حيفظ اهلل الْ َعْبد بص الحه يِف ول ده وولد ول ده‬
‫ص احِل اً ﴾ إهنما حفظا بص الح‬ ‫﴿ َو َك ا َن أَبُومُهَا َ‬ ‫كما قيل يِف قوله تع اىل ‪:‬‬
‫أبيهما ‪.‬‬
‫ال حُمَ َّمد بن املنك در إن اهلل ليحفظ بالرجل الص احل ول ده وولد ول ده وقريته‬ ‫َوقَ َ‬
‫اليت ُه َو فيها والدويرات اليت حوهلا فما يزالون يِف حفظ اهلل وسرته ‪َ .‬واهللُ أ َْعلم‬
‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬‫َوقَ َ‬
‫وميت َك ا َن الْ َعْبد منش غالً بطاعة اهلل تع اىل حيفظه يِف تلك احلال كما يِف مس ند‬
‫اإلم ام أَمحَد عن محيد بن هالل عن رجل ق ال ‪ :‬أتيت النَّيِب ّ ‪ ‬ف ِإ َذا ُه َو ب َريِّب‬
‫ال ‪ " :‬إن امرأة كانت فِيه فخرجت يِف سرية من امل ْس لِ ِمنْي َ وتركت ثنيت‬ ‫بيتنا َف َق َ‬
‫ُ‬
‫عشرة عنزاً وصيصيتها قال ‪ :‬ففقدت عنزاً وصيصيتها كانت تنسج هبا ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬يا رب إنك قَ ْد ضمنت ملن خرج يِف سبيلك أن حتفظ َعلَْي ِه وألين قَ ْد‬ ‫ف َق الَ ْ‬
‫فق دت ع نزاً من غنمي وصيص ييت وإين أنش دك ع نزي وصيص ييت وإين أنش دك‬
‫عنزي وصيصييت ‪.‬‬

‫‪489‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫قال ‪ :‬فجعل رسول اهلل ‪ ‬يذكر شدة مناشدهتا رهِبَا تبارك وتعاىل ‪ .‬قَ َ‬
‫اهلل ‪ : " ‬فأص بحت عنزها ومثلها وصيص يتها ومثلها وهاتيك فأهتا إن ش ئت "‬ ‫ِ‬
‫ت بل أصدقك ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ف ُق ْل ُ‬
‫فسم َع اآلذَان فنهض ونفضها َعلَى‬ ‫السلَف بيده امليزان يزن به دراهم َ‬ ‫و َكا َن بعض َّ‬
‫الصالة َفلَ َّما عاد مجعها فلم يذهب منها شيء ‪.‬‬ ‫األرض وذهب إيل َّ‬
‫ومن أنواع حفظ اهلل ملن حفظه يِف دنياه أن حيفظه من ُك ّل شر ُك ّل من يريده‬
‫ت‬‫ب أذي من اجلن واإلنس كما ق ال تع اىل ‪( :‬ومن يتق اهلل جيعل لَ هُ خمرج اً) قَ الَ ْ‬
‫يكفيه غم ُّ‬
‫الد ْنيَا ومهها ‪.‬‬ ‫عائِشة ر ِضي اهلل عنها ‪ِ :‬‬
‫َ َ َ َ ُ َ‬
‫ال الربيع بن خيثم ‪ :‬جيعل لَ هُ خمرج اً من ُكل ما ض اق َعلَى الن اس ‪ .‬وكتبت‬ ‫َوقَ َ‬
‫عنها إيل معاوية ‪ :‬إن اتقيت اهلل كف اك الن اس ‪ .‬وإن اتقيت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعائ َش ة َرض َي اهللُ َ‬
‫عنك من اهلل شيئاً ‪.‬‬
‫النَّاس مل يغنوا َ‬
‫وكتب بعض اخللف اء إيل عم رو الغف اري كتاب اً ي أمره فِيه ب أم ٍر خيالف كت اب اهلل‬
‫‪ ،‬فكتب إليه ‪ :‬إين نظ رت يِف كت اب اهلل فوجدته قبل كت اب أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني وإن‬
‫السماوات واألرض لَ ْو كانتا رتقاً َعلَى امرء فاتقي اهلل َعَّز َو َج َّل جعل لَهُ خمرج اً‬
‫ضهم ‪ :‬بتقوي اإللَه جنا من جنا ‪.‬‬ ‫والسالم ‪ .‬وأنشد َب ْع ْ‬
‫السلَف إيل أخيه ‪ :‬أما بعد فإنه من اتقي اهلل ف َق ْد حفظ نَ ْفسه ومن ضيع تقواه ف َق ْد ضيع نَ ْفسهُ واهلل الغين عنه ‪.‬‬
‫كتب بعض َّ‬
‫المطََّو ِل‬ ‫تَ ِج ْد َن ْفعها يوم ِ‬
‫الحس ِ‬ ‫اهلل ِفي ُك ِّل َحالٍَة‬ ‫ِ‬ ‫ك بَِت ْقَوى‬ ‫شِْعراً‪َ :‬علَْي َ‬
‫اب ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َْ َ‬
‫المَت َح ِم ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ٍة‬ ‫ِ‬
‫اهلل َخْي ُر بِ َ‬ ‫أال إِ َّن َت ْقَوى‬
‫ض ُل َزاد الضَّاع ِن ُ‬ ‫َوأَفْ َ‬ ‫ضَ‬
‫ت ِمْن َها بِ ُّ‬
‫التَقى لم ُتَز َّو ِد‬ ‫إِ َذا أَنْ َ‬ ‫الحَي ِاة‬
‫طُْو ِل َ‬ ‫آخر‪َ :‬والَ َخْيَر ِفي‬
‫وعْي ِش َها‬
‫َ‬

‫‪490‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومن عجيب حفظ اهلل ملن حفظه ‪ :‬أن جيعل احليوان ات املؤذية بِ الطَّْب ِع حافظة لَ هُ‬
‫من األذي وس اعية يِف مص احله كما ج ري لس فينة م ويل النَّيِب ّ ‪ ‬حيث كسر به‬
‫ال ‪ :‬يا أبا احلارث أَنَا س فينة م ويل‬ ‫املركب وخ رج إيل جزي رة ف رأي الس بع َف َق َ‬
‫النَّيِب ّ ‪ ‬فجعل ميشي حوله ويدله َعلَى الطَ ِريق حيت أوقفه َعلَْي َها مُثَّ جعل يهمهم‬
‫كأنه يودعه وانصرف عنه ‪.‬‬
‫ال لَ ْو كنت ِعْن َد باب‬ ‫و َكا َن أبو إبراهيم السايح قَ ْد مرض يِف برية بقرب دير َف َق َ‬
‫الدير لنزل الرهبان فعاجلوين ‪ .‬فَ َج اءَ السبع فاحتمله َعلَى ظهره حيت وضعه َعلَى‬
‫باب الدير فرآه الرهبان فأسلموا و َكانُوا أربعمائة ‪.‬‬
‫و َك ا َن إب راهيم بن أدهم نائم اً يِف بس تان وعن ده حية يِف فمها طاقة ن رجس فما‬
‫زالت ت ذب عن هُ ال ذباب حيت اس تيقظ ‪ .‬فمن حفظ اهلل حفظه من احليوان ات‬
‫املؤذية بِالطَّْب ِع وجعل تلك احليوانات حافظة له ‪.‬‬
‫ومن ضيع اهلل ضيعه بني خلقه حيت يدخل َعلَْي ِه الضََّرر ممن َك ا َن يرجو أن ينفعه‬
‫ويصري أخص أهله به وأرفقهم به يؤذيه ‪.‬‬
‫ك يِف خلق خادمي ومحاري ‪ .‬يعين أن خادمه يسوء خلقه َعلَْي ِه وال يطيعه ومحاره يستعصي‬ ‫ِ‬
‫ضهم ‪ :‬إين ألعصي اهلل فأعرف َذل َ‬ ‫كما قال َب ْع ْ‬
‫َعلَْي ِه فال يواتيه لركوبه ‪ .‬فاخْلَرْي كله جمموع يِف طاعة اهلل واإلقبال َعلَْي ِه ‪ ،‬والشر كله جمموع يِف معصية اهلل ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بَِت ْقَو ُاه أَفْ َ‬
‫ب‬‫َيْنَتس ُ‬ ‫ض َل َم ْن‬ ‫قي‬
‫الت ُّ‬
‫َّاس َكا َن َ‬ ‫ب الن ُ‬ ‫شِْعراً إِ َذا اْنَت َس َ‬
‫الح ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ب بِِه‬ ‫ِ‬
‫ب‬
‫َما يُ ْكَت َس ُ‬ ‫ظ أَفْ َ‬
‫ض َل‬ ‫م َن َ‬ ‫َو َم ْن َيت َِّق َ‬
‫اهلل يَ ْكس ْ‬ ‫‪:‬‬
‫ب‬ ‫فَِإ َّن ُتَقى ِ‬ ‫َّج ِاة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السَب ُ‬
‫اهلل َخْي ُر َّ‬ ‫َو َم ْن َيْتخ ْذ َسَبباً للن َ‬
‫الد ْنيَا ويِف اآلخرة َو ْ‬
‫اج َع ْلنَا‬ ‫اللَّ ُه َّم نورقلوبنا بنور اإلميان وثبتها َعلَى قولك يِف احلياة ُّ‬
‫هداة مهتدين وتوفنا مسلمني وأحلقنا بعبادك الصاحلني يا أكرم‬

‫‪491‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫األكرمني ويا أَرحم َّ مِحِ‬


‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫صلٌ )‬ ‫( فَ ْ‬
‫الن وع الث اين من احلفظ َو ُه َو أش رفها وأفض لها ‪ :‬حفظ اهلل تع اىل لعب ده يِف دينه‬
‫فيحفظ َعلَْي ِه دينه وإميانه يِف َحيَاتهُ عن الشبهات املردية والبدع املضلة والشهوات‬
‫احملرمة وحيفظ َعلَْي ِه دينه ِعْن َد موته فيتوفاه َعلَى اإلسالم ‪.‬‬
‫ال للملك ‪ :‬شم‬ ‫ق ال احلكم بن أب ان ِعْن َد أيب مكي ‪ :‬إِ َذا حضر الرجل املوت يُ َق ُ‬
‫رأسه ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أجد يِف رأسه الق رآن ‪ ،‬ق ال ‪ :‬شم َق ْلبه ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أجد يِف َق ْلبه‬
‫الص يام ‪ ،‬ق ال ‪ :‬شم قدميه ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أجد يِف قدميه القي ام ‪ ،‬ق ال ‪ :‬حفظ نَ ْفسه‬
‫فحفظه اهلل عز وجل ‪ .‬أخرجه بن أيب الدنيا ‪.‬‬
‫ت يِف الص حيحني من ح ديث ال رباء بن ع ازب أن النَّيِب ّ ‪ ‬علمه أن‬ ‫وقَ ْد ثَبِّ ْ‬
‫ول ِعْن َد منامه ‪" :‬اللَّ ُه َّم إن قبضت نفسي فارمحها وإن أرس لتها فاحفظها مبا‬ ‫َي ُق ُ‬
‫حتفظ به عبادك الصاحلني" ‪.‬‬
‫ويِف ح ديث عمر عن النَّيِب ّ ‪ ‬أنه علمه أن َي ُق ُ‬
‫ول ‪ " :‬اللَّ ُه َّم احفظين باإلس الم‬
‫قائم اً واحفظين باإلس الم قاع داً واحفظين باإلس الم راق داً وال تطع يِف ع دواً وال‬
‫حاسداً " أخرجه ابن حبان يِف صحيحه ‪.‬‬
‫ول لَهُ ‪ " :‬استودع اهلل دينك وأمانتك‬ ‫و َكا َن النَّيِب ّ ‪ ‬إِ َذا ودع من يريد السفر َي ُق ُ‬
‫ول ‪" :‬إن اهلل إِ َذا اس تودع ش يئاً حفظه‬ ‫وخ واتيم أعمالك " ‪ .‬ويِف رواية و َك ا َن َي ُق ُ‬
‫" أخرجه النسائي وغريه ‪.‬‬
‫الص الة َعلَى وجهها صعدت‬ ‫وأخرج الطرباين حديثاً مرفوعاً ‪" :‬إن الْ َعْبد إِذَا صلي َّ‬
‫إيل اهلل وهلا برهان كربهان الشمس َوَت ُق ول لصاحبِ َها ‪ :‬حفظك اهلل كما حفظتين‬
‫‪ ،‬وإِ َذا ضيعها لفت كما يلف الثوب اخللق مث‬

‫‪492‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يضرب هِبَا وجه صاحبِ َها َوَت ُقول ‪ :‬ضيعك اهلل كما ضيعتين" ‪.‬‬
‫ول يِف خطبته ‪ :‬اللَّ ُه َّم اعص منا حبفظك وثبتنا َعلَى‬ ‫و َك ا َن عمر َر ِض َي اهللُ عن هُ َي ُق ُ‬
‫ال ‪ :‬يا أخي ال تسألن عن‬ ‫الس لَف أن حيفظه اهلل ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫أمرك ‪ .‬ودعا رجل لبعض َّ‬
‫احلفظ ال دنيوي قَ ْد يش رتك فِيه الرب والف اجر ‪ ،‬فاهلل تع اىل حيفظ َعلَى امل ْؤ ِمن دينه‬
‫ُ‬
‫وبني ما يفسده َعلَْي ِه بأسباب قَ ْد ال يشعر هِبَا العبد ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫وه َذا كما حفظ يوسف َعلَْي ِه َّ‬
‫السالم قال تعاىل ‪َ ( :‬ك َذل َ‬ ‫وقَ ْد يكون ما يكرهه َ‬
‫الس وء والفحش اء) وعص مه اهلل منها من حيث ال يش عر وح ال بينه‬ ‫لنص رف عن هُ ُّ‬
‫وبني أس باب املعاصي املهلكة ‪ .‬كما رآي مع روف الك رخي ش باباً يته اونون يِف‬
‫ال ‪ :‬اللَّ ُه َّم احفظهم فقيل لَهُ ‪ :‬تدعو هلؤالء ؟ َف َق َ‬
‫ال‬ ‫اخْلُُروج إيل القتال يِف فتنة َف َق َ‬
‫‪ :‬إن حفظهم مل خيرجوا إيل القتال ‪.‬‬
‫ول ‪ :‬اللَّ ُه َّم إنك حتول بني املرء و َق ْلب هُ فحل بيين وبني‬ ‫ومسَ َع عم ُر رجالً َي ُق ُ‬
‫عنه َما يِف‬ ‫ِ‬
‫معاص يك ف أعجب عمر ودعا لَ هُ خبَرْي ‪ :‬وروي ابن عب اس َرض َي اهللُ ُ‬
‫قوله تعاىل ‪( :‬حيول بني املرء وقلبه) قال ‪ :‬حيول بني امل ْؤ ِمن وبني املعصية اليت جتره‬
‫ُ‬
‫إيل النار ‪.‬‬
‫ول ‪:‬‬ ‫فسم َع هاتف اً يهتف َي ُق ُ‬
‫فهم مبعصية َ‬ ‫حج بعض املتقدمني فبات مبَ َّكة َم َع قوم َّ‬
‫ضهم َم َع رفقة إيل معصية َفلَ َّما‬ ‫مِم‬
‫هم به ‪ .‬وخرج َب ْع ْ‬ ‫ويلك أمل حتج فعصمه اهلل َّا َّ‬
‫هم مبواقعتها هتف به هاتف ‪ُ :‬ك ّل نفس مبا كسبت رهينة " فرتكها ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬لَ ْو خلوت ها هنا مبعصية من َكا َن يراين؟‬ ‫ودخل رجل غيضة ذات شجر َف َق َ‬
‫فسم َع صوتاً مأل بني حافيت الغيضة ‪ :‬أال يعلَ ُم من خلق َو ُه َو اللطيف اخلبري ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪493‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وهم رجل مبعص ية فخ رج إليها فمر يِف طريقه بق اص َعلَى النَّاس فوقف َعلَى‬
‫اهلام باملعص ية أما علمت أن خ الق اهلمة مطلع َعلَى‬ ‫ول ‪ :‬أيها ُّ‬ ‫حلقته فس معه َي ُق ُ‬
‫مهتك فوقع مغشياً َعلَْي ِه فما أفاق إال من توبة ‪.‬‬
‫َو ِمْن ُه ْم من عصم نَ ْفس هُ مبوعظة ج رت َعلَى لس ان من أراد منه املوافقة َعلَى‬
‫هم الص خرة ‪،‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ين دخل وا الغ ار وانطبقت َعلَْي ْ‬ ‫املعص ية كما ج ري ألحد الثالثة الذ َ‬
‫اهلل اتق‬‫فإنه ملا جلس من تلك املرأة جملس الرجل من امرأته قَ الَت لَ ه يا عبد ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ ُ‬
‫اهلل وال تفض اخلامت إال حبقه فقام عنها ‪.‬‬
‫ك الكفل من بين إس رائيل َك ا َن ال يت ورع عن معص ية فأعجبته ام رأة‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫ت ‪:‬‬ ‫فأعطاها س تني دين اراً َفلَ َّما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتع دت و قَ الَ ْ‬
‫ت ‪ :‬ال ‪ ،‬ولكن عمل ما عملته قط وإمنا محلين َعلَْي ِه احلاجة ‪.‬‬ ‫أكرهتك؟ قَالَ ْ‬
‫ال ‪ :‬و ِ‬
‫اهلل ال‬ ‫عنها ووهب هلا ال دنانري ‪َ ،‬وقَ َ َ‬ ‫ال ‪ :‬ختافني اهلل وال أخافه مُثَّ ق ام َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ات من ليلته فأص بح مكتوب اً َعلَى بابه قَ ْد غفر اهلل‬ ‫وم َ‬ ‫يعصي اهلل الكفل أب داً َ‬
‫للكفل ‪.‬‬
‫أخرج اإلمام أَمَحَد والرتمذي حديثه َه َذا من حديث ابن عمر مرفوعاً ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬بقي ب اب‬ ‫وراود رجل ام رأة عن نفس ها وأمرها بغلق األب واب فقلعت وقَ الَ ْ‬
‫ت ‪ :‬الْبَاب الَّ ِذي بيننا وبني اهلل تعاىل فلم يتعرض هلا‬ ‫واحد ‪ .‬قال ‪ :‬أي باب؟ قَالَ ْ‬
‫‪.‬‬
‫ت ‪ :‬ف أين مكوكبِ َها‬ ‫وراود رجل أعرابية ق ال ‪ :‬هلا ما يرانَا إال الك واكب ‪ .‬قَ الَ ْ‬
‫وه َذا كله من ألطاف اهلل تعاىل وحيلولته بني الْ َعْبد ومعصيته ‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال احلسن وذكر أ َْهل املعاصي ‪ :‬هانوا َعلَْي ِه فعصوه ولَ ْو عزوا عليه‬

‫‪494‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بشر ‪ :‬ما أصر َعلَى معص ية اهلل ك رمي وال آثر ال ُّد ْنيَا َعلَى‬ ‫ال‬
‫فعص مهم ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫وعلَى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫اآلخرة حليم ‪َ .‬واهللُ‬
‫(فصل)‬
‫ومن أن واع حفظ اهلل لعب ده يِف دينه ‪ :‬أن الْ َعْبد قَ ْد يس عي يِف س بب من ال دنيا؛‬
‫ِ‬
‫ك فيح ول اهلل بينه وبني ما أراده ملا يعلم لَ هُ‬ ‫الوالي ات أو التج ارات أو َغْي َر َذل َ‬
‫ِ‬
‫ك َو ُه َو ال يشعر َم َع كراهته لذلك ‪.‬‬ ‫من اخلرية يِف َذل َ‬
‫ق ال ابن مس عود َر ِض َي اهللُ عن هُ ‪ :‬إن الْ َعْبد ليهم ب األمر من التج ارة أو اإلم ارة‬
‫ول للمالئكة ‪ :‬اص رفوه عن هُ ف إين إن يس رته لَ هُ أدخلته الن ار‬ ‫فينظر اهلل إليه َفَي ُق ُ‬
‫ول ‪ :‬سبقين فالن ‪ .‬دهاين فالن وما ُه َو إال فضل‬ ‫فيصرفه اهلل عنه ِ‬
‫فيظ ّل يتطري َي ُق ُ‬ ‫ُ‬
‫اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وأعجب من َه َذا الْ َعْبد قَ ْد يطلب باب اً من أب واب الطاع ات وال يك ون فيه خَرْي‬
‫لَهُ فيحول اهلل بينه وبينه صيانة لَهُ ‪َ ،‬و ُه َو ال يشعر ‪.‬‬
‫ول اهلل َع َّز َو َج َّل ‪" :‬إن من‬
‫وأخ رج الط رباين وغ ريه ح ديث أنس مرفوع اً ‪َ ،‬ي ُق ُ‬
‫ك ‪ ،‬وإن من عبادي‬ ‫ِ‬
‫عبادي من ال يصلح إميانه إال الغين ولَ ْو أفقرته ألفسده َذل َ‬
‫من ال يصلح إميانه إال الفقر ولَ ْو أغنيته ألفسده ذلك" ‪.‬‬
‫ك وإن‬ ‫ِ‬
‫وإن من عب ادي من ال يص لح إميانه إال الص حة ولَ ْو أس قمته ألفس ده َذل َ‬
‫من عبادي من ال يصلح إميانه إال السقم ولَ ْو صححته ألفسده ذلك ‪.‬‬
‫وإن من عبادي من يطلب باب اً من العبادة فاكفه عنهُ كيال يدخله العجب ‪ .‬إين‬
‫وهبم إين عليم خبري" ‪.‬‬‫أدبر ‪ .‬إين أدبر عبادي بعلمي مبا يِف ُقلُ ْ‬

‫‪495‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َكا َن بعض املتقدمني يكثر سؤال الشهادة فهتف به هاتف إنك إن غزوت أسرت‬
‫وإن أس رت تنص رت فكف عن س ؤاله ويِف اجلملة فمن حفظ ح دود اهلل وراعي‬
‫حقوقه تويل اهلل حفظه يِف أمور دينه ودنياه ويِف دنياه وآخرت ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك يتض من أنه‬ ‫وقَ ْد أخرب اهلل تع اىل ‪ :‬أنه ويل الْ ُم ْؤ ِمنِني وأنه يت ويل الص احلني َوذَل َ‬
‫يت ويل مص احلهم يِف ال ُّد ْنيَا واآلخ رة وال يكلهم إيل غ ريه ‪ .‬ق ال تع اىل ‪( :‬اهلل ويل‬
‫ك بِأ َّ‬
‫َن اللَّهَ َم ْوىَل‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال تعاىل ‪َ ﴿ :‬ذل َ‬ ‫ات إيل النور) َوقَ َ‬ ‫الظلم َ‬
‫َ‬ ‫ين آمنوا خيرجهم من‬ ‫الذ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬و َمن َيَت َو َّك ْل َعلَى‬ ‫ين اَل َم ْوىَل هَلُ ْم ﴾ َوقَ َ‬ ‫َن الْ َك اف ِر َ‬
‫ين َآمنُ وا َوأ َّ‬
‫الذ َ‬
‫ال تعاىل ‪ ﴿ :‬أَلَيس اللَّه بِ َك ٍ‬
‫اف َعْب َدهُ ﴾ ‪.‬‬ ‫اللَّ ِه َف ُه َو َح ْسبُهُ ﴾ َوقَ َ‬
‫ْ َ ُ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة‬ ‫فمن قام حبقوق اهلل فإن اهلل يتكفل لَ هُ بالقيام جبَ ِميع مصاحله يِف ُّ‬
‫‪ .‬فمن أراد أن يت ويل اهلل حفظه ورعايته يِف أم وره ُكلّ َها فل رياع حق وق اهلل عليه‬
‫‪.‬‬
‫ومن أراد أن ال يص يبه َش ْيء مِم َّا يك ره فال ي أت ش يئاً مِم َّا يكرهه اهلل ‪َ .‬ك ا َن‬
‫ول ‪ :‬من أحب أن تدوم لَهُ الغاية فليتق اهلل‬ ‫السلَف يدور َعلَى اجملالس َو َي ُق ُ‬ ‫بعض َّ‬
‫‪.‬‬
‫ال العمري الزاهد ملن طلب منه الوصية ‪ :‬كما حتب أن يكون اهلل لك فه َك َذا‬ ‫َوقَ َ‬
‫ول اهلل ‪ ( :‬وع زيت وجاليل ال أطلع َعلَى‬ ‫كن هلل عز وجل ‪ .‬ويِف بعض اآلث ار َي ُق ُ‬
‫قلب عبد فأعلم أن الغالب َعلَْي ِه حب التمسك بطاعيت إال توليت سياسته وتقوميه‬
‫)‪.‬‬
‫ول اهلل َع َّز َو َج َّل ‪( :‬ابن آدم ال تعلمين ما يصلحك‬ ‫ويِف بعض الكتب املتقدمة َي ُق ُ‬
‫ابن آدم اتقين ‪ . . .‬ومن حيث شئت ) ‪.‬‬

‫‪496‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ك‬‫ك هلل من حق وق التق وي فال هتتم بعد َذل َ‬ ‫واملعين ‪ :‬أنك إِ َذا قمت مبا َعلَْي َ‬
‫بصاحلك فإن اهلل ُه َو أعلم هِبَا منك َو ُه َو يوصلها إليك َعلَى أمت الوجوه من َغْي َر‬
‫اهتمام منك هبا ‪.‬‬
‫ويِف ح ديث ج ابر َر ِض َي اهللُ عن هُ أن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال ‪" :‬من َك ا َن حيب أن يعلم‬
‫منزلته ِعْن َد اهلل فلينظر كيف منزلة اهلل عن ده ف إن اهلل ي نزل الْ َعْبد منه حيث أنزله‬
‫من نفسه " ‪.‬‬
‫فه َذا ي دل َعلَى أنه َعلَى ق در اهتم ام الْ َعْبد حبق وق اهلل وب أداء حقوقه مراع اة‬ ‫َ‬
‫ك وحفظه لَهُ يكون اعتناؤه به وحفظه له ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حقوقه ومراعاة حدوده واعتنائه ب َذل َ‬
‫فمن َك ا َن غاية مهه َر ِض َي اهللُ عن هُ وطلب قربه ومعرفته وحمبته وخدمته ف إن اهلل‬
‫ك كما ق ال تع اىل ‪( :‬ف اذكروين أذك ركم " ‪ " ،‬وأوف وا‬ ‫ِ‬
‫يك ون لَ هُ َعلَى حسب ذَل َ‬
‫بعهدي أوف بعهدكم) بل ُه َو ُس ْب َحانَهُ أكرم االكرمني فهو جيازي باحلسنة عشراً‬
‫ويزيد ‪.‬‬
‫ومن تقرب منه شرباً تقرب منه ذراعاً ‪ ،‬ومن تقرب من ذراع اً تقرب منه باع اً‬
‫ومن أت اه ميشي أت اه هرولة ‪ .‬ما ي ؤيت اإلنس ان إال من قبل َن ْفسه وال يص يبه‬
‫املكروه إال من تفريطه يِف حق ربه عز وجل ‪.‬‬
‫هم ‪ :‬من ص ِفي ص ِفي له ‪ ،‬ومن خلط خلط عليه ‪َ .‬وقَ َال‬ ‫ِ‬
‫ق ال َعلَي َرض َي اهللُ عن هُ ‪ :‬ال يرج َو َّن عبد إال ربه وال خيافن إال ذنبه ‪ .‬ق ال َب ْعض ْ‬
‫مسروق ‪ :‬من راقب اهلل يِف خطرت َقْلبهُ عصمه اهلل يِف حركات جوارحه وبسط له ‪َ .‬ه َذا املعين يطول جداً ‪ .‬وفيما أشرنا إليه كفاية وهلل‬
‫احلمد واملنة ‪.‬‬
‫ُمظِْل ُم‬ ‫بَِرفْ ِع يَ ِد ِفي اللَّْي ِل واللَّيِ ُل‬ ‫فَ َدا ِو َها‬ ‫ب‬‫الذُن ْو ُ‬‫ك ُّ‬ ‫ت ِمْن َ‬ ‫شِْعراً إِ َذا َ‬
‫ص َد َر ْ‬
‫أَ ْعظَ ُم‬ ‫اك‬‫ك ِمْن َها ِم ْن َخطَايَ َ‬ ‫ُقُن ْوطُ َ‬ ‫إِنَ َّما‬ ‫والَ َت ْقنَطَن ِمن ر ْحم ِة ِ‬
‫اهلل‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬
‫َو َر ْح َمتُهُ لِل ُْم ْذنِبِْي َن تَ َكُّر ُم‬ ‫َفَر ْح َمتُهُ لِل ُْم ْح ِسنِْي َن َكَر َامةٌ‬
‫(‬

‫‪497‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اج َع ْلنَا ِم ْن عب ادك املفلحني‬


‫اللَّ ُه َّم ثبتنا َعلَى قولك الث ابت يِف احلي اة وبع دها ‪َ ،‬و ْ‬
‫وهبم مبعرفتك ‪ ،‬وأهلتهم خلدمتك ‪ ،‬وحرس تهم من َع ُد ّو َك ‪،‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ن ورت ُقلُ ْ‬ ‫الذ َ‬
‫ني ‪ ،‬وص لي اهلل‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫وقوله ‪ ‬جتده أمامك ويِف رواية أخ ري جتاهك معن اه ‪ :‬أن من حفظ ح دود اهلل‬
‫راعي حقوقه َو َج َد اهلل معه يِف مَجِ يع األح وال حيوطه وينص ره وحيفظه ويوفقه‬
‫ويؤيده ويسدده فأنه قائم َعلَى ُك ّل نفس مبا كسبت ‪.‬‬
‫ين ُهم حُّمْ ِس نُو َن ﴾ قال قتادة ‪ :‬ومن يتق اهلل‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َّات َق واْ َّوالذ َ‬‫وهو تعاىل ﴿ َم َع الذ َ‬
‫ومن يتق اهلل يكن معه ‪ .‬ومن يكن اهلل معه فمعه الفئة اليت ال تغلب واحلارس‬
‫الَّ ِذي ال ينام واهلادي الَّ ِذي ال يضل ‪.‬‬
‫الس لَف إيل أخ لَ هُ أما بعد ‪ :‬إن َك ا َن اهلل معك فمن ختاف وإن‬ ‫كتب بعض َّ‬
‫ك فمن ترجو والس الم ‪ .‬وه ذه املعية اخلاصة ب املتقني َغْي ُر املعية العامة‬ ‫َك ا َن َعلَْي َ‬
‫املذكورة يِف قوله تع اىل ‪( :‬وهو معكم أينما كنتم) وقوله ‪َ ﴿ :‬والَ يَ ْس تَ ْخ ُفو َن ِم َن‬
‫ضى ِم َن الْ َق ْو ِل ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اللّه َو ُه َو َم َع ُه ْم إِ ْذ يَُبيِّتُو َن َما الَ َي ْر َ‬
‫فإن املعية اخلاصة تقتضي النصر والتأييد واحلفظ واالعانة ‪ ،‬كما قال تعاىل ملوسي‬
‫الس الم وه ارون ‪ ﴿ :‬اَل خَتَافَا إِنَّيِن َم َع ُك َما أَمْسَ ُع َوأ ََرى ﴾ وقوله تع اىل ‪﴿ :‬‬ ‫َعلَْي ِه َّ‬
‫ول لِص ِ‬
‫احبِ ِه الَ حَتَْز ْن إِ َّن اللّهَ َم َعنَا ﴾ ‪.‬‬ ‫إِ ْذ َي ُق ُ َ‬
‫و َك ا َن النَّيِب ّ ‪ ‬قَ ْد ق ال أليب بكر الص ديق َر ِض َي اهللُ عن هُ يِف تلك احلال ‪ " :‬ما‬
‫ظنك باثنني اهلل ثالثهما " ‪.‬‬

‫‪498‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ثَاَل ثَ ٍة إِاَّل ُه َو‬


‫فه َذا َغْي ُر املعين املذكور يِف قوله تع اىل ‪َ ﴿ :‬ما يَ ُك و ُن ِمن جَّنْ َوى‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إِاَّل ُه َو َم َع ُه ْم‬
‫ك َواَل أَ ْكَث َر‬ ‫َرابِعُ ُه ْم َواَل مَخْ َس ٍة إِاَّل ُه َو َساد ُس ُه ْم َواَل أ َْدىَن ِمن َذل َ‬
‫ك عام لكل مجاعة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أَيْ َن َما َكانُوا ﴾ فإن ذَل َ‬
‫ومن َه َذا املعين اخْلَ اص احْلَ ِديث االهلي وقوله فِيه ‪" :‬وال ي زال عب دي يتق رب إيل‬
‫يسم َع به وبصره الَّ ِذي يبصر به‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالنوافل حيت أحبه ف إ َذا أحببته كنت مسعه الذي َ‬
‫ِ‬
‫لكتَ اب‬ ‫ك من نص وص اْ ِ‬ ‫وي ده اليت يبطش هِبَا ورجله اليت ميشي هبا " إيل َغْي َر َذل َ‬
‫والسنة الدالة َعلَى قرب الرب ُسْب َحانَهُ ممن أطاعه واتقاه وحفظ حدوده وراعاه ‪.‬‬
‫دخل بن ان احلم ال الربية َعلَى طَ ِريق تب وك فاس توحش فهتف به ه اتف ‪ :‬مل‬
‫س حبيبك مع ك؟ فمن حفظ اهلل وراعي حقوقه وج ده أمامه‬ ‫تس توحش؟ ألَْي َ‬
‫وجتاهه َعلَى ُك ّل حال فليستأنس به وليستغن به عن خلقه ‪.‬‬
‫ويِف احْلَ ِديث ‪ " :‬أفضل اإلميان أن يعلم الْ َعْبد أن اهلل معه حيث ك ان " أخرجه‬
‫الطرباين وغريه وبسط َه َذا القول يطول جداً ‪.‬‬
‫َك ا َن بعض العِلم اء الرب انيني كثري الس فر وح ده فخ رج النَّاس م رة معه يودعونه‬
‫فردهم ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم يا من خلق اإلنس ان يِف أحسن تق ومي وبقدرته اليت ال يعجزها َش ْيء حييي‬
‫ين أنعمت‬ ‫َّ ِ‬
‫العظام وهي رميم ‪ .‬نسألك أن هتدينا إيل صراطك املستقيم صراط الذ َ‬
‫هم من النب يني والص ديقني والش هداء والص احلني وأن تغفر لنا ولوال دينا َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫َعلَْي ْ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْس ل ِمنْي َ االحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪499‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال َرمِح َ هُ اهللُ َعلَى قوله ‪" : ‬تع رف إيل اهلل يِف الرخ اء يعرفك يِف الش دة "‪:‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫املعين ‪ :‬أن الْ َعْبد إِ َذا اتقي اهلل و َك ا َن بينه وبينه معرفة فعرفه ربه يِف الشدة وعرفه‬
‫عمله يِف الرخاء فنجاه من الشدائد بتلك املعرفة ‪.‬‬
‫وه ذه أيض اً معرفة خاصة تقتضي الق رب من اهلل َع َّز َو َج َّل وحمبته لعب ده وإجابته‬
‫خيفي َعلَْي ِه حال أحد من خلقه‬ ‫لدعائه ولَيس املراد هِب ا املعرفة العامة‪ ،‬فإن اهلل ال ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ض َوإِ ْذ أَنتُ ْم أ َِجنَّةٌ يِف‬ ‫كما ق ال تع اىل ‪ُ ﴿ :‬ه َو أ َْعلَ ُم بِ ُك ْم إِ ْذ أ َ‬
‫َنش أَ ُكم ِّم َن اأْل َْر ِ‬
‫س بِ ِه‬ ‫ِ‬
‫نس ا َن َونَ ْعلَ ُم َما تُ َو ْس و ُ‬
‫ِ‬
‫ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬ولََق ْد َخلَ ْقنَا اإْل َ‬ ‫ون أ َُّم َه اتِ ُك ْم ﴾ َوقَ َ‬
‫بطُ ِ‬
‫ُ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫وه َذا التعرف اخْلَاص ُه َو املشار إليه يِف احْلَ ِديث اإلهلي ‪ " :‬ال يزال عبدي يتقرب‬ ‫َ‬
‫إيل بالنوافل حيت أحبه" إيل أن قال ‪" :‬ولئن سألين ألعطينه ولئن استعاذين ألعيذنه‬
‫"‪.‬‬
‫ت ‪ :‬يا فض يل وما بينك‬ ‫ُّعاء ‪ ،‬ف َق الَ ْ‬ ‫اجتم َع الفض يل بش عوانة العاب دة فس أهلا ال د َ‬ ‫َ‬
‫وبينه ‪ ،‬إن دعوته أجابك ‪ .‬فشهق الفضيل شهقة خر مغشياً عليه ‪.‬‬
‫ال أبو جعفر الس ائح ‪ :‬أيت احلسن إيل ح بيب أيب حُمَ َّمد هارب اً من احلج اج‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال ‪ :‬يا أبا حُمَ َّمد احفظين من الشرط هم َعلَى أثري ‪.‬‬ ‫َف َق َ‬
‫الث َقة ما ت دعوه فيس رتك من ه ؤالء ‪،‬‬ ‫س بينك وبينه من ِّ‬ ‫ال ‪ :‬يا أبا س عيد ألَْي َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ك للحجاج َف َق َ‬ ‫ِ‬
‫ادخل البيت ‪ ،‬فدخل الشرط َعلَى أثره فلم يروه فذكروا ذَل َ‬
‫بل َكا َن يِف بيته إال أن طمس َعلَى أعينهم فلم يروه ‪.‬‬

‫‪500‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وميت حصل َه َذا التع رف اخْلَ اص للعبد معرفة خاصة بربه ت وجب لَ هُ اإلنس به‬
‫واحلي اء منه ‪ .‬وه ذه معرفة خاصة َغرْي معرفة الْ ُم ْؤ ِمنِني العامة ‪ .‬وم دار الع ارفني‬
‫وه َذا التعرف وإشاراهتم تومئ إيل هذا ‪.‬‬ ‫كلهم َعلَى هذه املعرفة َ‬
‫ال ‪ :‬وحيك‬ ‫ول ‪ :‬س هرت البارحة يِف ذكر النس اء ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫مسَ َع أبو س ليمان رجالً َي ُق ُ‬
‫أما تستحي منه يراك ساهراً يِف ذ َكر غريه ؟ ولكن كيف تستحي ممن ال تعرف‬
‫؟‬
‫س‬‫ال أَمَحَد بن عاصم األنطاكي ‪ :‬أحب أن ال أموت حيت أعرف موالي ‪ .‬ولَْي َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫معرفته اإلق رار به ‪ ،‬ولكن املعرفة الَّ ِذي إِ َذا عرفته اس تحييت منه ‪ .‬وه ذه املعرفة‬
‫اخلاصة والتع رف اخْلَ اص ت وجب طمأنينة الْ َعْبد بربه وثقته به يِف إجنائه من ُك ّل‬
‫شدة وكرب وتوجب استجابة الرب دعاء عبده ‪.‬‬
‫اختفي احلسن البص ري من احلج اج قيل لَ هُ ‪ :‬لَ ْو خ رجت فإنَا خناف أن ي دل‬ ‫ملا ِ‬
‫عليك ‪ .‬فبكي مُثَّ ق ال ‪ :‬أخ رج من مص ري وأهلي وإخ واين ‪ ،‬إن معرفيت ب َريِّب‬
‫بش ْيء ‪،‬‬ ‫ونعمه َعلَى أن س ينجيين منه إن َش اءَ اهلل تع اىل ‪ .‬فما ض ره احلج اج َ‬
‫ك إكراماً شديداً ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ولََق ْد َكا َن يكرمه بعد َذل َ‬
‫ال رجل ملع روف ‪ :‬هيجك َعلَى االنقط اع والعب ادة ذكر املوت وال ربزخ واجْلَنَّة‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال معروف ‪ :‬أي َش ْيء َه َذا إن ملك اً َه َذا كله بيده إن كانت بينك‬ ‫والنار ؟ َف َق َ‬
‫وبينه معرفة كفاك مَجِ يع هذا ‪.‬‬
‫وعلَى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫َواهللُ أ َْعلم ‪ .‬وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬

‫‪501‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صلٌ )‬ ‫( َف ْ‬
‫ومِم َّا ي بني َه َذا ويوض حه احْلَ ِديث الَّ ِذي أخرجه الرتم ذي من ح ديث أَيِب ُهَر ْي َر ِة‬
‫َر ِض َي اهللُ عن هُ عن النَّيِب ّ ‪" : ‬من س ره أن يس تجيب لَ هُ ِعْن َد الش دائد فليك ثر‬
‫ُّعاء يِف الرخاء " ‪.‬‬ ‫الد َ‬
‫وخ رج ابن أيب ال ُّد ْنيَا وابن أيب َح امِت وابن جرير وغ ريهم من ح ديث يزيد‬
‫الس الم ملا دعي يِف بطن احلوت‬ ‫الرقاشي عن أنس يرفعه ‪ " :‬إن ي ونس َعلَْي ِه َّ‬
‫ال اهلل ‪ :‬أما‬ ‫ت املالئكة ‪ :‬يا رب َه َذا ص وت مع روف يِف بالد غريبة ؟ َف َق َ‬ ‫قَ الَ ْ‬
‫تعرفون ذلك ؟ قَالُوا ‪ :‬ومن هو ؟‬
‫قال ‪ :‬عبدي يونس ‪ .‬قَالُوا ‪ :‬عبدك يونس الَّ ِذي مل يزل يرفع عمالً متقبالً ودعوة‬
‫مس تجابة ؟ ق ال ‪ :‬نعم ‪ .‬قَ الُوا ‪ :‬يا رب أفال ت رحم ما َك ا َن يص نع يِف الرخ اء‬
‫فتنجيه به يِف البالء ؟ قال ‪ :‬بلي فأمر اهلل احلوت فطرحه بالعراء ‪.‬‬
‫ال الضحاك بن قيس ‪ :‬اذكروا اهلل يِف الرخاء يذكركم يِف الشدة ‪ .‬إن يونس‬ ‫َوقَ َ‬
‫الس الم َك ا َن يذكر اهلل َفلَ َّما وقع يِف بطن احلوت قال اهلل تعاىل ‪َ ﴿ :‬فلَ ْواَل‬ ‫َعلَْي ِه َّ‬
‫ث يِف بَطْنِ ِه إِىَل َي ْوِم يُْب َعثُو َن ﴾ ‪.‬‬‫ني * لَلَبِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَنَّهُ َكا َن م ْن الْ ُم َسبِّح َ‬
‫ال‬‫وإن فرعون َك ا َن طاغي اً ناسياً لذكر اهلل َفلَ َّما أدركه الغرق قال ‪ :‬آمنت ‪َ .‬ف َق َ‬
‫ين ﴾ ‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫اهلل تعاىل ‪ ﴿ :‬آآل َن وقَ ْد عصيت َقبل و ُك ِ‬
‫نت م َن الْ ُم ْفسد َ‬ ‫َ َ َْ َ ْ ُ َ َ‬
‫ال‬‫ال رشدين بن سعد ‪ :‬قال رجل أليب الدرداء َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ :‬أوصين ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫‪ :‬اذكر اهلل يِف السراء يذكرك يِف الضراء فإن الْ َعْبد إِذَا ذكر يِف السراء فنزلت به‬
‫ت املالئكة ‪ :‬صوت معروف فشفعوا له ‪.‬‬ ‫ضراء فدعا اهلل َعَّز َو َج َّل قَالَ ْ‬

‫‪502‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت‬‫س ب دعاء يِف الس راء ف نزلت به ض راء ف دعا اهلل َع َّز َو َج َّل قَ الَ ْ‬ ‫ِ‬
‫وإ َذا َك ا َن لَْي َ‬
‫س مبعروف فال يشفعون له ‪.‬‬ ‫املالئكة صوت لَْي َ‬
‫هم الص خرة يش هد هلَ َذا أيض اً ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ين دخل وا الغ ار وانطبقت َعلَْي ْ‬
‫وح ديث الثالثة الذ َ‬
‫ص ة يِف‬ ‫ِ‬ ‫فإن اهلل فرج عنهم بدعائهم مبا َكا َن سبق ِمْنهم من األعمال َّ حِل‬
‫الص ا َة اخْلَال َ‬ ‫ُْ‬
‫حال الرخاء من بر الوالدين وترك الفجور وأداء االمانة اخلفية ‪.‬‬
‫ف ِإ َذا علم ‪ :‬أن التعرف إيل اهلل يِف الرخاء يوجب نعرفة اهلل لعبده يِف الشدة فال‬
‫ش دة يلقاها الْ َعْبد يِف ال ُّد ْنيَا أعظم من ش دة املوت وهي أ َْه َون مِم َّا بع دها إن مل‬
‫يكن مصري الْ َعْبد إيل خري ‪ .‬وإن َكا َن مصريه إيل خَرْي فهي آخر شدة يلقاها ‪.‬‬
‫الص احِلَة واملب ادرة‬
‫ف الواجب َعلَى الْ َعْبد ‪ :‬االس تعداد للم وت قبل نزوله ‪ ،‬باألعم ال َّ‬
‫ك فإنه ال ي دري املرء ميت ت نزل به ه ذه الش دة من ليل أو هنار ‪ .‬وذكر‬ ‫ِ‬
‫إيل ذَل َ‬
‫ك فإنه ال يدري املرء ميت تنزل به هذه الشدة‬ ‫ِ‬ ‫األعمال َّ حِل‬
‫الص ا َة واملبادرة إيل َذل َ‬
‫الص احِلَة ِعْن َد املوت مِم َّا حيسن ظن امل ْؤ ِمن بربه‬
‫من ليل أو هنار ‪ .‬وذكر األعم ال َّ‬
‫ُ‬
‫ويهون َعلَْي ِه شدة املوت ويقوي رجاءه ‪.‬‬
‫ضهم ‪ :‬يستحبون أن يكون للمرء خيبة من عمل صاحل ليكون أ َْه َون َعلَْي ِه ِعْن َد‬
‫قال َب ْع ْ‬
‫نزول املوت أو كما قال ‪ .‬و َك انُوا يستحبون أن ميوت الرجل عقب طاعة عملها من‬
‫حج أو جهاد أو صيام ‪.‬‬
‫َوقَ َال النخعي ‪َ :‬ك انُوا يس تحبون أن يك ون للم رء خيبة من عمل ص احل ليك ون أ َْه َون‬
‫َعلَْي ِه ِعْن َد نزول املوت أو كما ق ال ‪ .‬و َك انُوا يستحبون أن ميوت الرجل عقب طاعة‬
‫عملها من حج أو جهاد أو صيام ‪.‬‬
‫َوقَ َال النخعي ‪َ :‬ك انُوا يس تحبون أن يلقن وا الْ َعْبد حماسن عمله ِعْن َد موته لكي حيسن‬
‫ظنه بربه ‪.‬‬
‫ق ال أبو عبد ال رمحن الس لمي يِف مرضه ‪ :‬كيف ال أرجو َريِّب وقَ ْد ص مت لَ هُ‬
‫مثانني رمضان ‪ .‬وملا احتضر أبو بكر ابن عياش وبكوا َعلَْي ِه قال ‪ :‬ال تبكوا‬

‫‪503‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فإين ختمت القرآن يِف هذه الزاوية ثالثة عشر ألف ختمة ‪ .‬وروي أنه قال البنه‬
‫‪ :‬أتري إن اهلل يضيع ألبيك أربعني سنة خيتم ُكل ليلة ‪.‬‬
‫الس لَف البنه ِعْن َد موته ورآه يبكي ق ال ‪ :‬ال تبكي فما أويت أب وك‬ ‫ال بعض َّ‬‫َوقَ َ‬
‫قط ‪ .‬وختم آدم بن أيب إي اس الق رآن َو ُه َو مس جي للم وت مُثَّ ق ال ‪ :‬حبيب لك‬
‫إال رفقت يب فِيه َذا املص رع؟ كنت أؤملك هلَ َذا كنت أرج وك هلَ َذا ال إله إال‬
‫اهلل ‪ ،‬مُثَّ قضي رمحه اهلل ‪.‬‬
‫ول ِعْن َد موته ‪ :‬س يدي هلَ َذا الس اعة خبأتك حقق‬ ‫و َك ا َن عبد الص مد الزاهد َي ُق ُ‬
‫ال ابن عقيل ِعْن َد موته وقَ ْد بكي النس وة ‪ :‬قَ ْد وقفت منه‬ ‫حسن ظين بك ‪َ .‬وقَ َ‬
‫مخسني سنة فدعوين أهتنأ بلقائه ‪.‬‬
‫وملا هجم القرامطة َعلَى احلج اج وقتل وهم يِف الط واف و َك ا َن َعلَى بن باكوية‬
‫الصويِف يطوف فلم يقطع الطواف والسيوف تأخذه حيت وقع ‪.‬‬
‫تضرعٌ إلي فاطر السموات واألرض وثناء عليه‬
‫َح ِد‬
‫ت َو ْج ِهي الَ إِلى أ ْ‬ ‫ك َو َّج ْه ُ‬‫إِلَْي َ‬ ‫األيام ُم ْعَت َم ِدي‬
‫يَا َم ْن َعلَْي ِه َم َدى ِ‬
‫َي ْر ُج ْو نَ َد ُاه بِالَ َم ٍن َوالَ نَ َك ِد‬ ‫الج ِزيْ َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يِا َمالِ َ‬
‫الملْك يَا ُم ْعط َي َ‬ ‫ك ُ‬
‫َم ْوالَ َي فَ ْام ُح بَِع ْف ٍو َما َجَنْتْهُ يَ ِدي‬ ‫ك‬‫اك َو َما لِي َغْيَر بَابِ َ‬ ‫لَِمَام ْنلِي ِس ْو َ‬
‫ان َوال َْم َد ِد‬
‫اإلحس ِ‬ ‫َعوائِ ٌد ِمْن َ ِ‬ ‫يَاوانْ ِع ْم وأ َْم ِطر َعلَْيَنا َر ْح َم ًة َفلََنا‬
‫ك ب َْ‬ ‫ُ‬
‫َما أَ ْن تَ ُمُّر َعلَى بَ ٍال َوالَ َخِل ِد‬ ‫إِ ْليَنا فَكم أ َْولَْيَتَنا نَِعماً‬ ‫وانْظُْر‬
‫أت ُم ْعَت َم ِدي‬ ‫َو َم ْن َعلَْي ِه َوإِ ْن أَ َخطَ ُ‬ ‫ب ُد َعائِ ْي ِعْن َد َم ْسأَلَتِي‬ ‫ِ‬
‫يُ ْجي ُ‬ ‫يَا َم ْن‬
‫َواهللُ أ َْعلم ‪ .‬وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫صلٌ )‬ ‫( َف ْ‬
‫ال َرمِح َ هُ اهللُ ‪ :‬فمن أط اع اهلل واتق اه يِف َحيَات هُ ت واله اهلل ِعْن َد وفاته َعلَى‬ ‫َوقَ َ‬
‫اإلميان وثبته ب القول الث ابت يِف القرب ِعْن َد س ؤال امللكني ودفع عن هُ ع ذاب القرب‬
‫وآنس وحشته يِف تلك الوحدة والظلمة ‪.‬‬
‫ك وال وحشة ‪ .‬ورؤي‬ ‫الس لَف ‪ :‬إِ َذا َك ا َن اهلل معك ِعْن َد دخول القرب فال بأس َعلَْي َ‬ ‫قال بعض َّ‬
‫ال ‪ :‬يؤنسين َريِّب َعَّز َو َج َّل فمن َكا َن اهلل‬ ‫بعض الصاحلني يِف النوم بعد موته فسئل عن حاله َف َق َ‬
‫ضهم ‪:‬‬ ‫الد ْنيَا وختلي عنها ‪ .‬وفِيه ذَا َي ُق ُ‬
‫ول َب ْع ْ‬ ‫ات اللحود إِذَا فارق ُّ‬ ‫حانَهُ وتعاىل أنيسه يِف َ‬
‫ظلم َ‬ ‫ُسْب َ‬
‫فإني بما أنزلته لمصدق‬ ‫َي ْو َم‬ ‫ب ُك ْن لِي ُم ْؤنِساً‬
‫َفَيا َر ُّ‬
‫َو َم ْن ُهَو ِم َن أ َْهِلي أََب ُر َوأَ ْشَف ُق‬ ‫صائٌِر‬ ‫ضيَّرنِي أَنِي إِلى ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اهلل‬ ‫َو َمْاح َشت َ‬
‫ك أهوال القيامة وأفزاعها وشدائدها إِذَا تويل اهلل عبده املطيع لَ هُ يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫ِ‬
‫ك كله ‪ .‬ق ال قت ادة يِف قوله تع اىل ‪َ ﴿ :‬و َمن َيت َِّق اللَّهَ جَيْ َعل لَّهُ‬ ‫أجناه من َذل َ‬
‫خَمَْرجاً ﴾ ‪ .‬قال ‪ ( :‬من الكرب ِعْن َد املوت ومن أفزاع يوم القيامة ) ‪.‬‬
‫عنه َما يِف ه ذه اآلية ‪ :‬ينجيه‬ ‫ِ‬
‫ال َعلَى بن أيب طلحة عن ابن عب اس َرض َي اهللُ ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫من ُك ّل كرب يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة ‪.‬‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ال زيد بن أسلم يِف‬
‫اس َت َق ُاموا ﴾‬‫ين قَالُوا َربُّنَا اللَّهُ مُثَّ ْ‬
‫قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬إ َّن الذ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك ِعْن َد موته ويِف ق ربه وي وم البعث فإنه ِلفي اجْلَنَّة ‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬
‫‪ .‬ق ال ‪ :‬يبشر يِف َذل َ‬
‫قلبه ‪.‬‬ ‫ذهبت فرحة البشارة من‬
‫ال ث ابت البن اين يِف ه ذه اآلية ‪ :‬بلغنا أن امل ْؤ ِمن يبعثه اهلل من ق ربه يتلق اه‬ ‫َوقَ َ‬
‫ُ‬
‫الد ْنيَا فيقوالن لَهُ ال ختف وال حتزن فيؤمن اهلل خوفه‬ ‫املل َكا َن اللذان كانَا معه يِف ُّ‬
‫ويقر عينه ‪.‬‬

‫‪505‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫للم ْؤ ِمن ق رة عني ملا ه داه اهلل‬ ‫فما من عظيمة تغشي النَّاس ي وم القيامة إال وهي ُ‬
‫ك كله ابْن أَيِب َحامِت وغريه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وملا َكا َن يعمل يِف الدنيا ‪ .‬خرج َذل َ‬
‫س لَهُ أن يعرفه يِف الشدة ال يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا‬ ‫الرخاء فلَْي َ‬
‫وأما من مل يتعرف إيل اهلل يِف‬
‫الد ْنيَا وحاهلم يِف اآلخرة أشد‬ ‫وال يِف اآلخرة ‪ ،‬وشواهد َه َذا مشاهدة حاهلم يِف ُّ‬
‫وما هلُ ْم من ويل وال نصري ‪.‬‬
‫قوله ‪" : ‬إِ َذا س ألت فاس أل اهلل" أمر ب إفراد اهلل تع اىل بالس ؤال وهني عن غ ريه‬
‫من اخللق ‪.‬‬
‫ض لِ ِه ﴾ ‪ .‬ويِف‬
‫اس أَلُواْ اللّ هَ ِمن فَ ْ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬و ْ‬ ‫وقَ ْد أمر ُس ْب َحانَهُ وتع اىل بس ؤاله َف َق َ‬
‫الرتم ذي عن ابن مس عود َر ِض َي اهللُ عن هُ مرفوع اًَ ‪ " :‬من ال يس أل اهلل يغضب‬
‫عليه " ‪.‬‬
‫وفِ ِيه أيض اً عن أَيِب ُهَر ْي َر ِة َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ " :‬اسألوا اهلل من فضله فإن اهلل حيب‬
‫أن يسأل" ‪.‬‬
‫وفِ ِيه أيضاً ‪" :‬إن اهلل حيب امللحني يِف الدعاء " ‪.‬‬
‫ويِف ح ديث آخر ‪ " :‬ليس أل أح دكم حاجته كلها حيت يس أل شسع نعله إِذَا‬
‫انقطع " ‪ .‬ويِف ه َذا املعين أحاديث كثرية ‪.‬‬
‫ويِف النهي عن س ؤال اخللق أح اديث كث رية ص حيحة ‪ .‬ويِف ح ديث ابن مس عود‬
‫عنه َما مرفوع اً ‪ " :‬ال يزال الْ َعْبد يسأل َو ُه َو غين حيت خيلق‬ ‫ِ‬
‫وابن عمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫وجهه فال يكون لَهُ ِعْن َد اهلل وجه " ‪.‬‬
‫وقَ ْد ب ايع النَّيِب ّ ‪ ‬مجاعة من الص حابة َعلَى أن ال يس ألوا النَّاس ش يئاً ِمْن ُه ْم‬
‫الصديق َر ِض َي اهللُ عنهُ وأبو ذر وثوبان ‪.‬‬

‫‪506‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َح داً أن يناوله إي اه رضي‬ ‫و َك ا َن أح دهم يس قط س وطه وخط ام ناقته فال يس أل أ َ‬


‫اهلل عنهم ‪ .‬واعلم أن سؤال اهلل تعاىل دون خلقه ُه َو املتعني عقالً وشرعاً ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك من وجوه متعددة منها أن السؤال ف ِيه بذل ملاء الوجه وذل للسائل َوذَل َ‬
‫ك‬ ‫َوذَل َ‬
‫ك من‬ ‫ِ‬
‫ال يص لح إال هلل وح ده ‪ .‬فال يص لح ال ذل إال هلل بالعب ادة واملس ألة َوذَل َ‬
‫غاية احملبة الصادقة ‪.‬‬
‫سئل يوسف بن احلسني ‪ :‬ما بال احملبني يتلذذون بذهلم يِف احملبة فأنشد ‪:‬‬
‫ف‬‫وعهُ لِ َحبِْيِب ِه َشَر ُ‬
‫ض ُ‬‫َو ُخ ُ‬ ‫ب َم ْك ُر َمةٌ‬ ‫ِ‬
‫ُذ َّل ال َفَتى في ُ‬
‫الح ِ‬
‫وه َذا ال ذل وه ذه احملبة ال تص لح إال هلل وح(ده وه ذه َح ِقي َقة العب ادة اليت خيتص‬ ‫َ‬
‫هِبَا اإلله احلق ‪.‬‬
‫ول يِف دعائه ‪ :‬اللَّ ُه َّم كما ص نت وجهي عن‬‫َك ا َن اإلم ام أَمحَ ُد َرمِح َ هُ اهللُ َي ُق ُ‬
‫السجود لغريك فصنه عن املسألة لغريك ‪.‬‬
‫ال أبو احلسني األقطع ‪ :‬كنت مبَ َّكة س نة فأص ابتين فاقة وض رر فكنت ُكلَّما‬ ‫َوقَ َ‬
‫ول ‪ :‬الوجه الَّ ِذي تس جد يل به‬
‫أردت أن أخ رج إيل املس ألة هتف يب ه اتف َي ُق ُ‬
‫تبذله لغريي ‪ .‬انتهي كالمه َرمِح َهُ اهللُ تعاىل ‪.‬‬
‫َواهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال ابن القيم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫َوقَ َ‬
‫للعبد سرت بينه وبني اهلل وسرت بينه وبني النَّاس فمن هتك السرت‬

‫‪507‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الَّ ِذي بينه وبني اهلل هتك اهلل السرت الَّ ِذي بينه وبني الناس ‪.‬‬
‫للعبد رب ُه َو مالقيه ‪ ،‬وبيت ُه َو س اكنه ‪ ،‬فينبغي لَ هُ أن يسرتضي ربه قبل‬
‫لقائه ‪ ،‬ويعمر بيته قبل انتقاله إليه ‪.‬‬
‫إض اعة ال َوقْت أشد من املوت ‪ ،‬ألن إض اعة ال َوقْت تقطعك عن اهلل وال دار‬
‫اآلخرة ‪ ،‬واملوت يقطعك عن ُّ‬
‫الد ْنيَا وأهلها ‪.‬‬
‫ف بغم العمر كله ‪ .‬حمبوب‬ ‫الد ْنيَا من أوهلا إيل آخرها ال تساوي غم ساعة فَ َكْي َ‬‫ُّ‬
‫الَْي ْوم يعقب املكروه غداً ‪ ،‬ومكروه الَْي ْوم يعقب احملبوب غداً ‪.‬‬
‫أعظم ال ِّربْح يِف ال ُّد ْنيَا ‪ :‬أن تش غل نفسك ُك ّل َوقْت مبا ُه َو أويل هِبَا وأنفع هلا‬
‫يِف معادها ‪.‬‬
‫كيف يكون عاقالً من باع اجْلَنَّة مبا فيها بشهوة ساعة ‪.‬‬
‫املخل وق إِذَا خفته استوحشت منه وه ربت منه وال رب تع اىل إِذَا خفته أنست به‬
‫لكتَ اب ‪،‬‬ ‫وق ربت إليه ‪ .‬لَ و نفع العلم بال عمل ملا ذم اهلل س بحانَه أحب ار أَهل اْ ِ‬
‫ْ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ولَ ْو نفع الْ َع َمل بال إخالص ملا ذم املنافقني ‪.‬‬
‫إِذَا جري َعلَى الْ َعْبد مقدور يكرهه فله فِ ِيه ست مشاهد ‪:‬‬
‫أح دها ‪ :‬مش هد الت َّْو ِحيد وأن اهلل ُه َو الَّ ِذي ق دره وش اءه وخلقه وما َش اءَ اهلل‬
‫َكا َن وما مل يشأ مل يكن ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬مشهد العدل وأنه ماض فِ ِيه حكمه عدل فِ ِيه قضاؤه ‪.‬‬
‫الث الث ‪ :‬مش هد الرمحة وإن رمحته فِيه ذَا املق دور غالبة لغض بة وانتقامه ورمحته‬
‫وعفوه ‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك مل يق دره س دي وال‬ ‫ِ‬


‫الرابع ‪ :‬مش هد احلكمة وإن حكمته ُس ْب َحانَهُ اقتضت َذل َ‬
‫قضاه عبثاً ‪.‬‬
‫ك ِم ْن مَجِ ي ِع وجوهه‬ ‫ِ‬
‫اخلامس ‪ :‬مشهد احلمد وأن لَ هُ ُس ْب َحانَهُ احلمد الت ام َعلَى ذَل َ‬
‫‪.‬‬
‫الس ادس ‪ :‬مش هد العبودية وأنه حمض من ُك ّل وجه جتري َعلَْي ِه أحك ام س يده‬
‫وأقضيته حبكم كونه ملكه وعبده فيصرفه حتت أحكامه القدرية كما يصرفه حتت‬
‫أحكامه الدينية فهو حمل جلريان هذه األحكام عليه ‪.‬‬
‫باإلخ َوان قسمان ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫االجتماع‬
‫فه َذا مض رته أرجح من‬ ‫أح دمها ‪ :‬اجتم اع َعلَى مؤانسة الطبع وش غل ال َوقْت ‪َ ،‬‬
‫منفعته ‪ ،‬وأقل ما فِ ِيه أنه يفسد الْ َق ْلب ويضيع الوقت ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬االجتماع هِب ُ ْم َعلَى التعاون َعلَى أسباب النجاة والتواصي باحلق والصرب ‪،‬‬
‫فه َذا من أعظم الغنيمة وأنفعها ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ولكن فِ ِيه ثالث آفات ‪:‬‬
‫ضهم لبعض ‪.‬‬ ‫إحداها ‪ :‬تزين َب ْع ْ‬
‫الثَّانِيَة ‪ :‬الكالم واخللطة أكثر من احلاجة ‪.‬‬
‫ك شهوة وعادة ينقطع هِبَا عن املقصود ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الثالثة ‪ :‬أن يصري َذل َ‬
‫وباجلملة ‪ :‬فاالجتم اع واخللطة لق اح ‪ ،‬إما للنفس األم ارة ‪ ،‬وإما للقلب والنفس‬
‫املطمئنة والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طاب لقاحه طابت مثرته ‪.‬‬
‫وهذه األرواح الطيبة لقاحها من امللك واخلبيثة لقاحها من الشيطان‬

‫‪509‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وقَ ْد جعل اهلل ُسْب َحانَهُ حبكمته الطيبات للطيبني والطيبني والطيبني للطيبات وعكس‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫بني الْ َعْبد وبني اهلل واجْلَنَّة قنط رة تقطع خبط وتني خطوة عن َن ْفسه ‪ ،‬وخطوة عن‬
‫اخللق فيسقط نَ ْفسه ويلغيها فيما بينه وبني النَّاس ويسقط النَّاس ويلغيهم فيما بينه‬
‫وعلَى الطَ ِريق املوص لة إليه‬
‫وبني اهلل ؛ فال يلتفت إال إيل اهلل من دله َعلَى اهلل َ‬
‫‪.‬‬
‫من عرف َن ْفسه اشتغل بإصالحها عن عيوب الناس ‪.‬‬
‫من عرف ربه اشتغل به عن هوي نفسه ‪.‬‬
‫أنفع الْ َع َمل أن تغيب فِيه عن النَّاس ب اإلخالص وعن نفسك بش هود املنة فال‬
‫تري فِيه نفسك وال تري اخللق ‪.‬‬
‫دخل النَّاس الن ار من ثالثة أب واب ‪ :‬ب اب ش بهة أورثت ش كاً يِف دين اهلل ‪،‬‬
‫وب اب ش هوة أورثت تق دمي اهلَ َوى َعلَى طاعته ومرض اته ‪ ،‬وب اب غضب أورث‬
‫العدوان َعلَى خلقه ‪.‬‬
‫أص ول اخلطايا ُكلّ َها ثالثة ‪ :‬الكرب ‪َ ،‬و ُه َو الَّ ِذي أص ار إبلَْيس إيل ما أص اره‬
‫واحلرص ‪َ ،‬و ُه َو الَّ ِذي أخرج آدم من اجلنة ‪.‬‬
‫واحلسد ‪َ ،‬و ُه َو الَّ ِذي جرأ أحد ابين آدم َعلَى أخيه ‪ .‬فمن وقي شر هذه الثالثة‬
‫ف َق ْد وقي الشر ‪ ،‬فالكفر من الكرب ‪ ،‬واملعاصي من احلرص ‪ ،‬والبغي والظلم من‬
‫احلسد ‪.‬‬
‫مجَ َع النَّيِب ّ ‪ ‬يِف قوله ‪" :‬فاتقوا اهلل وأمجلوا يِف الطلب" بني مصاحل ُّ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة‬
‫‪.‬‬
‫فاآلخرة ونعيمها ولذاهتا ‪ ،‬إمنا تنال بتقوي اهلل وراحة القلب‬

‫‪510‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫والب دن وت رك االهتم ام واحلرص الش ديد والتعب والعن اء والكد والش قاء يِف طلب‬
‫الد ْنيَا ‪ ،‬إمنا ينال باإلمجال يِف الطلب ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫فمن اتقي اهلل فاز بلذة اآلخرة ونعيمها ‪ ،‬ومن أمجل يِف الطلب اسرتاح من نكد ُّ‬
‫الد ْنيَا ومهومها ‪ ،‬فاهلل املستعان ‪:‬‬
‫لَْو َكا َن ِفي َذي ال ُخلُ ِق َم ْن‬ ‫الدْنَيا َعلَى َن ْف ِس َها‬‫ُّ‬ ‫ت‬‫اد ِ‬‫قَ ْد نَ َ‬
‫يَو ْسَجَمِامُعٍع َفَرقَ ْ‬
‫ت َما يَ ْج َم ُع‬ ‫بِ َ‬
‫العْي ِ‬
‫ش أ َْهلَ َكْتهُ‬ ‫كم َواثِ ٍق‬
‫سر التوكل َعلَى اهلل وحقيقته ‪ُ :‬ه َو اعتم اد الْ َق ْلب َعلَى اهلل وح ده ‪ ،‬فال يضر‬
‫مباش رة األس باب َم َع خلَ ْو الْ َق ْلب من االعتم اد َعلَْي َها والرك ون إليها ‪ ،‬كما ال‬
‫ينفعه قوله ‪ :‬توكلت َعلَى اهلل ‪َ ،‬م َع اعتماده َعلَى غريه وركونه إليه وثقته به ‪.‬‬
‫فتوكل اللس ان َش ْيء ‪ ،‬وتوكل الْ َق ْلب ش يء ‪ .‬كما أن توبة اللس ان َم َع إص رار‬
‫الْ َق ْلب َم َع اعتماده َعلَى غريه وركونه إليه وثقته به ‪.‬‬
‫فتوكل اللس ان َش ْيء ‪ ،‬وتوكل الْ َق ْلب ش يء ‪ .‬كما أن توبة اللس ان َم َع إص رار‬
‫الْ َق ْلب َم َع اعتم اد َق ْلب هُ َعلَى غ ريه ‪ ،‬مثل قوله ‪ :‬تبت إيل اهلل َو ُه َو مصر َعلَى‬
‫معصيته مرتكب هلا ‪.‬‬
‫اتباع اهلََوى وطول األمل ‪ ،‬مادة ُك ّل فساد ‪ ،‬فإن اتباع اهلََوى يعمي عن احلق‬
‫معرفة وقصداً ‪ ،‬وطول األمل ينسي اآلخرة ويصد عن االستعداد هلا ‪.‬‬
‫إِذَا أراد اهلل بعبد خرياً جعله معرتف اً بذنبه ‪ ،‬ممسكاً عن ذنب غريه ‪ ،‬جواداً مبا‬
‫ك عليه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عنده ‪ ،‬حمتمالً ألذي غريه ‪ ،‬وإن أراد به شراً عكس َذل َ‬
‫العقول املقيدة بالت َّْوفِيق ‪ ،‬تري أن ما َج اءَ به َّ‬
‫الر ُس ول ‪ُ ‬ه َو احلق املوافق للعقل‬
‫واحلكمة ‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والعق ول املض روبة باخلذالن ‪ ،‬ت ري املعارضة بني العقل والنقل وبني احلكمة‬
‫والشرع ‪.‬‬
‫أقرب الوسائل إيل اهلل ‪ ،‬مالزمة السنة والوقوف معها يِف الظاهر والباطن ودوام‬
‫االفتقار إيل اهلل ‪ ،‬وإرادة وجهه وحده باألقوال واألفعال ‪.‬‬
‫وما وصل أحد إيل اهلل إال من ه ذه الثالثة ‪ ،‬وما انقطع عن هُ أحد إال بانقطاعه‬
‫عنها أو عن أحدها ‪.‬‬ ‫َ‬
‫األصول اليت انبين َعلَْي َها سعادة الْ َعْبد ثالثة ‪ ،‬ولكل واحد منها ضد ‪ ،‬فمن ف َق ْد‬
‫ك األصل حصل َعلَى ضده ‪ ،‬الت َّْو ِحيد وضده الشرك ‪ ،‬والسنة وضدها البدعة‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫‪ ،‬والطاعة وضدها املعصية ‪.‬‬
‫وهلذه الثالثة ضد واحد َو ُه َو ‪ :‬خلَ ُو الْ َق ْلب من الرغبة يِف اهلل وفيما عن ده ‪،‬‬
‫ومن الرهبة منه وما عنده ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ت‬‫ت بِاهلل ‪ ،‬وإِ َذا فرح وا بال ُّد ْنيَا ف افرح أَنْ َ‬ ‫إِ َذا اس تغين النَّاس بال ُّد ْنيَا ‪ ،‬فاس تغن أَنْ َ‬
‫اهلل ‪ ،‬وإِ َذا أنسوا بأحباهبم فاجعل أنسك باهلل ‪.‬‬ ‫بِ ِ‬
‫وإِذَا تعرف وا إيل مل وكهم وك ربائهم وتقرب وا إليهم لين الوا هِب ُ ْم الع زة والرفعة ‪،‬‬
‫ِ‬
‫ك غاية العز والرفعة ‪.‬‬ ‫ت إيل اهلل وتودد إليه ‪ ،‬تنل ب َذل َ‬ ‫فتعرف أَنْ َ‬
‫َح دا مسَ َع باجْلَنَّة والن ار ت أيت َعلَْي ِه س اعة ال‬ ‫ق ال بعض الزه اد ‪ :‬ما علمت أن أ َ‬
‫ال لَ هُ رجل إين أك ثر‬ ‫يطيع اهلل فيها ب ذكر أو ص الة أو ق راءة أو إحس ان ‪َ .‬ف َق َ‬
‫ت‬‫ت مقر خبطيئتك خَرْي من أن تبكي وأَنْ َ‬ ‫ال ‪ :‬إنك إن تض حك وأَنْ َ‬ ‫البُ َك اء َف َق َ‬
‫مدل بعملك ‪ ،‬وأن املدل ال يصعد عمله فوق رأسه ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬دع ال ُّد ْنيَا ألهلها كما ترك وا هم اآلخ رة ألهلها ‪ ،‬وكن‬ ‫ال ‪ :‬أوصين َف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫الد ْنيَا كالنحلة ‪ ،‬إن أكلت أكلت طيب اً ‪ ،‬وإن أطعمت أطعمت طيب اً ‪ ،‬وإن‬ ‫يِف ُّ‬
‫سقطت َعلَى َش ْيء مل تكسره ومل ختدشه ‪.‬‬

‫‪512‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫النعم ثالثة ‪ :‬نعمة حاص لة يعلم هِبَا الْ َعْبد ‪ ،‬ونعمة منتظ رة يرجوها ‪ ،‬ونعمة ُه َو‬
‫فيها ال يش عر هبا ‪ .‬ف ِإ َذا أراد إمتام نعمته َعلَى عب ده ‪ ،‬عرفه نعمته احلاض رة ‪،‬‬
‫وأعط اه من ش كره قي داً يقي دها به حيت ال تش رد فإهنا تش رد باملعص ية وتبقي‬
‫بالشكر ‪ ،‬ووفقه لعمل يستجلب به النعمة املنتظرة ‪ ،‬وبصره بالطرق اليت تسدد‬
‫وتقطع طريقها ‪ ،‬ووفقه الجتناهِبَا ‪ ،‬وإِ َذا هِبَا قَ ْد وافقته إليه َعلَى أمت الوج وه ‪،‬‬
‫وعرفه النعم اليت ُه َو فيها وال يشعر هبا ‪.‬‬
‫ك النعم‬ ‫ت اهلل َعلَْي َ‬ ‫ِِ‬
‫ال ‪ :‬أمري الْ ُم ْؤمنني ثَبِّ ْ‬ ‫وحيكي أن أعرابي اً دخل َعلَى الرشيد َف َق َ‬
‫ت فيها بإدامة ش كرها ‪ ،‬وحقق لك النعم اليت ترجوها حبسن الظن به‬ ‫اليت أَنْ َ‬
‫ِ‬
‫ك‬‫ت فيها وال تعرفها لتشكرها ‪ ،‬فأعجبه َذل َ‬ ‫ودوام طاعته ‪ ،‬وعرفك النعم اليت أَنْ َ‬
‫ال ‪ :‬ما أحسن تقسيمه ‪.‬‬ ‫منه َوقَ َ‬
‫ق ال ش قيق بن إب راهيم ‪ :‬أغلق ب اب الت َّْوفِيق عن اخللق من س تة أش ياء ‪ :‬اش تغاهلم‬
‫بالنعمة عن ش كرها ‪ ،‬ورغبتهم يِف العلم وت ركهم العمل واملس ارعة إيل ال ذنب‬
‫وتأخَرْي التوبة ‪ ،‬واالغرتار بصحبة الصاحلني وترك االقتداء بأفعاهلم ‪ ،‬وإدبار ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫هم وهم معرضون عنها ‪.‬‬ ‫عنهم وهم يتبعوهنا ‪ ،‬وإقبال اآلخرة َعلَْي ْ‬
‫ك ‪ :‬عدم الرغبة والرهبة ‪ ،‬وأصله ضعف اليقني ‪ ،‬وأصله ضعف‬ ‫ِ‬
‫ت ‪ :‬وأصل َذل َ‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫البص رية ‪ ،‬وأص له مهانة النفس ودناءهتا ‪ ،‬واس تبدال الَّ ِذي ُه َو أدين بالَّ ِذي ُه َو‬
‫خري ‪.‬‬
‫س هّلُ ْم حط من رح اهلم إال يِف اجْلَنَّة‬ ‫النَّاس ُمْن ُذ خلق وا مل يزال وا مس افرين ‪ ،‬ولَْي َ‬
‫أو الن ار ‪ ،‬والعاقل يعلم أن الس فر مبين َعلَى املش قة ورك وب األخط ار ‪ ،‬ومن‬
‫ك بعد انتهاء السفر ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احملال عادة أن يطلب فيه نعيم ولذة وراحة ‪ ،‬إمنا َذل َ‬

‫‪513‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ومن املعل وم أن ُك ّل وط أة ق دم ‪ ،‬أو ُك ّل من آن ات الس فر َغرْي واقفة ‪ ،‬وال‬


‫ت أنه س افر َعلَى احلال اليت جيب أن يك ون املس افر‬ ‫املكلف واقف ‪ ،‬وقَ ْد ثَبِّ ْ‬
‫فعلَى ق دم‬ ‫َعلَْي َها من هنيئة ال َز َاد املوصل ‪ ،‬وإِذَا ن زل أو ن ام أو اس رتاح ‪َ ،‬‬
‫االستعداد للسري ‪.‬‬
‫هلل َعلَى الْ َعْبد يِف ُك ّل عضو من أعض ائه أمر ‪ ،‬وله َعلَْي ِه فِيه هني ‪ ،‬وله فِيه‬
‫ك العضو ب أمره واجتنب فِيه هنيه‬ ‫ِ‬
‫نعمة ‪ ،‬وله فيه منفعة ول ذة ‪ ،‬ف إن ق ام يِف َذل َ‬
‫ِ‬
‫‪ .‬ف َق ْد أدي ش كر اهلل َعلَْي ِه فِيه ‪ ،‬وس عي يِف تكميل انتفاعه ولذته به ‪ ،‬وإن‬
‫ك العضو ‪ ،‬وجعله من أكرب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عطل أمر اهلل وهنيه فيه ‪ ،‬عطله اهلل من انتفاعه ب َذل َ‬
‫أسباب أمله ومغرته ‪.‬‬
‫وله َعلَْي ِه يِف ُك ّل َوقْت من أوقاته عبودية تقدمه إليه وتقربه منه ‪ ،‬ف إن ش غل‬
‫وقته بعبودية ال َوقْت ‪ ،‬تق دم به إيل ربه ‪ ،‬وإن ش غله هبوي أو راحة وبطالة‬
‫تأخر ‪ ،‬فالْ َعْبد ال يزال يِف تقدم أو تأخر ‪ ،‬وال وقوف يِف الطَ ِريق البتة ‪.‬‬
‫َخَر ﴾ ‪.‬‬‫َّم أ َْو َيتَأ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬ل َمن َشاء من ُك ْم أَن َيَت َقد َ‬
‫وعلَى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫َواهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫َوقَ َال القحطاين َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫ك جملَ َة اإل ْخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيَّتِي‬ ‫ني ُخ ْذ بِو ِ‬
‫وان‬ ‫ص بِ َذل َ ُ ْ‬ ‫ص ْ‬‫َوأ ْخ ُ‬ ‫َ‬ ‫الس ُّ‬
‫يَا أَُّي َها ُّ‬
‫اض ٍر ي ْقظَ ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫أسم ْع بَِف ْه ٍم ح ِ‬
‫َ‬ ‫َو ْ َ‬ ‫صيَّ َة ُم ْشِف ٍق َمَتَود ٍِّد‬
‫واقْبِل و ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫ص والَ ر ْجح ِ‬
‫ان‬ ‫َع ْدالً بِالَ َن ْق ٍ َ ُ َ‬ ‫ُك ْن ِفي أ ُُمو ِر َك ُكلِّ َها ُمَتَو ِّسطاً‬
‫ث أَو ثَ ِ‬
‫ان‬ ‫ٍِ‬ ‫ب وِ‬ ‫وا ْعلم بِأ َّ‬
‫ُمَتَنَّزٌه عن ثَال ْ‬ ‫اح ٌد‬ ‫اهلل َر ٌّ َ‬ ‫َن َ‬

‫‪514‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫واآلخر الم ْفنِي ولَْيس بَِف ِ‬


‫ان‬ ‫ِ‬ ‫المْب ِدي بِغَْي ِر بِ َدايٍَة‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫األو ُل ُ‬
‫َّ‬
‫ت بِال أَر َك ِ‬ ‫الَ َخْير ِف ٍي بْي ٍ‬ ‫ِّق بِال َق َ‬ ‫ر ْكن َّ ِ‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضا‬ ‫صد َ‬ ‫الديانَة أَ ْن تُ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫إِ َّن ال ُق ُدور َتُفور بِالغََلي ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ت َوالَ تَ ُك ْن ُمَتغَالِياً‬ ‫ْص ْد ُه ِديْ َ‬
‫فَاق ِ‬
‫ّدي ِن و ِ‬
‫اسطََت ِ‬ ‫فَ ِكالَهما لِل ِ‬ ‫اب ِكَلْي ِه َما‬ ‫الش ِريع ِة واْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫لكَت ِ‬ ‫د ْن بِ َّ ْ َ‬
‫ك ِفي اإلجاب ِة و ِ‬
‫ان‬ ‫ََ َ‬ ‫فَأنْ َش ْط َوالَ تَ ُ‬ ‫ت ِإلى أ ََد ِاء َف ْريْ َ‬
‫ض ٍة‬ ‫وِإ َذا ُد ِعْي َ‬
‫اهلل أَ ْعظَم َش ِ‬
‫ان‬ ‫َفلَ ُه َّن ِعْن َد ِ‬ ‫ف‬ ‫س وا ْع ِر ْ‬ ‫الصالَِة ال َخ ْم ِ‬‫قُ ْم بِ َّ‬
‫ُ‬
‫فَصالَتنَا و َز َكاَتنَا أُ ْختَ ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ظَالِماً‬ ‫قَالَْد َرتَهْامَن َع َّن َز َكا َة َمالِ َ‬
‫الشيطَ ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬
‫الم َح ِال َوش َيعةُ َّ ْ‬ ‫أ َْه ُل ُ‬ ‫ض أَِّن ُه ْم‬ ‫الر ِ‬
‫واف ِ‬ ‫الَ َت ْعَتِق ْد ِديْ َن َّ‬
‫اط ٍق أَو ج ِ‬
‫ان‬ ‫ْ َ‬
‫س نَ ِ‬ ‫ِم ْن ُك ِّل إِنْ ٍ‬ ‫ض ّشُّر َم ْن َ ِو َ‬
‫طىء‬ ‫ِن َّ ِ‬
‫الرواف َ‬ ‫إٍ َّ‬
‫ورمو ُهم بِالظُّل ِْم والع ْدو ِ‬
‫ان‬ ‫َص َحابَهُ‬ ‫صواا النَّبِ َّي َو َخَّونُوا أ ْ‬ ‫الحُح َ‬‫َم َدَ‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ ََْ ْ‬
‫(وأَج ُّل من يم ِشي َعلَى ال ُكثْب ِ‬
‫ان‬ ‫قُل إِ َّن َخير األنْبِ ِ‬
‫ياء ُم َح َّم ٌّد‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫اآلل والنِّس ِ‬
‫وان‬ ‫ْ‬
‫يع ِ‬ ‫ِ‬
‫وام َد ْح َجم َ‬
‫ْ‬ ‫ص َحابَِة أَ ْح َم ٍد‬ ‫ِ‬
‫قُ ْل َخْير َق ْو ٍل ف ٍي َ‬
‫وف ِهم يوم الَْتَقى الجمع ِ‬
‫ان‬ ‫لِ ِ‬ ‫الص َحابَِة ِفي‬
‫َ َْ‬ ‫سيُ ْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َد ْع َما َجَرى َبْي َن َ‬
‫ط ُك ُّل بَن ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫الرواةُ َو َخ َ‬‫َج َم َع ُّ‬ ‫ِخ ُك َّل َما‬ ‫الَالو َغَت ْقىَبلَ َّن ِم َن التََّوار ِ‬
‫األحالَِم واألسَن ِ‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫سْي َما َذ ِوي ْ‬
‫ِ‬ ‫المْنَتَقى عن أ َْهِل ِه‬ ‫يث ُ‬ ‫ْح ِد َ‬‫ْار ِو ال َ‬
‫ف َعِلياً أيَّما ِعرفَ ِ‬ ‫َوا ْع ِر ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان‬ ‫َ ْ‬ ‫ب‬‫البْيت َواج َ‬ ‫واحَف ْظ أل َْه ِل َ‬ ‫ْ‬
‫فعلَْي ِه تَ ْ‬
‫صلَى النَّار طَائَِفَت ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صهُ َوالَ تَ ِز ْد ِفي قَ ْد ِر ِه‬ ‫الحَِّق ِهَتْنمَتِق ْ‬
‫صهُ األ ْخرى إِلهاً ثَ ِ‬
‫ان‬ ‫َوَتنُ ُّ‬ ‫ضْي ِه َخِلْيَف ًة‬
‫إِ ْح َد ُاهما الَ َترتَ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫حتَّى تَ ُكو َن َكمن لَهُ َقلْب ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ج َثَوابَهُ‬ ‫ِ‬ ‫اح َذ ْر ِعَق ِ‬
‫اهلل َو ْار ُ‬
‫اب‬ ‫ْ‬
‫اعيةٌ إِلى الطُ ْغي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ريَب ٍة ِفي ظُل َْم ٍة‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫س َد َ‬
‫الن ْف ُ‬
‫َو َ‬ ‫بِ َ‬
‫ت‬‫وإِ َذا َخلَ ْو َ‬
‫إِ َّن الَّ ِذي َخلَ َق الظَّالَ َم َيَرانِي‬ ‫فاسَت ْح ْي ِم ْن نَظَ ِر اإللَه َوقُ ْل لَ َها‬
‫ْ‬

‫‪515‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اله َدى سبب ِ‬


‫ان‬ ‫َ ََ‬ ‫َف ُه َما إِلى ُسْب ِل ُ‬ ‫صالِحاً‬ ‫ِ ِِ‬
‫ُك ْن طَالباً للّعل ِْم وا ْع َم ْل َ‬
‫ف م ْكتُوب ِ‬
‫ان‬ ‫فَ ِكالَ ُهما ِفي ُّ ِ‬ ‫ك قَائِالً أَو فَ ِ‬ ‫الَ َت ْع ِ‬
‫الص ْح َ َ‬ ‫َ‬ ‫اعالً‬ ‫ْ‬ ‫ص َربَّ َ‬
‫َزيْن الحِلْي ِم و ِسْتر ُة الحْي ِ‬
‫ران‬ ‫سك ِوت فَِإنَّهُ‬ ‫َج ِّمل َزَمانَ َ ِ ُّ‬
‫ُ َ َ َ َ‬ ‫ك بال ُ‬ ‫ْ‬
‫وَتو َّق ُك ُّل مَن ِاف ٍق َفت ِ‬
‫َّان‬ ‫ت‬ ‫ك إِ ْن َس ِم ْع َ‬ ‫ْس َبْيتِ َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُك ْن حل َ‬
‫اهلل َشَّر م َه ِ‬ ‫َفَت ُكو َن ِعْن َد ِ‬ ‫ِِ ٍ‬
‫ان‬ ‫ُ‬ ‫ض الَ تَ ُك ْن ُمَتوانِياً‬ ‫بأفََدْتَنةال َفرائِ َ‬
‫طه ِر األسَن ِ‬ ‫ضي ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫اك مع الو ُ ِ‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫اإلله ُم َّ‬ ‫ُْ‬ ‫ضوء فَِإنَّهُ‬ ‫السَو َ َ َ ُ‬ ‫أ ََدِم ِّ‬
‫ثُ َّم اسَت ِع ْذ ِمن ِفْتَن ِة الول َْه ِ‬
‫ان‬ ‫وء بِْنيٍَّة‬ ‫ضِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الو ُ‬
‫َس ِّم اإللَه لَ َدى ُ‬
‫واع ُد البْني ِ‬ ‫اس قَ ِ‬ ‫األس ِ‬ ‫الو َرى نِيَّاُت ُه ْم‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َُ‬ ‫وعَلى َ‬ ‫َ‬ ‫اس أَ ْع َمال َ‬ ‫َس ُ‬ ‫فَأ َ‬
‫أ َْو َشا ِرباً أ َْو ظَالِماً أ َْو َزانِي‬ ‫ك َسا ِرقاً أ َْو َخائِناً‬ ‫ْق َربَّ َ‬‫الَ َتل َ‬
‫صْيحتِي وبي ِ‬
‫ان‬ ‫واسم ْع ُه ِد َ ِ‬ ‫القَي َام ِة ُكلِّ َها‬
‫اط ِ‬ ‫أَيِقن بِأَ ْشر ِ‬
‫يت نَ َ َ ََ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫بَِتطْم ُؤ ٍن وَترفُّ ٍق وتَ َد ِ‬
‫ان‬ ‫اجداً‬ ‫اكعاً أَو س ِ‬ ‫ك رِ‬ ‫أ ِ‬
‫ْ ََ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫صالَتَ َ َ‬ ‫َحس ْن َ‬ ‫ْ‬
‫األجَف ِ‬ ‫الس ُك ِ‬ ‫صن ِ‬
‫ان‬ ‫ك بِ ْ‬ ‫أَطْبِ ْق َعَلى َعْيَنْي َ‬ ‫وت عن‬ ‫ك بِ ُّ‬ ‫صَي َام َ‬ ‫َح ِّ ْ‬
‫َشُّر البريَِّة من لَهُ و ْج َه ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫ش َذا َو ْج َهْي ِن ِم ْن َبْي ِن‬ ‫الالَ َخَنتَا ْم ِ‬
‫ك َش ِ‬
‫ان‬ ‫ود لِ ُح َك ِم َربِّ َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ َّن َ‬
‫الح ُ‬ ‫َحداً َعَلى َن ْع َمائِِه‬ ‫الو َرتَىْح ُ‬
‫س َد ْن أ َ‬ ‫الَ‬
‫الخالَ ِن‬‫فَألَجِلها يَتبا َغض ِ‬ ‫احَبْي ِن نَ ِمْي َم ًة‬‫الص ِ‬
‫الَ تَ ْس َع َبْي َن َّ‬
‫ْ َ ََ ُ‬
‫وتَحَّر بَِّر ِ‬
‫ك وطاعة السلطان‬ ‫فرض َعَلْي َ‬ ‫الوال ّديْ ِن فَِإنَهُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫الَ طَ َ ِ‬
‫صي ِ‬
‫ان‬ ‫اعةٌ ل ْل َخل ِْق في الع ْ َ‬ ‫صَي ِة اإللَِه فَِإنَهُ‬ ‫"( ِفي َغْي ِر م ْع ِ‬
‫َ‬
‫ولَو أَنَّهُ رج ِل ِمن الحْب َش ِ‬
‫ان‬ ‫الَ تَ ْخ ُر َج َّن َعَلى اإلمام ُم َحا ِرباً‬
‫َُ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫آخر الب ْل َد ِ‬
‫ان‬ ‫فَ ْاهرب بِ ِدينِ َ ِ‬ ‫ت بِبِ ْد َع ٍة أ َْو َزلٍَّة‬ ‫َو َمَتى أُِم ْر َ‬
‫ك َ ُ‬ ‫ُ ْ ْ‬
‫اعهُ ِمن أَ ْعظَ ِم ال ُخسر ِ‬ ‫ك بِِه‬ ‫فاسَت ْم ِس ْ‬
‫ان‬ ‫َْ‬ ‫ضَي ُ ْ‬ ‫فَ َ‬ ‫س ال َْم ِال ْ‬ ‫الدِّيْ ُن َرْأ ُ‬
‫اك ِمثْل بَن ِ‬
‫ان‬ ‫ُّس ِ‬
‫ت ِفي الن َّ‬ ‫لَْو ُكْن َ‬ ‫ك بِ ِرْيَب ٍة‬‫الَ تَ ْخ ُل بِ ْامَر ٍأة لَ َديْ َ‬
‫َ َ‬

‫‪516‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الصْبي ِ‬
‫ان‬ ‫اس ِن ْ ِ‬ ‫ومح ِ‬ ‫ك عن ُمالَ َحظَِة‬
‫األح َداث َو ِّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ض ُجُفونَ َ‬ ‫ض ْ‬‫وا ْغ ُ‬
‫َي ِدفَ ِ‬
‫ان‬ ‫األح َش ِاء أ َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫وا ْدفْنهُ في ْ‬ ‫ْحداً‬ ‫ِ‬ ‫واحِ ِ ِ ِ‬
‫ِّساف ْر لسِّر َك في ُفَؤاد َك َمل َ‬ ‫الن َْ‬
‫واج َع ْل ُفَؤ َاد َك أ َْوثَ َق ال ُخالَّ ِن‬
‫ْ‬ ‫ك َزلَّةٌ‬ ‫ص ِد ِيق َ‬
‫ك ِإلى َ‬ ‫الَ َيْب ُد ِمْن َ‬
‫الخلْج ِ‬
‫ان‬ ‫فَال َقطْر ِمْنهُ تَ َدفُّ ُق ِ‬ ‫صغَ َار َها‬ ‫وب ِ‬ ‫الَ تَ ْحِقَر َّن ِم َن ُّ‬
‫الذنُ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الع ْه ِد َم ْسئُوالَ ِن‬ ‫ِ‬ ‫ت فَ ُك ْن بَِن ْذ ِر َك ُمَوفْياً‬ ‫َوإِ َذا نَ َذ ْر َ‬
‫فَالن َّْذ ُر مثْ ُل َ‬
‫ك إِنَّهُ َعْيب ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ب َن ْف ِس َ‬ ‫عن َعْي ِ‬ ‫ب َغْي ِر َك َغ ِافالً‬ ‫الَ تَ ْشغَلَ ّن بَِعْي ِ‬
‫الج َد َال ي ِخ ُّل بِاأل ْدي ِ‬
‫ان‬ ‫إِ َّن ِ‬ ‫الج َد ِال‬‫الَ ُت ْف ِن ُعمر َك ِفي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫الشَن ِ‬‫الش ْحَن ِاء َو َّ‬
‫تَ ْد ُعو ِإلى َّ‬ ‫الر َجال فَِإَّن َها‬ ‫مو َخاح َّذِ‬
‫آن‬ ‫اصْرماً ُم َج َ‬
‫ادلَ َة ِّ‬ ‫َُ ْ‬
‫الصَف ِ‬
‫ان‬ ‫ت َّ‬ ‫ك َم ْهَرباً َوتَالَقَ َ‬ ‫لَ َ‬ ‫الج َد ِال َولم‬ ‫ت إِلى ِ‬ ‫ضطُ ِر ْر َ‬ ‫َوإِ َذا ا ْ‬
‫ك وابْ ُد ِفي المْي َد ِ‬ ‫اجْدعل ِكَتاب ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ع َسْيَف َ َ‬ ‫َو َّ‬
‫الشْر َ‬ ‫اهلل ِد ْرعاً َسابِغاً‬ ‫َ‬ ‫تفَجْ َ ْ‬
‫الجَوالَ ِن‬ ‫وار َكب جو َاد ِ ِ‬ ‫ك ُجنَّ ًًََة‬
‫الع ْزم في َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ ََ‬ ‫اء ُد ْونَ َ‬ ‫ضَ‬ ‫البْي َ‬‫السَن َة َ‬‫َو ُّ‬
‫الصْب ُر أ َْوثَ ُق ُع َّدِة اإلنسان‬ ‫فَ َّ‬ ‫اله َدى‬‫ت ألَْويِة ُ‬
‫ِ‬ ‫صْب ِر َك تَ ْح َ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫واْثبُ ْ‬
‫س الطَّع ِ‬
‫ان‬ ‫هلل َد ُّر ال َفا ِر ِ َ‬
‫ِ‬ ‫الح ِق ُك َّل ُم َعانِ ٍد‬ ‫واطْعن بُِر ْم ِح َ‬
‫هلل َغْير جب ِ‬
‫ان‬ ‫مَتجِّر ٍد ِ‬ ‫الص ْد ِق َح ْمل َة‬ ‫ف ِّ‬ ‫واح ِمل بِسْي ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫ب يُ ْخ ِم ُد َج ْمَر َة اإلنسان‬ ‫ص ِم الَ َت ْهَزْأ بِِه‬ ‫َُموإِْخَذِال ٍ‬
‫صَغَلْب َ‬
‫الع ْج َ‬
‫فَ ُ‬ ‫ت ال َخ ْ‬
‫ان م ْذموم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْت والَ تَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫فَكالَ ُه َما ُخلَُق َ ُ َ‬ ‫ص ْح‬ ‫ضَب َّن إِ َذا ُسئل َ َ‬ ‫الَ َت ْغ َ‬
‫ضْيَل ٍة باب ِ‬
‫ان‬ ‫(َف ُهما لِ ُك ِّل فَ ِ‬ ‫واضعاً‬‫اكتاً مَت ِ‬ ‫ُكن طُو َل َد ْه ِر َك س ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫الَ يسَتِق ُّل بِحمِل ِه ال َكتَِف ِ‬
‫ان‬ ‫عنك فَِإنَّهُ‬ ‫الكْب ِر َ‬ ‫وا ْخَلع ِر َداء ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬
‫فَال َقو ُل ِمثْل الِْف ْع ِل م ْقَت ِرنَ ِ‬
‫ان‬ ‫ِ ِ‬
‫ُك ْن فَاعالً للّ َخْي ِر َقَّوإال لَهُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ان و ِف ْدي ِة َع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ف َو َشْب َع ِة َجائِ ٍع‬ ‫ث ملْهو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َودثَا ِر ُع ْريَ َ َ‬ ‫م ْن َغ ْو َ ُ ْ‬
‫ِّح مَن ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ْت الْ َخْيَر الَ تَ ْمنُ ْن بِِه‬ ‫فَِإ َذا َف َعل َ‬
‫الَ َخْيَر في ُمَت َمد ٍ َ‬

‫‪517‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ان مم ُدوح ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واصبِ ْر لِلَْبالَ‬ ‫ِ‬
‫فَكالَ ُه َما ُخلَُق َ ْ ْ َ‬ ‫ا ْش ُك ْر َعلَى الن َّْع َماء ْ‬
‫اضحَت ِ‬
‫ان‬ ‫ِ ِ‬ ‫َف ُه َما لِِعَر ِ‬ ‫الَ تَ ْش ُكَو َّن بِِعل ٍّة أ َْو ِقلٍَّة‬
‫الم ْرء فَ َ‬ ‫ض َ‬
‫ِ‬
‫الفْتي ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫اع ِة ِإنَّ َما‬
‫ك بِال َقَن َ‬ ‫ص ْن ُحَّر َو ْج ِه َ‬
‫الو ُجوه ُم ُر ْو َء ُة َ‬ ‫ص ْو َن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت َخْير مع ِ‬ ‫اسَت ِع ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان‬ ‫لت فَأَنْ َ ُ ُ َ‬ ‫فَِإ َذا َف َع َ‬ ‫ب َوبِه ْ‬ ‫بِاهلل ث ْق َولَهُ أَن ْ‬
‫ات والَ َت ُقل لم ي ِ‬
‫ان‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫َح َذ َر ال َْم َم َ‬ ‫ك ُم ْس ِرعاً‬ ‫ب لَِّربِ َ‬ ‫ت َفتُ ْ‬ ‫َوإِ َذا َع َ‬
‫صْي َ‬
‫فَالعسر َفر ٌد ب ْع َد ُه يسر ِ‬
‫ان‬ ‫ُ ُْ ْ َ ُ َْ‬ ‫اصبِ ْر لَ َها‬ ‫ٍ‬
‫ت بِ ُع ْسَرة فَ ْ‬ ‫َوإِ َذا ْابتُِلْي َ‬
‫ض َعابِداً َش ْهَوانِي‬ ‫ِ‬
‫فَاهللُ ُيْبغ ُ‬ ‫ك ُم ْس ِرفاً‬ ‫ات َن ْف ِس َ‬ ‫الَ َتتَّبِع َش َهو ِ‬
‫ْ َ‬
‫ُّهى ُز ْه َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَ ُّ ِ‬ ‫الدنيَِّة َز ِاهداً‬
‫ان‬ ‫الز ْه ُد عْن َد أُولي الن َ‬ ‫الدْنَيا َّ‬ ‫ض عن ُّ‬ ‫ا ْع ِر ْ‬
‫طُوبَى لِ َم ْن أ َْم َسى لَهُ ُّ‬
‫الز ْه َد ِ‬
‫ان‬ ‫الدْنَيا َو ُز ْه ّد ِفي الثََّنا‬ ‫ُز ْه ّد عن ُّ‬
‫ولِ ُك َِّل جا ٍر مسِل ٍم حَّق ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬
‫احَف ْظ ل َجا ِر َك َحَّقهُ َو ِذ َم َامهُ‬
‫َ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َو ْ‬
‫الضيَِف ِ‬
‫ان‬ ‫إِ َّن ال َك ِريْ َم يُ َسُّر بِ َّ‬ ‫ك ِحْي َن ُيْن ِز ُل‬ ‫ضْيِف َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ض َح ْ‬ ‫وا ْ‬
‫فَ ِوصالُ ُهم َخْير ِمن ال ِه ْج ِ‬ ‫ك َوإِ ْن‬ ‫األر َح ِام ِمْن َ‬ ‫ِ‬
‫ران‬ ‫َ ْ ٌ ْ‬ ‫َرو ْحصلَهُْل َذ ِوي ْ‬
‫َوتَ َحَّر ِفي َكَّف َار ِة اإليمان‬ ‫ك َك ِاذباً‬ ‫ف بَِربِ َ‬ ‫اصاُد ْق َوالَ تَ ْحِل ْ‬ ‫َوَجَف ْْو‬
‫ان‬ ‫تَ َد ْع ال ّديار بِالَِقع ِ‬
‫الحْيطَ ِ‬ ‫وس فَِإَّن َها‬ ‫َوَتَو َّق أَيْ َما َن الغَ ُم ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫اك ِحس ِ‬
‫ان‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ض عن النِّس ِ‬ ‫أَ ْع ِر ْ‬
‫لعْناق َخْيرات ُهَن َ َ‬ ‫وان ُج ْه َد َك‬ ‫ْ‬
‫اك َه ٍة بَِها َزوج ِ‬
‫ان‬ ‫َْ‬
‫ِمن ُك ِّل فَ ِ‬
‫ْ‬ ‫اب َن ْعْي ُم َها‬ ‫ت َوطَ َ‬ ‫بٍَّة طَابَ ْ‬‫ِفوايْنَت ِد َجْن‬
‫ب لِر ْؤي ِة األوطَ ِ‬ ‫ت ُم ْشَتاقاً لَ َها َكِلفاً بَِها‬ ‫ِإ ْن ُكْن َ‬
‫ان‬ ‫َش ْو َق الغَ ِريْ ِ ُ َ ْ‬
‫اإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫تُ ْجَزى عن ْ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اإلح َسان ب ْ َ‬ ‫ت‬
‫اسَتطَ ْع َ‬ ‫ُك ْن ُم ْحسناً في َما ْ‬
‫َفَن ِعْيم َها يْبَقى ولَْيس بَِف ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّات الن َِّعْي ِم َو ِطْيِب َها‬ ‫َفواُربَْعممال لِجن ِ‬
‫َْ َ‬
‫إال َكَنوم ِة حائِ ٍر ول َْه ِ‬
‫ان‬ ‫اب َوالَ‬ ‫ِ‬ ‫قُ ْم ِفي ُّ‬
‫َْ َ َ‬ ‫الد َجى واتْ ُل اْلكَت َ‬
‫ش إِلى األ ْكَف ِ‬
‫ان‬ ‫َفتُ َسا ُق ِم ْن ُف ُر ٍ‬ ‫المنِيَّةُ َب ْغَت ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَفَنَلُمربَما تَأْتي َ‬

‫‪518‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اكي ِ‬
‫تان‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َم ِن بَ َ‬ ‫ِم ْن َخ ْشَي ِة َّ‬ ‫ان ِفي َغ َس ِق ال ُد َجى‬ ‫يا حبَّ َذا َعْيَن ِ‬
‫َ َ‬
‫ض ْعَف ِ‬‫الصْبور َثوابهُ ِ‬ ‫ك مِ‬
‫ان‬ ‫إِ َّن َّ َ َ ُ‬ ‫صْيَبةٌ‬ ‫الَ تَ ْجَز َع َّن إِ َذا َد َهْت َ ُ‬
‫(اهللُ َح ْسبِي َو ْح َد ُه َو َكَفانِي‬ ‫اصبِ ْر لَ َها‬ ‫ٍ‬
‫ت بَِن ْكَبة فَ ْ‬ ‫فَِإ َذا ْابتُِلْي َ‬
‫اث وال ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫و َفرائِ ِ ِ ِ‬ ‫المَبيِّ ِن َش ْر َعَنا‬ ‫وعلَي َ ِ ِ ِ‬
‫ض المْيَر َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ك بالف ْقه ُ‬ ‫َْ‬
‫ف والَ َه َذي ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫َم ْن َغْيَر تَ ْح ِريْ َ‬ ‫ات َك َما أَتَ ْ‬
‫ت‬ ‫الصَف ِ‬
‫يث ِّ‬ ‫َح ِاد َ‬ ‫أ َْم ِر ْر أ َ‬
‫و ِكالَ ُهما ِفي َشر ِعنا َعلَم ِ‬ ‫ي َو َوافَ َق َمالِ ٌ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ك‬ ‫الز ْه ِر ُ‬
‫ب ُّ‬ ‫ُهَو َم ْذ َه ُ‬
‫الدْنيا بِالَ ِكْتم ِ‬ ‫ِِ‬ ‫واهلل يْن ِز ُل ُك َّل ِ‬
‫آخ ِر لَْيلَ ٍة‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫بِ َس َمائه ُّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ادانِي‬ ‫فَأَنَا ال َقريِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َم ْن نَ َ‬ ‫ب أُجْي ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ول َه ْل م ْن َسائِ ٍل فَأ ُِجْيبُهُ‬ ‫َفَي ُق ُ‬
‫اإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫ب ُذو ْ َ‬ ‫الر ُّ‬‫َش ْيءٌ تعالى َّ‬ ‫س َك ِمثِْل ِه‬ ‫اهلل لَْي َ‬
‫َن َ‬ ‫واألص ُل أ َّ‬
‫ْ‬
‫ي َعَلى األ ْغص ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫اح قَ ْم ِر ٌّ‬
‫َما نَ َ‬ ‫صلَّى اإللَهُ َعَلى النَّبِ ّي ُم َح َّم ٍد‬ ‫َ‬
‫ب واإل ْخ ِ‬
‫وان‬ ‫وعَلى َج ِمْي ِع َّ‬
‫الص ْح ِ‬ ‫َ‬ ‫وعَلى َج ِمْي ِع َبَناتِِه َونِ َسائِِه‬ ‫َ‬
‫(موعظة)‬
‫ين سادوا وشادوا أوطاننا ‪ ،‬وحكموا وأحكموا بنيانَا ‪ ،‬ومجعوا فحشدوا أمواالً وأعوانَاً عوضوا بأرباح اهلََوى خسرانَاً ‪،‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عبَ َاد اهلل ‪ :‬أين الذ َ‬
‫وبدلوا بإعزاز الكرب والتجرب هوانَاً وأخرجوا من ديارهم بعد اجلموع وحدانَاً ‪ ،‬وما استصحبوا مِم َّا مجعوا إال أكفاناً ‪.‬‬
‫ط‬
‫َما َو َحُن ْو ُ‬ ‫أن تُطَْوى ِفيه‬ ‫ِر َداً ِ‬ ‫الد ْهَر ُكلَّهُ‬ ‫ك ِم َّما تَ ْج َم َع َّ‬ ‫ِ‬
‫نصْيبُ َ‬
‫البْي ِن ِفي‬ ‫وط َغ َد ِاة‬‫ِسوى حنُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫آخر‪ :‬فَ َما َتَز َو َد م َّما َكا َن يَ ْج َم ُعهُ‬
‫لِ ُمْنطَِل ِق‬ ‫ك ِم ْن َز ٍاد‬ ‫ِ‬
‫َوَخقَر ّلق َذلِ َ‬ ‫ب لَهُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫و َغْيَر ن ْف َحة أَ ْعَواد تُ َش ُ‬
‫حيمل ون َعلَى األعن اق وال يس مون ركبانَ اً ‪ ،‬وي نزلون بط ون األحلاد وال يس مون‬
‫ضيفانَاً ‪ ،‬متقاربني يِف القبور وال يسمون جرياناً ‪.‬‬
‫س قَ ْد رأينا كيف ينقلون وال كفانَا ‪ ،‬فيا من قَ ْد بقي من عمره القليل وال‬‫أولَْي َ‬
‫ي دري ميت يقع الرحيل ‪ ،‬كأنك بطرفك حني املوت يس يل وال روح ت نزع‬

‫‪519‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والكرب ثقيل ‪ ،‬والنقلة قَ ْد قربت وأين املقيل ‪ ،‬أيِف اجْلَنَّة ونعيمها والسلسبيل أم‬
‫يِف اجلحيم وأنكاهلا وأغالهلا وبئس املقيل ‪.‬‬
‫يا من تعد أنفاسه اس تدركها ‪ ،‬يا من س تفوته أيامه أدركها ‪ ،‬إن أعز اخللق‬
‫ك نفسك فال هتلكها كم أغلقت باب اً َعلَى ق بيح ‪ ،‬وكم أعرضت عن ق ول‬ ‫َعلَْي َ‬
‫املخلص النص يح ‪ ،‬أعظم اهلل أج رك يِف عمر قَ ْد مضي ما رزقت فِيه العفو وال‬
‫الرضي ‪.‬‬
‫وص َارت احلسرات من الشهوات عوض اً ‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬
‫انقضت فيه اللذات كمن قضي ‪َ ،‬‬
‫اهلل ج َّل وعال وتق دس ﴿ وأَن ِذرهم ي وم احْل س ر ِة إِ ْذ قُ ِ‬
‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم يِف َغ ْفلَ ٍة‬ ‫َ ُْْ ََْ َْ َ‬ ‫َ ََ‬
‫طت‬
‫س يَا َح ْس َرتَى علَى َما َف َّر ُ‬ ‫ول َن ْف ٌ‬‫ال تع الى ﴿ أَن َت ُق َ‬ ‫َو ُه ْم اَل يُ ْؤ ِمنُ و َن ﴾ َوقَ َ‬
‫نب اللَّ ِه وإِن ُكنت لَ ِمن َّ ِ‬ ‫يِف َج ِ‬
‫ين ﴾ َواهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد ‪.‬‬ ‫الساخ ِر َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫" موعظة "‬
‫اهلل ‪ :‬ما ه ذه الغَ ْفلَة وأنتم مستبص رون وما ه ذه الرق دة وأنتم مس تيقظون‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫الز َاد وأنتم راحلون ‪ ،‬أين من َك ا َن قبلكم إال تتفكرون أما رأيتك‬ ‫كيف نسيتم َ‬
‫كيف نازهلم املنون ﴿ فَاَل يَ ْستَ ِطيعُو َن َت ْو ِصيَةً َواَل إِىَل أ َْهلِ ِه ْم َي ْر ِجعُو َن ﴾ ‪.‬‬
‫أنكم ب اآلالم قَ ْد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبَ َاد اهلل ‪ :‬لَ ْو حض رت ال ُقلُ وب جلرت من العي ون عي ون فك ْ‬
‫اعرتضت ‪ ،‬وباألجس ام قَ ْد انقضت ‪ ،‬وباألوص ال قَ ْد فص لت ‪ ،‬ف رحم اهلل عب داً‬
‫أعتق َن ْفس هُ من رق ش هواهتا ونظر هلا قبل مماهتا وأخذ من جدته عت اداً لفق ره‬
‫وادخر من صحته َزاداً لقربه قبل أن يفوت زمن االستدراك بوقوع اهلالك ‪.‬‬
‫فك أنكم ب املوت قَ ْد حل الع راص ‪ ،‬وأنشب خمالبيه يِف األرواح لالقتن اص ‪ ،‬وأين‬
‫لكم الفالت فالت حني مناص مُثَّ يقومون للحساب واجلزاء والقصاص ‪.‬‬
‫وإِ َذا اخلالئق قَ ْد حشرت ‪ ،‬وإِ َذا الصحف نشرت ‪ ،‬وإِ َذا جهنم‬

‫‪520‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض ِاء‬ ‫ِ‬
‫قَ ْد سيقت ومرارة الندم قَ ْد ذيقت ‪ ،‬فستنطق عليكم اجلوارح وتنشر حني ال َق َ‬
‫الفضائح ‪.‬‬
‫فيا خجل املقص رين ويا أسف املذنبني ويا َح ْس َرة املف رطني ويا س وء منقلب‬
‫الظاملني ‪ ،‬قال اهلل َج َّل َو َعال وتقدس َوالَ حَتْ َس نَب َّ اللّ هَ َغ افِالً َع َّما َي ْع َم ُل الظَّالِ ُمو َن‬
‫يه األَبص ار * مه ِطعِني م ْقنِعِي رء ِ‬
‫وس ِه ْم الَ َي ْرتَ ُّد إِلَْي ِه ْم‬ ‫إِمَّنَا ي ؤ ِّخرهم لِي وٍم تَ ْش خص فِ ِ‬
‫ُُ‬ ‫ْ َ ُ ُْ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ ُ ُ ْ َ ْ‬
‫طَْر ُف ُه ْم َوأَفْئِ َد ُت ُه ْم َه َواء ﴾ ‪.‬‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ب يَن َقلِبُو َ‬ ‫َي ُمن َقلَ ٍ‬
‫ين ظَلَ ُموا أ َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال تعاىل ‪َ ﴿ :‬و َسَي ْعلَ ُم الذ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ض الظَالِ ِمو َن َعلَى‬
‫ف َي ْو َم َع َ‬
‫َو َخ ْ‬ ‫ِ‬
‫َخف اهللُ في ظُل ِْم َ‬
‫الو َرى‬ ‫ِ‬
‫الي ِد‬ ‫واح َذ َرنَّهُ‬
‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وسلم ‪َ .‬‬ ‫َعلم ْ‬
‫َواهللُ أ ْ‬
‫الس لَف ‪ :‬ما س بقهم أبو بكر بك ثرة ص وم وال ص الة ولكن‬ ‫فصل ‪ :‬ق ال بعض َّ‬
‫بش ْيء وقر يِف صدره ‪.‬‬ ‫َ‬
‫هم ‪ :‬الَّ ِذي َك ا َن يِف ص در أيب بكر رضي اهلل عنه احملبة هلل والنص يحة‬ ‫ال َب ْعض ْ‬
‫َوقَ َ‬
‫لعباده‬
‫ال طائفة من العارفني ‪ :‬ما بلغ من بلغ بكثرة صيام وال صالة ولكن بسخاوة‬ ‫َوقَ َ‬
‫ضهم ‪ :‬وبذم نفوسهم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يحة لألمة ‪َ ،‬ز َاد َب ْع ْ‬ ‫األنفس وسالمة الصدر والنَّص َ‬
‫ال آخر ‪ :‬إمنا تفاوتوا باإلرادات ومل يتفاوتوا بكثرة الصيام والصلوات ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫وذكر أليب س ليمان ‪ :‬ط ول أعم ار بين إس رائيل وش دة اجته ادهم يِف األعم ال ‪،‬‬
‫ال ‪ :‬إمنا يريد اهلل منكم ص دق النِّْية فيما‬ ‫ك ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ِ‬
‫وأن من النَّاس من غبطهم ب َذل َ‬
‫عنده ‪ .‬أو كما قال ‪.‬‬

‫‪521‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال ابن مس عود َر ِض َي اهللُ عن هُ ألص حابه ‪ :‬أنتم أك ثر ص وماً وص ال ًة من‬ ‫َوقَ َ‬
‫أص حاب حُمَ َّمد ‪ ، ‬وهم َك انُوا خ رياً منكم ‪ ،‬قَ الُوا ‪ :‬ومبا ذاك؟ ق ال ‪َ :‬ك انُوا‬
‫الد ْنيَا وأرغب يِف اآلخرة ‪.‬‬ ‫أزهد منكم يِف ُّ‬
‫وهبم‬ ‫ِ‬
‫عنه ْم ف اقوا َعلَى من بع دهم بش دة تعلق ُقلُ ْ‬ ‫يشري إيل الص حابة َرض َي اهللُ ُ‬
‫الد ْنيَا وحتقريها وتصغريها ‪.‬‬ ‫باآلخرة ورغبتهم فيها وإعراضهم عن ُّ‬
‫وهذه احلال ورثوها من نبيهم ‪ ، ‬فإنه َك ا َن أشد اخللق فراغ اً ب َق ْلبهُ من ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫اهلل وال دار اآلخ رة َم َع مالبس ته للخلق بظ اهره ‪ ،‬وقيامه بأعب اء النب وة‬ ‫وتعلقه بِ ِ‬
‫وسياسة الدين والدنيا ‪.‬‬
‫ك أعي ان الت ابعني هلُ ْم بإحس ان كاحلسن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك خلف اؤه الراش دون بع ده ‪ ،‬و َك َذل َ‬ ‫و َك َذل َ‬
‫وعمر بن َعْبد الْ َع ِزيز وقَ ْد َك ا َن يِف زم أن َُّه ْم من ُه َو أك ثر ِمْن ُه ْم ص وماً ‪ ،‬اللَّ ُه َّم‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫ارزقنا حبك وحب من حيبك وحب الْ َع َمل الَّذي يقربنا إيل حبك ‪ ،‬اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫إمياننا ثبوت اجلبال الراسيات ووفقنا للعمل بالباقيات الصاحلات واعصمنا يا موالنَا‬
‫ات واملش تبهات واغفر لنا مَجِ يع اخلطايا وال زالت وافتح ل دعائنا ب اب‬ ‫احملرم َ‬
‫عن َ‬
‫القب ول واإلجاب ات يا أج ود األج ودين وأك رم األك رمني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َ‬
‫(فصل)‬
‫وعائِ َش ة َر ِض َي‬ ‫مِح‬
‫ال ابن رجب َر َ هُ اهللُ َعلَى " قوله ‪ ‬يِف ح ديث أَيِب ُهَر ْي َر ِة َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫عنه َما فس ددوا وق اربوا ‪ :‬املراد بالتس ديد الْ َع َمل بالس داد ‪َ ،‬و ُه َو القصد‬ ‫اهللُ ُ‬
‫والتوسط يِف العبادة فال يقصر فيما أمر به ‪ ،‬وال يتحمل منها ما ال يطيقه" ‪.‬‬
‫بن مُشَْي ٍل ‪ :‬السداد القصد يِف الدين والسبيل ‪ ،‬وكذا‬ ‫النضر ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‬

‫‪522‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫املقاربة ‪ ،‬املراد التوسط بني التفريط واإلف راط فهما كلمت ان مبعين واحد أو‬
‫متقارب ‪َ ،‬و ُه َو املراد بقوله يِف الرواية األخري ‪ " :‬عليكم هدياً قاصداً " ‪.‬‬
‫قوله ‪ :‬وأبش روا يعين أن من مشي يِف طاعة اهلل َعلَى التس ديد واملقاربة فليبشر ‪،‬‬
‫فإنه يصل ويس بق ال دائب اجملتهد يِف األعم ال ف إن طريقة االقتص اد واملقاربة أفضل‬
‫من غريها ‪.‬‬
‫فمن س لكها فليبشر بالوص ول ف إن االقتص اد يِف س نة خَرْي من االجته اد يِف غريها‬
‫‪ .‬وخَرْي اهلُ َدى هدي حُمَ َّمد ‪ ، ‬فمن سلك طريقه َك ا َن أقرب إيل اهلل من غريه‬
‫‪.‬‬
‫ت الفض ائل بك ثرة األعم ال البدنية ‪ ،‬لكن بكوهنا خالصة هلل ص واباً َعلَى‬ ‫ولَْي َس ْ‬
‫متابعة السنة وبكثرة معارف ال ُقلُوب وأعماهلا ‪.‬‬
‫اهلل أعلم وبدينه وأحكامه وشرائعه أعلم ‪ ،‬وله أخوف وأحب وأرجي‬ ‫فمن َكا َن بِ ِ‬
‫ك ‪ ،‬وإن َكا َن أكثر منه عمالً باجلوارح ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫س َك َذل َ‬‫فهو أفضل ممن لَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإيل َه َذا املعين اإلش ارة يِف ح ديث َعائ َش ة َرض َي اهللُ َ‬
‫عنها بق ول النَّيِب ّ ‪: ‬‬
‫َح داً منكم عمله اجْلَنَّة ‪ ،‬وإن أحب‬ ‫"س ددوا وق اربوا واعلم وا أنه لن ي دخل أ َ‬
‫األعمال إيل اهلل أدومها وإن قل" ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك الْ َع َمل ب أحب األعم ال إيل اهلل ‪،‬‬ ‫ف أمر باالقتص اد يِف الْ َع َمل وأن يضم إيل َذل َ‬
‫وبأن الْ َع َمل وحده ال يدخل اجلنة ‪.‬‬
‫وصالةً ‪ ،‬ولكن مل يصل إيل ما وصلت إليه ُقلُوب هؤالء من ارحتاله عن ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫وتوطنها يِف اآلخرة ‪.‬‬

‫‪523‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فأفضل النَّاس من س لك طَ ِريق النَّيِب ّ ‪ ‬وخ واص أص حابه يِف االقتص اد يِف العب ادة‬
‫البدنية واالجته اد يِف األح وال القبلية ف إن س فر اآلخ رة يقطع بسري ال ُقلُ وب ال‬
‫بسري األبدان ‪.‬‬
‫س‬
‫ال لَ هُ ‪ :‬لَْي َ‬
‫ال لَ هُ ‪ :‬قطعت إليك مسافة ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َج اءَ رجل إيل بعض العارفني َف َق َ‬
‫َه َذا األمر بقطع املسافات ‪ ،‬فارق نفسك خبطوة وقَ ْد حصل لك مقصودك ‪ .‬قال‬
‫ت لَ هُ ‪ :‬يا رب كيف الطَ ِريق إلي ك؟‬ ‫أبو يزيد ‪َ :‬رأَيْت رب الع زة يِف املن ام ف ُق ْل ُ‬
‫قال ‪ :‬اترك نفسك وتعال ‪.‬‬
‫ما أعطيت أمة ما أعطيت ه ذه األمة بربكة متابعة نبيها ‪ ، ‬حيث َك ا َن أفضل‬
‫اخللق ‪ ،‬وهديه أكمل اهلُ َدى َم َع ما يسر اهلل َعلَى يديه من دينه ‪ ،‬ووضع به‬
‫اآلص ار واألغالل عن أمته ‪ ،‬فمن أطاعه ف َق ْد أط اع اهلل وأحبه اهلل ‪ ،‬واهت دي‬
‫هبدي اهلل ‪.‬‬
‫فمن مجلة ما حصل ألمته بربكته وتيسري ش ريعته أن من ص لي ِمْن ُه ْم العش اء يِف‬
‫مجاعة فكأمنا قام نصف الليل ‪ ،‬ومن صلي الفجر يِف مجاعة فكأمنا قام الليل كله‬
‫‪ ،‬فيكتب لَ هُ قي ام ليلة َو ُه َو ن ائم َعلَى فراشه ‪ ،‬وال س يما إن ن ام َعلَى طهر‬
‫وذكر حيت تغلبه عيناه ‪.‬‬
‫ومن صام ِمْن ُه ْم ثالثة أيام من ُك ّل شهر ف َق ْد صام الشهر كله َو ُه َو صائم لبقية‬
‫الش هر يِف ض يافة اهلل ‪ ،‬ومفطر لَ هُ يِف رخصه والط اعم الش اكر لَ هُ أجر الص ائم‬
‫الص ابر ‪ .‬ومن ن وي أن يق وم من الليل فغلبته َعْينَ اهُ فن ام كتب لَ هُ ما ن وي ‪،‬‬
‫و َكا َن نومه َعلَْي ِه صدقة ‪.‬‬
‫ال أبو الدرداء ‪ :‬يا حبذا نوم األكياس وإفطارهم كيف يسبقون سهر احلمقي‬ ‫َوقَ َ‬
‫وصيامهم ‪ .‬وهلََذا َجاءَ يِف احْلَ ِديث الصحيح ‪" :‬رب قائم حظه من قيامه السهر ‪،‬‬
‫بن حنبل ‪.‬‬ ‫وصائم حظه من صيامه اجلوع والعطش" رواه الطرباين وأَمحَ ُد ُ‬

‫‪524‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وه َذا استغفر و َق ْلبهُ‬


‫ضهم ‪ :‬كم من مستغفر ممقوت وساكت مرحوم ‪َ ،‬‬ ‫ال َب ْع ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫س الش أن فيمن يق وم‬ ‫هم ‪ :‬لَْي َ‬‫ال َب ْعض ْ‬ ‫وه َذا س اكت و َق ْلب هُ ذاكر ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ف اجر ‪َ ،‬‬
‫الليل ‪ ،‬إمنا الشأن فيمن ينام َعلَى فراشه مُثَّ يصبح وقَ ْد سبق الركب ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم وفقنا ملا وفقت إليه الق وم وأيقظنا من س نة الغَ ْفلَة والن وم وارزقنا االس تعداد‬
‫ك الَْي ْوم الَّ ِذي ي ربح فِيه املتق ون ‪ ،‬اللَّ ُه َّم وعاملنا بإحس انك َو َج َد َعلَْينَا‬ ‫ِ‬
‫ل َذل َ‬
‫هم وال هم حيزن ون‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بَِف ْ ِ‬
‫ين ال خ وف َعلَْي ْ‬ ‫اج َع ْلنَا م ْن عب ادك الذ َ‬ ‫ك وامتنانك َو ْ‬ ‫ضلَ‬
‫اللَّ ُه َّم ارحم ذلنا بني ي ديك واجعل رغبتنا فيما ل ديك ‪ ،‬وال حترمنا ب ذنوبنا‪،‬وال‬
‫تطردنا بعيوبنا ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني‬
‫ُ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫بَِرمْح َتِ َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬‫َوقَ َ‬
‫وش ْيء من الدجلة " ‪ .‬كقوله يِف الرواية األخ ري ‪" :‬‬ ‫قوله ‪ " : ‬اغ دوا وروح وا َ‬
‫وش ْيء من الدجلة " ‪ .‬يعين أن ه ذه األوق ات الثالثة‬ ‫اس تعينوا بالغ دوة والروحة َ‬
‫َّه َار وآخره ‪.‬‬ ‫تَ ُكون أوقات السري إيل اهلل بالطاعات ‪ ،‬وهي آخر الليل وأول الن َ‬
‫ك ب ْك رةً وأ ِ‬
‫َص يالً‬ ‫اس َم َربِّ َ ُ َ َ‬ ‫وقَ ْد ذكر اهلل هذه األوقات يِف قوله تعاىل ‪َ ﴿ :‬واذْ ُك ِر ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ال ‪َ ﴿ :‬و َس بِّ ْح حِب َ ْم د َربِّ َ‬ ‫اس ُج ْد لَ هُ َو َس بِّ ْحهُ لَْيالً طَ ِويالً ﴾ ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫* َوم َن اللَّْي ِل فَ ْ‬
‫ك‬‫َّه ا ِر لَ َعلَّ َ‬ ‫س َو َقْب َل غُُروهِبَا َو ِم ْن آنَ اء اللَّْي ِل فَ َس بِّ ْح َوأَطْ َر َ‬
‫اف الن َ‬ ‫الش ْم ِ‬
‫وع َّ‬ ‫َقْب َل طُلُ ِ‬
‫ِ‬
‫وب ﴾‬ ‫س و َقْب ل الْغُ ر ِ‬
‫الش ْم ِ َ َ ُ‬ ‫وع َّ‬ ‫ك َقْب َل طُلُ ِ‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬و َس بِّ ْح حِب َ ْم د َربِّ َ‬‫ض ى ﴾‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫َت ْر َ‬
‫وم ﴾ ‪.‬‬ ‫﴿ و ِمن اللَّي ِل فَسبِّحه وإِدبار النُّج ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ َ َْ َ ُ‬

‫‪525‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َّه ا ِر يِف مواضع كث رية من كتابه كقوله ‪﴿ :‬‬ ‫وذكر اهلل تع اىل ال ذكر يِف ط ريِف الن َ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫َص يالً ﴾ َوقَ َ‬ ‫يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا اذْ ُكروا اللَّه ِذ ْكراً َكثِرياً * وسبِّحوه ب ْك ر ًة وأ ِ‬
‫ََ ُ ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ك بِالْ َع ِش ِّي َواإْلِ بْ َك ا ِر ﴾ ‪ .‬وق ال ‪َ ﴿ :‬والَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َو َس بِّ ْح حِب َ ْم د َربِّ َ‬ ‫اس َت ْغف ْر ل َذنبِ َ‬
‫﴿ َو ْ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬فَ أ َْو َحى‬ ‫ين يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم بِالْغَ َد ِاة َوالْ َع ِش ِّي يُِري ُدو َن َو ْج َه هُ ﴾ َوقَ َ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫تَطْ ُرد الذ َ‬
‫إِلَْي ِه ْم أَن َسبِّ ُحوا بُكَْر ًة َو َع ِشيّاً ﴾ ‪.‬‬
‫جيتم َع يِف ُكل من‬ ‫َّه ار وآخ ره َ‬ ‫فه ذه األوق ات الثالثة منها وقت ان ومها أول الن َ‬
‫ه ذين الوق تني عمل واجب ُه َو تط وع فأما الْ َع َمل ال واجب فهو ص الة الص بح‬
‫وص الة العصر ومها من أفضل الص لوات اخلمس ‪ ،‬ومها ال ربدان الل ذان من حافظ‬
‫الصالة الوسطي ‪.‬‬ ‫َعلَْي ِه َما دخل اجْلَنَّة ‪ ،‬وقَ ْد قيل يِف ُك ّل ِمْن ُه َما أهنا َّ‬
‫وأما الْ َع َمل التط وع فهو ذكر اهلل بعد ص الة الص بح حيت تطلع الش مس ‪ ،‬وبعد‬
‫العصر حيت تغ رب الش مس ‪ .‬وقَ ْد وردت النص وص الكث رية يِف أذك ار الص باح‬
‫واملساء ويِف فضل من ذكر اهلل حيث يصبح وحيث ميسي ‪.‬‬
‫عنه َما مرفوع اً ‪ " :‬ابن آدم اذك رين‬ ‫ِ‬
‫وقَ ْد روي من ح ديث ابن عمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫ك إال الكب ائر أو‬ ‫ِ‬
‫َّه َار وس اعة من آخ ره أغفر لك ما بني ذَل َ‬ ‫س اعة من أول الن َ‬
‫َّه َار أشد تعظيماً من أوله ‪.‬‬ ‫السلَف آلخر الن َ‬ ‫تتوب منها " ‪ .‬و َكا َن َّ‬
‫ال أبو اجللد ‪:‬‬ ‫قال ابن املبارك ‪ :‬بلغنا أنه من ختم هناره بذكر اهلل كتب هناره كله ذكراً ‪َ .‬وقَ َ‬
‫بلغنا أن اهلل تعاىل ينزل مساء ُك ّل يوم إيل السماء ُّ‬
‫الد ْنيَا ينظر إيل أعمال بين آدم ‪.‬‬

‫ت أَنْ َ‬
‫ت َم ْوالَ ْه‬ ‫طُوبَى لِ َم ْن ُكْن َ‬ ‫الجالَ ِل ُم ْعَت َم ِدي‬
‫ك يَا َذا َ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫الجالَ ِل َبلَْوا ْه‬ ‫ِ‬
‫يَ ْش ُكوا إِلى ذي َ‬ ‫ات َخائِفاً َو ِجالً‬ ‫طُوبَى لِ َم ْن بَ َ‬
‫أَ ْكَثَر ِم ْن ُحبّ ِه لِ َم ْوالَ ْه‬ ‫َو َما بِِه ِعلَّةٌ َوالَ َسَق ٌم‬

‫‪526‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال لَهُ ‪ :‬قل أليب حازم – يعين‬ ‫السلَف أبا جعفر القاري يِف املنام َف َق َ‬ ‫ورأي بعض َّ‬
‫األعرج الزاهد الكيس ‪ :‬إن اهلل ومالئكته يرتاءون جملسك بالعشيات ‪ .‬والظاهر أن‬
‫أبا حازم َكا َن يقص َعلَى النَّاس آخر النهار ‪.‬‬
‫وقَ ْد َج اءَ يِف احْلَ ِديث أن ال ذكر بعد الص بح أفضل من أربع رق اب وبعد العصر‬
‫أحب من مثان ‪ .‬وأيض اً في وم اجْلُ ُم َعة آخ ره أفضل من أوله ملا ي رجي يِف آخ ره‬
‫من ساعة اإلجابة ‪.‬‬
‫ك آخر الليل أفضل‬ ‫ِ‬
‫وي وم عرفة آخ ره أفضل من أوله ألنه َوقْت الوق وف ‪ .‬و َك َذل َ‬
‫وه َذا كله مِم َّا‬ ‫الس لَف ‪ ،‬واس تدلوا حبديث ال نزول اإلهلي ‪َ .‬‬ ‫من أوله ‪َ ،‬و َك َذا ق ال َّ‬
‫يرجح به قول من قال أن صالة العصر ِه َي الوسطي ‪.‬‬
‫وأما الوقْت الثالث فهو الدجلة ‪ .‬واإلدالج سري آخر الليل ‪ ،‬واملراد هنا الْ َع َمل يِف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َس َحا ِر ﴾‬ ‫ين بِاأل ْ‬
‫آخر الليل َو ُه َو َوقْت االس تغفار كما ق ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬والْ ُم ْس َت ْغف ِر َ‬
‫َس َحا ِر ُه ْم يَ ْسَت ْغ ِف ُرو َن ﴾ ‪.‬‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬وبِاأْل ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫وهو آخر أوق ات ال نزول اإلهلي املتض من الس تعراض ح وائج الس ائلني ‪ ،‬واس تغفار‬
‫املذنبني ‪ ،‬وتوبة الت ائبني ‪ ،‬وسط الليل للمح بني للخل وة حببيبهم ‪ ،‬وآخر الليل‬
‫للم ذنبني يس تغفرون من ذن وهبم ‪ ،‬من عجز عن ُم َش َار َكة احملبني يِف اجلري معهم‬
‫ك املضمار فال أقل من ُم َش َار َكة املذنبني يِف االعتذار ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يِف َذل َ‬
‫ورد يِف بعض اآلثار ‪ :‬أن العرش يهتز من السحر ‪ .‬قال طاووس ما كنت أظن‬
‫َح ًدا ينام يِف السحر ‪.‬‬ ‫أن أ َ‬

‫‪527‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ويِف احْلَ ِديث الَّ ِذي خرجه الرتمذي ‪ " :‬من خاف أدجل ومن أدجل بلغ املنزل ‪ .‬سري‬
‫الدجلة آخر الليل يقطع به سفر ُّ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة " ‪.‬‬
‫وهلََذا احْلَ ِديث الَّ ِذي أخرجه مسلم ‪ " :‬إِذَا سافرمت فعليكم بالدجلة فإن األرض تطوي بالليل "‬
‫علَي َر ِض َي اهللُ عنهُ َو ُه َو يصلي فأنشد ‪:‬‬
‫وقَ ْد دخل األشرت َعلَى َ‬
‫ات‬‫اع ِ‬ ‫واح َعلَى الطَ َ‬ ‫الر ِ‬ ‫وفي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض اإل ْدالَ ِج‬ ‫اصبِ ْر َعلَى َم َ‬
‫ض ِ‬ ‫ْ‬
‫َّج ِر‬
‫ْس َوالض َ‬ ‫اليأ ِ‬
‫ف َبْي َن َ‬ ‫اله َُمك ِر َيْتلَ ُ‬
‫البُ‬
‫فَو َ‬ ‫ضِر َجَر ّن َوالَ ُي ْع ِج ْز َك َمطْلَُب َها‬ ‫بِالَ َّ‬
‫الستَ َحْ‬
‫لصْب ِر َع ِاقَبةٌ َم ْح ُم َ‬
‫ود ُة األثَ ِر‬ ‫لِ َّ‬ ‫ت ِ‬
‫وفي األيَّ ِام تَ ْج ُربَةٌ‬ ‫إِنّي َرأَيْ ُ‬
‫الصْبَر إال فَ َاز بِالظََف ِر‬ ‫ب َّ‬ ‫واسَت ْ ِ‬ ‫َوقَ َّل َم ْن َج َّد ِفي أ َْم ٍر تَطَلَّبهُ‬
‫صح َ‬ ‫ْ‬
‫الد ْنيَا حسنة ويِف اآلخرة حسنة‬ ‫األب َرار ‪ ،‬وآتنا يِف ُّ‬ ‫اللَّ ُه َّم أحلقنا بعبادك الص احلني ْ‬
‫‪ ،‬وقنا ع ذاب الن ار ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا ‪َ ،‬وجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ األحي اء ِمْن ُه ْم‬
‫ُ‬ ‫مِحِ‬
‫وعلَى آله‬ ‫ني ‪ ،‬وص لي اهلل َعلَى س يدنا حُمَ َّمد َ‬ ‫واملي تني ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫َوقَ َ‬
‫وقوله ‪ " : ‬والقصد القصد تبلغوا " ‪ .‬حث َعلَى االقتصاد يِف العبادة ‪ ،‬والتوسط‬
‫ك ك رره م رة بعد م رة ‪ .‬ويِف مس ند ال بزار من‬ ‫ِ‬
‫فيها بني الغلَ ْو والتقص ري" ‪ ،‬ول َذل َ‬
‫ح ديث حذيفة َر ِض َي اهللُ عن هُ ‪ :‬ما أحسن القصد يِف الفقر ‪ ،‬وما أحسن القصد‬
‫يِف الغين ‪ ،‬وما أحسن القصد يِف العبادة ‪.‬‬
‫الشخرْي قَ ْد اجتهد يِف العبادة َف َق َ‬
‫ال له‬ ‫ِّ‬ ‫ف بن عبد ِ‬
‫اهلل بن‬ ‫مطر ُ‬
‫و َكا َن ِّ‬
‫َْ‬

‫‪528‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫أب وه ‪ :‬خَرْي األم ور أوس طها ‪ ،‬احلس نة بني الس يئتني ‪ ،‬وشر السري القحقحة أن‬
‫يلح يِف ش دة السري حيت َت ُق وم َعلَْي ِه راحلته وتعطب فيبقي منقطع به س فره ‪،‬‬
‫انتهي ‪.‬‬
‫عنه َما مرفوع اً ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويش هد هلَ َذا احْلَ ديث املروي عن َعْبد اهلل بن عم رو َرض َي اهللُ ُ‬
‫"إن َه َذا ال دين م تني فأوغل فِيه برفق وال تبغض إيل نفسك عب ادة اهلل ‪ ،‬ف إن‬
‫املنبت ال س فراً قطع وال ظه راً أبقي فاعمل عمل ام ريء يظن أنه لن ميوت إال‬
‫اح َذر حذر امريء خيشي أن ميوت غداً" أخرجه محيد بن زجنويه وغريه ‪.‬‬ ‫هرماً َو ْ‬
‫ويِف تكرير أمره بالقصد إشارة إيل املداومة َعلَْي ِه فإن شدة السري واالجتهاد مظنة‬
‫السآمة واالنقطاع ‪ ،‬والقصد أقرب إيل الدوام ‪ ،‬وهلَ َذا جعل عاقبة القصد البلوغ‬
‫‪ .‬قال أدجل ‪ :‬بلغ املنزل ‪.‬‬
‫الد ْنيَا يسري إيل ربه حيت يبلغ إليه كما قال تعاىل ‪( :‬يا أيها اإلنسان‬ ‫فامل ْؤ ِمن يِف ُّ‬
‫ُ‬
‫ال تع اىل ‪( :‬واعبد ربك حيت يأتيك‬ ‫ق‬
‫ََ َ‬ ‫و‬ ‫ه)‬ ‫فمالقي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫دح‬ ‫ك‬ ‫ربك‬ ‫إيل‬ ‫ادح‬ ‫ك‬ ‫إنك‬
‫إليقني) ‪ ،‬ق ال احلسن ‪ :‬يا ق وم ‪ :‬املداومة ف إن اهلل مل جيعل لعمل امل ْؤ ِمن أجالً‬
‫ُ‬
‫دون املوت مُثَّ تلي هذه اآلية ‪.‬‬
‫ال أيض اً ‪ :‬نفوسكم مطاياكم فأصلحوا مطاياكم تبلغكم إيل ربكم عز وجل ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫وإصالح املطايا ‪ ،‬الرفق هِبَا وتعاهدها مبا يصلحها من قوهتا والرفق هِبَا يِف سريها‬
‫‪ ،‬ف ِإ َذا أحس هِبَا بتوقف يِف السري تعاه دها تَ ارة بالتش ويق وتَ ارة ب التخويف حيت‬
‫تسري ‪.‬‬
‫الرج اءَ قائد واخلوف س ائق ‪ ،‬والنفس بينهما ‪ ،‬كالدابة‬ ‫الس لَف ‪َ :‬‬ ‫ق ال بعض َّ‬
‫احلرون ‪ ،‬فميت فرت قائدها وقصر سائقها وقفت فتحتاج إيل الرفق هِبَا واحلدو هلا‬
‫حيت يطيب هلا السري ‪.‬‬

‫‪529‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ق ال خليد العص ري ‪ :‬إن ُك ّل ح بيب حيب أن يلقي حبيبه ف أحبوا ربكم وس ريوا‬
‫إليه مس رياً مجيالً ال مص عداً وال مميالً ‪ ،‬فغاية السري يوصل امل ْؤ ِمن إيل ربه ‪،‬‬
‫ُ‬
‫ومن ال يعرف الطَ ِريق إيل ربه مل يسلك إليه فِيه ‪ ،‬فهو والبهيمة سواء ‪.‬‬
‫ق ال ذو الن ون ‪ :‬الس فلة من ال يع رف الطَ ِريق إيل اهلل وال يتعرفه ‪ .‬والطَ ِريق إيل‬
‫اهلل ُه َو س لوك ص راطه املس تقيم الَّ ِذي بعث اهلل به رس وله وأن زل به كتابة وأمر‬
‫اخللق كلهم بسلوكه والسري فيه ‪.‬‬
‫ق ال ابن مس عود َر ِض َي اهللُ عن هُ ‪ :‬الص راط املس تقيم ‪ ،‬تركنا حُمَ َّمد ‪ ‬يِف أدن اه‬
‫وطرفه يِف اجْلَنَّة ‪ ،‬وعن ميينه ج واد ومُثَّ ِر َج ال ي دعون من مر هِب ُ ْم ‪ ،‬فمن أخذ‬
‫يِف تلك اجلواد انتهت به إيل الن ار ‪ ،‬ومن أخذ َعلَى الص راط انتهي به إيل اجلنة‬
‫‪ .‬مُثَّ َقَرأَ ‪( :‬وأن َه َذا صراطي مستقيماً فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق بكم عن‬
‫سبيله) أخرجه ابن جرير وغريه ‪.‬‬
‫فالطَ ِريق املوصل إيل اهلل واحد ‪َ ،‬و ُه َو صراطه املستقيم ‪ ،‬وبقية السبل ُكلّ َها سبل‬
‫الشيطان ‪ ،‬من سلكها قطعت به عن اهلل ‪ ،‬وأوصلته دار سخطه وغضبه وعقابه‬
‫‪ ،‬فرمبا سلك اإلنسان يِف أول أمره َعلَى الصراط املستقيم مُثَّ ينحرف عنهُ آخر‬
‫عمره فيسلك بعض سبل الشيطان فيقطع عن اهلل فيهلك ‪.‬‬
‫"إن أح دكم ليعمل بعمل أ َْهل اجْلَنَّة حيت ما يك ون بينه وبينها إال ذراع أو ب اع‬
‫فيعمل بعمل أ َْهل النار فيدخل النار" َو ُرمَّبَا سلك بالرجل أوالً بعض سبل الشيطان‬
‫مُثَّ تدركه السعادة فيسلك الصراط املستقيم يِف آخر عمره فيصل به إيل اهلل ‪.‬‬

‫‪530‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫الس الم‬
‫ك فضل اهلل يؤتيه من يشاء) (واهلل يدعو إيل دار َّ‬ ‫والشأن ُك ّل الشأن يِف االستقامة َعلَى الصراط املستقيم من أول السري إيل اهلل (ذَل َ‬
‫ت اهلل‬‫ويه دي من يش اء إيل ص راط مس تقيم) ‪ .‬ما أك ثر من يرجع أثن اء الطَ ِريق وينقطع ‪ ،‬ف إن ال ُقلُ وب بني أص بعني من أص ابع ال رمحن (يثَبِّ ْ‬
‫ين آمنوا بالقول الثابت) ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫اص لُو َن قَِلْي ُل‬
‫َكثِ ير وأََّما الو ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ َ‬
‫ع الطَ ِر ِيق إِلى ِ‬
‫الح َما‬ ‫َخِلْي َّ‬
‫لي قُطّا ٌ‬
‫ول اهلل َعَّز َو َج َّل ‪( :‬من تقرب مين شرباً‬ ‫ويِف احْلَ ِديث الصحيح اإلهلي (القدسي) َي ُق ُ‬
‫تق ربت منه ذراع اً ‪ ،‬ومن تق رب مين ذراع اً تق ربت منه باع اً ومن أت اين ميشي‬
‫أتيته هرولة" ‪.‬‬
‫ويِف املسند زيادة ‪" :‬واهلل أعال وأجل واهلل أعال وأجل" ‪ ،‬وفِيه أيض اً ‪َ :‬ي ُق ُ‬
‫ول اهلل‬
‫‪( :‬ابن آدم قم إيل وامش إيل أهرول إليك) ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم أع ذنا مبعافاتك من عقوبتك وبرض اك من س خطك واحفظ جوارحنا من‬
‫خمالفة أم رك َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ األحي اء ِمْن ُه ْم جوارحنا من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُِ‬ ‫جِل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يا‬ ‫ت‬ ‫ر‬
‫َ مْح َ َ‬‫ِ‬‫ب‬ ‫وامليتني‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫م‬ ‫األحياء‬ ‫خمالفة أمرك َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َو َمي ِع املُ ْسلمنْي َ‬
‫ُْ ْ‬
‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه ‪.‬‬ ‫أَرحم َّ مِحِ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫صلٌ )‬ ‫( َف ْ‬
‫الوص ول إيل اهلل نوع ان ‪ :‬أح دمها يِف ال ُّد ْنيَا ‪ ،‬والث اين يِف اآلخ رة ‪ .‬فأما الوص ول‬
‫ال دنيوي ف املراد به ‪ :‬أن ال ُقلُ وب تصل إيل معرفته ‪ ،‬ف ِإ َذا عرفته أحبته ‪ ،‬وأنست‬
‫به فوجدته منها قريب اً ‪ ،‬ول دعائها جميب اً ‪ ،‬كما يِف بعض اآلث ار ‪ " :‬ابن آدم‬
‫اطلبين جتدين فإن وجدتين وجدت ُك ّل َش ْيء ‪ ،‬وإن فتك فاتك ُك ّل شيء " ‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يشتمل َعلَى ثالث درجات ‪ :‬درجة اإلسالم ‪ ،‬ودرجة‬ ‫الصراط املستقيم يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫‪ .‬فمن سلك درجة اإلسالم إيل أن ميوت َعلَْي َها منعته‬ ‫اإلميان ‪ ،‬ودرجة اإلحسان‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫من اخللود يِف النار ‪ ،‬ومل‬
‫يكن لَ هُ بد من دخول اجْلَنَّة ‪ ،‬وإن أصابه قبل ذَل َ‬
‫ما أصابه ‪.‬‬
‫ومن س لك َعلَى درجة اإلميان إيل أن ميوت َعلَْي َها منعته من دخ ول الن ار بالكلية‬
‫ف إن اإلميان يطفئ هلب ن ار جهنم حيت َت ُق ول ‪ :‬يا ُم ْؤ ِمن جز ف َق ْد أطفأ ن ورك‬
‫هليب ‪.‬‬
‫ويِف املسند عن جابر َر ِض َي اهللُ عنهُ مرفوع اً ‪" :‬ال يبقي بر وال فاجر إال دخلها‬
‫فتَ ُك ون َعلَى امل ْؤ ِمن ب رداً وس الماً كما ك انت َعلَى إب راهيم ‪ ،‬حيت إن للن ار‬
‫ُ‬
‫ض جيجاً من ب ردهم ‪َ ،‬ه َذا م رياث و ِرثَه احملبونه من ح ال أبيهم إب راهيم َعلَْي ِه‬
‫السالم" ‪.‬‬
‫ومن سلك َعلَى درجة اإلحسان إيل أن ميوت َعلَْي َها وصل بعد املوت إيل اهلل ‪:‬‬
‫َح َس نُواْ احْلُ ْس ىَن َو ِزيَ َادةٌ ﴾ ‪ .‬ويِف احْلَ ِديث الص حيح ‪" :‬إِ َذا دخل أ َْهل‬
‫ين أ ْ‬
‫ِ‬
‫﴿ لِّلَّذ َ‬
‫اجْلَنَّة اجْلَنَّة نادي مناد يا أ َْهل اجْلَنَّة إن لكم ِعْن َد اهلل موعداً يريد أن ينجزكموه‬
‫‪.‬‬
‫اهلل ما أعط اهم اهلل‬‫فيقول ون ‪ :‬ما ه و؟ أمل ي بيِّض وجوهن ا؟ أمل يثقل موازينن ا؟ فو ِ‬
‫َ‬
‫ش يئاً أحب إليهم ‪ ،‬وال أقر ألعينهم من النظر إليه ‪َ ،‬و ُه َو الزي ادة ‪ ،‬مُثَّ تال ‪:‬‬
‫َح َسنُواْ احْلُ ْسىَن َو ِزيَ َادةٌ ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ين أ ْ‬‫لِّلَّذ َ‬
‫كل أ َْهل اجْلَنَّة يش رتكون يِف الرواية ولكن يتف اوتون يِف الق رب يِف ح ال الرؤية ‪.‬‬
‫عموم أ َْهل اجْلَنَّة يرون رهبم يوم املزيد َو ُه َو يوم اجْلُ ُم َعة ‪ ،‬وخواصهم ينظرون إيل‬
‫وجه اهلل يِف ُك ّل يوم مرتني بكرة وعشياً ‪ .‬العارفون ال يسليهم عن حمبوهبم قصر‬
‫وال يرويهم دونه هنر ‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪533‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ان َكما يرى ال َقم ِ‬


‫ران‬ ‫ِ‬
‫العي ِ‬ ‫ويرونَهُ سبحانَهُ ِمن فَ ِ‬
‫وق ِه ْم‬
‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫نَظََر َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َُ‬
‫اس ُد اإليمان‬ ‫يْن ِكر ُه إال فَ ِ‬ ‫اهلل لم‬ ‫َه َذا َتواَتر عن رسو ِل ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ َ‬
‫بسي ِاق ِه َنو َع ِ‬
‫ِ‬ ‫َوأَتَى بِِه ال ُقّرآ ُن تَ ْ‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫(ـريْضاً ُه َما َ‬ ‫ص ِريَحاً َوَت ْعـ‬
‫َت(ْف ِسير من قَ ْد جاء بِال ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫ََ ّ‬ ‫َ َْ‬ ‫ت ِفي يُونُ ٍ‬
‫س‬ ‫َو ِه َي ال ِز َ‬
‫ياد ُة قَ ْد أَتَ ْ‬
‫الص ْديِ ُق ُذ ْو اإليمان‬ ‫ب ْك ٍر ُهو ِ‬ ‫اك فَ َسَر ُه أَبُو‬ ‫الم ْزيِ ُد َك َذ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوه َي َ‬
‫اإلحس ِ‬
‫ان‬ ‫ِ‬ ‫الر ُس ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ُه ْم َب ْع َد ُه ْم َتَبعَي َة ْ َ‬ ‫ول َتَت َاب ُعو‬ ‫اب َّ‬ ‫َص َح ُ‬‫وعَلْيه أ ْ‬
‫اللَّ ُه َّم امنُ ْن َعلَْينَا بإص الح عيوبنا واجعل التق وي زادنا ويِف دينك اجتهادنا وعليك‬
‫توكلنا واعتمادنا َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني‬
‫ُ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫بَِرمْح َتِ َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ِ‬
‫ويِف املس ند عن ابن عمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫عنه َما مرفوع اً ‪" :‬إن أدين أ َْهل اجْلَنَّة منزلة‬
‫ألفي سنة يري أقصاه كما يري أدناه ‪ ،‬ينظر إيل أزواجه وخدمه‬ ‫لينظر يِف ملكه ِ‬
‫‪ ،‬وإن أفض لهم منزلة ملن ينظر إيل وجه اهلل تب ارك وتع اىل ُك ّل ي وم م رتني"‬
‫ذي ‪ ،‬ولفظه "إن أدين أ َْهل اجْلَنَّة منزلة ملن ينظر إيل أزواجه‬ ‫وأخرجه الرتم‬
‫ونعيمه وخدمه وسرره مسرية ألف سنة" ‪.‬‬
‫وأكرمهم َعلَى اهلل من ينظر إيل وجهه غدوة وعشياً مُثَّ َق َرأَ رسول اهلل ‪﴿ : ‬‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ‪ ‬يِف‬ ‫ال َر ُس ُ‬‫اظَرةٌ ﴾ وهلَ َذا املعين قَ َ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫َّاض رةٌ * إِىَل ر ِّبها نَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُو ُج وهٌ َي ْو َمئ ذ ن َ‬
‫اهلل البجلي ‪ " :‬إنكم س رتون ربكم ي وم‬ ‫احْل ِديث الص حيح ح ديث جرير بن عبد ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫القيامة كما ترون القمر ليلة البدر ال تضامون يِف رؤيته " ‪ .‬قال ‪ " :‬فإن استطعتم‬
‫إال تغلبوا َعلَى صالة قبل طلوع الشمس وصالة قبل‬

‫‪534‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫س َو َقْب َل‬ ‫الش ْم ِ‬
‫وع َّ‬ ‫ك َقْب َل طُلُ ِ‬‫غروهِبَا ف افعلوا " ‪ .‬مُثَّ َق َرأَ ﴿ َو َس بِّ ْح حِب َ ْم د َربِّ َ‬
‫وب ﴾ ‪.‬‬ ‫الْغُر ِ‬
‫ُ‬
‫وملا َك ا َن ه ذان الوقت ان يِف اجْلَنَّة وقت ان للرؤية يِف خ واص أ َْهل اجْلَنَّة ‪ ،‬خص ‪‬‬
‫الص الة يِف ه ذين الوق تني يِف ال ُّد ْنيَا فمن حافظ َعلَى ه اتني‬ ‫َعلَى احملافظة َعلَى َّ‬
‫الص التني يِف ال ُّد ْنيَا يِف ه ذين الوق تني وص المها َعلَى أكمل وجوههما وخش وعهما‬
‫وحض ورمها وأدهبما فإنه ي رجي لَ هُ أن يك ون ممن ي ري اهلل يِف ه ذين الوق تني يِف‬
‫اجْلَنَّة ‪ ،‬ال س يما إن حافظ بع دمها َعلَى ال ذكر وأن واع العب ادات حيت تطلع‬
‫الشمس أو تغرب ‪.‬‬
‫اجتم َع لَ هُ السري يِف األوق ات الثالثة‬ ‫ِ‬
‫ك بدجلة آخر الليل ف َق ْد َ‬ ‫ف إن وصل الْ َعْبد َذل َ‬
‫وهي ‪ :‬الدجلة ‪ ،‬والغ دوة ‪ ،‬والروحة ‪ ،‬فيوشك أن يعقبه الص دق يِف ه َذا السري‬
‫الوصول األعظم إيل ما يطلبه يِف مقعد صدق ِعْن َد مليك مقتدر ‪.‬‬
‫َّ ِ‬ ‫من ل زم الص دق يِف‬
‫ين َآمنُ واْ‬ ‫طلبه أداه الص دق إيل مقعد الص دق ‪َ ﴿ .‬وبَ ِّش ِر الذ َ‬
‫ند َرهِّبِ ْم ﴾ ‪.‬‬ ‫َن هَلُ ْم قَ َد َم ِص ْد ٍق ِع َ‬ ‫أ َّ‬
‫احملب ال يقطع السؤال عمن حيب ويتحسس األخبار وينسم الرياح ويستدل بآثار‬
‫السلوك َعلَى الطَ ِريق إيل حمبوبه ‪.‬‬
‫ين يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫هِب‬ ‫هِب‬
‫لََق ْد ك ربت مهة اهلل مطلو َا وش رفت نفس اهلل حمبو َا ﴿ َوالَ تَطْ ُرد الذ َ‬
‫ج َههُ ﴾ ‪.‬‬‫يدو َن َو ْ‬ ‫بِالْغَ َد ِاة َوالْ َع ِش ِّي يُِر ُ‬
‫ع‬ ‫ب بِ ُك ِّل بَ ٍر يُ ْ‬
‫صَر ُ‬ ‫إِ َّن ِ‬
‫المح َ‬
‫ُ‬ ‫َما لِل ُْم ْح ِ‬
‫ب ِسَوى إِ َر َاد َة ُحبِ ِه‬
‫طلب اهلل‬ ‫قيمة ُك ل ام ٍ‬
‫ريء ما يطلب ‪ ،‬فمن َك ا َن يطلب اهلل فال قيمة لَ هُ من‬ ‫ّ‬
‫قيمة ‪.‬‬ ‫فهو أجل من أن يقوم ‪ .‬ومن طلب غريه فهو أخس من أن يكون لَهُ‬

‫‪535‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ق ال الش بلي ‪ :‬من ركن إيل ال ُّد ْنيَا أحرقته بنارها فص ار رم اداً ت ذروه الري اح ‪،‬‬
‫ومن ركن إيل اآلخ رة أحرقته بنورها فص ار س بيكة ذهب ينتفع به ‪ ،‬ومن ركن‬
‫إيل اهلل أحرقه نور الت َّْو ِحيد فصار جوهراً ال قيمة له ‪.‬‬
‫ت راض عنا وقَ ْد قبلت اليسري منا‬ ‫اللَّ ُه َّم هب لنا ما وهبته ألوليائك وتوفنا وأَنْ َ‬
‫هم وال هم حيزن ون َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫ين ال خ وف َعلَْي ْ‬
‫َّ ِ‬
‫اج َع ْلنَا يا موالنَا من عب ادك الذ َ‬ ‫َو ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك يا أرحم الرامحني ‪.‬‬ ‫َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْسل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ُ‬
‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫يِف قوله تع اىل ‪َ ﴿ :‬وبَ َدا هَلُم ِّم َن اللَّ ِه َما مَلْ يَ ُكونُ وا حَيْتَ ِس بُو َن ﴾ ه ذه اآلية‬
‫كانت تشتد َعلَى اخلائفني من العارفني ‪ ،‬فإهنا تقتضي أن من العباد من يبدو لَ هُ‬
‫ِعْن َد لقاء اهلل ما مل يكن حيتسب لَ هُ ‪ ،‬وهلَ َذا قال عمر َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ :‬لَ ْو أن‬
‫يل ملك األرض الفتديت به من هول املطلع ‪.‬‬
‫ويِف احْلَ ِديث ‪ " :‬ال متن وا املوت ف إن ه ول املطلع ش ديد ‪ ،‬وإن من س عادة املرء‬
‫أن يطول عمره ويرزقه اهلل اإلنابة " ‪.‬‬
‫الس لَف ‪ :‬كم موقف خ زي ي وم القيامة مل خيطر َعلَى بالك‬ ‫ال بعض حكم اء َّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫نت يِف َغ ْفلَ ٍة ِّم ْن َه َذا فَ َك َش ْفنَا َعن َ‬
‫ك‬ ‫قط ‪ .‬ونظري َه َذا قوله تع اىل ‪ ﴿ :‬لََق ْد ُك َ‬
‫ك َو ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِغطَ َ‬
‫َحدي ٌد ﴾ واشتمل َعلَى ما ُه َو أعم من َذل َ‬ ‫ص ُر َك الَْي ْو َم‬
‫اءك َفبَ َ‬
‫ٍ‬
‫سيئات ‪ .‬وقَ ْد قال‬ ‫أن يكون لَهُ أعمال يرجو هِبَا اخْلَرْي فتصري هباءً منثوراً وتبدل‬
‫ين َك َف ُروا أ َْع َماهُلُ ْم‬ ‫َّ ِ‬
‫تعاىل ‪َ ﴿ :‬والذ َ‬

‫‪536‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اب بِِق َيع ٍة حَيْ َس بُهُ الظَّ ْم آ ُن َم اء َحىَّت إِ َذا َج اءهُ مَلْ جَيِ ْدهُ َش ْيئاً َو َو َج َد اللَّهَ ِع َ‬
‫ندهُ‬
‫َكسر ٍ‬
‫ََ‬
‫اب ﴾ ‪.‬‬ ‫َفوفَّاه ِحسابهُ واللَّهُ س ِريع احْلِس ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ ََ َ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬وقَ ِد ْمنَا إِىَل َما َع ِملُوا ِم ْن َع َم ٍل فَ َج َع ْلنَاهُ َهبَاء َّمنثُوراً ﴾ ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال الفض يل يِف ه ذه اآلية ‪َ ﴿ :‬وبَ َدا هَلُم ِّم َن اللَّ ِه َما مَلْ يَ ُكونُ وا حَيْتَ ِس بُو َن ﴾‬ ‫َوقَ َ‬
‫قال ‪ :‬عملوا أعماًال وحسبوا أهنا حسنات ف ِإ َذا ِه َي سيئات ‪ .‬وقريب من َه َذا أن‬
‫يعمل اإلنسان ذنباً حيتقره ويستهون به فيكون ُه َو سبب هالكه ‪ .‬كما قال تعاىل‬
‫‪ ﴿ :‬وحَتْسبونَه هيِّناً وهو ِع َ ِ ِ‬
‫يم ﴾ ‪.‬‬ ‫ند اللَّه َعظ ٌ‬ ‫َ َُ ُ َ َ ُ َ‬
‫ال بعض الص حابة ‪ :‬إنكم تعمل ون أعم اًال ِه َي يِف أعينكم أدق من الش عر ‪،‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫كنا نعه دها َعلَى عهد رس ول اهلل ‪ ‬من املوبق ات ‪ ،‬وأص عب من َه َذا زين لَ هُ‬
‫ين أ َْع َم االً *‬ ‫سوء عمله فرآه حسناً ‪ .‬قال تعاىل ‪ ﴿ :‬قُ ْل َه ْل نُنَبِّئُ ُك ْم بِاأْل ْ‬
‫َخ َس ِر َ‬
‫ِ‬ ‫ض َّل َس ْعُي ُه ْم يِف احْلَيَ ِاة ُّ‬ ‫َّ ِ‬
‫صْنعاً ﴾ ‪.‬‬ ‫الد ْنيَا َو ُه ْم حَيْ َسبُو َن أَن َُّه ْم حُيْسنُو َن ُ‬ ‫ين َ‬ ‫الذ َ‬
‫ق ال ابن عيينة ‪ :‬ملا حض رت حُمَ َّمد بن املنك در الوف اة ج زع ف دعوا لَ هُ أبا ح ازم‬
‫ول ‪َ ﴿ :‬وبَ َدا هَلُم ِّم َن اللَّ ِه َما مَلْ يَ ُكونُوا‬ ‫ال لَهُ ابن املنكدر ‪ :‬إن اهلل َي ُق ُ‬ ‫فَ َج اءَ َف َق َ‬
‫حَيْتَ ِس بُو َن ﴾ فأخ اف أن يب دو يل من اهلل ما مل أكن أحتسب ‪ .‬فجعال يبكي ان‬
‫ال لَ هُ أهله ‪ :‬دعون اك‬ ‫وز َاد ابن أيب ال دنيا ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫مجيع اً ‪ .‬أخرجه ابن أيب ح امت ‪َ .‬‬
‫لتخفف َعلَْي ِه فزدته فأخربهم مبا قال ‪.‬‬
‫ت‬‫ت أَنْ َ‬ ‫ال الفض يل بن عي اض ‪ :‬أخ ربت عن س ليمان ال تيمي أنه قيل لَ هُ ‪ :‬أَنْ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال مه ال تقول وا َه َذا ال أدري ما يب دو يل من اهلل ‪ .‬مسعت اهلل‬ ‫ومن مثل ك؟ َف َق َ‬
‫ول ‪َ ﴿ :‬وبَ َدا هَلُم ِّم َن اللَّ ِه َما مَلْ يَ ُكونُوا حَيْتَ ِسبُو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ول ِعْن َد هذه اآلية ‪ :‬ويل أل َْهل الرياء من‬ ‫و َكا َن سفيان الثوري َي ُق ُ‬

‫‪537‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ين هم أول من تسعر هِب ُ ْم النار ‪،‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫وه َذا كما يِف‬
‫حديث الثالثة الذ َ‬ ‫هذه اآلية ‪َ ،‬‬
‫ص احِلَة وك انت َعلَْي ِه مظَ امل‬
‫ك من عمل أعم اًال َ‬
‫ِ‬
‫الع امل واملتص دق واجملاهد ‪ .‬و َك َذل َ‬ ‫َ‬
‫فهو يظن أن أعماله تنجيه فيبدو لَهُ ما مل يكن حيتسب ‪ ،‬فيقتسم الغرماء أعماله‬
‫ُكلّ َها مُثَّ يفضل هلُ ْم فضل فيطرح من سيئاهتم َعلَْي ِه مُثَّ يطرح يِف النار ‪.‬‬
‫وقَ ْد يناقش احلساب فيطلب منه شكر النعم َفت ُق وم أصغر النعم فتستوعب أعماله‬
‫ُكلّ َها وتبقي بقية فيطالب بشكرها فيعذب ‪.‬‬
‫والس الم ‪ " :‬من ن وقش احلس اب ع ذب أو هل ك" ‪ .‬وقَ ْد‬ ‫الص الة َّ‬ ‫وهلَ َذا ق ال َعلَْي ِه َّ‬
‫يك ون لَ هُ س يئات حتبط بعض أعماله أو أعم ال جوارحه س وي الت َّْو ِحيد في دخل‬
‫النار ‪.‬‬
‫ويِف س نن ابن ماجة من رواية ثوب ان مرفوع اً ‪ " :‬إن من أميت من جييئ بأعم ال‬
‫أمث ال اجلب ال فيجعلها اهلل هب اءً منث وراً " ‪ .‬وفِيه ‪ " :‬وهم ق وم من جل دتكم‬
‫ويتكلمون بألس نتكم ويأخ ذون من الليل كما تأخ ذون من الليل ولكنهم قوم إِ َذا‬
‫خلوا مبحارم اهلل انتهكوها " ‪.‬‬
‫رج يعق وب بن أيب ش يبة وابن أيب ال ُّد ْنيَا يِف ح ديث س امل م ويل أيب حذيفة‬ ‫وأخ َ‬
‫ليج اءَ ي وم القيامة ب أقوام معهم من احلس نات مثل جب ال هتامة ‪،‬‬ ‫مرفوع اً ‪َ " :‬‬
‫حيت إِ َذا جئ هِب ْم جعل اهلل أعماهلم هباءً مُثَّ أكبهم يِف النار " ‪.‬‬
‫ال أما أن َُّه ْم َك انُوا يص ومون ويص لون‬ ‫ق ال س امل ‪ :‬خش يت أن أك ون منهم ‪َ .‬ف َق َ‬
‫ويأخذون هنيهة من الليل ‪ ،‬لعلهم َكانُوا إِذَا عرض هلُ ْم َش ْيء سراً حرام اً أخذوه‬
‫خفي أو عجب به وحنو‬ ‫ف أدحض اهلل أعم اهلم ‪ .‬وقَ ْد حيبط الْعمل بآفة من ري اء ِ‬
‫ََ‬
‫ك وال يشعر به صاحبه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫اجتم َع عليه‬
‫قال ضيغم العابد ‪ :‬إن مل تأت اآلخرة بالسرور لََق ْد َ‬

‫‪538‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الد ْنيَا وشقاء اآلخرة ‪ .‬فقيل لَهُ ‪ :‬كيف ال تأتيه اآلخرة بالسرور َو ُه َو‬ ‫األمران هم ُّ‬
‫الد ْنيَا ويدأب؟ قال ‪ :‬كيف القبول ‪ ،‬كيف بالسالمة ‪.‬‬ ‫يتعب يِف دار ُّ‬
‫ك كله يوم القيامة مُثَّ‬ ‫ِ‬
‫جيم َع َذل َ‬ ‫مُثَّ قال ‪ :‬كم من رجل يري أنه قَ ْد أصلح عمله َ‬
‫يض رب به وجهه ‪ ،‬ومن هنا َك ا َن ع امر بن عبد قيس وغ ريه يقلق ون من ه ذه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫اآلية ‪ ﴿ :‬إِمَّنَا َيَت َقبَّ ُل اللّهُ م َن الْ ُمتَّق َ‬
‫ال ابن عون ‪ :‬ال تثق بكثرة الْ َع َمل ‪ ،‬فإنك ال تدري يقبل منك أم ال ‪ ،‬وال‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك مغيب‬ ‫ك أم ال؟ ألن عملك عن َ‬ ‫ت أمن ذنوبك فإنك ال ت دري هل كف رت عن َ‬
‫ال ‪ :‬أنتظر‬ ‫كله ال ت دري ما الَّ ِذي ص انع به ‪ .‬وبكي النخعي ِعْن َد املوت َوقَ َ‬
‫رسول َريِّب ما أدري أيبشرين باجْلَنَّة أو النار؟‬
‫وج زع غ ريه ِعْن َد املوت ‪ ،‬قيل لَ هُ جتزع؟ ق ال ‪ :‬إمنا ِه َي س اعة وال أدري أين‬
‫ال ‪ :‬إن اهلل‬ ‫يس لك يب؟ وج زع بعض الص حابة ِعْن َد موته ‪ ،‬فس ئل عن حاله َف َق َ‬
‫قبض خلقه قبض تني ‪ ،‬قبضة للجنة وقبضة للن ار ولست أدري يِف أي القبض تني‬
‫أنا؟‬
‫ك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ومن تأمل َه َذا حق التأمل أوجب لَ هُ القلق ف إن ابن آدم متع رض أله وال عظيمة من َذل َ‬
‫سه اخللود فيها بأن يسلب إميانه‬ ‫الوقوف بني يدي اهلل عَّز وج َّل ودخول النار وخيشي علَى َن ْف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ِعْن َد املوت ‪ ،‬ومل ي أمن امل ْؤ ِمن ش يئاً من ه ذه األم ور ﴿ فَالَ يَ أْ َم ُن َم ْك َر اللّ ِه إِالَّ الْ َق ْو ُم‬
‫ُ‬ ‫اخْل ِ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬فتحقق َه َذا ‪ ،‬مينع ابن آدم القرار ‪.‬‬ ‫اس ُرو َ‬ ‫َ‬
‫الو ُج ْوِم‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َت ُر ُد الضَّاح َكات إلى ُ‬ ‫ب َرآى أ ُُم ْوراً‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬
‫إ َذا ا ْفَت َكَر اللبْي ُ‬

‫‪539‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول لَهُ ‪:‬‬


‫ضهم قائالً َي ُق ُ‬
‫رأي َب ْع ْ‬
‫الم َحلَْي ِن َتْن ِز ُل؟‬
‫َي َ‬
‫ِ‬
‫َولم تَ ْد ِر في أ ْ‬ ‫العْي ُن َو ِه َي َق ْرْيَرةٌ‬
‫ف َتَن ُام َ‬
‫َو َكْي َ‬
‫ول ‪:‬‬
‫وسئل بعض املويت و َكا َن جمتهداً عن حاله؟ فأنشد َي ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األج ِ‬
‫داث‬ ‫إال اإللَهُ َو َساك ِن ْ‬ ‫س َي ْعلَ ُم َما ِفي ال َقْب ِر َداخلَهُ‬
‫ولَْي َ‬
‫َوقَ َال غريه ‪:‬‬
‫لِ َما ُخِل ُقوا لِ َما غََفلُوا َونَ ُاموا‬ ‫اهلل لَْو َعِل َم األنَ ُام‬
‫أَما و ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اهوا َو َه ُاموا‬ ‫ُعيِو ُن ُقلُوبِِه ْم تَ ُ‬ ‫صَرتْهُ‬
‫لََق ْد ُخل ُقوا ل َما لَْو أبْ َ‬
‫وال ِعظَ ُام‬‫َوتَوبِْي ٌخ وأ َْه ٌ‬ ‫ات ثُ َّم َقْبٌر ثُ َّم َح ْشٌر‬
‫َم َم ٌ‬
‫ت إمياننا بك وحمبتك يِف قلوبنا ثبوت اجلبال الراسيات واعصمنا يا موالنَا‬ ‫اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫ِم ْن مَجِ ي ِع املوبق ات ووفقنا للعمل بالباقي ات الص احلات وارفع منازلنا يِف فس يح‬
‫اجلن ات وارزقنا النظر إيل وجهك الك رمي يا حكيم يا عليم يا حي يا قي وم‬
‫ص لَّى اهلل َعلَى‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني َو َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ِ ِ ُ‬ ‫ِِ‬
‫ني ‪. . .‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬ ‫حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬
‫صلٌ فِي الرِّيَ ِ‬
‫اء )‬ ‫( َف ْ‬
‫اك َومَجِ يع امل ْس لِ ِمنْي َ أن ال ُقلُ وب مترض كما مترض األبدان بل‬ ‫ْاعلم عصمنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫ُ‬
‫مرض ها أشد ومن أمراض ها الري اء َو ُه َو من أخطر أم راض ال ُقلُ وب ومن األوب اء‬
‫األخالقية الض ارة اليت حتت اج إيل عالج دائم ويقظة مس تمرة َو ُه َو م أخوذ من‬
‫الرؤيا ألن املرائي ي ري النَّاس فعله للخَرْي ليثن وا َعلَْي ِه وحيم دوه وي أمنوه فيس تويل‬
‫هم يصل به‬ ‫ِ‬
‫وهبم فيكون لَهُ سلطان َعلَْي ْ‬ ‫ك َعلَى ُقلُ ْ‬ ‫ب َذل َ‬

‫‪540‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ص ِيل َش َه َواتِِه َو َه َذا ِّ‬ ‫إِىل لَ َّذتِ ِه ويس تَعِني بِ ِه علَى حَتْ ِ‬
‫الريَاء إِمَّنَا يَ ُك و ُن م ْن َر ُج ٍل قَ ُ‬
‫ص َر نَظَ َرهُ َو َر َّق‬ ‫ََ ْ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َن النَّاس إِ َذا رأَوه ي ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم‬
‫ص ُ‬ ‫الصالة أ َْو يَ ُ‬‫يل َّ‬ ‫صلي َكثرياً أ َْو َرأ َْوهُ يُط ُ‬ ‫ص َّو ُر أ َّ َ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫دينُهُ فَِإن َه َذا ُه َو الَّذي َيتَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي َف ْع ٍل م ْن أَْف َع ال اخْلَرْيِ حَيْس نُو َن بِ ه الظَّ َّن َويُ َعاملُونَ هُ‬‫َّق أ َْو َي ْف َع ُل أ َّ‬
‫صدَ‬ ‫الن ََّواف َل أ َْو حَيُ ُّج أ َْو َيتَ َ‬
‫اصةً َتْتُر ُكهُ يِف ُد ْنيَاهُ يِف ُس ُرور ‪.‬‬ ‫ُم َع َاملَةً َخ َّ‬
‫ب الذ ْكَر ِفي ال َْم َج ِام ْع‬ ‫ال تَطْلُ ْ‬ ‫وس قَانِ ْع‬ ‫النُف ِ‬
‫ول ُّ‬ ‫بِ ُخم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِش ْعراً‪ُ :‬ك ْن‬
‫األصابِ ْع‬
‫َ‬ ‫َما لم تُ ِشر نَ ْحَو ُه‬ ‫َيَز َال الَْفَتى بِ َخْي ٍر‬ ‫َفَل ْن‬
‫ص ِاد ُق اإلميان فَِإنَّهُ َي ْعلم ِع ْلم اً يَِقين اً ال يَ ُش وبُهُ الظَّ ُّن‬ ‫ِ ِ‬
‫َوأ ََّما الْ َعاق ُل بَعي ُد النَّظَ ِر َ‬
‫َن الْ َع امل ُكلَّهُ أ َْع َج ُز ِم ْن‬ ‫هلل َو ْح َدهُ ال َش ِر َ‬
‫يك لَ هُ َوأ َّ‬ ‫َن األمر ُكلّ ه د ْنيا وأخ رى ِ‬
‫ُ ًُ َ َْ‬ ‫أ َّ‬
‫َجالً أ َْو يُكْثِ ر ِر ْزق اً أ َْو جُيِ ري ِم ْن نَائِبَ ٍة َتْن ِز ُل َعلَى اإلنس ان َك َما يِف‬ ‫أَ ْن يَ ْدفَ َع أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وك‬‫اجتَ َمعُ وا َعلَى أَ ْن َيْن َفعُ َ‬ ‫اس َق ْولُ هُ ‪َ « : ‬و ْاعلم أ َّ‬ ‫يث ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ح ِد ِ‬
‫األمةَ لَ ْو ْ‬ ‫َن َّ‬ ‫َ‬
‫وك‬‫ض ُّر َ‬ ‫اجتَ َمعُ وا َعلَى أَ ْن يَ ُ‬ ‫ك َولَ ْو ْ‬ ‫وك إال بِ َش ْيء قَ ْد َكتَبَ هُ اهللُ لَ َ‬ ‫بِ َش ْيء مل َيْن َفعُ َ‬
‫ك )) ‪ .‬فَ ِإ َذا َك ا َن اخْلَْل ُق هِبَ َذا‬ ‫وك إال بِ َش ْيء قَ ْد َكتَبَ هُ اهللُ َعلَْي َ‬ ‫ض ُّر َ‬ ‫بِ َش ْيء مل يَ ُ‬
‫يف الدِّيْن َعلَى أ َّ‬
‫َن‬ ‫ف فَال ي ْلتَ ِفت لِم راآهِتِم إال من َك ا َن س ِخيف الْع ْق ِل و ِ‬ ‫َّع ِ‬
‫ضع َ‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ َُ ْ‬ ‫الض ْ‬
‫ِريَ اءَ الْ ُم َرائِي ال خَي ْ ِفي َحىَّت َعلَى اخْلَْل َق َغالِب اً فَ ِإ َّن َحَر َكاتِ ِه ال تَ ْش تَبِهُ بِأ َْع َم ِال‬
‫الس َو ِاء ‪.‬‬
‫اطُن ُه ْم َعلَى َّ‬ ‫صني الَّ ِذين قَ ْد اسَتوت ظَو ِاهرهم وبو ِ‬
‫ْ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ََ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫الْ ُم ْخل َ‬
‫ْس ُل إِ َذا َك ا َن‬ ‫الث ع ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم ات أ َْوالً أَنَّهُ يَك َ‬ ‫قَ َال َعلَى َك َّر َم اهللُ َو ْج َه هُ ‪ :‬ل ْل ُم َرائي ثَ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاس َويَِزي ُد يِف‬ ‫ط إِذَا َك ا َن يِف الن ِ‬
‫ص‬‫َّاس َو َيْن ُق ُ‬ ‫الْ َع َمل إذَا أَثْيِن َ َعلَْي ه الن ُ‬ ‫َو ْح َدهُ َو َيْن َش ُ‬
‫إِ َذا ذُ َّم وقَ ْد وردت آي ات وأَح ِاديث وآثَ ار تَ د ُّل علَى حَت ِر ِمي ِّ ِ‬
‫وت‬‫الريَ اء َوأَنَّهُ مَمْ ُق ٌ‬ ‫َ َََ ْ َ ُ َ َ ُ َ ٌ ُ َ ْ‬
‫هِتِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهو َن *‬ ‫ص اَل ْم َس ُ‬ ‫ين ُه ْم عن َ‬ ‫ني * الذ َ‬ ‫ص لِّ َ‬‫مْن َها َق ْو ُل اهلل تع اىل ‪َ ﴿ :‬ف َويْ ٌل لِّْل ُم َ‬
‫ين مَيْ ُك ُرو َن‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬والذ َ‬ ‫ين ُه ْم يُ َر ُاؤو َن * َومَيَْنعُ و َن الْ َم اعُو َن ﴾ َوقَ َ‬ ‫الذ َ‬
‫ِ‬
‫ور ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ُه َو َيبُ ُ‬ ‫اب َشدي ٌد َو َمك ُْر أ ُْولَئِ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫السيِّئَات هَلُ ْم َع َذ ٌ‬
‫ال تعاىل ‪ََ ﴿ :‬من َكا َن َي ْر ُجو لَِقاء َربِِّه َف ْلَي ْع َم ْل‬ ‫الريَ ِاء ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫اهد ‪ُ :‬ه ْم أ َْه ُل ِّ‬ ‫ال جُم ِ‬
‫قَ َ َ‬

‫‪541‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪542‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك يِف‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫حِل‬


‫األجر‬
‫ب َ‬ ‫َم ْن يَطْلُ ُ‬ ‫َح داً ﴾ َن َز َل َذل َ‬ ‫ص ا اً َواَل يُ ْش ِر ْك بعبَ َادة َربِّه أ َ‬ ‫َع َمالً َ‬
‫َواحْلَ ْم َد بِعِبَ َاداتِِه َوأ َْع َمالِِه ‪.‬‬
‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل ‪‬‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫األح اديث فَعن أَيِب ُهَر ْي َرةَ َرض َي اهللُ عن هُ قَ َال ‪ :‬مَس ْع ُ‬ ‫َوأ ََّما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫استُ ْش ِه َد فَ أيِت َ بِ ه َف َعَّرفَ هُ‬ ‫َّاس يُ ْقض ي َي ْو َم الْقيَ َام ة َعلَْي ه َر ُج ٌل ْ‬ ‫ول ‪ « :‬إِ َّن أ ََّو َل الن ِ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫نِعمت ه َفعر َفها قَ َال ‪ :‬فَما ع ِم ْلت فِيها ؟ قَ َال ‪ :‬قَ اَت ْل ِ‬
‫ت قَ َال‬ ‫استُ ْش ِه ْد ُ‬‫ك َحىَّت ْ‬ ‫ت في َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ُ ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب َعلَى‬ ‫ال ُه َو َج ِريءٌ َف َق ْد قيل مُثَّ أُم َر ب ه فَ ُس ح َ‬ ‫ت ألَ ْن يُ َق ُ‬ ‫َّك قَاَت ْل َ‬ ‫ت َولَ ِكن َ‬ ‫‪َ :‬ك َذبْ َ‬
‫َو ْج ِه ِه َحىَّت أَلْ ِق َي يِف النَّا ِر ‪.‬‬
‫ال فَ َما‬ ‫َو َر َج ٌل َت َعلم الْعِلم َو َعلَّ َم هُ َو َق َرأَ الْ ُق ْرآ َن فَأُيِت َ بِ ِه َف َعَّرفَهُ نِ ْع َمتَ هُ َف َعَر َف َها قَ َ‬
‫آن قَ َ ِ‬ ‫ال َتعلمت الْعِلم وعلمت ه و َق رأْ ِ‬ ‫ع ِم ِ‬
‫ت َولَ ِكن َ‬
‫َّك‬ ‫ال َك ذبْ َ‬
‫ك الْ ُق ر ِ‬
‫ت في َ ْ‬ ‫ََ َُ َ َ ُ‬ ‫لت فيه قَ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُه َو قَا ِر ٌ‬ ‫ت الْ ُق ْرآ َن لُِي َق ُ‬ ‫لمت لُِي َق ُ‬
‫ب‬‫يل مُثَّ أُم َر ب ه فَ ُس ح َ‬ ‫ئ َف َق ْد ق َ‬ ‫ال َع امل َو َق َرأْ َ‬ ‫َت َع َ‬
‫اف الْ َم ال‬ ‫علَى وج ِه ِه حىَّت أَلْ ِقي يِف النَّا ِر ورج ل و َّس ع اهلل علَي ِه وأَعطَاه ِمن أَص نَ ِ‬
‫ََ َ ٌ َ َ ُ َ ْ َ ْ ُ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ت ِم ْن َس بِ ٍيل‬ ‫ال َما َت َر ْك ُ‬ ‫ت فِيه ا قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ أُيِت َ بِ ه َف َعَّرفَ هُ ن َع َم هُ َف َعَر َف َها قَ َال فَ َما َعم ْل َ‬
‫ِ‬
‫ت لُِي َق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب أَ ْن يْن َف ق فِيه إال أَْن َف ْق ِ‬
‫ال ُه َو‬ ‫َّك َف َع ْل َ‬ ‫ت َول ِكن َ‬ ‫ال َك ذبْ َ‬ ‫ك قَ َ‬ ‫ت فيه لَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫حُتِ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب َعلَى َو ْج ِه ه َحىَّت أَلْق َي يِف النَّا ِر )) ‪َ .‬ر َواهُ‬ ‫َج َّو ٌاد َف َق ْد قي َل مُثَّ أُم َر ب ه فَ ُس ح َ‬
‫ي َوابْ ُن ِحبَّان ‪.‬‬ ‫ِّسائِ ُّي َوالت ِّْر ِم ِذ ُّ‬
‫ُم ْسلم َوالن َ‬
‫َخرِب ْيِن عن‬ ‫ال ‪ُ :‬ق ْلت ‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫اهلل بن عم رو ب ِن الع ِ‬ ‫وعن عب ِد ِ‬
‫ول اهلل أ ْ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫اص قَ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ك اهللُ‬ ‫صابِراً حُمْتَ ِس باً َب َعثَ َ‬ ‫ت َ‬
‫ِ‬
‫ال ‪ « :‬يَا َعْب َد اهلل بن َع ْم ِرو إِ ْن قَاَت ْل َ‬ ‫اجْلِ َه ِاد َوالْغَْز ِو َف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ُمَرائِي اً ُم َك اثِراً بِ َعثَ َ‬ ‫ِ‬
‫بن‬‫ك اهللُ ُمَرائي اً ُم َك اثراً يَا َعْب َد اهلل َ‬ ‫ص ابِراً حُمْتَس باً َوإِ ْن قَ اَت ْل َ‬ ‫َ‬
‫ك احْلَ ِال )) ‪ .‬رواه أبو‬ ‫ك اهللُ َعلَى تِْل َ‬ ‫ت َب َعثَ َ‬ ‫ِ‬
‫ت أ َْو قُت ْل َ‬
‫َعم ر ٍو َعلى أ ِّ ٍ‬
‫َي َح ال قَ اَت ْل َ‬ ‫ْ‬
‫داود ‪.‬‬
‫الس نَا‬‫األمةَ بِ َّ‬ ‫اهلل ‪ « : ‬بَ ِّش ْر َه ِذ ِه َّ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ب قَ َ‬ ‫وعن أَيِب بن َك ْع ٍ‬
‫َ‬
‫لد ْنيَا مل‬‫ني يِف األرض فَ َم ْن َع ِم َل ِمْن ُه ْم َع ِم َل اآلخرة لِ ُّ‬ ‫الر ْف َع ِة والدِّي ِن والت َّْم ِك ِ‬
‫َ‬ ‫َو ِّ َ‬

‫‪543‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪544‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يح ِه َواحْلَ اكم‬ ‫يب )) ‪ .‬رواه أَمَح ُد وابن ِحبَّا َن يِف ص ِح ِ‬


‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ ُ‬
‫ص ٍ‬ ‫ي ُكن لَ ه يِف اآلخ رة ِمن نَ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫اك أ ُُم وراً مَخْ َس ةً ‪ُ -1‬م َر ٍاء َو ُه َو الْ َعابِ ُد‬ ‫َن ُهنَ َ‬ ‫اعلم أ َّ‬‫ك فَ ْ‬
‫ِ‬
‫ت َذل َ‬
‫ِ‬
‫َوالَْبْي َهقي ‪ ،‬إِ َذا فَ ِه ْم َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين يُظْ ِه ُر الْ ُم َرائي هَلُ ْم أ َْع َمالَ هُ‬ ‫وم َرائي َو ُه ْم اخْلَْل ُق الذ َ‬ ‫ال اخْلَرْي ‪ُ -2‬‬ ‫صَ‬ ‫الَّذي يُظْ ِه ُر خ َ‬
‫الذ ِّم َو ِريَ اءٌ‬‫ب احْلَ ْم ِد و َكر َاه ةُ َّ‬ ‫الس ْلطَا ُن َو ُح ُّ‬ ‫ال َو ُّ‬ ‫َجلِ ِه َو ُه َو اجْلَ اهُ َوالْ َم ُ‬ ‫‪َ -3‬و ُم َراء أل ْ‬
‫َ َ‬
‫ض ‪َ ،‬والْ ُم َراؤن بالعب ادات أَقْ َس ٌام ‪ ،‬الْ ِق ْس ُم‬ ‫ك الْغَ َر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ُد إِظْ َه ا ِر الْعِبَ َادة ل َذل َ‬ ‫َو ُه َو قَ ْ‬
‫َّاس أن َُّه ْم ُم َو ِّح ُدو َن‬‫ين يُظْ ِه ُرو َن لِلن ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الْ َع َقائ َد الدِّينيَّة َو ُه ْم الذ َ‬
‫ِ‬ ‫األو ُل الْ ُم ر ُاؤ َن يِف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫اهلل وهم يعت ِق ُدو َن ِخ َ ِ‬
‫ول ِ َ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ك أ َْو‬ ‫الف ذَل َ‬ ‫َن حُمَ َّمداً َر ُس ُ‬ ‫َن ال إِله إال ِ‬
‫اهلل َوأ َّ‬ ‫يَ ْش َه ُدو َن أ َّ‬
‫ب ِم ْن َجن ٍَّة أ َْو نَ ا ٍر َويُظْ ِه ُرو َن لِلن ِ‬
‫َّاس أن َُّه ْم يُ ْؤ ِمنُ و َن‬ ‫يُظْ ِه رو َن أن َُّهم يُ ْؤ ِمنُ و َن بِ الْغَْي ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ك مِم َّا هو معلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ص ِّدقُو َن بُِو ُجوده ْم َوحَنْ َو َذل َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ور ِة َو ُه ْم‬ ‫وم م َن الدِّي ِن بالض ُ‬
‫َّر َ‬ ‫َُ َ ْ ٌ‬ ‫بِالْ َمالئ َكة َويُ َ‬
‫ك أَنَّهُ ُك ْف ٌر نَاقِ ٌل عن الْ ِملَّ ِة‬ ‫ِ‬
‫ب يِف ذَل َ‬ ‫ك َوال َريْ َ‬
‫ِ‬
‫َي ْعتَق ُدو َن يِف ُقلُ وهِبِ ْم َغْي َر َذل َ‬
‫ِ‬
‫ب َف ُه و خُمَلَّ ٌد يِف‬ ‫هلل ولِرس ولِِه و َ ِ ِ‬ ‫اإلس الميَّ ِة بِالْ ُكلِّيَّ ِة ألَنَّه تَ ْك ِذيب ِ‬
‫َ‬ ‫ص احبُه إ ْن مل َيتُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫النَّا ِر ‪.‬‬
‫ك َق ْولُهُ يِف احْلَيَ ِاة ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ال اهللُ تعاىل ‪َ ﴿ :‬و ِم َن الن ِ‬
‫الد ْنيَا َويُ ْش ِه ُد اللّ هَ‬ ‫َّاس َمن يُ ْعجبُ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ان الَّ ِذي‬ ‫الش رير ال َّذلِق اللس ِ‬ ‫ص ِام ﴾ َف َه َذا لِْل ُم َرائِي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَى َما يِف َق ْلبِ ه َو ُه َو أَلَ ُّد اخْل َ‬
‫الم نَ افِ ٍع َويُ َؤ َّكد َه َذا الْ ُم َرائِي َما‬ ‫لس ِام ِع وظَنَّهُ يتَ َكلم بِ َك ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الم هُ لِ َّ‬
‫اق َك ُ‬ ‫إِ َذا تَ َكلم َر َ‬
‫َن اهللَ َي ْعلم أَ ْن َما نَطَ َق بِ ِه ُم َوافِ ٌق َو ُمطَ ابِ ٌق لِ َما يِف َق ْلب هُ َو ُه َو‬ ‫ول بِأَنَّهُ خُيْرِب ُ أ َّ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ف َق ْولُه فِ ْعلَه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك ألَنَّهُ خُيَال ُ‬
‫ِ‬
‫ب يِف َذل َ‬
‫ِ‬
‫َكاذ ٌ‬
‫ين َآمنُواْ قَالُواْ َآمنَّا َوإِذَا َخلَ ْواْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال تعاىل يِف‬
‫اآلية األخرى ‪َ ﴿ :‬وإذَا لَ ُقواْ الذ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اطينِ ِه ْم قَالُواْ إِنَّا َم َعكم إِمَّنَا حَنْ ُن ُم ْسَت ْه ِزئُو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫إِىل َشي ِ‬
‫َ‬
‫ث مِم َّْن‬ ‫ِ‬
‫َش بَ ِاه َه ؤالء يِف َز َمنِنَا ِم ْن ُمْن ِك ِري اجْلِ ِّن َوالْ َمالئِ َكة َوالَْب ْع َ‬ ‫َو َما أَ ْكَث َر أ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫جَنِ ُدهم جَي بنُو َن ِعْن َد الْمو ِ‬
‫اه ُرو َن بِاإلميان عْن َد ل َقاء الْ ُم ْؤمن َ‬
‫ني‬ ‫اج َهة َو َيتَظَ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ ْ َْ‬

‫‪545‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس تَ َار َو ِس يلَةً لِأل َذى َوإِ َذا ا ْن َف َر ُدوا‬ ‫ود ِهم لِيَّت ُق وا األ َذى ولِيت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّخ ُذوا َه َذا ِّ‬ ‫ََ‬ ‫َو َي ْعرَتِ فُو َن ب ُو ُج ْ َ‬
‫وم‬‫ات ُقلُ وهِبِم وت َف َّكه وا بِأَ ْك ِل حُل ِ‬ ‫ني اإلنس ص َّرحوا مِب ُعَت َق َد ِ‬ ‫اط ِ‬ ‫م ع أَولِي ائِ ِهم ِمن َش ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ ََ ُ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ََ َْ ْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ص َّر ُحوا بِإنْ َك ا ِر اجْلِ ِّن َوالْ َمالئِ َك ِة َو َه ُؤالء َك َف َرةٌ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫الْ ُم ْؤمنني َوطَعنوا يِف الدِّين َومَحَلَت ه َو َ‬
‫ات ِّ ِ‬ ‫يدة علَى ه َذا الْوج ِه ِمن أَ ْك ِ درج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمنَافِ ُقو َن َو ِّ‬
‫َّها أَثَراً‬ ‫َش د َ‬ ‫الريَاء َوأ َ‬ ‫الريَاءُ يِف الْ َعق َ َ َ َ ْ ْ رَب َ َ َ‬
‫ضَرراً ‪.‬‬ ‫َو َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ض واألر َك ا َن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يِف‬ ‫يِن‬ ‫ِ‬
‫ين َي ْف َعلُ و َن أ َْر َك ا َن الدِّي ِن‬ ‫الش ْرعيَّة َه ُؤالء الذ َ‬ ‫الْق ْس ُم الثَّا ‪ :‬الْ ُم َر ُاؤ َن الْ َف َرائ ِ َ ْ‬
‫رت آنًِفا فَِإذَا‬ ‫ض ِمن األ ْغ َر ِ‬ ‫الة و ِصي ٍام و َز َك ٍاة وح ٍج أَمام الن ِ ِ‬ ‫ِمن ٍ‬
‫اض الَّيِت ذَ َك ُ‬ ‫َج ِل َغ َر ٍ‬ ‫َّاس م ْن أ ْ‬ ‫ََ ََ‬ ‫ص َ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص لَّى‬ ‫ص َام َوال َ‬ ‫ض الَّذي يُِري ُد حَتْقي َق هُ َما َ‬ ‫َخال الْ َواح ُد مْن ُه ْم بَِن ْفس ه مل َي ْع َم ْل شيئاً َف ْل َوال الْغَ َر ُ‬
‫س َر ِض َي اهللُ عن هُ قَ َ‬ ‫اهلل فَعن أَنَ ٍ‬ ‫اط ل ألَنَّه مل ي ِر ْد بِ ِه وج ه ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ََْ‬ ‫َوال َح َّج َوال َز َّكى َف َه َذا الْ َع َم ُل بَ ٌ ُ ُ‬
‫اهلل َع َّز وج َّل ي وم الْ ِقيام ِة يِف ص ح ٍ‬
‫ف خُمَت ََّم ٍة َفَي ُق ُ‬
‫ول اهللُ أَلْ ُق وا َه َذا َوا ْقَبلُ وا َه َذا‬ ‫ال بيِن آدم ب ي َدى ِ‬
‫ض أ َْع َم ُ َ َ َ َنْي َ َ‬
‫رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪ « : ‬تُ ْع َر ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ َ ََْ َ َ‬ ‫َُ‬
‫ول إِن َع َملَهُ َكا َن لِغَْيَر َو ْج ِهي َوال أَْقبَ ُل الَْي ْو َم ِمن الْ َع َم ِل إال َما أُ ِر َ‬
‫يد بِِه َو ْج ِهي ‪.‬‬ ‫اهلل َما َرأ َْينَا ِمْنهُ إال خَرْي اً َفَي ُق ُ‬
‫بو ِ‬ ‫ِ‬
‫ول الْ َمالئ َكةُ يَا َر ُّ َ‬
‫َفَت ُق ُ‬

‫صالً‬ ‫اك ُمَف َّ‬ ‫ص ًحا أَتَ َ‬ ‫اسَت ِم ْع نُ ْ‬


‫اح ْ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬
‫ان َف ْو َق لََئآلِي‬ ‫ص ِل ال ِْعِقي ِ‬
‫َ‬ ‫َكَتَف ُّ‬
‫بَ ِاد ْر َبَقايَا ُع ْم ِر َك الَْفانِي فَال‬
‫ضا ال ُْمَتَوالي‬ ‫ص ِرفْهُ إال ِفي ِّ‬
‫الر َ‬ ‫تَ ْ‬
‫َوا ْشغَ ْل ُفَؤ َاد َك َدائِباً ُمَتَف ِّكراً‬
‫اإلج ِ‬
‫الل‬ ‫صِ‬ ‫يق بِمْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ْ‬ ‫في َما يَل ُ َ‬
‫ك الَّتِي بَا َش ْرَت َها‬ ‫ادتَ َ‬ ‫وا ْخِل ِ‬
‫ص عَب َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِفي الَْق ْو ِل َواألحوال َواأل ْف َع ِال‬

‫‪546‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك ِ‬
‫الهجاً‬ ‫بِ ِذ ْك ِر ِ‬
‫اهلل َقلَْب َ‬ ‫غل‬
‫َوا ْش ْ‬
‫صَفاتِِه ال ُْعلَْيا بِال إِ ْم ِ‬
‫الل‬ ‫بِ ِ‬

‫ك إِنَّهُ‬ ‫ب َعْيَنْي َ‬ ‫صَ‬ ‫ك نَ ْ‬‫َم َماتَ َ‬ ‫اج َع ْل‬


‫َو ْ‬
‫ص ُح األحوال‬ ‫األمو ِر َوأَنْ َ‬
‫أ َْولَى ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َوا ْعلم بِأَنَّ َ‬
‫اك ُم َحاس ٌ‬ ‫ك َب ْع َد َذ َ‬
‫ك ِفيه َذا إِ ْه َم ِال‬ ‫ضبُطْهُ ال تَ ُ‬
‫فَا ْ‬
‫صائٌِر‬ ‫ك َ‬ ‫ك َب ْع َد َذلِ َ‬ ‫َوا ْعلم بِأَنَّ َ‬
‫ض ِال‬
‫س أ َْو اإلفْ َ‬ ‫إَِّما إِلى ُب ْؤ ٍ‬
‫الش ِر َيع ِة َسالِ ًكا‬ ‫َب َعلَى ِحْف ِظ َّ‬ ‫َوا ْدأ ْ‬
‫ُسْب َل ال ُْه َدى ال قَالِياً أ َْو غَالِي‬
‫ْب عن ُشُب َهاتِِه‬ ‫َوابْ َدْأ بِ ِح ْف ِظ الَْقل ِ‬
‫اإلج َم ِال‬
‫ف َم َسا ِو َيها َعلَى ْ‬ ‫َوا ْعَر ْ‬
‫اع ٍظ‬‫ثُ َّم اسِق ِه ماء الْحي ِاة بِو ِ‬
‫ْ َ َ ََ َ‬
‫الل‬‫التْن ِز ِيل ِفي إِ ْج ِ‬ ‫ِم ْن ُم ْحكم َّ‬
‫ك بِالتَّ َذ ُّك ِر إِنَّهُ‬ ‫س َفَراغَ َ‬ ‫اح ِر ْ‬
‫َو ْ‬
‫ك لَغَالي‬ ‫اع ِمْن َ‬
‫ض َ‬ ‫ُع ُمٌر إِ َذا َما َ‬
‫ك الَّتِي أُوتِ َيت َها‬ ‫احَف ْظ َجَوا ِر َح َ‬ ‫َو ْ‬
‫ضي بِ ُك ِّل نَ َك ِال‬ ‫عن ُك ِّل ما ي ْق ِ‬
‫َ َ‬
‫ت َسَب ْهلالً‬ ‫ك َما ُخِل ْق َ‬ ‫َوا ْعلم بِأَنَّ َ‬
‫ش بِاإلقَْب ِال‬‫آله ال َْع ْر ِ‬‫فَا ْعبُ ْد َ‬
‫ك َد ْعَو ًة بِإنَابٍَة‬ ‫الح َ‬
‫اج َع ْل َس َ‬ ‫َو ْ‬

‫‪547‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الك َغْيَر ُمَبالِي‬ ‫ْجأْ إِ َ‬


‫لىم ْو َ‬ ‫َوال َ‬
‫ك َعْب ُد ُه‬ ‫اسأَلْهُ ال تَ ْسأ َْم فَِإنَّ َ‬
‫َو ْ‬
‫ب ُك ِّل َنَو ِال‬ ‫يم َو َر ُّ‬‫َف ُهَو الْ َك ِر ُ‬
‫ب فَاقْطَ ْع عن ُفَؤ ِادي ُك َّل َما‬ ‫يَا َر ُّ‬
‫آم ِال‬ ‫أَرجوه إال ِمْن َ ِ‬
‫ك م ْن َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫وب فَإنَّهُ‬ ‫َوا ْغ ِسلْهُ ِم ْن َد َر ِن ُّ‬
‫الذنُ ِ‬
‫وجب اإل ْع ِ‬
‫الل‬ ‫ِ‬ ‫ض الْ ُقلُ ِ‬
‫وب َو ُم ُ‬ ‫َمَر ُ‬
‫ض ِّ ِ‬ ‫وأَ ِر ْحهُ ِم ْن َمَر ِ‬
‫الريَاء فَِإنَّهُ‬
‫َص ُل الَْف َس ِاد َوأَفْ َس ُد األ ْشغَ ِال‬ ‫أْ‬
‫اجِل ِه الَّ ِذي‬ ‫وا ْختُم بَِنا بِالْ َخْي ِر َع ِ‬
‫َ ْ‬
‫َتْب ُدو َحالو ُة َذ ْو ِق ِه بِم ِ‬
‫آل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك َدائِ ًما َتْتَرى َعَلى‬ ‫صالتَ َ‬ ‫اج َع ْل َ‬‫َو ْ‬
‫ِكْن ِز ال َْم َعالِي َّ‬
‫السيِ ِد ال ِْم ْف َ‬
‫ض ِال‬
‫ص َحابٍَة‬‫آل لَهُ َو َ‬ ‫و َك َذا َعَلى ٍ‬
‫َ‬
‫اإلج ِ‬ ‫ِ‬
‫الل‬ ‫أ َْه ِل ال ُْعال َوالْعِّز َو ْ‬
‫ص ٌل )‬‫( فَ ْ‬
‫ول َعلَى لَ َّذ ِة حُمََّر َم ٍة َك أَ ْن حَيْتَ َ‬ ‫الري ِاء ‪ :‬ما فُعِ ل لِْلحص ِ‬
‫ال َعلَى‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوأَْقبَ ُح أَْن َواعُ ِّ َ‬
‫ب َم ٍال ظُْلم اً َوعُ ْد َوانَاً أ َْو َيَت َو َّس ُل بِ ِه إِىل‬ ‫ني بِ ِه َعلَى َس ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الْف ْس ِق ب ْامَرأَة أ َْو يَ ْس تَع ُ‬
‫يء يِف ِعر ِض ِه أَو مالِ ِه أَو ِدينِ ِه و ِ‬ ‫إِي َذ ِاء ب ِر ٍ‬
‫ض َن ْفسه‬ ‫ب َه َذا الْ َع َم ِل ُم َع َّر ٌ‬ ‫ص اح ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اب يِف َي ْوٍم يُ ْؤ َخ ُذ فِيه‬ ‫َس وأَ الْعِ َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َعلَى َع َمل ِه أ َ‬
‫َش َّد اجْلَ َزاء َوالْع َق اب َعلَْي ه أ ْ َ‬
‫لِْلمجاز ِ‬
‫ََُ‬
‫ِ ِ‬
‫صوحاً‪.‬‬ ‫ك َت ْوبَةً نَ ُ‬‫ب ِم ْن َع َمل ِه َذل َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الْ ُم ْج ِر ُمو َن بالن ََّواصي إ ْن مل َيتُ ْ‬
‫اح ٍة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ض الدِّينِيَّ ِة لِْلح ِ‬
‫صول َعلَى لَ َّذة ُمبَ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫الريَ ِاء ِّ‬
‫الريَاءُ يِف الْ َفَرائِ ِ‬ ‫ِو ِم ْن أَْن َو ِ‬
‫اع ِّ‬

‫‪548‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وف َوالث َّْو ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِش ْعراً‪ :‬ال َيغَُّرنَّ َ‬


‫ب الْ َخَل ْق‬ ‫اس ُّ‬ ‫َولَب ُ‬ ‫يج الْعنق‬ ‫ك َت ْع ِو ُ‬
‫ِّين حنِ ْق‬ ‫ِ ِ‬
‫َو ُهَو في الْ َخلَْوة تن ٌ‬
‫ِ‬ ‫وع ال َْم ْر ِء ِفي ظَ ِاه ِر ِه‬ ‫ش ِ‬ ‫َو ُخ ُ‬
‫ْج ْه ِر ا ْخَتَن ْق‬ ‫بلَع َّ ِ‬ ‫يل ُم ِسراً فَِإ َذا‬ ‫ِ‬
‫الذ َّر َة في ال َ‬ ‫َ َ‬ ‫َيْبلَ ُع الْف َ‬
‫اح ٍة ‪َ .‬ك أَ ْن‬ ‫ٍ‬
‫ص ول َعلَى لَ َّذة ُمبَ َ‬
‫ض الدِّينِيَّ ِة لِْلح ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫الريَ اءُ يِف الْ َف َرائِ ِ‬ ‫الريَ ِاء ‪ِّ ،‬‬ ‫اع ِّ‬ ‫ِو ِم ْن أَْن و ِ(‬
‫َ‬
‫ول علَى م ٍال بِطَ ِر ِ ِ ِ‬ ‫ض َعلَى احْل ص ِ‬ ‫ِ‬
‫ال بِأ ََداء الْ َف َرائِ ِ‬
‫ض‬ ‫يق اهْل بَ ة َوحَنْ ِو َها َولَ ْوال َه َذا الْغَ َر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫حَيْتَ َ‬
‫هلل َولَ ْو َك ا َن ِعْن َد‬ ‫لش هو ِة ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اهلل بَل يِف‬ ‫ما قَ ام بِأَدائِها وه َذا ِش رك بِ ِ‬
‫احْلَقي َقة عبَ َادةٌ ل َّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ََ‬
‫ب‬ ‫ِِ ِ َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ال ذَ َّر ٍة ِمن َ ِ‬ ‫ب َه َذا الْ َع َم ِل ِم ْث َق ُ‬ ‫اح ِ‬‫ص ِ‬
‫األدب َواحْلَيَ اء خَلَج َل م ْن َخالق ه الذي جَي ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك قَ ْد َج َع َل‬ ‫يك لَ هُ َولَ ِكنَّهُ بَ َدالً ِم ْن َذل َ‬ ‫ص الْعِبَ َاد َة لَ هُ َو ْح َدهُ ال َش ِر َ‬ ‫ِ‬
‫َعلَْي ه أَ ْن خُيْل َ‬
‫ول علَى الشَّهو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِعبَ َادتَهُ َو ِسيلَةً القْتِنَ ِ‬
‫ات ‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫ص ِ َ‬ ‫اص الْ َمالذ َواحْلُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس َو َيْت ُر ُكو َن َها إِ َذا َخلَ ْوا أ َْو‬ ‫ض َر ِة الن ِ‬ ‫ث ‪ :‬الْ ُم َر ُاؤو َن بِالن ََّواف ِل الَّيِت يُ َؤ ُّدونَ َها يِف َح ْ‬ ‫الْق ْس ُم الثَّال ُ‬
‫يح َولَ ِكنَّهُ ُدو َن‬ ‫َّاس َوإِ َذا ا ْن َف َر ُدوا َخ َّف ُف وا َو َه َذا أَيْض اً قَبِ ٌ‬ ‫ض َر ِة الن ِ‬ ‫ض َويُ ِطيلُو َن َها يِف َح ْ‬ ‫ِ‬
‫يدو َن الْ َف َرائ َ‬‫جَيِ ُ‬
‫ص ةٌ لَ هُ ال يَ ُش وهِبَا ِريَ اءٌ أَبَ داً فَ َم ْن يُ َؤ ِّد َيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫األو ِل ووج ه ُقب ِح ِه أ َّ ِ‬
‫ب أَ ْن تَ ُك و َن َخال َ‬ ‫َن عبَ َادةَ اهلل جَي ُ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ ْ‬
‫وت يَ ْس تَ ِح ُّق ال َّذ ِّم‬ ‫ِ‬ ‫َش ر َك فِيه م ع ِ‬ ‫ض ِم ْن األ ْغ َر ِ‬ ‫لَغَ َر ٍ‬
‫ك َف ُه َو َغيِب ٌّ مَمْ ُق ٌ‬ ‫اهلل َو َم ْن َي ْف َع َل َذل َ‬ ‫ََ‬ ‫اض َف َق ْد أ ْ َ‬
‫الد ْنيَ ِويَِّة‬
‫اض ُّ‬ ‫ول َعلَى األ ْغ َر ِ‬ ‫اهلل وجعلَها و ِسيلَةً لِْلحص ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬ ‫والْعِ َق َ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫اسَت َهان بعبَ َادة َ َ َ َ َ‬ ‫ب ألَنَّهُ قَ ْد ْ‬ ‫اب إ ْن مل َيتُ ْ‬ ‫َ‬
‫اب الْ َكثِ ِري والدَّرج ِ‬ ‫ول َعلَى الثَّو ِ‬ ‫َن النَّوافِل مثَالً مل تُ ْشر ْع إال لِْلحص ِ‬ ‫والش ِ ِ ِ ِ‬
‫ات‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّه َوات اجْل ْس َمانيَّة َم َع أ َّ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َص بَ َح يَ ْس تَ ِح ُّق َعلَْي َها ِع َقاب اً َوذَل َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ هِب‬ ‫الرفِ ِ ِ ِ‬
‫يع ة عْن َد اهلل تعاىل فَ ا ْن َقلَبَ ْ‬
‫يم‬
‫اد َو َخلَ ٌل َعظ ٌ‬ ‫ك فَ َس ٌ‬ ‫ت َعلَى الْ ُم َرائي َا َش ّراً َو َوبَ إال بِف ْعل َها ِريَاءً َوأ ْ‬ ‫َّ َ‬
‫اس تِ ْحالهِلَا‬ ‫ِ‬
‫َّاس بِالْبَاط ِل َو ْ‬
‫وب ونَ ْف ِس ِه فَ ِ‬
‫اجَرةٌ ال َيَت َو َّرعُ ِم ْن أَ ْك ِل أ َْم َو ِال الن ِ‬ ‫الح ويتَباع ُد عن حُم قِّر ِ‬
‫ات ُّ ِ‬
‫الذنُ َ‬ ‫ََ‬ ‫اه ُر بِ َّ‬
‫الص ِ َ َ َ َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫فَكم م ْن إِنْ َس ان يُ َرائي َيتَظَ َ‬
‫وعْن َد معاملَتِ ِه يِف بي ٍع أَو ِشر ٍاء أَو استِْئجا ٍر يظْهر خَمْبره عكْس مْنظَ ِر ِه علَى ح ِّد َقو ِل الش ِ‬
‫َّاع ِر ‪:‬‬ ‫بِأَد الْوسائِل ِ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ ْ َ ْ ْ َ َ َ ُ َ ُ ُ َ َ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ْىَن َ َ‬
‫َش ْو ٌك إِ َذا ا ْختَُبُروا َز ْهٌر إِ َذا َرِم ُقوا‬ ‫ين إال ال َْم ْكَر‬ ‫ِ‬
‫َما في الْ َكثي ِر َ‬
‫ِ‬
‫رب ِم َّم ْن بِ ُه ْم تَثِ ُق‬ ‫ِ‬
‫فَ َد َاره ْم َواقَْت ْ‬ ‫ب بِِه ْم قَ َد ٌر‬ ‫اك إِلى ُق ْر ِ‬ ‫فَوِإالْنَْملَ َُدق َع َ‬
‫يم وال ِظ ٌّل َوال َو َر ُق‬ ‫ِ‬
‫َوال نَس ٌ‬ ‫َص ٌل َوال ثَ َمٌر‬
‫ُه ْم أ ُُّم َغْيال َن ال أ ْ‬
‫الم اللَّْي ِل ال‬ ‫الس َهى ِفي ظَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ضوءُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َجُّفوا م ْن اللؤم َحتَّى لَْو أ َ‬
‫َص َاب ُه ْم‬
‫الصي ِن َما‬ ‫احَْوتَرقُيَواُخو ُ‬
‫ضو َن بَ ْحَر ِّ‬ ‫َولَْ‬ ‫ت‬
‫صافَ ُحوا ال ُْم ْز َن َما ْابَتَل ْ‬
‫لَْو َ‬
‫غَ ِرقُوا‬ ‫أَنَ ِاملُ ُه ْم‬

‫‪549‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الدْنَيا َو ِفي‬
‫َّاس ِفي ُّ‬ ‫ث الن ِ‬ ‫َوأَ ْخَب ُ‬ ‫آخر‪َ :‬قو ٌم ُهموا َشُّر َخل ِْق ِ‬
‫اهلل ُكلِّ ِه ُم‬ ‫ْ‬
‫الشي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو ِف‬ ‫ُه ْم ِفي الظََّو ِاه ِر ُزهَّا ٌد أ َْولو َو َر ٍع‬
‫اطي ِن‬ ‫الدِّييِن الَْبَواط ِن إِ ْخَوا ُن َّ َ‬
‫ويسَتبِيحو َن أَمو َال الْمس ِ‬
‫اكي ِن‬ ‫يُ َحِّر ُمو َن الَّ ِذي َح َّل اإللَه لَ ُه ْم‬
‫ََ‬ ‫َْ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫َو ُه ْم يُِع ُّدو َن ِف َينا بِال َْماليِي ِن‬ ‫س َما‬ ‫ِ‬
‫س َما َف َعلُوا يَا بْئ َ‬
‫ِ‬
‫يَا بْئ َ‬
‫ضاتِِه ْم نَ ْح ُو‬‫اس َما لِ َم ْر َ‬ ‫آخر‪َِ :‬تمرنُك أواَي َنو ِ‬
‫َوأَْنتُ ْم أُنَ ٌ‬ ‫احي األرض أل َقى‬ ‫َْ ّ َ‬
‫َسأنَا َكا َن ِعْن َدكم َع ْف ُو‬ ‫َوال إِ ْن أ َ‬
‫ِ‬
‫اكم َس ٌن نَأْتِي بِِه َت ْقلبُونَهُ‬
‫ض َح‬ ‫فَِرالَ‬
‫ني بِأ َْع َماهِل م ‪:‬‬‫ِ‬
‫ول اآلخر يِف الْ ُمَرائ َ‬
‫َو َي ُق ُ‬
‫ِّينا ِر َد ُاروا‬
‫َو َعلَى الد َ‬ ‫أَظ َْه ُروا لِلن ِ‬
‫َّاس ُز ْهداً‬
‫َولَهُ َح ُّجوا َو َز ُاروا‬ ‫صلَّْوا َو َ‬
‫ص ُاموا‬ ‫َولَهُ َ‬
‫َولَ ُه ْم ِر ٌ‬
‫يش لَطَ ُاروا‬ ‫لَْو ُيَرى َف ْو َق الثُّريّا‬
‫آخر ‪:‬‬
‫ات فَانْظُْر َما بِِه‬ ‫إِ َّن ال ِ‬
‫َخْيراً َو َه ْهَي َه َ‬ ‫ول الْ َخْير تَ ْح ِسَبهُ‬
‫يس َي ُق ُ‬
‫ْجل َ‬
‫َ‬
‫الْتمسا‬ ‫مِح‬
‫واعلم أن الْ َع َمل َلغَرْي َ اهلل أقس ام فتَ ارة يك ون ري اءً‬ ‫ق ال ابن رجب َر َ هُ اهللُ ‪ْ :‬‬
‫الص الَِة قَ ُامواْ ُك َس اىَل‬
‫حمض اً كح ال املنافقني كما ق ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬وإِ َذا قَ ُامواْ إِىَل َّ‬
‫َّاس َوالَ يَ ْذ ُك ُرو َن اللّهَ إِالَّ قَلِيالً ﴾ ‪.‬‬
‫يَُر ُآؤو َن الن َ‬
‫الص الة والص يام وقَ ْد‬ ‫وه َذا الري اء احملض ال يك اد يص در عن ُم ْؤ ِمن يِف ف رض َّ‬ ‫َ‬
‫يص در يِف الص دقة أو احلج ال واجب أو غريمها من األعم ال الظ اهرة أو اليت‬
‫وه َذا الْ َع َمل ال يشك مس لم أنه حابط‬ ‫يتع دي نفعها ف إن اإلخالص فيها عزيز َ‬
‫وأن ص احبه يس تحق املقت من اهلل والعقوبة وتَ ارة يك ون الْ َع َمل هلل ويش اركه‬
‫الرياء فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل َعلَى بطالنه أيض اً وحبوطه‬
‫‪.‬‬

‫‪550‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اح َذ ْر َزلَ َة ال َق َدِم‬ ‫فَِإنَّهُ ِّ‬


‫الشْر ُك فَ ْ‬ ‫الريَاءُ لَهُ‬ ‫اء لِ َم ْن لَ َّذ ِّ‬‫الريَ َ‬
‫ِشْعراً‪َ :‬د ِع ِّ‬
‫ات َعَلْي َها أَ ْكَر َم ال َكَرِم‬‫َرأي ال َْم َم َ‬ ‫الس ْم َح ِاء َم ْو َ‬
‫ت‬ ‫ِ َِّ‬
‫ت َعَلى الملة َ‬ ‫َو ُم ْ‬
‫الس ِرْيَر ِة‬
‫َكا َن يَ ْخَتِفي ِفي َّ‬ ‫العالَْنَي ِة ال َْعْب َد‬ ‫ِ‬
‫س اهللُ في َ‬ ‫َفِتى‬
‫آخر‪ُ :‬ي ْلبَ ُ‬
‫(ُك ُّل ما َكا َن ثُ َّم ِمن ُك ِّل ِسي ِ‬
‫رة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الََّحِذَسنياً َكا َن أ َْو قَبِْيحاً َسيُْب َدى‬
‫الذ ِخْيَر ِة‬
‫اء بِْئس َّ‬
‫الريَ َ َ‬ ‫فِإ َّن ِّ‬ ‫اهلل أَ ْن تُرائِي لِلن ِ‬
‫َّاس‬ ‫اسَت ِح ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫فَ ْ‬
‫ويِف ص حيح مس لم عن أَيِب ُهَر ْي َر ِة َر ِض َي اهللُ( عن هُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال َي ُق ُ‬
‫ول اهلل‬
‫تب ارك وتع اىل ‪ :‬أَنَا أغين الش ركاء عن الش رك من عمل عمالً أش رك معي فِيه‬
‫غ ريي تركته وش ركه ‪ ،‬وأخرجه ابن ماجه ولفظه فأنَا منه ب ريء َو ُه َو لل ذي‬
‫أشرك ‪.‬‬
‫وأخرج اإلمام أَمحَ ُد عن شداد بن أوس عن النَّيِب ّ ‪ ‬قال ‪ :‬من صلي يرائي ف َق ْد‬
‫ول ‪ :‬أَنَا خَرْي قس يم‬ ‫أش رك ومن تص دق ي رائي ف َق ْد أش رك ف إن اهلل َع َّز َو َج َّل َي ُق ُ‬
‫ِ‬
‫ملن أشرك يب شيئاً فإن جدة عمله قليله وكثريه لشريكه الَّذي أشرك به أَنَا عنهُ‬
‫غين ‪ ،‬وأخرج اإلمام أَمحَ ُد والرتمذي من حديث أيب سعيد ابن أيب فضالة و َك ا َن‬
‫اهلل ‪ : ‬إِذَا مجَ َع اهلل األولني واآلخ رين لي وم ال‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫من الص حابة ق ال ‪ :‬قَ َ‬
‫ريب فِيه ن ادا من اد من َك ا َن أش رك يِف عمل عمله هلل فليطلب ثوابه من ِعْن َد‬
‫َغرْي اهلل َعَّز َو َج َّل ‪ ،‬فإن اهلل أغين الشركاء عن الشرك انتهي َواهللُ أ َْعلم ‪.‬‬
‫ص ٌل )‬
‫( فَ ْ‬
‫ول الواحد ‪:‬‬ ‫القسم الرابع ‪ :‬من املرائني املتح دثني بأعم اهلم بعد متامها ك أن َي ُق ُ‬
‫وه َذا وإن َك ا َن ال‬
‫ص ليت َك َذا وص مت َك َذا وحججت َك َذا من أفع ال اخْلَرْي َ‬
‫حيبط الْ َع َمل الَّ ِذي مت َعلَى وجه ص حيح إال أنه ينظر إيل مقص ده من التح دث‬
‫ك ف إن َك ا َن فس اداً َك ا َن حمرم اً وإن َك ا َن ف راراً من ذم النَّاس ورغبة يِف‬ ‫ِ‬
‫ب َذل َ‬

‫‪551‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك َكا َن ملوم اً من جهة‬ ‫ِ‬


‫مدحهم بدون أن يقصد منها الوصول إيل غرض َغْيَر َذل َ‬
‫ك ال جيوز ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واحدة وأنه قصد رياء النَّاس بطاعة اهلل وقَ ْد علمت أن َذل َ‬

‫‪552‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫القسم اخلامس ‪ :‬املراؤون باهليئة وال زي ف رتي الواحد من ه ؤالء يتكلف الْ َع َمل َعلَى حنول بدنه واص فرار وجهه كي يظهر مبظهر العابد‬
‫الَّ ِذي أض ناه وأهنكه الس هر واحنل جس مه الص وم َو ِمْن ُه ْم من يتكلف خفض ص وته أو يلبس ثوب اً خيتلف عن أث واب أهله وبين جنسه ليلفت‬
‫ين جيب‬ ‫َّ ِ‬
‫الن ُف وس وكل هؤالء من شرار النَّاس الذ َ‬
‫أنظار النَّاس إليه َه َذا النوع من الرياء سخيف جداً ال يتأثر به إال ضعاف العقول صغار ُّ‬
‫َعلَى النَّاس أن حيذروا ِمْن ُه ْم وميقتوهم وال يبالوا هِب ُ ْم وال حبليهم وأزيائهم ‪.‬‬
‫وع َتَزيَّ ُع‬ ‫ف ِفيه و ِ‬
‫الد ُم ُ‬ ‫تُ َخِّو ُ‬ ‫تَ ْشَف ُع ُخطَْب ًة‬ ‫ت‬‫ِق ْم َ‬ ‫ِشْعراً‪َ :‬ت ُق ْو ُم إِ َذا َما‬
‫َ‬
‫اد َي ْف ِري َوَي ْقطَ ُع‬ ‫الب ْر ِد َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫تَ ِسْي ُل‬ ‫َكأَنَّ َ‬
‫الصَي ُ‬ ‫م َن َ‬ ‫ُد ُم ْو ُعهُ‬ ‫صيَّا ٌد‬
‫ك َ‬
‫الع ِشيَِّة تَ ْد َم ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب الطَيِّ ِر ِم ْن َغْي ِر َر ْح َم ٍة‬
‫وعْيَن ُاه م ْن َب ْرد َ‬‫َ‬ ‫يَ ُج ٌّذ ِرقَ َ‬
‫ُمِل ُّح َعلَى ُّ‬
‫الدْنَيا تَ ُك ٌّد َوتَ ْج َم ٌع‬ ‫ت بَِن ْهبِ َها‬ ‫ُتَز َّه ُد ِفي ُّ‬
‫الدْنَيا وأَنْ َ‬

‫س ِف َّ‬
‫يهن َم ْرتَ ُع‬ ‫ِِ‬ ‫ُّ‬ ‫َّاس ِفي‬
‫َمراعيه َحَتى لَْي َ‬ ‫اع‬
‫الدْنَيا َكَر ٍ‬ ‫آخر‪ :‬أ ََرى الن َ‬
‫اء فَ َم ْر َعى َو َم ْسَب ُع‬
‫ث َتَرى َم ً‬‫َو َحْي ُ‬ ‫َو َم ْر َعى بِغَْي ِر َم ِاء‬ ‫اءٌر ْبِ‬
‫تالَ َم ْر َعى‬ ‫تفََنَمَكَ‬
‫مُثَّ ْاعلم ‪ :‬أن النِّْية َعلَْي َها م دار َع ِظيم م دار الث واب والعق اب ف إن املرء يتح دث‬
‫صاحِلَة هلُ ْم ومثإال حسناً يقتدون به ال يريد‬ ‫بعمله الصاحل أو يظهره ليكون قدوة َ‬
‫ك إال وجه اهلل وابتغاء مرضاته بنشر الفضيلة وإحيائها بني النَّاس من َغْي َر أن‬ ‫ِ‬
‫ب َذل َ‬
‫ينظر إيل م دحهم لَ هُ وذمهم لَ هُ فال يثنيه َش ْيء عن عمل الص احلات وال يغريه‬
‫َعلَْي َها رضاء أحد من النَّاس َعلَى أن يكون يقظ اً نبيه اً ال جيعل للغرور والعجب‬
‫ك الوجه احلسن ال يك ون ري اءً بل رمبا يك ون‬ ‫ِ‬
‫إليه س بيالً ف إن عمله َعلَى َذل َ‬
‫ِ‬
‫ك تنظر الش ريعة‬ ‫مس تحباً إن تأكد من اقت داء النَّاس به يِف عمله الص احل و َك َذل َ‬
‫اإلس المية الكرمية إيل مَجِ يع األعم ال ف إن ت رتب َعلَى الْ َع َمل فس ٌ‬
‫اد ك ا َن م ذموماً‬
‫فج ِميع أحكامها مبنية َعلَى جلب املص احل‬ ‫ِ‬
‫الح َك ا َن ممدوحاً َ‬
‫وإن ت رتب َعلَْي ه ص ٌ‬
‫الن ُفوس وتطهري‬
‫ودرء املفاسد وكلها ترمي إيل هتذيب ُّ‬

‫‪553‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ال ُقلُ وب وتربية النوع اإلنساين أحسن تربية وتأديبه أفضل األدب ويكفي يِف َذل َ‬
‫ان َوإِيتَ اء ِذي الْ ُق ْرىَب َو َيْن َهى َع ِن‬
‫قوله تع اىل ‪ ﴿ :‬إِ َّن اللّ ه ي أْمر بِالْع ْد ِل وا ِإلحس ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ َ ُُ َ‬
‫الْ َف ْح َشاء َوالْ ُمن َك ِر َوالَْب ْغ ِي يَعِظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّكُرو َن ﴾ ‪.‬‬
‫فعلَى العاقل أن يتفكر ويعلم مضرة الرياء وما يفوته من صالح َق ْلبهُ وما‬ ‫وختاماً َ‬
‫حيرم عنهُ من الت َّْوفِيق وما يتعرض لَ هُ من العقاب واملقت الشديد واخلزي الظاهر‬
‫فمهما تفكر اإلنس ان وقابل ما حيصل لَ هُ من العب اد وال تزين هّلُ ْم يِف ال ُّد ْنيَا مبا‬
‫يفوته يِف اآلخرة ومبا حيبط َعلَْي ِه من ثواب األعمال فإنه يسهل َعلَْي ِه قطع الرغبة‬
‫عن هُ كمن يعلم أن العسل لذيذ ولكن إِ َذا ب ان لَ هُ أن فِيه مساً أع رض عن هُ مُثَّ‬
‫أي غرض لَهُ يِف مدحهم وإيثار ذم اهلل ألجل محدهم وال يزيده محد النَّاس رزقاً‬
‫وال أجالً وال ينفعه يوم فقره وفاقته ‪.‬‬
‫الطم َع فيما يِف أيدي النَّاس فبأن يعلم أن اهلل تعاىل ُه َو الرزاق َو ُه َو املسخر‬ ‫وأما َ‬
‫لل ُقلُوب باملنع واإلعطاء وأن اخللق مضطرون فيه ‪.‬‬
‫طم َع يِف اخللق مل خيل من ال ذل واخليبة وإن وصل إيل‬ ‫وال رازق إال اهلل ومن َ‬
‫ِ‬
‫برج اءَ‬‫ف يليق بعاقل أن ي رتك ما عْن َد اهلل َ‬ ‫املراد مل خيل عن املنة واملهانة فَ َكْي َ‬
‫كاذب ووهم فاسد وقَ ْد يصيب وقَ ْد خيطيء وإِ َذا أصاب فال ِتفي لذته بأمل منته‬
‫ومذلته ‪.‬‬

‫الحَقائِ ِق‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ِشعْراً‪ :‬أَم ْن َب ْعد غَ ْوصي في ُعلُوم َ‬
‫ب َخالِِقي‬ ‫اطي ِفي َمَو ِاه ِ‬ ‫ول انْبِس ِ‬
‫َ‬
‫وطُ ِ‬
‫َ‬
‫وفي ِحْي َن إ ْشَر ِافي َعلَى َملَ ُكوتِِه‬ ‫ِ‬
‫أ ََرى طَالِباً ِر ْزقاً إِلى غَْيَر َرا ِز ِق‬
‫اع ٍة‬ ‫ِ‬
‫َوأَيَّ ُام ُع ْم ِر َ‬
‫الم ْرء ُمْت َعةُ َس َ‬
‫لمح ِة بَا ِر ِق‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تَجيءُ َحثْيثاً مثْ َل َ‬

‫‪554‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض َر ْحِل َها‬ ‫ت َن ْف ِسي بَِت ْق ِويْ ِ‬ ‫َوقَ ْد آ َذنَ ْ‬


‫ت َسائِِقي‬ ‫ع ِفي سو ِقي إِلى المو ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َسَر َ‬
‫َوأ ْ‬
‫ت َها ِرباً‬ ‫ْت أ َْو ِس ْر ُ‬ ‫َوإِنِّي َوإِ ْن أ َْو َغل ُ‬
‫ت الَ ِحِقي‬‫الم ْو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم ْوت في اآلفَاق فَ َ‬ ‫م َن َ‬
‫ِ‬
‫صنُوا‬
‫ور ُه ْم َوتَ َح َّ‬
‫ص َ‬ ‫اد األنَ ُام قُ ُ‬
‫آخر‪َ :‬ش َ‬
‫ب حاج ٍة أَو ر ِ‬
‫اغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫م ْن ُك ِّل طَال ِ َ َ ْ َ‬
‫وك َوالَ تَ ُك ْن‬ ‫ك الملُ ِ‬ ‫فَار َغب إِلى مِل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫ب‬‫َّراع ِة طَالِباً ِم ْن طَالِ ِ‬
‫يَا َذا الض َ‬
‫وأما ذم اخللق لَ هُ فال حيذر منه فإنه ال يزي ده ذمهم ش يئاً ما مل يكتبه اهلل َعلَْي ِه‬
‫وال يعجل أجله وال يؤخر رزقه وال جيعله من أ َْهل النار إن َك ا َن من أ َْهل اجْلَنَّة‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬
‫وال يبغضه إيل اهلل وال ي ؤخر رزقه وال جيعله من أ َْهل الن ار إن َك ا َن من الذ َ‬
‫حيبهم اهلل فالعب اد كلهم عج زة ال ميلك ون ألنفس هم ض راً وال نفع اً ف ِإذَا ق رر يِف‬
‫ِ‬
‫َق ْلب ه آفة ه ذه األس باب وض ررها ف رتت رغبته َع ِن الري اء وأقبل َعلَى اهلل َق ْلب هُ‬
‫فه َذا دواء ن افع ق الع للري اء من‬ ‫والعاقل ال ي رغب فيما يك ثر ض رره ويقل نفعه َ‬
‫فه َذا من األدوية العلمية القالعة مغارس الرياء من أصله بإذن اهلل‬ ‫أصله بإذن اهلل َ‬
‫وأما ال دواء العملي فهو أن يع ود نَ ْفسه إخف اء العب ادات وإغالق األب واب دوهنا‬
‫كما تغلق األب واب دون الف واحش فال تنازعه َن ْف ُس هُ إيل طلب َغرْي اهلل به ‪.‬‬
‫وبالتايل ‪:‬‬
‫فمن َك ا َن ذا عقل وعلم وبصرية عرف شدة حاجته يوم القيامة وشدة فقره إيل‬
‫ِ‬
‫ك الَْي ْوم بصالة أو صيام أو حج أو جهاد أو‬ ‫صايِف احلسنات فخشي أن يأيت َذل َ‬
‫ك من األعم ال مل خيلصه هلل فيحبط عمله فتصري حس ناته أنقص من‬ ‫ِ‬
‫حنو َذل َ‬

‫‪555‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫سيئاته ولَ ْو َكا َن أخلص الْ َع َمل هلل يِف ُّ‬


‫الد ْنيَا لرجحت حسناته َعلَى سيئاته فيدخل‬
‫ك اإلخالص فال تسأل عن ذهاب نفسه‬ ‫ِ‬
‫اجْلَنَّة َفلَ َّما فاته َذل َ‬

‫‪556‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك فيغلب َعلَى عقله حذر الرياء والتصنع للعباد ويقبل‬ ‫ِ‬


‫حسرات فيخاف اللبيب َذل َ‬
‫َعلَى تص حيح عمله وتنقيته من ش وائب الري اء حيت ي وايِف به ي وم القيامة خالص اً‬
‫صواباً ‪.‬‬
‫اهلل ‪ :‬أوصيكم ونفسي بتقوي اهلل فالزموها ‪ ،‬وأحثكم َعلَى األعمال‬ ‫"موعظة" ِعباد ِ‬
‫ََ‬
‫الص احِلَة فاغتنموها ‪ ،‬إن الزم ان يط وي بكم مس افة األعم ار ال شك وأنتم‬ ‫َّ‬
‫راحلون عن هذه الدار فيا معشر الشيوخ ما َذا تنتظرون بعد املشيب وهل بعده‬
‫س إيل البق اء من س بيل فم اذَا ت زودمت للرحيل‬ ‫إال املوت ف إن املوت ق ريب إنه لَْي َ‬
‫ك مِم َّا‬ ‫ِ‬
‫ويا معشر الش باب أنفقتم غ رر األعم ار ِعْن َد املذياع والك رة وحنو َذل َ‬
‫الص الة ويا معشر التج ار لََق ْد ض اعت أعم اركم يِف‬ ‫يص دكم عن ذكر اهلل وعن َّ‬
‫ووكم ربح فالن َوكم بيع ال بيت الفالين واألرض الفالنية وخذ ه ذه اجلري دة‬ ‫أل َ‬
‫وأعطين األخ ري إال ص رفتم بعض ال َوقْت إيل املس ابقة إيل غ رف اجْلَنَّة وأراض يها‬
‫وأنفقتم بعض ما وهبكم اهلل من املكاسب إيل ما يرضي اهلل من تف َق ْد الفق راء‬
‫س هّلُ ْم م وارد ال قليلة وال كث رية ممن يس تعينون هِبَا َعلَى طاعة اهلل ومن‬ ‫َّ ِ‬
‫ين لَْي َ‬
‫الذ َ‬
‫س عندهم َش ْيء‬ ‫ِ‬
‫مساجد حتتاج إيل ترميم أو فرش وإيل إنشاء مساجد عْن َد من لَْي َ‬
‫منها أو إيل طباعة مصاحف طباعة جيدة فتوزعوها َعلَى التالني للقرآن آناء الليل‬
‫َّه َار أو طبع كتب دينية فيها تقوية للش ريعة ونشر حملاسن اإلس الم ككتب‬ ‫والن َ‬
‫ش يخ اإلس الم ابن تيمية وتلمي ذه ابن القيم وابن رجب وابن مفلح وابن كثري‬
‫الش ْيخ حُمَ َّمد بن عبد الوه اب وحنوهم من العلم اء‬ ‫والش ْيخ اجملدد َّ‬
‫واملوفق واجملد َّ‬
‫ين ال تأخ ذهم يِف اهلل لومة الئم نس أل‬ ‫َّ ِ‬
‫الع املني بعلمهم املص لحني املخلصني الذ َ‬
‫اهلل أن ييسر لنا يِف ه َذا الزمان أمثاهلم لنصر دينه إنه القادر َعلَى ذلك ‪.‬‬
‫شعراً ‪:‬‬
‫َّعُّف ِ‬
‫ف َوالظَّْرف‬ ‫الس َجايَا بِالت َ‬
‫َك ِريْ ِم َّ‬ ‫ب ِسَوى ُك ّل‬
‫ص َح ْ‬
‫ك الَ تَ ْ‬
‫ص ْحتُ َ‬
‫نَ َ‬
‫فَ ِ‬
‫اض ٍل‬

‫‪557‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ْت َخْيٌر ِم َن‬


‫صل َ‬ ‫ِم َن الن ِ‬
‫َّاس إَ ْن َح َّ‬ ‫الكر ِام َفو ِ‬
‫اح ٌد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالَ َت ْعَتم ْد َغْيَر َ َ‬
‫األلف‬

‫‪558‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫شعْراً ‪:‬‬
‫ِ‬
‫ال ي ْذه ِ‬
‫ب حلَّهُ َو َحَر َامهُ‬ ‫ال َْم ُ َ َ ُ‬
‫طُّراً َوَتْبَقى ِفي َغ ٍد آثَ َامهُ‬
‫لَيس التَِّق ُّي بِمت َِّق ِ‬
‫إلاله ِه‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ِ‬
‫يب َشَرابُهُ وطََع ُامهُ‬‫َحَتى يَط ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َكُّفهُ‬ ‫يب َما يَ ْح ِوي َويَ ْكس ُ‬ ‫َويَط ُ‬
‫وي ُكو ُن ِفي حس ِن الْح ِد ِ‬
‫يث َكالَُمهُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ ْ‬
‫نَطَ َق النَّبِ ُّي لََنا بِِه عن َربِِّه‬
‫صالَتُهُ َو َسالَُمهُ‬‫فعلَى النَّبِ ِّي َ‬ ‫َ‬
‫اللَّ ُه َّم طهر قلوبنا من النف اق وعملنا من الري اء وطهر مكس بنا من الربا وألس ننا‬
‫من الكذب ووفقنا ملصاحلنا واعصمنا عن ذنوبنا وقبائحنا وال تؤاخذنا مبا انطوت‬
‫َعلَْي ِه ض مائرنا وأكنته س رائرنا من أن واع القب ائح واملع ائب َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫وعلَى آله‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫فصل فِي الكبر والعجب‬
‫اك َومَجِ يع امل ْس لِ ِمنْي َ ‪ :‬أن مِم َّا يتأكد حترميه واجتنابه يِف رمض ان‬ ‫ْاعلم وفقنا َوإِيَّ َ‬
‫ُ‬
‫س ملن‬ ‫وغ ريه الكرب واإلعج اب ألهنما يس لبان الفض ائل ويكس بان الرذائل ولَْي َ‬
‫اس تولينا َعلَْي ِه قب ول النصح وال قب ول الت أديب ألن املتكرب يعت َق ْد يِف َن ْفسه أنه‬
‫جليل َع ِظيم متع ال عن رتبة املتعلمني والكرب يِف اللغة الع زة والعظمة ومثله‬
‫الكربي اء وقَ ْد فسر ‪ ‬الكرب بأنه بطر احلق وغمط النَّاس والكرب والعجب من‬
‫ض ب واحلقد وت ورث الع داوة‬ ‫الص فات النفس ية املرذولة اليت كث رياً ما تثري الْغَ َ‬
‫َّاس واغتياهبم‬ ‫والبغضاء وتورث االحتقار واالزدراء بِالن ِ‬

‫‪559‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪560‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وجيايِف بني الص دق وكظم الغيظ وقب ول النصح ويعمي املرء عن عيوبه وحيول‬
‫بينه وبني العلم واالنقياد للحق ‪.‬‬
‫والكرب نوعان ‪ :‬أحدمها التكرب َعلَى احلق َو ُه َو رده ودفعه وعدم قبوله َو ُه َو َع امل‬
‫به سواء َكا َن من حقوق اهلل أو من حقوق عباده فمعين بطر احلق رده وجحده‬
‫َو ُه َو َع امل به فكل من رد احلق فإنه مستكرب عنهُ حبسب ما رد من احلق ومعين‬
‫ناش ْيء عن عجب اإلنس ان بنفسه‬ ‫ِ‬
‫ك َ‬ ‫غمط النَّاس احتق ارهم وتنقص يهم َو َذل َ‬
‫هم ف العجب ب النفس حيمل َعلَى التكرب َعلَى اخللق واحتق ارهم‬ ‫وتعاظمه َعلَْي ْ‬
‫واالس تهزاء هِب ُ ْم وتنقيص هم بقوله أنه ممت از عن هُ مبا مسا به يِف نظر َن ْفسه وإذن‬
‫ك الغَرْي يِف درجة منحطة عن درجته فيعتقد حينئذ أن مس تواه ف وق‬ ‫ِ‬
‫ي ري َذل َ‬
‫وعلَى أصله تفرع ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك ُه َو الكرب بعينه فالعجب عنهُ نشأ الكرب َ‬ ‫مستوي غريه َوذَل َ‬
‫وللكرب أس باب كث رية ف َق ْد تَ ُك ون عن ص فة كم ال ك العلم والنسب واجلاه‬
‫والس ْلطَان َو ُرمَّبَا نشأ عن غ رور ووهم حبيث يعت َق ْد أنه أكمل من غ ريه خطأ‬ ‫ُّ‬
‫ول حُمَ َّمد بن َعلَى الب اقر ما دخل‬ ‫وه َذا بره ان َعلَى نقص عقله ول ذا َي ُق ُ‬ ‫وجهالً َ‬
‫ك قل أو‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قلب ام رء َش ْيء من الكرب إال نقص من عقله مثل ما دخل من ذَل َ‬
‫كثر ‪.‬‬
‫فإن َكا َن الكرب ناشئاً عن العلم َكا َن صاحبه مثاالً سيئاً وقدوة رديئة ‪ ،‬خصوص اً‬
‫إِ َذا دفعه الكرب إيل ص فة ذميمة كاحلسد واحلقد ‪ ،‬أو أفضي به إيل ارتك اب‬
‫مظلمة من املظامل بيده أو لِ َسانه ‪ ،‬فإن ضرر َه َذا ال يقدر ‪ ،‬ألن النَّاس يقتدون‬
‫ِ‬
‫ك ارتك اب اجلرائم ‪،‬‬ ‫بالعلم اء يِف أق واهلم وأفع اهلم ‪ ،‬فيستس هلون ِعْن َد َذل َ‬
‫ويس تبيحون االتص اف بالص فات الذميمة ‪ ،‬ويِف ه َذا ش ٌّر َع ِظيم ‪ ،‬وأيض اً ف إن‬
‫العامل املتكرب ينصرف النَّاس عنه وينفضون من حوله ‪ ،‬فال ينتفع‬ ‫َ‬

‫‪561‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫بعلمه إال من يوافقه َعلَى ه واه فال ي رده عن خطأ ‪ ،‬وال يشري َعلَْي ِه حبق وال‬
‫يزامحه يِف غرض ومثل َه َذا ال فائدة من تعليمه ألنه ناقص النفس ضعيف اإلرادة‬
‫ومن َكا َن َه َذا شأنه فإن علمه وبال عليه ‪.‬‬
‫أما العلم الن افع فهو الَّ ِذي ي َريِّب األنفس ‪ ،‬ويطهرها من الص فات الرديئة ‪،‬‬
‫وه َذا يورث اخلشية والتواضع ‪ ،‬فيكون‬ ‫ويعرف الْ َعْبد ربه ونفسه وخطر أمره ‪َ ،‬‬
‫صاحِلَة يِف األقوال واألفعال ‪.‬‬
‫صاحبه مثإال حسناً يِف النَّاس ‪ ،‬وقدوة َ‬
‫ِ‬
‫ك النسب‬ ‫للطعن يِف ذَل َ‬
‫وإن َك ا َن الكرب ناش ئاً َعن النسب فإنه رمبا يك ون س بباً َ‬
‫‪ ،‬ومحل النَّاس َعلَى اعتق اد أنه نسب رديء العنصر ‪ ،‬خس يس األصل ‪ ،‬ف إن‬
‫ص احِلَة تدل َعلَى رفعته وكرمه ‪ ،‬أما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النسب الشريف ُه َو الَّذي يرتتب َعلَْي ه آثار َ‬
‫اهلل وحيتق رهم فإنه ال يك ون من عنصر طيب ‪،‬‬ ‫من يتكرب ويظلم وي ؤذي ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫ك بأنه ولد زنا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وال من أصل ك رمي غالب اً ‪ ،‬وقَ ْد يتهم النَّاس من يفعل َذل َ‬
‫ك أن اهلل وصف النم ام والف اجر واملن اع للخَرْي بالوصف ال ذميم كما تق دم‬ ‫ِ‬
‫َو َذل َ‬
‫ك ألن األعم ال الف اجرة تتبع خبث املين غالب اً ‪ ،‬ما مل ييسر اهلل لولد الزنا‬ ‫ِ‬
‫َو َذل َ‬
‫ص احِلَة ي َرتيِّب فيها وي نزع من َن ْفسه تلك الص فات الرديئة اليت ورثها من‬ ‫بيئة َ‬
‫واكتسبها من والديه ‪.‬‬
‫َ‬ ‫أصله‬
‫والس ْلطَان فإنه غالب اً يفضي إيل شر أنواع الظلم‬ ‫وإن َك ا َن الكرب ناشئاً َعن اجلاه ُّ‬
‫وانتهاك احملارم من حقوق اهلل وحقوق خلقه ‪ ،‬فما ترتب َعلَْي ِه مظلمة أو ضياع‬
‫حق فهو الكرب الضار ‪.‬‬
‫عنها ما ينفع النَّاس ‪ ،‬وما حيفظ كرامة املرء وعدالته‬ ‫زة اليت ينشأ َ‬ ‫وأما الع‬
‫ومكانته ‪ ،‬مثل ترفع احلاكم َعن خمالطة الع وام وجمالس تهم وجماملتهم مبا يس قط‬
‫هيبته أو يطعمهم يِف قضائه أو يسهل هلُ ْم اإلخالل مبا‬

‫‪562‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يسم َع‬ ‫هِب‬ ‫ِ‬


‫يقتضيه الشرع ‪ ،‬فإن مثل َه َذا ال يعد تكرباً ألنه إذَا أمهله اإلنسان مل يكن جديراً باحلكم إمنا الكرب املمنوع ُه َو أن ال يبايل ْم فال َ‬
‫ش كوي ض عيفهم وال يس مح لَ هُ بال دنو منه ليعرب عن مظامله ‪ ،‬أو حيقد َعلَى من توسع يِف ال دفاع عن َن ْفسه مبا ال يرض يه ‪ ،‬أو أع رض عن‬
‫يحة واستكرب عن الْ َع َمل باحلق ‪ ،‬فإنه يِف هذه احلال يكون متكرباً مذموماً ممقوتاً ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مساع النَّص َ‬
‫ص ٌد‬ ‫لِ ُك ِّل بَنِي ُّ‬
‫الدْنَيا ُمَرا ٌد َو َم ْق َ‬
‫غ‬
‫ص َّحةٌ َو َفَرا ُ‬ ‫وإِ َّن مر ِادي ِ‬
‫َ َُ‬
‫ألَْبلُ َغ ِفي ِعل ِْم َّ‬
‫الش ِرْي َع ِة َمْبلَغاً‬
‫غ‬
‫ان بَالَ ُ‬ ‫ي ُكو ُن بِِه لِي ِفي ِ‬
‫الجَن ِ‬
‫َ‬
‫ُّهى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫س أُولي الن َ‬ ‫ففي مثْ َل َه َذا َفلُْيَناف ْ‬
‫َو َح ْسبِي ِم َن ُّ‬
‫الدْنَيا الغَُر ْو ِر بَالَ ُ‬
‫غ‬
‫فَ َما ال َف ْو ُز إال ِفي نَِعْي ٍم ُمَؤبَّ ٍد‬
‫اب يُ ِسا ُ‬
‫غ‬ ‫الشَر ُ‬ ‫ش َر ْغ ٌد َو َّ‬ ‫العْي ُ‬ ‫بِه َ‬
‫ِ‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك العفو والعافية يِف ديننا ودنيانَا وأهلنا وأموالنا ونس ألك أن تغفر‬
‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ِ‬
‫لنا ولوالدينا َومَجِ يع امل ْسل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُ‬
‫وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫" موعظة "‬
‫ين خيالفون أم ره ويعرض ون عن مراقبته‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبَ َاد اهلل ‪ :‬لََق ْد توعد اهللُ عب اده الذ َ‬
‫وع ِظيم سخطه‬‫وينصرفون عن عبادته وذكره وجيرتؤون َعلَى معاصيه بشديد غضبه َ‬
‫وح ذرهم بأسه وانتقامه فما ب ال امل ْس لِ ِمنْي َ بعد الق رون األويل ودخ وهلم يِف ه ذه‬
‫ُ‬
‫األزم ان عم دوا إيل حمارم اهلل فارتكبوها ومنهياته فاس تباحوها ومأموراته فاجتنبوها‬
‫ونبذوها وقطعوا األسباب بينهم وبني خالقهم ورازقهم‬

‫‪563‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫س‬
‫وعادوا مبر الشكوي من تغَرْي األحوال وانتزاع الربكة من األرزاق واآلجال ولَْي َ‬
‫الغ ريب أن ت ذهب الربكة من أرزاق العص اة وأم واهلم ف إن اهلل َج َّل َو َعال يغ ار‬
‫علَى أوام ره أن جتتنب وحمارمه أن ت رتكب ِعب اد ِ‬
‫اهلل إن احملافظة َعلَى أوام ره اليت‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫هِب‬
‫أم ركم َا يِف كتابه َ‬
‫وعلَى لس ان نبيه حُمَ َّمد ‪ ‬مبنزلة العهد وامليث اق بينكم وبينه‬
‫معكم‬
‫ْ‬ ‫تع اىل أن حيوطكم برمحته ويس بغ عليكم نعمه ظ اهرة وباطنة وأن يك ون‬
‫بالعون والت َّْوفِيق ف ِإ َذا حاربتموه بارتكاب معاصيه وإمهال أوامره ف َق ْد حاربتم بديع‬
‫الس ماوات واألرض ذا الق وة املتني ولس تم مبعجزيه أن يرسل عليكم ع ذاباً يِف‬
‫الد ْنيا ولعذاب اآلخرة أشد وأبقي ِعباد ِ‬
‫اهلل اتقوا اهلل وراقبوه يِف سركم‬
‫وجهركم‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ُّ َ‬
‫اكم أن تظن وا أن اهلل يهمل املس يء فال جيازيه وال حياس به َعلَى جرمه وذنبه‬ ‫وإي ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين آمن وا وما‬ ‫ين خيادعون اهلل والذ َ‬ ‫ك َك ا َن من الذ َ‬ ‫الَّذي اقرتفه ومن ظن ذَل َ‬
‫اهلل ‪ :‬قَ ْد َك ا َن قبلكم من األمم من‬ ‫خيدعون إال أنفس هم وما يش عرون يا ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫اص طفاهم اهلل َعلَى علم َعلَى الع املني وآت اهم من اآلي ات ما فِيه بالغ للعاب دين‬
‫وأس بغ َعلَْيهم نعمه ظ اهرة وباطنة فما رعوها حق رعايتها وقَ الُوا حَنْ ُن أبن اء اهلل‬
‫وأحب اؤه َفلَ َّما أفس دوا يِف األرض مل تغن عنهم الن ذر ش يئاً وأخ ذهم اهلل أخذ‬
‫َخ َذ الْ ُق َرى َو ِه َي ظَالِ َم ةٌ إِ َّن‬
‫ك إِ َذا أ َ‬
‫َخ ُذ َربِّ َ‬‫ك أْ‬
‫ِ‬
‫عزيز مقتدر قال تعاىل ‪َ ﴿ :‬و َك َذل َ‬
‫يم َش ِدي ٌد ﴾ ويِف احْلَ ِديث إن اهلل ليملي للظَا ِمل فِإ َذا أخذه مل يفلته ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َخ َذهُ أَل ٌ‬
‫أْ‬

‫الله لم َتَن ِم‬ ‫ك و ْعين ِ‬ ‫وم ُمْنَتبِهٌ‬


‫يَ ْد ُعو َعلَْي َ َ ُ ُ‬ ‫المظْلُ ُ‬
‫ك َو َ‬ ‫ت ُجُفونُ َ‬ ‫نَ َام ْ‬ ‫ِشْعراً‪:‬‬
‫َوالَ ظَالِ ٌم إال َسيُْبلَى بِظَالِ ِم‬ ‫وما ِمن ي ٍد إال ي ُد ِ‬
‫اهلل فَو َق َها‬ ‫آخر‪:‬‬
‫َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫ض الظَالِ ِمو َن َعلَى‬ ‫ف َي ْو َم َع َ‬
‫َو َخ ْ‬ ‫الو َرى‬ ‫ِ‬
‫اهلل في ظُل ِْم َ‬ ‫ف َ‬ ‫َخ ِ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫اء إِلى الغَ ِد‬ ‫ِ ِ‬ ‫ول ِِ‬ ‫اك َغ ِافالً‬
‫اليَدكنّهُ يُ ْملي ل َم ْن َش َ‬
‫َ‬ ‫اهلل عن َذ َ‬‫واح َذتَرنَّْحهُ َسَب َّن َ‬
‫َوالَْ‬

‫‪564‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َسَيأ ُخ ُذ ُه أَ ْخذاً َوبِْيالً وعن يَ ِد‬ ‫الحل ِْم عن ظُل ِْم ظَالِ ٍم‬
‫والَ َت ْغَترر بِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫أيَّ ٍام تَبِْي ُد َوَتْنَف ُد‬ ‫لِ ِ‬


‫ص َّح ِة‬ ‫أح َمى َن ْف َسه ُك َّل‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َ‬
‫الم ْرءُ ْ‬
‫َما َيْبَقى لَهُ َويُ َخلَّ ُد‬ ‫لِ ِ‬
‫ص َّح ِة‬ ‫فََشَمْهاَو ٍةبَالُهُ الَ يَ ْحَت ِمي عن َحَر ِام َها‬
‫والندامة ي وم القيامة‬ ‫اللَّ ُه َّم ثبتنا َعلَى هنج االس تقامة وأع ذنا من موجب ات احلَ ْس َرة‬
‫َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫األب َرار َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫وخفف عنا ثقل األوزار ‪ ،‬وارزقنا عيشة ْ‬
‫وعلَى آله وص حبه‬ ‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫َ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫( وفِي كتاب األخالق )‬
‫وه َذا شر أنواع‬ ‫وعلَى رسله ‪َ ،‬‬ ‫قال ‪ :‬والكرب أنواع وأعظم أنواع الكرب َعلَى اهلل َ‬
‫الكرب ‪ ،‬ألن اإلنس ان ض عيف املخل وق من م اء مهني ‪ ،‬الَّ ِذي يص رعه أض عف‬
‫احليوان ات إِ َذا س لطه اهلل َعلَْي ِه ال يليق به وال حيل لَ هُ أن يتكرب َعلَى من خلقه‬
‫وأوجده ومنه يستمد بقاءه وحيتاج إليه يِف ُك ّل حلظة ويِف ُكل حركة وسكون ‪.‬‬
‫ومن جهل ق در ربه فهو من هبيمة األنع ام أو أضل ‪ ،‬كما أخرب اهلل عمن‬
‫إهله القادر القاهر الَّ ِذي‬
‫استكربوا علَي ِه وعلَى رسله ‪ ،‬وكيف جيهل اإلنسان قدر ِ‬
‫َْ َ‬
‫العامَل َعلَى أحسن إحكام وأدق تكوين وله ُسْب َحانَهُ يِف ُك ّل جزء من خلقه‬ ‫أبدع َ‬
‫ك الص انع‬ ‫ِ‬
‫ش اهد واضح الداللة ‪ ،‬وحجة ظ اهرة البي ان ‪ ،‬ت دل َعلَى أنه ُه َو ذَل َ‬
‫ص ريُ ﴾ فمن تكرب َعلَى اهلل فلم‬ ‫الس ِميع الب ِ‬ ‫ِِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫س َكمثْل ه َش ْيءٌ َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫الذي ﴿ َيْ َ‬
‫يؤمن بذاته وصفاته أو استكرب عن عبادته فإنه سريي نتيجة كربيائه ذالً وصغاراً‬
‫وعذاباً أليماً يوم البعث والنشور ‪ ،‬فضالً عما يصيب كثرياً من‬

‫‪565‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫املتك ربين عن عب ادة اهلل من االنتق ام ال دنيوي ‪ ،‬كما وقع للنم رود وفرع ون‬
‫وغريهم من املتكربين ‪.‬‬
‫وأما املتكرب َعلَى رسل اهلل فهو ك املتكرب َعلَى اهلل يِف نتيجته ف إن ج زاءه اخلل ود‬
‫اهلل وتنزيهه عن ُك ّل ما ال يليق به‬ ‫يد ِ‬ ‫جهنم ‪ ،‬ألنَّهم إمنا جاءوا بِتو ِح ِ‬ ‫يِف نار‬
‫َْ‬ ‫ُْ‬
‫هم ومل ي ؤمن هِب ُ ْم ف َق ْد‬ ‫‪ ،‬وهداية النَّاس إيل س بيل الس عادة ‪ ،‬فمن اس تكرب َعلَْي ْ‬
‫كفر بربه وخسر خسرانَاً مبيناً ‪.‬‬
‫ولََق ْد ق ال املس تكربون من ق ريش ‪ ﴿ :‬لَ ْواَل نُ ِّز َل َه َذا الْ ُق ْرآ ُن َعلَى َر ُج ٍل ِّم َن‬
‫الثقفي من أ َْهل‬ ‫الْ َقريت ِ ع ِظي ٍم ﴾ يريدون الوليد بن املغرية من م َّكة وأبا مسعود ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ََ نْي َ‬
‫الط ائف ‪ ،‬دفعهم الكرب إيل أن يطلب وا من ُه َو عن دهم ويِف زعمهم أعظم رئاسة‬
‫ص طََفى ‪ ‬ألنه غالم ي تيم وإن َك ا َن من أطهر أص الهبم وأش رف أنس اهبم‬ ‫من املُ ْ‬
‫ِ‬
‫ك أن َُّه ْم جهلة‬ ‫ك ﴾ ‪َ ،‬ذل َ‬ ‫هم بقوله ﴿ أ َُه ْم َي ْق ِس ُمو َن َرمْح َ ةَ َربِّ َ‬
‫ف رد اهلل َعلَْي ْ‬
‫ين من قبلهم ‪،‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫مته ورون غالظ ال ُقلُ وب حس دة مل يق دروا اهلل الذي خلقهم والذ َ‬
‫احلكيم الَّ ِذي يضع األ ْشيَ ِاء مواضعها وينزل األمور منازهلا ‪.‬‬
‫وروي مس لم عن س عد بن أيب وق اص ق ال ‪ :‬كنا َم َع رس ول اهلل ‪ ‬وحَنْ ُن س تة‬
‫ك فَ إن َُّه ْم وإن َُّه ْم ‪ ،‬ق ال فكنت أَنَا وابن‬ ‫ال املش ركون ‪ :‬اط رد ه ؤالء عن َ‬ ‫نفر َف َق َ‬
‫مس عود ورجل من ه ذيل وبالل ورجالن نس يت امسيهما ‪ ،‬ق ال فوقع يِف نفس‬
‫ِ‬
‫ك ما َش اءَ اهلل فح دث به َن ْفسه ‪ ،‬ف أنزل اهلل َع َّز َو َج َّل ﴿ َوالَ‬ ‫النَّيِب ّ ‪ ‬من َذل َ‬
‫ين يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم بِالْغَ َد ِاة َوالْ َع ِش ِّي يُِري ُدو َن َو ْج َه هُ ﴾ وروي عن خب اب‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫تَطْ ُرد الذ َ‬
‫بن األرت – يِف س بب ن زول ه ذه اآلية – ق ال ‪َ :‬ج اءَ األق رع بن ح ابس‬
‫التميمي وعيينة بن حصن الف زاري فوج دوا النَّيِب ّ ‪ ‬قاع داً َم َع بالل وعم ار‬
‫وصهيب وخباب ‪ ،‬يِف ناس من الضعفاء من الْ ُم ْؤ ِمنِني ‪َ ،‬فلَ َّما رأوهم حقروهم ‪،‬‬
‫فخلوا به َف َقالُوا ‪ :‬إنَا حنب أن جتعل لنا منك جملساً تعرف لنا به‬

‫‪566‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الْ َع َرب فض لنا ‪ ،‬ف إن وف ود الْ َع َرب تأتيك ‪ ،‬فنس تحي أن يرانَا الْ َع َرب قع وداً َم َع‬
‫هذه األعبد ف ِإ َذا حَنْ ُن جئناك فأقمهم عنا ‪ ،‬ف ِإ َذا حَنْ ُن فرغنا فاقعدهم إن شئت ‪،‬‬
‫ك كتاب اً ‪ ،‬فدعا بالصحيفة ‪ ،‬ليكتب هلُ ْم ‪،‬‬ ‫ق ال "نعم" ‪ ،‬قَ الُوا ‪ :‬ف اكتب لنا َعلَْي َ‬
‫ك وحَنْ ُن قعود يِف ناحية ‪ ،‬إذ نزل جربيل َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫ودعا علياً ليكتب ‪َ ،‬فلَ َّما أراد َذل َ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫يدو َن َو ْج َه هُ‬ ‫ين يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم بِالْغَ َد ِاة َوالْ َع ِش ِّي يُِر ُ‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬والَ تَطْ ُرد الذ َ‬ ‫السالم ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َّ‬
‫ك َعلَْي ِهم ِّمن َش ْي ٍء َفتَطْ ُر َد ُه ْم‬ ‫ٍ‬
‫ك ِم ْن ِح َس اهِبِم ِّمن َش ْيء َو َما ِم ْن ِح َس ابِ َ‬ ‫َما َعلَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُهم‬ ‫ك َفَتنَّا َب ْع َ‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬و َك َذل َ‬ ‫ني ﴾ مُثَّ ذكر األقرع وصاحبه َف َق َ‬ ‫َفتَ ُكو َن م َن الظَّالم َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِّ‬
‫ين ﴾ ‪.‬‬ ‫س اللّهُ بأ َْعلَ َم بالشَّاك ِر َ‬ ‫بَب ْعض لَي ُقولواْ أ ََه ُـؤالء َم َّن اللّهُ َعلَْيهم ِّمن َبْيننَا أَلَْي َ‬
‫ب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ ﴿ :‬وإِ َذا ج َ َّ ِ‬
‫ين يُ ْؤمنُ و َن بآيَاتنَا َف ُق ْل َس الٌَم َعلَْي ُك ْم َكتَ َ‬ ‫اءك الذ َ‬ ‫َ َ‬ ‫مُثَّ ذكرنا َف َق َ‬
‫َربُّ ُك ْم َعلَى َن ْف ِس ِه الرَّمْح َ ةَ ﴾ ف رمي رس ول اهلل ‪ ‬بالص حيفة ودعانَا فأتين اه َو ُه َو‬
‫ول ﴿ َس الٌَم َعلَْي ُك ْم ﴾ ف دنونا منه حيت وض عنا ركبنا ِعْن َد ركبتيه ف َك ا َن‬ ‫َي ُق ُ‬
‫رس ول اهلل ‪ ‬جيلس معنا ف ِإ َذا أراد أن يقوم ق ام وتركنا ف أنزل اهلل ﴿ َواَل َت ْع ُد‬
‫ول ال تعد عين اك عنهم جتالس‬ ‫اك َعْن ُه ْم تُِري ُد ِزينَ ةَ احْلَيَ ِاة ال ُّد ْنيَا ﴾ َي ُق ُ‬ ‫َعْينَ َ‬
‫األش راف ﴿ َواَل تُ ِط ْع َم ْن أَ ْغ َف ْلنَا َق ْلبَ هُ َعن ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَ َع َه َواهُ َو َك ا َن أ َْم ُرهُ ُفُرط اً‬
‫﴾ أما الَّ ِذي أغفل َق ْلبه عن ال ذكر فهو عيينة بن حصن واألق رع ‪ ،‬وأما فرط اً‬
‫فهالك اً ‪ ،‬ف ِإ َذا بلغنا الساعة اليت َك ا َن يقوم فيها قمنا وتركناه حيت يقوم ‪ ،‬وإال‬
‫صرب أبداً حيت نقوم ‪ ،‬رواه ابن أيب شيبة ورواه أبو نعيم ‪.‬‬
‫ومعين َه َذا أن ه ذين ال رجلني محلهما الكرب واألنفة َعلَى احتق ار بعض ه ؤالء‬
‫الْ ُم ْؤ ِمنِني لضعفهم من جهة الْ َم ال والنسب فطلبا من النَّيِب ّ ‪ ‬أن خيتصهم مبجلس‬
‫ِ‬
‫ك و َك ا َن ‪‬‬ ‫ال يش مل ه ؤالء الض عفاء ويِف رواية أن َُّه ْم يؤمن ون به إن فعل َذل َ‬
‫ك أَاَّل‬ ‫ك ب ِ‬
‫اخ ٌع نَّ ْف َس َ‬ ‫حريص اً َعلَى إميان النَّاس ‪ ،‬كما ذكر اهلل عن هُ بقوله ﴿ لَ َعلَّ َ َ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫يَ ُكونُوا ُم ْؤمن َ‬

‫‪567‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك بِ‬ ‫ك علَي ِهم حسر ٍ‬


‫ك َعلَى‬‫اخ ٌع نَّ ْف َس َ‬ ‫ال ﴿ َفلَ َعلَّ َ َ‬ ‫ات﴾ َوقَ َ‬ ‫ب َن ْف ُس َ َ ْ ْ َ َ َ‬‫ال ﴿ فَاَل تَ ْذ َه ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬والَ حَتْ َز ْن َعلَْي ِه ْم ﴾‬ ‫ِ ِ‬ ‫هِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آثَ ا ِره ْم إن مَّلْ يُ ْؤمنُ وا َ َذا احْلَ ديث أ َ‬
‫َس فاً ﴾ َوقَ َ‬
‫ورأي أن َه َذا ال يضر أص حابه خصوص اً بعد أن ي دخل ه ذان معهما ‪ ،‬ف إن‬
‫الدين كفيل بإذن اهلل يِف هتذيبهما فأجاهبما إيل طلبهما ‪.‬‬
‫شعراً ‪:‬‬
‫َد َم ُار َها أَبَداً بِال ُك ْف ِر َيْن َحتِ ُم‬ ‫ح بِِه تَ ْحَيا األنَ ُام َك َما‬ ‫الدِّيْ ُن ُر ْو ٌ‬
‫َوالدِّيْ ٌن َزيْ ٌن بِِه األحوال َتْنَت ِظ ُم‬ ‫ح ُمْن َع ِد ٌم‬
‫اإلصالَ ُ‬
‫ْ‬ ‫َوال ُك ْف ُر َشْي ٌن بِِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك وأعلمه أنه‬ ‫ولكن اهلل تعاىل الَّذي شرع الدين َو ُه َو الَّذي فوق عباده مجيع اً أيب َعلَى نبيه َذل َ‬
‫ال يب ايل ب املتكربين ‪ ،‬وال حيفل ب دخوهلم يِف دينه ‪ ،‬ما دامت أنفس هم مت أثرة ب العزة الكاذبة‬
‫ض ِاء َعلَى هذه الرذيلة ومل جيعل االحرتام وعلو‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫واحتقار الْ ُم ْؤمنني ألن دينه تعاىل قَ ْد َج اءَ بال َق َ‬
‫والس ْلطَان ‪ ،‬وإمنا‬ ‫اهلمة واملنزلة ورفعة الق در مرتبط اً برفعة النسب أو ك ثرة الْ َم ال أو اجلاه ُّ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ك َم َع الذ َ‬ ‫اص رِب ْ َن ْف َس َ‬ ‫ك مرتبط اً ب العلم الن افع وتق وي اهلل ‪ ،‬ول ذا ق ال لنبيه ﴿ َو ْ‬ ‫جعل َذل َ‬
‫يد ِزينَ ةَ احْلَيَ ِاة ُّ‬
‫الد ْنيَا َواَل‬ ‫اك َعْن ُه ْم تُِر ُ‬ ‫يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم بِالْغَ َد ِاة َوالْ َع ِش ِّي يُِر ُ‬
‫يدو َن َو ْج َههُ َواَل َت ْع ُد َعْينَ َ‬
‫ين‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫تُ ِط ْع َم ْن أَ ْغ َف ْلنَا َق ْلبَ هُ َعن ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَ َع َه َواهُ َو َك ا َن أ َْم ُرهُ ُفُرط اً ﴾ َوقَ َ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬والَ تَطْ ُرد الذ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ي ﴾ اآلية فصدع ‪ ‬بأمر اهلل تعاىل وبلغ ما أوحي إليه ‪.‬‬ ‫يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم بِالْغَ َداة َوالْ َعش ِّ‬
‫الدْنَيا لِِعل ِْم َي أََّن َها‬
‫ت عن ُّ‬ ‫ِشعْراً‪َ :‬ر ِغْب ُ‬
‫الم ْر ِء ِفيه إبَالَ ُ‬
‫غ‬ ‫ِ‬
‫َم َح ُّل َحَياة َ‬
‫ب َعلَى‬ ‫ي َشْي ٌ‬ ‫وقَ ْد الَ َح ِفي َف ْو َد َّ‬
‫غ‬
‫ت بَالَ ُ‬‫وفيه َما أ ََر ْد ُ‬ ‫َدلِيل ِ‬ ‫الر َدى‬‫َّ‬
‫ٌْ‬
‫ْت ِم ْن َم ْوالَ َي نَظَْر َة َر ْح َم ٍة‬ ‫َوأََّمل ُ‬
‫يَ ُك ْو ُن بَِها ِمنِّي إِ ْلي ِه بَالَ ُ‬
‫غ‬

‫‪568‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫األبَر ُار ِقْي َل لَ ُه ْم َغداً‬‫أحظَى ِإ َذا ْ‬ ‫فَ ْ‬


‫َهِل ُّموا إِلى َدا ِر الن َِّعْي ِم َفَراغُوا‬
‫ت َبَنْيها َما َر َمْت ُه ُم ِس َه ُام َها‬ ‫َرأَيْ ُ‬
‫ت والَ ح َّم ِ‬
‫الح َم ُام َفَراغُوا‬ ‫فَطَا َش ْ َ ُ‬
‫البَق ِاء بِِه َّمتِي‬
‫ت إِلى َدا ِر َ‬ ‫َف ُع ِجْب ُ‬
‫غ‬
‫احةٌ َو َفَرا ُ‬ ‫ِِ‬
‫عنها َر َ‬‫فَعْندي َ‬
‫َّه َار اللَّ ُه َّم وارزقنا‬ ‫اللَّ ُه َّم مكن حمبة الق رآن يِف قلوبنا ووفقنا لتالوته آن اء الليل والن َ‬
‫الْ َع َمل به والدعوة إليه واجعله حجة لنا وقائداً لنا إيل جنتك َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وص حبه‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫" موعظة "‬
‫اهلل ‪ :‬إمنا يس عد املس لمون أن يتبع وا احلق وي دعوا إليه وال تأخ ذهم يِف اهلل‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫يحة ممن ينص حهم ويعمل وا هِبَا راض ية نفوس هم ش اكرة‬ ‫ِ‬
‫لومة الئم ويقبل وا النَّص َ‬
‫ألس نتهم َغْي َر مس تكربين وال متعن تني ومل يعمهم اهلَ َوى عن اتب اع احلق إذ ذاك‬
‫تكمل هلُ ْم الس عادة ويتم هلُ ْم النَّعِيم وقَ ْد فشا يِف النَّاس داء الكرب واس تح َكم وال‬
‫ك من الكرب اخليالء والتبخرت فقط وإمنا أقصد كرب املتكرب عن قب ول‬ ‫ِ‬
‫أقصد ب َذل َ‬
‫األول وإن ك ان ش راً لكن الث اين شر منه‬ ‫َ‬ ‫نصح الناصح وإرش اد املشرتشد ف إن‬
‫ف إن املرء إذا مل يقبل نص يحة الناصح َك ا َن راض ياً عن َن ْفسه وميت رضي عن‬
‫نَ ْفسه عميت عن عيوهِبَا فال ي ؤثر فيها نصح وال ينفع معها إرش اد ألن الغ رور‬
‫متحكم فيها والش هوات حميطة هِبَا ف ِإ َذا أراد اهلل بعب ده خ رياً بص ره بعي وب َن ْفسه‬
‫فأص لحها واهتمها دائم اً ب النقص وطالبِ َها بالكم ال حيت تلتحق ب ُّ‬
‫الن ُفوس الزكية‬
‫واألرواح الطاهرة وه َك َذا َكا َن سلفنا الصاحل‬

‫‪569‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪570‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بن اخْلَطَّاب َر ِض َي اهللُ عنهُ َي ُق ُ‬ ‫ِِ‬


‫إخوأهنم إيل‬
‫ْ‬ ‫ول ‪ :‬رحم اهلل امرأً أهدي إيل عيوب نفسي و َك انُوا إِذَا أرشدهم ٌ‬
‫أخ من‬ ‫ف َكا َن أمري الْ ُم ْؤمنني ُع َم ُر ُ‬
‫عيب يِف نفوسهم فرحوا هبَ َذا التنبيه وطهروا نفوسهم منه وشكروا من نصحهم وجعلوا نصيحته منة لَ هُ َعلَْي ْ‬
‫هم ومل يأنفوا أو مل يستكربوا‬
‫ألنَّهم يتهمون نفوسهم ويروهنا ناقصة ويسعون إيل رفعتها إيل أوج الكمال وهب َذا بلغوا ما بلغوا ونالوا ما نالوا ‪ ،‬يا ِعب اد ِ‬
‫اهلل ‪ :‬كيف نرضي‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫اهلل ‪ :‬من منا بلغ معشار ما بلغه عمر يِف كمال َن ْفسه وقوة إميانه وشدة‬ ‫ول ‪( :‬إن النفس ألمارة بالسوء) ِعباد ِ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ال‬‫ع‬ ‫و‬
‫َ َّ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫واهلل‬ ‫وسنا‬ ‫ف‬
‫عن نُ ُ‬
‫ََ‬
‫ول ألصحابه ‪ :‬من رأي منكم يِف َّ اعوجاج اً فليقومه ه َك َذا َك ا َن ظنه َر ِض َي اهللُ عنهُ بنفسه َعلَى جاللة قدره وعلو منزلته‬ ‫يقينه وقَ ْد َك ا َن َي ُق ُ‬
‫يِف دينه وكل ما َكا َن أكرب َكا َن أقل إعجاباً بنفسه وأكثر مطالبة هلا بسلوك طَ ِريق احلق ‪.‬‬
‫ورا‬
‫َصَب َح َس ْعُي ُه ْم َم ْش ُك َ‬ ‫َو َس َع ْوا فَأ ْ‬ ‫ك َف ْر َح ًة َو ُس ُروراً‬ ‫شِْعراً‪ :‬نَالُوا بِ َذلِ َ‬
‫فَ َكسا وجوههم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم َة ُن ْو َرا‬ ‫الوس َ‬‫َ ُ ُْ َ ُ ُ َ‬ ‫َق ْو ٌم أَقَ ُام ْوا ل ِإللَه ُنُف َ‬
‫وس ُه ْم‬
‫اك ُس ُر ْو َرا‬ ‫َّه ْم بِ َذ َ‬
‫ُز ْهداً َف َعَّوض ُ‬ ‫َتَر ُك ْوا الن َِّعْي َم َوطَلَُّقوا لَ َّذاتِِه ْم‬
‫ورا‬ ‫ِ‬ ‫اج ْو َن اإللَ َه بِأّ ْد ُم ٍع‬
‫ري َفَت ْحكي لُْؤلُؤاً َمْنثُ َ‬ ‫تَ ْج ْ‬ ‫قَ ُاموا ُيَن ُ‬
‫ضح ْ ِ‬
‫َّها ِر بُ ُد ْو َرا‬‫ت في الن َ‬ ‫لَْيالً فَأَ ْ َ‬ ‫الد َجى‬‫َسَتا ِر ُّ‬ ‫وه ُه ُم ْوا بِأ ْ‬
‫روا ُو ُج َ‬ ‫َسَت ْ‬
‫ت َحظُُّه ْم َم ْوفُ َ‬
‫ورا‬ ‫ض َح ْ‬‫َو َج ُد ْوا فَأَ ْ‬ ‫اد ْوا بالَّ ِذي‬ ‫َع ِملُوا بِ َما َعِل ُموا فَ َج ُ‬
‫ت َو ْجداً ِمْن ُه ُم ْوا َو َزفْيَِرا‬ ‫َو َش ِه ْد َ‬ ‫ت أَنِْيَن ُه ْم‬ ‫وإِ َذا بَ َدا لَْي ٌل َس ِم ْع َ‬
‫الم َع ِاد َكثِْيَرا‬
‫اح ُه ْم َي ْو َم َ‬ ‫فَأ ََر َ‬ ‫ضا َم ْحبُوبِِه ْم‬ ‫تَِعُب ْوا قَِليالً ِفي ِر َ‬
‫القَي َام ِة َجنَّ ًة َو َحِّرْيَرا‬
‫يوم ِ‬
‫َْ َ‬ ‫صَب ُروا َعلَى َبلَْو ُاه ُموا فَ َجَز ُاه ُم ْوا‬ ‫َ‬
‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من أ َْهل الصالح والنجاح والفالح ‪ ،‬ومن املؤيدين بنصرك وتأييدك‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫ورضاك وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬

‫‪571‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫وأما التكرب َعلَى خلق اهلل فهو من شر الرذائل وأس وأ الص فات ‪ ،‬ألنه يس تلزم‬
‫وعلَى رسله‬ ‫ِ‬
‫ك إيل التكرب َعلَى اهلل َ‬ ‫مظَامل شائنة وجرائم ممقوتة وقَ ْد يفضي به َذل َ‬
‫ألن اهلل تع اىل هني عن ارتك اب تلك املظَ امل ‪ ،‬وح ذر عاقبة ش رها ‪ ،‬فلم يب ال‬
‫ِ‬
‫ك كرب وعتو ومترد ‪.‬‬ ‫خيش وعيده ‪ ،‬ومل خيف بطشه ‪ ،‬ويِف َذل َ‬ ‫به ومل َ‬
‫اهلل ال يص غي لقوله مهما َك ا َن حق اً‬ ‫وأيض اً ف إن املس تعظم علَى عبد من ِعب اد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫َخالق الك افرين الذ َ‬ ‫وه َذا من أ ْ‬ ‫مفروض اً وال ي دخر جمه وداً يِف رده بالْبَاطل َ‬
‫ك ح رم اهلل الكرب وهني عنه هني اً ش ديداً‪ 1‬هـ‬ ‫ِ‬
‫يس تكربون َعلَى اهلل فمن أجل َذل َ‬
‫بتصرف ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك آية س ورة‬ ‫وقَ ْد وردت آي ات وأح اديث يِف ذم الكرب والنهي عن هُ من َذل َ‬
‫األعراف املشرية إيل حرمان احلق وعمي الْ َق ْلب عن معرفة آيات اهلل تعاىل وفهم‬
‫ض بِغَرْيِ‬ ‫ين َيتَ َكَّب ُرو َن يِف األ َْر ِ‬ ‫يِت َّ ِ‬ ‫َص ِر ُ‬
‫ف َع ْن آيَا َ الذ َ‬ ‫أحكامه ‪ ،‬قال تعاىل ‪َ ﴿ :‬سأ ْ‬
‫َّخ ُذوهُ َس بِيالً‬ ‫الر ْش ِد الَ يت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ هِب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يل ُّ‬‫احْلَ ِّق َوإن َي َر ْواْ ُك َّل آيَة الَّ يُ ْؤمنُواْ َا َوإن َي َر ْواْ َس ب َ‬
‫ك بِ أَن َُّه ْم َك َّذبُواْ بِآيَاتِنَا َو َك انُواْ َعْن َها‬ ‫ِ‬ ‫وإِن ي رواْ س بِيل الْغَي يت ِ‬
‫َّخ ُذوهُ َس بِيالً َذل َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ِّ َ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫َغافل َ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬إنه‬ ‫ب ُمتَ َكرِّبٍ َجبَّا ٍر ﴾ َوقَ َ‬ ‫ك يَطْبَ ُع اللَّهُ َعلَى ُك ِّل َق ْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ال تعاىل ‪َ ﴿ :‬ك َذل َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين اَل‬ ‫َّار اآْل خ َرةُ جَنْ َعلُ َها للَّذ َ‬
‫ك ال د ُ‬ ‫ال تع اىل ‪ ﴿ :‬تِْل َ‬ ‫ال حيب املس تكربين ﴾ َوقَ َ‬
‫ض َمَرح اً‬ ‫ش يِف األ َْر ِ‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬والَ مَتْ ِ‬ ‫ض َواَل فَ َس اداً ﴾ َوقَ َ‬ ‫يُِري ُدو َن عُلُ ّواً يِف اأْل َْر ِ‬
‫ين يَ ْس تَ ْكرِب ُو َن‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ض َولَن َتْبلُ َغ اجْلِبَ َ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬إ َّن الذ َ‬ ‫ال طُوالً ﴾ َوقَ َ‬ ‫َّك لَن خَت ْ ِر َق األ َْر َ‬‫إِن َ‬
‫َّاس َواَل‬‫َّك لِلن ِ‬ ‫ص ِّع ْر َخ د َ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬واَل تُ َ‬ ‫ين ﴾ َوقَ َ‬ ‫ِ‬
‫َّم َداخ ِر َ‬
‫ِ يِت‬
‫َع ْن عبَ َاد َسيَ ْد ُخلُو َن َج َهن َ‬
‫ض َمَرح اً ﴾ ‪ .‬وعن أَيِب ُهَر ْي َر ِة َر ِض َي اهللُ عن هُ أن رس ول اهلل ‪‬‬ ‫ش يِف اأْل َْر ِ‬ ‫مَتْ ِ‬
‫قال ‪ " :‬ال‬

‫‪572‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ينظر اهلل ي وم القيامة إيل من جر إزاره بط راً " ‪ .‬متفق َعلَْي ِه ‪ ،‬وعنه أن رس ول‬
‫اهلل ‪ ‬ق ال ‪ " :‬بينما رجل ميشي يِف حلة ‪ ،‬تعجبه َن ْفس هُ مرجل رأسه ‪ ،‬خيت ال‬
‫يِف مش يته خسف اهلل به فهو يتجلجل يِف األرض إيل ي وم القيامة " ‪ .‬متفق عليه‬
‫‪.‬‬
‫ات َو ُه َو بريء من الكرب‬ ‫وعن ثوبان ر ِضي اهلل عنه قَ َال رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪" : ‬من َم َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫والغل ول وال دين دخل اجلنة " ‪ .‬رواه الرتم ذي واللفظ لَ هُ والنس ائي ‪ ،‬وابن ماجه‬
‫صحيحه ‪.‬‬ ‫وابن حبان يِف‬
‫ول ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‬
‫اهلل ‪َ " : ‬ي ُق ُ‬ ‫ال َر ُس ُ‬‫عنه َما قال ‪ :‬قَ َ‬‫وعن أيب سعيد وأَيِب ُهَر ْي َر ِة َرض َي اهللُ ُ‬
‫العز إزاري والكربياء ردائي ‪ ،‬فمن نازعين شيئاً ِمْن ُه َما عذبته "‬ ‫اهلل َع َّز َو َج َّل ‪ُّ :‬‬
‫ول اهلل َع َّز َو َج َّل ‪ :‬الع ُّز إزاره ‪ ،‬والكربي اء رداؤه ‪ ،‬فمن‬ ‫"ي ُق ُ‬ ‫‪ .‬رواه مس لم بلفظ َ‬
‫ينازعين عذبته " ‪.‬‬
‫ول اهلل َج َّل‬ ‫اهلل ‪َ " : ‬ي ُق ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫عنه َما ق ال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫وعن ابن عب اس َرض َي اهللُ ُ‬
‫َو َعال ‪ :‬الكربي اء ردائي والعظمة إزاري فمن ن ازعين واح داً ِمْن ُه َما ألقيته يِف الن ار"‬
‫‪ .‬رواه ابن ماجة واللفظ لَهُ وابن حبان يِف صحيحه ‪.‬‬
‫ول ‪ " :‬إال‬ ‫وعن حارثة بن وهب َر ِض َي اهللُ عن هُ ق ال مسعت رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫أخربكم بأ َْهل النار ؟ ‪ُ .‬ك ّل عتل جواظ مستكرب " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وعن أيب سعيد اخلدري َر ِض َي اهللُ عنهُ عن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪" :‬من تواضع هلل‬
‫أعلَى عل يني ومن تكرب َعلَى اهلل درجة‬ ‫درجة يرفعه اهلل درجة حيت جيعله اهلل يِف َ‬
‫يض عه اهلل درجة ‪ ،‬حيت جيعله يِف أس فل س افلني ‪ ،‬ولَ ْو أن أح دكم يعمل يِف‬
‫س َعلَْي َها ب اب وال ك وة خلرج ما غيبه للن اس كائن اً ما ك ان"‬ ‫ص خرة ص ماء لَْي َ‬
‫رواه ابن ماجة وابن حبان يِف صحيحه ‪.‬‬

‫‪573‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪ ‬قال ‪ " :‬احتجت اجْلَنَّة والنار‬ ‫يِب‬ ‫ِ‬


‫وعن أيب سعيد اخلدري َرض َي اهللُ عنهُ عن النَّ ّ‬
‫يف‬
‫اجْلَنَّة ‪َّ :‬‬ ‫ت‬‫ت النار ‪ :‬يِف َّ اجلبارون واملتكربون ‪ ،‬و قَالَ ْ‬
‫ف َقالَ ْ‬

‫‪574‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض عفاء امل ْس لِ ِمنْي َ ومس اكينهم ‪ ،‬فقضي اهلل بينهما ‪ :‬إنك اجْلَنَّة رمحيت أرحم بك‬
‫ُ‬
‫من أش اء ‪ ،‬وإنك الن ار ع ذايب أع ذب به من أش اء ‪ ،‬ولكليكما َعلَ َّى ملؤها " ‪.‬‬
‫رواه مسلم ‪.‬‬
‫بن عم رو‬ ‫ِ‬
‫بن عمر وعب ُد اهلل ُ‬ ‫وعن أيب س لمة ابن عبد ال رمحن بن ع وف ق ال ‪ :‬التقي َعْب ُد اهلل ُ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بن عم رو وبقي َعْب ُد اهلل ُ‬ ‫عنه ْم َعلَى املروة فتح دثا مُثَّ مضي َعْب ُد اهلل ُ‬ ‫بن الع اص َرض َي اهللُ ُ‬
‫ال لَ ه رجل ‪ :‬ما يبكيك يا أبا عبد ال رمحن ؟ ق ال ‪ :‬ه ذا ‪ .‬يعين عبد ِ‬
‫اهلل بن‬ ‫َْ‬ ‫عمر يبكي َف َق َ ُ‬
‫ول ‪" :‬من َك ا َن يِف َق ْلب ِه مثق ال حبة من خ ردل من كرب‬ ‫عم رو زعم أنه مسَ َع رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫كبَّه اهلل لوجهه يِف الن ار " ‪ .‬رواه أَمَحَد ورواته رواة الص حيح ‪ .‬بلغ يا أخي َه َذا احْلَ ِديث ح املي املاجس تري وال دكتوراه‬
‫والبكالوريوس والعاملية وحنوهم من يرون النَّاس بعني االحتقار والتنقص ملا عندهم من الكرب والعجب والعظمة ‪.‬‬
‫الم ْولَى َعلَى َعْب ِد ِه‬
‫لم َي ْف َخ ِر َ‬ ‫ف اإلنسان ِم ْق َدا ِر ِه‬
‫ِشْعراً‪ :‬لَْو َعَر َ‬
‫َي ْع َج ُز ُك ُّل ال َخل ِْق عن َردِِّه‬ ‫س الَّ ِذي َمَّر َعلَى ُق ْربِِه‬‫أ َْم َ‬
‫آخر ‪:‬‬
‫ف ِم ْن َم ْك ِر َجبَّا ِر‬ ‫َعَلى ِسَو َ‬
‫اك َو َخ ْ‬ ‫ت ِم ْن نَِع ٍم‬ ‫الَ َت ْف َخَر َّن بِ َما أ ُْوتِْي َ‬
‫ع ال َك ْسَر ِفي ُّ‬
‫الدْنَيا‬ ‫َسَر َ‬
‫َما أ ْ‬ ‫األص ِل بِال َفخَّا ِر ُم ْشَتِبهٌ‬
‫ْ‬ ‫ت ِفي‬ ‫فأَنْ َ‬
‫لَِفخَّا ِر‬ ‫آخر ‪:‬‬
‫ب لِ ُم ْحَت ِك ِر ُّ‬
‫الدْنَيا َوبَانِْي َها‬ ‫ا ْع َج ْ‬
‫ب َعَلى ُك ْره يُ َخلّْي َها‬ ‫وعن قَ ِريْ ٍ‬
‫ب َم ْف ُر ْو َحاتَِها َحَز ٌن‬ ‫ِ‬
‫َد ٌار َعواق ُ‬
‫ت ِفي َتَق ِ‬
‫اضْي َها‬ ‫اء ْ‬ ‫إِ َذا أ َ‬
‫َس َ‬
‫ت أَ‬ ‫َع َار ْ‬
‫يَا َم ْن يُ َسُّر بِأَيَّ ٍام تَ ِسْي ُر بِِه‬
‫إِلى ال َفَن ِاء َوأَيَّ ٍام ُيَقضِّْي َها‬

‫‪575‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ف ِفي مَنا ِز ِل أ َْه ِل ِ‬


‫العَّز ُم ْعَتبِراً‬ ‫ِق ْ‬
‫َ‬
‫وها‬ ‫ٍ‬ ‫وانْظُْر ِإلى أ ِّ‬
‫ص َار أ َْهلُ َ‬
‫َي َش ْيء َ‬
‫ث ِفيه مح ِ‬
‫اسُن ُه ْم‬ ‫صاروا إِلى ح َد ٍ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬
‫ي ال ُد ْو ِد َي ْعلُ َ‬
‫وها‬ ‫َعَلى الثََّرى َو َد ِو ُ‬
‫اج َع ْلنَا ه داة مهت دين َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا‬
‫اللَّ ُه َّم يس رنا لليس ري وجنبنا العس ري َو ْ‬
‫وعلَى آله‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫" موعظة "‬
‫الس لَف الص احل ألن َُّه ْم‬‫اهلل ‪ :‬لََق ْد ك انت ال ُقلُ وب موضع العناية التامة ِعْن َد َّ‬
‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ك ألهنا مب دأ‬ ‫يعلم ون كما ق ال النَّيِب ّ ‪ " : ‬إِ َذا ص لحت ص لح اجلسد كل ه" َو َذل َ‬
‫ص احِلَة‬ ‫احلرك ات البدنية ‪ ،‬واإلرادات النفس انية ‪ ،‬ف إن ص درت من ال ُقلُ وب إرادة َ‬
‫عنها إرادة فاس دة حترك الب دن حركة‬ ‫حترك الب دن حركة طاعة ‪ ،‬وإن ص درت َ‬
‫فاس دة ‪ ،‬فهو كملك واألعض اء كالرعية ‪ ،‬وال شك أن الرعية تص لح بص الح‬
‫امللك وتفسد بفساده ‪ ،‬و َك ا َن واجب اً َعلَْينَا أن نكون كما َك ا َن سلفنا يِف العناية‬
‫هباتيك ال ُقلُ وب ألن هِبَا س عادتنا ب إذن اهلل وهِبَا ش قاؤنا ‪ ،‬ولكن يا لألسف ما‬
‫ك َش ْيء والَّ ِذي َك ا َن منا أننا أمهلنا قلوبنا إمهاًال تتج رح لَ هُ ال ُقلُ وب‬ ‫ِ‬
‫َك ا َن من ذَل َ‬
‫ك نشأ فينا نتيجة اإلمهال ك ثرة األم راض يِف ال ُقلُ وب‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬وت ذوب لَ هُ األكب اد ول َذل َ‬
‫وتش عبت وأعض لت وص عب ش فاؤها ‪ ،‬وانع دم أطباؤها ومن وصل إيل َه َذا احلد‬
‫فهو يِف خطر عظيم ‪.‬‬
‫فمن األم راض اليت أزمنت يِف قلوبنا م رض الري اء الَّ ِذي ال يك اد يس لم منه إال‬
‫النوادر ‪ ،‬ومن األمراض اليت أصبنا هِبَا مرض العجب ‪ ،‬وهلََذا يعتقد‬

‫‪576‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك يِف َن ْفسه ه وي ألنه ال‬ ‫ِ‬


‫الص غَرْي منا والكبري الكم ال يِف َن ْفسه ومن اعت َق ْد َذل َ‬
‫الر َج ال ‪ ،‬وم رض ينتج مرض اً آخر ُه َو م رض الكرب‬ ‫يلتفت إيل ما به كم ال ِّ‬
‫ض ا والكرب ينشأ‬‫الر َ‬
‫وصف األنذال واألرذال واجلهال ‪ ،‬واملتكرب ال ينظر إليه بعني ِّ‬
‫عنهُ مرض احلسد واحلسود يتمين َز َوال نعمة اهلل عن خلقه ‪ ،‬واحلسد يولد احلقد‬
‫الَّ ِذي رمبا محل ص احبه َعلَى قتل من ال ذنب له إال ما أواله اهلل من النعم ‪،‬‬
‫س َه َذا ُكل ما يِف قلوبنا من األم راض بل فيها م رض البخل والشح الَّ ِذي‬ ‫ولَْي َ‬
‫ك كثري وكلها أمراض مهلكات‬ ‫ِ‬ ‫وصل بنا إيل منع َّ‬
‫الز َك اة أو بعضها ‪ ،‬و َغْي َر َذل َ‬
‫‪ ،‬وحَنْن ال هنتم بقلوبنا وال بأمراض ها وإمنا هنتم ب أمراض أجس امنا ‪ ،‬ونب ادر يِف‬
‫ُ‬
‫ِّس بَ ِة إيل أمراض ال ُقلُ وب ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عالجها إيل املستشفيات ‪ ،‬وأمراضها يسرية بسيطة بالن ْ‬
‫وهنتم أيض اً جبمال ظواهرنا فنبالغ يِف حتسني مالبسنا ومراكبنا ومساكننا وجمالسنا‬
‫وأب داننا ‪ ،‬انظر إلينا ِعْن َد ال ذهاب إيل مقر الْ َع َمل لتعجب من تغفيلنا واخنداعنا ‪،‬‬
‫ولَ ْو ك انت عنايتنا ب ال ُقلُوب كعنايتنا ب املالبس فقط ما كنا هبذه احلاالت احملزن ات‬
‫‪.‬‬
‫ِش ْعراً ‪:‬‬
‫التْقوى ِمن ِ‬
‫اهلل َح َّد َها‬ ‫ْت بِ َّ‬‫َو َذلَّل ُ‬ ‫ت‬‫ص ْر ُ‬ ‫ت ِفي ُّ‬ ‫َتَف َّكْر ُ‬
‫ْ‬ ‫الدْنَيا فَأبْ َ‬
‫ت‬‫ت َم ْوالَ َها َوقَ ْد ُكْن ُ‬ ‫َصَب ْح ُ‬
‫َوأ ْ‬ ‫ت َو ْع َد َها‬ ‫ْتها بَِها ظَناً فَأَ ْخلَ ْف ُ‬
‫َسْشأ َدَُ‬
‫أُر َ‬
‫َعْب َد َها‬ ‫فاح ِمالَ لِي ِر َسالَ ًة‬ ‫ِ‬
‫آخر‪َ :‬خلْيلَّ ْي ُق ْو َما ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّع‬
‫صن ُ‬‫َوقُوالَ ل ُدْنَيانَا الَّتي َتَت َ‬
‫اع َة ال َخل ِْق فَا ْذ َهبِي‬‫اك يَا َخ َد َ‬‫َعر ْفنَ ِ‬
‫َ‬
‫صنَ ِعْي َن َونَ ْس َم ُع‬
‫أَلَ ْسنَا َنَرى َما تَ ْ‬
‫فَالَ َتَتجلَّي لِلْعي ِ‬
‫ون بِ ِزْينَ ٍة‬‫َ ْ ُُ‬
‫فَِإنَّا َمَتى َما تَ ْسُف ِري َنَتَقن ُ‬
‫َّع‬

‫‪577‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وبَنا‬
‫عنك ُعيُ َ‬
‫ْس َ‬ ‫اليأ ِ‬
‫ب َ‬ ‫ُنغَ ِطي بَِث ْو ِ‬
‫إِ َذا الَح يوماً ِمن م َخا ِزيْ ِ‬
‫ك َمط َْم ُع‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬

‫‪578‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫آخر ‪:‬‬
‫ك ُكلِّ َها‬ ‫رتَعنا وجلْنا ِفي مر ِ‬
‫اعْي ِ‬
‫ََ‬ ‫َ ََُ‬
‫فلم َي ْهَنَنا ِفي َما َر َعْيَن ُاه َم ْرتَ ُع‬
‫آخر ‪:‬‬

‫ش لِ َمالِي ِفي غَ ٍد َرغَداً‬ ‫ِ‬


‫أَعْي ُ‬ ‫آم ِر ْي بِاقْتَِن ِاء ال َْم ِال ُم ْجَت ِهداً‬
‫َكْي َما‬ ‫يا ِ‬
‫َ‬
‫الحَي ِاة غَداً‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬
‫ضمْين ْي بَِت ْحصْي ِل َ‬
‫فَ َم ْن‬ ‫ت أ ََم ْر‬ ‫ِ‬
‫َهْبنِ ْي بِ َج ْهد َي قَ ْد أ ْ‬
‫َصلَ ْح ُ‬
‫اللَّه َّم أرنا َغ ٍداحلق حق اً وارزقنا اتباعه ‪ ،‬وأرنا الْب ِ‬
‫اطل ب اطالً وجنبنا اتباعه ‪ ،‬واغفر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫لنا ولول دينا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َ‬
‫صلٌ )‬‫( َف ْ‬
‫عن حذيفة َر ِض َي اهللُ عنهُ قال ‪ :‬كنا َم َع النَّيِب ّ ‪ ‬يِف جنازة قال ‪" :‬أال أخربكم‬
‫اهلل ؟ الض عيف‬ ‫اهلل ؟ ‪ :‬الفظ املس تكرب ‪ ،‬إال أخ ربكم خبَ ِعب ِاد ِ‬ ‫بشر ِعب ِاد ِ‬
‫رْي َ‬ ‫َ‬
‫املستض عف هلل ‪ ،‬ذو الطم رين ال يؤب ةَ لَ هُ لَ ْو أقسم َعلَى اهلل ألب ره" رواه أَمَحَد‬
‫ورواته رواة الصحيح إال حُمَ َّمد بن جابر ‪.‬‬
‫وعلَْي ِه حزمة من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعن َعْبد اهلل بن س الم َرض َي اهللُ عن هُ ‪ :‬أنه مر يِف الس وق َ‬
‫ك َعلَى َه َذا ‪ ،‬وقَ ْد أغن اك اهلل عن ه ذا ؟ ق ال‬ ‫لَ هُ ما حيَ َملَ َ‬ ‫حطب ‪ ،‬فقيل‬
‫ول "ال يدخل اجْل نَّة من يِف َق ْل ِ‬
‫به‬ ‫أردت أن أدفع الكرب ‪ ،‬مسعت رسول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫َ‬
‫خردلة من كرب" رواه الطرباين بإسناد حسن واألصبهاين إال أنه قال ذرة من كرب‬
‫‪.‬‬
‫ول ِ‬
‫اهلل‬ ‫وعن عمرو بن شعيب َر ِض َي اهللُ عنهُ عن أبيه عن جده قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫الر َج ال يغش اهم ال ذل من‬ ‫‪ : ‬حيشر املتك ربون ي وم القيامة أمث ال ال ذر يِف ص ور ِّ‬

‫‪579‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ُكل م َك ا َن يس اقون إيل س جن يِف جهنم يُ َق ُ‬


‫ال لَ هُ ب ولس ‪ ،‬تعل وهم ن ار األني ار‬
‫يسقون من عصارة أ َْهل النار طينة اخلبال ‪ .‬رواه النسائي والرتمذي واللفظ له‬

‫‪580‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل بن مسعود َر ِض َي اهللُ عنهُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬قال‬ ‫ال ‪ :‬حديث حسن وعن عبد ِ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َْ‬
‫ال رجل ‪ :‬إن الرجل‬ ‫‪" :‬ال يدخل اجْلَنَّة من َكا َن يِف َق ْلبهُ مثقال ذرة من كرب" َف َق َ‬
‫حيب أن يك ون ثوبه حس ناً ونعله حس نة ق ال ‪ :‬إن اهلل مجيل حيب اجلم ال الكرب‬
‫بطر احلق وغمط الناس" رواه مسلم والرتمذي ‪.‬‬
‫عنه َما أن النَّيِب ّ ‪ ‬قال ‪" :‬من جر ثوبه خيالء مل ينظر‬ ‫ِ‬
‫وعن ابن عمر َرض َي اهللُ ُ‬ ‫َ‬
‫اهلل إن إزاري‬ ‫ول ِ‬ ‫ال أبو بكر َر ِض َي اهللُ عن هُ ‪:‬يَا َر ُس َ‬ ‫اهلل إليه ي وم القيامة َف َق َ‬
‫ال لَ هُ رس ول اهلل ‪" : ‬إنك لست ممن يفعله‬ ‫يس رتخي إال أن أتعاه ده ‪َ .‬ف َق َ‬
‫خيالء" رواه مالك والبخاري واللفظ له ‪.‬‬
‫ول ‪" :‬من تعظم‬ ‫عنه َما ق ال ‪ :‬مسعت رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫وعن ابن عمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫يِف َن ْفسه واخت ال يِف مش يته لقي اهلل تب ارك وتع اىل َو ُه َو َعلَْي ِه غض بان" رواه‬
‫الط رباين يِف الكبري واللفظ لَ هُ ورواته حمتج هِب م يِف الص حيح واحلاكم بنحوه َوقَ َ‬
‫ال‬
‫صحيح َعلَى شرط مسلم ‪.‬‬
‫عنه َما أن النَّيِب ّ ‪ ‬قال ‪" :‬إِ َذا مشت أميت املطيطأ ‪ ،‬وخدمتهم‬ ‫ِ‬
‫وعن خولة بنت قيس َرض َي اهللُ ُ‬
‫هم َعلَى بعض" رواه ابن حب ان يِف ص حيحه ورواه الرتم ذي وابن‬ ‫ف ارس ال روم ‪ ،‬س لط َب ْعض ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫عنها ‪ ،‬قَ الَ ْ‬ ‫ِ‬
‫حب ان أيض اً من ح ديث ابن عمر ‪ ،‬وروري عن أمساء بنت عميس َرض َي اهللُ َ‬
‫مسعت رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ول ‪" :‬بئس الْ َعْبد عبد ختيل واخت ال ونسي الكبري املتع ال ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد جترب واعت دي ‪ ،‬ونسي اجلب ار‬
‫األعلَى ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد س ها وهلا ‪ ،‬ونسي املق ابر والبلي ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد عيت وطغي ‪ ،‬ونسي املبت دأ واملنتهي بئس الْ َعْبد عبد خيتل ال ُّد ْنيَا‬
‫طم ٌع يق وده ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد ه وي يض له ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد رغب يذله‬ ‫بال دين ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد خيتل ال دين بالش بهات ‪ ،‬بئس الْ َعْبد عبد َ‬
‫رواه الرتمذي ‪.‬‬
‫ف‬
‫السَر ُ‬ ‫ِ‬ ‫فَالَ ي ُ ِ‬ ‫شعْراً‪ :‬الَ تَبِ َخلَ َّن بِ ُدنَياً َو ْه َي ُمِقْبلَةٌ‬
‫ِ‬
‫ضُّر سَوى التَّْبذْي ُر َو ّ‬ ‫َ‬
‫الش ْك ُر ِمْن َها إِ َذا َما أَ ْدَبَر َخِل ُ‬
‫ف‬ ‫فَ ُّ‬ ‫ود بَِها‬
‫أحَرى أَ ْن تَ ُج َ‬ ‫ت فَ ْ‬ ‫َوإِ ْن تَولَّ ْ‬

‫‪581‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الم ْذ ُم ْوِم‬ ‫قُ ِرنَا بَِه َذا َّ‬


‫الد ْر َه ِم َ‬ ‫اب ِكَلْي ِه َما‬ ‫ِ‬
‫الم ُؤنََة َوالح َس َ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َّن َ‬
‫ض ُم ْوِم‬
‫َفَت َع َّجُب ْوا لِ ُم َذّم ٍم ُم ْ‬ ‫ض ِّم ِه‬ ‫َكِل َ‬
‫ف األنَ ُام بِ ِذِّم ِه َوبِ َ‬
‫اهلل ‪ " : ‬ثالثة ال يكلمهم اهلل يوم القيامة‬ ‫ول ِ‬ ‫وعن أَيِب ُهَر ْيَر ِة عنهُ قال قَ َال َر ُس ُ‬
‫وال ي زكيهم وال ينظر إليهم وهلم ع ذاب أليم ‪ ،‬ش يخ زان ‪ ،‬وملك ك ذاب ‪،‬‬
‫وعائل مس تكرب" رواه مس لم والنس ائي ‪ ،‬وعنه َر ِض َي اهللُ عن هُ ق ال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫ول‬
‫والش ْيخ ال زاين ‪،‬‬
‫اهلل ‪ " : ‬أربعة يبغض هم اهلل البي اع احلالف والفقري املخت ال‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫واإلمام اجلائر " ‪ .‬رواه النسائي وابن حبان يِف صحيحه ‪.‬‬
‫اهلل ‪ " : ‬عرض َعلَى أول ثالثة يدخلون‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫وعنه َر ِض َي اهللُ عنهُ قال ‪ :‬قَ َ‬
‫النار ‪ :‬أمري مسلط ‪ ،‬وذو ثروة من مال ال يؤدي حق اهلل فِيه ‪ ،‬وفقري فخور"‬
‫رواه ابن خزمية وابن حبان يِف صحيحه ‪.‬‬
‫وأخ َر َج ابن ماجه واحلاكم وص حح إس ناده أن رس ول اهلل ‪ ‬بصق يوم اً َعلَى كفه ووضع‬
‫ول اهلل تعاىل ‪ :‬ابن آدم أتعجزين وقَ ْد خلقتك من مثل هذه؟ حيت إِذَا سويتك وعدلتك ‪ ،‬مشيت‬
‫"ي ُق ُ‬ ‫أصبعه َعلَْي ِه َوقَ َ‬
‫ال ‪َ :‬‬
‫بني بردين ‪ ،‬ولألرض منك وئيد ‪ ،‬مجعت ومنعت ‪ ،‬حيت إِ َذا بلغت الرتاقي ‪ُ ،‬قْل ُ‬
‫ت أتصدق ‪ ،‬وأين أوان الصدقة" َواهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى‬
‫حُمَ َّمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫ب َمَراقُهُ‬ ‫ص ْع ٌ‬
‫ِ‬
‫ِو َد َاد َمنْي ِع ال ِو ِّد َ‬ ‫واجنَ ْح لِلتََّو ُ‬
‫اض ِع‬ ‫ِ‬
‫َد ِع الكْبَر ْ‬ ‫ِشْعراً‪:‬‬
‫ب َكالَِم ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَ ِط ُّ‬ ‫تَو ْد ِ‬
‫الم ْرء طْي ُ‬‫ب َكالَِم َ‬ ‫ت بِِغ ْلظٍَة‬ ‫شاَت ِوم ْلبِِلْي ٍن َما َجَر ْح َ‬
‫ََ‬
‫ت‬‫الم ْر َء ِم ْن ُدْنَي ُاه ُق ْو ُ‬ ‫ِ‬
‫َويَ ْكفي َ‬ ‫ت‬‫ض ِع َم ْن يَ ُم ْو ُ‬ ‫َحَقيق بِ َ‬
‫التَوا ُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ت‬‫الن ُع ْو ُ‬‫س يُ ْد ِر ُكهُ ُ‬ ‫ص لَْي َ‬ ‫َو ِح ْر ٍ‬ ‫صبِ ُح َذا َه ُم ُوٍم‬ ‫ِ ِ‬
‫فَ َما لل َْم ْرء يُ ْ‬
‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َفَيا َه َذا َسَت ْر َح ُل عن قَ ِريْ ٍ‬
‫الس ُك ْو ُ‬ ‫إلى َق ْوم َكالَُم ُه ُم ُ‬ ‫ب‬
‫ض ِل الَ لِلَْبلَ ْه‬‫اك لِْلَف ْ‬ ‫َيَرى َذ َ‬ ‫تَ َذلَّ ْل لِ َم ْن إِ ْن تَ َذلَل َ‬
‫ْت لَهُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ض َل لَهُ‬ ‫األص ِدقَ ِاء َيَرى ال َف ْ‬
‫ْ‬ ‫َعلَى‬ ‫ص َداقَ َة َم ْن لم َيَز ْل‬ ‫ب َ‬
‫ِ‬
‫َو َجان ْ‬
‫الص ِديْ ِق‬
‫اك َّ‬ ‫فَتِ ْه ِكْبراً َعلَى َذ َ‬ ‫ك ِكْبراًُ‬ ‫الص ِديْ ُق َعلَْي َ‬
‫إِ َذا تَ َاه َّ‬ ‫آخر‪:‬‬

‫‪582‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الح ُق ْو ِق‬
‫ضيِْي ِع ُ‬ ‫س تَ ْ‬‫ك َرْأ ُ‬ ‫ُح ُق ُوقَ َ‬ ‫الح ُق ْو ِق بِغَْي ِر َر ِ‬
‫اع‬ ‫اب ُ‬ ‫فَإيْ َج ُ‬
‫ِ‬ ‫ْت ِفي الن ِ‬
‫ض ُع‬ ‫فَِإ َّن َرفْ َ‬
‫يع ال َق ْوم َم ْن َيَتَوا َ‬ ‫َّاس‬ ‫ض ْع إِ َذا َما نِل َ‬ ‫آخر‪ :‬تَوا َ‬
‫ك َر ِاف ُع‬ ‫َوذْكر لَهُ َف ُهَو الَّ ِذي لَ َ‬ ‫اإلله َو ُش ْك ِر ِه‬ ‫ِرو ْفَداَع ًِةوم َعلَى حم ِد ِ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِخ وَثو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ٍة َم ْق ُر ْونٍَة‬
‫آخر‪ :‬يَا َغ ِافالً عن َس َ‬
‫اك ِل‬ ‫صَوار ٍ َ َ‬ ‫بَِنَوادب َو َ‬
‫صالِحاً‬ ‫ك َ‬ ‫ك َقْب َل َم ْوتِ َ‬‫ِّم لَِن ْف ِس َ‬
‫قَد ْ‬
‫ع ِمن ُنزو ِل اله ِ‬
‫اط ِل‬ ‫َ‬ ‫َسَر ُ ْ ُ ْ‬‫ت أْ‬ ‫الم ْو ُ‬ ‫فَ َ‬
‫ك الَ يَِعي لِ ُم َّذ ِك ٍر‬ ‫َّام َس ْم ُع َ‬
‫َحت َ‬
‫ك الَ يَِلْي ُن لَِع ِاذ ِل‬ ‫ص ِمْي ُم َق ْلبِ َ‬ ‫َو َ‬
‫َتْب ِغي ِم َن ُّ‬
‫الدْنَيا ال َكثْيَِر َوإِنَ َما‬
‫الر ِ‬
‫اح ِل‬ ‫اد َّ‬ ‫يك ِم ْن ُدْنَي َ‬ ‫يَ ْكِف َ‬
‫اك َز ُ‬
‫ك َدائِماً‬ ‫اب َي ُهُّز َس ْم َع َ‬ ‫لكَت ِ‬‫آي اْ ِ‬
‫ُ‬
‫عنها ُم ْع ِرضاً َكالغَ ِاف ِل‬ ‫ص ُّم َ‬ ‫َوتَ ُ‬
‫ك ِم ْن نَِع ٍم ُتَرى‬ ‫كم لِ ِإللَِه َعلَْي َ‬
‫ب و َفوائِ ٍد و َفو ِ‬ ‫ِ‬
‫اض ِل‬ ‫َو َمَواه ٍ َ َ َ‬
‫ك ِم ْن َمَوانِ ِح طَْولِِه‬ ‫كم قَ ْد أَنَالَ َ‬
‫السائِ ِل‬
‫ث َّ‬ ‫أسألْهُ َع ْفواً َف ُهَو غَ ْو ُ‬ ‫فَ ْ‬
‫تك وأمرك‬ ‫اللَّ ُه َّم مكن حبك يِف قلوبنا وأهلمنا ذكرك وشكرك ووفقنا المتثال طَ َ‬
‫اع َ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫" موعظة "‬


‫اهلل ‪ :‬من تكرب أذله ومن تواضع هلل رفعه اهلل واملتك ربون حيش رون ي وم‬ ‫ِعب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫القيامة يِف ص ور ال ذر تط ؤهم النَّاس هلواهنم َعلَى اهلل تع اىل املتك ربون ش رار اخللق‬
‫وأ َْهل الن ار ُكل جعظ ري ج واظ مس تكرب ‪ ،‬املتكرب يش مخ بأنفه إِذَا تكلَم ‪،‬‬
‫وجيايِف مرفقيه عن جنبيه الوي اً َعنقه ‪ ،‬يق ارب خط اه إِ َذا مشي ‪ ،‬متط اوالً َعلَى‬
‫هم‬
‫إخوانه ‪ ،‬مرتفع اً َعلَى أقرانه ‪ ،‬ينظر النَّاس ش ظراً مبؤخر العني ‪ ،‬متق دماً َعلَْي ْ‬
‫إِذَا مشي ‪ ،‬حمتقراً للعامة ‪ ،‬وال فرق عنده بينهم وبني احلمري استهجإال منه هلُ ْم‬
‫ك ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬ف املتكرب ال حيب للمؤم نني ما حيب لنفسه ‪ ،‬ألنه ال يق در َعلَى َذل َ‬
‫َخالق املتقني ‪ ،‬وال يقدر َعلَى ترك احلقد ‪ ،‬وال‬ ‫يقدر َعلَى التواضع َو ُه َو رأس أ ْ‬
‫ض ب ‪ ،‬وال َعلَى كظم‬ ‫يق در أن ي دوم َعلَى الص دق ‪ ،‬وال يق در َعلَى ت رك الْغَ َ‬
‫َّاس واحتق ارهم وال يس لم من اغتي اهبم‬ ‫الغيظ ‪ ،‬وال يس لم من االزدراء بِالن ِ‬
‫ك ‪ ،‬فما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتنقيص هم ‪ ،‬ألن فيه من العظمة والع زة والكربي اء ‪ ،‬ما مينعه من َذل َ‬
‫احب الكرب والعظمة مض طر إليه ‪ ،‬ليحفظ به ع زه‬ ‫من خلق ذميم إال وص ِ‬
‫َ‬
‫وعظمته ‪ ،‬وما من خلق حمم ود إال َو ُه َو ع اجز عن هُ خوف اً من أن يفوته ع زه‬
‫ك ورد يِف احْلَ ِديث أنه ال ي دخل اجْلَنَّة من يِف َق ْلب ِه مثق ال ذرة‬ ‫ِ‬
‫وعظمته ‪ ،‬ول َذل َ‬
‫َّك لِلن ِ‬ ‫مِم‬
‫ش‬ ‫َّاس َواَل مَتْ ِ‬ ‫من كرب ‪ ،‬و َّا َج اءَ يِف وصية لقمان البنه ﴿ َواَل تُ َ‬
‫ص ِّع ْر َخ د َ‬
‫ب ُك َّل خُمْتَ ٍال فَ ُخ و ٍر ﴾ ومن تع اليم ربنا هلذه‬ ‫ض َمَرح اً إِ َّن اللَّهَ اَل حُيِ ُّ‬ ‫يِف اأْل َْر ِ‬
‫ض‬ ‫ش يِف األ َْر ِ‬ ‫والس الم ‪ ،‬بق ول اهلل تع اىل ‪َ ﴿ :‬والَ مَتْ ِ‬ ‫الص الة َّ‬ ‫األمة ونبيها َعلَْي ِه َّ‬
‫ال طُوالً ﴾ فيا أيها املتكرب الناظر يِف‬ ‫ض َولَن َتْبلُ َغ اجْلِبَ َ‬ ‫َمَرحاً إِن َ‬
‫َّك لَن خَت ْ ِر َق األ َْر َ‬
‫عطفيه ‪ ،‬املتعاظم يِف َن ْفسه ‪ ،‬إن شأنك حقري ‪ ،‬وقدرك صغَرْي ولست مبحسوب‬ ‫ِ‬
‫يِف العري ‪ ،‬وال يِف النفري ‪ ،‬وما لك ِعْن َد عاقل من حس اب ‪ ،‬وال تق دير ‪ ،‬ال‬
‫ك ‪ ،‬وارفق بنفسك ‪ ،‬فإنك مغ رور ‪ ،‬يا مس كني‬ ‫قليل وال كثري ‪ ،‬فه ون َعلَْي َ‬

‫‪584‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ين يَ ْس تَ ْكرِب ُو َن‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫رِب ِ‬ ‫وتدبر كالم رب العاملني ﴿ إِنَّهُ الَ حُيِ ُّ‬
‫ين ﴾ ﴿ إ َّن الذ َ‬ ‫ب الْ ُم ْس تَ ْك َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ يِت‬
‫ين‬
‫َّم َخال د َ‬ ‫اب َج َهن َ‬ ‫يل ْاد ُخلُ وا أ َْب َو َ‬
‫ين ﴾ ‪ ﴿ ،‬ق َ‬ ‫َّم َداخ ِر َ‬
‫َع ْن عبَ َاد َس يَ ْد ُخلُو َن َج َهن َ‬
‫ين ﴾ وذم الكرب يِف القرآن كثري ‪ ،‬واملتكرب‬ ‫ِ‬ ‫فِ َيها فَبِ‬
‫س َم ْث َوى الْ ُمتَ َكرِّب َ‬
‫َ‬ ‫ئ‬
‫ْ‬

‫‪585‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ع دو هلل ولنفسه وللن اس ‪ ،‬ويقصر يِف ال واجب وي دعي ما لَْيس لَ هُ ويتش دق يِف‬
‫َ‬
‫الكالم ‪ ،‬ويت ألق يِف اللب اس ‪ ،‬وإنه لثقيل يِف حركاته وس كناته ‪ ،‬بغيض يِف أم ره‬
‫وهنيه ‪ ،‬وجمالس ته ‪ ،‬ومؤاكلته ومش اربته ‪ ،‬والويل ُكل الويل ملن ص اهره أو‬
‫ش اركه أو ربطته به ص لة ‪ ،‬ألن داء الكرب يع دي ويس ري فتبعد الس المة من‬
‫املق رتب منه رأي بعض أ َْهل العلم من خيت ال يِف مش يته فغمز جنبه ‪ ،‬مُثَّ ق ال‬
‫ت ه ذه مش ية من يِف بطنه خ راء ‪ ،‬وكيف يتكرب من أوله نطفة م ذرة ‪،‬‬ ‫لَْي َس ْ‬
‫ك حيمل البول والعذرة ‪َ ،‬ه َذا أكرب برهان َعلَى‬ ‫ِ‬
‫وآخره جيفة قذرة َو ُه َو َم َع َذل َ‬
‫أنه دنس جاهل جمهول نكرة ممتلئاً كرباً وإعجاب اً بنفسه ومسعة ‪ ،‬ورياءً ‪ ،‬ولؤم اً‬
‫وشؤماً وشرهاً فهو أشبه َش ْيء بالدخان ميأل الفضاء ويتك صدور النَّاس وأصله‬
‫ات واألوس اخ املبع ثرة ‪ ،‬نس أل اهلل أن يقلل َه َذا الن وع املنحط وأن‬ ‫القمام َ‬
‫َ‬ ‫من‬
‫ك‬‫يك ثر ض ده من أ َْهل التواضع واللني والعطف واحلن ان ‪ :‬ق ال اهلل تع اىل ﴿ تِْل َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫يدو َن عُلُّواً يِف اأْل َْر ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ني‬
‫ض َواَل فَ َس اداً َوالْ َعاقبَ ةُ ل ْل ُمتَّق َ‬ ‫ين اَل يُِر ُ‬
‫َّار اآْل خَرةُ جَنْ َعلُ َها للَّذ َ‬
‫الد ُ‬
‫ك من عذاب النار وأسكنا‬ ‫﴾ اللَّ ُه َّم أنظمنا يِف سلك عبادك األخيار وجننا بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني‬ ‫مِحِ‬ ‫ِِ‬ ‫جِل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫األب َرار َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َو َمي ِع املُ ْس لمنْي َ يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬‫اجْلَنَّة َم َع أوليائك ْ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫صلٌ)‬
‫(ف ْ‬
‫َ‬
‫هم ‪ ،‬حريص اً جداً‬ ‫ِ‬
‫ك النظر ‪ ،‬فرتي املتكرب إن مسح مبمشاه َم َع النَّاس يكون متقدماً َعلَْي ْ‬
‫وللكرب آثار تظهر َعلَى اجلوارح ُكلّ َها تدور حول ذَل َ‬
‫أن يكونوا كلهم خلفه ‪ ،‬وتراه إن جلس معهم ورضي أن يكونوا جلساءه ‪ ،‬حمتفظاً بصدر اجمللس مستقالً به ويسره أن يصغوا إيل كالمه ‪،‬‬
‫ويؤمله كالم غريه وجتده ينتظر من النَّاس أن يتلقوا كالمه بالقبول والتصديق ‪.‬‬
‫ت لَهُ ِكبراً أَبَّر َعَلى ِ‬
‫الكْب ِر‬ ‫لَبِ ْس ُ‬ ‫شِْعراً‪َ :‬و ُم ْسَت ْعَب ٍد إِ ْخَوانَهُ بَِثَرائِِه‬
‫ْ َ‬
‫أ ََرانِ َي أَ ْغَنى َوإِ ْن ُكْن ُ‬
‫ت َذا َف ْق ِر‬ ‫َوقَ ْد َز َادنِ ْي تِْي َهاً َعَلى ُمَت َكبِّ ٍر‬

‫‪586‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫العَلى بَِت َكلُّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صلُّ ٍ‬


‫ف‬ ‫َو َم ُّد يَد نَ ْحَو ُ‬ ‫ف‬ ‫ط تَ َ‬ ‫اب َو َف ْر ُ‬ ‫اب َوإِ ْع َج ٌ‬ ‫آخر‪َ :‬ح َج ٌ‬
‫ف‬ ‫َع َذ ْرنَا ولَ َكن ِمن ور ِاء تَ َخلُ ِ‬ ‫ولَْو َكا َن َه َذا ِم ْن َو َر ِاء ِكَفايٍَة‬
‫َ ْ ْ ََ‬
‫ف‬ ‫والَّ ِذي ِفي التِْي ِه قَ ْد َح َاز َّ‬
‫السَر ْ‬ ‫ف‬ ‫الصَل ْ‬
‫ور َّ‬ ‫ْيل ال َق ْد ِر َم ْوفُ َ‬
‫آخر‪ :‬يَا َقل َ‬
‫ف‬‫الصَل ْ‬
‫ك َّ‬ ‫أ َْو َس ِخَياً يُ ْحَت َم ْل ِمْن َ‬ ‫ض ْع تُ ْحَت َم ْل‬ ‫ُك ْن لَئِْي َماً َوَتَوا َ‬
‫الع َج ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِكْبٌر بِالَ نَ َش ٍ‬ ‫ب بِالَ أ ََد ِ‬ ‫آخر‪ :‬فَ َخٌر بِالَ َح َس ٍ‬
‫ب َه َذا م َن َ‬ ‫ب‬ ‫ب ُع ْج ٌ‬
‫ويَق ُ ِ‬
‫ب اللَّ ْه َذ ُم‬ ‫ِ‬
‫ال ل ْي َه َذا اللَبْي ُ‬ ‫ُ‬ ‫آخر‪ :‬ال َْم ُرء ُي ْع ِجبُنِ ْي َو َما َكلمتُهُ‬
‫ف‬‫اف َك َما َي ْزيِ ُ‬ ‫ف َز َ‬ ‫ِفي ال َك ِّ‬ ‫ت ِزنَ َ‬
‫ادهُ َو َو َرْيتَهُ‬ ‫فَِإ َذا قَ َد ْح ُ‬
‫ومن آثار الكرب ‪ :‬تصعري اخلد ‪ ،‬والنظر شزرا ‪ِ،‬‬
‫الد ْر َه ُم‬
‫وإطراق رأسه ‪ ،‬وجلوسه مرتبع اً‬ ‫ً‬
‫أو متكئاً ‪.‬‬
‫وتظهر آث ار الكرب أيض اً يِف أق وال املتكرب حيت يِف ص وته ونغمته وص يغة كالمه يِف اإلي راد وقيل ألمحق تكرب وق ام س اخطاً َعلَى أس تاذه ملاذَا‬
‫قمت َف َق َال دخلت ومل حيرتمين وجلست فلم يكرمين ومل يدر من أَنَا واستشهد بقول الشاعر ‪:‬‬
‫اله َدى بَِت َذلُ ٍل‬ ‫اك ُ‬ ‫( ولَْو َكا َن إِ ْد َر ُ‬
‫ِ‬
‫اله َدى أَ ْن الَ أَمْي َل إِلى ُ‬
‫اله َدى )‬ ‫ت ُ‬ ‫َرأَيْ ُ‬
‫الح ِّق وال َفَن ِد‬
‫فَالَ ُيَفِّر ُق َبْي َن َ‬ ‫س َم ْع ِرفَ ًة‬ ‫آخر‪َ :‬كالث َّْو ِر َع ْقالً َوِمثْ ُل التَّيِ ِ‬
‫الربْ َع ِم ْن‬ ‫الربْ َع َما ِفي َّ‬‫الَ تَ ْسأ َِل َّ‬ ‫ص ُيَن ِادي َف ْو َق َه َامتِ ِه‬ ‫الج ْه ُل َش ْخ ٌ‬ ‫َ‬
‫أ ِ‬
‫ث‬‫ات ِم ْن َحْي ُ‬ ‫ت بِِه اآلفَ ُ‬ ‫َحادطَ ْ‬‫َ‬ ‫ات ُع ْجباً بَِرْأيِِه‬ ‫آخر‪ :‬ومن أمن اآلفَ ِ‬
‫ََ ْ َ َ‬
‫الرِف َيع َة َكال ُك ْف ِر‬
‫س َّ‬ ‫النَف َ‬
‫ض َع َّ‬‫يَو ْجالَه ُلَو َ‬ ‫التَقى‬ ‫ضْي َع َة َك ُ‬ ‫الن ْفس الو ِ‬
‫آخر‪َ :‬و َما َرفَ َع َ َ َ‬
‫ويظهر أيض اً أثر الكرب يِف مش يه وتبخ رته وقيامه وجلوسه وحركاته وس كناته ويِف‬
‫تعاطيه ألفعاله ‪ ،‬ويِف سائر تقلباته يِف أحواله وأقواله وأعماله ‪.‬‬
‫ويِف كتاب اخلمول والتواضع البن أيب ُّ‬
‫الد ْنيَا عن أيب بكر اهلذيل قال ‪ :‬بينما حَنْ ُن‬
‫وعلَْي ِه جب اب خز ‪ ،‬قَ ْد‬ ‫ِ‬
‫َم َع احلسن ‪ ،‬إذ مر َعلَْي ه ابن األهتم يريد املنص ور َ‬
‫عنها قباؤه وهو‬
‫نضد بعضها فوق بعض َعلَى ساقه ‪ ،‬وانفرج َ‬

‫‪587‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال ‪ :‬أف أف ‪ ،‬ش امخ بأنفه ث اين‬ ‫ميشي ويتبخرت ‪ ،‬إذ نظر إليه احلسن نظ رة َف َق َ‬
‫عطفيه يِف نعم َغْي َر‬ ‫ِ‬ ‫عطفيه أي محيق ينظر يِف‬ ‫ِ‬ ‫عطفه ‪ ،‬مص عر خ ده ‪ ،‬ينظر يِف‬
‫مش كورة وال م ذكورة ‪َ ،‬غْي َر املأخوذ ب أمر اهلل فيها ‪ ،‬وال املؤدي حق اهلل منها‬
‫اهلل أن ميشي أح دهم طبيعته يتلجلج تلجلج اجملن ون يِف ُكل عضو منه نعمة‬ ‫و ِ‬
‫َ‬
‫ال ‪ :‬ال تعت ذر‬ ‫ابن األهتم ‪ ،‬فرجع يعت ذر إليه ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫هِب‬
‫وللش يطان َا لعنة ‪ ،‬فس معه ُ‬
‫ض َمَرح اً‬‫ش يِف األ َْر ِ‬ ‫إيل وتب إيل ربك ‪ ،‬أما مسعت قول اهلل تعاىل ‪َ ﴿ :‬والَ مَتْ ِ‬ ‫َّ‬
‫ال طُوالً ﴾ ‪.‬‬ ‫ض َولَن َتْبلُ َغ اجْلِبَ َ‬ ‫إِن َ‬
‫َّك لَن خَت ْ ِر َق األ َْر َ‬
‫ال ‪ :‬إن للشياطني إخواناً ‪.‬‬ ‫ورأي ابن عمر رجالً خيطر يِف مشيته َف َق َ‬
‫وروي عن َعلَى بن أيب ط الب ك رم اهلل وجهه أنه ق ال ‪ :‬من أراد أن ينظر إيل‬
‫ال أنس ‪:‬‬ ‫رجل من أ َْهل الن ار فلينظر إيل رجل قاعد وبني يديه ق وم قي ام ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ِ‬
‫مل يكن شخص أحب إليهم من رسول اهلل ‪ ، ‬و َك انُوا إِذَا رأوه مل يقوموا لَهُ‬
‫ملا يعلمون من كراهته لذلك ‪.‬‬
‫ومن آث ار الكرب أن املتكرب حيرص ج داً َعلَى أن ميشي معه غ ريه ويك ون املاشي‬
‫معه خلفه ‪ ،‬و َك ا َن عبد ال رمحن بن ع وف ال يع رف من بني عبي ده إذ َك ا َن ال‬
‫يظهر يِف صورة ظاهرة ‪ ،‬ومشي قوم خلف احلسن البصري فمنعهم ‪ ،‬و َك ا َن ‪‬‬
‫يِف بعض األوقات ميشي َم َع بعض أصحابه فيأمرهم بالتقدم وميشي يِف غمارهم ‪،‬‬
‫لينفي عن َن ْفسه وساوس الشيطان بالكرب واإلعجاب ‪.‬‬ ‫إما لتعليم غريه أو ِ‬
‫ومن آثار الكرب أن يستنكف من جلوس غريه معه بالقرب منه إال أن جيلس بني‬
‫يِب‬ ‫يديه ‪ ،‬والتواضع خالفه ‪ ،‬ومنها أن ال يتع اطي ش غالً يِف‬
‫بيته ‪ ،‬وقَ ْد َك ا َن النَّ ّ‬
‫‪ ‬كما روت َعائِ َش ة – يِف مهنة أهله يعين خ دمتهم ‪ ،‬من آث ار الكرب أن ال‬
‫حيمل متاعه إيل بيته ولَ ْو َك ا َن ال يثقله ‪َ ،‬و ُه َو خالف التواضع ‪ ،‬ف َق ْد َك ا َن ‪‬‬
‫ال َعلَى كرم اهلل وجهه ‪ :‬ال ينقص الرجل الكامل من‬ ‫ك ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ِ‬
‫يفعل َذل َ‬

‫‪588‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫كماله من َش ْيء إال عياله ‪ ،‬و َك ا َن أبو عبي دة حيمل س طالً لَ هُ من خشب إيل‬
‫أمري ‪.‬‬ ‫احلمام َو ُه َو‬
‫ال ث ابت بن مالك ‪َ :‬رأَيْت أبا هري رة أقبل من الس وق حيمل حزمة حطب‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال أوسع الطَ ِريق لألمري يا ابن مالك ‪ ،‬وعن‬ ‫َو ُه َو يومئذ خليفة ملروان ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫األص بغ بن نباتة ق ال ‪ :‬ك أين أنظر إيل عمر َر ِض َي اهللُ عن هُ معلق اً حلم اً يِف ي ده‬
‫اليس ري ويِف ي ده اليمين ال درة ي دور يِف األس واق حيت دخل رحله ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ال‬
‫ضهم َرأَيْت علي اً َر ِض َي اهللُ عنهُ قَ ْد اشرتي حلم اً بدرهم فحمله يِف ملحفته ‪،‬‬ ‫َب ْع ْ‬
‫ال ال ‪ ،‬أبو العيال أحق أن حيمل ‪.‬‬ ‫عنك يا أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ت لَهُ أمحل َ‬ ‫ف ُق ْل ُ‬
‫وروي أن عمر بن َعْبد الْ َع ِزيز أت اه ليلة ضيف و َك ا َن يكتب فك اد الس راج يطفأ‬
‫س من ك رم الرجل أن‬ ‫ال ‪ :‬لَْي َ‬ ‫ال الض يف ‪ :‬أق وم إيل املص بح فأص لحه َف َق َ‬ ‫‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال ‪ِ :‬ه َي أول نومة نامها ‪ .‬فق ام فأخذ‬ ‫يس تخدم ض يفه ‪ ،‬ق ال ‪ :‬أفأنبه الغالم؟ َف َق َ‬
‫ت بنفسك يا أمري املؤم نني!‬ ‫ال الض يف ‪ :‬قمت أَنْ َ‬ ‫البطة فمأل املص باح زيت اً ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال ‪ :‬ذهبت وأنَا عمر ورجعت وأنَا عمر ما نقص مين َش ْيء وخَرْي النَّاس من‬ ‫َف َق َ‬
‫َك ا َن ِعْن َد اهلل متواض عاً ومن آث ار الكرب تطويل الش ارب الضي يس مي ش نبات‬
‫كأهنا ريش اجلعل إِ َذا ابت دأ ب الطريان أو ن زل قبل أن يدخله ‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ‪:‬‬
‫﴿ أَفَ َمن ُزيِّ َن لَهُ ُسوءُ َع َملِ ِه َفَرآهُ َح َسناً ﴾ ‪.‬‬
‫ك إمالة العقال إيل اجلبهة أو إيل جانب الرأس ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫و َك َذل َ‬
‫ومن آثاره إسبال الثياب والتفاخر هبا ‪.‬‬
‫وعلَْي ِه‬
‫الشخرْي نظر إيل املهلب بن أيب صفرة َ‬ ‫ِّ‬ ‫اهلل بن‬ ‫وحكي أن مطرف بن عبد ِ‬
‫َْ‬
‫اهلل ما ه ذه املش ية اليت‬ ‫ال مط رف ‪ :‬يا عبد ِ‬ ‫حلة يس حبِ َها وميشي اخليالء ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫َْ‬
‫ال ‪ :‬بل‬ ‫ال املهلب ‪ :‬أما تعرفين وتنه اين مِم َّا َرأَيْت َف َق َ‬ ‫يبغض ها اهلل ورس وله َف َق َ‬

‫‪589‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك ب ول‬ ‫ِ‬
‫أعرفك أولك نطفة م ذرة وآخ رك جيفة ق ذرة وحش وك فيما بني َذل َ‬
‫وعذرة ‪ ،‬قال بعضهم ‪.‬‬

‫‪590‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ض المس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س أَْثَواباً يَتِْيهُ بَِها‬


‫اكْي ِن‬ ‫الملُوك َعَلى َب ْع ِ َ َ‬ ‫تْي َه ُ‬ ‫يَا َم ْن َتَلبَّ َ‬ ‫ِشْعراً‪:‬‬
‫البَر ِاذيْ ِن‬ ‫ِ‬
‫البَراذ ِع أَ ْخالَ َق َ‬‫ش َ‬ ‫َن ْق ُ‬ ‫الح ِمْي ِر َوالَ‬ ‫الج ُّل أَ ْخالَ َق َ‬ ‫َما َغْيَر ُ‬
‫االص ابِ ِع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ات َو َس ْعَل ِة‬
‫َمليءٌ بَِب ْه ٍر َوالتَِف َ‬
‫َو َم ْس َحة ُعْثُن ْون َو َفْت ِل َ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫أَيها الم َد ِعي ِ‬
‫ت‬ ‫ِر لذ ْي الكْب ِريَاء َو َ‬
‫الجَب ُر ْو ُ‬ ‫الف َخ َار َد ِع ال َف ُخـ‬ ‫َُ ُ‬ ‫آخر‪:‬‬
‫الف َخا ِر لِلْعن َكبُ ُ‬
‫وت‬ ‫ِر و َكا َن ِ‬
‫َ‬ ‫نَ ْس ُج َد ُاو ْو ُد لم يُِف ْد لَْيَل َة الغَا‬
‫وت‬
‫الياقُ ُ‬ ‫ِ‬
‫ِر ُم ِزيْ ٌل فَضْيلَ َة َ‬ ‫ب النَّا‬ ‫الس َمْن َد ِل ِفي لَ َه ِ‬
‫َوبَقاءُ َّ‬
‫ورتِِه‬
‫ص َ‬
‫ِ‬
‫يَا ُمظْ ِهَر الكْب ِر إِ ْع َجاباً بِ ُ‬
‫ِ‬
‫انْظُْر َخالَ َك فَإ َّن النَّْت َن َتثْ ِريْ ُ‬
‫ب‬
‫َّاس ِفي َما ِفي بُطُونِِه ْم‬ ‫لَْو فَ َّكَر الن ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسَت ْش َعَر الكْبَر ُشبَّا ُن َوالَ شْي ُ‬ ‫َما ْ‬
‫س َم ْك ُر َم ًة‬ ‫الرْأ ِ‬‫آد َم ِمثْ َل َّ‬‫َه ْل ِفي ابْ ِن َ‬
‫ب‬ ‫بِأ َْربَ ٍع ُهَو ِفي االقْ َدا ِر َم ْ‬
‫ض ُر ْو ُ‬
‫ك‬ ‫ف يَ ِسْي ُل َوأُ ْذ ٌن ِريْ ُح َها َس ِه ٌ‬ ‫أَنْ ٌ‬
‫ب‬ ‫ضةٌ َو َّ‬
‫الث ْغ ُر َمل ُْع ْو ُ‬ ‫العْي ُن ُم ْرفَ َّ‬ ‫َو َ‬
‫اب غَداً‬ ‫التر ِ‬ ‫ِ‬
‫يَا ابْ َن التَُّراب َو َمأ ُك ْو َل ُ َ‬
‫ك َمأْ ُك ْو ٌل َو َم ْش ُر ْو ُ‬
‫ب‬ ‫ْص ْر فَِإنَّ َ‬ ‫اق ُ‬
‫ومن آث اره ‪ :‬جعل خ امت ذهب أو س اعة فيها ذهب ‪ .‬ومن آث ار الكرب جعل‬
‫ال زيد بن وهب ‪َ :‬رأَيْت عُ َمر بن اخْلَطَّاب‬ ‫الكبك ات يِف أكم ام الثي اب ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫وعلَْي ِه إزاره فِيه أربع عش رة‬ ‫ِ‬
‫َرض َي اهللُ عن هُ خ رج إيل الس وق ‪ ،‬وبي ده ال درة ‪َ ،‬‬
‫ال ‪:‬‬‫رقعة بعض ها من جلد وع وتب َعلَى ك رم اهلل وجهه يِف إزار مرق وع ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫يقت دي به امل ْؤ ِمن وخيشع لَ هُ القلب ‪ .‬أين ه ؤالء من أ َْهل زماننا املظلم ‪ .‬ومن‬
‫ُ‬
‫آثار الكرب ‪ :‬األكل أو الشرب باليسار َو ُه َو خالف السنة والعقل‬

‫‪591‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫تنجاءَ والتمخط وإخ راج ما يِف األنف ‪ .‬أو‬ ‫واألدب ‪ .‬ف إن اليس ار ملا يس تكره كاالس تجمار واالس َ‬
‫يِف اجلروح من ص ديد وغسل األوس اخ والنجاس ات ‪ ،‬أو ملا حيرم ويس تقذر كال دخان واخلمر ‪ ،‬وإليمين َعلَى‬
‫ك مِم َّا ُه َو الئق هبا ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العكس لألكل والشراب والتسوك والتطيب ‪ ،‬وتقدميها للسالم وللمناولة وحنو َذل َ‬
‫َو ُقلِّ َد أ َْمراً لم يَ ُك ْن ِم ْن ِر َجالِِه‬ ‫ِشْعراً‪َ :‬وتَ َاه َس ِعْي ٌد أَ ْن أ ُِفي د ِوالَيًَة‬
‫و َغْيَر َحالِ ْي ِعْن َد ُه ُح ْس ُن َحالِِه‬ ‫َوأَ ْدَبَر َعنِّي ِعْن َد إِقَْب ِال َح ِظ ِه‬
‫احتِ َمالِِه‬ ‫فَأَوس ْعتُهُ ُع ْذراً لِ ِ‬ ‫ب اتَّس ِ‬
‫اع ِه‬ ‫ِ‬
‫ضْي ِق ْ‬ ‫َْ‬ ‫اق َعَلى َحّقي ب ُع ْق ِ َ‬ ‫ض َ‬ ‫َو َ‬
‫وقَ ْد يصل الكرب ومثله العجب – بصاحبه إيل أن يورده موارد الكفر برب العاملني ‪،‬‬
‫ك ما روي أن رجالً َك ا َن جالس اً‬ ‫ِ‬
‫كما حصل للمتك ربين َعلَى اهلل ورس له ‪ ،‬فمن ذَل َ‬
‫اهلل كيف الطري ق؟ َف َق َال يا هن اة أمثلي‬ ‫يِف طَ ِريق فم رت به ام رأة ف َق الَت ‪ :‬يا عبد ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫يك ون من عبيد اهلل؟ وخطب رجل آخر يِف النَّاس ‪َ ،‬فلَ َّما انتهي من خطبته ق ال لَ هُ‬
‫بعض الن اس ‪ .‬أك ثر اهلل من أمثالك َف َق َال هلُ ْم ‪ :‬لََق ْد كلفتم اهلل ش ططا ‪ .‬أي أم راً‬
‫اهلل تعاىل من حاله ‪ .‬وحالة أمثاله قللهم اهلل يِف امل ْسلِ ِمنْي َ ‪.‬‬ ‫بعيداً ومشقاً نعوذ بِ ِ‬
‫ُ‬
‫وآخر أضل راحلته فالتمسها فلم جيدها فق َال ‪ :‬إن مل يرد اهلل إيل راحليت ال صليت له صالة أبدا ‪ ،‬فالتمسها النَّاس فوجدوها ‪ ،‬فق الوا ل ه ‪:‬‬
‫ََ ُ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك وآخر دخل مسجد البصرة فبسط ناس لَهُ‬ ‫ك راحليت فصل ‪َ ،‬ف َق َال ‪ :‬إن مييين ميني مصر ‪ ،‬كأنه يهدد اهلل ‪ ،‬نعوذ باهلل من َذل َ‬ ‫قَ ْد رد اهلل َعلَْي َ‬
‫أرديتهم تعظيم اً لَ هُ ‪ ،‬فمشي َعلَْي َها َوقَ َال لرجل مياش يه ‪( :‬ملثل َه َذا فليعمل الع املون) اقتباس اً من آية الص افات ‪ ،‬إيل َه َذا احلد يصل الكرب‬
‫بأهله قال ابن القيم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫ِ ِ‬
‫َو َس ِل العَيا َذ م َن التَّ َكبُ ِر َ‬
‫والهَوى‬
‫الش ِر ج ِامعتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫َف ُه َما ل ُك ِل َّ َ َ‬
‫ان ال َفتَى عن ُك ِّل طُْر‬ ‫و ُهما يص َد ِ‬
‫َ َ َُ‬
‫ِق الْ َخْير إِ ْذ ِفي َق ْلبِ ِه يِلج ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ‬
‫َفَتراهُ يَ ْمَن ُعهُ َهَواهُ تَ َار ًة‬
‫ِ‬
‫والكْبر أُ ْخرى ثُ َّم ي ْجَت ِمع ِ‬
‫ان‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬

‫‪592‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫إال تَابِ ٌع‬ ‫اهلل َما ِفي النَّا ِر‬


‫و ِ‬
‫َ‬
‫النِْير ِ‬
‫ان‬ ‫ه َذي ِن فَاس ْأل س ِ‬
‫اكنِي‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫يَ َد ِعي ال َكَر َما‬ ‫الحَيا َة َفَي ْغ ُد‬
‫َيْن َسي َ‬
‫حتى إِ َّن ص ِ‬
‫احبِ ِه‬ ‫َ‬ ‫آخر‪ :‬قَ ْد يَطَْف ُح اللُّْؤ ُم‬
‫ََ‬
‫واسَت ْس َم َن‬
‫ْ‬ ‫ضالَ َل ُه َد ًى‬ ‫َرأى ال َ‬ ‫ص ٍر‬
‫ت قَ َذى بَ َ‬ ‫الج َهالَ َة إِ ْن كانَ ْ‬
‫إِ َّن َ‬
‫ت َو ِه َي أَ ْذنَاباً لَ َها‬ ‫الو َرىَما إد َ‬
‫َّع ْ‬ ‫كم ِم ْن أ ََر ِاذ َل أَطْغَْت َها َسَف َه ُّات َها‬
‫َحَت‬
‫ت َوالَ‬ ‫ت الطَْي ُر َما ُع َّد ْ‬ ‫أالَْو َش َمُعَمَّدا ْ‬
‫ت َوالَ‬ ‫ش َما ُع َّد ْ‬ ‫الو ْح ُ‬
‫ت َ‬ ‫إِ ْن ُع َّد ْ‬
‫ض َو َذا‬ ‫ِفَر َيخ َماال ُخل ِْق ُب ْو ٌن فَ َذا ْأر ٌ‬ ‫َّاس ِفي َخل ٍْق‬ ‫َّاس َكالن ِ‬ ‫َبوَقالٌرن ُ‬
‫خالفماما يفهمون أنه حيبه ِمْن ُه ْم حيت يدعوه يغلي من معاملتهم‬
‫منْيالَنن ُهَّاسُم ْواأن يزدروه وحيتقروه وميتهنوه وميقتوه ‪ ،‬ويعملوا َس‬
‫ونصيب املتكرب َوَب‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ك ‪ ،‬فالنَّاس هّلُ ْم كرامة يفعلون مبن يكرهونه من‬ ‫غيظ اً وحقداً ‪ ،‬ولَ ْو أمكن النَّاس أن جيعلوا املتكرب دائم اً يِف غموم ومهوم ملا تأخروا عن ذَل َ‬
‫أجل أنه حيتق رهم وميتهن ك رامتهم وي ري َن ْفس هُ ف وقهم فهم ي دركون أنه ل ئيم ال يتوضع إال إِ َذا أهنته وال يع رف َن ْفس هُ إال إِ َذا احتقرته‬
‫وعاملته مثل معاملته وأنه ينطبق َعلَْي ِه قول الشاعر ‪:‬‬
‫ضَرا ِر‬ ‫س بِأَ ْ‬‫ُم َّ‬ ‫إال إِ َذا‬ ‫ِفي النَّاس َم ْن الَ ُي ْرتَ َجى َن ْف ُعهُ‬
‫ُح ِر َق بِالنَّا ِر‬
‫أْ‬ ‫(إال إِ َذا‬ ‫ود الَ تَط َْم ُع ِفي ِريْ ِح ِه‬ ‫َكالع ِ‬
‫ُ‬
‫الس ُه ِد‬
‫األجَفا ُن بِ ُّ‬
‫ت ْ‬ ‫(َكما َتبَّرم ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫الدْنَيا بِطَل َْعتِ ِه‬
‫ت ُّ‬ ‫آخر‪ :‬يا من َتبَّرم ِ‬
‫َ َْ َ َ‬
‫لِثِ ْق ِل طَل َْعتِ ِه يَ ْم ِشي َعلَى َكبِ ِدي‬ ‫يَ ْم ِشي َعلَى األرض ُم ْخَتإال‬
‫ك ِمطَْواعاً َوِم ْذ َعانَا‬ ‫ٍ‬ ‫أح َتِْ‬
‫أَ ْغلَظْهُ يَأْتَِي َ‬ ‫سلبُطهََُف َّن بِ ِدي لُْؤم َفتُط ِْغَيهُ‬ ‫آخر‪ :‬فَالَ ْ‬
‫الب ْحَر َما الَنَا‬ ‫ت َ ِ‬ ‫إِ َّن ِ‬
‫َعلَْيه َ‬ ‫صَبَب ْ‬ ‫ولَْو َ‬ ‫َّار قَ ْسَوتَهُ‬ ‫الحديْ َد تُ ْلي ُن الن ُ‬
‫َ‬
‫َوإِ ْن َيَن ْل ِشْب َع ٍة َيْنَب ْح َعلَى االثَ ِر‬ ‫ك‬ ‫اع لم ُي ْع ِد ْم َ‬ ‫ْب إِ ْن َج َ‬ ‫آخر‪ :‬ال َكل ُ‬
‫أَ ُخو َع ِام ٍر من م َّسهُ بَِهو ِ‬
‫ان‬ ‫ص ًَةع ِامراً تَ ْك ُر ْم َعلَْي ِه َوإِنَّ َما‬
‫صَْبن َ‬ ‫آخر‪ :‬بأَ َِهْ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬

‫‪593‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ك‬
‫زم ْ‬
‫ب اال ْكَر َام َحقاً ل َ‬ ‫َحس َ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َّن َذا اللُّْؤم إِ َذا أَ ْكَر ْمَتهُ‬
‫ك‬ ‫إِ ْن تَسمهُ بَِهو ٍ‬
‫ان أَ ْكَر َم ْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫فَأ َِهْنهُ إِنَّهُ ِم ْن لُْؤِم ِه‬
‫ُمَت َكبِ ُر ِفي َن ْف ِس ِه َوبَ ْخِي ُل‬ ‫ض ُه ْم َغالِباً ِعْن َد ال َكثِْي ِر‬ ‫ان ُب ْغ ُ‬ ‫آخر‪ :‬اثْنِ ِ‬
‫وأما نصيب املتكرب من اهلل فكما مسعت من اآليات الكرمية ‪ ،‬واألحاديث الشريفة اليت إِ َذا مسعها املتواضع املوفق فتش َعلَى َن ْفسهُ خشية أن‬
‫يكون قَ ْد دخل َعلَْي ِه الكرب َو ُه َو َغافِل عنه ‪.‬‬
‫وقَ ْد تَصَّرم ِالنْبَِت ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫إِلَْي ِه‬ ‫س َج ْهالً‬ ‫النْف ُ‬ ‫ت لِ َما َتَت ْو ُق َّ‬ ‫َع ِجْب ُ‬
‫(‬ ‫الع ُذ ْو َل َوقَ ْد َد َعانِي‬ ‫و ِع ْ ِ‬
‫صَياني َ‬ ‫َ‬
‫إِلى ُر ْش ِدي َو َما ِفيه نَ َجاتِي‬
‫ش َو ُك ُّل َي ْوٍم‬ ‫ِ‬
‫أ َُؤِّم ُل أَ ْن أَعْي َ‬
‫بِ َس ْم ِع ْي َرنَّةٌ ِم ْن ُم ْع ِوالَتِي‬
‫الح ِافريْ َن تَ ِك ُّل ِم َّما‬
‫َوأَيْدي َ‬
‫ِ‬
‫اكن مو ِح َش ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تُ َسِّو ْي م ْن َم َس َ ُ ْ‬
‫الجَنائُِز قَ َابلَْتَنا‬
‫اع ِإ َذا َ‬ ‫ُنَر ُ‬
‫ونَس ُكن ِحْين تَ ْخَفى َذ ِاهب ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫ب‬‫َكَر ْو َع ِة ُثلٍَّة لِظُُهو ِر ِذئْ ٍ‬
‫ت راتِع ِ‬
‫ات‬ ‫اد ْ َ َ‬ ‫اب َع َ‬ ‫َفلَ َّما غَ َ‬
‫ْت أَ ْن َتْبَقى فَ َسائِ ْل‬ ‫فَِإ ْن أََّمل َ‬
‫بِما أَ ْفَنى ال ُقرو َن ال َخالِي ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫صانِ َع قَ ْد َبَن َاها‬ ‫ِ ِ‬
‫فكم م ْن ذي َم َ‬
‫ف َعاتِي‬ ‫و َشيَّ َدها قَِليل ال َخو ِ‬
‫َ َ ُْ ْ‬
‫اله ِّم ِذ ْي بَ ٍال َر ِخ ٍي‬ ‫يل َ‬
‫ِ‬
‫قَل ُ‬
‫َصم عن النَّصائِ ِح ِ‬
‫والعظَ ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫أ َّ َ‬

‫‪594‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ع ِم ْن َز َو ٍال‬ ‫ات َو َما ُيَر َّو ُ‬ ‫َفَب َ‬


‫َصبح َذا ِش َك ِ‬
‫ات‬ ‫ِ‬
‫صحْي َحاً ثُ َّم أ ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫َفَبا َك ُ ِ‬
‫ب فَ ِريْ َع لَ َّما‬ ‫ره الطَّبْي ُ‬
‫الد َع ِاة‬
‫ب إَلى ُّ‬ ‫ِ‬
‫آه الَ يُجْي ُ‬ ‫َر ُ‬
‫المَفِّر َط َو ُهَو َح ٌي‬ ‫َن ُ‬ ‫َفَل ْو أ َّ‬
‫ات‬‫الصالِح ِ‬ ‫َتوخَّى ِ ِ‬
‫الباقَيات َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ٍ‬
‫اب َحظَاً‬ ‫َص َ‬ ‫لََف َاز بِغْبطَة َوأ َ‬
‫ولم ي ْغش االمور الموبَِق ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ َ ُْ َ ُ ْ‬
‫ك ِعنَ َد َها ِعظَ ًة لِ َح ٍي‬ ‫َفيالَ ِ‬
‫َ‬
‫اسي ِ‬
‫ات‬ ‫ك ِمن ُقلُ ٍ ِ‬ ‫ويا لَ ِ‬
‫وب قَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ف يُ ْم ِسي‬ ‫َو ُك ُل أ َِخي َثَر ٍاء َس ْو َ‬
‫َع ِديماً والج ِمْيع إِلى َشَت ِ‬
‫ات‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ْف َش ْيءٌ َما َتَقضَّى‬ ‫َكأَ ْن لم ُيل َ‬
‫ف يَأْتِي‬ ‫ت َما َس ْو َ‬ ‫ولَْيس بَِفائِ ٍ‬
‫َ َ‬
‫ومشاتة األع داء ‪ ،‬وعض ال ال داء ‪ ،‬وخيبة‬ ‫ض ِاء‬ ‫ِ‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نع وذ بك من س وء ال َق َ‬
‫ونس ألك أن تغفر لنا ولوال دينا ‪َ ،‬وجِلَ ِمي ِع‬ ‫وز َوال النعمة وفج أة النقمة ‪،‬‬ ‫الرج اءَ َ‬ ‫َ‬
‫وعلَى آله وص حبه‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْس ل ِمنْي َ ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫ني‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫صٌل وللكربعالج قَ ْد ذكره العلماء ‪ :‬أوالً أن يعرف اإلنسان ربه ويعرف َن ْفسهُ‬ ‫َف ْ‬
‫‪ ،‬فإنه إِذَا ع رف ربه حق املعرفة علم أنه ال تليق العظمة والكربي اء إال بِ ِ‬
‫اهلل ‪،‬‬
‫وإِ َذا ع رف َن ْفس هُ علم أنه ض عيف ذليل ال يليق به إال اخلض وع هلل والتواضع‬
‫َي َش ْي ٍء َخلَ َق هُ * ِمن‬
‫نس ا ُن َما أَ ْك َف َرهُ * ِم ْن أ ِّ‬ ‫ِ ِ‬
‫والذلة ‪ ،‬قال اهلل تعاىل ‪ ﴿ :‬قُت َل اإْل َ‬

‫‪595‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يل يَ َّس َرهُ * مُثَّ أ ََماتَ هُ فَ أَ ْقَبَرهُ * مُثَّ إِ َذا َش اء أ َ‬


‫َنش َرهُ ﴾‬ ‫نُّطْ َف ٍة َخلَ َق هُ َف َق دَّرهُ * مُثَّ َّ ِ‬
‫الس ب َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬

‫‪596‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّه ِر مَلْ يَ ُكن َش ْيئاً َّم ْذ ُكوراً‬ ‫ال تع اىل ‪ ﴿ :‬ه ل أَتَى علَى اإْلِ نس ِ ِ‬
‫ني ِّم َن ال د ْ‬ ‫ان ح ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫﴾ ِففي اآليات اإلشارة إيل خلق اإلنسان وإيل آخر أمره وإيل وسطه ‪ ،‬أما أوله‬
‫فهو أنه مل يكن ش يئاً م ذكوراً وقَ ْد َك ا َن يِف ح يز الع دم ده وراً ‪ ،‬مُثَّ خلقه‬
‫العزيز احلكيم من تراب مُثَّ من نطفة مُثَّ من علقة مُثَّ من مضغة مُثَّ جعله عظام اً‬
‫مُثَّ كسا العظ ام حلم اً ‪ ،‬ف َق ْد َك ا َن َه َذا بداية وج وده أوالً مجاداً ال يس َم َع وال‬
‫يبصر وال حيس وال يتح رك وال ينطق وال يبطش وال ي درك وال يعلم ‪َ ،‬ك َذا‬
‫خلقه اهلل ‪.‬‬
‫يل يَ َّس َرهُ ﴾ أي بينه وأوض حه وس هله ‪ ،‬كما‬ ‫ال ‪ ﴿ :‬مُثَّ َّ ِ‬
‫الس ب َ‬ ‫مُثَّ امنت َعلَْي ِه َف َق َ‬
‫يل ﴾ فاهلل َج َّل َو َعال ُه َو الَّ ِذي أحيا اإلنسان‬ ‫يِف قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬إِنَّا َه َد ْينَاهُ َّ ِ‬
‫الس ب َ‬
‫بعد أن َك ا َن مجاداً ميت اً ‪ ،‬تراب اً أوالً ونطفة ثاني اً ‪ ،‬وأمسعه بعد أن َك ا َن أصم‬
‫وبص ره بعد ما َك ا َن فاقَ ْد البصر ‪ ،‬وق واه بعد الض عف ‪ ،‬وعلمه بعد اجلهل ‪،‬‬
‫ون أ َُّم َه اتِ ُك ْم الَ َت ْعلَ ُم و َن َش ْيئاً َو َج َع َل‬
‫كما قال تعاىل ‪ ﴿ :‬واللّ ه أَخ رج ُكم ِّمن بطُ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َْ َ‬
‫ص َار َواألَفْئِ َد َة لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن ﴾ ‪.‬‬‫لَ ُك ُم الْ َّس ْم َع َواألَبْ َ‬
‫فمن َك ا َن َه َذا أوله ‪ ،‬وه ذه أحواله ‪ ،‬فمن أين لَ هُ البطر واألشر والكربي اء‬
‫ِّس بَ ِة إيل ق درة الب ارئ َج َّل َو َعال كما ق ال‬ ‫ِ‬
‫واخليالء ؟ َو ُه َو الض عيف احلقري بالن ْ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬خلقن اهم مِم َّا يعلم ون ﴾‬ ‫ني ﴾ َوقَ َ‬‫قكم ِّمن َّماء َّم ِه ٍ‬ ‫تع اىل ‪ ﴿ :‬أَمَلْ خَن ْلُ ُّ‬
‫نس ا ُن ِم َّم ُخلِ َق ‪ُ ،‬خلِ َق ِمن َّماء َدافِ ٍق ﴾ فليتأمل العاقل هل‬ ‫ِ ِ‬
‫ال ‪َ ﴿ :‬ف ْليَنظُر اإْل َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫يليق الكرب مبن َه َذا أوله ‪ ،‬وآخره أنه يسلب روحه ومسعه وبصره وعلمه وقدرته‬
‫وحسه وإدراكه وحركته ومجاله َومَجِ يع أحواله ‪ ،‬فيع ود كما َك ا َن أوالً مجاداً ‪،‬‬
‫ال يبقي إال ش كل أعض ائه وص ورته فِيه وال حركة ‪ ،‬مُثَّ يوضع فِيه َذا التَُّراب‬
‫فيصري جيفة منتن اً ‪ ،‬كما َك ا َن يِف األول نطفة م ذرة ‪ ،‬تبلي أعض اؤه وتتفتت‬
‫أجزاؤه ‪ ،‬وتنخر عظامه ويصري رميماً وفاتاً ويأكل الدود أجزاءه ‪،‬‬

‫‪597‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ويك ون جيف ةً يه رب منه ُك ّل حي وان ويس تقذره اإلنس ان ‪ ،‬وأحسن أحواله أن‬
‫يع ود تراب اً كما َك ا َن ‪ ،‬مُثَّ حيييه الَّ ِذي خلقه أول م رة فيقاسي البَالء والش دائد‬
‫وأه وال املعج زات ‪ ،‬فيخ رج من ق ربه كما أخرب تع اىل بقوله ‪َ ﴿ :‬ي ْو َم خَي ُْر ُج و َن‬
‫ض و َن ﴾ فينظر إيل قيامة قائمة ‪،‬‬ ‫اث ِس راعاً َك أَنَّهم إِىَل نُص ٍ ِ‬ ‫ِمن اأْل َج َد ِ‬
‫ب يُوف ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ومساء منفرجة مش ققة ‪ ،‬وأرض مبدلة ‪ ،‬وجب ال مس رية ‪ ،‬وجنوم منك درة ‪،‬‬
‫ومشس منكسفة ‪ ،‬وأحوال مظلمة ومالئكة غالظ شداد ‪ ،‬وجهنم تزفر قال تعاىل‬
‫نس ا ُن َوأَىَّن لَ هُ ال ِّذ ْكَرى ﴾ ينظر إليها‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ٍ جِب‬ ‫ِ‬
‫َّم َي ْو َمئ ذ َيتَ َذ َّكُر اإْل َ‬
‫‪َ ﴿ :‬وجيءَ َي ْو َمئ ذ َ َهن َ‬
‫ك ﴾ فِيه مَجِ يع‬ ‫ال ‪ ﴿ :‬ا ْق َرأْ َكتَابَ َ‬ ‫اجملرم فيتحسر ‪ ،‬ويري صحائف منشورة ‪َ ،‬فُي َق ُ‬
‫ِ ٍ مِب‬ ‫ِ‬
‫َخَر ﴾ ق ال تع اىل ‪:‬‬ ‫َّم َوأ َّ‬
‫نس ا ُن َي ْو َمئ ذ َا قَ د َ‬ ‫عمله من أوله إيل آخ ره ﴿ يُنَبَّأُ اإْل َ‬
‫ال ذَ َّر ٍة َش ّراً َي َرهُ ﴾ ‪،‬‬ ‫ال ذَ َّر ٍة خَرْي اً َي َرهُ * َو َمن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َ‬ ‫﴿ فَ َمن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ني * َي ْعلَ ُمو َن َما َت ْف َعلُو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ني * كَراماً َكاتبِ َ‬ ‫ال ‪َ ﴿ :‬وإِ َّن َعلَْي ُك ْم حَلَافظ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫فما ملن َه َذا حاله ومآل هُ والتكرب والتع اظم والتجرب ‪ ،‬بل مآله وللف رح يِف حلظة‬
‫واحدة ‪ ،‬فضالً عن األشر والبطر ‪ ،‬قال ‪ " : ‬لَ ْو تعلمون ما أعلم ‪ ،‬لضحكتم‬
‫فه َذا من أحسن الط رق‬ ‫قليالً ولبكيتم كث رياً وملا تل ذذمت بالنس اء َعلَى الف رش " ‪َ .‬‬
‫لت ذليل النفس ومحلها َعلَى اخلض وع التواضع هلل الَّ ِذي لَ هُ الكربي اء يِف الس ماوات‬
‫واألرض َو ُه َو العزيز احلكيم ‪.‬‬
‫َخالق‬ ‫ِ‬
‫وأما العالج الث اين فهو ‪ :‬التواضع هلل بالْف ْعل ولس ائر اخللق باملواظبة َعلَى أ ْ‬
‫املتواض عني املتبعني لطريقة س يد املرس لني ومن مجلتها ما فيها من التواضع ب املثول‬
‫قائم اً وب الركوع والس جود " إمنا أَنَا عبد آكل كما يأكل العب د" وقَ ْد ذكرنا‬
‫منوذج اً من تواضعه ‪ ‬يِف فضل التواضع من أحب الزيادة فريجع إليه قال بعض‬
‫من رضي بالكفاف وقنعه‬

‫‪598‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل مبا آتاه ومن َعلَْي ِه بالتواضع ‪.‬‬


‫مو ِ‬
‫ض ٌع‬ ‫ت‬ ‫أَيا الَئِ ِمي مالِي ِسوى البْي ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِعزاً إِنَّهُ لِي أَْنَف ُع‬ ‫أ ََرى ِفيه‬
‫اشي َونَط ِْعي َف ْر َوتِي َفَر ِجْيتِي‬ ‫ِف ِر ِ‬
‫س ُد َويُ ْشبِ ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ل َحافي َوأَ ْكل ْي َما يَ ُ‬
‫َو َم ْر ُك ْوبِ َي اآل َن األتَا ُن َونَ ْجلُ َها‬
‫ألَ َخالَ ِق أ َْه ِل الدِّي ِن و ِ‬
‫العل ِْم أَْتَب ُع‬ ‫ْ َ‬
‫ضِل ِه‬
‫َوقَ ْد يَ َسَر اهللُ ال َك ِريْ ُم بَِف ْ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِغَنى َّ‬
‫س َم َع َش ْيء بِه أََتَقن ُ‬
‫َّع‬ ‫النْف ِ‬
‫ْأو ِف ُر ُه لِأل َْه ِل َخ ْوفاً َيَر ُاه ْم‬
‫َّع‬
‫ضيِّ ٌق َفيُ َشن ُ‬
‫ش َ‬ ‫َع ُدٌو بَِعْي ٍ‬
‫أصبِ ُر ِفي َن ْف ِسي َعلَى َما َيُن ْوبُنِي‬ ‫َو ْ‬
‫ِ‬
‫الع ْف ُو أ َْو َس ُع‬
‫ب َع ْفَو اهلل فَ َ‬ ‫َوأَطْلُ ُ‬
‫الي ِسْي ِر فَِإنَّنِي‬
‫ضى بِ َ‬ ‫ت أ َْر َ‬‫َو َما ُد ْم ُ‬
‫ض ُع‬‫ت أَ ْخ َ‬ ‫اهلل َما ُكْن ُ‬‫غَنِي لِغَْي ِر ِ‬
‫ٌ‬
‫الغَنى‬‫الصبر و ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َربِّ َي قَ ْد آتَاني َّ ْ َ َ‬
‫َج َم ُع‬ ‫ِ ِ‬ ‫عن الن ِ ِ‬
‫َّاس في َه َذا ل َي الع ُز أ ْ‬
‫َع ُّد َها‬
‫ث أُ‬ ‫َوقَ ْد َمَّر ِم ْن ُع ْم ِري ثَالَ ٌ‬
‫ض ِمن اللُّط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْف أ َْرتَ ُع‬ ‫َوستُو َن في َر ْو ٍ َ‬
‫َو َو ْج ِه َي ِم ْن ذُ ِّل التََّب ُذ ِل ُم ْقِفٌر‬
‫اع ِة ُم ْو َس ُع‬ ‫ِ ِ‬
‫ُمِق ٌل َوم ْن عِّز ال َقَن َ‬

‫‪599‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اهلل ُي ْع ِطي َويَ ْمَن ُع‬ ‫ِ‬


‫الم ْوت إِ َّن َ‬ ‫إِلى َ‬ ‫َن َذا يَ ْسَت ِمُر‬ ‫َوِم ْن ُح ْس ِن ظَنِّي أ َّ‬
‫فَأَْبَقى َك َما قَ ْد ِقْي َل َوال َق ْو ُل‬ ‫ْجأُ إِلى َغْي ِر بَابِِه‬ ‫ِ‬
‫لَوإِينَّ َي الَ أَل َ‬
‫يُفَ ْسالََم ُعِدْيُنَنا َيْبَقى َوالَ َما ُنَر ِق ُع‬ ‫نُوقِّ ُع ُدْنَيانَا بَِت ْم ِزيْ ِق ِديْنَِنا‬
‫اد بِ ُدْنَي ُاه لِ َما ُيَت ْوقَّ ُع‬
‫َو َج َ‬ ‫اهلل َربَّهُ‬ ‫ِ ٍ‬
‫فَطُْوبَى ل َعْبد آَثَر َ‬
‫اللَّ ُه َّم انفعنا مبا علمتنا ‪ ،‬وعلمنا ما ينفعنا ‪ ،‬ووفقنا للعمل مبا فهمتنا ‪ ،‬اللَّ ُه َّم إن‬
‫رج اءَ‬ ‫ت تعلم ص دقنا يِف َ‬ ‫كنا مقص رين يِف حفظ حقك ‪ ،‬والوف اء بعه دك ‪ ،‬ف أَنْ َ‬
‫ت أعلم بنا منا ‪ ،‬فبكمال جودك جتاوز عنا ‪،‬‬ ‫رفدك ‪ ،‬وخالص ودك ‪ ،‬اللَّ ُه َّم أَنْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬ ‫َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ ‪ ،‬األحياء ِمْن ُه ْم وامليتني ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫ُ‬ ‫َّ مِحِ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫ني ‪ ،‬وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّ َ‬
‫د‬ ‫م‬ ‫الرا َ‬
‫ين تك ربوا َعلَى اهلل‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك أمر الْ َع َرب الذ َ‬ ‫فصل ‪ :‬وال يتم التواضع بعد املعرفة إال بالْ َع َمل ‪ ،‬ول َذل َ‬
‫الص الة أس رار ألجلها‬ ‫الص الة عم اد ال دين ‪ ،‬ويِف َّ‬ ‫وبالص الة مجيع اً ‪ ،‬وقيل َّ‬ ‫َّ‬ ‫ورس وله باإلميان‬
‫ك انت عم اد ال دين ‪ ،‬ومن مجلتها ما فيها من التواضع ب املثول قائم اً وب الركوع والس جود ‪،‬‬
‫ك‪،‬‬ ‫علَى أن ال آخر قائم اً ‪ ،‬فبايعه ‪ ‬مُثَّ فقه وكمل إميانه بعد َذل َ‬
‫ِ‬
‫قال حكيم بن حزام ‪ :‬بايعت النَّيِب ّ ‪َ ‬‬
‫ِ‬
‫ك خيالؤهم ‪ ،‬ويزول كربهم ‪ ،‬ويستقر التواضع يِف ُقلُ ْ‬
‫وهبم ‪ ،‬وبه‬ ‫َفلَ َّما َك ا َن السجود عندهم ُه َو منتهي الذلة والضعة أمروا به لتنكسر ب َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر سائر اخللق ‪ ،‬فإن الركوع والسجود واملثول قائما ُه َو الَّذي يقتضيه التواضع ف َك َذل َ‬
‫ك من عرف َن ْفسهُ ‪ ،‬فينظر ُك ّل ما يتقاضاه الكرب من‬
‫األفعال فليواظب َعلَى نقيضه ‪ ،‬حيت يصري التواضع لَهُ خلقاً ‪ ،‬فإن ال ُقلُوب ال تتخلق باألخالق احملمودة إال بالعلم والعمل ‪.‬‬

‫ب طَالِباً‬ ‫اص َح ْ‬
‫َو ْ‬ ‫َو َرى الظَّْه ِر‬ ‫الم ْرءُ لم يَ ْحَف ْظ ثَالَثاً فَ َخل ِّه‬
‫ِشْعراً‪ :‬إِ َذا َ‬
‫الر َسالَِة‬‫َم ْن أَتَى بِ ِّ‬ ‫لِوثَانَِّ‬
‫لسْي َالَهاَم ِة تَابِ ْع‬ ‫فَأ َّْولَُها اإل ْخالَص ِ‬
‫هلل َو ْح َد ُه‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫‪600‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الع ِظْي َم ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّب ُه ِديْ َ‬ ‫ِ‬


‫لَت ْسَل َم م ْن نَّا ِر َ‬
‫الجحْي ِم َ‬ ‫ت تَ َكبُراً‬ ‫َوثَالُث َها َجن ْ‬
‫ومن َك ا َن يعرتيه الكرب من جهة النسب ‪ ،‬فلي داو َق ْلب هُ ب أمرين أوالً ‪ :‬أن َه َذا‬
‫جهل من حيث أنه تقوي وتعزز بكمال غريه وإمنا حيصل لَهُ بكماله ‪.‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫َعلَى َما تَ َجلَّى َي ْو َمهُ الَ ابْ ُن‬ ‫لََع ْم ُر َك َما اإلنسان إال ابْ ُن َي ْوِم ِه‬
‫الف َخ َار بَِن ْف ِس ِه‬
‫ار الَّ ِذي يب ِغي ِ‬
‫َْ‬ ‫أِفَْم َخِس ُِه‬ ‫الرِمْي ِم َوِإنَّ َما‬ ‫َو َما ال َف ْخ ُر بِ َ‬
‫العظ ِْم َّ‬
‫َوقَ َال آخر فيمن افتخر بآبائه ذوي الشرف َم َع رداءته يِف نَ ْفسهُ ‪:‬‬
‫س َما‬ ‫ص َدق َ ِ ِ‬ ‫ت بِآب ٍاء َذ ِوي َشر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْت َولَك ْن بْئ َ‬ ‫لََق ْد َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫لَئ ْن فَ َخ ْر َ َ‬
‫ص ِد ِق‬ ‫ب َو ُم َ‬ ‫َّاس َبْي َن ُم َك ِذ ٍ‬
‫فَولَالنُد ْواُ‬ ‫ور ٍة‬ ‫آخر‪ :‬وإِ َذا ا ْفَت َخ ْر َ ِ‬
‫ت بأَ ْعظَ ٍم َم ْقبُ َ‬ ‫َ‬
‫ث َم ْج ٍد لِْلَق ِديْ ِم ُم َحِّق ِق‬ ‫بِح ِديْ ِ‬
‫َ‬ ‫ك َش ِاهداً‬ ‫فَ ِاق ْم لَِن ْف ِس َ‬
‫ك بِانْتِ َسابِ َ‬
‫فَالَ َخْيَر ِفي َما أ َْو َرَثْتهُ ُج ُد ْو ُد ُه‬ ‫الم ْج َد‬
‫ف َ‬ ‫الم ْرءُ لم تَ ْسَتأنِ ْ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َ‬
‫إِ َذا لم َت ْفَت ِخ ْر فَ ْخراً َج ِديْداً‬ ‫االوالِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سهُيُ ْجدي افْت َخ ُار َك ب َ‬
‫آخر‪َ :‬نوْفماُ ِ‬
‫ََ‬
‫الث اين أن يع رف نس به احلقيقي ‪ ،‬فيع رف أب اه وج ده ف إن أب اه الق ريب نطفة ق ذرة ‪ ،‬وج ده‬
‫ِ‬
‫الْبَعيد تراب ذليل ‪ ،‬وقَ ْد عرفه اهلل تعاىل نسبه َف َق َال جل عال ‪( :‬الَّذي أحسن ُك ّل َش ْيء وبدأ خلق اإلنسان من طني ‪ ،‬مُثّ‬
‫ِ‬

‫جعل نسله منن ساللة من ماء مهني) فمن أصله التَُّراب املهني الَّ ِذي يداس باألقدام مُثَّ مخر طينه حيت صار محأً مسنوناً كيف يتكبر؟‬
‫س نُطَْفةٌ َم ِذ َر ْة‬ ‫َو َكا َن بِ ْ‬
‫األم ِ‬ ‫ص ْو َرتِِه‬ ‫ب بِ ُ‬ ‫ت ِم ُن ُم ْع َج ٍ‬ ‫ِشْعراً‪َ :‬ع ِجْب ُ‬
‫صيِ ُر ِفي اللَّ ْح ِد ِجْيَف ًة قَ ِذ َر ْة‬
‫يَ ْ‬ ‫َو ِفي غَ ٍد َب ْع َد ُح ْس ِن طَلَ َعتِ ِه‬
‫الع ِذ َر ْه‬ ‫ِ ِ‬
‫َما َبْي َن َجْنْيه يَ ْحم ُل َ‬ ‫َو ُهَو َعلَى تِْي ِه ِه َونَ ْخَوتِِه‬
‫ضحى س ِ‬ ‫آخر‪ :‬إِ َذا َكُبَر ْ‬
‫اخطاً ُمَت َعتَِّبا‬ ‫َوأ َْم َسى َوْأ ْ َ َ‬ ‫س ال َفَتى قَ َّل َع ْقلُهُ‬ ‫ت َن ْف ُ‬

‫‪601‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َيَرى أََّن َها َح ٌق َعَلْي ْ‬


‫هم ُمَرَّتَبا‬ ‫ضي ِم َن الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫وإِ ْن جاء يسَت ْق ِ‬
‫َ َ َ َْ‬
‫لََوى َو ْج َههُ َغْيظَاً َعَلْي ِه ْم َوقَطََّبا‬ ‫وه أ َْو أََب ْو ُه بِ َح ْق ِه ْم‬ ‫َوَحإِ ْنَ‬
‫اجةٌ طَالَبُ ُ‬
‫وب ُم َحبََّبا‬ ‫َّاس قَ ْد ُخِل ُقوا لَهُ‬
‫َعبِْيداً َو ِفي ُك ِّل ال ُقلُ ِ‬ ‫َن ُك َّل الن ِ‬ ‫َيَرى أ َّ‬
‫ِم َن ال َك ْو ِن يَ ْج ِري َما أ ََر َاد َو َما‬ ‫ضي ِإ ْن لم يَ ُك ْن تَ ْح َ‬
‫ت‬ ‫فَالَ يرتَ ِ‬
‫َْ‬
‫َواهللُ أ َْعلمأ َْم ِر ِهوصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبهأَبَىوسلم ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫وإن َك ا َن التكرب باجلمال فدواؤه أن ينظر إيل باطنه نظر العقالء ‪ ،‬وال ينظر إيل‬
‫الظ اهر نظر البه ائم ‪ ،‬ومهما نظر إيل باطنه رأي من القب ائح ما يك در َعلَْي ِه‬
‫تعززه باجلمال ‪ ،‬فإن األقذار يِف مَجِ يع أجزائه ‪ ،‬فالرجيع يِف أمعائه ‪ ،‬والبول يِف‬
‫مثانته واملخاط يِف أنفه ‪ ،‬والبزاق يِف فمه ‪ ،‬والوسخ يِف أذنيه ‪ ،‬والدم يِف عروقه‬
‫‪ ،‬والصديد حتت بشرته والصنان حتت إبطه ‪ ،‬يغسل الغائط بيده ُك ّل يوم مرتني‬
‫أو ثالثاً ليخرج من باطنه ما لَ ْو عاينه الستقذره ‪ ،‬فضالً عن أن ميسه أو يشمه‬
‫‪ ،‬فهل يليق مبن ه ذه حآله الكرب والتع اظم ‪ .‬كال ما يليق به إال التواضع لل ذي‬
‫أوجده ‪.‬‬
‫ويِف أول أمره خلق من النطفة ويِف بطن أمه يتغذي بدم احليض ‪ ،‬وأخرج من جمري البول مرتني ‪ ،‬قال طاووس لعمر بن َعْبد الْ َع ِزيز – قبل‬
‫الد ْنيَا – ‪ :‬ما هذه مشية من يِف بطنه خراء ‪ ،‬إذ رآه يتبخر ‪ ،‬فِإذَا نظر إيل أنه خلق من ماء مهني ‪ ،‬وأسكن يِف أقذار‬ ‫توليه اخلالفة وزهده يِف ُّ‬
‫‪ ،‬وسيموت فيصري جيفة مل يفتخر جبمآله الَّ ِذي ُه َو كخضراء الدمن ‪ ،‬كيف ولَ ْو َكا َن مجآله باقياً ‪ ،‬وجسمه عن هذه األ ْشيَ ِاء َخالِيًا ‪ ،‬ل َك ا َن‬
‫جيب َعلَْي ِه أن ال يتكرب ‪ ،‬ويعلم أن َه َذا عرضة لل َز َوال مبرض أو ح رق أو قرحة أو ب رص أو تش ويه ‪ ،‬فمعرفة َه َذا متام اً ت نزع ب إذن اهلل من‬
‫الْ َقْلب داء الكرب والعجب ملن أكثر تأملها ‪.‬‬
‫ال َماًال َعَلى إِ ْخَوانِِه تَ َاها‬
‫أ َْو نَ َ‬ ‫س ال َك ِريْ ُم الَّ ِذي إِ ْن نَ َ‬
‫ال‬ ‫ِشْعراً‪ :‬لَْي َ‬
‫َم ْك ُر َم ًة‬

‫‪602‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الر ْح َم ِن‬ ‫ال فَ ْ ِ‬ ‫إِ ْن نَ َ‬ ‫اد لِ ِإل ْخو ِ‬


‫ضالً م َن َ‬ ‫ان َم ْر َح َم ًة‬ ‫َ‬ ‫الح ُرَي ْر َد ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أوجمن َاها‬
‫العلل واألمراض ‪ ،‬وأنه لَ ْو أصابه عود يسري ودخل يِف‬
‫وإن َك ا َن التكرب بالقوة فالعالج أن يعلم أن القوة هلل مجيع اً ويعلم ما سلط َعلَْي ه َ‬
‫حلمه ألقلق راحته ‪ ،‬وأقض مضجعه ولَ ْو وجع أصبع أو عرق من عروق بدنه لتأمل وصار أعجز من ُك ّل عاجز ‪ ،‬وأذل من ُك ّل ذليل ‪ ،‬وأن‬
‫البعوضة واجلرثومة الدقيقة إِذَا سلطت َعلَْي ِه أهلكته وإن محي ساعة حتلل من بدنه ما ال ينجرب باملدة الكثرية ‪ ،‬قال الشاعر ‪:‬‬

‫اضعاً‬
‫إال َتَو ُ‬ ‫َوالَ تَ ْم ِش ْي َف ْو َق األرض‬
‫تَ ْحَت َها َق ْو ٌم ُه ُمو ِمْن َ‬
‫ك أ َْرفَ ُع‬ ‫فَكم‬
‫َوِمْن َع ٍة‬ ‫ت ِفي ِعٍّز َر ِفيع‬
‫َوإِ ْن ُكْن َ‬
‫ٍ‬
‫ك أ َْمَن ُع‬ ‫ات ِم ْن َق ْوم ُه ُموا ِمْن َ‬ ‫َم َ‬ ‫فَكم‬
‫فمن َكا َن هذه حاله فال يليق به الكرب ‪ ،‬مُثَّ من البهائم ما ُه َو أقوي بكثري منه‬
‫‪ ،‬وأي افتخار وتعاظم يِف صفة يسبقه فيها احلمار ‪ .‬والبغل والثور والفيل ‪.‬‬
‫وإن َك ا َن التكرب بالْ َم ال فب أن يع رف ويعلم أنه ع رض زائل ‪ ،‬ويِف معن اه التكرب‬
‫ك التكرب بوالية‬ ‫ِ‬
‫ال هلا ك ثرة الش عبية ‪ ،‬و َك َذل َ‬‫بك ثرة األتب اع واألنص ار ‪ ،‬ويُ َق ُ‬
‫ك تكرب بأمر خارجي أي خارج عن ذات اإلنسان‬ ‫ِ‬
‫السالطني واألمراء ‪ ،‬وكل َذل َ‬
‫وه َذا أقبح أن واع الكرب ‪ ،‬ف إن املتكرب مباله أو عق اره لَ ْو ذهب ماله أو اهندم‬ ‫َ‬
‫عق اره أو تلف لع اد يِف حلظة ذليالً من أذل اخللق وكل متكرب ب أمر خ ارج عن‬
‫ذاته من أجهل اخللق ‪ ،‬كيف واملتكرب بالْ َمال لَ ْو تأمل لرأي يِف إليهود والنصاري‬
‫وغ ريهم من الكف رة من يزيد َعلَْي ِه يِف الْ َم ال والتجمل وال ثروة ‪ ،‬ف أف لش رف‬
‫يسبقك به يهودي وحنوه ‪ ،‬ويأخذه سارق أو حنوه يِف حلظة ‪،‬‬

‫‪603‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فيعود صاحبه ذليالً حقرياً مفلساً ‪.‬‬


‫وإن َكا َن الكرب بالعلم ‪َ -‬و ُه َو أعظم اآلفات ‪ ،‬وأغلب األدواء وأبعدها عن قبول‬
‫العامل إِذَا زل بزلته‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك قال عمر َرض َي اهللُ عنهُ ‪َ :‬‬ ‫العالج إال بشدة شديدة ‪ ،‬ول َذل َ‬
‫العامل أن ال يستعظم نَ ْفسهُ باإلضافة إيل اجلاهل ‪ ،‬لكثرة ما نطق به‬ ‫َعامل فيعجز َ‬
‫للع امل من معرفة أم رين ‪ :‬أح دمها أن‬ ‫الش رع من فض ائل العلم وأهله – فَالبُ َّد َ‬
‫يعلم أن حجة اهلل َعلَى أ َْهل العلم آكد ‪ ،‬وأنه حيتمل من اجلاهل ما ال حيتمل‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين اَل‬ ‫الع امل ‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ‪ ﴿ :‬قُ ْل َه ْل يَ ْس تَ ِوي الذ َ‬
‫ين َي ْعلَ ُم و َن َوالذ َ‬ ‫من َ‬
‫َي ْعلَ ُم و َن ﴾ ف إن من عصي اهلل َعلَى علم ومعرفة أعظم جناية ممن عصي اهلل‬
‫ِ‬
‫ك ق ال النَّيِب ّ ‪" : ‬‬ ‫الع امل مل يقض حق نعمة اهلل َعلَْي ِه ول َذل َ‬ ‫َعلَى جهل ‪ ،‬ألن َ‬
‫جيَاءَ بالرجل يوم القيامة فيلقي يِف النار فتندلق أقتابه فيدور هِبَا كما يدور احلمار‬
‫فيجتم َع إليه أ َْهل الن ار ‪ ،‬فيقول ون ‪ :‬يا فالن ما لك ؟ أمل تكن ت أمر‬ ‫َ‬ ‫يِف ال رحي‬
‫ول بلي كنت آمر ب املعروف وال آتيه ‪ ،‬وأهني‬ ‫ب املعروف وتنهي عن الْ ُمْن َكر َفَي ُق ُ‬
‫الع ِظيم‬‫عن الْ ُمْن َكر وآتيه" رواه البخاري ومسلم ‪ .‬ف ِإ َذا تفكر فيما أمامه من اخلطر َ‬
‫السلَف الصاحل الصحابة فمن بعدهم من التواضع واخلوف مِم َّا‬ ‫وعلم ما َكا َن َعلَْي ِه َّ‬
‫أمامهم من األهوال والكربات والشدائد ‪ ،‬امتنع بإذن اهلل من الكرب ‪ ،‬ف َق ْد َك ا َن‬
‫ول اآلخر ليتين ش جرة تعضد‬ ‫ول ‪ :‬ليتين مل تل دين أمي ‪َ ،‬و َي ُق ُ‬ ‫بعض الص حابة َي ُق ُ‬
‫ول اآلخر ‪ :‬ليتين‬ ‫ول ‪ :‬يا ليتين كنت ه ذه التبنة ‪َ ،‬و َي ُق ُ‬ ‫ويأخذ االخر تبنة َو َي ُق ُ‬
‫ول اآلخر ‪ :‬ليتين مل أكن شيئاً مذكوراً ‪.‬‬ ‫كنت طرياً أوكل ‪َ ،‬و َي ُق ُ‬
‫شعْراً‪:‬‬
‫ِ‬
‫اسَتَق َام ِفي الطَّ ِريْ ِق‬
‫ْ‬ ‫إال َم ِن‬ ‫َّحِقْي ِق‬ ‫الَ يُ ْد ِر ُك َ‬
‫العلَْيا َعلَى الت ْ‬
‫المالَ ِهي‬ ‫ِ‬
‫َو َسائَر َ‬ ‫ور ًة‬
‫َو ُك َ‬ ‫اع‬ ‫وجنَّب الِّت ْلَفا ِز و ِ‬
‫الم ْذيَ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬

‫‪604‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫شعْراً‪:‬‬
‫ِ‬
‫يع‬ ‫ِ‬ ‫ض ُعهُ لِلن ِ‬
‫َّاس َو ُهَو َرف ُ‬ ‫َتَوا ُ‬ ‫َجلَُّها‬ ‫ِ‬
‫َح َس ُن أَ ْخالَق ال َفَتى َوأ َ‬
‫َوأ ْ‬
‫ر ِفي عاً و ِعْن َد العالَ ِمْين و ِ‬ ‫ٍ‬
‫ضْي ُع‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوْأقَْب ُح َش ْيء أَ ْن َيَرى َ‬
‫الم ْرءُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫س كمثله‬ ‫الثاين ‪َ :‬نأنْف َسهَُ‬
‫الع امل يعرف أن الكرب ال يليق إال باهلل َع َّز َو َج َّل الذي (إلَْي َ‬
‫َش ْيء َو ُه َو الس ميع البص ري) وأنه إِ َذا تكرب ص ار ممقوت اً ِعْن َد اهلل بغيض اً ‪ ،‬وقَ ْد‬
‫ان‬ ‫أحب اهلل منه أن يتواضع ‪ ،‬وأن يفكر يِف خطر اخلامتة ‪ ،‬فكم من إنس‬
‫مزدري حمتقر لكفره أو فسقه فتح اهلل َعلَْي ِه باب التوبة واإلنابة ‪ ،‬فأقبل َعلَى اهلل‬
‫ك وشهد لَهُ باجْلَنَّة كعمر َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ ،‬وبالعكس فكم من إنسان‬ ‫ِ‬
‫فسعد ب َذل َ‬
‫عمل بعمل أ َْهل اجْلَنَّة زمن اً طويالً ويِف آخر األمر عمل بعمل أ َْهل النار فيدخلها‬
‫كثعلبة وبلع ام وحنومها ممن ارتد عن اإلس الم ويِف ح ديث ابن مس عود قوله ‪: ‬‬
‫"إن أح دكم ليعمل بعمل أ َْهل اجْلَنَّة حيت ما يك ون بينه وبينها إال ذراع فيس بق‬
‫لكتَ اب فيعمل بعمل أ َْهل الن ار في دخلها ‪ ،‬وإن أح دكم ليعمل بعمل أ َْهل‬ ‫علَي ِه اْ ِ‬
‫َْ‬
‫لكتَ اب فيعمل بعمل أ َْهل‬ ‫الن ار حيت ما يك ون بينه وبينها إال ذراع فيس بق علَي ِه اْ ِ‬
‫َْ‬
‫اجْلَنَّة فيدخلها" متفق عليه ‪.‬‬
‫فمهما بلغ املرء من العلم والتقي وال ورع والزهد فهو يِف خطر من س وء اخلامتة‬
‫اليت َعلَْي َها املدار ‪ ،‬فبمالحظتها يتالشي الكرب بإذن اهلل ‪.‬‬
‫ومن أضر ما َعلَى كثري من ِعلم اء َه َذا الزم ان الش هادات احلالية اليت يس موهنا‬
‫ك ألن من حصل َعلَْي َها رآي‬ ‫ِ‬
‫دكت وراه وماجس تري وعاملية وبك الوريوس وحنو َذل َ‬
‫ك فهي ِعْن َد‬ ‫ِ‬
‫وم َع َذل َ‬
‫من مل حيصل َعلَْي َها بعني االحتق ار واالمته ان واالزدراء َ‬
‫ك ما جيري َعلَى ألسنة‬ ‫ِ‬
‫ضهم مضعفة للتوكل َعلَى اهلل من قبل الرزق يؤيد َذل َ‬ ‫َب ْع ْ‬
‫كثري ِمْن ُه ْم بق وهلم ملن مل حيصل َعلَْي َها أمن حياتك أحصل َعلَى ش هادة ‪ .‬ونس وا‬

‫‪605‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِر ْز ُق َها ﴾ وقوله‬ ‫ض إِالَّ َعلَى اللّ ِه‬


‫األ َْر ِ‬ ‫ق ول اهلل تع اىل ‪َ ﴿ :‬و َما ِمن َدآبٍَّة يِف‬
‫﴾ وقوله ﴿ َو َعلَى اللّ ِه‬ ‫ِ‬
‫﴿ َو َمن َيَت َو َّك ْل َعلَى اللَّه َف ُه َو َح ْسبُهُ‬

‫‪606‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِِ‬
‫﴾ ‪ .‬وكثري من أولئك أمهلوا التوكل َعلَى اهلل وتوكلوا َعلَى الشهادة املذكورة ‪.‬‬ ‫َفَت َو َّكلُواْ إِن ُكنتُم ُّم ْؤمن َ‬
‫ني‬
‫ب للّ ِر ْز ِق ِفي‬‫الَبُ َّد ِم ْن َسَب ٍ‬ ‫ال لَِنْي ِل ال ِر ْز ِق‬
‫ِشْعراً‪َ :‬س َعى ِر َج ٌ‬
‫المطَالِْي ِ‬ ‫العَب ِاد إِ َجابَ ُ‬
‫بِ‬ ‫بِ‬
‫َرالطَِّْل‬ ‫الد َع ِاء مَفاتِيح ِ‬
‫ب‬ ‫ات َ‬ ‫الغَنى َو َعلَى‬ ‫واجَتُنَه ُد ْواُّ َ ْ ُ‬ ‫ُح ْس‬
‫اهلل ِم ْن ِعْن َد َغْي ِر ِه‬ ‫أَتَطْلُب ِر ْز َق ِ‬
‫ُ‬
‫ب ِ‬ ‫العَو ِاق ِ‬ ‫ِ‬
‫آمَنا‬ ‫من َخ ْوف َ‬ ‫صبِ ُح ْ‬ ‫َوتُ ْ‬
‫اف َوإِ ْن َكا َن ُم ّش ِركاً‬ ‫ضى بِصَّر ٍ‬ ‫َوَت ْر َ‬
‫َ‬
‫ض ِامَنا‬
‫ك َ‬ ‫ضى بَِربِ َ‬‫ض ِمْيناً َوالَ َت ْر َ‬ ‫َ‬
‫ك لم ت َقَرأَ بِ َما ِفي ِكَتابِِه‬ ‫َكأَنَّ َ‬
‫اليِقْي ِن ُمَبايَِنا‬
‫ول َ‬ ‫ت َمْن ُح َ‬ ‫َصبِ ْح َ‬‫فَأ ْ‬
‫ض إِالَّ َعلَى اللّ ِه ِر ْز ُق َها ﴾‬
‫يشري إيل ق ول اهلل تع اىل ‪َ ﴿ :‬و َما ِمن َدآبٍَّة يِف األ َْر ِ‬
‫َّاق ﴾ ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ ﴿ :‬إِ َّن اللَّهَ ُه َو َّ‬
‫الرز ُ‬
‫ِ‬
‫وو َج َد عندهم من الطغيان واألهبة والكرب‬ ‫ك بكثرة ‪َ ،‬‬ ‫ومن أمعن نظره يِف النَّاس وسربهم َو َج َد َذل َ‬
‫ك َعلَى ألسنتهم وهيئاهتم نسأل اهلل العصمة لنا وإلخواننا امل ْسلِ ِمنْي َ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الش ْيء الكثري ‪ ،‬يظهر ذَل َ‬‫َ‬
‫ُ‬
‫االجَب ِال تَ ْح ِر ُس ُه ْم‬
‫بَاتُوا َعلَى ُقلَ ِل ْ‬
‫الر َج ِال فَلم َتْنَف ْع ُه ْم ال ُقَل ُل‬‫ْب ِّ‬ ‫غُل ُ‬
‫عن َم َع ِاقِل ِه ْم‬ ‫واسُتْن ِزلُوا َب ْع َد ِع ٍز‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫س َما َنَزلُْوا‬ ‫إلى َمَقاب ِره ْم يَا بْئ َ‬
‫َب ْع َد َما ُد ِفنُوا‬ ‫خ ِم ْن‬
‫صا ِر ٌ‬
‫اد ُاه ْم َ‬
‫نَ َ‬
‫الحلَ ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَيْ َن االسَّر ُة َوالتْي َجا ُن َو ُ‬
‫ُم َح َّجَب ًة‬ ‫ت‬ ‫وه الَّتِي كاَنَ ْ‬
‫الو ُج ُ‬
‫أَيْ َن ُ‬
‫ضرب االسَتار و ِ‬
‫الكلَ ُل‬ ‫ِ‬
‫ُد ْون َها تُ ْ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ِم ْن‬

‫‪607‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اءلَ ُه ْم‬ ‫ِ‬


‫عنه ْم حْي َن َس َ‬
‫ص َح ال َقْب ُر ُ‬ ‫فَأَفْ َ‬
‫وه َعَلْي َها ال ُد ْو ُد َي ْقَتتِ ُل‬
‫الو ُج ُ‬ ‫ْك ُ‬‫تِل َ‬
‫قَ ْد طَالَ َما أَ َكلُوا ِفي ٍها َو َما َش ِربُوا‬
‫فَأَصبحوا بع َد طُو ِل األ ْك ِل قَ ْد أ ِ‬
‫ُكلُْوا‬ ‫َْ ُ َ ْ ْ‬
‫واد َخ ُروا‬ ‫َوطَالَ َما َكَن ُزوا األموال َّ‬
‫وها َعَلى األ ْع ْد ِاء َو ْارتَ َحلُْوا‬ ‫فَ َخلَُّف َ‬
‫صَن ُه ْم‬ ‫وطَالَما َشيَّ ُدوا ُدوراً لِتُ ْح ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫واألهِلْي َن واْنَتَقلُْوا‬
‫ْ‬ ‫َفَف َارقُوا ال ُد ْو َر‬
‫اكُن ُه ْم َو ْحشاً ُم َعطََّل ًة‬ ‫ت مس ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ض َح ْ َ َ‬
‫األج َد ِ‬ ‫ِ‬
‫اث قَ ْد َر َحلُوا‬ ‫وها إِلى ْ‬ ‫َو َساكنُ َ‬
‫ت َمنِيَّتُهُ‬ ‫َس ِل الْ َخِلي َف َة ِإ ْذ َوافَ ْ‬
‫الجُن ْو ُد َوأَيْ َن ال َخْي ُل َوال َخَو ُل‬ ‫أَيْ َن ُ‬
‫ت َمَفاتِ ُح َها‬ ‫وز الَّتِي َكانَ ْ‬‫ال ُكنُ َ‬ ‫أَيْ َن‬
‫الم ْق ِويْ َن لَْو َح َملُْوا‬ ‫َتُنوء بِالع ْ ِ‬
‫صَبة ُ‬ ‫ُْ ُ‬
‫ِ‬
‫ص ْدَت ُه ْم ُع َدداً‬‫العبِْي ُد الَّتي أ َْر َ‬
‫َ‬ ‫أَيْ َن‬
‫أَين ِ‬
‫األس ُل‬
‫ض َو َ‬ ‫الحديْ ُد َوأَيْ َن البِْي ُ‬ ‫َْ َ‬
‫ِ‬
‫صَن ُعوا‬‫س َوالغل َْما ُن َما َ‬ ‫ال َفَوا ِر ُ‬ ‫أَيْ َن‬
‫أَين الصوا ِرم و ِ‬
‫الخطَِّيةُ ال ُذبُ ُل‬ ‫ْ َ ََ ُ َ‬
‫ال ُك َماةُ أَلم يَ ْكُفوا َخِلْيَفَت ُه ْم‬ ‫أَيْ َن‬
‫ص ِريْعاً َو ُهَو َيْبَت ِه ُل‬‫لَ َّما َرْأ ْوهُ َ‬
‫ال َكماةُ الَّتِي ماجوا لِما غَ ِ‬
‫ضبُوا‬ ‫أَيْ َن‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫‪608‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الح َما ُة الَّتِي تُ ْح َمى بَِها ال ُد َو ُل‬ ‫أَيْ َن ُ‬


‫ّس ُه ِم ِه ْم‬
‫الر َما ُة أَلم تَ ْمَن ْع بِأ ْ‬
‫أَيْ َن ُ‬
‫ت َتْنَت ِ‬
‫ص ُل‬ ‫ك ِس َهام المو ِ‬ ‫لَ َّما أََتْت َ‬
‫ُ َْ‬
‫ضْيماً َوالَ َد َف ُع ْوا‬ ‫ات َما َك َشُفوا َ‬ ‫َهْي َه َ‬
‫األج ُل‬
‫ك َ‬ ‫المنِيَّ َة ِإ ْذ َوافَى بِ َ‬
‫عنك َ‬ ‫َ‬
‫عنك لَْو بَ َذلُْوا‬ ‫الر َشى َد َف َعْت َها َ‬ ‫َوالَ ُّ‬
‫ت ِفيها والَ ِ‬
‫الحَي ُل‬ ‫الرقَى َنَف َع ْ‬ ‫َوالَ ُّ‬
‫َ‬
‫اك أَقَْرُب ُه ْم‬
‫اس َ‬
‫َو َ‬ ‫اع ُد ّو َك َوالَ‬
‫َما َس َ‬
‫وك لَ َها يَا ُقْب َح َما َف َعلُْوا‬ ‫بَ ْل َسلَّ ُم َ‬
‫ِ ِ‬
‫يَأْتي بِه أ َ‬
‫َح ٌد‬ ‫ال َقْب ِر َك الَ‬
‫َما بَ ُ‬
‫َوالَ يَ ُد ْو ُر بِِه ِم ْن َبْينِ ِه ْم َر ُج ُل‬
‫ال ِذ ْك ِر َك َمْن ِسياً َو ُمطَْرحاً‬ ‫َما بَ ُ‬
‫َو ُكلُ ُه ُم بِاقْتِ َس ِام ال َْم ِال قَ ْد ُش ِغلُْوا‬
‫س بِِه‬ ‫ِ‬
‫ص ِر َك َو ْحشاً الَ أَنْي َ‬ ‫ال قَ ْ‬ ‫َما بَ ُ‬
‫والو َه ُل‬ ‫ِِ‬ ‫ي ْغ َش َ ِ‬
‫ع َ‬ ‫الر ْو ُ‬
‫اك م ْن َكَنَفيه َ‬ ‫َ‬
‫ت َعَلى مِل ٍ‬
‫ك‬ ‫الَ ُتْن ِكَر َّن فَ َما َد َام ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والو َج ُل‬
‫الم ْوت َ‬ ‫إال أَنَا َخ َعَلْيه َ‬
‫ش مت ِ‬
‫َّصالً‬ ‫العْي ِ ُ‬‫ف َيّر ُجو َد َو َام َ‬ ‫َو َكْي َ‬
‫ت مت ِ‬
‫َّص ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫الم ْو ُ‬ ‫َو ُر ْو ُحهُ بجَبال َ‬
‫ض‬‫الر َدى َغَر ٌ‬ ‫ات َّ‬ ‫وجسمهُ لِبَنيَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُْ ُ‬
‫ومْنَتِق ُل‬ ‫ِ‬
‫َو َمالُهُ َزائ ٌل عنهُ ُ‬

‫‪609‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك‬
‫وعلَْي َ‬
‫دينك اجتهادنا َ‬ ‫بإص الح عيوبنا واجعل التق وي زادنا ويِف‬ ‫اللَّ ُه َّم امنن َعلَْينَا‬
‫ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َومَجِ يع‬ ‫اللَّ ُه َّم ثبتنا َعلَى هنج االس تقامة َوا ْغ ِف‬ ‫توكلنا واعتمادنا‬
‫وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْسل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫حِذيرِ ِمْنه‬
‫الت ْ‬ ‫ضبِ َو َّ‬ ‫صلٌ فِي الْغَ َ‬ ‫َف ْ‬
‫اك وإي اهم ُك ّل خلق رذيل ‪ :‬أن‬ ‫اك َومَجِ يع امل ْس لِ ِمنْي َ وجنبنا َوإِيَّ َ‬
‫ْاعلم وفقنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫ُ‬
‫ض ب إال أن تنتهك حمارم اهلل فيغضب‬ ‫غ‬
‫ََ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ريه‬ ‫غ‬ ‫يِف‬ ‫و‬ ‫مِم َّا يتأكد اجتنابه يِف رمض ان‬
‫ضب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك إال أن يبغي َعلَْي ه وتعريف الْغَ َ‬ ‫ملا يغضب اهلل وميلك َن ْفس هُ فيما ع دا َذل َ‬
‫أنه قوة أودعها اهلل يِف اإلنسان تثور من باطنه فتحمله َعلَى الدفاع عما حيبه من‬
‫األغ راض وتدفعه إيل البطش بكل ما يؤذيه ف ِإ َذا اعت دي َعلَْي ِه معتد أو حيل بينه‬
‫وبني أغراضه تث ور تلك الق وة فيغلي دمه وينتشر يِف الع روق ويرتفع إيل أع ايل‬
‫البدن فيظهر أثره َعلَى الوجه والعينني ‪.‬‬
‫ض ب غ ول العقل وإِذَا‬ ‫ض ب من م داخل الش يطان إيل قلب اإلنس ان ف إن الْغَ َ‬ ‫والْغَ َ‬
‫ض عف جند العقل هجم جند الش يطان ومهما غضب اإلنس ان لعب الش يطان به‬
‫كما يلعب الصبية بالكرة ‪.‬‬
‫ك بأن يغضب ليدفع عن دينه‬ ‫ِ‬
‫وللغضب ثالث درجات ‪ :‬أوالً درجة االعتدال َوذَل َ‬
‫أو َن ْفس ِه أو ماله أو يغضب لي دافع عن احلق وق العامة ونص رة املظل ومني وتلك‬
‫ض ب فهو خمل وق حلكمة ول وال أن اهلل‬ ‫ِ‬
‫احلالة ه َي اليت من أجلها خلق اهلل الْغَ َ‬
‫ك يِف اإلنس ان لفس دت األرض بانتش ار الفوضي وتق ويض دع ائم النظم‬ ‫ِ‬
‫جعل َذل َ‬
‫االجتماعية والدينية ألن من ال يغضب لعرضه ال يغ ار لنس ائه فتختلط اإلنس اب‬
‫ِ‬
‫ك الْبَاب ويصبح اإلنسان‬ ‫وتعم الفوضي يِف َذل َ‬

‫‪610‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫كاحليوان ات اليت يس طو بعض ها َعلَى بعض ب دون غ رية وال محية وال معرفة ملا‬
‫ك من التناسل الَّ ِذي به حي اة الن وع اإلنس اين وبق اء العم ران إيل‬ ‫ِ‬
‫ي رتتب َعلَى َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك الوجود ‪.‬‬ ‫االجل الَّذي قدره اهلل لَهُ يِف َذل َ‬
‫للز َوال من َه َذا الوجود أو معرضاً ألن‬ ‫ومن ال يغضب لنفسه فإنه يكون معرضاً َ‬
‫يسخره غريه كما تسخر الدواب اليت ال تغضب لنفسها ‪.‬‬
‫ومن ال يغضب ملآله فإنه ال يلبث أن يسلبه النَّاس منه ويصبح فقرياً معدماً وإِ َذا‬
‫فشي س لب الْ َم ال ف إن نظ ام الْ َع َمل يتعطل وتبطل األعم ال التجارية والص ناعية‬
‫ضهم بعضا ‪.‬‬ ‫والزراعية ويعتمد النَّاس َعلَى سلب َب ْع ْ‬
‫ومن ال يغضب لدينه فإنه يِف الغ الب ال يس تقر َعلَى دين ألن اختالف طب ائع‬
‫النَّاس واختالف أنظارهم من أكرب البواعث َعلَى اختالف معتقداهتم فمن ال يغار‬
‫َعلَى دينه يكون عرضة لتقليد القوي يِف ُك ّل ما يراه فينتقل من دين إيل دين ‪.‬‬
‫ضهم بعض اً فيستقر النظام ويقف ُك ّل‬ ‫ض ب ليحمي النَّاس َب ْع ْ‬ ‫وه َك َذا فخلق اهلل الْغَ َ‬
‫واحد ِعْن َد احلد الَّ ِذي قدر اهلل لَ هُ فِيه ذه احلياة قال اهلل تعاىل ‪َ ﴿ :‬ولَ ْوالَ َدفْ ُع‬
‫ِ‬ ‫ض لََّفس َد ِت األَرض ولَ ِ‬ ‫اللّ ِه النَّاس ب ْع َ ِ‬
‫ني ﴾‬ ‫ض ٍل َعلَى الْ َع الَم َ‬ ‫ـك َّن اللّ هَ ذُو فَ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫ض ُه ْم بَب ْع ٍ َ‬ ‫َ َ‬
‫ص َو ِام ُع َوبِيَ ٌع‬‫ت َ‬ ‫ض هَّلُ د َ‬
‫ِّم ْ‬ ‫ض ُهم بَِب ْع ٍ‬
‫َّاس َب ْع َ‬
‫َّ ِ‬
‫ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬ولَ ْواَل َدفْ ُع الله الن َ‬ ‫‪َ .‬وقَ َ‬
‫اس ُم اللَّ ِه َكثِرياً ﴾ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َو َم َساج ُد يُ ْذ َك ُر ف َيها ْ‬
‫صلَ َو ٌ‬
‫َو َ‬
‫وللغضب أسباب كثرية ختتلف باختالف أحوال النَّاس وطبائعهم واستعدادهم للتأثر‬
‫باألش يَ ِاء فن ذكر طرف اً منها ليجتنبِ َها اإلنس ان ‪ ،‬فمنها اجلدال واملزح والس خرية‬ ‫ْ‬
‫اهلل واالستهزاء هِب ُ ْم وإطالق اللسان يف‬ ‫َّاس نعوذ بِ ِ‬ ‫بِالن ِ‬

‫‪611‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك الكرب والعجب ألن املتكرب املعجب بنفسه يت أثر ُكلَّما فاته ما يعت َق ْد أنه ين ايِف عظمته وخيالءه ف ِإذَا طالبه‬ ‫ِ‬
‫السب واللعن والغيبة ومن ذَل َ‬
‫أحد حبق اهتاج غضبه وه َك َذا إِ َذا هني عن رذيلة ألنه من سخافة عقله يعت َق ْد أنه كامل من ُك ّل وجه فال يصح ألحد عنده أن يأمره أو ينهاه‬
‫أو يقف يِف سبيله أو يتقدم َعلَْي ِه َو ُه َو يِف الواقع ناقص من ُك ّل وجه وحياول أن جيرب نقصه بكربيائه وعظمته َو ُه َو مغرور ‪.‬‬
‫سهُ قَ ْد َر ُه‬ ‫َو َم ْن َج ِهلَ ْ‬
‫ت َن ْف ُ‬
‫َرأَى غَْي ُر ُه ِمْنهُ َما الَ َيَرى‬
‫ين ال يفرقون بني املمدوح واملذموم من‬ ‫َّ ِ‬
‫االش َرار الذ َ‬
‫ضب مصاحبة ْ‬ ‫ومن أسباب الْغَ َ‬
‫ض ب املوجب للظلم‬ ‫ض ب فيحسبون التهور والطيش شجاعة ويعدون طغيان الْغَ َ‬ ‫الْغَ َ‬
‫ول الواحد ِمْن ُه ْم ‪ :‬أَنَا الَّ ِذي ال أصرب َعلَى مكروه ‪،‬‬ ‫ك َفَي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫رجولة ويتبجحون ب َذل َ‬
‫وال َعلَى مكر وال أحتمل من أحد أم راً ‪ ،‬ومعن اه َح ِقي َقة ‪ :‬ال عقل يِف وال‬
‫حلم ي ذكر يِف مع رض الفخر باجلهل ف ِإذَا مسعه اجلاهل رسخ يِف ذهنه حسن‬
‫ضب‬ ‫ض ب ‪ ،‬ومهما اش تدت ن ار الْغَ َ‬ ‫ض ب وحب التش به ب القوم فيق وي به الْغَ َ‬ ‫الْغَ َ‬
‫وق وي اض طرامها أعمت ص احبِ َها وأص مته عن ُك ّل موعظة ف ِإ َذا وعظ مل يس َم َع‬
‫ك غض باً وإِ َذا اس تنار بن ور عقله وراجع َن ْفس هُ مل يق در إِ َذا ينطفئ‬ ‫ِ‬
‫بل زاده َذل َ‬
‫ضب والعياذ باهلل ‪.‬‬ ‫نور العقل وينمحي يِف احلال بدخان الْغَ َ‬
‫ض ب من غليان دم الْ َق ْلب دخان‬ ‫ِ‬
‫فإن معدن الفكر الدماغ ويتصاعد عْن َد شدة الْغَ َ‬
‫مظلم إيل الدماغ يستويل َعلَى معادن الفكر َو ُرمَّبَا يتعدي إيل معادن احلس فتظلم‬
‫عينه وتس ود َعلَْي ِه ال ُّد ْنيَا ويك ون دماغه َعلَى مث ال كهف اض طرمت فِيه الن ار‬
‫فاسود جوه ومحي مستقره وامتألت بالدخان جوانبه وكان‬

‫‪612‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت فِيه ق دم وال يس َم َع فِيه كالم وال ي ري‬ ‫فيه س راج ف امنحي أو انطفأ فال تثَبِّ ْ‬
‫ِ‬
‫فِيه ص ورة وال يق در َعلَى إطفائه ال من داخل وال من خ ارج بل ينبغي أن‬
‫ِ‬
‫ض ب يِف الْ َق ْلب‬ ‫يصرب إيل أن حيرتق مَجِ يع ما يقبل االح رتاق ف َك َذل َ‬
‫ك يفعل الْغَ َ‬
‫ض ب فتفين الرطوبة اليت فيها حي اة الْ َق ْلب فيم وت‬ ‫وال دماغ ‪َ ،‬و ُرمَّبَا تق وي ن ار الْغَ َ‬
‫ِ‬
‫صاحبه غيظ اً كما تقوي النار يِف الغار فيتفكك وهتدم أعإليه َعلَى أسفله َو َذل َ‬
‫ك‬
‫ألبطال النار ما يِف جوانبه من القوة املمسكة اجلامعة ألجزائه فه َك َذا حال الْ َق ْلب‬
‫ضب نسأل اهلل العافية والسالمة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عْن َد الْغَ َ‬
‫فالس ِفي نَة يِف متالطم األم واج ِعْن َد اض طراب الري اح يِف جلة البحر‬ ‫وباحلَِقي َقة َّ‬
‫الس ِفي نَة من حيتال‬ ‫أحسن حاالً وأرجي سالمة من النفس املضطربة غيظاً إذ يِف َّ‬
‫ويتس بب لتس كينها وت دبريها وينظر هلا ويسوس ها ب إذن اهلل وأما الْ َق ْلب فهو‬
‫ضب وأصمه انتهي ‪.‬‬ ‫احب َّ ِ‬ ‫صِ‬
‫السفي نَة وقَ ْد سقطت حيلته إذ أعماه الْغَ َ‬ ‫َ‬
‫األش يَ ِاء مملوكة لَهُ وحيل بينه‬
‫ك لكن إن كانت هذه ْ‬ ‫ِ‬
‫ضب ‪ :‬فوات اللذات والشهوات من مطعم ومشرب ومسكن وحنو َذل َ‬ ‫ومن أسباب الْغَ َ‬
‫س مذموماً مُثَّ إن َك ا َن الَّ ِذي فاته ضرورياً لَهُ َك ا َن‬ ‫ِ‬
‫وبينها ‪ ،‬فإن َكا َن بدون مربر شرعي فله أن يغضب حيت يسرتده ويكون فيه ذه احلالة لَْي َ‬
‫ضب مذموماً ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضب من أجله جائزاً وإن َكا َن حراماً َعلَْيه أو َغْيَر مملوك لَهُ َكا َن الْغَ َ‬
‫ضب واجباً من أجله وإن َكا َن كمالياً َكا َن الْغَ َ‬ ‫الْغَ َ‬
‫َما ِفي يَ َديِِه‬ ‫ك َمانِ ٌع‬ ‫لَ َ‬ ‫ضَب َّن َعلَى ْام ِر ٍئ‬
‫ِشعْراً‪ :‬الَ َت ْغ َ‬
‫ب َما لَ َديِِه‬ ‫تَطْلُ ُ‬ ‫اك‬‫اسَت ْد َع َ‬
‫ْ‬ ‫ب َعلَى الطَّ ِم َع الَّ ِذي‬ ‫ضْ‬ ‫وا ْغ َ‬
‫ض ب ‪ :‬الوش ايات والنم ائم (فمن النَّاس من يغضب جملرد وش اية‬ ‫ومن أس باب الْغَ َ‬
‫ت يِف‬
‫دون أن يتثَبِّ ْ‬ ‫ت إليه عن بعض النَّاس أو جملرد منيمة بلغته من منام ب‬ ‫ن ُق ْل ُ‬
‫عنها إيل حمالت ال‬ ‫األمر فيعت دي َعلَى األبري اء ب إزالتهم عن أعم اهلم ‪ ،‬أو نقلهم َ‬
‫يرغبوهنا ‪ ،‬أو يتسبب لقطع ما ُه َو ماش هلُ ْم من‬

‫‪613‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫أرزاق أو ي ؤذيهم يِف أب دأهنم أو يق دح يِف أعراض هم أو ينشز الزوجة أو ب العكس ب أن ينشز‬
‫ِ‬
‫ت إليه‬‫ض ب َو ُرمَّبَا كانت الكلمة اليت ن ُق ْل ُ‬ ‫ك من اجلرائم اليت ترتتب َعلَى الْغَ َ‬ ‫الزوج إيل َغْي َر َذل َ‬
‫ض ب من‬ ‫ِ‬
‫ك شر ما ي رتتب َعلَى الْغَ َ‬ ‫َعلَى ف رض ص دورها ال تس اوي ش يئاً من غض به ‪َ ،‬وذَل َ‬
‫ت حيت إِذَا تأكد من صدق ما‬ ‫ِ‬
‫ك أن يعاجلها بالتثَبِّ ْ‬ ‫فعلَى من كانت نَ ْفسهُ تتأثر مبثل َذل َ‬ ‫الظلم َ‬
‫نقل إليه َكا َن لَهُ احلق يِف أن يدفع عن َن ْفسهُ بقدر ما أصابه بدون بغي وال عدوان والعفو يِف‬
‫احلال أفضل خصوص اً إِ َذا أنكر املنق ول عن هُ ما نسب إليه ف إن اإلنك ار اعت ذار‬ ‫مثل ه ذه ِ‬
‫الد ْنيَا بعني البصرية واالعتبار هان َعلَْي ِه ُك ّل َش ْيء‬ ‫يستوجب الرأفة والرمحة وبالتايل فمن نظر ُّ‬
‫االجر ِعْن َد اهلل واهلل ال يض يع أجر من‬ ‫وس امح أخ اه املس لم وقبل ميس ور ع ذره واحتسب َ‬
‫أحسن عمالً ‪.‬‬
‫صدِّقاً‬ ‫ِ‬
‫ك يَا َد َار ال َفَناء ُم َ‬ ‫ِشعْراً‪َ :‬س َكْنتُ َ‬
‫بِأَنِّي إِلى َدا ِر البَق ِاء أ ِ‬
‫َصْي ُر‬ ‫َ‬
‫صائٌِر‬ ‫ِ‬
‫َوأَ ْعظَ ُم َما في األمر أَنِّي َ‬
‫س يَ ُج ْو ُر‬ ‫إِلى َع ِاد ٍل ِفي ُ ِ‬
‫الح ْكم لَْي َ‬
‫ف أَلَْق ُاه ِعْن َد َها‬ ‫ت ِش ْع ِري َكْي َ‬ ‫َفَيا لَْي َ‬
‫وب َكثِْي ُر‬ ‫َو َز ِادي قَِلْي ٌل ُّ‬
‫والذنُ ُ‬
‫أك ُم ْج ِزياً بِ َذنْبِي فَِإنَّنِي‬
‫فَِإ ْن ُ‬
‫الم ْذنِبِْي َن َج ِدْي ُر‬
‫اب ُ‬ ‫بِ َشِّر ِعَق ِ‬

‫َوإِ ْن يَ ُ‬
‫ك َع ْفٌو ثُ َّم عني َو َر ْح َمةٌ‬
‫َفثُ َّم نَِعْي ٌم َدائِ ٌم َو ُسُر ْو ُر‬

‫‪614‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك وعاملنا‬ ‫اللَّ ُه َّم جد َعلَْينَا بكرمك ‪ ،‬وأفض َعلَْينَا من نعمك ‪ ،‬وتغم دنا بَِرمْح َتِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫برأفتك ووفقنا خلدمتك َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬
‫ُ‬ ‫َّ مِحِ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫ني ‪ ،‬وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫الرا َ‬
‫صلٌ )‬ ‫( َف ْ‬
‫ض ب املشاحة يِف البيع والشراء ‪ :‬فيغضب الواحد إِذَا مل تكن السومة تناسب القيمة أو ساومه ومل يشرت أو مل يقرضه أو مل‬ ‫ومن أسباب الْغَ َ‬
‫وعلَْي ِه أن يعت دل يِف‬ ‫ك والْغَ َ يِف‬ ‫ِ‬
‫س لَ هُ أن يغضب َ‬‫ض ب مثل ه ذه األح وال محاقة ال م ربر هلا ألنه ما دام مل يعتد َعلَى حقه فلَْي َ‬ ‫يعْنه أو حنو َذل َ‬
‫بيعه وشرائه ‪ ،‬وأن ميرن نَ ْفسهُ َعلَى احتمال ما يقع عادة ِعْن َد البيع والشراء من النزاع وأن ميرن نَ ْفسهُ دائم اً َعلَى التواضع ويذكرها بعظمة‬
‫اهلل ويفهمها بأنه ضعيف خملوق من ماء مهني ‪ ،‬وأنه صائر إيل الفناء ‪ ،‬وأنه سيكون عظاماً بالية يوطأ باألقدام كما قيل ‪:‬‬
‫ضَنا َب ْعضاً َوتَ ْم ِشي‬
‫يُ َّدِف ُن َب ْع ُ‬
‫األوالِي‬ ‫ِ‬
‫أ ََواخ ُرنَا َعَلى َه ِام َ‬
‫ين رمبا رفعهم اهلل َعلَْي ِه قال بعضهم ‪.‬‬ ‫ومن َكا َن ه َذا شأنه فال يليق به التكرب فيحقر خلق اهلل ويطغي علَي َّ ِ‬
‫هم الذ َ‬
‫َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ت اللَّ ْع ِن َذا أ ََد ٍ‬ ‫الَ تَ ْحِق َّ‬
‫رن أََبْي َ‬
‫ضْي ٍع ِم ْن األقَْو ِام قَ ْد َرئِ َسا‬
‫فَكم و ِ‬
‫َ‬

‫‪615‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اه ْم فَلم َنَر ُه ْم‬ ‫َفر َّ ٍ‬


‫ب َق ْوم َحَق ْرنَ ُ‬ ‫ُ‬
‫أ َْهالً لِ ِخ ْد َمتَِنا َكانُوا لََنا ُر َؤ َسا‬
‫ف ِإذَا ن زعت نَ ْفس هُ إيل التواضع فإنه ال يت أمل لتلك االعتب ارات اليت يت أمل منها‬
‫ض ب إيل أن تقل ح دهتا‬ ‫ِ‬
‫املتك ربون وهبَ َذا ب إذن اهلل ي دفع عن َن ْفس ه س رعة الْغَ َ‬
‫وه َذا أهم ما تعاجل به أنفس املستعدين بفطرهتم للغضب وأما من‬ ‫وتذهب ثورهتا َ‬
‫ت طبيعة لَهُ ولكنها اكتسبت بالعادة واملخالطة فإنه يعاجل‬ ‫كانت سرعة غضبه لَْي َس ْ‬
‫األش َرار والبعد عنهم ‪ ،‬ثاني اً ‪ :‬اجتن اب األس باب‬ ‫ب أمور أوالً اجتن اب مص احبة ْ‬
‫س لإلنس ان أن يغضب إال من أجل دينه‬ ‫املث رية للغضب آنف اً ثالث اً تعليمه أنه لَْي َ‬
‫أو َن ْفس ِه أو عرضه أو ماله وما َز َاد َعلَى َه َذا فهو رذيلة مذمومة جيب َعلَى‬
‫العاقل أن يتنبه هلا وال ي ذرها تتس لط َعلَْي ِه فتض يع س لطة العقل ويص بح اإلنس ان‬
‫ض ب أن النَّيِب ‪ ‬خطب يِف‬ ‫الد ْنيَا واآلخرة وحسبك يِف ذم الْغَ َ‬ ‫عرضة للهالك يِف ُّ‬
‫ّ‬
‫الناس عصر يوم من األيَّام ف َك ا َن مِم َّا قاله هلُ ْم ‪" :‬إن بين آدم خلقوا َعلَى طبقات‬
‫ض ب س ريع الفيء‬ ‫ِ‬
‫ض ب س ريع الفيء والس ريع الْغَ َ‬ ‫شيت أال وإن مْن ُه ْم البطيء الْغَ َ‬
‫ض ب بطيء الفيء فتلك بتلك أال وإن ِمْن ُه ْم بطيء الفيء س ريع‬ ‫والبطيء الْغَ َ‬
‫ض ب بطيء‬ ‫ض ب س ريع الفيء وش رهم س ريع الْغَ َ‬ ‫ض ب أال وخ ريهم بطيء الْغَ َ‬ ‫الْغَ َ‬
‫ض ِاء حسن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض اء حسن الطلب َومْن ُه ْم س يء ال َق َ‬
‫الفيء أال وإن ِمْنهم حسن الَِق ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ض ِاء فتلك بتلك أال وإن ِمْن ُه ْم س يء‬ ‫ِ‬
‫الطلب َومْن ُه ْم س يء الطلب حسن ال َق َ‬
‫ِ‬
‫ض ِاء احلسن الطلب وش رهم س يء‬ ‫ِ‬
‫ض اء س يء الطلب أال وخ ريهم احلسن ال َق َ‬
‫الَِق ِ‬
‫َ‬
‫ض ب مجرة يِف قلب ابن آدم أما رأيتم إيل محرة عينيه وانتفاخ‬ ‫الطلب أال وإن الْغَ َ‬
‫بش ْيء من‬‫ض ب كث رية ونتائجه الوخيمة أك ثر ‪ .‬فمن أحس َ‬ ‫أوداجه وس يئات الْغَ َ‬
‫ك فليلصق باألرض " ‪ .‬رواه الرتمذي ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬

‫‪616‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومن س يئاته ‪ :‬أن الطالق غالب اً حيدث عن غضب ‪ ،‬ومن س يئاته أن الف راق بني‬
‫األقارب واألوالد يقع غالباً عن غضب ‪.‬‬
‫ومن سيئاته ‪ :‬إتالف بعض الْ َمال أو كله ‪.‬‬
‫الصَفا بِ َش ِديْ ِد‬
‫ض َّ‬ ‫ب ِم َن الغَْي ِ‬
‫س وإِ ْن فَ َّ‬
‫ض‬ ‫فلَْي َ‬
‫ِ‬
‫ِشْعراً‪ :‬إِ َذا َ‬
‫الم ْرءُ لم َي ْغل ْ‬
‫يئاتهَر ًة‪ :‬أنه رمبا قضي َعلَى َن ْفس ِه أو َعلَى أوالده بس بب غض به ومن‬‫ومن س َس ْو‬
‫ض ب أن اإلنس ان إِ َذا غضب أطلق لِ َس انه بالق ذف والغيبة والنميمة‬ ‫س يئات الْغَ َ‬
‫والبهت واالس تهزاء والس خرية والش تم والسب وس ائر أن واع املعاصي اليت تقضي‬
‫َعلَى حسناته إن َكا َن لَهُ حسنات وإال فتوقره من سيئات عدوه ولَ ْو ملك َن ْفسهُ‬
‫ك كله ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لسلم من َذل َ‬
‫ومن س يئاته ‪ :‬أنه يفضي إيل امله اترات الش فهية وتب ادل الس باب بني املتخاص مني‬
‫وه َذا ال جيوز َوكم من مع ارك تبت ذل فيها األع راض وتع دو الش تائم احملرمة َعلَى‬ ‫َ‬
‫ض ب ‪ ،‬وض ياع‬ ‫ِ‬
‫س هلذه اآلث ام الغليظة من علة إال تس لط الْغَ َ‬ ‫احلرم ات البعي دة ولَْي َ‬
‫َ‬
‫ك َك ا َن ضبط النفس ِعْن َد سورانه َدلِيل قدرة حممودة ورزانة عقل‬ ‫ِ‬
‫األدب ‪ ،‬ول َذل َ‬
‫اهلل ‪: ‬‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ك ما ورد َع ِن ابن مس عود ق ال ‪ :‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫وحس بك دليالً َعلَى ذَل َ‬
‫"ما تع دون الص رعة فيكم"؟ قَ الُوا ‪ :‬الَّ ِذي ال تص رعه الرج ال ‪ .‬ق ال "ال ‪ .‬ولكن‬
‫الَّ ِذي ميلك َن ْفسهُ ِعْن َد الغضب" وراه مسلم ‪.‬‬
‫ال رجل للنيب ‪ : ‬أوصين وال تكثر َعلَ َّى َلعلَى ال أنسي ‪ .‬قال ‪ " :‬ال تغضب‬ ‫َوقَ َ‬
‫اهلل مرين بعمل وأقلل ‪ .‬قال ‪" :‬‬ ‫ول ِ‬‫" ‪ .‬وروي أَبُو ُهَر ْيَر ِة أن رجالً قال ‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫ال ‪ " :‬ال‬‫ال ‪ " :‬ال تغضب " ‪ .‬مُثَّ أع اد َعلَْي ِه َف َق َ‬ ‫ال تغضب " ‪ .‬مُثَّ أع اد َعلَْي ِه َف َق َ‬
‫اهلل ‪ : ‬قل يل قوالً‬ ‫ول ِ‬ ‫ال ابن عمر ‪ُ :‬ق ْلت لِرس ِ‬ ‫تغضب " ‪ .‬رواه البخاري ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ُ َُ‬
‫ال ‪ " :‬ال تغضب " ‪ .‬فأعدت َعلَْي ِه مرتني ‪ُ ،‬ك ّل ذلك‬ ‫وأقلله ‪َ ،‬لعلَى أعقله ‪َ .‬ف َق َ‬

‫‪617‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال أَبُو ُهَر ْي َر ِة ‪ :‬ق ال‬‫يرجع إيل " ال تغضب " ‪ .‬أخرجه أبو َيعلَى بس ند حسن َوقَ َ‬
‫س الش ديد بالص رعة ‪ ،‬وإمنا الش ديد الَّ ِذي ميلك َن ْفس هُ ِعْن َد‬ ‫النَّيِب ّ ‪ " : ‬لَْي َ‬
‫ال ابن عمر ‪ :‬قال النَّيِب ّ ‪ " : ‬من كف غضبه سرت اهلل‬ ‫الغضب" متفق َعلَْي ِه ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫عورته " ‪ .‬أخرجه ابن أيب الدنيا ‪.‬‬
‫اهلل بن مس عود ‪ :‬انظ روا إيل الرجل ِعْن َد غض به‬ ‫وإليك بعض اآلث ار ‪ :‬ق ال عبد ِ‬
‫َْ‬
‫وأمانته ِعْن َد طمعه وما علمك حبلمه إِ َذا مل يغضب وما علمك بأمانته إِ َذا مل‬
‫يطم َع ‪ ،‬وكتب عمر بن َعْبد الْ َع ِزيز إيل عامله ‪ :‬أن ال تعاقب ِعْن َد غضبك وإِذَا‬ ‫َ‬
‫غض بت َعلَى رجل فاحبسه ف ِإ َذا س كن غض بك فأخرجه فعاقبه َعلَى ق در ذنبه ‪،‬‬
‫ال َعلَى بن زيد ‪ :‬أغلظ رجل من ق ريش لعمر بن َعْبد الْ َع ِزيز الق ول ف أطرق‬ ‫َوقَ َ‬
‫الس ْلطَان فأن ال منك‬ ‫عمر زمانَ اً ط ويالً مُثَّ ق ال أردت أن يس تفزين الش يطان بعز ُّ‬
‫الَْي ْوم ما تناله مين غداً ‪.‬‬
‫ضب كما ال تثَبِّت الروح يِف‬ ‫ِ‬
‫ضهم البنه ‪ :‬يا بين ال يثَبِّت العقل عْن َد الْغَ َ‬ ‫ال َب ْع ْ‬
‫َوقَ َ‬
‫احلي يِف التنانري املسجورة ومِم َّا يروي عن ذي القرنني أنه لقي ملك اً من املالئكة‬
‫ال ‪ :‬علمين ِعلماً أزداد به إميانَاً ويقيناً قال ‪ :‬ال تغضب فإن الشيطان أقدر ما‬ ‫َف َق َ‬
‫اك‬‫ض ب ب الكظم وس كنه ب التودة َوإِيَّ َ‬ ‫يك ون َعلَى ابن آدم حني يغضب ف رد الْغَ َ‬
‫والعجلة ‪ ،‬وعن ابن عب اس ق ال ‪ :‬ملا ق دم عيينة بن حصن ن زل َعلَى ابن أخيه‬
‫ين ي دنيهم عمر ‪ ،‬إذ َك ا َن الق راء أص حاب‬ ‫َّ ِ‬
‫احلر بن قيس ‪ :‬و َك ا َن من النفر الذ َ‬
‫ال عيينة يا ابن‬ ‫جملس أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني عمر ومش اورته كه والً َك انُوا أو ش بانَاً َف َق َ‬
‫أخي استأذن يل أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني فاستأذن لَ هُ َفلَ َّما دخل قال ‪ :‬هيه يا ابن اخلطاب‬
‫اهلل ما تعطينا اجلزل وال حتكم بيننا بالع دل فغضب عمر حيت هم أن يوقع به‬ ‫فو ِ‬
‫َ‬
‫ال احلر يا أمري الْ ُم ْؤ ِمنِني إن اهلل‬ ‫َف َق َ‬

‫‪618‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلِني ﴾ وإن ه َذا من اجلاهلني ‪ ،‬فو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اهلل ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َع ِن اجْلَ َ‬ ‫ول لنبيه ‪ُ ﴿ : ‬خ ذ الْ َع ْف َو َوأْ ُم ْر بِ الْعُ ْرف َوأ َْع ِر ْ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫جاوزها عمر حني تالها َعلَْي ِه و َكا َن وقافاً ِعْن َد كتاب اهلل وإمنا غضب عمر َر ِض َي اهللُ عنهُ وهم بردع األعرايب لتطاول األعرايب َعلَْي ِه ألنه مل‬
‫يدخل ناصحاً أو مشرياً خبَرْي وإمنا دخل َعلَْي ِه يِف سلطانه ليشتمه دون مربر وليسأله عطاءً جزيالً َعلَى َغرْي عمل َفلَ َّما ذكر عمر بأن َه َذا من‬
‫اجلاهلني أع رض عنهُ وتركه ينص رف س املاً ويِف احْلَ ِديث "من كظم غيظ اً َو ُه َو يقدر أن ينفذه ‪ ،‬دعاه اهلل ي وم القيامة َعلَى رؤوس اخلالئق‬
‫حيت خيريه يِف أي احلور العني ‪.‬‬
‫ْم َر َّد َجَوابِِه‬ ‫ِ‬ ‫َو َج ِهل ُ‬ ‫ان إِ َذا أَغَ َ‬ ‫ِشْعراً‪ :‬من لِي بِإنْس ٍ‬
‫ْت َكا َن الحل ُ‬ ‫ضْبتُهُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫َوبَِع ْقِل ِه َولََعلَّهُ أَ ْد َرى بِِه‬ ‫ث بِ َس ْم ِع ِه‬ ‫ص ِغي لِلْح ِديْ ِ‬
‫َ‬ ‫َوَتَر ُاه يُ ْ‬
‫وقِف ِه‬
‫الذِم لم يحرج بِم ِ‬
‫َ ُْ ْ َ‬ ‫ِم َن َّ‬ ‫إِ َذا َما َسِفيه نَالَنِي ِمْنهُ نَائِ ٌل‬
‫ت ِم ْن‬ ‫َصلَ ْح ُ‬ ‫ِ‬
‫تي َعلَى َن ْفسي َوأ ْ‬ ‫َعَتِ‬
‫صْبْد ِرُ‬ ‫َع ْو ُد إِلى َن ْف ِسي فَِإ ْن َكا َن‬ ‫أُ‬
‫ضى بِ َخْي ٍر َوالَ َشٍّر‬ ‫أَهَْمَوِر َاهيا فَ َما َت ْر َ‬ ‫َّاس إِ ْن‬ ‫صإالِادقاًفَ َما َذنْبِي إِلى الن ِ‬ ‫َوَ‬
‫طَغَى‬
‫ت َت ْعِق ُل‬ ‫َْ‬ ‫ن‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫و‬‫َتَنَب ْه َ ْ َ َ ْ‬
‫الم‬ ‫ل‬ ‫ي‬‫ب‬‫ق‬‫ُ‬
‫َف َع َما قَِلْي ٍل لِل َْمَقابِ ِر ُتْنَق ُل‬
‫َوتُ ْم ِسي َر ِهْيناً لِْل ُقبُو ِر َوَتْنثَنِي‬
‫الثَرى َتَت َجْن َد ُل‬‫ت َ‬ ‫ث تَ ْح َ‬ ‫لَ ِدي ج َد ٍ‬
‫َ‬
‫اب ِوإِنْ َما‬ ‫فَ ِريْداً َو ِحْيداً ِفي التُّر ِ‬
‫َ‬
‫قَ ِريْ ُن ال َفَتى ِفي ال َقْب ِر َما َكا َن َي ْع َم ُل‬
‫الثَرى‬ ‫َما َي ْف َع ُل ال ُد ْو ُد َو َ‬ ‫َسفاً‬
‫َفَوا أ َ‬
‫بِو ْج ٍه ج ِمْي ٍل َكا َن ِ‬
‫هلل يَ ْخ َج ُل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الو ِسْي ُم إِ َذا َثَوى‬
‫الج ْس ُم َ‬
‫ِ‬ ‫َو َما َي ْف َع ُل‬
‫ض ِجْي َع ال َقْب ِر َي ْعلُْو ُه َجْن َد ُل‬
‫ص َار َ‬ ‫َو َ‬

‫‪619‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الر َدى ثُ َّم لَْو َتَرى‬ ‫َوبَطْنِي بَ َدا ِفيه َّ‬


‫َد ِقْي َق الثََّرى ِفي ُم ْقَلتِي َيَت َه ْر َو ُل‬
‫وع َعَلْي ُك َما‬‫اي ُج ْو َدا بِال ُد ُم ِ‬
‫َعَيْن َ‬
‫أَ‬
‫َج َم ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ُق َوأ ْ‬ ‫فَ ُح ْزني َعَلى َن ْفسي أ َ‬
‫َويَا ُم َّد ِعي ُحبِي َهلُّ َم بَِنا إِ َذا‬
‫َّاس َنْب ِكي لِلِْفَر ِاق َوُن ْه ِم ُل‬ ‫بَ َكى الن ُ‬
‫َد ِعي اللَّ ْهَو َن ْف ِسي وا ْذ ُك ِري ُحْفَر َة البِلَى‬
‫المَقابِ ِر َي ْف َع ُل‬
‫ف بنَا ُد ْو ُد َ‬
‫و َكْي َ ِ‬
‫َ‬
‫َّاس َحالَتِي‬ ‫اهلل أَ ْش ُكو الَ إِلى الن ِ‬ ‫إِلى ِ‬
‫ت ِفي َقْب ِري َو ِحْيداً أ َُمل َْم ُل‬ ‫ص ْر ُ‬ ‫إِ َذا ِ‬
‫اللَّ ُه َّم يا حي يا قي وم يا َعلَى يا َع ِظيم أب رم هلذه األمة أم َر رشد يعز فِيه أ َْهل‬
‫ك وي ذل فِيه أ َْهل معص يتك وي ؤمر فِيه ب املعروف وينهي فِيه عن الْ ُمْن َكر‬ ‫اعت َ‬ ‫طَ َ‬
‫اللَّ ُه َّم بارك يِف أعمارنا وأصلح أعمالنا ونياتنا وذرياتنا َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬
‫وعلَى آله وص حبه‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫" موعظة "‬
‫اهلل من ترونه سيء اخللق ‪ ،‬عنيف اً شرس اً يِف ُك ّل حال إن‬ ‫اهلل ‪ :‬من ِعب ِاد ِ‬
‫ِعب اد ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ق ال فعنف قوله ينطق بالكلمة فلعنفها حتدث من الشر ما ال حيكيه املق ال إن‬
‫مثل َه َذا ال تطول معه عشرة نساء وال صداقة ِر َج ال وال جيد قلب اً يعطف َعلَْي ِه‬
‫ولَ ْو َك ا َن يِف أشد األح وال ولَ ْو قيل لك إن البه ائم تنفر منه لعنفه وشراس ته‬
‫فص دِّق َه َذا املق ال وللن اس ع ذر واضح يِف نف ورهم من َه َذا الع نيف الس يء‬
‫س بعده من تالق فإن‬ ‫َّ ِ‬ ‫األخالق وال لوم َعلَْي ِ‬
‫هم إذَا فارقوه الفراق الذي لَْي َ‬
‫ْ‬

‫‪620‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪621‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الطب اع البش رية متفقة َعلَى بغض العْنف وكيف حيب النَّاس من ي ؤذيهم بأقواله‬
‫وأفعاله بس بب وبغَرْي س بب ف العنيف ش ؤم َعلَى َن ْفسه قبل أن يك ون ش ؤماً َعلَى‬
‫س واه َو ُرمَّبَا عم ش ؤمه دني اه وأخ راه ق ال ‪" : ‬من حيرم الرفق حيرم اخْلَرْي كل ه"‬
‫رواه مسلم وأَمَحَد وأبو داود وابن ماجه ‪ ،‬ويِف احْلَ ِديث اآلخر ‪" :‬إن اهلل تعاىل‬
‫رفيق حيب الرفق ‪ ،‬ويعطي َعلَى الرفق ما ال يعطي َعلَى العنف رواه مس لم أما‬
‫الرفيق ‪ :‬فهو الْ َعْبد احلسن اخللق الوق ور احلليم الَّ ِذي أينما َك ا َن وميت َك ا َن تص بو‬
‫إليه ال ُقلُ وب ألنه إن ق ال فقوله حلَ ْو ألنه أديب حكيم وإن فعل فأفعاله ترشد‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ك‬‫ين حيب ون الرفق ‪ ،‬بل يش اركهم يِف َذل َ‬ ‫س بنو آدم الذ َ‬ ‫إيل تعلم األدب ولَْي َ‬
‫ِ‬
‫سائر احليوانات ‪ ،‬وإن شئت فَ انْظُْر مبلغ حنني تلك احليوانات إليهم فكن رفيق اً‬
‫ك لذوي النهي أرب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س بعد َذل َ‬ ‫جتم َع بني حب اهلل وحب عباده ولَْي َ‬ ‫أيها املُْؤمن َ‬
‫اج َع ْلنَا ممن كتبت هّلُ ْم احلسين وزي ادة َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬ ‫‪ ،‬اللَّ ُه َّم اختم لنا خبامتة الس عادة َو ْ‬
‫وعلَى‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َول َوال َد ْينَا َومَجِ يع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫سدْ‬ ‫الح َ‬
‫حرِْيمِ َ‬ ‫صٌل فِي َبَي ِ‬
‫ان تَ ْ‬ ‫َف ْ‬
‫اك وإي اهم ُك ّل خلق ذميم ‪ :‬أن‬ ‫اك َومَجِ يع امل ْس لِ ِمنْي َ وجنبنا َوإِيَّ َ‬ ‫ْاعلم وفقنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫ُ‬
‫مِم َّا يتأكد اجتنابه يِف ُكل زم ان وم َك ا َن احلسد إذ ُه َو من ال ُّذنُوب املهلك ات ‪،‬‬
‫ض يِّقاً وحرج اً وكراهية لنعمة‬ ‫ومعين احلسد ‪ :‬أن جيد اإلنس ان يِف ص دره و َق ْلب هُ َ‬
‫هِب‬
‫أنعم اهلل َا َعلَى عبد من عب اده يِف دينه أو دني اه حيت أنه ليحب زواهلا عن هُ‬
‫ك أو س عي يِف إزالتها وحس بك بذمه وقبحه أن اهلل تع اىل أمر‬ ‫ِ‬
‫َو ُرمَّبَا متين َذل َ‬
‫رسوله ‪ ‬أن يتعوذ من شر احلاسد كما أمر باالستعاذة من شر‬

‫‪622‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اس ٍد إِ َذا َح َس َد ﴾ ‪.‬‬ ‫الشيطان قال اهلل تعاىل ‪ ﴿ :‬و ِمن َشِّر ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واحلرص واحلسد من م داخل الش يطان إيل الْ َق ْلب فمهما َك ا َن الْ َعْبد حريص اً َعلَى‬
‫للش ْيء يعمي ويصم " ‪ .‬ونور البصرية‬ ‫ُك ّل َش ْيء أعماه وأصمه قال ‪ " : ‬حبك َ‬
‫ُه َو الَّ ِذي يعرف مداخل الشيطان ف ِإذَا غطاه احلسد واحلرص مل يبصر فحينئذ جيد‬
‫الشيطان فرصة فيحسن ِعْن َد احلريص ُك ّل ما يوصله إيل شهواته وإن َك ا َن منكراً‬
‫لعن إبلَْيس وجعل شيطانَاً رجيم اً وأما احلرص فإنه أبيح آلدم‬ ‫وفاحشاً ‪ ،‬فباحلسد َ‬
‫اجْلَنَّة ُكلّ َها إال الش جرة ‪ ،‬فأص اب حاجته إبلَْيس من آدم ب احلرص فأكل من‬
‫الشجرة اليت هناه اهلل عنها ‪.‬‬
‫الر ُس ول‬ ‫ومن أجل أن احلسد هبذه الدرجة ورد فِيه تش ديد َع ِظيم حيت ق ال فِيه َّ‬
‫‪" : ‬احلسد يأكل احلس نات كما تأكل الن ار احلطب" رواه أبو داود وابن ماجه‬
‫جيتم َع يِف ج وف عبد غب ار يِف س بيل اهلل ‪ ،‬وفيح جهنم وال‬ ‫ال ‪" : ‬ال َ‬ ‫‪َ ،‬وقَ َ‬
‫جيتم َع يِف جوف عبد اإلميان واحلس د" رواه ابن حب ان يِف صحيحه ورواه البيهقي‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫والَّ ِذي جيب أن يفهم من َه َذا احْلَ ِديث ‪ :‬أن اإلميان الص ادق الكامل الَّ ِذي‬
‫جيتم َع َم َع احلسد الَّ ِذي يغضب‬ ‫يستحضر ص احبه أن ُك ّل أفع ال اهلل حلكمة ال َ‬
‫ول ‪ ‬يِف احلسد ‪":‬ال ي زال النَّاس خبَرْي ما مل‬ ‫ُ‬ ‫من فعل اهلل وقس مته َو َي ُق‬
‫يتحاسدوا" رواه الطرباين ‪ ،‬واملعين َواهللُ أ َْعلم ‪ :‬أن َُّه ْم إِ َذا حتاسدوا ارتفع اخْلَرْي ِمْن ُه ْم‬
‫وكيف ال يرتفع ِمْن ُه ْم اخْلَرْي وكل ِمْن ُه ْم يتمين أن ي زول اخْلَرْي الَّ ِذي ِعْن َد أخيه ‪،‬‬
‫ال ‪" :‬وال حتاس دوا" واحلسد نتيجة من نت ائج احل َق ْد ومثرة‬ ‫وهني ‪ ‬عن احلسد َف َق َ‬
‫من مثراته املرتتبة َعلَْي ِه ف إن من حيقد َعلَى إنس ان يتمين َز َوال نعمته ويغتابه وينم‬
‫َعلَْي ِه ويعتدي َعلَى عرضه ‪ ،‬ويشمت فِيه ملا يصيبه‬

‫‪623‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك من الص فات املذمومة اليت ال تليق باإلنس ان وكث رياً ما ت ري احلاسد ينقب‬ ‫ِ‬
‫من البَالء ‪ ،‬و َغْي َر َذل َ‬
‫عن مساوئ احملسود فيربزها َعلَى صفة الذم والتثريب فينتبه احملسود هلا ويتجنبِ َها فيكون السبب يِف إزالتها عدوه احلاسد كما قيل ‪:‬‬

‫ض ٌل َعلَ َّي َوِمَن ًة‬


‫ُع َداتِي لَ ُه ْم فَ ْ‬
‫األع ِاديَا‬
‫الر ْح َم ُن َعنّي َ‬ ‫ب ّ‬ ‫فَالَ أَ ْذ َه َ‬
‫فاجَتَنْبُت َها‬‫ُه ُم ْوا بَ َحُث ْوا عن َزلَّتِي ْ‬
‫الم َعالَِيا‬
‫ت َ‬ ‫سونِي فَا ْكَت َسْب ُ‬ ‫َو ُه ْم نَافَ ُ‬
‫ول اآلخر ‪:‬‬
‫َو َي ُق ُ‬
‫ضْيَل ٍة‬
‫أَر َاد اهلل نَ ْشر فَ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َوإِ َذا‬
‫ت أَتَاح لَها لِسا َن حس ِ‬
‫ود‬ ‫طُ ِويَ ْ َ َ َ ُ ُ‬
‫ضا‬‫ال النَّا ِر ِفي جزل الغَ َ‬ ‫ا ْشتِ َع ُ‬ ‫لَْوالَ‬
‫الع ْو ِد‬ ‫ما َكا َن يع ِر ُ ِ‬
‫ب ِريْ ِح ُ‬
‫ف طْي ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫َّاس َمْن ِزلَ ًة‬
‫آخر‪ُ :‬م َح َّس ُد ْو َن َو َشُّر الن ِ‬
‫َّاس يوماً غَير محس ِ‬ ‫من َع ِ‬
‫ود‬ ‫َْ َ ْ ُ‬ ‫اش في الن ِ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ت َفَز َاد اللُه ِفي َح َس ِدي‬ ‫آخر‪ :‬إِنّي ُح ِس ْد ُ‬
‫الَ َعاش من َعاش يوماً غَير محس ِ‬
‫ود‬ ‫َْ َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬
‫المرءُ إال ِم ْن فَ َ‬
‫ضائِِل ِه‬ ‫َما يُ ْح َس ُد َ‬
‫والج ْو ِد‬ ‫ف أ َْو بِالَْب ِ‬‫العل ِْم والظُّر ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫أس ُ‬ ‫ْ‬
‫ث لِي ِفي غَْيَبتِي ِذ ْكَرا‬ ‫يُ ْح ِد ُ‬ ‫اس ِدي‬ ‫َس َخر لِي ح ِ‬
‫َ‬ ‫آخر‪ُ :‬سْب َحا َن َم ْن َّ‬
‫يُِفي ُدنِ ْي ال ُ‬ ‫اس ِد ْي‬ ‫الغيب َة ِمن ح ِ‬ ‫ِ‬
‫األجَرا‬
‫ش ْهَر َة َو ْ‬ ‫الَ أَ ْكَر ُه َْ َ َ‬
‫ِ‬
‫وكفي بالح َق ْد ذماً أن يكون الحسد ثمرة من ثمراته وأثراً من آثاره ‪.‬‬
‫س ْو ُد‬ ‫ك َعاراً أَ ْن ُيَق َ‬
‫ال َح ُ‬ ‫فَ َح ْسبُ َ‬ ‫ِشْعراً‪ :‬فَالَ تَ ْح ِس َد ْن يَوماً َعلَى فَ ْ‬
‫ض ِل‬
‫آخر‪ :‬أنِْعالَم ٍة قُل لِمن َكا َن لِي ح ِ‬
‫ب‬‫األد ْ‬
‫َت َ‬ ‫َسأ َ‬‫أَتَ ْد ِر ْي َعلَى َم ْن أ َ‬ ‫اسداً‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬

‫‪624‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ب‬ ‫ك لم َتر ِ‬
‫ألَنَّ َ‬ ‫الله ِفي ِف ْعِل ِه‬
‫َت َعلَى ِ‬
‫ض لي َما َو َه ْ‬
‫ّ َ‬ ‫َسأ َ‬
‫أَ‬
‫ويِف الغ الب أن احلسد يك ون بني النظ راء وال زمالء وأرب اب الص ناعات واملراتب‬
‫واملناصب احلكومية فالت اجر حيسد الت اجر والص انع حيسد الص انع والنج ار حيسد‬
‫النج ار والفالح حيسد الفالح وأرب اب اجلاه حيس دون أرب اب اجلاه وذوو املناصب‬
‫هم بعض اً ومن األمث ال املتداولة ق وهلم ع دو املرء من يعمل‬ ‫احلكومية حيسد َب ْعض ْ‬
‫عمله وللحسد أعاذنا اهلل َومَجِ يع امل ْسلِ ِمنْي َ منه مراتب ‪.‬‬
‫ُ‬
‫أح دها أن يتمين َز َوال النعمة عن الغَرْي ‪ ،‬ويعمل ويس عي يِف الوس ائل احملرمة‬
‫وه َذا الغاية يِف اخلبث واخلساسة‬ ‫الظاملة ويس عي يِف إس اءته بكل ما يس تطيع َ‬
‫والنذالة وه ذه احلالة ِه َي الغالبة يِف احلس اد خصوص اً املتزامحني يِف ص فة واح دة‬
‫ِ‬
‫ك الغَرْي حيسده‬ ‫فإن من يربح ِمْن ُه ْم رحباً كبرياً أو يظفر بلذة يرقبِ َها غريه فإن َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ال ِّربْح ليظفر ُه َو به‬ ‫ك ويس عي إيل حرمانه يِف َذل َ‬ ‫َعلَى ما حصل لَ هُ من َذل َ‬
‫ك يِف طالب املناصب واجلاه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويكثر ذَل َ‬
‫ِ‬
‫ك ‪ ،‬وإن ك انت ال تنتقل إليه ‪،‬‬ ‫املرتبة الثَّانِيَة ‪ :‬أن يتمين َز َوال النعمة وحيب َذل َ‬
‫وه َذا أيضاً يِف غاية اخلبث ‪ ،‬ولكنها دون األويل ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ت إليه أو‬ ‫الثالثة أن جيد من َن ْفسه الرغبة يِف َز َوال النعمة عن احملسود س واءً انت ُق ْل ُ‬
‫إيل غ ريه ولكنه يِف جه اد َم َع نَ ْفس ِه وكفها عن ما ي ؤذي خوف اً من اهلل تع اىل‬
‫كفي شر غائلة احلسد ‪،‬‬ ‫اهلل ومن يفعل ه َذا يك ون قَ ْد ِ‬ ‫وكراهية يِف ظل ِم ِعب ِاد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سه العقوبة األخروية ولكن ينبغي لَهُ أن يعاجل َن ْفسهُ من َه َذا الوباء‬ ‫ودفع عن َن ْف ِ‬
‫حيت يربأ منه ‪.‬‬
‫احلالة الرابعة ‪ :‬أن يتمين َز َوال النعمة عن الغَرْيِ ‪ ،‬بغضاً لذلك‬

‫‪625‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الش خص ‪ ،‬لس بب ش رعي ‪ ،‬ك أن يك ون ظاملاً يس تعني َعلَى مظامله هبذه النعمة‬
‫فيتمين زواهلا ل رييح النَّاس من ش ره ومثل أن يك ون فاس قاً يس تعني هبذه النعمة‬
‫َعلَى فسقه وفجوره ‪ ،‬فيتمين َز َوال املغل َه َذا عنهُ لرييح العباد والْبِالد من شره‬
‫فه َذا ال يس مي حس داً م ذموماً وإن َك ا َن تعريف احلسد‬ ‫القاصر واملتع دي ‪َ ،‬‬
‫يشمله ‪ ،‬ولكنه يِف هذه احلال يكون ممدوحاً السيما إِ َذا َك ا َن يرتتب َعلَْي ِه عمل‬
‫يدفع َه َذا الظلم والعدوان ويردع َه َذا الظامل ‪.‬‬
‫احلالة اخلامسة ‪ :‬أن حيب ويتمين لنفسه مثلها ف إن مل حيصل لَ هُ مثلها فال حيب‬
‫فه َذا ال ب أس به إن َك ا َن ك النعم الدنيوية كالْ َم ال املب اح‬ ‫زواهلا عن ص احبِ َها َ‬
‫واجلاه املب اح وإن َك ا َن من النعم الدينية ك العلم الش رعي والعب ادة الش رعية َك ا َن‬
‫حمم وداً ك أن يغبط من عن ده م ال حالل مُثَّ س لط َعلَى هلكته يِف احلق من‬
‫واجب ومس تحب ف إن َه َذا من أعظم األدلة َعلَى اإلميان ومن أعظم أن واع‬
‫اإلحس ان َو َك َذا من آت اه اهلل احلكمة والعلم فوفق لنش ره ‪ ،‬كما يِف احْلَ ِديث ‪" :‬‬
‫ال حسد إال يِف اثن تني رجل آت اه اهلل م اًال ‪ ،‬فس لطه َعلَى هلكته يِف احلق ‪،‬‬
‫ورجل آتاه اهلل احلكمة ‪ ،‬فهو يقضي هِبَا ويعلمها " ‪.‬‬
‫فهذان النوعان من اإلحسان ال يعادهلما َش ْيء إال إن ترتب َعلَْي ِه وساوس شيطانية ‪ ،‬وخواطر نفسانية جتر اإلنسان إيل مواضع اخلطر اليت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ول يِف َن ْفسه أَنَا أحق منه هبَ َذا َ‬
‫فه َذا اعرتاض َعلَى حكمة اهلل وقسمته وال جيوز َذل َ‬ ‫تفسد عمله كأن َي ُق َ‬
‫واإلح َسا َن تُ ْخِفيه‬‫ْ‬ ‫الم َسا ِوئ‬
‫ُتْبدي َ‬
‫ِ‬ ‫ك َّ‬
‫الد ْهَر‬ ‫ود َعَلْي َ‬ ‫ِشْعراً‪َ :‬عين الحس ِ‬
‫ُْ َ ُ‬
‫ضطَِغ ٌن ِفيه الَّ ِذي ِفيه‬ ‫ْب َم ْ‬ ‫والَْقل ُ‬ ‫اكسةٌ بِالبِ ْش ِر بَِي ْديِِه ُم َكا َشَر ًة‬
‫َيَْلحاَقِر ََ‬
‫س َي ْقَب ُل ُع ْذراً ِفي تَ َجنِيَِّه‬ ‫ٍ‬
‫ف َلْي َ‬ ‫ود بِالَ ُج ْرم َع َد َاوتُهُ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْن َ‬
‫الح ُ‬
‫َوالَ تُ ْكثَِر ْن َما ِفيه َزيْ ٌد َوالَ‬ ‫التَقى َولُُز ْومه‬ ‫ك أَ َخي بِ ُّ‬ ‫آخر‪َ :‬عَلْي َ‬
‫َع ْم ُر ْو‬

‫‪626‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وفي َن ْهي طَ َه لِلّنَّبِي لََنا ِذ ْك ُر‬ ‫ِ‬ ‫َفَز ْهَر ُة ِذي ُّ‬
‫الدْنَيا َس ِريْ ٌع ُذبُولَُها‬
‫فَكم ِح ْك َم ٍة َغَّر َاء َقيَّ َد َها ِّ‬
‫الش ْع ُر‬ ‫ض أ ُْولِي‬ ‫ال َب ْع ُ‬ ‫َو ُك ْن ُمْن ِشداً َما قَ َ‬
‫لَهُ ُد ْو َن َما يَأْتِي َحَياءٌ َوالَ ِسْت ُر)‬ ‫األربَِعْي َن َولم يَ ُك ْن‬ ‫الم ْرءُ َج َاز ْ‬ ‫(إُِ‬
‫النذَهاى َ‬
‫ِ‬ ‫س َعَلْي ِه الَّ ِذي أَتَى‬
‫الع ْم ُر)‬
‫الحَياة لَهُ ُ‬ ‫اب َ‬ ‫َسَب َ‬‫َوإِ ْن َم َّد أ ْ‬ ‫(فَ َد ْعهُ َوالَ َتْنُف ْ‬
‫آخر ‪:‬‬
‫ف‬ ‫الخالَ ِ‬
‫وأَم ِري ُكلُّهُ ب ِادي ِ‬ ‫ص َد غَْي ِري‬ ‫المالََم ِة‬‫أَأَق ُ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫قَ ْ‬ ‫ْص ُد ب َ‬
‫ولم ير ِفيه آثَار العَف ِ‬
‫اف‬ ‫َخ ْم ِسْي َن َعامَاًًَ‬ ‫إِ َذا َعاَش ْام ُرٌؤ‬
‫ُ َ‬ ‫َُ‬
‫َّج ِافي‬ ‫ِِ‬
‫ف َق ْد أ َْر َدى بِنَِّيته الت َ‬ ‫فَالَ ُي ْر َجى لَهُ أَبَداً َر َشا ٌد‬
‫اف‬ ‫(وأَبلُ ُغ طَاقَتِي ِفي االنْتِص ِ‬ ‫اف ِمنِي‬ ‫ص َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َول َم الَ أَبْ ُذ ُل اإلنْ َ‬
‫س لِي إال ال َقَو ِافي‬ ‫واي ولَْي َ‬‫س َ‬
‫ِ‬ ‫ت ِعظَاتِي‬ ‫ت إِ ْن َنَف َع ْ‬
‫الويْالَ ُ‬
‫لي َ‬
‫ِ‬

‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫مُثَّ ْاعلم أن للحسد أسباباً ‪.‬‬
‫وه َذا أشد أسباب احلسد ‪.‬‬ ‫األول ‪ :‬العداوة والبغضاء َ‬
‫الثاين ‪ :‬التعزز والرتفع َو ُه َو أن يثقل َعلَْي ِه أن يرتفع َعلَْي ِه غريه ف ِإذَا أصاب أحد‬
‫زمالئه والية أو ماًال خاف أن يتكرب َعلَْي ِه َو ُه َو ال يطيق تكربه وافتخاره عليه ‪.‬‬
‫الس بب الث الث الكرب َو ُه َو أن يك ون يِف طبعه أن يتكرب َعلَْي ِه ويس تحقره‬
‫ويستص غره ويس تخدمه ف ِإذَا ن ال والي ةً خ اف أن ال حيتمل تك ربه ومن التكرب‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ‪ ‬إذ قَالُوا ‪ :‬كيف يتقدم علينا‬ ‫والتعزز َكا َن حسد أكثر الكفار لِرس ِ‬
‫َُ‬

‫‪627‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫غالم يتيم فنطأطئ رؤوسنا له ‪َ .‬ف َق الُوا ﴿ لَ ْواَل نُ ِّز َل َه َذا الْ ُق ْرآ ُن َعلَى َر ُج ٍل ِّم َن‬
‫َع ِظي ٍم ﴾ ‪.‬‬ ‫الْ َقر َيَتنْي ِ‬
‫ْ‬
‫الس بب الرابع التعجب كما أخرب اهلل عن األمم املاض ية إذ ﴿ قَ الُوا َما أَنتُ ْم إِالَّ‬
‫بَ َش ٌر ِّم ْثلُنَا ﴾ فتعجب وا من أن يف وز برتبة الرسل وال وحي والق رب من اهلل بشر‬
‫مثلهم فحسدوهم وأحبوا َز َوال النعمة عنهم ‪.‬‬
‫ك خيتص مبتزامحني َعلَى مقصود‬ ‫ِ‬
‫اخلامس اخلوف من فوت مقصد من املقاصد َو َذل َ‬
‫ك مثل الض رات ِعْن َد زوجهن والتالميذ ِعْن َد األس تاذ واإلخ وة يِف‬ ‫ِ‬
‫واحد َوذَل َ‬
‫ال تزاحم َعلَى نيل املنزلة يِف قلب األب وين ليتوصل به إيل مقاصد الكرامة والْ َم ال‬
‫وخدام امللك يِف نيل املنزلة من قلبه ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك‬ ‫الس ادس حب الرياسة وطلب اجلاه لنفسه من َغرْيِ توصل به إيل مقص ود َوذَل َ‬
‫كالرجل الَّ ِذي يريد أن يك ون ع دمي النظري يِف فن من الفن ون إِذَا غلب َعلَْي ِه‬
‫حب الثن اء واملدح واس تفزه الف رح مبا ميدح به ‪ ،‬فإنه لَ ْو ِمس َع بنظ ريأً لَ هُ يِف‬
‫ك ‪ ،‬وأحب موته أو َز َوال تلك النعمة اليت ِعْن َد‬ ‫ِ‬
‫أقصي أقط ار األرض لس اءه َذل َ‬
‫الَّ ِذي يشاركه هِبَا يِف املنزلة من شجاعة أو علم أو صناعة أو مجال أو ثروة أو‬
‫حنو ذلك ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ،‬فتجد املتصف‬ ‫الس ابع ‪ :‬خبث النفس وحبِها للشر وش حها ب اخْل لعِب ِاد ِ‬
‫َرْي َ‬ ‫َ‬
‫ك إِ َذا ذكر لَ هُ اض طراب ونكب ات تص يب النَّاس وإدب ارهم وف وت مقاص دهم‬ ‫ِ‬
‫ب َذل َ‬
‫وتنغيص عيش هم اس تنار وجهه وف رح به وص ار يبثه َو ُرمَّبَا أيت بإش اعته يِف ص ورة‬
‫ال رتحم والتوجع فهو أب داً حيب اإلدب ار لغ ريه ويبخل بنعمة اهلل َعلَى عب اده كأنه‬
‫س بينه‬ ‫يؤخذ ما أعطاهم اهلل من ماله وخزانته ‪َ ،‬علَى أنه لَْي َ‬

‫‪628‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬
‫ك يعسر معاجلة َه َذا الس بب ألنه‬‫س لَ هُ س بب إال التعمق يِف اخلبث والرذالة والنذالة واخلساسة يِف الطبع الل ئيم ول َذل َ‬‫وه َذا لَْي َ‬
‫وبينهم ع داوة َ‬
‫ِ‬
‫س يش في علة ص دره ويزيل ح زازة احلسد الك امن يِف َقْلب ِه إال َز َوال النعمة فحينئذ يتع ذر ال دواء أو يعز ومن َه َذا ق ول‬ ‫جه ول ظل وم ولَْي َ‬
‫بعضهم ‪.‬‬
‫َو ُك ٌّل أ َُدا ِويِْه َعلَى قَ ْد ِر َدائِِه‬
‫اس ِدي َف ْه َي الَّتِي الَ أَنَالَُها‬ ‫ِسوى ح ِ‬
‫َ َ‬
‫اس َد نِْع َم ٍة‬‫ف ي َدا ِوي المر ُؤ ح ِ‬
‫َو َكْي َ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ضْي ِه إال َز َوالَُها‬
‫إِ َذا َكا َن الَ ير ِ‬
‫ُْ‬
‫ضهم ‪َ :‬رأَيْت أكثر النَّاس إال من عصم اهلل وقليل ما هم يتعجلون الشقاء‬ ‫قال َب ْع ْ‬
‫الد ْنيَا وحيتقبون َع ِظيم اإلمث املوجب للنار يِف اآلخرة مبا‬ ‫واهلم والتعب ألنفسهم يِف ُّ‬
‫ال حيظون معه بنفع أص الً من نيات خبيثة حيرصون َعلَْي َها من متين الغالء املهلك‬
‫للناس وللصغار ومن ال ذنب لَ هُ ومتين أشد البَالء ملن يكرهونه وقَ ْد علموا يقين اً‬
‫أن تلك الني ات الفاس دة ال تعجل ش يئاً مِم َّا يتمنونه أو ت وجب كونه وأن َُّه ْم لَ ْو‬
‫ك ملصاحل أمورهم ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احة ألنفسهم وتفرغوا ب َذل َ‬ ‫الر َ‬
‫وصفوا نياهتم وحسنوها لتعجلوا َّ‬
‫ك شيئاً مِم َّا يريدونه أو‬ ‫ِ‬
‫األجر يِف املع اد ‪ ،‬من َغرْي أن يؤخر َذل َ‬ ‫ِ‬
‫وال اقتنوا َعظيم َ‬
‫مينع كونه ‪ ،‬فأي غنب أعظم من هذه احلال اليت نبهنا َعلَْي َها ‪ 1‬هـ ‪.‬‬
‫وأما األسباب األخري فيتصور إزالتها يِف املعاجلة‪ ,‬وقَ ْد جتتمع أسباب احلسد املذكور ُكلّ َها يِف‬
‫شخص واحد أو أكثرها ‪.‬‬
‫ود ِفإَنَّهُ أَ ْعَيانِي‬
‫س َ‬‫الح ُ‬
‫إال َ‬ ‫َّاس ِم ْن َن ْف ِسي‬‫ت ُك َّل الن ِ‬ ‫أَ ْعطَْي ُ‬
‫اه ُر نِْع َم ِة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ضاَّ ِ‬
‫الر ْح َم ِن‬ ‫إال تَظَ ُ‬ ‫َن لي َذنْباً لَ َديِْه َعل ْمتُهُ‬ ‫الر أَ‬
‫الَِّ‬

‫‪629‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ضل بي ِ‬
‫ان‬ ‫ِعْن ِدي َكم ُ ِ‬ ‫يَطْ ِو ْي َعَلى ُحْن ٍق َح َش ُاه ألً ْن َرأى‬
‫ال غَنى َوفَ ْ ُ ََ‬ ‫ْ َ‬
‫ْع لِ َسانِي‬ ‫ِ‬
‫اب أ َْمَوالي َوقَط ُ‬
‫و َذ َه ُ‬ ‫ضيِ ِه إال ِذلْتِي‬
‫ما ِإ ْن أَرى ير ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ك يِف الدين ُّ‬
‫والد ْنيَا‬ ‫وقَ ْد ذكر العلماء للحسد دواءً فأوالً أن تعرف أنه ضرر َعلَْي َ‬
‫وال ض رر به َعلَى احملس ود ال يِف ال ُّد ْنيَا وال يِف ال دين بل ينتفع به فيهما مجيع اً‬
‫ض ِاء اهلل وقدره ‪ ،‬وكراهة لنعمته َعلَى عبده‬ ‫ِ‬
‫أما ضرره يِف الدين فألنه سخط ل َق َ‬
‫امل ْؤ ِمن وانضم إليه غش املس لم وت رك نص حه وت رك الْ َع َمل بقوله ‪ " : ‬ال ي ؤمن‬
‫أح دكم حيت حيب ألخيه ما حيب لنفسه " ‪ .‬وانضم أيض اً إيل َذلِ‬ ‫ُ‬
‫ك أنه ش ارك‬ ‫َ‬
‫الد ْنيَا فإنه األمل النقد احلاضر‬ ‫إبلَْيس وهذه خبائث تأكل احلسنات وأما ضرره يِف ُّ‬
‫والْ َع َذاب الدائم ‪.‬‬
‫وأما كونه ال ضرر َعلَى احملسود فواضح ألن النعمة ال تزول باحلسد وأما منفعته‬
‫الض َرر واهلم‬ ‫يِف ال ُّد ْنيَا للمحس ود فهو أن أهم مقاصد أك ثر أبن اء ال ُّد ْنيَا إيص ال َّ‬
‫ت باحلَِقي َقة‬ ‫إيل أعدائهم َو ُه َو متوفر يِف احلسد وقَ ْد فعل احلاسد بنفسه مرادهم ف أَنْ َ‬
‫س‬‫وم َع َه َذا كله ف َق ْد أدخلت الس رور َعلَى إبلَْي َ‬ ‫ع دو لنفسك وص ديق َلع ُد ّو َك َ‬
‫ت متام اً لعكست وكلفت نفسك نقيض‬ ‫َو ُه َو أع دي ع دو لك ولغ ريك ولَ ْو ع ُق ْل ُ‬
‫احلسد إذ أن ُك ل م رض يع اجل بض ده فمثالً يكلف لِس انه الثن اء َعلَْي ِه من َغرْيِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫كذب ويلزم َن ْفسهُ بره إن قدر فهذه األفعال تعمل مقاربة تطيب قلب احملسود‬
‫وحيب احلاسد ويصري ما يتكلفه أوالً طبع اً آخراً وال يعمل بوساوس الشيطان إن‬
‫فه َذا الدواء إال أنه مر‬ ‫ِ‬
‫ك من خدعه ومكائده َ‬ ‫َه َذا عجز ونفاق وخوف ألن َذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قل من يقدر َعلَْيه قال تعاىل ‪ْ ﴿ :‬ادفَ ْع بِالَّيِت ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن فَِإ َذا الَّذي َبْينَ َ‬
‫ك َو َبْينَ هُ‬
‫يم ﴾ اآلية وبالتايل فإن خَرْي ما للمرء أن يكون مسرتحياً يِف‬ ‫ِ‬
‫َع َد َاوةٌ َكأَنَّهُ َويِل ٌّ مَح ٌ‬
‫دنياه لعل اهلل أن جيعله من أ َْهل اجْلَنَّة يِف أخراه ‪.‬‬
‫الد ْنيَا يِف أمن ويِف رغد َه َذا َش ْيء متحقق وقدمياً قيل ‪:‬‬ ‫ويِف ُّ‬

‫‪630‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪631‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ش ِفي أ َْم ٍن َو ِفي َد َع ٍة‬ ‫العْي ِ‬ ‫ِ‬


‫ب َ‬ ‫يَا طَال َ‬
‫ص ْفواً بَالَ َك َد ِر‬‫َر ْغداً بَالَ َقَت ٍر َ‬
‫ص ُفَؤ َاد َك ِم ْن ِغ ٍّل َوِم ْن َح َس ٍد‬ ‫َخلِّ ْ‬
‫العنُ ِق‬ ‫ِ ِ‬ ‫الغ ُّل ِفي الَْقل ِ ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫ْب مثْ ُل الغ ِّل في ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫المَناص ُ‬
‫ك َ‬ ‫َونَماً َو َك ِذباً تَ ْخَت ِطْب َ‬ ‫الع ِمْي َق َو ِغْيَب ًة‬‫الح ْس َد َ‬ ‫آخر‪َ :‬مَتى تَ ْج َم َع َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫المَرات ُ‬
‫ك َ‬ ‫َو ِْعلماً َو ِحلْماً تَ ْجَتنِْب َ‬ ‫والز ْه َد‬
‫ص ُ‬ ‫َوإِ ْن ْ‬
‫تج َمع اإل ْخالَ َ‬
‫ت َن ْف ِسي ِمن َه ِّم الع َداَ ِ‬ ‫َح ٍد‬ ‫ت ولم ِ‬
‫وات)‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫أ ََر ْح ُ‬ ‫أحق ْد َعلَى أ َ‬ ‫ْ‬ ‫التاَقىَعَف ْو َ َ‬
‫آخر‪(َ :‬ولَ َمُ‬
‫ات)‬ ‫ِ‬
‫َّحي ِ‬
‫ألَ ْدفَ َع ال َشَّر َعنِّي بِالت َ‬ ‫ُحيّي َع ُد ّوي ِعْن َد ُر ْؤيَتِ ِه‬‫(إِنّي أ َ‬
‫ال آخر ‪:‬‬
‫َوقَ َ‬
‫وب بِِه‬ ‫ِ‬
‫إِل ِْق ال َْع ُد ِّو بَِو ْجه ال قُطُ َ‬
‫اد ي ْقطُر ِمن م ِاء الب َشا َش ِ‬
‫ات‬ ‫يَ َك ُ َ ُ ْ َ َ‬
‫َع ِاديَهُ‬ ‫أحَز ُم الن ِ‬
‫َّاس َم ْن َي ْلَقى أ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ب ِمن مو َد ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات‬ ‫في ج ْس ِم ح ْقد َوَث ْو ٍ ْ َ َ‬
‫آخر‪ :‬أ ِ‬
‫اء َوقَ ْد أ ََرى‬ ‫ُجام ُل أَقَْواماً َحَي ً‬
‫َ‬
‫ص ُد ْو َر ُه ُم بَ ٍاد َعلَى ِمَرا ُ‬
‫ض َها‬ ‫ُ‬
‫والطَ ِريق الوحيد أن تعلم متام اً أن اخْلَرْي كله يِف أن ال يك ون يِف نفسك ألحد‬
‫َحداً َعلَى خَرْي أعطاه اهلل إياه مُثَّ أي ضرر‬ ‫ِِ‬
‫من املُ ْسلمنْي َ غش وال حتسد أ َ‬

‫‪632‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫حيصل لك لَ ْو َك ا َن غ ريك فوقك يِف الْ َم ال أو يِف املنصب ‪ ،‬إنه مس كني ‪ ،‬ما‬
‫نقص من دنياك وال من آخرتك مثقال ذرة ‪.‬‬
‫وإِذَا َرأَيْت قلبك ص افياً حمب اً إلخوانك من امل ْس لِ ِمنْي َ اخْلَرْي كاره اً هلُ ْم ما تك ره‬
‫ُ‬
‫وليسم َع إيل ما ورد عن أنس بن مالك قال‬ ‫َ‬ ‫لنفسك ‪ ،‬فهذه بشارة للمستقيم ‪،‬‬
‫ال "يطلع اآلن عليكم رجل من أ َْهل اجْلَنَّة‬ ‫كنا جلوس اً ِعْن َد رس ول اهلل ‪َ ‬ف َق َ‬
‫فطلع رجل من األنصار تنطف حليته من وضوئه ‪ ،‬قَ ْد علق َنعلَْي ِه بيده الشمال ‪.‬‬
‫َفلَ َّما َكا َن الغد قال النَّيِب ّ ‪ ‬مثل مقالته أيض اً فطلع الرجل َعلَى مثل حاله األول‬
‫الحيت‬ ‫ال إين‬ ‫ك الرجل َف َق َ‬ ‫ِ‬ ‫َفلَ َّما قام النَّيِب ‪ ‬تبعه عبد ِ‬
‫ُ‬ ‫اهلل بن عمرو أي تبع َذل َ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬
‫أيب ‪ ،‬فأقس مت أين ال أدخل َعلَْي ِه ثالث اً ‪ ،‬ف إن َرأَيْت أن تؤريين إليك حيت‬
‫اهلل حيدث أنه بات معه تلك الثالث‬ ‫متضي فعلت قال نعم قال أنس ف َك ا َن عبد ِ‬
‫َْ‬
‫اللي ايل فلم ي ره يق وم من الليل ش يئاً َغْي َر أنه إِذَا تع َّار من الليل ذكر اهلل َع َّز‬
‫َو َج َّل وكرب ‪ ،‬حيت قام لصالة الفجر ‪.‬‬
‫ول إال خ رياً َفلَ َّما مضت الثالث اللي ايل وك دت أن أحتقر‬ ‫اهلل َغْي َر أين مل أمسعه َي ُق ُ‬ ‫ق ال عبد ِ‬
‫َْ‬
‫اهلل مل يكن بيين وبني أيب غضب وال هجر ولكن مسعت رس ول اهلل ‪‬‬ ‫عمله ُق ْلت يا عبد ِ‬
‫ُ َْ‬
‫ت اآلن ف أردت أن‬ ‫ول لك ثالث م رات يطلع عليكم اآلن رجل من أ َْهل اجْلَنَّة فطلعت أَنْ َ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ال‬‫آوي إليك ف أنظر عملك فأقت دي بك فلم أرك عملت كبري عمل فما الَّ ِذي بلغ بك ما قَ َ‬
‫رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪ ‬قال ما ُه َو إال ما َرأَيْت َفلَ َّما وليت دعاين َف َق َال ما ُه َو إال ما َرأَيْت َغْي َر أين ال أجد يِف نفسي ألحد من امل ْس لِ ِمنْي َ غش اً‬
‫ُ‬ ‫َُ‬
‫وال حسداً علَى خ أعطاه اهلل إياه َف َق َال عبد ِ‬
‫اهلل هذه اليت بلغت بك رواه أَمَحَد بإسناد صحيح ‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫َ َرْي‬
‫اك ِم ْن َح َس ِد‬‫اد َ‬
‫إال َع َد َاو َة َم ْن َع َ‬ ‫ات قَ ْد ُت ْر َجى َمَو َّدُت َها‬ ‫ِشْعراً‪ُ :‬ك ُّل الع َداو ِ‬
‫َ َ‬
‫الص َم ِد‬
‫س يَ ْد َف ُع َها َش ْيءٌ ِسَوى َّ‬ ‫ولَْي َ‬ ‫ْب ثَابَِتةٌ‬ ‫فَِإَّن َها نُ ْكَتةٌ ِفي الَْقل ِ‬
‫ادا‬ ‫َوالَ َتَرى لِِلَئ ِام الن ِ‬
‫َّاس ُح َّس َ‬ ‫العَرانِْي َن َت ْلَق َاها ُم َح َّس َد ًة‬
‫آخر‪ :‬إِ َّن َ‬

‫‪633‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الن ْقص ِ‬ ‫ض ِرنْي َح َس ُد اللِّئَ ِام َولم َيَز ْل‬


‫ج‬

‫ان‬ ‫ض ِل يَ ْح ُ‬
‫س ُد ُه َذ ُو ْو ُ َ‬ ‫ذُ ْو ال َف ْ‬ ‫َ‬ ‫آخر‪َ :‬ما‬
‫س ُج ْر ُم َع ُد ّو ِه ْم‬ ‫ٍ‬
‫إال َتَتابُ ُع َن ْع َم ِة َّ‬
‫الر ْح َم ِن‬ ‫س َق ْوم لَْي َ‬
‫ُب ْؤ َ‬ ‫يَا‬
‫اهلل إن داء احلسد من أعظم األدواء ‪ ،‬واالبتالء به من أشد البل وي ‪ ،‬حيمل‬ ‫موعظة ‪ِ :‬عب اد ِ‬
‫َ َ‬
‫فيظ ّل ويغ وي ‪ ،‬يض يق‬ ‫ص احبه علَى م ركب ص عب ‪ ،‬ويبع ده عن التق وي ‪ ،‬ويركبه األه واء ِ‬
‫َ‬
‫صدر احلسود وينفطر َق ْلبهُ إِ َذا رأي نعمة اهلل َعلَى أخيه املسلم فيعاين من البؤس والألوي ‪ ،‬ما‬
‫ال يس تطيع أن يبث معه ما جيده من احلزن والقلق ‪ ،‬وال يق در َعلَى الش كوي ‪ ،‬إال إيل‬
‫بالس وء أو من ُه َو مثله يِف احلسد ‪ ،‬فقاتل اهلل احلس ود ال يفعل اخْلَرْي‬ ‫الش يطان ونفسه األم ارة ُّ‬
‫وال حيبه إلخوانه املس لمني ‪ ،‬غاية أمنيته َز َوال نعمة اهلل عن عب اده إنه بعمله س الك طَ ِريق‬
‫س لعنه اهلل ‪ ،‬فما أوقع الشيطان يِف معصية اهلل إال حسده ألبينا آدم وامتناعه من السجود‬ ‫إبلَْي َ‬
‫بعد ما أم ره اهلل ‪ ،‬وما محل قابيل َعلَى قتل هابيل إال حس ده ألخيه حيث تقبل اهلل منه قربانه‬
‫الَّ ِذي أراد به وجه اهلل وال دار اآلخ رة وما منع املش ركني واملرتفني من اتب اع الرسل إال احلسد‬
‫لكتَاب َعلَى كراهة الدين اإلسالمي وصرف امل ْس لِ ِمنْي َ عن كتاب اهلل‬ ‫والكرب ‪ ،‬وما محل أَهل اْ ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫اب لَ ْو‬ ‫واإلميان بس يد الرسل وخ امتهم إال ما ذك ره اهلل عنهم ﴿ و َّد َكثِ ري ِّمن أ َْه ِل الْ ِكتَ ِ‬
‫ٌ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ير ُّدونَ ُكم ِّمن بع ِد إِميانِ ُكم ُكفَّاراً حسداً ِّمن ِع ِ‬
‫ند أَن ُف ِس ِهم ِّمن َب ْع د َما َتَبنَّي َ هَلُ ُم احْلَ ُّق ﴾ اآلية ‪،‬‬ ‫ََ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫َُ‬
‫ال ‪ " : ‬احلسد يأكل احلس نات كما تأكل الن ار احلطب " ‪ .‬احلاسد ال يض مر إال غ دراً‬ ‫َوقَ َ‬
‫وال يعمل إال شراً وال يدبر إال مكراً ‪ .‬ومجلة القول أن احلاسد ميسر للعسري ال جتدي معه املواعظ والنصائح وقَ ْد قيل‬
‫س مخسة أص ناف يبيعها من ق وم مع روفني ‪ ،‬وهي احلسد وأهله العلم اء ‪ ،‬وأ َْهل احلرفة الواح دة ‪ ،‬أي ُك ّل من يتفق عملهم‬ ‫إن بض اعة إبلَْي َ‬
‫مسلمني أو َغرْي مسلمني ‪ ،‬والكرب وأهله األنذال والسفلة والسفهاء واحلمقاء ومن ال خَرْي فِيه من احملرتفني املنحرفني ‪.‬‬
‫فَأ َْر َج ُح ُه ْم َع ْقالً أَ َقلُ ُه ْم َش ْكال‬ ‫َّاس‬ ‫ِشْعراً‪ :‬لِ ُك ِّل ام ِر ٍ‬
‫ىء َش ْك ُل ِم ْن الن ِ‬ ‫ْ‬
‫َو ْح َد ُه‬

‫‪634‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فَأْ ْكَث ُر ُه ْم َش ْكالً أَ َقلُ ُه ْم َع ْقال‬ ‫اس ُي ْعَر ُف ْو َن بِ َش ْكِل ِه ْم‬‫َو ُك ُل أُنَ ٍ‬
‫ْف ِحْي َن َي ْفِق ُد ُه ِمثْال‬ ‫لَهُ بْين أَل ٍ‬
‫ََ‬ ‫اج ٍد‬‫وإِ َّن َكبِْير الع ْق ِل لَْيس بِو ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ت لَهُ ِفي ُك ِّل َز ْاويٍَة ِع ْدال‬ ‫َو َج ْد َ‬ ‫ش إِ ْن َفَق ْدتَهُ‬ ‫َو ُك ُل َسِف ٍيه طَائِ ٍ‬
‫س ال ِر َّجال‬ ‫ط الري ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ط ِ‬
‫اسة َغ ْر ُ‬ ‫َو َش ْر ُ ّ َ َ‬ ‫س النََّبات‬ ‫الحة َغ ْر ُ‬ ‫َ‬ ‫آخر‪ :‬فَ َش ْر ُ‬
‫ت َو ِحْيداً لِِعِّز ال َك َمال‬ ‫بَِقْي َ‬ ‫اش ْر ِسَوى َك ِام ٍل‬ ‫فَِإ ْن لم ُتع ِ‬
‫َ‬
‫واجلور والطغي ان ‪ ،‬وأهله املل وك واألم راء وال وزراء والعظم اء ‪ ،‬وأع وأهنُ ْم من‬
‫الفس قة واجملرمني ‪ ،‬والكيد وأهله النس اء ‪ ،‬والنم امني وال داللني ‪ ،‬واملنس ببني‬
‫وبئست البضاعة بضاعة الشيطان ‪ ،‬ويا َح ْسَرة املشرتين ‪ ،‬ويا ندامتهم ﴿ َي ْو َم اَل‬
‫نص ُرو َن ﴾ قيل إنه َك ا َن رجل يغشي أحد‬ ‫يُ ْغيِن َم ْوىًل َعن َّم ْوىًل َش ْيئاً َواَل ُه ْم يُ َ‬
‫ول أحسن إيل احملسن بإحس انه ‪ ،‬ف إن املس يء‬ ‫املل وك فيق وم حبذاء امللك َفَي ُق ُ‬
‫ك املقام ‪ ،‬والكالم فسعي به إيل امللك‬ ‫ِ‬
‫سيكفيكه إساءته ‪ ،‬فحسده رجل َعلَى َذل َ‬
‫ول يزعم أنك أخبر ‪،‬‬ ‫ول ما َي ُق ُ‬ ‫ال إن َه َذا الَّ ِذي يقوم حبذائك َو َي ُق ُ‬
‫ول َو َي ُق ُ‬ ‫‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ك عن ِدي ‪ ،‬ق ال ت دعوه إليك فإنه إِذَا دنا منك‬ ‫ِ‬
‫ال لَ هُ امللك وكيف يصح ذَل َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ال لَ هُ انص رف حيت أنظر‬ ‫وضع ي ده َعلَى أنفه لئال يشم رائحة البخر ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك الرجل إيل منزله‬ ‫ك ‪ ،‬فخ رج من ِعْن َد امللك ‪ ،‬ف دعا احلاسد َذل َ‬ ‫وأحتقق َذل َ‬
‫فأطعمه طعام اً فِيه ث وم فخ رج الرجل من عن ده وذهب إيل امللك َعلَى عادته‬
‫ال أحسن إيل احملسن بإحس انه ف إن املسيء س يكفيكه إس اءته‬ ‫وق ام حبذاء امللك َف َق َ‬
‫ال لَهُ امللك ادن مين ‪ ،‬فدنا منه ووضع يده َعلَى فِيه ‪ ،‬خمافة أن يشم امللك‬ ‫َف َق َ‬
‫ال امللك يِف َن ْفس ِه ما أري فالنَا إال ص َد َق ‪ ،‬ق ال و َك ا َن‬ ‫منه رائحة الث وم َف َق َ‬
‫امللك ال يكتب خبطه إال جبائز ٍة أو ص ٍلة فكتب له كتاب اً خبطه إيل عامل ِه ق ال‬
‫حامل كتايب َه َذا فاذحبه واسلخه ‪ ،‬واحش جلده تبن اً وابعث به إيل‬ ‫ُ‬ ‫فيه إذا أتاك‬
‫لكتَ اب وخ رج فلقيه الرجل الَّ ِذي س عي به إيل امللك وك ذب َعلَْي ِه‬ ‫‪ ،‬وأخذ اْ ِ‬

‫‪635‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ال ُه َو‬
‫ال هبه يل َف َق َ‬ ‫ال لَ ه ‪ :‬ما ه َذا اْ ِ‬
‫لكتَ اب قال خط امللك يل به صلة َف َق َ‬ ‫َ‬ ‫َف َق َ ُ‬
‫لك‬

‫‪636‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال لَ هُ العامل ‪ :‬يِف كتابك أين‬ ‫فأخذه ‪ ،‬الساعي ومضي به إيل عامل امللك ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫س يل ‪ ،‬فاهلل اهلل ‪ ،‬يِف أم ري حيت تراجع‬ ‫ِ‬
‫ال إن اْلكتَ اب لَْي َ‬
‫أذحبك وأس لخك َف َق َ‬
‫ال‬
‫امللك مراجعة فذحبه وس لخه وحشي جل ده تبن اً ‪ ،‬وأرس له للملك كعادته َوقَ َ‬
‫ال مثل قوله ‪،‬‬ ‫مثل قوله ‪ ،‬فتعجب امللك ‪ ،‬مُثَّ ع اد الرجل إيل امللك كعادته َوقَ َ‬
‫ال لقيين رجل ُه َو فالن‬ ‫ال لَ ه ما فعل اْ ِ‬
‫لكتَ اب ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫فتعجب امللك ‪َ ،‬وقَ َ ُ‬
‫فاس توهبه مين فوهبته لَ هُ ‪ ،‬ق ال لَ هُ امللك إنه ذكر يل أنك ت زعم أين أخبر ق ال‬
‫ك ‪ ،‬ق ال فلم وض عت ي دك َعلَى فيك ق ال ألنه أطعمين طعام اً فِيه‬ ‫ِ‬
‫ت َذل َ‬‫ما ُق ْل ُ‬
‫كفي املسيء‬ ‫ثوم فكرهت أن تشمه ‪ ،‬قال صدقت ‪ ،‬ارجع إيل مكانك ‪ ،‬ف َق ْد ِ‬
‫إس اءته فَ انْظُْر يا أخي كيف دارت َعلَى الب اغي ال دوائر واس أل ربك أن يعافيك‬
‫من ه ذه األم راض الفتاكة اليت رمبا قضت َعلَى َحيَاته وأوص لته يِف اآلخ رة ن ار‬
‫جهنم ‪.‬‬
‫فعلَى اللبيب أن يتجنب احلسد فإنه من خلق األدنياء وصفة اجلهالء فإن‬ ‫وختام اً َ‬
‫تك وإن َرأَيْت نعمة‬ ‫اع َ‬
‫أبص رت بق ائم فاعض ده ويسر لَ هُ الس بيل حسب اس تطَ َ‬
‫أسبغها اهلل َعلَى عبد من عباده فاسع إيل مثلها بقلب طاهر ووجدان نقي لعلك‬
‫أن تبلغها بإذن اهلل ‪.‬‬
‫فعزي زة النفس إن أبصر غ ريه يِف أمر يثين َعلَْي ِه به ‪ ،‬أو رآه يِف منزلة يغبط َعلَْي َها فال جيول يِف ومهه أن حيس ده َعلَى نعمته أو حيط من منزلته‬
‫ك املقام ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بل يسعي ُك ّل السعي لينال مثل مناله ويرقي مثل رقيه فإن زادت فيه عزة النفس واإلباء فال يرضي لنفسه إال مبا فوق َذل َ‬
‫ف ِ‬
‫الغطَا‬ ‫ْت فَ َما ُع ْذ ِر ْي إِ َذا انْ َك َش َ‬
‫َسأ ُ‬
‫ِشعْراً‪ :‬أ َ‬
‫أسُت ُر‬ ‫الع ْر ِ‬
‫ش َما أَنَا ْ‬ ‫ب َ‬ ‫َوأَظ َْهَر َر ُّ‬

‫‪637‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ادانِي بَِي ْوِم ِقَي َام ٍة‬


‫إِ َذا اهللُ نَ َ‬
‫ت ح َّد ِ‬
‫العل ِْم َه ْل أَنْ َ‬
‫ت ُت ْو َج ُز‬ ‫َت َع َّديْ َ َ‬
‫ْت ِإلى َخلِْقي َو َحِّقي َتَر ْكَتهُ‬ ‫َسأ َ‬ ‫أَ‬
‫الحَيا ِمنِّي فَِإنِّي أَ ْكَب ُر‬ ‫فَأَيْ َن َ‬
‫ت ِح ْك َم ًة‬ ‫ت ِإلى ِعل ٍْم َوأَظ َْه ْر َ‬ ‫َد َع ْو َ‬
‫ف ُم َش ِّمُر‬ ‫الدْنَيا َع ُك ْو ٌ‬ ‫ت َعَلى ُّ‬ ‫وأَنْ َ‬
‫ت َغ ْفَل ًة‬ ‫ْت َوا ْز َد ْد َ‬ ‫ت َما قَ ْد ُقل َ‬ ‫َو َخالَْف َ‬
‫ض ِم ُر‬ ‫ات و ِ‬ ‫و َقلْب َ ِ ِ‬
‫ش يُ ْ‬ ‫الغ ِّ‬ ‫ك للَّ َذ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ٍ‬
‫صى‬ ‫الم ِرء َع َ‬ ‫ت بِأَنِّي ُم ْه ِم ٌل ْ‬ ‫ظََنْن َ‬
‫ك تُ ْح َش ُر‬ ‫ك لم َت ْعلم بِأَنَّ َ‬ ‫َكأَنَّ َ‬
‫الم ِسْي ُؤ َن ُكلُّ ُه ْم‬
‫ك يَ ْمَت ُاز ُ‬ ‫ُهَنالِ َ‬
‫ت ِم َّم ْن يُ َح َّسُر‬ ‫َفَوا َح ْسَرتَا إِ ْن ُكْن ُ‬
‫َفيا ح ُّي يا َقُّيوم يا َخير ر ِ‬
‫اح ٍم‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ َْ َ‬
‫ب َي ْغِف ُر‬ ‫ت َو َّ‬
‫الذنْ ِ‬ ‫ومن ُهو لِلَّْزالَ ِ‬
‫ََ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫عصيت َ ِ‬
‫ك م ْن لُْؤمي َونِْفسي ظَ ُ‬
‫لمت َها‬ ‫َ َ ُْ‬
‫َو َذنْبِي ِفي ُع ْم ِري يَ ِزيْ ُد َويَ ْكُث ُر‬
‫ت َذنْباً َو َزلًَّة‬ ‫َولَ ِكنَّنِي إِ ْن ِجْئ ُ‬
‫ك يَا َر ْح َم ُن لِلَْو ْه ِن تَ ْجُب ُر‬ ‫ْأ َر ِجْي َ‬
‫صِل ُح ِعْي َشتِ ْي‬ ‫ِ‬
‫َوَت ْغِف ُر لي َذنْبِ ْي َوتُ ْ‬
‫ك َت ْق ِد ُر‬‫َوَت ْر َح ُم آبَائِي فَِإنَّ َ‬
‫َوأ َْر ُج ْو َك يَا َر ْح َم ُن إِ ْذ َما َسَت ْرتَنِي‬

‫‪638‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بِ ُدنْيِاي ِفي يوِم ِ‬


‫القَي َام ِة تَ ْسُت ُر‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫اللَّ ُه َّم حبب إلينا اإلميان وزينه يِف قلوبنا وك ره إلينا الكفر والفس وق والعص يان‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اج َع ْلنَا ِم ْن الراش دين َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَجِ يع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬ ‫َو ْ‬
‫ُ‬ ‫َّ مِحِ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬ ‫الرا َ‬
‫" موعظة "‬
‫إخ واين إن يِف مواعظ األيَّام واللي ايل لع ربة ل ذوي البص ائر رك ائب أم وات ت زعج‬
‫عن مقص ورات القص ور مُثَّ حتمل إيل مض ائق القب ور ‪ ،‬فكم قَ ْد ش اهدمت من‬
‫شخص يات يِف األرض ‪ ،‬قَ ْد وض عت ‪ ،‬وكم قَ ْد ع اينتم من أب دان ناعمة يِف‬
‫َ‬
‫األكف ان قَ ْد لفت وإيل مض يق اإلحلاد قَ ْد زفت فيا هلا من غاية يس تبق إليها‬
‫العباد ويا لَ هُ من مضمار يتناوبه جواد بعد جواد ويا لَ هُ من هول شديد يعقبه‬
‫أه وال ش داد فتنة قب ور وحشر يِف موقف مهيل موقف فِيه تنقطع اإلنس اب‬
‫ك موقف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وختضع فيه الرق اب وتنس كب فيه الع ربات وتتص اعد فيه الزف رات َذل َ‬
‫تنشر فِيه ال دواوين ‪ ،‬وتنصب فِيه املوازين ‪ ،‬وميد فِيه الص راط ‪ ،‬وحينئذ يقع‬
‫االمتياز فناج مسلم ومكردس يِف النار ‪.‬‬
‫دخل عمر بن َعْبد الْ َع ِزيز َرمِح َهُ اهللُ َعلَى سابق الرببري َو ُه َو يتمثل باألبيات املشهورة من قصيدة األعشي ‪.‬‬
‫صا َة ُم َح َّم ٍد‬ ‫ِ‬
‫أَج َّد َك لم تَ ْذ ُك ْر ِو َ‬
‫َوأَ ْش َه َدا‬ ‫صى‬ ‫ِ ِ‬
‫َنبِّي اإللَه حْي َن أ َْو َ‬
‫ت لم َت ْر َح ْل بَِز ٍاد ِم َن ُّ‬
‫التَقى‬ ‫إِ َذا أَنْ َ‬
‫َم ْن قَ ْد َتَز َّو َدا‬ ‫ت‬‫ت ب ْع َد المو ِ‬
‫َْ‬ ‫ص ْر َ َ‬ ‫َوأَبْ َ‬

‫‪639‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت َعَلى أَ ْن الَ تَ ُك ْو َن َك ِمثِْل ِه‬


‫نَ ِد ْم َ‬
‫ص َدا‬ ‫ِ‬ ‫َوأَنَّ َ‬
‫ك لم ُت ْرص ْد َك َما َكا َن أ َْر َ‬
‫فغشي َعلَى عمر َرمِح َهُ اهللُ َفلَ َّما أفاق قال زدنا َف َق َال القصيدة اليت تلي ‪:‬‬

‫ت ِم ْن ِع ْن ِد ِه ُّ‬
‫الس َو ُر‬ ‫بِ ْس ِم الَّ ِذي أُْنِِْزلَ ْ‬
‫ُد ِ‬
‫(‬

‫ُر‬ ‫ُد يَا عُ َم‬ ‫هلل أ ََّما َب ْع‬ ‫الح ْم‬


‫َ‬
‫إِ ْن ُ ْكنَت َت ْعلَ ُم َما ُت ْب ِقي َو َما تَ‬
‫(‬

‫َذ ُر‬
‫فَ ُك ْن َعلَى َح َذ ٍر قَ‬
‫(‬

‫َذ ُر‬ ‫الح‬


‫ُع َ‬ ‫ْد َي ْن َف‬
‫ض بِ ِه‬ ‫الم ْق ُد ْو ِر َو ْار َ‬ ‫و ِْ‬
‫اص ب ْر َعلَى ال َق َد ِر َ‬
‫(‬

‫َ‬
‫تَ ِهي ال َق‬ ‫اك بِ َما الَ تَ ْش‬ ‫َوإِ ْن أَتَ‬
‫(‬

‫َد ُر‬ ‫َ‬


‫س ُّر بِ ِه‬ ‫ٍ‬
‫(‬

‫ش يُ َ‬ ‫الم ِرىء َع ْي ٌ‬ ‫ص َفى ْ‬ ‫فَ َما َ‬


‫ِ‬
‫(‬

‫َد ُر‬ ‫ْف ُوهُ َك‬ ‫ص‬‫اً َ‬ ‫ب َي ْوم‬ ‫إال َوأَ ْعق َ‬
‫الم ْرءُ َي ْوم اً َب ْع َد َه ْف َوتِ ِه‬
‫(‬

‫قَ ْد َي ْر َع ِوي َ‬
‫ل األيَّام و ِ‬ ‫وتُح ِكم الج ِ‬
‫(‬

‫ُر‬ ‫العَب‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫اه‬ ‫َ ْ ُ َ‬


‫الت َقى َخي ر َز ٍاد أَنْ َ ِ‬ ‫إِ َّن ُّ‬
‫(‬

‫ت َحاملُ هُ‬ ‫ْ ُ‬
‫أْتِي َو َما تَ‬
‫(‬

‫َذ ُر‬ ‫ُل َما تَ‬ ‫ض‬‫الب ُر أَفْ َ‬


‫َو ِّ‬
‫اجتِ ِه‬‫الج ْو َر الَ يَظْ ُف ْر بِ َح َ‬ ‫َم ْن يَطْلُ ِ‬
‫(‬

‫ب َ‬
‫الع ْد ِل قَ ْد ُي ْه َدى لَ هُ الظََّف ُر‬ ‫ِ‬
‫(‬

‫ب َ‬ ‫َوطَ ال ُ‬
‫ب بِ َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‬

‫اله َدى عَب ٌر تُ ْش َفى ال ُقلُ ْو ُ‬ ‫وفي ُ‬


‫ث يَ ْحيَى بِ ِه ِم ْن َم ْوتِ ِه َّ‬ ‫َك الغَْي ِ‬
‫(‬

‫الش َج ُر‬
‫اهلِ َها‬
‫الت ْقوى َكج ِ‬ ‫ولَيس ذُو ِ‬
‫العل ِْم بِ‬
‫(‬

‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫والَ الب ِ‬
‫(‬

‫ُر‬ ‫ص‬
‫أَ ْع َمى َمالَ هُ بَ َ‬ ‫ْي ُر َك‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‬

‫‪640‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫والذ ْكر ِفيه َحَيا ٌة لِْل ُقلُ ِ‬


‫وب َك َما‬ ‫ِّ ُ‬
‫ِ‬
‫المطَُر‬‫اء َها َ‬ ‫تَ ْحَيا الْبالَ ُد إِ َذا َما َج َ‬
‫ْب ص ِ‬
‫احبِ ِه‬ ‫ِ‬
‫الع َمى عن َقل ِ َ‬ ‫ْم يَ ْجَلو َ‬ ‫والعل ُ‬
‫واد الظُّل َْم ِة ال َق َم ُر‬
‫َك َما يُ َجلَّى َس َ‬
‫الذ ْكر َقلْباً قَ ِ‬
‫اسياً أَبَ َداً‬ ‫الَ َيْنَف ُع ِّ ُ‬
‫الح َج ُر‬ ‫وهل يِلين لَِقو ِل ِ ِ‬
‫الواعظ َ‬ ‫ََ ْ َُْ ْ َ‬
‫الم ْرءُ أَ ْن َيْبَلى إِ َذا ا ْخَتَلَف ُ‬
‫ت‬ ‫ث َ‬ ‫َما َيلَْب ُ‬
‫ات َوالبِ َك ُر‬ ‫َي ْوماً َعَلى َن ْف ِس ِه َّ‬
‫الر ْو َح ُ‬
‫اب بِِه‬
‫الشَب ِ‬
‫ص َع ُد َرْي َعا ُن َّ‬
‫والم ْر ُّء يَ ْ‬
‫َ‬
‫ص ِع َد ٍة َي ْوماً َسَتْن َح ِد ُر‬ ‫َو ُك ُّل ُم ْ‬
‫ت َسَيْبَلى َب ْع َد ِج َّدتِِه‬ ‫و ُك ُّل بْي ٍ‬
‫َ َ‬
‫ت و ِ‬
‫الكَب ُر‬ ‫الم ْو ُ َ‬ ‫اب َ‬ ‫الشَب ِ‬‫َوِم ْن َو َر ِاء َّ‬
‫ت َج ْسٌر لِ َم ْن يَ ْم ِش ْي َعَلى قَ َدٍم‬ ‫والم ْو ُ‬
‫َ‬
‫األمو ِر الَّتِي تُ ْخ َشى وُتْنَتظَُر‬ ‫ِإلى ُ‬
‫َف ُه ْم يَ ُمُّرو َن أَ ْفَواجاً َوتَ ْج َم ُع ُه ْم‬
‫ِ‬
‫والحظَُر‬ ‫الب ْدو َ‬ ‫َد ٌار يَصْي ُر ِإلَْي َها َ‬
‫ت ال ّد ْه ُر َش ْملَ ُه ْم‬ ‫كم َج ْم ُع َق ْوٍم أ َش َّ‬
‫ف َيْنتَثِ ُر‬ ‫َو ُك ُّل َش ْم ٍل َج ِمْي ٍع َس ْو َ‬
‫ف م ْقَت ِ‬ ‫ِ‬
‫ضباً‬ ‫َصَي َد َس َام الطَّْر ُ‬ ‫ب أْ‬ ‫َو ُر َّ‬
‫ب تُ ْسَت ِع ُر‬
‫ْح ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِالتّ ِ ِ‬
‫اج نْيَرانُهُ لل َ‬
‫اج ُم ْحَت ِجباً‬ ‫يَظَ ُّل ُم ْفَت ِر َ‬
‫ش الدِّْيَب ِ‬

‫‪641‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والح َج ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫الملْك ُ‬ ‫اب ُ‬ ‫َعلَْيه ُتْبنى قَب ُ‬
‫ت َسالََمُت ُه ْم‬ ‫إِلى ال َفَن ْاء َوإِ ْن طَالَ ْ‬
‫صْي ُر ُك ِّل بَنِي أنثَى َوإِ ْن َكُب ُروا‬ ‫مِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫الها َنَزلَ ْ‬
‫آج َ‬ ‫ت ُز َمٌر َ‬ ‫ضْ‬ ‫ِإ َذا قَ َ‬
‫َعلَى َمَنا ِزلِ ِه ْم ِم ْن َب ْع ِد َها ُزَم ُر‬
‫ْخ ُذ ُك ْم‬‫ت يَأ ُ‬‫َصب ْحتُم جزراً لِلْمو ِ‬
‫َْ‬ ‫أ َْ ْ ُ ُ‬
‫الدْنَيا لَ ُك ْم ُج ُز ُر‬‫الب َهائِ ُم ِفي ُّ‬ ‫َك َما َ‬
‫ود َو َه ْل‬ ‫آد َم َت ْر ُجو َن ال ُخلُ َ‬ ‫أََب ْع َد َ‬
‫األص ُل َيْن َعِق ُر‬ ‫ْ‬ ‫ع إِ َذا َما‬ ‫َتْبَقى ال ُف ُر ْو ُ‬
‫وعظُو َن بِِه‬ ‫س َي ْز ُج ُر ُك ْم َما تُ َ‬
‫ولَْي َ‬
‫اعي َفَتْنَز ِج ُر‬ ‫الر ِ‬
‫والب ْه ُم َي ْز ُج ُر َها َّ‬ ‫َ‬
‫الدْنَيا فَِإ َّن لَ َها‬ ‫الَ َتْبطُُر ْوا َو ْاه ُج ُروا ُّ‬
‫البطَُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫غباً َوخْيماً َو ُك ْف ُر الن ِّْع َمة َ‬
‫األولَى َكانُوا لَ ُك ْم غَُرراً‬ ‫ثُ َّم اقَْت ُدوا بِ ْ‬
‫س ِم ْن أَُّم ٍة إال لَ َها غَُر ُر‬ ‫ولَْي َ‬
‫اج أ ََّولِ ُك ْم‬ ‫َمَتى تَ ُكونُوا َعَلى ِمْن َه ِ‬
‫صَب ُر ْوا‬‫الدْنَيا َك َما َ‬ ‫صبِ ُروا عن َهَوى ُّ‬ ‫َوتَ ْ‬
‫والدْنَيا ُمَوليِّةٌ‬‫َّاس ُّ‬ ‫ِ‬
‫َما لي أ ََرى الن َ‬
‫ف َيْنَبتِ ُر‬ ‫َو ُك ُّل َحْب ِل َعَلْي َها َس ْو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صوا‬ ‫الَ يَ ْش ُع ُرو َن ِإ َذا َما دْيَن ُه ْم نُق ُ‬
‫اه ْم َش ِع ُروا‬ ‫ِ‬
‫ت ُدْنَي ُ‬ ‫صْ‬ ‫َي ْوماً َوإِ ْن نُق َ‬

‫‪642‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الدْنيا أَ َخا َكلَ ٍ‬ ‫حَتى مَتى أ ُ ِ‬


‫ف‬ ‫َك في ُّ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في ال َخ َّد منّي إِلى لَ ّذات َها َ‬
‫ص َع ُر‬
‫لذ ْك ِر ِفي َج َس ِدي‬ ‫َوالَ أ ََرى أَثَراً لِ ِّ‬
‫اسي لَهُ أََث ُر‬ ‫والحبل ِفي الحج ِر ال َق ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫آخَرتِي‬
‫لَو َكا َن يس ِهر لَيِلي ِذ ْكر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُْ ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫السَف ُر‬
‫اج ْل َّ‬ ‫َكما يَؤ ِّرقُنِي لِلْع ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َضَّر بِِه‬
‫ت َقلْباً قَ ْد أ َ‬ ‫ِإ َذاً لَ َد َاويْ ُ‬
‫العظ ِْم َيْن َجِب ُر‬
‫السَق ِام َو َك ْس ُر َ‬ ‫طُْو ُل َّ‬
‫ص ْوِم َسيِّ ِدنَا‬
‫الم ْع ُ‬
‫الصال ُة َعَلى َ‬
‫ثُ َّم َّ‬
‫ت بَِها َّ‬
‫الش َج ُر‬ ‫الريْ ُح َو ْاهَتَّز ْ‬
‫ت ِّ‬ ‫َما َهَب ْ‬
‫ت إمياننا ثب وت اجلب ال الراس يات واش رح ص دورنا لإلس الم وثبتنا َعلَْي ِه‬ ‫اللَّ ُه َّم َثبِّ ْ‬
‫هم وال هم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ال خ وف َعلَْي ْ‬
‫اج َع ْلنَا م ْن حزبك املفلحني وعب ادك الص احلني الذ َ‬ ‫َو ْ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫حيزنون وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫قال ابن القيم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫ضب والشهوة فالكرب مينعه االنقياد واحلسد‬ ‫أر َكا َن الكفر أربعة ‪ :‬الكرب واحلسد والْغَ َ‬
‫ضب مينعه العدل والشهوة متنعه التفرغ للعبادة فإن‬ ‫يحة وبذهلا والْغَ َ‬ ‫ِ‬
‫مينعه قبول النَّص َ‬
‫اهندم ركن الكرب س هل َعلَْي ِه االنقي اد وإِذَا اهندم ركن احلسد س هل َعلَْي ِه قب ول‬
‫ض ب س هل َعلَْي ِه الع دل والتواضع وإِ َذا اهندم‬ ‫النصح وبذله وإِ َذا اهندم ركن الْغَ َ‬
‫ركن الشهوة سهل َعلَْي ِه الصرب والعفاف والعبادة ‪.‬‬
‫وز َوال اجلبال عن أماكنها أيسر من َز َوال هذه األربعة عمن بُلِ َي هِبَا وال‬ ‫َ‬

‫‪643‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ص َارت هيئات راسخة وملكات وصفات ثابتة فإنه ال يستقيم لَهُ معها‬ ‫سيما إِ َذا َ‬
‫عمل البتة ‪ .‬وال تزكو َن ْفس هُ َم َع قيامها هِبَا ‪ ،‬و ُكلَّما اجتهد يِف الْ َع َمل أفس دته‬
‫َعلَْي ِه ه ذه األربعة وكل اآلف ات متول دة منها وإِذَا اس تحكمت يِف الْ َق ْلب أرته‬
‫اطل واملع روف يِف ص ورة الْ ُمْن َكر‬ ‫اطل يِف ص ورة احلق واحلق يِف ص ورة الْب ِ‬ ‫الْب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الد ْنيَا وبعدت منه اآلخرة ‪.‬‬ ‫والْ ُمْن َكر يِف صورة املعروف وقربت منه ُّ‬
‫وعلَْي َها يقع الْ َع َذاب وتَ ُك ون خفته‬ ‫وإِ َذا ت أملت كفر األمم رأيته ناش يئاً منها َ‬
‫وش دته حبسب خفتها وش دهتا فمن فتحها َعلَى َن ْفسه فتح َعلَْي ِه أب واب الش رور‬
‫ُكلّ َها ع اجالً وآجالً ‪ ،‬ومن أغلقها عن َن ْفسه أغلق عن هُ أب واب الش رور ‪ ،‬فإهنا‬
‫متنع االنقي اد واإلخالص والتوبة واإلنابة وقب ول احلق ونص يحة امل ْس لِ ِمنْي َ والتواضع‬
‫ُ‬
‫هلل وخللقه ‪.‬‬
‫( ومنشأ هذه األربعة ) ‪ :‬من جهله بربه وجهله بنفسه فإنه لَ ْو عرف ربه بصفات‬
‫الكمال ونعوت اجلالل ‪ .‬وعرف َن ْفسهُ بالنقائص واآلفات ‪ ،‬مل يتكرب ومل يغضب‬
‫َحداً َعلَى ما آتاه اهلل ‪ ،‬فإن احلسد يِف احلَِقي َقة نوع من معاداة‬ ‫هلا ‪ ،‬ومل حيسد أ َ‬
‫أحبها اهلل وحيب زواهلا عنهُ ‪ ،‬واهلل‬ ‫اهلل ‪ ،‬فإنه يكره نعمة اهلل َعلَى عبده ‪ ،‬وقَ ْد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َك ا َن‬ ‫ك ‪ ،‬فهو مض اد هلل يِف قض ائه وق دره وحمبته وكراهته ‪ ،‬ول َذل َ‬ ‫يك ره َذل َ‬
‫إبلَْيس ع دوه َح ِقي َقة ‪ ،‬ألن ذنبه َك ا َن عن كرب وحسد ‪ .‬فقلع ه اتني الص فتني‬
‫ض ب مبعرفة النفس‬ ‫ض ا به وعنه ‪ ،‬واإلنابة إليه وقلع الْغَ َ‬ ‫والر َ‬
‫مبعرفة اهلل وتوحيده ‪ِّ ،‬‬
‫ض ا‬ ‫ِ‬
‫بالر َ‬
‫ك إيث ار هلا ِّ‬ ‫‪ ،‬وأهنا ال تس تحق أن يغضب هلا ‪ ،‬وينتقم هلا ف إن ذَل َ‬
‫ض ب َعلَى خالقها وفاطرها وأعظم ما ت دفع به ه ذه اآلفة أن يعودها أن‬ ‫والْغَ َ‬
‫ض ا لَ هُ خرج‬ ‫والر َ‬
‫ض ب ِّ‬ ‫تغضب لَ هُ ُس ْب َحانَهُ وترضي لَ هُ ف ُكلَّما دخلها َش ْيء من الْغَ َ‬
‫ضا هلا َو َك َذا بالعكس ‪.‬‬‫والر َ‬
‫ضب ِّ‬ ‫منها مقابله من الْغَ َ‬

‫‪644‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َوقَ َال َرمِح َ هُ اهللُ ‪ :‬أس اس ُك ّل خَرْي أن تعلَ َم أن ما َش اءَ اهلل َك ا َن وما مل يشأ مل يكن ‪ ،‬ف تيقن حينئذ أن احلس نات من نعمه فتش كره َعلَْي َها ‪،‬‬
‫ك ‪ ،‬وأن الس يئات من خذالنه وعقوبته ‪ ،‬فتبتهل إليه أن حيول بينك وبينها ‪ ،‬وال يكلك يِف فعل احلس نات‬ ‫وتتض رع إليه أن ال يقطعها عن َ‬
‫وت رك الس يئات إيل نفسك وقَ ْد أمجَ َع الع ارفون َعلَى أن ُك ّل خَرْي أص له بتوفيق اهلل للعبد وكل شر أص له خذالنه لعب ده وأمجع وا َعلَى أن‬
‫الت َّْوفِيق أن ال يكلك اهلل إيل نفسك وأن اخلذالن ُه َو أن خيلي بينك وبني نفسك فِإ َذا َك ا َن ُك ّل خَرْي فأصله الت َّْوفِيق َو ُه َو بيد اهلل ال بيد الْ َعْبد‬
‫ُّعاء والرغبة والرهبة إليه فميت أعطي الْ َعْبد َه َذا املفتاح ف َق ْد أراد أن يفتح لَهُ وميت أضله عن املفتاح بقي باب اخْلَرْي مرجتاً دونه ‪،‬‬ ‫فمفتاحه الد َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعلَى ق در نية‬ ‫ُّعاء ف إن اإلجابة معه َ‬ ‫ُّعاء ف ِإ َذا أُهل ُ‬
‫مت ال د َ‬ ‫َوقَ َال أمري الْ ُم ْؤمنني ُع َمر بن اخْلَطَّاب إين ال أمحل هم اإلجابة ولكن أمحل هم ال د َ‬
‫ِ‬
‫ك يكون توفيقه ُسْب َحانَهُ وإعانته فاملعونة من اهلل تنزل َعلَى العباد َعلَى قدر مههم ونياهتم ورغبتهم ورهبتهم‬ ‫الْ َعْبد ومهته ومراده ورغبته يِف ذَل َ‬
‫ك فاهلل ُس ْب َحانَهُ أحكم احلاكمني ‪ ،‬وأعلم الع املني يضع الت َّْوفِيق يِف مواض عه الالئقة به واخلذالن يِف‬ ‫ِ‬
‫هم َعلَى حسب َذل َ‬ ‫واخلذالن ي نزل َعلَْي ْ‬
‫ُّعاء وال ظفر مبش ئة اهلل وعونه إال‬ ‫مواض عه الالئقة به ‪َ ،‬و ُه َو العليم احلكيم وما أيت من أيت إال من قبل إض اعة الش كر وإمهال االفتق ار وال د َ‬
‫ك الصرب فإنه من اإلميان مبنزلة الرأس من اجلسد فِإ َذا قطع الرأس فال بقاء للجسد ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُّعاء ومالك َذل َ‬
‫بقيامه بالشكر وصدق االفتقار والد َ‬
‫س َس ْر َم َدا‬ ‫ِ ِ‬ ‫َعلَْي َ ِ‬
‫ك بَت ْقوى اهلل يا َن ْف ُ‬
‫ْحِقي بِال َخل ِْق ُ‬
‫ضّراً َت َع ُّم َدا‬ ‫والَ ُتل ِ‬
‫َ‬

‫‪645‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َوالَ تَ ْح ِس ِدي َحيّاً َولَْو َج َار وا ْعَت َدى‬


‫البغَا ُة ُم َخلَّ َدا‬
‫ك فَ َما يَ ْحَيى ُ‬ ‫َعَلْي َ‬
‫الدَوائُِر عنو ًة‬ ‫اغي َّ‬ ‫تَ ُدور عَلى الب ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫ضْيَل ِة أ َْم َج َدا‬‫وي ْحيى س ِعْي َد ُذو ال َف ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ َ‬
‫الح ْق ُد َقلَْبهُ‬ ‫ود يْن َخر ِ‬ ‫و ُك ُّل ح ٍ‬
‫س َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ب َك َش ْم ٍع ِفي َس ِعْي ٍر َتَوقَّ َدا‬ ‫يَ ُذ ْو ُ‬
‫ض تُ ْح ِر ُق َكِب َد ُه‬ ‫ش َونَ ُار الغَْي ِ‬ ‫ِ‬
‫يَعْي ُ‬
‫الج ْم ُر ِفيه ُم َج َّد َدا‬ ‫ض َحى َ‬ ‫ات أَ ْ‬ ‫َوإِ ْن َم َ‬
‫اع ِذ َم َامهُ‬ ‫ض ٍل َو َر ِ‬‫فَ َجا ِز أَ َخا فَ ْ‬
‫َو َس ِام ْح َع ُدواً ِإ ْن قَالَ َك َونَ َّد َدا‬
‫ض َل َخْيَر َذ ِخْيَر ٍة‬ ‫فَِإنّي َرأَيْ ُ‬
‫ت ال َف ْ‬
‫لِمن رام َقْبل المو ِ‬
‫ت أَ ْن َيَتَز َّو َدا‬ ‫َ ْ َ َ َ َْ‬
‫موعظة‬
‫َّ ِ‬
‫ج‬

‫ين نس وا‬ ‫إخ واين إن الغَ ْفلَة عن اهلل مص يبة عظيمة ق ال تع اىل ‪( :‬وال تكون وا كالذ َ‬
‫اهلل فأنس اهم أنفس هم) فمن غفل عن ذكر اهلل وأهلته ال ُّد ْنيَا عن الْ َع َمل لل دار‬
‫اآلخ رة أنس اه الْ َع َمل ملص احل َن ْفسه فال يس عي هلا مبا فِيه نفعها وال يأخذ يِف‬
‫وآالمه‬ ‫ك أمراض َن ْفسه و َق ْلبه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أسباب سعادهتا وإصالحها وما يكملها وينسي َك َذل َ‬
‫فال خيطر بباله معاجلتها وال السعي يِف إَِزالَة عللها وأمراضها اليت ت ؤل إيل اهلالك‬
‫وه َذا من أعظم العقوب ات ف أي عقوبة أعظم من عقوبة من أمهل َن ْفس هُ‬ ‫وال دمار َ‬
‫وضيعها ونسي مصاحلها وداءها ودواءها وأسباب سعادهتا وفالحها وحياهتا األبدية‬

‫‪646‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫يِف النَّعِيم الْ ُم ِقيم ومن تأمل َه َذا املوضع ت بني لَ هُ أن كث رياً من اخللق قَ ْد نس وا‬
‫أنفسهم وضيعوها وأضاعوا‬

‫‪647‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك كله‬ ‫ك ِعْن َد املوت ويتجلي َذل َ‬‫حظها وباعوها بثمن خبس بيع املغبون ويظهر َذل َ‬
‫ال َواَل َبنُو َن ﴾ اآلية ‪.‬‬ ‫يوم التغابن ﴿ َي ْو َم اَل يَن َف ُع َم ٌ‬
‫اج َع ْلنَا‬
‫ت إمياننا بك ثب وت اجلب ال الراس يات ون ور قلوبنا بن ور اإلميان َو ْ‬ ‫اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫ه داة مهت دين وأص لح أوالًدنا واغفر آلبائنا وأمهاتنا وامجعنا وإي اهم َم َع عب ادك‬
‫ِ‬
‫وعلَى آله وأصحابه أمجعني ‪.‬‬ ‫الصاحلني يِف جنات النَّعيم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫( قال فِي منهاج القاصدين )‬
‫[فص ل] ْاعلم أن الْ َق ْلب بأصل فطرته قابل لله دي ‪ ،‬ومبا وضع فِيه من الش هوة‬
‫ك ‪ ،‬والتطارد فِيه بني جند املالئكة والشياطني دائم ‪ ،‬إيل‬ ‫ِ‬
‫واهلََوى ‪ ،‬مائل عن َذل َ‬
‫أن ينفتح الْ َق ْلب ألح دمها فيتمكن ويس توطن ‪ ،‬ويك ون اختي ار الث اين اختالس اً ‪،‬‬
‫َّاس ﴾ َو ُه َو الَّ ِذي إِ َذا ذكر اهلل خنس‬ ‫كما ق ال تع اىل ﴿ ِمن َش ِّر الْ َو ْس َو ِ‬
‫اس اخْلَن ِ‬
‫وإِ َذا وقعت الغَ ْفلَة انبسط ‪ ،‬وال يط رد جند الش ياطني من الْ َق ْلب إال ذكر اهلل‬
‫واعلم أن مثل الْ َق ْلب كمثل حصن ‪،‬‬ ‫تع اىل ‪ ،‬فإنه ال ق رار لَ هُ َم َع ال ذكر ‪ْ .‬‬
‫والش يطان ع دو يريد أن ي دخل احلصن وميلكه ويس تويل َعلَْي ِه ‪ ،‬وال ميكن حفظ‬
‫در َعلَى حراسة أبوابه من ال يعرفها وال‬ ‫احلصن إال حبراسة أبوابه ‪ ،‬وال يق‬
‫يتوصل إيل دفع الش يطان إال مبعرفة مداخله ‪ ،‬وم داخل الش يطان وأبوابه ‪. .‬‬
‫ص فات الْ َعْبد ‪ ،‬وهي كث ريةإال أَنَا نشري إيل األب واب العظيمة اجلارية جمري‬
‫الدروب اليت ال تضيق عن كثرة جنود الشيطان ‪.‬‬
‫فمن أبوابه العظيمة ‪ :‬احلسد ‪ ،‬واحلرص ‪ .‬فميت َك ا َن الْ َعْبد حريص اً َعلَى َش ْيء ‪،‬‬
‫أعم اه حرصه ‪ ،‬وأص مه ‪ ،‬وغطي نور بصريته اليت يع رف هِبَا م داخل الشيطان‬
‫حينئذ الفرصة ‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ك إِ َذا َكا َن حسوداً فيجد الشيطان‬ ‫ِ‬
‫‪ .‬و َك َذل َ‬

‫‪648‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فيحسن ِعْن َد احلريص ُك ّل ما يوصله إيل شهوته ‪ ،‬وإِ َذا َكا َن منكراً أو فاحش اً ‪،‬‬
‫ومن أبوابه العظيمة ‪.‬‬
‫ض ب غول العقل ‪ ،‬وإِذَا ضعف جند العقل‬ ‫ض ب ‪ ،‬والشهوة ‪ ،‬واحلدة فإن الْغَ َ‬ ‫الْغَ َ‬
‫ول ‪ :‬إِذَا َك ا َن‬ ‫س َي ُق ُ‬
‫هجم حينئذ الش يطان فلعب باإلنس ان ‪ .‬وقَ ْد روي أن إبلَْي َ‬
‫الْ َعْبد حديداً ‪ ،‬قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة ‪.‬‬
‫ومن أبوابه ‪ :‬حب التزين يِف املنزل ‪ ،‬واألثاث فال يزال يدعو إيل عمارة الدار ‪،‬‬
‫وت زيني س قوفها وحيطاهنا ‪ ،‬وال تزين بالثي اب ‪ ،‬واألث اث ‪ ،‬فيخسر اإلنس ان ط ول‬
‫عمره يِف ذلك ‪ .‬ومن أبوابه ‪ :‬الشبع فإنه يقوي الشهوة ‪ ،‬ويشغل عن الطاعة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫طم َع يِف‬
‫س‬‫شخص ‪ ،‬بالغ بالثناء َعلَْي ه مبا لَْي َ‬ ‫الطم َع يِف النَّاس ‪ ،‬فإن من َ‬ ‫ومنها َ‬
‫فِيه ‪ ،‬وداهنه ومل ي أمره ب املعروف ‪ ،‬ومل ينهه عن املنكر ‪ .‬ومن أبوابه ‪ :‬العجلة‬
‫ت وقَ ْد قال النَّيِب ّ ‪ " : ‬العجلة من الشيطان ‪ ،‬والتأين من اهلل تعاىل‬ ‫‪ ،‬وترك التثَبِّ ْ‬
‫" ‪ .‬ومن أبوابه ‪ :‬حب الْ َم ال ‪ ،‬وميت متكن من الْ َق ْلب أفس ده ومحله َعلَى طلب‬
‫الْ َم ال من َغرْي وجهه ‪ ،‬وأخرجه إيل البخل وخوفه الفقر فمنع احلق وق الالزمة ‪.‬‬
‫ومن أبوابه ‪ :‬محل الع وام َعلَى التعصب يِف املذاهب ‪ ،‬دون الْ َع َمل مبقتض اها ومن‬
‫أبوابه أيض اً محل الع وام َعلَى التفكر يِف ذات اهلل تع اىل وص فاته ‪ ،‬ويِف أم ور ال‬
‫ِِ‬
‫تبلغها عقوهلم حيت يشككهم يِف أصل الدين ‪ .‬ومن أبوابه ‪ :‬سوء الظن باملُ ْس لمنْي َ‬
‫ِ ِ‬
‫فإن من حكم َعلَى مسلم بسوء ظنه ‪ ،‬احتقره وأطلق فيه ل َس انه ‪ ،‬ورأي َن ْفسهُ‬
‫خ رياً منه ‪ .‬وإمنا يرتشح س وء الظن خببث الظ ان ‪ ،‬ألن امل ْؤ ِمن يطلب املع اذير‬
‫ُ‬
‫للمؤمنني واملنافق يبحث عن عيوهبم ‪.‬‬
‫وينبغي لإلنسان أن حيرتز عن مواقفهم التهم ‪ ،‬لئال يساء به الظن‪،‬‬

‫‪649‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فه َذا طرف من مداخل الشيطان وعالج هذه األفات سد املداخل بتطهري الْ َق ْلب‬ ‫َ‬
‫من الص فات املذمومة ‪ ،‬وس يأيت الكالم َعلَى ه ذه الص فات إن َش اءَ اهلل تع اىل‬
‫مفصالً ‪.‬‬
‫وإِذَا قلعت عن الْ َق ْلب أص ول ه ذه الص فات ‪ ،‬بقي للش يطان ب الْ َق ْلب خط رات‬
‫ك ذكر اهلل تع اىل ‪ ،‬وعم ارة الْ َق ْلب‬ ‫ِ‬
‫واجتي ازات من َغرْي اس تقرار فيمنعه من َذل َ‬
‫ب التقوي ‪ .‬ومثل الش يطان كمثل كلب ج ائع يق رب منك ‪ ،‬ف إن مل يكن بني‬
‫ي ديك حلم وخ بز ‪ ،‬فإنه ي نزجر ب أن َت ُق ول لَ هُ ‪ :‬اخسأ ‪ ،‬وإن َك ا َن بني ي ديك‬
‫ك الْ َق ْلب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك مبج رد الكالم ‪ ،‬ف َك َذل َ‬ ‫ك َو ُه َو ج ائع ‪ ،‬مل ين دفع عن َ‬ ‫َش ْيء من َذل َ‬
‫اخلايل عن قوت الشيطان ينزجر عنهُ مبجرد الذكر ‪ .‬فأما الْ َق ْلب الَّ ِذي غلب َعلَْي ِه‬
‫اهلَ َوى فإنه يرفع ال ذكر إيل حواش يه فال يتمكن ال ذكر من س ويدائه ‪ ،‬فيس تقر‬
‫ِ‬
‫ك ‪ ،‬فتأمل يِف ص التك ‪ ،‬وانظر‬ ‫الش يطان يِف الس ويداء ‪ .‬وإِذَا أردت مص داق ذَل َ‬
‫ِ‬
‫ك املوطن ‪ ،‬بذكر السوق ‪ ،‬وحساب‬ ‫إيل الشيطان كيف حيدث قلبك يِف مثل َذل َ‬
‫عفي عن ح ديث النفس وي دخل يِف‬ ‫الع املني ‪ ،‬وت دبري أمر ال ُّد ْنيا واعلم أنه قَ ْد ِ‬
‫َ ْ‬
‫ك خوف اً من اهلل تع اىل كتبت لَ هُ حس نة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ما مهمت به ‪ ،‬ومن ت رك ذَل َ‬ ‫ذَل َ‬
‫وإن تركه لع ائق رجونا لَ هُ املس احمة ‪ ،‬إال أن يك ون عزم اً ‪ ،‬ف إن الع زم َعلَى‬
‫بدلِيل قوله ‪ " : ‬إِ َذا التقي املسلمان بسيفيهما فالقاتل واملقتول يِف‬ ‫اخلطيئة خطيئة َ‬
‫النار ‪ ،‬قيل ‪ :‬ما بال املقتول ؟ قال ‪ :‬إنه َكا َن حريصاً َعلَى قتل صاحبه " ‪.‬‬
‫وكيف ال تقع املؤاخ ذة ب العزم ‪ ،‬واألعم ال بالنِّْية ‪ ،‬وهل الكرب والري اء إال أم ور‬
‫باطنة ؟ ولَ ْو أن إنس انَاً رأي َعلَى فراشه أجنبية ظنها زوجته مل ي أمث بوطئها ‪،‬‬
‫ولَ ْو رأي زوجته وظنها أجنبية أمث بوطئها ‪ ،‬وكل هذ معلق بع َق ْد القلب ‪.‬‬

‫‪650‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت قلوبنا َعلَى‬ ‫ت ال ُقلُوب َثبِّ ْ‬ ‫ول "يا مثَبِّ ْ‬ ‫وقَ ْد ورد يِف احْلَ ِديث أن النَّيِب ّ ‪َ ‬ك ا َن َي ُق ُ‬
‫دينك ‪ ،‬يا مصرف ال ُقلُوب اصرف قلوبنا إيل طاعتك" ‪ .‬ويِف حديث آخر ‪" :‬مثل‬
‫واعلم أن ال ُقلُ وب يِف الثب ات َعلَى‬ ‫الْ َق ْلب كمثل ريشة ب أرض فالة تقلبِ َها الري اح" ْ‬
‫اخْلَرْي والشر وال رتدد بينهما ثالثة ‪ :‬األول قلب عمر ب التقوي ‪ ،‬وزكي بالرياضة ‪،‬‬
‫وطهر عن خب ائث األخالق ‪ ،‬فتنف رج فِيه خ واطر اخْلَرْي من خ زائن الغيب ‪،‬‬
‫فيمده امللك باهلَُدى ‪.‬‬
‫الْ َق ْلب الث اين ‪ :‬قلب خمذول ‪ ،‬مش حون ب اهلََوى ‪ ،‬ودنيس باخلب ائث مل وث‬
‫ب األخالق الذميمة فيق وي فِيه س لطان الش يطان التس اع مكانه ‪ ،‬فيض عف س لطان‬
‫اإلميان ‪ ،‬وميتلئ الْ َق ْلب ب دخان اهلَ َوى ‪ ،‬فيع دم الن ور ‪ ،‬ويصري ك العني املمتلئة‬
‫بالدخان ال ميكنها النظر؛ وال يؤثر عنده زجر وال وعظ ‪.‬‬
‫والْ َق ْلب الث الث ‪ :‬قلب يبت دئ فِيه خ اطر اهلَ َوى ‪ ،‬في دعوه إيل الشر ‪ ،‬فيلحقه‬
‫خاطر اإلميان ‪ ،‬فيدعوه إيل اخلري ‪ .‬مثاله ‪ ،‬أن حيمل الشيطان محلة َعلَى العقل ‪،‬‬
‫ول ‪ :‬أما تري فالنَاً وفالنَاً كيف يطلقون أنفسهم يِف‬ ‫ويقوي داعي اهلََوى ‪َ ،‬و َي ُق ُ‬
‫هواها حيت يعد مجاعة من العلم اء ‪ ،‬فتميل النفس إيل الش يطان ‪ ،‬فيحمل امللك‬
‫ول ‪ :‬هل هلك إال من نسي العاقبة ‪ ،‬فال تغرت بغَ ْفلَة‬ ‫محلة َعلَى الش يطان ‪َ ،‬و َي ُق ُ‬
‫النَّاس عن أنفسهم ‪َ ،‬أرأَيْت لَ ْو وقفوا يِف الصيف يِف الشمس ولك بيت بارد ‪،‬‬
‫أكنت ت وافقهم أم تطلب املص لحة ؟ أفتخ الفهم يِف حر الش مس ‪ ،‬وال ختالفهم‬
‫فيما ي ؤول إيل الن ار فتميل النفس إيل ق ول امللك ‪ ،‬ويقع ال رتدد بني اجلن دين ‪،‬‬
‫إيل أن يغلب َعلَى الْ َق ْلب ما ُه َو أويل به ‪ ،‬فمن خلق للخَرْي يسر لَ هُ ومن خلق‬
‫ص ْد َرهُ لِ ِإل ْس الَِم َو َمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للشر يسر لَهُ قال تعاىل ﴿ فَ َمن يُ ِرد اللّهُ أَن َي ْهديَهُ يَ ْش َر ْح َ‬
‫الس َماء ﴾ اللَّ ُه َّم وفقنا‬ ‫ص َّع ُد يِف َّ‬ ‫ض يِّقاً َحَرج اً َكأَمَّنَا يَ َّ‬ ‫ِ‬
‫ص ْد َرهُ َ‬ ‫يُ ِر ْد أَن يُض لَّهُ جَيْ َع ْل َ‬
‫ملا حتبه وترضاه ‪.‬‬

‫‪651‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الح ِادثَ ُ‬
‫ات‬ ‫ت بِي َ‬ ‫وقَ ْد َق َع ْد ْ‬ ‫ت ُت ْر َجى‬ ‫ِشْعراً‪ :‬إِلى كم إِ َذا َما ِغْب ُ‬
‫ومةٌ بِِع َم َامتِي‬ ‫رو ُقَام ِ‬ ‫ت ِم ْن نَ ْس ِج ال َقتِْي ِر ِع َم َام ًة‬
‫ومتالبَِلى َم ْرقُ َ‬ ‫َُ َُ‬ ‫متيُ‬‫َوَس ُعالَّم ْم‬
‫ت َوإِنّي ُمْن ِكٌر لَِعالََمَتي‬ ‫فَ ِ‬
‫ص ْر ُ‬ ‫اب‬‫الشَب ِ‬ ‫ت أ ََرى لِي ِفي َّ‬ ‫َو ُكْن َ‬
‫صَوى َفثَ َّم ِقَي َامتِي‬ ‫ِإلى الغَْيَب ِة ال ُق ْ‬ ‫وماالََم ًةِه َي إال أ َْوبَةٌ َب ْع َد َغْيَب ٍة‬ ‫َع َ‬
‫ُتَقطَّ ُع ِإ ْذ لم ُت ْغ ِن عني نَ َد َامتِي‬ ‫َكأَنِ ْي بَِن ْف ِسي َح ْسَر ًة َونَ َد َام ًة‬
‫الم ْر َء َع ْشَو ًة‬ ‫ِ‬ ‫النْف ِ ِ‬
‫س م َّما ُي ْوطيءُ َ‬ ‫ُمَنى َّ‬
‫ت حولَ ُه َّن وحام ِ‬
‫ت‬ ‫إِ َذا َّ‬
‫َََ‬ ‫س َجالَ ْ َ ْ‬ ‫النْف ُ‬
‫اج ًة َفَق ْد‬ ‫سهُ َح َ‬ ‫َو َم ْن أ َْوطَأَتْهُ َن ْف ُ‬
‫ت‬‫ت إِ ْلي ِه َن ْفسهُ وأالم ِ‬ ‫اء ْ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َس َ‬‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َدقُْت َها‬ ‫أ ََما والَّذي َن ْفس ْي لَهُ لَْو َ‬
‫ت َت ْوبِْي ِخي لَ َها َو َمالََمتِي‬ ‫لََر َّد ْد ُ‬
‫الع َشا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ َِّ‬
‫س أ َْوطَأَتْني م َن َ‬ ‫فَلله َن ْف ٌ‬
‫ت‬‫ح ُزوناً ولَو َقَّو ْمُت َها الَ ْسَتَقام ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َْ‬
‫اع ًة‬ ‫وهلل يوم أ َّ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َي يَوم فَظَ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫َوأَفْظَ ُع ِمْنهُ َب ْع َد َي ْو ُم ِقَي َامتِي‬
‫وهلل أ َْهِلي إِ ْذ َحَب ْونِ ْي بِ ُح ْفَر ٍة‬ ‫ِ‬
‫َو ُه ْم بَِهوانِي يَطْلُبُو َن َكَر َامتِي‬
‫ال َتَردُّنِي‬‫وهلل ُدْنَيا الَ َتَز ُ‬ ‫ِ‬
‫استَِق َامتِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الج ْه ِل َب ْع َد ْ‬ ‫إِبَاطْيلُ َها في َ‬
‫ت إمياننا بك وحمبتك يِف قلوبنا ثبوت اجلبال الراسيات واعصمنا يا موالنَا‬
‫اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫ِم ْن مَجِ ي ِع املوبقات ووفقنا للعمل بالباقيات الصاحلات‬

‫‪652‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وارفع منازلنا يِف فس يح اجلن ات وارزقنا النظر إيل وجهك الك رمي يا حكيم يا‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يا أ َْر َح َم‬‫عليم يا حي يا قي وم َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ِ ِ ُ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ مِحِ‬
‫ني ‪. .‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫صلَّى اهلل َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬ ‫ني َو َ‬‫الرا َ‬
‫صلٌ )‬ ‫( َف ْ‬
‫تكلم أحد العلماء يِف بيان مداخل الشيطان إيل القلوب‬
‫ال َرمِح َ هُ اهللُ ْاعلم أن الْ َق ْلب مثاله مث ال حصن رفيع والش يطان ع دو يريد أن‬ ‫َف َق َ‬
‫يدخل احلصن وميلكه ويستويل عليه ‪.‬‬
‫وال يق در َعلَى حفظ احلصن إال حبراسة أب واب احلصن ومداخله ومواقع ثلمه ‪،‬‬
‫وال يقدر َعلَى حراسة أبوابه من ال يعرف أبوابه ‪.‬‬
‫ومحاية الْ َق ْلب عن فساد الشيطان فرض عني واجب َعلَى ُك ّل عبد مكلف ‪ ،‬وما‬
‫ال يتوصل إيل الواجب إال به فهو واجب ‪.‬‬
‫فص َارت معرفة م داخل‬ ‫وال يتوصل إيل دفع الش يطان إال مبعرفة مداخله ‪َ ،‬‬
‫الشيطان واجبة ‪.‬‬
‫والطم َع‬
‫َ‬ ‫ض ب واحلدة‬ ‫وم داخل الش يطان وأبوابه ص فات الْ َعْبد حنو الش هوة والْغَ َ‬
‫وغريها وهي كث رية ‪ ،‬ولكنا نشري إيل معظم وس ائله يِف إغ واء اخللق وتس لطه‬
‫هم هِبَا إن َشاءَ اهلل ‪.‬‬
‫َعلَْي ْ‬
‫ومجلتها وس ائل عش رة ن ذكرها ون ذكر كيفية عالجها والتخلص منها ‪ ،‬فه ذان‬
‫تقريران ‪.‬‬
‫يلة األويل احلسد واحلرص ‪ ،‬فمن حصل َعلَى‬ ‫التقرير األول ‪ :‬يِف ذكرنا الوس‬
‫هاتني اخلصلتني عمي وصم ‪ ،‬ومها من أعظم مداخل الشيطان وأكرب وسائله ‪.‬‬
‫الس ِفينَة من ُك ّل‬ ‫الس الم ملا ركب البحر وحل يِف َّ‬ ‫وقَ ْد روي أن نوح اً َعلَْي ِه َّ‬
‫الس ِفينَة شيخاً مل يعرفه ‪.‬‬ ‫زوجني اثنني كما أمر فرأي يِف َّ‬

‫‪653‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪654‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال لَ هُ ن وح ‪ :‬من أدخلك ؟ ق ال ‪ :‬دخلت ألص يب ُقلُ وب أص حابك فتَ ُك ون‬ ‫َف َق َ‬
‫وهبم معي وأبدأهنُ ْم معك ‪.‬‬ ‫ُقلُ ْ‬
‫س ‪ :‬مخس أهلك هبن‬ ‫ال إبلَْي ُ‬
‫ال ن وح ‪ :‬أخ رج يا ع دو اهلل فإنك رجيم ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫النَّاس وسأحدثك ِمْن ُه ْم بثالث ‪ ،‬وال أحدثك باثنني ‪.‬‬
‫اجة لك إيل الثالث ‪ ،‬مره حيدثك باالثنني ‪.‬‬ ‫فأوحي إيل نوح إنه ال َح َ‬
‫ال ‪ :‬مها اللتان ال تكذباين ‪ ،‬مها اللتان ال ختلفاين هبما‬ ‫ال ‪ :‬ما االثنتان ؟ َف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫أهلك النَّاس احلرص واحلسد ‪.‬‬
‫فباحلسد لعنت وجعلت شيطانَاً رجيم اً ‪ ،‬واحلرص أصبت حاجيت من آدم ‪ ،‬أبيح‬
‫آلدم اجْلَنَّة ُكلّ َها إال الشجرة اليت عرف هِبَا فوسوست لَهُ حيت أكلها ‪.‬‬
‫ض ب فإهنما من أعظم املكايد للش يطان ‪ ،‬فمهما‬ ‫ِ‬
‫الوس يلة الثَّانيَة ‪ :‬الش هوة والْغَ َ‬
‫س ‪ :‬ب أي‬ ‫غضب اإلنس ان لعب لَ هُ الش يطان ‪ ،‬وعن بعض األنبي اء أنه ق ال إلبلَْي َ‬
‫وعْن َد اهلوي ‪.‬‬ ‫َشيء تغلب ابن آدم؟ قال ‪ :‬آخذه ِعْن َد الْغَضب ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال ‪:‬‬ ‫َخالق بين آدم أع ون لك عليهم؟ َف َق َ‬ ‫ال ‪ :‬أي أ ْ‬ ‫س ل راهب ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫وظهر إبلَْي ُ‬
‫احلدة ‪ ،‬إن الْ َعْبد إِذَا َكا َن حديداً قلبناه كما تقلب الصبيان الكرة ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬إِ َذا رضي جئت حيت أك ون يِف‬ ‫س ‪ :‬كيف تقلب ابن آدم ؟ َف َق َ‬ ‫وقيل إلبلَْي َ‬
‫َق ْل ِبه ‪ ،‬وإِ َذا غضب جئت حيت أكون َعلَى رأسه ‪.‬‬
‫الوس يلة الثالثة ‪ :‬حب الش هوات والزينة يِف ال ُّد ْنيَا يِف الثي اب واألث اث وال دور‬
‫ك غالب اً َعلَى قلب إنسان باض فِيه وفرخ‬ ‫ِ‬
‫واملراكب ‪ ،‬فإن الشيطان إِذَا رأي ذَل َ‬
‫‪.‬‬
‫فال ي زال ي دعوه إيل عم ارة ال ُّد ْنيَا وت زيني س قوفها وحيطاهنا وتوس يع األبنية ‪،‬‬
‫ويدعوه إيل التزين باألثواب النفيسة ويستسخره طول عمره ‪.‬‬

‫‪655‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫ك جير إيل بعض ‪ ،‬فال‬ ‫ف ِإ َذا أوقعه فيها ف َق ْد اس تغين عن معاودته ف إن بعض َذل َ‬
‫ي زال يؤديه من َش ْيء إيل َش ْيء إيل أن يس تاق إليه أجله فيم وت َو ُه َو يِف حبر‬
‫ِ‬
‫ك خيشي سوء اخلامتة نعوذ‬ ‫األم اين يعوم ‪ ،‬ويِف س بيل الض الل خيوض ‪ ،‬ومن ذَل َ‬
‫بِ ِ‬
‫اهلل منها ‪.‬‬
‫الطمع غالب اً َعلَى الْ َق ْلب مل ي زل الش يطان‬ ‫ِ‬
‫الطمع ‪ ،‬ف إ َذا َك ا َن َ‬‫الوس يلة الرابعة ‪َ :‬‬
‫طم َع فِيه حيت يصري املطموع فِيه كأنه معبوده ‪.‬‬ ‫حيسن لَهُ التصنع ملن َ‬
‫الطمع فإنه يش رب الْ َق ْلب ش دة احلرص‬ ‫الر ُس ول ‪" ‬إي اكم واستش عار َ‬ ‫وقَ ْد ق ال َّ‬
‫الد ْنيَا ‪َ ،‬و ُه َو مفتاح ُك ّل سيئة ‪ ،‬وسبب إحباط‬ ‫وخيتم َعلَى ال ُقلُوب بطابع حب ُّ‬
‫ُك ّل حسنة" ‪.‬‬
‫َه َذا ُه َو الغاية يِف اخْلُ ْسَرا ُن واهلالك ‪.‬‬
‫الوس يلة اخلامسة ‪ :‬العجلة يِف األم ور وك ثرة الطيش والفشل ‪ ،‬وروي عن رس ول‬
‫اهلل ‪ ‬أنه قال "األناة من اهلل والعجلة من الشيطان" ‪.‬‬
‫س َف َق الُوا ‪ :‬أص بحت‬ ‫الس الم أتت الش ياطني إبلَْي َ‬‫وروي أنه ملا ولد عيسي َعلَْي ِه َّ‬
‫ال ‪َ :‬ه َذا حادث قَ ْد حدث مكانكم فطار حيت‬ ‫األصنام قَ ْد نكست رؤوسها َف َق َ‬
‫َجاءَ خافقي األرض ‪.‬‬
‫السالم قَ ْد ولد وإِ َذا املالئكة قَ ْد حفت حوله ‪.‬‬‫فلم جيد شيئاً َفو َج َد عيسي َعلَْي ِه َّ‬
‫ال هلُ ْم إن نبي اً قَ ْد ولد البارحة ‪ ،‬ما محلت أن ثي قط وال وض عت إال وأنَا‬ ‫َف َق َ‬
‫حبضرهتا إال َه َذا فاستيأسوا من عبادة األصنام بعد هذه اللَّْيلَة ولكن ائتوا بين آدم‬
‫من قبل اخلفة والعجلة ‪.‬‬
‫عصمنا اهلل وإياكم من الزلل ووفقنا لصاحل الْ َع َمل وهدانَا بفضله‬

‫‪656‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫س بيل الرش اد وطَ ِريق الس داد إنه جل ش أنه نعم املويل ونعم النصري وص لي اهلل‬
‫َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫الوس يلة السادسة ‪ :‬الفتنة بال دراهم وال دنانري وس ائر أص ناف األم وال والع روض‬
‫والدواب والعقارات وكل ما يكون فضله َعلَى قدر احلاجة والقوت فهو مستقر‬
‫الشيطان ‪.‬‬
‫الر ُس ول ‪ ‬ملا بعث ‪ ،‬قال إبلَْيس لشياطينه ‪ :‬لََق ْد حدث أمر فانظروا‬ ‫وروي أن َّ‬
‫ما ُه َو ‪ ،‬فانطلقوا مُثَّ جاءوا وقَالُوا ‪ :‬ما ندري قال إبلَْيس ‪ :‬أَنَا آتيكم باخلرب ‪.‬‬
‫وج اءَ ‪ ،‬ق ال ‪ :‬قَ ْد بعث حُمَ َّمد ‪ ، ‬ق ال ‪ :‬فجعل يرسل ش ياطينه إيل‬ ‫ف ذهب َ‬
‫الر ُس ول ‪ ‬فينص رفون خ ائبني ‪ ،‬فيقول ون ‪ :‬ما ص حبنا قوم اً قط مثل‬ ‫أص حاب َّ‬
‫هؤالء ‪ ،‬نصيب ِمْن ُه ْم مُثَّ يقومون للصالة فيمحون ذلك ‪.‬‬
‫ال إبلَْيس ‪ :‬روي داً هِب ُ ْم عسي اهلل أن يفتح هلُ ْم ال ُّد ْنيَا فهن اك تص يبون ح اجتكم‬ ‫َف َق َ‬
‫منهم ‪.‬‬
‫الوسيلة السابعة ‪ :‬البخل وخوف الفقر فإن البخل ُه َو أصل لكل خطيئة ‪ ،‬وروي‬
‫س لعنه اهلل أنه قال ‪ :‬ما غلبين ابن آدم فلن يغلبين يِف ثالث ‪ ،‬آمره أن‬ ‫عن إبلَْي َ‬
‫يأخذ الْ َمال من َغرْي حقه وينفقه يِف َغرْي حقه ومينعه من مستحقه ‪.‬‬
‫س للش يطان س الح َعلَى اإلنس ان مثل خ وف الفقر ‪،‬‬ ‫ال س فيان الث وري ‪ :‬لَْي َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك منه أخذ يِف الْب ِ‬ ‫ِ‬
‫اطل ومنع من احلق وتكلم ب اهلََوى وظن بربه‬ ‫َ‬ ‫ف ِإذَا قبل ذَل َ‬
‫السوء ‪َ ،‬و ُه َو من أعظم اآلفات َعلَى الدين ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫اجتَنِبُ وا َكثِ رياً ِّم َن الظَّ ِّن‬ ‫ِِ‬
‫الوسيلة الثامنة ‪ :‬سوء الظن باملُ ْس لمنْي َ وقَ ْد قال تعاىل ﴿ ْ‬
‫ض الظَّ ِّن إِمْثٌ ﴾ ‪.‬‬ ‫إِ َّن َب ْع َ‬

‫‪657‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫بش ْيء َعلَى غريه بالظن فإن الشيطان يبعثه َعلَى أن يطول فِيه اللسان‬ ‫ومن حكم َ‬
‫بالغيبة فيهلك ‪ ،‬أو يقصر يِف القي ام حبقوقه أو يت واين يِف إكرامه أو ينظ ره بعني‬
‫االحتقار أو يري َن ْفسهُ خرياً منه ‪.‬‬
‫ك من املهلكات ‪ ،‬فمهما َرأَيْت إنسانَاً يسيء الظن بِالن ِ‬
‫َّاس طالب اً لعيوهبم‬ ‫ِ‬
‫وكل ذَل َ‬
‫فاعلم أنه خبيث يِف الباطن ‪ ،‬فإن امل ْؤ ِمن يطلب املعاذير ‪ ،‬واملنافق يطلب العيوب‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫للخلق ‪.‬‬
‫الوسيلة التاسعة ‪ :‬الشبع من الطعام والتأنق يِف املآكل الفاخرة ‪ ،‬فإن الشبع يقوي‬
‫الشهوات وهي أسلحة الشيطان اليت هِبَا يصول ‪.‬‬
‫الس الم فرأي َعلَْي ِه معاليق من‬ ‫س ظهر يوماً ليحيي بن زكريا َعلَْي ِه َّ‬ ‫وروي أن إبلَْي َ‬
‫السالم ‪ :‬ما هذه املعاليق ‪.‬‬ ‫ال لَهُ حييي َعلَْي ِه َّ‬
‫ُك ّل َش ْيء ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال ‪ :‬هل يل منها َش ْيء‬ ‫ال ‪ :‬هذه ِه َي الشهوات اليت أصيب هِبَا بين آدم ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫الصالة وعن الذكر ‪.‬‬ ‫ال ‪ :‬رمبا شبعت فتثاقلت عن َّ‬ ‫؟ َف َق َ‬
‫ال حييي ‪ :‬هلل َعلَ َّى أن ال أمأل بطين ‪،‬‬ ‫ال ‪ :‬هل َغْي َر ذل ك؟ ق ال ‪ :‬ال ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َف َق َ‬
‫ال إبلَْيس ‪َ :‬علَى هلل ال أنصح مسلماً ‪.‬‬ ‫َف َق َ‬
‫ين مل ميارسوا العلوم ومل يتبحروا فيها بالتفكري‬ ‫َّ ِ‬
‫الوسيلة العاشرة ‪ :‬تعاطي العوام الذ َ‬
‫يِف ذات اهلل َع َّز َو َج َّل وص فاته ويِف األم ور اليت ال تبلغها عق وهلم حيت ي ؤدي‬
‫ك إيل االعتقادات الكفرية وهم ال يشعرون ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫وهم يِف غاية ما يكون ون من الف رح والس رور واالطمئن ان إيل ما وقع يِف‬
‫صدورهم ‪.‬‬
‫وهم يِف غاية اخلطأ ويظنون أن ما اعتقدوه ُه َو العلم والبصرية ‪ ،‬فما َه َذا حاله‬
‫يك ون من أعظم األب واب للش يطان يِف اللعب بعق وهلم وإيق اعهم يِف األم ور‬
‫املكروهة ‪.‬‬

‫‪658‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪659‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فهذه وسائل الشيطان ومداخله إيل الْ َق ْلب وهي كثرية ‪ ،‬وفيما ذكرناه تنبيه َعلَى‬
‫ما ورائها ‪.‬‬
‫س يِف اآلدمي ص فة مذمومة إال وهي س الح للش يطان وم دخل من‬ ‫وباجلملة فلَْي َ‬
‫مداخله ‪.‬‬
‫التقرير الث اين ‪ :‬يِف بي ان العالج يِف دفعها وإزالتها ‪ْ ،‬اعلم أن عالج ه ذه األم ور‬
‫وااللتج اءَ إليه يِف دفعها وإزالتها ‪ ،‬وباالجتهاد‬‫َ‬ ‫ُّعاء إيل اهلل‬
‫وإزالتها إمنا يكون بالد َ‬
‫يِف قلع ه ذه الص فات املذمومة عن الْ َق ْلب ‪ ،‬والعناية يِف ذكر اهلل َع َّز َو َج َّل ‪،‬‬
‫فهذه دوافع ثالثة نذكرها ‪.‬‬
‫ُّعاء راجي اً منه حتص يل األلط اف اخلفية‬ ‫باللج اء إيل اهلل بال د َ‬
‫َ‬ ‫ال دافع األول ‪ :‬يك ون‬
‫يِف إبع اد الش ياطني وإزالتهم ‪ ،‬وعن عبد ال رمحن بن أيب ليلي ‪ ،‬ق ال ‪َ :‬ك ا َن‬
‫الر ُس ول ‪ ‬وبي ده ش علة ن ار فيق وم بني يديه َو ُه َو يص لي في َق َرأَ‬ ‫الش يطان ي أيت َّ‬
‫ويتعوذ فال يذهب ‪.‬‬
‫ال لَ ه ‪ : ‬قل أع وذ بكلم ِ‬ ‫ف أيت جربيل َعلَْي ِه َّ‬
‫ات اهلل‬ ‫َ‬ ‫الس الم إيل النَّيِب ّ ‪َ ‬ف َق َ ُ‬
‫ات اليت ال جياوزهن بر وال ف اجر من شر ما يلج يِف األرض وما خيرج‬ ‫التام ِ‬
‫َ‬
‫منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ‪.‬‬
‫َّه ار إال طارق اً يطرق خبَرْي يا رمحن‬ ‫َّهار وطوارق الليل والن َ‬ ‫ومن شر فنت الليل والن َ‬
‫‪ ،‬فطفيت شعلته وخر وجهه ‪.‬‬
‫ال‬‫وعن احلسن البص ري أنه ق ال ‪ :‬ن بئت أن جربيل أيت إيل رس ول اهلل ‪َ ، ‬ف َق َ‬
‫‪ :‬إن عفريتاً من اجلن يكيدك فِإ َذا أويت إيل فراشك فا َقَرأَ آية الكرسي ‪.‬‬
‫نازعين فأخذت حبلقه والَّ ِذي‬ ‫الر ُس ول ‪ ‬أنه قال ‪ :‬أتاين شيطان فنازعين مُثَّ َ‬ ‫وعن َّ‬
‫بعثين ب احلق ما أرس لته حيت وج دت ب رد لِ َس انه َعلَى ي دي ‪ ،‬ول وال دع وة أخي‬
‫سليمان ألصبح طرحياً حيت تنظروا إليه ‪.‬‬

‫‪660‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪661‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الدافع الثاين ‪ :‬العناية يِف إَِزالَة هذه الصفات املذمومة من ال ُقلُوب وقلعها منها فإن‬
‫الشيطان مثل الكلب يِف التسلط َعلَى اإلنسان ‪.‬‬
‫ض ب واحلسد واحلرص‬ ‫ف ِإذَا َك ا َن اإلنس ان متص فا هبذه الص فات الذميمة من الْغَ َ‬
‫والطمع وغريها َك ا َن مبنزلة من يك ون بني يديه خ بز وحلم ف إن الكلب ال حمالة‬ ‫َ‬
‫يتهور َعلَْي ِه ويتوثب وال يندفع غالباً إال مبشقة شديدة ‪ ،‬وإن مل يكن متصفاً هِبَا‬
‫يطمع فِيه ألنه ال داعي لَهُ هنالك ويكون دفعه بأسهل ما يكون وأيسره فإنه‬ ‫مل َ‬
‫يندفع بالنهر واخلسا والزجر ‪ ،‬فتزال بنقائضها ‪.‬‬
‫ض ب بالرض اء والس كينة ‪ ،‬وي زال الكرب بالتواضع ‪ ،‬وي زال احلسد مبعرفة‬ ‫ف يزال الْغَ َ‬
‫حق احملسود وأن الَّ ِذي اختص به فضل من اهلل فال ميكن دفعه ‪.‬‬
‫الطمع بالورع واالكتفاء مبا أعطاه اهلل َع َّز َو َج َّل ‪ ،‬ويزال احلرص بتحقيق‬ ‫ويزال َ‬
‫الد ْنيَا وانقطاعها باملوت ‪.‬‬ ‫حال ُّ‬
‫وه َك َذا تفعل يِف ُكل خصلة مذمومة باالجتهاد يِف إزالتها ‪.‬‬
‫ِ َّ ِ‬
‫ين َّات َق واْ‬‫الدافع الثالث ‪ :‬ذكر اهلل تعاىل ‪ ،‬وإليه اإلشارة بقوله تعاىل ‪ ﴿ :‬إ َّن الذ َ‬
‫ان تَ َذ َّكرواْ فَِإذَا هم ُّمب ِ‬
‫ف من الشَّيطَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُرو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫إِذَا َم َّس ُه ْم طَائ ٌ َ ْ‬
‫وهبم شيء من هذه الصفات الذميمة فزعوا إيل ذكر اهلل‬ ‫ِ‬
‫واملعين أن َُّه ْم إ َذا أملَّ ب ُقلُ ْ‬
‫ِ‬
‫ك حيصل التبصر هلُ ْم يِف عواقب أمورهم ‪.‬‬ ‫تعاىل وتذكروه ‪ ،‬فعِْن َد َذل َ‬
‫نعم ال ذكر ال يك ون ط ارداً للش يطان إال إِ َذا ك انت ال ُقلُ وب معم ورة ب اخلوف‬
‫والتقوي ‪.‬‬
‫ك فرمبا يك ون ال ذكر َغْي َر جُمْ ٍد ‪ ،‬ومث ال َه َذا من‬ ‫ِ‬
‫فأما إِ َذا ك انت خالية عن َذل َ‬
‫ويطمع يِف‬ ‫يطم َع يِف ش رب ال دواء قبل االحتمي واملع دة مش حونة بغليظ الطع ام‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أنه ينفعه كما ينفع الَّ ِذي يشربه بعد االحتمي وختلية املعدة َعن األطعمة ‪.‬‬

‫‪662‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فالذكر ُه َو الدواء والتقوي ُه َو االحتمي ‪ ،‬ف ِإ َذا حصل الذكر يِف قلب فارغ عن‬
‫َغرْي ال ذكر ان دفع الش يطان كما تن دفع العلة ب نزول ال دواء يِف مع دة خالية َعن‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫األطعمة كما أشار إليه تعاىل بقوله ‪ ﴿ :‬إِ َّن يِف َذلِ ِ‬
‫ك لَذ ْكَرى ل َمن َكا َن لَ هُ َق ْل ٌ‬ ‫َ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم إنا نس ألك حي اة طيبة ‪ ،‬ونفس اً تقي ةً ‪ ،‬وعيش ةً نقي ةً ‪ ،‬وميت ةً س ويةً ‪،‬‬
‫فاضح ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ومرداً َغرْي خم ٍز وال‬
‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من أ َْهل الصالح والنجاح والفالح ‪ ،‬ومن املؤيدين بنصرك وتأييدك‬
‫ورضاك يا رب العاملني ‪.‬‬
‫" اللَّ ُه َّم مالك امللك تؤيت امللك من تشاء وتنزع امللك ممن تشاء وتعز من تشاء‬
‫وتذل من تشاء بيدك اخْلَرْي إنك َعلَى ُكل شيء قدير " ‪.‬‬
‫يا ودود يا ذا الع رش اجمليد يا مب دئ يا معيد يا فع ال ملا تريد نس ألك بن ور‬
‫وجهك الَّ ِذي مأل أر َك ا َن عرشك وبق درتك اليت ق درت هِبَا َعلَى مَجِ يع خلقك‬
‫ت أن تغفر ذنوبنا وس يئاتنا وأن‬ ‫ك اليت وس عت ُك ّل ش يء ال إله إال أَنْ َ‬ ‫وبَِرمْح َتِ َ‬
‫تبدهلا لنا حبسنات إنك جواد كرمي رؤوف رحيم ‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اللَّ ُه َّم افتح ل دعائنا ب اب القب ول واإلجابة َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَج يع املُ ْس لمنْي َ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫بَِرمْح َتِ َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال لَ ْو نام السرتحنا ‪.‬‬
‫قال رجل للحسن يا أبا سعيد أينام الشيطان فتبسم َوقَ َ‬
‫للم ْؤ ِمن منه نعم سبيل إيل دفعه وتضعيف قوته قال‬ ‫ِ‬
‫فإ َذاً ال خالص ُ‬

‫‪663‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫النَّيِب ّ ‪ " : ‬إن امل ْؤ ِمن ينضي شيطانه كما ينضي أحدكم بعريه يِف سفره " ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ال ابن مسعود ‪ :‬شيطان امل ْؤ ِمن مهزول‬ ‫َوقَ َ‬
‫ُ‬
‫ال قيس بن احلج اج ق ال يل ش يطاين دخلت فيك وأنَا مثل اجلزور وأنَا اآلن‬ ‫َوقَ َ‬
‫ت ومل ذاك قال تذيبين بذكر اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫مثل العصفور ُق ْل ُ‬
‫اهلل ‪ ‬عليكم بال إله إال اهلل‬ ‫ول ِ‬‫ال َر ُس ُ‬ ‫وعن أيب بكر َر ِض َي اهللُ عن هُ ق ال قَ َ‬
‫س ق ال أهلكت بين آدم بال ُّذنُوب وأهلك وين‬ ‫ِ‬
‫واالس تغفار ف أكثروا مْن ُه َما ف إن إبلَْي َ‬
‫بال إله إال اهلل واالستغفار ‪.‬‬
‫ك أهلكتهم ب األهواء وهم حيس بون أن َُّه ْم مهت دون رواه احلافظ أبو‬ ‫ِ‬
‫َفلَ َّما َرأَيْت َذل َ‬
‫س من " ال إله إال اهلل‬ ‫ال جماهد ما من ش يء أكسر لظهر إبلَْي َ‬ ‫َيعلَى املوص لي َوقَ َ‬
‫"‪.‬‬
‫ول كنت إِذَا دخلت م نزيل ق رأت‬ ‫ال عب اس ال دوري مسعت حييي بن معني َي ُق ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫آية الكرسي مرة ‪.‬‬
‫س أحد حيسن‬ ‫ول كم ت َق َرأَ ه ذه لَْي َ‬ ‫فبينما أَنَا ذات ليلة أقرؤها ف ِإ َذا ه اتف َي ُق ُ‬
‫يقرؤها غريك ‪.‬‬
‫اهلل ألزيدنك فصرت أقرؤها يِف اللَّْيلَة مخسني‬ ‫ف ُق ْلت جميب اً لَ ه وأري ه َذا يسؤك و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ال َك ا َن جري اً َعلَى‬‫م رة أو س تني م رة ق ال عب اس فح دثت حُمَ َّمد بن س هل َف َق َ‬
‫اإلنس واجلن أو كما قال ‪.‬‬
‫ال بشر بن منص ور عن وهيب بن ال ورد خ رج رجل إيل اجلبانة بعد س اعة‬ ‫َوقَ َ‬
‫وج اءَ ش يء جلس َعلَْي ِه‬ ‫من الليل فس َم َع حس اً وأص واتاً ش ديد ًة وجئ بس رير َ‬
‫واجتم َع إليه جنود ‪.‬‬ ‫َ‬
‫مُثَّ ص رخ من يل بع روة بن الزبري فلم جيبه أحد حيت ت ابع ما َش اءَ اهلل من‬
‫ال واحد ِمْن ُه ْم أَنَا أكفيكه ‪.‬‬ ‫األصوات َف َق َ‬

‫‪664‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال ال س بيل إيل ع روة‬ ‫ق ال ‪ :‬فتوجه حنو الْ َم ِدينَة وأنَا أنظر مُثَّ أوشك الرجعة َف َق َ‬
‫كلمات إِ َذا أصبح وإِ َذا أمسي فال خيلص إليه ‪.‬‬ ‫ول َ‬ ‫قال ويلك مل َي ُق ُ‬
‫ت ألهلي جه زوين ف أتيت الْ َم ِدينَة فس ألت عن هُ حيت‬ ‫ق ال الرجل َفلَ َّما أص بحت ُق ْل ُ‬
‫ت شيئاً تقوله إِذَا أصبحت وإِذَا أمسيت ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دللت َعلَْيه فِإذَا شيخ ف ُق ْل ُ‬
‫ال ما ُه َو َغرْي أين أَقُ ول إِ َذا‬ ‫ف أيب أن خيربين فأخربته مبا َرأَيْت ومبا مسعت َف َق َ‬
‫أصبحت ‪.‬‬
‫الع ِظيم وكف رت ب اجلبت والط اغوت واستمس كت ب العروة ال وثقي ال‬ ‫ِ‬
‫آمنت بِاهلل َ‬
‫انفصام هلا واهلل مسيع عليم ‪.‬‬
‫ت ثالث مرات ‪.‬‬ ‫ت ثالث مرات وإِ َذا أمسيت ُق ْل ُ‬ ‫إِ َذا أصبحت ُق ْل ُ‬
‫س يا س يدنا إنا لنف رح مبوت‬ ‫وعن ابن عب اس أنه ق ال إن الش ياطني قَ الُوا إلبلَْي َ‬
‫والعامل ال نصيب منه ‪.‬‬ ‫العامل ما ال نفرح مبوت العابد َ‬ ‫َ‬
‫ال سل‬ ‫قال انطلقوا فانطلقوا إيل عابد وأتوه يِف عبادته َف َق الُوا نريد أن نسألك َف َق َ‬
‫‪.‬‬
‫س هل يق در ربك أن جيعل ال ُّد ْنيَا يِف ج وف بيضة ق ال ال أدري ق ال‬ ‫ال إبلَْي ُ‬
‫َف َق َ‬
‫أترونه كفر يِف مساعه ‪.‬‬
‫مُثَّ َج اءَ إيل رجل َع امل يِف حلقة يض احك أص حابه َف َق الُوا إنا نريد أن نس ألك‬
‫ال سل ‪.‬‬ ‫َف َق َ‬
‫الد ْنيَا يِف جوف بيضة قال نعم قال كيف ‪.‬‬ ‫ال هل يقدر ربك أن جيعل ُّ‬ ‫َف َق َ‬
‫ك ال يعدو َن ْفسهُ َه َذا يفسد َعلَ َّى عالَ َم اً‬ ‫ِ‬
‫ول كن فيكون ‪ ،‬قال أترون َذل َ‬ ‫قال َي ُق ُ‬
‫كثرياً ‪.‬‬

‫‪665‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َش ِديْ ُد ُ‬
‫عناؤ َها‬ ‫اك يَا َه َذا‬
‫َو ُدْنَي َ‬ ‫قاؤ َها‬
‫بَ ُ‬ ‫الدْنَيا قَِلْي ُل‬
‫ك ِفي ُّ‬ ‫َحَياتُ َ‬
‫َع ْد ٍن َو َم ُاؤ َها‬ ‫ال بِِه َجن ُ‬
‫َّات‬ ‫ُيَن ُ‬ ‫ِم َن َّ‬
‫التَقي‬ ‫َوالَ َخْيَر ِفيه َغْيَر َز ٍاد‬
‫ين َم ِطيّ ًة‬ ‫ِ ِِ‬
‫غ الْ َخْي ِر َوال َشُّر َد ُاؤ َها‬ ‫َعَلْي َها ُبلُو ُ‬ ‫َبَلى إِّن َها لل ُْم ْؤمن َ‬
‫اب َجَن ُاؤ َها‬ ‫ثِماراً ِمن ِ‬
‫الف ْر َد ْو ِ‬ ‫الت ْقوى بَِها َس ْو َ‬
‫س طَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َو َم ْن َي ْز َر ِع َ‬
‫ات انْتِ َه ُاؤ َها‬ ‫َن ال َْم َم َ‬ ‫َعَلى ثَِق ٍة أ َّ‬ ‫يَُنَْؤجَّتمنِ ُلي أَ ْن َنْبَقى بَِها َغْيَر أََّنَنا‬
‫ات ِف َ‬ ‫اع ِ‬ ‫يلُ ِ‬ ‫فَ ُك ْن أَُي َها اإلنسان ِفي الْ َخْي ِر‬
‫يك َب َه ُاؤ َها‬ ‫وح م َن الطَّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫الج ِحْي ِم لَظَ ُاؤ َها‬ ‫ي ِذيب َ ِ‬ ‫اغبانِاًب سِبْيل الغَ ِّي واْتر ْك مع ِ‬ ‫ِ‬
‫ك م ْن نَّا ِر َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫اصياً‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫َرو َج ْ َ َ‬
‫ك بُ َك ُاؤ َها‬ ‫ت َعَلْي َ‬ ‫اح ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت بِ َم ْش َه ٍد‬ ‫فَالَبُ َّد َي ْوماً أَ ْن تَ ُم ْو َ‬
‫يُ َساع ُد َم ْن نَ َ‬
‫ك َثَر ُاؤ َها‬ ‫تَ ُكو ُن َثَرى أ َْم َعَلْي َ‬ ‫ك –‬ ‫َوَتْن ِزل َقْبراً – الَ أَبَالَ َ‬
‫ك يب ُدو ِفي ِ‬ ‫ُموَْتوبَِحقى ِ‬
‫اب‬‫الحس ِ‬
‫َ‬ ‫س َ َْ‬ ‫َوَن ْف ُ‬ ‫الح ْش ِر َو َ‬
‫الجَزا‬ ‫شاً بِه ثَا ٍو ِإلى َ‬ ‫َْ‬
‫الض ِريْ ُع ِغ ُ‬
‫ذاؤ َها‬ ‫فََجطَُزْوبَُاؤ َىها َوإال فَ َّ‬ ‫س ثَ َّم َس ِعي َد ًة‬ ‫فَِإَّما تَ ُكو ُن َّ‬
‫النْف ُ‬
‫ال يَِبْي ُن َوبَ ُاؤ َها‬ ‫َوُتْن َش ُر أَ ْع َم ٌ‬ ‫ف‬‫َّاس ِفي مو ِق ِ‬ ‫يُ َسا ُق َج ِمْي ُع الن ِ‬
‫َْ‬
‫ب‬ ‫َفتُو َ ِ ِ ِ‬ ‫ص َحائِ ٌ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ضَا‬‫ُالهَنَقالِ َ‬
‫ض ُع في المْيَزان َوال َذنْ ُ‬ ‫ف‬ ‫ك َتْب ُدو للْعَباد َ‬
‫الش ِدي ُد بَالَُؤ َها‬ ‫صُاؤِحَهياَفَتهُ َّ‬ ‫وكم ِمن َذلِي ٍل ِ‬
‫آخ ٍذ بِ ِش َمالِِه‬
‫الس ْو َدا َّ‬ ‫َدَ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫اب لَِق ُاؤ َها‬ ‫ِ‬ ‫السعاد ِة ِ‬ ‫و َ ِ‬
‫اء طَ َ‬ ‫ضَ‬ ‫البْي َ‬‫صحي َفَتهُ َ‬ ‫َ‬ ‫آخ ٌذ‬ ‫آخ ُر م ْن أ َْه ِل َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫َفيُثْنِي بَِن ْع َم ِاء يَ ْج ُّل َثَن ُاؤ َها‬ ‫اجداً‬ ‫ب سِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َفَيأْتي نَبِ ُّي اهلل ل َّلر ِ َ‬
‫ِ‬
‫ب ِعْن ِدي‬ ‫الم ْحُب ْو ِ‬ ‫لَِن ْف ِس َ ِ‬
‫ك ب َ‬ ‫ش ‪َ :‬سلْنِي فَِإنَّنِي‬ ‫الع ْر ِ‬
‫ب َ‬ ‫َفْي ْد ُع ْوهُ َر ُّ‬
‫ضشَفُاؤَعَها َب ْع َد اإل ْذ ِن َف ْهَو ُمنَ ُاؤ َها‬ ‫ِرألَ َْ‬ ‫ك َت ْرتَ ْج ِي‬ ‫ال ‪ :‬إِلَ ِهي أَُّمتِي ِمْن َ‬ ‫َفَق َ‬
‫ِ‬
‫اب َهنَ ُاؤ َها‬ ‫ألَُّمته الغََّراء طَ َ‬
‫ِِ‬ ‫َفُي ْع ِط ِيه َم ْوالَهُ ال َك ِريْ ُم َشَف َ‬
‫اع ًة‬

‫‪666‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال بِِه الب ْشرى جِلياً ِ‬


‫ضَي ُاؤ َها‬ ‫تَ َخ ُ‬ ‫ور ُه‬ ‫ِ‬ ‫َفَي ْر ِج ُع‬
‫ُ َ َ‬ ‫طَ َه ُم ْسَتقْي ٌم ُس ُر ُ‬
‫ص ُاؤ َها‬ ‫َعَلى نِع ٍم الَ يسَتطَ ُ ِ‬
‫اع انْح َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫الجِلْي َل َثَن ُاؤ ُه‬
‫َم ْوالَُه َ‬ ‫َفَي ْح َم ُد‬
‫َوأَُّمتُهُ َت ْقُف ْوا َك َذا ُش َه َد ُاؤ َها‬ ‫العالَ‬‫صطََفى َجنَّ َة َ‬ ‫الم ْ‬
‫ك أ َِّم ُ‬ ‫ُهَنالِ َ‬
‫وم اقْتَِف ُاؤ َها‬‫بآنِي ٍة ع َّد النَّج ِ‬ ‫اء‬ ‫ويسِقي رس ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ول اهلل َم ْن َش َ‬ ‫ََ ْ َ ُ‬
‫ال ظَ َم ُاؤ َها‬ ‫س ِمْنهُ طَ َ‬ ‫ِ‬
‫ل(ُت ْر َوى ُنُف ْو ٌ‬
‫ب أَو ِر ْدنَا ج ِمْيعاً لِحو ِ‬
‫ض ِه‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫فَكَيْاوثَِرراًُّ ْ‬
‫ْحَي ِاة انْ ِم َح ُاؤ َها‬ ‫وفَا ٌة وحانَ ْ ِ‬ ‫الخَت ِام إِ َذا َدنَ ْ‬ ‫وأتْ ِمم لََنا حسن ِ‬
‫ت لل َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ت‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫واؤ َها‬
‫اك َه ُ‬ ‫البَقا لَ ِك ْن لَِق َ‬‫ب َ‬ ‫تُ ِح ُّ‬ ‫ات فَِإَّن َها‬ ‫الر ْو ِح ال َْم َم َ‬
‫َو َهِّو ْن َعَلى ُّ‬
‫ت َك ْي يَ ْسَتِقْي َم َبَق ُاؤ َها‬ ‫ِإ َذا ُسئٍَل ْ‬ ‫ك‬ ‫وفي ال َقْب ِر َثْبْت َها َعَلى ُق ْولِ َ‬ ‫ِ‬
‫الي ْميِ ِن أوالَُؤ َها‬ ‫َف ُق ْل أَْنتُ ُم أ َْه ُل َ‬ ‫ت ِفي ُّ‬
‫الص ْو ِر َن ْف َخةُ‬ ‫الهْنَدىنُِف َخ ْ‬‫َوإُِ‬
‫ِ‬
‫ك َر َج ُاؤ َها‬ ‫س لَ َديْ َ‬ ‫فَ َحَّق ْق َر َجا َن ْف ٍ‬ ‫ك َم َع‬ ‫ض َل ِمْن َ‬ ‫َبَفنْعثَْنحا ُن ا ْعَت َمدنَا ال َف ْ‬
‫البَرايَا َي ْو َم يَأْتِي نِ َد ُاؤ َها‬ ‫ِ‬ ‫الم ْخَتا ِر طَ َه ُم َح َّم ٍد‬
‫َشفي ِع َ‬ ‫صَجاِّل َعَلى ُ‬ ‫الرَ‬‫َوَّ‬
‫َن َه ٌار َو َما َج َّن اللََّيالِي ُد َج ُاؤ َها‬ ‫الد ْه ِر َما‬ ‫اب َم َدى َّ‬ ‫َص َح ِ‬‫آل َوأ ْ‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫انتهى‬ ‫بَ َدا‬
‫ك شيء‬ ‫ِ‬ ‫اللَّ ُه َّم إنك تعلم سرنا وعالنيتنا‬
‫وتسم َع كالمنا وتري مكاننا ال خيفي َعلَْي َ‬ ‫َ‬
‫من أمرنا حَنْ ُن البؤساء الفقراء إليك املستغيثون املستجريون بك نسألك أن تقيض‬
‫ويقمع‬
‫لدينك من ينصره ويزيل ما حدث من البدع واملنكرات ويقيم علم اجلهاد َ‬
‫ِ‬
‫أ َْهل الزيغ والكفر والعناد ونسألك أن تغفر لنا ولوالدينا َومَجِ يع امل ْس ل ِمنْي َ بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك‬
‫ُ‬ ‫يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫موعظة‬
‫ين رحل وا وانص رفوا ‪ ،‬أين‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين س لفوا أين أت رابكم الذ َ‬
‫إخ واين أين أحب ابكم الذ َ‬
‫أصحاب األموال وما خلفوا ‪.‬‬

‫‪667‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ن دموا واهلل َعلَى التفريط يا ليتهم عرف وا ه ول مق ام يش يب منه الوليد ‪ ،‬إِ َذا ﴿‬
‫ِ‬
‫يد ﴾ ‪.‬‬ ‫نت ِمْنهُ حَتِ ُ‬‫ك َما ُك َ‬ ‫اءت َسكَْرةُ الْ َم ْو ِت بِاحْلَ ِّق َذل َ‬
‫َو َج ْ‬
‫فواعجب اً لك ُكلَّما دعيت إيل اهلل ت وانيت ‪ ،‬و ُكلَّما حركتك املواعظ إيل اخلريات‬
‫وعلَى غيك وجهلك متاديت ‪َ ،‬وكم ح ذرت من املن ون فما التفت إيل‬ ‫أبيت ‪َ ،‬‬
‫قول الناصح وتركته وما باليت ‪.‬‬
‫يا من جس ده حي ولكن َق ْلب هُ ميت ‪ ،‬س تعاين ِعْن َد ق دوم ه ادم الل ذات ما ال‬
‫ِ‬
‫يد ﴾ ‪.‬‬ ‫نت ِمْنهُ حَتِ ُ‬
‫ك َما ُك َ‬‫اءت َسكَْرةُ الْ َم ْو ِت بِاحْلَ ِّق َذل َ‬‫﴿ َو َج ْ‬ ‫تشتهي وتريد‬
‫كم أزعج املوت نفوس اً من ديارها ‪َ ،‬وكم أتلف البلي من أجس اد منعمة مل‬
‫يدارها ‪َ ،‬وكم أذل يِف التَُّراب وجوها ناعمة بعد رفعتها واستقرارها ‪.‬‬
‫ت ب دار مق ام ‪ ،‬س تعرف‬ ‫انتبه يا أخي فال ُّد ْنيَا أض غاث أحالم ‪ ،‬ودار فن اء لَْي َس ْ‬
‫وتفهم نصحي لك بعد أيام ‪.‬‬
‫عنك وصار بصرك حديد‬ ‫عنك سرتاه َعلَى التمام إِ َذا أكشف الغطاء َ‬ ‫وما غاب َ‬
‫‪ ،‬وهناك تندم والت ساعة ندم ‪.‬‬
‫شعْراً ‪:‬‬
‫ِ‬
‫وغَ َد َعلَى َزالَّتِِه ُمَتنَ ِد َما‬ ‫وأجَر َما‬
‫وب ْ‬ ‫ف ُّ‬
‫الذنُ َ‬ ‫قُ ْل لِلَّ ِذي أَلِ َ‬
‫الج ِمْيل َتَف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب َك ِريماً َدائِ َماً‬
‫ضالً وتَ َكُّرَما‬ ‫ُي(ْولي َ‬ ‫َس ْن واطْلُ َ‬‫الَ َتْيأ َ‬
‫ويْن َد َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصين جو ٌد و ِ‬ ‫ِ‬
‫وب َ‬ ‫عْن َد اإللَه ل َم ْن َيتُ ُ‬ ‫اس ٌع‬ ‫الع ْ َ ُ ْ َ‬ ‫يَا َم ْع َشَر َ‬
‫ك ِفي َع َسى ولَُربَّ َما‬ ‫ُت ْفني َز َمانَ َ‬ ‫الم ِسيء إِلى َمَتى‬ ‫يَا أَُّي َها ال َْعْب ُد ُ‬
‫صَّرَما‬ ‫اع ِفي ِع ْ ِِ‬ ‫بَ ِاد ْر إِلى َم ْوالَ َك يَا َم ْن ُع ْم ُر ُه‬
‫صَيانه وتَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫قَ ْد َ‬
‫ص ْرنِي َو ِز ْل عني ال َْع َما‬ ‫يا َّرب ب ِ‬ ‫وع ْفواً ثُ َّم قُ ْل‬‫وفيقاً َ‬‫واسأَلَهُ تَ ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ب‬‫ب ِم ْن َّر ِ‬ ‫ص بِ َّ‬
‫التْق ِريْ ِ‬ ‫قَ ْد ُخ َّ‬ ‫َج ُّل َم ْن‬ ‫الصالَة َعلَى النَّبِ ّي أ َ‬
‫ثُ َّم َّ‬
‫الس َما‬
‫َّ‬

‫‪668‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وعظَّ َما‬ ‫ِ‬ ‫ص َحابَتِ ِه األفَا َ‬


‫ض ِل ُكلّ ِه ِم‬
‫َما َسبَّ َح ال ّداعي اإللَه َ‬ ‫وعَلى َ‬
‫َ‬
‫اج َع ْلنَا ِم ْن عب ادك املخلصني ‪ ،‬وآمنا‬ ‫اللَّ ُه َّم أنظمنا يِف س لك حزبك املفلحني ‪َ ،‬و ْ‬
‫هم من النب يني‬ ‫َّ ِ‬
‫ين أنعمت َعلَْي ْ‬ ‫ي وم الف زع األكرب ي وم ال دين ‪ ،‬واحش رنا َم َع الذ َ‬
‫والصديقني والشهداء والصاحلني َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ األحياء ِمْن ُه ْم‬
‫ك يا أَرحم ال َّرامِحِ ني ‪ ،‬وص لَّى اهلل علَى حُم َّمدُ وعلَى آلِ ِه وص حبِهِ‬ ‫واملي تني بَِرمْح َتِ َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬
‫أَمْج َع َ‬
‫ني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫قال أحد العلماء ‪:‬‬
‫ك احلصن س ور وللس ور أب واب وفِيه ثُلَ ٌم‬ ‫ِ‬
‫وعلَى َذل َ‬
‫اعلم أن الْ َق ْلب كاحلصن َ‬
‫ك احلصن وإيل جانب احلصن ريض ( َو ُه َو‬ ‫ِ‬
‫وس اكنه العقل واملالئكة ت رتدد إيل َذل َ‬
‫امل َكا َن يؤوي إليه )‬
‫ك ال ريض من َغرْي م انع واحلرب ق ائم بني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وفيه اهلَ َوى والش ياطني ختتلف إيل ذَل َ‬
‫أ َْهل احلصن وأ َْهل ال ريض والش ياطني ال ت زال ت دور ح ول احلصن تطلب َغ ْفلَة‬
‫احلارس والعبور من بعض الثلم وأن ال يفرت احلراسة حلظة فإن الْ َع ُد ّو ال يفرت ‪.‬‬
‫وينحصر الش يطان يِف س تة أجن اس ال ي زال ب ابن آدم حيت ين ال منه واح داً منها‬
‫أو أكثر ‪.‬‬
‫أحدها شر الكفر والشرك ‪.‬‬
‫ثانياً البدعة ‪.‬‬
‫ثالثا كبائر ُّ‬
‫الذنُوب ‪.‬‬
‫رابعاً الصغائر ‪.‬‬
‫مُثَّ االشتغال باملباحات عن االستكثار من الطاعات‬

‫‪669‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫مُثَّ االشتغال باملفضول عن الفاضل ‪.‬‬


‫واألسباب اليت يعتصم هِبَا الْ َعْبد من الشيطان عشرة ‪.‬‬
‫أوهلا االستعاذة بِ ِ‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫ثانياً قراءة املعوذتني ‪.‬‬
‫ثالثا قراءة آية الكرسي ‪.‬‬
‫رابعاً قراءة البقرة ‪.‬‬
‫صريُ ﴾ ‪.‬‬ ‫خامساً قراءة أول سورة حم امل ْؤ ِمن إيل ﴿ إِلَي ِه الْم ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫سابعاً ال إله إال اهلل وحده ال شريك لَهُ له امللك واحلمد َو ُه َو َعلَى ُك ّل شيء‬
‫قدير مائة مرة ‪.‬‬
‫ثامناً كثرة ذكر اهلل ‪.‬‬
‫الصالة ‪.‬‬ ‫تاسعاً الوضوء َم َع َّ‬
‫عاشراً إمساك فضول النظر والكالم والطعام وخمالطة النَّاس ‪ .‬انتهي وختام اً فأ َْهل‬
‫هم سد أبواب الشيطان وحفظها باحلراسة أي األبواب الظاهرة‬ ‫يتعذرعلَْي ْ‬
‫َ‬ ‫التقوي ال‬
‫والطرق اجللية اليت تفضي إيل املعاصي الظاهرة ‪.‬‬
‫وإمنا يتع ثرون يِف طرقه الغامضة فَ أن َُّه ْم ال يهت دون إليها فيحرس وهنا ألن األب واب‬
‫املفتوحة إيل الْ َق ْلب للشيطان كثرية ‪.‬‬
‫ك الْبَ اب الواحد هبذه األبواب الكثرية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وباب املالئكة باب واحد وقَ ْد التبس َذل َ‬
‫فالْ َعْبد فيها كاملسافر الَّ ِذي يبقي يِف بادية كثرية الطرق غامضة ‪.‬‬
‫املس الك يِف ليلة مظلمة فال يك اد يعلم الطَ ِريق إال بعني بص رية وطل وع مشس‬
‫مشرقة ‪.‬‬
‫املصفي بالتقوي والشمس املشرقة هي‬ ‫ِ‬ ‫والعني البصرية هاهنا ِه َي الْ َق ْلب‬

‫‪670‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫العلم العزير املستفاد من كتاب اهلل وسنة رسوله ‪ ‬فيما يهتدي به إيل غوامض‬
‫طرقه وإال فطرقة كثرية وغامضة ‪.‬‬
‫ال‬‫اهلل بن مسعود َر ِض َي اهللُ عنهُ خط لنا رسول اهلل ‪َ ‬ي ْوم اً خط اً َوقَ َ‬ ‫قال عبد ِ‬
‫َْ‬
‫" َه َذا س بيل اهلل " مُثَّ خط خطوط اً عن ميني اخلط وعن مشاله مُثَّ ق ال " ه ذه‬
‫سبل َعلَى ُك ّل سبيل شيطان يدعو إليه " ‪.‬‬
‫اطي ُم ْس تَ ِقيماً فَ اتَّبِعُوهُ َوالَ َتتَّبِعُ واْ ُّ‬
‫الس بُ َل َفَت َف َّر َق بِكم‬ ‫َن هـ َذا ِص ر ِ‬
‫َ‬ ‫مُثَّ تال ‪َ ﴿ :‬وأ َّ َ‬
‫َسبِيلِ ِه ﴾ ‪.‬‬ ‫عن‬
‫ال أحد العلم اء جيب َعلَى امل ْؤ ِمن أن حيب العلم اء الع املني بعلمهم َح ِقي َقة‬ ‫َوقَ َ‬
‫ُ‬
‫البعي دين عن االهنم اك يِف ال ُّد ْنيَا البعي دين عن الري اء وحب الش هرة والظه ور‬
‫والوقوع يِف أعراض النَّاس الغافلني ‪.‬‬
‫الس املني من احلسد والكرب والعجب ويالزم جمالس هم ويس أهلم عما أش كل َعلَْي ِه‬
‫ويتعظ بنصحهم ‪.‬‬
‫وجيتنب األعمال القبيحة ويتخذ الشيطان عدواً كما قال تعاىل ‪ ﴿ :‬إِ َّن َّ‬
‫الش ْيطَا َن‬
‫لَكم َع ُد ٌّو فَاخَّتِ ُذوهُ َع ُد ّواً ﴾ ‪.‬‬
‫أي فعادوه بطاعة اهلل تعاىل وال تطيعوه يِف معاصي اهلل تعاىل وكونوا َعلَى حذر‬
‫وعقائدكم ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫وأفعالكم‬
‫ْ‬ ‫أحوالكم‬
‫ْ‬ ‫منه يِف مَجِ يع‬
‫وإِ َذا فعلتم فعالً فتفطن وا لَ هُ فإنه رمبا ي دخل عليكم الري اء ‪ ،‬وي زين لكم القب ائح‬
‫والفواحش واستعينوا علَي ِه بربكم ‪ ،‬وتعوذوا بِ ِ‬
‫اهلل منه ‪.‬‬ ‫َْ‬
‫ك أب داً فال تغفل عمن‬ ‫املهم أنك إِ َذا علمت أن الش يطان لعنه اهلل ال يغفل عن َ‬
‫ناص يتك بي ده َو ُه َو اهلل جل جالله وتقدست أمساؤه وص فاته ال زم ذك ره ومحده‬
‫وشكره ‪.‬‬

‫‪671‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ك أن ال َيو َج َد منه َغ ْفلَة وال‬ ‫ِ‬


‫فالش يطان ع دو مس لط َعلَى اإلنس ان ومقتضي َذل َ‬
‫فرتة َعن التزيني واإلغواء واإلضالل ‪.‬‬

‫‪672‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك‬ ‫س ‪ ﴿ :‬فَبِ َما أَ ْغ َو ْيتَيِن ألَ ْقعُ َد َّن هَلُ ْم ِص َراطَ َ‬ ‫ق ال تع اىل إخب اراً عما قاله إبلَْي ُ‬
‫اهنم َوعن مَشَائِلِ ِه ْم‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫َّهم ِّمن َبنْي أَيْ ديه ْم َوم ْن َخ ْلفه ْم َوعن أَمْيَ ْ‬
‫ِ‬
‫يم * مُثَّ آلتَين ُ‬
‫ِ‬
‫الْ ُم ْس تَق َ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬مِب َا أَ ْغ َو ْيتَيِن أل َُزيِّنَ َّن هَلُ ْم يِف األرض‬ ‫ِ‬ ‫َوالَ جَتِ ُد أَ ْكَث َر ُه ْم‬
‫ين ﴾ َوقَ َ‬ ‫َش اك ِر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫ني * إال عبَ َاد َك مْن ُه ُم الْ ُم ْخلَص َ‬ ‫َّه ْم أَمْج َع َ‬‫َوألُ ْغ ِو َين ُ‬
‫األب َرار وأس كنا معهم يِف دار الق رار ‪ ،‬اللَّ ُه َّم وفقنا حبسن‬ ‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من املتقني ْ‬
‫ك واملب ادرة إيل خ دمتك‬ ‫اعت َ‬ ‫ك واإلص غاء إليك ووفقنا للتع اون يِف طَ َ‬ ‫اإلقب ال َعلَْي َ‬
‫ك‬‫ض ا بقض ائك والصرب َعلَى بَالئِ َ‬ ‫وحسن األدب يِف معاملتك والتس ليم أل َْم ِر َك ِّ‬
‫والر َ‬
‫الش كْر لنعمائك ‪َ ،‬وا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني‬ ‫َو ُّ‬
‫ُ‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫ني وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله أمجعني ‪.‬‬ ‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫بَِرمْح َتِ َ‬
‫صلٌ )‬‫( َف ْ‬
‫قال تعاىل ‪ ﴿ :‬إِ َّن الشَّْيطَا َن لَكم َع ُد ٌّو فَاخَّتِ ُذوهُ َع ُد ّواً ﴾ اآلية‬
‫ك بتحقيق العبودية هلل ‪ ،‬والتوكل َعلَْي ِه ‪ ،‬واالفتق ار يِف‬ ‫ِ‬
‫فعلَْي َ‬
‫ك َ‬ ‫إِ َذا فهمت َذل َ‬
‫ك تنجو من سلطته‬ ‫ِ‬
‫أحوالك إليه ‪ ،‬واستعاذتك به من شر َع ُد ّو َك وعدوه ‪ ،‬فب َذل َ‬
‫‪ ،‬وتنجو من غائلته ‪.‬‬
‫ك َوكِيالً‬ ‫قال اهلل ج َّل وعال ‪ ﴿ :‬إِ َّن ِعب ِ‬
‫ك َعلَْي ِه ْم ُس ْلطَا ٌن َو َك َفى بَِربِّ َ‬ ‫س لَ َ‬‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ي‬ ‫اد‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ين َآمنُ واْ َو َعلَى َرهِّبِ ْم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫س لَ هُ ُس ْلطَا ٌن َعلَى الذ َ‬ ‫ال َج َّل َو َعال ‪ ﴿ :‬إنَّهُ لَْي َ‬
‫﴾ َوقَ َ‬
‫َيَت َو َّكلُو َن ﴾ ‪.‬‬
‫اهلل تع اىل ‪ ،‬والعبودية به والتوكل‬ ‫فمن حتقق هبذه الص فات العلية من اإلميان بِ ِ‬
‫واللج اء واالفتق ار إليه ‪ ،‬واالس تعاذة ‪ ،‬واالس تجارة به ‪ ،‬كيف يك ون‬ ‫َ‬ ‫َعلَْي ِه ‪،‬‬
‫لعدو اهلل َعلَْي ِه سلطان ‪ ،‬واهلل حبيبه وويل حفظه ونصره ‪.‬‬
‫ويِف وصية رسول اهلل ‪ ‬البن عباس ‪ " :‬احفظ اهلل حيفظك احفظ اهلل‬

‫‪673‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫جتده أمامك تعرف إيل اهلل يِف الرخاء يعرفك يِف الشدة " ‪.‬‬
‫فالش أن يِف الْ َعْبد يك ون بينه وبني ربه معرفة خاصة ب َق ْلبه حبيث جتده قريب اً منه‬
‫يستأنس به يِف خلوته وجيد حالوة ذكره ودعائه ومناجاته وخدمته ‪.‬‬
‫ك إال من أطاعه يِف سره وعالنيته وميت َو َج َد الْ َعْبد َه َذا ف َق ْد عرف‬ ‫ِ‬
‫وال جيد َذل َ‬
‫ربه وصار بينه وبينه معرفة خاصة ‪.‬‬
‫الد ْنيَا ‪،‬‬‫ف ِإ َذا سأله أعطاه وإِ َذا دعاه أجابه والْ َعْبد ال يزال يِف كرب وشدائد يِف ُّ‬
‫ويِف ال ربزخ ‪ ،‬ويِف املوقف ‪ ،‬ف ِإذَا َك ا َن بينه وبني ربه معرفة خاصة كف اه اهلل‬
‫ك كله ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫وه َذا ُه و املش ار إليه يِف وص ية رس ول اهلل ‪ ‬البن عب اس تع رف إيل اهلل يِف‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫الرخاء يعرفك يِف الشدة ‪.‬‬
‫فالعلم ما عرف الْ َعْبد ربه ‪ ،‬ودله َعلَْي ِه حيت عرفه ‪ ،‬ووحده وأكثر من ذكره ‪،‬‬
‫ومحده وشكره وأنس به ‪ ،‬واستحيا من قربه ‪ ،‬وعبده كأنه يراه ‪.‬‬
‫فالش أن كله يِف أن الْ َعْبد يس تدل ب العلم َعلَى ربه ‪ ،‬فيعرفه ف ِإ َذا ع رف ربه ف َق ْد‬
‫وجده منه قريباً ‪ ،‬وميت وجده منه قريباً قربه إليه وأجاب دعاءه ‪.‬‬
‫كما يِف األثر اإلسرائيلي ابن آدم اطلبين جتدين ‪ ،‬فإن وجدتين وجدت ُك ّل شيء‬
‫‪.‬‬
‫اهلل الَّ ِذي ي وجب خش يته وحمبته والق رب منه واإلنس به ‪ ،‬مُثَّ‬ ‫فأصل العلم العلم بِ ِ‬
‫يتلوه العلم بأحكام اهلل ‪ ،‬وما حيبه ويرضاه من الْ َعْبد من قول أو عمل أو حال‬
‫أو اعتقاد ‪.‬‬
‫فمن حتقق هبذين العلمني َك ا َن علمه ِعلم اً نافع اً ‪ ،‬وحصل لَ هُ العلم الن افع‬
‫ُّعاء املسموع ‪.‬‬
‫والْ َق ْلب اخلاشع والنفس القانعة والد َ‬

‫‪674‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومن فاته َه َذا العلم الن افع وقع يِف األربع اليت اس تعاذ منه النَّيِب ّ ‪ ، ‬وص ار‬
‫علمه وبإال وحجةً َعلَْي ِه فلم يتنفع به ‪.‬‬
‫ألنه مل خيشع َق ْلب هُ لربه ومل تش بع َن ْفس هُ من ال ُّد ْنيَا ‪ ،‬بل ازداد حرص اً َعلَْي َها‬
‫وطلب اً هلا ‪ ،‬ومل يس َمع دع اؤه ‪ ،‬لع دم امتثاله ألوامر ربه ‪ ،‬وع دم اجتنابه ملا‬
‫يسخطه ويكرهه ‪.‬‬
‫ه َذا إن َكا َن علمه ِعلماً ميكن االنتفاع به وهو املتلقي عن اْ ِ‬
‫لكتَاب والسنة ‪.‬‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫ك فهو َغرْي نافع يِف َن ْفسه وال ميكن االنتفاع به بل‬ ‫ِ‬
‫فإن َك ا َن متلقي من َغرْي َذل َ‬
‫ضرره أكثر من نفعه ‪.‬‬
‫وعالمة َه َذا العلم الَّ ِذي ال ينفع أن يكسب ص احبه الزهو والفخر واخليالء‬
‫وطلب العلو والرفعة يِف ال ُّد ْنيَا واملنافسة فيها وطلب مباه اة العلم اء ومماراة‬
‫السفهاء ويصرف به وجوه النَّاس‬
‫اري به‬ ‫وقَ ْد ورد عن النَّيِب ّ ‪ ‬أن من طلب العلم ليج َ‬
‫اري به العلم اء أو ليم َ‬
‫السفهاء ويصرف به وجوه النَّاس أدخله اهلل النار ‪.‬‬
‫ولبعض العلماء ‪:‬‬
‫ش َّ ِ‬
‫الصاب ِر ُ‬
‫المَتَقن ِِّع‬ ‫فَ َما لَ َّذ َعْي ُ‬ ‫ت إِلى‬ ‫ضَ‬ ‫َي ُقولُو َن لِي َهالَّ َن َه َ‬
‫المَر ِف ِع‬ ‫ِ‬ ‫العَه َال َش َد ْد َ ِ‬
‫اب ُ‬ ‫ص ٍر إِلى ظ ِل َ‬
‫الجَن ِ‬ ‫بِ ِم ْ‬ ‫س َحَتى تَ ُحلَّها‬ ‫ت العْي َ‬ ‫َو ُ‬
‫ضيَّ ِع‬ ‫َتعيَّن َكو َن ِ‬
‫الع ْم ِ َغْيَر ُم َ‬ ‫َُ ْ‬ ‫س يَ ْخَفى َعلَْي ُه ُموا‬ ‫فَِفيها قُ َ‬
‫ضاةٌ لَْي َ‬
‫ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫َو ِفيها ُشيُو ُ‬
‫ُصبُ ِع‬ ‫يُشْي ُر إِ ْلي ِه ْم بَ ُ‬
‫العالَ ُك ُّل أ ْ‬ ‫ض ِل‬‫الديْ ِن َوال َف ْ‬
‫ك‬‫اب ِر ْز ِق َ‬ ‫ِ‬
‫واس َع َواقْص ْد بَ َ‬
‫َف ُق ُم ْ‬ ‫الم َهانَةُ ِذلَّةٌ‬ ‫يها ِ‬
‫األولَىَوفيها َو َ‬‫َو ِف ْ‬
‫ض ِعي‬‫الً ِعم َهاناً مسَت َخفاً بِمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َس َعى إِ َذا ِشْئ ُ‬
‫ََ‬ ‫ُْ‬ ‫َذولاْيقَْر ُ‬ ‫ت أَ ْن‬ ‫ْت َن ْع ْم أ ْ‬
‫ف ُقل ُ‬
‫اللَق ِاء ُم َمنَّ ِع‬
‫ب ِ‬ ‫اب َم ْح ُج ْو ِ‬
‫َعلَى بَ ِ‬ ‫ىَعى إِ َذا َما لَ َّذ لي طُْو ُل‬ ‫أَُوِرأ ْ‬
‫َس‬
‫َّصن ُِّع‬ ‫ح َوأَ ْغ ُد ْو ِفي ثَِي ِ‬
‫اب الت َ‬ ‫أ َُر ْو ُ‬ ‫َسِفَعيى إِ َذا َكا َن النَِفا ُق طَ ِرْيَقتِي‬ ‫ِ‬
‫َموْأوقْ‬

‫‪675‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫التَقى َوالتََّو ُر ِع‬ ‫اع ْي بَِها َح َّق ُّ‬ ‫أُر ِ‬ ‫َس َعى إِ َذا لم َيْب َق ِفي بَِقيَّةٌ‬
‫َ‬ ‫َوأ ْ‬
‫ضلُ ِع ْي‬ ‫ضى َبْي َن أَ ْ‬ ‫ب بَِها نَّ ُار الغَ َ‬ ‫تُ َش ُّ‬ ‫الص ُد ْو ِر َم َجالِساً‬ ‫اب ُ‬ ‫فَكم َبْي َن أ َْربَ ِ‬
‫ت‬ ‫إِ َذا بحُثوا ِفي الم ْش ِكالَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ْ‬ ‫العلُْوِم َوأ َْهِل َها‬
‫اب ُ‬ ‫وكم َبْي َن أ َْربَ ِ‬
‫َ‬
‫بَِوَمقَ ْدج َم ِعَشَر ُعوا ِفيها إِلى َشِّر َم ْشَر ِع‬ ‫وس َفَتْنَت ِهي‬ ‫ُمَناظََر ًة تُ ْح ِمي ُّ‬
‫النُف َ‬
‫ضيَّ ِع‬
‫اك ُم َ‬ ‫ت عن َح ٍق ُهَن َ‬ ‫الصم ِ‬
‫أ َْو َّ ْ‬ ‫ب أ َْهِل ِه‬ ‫صِ‬ ‫السَف ِه الم ْز ِري بِمْن ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫ِإلى َّ‬
‫المَت َجّر ِع‬ ‫َوإِ َما َتلََّقى ُع َّ‬ ‫الديْ ِن َو ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫فَِإَّما َتَوقَّى َم ْسلَ َ‬
‫صة ُ‬ ‫التَقى‬
‫الدْنيا َعلَْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان َو ِذلِِه‬ ‫ت بِألَو ِاء الزم ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َسالَ ُم‬ ‫َفَيا عَّز َة ُّ َ‬ ‫آخر‪ :‬أن ْس ُ َ َ َ‬
‫عنها َسل ُْوة َو َس ُام‬ ‫أَلم يَأ ِْن َ‬ ‫ُعانِي تِْي َه َها َو َدالَلَ َها‬ ‫إِلى كم أ َ‬
‫الب َه ِاء َم َس ُام‬ ‫اج َ‬
‫ضح ْ ِ‬
‫ت َودْيَب ُ‬ ‫َوأَ ْ َ‬ ‫اب ُح ْسنِ َها‬ ‫ِ‬
‫وقَ ْد أَ ْخَل َق األيَّ ُام جلَْب َ‬
‫الش ْع ِر َو ُهَو َثغَ ُام‬ ‫اد ُر َه ُام َّ‬ ‫َو َع َ‬ ‫ب قَ ْد ألَ َّم بَ َم ْف ِر ِقي‬ ‫َعَلى ِحْي ِن َشْي ٍّ‬
‫اج َقَت ُام‬ ‫ان ِ‬
‫المَز ِ‬ ‫وثَار بِمْي َد ِ‬ ‫ت َعَلى‬ ‫ف قَ ْد أَ َغ َار ْ‬ ‫طَالَئِ ُع َ‬
‫ض ْع ٍ‬
‫َ َ َ‬
‫والَ أَنَا ِفي َع ْه ِد المج ِ‬ ‫الج َم ِال ُمِقْي َمةٌ‬ ‫ِ ِ‬
‫ون ُم َد ُام‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫فَال ُقالَوىه َي في ُب ْر ِج َ‬
‫ولم َيْب َق ِف َينا نِ ْسَبةٌ َولَِئ ُام‬ ‫اب َبْينِي َوَبْيَن َها‬ ‫األسَب ُ‬
‫ت ْ‬ ‫َتَقطََّع ْ‬
‫ب َو َسَن ُام‬ ‫ب مْن َها َغا ِر ٌ‬
‫وقَ ْد ج َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫الع ْزِم َعنِّي َكِلْيَل ًة‬ ‫وص َ‬ ‫ت َقلُ ُ‬ ‫اد ْ‬
‫َو َع َ‬
‫ات لَهُ َو ِخَي ُام‬ ‫َو ِّقَوض أَْبَي ٌ‬ ‫ت ِر َكابُهُ‬ ‫ْب ُزَّم ْ‬ ‫ِ‬
‫َكأَنِّي ب َها والَْقل ُ‬
‫وع ُر َه ُام‬ ‫يَ( ُح ُّن ِإلَْي َها َوال ُد ُم ُ‬ ‫ول ُح ُمولُهُ‬ ‫ت ِإلى َدا ِر ال ُخم ِ‬
‫ُ‬ ‫َو ِسْيَق ْ‬
‫إِلَْي ِه َو ِفيها أَنَّةٌ َو ُ‬
‫ضغَ ُام‬ ‫ت‬
‫البُّو فَاْنَثَن ْ‬ ‫ول َغَّر َها َ‬ ‫َحنِْين َع ُج ٍ‬
‫َ‬
‫لِ ُك ِّل َزم ٍ‬ ‫ت لَي ٍال لِلْمسَّر ِ‬
‫ان َغايَةٌ َوتَ َم ُام‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ضْ‬ ‫ات َواْنَق َ‬ ‫ََ‬ ‫َتَولَّ ْ َ‬
‫تَ ُد ْو ُم َولَ ِك ْن َما لَ ُه َّن َد َو ُام‬ ‫ت َولَْيَت َها‬ ‫ت َو َولَّ ْ‬ ‫فَ َس ْر َعا َن َما َمَّر ْ‬
‫اء ِة َع ُام‬ ‫الم َس َ‬
‫َّ ِ‬
‫َوَي ْو ُم َتَولى ب َ‬ ‫اع ًة‬
‫ات َس َ‬ ‫َّت بِالمسَّر ِ‬
‫ور َتَقض ْ َ َ‬ ‫ُد ُه ٌ‬
‫وم ِس َه ُام‬ ‫واله ُم ُ‬
‫ٍ‬
‫ول َحَياة ُ‬ ‫بِطُ ِ‬ ‫ث أ ََم َّدنِي‬‫فَِللَِّه َد ُّر الغَ ِم َحْي ُ‬

‫‪676‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ص ْحبِي ِع ْشَرٌة َونَ َد ُام‬ ‫َولي َم َع َ‬


‫ِ‬ ‫َّحيُ ِر ُم ْفَرداً‬ ‫أ َِسْي ُر بَِتْي َم ِاء‬
‫الت َ‬
‫وب ُكالَ ُم‬ ‫ب َكالَِم ِفي ال ُقلُ ِ‬ ‫َو ُر َّ‬ ‫ت َغْيَر‬ ‫َوكم ِع ْشَر ٍة‬
‫َما أ َْو َرثَ ْ‬
‫ٍ‬
‫ي ِذ َم ُام‬ ‫ات أَ ْن ُيْن َسى لَ َد َّ‬ ‫َو َهْي َه َ‬ ‫وق‬
‫ت الَ أنْ َسى ُح ُق َ‬ ‫فَُعَماْسَرةِع ْش ُ‬
‫اك ِقَي ُام‬ ‫َعَلْي ِه ِفَئ ٌام إِْثَر َذ َ‬ ‫الزم ِ‬ ‫َك ِ ِ ِ‬
‫ت‬‫َج َم َع ْ‬‫ان َوأ ْ‬ ‫اد أَْبَناءُ َّ َ‬ ‫صَنمْياعها ْعَت َ‬
‫َ‬
‫الضالَ ِل ُ‬ ‫ب لِنِْير ِ‬ ‫ِ‬
‫ضَر ُام‬ ‫ان َّ‬ ‫َو ُش َّ َ‬ ‫الم َعا ِرف َو ُ‬
‫اله َدى‬ ‫ت نَ ُار أ ْعالَِم َ‬ ‫َخَب ْ‬
‫السْب َع َو ِهي ِعظَ ُام‬ ‫اب َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُينَاغي القَب َ‬ ‫ص ْرحاً ُم َمَّرداً‬ ‫ِ‬
‫و َكا َن َس ِرْي ُر العل ِْم َ‬
‫اد ُيَر ُام‬ ‫َعزيْزاً َمنِْيعاً الَ يَ َك ُ‬ ‫َمتِْيناً َر ِفيعاً الَ يُطَ ُار غُرابُهُ‬
‫اب يُ َش ُام‬ ‫الس َح ِ‬ ‫َكَب ْر ٍق بَ َدا َبْي َن ِّ‬ ‫اله َدى ِم ْن‬ ‫وح َسنَا َب ْر ِق ُ‬ ‫َيلُ ُ‬
‫وش ِمْنهُ ثُ َّم َد َع ُام‬ ‫ت َعلَي ِه الر ِ‬ ‫ِِ‬
‫ت ُع ُر ٌ‬ ‫فَ َخَّر ْ‬ ‫ات ذُيُولَ َها‬ ‫اسَي ُ‬ ‫ُبفَُرَجْوَّرج ْه ْ َ‬
‫ض ُام‬ ‫ال يُ َ‬ ‫َسْي ٍر الَ َيَز ُ‬ ‫اق أ َ‬ ‫َم َس َ‬ ‫الم َهانَِة ْأهلُهُ‬
‫َوسْي َق إِلى َدا ِر ُ‬
‫ِ‬
‫طََرائِ َق ِمْن َها َجائٌِر َو َقَو ُام‬ ‫الو َرى‬
‫األيَّ ُام َبْي َن َ‬ ‫َك َذا تَ ْج ِر َي‬
‫الح ِديْ ِد ُح َس ُام‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَعَلَماى ُك ُّل َما‬
‫َو َما ُك ُّل أَ ْفَراد َ‬ ‫ْم‬
‫قَ ْد قْي َل عل ٌ‬
‫ص َّحةٌ َو َسَق ُام‬ ‫نَِعْيم وب ْؤس ‪ِ ،‬‬
‫ٌ َُ ٌ‬ ‫ات تَ ْمُّر َعلَى ال َفَتى‬ ‫َولِِح َّ‬
‫لدْكْهَمِرةٌ ثَ َار ٌ‬
‫ب َو َمالَ ُم‬ ‫س َعلَْي َها َم ْعَت ٌ‬ ‫فلَْي َ‬ ‫الدْنَيا فَالَ َي ْعتَِّبْن َها‬ ‫ك ِفي ُّ‬ ‫َو َم ْن يَ ُ‬
‫َو َما َذا الَّ ِذي َتْب ِغْي ِه َف ُهَو ُحطَ ُام‬ ‫اع َها‬ ‫أ َِج َّد َك َما ُّ‬
‫الدْنَيا َو َما َذا َمَت ُ‬
‫َّاس عنهُ نَِي ُام‬ ‫ِ‬
‫ُي َعان ُد ُه َوالن ُ‬ ‫تَ َش َّك َل ِفيها ُك ُّل َش ِيٍء بِ َش ْك ِل َما‬
‫الح َج ِال ِع َم ُام‬ ‫ات ِ‬ ‫س ربَّ ِ‬
‫َعلَى َرْأ ِ َ‬ ‫ص ِفي ِزي ال َك َم ِال‬ ‫النْق َ‬ ‫َتَرى َّ‬
‫اعياً َو َسَو ُام‬ ‫ك ِفيها ر ِ‬ ‫َوالَ تَ ُ‬ ‫فَكَأَدنَّْعَمَاها َوَن ْع َم َاها َهنِْيئاً أل َْهِل َها‬
‫َ‬
‫ص َّدى لِلطََّع ِام طَغَ ُام‬ ‫إِ َذا َما تَ َ‬ ‫الس َّما َط َعلَى‬ ‫اف العرانِين ِ‬
‫َت َع ُ َ َ ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫س ِفيه ُع ْر َوةٌ‬ ‫ِ‬ ‫علَِ‬
‫ص ُام‬
‫َوع َ‬ ‫ل َما لَْي َ‬ ‫اع َمَنالَُها‬ ‫ىََّن َها الَ يُ ْسَتطَ ُ‬ ‫الخىَو أ‬ ‫َ‬
‫ك ِجَز ُام‬ ‫ِمْن َ‬ ‫وقَ ْد جاو َز ِ‬
‫الطْبَيْي ِن‬ ‫َ ََ‬ ‫ْف َح َّج ٍة‬ ‫ت تَ ْس َعى إِْثَر َها أَل ُ‬ ‫ولَْو أَنْ َ‬

‫‪677‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الم‬ ‫بِ ُخَف ْي ُحَنْي ٍن الَ َتَز ُ‬ ‫ت مس ِ‬ ‫ت وقَ ْد َ َّ‬


‫ال تُ ُ‬ ‫ك‬ ‫اعْي َ‬ ‫ضل ْ َ َ‬ ‫َر َج ْع َ‬
‫ت ُه َم ُام‬ ‫ك ُّ‬
‫الدْنَيا َوأَنْ َ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫َو َدانَ ْ‬ ‫ِ‬
‫با إِ َّن َمَقالْي َد ُ‬
‫األمو ِر َملَ ْكَت َها‬ ‫َهُكلَُِّه‬
‫ك ِح َم ُام‬ ‫س بِ َحْت ًم َب ْع َد َذلِ َ‬‫ألَْي َ‬ ‫ات َد ْهراً بِِغْبطٍَة‬ ‫ت باللَّ ْذ ِ‬
‫َو ُمت ِّْع َ‬
‫وس لَِز ُام‬ ‫والنُف ِ‬
‫وبْي َن ال َْمَنايَا ُّ‬ ‫َ‬ ‫ود َتَبايُ ٌن‬ ‫َفبين البرايا وال ُخلُ ِ‬
‫َْ َ َ َ‬
‫عنها َسِي ٌد وغُالَ ُم‬ ‫اد َ‬ ‫وما َح َ‬ ‫َ‬ ‫قاد األنَ ُام لِ ُح ْك ِم َها‬ ‫ضيَّة أنْ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ص ْد ِق َها‬ ‫ول بِ ِ‬ ‫وريَةُ تَِق ْ‬
‫ص ُام‬ ‫َس ْل إِ ْن َكا َن فيها م ْريَةٌ وخ َ‬ ‫الع ُق ُ‬
‫ض ْي ُ‬ ‫ضُر ْ‬ ‫َ‬
‫وق ال ْف ْرقَ َديْ ِن َمَق ُام‬ ‫وق ‪ ،‬فَ َ‬ ‫لَ ُه ْم فَ َ‬ ‫سل األرض عن ح ِال الملُ ِ‬
‫وك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫بِأ ْعَتابِِهم لِلع ِ‬
‫اك ْفيِ َن ِز َح ُام‬‫َ‬
‫تِ‬
‫لواف ْديْ َن َتَرا ُك ُم‬‫اِلَّتِْبوايبِ ْه ِمَخلَ لِ ْ‬
‫س ِفيه َكالَ ُم‬ ‫( ِ‬ ‫وف الَّتِي‬ ‫بك عن أَسرا ِر السي ِ‬
‫َعَلْيه ْم َجواباً لَْي َ‬ ‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫تُ ْج َ‬
‫اش عن َم ْر َمى لَ ُه َّن ِس َه ُام‬ ‫وما طَ َ‬ ‫َ‬ ‫هم نَِبالَُها‬ ‫ص َدتْ ُ‬‫تل َْمَنايَا أَقَ ْ‬ ‫ْنر ْا‬ ‫بِأَجََّ‬
‫َوْأ ْفَقَر ِمْن ُه ْم َمَز ٌل َو َمَق ُام‬ ‫رين إَلى‬ ‫وسِي ُقوا َمس َ ِ‬
‫اق الغَاب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القَي ُام ِقَي ُام‬‫ف َليس لَهم حتَّى ِ‬
‫ْ َ ُْ َ‬ ‫لوا َم َحالً َغْيَر َما َي ْع َه ُد ْونَهُ‬ ‫الرُحَدي‬ ‫َوَ‬
‫الر َغ ِام ُر َغ ُام‬ ‫ِ‬
‫َف ُه ْم َبْي َن أَطَْباق ُ‬ ‫المُن ْو ِن َف َعالَ ُه ْم‬ ‫يب َ‬
‫ِ‬
‫ألَ َّم ب ِه ْم َر ُ‬
‫األش َرار واعتق‬‫األب َرار واص رف عنا شر ْ‬ ‫اللَّ ُه َّم خفف عنا األوزار وارزقنا عيشة ْ‬
‫رقابنا ورق اب آبائنا وأمهاتنا من الن ار يا عزيز يا غف ار يا ك رمي يا س تار ويا‬
‫ص لَّى اهلل‬ ‫حليم يا جبار وا ْغ ِف ر لَنَا ولِوالِ َدينَا وجِل ِمي ِع املس لِ ِم يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫ني َو َ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُ ْ نْي َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ص ْحبِه أَمْج َع َ‬
‫َعلَى حُمَ َّمد َو َعلَى آله َو َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫يِف فضائل االستغفار‬
‫ُك ّل َوقْت ‪ ،‬ويتأكد يِف الزم ان الفاضل ‪،‬‬ ‫يس تحب اإلكث ار من االس تغفار يِف‬
‫ِ‬
‫ال ‪ ﴿ :‬أَفَالَ‬ ‫ين بِ ْ‬
‫األس َحا ِر ﴾ َوقَ َ‬ ‫َوالْ ُم ْس َت ْغف ِر َ‬ ‫وامل َك ا َن الفاضل ‪ ،‬ق ال تع اىل ‪﴿ :‬‬

‫‪678‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال تعاىل ‪َ ﴿ :‬و َما َك ا َن اللّهُ‬
‫يم ﴾ َوقَ َ‬ ‫ور َّرح ٌ‬
‫َواللّهُ َغ ُف ٌ‬ ‫َيتُوبُو َن إِىل اللّه َويَ ْسَت ْغف ُرونَهُ‬
‫ال تعاىل ‪ ،‬خمرباً‬ ‫َوقَ َ‬ ‫ُم َع ِّذ َب ُه ْم َو ُه ْم يَ ْسَت ْغ ِف ُرو َن ﴾‬

‫‪679‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الس َماء َعلَْيكم‬ ‫اس َت ْغ ِف ُروا َربَّكم إِنَّهُ َك ا َن َغفَّاراً * يُْر ِس ِل َّ‬ ‫ت ْ‬ ‫عن ن وح ‪َ ﴿ :‬ف ُق ْل ُ‬
‫َّات َوجَيْ َعل لَّكم أَْن َهاراً ﴾ االية ‪،‬‬ ‫ِّم ْدراراً * ومُيْ ِد ْدكم بِأَمو ٍال وبنِني وجَي عل لَّكم جن ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين إِذَا َف َعلُ واْ فَاح َش ةً أ َْو ظَلَ ُم واْ أَْن ُف َس ُه ْم ذَ َك ُرواْ اللّ هَ‬ ‫َّ‬
‫ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬والذ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ هِبِ‬
‫ال تع اىل ‪َ ﴿ :‬و َمن َي ْع َم ْل‬ ‫وب إال اللّ هُ ﴾ َوقَ َ‬ ‫اس َت ْغ َف ُرواْ ل ُذنُو ْم َو َمن َي ْغف ُر ال ُّذنُ َ‬ ‫فَ ْ‬
‫ُسوءاً أ َْو يَظْلم َن ْف َسهُ مُثَّ يَ ْسَت ْغ ِف ِر اللّهَ جَيِ ِد اللّهَ َغ ُفوراً َّر ِحيماً ﴾ ‪.‬‬
‫وعن ش داد بن أوس – َر ِض َي اهللُ عن هُ – عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال ‪ " :‬س يد االس تغفار‬
‫ت ‪ ،‬خلقتين وأنَا عب دك ‪ ،‬وانَا‬ ‫ت َريِّب ‪ ،‬ال إله إال أَنْ َ‬ ‫ول الْ َعْبد ‪ :‬اللَّ ُه َّم أَنْ َ‬
‫أن َي ُق ُ‬
‫َعلَى عه دك ووع دك ما اس تطعت ‪ ،‬أع وذ بك من شر ما ص نعت ‪ ،‬أب وء لك‬
‫ت "‪.‬‬ ‫الذنُوب إال أَنْ َ‬ ‫بنعمتك َعلَى ‪ ،‬وأبوء بذنيب ‪ ،‬فاغفر يل ‪ ،‬إنه ال يغفر ُّ‬
‫اهلل صلي اهلل‬ ‫ول ِ‬ ‫وعن ابن عمر – ر ِض ي اهلل عنهما – قال ‪ :‬إنَا كنا لنعد لِرس ِ‬
‫َُ‬ ‫َ َ ُ َُ‬
‫ت التواب‬ ‫ول ‪ " :‬رب إغفر يل ‪ ،‬وتب َعلَى ‪ ،‬إنك أَنْ َ‬ ‫َعلَْي ِه وسلم يِف اجمللس َي ُق ُ‬
‫الغفور " مائة مرة ‪.‬‬
‫اهلل ‪ " : ‬طويب‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫اهلل بن بسر – َر ِض َي اهللُ عنهُ – قال ‪ :‬قَ َ‬ ‫وعن عبد ِ‬
‫َْ‬
‫ملن َو َج َد يِف صحيفته ‪ :‬استغفاراً كثرياً " ‪.‬‬
‫اهلل ‪ " : ‬إن اهلل َع َّز‬ ‫ول ِ‬ ‫وعن أَيِب ُهَر ْي َر ِة – َر ِض َي اهللُ عن هُ – ق ال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫ول ‪ :‬يا رب ‪ ،‬أين يل ه ذه ؟‬ ‫َو َج َّل ل ريفع الدرجة للعبد الص احل يِف اجْلَنَّة َفَي ُق ُ‬
‫لك " ‪.‬‬ ‫ول ‪ :‬باستغفار ولدك‬ ‫َفَي ُق ُ‬
‫اهلل ‪ " : ‬من ل زم‬ ‫ول ِ‬ ‫عنه َما – ق ال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫وعن ابن عب اس – َرض َي اهللُ ُ‬
‫االس تغفار جعل اهلل لَ هُ من ُك ّل هم فرج اً ومن ُك ّل ض يق خمرج اً ‪ ،‬ورزقه من‬
‫حيث ال حيتسب " ‪.‬‬

‫‪680‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اهلل ‪ " : ‬إنه ليغ ان َعلَى‬ ‫ول ِ‬ ‫وعن األغر املزين – َر ِض َي اهللُ عن هُ – قَ َال َر ُس ُ‬ ‫َ‬
‫قليب ‪ ،‬وإين ألستغفر اهلل يِف الَْي ْوم مائة مرة " ‪.‬‬
‫ول ِ‬
‫اهلل ‪ ،‬لََق ْد‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ال حذيفة ‪ :‬كنت ذرب اللس ان َعلَى أهلي ‪ ،‬ف ُق ْل ُ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ت من االس تغفار ‪،‬‬ ‫ال النَّيِب ّ ‪ " : ‬ف أين أَنْ َ‬ ‫خشيت أن ي دخلين لس اين الن ار ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫فإين أستغفر اهلل يِف الَْي ْوم مائة مرة " أخرجه النسائي ‪.‬‬
‫ول ‪ " :‬من ق ال ‪ :‬أس تغفر‬ ‫وعن زيد م ويل رس ول اهلل ‪ ، ‬أنه مسَ َع النَّيِب ّ ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫اهلل الَّ ِذي ال إله إال ُه َو احلي القيوم ‪ ،‬وأتوب َعلَْي ِه غفر لَهُ ‪ ،‬وإن َك ا َن قَ ْد َّفر‬
‫من الزحف " رواه أبو داود ‪.‬‬
‫وعن أيب سعيد اخلدري – َر ِض َي اهللُ عنهُ – عن النَّيِب ّ ‪ ‬قال ‪ " :‬من قال حني‬
‫يأوي إيل فراشه ‪ :‬أستغفر اهلل الَّ ِذي ال إله إال ُه َو احلي القيوم ‪ ،‬وأتوب إليه –‬
‫رت لَ هُ ذنوبه ‪ ،‬وإن ك انت ع دد رمل ع اجل ‪ ،‬وأن ك انت‬ ‫ثالث م رات – غف ْ‬
‫عدد أيام ُّ‬
‫الد ْنيَا " رواه الرتمذي ‪.‬‬
‫ول ‪ " :‬قال اهلل تعاىل ‪:‬‬ ‫وعن أنس – َر ِض َي اهللُ عنهُ – مسعت رسول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫يا ابن آدم إنك ما دعوتين ورجوتين غفرت لك َعلَى ما َكا َن منك وال أبايل ‪،‬‬
‫يا ابن آدم ‪ ،‬لَ ْو بلغت ذنوبك عنان السماء مُثَّ استغفرتين غفرت لك وال أبايل‬
‫‪ ،‬يا ابن آدم إنك لَ ْو أتيتين بق راب األرض خطايا مُثَّ لقيتين ال تش رك يب ش يئاً‬
‫أتيتك بقراهِبَا مغف رة " رواه الرتم ذي ‪َ .‬واهللُ أ َْعلم وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله‬
‫وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫‪681‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فصل ‪ :‬وعن أيب س عيد اخلدري – َر ِض َي اهللُ عن هُ – عن النَّيِب ّ ‪ ‬ق ال ‪ " :‬ق ال‬
‫ال‬‫س ‪ :‬وعزتك ال أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم يِف أجسادهم ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫إبلَْي ُ‬
‫‪ :‬وعزيت وجاليل ال أزال أغفر هلُ ْم ما استغفروين " ‪.‬‬
‫وعن الزبري – َر ِض َي اهللُ عنهُ – أن رسول اهلل ‪ ‬قال ‪ " :‬من أحب أن تسره‬
‫صحيفته فليكثر فيها من االستغفار " ‪.‬‬
‫الر ُس ول ‪ ‬ق ال ‪ " :‬إن الْ َعْبد إِ َذا‬ ‫وعن أَيِب ُهَر ْي َر ِة – َر ِض َي اهللُ عن هُ – عن َّ‬
‫أخطأ خطيئة نكتت يِف َق ْلبهُ نكتة ‪ ،‬ف إن ُه َو ن زع واستغفر ص قلت ‪ ،‬فإن عاد‬
‫ك الران الَّ ِذي ذكره اهلل تعاىل ‪َ ﴿ :‬كاَّل بَ ْل َرا َن‬ ‫ِ‬
‫زيد فيها حيت تعلَو َق ْلبهُ ‪ ،‬ف َذل َ‬
‫علَى ُقلُوهِبِم َّما َكانُوا يك ِ‬
‫ْسبُو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وروي عن أنس – َر ِض َي اهللُ عن هُ – أن رس ول اهلل ‪ ‬ق ال ‪ " :‬إن لل ُقلُ وب‬
‫صدأً كصدأ النُّحاس ‪ ،‬وجالؤها االستغفار " ‪.‬‬
‫وروي عن أنس بن مالك – َر ِض ي اهللُ عن هُ – ق ال ‪َ :‬ك ا َن رس ول اهلل ‪ ‬يِف‬
‫َ‬
‫ال أمتوها سبعني مرة فأمتمناها‬ ‫ال ‪ " :‬استغفروا اهلل ‪ ،‬فاستغفرنا ‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫مسرية ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال رسول اهلل ‪ : ‬ما من عبد وال أمة يستغفر اهلل يِف يوم سبعني مرة إال‬ ‫‪َ ،‬ف َق َ‬
‫غفر اهلل لَ هُ س بعمائة ذنب ‪ ،‬وقَ ْد خ اب عبد أو أمة عمل يِف ي وم وليلة أك ثر‬
‫من سبعمائة ذنب " ‪.‬‬
‫اهلل ‪ " : ‬والَّ ِذي نفسي‬ ‫ول ِ‬
‫وعن أَيِب ُهَر ْيَر ِة – َر ِض َي اهللُ عنهُ – قال ‪ :‬قَ َال َر ُس ُ‬
‫بيده لَ ْو مل تذنبوا لذهب اهلل تعاىل بكم‬

‫‪682‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وجلَاءَ بقوم يذنبون فيستغفرون اهلل تعاىل فيغفر هلم" رواه مسلم ‪.‬‬
‫ويِف ح ديث س لمان ‪" :‬فاس تكثروا فِيه من خص لتني ترض ون هبما ربكم وخص لتني‬
‫ال غين لكم عنهما ‪ ،‬فأما اخلصلتان اللتان ترضون هبما ربكم فشهادة أن ال إله‬
‫إال اهلل ‪ ،‬واالس تغفار وأما اليت ال غين لكم عنهما فتس ألونه اجْلَنَّة وتع وذون به‬
‫من النار" ‪.‬‬
‫فه ذه اخلص ال األربع املذكورة يِف احْلَ ِديث ُك ّل منها س بب للمغف رة والعتق من‬
‫الن ار ‪ ،‬فأما كلمة اإلخالص فإهنا هتدم ال ُّذنُوب ومتحوها حمواً ‪ ،‬وال تبقي ذنب اً‬
‫‪ ،‬وال يس بقها عمل ‪ ،‬وهي تع دل عتق الرق اب الَّ ِذي ي وجب العتق من الن ار ‪،‬‬
‫ومن قاهلا خالصاً من َق ْلبهُ حرمه اهلل َعلَى النار ‪.‬‬
‫وأما كلمة االس تغفار فمن أعظم أس باب املغف رة ف إن االس تغفار دع اء ب املغفرة ‪،‬‬
‫ودع اء الص ائم إِذَا اجتمعت لَ هُ الش روط وانتفت املوانع مس تجاب ح ال ص يامه‬
‫ِ‬
‫وعْن َد فطره ‪.‬‬
‫ويِف حديث أَيِب ُهَر ْي َر ِة ‪" :‬ويغفر اهلل إال ملن أيب ‪ ،‬قَالُوا يا أبا هريرة ومن يأيب؟‬
‫قال ‪ :‬يأيب أن يستغفر اهلل" ‪.‬‬
‫عود لسانك االستغفار ‪ ،‬فإن هلل ساعات ال يرد فِيه‬ ‫ال لقمان البنه ‪ :‬يا بين ِّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫سائالً ‪ ،‬وقَ ْد مجَ َع اهلل بني الت َّْو ِحيد واالستغفار ‪ ،‬يِف قوله ‪ْ ﴿ :‬‬
‫فاعلم أنه ال إله‬
‫إال اهلل واستغفر لذنبك ﴾ ‪.‬‬
‫س ق ال ‪ :‬أهلكت النَّاس بال ُّذنُوب وأهلك وين باالس تغفار‬ ‫يِف‬
‫و بعض اآلث ار ‪ :‬أن إبلَْي َ‬
‫وال إله إال اهلل ‪.‬‬

‫‪683‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الص الة واحلج والقيام يِف الليل‬ ‫الص احِلَة ُكلّ َها فيختم به َّ‬
‫واالس تغفار خت ام األعمال َّ‬
‫وخيتم به اجملالس ‪ ،‬فإن كانت ذكراً َك ا َن كالطابع َعلَْي َها وإن كانت لغواً َك ا َن‬
‫ك ينبغي أن خيتتم صيام رمضان باالستغفار يرقَ ُع ما خترق من‬ ‫ِ‬
‫كفارة هلا ‪ ،‬ف َك َذل َ‬
‫الصيام باللغو والرفث "وجيتهد يِف اإلكثار من األعمال والتقلل من شواغل ُّ‬
‫الد ْنيَا‬
‫واإلقبال َعلَى اآلخرة ما دام يِف قيد احلياة" ‪.‬‬
‫تضرع إيل رب العزة واجلالل ‪:‬‬
‫صْيب ِ‬
‫ات‬ ‫وِمن َخطٍَإ تَ َخطَّا بِ ِ‬ ‫اهلل َع َما َكا َن ِم ْن َزلَ ٍل‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫اسَت ْغف ُر َ‬ ‫ْ‬
‫ات‬‫َحوالِي ونِيَّ ِ‬ ‫َف ْهو َ ِ ِ‬ ‫الر ْح َم ِن ُمْنَت ِج ِعي‬
‫س إال إِلى َّ‬
‫العلْي ُم بأ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ولَْي َ‬
‫اضي لِحاج ِ‬ ‫ف الغَ ِم الَْق ِ‬ ‫ال َك ِ‬ ‫ْجأ َم ْن َيلْو ُذ بِِه‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫اش ُ‬ ‫الر ْحيِ ُم َو َمل َ‬
‫َو ْهَو َّ‬
‫اع ِذي ْامتِحانَ ِ‬
‫ات‬ ‫َو ُمْن ِشداً ِقْي َل َد ٍ‬ ‫اجياً َفَرجاً‬ ‫ت ِحبالِي ر ِ‬
‫َ‬ ‫َوقَ ْد َم َد ْد ُ َ َ‬
‫اهلل مرتَ ِجياً َت ْف ِريْج أَ ْزم ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫بِ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ْت ُم ْشَت ِكياً َما قَ َ‬
‫ال ُمْبَت ِهالً‬ ‫َف ُقل ُ‬
‫يك َر ْغَباتِي‬ ‫الكْب ِريْ ِاء َو َحَّقق ِف َ‬
‫َذا ِ‬ ‫ك يَا‬ ‫أوصالِي بِ َحْبِل َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫فَصل حَبالي َو َ‬
‫ب السم ِ‬ ‫الم ْس ِكْي ُن ُذو َش َج ِن‬ ‫الذلِْيل أَنَا ِ‬
‫وات‬ ‫أنَا ال َف ْقِيُُر ِإلى َر ِّ َ َ‬ ‫ُ‬
‫أنَا َّ‬
‫ف عن‬ ‫ك َوا ْع ُ‬ ‫ضِل َ‬‫ُج ْد لِي بَِف ْ‬ ‫اج يَا أ ََمِلي‬ ‫ِ‬
‫أنَا ال َكسْي ُر أَنَا ُ‬
‫الم ْحَت ُ‬
‫اتحْي ُد فَ ُكن لِي ِفي مِل َّم ِ‬ ‫أنَخا ِطْيَئالوِِ‬
‫ات‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َوطَ ٌن‬ ‫ب فَالَ أ َْه ٌل َوالَ‬ ‫أنَا الغَ ِريْ ُ‬
‫ك يا سْي ِدي ِفي ُك ِّل ح ِ‬ ‫ُم ْفَتِقراً‬ ‫العَبْي ُد الَّ ِذي َما ِزل ُ‬
‫االت‬ ‫َ‬ ‫ِإلَْي َ َ َ‬ ‫ْت‬ ‫أنَا ُ‬
‫س لِي َد ْف َع‬ ‫النْف ِ‬
‫َوالَ عن َّ‬ ‫َمْنَف َع ٍة‬
‫ْب‬ ‫الَ أ ِ ِ ِ‬
‫َسَتطْي ُع لَن ْفسي َجل َ‬ ‫ْ‬
‫ْب ُقرآنِي وآي ِ‬
‫ات‬‫َ َ‬ ‫اتي الَْقل ِ ْ‬ ‫اك ِِف‬
‫ضَّر‬
‫المكَرَ‬
‫ذَ َْ‬ ‫اك َوالَ لِي َ‬
‫عنك‬ ‫َما لِي ِسَو َ‬
‫ت العلْْيم بِأَسرا ِر ال َخِف ِ‬
‫يات‬ ‫أَنْ َ َ ُ ْ َ‬ ‫صِل َ‬
‫ك‬ ‫فَقدْي ُر َعَلى َجْبري بَِو ْ‬
‫صَر الٌ ِ‬ ‫أَُمنْن ََ‬
‫ت‬
‫يا جابِ ِري يا م ِغيثِي ِفي م ِهم ِ‬
‫ات‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫وك يَا َسيِّدي يَا ُم ْشَت َكى‬ ‫لأَِ ْديُع َ‬
‫احم ال َخل ِْق يا با ِري البري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬‫ََْ‬ ‫َ َ‬ ‫يَا َر َ‬ ‫فََاحنَْزنظُْري إِلى غُْربَتِي َو ْار َح ْم َ‬
‫ضنَا‬
‫وجقَد ِ‬
‫اص ِري فَ ْ‬
‫اس َم ْع‬ ‫َج َدى لَ َدى نَ ِ‬ ‫أْ‬ ‫ْت‬
‫ت فَلم يُ ْس َم ْع و ُقل ُ‬ ‫سد ُديِهْي ُ‬ ‫ََ َْ‬
‫ِش َكاي ِ‬
‫ات‬ ‫فَ َما‬
‫َ‬

‫‪684‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ك إِر َادتِي و َغاي ِ‬


‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫تَ ْخَفى َعَلْي َ َ‬ ‫الم ْسَت َعا ُن َوالَ‬ ‫ت ُ‬ ‫ث وأَنْ َ‬ ‫الم ِغْي ُ‬
‫ت ُ‬ ‫أَنْ َ‬
‫واعظْم لَو َع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ضنِي‬
‫ات‬ ‫أ َْو َغ ُار َق ْوم َبغُْوا ُ َ ً‬ ‫ضنِي بَ ْل َها َ‬ ‫اص ِري َغا َ‬ ‫ونَ ِ‬
‫َ‬
‫ت ال َق ْدْير لَِق ْه ِر الظَالِ ِم الع ِ‬
‫ات‬ ‫أَنْ َ‬ ‫ت‬ ‫يَاو َشَفقَا ِادراً قَ ِاهراً من َكا َن َذا َعَن ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫األع ِادي ِمن مصر ِ‬
‫ات‬ ‫َو َما أ ََر َاد َ‬ ‫ب فَا ْغِف ْر لِ َم ْن لم يَ ْد ِر َما‬ ‫يَا َر ِّ‬
‫ْ َ ّ‬
‫ودي ونِي ِ‬
‫ات‬ ‫ََ‬
‫تَ ْد ِري وَت ْعَلم م ْقص ِ‬
‫َ ُ َ ُ‬ ‫توا يَا َسِي ْدي يَا َمْنَت َهى ْأ َمِلي‬ ‫ص َُد‬‫قَوأَنْ‬
‫ت‬‫احي لِزالَ ِ‬ ‫اج ُد الغَ ِافر الم ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫آلمِل ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫والراح ُم ال َكاف ُل ال َكافي َ‬
‫وب فَِإنّي ذُو ال َخِلْي ِ‬
‫ات‬ ‫الذنُ ِ‬ ‫ِم َن ُّ‬ ‫ت‬‫ت َو َما قَ ْد ُكْن َ‬ ‫َو َما اقَْتَر ْح ُ‬
‫ض ُل َم ْحضاً ِفي‬ ‫يَا َم ْن لَهُ ال َف ْ‬ ‫ت‬‫ك لِي َما ُكْن َ‬ ‫ضِل َ‬ ‫سِر ْح‬
‫طاً بَِف ْ‬ ‫َُموابْجَتُ‬
‫ات واألمر ثُ َّم ال َكائِ ُن اآلتِي‬ ‫البَّ ِ‬
‫والريَخل ُ‬
‫ْق‬ ‫َج َم ُعهُ‬
‫ود أ ْ‬ ‫وج ُ‬‫الم ُ‬
‫الج ْو ُد َو َ‬‫آمملَْهُن لَهُ ُ‬ ‫َوَ‬
‫الَ ِط ْفهُ وارحمهُ واحُف ْ ِ‬
‫العنَاي ِ‬ ‫الم ْرتَ ِجي َفَرجاً‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ف بِ َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ‬ ‫الم ْشَتكي َو ُ‬ ‫َو َعْب ُد َك ُ‬
‫ان أيْ َك ِ‬
‫ات‬ ‫غَنَى الحمام َعلَى أَ ْفنَ ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫ب النَ ِسْي ُم‬ ‫ب َما َه َّ‬ ‫ص ْل يَا َر ِّ‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫أص َح ِ‬ ‫والص ْح ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫ب ْ‬ ‫َ‬ ‫اآلل‬ ‫َ‬ ‫صطََفى َشَرفاً‬ ‫ََوعلَماى النَّب ّي األمْي ِن ُ‬
‫الم ْ‬
‫قاضي احلاجات يا خالق األرض والسموات أَنْ َ‬
‫ت اهلل‬ ‫ات‬‫الدعواتْكروياام ِ‬
‫سام َع األصوات ويا باعث األموات ويا جميب ال‬
‫اللَّ ُه َّم يا َعامل اخلفيات ويا َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫راد أل َْم ر َك وال معقب‬‫األحد الص مد الذي مل يلد ومل يولد ومل يكن لَ هُ كف واً أحد الوه اب الذي ال يبخل واحلليم الذي ال يعجل ال َّ‬
‫ت حمبتك يِف قلوبنا وتسكننا دار كرامتك إنك َعلَى ُكل َش ْيء قدير وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬
‫حلكمك نسألك أن تغفر ذنوبنا وتنور قلوبنا وتثَبِّ ْ‬
‫وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫فَأ َْولَ َد َها غُالَماً َم َع غُالََم ْة‬ ‫البطَالَةُ بِالتََّوانِ ْي‬ ‫ِ‬
‫ِشْعراً‪َ :‬تَز َّو َجت َ‬
‫َوأ ََما البِْن ُ‬
‫ت َس َّم ْو َها نَ َد َام ْة‬ ‫فَأََّما االبْ ُن فَ َس َّم ْو ُه بَِف ْق ِر‬
‫حث َعلَى املبادرة إيل األعمال الصالحة‬
‫فَِإ َّن لِ ُك ِّل َخ ِافَق ٍة ُس ُكو ُن‬ ‫فَا ْغَتنِ ْم َها‬ ‫ك‬ ‫ت ِريَ ُ‬
‫اح َ‬ ‫ِإ َذا َهبَّ ْ‬
‫صْي ُل لِ َم ْن يَ ُكو ُن‬
‫فَما تَ ْد ِري ال َف ِ‬
‫َ‬ ‫احَتِلْب َها‬
‫فَ ْ‬ ‫ت نَِياقُ َ‬
‫ك‬ ‫َوإِ ْن َد َّر ْ‬

‫‪685‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يم‬ ‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫بس ِم ِ‬


‫الرح ْ‬ ‫اهلل َّ ْ‬ ‫ْ‬
‫( خاتمة ‪ ،‬وصية ‪ ،‬نصيحة )‬
‫اك َومَجِ يع امل ْس لِ ِمنْي َ ملا حيبه اهلل ويرض اه أن مِم َّا جيب االعتن اء‬
‫ْاعلم وفقنا اهلل َوإِيَّ َ‬
‫ُ‬
‫به حفظاً وعمالً كالم اهلل َج َّل َو َعال وكالم رسوله ‪. ‬‬
‫وأنه ينبغي ملن وفقه اهلل تع اىل أن حيث أوالده َعلَى حفظ الق رآن وما تيسر من‬
‫أحاديث النَّيِب ّ ‪ ‬املتفق َعلَى صحتها عنهُ كالبخاري ومسلم ‪.‬‬
‫ومن الفقه خمتصر املقنع ليتيسر لَهُ استخراج املسائل وجيعل ألوالده ما حيثهم َعلَى‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫فمثالً جيعل ملن حيفظ الق رآن َعلَى ص دره حفظ اً ص حيحاً عش رة آالف أو أزيد‬
‫أو أقل حسب حاله يِف الغين ‪.‬‬
‫ومن األحاديث عقود اللؤلؤ واملرجان فيما اتفق َعلَْي ِه اإلمامان البخاري ومسلم ‪،‬‬
‫ك ستة آالف (‪. )6000‬‬ ‫ِ‬
‫جيعل ملن حيفظ َذل َ‬
‫ف إن عج زوا عن حفظها فالعم دة يِف احْلَ ِديث جيعل ملن حفظها ثالثة آالف (‬
‫‪ )3000‬أو األربعني النووية وجيعل ملن حفظها ألفاً (‪. )1000‬‬
‫وجيعل ملن حيفظ خمتصر املقنع يِف الفقه ألفني (‪ )2000‬من الري االت ف الغيب‬
‫ك وما أشكل معناه‬ ‫ِ‬
‫سبب حلفظ املسائل وسبب لسرعة استخراج ما أريد من ذَل َ‬
‫أو ي دخلهم يِف م دارس حتفيظ الق رآن والس نة ِه َي م دارس التعليم الع ايل املمت از‬
‫الب اقي الن افع يِف ال ُّد ْنيَا واآلخ رة أو ي دخلهم يِف حلق ات حتفيظ الق رآن الك رمي‬
‫املوجودة يِف املساجد ‪.‬‬
‫ك َك ا َن س بباً حلص ول األجر من اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك وعمل أوالده ب َذل َ‬ ‫فمن وفقه اهلل ل َذل َ‬
‫ِ‬
‫ك منه ولعله أن يكون سبباً مبارك اً‬ ‫وسبباً لربهم به ودعائهم لَ هُ إِ َذا ذكروا َذل َ‬

‫‪686‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫األجر لَ هُ وهلم نس أل اهلل أن يوفق اجلَ ِمي َع‬


‫يعمل به أوالده َم َع أوالدهم فيزيد َ‬
‫حلسن الن ِ‬
‫ِّية أنه القادر َعلَى ذلك ‪.‬‬

‫‪687‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫رع ي ْؤ َخ ُذ عن ثَِق ِ‬
‫ات‬ ‫َك ِعل ِْم َّ‬
‫الش ِ ُ‬ ‫ولم أ ََرى لِْل َخالئِ ِق ِم ْن ُمر ٍ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ات‬‫الر ِاقي ِ‬ ‫ِ‬ ‫األوالِي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وم َّ َ‬ ‫العلُ َ‬
‫ل َم ْن َي ْهَوى ُ‬ ‫بَبْيت اهلل َم ْد َر َسة َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫يحة مرت ان ‪ :‬ف األويل ف رض وديانة ‪َ ،‬والثَّانِيَة تنبيه وت ذكري ‪ ،‬وأما الثالثة‬ ‫ِ‬
‫النَّص َ‬
‫ك ض رر ‪ ،‬والنصح س راً ال جه راً‬ ‫فت وبيخ وتقريع إن أمكن ومل حيصل َعلَْي َ‬
‫وبتعريض ال تصريح إال أن ال يفهم املنصوح تعريضك فالبد من التصريح ‪ ،‬وال‬
‫ت خمطئ ‪.‬‬ ‫تنصح َعلَى شرط القبول منك فإن تعديت فأَنْ َ‬
‫من أردت قضاء حاجته بعد أن سألك إياها أو أردت ابتداءه بقضائها فال تعمل‬
‫ت وإال فأمسك ف إن تع ديت َه َذا كنت مس يئاً‬ ‫إال ما يري ده ُه َو ال ما تري ده أَنْ َ‬
‫ال حمسناً ‪.‬‬
‫س فيك َّ‬
‫ألن نقصك ينبه النَّاس‬ ‫ال تنقل إيل ِ‬
‫يقك ما ي ؤمل َن ْف َس هُ وال ينتفع مبعرفته وال تكتمه ما يستضر جبهله وال يس رك أن متدح مبا لَْي َ‬
‫صد َ‬ ‫َ‬
‫ك وقدمياً قيل ‪:‬‬ ‫علَي ِه بل الَّ ِذي ينبغي لك غمك ب َذلِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ب َتْب ِكْي ٌ‬
‫ت وتَ ْخ ِجْي ٌل‬ ‫ْح ِر ِذي اللُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص بِاألخالق‬ ‫ك َّ‬
‫لل ُ‬ ‫الش ْخ َ‬ ‫َو َم ْد ُح َ‬
‫دم َهايع وأض عف من َع امل ت رك النَّاس علمه لفس اد طريقته ‪ ،‬وما َش يء‬
‫ما َش يء َي ْعأضُ‬
‫أضيع وأضعف من جاهل أخذ النَّاس جبهله لنظرهم إيل عبادته ‪.‬‬
‫ال لَ هُ ائتين مبن يعرفك فأت اه برجل ف أثين‬
‫وروي أن عمر أيت بش اهد عن ده َف َق َ‬
‫ت جاره األدين الَّ ِذي يعرف مدخله وخمرجه ‪.‬‬ ‫َعلَْي ِه خرياً ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال لَهُ عمر أَنْ َ‬
‫قال ال قال فكنت رفيقه يِف السفر الَّ ِذي يستدل به َعلَى مكارم األخالق ‪ ،‬قال‬
‫ال قال فعاملته بالدرهم والدينار ‪ ،‬قال ال ‪.‬‬
‫ق ال أظنك رأيته قائم اً يِف املس جد يهمهم ب القرآن خيفض رأسه ط وراً ويرفعه‬
‫أخري ‪.‬‬
‫قال نعم قال اذهب فلست تعرفه مُثَّ قال للرجل اذهب فأتين مبن يعرفك ‪.‬‬

‫‪688‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫عالم ات االس تدراج العمي عن العي وب وص رف نعم اهلل يِف معاص يه وخَرْي ال رزق‬ ‫من َ‬
‫ما س لَم من الإمث يِف االكتس اب والغش يِف الص ناعة والس المة من أمثان احملرك ات‬
‫كاملسكرات والدخان والتليفزيون والفيديو والكورة الورق اليت يستعملها سخفاء العق ول‬
‫والبعي دون َع ِن ال دين ‪ ،‬أراح اهلل امل ْس لِ ِمنْي َ منها َو ِمْن ُه ْم َومَجِ يع آالت املعاصي واملالهي‬
‫ُ‬
‫والسالمة من الربا جبَ ِميع أنواعه ‪.‬‬
‫من ش غله طلب ال ُّد ْنيَا َع ِن اآلخ رة ذل ‪ ،‬إما يِف ال ُّد ْنيَا وإما يِف اآلخ رة ‪ ،‬ومن‬
‫السلَف عرف تقصريه وختلفه عن درجات الرجال ‪.‬‬ ‫نظر يِف سري َّ‬
‫لإلنس ان املف رط موقف ان ين دم اإلنس ان فيهما َعلَى ض ياع ال َوقْت ندامة عظيمة‬
‫حيث ال ينفع الندم ‪ ،‬وال يفيد التأسف واحلزن ‪.‬‬
‫الد ْنيَا ويستقبل اآلخ رة ويتمين لَ ْو‬ ‫األول ‪ :‬ساعة االحتضار حني يس تدبر اإلنسان ُّ‬
‫أمهل برهة من الزمن ليتاليِف ويصلح ما أفسد وهيهات ‪.‬‬
‫ِ ِ‬
‫ول‬
‫ت َفَي ُق َ‬ ‫قال تعاىل ﴿ َوأَنف ُق وا من َّما َر َز ْقنَ ا ُكم ِّمن َقْب ِل أَن يَ أْيِت َ أ َ‬
‫َح َد ُك ُم الْ َم ْو ُ‬
‫َّق وأَ ُكن ِّمن َّ حِلِ‬ ‫َج ٍل قَ ِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ ‪.‬‬ ‫الصا َ‬ ‫َ‬ ‫َصد َ َ‬ ‫يب فَأ َّ‬ ‫َخ ْرتَيِن إىَل أ َ‬
‫ب لَ ْواَل أ َّ‬ ‫َر ِّ‬
‫واجلواب َعلَى الس ؤال الَّ ِذي قَ ْد ف ات أوانه ﴿ َولَن يُ َؤ ِّخَر اللَّهُ َن ْفس اً إِ َذا َج اء‬
‫َجلُ َها َواللَّهُ َخبِريٌ مِب َا َت ْع َملُو َن ﴾ ‪.‬‬ ‫أَ‬
‫املوقف الثاين ‪ :‬يِف اآلخرة قال تعاىل ﴿ ولَو َت رى إِ ِذ الْمج ِرم و َن نَاكِس و ر ُؤ ِ‬
‫وس ِه ْم‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َْ َ‬
‫صاحِل اً إِنَّا ُموقِنُو َن ﴾ ‪ .‬اآليات ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْرنَا َومَس ْعنَا فَ ْارج ْعنَا َن ْع َم ْل َ‬
‫ِع َ ِ‬
‫ند َرهِّب ْم َربَّنَا أَبْ َ‬
‫يد * َوقَ ْد َك َف ُروا بِ ِه‬ ‫ان بعِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ال تعاىل ﴿ وقَالُوا آمنَّا بِِه وأَىَّن هَل م التَّنَاو ِ‬
‫ش من َم َك َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫يد * َو ِحي َل َبْيَن ُه ْم َو َبنْي َ َما يَ ْش َت ُهو َن ﴾‬ ‫ان بعِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِمن َقب ل وي ْق ِذفُو َن بِ الْغَي ِ ِ‬
‫ب من َّم َك َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ ََ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫ب‬ ‫ى إِ ْذ ُوق ُف واْ َعلَى النَّا ِر َف َق الُواْ يَا لَْيَتنَا نُ َر ُّد َوالَ نُ َك ِّذ َ‬ ‫ال تع اىل ﴿ َولَ ْو َت َر َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ﴾ اآليات ‪.‬‬ ‫بِآيَات َربِّنَا َونَ ُكو َن م َن الْ ُم ْؤمن َ‬
‫َّذ ُير ﴾ ‪.‬‬ ‫ال تعاىل ﴿ أَومَل نُع ِّمر ُكم َّما يت َذ َّكر فِ ِيه من تَ َذ َّكر وجاء ُكم الن ِ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ ْ َ ْ‬

‫‪689‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫قال بعض العلماء ‪ :‬أفضل البُ َكاء بُ َكاء الْ َعْبد َعلَى ما سلف من ذنوبه‬

‫‪690‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ال إمنا خياف امل ْؤ ِمن‬ ‫وعلَى ما ف ات من أوقاته يِف َغرْي طاعة اهلل َج َّل َو َعال َوقَ َ‬ ‫ومعاص يه َ‬
‫ُ‬
‫الص احِلَة من ذكر اهلل وما وااله ِم ْن‬ ‫املوت خلوفه من ال ُّذنُوب واالنقط اع َعن األعم ال َّ‬
‫مَجِ ي ِع أفعال الطاعات والقربات وإال فأحب َش يء إليه لقاء ربه َج َّل َو َعال الواجب َعلَى‬
‫اإلنس ان العاقل أن حيافظ َعلَى وقته أك ثر من حمافظته َعلَى ماله وأن حيرص َعلَى‬
‫االستفادة منه فيما ينفعه ويقربه إيل اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫ول‬
‫ك َي ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫َّه ْم يعرفون قيمتها ول َذل َ‬ ‫السلَف أحرص ما يكونون َعلَى أوقاهتم ألن ُ‬ ‫ولََق ْد َكا َن َّ‬
‫منكم حرص اً َعلَى درامهكم‬ ‫ْ‬ ‫احلسن البص ري ‪ :‬أدركت أقوام اً َك انُوا َعلَى أوق اهتم أشد‬
‫ودنانريكم ‪.‬‬
‫ت أيام جمموعة ُكلَّما ذهب يوم ذهب بعضك ‪.‬‬ ‫َوقَ َال يا ابن آدم إمنا أَنْ َ‬
‫الوقْت إِ َذا فات ال يستدرك وال َشيء أعز منه ‪.‬‬ ‫َوقَ َال آخر ‪َ :‬‬
‫مير زمن ولَ ْو يسرياً دون أن يتزود فِيه بعمل صاحل‬ ‫و َك انُوا حيرصون ُك ّل احلرص إال َّ‬
‫أو علم نافع أو جماهدة للنفس أو إيصال نفع إيل قريب أو بعيد ‪.‬‬
‫َوقَ َال ابن مسعود َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ :‬ما ندمت َعلَى َش يء ندمي َعلَى يوم غربت مشسه‬
‫نقص فِيه أجلي ومل يزدد فِيه عملي ‪.‬‬
‫ال آخر ‪ُ :‬ك ّل ي وم مير يب ال أزداد فِيه ِعلم اً يقربين من اهلل َع َّز َو َج َّل فال ب ورك يِف طل وع‬‫َوقَ َ‬
‫ك إليوم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مشس َذل َ‬
‫ولم أستفد ِعلماً فما ذاك من‬ ‫إِ َذا مر بي يوم ولم أقتبس‬
‫هدي اآلن فس يأيت َعلَْي ِه ي وم يع رف فِيه قيمة ال َوقْت ولكن بعد ف‬
‫عمريوات األوان ويتمين أنه ش غل وقته املاضي بالباقي ات‬ ‫من جهل قيمة ال َوقْت‬
‫ك مِم َّا جيده م وفراً‬ ‫ِ‬
‫الص احلات من تس بيح وحتميد وهتليل وتكبري وق راءة لكت اب اهلل وص الة وص يام وزك اة وحج وبر وص لة رحم وحنو ذَل َ‬
‫أحوج ما يكون إليه ‪.‬‬
‫ندمت َعلَى التفريط ِفي زمن‬ ‫إِ َذا أَنْ َ‬
‫ت لم تزرع وأبصرت‬
‫الس لَف البذر‬
‫وكالمهم وم واعظهم أنفع من كالمنا‬ ‫قيل ألحدزارعاً‬
‫العلم اء ‪ :‬ما ب ال كتب َّ‬
‫وكتبنا ومواعظنا ‪ ،‬ق ال ‪ :‬ألن َُّه ْم يتكلم ون لعز اإلس الم ونفع امل ْس لِ ِمنْي َ ورضا‬
‫ُ‬
‫الرمحن وإَِزالَة ما يضر اإلسالم وامل ْسلِ ِمنْي َ ‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪691‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وحَنْ ُن نتكلم لعز النفس وطلب ال ُّد ْنيَا وقب ول اخللق والش هرة والظه ور والتص نع‬
‫والرياء وطلب املدح والثناء ‪.‬‬
‫ولتخف‬
‫ْ‬ ‫قال أبو بكر الصديق َر ِض َي اهللُ عنهُ ‪ :‬اتق اهلل بطاعته وأطلع اهلل بتقواه‬
‫ي داك من دم اء امل ْس لِ ِمنْي َ وبطنك من أم واهلم ولس انك من أعراض هم وحاسب‬
‫ُ‬
‫نفسك يِف ُك ّل خطوة وراقب اهلل يِف ُك ّل نفس ‪َ .‬واهللُ أ َْعلم ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال ابن القيم ‪:‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ص َارت عزمية ومهة فإن مل‬ ‫ص َارت شهوة فإن مل تفعل َ‬ ‫دافع اخلطرة فإن مل تفعل َ‬
‫ك االنتق ال‬‫ص َارت فعالً ف إن مل تداركه بص ده ص ار ع ادة فيص عب َعلَْي َ‬ ‫ت دافعها َ‬
‫عنها ‪.‬‬
‫واعلم أن ُك ّل علم اختي اري ُه َو اخلواطر واألفك ار فإهنا ت وجب التص ورات‬ ‫ْ‬
‫والتص ورات ت دعو إيل اإلرادات واإلرادات تقتضي وق وع الْ ِف ْعل وك ثرة تك راره‬
‫تعطي العادة ‪.‬‬
‫فصالح هذه املراتب بصالح اخلواطر واألفكار وفسادها بفسادها وصالح اخلواطر‬
‫ب أن تَ ُك ون ُمَرا َقبَة لوليها وإالهها ص اعدة إليه دائ رة َعلَى مرض اته وحمابه فإنه‬
‫ُس ْب َحانَهُ به ُك ّل ص الح ومن عن ده ُك ّل ه دي ومن توفيقه ُك ّل رشد ومن توليه‬
‫لعبده ُك ّل حفظ ومن تويل الْ َعْبد عْنه وإعراضه عنهُ ُك ّل ضالل وشقاء ‪.‬‬
‫واعلم أن اخلط رات والوس اوس ت ؤدي متعلقاهتا إيل الفكر فيأخ ذها الفكر فيؤديها‬ ‫ْ‬
‫إيل الت ذكر فيأخ ذها الت ذكر فيؤديها إيل اإلرادة فتأخ ذها اإلرادة فتؤديها إيل‬
‫اجلوارح والْ َع َمل فتس تحكم فتصري ع ادة فردها من مبادئها أس هل من قطعها بعد‬
‫قوهتا ومتامها ‪.‬‬

‫‪692‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وال القوة َعلَى قطعها فإهنا هتجم َعلَْي ِه‬ ‫ومعلوم أن اإلنسان مل يعط إماتة اخلواطر‬
‫تعينه َعلَى قب ول أحس نها ورض اه به‬ ‫هج وم النفس إال أن ق وة اإلميان والعقل‬
‫ونفرته منه ‪.‬‬ ‫وعلَى دفع أقبحها وكراهته لَهُ‬
‫وساكنته لَهُ َ‬

‫‪693‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وقَ ْد خلق اهلل النفس شبيهة بالرحي الدائرة اليت ال تسكن والبد هلا من َش ْيء تطحنه‬
‫ف إن وضع فيها حب طحنته وإن وضع فيها ت راب أو حصي طحنته ف اخلواطر‬
‫واألفك ار اليت جتول يِف النفس ِه َي مبنزلة احلب الَّ ِذي يوضع يِف ال رحي وال تبقي تلك‬
‫الرحي معطلة قط بل البد هلا من َش ْيء يوضع فيها ‪.‬‬
‫وغ ريه وأك ثرهم‬ ‫فمن النَّاس من تطحن رح اه حب اً خيرج دقيق اً ينفع به َن ْف َس هُ‬
‫ك ف ِإ َذا َج اءَ َوقْت العجن‬ ‫ِ‬
‫واخلبز ت بني لَ هُ‬ ‫يطحن رمالً وحصي وتبن اً وحنو َذل َ‬
‫كالزن اة واللوطية‬ ‫هم من يطحن برح اه جناس ات‬ ‫ِ‬
‫وب ْعض ْ‬
‫ت َ‬ ‫َحقي َقة طحينه أ هـ ُق ْل ُ‬
‫واللصوص وأ َْهل املالهي َومَجِ يع الفسقة ‪.‬‬
‫ال ابن مس عود َر ِض َي اهللُ عن هُ ارض مبا قسم اهلل لك تكن من أغين النَّاس‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك تكن‬ ‫ك تكن من أورع النَّاس وأد ما افرتض اهلل َعلَْي َ‬ ‫واجتنب ما حرم اهلل َعلَْي َ‬
‫من أعبد الناس ‪.‬‬
‫ال ابن القيم َرمِح َ هُ اهللُ ‪ :‬هلل ُس ْب َحانَهُ َعلَى ُك ّل أحد عبودية حبسب مرتبته‬ ‫َوقَ َ‬
‫سوي العبودية العامة اليت سوي بني عباده فيها ‪.‬‬
‫س‬ ‫َّ ِ‬
‫الع امل من عبودية نشر الس نة والعلم الذي بعث اهلل به رس وله ‪ ‬ما لَْي َ‬ ‫فعلَى َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫س َعلَى غريه ‪.‬‬ ‫ك ما لَْي َ‬ ‫وعلَْي ِه عبودية الصرب َعلَى َذل َ‬ ‫َعلَى اجلاهل َ‬
‫وعلَى احلاكم من عبودية إقامة احلق وتنفيذه وإلزامه من ُه َو َعلَْي ِه به والصرب َعلَى‬ ‫َ‬
‫وعلَى الغين من عبودية أداء احلق وق اليت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َعلَى املفيت َ‬ ‫ك واجله اد َعلَْي ه ما لَْي َ‬ ‫َذل َ‬
‫س َعلَى الفقري ‪.‬‬ ‫يِف‬
‫ماله ما لَْي َ‬
‫س َعلَى‬ ‫ِ‬
‫وعلَى الق ادر َعلَى األمر ب املعروف والنهي عن الْ ُمْن َكر بي ده ول َس انه ما لَْي َ‬ ‫َ‬
‫العاجز عنهما ‪.‬‬
‫س كث رياً من اخللق ب أن زين هلُ ْم االقتص ار َعلَى القي ام بن وع من‬ ‫وقَ ْد غر إبلَْي ُ‬
‫الد ْنيَا واالنقطاع عن االختالط بِالن ِ‬
‫َّاس‬ ‫والص الة والصيام والزهد يِف ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الذكر والقراءة‬
‫وعطلوا القيام بالعبوديات املتعدي نفعها املتقدم ذكرها ‪.‬‬

‫‪694‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وإِ َذا ُق ْل ُ‬
‫ت ألحدهم كيف حالك قال خبَرْي وسرور وأي خَرْي وسرور فيمن‬

‫‪695‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ي ري حمارم اهلل تنتهك وح دوده تض اع واملنك رات واملالهي يِف ال بيوت واألس واق َو ُه َو ب ارد الْ َقْلب م داهن س اكت ال يش عر هبَ َذا النقص‬
‫الد ْنيَا يشتغل َقْلبهُ ولِ َسانه وجسده وهلل در القائل ‪:‬‬ ‫الع ِظيم ِ‬
‫وعْن َد نقوص ُّ‬ ‫َ‬
‫ف َيْنَتثِ ُر‬ ‫َّاس ُّ‬
‫َو ُك َّل َج ْم ِع َعلَْي َها َس ْو َ‬
‫والدْنَيا ُمَولَّيةٌ‬ ‫ِ‬
‫َما لي أ ََرى الن َ‬
‫اه ُم َش ِع ُر ْوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ُدْنَي ُ‬ ‫صْ‬
‫ص ْوا‬ ‫َي ْو َماً َوإِ ْن نُق َ‬
‫الَ يَ ْش ُع ُرو َن إِ َذا َما دْيَن ُه ْم نُق ُ‬
‫س تُس ِدي وُتل ِ‬ ‫ِ‬
‫وعْن َد ُمَر ِاد َّ‬
‫اهلل َت ْفَنى َكمْي ٍ‬ ‫وعْن َد مر ِاد ِ‬ ‫آخر‪ِ :‬‬
‫ْح ُم‬ ‫النْف ِ ْ ْ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫س يَ ْش ْف ُق ِم ْن ِديْ ٍن يُ ْ‬
‫ضيِ ُعهُ‬ ‫ضيِْي ِع ِد ْر َه ِم ِه‬
‫ولَْي َ‬ ‫آخر‪َ :‬تَر ُاه يَ ْشَف ُق ِم ْن تَ ْ‬
‫والع ْم ِر‬ ‫ان ِديّنِ َ‬‫وَت ْغَفل عن ُن ْقص ِ‬
‫ك َدائِماً‬ ‫آخر‪ُ :‬تَف ِكر ِفي ُن ْقص ِ‬
‫ك ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ان َمالُ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫َو ِخْيَفةُ َح ِال ال َف ْق ِر َشٌر ِم َن ال َف ْق ِر‬
‫ف ال َف ْق ِر عن ُك ِّل‬ ‫يك َخ ْو ُ‬ ‫وي ْل ِه َ‬
‫ُ‬
‫ض ب واعمل يِف أسباب التيقظ‬
‫العلماء ‪ :‬الزم األدب وفارق اهلََوى والْغَ َ‬ ‫اع ٍة‬
‫قال بعضطَ َ‬
‫واختذ الرفق حزب اً والت أينَ ص احبات والس المة كهف اً والف راغ غنيم ةً وال ُّد ْنيَا مطيَّةً‬
‫واآلخرةَ منزالً ‪.‬‬
‫شعْراً ‪:‬‬
‫ِ‬
‫إلي الزهد ِفي ُّ‬
‫الدْنَيا الدنية‬ ‫ت ْأب ْغ َي ِم ْن‬ ‫ت ِفي َما ُكْن َ‬ ‫َصَب ْح ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫صر ُ ِ‬
‫وقَ ْد ِ‬ ‫ت َن ْف ِسي َبْي َن َبْيتِي‬ ‫ِ‬
‫َّس ِر ْأهَوى‬
‫ت مثْ َل الن ْ‬ ‫أحوجا ْ‬ ‫َ‬ ‫وحىَّسْب ُ‬ ‫الغَن‬
‫س الغ ريب من ميشي من بلد إيل‬ ‫دونُر َجا‬
‫اجلنة ‪َ .‬وقَ َال فض يل لَْي َ‬
‫َّع‬
‫ج َع ْل ِلْل ُم ْؤ ِمن راحةالت َ‬
‫اهلل َلْم َي ْ‬
‫ي ‪ :‬إَِّن َ‬‫ج ِدصَيِر َّ‬
‫ح َسوََمُن ْسْالِبَ‬
‫ال الْ َ‬
‫وقَ َ‬
‫َ‬
‫ت‪:‬‬
‫بلد ولكن الغريب صاحل بني فساق ُقْل ُ‬
‫إِ ّن الغَ ِريْب تَِق ُّي بْين فُ َّس ِ‬
‫اق‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ب ال َش ِام َ‬
‫والي َم ِن‬ ‫يب غَ ِريْ ُ‬
‫س الغَ ِر ُ‬
‫لَْي َ‬
‫ال آخر ‪ :‬اح ذر الغَ ْفلَة وخماتل الْ َع ُدو وطرب ات اهلَ َوى وأم اين النفس وض راوة‬
‫َوقَ َ‬
‫واعلم أن الصرب َعلَى الش هوة أس هل من الصرب َعلَى ما‬ ‫الش هوة ق ال ابن القيم ْ‬
‫توجبه الشهوة ‪.‬‬
‫َما وعقوبة ‪.‬‬‫فإن الشهوة إما أن تَ ُكون توجب أَل ً‬
‫وإما أن تقطع لذة أكمل منها ‪.‬‬
‫وإما أن تضيع وقتاً إضاعته َح ْسَرة وندامة ‪.‬‬

‫‪696‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وإما أن تثلم عرضاً توفريه أنفع للعبد من ثلمه ‪.‬‬


‫وإما أن تذهب ماًال بقاؤه خريٌ من ذهابه ‪.‬‬
‫وإما تضع قدراً وجاهاً قيامه َخْيٌر من وضعه ‪.‬‬
‫وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة ‪.‬‬
‫وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً مل يكن جيدها من قبل ‪.‬‬
‫وإما أن جتلب مهاً وغماً وحزناً وخوفاً ال يقارب لذة الشهوة ‪.‬‬
‫وإما أن تنسي ِعلماً ذكره ألذ من نيل الشهوة ‪.‬‬
‫وإما أن تشمت عدواً وحتزن ولياً ‪.‬‬
‫وإما أن تقطع الطَ ِريق َعلَى نعمة مقبلة ‪.‬‬
‫وإما أن حتدث عيب اً يبقي ص فة ال ت زول ‪ ،‬ف إن األعم ال ت ورث الص فات‬
‫واألخالق أ هـ ‪.‬‬
‫ال احملاسيب َرمِح َهُ اهللُ ‪ :‬اطلب آثار من زاده العلم خشية والْ َع َمل بصرية والعقل‬ ‫َوقَ َ‬
‫معرفة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك من فهم َعن‬ ‫واعلم أن يِف ُك ّل فكرة أدب اً ويِف ُك ّل إشارة ِعلم اً وإمنا مييز ذَل َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ك يِف الص ادق إِ َذا نظر اعترب‬ ‫اهلل م راده وجين َف َوائِد اليقني من خطابه وعالمة َذل َ‬
‫وإِ َذا صمت تفكر ‪.‬‬
‫وإِ َذا تكلم ذكر وإِ َذا منع صرب وإِ َذا أعطي ش كر وإِ َذا ابتلي اس رتجع وإِ َذا ُج ِه َل‬
‫َعلَْي ِه حلَم وإِذَا علم تواضع وإِذَا علم رفق وإِذَا سئل بذل ‪.‬‬
‫ض ا يِف حق‬ ‫الر َ‬
‫ش فاء للقاصد وع ون للمسرتشد حليف ص دق وكهف بر ق ريب ِّ‬
‫َن ْفسه بعيد اهلمة يِف حق اهلل تع اىل نيته أفضل من عمله وعمله أبلغ من قوله ‪.‬‬
‫الث َقة لَهُ بصائر من النور يبصر‬ ‫موطنه احلق ومعقله احلياء ومعلومه الورع وشاهده ِّ‬
‫هِبَا وحقائق من العلم ينطق هِبَا ودالئل من اليقني يعرب عنها ‪.‬‬

‫‪697‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫يحة هلل‬ ‫ِ‬


‫حيس به اجلاهل ص ميتاً عيي اً وحكمته أص متته وحيس به األمحق مه ذاراً والنَّص َ‬
‫أنطقته وحيسبه اجلاهل غنياً والتعفف أغناه وحيسبه فقرياً والتواضع أدناه ‪.‬‬

‫‪698‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫س مبحت اج‬ ‫ِ‬


‫ال يتع رض ملا ال يعنيه وال يتكلف ف وق ما يكفيه وال يأخذ ما لَْي َ‬
‫إليه وال إليه وال ي دع ما وكل حبفظه النَّاس منه يِف راحة َو ُه و من َن ْفس ِه يِف‬
‫َ‬
‫ات بنور العلم شهواته ‪.‬‬ ‫وأم َ‬
‫ات بالورع حرصه وحسم بالتقي طعمه َ‬ ‫تعب قَ ْد َأم َ‬
‫واعلم وسع‬ ‫فه َك َذا فكن وملثل هؤالء فاصحب وآلثارهم فاتبع وبأخالقهم فتأدب ْ‬
‫اهلل ب الفهم قلبك وأن ار ب العلم ص درك ومجَ َع ب اليقني مهك أين وج دت ُك ّل بَالء‬
‫ك ال دخول يِف ال ُّد ْنيَا باجلهل‬ ‫ِ‬
‫داخل َعلَى الْ َق ْلب من نت اج الفض ول وأصل َذل َ‬
‫ونسيان املعاد بعد العلم ‪.‬‬
‫ك ترك ُك ّل جمهول يِف الورع وأخذ ُك ّل معلوم يِف اليقني أ هـ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والنجاة من َذل َ‬
‫لكتَ اب‬‫ك قض ية ف ارجع إيل اْ ِ‬ ‫ك أمر من األم ور أو خفيت َعلَْي َ‬ ‫وإِ َذا اش تبه َعلَْي َ‬
‫والسنة وال حتتكم فيها إيل العقل ألنه يقوي ويضعف أ هـ ويتأثر باملؤثرات ‪.‬‬
‫ق ال ابن املب ارك ‪ :‬الْ َق ْلب مثل املرآة إِذَا ط الت ص دئت وكالدابة إِذَا غفل َ‬
‫عنها‬
‫عدلت عن الطريق ‪.‬‬
‫ال أحد احلكم اء ‪ :‬الْ َق ْلب مثل بيت لَ هُ س تة أب واب مُثَّ قيل اح ذر أال ي دخل‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك البيت ‪.‬‬ ‫ك من أحد األبواب َش ْيء فيفسد َعلَْي َ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫واألبواب ِه َي العينان واللسان والسمع والبصر واليدان والرجالن فميت انفتح باب‬
‫من هذه األبواب بغَرْي عل ٍم ضاع البيت ‪.‬‬
‫ضب وكف األذي ‪.‬‬ ‫ضا والْغَ َ‬ ‫وفرض اللسان الصدق يِف ِّ‬
‫الر َ‬
‫وفرض البصر الغض َعن احملارم وترك التطلع فيما حجب وسرت ‪.‬‬
‫وف رض الس مع تبع للكالم والنظر فكل ما ال حيل لك الكالم فِيه والنظر إليه‬
‫عنك جتسس ‪.‬‬ ‫فال حيل لك استماعه وال التلذذ به والبحث عما كتم َ‬

‫‪699‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اللهو والغناء وأذي امل ْس لِ ِمنْي َ حرام كامليتة ‪ ،‬سئل القاسم عن مساع الغناء‬ ‫ومساع‬
‫احلق والْب ِ‬‫ُ‬
‫اطل ي وم القيامة أين يقع الغن اء قيل يِف ح وز‬‫َ‬ ‫‪ :‬إِ َذا م يز اهلل بني‬ ‫ال‬
‫َف َق َ‬
‫قال فأفت نفسك ‪.‬‬ ‫الْب ِ‬
‫اطل‬ ‫َ‬

‫‪700‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وف رض الي دين وال رجلني أن يكفهما وال يبس طهما إيل حمرم وال يقبض هما عن‬
‫ت وقَ ْد ت رك باب اً َو ُه َو‬
‫حق وف رض األنف أن ال يشم ما ال جيوز لَ هُ مشه ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫أمهها وأخطرها َو ُه َو الف رج وفرضه حفظه عما ع دا الزوجة واململوكة ق ال تع اىل‬
‫ِ‬
‫﴿ إِاَّل َعلَى أ َْز َواج ِه ْم ْأو َما َملَ َك ْ‬
‫ت أَمْيَانُ ُه ْم ﴾ ‪.‬‬
‫واعلم أن أجني الطَ ِريق الْعمل ب العلم والتح رز ب اخلوف والغين بِ ِ‬
‫اهلل َع َّز َو َج َّل فاش تغل بإص الح حالك وافتقر إيل ربك وت نزه َعن الش بهات‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫وأقلل حوائجك إيل النَّاس فإن كثري احلاجات مملول عْن َد القريب والبعيد ‪.‬‬
‫الَ تَسأَلَ َّن إِلى ِ‬
‫ول‬
‫الز َما ُن يَ ُح ُ‬ ‫عنك َك َما َ‬ ‫ول َ‬ ‫َفَي ُح ُ‬ ‫صديْ ٍق َح َ‬
‫اج ًة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ال قَِلْي ُل‬ ‫ك الَ ُيَق ُ‬ ‫ضَ‬ ‫صا َن ِع ْر َ‬‫َما َ‬ ‫اسَت ْغ َن بِال َش ْيء ال َق ْليِ ِل فَِإنَّهُ‬
‫َو ْ‬
‫الحَوائِ ِج َو ْج َههُ َم ْملُْو ُل‬
‫َوأَ ُخو َ‬ ‫الص ِديْ ِق‬‫ف َعلَى َّ‬ ‫ف َخ َّ‬‫َم ْن َع َّ‬
‫ت َث ْقيِ ُل‬‫ت بِِه فَأَنْ َ‬ ‫َو َمَتى َعِل ْق َ‬ ‫ت َما ِفي َكِف ِه‬ ‫وك َم ْن َو َف ْر َ‬ ‫لَِوَقأ ُ‬
‫اؤ ُه َ‬
‫َخ‬
‫ال ‪ :‬لَ ْو ع رفت راحة الفقر لش غلك التوجع‬ ‫قيل ألحد الفق راء ‪ :‬ما أفق رك ؟ َف َق َ‬
‫لنفسك َعن التوجع يل ف الفقر ملك ما َعلَْي ِه حماس بة وقيل لَ هُ ملا ال ي ري أثر‬
‫ال ألنين مل أختذ شيئاً حيزنين فقده ‪.‬‬ ‫ك َف َق َ‬
‫احلزن َعلَْي َ‬
‫ال بعض احلكماء ‪ :‬من أحب أن تقل مهومه ومصائبه فليقلل قنيته للخارجات من يده ألن أسباب اهلم فوت املطلوب أو فقد‬ ‫َوقَ َ‬
‫احملبوب وال يسلم ِمْن ُه َما إنسان قال الشاعر ‪:‬‬

‫فال يتخذ شيئاً يخاف لَهُ فقداً‬ ‫ومن سره أن ال يري ما يسوؤه‬
‫فخ رج احلسن‬ ‫وذكر أنه ملا غ رقت البص رة أخذ النَّاس يس تغيثون إلخ راج أم واهلم‬
‫الزهاد أترضي‬‫ال جنا املخفون وقيل ألحد‬ ‫َر ِض َي اهللُ عنهُ ومعه قصعته وعصاه َف َق َ‬
‫ق ال نعم ق ال‬
‫ال إال أدلك َعلَى من رضي ب دون َه َذا‬ ‫من ال ُّد ْنيَا هبذه احلال َف َق َ‬
‫من رضي ُّ‬
‫بالد ْنيَا بدالً من اآلخرة ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬إمنا رضي بال دون من‬‫وقيل مل َح َّمد بن واسع َرمِح َ هُ اهللُ أترضي بال دون َف َق َ‬
‫ُ‬
‫ت عبد عبدي ألنك‬ ‫َْ‬ ‫ن‬‫َ‬
‫أ‬ ‫مللك‬ ‫زاهد‬ ‫ال‬ ‫ق‬
‫ََ َ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫اآلخرة‬ ‫من‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫بد‬ ‫ا‬ ‫ُّ‬
‫رضي َْ‬
‫ي‬‫ن‬‫بالد‬

‫‪701‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫عنها وزهدي فيها ‪ .‬شعراً ‪:‬‬ ‫تعبد ُّ‬


‫الد ْنيَا لرغبتك فيها وأنَا موالها لرغبيت َ‬
‫ِ‬ ‫الدْنَيا لُِز ْه ِد َك‬ ‫ت ِ‬
‫الح ِق َم ْسلُْو ُك‬ ‫ُحطَام َها َوطَ ِريْ ُق َ‬ ‫األمْي ُر َعلَى ُّ‬ ‫أَنْ َ‬
‫ب لِ َم ْن َي ْهَو ُاه َم ْملُْو ُك‬ ‫الم ِح َّ‬ ‫ِ‬
‫إِ َّن ُ‬ ‫ت َت ْع َش ُق َها‬ ‫ت َعْب ُد لَ َها َما ُد ْم َ‬ ‫فوأَنْي َ‬
‫ت لَ َديِْه‬ ‫َع َذاباً ُكلَّ َما َكُثَر ْ‬ ‫الدْنَيا لِ َم ْن ِه َي ِفي يَ َديِْه‬ ‫آخر‪َ :‬أري ُّ‬
‫ت َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫َوتُ ْك ِر ُم ُك َّل َم ْن َهانَ ْ‬ ‫الم ْك ِرمْي َن لَ َها بِ ُ‬
‫ص ْغ ٍر‬ ‫تُِهْي ُن ُ‬
‫اج إِ ْلي ِه‬ ‫ٍ‬
‫ت ُم ْحَت ٌ‬ ‫َو ُخ ْذ َما أَنْ َ‬ ‫ت عن َشيء فَ َد ْعهُ‬ ‫إِ َذا ْ‬
‫اسَت ْغَنْي َ‬
‫َعلَى َّأن ُه ْم ِفيها ُعَراةٌ َو ُجَّو ُ‬
‫ع‬ ‫َّاس الَ يَ ْسأ َُم ْوَن َها‬ ‫اء الن ِ‬ ‫ِ‬
‫آخر‪ :‬أ ََرى أَ ْشقَي َ‬
‫ف عن قَِلْي ٍل َتَق َّش ُع‬ ‫صْي ٍ‬
‫َس َحابَةُ َ‬ ‫ب َكأََّن َها‬ ‫ت تُ ِح ُّ‬‫أ ََر َاها َوإِ ْن َكانَ ْ‬
‫ال لَ هُ‬
‫ال مالك بن أنس ‪ :‬كنا عْن َد جعفر بن حُمَ َّمد فدخل سفيان الثوري َف َق َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اهلل أكثر من احْلَ ِديث أعلمك ثالث اً خَرْي لك‬ ‫ال يا أبا عبد ِ‬ ‫ك اهللُ َف َق َ‬ ‫مِح‬
‫َْ‬ ‫حدثين َر َ َ‬
‫ك نعمة ف أكثر من احلمد هلل ف إن اهلل‬ ‫من م ال كثري يا س فيان إِ َذا أنعم اهلل َعلَْي َ‬
‫يدنَّ ُك ْم ﴾ ‪.‬‬ ‫ول ﴿ لَئِن َش َك ْرمُتْ ألَ ِز َ‬ ‫تعاىل َي ُق ُ‬
‫ك باالستغفار فإنه يزيدك من الْ َم ال والولد والنعمة قال اهلل‬ ‫فعلَْي َ‬
‫ت نفقتك َ‬ ‫وإِذَا ُق ْل ُ‬
‫اسَت ْغ ِف ُروا َربَّ ُك ْم إِنَّهُ َكا َن َغفَّاراً * يُْر ِس ِل َّ‬
‫الس َماء َعلَْي ُكم ِّم ْد َراراً *‬ ‫ت ْ‬ ‫تعاىل ﴿ َف ُق ْل ُ‬
‫َّات َوجَيْ َعل لَّ ُك ْم أَْن َه اراً ﴾ وإِ َذا اش تد بك‬ ‫ومُيْ ِد ْد ُكم بِ أَمو ٍال وبنِني وجَي عل لَّ ُكم جن ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َْ َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫اهلل فإهنا ك نز من كن وز اجْلَنَّة فجعل‬ ‫ك بال ح ول وال ق وة إال بِ ِ‬ ‫فعلَْي َ‬‫الك رب َ‬
‫سفيان يقوهلا ويعدها يِف يده ثالثاً ‪.‬‬
‫ك مبا يبقي لك ِعْن َد اهلل فإنه ال يبقي لك‬ ‫ال رجل لعمر بن َعْبد الْ َع ِزيز َعلَْي َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ِ‬
‫ال لََق ْد وعظه بالتوراة واإلجنيل والفرقان ‪.‬‬ ‫ك الزهري َف َق َ‬ ‫ما ِعْن َد النَّاس فبلغ َذل َ‬
‫األش يَ ِاء َعلَى اإلنس ان معرفته بعيوبه واإلمس اك عن ال دخول فيما ال‬ ‫من أص عب ْ‬
‫ت والغيبة والكذب والرياء ‪.‬‬ ‫يعنيه ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫مِم َّا جيب االبتعاد عنهُ والتحذير منه جُمَالَ َسة أ َْهل الفساد ألنه يعلق‬

‫‪702‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫باإلنسان من جمالستهم واالتصال هِب ُ ْم أضعاف ما يعلق به من جُمَالَ َس ة العقالء ألن الفساد أشد التحام اً بالطباع والنفس والشيطان يساعدان‬
‫َعلَى ذلك ‪.‬‬
‫ب‬ ‫إِليها ولَ ِك َّن َّ ِ‬ ‫ص ِحْي َح ٍة‬
‫الصحْي َح َة تُ ْجَر ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ب َ‬
‫اء ُق ْر ُ‬
‫الج ْربَ َ‬
‫َو َما َيْنَف ُع َ‬
‫العاقل َح ِقي َقة ُه َو من آثرالطاعة َعلَى املعص ية وآثر العلم َعلَى اجلهل وآثر ال دين‬
‫والع امل َح ِقي َقة ُه َو من خشي اهلل تع اىل وعمل‬ ‫َعلَى ال ُّد ْنيَا وكف أ َذاه َعن النَّاس َ‬
‫﴿ إِمَّنَا خَي ْ َشى اللَّهَ ِم ْن ِعبَ ِاد ِه الْعُلَ َماء ﴾ ‪.‬‬ ‫مبا علم ‪ .‬قال تعاىل‬
‫( فائدة )‬
‫منها‬ ‫من احلمق لوجوه‬ ‫الص احِلَة إيل وجود الفراغ من أمور ُّ‬
‫الد ْنيَا‬ ‫إحالة األعمال َّ‬
‫َخْي ٌر‬ ‫الد ْنيَا * َواآْل ِخ َرةُ‬
‫ول ﴿ بَ ْل ُت ْؤثُِرو َن احْلَيَ ا َة‬
‫ُّ‬ ‫إيثار ُّ‬
‫الد ْنيَا َعلَى اآلخرة واهلل َي ُق ُ‬
‫َوأ َْب َقى ﴾ ‪.‬‬
‫والثاين ‪ :‬أن تسويف الْ َع َمل إيل أوان فراغه َدلِيل َعلَى جهل اإلنسان وغباوته ألنه‬
‫ك َو ُرمَّبَا ي زداد ش غله ألن أش غال‬ ‫ِ‬
‫قَ ْد ال جيد مهلة فرمبا اختطفه املوت قبل َذل َ‬
‫الد ْنيَا جيذب بعضها بعضاً وال تنتهي غالباً إال باملوت ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫ضى أ ِ‬
‫ب إال إِلى أ ََر َ‬
‫ب‬ ‫َوالَ اْنَت َهى أ ََر ٌ‬ ‫َح ٌد مْن َها لَُباَنَتهُ‬
‫َو َما قَ َ َ‬
‫الص احِلَة َعلَى أي ح ال َك ا َن وأن‬
‫ف الواجب َعلَى اإلنس ان املب ادرة إيل األعم ال َّ‬
‫ينتهز فرصة اإلم َك ان قبل مفاج أة ه ادم الل ذات وأن يتوكل َعلَى اهلل ويطلب منه‬
‫العون يِف تيسريها إليه وصرف املوانع احلائلة ‪.‬‬
‫الوقْت ‪:‬‬
‫قال الشاعر َعلَى اغتتام َ‬
‫اق إِ ْجتِ َهاداً بَِن ْه َ‬ ‫الس ِ‬
‫َو َش ِم ْر عن َّ‬ ‫ب وْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ضة‬ ‫ب‬ ‫اسَتج ْ‬ ‫َو ُخ ْذ م ْن قَ ِريْ ٍ َ‬
‫اك َم ْهالً َف ْه َي أ ْخطَُر ِعلَِّة‬ ‫َوإِيَّ َ‬ ‫بصا ِرَغمادًاً َك ِ‬ ‫و ُكْ ِ‬
‫ت‬ ‫الم ْق ُ‬
‫الوقْت فَ َ‬ ‫َ‬ ‫اجَْتنن ْ َ‬ ‫َ‬
‫ص َّح ِة‬ ‫ت َع ْزماً لِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بَطَالَةُ َما أَخَّْر َ‬ ‫ض َك ِسْيراً‬‫َفو ِيس ْر َع َزَسمنىاً َواْن َه ْ‬
‫ت‬‫س إِ ْن ُج ْد َ‬ ‫الن ْف ُ‬
‫تَ ْج ْد َن ْفساً فَ َ‬ ‫ف فَِإ ْن‬ ‫الع ْزِم َس ْو َ‬
‫ف َ‬ ‫كبِساْيلْـ ِ‬ ‫فَو َ َّ‬
‫حج ّظذ َ َ‬‫َُ‬
‫ت‬‫ج َّد ِ‬ ‫تَ ِج ْد‬
‫َ‬

‫‪703‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وه ِفي ُّ‬ ‫ِ‬


‫َن أ َْه َل العل ِْم َ‬ ‫َولَْو أ َّ‬
‫وشح وا َعلَى دينهم وأعزوا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنرله اهلل خلضعت هلم رقاب اجلبابرة وانقاد هلم الناس وكانوا هلم تبعاً وعز اإلسالم وأهله ‪ ،‬ولكنهم أذلوا أنفسهم ومل يبالوا مبا نقص من دينهم إذا سلمت هلم دنياهم فبذلوا علمهم ألبناء الدنيا ليصيبوا بذلك ما يف أيدي الناس فذلوا وهانوا َعلَى الناس ‪ .‬انتهي ‪.‬‬
‫قال الفضيل بن عياض ‪ :‬ل َْو أن أَهْل العلم أكرموا أنفسهم ُّ‬

‫وس لَ ُعظّ َما‬ ‫النُف ِ‬ ‫ولَْو َعظّ ُم ُ‬ ‫صاَن ُه ْم‬ ‫وه َ‬ ‫صانُ ُ‬
‫ُم َحيَّ ُاه بِاألط َْم ِ‬ ‫ِ‬
‫َّما‬
‫اع َحتَّى تَ َجه َ‬ ‫س ْوا‬ ‫َولَك ْن أ ََهاُن ْو ُه َف َهاُن ْوا َو َدنَّ ُ‬
‫ث لم تُ ْم َح ِح َم ُاه‬ ‫َكَبى َحْي ُ‬ ‫اب فَِإنَ َما‬ ‫العل ِْم َك ٍ‬ ‫ْت َزنْ َد ِ‬ ‫فَِإ ْن ُقل ُ‬
‫العل ِ‬‫والَأَظْلَيَْنمَافع ِ‬ ‫آخر‪ :‬ا ْع َم ْل بِِعل ِْم َ‬
‫س ِن َ‬
‫الع َم ُل‬ ‫ْم إ ْن يَ ْح ُ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫الر ُج ُل‬‫ك َت ْغَن ْم ُّأي َها َّ‬
‫والمَّتُقو َن لَ ُه ْم ِفي ِعل ِْم ِه ْم ُشغُ ُل‬ ‫ُ‬ ‫اهلل ِز َينتُهُ‬ ‫والعلْم َزيْن وتْقوى ِ‬
‫ُ ٌ َ‬
‫ِ‬

‫الم ْك ُر َيْنَف ُع ِفيها الَ َوالَ‬ ‫الَ َ‬ ‫العل ِْم بَالِغَةٌ‬


‫اهلل يا َذا ِ‬
‫َ‬
‫وح َّجةُ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّك َعَتهُ اللَّ ْه ُو َ‬
‫والج َذ ُل‬ ‫الَالحَيُي ْلُلِهَين َ‬ ‫ت‬ ‫اسَتطَ ْع َ‬ ‫ْم وا ْع َم ْل َما ْ‬ ‫َت َعل ِم العل َ‬
‫اك إِيَّ َ‬ ‫إِيَّ َ‬ ‫وعلَّم النَّاس واق ِ‬ ‫ِِ‬
‫المَل ُل‬
‫اد َك َ‬ ‫اك أَ ْن َي ْعَت َ‬ ‫ْص ْد َن ْف َع ُه ْم أبَ َداً‬ ‫َ‬ ‫به َ َ‬
‫الزلَ ُل‬
‫اد ُه َّ‬ ‫ف َم ْن َي ْعَت ُ‬ ‫الرفْ ُق َي ْع ِط ُ‬ ‫فَ ِّ‬ ‫اك بِ ِرفْ ٍق ِعْن َد َزلَّتِ ِه‬ ‫َخ َ‬ ‫َو ِع ْظ أ َ‬
‫روف إِ َذا َج ِهلُْوا‬ ‫فَأمر َعلَي ِهم بِمع ٍ‬
‫ُْ ْ ْ َ ْ‬ ‫َوإِ ْن تَ ُك ْن َبْي َن َق ْوٍم الَ َخالَ َق‬
‫صابِْر َوالَ يَ ْح ُزنْ َ‬ ‫لَفُِإه ْنم َعصو َك فَ ِ‬
‫ك َما‬ ‫واصبِ ْر َو َ‬ ‫ْ‬ ‫راج ْع ُه ْم بِالَ َ‬
‫ض َج ِر‬ ‫َْ‬
‫ك إِ ْن َج ُار ْوا َوإِ ْن‬ ‫ك َن ْف َس َ‬ ‫َفَعلَعْيلُْوَا‬ ‫فَ ُك ُّل َش ٍاة بِ ِر ْجلَْي َها ُم َعلََّقةٌ‬
‫واحلمد هلل رب الع املني ‪ ،‬وص لواته َعلَى سَع َدلُْوا‬
‫يدنا حُمَ َّمد خ امت النب يني ‪ ،‬وآله‬
‫الطاهرين ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ومن وص ايا أيب حنيفة أليب يوسف ‪ :‬ال تتكلم بني ي دي العامة إال مبا تس أل‬
‫هم مبا ينفعهم وإ ْن مل يسألوا ) ‪.‬‬ ‫( فيما يعود َعلَْي ْ‬ ‫ت أو‬ ‫عنهُ ‪ُ ،‬ق ْل ُ‬
‫ت إال لض رورة‬‫وال تك ثر اخْلُ ُروج إيل الس وق وال تكلم املراهقني فَ إن َُّه ْم فتنة ( ُق ْل ُ‬
‫أو حاجة ) ‪.‬‬

‫‪704‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫وال متش يِف قارعة الطَ ِريق َم َع املش ايخ والعامة فإنك إن ق دمتهم ازدري بعلمك‬
‫وإن أخرهتم ازدري بك من حيث أن َُّه ْم أسن منك ‪.‬‬
‫س منا " ‪.‬‬‫قال النَّيِب ّ ‪ " : ‬من مل يرحم صغرينا ومل يوقر كبرينا فلَْي َ‬
‫ك فاقعد يِف املسجد ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وال تقعد َعلَى قوارع الطَ ِريق فإن دعاك ذَل َ‬
‫ت إال لضرورة أو حاجة ‪.‬‬ ‫وال تأكل يِف األسواق واملساجد ُق ْل ُ‬
‫وال ترض لنفسك من العبادات إال بأكثر مِم َّا يفعله غريك وتعاطاها فإن العامة إِ َذا‬
‫مل ي روا اإلقب ال َعلَْي َها أك ثر مِم َّا يفعل ون اعتق دوا فيك قلة الرغبة واعتق دوا أن‬
‫علمك ال ينفعك إال ما نفعهم اجلهل الَّ ِذي هم فيه ‪.‬‬
‫وإِ َذا دخلت بل دة فيها أ َْهل العلم فال تتخ ذها لنفسك بل كن كواحد من أهلها‬
‫ك بأمجعهم ويطعنون يِف مذهبك‬ ‫ليعلموا أنك ال تقصد جاههم وال خيرجون َعلَْي َ‬
‫وتصري مطعوناً عندهم بال فائدة ‪.‬‬
‫وإن استفتوك فال تناقشهم يِف املناظرة واملطارحات ‪.‬‬
‫وال تذكر هلُ ْم شيئاً إال عن َدلِيل واضح ‪.‬‬
‫ت إال أن يكون وا مبت دعني‬ ‫وال تطعن يِف أس اتذهتم فَ إن َُّه ْم يطعن ون فيك ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫كاألشاعرة فيحذر عنهم ‪.‬‬
‫وكن من النَّاس َعلَى حذر ‪.‬‬
‫ت لَهُ يِف عالنيتك ‪.‬‬ ‫وكن هلل تعاىل يِف سرك كما أَنْ َ‬
‫وال يصلح أمر العلم إال بعد أن جيعل سره كعالنيته ‪.‬‬
‫تعلم أنه إمنا يوليك‬ ‫ِ‬ ‫وإِ َذا أوالك ُّ‬
‫ك منه إال بعد أن َ‬ ‫الس ْلطَان عمالً فال تقبل َذل َ‬
‫ك لعلمك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َذل َ‬
‫ك ي ورث اخللل يِف‬ ‫ِ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫اك أن تتكلم يِف جملس النظر َعلَى خ وف ‪ ،‬ف إن َذل َ‬
‫األلفاظ ‪ ،‬والكلل يِف اللسان ‪.‬‬

‫‪705‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫َوإِيَّ َ‬
‫اك أن تكثر الضحك ‪ ،‬فإنه مييت القلب ‪.‬‬

‫‪706‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين مَيْ ُش و َن‬‫اد الرَّمْح َ ِن الذ َ‬
‫ت لقول اهلل تعاىل ﴿ َوعبَ ُ‬ ‫وال متش إال َعلَى طمأنينة ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫ض َه ْوناً ﴾ ‪.‬‬ ‫َعلَى اأْل َْر ِ‬
‫ت إال فيما حث الش ارع َعلَى اإلس راع واملب ادرة‬ ‫وال تكن عج والً يِف األم ور ُق ْل ُ‬
‫فيه ‪.‬‬
‫ت ألنه ي دل َعلَى قلة‬ ‫وإِ َذا تكلمت فال تك ثر التص ويت ‪ ،‬وال ترفع ص وتك ‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫ك ِمن وراء احْل ج ر ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ات أَ ْكَث ُر ُه ْم اَل‬ ‫ُُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ادونَ َ‬ ‫العقل ق ال اهلل تع اىل ﴿ إ َّن الذ َ‬
‫ين يُنَ ُ‬
‫َي ْع ِقلُو َن ﴾ ‪.‬‬
‫واختذ لنفسك الس كون وقلة احلركة ‪ ،‬ليتحقق ِعْن َد النَّاس ثباتك ‪ .‬وألنه ي دل‬
‫َعلَى رزانة العقل ‪.‬‬
‫ت وليك ون‬ ‫ِ‬
‫ك منك ‪ُ .‬ق ْل ُ‬ ‫وأك ثر من ذكر اهلل تع اىل فيما بني النَّاس ‪ ،‬ليتعلم وا َذل َ‬
‫لَهُ مثل أجورهم حلديث من دل َعلَى خَرْي فله مثل أجر فاعله ‪.‬‬
‫واختذ لنفسك ورداً خلف الصلوات ت َق َرأَ فِيه القرآن ‪ ،‬وتذكر اهلل تعاىل وحتمده‬
‫وتشكره ‪.‬‬
‫واختذ أياماً معدودة من ُك ّل شهر تصوم فيها ليقتدي بك غريك ‪.‬‬
‫ت فِيه فإن اهلل سائلك عن مَجِ يع ذلك ‪.‬‬ ‫وال تطمئن إيل دنياك وإيل ما أَنْ َ‬
‫وإِ َذا عرفت إنسانَاً بالشر فال تذكره به بل اطلب منه خرياً فاذكره به ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك ف اذكره للن اس كي ال يتبع وه‬ ‫إال يِف ب اب ال دين فإنك إن ع رفت يِف دينه َذل َ‬
‫والس الم "اذكروا الفاجر مبا فِيه حيت حيذره الناس"‬ ‫الص الة َّ‬ ‫وليحذروه ‪ ،‬قال َعلَْي ِه َّ‬
‫ك وال تبال من جاهه فإن اهلل تعاىل معينك‬ ‫ِ‬
‫وإن َك ا َن ذا جاه ومنزلة فاذكر َذل َ‬
‫وناصرك وناصر الدين ‪.‬‬
‫ك مرة هابوك ومل يتجاسر أحد َعلَى إظهار البدعة يِف الدين ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فإن فعلت ذَل َ‬
‫َحداً من أ َْهل األهواء إال َعلَى سبيل الدعوة إيل الدين وال تشامت ‪.‬‬ ‫وال جتالس أ َ‬

‫‪707‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت بل‬ ‫ك العامة ُق ْل ُ‬ ‫وإِ َذا أذن املؤذن فت أهب ل دخول املس جد لئال تتق دم َعلَْي َ‬
‫للمبادرة إيل أداء الفريضة وليقتدي بك غريك ‪.‬‬
‫وال تتخذ دارك يِف جوار السلطان ‪.‬‬
‫وما َرأَيْت َعلَى جارك فاسرته فإنه أمانة ‪.‬‬
‫وال تظهر أسرار الناس ‪.‬‬
‫ومن استشارك يِف َشيء فأشر َعلَْي ِه مبا يقربك إيل اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬وال‬ ‫اك والبخل فإنه تنقص به املروءة وال تكن طماع اً وال ك ذاباً ‪ُ .‬ق ْل ُ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫جاسوساً وال غياباً وال مناماً وال غشاشاً ‪.‬‬
‫وأظهر غين الْ َق ْلب مظه راً يِف نفسك قلة احلرص والرغبة وأظهر من نفسك الغين‬
‫وال تظهر الفقر وإن كنت فقرياً ‪.‬‬
‫وكن ذا مهة فإن من ضعفت مهته ضعفت منزلته ‪.‬‬
‫وإِ َذا مش يت َم َع الطَ ِريق فال تتلفت ميين اً وال مشاًال بل داوم النظر يِف األرض‬
‫ت ‪ :‬إال لضرورة أو حاجة ‪.‬‬ ‫ُق ْل ُ‬
‫وال متاكس باحلب ات وال دوانق وحقر ال ُّد ْنيَا احملق رة ِعْن َد أ َْهل العلم ( أي ِعلم اء‬
‫اآلخرة العاملون بعلمهم ال علماء الدنيا ) ‪.‬‬
‫اك أن تكلم اجملانني ومن ال‬ ‫وول أم ورك غ ريك ليمكنك اإلقب ال َعلَى العلم َوإِيَّ َ‬
‫ين يطلب ون اجلاه ويس تغرقون ب ذكر‬ ‫َّ ِ‬
‫يع رف املن اظرة واحلجة من أ َْهل العلم والذ َ‬
‫املسائل فيما بني النَّاس فَإن َُّه ْم يطلبون ختجيلك وال يبالون منك وإن عرفوك َعلَى‬
‫احلق ‪.‬‬
‫هم ما مل يرفعوك لئال يلحق بك ِمْن ُه ْم‬ ‫وإ َذا دخلت َعلَى قوم كبار فال ترتفع َعلَْي ْ‬
‫ِ‬
‫أذية ‪.‬‬

‫‪708‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫هم يِف‬ ‫ِ‬


‫الص الة ما مل يقدموك َعلَى وجه التقدير‬
‫َّ‬ ‫وإ َذا كنت يِف قوم فال تتقدم َعلَْي ْ‬
‫ت إال أن يكون أقرأهم لكتاب اهلل فيتقدم ‪.‬‬ ‫‪ُ .‬ق ْل ُ‬
‫َواهللُ أ َْعلم وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد ‪.‬‬

‫‪709‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫صحبة أ َْهل الصالح تورث يِف الْ َق ْلب الصالح وصحبة أ َْهل الشر والفساد تورث‬
‫يِف الْ َق ْلب الفساد ‪.‬‬
‫ك من حذرك من الذنوب ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وصدي ُق َ‬
‫أخوك من عرفك العيوب َ‬
‫ول إن ذك رمت اهلل‬ ‫َح داً يغت اب يِف جملسه أ َ‬
‫َح داً َي ُق ُ‬ ‫َك ا َن بعض العلم اء ال ي دع أ َ‬
‫أعنَّا ُك ْم وإن ذكرمت النَّاس تركناكم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ال آخر ‪ :‬ال تكن ولياً هلل يِف العالنية وعدوه يِف السر ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ك شؤم ‪.‬‬ ‫ال ُك ّل ما شغلك عن اهلل َعَّز َو َج َّل من أ َْهل ومال وولد فهو َعلَْي َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫إِ َذا ك انت اآلخ رة ب الْ َق ْلب ج اءت ال ُّد ْنيَا تزامحها وإِ َذا ك انت ال ُّد ْنيَا ب الْ َق ْلب مل‬
‫تزامحها اآلخرة ألهنا كرمية فاجعل اآلخرة يِف قلبك ‪.‬‬
‫ومن أعط اه اهلل فض الً يِف دنيا فليحمد اهلل ‪ ،‬وليك ثر من ش كره وذك ره ‪ ،‬وال‬
‫يفخرن به َعلَى أخيه ‪ ،‬وال يتداخله الكرب والعجب والتعاظم ‪.‬‬
‫ض ب كلمة الفحش ‪ ،‬فإهنا تزيد الع ار واملنقصة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ال ‪ :‬ال تب در منكم عْن َد الْغَ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫وتلحق بكم العيب واهلجنة ‪ ،‬وجتر عليكم املآمثَ والعقوبةَ ‪.‬‬
‫الص احِلَة ‪ ،‬وشرهم‬ ‫الس وء يِف مملكته بالسنة َّ‬ ‫ال خَرْي امللوك شرفاً من بدل سنة ُّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الصاحِلَة احلسنة بالسنة السوء ‪.‬‬ ‫من بدل السنة َّ‬
‫والدلِيل َعلَى غريزة اجلود السماحة ِعْن َد العسرة ومعين العسرة (الضيق والشدة) ‪.‬‬ ‫َ‬
‫وال َدلِيل َعلَى غري زة ال ورع الص دق ِعْن َد الس خط والبعد عن الش بهات ومواضع‬
‫ال ريب واإلكث ار ومن ذكر اهلل ومحده وش كره والتف تيش َعلَى املآكل واملش ارب‬
‫واملالبس وحنوها بدقة ‪.‬‬
‫والدلِيل علي غريزة احلل ِم العفو ِعْن َد الغضب ‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪710‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومن أعظم النَّاس مصيبة من مل يكن لَهُ عقل وال حكمة ‪ ،‬وال لَهُ يِف األدب رغبة ‪.‬‬
‫َوَتَن ِاهي ِفيه أ َْم ِري‬ ‫ضى ِفي اللَّ ْه ِو ُع ْم ِري‬ ‫ِشْعراً‪ :‬قَ ْد َم َ‬
‫يب ْأم ِري‬ ‫ِ‬ ‫َ(و ِاق ٌ‬ ‫اس وأَنَا‬
‫ف قَ ْد ش َ‬ ‫األكي ُ‬
‫َ‬ ‫َش َّمَر‬
‫(ولِ ِحْينِي بَا َن ُخ ْس ِري‬ ‫َّاس ُدونِي‬ ‫بَا َن ِربْ ُح الن ِ‬
‫لَ(ْيَتنِي أ ْ‬
‫َس َم ُع َز ْج ِري‬ ‫لَ َيتنِي أَقَْب ُل َو ْع ِظي‬
‫َب(ْي َن آثَ ِامي َو ِو ْز ِري‬ ‫ُك َّل َي ْوٍم أَنَا َر ْه ٌن‬
‫أس ِري‬‫ك ْ‬ ‫(ِه َّم ًة ِفي فَ ِّ‬ ‫ت ِش ْع ِري َه ْل أَ ِرى لِ ْي‬ ‫لَْي َ‬
‫(َقْب َل أَ ْن أَنْ ِز َل َقْب ِري‬ ‫ص ْد ٍق‬‫ب ِ‬ ‫أ َْو أ ََرى ِفي َث ْو ِ‬
‫ِـه ُمَق ِامي َي ْو َم َحش ِري‬ ‫ويح َق ْلبِي ِمن َتَن ِ‬
‫اسيـ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫ت و ِ‬
‫اهلل ظَ ْه ِري‬ ‫أَ(ْثَقلَ ْ َ‬ ‫وا ْشتِغَالِي ِم َن َخطَايَا‬
‫اللَّ ُه َّم ارحم عباداً غرهم طول إمهالك وأطعمهم دوام إفضالك ومدوا أيديهم إيل‬
‫هم بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك‬ ‫وعلَْي ْ‬
‫ك رم نوالك وتيقن وا أن ال غين هلُ ْم عن س ؤالك َو ُج ْد َعلَْينَا َ‬
‫الواس عة واغفر لنا وهلم َوجِلَ ِمي ِع امل ْس لِ ِمنْي َ يا رب الع املني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬
‫ُ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َ‬
‫" موعظة "‬
‫ين سادوا وشادوا أوطانَاً ‪ ،‬وحكموا وأحكموا بنيانَاً ‪ ،‬ومجعوا فحشدوا أموإال وأعوانَاً عوضوا بأرباح اهلََوى خسرانَاً ‪،‬‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫عبَ َاد اهلل أين الذ َ‬
‫وبدلوا بإعزاز الكرب والتجرب هوانَاً وأخرجوا من ديارهم بعد اجلموع وحدانَاً ‪ ،‬وما استصحبوا مِم َّا مجعوا إال أكفاناً ‪.‬‬

‫آن تُطَْوى ِفيه َما َو َحُن ْو ُ‬


‫ط‬ ‫ِر َد ِ‬ ‫الد ْهَر ُكلَّهُ‬ ‫ك ِم َّما تَ ْج َمع َّ‬ ‫صْيب ِ‬
‫نَ ُ‬
‫ِ‬
‫البْي ِن ِفي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سَوى َحنُوط غَ َدا َة َ‬ ‫زود م َّما َكا َن يَ ْج َم ُعهُ‬
‫آخر‪ :‬فَ َما تَ َ‬
‫ك ِم ْن َز ٍاد لِ ُمْنطَلَ ِق‬ ‫ِ‬
‫َوَخقَْر ّلق َذلِ َ‬ ‫ب لَهُ‬ ‫وغَير نِْفح ِة أَ ْع ٍ‬
‫واد تَ ْش ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫‪711‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫حيمل ون َعلَى األعن اق وال يس مون ركبانَ اً ‪ ،‬وي نزلون بط ون اإلحلاد وال يس مون‬
‫ضيفانَاً ‪ ،‬متقاربني يِف القبور وال يسمون جرياناً ‪.‬‬
‫س قَ ْد رأينا كيف ينقل ون وال كفانَا ‪ ،‬فيا من قَ ْد بقي من عم ره القليل‬ ‫أو لَْي َ‬
‫وال ي دري ميت يقع الرحيل ‪ ،‬كنك بطرفك حني املوت يس يل وال روح ت نزع‬
‫والكرب ثقيل ‪ ،‬والنقلة قَ ْد قربت وأين املقيل ‪ ،‬أيِف اجْلَنَّة ونعيمها والسلسبيل أم‬
‫يِف اجلحيم وأنكاهلا وأغالهلا وبئس املقيل ‪.‬‬
‫يا من تعد َعلَْي ِه أنفاسه اس تدركها ‪ ،‬يا من س تفوته أيامه أدركها ‪ ،‬إن أعز‬
‫ك نفسك فال هتلكها كم أغلقت باب اً َعلَى ق بيح ‪َ ،‬وكم أعرضت عن‬ ‫اخللق َعلَْي َ‬
‫ق ول املخلص النص يح ‪ ،‬أعظم اهلل أج رك يِف عمر قَ ْد مضي ما رزقت فِيه العفو‬
‫وال الرضي ‪.‬‬
‫وص َارت احلسرات من الشهوات عوض اً ‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬
‫انقضت فيه اللذات كمن قضي ‪َ ،‬‬
‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم يِف َغ ْفلَ ٍة‬ ‫اهلل ج َّل وعال وتق دس ﴿ وأَن ِذرهم ي وم احْل س ر ِة إِ ْذ قُ ِ‬
‫َ ُْْ ََْ َْ َ‬ ‫َ ََ‬
‫س يَا َح ْس َرتَى علَى َما‬ ‫ول َن ْف ٌ‬ ‫ال َج َّل َو َعال ﴿ أَن َت ُق َ‬ ‫َو ُه ْم اَل يُ ْؤ ِمنُ و َن ﴾ َوقَ َ‬
‫نب اللَّ ِه وإِن ُكنت لَ ِمن َّ ِ‬ ‫طت يِف َج ِ‬
‫ين ﴾ ‪.‬‬ ‫الساخ ِر َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َفَّر ُ‬
‫ك اجْلَنَّة‬ ‫اللَّه َّم جننا بِرمْح تِ ك من الن ار وعافنا من دار اخلزي والب وار وأدخلنا بَِف ْ ِ‬
‫ضل َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫دار القرار وعاملنا بكرمك وجودك يا كرمي يا غفار َوا ْغ ِف ْر لَنَا َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬
‫امل ْس ل ِمنْي َ األحي اء ِمْن ُه ْم واملي تني بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ال ابن القيم َرمِح َهُ اهللُ ‪:‬‬
‫َوقَ َ‬
‫[ العقبات التي يتدرج منها الشيطان إلغواء ال َْع ْبد ]‬
‫" العقبة األولى " ‪:‬‬

‫‪712‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫عقبة الكفر بِ ِ‬
‫اهلل ولقائه وبص فات كماله ومبا أخ ربت به رس له عن هُ ‪ ،‬فإنه إن‬
‫ظفر به يِف هذه العقبة بردت نار عداوته واسرتاح ‪.‬‬

‫‪713‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فإن اقتحم هذه العقبة وجنا منها ببصرية اهلداية وسلم معه نور اإلميان طلبه َعلَى‬
‫‪:‬‬
‫" العقبة الثانية " ‪:‬‬
‫وهي عقبة البدعة إما باعتق اد خالف احلق الَّ ِذي أرسل اهلل به رس وله وأن زل به‬
‫كتابه ‪ ،‬وإما التعبد مبا مل يأذن به اهلل ‪ ،‬من األوضاع والرسوم احملدثة يِف الدين‬
‫اليت ال يقبل اهلل منها شيئاً ‪.‬‬
‫والب دعتان يِف الغ الب متالزمت ان قل أن تنفك إح دامها عن األخ ري ‪ ،‬كما ق ال‬
‫هم ‪ :‬ت زوجت بدعة األق وال ببدعة األعم ال ‪ ،‬فاش تغل الزوج ان ب العرس فلم‬ ‫َب ْعض ْ‬
‫يفج أهم إال وأوالد الزنا يعيش ون يِف بالد اإلس الم ‪ ،‬تضج ِمْن ُه ْم العب اد والْبِالد‬
‫إيل اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ال شيخنا ‪ :‬تزوجت احلَِقي َقة الكافرة بالبدعة الفاجرة فتولد بينهما خسران ُّ‬
‫الد ْنيَا‬ ‫َوقَ َ‬
‫واآلخرة ‪.‬‬
‫ف إن قطع ه ذه العقبة وخلص منها بن ور الس نة واعتصم منها حبَ ِقي َقة املتابعة وما‬
‫السلَف األخيار من الصحابة والتابعني هلُ ْم بإحسان ‪.‬‬ ‫مضي َعلَْي ِه َّ‬
‫وهيه ات أن تس مح األعص ار املت أخرة بواحد من َه َذا الض رب ‪ ،‬ف إن مسحت به‬
‫نصب لَ هُ أ َْهل الب دع احلبائل وبغ وه الغوائل وقَ الُوا ‪ :‬مبت دع حمدث ‪ ،‬ف ِإ َذا وفقه‬
‫اهلل لقطع هذه العقبة طلبه َعلَى ‪:‬‬
‫" العقبة الثالثة " ‪:‬‬
‫وهي عقبة الكبائر فإن ظفر فيها زينها اهلل لَهُ وحسنها يِف عينه وسوف به وفتح‬
‫ال لَهُ ‪ :‬اإلميان ُه َو التصديق َن ْف ُس هُ فال تقدح فِيه األعمال (‬ ‫اإلرج اء َوقَ َ‬
‫َ‬ ‫لَهُ باب‬
‫أي أعمال الفسوق والعصيان ) ‪.‬‬

‫‪714‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫َو ُرمَّبَا أجري َعلَى لِ َس انه وأذنه كلمة طاملا أهلك هِبَا اخللق وهي قوله ‪ ( :‬ال يضر‬
‫َم َع الت َّْو ِحيد ذنب كما ال ينفع َم َع الش رك حس نة ) والظفر به يِف عقبة البدعة‬
‫أحب إليه ‪ ،‬ملناقضتها الدين ‪ ،‬ودفعها ملا بعث اهلل به رسوله ‪.‬‬

‫‪715‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫عنها بل ي دعو اخللق إليها ‪ ،‬واالجته اد‬ ‫احبها ال يت وب منها ‪ ،‬وال يرجع َ‬ ‫وص َ‬
‫َعلَى إطفاء نور السنة ‪.‬‬
‫وتولية من عزله اهلل ورس وله ‪ ،‬وع زل من واله اهلل ورس وله ‪ ،‬واعتب ار ما رده‬
‫اهلل ورس وله ‪ ،‬ورد ما اعت ربه ‪ ،‬وم واالة من ع اداه ‪ ،‬ومع اداة من وااله وإثب ات‬
‫ونفي ما أثبته ‪.‬‬ ‫ما نفاه ‪ِ ،‬‬
‫اطل وقلب احلقائق جبعل‬ ‫وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب ‪ ،‬ومعارضة احلق بالْب ِ‬
‫َ‬
‫اطل حق اً ‪ ،‬واإلحلاد يِف دين اهلل ‪ ،‬وتعمية احلق َعلَى ال ُقلُ وب ‪،‬‬ ‫احلق ب اطالً والْب ِ‬
‫َ‬
‫وطلب العوج لصراط اهلل املستقيم ‪ ،‬وفتح باب تبديل الدين مجلة ‪.‬‬
‫فإن البدع تستدرج بصغريها إيل كبريها ‪ ،‬حيت ينسلخ صاحبِها من الدين كما‬
‫تنسل الشعرة من العجني ‪.‬‬
‫فمفاسد الب دع ال يقف َعلَْي َها إال أرب اب البص ائر ‪ ،‬والعمي ان ض الون يِف ظلمة‬
‫العمي ﴿ َو َمن مَّلْ جَيْ َع ِل اللَّهُ لَهُ نُوراً فَ َما لَهُ ِمن نُّو ٍر ﴾ ‪.‬‬
‫فإن قطع هذه العقبة بعصمة اهلل أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه َعلَى ‪:‬‬
‫" العقبة الرابعة " ‪:‬‬
‫ك إِ َذا اجتنبت الكبائر‬ ‫ال ‪ :‬ما َعلَْي َ‬
‫وهي عقبة الصغائر فكال لَ هُ منها بالقفزان َوقَ َ‬
‫ما غشيت اللمم أو ما علمت أهنا تكفر باجتناب الكبائر وباحلسنات ‪ ،‬وال يزال‬
‫يهون َعلَْي ِه أمرها حيت يصر عليها ‪.‬‬
‫فيك ون م رتكب الكب رية اخلائف الوجل الن ادم أحسن ح إال منه ‪ ،‬فاإلص رار َعلَى‬
‫الذنب أقبح منه وال كبرية َم َع التوبة واالستغفار ‪ ،‬وال صغرية َم َع اإلصرار ‪.‬‬
‫ك مثالً بق وم نزل وا‬ ‫ِ‬
‫وقَ ْد ق ال ‪ " : ‬إي اكم وحمق رات ال ذنوب " ‪ .‬مُثَّ ض رب ل َذل َ‬
‫وه َذا بع ود حيت‬ ‫بفالة من األرض ف أعوزهم احلطب ‪ .‬فجعل َه َذا جييء بع ود َ‬
‫مجعوا حطباً كثرياً فأوقدوا ناراً وأنضجوا خبزهتم ‪.‬‬

‫‪716‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الذنُوب تتجمع َعلَى الْ َعْبد َو ُه َو يستهني بشأهنا حيت هتلكه ‪.‬‬ ‫ك إن حمقرات ُّ‬ ‫ِ‬
‫ف َك َذل َ‬
‫ف إن جنا من ه ذه العقبة ب التحرز والتحفظ ودوام التوبة واالس تغفار وأتبع الس يئة‬
‫احلسنة طلبه َعلَى ‪:‬‬
‫" العقبة اخلامسة " ‪:‬‬
‫وهي عقبة املباح ات اليت ال ح رج َعلَى فاعلها ‪ ،‬فش غله هِبَا عن االس تكثار من‬
‫طم َع فِيه أن يس تدرجه منها إيل‬ ‫الطاع ات ‪ ،‬وعن االجته اد يِف ال تزود ملع اده مُثَّ َ‬
‫السنَن ‪ ،‬إيل ترك الواجبات ‪.‬‬ ‫ترك ُّ‬
‫وأقل ما ين ال منه ‪ :‬تفويته األرب اح واملكاسب العظيمة واملن ازل العالية ولَ ْو ع رف‬
‫سه شيئاً من القربات ‪ ،‬ولكنه جاهل بالسعر ‪.‬‬ ‫السعر ما فوت علَى َن ْف ِ‬
‫َ‬
‫فإن جنا من هذه العقبة ببصرية تامة ونور هاد ومعرفة بقدر الطاعات واالستكثار‬
‫منها وقلة املقام َعلَى امليناء وخطر التجارة وكرم املشرتي ‪ ،‬وقدر ما يعوض به‬
‫التج ار فبخل بأوقاته وض من بأنفاسه أن ت ذهب يِف َغرْي ٍ‬
‫ربح ‪ ،‬طلبه الْ َع ُد ّو َعلَى‬
‫‪:‬‬
‫" العقبة السادسة " ‪:‬‬
‫وهي عقبة األعم ال املرجوحة املفض ولة من الطاع ات ف أمره هِبَا وحس نها يِف عينه‬
‫وزينها لَ هُ وأراه ما فيها من الفضل وال ِّربْح ‪ ،‬ليش غله هِبَا عما ُه َو أفضل منها‬
‫وأعظم كسباً ورحباً ‪.‬‬
‫طم َع يِف ختسريه كماله وفضله ‪ ،‬ودرجاته‬ ‫ألنه ملا عجز عن ختسريه أصل الثواب َ‬
‫العالية ‪ ،‬فشغله باملفضول عن الفاضل وباملرجوح عن الراجح ‪ ،‬وباحملبوب هلل عن‬
‫األحب إليه ‪ ،‬وباملرضي عن األرضي له ‪.‬‬
‫ولكن أين أصحاب هذه العقبة ؟ فهم األفراد يِف العامل ‪ .‬واألكثرون قَ ْد ظفر هِب م‬
‫األو ِل ‪.‬‬
‫يِف العقبات َ‬

‫‪717‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫فإن جنا منها بفقه يِف األعمال ومراتبِ َها ِعْن َد اهلل ومنازهلا يِف الفضل‪،‬‬

‫‪718‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ومعرفة مقاديرها والتمي يز بني عاليها وس افلها ومفض وهلا وفاض لها ورئيس ها‬
‫ومرؤوسها وسيدها ومسودها ‪.‬‬
‫ف إن يِف األعم ال س يداً ومس وداً ورئيس اً ومرؤوس اً وذروة وما دوهنا ‪ ،‬كما يِف‬
‫ت َريِّب ال إله إال‬ ‫احْلَ ِديث الصحيح ‪ " :‬سيد االستغفار أن َي ُق ُ‬
‫ول الْ َعْب ُد ‪ :‬اللَّ ُه َّم أَنْ َ‬
‫أنت " احلديث ‪.‬‬
‫ويِف احْلَ ِديث اآلخر ‪ " :‬اجله اد ذروة س نام األمر " ‪ .‬ويِف األثر اآلخر ‪ ( :‬إن‬
‫األعم ال تف اخرت ف ذكر ُك ل عمل منها مرتبة وفض له و َك ا َن للص داقة مزية يِف‬
‫ّ‬
‫الفخر عليهن ) ‪.‬‬
‫وال يقطع ه ذه العقبة إال أ َْهل البص ائر والص دق من أويل العلم الس ائرين َعلَى‬
‫جادة الت َّْوفِيق ‪ ،‬قَ ْد أنزلوا األعمال منازهلا وأعطوا ُك ّل ذي حق حقه ‪.‬‬
‫فِإذَا جنا منها أحد مل يبق هناك عقبة يطلبه الْ َع ُد ّو َعلَْي َها سوي واحدة البد منها‬
‫‪ ،‬ولَ ْو جنا منها أح ٌد لنجا منها رسل اهلل وأنبياؤه وأكرم اخللق عليه ‪.‬‬
‫وهي عقبة تس ليط جن ده َعلَْي ِه ب أنواع األذي باليد واللس ان والْ َق ْلب َعلَى حسب‬
‫مرتبته يِف اخْلَرْي ‪ ،‬ف ُكلَّما علت مرتبته أجلب َعلَْي ِه الْ َع ُد ّو خبيله وظاهر َعلَْي ِه جبنده‬
‫‪ ،‬وسلط َعلَْي ِه حزبه وأهله بأنواع التسليط ‪.‬‬
‫وه ذه العقبة ال حيلة لَ هُ يِف التخلص منها ‪ ،‬فإنه ُكلَّما جد يِف االس تقامة‬
‫والدعوة إيل اهلل والقيام به بأمره جد الْ َع ُد ّو يِف إغراء السفاء به ‪ ،‬فهو يِف هذه‬
‫لبس المةَ احلرب ‪ ،‬وأخذ يِف حماربة الْ َع ُد ّو هلل وباهلل ‪.‬‬ ‫العقبة قَ ْد َ‬
‫فعبوديته فيها عبودية خ واص الع ارفني وهي تس مي عبودية املراغمة وال ينتبه هلا‬
‫إال أولُ ْو البص ائر التامة ‪ ،‬وال َش ْيء أحب إيل اهلل من مراغمة وليه لع دوه‬
‫وإغاظته لَهُ ‪ .‬أ‪ .‬هـ ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫ِشعْراً‬

‫‪719‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وك ُسلَ َما‬ ‫الر َجا ِمنّي لَِع ْف َ‬


‫ْت َّ‬ ‫َج َعل ُ‬ ‫ت َم َذ ِاهْبي‬ ‫َولَ َّما قَ َسا َق ْلبِي َو َ‬
‫ضاقَ ْ‬
‫بَِع ْف َ‬
‫وك َربِّي َكا َن َع ْف ُو َك أَ ْعظَ َما‬ ‫َت َعاظَ ِمنِي َذنْبِ ْي َفلَ َّما َقَرْنتُهُ‬

‫‪720‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَِللَِّه َد ُّر العا ِر ِ‬


‫َجَفانُهُ َد َما‬ ‫الو ْجد أ ْ‬ ‫ت ْس ُّح لَف ْر َط َ‬ ‫ب إِنَّهُ‬ ‫ف الن َّْد ِ‬ ‫َ‬
‫َعَلى َن ْف ِس ِه ِمن ِش ّد ِة ال َخو ِ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يُِقْي ُم إِ َذا َما اللَّْي ُل َم َّد ظَالََمهُ‬
‫الو َرى َكا َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َموأْفتَ َميا َما سَو ُاه في َ‬
‫ِ‬ ‫صْيحاً إِ َذا َما َكا َن ِم ْن ِذ ْك ِر َربِّهِ‬ ‫فَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت ِم ْن َشَبابِِه‬
‫أجَر َما‬
‫الج َهالَة ْ‬ ‫َُموْعَماَج َماَكا َن فيها م ْن َ‬ ‫ضْ‬ ‫َويَ ْذ ُك ُر أَيَّاماً َم َ‬
‫َويَ ْخ ِد ُم َم ْوالَُه إِ َذا اللَّْي ُل أَظَْل َما‬ ‫اله ِّم طُْو َل َن َها ِر ِه‬ ‫ص َار َق ْريْ َن َ‬ ‫فَ َ‬
‫اجْي َن ُس ْؤالً َو َم ْغَن َما‬ ‫ك لِ َّلر ِ‬ ‫َكَفى بِ َ‬ ‫ت ُس ْؤلِي َوُب ْغَيتِي‬ ‫ول إِلَ ِهي أَنْ َ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ْت َمنَّانَاً َعَل َّي َو ُمْن ِع َما‬ ‫َو َما ِزل َ‬ ‫ت الَّ ِذي َغ َّذْيَتنِي َو َكَفلَْتنِي‬ ‫فأَنْ َ‬
‫ِ‬
‫البَقاءُ‬
‫َح ٌد َيلُْو ُم لَهُ َ‬ ‫فَ َما أ َ‬ ‫آخر‪َ :‬سبْي ُل ال َخل ِْق ُكلِّ ِم ال َفَناءُ‬
‫ِ‬
‫َويُدن َينا ِإ ْلي ِه َّن َ‬
‫الم َساءُ‬ ‫اح إِلى ال َْمَنايَا‬ ‫الصَب ُ‬‫ُي ْقِّرُبَنا َّ‬
‫َعَلى األيَّ ِام طَ َ‬ ‫ص ٍن‬ ‫ِ‬
‫ال لَهُ الن ََّماءُ‬ ‫َي غُ ْ‬ ‫ش َوأ ُّ‬ ‫أَتَأ َْم ُل أَ ْن تَعْي َ‬
‫َفيُ ْ ِ‬ ‫ضر ِ‬
‫العْي َد ِ‬
‫صب ُح َو ُهَو ُم ْسَو ُّد غُثَاءُ‬ ‫ان َغضًّا‬ ‫َتَر ُاه أَ ْخ َ َ‬
‫العطَاءُ‬ ‫ط ُي ْرتَ َج ُع َ‬ ‫َمَتى َما ُت ْع َ‬ ‫الدْنَيا َغ ُر ْوراً‬ ‫َو َج ْدنَا َه ِذ ِه ُّ‬

‫الصَفاءُ‬‫س بِ َدائٍِم ِمْن َها َّ‬ ‫َفَلْي َ‬ ‫فَالَ َت ْر َك ْن إِلَْي َها ُمط َْمئِنّاً‬
‫اللَّ ُه َّم ن ور قلوبنا بن ور اإلميان وثبتنا َعلَى قولك الث ابت ‪ ،‬يِف احلي اة ال ُّد ْنيَا ويِف‬
‫اج َع ْلنَا ه داة مهت دين َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫اآلخ رة ‪ ،‬ويس رنا لليس ري وجنبنا للعس ري ‪َ ،‬و ْ‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫مِحِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َول َوال َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع امل ْس ل ِمنْي َ ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬
‫ك يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬ ‫ُ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫َ‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫احلكمة ك اجلواهر يِف الص دف يِف قع ور البح ار ‪ ،‬فال تن ال إال بالغواصني احلذاق‬
‫‪.‬‬
‫العاقل ال تدعه عيوبه يفرح مبا ظهر من حماسنه ‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫النصح بني النَّاس تقريع ‪.‬‬


‫إعادة االعتذار تذكري للذنب وما عفا عن الذنب من وبخ به ‪.‬‬

‫‪722‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫رب كالم جوابه الس كوت ‪ ،‬ورب عمل الكف عن هُ أفضل ‪ ،‬ورب خص ومة‬
‫عنها أصوب ‪.‬‬
‫اإلعراض َ‬
‫ُّ‬
‫الد ْنيَا هتني من كانت تكرمه ‪ ،‬واألرض تأكل من كانت تطعمه ‪.‬‬
‫َج َس ِاد نَ ِامَي ُر‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َوللَْبسْيطَة م ْن أ ْ‬ ‫نَ ِمْي ُر ِم ْن أَِّمَنا الغَْبَر ِاء ِمْيَرَتَنا‬
‫الن ُفوس ‪ ،‬وأن تتفانَا وأن تطاع فِيه الضغائن‬ ‫الد ْنيَا أقصر من أن تتعادي فِيه ُّ‬
‫أمر ُّ‬
‫واألحقاد ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬ال يس تطيع أحد أن جيد اخْلَرْي واحلكمة إال أن ختلص َن ْف ُس هُ يِف املع اد ‪،‬‬‫َوقَ َ‬
‫وال خالص لَهُ إال أن تَ ُكون لَهُ ثالثة أشياء ‪ :‬وزير ‪ ،‬وويل ‪ ،‬وصديق ‪.‬‬
‫فوزيره عقله ‪ ،‬ووليه عفته ‪ ،‬وصديقه عمله الصاحل ‪.‬‬
‫اجلود ُه َو أن جتود مبالك ‪ ،‬وتصون نفسك عن مال غريك ‪ ،‬وأقصي غاية اجلود أن جتود بنفسك يِف سبيل اهلل ‪.‬‬
‫ْصى َغايَِة‬ ‫الج ْو ُد بِ َّ‬
‫النْف ِ‬
‫س أَق َ‬ ‫َو ُ‬ ‫الب ِخْي ُل بَِها‬
‫س إِ ْن ظَ َّن َ‬ ‫يَ ُج ْو ُد بِ َ‬
‫الن ْف ِ‬
‫ِ‬
‫يانك بِ ذ ْك ِر َك ‪ ،‬وت زود من اخْلَرْي‬ ‫الج ْو ِد‬
‫‪ ،‬ونس ُ‬
‫قابل غض بك حبلمك ‪ ،‬وجهلك بعلمك‬
‫ت مدبر ‪.‬‬ ‫ت مقبل خَرْي من أن تتزود وأَنْ َ‬ ‫وأَنْ َ‬
‫العجب ممن حيتمي من املآكل الرديئة وال ي رتك ال ُّذنُوب خمافة رب الع املني ‪.‬‬
‫ختفي َعلَْي ِه خافية ‪ .‬ق ال تع اىل ﴿‬ ‫ويس تحي من اخللق وال يس تحي ممن ال ِ‬
‫َّاس َوالَ يَ ْستَ ْخ ُفو َن ِم َن اللّ ِه َو ُه َو َم َع ُه ْم ﴾ ‪.‬‬
‫يَ ْستَ ْخ ُفو َن ِم َن الن ِ‬
‫العمي خَرْي من اجلهل ‪ ،‬ألن العمي خياف منه الس قوط يِف حف رة ‪ ،‬واجلهل‬
‫خياف منه الوقوع يِف اهلالك ‪.‬‬
‫سه قبل أن يبتدي بتقومي رعاياه ‪.‬‬ ‫ينبغي للرئيس أن يبتدي بتقومي َن ْف ِ‬
‫وإال َكا َن مبنزلة من رام استقامة ِظ ّل معوج قل تقومي عوده الَّ ِذي ُه َو ِظ ّل له ‪.‬‬
‫ت َح َكْي ُم‬ ‫ت عنهُ فَأنْ َ‬ ‫فَِإ َذا اْنَت َه ْ‬ ‫ك فَاْن َه َها عن غَِّي َها‬ ‫إِبْ َدْأ بَِن ْف ِس َ‬
‫الرأَي ِمْن َ‬
‫ك َوَيْنَف ُع الت َّْعِلْي ُم‬ ‫بِ َّ‬ ‫اك ُي ْقَب ُل َما َت ُق ْو ُل َوُي ْقَت َدى‬‫َف ُهَن َ‬

‫‪723‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫اس تدامة الص حة تَ ُك ون ب إذن اهلل ب رتك التكاسل عن التعب وب رتك االمتالء من‬
‫الطعام والشراب وترتيب املآكل ‪.‬‬
‫للقلب آفتان اهلم والغم ‪ ،‬فالغم يعرض منه النوم ‪ ،‬واهلم يعرض منه السهر ‪.‬‬
‫العلم كثري والعمر قصري فخذ من العلم أحسنه وما بلغك قليله إيل كثيره‬
‫العل ِ‬‫ما حوى ِ‬
‫ْف َسَن ْه‬‫الَ ولَْو َح َاولَهُ أَل َ‬ ‫ْم م َن ال َخل ِْق أ َ‬
‫َحداً‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬
‫َح َسَن ْه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫العلْم َكبح ٍر َز ِ‬
‫اخ ٍر‬ ‫إِنَما ِ‬
‫فَاتَخ ْذ م ْن ُك ِّل َش ْيء أ ْ‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ‬
‫الد ْنيَا وأهنا دار فناء كيف تلهيه عن دار البقاء اليت فيها ما ال‬ ‫عجباً ملن عرف ُّ‬
‫عني رأت وال أذن مسعت وال خطر َعلَى قلب بشر ‪.‬‬
‫إعطاء املريض ما يشتهيه أنفع لَهُ من أخذه بكل ما ال يشتهيه ‪.‬‬
‫ال ُّد ْنيَا تنصح تاركها وتغش طالبِ َها فنص يحتها لتاركها ما تريه من تغريها بأهلها‬
‫وفتكها هبم ونكدها وكدرها وغمومها ومهومها ‪.‬‬
‫وغشها لطالبِ َها ما تذيقه من لذة ساعتها مُثَّ تعقبه مرارة طعمها وسوء منقلبها ‪.‬‬
‫ط الب ال ُّد ْنيَا كن اظر الس راب حيس به س بباً لريه فيتعب َن ْف َس هُ يِف طلبه ف ِإ َذا ج اءه‬
‫طول عنائه ‪.‬‬ ‫خانه ظنه وفاته أمله وبقي عطشه ودامت حسرته وندامته وخسر َ‬
‫الد ْنيَا معذب جبَ ِميع أحواهلا َغرْي باق َعلَْي ِه ما يصري إليه‬ ‫ال آخر ‪ :‬اإلنسان يِف ُّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫من أسباهبا ‪.‬‬
‫قليل التهنئة مبا جيده من مالذها دائم النكد والكبد والغصص مبفارقة أحبابه فيها‬
‫‪.‬‬
‫الد ْنيَا وراءك واآلخرة أمامك والطلب ملا وراءك هزمية ‪.‬‬ ‫يا َه َذا ُّ‬
‫الد ْنيَا كأضغاث أحالم تسر النائم ‪.‬‬ ‫بالد ْنيَا من ال فهم لَهُ ُّ‬
‫إمنا يعجب ُّ‬
‫حيسبها الطفل َح ِقي َقة فأما العاقل فيفهمها ‪.‬‬
‫َ‬ ‫لعب خيال‬

‫‪724‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الحِقْيَق ِة َر ٍاق‬ ‫ِ‬ ‫لِ َم ْن ُهَو ِفي‬ ‫ال ِ‬


‫الظ ِّل أ ْكَبَر ْعَبَر ٍة‬
‫عل ِْم َ‬ ‫ت َخَي َ‬
‫َرأَيْ ُ‬
‫والمحِّر ُك ٍ‬
‫باق‬ ‫ميعاً وَت ْفَنى‬
‫َج ْ‬ ‫ضي‬ ‫ُش ُخوص وأ ْشباح تَمُّر وَتْنَق ِ‬
‫َُ‬ ‫ٌ َ َ ٌ ُ َ‬
‫قال ثابت بن قرة ‪ :‬راحة اجلسم يِف قلة الطعام ‪ ،‬وراحة الروح يِف قلة اآلثام ‪،‬‬
‫ت إال بذكر اهلل وما واله ‪.‬‬‫وراحة اللسان يِف قلة الكالم ُق ْل ُ‬
‫والذنُوب للقلب مبنزلة السموم إن مل هتلكه أضعفته والبد ‪ ،‬والضعيف ال يقوي علَى مقاومة العوارض ‪ .‬قال عبد ِ‬
‫اهلل بن املبارك ‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ورث ال ُذ َّل إ ْد َماُن َها‬
‫وقَ ْد يُ ُ‬ ‫وب‬
‫ت ال ُقلُ َ‬‫تُ ِمْي ُ‬ ‫وب‬
‫ال ُذنُ َ‬ ‫ت‬‫َرأَيْ ُ‬
‫صَياُن َها‬ ‫وخير لِن ْف ِس َ ِ‬ ‫َحَيا ُة ال ُقلُ ِ‬
‫ك عْ‬ ‫ٌَْ َ‬ ‫وب‬ ‫وب‬
‫ال ُذنُ َ‬ ‫َوَت ْر ُك‬
‫كل َش ْيء إِ َذا ك ثر رخص إال العلم والعقل ُكلَّما ك ثر أح دمها غال ‪َ .‬واهللُ أ َْعلم‬
‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫[ فصل فِي الحكمة ]‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل (يؤيت احلكمة من يشاء ومن يؤيت احلكمة ف َق ْد أويت خرياً‬
‫عنه َما ق ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كث رياً وما ي ذكر إال أولَ ْو األلب اب) وعن َعْبد اهلل بن عمر َرض َي اهللُ ُ‬
‫اهلل ‪" ‬ما أه دي املرء املس لم ألخيه هدية أفضل من حكمة يزي ده‬ ‫ول ِ‬‫قَ َال َر ُس ُ‬
‫هِبَا ه دي وي رده هِبَا عن ردي" أخرجه ال بيهقي يِف ش عب اإلميان وأبو نعيم يِف‬
‫احللية ‪.‬‬
‫جوام َع الكلم واختصرت يل احلكمة اختصاراً‬ ‫ِ‬ ‫والس الم "أوتيت‬ ‫ال َعلَْي ِه َّ‬
‫الص الة َّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫جبوام َع‬ ‫ويِف الصحيحني عن أَيِب ُهَر ْي َر ِة َر ِض َي اهللُ عنهُ عن النَّيِب ّ ‪ ‬قال ‪" :‬بعثت‬
‫الكلم" ‪.‬‬
‫ول " ال حسد إال يِف اثن تني ‪:‬‬ ‫وعن ابن مس عود ق ال مسعت رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫رجل آت اه اهلل م اًال فس لطه َعلَى هلكته يِف احلق ورجل آت اه اهلل حكمة فهو‬
‫يقضي هِبَا ويعلمها " ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫‪725‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫والس الم‬ ‫الص الة َّ‬ ‫وعلَى نبينا أفضل َّ‬ ‫ِ‬ ‫وقيل ‪ :‬إن يِف التوراة َّ‬
‫أن اهلل قال ملوسي َعلَْي ه َ‬
‫[ عظم احلكمة ف إين ال أجعل احلكمة يِف قلب عبد إال وأردت أن أغف َر لَ هُ‬
‫ِ‬
‫ك كراميت يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة ] ‪.‬‬ ‫فتعلمها مُثَّ اعمل هِبَا مُثَّ ابذهلا كي تنال ب َذل َ‬
‫وأخر َج أبو َيعلَى املوصلي من حديث عُ َمر بن اخْلَطَّاب َر ِض ي اهللُ عنهُ عن النَّيِب‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ال ‪‬‬ ‫جوام َع الكلم وخوامته واختصر يل الكالم اختصاراً َوقَ َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬قال ‪ :‬إين أوتيت‬
‫جوام َع الكلم واختصر احْلَ ِديث يل اختصاراً ‪.‬‬‫ِ‬ ‫‪ :‬أعطيت‬
‫ال لقمان ‪ :‬إن الْ َق ْلب حييا بالكلمة من احلكمة كما حتيا األرض بوابل املطر ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫مال يعطيك ‪.‬‬ ‫ال أبان بن سليم ‪ :‬كلمة حكمة من أخيك خَرْي لك من ٍ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال بعض احلكم اء احلكمة ص ديقة العقل ‪ ،‬وم يزان الع دل ‪ ،‬وعني البي ان ‪،‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫الن ُفوس بإذن اهلل ‪.‬‬
‫األرواح ‪ ،‬ومزحية اهلموم عن ُّ‬ ‫وروضة‬
‫وأنس املس توحش وأمن اخلائف ومتجر ال رابح وحظ ال ُّد ْنيَا واآلخ رة ب إذن اهلل ملن‬
‫وفقه اهلل ‪.‬‬
‫وسالمة العاجل واآلجل ملن وفقه اهلل ‪.‬‬
‫ال آخر ‪ :‬احلكمة نور األبصار وروضة األفكار ومطية احللم وكفيل النجاح ‪.‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫وضمني اخْلَرْي والرشد والداعية إيل الصواب والسفري بني العقل والقلوب ‪.‬‬
‫ك ملن وفقه اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال تندرس آثارها وال تعفو ربوعها ُك ّل َذل َ‬
‫وروي عن الش عيب أنه ق ال ‪ :‬لَ ْو أن رجالً س افر من أقصي الش ام إيل أقصي‬
‫اليمن ليس َم َع كلمة واح دة ينتفع هِبَا فيما يس تقبل من عم ره ما َرأَيْت أن س فره‬
‫قَ ْد ضاع ‪.‬‬
‫ال بعض الْعُلَ َماء من تفرد بالعلم مل توحشه اخللوة ومن تسلي‬ ‫َوقَ َ‬

‫‪726‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫بالكتب مل تفته سلوة وإن هذه ال ُقلُ وب متل كما متل األبدان فابتغوا هلا طرائف‬
‫احلكمة ‪.‬‬
‫واحلكمة موقظة لل ُقلُوب من سنة الغَ ْفلَة ومنقذة للبصائر من سنة احلرية وحميية هلا‬
‫بإذن اهلل من موت اجلهالة ومستخرجة هلا من ضيق الضاللة ملن وفقه اهلل تعاىل‬
‫‪.‬‬
‫[ فائدة عظيمة ]‬
‫ْاعلم أن من َك ا َن داؤه املعص ية ‪ ،‬فش فاؤه الطاعة ‪ ،‬ومن َك ا َن داؤه الغَ ْفلَة ‪،‬‬
‫فشفاؤه اليقظة ‪ ،‬ومن َكا َن داؤه كثرة االنشغال ‪ ،‬فشفاؤه يِف تفريغ املال ‪.‬‬
‫فمن تفرغ من مهوم ُّ‬
‫الد ْنيَا َق ْلبهُ ‪ ،‬قل تعبه ‪ ،‬وتوفر من العبادة نصيبه ‪ ،‬واتصل‬
‫إيل اهلل مس ريه ‪ ،‬وارتفع يِف اجْلَنَّة مص ريه ‪ ،‬ومتكن من ال ذكر والفكر وال ورع‬
‫والزهد واالحرتاس من وساوس الشيطان ‪ ،‬وغوائل النفس ‪.‬‬
‫الد ْنيَا مهه ‪ ،‬أظلم طريقه ‪ ،‬ونصب بدنه ‪ ،‬وضاع وقته ‪ ،‬وتشتت‬ ‫ومن كثر يِف ُّ‬
‫مشله ‪ ،‬وطاش عقله ‪ ،‬وانع َقد لِ َسانه عن الذكر ‪ ،‬لكثرة مهومه وغمومه ‪ ،‬وصار‬
‫مقيد اجلوارح عن الطاعة ‪ ،‬من َق ْلبه يِف ُك ّل واد شعبة ‪ ،‬ومن عمره لكل شغل‬
‫حصة ‪.‬‬
‫اهلل من فض ول األعم ال واهلم وم فكل ما ش غل الْ َعْبد عن ال رب فهو‬ ‫فاس تعذ بِ ِ‬
‫مش ئوم ‪ ،‬ومن فاته رضي م واله فهو حمروم ‪ُ ،‬ك ّل العافية يِف ال ذكر والطاعة ‪،‬‬
‫وكل البَالء يِف الغَ ْفلَة واملخالفة ‪ ،‬وكل الش فاء يِف اإلنابة والتوبة ‪ ،‬وانظر لَ ْو أن‬
‫طبيب اً نص رانياً هناك عن ش رب املاء الب ارد ألجل م رض يِف جس دك ألطعته يِف‬
‫ت تعلَ ُم أن الطبيب قَ ْد يصدق وقَ ْد يكذب وقَ ْد يصيب‬ ‫ترك ما هناك عنهُ ‪ ،‬وأَنْ َ‬
‫وقَ ْد خيطئ وقَ ْد ينصح وقَ ْد يغض ‪ ،‬فما بالك ال ت رتك ما هناك عن هُ أنصح‬

‫‪727‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫الناصحني وأصدق القائلني وأويِف الواعدين ألجل مرض الْ َق ْلب الَّ ِذي إِ َذا مل تشف‬
‫ت من أهلك اهلالكني ‪.‬‬ ‫منه فأَنْ َ‬

‫‪728‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت‬‫َما ُر ْم َ‬ ‫ك ِفي‬ ‫َتْب ِغي الوصو َل بِسْي ِر ِفيه َت ْق ِ‬


‫ك أَنَّ َ‬
‫صْي ُر‬ ‫الَ َش َّ‬‫َ‬ ‫ُ ُْ‬
‫ِج ٌد َوتَ ْش ِمْي ُر‬ ‫وفي َسْي ِر ِه ْم‬
‫صلُْوا‬ ‫مهْغَذُرا ْو ُر ِ‬
‫ال فَ َما َو َ‬ ‫ك أَبْطَ ٌ‬ ‫قَ ْد َس َار َقْبَل َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ب ِفي َش ْر ِع الغََر ِام‬ ‫ِ‬
‫َّها ُز ْو ُر‬ ‫أَقَ َام َبِّيَنةُ لَكن َ‬ ‫يَا ُم َّدعي ُ‬
‫الح َّ‬
‫ت بَِعْي ُد ال َدا ِر َم ْه ُج ْو ُر‬
‫وفي لََع ٍ‬ ‫ت ُعمر َك ِفي لَه ٍو ِ‬
‫ب‬ ‫َه َذا وأَنْ َ‬
‫ُ‬ ‫أََوْفقََنْْيد َ َ َ‬
‫ت تَأْثِْي ُر‬ ‫اح بِ ِجس ِم المْي ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ت ِم ْن‬
‫ْجَر ِ‬ ‫ما لِل ِ‬
‫ك َحياً ُذبْ َ‬ ‫لَْو َكا َن َقلْبُ َ‬
‫َ‬
‫نسألك نفساً مطمئنة تؤمن بلقائك وترضي بقضائك ‪ ،‬اللَّ ُه َّم إنَا نسألك‬ ‫اللَّ ُه َّم إنَا َك َم ٍد‬
‫بامسك الط اهر الطيب املب ارك األحب إليك الَّ ِذي إِ َذا دعيت به أجبت ‪ ،‬وإِ َذا‬
‫س ئلت به أعطيت ‪ ،‬وإِ َذا اس رتمحت به رمحت ‪ ،‬وإِ َذا اس تفرجت به ف رجت أن‬
‫ني وص لي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله‬ ‫مِحِ‬
‫تغفر س يئاتنا وتب دهلا لنا حبس نات يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫وصحبه أمجعني ‪.‬‬
‫الص احِلَة ‪ ،‬وأن ينتهز فرصة‬ ‫ان املب ادرة إيل األعم ال َّ‬ ‫وختام اً ف الواجب علَى اإلنس ِ‬
‫َ‬
‫ان قبل هجوم هادم اللذات ‪.‬‬ ‫اإلم َك ِ‬
‫الص احِلَة وصرف‬ ‫اهلل ويتوكل َعلَْي ِه ويسأله العون يِف تيسري األعمال َّ‬ ‫وأن يستعني بِ ِ‬
‫املوانع احلائلة بينه وبينها ‪.‬‬
‫ك الس نة‬ ‫ِ‬
‫وليح رص َعلَى حفظ الق رآن ‪ ،‬وت دبره ‪ ،‬وتفهمه ‪ ،‬والْ َع َمل به ‪ ،‬و َك َذل َ‬
‫الصالة يِف مجاعة ‪.‬‬‫‪ ،‬وحيرص َعلَى أداء َّ‬
‫وحيرص َعلَى جمالس الذكر ‪ ،‬وحيفظ لِ َس انه عن الغيبة والنميمة والسعاية والكذب‬
‫َومَجِ يع األعمال واألخالق السيئة ‪.‬‬
‫ويتهيأ للرحيل ‪ ،‬ويتف َقد َن ْف َس هُ مبا َعلَْي ِه ‪ ،‬وما لَ هُ ف إن َك ا َن عن ده حق وق هلل‬
‫كزك اة أو خللقه كأمان ات أو ع واري أو وص ايا أداها بس رعة خش ية أن ي َف َج اءَهُ‬
‫املوت وهي عنده ‪.‬‬

‫‪729‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ت يِف حياتك ‪ ،‬فمن بعدك من أوالد أو إِ ْخ َوان يبعد اهتمامهم‬


‫ف ِإ َذا مل تؤدها أَنْ َ‬
‫ك ‪ ،‬ألن َُّه ْم يهتمون ويشتغلون مبا خلفته هلُ ْم وضيعت بسببه نفسك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب َذل َ‬

‫‪730‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فاهلل اهلل البدار بالتفتيش َعلَى النفس ‪ ،‬واملبادرة بالتوبة واإلكثار من االستغفار ‪.‬‬
‫ك ذكر مرارة املوت الَّ ِذي مساه رسول اهلل ‪ ‬هادم اللذات ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬
‫و َّا حيثك َعلَى َذل َ‬
‫ين حبس وا َعلَى أعم اهلم ليج اوزوا هِبَا‬ ‫َّ ِ‬ ‫وت ذكر ش دة ال نزع والتفكري يِف‬
‫املويت الذ َ‬
‫س فيهم من يقدر َعلَى حمو خطيئة ‪ ،‬وال َعلَى زيادة حسنة ‪.‬‬ ‫فلَْي َ‬
‫ال لَهُ كيف جتدك ؟‬ ‫ضهم مريضاً َف َق َ‬ ‫وعاد َب ْع ْ‬
‫ق ال ‪ُ :‬ه َو املوت ‪ .‬ق ال لَ هُ ‪ :‬وكيف علمت أنه املوت ؟ ق ال ‪ :‬أج دين أجت ذب‬
‫حممي يتلهب ‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫اجتذاباً ‪ ،‬وكأن اخلناجر يِف جويِف ‪ ،‬وكأن جويِف تنُّور‬
‫ك فدعا بدواة‬ ‫ِ‬
‫قال لَ هُ ‪ :‬فاعهد ( أي أوصي ) ‪ ،‬قال ‪ :‬أري األمر أعجل من َذل َ‬
‫اهلل ما أيت هِبَا حيت شخص بصره فمات ‪.‬‬ ‫وصحيفة قال ‪ :‬فو ِ‬
‫َ‬
‫ال ‪ :‬يا أبا إسحاق انطلق‬ ‫ال إبراهيم بن يزيد العبدي ‪ :‬أتاين رياح القيسي َف َق َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫بنا إيل أ َْهل اآلخرة حندث بقرهبم عهداً ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬يا أبا‬ ‫ف انطلقت معه ‪ ،‬ف أيت املق ابر فجلس نا إيل بعض تلك القب ور ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫الد ْنيَا فيستمتع من‬ ‫إسحق ما تري ه َذا متمنياً لَو منِّأَ ‪ُ ،‬ق ْلت ‪ :‬أن يرد و ِ‬
‫اهلل إيل ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫طاعة اهلل ويصلح ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فها حَنْ ُن ‪ ،‬مُثَّ هنض فجد واجتهد ‪ ،‬فلم يلبث إال يسرياً حيت مات ‪.‬‬
‫ومِم َّا حيثك َعلَى الت أهب واالس تعداد هلادم الل ذات أن تص ور لنفسك عرض ها َعلَى‬
‫ربك وختجيله إي اك مبض يض العت اب َعلَى فعل ما هناك عن هُ ق ال َج َّل َو َعال ‪﴿ :‬‬
‫َو ُكلُّ ُه ْم آتِ ِيه َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة َف ْرداً ﴾ ‪.‬‬
‫س‬‫ال رس ول اهلل ‪ " : ‬ما منكم من أحد إال س يكلمه ربه تب ارك وتع اىل لَْي َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫بينه وبينه ترمجان " ‪.‬‬
‫وعن صفوان بن حمر ٍز قال ‪ :‬كنت آخذاً بيد ابن عمر إذ عرض له‬

‫‪731‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول يِف النجوي يوم القيامة ‪.‬‬


‫ال كيف مسعت رسول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫رجل ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ي دين امل ْؤ ِمن فيضع َعلَْي ِه كنفه ‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫ول ‪ " :‬إن‬ ‫َف َق َال ‪ :‬مسعت رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ُ‬
‫أتع رف ذنب َك َذا ‪ ،‬أتع رف ذنب‬ ‫لَ هُ‬ ‫ول‬
‫ويس رته من النَّاس ‪ ،‬ويق رره بذنوبه ‪َ .‬و َي ُق ُ‬
‫قَ ْد أهلك ‪ .‬ق ال ‪ :‬ف إين قَ ْد س رتهتا‬ ‫أنه‬ ‫َك َذا ‪ ،‬حيت إِذَا ق رره بذنوبه ورأي يِف نَ ْفس ِه‬
‫ك يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا وأنَا أغفرها لك اليوم ‪.‬‬ ‫َعلَْي َ‬
‫ومِم َّا حيثك َعلَى االس تعداد للم وت واالبتع اد عن املعاصي أن تتخايل وتتص ور‬
‫ِ‬ ‫شهادة امل َك ِ ِ‬
‫ك يوم القيامة ‪.‬‬ ‫ان الَّذي تعصي فيه َعلَْي َ‬
‫ٍ‬
‫ال ‪" :‬‬
‫َخبَ َار َها ﴾ َف َق َ‬ ‫فعن أَيِب ُهَر ْي َر ِة قال ‪َ :‬ق َرأَ رسول اهلل ‪َ ﴿ ‬ي ْو َمئِ ذ حُتَ د ُ‬
‫ِّث أ ْ‬
‫أت درون ما أخبارها ‪ ،‬أن تش هد َعلَى ُكل عبد مبا عمل َعلَى ظهرها ‪ ،‬أن‬
‫َت ُقول عمل َك َذا َو َك َذا يِف يوم َك َذا َو َك َذا ‪ ،‬فهو أخبارها " ‪.‬‬
‫ومِم َّا حيثك َعلَى التأهب واالستعداد للموت واالبتعاد عن املعاصي أن متثل نفسك‬
‫ِعْن َد بعض زللك كأنه يؤمر بك إيل النار اليت ال طاقة ملخلوق هبا ‪.‬‬
‫وتصور نفاد اللذة وذهاهبَا وبقاء العار والعذاب ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َت ْفَنى اللَّ َذا َذةُ ِم َّم ْن نَ َ‬
‫الحَر ِام َوَيْبَقى اإلثُ ُم َو َ‬
‫الع ُار‬ ‫م َن َ‬ ‫ال َش ْهَوتَهُ‬
‫الن ُار‬ ‫ِ‬
‫الَ َخْيَر ِفي لَ َّذٍة م ْن َب ْع ِد َها َ‬ ‫ب ُس ْوٍء ِفي َمغَبَّ َتها‬ ‫ِ‬
‫َتْبَقى َعَواق ُ‬
‫عن أَيِب ُهَر ْي َر ِة عن النَّيِب ّ ‪ ‬أنه ق ال ‪ " :‬ن اركم ه ذه ما يوقَ ْد بنو آدم ج زء‬
‫اهلل إن كانت لكافية ‪.‬‬ ‫جزءا من حر جهنم " ‪ .‬قَالُوا ‪ :‬و ِ‬ ‫واحد من سبعني ً‬
‫َ‬
‫الس لَف ‪ :‬رمبا مثل يل رأسي بني جبلني من ن ا ٍر َو ُرمَّبَا رأيتين أه وي‬ ‫ال بعض َّ‬ ‫َوقَ َ‬
‫الد ْنيَا من كانت هذه صفته ‪.‬‬ ‫ف هتنأ ُّ‬ ‫فيها حيت أبلغ قعرها فَ َكْي َ‬
‫ول ‪ :‬يا‬‫و َك ا َن عمر َر ِض َي اهللُ عنهُ رمبا توقَ ْد لَ هُ النار مُثَّ يدين يديه منها مُثَّ َي ُق ُ‬
‫ابن اخلطاب هل لك َعلَى َه َذا صرب ‪.‬‬
‫الس لَف‬ ‫مِم‬
‫و َّا حيثك َعلَى االس تعداد وتفقد ش ؤنك وأم رك ذكر أح وال كثري من َّ‬
‫الصاحل الَّ ِذي أقلقهم خوف احلساب والْ َع َذاب يِف الربزخ والنار ‪.‬‬

‫‪732‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ملا أه ديت مع اذة العدوية إيل زوجها ص لة بن أش يم أدخله ابن أخيه احلم ام مُثَّ‬
‫أدخله بيتاً مطيباً فقام يصلي حيت أصبح وفعلت زوجته معاذة مثله ‪.‬‬
‫ال لَ هُ ‪ :‬ما الَّ ِذي‬
‫َفلَ َّما أص بح عاتبه ابن أخيه إيل رجل عن ده متغَرْي الل ون ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫الد ْنيَا فصغر يِف عيين زهرهتا ومالعبِ َها ‪ ،‬واستوي‬ ‫ال ‪ :‬إين ذقت حالوة ُّ‬ ‫ب ك؟ َف َق َ‬
‫عندي حجارهتا وذهبها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫ورأَيْت ك أن النَّاس يس اقون إيل اجْلَنَّة ‪ ،‬وانَا أس اق إيل الن ار ‪ ،‬فأس هرت ل َذل َ‬ ‫َ‬
‫ك ص غَرْي حقري يِف جنب عفو اهلل ‪ ،‬وثوابه‬ ‫ِ‬
‫ليلي ‪ ،‬وأظم أت هناري ‪ ،‬وكل َذل َ‬
‫َعَّز َو َج َّل وجنب عقابه ‪.‬‬
‫ال إبراهيم التيمي مثلت نفسي يِف النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها‬ ‫َوقَ َ‬
‫وأعاجل سالسلها وأغالهلا ‪.‬‬
‫ص احِل اً ‪،‬‬
‫الد ْنيَا فأعمل َ‬‫أرد إيل ُّ‬
‫ت أريد أن َّ‬ ‫ت لنفسي أي َش ْيء تريدين ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ف ُق ْل ُ‬
‫ت يِف األمنية فاعملي ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ف ُق ْلت أَنْ ِ‬
‫ُ‬
‫ومسَ َع عُ َمر بن اخْلَطَّاب رجالً يتهجد يِف الليل وي َق َرأَ س ورة الط ور ‪َ ،‬فلَ َّما بلغ‬
‫ك لََواقِ ٌع * َما لَهُ ِمن َدافِ ٍع ﴾ ‪.‬‬ ‫﴿ إِ َّن َع َذ َ‬
‫اب َربِّ َ‬ ‫قوله تعاىل‬
‫ق ال عمر ‪ :‬قسم ورب الكعبة حق ‪ ،‬مُثَّ رجع إيل بيته فم رض ش هراً يع وده‬
‫النَّاس ‪ ،‬وال يدرون ما سبب مرضه ‪.‬‬
‫وب ْعض هم ص ار‬ ‫الس لَف مرض وا من اخلوف ولزم وا من ازهلم َ‬ ‫و َك ا َن مجاعة من َّ‬
‫احب فراش ‪.‬‬ ‫صِ‬
‫َ‬
‫ول يِف وصف اخلائفني ‪ :‬قَ ْد ب راهم اخلوف فهم أمث ال الق داح‬ ‫و َك ا َن احلسن َي ُق ُ‬
‫ول ‪ :‬قَ ْد خولطوا وقَ ْد خالط‬ ‫ول مرضى وما بهم مرض َو َي ُق ُ‬ ‫ينظر إليهم الناظر َفَي ُق ُ‬
‫القوم من ذكر اآلخرة أمر عظيم ‪.‬‬

‫‪733‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫قابل توبة الت ائبني‬ ‫الس ائلني يا‬ ‫اللَّ ُه َّم يا من ور ُقلُ وب الع ارفني ‪ ،‬يا قاضي ح وائج‬
‫َولَِوالِ َد ْينَا َوجِلَ ِمي ِع‬ ‫َوا ْغ ِف ْر لَنَا‬ ‫مفرج اً عن املك روبني واملغم ومني ‪ ،‬تب َعلَْينَا‬ ‫ويا ِّ‬
‫وعلَى آله وصحبه‬ ‫َعلَى حُمَ َّمد‬ ‫ني ‪ ،‬وصلي اهلل‬ ‫ك يا أَرحم َّ مِحِ‬ ‫املسلِ ِم ‪ ،‬بِرمْح تِ‬
‫َ‬ ‫الرا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ نْي َ‬
‫أمجعني ‪.‬‬
‫صلٌ )‬
‫( َف ْ‬
‫ول ‪ :‬اللَّ ُه َّم إين أس ألك ب أين أش هد أنك‬ ‫عن بري دة ق ال ‪ :‬مسَ َع النَّيِب ّ ‪ ‬رجالً َي ُق ُ‬
‫ت األحد الص مد الَّ ِذي مل يلد ومل يولد ومل يكن‬ ‫ال إله إال أَنْ َ‬ ‫ت اهلل‬ ‫أَنْ َ‬
‫لَهُ كفواً أحد ‪.‬‬
‫ال رس ول اهلل ‪ : ‬والَّ ِذي نفسي بي ده لََق ْد س أل اهلل بامسه األعظم الَّ ِذي إِ َذا‬ ‫َف َق َ‬
‫دعي به أجاب وإِ َذا سئل به أعطي أخرجه أبو داود والرتمذي ‪.‬‬
‫ال ‪ :‬اللَّ ُه َّم إين أس ألك ب أن لك‬ ‫وعن أنس َر ِض َي اهللُ عن هُ ق ال ‪ :‬دعا رجل َف َق َ‬
‫ت احلن ان املن ان ب ديع الس موات واألرض ذو اجلالل واإلك رام‬ ‫احلمد ال إله إال أَنْ َ‬
‫يا حي يا قيوم ‪.‬‬
‫ال النَّيِب ّ ‪ : ‬أت درون مبا دعا ؟ قَ الُوا ‪ :‬اهلل ورس وله أعلم ‪ .‬ق ال ‪ :‬والَّ ِذي‬ ‫َف َق َ‬
‫نفسي بيده لََق ْد دعا اهلل بامسه األعظم إِذَا دعي به أجاب وإِذَا سئل به أعطي ‪،‬‬
‫أخرجه أصحاب السنن ‪.‬‬
‫اهلل ‪ " : ‬دعوة ذي النون إذ دعي‬ ‫ول ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬‫عن سعد بن أيب وقاص قال ‪ :‬قَ َ‬
‫ت سبحانك إين كنت من الظاملني " ‪.‬‬ ‫ربه َو ُه َو يِف بطن احلوت ال إله إال أَنْ َ‬
‫فإنه مل ي دع هِبَا رجل مس لم يِف َش ْيء قط إال اس تجاب لَ هُ ‪ ،‬رواه الرتم ذي‬
‫ال صحيح اإلسناد ‪.‬‬ ‫والنسائي واحلاكم َوقَ َ‬
‫ول "من دعا هبؤالء‬ ‫وعن معاوية بن أيب س فيان ق ال ‪ :‬مسعت رس ول اهلل ‪َ ‬ي ُق ُ‬
‫ات اخلمس مل يسأل اهلل شيئاً إال أعطاه ( ال إله إال اهلل واهلل أكرب ال إله‬ ‫الكلم ِ‬
‫َ‬

‫‪734‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫إال اهلل وحده ال شريك لَهُ ‪ ،‬لَهُ امللك وله احلمد َو ُه َو َعلَى ُك ّل َش ْيء قدير ال‬
‫إله إال اهلل وال حول وال قوة إال باهلل ) رواه الطرباين بإسناد حسن ‪.‬‬

‫‪735‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ول ( يا ذا اجلالل‬
‫َي ُق ُ‬ ‫وعن مع اذ بن جبل ق ال ‪ :‬مسَ َع رس ول اهلل ‪ ‬رجالً َو ُه َو‬
‫‪.‬‬ ‫ال ‪ " :‬قَ ْد استجيب لك فسل" ‪ .‬رواه الرتمذي‬ ‫واإلكرام ) َف َق َ‬
‫راجني لوعدك راضني‬ ‫اللَّ ُه َّم اجعلنا مكثرين لذكرك مؤدين حلقك حافظني أل َْم ِر َك‬
‫يِف مَجِ يع حاالتنا عنك ‪.‬‬
‫راغبني يِف ُك ّل أمورنا إليك مؤملني لفضلك شاكرين لنعمك ‪.‬‬
‫يا من حيب العفو واإلحسان ‪ ،‬ويأمر هبما اعف عنا ‪ ،‬وأحسن إلينا ‪.‬‬
‫ت لَ هُ أ َْهل من عف وك أحق منا بالَّ ِذي حَنْ ُن لَ هُ أ َْهل من عقوبتك‬ ‫ِ‬
‫فإنك بالَّذي أَنْ َ‬
‫‪.‬‬
‫ت رج اءك يِف قلوبنا ‪ ،‬واقطعه عمن س واك ‪ ،‬حيت ال نرجو غ ريك وال‬ ‫اللَّ ُه َّم ثَبِّ ْ‬
‫ني ‪ ،‬ويا أكرم األكرمني ‪.‬‬ ‫نستعني إال إياك ‪ ،‬يا أَرحم َّ مِحِ‬
‫الرا َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ك ‪ ،‬واالس تغناء عن خلقك‬ ‫اللَّ ُه َّم هب لنا اليقني والعافية ‪ ،‬وإخالص التوكل َعلَْي َ‬
‫‪ .‬واجعل خَرْي أعمالنا ما قارب آجالنا ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم اغننا مبا وفقتنا لَ هُ من العلم ‪ ،‬وزينا باحللم وأكرمنا بالتقوي ومجلنا بالعافية‬
‫‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك وطاعة رس ولك ووفقنا للعمل‬ ‫اللَّ ُه َّم افتح مس ام َع قلوبنا ل ذكرك وارزقنا طَ َ‬
‫اعت َ‬
‫ك وسنة رسولك ‪.‬‬ ‫بِ ِكتَابِ َ‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك اهلُ َدى والتقي والعافية والغين ‪ ،‬ونع وذ بك من درك الش قاء ‪،‬‬
‫ض ِاء ومن مشاتة األعداء ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومن جهد البَالء ومن سوء ال َق َ‬
‫اللَّ ُه َّم لك احلمد كله ‪ ،‬ولك امللك كله ‪ ،‬وبي دك اخْلَرْي كله ‪ ،‬وإليك يرجع‬
‫ت س بحانك إنك‬ ‫ت ‪ ،‬ال إله إال أَنْ َ‬ ‫األمر عالنيته وس ره ‪ ،‬أ َْهل احلمد والثن اء أَنْ َ‬
‫َعلَى ُك ّل َش ْيء قدير ‪.‬‬

‫‪736‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫الذنُوب ‪ ،‬واعصمنا فيما بقي من أعمارنا‬‫اللَّ ُه َّم اغفر لنا مَجِ يع ما سلف منا من ُّ‬
‫‪ ،‬ووفقنا لعمل صاحل ترضي به عنا ‪.‬‬
‫الن ُفوس بعد املوت ‪ ،‬يا من ال‬ ‫اللَّ ُه َّم يا َ‬
‫سام َع ُك ّل صوت ‪ ،‬ويا بارئ ُّ‬

‫‪737‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫تش تبه َعلَْي ِه األص وات ‪ ،‬يا َع ِظيم الش أن ‪ ،‬يا واضح الربه ان ‪ ،‬يا من ُه َو ُك ّل‬
‫ت الغفور الرحيم ‪.‬‬ ‫يوم يِف شأن ‪ ،‬اغفر لنا ذنوبنا إنك أَنْ َ‬
‫اللَّ ُه َّم يا َع ِظيم العفو ‪ ،‬يا واسع املغف رة ‪ ،‬يا ق ريب الرمحة ‪ ،‬يا ذا اجلالل‬
‫واإلكرام ‪ ،‬هب لنا العافية يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا واآلخرة ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم يا حي يا قي وم فرغنا ملا خلقتنا لَ هُ ‪ ،‬وال تش غلنا مبا تكفلت لنا به ‪،‬‬
‫اج َع ْلنَا ممن ي ؤمن بلقائك ‪ ،‬ويرضي بقض ائك ‪ ،‬ويقنع بعطائك ‪ ،‬وخيش اك حق‬ ‫َو ْ‬
‫خشيتك ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم اجعل رزقنا رغداً ‪ ،‬وال تشمت بنا أحداً ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم رغبنا فيما يبقي ‪ ،‬وزه دنا فيما يفين ‪ ،‬وهب لنا اليقني الَّ ِذي ال تس كن‬
‫الن ُفوس إال إليه ‪ ،‬وال يعول يِف الدين إال عليه ‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك بع زك الَّ ِذي ال ي رام وملكك الَّ ِذي ال يض ام وبن ورك الَّ ِذي مأل‬
‫أر َك ا َن عرشك أن تكفينا شر ما أمهنا وما ال هنتم به وأن تعي ذنا من ش رور‬
‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ‪.‬‬
‫املن والعطا والعز والكربي اء يا من‬ ‫اللَّ ُه َّم يا عليم يا حليم يا ق وي يا عزيز ي اذَا ِّ‬
‫تعنوا لَهُ الوجوه وختشع لَهُ األصوات ‪.‬‬
‫ك عمن سواك إنك َعلَى‬ ‫وفقنا لصاحل األعمال وأكفنا حباللك عن حرامك وبَِف ْ ِ‬
‫ضل َ‬
‫ُك ّل َش ْيء قدير ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك رمحة من عن دك هتدي هِبَا قلوبنا ‪ ،‬وجتمع هِبَا مشلنا ‪ ،‬وتلَ َّم هِبَا‬
‫ش عثنا ‪ ،‬وترفع هِبَا ش اهدنا ‪ ،‬وحتفظ هِبَا غائبنا ‪ ،‬وت زكي هِبَا أعمالنا ‪ ،‬وتلهمنا‬
‫هِبَا رشدنا ‪ ،‬وتعصمنا هِبَا من ُكل سوء يا أرحم الرامحني ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم ارزقنا من فض لك ‪ ،‬واكفنا شر خلقك ‪ ،‬واحفظ َعلَْينَا ديننا وص حة‬
‫أبداننا ‪.‬‬

‫‪738‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫اللَّ ُه َّم يا هادي املضلني ويا راحم املذنبني ‪ ،‬ومقيل عثرات العاثرين ‪،‬‬

‫‪739‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫ِ‬
‫هم من النب يني والص ديقني‬ ‫نس ألك أن تلحقنا بعب ادك الص احلني الَّذي أنعمت َعلَْي ْ‬
‫والشهداء والصاحلني آمني يا رب العاملني ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم يا َع املَ اخلفي ات ‪ ،‬ويا رفيع ال درجات ‪ ،‬يا غ افر ال ذنب وقابل الت وب‬
‫ت إليك املصري ‪.‬‬ ‫شديد العقاب ذا الطول ال إله إال أَنْ َ‬
‫ني وأرأف‬ ‫مِحِ‬
‫نس ألك أن ت ذيقنا ب رد عف وك ‪ ،‬وحالوة رمحتك ‪ ،‬يا أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫الرائفني وأكرم األكرمني ‪.‬‬
‫الن ُف وس ‪ ،‬وأذهب عنا وحشة‬ ‫اللَّ ُه َّم اعتقنا من رق ال ُّذنُوب ‪ ،‬وخلص نا من أشر ُّ‬
‫اإلس اءة ‪ ،‬وطهرنا من دنس ال ُّذنُوب ‪ ،‬وباعد بيننا وبني اخلطايا وأجرنا من‬
‫الشيطان الرجيم ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم طيبنا للقائك ‪ ،‬وأهلنا لوالئك وأدخلنا َم َع املرح ومني من أوليائك ‪ ،‬وتوفنا‬
‫مسلمني وأحلقنا بالصاحلني ‪.‬‬
‫اج َع ْلنَا ِم ْن‬
‫اللَّ ُه َّم أعنا َعلَى ذك رك وش كرك وحسن عبادتك ‪ ،‬وتالوة كتابك ‪َ ،‬و ْ‬
‫هم‬ ‫َّ ِ‬
‫ين أنعمت َعلَْي ْ‬ ‫حزبك املفلحني ‪ ،‬وأي دنا جبن دك املنص ورين ‪ ،‬وارزقنا مرافقة الذ َ‬
‫من النبيني والصديقني والشهداء والصاحلني ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ي املنقطعني‬ ‫اللَّ ُه َّم يا فالق احلب والنوي ‪ ،‬يا منش يءَ األجساد بعد البلي يا مؤ ِو َ‬
‫ِ‬
‫الرج اءَ إال منك ‪ ،‬نسألك أن متطر حمل‬ ‫إليه ‪ ،‬يا ك ايِف املتوكلني َعلَْي ه ‪ ،‬انقطع َ‬
‫قلوبنا من س حائب ب رك وإحس انك وأن توفقنا ملوجب ات رمحتك وع زائم مغفرتك‬
‫إنك جواد كرمي رؤوف غفور رحيم ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نسألك قلب اً سليماً ‪ ،‬ولسانَاً صادقاً ‪ ،‬وعمالً متقبالً ‪ ،‬ونسألك بركة‬
‫احلياة وخَرْي احلياة ‪ ،‬ونعوذ بك من شر احلياة وشر الوفاة ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك بامسك األعظم األغر األجل األك رم الَّ ِذي إِذَا دعيت به أجبت‬
‫وإِذَا سئلت به أعطيت أن تغفر ذنوبنا وتسرت عيوبنا ‪.‬‬

‫‪740‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ونسألك بوجهك الكرمي أكرم الوجوه ‪ ،‬يا من عنت لَهُ الوجوه ‪،‬‬

‫‪741‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫وخضعت لَهُ الرقاب ‪ ،‬وخشعت لَهُ األصوات ‪ ،‬يا َذا اجلالل واإلكرام ‪.‬‬
‫يا حي يا قي وم ‪ ،‬يا مالك امللك ‪ ،‬يا من ُه َو َعلَى ُك ّل َش ْيء ق دير ‪ ،‬وبكل‬
‫ك نستغيث ‪ ،‬ومن عذابك نستجري ‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬بَِرمْح َتِ َ‬ ‫َش ْيء عليم ‪ ،‬ال إله إال أَنْ َ‬
‫اللَّ ُه َّم اجعلنا خنشاك حيت كأننا نراك ‪ ،‬واسعدنا بتقواك ‪ ،‬وال تشقنا مبعصيتك ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك‬‫تسم َع كالمنا ‪ ،‬وتري مكاننا ‪ ،‬وتعلَ ُم سرنا وعالنيتنا ال خيفي َعلَْي َ‬ ‫اللَّ ُه َّم إنك َ‬
‫َش يء من أمرنا حَنْ ُن البؤس اء الفق راء إليك ‪ ،‬املس تغيثون املس تجريون الوجل ون‬
‫املشفقون املعرتفون بذنوبنا ‪.‬‬
‫نس ألك مس ألة املس كني ‪ ،‬ونبتهل إليك ابته ال املذنب ال ذليل ‪ ،‬ون دعوك دع اء‬
‫اخلائف الضرير ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم يا من خض عت لَ هُ رقابنا ‪ ،‬وفاضت لَ هُ عباراتنا ‪ ،‬وذلت لَ هُ أجس امنا ‪،‬‬
‫ورغمت لَ هُ أنوفنا ال جتعلنا ب دعائك أش قياءا ‪ ،‬وكن بنا رؤوف اً يا خَرْي املس ؤلني‬
‫‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك نفس اً مطمئنة ‪ ،‬ت ؤمن بلقائك وترضي بقض ائك ‪ ،‬وتقنع‬
‫بعطائك ‪ ،‬يا أرأف الرائفني ‪ ،‬وأرحم الرامحني ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك ‪،‬‬ ‫اللَّ ُه َّم إنَا نسألك الت َّْوفيق ملا حتبه من األعمال ‪ ،‬ونسألك صدق التوكل َعلَْي َ‬
‫حسن الظن بك يا رب العاملني ‪.‬‬
‫احملجلني الوفد املتقبلني يا أرحم ال رامحني‬ ‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من عب ادك املخب تني ‪ ،‬الغ ِّر َّ‬
‫‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم إنَا نس ألك حي اة طيبة ‪ ،‬ونفس اً تقية ‪ ،‬وعيشة نقية ‪ ،‬وميتة س وية ‪،‬‬
‫ومرداً َغْيَر خم ٍز وال فاضح ‪.‬‬
‫اللَّ ُه َّم اجعلنا من أ َْهل الصالح والنجاح والفالح ‪ ،‬ومن املؤيدين بنصرك وتأييدك‬
‫ورضاك يا رب العاملني ‪.‬‬

‫‪742‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫" اللَّ ُه َّم مالك امللك تؤيت امللك من تشاء وتنزع امللك ممن تشاء وتعز‬

‫‪743‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫من تشاء وتذل من تشاء بيدك اخْلَرْي إنك َعلَى ُك ّل َشيء قدير" ‪.‬‬
‫يا ودود ي ا َذا الع رش اجمليد يا مب ديء يا معيد يا فع ال ملا تريد نس ألك بن ور‬
‫وجهك الَّ ِذي مأل أر َك ا َن عرشك وبق درتك اليت ق درت هِبَا َعلَى مَجِ يع خلقك‬
‫ت أن تغفر ذنوبنا وس يئاتنا وأن‬ ‫ك اليت وس عت ُك ّل َش ْيء ال إله إال أَنْ َ‬ ‫وبَِرمْح َتِ َ‬
‫تبدهلا لنا حبسنات إنك جواد كرمي رؤوف رحيم ‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اللَّ ُه َّم افتح ل دعائنا ب اب القب ول واإلجابة َوا ْغف ْر لَنَا َول َوال َد ْينَا َومَج يع املُ ْس لمنْي َ‬
‫ك يا أرحم الرامحني ‪.‬‬ ‫بَِرمْح َتِ َ‬
‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد وآله وصحبه أمجعني ‪.‬‬

‫َف َوائِد عظيمة النفع‬


‫الش يء القليل وتتك در وتتأسف ‪ ،‬وقَ ْد ض اع أش رف‬ ‫واعجب اً منك يض يع منك َ‬
‫ت ِعْن َد قت االت األوق ات‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫األش يَاء عن دك َو ُه َو عم رك الَّذي ال ع َ‬
‫وض لَ هُ ‪ ،‬وأَنْ َ‬
‫الص احِلَة ‪ ،‬ولكن‬
‫الكورة والتلفاز واملذياع وحنوها من قطاع الطَ ِريق عن األعمال َّ‬
‫ك‬ ‫ِ‬ ‫س تندم "ي وم ين اد املن ادي من م َك ٍ‬
‫ان ق ٍ‬
‫ريب ‪ ،‬ي وم يس معون الص يحة ب احلق َذل َ‬
‫يوم اخلروج ‪.‬‬
‫شعْراً ‪ :‬قال َب ْع ْ‬
‫ضهم ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫العْي َن َوالِْي َدا‬
‫العْي َن َو َ‬
‫ت فيها َ‬
‫وأَ ْفَني ُ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ّب ُكتُباً طَالَ َما قَ ْد َج َم ْعُت َها‬ ‫ِ‬
‫أُقل ُ‬
‫ت ِفيها ُمَن َّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ت َذا ظَ ٍّن بَِها وتَم ُّس ٍ‬
‫ض َدا‬ ‫لعلْم ْي بِ َما قَ ْد ُ‬
‫ص ْغ ُ‬ ‫ك‬ ‫ََ‬ ‫َصَب ْح ُ‬
‫َوأ ْ‬
‫َم ِهْي ٍن َوأَ ْن َي ْغَتالَ َها َغائِ ُل َّ‬
‫الر َدى‬ ‫ال بَِنائِ ٍل‬ ‫اح َذ ُر ُج ْه ِدي أَ ْن ُتَن َ‬
‫َو ْ‬

‫‪744‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫ت ِش ْع ِر ْي َم ْن ُيَقلُّب َها َغ َدا‬ ‫َفَيا لَْي َ‬ ‫ت بَ ِاقياً‬ ‫َوأَ ْعَل ُم َحقاً أنَّنِ ْي لَ ْس ُ‬
‫ك‬‫المنِيَِّة أَ ْن َتَنالَ ْ‬ ‫أَِمْن َ ِ‬ ‫آخر‪ :‬أَتَط َْم ُع أَ ْن تُ َخلَّ َد الَ أبالَ ْ‬
‫ت م َن َ‬ ‫ك‬
‫ت َب ْع َد َج ْم ِع ِه ُم ْوا ِعَيالَ ْ‬
‫ك‬ ‫يُ َشتّ ُ‬ ‫ت‬‫فَ ُكن مَتِّوقعاً لِ ُهجوِم مو ٍ‬
‫ُْ َْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ك‬ ‫اكْي َن َي ْقَت ِس ُمو َن َمالَ ْ‬
‫وبالب ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ك يُ ْحثَى‬ ‫اب َعَلْي َ‬ ‫َكأَنِّي بِالتُّر ِ‬
‫ْ َ‬
‫نَأَى عنهُ أَُب ْو ْه‬ ‫َك َما‬ ‫آخر‪ :‬يَا َم ْن َسَيْنأى عن بَنِْي ْه‬
‫اليِقْي ُن فَ ِّ‬
‫وج ُه ْو ْه‬ ‫َ‬ ‫اء‬
‫َج َ‬ ‫ك َق ْولَ ُه ْم‬‫َمثّ ْل لَِن ْف ِس َ‬
‫وحلِّلُْو ْه‬ ‫ِ‬
‫ال َْم َمات َ‬ ‫ِقْب َل‬ ‫َوتَ َحلَّلُْوا ِم ْن ظُل ِْم ِه‬
‫الع ِظيم ذا اجلالل‬ ‫العلَى َ‬
‫مت َه َذا اجلزء بع ون اهلل وتوفيقه ونس أل اهلل احلي القي وم َ‬
‫واإلك رام الواحد األحد الف رد الص مد الَّ ِذي مل يلد ومل يولد ومل يكن لَ هُ كف واً‬
‫أحد أن يعز اإلس الم وامل ْس لِ ِمنْي َ وأن خيذل الكف رة واملش ركني وأع وأ َن ُه ْم وأن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫هالكه ع ٌز‬ ‫يِف‬ ‫الح لإلس الم وامل ْس لمنْي َ ويهلك من‬ ‫ٌ‬ ‫يص لح من يِف ص الحه ص‬
‫وجيم َع مشلهم ويوحد كلمتهم‬ ‫وصالح لإلسالم واملسلِ ِم وأن يلَ َّم شعث امل ُسلِ ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ُ ْ نْي َ‬ ‫ُ ْ نْي َ‬ ‫ٌ‬
‫وأن حيفظ بالدهم ويص لح أوالدهم ويشف مرض اهم ويع ايِف مبتالهم وي رحم‬
‫موتاهم ويأخذ بأيدينا إيل ُك ّل خَرْي ويعصمنا وإياهم من ُك ّل شر وحيفظنا وإياهم‬
‫ني‬ ‫مِحِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫من ُك ّل ضر وأن يغفر لنا ولوال دينا َومَج يع املُ ْس لمنْي َ برمحته إنه أ َْر َح َم ال َّرا َ‬
‫وعلَى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬ ‫وصلي اهلل َعلَى حُمَ َّمد َ‬
‫واهلل املس ئول أن جيعل عملنا َه َذا خالص اً لوجهه الك رمي وأن ينفع به نفع اًَ عام اً‬
‫إنه مسيع قريب جميب َعلَى ُك ّل َش ْيء قدير ‪.‬‬
‫والس الم َعلَى أش رف املرس لني نبينا حُمَ َّمد خ امت‬ ‫والص الة َّ‬ ‫َّ‬ ‫واحلمد هلل رب الع املني‬
‫وعلَى آله وص حبه أمجعني ‪ .‬ومن تبعهم‬ ‫األنبي اء واملرس لني املبع وث رمحة للع املني َ‬
‫بإحسان إيل يوم الدين وسلِّم تسليماً كثرياً ‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪745‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫"‬
‫َع ْبد ال َْع ِزيز ُ‬
‫الم َح َّمد السلمان "‬

‫‪746‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫فهرس الجزء الرابع من موارد الظمآن‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪5‬‬ ‫مناذج من الفراسة ويف وسطها موعظة بليغة وقصيدة‪..................‬‬
‫‪33‬‬ ‫اإلمام علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه ‪ ،‬زهده يف الدنيا وورعه وعدله‬
‫وإنصافه‪...........................................................‬‬
‫‪37‬‬ ‫من كالم اإلمام علي رضي اهلل عنه يف كتاب العهد لألشرت وتوصيته له‬
‫يف تفقده أمور الرعية وحتذيره من سفك الدماء والظلم‪................‬‬
‫‪40‬‬ ‫خماصمته رضي اهلل عنه للنصراين وإنصافه وتشجيعه علي اإلسالم وزهده‬
‫وذكر بعض احلكم املروية عنه – ضرب مثل‪........................‬‬
‫‪67‬‬ ‫قصيدة بليغة زهدية وعظية مطلعها حث على شكر اهلل تعاىل وتعداد‬
‫بعض نعمه علي عباده وقدرته وحكمته وآخرها تشويق إيل اجلنة وما‬
‫أعد اهلل هلا‪......................................................‬‬
‫‪71‬‬ ‫يف ذكر بعض سرية عمر بن عبد العزيز رضي اهلل عنه زهده – ورعه –‬
‫عدله‪...........................................................‬‬
‫‪72‬‬ ‫عمر مع زوجته وابنته وابنه وأمره بأموال مجاعة من بين أمية جتعل يف‬
‫بيت املال وبعد ذلك يئس الناس من املظامل واطمأنوا إيل العدل‪........‬‬
‫‪73‬‬ ‫ورعه املفرط ووعظه البليغ وزهده‪...................................‬‬
‫‪77‬‬ ‫زهد عمر يف مراكب اخلالفة ملا قربت له‪.............................‬‬
‫‪79‬‬ ‫عمر وفقه اهلل ولداً صاحلاً يعينه علي العدل والزهد يف الدنيا‪...........‬‬
‫‪80‬‬ ‫رد عمر بن عبد العزيز علي اجلبار عمر بن الوليد‪.....................‬‬
‫‪81‬‬ ‫كتاب عمر إىل أحد عماله يوخبه علي مقال له أخطأ فيه‪..............‬‬

‫‪747‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪81‬‬ ‫إقامته العدل مع روح بن الوليد بن عبد امللك‪........................‬‬


‫‪82‬‬ ‫موعظة بليغة يف التحذير من الكرب واحلث علي ضده‪..................‬‬
‫‪85‬‬ ‫قصيدة بليغة يف احلث علي طاعة اهلل والتزام العمل بالكتاب والسنة‪.....‬‬
‫‪87‬‬ ‫عمر بن عبد العزيز يأمر بعدم تقييد املسجونني ألنه مينعهم من الصالة‪..‬‬
‫‪88‬‬ ‫وختيريه جواريه عندما ويل اخلالفة بالبقاء معه أو التسريح وذكر منوذج‬
‫من تقشفه وأبيات كثرية ما يتمثل هبا وكالمه حول ِعلماء السلف‬
‫وعلماء عصره رضي اهلل عنه وأبيات يف احلث علي العلم‪..............‬‬ ‫ِ‬
‫‪91‬‬ ‫جواب عمر ملسلمة عندما قال له أفقرت أفواه ولدك‪..................‬‬
‫‪92‬‬ ‫كالم عمر البنه عبد امللك وهو مريض وما قال بعد موت ابنه‪.........‬‬
‫‪93‬‬ ‫وصية عمر ملن أراد أن يصحبه‪.....................................‬‬
‫‪94‬‬ ‫بنات عمر ال جيدن عشاء إال بصالً‪.................................‬‬
‫‪96‬‬ ‫جواب عمر لعنبسة يف طلبه منه تنفيذ ما أمر له به وذكر شيء من ورعه‬
‫وزهده‪.........................................................‬‬
‫‪104‬‬ ‫القصيدة الشيبانية‪.................................................‬‬
‫‪109‬‬ ‫إعالن عمر اجلوائز ملن يدله علي اخلري وطلبه من عبد اهلل بن الشخري‬
‫واحلسن البصري يطلب منهما الوعظ له واجلواب علي ذلك‪...........‬‬
‫‪110‬‬ ‫قصة املرأة العراقية‪...............................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫عط اء يرسل إيل زوجة عمر يس أهلا عن عمر وش ئونه يف وقته وكيف‬
‫يقضيه ‪.............................................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫من لطف اهلل بعمر أن قيض له ابناً يعينه علي طاعة اهلل‪................‬‬
‫‪115‬‬ ‫موعظة يف احلث علي االستعداد للرحيل إىل القبور‪....................‬‬
‫‪117‬‬ ‫أبو مسلم اخلوالن يصدع باحلق أمام معاوية وال يبايل بغضب معاوية‪...‬‬

‫‪748‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪119‬‬ ‫كتاب سفيان الثوري إيل أخ له‪.....................................‬‬


‫‪131‬‬ ‫فصل يف مآل اإلنسان ومصريه وبعده قصيدة بليغة يف مصري اإلنسان‪....‬‬
‫‪136‬‬ ‫وحالته عند االحتضار وبعد خروج روحه‪............................‬‬
‫‪137‬‬ ‫قصيدة زهدية يف احلث علي االستعداد للموت‪.......................‬‬
‫‪142‬‬ ‫قصيدة تتضمن بيان مفتاح اخلري والشر ويليها موعظة بليغة‪............‬‬
‫‪143‬‬ ‫موعظة يف احلث علي التعاون والصلة والرب واألخوة يف اهلل‪............‬‬
‫‪145‬‬ ‫والتحذير من الظلم وأكل حقوق ِعباد ِ‬
‫اهلل ‪..........................‬‬ ‫ََ‬
‫‪149‬‬ ‫فصل يف التواضع واحلث عليه والتحذير من الكرب والتحذير من املعاصي‬
‫وأصحاهبا وجمالس اللهو والغناء والكرب فيه مضار عظيمة والتواضع فيه‬
‫فوائد عديدة‪......................................................‬‬
‫‪156‬‬ ‫موعظة بليغة يف احلث علي االستعداد لآلخرة‪.........................‬‬
‫‪158‬‬ ‫قصيدة زهدية يف احلث علي االستعداد للموت‪.......................‬‬
‫‪161‬‬ ‫موعظة بليغة حول تربية األوالد ‪...................................‬‬
‫‪162‬‬ ‫ما قاله يف الدروس الوعظية ‪ -‬ويليه فصل مواغظ ‪....................‬‬
‫‪168‬‬ ‫قصيدة بليغة فيما فعل الطغاة العتاة البغاة يف املسلمني‪..................‬‬
‫‪177‬‬ ‫فصل يف كالم نافع يف بيان فوائد اجلوع وآفات الشبع ‪...............‬‬
‫‪180‬‬ ‫قصيدة يف مناذج من معجزات النيب ‪............................ ‬‬
‫‪188‬‬ ‫فصل يف ذكر مناذج من تواضع املصطفي ‪....................... ‬‬
‫‪193‬‬ ‫قصيدة مث أخري يف ذكر شيء من معجزاته ‪.................... ‬‬
‫‪203‬‬ ‫يف املعاشرة واحللم وآثاره واألسباب الباعثة علي ضبط النفس‬
‫‪206‬‬ ‫النقد ‪ -‬الشجاعة ‪ -‬اجلنب ‪ -‬التهور‬
‫أمثلة للحلم يف مراتب الناس وما يفيده احللم ‪:‬‬

‫‪749‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪209‬‬ ‫موعظة يف احلث علي التزود لآلخرة‪.................................‬‬


‫‪210‬‬ ‫األسباب الباعثة علي احللم عشرة‪....................................‬‬
‫‪215‬‬ ‫احللم له حدود ففي بعض احلاالت ال حيسن احللم‪...................‬‬
‫‪218‬‬ ‫موعظة يف مكارم األخالق واحلث علي حسن اخللق‪.................‬‬
‫‪221‬‬ ‫تأسف علي رجال مضوا وفقدوا وذهبت صفاهتم وبقيت أضدادهم‬
‫‪223‬‬ ‫احلث علي الزواج وذكر األدلة علي ذلك وذكر الضرر احلاصل بعدم‬
‫الزواج‪...............................‬‬
‫‪224‬‬ ‫الفوائد اليت حتصل بالزواج‪........................................‬‬
‫‪226‬‬ ‫احلث علي الزواج وحتذير من تركه ملن قدر‪.........................‬‬
‫‪228‬‬ ‫قصة سعيد بن املسيب وتزوج ابنته بفقري والتحذير علي الزواج‬
‫باألجنبيات‪.....................................................‬‬
‫‪230‬‬ ‫وذكر بعض املضرات فيهن ليكن اللبيب علي حذر منهم‪..............‬‬
‫‪232‬‬ ‫يسن ملن يريد الزواج ختري ذات الدين وإباحة النظر ملن يريد خطبتها بال‬
‫خلوة والفحص عن ما هو سبب الرغبة‪..............................‬‬
‫‪235‬‬ ‫التحذير من التزوج خبضراء الدمن ويليه نظم من النونية‪...............‬‬
‫‪237‬‬ ‫موعظة يف حكم تعدد الزوجات واحلث علي العدل‪.................‬‬
‫‪239‬‬ ‫احلث علي احلصول علي الزوجة الدينة حسنة السرية راجحة العقل‬
‫احملسنة التدبري طيبة األصل‪........................................‬‬
‫‪241‬‬ ‫عظم أجر املرأة الصاحلة اليت ميوت زوجها وهو عنها راضي‪...........‬‬
‫‪241‬‬ ‫احلث علي تزوج البكر وما فيه من فوائد وبيان أن النساء ثالث لك‬
‫وعليك وال لك وال عليك‪........................................‬‬
‫‪246‬‬ ‫موعظة يف التحذير من الدخان وذكر بعض مضراته‪...................‬‬

‫‪750‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪250‬‬ ‫احلث علي اختيار الزوجة الشريفة الدينة واالقتصاد عليها‪...............‬‬


‫‪251‬‬ ‫بعض العِلماء يذكر صفات زوجته ويبالغ يف املدح‪..................‬‬
‫‪254‬‬ ‫موعظة بليغة تصور حالة النساء والرجال يف زمننا وما وصل إليه طغيان‬
‫الشهوة‪........................................................‬‬
‫‪257‬‬ ‫واحلث على حفظ النساء يف البيوت وبعده قصيدة يف الفرق بني مطيع‬
‫اهلل ومطيع الشيطان متبع الشهوة‪...................................‬‬
‫‪258‬‬ ‫التحذير من املالهي ومضراهتا العظيمة‪..............................‬‬
‫‪260‬‬ ‫املعاشرة بني الزوجني وبيان عظم حق الزوج واألدلة علي ذلك‪.......‬‬
‫‪261‬‬ ‫مما ينبغي للمرأة من اآلداب حنو زوجها‪............................‬‬
‫‪266‬‬ ‫الوصية باإلحسان إيل الزوجة‪...................................‬‬
‫‪269‬‬ ‫حث الرجل علي أن يتحمل مع زوجته ويدمح زلتها ويقيس بني‬
‫املساوي واحملاسن ويعمل بالعدل أو يتفضل‪...................‬‬
‫‪271‬‬ ‫الواجب علي املرأة طاعة زوجها يف غري معصية اهلل‪.................‬‬
‫‪272‬‬ ‫ذكر بعض املشاكل اليت تقع بني الزوجني واحلث علي جتنبها‪...........‬‬
‫‪274‬‬ ‫وبعد ذلك قصيدة‪..............................................‬‬
‫‪276‬‬ ‫ذكر بعض أحوال يوم القيامة‪.....................................‬‬
‫‪278‬‬ ‫مشهد من مشاهد يوم القيامة ويليه موعظة‪..........................‬‬
‫‪283‬‬ ‫رد علي البعث واألدلة علي ذلك‪....................................‬‬
‫‪298‬‬ ‫من األدلة علي البعث‪..............................................‬‬
‫‪304‬‬ ‫ويلي ذلك قصيدة رد علي من قال بالطبيعة‪.........................‬‬
‫‪308‬‬ ‫طبقات املكلفني‪....................................................‬‬
‫‪311‬‬ ‫موعظة بليغة يف ذكر بعض نعم اهلل على خلقه‪......................‬‬

‫‪751‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪313‬‬ ‫حديث جليل نعمتان مغبون فيهما كثري من الناس واحلث علي صيانة‬
‫الوقت‪...........................................................‬‬
‫‪321‬‬ ‫وصية اإلمام املوفق وابن القيم رمحهما اهلل‪...........................‬‬
‫‪323‬‬ ‫قصيدة يف احلث علي أخذ الزاد للدار اآلخرة‪.........................‬‬
‫‪323‬‬ ‫من كالم ابن القيم يف عمارة الوقت‪.................................‬‬
‫‪337‬‬ ‫قصيدة بليغة يف التضجر من أهل هذا الزمان‪..........................‬‬
‫‪342‬‬ ‫من كالم ابن القيم يف اجلهاد‪.......................................‬‬
‫‪36‬‬ ‫من نظم ابن عبد القوي يف اجلهاد يف سبيل اهلل‪.......................‬‬
‫‪352‬‬ ‫فائدة جليلة ويليها موعظة بليغة‪.....................................‬‬
‫‪361‬‬ ‫فصل حيتوي علي نبذة يسرية من سرية النيب ‪..................... ‬‬
‫‪362‬‬ ‫قصيدة يف مدح النيب ‪........................................... ‬‬
‫‪364‬‬ ‫بعد مولده ‪ ‬أول وقصة رضاعه‪....................................‬‬
‫‪365‬‬ ‫خروجه ‪ ‬مع عمه أيب طالب إيل أن بلغ بصرى‪.....................‬‬
‫‪366‬‬ ‫تزوجه ‪ ‬خدجية رضي اهلل عنها‪...................................‬‬
‫‪368‬‬ ‫رعية الغنم واجتاره ‪ ‬وذكر أوالده‪.................................‬‬
‫‪369‬‬ ‫قصيدة لبعض الصحابة حول دعوته ‪ ‬للتوحيد‪......................‬‬
‫‪370‬‬ ‫كالم شيخ اإلسالم رمحه اهلل حول صفات النيب ‪.................. ‬‬
‫‪373‬‬ ‫قصة أيب أيوب األنصاري ونزول الرسول ‪ ‬عنده‪....................‬‬
‫‪378‬‬ ‫موعظة بليغة يف التحذير من الغضب‪................................‬‬
‫‪382‬‬ ‫من وفائه ‪ ‬وما جرىله عند تزوجه خبدجية وتأييد خدجية له رضي اهلل‬
‫عنها‬
‫‪389‬‬ ‫موعظة بليغة يف عظم شأن الصالة‪..................................‬‬

‫‪752‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪398‬‬ ‫مناذج من حلمه ‪.............................................. ‬‬


‫‪402‬‬ ‫من مزحه ‪ ‬وعفوه وتواضعه‪......................................‬‬
‫‪407‬‬ ‫موعظة مشهد من مشاهد القيامة‪..................................‬‬
‫‪411‬‬ ‫مناذج من عدل النيب ‪ ‬ويلي ذلك موعظة بعدها أيضاً مناذج من عدله‬
‫‪............................................................ ‬‬
‫‪413‬‬ ‫سرية النيب ‪ ‬من آياته وأخالقه وأقواله وأفعاله قاله الشيخ تقي الدين‬
‫‪415‬‬ ‫قصيدة مرثية حلسان يرثي هبا رسول اهلل ‪......................... ‬‬
‫‪425‬‬ ‫موعظة بليغة يف غربة الدين واحنطاط أهل هذا الزمن وكثرة الفنت‬
‫واملنكرات والفساد‪..............................................‬‬
‫‪434‬‬ ‫ويليه النونية البن القيم يف املتمسكني بسنة النيب ‪ ‬يف آخر الزمان‪....‬‬
‫‪440‬‬ ‫موعظة بليغة يف احلث على اإلقبال على النفس واالعتناء هبا‪...........‬‬
‫‪445‬‬ ‫كالم ابن رجب على حديث ابن عباس يف وصية الرسول ‪........ ‬‬
‫‪468‬‬ ‫من كالم ابن القيم وفوائده يليه موعظتان‪............................‬‬
‫‪483‬‬ ‫كالم ابن رجب على حديث سددوا وقاربوا ‪ ...‬اخل‪.................‬‬
‫‪500‬‬ ‫الرياء ‪ :‬تعريفه ‪ ،‬خطره ‪ ،‬ضرره ‪ ،‬من يفعله‪.........................‬‬
‫‪504‬‬ ‫األدلة على حترميه ‪ ،‬عالمات املرائي ‪ ،‬أول الناس يقضي عليه‪...........‬‬
‫‪506‬‬ ‫املراؤون يف العبادات أقسام مثال للمرائي الشرير‪.....................‬‬
‫‪508‬‬ ‫قصيدة تتضمن النصح والزهد يف الدنيا واإلقبال على اآلخرة‪..........‬‬
‫‪509‬‬ ‫أنواع الرياء ‪ ،‬الرياء يف الفرائض ‪ ،‬الرياء يف النوافل‪...................‬‬
‫‪510‬‬ ‫النية عليها مدار عظيم ‪ ،‬عمل املرائي عليه ‪ ،‬أدلة على حترميه‪..........‬‬
‫‪511‬‬ ‫الرياء يف اهليئة ‪ ،‬عالج نافع لقلع الرياء وقطعه‪........................‬‬
‫‪511‬‬ ‫قصيدة زهدية وعالج للرياء ويليه موعظة بليغة‪.......................‬‬

‫‪753‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪514‬‬ ‫فصل يف الكرب والعجب ‪ ،‬أنواع الكرب ‪ ،‬من أسباب الكرب‪.............‬‬


‫‪515‬‬ ‫من أنواع الكرب والفرق بينه وبني ما حيفظ به الكرامة من العزة‪........‬‬
‫‪517‬‬ ‫موعظة تتضمن التحذير من املعاصي قابلة ألن تكون خطة إذا‬
‫كملت‪...‬‬
‫‪519‬‬ ‫أنواع الكرب ‪ ،‬وذكر بعض الطغاة املتكربين على احلق‪.................‬‬
‫‪521‬‬ ‫مناذج من تكرب املشركني على ضعفاء املسلمني واقرتاحاهتم‪............‬‬
‫‪522‬‬ ‫اهلوجاء اليت نزل القرآن بالتحذير عنها واإلبعاد عنها لقبحها‪...........‬‬
‫‪524‬‬ ‫قصيدة زهدية يف احلث على األعمال الصاحلة ويليها موعظة‪...........‬‬
‫‪525‬‬ ‫التكرب على اخللق من شر الرذائل وأقبح اخلصال وصاحبه ممقوت‪.......‬‬
‫‪526‬‬ ‫يف احلث على التواضع ‪ ،‬واالبتعاد عن الكرب واألدلة على ذلك‪.........‬‬
‫‪531‬‬ ‫ال يدخل اجلنة من يف قلبه مثقال حبة خردل من كرب‪.................‬‬
‫‪532‬‬ ‫أول ثالثة يدخلون النار ‪ ،‬أربعة يبغضهم اهلل‪..........................‬‬
‫‪533‬‬ ‫أبيات يف احلث على التزود لآلخرة ويليها موعظة بليغ‪................‬‬
‫‪534‬‬ ‫اهلل ومن شرهم‪..............‬‬ ‫أبيات يف ذم الدنيا ويليها ‪ ،‬من خري ِعباد ِ‬
‫ََ‬
‫‪535‬‬ ‫أبيات زهدية ويليها موعظة متضمنة لبعض صفات املتكرب‪.............‬‬
‫‪535‬‬ ‫آثار الكرب تظهر على جوارح املتكرب ‪ ،‬ويف أقواله ‪ ،‬وهيئاته‪............‬‬
‫‪537‬‬ ‫يف التحذير من الكرب ومقارنة املتكرب ومصاهرته ومشاركته ‪ . . .‬اخل‪...‬‬
‫‪538‬‬ ‫من آثار الكرب ‪ ،‬املتكربين إخوان‬
‫الشياطني‪............................‬‬
‫‪543‬‬ ‫من يعمل ضد الكرب ‪ ،‬مع رفعة مكانه ‪ ،‬ومن آثار الكرب‪.............‬‬
‫‪545‬‬ ‫أيضا يف املالبس واألكل والتناول للمتكرب‪......................‬‬ ‫مناذج ً‬
‫‪545‬‬ ‫رمبا وصل الكرب بصاحبه إىل الكفر باهلل ‪ ،‬والعياذ باهلل‪................‬‬

‫‪754‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪546‬‬ ‫قصيدة زهدية يف احلث على القناعة‪................................‬‬


‫‪549‬‬ ‫الكرب بالنسب وباجلمال وبالقوة والكرب باملال وعالجه بإذن اهلل‪........‬‬
‫‪552‬‬ ‫حال من يأمر باملعروف وينهى عن املنكر وال يعمل بذلك العمل باخلتام‬
‫‪ ،‬مما يضر بعلماء العصر احلاضر‪..................................‬‬
‫‪553‬‬ ‫ويلي ذلك قصيدة زهدية فيها عرب ومواعظ‪..........................‬‬
‫‪556‬‬ ‫الغضب ‪ ،‬تعريفه ‪ ،‬درجاته ‪ ،‬التحذير منه‪...........................‬‬
‫‪557‬‬ ‫أسباب الغضب كثرية نذكر منها طرفًا‪.............................‬‬
‫‪559‬‬ ‫آثار نار الغضب باألمثلة املوضحة هلا‪................................‬‬
‫‪561‬‬ ‫من أسباب الغضب ‪ ،‬عالج الغضب‪..............................‬‬
‫‪562‬‬ ‫املواطن اليت حيسن الغضب هلا ‪ ،‬تقسيم العباد يف حال الغضب‪.........‬‬
‫‪563‬‬ ‫من سيئات الغضب ‪ ،‬وصية النيب ‪ ‬برتك الغضب‪...............‬‬
‫‪564‬‬ ‫التحذير من العقاب وقت الغضب ‪ ،‬والصفح عمن أساء ‪ ،‬قدرة الشيطان‪..‬‬
‫‪565‬‬ ‫على اإلنسان وقت الغضب ‪ ،‬ويليه قصيدة زهدية‪....................‬‬
‫‪566‬‬ ‫موعظة جليلة القدر يف التحذير من الغضب واحلث على الرفق‪.........‬‬
‫‪567‬‬ ‫فصل يف احلسد ‪ ،‬معىن احلسد ‪ ،‬أدلة على حترميه وذمه‪................‬‬
‫‪570‬‬ ‫مراتب احلسد مخس موضحة‪....................................‬‬
‫‪572‬‬ ‫أسباب احلسد كثرية نذكر بعضها واألمثلة هلا‪........................‬‬
‫‪575‬‬ ‫دواء احلسد بعد معرفة أضراره‪.....................................‬‬
‫‪576‬‬ ‫أبيات حول طهارة القلب من احلسد والنقد والبغض ‪ ،‬بشارة سارة ملن‬
‫وفق هلا ‪ ،‬واألدلة على ذلك‪....................................‬‬
‫‪578‬‬ ‫موعظة بليغة يف التحذير من احلسد‪.................................‬‬
‫‪581‬‬ ‫قصيدة فيها عظة عن اإلساءة إىل ِعباد ِ‬
‫اهلل املؤمنني ويليها قصيدة‪.......‬‬ ‫ََ‬

‫‪755‬‬
‫موارد الظمآن لدروس الزمان‬

‫‪582‬‬ ‫موعظة يف احلث على التزود لآلخرة ويليها قصيدة زهدية‪..............‬‬


‫‪583‬‬ ‫قصيدة لسابق الرببري ألقاها على عمر بن عبد العزيز رمحهما اهلل‪.....‬‬
‫‪586‬‬ ‫أركان الكفر أربعة ‪ ،‬بيان منشاؤها ويليها قصيدة زهدية حول القلب‬
‫وما يعرض له ‪ ،‬مثل القلب كمثل حصن له أبواب‪..................‬‬
‫‪590‬‬ ‫ذكر بعض أبواب القلب اليت يدخل معها الشيطان ‪ ،‬التحذير عن مواقع‬
‫التهم ومواقفها ‪ 8‬النية عليها مدار األعمال ‪ ،‬القلوب‪.................‬‬
‫‪593‬‬ ‫يف الثبات على اخلري والشر ويليها قصيدة زهدية ويليه قصيدة‪..........‬‬
‫‪595‬‬ ‫ذكر مداخل الشيطان إىل القلوب‪...................................‬‬
‫‪600‬‬ ‫عالج مداخله يف دفعها وإزالتها‪....................................‬‬
‫‪608‬‬ ‫قال أحد العلماء إن القلب كاحلصن ‪ ...‬اخل‪.....................‬‬
‫‪613‬‬ ‫قصيدة بليغة‪.....................................................‬‬
‫‪616‬‬ ‫فضل االستغفار واحلث عليه‪........................................‬‬
‫‪621‬‬ ‫قصيدة يف احلث على التضرع إىل رب العزة واجلالل‪.................‬‬
‫‪623‬‬ ‫وصية – نصيحة‪.............................................‬‬
‫‪624‬‬ ‫فصل يف النصيحة مرتان‪...........................................‬‬
‫‪635‬‬ ‫فصل من وصايا أيب حنيفة‪.........................................‬‬
‫‪641‬‬ ‫العقبات اليت يتدرج فيها الشيطان إلغراء العبد‪........................‬‬
‫‪646‬‬ ‫احلكمة كاجلواهر‪..............................................‬‬
‫‪649‬‬ ‫فصل يف احلكمة‪..............................................‬‬
‫‪651‬‬ ‫فائدة عظيمة النفع‪.................................................‬‬
‫‪652‬‬ ‫ختام‪......................................... ...................‬‬
‫‪653‬‬ ‫حث على التأهب واالستعداد هلادم اللذات‪..........................‬‬

‫‪756‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫‪660 : 656‬‬ ‫فصل يف أحاديث وردت يف الدعاء‪..............................‬‬

‫‪757‬‬

You might also like