You are on page 1of 175

‫مع الجن والسحر‬

‫بِس ِْم هّللا ِ الرَّحْ َم ِن الر ِ‬


‫َّح ِيم‬
‫ي أَنَّهُ ا ْستَ َم َع نَفَ ٌر ِّم َن ْال ِج ِّن فَقَالُوا إِنَّا َس ِم ْعنَا قُرْ آنًا َع َجبًا {‪}1‬‬ ‫قُلْ أُ ِ‬
‫وح َي إِلَ َّ‬
‫ك بِ َربِّنَا أَ َح ًدا {‪َ }2‬وأَنَّهُ تَ َعالَى َج ُّد‬ ‫يَ ْه ِدي إِلَى الرُّ ْش ِد فَآ َمنَّا بِ ِه َولَن نُّ ْش ِر َ‬
‫ان يَقُو ُل َسفِيهُنَا َعلَى هَّللا ِ‬ ‫احبَةً َواَل َولَ ًدا {‪َ }3‬وأَنَّهُ َك َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َربِّنَا َما اتَّ َخ َذ َ‬
‫ول اإْل ِ نسُ َو ْال ِج ُّن َعلَى هَّللا ِ َك ِذبًا {‪}5‬‬ ‫َشطَطًا {‪َ }4‬وأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُ َ‬
‫ال ِّم َن ْال ِج ِّن فَ َزا ُدوهُ ْم َرهَقًا {‬ ‫ون بِ ِر َج ٍ‬ ‫نس يَعُو ُذ َ‬‫ان ِر َجا ٌل ِّم َن اإْل ِ ِ‬ ‫َوأَنَّهُ َك َ‬
‫ث هَّللا ُ أَ َح ًدا {‪َ }7‬وأَنَّا لَ َم ْسنَا ال َّس َماء‬ ‫‪َ }6‬وأَنَّهُ ْم ظَنُّوا َك َما ظَنَنتُ ْم أَن لَّن يَ ْب َع َ‬
‫ت َح َرسًا َش ِدي ًدا َو ُشهُبًا {‪َ }8‬وأَنَّا ُكنَّا نَ ْق ُع ُد ِم ْنهَا َمقَ ِ‬
‫اع َد‬ ‫فَ َو َج ْدنَاهَا ُملِئَ ْ‬
‫َّص ًدا {‪َ }9‬وأَنَّا اَل نَ ْد ِري أَ َشرٌّ‬ ‫لِل َّس ْم ِع فَ َمن يَ ْستَ ِم ِع اآْل َن يَ ِج ْد لَهُ ِشهَابًا ر َ‬
‫ض أَ ْم أَ َرا َد بِ ِه ْم َربُّهُ ْم َر َش ًدا {‪َ }10‬وأَنَّا ِمنَّا الصَّالِح َ‬ ‫ُ‬
‫ُون‬ ‫أ ِري َد بِ َمن فِي اأْل َرْ ِ‬
‫عج َز هَّللا َ فِي‬‫ق قِ َد ًدا {‪َ }11‬وأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّ ِ‬ ‫ك ُكنَّا طَ َرائِ َ‬ ‫ون َذلِ َ‬ ‫َو ِمنَّا ُد َ‬
‫ْج َزهُ هَ َربًا {‪َ }12‬وأَنَّا لَ َّما َس ِم ْعنَا ْالهُ َدى آ َمنَّا بِ ِه فَ َمن‬ ‫ض َولَن نُّع ِ‬ ‫اأْل َرْ ِ‬
‫اف بَ ْخسًا َواَل َرهَقًا {‪ }13‬سورة الجن (‪)72‬‬ ‫ي ُْؤ ِمن بِ َربِّ ِه فَاَل يَ َخ ُ‬

‫بِس ِْم هّللا ِ الرَّحْ َم ِن الر ِ‬


‫َّح ِيم‬
‫ق إِ َذا‬ ‫ق {‪َ }2‬و ِمن َشرِّ َغ ِ‬
‫اس ٍ‬ ‫ق {‪ِ }1‬من َشرِّ َما َخلَ َ‬ ‫قُلْ أَ ُعو ُذ بِ َربِّ ْالفَلَ ِ‬
‫ت فِي ْال ُعقَ ِد {‪َ }4‬و ِمن َشرِّ َح ِ‬
‫اس ٍد إِ َذا َح َس َد {‬ ‫ب {‪َ }3‬و ِمن َشرِّ النَّفَّاثَا ِ‬ ‫َوقَ َ‬
‫‪ }5‬سورة الفلق (‪)113‬‬
‫صدق هللا العظيم‬

‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬

‫مع الجن والسحر ‪ :‬مقدمة‬

‫إن الحمد هلل نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ باهلل من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا‪ .‬من يهده اهلل فال‬
‫مضل له‪ .‬ومن يضلل فال هادي له‪ .‬و اشهد أن ال اله أال اهلل وحده ال شريك له و اشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله‪.‬‬

‫سِل ُم َ‬
‫ون﴾[ آل عمران ‪]102‬‬ ‫ين آم ُنواْ اتَّقُواْ اللّ َه ح َّ ِ ِ‬
‫ق تُقَاته َوالَ تَ ُموتُ َّن إِالَّ َوأَنتُم ُّم ْ‬ ‫َ‬
‫﴿يا أَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ َ‬
‫َ َ‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اح َد ٍة و َخلَ َ ِ‬


‫سو ِ‬ ‫ِ‬
‫يرا َو ِن َ‬
‫ساء َواتَّقُواْ‬ ‫ق م ْن َها َز ْو َج َها َو َبث م ْن ُه َما ِر َجاالً َكث ً‬ ‫َ‬ ‫اس اتَّقُواْ َر َّب ُك ُم الَّذي َخلَقَ ُكم ِّمن َّن ْف ٍ َ‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫﴿ َيا أَي َ‬
‫اللّ َه الَّ ِذي تَساءلُ َ ِ‬
‫يبا﴾ [النساء ‪]1‬‬ ‫ان َعلَ ْي ُك ْم َر ِق ً‬
‫ام إِ َّن اللّ َه َك َ‬
‫ون ِبه َواأل َْر َح َ‬ ‫َ‬

‫وب ُك ْم َو َمن ُي ِط ْع اللَّ َه‬ ‫ِ‬ ‫صِل ْح لَ ُك ْم أ ْ‬


‫َع َمالَ ُك ْم َو َي ْغف ْر لَ ُك ْم ُذ ُن َ‬ ‫س ِد ً‬
‫يدا‪ُ °‬ي ْ‬ ‫آم ُنوا اتَّقُوا اللَّ َه َوقُولُوا قَ ْواًل َ‬
‫ين َ‬ ‫الَّ ِذ َ‬ ‫ُّها‬
‫﴿ َيا أَي َ‬
‫يما ﴾ [األحزاب ‪]70،71‬‬ ‫ِ‬
‫فَقَ ْد فَ َاز فَ ْو ًزا َعظ ً‬ ‫سولَ ُه‬‫َو َر ُ‬

‫وبعد‪:‬‬

‫إن اصدق الحديث كتاب اهلل‪ ،‬و خير الهدي هدي محمد صلى اهلل عليه و سلم وشر األمور محدثاتها‪ ،‬و كل محدثة‬
‫بدعة و كل بدعة ضاللة و كل ضاللة في النار‪.‬‬

‫‪ ‬عن أمـيـر المؤمنـين أبي حـفص عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عـليه وسلم‬
‫يـقـول ‪ ( :‬إنـما األعـمـال بالنيات وإ نـمـا لكـل امـرئ ما نـوى ‪ .‬فمن كـانت هجرته إلى اهلل ورسولـه فهجرتـه إلى اهلل‬
‫ورسـوله ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )‪.‬‬

‫رواه إمام المحد ثين أبـو عـبـد اهلل محمد بن إسماعـيل بن ابراهـيـم بن المغـيره بن بـرد زبه البخاري الجعـفي‪[،‬رقم‪:‬‬
‫‪ ]1‬وابـو الحسـيـن مسلم بن الحجاج بن مـسلم القـشـيري الـنيسـابـوري [رقم ‪ ]1907:‬رضي اهلل عنهما في‬
‫صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫حقيقة الجن‬

‫الحقيقة التي ال تُمارى هو أن الجن موجود في عالم خاص به‪ ،‬وال ينكر ذلك إال مكابر‪ ،‬وفي القرآن الكريم‬
‫سورة أسمها " سورة الجن " وقد أستعمل الملك سليمان في الجن في تنفيذ بعض األعمال‪ ،‬وال حرمة في‬
‫االتصال بالجن لمن أراد ذلك بشرط أن يتم ذلك بطريقة ال تخالف الشرع‪ ،‬مع أني أرى أن ال حاجة ملجئة‬
‫لذلك‪ ،‬أذكر قبل سنوات أن بعض المعارف كانوا يتصلون بالجن للتطبيب‪ ،‬وتغير مجرى االتصاالت بينهم لغرض‬
‫معرفة مآالت األحوال السياسية المستقبلية منهم‪ ،‬وبعضهم انتهزها مناسبة لمعرفة أخبار زمالئهم الخاصة مما‬
‫يعد تجسساً‪ ،‬فضغطت على الوسيط بينهم وبين الجن للتوقف‪ ،‬وعلى أثرها زارني أحد الجن في بيتي بواسطة‬
‫الوسيط اياه إلقناعي بالتوقف عن الضغط على الوسيط وغيره بالتوقف عن االستنجاد بهم محاوالً إقناعي بأني‬
‫أستفيد منهم في تسقط أخبار أعداء اهلل ومخططاتهم ضد دعوة اإلسالم وحملتها‪ ،‬فأجبته أن ال حاجة لنا كحملة‬
‫دعوة بخدماتهم في هذا المجال‪ ،‬فالرسول صلى اهلل عليه وسلم كان يعلم بوجودهم ولم يتصل بهم ولم‬
‫يستخدمهم مما أعلمنا ونبهنا أن حمل الدعوة وأعمالها تكون بربط األسباب بالمسببات وتحقيق اإلرهاصات‬
‫الالزمة لدعم العمل‪ ،‬أي بوسائل وأساليب أرضية‪ ،‬وهذا تشريع لنا للعمل به‪ ،‬وبعد حوالي ساعتين نقاش رجع‬
‫بخفي حنين‪.‬‬
‫وقد رأيت جهل عارم عند كثير من المسلمين بحقيقة وواقع الجن وقدراتهم‪ ،‬وجهل أكبر منه بواقع السحر‬
‫والسحرة‪ ،‬وخلط بين االثنين‪ ،‬وكما يالحظ فقد استغل بعض من ال يتقي اهلل من الدجالين المشعوذين حاالت‬
‫ومصائب الناس للتدجيل عليهم واستغاللهم مادياً بادعاء القدرة على الشفاء‪ ،‬وبالخلط أحياناً بين العالج بالقرآن‬
‫وبين العالج بالدجل‪ ،‬وقد رأيت للفائدة انتقاء بعض اآلراء واألبحاث في تلك المواضيع‪ ،‬لزيادة المعرفة‬
‫واالطالع على اآلراء في تلك المواضيع‪ ،‬مع مالحظة تحفظي الكامل على معظمها‪ ،‬وضرورة الدقة التامة‬
‫والوعي في فهم ونقاش المواضيع كافة‪ ،‬ألخذ ما يثبت بالدليل الشرعي‪ ،‬أو ترك ورفض كل ما لم يثبت بالدليل‬
‫الشرعي‪.‬‬

‫آم َّنا ِب ِه َولَن ُّن ْ‬


‫ش ِر َك‬ ‫شد فَ َ‬
‫الر ْ ِ‬
‫س ِم ْع َنا قُْرآ ًنا َع َج ًبا (‪َ )1‬ي ْه ِدي إِلَى ُّ‬ ‫استَ َم َع َنفٌَر ِّم َن ا ْل ِج ِّن فَقَالُوا إِ َّنا َ‬
‫ِ‬
‫( ُق ْل أُوح َي إِلَ َّي أ ََّن ُه ْ‬
‫طا (‪)4‬‬ ‫طً‬ ‫شَ‬ ‫يه َنا َعلَى اللَّ ِه َ‬ ‫سف ُ‬
‫ان يقُو ُل ِ‬
‫َ‬ ‫صاح َب ًة َواَل َولَ ًدا (‪َ )3‬وأ ََّن ُه َك َ َ‬
‫ِ‬
‫َح ًدا (‪َ )2‬وأ ََّن ُه تَ َعالَى َج ُّد َر ِّب َنا َما اتَّ َخ َذ َ‬ ‫ِبَر ِّب َنا أ َ‬
‫ال ِّم َن ا ْل ِج ِّن‬ ‫ون ِب ِر َج ٍ‬‫نس َي ُعو ُذ َ‬ ‫ان ِر َجا ٌل ِّم َن اإْلِ ِ‬ ‫نس َوا ْل ِج ُّن َعلَى اللَّ ِه َك ِذ ًبا (‪َ )5‬وأ ََّن ُه َك َ‬ ‫ظ َن َّنا أَن لَّن تَقُو َل اإْلِ ُ‬ ‫َوأ ََّنا َ‬
‫السماء فَوج ْد َن َ ِ‬
‫سا‬
‫اها ُمل َئ ْت َح َر ً‬ ‫س َنا َّ َ َ َ‬ ‫َح ًدا (‪َ )7‬وأ ََّنا لَ َم ْ‬‫ظ َننتُ ْم أَن لَّن َي ْب َع َث اللَّ ُه أ َ‬
‫ظ ُّنوا َك َما َ‬ ‫وه ْم َر َهقًا (‪َ )6‬وأ ََّن ُه ْم َ‬ ‫اد ُ‬‫فََز ُ‬
‫ِ‬ ‫لسم ِع فَمن ي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ِد ً‬
‫ص ًدا (‪َ )9‬وأ ََّنا اَل َن ْد ِري‬ ‫ستَم ِع اآْل َن َي ِج ْد لَ ُه ش َه ًابا َّر َ‬ ‫ش ُه ًبا (‪َ )8‬وأ ََّنا ُك َّنا َن ْق ُع ُد م ْن َها َمقَاع َد ل َّ ْ َ َ ْ‬ ‫يدا َو ُ‬ ‫َ‬
‫ق ِق َد ًدا (‬ ‫ط َر ِائ َ‬
‫ون َذِل َك ُك َّنا َ‬ ‫ون َو ِم َّنا ُد َ‬ ‫الص ِال ُح َ‬‫ش ًدا (‪َ )10‬وأ ََّنا ِم َّنا َّ‬ ‫اد ِب ِه ْم َرب ُ‬
‫ُّه ْم َر َ‬ ‫ض أ َْم أ ََر َ‬ ‫يد ِب َمن ِفي اأْل َْر ِ‬ ‫شٌّر أ ُِر َ‬ ‫أَ َ‬
‫آم َّنا ِب ِه فَ َمن ُي ْؤ ِمن‬ ‫سم ْع َنا ا ْل ُه َدى َ‬
‫ض ولَن ُّنع ِج َزهُ َهربا (‪ )12‬وأ ََّنا لَ َّما ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ًَ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ظ َن َّنا أَن لَّن ُّنع ِج َز اللَّ َه في اأْل َْر ِ َ‬ ‫‪َ )11‬وأ ََّنا َ‬
‫ش ًدا (‪)14‬‬ ‫َسلَ َم فَأ ُْولَ ِئ َك تَ َح َّر ْوا َر َ‬
‫ون فَ َم ْن أ ْ‬‫اسطُ َ‬ ‫ون و ِم َّنا ا ْلقَ ِ‬ ‫اف ب ْخسا واَل ر َهقًا (‪ )13‬وأ ََّنا ِم َّنا ا ْلم ِ‬
‫سل ُم َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ِبَر ِّبه فَاَل َي َخ ُ َ ً َ َ‬
‫ِ‬
‫اهم َّماء َغ َدقًا (‪ِ )16‬ل َن ْف ِت َنهم ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون فَ َكا ُنوا ِل َج َه َّن َم َح َ‬ ‫َما ا ْلقَ ِ‬
‫يه‬ ‫ُْ‬ ‫اموا َعلَى الطَّ ِريقَة أَل ْ‬
‫َسقَ ْي َن ُ‬ ‫استَقَ ُ‬ ‫ط ًبا (‪َ )15‬وأَلَّ ِو ْ‬ ‫اسطُ َ‬ ‫َوأ َّ‬

‫‪3‬‬
‫سا ِج َد ِللَّ ِه فَاَل تَ ْد ُعوا َم َع اللَّ ِه‬
‫َح ًدا (‪َ )18‬وأ ََّن ُه لَ َّما‬
‫أَ‬ ‫َن ا ْل َم َ‬
‫ص َع ًدا (‪َ )17‬وأ َّ‬
‫سلُ ْك ُه َع َذ ًابا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َعن ذ ْك ِر َر ِّبه َي ْ‬ ‫َو َمن ُي ْع ِر ْ‬
‫ِ‬ ‫ون َعلَ ْي ِه ِل َب ًدا (‪ُ )19‬ق ْل إِ َّن َما أ َْد ُعو َر ِّبي َواَل أُ ْ‬ ‫ام َع ْب ُد اللَّ ِه َي ْد ُعوهُ َك ُ‬
‫َح ًدا‬‫ش ِر ُك ِبه أ َ‬
‫(‪)20‬‬ ‫ادوا َي ُكو ُن َ‬ ‫قَ َ‬
‫أما السحر فال جدال بوجود سحر وسحرة‪ ،‬وقد ورد ذلك في مواضع عدة من القرآن الكريم‪ ،‬وأتت األحاديث‬ ‫ّ‬
‫النبوية الشريفة تحرم مزاولة الســــــــــــحرـ وتمنعه وتعتبره من الموبقات‪ ،‬وتحريم الشرع للسحر هو إلقرار‬
‫بوجوده واقرار بإمكانية مزاولته‪ ،‬واال ما حرمه الشرع إن لم يكن باالمكان االتيان به‪.‬‬

‫ون َّ‬ ‫ين َكفَ ُرواْ ُي َعلِّ ُم َ‬ ‫الش ْي ِ‬


‫ان َولَ ِك َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫الس ْح َر َو َما‬
‫اس ِّ‬ ‫الن َ‬ ‫اط َ‬ ‫سلَ ْي َم ُ‬
‫ان َو َما َكفََر ُ‬
‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين َعلَى ُم ْلك ُ‬ ‫اط ُ‬ ‫َواتََّب ُعواْ َما تَ ْتلُواْ َّ َ‬
‫َح ٍد َحتَّى َيقُوالَ إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َن ٌة فَالَ تَ ْكفُْر فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫ون‬ ‫وت وما يعلِّم ِ ِ‬
‫ان م ْن أ َ‬ ‫وت َو َم ُار َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُنز َل َعلَى ا ْل َملَ َك ْي ِن ِب َبا ِب َل َه ُار َ‬
‫أِ‬
‫ض ُّر ُه ْم َوالَ‬‫ون َما َي ُ‬ ‫ْن اللّ ِه َو َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫َح ٍد إِالَّ ِبِإذ ِ‬ ‫آر َ ِ ِ‬
‫ين ِبه م ْن أ َ‬ ‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه َو َما ُهم ِب َ‬
‫ض ِّ‬ ‫ِم ْن ُه َما َما ُيفَِّرقُ َ‬
‫ِ‬ ‫اآلخ َر ِة ِم ْن َخالَ ٍ‬
‫شتَراهُ ما لَ ُه ِفي ِ‬ ‫ِ‬
‫ون (‪102‬‬ ‫س ُه ْم لَ ْو َكا ُنواْ َي ْعلَ ُم َ‬ ‫ش َر ْواْ ِبه أَنفُ َ‬ ‫س َما َ‬ ‫ق َولَ ِب ْئ َ‬ ‫َينفَ ُع ُه ْم َولَقَ ْد َعل ُمواْ لَ َم ِن ا ْ َ َ‬
‫) البقرة )‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وفي رواية لبعضهم أن مسجد الجن الموجود اآلن في مكة المكرمة بني في المكان الذي وقعت فيه رواية ال‬
‫‪ 13‬جنياً ‪.‬وهم كانوا ‪ 13‬جنيا وأصبحوا في عالم الجن من الصحابة الذين آمنوا برسول اهلل وجاهدوا معه ‪...‬‬
‫والجن مخلوقات خفيفة من األثير سريعة الحركة وميزها اهلل عز وجل بقدرات ليست لإلنس أهمها السرعة‬
‫والسباحة في الكواكب والفضاء دون أن يسلب ذلك كوكب األرض خاصية االستقرار ‪..‬كما أن اهلل عز وجل‬
‫جعل الجن تعيش عشرات القرون حتى سن السبعة آالف أحيانا ‪ ..‬ومنهم من رأى األنبياء وال زال على ديانات‬
‫ولغات غابرة ‪ ..‬ومنهم من تابع التوحيد وآمن بمحمد وهم الذين قال اهلل عز وجل عنهم ‪ :‬وانا منا الصالحون‬
‫ومنا دون ذلك ‪ ...‬بعض العلماء سامحهم اهلل يلصقون صفة الشيطنة بالجن مباشرة وبشكل أوتوماتيكي كما لو‬
‫أنهم ال يقرأون هذه اآلية ‪ ..‬ومن المعلومات التى وقفت عليها ولدي اهتمام متواضع بالموضوع أن الجن‬
‫المؤمن ال يتمثل وانما يحدث ذلك من الكافر ‪ ..‬فبمجرد أن يفكر الجني في صفة امرأة أو هرة أو رجل مسن‬
‫كالذي كان يسرق التمر في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم االو دخل الى عالم حواسنا وأدركناه وهذا من‬
‫عجائب خلق اهلل ‪ ...‬وهناك العديد من كتب الروحانيات لدى الغربيين اطلعت عليها تتحدث عن عالم تحضير‬
‫األرواح وما هم في الحقيقة اال شياطين الجن يتالعبون بهم ويسلبون أموالهم ألن األرواح في علم الغيب عند‬
‫اهلل في البرزخ وال يحضرها اال خالقها عز وجل حين ينفخ في الصور ‪..‬والحقيقة أن الجني يستعين بقرين‬
‫الميت ويأخذ صفته ويتمثل في غرف تكون قليلة االضاءة وجوبا ألن الجن اليحتمل ضوء النهار الساطع فقد‬
‫وهبهم اهلل الليل للحركة وجعله لنا سكنا وبذا فان مستقراتهم في النهار أجسام اآلدميين وهي مظلمة من الداخل‬
‫وعمق األرض والكهوف والخلوات والغروب عندهم هو بمثابة الصبح عندنا فيه يستيقظون وينشطون و لذلك‬
‫أمر نبينا الكريم أن نكف صبياننا عند الغروب حيث تبدأ وثيرة نشاطنا في االنكماش لتفسح لهم المجال وهذا‬
‫من عجائب خلق اهلل الواحد القهار سبحانه وتعالى عما يشركون بديع السماوات واألرض الاله اال هو ‪.‬‬
‫هناك مسألة أخرى غريبة وهي أن اهلل جل وعال أعطاهم القدرة على اختراق الماديات ومنها أجسامنا ‪ ..‬وقد‬

‫‪4‬‬
‫تعب فريق غربي في فهم هذه الظاهرة حين وضعوا كامرات جد متطورة في قلعة كانت تؤخذ األشياء من‬
‫دواليبها ولم يدركوا كيف كان ذلك يحصل في كل مرة فوضعوا في النهاية عال مة استفهام كبيرة وتوقفوا‬
‫وأغلق البحث ‪ .‬ولو أنهم قرأوا عن بلقيس في القرآن التى وجدت عرشها عند سليمان عليه السالم قبل أن‬
‫تحضر هي لفهموا كنه عظمة اهلل عز وجل في خلقه ‪ ..‬الغربيون يستعملون شياطين الجن في السياسة والمال‬
‫والجاه ونشر السحر واألمراض واألوجاع وكثير من الرؤساء لهم كهان معينون يفتون عليهم ما يفعلون وما‬
‫يلبسون وقد كانت نانسي ريغان تستشير الكهنة حتى في لون الثوب الذي تضعه وكاهنة متران وكاهنة يلتسين‬
‫‪.....‬‬ ‫حكام روسيا ‪ ..‬الخ‬
‫هناك معلومة مهمة هي أن الجني يستطيع قراءة عقلك وليس قلبك ألن اهلل عز وجل خصه بااليمان وال يحول‬
‫بينه أحد فالشيطان محله الصدر وليس القلب ‪ ..‬قال تعالى ‪ :‬الذى يوسوس في صدور الناس ولم يقل في قلوب‬
‫الناس ألن اليمان مرتبط أوال بقرارك وهذا موضوع آخر ‪.‬أعود فأقول أنك كما ننقر على الفأرة في الحاسوب‬
‫لتأتي بالمعلومات يجعلك تفكر في أمر ليعلم ما عزمت عليه ‪ ..‬فقد تفكرمجرد تفكير في مراجعة حزب القرآن‬
‫فيشمر ويأتيك بشواغل الدنيا ‪..‬واليمنعك منه اال االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم ‪ ..‬وهذه هي أسرار‬
‫تسخيرات السحرة الذين يعبدون عظماءهم من دون اهلل ‪..‬واهلل أعلى وأعلم ‪.‬‬

‫الجان واالستعانة بهم‬

‫بالنسبة لقيام بعض المسلمين باستحضار الجان‪ ،‬الستخدام قدراتهم في تحقيق بعض الخدمات الخاصة‪ ،‬من‬
‫تطبيب وغيره‪ ،‬أو لمعرفة بعض العلوم منهم‪ ،‬أو الستخدامهم في معرفة أخبار الناس وحوادثهم والقيام‬
‫بالتجسس عليهم‪ ،‬أو لمعرفة واقع معين‪ ،‬أو لمعرفة علوم المستقبل منهم‪ ،‬وقد جرى ذلك وكثر خالل الحرب‬
‫الصليبية السابقة على العراق الستلهام البشائر منهم حول نتائج تلك الحرب‪:‬‬
‫إلي أنه‬
‫أوحي ّ‬
‫ًَّ‬ ‫المسلمون ومنهم الكافرون‪ .‬ورد في سورة الجن‪ ﴿ :‬قل‬ ‫ـ واقع الجن أنهم موجودون‪ ،‬منهم ُ‬
‫الج ِن فقالوا أنا سمعنا قرآناً عجباً* يهدي إلى ّ‬
‫الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحداَ* وأنه‬ ‫نفر من ِّ‬
‫استمع ٌ‬
‫تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة وال ولدا* وأنه كان يقول سفيهنا على اهلل شططا* وأنا ظننا أن لن تقول اإلنس‬
‫والجن على اهلل كذبا* وأنه كان رجا ٌل من اإلنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا* وأنهم ظنوا كما‬
‫ظننتم أن لن يبعث اهلل أحدا* وأنا لمسنا السماء فوجدناها ُمِلئت حرسا شديدا وشهبا* وأنا كنا نقعد منها مقاعد‬
‫أشر أريد بمن في األرض أم أراد بهم ربهم رشدا*‬
‫للسمع فمن يستمع اآلن يجد له شهابا رصدا* وأنا ال ندري ٌّ‬
‫وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا* وأنا ظننا أن لن نعجز اهلل في األرض ولن نعجزه هربا*‬
‫وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فال يخاف بخسا وال رهقا* وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون‬
‫فمن أسلم فاؤلئك تحروا رشدا* وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا* ﴾ الجن‪ 15-1‬ومفهوم اآليات السابقات‬
‫ُيعلمنا أن من الجان المسلم ومنهم الكافر كما في اإلنسان‪ ،‬ال بل أن استعانة اإلنسان بالجان تقوده إلى متاهات‬
‫وضالالت ال يعرف سوى اهلل تعالى نهايتها‪ ،‬ربما تصل أحيانا إلى الكفر والعياذ باهلل تعالى‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ـ إن أمكن اتصال البشر بالجان وإ جراء المحادثات معهم ـ وأظنه ممكن بغاية السهولة ـ فال يوجد ما يمنع مجرد‬
‫االتصال شرعا‪ ،‬فهو من المباحات‪ ،‬ويتعلق في مثل هذا االتصال األحكام الشرعية المختلفة حسب نوع ذلك‬
‫االتصال‪ .‬ومن المالحظ أن معظم المتصل بهم من الجن هم من الكفار‪ ،‬وهؤالء لم يحققوا للمتصل بهم رغبات‬
‫إال بعد قيامه بإجابة طلبات معينة لهم ( على قاعدة خدمة مقابل خدمة )‪ ،‬ومعظمها أعمال مخالفة للشرع‪ ،‬فمثل‬
‫تلك االتصاالت وما يتبعها هي من المحرمات شرعا‪.‬‬
‫ـ واقع الجان أنهم موجودين منذ بدأ الخلق‪ ،‬وقد استعملهم سليمان في بعض األعمال‪ ،‬وبما أن شرع من قبلنا‬
‫ليس شرعا لنا‪ ،‬فال ُي ِ‬
‫لز ُمنا استخدام سليمان لهم‪ ،‬وقد كانوا موجودون زمن الرسول صلى اهلل عليه وسلم فلم‬
‫يستخدمهم ال في أعمال الدعوة وال في غيرها‪ ،‬ولم يستعملهم في استطالع أخبار العدو في المعارك‪ ،‬وال في‬
‫معرفة علوم الغيب كما يفعل الناس اليوم‪ ،‬كما لم يلتجئ إليهم صحابته وال الخلفاء وقواد الجيوش بعده‪ ،‬مما‬
‫ُيرشدنا لعدم جدوى وتفاهة ذلك‪ ،‬ومما يوجهنا إلى أن أعمال الدعوة تتم بوسائل بشرية فقط‪.‬‬
‫ـ بعد استقراء واقع اتصال الناس بهم‪ُ ،‬و ِج َد أن قدرات الجن محدودة‪ ،‬وأن ما يرويه الناس عن قدراتهم ُمبالغ‬
‫به‪ ،‬حتى لقد ثبت فشلهم الذريع في مجال الطب‪ ،‬وان نجحوا في عالج البشر أحيانا‪ ،‬فأرى من هذا المنطلق أن‬
‫االستعانة بهم هي مضيعة للوقت‪ ،‬خاصة بعد تقدم العلوم الطبية لدى البشر‪.‬‬
‫ـ ممكن أن تكون علومهم ومعلوماتهم فيما حصل من أعمال غزيرة‪ ،‬إال أن من الكذب االدعاء بمعرفتهم علوم‬
‫الغيب فال يعلم الغيب إال اهلل تعالى‪ ،‬لذا فمن الخطورة الشديدة االستعانة بهم لمعرفة علوم الغيب واستلهام‬
‫البشائر‪ ،‬ويحرم شرعا القيام بذلك‪.‬‬
‫ـ لقد ثبت اتصال واستخدام بعض أجهزة المخابرات الكافرة بهم‪ ،‬وأنا على قناعة أن من يتصل بهم الناس في‬
‫منطقتنا هم من المجندين لدى مخابرات يهود‪ ،‬وهؤالء كفار ومنافقون َي َّد َ‬
‫َعون اإلسالم لتحقيق غايات‬
‫تخدميهم‪ ،‬حتى أن بعضهم قد أوهم السذج من المتصلين بهم أنهم من حملة الدعوة‪ ،‬وأنهم يخدمونهم‬ ‫مس ِ‬
‫ُ ْ‬
‫لمنفعة الدعوة وضد الكفار‪ ،‬ولم ينطلي هذا على من أنعم اهلل عليهم بالوعي واالستنارة‪.‬‬
‫ـ مع قرب حلول الغزو الصليبي للعراق‪،‬ـ سمعنا بمن يدعي أن مالئكة الرحمن يتصلون به‪ ،‬وبناء عليه ينشر‬
‫البشائر بين الناس بأن اهلل سيدمر الجيش الغازي أوله وآخرة‪.....‬ـ‪ ،‬ومع أننا نأمل أن يتم ذلك‪ ،‬أسأل‪ :‬أليس‬
‫من الممكن أن من يتصل به من منافقي الجن عمالء المخابرات الكافرة ؟ خاصة وأنه لم يرد اتصال المالئكة‬
‫بأي من البشر ـ بما فيهم الصحابة رضوان اهلل عليهم ـ بعد الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولم يرد أي نص أو‬
‫سل واألنبياء ومن‬
‫الر ُ‬
‫دليل شرعي يوحي بإمكانية حدوث مثل ذلك‪ ،‬والمالئكة هم مبلغون عن اهلل تعالى للبشرـ ُ‬
‫اختارهم اهلل تعالى وفضلهم عن العالمين ألمر عظيم كمريم بنت عمران أم السيد المسيح ـ ‪ .‬وبعد نزول آية‪﴿ :‬‬
‫يبق ضرورة لتبليغ البشر غير ما‬
‫اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم ديناً ﴾ لم َ‬
‫ورد في القرآن الذي لم يفرط اهلل به من شئ لقوله تعالى‪ ﴿ :‬وما فرطنا في الكتاب من شئ ﴾ ‪.‬‬
‫ـ حديثا قرأت كتابا أهداني مؤلفه نسخة منه‪ ،‬يركز به كاتبه على أن عدم التعوذ باهلل من الشيطان هي خطيئة‪،‬‬
‫بل أولى خطايا اإلنسان التي يعقبها باقي الخطايا‪ ،‬ويسرد فيه محاولة قام بها المؤلف ـ تحت تأثره برواية‬
‫توفيق الحكيم "الشهيد" التي ينعتها فيما بعد بالكفرـ بما لم يسبقه إليه أحد وهو إجراء حوار مع إبليس لمحاولة‬
‫هدايته !! حيث يقول‪ ( :‬لقد وصل بي الغباء إلى محاولة هداية إبليس‪ ،‬فاتبعت طريقة تغري إبليس بالقدوم‬

‫‪6‬‬
‫إلي‪)....‬ـ وبعد عدة جلسات مع أبي ُم ّرة كما يدعي مؤلف الكتاب أو يتوهم ذلك‪ ،‬كانت النتيجة المحتومة التي‬
‫يرويها مؤلف الكتاب نفسه‪ ( :‬قد ال يصدق أحدكم أن ذلك قد تم‪ ،‬لذا أخبركم أن هذه المغامرة قد أدت إلى‬
‫دخولي مستشفى األمراض النفسية‪ ....‬وهي مغامرة غير محمودة العواقب‪ ،‬ودفعت لها الثمن غاليا وال أزال‬
‫أدفع‪(.‬‬
‫ولمعرفتي الشخصية وصداقتي الحميمة لمؤلف الكتاب وتقواه وورعه وعلمه الغزير ـ وهو يحمل شهادة‬
‫أكاديمية محترمة ـ وكان له أبحاث واعية في إثبات وجود اهلل تعالى‪ ،‬ونقاشات هادفة مع مشاهير العلماء في‬
‫الصحف‪ ،‬وغيرها من األبحاث الهادفة‪ ،‬وقام بمحاولته تلك أثناء الغزو الصليبي األول للعراق‪ ،‬وتحت تأثير‬
‫األمل الزائد‪ ،‬المقرون باألوهام والخياالت‪ ،‬قام بمحاولته الغير مسئولة والغير محمودة النتائج‪ ،‬مما أوقعه فيما‬
‫نوه إليه من مشاكل عانى منها كثيراً وال يزال يعاني‪ ،‬مما لم يحسب له حساب حين أقدم على مغامرته‬
‫الطرزانية‪.‬‬
‫فأنصح كل ُمسلم يؤمن باهلل ورسوله أن يتقيد بطريقة الرسول صلى اهلل عليه وسلم َو ْح َدها في العمل‪ ،‬التي‬
‫يعلمنا أنها المحجة البيضاء التي تركها لنا‪ ،‬ولن نضل أبداً إن تمسكنا بها وعضضنا عليها بالنواجذ‪ ،‬وربط‬
‫األسباب بمسبباتها‪ ،‬وعدم اللجوء للوسائل الخفية غير البشرية‪ ،‬مثل االتصال بالجن واستلهام البشائر منهم‬
‫والتي لم ترد بطريقة شرعية‪ ،‬وخالف ذلك فأدعو اهلل تعالى أن ُيجنب كل مكابر نتيجة جهله وعناده‪.‬‬

‫) وعد اهلل الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في األرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمك َن َّن‬
‫لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ال ُيشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك‬
‫فاؤلئك هم الفاسقون‪).‬‬

‫تفسير سورة الجن‬

‫آم َّنا ِب ِه َولَن‬ ‫ُوحي إِلَ َّي أ ََّن ُه ٱستَمع َنفَر ِّم َن ٱ ْل ِج ِّن فَقَالُوۤاْ إِ َّنا س ِمع َنا قُرآناً عجباً } * { يه ِديۤ إِلَى ٱ ُّلر ْ ِ‬
‫شد فَ َ‬
‫ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ ََ ٌ‬ ‫} ُق ْل أ َ‬
‫شر َك ِبر ِّب َنآ أَحداً } * { وأ ََّن ُه تَعالَىٰ ج ُّد ر ِّب َنا ما ٱتَّ َخ َذ ص ِ‬
‫اح َب ًة َوالَ َولَداً {‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّن ِ َ‬
‫استَم َع َنفَر ِم َن ِ‬
‫الج ّن } هذا‬ ‫إلي { َّأن ُه ْ َ ٌ‬ ‫يقول ج ّل ثناؤه لنبيه محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬قل يا محمد أوحى اهلل ّ‬
‫الحق وسبيل‬ ‫ّ‬ ‫ش ِد } يقول‪ :‬يد ّل على‬ ‫س ِم ْعنا قُْرآناً َع َجباً َي ْه ِدي إلى ُّ‬
‫الر ْ‬ ‫القرآن { فَقالُوا } لقومهم لما سمعوه { َّإنا َ‬
‫أحداً } من خلقه‪.‬‬ ‫ش ِر َك َبر ِّبنا َ‬
‫فصدقناه { َولَن ُن ْ‬ ‫فآم َّنا ِب ِه } يقول‪ّ :‬‬ ‫الصواب { َ‬
‫الجن القرآن‪ ،‬كما‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وكان سبب استماع هؤالء النفر من‬
‫حدثني محمد بن معمر‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبو هشام‪ ،‬يعني المخزومي‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبو عوانة‪ ،‬عن أبي بشر‪ ،‬عن سعيد بن‬
‫الجن وال رآهم انطلق رسول اهلل‬
‫ّ‬ ‫ُجبير‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬ما قرأ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على‬
‫صلى اهلل عليه وسلم في نفر من أصحابه‪ ،‬عامدين إلى سوق عكاظ‪ ،‬قال‪ :‬وقد ِحيل بين الشياطين وبين خبر‬

‫‪7‬‬
‫السماء‪ ،‬وأُرسلت عليهم الشهب‪ ،‬فرجعت الشياطين إلى قومهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما لكم؟ فقالوا‪ :‬حيل بيننا وبين خبر‬
‫السماء‪ ،‬وأُرسلت علينا الشهب‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما حال بينكم وبين خبر السماء إال شيء حدث‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقوا فاضربوا‬
‫مشارق األرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حدث‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقوا يضربون مشارق األرض ومغاربها‪،‬‬
‫يتتبعون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر المساء قال‪ :‬فانطلق النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بنخلة‪ ،‬وهو عامد إلى سوق عكاظ‪ ،‬وهو يصلي بأصحابه صالة الفجر قال‪ :‬فلما سمعوا‬
‫القرآن استمعوا له فقالوا‪ :‬هذا واهلل الذي حال بينكم وبين خبر السماء قال‪ :‬فهنالك حين رجعوا إلى قومهم‪،‬‬
‫فآم َّنا ِبه َولَ ْن ُن ْ‬ ‫الر ْ ِ‬
‫س ِم ْعنا قرآناً َع َجباً َي ْه ِدي إلى ُّ‬
‫شر َك ِبَر ِّبنا َ‬
‫أحداً } قال‪ :‬فأنزل اهلل على‬ ‫شد َ‬ ‫فقالوا‪ :‬يا قومنا { إنا َ‬
‫الجن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫استَ َم َع َنفٌَر ِم َن ال ِج ّن } وإ نما أوحي إليه قول‬ ‫نبيه صلى اهلل عليه وسلم‪ُ { :‬ق ْل أ ُْو ِح َي َّ‬
‫إلي َّأن ُه ْ‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا مهران‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن عاصم‪ ،‬عن ورقاء‪ ،‬قال‪ :‬قدم رهط زوبعة وأصحابه مكة‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ثم انصرفوا‪ ،‬فذلك قوله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فسمعوا قراءة‬ ‫ّ‬ ‫على‬
‫ضروه قالُوا أ ْن ِ‬ ‫ستَ ِم ُع َ‬ ‫ِ‬
‫صتُوا }قال‪ :‬كانوا تسعة فيهم زوبعة‪.‬‬ ‫آن َفلَ َّما َح َ ُ‬‫ون ا ْلقُْر َ‬ ‫ص َرفْنا إلَ ْي َك َنفَراً م َن ال ِجن َي ْ‬
‫{ َوإ ْذ َ‬
‫ُحدثت عن الحسين‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬ثنا عبيد‪ ،‬قال‪ :‬سمعت الضحاك يقول في قوله‪ُ { :‬ق ْل أ ُْو ِح َي َّ‬
‫إلي‬
‫صَرفْنا إلَ ْي َك َنفَراً ِم َن ال ِج ّن }‬ ‫ِ‬
‫استَ َم َع َنفٌَر م َن ال ِج ّن } هو قول اهلل وإ ذ َ‬ ‫َّأن ُه ْ‬
‫لم تُحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد فلما بعث اهلل محمدا صلى اهلل عليه وسلم حرست السماء‬
‫فتفرقت في األرض‬
‫الجن ّ‬
‫ّ‬ ‫ورميت الشياطين بالشهب‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬لقد حدث في األرض حدث‪ ،‬فأمر‬ ‫الدنيا‪ُ ،‬‬
‫الجن وسادتهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نصيبين وهي أرض باليمن‪ ،‬وهم أشراف‬ ‫لتأتيه بخبر ما حدث‪ .‬وكان أول من بعث نفر من أهل ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فبعثهم إلى تهامة وما يلي اليمن‪ ،‬فمضى أولئك النفر‪ ،‬فأتوا على الوادي وادي نخلة‪ ،‬وهو من الوادي مسيرة‬
‫نبي اهلل صلى اهلل عليه وسلم يصلي صالة الغداة فسمعوه يتلو القرآن فلما حضروه‪ ،‬قالوا‪:‬‬ ‫ليلتين‪ ،‬فوجدوا به ّ‬
‫نبي اهلل صلى‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنصتوا‪ ،‬فلما قُض َي‪ ،‬يعني فُرغ من الصالة‪َ ،‬ول ْوا إلى قومهم منذرين‪ ،‬يعني مؤمنين‪ ،‬لم يعلم بهم ّ‬
‫استَم َع َنفَر ِم َن ِ‬ ‫ص ِرف إليه‪ ،‬حتى أنزل اهلل عليه‪ُ { :‬ق ْل أ ُْو ِح َي َّ‬
‫الج ّن }‪.‬‬ ‫إلي َّأن ُه ْ َ ٌ‬ ‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولم يشعر أنه ُ‬
‫وقوله‪َّ { :‬‬
‫وأن ُه تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬معناه‪ :‬فآمنا به ولن ُنشرك‬
‫بربنا أحدا‪ ،‬وآمنا بأنه تعالى أمر ربنا وسلطانه وقُدرته‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدثني علي‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبو صالح‪ ،‬قال‪ :‬ثنا معاوية‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬في قوله‪َّ { :‬‬
‫وأن ُه تَعالى َج ُّد َر ِّبنا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫} يقول‪ :‬فعله وأمره وقُدرته‪.‬‬
‫حدثني محمد بن سعد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبي‪ ،‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ،‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬قوله { َّ‬
‫وأن ُه‬
‫تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } يقول‪ :‬تعالى أمر ربنا‪.‬‬
‫المثَّنى قاال‪ :‬ثنا محمد بن جعفر‪ ،‬قال‪ :‬ثنا شعبة‪ ،‬عن قتادة في هذه اآلية‪{ :‬‬
‫حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن ُ‬
‫تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } قال‪ :‬أمر ربنا‪.‬‬
‫السدي‪ { :‬تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } قال‪ :‬أمر‬
‫ّ‬ ‫حدثنا ابن بشار‪ ،‬قال‪ :‬ثنا عبد الرحمن‪ ،‬قال‪ :‬ثنا مهران‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن‬
‫ربنا‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ِ‬
‫صاح َب ًة َوال َولَداً }‬ ‫حدثني يونس‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ،‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ،‬في قوله‪ { :‬تَعالى َج ُّد َر ِّبنا ما اتَّ َخ َذ‬
‫قال‪ :‬تعالى أمره أن يتخذ وال يكون الذي قالوا‪ :‬صاحبة وال ولداً‪ ،‬وقرأ‪::‬‬
‫ِ‬ ‫أح ٌد اللَّ ُه َّ‬
‫أح ُد }‬
‫الص َم ُد لَ ْم َيل ْد َولم ُيولَ ْد َولَ ْم َي ُك ْن لَ ُه ُكفُواً َ‬ ‫{ ُق ْل ُه َو اللَّ ُه َ‬
‫قال‪ :‬ال يكون ذلك منه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عني بذلك جالل ربنا وذكره‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدثنا ابن عبد األعلى‪ ،‬قال‪ :‬ثنا المعتمر بن سليمان‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬قال ِ‬
‫عكرمة‪ ،‬في قوله‪َ { :‬جد َر ِّبنا } قال‪:‬‬
‫جالل ربنا‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عمارة‪ ،‬قال‪ :‬ثني خالد بن يزيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبو إسرائيل‪ ،‬عن فضيل‪ ،‬عن مجاهد‪ ،‬في قوله‪{ :‬‬
‫َّ‬
‫وأن ُه تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } قال‪ :‬جالل ربنا‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا مهران عن سفيان‪ ،‬عن سليمان التَّْي ِمي قال‪ :‬قال ِ‬
‫عكرمة‪ { :‬تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } جالل‬ ‫ّ‬
‫ربنا‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ،‬قال‪ :‬ثنا يزيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا سعيد‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قوله‪َّ { :‬‬
‫وأن ُه تَعالى َج ُّد َر ِّبنا }‪ :‬أي تعالى جالله وعظمته‬
‫وأمره‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد األعلى‪ ،‬قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ،‬عن معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬في قوله { تعالى َجد َر ِّبنا } قال‪ :‬تعالى‪ :‬أمر‬
‫ربنا تعالت عظمته‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬تعالى غنى ربنا‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدثنا ابن عبد األعلى‪ ،‬قال‪ :‬ثنا المعتمر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬قال الحسن‪ ،‬في قوله تعالى‪َ :‬ج ُّد َر ِّبنا قال‪ :‬غنى ربنا‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا مهران‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن سليمان التيمي‪ ،‬عن الحسن { تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } قال‪ :‬غنى‬
‫ربنا‪.‬‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ،‬قال‪ :‬ثنا ابن علية‪ ،‬عن أبي رجاء‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬في قوله‪ :‬تَعالى { َجد َر ِّبنا } قال‪:‬‬
‫ِغ َنى ربنا‪.‬‬
‫وعكرمة‪ ،‬في قول اهلل‪َّ { :‬‬
‫وأن ُه تَعالى‬ ‫ِ‬ ‫حدثنا الحسن بن عرفة‪ ،‬قال‪ :‬ثنا هشيم‪ ،‬عن سليمان التيمي‪ ،‬عن الحسن‬
‫َج ُّد َر ِّبنا } قال أحدهما‪ :‬غناه‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬عظمته‪.‬‬
‫الجن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وقال آخرون‪َ :‬ع ِني بذلك ّ‬
‫الجد الذي هو أبو األب‪ ،‬قالوا‪ :‬ذلك كان من كالم جهلة‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدثني أبو السائب‪ ،‬قال‪ :‬ثني أبو جعفر محمد بن عبد اهلل بن أبي سارة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي جعفر‪ { :‬تَعالى َج ُّد‬
‫الجن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َر ِّبنا } قال‪ :‬كان كالماً من جهلة‬
‫وقال آخرون‪ُ :‬ع ِني بذلك‪ِ :‬ذ ْكره‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫حدثني محمد بن عمرو‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبو عاصم‪ ،‬قال‪ :‬ثنا عيسى وحدثني الحارث‪ ،‬قال‪ :‬ثنا الحسن‪ ،‬قال‪ :‬ثنا ورقاء‪،‬‬
‫جميعاً عن ابن أبي نجيح‪ ،‬عن مجاهد‪ ،‬في قول اهلل‪ { :‬تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } قال‪ :‬ذكره‪.‬‬
‫وأولى األقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال‪ُ :‬ع ِني بذلك‪ :‬تعالت عظمة ربنا وقُدرته وسطانه‪.‬‬
‫الج ّد الذي هو أبو األب‪ ،‬أو أبو األم‪،‬‬
‫للجد في كالم العرب معنيين‪ :‬أحدهما َ‬
‫وإ نما قلنا ذلك أولى بالصواب ألن ّ‬
‫وذلك غير جائز أن يوصف به هؤالء النفر الذين وصفهم اهلل بهذه الصفة‪ ،‬وذلك أنهم قد قالوا‪ { :‬فآمنا به ولن‬
‫أم‪ ،‬فال ش ّك أنه من المشركين‪.‬‬
‫جداً أو هو أبو أب أو أبو ّ‬
‫نشرك بربنا أحداً } ومن وصف اهلل بأن له ولداً أو ّ‬
‫جد في هذا األمر‪ :‬إذا كان له حظّ فيه‪ ،‬وهو الذي ُيقال له‬
‫الج ّد الذي بمعنى الحظّ يقال‪ :‬فالن ذو ّ‬
‫والمعنى اآلخر‪َ :‬‬
‫الجن بقيلهم‪َّ { :‬‬
‫وأن ُه تَعالى َج ُّد َر ِّبنا } إن شاء‬ ‫ّ‬ ‫الب ْخت»‪ ،‬وهذا المعنى الذي قصده هؤالء النفر من‬
‫بالفارسية « َ‬
‫الملك والسلطان والقدرة والعظمة عالية‪ ،‬فال يكون له صاحبة وال ولد‪ ،‬ألن‬ ‫اهلل‪ .‬وإ نما َع َنوا أن حظوته من ُ‬
‫تضطره الشهوة الباعثة إلى اتخاذها‪ ،‬وأن الولد إنما يكون عن شهوة‬
‫ّ‬ ‫الصاحبة إنما تكون للضعيف العاجز الذي‬
‫وسلطانه وقدرته وعظمته أن‬ ‫أزعجته إلى ِ‬
‫الوقاع الذي يحدث منه الولد‪ ،‬فقال النفر من الجن‪ :‬عال ُمل ُك ربنا ُ‬
‫تضطرهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة‪ ،‬أو ِوقاع شيء يكون منه ولد‪.‬‬‫ّ‬ ‫يكون ضعيفاً ضعف خلقه الذين‬
‫نزهوا اهلل عن اتخاذ الصاحبة والولد بقوله‪{ :‬‬ ‫وقد بين عن صحة ما قلنا في ذلك إخبار اهلل عنهم أنهم إنما ّ‬
‫جدي وجديد ومجدود‪ :‬أي ذو حظّ فيما هو فيه‬ ‫اح َب ًة َوال َولَداً } يقال منه‪ :‬رجل ّ‬ ‫وأن ُه تَعالى ج ُّد ر ِّبنا ما اتَّ َخ َذ ص ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ومنه قول حاتم الطائي‪:‬‬
‫آم َّنا ِب ِه َولَن‬ ‫ُوحي إِلَ َّي أ ََّن ُه ٱستَمع َنفَر ِّم َن ٱ ْل ِج ِّن فَقَالُوۤاْ إِ َّنا س ِمع َنا قُرآناً عجباً } * { يه ِديۤ إِلَى ٱ ُّلر ْ ِ‬
‫شد فَ َ‬
‫قْ ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ْ ََ ٌ‬ ‫ُل أ َ‬
‫شر َك ِبر ِّب َنآ أَحداً } * { وأ ََّن ُه تَعالَىٰ ج ُّد ر ِّب َنا ما ٱتَّ َخ َذ ص ِ‬
‫اح َب ًة َوالَ َولَداً{‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّن ِ َ‬
‫الر َوابي َوال تَْب ُكوا ِل َم ْن قُِتال‬ ‫أُ ْغ ُزوا بني ثُ ْع ٍل فال َغ ْز ُو َج ُّد ُك ُم ُعدُّوا َّ‬
‫األعادي ِسجال‬ ‫ِ‬ ‫سقَتِْني إلَ ْي َك‬‫ام ُر ٌو َ‬
‫ُّك إ ّني ْ‬ ‫وقال آخر‪ُ :‬يَرفَّعُ َجد َ‬
‫اح َب ًة } يعني زوجة { َوال َولَداً }‪.‬‬ ‫وقوله‪ { :‬ما اتَّ َخ َذ ص ِ‬
‫َ‬
‫وأن ُه تَعالى } فقرأه أبو جعفر القارىء وستة أحرف أُخر بالفتح‪ ،‬منها‪َّ { :‬إن ُه‬
‫القراء في قراءة قوله { َّ‬ ‫واختلفت ّ‬
‫يهنا }‬ ‫وأن ُه كان يقُو ُل ِ‬
‫ساج َد ِللَّ ِه َّ‬
‫وأن الم ِ‬
‫سف ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫استَ َم َع َنفٌَر } َّ َ‬
‫ْ‬

‫كان ِرجال ِم َن اإل ْنس‬ ‫{ َّ‬


‫وأن ُه َ‬
‫}‬

‫قام َع ْب ُد اللَّ ِه َي ْد ُعوهُ‬ ‫َّ‬


‫{ وأن ُه لَ َّما َ‬
‫}‬

‫قاموا على الطَّ ِريقَ ِة‬ ‫وأن لَ ِو ْ‬


‫استَ ُ‬ ‫{ ْ‬
‫}‬
‫وكان نافع يكسرها إال ثالثة أحرف‪ :‬أحدها‪ُ { :‬ق ْل أ ِ‬
‫إلي َّأن ُه ْ‬
‫استَ َم َع َنفٌَر } والثانية‬ ‫ُوح َي َّ‬

‫‪10‬‬
‫قاموا‬ ‫وأن لَ ِو ْ‬
‫استَ ُ‬ ‫{ ْ‬
‫}‬
‫‪ ،‬والثالثة‬

‫المسا ِج َد ِللَّ ِه‬


‫وأن َ‬
‫{ َّ‬
‫}‬
‫الجن إال قوله { فَقالُوا‬
‫ّ‬ ‫وأول سورة‬
‫قراء الكوفة غير عاصم‪ ،‬فإنهم يفتحون جميع ما في آخر سورة النجم ّ‬‫وأما ّ‬
‫َّإنا ِ‬
‫سم ْعنا } ‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫{ قا َل َّإن َما ْأد ُعو َر ّبي‬
‫}‬
‫وما بعده إلى آخر السورة‪ ،‬وأنهم يكسرون ذلك غير قوله‪:‬‬
‫ِ‬
‫ساالت َر ِّب ِه ْم‬ ‫{ ِل َي ْعلَ َم ْ‬
‫أن قَ ْد ْأبلَ ُغوا ِر‬
‫}‬
‫وأما عاصم فإنه كان يكسر جميعها إال قوله‪:‬‬
‫المسا ِج َد ِللَّ ِه }‬
‫وأن َ‬ ‫{ َّ‬
‫فإنه كان يفتحها‪ ،‬وأما أبو عمرو‪ ،‬فإنه كان يكسر جميعها إال قوله‪:‬‬
‫قاموا على الطَّ ِريقَ ِة‬ ‫استَ ُ‬ ‫وأن لَ ِو ْ‬
‫{ ْ‬
‫}‬
‫س ِم ْعنا }‬
‫فإنه كان يفتح هذه وما بعدها فأما الذين فتحوا جميعها إال في موضع القول‪ ،‬كقوله‪ { :‬فَقالُ َوا َّإنا َ‬
‫وقوله‪:‬‬
‫{ قا َل َّإن َما ْأد ُعو َر ّبي‬
‫}‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬فإنهم عطفوا أن في ك ّل السورة على قوله فآمنا به‪ ،‬وآمنا بك ّل ذلك‪ ،‬ففتحوها بوقوع اإليمان عليها‪.‬‬
‫الفراء يقول‪ :‬ال يمنعنك أن تجد اإليمان يقبح في بعض ذلك من الفتح‪ ،‬وأن الذي يقبح مع ظهور اإليمان‬ ‫وكان ّ‬
‫أن كما قالت العرب‬ ‫قد يحسن فيه فعل مضارع لإليمان‪ ،‬فوجب فتح ّ‬
‫إ َذا ما ِ‬
‫َّج َن ا ْل َح َوا ِج َب ُ‬
‫والع ُيونا‬ ‫وزج ْ‬
‫َ‬ ‫يات َبَر ْز َن َي ْوماً‬
‫الغان ُ‬
‫فنصب العيون التباعها الحواجب‪ ،‬وهي ال تزجج‪ ،‬وإ نما تكحل‪ ،‬فأضمر لها الكحل‪ ،‬كذلك يضمر في الموضع‬
‫وآمنا وشهدنا‪ .‬قال‪ :‬وبقول النصب قوله‪:‬‬
‫صدقنا َّ‬ ‫الذي ال يحسن فيه َّ‬
‫آمنا ّ‬
‫قاموا على الطَّ ِريقَ ِة }‬ ‫وأن لَ ِو ْ‬
‫استَ ُ‬ ‫{ ْ‬
‫فينبغي لمن كسر أن يحذف «أن» من «لو» ألن «أن» إذا ُخففت لم تكن حكاية‪ .‬أال ترى أنك تقول‪ :‬أقول لو‬
‫فعلت لفعلت‪ ،‬وال تدخل «أن»‪ .‬وأما الذين كسروها كلهم وهم في ذلك يقولون‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫قاموا }‬ ‫وأن لَ ِو ْ‬
‫استَ ُ‬ ‫{ ْ‬
‫فكأنهم أضمروا يميناً مع «لو» وقطعوها عن النسق على ّأول الكالم‪ ،‬فقالوا‪ :‬واهلل أن لو استقاموا قال‪ :‬والعرب‬
‫سولُ ُه ِس َوا َك َولَ ِك َن لَ ْم َن ْ‬
‫جد‬ ‫ش ْي ٌء أتانا َر ُ‬
‫تدخل «أن» في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها‪ ،‬قال الشاعر‪:‬فَأُق ِ‬
‫ْس ُم لَ ْو َ‬
‫لَ َك َم ْدفَعا‬
‫الع ِتي ِ‬
‫ق‬ ‫أما َواللَّ َه ْ‬
‫أن لَ ْو ُك ْن َت حرا َوما با ْل ُحّر أ ْن َت َوال َ‬ ‫قالوا‪ :‬وأنشدنا آخر‪َ :‬‬
‫وأدخل «أن» من كسرها كلها‪ ،‬ونصب‬
‫المسا ِج َد ِللَّ ِه }‬
‫وأن َ‬ ‫{ َّ‬
‫خص ذلك بالوحي‪ ،‬وجعل‬ ‫فإنه ّ‬
‫وأن لَ ْو }‬
‫{ ْ‬
‫إلي } وما‬ ‫ِ‬
‫رده على قوله‪ { :‬أُوح َي ّ‬
‫مضمرة فيها اليمين على ما وصفت‪ .‬وأما نافع فإن ما فتح من ذلك فإنه ّ‬
‫إلي أن أقرأ به الفتح فيما كان وحياً‪ ،‬والكسر فيما كان من قول‬
‫وأحب ذلك َّ‬
‫ّ‬ ‫الجن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كسره فإنه جعله من قول‬
‫الجن‪ ،‬ألن ذلك أفصحها في العربية‪ ،‬وأبينها في المعنى‪ ،‬وإ ن كان للقراءات األُخر وجوه غير مدفوعة صحتها‪.‬‬
‫ّ‬

‫* تفسير جامع البيان في تفسير القران‪ /‬الطبري ت ‪ 310‬هـ) مصنف و مدقق(‬

‫عالم الجن‬

‫‪ .1‬أنواع الجن عند العرب‬


‫وح َّن‪ .‬وقصد بـ ( الخوافي )‬
‫جن َ‬
‫ذكر ( الجاحظ ) أن األعراب تجعل الخوافي والمستجنات جنسين‪ ،‬يقولون َّ‬
‫األرواح؛ ألنها ال ترى‪ .‬وذكر غيره أن ( الحن )‪ ،‬حي من الجن‪ ،‬كانوا قبل آدم‪ ( ،‬يقال منهم الكالب السود‬
‫البهم‪ ،‬يقال كلب ِح ِّني )‪ ،‬أو سفلة الجن وضعفاؤهم أو كالبهم‪ ،‬ومنه حديث ابن عباس‪ ،‬رضي اهلل تعالى‬
‫عنهما‪ " ،‬الكالب من الحن‪ ،‬وهي ضعفة الجن‪ ،‬فإن كان عندكم طعام فألقوا لهن‪ ،‬فإن لهن أنفساً‪ ،‬أي‬
‫تصيب بأعينها "‪ .‬و ُذكر أن ( الحن ) خلق بين الجن واإلنس‪.‬‬
‫‪ .2‬خلق الجن‬
‫الس ُم ِ‬
‫وم‪ ،‬وكذلك في قوله‬ ‫ان َخلَ ْق َناهُ ِم ْن َق ْب ُل ِم ْن َن ِ‬
‫ار َّ‬ ‫الجن مخلوقون من النار‪ ،‬كما في قوله تعالى‪َ :‬وا ْل َج َّ‬
‫ار ٍج ِم ْن َن ٍ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ان ِم ْن َم ِ‬
‫ق ا ْل َج َّ‬
‫تعالى‪َ :‬و َخلَ َ‬

‫‪12‬‬
‫والمارج‪ :‬الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد‪ .‬ومارج النار‪ :‬هو طرف اللهب‪ ،‬وطرف اللهب هو خالص‬
‫اللهب وأحسنه‪ ،‬كما قال ابن عباس‪ .‬وعن عبد اهلل بن مسعود‪ :‬هذه السموم جزء من سبعين جزءاً من‬
‫السموم‪ ،‬التي خلق منها الجان‪ ،‬ثم قرأ اآلية‪ ،‬وعن عمرو بن دينار‪ :‬من نار الشمس‪.‬‬
‫ان ِم ْن َم ِ‬
‫ار ٍج‬ ‫ور َو ُخِل َ‬
‫ق ا ْل َج ُّ‬ ‫وفي الحديث عن عائشة عن النبي‪ ،‬قالت‪ :‬قال رسول اهلل‪ُ :‬خِلقَ ْت ا ْل َمالَِئ َك ُة ِم ْن ُن ٍ‬
‫ف لَ ُك ْم‪.‬‬
‫صَ‬‫آدم ِم َّما و ِ‬ ‫ار َو ُخِل َ‬
‫ِم ْن َن ٍ‬
‫ُ‬ ‫ق َُ‬
‫‪ .3‬زمن خلق الجن‪:‬‬
‫ان‬
‫س َ‬ ‫من الواضح في القرآن الكريم أن خلق الجن سبق خلق اإلنسان‪ ،‬كما في قوله تعالى‪َ :‬ولَقَ ْد َخلَ ْق َنا ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫الس ُم ِ‬
‫وم‪.‬‬ ‫ان َخلَ ْق َناهُ ِم ْن قَْب ُل ِم ْن َن ِ‬
‫ار َّ‬ ‫س ُن ٍ‬
‫ون (‪َ )26‬وا ْل َج َّ‬ ‫ِم ْن ص ْلص ٍ ِ‬
‫ال م ْن َح َمٍإ َم ْ‬ ‫َ َ‬
‫فالخبر هنا واضح في أن الجان مخلوق قبل اإلنسان‪ .‬وقال بعض علماء المسلمين أن الجن ُخلقوا قبل آدم‪،‬‬
‫“‬ ‫بألفي سنة‪ .‬وكان خلقهم " يوم الخميس‬

‫‪ .4‬أصل الجن وعالقته بالطاقة‬

‫بناء على النصوص القرآنية‪ ،‬التي تشير إلى أن‬


‫يرى بعض الباحثين أن أصل الجن طاقة حرارية‪ ،‬وذلك ً‬
‫الجن مخلوق من نار‪ ،‬وأن هذه النار هي نار خالصة خاصة ال دخان لها‪ ،‬وأن منها تتنزل الصواعق‪،‬‬
‫ومعلوم أن الصواعق هي طاقة كهربائية‪ .‬وهذه الصواعق تتنزل من نار السموم‪ ،‬والتي منها كان خلق‬
‫الجان؛ فعلى ذلك‪ ،‬تكون مادة الجن والطاقة الكهربية واحدة‪ ،‬وهي نار السموم‪ ،‬النار الخالصة اللهب التي‬
‫ال دخان لها‪.‬‬
‫‪ .5‬أسماء الجن‬

‫أ‪ .‬إذا ُذكر الجن خالصاً قيل‪ :‬جني‪.‬‬

‫ب‪ .‬وإ ذا أُريد الذي يسكن مع الناس منهم‪ ،‬قيل‪ :‬عامر‪ ،‬وجمعه ُع َّمار‪.‬‬
‫ج‪ .‬ويقال للذين يعرضون للصبيان‪ :‬أرواح‪.‬‬
‫د‪ .‬ويقال للخبيث منهم‪ :‬شيطان‪.‬‬
‫هـ‪ .‬وللقوي‪ :‬عفريت‪.‬‬
‫‪ .6‬أصناف الجن‬

‫الجن ثالثة أصناف‪:‬‬

‫أ‪ .‬صنف يطير في الهواء‪.‬‬


‫حيات وكالب‪.‬‬
‫ب‪ .‬صنف ّ‬

‫‪13‬‬
‫ج‪ .‬صنف يحلون ويظعنون‪ ،‬وهم السعالي‪.‬‬
‫‪ .7‬طعام الجن وشرابهم‬

‫اد إِ ْخ َو ِان ُك ْم ِم ْن ا ْل ِج ِّن‪.‬‬ ‫الر ْو ِث‪َ ،‬والَ ِبا ْل ِع َ‬


‫ظ ِام‪ ،‬فَِإ َّن ُه َز ُ‬ ‫ستَ ْن ُجوا ِب َّ‬
‫ورد في الحديث أن النبي‪ ،‬قال‪ :‬الَ تَ ْ‬
‫كما أن طعام الجن مثل طعام اإلنسان‪ ،‬أحياناً‪ ،‬وهم يشاركونه أكله في بعض األحيان‪ .‬فقد روي عن عمر بن‬
‫الخطاب‪ ،‬أنه سأل المفقود‪ ،‬الذي استهوته الجن‪ :‬ما كان طعامهم؟ قال‪ :‬الفول‪ .‬قال‪ :‬فما كان شرابهم؟ قال‪:‬‬
‫الجدف‪ .‬ورووا أن طعامهم الرمة‪ ،‬وما لم يذكر اسم اهلل عليه"‪.‬‬
‫‪ .8‬كيفية أكل الجن‬
‫ذهب بعض الناس إلى أن الجن يمضغون الطعام‪ ،‬وقيل يبلعون بال مضغ‪ .‬وذهب آخرون إلى أنهم ال‬
‫يأكلون وال يشربون‪ .‬وهم الصنف الذي كالريح‪ .‬وذهب فريق آخر إلى أنهم صنفان‪ :‬صنف يأكل ويشرب‪،‬‬
‫وصنف ال يأكل وال يشرب‪ ،‬وهم خالصتهم‪ ،‬وإ نما يتغذون عن طريق الشم‪.‬‬
‫‪ .9‬تزاوج الجن‬
‫يظهر أن الجن يتزاوجون ويتناسلون‪ ،‬وقد دل القرآن الكريم على ذلك‪ ،‬كما في قوله تعالى في حديثه عن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪ .‬وقوله تعالى‪ :‬أَفَتَتَّخ ُذو َن ُه َو ُذِّريَّتَ ُه أ َْوِل َي َ‬
‫اء‪ .‬فوضح من اآلية أن‬ ‫الحور العين‪ :‬لَ ْم َي ْطمثْ ُه َّن إِ ْن ٌ‬
‫س قَْبلَ ُه ْم َوالَ َج ٌّ‬
‫له ذرية‪ ،‬مما يدل على التناسل‪.‬‬
‫وذكر وهب بن منبه أن الجن نوعان‪ :‬نوع جن خالص‪ ،‬وهؤالء ريح ال يأكلون وال يشربون وال يموتون‬
‫وال يتوالدون‪ ،‬ومنهم أجناس يفعلون هذا كله‪ ،‬مثل السعالي والغول‪ ،‬وهي أنواع من الجن‪ ،‬وأشباه ذلك‪،‬‬
‫ونوع آخر‪.‬‬
‫‪.10‬تشكل الجن‬
‫الجن لهم قدرة على التشكل بأشكال مختلفة‪ ،‬من اإلنسان والحيوان؛ فقد يتشكل الجان في صورة حيوان‪،‬‬
‫وخاصة الكلب األسود والقط األسود‪.‬‬
‫الر ْح ِل فَِإ َذا لَ ْم َي ُك ْن َب ْي َن‬ ‫ان ب ْي َن ي َد ْي ِه ِمثْ ُل ِ‬
‫آخ َر ِة َّ‬ ‫ستُُرهُ إِ َذا َك َ َ َ‬ ‫صلِّي فَِإ َّن ُه َي ْ‬
‫َح ُد ُك ْم ُي َ‬
‫ام أ َ‬ ‫ِ‬
‫وجاء في الحديث أن إ َذا قَ َ‬
‫َس َو ُد‪ ،‬قيل السبب في ذلك ألنه شيطان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ْح ِل فَِإ َّن ُه َي ْق َ‬ ‫ي َد ْي ِه ِمثْ ُل ِ‬
‫آخ َر ِة َّ‬
‫ب األ ْ‬ ‫صالَتَ ُه ا ْلح َم ُار َوا ْل َم ْرأَةُ َوا ْل َك ْل ُ‬‫طعُ َ‬ ‫َ‬
‫وعلل ابن تيمية السواد هنا بقوله‪ ( :‬السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة حرارة )‪ ،‬وكذلك‬
‫الحيات‪.‬‬
‫يظهر الجان أحيانا في شكل ّ‬
‫وقد تتمثل الجن في صور حيوانات ذات شعر كثيف‪ ،‬وذلك هو تصور الشعوب السامية لها؛ لذلك قيل لها (‬
‫سعريم ) ‪ ،‬أي ذات الشعر‪ ،‬في العبرانية‪ .‬وهي تختار األماكن الموحشة المقفرة في الظالم‪ ،‬مثل رهبان‬
‫الليل‪ ،‬وتذهب مع الحيوانات‪ ،‬التي تنفر من اإلنسان‪ ،‬مثل النعامـة‪.‬‬
‫‪ .11‬قدرات الجن‬
‫جاء في القرآن الكريم ما يدل على أن الجن لهم قدرات هائلة في القوة والسرعة واالنتقال‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قصة الجني مع النبي سليمان‪ ،‬عندما عرض عليه أن يأتيه بعرش ملكة سبأ قبل أن يقوم من مقامه‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫والمهارة‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬ ‫ومن قدراتهم‪ ،‬كذلك‪ ،‬عملهم للنبي سليمان أعماالً كثيرة‪ ،‬تدل على الذكاء‬
‫اب‬ ‫يب َوتَ َم ِاثي َل َو ِجفَ ٍ‬
‫ان َكا ْل َج َو ِ‬ ‫َم َح ِ‬
‫ار َ‬ ‫اء ِم ْن‬
‫ش ُ‬ ‫ْن َر ِّب ِه‪ .‬ثم قال‪َ :‬ي ْع َملُ َ‬
‫ون لَ ُه َما َي َ‬ ‫َو ِم َن ا ْل ِج ِّن َم ْن َي ْع َم ُل َب ْي َن َي َد ْي ِه ِبِإذ ِ‬
‫ور ر ِ‬
‫اس َيات‬ ‫َوقُ ُد ٍ َ‬
‫‪ 12.‬عجز الجن‬
‫ومع قدرات الجن الهائلة‪ ،‬إالّ أن فيهم جوانب عجز‪ ،‬ولقدراتهم حداً معيناً ال يتعدونه؛ فهم ال يستطيعون‬
‫عز وج ّل ـ مع‬ ‫اإلتيان بالمعجزات‪ ،‬وال يستطيعون أن يأتوا بمثل القرآن الكريم‪ ،‬مثالً‪ .‬فقد تحداهم اهلل ـ ّ‬
‫ون ِب ِمثِْل ِه‬ ‫َن َيأْتُوا ِب ِمثْ ِل َه َذا ا ْلقُْر ِ‬
‫ءآن الَ َيأْتُ َ‬ ‫س َوا ْل ِج ُّن َعلَى أ ْ‬ ‫اجتَ َم َع ِت ِ‬
‫اإل ْن ُ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬في قوله تعالى‪ُ :‬ق ْل لَ ِئ ِن ْ‬
‫يرا‪.‬‬ ‫ظ ِه ً‬‫ض َ‬‫ض ُه ْم ِل َب ْع ٍ‬
‫ان َب ْع ُ‬
‫َولَ ْو َك َ‬
‫َن‬
‫ط ْعتُ ْم أ ْ‬ ‫س إِ ِن ْ‬
‫استَ َ‬ ‫ش َر ا ْل ِج ِّن َو ِ‬
‫اإل ْن ِ‬ ‫ام ْع َ‬
‫كما ال يستطيعون أن يتجاوزوا حدوداً معينة في الفضاء‪ .‬قال تعالى‪َ :‬ي َ‬
‫ان (‪)34‬‬ ‫َي أَالَ ِء َر ِّب ُك َما تُ َك ِّذ َب ِ‬
‫ان (‪ )33‬فَِبأ ِّ‬ ‫طٍ‬‫س ْل َ‬ ‫ض فَا ْنفُ ُذوا الَ تَْنفُ ُذ َ َّ‬
‫ون إِال ِب ُ‬
‫السمو ِ‬
‫ات َواأل َْر ِ‬ ‫طِ‬
‫ار َّ َ َ‬ ‫تَ ْنفُ ُذوا ِم ْن أَ ْق َ‬
‫ص َر ِ‬ ‫ار و ُنحاس فَالَ تَْنتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪ .‬كما ال يفتحون األبواب المغلقة‪ ،‬وال يستطيعون أن‬ ‫ش َواظٌ م ْن َن ٍ َ َ ٌ‬
‫س ُل َعلَ ْي ُك َما ُ‬
‫ُي ْر َ‬
‫يلحقوا أذى بأي إنسان‪ ،‬ما لم يكن قدَّره اهلل عليه‪.‬‬
‫ومن دالئل قدراتهم‪ ،‬أنهم قد سبقوا اإلنسان لريادة الفضاء‪ ،‬قبل آالف السنين‪ .‬فقد كانوا يسترقون السمع‪،‬‬
‫ش ُه ًبا (‪َ )8‬وأ ََّنا ُك َّنا َن ْق ُع ُد‬ ‫ش ِد ً‬
‫يدا َو ُ‬ ‫سا َ‬ ‫السماء فَوج ْد َن َ ِ‬
‫اها ُمل َئ ْت َح َر ً‬ ‫س َنا َّ َ َ َ َ‬ ‫فلما بعث النبي ـ أخبرت الجن‪َ :‬وأ ََّنا لَ َم ْ‬
‫ِ‬ ‫ستَ ِم ِع َ‬ ‫اع َد ِل َّ‬
‫ِم ْنها مقَ ِ‬
‫اآلن َي ِج ْد لَ ُه ش َه ًابا َر َ‬
‫ص ًدا‬ ‫لس ْم ِع فَ َم ْن َي ْ‬ ‫َ َ‬
‫‪ .13‬نقلهم األخبار والصور‬
‫ذكر ابن تيمية‪ :‬أن بعض الشيوخ الذين كان لهم اتصال بالجن أخبره‪ " :‬إن الجن يرونه شيئاً براقاً مثل‬
‫إلي كالم‬
‫الماء والزجاج‪ ،‬ويمثلون له فيه ما يطلب منه من اإلخبار به‪ .‬قال‪ :‬فأخبر الناس به‪ .‬ويوصلون َّ‬
‫“‬ ‫من استغاث بي من أصحابي‪ ،‬فأجيبه‪ ،‬فيوصلون جوابي إليه‬
‫‪ .14‬مساكن الجن‬
‫قيل يسكنون الخراب والفلوات ومواضع النجاسات‪ ،‬كالحمامات والحشوش والمزابل‪ .‬وقد جاءت األحاديث‬
‫النبوية في النهي عن الصالة في هذه األماكن‪ ،‬ألنها مأوى الجن والشياطين‪ .‬كما سكنت الجن المواضع‬
‫المظلمة‪ ،‬والفجوات العميقة فيها وباطن األرض‪ .‬لذلك‪ ،‬قيل لها‪ :‬ساكنو األرض‪.‬‬
‫وقال البعض سكنت المقابر‪ .‬والمقابر هي من المواضع الرئيسية المأهولة بالجن‪ ،‬ولذلك يخشى كثير من‬
‫الناس ارتيادها ليالً‪ .‬وهى ال بد أن تكون على هذه الصفة‪ ،‬فهي مواطن الموتى‪ ،‬وأرواح الموتى تطوف‬
‫على القبور‪ ،‬والموت نفسه شيء مخيف‪ ،‬والجن أنفسها أرواح مخيفة؛ فهل يوجد موضع أنسب من هذا‬
‫الوضع لسكن الجن؟‪.‬‬
‫‪.15‬بلدان الجن‬
‫تزعم األعراب أن الجن سكنت ( وبار ) ‪ .‬وحمتها من كل من أرادها‪ ،‬وهي بالد من أخصب بالد العرب‪،‬‬
‫وأكثرهـا شجراً‪ ،‬وأطيبها ثمراً‪ ،‬وأكثرها َحباً وعنباً‪ .‬فإن دنا إنسان من تلك البالد‪ ،‬متعمداً أو غالطاً‪ ،‬حثوا‬
‫في وجهه التراب‪ ،‬فإن أبى الرجوع خبلوه‪ ،‬وربما قتلوه‪ .‬فليس في تلك البالد إالّ الجن واإلبل الوحشية‪.‬‬
‫وقد زعموا أن ( يبرين ) من مواطن الجن‪ .‬وكانت في األصل مواضع عاد‪ ،‬فلما هلكت‪ ،‬سكنتها قبائل‬

‫‪15‬‬
‫الجن‪ .‬وقد روى أهل األخبار قصصاً عنها‪ ،‬وعن اتصالها باإلنسان‪ .‬وزعم بعض منهم أن ( النسناس )‪،‬‬
‫هم قوم من الجن‪.‬‬
‫وقد ورد مثل هذه األقوال عن مواضع أخرى‪ ،‬كانت عامرة آهلة‪ ،‬ثم أقفرت‪ ،‬مثل ِ‬
‫الحجر موضع ديار ثمود‪،‬‬
‫مما يدل على أن من اعتقادات العرب‪ ،‬قبل اإلسالم‪ ،‬هو أن المواضع التي تصيبها الكوارث‪ ،‬تكون بعد‬
‫هالك أصحابها مواطن للجن‪ .‬وهذه األساطير تتداول عند العبرانيين‪ ،‬وعند غيرهم من الشعوب‪.‬‬
‫وأشير في شعر ( لبيد ) إلى ( جن البدي )‪ .‬قيل‪ " :‬والبدي‪ :‬البادية‪ ،‬أو موضع بعينه "‪ .‬وقيل واد لبني‬
‫عامر‪ .‬وأشار ( النابغة ) إلى ( جنة البقار )‪ .‬وذكر إن البقار واد‪ ،‬أو رملة‪ ،‬أو جبل‪ ،‬سكنته الجن‪ ،‬فنسبت‬
‫إليه‪ .‬وأشير إلى ( جنة عبقر ) في شعر ( زهير ) و ( لبيد ) و ( حاتم )‪ .‬وعبقر أرض بالبادية كثيرة‬
‫الجن‪ ،‬وذكر بعضهم أنها باليمن‪.‬‬
‫وعبقر قرية يسكنها الجن فيما زعموا‪ ،‬فكلما رأوا شيئاً غريباً مما يصعب عمله‪ ،‬أو شيئاً عظيماً في‬
‫نفسه‪ ،‬نسبوه إليها‪ .‬ولهذا قالوا‪ :‬العبقري للسيد الكامل من كل شيء‪ ،‬وللذكي الممتاز‪.‬‬

‫‪ .16‬مجتمع الجن‬
‫تتألف الجن من عشائر وقبائل‪ ،‬تربط بينها رابطة القربى وصلة الرحم‪ .‬وهي كأي عشائر أو قبائل ُر ّحل‪،‬‬
‫تتقاتل فيما بينها‪ ،‬ويغزو بعضها بعضاً‪ .‬ولها أسماء‪َ ،‬ذ َك َر بعضاً منها أهل األخبار‪ ،‬كما أن لها ملوكاً‬
‫وحكاماً وسادات قبائل‪ .‬فهي في حياتها تحيا على شكل نظام حياة الناس‪ .‬وإ ذا اعتدى معتد على جان‬
‫انتقمت قبيلته كلها من المعتدي أو المعتدين‪ .‬وبين قبائل الجن عصبية شديدة‪ ،‬كعصبية القبيلة عند‬
‫الجاهليين‪ ،‬وهي تراعي حرمة الجوار‪ ،‬وتحفظ الذمم والعقود وتعقد األحالف‪ .‬ومن قبائل الجن ( بنو‬
‫غزوان ) أو ( بنو عزوان )‪ .‬وقد تتقاتل طوائف من الجن‪ ،‬فيثير قتالها عواصف الغبار‪ ،‬ولذلك فسر‬
‫الجاهليون حدوث العواصف والزوابع بفعل الجن‪ .‬وتوافق هذه الفكرة فكرة إحداث الجن للرياح والعواصف‬
‫مع ما ورد في المزامير من أسفار التوراة‪.‬‬
‫وهم مثل البشر‪ ،‬فيهم الحضر‪ ،‬أهل القرار‪ ،‬وفيهم المتنقلة وهم أعراب الجن‪ ،‬وفيهم من يسير بالنهار‪،‬‬
‫سراة الجن )‪ ،‬و( السراة )‪.‬وللجن‪ ،‬كما لإلنس‪ ،‬سادة ورؤساء وعظماء‪،‬‬
‫وفيهم من يسير بالليل‪ ،‬وهم ( َ‬
‫يقال لهم‪ :‬الشنقناق والشيصبان‪ .‬وقد ذكر ذلك في شعر ( بشار بن برد) ‪ ،‬وفي شعر حسان بن ثابت‬
‫كذلك‪.‬وعقد الجاهليون أحالفاً مع الجن‪ ،‬على التعاون والتعاضد؛ فقد ُذكر أن قوماً من العرب‪ ،‬كانوا قد‬
‫تحالفوا مع قوم من الجن من ( بني مالك بن أقيش(‪.‬‬
‫‪ ..17‬حيوانات الجن‬
‫الحوشي‪ ،‬من اإلبل‪ ،‬من نسل إبل الجن‪ .‬ويقال إنها منسوبة إلى ( الحوش )‪ ،‬بالد الجن من وراء رمل‬
‫يبرين‪ ،‬ال يمر بها أحد من الناس‪ .‬وقيل هم من بالد الجن‪ .‬وقيل الحوشية إبل الجن‪ ،‬أو منسوبة إلى‬
‫الحوش وهي فحول جن‪ ،‬تزعم العرب أنها ضربت في نعم ( بني مهرة بن حيدان ) فنتجت النجائب‬
‫المهرية‪ ،‬من تلك الفحول الوحشية‪ ،‬فنسبت إليها‪ ،‬فهي ال يكاد يدركها التعب!‬

‫‪16‬‬
‫‪ .18‬علف دواب الجن‬
‫أخبر النبي‪ ،‬في حديث ورد في صحيح مسلم‪ ،‬أن علف دوابهم بعر دواب اإلنس‪.‬‬

‫‪.19‬الغول‬
‫جمع َغ ْولَة أو غولة‪ ،‬وبالعامية هولة ألنها تهول اإلنسان‪ .‬والعرب كانوا إذا سافروا أو ذهبوا يميناً وشماالً‬
‫تلونت لهم الشياطين بألوان مفزعة مخيفة‪ ،‬فتدخل في قلوبهم الرعب والخوف‪ ،‬فتجدهم يكتئبون‬
‫ام َة َوالَ َن ْو َء َوالَ‬
‫ويستحسرون عن الذهاب إلى هذا الوجه الذي أرادوا‪ .‬لذا‪ ،‬قال رسول اهلل‪ ،‬الَ َع ْد َوى َوالَ َه َ‬
‫صفََر‪ .‬وقصد رسول اهلل من نفي الغول‪ ،‬ليس نفي وجودها‪ ،‬وإ نما نفى تأثيرها‪ ،‬فال ينبغي للمسلم أن يلتفت‬ ‫َ‬
‫أما إن كان معتمداً على اهلل‪ ،‬غير‬
‫إليها‪ .‬وأكثر ما يبتلي اإلنسان‪ ،‬بهذه األمور‪ ،‬إذا كان قلبه معلقاً بها‪ّ ،‬‬
‫مبال بها؛ فال تضره‪ ،‬وال تمنعه عن جهة مقصده‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قصص الغول من أشهر القصص الجاهلية المذكورة عن الجن‪ ،‬ومع خطر الغول وشراسته في رأي‬
‫الجاهلين‪ ،‬ورد في قصصهم تزوج رجال من اإلنس منهم‪ .‬وورد أن الشاعر‪ ،‬تأبط شراً‪ ،‬تعرض بغيلة (‬
‫أنثى الغول )‪ .‬فلما امتنعت عليه‪ ،‬جللها بالسيف فقتلها‪ .‬ويروى أنه من الممكن قتل الغول بضربة سيف‪.‬‬
‫أما إذا ضربت مرة ثانية‪ ،‬فإنها تعيش ولو من ألف ضربة‪ .‬وهكذا تروى القصص بتغلب اإلنسان على‬
‫ّ‬
‫الغيلة‪ ،‬في بعض األحيان‪ .‬وأكثر قصص الغول منسوب إلى " تأبط شراً "‪.‬‬
‫التلون‪ ،‬والظهور بصور مختلفة‪ ،‬واالغتيال‪ .‬ويرى بعضهم أن‬
‫ويرى علماء اللغة أن من معاني ( الغول ) ّ‬
‫وأما ذكرها فيسمى ( قطرباً )‪.‬‬
‫الغول أنثى‪ّ ،‬‬
‫وذكر في وصف غدر الغيالن باإلنسان‪ ،‬أنها إذا أرادت أن تضل إنساناً أوقدت له ناراً‪ ،‬فيقصدها‪ ،‬فتدنوا‬
‫منه‪ ،‬وتتمثل له في صور مختلفة‪ ،‬فتهلكه روعاً‪ ،‬وأن خلقتها خلقة إنسان‪ ،‬ورجالها رجال حمار‪.‬‬
‫وقيل أن كون رجلي الغول رجلي حمار هو الذي دفع النبي سليمان بن داود لوضع الممرد أمام بلقيس‪،‬‬
‫يل لَ َها ْاد ُخِلي َّ‬
‫الص ْر َح َفلَ َّما َرأَتْ ُه‬ ‫من أجل أن تكشف عن ساقيها‪ ،‬ويتأكد من هذه األسطورة‪ ،‬قال تعالى‪ِ :‬ق َ‬
‫ظلَم ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َح ِس َبتْ ُه لُ َّج ًة َو َك َ‬
‫ت َم َع‬ ‫َسلَ ْم ُ‬
‫ت َن ْفسي َوأ ْ‬ ‫ص ْر ٌح ُم َم َّر ٌد م ْن قَ َو ِار َير قَالَ ْت َر ِّب إِ ِّني َ ْ‬
‫ساقَ ْي َها قَا َل إِ َّن ُه َ‬
‫شفَ ْت َع ْن َ‬
‫ان ِللَّ ِه َر ِّب ا ْل َعالَ ِمين‪.‬‬
‫سلَ ْي َم َ‬‫ُ‬
‫وذكروا أن الغول اسم لكل سيئ من الجن‪ ،‬يعرض للسفار‪ ،‬ويتلون في ضروب الصور والثياب‪ ،‬ذكراً كان‬
‫تلون الغول‪:‬‬
‫أو أنثى‪ .‬وقد قال كعب بن زهير‪ ،‬الشاعر الصحابي‪ ،‬الذي مدح رسول اهلل‪ ،‬في وصف ّ‬
‫فما تدوم على حال تكون بها‬
‫كما تلون في أثوابها الغول‬
‫تلون الغول يقول عباس بن مرداس السلمي‪:‬‬
‫وفي ّ‬

‫أصابت العام رعالً غو ُل قومهم وسط البيوت ولون الغول ألوان‬

‫‪17‬‬
‫فالغول تتحول في أي صورة شاءت‪ ،‬وتتمثل في صور مختلفة‪ ،‬إالّ رجليها‪ ،‬فال بد من أن تكونا رجلي‬
‫حمار‪.‬‬
‫و ُذكر أن ( الغول ) و( السعالة )‪ ،‬مترادفان‪ .‬و ُذكر أن الغيالن جنس من الجن والشياطين‪ ،‬والعرب تسمي‬
‫الحيات‪ ،‬وقيل‪ :‬الشياطين‪.‬‬
‫الحية الغول‪ .‬وقيل أن ( أنياب أغوال ) الواردة في شعر المرىء القيس‪ّ ،‬‬
‫وقد روى الشاعر عبيد بن أيوب‪ ،‬شاعر ( قبيلة اسمها بنو العنبر )‪ ،‬قصصاً كثيرة عن ( الغول ) و (‬
‫السعالة )‪ .‬فقد كان يخبر في شعره أنه يرافق الغول والسعالة‪ ،‬ويبايت الذئاب واألفاعي‪ ،‬ويؤاكل الظباء‬
‫شيئا من شعره في هذا الباب‪ .‬وذكر بعض علماء اللغة‪ ،‬أن الغول الذكر‬
‫والوحش‪ .‬وقد أورد أهل األخبار َ‬
‫من الجن‪ ،‬والسعالة األنثى‪ .‬والغول ساحرة الجن‪ ،‬ويقال إن الغول تتراءى في الفالة للناس فتضلهم عن‬
‫الطريق‪.‬‬
‫س َحرة الجن‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الغيالن جنس منها‪ ،‬وأن الغيالن‬
‫وأما ( السعالي )‪ ،‬وواحدتها السعالة‪ ،‬فذكر أنها َ‬
‫هي إناث الشياطين‪ ،‬وأنها ـ أي السعالي ـ أخبث الغيالن‪ ،‬وأكثر وجودها في الغياض ( الغابات )‪ ،‬وأنها إذا‬
‫ظفرت بإنسان ترقصه وتلعب به كما يلعب القط بالفأر‪ ،‬وأن الذئب يأكل السعالة‪ .‬وذكر أن ( السعالة ) اسم‬
‫الواحدة من نساء الجن إذا لم تتغول لتفتن السفّار‪ .‬وهم إذا رأوا المرأة حديدة الطرف والذهن‪ ،‬سريعة‬
‫الحركة ممشوقة ممحصة‪ ،‬قالوا‪ :‬سعالة ‪.‬‬

‫منقول‪ :‬الصحة والحياة‬

‫قدرات الجن‬

‫قدرتهم على سرعة الحركة والتنقل‬


‫وطي المسافات في مدة قصيرة من بين القدرات التي خص اهلل بها الجن‪ ،‬وقد أخبرنا اهلل عز‬ ‫ّ‬ ‫إن سرعة الحركة‬
‫وجل عن ذلك العفريت من الجن والذي طلب منه سليمان عليه السالم أن يحضر عرش الملكة بلقيس من‬
‫يت ِّم َن ا ْل ِج ِّن أََناْ ء ِات َ ِ‬
‫اليمن إلى بيت المقدس بفلسطين في وقت قصير‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬قَا َل ِع ْف ِر ٌ‬
‫يك ِبه قَ ْب َل أَن تَقُ َ‬
‫وم‬ ‫َ‬
‫ين*﴾ سورة النمل‪ ،‬اآلية‪ ،.39:‬قال السدي وغيره‪{ :‬كان يجلس للناس للقضاء‬ ‫ي أِ‬
‫َم ٌ‬ ‫ام َك َوإِ ِّني َعلَ ْي ِه لَقَ ِو ٌّ‬
‫ِمن َّمقَ ِ‬
‫والحكومات وللطعام من أول النهار إلى أن تزول الشمس} تفسير القرآن الظيم‪ /‬ابن كثير ج‪ 3:‬ص‪،.351:‬‬
‫ذهابا تستغرق شهوراً وأياماً سيقطعها هذا‬
‫فالمسافة التي كان يقطعها الناس من فلسطين إلى اليمن فقط ً‬
‫العفريت ذهاباً وإ ياباً في ست ساعات تقريباً أو أقل حامالً عرش الملكة بلقيس العظيم‪.‬‬
‫صعود بعضهم إلى طبقات السماء العليا‬

‫‪18‬‬
‫من أصناف الجن‪ :‬صنف له أجنحة تمكنه من الطيران‪ ،‬عن أبي ثعلبة الخشني قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪﴿ :‬الجن ثالثة أصناف‪ ،‬صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون‬
‫آء‬
‫الس َم َ‬
‫س َنا َّ‬ ‫ويظعنون﴾‪ .‬وهذا الصنف الذي يطير قد يصل إلى أجواء عالية جداً في السماء قال تعالى‪َ ﴿ :‬وأ ََّنا لَ َم ْ‬
‫ِ‬ ‫ستَ ِم َع األ َ‬ ‫اع َد ِلل َّ‬
‫شهبا * وأ ََّنا ُك َّنا َن ْقع ُد ِم ْنها مقَ ِ‬ ‫ش ِد ً‬ ‫فَوج ْد َن َ ِ‬
‫ص ًدا‬‫َن َي ِج ْد لَ ُه ش َه ًابا َّر َ‬ ‫س ْم ِع فَ َمن َي ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫يدا َو ُ ُ ً َ‬ ‫سا َ‬
‫اها ُمل َئ ْت َح َر ً‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫ظا من ُك ِّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الد ْن َيا ِب ِزي َنة ا ْل َك َواك ِب * َوح ْف ً‬
‫آء ُّ‬ ‫*﴾ سورة الجن‪ ،‬اآليتان‪ ،.9-8 :‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِ َّنا َزي ََّّنا َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعلَى وي ْق َذفُ َ ِ‬ ‫ار ٍد * الَّ َي َّ‬
‫ب *﴾ سورة‬ ‫اب َواص ٌ‬ ‫ون من ُك ِّل َجان ٍب * ُد ُح ً‬
‫ورا َولَ ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫إلَ األ ْ َ ُ‬ ‫ون إلَى ا ْل َم ِ‬
‫س َّم ُع َ‬ ‫ان َّم ِ‬ ‫طٍ‬ ‫ش ْي َ‬
‫َ‬
‫ون‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫ين * تََن َّز ُل َعلَى ُك ِّل أَفاك أَثيم * ُي ْلقُ َ‬ ‫ِ‬ ‫الصفات‪ ،‬اآليات‪ .6-9 :‬وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬ه ْل أَُن ِّب ُئ ُك ْم َعلَى َمن تََن َّز ُل َّ‬
‫الش َياط ُ‬
‫ون *﴾ سورة الشعراء‪ ،‬اآليات‪ ،.221-223 :‬هذه اآليات تبين أن الجن يصعدون إلى‬ ‫الس ْم َع َوأَ ْكثَُر ُه ْم َك ِاذ ُب َ‬
‫َّ‬
‫السماء الستراق الكلمة من علم الغيب من المالئكة وينزلون بها إلى أوليائهم من اإلنس‪ .‬عن ابن عباس رضي‬
‫اهلل عنهما قال‪{ :‬إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيسمعون الكلمة من الوحي فيهبطون بها إلى األرض‬
‫فيزيدون معها تسعاً فيجد أهل األرض تلك الكلمة حقاً والتسع باطالً ‪ }...‬دالئل النبوة‪ /‬البيهقي م‪ 2:‬ص‪،.239:‬‬
‫وهذا الذي ذكره ابن عباس بينته أحاديث كثيرة منها‪﴿ :‬عن عائشة رضي اهلل عنها زوج النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أنها قالت‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬إن المالئكة تنزل في العنان ‪ -‬وهو السحاب ‪-‬‬
‫فتذكر األمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة‬
‫من عند أنفسهم﴾ صحيح البخاري‪﴿ ،.‬وعن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬أخبرني رجل من أصحاب‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم من األنصار أنهم بينما هم جالسون ليلة مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم رمي‬
‫بنجم فاستنار فقال لهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا قالوا‪:‬‬
‫اهلل ورسوله أعلم كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فإنها‬
‫ال يرمى بها لموت أحد وال لحياته ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش ثم سبح‬
‫أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا‪ ،‬ثم قال الذين يلون العرش لحملة العرش‬
‫ماذا قال ربكم فيخبرونهم ماذا قال‪ ،‬قال‪ :‬فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا‬
‫فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون به فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يقرفون فيه‬
‫ويزيدون﴾ صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،.‬فكل هذه اآليات واألحاديث واآلثار وغيرها كثير تخبر بأن هناك صنفاً‬
‫من الجن يطير في الهواء ويصل إلى السماء فيسمع منها الوحي فمنع من ذلك ورصد بسبب بعثة محمد صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومن كل ما تقدم يمكن إثبات بعض األمور منها‪:‬‬
‫أن من الجن من يطير في الهواء ويصل إلى السماء ويستخدم في طيرانه أجنحة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الد ْن َيا ِب ِزي َن ٍة‬
‫آء ُّ‬ ‫أن هذا النوع من الجن من أقوى الجن وهو المارد بدليل قوله تعالى‪﴿ :‬إِ َّنا َزي ََّّنا َّ‬
‫الس َم َ‬ ‫‪‬‬
‫ار ٍد *﴾ سورة الصفات‪ ،‬اآليات‪.7-6 :‬‬ ‫ان َّم ِ‬
‫طٍ‬ ‫ش ْي َ‬ ‫اك َب * َو ِح ْف ً‬
‫ظا ِّمن ُك ِّل َ‬ ‫ال َكو ِ‬
‫َ‬

‫يمكن إطالق اسم على هذا النوع وهو‪" :‬الجن الطيار"‬

‫قدرتهم على األعمال الشاقة‬

‫‪19‬‬
‫لقد جاءت آيات قرآنية توضح القدرات الكبيرة التي خص اهلل بها الجن ومن بينها قدرتهم على أعمال‬
‫عظيمة وشاقة ومن بين هذه اآليات قوله تعالى واصفاً ما وهبه لسليمان عليه السالم من فضل ونعمة‬
‫ون لَ ُه‬
‫ير * َي ْع َملُ َ‬‫الس ِع ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ْه ِم ْن َع َذ ِ‬
‫غ ِم ْن ُه ْم َع ْن أ َْم ِر َنا ُن ِذق ُ‬
‫ْن َر ِّب ِه َو َمن َي ِز ْ‬
‫﴿ َو ِم َن ا ْل ِج ِّن َمن َي ْع َم ُل َب ْي َن َي َد ْي ِه ِبِإذ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اسي ٍ‬‫اب وقُ ُد ٍ ِ‬ ‫يل َو ِجفَ ٍ‬ ‫اريب وتَ ِ‬ ‫ش ِ‬
‫ى‬‫ش ْك ًرا َو َقلي ٌل ِّم ْن ع َباد َ‬
‫اع َملُواْ َءا َل َد ُاو َد ُ‬‫ات ْ‬ ‫ور َّر َ‬ ‫ان َكا ْل َج َو ِ َ‬ ‫ماث َ‬ ‫آء من َّم َح ِ َ َ‬ ‫َما َي َ ُ‬
‫ور *﴾ سورة سبأ‪ ،‬اآليتان‪ ،.12-13 :‬قال مجاهد‪ } :‬المحاريب بنيان دون القصور وكانت من نحاس‬ ‫َّ‬
‫الش ُك ُ‬
‫(‪ )...‬وجفان كالجواب ج‪ :‬جابية وهي الحوض الذي يجبي فيه الماء‪ ،‬والقدور الراسيات‪ :‬الثابتات في‬
‫الشي ِ‬
‫ون لَ ُه‬
‫وص َ‬ ‫اط ِ‬
‫ين َمن َي ُغ ُ‬ ‫أماكنها ال تتحرك وال تتحول عن أماكنها لعظمها}‪ ،‬وقال سبحانه ايضاً‪َ ﴿ :‬و ِم َن َّ َ‬
‫ين *﴾ سورة األنبياء‪ ،‬اآلية‪ ،.82 :‬وقال عز وجل‪:‬‬ ‫اف ِظ َ‬
‫ون َذِل َك ج و ُك َّنا لَهم ح ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ون َع َمالً ُد َ‬ ‫َو َي ْع َملُ َ‬
‫ين ُك َّل ب َّن ٍ‬
‫آء َو َغ َّو ٍ‬ ‫الشي ِ‬
‫اص *﴾ سورة ص‪ ،‬اآلية‪ ،.37:‬فسر ابن كثير هذه اآليات بقوله}أي منهم من‬ ‫َ‬ ‫اط َ‬ ‫﴿ َو َّ َ‬
‫هو يستعمل في األبنية الهائلة من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إلى غير ذلك من‬
‫األعمال الشاقة التي ال يقدر عليها البشر‪ ،‬وطائفة غواصون في البحار يستخرجون ما فيها من الآللىء‬
‫والجواهر واألشياء النفيسة التي ال يوجد إال فيها‪{.‬‬
‫وبعض الجن لهم قدرات عجيبة في مجال االتصال تفوق بكثير ما لدى اإلنسان من هوائيات ومعلوميات‬
‫حيث حيث يقول ابن تيمية رحمه اهلل‪{ :‬ولقد أخبر بعض الشيوخ (‪ )...‬فقال‪ :‬يرونني ‪ -‬الجن ‪ -‬شيئاً براقاً‬
‫مثل الماء والزجاج ويمثلون له فيه ما يطلب منه اإلخبار به‪ ،‬قال‪ :‬فأخبر الناس به ويصلون إلي كالم من‬
‫استغاث بي من أصحابي فأجيبه فيصلون جوابي إليه‪ ،‬ويعقب ابن تيمية على ذلك بقوله‪":‬وكان كثير من‬
‫الشيوخ الذين حصل لهم كثير من هذه الخوارق إذا كذب بها من لم يعرفها وقال إنكم تفعلون هذا بطريق‬
‫الحيلة كما يدخل النار بحجر الطلق وقشور النارنج ودهن الضفادع وغير ذلك من الحيل الطبيعية فيعجب‬
‫هؤالء المشايخ ويقولون نحن واهلل ال نعرف شيئاً من هذه الحيل‪ ،‬فلما ذكر لهم الخبير إنكم لصادقون في‬
‫ذلك ولكن هذه األحوال شيطانية أقروا بذلك وتاب منهم من تاب اهلل عليه لما تبين لهم الحق‪ ،‬وتبين لهم‬
‫من وجوه أنها من الشيطان ورأوا أنها من الشياطين لما رأوا أنها تحصل بمثل البدع المذمومة في الشرع‬
‫وعند المعاصي هلل فال تحصل عندما يحبه اهلل ورسوله من العبادات الشرعية )مجموع فتاوى ابن تيمية‪/‬‬
‫م‪ 11:‬ص‪.309‬‬

‫قدرتهم على النفوذ في جسم اإلنسان‬


‫لقد أعطى اهلل عز وجل الجن قدرة عجيبة على السريان في جسم اإلنسان‪ ،‬بل أكثر من ذلك قد يتخبطه‬
‫ويتحكم فيه‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪﴿ :‬إن الشيطان يجري من اإلنسان مجرى الدم﴾ فتح الباري‪ /‬ابن‬
‫وم‬ ‫الر َبواْ الَ َيقُوم َ ِ َّ‬
‫ون إال َك َما َيقُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ون ِّ‬ ‫حجر ج‪ 6:‬ص‪ 414-415:‬رقمه‪ ،.3281:‬وقال تعالى‪﴿ :‬الَّ ِذ َ‬
‫ين َيأْ ُكلُ َ‬
‫س ج﴾ سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،.274:‬فالشيطان له قدرة على الدخول إلى بدن‬ ‫ان ِم َن ا ْل َم ِّ‬
‫ط ُ‬ ‫الَّ ِذى َيتَ َخ َّبطُ ُه َّ‬
‫الش ْي َ‬

‫‪20‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬وقد فسر ابن كثير هذه اآلية بقوله‪{ :‬ال يقومون من قبورهم يوم القيامة إال كما يقوم المصروع‬
‫حال صرعه وتخبط الشيطان له‪ ،‬ذلك أنه يقوم قياماً منكراً} تفسير القرآن العظيم‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪ ،.308:‬وقد‬
‫أجمع العلماء على أن الجن يدخل حقيقة في بدن المصروع وذكر ابن تيمية ذلك فتاواه حيث قال‪{ :‬وليس‬
‫من أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع كذب‬
‫ذلك فقد كذب على الشرع وليس في األدلة الشرعية ما ينفي ذلك)‪.‬‬

‫قدرة الجن على اختطاف اإلنسان والطيران بهم‬


‫قد يخطف الجن بعض اإلنس ويعيشون معهم في عالمهم الخاص بهم وعندما يعودون يكشفون عن‬
‫أعاجيب غريبة يشهد لذلك مجموعة من األحاديث واآلثار منها‪﴿ :‬عن عامر قال‪ :‬سألت علقمة‪ :‬أنا سألت‬
‫ابن مسعود فقال هل شهد أحد منكم مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ليلة الجن قال‪ :‬ال ولكننا كنا مع‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في األودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل‬
‫قال‪ :‬فبتنا بشر ليلة‪ ...‬الحديث﴾ صحيح مسلم بشرح النووي‪ /‬النووي م‪ 2:‬ج‪ 4:‬ص‪ ،.169-170:‬الشاهد‬
‫من هذا الحديث‪" :‬استطير واغتيل"‪ ،‬قال اإلمام النووي رحمه اهلل‪" :‬معنى استطير طارت به الجن ومعنى‬
‫اغتيل قتل سراً" فالصحابة رضوان اهلل عليهم بحكم معرفتهم بأحوال الجن خاصة وأنهم كانوا يعيشون في‬
‫مكان على شكل قبائل تحيط به الصحارى ويتناقلون أخبار الجن‪ ،‬كانوا يدركون أن للجن قدرة على‬
‫اختطاف اإلنس والطيران بهم‪﴿ ،‬وروى األثرم والجوزجاني بإسنادهم عن عبيد بن عمر قال‪ :‬فقد رجل في‬
‫عهد عمر فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال‪ :‬انطلقي فتربصي أربع سنين ففعلت ثم أتته فقال‪:‬‬
‫انطلقي فاعتدي أربعة أشهر وعشراً ففعلت ثم أتته فقال‪ :‬أين ولي هذا الرجل؟ فقال طلقها‪ ،‬ففعل‪ ،‬فقال لها‬
‫عمر انطلقي فتزوجي من شئت‪ ،‬فتزوجت ثم جاء زوجها األول فقال عمر‪ :‬أين كنت‪ .‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫استهوتني الجن فواهلل ما أدري في أي أرض اهلل أنا كنت عند قوم يستعبدونني حتى اغتزاهم منهم قوم‬
‫مسلمون فكنت فيما غنموه فقالوا لي‪ :‬أنت رجل من اإلنس وهؤالء من الجن فما لك وما لهم؟ فأخبرتهم‬
‫خبري فقالوا‪ :‬بأي أرض اهلل تحب أن تصبح؟ قلت المدينة هي أرضي فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرة‪،‬‬
‫فخيره عمر إن شاء امرأته وإ ن شاء الصداق فاختار الصداق وقال‪ :‬قد حبلت ال حاجة لي فيها﴾ المغني‬
‫والشرح الكبير على متن المقنع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل‪ /‬ابن قدامة م‪ 9:‬ص‪ ،.135:‬وقد سئل فضيلة‬
‫الشيخ عبد اهلل بن جبرين‪ :‬هل يمكن للجن اختطاف اإلنس فأجاب‪{ :‬يمكن ذلك فقد اشتهر أن سعد بن‬
‫عبادة قتلته الجن لما بال في جحر فيه منزلها فقالوا‪:‬‬
‫نحن قتلنا سيد الخز = رج سـعـد بـن عـبـاده‬
‫ورمـيـنـاه بـسـهـــم = فـلـم نـخـطـىء فـؤاده‬
‫ووقع في خالفة عمر أن رجالً اختطفته الجن وبقي أربع سنين ثم جاء وأخبر أن جناً من المشركين‬
‫اختطفوه فبقي عندهم أسيراً فغزاهم جن مسلمون فهزموهم وردوه إلى أهله} فتاوى العلماء في عالج‬
‫السحر والمس والعين والجان‪ /‬ص‪ 84:‬ط‪:‬األولى ‪1418‬هـ‪.‬‬
‫قدرة الجن على التشكل بمختلف األشكال‬

‫‪21‬‬
‫لقد أعطى اهلل سبحانه للجن القدرة على التصور بصورة اإلنسان والحيوان يقول القاضي بدر الدين‬
‫الشبلي‪{﴿ :‬ال شك أن الجن يتصورون ويتشكلون في صور اإلنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات‬
‫والعقارب وفي صور اإلبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور الطير وفي صور بني‬
‫آدم}‪،‬وقد حاول بعض العلماء تفسير كيفية انتقال الجن من صورة ألخرى منهم القاضي أبو يعلى حيث‬
‫يقول‪{ :‬وال قدرة للشياطين على تغيير خلقهم واالنتقال في الصور‪ ،‬وإ نما يجوز أن يعلمهم اهلل تعالى كلمات‬
‫وضرباً من ضروب األفعال إذا فعله وتكلم به نقله اهلل تعالى من صورة إلى صورة}‪ ،‬وقد يكون للجن‬
‫سحرة يعلمونهم أقواالً وأفعاالً تنقلهم من صورة ألخرى فقد {روى ابن أبي الدنيا عن يسير بن عمرو قال‪:‬‬
‫ذكرنا الغيالن عند عمر فقال‪ :‬إن أحداً ال يستطيع أن يتغير عن صورته التي خلقه اهلل تعالى عليها ولكن‬
‫لهم سحرة فإذا رأيتم ذلك فأذنوا}﴾ أحكام الجان‪ /‬ص‪.34:‬‬
‫‪ -1‬تصورهم بأشكال اإلنس‪ :‬لقد أخبرنا القرآن الكريم عن تجسد الشيطان للمشركين في غزوة بدر في‬
‫َع َمالَ ُه ْم‬
‫ان أ ْ‬
‫ط ُ‬ ‫َّن لَ ُه ُم َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫صورة سراقة بن مالك من مدلج‪ ،‬ووعد المشركين بالنصر قال تعالى‪َ ﴿ :‬وإِ ْذ َزي َ‬
‫ِ ِ‬ ‫آء ِت ا ْل ِف َئتَ ِ‬ ‫َوقَا َل الَ َغ ِال َب لَ ُكم ا ْل َي ْوم ِم َن َّ‬
‫ص َعلَى َعق َب ْيه َوقَا َل إِ ِّنى َب ِر ٌ‬
‫ىء‬ ‫ان َن َك َ‬ ‫اس َوإِ ِّنى َج ٌار لَّ ُك ْم َفلَ َّما تََر َ‬
‫الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اب *﴾ سورة األنفال‪ ،‬اآلية‪ ،.48:‬وقال ابن‬ ‫ِ‬
‫يد ا ْلعقَ ِ‬ ‫ِ‬
‫شد ُ‬ ‫اف اهلل ج واهلل َ‬ ‫ِّم ْن ُك ْم إِ ِّنى أ ََرى َما الَ تََر ْو َن إِ ِّنى أ َ‬
‫َخ ُ‬
‫عباس رضي اهلل عنهما‪{ :‬جاء إبليس يوم بدر في جند الشياطين معه رأيته في صورة رجل من مدلج فقال‬
‫الشيطان للمشركين ال غالب لكم اليوم من الناس وإ ني جار لكم‪ ،‬فلما اصطف الناس أخذ رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين فولوا مدبرين‪ ،‬وأقبل جبريل عليه السالم‬
‫إلى إبليس‪ ،‬فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين انتزع يده ثم ولى مدبراً وشيعته فقال الرجل‪ :‬يا‬
‫سراقة أتزعم أنك جار لنا فقال‪ :‬إني أرى ما ال ترون إني أخاف اهلل واهلل شديد العقاب‪ ،‬وذلك حين رأى‬
‫المالئكة} تفسير القرآن العظيم‪ /‬ابن كثير ج‪ 2:‬ص‪ ،.303:‬كذلك تشكل الشياطين في صورة شيخ من أهل‬
‫نجد عندما اجتمع أكابر قريش في دار الندوة يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم حين خافوه ﴿فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في‬
‫دار الندوة ليتشاورا فيها في أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك‬
‫يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل عليه بتلة "الكساء الغليظ" فوقف على باب الدار‬
‫فلما رأوه واقفاً على بابها قالوا‪ :‬من الشيخ؟ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم‬
‫ليسمع ما تقولون وعسى أن ال يعدمكم منه رأياً ونصحاً قالوا‪ :‬أجل فادخل فدخل معهم ‪ - ...‬وكل أدلى‬
‫برأيه ‪ -‬حتى قال أبو جهل بن هشام‪ :‬أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا ثم‬
‫نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه‬
‫فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً فرضوا‬
‫منا بالعقل فعقلناه لهم قال‪ :‬فقال الشيخ النجدي‪ :‬القول ما قال الرجل‪ ،‬هذا الرأي الذي ال رأي غيره﴾‬
‫السيرة النبوية‪ /‬عبد المالك بن هشام م‪ 1:‬ج‪ 1:‬ص‪ ،.480-482:‬كذلك تشكل الشيطان في صورة إنسان‪،‬‬
‫وكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم قد وكل أبا هريرة بحفظ الزكاة ‪ -‬زكاة رمضان ‪ -‬فكان هذا الشيطان‬
‫يسرق من الطعام‪ ،‬حيث قال أبو هريرة رضي اهلل عنه‪﴿ :‬وكلني رسول اهلل بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت‬

‫‪22‬‬
‫فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت‪ :‬واهلل ألرفعنك إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬إني محتاج‬
‫وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬يا أبا هريرة ما‬
‫فعل أسيرك البارحة؟ قال‪ :‬قلت يا رسول اهلل شكا حاجة شديدة وعياالً فرحمته فخليت سبيله قال‪ :‬أما إنه‬
‫كذبك وسيعود (‪)...‬ـ إلى أن قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من‬
‫تخاطب منذ ثالث يا أبا هريرة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ذاك شيطان﴾ فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ /‬ابن حجر‬
‫ج‪ 4:‬ص‪ 613:‬رقم الحديث‪.2311:‬‬
‫‪ -2‬تصورهم بأشكال الحيوانات‪ :‬يتشكل الجن بمختلف أشكال الحيوانات لكن يغلب تشكله في صورة الكالب‬
‫السود والحيات‪ ،‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪﴿ :‬لوال أن الكالب أمة من األمم ألمرت بقتلها فاقتلوا‬
‫منها األسود البهيم﴾ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير‪ /‬جالل الدين السيزطي ج‪ 1:‬ص‪ ،.132:‬وقد‬
‫فسر الكلب األسود بأنه شيطان‪﴿ ،‬عن عبد اهلل بن الصامت عن أبي ذر قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ :‬إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة‬
‫الرحل فإنه يقطع صالته الحمار والمرأة والكلب األسود‪ ،‬قلت‪ :‬يا أبا ذر! ما بال الكلب األسود من الكلب‬
‫األصفر؟ قال‪ :‬يا ابن أخي! سألت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كما سألتني فقال‪ :‬الكلب األسود شيطان﴾‬
‫صحيح مسلم‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪ 365:‬رقم الحديث‪.510:‬‬
‫كما يتصور الجن كثيراً بصور الحيات وتسمى هذه الحيات بجنان البيوت وقد نهى النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عن قتلها وقد مر سابقاً حديث الفتى الذي كان حديث عهد بعرس وقتل حية فاضطربت عليه وقتلته‬
‫‪ ،...‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم حدد صفات الحيات التي تقتل‪﴿ ،‬عن عمر بن نافع عن أبيه قال‪ :‬كان‬
‫عبد اهلل بن عمر يوماً عند هدم له فرأى وبيص جان فقال اتبعوا هذا الجان فاقتلوه‪ ،‬فقال أبو لبابة‬
‫األنصاري إني سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ينهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إال‬
‫األبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء﴾ صحيح مسلم بشرح‬
‫النووي‪ /‬النووي م‪ 7:‬ج‪ 14:‬ص‪ ،.233:‬ويستخلص من هذه األحاديث الخاصة بالحيات أحكام‪:‬‬
‫أ‪{ -‬هذا الحكم وهو النهي عن قتل الحيوانات خاص بالحيات دون غيرها‪.‬‬
‫ب‪ -‬ليس كل الحيات بل الحيات التي نراها في البيوت دون غيرها أما التي نشاهدها خارج البيوت فنحن‬
‫مأمورون بقتلها‪.‬‬
‫ت‪ -‬إذا رأينا حيات البيوت فنؤذنها أي نأمرها بالخروج كأن نقول‪ :‬أقسم عليك باهلل أن تخرجي من هذا‬
‫المنزل وأن تبعدي عنا شرك وإ ال قتلناك‪ ،‬فإن رؤيت بعد ثالث أيام قتلت‪.‬‬
‫ث‪ -‬السبب في قتلها بعد ثالثة أيام أننا تأكدنا أنها ليست َّ‬
‫جنا مسلماً ألنها لو كانت كذلك لغادرت المنزل‬
‫فإن كانت أفعى حقيقية فهي تستحق القتل وإ ن كانت جناً كافراً متمرداً فهو يستحق القتل ألذاه وإ خافته‬
‫أهل المنزل‪.‬‬
‫ج‪ -‬يستثنى من جنان البيوت نوع يقتل بدون استئذان} علم الجن والشياطين‪ /‬د سليمان األشقر ص‪-41:‬‬
‫‪ ،.40‬يشير الدكتور سليمان األشقر إلى األبتر وذي الطفيتين‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وطي المسافات في مدة قصيرة من بين القدرات‬
‫ّ‬ ‫قدرتهم على سرعة الحركة والتنقل إن سرعة الحركة‬
‫التي خص اهلل بها الجن‪ ،‬وقد أخبرنا اهلل عز وجل عن ذلك العفريت من الجن والذي طلب منه سليمان‬
‫عليه السالم أن يحضر عرش الملكة بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس بفلسطين في وقت قصير‪ ،‬قال‬
‫ين*﴾ سورة‬ ‫ي أِ‬
‫َم ٌ‬ ‫ام َك َوإِ ِّني َعلَ ْي ِه لَقَ ِو ٌّ‬
‫يت ِّم َن ا ْل ِج ِّن أََناْ ء ِاتي َك ِب ِه قَ ْب َل أَن تَقُوم ِمن َّمقَ ِ‬
‫تعالى‪﴿ :‬قَا َل ِع ْف ِر ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫النمل‪ ،‬اآلية‪ ،.39:‬قال السدي وغيره‪{ :‬كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام من أول النهار إلى‬
‫أن تزول الشمس} تفسير القرآن الظيم‪ /‬ابن كثير ج‪ 3:‬ص‪ ،.351:‬فالمسافة التي كان يقطعها الناس من‬
‫ذهابا تستغرق شهوراً وأياماً سيقطعها هذا العفريت ذهاباً وإ ياباً في ست ساعات‬
‫فلسطين إلى اليمن فقط ً‬
‫تقريباً أو أقل حامالً عرش الملكة بلقيس العظيم‪ .‬صعود بعضهم إلى طبقات السماء العليا من أصناف‬
‫الجن‪ :‬صنف له أجنحة تمكنه من الطيران‪ ،‬عن أبي ثعلبة الخشني قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪﴿ :‬الجن ثالثة أصناف‪ ،‬صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون‬
‫ويظعنون﴾‪ .‬وهذا الصنف الذي يطير قد يصل إلى أجواء عالية جداً في السماء قال تعالى‪َ ﴿ :‬وأ ََّنا لَ َم ْ‬
‫س َنا‬
‫َن َي ِج ْد لَ ُه‬ ‫ستَ ِم َع األ َ‬ ‫س ْم ِع فَ َمن َي ْ‬‫اع َد ِلل َّ‬
‫شهبا * وأ ََّنا ُك َّنا َن ْقع ُد ِم ْنها مقَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫يدا َو ُ ُ ً َ‬ ‫ش ِد ً‬‫سا َ‬ ‫السمآء فَوج ْد َن َ ِ‬
‫اها ُمل َئ ْت َح َر ً‬ ‫َّ َ َ َ َ‬
‫اك ِب *‬ ‫الد ْنيا ِب ِزي َن ٍة ا ْل َكو ِ‬ ‫ص ًدا *﴾ سورة الجن‪ ،‬اآليتان‪ ،.9-8 :‬وقال سبحانه‪﴿ :‬إِ َّنا َزي ََّّنا َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫آء ُّ َ‬ ‫الس َم َ‬ ‫ش َه ًابا َّر َ‬
‫ِ‬ ‫َعلَى وي ْق َذفُ َ ِ‬ ‫ار ٍد * الَّ َي َّ‬ ‫ظا ِمن ُك ِّل َ‬ ‫َو ِح ْف ً‬
‫اب‬
‫ورا َولَ ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫ون من ُك ِّل َجان ٍب * ُد ُح ً‬ ‫إلَ األ ْ َ ُ‬ ‫ون إلَى ا ْل َم ِ‬ ‫س َّم ُع َ‬ ‫ان َّم ِ‬‫طٍ‬‫ش ْي َ‬
‫ين * تََن َّز ُل‬ ‫الشي ِ‬ ‫ِ‬
‫اط ُ‬ ‫ب *﴾ سورة الصفات‪ ،‬اآليات‪ .6-9 :‬وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬ه ْل أَُن ِّب ُئ ُك ْم َعلَى َمن تََن َّز ُل َّ َ‬ ‫َواص ٌ‬
‫ون *﴾ سورة الشعراء‪ ،‬اآليات‪ ،.221-223 :‬هذه اآليات‬ ‫الس ْم َع َوأَ ْكثَُر ُه ْم َك ِاذ ُب َ‬
‫ون َّ‬ ‫علَى ُك ِّل أَفَّ ٍ‬
‫اك أ َِث ٍيم * ُي ْلقُ َ‬ ‫َ‬
‫تبين أن الجن يصعدون إلى السماء الستراق الكلمة من علم الغيب من المالئكة وينزلون بها إلى أوليائهم‬
‫من اإلنس‪ .‬عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪{ :‬إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء فيسمعون‬
‫الكلمة من الوحي فيهبطون بها إلى األرض فيزيدون معها تسعاً فيجد أهل األرض تلك الكلمة حقاً والتسع‬
‫باطالً ‪ }...‬دالئل النبوة‪ /‬البيهقي م‪ 2:‬ص‪ ،.239:‬وهذا الذي ذكره ابن عباس بينته أحاديث كثيرة منها‪:‬‬
‫﴿عن عائشة رضي اهلل عنها زوج النبي صلى اهلل عليه وسلم أنها قالت‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يقول‪ :‬إن المالئكة تنزل في العنان ‪ -‬وهو السحاب ‪ -‬فتذكر األمر قضي في السماء فتسترق‬
‫الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم﴾ صحيح البخاري‪،.‬‬
‫﴿وعن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم من‬
‫األنصار أنهم بينما هم جالسون ليلة مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم رمي بنجم فاستنار فقال لهم‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا قالوا‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‬
‫كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فإنها ال يرمى بها‬
‫لموت أحد وال لحياته ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء‬
‫الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا‪ ،‬ثم قال الذين يلون العرش لحملة العرش ماذا قال‬
‫ربكم فيخبرونهم ماذا قال‪ ،‬قال‪ :‬فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا‬
‫فتخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون به فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يقرفون‬
‫فيه ويزيدون﴾ صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،.‬فكل هذه اآليات واألحاديث واآلثار وغيرها كثير تخبر بأن‬

‫‪24‬‬
‫هناك صنفاً من الجن يطير في الهواء ويصل إلى السماء فيسمع منها الوحي فمنع من ذلك ورصد بسبب‬
‫بعثة محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومن كل ما تقدم يمكن إثبات بعض األمور منها‪ * :‬أن من الجن من‬
‫يطير في الهواء ويصل إلى السماء ويستخدم في طيرانه أجنحة‪ * .‬أن هذا النوع من الجن من أقوى الجن‬
‫ار ٍد *﴾‬
‫ان َّم ِ‬
‫طٍ‬ ‫ش ْي َ‬ ‫اك َب * َو ِح ْف ً‬
‫ظا ِّمن ُك ِّل َ‬ ‫الد ْنيا ِب ِزي َن ٍة ال َكو ِ‬
‫َ‬ ‫آء ُّ َ‬ ‫وهو المارد بدليل قوله تعالى‪﴿ :‬إِ َّنا َزي ََّّنا َّ‬
‫الس َم َ‬
‫سورة الصفات‪ ،‬اآليات‪ .7-6 :‬يمكن إطالق اسم على هذا النوع وهو‪" :‬الجن الطيار" قدرتهم على األعمال‬
‫الشاقة لقد جاءت آيات قرآنية توضح القدرات الكبيرة التي خص اهلل بها الجن ومن بينها قدرتهم على‬
‫أعمال عظيمة وشاقة ومن بين هذه اآليات قوله تعالى واصفاً ما وهبه لسليمان عليه السالم من فضل‬
‫ير *‬ ‫الس ِع ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ْه ِم ْن َع َذ ِ‬
‫غ ِم ْن ُه ْم َع ْن أ َْم ِر َنا ُن ِذق ُ‬
‫ْن َر ِّب ِه َو َمن َي ِز ْ‬
‫ونعمة ﴿ َو ِم َن ا ْل ِج ِّن َمن َي ْع َم ُل َب ْي َن َي َد ْي ِه ِبِإذ ِ‬
‫ش ْك ًرا َو َقِلي ٌل‬
‫ال َد ُاو َد ُ‬
‫اع َملُواْ َء َ‬
‫ات ْ‬ ‫اسي ٍ‬ ‫اب وقُ ُد ٍ ِ‬
‫ور َّر َ‬ ‫ماثي َل َو ِجفَ ٍ‬
‫ان َكا ْل َج َو ِ َ‬
‫اريب وتَ ِ‬
‫آء من َّم َح ِ َ َ‬
‫ش ِ‬
‫ون لَ ُه َما َي َ ُ‬ ‫َي ْع َملُ َ‬
‫ور *﴾ سورة سبأ‪ ،‬اآليتان‪ ،.12-13 :‬قال مجاهد‪{ :‬المحاريب بنيان دون القصور وكانت‬ ‫ى َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫الش ُك ُ‬ ‫ِّم ْن ع َباد َ‬
‫من نحاس (‪)...‬ـ وجفان كالجواب ج‪ :‬جابية وهي الحوض الذي يجبي فيه الماء‪ ،‬والقدور الراسيات‪:‬‬
‫الشي ِ‬
‫ين َمن‬ ‫اط ِ‬ ‫الثابتات في أماكنها ال تتحرك وال تتحول عن أماكنها لعظمها}‪ ،‬وقال سبحانه ايضاً‪َ ﴿ :‬و ِم َن َّ َ‬
‫ين *﴾ سورة األنبياء‪ ،‬اآلية‪ ،.82 :‬وقال عز وجل‪:‬‬ ‫اف ِظ َ‬
‫ون َذِل َك ج و ُك َّنا لَهم ح ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ون َع َمالً ُد َ‬ ‫ون لَ ُه َو َي ْع َملُ َ‬
‫وص َ‬ ‫َي ُغ ُ‬
‫آء َو َغ َّو ٍ‬ ‫ين ُك َّل ب َّن ٍ‬ ‫الشي ِ‬
‫اص *﴾ سورة ص‪ ،‬اآلية‪ ،.37:‬فسر ابن كثير هذه اآليات بقوله‪{ :‬أي منهم من‬ ‫َ‬ ‫اط َ‬ ‫﴿ َو َّ َ‬
‫هو يستعمل في األبنية الهائلة من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إلى غير ذلك من‬
‫األعمال الشاقة التي ال يقدر عليها البشر‪ ،‬وطائفة غواصون في البحار يستخرجون ما فيها من الآللىء‬
‫والجواهر واألشياء النفيسة التي ال يوجد إال فيها}‪ .‬وبعض الجن لهم قدرات عجيبة في مجال االتصال‬
‫تفوق بكثير ما لدى اإلنسان من هوائيات ومعلوميات حيث حيث يقول ابن تيمية رحمه اهلل‪{ :‬ولقد أخبر‬
‫بعض الشيوخ (‪)...‬ـ فقال‪ :‬يرونني ‪ -‬الجن ‪ -‬شيئاً براقاً مثل الماء والزجاج ويمثلون له فيه ما يطلب منه‬
‫اإلخبار به‪ ،‬قال‪ :‬فأخبر الناس به ويصلون إلي كالم من استغاث بي من أصحابي فأجيبه فيصلون جوابي‬
‫إليه‪ ،‬ويعقب ابن تيمية على ذلك بقوله‪":‬وكان كثير من الشيوخ الذين حصل لهم كثير من هذه الخوارق إذا‬
‫كذب بها من لم يعرفها وقال إنكم تفعلون هذا بطريق الحيلة كما يدخل النار بحجر الطلق وقشور النارنج‬
‫ودهن الضفادع وغير ذلك من الحيل الطبيعية فيعجب هؤالء المشايخ ويقولون نحن واهلل ال نعرف شيئاً‬
‫من هذه الحيل‪ ،‬فلما ذكر لهم الخبير إنكم لصادقون في ذلك ولكن هذه األحوال شيطانية أقروا بذلك وتاب‬
‫منهم من تاب اهلل عليه لما تبين لهم الحق‪ ،‬وتبين لهم من وجوه أنها من الشيطان ورأوا أنها من‬
‫الشياطين لما رأوا أنها تحصل بمثل البدع المذمومة في الشرع وعند المعاصي هلل فال تحصل عندما يحبه‬
‫اهلل ورسوله من العبادات الشرعية} مجموع فتاوى ابن تيمية‪ /‬م‪ 11:‬ص‪ .309‬قدرتهم على النفوذ في‬
‫جسم اإلنسان لقد أعطى اهلل عز وجل الجن قدرة عجيبة على السريان في جسم اإلنسان‪ ،‬بل أكثر من ذلك‬
‫قد يتخبطه ويتحكم فيه‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪﴿ :‬إن الشيطان يجري من اإلنسان مجرى الدم﴾ فتح‬
‫ون إِالَّ‬
‫وم َ‬
‫الر َبواْ الَ َيقُ ُ‬
‫ون ِّ‬ ‫الباري‪ /‬ابن حجر ج‪ 6:‬ص‪ 414-415:‬رقمه‪ ،.3281:‬وقال تعالى‪﴿ :‬الَّ ِذ َ‬
‫ين َيأْ ُكلُ َ‬
‫س ج﴾ سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،.274:‬فالشيطان له قدرة على الدخول‬ ‫ان ِم َن ا ْل َم ِّ‬
‫ط ُ‬ ‫وم الَّ ِذى َيتَ َخ َّبطُ ُه َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫َك َما َيقُ ُ‬
‫إلى بدن اإلنسان‪ ،‬وقد فسر ابن كثير هذه اآلية بقوله‪{ :‬ال يقومون من قبورهم يوم القيامة إال كما يقوم‬

‫‪25‬‬
‫المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له‪ ،‬ذلك أنه يقوم قياماً منكراً} تفسير القرآن العظيم‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪:‬‬
‫‪ ،.308‬وقد أجمع العلماء على أن الجن يدخل حقيقة في بدن المصروع وذكر ابن تيمية ذلك فتاواه حيث‬
‫قال‪{ :‬وليس من أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره ومن أنكر ذلك وادعى أن‬
‫الشرع كذب ذلك فقد كذب على الشرع وليس في األدلة الشرعية ما ينفي ذلك}‪ .‬قدرة الجن على اختطاف‬
‫اإلنسان والطيران بهم قد يخطف الجن بعض اإلنس ويعيشون معهم في عالمهم الخاص بهم وعندما‬
‫يعودون يكشفون عن أعاجيب غريبة يشهد لذلك مجموعة من األحاديث واآلثار منها‪﴿ :‬عن عامر قال‪:‬‬
‫سألت علقمة‪ :‬أنا سألت ابن مسعود فقال هل شهد أحد منكم مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ليلة الجن‬
‫قال‪ :‬ال ولكننا كنا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في األودية والشعاب‬
‫فقلنا استطير أو اغتيل قال‪ :‬فبتنا بشر ليلة‪ ...‬الحديث﴾ صحيح مسلم بشرح النووي‪ /‬النووي م‪ 2:‬ج‪4:‬‬
‫ص‪ ،.169-170:‬الشاهد من هذا الحديث‪" :‬استطير واغتيل"‪ ،‬قال اإلمام النووي رحمه اهلل‪" :‬معنى استطير‬
‫طارت به الجن ومعنى اغتيل قتل سراً" فالصحابة رضوان اهلل عليهم بحكم معرفتهم بأحوال الجن خاصة‬
‫وأنهم كانوا يعيشون في مكان على شكل قبائل تحيط به الصحارى ويتناقلون أخبار الجن‪ ،‬كانوا يدركون‬
‫أن للجن قدرة على اختطاف اإلنس والطيران بهم‪﴿ ،‬وروى األثرم والجوزجاني بإسنادهم عن عبيد بن‬
‫عمر قال‪ :‬فقد رجل في عهد عمر فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال‪ :‬انطلقي فتربصي أربع‬
‫سنين ففعلت ثم أتته فقال‪ :‬انطلقي فاعتدي أربعة أشهر وعشراً ففعلت ثم أتته فقال‪ :‬أين ولي هذا الرجل؟‬
‫فقال طلقها‪ ،‬ففعل‪ ،‬فقال لها عمر انطلقي فتزوجي من شئت‪ ،‬فتزوجت ثم جاء زوجها األول فقال عمر‪ :‬أين‬
‫كنت‪ .‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين استهوتني الجن فواهلل ما أدري في أي أرض اهلل أنا كنت عند قوم‬
‫يستعبدونني حتى اغتزاهم منهم قوم مسلمون فكنت فيما غنموه فقالوا لي‪ :‬أنت رجل من اإلنس وهؤالء‬
‫من الجن فما لك وما لهم؟ فأخبرتهم خبري فقالوا‪ :‬بأي أرض اهلل تحب أن تصبح؟ قلت المدينة هي أرضي‬
‫فأصبحت وأنا أنظر إلى الحرة‪ ،‬فخيره عمر إن شاء امرأته وإ ن شاء الصداق فاختار الصداق وقال‪ :‬قد‬
‫حبلت ال حاجة لي فيها﴾ المغني والشرح الكبير على متن المقنع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل‪ /‬ابن قدامة‬
‫م‪ 9:‬ص‪ ،.135:‬وقد سئل فضيلة الشيخ عبد اهلل بن جبرين‪ :‬هل يمكن للجن اختطاف اإلنس فأجاب‪:‬‬
‫{يمكن ذلك فقد اشتهر أن سعد بن عبادة قتلته الجن لما بال في جحر فيه منزلها فقالوا‪ :‬نحن قتلنا سيد‬
‫الخز رج سـعـد بـن عـبـاده ورمـيـنـاه بـسـهـــمـ فـلـم نـخـطـىء فـؤاده ووقع في خالفة عمر أن رجالً اختطفته‬
‫الجن وبقي أربع سنين ثم جاء وأخبر أن جناً من المشركين اختطفوه فبقي عندهم أسيراً فغزاهم جن‬
‫مسلمون فهزموهم وردوه إلى أهله} فتاوى العلماء في عالج السحر والمس والعين والجان‪ /‬ص‪84:‬‬
‫ط‪:‬األولى ‪1418‬هـ‪ .‬قدرة الجن على التشكل بمختلف األشكال لقد أعطى اهلل سبحانه للجن القدرة على‬
‫التصور بصورة اإلنسان والحيوان يقول القاضي بدر الدين الشبلي‪{﴿ :‬ال شك أن الجن يتصورون‬
‫ويتشكلون في صور اإلنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وفي صور اإلبل والبقر والغنم‬
‫والخيل والبغال والحمير وفي صور الطير وفي صور بني آدم}‪،‬وقد حاول بعض العلماء تفسير كيفية انتقال‬
‫الجن من صورة ألخرى منهم القاضي أبو يعلى حيث يقول‪{ :‬وال قدرة للشياطين على تغيير خلقهم‬
‫واالنتقال في الصور‪ ،‬وإ نما يجوز أن يعلمهم اهلل تعالى كلمات وضرباً من ضروب األفعال إذا فعله وتكلم به‬

‫‪26‬‬
‫نقله اهلل تعالى من صورة إلى صورة}‪ ،‬وقد يكون للجن سحرة يعلمونهم أقواالً وأفعاالً تنقلهم من صورة‬
‫ألخرى فقد {روى ابن أبي الدنيا عن يسير بن عمرو قال‪ :‬ذكرنا الغيالن عند عمر فقال‪ :‬إن أحداً ال‬
‫يستطيع أن يتغير عن صورته التي خلقه اهلل تعالى عليها ولكن لهم سحرة فإذا رأيتم ذلك فأذنوا}﴾ أحكام‬
‫الجان‪ /‬ص‪ -1 .34:‬تصورهم بأشكال اإلنس‪ :‬لقد أخبرنا القرآن الكريم عن تجسد الشيطان للمشركين في‬
‫َّن لَ ُه ُم‬
‫غزوة بدر في صورة سراقة بن مالك من مدلج‪ ،‬ووعد المشركين بالنصر قال تعالى‪َ ﴿ :‬وإِ ْذ َزي َ‬
‫ص َعلَى َع ِق َب ْي ِه‬ ‫ان َن َك َ‬‫آء ِت ا ْل ِف َئتَ ِ‬
‫اس َوإِ ِّنى َج ٌار لَّ ُك ْم َفلَ َّما تََر َ‬ ‫َعمالَ ُه ْم َوقَا َل الَ َغ ِال َب لَ ُكم ا ْل َي ْوم ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ان أ ْ َ‬
‫ط ُ‬ ‫َّ‬
‫الش ْي َ‬
‫اب *﴾ سورة األنفال‪ ،‬اآلية‪:‬‬ ‫يد ا ْل ِعقَ ِ‬
‫ش ِد ُ‬
‫اف اهلل ج واهلل َ‬ ‫ىء ِّم ْن ُك ْم إِ ِّنى أ ََرى َما الَ تََر ْو َن إِ ِّنى أ َ‬
‫َخ ُ‬ ‫َوقَا َل إِ ِّنى َب ِر ٌ‬
‫‪ ،.48‬وقال ابن عباس رضي اهلل عنهما‪{ :‬جاء إبليس يوم بدر في جند الشياطين معه رأيته في صورة‬
‫رجل من مدلج فقال الشيطان للمشركين ال غالب لكم اليوم من الناس وإ ني جار لكم‪ ،‬فلما اصطف الناس‬
‫أخذ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين فولوا مدبرين‪ ،‬وأقبل‬
‫جبريل عليه السالم إلى إبليس‪ ،‬فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين انتزع يده ثم ولى مدبراً‬
‫وشيعته فقال الرجل‪ :‬يا سراقة أتزعم أنك جار لنا فقال‪ :‬إني أرى ما ال ترون إني أخاف اهلل واهلل شديد‬
‫العقاب‪ ،‬وذلك حين رأى المالئكة} تفسير القرآن العظيم‪ /‬ابن كثير ج‪ 2:‬ص‪ ،.303:‬كذلك تشكل الشياطين‬
‫في صورة شيخ من أهل نجد عندما اجتمع أكابر قريش في دار الندوة يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حين خافوه ﴿فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬لما أجمعوا لذلك‬
‫واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاورا فيها في أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم غدوا في اليوم‬
‫الذي اتعدوا له وكان ذلك يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل عليه بتلة "الكساء‬
‫الغليظ" فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفاً على بابها قالوا‪ :‬من الشيخ؟ قال شيخ من أهل نجد سمع‬
‫بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن ال يعدمكم منه رأياً ونصحاً قالوا‪ :‬أجل فادخل‬
‫فدخل معهم ‪ - ...‬وكل أدلى برأيه ‪ -‬حتى قال أبو جهل بن هشام‪ :‬أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً‬
‫جليداً نسيباً وسيطاً فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل‬
‫واحد فيقتلوه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً فلم يقدر بنو عبد مناف على‬
‫حرب قومهم جميعاً فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم قال‪ :‬فقال الشيخ النجدي‪ :‬القول ما قال الرجل‪ ،‬هذا‬
‫الرأي الذي ال رأي غيره﴾ السيرة النبوية‪ /‬عبد المالك بن هشام م‪ 1:‬ج‪ 1:‬ص‪ ،.480-482:‬كذلك تشكل‬
‫الشيطان في صورة إنسان‪ ،‬وكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم قد وكل أبا هريرة بحفظ الزكاة ‪ -‬زكاة‬
‫رمضان ‪ -‬فكان هذا الشيطان يسرق من الطعام‪ ،‬حيث قال أبو هريرة رضي اهلل عنه‪﴿ :‬وكلني رسول اهلل‬
‫بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت‪ :‬واهلل ألرفعنك إلى رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ :‬يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قال‪ :‬قلت يا رسول اهلل شكا حاجة شديدة وعياالً فرحمته‬
‫فخليت سبيله قال‪ :‬أما إنه كذبك وسيعود (‪)...‬ـ إلى أن قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أما إنه قد صدقك‬
‫وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثالث يا أبا هريرة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ذاك شيطان﴾ فتح الباري شرح صحيح‬
‫البخاري‪ /‬ابن حجر ج‪ 4:‬ص‪ 613:‬رقم الحديث‪ -2 .2311:‬تصورهم بأشكال الحيوانات‪ :‬يتشكل الجن‬

‫‪27‬‬
‫بمختلف أشكال الحيوانات لكن يغلب تشكله في صورة الكالب السود والحيات‪ ،‬قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪﴿ :‬لوال أن الكالب أمة من األمم ألمرت بقتلها فاقتلوا منها األسود البهيم﴾ الجامع الصغير في‬
‫أحاديث البشير النذير‪ /‬جالل الدين السيزطي ج‪ 1:‬ص‪ ،.132:‬وقد فسر الكلب األسود بأنه شيطان‪﴿ ،‬عن‬
‫عبد اهلل بن الصامت عن أبي ذر قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إذا قام أحدكم يصلي فإنه‬
‫يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صالته الحمار‬
‫والمرأة والكلب األسود‪ ،‬قلت‪ :‬يا أبا ذر! ما بال الكلب األسود من الكلب األصفر؟ قال‪ :‬يا ابن أخي! سألت‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كما سألتني فقال‪ :‬الكلب األسود شيطان﴾ صحيح مسلم‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪365:‬‬
‫رقم الحديث‪ .510:‬كما يتصور الجن كثيراً بصور الحيات وتسمى هذه الحيات بجنان البيوت وقد نهى‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم عن قتلها وقد مر سابقاً حديث الفتى الذي كان حديث عهد بعرس وقتل حية‬
‫فاضطربت عليه وقتلته ‪ ،...‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم حدد صفات الحيات التي تقتل‪﴿ ،‬عن عمر بن‬
‫نافع عن أبيه قال‪ :‬كان عبد اهلل بن عمر يوماً عند هدم له فرأى وبيص جان فقال اتبعوا هذا الجان‬
‫فاقتلوه‪ ،‬فقال أبو لبابة األنصاري إني سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ينهى عن قتل الجنان التي‬
‫تكون في البيوت إال األبتر وذا الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء﴾‬
‫صحيح مسلم بشرح النووي‪ /‬النووي م‪ 7:‬ج‪ 14:‬ص‪ ،.233:‬ويستخلص من هذه األحاديث الخاصة‬
‫بالحيات أحكام‪ :‬أ‪{ -‬هذا الحكم وهو النهي عن قتل الحيوانات خاص بالحيات دون غيرها‪ .‬ب‪ -‬ليس كل‬
‫الحيات بل الحيات التي نراها في البيوت دون غيرها أما التي نشاهدها خارج البيوت فنحن مأمورون‬
‫بقتلها‪ .‬ت‪ -‬إذا رأينا حيات البيوت فنؤذنها أي نأمرها بالخروج كأن نقول‪ :‬أقسم عليك باهلل أن تخرجي من‬
‫هذا المنزل وأن تبعدي عنا شرك وإ ال قتلناك‪ ،‬فإن رؤيت بعد ثالث أيام قتلت‪ .‬ث‪ -‬السبب في قتلها بعد‬
‫ثالثة أيام أننا تأكدنا أنها ليست َّ‬
‫جنا مسلماً ألنها لو كانت كذلك لغادرت المنزل فإن كانت أفعى حقيقية فهي‬
‫تستحق القتل وإ ن كانت جناً كافراً متمرداً فهو يستحق القتل ألذاه وإ خافته أهل المنزل‪ .‬ج‪ -‬يستثنى من‬
‫جنان البيوت نوع يقتل بدون استئذان} علم الجن والشياطين‪ /‬د سليمان األشقر ص‪ ،.40-41:‬يشير‬
‫الدكتور سليمان األشقر إلى األبتر وذي الطفيتين‪.‬‬
‫منقول عن‪ :‬موقع الرقية الشرعية‬

‫ما هو السحر‬
‫السحر لغة ‪:‬‬

‫عبارة عمى خفي ولطف سببه ‪ ،‬ومنه سمي السحر سحرا ألنه يقع خفيا آخر الليل ‪ ،‬كما ثبت من حديث ابن عمر‬
‫رضي اهلل عنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬إن من البيان لسحرا) ( متفق عليه ) ‪ ،‬لما في البيان‬
‫من قدرة من يتصف به على إخفاء‪  ‬الحقائق ‪0‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ ‬قال ابن منظور ‪ (:‬قال األزهري ‪ :‬السحر عمل تُقُِّرب فيه إلى الشيطان ‪ ،‬وبمعونة منه ‪ ،‬ك ّل ذلك األمر كينو َنة‬
‫للسحر‪ ،‬ومن السحر األخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن األمر كما يرى ‪ ،‬وليس األصل على ما يرى ‪ ،‬والسحر‬
‫ِّ‬
‫األخذة ‪ ،‬وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر ‪ 000‬وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ‪ ،‬فكأن‬
‫الساحر – لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته – قد سحر الشيء عن وجهه ‪ ،‬أي‬
‫صرفه ) ( لسان العرب – ‪.) 348 / 4‬‬

‫وشرعا ‪:‬‬

‫‪ ‬هو عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب واألبدان ‪ ،‬فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه ‪ ،‬قال تعالى ‪( :‬‬
‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه‪ ( )  ‬البقرة – ‪ ، ) 102‬وقد أمر اهلل بالتعوذ من السحر وأهله ‪،‬‬
‫ون ِم ْن ُه َما َما ُيفَِّرقُ َ‬
‫فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫ات ِفى ا ْل ُعقَ ِد ‪ ( ) ‬الفلق – اآلية ‪ ، ) 4‬وهن السواحر اللواتي ينفخن في عقد‬ ‫النفَّاثَ ِ‬
‫شِّر َّ‬ ‫فقال جل شأنه ‪َ ( :‬و ِم ْن َ‬
‫اءو‪ ‬‬
‫السحر ‪ ،‬والسحر له حقيقة ‪ ،‬ولذا أمرنا بالتعوذ منه ‪ ،‬وظهرت آثاره على ‪ ‬المسحورين ‪ ،‬قال تعالى ‪َ   ( :‬و َج ُ‬
‫ِب ِس ْح ٍر َع ِظ ٍيم‪ ( )  ‬األعراف – اآلية ‪ ، ) 116‬فوصفه بالعظم‪ ،  ‬ولو لم تكن له حقيقة لم يوصف بهذا الوصف ‪،‬‬
‫وهذا ال يمنع‪  ‬أن يكون من السحر ما هو خيال ‪ ،‬كما قال سبحانه عن سحرة فرعون ‪ُ 000 ( :‬ي َخَّي ُل إِلَ ْي ِه ِم ْن‬
‫ِ‬
‫س َعى ) ( طه – اآلية ‪ ، ) 66‬أي ‪ :‬يخيل لموسى أن الحبال تسعى كالحيات من قوة ما صنعوه من‬ ‫س ْح ِر ِه ْم أ ََّن َها تَ ْ‬
‫السحر ‪ 0‬وعليه فالسحر قسمان سحر حقيقي وسحر خيالي ‪ ،‬وهذا ال يعني أن الساحر قادر على‪  ‬تغيير حقائق‬
‫األشياء ‪ ،‬فهو ال يقدر على جعل اإلنسان قردا أو‪  ‬القرد بقرة مثال ‪0‬‬

‫والساحر ليس هو وال سحره مؤثرين بذاتهما ولكن يؤثر السحر إذا تعلق به إذن اهلل القدري الكوني ‪ ،‬وأما إذن اهلل‬
‫ين ِب ِه‬ ‫الشرعي فال يتعلق به البتة ‪ ،‬ألن السحر مما حرمه اهلل ولم‪  ‬يأذن به شرعا ‪ ،‬قال تعالى ‪َ   ( :‬و َما ُه ْم ِب َ‬
‫ض ِّار َ‬
‫ْن اللَّ ِه‪ ( )  ‬البقرة – ‪0 ) 102‬‬
‫َح ٍد إِال ِبِإذ ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن أ َ‬

‫عرف األحناف السحر فقالوا ‪ ( :‬السحر ‪ :‬هو علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة‬
‫ألسباب خفية ‪ 0‬أو ‪ :‬هو قول يعظم فيه غير اهلل تعالى وتنسب إليه التقديرات والتأثيرات ) ( حاشية رد المحتار‬
‫للمحقق محمد أمين الشهير بابن عابدين – ‪0 ) 45 – 44 / 1‬‬

‫وقد عرفه المالكية كتعريف الحنفية األخير مع تغيير يسير في بعض األلفاظ مع اتحاد المعنى في كل منهما ‪ ،‬وقال‬
‫عنه بعض المالكية ‪ ( :‬منه ما يكون خارقاً للعوائد ومنه ما ال يكون كذلك ) ( حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‬
‫– ‪0 ) 302 / 4‬‬

‫وقد عرفه الشافعية فقالوا ‪ ( :‬السحر ‪ :‬مزاولة النفوس الخبيثة ألقوال وأفعال ينشأ عنها أمور خارقة للعادة )‬
‫( مغني المحتاج للعالمة الشربيني الخطيب – ‪0 ) 120 / 4‬‬

‫‪29‬‬
‫وقد عرفه الحنابلة فقالوا ‪ ( :‬السحر ‪ :‬عقد ورقى وكالم يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو‬
‫قلبه أو عقله من غير مباشرة له ) ( المغني –‪0 ) 150 / 8  ‬‬

‫قال ابن قدامة ‪ (:‬هو عقد ورقى وكالم يتكلم به أو يكتبه ‪ ،‬ليعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من‬
‫غير مباشرة له ‪ ،‬وله حقيقة فمنه ما يقتل ‪ ،‬وما يمرض ‪ ،‬وما‪  ‬يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ‪ ،‬ومنه ما‬
‫يفرق بين‪  ‬المرء وزوجه ‪ ،‬وما يبغض أحدهما إلى اآلخر أو يحبب بين اثنين ) ( المغني – ‪0 ) 104 / 10‬‬

‫وبعد هذا العرض الشامل للعلماء والباحثين لمفهوم السحر فإني أقدم تعريفاً شامالً للسحر الحقيقي فأقول ‪:‬‬
‫( السحر الحقيقي ‪ :‬عبارة عن رقى وطالسم وتعاويذ يعظم فيها غير اهلل وغالباً ما تكون كفرية ‪ ،‬يستفاد منها في‬
‫حصول ملكة نفسية ‪ ،‬يقوم بها شخص بذاته يكتسبها بالتعلم وتتوفر فيه صفات خاصة معينة ‪ ،‬ويتم كل ذلك تحت‬
‫ظروف غير مألوفة وبطرق خفية دقيقة ‪ ،‬وتصدر هذه األفعال من نفوس شريرة تتقرب إلى الشيطان لتحصيل ما ال‬
‫يقدر عليه اإلنسان ‪ ،‬وتؤثر تأثيراً مباشراً في عالم العناصر ‪ ،‬فيحدث من خاللها تأثيراً في القلوب كالحب والبغض‬
‫وإ لقاء الخير والشر ‪ ،‬وفي األبدان باأللم والسقم والموت ويحصل ذلك على فرد أو مجموعة أفراد رغم إرادتهم‬
‫لتحقيق هدف معين ) ‪0‬‬

‫السحر وخطورته على الفرد واألسرة والمجتمع ‪:‬‬

‫أبو البراء ‪ :‬أسامة بن ياسين المعاني‬


‫‪ ‬يقدم اإلسالم النموذج الحي لإلنسان الكامل ‪ ،‬ممثال في شخصية النبي صلى اهلل عليه وسلم يقدمه اإلسالم ليقتدى‬
‫به فعال ‪ ،‬وقوال ‪ ،‬وخلقا ‪ 0‬وقد وضع اإلسالم قضية السحر في حجمها الطبيعي ‪ ،‬وتناولها بما تستحقه من‬
‫اإليضاح والتبصير ‪ 00‬تناولها تعريفا وتأثيرا وتشخيصا ووقاية ‪ ،‬تعرض لها من‪  ‬جانب العرض وجانب الطلب ‪،‬‬
‫فحارب السحرة ‪ ،‬وجعل حد الساحر‪  ‬القتل ‪ ،‬كما هو الراجح من أقوال أهل العلم ‪0‬‬

‫‪ ‬واهلل قد خلق البشر وفطرهم على التعايش واالجتماع ‪ ،‬وفي المجتمعات تتواصل العقول والمصالح والرغبات ‪،‬‬
‫وتوجد النفوس الخيرة والنفوس الشريرة ‪ ،‬كسنة من سنن اهلل‪  ‬تعالى ‪ ،‬ومن ذلك يتولد صراع دائم بين الطرفين ‪،‬‬
‫بين الحق والباطل ‪ ،‬ومن بين تلك الشرور " السحر " وهي كلمة مكونة من ثالثة حروف تمثل عالما غريبا ‪ ،‬مليئا‬
‫بالخوف والرهبة في‪  ‬اكتشاف الغيب ‪ ،‬والشعور بالقوة واالستبداد والتسلط ‪ ،‬وفي كل األحقاف والدهور وبين‬
‫أوساط المجتمعات نقرأ عن السحر الذي عاش بين الجميع ‪ 0‬‬

‫‪ ‬وقد منع المسلمون من ارتياد أماكن السحرة ‪ ،‬فاإلسالم يعلن الحرب على السحر والسحرة ‪ ،‬ويوصد كل األبواب‬
‫المؤدية إليهم ‪ ،‬ويوفر سبال لتشخيص المسحور وعالجه ‪ ،‬ويوفر أيضا سبال لوقاية المسلم من خطر السحر ‪،‬‬
‫ويحدد األخطار العظيمة الناتجة عن الذهاب للسحرة والكهنة ‪ ،‬وأن فعله مخالف للفطرة السوية ‪ ،‬فالحق جل وعال‬

‫‪30‬‬
‫كرم اإلنسان بعقله ‪ ،‬وأودع بين يديه القواعد واألصول للتعامل مع خالقه ومع من حوله ‪ ،‬فيعدل وال يظلم ‪،‬‬
‫ويتحلى باألخالق النبيلة السامية ‪ ،‬والسحرة أناس ضالون مستهامون بحب الشر واإلفساد ‪ ،‬تقودهم أهواؤهم‬
‫وشهواتهم ‪ ،‬دون رادع وال وازع ‪ ،‬ويستعينون على تحقيق أغراضهم الفاسدة ‪ ‬بالشياطين ‪ ،‬فيتقربون إليها بكل‬
‫ما هو بغيض هلل عز وجل ‪ ،‬ولذلك ترى وجوههم قاطبة عابسة ‪  ،‬يعلوها البؤس والشقاء ‪ ،‬والذلة والمهانة ‪،‬‬
‫بيوتهم ممتهنة ‪ ،‬وقلوبهم خاوية ‪ ،‬حرموا لذة اإليمان ‪ ،‬وعاشوا في كدر وعناء ‪ ،‬وال بد للمسلم أن يحذر منهم‬
‫ومن أفعالهم ‪ ،‬خاصة أن فيها خروجا عن الملة واإلسالم ‪ ،‬وهذا موجب لغضب اهلل تعالى وعقوبته ‪ ،‬وفيه كذلك‬
‫ضياع للمال بغير حق ‪ ،‬وخسران للمرأة التي تطرق أبوابهم لشرفها وعفافها وطهارتها ‪ ،‬فيجب الحذر من الذهاب‬
‫إليهم ‪ ،‬واالستعانة بهم على قضاء الحوائج ‪ ،‬وأن يجعل المسلم حاجته هلل سبحانه وتعالى وحده ‪ ،‬ويتوكل ويعتمد‬
‫عليه ‪ 0‬وخطورة اللجوء للسحرة في أمور الحياة الخاصة والعامة من إلحاق ضرر ‪ ،‬أو جلب منفعة ‪ ،‬أو درء‬
‫مفسدة ‪ ،‬دون اللجوء إلى مسبب األسباب كفر باهلل عز وجل ‪ ،‬كما أن اللجوء إليهم واالستعانة بهم مع اللجوء إلى‬
‫اهلل تعالى شرك مؤدي للكفر ‪0‬‬

‫‪ ‬يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان – حفظه اهلل ‪ ( : -‬إن خير الجهاد وأفضله القيام على أعداء الدين‬
‫خطرهم ‪ ،‬فآذوا‬
‫والوقوف في نحورهم كالسحرة والكهان ‪ ‬والمشعوذين ‪ ،‬فقد استطار شررهم وعظم أمرهم وكثر ُ‬
‫المؤمنين وأدخلوا الرعب على حرماتهم غير مبالين ‪ ،‬وقد توعد اهلل المجرمين بسقر وما أدراك ما سقر ‪ ،‬فقد أخبر‬
‫َح ٍد َحتَّى َيقُوال إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َن ٌة فَال تَ ْكفُْر فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫ون‬ ‫اهلل في كتابه العزيز أن الساحر كافر فقال ‪  ( :‬وما يعلِّم ِ ِ‬
‫ان م ْن أ َ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫ض ُّر ُه ْم َوال َينفَ ُع ُه ْم‬ ‫ون َما َي ُ‬ ‫ْن اللَّ ِه َو َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫َح ٍد إِال ِبِإذ ِ‬ ‫ض ِّار َ ِ ِ‬
‫ين ِبه م ْن أ َ‬ ‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه َو َما ُه ْم ِب َ‬
‫ِم ْن ُه َما َما ُيفَِّرقُ َ‬
‫ق ‪ ( ) ‬البقرة – اآلية ‪0 ) 102‬‬ ‫اآلخَر ِة ِم ْن َخال ٍ‬
‫شتَراهُ ما لَ ُه ِفى ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَقَ ْد َعل ُموا لَ َم ْن ا ْ َ َ‬

‫وإ لى كفر الساحر وخروجه من الدين ودخوله في سلك أصحاب الجحيم ذهب جماهير العلماء من فقهاء الحنفية‬
‫أن السحر أحد نواقض‬
‫المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه اهلل – ّ‬
‫ّ‬ ‫والمالكية والحنابلة وقد ذكر الشيخ اإلمام‬
‫اإلسالم وقال ‪ :‬ومنه الصرف والعطف ) ( نشرة لفضيلة الشيخ بتاريخ ‪ 1417 / 1 / 21‬هـ – ص ‪0 ) 1‬‬

‫‪ ‬وال شك أن اإلسالم حرم السحر والعرافة والكهانة ‪ ،‬والحكمة من ذلك هو األمور الهامة التالية ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬حرص اإلسالم على سالمة العقيدة ‪ :‬حرص اإلسالم على سالمة العقيدة في قلب المسلم ليكون دائماً وأبداً‬
‫متصالً باهلل معتمداً عليه مقراً له بالربوبية ‪ 0‬مستعيناً به على الشدائد في هذه الحياة ال يتوجه لغيره في الدعاء‬
‫وال يقر لسواه بأي تأثير أو تحكم في قانون من قوانين الطبيعة التي خلقها اهلل تعالى وسيرها بعلمه وقدرته‪ ‬‬
‫وإ رادته ؛ فالنجوم والكواكب مسخرات بأمره كغيرها من خلق اهلل تسير وفق الخط المرسوم لها من األزل ؛ ال تؤثر‬
‫حركتها على اإلنسان الذي خلقه اهلل على هذه األرض ؛ وقدر له رزقه وعمره ‪ ،‬فال ينتهي عمر إنسان ما بظهور‬
‫كوكب أو إختفائه ؛ وال يزيد رزق إمرئ وال ينقص ‪0‬‬

‫‪31‬‬
‫فإذا زعم إنسان إنه يعلم الغيب باتصاله بالكواكب وتعظيمه لها واتصاله بالجن والشياطين وادعى بذلك أنه‬
‫يستطيع أن يؤثر في قوانين هذه الحياة ويتحكم في مسيرتها الطبيعية بما يخرجها عما رسم لها يكون بذلك قد‬
‫خالف شريعة اهلل وتجاوز حدوده التي وضعت له ؛ فال جرم أن يحكم عليه بالكفر لتعظيمه غير اهلل واستعانته بغير‬
‫الخالق ؛ وإ ثبات التأثير في خلق اهلل لغير البارئ ‪0‬‬

‫‪ -)2 ‬السحر يصد عن العمل بالدين وأحكامه ‪ :‬قص علينا القصص القرآني للذكرى ؛ وليبين لنا ما افتراه أهل‬
‫األهواء على سليمان من أمر السحر ؛ وكيف صد السحر اليهود عن أن يهتدوا بالنبي الذي بشر به كتابهم وبين‬
‫لهم صفاته وأمرهم باإليمان به ؛ وال شك أن تركهم لبعض كتابهم كتركهم له كله ؛ ألنه يذهب باحترام الوحي‬
‫ويفتح الباب لترك الباقي ‪  0‬‬

‫‪ -)3‬تعلم السحر واستخدامه كفر ‪ :‬يعتبر القرآن الكريم السحر وتعلمه واستخدامه كفراً ؛ ألن اإلنسان يتعلم ما‬
‫يضره وال ينفعه ‪ ،‬ويكفي أن يكون الضرر هو الكفر والعياذ باهلل ؛ ألن العلم يجر غالباً إلى العمل ؛ والعمل بالسحر‬
‫ضرر ال نفع فيه ؛ إذ ال نفع في السحر عموماً سواء من ناحية مجرد العلم به أو العمل ؛ كالهما غير مقصود وغير‬
‫نافع في الدارين ألن المؤثر في الحقيقة هو اهلل ؛ وفي هذا دليل على أن التحرز عن السحر واجب ‪0‬‬

‫‪ -)4 ‬خسران الدنيا واآلخرة ‪ :‬من يستبدل ما تُعلّمه له الشياطين بكتاب اهلل تعالى ؛ فقد خسر الدنيا واآلخرة‬
‫والذي يشتري السحر ويفضله على كتاب اهلل ال نصيب له في اآلخرة ألنه حين يختار السحر ويشتريه يفقد كل‬
‫رصيد له في اآلخرة ‪0‬‬

‫فما أسوأ ما باع به نفسه ؛ لقد باع نفسه بثمن ضئيل ال نفع فيه واشترى ما ال نفع له في اآلخرة ؛ ودفع نفسه‬
‫مقابله ؛ فهو خاسر في كل حال ‪ ،‬فما باعه خسره وهو نفسه ؛ وما اشتراه خسره ألنه ال ينفع في اآلخرة ‪0‬‬

‫‪ -)5 ‬ما فيه من إلحاق الضرر بالناس وإ يذائهم ‪ :‬إن الساحر قد يستطيع إيصال الضرر والبالء واألذى بالناس‬
‫وقد يصل بذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه وال يقتصر ضرره على المسحور بل يتعدى إلى من تعلمه ‪0‬‬

‫فلما ذكر اهلل تعالى إنه قد يحصل بالسحر الضرر ذكر أيضاً أن ضرره ال يقتصر على من يفعل ذلك به بل هو أيضاً‬
‫يضر من تعلمه ؛ ولما كان إثبات الضرر بشيء ال ينفي النفع عنه ألنه قد يوجد الشيء فيحصل به الضرر ويحصل‬
‫به النفع نفى عنه النفع بالكلية وأتى بلفظ " ال " ألنها ينفي بها الحال والمستقبل ؛ والضرر وعدم النفع مختص‬
‫بالدنيا واآلخرة ألن تعلمه وإ ن كان غير مباح فهو يجر إلى العمل به وإ لى التنكيل به إذا عثر عليه وأن ما يأخذه‬
‫عليه حرام هذا في الدنيا ؛ أما في اآلخرة فلما يترتب عليه من العقاب ‪0‬‬

‫فيكفي المسلم رادعاً أن يعلم أن سيد المرسلين قال عن السحر إنه شر وأمر بدفنه حتى ال يتذكر الناس‬
‫السحر أو يفتح باباً ‪0‬‬

‫‪32‬‬
‫أدلة السحر وتحريمه من كتاب اهلل عز وجل‬
‫َح ٍد َحتَّى َيقُوال إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َن ٌة فَال تَ ْكفُْر ‪ ( ) ‬البقرة – اآلية‬ ‫‪  - ‬يقول تعالى في محكم كتابه ‪  ( :‬وما يعلِّم ِ ِ‬
‫ان م ْن أ َ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫‪0 ) 102‬‬

‫‪ ‬قال ابن كثير في تفسيره ‪ (:‬قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس قال ‪ :‬فإذا‬
‫أتاهما اآلتي يريد السحر نهياه أشد النهي وقاال له ‪ :‬إنما نحن فتنة فال تكفر وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر‬
‫واإليمان ‪ ،‬فعرفا أن السحر من الكفر قال ‪ :‬فإذا‪  ‬أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا فإذا أتاه عاين الشيطان‬
‫فعلمه فإذا علمه خرج منه النور فنظر إليه ساطعا في السماء فيقول ‪ :‬يا حسرتاه يا ويله ماذا صنع ‪ 0‬وقال السدي‬
‫‪ :‬إذا أتاهما إنسان يريد السحر وعظاه وقاال‪  ‬له ‪ :‬ال تكفر إنما نحن فتنة فإذا أبى قاال له ‪ :‬ائت هذا الرماد فبل عليه‬
‫‪ 0‬فإذا بال عليه خرج منه نور فسطع حتى يدخل السماء وذلك اإليمان وأقبل شيء أسود كهيئة الدخان حتى يدخل‬
‫في مسامعه وكل شيء ‪ ،‬وذلك غضب اهلل فإذا أخبرهما بذلك علماه السحر ‪ 0‬وقال سعيد عن حجاج عن ابن جريج‬
‫في هذه اآلية ال يجترئ على السحر إال كافر ‪ 0‬وقد استدل بعضهم بهذه اآلية على تكفير من تعلم السحر واستشهد‬
‫له بحديث عبد اهلل ‪ " :‬من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى اهلل عليه وسلم "‬
‫( صحيح الجامع ‪ ( ) 5939‬تفسير القرآن العظيم – باختصار – ‪0 ) 137 ، 136 / 1‬‬

‫‪ ‬وقال – رحمه اهلل ‪ ( : -‬قال قتادة ‪ :‬كان ِ‬


‫أخذ عليهما أن ال يعلما أحداً حتى يقوال إنما نحن فتنة أي بالء ابتلينا به‬
‫فال تكفر ) ( تفسير القرآن العظيم – باختصار – ‪0 ) 137 ، 1/136‬‬

‫‪ ‬‬

‫* أدلة السحر وتحريمه من السنة المطهرة وآثار الصحابة ‪-:‬‬

‫‪  * ‬السنة المطهرة ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( اجتنبوا السبع الموبقات –‬
‫أي المهلكات ‪ -‬الشرك باهلل ‪ ،‬والسحر ‪ ،‬وقتل النفس التي حرم اهلل إال بالحق ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬وأكل مال اليتيم ‪،‬‬
‫والتولي يوم ‪ ‬الزحف ‪ ،‬وقذف المحصنات – أي العفائف ‪ -‬المؤمنات الغافالت – أي الغافالت عن الفواحش ‪( ) -‬‬
‫متفق عليه ) ‪0‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ ( :‬والثانية ‪ -‬من السبع الموبقات ‪ -‬السحر قال الحراني ‪ :‬وهو قلب الحواس في مدركاتها عن‬
‫الوجه‪  ‬المعتاد لها في ضمنها من سبب باطل ال يثبت مع ذكر اهلل‪  ‬تعالى عليه ‪ 0‬وفي حاشية الكشاف للسعد ‪ :‬هو‬
‫مزاولة النفس الخبيثة ألقوال وأفعال يترتب عليها أمور خارقة للعادة قال التاج السبكي ‪ :‬والسحر والكهانة‬
‫والتنجيم والسيمياء من واد واحد ) ( فيض القدير – ‪0 ) 153 / 1‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -)2 ‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من أتى عرافا أو كاهنا‬
‫فصدقه بما يقول ‪ ،‬فقد كفر بما أنزل على محمد ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 5939  -‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ " (:‬من أتى عرافا أو كاهنا " وهو من يخبر‪  ‬عما يحدث أو عن شيء غائب أو عن طالع أحد بسعد‬
‫أو نحس أو دولة أو محنة أو منحة ‪ ،‬فصدقه إن الغرض إن سأله معتقدا صدقه ‪ ،‬فلو فعله استهزاء معتقدا كذبه‬
‫فال يلحقه الوعيد ‪ ،‬ومصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر وإ ن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من‬
‫المالئكة وإ نه بإلهام فصدقه من هذه الجهة ال يكفر ‪ ،‬قال الراغب العرافة مختصة باألمور الماضية والكهانة‬
‫بالحادثة وكان‪  ‬ذلك في العرب كثيرا ) ( فيض القدير – ‪0 ) 23 / 6‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)3‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫( من أتى كاهنا فصدقه بما يقول ‪ ،‬أو أتى امرأة حائضا ‪ ،‬أو أتى امرأة في دبرها ‪ ،‬فقد بريء مما أنزل على محمد‬
‫) ( صحيح الجامع ‪0 ) 5942 -‬‬

‫‪ ‬قال المباركفوري ‪ (:‬أو كاهنا " قال الجزري في الكاهن ‪ :‬الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان‬
‫ويدعي معرفة األسرار ‪ 0‬وقد كان في العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما ‪ 0‬فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من‬
‫الجن ورئيا يلقي إليه األخبار ‪ ،‬ومنهم من كان يزعم أنه يعرف األمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها‬
‫من كالم من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف ‪ ،‬كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان‬
‫الضالة ونحوهما ‪ 0‬والحديث الذي فيه ‪ :‬من أتى كاهنا ‪ 0‬قد يشتمل على إتيان الكاهن والعراف والمنجم ‪ 0‬انتهى‬
‫كالم الجزري ‪ 0‬وقال الطيبي ‪ :‬أتى لفظ مشترك هنا بين المجامعة وإ تيان الكاهن ‪ 0‬قال القاري ‪ :‬األولى أن يكون‬
‫التقدير أو صدق كاهنا ‪ ،‬فيصير من قبيل علفتها ماء وتبنا باردا أو يقال من أتى حائضا‪  ‬أو امرأة بالجماع أو كاهنا‬
‫بالتصديق انتهى " فقد كفر بما أنزل على محمد " الظاهر أنه محمول على التغليظ والتشديد كما قاله الترمذي ‪0‬‬
‫وقيل ‪ :‬إن كان المراد اإلتيان باستحالل وتصديق فالكفر محمول على ظاهره ‪ ،‬وإ ن كان بدونهما فهو على كفران‬
‫النعمة ) ( تحفة األحوذي – ‪0 ) 355 / 1‬‬

‫‪ -)4 ‬عن عمران بن حصين – رضي اهلل عنه – قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬ليس منا من تطير‬
‫وال من تطير له ‪ ،‬أو تكهن أو تكهن له ‪ ،‬أو تسحر أو تسحر له ) ( السلسلة الصحيحة – ‪0 ) 2195‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ " (:‬ليس منا " أي ‪ :‬ليس من أهل سنتنا أو طريقتنا اإلسالمية ‪ ،‬ألن ذلك فعل الجاهلية ) ( فيض‬
‫القدير – ‪0 ) 385 ، 384 / 5‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪  -)5‬عن بعض أمهات المؤمنين ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من أتى عرافا فسأله عن شئ ‪ ،‬لم‬
‫تقبل له صالة أربعين ليلة ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 5940‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ " ( :‬من أتى عرافا " وهو من يخبر باألمور الماضية أو بما أخفي وزعم أنه هو الكاهن يرده جمعه‬
‫بينهما في الخبر اآلتي ‪ ،‬قال النووي ‪ :‬والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى األخبار عن الكوائن‬
‫المستقبلة ويزعم معرفة األسرار ‪ ،‬والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك ‪ 0‬ومن‬
‫الكهنة من يزعم أن جنيا يلقي إليه األخبار ‪ ،‬ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه وإ مارات يستدل بها عليه ‪،‬‬
‫وقال ابن حجر ‪ :‬الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن األمور المغيبة ‪ 0‬وكانوا في الجاهلية كثيرا ؛ فمعظمهم كان يعتمد‬
‫على من تابعه من الجن ‪ ،‬وبعضهم كان يدعي معرفة ذلك بمقدمات أسباب يستدل على مواقعها من كالم من يسأله‬
‫‪ ،‬وهذا األخير يسمى العراف " فسأله عن شيء " أي من المغيبات ونحوها " لم تقبل له صالة أربعين ليلة " خص‬
‫العدد باألربعين على عادة العرب في ذكر األربعين والسبعين ونحوهما للتكثير ‪ ،‬أو ألنها المدة التي ينتهي‪  ‬إليها‬
‫تأثير تلك المعصية في قلب فاعلها وجوارحه وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير ‪ ،‬ذكره القرطبي ‪ ،‬وخص الليلة ألن‬
‫من عاداتهم ابتداء الحساب بالليالي ‪ ،‬وخص الصالة لكونها عماد الدين ) ( فيض القدير – ‪0 ) 23 ، 22 / 6‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)6‬عن أبي موسى – رضي اهلل عنه – قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬ال يدخل الجنة مدمن خمر‬
‫‪ ،‬وال مؤمن بسحر ‪ ،‬وال قاطع رحم ) ( ‪ ‬السلسلة الضعيفة – ‪ 0 ) 1464‬‬

‫‪ ‬قلت ‪ :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬وال مؤمن بسحر " والمعنى ليس الذي يؤمن أن للسحر حقيقة وتأثيرا ‪ ،‬إنما‬
‫الذي يصدق ويؤمن بأن تأثير السحر خارج عن مشيئة اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬ومن اعتقد ذلك ال يدخل الجنة ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)7‬عن معاوية بن الحكم – رضي اهلل عنه – قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬ال تأتوا الكهان )‬
‫( صحيح الجامع – ‪0 ) 7180‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ " (:‬ال تأتوا الكهان " الذين يدعون علم المغيبات قال الصحابي معاوية بن الحكم قلت يا رسول اهلل‬
‫أمورا كنا نضعها في الجاهلية ؛ كنا نأتي الكهان ‪0‬قال ‪ :‬فال تأتوا الكهان ‪ ،‬قلت كنا نتطير ‪ 0‬قال ‪ :‬ذلك شيء يجده‬
‫أحدكم في نفسه فال يصرفنكم ) ( فيض القدير – ‪0 ) 383 / 6‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -)8 ‬عن ابن عباس – رضي اهلل عنه – قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من اقتبس علما من‬
‫النجوم اقتبس شعبة من السحر ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 6074 -‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ " (:‬من اقتبس " أي تعلم من قبست من العلم واقتبست من الشيء إذا تعلمته والقبس شعبة من النار‬
‫واقتباسها األخذ منها " علما من النجوم " أي من علم تأثيرها ال تسييرها ‪ ،‬فال يناقض ما سبق من خبر ‪ ( :‬تعلموا‬
‫من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ) وقد مر التنبيه على طريق الجمع " اقتبس شعبة " أي قطعة "‬
‫من السحر " المعلوم تحريمه ثم استأنف جملة أخرى بقوله ‪ " :‬زاد ما زاد " يعني كلما زاد من علم النجوم زاد من‬
‫اإلثم مثل إثم الساحر ‪ ،‬أو زاد اقتباس شعب السحر ما زاده اقتباس علم النجوم ‪ 0‬ومن زعم أن المراد زاد النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم على ما رواه ابن عباس عنه في حق علم النجوم فقد تكلف ‪ ،‬ونكر علما للتقليل ومن ثم خص‬
‫االقتباس ألن فيه معنى العلة ومن النجوم صفة علما وفيه مبالغة ‪ 0‬ذكره الطيبي ‪ 0‬وذلك ألنه يحكم على الغيب‬
‫الذي استأثر اهلل بعلمه ‪ ،‬فعلم تأثير النجوم باطل محرم وكذا‪  ‬العمل بمقتضاه كالتقرب إليها بتقريب القرابين لها‬
‫كفر ‪ ،‬كذا قاله ابن رجب ( تنبيه ) قال بعض العارفين ‪ :‬أصناف حكماء عقالء السالكين إذا حاولوا جلب نفع أو‬
‫دفع ضر لم يحاولوه بما يجانسه من الطبائع ؛ بل حاولوه بما هو فوق رتبته من عالم األفالك مثال التي رتبتها‬
‫غالبة رتب الطبائع ومستولية عليها فحاولوا ما يرومونه من أمر ظاهر لتلك بما هو أعلى منه ‪ :‬كالطالسم‬
‫واستنزال الروحانيات المنسوبة عندهم للكواكب ‪ 0‬وهذا االستيالء الروحاني الفلكي الكوكبي على عالم الطبيعة‬
‫هو المسمى علم السيمياء ‪ ،‬وهو ضرب من السحر ألنه أمر لم يتحققه‪  ‬الشرع ‪ ،‬وال يتم وال يتحقق مع ذكر اهلل‬
‫عليه ؛ بل يبطل‪  ‬ويضمحل اضمحالل السراب عند غشيانه ‪ ،‬وإ لى نحوه يشير هذا‪  ‬الخبر ) ( فيض القدير – ‪/ 6‬‬
‫‪  0 ) 80‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)9‬عن عائشة ‪ -‬رضي اهلل عنها ‪ -‬قالت ‪ ( :‬سأل ناس رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن الكهان فقال ‪ :‬ليس‬
‫بشيء ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء‪  ‬فيكون حقا ‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه ‪ ،‬فيخلطون معها مائة كذبة ) ( متفق عليه ) ‪  0‬‬

‫قال الحافظ بن حجر في الفتح ‪ (:‬والكهانة ‪ -‬بفتح الكاف ويجوز كسرها ‪ -‬ادعاء علم الغيب كاإلخبار بما سيقع‬
‫في األرض مع االستناد إلى سبب ‪ ،‬واألصل فيه استراق الجني السمع من كالم المالئكة ‪ ،‬فيلقيه في أذن الكاهن ‪0‬‬
‫والكاهن لفظ يطلق على العراف ‪ ،‬والذي يضرب بالحصى ‪  ،‬والمنجم ‪ 0‬ويطلق على من يقوم بأمر آخر ويسعى‬
‫في قضاء حوائجه ‪ 0‬وقال في ( المحكم ) ‪ :‬الكاهن القاضي بالغيب ‪ 0‬وقال في ( الجامع ) العرب تسمي كل من‬
‫أذن بشيء قبل وقوعه كاهنا ‪ 0‬وقال الخطابي ‪ :‬الكهنة قوم لهم أذهان حادة ونفوس شريرة وطباع نارية ‪،‬‬
‫فألفتهم الشياطين لما بينهم من التناسب في هذه األمور ‪ ،‬ومساعدتهم بكل ما تصل قدرتهم إليه ‪ 0‬وكانت الكهانة‬
‫في الجاهلية فاشية خصوصا في العرب النقطاع النبوة فيهم ‪ 0‬وهي على أصناف ‪-:‬‬

‫‪36‬‬
‫*‪  ‬منها ما يتلقونه من الجن ‪ ،‬فإن الجن كانوا يصعدون إلى جهة السماء فيركب بعضهم بعضا إلى أن يدنو‬
‫األعلى‪  ‬بحيث يسمع الكالم فيلقيه إلى الذي يليه ‪ ،‬إلى أن‪  ‬يتلقاه من يلقيه في أذن الكاهن فيزيد فيه ‪ ،‬فلما جاء‬
‫اإلسالم ونزل القرآن حرست السماء من الشياطين ‪ ،‬وأرسلت عليهم الشهب ‪ ،‬فيقي من استراقهم ما يتخطفه‬
‫األعلى فيلقيه إلى األسفل قبل أن يصيبه الشهاب ‪ ،‬وإ لى ذلك اإلشارة بقوله تعالى ‪   ( :‬إِال َم ْن َخ ِط َ‬
‫ف ا ْل َخ ْطفَ َة‬
‫ب‪ ( )   ‬الصافات – اآلية ‪ ، ) 10‬وكانت إصابة الكهان قبل اإلسالم كثيرة جدا كما جاء في أخبار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ثَاق ٌ‬
‫فَأَتْ َب َع ُه ش َه ٌ‬
‫شق وسطيح ونحوهما ‪ ،‬وأما في اإلسالم فقد ندر ذلك جدا‪  ‬حتى كاد يضمحل وهلل الحمد ‪0‬‬

‫*‪  ‬وثانيها ما يخبر الجني به من يواليه بما غاب عن غيره ‪ ،‬مما ال يطلع عليه اإلنسان غالبا ‪ ،‬أو يطلع‪  ‬عليه من‬
‫قرب منه ال من بعد ‪0‬‬

‫*‪  ‬وثالثها ما يستند إلى ظن وتخمين وحدس ‪ ،‬وهذا قد‪  ‬يجعل اهلل فيه لبعض الناس قوة مع كثرة الكذب فيه‪0‬‬

‫* رابعها ما يستند إلى التجربة والعادة ‪ ،‬فيستدل على الحادث بما وقع قبل ذلك ‪ ،‬ومن هذا القسم األخير ما‬
‫يضاهي السحر ‪ ،‬وقد يعتضد بعضهم في ذلك بالزجر والطرق والنجوم ‪ ،‬وكل ذلك مذموم شرعا ) ( فتح الباري –‬
‫‪ 0 ) 217 ، 216 / 10‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)10‬أخرج أحمد عن ابن عمر أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم دفع خيبر إلى أهلها بالشطر فلم تزل معهم‬
‫حياة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كلها ‪ ،‬وحياة أبي بكر ‪ ،‬وحياة عمر ‪ ،‬حتى بعثني عمر ألقاسمهم فسحروني ‪،‬‬
‫فتكوعت يدي فانتزعها عمر منهم ) ( أخرجه اإلمام أحمد في مسنده – ‪0 ) 30 / 2‬‬

‫‪  * ‬آثار الصحابة ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬عن عمرة ( أن عائشة – رضي اهلل عنها – أصابها مرض وإ ن بعض بني أخيها ذكروا شكواها لرجل من‬
‫الزط – جنس م السند ‪ -‬يتطبب – أي يتعاطى الطب وال يتقنه ‪ ، 0 -‬وأنه قال لهم أنهم ليذكرون امرأة مسحورة‬
‫سحرتها جارية في حجرها صبي ‪ ،‬في حجر الجارية اآلن صبي قد بال في حجرها ‪ ،‬فقال ‪ :‬أيتوني بها ‪ ،‬فأتي بها ‪،‬‬
‫فقالت عائشة ‪ :‬سحرتيني ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ 0‬قالت ‪ :‬لم ؟ قالت ‪ :‬أردت أن أعتق ‪ ،‬وكانت عائشة – رضي اهلل عنها –‬
‫قد أعتقتها عن دبر – أي تليق العتق بالموت ‪ -‬منها ‪ ،‬فقالت إن هلل علي أن ال تعتقين أبداً ‪ ،‬انظروا شر البيوت –‬
‫أي من يسيء الصنيع إلى المماليك ‪ -‬ملكة فبيعوها منهم ثم اشتروا بثمنها رقبة فأعتقوها ) ( أخرجه اإلمام أحمد‬
‫في مسنده – ‪0 ) 40 / 6‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -)2‬عن ابن عمر أن حفصة بنت عمر ‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ (: -‬سحرتها جارية لها فأقرت بالسحر وأخرجته‬
‫فقتلتها ‪ ،‬فبلغ ذلك عثمان – رضي اهلل عنه ‪ ، -‬فغضب ‪ ،‬فأتاه ابن عمر ‪-‬رضي اهلل عنه‪ ، -‬فقال ‪ :‬جاريتها‬
‫سحرتها ‪ ،‬أقرت بالسحر وأخرجته ‪ ،‬قال ‪ :‬فكف عثمان ‪ -‬رضي اهلل عنه‪ ،-‬قال ‪ :‬وكأنه إنما كان غضبه لقتلها‬
‫إياها بغير أمره ) ( أخرجه البيهقي في السنن الكبرى – ‪0 ) 136 / 6‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)3 ‬عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة – رضي اهلل عنها – أنها قالت ‪:‬‬
‫( قدمت امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن‬
‫شيء دخلت فيه من أمر السحرة لم تعمل به ‪ ،‬قالت عائشة لعروة ‪ :‬يا ابن أختي فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم فيشفيها حتى أني ألرحمها وهي تقول ‪ :‬إني ألخاف أن أكون قد هلكت ‪ ،‬كان لي‬
‫زوج فغاب عني فدخلت على عجوز فشكوت إليها فقالت ‪ :‬إن فعلت ما آمرك فلعله يأتيك ‪ ،‬فلما إن كان الليل‬
‫جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما ‪ ،‬وركبت اآلخر ‪ ،‬فلم يكن مكثي حتى وقفنا ببابل ‪ ،‬فإذا أنا برجلين معلقين‬
‫بأرجلهما ‪ ،‬فقاال ما جاء بك ‪ ،‬فقلت ‪ :‬أتعلم السحر ‪ ،‬فقاال ‪ :‬إنما نحن فتنة فال تكفري وارجعي ‪ ،‬فأبيت وقلت ‪ :‬ال ‪،‬‬
‫قاال فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ‪ ،‬فذهبت وفزعت فلم أفعل ‪ ،‬فرجعت إليهما فقاال لي ‪ :‬فعلت ‪ ،‬قلت ‪ :‬نعم ‪0‬‬
‫قاال ‪ :‬هل رأيت شيئاً فقلت لم أر شيئاً ‪ ،‬فقاال ‪ :‬لم تفعلي ارجعي إلى بالدك وال تكفري فأبيت ‪ ،‬فقاال اذهبي إلى ذلك‬
‫التنور فبولي فيه ‪ ،‬فذهبت فاقشعر جلدي وخفت ثم رجعت إليهما فقاال ‪ :‬ما رأيت ؟ فقلت لم أر شيئاً ‪ ،‬فقاال ‪ :‬كذبت‬
‫لم تفعلي ارجعي إلى بالدك وال تكفري فإنك على رأس أمرك فأبيت ‪ ،‬فقاال ‪ :‬اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ‪،‬‬
‫فذهبت فبلت فيه ‪ ،‬فرأيت فارساً مقنعاً بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء فغاب عني حتى ما أراه ‪ ،‬فأتيتهما‬
‫فقلت ‪ :‬قد فعلت ‪ ،‬فقاال ‪ :‬فما رأيت ؟ قلت رأيت فارساً مقنعاً بحديد خرج مني فذهب في السماء فغاب عني حتى ما‬
‫أرى شيئاً ‪ ،‬قاال ‪ :‬صدقت ذلك إيمانك خرج منك فاذهبي ‪ ،‬فقلت للمرأة واهلل ما أعلم شيئاً ‪ ،‬وما قاال لي شيئاً ‪،‬‬
‫فقالت بلى إن تريدين شيئاً إال كان ‪ ،‬خذي هذا القمح فابذري فبذرت ‪ ،‬فقلت ‪ :‬اطلعي فطلعت ‪ ،‬وقلت ‪ :‬احقلي‬
‫فحقلت ‪ ،‬ثم قلت ‪ :‬افرخي فأفرخت ‪ ،‬ثم قلت ايبسي فيبست ‪ ،‬ثم قلت ‪ :‬اطحني فطحنت ‪ ،‬ثم قلت ‪ :‬اخبزي فخبزت ‪،‬‬
‫فلما رأيت أني ال أريد شيئاً إال كان سقط في يدي وندمت واهلل يا أم المؤمنين ‪ ،‬ما فعلت شيئاً قط وال أفعله أبداً ‪،‬‬
‫فسألت أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حداثة وفاة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهم يرمئذ متوافرون‬
‫فما دروا ما يقولون لها ‪ ،‬وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما ال يعلم إال أنهم قالوا ‪  :‬لو كان أبواك حيين أو أحدهما‬
‫لكانا يكفيانك ) ( رواه الحاكم بلفظه ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ولم يخرجاه ‪ ،‬وأقره الذهبي وصححه ‪،‬‬
‫ورواه أيضاً البيهقي بنحوه – المستدرك على الصحيحين للحاكم وبذيله التلخيص للذهبي – ‪) 156 ، 155 / 4‬‬
‫‪0‬‬

‫* أقسام السحر وأنواعه ‪:‬‬


‫إن البحث والتقصي تحت هذا العنوان يفضي لطرح تساؤالت عدة ‪ ،‬ومن هذه التساؤالت ‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ ‬هل يقوم السحر على وتيرة واحدة ‪ ،‬إلحداث آثاره المتعددة ؟!‬
‫وإ ذا كان للسحر أنواع ‪ ،‬فهل كل نوع منها يمثل كيانا مستقال عن باقي األنواع ؟! أم أن هناك ارتباطا بين هذه‪ ‬‬
‫األنواع ؟!‬

‫‪ ‬حقيقة إن أنواع السحر ترتبط وتتالقى في عدة أمور ‪ ،‬لكن لوحظ أن من تكلم عن السحر وأنواعه قد ذكر أنواعا‬
‫تصل إلى الثمانية ‪ ،‬وبعد القراءة المتكررة ‪ ،‬والتمحيص لهذه األنواع ‪ ،‬وجد أن أنواع السحر التي تعتبر أنواعا‬
‫حقيقية ترتبط بمفهوم السحر االصطالحي ‪ ،‬وبآثار السحر ونتائجه ال تتعدى الخمسة فقط ‪ ،‬وقد تقتصر إلى ثالثة‬
‫أنواع باعتبار أن‪  ‬بعض األنواع تختص بعنصر التأثيرات أو المؤثرات ‪ ،‬وما عدا ذلك ال يعد من أنواع السحر ‪،‬‬
‫ومثال تلك األنواع التي تخرج عن المفهوم االصطالحي للسحر ‪-:‬‬

‫‪ ‬أ )‪ -‬السعي بالنميمة والوشاية بين الناس لإلفساد من وجوه خفية لطيفة ‪0‬‬

‫‪ ‬قال الشرواني ‪ ( :‬قال يحيى بن أبي كثير ‪ :‬يفسد النمام والكذّاب في ساعة ما ال يفسد الساحر في سنة )‬
‫( حواشي الشرواني – ‪0 ) 181 / 9‬‬

‫‪ ‬ويؤكد ذلك المفهوم ما ذكره الجصاص في كتابه "تفسير آيات األحكام" حيث قال ‪ (:‬وقد حكي أن امرأة أرادت‬
‫إفساد ما بين زوجين ‪ ،‬فجاءت إلى الزوجة فقالت لها ‪ :‬إن زوجك معرض عنك ‪ ،‬وهو يريد أن يتزوج عليك ‪،‬‬
‫وسأسحره لك حتى ال يرغب عنك وال يريد سواك ‪ ،‬ولكن ال بد أن تأخذي من شعر حلقه‪  ‬بالموس ثالث شعرات إذا‬
‫نام وتعطينيها حتى يتم سحره ‪ ،‬فاغترت المرأة بقولها وصدقتها ‪ ،‬ثم ذهبت إلى الرجل وقالت له ‪ :‬إن امرأتك قد‬
‫أحبت رجال وقد عزمت على أن تذبحك بالموس عند النوم لتتخلص منك ‪ ،‬وقد أشفقت عليك ولزمني نصحك ‪،‬‬
‫فتيقظ لها هذه الليلة ‪ ،‬وتظاهر بالنوم ‪ ،‬فلما جاءت زوجته بالموس لتحلق بعض شعرات حلقه ‪ ،‬فتح عينيه فرآها‬
‫وبيدها الموس فقتلها ‪ ،‬فلما بلغ الخبر إلى أهلها جاءوا فقتلوه ) ( تفسير آيات األحكام – ‪0 ) 48 / 1‬‬

‫‪ ‬ب)‪ -‬االحتيال في إطعام البعض ‪ ،‬بعض األدوية المؤثرة في العقل ‪0‬‬

‫‪ ‬قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬السحر ينقسم إلى قسمين ‪ :‬األول ‪ :‬عقد ورقى ‪ ، -‬أي‬
‫قراءات وطالسم يتوصل بها الساحر إلى اإلشراك بالشياطين فيما يريد لضرر المسحور ‪ ،‬قال اهلل تعالى ‪:‬‬
‫ين َكفَ ُروا ُي َعلِّ ُم َ‬
‫ون َّ‬ ‫الشي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫الس ْح َر ‪)  ‬‬
‫اس ِّ‬‫الن َ‬ ‫اط َ‬ ‫كن َّ َ‬
‫ان َولَ َّ‬
‫سلَ ْي َم ُ‬
‫ان َو َما َكفََر ُ‬
‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين‪َ  ‬علَى ُم ْلك‪ُ  ‬‬
‫اط ُ‬ ‫( َواتََّب ُعوا َما تَ ْتلُوا َّ َ‬
‫( البقرة – اآلية ‪0 ) 102‬‬

‫الثاني ‪ :‬أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور ‪ ،‬وعقله ‪ ،‬وإ رادته ‪ ،‬وميله وهو ما يسمى عندهم بالعطف‬
‫والصرف ‪ ،‬فيجعلون اإلنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء ‪ ،‬والصرف‬
‫بالعكس من ذلك ‪ ،‬فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك ‪ ،‬وفي تصوره بأن يتخيل األشياء على‬
‫خالف ما هي عليه ) ( نقالً ‪ ‬مرجع المعالجين من القرآن الكريم والحديث الشريف ‪ -‬ص ‪0  ) 328 - 327‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ ‬‬
‫* أقسام السحر عند علماء االجتماع ‪-:‬‬

‫‪ ‬أ)‪ -‬السحر األبيض ‪ :‬وهو الذي يخدم أهدافا علمية واجتماعية ‪ ،‬مثل سحر الحب والتداوي ‪ ،‬والتنبؤ بالمستقبل‬
‫‪0‬‬

‫ب)‪ -‬السحر األسود ‪ :‬وهو الذي بقصد إلحاق الضرر باآلخرين ‪0‬‬

‫‪ ‬قلت ‪ :‬وهذا التقسيم للسحر بناء على فهم علماء االجتماع بشقيه األبيض واألسود ال يختلف في مضمونه‬
‫ومحتواه عن األنواع السابقة ‪ ،‬وال يجوز مطلقا اقترافه أو فعله ‪ ،‬وفاعله يكفر وهو مخرج من الملة ‪0‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أنواع السحر كما ذكرها أبو عبداهلل الرازي ‪-:‬‬

‫‪  * ‬قال ابن كثير ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬قد ذكر أبو عبداهلل الرازي أن أنواع السحر ثمانية ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬سحر الكذابين والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة وهي السيارة ‪ ،‬وكانوا يعتقدون‬
‫أنها مدبرة العالم وأنها تأتي بالخير والشر ‪0‬‬

‫‪ -)2‬سحر أصحاب األوهام والنفوس القوية ‪0‬‬

‫‪ -)3‬سحر االستعانة باألرواح األرضية وهم الجن ‪0‬‬

‫‪ -)4‬سحر التخييالت واألخذ بالعيون والشعبذة ‪0‬‬

‫‪ -)5‬األعمال العجيبة التي تظهر من تركيب آالت مركبة على النسب الهندسية ‪0‬‬

‫‪ -)6‬االستعانة بخواص األدوية يعني في األطعمة‪  ‬والدهانات ‪0‬‬

‫‪ -)7‬التعليق للقلب ‪ :‬وهو أن يدعي الساحر أنه عرف االسم األعظم وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر‪ ‬‬
‫األمور ‪0‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -)8‬السعي بالنميمة والتقريب من وجوه خفيفة لطيفة وذلك شائع في الناس ) ( تفسير القرآن العظيم –‬
‫باختصار – ‪0 ) 140 ، 138 / 1‬‬

‫‪ ‬‬

‫* أقسام السحر ‪ :‬وقبل أن أتعرض ألنواع السحر بالتفصيل ال بد من إيضاح بعض‪  ‬المسائل واالستدراكات الهامة‬
‫وهي على النحو التالي ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬ال بد من اليقين الجازم بأن تأثير السحر ال ينفذ إال بإذن اهلل القدري الكوني ‪ ،‬وفي ذلك يقول الحق جل وعال‬
‫ْن اللَّ ِه ‪ ( ) 000‬البقرة – اآلية ‪0 ) 102‬‬
‫َح ٍد إِال ِبِإذ ِ‬ ‫ض ِّار َ ِ ِ‬
‫ين ِبه م ْن أ َ‬ ‫في محكم كتابه ‪َ 000 ( :‬و َما ُه ْم‪ِ  ‬ب َ‬

‫‪ -)2 ‬ليس القصد مطلقا من عرض جزئيات هذا الموضوع ‪ ،‬خاصة‪  ‬البحث في األعراض المتعلقة بكل نوع من‬
‫أنواع السحر المقارنة والقياس ‪ ،‬بحيث يبدأ الشخص بمقارنة تلك‪  ‬األعراض مع حالته ومعاناته ‪ ،‬ويقع في الوهم‬
‫والوسوسة والضياع ‪ ،‬وال بد للمريض من عرض حالته أوال على الطبيب المسلم ومن ثم رقية نفسه بالرقية‬
‫الشرعية الثابتة ‪ ،‬وإ ن استدعى األمر فال بأس بالذهاب عند من يوثق في علمه ودينه للرقية والعالج واالستشفاء‬
‫‪ ،‬بحيث يكون هذا الشخص متمرسا حاذقا ‪ ،‬لكي يستطيع بإذن اهلل تعالى أن يحدد األسباب الرئيسة للمعاناة‬
‫والمرض ‪ 0‬‬

‫‪ -)3 ‬غالبا ما تكون األعراض مشتركة ما بين السحر واألنواع‪  ‬األخرى من األمراض التي تصيب النفس البشرية‬
‫كالصرع والعين والحسد ونحوه ‪ ،‬ومن هنا كان ال بد من التريث في عملية التشخيص من قبل المعالج ‪ ،‬بحيث يتم‬
‫دراسة الحالة دراسة موضوعية دقيقية مستفيضة ليستطيع أن يحدد الداء‪  ‬ليصف الدواء النافع بإذن اهلل تعالى ‪0‬‬

‫‪ -)4 ‬ال بد للمعالج من التأكد من سالمة الناحية الطبية المتعلقة بالمريض ‪ ،‬فبعض األمراض العضوية أو النفسية‬
‫لها أعراض مشابهة تماما لألمراض التي تصيب النفس البشرية كالصرع والسحر والحسد والعين ونحوه ‪ ،‬وكثيرا‬
‫ما يستغل السحرة‪  ‬معرفة األسباب الرئيسة لتلك األمراض وتأثيرها ومن ثم إيجاد مثل تلك األسباب بحيث يعتقد‬
‫المرضى بأن المعاناة‪  ‬ناتجة عن أمراض عضوية أو نفسية ‪ ،‬وعلى سبيل المثال فقد يحدث الساحر تأثيرا يؤدي‬
‫لقتل الحيوانات المنوية عند الرجل ويعتقد آنذاك أن الحالة المرضية تعاني من العقم‪  ‬وعدم اإلنجاب ‪ ،‬وقس على‬
‫ذلك كثير من األمور التي يعمد إليها السحرة إليهام الناس بتلك األمراض ‪ ،‬واهتمام المعالج بسالمة الناحية الطبية‬
‫ال يعني مطلقا عدم االستشفاء بالرقية الشرعية من األمراض العضوية أو النفسية ‪ ،‬بل المقصود عدم تخبط‬
‫المعالج في عملية التشخيص وإ يهام بعض المرضى بالمعاناة من األمراض التي تصيب النفس البشرية كالصرع‬
‫والسحر والعين ونحوه ‪ ،‬علما بأن المعاناة األصلية ناتجة عن أمراض عضوية أو نفسية ‪   0‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -)5 ‬يجب دراسة األعراض دراسة دقيقة للوقوف على أسبابها الرئيسة ‪ ،‬فقد تكون كافة تلك األعراض ناتجة‬
‫عن خالفات أو منازعات أو ظروف اجتماعية أدت لمثل تلك األوضاع ‪ ،‬ومن هنا كان ال بد من التأني دون إطالق‬
‫األحكام جزافا وإ عادة مثل تلك األمور التي قد تحصل لإلصابة بالصرع والسحر والعين ونحوه ‪ 0‬‬

‫‪ -)6‬إن للسحر أعراض اجتماعية وأخرى عضوية متعلقة بطبيعة الجسم البشري ‪ ،‬وسوف أقتصر البحث هنا‬
‫على األعراض االجتماعية وبعض األعراض العضوية البسيطة بسبب أن تلك األعراض متشابهة تقريبا في كافة‬
‫األنواع مع اختالفات نوعية بسيطة ‪ ،‬وسوف يتم ذكرها بالتفصيل في هذه السلسلة عند الحديث عن " المنهج‬
‫الشرعي في عالج السحر " ‪0‬‬

‫‪ -)7 ‬كافة األنواع التي سوف يعرج عليها تحت أنواع السحر التأثيري قد تكون ناتجة عن السحر بشقيه التخيلي‬
‫أو سحر األرواح الخبيثة ‪ ،‬ويعود األمر في ذلك لألسلوب الذي يتبعه الساحر فيما يقوم به من أفعاله السحرية‬
‫الخبيثة ‪0‬‬

‫‪ -)8 ‬ال بد من اإلشارة لنقطة هامة جدا تحت هذا العنوان ‪ ،‬وهي أن‪  ‬كافة المسميات المتعلقة بأنواع السحر‬
‫التأثيري عبارة عن اجتهادات بناها المعالجون بناء على األحوال واألوضاع التي عايشوها ودرسوها نتيجة الخبرة‬
‫والممارسة ‪ ،‬وقد أشارت بعض النصوص القرآنية والحديثية لمثل تلك اآلثار بشكل عام ‪ ،‬وبالتالي فإن كافة تلك‬
‫المسميات ال تعتبر أمور مسلمة بها ‪ ،‬بل تخضع للتجربة والقياس ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫رابعا ‪ :‬أقسام السحر من حيث األسلوب ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬السحر التخييلي ‪ :‬وقد أثبتت النصوص القرآنية‪  ‬والحديثية هذا النوع من أنواع السحر ‪ ،‬يقول الحق جل‬
‫ال َب ْل أَْلقُوا فَِإ َذا ِح َبالُ ُه ْم‬
‫ون أ ََّو َل َم ْن أَْلقَى * قَ َ‬ ‫َن تُ ْل ِق َى َوإِ َّما أ ْ‬
‫َن َن ُك َ‬ ‫وسى إِ َّما أ ْ‬
‫ام َ‬ ‫وعال في محكم كتابه ‪  ( :‬قَالُوا َي ُ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س َعى‪ ( )  ‬طه – اآلية ‪ ) 66 ، 6‬وقد ثبت من حديث عائشة – رضي اهلل‬ ‫ُّه ْم ُي َخَّي ُل إِلَ ْيه م ْن س ْح ِر ِه ْم أ ََّن َها تَ ْ‬
‫َو ِعصي ُ‬
‫عنها – أنها قالت ‪ ( :‬سحر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حتى أنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله ) ( متفق‬
‫عليه ) ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫قال ابن القيم ‪ (:‬وفي الموطأ عن كعب قال ‪ :‬كلمات أحفظهن من التوراة ‪ ،‬لوالها لجعلتني يهود حمارا ‪ :‬أعوذ‬
‫بوجه اهلل العظيم ‪  ،‬الذي ال شيء أعظم منه ‪ ،‬وبكلمات اهلل التامات التي ال يجاوزهن بر وال فاجر ‪ ،‬وبأسماء اهلل‬
‫الحسنى ‪ ،‬ما علمت منها وما لم أعلم ‪ 0‬من شر ما خلق ‪ ،‬وذرأ وبرأ ) ( بدائع التفسير ‪   0 ) 412 / 5 -‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ ‬قلت ‪ :‬وليس المقصود من قول اإلمام مالك ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬تعالى أن لسحر اليهود قدرة على تغيير األمور وقلب‬
‫حقيقتها التي خلقت عليها ‪ ،‬ولكن قد يكون القصد من الكالم آنف الذكر إما التهويل وقدرة سحرة اليهود وبراعتهم‬
‫في هذا األمر ‪ ،‬وإ ما أن يكون القصد قدرة سحرة اليهود على قلب الحقيقة في نظر الرائي دون المرئي وهو ما‬
‫يسمى بسحر التخييل واهلل تعالى أعلم ‪0‬‬

‫‪ ‬يقول ابن خلدون ‪ ( :‬سحر التخيل هو أن يعمد الساحر إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ‪،‬‬
‫ويلقي فيها أنواعا من الخياالت والمحاكاة وصوراً مما يقصده من ذلك ‪ ،‬ثم ينزلها إلى الحس من الرائين بقوة‬
‫نفسه المؤثرة فيه ‪ ،‬فينظر الراؤن كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك ) ( مقدمة ابن خلدون – ‪0 ) 498‬‬

‫‪ ‬‬

‫قصة واقعية ‪ :‬يقول فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين –حفظه اهلل‪ (: -‬حكى لنا بعض العامة أن‬
‫ساحراً أتى إلى صاحب غنم ومعه شاه يقودها بأذنها ‪ ،‬وطلب من صاحب الغنم أن يعطيه بدلها كبشاً ليذبحه لرفقته‬
‫‪ ،‬ففعل ذلك صاحب الغنم ‪ ،‬فبعد أن ذهب بالكبش تبين أن تلك الشاة التي جاء يقودها كانت حشرة من دواب األرض‬
‫قد لبس بها على عين الراعي الذي ذهب في أثره حتى أدركه مع رفقته وقد ذبحوا الكبش ‪ ،‬فسألهم عن صاحب‬
‫الكبش الذي لبس عليه ‪ ،‬فدلوه على الساحر فجعل يوبخه ‪ ،‬ثم مد يده إليه ليبطش به ‪ ،‬وقبض على رأسه فانقلع‬
‫رأسه في يده وتعلق بحنجرته ‪ ،‬فذهل الراعي وهرب معتقداً أنهم من الشياطين ) ( الصواعق المرسلة في‬
‫التصدي للمشعوذين والسحرة – ص ‪ 0 ) 114 ، 113‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)2‬سحر المؤثرات ‪ :‬وهذا النوع يتم بعدة طرق منها ما هو مبني على الكواكب والنجوم ‪ ،‬ومنها ما هو مبني‬
‫على‪  ‬تصفية النفس وتعليق الوهم ‪ ،‬ومنها ما يسمى ( بالنيرنجات ) وهو سحر يعتمد على األعضاء البشرية‪ ‬‬
‫والحيوانية بمقادير معينة تمزج بطريقة مخصوصة على أن لكل عضو أثر مخصوص ‪ ،‬وقسم آخر يعتمد على‬
‫االستعانة بخواص األدوية يعني في األطعمة والدهانات ‪ ،‬وغيره مما يعتمد على األعداد والحروف (األوفاق)ـ ‪،‬‬
‫وكافة األنواع المذكورة آنفا تؤثر بالمرض أو القتل أو الجنون أو منع الزواج أو ربط الرجل عن زوجه أو العقم أو‬
‫اإليحاء ‪ ،‬وكل ذلك يكون بتأثيرات وطرق خبيثة ال ينفذ تأثيرها إال بإذن اهلل القدري الكوني ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)3‬سحر تسليط األرواح الخبيثة ‪ :‬وهذا النوع يتم بواسطته تسليط الجن والشياطين على المسحور لغرض معين‬
‫يحدد من قبل الساحر بناء على توصية من قام بعمل السحر للمسحور ‪ ،‬ويتم ذلك بطرق شتى يستخدم فيها الساحر‬
‫العزائم والطالسم الكفرية أو الشركية الستحضار األرواح‪  ‬واسترضائها بذلك لكي تسلط على من وكلت به ‪0‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ ‬وكافة أنواع السحر ما عدا النوع المبني على التخييل والخداع مبنية على الرقى والعزائم ‪ ،‬ولذا تعتبر الرقى‬
‫والعزائم ‪ ،‬قاعدة مطردة في كل نوع ‪ ،‬ومن أراد االستزادة‪  ‬بخصوص هذا الموضوع فعليه الرجوع لكتاب " موقف‬
‫اإلسالم من السحر " ‪ -‬دراسة نقدية على ضوء عقيدة أهل السنة‪  ‬والجماعة ‪ -‬للباحثة حياة سعيد با أخضر ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫* أقسام السحر من حيث التأثير ‪-:‬‬

‫‪ ‬إن المتأمل في النصوص القرآنية والحديثية يعتقد جازما متيقنا أن للسحر حقيقة وتأثيرا ‪ ،‬ولذلك أمر الحق جل‬
‫وعال في محكم كتابه باالستعاذة من ( شر النفاثات في العقد ) سواء كن النساء أو النفوس أو الجماعات الالئي‬
‫ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها ‪ -‬وهذا أمر اتفق عليه المفسرون حتى نفاة حقيقة السحر وأثره ‪ -‬وهذا‬
‫دليل صريح في الداللة على أن للسحر حقيقة وأثرا ‪ ،‬وإ ال فما معنى االستعاذة باهلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬من شر النفاثات ‪،‬‬
‫ولو لم يكن لسحرهن أثر ضار ‪ ،‬ثم إن النفث الذي هو فعل الساحر نفخ مع ريق قد مازج خبث نفسه المتكيفة‬
‫بالشر واألذى فيعقد ذلك على اسم المسحور ويكرر ذلك الفعل والعقد ‪ ،‬ولألرواح الشيطانية عون في ذلك ‪0‬‬

‫ومما ال شك فيه أن للسحر حقيقة وأثرا وتأثيرا يؤدي للتخيل والمرض والتفريق ونحو ذلك من أمور أخرى ‪ ،‬وبعد‬
‫اتضاح الرؤيا بخصوص األثر والفعل الذي قد يحدثه السحر مع التيقن بأن أثر السحر ال ينفذ إال بإذن اهلل القدري‬
‫الكوني ال الشرعي ‪ ،‬ومن هنا فسوف أتعرض ألنواع السحر من حيث التأثير ‪ ،‬وهي على النحو التالي ‪-:‬‬

‫‪ -)1‬سحر الصرف ( سحر التفريق ) ‪:‬‬


‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫ان‬
‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين َعلَى ُم ْلك ُ‬ ‫اط ُ‬ ‫‪ -‬الدليل من كتاب اهلل عز وجل ‪ :‬قال تعالى في محكم كتابه ‪َ   ( :‬واتََّب ُعوا‪َ  ‬ما تَ ْتلُوا‪َ َّ  ‬‬
‫ُنز َل َعلَى ا ْل َملَ َك ْي ِن ِب َبا ِب َل َه ُار َ‬ ‫ون َّ‬ ‫ين َكفَ ُروا ُي َعلِّ ُم َ‬ ‫الشي ِ‬ ‫وما َكفَر سلَ ْيم ُ ِ‬
‫وت َو َما‬‫وت َو َم ُار َ‬ ‫الس ْح َر َو َما أ ِ‬
‫اس ِّ‬ ‫الن َ‬ ‫اط َ‬ ‫ان َولَك َّن َّ َ‬ ‫ََ َ ُ َ‬
‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه َو َما ُه ْم‬
‫ون ِم ْن ُه َما َما ُيفَِّرقُ َ‬
‫َح ٍد َحتَّى َيقُوال إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َن ٌة فَال تَ ْكفُْر فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬ ‫يعلِّم ِ ِ‬
‫ان م ْن أ َ‬ ‫َُ َ‬
‫األخ َر ِة ِم ْن‬
‫شتَراهُ ما لَ ُه ِفي ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُّر ُه ْم َوال َينفَ ُع ُه ْم َولَقَ ْد َعل ُموا لَ َم ْن ا ْ َ َ‬ ‫ون َما َي ُ‬ ‫ْن اللَّ ِه َو َيتَ َعلَّ ُم َ‬ ‫َح ٍد إِال ِبِإذ ِ‬ ‫ض ِّار َ ِ ِ‬
‫ين ِبه م ْن أ َ‬ ‫ِب َ‬
‫ِ‬
‫ون ‪ ( ) ‬البقرة – اآلية ‪0 ) 102‬‬ ‫س ُه ْم لَ ْو َكا ُنوا َي ْعلَ ُم َ‬ ‫ش َر ْوا ِبه أَنفُ َ‬ ‫س َما َ‬ ‫ق َولَ ِب ْئ َ‬
‫َخال ٍ‬

‫‪ ‬‬

‫قال الحافظ بن حجر في الفتح ‪ (:‬قال المازري ‪ :‬وقيل ال يزيد تأثير السحر على ما ذكر اهلل تعالى في قوله‬
‫( يفرقون به بين المرء وزوجه )‪  ‬لكون المقام مقام تهويل ‪ ،‬فلو جاز أن يقع به أكثر من ذلك لذكره ‪ 0‬وقال ‪:‬‬
‫والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬واآلية ليست نصا في منع الزيادة ‪ ،‬ولو قلنا‬
‫ظاهره في ذلك ) ( فتح الباري ‪0 ) 223 / 10 -‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬وقد يستأنس من السنة المطهرة بحديث عن جابر بن عبداهلل – رضي اهلل عنه ‪ -‬فيما يتعلق بهذا النوع من‬
‫أنواع السحر على النحو التالي ‪- :‬‬

‫‪ ‬عن جابر بن عبداهلل ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪  :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ (:‬إن إبليس يضع عرشه‬
‫على الماء ثم يبعث سراياه ‪ ،‬فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ‪ ،‬يجيء أحدهم فيقول ‪ :‬فعلت كذا وكذا ‪ ،‬فيقول ‪ :‬ما‬
‫صنعت شيئا ‪ ،‬ويجيء أحدهم فيقول ‪ :‬ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله ‪ ،‬فيدنيه منه ‪ ،‬ويقول ‪ :‬نعم أنت )‬
‫( صحيح الجامع – ‪0 ) 1526‬‬

‫‪ ‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه اهلل ‪ ( : -‬ومن هنا قال طائفة من العلماء ‪ :‬إن الطالق الثالث حرمت به‬
‫المرأة عقوبة للرجل حتى ال يطلق ؛ فإن اهلل يبغض الطالق ‪ ،‬وإ نما يأمر به الشياطين والسحرة ؛ كما قال تعالى في‬
‫ون ِب ِه َب ْي َن‪   ‬ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه ‪ ( ) ‬البقرة – اآلية ‪ ، ) 102‬ثم ساق حديث جابر‬
‫ون ِم ْن ُه َما َما ُيفَِّرقُ َ‬
‫السحر ‪  ( :‬فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫بن عبداهلل آنف الذكر ) ( مجموع الفتاوى – ‪0 ) 89 ، 88 / 32‬‬

‫‪ ‬وقال – رحمه اهلل ‪ ( : -‬السعي في التفريق بين الزوجين من أعظم المحرمات ‪ ،‬بل هو فعل هاروت وماروت ‪،‬‬
‫وفعل الشيطان الحظي عند إبليس ‪ ،‬كما جاء به الحديث الصحيح ) ( بيان الدليل على بطالن التحليل – ‪– 609‬‬
‫‪0 ) 610‬‬

‫‪ ‬قلت ‪ :‬إن النصوص القرآنية والحديثية آنفة الذكر تدل على أن غاية الشيطان ومقصده التفريق بين الزوج‬
‫وزوجه ‪ ،‬بسبب أن األسرة هي اللبنة األساسية في المجتمع المسلم ‪ ،‬وبهذا الفعل الدنيء يتحقق مراد الشيطان في‬
‫تدمير المجتمعات اإلسالمية وتقويضها ‪ ،‬ومن هنا كانت الغاية األساسية للشيطان وأتباعه التفريق بين الزوجين ‪،‬‬
‫وهو أقدر على التفريق بين‪  ‬المتحابين إذا توفرت له األرضية التي يستطيع من خاللها الوصول ألهدافه وغاياته‬
‫وقد اتضح هذا المفهوم من خالل أقوال أهل العلم كما مر معنا‪  ‬سابقا ‪ ،‬ومع أن الحديث الذي رواه جابر ‪ -‬رضي‬
‫اهلل عنه ‪ -‬ال ينص أصال على األسلوب الذي يتبعه الشيطان في وصوله لهذه الغاية أال وهي التفريق بين الزوج‬
‫وزوجه ‪ ،‬إال أن السحر من األساليب التي يستأنس لها الشيطان لتحقيق تلك األهداف ‪ ،‬لما فيها من كفر صريح‬
‫باهلل عز وجل وهدم لألسر وتقويض للمجتمعات وقد أكد هذا المفهوم العالمة ابن تيمية رحمه اهلل تعالى ‪ ،‬وكذلك‬
‫العالمة فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه اهلل – في كالم الحق ‪ 0‬‬

‫‪ ‬قال المناوي ‪ (:‬إن هذا تهويل عظيم في ذم التفريق حيث كان أعظم مقاصد اللعين لما فيه من انقطاع النسل‬
‫وانصرام بني آدم وتوقع وقوع الزنا الذي هو أعظم الكبائر فسادا وأكثرها معرة ) ( فيض القدير – ‪) 408 / 2‬‬
‫‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪45‬‬
‫*‪  ‬تعريف سحر الصرف ‪ :‬ويسمى كذلك " سحر التفريق " وهو عمل وتأثير‪  ‬يسعى الساحر من خالله للتفريق‬
‫بين المتحابين أو‪  ‬المتآلفين ‪ ،‬أو التفريق بين األشخاص عامة ألسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل‬
‫السحر ‪ 0‬‬

‫‪ ‬قال ابن كثير ‪ -‬رحمه اهلل ‪ (: -‬وسبب التفريق‪  ‬بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من اآلخر من‬
‫سوء منظر أو خلق ‪ 00‬أو نحو‪  ‬ذلك من األسباب المقتضية للفرقة ) ( تفسير القرآن العظيم – ‪0 ) 144 / 1‬‬

‫‪ ‬يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان – حفظه اهلل ‪ ( : -‬والصرف عمل السحر لصرف من يحب إلى‬
‫بغضه ) ( نشرة لفضيلة الشيخ بتاريخ ‪ 21/1/1417‬هـ – ص ‪0 ) 1‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أنواع سحر الصرف ‪ :‬قد يأخذ " سحر الصرف " شكال من األشكال التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬أ‪ -)   ‬صرف الزوج عن زوجه أو العكس من ذلك ‪0‬‬

‫ب )‪ -‬صرف األم عن ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك ‪0‬‬

‫ج‪ -)  ‬صرف األب عن ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك ‪0‬‬

‫د‪ -)   ‬صرف األخ عن أخيه أو أخته أو العكس من ذلك‪0‬‬

‫هـ)‪ -‬صرف األقارب بعضهم عن بعض ‪0‬‬

‫و‪ -)   ‬صرف الشريك عن شريكه ‪0‬‬

‫ز‪ -)   ‬صرف الصديق عن صديقه ‪0‬‬

‫ح‪ -)  ‬صرف الجار عن جاره ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أعراض سحر الصرف ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬تغير األحوال بشكل فجائي من حب وود لكراهية وبغض ‪0‬‬

‫‪ -)2‬تفاقم المشكالت االجتماعية ألتفه األسباب ‪0‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -)3‬عدم القدرة على التكيف االجتماعي والعاطفي مع اآلخرين ممن صرفوا عن المريض بواسطة‪  ‬السحر ‪0‬‬

‫‪ -)4‬الكراهية المطلقة لألقوال واألفعال الصادرة عن هؤالء األشخاص ‪0‬‬

‫‪ -)5‬سوء الظن والوسوسة المطلقة بهؤالء األشخاص ‪0‬‬

‫‪ -)6‬رؤية هؤالء األشخاص بأشكال قبيحة ‪0‬‬

‫‪ -)7‬الكراهية المطلقة ألماكن تواجد هؤالء األشخاص ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)2‬سحر العطف ( سحر المحبة ) ‪-:‬‬

‫‪  * ‬أدلة هذا النوع من السنة المطهرة ‪ :‬عن عبداهلل بن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ ( :‬إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( السلسلة الصحيحة ‪ 0 ) 331‬‬

‫‪ ‬قال ابن األثير ‪ " (:‬التولة " بكسر التاء وفتح‪  ‬الواو ‪ :‬ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره ‪ ،‬وجعله من‬
‫الشرك العتقادهم أن ذلك يؤثر‪  ‬ويفعل خالف ما قدره اهلل تعالى ) ( النهاية في غريب الحديث ‪0 ) 200 / 1 -‬‬

‫‪  * ‬تعريف سحر المحبة ‪ :‬ويسمى كذلك " سحر المحبة " وهو عمل وتأثير يسعى‪  ‬الساحر من خالله للجمع بين‬
‫المتباغضين والمتنافرين ‪ ،‬أو الجمع بين األشخاص عامة ألسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر ‪0‬‬

‫‪ ‬سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر فأجاب ‪ -‬رحمه اهلل ‪: -‬‬
‫( هذا محرم وال يجوز ‪ ،‬وهذا يسمى بالعطف ‪ ،‬وما‪  ‬يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضا محرم ‪ ،‬وقد‬
‫ون ِم ْن ُه َما َما‬ ‫َح ٍد َحتى َيقُوال إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َن ٌة فَال تَ ْكفُْر فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬ ‫يكون كفرا وشركا قال اهلل تعالى ‪  ( :‬وما يعلِّم ِ ِ‬
‫ان م ْن أ َ‬ ‫َ َ َُ َ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َحد إال ِبإذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه َو َما ُه ْم ِب َ‬
‫ض ُّر ُه ْم َوال َينفَ ُع ُه ْم َولَقَ ْد‬ ‫ون َما َي ُ‬ ‫ْن الله َو َيتَ َعل ُم َ‬ ‫ين ِبه م ْن أ َ‬
‫ض ِّار َ‬ ‫ُيفَِّرقُ َ‬
‫ق‪ ( )  ‬البقرة – ‪ ( ) 102‬فتاوى المرأة المسلمة ‪ ، 148 / 1 -‬نقال‬ ‫األخ َر ِة ِم ْن َخال ٍ‬
‫شتَراهُ ما لَ ُه ِفى ِ‬
‫َعل ُموا لَ َم ْن ا ْ َ َ‬
‫ِ‬
‫عن فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين ‪0 ) 237 / 1 -‬‬

‫‪ ‬يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان – حفظه اهلل ‪ ( : -‬والعطف عمل السحر لعطف من يبغض إلى حبه‬
‫من زوج وغيره ويسميه أهل الفجور دواء الحب وهو في الحقيقة الهالك والعطب ) ( نشرة لفضيلة الشيخ بتاريخ‬
‫‪ 1417 / 1 / 21‬هـ – ص ‪0 ) 1‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أنواع سحر العطف ‪:‬‬

‫‪ ‬قد يأخذ " سحر العطف " شكال من األشكال التالية‪-:‬‬

‫‪ ‬أ‪ - )   ‬عطف الزوج على زوجه أو العكس من ذلك ‪  ،‬وينتج من جراء ذلك شغف شديد ومحبة زائدة ‪ ،‬والرغبة‬
‫الشديدة في كثرة الجماع ‪ ،‬والتلهف الشديد لرؤية اآلخر والطاعة العمياء في كل شيء ‪  0‬‬

‫ب )‪ -‬عطف األم على ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك ‪0‬‬

‫ج‪ - )  ‬عطف األب على ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك ‪0‬‬

‫د‪ - )   ‬عطف األخ على أخيه أو أخته أو العكس من ذلك ‪0‬‬

‫هـ) – عطف األقارب بعضهم على بعض ‪0‬‬

‫و‪ - )  ‬عطف الشريك على شريكه ‪0‬‬

‫ز‪ - )  ‬عطف الصديق على صديقه ‪0‬‬

‫ح ) ‪ -‬عطف الجار على جاره ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أعراض سحر العطف ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬تغير األحوال بشكل فجائي من كراهية وبغض إلى ود وحب ‪0‬‬

‫‪ -)2‬عدم حصول أية مشكالت اجتماعية مع توفر كافة األسباب الصغيرة والكبيرة لمثل تلك المشكالت ‪0‬‬

‫‪ -)3‬القدرة الكبيرة على التكيف االجتماعي والعاطفي مع اآلخرين ممن عطفوا على المريض بواسطة السحر ‪0‬‬

‫‪ -) 4‬المحبة المطلقة لألقوال واألفعال الصادرة عن هؤالء األشخاص ‪0‬‬

‫‪ -)5‬حسن الظن والثقة المطلقة بهؤالء األشخاص ‪0‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -)6‬رؤية هؤالء األشخاص بأشكال حسنة جميلة محببة للنفس ‪0‬‬

‫‪ -)7‬المحبة المطلقة ألماكن تواجد هؤالء األشخاص ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫قصة واقعية ‪ :‬يقول فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين –حفظه اهلل‪ (: -‬كانت هذه امرأة عادية ‪،‬‬
‫ولكنها ترى من زوجها شيئاً من اإلعراض وعدم المودة التي تريدها منه ‪ ،‬فهو يعطيها حقها ويعاملها كسائر‬
‫النساء ‪ ،‬لكنها تريد منه أكثر من ذلك من المحبة والبقاء عندها والمالزمة لها ‪ ،‬فدخلت عليها عجوز تعمل السحر‬
‫‪ ،‬فأخبرتها بخبر زوجها ‪ ،‬فأعطتها العجوز دواء في ‪ ‬صرة ‪ ،‬وأمرتها أن تجعله في طعامه ‪ ،‬ولكن المرأة تورعت‬
‫فجعلت الدواء في رغيف وأطعمته داجناً عندهم ‪ ،‬فبعد أن أكله ذلك الداجن علق بها ‪ ،‬فصار يتبعها وال يفارقها وال‬
‫يستقر حتى يلصق رأسه ببطنها أو يجعله في حجرها وصار يالحقها أينما ذهبت ‪ ،‬فعجب زوجها من أمرها وأمره‬
‫‪ ،‬ثم إنها أخبرت زوجها بأنها صرفت هذا الدواء عنه ‪ ،‬ولو أعطته الدواء لفعل كما فعل الداجن ‪ ،‬فلما أخبرته بادر‬
‫بطالقها ‪ ،‬وقال ‪ :‬أخشى في المرة الثانية أن تجعليه في طعامي )( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين‬
‫والسحرة‪ -‬ص ‪ 0) 141،142‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)3‬سحر التخييالت ( سحر التخييل ) ‪:‬‬


‫ون َن ْح ُن‬ ‫َن تُ ْل ِق َى َوإِ َّما أ ْ‬
‫َن َن ُك َ‬ ‫وسى إِ َّما‪  ‬أ ْ‬
‫ام َ‬‫‪ -‬الدليل من كتاب اهلل عز وجل ‪ :‬قال تعالى في محكم كتابه ‪َ   ( :‬قالُوا َي ُ‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْل ُم ْل ِق َ‬
‫َن‬
‫وسى أ ْ‬ ‫اءوا ِبس ْح ٍر َعظيم * َوأ َْو َح ْي َنا إِلَى ُم َ‬ ‫وه ْم َو َج ُ‬
‫استَْر َه ُب ُ‬
‫اس َو ْ‬ ‫الن ِ‬‫َع ُي َن َّ‬ ‫س َح ُروا أ ْ‬ ‫ين * قَا َل أَْلقُوا َفلَ َّما أَْلقَ ْوا َ‬
‫ين *‬ ‫ون * فَ ُغِلبوا ُه َن ِال َك وان َقلَبوا ص ِ‬
‫اغ ِر َ‬ ‫ط َل َما َكا ُنوا َي ْع َملُ َ‬ ‫ون * فَ َوقَ َع ا ْل َح ُّ‬
‫ق َو َب َ‬ ‫ف َما َيأ ِْف ُك َ‬
‫صا َك َفِإ َذا ِه َى تَ ْلقَ ُ‬ ‫أَْل ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ق َع َ‬
‫ون ‪ ( )  ‬األعراف – ‪0 ) 122 ، 115‬‬ ‫وسى َو َه ُار َ‬ ‫ين * َر ِّب ُم َ‬ ‫ءام َّنا ِب َر ِّب ا ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين * قَالُوا َ‬ ‫سا ِج ِد َ‬ ‫َوأُْل ِق َى َّ‬
‫الس َح َرةُ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن تُ ْل ِق َى َوإِ َّما أ ْ‬


‫ون أ ََّو َل َم ْن أَْلقَى * قَا َل َب ْل أَْلقُوا فَِإ َذا ح َبالُ ُه ْم َو ِعصي ُ‬
‫ُّه ْم ُي َخَّي ُل‬ ‫َن َن ُك َ‬ ‫وسى إِ َّما‪  ‬أ ْ‬
‫ام َ‬
‫‪ ‬قال تعالى ‪  ( :‬قَالُوا َي ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫س َعى‪ ( )  ‬طه – اآلية ‪0 ) 66 ، 65‬‬ ‫إِلَ ْيه م ْن س ْح ِر ِه ْم أ ََّن َها تَ ْ‬

‫‪ ‬قال الطبري ‪ (:‬وذكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم ‪  ،‬فخيل حينئذ‬
‫إلى موسى أنها تسعى ) ( جامع‪  ‬البيان في تأويل القرآن ‪  0 ) 433 / 8 -‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪ -‬الدليل من السنة المطهرة ‪ :‬وقد ثبت من حديث عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها– أنها قالت ‪ ( :‬سحر رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن األعصم ‪ ،‬حتى كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يخيل إليه‬
‫أنه كان يفعل الشيء وما فعله ‪ 0‬حتى إذا كان ذات يوم ‪-‬أو ذات ليلة‪ -‬وهو عندي ‪ ،‬لكنه دعا ودعا ثم قال ‪ (:‬يا‬

‫‪49‬‬
‫عائشة ‪ ،‬أشعرت أن‪  ‬اهلل أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجالن ‪ ،‬فقعد أحدهما عند رأسي ‪ ،‬واآلخر عند رجلي ‪،‬‬
‫فقال أحدهما لصاحبه ‪ :‬ما وجع الرجل ؟ قال ‪ :‬مطبوب – أي مسحور ‪ ، -‬قال ‪ :‬من طبه ؟ قال ‪ :‬لبيد بن‪  ‬األعصم‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬في أي شيء ؟ قال ‪ :‬في مشط ومشاطة ‪ ،‬وجف طلع نخلة ذكر ‪ 0‬قال ‪ :‬وأين هو ؟‪  ‬قال في بئر ذروان‪ ‬‬
‫فأتاها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في ناس من أصحابه ‪ 0‬فجاء فقال ‪ :‬يا عائشة ‪ ،‬كأن ماءها نقاعة الحناء ‪،‬‬
‫وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول اهلل أفال استخرجته ؟ قال ‪ :‬قد عافاني اهلل ‪ ،‬فكرهت أن‬
‫أثير على الناس فيه ‪  ‬شرا ‪ 0‬فأمر بها فدفنت ) ( متفق عليه ) ‪ ،‬وقد روي مثل ذلك الحديث عن أم المؤمنين ‪-‬‬
‫رضي اهلل عنها ‪ -‬بأسانيد مختلفة ‪0‬‬

‫‪ ‬قال الحافظ بن حجر في الفتح ‪ (:‬قال المازري ‪ - :‬عن إنكار بعض المبتدعة لهذا الحديث ‪ -‬وهذا كله مردود ‪،‬‬
‫ألن الدليل قد قام على صدق النبي ‪ e‬فيما يبلغه عن اهلل تعالى وعلى عصمته في التبليغ ‪ ،‬والمعجزات شاهدات‬
‫بتصديقه ‪ ،‬فتجويز ما قام‪  ‬الدليل على خالفه باطل ‪ ،‬وأما ما يتعلق ببعض‪  ‬أمور الدنيا التي لم يبعث ألجلها وال‬
‫كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كاألمراض ‪ ،‬فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من‬
‫أمور الدنيا ما ال حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين ‪ ،‬قال ‪ :‬وقد قال بعض الناس أن المراد‬
‫بالحديث أنه كان صلى اهلل عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن ‪ ،‬وهذا كثير ما يقع تخيله‬
‫لإلنسان في المنام فال يبعد أن يخيل إليه في اليقظة ) ( فتح الباري – ‪ 0 ) 227 / 10‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬تعريف سحر التخييل ‪ :‬ويسمى كذلك " سحر التخييل " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خالله إلى قلب‬
‫الحقائق ‪ ،‬فيرى المسحور الشيء على غير حقيقته ‪0‬‬

‫‪ ‬قال الدكتور محمد محمود عبداهلل مدرس علوم القرآن باألزهر ‪ ( :‬سحر التخييل ‪ :‬هو أن ترى الثابت متحركاً ‪،‬‬
‫والمتحرك ثابتاً ‪ ،‬والكبير صغيراً ‪ ،‬والعكس ‪ ،‬والمريض صحيحاً ‪ ،‬وعكسه ‪ ،‬والقبيح حسناً ‪0‬‬

‫وخالصته ‪ :‬أن األشياء ترى على غير حقيقتها على سبيل المثال ‪ :‬ما رآه الناس من سحرة الزمان ‪ :‬الحجر طفالً‬
‫؛ والعصا ثعباناً ‪ 0‬فكل زمان له سحرة ‪ ،‬لكنهم يختلفون في منهجية السحر التنفيذية ‪ :‬يقوم الساحر بإحضار‬
‫شيء يعرفه الناس ‪ ،‬ثم يتلو عزيمته وطالسمه الشيطانية ؛ فيرى الناس الشيء على غير حقيقته ) ( إعجاز‬
‫ومس الشيطان – ص ‪0 ) 85‬‬
‫القرآن في عالج السحر والحسد ّ‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أنواع سحر التخييل ‪ :‬قد يأخذ " سحر التخييالت " شكال من األشكال‪  ‬التالية ‪-:‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ ‬أ )‪ -‬سحر تخييل بشري ‪ :‬وفيه تقلب الحقائق المتعلقة باألفراد في نظر المسحور ‪ ،‬فيرى الشخص على غير‬
‫شاكلته سواء كان األمر يتعلق بالصورة أو الصفة ‪ ،‬كأن يرى محمد بشكل أحمد ‪ ،‬أو أن يرى الصغير كبيرا والكبير‬
‫صغيرا ‪ ،‬والطويل قصيرا والقصير طويال ‪ ،‬وقس على ذلك‪  ‬الكثير من الصفات البشرية األخرى ‪ 0‬‬

‫‪ ‬ب )‪ -‬سحر تخييل حيواني ‪ :‬وفيه تقلب الحقائق المتعلقة بالحيوانات في نظر المسحور فيرى الحيوان على غير‬
‫شاكلته ‪ ،‬سواء كان األمر يتعلق بالصورة أو الصفة ‪ ،‬كأن يرى القط فأرا ‪ ،‬أو أن يرى القط الهزيل بشكل ضخم‬
‫مرعب ‪ ،‬وقس على ذلك الكثير من الصفات الحيوانية األخرى ‪ 0‬‬

‫‪ ‬ج)‪ -‬سحر تخييل األمور العينية ‪ :‬وفيه تقلب الحقائق المتعلقة باألشياء العينية في نظر المسحور ‪ ،‬فترى‬
‫األشياء العينية على غير شاكلتها ‪ ،‬كأن يرى الصندوق حجرا ‪ ،‬أو أن يرى المسمار سيفا ‪ ،‬وقس على ذلك الكثير‬
‫من األمور العينية األخرى ‪0‬‬

‫‪ ‬د)‪ -‬سحر التخييل لالنتقال من صفة بشرية أو حيوانية أو عينية لصفة مضادة أخرى ‪ :‬فيرى المسحور من خالل‬
‫هذا النوع من أنواع السحر اإلنسان حيوانا ‪ ،‬كأن يرى الزوج بشكل حمار أو قرد أو أن يرى كأحد أعمدة المنزل ‪،‬‬
‫وقس على ذلك الكثير لالنتقال من صفة إلى صفة مضادة أخرى ‪0‬‬

‫‪ ‬هـ)‪ -‬سحر تخييل إيحائي ‪ :‬وفيه تقلب الحقائق المتعلقة ببعض األمور بطرق إيحائية بحيث يرى الشخص وكأنه‬
‫يأكل نارا ‪ ،‬أو يطعن نفسه بخنجر ‪ ،‬أو يدخل سيفا في بطنه ويخرجه من ظهره ‪ ،‬أو سماع أصوات تنادي عليه‬
‫وتكلمه ‪ ،‬وقس على ذلك الكثير من اإليحاءات المختلفة ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أعراض سحر التخييل ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬قلب الحقائق دائما في نظر المسحور ‪ ،‬مما يؤدي في بعض األحيان العتقاد اآلخرين بإصابة الشخص‬
‫بالجنون ‪0‬‬

‫‪ -)2‬الشرود والنظرات غير الطبيعية ‪ ،‬وعادة ما يالحظ ذلك من قبل اآلخرين ‪0‬‬

‫‪ -)3‬كثيرا ما يالحظ في نظرات المسحور الدهشة‪  ‬واالستغراب ‪ ،‬وهذا أمر طبيعي ‪ ،‬نتيجة لما يراه المسحور من‬
‫قلب للحقائق واألمور ‪0‬‬

‫‪ -)4‬محاولة الصدود عن اآلخرين والعزلة عن الناس خوفا من قذفه بالجنون ونحو ذلك من أمور أخرى ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -)4‬سحر اآلالم واألسقام ( سحر المرض ) ‪-:‬‬

‫‪ -  ‬قد يستأنس بآية من كتاب اهلل عز وجل على هذا النوع من أنواع السحر على النحو التالي ‪ :‬قال تعالى ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ص ٍب َو َع َذ ٍ‬ ‫س ِنى َّ‬
‫َّه أ َِّنى َم َّ‬ ‫ُّوب إِ ْذ َن َ‬
‫اب‪)   ‬‬
‫ش َر ٌ‬
‫ار ٌد َو َ‬ ‫ض ِب ِر ْجل َك َه َذا ُم ْغتَ َ‬
‫س ٌل َب ِ‬ ‫اب * ْار ُك ْ‬ ‫ان ِب ُن ْ‬
‫ط ُ‬‫الش ْي َ‬ ‫ادى َرب ُ‬ ‫( َوا ْذ ُك ْر َع ْب َد َنا أَي َ‬
‫( ص – اآلية ‪0 ) 42 ، 41‬‬

‫‪ - ‬وقد يستأنس من السنة المطهرة فيما يتعلق بهذا النوع من أنواع السحر على النحو التالي ‪ :‬عن أبي موسى‪-‬‬
‫رضي اهلل عنه‪ -‬عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ‪ ( :‬الطاعون وخز أعدائكم من الجن ‪ ،‬وهو لكم‬
‫شهادة ) (صحيح الجامع ‪0 ) 3951‬‬

‫قلت ‪ :‬واألدلة آنفة الذكر تدل على أن للشيطان قدرة على إيذاء بني آدم في جسده باآلالم واألسقام ‪ ،‬وقد سبق وأن‬
‫تعرضت من خالل ثنايا هذا البحث لتلك المسألة بشرح وإ سهاب دقيق في هذه السلسلة( الصرع ) تحت عنوان "‬
‫المس واإليذاء المؤدي للمرض " وقد أوردت كالما لبعض أهل العلم يؤيد ذلك المفهوم ‪ ،‬وبما أن الجن والشياطين‬
‫يسلطون على اإلنسان عن طريق السحر ‪ ،‬فقد يكون لذلك تأثير بإذن اهلل القدري الكوني ال الشرعي على إحداث‬
‫تلك المؤثرات الخاصة بالجسم البشري وإ مراضه ‪ ،‬وربما يصل األمر في بعض األحيان إلى العجز أو القتل ‪ ،‬علما‬
‫بأن النوع اآلخر من أنواع السحر وهو ( سحر المؤثرات )‪  ‬قد يؤدي لنفس األعراض من حيث المرض والقتل‪ ‬‬
‫ونحوه ‪ ،‬بطريقة ال يعلمها إال اهلل ‪ ،‬ولكنها ال تنفذ وال تؤثر إال بإذنه سبحانه وتعالى ‪ ،‬وهذا معلوم عند المتمرسين‬
‫الحاذقين ومكتوب في كتب‪  ‬السحر أعاذنا اهلل وإ ياكم منها ومن شرورها ‪  0‬‬

‫وفي األثر الوارد عن عائشة ‪ -‬رضي اهلل عنها ‪ -‬شاهد قوي على ذلك ‪ ،‬فقد ثبت من حديث عمرة قالت ‪:‬‬
‫( اشتكت عائشة فطال شكواها ‪ ،‬فقدم إنسان المدينة يتطبب ‪ ،‬فذهب بها بنو أخيها ‪ ،‬يسألونه عن وجعها ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫واهلل إنكم تنعتون نعت امرأة مطبوبة ‪ 0‬قال ‪ :‬هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها‪ 0‬قالت ‪ :‬نعم أردت أن‬
‫تموتي فأعتق‪ 0‬قالت ‪ :‬وكانت مدبرة ‪ ،‬قالت ‪ :‬فبيعوها في أشد العرب ملكة ‪  -‬أي لألعراب الذين ال يحسنون إلى‬
‫المماليك ‪ -‬واجعلوا ثمنها في مثله ) ( أخرجه اإلمام أحمد في‪  ‬مسنده ‪ - 40 / 6 -‬موطأ اإلمام مالك ‪/ 2 -‬‬
‫‪  ، 422‬وعبدالرزاق في مصنفه ‪0 ) 183 / 10 -‬‬

‫‪ ‬قال القرطبي ‪ ( :‬ال ينكر أحد أن يظهر على يد الساحر خرق العادات بما ليس في مقدور البشر من ‪ :‬مرض ‪،‬‬
‫وتفريق ‪ ،‬وزوال عقل ‪ ،‬وتعويج عضو ‪ ،‬إلى غير ذلك مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات ‪ ‬البشر )‬
‫( الجامع ألحكام القرآن – ‪0 ) 42 / 2‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪52‬‬
‫*‪  ‬تعريف اآلالم واألسقام ‪ :‬ويسمى ( سحر المرض ) وهو عمل وتأثير إلصابة الشخص باآلالم واألسقام ‪ ،‬فتراه‬
‫طريح الفراش عليل البدن ‪ ،‬وقد تكون العلة في موضع واحد ‪ ،‬وقد تنتقل من موضع إلى موضع ‪ ،‬وكل ذلك بناء‬
‫على ما يمليه ويفعله الساحر ‪0‬‬

‫‪ ‬يقول فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه اهلل ‪ ( : -‬وأما سحر المرض فقد قيل إن أغلب‬
‫األمراض المستعصية هي بسبب الجن الذين يسخرهم الساحر فيالبسون اإلنسان ‪ ،‬ويحدث ذلك تعطيل بعض‬
‫األعضاء عن منافعها فينهك البدن ‪ ،‬ويعظم الضرر ‪ ،‬وال يوجد في الطب له عالج سوى األدوية المهدية ‪ ،‬واألولى‬
‫استعمال الرقى النافعة المؤثرة ‪ ،‬فلها تأثير كبير في تخفيف ذلك المرض كالسرطان والجلطة والشلل ونحوها )‬
‫( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ‪0 ) 159 ، 158‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أنواع سحر المرض ‪ :‬قد يأخذ " سحر اآلالم واألسقام " شكال من األشكال التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫أ)‪ -‬سحر التشنجات العصبية ‪ :‬وتنقسم إلى قسمين ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬التشنجات العصبية قصيرة األمد ‪ :‬وفيه يتعرض المسحور لتشنجات عصبية من فترة‪  ‬ألخرى دون أن تحدد‬
‫بزمان أو مكان ‪ ،‬وتستمر تلك التشنجات لفترات قصيرة األمد نسبيا ‪ ،‬وقد ترتبط تلك التشنجات أحيانا مع‬
‫المؤثرات االجتماعية للمريض ‪ ،‬وتعتمد تلك التشنجات في قوتها على قوة السحر والساحر ‪ 0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)2‬التشنجات العصبية طويلة األمد ‪ :‬وفيه يتعرض المسحور لتشنجات عصبية من فترة ألخرى دون أن تحدد‬
‫بزمان أو مكان ‪ ،‬وتستمر تلك التشنجات لفترات طويلة نسبيا ‪ ،‬وقد ترتبط تلك التشنجات أحيانا مع المؤثرات‬
‫الخارجية للمريض ‪ ،‬وتعتمد تلك التشنجات في قوتها على قوة السحر والساحر ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬ب)‪ -‬سحر األمراض العضوية ‪ :‬وتنقسم إلى ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬سحر األمراض العضوية بتأثير كلي ‪ :‬وفيه يتعرض المسحور ألمراض وآالم تصيب جميع‪  ‬أنحاء الجسد ‪،‬‬
‫ويشعر المسحور من خالل هذا النوع بالتعب واإلرهاق والخمول وعدم القدرة على القيام بأية أعمال ‪0‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -)2 ‬سحر األمراض العضوية بتأثير جزئي ‪  :‬وفيه يتعرض المسحور لمرض يتركز في جهة محددة من الجسم‬
‫‪ ،‬وله أعراض معينة‪ ،  ‬وعند قيام المريض بالفحص الطبي يتبين سالمة كافة الفحوصات الطبية ‪ ،‬وسالمة الجسم‬
‫من أية أمراض عضوية ‪ 0‬‬

‫‪ -)3 ‬سحر األمراض العضوية المتنقلة ‪ :‬وفيه يتعرض المسحور ألمراض وآالم متنقلة في جميع أنحاء الجسم ‪،‬‬
‫فتارة يشعر بألم في‪  ‬الرأس وتارة أخرى يشعر بألم في المفاصل وهكذا ‪ ،‬وكل ذلك يحصل دون تحديد أية أمراض‬
‫عضوية محددة ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫ج)‪ -‬سحر تعطل الحواس ‪ :‬وينقسم إلى قسمين ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬سحر تعطل حواس دائم ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لتعطل الحواس الخاصة بالسمع واإلبصار‬
‫والشم تعطال دائما ‪ ،‬فال تعود تلك الحواس للمسحور إال بعد إبطال السحر وشفاء المريض بإذن اهلل تعالى ‪0‬‬

‫‪ -)2 ‬سحر تعطل حواس مؤقت ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لتعطل الحواس الخاصة بالسمع‬
‫واإلبصار والشم تعطال مؤقتا ‪ ،‬ويتقلب الحال من وقت إلى وقت ومن زمن إلى زمن ‪ 0‬‬

‫‪ ‬‬

‫د)‪ -‬سحر الشلل ‪ :‬وينقسم إلى ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬سحر شلل كلي ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لشلل كلي في جميع أنحاء الجسم ‪ ،‬فال يستطيع‬
‫الحراك مطلقا ‪ ،‬وال تعود له عافيته إال بعد إبطال السحر بإذن اهلل تعالى ‪0‬‬

‫‪ -)2 ‬سحر شلل جزئي ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لشلل جزئي يختص بمنطقة معينة كاليد أو القدم‬
‫أو الرأس ونحوه ‪ ،‬ويبقى العضو معطال فترة من الزمن ثم يعود إلى سابق عهده ‪ ،‬وتنتهي المعاناة بإذن اهلل تعالى‬
‫عند انتهاء وإ بطال السحر ‪0‬‬

‫‪ -)3 ‬سحر شلل متنقل ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لشلل جزئي متنقل ‪ ،‬فتارة يصيب الشلل منطقة‬
‫اليد ‪ ،‬وتارة أخرى منطقة القدم وهكذا ‪ ،‬وكل ذلك دون تحديد أسباب طبية معينة ‪ ،‬وال ينقطع هذا األمر إال بعد‬
‫إبطال السحر بإذن اهلل تعالى ‪ 0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪54‬‬
‫هـ)‪ -‬سحر الخمول ‪ :‬وينقسم إلى قسمين ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬سحر خمول دائم ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لخمول دائم ينتاب جميع أنحاء الجسم ‪ ،‬فيشعر‬
‫المريض دائما بالفتور والخمول وعدم القدرة على العمل أو‪  ‬ممارسة أي نشاط يذكر ‪0‬‬

‫‪ -)2 ‬سحر خمول مؤقت ‪ :‬يتعرض المسحور من خالل هذا النوع لخمول مؤقت ينتابه بعض الفترات ويتراوح‬
‫ذلك بحسب قوة السحر‪  ‬وتأثيره ‪ ،‬فيشعر المريض أحيانا بالفتور والخمول وعدم القدرة على العمل أو ممارسة أي‬
‫نشاط يذكر ‪ ،‬وتارة أخرى يكون نشيطا قويا يعيش كأي إنسان طبيعي آخر ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬و)‪ -‬سحر االستحاضة ( سحر النزيف ) ‪ :‬وعادة ما يصيب هذا النوع النساء ‪0‬‬

‫‪ ‬قال ابن األثير ‪ ( :‬االستحاضة ‪ :‬أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضتها المعتادة ) ( النهاية في غريب‬
‫الحديث ‪0 ) 469 / 1 -‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -‬قد يستأنس من السنة المطهرة فيما يتعلق بهذا النوع من أنواع السحر على النحو التالي ‪ :‬عن حمنة بنت‬
‫جحش ‪ -‬رضي اهلل عنها ‪ : -‬قالت ‪ ( :‬كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة فجئت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫استفتيته فقلت ‪ :‬يا رسول اهلل إني أستحيض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصالة والصيام ؟ فقال ‪:‬‬
‫أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم ‪ 0‬قالت ‪ :‬هو أكثر من ذلك ‪ 0‬قال ‪ :‬فاتخذي ثوبا ‪ 0‬قالت ‪ :‬هو أكثر من ذلك ‪0 ‬‬
‫قال ‪ :‬فتلجمي ‪ 0‬قالت ‪ :‬إنما أثج ثجا ‪ 0‬فقال لها ‪ :‬سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من اآلخر فإن قويت‬
‫عليهما فأنت أعلم ‪ 0‬فقال لها ‪ :‬إنما هذه ركضة من ركضات الشياطين فتحيضين ستة أيام أو سبعة في علم اهلل‬
‫الحديث بطوله ) ( صحيح أبي داوود ‪0 ) 267‬‬

‫‪ ‬قال ابن القيم ‪ (:‬والسحر الذي يؤثر مرضا وثقال وعقدا وحبا وبغضا ونزيفا وغير ذلك من اآلثار ‪ -‬موجود ‪،‬‬
‫تعرفه عامة الناس ‪ 0‬وكثير منهم قد علمه ذوقا بما أصيب به منه ) ( بدائع التفسير ‪0 ) 412 - 411 / 5 -‬‬

‫‪ ‬قال الشبلي ‪ (:‬وذلك ألن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ‪ ،‬كما أخبر صلى اهلل عليه وسلم فإذا ركض ذلك‬
‫العرق وهو جار سال منه الدم وللشيطان في هذا العرق الخاص‪  ‬تصرف وله به اختصاص زائد على عروق‬
‫البدن‪  ‬جميعها ولهذا تتصرف السحرة فيه باستنجاد الشيطان في نزيف المرأة وسيالن الدم من فرجها حتى يكاد‬
‫يهلكها ويسمون ذلك بالنزيف وإ نما يستعينون فيه بركض الشيطان هنالك وإ سالة الدم ) ( آكام المرجان في أحكام‬
‫الجان ‪ -‬ص ‪0 ) 46 ، 45‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ ‬‬

‫وينقسم هذا النوع إلى قسمين ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬سحر استحاضة دائم ‪ :‬تتعرض المرأة من خالل هذا النوع لنزيف دائم ال يكاد ينقطع إال نادرا ‪ ،‬وتشعر‬
‫المرأة عادة بالضعف وعدم القدرة على ممارسة أعمال المنزل واألعمال األخرى ‪ 0‬‬

‫‪ -)2 ‬سحر استحاضة مؤقت ‪ :‬تتعرض المرأة من خالل هذا النوع لنزيف متقطع يعاودها من فترة ألخرى ‪،‬‬
‫وتشعر أثناء فترة النزيف بنفس األعراض الخاصة باالستحاضة الدائمة كالضعف وعدم القدرة على ممارسة‪ ‬‬
‫أعمال المنزل واألعمال األخرى ‪ 0‬‬

‫‪ ‬قال الدكتور عمر األشقر ‪ (:‬فإذا عرفت ما يستطيعه الشيطان وما ال يستطيعه تبين لك الحق في هذه المسألة ‪،‬‬
‫فالشيطان إما بنفسه أو بما لديه من علوم قد يسلط على بعض الناس باألمراض واألسقام‪  ‬وإ زالة العقل وتعويج‬
‫العضو ) ( عالم السحر والشعوذة ‪ -‬ص ‪0 ) 158‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أعراض سحر المرض بشكل عام ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬المعاناة من التعب والمرض ‪0‬‬

‫‪ -)2‬الشرود الذهني ‪ ،‬واعتزال اآلخرين ‪ ،‬واالنطواء‪  ‬الكامل والكراهية لكل من حوله ‪0‬‬

‫‪ -)3‬الصداع بشقية الدائم أو المؤقت ‪ ،‬فتارة يستمر الصداع مع المريض أليام بل قد يتعدى ذلك ألسابيع ‪ ،‬وتارة‬
‫أخرى يستمر لساعات فقط ‪0‬‬

‫‪ -)4‬الهدوء والسكون والخمول ‪0‬‬

‫‪ -)5‬تعطل بعض أعضاء الجسم عن العمل ‪ ،‬أو الشلل‪  ‬أو فقدان بعض الحواس لوظائفها الطبيعية ‪0‬‬

‫‪ -)6‬الضعف العام وعدم القدرة على القيام باألعمال الدورية ‪ 0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)5‬سحر الجنون ‪-:‬‬

‫‪56‬‬
‫‪  * ‬تعريف سحر الجنون ‪ :‬هو عمل وتأثير إلحداث اضطرابات نفسية وعصبية تؤثر تأثيرا مباشرا على المسحور‬
‫فيظهر وكأنه قد أصيب بالجنون ‪ ،‬حيث ال يستطيع التركيز أو التفكير أو التمييز ويتصرف دون وعي أو إدراك ‪،‬‬
‫وذلك ألسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر ‪0‬‬

‫‪ ‬قال الدكتور محمد محمود عبداهلل مدرس علوم القرآن باألزهر ‪ ( :‬سحر الجنون ‪ :‬ينشأ بسبب الحقد ‪ ،‬فيقوم‬
‫الساحر بتكليف خادم من الجن بتغييب عقل المسحور – بما يشبه الزوال – ممثالً في ضعف التركيز ‪ ،‬التردد ‪،‬‬
‫تغيير االتجاه ‪ ،‬عدم القدرة على اتخاذ القرار وحسم األمور ‪ ،‬الشك في كل األشياء ‪ ،‬الخوف ممن حوله ‪ :‬يتصور‬
‫األحباب أعداء ‪ 0‬وقد يكون بصور غير هذه ‪ :‬كالجري وتمزيق المالبس والتردي ‪ ،‬وغيره من األمور المنافية‬
‫ومس الشيطان – ص ‪0 ) 87‬‬
‫للعقل ) ( إعجاز القرآن في عالج السحر والحسد ّ‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أنواع سحر الجنون ‪ :‬قد يأخذ" سحر الجنون " شكال من األشكال التالية ‪-:‬‬

‫‪ ‬أ)‪ -‬سحر الجنون الدائم ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى إحداث اضطرابات نفسية وعصبية دائمة ‪ ،‬بحيث‪  ‬تعاني‪  ‬الحالة‬
‫المرضية من تلك االضطرابات‪  ‬المستمرة والتي تسير على وتيرة واحدة دون أي تحسن يذكر ‪ ،‬ودائما يتصرف‬
‫المريض دون وعي أو إدراك ‪ ،‬وال ينفك عنه ذلك إال إذا تم إبطال السحر وإ خراجه ‪  0‬‬

‫‪ ‬ب)‪ -‬سحر الجنون المؤقت ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى إحداث اضطرابات نفسية وعصبية مؤقتة تنتاب المريض من‬
‫فترة ألخرى وبشكل متقطع ‪ ،‬ويتصرف خاللها دون وعي أو إدراك ‪ ،‬وال ينفك عنه ذلك إال إذا تم إبطال السحر‬
‫وإ خراجه ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أعراض سحر الجنون ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬الشرود والذهول ‪ ،‬والنظرات غير الطبيعية ‪0‬‬

‫‪ -)2‬الدهشة واالستغراب مع شخوص البصر وزوغانه ‪0‬‬

‫‪ -)3‬محاولة الصدود عن اآلخرين والعزلة عن الناس ‪0‬‬

‫‪ -)4‬النسيان الشديد ‪0‬‬

‫‪ -)5‬عدم االستقرار في مكان أو عمل معين ‪0‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -)6‬قذارة المظهر وعدم االهتمام بالشكل العام ‪0‬‬

‫‪ -)7‬التخبط في األقوال واألفعال ‪0‬‬

‫‪ -)8‬بعض األحيان قد ينطلق المسحور هائما على وجهه ال يدري أين يذهب‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)06‬سحر تقويض العالقات الزوجية ‪-:‬‬

‫‪  * ‬تعريف سحر تقويض العالقات الزوجية ‪ :‬هو عمل وتأثير لتقويض العالقات الزوجية بطرق شيطانية خبيثة ‪،‬‬
‫وغالبا ما تؤدي لتعطيل الزواج أصال ‪ ،‬أو خلق أسباب ومشكالت جنسية لكال الطرفين تؤدي بالتالي إلى االنفصال‬
‫والطالق ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫*‪  ‬أنواع سحر تقويض العالقات الزوجية ‪ :‬قد يأخذ " سحر تقويض العالقات الزوجية " شكال من األشكال ‪  ‬التالية‬
‫‪-:‬‬

‫‪ ‬أ)‪ -‬سحر تعطيل الزواج ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى عدم إتمام الزواج بين الرجل والمرأة ‪ ،‬وذلك باتباع وسائل‬
‫وطرق شيطانية خبيثة ‪ ،‬أذكر منها ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬عدم رغبة المرأة أو الرجل في الزواج مطلقا ‪ ،‬والشعور بضيق شديد عند طرح هذا‪  ‬الموضوع على مائدة‬
‫البحث والمداولة ‪ 0‬‬

‫‪ -)2 ‬حصول أمور اجتماعية ومشاكل غير طبيعية تؤدي إلى عدم حصول هذا األمر ‪0‬‬

‫‪ -)3 ‬قد تسير كافة األمور المتعلقة بالزواج بشكل طبيعي ‪ ،‬وفجأة ودون سابق إنذار أو حصول أية موانع أو‬
‫عوائق إلتمام عملية الزواج ينتهي كل شيء ‪0‬‬

‫‪ -)4 ‬كراهية الرجل أو المرأة عند مقابلة كل منهما اآلخر ‪ ،‬ومعلوم أن السنة النبوية المطهرة تبيح للرجل‬
‫والمرأة نظرة الزواج في حدود ونطاق معين بينها الشرع اإلسالمي الحنيف ‪ ،‬ومن الحكم العظيمة لهذا األمر‬
‫استمرار الود والوئام بينهما بعد الزواج ‪ 0‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ ‬‬

‫يقول فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه اهلل ‪ ( : -‬وأما سحر تعطيل الزواج فكثيراً ما يشتكي‬
‫النساء التعطل بحيث ال يتم الزواج مع توفر الشروط وعدم الموانع ‪ ،‬وقد يتقدم الخطباء ويتم القبول ثم ينصرفون‬
‫دون إتمامه ‪ ،‬وال شك أنه بسبب عمل بعض الحسدة ما يصد عن إتمامه وما يحصل به التغيير ‪ ،‬حتى أن بعض‬
‫العوائل يبقون دون أن يتم تزويج نسائهم ‪ ،‬وإ ن تم الزواج لبعضهم حدث ما يسيء الصحبة ) ( الصواعق‬
‫المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ص ‪         0 ) 175‬‬

‫‪ ‬‬

‫ب)‪ -‬عقد الزوج عن زوجه ( سحر ربط الزوج ) ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى سلب الرجل القدرة الجنسية على إتيان‬
‫أهله ‪ ،‬وذلك باتباع طرق شيطانية خبيثة أذكر منها ‪:‬‬

‫‪ -)1‬ربط الكراهية ‪ :‬ويشعر المسحور بعدم‪  ‬القدرة على االجتماع مع الزوجة في مكان واحد ‪ ،‬وكذلك يشعر‬
‫بضيق شديد في الصدر ‪ ،‬مما يمنعه من القدرة على إتيانها ووطئها ‪0‬‬

‫‪ -)2 ‬ربط االشمئزاز والتقزز ‪ :‬ويشعر المسحور بعدم القدرة على النظر في وجه الزوجة والشعور باالشمئزاز‬
‫والتقزز منها ومن جلستها والحديث معها ‪ ،‬مع الشعور بالغثيان عند مجالستها أو الحديث معها ‪ ،‬وهذا يمنعه من‬
‫إتيان زوجته ووطئها ‪ 0‬‬

‫‪ -)3 ‬ربط التغوير ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إليهام الزوج ليلة دخوله على زوجته بأنها ثيب وليست بكرا ‪ ،‬مما يوقع‬
‫الشك في نفسه ‪ ،‬فينفر منها ويكرهها ‪ ،‬وقد يؤدي هذا األمر إلى االنفصال والطالق ‪0‬‬

‫‪ -)4 ‬الربط الجنسي ‪ :‬وينقسم إلى قسمين ‪:‬‬

‫‪ ‬أ)‪ -‬ربط جنسي دائم ‪ :‬ويؤدي هذا النوع لسلب الرجل القدرة الجنسية الكاملة ‪ ،‬بحيث يتم تركيز السحر في‬
‫منطقة‪  ‬الدماغ التي تتحكم في مركز اإلثارة الجنسية والتي تؤثر بدورها على األعضاء التناسلية فتمنع عملية‬
‫االنتصاب لدى الرجل منعا مطلقا ‪ ،‬مع وجود األمور الداعية لذلك كالشهوة واللذة ‪ ،‬ومع توفر المقدمات لذلك األمر‬
‫إال أن الرجل ال يستطيع أن يأتي أهله ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫ب)‪ -‬ربط جنسي مؤقت ‪ :‬ويؤدي هذا النوع لسلب الرجل القدرة الجنسية المؤقتة عن طريق تركيز السحر في‬
‫منطقة الدماغ التي تتحكم في مركز اإلثارة الجنسية والتي تؤثر بدورها على األعضاء التناسلية فتمنع عملية‬

‫‪59‬‬
‫االنتصاب المؤقتة للرجل في حالة إتيان أهله ‪ ،‬وأما إن كان بعيدا عنهم فيشعر بودهم وحبهم ويشتاق لهم جنسيا ‪،‬‬
‫ولكن عند الرغبة في الجماع يتعطل كل ذلك بسبب السحر ‪0‬‬

‫‪ ‬قال ابن قدامة ‪ (:‬وقد اشتهر بين الناس وجود عقد الرجل عن امرأته حين يتزوجها فال يقدر على إتيانها وإ ذا حل‬
‫عقده يقدر عليها بعد عجزه عنها حتى صار متواترا ال يمكن جحده ) ( المغني ‪0 ) 106 / 10 -‬‬

‫‪ ‬قال البغوي ‪ (:‬وروي أن امرأة دخلت على عائشة ‪ ،‬فقالت ‪ :‬هل علي حرج أن أقيد جملي ؟ قالت ‪ :‬قيدي جملك ‪،‬‬
‫قالت ‪ :‬فأحبس علي زوجي ؟ فقالت عائشة ‪ :‬أخرجوا عني الساحرة ‪ ،‬فأخرجوها ‪ 0‬وروي أنها قالت لعائشة ‪:‬‬
‫أوخذ جملي ‪ ،‬ومعناه هذا ‪ ،‬يقال ‪ :‬أخذت المرأة زوجها تأخيذا ‪ ،‬إذا حبسته عن سائر النساء ) ( شرح السنة –‬
‫‪ – 190 / 12‬وروي بصيغة‪  ‬التمريض أي التضعيف ) ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)5‬سحر قتل الشهوة الجنسية ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى تعطيل مراكز اإلثارة في الدماغ عند الرجل ‪ ،‬بحيث ال‬
‫يشعر بأية استثارة أو رغبة في النساء أو العزوف عن الزوجة وكرهها أو التفكير في هذا‪  ‬األمر ‪ ،‬وقد يحصل هذا‬
‫األمر كذلك قبل الزواج مما يؤدي إلى كره الحديث عن هذا‪  ‬األمر أو سماعه من اآلخرين ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)6‬الهوس الجنسي ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلثارة الرجل إلى أقصى درجة ممكنة بحيث يعمد‪  ‬السحر إلى استثارة‬
‫مراكز اإلثارة في‪  ‬الدماغ ‪ ،‬فيشتهي الرجل النساء في كل لحظة وكل ساعة ‪ ،‬ولكنه ال يستطيع جماع زوجته ‪،‬‬
‫فينفر منها وال يستطيع اقترابها ‪ ،‬وقد يؤدي مثل هذا النوع غالبا لمفاسد شرعية عظيمة ومنها كثرة استخدام‬
‫العادة السرية ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)7‬سحر سرعة القذف ‪ :‬ويتم ذلك من خالل التحكم باالنقباضات العضلية والعصبية التي تؤدي في النهاية إلى‬
‫دفع السائل المنوي خارج مجرى البول ‪ ،‬والغالب من الناحية الطبية أن األسباب الرئيسة لحدوث ذلك هي أمراض‬
‫العمود الفقري ‪ 0‬ويؤدي هذا النوع من أنواع السحر إليجاد‪  ‬سرعة قذف عند الرجل تحرمه وتحرم زوجه من هذه‬
‫اللذة المشروعة ‪ ،‬وهذا يولد اضطرابات نفسية عند الزوج ‪ ،‬وبالتالي كره الزوجة والناس والمجتمع ‪0‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -)8‬عدم القدرة على اإلنزال ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى عدم تمكين الرجل من تفريغ طاقته الجنسية وذلك بمنعه من‬
‫القدرة على اإلنزال ‪ ،‬ويعتبر هذا األسلوب من أخطر األساليب التي يتبعها السحرة والتي تؤثر على نفسية المريض‬
‫فيكره الزوجة والجماع ويخاف منه ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ج)‪ -‬عقد الزوجة عن زوجها ( سحر ربط الزوجة ) ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى سلب المرأة لذة الجماع ‪ ،‬بل قد يصل‬
‫األمر إلى عدم استطاعة الرجل جماع زوجته بسبب وجود عوائق تحول دون ذلك األمر ‪ ،‬ويتبع الساحر طرقا‬
‫شيطانية خبيثة في سبيل ذلك ‪ ،‬أذكر منها ‪:‬‬

‫‪ -)1 ‬ربط الكراهية ‪ :‬ويؤدي هذا النوع لعدم القدرة على االجتماع مع الزوج في مكان واحد ‪ ،‬وكذلك الشعور‬
‫بضيق شديد في الصدر ‪ ،‬مما يمنع القدرة على تمكين الزوج من نفسها ‪ ،‬وعند مفارقة الزوج لها تشعر له‬
‫باشتياق وحب ‪ ،‬وهذا األمر قد يؤدي الضطرابات نفسية للزوجة نتيجة‪  ‬لذلك ‪ 0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)2‬ربط االشمئزاز والتقزز ‪ :‬ويؤدي هذا النوع لعدم القدرة على النظر في وجه الزوج والشعور باالشمئزاز‬
‫والتقزز منه ومن جلسته والحديث معه ‪ ،‬وكذلك الشعور بالغثيان عند مجالسته أو محادثته ‪ ،‬وهذا يمنعها من‬
‫تمكينه من نفسها ‪ ،‬وحال مفارقته تشعر باالشتياق والود كما بينت في النقطة األولى ‪  0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)3‬ربط البرود الجنسي ‪ :‬ويؤدي هذا النوع لسلب المرأة لذة ‪ ‬الجماع ‪ ،‬فال تشعر بلذته مطلقا ‪ ،‬بل على العكس‬
‫من ذلك تماما فقد تشعر بآالم وأوجاع تكره معها هذا األمر وال تكاد تطيقه أو تستسيغه ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)4‬ربط الشبق الجنسي ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلثارة المرأة إلى أقصى درجة ممكنة بحيث تشتهي الرجال في كل‬
‫لحظة وكل ساعة ‪ ،‬مع عدم الرغبة واالشتياق إلى الزوج مطلقا ‪ ،‬بل النفور وعدم استطاعتها االقتراب منه ‪ ،‬وقد‬
‫يؤدي مثل هذا النوع غالبا لمفاسد شرعية عظيمة ومنها كثرة استخدام العادة السرية ‪0‬‬

‫‪ -)5‬سحر سرعة اإلنزال ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إليجاد سرعة إنزال لدى المرأة تحرمها وتحرم زوجها من هذه اللذة‬
‫المشروعة ‪ ،‬وهذا يولد اضطرابات نفسية عند الزوجة ‪ ،‬فتكره الزوج والناس والمجتمع ‪0‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -)6‬ربط القدرة على اإلنزال ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى عدم تمكين المرأة من بلوغ ذروتها الجنسية في عالقتها مع‬
‫زوجها ‪ ،‬بحيث ال تستطيع تفريغ طاقتها الجنسية نتيجة لعدم قدرتها على اإلنزال ‪ ،‬ويعتبر هذا األسلوب من أخطر‬
‫األساليب التي يتبعها السحرة والتي تؤثر على نفسية‪  ‬المريضة فتكره الزوج والجماع وتخاف منه ‪   0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)7‬ربط االنسداد ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلى وجود حائل أو سد منيع يمنع الرجل عن‪  ‬إتيان أهله وال يستطيع إلى‬
‫ذلك سبيال ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)8‬ربط النزيف ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلحداث نزيف عند المرأة وقت الجماع فقط ‪ ،‬وأما في سائر األوقات األخرى‬
‫فال يحصل مثل ذلك األمر ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -)9‬ربط المنع ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلحداث امتناع تام لدى الزوجة من تقبل الزوج أو تمكينه من نفسها بوسائل‬
‫شتى ومن تلك الوسائل التصاق الفخذين أو الضرب والرفس والركل ‪ ،‬وكل ذلك يكون دون‪  ‬وعيها وخارجا عن‬
‫إرادتها ‪0‬‬

‫‪ ‬‬

‫د)‪ -‬العقم وعدم اإلنجاب ‪ :‬ويؤدي هذا النوع إلحداث عقم وعدم إنجاب لدى كل من الزوج والزوجة دون اتضاح‬
‫أية أسباب طبية لمثل ‪ ‬ذلك ‪ ،‬وقد ورد الدليل على هذا النوع من أنواع السحر في السنة المطهرة فقد روى أبو‬
‫أسامة ‪ ،‬عن هشام بن عروة ‪ ،‬عن أسماء ‪  ( :‬أنها حملت بعبد‪  ‬اهلل بن الزبير بمكة ‪ 0‬قالت ‪ :‬فخرجت ‪ ،‬وأنا‪  ‬متم‬
‫‪ -‬أي مقاربة للوالدة ‪ ، -‬فأتيت‪  ‬المدينة‪ ،  ‬فنزلت بقباء ‪ ،‬فولدته بقباء ‪ ،‬ثم أتيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ ،‬فوضعه في حجره ‪ ،‬فدعا بتمرة ‪ ،‬فمضغها ‪ ،‬ثم تفل في فيه ‪ ،‬فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ ،‬قالت ‪ :‬ثم حنكه بالتمرة ‪ ،‬ثم دعا له وبرك عليه ‪ ،‬وكان أول مولود ولد في اإلسالم – للمهاجرين‬
‫بالمدينة ‪ ، -‬قالت ‪ :‬ففرحوا به فرحا شديدا ‪ ،‬وذلك أنهم قيل لهم ‪:‬إن اليهود قد سحرتكم ‪ ،‬فال يولد لكم ) ( متفق‬
‫عليه ) ‪ ،‬وهذا الحديث فيه داللة واضحة على أن السحر قد يحدث تأثيرا لمنع الحمل بين الزوجين بإذن اهلل القدري‬
‫الكوني ال الشرعي ‪0‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ ‬سئل فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين عن إمكانية أن يكون العقم لدى الرجل أو المرأة بسبب السحر‬
‫؟‬

‫اء‬
‫ش ُ‬‫‪ ‬فأجاب – حفظه اهلل ‪ ( : -‬األصل أن العقم من تقدير اهلل تعالى وخلقه ‪ ،‬كما قال تعالى ‪َ   ( :‬و َي ْج َع ُل َم ْن َي َ‬
‫اق ًرا‪ ( )  ‬مريم – اآلية ‪ ، ) 5‬فاهلل سبحانه قدر‬ ‫ع ِقيما ) ( الشورى – ‪ ، ) 50‬وقال عن زكريا ‪ ( :‬و َكا َن ْت امرأ َِتي ع ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫أن بعض خلقه ال يولد له ‪ ،‬سواء من الرجال أو من النساء ‪ ،‬وقد يوجد لشيء من ذلك عالج مؤثر بإذن اهلل تعالى‬
‫‪ ،‬فيزول العقم بواسطة بعض األدوية والعقاقير ‪ ،‬وقد يكون خلقة أصلية ال تؤثر فيه العالجات ‪ 0‬وقد يكون العقم‬
‫بسبب عمل شيطاني من بعض السحرة والحسدة ‪ ،‬فيعمل أحدهم للرجل أو المرأة عمالً يبطل به أسباب اإلنجاب ‪،‬‬
‫وذلك بحيل خفية تساعده عليها الشياطين ‪ ،‬أو أن نفس الشيطان المالبس له يعمل في إبطال تأثير الوطء في الحبل‬
‫‪ ،‬سواء من الرجل أو المرأة ‪ ،‬فالشياطين المالبسة لإلنس لهم من التمكن في جسم اإلنسان ما أقدرهم اهلل عليه ‪،‬‬
‫كما قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) ( متفق عليه ) فعلى هذا‬
‫يعرف أنه عمل سحرة بتجربة اإلنجاب في شخص آخر ‪ ،‬فإذا كان الرجل له أوالد من امرأة أخرى ‪ ،‬والمرأة لها‬
‫أوالد من رجل آخر ‪ ،‬عرف أن توقف الوالدة بسبب هذا العمل فيسعى في عالجه بالرقى والتعوذات واألدعية‬
‫النافعة ‪ ،‬وكثرة ذكر اهلل تعالى ‪ ،‬وتالوة القرآن ‪ ،‬والتقرب إلى اهلل تعالى باألعمال الصالحة ‪ ،‬والتنزه عن‬
‫المحرمات والمعاصي ‪ ،‬وتنزيه المنزل عن آالت اللهو والباطل ونحو ذلك مما تتسلط به الشياطين ‪ ،‬وتتمكن من‬
‫التأثير في اإلنسان ‪ ،‬ويسبب بعد المالئكة عن المنازل التي تظهر فيها المعاصي ‪ ،‬وبهذه اإلرشادات يخف تأثير‬
‫السحرة بإذن اهلل تعالى ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – ‪0 ) 186 ، 184‬‬

‫‪ ‬ويتبع الساحر طرق شيطانية خبيثة في سبيل ذلك ‪ ،‬أذكر منها ‪-:‬‬

‫‪ -)1 ‬التحكم في عدد الحيوانات المنوية ‪ :‬وهذا النوع يؤدي بالتأثير على المناطق المعنية بإنتاج الحيوانات‬
‫المنوية بداية من الخصية فالبربخ فالحويصالت المنوية فالبروستاتا ‪ 0‬وكذلك عالقة الغدة النخامية بسالمة إنتاج‬
‫الخصية ‪ ،‬إضافة إلى الصورة الطبيعية للسائل المنوي القادر على إخصاب البويضة ‪ ،‬فيستطيع الساحر التحكم‬
‫بوظائف كافة األمور المذكورة آنفا والضغط عليها بحيث تؤدي إلى قلة إفراز للحيوانات المنوية عن معدلها‬
‫الطبيعي بحيث تكون أقل من عشرين مليون حيوان في السنتيمتر ‪ ،‬وال ينفذ تأثير ذلك إال بإذن اهلل القدري الكوني‬
‫ال الشرعي ‪ 0‬‬

‫‪ -)2 ‬قتل الحيوانات المنوية أو إضعافها ‪ :‬وهذا النوع يؤدي لمنع إفراز السائل اللعابي الذي تتغذى عليه‬
‫الحيوانات المنوية داخل الحوصلة المنوية وبالتالي يؤدي لقتل تلك الحيوانات ‪ ،‬أو إضعافها بحيث ال تستطيع‬
‫الوصول إلى البويضة لتلقيحها ‪ ،‬أو تصل ضعيفة ال تستطيع اختراق الغالف المحيط بالبويضة ‪0‬‬

‫‪ -)3 ‬قتل البويضة ‪ :‬وهذا النوع يؤدي لقتل البويضة عند المرأة وبالتالي ال تتم‪  ‬عملية التلقيح ‪ ،‬أو حصول أي‬
‫حمل يذكر ‪0‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -)4 ‬عدم قابلية تلقيح البويضة من قبل الحيوان المنوي ‪ :‬وهذا النوع يؤدي لمنع وصول الحيوان المنوي إلى‬
‫البويضة لتلقيحها ‪ ،‬وفي بعض األحيان قد تصل بعض الحيوانات المنوية ‪ ،‬ولكنها ال تستطيع اختراق الغالف‬
‫الخارجي الخاص بالبويضة مع قوتها ونشاطها ‪0‬‬

‫‪ -)5 ‬قتل النطفة بعد عملية اإلخصاب ‪ :‬وهذا‪  ‬النوع يؤدي لقتل النطفة بعد عملية اإلخصاب مباشرة ‪ ،‬أو بعد أيام‬
‫أو أسابيع ‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلسقاط المبكر لدى المرأة ‪0‬‬

‫‪ -)6 ‬إجهاض الحامل بعد شهرها الثالث ‪ :‬وهذا النوع يؤدي لقتل الجنين بعد عدة شهور من تكونه بعد نفخ‬
‫الروح فيه ‪ ،‬مما يتسبب في إجهاض المرأة ‪ ،‬ويتبع السحرة أساليب شيطانية خبيثة للوصول إلى هذا‪  ‬الهدف‬
‫ومنها تسليط الشياطين على الحامل وضربها في نومها وإ سقاط الحمل أو إرعابها ومن ثم إسقاط الحمل ونحو ذلك‬
‫من طرق خبيثة ‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن ذلك ال ينفذ تأثيره ووقعه إال بإذن اهلل القدري الكوني ال الشرعي‪  0  ‬‬

‫كيف تميز بين الساحر من غيره ؟‬

‫هي معرفة الوســائل واألســاليب الــتي يقــوم بها‬


‫‪ ‬من المســائل الــتي ال بد أن تحظى بقــدر من اهتمــام العامة والخاصة َّ‬
‫السحرة ويتبعونها في سبيل تحقيق أهـدافهم وغايـاتهم ‪ ،‬ومن هنا كـان حـري بالمسـلم أن يفـرق ويمـيز بين السـاحر‬
‫والمشعوذ والكاهن وبين المعالج بالرقية الشرعية ‪ ،‬وسوف أذكر للقــراء األعــزاء جملة من المعــايير الــتي يســتطيع‬
‫وهي على النحو التالي ‪:‬‬
‫القارئ بناء عليها من تحقيق هذا األمر َّ‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -1‬طلب اسم المـ ــريض واسم أمه ‪ :‬سـ ــئل سـ ــماحة الشـ ــيخ عبـ ــدالعزيز بن عبداهلل بن بـ ــاز ‪ -‬عن فئة من النـ ــاس‬
‫يعـ ــالجون بـ ــالطب الشـ ــعبي على حسب كالمهم ويسـ ــألون عن االسم واسم األم ويطـ ــالبون بالمراجعة غـ ــدا ‪ ،‬وعند‬
‫مــراجعتهم يقــال لهم إنك مصــاب بكــذا ‪ 0‬ويقــول أحــدهم ‪ :‬أنه يســتعمل كالم اهلل في العالج ‪ 0‬فقــال ‪ -‬رحمه اهلل ‪: -‬‬
‫( من ك ــان يعمل ه ــذا األمر في عالجه فهو دليل على أنه يس ــتخدم الجن وي ــدعي علم المغيب ــات ‪ ،‬فال يج ــوز العالج‬
‫عنده كما ال يجوز المجيء إليه وال سـؤاله لقـول النـبي صـلى اهلل عليه وسـلم في هـذا الجنس من النـاس ‪ " :‬من أتى‬
‫عرافا فسـ ــأله عن شـ ــيء لم تقبل له صـ ــالة أربعين ليلة " ( صـ ــحيح الجـ ــامع ‪ ) 5940‬ـ ـ ‪ 000‬أخرجه مسـ ــلم في‬
‫صحيحه ) ( فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبداهلل بن باز ‪ -‬جزء من فتوى ‪0 ) 22 / 1  -‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -2‬طلب أثر من المريض كشعره أو قطعة من مالبسه أو صورته وغير ذلك من اآلثــار الخاصة به ‪ :‬ســئلت اللجنة‬
‫الدائمة لإلفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد اهلل ابن باز – رحمه اهلل ‪ -‬عن حكم ما يفعله بعض النــاس‬
‫بإرسال ثوب أو قميص لبعض الناس الذين يدعون المعرفة وذلك لتحديد الداء ووصف الدواء بعد ذلك ؟‬
‫فأجــابت ‪ ( :‬يحــرم الــذهاب لمن يــدعون علم المغيبــات وال يجــوز أن يرسل لهم ثــوب وال قميص وال غــيره ويحــرم‬
‫تصديقهم مما يقولون لألحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى اهلل عليه وســلم الدالة على ذلك‪ 0‬وباهلل التوفيق )‬
‫( فتاوى اللجنة الدائمة – فتوى رقم ( ‪ – ) 9807‬فتاوى العلماء – ص ‪0 ) 160‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -3‬استخدام كالم غير مفهوم وطالسم وغيره من األمور غير‪  ‬المعتادة ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -4‬إعطاء التمائم المتنوعة ‪ :‬والتي تحتوي على أرقام وحروف ومربعات وكلمـات غـير مفهومة وأسـماء ‪ -‬للجن‬
‫كشــمهرير وهمشــوش وغــيره من األســماء ‪ ،‬أو ســور من كتــاب‪  ‬اهلل عز وجل مقطعة أو ناقصة األحــرف أو غــير‬
‫منقطة أو مقلوبة أو غير صحيحة ونحوه ‪ ،‬أو بعض الكلمـات والرمـوز الغريبة وصـور لألفـاعي والعقـارب ‪ ،‬خاصة‬
‫ما يطلق عليه اسم ( العهود السليمانية السبعة‪0 )  ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -5‬النفث في الماء وغيره بطالسم وكلمات غير مفهومة ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪-6‬استخدام العقد بالخيط أو الحبل أو غيره والنفث عليها بطالسم وكلمات غير مفهومة‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -7‬إطالق البخور الستحضار الشياطين ‪ ،‬وسماع أصوات غريبة كصوت أجنحة طير أو كالم أو طرق ونحوه ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -8‬قذارة المكان الذي يستخدمه الساحر وقذارة الساحر نفسه ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -9‬االنزواء إلى غرفة مظلمة للتحدث مع الشياطين ممن يعينونه على أفعاله الخبيثة ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -10‬طلب القيام ببعض األمــور الكفرية أو الشــركية كــذبح الــدجاج األســود أو الضــأن األســود غالبا دون التســمية ‪،‬‬
‫وهذا يعني الذبح للجن والشياطين وقد أشرت إلى خطورة ذلك في الحــديث عن إخالص التوحيد هلل ســبحانه وتعــالى‬
‫‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -11‬اســتغالل المرضى من الناحية المادية وطلب األمــوال الطائلة ‪ :‬وقد ســمعت عن بعض العامة ممن دفع مبــالغ‬
‫خيالية لهؤالء الخبثاء ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -12‬الخلـ ــوة بالنسـ ــاء دون رادع ديـ ــني ‪ ،‬أو وازع أخالقي ‪ ،‬وقد يصل األمر إلى فعل الفاحشة والعيـ ــاذ باهلل ‪ ،‬وكم‬
‫سمعنا من القصص الكثيرة على شاكلة ذلك األمر ‪0‬‬
‫‪ -13‬طلب فعل ما نهى رس ــول اهلل ص ــلى اهلل عليه وس ــلم عنه ‪ ،‬كقطع ش ــجر الس ــدر من الم ــنزل أو قتل الهدهد أو‬
‫الضفدع ونحو ذلك من أمور أخرى ‪0‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -14‬إحض ــار الس ــحر أو العمل بوع ــاء أو طنج ــير ونح ــوه ‪ ،‬بواس ــطة التم ــائم والع ــزائم الكفرية ‪ ،‬واس ــتخدام الجن‬
‫والش ــياطين في ذلك ‪ ،‬وادع ــاء فك الس ــحر به ــذه الطريقة ‪ ،‬وأن هن ــاك خ ــدام للس ــور واآلي ــات ومن ه ــؤالء الخ ــدام‬
‫الصمدية واألحدية ونحو ذلك من ترهات وأباطيل الصوفية الضالة المبتدعة ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫قــال ابن قدامة ‪ ( :‬قيل ألبي عبداهلل ‪ :‬أنه يجعل في الطنجــير مــاء ويغيب ‪ ‬فيه ‪ ،‬ويعمل كــذا ‪ ،‬فنفض يــده كــالمنكر ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬ال أدري ما هذا ‪ ،‬قيل ‪  ‬له ‪ :‬فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر ؟ فقال ‪ :‬ال أدري ما هذا ) ( المغني – ‪/ 8‬‬
‫‪0 ) 154‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -15‬القيــام بأفعــال غريبة كاســتخدام الحبل وقياسه ‪ :‬ويزعمــون أنه إن طــال كــان المــريض مصــابا بــالعين ‪ ،‬وإ ن‬
‫قصر فإنه مص ــاب بالس ــحر ‪ ،‬وإ ن بقي الحبل على حاله ف ــإن الم ــرض عض ــوي ‪ ،‬وقس على ذلك كث ــيراً من األم ــور‬
‫األخرى ‪ 0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -16‬اســتخدام النجاســات كــالبول والحيض ‪ :‬وإ عطائه للشــخص ســواء كــان رجال أو امــرأة عن طريق الشــرب أو‬
‫األكل ‪ ،‬أو كتابة آيات من كتاب اهلل عز وجل بهذه النجاسات ‪  0‬‬
‫ومن هــؤالء الســحرة والدجاجلة من يــدخل الحمــام ويطأ المصــحف بقدمه أو يتغــوط عليه ونحو ذلك من أفعــال الكفر‬
‫والردة ‪ ،‬كل هذا إلرضاء الشياطين والتقرب إليهم ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -17‬يشار على المريض باعتزال الناس فترة معينة في غرفة ال تدخلها الشمس ويســميها العامة ( الحجبة ) أو (‬
‫الخلوة ) ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -18‬يطلب من المريض بأن ال يمس الماء لمدة معينة قد تصل إلى أربعين يوما ‪0‬‬
‫‪ -19‬يطلب من المــريض أن يــدفن أشــياء في األرض أو أن يــرش مــواد ســائله ‪ ،‬أو يضع بيضا فاســدا على عتبــات‬
‫األبواب أو في المنازل ‪ ،‬وكل ذلك يكون قد نفث عليه الساحر بريقه الخبيث ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -20‬قد يعطي المريض أوراقا يحرقها ويتبخر بها ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -21‬قد يكتب للمريض حروفا مقطعة أو طالسم معينة ويأمره بإذابتها في الماء وشربه ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ -22‬إعطــاء بعض المعلومــات الحقيقية الواقعية عن حيــاة المــريض الخاصة أو عالقته بمن حولــه‪،‬وكل ذلك يكــون‬
‫باالستعانة بالجن والشياطين‪0‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -23‬ظه ــور عالم ــات الفسق على الس ــاحر ‪ ،‬ومن ذلك حلق اللحية وإ س ــبال الث ــوب وإ طالة الش ــارب والتكاسل عن‬
‫صالة الجماعة‪  ‬ونحو ذلك من أمور كثيرة أخرى ‪0‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫سئل فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبـدالرحمن الجـبرين عن إمكانية معرفة السـاحر وتميـيزه من غـيره ؟ حيث أن هنـاك‬
‫من يدعي القراءة بالرقية الشرعية وال يدرى عن حاله ؟‬
‫‪ ‬‬
‫فأجاب – حفظه اهلل ‪ ( : -‬الساحر هو الذي يظهر أعماالً تخالف ما في قدرة اإلنسان ظـاهراً ‪ ،‬كإخبــاره بالمغيبـات ‪،‬‬
‫ومك ــان الض ــالة والمس ــروق ‪ ،‬وما في الض ــمير ‪ ،‬وهو يتوصل إلى ذلك باس ــتخدام الش ــياطين ‪ ،‬والتق ــرب إليهم بما‬
‫يحبون ‪ ،‬من فعل المعاصي ‪ ،‬وترك الطاعــات ‪ ،‬وأكل الحــرام ‪ ،‬ومالبسة النجاســات ‪ ،‬ودعــاء الغــائبين ‪ ،‬ونحو ذلك ‪،‬‬
‫وقد يعــرف الســاحر بعمل شــيء من أنــواع الســحر كالشــعوذةـ ‪ ،‬والمخرقة ‪ ،‬والتلــبيس على أعين النــاظرين ‪ ،‬والخط‬
‫في األرض ‪ ،‬وهو فعل الرمالين الذين يخطون في األرض خطوطاً كثــيرة بســرعة ‪ ،‬لمعرفة النحس والســعد ‪ ،‬ومثله‬
‫الض ــرب بالحصى ‪ ،‬إذا ج ــاءهم من يس ــتخبرهم عن أمر مس ــتقبل رم ــوا بع ــدد كث ــير من الحصى ‪ ،‬ثم ق ــاموا بع ــده ‪،‬‬
‫شــفع أو ب ــالعكس ‪ ،‬ومنهم من يع ــرف بنظ ــره في النج ــوم ‪ ،‬أو بنفثه في العقد ‪ ،‬أو بجمعه‬
‫فيتف ــاءلون ب ــالفرد دون ال ّ‬
‫أشياء نجسة من الشعر والزبل ‪ ،‬ومعها قطع من حديد ونحــوه ‪ ،‬وللســحرة كتب ومشــايخ يعلمــونهم الســحر ‪ ،‬وأكــثر‬
‫ما يعلمــون بواســطة الشــياطين ‪ ،‬وال يغــتر بما يظهــره بعضــهم من كــثرة الــذكر والقــراءة ‪ ،‬والصــالة ‪ ،‬والصــدقة ‪،‬‬
‫ونحوها ‪ ،‬فإن قصده ترغيب الناس وخداعهم حتى يغــتر به الجاهل ‪ ،‬ويعتقد أنه يعــالج بالرقية الشــرعية ‪ ،‬والقــرآن‬
‫الكريم ‪ ،‬وهو ليس كذلك ) ( مخطوطة بخط الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين‬
‫أبو لوز – ص ‪   0 ) 47‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومما ال شك فيه أن السحر علم قائم له قوانينه وفنونه الشيطانية الخبيثة وكافة النقاط المذكورة آنفاً ال تكفي للحكم‬
‫على الشــخص دون الدراسة المعقــدة لهــذا العلم الشــيطاني ‪ ،‬فأســاس عمل الســاحر هو العلم الــذي تعلمه من خالل‬
‫كتب السحر الكثيرة المنتشرة في معظم بلدان العالم اإلســالمي وكــذلك الممارسة العملية بمســاعدة الجن والشــياطين‬
‫‪ ،‬إال في بالد قلة حباها اهلل برحمته سـ ـ ــبحانه وتعـ ـ ــالى ومنها المملكة العربية السـ ـ ــعودية ‪ ،‬بالد التوحيد والعلمـ ـ ــاء‬
‫ـخاء‬
‫األجالء الــتي الــتزمت بتطــبيق شــرع اهلل ســبحانه وتعــالى في منهجها فأســأل اهلل ســبحانه وتعــالى أن يحفظها سـ ً‬
‫رخاء وسائر بالد المسلمين إنه سميع مجيب الدعاء ‪0‬‬ ‫ً‬

‫‪ ‬تلك بعض السمات والعالمات المميزة للسحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين ‪ ،‬وعلى المسلم أن يحذر من هذه‬
‫الفئة الباغية ‪ ،‬ويعلم يقيناً إن ارتياد أوكار السحرة والمشعوذين يعد كفراً باهلل عز وجل ‪ ،‬وفيه تدمير للعقيدة من‬
‫أساسها ‪ ،‬أسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يحفظنا من شرورهم وأن يرد كيدهم إلى نحورهم ‪ ،‬واهلل تعالى أعلم ‪0‬‬

‫منقول‪ :‬نحو موسوعة شرعية في علم الرقي – موسوعة الرقية الشرعية‬

‫‪67‬‬
‫عالم السحر‬

‫السحر‪ ..‬حقيقته‪ ،‬أغراضه‪ ،‬وعالجه‬

‫المستشار محمد بن أمين بن محمد الجن‬


‫المحرمات أو الشركيات في مقابل‬
‫َّ‬ ‫إن السحر هو‪ :‬اتفاق بين الساحر والشيطان بأن يقوم الساحر بفعل بعض‬
‫َّ‬
‫مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب‪( ،‬هذا عن األمر مجمالً)‪.‬‬

‫فإن الساحر يجلس في مكان نجس أو مهجور أو خرب في زمن معين وساعات معينة‪،‬‬
‫وأما عن األمر تفصيالً‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫سب صريح هلل‪ ،‬وتعظيم للشيطان‪،‬‬
‫ويقوم بتالوة بعض الطالسم التي تحتوي على ألفاظ من الشرك والكفر‪ ،‬من ّ‬
‫والساحر يعرف هذه األمور جيداً‪ ،‬أو يقوم بكتابة بعض آيات من القرآن بدم الحيض‪ ،‬أو مني الرجال‪ ،‬أو‬
‫يكتبها بصورة مقلوبة‪ ،‬أو يضع المصحف تحت قدمه ويدخل به الخالء‪ ،‬ويستنجي باللبن‪ ،‬ويتوضأ بالخمر‪،‬‬
‫وأشد ما يكون من السحر‪ ،‬أو أن يسجد لكوكب أو صنم‬ ‫ّ‬ ‫وهذا ما يسمى بالسحر السفلي أو األسود‪ ،‬وهو أبشع‬
‫أو للشمس‪ ،‬وأمثال هذه األعمال التي ال ش ّك في كفر فاعلها كفراً بواحاً ظاهراً‪ ،‬ففي ذلك الوقت يراه شيطان‬
‫من شياطين الجن من جنود إبليس‪ ،‬فإبليس يضع عرشه على الماء‪ ،‬ويبعث جنوده من الشياطين؛ ليفسدوا في‬
‫األرض‪ ،‬فالشياطين يطوفون مشارق األرض ومغاربها في وقت يسير وسرعة فائقة‪ ،‬فعندما يرى هذا الشيطان‬
‫ذلك الشخص يفعل هذه األفعال التي يعلم الشيطان َّأنها طلب منه ليكون ساحراً‪ ،‬فعلى الفور يذهب هذا الشيطان‬
‫أن هناك إنساناً قد كفر باهلل‪ ،‬وهو اآلن يعبدك من دون اهلل‪ ،‬على أن‬
‫إلى إبليس ‪ -‬عليه لعنة اهلل ‪ -‬فيخبره َّ‬
‫تساعده أن يكون ساحراً فيبعث إليه إبليس أحد مردة الشياطين‪ ،‬ومعه مجموعة من الشياطين من أعوانه؛‬
‫ليكونوا مالزمين لهذا الساحر بزعامة هذا المارد؛ ليساعدوا الساحر على إيذاء الناس عن طريق السحر‪،‬‬
‫فيحضر هذا المارد‪ ،‬وبطريقة معينة يعلم الساحر أنه قد حضر هذا الشيطان المارد‪ ،‬وأنه وافق على مساعدته‪،‬‬
‫وهذا ما يسمى (بالعقد)‪ ،‬ومن هذه اللحظة يصير هذا الرجل ساحراً‪ ،‬وكلما أراد الساحر أن يقوم بفعل نوع‬
‫يتقرب في كل مرة للشياطين بأفعال كفرية وشركية مما سبق توضيحه إلرضاء‬
‫معين من السحر‪ ،‬فال بد أن َّ‬
‫الشيطان‪.‬‬

‫ويتم عمل السحر على تراب من تراب المقابر أحياناً‪ ،‬أو على عظام ميت‪ ،‬أو على طعام أو شراب‪ ،‬أو على‬
‫(أثر)‪ ،‬وهو‪ :‬شيء خاص بالشخص المراد سحره‪ ،‬كأظفاره أو شعره‪ ،‬ومنها ما يتم على ثياب بها عرق المراد‬
‫سحره‪ ،‬ومنها ما يتم على صورة‪ ..‬وغيرها‪.‬‬

‫بد من اتصال مادة السحر بالمسحور؛ حتى يتم تأثير السحر في‬
‫أما كيف يؤثر السحر في بدن المسحور‪ :‬فال ّ‬
‫بدن المسحور‪ ،‬واتصال هذه المادة بالجسد يكون عن طريق عدة أمور‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫أوالً‪ :‬ما يكون على طعام أو شراب‪ ،‬فال َّ‬
‫بد للمسحور أن يشرب هذا السحر أو يأكله؛ حتى يتم تأثير السحر في‬
‫بدنه‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬ما يكون على سائل أو على تراب تربة‪ ،‬فإنه يرش في مكان من األماكن التي يحتمل أن يمر عليها‬
‫تم تأثير السحر فيه‪.‬‬
‫مر من فوقها َّ‬
‫المراد سحره‪ ،‬فإذا َّ‬

‫ثالثاً‪ :‬ما يكون على شعر‪ ،‬أو ظفر‪ ،‬أو ثوب فيه رائحة المسحور‪ ،‬فهذا النوع يدفن في المقابر‪ ،‬أو في األماكن‬
‫يتعرف‬
‫الخربة‪ ،‬أو يعلق على األشجار في مهب الريح‪ ،‬ومنها ما يلقى في بحر أو نهر‪ ،‬والجن خادم السحر َّ‬
‫على المسحور في هذه المرة عن طريق الرائحة التي تكون في األشياء المتعلقة بالمسحور‪.‬‬

‫الفريق بين السحر و"العمل"‪:‬‬

‫والسحر‪ :‬اسم جامع لكل أنواع األعمال‪ ،‬أما العمل‪ :‬فهو نوع السحر الذي يريد الساحر عمله‪ ،‬وكما سبق‬
‫فالسحر يتم عن طريق مادة معينة كطعام أو شراب‪ ...‬إلخ‪ ،‬وهذه األشياء هي مادة العمل التي يتم عن طريقها‬
‫السحر‪.‬‬
‫وسمي "العمل" بهذا االسم؛ الحتوائه على نوع العمل الذي يقوم به خادم السحر في بدن المسحور‪ ،‬فإذا فسدت‬
‫هذه المادة عن طريق التمزق أو اإلخراج‪ ،‬كما أخرج النبي صلى اهلل عليه وسلم السحر من البئر‪ ،‬أو أن يتقيأ‬
‫المسحور السحر‪ ،‬فإن حدث مثل هذا بطل السحر؛ لفساد مادة (العقد) التي بين الساحر وبين الجن الموكل‬
‫بالسحر‪.‬‬

‫وما يحدث بين الساحر وخادم السحر غريب‪ ،‬فالعقد الذي يكون بين الساحر وبين الجن فيه مدة مكث الجن في‬
‫بدن المسحور‪ ،‬وفيه الثمن الذي يتعاطاه من الساحر‪ ،‬وهو كفر الساحر باهلل‪ ،‬ومعاونته على اإلثم والعدوان‪،‬‬
‫أن هناك شرطاً‪ ،‬فإذا خرج الشيطان الموكل بالسحر من بدن‬
‫وهذا من أربح ما يكون للشيطان‪ ،‬وذكروا َّ‬
‫فإن إبليس يقتل هذا الشيطان العاصي ألوامره‪ ،‬فإذا مزق هذا العقد‬
‫المسحور قبل انتهاء المدة المحددة‪َّ ،‬‬
‫(العمل)عن طريق إخراجه‪ ،‬أو تمزيقه‪ ،‬أو حرقه‪ ،‬أو انتهاء المدة المحددة له‪ ،‬ففي هذه اللحظة يخرج الشيطان‬
‫ٍ‬
‫حينئذ في بدن المسحور‪.‬‬ ‫من بدن المسحور؛ َّ‬
‫ألنه ال شيء يقيده‬

‫وللعلم َّ‬
‫فإنه ال يجوز حل السحر بالسحر‪ ،‬بل ُيحل بالدعاء والرقية الشرعية‪ ،‬والدعاء إلى اهلل بإخالص أن‬
‫يعرفك مكانه‪ ،‬ومن ثم يمكن إبطاله‪.‬‬

‫َّ‬
‫ولعل من أوضح‬ ‫ـ أما عن أعراض السحر‪ ،‬فلكل نوع من أنواع السحر أعراض قد تختلف عن األخرى‪،‬‬
‫األعراض إجماالً‪ :‬انقالب األحوال فجأة إلى األسوأ دونما سبب واضح‪ ،‬وتعظيم أسباب الخالف وإ ن كانت‬
‫صغيرة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫أن السحر أمر واقع من كثير من‬ ‫شك َّ‬ ‫أما عن عالج السحر‪ :‬فيقول الشيخ ابن باز ‪ -‬رحمه اهلل ‪" : -‬ال َّ‬ ‫ـ َّ‬
‫ْن اللّ ِه} فالسحر له تأثير‪ ،‬ولكنه‬
‫َح ٍد إِالَّ ِبِإذ ِ‬ ‫آر َ ِ ِ‬
‫ين ِبه م ْن أ َ‬ ‫{و َما ُهم ِب َ‬
‫ض ِّ‬ ‫عز وجل‪َ ..‬‬
‫الناس‪ ،‬وأنه يؤثر بإذن اهلل ّ‬
‫بإذن اهلل‪.‬‬
‫وهذا السحر له عالج وله دواء‪ ،‬وقد وقع على النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وخلصه اهلل منه‪ ،‬وأنجاه من شره‪،‬‬
‫ووجدوا ما فعله الساحر فأخذ وأتلف‪ ،‬فأبرأ اهلل نبيه من ذلك‪ ،‬وهكذا إذا ُوجد ما فعله الساحر من تعقيد خيوط‪،‬‬
‫ألن السحرة من شأنهم أن ينفثوا في العقد ويضربون‬‫فإن ذلك يتلف؛ َّ‬‫أو ربطها بعضها ببعض‪ ،‬أو غير ذلك‪َّ ،‬‬
‫عليها‪ ،‬وينفثون فيها لمقاصدهم الخبيثة‪ ،‬فقد يتم ما أرادوا بإذن اهلل‪ ،‬وقد يبطل‪ ،‬واهلل على كل شيء قدير‪ ،‬وقد‬
‫شر النفاثات في العقد‪ ،‬وهن السواحر الالتي ينفثن في العقد إلتمام مقاصدهم‬
‫أمر سبحانه باالستعاذة باهلل من ّ‬
‫سواء قرأ المسحور على نفسه ‪ -‬إذا كان عقله معه سليماً ‪ -‬أو قرأ‬
‫ً‬ ‫الخبيثة‪ ،‬وتارة يعالج السحر بالقرآن‪،‬‬
‫غيره عليه‪ ،‬يقرأ عليه الفاتحة‪ ،‬وآيـة الكرسي‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬والمعوذتين‪ ،‬وآيـات السحر المعروفة مــن سورة‬
‫األعراف (‪117‬ـ‪ ،)119‬ومن سورة يونس (‪79‬ـ‪ ،)82‬ومن سورة طه (‪65‬ـ‪ ،)69‬ويقرأ أيضاً سورة الكافرون‪،‬‬
‫شفاء ال يغادر‬
‫ً‬ ‫ثم يدعو له بالشفاء‪" :‬اللهم رب الناس‪ ،‬أذهب البأس واشف أنت الشافي‪ ،‬ال شفاء إال شفاؤك‪،‬‬
‫شر كل نفس أو عين‬ ‫سقماً"‪ .‬ويكرر ذلك ثالث مرات‪ ،‬وهكذا يرقيه‪" :‬بسم اهلل أرقيك من كل شيء يؤذيك‪ ،‬ومن ّ‬
‫حاسد اهلل يشفيك‪ ،‬بسم اهلل أرقيك" ويكررها ثالثاً ويدعو له بالشفاء‪ "...‬إلخ كالمه رحمه اهلل تعالى‪.‬‬

‫نشأة السحر وأسباب انتشاره‬

‫أصل السحر‬
‫‪   ‬إن السحر قديم قدم اإلنسانية‪ ،‬عرفته حضارات عديدة وأمم مختلفة حتى أن كل رسول كان يبعثه اهلل عز وجل إلى‬
‫ول إِالَّ قَالُواْ س ِ‬
‫س ٍ‬ ‫قومه كانوا يتهمونه بالسحر يقول سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬ك َذِل َك ما أَتَى الَّ ِذ َ ِ ِ‬
‫احٌر أ َْو‬ ‫َ‬ ‫ين من قَ ْبل ِهم ِّمن َّر ُ‬ ‫َ‬
‫ون﴾‪ .‬سورة الذاريات‪ ،‬اآلية‪.52 :‬‬
‫َم ْج ُن ٌ‬

‫‪   ‬وهنا تطرح أسئلة محيرة حول مصدر السحر! هل مصدره األرض بحيث يكون الجن أو اإلنس قد وضعوا‬
‫علومه؟ أم أنه أنزل من السماء مع هاروت وماروت؟ ومتى ظهر السحر على هذه البسيطة؟ وفي أي مكان؟‪.‬‬

‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫ان َو َمآ َكفََر‬ ‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين َعلَى ُم ْلك ُ‬
‫اط ُ‬ ‫‪   ‬إن العمدة في اإلجابة عن هذه األسئلة هو قوله تعالى‪َ ﴿ :‬واتََّب ُعواْ َما تَ ْتلُواْ َّ َ‬
‫وت ج َو َما ُي َعلِّ َم ِ‬ ‫ُنز َل َعلَى ا ْل َملَ َك ْي ِن ِب َبا ِب َل َه ُار َ‬ ‫ون َّ‬ ‫ين َكفَ ُرواْ ُي َعلِّ ُم َ‬ ‫شي ِ‬ ‫سلَ ْيم ُ ِ‬
‫ان‬ ‫وت َو َم ُار َ‬ ‫س ْح َر َو َمآ أ ِ‬
‫اس ا ْل ِّ‬ ‫الن َ‬ ‫اط َ‬ ‫ان َولَك َّن ا ْل َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ين ِبهِ‬
‫آر َ‬ ‫ض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون ِبه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِجه ج َو َما ُهم ِب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحد َحتَّى َيقُوال إِ َّن َما َن ْح ُن فتْ َن ٌة فَالَ تَ ْكفُْر فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫ون م ْن ُه َما َما ُيفَِّرقُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫م ْن أ َ‬
‫قج‬ ‫اآلخَر ِة ِم ْن َخالَ ٍ‬ ‫شتَراهُ ما لَ ُه ِفي ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُّر ُه ْم َوالَ َينفَ ُع ُه ْم ج َولَقَ ْد َعل ُمواْ لَ َم ِن ا ْ َ َ‬ ‫ون َما َي ُ‬ ‫ْن اهلل ج َو َيتَ َعلَّ ُم َ‬ ‫َح ٍد إِالَّ ِبِإذ ِ‬
‫م ْن أ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ون﴾ سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،102 :‬وقد وردت تفاسير عدة لهذه اآليات‬ ‫س ُه ْم ج‪  ‬لَ ْو َكا ُنواْ َي ْعلَ ُم َ‬ ‫ش َر ْوا ِبه أَنفُ َ‬ ‫س َما َ‬ ‫َولَ ِب ْئ َ‬
‫واختلفت ويمكن حصرها في ثالثة أقوال‪:‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ -1‬أن السحر لم ينزل من السماء وإ نما أصله األرض وهو من عمل الشياطين بناء على {أن(ما) في قوله تعالى‪:‬‬
‫ُنز َل َعلَى ا ْل َملَ َك ْي ِن﴾ نافية‪ ،‬وذلك أن اليهود كانوا يزعمون أنه نزل به جبريل وميكائيل فأكذبهم اهلل وجعل قوله‬
‫﴿ َو َمآ أ ِ‬
‫وت َو َم ُار َت ج﴾ بدالً من الشياطين} تفسير القرآن العظيم‪ /‬ابن كثير ج‪ 1:‬ص‪.130:‬‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬ه ُار َ‬

‫‪   ‬ويعتمد أصحاب هذا القول على الرواية التالية وقد جاءت بصيغ مختلفة‪:‬‬

‫‪   ‬أ‪ -‬ما رواه ابن جرير الطبري‪{ :‬عن شهر بن حوشب قال‪ :‬لما سلب سليمان عليه السالم ملكه كانت الشياطين‬
‫تكتب السحر في غيبة سليمان فكتبت‪ :‬من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس وليقل كذا وكذا‪ ،‬ومن أراد أن‬
‫يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا فكتبته وجعلت عنوانه‪ :‬هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان‬
‫خطيبا فقال‪ :‬يا أيها‬
‫ً‬ ‫بن داود من ذخائر كنوز العلم ثم دفنته تحت كرسيه فلما مات سليمان عليه السالم قام إبليس‬
‫ساحرا فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته‪ ،‬ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه‬
‫ً‬ ‫نبيا إنما كان‬
‫الناس إن سليمان لم يكن ً‬
‫نبيا مؤم ًنا فلما بعث اهلل‬
‫ساحرا هذا سحره بهذا تعبدنا وبهذا قهرنا فقال المؤمنون‪ :‬بل كان ً‬
‫ً‬ ‫فقالوا‪ :‬واهلل كان سليمان‬
‫محمدا صلى اهلل عليه وسلم جعل يذكر األنبياء حتى ذكر داود وسليمان‪ ،‬فقالت اليهود‪ :‬انظروا إلى‬
‫ً‬ ‫تعالى النبي‬
‫ساحرا يركب الريح فأنزل اهلل‬
‫ً‬ ‫محمد صلى اهلل عليه وسلم يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع األنبياء وإ نما كان‬
‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫ان﴾}‪ .‬جامع البيان عن تأويل أي القرآن‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪:‬‬ ‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين َعلَى ُم ْلك ُ‬
‫اط ُ‬ ‫عذر سليمان ﴿ َواتََّب ُعواْ َما تَ ْتلُواْ َّ َ‬
‫‪.451-450‬‬

‫ب‪ -‬يقول الخفاجي‪{ :‬فإن كانت(ما) في ﴿ما أنزل﴾ نافية كان معطوفًا على ما كفر سليمان أي لم يكفر ولم ينزل‬
‫على الملكين شيء من السحر‪ ،‬وهاروت وماروت بدل من الشياطين بدل بعض وما بينهما اعتراض‪ ،‬وهو رد على‬
‫اليهود لعنهم اهلل فيما افتروه على األنبياء ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬والمالئكة (‪ )...‬والقول بأن (ما) نافية هو قول ابن‬
‫عباس رضي اهلل عنهما (‪)...‬ـ وهذا القول لم يقل به جمهور المفسرين والمحدثين كما عرفته وهو قول ضعيف}‬
‫نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض‪ /‬ج‪ 4:‬ص‪.235-233:‬‬

‫‪ -2‬أن مصدر السحر هو اإلنسان ألن المالئكة معصومة من ارتكاب المعاصي حيث قرأ {ابن عباس والحسن‬
‫وسعيد بن جبير والزهري‪ :‬الملكين بكسر الالم} زاد المسير في علم التفسير‪ /‬ابن الجوزي ج‪ 1:‬ص‪ ،.122:‬وقيل‬
‫إن المراد بالملكين كما قال {الحسن‪ :‬رجلين صالحين من الملوك} مفاتيح الغيب‪ /‬الرازي م‪ 2:‬ج‪ 3:‬ص‪.236:‬‬

‫ابتالءا منه سبحانه وفتنة‬


‫ً‬ ‫‪ -3‬أن السحر أنزله اهلل تعالى من السماء إلى األرض مع الملكين هاروت وماروت ببابل‬
‫بناءا على ما يلي‪:‬‬
‫للناس وذلك ً‬

‫افتراءا‬
‫ً‬ ‫أ‪ -‬أن (ما) في قوله تعالى ﴿ما أنزل﴾ عطف على قول {ما تتلوا الشياطين‪ :‬أي واتبعوا ما تتلوا الشياطين‬
‫على ملك سليمان وما أنزل على الملكين ألن السحر منه ما هو كفر وهو الذي تلته الشياطين على ملك سليمان‬
‫ومنه ما تأثيره في التفريق بين المرء وزوجه وهو الذي أنزل على الملكين} مفاتيح الغيب‪/‬ص‪.235:‬‬

‫‪71‬‬
‫ب‪ -‬الحديث الذي ورد في مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬فعن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أنه سمع النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم يقول‪﴿ :‬إن آدم عليه السالم لما أهبطه اهلل إلى األرض قالت المالئكة‪ :‬أي رب أتجعل فيها من يفسد‬
‫فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال‪ :‬إني أعلم ما ال تعلمون قالوا‪ :‬ربنا نحن أطوع لك من بني‬
‫آدم‪ ،‬قال اهلل تعالى للمالئكة هلموا ملكين من المالئكة حتى يهبط بهما إلى األرض‪ ،‬فننظر كيف يعمالن‪ ،‬قالوا ربنا‬
‫هاروت وماروت قال‪ :‬فاهبطا إلى األرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر‪ ،‬فجاءاها فسأالها نفسها‪،‬‬
‫أبدا فذهبت ثم رجعت بصبي‬
‫شيئا ً‬
‫فقالت‪ :‬ال واهلل حتى تتكلما بهذه الكلمة من اإلشراك فقاال‪ :‬واهلل ال نشرك باهلل ً‬
‫أبدا‪ ،‬فذهبت ثم رجعت بقدح خمر‬
‫تحمله فسأالها نفسها‪ ،‬فقالت ال واهلل حتى تقتال هذا الصبي‪ ،‬فقاال واهلل ال نقتله ً‬
‫تحمله‪ ،‬فسأالها نفسها قالت‪ :‬ال واهلل حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتال الصبي فلما أفاقا قالت‬
‫شيئا أبيتماه علي إال قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب اآلخرة فاختارا‬
‫المرأة واهلل ما تركتما ً‬
‫عذاب اآلخرة﴾‪ .‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪/‬م‪ 2:‬ص‪.134:‬‬

‫‪   ‬يقول ابن حجر معلقًا على هذه الرواية‪{ :‬وقصة هاروت وماروت جاءت بسند حسن من حديث ابن عمر في مسند‬
‫أحمد وأطنب الطبري في إيراد طرقها بحيث يقضى بمجموعها على أن للقصة أصالً خالفاً لمن زعم بطالنها كعياض‬
‫اختبارا لهما وأمرهما أن يحكما في األرض فنزال على‬
‫ً‬ ‫ومن تبعه‪ ،‬وذلك أن اهلل ركب الشهوة في ملكين من المالئكة‬
‫صورة البشر وحكما بالعدل مدة ثم افتتنا بامرأة جميلة فعوقبا بسبب ذلك بأن حبسا في بئر ببابل منكسين وابتليا‬
‫بالنطق بعلم السحر فصار يقصدهما من يطلب ذلك فال ينطقان بحضرة أحد حتى يحذراه وينهياه فإذا أصر تكلما بذلك‬
‫ليتعلم منهما ذلك وهما قد عرفا ذلك فيتعلم منهما ما قص اهلل عنهما واهلل أعلم} فتح الباري شرح صحيح البخاري‪/‬‬
‫ابن حجر م‪ 10:‬ص‪ 276:‬كتاب الطب باب السحر‪ ،.‬يشير ابن حجر إلى قول القاضي عياض‪{ :‬فاعلم أكرمك اهلل أن‬
‫هذه األخبار لم يرو منها شيء سقيم وال صحيح عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وليس هو شيئاً يؤخذ بالقياس‬
‫والذي منه في القرآن اختلف المفسرون في معناه وأنكر ما قال بعضهم فيه كثير من السلف (‪)...‬ـ وهذه األخبار من‬
‫كتب اليهود وافترائهم كما نص اهلل في أول اآليات من افترائهم بذلك على سليمان وتكفيرهم إياه وقد انطوت القصة‬
‫على شنع عظيمة} الشفا بتعريف حقوق المصطفى‪ /‬القاضي عياض اليحصبي ج‪ 2:‬ص‪ 175:‬ط‪.179:‬‬

‫‪   ‬وممن رد كذلك على القاضي عياض‪ ،‬الخفاجي يقول‪{ :‬واعلم أن ما ذكره المصنف رحمه اهلل تعالى في قصة‬
‫هاروت وماروت من أنها ال أصل لها بحسب الرواية وال من جهة الدراية على ما هو األصح من ملكيتهم ألنهم‬
‫معصومون والملك المعصوم ال يليق أن ينسب إليه ما ذكر من المعاصي ونحوها (‪ )...‬فالرد عليه يكون ب‪:‬‬

‫‪ -1‬فلما عرفته فيما مر من أنه ورد في حديث من طرق كثيرة بأسانيد صحيحة كما قاله الحافظ ابن حجر‬
‫والسيوطي قال‪ :‬وجمعت طرقه في جزء مستقل إلى آخر ما مر فالتردد فيه ال ينبغي‪.‬‬

‫‪ -2‬وأما ما أنكره من أنه نسب للمالئكة ما ال يليق بهم وال يصح نسبته لهم فتحقيق الوجه فيه أن اهلل تعالى لما‬
‫جعل آدم عليه الصالة والسالم خليفة والخالفة في أوالده وقالت المالئكة سؤال استفسار أتجعلهم خلفاء يفسدون في‬
‫األرض فقال لو جعلت فيكم ما فيهم من الشهوة كنتم مثلهم فتعجبوا من ذلك فأمرهم باختيار من يحكمه في األرض‬

‫‪72‬‬
‫فاختار هذين الملكين‪ ،‬فأودع فيهما جبلة شهوة بشرية وتمثال بصورتهم‪ ،‬فلما أهبطهما ورأيا الزهرة افتتنا بها وكان‬
‫ما كان مما قصصناه عليك فإذا عرفت هذا سقط هذا االعتراض ألنهما لما حوال عن الملكية وأودع فيهما شهوة‬
‫البشر ال ينكر مثله منهما ألن المعصوم الملك ما دام على أصل ملكيته فإذا خرج عنها التحق بالبشر فال ينكر أن‬
‫يصدر منهما ما يصدر منهم وهذا هو الحق الحقيق} نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض‪ /‬الخفاجي ج‪4:‬‬
‫ص‪ ،.237:‬وتفاصيل هذه القصة كيف يعلم هاروت وماروت الناس السحر‪ ،‬ينبغي فيها التوقف ألن حاصلها كما‬
‫يقول ابن كثير {راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل‪ ،‬إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل اإلسناد إلى‬
‫الصادق المعصوم الذي ال ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط وال إطناب فيها فنحن‬
‫نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده اهلل تعالى واهلل أعلم بحقيقة الحال} تفسير القرآن العظيم‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪.135:‬‬

‫‪ ‬‬

‫أسباب انتشار السحر والسحرة في العصر الحاضر‬

‫‪ -1‬بالنسبة للمشتغلين بالسحر‪ :‬إن الناس كلما ابتعدوا عن الدين اإلسالمي إال وتفشى فيهم الظلم واألمراض‬
‫القلبية والمفاسد االجتماعية والشعوذة‪،...‬ـ والسحر واحد من بين هذه المصائب التي ابتليت بها األمة‪ ،‬فقد انتشر‬
‫جدا فال يكاد يوجد حي إال وفيه ساحر أو يسمى في ثقافتنا الشعبية بالفقيه‪ ،‬وهذا الساحر "الفقيه" إما أن‬
‫بشكل كبير ً‬
‫يكون مخادعا متحايالً يعتمد على خفة اليد في التأثير على اآلخرين وإ يهامهم أن له قدرات خارقة‪ ،‬وإ ما أن يكون‬
‫ساحرا تعينه الشياطين ويستطيع بإذن اهلل تعالى إلحاق الضرر بالغير‪ ،‬وهدف المتعاطين للسحر سواء الحقيقي‬
‫ً‬ ‫حقًا‬
‫أو المجازي هو الربح‪ ،‬فالمال يعتبر هدفاً سامياً يسعى هؤالء السحرة إلى تحصيله‪ ،‬فمنذ القدم كان المال هدفاً‬
‫مطلوبا لكثير من السحرة‪ ،‬وهؤالء السحرة يوظفون كل مواهبهم ومهارتهم إلغراء الناس بوجود قوى خفية‬
‫ً‬
‫تساعدهم‪ ،‬قادرة على حل مشاكلهم وعالجهم من أمراضهم ومعرفة ما ينتظرهم ‪ ،...‬ومن المالحظ أن الساحر يغير‬
‫بعيدا عن الناس في الفيافي والصحاري والجبال‪ ،‬نجده‬
‫أسلوبه فبعد أن كان الساحر في الماضي نتن الرائحة ينزوي ً‬
‫اليوم له زي جميل ومكتب استقبال أنيق وسكرتيرة وهاتف نقال ومواعيد وبرامج ‪ ،...‬وهؤالء السحرة لهم تأثير‬
‫قوي على ضعاف النفوس وخاصة النساء‪.‬‬

‫‪ -2‬بالنسبة للمترددين على السحرة‪ :‬يتردد الناس على السحرة لعدة أسباب أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬شفاء األمراض‪ :‬تعتبر من أهم األسباب التي تدعو الناس إلى الذهاب إلى السحرة حيث يعتقدون أن الساحر‬
‫يملك وصفات سحرية في عالج األمراض المستعصية‪ ،‬وتأتي في مقدمة األمراض التي يعتقد الناس أن بإمكان‬
‫الساحر عالجها‪ :‬أمراض الصرع والسحر والجنون وأمراض األطفال كسوء الخلق أو اإلنحرافات الشاذة أو البكاء‬
‫والصراخ الدائم أثناء النوم وبول الصبي في الفراش‪ ،‬وحماية الجنين في بطن أمه من إسقاطه أو تشويه خلقه‪،‬‬
‫وعالج الرضيع من العين وحماية األطفال من أم الصبيان وذلك بوضع "صرة" في يده وعالج تأخر النطق عن‬

‫‪73‬‬
‫مصابا بأمراض نفسية كالخوف واالنطواء والخجل والشك والوسواس القهري وغيرها‬
‫ً‬ ‫الطفل‪ ،...‬وهناك من يكون‬
‫من األمراض النفسية فيذهب إلى هؤالء السحرة لعالجه‪ ،‬لكن أغلب هؤالء يذهب إلى السحرة لوقايتهم من السحر‬
‫أو إلبطال سحر عمل لهم كضعف قدرتهم الجنسية "سحر الربط" أو للعالج من أثر اإلصابة بالعين بل أكثر من ذلك‬
‫"حجابا" يحفظه من شر كل نفس حاقد أو عين حاسد أو عمل ساحر‪.‬‬
‫ً‬ ‫هناك من يذهب إلى الساحر كي يكتب له تميمة‬

‫ب‪ -‬مسائل الحب والزواج‪ :‬كثيرون هم يترددون على السحرة بسبب الحب والزواج فهناك من يذهب إلى السحرة‬
‫لمساعدته على إيقاع امرأة في غرامه ونجد كذلك ‪-‬وهذا كثير‪ -‬من النساء من يلجأن إلى السحرة إليقاع من يشأن‬
‫مطاعا وال يرى زوجها‬
‫ً‬ ‫في غرامهن ومنهن من تذهب إلى الساحر لجعل الزوج كخاتم في أصبعها ويكون أمرها‬
‫المسكين ملكة الجمال على األرض سواها‪ ،‬وال يكاد يوجد كتاب من كتب السحر والشعوذة إال وفيه فصول خاصة‬
‫بمسائل الحب والزواج ويصطلحون على هذه المسائل في قاموسهم بالعشق والوصال والتهييج‪ ،‬وهذه الكتب تزعم‬
‫أنهم تقدم وصفات سحرية للراغبين في ذلك لكنها في الحقيقة تهلكهم وتهوي بهم في مكان سحيق في ظلمات‬
‫الشرك‪.‬‬

‫ج‪ -‬كشف الطلع‪" :‬معرفة ما وقع في الماضي وما يخبؤه المستقبل"‪ :‬يلجأ بعض الناس إلى السحرة لمعرفة من‬
‫سرق شيأ من متاعهم أو عندما يفقد أحد أفراد األسرة كاالبن أو سؤال السحرة عن حال أقاربهم والذي يعمل في‬
‫مكان بعيد‪.‬‬

‫‪   ‬كما يلجأ بعض الناس إلى السحرة لمعرفة ما يخبؤه لهم المستقبل نتيجة خوفهم من المجهول أو خوفاً من ضياع‬
‫النعم التي يتنعمون بها أو خوفاً من فقدان الحب أو المال أو الولد‪.‬‬

‫ح‪ -‬أهداف متنوعة‪ :‬قد يلجأ أحد الضعفاء المظلومين إلى الساحر لنصرته وهذا الضعيف المظلوم يعتقد أن في‬
‫استطاعة الساحر تسخير الجان لالنتقام من ظالمه‪ ،‬فيطلب هذا الشخص من الساحر أن يصيب عدوه بداء عضال أو‬
‫خبل في عقله أو يضره في ماله أو أوالده أو بفقده حب زوجته أو رجم بيته "ما يسمى بسحر التراجيم"‪.‬‬

‫‪   ‬وهناك من يذهب إلى السحرة ألغراض تجارية‪ ،‬فالتاجر يلجأ إلى الساحر إلعطائه وصفة سحرية لترويح‬
‫بضاعته وتيسير البيع وتحصيل الربح‪ ،‬وقد يذهب بعض الطلبة إلى الساحر إلعطائهم وصفة ترفع عنهم النسيان‬
‫وتسهل الحفظ وتقوي الذاكرة‪ ،‬وقد يذهب المدين إلى الساحر بحثاً عن وصفة لقضاء الدين‪ ،‬وهناك‬
‫ِّ‬ ‫أثناء المذاكرة‬
‫من يذهب إلى السحرة ألنهم يساعدونهم في اتخاذ قرارات هامة ومصيرية في حياتهم كاختيار خاطب معين البنتهم‬
‫أو عدم قبول من تقدم إليهم من الشبان أو قرار الدخول في عمل تجاري مهم وغيرها من القرارات الهامة‬
‫والمصيرية في حياة اإلنسان‪.‬‬

‫قصة الملكين هاروت وماروت‬

‫‪74‬‬
‫ـون َّ‬ ‫ين َكفَـ ُـرواْ ُي َعلِّ ُمـ َ‬ ‫الشـ ْي ِ‬
‫ان َولَ ِك َّن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫السـ ْح َر َو َما‬‫اس ِّ‬ ‫الن َ‬ ‫اط َ‬ ‫سلَ ْي َم ُ‬
‫ان َو َما َكفََر ُ‬ ‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين َعلَى ُم ْلك ُ‬
‫اط ُ‬ ‫﴿‪َ  ‬واتََّب ُعواْ َما تَ ْتلُواْ َّ َ‬
‫ـون ِم ْن ُه َما‬
‫َح ٍـد َحتَّى َيقُــوالَ إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َنـ ٌة فَالَ تَ ْكفُ ْـر فَ َيتَ َعلَّ ُم َ‬ ‫وت وما يعلِّم ِ ِ‬
‫ـان م ْن أ َ‬ ‫ـار َ َ َ ُ َ َ‬ ‫وت َو َم ُ‬
‫ـار َ‬ ‫ُنز َل َعلَى ا ْل َملَ َك ْي ِن ِب َبا ِب َل َهـ ُ‬‫أِ‬
‫ضـ ُّر ُه ْم َوالَ َينفَ ُع ُه ْم َولَقَ ْـد‬ ‫ـون َما َي ُ‬ ‫ْن اللّ ِـه َو َيتَ َعلَّ ُم َ‬‫َح ٍـد إِالَّ ِبـِإذ ِ‬ ‫آر َ ِ ِ‬
‫ين ِبـه م ْن أ َ‬ ‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه َو َما ُهم ِب َ‬
‫ضـ ِّ‬ ‫َما ُيفَِّرقُ َ‬
‫ِ‬ ‫اآلخَر ِة ِم ْن َخالَ ٍ‬
‫شتَراهُ ما لَ ُه ِفي ِ‬ ‫ِ‬
‫ـون‪« .﴾ ‬ســورة البقــرة آية‬ ‫س ُه ْم لَ ْو َكا ُنواْ َي ْعلَ ُمـ َ‬ ‫ش َر ْواْ ِبه أَنفُ َ‬ ‫س َما َ‬ ‫ق َولَ ِب ْئ َ‬ ‫َعل ُمواْ لَ َم ِن ا ْ َ َ‬
‫‪".102‬‬

‫﴿‪َ  ‬واتََّب ُع ــواْ‪ ﴾ ‬ع ــوض الكت ــاب الس ــحر‪ ،‬فنب ــذوا الكت ــاب وراء ظه ــورهم‪ ،‬وراح ــوا يتعلق ــون بــ ـ ﴿‪َ  ‬ما تَ ْتلُ ــواْ‪ ﴾ ‬وتقر‬
‫ِ‬ ‫الشي ِ‬
‫ان‪ ﴾ ‬بن داود (عليهما السالم)‪ ،‬حيث أن الشــياطين على لســان الســحرة‬ ‫سلَ ْي َم َ‬
‫ين‪ ﴾ ‬والسحرة ﴿‪َ  ‬علَى ُم ْلك ُ‬
‫اط ُ‬ ‫﴿‪َ َّ  ‬‬
‫على زمــان ســليمان كــانوا يتلــون الســحر للنــاس‪ ،‬و«على» بمعــنى «في» كما قــال ابن مالــك‪« :‬على لالســتعالء‬
‫يريدون بذلك جلب األموال‬ ‫ومعنى في وعن»‪ ،‬أي أن اليهود أخذوا يتعلقون بالسحر الذي كان في زمان سليمان‬
‫إنما أوتي الملك العظيم بسـبب أنه كــان يعمل بالســحر‪ ،‬فـرد اهلل‬ ‫والتقرب إلى الناس‪ ،‬وكــانوا يقولــون أن ســليمان‬
‫ان‪ ،﴾ ‬ف ــإن الس ــحر م ــوجب للكفر وال يخفى أن الكفر على ن ــوعين كفر في العقي ــدة‬
‫ســلَ ْي َم ُ‬
‫عليهم بقوله‪َ  ﴿ :‬و َما َكفَ ـ َـر ُ‬
‫وكفر في العمل‪ ،‬فالكفر في العقيدة هو إنكار أصول الدين‪ ،‬والكفر في العمل هو ترك واجب أو فعل‪.‬‬

‫ولـ ــذا شـ ــاع اسـ ــتعمال الكفر على تـ ــرك األوامر «و» فعل النـ ــواهي كقوله تعـ ــالى‪ ﴿ :‬ومن كفر فـ ــإن اهلل غـ ــني عن‬
‫‪ « :‬كفر‬ ‫العالمين‪ ﴾ ‬في قصة الحـج‪ ،‬وقوله‪ ﴿ :‬ولئن كفــرتم إن عــذابي لشــديد‪ ﴾ ‬في بــاب الشــكر‪ ،‬وقــول النـبي‬
‫باهلل العظيم من هذه األمة عشرة» وعد منها النمام ونحوه‪ ،‬وعلى أي حال فسـليمان ما كـان سـاحرا ولم ينل ما نـال‬
‫ـــرواْ‪ ﴾ ‬بعملهم بالســـحر وتعليمهم للنـــاس إيـــاه‪،‬‬ ‫الشـــ ْي ِ‬
‫بالســـحر‪ ،‬وإ نما بـــالنبوة والموهبة اإللهيـــة‪َ  ﴿ ،‬ولَ ِك َّن َّ‬
‫ين َكفَ ُ‬
‫اط َ‬
‫والشـ ــياطين أرواح شـ ــريرة تلقي الشر في النفـ ــوس‪ ،‬كما ثبت في العلم الحـ ــديث أيضا وغـ ــيره في بـ ــاب التحضـ ــير‬
‫الس ْح َر‪ ،﴾ ‬والسحر أمور غـير طبيعية تـأتي بعالج خفي ومنه التصـرف في‬
‫اس ِّ‬
‫الن َ‬ ‫والتنويم المغناطيسي‪ُ  ﴿ ،‬ي َعلِّ ُم َ‬
‫ون َّ‬
‫العين وفي النفس وفي العقل فيوجب عداوة بين الناس ومرضا وما أشبه‪َ  ﴿ ،‬و َما أُنـ ِـز َل َعلَى ا ْل َملَ َك ْي ِن‪ ﴾ ‬عطف على‬
‫قوله «ما تتلوا»‪ ،‬أي أن اليهود تركوا الكتاب واتبعوا سحر الشياطين وسحر الملكين‪.‬‬

‫كثرت السحرة‪ ،‬فـأنزل اهلل ملكين في «بابـل» على نـبي ذلك الزمـان حـتى يعلما النـاس‬ ‫ومن قصتهما أن بعد نوح‬
‫إبطــال الســحر فكانا يقــوالن للنــاس‪« :‬هــذا الســحر وهــذا إبطاله» كــالطبيب الــذي يكتب كتــاب الطب فيصف الــداء وما‬
‫يســببه والــدواء المزيل له فيقــول مثالً أن الشــيء الفالني سم ودوائه كــذا فكــان الملكــان يعلمــان الســحر وإ بطالــه‪،‬‬
‫ويحذران الناس أن يعملوا بالسحر‪ ،‬وإ نما يصران أن يبطلوا السحر‪ ،‬فإذا تعلم منهما الناس أخذ بعضــهم بالســحر ‪-‬‬
‫كما أن الشــخص يقــرأ كتــاب الطب فيســقي النــاس السم لم يكن ذلك من ذنب المؤلف للطب وإ نما هو من العامل بما‬
‫يضر الناس‪.‬‬

‫فقد تــرك اليهــود كتــاب اهلل وأخــذوا بــالعلم الــذي أَنـ َـزل ‪ -‬أي أنــزل اهلل ‪ -‬على الملكين الــذين نــزالً ﴿‪ِ  ‬ب َبا ِبـ َـل‪ ﴾ ‬وهما‬
‫وت‪ ،﴾ ‬وال يظن أحد أنهما كيف يعلمان الســحر للنــاس وهما ملكــان من قبل اهلل تعــالى‪َ  ﴿ ،‬و‪ ﴾ ‬ذلك‬ ‫وت َو َم ُار َ‬
‫﴿‪َ  ‬ه ُار َ‬
‫َح ٍد‪ ،﴾ ‬أي ما يعلمان أحد السحر ﴿‪َ  ‬حتَّى َيقُوالَ‪ ﴾ ‬له ﴿‪ ‬إِ َّن َما َن ْح ُن ِفتْ َن ٌة‪ ﴾ ‬وامتحان لـك‪ ،‬وكـان‬ ‫ألنه ﴿‪ ‬ما يعلِّم ِ ِ‬
‫ان م ْن أ َ‬ ‫َ َُ َ‬

‫‪75‬‬
‫ـون‪ ،﴾ ‬أي النــاس ﴿‪ِ  ‬م ْن ُه َما‪ ،﴾ ‬أي من الملكين‬
‫تعليم للعالج ال لإلضــرار‪ ﴿ ،‬فَالَ تَ ْكفُـ ْـر‪ ﴾ ‬بأعمــال الســحر‪ ﴿ ،‬فَ َيتَ َعلَّ ُمـ َ‬
‫ون ِب ِه َب ْي َن ا ْل َم ْر ِء َو َز ْو ِج ِه‪ ﴾ ‬وما يوجب العداوة والبغضـاء بين الـزوجين مما يـؤول إلى الفـراق والطالق‪،‬‬ ‫﴿‪َ  ‬ما ُيفَِّرقُ َ‬
‫﴿‪َ  ‬و‪ ﴾ ‬ال يتوهم أن األمر خرج من يد اهلل سبحانه‪ ،‬كال بل إنما شاء اهلل أن يختبر عبــاده كما أنه حين يخلق العنب‪،‬‬
‫ويعطي القدرة للبشر‪ ،‬فيعصره خمــراً‪ ،‬ال يخــرج األمر من يــده ســبحانه‪ ،‬بل إنما ذلك لالمتحــان واالبتالء‪ ،‬ولهــذا قــال‬
‫َحـ ٍـد إِالَّ ِبـِإذ ِ‬
‫ْن‬ ‫ِ‬ ‫آر َ ِ‬
‫ين ِبــه‪ ،﴾ ‬أي بســبب الســحر ﴿‪ ‬م ْن أ َ‬ ‫ســبحانه‪َ  ﴿ :‬ما ُهم‪ ،﴾ ‬أي الملكــان ومتعلم الســحر منهما ﴿‪ِ  ‬ب َ‬
‫ض ـ ِّ‬
‫اللّ ِه‪ ،﴾ ‬فإن شيئا ال يؤثر في شيء إطالقا إال بإذن اهلل‪ ،‬ومعنى إذنه أنه يخلي بين المؤثر والمتأثر ولو لم يخل كــان‬
‫عالم الجبر وبطل االمتحان واالختبار‪ ،‬والمراد بهذه الجملة أن شيئا ال يخــرج من إرادة اهلل ســبحانه حــتى أن يتمكن‬
‫ضـ ُّر ُه ْم‪ ،﴾ ‬أي الشـيء الـذي يضـرهم‬ ‫من الـردع لكنه ال يـردع‪َ  ﴿ ،‬و َيتَ َعلَّ ُم َ‬
‫ـون‪ ،﴾ ‬أي يتعلم النـاس من الملكين ﴿‪َ  ‬ما َي ُ‬
‫في دنياهم ودينهم ﴿‪َ  ‬والَ َينفَ ُع ُه ْم‪ ،﴾ ‬أكد بــذلك رداً لــزعمهم أن الســحر ينفعهم حيث يوصــلهم إلى إعراضــهم ﴿‪َ  ‬ولَقَـ ْـد‬
‫شتَراهُ‪ ،﴾ ‬أي علم هو المتعلمون للسر «للسحر» أن من اشترى السحر وباع دينه ﴿‪ ‬ما لَ ُه ِفي ِ‬
‫اآلخـ َر ِة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َعل ُمواْ لَ َم ِن ا ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِم ْن َخالَ ٍ‬
‫شـ َر ْواْ ِبــه أَنفُ َ‬
‫سـ ُه ْم‪ ،﴾ ‬فــإنهم أعطــوا نفســهم للنــار مقابل اشــتراء الســحر‬ ‫س َما َ‬ ‫ق‪ ،﴾ ‬أي من نصــيب‪َ  ﴿ ،‬ولَ ِب ْئ َ‬
‫ون‪ّ ،﴾ ‬نَّزل العالم بالشيء منزلة الجاهل حيث لم يعمل بعلمه فإن من‬ ‫الذي زعموا إنه ينفع دنياهم‪ ﴿ ،‬لَ ْو َكا ُنواْ َي ْعلَ ُم َ‬
‫ال يعمل بعلمه هو والجاهل سواء‪.‬‬

‫روايات أهل البيت‬

‫مع المــأمون‪ ،‬وأما هــاروت ومـاروت فكانا ملكين علما النــاس الســحر ليتحــرزوا به‬ ‫في العيــون في حـديث الرضا‬
‫عن س ــحر الس ــحرة و يبطل ــوا كي ــدهم و ما علما أح ــدا من ذلك ش ــيئا إال ق ــاال له إنما نحن فتنة فال تكفر فكفر ق ــوم‬
‫باســتعمالهم لما أمــروا بــاالحتراز عنه و جعلــوا يفرقــون بما يعملونه بين المــرء و زوجــه‪ ،‬قــال اهلل تعــالى‪ :‬و ما هم‬
‫بضارين به من أحد إال بإذن اهلل‪ .‬و في الدر المنثــور‪ ،‬أخــرج ابن جرير عن ابن عبــاس‪ ،‬قــال‪ :‬كــان ســليمان إذا أراد‬
‫أن ي ــدخل الخالء أو ي ــأتي ش ــيئا من ش ــأنه أعطى الج ــرادة و هي امرأته خاتمه فلما أراد اهلل أن يبتلي س ــليمان‬
‫بالذي ابتاله به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لهــا‪ :‬هــاتي خــاتمي فأخــذه و‬
‫لبسه فلما لبسه دانت له شــياطين الجن و اإلنس فجاءها ســليمان فقــال‪ :‬هــاتي خــاتمي فقــالت كــذبت لست ســليمان‬
‫فعـ ــرف أنه بالء ابتلي به فـ ــانطلقت الشـ ــياطين فكتبت في تلك األيـ ــام كتبا فيها سـ ــحر و كفر ثم دفنوها تحت كرسي‬
‫س ــليمان ثم أخرجوها فقرءوها على الن ــاس فق ــالوا إنما ك ــان س ــليمان يغلب الن ــاس به ــذه الكتب ف ــبرىء الن ــاس من‬
‫سليمان و أكفروه حتى بعث اهلل محمدا و أنزل عليه‪ :‬و ما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا‪.‬‬

‫قصة هاروت وماروت‬

‫قــال‪ :‬ســأله عطا ونحن‬ ‫حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئــاب عن محمد بن قيس عن ابى جعفر‬
‫بمكة عن هــاروت ومــاروت ؟ فقــال أبو جعفر ان المالئكة كــانوا يــنزلون من الســماء إلى األرض في كل يــوم وليلة‬
‫يحفظــون اعمــال اوســاط اهل األرض من ولد آدم والجن‪ ،‬فيكتبــون اعمــالهم ويعرجــون بها إلى الســماء قــال‪ :‬فضج‬
‫اهل الســماء‪ ،‬معاصى اهل اوســاط األرض فتــوامروا فيما بينهم مما يســمعون ويــرون من افــترائهم الكــذب على اهلل‬

‫‪76‬‬
‫تب ــارك وتع ــالى‪ ،‬وج ــراتهم علي ــه‪ ،‬ونزه ــوا اهلل مما يق ــول فيه خلقه ويص ــفون‪ ،‬فق ــال طائفة من المالئك ــة‪ :‬ياربنا اما‬
‫تغضب مما يعمل خلقك في ارضك‪ ،‬ومما يصفون فيك الكذب ويقولون الــزور ويرتكبــون المعاصى وقد نهيتهم عنها‬
‫؟ ثم انت تحلم عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخالل عافيتك ؟‬

‫ـامن به عليهم‬
‫‪ :‬فأحب اهلل ان يرى المالئكة القدرة ونفاذ امره في جميع خلقه‪ ،‬ويعــرف المالئكة مـ ّ‬ ‫قال أبو جعفر‬
‫مما عدله عنهم من صنع خلقه‪ ،‬وما طبعهم عليه من الطاعة‪ ،‬وعصمهم من الذنوب‪ .‬قـال‪ :‬فـأوحى اهلل إلى المالئكة‬
‫ان انتدبوا منكم ملكين حــتى اهبطهما إلى األرض‪ ،‬ثم اجعل فيهما من طبــايع المطعم والمشــرب والشــهوة والحــرص‬
‫واالمل مثل ماجعلته في ولد آدم‪ ،‬ثم اختبرهما في الطاعة لى‪ ،‬ق ــال‪ :‬فن ــدبوا ل ــذلك ه ــاروت وم ــاروت وكانا من اشد‬
‫المالئكة قوال في العيب لولد آدم واستيثار غضب اهلل عليهم‪.‬‬

‫قـــال‪ :‬ف ــأوحى اهلل اليهما ان أهبطا إلى األرض فقد جعلت فيكما من طب ــايع المطعم والمش ــرب والش ــهوة والح ــرص‬
‫واالمل مثل مــاجعلت في ولد آدم قــال‪ :‬ثم أوحى اهلل اليهما انظــرا أن التشــركا بى شــيئا‪ ،‬والتقتال النفس الــتي حــرم‬
‫اهلل‪ ،‬والتزنيا والتشـ ــربا الخمـ ــر‪ ،‬قـ ــال‪ :‬ثم كشط عن السـ ــموات السـ ــبع ليريهما قدرتـ ــه‪ ،‬ثم أهبطهما إلى األرض في‬
‫صورة البشر ولباسهم‪ :‬فهبطا ناحية بابل‪ ،‬فرفع لهما بناء مشـرف فــاقبال نحـوه فــاذا بحضــرته امـرأة جميلة حسـناء‬
‫متزينة عطرة مقبلة نحوهما‪.‬‬

‫قــال‪ :‬فلما نظــرا اليها وناطقاها وتأمالها وقعت في قلوبهما موقعا شــديدا موضع الشــهوة الــتي جعلت فيهمــا‪ ،‬فرجعا‬
‫اليها رج ــوع فتنة وخ ــذالن وراوداها عن نفس ــها‪ ،‬فق ــالت لهم ــا‪ :‬ان لى دينا أدين به وليس أق ــدر في دي ــنى على أن‬
‫أجيبكما إلى ما تريد ان اال أن تدخال في دينى الذي أدين به‪ ،‬فقاال لها‪ :‬ومادينك ؟ قالت‪ :‬لى اله من عبــده وســجد له‬
‫كان لى السبيل إلى أن أجيبه إلى كل ماسألنى‪ ،‬فقاال لها‪ :‬وما الهك ؟ قالت‪ :‬الهى هذا الصنم‪.‬‬

‫قــال‪ :‬فنظر أحــدهما إلى صــاحبه فقــال‪ :‬هاتــان خصــلتان مما نهينا عنها الشــرك والزنا النا ان ســجدنا لهــذا الصــنم‬
‫عبــدناه أشــركنا باهلل وانما نشــرك باهلل لنصل إلى الزنا وهو ذانحن نطلب الزنا فليس نحظا اال بالشــرك‪ .‬قــال فــأتمرا‬
‫بينهما فغلبتهما الشهوة التي جعلت فيهما فقاال لها فانا نجيبك إلى ماسألت فقــالت‪ :‬فــدونكما فاشــربا هــذا الخمر فانه‬
‫قربــان لكما عنــده وبه تصــالن إلى ماتريــدان‪ ،‬فــأتمرا بينهما فقــاال هــذه ثالث خصــال مما نهانا عنها ربنــا‪ ،‬الشــرك‪،‬‬
‫والزنــا‪ ،‬وشــرب الخمــر‪ ،‬وانما نــدخل في شــرب الخمر والشــرك حــتى نصل إلى الزنــا‪ ،‬فــأتمرا بينهما فقــاال‪ ،‬ما أعظم‬
‫بليتنا بك وقد أجبناك إلى ماسألت‪.‬‬

‫قالت‪ :‬فدونكما فاشــربا من هــذا الخمر واعبــدا هــذا الصـنم واســجدا لــه‪ ،‬فشــربا الخمر وعبــدا الصــنم‪ ،‬ثم راوداها عن‬
‫نفس ــها فلما تهي ــأت لهما وتهيئا لها دخل عليهما س ــائل يس ــأل‪ ،‬فلما ان رآهما ورأي ــاه ذع ــرا منه فق ــال لهم ــا‪ :‬انكما‬
‫لمريبان ذعران قد خلوتما بهذه المرئة العطرة الحسناء؟ أنكما لرجال سوء وخرج عنهما‪.‬‬

‫فق ــالت لهما اال والهى التص ــالن االن إلى وقد اطلع ه ــذا الرجل على حالكما وع ــرف مكانكم ــا‪ ،‬فيخ ــرج االن ويخ ــبر‬
‫بخبركما ولكن ب ـ ــادرا إلى ه ـ ــذا الرجل ف ـ ــاقتاله قبل أن يفض ـ ــحكما ويفض ـ ــحنى‪ ،‬ثم دونكما فاقض ـ ــيا حاجتكما وأنتما‬

‫‪77‬‬
‫مطمئن ــان آمن ــان‪ ،‬ق ــال‪ :‬فقاما إلى الرجل فادرك ــاه فقتاله‪ ،‬ثم رجعا اليه ــا‪ ،‬فلم يرياها وب ــدت لهما س ــوآتهما‪ ،‬ون ــزع‬
‫عنهما رياشهما‪ ،‬واسقط في أيديهما‪.‬‬

‫ف ــأوحى اهلل اليهما انما اهبطتكما إلى األرض مع خلقى س ــاعة من النه ــار فعص ــيتمانى ب ــأربع من معاص ــى‪ ،‬كلها قد‬
‫نهيتكما عنهـ ـ ــا‪ .‬وتقـ ـ ــدمت اليكما فيها فلم تراقبـ ـ ــانى ولم تسـ ـ ــتحيا مـ ـ ــنى‪ ،‬وقد كنتما اشد من نقم على أهل األرض‬
‫بالمعاصى واستجراء أسفى وغضــبى عليهم‪ ،‬ولما جعلت فيكما من طبع خلقى وعصــمتى اياكما من المعاصى فكيف‬
‫رأيتما موضع خــذالنى فيكما‪ .‬اختــارا عــذاب الــدنيا أو عــذاب االخــرة‪ ،‬فقــال احــدهما لصــاحبه نتمتع من شــهواتنا في‬
‫الدنيا اذ صرنا اليها إلى أن نصير إلى عذاب االخرة‪ ،‬فقــال االخـر‪ :‬ان عــذاب الــدنيا له مــدة وانقطـاع وعـذاب االخـرة‬
‫قائم الانقضاء له‪ ،‬فلسنا نختــار عــذاب االخــرة الـدائم الشـديد على عــذاب الــدنيا المنقطع ألفـانى‪ ،‬قـال‪ :‬فاختـارا عـذاب‬
‫ال ــدنيا وكانا يعلم ــان الن ــاس الس ــحر في أرض باب ــل‪ ،‬ثم لما علما الن ــاس الس ــحر رفعا من األرض إلى اله ــواء فهما‬
‫معذبان منكسان معلقان في الهواء إلى يوم القيامة‪.‬‬

‫المرأة التي فتنت هاروت وماروت‬

‫الشــيخ الصــدوق قــال‪ :‬حــدثنا أبو الحسن علي بن أحمد االســواري المــذكر‪ ،‬قــال‪ :‬حــدثنا مكي بن أحمد بن ســعدويه‬
‫الــبرذعي‪ ،‬قــال‪ :‬حــدثنا أبو محمد زكريا بن يحــيى بن عبيد العطــار بــدمياط ‪ ،‬قــال‪ :‬حــدثنا القالنســي‪ ،‬قــال‪ :‬حــدثنا عبد‬
‫العزيز بن عبداهلل األويسي قال‪ :‬حدثنا علي بن جعفر‪ ،‬عن معتب مــولى جعفــر‪ ،‬عن جعفر بن محمــد‪ ،‬عن أبيــه‪ ،‬عن‬
‫عن المســــوخ فقــــال‪ ( :‬هم ثالثة عشر‪:‬‬ ‫‪ ،‬قــــال‪ « :‬ســــألت رســــول اهلل‬ ‫جــــده‪ ،‬عن علي بن أبي طــــالب‬
‫‪ »  ‬الفي ــل‪ ،‬وال ــدب‪ ،‬والخ ــنزير‪ ،‬والق ــرد‪ ،‬والج ــريث‪ ،‬والض ــب‪ ،‬والوط ــواط‪ ،‬وال ــدعموص‪ ،‬والعق ــرب‪ ،‬والعنكب ــوت‪،‬‬
‫واألرنب‪ ،‬وسهيل‪ ،‬والزهرة «‬

‫فقيل‪ :‬يا رسول اهلل وما كان سبب مسخهم ؟‪.‬‬

‫فقال‪ ( :‬اما الفيل‪ :‬فكان رجال لوطياً ال يدع رطباً وال يابساً‪.‬‬

‫وأما الدب‪ :‬فكان رجال مؤنثاً يدعو الرجال إلى نفسه‪.‬‬

‫وأما الخنازير‪ :‬فكـانوا قومـاً نصـارى سـألوا ربهم انــزال المائــدة عليهم‪ ،‬فلما انــزلت عليهم كـانوا أشد ما كـانوا كفـراً‬
‫وأشد تكذيباً‪.‬‬

‫وأما القردة‪ :‬فقوم اعتدوا في السبت‪.‬‬

‫وأما الجريث‪ :‬فكان رجالً ديوثاً يدعو الرجال الى حليلته‪.‬‬

‫وأما الضب‪ :‬فكان رجال أعرابياً يسرق الحاج بمحجنه‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫وأما الوطواط‪ :‬فكان رجالً يسرق الثمار من رؤوس النخل‪.‬‬

‫وأما الدعموص‪ :‬فكان نماماً يفرق بين األحبة‪.‬‬

‫وأما العقرب‪ :‬فكان رجالً لذاعاً ال يسلم على لسانه أحد‪.‬‬

‫وأما العنكبوت‪ :‬فكانت امرأة تخون زوجها‪.‬‬

‫وأما األرنب‪ :‬فكانت امرأة ال تطهر من حيض وال غيره‪.‬‬

‫وأما سهيل‪ :‬فكان عشاراً باليمن‪.‬‬

‫وأما الزهرة‪ :‬فكانت امرأة نصرانية‪ ،‬وكانت لبعض ملوك بني إسرائيل‪ ،‬وهي التي فتن بها هاروت ومـاروت‪ ،‬وكـان‬
‫إسمها ناهيل‪ ،‬والناس يقولون‪ :‬ناهيد»[‪. ]1‬‬

‫[‪ -  ]1‬الخصال ‪ ، 2|494 :‬علل الشرايع ‪ 5|488 :‬ـ باب ‪239‬‬

‫المصادر‪:‬‬
‫‪ -1‬تقريب القرآن إلى األذهان‬

‫‪ -2‬تفسير نور الثقلين‬

‫منقول ‪:‬‬

‫حكم السحر والساحر‬


‫جــاء اإلســالم ليحفظ للنــاس دينهم وأنفســهم وأمــوالهم وأعراضــهم وعقــولهم‪ ،‬وجعل هــذه الضــرورات الخمس قواعد‬
‫فحرم كل اعتداء عليها‪ ،‬فحرم الكفر والردة إلخاللها بأصل الدين‪ ،‬وحــرم‬
‫الخلق في رعاية مصالحهم ودفع مضارهم‪ّ ،‬‬
‫وحـرم االعتـداء على العقـول بكافة أنـواع‬
‫وحـرم االعتـداء على األمـوال واألعـراض واألنسـاب‪ّ ،‬‬
‫قتل النفس بغير حق‪ّ ،‬‬
‫المسكرات الحسية والمعنوية ‪.‬‬

‫والسحر لم يأت على قاعدة من هذه القواعد إال وأفسدها‪ ،‬فالسحر والكفر قلما يفترقــان‪ ،‬والســحر ســبيل لتبــذير المــال‬
‫وتضــييعه‪ ،‬وهو مفسد للذرية بتفريق ربــاط األســرة‪ ،‬وهو مــدخل للزنا واالعتــداء على األعــراض؛ وهو كــذلك ســبيل‬
‫الغتيال العقول وطمســها‪ ،‬فال غــرو حينئذ أن يقف اإلســالم من الســحر وأهله موقفا صــارماً فقد حــرم تعلمه وتعليمــه‪،‬‬
‫وأوجب كف الساحر عن سحره‪ ،‬وإ قامة الحد عليه تطهيرا للمجتمع من شره ودجلــه‪ ،‬وحــرم على النــاس الــذهاب إلى‬
‫السحرة واالستعانة بهم ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وبين يديك ‪ -‬أخي القارئ – جملة من أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬التي تبين لك كيف وقف اإلسالم من السحر وأهله‪،‬‬
‫وكيف تعامل مع أعمالهم وإ فسادهم ‪.‬‬

‫حكم تعلم السحر وتعليمه ‪:‬‬

‫اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام‪ ،‬قال ابن قدامة ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬في "المغني" "‪...‬فــإن تعلُم‬
‫السحر وتعليمه حرام ال نعلم فيه خالفاً بين أهل العلم" وقال اإلمام النــووي رحمه اهلل في "شــرح مســلم"‪ " :‬وأما تعلمه‬
‫– أي السحر ‪ -‬وتعليمه فحرام "‪.‬‬

‫ورغم اتفـاقهم على حرمة تعلم السـحر وتعليمه وممارسـته إال أنهم اختلفـوا في تكفـير فاعلـه‪ ،‬فـذهب جمهـور العلمـاء‬
‫ومنهم مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفيره ‪.‬‬

‫وذهب الشافعي إلى التفصيل‪ ،‬فإن كان في عمل الساحر ما يوجب الكفر‪ ،‬كفر بذلك‪ ،‬وإ ال لم يكفر‪.‬‬

‫واســتدل الجمهــور القــائلون بكفر الســاحر بقوله تعــالى‪ { :‬وما كفر ســليمان ولكن الشــياطين كفــروا يعلمــون النــاس‬
‫السحر } قال الحافظ في "الفتح"‪ " :‬فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك‪ ،‬وال يكفر بتعليم الشيء إال وذلك الشيء كفــر‪ ،‬وكــذا‬
‫قوله في اآلية على لســان الملكين‪ { :‬إنما نحن فتنة فال تكفر } فــإن فيه إشــارة إلى أن تعلم الســحر كفر فيكــون العمل‬
‫به كفرا وهذا كله واضح "‪.‬‬

‫واستدل الشافعية بما رواه أبو هريرة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال‪ ( :‬اجتنبوا الســبع الموبقــات‪ ،‬قــالوا‪:‬‬
‫يا رسـول اهلل وما هن ؟ قــال‪ :‬الشــرك باهلل‪ ،‬والســحر‪ ،‬وقتل النفس الــتي حـرم اهلل إال بــالحق‪ ،‬وأكل الربــا‪ ،‬وأكل مـال‬
‫اليــتيم‪ ،‬والتــولي يــوم الزحــف‪ ،‬وقــذف المحصــنات المؤمنــات الغــافالت ) متفق عليه ‪ .‬قــالوا‪ :‬دل الحــديث على أن‬
‫السحر ليس من الشرك بإطالق‪ ،‬ولكن منه ما هو معصية موبقة كقتل النفس وشبهها ‪.‬‬

‫واســتدلوا أيض ـاً بما روي عن عائشة رضي اهلل عنها أن مــدبَّرة لها ســحرتها اســتعجاالً لعتقها فباعتها عائشة ولم‬
‫تقتلها " رواه الشــافعي والحــاكم والــبيهقي وصــححه الحــاكم على شــرط الشــيخين ‪ .‬قــال ابن قدامة تعليقا على أثر‬
‫عائشة ‪ " :‬لو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها ولم يجز استرقاقها " ‪.‬‬

‫قال الشـيخ الشـنقيطي ‪ " :‬التحقيق في هـذه المسـألة – يعـني تكفـير السـاحر ‪ -‬هو التفصـيل ‪ .‬فـإن كـان السـحر مما‬
‫يعظم فيه غ ــير اهلل ك ــالكواكب والجن وغ ــير ذلك مما ي ــؤدي إلى الكفر فهو كفر بال ن ــزاع‪ ،‬ومن ه ــذا الن ــوع س ــحر‬
‫هاروت ومــاروت المــذكور في ســورة " البقــرة " فانه كفر بال نــزاع ‪ ..‬وإ ن كــان الســحر ال يقتضي الكفر كاالســتعانة‬
‫بخواص بعض األشياء من دهانات وغيرها فهو حرام حرمة شديدة ولكنه ال يبلغ بصاحبه الكفــر‪ .‬هــذا هو التحقيق‬
‫إن شاء اهلل تعالى في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء ‪".‬‬

‫عقوبة الساحر‬

‫‪80‬‬
‫اختلف أهل العلم في عقوبة الســاحر فــذهب الحنفية إلى أن الســاحر يقتل في حــالين‪ :‬األول‪ :‬أن يكــون ســحره كفــرا‪,‬‬
‫والثــاني‪ :‬إذا عــرفت مزاولته للســحر بما فيه إضــرار وإ فســاد ولو بغــير كفر ‪ .‬وذهب المالكية إلى قتل الســاحر‪ ,‬لكن‬
‫قــالوا‪ :‬إنما يقتل إذا حكم بكفــره ‪ ,‬وثبت عليه بالبينة لــدى اإلمــام ‪ ,‬وعند الشــافعية‪ :‬إن كــان ســحر الســاحر ليس من‬
‫قبيل ما يكفر به‪ ,‬فهو فسق ال يقتل به‪ ،‬إال إذا قتل أحداً بسحره عمداً فإنه يقتل به قصاصاً ‪.‬‬

‫وذهب الحنابلة إلى أن الساحر يقتل حداً ولو لم يقتل بسحره أحدا‪ ,‬لكن ال يقتل إال بشــرطين‪ :‬األول‪ :‬أن يكــون ســحره‬
‫مما يحكم بكونه كفرا مثل فعل لبيد بن األعصم ‪ ,‬أو يعتقد إباحة السحر ‪ .‬الثــاني‪ :‬أن يكــون مســلماً‪ ,‬فــإن كــان ذميا لم‬
‫أقر على شـركه وهو أعظم من ‪ -‬السـحر ‪ ,‬وألن ( لبيد بن األعصم اليهـودي سـحر النـبي صـلى اهلل عليه‬
‫يقتل ; ألنه َّ‬
‫وسلم فلم يقتله ) ‪.‬‬

‫واســتدل من رأى قتل الســاحر بأنه مرتــد‪ ،‬والمرتد كــافر وحكمه القتــل‪ ،‬لقوله صــلى اهلل عليه وســلم ‪ ( :‬من بــدل دينه‬
‫فاقتلوه ) رواه البخاري ‪.‬‬

‫وقد روي عن عمر رضي اهلل عنه أنه كتب كتاباً قبل موته بسنة " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " قــال الــراوي‪ :‬فقتلنا‬
‫ثالث سواحر في يوم ‪ .‬رواه أحمد وأبو داود ‪.‬‬

‫كما روي قتل السحرة عن عدد من الصــحابة منهم عثمــان وابن عمر وأبي موسى وقيس بن ســعد ‪ ،‬ومن التــابعين‬
‫سبعة منهم عمر بن عبد العزيز ‪.‬‬

‫قال الشــيخ‪  ‬الشــنقيطي ‪ " :‬واألظهر عنــدي أن الســاحر الــذي لم يبلغ به ســحره الكفر ولم يقتل به إنســانا أنه ال يقتل ‪.‬‬
‫لداللة النصــوص القطعية ‪ ،‬واإلجمــاع على عصــمة دمــاء المســلمين عامة إال بــدليل واضح ‪ .‬وقتل الســاحر الــذي لم‬
‫يكفر بســحره لم يثبت فيه شــيء عن النــبي صــلى اهلل عليه وســلم‪ ،‬والتجــرؤ على دم مســلم من غــير دليل صــحيح من‬
‫كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي‪ .‬والعلم عند اهلل تعالى‪ ،‬مع أن القول بقتله مطلقا قوي جـدا لفعل الصـحابة له‬
‫من غير نكير " ‪.‬‬

‫فك السحر بالسحر ( النشرة )‬

‫اتفق الفقهاء على أن حل السحر بالرقى واألوراد الشرعية جائز ومشروع‪ ،‬أما حل الســحر بســحر مثله فمحــرم؛ ألنه‬
‫ال يخرج عن كونه سحراً محرماً كغيره من أنواع السحر‪ ،‬قال ابن القيم ‪ :‬حل السحر بسحر مثله من عمل الشــيطان‪,‬‬
‫فيتقــرب الناشر والمنتشر إلى الشــيطان بما يحب فيبطل العمل عن المســحور‪ ،‬ويؤيد هــذا قوله صــلى اهلل عليه وســلم‬
‫وقد سئل عن النشرة ؟ فقال ‪ ( :‬هي من عمل الشيطان ) ذكره أحمد وأبو داود ‪.‬‬

‫هــذه بعض أحكــام الســحر تعلم ـاً وتعليم ـاً وممارس ـ ًة وهي أحكــام صــارمة‪ ،‬القصد منها التنفــير عن هــذا الفعل الشــنيع‬
‫واجتنابــه‪ ،‬وحماية النــاس من شــره ومفاســده‪ ،‬فكم جلب الســحر على النــاس من شــرور‪ ،‬وأوقع بينهم من عــداوات‪،‬‬

‫‪81‬‬
‫وأورث بينهم من أحقاد‪ ،‬وكم هدم من أسر‪ ،‬وأدخل من ضـرر على العبـاد‪ ،‬وال يمارسه إال من بـاع دينه وذهب خلقـه‪:‬‬
‫{ ولقد علموا لمن اشـتراه ما له في اآلخـرة من خالق ولـبئس ما شـروا به أنفسـهم لو كـانوا يعلمـون } فينبغي للعاقل‬
‫أن يجتبه أشد االجتنــاب فال يتعلمه مشــافهة وال قــراءة من كتــاب‪ ،‬وال يــأت ســاحراً وال يســأله فما وراءهم إال الــدمار‬
‫والهالك ‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وبعد‪ :‬هذا األمر حرام وهو فعل عظيم أال وهو االستعانة بالسحرة‬
‫والمشعوذين والكهان ـ ألن السحر حرام تعاطيه وحرام طلبه وحرام تصديق اهله بل هو من الكفر األكبر لقوله‬
‫تعالى " واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر‬
‫وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقوال إنما نحن فتنة فال تكفر فيتعلمون‬
‫منهما ما يفرقون به بين المرأ و زوجه وما هم بضارين به من أحد إال بإذن اهلل"‪ .‬كما أنه يحرم التسبب بإيذاء‬
‫الغير وإ يصال المضرة إليه وعليه فإنه يحرم الذهاب إلى السحرة واالستعانة بهم‪ .‬واهلل أعلم‪ .‬فالسحر كما عرفه‬
‫العلماء لغة ما خفي ولطف سببه‪ ،‬وكل شيء خفي سببه يسمى سحراً‪       .‬وأما شرعاً‪ :‬فإنه ينقسم إلى‬
‫قسمين‪      :‬األول‪ :‬عقد ورقي‪ ،‬أي قراءات وطالسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به‬
‫ضرر المسحور‪ ،‬لكن اهلل يقول‪( :‬وما هم بضارين به من أحد إالّ بإذن اهلل)‪[.‬البقرة‪      .]102 :‬الثاني‪ :‬أدوية‬
‫وعقاقير تؤثر على بدن المسحور‪ ،‬وعقله‪ ،‬وإ رادته‪ ،‬وميله‪ ،‬فتجده ينصرف ويميل‪ ،‬وهو ما يسمى عندهم‬
‫بالصرف والعطف‪      .‬فيجعلون اإلنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى‪ ،‬حتى يكون كالبهيمة تقوده كما‬
‫تشاء‪ ،‬والصرف بالعكس من ذلك‪ .‬فينفر منها‪ .‬ويؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك‪ .‬وفي‬
‫تصوره بأن يتخيل األشياء على خالف ما هي عليه‪ .‬وفي عقله‪ ،‬فربما يصل إلى الجنون والعياذ‬
‫باهلل‪      .‬فالسحر قسمان‪      :‬شرك‪ :‬وهو األول الذي يكون بواسطة الشياطين يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم‬
‫على المسحور‪      .‬عدوان وفسق‪ :‬وهو الثاني الذي بواسطة األدوية والعقاقير ونحوها‪ .‬ويفهم من كالم العلماء‬
‫في هذا الموضوع‪ :‬أن السحر إما كفر ويكون صاحبه مرتداً ويجب قتله‪ .‬أو إثم عظيم وكبيرة من الكبائر يوقع‬
‫صاحبه (الساحر) في غضب اهلل القهار‪      .‬وأنه ال يقلب األعيان إلى أعيان أخرى‪ .‬كالحجر ينقلب شجراً‪ .‬بل‬
‫ذلك تخيل من المسحور وأنه يؤثر على المسحور من الضرر حتى القتل نسأل اهلل السالمة من شر األشرار‪ .‬واهلل‬
‫تعالى أعلم‪.‬‬

‫منقول ‪ :‬الشبكة االسالمية‪ ‬‬

‫السحر ومقتطفات من القرآن والحديث الشريف‬


‫سورة البقرة ‪ :‬اآلية‪{ 102 :‬واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا‬
‫يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقوال إنما نحن فتنة‬

‫‪82‬‬
‫فال تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إال بإذن اهلل ويتعلمون ما‬
‫يضرهم وال ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في اآلخرة من خالق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا‬
‫يعلمون} >> قوله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا‬
‫يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقوال إنما نحن فتنة‬
‫فال تكفر‪}.. .‬‬

‫ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة‪ .‬وذهب عامة المعتزلة وأبو إسحاق اإلسترابادي من أصحاب‬
‫الشافعي إلى أن السحر ال حقيقة له‪ ،‬وإ نما هو تمويه وتخييل وإ يهام لكون الشيء على غير ما هو به‪ ،‬وأنه ضرب‬
‫من الخفة والشعوذة‪ ،‬كما قال تعالى‪" :‬يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" [طه‪ ]66 :‬ولم يقل تسعى على الحقيقة‪،‬‬
‫ولكن قال "يخيل إليه"‪ .‬وقال أيضا‪" :‬سحروا أعين الناس "[األعراف‪ .]116 :‬وهذا ال حجة فيه‪ ،‬ألنا ال ننكر أن‬
‫يكون التخييل وغيره من جملة السحر‪ ،‬ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوزها العقل وورد بها السمع‪ ،‬فمن ذلك ما جاء‬
‫في هذه اآلية من ذكر السحر وتعليمه‪ ،‬ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه‪ ،‬وال أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس‪،‬‬
‫فدل على أن له حقيقة‪ .‬وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون‪" :‬وجاؤوا بسحر عظيم" وسورة "الفلق"‪ ،‬مع اتفاق‬
‫المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن األعصم‪ ،‬وهو مما خرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن‬
‫عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬سحر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن‬
‫األعصم‪ ،‬الحديث‪ .‬وفيه‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لما حل السحر‪" :‬إن اهلل شفاني"‪ .‬والشفاء إنما يكون‬
‫برفع العلة وزوال المرض‪ ،‬فدل على أن له حقا وحقيقة‪ ،‬فهو مقطوع به بإخبار اهلل تعالى ورسوله على وجوده‬
‫ووقوعه‪ .‬وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم اإلجماع‪ ،‬وال عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم‬
‫أهل الحق‪ .‬ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان وتكلم الناس فيه‪ ،‬ولم يبد من الصحابة وال من التابعين إنكار‬
‫ألصله‪ .‬وروى سفيان عن أبي األعور عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬علم السحر في قرية من قرى مصر يقال‬
‫لها‪ :‬الفرما‪ ،‬فمن كذب به فهو كافر‪ ،‬مكذب هلل ورسوله‪ ،‬منكر لما علم مشاهدة وعيانا‪.‬‬

‫منقول‪ :‬الجامع ألحكام القرآن‪ - ،‬لإلمام القرطبي‪.‬‬

‫وجاء في شرح النووي لصحيح مسلم ‪:‬‬

‫وأن له حقيقة‬
‫السحر‪َّ ،‬‬
‫األمة على إثبات ِّ‬ ‫‪-‬ر ِح َم ُه اللَّ ُه‪ :-‬مذهب أهل ُّ‬
‫الس َّنة وجمهور علماء َّ‬ ‫المازري َ‬
‫ُّ‬ ‫)قال اإلمام‬
‫كحقيقة غيره من األشياء الثَّابتة خالفاً لمن أنكر ذلك‪ ،‬ونفى حقيقته‪ ،‬وأضاف ما يقع منه إلى خياالت باطلة‪ ،‬ال‬
‫يفرق بين‬ ‫مما يكفَّر به‪َّ ،‬‬
‫وأنه ِّ‬ ‫مما يتعلَّم‪ ،‬وذكر ما فيه إشارة‪ :‬إلى َّأنه َّ‬
‫حقائق لها‪ ،‬وقد ذكره اهللُ في كتابه‪ ،‬وذكر َّأنه َّ‬
‫مصرح بإثباته‪َّ ،‬‬
‫وأنه أشياء دفنت‬ ‫المرء وزوجه‪ ،‬وهذا كلُّه ال يمكن فيما ال حقيقة له‪ ،‬وهذا الحديث أيضاً ِّ‬
‫وأخرجت‪ ،‬وهذا كلُّه يبطل ما قالوه‪ ،‬فإحالة كونه من الحقائق محال‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫قوى على‬ ‫َّ‬ ‫أن اهللَ يخرق العادة عند ُّ‬
‫النطق بكالم ملفق‪ ،‬أو تركيب أجسام‪ ،‬أو المزج بين ً‬ ‫وال يستنكر في العقل َّ‬
‫كالسموم‪ ،‬ومنها مسقمة كاألدوية الحادَّة‪،‬‬ ‫ترتيب ال يعرفه إالَّ َّ‬
‫الساحر‪ ،‬وإ ذا شاهد اإلنسان بعض األجسام منها قاتلة ُّ‬
‫الساحر بعلم قوى قتَّالة‪ ،‬أو كالم مهلك‪ ،‬أو ٍ‬
‫مؤد‬ ‫مضرة كاألدوية المضادَّة للمرض‪ ،‬لم يستبعد عقله أن ينفرد َّ‬
‫َّ‬ ‫ومنها‬
‫إلى التَّفرقة‪.‬‬

‫وأن تجويزه‬ ‫ِّ‬


‫ويشكك فيها‪َّ ،‬‬ ‫بوة‬ ‫قال‪ :‬وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث بسبب آخر‪ :‬فزعم َّأنه يحطُّ منصب ُّ‬
‫الن َّ‬
‫يمنع الثِّقة َّ‬
‫بالشرع‪.‬‬

‫ألن الدَّالئل القطعيَّة قد قامت على صدقه‪ ،‬وصحَّته‪ ،‬وعصمته فيما يتعلَّق‬
‫وهذا الَّذي ادَّعاه هؤالء المبتدعة باطل‪َّ ،‬‬
‫بالتَّبليغ‪ ،‬والمعجزة شاهدة بذلك‪ ،‬وتجويز ما قام الدَّليل بخالفه باطل‪.‬‬

‫مما يعرض للبشر‪ ،‬فغير‬ ‫فأما ما يتعلق ببعض أمور الدُّنيا الَّتي لم يبعث بسببها‪ ،‬وال كان َّ‬
‫مفضالً من أجلها‪ ،‬وهو َّ‬ ‫َّ‬
‫بعيد أن يخيَّل إليه من أمور الدُّنيا ما ال حقيقة له‪ ،‬وقد قيل‪َّ :‬إنه َّإنما كان يتخيَّل إليه َّأنه وطئ زوجاته‪ ،‬وليس‬
‫بواطئ‪ ،‬وقد يتخيَّل اإلنسان مثل هذا في المنام‪ ،‬فال يبعد تخيُّله في اليقظة‪ ،‬وال حقيقة له‪ ،‬وقيل‪َّ :‬إنه يخيَّل إليه َّأنه‬
‫السداد‪().‬ج‪/‬ص‪(14/175 :‬‬
‫فعله‪ ،‬ما فعله‪ ،‬ولكن ال يعتقد صحَّة ما يتخيَّله‪ ،‬فتكون اعتقاداته على َّ‬
‫السحر َّإنما تسلَّط على جسده‪ ،‬وظواهر جوارحه‪ ،‬ال‬
‫أن ِّ‬
‫مبينة َّ‬
‫قال القاضي عياض‪ :‬وقد جاءت روايات هذا الحديث ِّ‬
‫يأتيهن‪ ،‬ويروى‪ :‬يخيَّل‬
‫َّ‬ ‫يظن َّأنه يأتي أهله‪ ،‬وال‬
‫على عقله‪ ،‬وقلبه‪ ،‬واعتقاده‪ ،‬ويكون معنى قوله في الحديث‪ :‬حتَّى َّ‬
‫يأتهن‪ ،‬ولم‬
‫َّ‬ ‫السحر‪ ،‬فلم‬
‫منهن أخذته أخذة ِّ‬
‫َّ‬ ‫عليهن‪ ،‬فإذا دنى‬
‫َّ‬ ‫إليه أي‪ :‬يظهر له من نشاطه‪ ،‬ومتقدِّم عادته القدرة‬
‫الروايات‪ :‬من َّأنه يخيَّل إليه فعل شيء لم يفعله ونحوه‪،‬‬
‫يتمكن من ذلك‪ ،‬كما يعتري المسحور‪ ،‬وكل ما جاء في ِّ‬ ‫َّ‬
‫الرسالة‪ ،‬وال طعناً‬
‫تطرق إلى العقل‪ ،‬وليس في ذلك ما يدخل لبساً على ِّ‬‫فمحمول‪ :‬على التَّخيُّل بالبصر‪ ،‬ال لخلل َّ‬
‫ألهل الضَّاللة‪ ،‬واهللُ أعلم‪).‬‬

‫ت فِي ْال ُعقَ ِد‬


‫َو ِم ْن َشرِّ النَّفَّاثَا ِ‬
‫السو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شر َّ َّ‬
‫ال‬
‫احر قَ َ‬ ‫ادة َوالضَّحَّاك ‪َ :‬ي ْعني َّ َ‬ ‫سن َوقَتَ َ‬ ‫النفاثَات في ا ْل ُعقَد " قَا َل ُم َجاهد َو ِع ْك ِر َمة َوا ْل َح َ‬ ‫َوقَ ْوله تَ َعالَى " َو ِم ْن َ ّ‬
‫اوس‬ ‫طُ‬ ‫َعلَى َح َّدثََنا ِا ْبن ثَْور َع ْن َم ْع َمر َع ْن ِا ْبن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهد إِ َذا َرقَ ْي َن َو َنفَثْ َن ِفي ا ْل ُعقَد ‪َ .‬وقَا َل ا ْبن َج ِرير َح َّدثََنا ا ْبن َع ْبد اأْل ْ‬ ‫مج ِ‬
‫َُ‬
‫اء إِلَى َّ‬
‫الن ِب ّي‬ ‫َن ِج ْب ِريل َج َ‬ ‫الش ْرك ِم ْن ُرق َْية ا ْل َحيَّة َوا ْل َم َج ِانين ‪َ .‬و ِفي ا ْل َح ِديث اآْل َخر أ َّ‬ ‫شيء أَق َْرب إِلَى ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َع ْن أَبيه قَا َل َما م ْن َ ْ‬
‫ش ّر ُك ّل‬‫سِم اللَّه أ َْر ِقيك ِم ْن ُك ّل َداء ُي ْؤ ِذيك َو ِم ْن َ‬ ‫ال " َن َع ْم " فَقَا َل ِب ْ‬‫شتَ َك ْيت َيا ُم َح َّمد ؟ فَقَ َ‬ ‫سلَّ َم فَقَا َل ِا ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫َ‬
‫شفَاهُ َو َردَّ‬ ‫َّ‬
‫سح َر ثُ َّم َعافَاهُ الله تَ َعالَى َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫سل َم حين ُ‬ ‫صلى الله َعلَ ْيه َو َ‬ ‫ش ْك َواهُ َ‬‫ان م ْن َ‬ ‫شفيك َولَ َعل َه َذا َك َ‬ ‫َحاسد َو َع ْين الله َي ْ‬
‫سول‬ ‫به َر ُ‬‫ض َح ُه ْم َولَ ِك ْن َم َع َه َذا لَ ْم ُي َع ِات ُ‬ ‫يرهم في تَ ْد ِب ْ‬
‫يرهم َوفَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسهم َو َج َع َل تَ ْدم ْ‬ ‫ْ‬ ‫ساد ِم ْن ا ْل َي ُهود ِفي ُر ُء‬ ‫الس َح َرة ا ْل ُح َّ‬
‫َك ْيد َّ‬
‫َح َمد َح َّدثََنا أ َُبو ُم َع ِ‬
‫او َية َح َّدثََنا‬ ‫شفَى َو َعافَى ‪َ .‬وقَا َل اإْلِ َمام أ ْ‬ ‫َّهر َب ْل َكفَى اللَّه َو َ‬ ‫سلَّ َم َي ْو ًما ِم ْن الد ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫اللَّه َ‬
‫شتَ َكى ِل َذِل َك‬ ‫سلَّ َم َر ُج ٌل ِم ْن ا ْل َي ُهود فَا ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫س َح َر َّ‬
‫الن ِب َّي َ‬ ‫ال َ‬ ‫َع َمش َع ْن َي ِزيد ْبن ِحبَّان َع ْن َز ْيد ْبن أ َْرقَم قَ َ‬ ‫اأْل ْ‬
‫س َح َرك َو َعقَ َد لَك ُعقَ ًدا ِفي ِب ْئر َك َذا َو َك َذا فَأ َْر ِس ْل إِلَ ْي َها َم ْن َي ِجيء ِب َها‬ ‫ِ‬
‫اءهُ ِج ْب ِريل َفقَا َل إِ َّن َر ُجاًل م ْن ا ْل َي ُهود َ‬ ‫َّاما َقا َل َف َج َ‬
‫أَي ً‬
‫سلَّ َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬ ‫ام َر ُ‬ ‫َّ‬
‫اءهُ ِب َها فَ َحللَ َها قَا َل فَقَ َ‬ ‫سلَّ َم َف ْ‬
‫استَ ْخ َر َج َها فَ َج َ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬ ‫َف َب َع َث َر ُ‬

‫‪84‬‬
‫او َية‬ ‫س ِائي َع ْن َه َّناد َع ْن أَِبي ُم َع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ي َواَل َرآهُ ِفي َو ْجهه َحتَّى َم َ‬ ‫ط ِم ْن ِعقَال فَ َما َذ َك َر َذِل َك ِل ْل َي ُهو ِد ِّ‬ ‫َكأ ََّن َما َن ِش َ‬
‫ات َو َر َواهُ الن َ ّ‬
‫س ْف َيان‬ ‫ب ِم ْن ص ِحيحه ‪ :‬ح َّدثََنا ع ْبد اللَّه ْبن مح َّمد قَا َل ِ‬ ‫ي ِفي ِكتَاب الطِّ ّ‬ ‫َّرير ‪َ .‬وقَا َل ا ْل ُب َخ ِ‬ ‫ازم الض ِ‬ ‫ُم َح َّمد ْبن َح ِ‬
‫سم ْعت ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ار ّ‬
‫شاما ع ْن ُه فَح َّدثََنا ع ْن أَِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يه َع ْن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سأَْلت ه َ ً َ‬ ‫ْبن ُع َي ْي َنة َيقُول أ ََّول َم ْن َح َّدثََنا ِبه ا ْبن ُج َر ْيج َيقُول َح َّدثَني آ ُل ُع ْر َوة َع ْن ُع ْر َوة فَ َ‬
‫س ْف َيان َو َه َذا‬ ‫ال ُ‬ ‫ساء َواَل َيأ ِْتي ِه َّن قَ َ‬ ‫ان َي َرى أ ََّن ُه َيأ ِْتي ِّ‬
‫الن َ‬ ‫س ِح َر َحتَّى َك َ‬ ‫سلَّ َم ُ‬
‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬ ‫ان َر ُ‬ ‫شة قَالَ ْت َك َ‬ ‫َع ِائ َ‬
‫يه ؟ أَتَ ِاني َر ُجاَل ِن فَقَ َع َد‬ ‫َن اللَّه قَ ْد أَفْتَ ِاني ِفيما ِاستَ ْفتَْيته ِف ِ‬ ‫َعِل ْمت أ َّ‬ ‫ال " َيا َع ِائ َ‬ ‫الس ْحر إِ َذا َك َ‬ ‫ش ّد َما َي ُكون ِم ْن ِّ‬
‫َ ْ‬ ‫شة أ َ‬ ‫ان َك َذا فَقَ َ‬ ‫أَ َ‬
‫ال‬
‫َّه ؟ قَ َ‬ ‫طب ُ‬‫ال َم ْط ُبوب ‪ .‬قَا َل َو َم ْن َ‬ ‫الر ُجل ؟ قَ َ‬ ‫ْسي ِلآْل َخ ِر َما َبال َّ‬ ‫ال الَّ ِذي ِع ْند رأ ِ‬
‫َ‬ ‫ْسي َواآْل َخر ِع ْند ِر ْجِلي فَقَ َ‬ ‫أَحدهما ِع ْند رأ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ال‬‫ال َوأ َْي َن ؟ قَ َ‬ ‫طة ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫شا َ‬ ‫شط َو ُم َ‬ ‫ال في ُم ْ‬ ‫ِ‬ ‫يم ؟ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَ ِبيد ْبن أ ْ‬
‫ان ُم َنافقًا َوقَا َل َوف َ‬ ‫صم َر ُجل م ْن َبني ُز َر ْيق َحليف ا ْل َي ُهود َك َ‬ ‫َع َ‬
‫ِ‬ ‫ط ْلعة َذ َكر تَ ْحت راعوفَة ِفي ِب ْئر َذروان " قَالَ ْت فَأَتَى ا ْل ِب ْئر حتَّى ِاستَ ْخرج ُه فَقَ َ ِ ِ‬ ‫ِفي ُج ّ‬
‫َن‬
‫يتها َو َكأ َّ‬ ‫ال" َهذه ا ْل ِب ْئر الَّتي أ ُِر َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ف ََ‬
‫شفَ ِاني‬ ‫َما اللَّه فَقَ ْد َ‬ ‫ش ْر َت ؟ فَقَا َل " أ َّ‬ ‫استُ ْخ ِر َج فَ ُق ْلت أَفَاَل تََن َّ‬ ‫ال فَ ْ‬ ‫اطين " قَ َ‬ ‫الشي ِ‬
‫لها ُر ُءوس َّ َ‬ ‫َن َن ْخ َ‬ ‫اعة ا ْل ِح َّناء َو َكأ َّ‬ ‫اء َها ُنقَ َ‬‫َم َ‬
‫ض ْم َرة أََنس ْبن ِع َياض َوأَِبي‬ ‫يسى ْبن ُيو ُنس َوأَِبي َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫س َناده م ْن َحديث ع َ‬ ‫ش ًّرا " َوإِ ْ‬ ‫الناس َ‬ ‫َحد ِم ْن َّ‬ ‫َن أُثير َعلَى أ َ‬
‫وأَ ْكره أ ْ ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫له َو ِع ْنده فَأُم َر ِبا ْل ِب ْئ ِر فَ ُدف َن ْت َو ُذك َر أ ََّن ُه‬ ‫الش ْيء َولَ ْم َي ْف َع ُ‬ ‫ِ‬
‫ان ُي َخيَّل إِلَ ْيه أ ََّن ُه فَ َع َل َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫امة َو َي ْح َيى ا ْلقَطان َو ِفيه قَالَ ْت َحتَّى َك َ‬ ‫ُس َ‬ ‫أَ‬
‫الز َناد واللَّ ْيث ْبن سعد وقَ ْد رواهُ م ِ ِ ِ‬ ‫شام أَي ِ‬
‫امة َو َع ْبد اللَّه‬ ‫ُس َ‬‫امة َح َّماد ْبن أ َ‬ ‫سلم م ْن َحديث أَِبي أ َ‬
‫ُس َ‬ ‫َْ َ ََ ُ ْ‬ ‫ضا ا ْبن أَِبي ِّ َ‬ ‫َر َواهُ َع ْن ِه َ ْ ً‬
‫اهيم ْبن َخ ِالد َع ْن َم ْع َمر َع ْن‬ ‫ضا ع ْن إِ ْبر ِ‬
‫َح َمد أ َْي ً َ َ‬ ‫شام ِب ِه َو َر َواهُ اإْلِ َمام أ ْ‬ ‫َح َمد َع ْن َعفَّان َع ْن َو ْهب َع ْن ِه َ‬ ‫ْبن ُن َم ْير َو َر َواهُ أ ْ‬
‫ش ُهر َيَرى أ ََّن ُه َيأ ِْتي َواَل َيأ ِْتي فَأَتَاهُ َملَ َك ِ‬
‫ان‬ ‫سلَّ َم ِستَّة أَ ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫الن ِب ّي َ‬ ‫شة قَالَ ْت ‪ :‬لَ ِب َث َّ‬ ‫يه َع ْن َع ِائ َ‬ ‫شام ع ْن أَِب ِ‬
‫هَ َ‬
‫ِ‬
‫َّه ؟ قَا َل لَ ِبيد ْبن‬ ‫طب ُ‬ ‫ال َو َم ْن َ‬ ‫ال َم ْط ُبوب قَ َ‬ ‫دهما ِلآْل َخ ِر َما َباله ؟ قَ َ‬ ‫َح َ‬ ‫ال أ َ‬ ‫دهما ِع ْند َرأْسه َواآْل َخر ِع ْند ِر ْجلَ ْي ِه فَقَ َ‬ ‫َح َ‬ ‫سأَ‬ ‫فَ َجلَ َ‬
‫شة ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعصم و َذ َكر تَمام ا ْل َح ِديث وقَا َل اأْل ُستَاذ ا ْلمفَ ِّ َّ‬
‫ض َي اللَّه َع ْن ُه َما َك َ‬
‫ان‬ ‫سر الث ْعلَ ِب ّي في تَ ْفسيره قَا َل ا ْبن َعبَّاس َو َعائ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اأْل ْ َ َ َ َ‬
‫طة َرأْس َّ‬
‫الن ِب ّي‬ ‫شا َ‬ ‫َّت إِلَ ْي ِه ا ْل َي ُهود َفلَ ْم َي َزالُوا ِب ِه َحتَّى أَ َخ َذ ُم َ‬ ‫سلَّ َم فَ َدب ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬
‫ِ‬
‫ُغاَل م م ْن ا ْل َي ُهود َي ْخ ُدم َر ُ‬
‫ان الَّ ِذي تََولَّى َذِل َك َر ُجل ِم ْن ُه ْم ُيقَال لَ ُه‬ ‫يها َو َك َ‬ ‫ِ‬
‫س َح ُروهُ ف َ‬ ‫اها ا ْل َي ُهود فَ َ‬ ‫ط َ‬ ‫َع َ‬ ‫شطه فَأ ْ‬ ‫َس َنان ُم ْ‬ ‫ِ‬
‫سلَّ َم َو ِعدَّة م ْن أ ْ‬
‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫َ‬
‫ش ْعر َرأْسه‬ ‫سل َم َوا ْنتَثََر َ‬‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫س َها في ِب ْئر ل َبني ُز َر ْيق َو ُيقَال لَ ُه َذ ْر َوان فَ َم ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلى الله َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول الله َ‬ ‫ض َر ُ‬ ‫صم ثُ َّم َد َّ‬ ‫َع َ‬ ‫ا ْبن أ ْ‬
‫ساء َواَل َيأ ِْتي ِه َّن َو َج َع َل َي ُذوب َواَل َي ْد ِري َما َع َراهُ فَ َب ْي َن َما ُه َو َن ِائم إِ ْذ أَتَاهُ َملَ َك ِ‬
‫ان‬ ‫الن َ‬ ‫ش ُهر َي َرى أ ََّن ُه َيأ ِْتي ِّ‬ ‫َولَ ِب َث ِستَّة أَ ْ‬
‫ال‬
‫ب ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫الر ُجل ؟ قَا َل طُ َّ‬ ‫ال الَّ ِذي ِع ْند ِر ْجلَ ْي ِه ِللَّ ِذي ِع ْند َرأْسه َما َبال َّ‬ ‫دهما ِع ْند َرأْسه َواآْل َخر ِع ْند ِر ْجلَ ْي ِه فَقَ َ‬ ‫َح َ‬ ‫سأَ‬ ‫فَ َجلَ َ‬
‫طة قَا َل َوأ َْي َن ُه َو‬ ‫شا َ‬ ‫ش ٍط َو ُم َ‬ ‫ال ِب ُم ْ‬ ‫َّه ؟ قَ َ‬ ‫طب ُ‬ ‫ي قَا َل َو ِب َم َ‬ ‫صم ا ْل َي ُهو ِد ّ‬ ‫َع َ‬ ‫ال لَ ِبيد ْبن اأْل ْ‬ ‫س َح َرهُ ؟ قَ َ‬ ‫سح َر قَا َل َو َم ْن َ‬
‫ب قَا َل ِ‬
‫ُ‬ ‫َو َما طُ َّ‬
‫َس َفل ا ْل ِب ْئر َن ِاتئ َيقُوم‬ ‫ِ‬
‫اعوفَة َح َجر في أ ْ‬ ‫الر ُ‬ ‫شر الطَّ ْلع َو َّ‬ ‫ف ِق ْ‬ ‫اعوفَة ِفي ِب ْئر َذ ْر َوان َوا ْل ُج ّ‬ ‫ط ْل َعة َذ َكر تَ ْحت َر ُ‬ ‫ف َ‬ ‫؟ قَا َل ِفي ُج ّ‬
‫َخ َب َر ِني ِب َد ِائي " ‪.‬‬ ‫َن اللَّه أ ْ‬ ‫ش َع ْرت أ َّ‬ ‫َما َ‬ ‫شة أ َ‬ ‫ورا َوقَا َل " َيا َع ِائ َ‬ ‫ْع ً‬ ‫سلَّ َم َمذ ُ‬
‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬
‫ِ ِ‬
‫َعلَ ْيه ا ْل َماتح فَا ْنتََب َه َر ُ‬
‫اعة ا ْل ِح َّناء ثُ َّم َرفَ ُعوا‬ ‫ِ‬
‫الز َب ْير َو َع َّمار ْبن َياسر فَ َن َز ُحوا َماء ا ْل ِب ْئر َكأ ََّن ُه ُنقَ َ‬ ‫سلَّ َم َعِليًّا َو ُّ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬ ‫ثُ َّم َب َع َث َر ُ‬
‫وزة‬ ‫ش َر ُع ْق َدة َم ْغ ُر َ‬ ‫يه ِاثْ َنا َع َ‬ ‫يه وتَر معقُود ِف ِ‬
‫شطه َوإِ َذا ف َ َ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫َس َنان ِم ْن ُم ْ‬ ‫طة َرأْسه َوأ ْ‬ ‫شا َ‬ ‫يه ُم َ‬ ‫ف فَِإ َذا ِف ِ‬ ‫َخ َر َجا ا ْل ُج ّ‬ ‫الص ْخ َرة َوأ ْ‬ ‫َّ‬
‫سلَّ َم ِخفَّة ِحين‬ ‫ِ‬ ‫السورتَي ِن فَجع َل ُكلَّما قَرأَ ِ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫سول اللَّه َ‬ ‫آية ا ْن َحلَّ ْت ُع ْق َدة َو َو َج َد َر ُ‬ ‫ِباإْلِ َب ِر فَأَ ْن َز َل اللَّه تَ َعالَى ُّ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫ش ْيء ُي ْؤ ِذيك‬ ‫اسِم اللَّه أ َْر ِقيك ِم ْن ُك ّل َ‬ ‫ط ِم ْن ِعقَال َو َج َع َل ِج ْب ِريل َعلَ ْي ِه َّ‬
‫الساَل م َيقُول ِب ْ‬ ‫ام َكأ ََّن َما َن ِش َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ا ْن َحل ْت ا ْل ُع ْق َدة اأْل َخ َيرة فَقَ َ‬
‫سلَّ َم" أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اسد وع ْين اللَّه ي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َما‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَ ْيه َو َ‬
‫سول اللَّه َ‬ ‫ال َر ُ‬ ‫سول اللَّه أَفَاَل َنأْ ُخذ ا ْل َخ ِبيث َن ْقتُ ُ‬
‫له فَقَ َ‬ ‫شفيك ‪ .‬فَقَا َل َيا َر ُ‬ ‫َ‬ ‫م ْن َح َ َ‬
‫يدة‬‫ش ِد َ‬
‫يه َغ َر َابة َو ِفي َب ْعضه َن َك َارة َ‬‫ش ًّرا " َه َك َذا أَور َدهُ ِباَل إِس َناد و ِف ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫الناس َ‬‫َن أ ُِثير َعلَى َّ‬ ‫شفَ ِاني اللَّه َوأَ ْك َره أ ْ‬ ‫أََنا فَقَ ْد َ‬
‫َعلَم ‪.‬‬‫َّم َواَللَّه أ ْ‬ ‫ض ِه َ ِ ِ‬ ‫وِلبع ِ‬
‫ش َواهد م َّما تَقَد َ‬ ‫َ َْ‬

‫‪85‬‬
‫ات ِفي ا ْل ُعقَ ِد (‪ )4‬‬
‫النفَّاثَ ِ‬
‫شِّر َّ‬
‫ق إِ َذا َوقَ َب (‪َ  )3‬و ِمن َ‬ ‫شِّر َغ ِ‬
‫اس ٍ‬ ‫ق (‪َ  )2‬و ِمن َ‬ ‫ق (‪ِ  )1‬من َ‬
‫شِّر َما َخلَ َ‬ ‫َعو ُذ ِبَر ِّب ا ْل َفلَ ِ‬
‫( ُق ْل أ ُ‬
‫ٍِ‬
‫س َد (‪ )5‬سورة الفلق ‪113‬‬ ‫شِّر َحاسد إِ َذا َح َ‬ ‫َو ِمن َ‬

‫منقول ‪ :‬تفسير ابن كثير‬

‫الكباريت في احراق العفاريت‬

‫إثبات وجود الجن ‪ :‬من عقيدة أهل السنة والجماعة اإليمان بوجود الجن ‪ ،‬ألن اهلل تبارك وتعالى انزل سورة‬
‫كاملة عن الجن في القرآن الكريم ‪ ،‬كما ذكر لفظ الجن ومشتقاته في القرآن الحكيم نحو خمسين مرة وقد‬
‫صحت األحاديث عن المعصوم صلى اهلل عليه وسلم في إسالم الجن ووجودهم ‪ ،‬وهو ما يعنى أن الجن من األ‬
‫شياء المعلومة بالضرورة والتي ال يمكن إنكار وجودها ‪ ،‬ومن أنكر وجود الجن فهو منكر لمعلوم من القرآن‬
‫وصحيح السنة ‪ ،‬فيصبح خارجا عن ملة اإلسالم والعياذ باهلل ‪ .‬قال أبو العباس ابن تيميه رحمه اهلل لم يخالف‬
‫أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن وال في أن اهلل أرسل محمدا صلى اهلل عليه وسلم إليهم ‪ ،‬وجمهور‬
‫طوائف الكفار على إثبات الجن ‪ ،‬أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين ‪ ،‬وان‬
‫وجد فيهم من ينكر ذلك ‪ ،‬وكما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك كالجهمية والمعتزلة وان كان جمهور الطائفة‬
‫وأئمتها مقرون بذلك وهذا ألن وجود الجن تواترت به أخبار األنبياء تواترا معلوما بالضرورة إلى أن قال ‪:‬‬
‫والمقصود هنا أن جميع المسلمين يقرون بوجود الجن وكذلك جمهورالكفاركعامة أهل الكتاب وكذلك عامة‬
‫مشركي العرب وغيرهم العلم الحديث وإ ثبات الجن ‪ :‬وفى كتاب عالم الجن والمالئكة "ما نصه ‪ :‬هناك من‬
‫العوالم ما تعتبر مجهولة تماما لإلنسان فهي ليست من ذات العوالم التي يستطيع أن يصل إليها بأساليبه التي‬
‫يعرفها ‪ ،‬وهي ليست بالصورة التي بعهدها ‪ ،‬إنها عوالم مجهولة ‪ ،‬ومن ضمن هذه العوالم المجهولة ‪ :‬عالم‬
‫الجن وعالم المالئكة ‪ ،‬وان العلم إذ بدا يثبت وجود هذه العوالم فانه ال سبيل عنده حتى اآلن ألن يعرف عنها‬
‫المزيد ‪ ،‬وان القرآن الكريم قد تكفل ‪ -‬سابقا العلم بعشرات المئات من السنين ‪ -‬ببيان هذه العوالم أه خلق‬
‫الجن وأصل مادتهم ‪ :‬الجن مخلوقة من النار بنص القرآن الكريم ‪ :‬أو الجان خلقناه من قبل من نار السموم‬
‫وقوله تعالي ‪ :‬وخلق الجان من مارج من نار) وقال تعالى حكاية عن إبليس ‪ :‬ا خلقتني من نار وخلقته من‬
‫طين ) وقد يقول بعضهم ‪ :‬إذا كان الجنى من النار فكيف تحرقهم النار ؟ وكيف يقولون إن الجن يدخل في بدن‬
‫اإلنسان ؟ قال ابن عقيل في الفنون ‪ :‬اعلم ان اهلل تعالى اضاف الثسياطين والجن إلى النار حسب ما أضاف‬
‫اإلنسان إلى التراب والطين والفخار ‪ ،‬والمراد به في حق اإلثسان ان اصله الطين ‪ ،‬وليس األدمى طينا حقيقة‬
‫‪ ،‬ولكنه كان طينا‪ ،‬كذلك الجان كان نارأ في االصل ‪ ،‬بدليل قول النبى صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬عرض لى‬
‫الشيطان فى صالتى فخنقته حتى وجدت برد لعابه على يدى ومن يكون نارأمحرقة كيف يكون لعابه أوريقه‬
‫باردأ وال له ريق أصال ومما يدل على ان الجن ليسوا بباقين على عنصرهم النارى قول النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ((:‬ان عدو اهلل إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله فى وجهى وبيان الداللة منه أنهم لوكانوا باقين على‬

‫‪86‬‬
‫عنصرهم الناري وانهم نار محرقة لما احتاجوا إلى ان يأتى الشيطان اوالعفريت منهم بشعلة من نارولكانت يد‬
‫الشيطان أو العفريت او شىء من أعضائه إذا مس ابن أدم احرقه كما تحرق اآلدمي النار الحقيقية بمجرد‬
‫المس‪ .‬قال القاضي أبو بكرالباقال نى ‪ :‬ولسنا ننكر مع ذلك ‪ -‬يعني أن أصلهم نار أن يكشفهم اهلل تعالى ويغلظ‬
‫أجسامهم ويخلق لهم أعراضا تزيد على ما في النار فيخرجون عن كونهم نارا ويخلق لهم صورا وأشكاال‬
‫مختلفة ‪ ،‬واهلل سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‬

‫‪:‬‬ ‫الجن في لغة العرب‬

‫قال أبو عمر بن عبد البر ‪ :‬الجن عند أهل الكالم والعلم باللسان منزلون علي مراتب ‪:‬فإذا ذكروا الجن خالصا‬
‫– يعني بصفة عامة‪ -‬قالوا‪ :‬جني ‪ ..‬فان أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس قالوا‪ :‬عامر والجمع ‪ :‬عمار‬
‫وعوامر‪..‬فان كان ممن يعرض للصبيان قالوا ‪:‬أرواح ‪ ..‬فان خيث وتعزم فهو شيطان ‪ ..‬فان زاد علي ذلك فهو‬
‫‪:‬مارد ‪ ..‬فان زاد علي ذلك وقوي أمره قالوا ‪ :‬عفريت والجمع ‪:‬عفاريت واهلل اعلم بالصواب‬

‫*أصناف الجن‬

‫عن أبي ثعلبة الخشني رضي اهلل عنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم "الجن ثالثة أصناف ‪ :‬صنف‬
‫لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء وصنف حيات وكالب وصنف يحلون ويظعنون "‬

‫* مساكن الجن‬

‫· في حديث زيد بن أرقم ان رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم قال ‪ :‬إن هذه الخشوش محتضرة فاذا اتي أحدكم‬
‫الخالء فليقل ‪ :‬اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث‬

‫الخبث ‪ :‬ذكور الجن والخبائث ‪ :‬إناثهم‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيميه ‪ :‬وغالب ما يوجد الجن في الخواب والفوات في مواضع النجاسات كالحمامات‬
‫والحشوش والمزايل والمقامين والمقابر والشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين وتكون أحوالهم شيطانية‬
‫الرحمانية بأوون كثيرا إلي هذه األماكن التي هي ماوي الشياطين وأخرج ابن أبي الدنيا أثرا موقوفا علي يزيد‬
‫بن جابر أحد ثقات الشامين من صغار التابعيين قال ‪ :‬مامن أهل بيت من المسلمين إال وفي سقف بيتهم من‬
‫الجن من المسلمين إذا وضعوا غداءهم نزلوا فتغدوا معهم وإ ذا وضعوا عشاءهم نزلوا فتعشوا معهم يدفع اهلل‬
‫بهم عنهم‬

‫‪87‬‬
‫طعام الجن‬

‫عن عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه ان رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم قال ‪":‬أتاني داعي الجن فذهبت معه‬
‫فقرات عليهم القران " قال عبد اهلل فانطلق رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم بنا فأرانا اثارهم وأثار نيرانهم‬
‫وسالوه الزاد فقال ‪ " :‬لكم كل عظم ذكر اسم اهلل عليه يقع في أيدكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف‬
‫لدوابكم ‪ ,..‬فقال النبي صلي اهلل علية وسلم فال تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم"‬

‫وهذا إنما هو لمؤمني الجن أما غيرهم فإنهم يأكلون كل مالم يذكر اسم اهلل عليه لقوله صلي اهلل علية وسلم "‬
‫إن الشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم اهلل عليه"‬

‫فالجن تاكل سائر أنواع األطعمة وتشرب من كل األشربة التي لم يذكر اسم اهلل عليها‬

‫قال األعمش ‪ :‬تروح إلينا جني (أي أتانا ليال) فقلت ‪ :‬ما احب الطعام إليكم ؟ فقال ‪ :‬األرز قال األعمش ‪:‬‬
‫فأتيناهم به فجعلت أري القم ترتفع وال أري أحدا!! فقلت ك فيكم من هذه الهواء التي فينا؟ قال ‪:‬نعم فقلت ‪:‬فما‬
‫الرافضة (‪ )39‬فيكم ؟ قال ‪ :‬شرنا‬

‫ما يمنع الشياطين من تناول طعام األنس‬

‫عن جابر رضي اهلل عنه قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم يقول ‪ ":‬اذا دخل الرجل بيته فذكر اهلل‬
‫تعالي عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان المبيت لكم والعشاء وإ ذا دخل فلم يذكر اهلل تعالي عند دخوله قال‬
‫الشيطان ‪ :‬أدركتم المبيت ‪.‬وإ ذا لم يذكر اهلل تعالي عند طعامه قال ‪ :‬أدركتم المبيت والعشاء‬

‫تشكل وتصور الجن‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيميه ‪ :‬الجن يتصورون في صور اإلبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور‬
‫بني أدم‬

‫وقد أتي الشيطان لقريش في صورة شيخ نجدي لما اجتمعوا بدار الندوة هل يقتلوا الرسول صلي اهلل علية‬
‫وسلم أو يحبسوا أو يخرجوه كما قال تعالي ( وإ ذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك‬
‫ويمكرون ويمكر اهلل واهلل خير الماكرين)‬

‫ولما اجمعت قريش الخروج إلي بدر ذكروا ما بينهم وبين كنانة من الحرب فكاد ذلك يثنيهم لهم إبليس في‬
‫صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي – وكان من أشراف بني كنانة‪ -‬فقال لهم ‪ :‬أنا جار لكم من ان‬
‫تأتيكم كنانة بشي تكرهونه فخرجوا والشيطان جار لهم اليفارقهم فلما دار القتال ورأي عدو اهلل جند اهلل قد‬

‫‪88‬‬
‫نزلت من السماء فركض علي عقبيه فقالوا ‪ :‬إلي أين ياسراقة؟ ألم تكن قلت ‪ :‬إنك جار لنا التفاالقتا؟ فقال (إني‬
‫بريء منكم إني أري ماال ترون إني اخاف اهلل واهلل شديد العقاب )‬

‫وثمة صور اخري كثيرة تتشكل عليها الجن وفيما يلي نذكر بعون اهلل تبارك وتعالي عدة احاديث تبين بعض‬
‫الصور التي تتصور عليها الجن وتظهر بها للناس كمايلي‪:‬‬

‫· في صورة رجل ‪:‬‬

‫البخاري في صحيحة تعليقا مجزوما به عن أبي هريرة رضي اهلل عنه انه قال‪ :‬وكلني رسول اهلل صلي اهلل‬
‫عليه وسلم يحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فآخذته فقلت واهلل ألرفعنك إلي رسول اهلل‬
‫صلي اهلل علية وسلم قال ‪ :‬إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال رسول اهلل‬
‫شكا حاجة شديدة وعياال فرحمته فخليت سبيله قال " أما إنه قد كذبك وسيعود" فعرفت أنه سيعود لقول رسول‬
‫اهلل صلي اهلل عليه وسلم فرصدته فجاء يحثو من الطعام فآخذته فقلت ألرفعنك إلي رسول اهلل صلي اهلل علية‬
‫وسلم قال دعني فأني محتاج وعلي عيال فأخذته فقلت ألرفعنك إلي رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫دعني فأني محتاج وعلي عيال وال أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول اهلل صلي اهلل عليه‬
‫وسلم " يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة" قلت يا رسول اهلل شكا حاجة شديدة وعياال فرحمته فخليت سبيله‬
‫قال " اما إنه قد كذبك وسيعود" فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت الرفعنك إلي رسول اهلل‬
‫صلي اهلل علية وسلم وهذا آخر ثالث مرات أنك تزعم التعود ثم تعود قال ‪ :‬دعني أعلمك كلمات ينفعك اهلل بها‬
‫ُّوم ال تَأْ ُخ ُذهُ ِس َن ٌة َوال‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫قلت ‪ :‬ما هن قال ‪ :‬إذا أويت إلي فراشك فاقرأ أية الكرسي (الل ُه ال إلَ َه إال ُه َو ا ْل َح ُّي ا ْلقَي ُ‬
‫شفَعُ ِع ْن َدهُ إال ِبِإذ ِْن ِه َي ْعلَ ُم َما َب ْي َن أ َْي ِدي ِه ْم َو َما َخ ْلفَ ُه ْم َوال‬
‫ض َم ْن َذا الَّ ِذي َي ْ‬‫ات َو َما ِفي اأْل َْر ِ‬
‫السماو ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ْو ٌم لَ ُه َما في َّ َ َ‬
‫يم)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض وال ي ُؤ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء َو ِس َع ُك ْر ِسي ُ‬ ‫ش ْي ٍء ِم ْن ِع ْل ِم ِه إال ِب َما َ‬ ‫ُي ِحيطُ َ‬
‫ون ِب َ‬
‫ودهُ ح ْفظُ ُه َما َو ُه َو ا ْل َعل ُّي ا ْل َعظ ُ‬ ‫الس َم َاوات َواأل َْر َ َ َ‬ ‫ُّه َّ‬ ‫ش َ‬
‫(البقرة‪(255:‬‬

‫فذلك لن يزال عليك من اهلل حافظ وال يقرينك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول اهلل‬
‫صلي اهلل علية وسلم "ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت ‪ :‬يا رسول اهلل زعم انه يعلمني كلمات ينفعني اهلل بها‬
‫فخليت سبيله قال ك ماهي؟ قلت قال لي‪ :‬لن يزال عليك من اهلل حافظ وال يقربك شيطان حتى تصبح‪ -‬وكانوا‬
‫احرص شيء علي الخير‪ -‬فقال النبي صلي اهلل علية وسلم "أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ‬
‫النبي صلي اهلل عليه وسلم " أما قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثالث ليال يا أبا هريرة؟ " قال ‪ :‬ال‬
‫قال " ذاك شيطان" (‪.49‬‬

‫واخرج البيهقي عن ابن عمر قال ‪ :‬كنا جلوسا عند النبي صلي عليه وسلم فجاء رجل من اقبح الناس وجها‬
‫وأقبحهم ثيابا وانتن الناس ريحا جلف جاف يتخطي رقاب الناس حتى جلس بين يدي رسول اهلل فقال من‬

‫‪89‬‬
‫خلقك؟ فقال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم "اهلل ط قال من خلق السماء قال "اهلل" قال من خلق األرض؟ قال "‬
‫اهلل ط قال‪ :‬من خلق اهلل؟ فقال رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم " سبحان اهلل" وامسك بجبهته وطاطا رأسه وقام‬
‫الرجل فذهب فرفع رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم رأسه فقال "علي بالرجل" فطلبناه فكان لم يكن فقال رسول‬
‫اهلل صلي اهلل عليه وسلم " هذا إبليس جاء يشككم في دينكم"‬

‫· وفي صورة عبد اسود‬


‫عن علي بن طالب رضي اهلل عنه قال‪ :‬واهلل قاتل عمار بن ياسر علي عهد رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم‬
‫الجن واألنس فقالوا هذا األنس قد قتل فكيف الجن؟ قال كنا مع النبي صلي اهلل علية وسلم في سفر فقال‬
‫لعمار‪ " :‬انطلق فاستق لنا الماء" فانطلق فعرض له شيطان في صورة عبد أسود فحال بينة وبين الماء قاعدا‬
‫فصرعه عمار فقال له ‪ :‬دعني واخلي بينك وبين الماء ففعل ثم ابي فأخذ عمار الثانية فصرعه فقال دعني‬
‫واخلي بينك وبين الماء فتركه وابي فصرعه فقال له مثل ذلك فتركه فوفي له فقال رسول اهلل صلي اهلل علية‬
‫وسلم إن الشيطان قد حال بين عمار وبين الماء في صورة عبد اسود وإ ن اهلل عز وجل اظفر عمارا به" قال‬
‫علي رضي اهلل عنه ‪ :‬فتلقينا عمارا رضي اهلل عنه نقول ‪ :‬ظفرت يدك يا أبا اليقظان قال رسول اهلل صلي عليه‬
‫وسلم كذا وكذا فقال أما واهلل لو شعرت أنه شيطان لقتلته ولكن كنت هممت أن أعض بأنفه لوال نتن ريحه‬

‫· وفي صورة غالم‬

‫عن ابن أبي بن كعب أن أباه أخبره أنه كان لهم جرين فيه تمر وكان مما يتعاهده فيجده ينقص فحرسه ذات‬
‫ليله فإذا هو بداية كهينه الغالم المحتلم قال‪ :‬فسلمت عليه فرد علي السالم فقلت ‪ :‬ما أنت جني ام إنسي؟ فقال‪:‬‬
‫بل جني فقلت‪:‬‬

‫ناولني يدك فإذا يد كلب وشعر كلب فقلت ‪ :‬هكذا خلق الجن؟! فقال‪ :‬لقد علمت الجن أنه مافيهم من هو أشد‬
‫مني فقلت ما يحملك علي ما صنعت؟ قال ‪ :‬بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببت ان اصيب من طعامك قلت فما‬
‫الذي بحرزنا منكم؟ فقال‪ :‬هذه اآلية آيه الكرسي قال‪ :‬فتركه وغدا أبي إلي رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم‬
‫فاخبره فقال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم " صدق الخبيث"‬

‫· وفي صورة امرأة‬

‫وعن عبد اهلل بن بريدة عن أبيه قال‪ :‬كان لي طعام فتبينت فيه النقصان فكنت في الليل فإذا غول قد سقطت‬
‫عليه فقبضت عليها فقلت‪ :‬ال أفارقك حتى اذهب بك إلي النبي صلي اهلل عليه وسلم فقالت‪:‬إني امرأة كثيرة‬
‫العيال ال أعود … فذكر الحديث بنحو ما تقدم‬

‫‪90‬‬
‫*الغول‬

‫عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبي أيوب النصارى انه كانت له سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ منه فشكا‬
‫ذلك للنبي صلي اهلل عليه مسلم فقال " اذهب فإذا رأيتها فقل‪ :‬بسم اهلل أجيبي رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم "‬
‫قال فأخذها فحلفت له أن التعود فأرسلها فجاء فقال له النبي صلي اهلل عليه وسلم ما فعال أسيرك فقال‪ :‬أخذتها‬
‫فقالت ‪ :‬ال أعود فقال رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم "كذبت وهي معاودة للكذب" فأخذها مرتين فأخذها في‬
‫الثالثة فقال ‪ :‬ماأنا بتاركك حتى اذهب بك إلي رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم فقالت‪ :‬أرسلني أعلمك شيئا‬
‫تقول فال يقربك شيء آية الكرسي فأتي النبي صلي اهلل عليه وسلم فاخبره فقال‪ " :‬صدقت وهي كذوب"‬

‫*وعلي صورة القط‬

‫وفي رواية عن ابن عباس قال ‪ :‬كان رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم نازال علي أبي أيوب األنصاري في غرفة‬
‫وكان طعامه في سلة من المخدع فكانت تجيء من الكوة السنور حتى تأخذ الطعام من السلة فشكا إلي رسول‬
‫اهلل صلي اهلل علية وسلم فقال ‪":‬تلك الغول" الخ وفي رواية عن أبي أيوب األنصاري رضي اهلل عنه قال‪ :‬كان‬
‫لي تمر في سهوة لي فجعلت أراده ينقص منه فذكرت ذلك للنبي صلي اهلل عليه وسلم فتحول فلما كان الغد‬
‫وجدت فيه هرة فقلت ‪ :‬أجيبي رسول اهلل فتحولت عجوزا… فذكر الحديث ‪.‬‬

‫· في صور الكالب‬

‫في الحديث الصحيح عن أبي ذر ان رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬الكلب األسود شيطان"‬

‫· في صورة الحيات واألفاعي‬

‫عن أبي السائب مولي هشام بن زهرة انه دخل علي أبي سعيد الخدري في بيته قال ‪ :‬فوجدته يصلي فجلست‬
‫انتظره حتي يقضي صالته فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت القتلها فأشار‬
‫إلي أن أجلس فجلست فلما انصرف – يعني لما أتم صالته‪-‬أشار إلي بيت في الدار فقال ‪ :‬اتري هذا البيت؟‬
‫فقلت‪ :‬نعم قال ‪:‬كان فيه فتي منا حديث عهد بعرس قال‪ :‬فخرجنا مع رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم إلي‬
‫الخندق فكان ذلك الفتي يستأذن رسول اهلل بأنصاف النهار فيرجع إأل أهل فإستاذنه يوما فقال له رسول اهلل‬
‫صلي اهلل عليه وسلم " خذ عليك سالحك فإني اخشي عليك قريظة فاخذ الرجل سالحه ثم رجع فإذا امرأته بين‬
‫البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به‪ -‬وأصابته غيرة‪ -‬فقالت له ‪ :‬اكفف عليك رمحك وادخل البيت‬
‫حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوبة علي الفراش فاهوي إليها بالرمح فانتظمها به ثم‬
‫خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدري أيهما كان أتسرع موتا الحية آم الفتي ؟! قال‪ :‬فجننا إلي‬
‫رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم فذكرنا ذلك له وقلنا‪ :‬ادع اهلل أن يحيية لنا فقال‪ " :‬استغفروا لصاحبكم" ثم قال‬

‫‪91‬‬
‫‪ " :‬إن بالمدينة جدا قد اسلموا فإذا رأيتهم منهم شيئا فآذنوه ثالثه أليام فإن هو شيطان وفي رواية ‪ :‬فقال‬
‫رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم " إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتهم شيئا منها فحرجوا عليها ثالثا فإن ذهب‬
‫وأألفاقتلوه فإنه كافر وقال لهم صلي اهلل علية وسلم اذهبوا فادفنوا صاحبكم"‬

‫وفي رواية أخرى ان النبي صلي اهلل علية وسلم قال‪ ":‬إن بالمدينة نفرأ من الجن قد أسلموا فمن رأي شيئا من‬
‫هذه العوامر فليؤذنه ثالثا فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان"‬

‫قال العلماء ‪ :‬معناه وأذا لم يذهب باإلنذار علمتم انه ليس من عوامر البيوت والممن اسلم من الجن بل هو‬
‫شيطان فال حرمة عليكم فاقتلوه ولن يجعل اهلل له سبيال لالنتصار عليكم بثأره بخالف العوامر ومن أسلم واهلل‬
‫أعلم‬

‫· وفي صورة الفيل‬

‫عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه قال‪ :‬جعلني رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم علي صدقة المسلمين فجعلت‬
‫التمر في غرفة فوجدت فيه نقصانا فأخبرت بذلك رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم فقال‪" :‬هذا الشيطان يأخذه"‬
‫فدخلت الغرفه فأغلقت الباب علي فجاءت ظلمة عظيمة فغشيت الباب ثم تصور في صورة فيل ثم تصور في‬
‫صورة أخرى فدخل من شق الباب فشددت إزاري علي فجعل يأكل من التمر قال‪ :‬فوثبت إليه فضبطته فالتفت‬
‫يداي عليه فقلت ‪ :‬يا عدو اهلل فقال‪ :‬خل عني فأني كبير ذو عيال كثير وأنا فقير وأنا من جن نصيبين وكانت‬
‫لنا هذه القرية قبل ان يبعث صاحبكم فلما بعث أخرجنا عنها فخل عني فلن أعود إليك فخليت عنه وجاء جبريل‬
‫عليه السالم فأخبر رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم بما كان فصلي رسول صلي اهلل عليه وسلم " ما فعل‬
‫أسيرك يا معاذ؟ فأخبرته فقال ‪ " :‬أما إنه سيعود فعد" قال‪ :‬فدخلت الغرفة أغلقت علي الباب فدخل من شق‬
‫الباب فجعل يأكل من التمر فصنعت به كما صنعت في المرة األولي فقال‪ :‬خل عني فاني لن أعود إليك فقلت‪ :‬يا‬
‫عدو اهلل ألم تقل ال أعود؟! قال‪ :‬فإني لن أعود وآية ذلك علي ان ال يقرأ أحد منكم خاتمة البقرة فيدخل أحد منا‬
‫في بيته تلك الليلة ‪.‬‬

‫ورواه الطيراني بنحوه وفيه‪ :‬فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فقلت يا عدو اهلل عاهدتني‬
‫مرتين وهذه الثالثة ألرفعنك إلي رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم فيفضحك فقال ‪ :‬إني شيطان ذو عيال وما‬
‫أتيتك إال من نصيبين ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت‬
‫عليه آيتان أنفرتنا منها فوقعنا بنصيبين واليقرآن في بيت إال لم يلج فيه ا لشيطان ثالثا فإن خليت سبيلي‬
‫سو ُل ِب َما أُْن ِز َل إِلَ ْي ِه ِم ْن َر ِّب ِه َوا ْل ُم ْؤ ِم ُن َ‬
‫ون ُك ٌّل‬ ‫الر ُ‬
‫آم َن َّ‬‫علمتكهما قلت‪ :‬نعم قال‪ :‬آية الكرسي وخاتمة سورة البقرة( َ‬
‫ير)‬ ‫ِ‬ ‫س ِم ْع َنا َوأَ َ‬ ‫ق ب ْي َن أَح ٍد ِم ْن ر ِ ِ‬ ‫الئ َك ِت ِه و ُكتُِب ِه ور ِ ِ‬
‫آم َن ِباللَّ ِه وم ِ‬
‫ط ْع َنا ُغ ْف َرا َن َك َر َّب َنا َوإِلَ ْي َك ا ْل َمص ُ‬ ‫سله َوقَالُوا َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫سله ال ُنفَِّر ُ َ‬‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫(البقرة‪ )285:‬قال معاذ‪ :‬فكنت أقرؤهما عليه بعد ذلك فال أجد فيه نقصانا‬

‫‪92‬‬
‫منقول"‪ :‬موسوعة الكباريت لعالج السحر‬

‫‪http://alkabarit.com/roqia/algen.htm‬‬

‫أسباب المس الشيطانى‬


‫قال شيخ األسالم بن تيمية رحمه اهلل وصرعهم أى الجن لألنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق‬
‫لألنس مع األنس وقد يكون وهو كثير أو األكثر عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض األنس أو يظنوا أنهم‬
‫يتعمدوا آذاهم ما ببول على بعضهم أو بصب ماء حار أو بقتل بعضهم ون كان األنسى ال يعرف ذلك وفى الجن‬
‫جهل وظلم فيعاقبونه بأكثر مما يستحق وقد يكون عن عبث منهم وشر بمثل سفهاء األنس ومما سبق نعرف‬
‫أن أسباب مس الجن لألنس هى ‪:‬‬

‫‪ : 1‬العشق بأن يعشق الجنى إنسية أو تعشق الجنية إنسى‬

‫‪ : 2‬ظلم األنسى للجنى وعدوانه عليه بصب ماء ساخن عليه أو الوقوع عليه من مكان عال أو البكاء‬
‫والصراخ والغناء فى دورات المياه ( الحمامات ) أو أذى بعض الجن المتشكل على صور الكالب والقطط‬
‫والحيات ونحوها‬

‫وقد يكون إستهزاء بعض الناس بالجن فى حديث عابر من أسباب مسهم لمن يفعل ذلك‬

‫‪ : 3‬ظلم الجنى لألنسى كأن يمسه دون سبب وال يتسنى له ذلك إال فى حالة من هذه الحاالت األربع وهى ‪:‬‬

‫‪ : 1‬الغضب الشديد‬
‫‪ : 2‬الخوف الشديد‬

‫‪ : 3‬اال نكباب على الشهوات‬

‫‪ : 4‬الغفلة الشديدة‬

‫أنواع المس الشيطانى‬


‫قد يظهر المس الشيطانى على المصاب به فى شكل نوبات قصيرة من الدوار وفقدان الشعور وإ ضطراب تعابير‬

‫‪93‬‬
‫الوجه وقد تمر سريعا جدا دون أن يالحظها أحد ممن حول المصاب‬

‫وقد يتشنج عضو من اعضاء الجسم كالذراع أو األرجل وال يفقد المصاب شعوره إال أنه يفقد قدرته على‬
‫التحكم فى العضو الذى يبدو عليه العرض‬

‫وقد يتشنج الجسم كله ويتخشب ويكون المصاب فى حالة ال شعورية أو يمشى دون إدراك ويتكلم كالما غير‬
‫منسق ويجيب إجابات مضطربة تستمر ألى دقائق أو تطول الى ساعات‬

‫ونجمل ذلك فنقول ‪ :‬المس الشيطانى أربعة أنواع وهم‬

‫‪ : 1‬مس كلى ( إقتران كامل ) يمس الجن الجسد كله‬

‫‪ : 2‬مس جزئى (يمس عضوا واحدا من الجسم كالذراع أو الرجل أو اللسان أو العين )‬

‫‪ : 3‬مس دائم ( يستمر الجنى فى جسد األنسى لمدة طويلة )‬

‫‪ : 4‬مس طائف ( ال يستغرق إال لحظات قليلة ) وقد قال القرآن الكريم‬

‫( إن اللذين إتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون )‬

‫أعراض مس الجن لألنسان‬


‫يستطيع الشيطان أن يمس األ نسان بحيث يجعله يتخبط والتخبط هو التخبط فى الحركة فال يستطيع‬

‫األنسان التحكم في سره ‪ ،‬فيسيركانه ترنح من دوار او دوخة ‪ ،‬ويحس كان األرض تميد به ‪ ،‬أو يفقد القدرة‬
‫على تقدير الخطوة المتزنة لقدميه ‪ ،‬أو حساب المسافة الصحيحة لها والتخبط في الحديث فال يعي ما يقول ‪،‬‬
‫وال يستطيع ان يربط بين ما قال وما يقوله وما يجب أن يقوله بعد ذلك ‪ ،‬والتخبط في الفكر ‪ ،‬والتخبط في‬
‫العمل ‪ . ..‬والتخبط ما هوإ ال فقد ان اإلدراك الصحيح من اإلنسان ألي شىء يهم به أو يفكرفيه ‪ ،‬وبديهى أن‬
‫هذه هي عالمات الجنون ‪ .‬ويسبب مس الشيطان لإلنسان أمراضا قد تتفق أعراضها مع امراض اخرى ‪ ،‬وقد‬
‫تتميز فتختلف عن أعراض األمراض االخرى كلها ‪ ،‬وبذلك إذا عولجت على انها امراض مؤكدة أعراضها فال‬
‫يستجيب ذلك المرض ألي عالج ‪ ،‬وأما إذا ما إختلفت فإ نها كذلك ال يجدي معها العالج ونظرأ للتشابه بين‬
‫اعراض االمراض العضوية وأعراض المس الشيطاني ‪ ،‬فانه والبد من التفرقة بينهما للوصول إلى حقيقة‬
‫المرض ونوعه ‪ ،‬ومعرفة عالجه المناسب له ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫وللمس الشيطانى أعراض فى المنام وأخرى فى اليقظة فاما األعراض التي في المنام فهي‬

‫ا ‪ -‬األرق والقلق دون سبب عضوى‬

‫‪ - 2‬الكوايبس الدئمة ‪ ،‬واألحالم المفزعة بجميع صورها واشكالها‬

‫‪ - 3‬أن يرى في منامه اناسابصفات غريبة كأن يالحظ عليهم طوال مفرط او قصرا بينا أو يرى أنا سا سودا‬

‫‪ - 4‬أن يرى في منامه كانه سيسقط من مكان عال‬

‫‪ - 5‬أن يقوم ويمشى وهو نائم دون أن يشعر ‪ ،‬أو يضحك ويبكى ويصرخ في منامه او تصدر منه أصوات‬
‫غريبة كان يزوم أويتأوه وهو نائم ‪ ،‬اويقرض علي أنيابه‬

‫‪ - 6 .‬أن يري نفسه في مقبرة اومزبلة أو طريق موحش ‪ ،‬او أنه يسير فى دم او في ماء اوفي نجاسات‬

‫‪ - 7 .‬رؤية الحيوانات في المنام ‪ :‬كالقط والكلب والجمل ‪ ،‬والثعلب واألسد ‪ ،‬والحية والعقرب ‪ ،‬والفار ‪،‬‬
‫والعناكب ‪ ،‬والقرود واألفيال والنمور والسحالى باستمرار وتكرار‬

‫‪ - 8‬ان يري في منامه كنائس وأجراسا وقساوسة ‪ .‬ملحوظة ‪ :‬إذا رأي إنسان أحد هذه األعراض في منامه‬
‫مرات قليلة جدا فليس بالضرورة انه مصاب بمس شيطانى بل تكون عالمة واضحة علي إصابته بالمس إذا‬
‫رأي أحدها أوبعضها اومعظمها في منامه باستمراروتكرارواضح‬

‫وأما األعراض التى فى اليقظة فهى‬

‫‪ - 1‬صداع دائم او شبه دائم ‪،‬متنقل فى الرأس أو ثابت فى مكان منها وال يجدى معه الدواء‬

‫‪ - 2‬زيادة عدد دقات القلب دون مجهود يذكر‬

‫‪ - 3‬التخبط في األقوال واألفعال والحركة‬

‫‪- 4‬التشنج والصرع من حين ألخر‬

‫‪95‬‬
‫‪ - 5‬ففدان المريض التحكم في عضو من أعضاء جسمه أو ألم فى عضومن‬

‫أعضائه مع عجزالطب عن تشخيصه وعالجه (كالصمم ‪،‬العمى‪،‬الخرس الشلل ‪ ،‬النزيف‬

‫‪ - 6‬تنميل في القدمين واليدين يحس المريض كأن نمال يمشى على جسمه‬

‫‪ - 7‬الشرودالذهني والخمول والكسل والبالدة والنسيان المستمر ‪ ،‬والوسوسة الدائمة والشك في كل شىء‬
‫وعدم القدره على التركيز‬

‫‪ - 8‬كراهية المنزل أو الزوجة أو األبناء او النفس أو األقارب‬

‫‪ - 9‬الصدود عن ذكر اهلل والصالة والشعور بضيق عند سماع القرأن واأل ذان مع أرتياح فى سماع األغانى‬
‫وإ ن كان يصلى فإنه يأتيه الشك فى الصالة وعدم إدراك كم صلى أو شعوره بدوخة وزغللة تأتيه أثناء الصالة‬
‫او يشعر بالم في الصاله أو بكاء او صراخ ال إرادي او ضحك ‪.‬‬

‫‪ - 10‬تناول الخموروالمسكرات والتدخين بشراهة‬

‫‪ - 11‬الغضب الشديد واأل تيان بأشياء وأفعال وحركات غير معتادة من قبل‬

‫‪ - 12‬الضيق واألكتئاب والحزن الدائم واألختناق‬

‫‪ - 13‬حب القذارة وإ طالة الشعر واألظافر والجلوس لمدة طريلة في الحمامات والخرابات واماكن النجاسات‬
‫والقاذورات‬

‫‪ -14‬االنفراد والعزلة عن الناس ‪.‬‬

‫‪ - 15‬رؤية أشياء غريبة فى اليقظة كأن يرى أشباحا أو ثعابين أو غيرها من الحيوانات أو يرى أشخاصا‬
‫أويسمع أصوات اجراس ‪،‬أوصفيرأونحوذلك‬

‫‪-16‬الرغبة في زيارة اضرحة وقبوراألولياء‪،‬والشغفـ بسماع شرائط الغناء الصوفى‬

‫‪96‬‬
‫الوقاية من المس الشيطانى‬

‫· أوال‪ :‬المحافظة علي الصالة وااللتزام بأمور الشرع‬

‫· ثانيا‪ :‬المحافظة علي األذكار القرآنية والنبوية ففيهما الوقاية والتحصين ضد الشيطان تذكروا فإذا هم‬
‫مبصرون ) فالشيطان وجنوده أقرب ممن هو بعيد عن ذكر اهلل تبارك وتعالي بالنص الشريف (ومن يعش عن‬
‫ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )‬

‫وفي الصحيحين عن أي هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم "يعقد الشيطان علي‬
‫قافية رأس أحدكم إذا هونام ثالث عقد يضرب علي كل عقدة مكانها عليك بنوم طويل فارقد فأن استيقظ فذكر‬
‫اهلل تعالي انحلت عقدة فان توضأ انحلت عقدة فأن صلي انحلت عقدة فاصبح نشيطا طيب النفس واالأصبح‬
‫خبيث النفس كسالن‬

‫واخرج الترمذي عن الحارث األشعري ان النبي صلي اهلل عليه وسلم قال إن اهلل أمر يحيي بن زكريا بخمس‬
‫كلمات فذكر الحديث بطوله وفيه ‪ :‬وأمركم ان تذكروا اهلل فأن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا‬
‫حتى أتى إلي حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد ال يحرز نفسه من الشيطان اإلبذكر اهلل‬

‫وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة قال‪ :‬خرج علينا رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ونحن في صفة بالمدينة‬
‫فقام علينا فقال إني رأيت البارحة عجبا فذكر الحديث بطوله وفيه"ورأيت رجال من أمتي قد احتوشته الشياطين‬
‫فجاءه ذكر اهلل فطير الشياطين عنه‬

‫وفي حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم من قال يعني إذا خرج من‬
‫بيته‪ -‬بسم اهلل توكلت علي اهلل الحول والقوة اإلباهلل يقال له‪ :‬كفيت وهديت ووقيت وتنحي عنه الشيطان فيقول‬
‫له شيطان آخر‪ :‬كيف لك برجل قد هدي وكفي و وقي ؟ ثالثا ‪ :‬االستعاذة قبل دخول الخالء (دورة المياه‪-‬‬
‫الحمام‪ -‬المرحاض)‬

‫وذلك ألن أماكن النجاسات كالحمامات والمقابر تأوي إليها الشياطين وكان من هديه صلي اهلل عليه وسلم أنه‬
‫كان قبل أن يدخل الخالء يقول ‪ ":‬اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ووفي رواية بسم اهلل اللهم إني أعوذ‬
‫بك من الخبث والخبائث والخبث ‪ :‬ذكور الجن والخبائث ‪ :‬إناثهم‬

‫وعن زيد بن أرقم قال‪ :‬قال رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم " إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتي أحدكم‬
‫الخالء فليقل ‪:‬أعوذ باهلل من الخبث والخبائث‬

‫‪97‬‬
‫· رابعا ‪ :‬عدم الكالم أو الصراخ أو الغناء في دورات المياه الحمامات‬

‫ففي المسند عن أبي سعيد رضي اهلل عنه قال سمعت رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم يقول اليخرج الرجالن‬
‫يضربان الغائط كاشفان عورتهما يتحدثان فإن اهلل‬

‫يمقت علي ذلك‬

‫تسكنها الجن والشياطين والصراخ والغناء في مثل هذه األماكن يؤذي ساكنيها من الجن فتنتقم ممن يفعل ذلك‬
‫‪ .‬قال اإلمام النووي رحمه اهلل ‪ :‬الذكر والكالم مكروه حال قضاء الحاجة سواء كان في الصحراء أو البينان‬
‫وسواء في ذلك جميع األذكار والكالم اإل كالم الضرورة حتي قال بعض أصحابنا ‪ :‬إذا عطس اليحمد اهلل تعالي‬
‫وال يشمت عاطسا واليرد السالم وال يجب المؤذن ويكون مقصرا ال يستحق جوابا والكالم بهذا كله مكروه‬
‫كراهية تنزيه وال يحرم فإن عطس فحمد اهلل تعالي بقلبه وال يحرك لسانه فال بأس‬

‫· خامسا ‪ :‬البسملة‬

‫وهي أن تقول ‪ ( :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم ) بالذات عند دخول األماكن المهجورة والمظلمة والصحاري وعند‬
‫القفز من األماكن المرتفعة وقبل إلقاء الماء الساخن في دورات المياه ألن هذا الماء قد يؤدي الجن فتنتقم من‬
‫اإلنس وكذا عند إلقاء حجر أو شيء ثقيل علي األرض‬

‫· سادسا ‪ :‬عدم التبول في الجحور أو الشقوق‬

‫وذلك ألن الجن تسكن فيها ففي حديث قتادة عن عبد اهلل بن سرجس قال‪ :‬نهي رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم‬
‫أن يبال في الجحر قالوا لقادة مايكره من البول في الجحر ؟ فقال‪ :‬إنها مساكن الجن‬

‫· سابعا ‪ :‬ال تؤذ كلبا أو قطة ثعبانا أو حية في المنزل دون إنذار‬

‫ألن الجن تتشكل علي صور هذه الحيوانات كما تقدم‬


‫· ثامنا‪ :‬تعوذ عند الجماع بما كان يتعوذ به النبي صلي اهلل علية وسلم‬

‫ففي الصحيح عن ابن عباس أن رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم قال‪ :‬لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله باسم‬
‫اهلل اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فأنه إن قضي بينهما ولد من ذلك لم يضره الشيطان أبدأ‬

‫‪98‬‬
‫قال ابن حجرقبل‪ :‬أي لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه كما جاء عن مجاهد إن الذي بجامع واليسمي يلتف‬
‫الشيطان علي إحليله فيجامع معه وهذا أقرب األجوبة أ‪.‬هـ‬

‫وقال الشوكاني قبل إن المراد بقوله لم يضره الشيطان أي ‪ :‬لم يصرعه‬

‫· تاسعا تعويذ الصبيان‬

‫قال أبو رافع ‪ :‬رأيت النبي صلي اهلل عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصالة وعن‬
‫ابن عباس أن رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم كان يعود الحسن والحسين قائال أعيذكما بكلمات اهلل التامة من‬
‫كل شيطان وهامة ومن كل عين ألمة ويقول إن أباكما يعني إبراهيم عليه السالم كان يعوذ بهما إسماعيل‬
‫وإ سحاق‬

‫· عاشرا منع الصبيان من اللعب والخروج بعد غروب الشمس مباشرة‬

‫لما في الصحيحين من حديث جابر بن عبد اهلل األنصاري قال قال رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم إذا كان جنح‬
‫الليل أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشيطان ينتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم‬

‫قال الحافظ ابن حجر قال ابن الجوزي إنما خيف علي الصبيان في تلك الساعة ألن النجاسة التي تلوذ بها‬
‫الشياطين موجودة معهم غالبا والذكر يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا والشياطين عند انتشارهم يتعلقون‬
‫بما يمكنهم التعلق به فلذلك خيف علي الصبيان في ذلك الوقت والحكمة في انتشارهم أي الشياطين حينئذ أن‬
‫حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار ألن الظالم أجمع للقوي الشيطانية من غيره وكذلك كل سواد ولهذا‬
‫قال في حديث أبي ذر فما يقطع الصالة قال الكلب األسود شيطان انتهي كالمه رحمه اهلل‬

‫منقول‪ :‬موسوعة الكباريت لعالج السحر‬


‫‪http://alkabarit.com/roqia/an_almas.htm‬‬

‫الرقية الشرعية‬
‫المعالج‬

‫ويشترط فيه عدة شروط منها ‪:‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ 1.‬أن يكون معتقدا اعتقاد السلف الصالح ملتزما بكتاب اهلل تبارك وتعالي وسنة نبيه صلي اهلل عليه وسلم‬

‫‪ 2.‬ان يكون علي علم ودراية بأحوال الجن وحيلهم بما صح في الكتاب والسنة وعليه مراجعة كتب العقيدة‬
‫التي صنفها أهل العلم الثقات في هذا الموضوع‬

‫‪ 3.‬ان بيتغي بعمله وجه اهلل تبارك وتعالي‬

‫‪ 4.‬أن يحصن نفسه بالتحصينات القرآنية والنبوية كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية إن كان الجن من العفاريت‬
‫– وهو أي المعالج‪ -‬ضعيف فقد تؤذيه فينبغي لمثل هذا أن يحترز بقراءة التعوذ مثل أية الكرسي والمعوذات‬
‫والصالة والدعاء ونحو ذلك مما يقوي اإليمان ويجتنب الذنوب التي بها يسلطون عليه فإن مجاهد في سبيل‬
‫وهذا من أعظم الجهاد فليحذر أن ينصر العدو عليه بذنوبه وإ ن كان المرض فوق قدرته فال يكلف اهلل نفسا أال‬
‫وسعها‬

‫ثانيا المريض‬

‫‪ .1‬يتخلص المريض مما معه من أحجبة أو تمائم ونحوهما فهذا شرك يجب إنكاره بالقول و إزالته بالفعل‬

‫‪ .2‬النساء ال يتم عالجهن االفي وجود محارم لكل منهن ويجب أن ال تكون المرأة متبرجة والمتعطرة بل‬
‫ترتدي المالبس الشرعية علي أن تشد عليها ثيابها حتى ال تتكشف أثناء العالج‬

‫‪ .3‬علي المريض أن يكثر من الذكر والصالة والدعاء وقراءة المعوذات قبل العالج بفترة الن ذلك يضعف الجن‬
‫فيسهل طردهم بفضل تبارك وتعالي قال ابن قيم الجوزية رحمه اهلل‪ :‬وعالج هذا النوع – أي صرع الجن‪-‬‬
‫يكون بأمرين ‪ :‬أمر من جهة المصر وع …‪.‬‬

‫وأمر من جهة المعالج ……‬

‫فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلي فاطر هذه األرواح وبارئها والتعوذ الصحيح‬
‫الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان فإن هذا نوع محاربة والمحارب اليتم له االنتصاف من عدوه بالسالح إال‬
‫بأمرين ‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون السالح صحيحا في نفسه جيدا‬

‫‪100‬‬
‫‪ .2‬وأن يكون الساعد قويا فمتي تخلف‬
‫أحدهما لم يغن السالح كثير طائل فكيف إذا عدم األمران جميعا يكون القلب خرابا من التوحيد التوكل والتقوى‬
‫والتوجه والسالح له ؟ !!!!!!!‬

‫والثاني ‪ :‬من جهة المعالج بأن يكون فيه األمران "السابقان" أيضا‬

‫ويقول ‪ :‬وهذا النوع من الصرع‪ -‬أي صرع الجن وعالجه ال ينكره إال قليل الحظ من العلم والمعرفة واكثر‬
‫تسلط األرواح الخبيثة )أي الجن( علي أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق‬
‫الذكر والتعاويذ والتحصينات النبوية واإليمانية فتلقي الروح الخبيثة الرجل أعزل السالح معه‪ -‬وربما كان‬
‫عريانا‪ -‬فيؤثر فيه هذا ولو كشف الغطاء لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعي مع هذه األرواح الخبيثة وهي‬
‫في أسرها تسوقها حيث شاءت وال يمكنها االمتناع عنها والمخالفتها‬

‫العالج‬

‫‪ .1‬يجب أن يعتقد المعالج والمريض أن كالم اهلل تبارك بقدرة اهلل يؤثر علي الجن‬

‫‪ .2‬يعتقد كل من المعالج والمريض اعتقادا جازما بان الشفاء أنما هو بيد اهلل وحده وما يفعالنه هو األخذ‬
‫باألسباب‬

‫‪ .3‬القراءة تكون في األذن اليمني للمريض علي أن يضع المعالج بيده اليمني علي رأس المريض ويقرأ بنية‬
‫طلب الشفاء من اهلل وليس بنية التخاطب والتحاور مع الجن يقرأ المعالج اآليات اآلتية – وهي األيات التي‬
‫عالج بها النبي صلي اهلل عليه مسلم مصابا بالمس‬

‫الرقية الشرعية‬

‫* بسم اهلل الرحمن الرحيم (ألم‪ .‬ذلك الكتاب ال ريب فيه هدى للمتقين‪ .‬الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصالة‬
‫ومما رزقناهم ينفقون‪ .‬والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وباآلخرة هم يوقنون)‬

‫* )وإ لهكم إله واحد ال إله إال هو الرحمن الرحيم‪ .‬إن فى خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنهار‬
‫والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس وما انزل اهلل من السماء من ماء فأحيا به األرض بعد موتها وبث‬
‫فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء واألرض آليات لقوم يعقلون)‬

‫‪101‬‬
‫(اهلل ال إله إال هو الحىالقيوم ال تأخذه سنة والنوم له مافي السماوات ومافي األرض من ذا الذي يشفع عنده إال‬
‫بأذنه يعلم مابين أيديهم وما خلفهم وال يحيطون بشيء من علمه إال بما شاء وسع كرسيه السماوات واألرض‬
‫وال يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم )‬

‫)أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله النفرق بين أحد من رسله‬
‫وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإ ليك المصير ‪.‬ال يكلف اهلل نفسا أال وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت‬
‫ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا والتحمل علينا إصرا كما حملته علي الذين من قبلنا ربنا والتحملنا ما‬
‫الطاقة لنا به وأعف عنا وأعفر لنا ارحمنا أنت موالنا فانصرنا علي القوم الكافرين (‬

‫)شهد اهلل أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولوا العلم قائما بالقسط إلإله إال هو العزيز الحكيم (‬

‫)إن ربكم اهلل الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه‬
‫حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره أالله الخلق واألمر تبارك اهلل رب العالمين (‬

‫(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ال ترجعون فتعالي اهلل الملك الحق ال إله إال هو رب العرش الكريم ومن‬
‫يدع مع اهلل إلها آخر ال برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه ال يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت‬
‫خير الراحمين)‬

‫(والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا إن إلهكم لواحد رب السماوات واألرض وما بينهما ورب‬
‫المشارق إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد ال يسمعون إلي المأل األعلى‬
‫ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب االمن خطف الخطفة فاتبعة شهاب ثاقب)‬

‫)لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية اهلل وتلك األمثال نضربها للناس لعلهم‬
‫يتفكرون هو اهلل الذي الإله إال هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم‬

‫هو اهلل الذي ال إله إال هو الملك القدوس السالم المؤمن المهمين العزيز الجبار المتكبر سبحان اهلل عما‬
‫يشركون هو اهلل الخالق البارئ المصور له األسماء الحسني يسبح له ما في السماوات واألرض وهو العزيز‬
‫الحكيم(‬

‫· )وأنه تعالي جد ربنا ما أتخذ صاحبه وال ولدا(‬

‫‪102‬‬
‫· بسم اهلل الرحمن الرحيم ) قل هو اهلل أحد اهلل الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (‬

‫· بسم اهلل الرحمن الرحيم )قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات‬
‫في العقد ومن شر حاسد إذا حسد(‬

‫· بسم اهلل الرحمن الرحيم ) قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي‬
‫يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس (‬

‫· أثُر هذه اآليات علي الجن ؟؟‬

‫هذه اآليات تؤثر علي الجن كاآلتي ‪:‬‬

‫‪ 1.‬إما أن يخرج الجني من المريض قبل أن ينطق علي لسانه وبصفة خاصة إذا كان الجني ضعيفا وتسمي‬
‫هذه الحالة "طرد وإ بعاد فلله الحمد والفضل والمنة‬

‫‪ 2.‬وإ ما أن تزلزل الجني وتؤلمه وتتعبه وتضطره إلي التحدث علي لسان المريض وتسمي هذه الحالة " جذب‬
‫وزلزلة وإ حضار "‬

‫· إذا حضر الجني كيف تعرفه ؟‬

‫يعرف ذلك بعالمات كثيرة منها‬


‫‪ 1.‬أن يبكي الجني ويصرخ ويتألم وينطق باسمه علي لسان المريض‬

‫‪ 2.‬حدوث حالة من الهياج الشديد‬

‫‪ 3.‬تغميض العينين أو شخوصهما أو طرفهما طرفا شديدا أو يضع يديه علي عينيه‬

‫‪ 4.‬حدوث رعشه شديدة في الجسم أو رعشة خفيفة في األطراف )األيدي األرجل (‬

‫‪ 5.‬أن يصرع المريض ويتخشب جسده‬

‫يسأل الجني عدة أسئلة … منها ما اسمه؟ ما ديانته ما سبب دخوله لإلنسي؟ هل معه غيره من الجني في هذا‬

‫‪103‬‬
‫الجسد؟وما عددهم ؟ وما ديانة كل منهم؟ …‪ .‬إلخ )‪(298‬‬

‫كيفية التعامل مع الجني المسلم ؟‬


‫يتعامل معه حسب سبب دخوله لإلنسي ‪:‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ‪ :‬إن كان دخل األنس عن عشق وهوي فيدعي لترك ذلك ألنه من الفواحش التي حرمها اهلل‬
‫تعالي كما حرم ذلك علي اإلنس وإ ن كان برضا األخر فكيف إن كان مع كراهته فأنه فاحشة وظلم؟ فيخاطب‬
‫الجن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة أو فاحشة وعدوان لتقوم الحجة عليهم بذلك ويعلموا أنه بحكم اهلل‬
‫ورسوله الذي أرسله إلي جميع الثقلين األنس والجن ‪.‬‬

‫وإ ن كان لظلم من اإلنس للجن فأن كان اإلنس لم يعلم بوجود الجن فيخاطبون بأن هذا لم يعلم ومن لم يتعمد‬
‫الذي ال يستحق العقوبة وإ ن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه فله أن يتصرف فيها بما‬
‫يجوز وانهم ليس لهم ان يمكنوا في ملك األنس بغير إذنهم بل لهم ما ليس من مساكن األنس كالخراب‬
‫والفوات‬

‫قلت ‪ :‬وإ ن كان الجني دخل لألنس ظالما له معتديا عليه فيعرف حرمه الظلم ويعرف عقوبة الظالمين وعاقبتهم‬

‫فأن استجاب للخروج فال بد من أن يخرج من إصبع اليد أو القدم وال يسمح له بالخروج من العين أو البطن أو‬
‫غير ذلك علي أن يطلب منه المعالج أن يقول السالم عليكم قبل خروجه من الجسد‬

‫كيفية التعامل مع الجني غير المسلم‬

‫‪ 1.‬يعرض عليه اإلسالم دون إكراه فأن أسلم فالحمد هلل رب العالمين ويعامل كما سبق بيانه مع الجني المسلم‬

‫‪ 02.‬البسملة عند عمل أي شيء واإلكثار منها خاصة عند تناول الشراب والطعام‬

‫‪ 3.‬يقرأ صباحا سور (يس – الرحمن – المعارج )أو يستمع إليها‬

‫‪ .4‬يقرأ أو يستمع سور(الصافات‪ -‬الدخان‪ -‬الجن)قبل النوم‬

‫‪ .5‬يقرأ أو يستمع للسور التالية مسجلة علي شرائط حسب ترتيبها في المصحف يستمع إلي شريط يوميا لمدة‬

‫‪104‬‬
‫أربع ساعات وهي‬

‫‪ .1‬الفاتحة ‪ .‬البقرة‪ .‬آل عمران‪.‬النعام‪.‬هود‪ .‬الكهف‪.‬الحجر‪.‬السجدة‪.‬األحزاب‪.‬‬


‫يس‪.‬الصافت‪.‬فصلت‪.‬الدخان‪.‬الفتح‪.‬الحجرات‪.‬ق‪.‬الذاريات‪.‬الر حمن‬

‫‪.2‬الحشر‪.‬الصف‪.‬الجمعة‪.‬المنافقون‪.‬الملك‪.‬المعارج‪.‬الجن‪.‬ال تكوير‬

‫‪.‬االنفطار‪.‬البروج‪.‬الطارق‪.‬األعلي‪.‬الغاشية‪.‬الفجر‪.‬البلد ‪.‬الزلزلة‬
‫‪.‬القارعة‪.‬الهمزة‪.‬الكافرون‪.‬المسد‪.‬اإلخالص‪.‬الفلق‪.‬الناس‬

‫دعاء الوقاية‬

‫يحضر المريض إناء به ماء ويقرأ فيه الدعاء التالي‬

‫( بسم اهلل أمسينا أو أصبحنا‪ -‬باهلل الذي ليس منه شيء ممتنع وبعزة اهلل التي ال ترام وال تضام وبسلطان اهلل‬
‫المنيع نحتجب وبأسمائه الحسني كلها عائذ من األبالسة ومن شر شياطين األنس والجن ومن شر كل معلن لو‬
‫مسر ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ومن شر ما خلق وذرا وبرأ ومن شر إبليس‬
‫وجنوده ومن شر كل دابة أنت أخذ بناصيتها إن ربي علي صراط مستقيم أعوذ باهلل بما استعاذ به موسى‬
‫وعيسي وإ براهيم الذي وفي من شر ما خلق وذرا وبرأ ومن شر إبليس وجنوده ومن شر ما يبغي)‬

‫وتقرأ مع هذا الدعاء آيات الرقية التي ذكرتها سابقا وهي اآليات التي عالج النبي صلي اهلل علية وسلم بها‬
‫مصابا بالمس مع آيات الشفاء وهي ‪:‬‬

‫) ويشف صدور قوم مؤمنين ) ( وشفاء لما في الصدور(‬

‫( فيه شفاء للناس ) ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين (‬

‫) وإ ذا مرضت فهو يشفين ) (قل هو للذين أمنوا هدي وشفاء (‬

‫ثم يشرب المريض كوبا واحدا يوميا من هذا الماء ويغتسل بباقية مرة واحدة يوميا لمدة أسبوعين بال انقطاع‬

‫مع مالحظة أن هذا الماء يتم أعداده كاآلتي‬

‫‪105‬‬
‫يكون القاري علي وضوء ثم يضع القاري يده اليمني في الماء أثناء القراءة وتكون كمية الماء كافية لالغتسال‬
‫والشرب وال ينزع القاري يده من الماء األبعد أن يفرغ من القراءة مع تقليب الماء أثناء القراءة علي أن يكون‬
‫نفس القاري قريبا من سطح الماء ويراعي أن ال يلقي الماء المستعمل في دورة المياه أو ما يؤدي إليها بل‬
‫يروي به زرع أو شجرة أو يرمي في مكان طاهر كما يراعي أن ال يضاف أي ما أخر للماء المقر وه عليه وال‬
‫تسخنه علي النار بعد القراءة عليه بل يمكن تسخينه في الشمس أو يتم تسخينه قبل القراءة عليه‬

‫ثم بعد أسبوعين تقرا الرقية علي المريض وستجد الجن قد طرد بفضل اهلل او يكون موجود لكن أصابه الوهن‬
‫والضعف وسيخرج إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫واهلل تعالى أعلم‬
‫منقول‪ :‬موسوعة الكباريت لعالج السحر‬
‫‪http://alkabarit.com/roqia/rqya.htm‬‬

‫العالج بالقرآن‬

‫ال شك أن هذه ظاهرة قد شاعت في كثير من البلدان‪ ،‬وتحدث عنها الخطباء في خطبهم والكتّاب في مقاالتهم‪،‬‬
‫وعرضت لها اإلذاعات والتليفزيونات‪ ،‬بل عرضت لها القنوات الفضائية في بعض البرامج‪ .‬هذه الظاهرة هي‬
‫ظاهرة العالج بالقرآن‪.‬‬

‫فهناك أُناس زعموا أنهم متخصصون في العالج بالقرآن‪ ،‬بل فتحوا عيادات علنية للعالج بالقرآن‪ ،‬يذهب الناس‬
‫إليهم في هذه العيادات كي يعالجوهم بالقرآن الكريم‪.‬‬

‫َع َج ِم ٌّي‬‫آياتُ ُه أَأ ْ‬


‫صلَ ْت َ‬ ‫َع َج ِم ّياً لَّقَالُوا لَ ْواَل فُ ِّ‬ ‫ونحن نؤمن بأن القرآن هدى وشفاء كما قال تعالى‪َ ":‬ولَ ْو َج َع ْل َناهُ قُْرآناً أ ْ‬
‫اد ْو َن ِمن‬ ‫ون ِفي آ َذ ِان ِه ْم َوقٌْر َو ُه َو َعلَ ْي ِه ْم َع ًمى أ ُْولَ ِئ َك ُي َن َ‬ ‫آم ُنوا ُه ًدى َو ِشفَاء َوالَّ ِذ َ‬
‫ين اَل ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫ين َ‬‫َو َع َر ِب ٌّي ُق ْل ُه َو ِللَّ ِذ َ‬
‫الظ ِال ِم َ‬
‫ين إَالَّ‬ ‫يد َّ‬ ‫ين َوالَ َي ِز ُ‬ ‫آن َما ُه َو ِشفَاء َو َر ْح َم ٌة لِّ ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫يد" فصلت‪ .44:‬وقال تعالى‪َ ":‬و ُن َنِّز ُل ِم َن ا ْلقُْر ِ‬ ‫ان ب ِع ٍ‬
‫َّم َك ٍ َ‬
‫ساراً" اإلسراء‪.82:‬‬ ‫َخ َ‬

‫ولكن‪ ،‬ما معنى الشفاء هنا؟ هل هو الشفاء العضوي‪ ،‬على معنى أن اإلنسان إذا أوجعه بطنه أو أوجعته عينه‬
‫أو أحس بألم في جسده‪ ،‬فماذا عليه أن يفعل؟هل يذهب إلى عيادة القرآن أم يذهب إلى الطبيب المختص الخبير‬
‫في شأن هذا النوع من المرض؟‬

‫‪106‬‬
‫الذي رأيناه من سيرة النبي صلى اهلل عليه وسلم وهديه‪ ،‬أنه شرع الطب والدواء‪ ،‬كما قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ":‬إنما الشفاء في ثالث‪ :‬في شربة عسل‪ ،‬أو شرطة محجم‪ ،‬أو لذعة بنار"‪ .‬فذكر األنواع الثالثة للدواء‬
‫الذي يتناول عن طريق الفم‪ ،‬والجراحة‪ ،‬وهي شرطة المحجم أو المشرط‪ ،‬والكي‪ ،‬وذلك هو العالج الطبيعي‪،‬‬
‫والنبي صلى اهلل عليه وسلم تداوى وأمر أصحابه بالتداوي‪ ،‬وكان يقول لبعض أصحابه رضوان اهلل عليهم‬
‫أجمعين‪":‬اذهبوا إلى الحارث بن كلدة الثقفي"‪ ،‬وهو طبيب مشهور منذ الجاهلية عرفه العرب‪ ،‬فكان النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ينصحهم بالذهاب إليه‪ ،‬بل جاءه رجالن يعرفان الطب من بني أنمار فقال لهما‪":‬أيكما أطب؟"‪،‬‬
‫يعني أيكما أحذق وأمهر في صنعة الطب؟ فأشاروا إلى أحدهما‪ ،‬فأمره أن يتولى هو عالج المريض‪ ،‬يعني أن‬
‫اإلنسان يبحث عن أمهر األطباء وأفضلهم ما استطاع إلى ذلك سبيالً‪.‬‬

‫أيضا صلى اهلل عليه وسلم‪":‬ما أنزل اهلل داء إال أنزل له شفاء‪ ،‬علمه من علمه وجهله من جهله"‪ .‬وهذا‬
‫وقال ً‬
‫عالجا‪ ،‬وأعطى األطباء أنفسهم أمالً في أن يجدوا لكل داء دواء‪ .‬فليس‬
‫ً‬ ‫أعطى كل مريض أمالً في أن يجد لدائه‬
‫هناك داء عضال بمعنى أنه ال عالج له‪ ،‬ال في الحال وال في االستقبال‪ ،‬بل كل مريض له عالج موجود‪ ،‬ولكن‬
‫لم نعثر عليه بعد‪ ،‬فإذا أصاب دواء الداء برئ بإذن اهلل‪.‬‬

‫سئل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬يا رسول اهلل‪ ،‬أرأيت أدوية نتداوى بها وتُقاة نتقيها؟ هل ترد من قدر اهلل‬
‫ولما ُ‬
‫شيئا؟ قال (هي من قدر اهلل)"‪ .‬يعني أن األمراض من قدر اهلل‪ ،‬واألدوية من قدر اهلل‪ .‬لماذا إذن نعتبر المرض‬
‫ً‬
‫قدرا بقدر‪ ،‬ونرد‬
‫من قدر اهلل وال نعتبر الدواء من قدر اهلل؟ هذا من قدر اهلل‪ ،‬وهذا من قدر اهلل‪ ،‬فنحن ندفع ً‬
‫قدرا بقدر‪ .‬هذه سنة اهلل‪ ،‬أن تدفع األقدار بعضها البعض‪ ،‬ندفع قدر الجوع بقدر الغذاء‪ ،‬وقدر العطش بقدر‬‫ً‬
‫الشرب‪ ،‬وقدر الداء بقدر الدواء‪.‬‬

‫تقدما هائالً في الحضارة‬


‫هذه هي السنة اإلسالمية‪ ،‬ومن أجل هذا شاع الطب بين المسلمين‪ ،‬وتقدم الطب ً‬
‫وعرف منهم أسماء المعة على مستوى العالم‪،‬ـ مثل‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وكان المسلمون أئمة العالم وأساتذته في الطب‪ُ ،‬‬
‫أبي بكر الرازي‪ ،‬وابن سينا‪ ،‬وابن رشد والزهراوي‪ ،‬وغيرهم من المسلمين‪ ،‬و ُكتب هؤالء انتشرت في العالم‬
‫مثل (الحاوي) للرازي‪ ،‬و(القانون) البن سينا‪ ،‬و(الكليات) البن رشد‪ ،‬و(التصريف لمن عجز عن التأليف)‬
‫فقيها‪ ،‬ألّف كتابه‬
‫للزهراوي‪ ،‬بل وجدنا من علماء المسلمين الفقهاء َمن يجيد الطب‪ ،‬فابن رشد نفسه كان ً‬
‫(بداية المجتهد ونهاية المقتصد) في الفقه المقارن‪ ،‬وفخر الدين الرازي صاحب الكتب الشهيرة في التفسير‬
‫واألصول وعلم الكالم وغيرها‪ .‬قالوا‪ :‬كانت شهرته في علم الطب ال تقل عن شهرته في علوم الدين‪ ،‬وابن‬
‫النفيس‪ ،‬مكتشف الدورة الدموية الصغرى‪ُ ،‬ي ُّ‬
‫عد من فقهاء الشافعية‪ ،‬وترجم له تاج الدين السبكي في كتاب‬
‫(طبقات الشافعية) على أنه أحد فقهاء هذا المذهب‪.‬‬

‫وألن المسلمين اعتمدوا سنة اهلل في الكون‪ ،‬فقد اعتمدوا الطب ولم يعتمدوا على الشعوذات التي انتشرت بين‬
‫ضربا‬
‫ً‬ ‫األمم من قبلهم‪ ،‬ولم يعتمدوا على األحجبة والتمائم وغيرها‪ ،‬التي اعتبرها النبي صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪107‬‬
‫من الشرك‪.‬‬

‫صحيح أن اإلسالم شرع لنا األدوية الروحية‪ ،‬مثل االستعاذة باهلل والرقى والدعاء‪ ،‬فاإلنسان يرقي نفسه أو‬
‫أنت الشافي‪ ،‬ال شفاء إال شفاؤك‪ ،‬شفاء ال يغادر‬
‫يرقي مريضه بقول‪ ":‬اللهم رب الناس أذهب البأس‪ ،‬اشف َ‬
‫سقما"‪ .‬أو" أرقيك واهلل يشفيك"‪ ،‬أو كما كان عليه الصالة والسالم يرقي األطفال الصغار مثل الحسن والحسين‬
‫ً‬
‫المة"‪ .‬فالرقى والتعاويذ واألذكار واألدعية‬
‫"أعيذك بكلمات اهلل التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين ّ‬
‫مشروعة‪ ،‬ولكن بجوار األسباب المادية التي تكملها وتقويمها األسباب الروحية‪.‬‬

‫ولكن‪ ،‬ال يكفي المسلم أن يذهب اإلنسان إلى شخص يقول له أقرأ عليك القرآن أو المعوذات أو آية الكرسي‪،‬‬
‫ويكتفي بهذا‪ .‬كيف ذلك إذا كان يعاني من مرض عضوي؟ فال بد من عالج هذا المرض العضوي‪ ،‬وإ ذا كان‬
‫مصابا بفيروس‪ ،‬ال بد من عالج هذا الفيروس‪ ،‬فهذا هو الذي شرعه اإلسالم وعاشه المسلمون‪ ،‬فنحن لم َنر‬
‫ً‬
‫في الصحابة َمن فتح بيته‪ ،‬وقال"أنا متخصص في العالج بالقرآن‪ ،‬حتى النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهو سيد‬
‫المعالجين وسيد أطباء الروح‪ ،‬لم يفعل هذا‪ ،‬وإ نما شرع الطب وشرع التداوي بما يعهده الناس‪.‬‬

‫وقد أشار القرآن الكريم إلى أن بعض األغذية فيها شفاء ودواء‪ ،‬مثل عسل النحل‪ ،‬بقوله تعالى‪َ ":‬ي ْخ ُر ُج ِمن‬
‫آلي ًة لِّقَ ْوٍم َيتَفَ َّك ُر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يه ِشفَاء ِل َّلن ِ‬
‫ف أَْلوا ُن ُه ِف ِ‬ ‫ِ‬
‫ون" النحل‪ .69:‬أما هؤالء الذين‬ ‫اس إِ َّن في َذل َك َ‬ ‫اب ُّم ْختَل ٌ َ‬ ‫ُبطُو ِن َها َ‬
‫ش َر ٌ‬
‫فتحوا عيادات‪ ،‬كما سمعنا في القاهرة مثالً‪ ،‬أن فالن الفالني يعالج بالقرآن‪ ،‬ويذهب المغفلون والذين يصدقون‬
‫كل ما ُيقال وال يمتحنون األمور بعقولهم‪ ،‬أرى هؤالء يذهبون إليهم زرافات ووحدانا‪ ،‬ويدفعون النقود للشيخ‪،‬‬
‫وبركة الشيخ الذي يزعم عالج هؤالء بالقرآن‪ ،‬أو بإخراج الجن من أجسادهم‪ ،‬وأحيا ًنا رأيت مناظر فظيعة‪ ،‬مثل‬
‫مبرحا‪ ،‬أو أشياء من هذا النوع‪ ،‬وقد نشرت الصحف ووكاالت األنباء أن بعضهم مات من‬‫ً‬ ‫ضربا‬
‫ً‬ ‫شخص ُيضرب‬
‫الضرب في يد واحد من هؤالء وقدم للمحاكمة‪ ،‬كل هذا ال أعتبر أنه من اإلسالم الصحيح في شيء‪ ،‬إنما يمكن‬
‫إذا سحر اإلنسان أو نحو ذلك أن نعالجه باالستعاذة واألذكار والرقى‪ ،‬وهذه األشياء‪ ،‬على أن تكون معروفة‬
‫ومفهومة؛ ولذلك اشترطوا في الرقية أن تكون باللغة العربية ال بلغات غير مفهومة أو بحروف مقطعة ال‬
‫نعرف ماذا فيها‪ ،‬وبذكر اهلل تعالى وصفاته‪ ،‬وأال تشتمل على شيء من الشركيات‪ ،‬فهذا هو الذي شرعه‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫أما هذه الظواهر التي ابتدعها الناس‪ ،‬فليس هذا من هدي اإلسالم‪ ،‬وال من عمل الصحابة وال من عمل سلف‬
‫األمة في خير قرونها‪ ،‬وإ نما هي بدعة اخترعها الناس في هذا العصر‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‬
‫إن اإلسالم شرع لنا أن نذهب في كل أمر إلى خبرائه نسألهم عنه‪ ،‬ونستفتيهم فيه‪ ،‬سواء أكان في أمور الدين‬
‫أم أمور الدنيا‪ ،‬كما قال تعالى‪{:‬وال ينبئك مثل خبير}فاطر‪.14:‬‬
‫وقال عز وجل‪{:‬فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون}النحل‪.43:‬‬
‫ففي أمور الهندسة نرجع إلى الخبراء من المهندسين‪ ،‬وفي أمور الطب والدواء نرجع إلى الصيادلة واألطباء‪،‬‬

‫‪108‬‬
‫وإ لى كل طبيب في اختصاصه‪ ،‬وفي أمور الدين نرجع إلى علماء الدين الثقات‪.‬‬
‫القرآن شفاء‪:‬‬
‫إذن‪ ،‬فما معنى أن القرآن شفاء؟ وهنا نقول‪ :‬إن القرآن نفسه قد بين معنى الشفاء المذكور بإطالق في بعض‬
‫اآليات‪ ،‬فقد قيدته آية أخرى‪ ،‬يقول اهلل تعالى فيها‪{:‬يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في‬
‫الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}يونس‪ .57:‬بيَّنت اآلية أن القرآن شفاء لما في الصدور من الشك والحيرة‬
‫والعمى‪ ،‬وما فيها من الهم والحزن والخوف والقلق؛ ولذا كان من أدعية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬اللهم‬
‫اجعل القرآن ربيع قلبي‪ ،‬ونور صدري‪ ،‬وجالء حزني‪ ،‬وذهاب همي وغمي"‪.‬وكل هذه األمور المدعو لها أمور‬
‫معنوية ال مادية‪ ،‬تتعلق بالقلب والصدر‪ ،‬ال بالجسد واألعضاء‪.‬‬

‫إن القرآن الكريم لم ينـزله اهلل تعالى ليعالج األمراض العضوية‪ ،‬وإ نما يعالج الناس أمراضهم بحسب السنن‬
‫التي وضعها اهلل في الكون‪ ،‬والتي بيَّن القرآن أنها سنن ال تتبدل وال تتحول‪ .‬أ‪.‬هـ‬

‫منقول ‪ :‬اسالم أف الين‬

‫الرقية الشرعية الجماعية بين االتباع واالبتداع !!!‬


‫أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني ‪0‬‬

‫دار في اآلونة األخيرة نقاش وجدال حول مشروعية الرقية الجماعية ‪ ،‬فذكر البعض أن ذلك من باب‬
‫المصلحة الشرعيةـ ‪ ،‬وذكر مخالفوا هذا القول بأنه لم نسمع مثل ذلك في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أو خلفائه أو التابعينـ والسلف ‪ ،‬ومن أجل أن تعم الفائدة ويستقيم األمر وفق تأصيل شرعي ‪ ،‬أورد‬
‫لكم هذا الرد العلمي الذي تقدمت به لفضليةـ الشيخ ( علي بن نفيع العلياني ) حيث أنه رفض األمر جملة‬
‫‪:‬‬ ‫وتفصيالً ‪ ،‬وأترك لكم الحكم في المسألةـ‬
‫وقع تحت ناظري كتيب قيم يبحث في موضوع الرقية والتمائمـ بصورة عامة ‪ ،‬فقرأته وألفيته نافعا مفيدا‬
‫في مضمونه ومحتواه ‪ ،‬فحمدت اهلل سبحانهـ وتعالى أن قيض لهذه األمة رجاال صدعوا بالحق وأحيوا‬
‫سنة النبيـ محمد صلى اهلل عليه وسلم وحاربوا البدعة وأهلها ‪ ،‬إال أنه استوقفني كالم في هذا الكتاب أفرد‬
‫له المؤلف فصال خاصاـ من كتابه تحت عنوان ( حكم التفرغـ ألجل القراءة على الناسـ واتخاذها حرفة ) ‪،‬‬
‫وقد ذكر الكاتب ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬في مقدمة هذا العنوان عن بعض طلبة العلم ممن تفرغوا للرقية‬
‫والمعالجة ‪ ،‬وأن شهرتهم بلغت اآلفاق ‪ ،‬بحيث وسعوا منازلهم ونظموا المواعيد لذلك ‪ ،‬ويقول ما حكم‬
‫ذلك في هذه الصورة وبهذه الكيفيةـ ‪ ،‬وبدأ بسرد بعض المفاسد المترتبة على ذلك األمر ‪0‬‬

‫‪109‬‬
‫ولوجهة نظري المخالفةـ للمؤلف في هذه النقطة بالذات ‪ ،‬أحببت أن ادلي بدلوي وأنوه بما فتح اهلل علي‬
‫من علم اكتسبته من علمائناـ حفظهم اهلل مستشهدا في بعض النقاط بالكتابـ والسنة واألثر ‪0‬‬
‫وهذا ال يعني إنكار كثير من المظاهر التي يراها المسلمون اليوم على الساحةـ فيما يتعلق بالرقية الشرعيةـ‬
‫والتجاوزاتـ واالنحرافات عن المنهج القويم ‪ ،‬من حيث الجهل باألحكامـ الشرعية ‪ ،‬والجهل في التعامل مع‬
‫المرضى في كافة النواحي ‪ ،‬وإ صدار األحكام العشوائية ‪ ،‬واتباع أساليب منافية تماما لما يجب أن تكون‬
‫عليه ‪ ،‬واتخاذ الرقية الشرعية وسيلة للتجارةـ والتكسب ‪ ،‬وال يشك أحد مطلقا في أن استخدام هذه‬
‫الوسائل واألساليبـ وتجويزها أو استساغتهاـ أو تسويغ فعلها لآلخرين هو خطأ فادح له آثاره وعواقبه‬
‫الوخيمة والتي ال يعلم مداها وضررها إال اهلل سبحانه وتعالى ‪0‬‬
‫وأما تعميم ذلك ‪ ،‬وإ صدار األحكام على إطالقها فيحتاج للتأني والتريثـ ‪ ،‬وكل عمل وكل جانبـ يقوم به‬
‫اإلنسان قد يعتريه الخطأـ ‪ ،‬ومهم أن يوظف لمثل تلك األخطاء من يقومها ويعالجها ‪ ،‬لتكون مسيرة‬
‫الدعوة إلى اهلل سبحانه وفق منهج واضح قويم ‪ ،‬وعلى أسس عقائدية صحيحة مستقاة من الكتابـ‬
‫والسنة واإلجماع ‪ ،‬فنسأل اهلل سبحانهـ وتعالى التوفيق لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير ‪0‬‬

‫ومن هنا نرى أن العلماء األجالء ‪ -‬حفظهم اهلل ‪ -‬قد أدركوا خطورة ذلك األمر ‪ ،‬خاصة ما يتعلق بالناحية‬
‫العقائدية ‪ ،‬فوضعوا الضوابطـ والمعايير لمن أراد أن يدخل في هذا المعتركـ ‪ ،‬وقد استكانتـ القلوب‬
‫واطمأنت لما في ذلك اإلجراء من مصلحة شرعية عامة للمسلمينـ ‪0‬‬
‫وأبدأ بسرد كافة النقاط التي تعرض لها الدكتور الفاضل – وفقه اهلل للخيرـ فيما ذهب إليه – وأعلق عليها‬
‫‪:‬‬ ‫بما يسمح به المجال والمقال‬

‫‪ -)1‬ذكر أن من وجود الجموع الكثيرة من الناس عند القارئ ‪ ،‬قد يظن عوام الناس أن لهذا القارئ‬
‫خصوصية معينة بدليل كثرة زحام الناس عليه ‪ ،‬وتطغى حينئذ أهمية القارئـ على أهمية المقروء ‪0‬‬
‫* هل مثل ذلك الظن يعتبر طعنا وقدحا في الراقي إن اتبع األسلوب األمثل للرقية الشرعية منهجا وسلوكا‬
‫‪ ،‬ومنذ متى يأخذ أهل العلم وطلبة العلم بما يظنه العوام من الناس ‪ ،‬إن تلك المجالسـ قد يأتيها أناس لم‬
‫يذهبوا قط في يوم من األيام إلى مجلس طلب علم ‪ ،‬واستقطابـ هذه الجموع من خالل هذا المنبرـ الدعوي‬
‫‪ ،‬وترسيخ بعض المفاهيمـ االعتقادية أمر جليل يحتاجـ للتدبر والتأمل ‪ ،‬وأذكر من تلك المفاهيم ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬إيضاح العقيدة الصحيحةـ والمنهج القويم للرقية الشرعيةـ الثابتةـ في الكتاب والسنة واألثر ‪ ،‬وترسيخ‬
‫تلك الحقائق في األذهان‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التحذير من خطر الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والعرافين والدجالينـ ‪ ،‬وإ يضاح حقيقة السحر‬
‫وخطورته ‪ ،‬وما يتعلق به من مفاسد عظيمة ‪ ،‬وتثقيف العامة بتلك المعلوماتـ ‪0‬‬

‫‪110‬‬
‫ج ‪ -‬التحذير من المعاصي وأثرها السيئ على الفرد واألسرة والمجتمع المسلم ‪0‬‬

‫إن من دواعي سرور المؤمن أن يرى ويسمع عن أناس قد من اهلل سبحانهـ وتعالى عليهم بالهداية ‪،‬‬
‫وعرفوا باالستقامة والصالح واهلل حسيبهم ‪ ،‬نتيجة للمتابعةـ والرقية عند إخوة أفاضل اتخذوا منهجا‬
‫وطريقا صحيحا واضحا في العالج ‪ ،‬وهذا بحد ذاته يثلج قلب المؤمن الصادق عند رؤيته لتلكـ الجموع‬
‫التي تلجأ لكتابـ اهلل وسنة نبيه صلى اهلل عليه وسلم ‪0‬‬
‫إن إيضاحـ حقيقة الرقية الشرعيةـ ومفاهيمها واستدالالتها وما تحتويه من نواحي تمس عقيدة المؤمن ‪،‬‬
‫وكذلك تفصيل وتبيان المناقض للرقية من مظاهر كفرية وشركية كالذهاب للسحرة والمشعوذين وتعليق‬
‫التمائم الكفرية ونحوه ‪ ،‬كل ذلك يحقق في مجمله منفعة عظيمة وآثارا ايجابية يطمح لها كل داعية‬
‫وطالب علم ‪ ،‬وال نعتقد أن البديل عن ذلك يسعد أي منا ونحن نرى العامة والخاصة يطرقون أبواب‬
‫السحرة والمشعوذين ‪ ،‬والعرافين ‪ ،‬فتنتكس الفطر ‪ ،‬وتدمر العقائد ‪0‬‬
‫وثقتنا بالعلماء كبيرة ‪ ،‬وقد تكلم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبداهلل بن باز – رحمه اهلل – في شريط (‬
‫لقاء األحبة ) عن التفرغ للقراءة فأفتى سماحته بجواز ذلك ‪ ،‬لما يرى في ذلك من مصلحة شرعية عامة‬
‫للمسلمينـ ( فتوى مسجلة لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبداهلل بن باز ) ‪ ،‬وكما أفتى فضيلة الشيخ محمد‬
‫بن صالح العثيمين – حفظه اهلل – في لقاء القراء ‪ (0‬فتوى مسجلة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح‬
‫العثيمينـ )‪0‬‬
‫سئل فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمنـ الجبرينـ السؤال التالي ‪:‬‬
‫كثر في اآلونة األخيرة القراء الذين يرقون على المرضى ‪ ،‬وتزاحم الناسـ على أبواب بيوتهم ‪ ،‬مما حدا‬
‫بعضهم للتفرغـ بالقراءة وترك عمله أو دراسته ‪ ،‬وبالطبعـ أصبح دخل معيشته من تلك القراءة ‪ ،‬ومما‬
‫يبيعه من الماء والزيتـ وما أشبه ذلك ‪0‬‬
‫وحصل بعض الخالف بين طلبة العلم ‪ ،‬فقائل يقول بجواز فعلهم ‪ ،‬واآلخر يقول بعدم جواز ذلك مستدالً أنه‬
‫لم ُينقل عن الصحابة وال التابعينـ وال من أتى بعدهم أن أحدهم قد تفرغ للقراءة ‪ ،‬بل بفعلهم هذا انتشر‬
‫من ليس لديه علم ودراية بالرقيةـ الشرعية ‪ ،‬فما هو القول الراجح في هذه المسألة ؟؟؟‬
‫فأجاب – حفظه اهلل ‪ ( : -‬ال بأس بالرقية الشرعيةـ باآليات القرآنيةـ واألدعية المأثورة لحديث أبي سعيد‬
‫في قصة الرقية على اللديغ واشتراطهم قطيعاً من الغنم ‪ ،‬وقول النبيـ صلى اهلل عليه وسلم " اقسموا‬
‫واضربوا لي معكم بسهم " ( صحيح الترمذي ‪ ) 1685 -‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم " إن أحق ما أخذتم‬
‫عليه أجراً كتاب اهلل " ( صحيح الجامع ‪ 0 ) 1548‬ومع ذلك فال يجوز كثرة االشتراطـ وال األخذ للمال‬
‫الكثير مقابل عمل يسير ‪ ،‬وننصح القارئ أن ال يشهر نفسه ‪ ،‬وأن ال يشدد في اشتراط األجرة ‪ ،‬بل إن‬
‫دفع إليه شيء بال شرط أخذه وإ ال لم يطلب ‪ ،‬وبذلك يحصل النفع بقراءته إن شاء اهلل وصلى اهلل على‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم ) ( المنهج اليقين في بيان أخطاء معالجي الصرعـ والسحر والعين ) ‪0‬‬

‫‪111‬‬
‫وسئل فضيلته عن القراءة على الجمع في مكان واحد بالميكرفون فأجاب – حفظه اهلل ‪: -‬‬
‫(ذكر بعض القراء أن ذلك جرب فأفاد وحصل الشفاءـ لكثير من المصابين ‪ ،‬وذلك أن سماع المصروع لتلكـ‬
‫اآلياتـ واألدعية واألوراد يؤثر في الجانـ الذي يالبسه فيحدث أنه يتضررـ ويفارق اإلنسي ‪ ،‬أو أن هذا‬
‫القرآن هو شفاء كما وصفه اهلل تعالى فيؤثر في السامع ولو لم يحصل من القارئ نفث على المريض ‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن الرقية الشرعيةـ هي أن الراقي يقرب من المريضـ ويقرأ عنده اآليات وينفث عليه ويمسح‬
‫أثر الريق على جسده بيده ‪ ،‬ويسمعه اآليات واألدعية حتى يتأثرـ بسماعها ‪ ،‬فعلى هذا متى تيسر أن يرقى‬
‫كل واحد منفردا فهو أفضل وإ ن شق عليه ما ذكر من القراءة قرأ في المكبر مع العلم بأن تأثيرهاـ أقل من‬
‫تأثيرـ القراءة الفردية ‪ ،‬واهلل أعلم ) ( الفتاوى الذهبية في الرقية الشرعية – ص ‪0 ) 22‬‬
‫وقد كان رأي لبعض العلماءـ موافق لرأي أخي الفاضل الدكتور علي بن نفيع العلياني –وفقه اهلل للخيرـ‬
‫فيما ذهب اليه‪ -‬كما أفتى بذلك فضيلة الشيخ صالح الفوزانـ ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬عند سؤاله عن فتح عيادات‬
‫متخصصة للقراءة فأجاب ‪:‬‬
‫هذا ال يجوز ألنه يفتح بابـ فتنة ويفتح باب احتيال للمحتالين وما كان هذا من عمل السلف أنهم يفتحون‬
‫دورا أو يفتحون محالت للقراءة ‪ 0‬والتوسع في هذا يحدث شرا ويدخل فيه من ال يحسن ألن الناس‬
‫يجرون وراء الطمع ويحبون الناسـ إليهم ولو بعمل أشياء محرمة ومن يأمن الناسـ وال يقال هذا رجل‬
‫صالح ألن اإلنسانـ يفتن والعياذ باهلل ولو كان صالحا ففتح هذا الباب ال يجوز ويجب إغالقه ) ( السحر‬
‫والشعوذة – ص ‪0 ) 102‬‬
‫فالمسألة اجتهاد مبني على أقوال علماء أفاضل في كال الحالينـ ‪ ،‬مع أن التقنينـ والتوجيه السليمـ لذلك‬
‫األمر يعطي ثماراً طيبة بإذن اهلل تعالى ‪0‬‬
‫وال يعني ذلك أن العوام عندما يرون جموعا في محاضرة ألحد العلماء أو طلبة العلم ‪ ،‬وظنوا أن أهمية‬
‫العالم طغت على أهمية علمه ‪ ،‬نوقف طلب العلم والمحاضراتـ ‪0‬‬
‫وإ ن من اهلل سبحانه وتعالى علي بعلم متواضع يسير فالفضل بعد اهلل سبحانهـ للعلماء العاملين العابدينـ ‪،‬‬
‫وال أنكر مكانة وقدر وتحصيل الدكتور الفاضل وعلمه الشرعي ‪ ،‬فأسأل اهلل سبحانه وتعالى أن نكون‬
‫صادعين بالحق ‪ ،‬مدافعين عنه إنه على كل شيء قدير ‪0‬‬
‫سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمينـ ‪ ،‬إنه هل يمكن أن يؤدي العالج عند المقرئين إلى نوع من‬
‫التقديس لهم وكيف يمكن تفادي ذلك ؟؟؟‬
‫فأجاب – حفظه اهلل ‪ ( : -‬هذا يختلف باختالف الناسـ ‪ ،‬فمن الناسـ من يقدس من أسدى له خيرا حتى‬
‫ولو كان أمرا دنيويا ‪ ،‬ومنهم من ال يقدسه ولكنه يرى أن له معروفا عليه ال يكافئه إال بقضاءـ حاجة ‪0‬‬
‫كن إذا كان الشفاءـ بالقراءة الشرعيةـ فإن التقديس لإلنسان أكثر توقعا مما لو كان بغير ذلك ‪ ،‬ألنه ربما‬
‫يعتقد أن لهذا المعالج منزلة عند اهلل عز وجل ‪ ،‬وأنه بسبب هذه المنزلةـ فقد كتب اهلل الشفاءـ على يديه ‪،‬‬
‫لكن الواجب أن يعلم اإلنسانـ أن القراءة هي سبب للشفاء والدواء الذي حصل به الشفاء إنما هو سبب ‪،‬‬

‫‪112‬‬
‫واهلل سبحانهـ وتعالى هو المسبب ‪ ،‬وأن اإلنسان ربما يفعل األسباب فتوجد موانع تحول دون تأثيرها ‪،‬‬
‫فاألمر كله بيد اهلل سبحانه ‪ ،‬والواجب أن يحمد اإلنسان ربه على ما حصل له من الشفاء ‪ ،‬وأن يكافئ من‬
‫حصل الشفاء على يديه بما يقتضيه الحال ) ( كتاب المسلمون – ص ‪0 ) 97 ، 96‬‬
‫‪ -)2‬ذكر أنه بالنظر إلى سيرة الرسول صلى اهلل عليه وسلم وسيرة أصحابه وسيرة علماء اإلسالم‬
‫الموثوق بعلمهم وفضلهم لم نر أحدا منهم انقطع عن أعمالهـ واتخذ هذا األمر حرفة ‪0‬‬
‫‪ ‬إن كان القصد من الكالم آنف الذكر ‪ ،‬األمور التعبدية وما يتعلق بها من أحكام ‪ ،‬فال خالف في‬
‫ذلك على االطالق ‪ ،‬خاصة أن األمور التعبدية واإلخالل بأي جزئية من جزئياتهاـ يوقع في‬
‫المحاذير الشرعيةـ بحسب حالها ‪ ،‬ومثل ذلك التخصيصـ وبهذه الكيفية ال يعتبر في جزئياته بعد‬
‫عن الكتاب والسنة ‪ ،‬فكما أن العلوم الشرعيةـ برمتها تشعبت وتنوعت ‪ ،‬كعلم مصطلح الحديث ‪،‬‬
‫وأصول التفسير ‪ ،‬وأصول الفقه وغيرها من العلوم الشرعيةـ ‪ ،‬ومثل ذلك التشعبـ والتنوع ال‬
‫يعني مطلقا خروجا عن السنة المطهرة ‪ ،‬أضف إلى ذلك وجود المعاهد الدينية ‪ ،‬ومدارس تحفيظ‬
‫القرآن ‪ ،‬المؤسساتـ الشرعية ‪ ،‬كالمؤسسات الخيريةـ ونحوها ‪ ،‬كل ذلك يبقى في بوتقة الشريعة‬
‫وضمن حدودها إذا روعي من خالل ذلك الضوابطـ الشرعية ‪ ،‬فأسأل اهلل سبحانه أن يجعلنا من‬
‫أهل المنهج القويم والعقيدة الصحيحةـ إنه على كل شيء قدير ‪0‬‬
‫وإ ن كان األمر ليس كذلك كالرقية الجماعية ‪ ،‬فهو اجتهاد بني على فتاوى العلماءـ حفظهم اهلل ‪،‬‬
‫كإجراء تنظيمي ليس إال ‪ ،‬وهذا يؤكد على أهمية لجوء المعالج فيما يتعلق بالمسائلـ المشكلة‬
‫للرقية الشرعية وما يدور في فلكها وعلى اختالف جزئياتها للعلماء وطلبة العلم ليسترشد بعلمهم‬
‫‪ ،‬ويستأنس برأيهم ‪ ،‬وبعض العلماءـ وطلبة العلم كان لهم رأي موافق لرأيك ‪ ،‬ولكن ليس‬
‫باألسلوبـ الجارح الموجه إلى من يعالج بالرقية الشرعيةـ الثابتةـ بهذا األسلوب والكيفية ‪ ،‬وتبقى‬
‫المسألة خالفية بين العلماء ‪ ،‬وموقفنا من المسائل الخالفية معلوم ‪ ،‬خاصة إن كان الخالف بين‬
‫علماء أفاضل نذروا حياتهم وجل أوقاتهم في سبيل الدعوة ونصرة الدين ‪ ،‬فالواجب احترام‬
‫رأيهم وتقديره ‪ ،‬وأن نسعى لعدم مخالفة األصول واألحكام الشرعيةـ ‪ ،‬وندور في فلك الكتابـ‬
‫والسنة واألثر ‪ ،‬ويعتقد أن الجميع يتوافق في الرأي بخصوص ذلك ‪ ،‬فالغاية والهدف هو‬
‫المصلحة العامة الشرعيةـ لإلسالم والمسلمين ‪ 3 0‬ذكر أن الشياطينـ عندما ترى تعلق الناسـ‬
‫بشخص ما قد تساعده ‪ ،‬وهو ال يشعر فتعلن خوفها وخروجها من المريض ونحو ذلك ‪0‬‬

‫* إن هذه المسألة ترتبطـ أساسا بحال المعالج وقربه من الخالق وصحة اعتقاده ومنهجه‬
‫والتوجه السليمـ الذي يأخذ بعين االعتبار كافة الجوانبـ المتعلقة بالرقيةـ الشرعية ‪ ،‬واعتقد أن‬
‫فحوى هذا الكتاب يؤكد على تلك المبادئ األساسيةـ التي ال بد أن ينشدها كل متصدر للرقية‬

‫‪113‬‬
‫الشرعية ‪ ،‬وكل معالج أدرك هذه األساسيات يعلم يقينا أن األمر بيد اهلل سبحانهـ وتحت تقديره‬
‫ومشيئته ‪ ،‬وقد أسلف الكاتب ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬أن القائمينـ على ذلك األمر من طلبة العلم ‪ ،‬وال‬
‫اعتقد أنه من السذاجة أن يمر عليهم مثل تلك الدسائس الشيطانيةـ ‪ ،‬وهذا ال يعني عدم الوقوع‬
‫في الخطأـ ‪ ،‬ولكن وبتكاتف العلماءـ وطلبة العلم وتقديم النصح واإلرشاد ‪ ،‬وبالمتابعة والتوجيه‬
‫للقائمين على ذلك األمر ‪ ،‬تتحقق المنفعة والمصلحة الشرعية ‪ 0‬أما إن كان المؤلف يعني‬
‫بكالمه الجهلة بالشريعة وأحكامها ‪ ،‬وأصولها وفروعها ‪ ،‬واقتحم بابـ الرقية حبا في المال‬
‫والظهور ‪ ،‬والشهرة والسمعة ‪ ،‬فإنني ال أعنيهم مطلقا ‪0‬وأما االستشهاد بحديث اإلمام أحمد ‪-‬‬
‫رحمه اهلل ‪ -‬في مسنده برقم ( ‪ ، ) 381 / 1‬والحديث أورده العالمة الشيخ محمد ناصر الدين‬
‫األلبانيـ – رحمه اهلل ‪ -‬في السلسلة الصحيحةـ ‪ ، 584 / 1‬على النحو التاليـ ‪ (:‬أخبرتـ زوجة‬
‫عبداهلل بن مسعود فقالت ‪ :‬كانت عيني تقذف ( قال صاحبـ لسان العرب ‪ :‬والقذف ‪ :‬الصبـ ‪-‬‬
‫لسان العرب ‪ ) 276 / 9 -‬فكنت اختلف إلى فالن اليهودي يرقيها ‪ ،‬وكان إذا رقاها سكنت ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬إنما ذلك عمل الشيطانـ كان ينخسها بيده فإذا رقيتها كف عنها (‪0‬‬
‫وقصة الحديث آنفا كما ثبت في صحيح سنن ابن ماجة لمحدث بالد الشام العالمة محمد ناصرـ‬
‫الدين األلبانيـ – رحمه اهلل ‪ ( : -‬عن زينب ‪ ،‬قالت ‪ :‬كانتـ عجوز تدخل عليناـ ترقي من الحمرة ‪،‬‬
‫وكان لناـ سرير طويل القوائم ‪ 0‬وكان عبد اهلل ‪ ،‬إذا دخل ‪ ،‬تنحنح وصوت ‪ 0‬فدخل يوما ‪ ،‬فلما‬
‫سمعت صوته احتجبت منه ‪ 0‬فجاء فجلس إلى جانبيـ ‪ 0‬فمسني فوجد مس خيط ‪ 0‬فقال ما هذا‬
‫؟ فقلت ‪ :‬رقي لي فيه من الحمرة ‪ 0‬فجذبه وقطعه ‪ ،‬فرمى به وقال ‪ :‬لقد أصبح آل عبداهلل‬
‫أغنياء عن الشرك ‪ 0‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬يقول ‪ ( :‬إن الرقى والتمائمـ‬
‫والتولة شرك ) قلت ‪ :‬فإني خرجت يوما فأبصرني فالن ‪ 0‬فدمعت عيني التي تليه ‪ 0‬فإذا رقيتها‬
‫سكنت دمعتها ‪ 0‬وإ ذا تركتها دمعت ‪ 0‬قال ‪ :‬ذاك الشيطانـ ‪ 0‬إذا أطعته تركك ‪ ،‬وإ ذا عصيتهـ طعن‬
‫بإصبعه في عينك ‪ 0‬ولكن لو فعلت كما فعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان خيرا لك وأجدر‬
‫أن تشفينـ ‪ 0‬تنضحينـ في عينكـ الماء وتقولين ‪ :‬أذهب البأس ‪ 0‬رب الناسـ ‪ 0‬اشف ‪ ،‬أنت‬
‫الشافي ‪ 0‬ال شفاء إال شفاؤك ‪ ،‬شفاء ال يغادر سقما ) ( صحيح الجامع ‪ ( ) 855‬وقد عرج على‬
‫ذلك في كتابي الموسوم ( فتح الحق المبينـ في أحكام رقى الصرعـ والسحر والعين ) تحت عنوان‬
‫( أدلة تحريم تعليق التمائم الشركية من السنة المطهرة ) ‪0‬‬

‫ولي بعض الوقفات عند هذا الحديث ‪:‬‬


‫‪‬‬

‫أ ‪ -‬ال يوجد وجه للمقارنة بين يهودي بين في منهجه وتوجهه واعتقاده ‪ ،‬وبين مسلم موحد‬

‫‪114‬‬
‫صحيح المنهج والعقيدة والدين ‪0‬‬

‫ب ‪ -‬االستشهاد الذي تحدث عنه الكاتب ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬غير صحيح في هذا الموضع بالذاتـ ‪،‬‬
‫فاألمر كما هو واضح في الحديث أمر فردي لزوجة عبداهلل بن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬وقد‬
‫يحصل ذلك ألي شخص سواء كان متخصصا أو غير متخصص في الرقية ‪ ،‬بمعنى حصول ذلك‬
‫في رقية لحالةـ معينة ‪ ،‬أو حصولها في رقية جماعية ‪ ،‬فهل يعني ذلك منع الرقية بصفة عامة‬
‫خوفا من أالعيبـ الشيطانـ ودسائسه ‪ ،‬وتعطيل سنة مؤكدة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بل قد تصل إلى درجة الوجوب في بعض الحاالت التي قد يتعرض فيها المريضـ لحالة الخطر ‪،‬‬
‫وماذا سوف يكون البديل لذلك ؟ ال نشك مطلقا بأن أبواب السحرة والمشعوذين والعرافين‬
‫والدجالين سوف تشرع على مصراعيهاـ نتيجة لذلك ‪0‬‬

‫ج ‪ -‬األمر ال يعتمد على استدراج الشيطان بقدر ما يعتمد على قوة اإليمان والتوكل واالعتماد على‬
‫اهلل سبحانهـ وتعالى من قبل المعالج ‪ ،‬ومعرفته باستدراجاتـ الشيطانـ التي تم ذكرها في كتابي‬
‫الموسوم ( القواعد المثلى لعالج الصرع والسحر والعين بالرقى ) ‪0‬‬

‫‪ -)4‬ذكر أنه قد يتوهم القارئـ الذي يزدحم الناس على بابه ويرى كثرة المرضى الذين يعافيهم اهلل‬
‫بسبب رقيته ‪ ،‬وكيف أن الشياطين تخاف منه ‪ ،‬ويتوهم أنه من األولياءـ األبرار ويصيبه العجب ‪0‬‬

‫* ما ذكر في هذا الموضع قد يذكر في كثير من المواضع األخرى ‪ ،‬وال يعني ذلك أن كثيرا من‬
‫العلماء وطلبة العلم أعجبوا واختالوا بأنفسهم ‪ ،‬وال يعني أن مفسري الرؤى واألحالم حصل لهم مثل‬
‫ذلك ‪ ،‬فاألمر يعتمد أساساـ على حال كل منهم وتوجهه وارتباطه بخالقهـ ‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبةـ‬
‫للمعالج ‪ ،‬فمنهجه وتوجهه إن كان بنية خالصة لوجه اهلل سبحانه وتعالى فال بد أن يكتب له التوفيق‬
‫‪ ،‬كالعالمـ والطبيب ونحوه ‪ ،‬وأما االعتقاد بأن الشياطينـ تخاف وتهرب منه ‪ ،‬فال نعتقد أن أحدا ممن‬
‫تصدر هذا األمر وعلى أسس عقائدية واضحة ثابتةـ يفكر بمثل ذلك ‪ ،‬وهو يعلم يقينا أكثر من غيره‬
‫أن الجن والشياطين عالم غيبي ‪ ،‬حفظ منه بحفظ اهلل سبحانهـ وتقديره ومشيئته ‪ ،‬ولوال ذلك لناله‬
‫أذاهم وبطشهم ‪ ،‬لمحاربته لهم ونصرة إخوانه المظلومين ‪ ،‬ويعلم يقينا أنهم يهربون ويفرون من‬
‫كالم اهلل عز وجل فهو الذي يحرقهم ويردهم خائبينـ خاسرين ‪0‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -)5‬ذكر أن المالحظ على القراء أصحاب الكيفيةـ المتقدمة أنهم يقولون بغير علم ويعني ‪ -‬حفظه‬
‫اهلل ‪ -‬في قضاياـ التشخيص ‪0‬‬

‫* بالنسبة لهذه النقطة بالذات فسوف تكون لي بعض الوقفات اليسيرةـ التي أوضح وأبين األمر من‬
‫خاللها ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إن كان المعني بذلك القراء الجهلة غير المتمرسين ‪ ،‬الذين لم يكتسبوا الرقية الشرعيةـ عن علم‬
‫ودراية ودراسة ‪ ،‬فإننا نقر الرأي القائلـ بذلك ‪ ،‬ومن هنا كان ال بد أن يؤخذ هذا العلم من الشريعة‬
‫السمحة أوال ثم من ذوي الخبرة واالختصاص والتجربةـ في هذا المجال ‪ ،‬كما بينت ذلك في كتابي‬
‫المعين في مرتكزات معالجي الصرعـ والسحر والعين ) ‪0‬‬
‫الموسوم ( القول ُ‬

‫ب ‪ -‬أما إن كان المعني بذلك القراء المتمرسين ‪ ،‬فوقوع الخطأ وارد ‪ ،‬والطبيبـ قد يخطئ التشخيصـ‬
‫مع إمكانياتهـ العلمية والتقنية واألجهزة المتطورة التي يمتلكها من أشعة ومنظارـ وغيره ‪ ،‬فكيف‬
‫الحال بمن يتعامل مع أمر غيبي بكل جوانبه ‪ ،‬أال يتوقع حصول ذلك منه ؟ اإلجابة واضحة ‪ ،‬وإ دراك‬
‫ذلك بالنسبة للمؤلف ال يشوبه أدنى شك ‪ ،‬فقد وصل لمرحلة متقدمة من العلم ‪ ،‬وهو أعلم من غيره‬
‫بأساليب البحثـ العلمي وبحوث العملياتـ المتعلقة بالدراسةـ األكاديمية ويدرك حصول الزلل والخطأ ‪،‬‬
‫مع اإلشارة إلى أفضلية لجوء المعالج الستخدام أسلوب التورية ( المعاريض ) مع المرضى للمصلحةـ‬
‫الشرعية المرجوة من جراء ذلك ‪ ،‬كما أشرت في كتابي الموسوم ( القواعد المثلى لعالج الصرعـ‬
‫ج ‪ -‬أستسمح‬ ‫والسحر والعين بالرقى ) ‪0‬‬
‫القارئ عذرا في العودة لكتابي الموسوم ( القواعد المثلى لعالج الصرعـ والسحر والعين بالرقى )‬
‫وكل ما ذكر تحت هذا العنوان يبينـ أن الرقية الشرعيةـ علم شرعي قائم بذاته ‪ ،‬تحتوي على مسائل‬
‫فقهية كثيرة ودقيقة كنت أجهلها ‪ ،‬وأفادني بها علماؤنا وطلبة العلم حفظهم اهلل ‪ ،‬بعد استرشادي‬
‫بأقوالهم وآرائهم ‪ ،‬فاألمر ليس كما يبدو للبعضـ قول بال علم ‪ ،‬إنما هو قول بعلم ‪ ،‬مصدره الكتاب‬
‫والسنة واألثر ‪ ،‬وأقوال أهل العلم العابدينـ العاملينـ ‪ ،‬وال زلت أذكر بأن األمر برمته يتعلق بذوي‬
‫العقيدة الصحيحة والمنهج القويم والتوجه الصحيح ‪ ،‬وما دون ذلك ال يقاس عليه ‪ ،‬وال يؤخذ‬
‫باالعتبارـ والحسبان ‪0‬‬
‫د ‪ -‬وقياسا على ذلك فكثير ممن يدعي العلم الشرعيـ ويفتي بغير علم ‪ ،‬هل يعتبر ذلك قدحا في‬
‫الشريعة وأحكامها وأهل العلم والمنتسبينـ إليه ؟ كذلك الحال بالنسبةـ للرقية ‪ ،‬فمدعي الرقية دون أن‬
‫يكون له فيها ناقة أو جمل ‪ ،‬ال يعتبر قدحا في الرقية وأهلها ‪ ،‬واألساس في المنهج والتربية‬

‫‪116‬‬
‫والسلوك ‪ ،‬وأكرر بأن الرقية وفق المنهج السليمـ واألسس الثابتةـ ‪ ،‬ال بد أن تعطي ثمارها الدعوية‬
‫بإذن اهلل تعالى ‪0‬‬
‫‪ -)6‬ذكر الكاتبـ أنه من المالحظ على القراء أصحابـ الكيفية المتقدمة ‪ ،‬أنهم يجمعون الفئامـ من‬
‫الناس فيقرأون عليهم جميعا قراءة واحدة حرصا على كسب الوقت أمام كثرة الزائرينـ ‪ ،‬ثم يدورون‬
‫على أوعيتهم يتفلون فيها واللعابـ والرذاذ الذي خالط القراءة قد ينقضي في الوعاء األول والثانيـ‬
‫فمن أين لهذا القاري أن لعابه كله مباركـ ‪0‬‬
‫أ ‪ -‬إن القراءة الجماعيةـ بهذه الكيفية والصورة ما قصد بها كسب الوقت ونحوه ‪ ،‬واالعتقاد الجازم‬
‫بأن القرآن العظيم شفاء ‪ ،‬لن يبدل من حقيقة هذا االعتقاد فيما لو كانت القراءة فردية أو جماعية ‪،‬‬
‫وتصحيحا ( لقضية كسب الوقت ) التي أوضحها المؤلف فليس األمر كذلك ‪ ،‬بقدر ما هي تنظيم لوقت‬
‫الراقي وطاقته ومجهوده ‪ ،‬وال شك أن المعالج إنسان لديه من المسؤوليات واألعمال تجاه نفسه‬
‫وأهل بيته ‪ ،‬ما يحول دون فتح المجال على مصراعيه كافة األوقات والساعاتـ ‪ ،‬وفعل ذلك ما كان إال‬
‫تنظيما لوقته واستدراكا لحاجته وظرفه ‪ ،‬وقد أفتى بعض العلماءـ ومنهم سماحة الشيخ عبدالعزيزـ بن‬
‫عبداهلل بن باز – رحمه اهلل – وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمينـ – حفظه اهلل ‪ -‬بجواز ذلك‬
‫ب ‪ -‬أما أنهم يدورون‬ ‫كما أشرت سابقاـ ‪0‬‬
‫على أوعية المرضى ويتفلون فيها اللعابـ والرذاذ الذي خالط القرآن قد ينقضي في الوعاء األول ‪،‬‬
‫فهذا الكالم يحتاجـ لمراجعة وإ عادة نظر ‪ ،‬إن األدلة الثابتة في السنة المطهرة تؤكد أن ريق المؤمن‬
‫خير وشفاء ‪ ،‬وقد ثبت من حديث عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫إذا اشتكى اإلنسان أو كانت به قرحة أو جرح ‪ ،‬قال بإصبعه ‪ :‬هكذا ووضع سفيان سبابتهـ باألرض ‪،‬‬
‫بسم اهلل ‪ ،‬تربة أرضناـ ‪ ،‬بريقة بعضناـ ‪ ،‬يشفى سقيمناـ بإذن ربنا ) ( متفق عليه )‬ ‫ثم رفعها ‪ ،‬وقال‬
‫وهناكـ بعض األحاديثـ الموضوعة‬ ‫‪0‬‬
‫التي ال أصل لها ومعناها صحيح ‪ ،‬قد أيدت ذلك كما أفاد أهل العلم ‪ -‬حفظهم اهلل ‪ ، -‬ومثال ذلك‬
‫( سؤر المؤمن شفاء ) ( ال أصل له ‪ ،‬وقد ذكره الحوت في " أسنى المطالب " – برقم ( ‪، ) 718‬‬
‫والقاري في " األسرار المرفوعة " – برقم ( ‪ ، ) 217‬والغزي في "إتقانـ ما يحسن من األخبار" –‬
‫برقم ( ‪ ) 915‬وقال ‪ :‬ليس بحديث ‪ ،‬والزبيدي في " تمييز الطيبـ من الخبيث فيما يدور على ألسنة‬
‫الناس " – برقم ( ‪ ، ) 91‬والعامري في " الجد الحثيثـ في بيانـ ما ليس بحديث " – برقم ( ‪، ) 178‬‬
‫والجبري في " المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف " – برقم ( ‪ ، ) 113‬والهروي في "‬
‫المصنوع في معرفة الحديث الموضوع " – برقم (‪ ، )144‬والسخاوي في " المقاصد الحسنة " –‬
‫برقم (‪ ، )534‬والمدني في " تحذير المسلمينـ من األحاديثـ الموضوعة " – برقم ( ‪، ) 101‬‬
‫والهاللي في "سلسلة األحاديثـ التي ال أصل لها" – برقم ( ‪ ، ) 27‬والعجلوني في "كشف الخفاء"–‬
‫برقم (‪ ، )1500‬أنظر السلسلة الضعيفةـ ‪ - 78‬قال صاحبـ األحاديث التي ال أصل لها ‪ ( :‬وأما ما‬

‫‪117‬‬
‫يدور على األلسنةـ من قولهم " سؤر المؤمن شفاء " فصحيح من جهة المعنى رواه الدارقطني في "‬
‫االفراد " من حديث ابن عباس مرفوعا ‪ " :‬من التواضع أن يشرب الرجل من سار أخيه " أي المؤمن‬
‫)‪0‬‬
‫وكذلك حديث ‪ ( :‬ريق المؤمن شفاء ) ( ال أصل له ‪ ،‬وقد ذكره الحوت في " أسنى المطالب " – برقم‬
‫( ‪ ، ) 718‬والقاري في " األسرار المرفوعة " – برقم ( ‪ ، ) 217‬والزبيدي في " تمييز الطيبـ من‬
‫الخبيثـ فيما يدور على ألسنة الناس " – برقم ( ‪ ، ) 86‬وابن طولون في " الشذرة في األحاديثـ‬
‫المشتهرة " – برقم ( ‪ ، ) 468‬والمشيشي في " اللؤلؤ المرصوع " – برقم ( ‪ ، ) 229‬والهروي في‬
‫" المصنوع في معرفة الحديث الموضوع " – برقم (‪ ، )144‬والسخاوي في " المقاصد الحسنة " –‬
‫برقم (‪ ، )534‬والسنباوي في " النخبة البهية " – برقم ( ‪ ، ) 137‬والمدني في " تحذير المسلمين‬
‫من األحاديثـ الموضوعة " – برقم ( ‪ ، ) 137‬والهاللي في " سلسلة األحاديث التي ال أصل لها " –‬
‫برقم (‪ ، )28‬والعجلوني في " كشف الخفاءـ " – برقم ( ‪ ، ) 1405‬والزرقاني في " مختصر المقاصد‬
‫" – برقم ( ‪ ، ) 505‬قال السخاوي في " المقاصد الحسنه " ( ‪ : ) 534‬معناه صحيح وقد أورد‬
‫السخاوي شواهد لمعناه الصحيح الحديث الذي ذكرته آنفا ) ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬كيف وإ ن خالط النفث كالم اهلل عز وجل ‪ ،‬وقد وردت األدلة الثابتةـ المؤيدة لذلك ‪ ،‬فقد ثبت من‬
‫حديث يزيد بن أبي عبيد ‪ ،‬قال ‪ :‬رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ما هذه ؟ قال ‪ :‬أصابتنيـ‬
‫يوم خيبر ‪ 0‬فقال الناس ‪ :‬أصيب سلمة ‪ ،‬فأتي بي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فنفث في ثالث‬
‫نفثاتـ ‪ ،‬فما اشتكيتهاـ حتى الساعة ) ( أخرجه اإلمام البخاري في صحيحه – كتاب المغازي ( ‪) 38‬‬
‫– برقم ‪ ، ) 4206‬وثبت أيضا من حديث عائشة – رضي اهلل عنها – قالت ‪ ( :‬كان ينفثـ في الرقية‬
‫) ( صحيح الجامع ‪0 ) 5022‬‬
‫قال المناوي ‪ " ( :‬كان ينفثـ في الرقية " بأن يجمع كفيه ثم ينفث فيهما ويقرأ فيهما قل هو اهلل أحد‬
‫والمعوذتين ثم يمسح بهما ما استطاعـ من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من بدنه يفعل‬
‫ذلك ثالثاـ إذا أوى إلى فراشه وكان في مرضه يأمر عائشة أن تمر بيده على جسده بعد نفثه هو‬
‫فليس ذلك من االسترقاء المنهي عنه كما ذكر ابن القيم وفيه دليل على فساد قول بعضهم أن التفل‬
‫على العليل عند الرقى ال يجوز ) ( فيض القدير – ‪0 ) 250 / 5‬‬
‫وباإلمكان مراجعة جزء من هذه السلسلة للوقوف على حقيقة ذلك ‪ ،‬وأقوال أهل العلم في مسألة‬
‫النفث ‪ ،‬كما وردت في كتابي الموسوم ( فتح الحق المبينـ في أحكام رقى الصرعـ والسحر والعين )‬
‫تحت عنوان ( الرقية بفاتحةـ الكتابـ ) ‪0‬‬
‫إن التجربةـ والخبرة في هذه المسألة أكدت بما ال يدع مجاال للشكـ أن النفثـ في وعاء واحد أو أوعية‬
‫مختلفة له نفس التأثيروالمفعول ‪ ،‬والقضية متعلقة بالمعالج واعتقاده ومنهجه ‪ ،‬ويفضل عدم مخالطة‬
‫لعاب الراقي لكالم أهل الدنياـ قبل النفثـ ‪ ،‬فذلك أنفع وأنجح بإذن اهلل ‪0‬‬

‫‪118‬‬
‫قد تكلم بعض أهل العلم بعدم جواز النفثـ في أوعية كثيرة ‪ ،‬فالمسألة خالفية ‪ ،‬وموقفنا معلوم من‬
‫الخالف بين أهل العلم الثقات حفظهم اهلل ‪0‬‬
‫ج ‪ -‬وأما اإلشارة إلى مسألةاللعابـ المباركـ ‪ ،‬فقد رقى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم نفسه ‪،‬‬
‫وكذلك فعلت عائشة ‪ ،‬وهذا من هديه وسنته – عليه الصالة والسالم ‪ ، -‬ومما أقر فعله ‪ ،‬وال يعني‬
‫فعل ذلك ورقية اإلنسانـ لنفسه وألهل بيته قبل النوم ‪ ،‬أو في مواضع أخرى ‪ ،‬أنه ذو لعابـ مبارك ‪،‬‬
‫فالقضية ليستـ مرتبطة باللعاب وال بغيره ‪ ،‬إنما هي مرتبطة بكالم اهلل عز وجل وهدي نبيه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم والنية والتوجه الخالص له سبحانه وتعالى ‪0‬‬

‫‪ -)7‬ذكر أنه نظرا لما تدره تلك الكيفيةـ السابقة على أصحابها من أمواال طائلة ‪ ،‬فقد يقوم بعض‬
‫المشعوذين والدجالينـ فيتظاهرون بالقراءة ‪ ،‬فيفتحون دكاكين لهذا الغرض ويخلطون الحق بالباطل‪..‬‬

‫أ ‪ -‬أما قول المؤلف بالكيفية السابقة التي تدر على أصحابهاـ أموال طائلةـ ‪ ،‬فالواجب يحتم عليناـ أن‬
‫نحسن الظن بالغيرـ ‪ ،‬وأن ال يؤخذ الكالم على إطالقه ‪ ،‬فليس كل من تصدر الرقية والعالج اتخذ ذلك‬
‫وسيلة لجمع المال ‪ ،‬والبعض ممن يرقى بالرقية الشرعيةـ ال يتقاضىـ أجرا على عمله ذلك ‪ ،‬ويحتسب‬
‫األجر عند اهلل سبحانه ‪ ،‬وهذا ال يعني تحريم جواز أخذ األجرة على الرقية ‪ ،‬مع أن األولى ترك ذلك‬
‫كما بين بعض أهل العلم ‪ ،‬والمصلحة الشرعيةـ تقتضي ذلك ‪ ،‬ويتضح هذا من خالل أمرين اثنينـ ‪:‬‬
‫‪ -)1‬إن العصر الذي نعيشه اليوم ‪ ،‬يختلف في كافة جوانبه عن العصر الذي عاش فيه رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وصحابته وخلفاؤه والتابعون وسلف األمة ‪ ،‬وقد وهنت النفوس وضعفت ‪،‬‬
‫فيخشى أن يتأثرـ المعالج بالجانب المادي ويتيه في ملذات الدنياـ وشهواتها ‪.‬‬
‫‪ -)2‬يكون العزوف عن أخذ األجرة طريقاـ للدعوة إلى اهلل عز وجل ‪ ،‬وعندما ترى جموع الناسـ أن‬
‫المعالج ال يبتغي األجر منهم ‪ ،‬بل يحتسبه عند اهلل سبحانه فسوف يغير ذلك المسلك من فهمهم‬
‫الخاطئ للرقية وأهلها ‪ ،‬ويكون حافزا إلقبالهم والتأثير عليهم وحبهم للدينـ وأهله ‪ ،‬وهذا منظور‬
‫مشاهد محسوس ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وأما أن يقوم بعض المشعوذين والدجالينـ فيتظاهرون بالقراءة ‪ ،‬فيفتحون دكاكين لهذا الغرض‬
‫‪:‬‬
‫‪ -)1‬إن كان المؤلف يعني المشعوذين والدجالين في البالد األخرى ‪ ،‬فإنهم ليسوا بحاجة أصال‬
‫للتظاهرـ بذلك ‪ ،‬وهم يعلنون صراحة سحرهم وكهانتهم ‪ ،‬وأما إن كان يعني هذا البلد اآلمن – أقصد‬
‫المملكة العربية السعودية ‪ ، -‬فأهل الحسبة لهم بالمرصاد ‪ ،‬وال يستطيعون أن يمرروا مثل ذلك األمر‬
‫‪ ،‬وهيئة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراكز الدعوة واإلرشاد يقفون متربصين لكل من‬
‫تسول له نفسه القيام بهذا العمل الكفري الخبيثـ ‪0‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ -)2‬إن الهدف والغاية الذي يسعى له كل داعية أن يصحح طريق المسلمين ‪ ،‬وينير أبصارهم‬
‫بالعقيدة الصحيحة والمنهج القويم المستقى من الكتاب والسنة ‪ ،‬وظهور فئة مشهود لها باالستقامة‬
‫والصالح واألخالق الحميدة ‪ ،‬ممن يعالجونـ بالكتاب والسنة ‪ ،‬ويظهرون لعامة الناس ويوضحون لهم‬
‫األخطار العظيمة والطرق واألساليبـ الخبيثة التي يتبعها السحرة والمشعوذون ‪ ،‬كل ذلك يساعد‬
‫الناس على أن يميزوا الساحر والمشعوذ من غيره ‪0‬‬
‫‪ -)3‬وال يعني ذلك القول أن نعطل سنة أقرها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فهل يعني ذلك أن كل‬
‫مدعي المعرفة بالطبـ ممن ال علم له به ‪ ،‬وهلك على يديه مريض ‪ ،‬أن نقوم بمنع سائر األطباءـ من‬
‫مزاولة مهنة الطب ‪ ،‬هذا مفهوم خاطئ وغير صحيح ‪ ،‬فالذي يمنع من مزاولة هذه المهنة ‪ ،‬من ظهر‬
‫جهله بهذا العلم دون غيره ‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبةـ للرقية الشرعية ‪ ،‬فالجاهل يردع ‪ ،‬والساحر الذي‬
‫يظهر للناس أنه يعالج بالرقية ‪ ،‬ال بد أن يكتشف أمره ويفتضح سره ‪ ،‬وكما أشرت سابقا فاألمر تحت‬
‫الرقابة والمتابعة ‪0‬‬
‫‪ -)8‬ذكر أن بعض القراء أصحاب الكيفيةـ الذين يتفرغون للقراءة على الناس ‪ ،‬ويتخذونها حرفة لهم‬
‫‪ ،‬يظنون أن ذلك من المستحب ‪ ،‬واالستحبابـ حكم شرعي ‪ ،‬وهو عبادة ‪ ،‬وهذا قد يجرهم إلى الوقوع‬
‫في البدعة ‪0‬‬
‫إن استحباب هذا األمر ممن تصدر الرقية الشرعية ‪ ،‬وأعني بذلك أصحابـ العقيدة والمنهج القويم ‪،‬‬
‫ما كان إال نصرة للحق وأهله ‪ ،‬ومحاربة للظلمـ والظلمة ‪ ،‬ورفع معاناة بعض المسلمينـ ‪ ،‬وال يقدر‬
‫هذا العمل الجليلـ إال من ابتاله اهلل سبحانهـ بتلك األمراض الروحية ‪ ،‬فاتباع المعالج طريق الرقية‬
‫والعالج ما كان إال أسوة وقدوة برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كما ثبت من حديث جابر – رضي‬
‫اهلل عنه – قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه )‬
‫( السلسلة الصحيحةـ ‪. ) 473‬‬
‫قال المناوي ‪ " ( :‬من استطاع منكم أن ينفع أخاه " أي في الدين قال في الفردوس يعني بالرقيةـ "‬
‫فلينفعه " أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا‬
‫كل رقية جربت منفعتها وإ ن لم يعقل معناها ‪ ،‬لكن دل حديث عوف الماضيـ أن ما يؤدي إلى شرك‬
‫يمنع وما ال يعرف معناه ال يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطاـ وحذف المنتفع به إلرادة التعميم‬
‫فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع‬
‫َع َمالُ ُه ْم‬ ‫الكافر أخاه بنحو صدقة عليه ال يثاب عليه في اآلخرة وهو ما عليه جمع ‪َ ( :‬والَِّذ َ‬
‫ين َكفَُروا أ ْ‬
‫يع ٍة ) " سورة النور – اآلية ‪ ( ) " 39‬فيض القدير ‪. ) 54 / 6 -‬‬ ‫َكسر ٍ ِ‬
‫اب ِبق َ‬ ‫ََ‬
‫وحتى هذه اللحظةـ لم أعلم قوال ألحد من أهل العلم يبينـ أن العمل بهذه الكيفيةـ من المستحبـ ‪،‬‬
‫واالستحبابـ حكم شرعي ‪ ،‬وهو عبادة وقد يجر إلى الوقوع في البدعة ‪ ،‬أما إن كانت تلك المقولة‬
‫اجتهادات شخصية للمؤلف ‪ ،‬فذلك ال يعول عليه في األحكام الشرعية ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫ولو أجمع العلماء حفظهم اهلل على أن الرقية الشرعية بهذه الكيفيةـ بدعة منكرة ‪ ،‬لكنت أول من‬
‫حارب ذلك الفعل وتصدى له ‪ ،‬مع علمنا اليقيني بحرص العلماءـ في هذه البالد الطيبةـ على تتبع منهج‬
‫السلف الصالح ‪ -‬رضوان اهلل عليهم أجمعين ‪ ، -‬أما وإ ن كانت المسألة فيها خالف ونظر ‪ ،‬فتبقى‬
‫من المباحـ الذي ال يجوز رمي صاحبه بالبدعة ‪ ،‬والمسلم ينقاد بتعليمات الكتاب والسنة ويسير في‬
‫س ِم ْع َنا‬
‫حياته وفق هاذين األصلين العظيمينـ ‪ ،‬يقول الحق جل وعال في محكم كتابه ‪َ 000 ( :‬وقَالُوا َ‬
‫ير ) ( سورة البقرة – اآلية ‪. ) 285‬‬ ‫طع َنا ُغ ْفرا َن َـك ر َّب َنا وإِلَ ْي َك ا ْلم ِ‬
‫ص ُـ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َوأَ َ ْ‬
‫‪ -)9‬ذكر كالما طويال في قضية الدعاء واستشهد بحادثة أويس القرني مع عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي‬
‫اهلل عنه ‪ -‬ويقول أخيرا ‪ :‬قلت فما الظن بالذي يقدم عليه آالف من الناسـ ألجل القراءة عليهم ‪،‬‬
‫ويتركون القضاةـ والمفتين وأهل العلم أال يخشى عليه الفتنةـ ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬إن جهل عامة الناس باألحكامـ الشرعية الفقهية ال يعني تعطيل تلك األحكام نتيجة للفهم الخاطئ‬
‫لدى العامة ‪ ،‬والمسلم الحق مطالبـ بالعودة للينبوعـ الحقيقي الذي نستقي منه األحكام الشرعية‬
‫والمتمثل باألصول الثالثةـ ( الكتاب والسنة واإلجماع ) ‪ ،‬وكذلك العودة للعلماء وطلبة العلم في‬
‫المسائل المشكلة أو المبهمة ‪ ،‬يقول تعالى في محكم كتابه ‪ ( :‬وما أَرسل َنا ِم ْن قَْبِل َـك إِال ِرجاال ُن ِ‬
‫وحى‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫ون ) ( سورة النحل – اآلية ‪. ) 43‬‬ ‫َه َل ِّ‬
‫الذ ْك ِر إِ ْن ُك ْنتُ ْم ال تَ ْعلَ ُم َ‬ ‫إِلَ ْي ِه ْم فَ َ‬
‫اسئلُوا أ ْ‬
‫وحصول التبرك أو المغاالة في النظرة للقراء والمعالجين ال يعني إيقاف الرقية والعالج ‪ ،‬والبديل عن‬
‫ذلك سوف يكون اللجوء للسحرة والعرافين والمشعوذين ‪ ،‬أما الكيفية الصحيحةـ في تالفي حصول‬
‫ذلك فيكمن في إيضاح األمور االعتقادية والمسائل المتعلقةـ بالرقية الشرعيةـ ‪ ،‬وتوجيه الناسـ وفق‬
‫الكتابـ والسنة ‪ ،‬وبفضل من اهلل سبحانه أصبح الكثير ممن يرتادون بعض المعالجينـ أو أماكن الرقية‬
‫العامة التي أسست على قواعد ثابتة‬
‫راسخة ‪ ،‬يعلمون ويفرقون بين السحرة وغيرهم ‪ ،‬ليس ذلك فحسب إنما أصبحوا يمتلكون كما من‬
‫العلم الشرعي في كثير من مسائل الرقية الشرعية التي نقلتـ لهم عن طريق فتاوى العلماء حفظهم‬
‫اهلل والمتعلقة بهذا الموضوع ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أما أن يترك القضاةـ والمفتون وأهل العلم ويلجأ إلى الراقي ‪ ،‬فكل على ثغر ‪ ،‬وكل ميسر لما قدر‬
‫له ‪ ،‬فكما أن اهلل تعالى وهب العالم علمه الشرعي لنشره بين الناسـ ‪ ،‬والقاضيـ ليحكم بينهم بالعدل‬
‫وبشريعة اهلل ومنهجه ‪ ،‬فهو الذي قيض هذا اإلنسانـ لمساعدة إخوانه ‪ ،‬وهذه منة من اهلل سبحانهـ‬
‫يهبها لمن يشاء ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الفتنة قد تحصل للراقي ولغيره ‪ ،‬ولذلك يجب على كل مسلم سواء كان عالماـ أو قاضيا ونحوه ‪،‬‬
‫أن يجعل كل عمل يقوم به خالصا لوجه اهلل سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫د ‪ -‬بالنسبةـ لقصة أويس –رحمه اهلل‪ -‬مع عمر – رضي اهلل عنه ‪ ، -‬فكيف نفترض افتراضاـ لم‬
‫يحصل أصال وهو قول المؤلف ‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫(ومع هذا ال شك بأن عمر بن الخطاب لو رأى أن أهل المدينة اجتمعوا على أويس لطلبـ الدعاء ‪،‬‬
‫وقدم أهل مكة وأهل العراق ألجل هذا الغرض لمنعهم مع فعله هو له ) ‪.‬‬
‫إذن ما الحكمة من إخبارـ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن ذلك التابعي الجليلـ المخضرم بأنه‬
‫مستجاب الدعوة ‪ ،‬وهذا يعني أن المسلمين لو طلبوا منه أن يدعو لهم دون مغاالة أو تبركـ ونحوه ‪،‬‬
‫لما ضرهم ذلك شيئا ‪ ،‬وال نستطيع القول بأن عمر كان سيقر ذلك أم ال وعلم ذلك عند اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -)10‬ذكر أن في هذا األمر مفسدة من حيث تعلق الناسـ بالراقي ‪ ،‬ويقول ال شك بأن درء المفسدة‬
‫مقدم على جلب المصلحة خاصة إذا عظمت المفسدة على المصلحة ‪.‬‬
‫قد يكون في نظر المؤلف أن المفسدة أعظم من المصلحة ‪ ،‬ولكني أرى واهلل تعالى أعلم ونتيجة‬
‫لخبرتي في هذا المجال ومعاشرتي لكثير من الناس ‪ ،‬بأن المصلحة الشرعيةـ أعم وأشمل بكثير من‬
‫المفسدة المترتبةـ على القراءة بهذه الكيفيةـ لألسبابـ التالية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المصلحة الشرعيةـ تقتضي أن يوضح للمسلمين الكيفيةـ الصحيحة للرقية الشرعيةـ الثابتةـ في‬
‫الكتابـ والسنة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المصلحة الشرعية تقتضي لجوء المسلمين للرقية الشرعيةـ الثابتةـ في الكتاب والسنة ‪ ،‬بدل‬
‫اللجوء للسحرة والعرافين والمشعوذين ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬المصلحة الشرعيةـ تقتضي أن تكون هذه األماكن منابرـ للدعوة إلى اهلل عز وجل بطرق شتى‬
‫ووسائل جمة ‪.‬‬
‫د ‪ -‬المصلحة الشرعية تقتضي ‪ ،‬نصرة المظلوم ‪ ،‬ومحاربة الظلم ‪ ،‬وتفريج كربة عن مسلم عانى‬
‫ويعاني منها منذ سنوات طوال ‪ ،‬وقد ثبت من حديث ابن عمر ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬المسلم أخو المسلم ‪ ،‬ال يظلمه وال يسلمه ‪ ،‬ومن كان في حاجة أخيه‬
‫كان اهلل في حاجته ‪ ،‬ومن فرج عن مسلم كربة ‪ ،‬فرج اهلل عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ‪ ،‬ومن‬
‫ستر مسلما ‪ ،‬ستره اهلل يوم القيامة ) ( متفق عليه ) ‪.‬‬
‫هـ‪ -‬المصلحةـ الشرعية تقتضي أن يتبين الناسـ دواعي تلك األمراض ‪ ،‬واألسبابـ الحقيقية لتسلطـ‬
‫الجن والشياطينـ على اإلنس ويحذروا منها ‪.‬‬
‫و ‪ -‬المصلحة الشرعية تقتضي أن يزداد الناس إيمانا بعد أن يروا بعض الوقائع عن هذا العالمـ‬
‫الغيبي وكيفية تأثير كتاب اهلل عز وجل على الجن والشياطين ‪.‬‬
‫وقس على ذلك الكثير ‪ ،‬وهذا ال يعني حصول بعض المفاسد المترتبةـ على ذلك األمر ‪ ،‬ولكن باالتكال‬
‫على اهلل ‪ ،‬وبتكاتف جهود من يعالج بالكتابـ والسنة مع العلماءـ وطلبة العلم ‪ ،‬فال بد أن تذلل الصعاب‬
‫وأن يعم الخير والفائدة على المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -)11‬إن المتفرغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغـ للدعاء للناس فالرقية والدعاء من‬
‫جنس واحد فهل يليق بطالبـ علم أن يقول للناسـ تعالوا الي أدع لكم !!‬

‫‪122‬‬
‫ال يعتقد أن دعاء المسلم إلخوانه فيه أدنى عيب أو انتقاص ‪ ،‬بل يعتبر فعال وخصلة من خصال الخيرـ‬
‫‪ ،‬وقد تكلم أهل العلم في دعاء الصالحينـ واالنتفاعـ بدعائهم ‪ ،‬فأجازوا ذلك وبينوا مشروعيته ‪ ،‬إن‬
‫كان بضوابطه الشرعيةـ ‪ ،‬وأنه ال يقدح بسائله أو صاحبـ الدعاء سواء كان من أهل الرقية وغيرها ‪،‬‬
‫وهذا ال يعني مطلقا الجلوس من أجل ذلك ‪ ،‬وقد أسلفت أن القضية برمتها وهي " القراءة الجماعيةـ "‬
‫تنظيما للوقت ليس إال وليس الهدف والغاية من اجتماع المرضى هو الدعاء لهم بالشفاءـ ‪ ،‬ولو كان‬
‫القصد من االجتماعـ هو ذلك العمل ألصبح هذا األمر عين البدعة واهلل تعالى أعلم ‪.‬‬
‫قال العالمة الشيخ محمد ناصرـ الدين األلبانيـ ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬كما يمكن الحصول على بركة دعاء‬
‫الصالحينـ أيضا عن طريق طلب الدعاء من أحدهم ‪ ،‬خاصة عند وقوع المسلم في ضيق شديد ‪ ،‬أو‬
‫مرض ‪ ،‬أو مصيبة ‪ ،‬فيطلب منه أن يدعو ربه ليفرجـ عنه كربه ‪ ،‬أو يشفيه من مرضه ‪ ،‬وهذا يعتبر‬
‫من أنواع التوسل المشروع ) ( التوسل – أنواعه – وأحكامه – ‪. ) 38‬‬
‫قال الدكتور ناصرـ بن عبدالرحمنـ الجديع ‪ ( :‬من منافع وبركات الصالحين على أنفسهم وعلى غيرهم‬
‫دعاء اهلل تباركـ وتعالى وسؤاله من خيري الدنياـ واآلخرة ‪ 0‬والدعاء شأنه عظيم ‪ ،‬وهو نوع جليل‬
‫من أنواع العبادة هلل عز وجل ‪ ،‬يحتاجـ إليه المسلم في سائر أحواله ‪ ،‬وفي الرخاء والشدة ‪ ،‬وقد تكفل‬
‫اهلل تعالى بإجابة من دعاه ‪ ،‬وللدعاء آداب وإلجابته أسباب ‪ ،‬مذكورة في مواضعها ‪ 0‬والمقصود هنا‬
‫أن دعاء الصالحينـ المتقينـ له ثمرات نافعة ‪ ،‬وآثار طيبة في الدنياـ واآلخرة ‪ -‬بإذن اهلل تبارك وتعالى‬
‫‪ -‬لهم أنفسهم ولغيرهم من إخوانهم المؤمنين ) ( التوسل – أنواعه – وأحكامه – ‪. ) 271‬‬
‫وتوجه المعالج هلل سبحانه وتعالى بالدعاء إلخوانه المرضى بإخالص ويقين أمر طيب محمود ‪ ،‬وقد‬
‫يمن اهلل ببركة دعائه على كثير ممن ابتليـ بتلك األمراض ‪ ،‬والكالم بعمومه يقصد المعالجين‬
‫الصالحينـ المتقينـ ‪ ،‬وال يعني مطلقا من ال خالق لهم ‪ ،‬وهذا يتعارض مع ما ذكره المؤلف من توجيه‬
‫رسالة للناس مفادها ( تعالوا أدع لكم ) ‪.‬‬
‫‪ -)12‬ذكر أن انتشارـ هذه الظاهرة قد يوهم الناس ومن ال علم عنده بأن الكيفيةـ هي الطريقة‬
‫الصحيحة للرقية فيظل الناس يطلبونـ الرقية من غيرهم وتتعطل سنة رقية األفراد‪.‬‬
‫إن الذي ال يمتلك كما من العلم الشرعيـ لن يختلف حاله في الرقية وغيرها ‪ ،‬ولن يأبه باتباعـ الطرق‬
‫الصحيحة وغير الصحيحة للعالج ‪ ،‬سواء كان ذلك باللجوء للسحرة والمشعوذين ‪ ،‬أو طرق أبواب‬
‫كل مدع ومستعين بالجنـ الصالح بزعمهم ‪ ،‬وكل ما يسعى إليه هو الشفاءـ بأي طريقة أو وسيلة ‪ ،‬مع‬
‫أن الذي أراه أن اللجوء للرقية الشرعية فيها سبب عظيم إليضاح كثير من الحقائق المتعلقةـ بالرقية‬
‫والمسائل المرتبطة بها ‪ ،‬خاصة إن كان المعالج يهتم في منهجه وطريقته بإيضاحـ أمور العقيدة‬
‫لمرضاه ‪ ،‬وتعليمهم األسس والثوابت في الرقية والعالج ‪ ،‬كالتوجه هلل وسؤاله الشفاءـ والعفو‬
‫والعافية ‪ ،‬وكذلك رقيتهم ألنفسهم ويقينهم التام باهلل سبحانه وتعالى ‪0‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن البعض ممن ابتاله اهلل سبحانهـ بتلك األمراض ‪ ،‬ال يستطيع أن يواجه ذلك‬

‫‪123‬‬
‫األمر بمفرده أو أن يقوم برقية نفسه ‪ ،‬وذلك بسبب تسلط الجن والشياطين له وإ يذائه وصرعه ‪ ،‬أو‬
‫قيام أحد من أهل بيته بفعل ذلك ‪ ،‬لعدم قدرته أو خوفه ‪ ،‬أو امتالكه الخبرة التي تؤهله لذلك ‪ ،‬وقد‬
‫يخطئ العالج وتصبح المفسدة عظيمة ‪0‬‬
‫فإذا لم يلجأـ هؤالء الناس لبعض المعالجين أصحابـ العقيدة والمنهج الصحيح أو األماكن العامة‬
‫للرقية ‪ ،‬وهم أصال ال يحضرون حلقاتـ العلم وال المحاضرات ‪ ،‬وقد أحاطتهم المعاصيـ من كل حدب‬
‫وصوب ‪ ،‬فمن أين لهم وضوح الكيفية والطريقة الصحيحةـ للرقية الشرعية ‪.‬‬
‫وأود أن أوضح أن طرح هذا الموضوع ما كان إال للمصلحةـ العامة للمسلمينـ ‪ ،‬وما القصد بذلك ذم أو‬
‫تجريح ألحد ‪ ،‬ولكن رأيت ذكر الحقائق والوقائع لقربي من المعاناة التي يعاني منها الكثير ‪ ،‬وأحمل‬
‫همومهم وجراحاتهم ‪ ،‬كما أحمل هموم وجراحات العالم اإلسالمي ‪ ،‬وهذا ال يعني مطلقا موافقتي لما‬
‫أراه وأسمعه اليوم على الساحةـ ‪ ،‬ولكنني أؤكد أنه باإلمكان توظيف ذلك األمر للمصلحة العامة‬
‫للمسلمينـ ‪ ،‬وذلك بتكاتف كافة الجهاتـ المسؤولة لتقنين الرقية الشرعيةـ من الرواسبـ والشوائب‬
‫التي لحقت بها نتيجة للممارساتـ الخاطئة ‪.‬‬
‫فواجبنا االهتمام بالمصلحة العامة للمسلمين في شتى بقاع األرض وأن نقدم لهم جل ما نستطيع‬
‫ابتغاء وجه اهلل سبحانه ‪ ،‬وبذلك يتحقق الخير العظيم بإذنه تعالى ‪ ،‬وقد ثبت من حديث أبي الدرداء ‪-‬‬
‫رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من أخرج من طريق المسلمينـ شيئا‬
‫يؤذيهم ‪ ،‬كتب اهلل له به حسنة ‪ ،‬ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة ) ( السلسلة الصحيحةـ‬
‫‪. ) 2306‬‬
‫قال المناوي ‪ " ( :‬من أخرج من طريق المسلمين شيئاـ يؤذيهم" كشوك وحجر وقذر " كتب اهلل " له "‬
‫به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله الجنة " تفضال منه وكرما ) ( فيض القدير – ‪) 43 / 6‬‬
‫أسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يوفق الكاتب لما يحب ويرضى ‪ ،‬ونسأله أن يجمعنا وإ ياه وسائر‬
‫المسلمينـ في جناتـ النعيم إنه سميع مجيب ‪0‬‬

‫مع تمنياتيـ للجميع بالصحة والسالمة والعافية ‪:‬‬


‫( منتدى الرقية الشرعية )‬ ‫منقول ‪:‬‬

‫حكم تعليق التمائم ‪ ،‬وأحكامها الشرعية ؟؟؟‬


‫أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني ‪0‬‬

‫‪124‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على أشرف األنبياءـ والمرسلينـ محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫إن اإلسالم حدد طرقاً سوية واضحة المعالم ‪ ،‬بينة األبعاد ‪ ،‬ظليلة األشجارـ ‪ ،‬عذبة األنهار ‪ ،‬إن تبعها‬
‫المسلم فانقاد بها ‪ ،‬واستنارـ بدروبها واستظل بظلها وشرب من ينبوعها ‪ -‬قادته لبر األمان ورضى‬
‫الرحمن ‪ ،‬وأدت به تلك المسالك إلى الغاية والهدف المنشود ‪ ،‬ولذا كان لزاما على المسلم الصادق تحري‬
‫تلك الطرق والدروب للوصول إلى غايته المنشودة ‪ ،‬وبالمقابل فهناك دروب أخرى كثيرة يتصدر كل منها‬
‫شيطان يدعو لها ويزينها في أعين الناسـ ‪ ،‬فمن وافقه هلك ‪ ،‬ومن خالفه واتبع طريق الحق نجا وسلك ‪،‬‬
‫وليس للعبد أن يدفع كل ضرر بما شاء ‪ ،‬وال أن يجلبـ كل منفعة بما شاء ‪ ،‬بل يحكم كل ذلك ضمن األطر‬
‫الشرعية ‪ ،‬وال بد من توخي التقوى والخوف والوجل من رافع السماء بال عمد ‪ ،‬ومن أطلق لنفسه العنانـ‬
‫في تمرير ما يراه مؤثرا من غير أن يزنه بميزان الشريعة فقد أخطأ خطأ بيناـ ‪ ،‬وفيما أباحتهـ الشريعة‬
‫كفاية لدفع كل شرر ‪ ،‬وتحصينا للنفسـ البشرية من ضرر الشيطانـ وإ يذائه ‪0‬‬

‫فالمتتبع للنصوصـ القرآنية والحديثية يقف على داللة واضحة أكيدة ‪ ،‬تتمثل في أن اهلل سبحانهـ وتعالى‬
‫وحده الذي يكشف الضر ‪ ،‬وهو الذي يلجأـ إليه العباد لتحصيل منفعة أو درء مفسدة ‪ ،‬وهو القادر على‬
‫ف لَ ُه إِال ُه َو‬ ‫اش َ‬ ‫ضٍّر فَال َك ِ‬ ‫س َك اللَّ ُه ِب ُ‬ ‫سْ‬ ‫ذلك بسبب أو بغير سبب ‪ ،‬يقول تعالى في محكم كتابه ‪َ ( :‬وإِ ْن َي ْم َ‬
‫ير ) ( سورة األنعام – اآلية ‪ ، ) 17‬وقال سبحانه ‪َ ( :‬وإِ ْن‬ ‫وإِ ْن يمسس َك ِب َخ ْي ٍر فَهو علَى ُك ِّل َ ٍ ِ‬
‫ش ْيء قَد ٌ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء م ْن ع َباده َو ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب ِبه َم ْن َي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف لَ ُه إِال ُه َو َوإِ ْن ُي ِر ْد َك ِب َخ ْي ٍر فَال َر َّ‬ ‫ِ‬ ‫س َك اللَّ ُه ِب ُ‬
‫ش ُ‬ ‫ضله ُيص ُـ‬ ‫اد لفَ ْ‬ ‫ضٍّر فَال َكاش َ‬ ‫سْ‬ ‫َي ْم َ‬
‫يم ) ( سورة يونس – اآلية ‪ ، ) 107‬ويقول سبحانه ‪َ ( :‬و َما ِب ُك ْم ِم ْن ِن ْع َم ٍة فَ ِم ْن اللَّ ِه ثَُّم إِذا‬ ‫ا ْل َغفُور َّ ِ‬
‫الرح ُ‬ ‫ُ‬
‫ون ) ( سورة النحل –‬ ‫ش ِر ُك َ‬ ‫ِ‬
‫يق م ْن ُك ْم ِب َر ِّب ِه ْم ُي ْ‬‫ُّر َع ْن ُك ْم إِ َذا فَ ِر ٌ‬
‫ف الضَّ‬ ‫شَ‬ ‫ون * ثَُّم إِ َذا َك َ‬ ‫ِ‬
‫ُّر فَِإلَ ْي ـه تَ ْجأ َُر َ‬
‫س ُك ْم الضُّ‬
‫َم َّ‬
‫اآلية ‪0 ) 54 ، 53‬‬

‫واألسباب إما أن تكون شرعية أو تكون حسية ‪ ،‬فالسببـ الشرعي ما جعله اهلل سببا في الشرع بنص آية‬
‫أو حديث كمثل الدعاء والرقية الشرعية ‪ ،‬فإنها سبب شرعي لجلب الخيرـ للعبد ‪ ،‬أو لدفع الشر عنه بإذن‬
‫اهلل تعالى ‪ 0‬فالمباشر لهذه األسبابـ إنما لجأ إلى اهلل الذي أمر بها وبين أنها أسباب ‪ ،‬واالعتماد إنما‬
‫يكون على اهلل ال عليهاـ ؛ ألنه هو سبحانهـ الذي جعلها أسبابا وهو القادر على تعطيل تأثيرهاـ فيكون‬
‫االعتماد أوال وأخيرا عليه سبحانهـ ‪0‬‬

‫وأما السببـ الحسي فهو ما كان بينه وبين تأثيره مناسبة واضحة يدركها الناس في الواقع المحسوس أو‬
‫المعقول ‪ ،‬مثل كون شرب الماء سبب إلزالة العطش ‪ ،‬والتدثر باأللبسة سبب إلزالة البرد ‪ ،‬وكون األدوية‬

‫‪125‬‬
‫المصنوعة من مواد معينة تؤثر على الجراثيم المسببة للمرضـ فتقتلها ‪ ،‬فإن هذا من األسبابـ الطبيعية ‪0‬‬
‫ومباشرة األسباب الطبيعيةـ أمر قد حث عليه الشرع الحنيف ‪ ،‬وبالتالي فمباشرتها لجوء إلى اهلل الذي‬
‫جعل في هذه األسبابـ خاصية معينة ‪ ،‬وهو القادر على إزالة هذه الخاصيةـ إذا شاء ‪ ،‬كما أزال خاصية‬
‫اإلحراق عن النارـ التي أججت إلبراهيم عليه السالم ‪0‬‬

‫وكثير من المسلمينـ اليوم اتبعوا طرقا شتى ووسائل متعددة لدفع عداوة الشيطان ‪ ،‬دون أن توزن بميزانـ‬
‫الشريعة ‪ ،‬فوقعوا في الكفر أو الشركـ أو المحظور ‪ ،‬وقد تؤدي بعض تلك الوسائل إلى الغايةـ التي‬
‫استخدمت من أجلها ‪ ،‬وال يكون ذلك إال بمعاونة الشيطانـ ومباركتهـ لتلك األفعال التي خالفتـ الشريعة‬
‫وانساقت وراء نزوات وأهواء وشهوات ‪ ،‬فاستحقت غضب اهلل وعقوبته ‪ ،‬وشاهد ذلك قصة أوردها‬
‫العالمة الشيخ محمد ناصرـ الدين األلبانيـ – رحمه اهلل – كما ثبت في صحيح سنن ابن ماجة حيث قال ‪( :‬‬
‫عن زينبـ ‪ ،‬قالت ‪ :‬كانت عجوز تدخل علينا ترقي من الحمرة ‪ ،‬وكان لناـ سرير طويل القوائم ‪ 0‬وكان عبد‬
‫اهلل ‪ ،‬إذا دخل ‪ ،‬تنحنح وصوت ‪ 0‬فدخل يوما ‪ ،‬فلما سمعت صوته احتجبت منه ‪ 0‬فجاء فجلس إلى جانبيـ‬
‫‪ 0‬فمسني فوجد مس خيط ‪ 0‬فقال ما هذا ؟ فقلت ‪ :‬رقي لي فيه من الحمرة ‪ 0‬فجذبه وقطعه ‪ ،‬فرمى به‬
‫وقال ‪ :‬لقد أصبح آل عبداهلل أغنياءـ عن الشركـ ‪ 0‬سمعت رسول صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ ( :‬إن الرقى‬
‫والتمائم والتولة شرك ) قلت ‪ :‬فإني خرجت يوما فأبصرنيـ فالن ‪ 0‬فدمعت عيني التي تليه ‪ 0‬فإذا رقيتها‬
‫سكنت دمعتها ‪ 0‬وإ ذا تركتها دمعت‪ 0‬قال‪ :‬ذاك الشيطان ‪ 0‬إذا أطعته تركك ‪ ،‬وإ ذا عصيته طعن باصبعه‬
‫في عينكـ ‪ 0‬ولكن لو فعلت كما فعل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬كان خيرا لك وأجدر أن تشفين ‪0‬‬
‫تنضحينـ في عينكـ الماء وتقولين ‪ :‬أذهب البأس‪ 0‬رب الناسـ ‪ 0‬اشف ‪ ،‬أنت الشافي ‪ 0‬ال شفاء إال‬
‫شفاؤك ‪ ،‬شفاء ال يغادر سقما ) ( أخرجه اإلمام البخاري في صحيحه – كتاب المرضى ( ‪ - ) 20‬برقم (‬
‫‪ ، ) 5675‬وكتاب الطب ( ‪ - ) 40 ، 38‬برقم ‪0 ) 5750 ، 5743 ، 5742‬‬

‫ومن األمور التي ابتليـ بها كثير في عالمناـ اإلسالمي اليوم تعليق التمائم عامة ‪ ،‬وبخاصة التمائم الشركية‬
‫التي ال يفقه معناها كالكتاباتـ والطالسم والمربعاتـ والحروف المقطعة والرسوم المختلفةـ أو العقد والخرز‬
‫والعظم وما شابهه ‪ ،‬والتي يعتبر تعليقهاـ أو االعتقاد بجلبهاـ منفعة أو دفع ضر شرك باهلل عز وجل ‪،‬‬
‫وانحراف في العقيدة وانتكاس للفطرة ‪0‬‬

‫وتلك التمائم ليس بينها وبين تأثيرهاـ على متعاطيها مناسبة البتةـ ‪ ،‬فما عالقة الخرزة بدفع الشر وإ زالته‬
‫‪ ،‬وهي جماد ال تأثير لها ولم يجعلها اهلل سبباـ شرعيا لذلك ‪ ،‬وال يدرك الناسـ بأنها ليستـ سببا لدفع‬
‫الشرور واألخطار ‪ ،‬ومن هنا كان االعتماد عليها كاعتماد المشركينـ على األموات واألصنام التي ال تسمع‬
‫وال تبصر وال تنفع وال تضر ‪ ،‬وهم يظنون فيها التوسط عند اهلل لجلبـ خير أو دفع ضر ‪ ،‬ويظنون أن لها‬

‫‪126‬‬
‫بركة معينة تنتقل إلى عابديهاـ وتؤثر في أموالهم وأرزاقهم ‪0‬‬

‫هذا وسوف استعرض تحت هذا العنوان اآلتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريفات عامة ‪:‬‬

‫* الرقى ‪ :‬قال الشيخ عبدالرحمنـ بن حسن آل الشيخ ‪ ( :‬هي التي تسمى العزائم ‪ ،‬وخصص منه الدليل‬
‫ما خال من الشركـ فقد رخص فيه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من العين والحمة ) ( فتح المجيد شرح‬
‫كتاب التوحيد – ص ‪0 ) 169‬‬

‫* الودعة ‪ :‬شيء أبيض يجلب من البحر يعلق في أعناق الصبيانـ وغيرهم ‪ 0‬وفي الحديث ( من علق‬
‫ودعة فال ودع اهلل له ) ( ضعيف الجامع ‪ ) 5703 -‬أي فال بارك اهلل ما هو فيه من العافية ‪ 0‬وإ نما‬
‫نهي عنها ألنهم كانوا يعلقونها مخافة العين ) ( مختار الصحاح مادة " ودع " ‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‬
‫للقرطبيـ – ‪ ، 320 / 10‬واآلداب الشرعية لمحمد بن مفلح – ‪0 ) 76 / 3‬‬

‫قال القرطبي ‪ ( :‬فالودعة مثل التميمة في المعنى ) ( الجامع ألحكام القرآن – ‪ – 320 / 10‬الموسوعة‬
‫الفقهية – ‪0 ) 22 / 13‬‬

‫* التوله ‪ :‬قال ابن منظور ‪ ( :‬بضم التاءـ وكسرها ‪ ،‬ضرب من الخرزـ يوضع فتحبب بها المرأة إلى‬
‫زوجها ) ( لسانـ العرب ‪0 ) 81 / 11 -‬‬

‫* التميمة ‪ :‬قال الشيخ عبدالرحمنـ بن حسن آل الشيخ ‪ ( :‬قال المنذري خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها‬
‫تدفع عنهم اآلفات ‪ ،‬وهذا جهل وضاللة ‪ ،‬إذ ال مانع وال دافع غير اهلل تعالى ) ‪0‬‬

‫وقال أيضاـ ‪ ( :‬قال أبو السعادات ‪ :‬التمائمـ جمع تميمة ‪ ،‬وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أوالدهم ‪،‬‬
‫يتقون بها العين في زعمهم ‪ ،‬فأبطلها اإلسالم ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ص ‪0 ) 161‬‬

‫قال العالمة الشيخ محمد ناصرـ الدين األلبانيـ – رحمه اهلل ‪ ( : -‬فائدة ‪ :‬التميمة ‪ :‬خرزات كانت العرب‬
‫تعلقها على أوالدهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطلها اإلسالم كما في ( النهايةـ ) البن األثيرـ‪ 0‬قلت ‪:‬‬
‫وال تزال هذه الضاللة فاشية بين البدو والفالحينـ وبعض المدنيين ومثلها الخرزاتـ التي يضعها بعض‬

‫‪127‬‬
‫السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ! وبعضهم يعلق نعال في مقدمة السيارة أو في‬
‫مؤخرتها ! وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ! كل ذلك لدفع العين زعموا ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك مما عم وطم بسبب الجهل بالتوحيد ‪ ،‬وما ينافيه من الشركياتـ والوثنياتـ التي ما بعثت الرسل‬
‫وأنزلت الكتبـ إال من أجل إبطالهاـ والقضاء عليهاـ ‪ ،‬فإلى اهلل المشتكى من جهل المسلمين اليوم ‪ ،‬وبعدهم‬
‫عن الدين ) ( سلسلة األحاديث الصحيحةـ ‪ -‬المجلد األول ‪ -‬القسم الثانيـ ‪0 ) 890‬‬

‫* الرتيمةـ أو الرتمة ‪ :‬خيط يربط باصبع أو خاتم لتستذكر به الحاجة ‪ ،‬ويقال ‪ :‬أرتمه ‪ :‬إذا شد في اصبعه‬
‫الرتيمه ‪ 0‬وقيل ‪ :‬هي خيط كان يربط في العنق أو في اليد في الجاهليةـ لدفع المضرة عن أنفسهم على‬
‫زعمهم ) ( مختار الصحاحـ مادة ‪ " :‬رتم " ‪ ،‬وابن عابدين– ‪ – 232 / 5‬الموسوعة الفقهية – ‪23 / 13‬‬
‫)‪0‬‬

‫ذكر في الموسوعة الفقهية ما نصه ‪ ( :‬فحكم الرتيمة – بمعنى ‪ :‬أنها خيط يربط باصبعـ أو خاتم لتستذكر‬
‫به الحاجةـ – فقد ذكر ابن عابدين أنها ال تكره ‪ ،‬ألنها تفعل لحاجة فليس بعبث ‪ ،‬لما فيه من الغرض‬
‫الصحيح ‪ ،‬وهو التذكر عند النسيان ‪ ،‬وفي المنح ‪ :‬أنه مكروه ‪ ،‬ألنه محض عبث ‪ 0‬وعلى هذا الخالف ‪:‬‬
‫الدملج ‪ ،‬وهو ما يصنعه بعض الرجال في العضد ‪0‬‬
‫وأما حكم الرتيمةـ – بمعنى أنها خيط كان يربط في العنق أو في اليد في الجاهليةـ لدفع الضررـ بزعمهم –‬
‫فهو منهي عنه ‪ ،‬ألنه من جنس التمائم المحرمة ‪ ،‬وذكر في حدود اإليمانـ أنه كفر ) ( الموسوعة الفقهية‬
‫– ‪ – 26 ، 25 / 13‬نقال عن ابن عابدينـ – ‪ ، 232 / 5‬فتح القدير – ‪0 ) 459 / 8‬‬

‫قلت ‪ :‬ال شك أن تعليق الرتيمة في العنق أو اليد بقصد دفع ضرر أو جلب منفعة هو كفر باهلل عز وجل ‪،‬‬
‫أما تعليقهاـ الستذكار الحاجة فأرى أن األولى ترك ذلك سدا للذريعة التي قد تؤدي للمحذور واهلل تعالى‬
‫أعلم ‪0‬‬

‫* التحويطة ‪ :‬قال ابن منظور ‪ ( :‬والحوط خيط مفتول من لونين أحمر وأسود ‪ ،‬يقال له ‪ :‬البريم تشده‬
‫المرأة على وسطها ؛ لئال تصيبهاـ العين ‪ 0‬وفيه خرزات وهالل من فضة ) ( لسانـ العرب – مادة ( حوط‬
‫) – ‪0 ) 80 / 7‬‬

‫* الحقاب ‪ :‬قال ابن منظور ‪ ( :‬وهو خيط يشد في حقو الصبي تدفع به العين ) ( لسان العرب – ‪/ 1‬‬
‫‪0 ) 325‬‬

‫‪128‬‬
‫* الوتر ‪ :‬قال ابن األثير ‪ ( :‬واحد أوتار القوس ‪ 0‬وكانوا يزعمون أن التقليد باألوتار يرد العين ويدفع‬
‫عنهم المكاره ) ( النهايةـ في غريبـ الحديث البت األثير – ‪0 ) 149 / 5‬‬

‫* كعب األرنبـ ‪ :‬كانوا يعلقونه على أنفسهم ويقولون ‪ :‬إن من فعل ذلك لم تصبه عين وال سحر ‪0‬‬
‫( نهاية األرب للنويريـ – ‪ ، 123 / 3‬وحياة الحيوانـ الكبرى للدميري – ‪0 ) 34 / 1‬‬

‫* الخرزـ ‪ :‬قال األزهري ‪ ( :‬فالجاهليون كانوا يعلقون على أوالدهم الخرز ليقيهم من العين ) ( تهذيب‬
‫اللغة لألزهري ‪0 ) 260 / 4 -‬‬

‫ولم يقتصر تعليق الخرز على األوالد بل تعدى إلى الكبار ‪ ،‬وكان لكل خرزة اسمها الخاص ومن ذلك ‪:‬‬

‫‪ -‬العقرة ‪ :‬قال ابن منظور ‪ ( :‬وهي خرزة تزعم نساء العرب أنها إذا علقتـ على حقو المرأة لم تحبل إذا‬
‫وطئت ) ( لسان العرب – مادة ( عقر ) – ‪0 ) 591 / 4‬‬

‫‪ -‬الوجيهة ‪ :‬قال ابن منظور ‪ ( :‬وهي خرزة حمراء تعلق للتوقي من األمراض ) ( لسانـ العرب – مادة (‬
‫وجه ) – ‪0 ) 560 / 13‬‬

‫‪ -‬الودع ‪ :‬قال ابن األثيرـ ‪ ( :‬وهو خرز أبيض ‪ ،‬يجلب من البحر ‪ ،‬فيعلق لدفع اإلصابةـ بالعينـ ) ( النهايةـ‬
‫في غريبـ الحديث البن األثير – ‪0 ) 168 / 5‬‬

‫‪ -‬اليشبـ ‪ :‬قال ابن منظور ‪ ( :‬ويقولون أنه ينفع من الصرعـ ) ( الطب عند العرب – ص ‪ 0 ) 16‬حسب‬
‫زعمهم ‪0‬‬

‫‪ -‬الزمرد ‪ :‬ويقولون إنه يحول دون أذى العائن ‪ ( 0‬الخرافاتـ هل تؤمن بها – ص ‪ ) 54‬حسب زعمهم‬
‫‪0‬‬

‫* تعليق الحلي على السليم ( اللديغ ) ‪ :‬وكانوا يعلقون الحليـ على السليمـ ويقولون إنه إذا علق عليه‬
‫أفاق فيلقون عليه األسورة ويتركونها عليه سبعة أيام ‪ ،‬ويمنع من النوم ‪ ،‬قال الشاعرـ ‪:‬‬

‫يسهد في وقت العشاء سليمها‪0000000000000‬لحلي النسـاء في يده قعاقع ( نهاية األرب للنويريـ‬

‫‪129‬‬
‫– ‪0 ) 124 / 3‬‬

‫قلت ‪ :‬وال شك أن كافة المظاهر آنفة الذكر وانتشارهاـ ورسوخها في اعتقاداتـ العرب في العصر الجاهليـ‬
‫يعتبر نقيضا لعقيدة التوحيد التي جاء اإلسالم ليربي األجيال عليهاـ ويزرع في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم‬
‫االعتقاد الصحيح وحقيقة التوكل واالعتماد واللجوء الى مالك األمر والنهي سبحانهـ وتعالى ‪ ،‬والمثير‬
‫للدهشة أن كثيرا من المظاهرـ المذكورة آنفا قد انتشرتـ وعلى نطاق واسع انتشارـ النارـ في الهشيم خاصة‬
‫في البالد اإلسالمية التي ال تولي االهتمام المطلوبـ بالعقيدة النقية من الشوائب والرواسب ‪ ،‬وال تربي‬
‫األجيال على الفطرة السوية ‪ ،‬وال تعمق المعتقدات النقية الصافيةـ في نفوس أبنائها ‪ ،‬وبالتالي أصبحتـ‬
‫النظرة العامة لتلك األمور واقترافها أو االعتقاد بها أمرا سهال ال يمثل أو يشعر فاعله بأدنى خطر أو‬
‫مسؤولية ‪ ،‬علماـ بأن االعتقاد بتلكـ األمور على النحو الوارد تفصيلهـ أعاله يوقع صاحبه بالكفر والشرك‬
‫والعياذ باهلل ‪ ،‬فالى اهلل المشتكى وال حول وال قوة إال باهلل ‪0‬‬

‫ثانياـ ‪ :‬التمائم الشركية ‪:‬‬

‫* األحاديثـ الدالة على حرمة تعليقهاـ ‪:‬‬

‫‪ -1‬عن ابن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬إن الرقى ‪،‬‬
‫والتمائم والتولة شرك ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 1632‬‬

‫وقصة الحديث آنف الذكر كما ثبت في صحيح سنن ابن ماجة للعالمة الشيخ محمد ناصرـ الدين األلبانيـ –‬
‫رحمه اهلل ‪ ( : -‬عن زينب ‪ ،‬قالت ‪ :‬كانتـ عجوز تدخل عليناـ ترقي من الحمرة ‪ ،‬وكان لنا سرير طويل‬
‫القوائم ‪ 0‬وكان عبد اهلل ‪ ،‬إذا دخل ‪ ،‬تنحنح وصوت ‪ 0‬فدخل يوما ‪ ،‬فلما سمعت صوته احتجبتـ منه ‪0‬‬
‫فجاء فجلس إلى جانبيـ ‪ 0‬فمسني فوجد مس خيط ‪ 0‬فقال ما هذا ؟ فقلت ‪ :‬رقي لي فيه من الحمرة ‪0‬‬
‫فجذبه وقطعه ‪ ،‬فرمى به وقال ‪ :‬لقد أصبح آل عبداهلل أغنياءـ عن الشركـ ‪ 0‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬يقول ‪ ( :‬إن الرقى والتمائمـ والتولة شرك ) قلت ‪ :‬فإني خرجت يوما فأبصرني فالن ‪0‬‬
‫فدمعت عيني التي تليه ‪ 0‬فإذا رقيتها سكنت دمعتها ‪ 0‬وإ ذا تركتها دمعت ‪ 0‬قال ‪ :‬ذاك الشيطان ‪ 0‬إذا‬
‫أطعته تركك ‪ ،‬وإ ذا عصيتهـ طعن باصبعهـ في عينكـ ‪ 0‬ولكن لو فعلت كما فعل رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬كان خيرا لك وأجدر أن تشفينـ ‪ 0‬تنضحينـ في عينكـ الماء وتقولين ‪ ( :‬أذهب البأسـ‪0‬رب الناسـ‬
‫‪0‬اشف ‪ ،‬أنت الشافي‪ 0‬ال شفاء إال شفاؤك ‪ ،‬شفاء ال يغادر سقما ) " أخرجه اإلمام البخاري في صحيحه‬
‫‪ -‬كتاب المرضى ( ‪ – ) 20‬برقم ( ‪ ، ) 5675‬وكتاب الطب ( ‪ - ) 40 ، 38‬برقم ( ‪، 5742‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ ( ) " ) 5750 ، 5743‬صحيح سنن ابن ماجة ‪0 ) 269 / 2 -‬‬

‫قال المناوي ‪ ( :‬إن الرقى أي التي ال يفهم معناها إال التعوذ بالقرآنـ ونحوه فإنه محمود ممدوح "‬
‫والتمائم " جمع تميمة وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين توسعوا فيها فسموا بها‬
‫كل عوذة " والتولة " بكسر التاءـ وفتح الواو كعنبة ما يحبب المرأة إلى الرجل من السحر " شرك " أي من‬
‫الشرك سماها شركا ألن المتعارف منها في عهده ما كان معهودا في الجاهليةـ وكان مشتمال على ما‬
‫يتضمن الشركـ أو ألن اتخاذها يدل على اعتقاد تأثيرها ويفضي إلى الشركـ ذكره القاضيـ ) ( فيض القدير‬
‫– ‪0 ) 342 / 2‬‬

‫يقول فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمنـ الجبرينـ – حفظه اهلل – في هذا الحديث ‪ ( :‬التمائمـ شيء يعلق‬
‫على األوالد والدواب والبيوت كحروز وأوتار وأوراق وكتاباتـ يتقون بها العين ‪ ،‬وأجاز بعض السلف‬
‫تعليق اآليات القرآنيةـ واألدعية النبويةـ ‪ ،‬واألصح المنع لعموم أدلة النهي ‪ ،‬والرقى هي القراءة بالنفثـ‬
‫مع قليل من الريق ‪ ،‬فإن كانت الرقية بالقرآن واألدعية المأثورة جاز ذلك من اإلصابة بالعين وسم‬
‫األفاعي ومن الجن والسحر ونحوه ‪ ،‬فإن كانت بكالم أعجمي أو حروف مقطعة أو أسماء مجهولة فال‬
‫تجوز الرقية به ‪ ،‬ألنه من وسائل الشرك ‪ ،‬كما في هذا الحديث ‪ ،‬وأما التولة فهي نوع من عمل السحرة‬
‫يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته أو يبغض أحدهما إلى اآلخر ‪ ،‬وهو داخل في‬
‫الصرف والعطف ‪ ،‬فهو من الشرك الذي يعتمد على استمداد السحرة بالشياطين ‪ ،‬واهلل أعلم ) ( فتح‬
‫الحق المبينـ في أحكام رقى الصرعـ والسحر والعين ) ‪0‬‬

‫‪ -2‬وعن عقبة بن عامر ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من علق‬
‫تميمة فقد أشرك ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 6394‬‬

‫قال المناوي ‪ " ( :‬من علق " على نفسه أو غيره من طفل أو دابة " تميمة " هي ما علق من القالئد لرفع‬
‫العين " فقد أشرك " أي فعل فعل أهل الشركـ وهم يريدون به دفع المقاديرـ المكتوبة قال ابن عبد البر إذا‬
‫اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر واعتقاد ذلك شرك ) ( فيض القدير ‪/ 6 -‬‬
‫‪0 ) 181 ، 180‬‬

‫قال الشيخ عبدالرحمنـ بن حسن آل الشيخ ‪ ":‬من تعلق تميمة " أي علقها متعلقا بها قلبه في طلب خير أو‬
‫دفع شر ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ص ‪0 ) 161‬‬

‫‪131‬‬
‫وقال – رحمه اهلل – عن قوله ‪ " :‬فقد أشرك " ‪ ( :‬قال أبو السعادات ‪ :‬إنما جعلها شركاً ‪ ،‬ألنهم أرادوا‬
‫دفع المقادير المكتوبة عليهم ‪ ،‬وطلبوا دفع األذى من غير اهلل الذي هو دافعه ) ( فتح المجيد شرح كتاب‬
‫التوحيد – ص ‪0 ) 129‬‬

‫‪ -3‬وعن عيسى – وهو ابن عبد الرحمنـ بن أبي ليلى – قال ‪ :‬دخلت على عبداهلل بن عكيم أبي معبد‬
‫الجهني أعوده ‪ ،‬وبه حمرة فقلت ‪ :‬أال تعلق شيئا ؟ قال ‪ :‬الموت أقرب من ذلك ‪ ،‬قال النبيـ صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ( :‬من تعلق شيئا وكل إليه ) ( صحيح الترمذي ‪0 ) 1691‬‬

‫قال المباركفوري ‪ " ( :‬أبي معبد الجهني " الكوفي مخضرم من الثانيةـ ‪ ،‬وقد سمع كتاب النبيـ صلى اهلل‬
‫عليه وسلم إلى جهينة ‪ ،‬مات في إمرة الحجاج ‪ ،‬كذا في التقريبـ " وبه " أي بعبد اهلل والباء لإللصاق "‬
‫حمرة " أي مما يعلو الوجه والجسد ‪ ،‬قاله القاريـ ‪ 0‬وقال في القاموس ‪ :‬الحمرة ورم من جنس‬
‫الطواعين " أال تعلق شيئاـ " بحذف إحدى التاءين أي أال تتعلق شيئاـ ‪ ،‬قال في القاموس ‪ :‬علقه تعليقاـ‬
‫جعله معلقا لتعلقهـ انتهى ‪ 0‬وفي المشكاة ‪ :‬أال تعلق تميمة " قال الموت أقرب من ذلك " ‪ 0‬وفي المشكاة‬
‫فقال ‪ :‬نعوذ باهلل من ذلك ‪ 0‬قال القاريـ ‪ :‬وسببه أنه نوع من الشركـ ‪ 0‬وقال الطيبيـ ‪ :‬ولعله إنما عاذ‬
‫باهلل من تعليق العوذة ألنه كان من المتوكلينـ وإ ن جاز لغيره انتهى " من تعلق شيئاـ " أي من علق نفسه‬
‫شيئا من التعاويذ والتمائم وأشباهها معتقدا أنها تجلب إليه نفعا أو تدفع عنه ضرا ‪ ،‬قاله في النهاية " وكل‬
‫إليه " أي خلي إلى ذلك الشيء وترك بينه وبينه ‪ 0‬والحديث استدل به من قال بكراهية تعليق التمائم )‬
‫( تحفة األحوذي ‪0 ) 200 ، 199 / 6 -‬‬

‫‪ -4‬وعن عقبة بن عامر الجهني ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ ( :‬أقبل رهط إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فبايع تسعة ‪ ،‬وأمسك عن واحد ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل بايعتـ تسعة وتركت هذا ؟ قال ‪ :‬إن عليه‬
‫تميمة ‪ ،‬فأدخل يده فقطعها ‪ ،‬فبايعه وقال ‪ " :‬فذكره " ) ( السلسلةـ الصحيحة ‪0 ) 492‬‬

‫‪ -5‬عن رويفع بن ثابت ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬يا رويفع !‬
‫لعل الحياة ستطول بك بعدي ‪ ،‬فأخبر الناسـ أنه من عقد لحيته ‪ ،‬أو تقلد وترا ‪ ،‬أو استنجى برجيع دابة ‪،‬‬
‫أو عظم ‪ ،‬فإن محمدا منه بريء ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 7910‬‬

‫قال شمس الحق العظيم أبادي ‪ " ( :‬من عقد لحيته " أي عالجهاـ حتى تنعقد وتتجعد ‪ ،‬وقيل ‪ :‬كانوا‬
‫يعقدونها في الحربـ ‪ ،‬فأمرهم بإرسالهاـ ‪ ،‬كانوا يفعلون ذلك تكبرا وعجبا ‪ 0‬قاله ابن األثيرـ " أو تقلد وترا‬
‫" بفتح الواو ‪ 0‬قال أبو عبيدة ‪ :‬األشبه أنه نهى عن تقليد الخيل أوتار القسي ‪ ،‬نهوا عن ذلك إما‬

‫‪132‬‬
‫العتقادهم أن تقليدهاـ بذلك يدفع عنها العين أو مخافة اختناقها به ‪ ،‬ال سيما عند شدة الركض‪ ،‬بدليل ما‬
‫روي أنه صلى اهلل عليه وسلم أمر بقطع األوتار عن أعناق الخيل ‪ 0‬كذا في كشف المناهج " برجيع دابة "‬
‫هو الروث والعذرة " أو عظم " عطف على رجيع ) ( عون المعبود في شرح سنن أبي داوود – ‪/ 1‬‬
‫‪0 ) 39‬‬

‫‪ -6‬عن أبي بشير األنصاري – رضي اهلل عنه ‪ ( : -‬أنه كان مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في‬
‫بعض أسفاره ‪ ،‬فأرسل رسوال أن ال يبقينـ في رقبة بعير قالدة من وتر ‪ ،‬أو قالدة إال قطعت ) ( متفق‬
‫عليه ) ‪0‬‬

‫قال الشيخ عبدالرحمنـ بن حسن آل الشيخ ‪ ( :‬فقد كان أهل الجاهليةـ يعلقون أوتاراً على الدواب اعتقاداً‬
‫منهم أنها تدفع العين عن الدابة ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ‪ -‬ص ‪0 ) 133‬‬

‫قال النووي ‪ ( :‬قوله صلى اهلل عليه وسلم " ال يبقينـ في رقبة بعير قالدة من وتر ‪ ،‬أو قالدة إال قطعت "‬
‫قال مالك ‪ :‬أرى ذلك من العين ‪ ،‬هكذا هو في جميع النسخ ‪ :‬وقول مالك أرى ذلك من العين ‪ ،‬أي أظن أن‬
‫النهي مختص بمن فعل ذلك بسبب رفع ضرر العين ‪ 0‬وأما من فعله لغير ذلك من زينة أو غيرها فال بأس‬
‫) ( صحيح مسلم بشرح النووي – ‪0 ) 279 / 15 ، 14 ، 13‬‬

‫قال الشيخ عبدالرحمنـ بن حسن آل الشيخ ‪ ( :‬قال البغوي في " شرح السنة " تأول مالك أمره ‪ -‬عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ -‬بقطع القالئد على أنه من أجل العين ‪ 0‬وذلك أنهم كانوا يشدون تلك األوتار والتمائم‬
‫والقالئد ويعلقون عليهاـ العوذ ‪ ،‬يظنون أنها تعصمهم من اآلفات ‪ 0‬فنهاهم النبي ‪ e‬وأعلمهم أنها ال ترد‬
‫من أمر اهلل شيئاـ ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ‪0 ) 166‬‬

‫وقال – رحمه اهلل ‪ ( : -‬قال أبو عبيد ‪ :‬كانوا يقيدون اإلبل واألوتار لئال تصيبها العين فأمرهم النبيـ صلى‬
‫اهلل عليه وسلم بإزالتهاـ إعالماً لهم بأن األوتار ال ترد شيئاًـ ‪ 0‬وكذا قال ابن الجوزي وغيره ) ( فتح‬
‫المجيد شرح كتاب التوحيد – ‪0 ) 134‬‬

‫‪ -7‬عن ابن مسعود ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬قال ‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬نهى عن الرقى ‪،‬‬
‫والتمائم ‪ ،‬والتوله ) ( صحيح الجامع ‪0 ) 6880‬‬

‫قال المناوي ‪ " ( :‬نهى عن الرقى " جميع رقية بالضم يقال رقاه أي عوذه والنهي عن الرقية بغير القرآن‬

‫‪133‬‬
‫وأسماء اهلل وصفاته " والتمائم " جمع تميمة وهي خرزات تعلقها العرب على الطفل لدفع العين ثم اتسع‬
‫فيها فسموا بها كل عوذة " والتوله " بكسر ففتح ما يحبب المرأة للرجل من سحر وغيره كذا جزم ابن‬
‫األثير ‪ ،‬فالرقية بالقرآن أو باألسماءـ أو بالصفاتـ فجائزـ كما مر ‪ 0‬قال ابن التينـ ‪ :‬الرقى بذلك هو الطب‬
‫الروحاني ‪ ،‬إذا كان على لسان األبرارـ حصل الشفاء بإذن اهلل تعالى ‪ ،‬فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى‬
‫الطب الجسماني ‪ 0‬وتلك الرقى المنهي عنها التي يستعملها المعزم ممن يزعم تسخير الجن ؛ تأتي مركبة‬
‫من حق وباطل يجمع إلى ذكر أسماء اهلل وصفاته ما يشوبه من ذكر الشياطين واالستعانة بهم والتعوذ‬
‫من مردتهم ‪ ،‬فلذلك نهى عن الرقى بما جهل معناه ليكون بريئاـ من شوب الشركـ ) ( فيض القدير ‪/ 6 -‬‬
‫‪0 ) 314‬‬

‫* أقوال أهل العلم في تعليق التمائم الشركية ‪:‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيميه ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬وأما االستعانةـ عليهم بما يقال ويكتب مما ال يعرف معناه‬
‫فال يشرع ‪ ،‬ال سيما إن كان فيه شرك ‪ ،‬فإن ذلك محرم ‪ 0‬وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك ‪ ،‬وقد‬
‫يقرءون مع ذلك شيئا من القرآن ويظهرونه ‪ ،‬ويكتمون ما يقولونه من الشرك ‪ ،‬وفي االستشفاءـ بما‬
‫شرعه اهلل ورسوله ما يغني عن الشركـ وأهله ) ( مجموع الفتاوى – ‪0 ) 61 / 19‬‬

‫قال اإلمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬الرقى هي التي تسمى العزائم وخص منه‬
‫الدليل ما خال من الشركـ ‪ ،‬فقد رخص فيه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من العين والحمة ‪ ،‬والتمائم‬
‫شيء يلقونه على األوالد عن العين ‪ ،‬والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها‬
‫والرجل إلى امرأته ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ‪0 ) 133‬‬

‫قال الشيخ عبدالرحمنـ بن حسن آل الشيخ ‪ ( :‬وروى وكيع عن حذيفة أنه دخل على مريض يعوده فلمس‬
‫عضده ‪ ،‬فإذا فيه خيط ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما هذا ؟ قال ‪ :‬شيء رقي لي فيه ‪ ،‬فقطعه ‪ ،‬وقال ‪ :‬لو مت وهو عليكـ ما‬
‫صليت عليكـ ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ‪0 ) 162‬‬

‫وقال أيضاـ ‪ ( :‬وقال اإلمام أحمد ‪ :‬حدثنا هشام بن القاسم ‪ ،‬حدثناـ أبو سعيد المؤدب ‪ ،‬حدثناـ من سمع‬
‫عطاء الخراسانيـ ‪ ،‬قال ‪ " :‬لقيتـ وهب بن منبه وهو يطوف بالبيت ‪ ،‬فقلت ‪ :‬حدثني حديثا أحفظه عنك في‬
‫مقامي هذا وأوجز ‪ 0‬قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬أوحى اهلل تباركـ وتعالى إلى داوود ‪ :‬يا داوود ‪ ،‬أما وعزتي وعظمتي ‪،‬‬
‫ال يعتصم بي عبد من عبادي دون خلقي ‪ ،‬أعرف ذلك من نيته ‪ ،‬فتكيده السماواتـ السبع ومن فيهن ‪،‬‬
‫واألرضون السبع ومن فيهن ‪ :‬إال جعلت له من بينهن مخرجا ‪ 0‬أما وعزتي وعظمتي ال يعتصم عبد من‬

‫‪134‬‬
‫عبادي بمخلوق دوني ‪ ،‬أعرف ذلك من نيته ‪ :‬إال قطعت أسبابـ السماء من يده ‪ ،‬وأسخت األرض من‬
‫تحت قدميه ‪ ،‬ثم ال أباليـ بأي أوديتها هلك ) ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد – ‪0 ) 173 ، 172‬‬

‫سئل فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمنـ الجبرينـ السؤال التالي ‪:‬‬

‫ما هو الحكم الشرعيـ في تعليق التمائم التي ال يفقه معناها ؟‬

‫فأجاب – حفظه اهلل ‪ ( : -‬ال يجوز تعليق التمائم لعموم قول النبيـ صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬من تعلق‬
‫تميمة فال أتم اهلل له ‪ ( ) 000‬السلسلة الضعيفةـ ‪ ) 1266‬وفي رواية ‪ ( :‬من علق تميمة فقد أشرك )‬
‫( صحيح الجامع ‪ ) 6394‬وفي حديث آخر ( من علق شيئاـ وكل إليه ) ( صحيح سنن الترمذي ‪) 1691‬‬
‫‪ ،‬وقد اختلف في حكم تعليق اآلياتـ القرآنية فرخص فيه بعض السلف وبعضهم منعه كابن مسعود وهو‬
‫الراجح ‪ ،‬ألنه قد يتعلق قلبه بها وقد يمتهنها بدخول المراحيض بها ‪ ،‬وقد يجره إلى غير القرآن ‪ ،‬فأما ما‬
‫ال يفقه معناه فال يجوز أصال ‪ ،‬فإنه قد يكون فيه شرك أو كالم ممنوع واهلل أعلم ) ( فتح الحق المبين في‬
‫أحكام رقى الصرع والسحر والعين ) ‪0‬‬

‫قال صاحباـ الكتابـ المنظوم فتح الحق المبينـ ‪ ( :‬التمائمـ التي تعلق على األشخاص من غير القرآن‬
‫كالخرز والخيوط وما كتب بالطالسم وأسماء الجن ‪ ،‬فهذا حرام قطعا وهو من الشركـ ألنه تعلق على غير‬
‫اهلل سبحانهـ ‪0‬‬
‫وبعض الناس يعلق هذه األشياء على نفسه أو سيارتهـ أو باب بيته أو أوالده زعما منه أنها تدفع العين‬
‫والحسد وهذا كله ال يجوز ) ( فتح الحق المبينـ في عالج الصرع والسحر والعين – ص ‪0 ) 109‬‬

‫قال الشيخ عبد الحليم محمود ‪ ( :‬أما تعليق أي أشياء يبغضها الدين فإن ذلك هو ما يسمى في اإلسالم‬
‫بالتمائم ‪ ،‬وقد كان العرب يعلقون أشياء من‬
‫هذا القبيل ‪ ،‬يمنعون بها – فيما يزعمون – الحسد والشر ‪ ،‬فنهى اإلسالم عنها ‪ 00‬يقول رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم فيما رواه اإلمام أحمد بن حنبل ‪ ( :‬من علق تميمة فال أتم اهلل له ومن علق ودعة فال‬
‫أودع اهلل له ) ( السلسلةـ الضعيفة ‪0 ) 1266‬‬
‫وعن ابن مسعود – رضي اهلل عنهما – أنه دخل على امرأته ‪ ،‬وفي عنقها شيء معقود فجهز به فقطعه‬
‫ثم قال ‪ :‬لقد أصبح آل عبداهلل أغنياءـ أن يشركوا باهلل ما لم ينزل به سلطاناً ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ ( :‬إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( صحيح الجامع ‪ ) 1632‬قالوا ‪ :‬يا أبا‬
‫عبداهلل هذه التمائم والرقى عرفناهاـ فما التولة ؟ قال ‪ :‬شيء يضعه النساءـ يتحببنـ إلى أزواجهن ‪ 0‬ومن‬

‫‪135‬‬
‫ذلك نعلم أنه ال يجوز للمسلمـ أن يعلق في عنقه أو في عنق أطفالهـ أشياء يبغضها الدين ) ( فتاوى الشيخ‬
‫عبدالحليم محمود ‪0 ) 208 / 2 -‬‬

‫قلت تعقيباًـ على الكالم السابق ‪ :‬إن تعليق األشياءـ على اختالف أنواعها مع توفر نية االعتقاد بأنها تجلبـ‬
‫منفعة أو تدفع مضرة يؤدي إلى الشركـ فليحترز ) ‪0‬‬

‫* بعض مظاهر تعليق واستخدامات التمائم الشركية ‪:‬‬

‫وهناكـ بعض التمائم التي تعلق مثل الرصاص والعظم والنحاس ‪ ،‬فهذه جميعا ينطبق عليهاـ حكم الوصف‬
‫الخاص بالتمائمـ المشار إليها في األحاديث آنفة الذكر ‪ ،‬وتعليقها يفضي الى الشرك باهلل عز وجل إن تم‬
‫االعتقاد بها للحفظ أو الرزق ونحوه ‪ ،‬وينطبق الحكم السابق عليهاـ حتى لو لم يكتب عليهاـ شيء من‬
‫الطالسم وغيره ‪ ،‬ومن أنواعها بعض الخواتم واألساور والسالسل التي تلبس اعتقادا للحفظـ أو الرزق أو‬
‫دفع ضرر أو تحصيل منفعة ‪0‬‬
‫ثالثاـ ‪ :‬التمائم من الكتابـ واألدعية المأثورة ‪:‬‬

‫إن النصوص القرآنيةـ والحديثية جاءت متضمنة على كافة األحكام المتعلقة بالعبادات والمعامالتـ وكل ما‬
‫ينفع البشرية ويؤمن لها السعادة األبدية ‪ ،‬وفي هذين األصلينـ العظيمين ما يتالئم وطبيعة اإلنسان ‪،‬‬
‫ويتماشى مع غرائزه وشهواته ‪ ،‬فوضع األمور المتعلقةـ باإلنسان وحياته وعالقته بخالقهـ وباآلخرينـ في‬
‫موضعها الصحيح الذي يجب أن تكون عليه ‪ ،‬فالموفق من عمل بهما وبمقتضاهماـ فكان من الفائزين‬
‫والناجينـ ‪ ،‬ومن لم يوفق لذلك كان من الخاسرين الهالكين ‪0‬‬

‫وتلك النصوص قد وضحت العالقة بين الخالق والمخلوق ‪ ،‬وبين المخلوق والمخلوق ‪ ،‬وبين المخلوق‬
‫والعالم الغيبي ‪ ،‬وهذه الداللة والمعرفة توفر لإلنسان نظرة مالئمة عن الكون وأحواله ‪ ،‬فيعيش مطمئن‬
‫البال ‪ ،‬قرير العين ‪ ،‬لمعرفته بالنظام الكامل والشامل للحياة ومتطلباتها ‪ ،‬وهذا ما يميز المسلم عن الكافر‬
‫الذي يعيش حياته بأبعاد ورؤية محدودة ‪ ،‬وتراه يعيش في خوف من المجهول ‪ ،‬واضطراب في الفكر‬
‫والسلوك والتصرف ‪ ،‬وتخبط في معترك الحياة ‪ ،‬دون إدراك حقيقتهاـ وكنهها ‪ ،‬وهذا يقود تلقائياـ‬
‫لالنحراف األخالقي والفساد االداري ‪ ،‬ويؤدي لكثيرـ من المظاهرـ الهدامة كاالنتحارـ ‪ ،‬والشذوذ الجنسي‬
‫ونحوه ‪ ،‬وهذا مما يقيض تلك المجتمعات ويدمرها عاجال أو آجال ‪0‬‬

‫إن القرآن الكريم والسنة المطهرة نزال برسالة سامية للبشرية ‪ ،‬تحمل في عنوانها الرئيسيـ االعتقاد‬

‫‪136‬‬
‫الصحيح والعمل بمقتضى التنزيل ‪ ،‬وكثير من الناسـ اليوم خالفوا اتباعـ هاذين األصلين العظيمينـ‬
‫واعتقدوا ببعض التصورات المنحرفة عن كتاب اهلل ‪ ،‬وهي تخالف في أساسها ومجملها الهدف والغاية‬
‫الذي أنزل من أجله القرآن الكريم ‪ ،‬فنرى البعض يستخدمه عند رأس المريضـ واآلخر تحت وسادته ‪،‬‬
‫ومنهم من يعلقه في البيوتـ والمنازل ‪ ،‬ومنهم من يكتب بعض اآلياتـ ويعلقها للحفظـ والصون ‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك من اعتقادات خاطئة منحرفة ‪ ،‬ومما يثير الدهشة واالستغراب أن بعض من يفعل ذلك ‪ ،‬قد ال يأتي‬
‫بالفرائض ناهيكـ عن السننـ والنوافل ‪ ،‬ويعيش حياته في معصية اهلل بعيدا عن طاعته ‪ ،‬فهل يعقل في تلك‬
‫األحوال أن يكون استخدام القرآن على هذا النحو وبهذه الكيفية حفظ وصون وشفاء ‪0‬‬

‫وتعليق التمائم التي تحتوي على آيات من كتاب اهلل وأدعية نبوية مأثورة مسألة اختلف فيها السلف على‬
‫قولين ‪ :‬فمنهم من أجازه ‪ ،‬ومنهم من حرمه ‪ ،‬وجمهور العلماء يرى المنع ‪ ،‬وقد روي عن ابن مسعود‬
‫وابن عباس وعقبة واإلمام أحمد في رواية عنه اختارهاـ األكثر ‪ ،‬ولعموم قول الرسول ‪ ( :‬من تعلق شيئاـ‬
‫وكل إليه ) ( صحيح سنن الترمذي ‪ ) 1691‬الذي ذكر آنفا ‪ ،‬وتخصيصه بتمائم غير القرآن تخصيصـ‬
‫من غير مخصص ‪ ،‬والنهي عام ‪ ،‬وفي المنع من تعليقها سد للذريعة الموصلة إلى الشركـ ‪ ،‬إذ أن تعليقها‬
‫يفضي إلى تعليق غيرها ‪0‬‬

‫وقد كان النبيـ صلى اهلل عليه وسلم يرقي ويرقى ‪ ،‬ولو كان تعليق التمائم جائزاـ ألمر‬
‫به ‪ ،‬وليس في كتاب اهلل وال سنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ما يدل على إجازة تعليق شيء من القرآن‬
‫‪ ،‬وحمل بعض العلماءـ فعل عبد اهلل بن عمر ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪ -‬أنه تعليق أللواح القرآن ليحفظه‬
‫الصبيان ال على أنه تميمة ‪0‬‬

‫إن من أجاز فعل ذلك من السلف قد عاش في عصر كانوا يدركون فيه واقع المسلمين وحالهم وتمسكهم‬
‫بعقيدتهم ‪ ،‬دون االعتقاد الخاطئـ عند كثير منهم في استخدام هذه التمائم والتعلق بها ‪ ،‬علماـ بأن منهم من‬
‫كان يدرك خطر ذلك حتى في ذلك العصر الذي كان اإلسالم فيه بأوج قوته ‪ ،‬وأخذوا بالقاعدة الفقهية‬
‫( درء المفسدة مقدم على جلب المصلحهـ ) فكيف بحالنا اليوم ‪ ،‬وقد انتشر في هذا العصر الجهل والضياع‬
‫واالعتقاد الفاسد والبدع والزيغ والضالل ‪ ،‬وبخاصة أن كثيرا ممن يستخدمون هذا النوع يعتقد أنه النافع‬
‫الدافع للضر ‪ ،‬ويتشبث به ؛ وحال فقده أو ضياعه ؛ فكأنما فقد نفسه وكل ما يملك معه ‪0‬‬

‫* أقوال أهل العلم في تعليق التمائم من الكتابـ واألدعية النبويةـ المأثورة ‪:‬‬

‫* قال محمد بن مفلح ‪-‬رحمه اهلل‪ ( : -‬وكان عبداهلل بن عمرو يعلم من بلغ من ولده أن يقول قبل النوم ‪:‬‬

‫‪137‬‬
‫( بسم اهلل أعوذ بكلماتـ اهلل التامةـ من غضبه وعقابه وشر عباده ‪ ،‬ومن همزات الشياطين وأن يحضرون‬
‫) ومن كان منهم صغيرا ال يعقل أن يحفظها كتبها له ‪ ،‬فعلقها في عنقه ) " صحيح الجامع ‪) " 701‬‬
‫( مصائبـ اإلنسان – ص ‪0 ) 23‬‬

‫* قال المباركفوريـ ‪ ( :‬قال السيد العالمة الشيخ أبو الطيبـ صديق بن حسن القنوجي في كتابه الدين‬
‫الخالصـ ‪ :‬اختلف العلماءـ من الصحابة والتابعين فمن بعدهم في جواز تعليق التمائم التي من القرآن ‪،‬‬
‫وأسماء اهلل تعالى وصفاته ‪ ،‬فقالت طائفة ‪ :‬يجوز ذلك ‪ ،‬وهو قول ابن عمرو بن العاص ‪ ،‬وهو ظاهر ما‬
‫روي عن عائشة ‪ ،‬وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ‪ ،‬وحملوا الحديث ( يعني حديث ابن مسعود‬
‫قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ ( :‬إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( صحيح‬
‫الجامع ‪ ) 1632‬على التمائم التي فيها شرك ‪ 0‬وقالت طائفة ‪ :‬ال يجوز ذلك وبه قال ابن مسعود وابن‬
‫عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم ‪ ،‬وبه قال جماعة من التابعينـ منهم أصحاب‬
‫ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه ‪ 0‬وجزم به المتأخرونـ واحتجوا بهذا الحديث وما‬
‫في معناه ‪0‬قال بعض العلماء ‪ :‬وهذا هو الصحيح لوجوه ثالثة تظهر للمتأمل ‪ 0‬األول عموم النهي وال‬
‫مخصص للعموم‪0‬الثانيـ ‪ :‬سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك ‪ 0‬الثالثـ أنه إذا علق فال بد‬
‫أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجةـ واالستنجاء ونحو ذلك ‪ 0‬قال ‪ :‬وتأمل هذه األحاديث‬
‫وما كان عليه السلف يتبينـ لك بذلك غربة اإلسالم ‪ ،‬خصوصا إن عرفت عظيم ما وقع فيه الكثير بعد‬
‫القرون المفضلة من تعظيم القبور واتخاذها مساجد ‪ ،‬واإلقبال إليها بالقلب والوجه ‪ ،‬وصرف الدعوات‬
‫والرغباتـ والرهباتـ وأنواع العباداتـ التي هي حق اهلل تعالى إليها من دونه ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ ( :‬وال تَ ْدعُ‬
‫ف‬‫اش َ‬ ‫ضٍّر فَال َك ِ‬
‫س َك اللَّ ُه ِب ُ‬ ‫ضُّر َـك فَِإ ْن فَ َع ْل َت فَِإ َّن َـك إِ ًذا ِم ْن الظَّ ِال ِم َـ‬
‫ون اللَّ ِه َماال َي ْنفَ ُع َك وال َي ُ‬ ‫ِم ْن ُد ِ‬
‫سْ‬‫ين * َوإِ ْن َي ْم َ‬
‫شاء ِم ْن ِعب ِاد ِه و ُهو ا ْل َغفُور َّ ِ‬ ‫ص ـ ِ‬ ‫اد ِلفَ ْ ِ ِ ِ‬
‫يم ) ( سورة‬ ‫الرح ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫يب ِبه َم ْن َي َ ُ‬ ‫ضله ُي ُ‬ ‫لَ ُه إال ُه َو َوإِ ْن ُي ِر ْد َك ِب َخ ْي ٍر فال َر َّ‬
‫يونس – اآلية ‪ ) 107 ، 106‬ونظائرها في القرآن أكثر من أن تحصر ‪ 0‬انتهى ‪0‬‬
‫قلت ‪ - :‬والكالم للمباركفوري ‪ -‬غربة اإلسالم شيء وحكم المسألةـ شيء آخر ‪ ،‬والوجه الثالثـ المتقدم‬
‫لمنع التعليقـ ضعيف جدا ألنه ال مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجةـ ونحوها لساعة ثم يعلقها ‪0‬‬
‫والراجح في البابـ أن ترك التعليقـ أفضل في كل حال بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم بناء‬
‫على أن يكون بما ثبت ال بما لم يثبت ألن التقوى لها مراتب وكذا اإلخالص ‪ ،‬وفوق كل رتبة في الدين‬
‫رتبة أخرى والمحصلون لها أقل ‪ ،‬ولهذا ورد في الحديث حق السبعين ألفاـ يدخلون الجنة بغير حساب ؛‬
‫أنهم هم الذين ال يرقون وال يسترقون مع أن الرقى جائزة ووردت بها األخبارـ واآلثار واهلل أعلم بالصوابـ‬
‫‪ 0‬والمتقي من يتركـ ما ليس به بأس خوفا مما فيه بأس ‪ 0‬انتهى كالمه بلفظه ) ( تحفة األحوذي – ‪/ 6‬‬
‫‪0 ) 201 ، 200‬‬

‫‪138‬‬
‫* قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي ‪:‬‬

‫وفي التمائم المعلقـــات‪000000000000‬إن تك آيات بينــــات‬


‫فاالختالف واقع بين السلف‪000000000000‬فبعضهم أجازهاـ والبعض كف‬

‫وقد شرح تلك األبيات – رحمه اهلل ‪ -‬قائال ‪ ( :‬وفي " التمائم المعلقات " أي التي تعلق على الصبيانـ‬
‫والدواب ونحوها إن تك هي أي التمائم " آيات " قرآنية " مبينات " وكذلك إن كانت من السننـ الصحيحة‬
‫الواضحاتـ " فاالختالف " في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم " فبعضهم " أي‬
‫بعض السلف أجازهاـ يروى ذلك عن عائشة – رضي اهلل عنها ‪ -‬وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من‬
‫السلف ‪ ،‬والبعض منهم كف أي منع ذلك وكرهه ولم يره جائزاـ ‪ ،‬منهم عبداهلل بن عكيم وعبداهلل بن عمر‬
‫وعقبة بن عامر وعبداهلل بن مسعود وأصحابه كاألسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم‬
‫رحمهم اهلل تعالى ‪ ،‬وال شك أن منع ذلك أسد لذريعة االعتقاد المحظور ‪ ،‬ال سيما في زماننا هذا فإنه إذا‬
‫كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة ‪ -‬واإليمان في قلوبهم أكبر من الجبالـ –‬
‫فألن يكره في وقتنا هذا – وقت الفتنـ والمحن – أولى وأجدر بذلك ‪ ،‬كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص‬
‫إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ‪ ،‬فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو‬
‫بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطالسم الشيطانيةـ ما ال يعرفه إال من اطلع على كتبهم ‪ ،‬ومنها‬
‫أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على اهلل – عز وجل – إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ‪ ،‬بل أكثرهم‬
‫يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء ) ( معارج القبول – ‪0 ) 510 / 2‬‬

‫وقال – رحمه اهلل ‪ ( : -‬يروى جواز ذلك عن بعض السلف ‪ ،‬وأكثرهم على منعه كعبد اهلل بن عكيم ‪،‬‬
‫وعبداهلل بن عمرو ‪ ،‬وعبداهلل بن مسعود ‪ ،‬وأصحابه – رضي اهلل عنهم – وهو األولى لعموم النهي عن‬
‫التعليق ‪ ،‬ولعدم شيء من المرفوع يخصص ذلك ‪ ،‬ولصون القرآن عن إهانته ‪ ،‬إذ يحملونه غالباًـ على‬
‫غير طهارة ‪ ،‬ولئال يتوصل بذلك إلى تعليق غيره ‪ ،‬ولسد الذريعة عن اعتقاد المحظور ‪ ،‬والتفاتـ القلوب‬
‫إلى غير اهلل عز وجل ال سيما في هذا الزمانـ ) ( كتاب ‪ 200‬سؤال وجواب في العقيدة اإلسالمية – ص‬
‫‪0 ) 79‬‬

‫* قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬قلت هذا هو الصحيح ‪ -‬عدم تعليقهاـ‬
‫مطلقا ‪ -‬لوجوه ثالثة تظهر للمتأمل ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬عموم األدلة وال مخصص لها ‪0‬‬
‫الثانيـ ‪ :‬سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك ‪0‬‬

‫‪139‬‬
‫الثالث ‪ :‬أنه إذا علق فال بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجة واالستنجاءـ ونحو ذلك )‬
‫( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ‪ -‬ص ‪0 ) 170‬‬

‫* قال سماحة الشيخ عبدالعزيزـ بن عبداهلل بن باز – رحمه اهلل ‪ ( : -‬أما التمائم فلم يرد في شيء من‬
‫األحاديث استثناء شيء منها فوجب تحريم الجميع عمال باالداة العامة والحجة الثانيةـ ‪ :‬سد ذرائع الشرك‬
‫‪ ،‬وهذا أصل عظيم في الشريعة ‪ ،‬ومعلوم أنا إذا جوزنا التمائم من اآلياتـ القرآنية واألحاديث المباحةـ‬
‫انفتح بابـ الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعةـ ‪ 0‬وتعذر التمييزـ بينهما إال بمشقة عظيمة ‪،‬‬
‫فوجب سد الباب ‪ ،‬وقفل هذا الطريق المفضي إلى الشرك ‪ 0‬وهذا القول هو الصوابـ لظهور دليله ‪ 0‬واهلل‬
‫الموفق ) ( فتاوى المرأة المسلمة – ‪0 ) 163 / 1‬‬

‫* قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ‪ ( :‬وأما إذا كانت التمائم من القرآن أو من أدعية مباحة ‪،‬‬
‫فقد اختلف العلماء في تعليقها ‪ ،‬سواء علقها في الرقبة أو على العضد أو على الفخذ أو جعلها تحت‬
‫وسادته أو ما أشبه ذلك ‪ ،‬والراجح من أقوال أهل العلم عندي أنها ال تجوز ألن ذلك لم يرد عن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وليس من حقنا أن نثبتـ سببا لم ترد به الشريعة ‪ ،‬فإن إثبات األسباب التي لم ترد‬
‫بها الشريعة كإثبات األحكام التي لم ترد بها الشريعة ‪ ،‬بل إن إثباتـ السبب هو في الحقيقةـ حكم بأن هذا‬
‫السبب نافع ‪ ،‬فال بد من أن يثبتـ ذلك عن صاحب الشرعـ وإ ال كان لغوا وعبثا ال يليق بالزمنـ ) ( فتاوى‬
‫الشيخ محمد بن صالح العثيمين – ص ‪0 ) 381‬‬

‫* سئل فضيلة الشيخ عبداهلل بن عبدالرحمن الجبرين عن جواز تعليق التمائم لعالج االضطراباتـ النفسية‬
‫؟؟؟‬

‫فأجاب ‪ -‬حفظه اهلل ‪ ( : -‬ال يجوز تعليق التمائم ‪ ،‬وتجوز الرقية بالقرآنـ واألدعية واألوراد المأثورة‬
‫وكثرة الذكر واألعمال الصالحة واالستعاذة من الشيطانـ والبعد عن المعاصيـ وأهلها ‪ ،‬فكل ذلك يجلبـ‬
‫الراحة والطمأنينةـ والحياة السعيدة ) ( األحكام والفتاوى الشرعية لكثيرـ من المسائل الطبيةـ ‪ -‬ص ‪- 65‬‬
‫‪0 ) 66‬‬

‫* قال فضيلة الشيخ صالح الفوزانـ ‪ -‬حفظه اهلل ‪ ( : -‬وقد يكون المعلق من القرآن ‪ ،‬فإذا كان من‬
‫القرآن فقد اختلف العلماء في جوازه وعدم جوازه ‪ 0‬والراجح عدم جوازه سدا للذريعة فإنه يفضي إلى‬
‫تعليق غير القرآن ‪ ،‬وألنه ال مخصص للنصوص المانعة من تعليق التمائم كحديث ابن مسعود – رضي‬
‫اهلل عنه – قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ ( :‬إن الرقى والتمائم والتولة شرك )‬

‫‪140‬‬
‫( صحيح الجامع ‪ ) 1632‬رواه أحمد وأبو داوود وعن عقبة بن عامر ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬مرفوعا‬
‫( من علق تميمة فقد أشرك ) ( صحيح الجامع ‪ ، ) 6394‬وهذه نصوص عامة ال مخصص لها )‬
‫( اإلرشاد إلى صحيح االعتقاد – ‪0 ) 83 / 2‬‬

‫قال الشيخ يوسف القرضاوي ‪ ( :‬وإ ذا اختلف السلف في مثل هذه القضيةـ ؛ فللمسلم أن يأخذ ما يطمئن‬
‫إليه قلبه من أحد الرأيينـ ‪ ،‬وإ ن كنت أرجح ما رآه أصحاب ابن مسعود من كراهية التمائم كلها ‪0‬‬
‫وهذا الترجيحـ مرده إلى جملة أمور ‪:‬‬
‫تفرق النصوص بين بعضها وبعض ‪ ،‬ولم يوجد مخصص ‪0‬‬
‫أولها ‪ :‬عموم النهي عن التمائم ‪ ،‬حيث لم ِّ‬
‫وثانيها ‪ :‬سد الذريعة ‪ ،‬حتى ال ُيفضي إلى تعليق ما ليس كذلك ‪0‬‬
‫وثالثها ‪ :‬أنه علَّق ذلك ‪ ،‬فإنه ال بد أن يمتهنه ‪ ،‬بحمله في حال قضاء الحاجة ‪ ،‬والجنابة ونحوها ‪0‬‬
‫ورابعها ‪ :‬أن القرآن إنما أُنزل ليكون هداية ومنهاجاً للحياة ‪ ،‬ال ليتخذ تمائم وحجباً ‪ ،‬وما إلى ذلك )‬
‫( موقف اإلسالم من اإللهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى – ص ‪0 ) 150 ، 149‬‬

‫وقال ‪ ( :‬اختلف السلف في تعليق التميمة التي من القرآن أو تشمل أسماء اهلل أو صفاته فهل هي من‬
‫التمائم ؟ أم تستثنى منه ‪ ،‬ويجوز تعليقهاـ ؟ والذي نختاره – والكالم للقرضاوي – هو المنع من التمائم‬
‫كلها وإ ن كانت من القرآن ‪ ،‬لعدة أدلة ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬عموم النهي عن التمائم ؛ فإن األحاديث لم تستثن منها شيئاً ‪0‬‬
‫ثانياًـ ‪ :‬سد الذريعة ‪ ،‬فإن الترخيصـ في تعليق التمائم إذا كانت من القرآن يفتح الباب لتعليق غيرهاـ ‪،‬‬
‫وباب الشر إذا فتح ال يسد ‪0‬‬
‫ثالثاًـ ‪ :‬أن هذا يعرض القرآن لالمتهان ‪ ،‬حيث يحمله من علّقه في األماكن النجسة ‪ ،‬وفي وقت قضاء‬
‫الحاجة ‪ ،‬وفي حالة الجنابة ‪ ،‬والحيض ‪ ،‬ونحوها ‪0‬‬
‫رابعاً ‪ :‬أن في ذلك استخفافاًـ بالقرآنـ ومناقضة لما جاء له ‪ ،‬فإن اهلل أنزله ليهدي الناس للتيـ هي أقوم ‪،‬‬
‫ويخرجهم من الظلمات إلى النور ‪ ،‬ال ليتخذ تمائم وأحرازاً للنساء واألطفال ) ( حقيقة التوحيد – ص ‪49‬‬
‫)‪0‬‬

‫* قال الشيخ عطية صقر ‪ ( :‬اختلف العلماءـ في جواز كتابة بعض آيات من القرآن أو أسماء اهلل لتكون‬
‫تمائم ‪ ،‬فقالت طائفة بجوازه ‪ ،‬ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبي جعفر الباقرـ ‪ ،‬ورواية عن اإلمام‬
‫وقالت طائفة بمنعه ‪ ،‬لحديث أحمد ‪ " :‬من علق تميمة ‪0 " 000‬‬
‫وسداً للذريعة حتى ال يكبر الصغار وهم‬
‫وجزم كثير من العلماءـ بقول الطائفة األخيرة ‪ ،‬لعموم النص ‪ّ ،‬‬
‫يعتقدون أن التمائم هي التي تشفي وتحفظ دون إرادة اهلل ‪ ،‬يراجع تفسير القرطبي جزء ‪ 10‬ص ‪) 318‬‬

‫‪141‬‬
‫( منبر اإلسالم – العدد ‪ 10‬السنة ‪ ، 45‬شوال ‪ 1407‬هـ – يونيه ‪ 1987‬م – ص ‪0 ) 139‬‬

‫* قال الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان – حفظه اهلل ‪ ( : -‬والحق فيما يظهر مع المحرم ‪ ،‬لعموم األدلة‬
‫في تسمية التمائم شركا فلم تفرق بين ما كان من القرآن وبين ما كان من غيره ‪ ،‬ولما في إجازتها من‬
‫فتح الباب أمام النوع المتفق على تحريمه فللذرائع حكم ما هي وسيلة إليه فتكون محرمة كالتمائمـ من‬
‫غير القرآن ‪ ،‬ولما فيها من تعلق القلبـ عليها ‪ ،‬ومن كان هذا حاله حق عليه أن يوكل إلى ما تعلق به ‪،‬‬
‫ولما في ذلك من تعريض القرآن لإلهانة حال النوم ودخول الخالء ‪ ،‬وتعريضها للعرق واألوساخ وغير‬
‫ذلك من األمور التي ينزه عنها القرآن ‪ ،‬وألنها ذريعة الدجالينـ والمشعوذين لعمل التمائم الشركية بدعوى‬
‫أنها من القرآن ‪ 0‬قال إبراهيم النخعي ‪ " :‬كانوا يكرهون التمائم كلها ‪ ،‬من القرآن وغير القرآن " )‬
‫( المدخل لدراسة العقيدة اإلسالمية – ص ‪0 ) 151‬‬

‫* محاذير استخدام التمائم المكتوبة من الكتابـ والسنة ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬إن كتاب اهلل نزل برسالة سامية تؤصل في منهجها ومضمونها االعتقاد الراسخ الصحيح أوال ومن ثم‬
‫ترسخ قواعد التعامل ما بين العبد وربه ‪ ،‬وما بين البشرـ بعضهم ببعض ‪ ،‬ولم يكن الهدف مطلقا من هذا‬
‫الكتابـ العظيم أن يعلق على الصدور أو البيوت ونحوه ‪ ،‬بل تنزل للحفظ والفهم والتدبر والعمل بمقتضاه ‪،‬‬
‫ولنا في صحابتهـ صلى اهلل عليه وسلم أسوة حسنة ‪ ،‬قال ابن كثير ‪ -‬رحمه اهلل ‪ ( : -‬قال األعمش عن‬
‫أبي وائل عن ابن مسعود ‪-‬رضي اهلل عنه – قال ‪ :‬كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى‬
‫يعرف معانيهن والعمل بهن ‪ 0‬وقال أبو عبد الرحمنـ السلمي حدثناـ الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا‬
‫يستقرئون من النبي صلى اهلل عليه وسلم وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها‬
‫من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا ) ( تفسير القرآن العظيم – ‪0 ) 4 / 1‬‬

‫ب ‪ -‬يخشى من التعلق بتلكـ التمائم واالعتقاد أن بها جلب منفعة أو دفع مضرة ‪ ،‬دون االعتقاد باهلل‬
‫سبحانه وتعالى ‪0‬‬

‫ج ‪ -‬عدم الدخول بهذه التمائم إلى أماكن الخالء ‪ ،‬كما أفتى بذلك العلماء األجالء ‪ -‬حفظهم اهلل ‪ ، -‬وقد‬
‫سئلت اللجنةـ الدائمة للبحوثـ العلمية واإلفتاء عن حكم الدخول بالمصحف للخالءـ فأجابت ‪ ( :‬حمل‬
‫المصحف بالجيب جائز ‪ ،‬وال يجوز أن يدخل الشخص الحمام ومعه مصحف بل يجعل المصحف في مكان‬
‫الئق به تعظيما لكتابـ اهلل واحتراما له ‪ ،‬لكن إذا اضطر إلى الدخول به خوفا من أن يسرق إذا تركه خارجاـ‬
‫جاز له الدخول به للضرورة ) ( فتاوى اللجنةـ الدائمة للبحوثـ العلمية واإلفتاء – ‪0 ) 40 / 4‬‬

‫‪142‬‬
‫قلت ‪ :‬فالحاصل أن الراجح بل الصحيح من أقوال أهل العلم عدم جواز تعليق التمائم ‪ ،‬وإ ن كانت من كتاب‬
‫اهلل أو من األدعية المأثورة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وذلك ألسباب ثالث ‪ ،‬األول منها ‪ :‬عموم‬
‫األدلة وال مخصص لها ‪ ،‬والثاني ‪ :‬سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك ‪ ،‬والثالث ‪ :‬أنه إذا‬
‫علق فال بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجةـ واالستنجاء ونحو ذلك ‪ ،‬واهلل تعالى أعلم‬
‫‪0‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪0‬‬

‫منقول‪ ( : :‬منتدى الرقية الشرعية )‬

‫العالج بالقرآن ‪ ..‬حق يراد به باطل أحيانا‬

‫يقول الداعية اإلسالمى د‪ .‬عمر عبد الكافى‪ :‬أنزل اهلل سبحانه وتعالى القرآن فيه شفاء للناس ‪ ،‬والشفاء المقصود‬
‫به أساسأ هو الخاص بتنقية القلوب من أدران الدنيا وإ بتالئها ‪ ،‬وأيضا شفاء اإلنسان مما علق به من أخالق ذميمة‬
‫أو صفات ال يرضاها اهلل ورسوله‪.‬‬

‫واهلل سبحانه وتعالى أوجد مع كتابه شفاء آخر هو العسل ‪ ،‬ولكن يبدو أن بعض الناس يظن لهذا أننا نلغى العلم‬
‫والطب ‪ ،‬ولقد أوصى النبى صلى اهلل عليه وسلم بأن يتطيب اإلنسان عند أهل التخصص ‪ ،‬ولقد عاد مريضا يوما‬
‫فقال ‪" :‬أفال طلبتم له الطبيب ؟" قال ‪" :‬أنطلب الطبيب وأنت هنا يا رسول اهلل صلوات اهلل وسالمه عليك ؟" فقال‬
‫‪":‬تداووا فإن اهلل ما خلق داء إال وخلق له دواء إال داء الهرم"‬

‫أين يد عمر؟‬

‫ولقد رأينا عمر بن الخطاب رضى اهلل عنه عندما عاد أحد المسلمين وهو مريض وقرأ عليه فاتحة الكتاب واضعا‬
‫يده على الجزء المريض فى جسده فبرىء الرجل بفضل اهلل فلما استشهد عمر ‪ ،‬ومرض الرجل مرة أخرى طلب‬
‫ممن يعودوه أن يقرأ عليه أو أن يرقيه بفاتحة الكتاب كما صنع عمر فلما قرأ الراقى الفاتحة واضعا يده على‬

‫‪143‬‬
‫الجزء المريض فى جسده ‪ ،‬ثم قال له ‪ ":‬كيف حالك؟" قال له ‪ ":‬كما انا" ‪ ،‬فقال الراقى ‪" :‬واهلل إن الفاتحة هى‬
‫الفاتحة ولكن أين يد عمر؟‬

‫ويكمل ‪ :‬القضية اذن ليست فى اآليات فحسب وانما فى اليد الطاهرة التى توضع على المريض‪ ،‬يد لم تؤذ أحدا من‬
‫الناس ولم تمتد إلى رشوة او حرام ولم ترتكب معصية تغضب اهلل عز وجل ‪ ،‬فهذه اليد هى التى تتكامل مع كتاب‬
‫اهلل عز وجل مع النية الصادقة واليقين الكامل بأن الشفاء بإذن اهلل ‪ ،‬وآيات الشفاء فى كتاب اهلل عز وجل "واذا‬
‫مرضت فهو يشفين" "ويشف صدور قوم مؤمنين" و "ننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمه" اذا قرأها اإلنسان‬
‫سواء المريض أو من يعودوه بالنية الصادقة واإلخالص ‪ ،‬فسوف نرى النتيجة المرضية وهى الشفاء بإذن اهلل ‪،‬‬
‫ويقال ان كليم اهلل موسى عليه السالم سأل ربه قائال‪ " :‬يارب أليس الشفاء من عندك ؟" قال ‪" :‬بلى" قال ‪":‬فماذا‬
‫يصنع األطباء؟" فقال اهلل سبحانه وتعالى ‪":‬يأكلون أرزاقهم ويطيبون نفوس عبادى حتى يأتى شفائى أو قضائى‬

‫ويتابع ‪ :‬نخلص مما سبق إلى أن العبد يستخدم وسائل الطب الحديثة ويذهب إلى الطبيب الحاذق الفطن الذى‬
‫اشتهر بالكفاءة العلمية واضعا فى ذهنه أن الطبيب والتشخيص والدواء كلها وسائل وأسباب ‪ ،‬ولكن الشافى هو‬
‫اهلل مع ترديده آيات الشفاء واألدعية التى وردت على لسان رسول اهلل صلوات اهلل وسالمه عليه بأن يضع يده‬
‫على الجزء المريض عند أخيه‪ -‬ان كان يعودوه فى مرضه –ويقول "بسم اهلل" ثالث مرات ثم يقول سبع مرات‬
‫‪":‬أعوذ بعزة اهلل وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" أو "من شر من تجد وتحاذر" إذا كان راقيا ‪ ،‬أو يقول داعيا ألخيه‬
‫المريض‪ ":‬أسأل اهلل العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك" ‪ ،‬وكما قال عمر ‪ ":‬أنا ال أحمل هم اإلجابه ولكن أحمل‬
‫هم الدعاء" فان أخلص اإلنسان نيته مع اهلل عز وجل فى دعائه ‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعالى يستحى من عبده أن يرد‬
‫إليه يديه فارغتين ‪.‬‬

‫منقول ‪ :‬موقع الدكتور عمر عبد الكافي‬

‫أسئلة وأجوبة في‪:‬‬

‫السحر والجن‪ :‬العالج بالقرآن والحجامة‬

‫األستاذ عبد الرحمن منصورـ – أبو عبيده‬

‫السؤال األول‪ :‬هل يستطيع الشخص أن يعرف ما إذا كان به مس من الجن أو مسحور؟ مع العلم أنه يذكر اهلل‬
‫ويصلي ويقرأ القرآن‪ ،‬ولكن لديه إحساس بأنه مسحور أفيدونا أفادكم اهلل‪ ،‬وجزاكم اهلل خيرا؟‬

‫‪144‬‬
‫‪:‬الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫‪:‬فقد قسم العلماء األمراض إلى ثالثة أنواع‬

‫‪.‬أمراض عضوية تعالج عند األطباء ‪-‬‬

‫‪.‬أمراض عصبية ونفسية تعالج عند أطباء النفس ‪-‬‬

‫‪.‬أمراض روحية يعالج اإلنسان نفسه بنفسه بإشراف راق بالقرآن ‪-‬‬

‫أعراضا‬
‫ً‬ ‫سحرا‪ ،‬إن لذلك‬
‫مسا أو ً‬
‫أما عن السؤال‪ ،‬فإن األخت السائلة حفظها اهلل تسأل كيف يعرف اإلنسان بأن به ًّ‬
‫‪:‬كثيرة‪ ،‬كاألعراض التي يسأل عليها األطباء حين يذهب إليه المريض‪ ،‬فنقسم األعراض الروحية إلى قسمين‬
‫عالجا لها‬
‫ً‬ ‫‪.‬األول‪ :‬أعراض في يقظة‪ ،‬ثم أعراض في المنام‪ .‬أما التي في اليقظة‪ ،‬أعراض لم يستطع األطباء‬

‫‪:‬أول هذه األعراض‬

‫‪.‬صداع مفاجئ بدون سبب طبي ‪1 -‬‬

‫‪.‬وجع شديد في فقرات الظهر السفلية ليس لها عالقة بالطب ‪2 -‬‬

‫‪.‬تعب شديد في المعدة خاصة في وقت الظهيرة وفي وقت الليل ‪3 -‬‬

‫‪.‬تنميل في جميع البدن خاصة عند سماع القرآن ‪4 -‬‬

‫تساقط شعر شديد بدون سبب طبي‪ ،‬خاصة في سبعة عشر وتسعة عشر وإ حدى وعشرين من الشهر ‪5 -‬‬
‫‪.‬العربي‬

‫‪.‬تشعل" شديد في القدمين‪ ،‬خاصة عند القيام من النوم" ‪6 -‬‬

‫‪.‬ظهور بعض العالمات البنية اللون‪ ،‬خاصة ما بين السرة إلى الركبة‪ .‬هذه بعض أعراض اليقظة ‪7 -‬‬

‫‪:‬أما أعراض المنام‬

‫صليبا على صدورهم ‪1 -‬‬


‫ً‬ ‫‪.‬رؤية أشباح مخيفة تتمثل في أشكال شياطين‪ ،‬أو على هيئة أناس يلبسون‬

‫‪145‬‬
‫‪.‬أن يرى اإلنسان في المنام ثعابين وكالبا وحيات تطارده ‪2 -‬‬
‫نساء عرايا‪ ،‬وهو في حالة جماع معهن‪ ،‬وعلى العكس بالنسبة للنساء ‪3 -‬‬
‫ً‬ ‫‪.‬أن يرى اإلنسان في المنام‬

‫بعضا من األعراض التي يشعر بها اإلنسان المصاب بالمس أو السحر‬


‫‪.‬هذه ً‬

‫أما النقطة الثانية في السؤال‪ ،‬هل اإلنسان الذي يقرأ القرآن ويصلي يصاب بمس أو سحر‪ .‬نعم‪ ،‬نقول إن هذا‬
‫‪:‬ألسباب‬

‫السبب األول‪ :‬أن يكون ذلك ابتالء من اهلل عز وجل‪ ،‬ليختبر اهلل عز وجل قوة إيمان العبد‪ ،‬فإن الحبيب النبي صلى‬
‫‪:‬اهلل عليه وسلم كان أفضل الملتزمين‪ ،‬ومع ذلك أصيب بالسحر‪ ،‬وكان ذلك ألسباب معلومات‬

‫أمرا يسمى السحر‪ ،‬فيجب التحصين منه‬


‫‪.‬أوالً‪ :‬ليبين للناس أن هناك ً‬

‫ثانيا‪ :‬ليعلم الناس بأن الحبيب النبي صلى اهلل عليه وسلم بشر كبقية البشر‪ ،‬يعتريه من األسقام‪ ،‬واألوجاع ما‬
‫ً‬
‫‪.‬يعتري جميع الناس مثل تأثير السحر فيه‪ ،‬والسم‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬إال أن النبي فضل بالوحي والرسالة‬

‫السبب الثاني‪ :‬أن بعض الناس قد يكون غير ملتزم‪ ،‬ثم من اهلل عز وجل عليه بااللتزام‪ ،‬وحينما كان غير ملتزم‪،‬‬
‫مصابا بمس أو سحر‪ ،‬ولم تظهر هذه األعراض عليه إال بعد التزامه‬
‫ً‬ ‫‪.‬كان في األصل‬

‫خيرا‪ ،‬وشفا اهلل كل مريض‪ .‬وال تنسونا من صالح دعائكم‬


‫‪.‬وجزاك اهلل عنا ً‬

‫‪.‬واهلل أعلم‬
‫السؤال الثاني‪ :‬لو أتاك مريض متشكك‪ ،‬وطلب منك معايير للتفريق بين الدجال والمشعوذ وبين المعالج‬
‫بالقرآن‪ ..‬كيف تقنعه؟‬
‫ملحوظة‪ :‬اإلقناع مهم جدًّا لنجدة الناس من الدجالين والمحتالين‪ ،‬وأنت أدرى بما يفعلونه من مخالفات‪ ..‬أسأل‬
‫اهلل أن يتقبلني وإ ياك في الصالحين‪..‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‪..‬‬

‫شديدا بين الراقين بالقرآن الكريم‪ ،‬وبين الدجالين والمشعوذين‪ ،‬فاألول يستعين باهلل تعالى‬
‫ً‬ ‫إن هناك فرقًا‬
‫صحيحا بدون وجود بدع وال مخالفات شرعية‪.‬‬
‫ً‬ ‫تشخيصا‬
‫ً‬ ‫وبالتضرع إليه بالدعاء‪ ،‬وبتشخيص الحالة‬
‫أما السحرة والدجالون والمشعوذون والكهنة وغيرهم‪ ،‬يستخدمون الجن والشياطين عند معالجة الناس‪ ،‬وهذا‬

‫‪146‬‬
‫أمر فيه من الكفر والشرك‪.‬‬
‫وإ نا سنعرض بعض الفروق التي يستطيع بها اإلنسان أن يفرق بين الراقي بالقرآن‪ ،‬وبين السحرة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬عالمات يعرف بها الساحر والدجال والمشعوذ‪:‬‬

‫ذهبا‪ ،‬أو أن يكون مدخ ًنا‪.‬‬


‫متلبسا بمحرم‪ ،‬كأن يلبس في يده ً‬
‫ً‬ ‫‪ - 1‬أن يكون‬

‫‪ - 2‬إذا دخلت عليه قبل أن تخبره بمشكلتك يقول لك‪ :‬اسمك كذا‪ ،‬واسم أمك كذا‪ ،‬وتسكن في المكان الفالني‪،‬‬
‫وتشكو من األلم منذ فترة متباعدة‪ ...‬إلخ‪ .‬فمثل هذا الرجل ما الذي يفعله‪ ،‬فإنه يسخر الشياطين التي معه‪،‬‬
‫ويرسلها على القرين الذي مع كل إنسان فينا منذ أن ُولد‪ ،‬ثم يخبرك بمثل هذه األمور‪.‬‬

‫‪ - 3‬يعطيك بعض األوراق المرسوم فيها مثلثات ومربعات‪ ،‬والمكتوب فيها بعض آيات من القرآن الكريم‪،‬‬
‫واآليات مفردة‪ ،‬كمثل قول اهلل‪ :‬ب س م ا ل ل ه ا ل ر ح م ن ا ل ر ح ي م‪ ،‬فمثل هذا الرجل ساحر‪.‬‬

‫‪ - 4‬من السحرة من إذا دخلت عليه ومعك الزوجة أو األخت أو األم أو العمة أو الخالة‪ ،‬يقول لك‪ :‬اتركني أنا‬
‫وهي وحدنا؛ ألن السحرة بتسخيرهم للشياطين يتطلب ذلك الزنا بأحد من النساء قبل إجراء جلسة العالج‬
‫(الكفر)‪.‬‬

‫شيئا من أثرك‪ ،‬كمنديل أو بعض المالبس الداخلية‪ ،‬وغير‬


‫‪ - 5‬من السحرة من إذا ذهبت إليه يقول لك‪ :‬اعطني ً‬
‫أيضا ساحر‪.‬‬
‫ذلك‪ .‬وهذا ً‬

‫وغير ذلك من هذه البدع والمخالفات‪ ...‬إلخ‪.‬‬


‫أما الراقي بالقرآن الكريم‪ ،‬فحين تذهب إليه فأول سؤال يسأله لك‪ ،‬مما تشكو؟ فيعرف بعض األعراض التي‬
‫صحيحا‪ ،‬ثم يقرأ‬
‫ً‬ ‫تشخيصا‬
‫ً‬ ‫عندك‪ ،‬ثم يسألك‪ ،‬هل عرضت نفسك على طبيب أم ال؟ ثم يبدأ في تشخيص الحالة‬
‫بعضا من آيات القرآن الكريم بصوت مرتفع يسمعه الجميع‪ .‬وجزاك اهلل عنا خير الجزاء‪.‬‬
‫على المريض ً‬

‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫السؤال الثالث‪ :‬ما هو مدى تأثير الشيطان على اإلنسان الذي يعاني من مرض االكتئاب وال سيما أن األعراض‬
‫مشتبهة بالمصاب بمس شيطاني؟ وشكرا‬

‫‪:‬الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫أيتها األخت الكريمة‪ ،‬أسأل اهلل عز وجل أن يشفيك بشفائه‪ ،‬وأن يداويك بدوائه‪ ،‬وأسأل اهلل تعالى الشفاء لجميع‬
‫‪.‬المسلمين من جميع األمراض واآلالم‬

‫صحيحا قبل وضع العالج لها‪ ،‬فمن الممكن أن تكون الحالة حالة اكتئاب بسبب‬
‫ً‬ ‫تشخيصا‬
‫ً‬ ‫ال بد من تشخيص الحالة‬
‫أمور نفسية‪ ،‬فهي تعالج عند أطباء النفس‪ ،‬ومع ذلك نقول‪ ،‬عليك ببعض هذه األمور التي تشترك في عالج‬
‫‪.‬االكتئاب‪ ،‬سواء كان طبيًّا أو بسبب مس من الجن‬
‫‪.‬أول هذه األشياء‪ ،‬المحافظة على الصالة في أوقاتها‬
‫ثانيا‪ :‬استبدال األغاني بالقرآن الكريم‪ ،‬ولذلك يقول اهلل عز وجل في قرآنه‪" :‬أال بذكر اهلل تطمئن القلوب‬
‫‪ً ".‬‬

‫‪.‬ثالثًا‪ :‬كثرة االستغفار في وقت األسحار‬

‫رابعا‪ :‬صالة ركعتين قيام ليل وقضاء حاجة قبل الفجر‬


‫‪ً .‬‬

‫خامسا‪ :‬اإلكثار من شم الطيب في البيت‬


‫ً‬ ‫‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬كثرة الصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم بعد أذكار الصباح والمساء‪ ،‬ما ال يقل عن مائة مرة‬
‫ً‬ ‫‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬سماع أشرطة مسجل عليها سورة غافر‪ ،‬وسورة الشرح‪ ،‬والمعوذات‪ ،‬وبعض األذكار الشرعية‬
‫‪ً .‬‬
‫السؤال الرابع‪ :‬هل من الممكن أن يسبب السحر مرضا عضويا لإلنسان؟‬

‫الجواب‪:‬‬
‫بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‪..‬‬

‫أمراضا عضوية لإلنسان‪ ،‬كأن يشكو المريض من صداع دائم بالرأس‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫نعم‪ ،‬من الممكن أن يسبب السحر‬
‫سحرا‪ ،‬فاعلم‬
‫تعب شديد في المعدة‪ ،‬ووجع في فقرات الظهر السفلية‪ ،‬فإن تيقنت بتشخيص معالجك بأن عندك ً‬
‫بأن هذا السحر سحر مأكول أو مشروب‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫وعالج ذلك‪ ،‬أن يأتي المريض بشربة تسمى "شربة السنا" ذكرها النبي صلى اهلل عليه وسلم في حديث صحيح‪،‬‬
‫فيغلى منها ملعقة صغيرة في كوب من الماء‪ ،‬وتشرب على الريق بعد صالة الفجر‪ ،‬وأثارها تظهر بعد ثمانية‬
‫وأربعين ساعة على هيئة إسهال شديد‪ ،‬أو قيء شديد‪ .‬أسأل اهلل عز وجل لنا ولك الشفاء‪.‬‬

‫السؤال الخامس‪ :‬هل للجان عالقة بالنسيان؟ وهل هناك عقاب للناسي في هذه الحالة؟‬

‫‪:‬الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫نقول‪ ،‬إذا كانت الذرات الشيطانية المصاب بها اإلنسان متمكنة في الرأس أكثر من بقية الجسد‪ ،‬فإنها تتسبب في‬
‫‪.‬النسيان‪ ،‬وهذا ملحوظ ومشهور‬

‫وعالج ذلك‪ ،‬أن نأتي بالمداد الطاهر (المسك والزعفران) ونكتب به ‪ -‬على ورق أبيض أو في طبق أبيض ‪ -‬هذه‬
‫‪:‬اآليات‬

‫‪).‬سورة الرحمن‪ :‬اآلية ‪1- (22 ،21‬‬

‫‪.‬وسورة الشرح كاملة‪ ،‬والمعوذات ‪2-‬‬

‫ثم تمحى هذه الكتابة بقليل من الماء المقروء عليه آيات الرقية الشرعية (الفاتحة‪ ،‬البقرة من آية ‪ 1‬إلى ‪،5‬‬
‫البقرة آية ‪ 163‬إلى ‪ ،164‬البقرة آية ‪ ،152‬البقرة آية ‪ 285‬إلى ‪ ،286‬سورة آل عمران آية من ‪ 18‬إلى‬
‫‪ ،19‬سورة األعراف آية ‪ 54‬إلى ‪ ،56‬سورة األعراف آية ‪ 117‬إلى ‪ ،122‬سورة يونس آية ‪ 81‬إلى آية ‪،82‬‬
‫سورة طه آية ‪ ،69‬المؤمنون آية ‪ 115‬إلى ‪ ،118‬الصافات آية ‪ 1‬إلى ‪ ،10‬األحقاف آية ‪ 29‬إلى ‪ ،32‬الرحمن‬
‫آية ‪ 33‬إلى ‪ ،36‬الحشر آية ‪ 21‬إلى ‪ ،24‬سورة الجن من ‪ 1‬إلى ‪ ،9‬وسورة اإلخالص والمعوذتين)‪ ،‬ثم تشرب‬
‫‪.‬على الريق لمدة ثالثة أيام‪ .‬ولقد أفتى شيخ اإلسالم ابن تيمية بجواز كتابة اآليات القرآنية بالمداد الطاهر‬

‫‪.‬مع المحافظة على أذكار النوم وأذكار الصباح والمساء‪ ،‬والورد القرآني اليومي‬
‫السؤال السادس ‪ :‬أنا أريد أن أعرف ما الذي يؤيد كالمك من القرآن والسنة؟‬

‫‪:‬الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫جزاك اهلل‪ ..‬عنا أيتها األخت الكريمة على حرصك على معرفة هل الذي يتكلم في إجابة هذه األسئلة يعتمد على‬

‫‪149‬‬
‫‪.‬القرآن والسنة بفهم سلف األمة‪ ،‬أم بطريقة اجتهادية‬

‫الذي يؤيد العالج بالقرآن‪ ،‬وعلى أن القرآن الكريم شفاء من كل داء‪ ،‬ما قاله اهلل عز وجل في سورة اإلسراء في‬
‫‪".‬قوله‪" :‬وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين‬

‫وإ ن الحبيب النبي صلى اهلل عليه وسلم دخل ذات يوم على السيدة عائشة‪ ،‬فوجد بين يديها امرأة تجلس‪ ،‬فقال لها‬
‫‪".‬الحبيب صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬عالجيها بكتاب اهلل تعالى‬

‫واعلمي أيتها األخت الكريمة أن األساس في العالج هما‪ :‬القرآن والسنة‪ ،‬مع بعض االجتهادات التي نستخلصها‬
‫نصا من قرآن أو سنة‬
‫‪.‬من الخبرة في العالج‪ ،‬طالما أنها ال تخالف ًّ‬

‫‪.‬أسأل اهلل لنا ولك السالمة والهداية‬


‫‪:‬السؤال السابع‬
‫بالنسبة لمرضى األمراض المزمنة كالسكر وضغط الدم ما هي عدد مرات الحجامة هل هي مرة واحدة كل عام أم‬
‫أكثر وهل يتعاطى المريض األدوية بعد ذلك أم يتوقف عن أخذها؟‬

‫وبعد كل‬
‫ما هو نوع ومقاس المشرط المستخدم في عمل الحجامة؟ وما مدى عمق التشريط؟ وكم عدد الشرطات ُ‬
‫شرطة عن األخرى؟‬

‫هل يوجد توقيت محدد في العام لعمل الحجامة أم تجرى في أي وقت وهي نتائجكم مع األمراض العضوية؟‬

‫وهل يستوجب عمل تحليل سرعة النزف والتجلط قبل إجراء الحجامة أم ال؟‬

‫ماذا عن كبار السن فوق سبعين عاما هل يوجد محاذير لعمل الحجامة لديهم؟‬
‫ما رأيكم في الحجامة الجافة؟ وكيف تقيمونها؟ ما هو عنوانكم والعنوان البريدي لديكم وكيف الطريق لتعلم‬
‫‪.‬الحجامة؟ ولك جزيل الشكر واالمتنان على سعة صدركم أخوكم‬
‫‪:‬الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫خيرا على حرصك على انتشار الطب النبوي الذي ألغي من قاموس‬
‫نقول أيها األخ الكريم الطبيب‪ ،‬جزاك اهلل عنا ً‬
‫‪.‬الناس في ذلك الزمان‬

‫أقول أوالً‪ :‬إن الحبيب النبي صلى اهلل عليه وسلم حين كان في ليلة اإلسراء والمعراج ما مر على مأل من المالئكة‬
‫‪.‬إال قالوا‪ :‬يا محمد مر أمتك بالحجامة (صحيح الجامع)‬

‫‪150‬‬
‫أياما للحجامة‪ ،‬فقال بأنها في سبعة عشر‪،‬‬
‫لقد حدد النبي صلى اهلل عليه وسلم في األحاديث الصحيحة المتواترة ً‬
‫‪.‬وتسعة عشر‪ ،‬وإ حدى وعشرون‪ ،‬وذلك التصال ضوء القمر باألخالط التي تكون في البدن‬

‫وعرضا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مرضا‬
‫ً‬ ‫ثانيا‪ :‬لقد بين لنا أساتذتنا من األطباء بأن الحجامة تشترك في عالج أكثر من أربعة وثمانين‬
‫ً‬
‫‪.‬فنحن ال نيئس المريض من رحمة اهلل‪ ،‬ولكن نفتح له باب رحمة‬

‫كثيرا من األطباء‬
‫ثالثًا‪ :‬بالنسبة لمريض السكر ال بد أوالً أن يفعل تحاليل لنعرف مدى تأثير السكر عليه‪ ،‬ورأينا ً‬
‫‪.‬من يفعلون الحجامة لمريض السكر بدون تشريط ولكنه وخذ قليل‬

‫‪.‬أما بالنسبة لمرات الحجامة‪ ،‬أي العدد‪ ،‬فيحدد ذلك المريض الذي يمارس الحجامة‬

‫طا‪ ،‬والوخز يكون بطرف أي مشرط طبي‪،‬‬


‫قلنا قبل ذلك بالنسبة لمريض السكر‪ ،‬فإنه يكون هناك وخز وليس تشري ً‬
‫‪.‬أو إبرة معقمة‬

‫‪.‬أما بالنسبة للتشريط‪ ،‬فإنه ال يقل عن خمسة عشرة تشريطة طولية‪ ،‬أو وخز لمريض السكر‬
‫أما بالنسبة لكبار السن فوق السبعين‪ ،‬فتفعل لهم الحجامة عند طبيب مختص‪ ،‬وبشرط أن يوضع كأس واحد‪،‬‬
‫ثانيا‪ ،‬ونستكمل بقية‬
‫كأسا ً‬
‫ونالحظ مدى تحمل المريض لهذا الكأس‪ .‬فإذا ما تحمل المريض الكأس‪ ،‬نضع له ً‬
‫‪.‬الخطوات في أمر الحجامة‬

‫قلنا بالنسبة للحجامة لها أيام عربية‪ ،‬حددها النبي صلى اهلل عليه وسلم في سبعة عشر‪ ،‬وتسعة عشر‪ ،‬وإ حدى‬
‫وعشرين‪ ،‬ولقد أفتى اإلمام أحمد إمام أهل السنة بجواز فعل الحجامة في أي وقت يحتاج إليه المريض‪ ،‬وهذا ما‬
‫‪.‬يفعله جميع األطباء الثقات‪ ،‬الذين نعلمهم‬

‫أما بالنسبة للحجامة الجافة‪ ،‬فهي بدون تشريط‪ ،‬وأكثر فعلها يكون لمن يشكون من أمراض المعدة‪ ،‬وغير ذلك‪،‬‬
‫‪.‬فنفعل لهم حجامة جافة‪ ،‬بدون تشريط لئال يحدث في هذا المكان الرطب فتق شديد يلتئم بعد فترة من الزمان‬

‫السؤال الثامن‪ :‬هل الحجامة تستطيع أن تشفي األمراض؟ ومنها الشلل؟ وهل كان الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يستخدمها؟‬
‫نقول أيها الحبيب‪ ،‬لقد ذكرت قبل ذلك أن الحبيب النبي صلى اهلل عليه وسلم ما مر على مأل من المالئكة في ليلة‬
‫اإلسراء إال وقالوا يا محمد ُم ْر أمتك بالحجامة‪ ،‬فلقد احتجم النبي صلى اهلل عليه وسلم على الرأس‪ ،‬والكاهل‪،‬‬
‫واألخدعين‪ ،‬واحتجم من شقيقة ووجع كان برأسه‪ ،‬واحتجم من وجع كان بقدمه‪ ،‬ودليل ذلك حديث أنس‪ :‬أن‬
‫‪.‬رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به‬

‫‪151‬‬
‫سببا رئيسيًّا مع وجود عالج الطبيب في الشفاء من الشلل‪ .‬وجزاكم اهلل‬
‫فأقول أيها الحبيب‪ ،‬بأن الحجامة تكون ً‬
‫خيرا‪ .‬ونسأل اهلل لنا ولك الشفاء‬
‫‪.‬عنا ً‬
‫السؤال التاسع ‪:‬أنا ال أعتقد أن ما تقولونه حق وأن الشيطان يتلبس باإلنسان‪ ،‬ويتصرف كما يحلو له‪ ،‬ويتحكم به‬
‫‪".‬وقد ذكر القرآن على لسان الشيطان قوله "وما كان لي عليكم من سلطان إال أن دعوتكم‬
‫‪:‬الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫كالما طويالً‪ ،‬فالعلماء قد‬


‫أيها األخ الحبيب‪ ،‬هذه المسألة مسألة تلبس الشيطان بجسد اإلنسان قد تكلم فيها العلماء ً‬
‫‪:‬انقسموا في هذه النقطة إلى فريقين‬

‫الفريق األول‪ :‬يقول بالمس دون اللبس‪ ،‬أما الفريق الثاني فيقول‪ ،‬بتلبس الجن في بدن اإلنسان‪ ،‬اقرأ إن شئت‬
‫قول اهلل عز وجل‪" :‬الذين يأكلون الربا ال يقيمون إال كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس"‪ ،‬انظر قول اإلمام‬
‫‪.‬القرطبي وغيره من أهل التفسير في تفسير هذه اآلية لتعلم بأن الجن يستطيع أن يتلبس بجسد بني آدم‬
‫وقد تكون سيطرة الجن والشياطين على اإلنسان‪ ،‬إما بالوسوسة واإلغواء‪ ،‬وإ ما بأن يتلبس الشيطان بالبدن‪ ،‬أو‬
‫عاما من العالج‬
‫مسا‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وهذه األمور مالحظة معلومة على مدار ‪ً 12‬‬
‫‪.‬يحدث منه ًّ‬

‫صحيحا يدل على دخول الجن جسد اإلنسان وهو قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إن‬
‫ً‬ ‫واحدا‬
‫ً‬ ‫أذكر لك دليالً‬
‫‪".‬الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق‬

‫‪.‬ذهب عبد اهلل لإلمام أحمد وقال‪ :‬يا إمام‪ ،‬إن الناس ينكرون دخول الجن جسد اإلنسان‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني هم يكذبون‬

‫شديدا‬
‫ً‬ ‫ضربا‬
‫ً‬ ‫‪.‬وقال ابن القيم‪ :‬لقد رأيت شيخي ابن تيمية وهو يتكلم مع الجن على لسان المريض ويضربه‬

‫غالما ذهب إلى اإلمام أحمد وقال‪ :‬يا إمام‪ ،‬إن أمي قد تلبس بها شيطان‪ ،‬فقال له‬
‫ً‬ ‫والواقعة المشهورة‪ ،‬في أن‬
‫اإلمام أحمد‪ :‬خذ نعليها هذين‪ ،‬وقل للشيطان إن اإلمام أحمد يقول لك اخرج من جسدها‪ ،‬فحين ذهب الغالم‪ ،‬قال‬
‫الشيطان له‪ :‬اذهب إلى اإلمام أحمد وقل له‪ :‬لو أمرتنا أن نخرج من بالد العراق لخرجنا‪ .‬وغير ذلك من الوقائع‬
‫‪.‬الصحيحة المشهورة‬

‫‪.‬نسأل اهلل لنا ولك الهداية‬


‫السؤال العاشر‪:‬إن زوجتي ترى في المنام بين الحين واآلخر (تقريبا كل شهر) بعض أنواع الثعابين والحيات‪ .‬فهل‬
‫ذلك من أعراض السحر في المنام؟‬
‫كما أنني أشكو من ألم أسفل الظهر بدون سبب طبي فهل ذلك من أعراض السحر في اليقظة؟ علما أننا ملتزمون‬
‫‪.‬جدا‪ .‬وجزاكم اهلل عنا خير الجزاء‬

‫‪152‬‬
‫الجواب‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫قلت قبل ذلك أيها األخ الكريم‪ ،‬إن ذهبت إلى طبيب فلم يشخص لك وجع الظهر بأنه بسبب تعب في العمود‬
‫سحرا‪ ،‬باشتراك بعض هذه األعراض‪ ،‬صداع مفاجئ‬
‫مسا أو ً‬
‫الفقري‪ ،‬أو أي أمر متعلق بالعظام‪ ،‬فقد يكون ذلك ًّ‬
‫في أيام معلومات من الشهر‪ ،‬مع وجع في فقرات الظهر السفلية‪ ،‬مع تعب في المعدة‪ ،‬مع تنميل في الجسد‪ ،‬مع‬
‫ضيق شديد في وقت الليل‪ ،‬فإن وجدت هذه األعراض بدون أي سبب طبي‪ ،‬فقد تكون حالة مس أو حالة سحر‪،‬‬
‫‪.‬مع وجود بعض األعراض في المنام‪ ،‬منها الثعابين والكالب والحيات وغيرها‬

‫‪:‬وهذا برنامج للعالج إن شاء اهلل تعالى‬

‫أوالً‪ :‬ماء زمزم‪ ،‬فإن لم يتيسر فماء مقروء عليه الرقية الشرعية الماضية‪ ،‬وآيات الشفاء الست‪( :‬سورة التوبة‪:‬‬
‫‪ ،14.‬يونس‪ ،57 :‬النحل‪ ،69 :‬اإلسراء‪ ،82 :‬الشعراء‪ ،80 :‬فصلت‪)44 :‬‬

‫ثانيا‪ :‬زيت الزيتون‪ ،‬أو زيت حبة البركة؛ ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال عن زيت الزيتون في حديثه‪" :‬كلوا‬
‫ً‬
‫‪".‬الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة‬

‫‪.‬ثالثًا‪ :‬تَ ْم ُر المدينة‪ ،‬فإن لم يتيسر فأي تمر عندك‬

‫رابعا‪ :‬شرائط مسجل عليها آيات الشفاء التي ذكرناها آنفًا مع آيات الحفظ وهي‪( :‬البقرة‪ ،255 :‬األنعام‪،61 :‬‬
‫ً‬
‫‪،‬يوسف‪ ،64 :‬الرعد‪ ،11 :‬الحجر‪ ،9 :‬الحجر‪ ،17 :‬األنبياء‪ ،32 :‬سبأ‪21 :‬‬
‫‪).‬الصافات‪ ،7 :‬الشورى‪ ،6 :‬االنفطار‪ ،10 :‬البروج‪ ،22 ،21 :‬الطارق‪4 :‬‬

‫مع آيات الحرق وهي كما يلي‪( :‬الفاتحة‪ ،‬البقرة‪ 255 :‬إلى ‪ ،257‬الصافات كاملة‪ ،‬الحشر‪ 21 :‬إلى ‪،22‬‬
‫‪.‬البروج‪ 1 :‬إلى ‪ ،22‬اإلخالص‪ ،‬والمعوذتين)‬

‫وشريط خاص مسجل عليه األذان‪ ،‬مكرر على وجه من الشريط‪ ،‬وآية الكرسي مكررة على وجه من الشريط‬
‫‪.‬اآلخر‬

‫‪:‬الشرح‬
‫أما بالنسبة للماء‪ ،‬فبعد القراءة عليه ما مضى من اآليات فيقسم الماء إلى نصفين‪ ،‬النصف األول لالغتسال خارج‬
‫دورة المياه‪ ،‬ثم يجمع الماء ويرش في جميع أركان المنزل‪ ،‬والنصف اآلخر يشرب منه على مدار سبعة أيام‬
‫‪.‬متصلة‬

‫شديدا‪ ،‬خاصة مكان األلم‬


‫ً‬ ‫‪.‬أما بالنسبة للزيت‪ ،‬بعد القراءة عليه ما مضى من آيات‪ ،‬فيدلك به كل البدن تدلي ًكا‬

‫‪153‬‬
‫أما بالنسبة لتمر المدينة‪ ،‬فيؤكل منه سبع تمرات على الريق‪ ،‬فهذا من أفضل األشياء التي تساعد في إبطال‬
‫‪.‬السحر‬

‫‪:‬ملحوظة‬
‫سماع األشرطة المسجل عليها آيات الشفاء‪ ،‬وآيات الحفظ‪ ،‬وآيات الحرق‪ ،‬وآية الكرسي‪ ،‬واألذان‪ ،‬يستمع إليها‬
‫يوميا على مدار اليوم‬
‫‪.‬بسماعة صغيرة لألذن ثالث ساعات ً‬

‫ومن الممكن استخدام المسك اإلنجليزي‪ ،‬فإنه من أجل األشياء التي تقضي على المس الشيطاني‪ ،‬وطريقة‬
‫‪:‬استخدامه كما يلي‬
‫أن تدهن فتحات البدن (عشر فتحات لليدين وعشر للقدمين‪ ،‬وفتحتا األنف واألذن والقبل والدبر) ثم تدهن جميع‬
‫المالبس من الخارج‪ ،‬مع المحافظة على الصلوات في جماعة‪ ،‬والبعد عن سماع األغاني‪ ،‬وترك التدخين‪،‬‬
‫‪.‬والمحافظة على أذكار الصباح والمساء‪ ،‬وأذكار النوم‬

‫‪.‬وأسأل اهلل تعالى لنا ولك الشفاء التام‬

‫السؤال الحادي عشر‪ :‬ولكن من فضلك ما أدلتكم على تحديد آيات معينة للكتابة والمحو ثم شربها؟‬
‫لماذا هذه اآليات بالذات؟ ومن أين أتيتم بموضوع الكتابة والمحو والشرب هذا؟‬
‫!!لم نسمع في السنة بأكثر من الرقية بالقراءة‬
‫ولم نسمع عن عالج للنسيان سوى ذكر اهلل عز وجل‪ ،‬وما سمعنا عن آيات تكتب وتمحى وتشرب !! من سلفكم‬
‫في هذا األمر؟ وما الدليل الشرعي على جواز ذلك؟‬
‫‪:‬الجواب‬
‫‪:‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬
‫أيها الحبيب‪ ،‬إن مجال العالج بالقرآن يعتمد على القرآن والسنة بفهم سلف األمة‪ ،‬ثم باجتهادات شيوخ اإلسالم‬
‫القدامى في هذا المجال‪ ،‬فاقرأ في الفتاوى لشيخ اإلسالم ابن تيمية لتعلم بأنه قد أفتى بجواز كتابة اآليات القرآنية‬
‫‪.‬بالمداد الطاهر‬
‫أما بالنسبة لهذه اآليات بالذات؛ ألن كل مرض له شفاء‪ ،‬فمرض النسيان أن يقرأ اإلنسان آيات الحفظ التي ذكرتها‬
‫‪.‬آنفًا‪ ،‬وليس في هذا ما يتعارض مع نص قرآني أو سنة‬
‫‪.‬أسأل اهلل تعالى لنا ولك الهداية والسالمة‬

‫السؤال الثاني عشر‪ :‬أنا آنسة من المغرب‪ ،‬مصابة بحالة مس عندما يرقيني أحد الصالحين أصرع وينطق جني‬
‫‪.‬على لساني فيذكر اسمه وسنه وأسباب دخوله جسدي مند ‪ 14‬سنة‬

‫‪:‬والسبب هو عشقه لي ورغبته في الزواج‪ .‬خضعت للرقية مرات ومرات وبدون نتيجة‬

‫‪154‬‬
‫أثناء صرعي ال أفقد الذاكرة تماما فأنا أحس بكل ما يجري حولي وكذلك التعذيب‪ ،‬سني اآلن ‪36‬عاما‪ ،‬وكان ‪1-‬‬
‫‪.‬أحد اإلخوة قد أرادني للزواج يذهب بدون رجعة‬

‫أحس دائما بالدوخة والعجز الشديد‪ ،‬أحس دائما بالحركة أسفل بطني وفي فرجي وال أخفيك رغم أني ال أرى ‪2-‬‬
‫شخصا مجسدا إال أنني أحس أن هناك مخلوقا يعيش معي‪ ،‬وكثيرا ما يكلمني بل يتعدى ذلك بإرغامي على الزنا‬
‫‪.‬وهذه الحالة تأتيني في اليقظة‪ ،‬وليس في الحلم‪ ،‬أفيدوني وساعدوني جزاكم اهلل عني كل خير‬

‫‪:‬االجابة‬
‫‪..‬بسم اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وبعد‬

‫‪:‬أريد أيتها األخت الكريمة أن أحذرك من بعض األمور‬

‫أوالً‪ :‬قراءة المعالجين بالقرآن على المريض بنية استحضار الجن والحديث معه‪ ،‬أمر مخالف للسنة‪ ،‬وذلك‬
‫‪.‬ألسباب عديدة‬

‫إن الحبيب النبي صلى اهلل عليه وسلم كان يقول‪" :‬اخرج عدو اهلل إني رسول اهلل"‪ ،‬فلم يتكلم مع جني على لسان‬
‫‪.‬إنسي في حوار طويل‪ ،‬ما اسمك؟ ما سنك؟ من أين أتيت؟ لماذا تسكن هذا البلد؟ كل هذا هراء‬

‫ولكن الواجب أن يفعل الراقي بالقرآن اآلتي‪ :‬أن يقرأ الرقية بنية طرد الجن من البدن‪ ،‬واألفضل أن يعالج اإلنسان‬
‫‪.‬نفسه بنفسه‬

‫ثانيا‪ :‬إن الجن كذاب ال ُيصدق‪ ،‬فبجهل المعالج يحضر الجني‪ ،‬ويقول الذي فعل هذا السحر بالمسوسة هو عمها أو‬
‫ً‬
‫خالها‪ ،‬فيتسبب في قطع صالت األرحام‪ ،‬والجن ال ُيصدق؛ ألن الحبيب النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لسيدنا أبي‬
‫‪.‬هريرة‪ :‬صدقك وهو كذوب‬

‫ثالثًا‪ :‬إن الجن حين يتمكن من المخ ويتكلم على لسان اإلنسي فترة طويلة‪ ،‬يسبب حاالت الصرع التي تعالج عند‬
‫سببا في المرض‬
‫سببا في الشفاء‪ ،‬كان ً‬
‫‪.‬األطباء‪ ،‬فبدالً من أن يكون الراقي بالقرآن ً‬

‫‪:‬ملحوظة‬
‫‪:‬الصرع على نوعين‬

‫‪.‬األول‪ :‬بواسطة أرواح خبيثة تسكن البدن‬


‫‪.‬الثاني‪ :‬بواسطة كهرباء زائدة في المخ‪ ،‬فتؤدي إلى التشنجات العصبية وهذه ملجأها إلى األطباء‬

‫‪155‬‬
‫سرا‪ ،‬أن الحجامة في مرض الصرع الطبي أو الذي بسبب الجن تأتي بنتائج مذهلة للغاية‪ ،‬فيتم‬
‫وال أخفي عليك ًّ‬
‫‪%.‬الشفاء بسبب الحجامة بنسبة ‪90‬‬

‫جنيا على لسانك‪ ،‬وتشعرين بكل‬


‫أيتها األخت الكريمة‪ ،‬أنت تقولين في السؤال‪ :‬إن األخ الراقي حين يرقيك يحضر ً‬
‫شيء يحدث في جلسة العالج‪ ،‬هذا يدل أوالً على جهل المعالج‪ ،‬الذي لم يستطع أن يفرق بين حضور الجني‪،‬‬
‫‪.‬وحضور القرين‪ ،‬أو الحالة النفسية‬

‫جميعا‪ ،‬أي إنسان يرقيه را ٍ‬


‫ق بالقرآن ويحس ويشعر بجميع ما يحدث في جلسة العالج‪ ،‬فإما‬ ‫ً‬ ‫فأقول أيها األحباب‬
‫‪.‬أن يكون الذي يتكلم مع المعالج هو القرين‪ ،‬أو أن تكون حالة نفسية‬

‫أقول أيتها األخت الكريمة‪ ،‬إن لحاالت العشق من الجن عالمات معلومات عند من له أدنى معرفة بالرقية‬
‫الشرعية‪ ،‬فمنها‪ :‬انتفاخ في األعضاء التناسلية‪ ،‬مع تعب شديد في الثديين عند النوم‪ ،‬مع نفور شديد من الزوج‬
‫‪.‬عند الجماع‪ ،‬مع كثرة االحتالم عند النوم‪ ،‬مع رؤية أشباح في المنام كأنها في حالة جماع معك‬

‫‪:‬أما العالج لحالة العشق‪ ،‬فإنه يكون كاآلتي‬

‫القراءة على ماء وعلى زيت وعلى تمر وعلى لبن وعلى عسل آيات الرقية الماضية التي أجبنا عليها في ‪1 -‬‬
‫‪.‬سؤال سابق‪ ،‬مع قراءة آيات الشفاء‪ ،‬وآيات الحفظ وآيات الحرق في الصباح والمساء‪ ،‬مع جزء قرآن يومي‬

‫طريقة استخدام الماء والزيت‪ ،‬واللبن‪ ،‬والتمر‪ ،‬والمسك‪ ،‬والعسل‪ ،‬ذكرناهم في إجابة سؤال قد مضى‪ ،‬مع كثرة‬
‫‪.‬سماع القرآن كامالً في شهر واحد‬
‫أحدا يحدثك‪،‬‬
‫أما بالنسبة لألعراض التي تحسين بها من تعب في المعدة‪ ،‬وفي غيرها من األماكن‪ ،‬ورؤية كأن ً‬
‫فيكفي استخدام المسك اإلنجليزي لذلك‪ ،‬ودهان جميع فتحات البدن التي ذكرناها في سؤال سابق‪ ،‬مع التدليك‬
‫الشديد في وقت الليل‪ ،‬مع استخدام ما يسميه العلماء بالقسط الهندي‪ ،‬وهو نشوق حار يؤتى به من عند‬
‫العطارين‪ ،‬فيدق ثم يوضع في زجاجة صغيرة مملوءة بزيت الزيتون‪ ،‬وزيت حبة البركة‪ ،‬ويقطر منه في األنف‬
‫يوميا في الصباح وفي الظهيرة وفي الليل‪ ،‬لمدة شهر كامل‬
‫‪.‬ثالث مرات ً‬

‫العجب في السؤال أن تقولين أيتها األخت‪ ،‬إن الجني يرغمك على الزنا‪ ،‬فإن كان مع بشر مثلك‪ ،‬فليس هذا‬
‫بتسليط من الشيطان‪ ،‬ألن دور الجني العاشق أال ينظر إليك أحد نظرة بشهوة‪ ،‬فيستحوذ عليك وحده‪ ،‬وال يمكن أي‬
‫‪.‬أحد من أن يعتدي عليك‪ .‬أما إذا كان االعتداء عليك في حال اليقظة كما تقولين‪ ،‬فيكفي لذلك البرنامج السابق‬

‫‪.‬وأسأل اهلل تعالى لنا ولك الشفاء‬

‫‪.‬واهلل أعلم‬

‫‪156‬‬
‫الحجامه وفوائدها‬

‫الحجامة لغويا‬
‫المص‪،‬و سمي به فعل الحاجم لما فيه من المص للدم في موضع‬
‫ُّ‬ ‫الحجم لغة‪:‬‬
‫‪.‬الشرط‬
‫والحجامة‪ :‬هي فعل الحاجم وحرفته‬

‫والمحجم اآللة التي يحجم بها أي يمص بها الدم وهي أيضا ً مشرط الحجام‬

‫الحجامة عمليا‬

‫الحجامة هي عملية سحب أو مص الدم من سطح الجلد باستخدام كؤوس‬

‫الهواء بدون إحداث أو بعد إحداث خدوش سطحية بمشرط معقم على سطح‬

‫الجلد في مواضع معينة لكل مرض‬

‫تاريخ الحجامة‬

‫منذ أن أوجد هللا تعالى البشرية على سطح األرض واإلنسان يحاول أن‬
‫‪ ,‬يتخلص من آالم جسده ‪ ,‬ويعمل دائما على أن يطور ويبتكر طرقا جديدة للعالج‬
‫تعينه على قهر المرض‬
‫الحجامة عند قدماء المصريين ‪ :‬رسوم تدل عليها في مقبرة الملك توت عنخ آمون‬
‫و نقوش معبد كوم امبو الذي كان يمثل أكبر مستشفى في ذلك العصر صورة‬
‫لكأس يستخدم لسحب الدم من الجلد‬
‫الحجامة في الصين ‪ :‬ورد ذكر العالج بكاسات الهواء في كتاب اإلمبراطور األصفر‬
‫‪ .‬لألمراض الداخلية الصيني قبل حوالي أربعة آالف سنة‬
‫الحجامة في الهند يقطعون أطراف القرون المجوفة لبعض الحيوانات ثم يضعون‬
‫الجزء الواسع منها على الجلد وبعدها يمصون بالفم بقوة من الطرف الضيق إلى‬
‫أن يتم تفريغ الهواء داخل القرن ثم يغلقون هذا الطرف باالبهام معالضغط بشدة‬
‫على القرن ثم استبدلت قرون الحيوانات بكاسات من الفخار والبامبو أوالزجاج‬
‫الحجامة عند االغريق ‪ :‬يقومون بتسريب كمية من دم المريض ( الحجامة ) بغرض‬
‫!! مغادرة االرواح الشريرة مع الدم لجسم المريض‬
‫الحجامة عند الرومان ‪ :‬نقلوا إلى بالدهم إبان عودتهم إليها بدودة العلقة‬
‫) هيلينا(‬
‫‪ ,‬الحجامة عند العرب والمسلمين ‪ :‬عرف العرب الطب قبل الميالد بزمن طويل‬
‫وكان طبهم مقتصرا على الحجامة والكي ووصف بعض الحشائش والنباتات‬
‫وظلت هذه األعمال الجراحية شاثعة‪ ،‬وقد تأثر العرب بهذه العملية وانتشرت بينهم‬

‫‪157‬‬
‫وجاء النبي ليقر ذلك العالج‪ ،‬ويعمل به ويوصي به أمته فمن الثابت أنه صلى هللا‬
‫‪.‬عليه وسلم كان يتدواى بالحجامة لصداع كان يصيبه‬
‫الحجامة إلى أوروبا أدخلت عبر بالد األندلس عندما كان األطباء المسلمون ‪.‬‬
‫‪ .‬ومدوناتهم العلمية المرجع األول في علوم الطب‬
‫الحجامة في العصر الحديث ‪ :‬وعلى امتداد القرن التاسع عشر وأوائل القرن‬
‫العشرين كانت الحجامة تترك الساحة الطبية تدريجيا للوسائل الطبية االحدث‬
‫التي جذبت االطباء الجدد ولكن بمرور الوقت تسببت اآلثار والنتائج السلبية‬
‫لتعاطي العقاقير في ميالد مشاكل صحية جديدة كما إن عجز الطب الغربي‬
‫عن معالجة العديد من اآلالم دفع بالعديد من األطباء إلى إعادة التفكير في‬
‫جدوى الطرق العالجية التقليدية وأهم ممارساته الحجامة‬

‫بعض أحاديث االحجـامة‬

‫فقد ورد عن النبي صلَّى هللا عليه وسلَّم فيما رواه اإلمام البخاري عن أنس ==‬

‫" بن مالك قوله ‪ :‬إِنَّ أَ ْمثَ َل َما تَدَا َو ْيتُ ْم بِ ِه ا ْل ِح َجا َمةُ‬

‫ضي هَّللا ُ ==‬


‫س َر ِ‬
‫َن ا ْب ِن َعبَّا ٍ‬
‫س ِعي ِد ْب ِن ُجبَ ْي ٍر ع ِ‬
‫روى البخاري في صحيحه عن َ‬

‫س ٍل َوش َْرطَ ِة ِم ْح َج ٍم َو َكيَّ ِة نَا ٍر َوأَ ْن َهى أُ َّمتِي َع ِن‬


‫شفَا ُء فِي ثَالثَ ٍة ش َْربَ ِة َع َ‬
‫َع ْن ُه َما قَا َل ال ِّ‬

‫‪ ،‬ا ْل َك ِّي‬

‫سئِ َل عَنْ أَ ْج ِر ا ْل َح َّج ِام فَقَا َل ْ‬


‫احت ََج َم ==‬ ‫ضي هَّللا ُ َع ْنهُ أَنَّهُ ُ‬ ‫وفي رواية عَنْ أَنَ ٍ‬
‫س َر ِ‬

‫سو ُل هَّللا ِ صلى هللا عليه وسلم َح َج َمهُ أَبُو طَ ْيبَةَ َوأَ ْعطَاهُ َ‬
‫صا َع ْي ِن ِمنْ طَ َع ٍام َو َكلَّ َم‬ ‫َر ُ‬

‫َم َوالِيَهُ فَ َخفَّفُوا َع ْنهُ‬

‫وأخرج أحمد و والحاكم وصححه وابن مردويه‪ ،‬عن ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما==‬

‫قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ما مررت بمأل من المالئكة ليلة ‪-‬‬
‫‪-‬‬
‫أسري بي‪ ،‬إال قالوا عليك بالحجامة" وفي لفظ مر أمتك بالحجامة ‪-‬‬

‫أدوات الحجامة‬

‫انتشرت في العديد من الدول بعد االقبال المتزايد على هذه الوسيلة‬


‫‪ ..‬العالجية العريقة‬
‫ـ كؤوس الحجامة‬

‫قديما ‪1 -‬‬

‫من أطراف القرون المجوفة لبعض الحيوانات ‪-‬‬

‫من البامبو (ال تصلح لتكرار الحجامة النها غير قابلة للتنظيف الجيد ‪--‬‬

‫‪158‬‬
‫)والتطهير‬

‫االكواب المصنوعة من الفخار او الخزف التي كانت سهلة الكسر ‪-‬‬

‫حديثا ‪2 -‬‬

‫أ ‪ -‬كؤوس عادية‬

‫كاسات زجاج سميك يصعب كسره ‪-‬‬

‫ب ‪ -‬كؤوس بشفاط‬

‫كاسات زجاجبة ‪-‬‬

‫أ و كاسات بالستيك‪-‬‬

‫أو كاسات بالستيك بها مغناطيس‪-‬‬

‫مجهزة بمضخات يدوية مع وجود صمام يتم غلقه‬

‫كاسات مزودة بمضخات كهربية لتفريغ الهواء ‪-‬‬

‫ـ قنديل أو شمعة‪ .‬ـ أقماع ورقية سهلة االشتعال( فى حالة الكؤوس العادية‬

‫)‪.‬الزجاجية أو الفخارية‬

‫‪.‬ـ معقمات طبية للجروح السطحية‬

‫‪.‬ـ قفازات طبية معقمة‬

‫‪.‬ـ شفرات طبية معقمة تماما ً‬


‫أو مشارط متنوعة منها مشرط فيدال ذي ثالث شفرات أو ذي ثماني‬
‫شفرات مخفية تظهر عند الضغط على زر جانبي محدثة ثمانية‬
‫‪.‬شرطات بآن واحد لتسهيل العمل‬
‫‪.‬ـ علبة من القطن والشاش الطبي المعقم‬
‫أنواع الحجامة و طرق عملها‬
‫الحجامة الجافة أو حجامة بال شرط‪( ،‬العالج بكؤوس الهواء) _‪1‬‬
‫تفيد في نقل الدم من مواضع األلم الى سطح الجلد وبذلك‪Cupping‬‬
‫يختفي جزء كبير من األلم‬

‫‪ :‬طريقة الحجامة الجافة‬

‫‪ .‬عقم الموضع المراد حجامة بالمطهرات الطبية‬

‫ربما تحتاج الى وضع قليالً من الزيت أو الفازلين على حافة‬

‫‪159‬‬
‫‪ .‬الكأس حتى يحكم لصق المحجمة على الجلد‬

‫ضع كأس المحجمة ( كأس زجاجية ضيقة الفم واسعة البطن‬

‫حجمها نحو الرمانة الصغيرة تعرف بالمحجمة) على الموضع‬

‫المراد حجامته ‪.‬فرغ كأس المحجمة من الهواء بواسطة‬

‫‪،‬أ ‪ -‬جهاز السحب‪ -‬يتم شفط الهواء من خالل الخرطوم حتى يتم تفريغ الهواء‬

‫‪).‬ويتم الشفط إما عن طريق الفم أو باستخدام شفاط أو سرنجةأو جهاز السحب(‬

‫ب ‪ -‬أو تؤخذ كأس زجاجية ‪ ,‬ثم تحرق قطعة من الورق أو قليل من القطن‬

‫داخله‪ ،‬ثم وضع الكأس بسرعة على جلد المريض وباحتراق األوكسجين داخل الكأس يحدث ضغط سلبي يؤدي إلى‬
‫تجمع الدم تحت سطح الجلد حيث يراد استخراج الدم‬
‫ت ‪ -‬أو أن يوضع على الجلد قطعة من كرتون‪ ,‬تركز عليها قطعة صغيرة من شمعة مشتعلة أو كتلة من قطن كذلك‪,‬‬
‫وتوضع المحجمة فوقها فتتفرغ من الهواء بالحرارة وتلتصق بالجلد التصاقا محكما فينجذب الدم وغيره من المواد‬
‫المصلية بقوة الجذب وينتفخ الجلد و ينسحب الجلد الى داخل الكأس ويتقبب ويحمر وتبقى المحجمة الصقة به مدة‬
‫‪.‬كافية لمنع اشتراك هذه الكمية من الدم في الدورة‬
‫بعد خمسة دقائق الى عشرة دقائق انزع الكأس برفق وذلك بالضغط علىالجلد عند حافة الكأس‬
‫دقيقة ال تزيد على ‪ 10‬دقائق لمرة واحدة أو ‪ 3‬مرات لمدة للمرة في حالة حجامة الوجه ال تزيد المدة عن ‪2-4‬‬
‫‪ .‬نصف دقيقة‬

‫حبس الدم مدة تحت الجلد بحيث ينقطع عن الدورة فيخفف بذلك‬

‫اللتهاب المذكور أو األلم الحاصل‬

‫‪:‬الحجامة الرطبة أو الحجامة بالشرط (كؤوس الهواء مع اإلدماء ) ‪2 -‬‬


‫‪Cupping Ietting‬أو ‪Cupping Ventose‬‬
‫وتختلف عن الحجامة الجافة " بتشريط الجلد تشريطا خفيفا " ووضع‬
‫المحجمة على مكان التشريط وتفريغها من الهواء عن طريق المص فيندفع‬
‫الدم من الشعيرات واألوردة الصغيرة الى سطح الجلد بسبب التفريغ الذي‬
‫أحدثه المص‬
‫‪:‬طريقة الحجامة الرطبة‬
‫‪ .‬تأكد من نظافة وتعقيم آالت الحجامة ‪ ،‬واستخدم مشرط جديد ومعقم‬

‫‪ .‬عقم الموضع المراد حجامة بالمطهرات الطبية‬

‫ربما تحتاج الى وضع قليالً من الزيت أو الفازلين على حافة الكأس حتى‬

‫‪ .‬يحكم لصق المحجمة على الجلد‬

‫ضع كأس المحجمة على الموضع المراد حجامته ‪.‬فرغ كأس المحجمة من‬

‫‪160‬‬
‫‪ .‬الهواء بواسطة جهاز السحب‬

‫‪ .‬سوف ينسحب الجلد الى داخل الكأس‬

‫يكتفي المحتجم للمرة األولى بأربع كؤوس من هذا الدم الفاسد (كأسين من‬

‫الموضع اليميني وآخر ْين من الموضع اليساري) إالَّ إذا كان يُعاني من أمراض‬

‫قوية (عدا فقر الدم وهبوط الضغط) فنأخذ منه كأسين آخرين ويصب المجموع ‪6‬‬

‫كؤوس على طرفي الكاهل‪.‬ولمنـ سبق له أن نفَّذ الحجامة في سنوا ٍ‬


‫ت‬

‫سابقة فال مانع أن يأخذ ‪ 6‬كاسات بشكل عام أو ثمانية كح ٍّد أقصى‬

‫بعد دقيقتين أو نحوها انزع الكأس برفق وذلك بالضغط على الجلد عند‬

‫‪ .‬حافة الكأس‬

‫شَرط موضع الحجامة بالمشرط (محجم ) تشريطا خفيفا ً سطحيا ً ويمكنك‬

‫‪ .‬استخدام إبرة فحص فصيلة الدم في حالة مرض السكر وسيولة الدم‬

‫يجب أن يكون التشريط على امتداد العروق وليس بالعرض أي بالطول‬

‫من ناحية الرأس الى ناحية القدم‪ – .‬البعد عن أى عرق بارز فى المكان‬

‫تشريط الطبقة الخارجية من الجلد بعمق قليل ج ًّدا حوالي ‪ 0.1‬مم‬

‫وبطول حوالي ‪ 4‬مم وبعدد ‪ 1‬شرطة أو أكثر موزعة على ‪) 3‬يشبه الخدش (‬
‫صفوف وبمسافة ‪5‬و‪ .‬سم‪1-‬سم بين الجرح واالخر هناك مشارط‬

‫متنوعة منها مشرط فيدال ذي ثالث شفرات أو ذي ثماني شفرات مخفية‬

‫تظهر عن الضغط على زر جانبي محدثة ثمانية شرطات بآن واحد لتسهيل‬

‫‪ .‬العمل ضع الكأس على نفس الموضع المراد حجامته مرة أخرى‬

‫فرغ كأس المحجمة من الهواء ‪ ،‬ومن أجل تخفيف ألم الحجامة التدرج‬

‫" بنفريغ المحجمة من الهواء " المص‬

‫‪ .‬فاألولى تكون أخف من الثانية والثانية تكون أخف من الثالثة‬

‫سوف ينسحب الجلد الى داخل الكأس ويخرج الدم من خالل الجروح التي‬

‫‪161‬‬
‫أحدثها المشرط‪ .‬فرغ الكأس إذا امتأل بالدم وكرر نفس العملية مرة أخرى‬

‫ونستطيع التكرار خمس مرات حتى نالحظ عدم خروج الدم‬

‫نظف موضع الحجامة بالمطهرات الطبية ويغطى بشاش طبي ‪.‬‬

‫ثم يوضع الصق طبي"بالستر" على موضع الجروح ويوضع مكانه رباط‬

‫ضاغط‬

‫اذا لم يخرج الدم امسح جوانب موضع الحجامة بمنشفة مبلولة بماء‬

‫‪ .‬دافئ ‪ .‬وبذلك تكون انتهيت من العملية‬

‫مثل هذه العمليات ال تؤدي الى اي تشويه على الجلد بل انما تزول‬

‫الخدوش السطحية خالل اسبوعين من بعد اجراء عملية الحجامة ولذا ال‬

‫يوجد اية تخوفات من قبل النساء الجرائها‬

‫نظريات تشرح التأثير العالجي للحجامة‬

‫‪ :‬أوال ‪ :‬الحجامة لتسكين األلم ( الدور المسكن للحجامة )‬


‫أ ‪ .‬نظرية اإلندورفين بعض نقاط الداللة تعرف باسم " النقاط ذات المفعول‬
‫المسكن " وهي نقاط عند التعامل معها تصدر الغدة النخامية أوامرها إلى خاليا‬
‫الجسم إلنتاج مادة " اإلندورفن " المخدرة والتي تعتبر (مورفين الجسم )‪ ,‬فهي‬
‫مادة كيميائية ذات تأثير يشبه مادة المورفين الذي يعمل كمادة مسكنة عن طريق‬
‫‪.‬زيادة المقدرة على تحمل‬
‫ب ‪ .‬نظرية بوابة التحكم في اآلالم إذ أن اإلحساس باأللم وأيضا اإلحساس‬

‫بالحرارة أو البرودة ينتقل على شكل موجات عبر بوابات متعددة على مسار الجهاز‬

‫العصبي المركزي وخالل نهايات األلياف العصبية الدقيقة ‪ ,‬ومنها إلى الحبل‬

‫الشوكي بالعمود الفقري ينتقل هذا اإلحساس إلى الدماغ ‪ ,‬وفي الظروف‬

‫العادية تكون هذه البوابات مفتوحة بشكل جيد يسمح إلشارات األلم أن تعبر‬

‫خاللها بسهولة ‪ ,‬ولكن عند التأثير على المنطقة باستخدام الحجامة فإننا نرسل‬

‫موجات هائلة من اإلشارات غير المؤلمة والتي تسافر عبر نهايات األلياف العصبية‬

‫الغليظة إلى بوابة الحبل الشوكي ‪ ,‬ويؤدي ازدحام اإلشارات إلى إغالق هذه‬

‫البوابة تماما وبالتالي عدم انتقال اإلحساس الناتج عن تطبيق الحجامة وأي‬

‫‪162‬‬
‫إحساس آخر قادم من أية منطقة في الجسم بما في ذلك اإلحساس باأللم إلى‬

‫ج ‪ .‬نظرية االنعكاس الالإرادي العصبي تنبيه المناطق العصبية التي لها اتصال‬

‫بالجلد أي الوصالت العصبية المشتركة مع الجلد في مراكز واحدة‬


‫‪ :‬ثانيا ‪ :‬تخليص الجسم من المواد السامة والخاليا الهرمة‬
‫وجد فريق من األطباء أن عملية الحجامة تنقي الدم وتخلصه من الشوائب‬
‫والخاليا‬
‫‪ :‬ثالثا ‪ :‬تنظيم وتصحيح مسارات القوى الكهرومغناطيسية‬
‫تطبق الحجامة على نقاط عمل اإلبر الصينية في العالج‬
‫وتعرف هذه النقاط ب"نقاط الداللة" وهي نقاط موجودة على جسم اإلنسان‬
‫بدرجات متفاوتة من العمق ‪ ,‬ومرتبطة بمسارات للطاقة‬
‫وتتميز هذه النقاط بكونها تؤلم إذا ضغطنا عليها ‪ ,‬مقارنة بالمناطق األخرى من‬
‫جسم اإلنسان التي ال يوجد فيها نقاط للوخز باإلبر ‪ ,‬كما أنها تشتد ألما إذا مرض‬
‫‪ .‬العضو الذي تقع النقطة على مساره النقطة‬
‫)وقد أمكن تحديد مواقع تلك النقاط بواسطة الكاشف الكهربائي األنكوبنكتوسكوب‬
‫‪ ,‬ووجد أنها ذات كهربية منخفضة ‪ ,‬إذا ما قورنت بما حولها من سطح الجسم‬
‫كما أمكن تصوير هذه النقاط بواسطة " طريقة كيرلبان في التصوير " ‪ ,‬ويبلغ‬
‫تعداد هذه النقاط حوالي األلف نقطة ‪ ,‬إال أ‪ ،‬األبحاث األخيرة التي أجريت في‬
‫‪ .‬الصين أوصت بكفاية ‪ 214‬نقطة فقط للوفاء باألهداف العالجية المطلوبة‬
‫وترتكز هذه النظرية على اعتقاد أن الجسم به ‪ 12‬قناة أساسية وأربعة قنوات‬
‫فرعية ‪ ,‬وهذه القنوات يجري فيها طاقة مغناطيسية ومادامت هذه الطاقة تجري‬
‫في سالسة ويسر دون أي عوائق فإن الجسم يبقى سليما معافى ‪ ,‬وعندما‬
‫يحدث أي اضطراب في مجرى هذه الطاقة تبدأ األعراض المرضية‬
‫‪ :‬رابعا المحافظة على توازن وانتظام وظائف األعضاء ( المفعول التوازني للحجامة‬
‫‪ :‬تنظيم وتصحيح مسارات القوى الكهرومغناطيسية (توازن الطاقة ) ‪1.‬‬
‫‪ :‬تنظيم عمل الجهاز العصبي الالإرادي ‪2.‬‬
‫يؤدي التعامل مع النقاط التوازنية إلى إحداث نوع من التوازن واالنتظام في عمل‬
‫الجهاز السمبثاوي والالسمبثاوي( الجهاز العصبي الالإرادي ) ‪ ,‬فإذا كان في‬
‫أحدهما أو كالهما اضطراب ما فإن التوازن الناتج عن التعامل مع نقاط القوى‬
‫المغناطيسية يعيد للجسم حالته الطبيعية‬
‫‪ :‬تنظيم إفرازات الغدد الصماء ( التوازن الهرموني ) ‪3.‬‬
‫يؤدي التعامل مع بعض النقاط التوازنية إلى إحداث نوعا من التوازن لمعدل‬

‫الهرمونات المضطرب لدى الرجال والسيدات على السواء ‪ ,‬وذلك عن طريق‬

‫تنظيم عمل الغدد الصماء التي تفرز الهرمونات في الدم ‪ ,‬وهذا ما أسهم في‬

‫تفسير دور الحجامة في تخفيض ضغط الدم المرتفع وتوازن ضغط الدم المنخفض‬

‫‪ :‬توازن األحماض والقلويات في الدم ‪4.‬‬


‫تعد عملية التخلص من األحماض الزائدة وتقليل حامضية الدم الوريدي ‪,‬عملية‬
‫حاسمة وضرورية للغاية‬
‫‪ :‬خامسا ‪ :‬تنشيط نقاط المقاومة المناعية ( المفعول المناعي للحجامة)‬
‫يؤدي التأثير على بعض النقاط إلى زيادة وقوة النظام الدفاعي للجسم ‪ ,‬فقد وجد‬

‫‪163‬‬
‫أن بعض النقاط لها خاصية زيادة الكريات الدموية البيضاء في الدورة الدموية‬

‫وكذلك الجاما جلوبيولين واألجسام المناعية المختلفة ربما بمقدار مرتين أو ثالث أو‬

‫أربع أضعاف معدلها قبل التجربة‬


‫كما لوحظ انخفاض مستوى السائل المفصلي التفاعلي في أمراض الروماتيزم‬
‫بعد التعامل مع النقاط ذات التأثير المناعي ‪ ,‬وهو سائل ينتج عن التهاب المفاصل‬
‫ويصاحبه تقلص في العضالت ‪ ,‬وهذا يعني تحسن الدورة الدموية و ارتفاع‬
‫المقاومة المناعية للجسم مما ساعد الجسم على امتصاص السائل المفصلي‬
‫‪ .‬الذي يسبب األلم‬
‫‪ :‬سادسا ‪ :‬تهدئة األعصاب ( الدور المهدئ للحجامة )‬
‫يمكن معالجة األمراض التي تنتج عن تفاعالت نفسية عن طريق التعامل مع بعض‬
‫النقاط المهدئة في الجسم بهدف الوصول إلى تهدئة الجسم‬
‫‪ :‬سابعا ‪ :‬تنشيط وتجديد الدورة الدموية **‬

‫‪ :‬تنشيط الدورة الشريانية ‪1.‬‬


‫‪ .‬ويؤدي ذلك إلى تحسين تغذية وتروية األجزاء المصابة‬
‫‪ :‬تنشيط الدورة الوريدية ‪2.‬‬
‫‪ .‬مما يساعد على التخلص من العوادم الدقيقة‬
‫‪ :‬تنشيط الدورة الليمفاوية ‪3.‬‬
‫تؤدي الحجامة إلى زيادة الدم الوارد إلى المنطقة المصابة مما يؤدي إلى زيادة‬
‫عوامل المناعة ‪ ,‬وبذلك تحدث تنقية لسوائل الجسم بشكل سريع ‪ ,‬كما يتم‬
‫التخلص من العوادم الكبيرة‬
‫‪ :‬ثامنا ‪ :‬تنشيط مراكز الحركة في الجسم **‬
‫‪ :‬تاسعا ‪ :‬تنشيط الموصالت العصبية **‬
‫يؤدي التأثير على نقاط معينة إلى زيادة إفراز مادة " الدوبامين " وهي مادة‬
‫كيميائية تعمل كموصل عصبي ويتسبب نقص معدلها في الدم في اإلصابة‬
‫‪ .‬باألمراض العصبية مثل الشلل الرعاش‬

‫بعض مواضع الحجامـة مع الشرح‬

‫ـ الكاهل عند الفقرة السابعة من الفقرات العنقية ‪ ،‬عند العظمة البارزة أسفل )‪(1‬‬

‫القفا‪ .‬مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق ‪ ،‬وهو الثلث األعلى من الظهر‬

‫فيه ست فقرات‬
‫فوائدها ‪:‬هذا الموضع من أهم مواضع الحجامة في جسم اإلنسان وهي نافعه‬
‫‪ .‬لمعظم األمراض‬
‫‪.‬جانبي نقرة القفا أسفل الجمجمة من الخلف ‪(2، 3)-‬‬
‫فوائدها ‪ :‬نافعة للصداع وضغط الدم والنسيان وبعض مشاكل النظر‪ ،‬ومعظم‬
‫‪ .‬أعراض الرأس‬
‫ويمكن االستعاضة عن هذين الموضعين بحجامة األخدعين جانبي الرقبة‬
‫‪(43، 44) .‬‬
‫باب الهواء بين اللوحين الى أعلى عند تفريع القصبة الهوائية وبداية ) ‪( 4 ، 5‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ .‬الرئتين‬
‫ـ مقابل المعدة وسط الظهر على جانبي العمود الفقري ‪ .‬نافعة ألمراض ) ‪(7، 8‬‬
‫‪ .‬المعدة‬
‫‪ .‬تحت(‪ ) 8 ، 7‬نافعة ألمراض الكلى ‪(9 ، 10)-‬‬
‫بداية الفقرات القطنية عند العظمة البارزة في اسفل الظهر وحجامتها ‪(11) -‬‬

‫‪ .‬نافعة لمعظم أمراض النصف السفلي للجسم‬

‫حوالي خمسة سنتيمتر على جانبي الموضع ‪ 11‬لألعلى ‪ ،‬نافعة ‪(12 ، 13)-‬‬

‫‪ .‬للبروستات ومشاكل البول‬

‫‪ .‬على زوايا القولون من الخلف ) ‪(17، 14،15،16‬‬

‫‪ .‬مقابل القلب من الخلف وهي نافعة ألمراض القلب ‪(19 )-‬‬

‫ـ على الكتف جانبي الرقية ‪ :‬تفيد في آالم الرقبة والكتف وتنميل )‪(20 ، 21‬‬

‫‪ .‬الذراعين‬

‫‪ .‬في بداية أسفل الظهر ‪ ،‬نافعة لمرض السكري ‪(24 ، 25) -‬‬

‫في موضع الهامةالمنقذة ‪ ،‬تنفـــــع لعالج الكهرباء الزائدة ( التشنجات ) ‪(32) -‬‬

‫‪ .‬في المخ ‪ ،‬وضمور الخاليا ‪ ،‬ولعالج التخلف العقلي‬

‫عند العظمة البارزة في مؤخرة الرأس ) ‪( 36‬‬


‫‪.‬‬
‫‪ .‬فوق األذنين بحوالي ‪ 3‬سم ) ‪( 37 ، 38‬‬

‫‪ .‬وسط الرقبة على القفا ) ‪( 40‬‬

‫‪ .‬على القفا يمين ويسار ) ‪(41 ، 42‬‬

‫على جانبي الرقبة " األخدعان " نفس فوائد (‪ ) 3 ،2‬ولذلك هي من ‪(43 ، 44 ) -‬‬

‫‪.‬المواضع الجيدة لحجامة النساء بدل حلق الشعر في موضع (‪)3 ، 2‬‬

‫أسفل من الكاهل بحوالي ‪ 3‬سم ‪ :‬تحجم مع الكاهل في معظم الحاالت )‪(55‬‬

‫‪ .‬وباألخص للخفقان‬

‫‪ " .‬على جانب الحاجبين " الصدغين – )‪(104 ، 105‬‬

‫‪ .‬تحت طرفي عظمتي الترقوة ‪ ،‬تنفع للكحة وأمراض الرئتين ‪(115 ، 116) -‬‬

‫‪165‬‬
‫تحت وسط عظم الترقوة بعرض أربع أصابع المريض نفسه ‪ .‬تنفع ‪(117 ، 118) -‬‬

‫‪ .‬من أمراض القلب‬

‫‪ .‬عند عظمة القص ‪ ،‬تنفع ألمراض الصدر وتقوية المناعة ‪(120 ) -‬‬

‫‪ .‬فم المعدة وهي أسفل عظمة الصدر مباشرة على التجويف ) ‪( 121‬‬

‫‪ .‬فوق الكبد جهة اليمين من البطن ) ‪( 122 ، 123 ، 124‬‬

‫‪ .‬بين البطن والفخذ بجوار العانة ) ‪( 125 ، 126‬‬

‫‪ .‬على باطن الفخذين من الداخل ) ‪( 127 ، 128‬‬

‫‪ .‬على ظهر القدم ) ‪( 129‬‬

‫‪ ".‬على الكعب من الداخل والخارج " ألمالح القدم ) ‪( 130‬‬

‫‪ .‬فوق عظمة الكعب من الخارج بحوالي ‪ 5‬سم ) ‪( 131‬‬

‫‪ " .‬على بعد ‪ 5‬سم من حلمة الثدي من الداخل " للرئتين ) ‪( 135 ، 136‬‬

‫مواضع الحجامة على حسب المرض‬

‫المرض المواضع حسب أهميتها‬


‫ضمور خاليا المخ ‪ ،1/55/101/36/32/34/35/11‬ثم حجامة على المفاصل والعضالت والرقبة ‪ 43/44‬من ‪1 -‬‬
‫‪.‬األمام والخلف مع العسل وغذاء ملكات النحل ومساج يومي‬
‫كهرباء زائدة بالمخ (التشنجات) ‪ 107( /1/55/101/36/32‬على الجهتين) ‪2 - 12/13 114/11/‬‬
‫تنشيط مركز التركيز ‪3 - 1/55/2/3/32‬‬
‫داع ضارة بالذاكرة وتكرارها يورث النسيان) ‪4 -‬‬
‫مركز الذاكرة ‪( /39‬بال ٍ‬
‫‪:‬الصداع ‪ 1/55/2/3‬ويمكن استبدال ‪ 43/44‬بدل ‪ .2/3‬ويضاف ما يلي إذا كان السبب – ‪5‬‬
‫إجهاد العين ‪(1) 104/105/36‬‬
‫الجيوب األنفية ‪(2) 102/103/114‬‬
‫الضغط العالي ‪(3) 11/101/32‬‬
‫اإلمساك ‪(4) 28/29/30/31‬‬
‫نزالت البرد ‪(5) 120/4/5‬‬
‫المعدة ‪(6) 7/8‬‬
‫ال ُكلَى ‪(7) 9/10‬‬
‫الدورة الشهرية للنساء ‪(8) 11/12/13‬‬
‫المرارة والكبد ‪(9) 6/48‬‬
‫العمود الفقري وحجامات على العمود الفقري )‪(10‬‬
‫‪.‬التوتر ‪(11) 6/11/32‬‬
‫األنيميا ‪ 49 /120‬وخلطة من كيلو عسل أسمر و ‪ 4/1‬كيلو حلبة مطحونة و‪ 4/1‬كيلو حبة البركة مطحونة )‪(12‬‬

‫‪166‬‬
‫‪.‬يخلط ويؤخذ كل يوم ملعقة‬
‫‪.‬أورام المخ حجامات على الرأس على أماكن األلم )‪(13‬‬
‫‪.‬الصداع النصفي ‪ + 2/3/106 /1/55‬أماكن األلم ‪6 -‬‬
‫‪.‬كثرة النوم ‪ 1/55/36‬مع الخل المخفف وقليل من السكر ‪7 -‬‬
‫‪.‬االكتئاب واالنطواء واألرق والتوتر العصبي ‪ ،6/11/32 /1/55‬تحت الركبتين ‪8 -‬‬
‫القولون العصبي ‪ 1/55/6/48/7/8/14/15/16/17/18/45/46‬وجافة ‪9 - 137‬‬
‫التبول الالإرادي بعد أعمار خمس سنوات حجامات جافة ‪10 -‬‬
‫‪137/138/139/140/142/143/125/126‬‬
‫‪.‬التهاب العصب الخامس والسابع ‪ 1/55/110/111/112/113‬على الجهة المصابة وموضع ‪11 - 114‬‬
‫‪.‬عرق النسا يمين‪ 1/55/11/12/26/51 :‬ومواضع األلم بالساق وخاصة بداية ونهاية العضلة ‪12 -‬‬
‫‪.‬الرجل اليسرى‪ 1/55/11/13/27/52 :‬ومواضع األلم بالساق‬
‫‪.‬الشلل النصفي ‪ 1/55/11/12/13/34‬أو ‪ 35‬وجميع مفاصل الجانب المصاب ومساج يومي ‪13 -‬‬
‫الشلل الكلي ‪ 1/55/11/12/13/34/35/36‬وجميع مفاصل الجسم ومساج يومي ‪14 -‬‬
‫‪.‬تنميل األذرع ‪ 1/55/40/20/21‬ومفاصل وعضالت الذراع المصابة ‪15 -‬‬
‫‪.‬تنميل األرجل ‪ 1/55/11/12/13/26/27‬ومفاصل وعضالت الرجل المصابة ‪16 -‬‬
‫‪.‬جميع أمراض العين ‪ 1/55/36/101/104/105/9/10/34/35‬وفوق الحاجبين وعلى دائرة الشعر ‪17 -‬‬
‫اللوزتان والحنجرة واللثة واألسنان واألذن الوسطى ‪18 - 1/55/20/21/41/42/120/49/114/43/44‬‬
‫الجيوب األنفية ‪ 1/55/102/103/108/109/36/14‬ودائرة الشعر ‪19 -‬‬
‫ضعف السمع والتهاب أعصاب السمع ووش األذن ‪ 1/55/20/21/37/38‬وخلف األذن ‪20 -‬‬
‫عدم النطق ‪21 - 1/55/36/33/107/114‬‬
‫السعال المزمن وأمراض الرئة ‪ 1/55/4/5/120/49/115/116/9/10/117/118/135/136‬وحجامتان أسفل ‪22 -‬‬
‫‪.‬الركبتين‬
‫المساعدة على اإلقالع عن التدخين ‪23 - 1/55/106/11/32‬‬
‫أمراض القلب ‪24 - 1/55/19/119/7/8/46/47/133/134‬‬
‫ضيق األوعية وتصلب الشرايين ‪ 1/55/11‬وحجامات على مواضع األلم ولملعقة خل مخفف وقليل من السكر ‪25 -‬‬
‫‪.‬يوم بعد يوم وخاصة خل التفاح‬
‫ارتفاع ضغط الدم ‪ 1/55/2/3/11/12/13/101/32/6/48/9/10/7/8‬ويمكن استبدال ‪ 43‬و ‪ 44‬بدالً من ‪ 2‬و ‪26 -‬‬
‫‪3‬‬
‫داء الفيل مالحظة‪ :‬يتم الراحة قبلها يومين ورفع القدم المصابة ألعلى‪ ،‬ثم وضعها في ماء دافئ لمدة ساعتين ‪27 -‬‬
‫‪.‬قبل الحجامة‬
‫وحول الرجل المصابة من أعلى ألسفل باإلضافة إلى ‪1/55/11/12/13/120/49/121 125/126/53/54‬‬
‫‪.‬دوالي الساقين ‪ 1/55/28/29/30/31/132‬ومواضع اإلصابة بعيداً عن األماكن البارزة – ‪28‬‬
‫تنشيط الدورة الدموية ‪ 1/55/11‬وعشر حجامات على جانبي العمود الفقري من أعلى إلى أسفل باإلضافة إلى – ‪29‬‬
‫‪.‬ملعقة خل وقليل من السكر يوم بعد يوم‬
‫أمراض الكلى ‪ /1/55/9/10/41/42‬وجافة ‪30 – 137/140‬‬
‫‪.‬الكبد والمرارة ‪ 1/55/48/41/42/46/51/122/123/124‬و‪ 5‬حجامات على الساق اليمنى من الخارج – ‪31‬‬
‫التهاب فم المعدة ‪32 – 1/55/121‬‬
‫المعدة والقرحة ‪/1/55/7/8/50/41/42‬جافة ‪33 – 137/138/139/14‬‬
‫اإلسهال حجامات جافة ‪34 – 137/138/139/140‬‬
‫اإلمساك المزمن ‪35 – 1/55/11/12/13/28/29/30/31‬‬
‫البواسير ‪ 1/55/121/11/6‬وحجامات جافة ‪36 – 137/138/129‬‬
‫‪.‬الناسور ‪ 1/55/6/11/12/13‬وحول فتحة الشرج وفوق فتحة الناسور – ‪37‬‬
‫‪.‬حساسية الطعام حجامة واحدة جافة على السرة مباشرة – ‪38‬‬
‫‪.‬السمنة ‪ 1/55/9/10/120/49‬والمواضع المترهلة – ‪39‬‬
‫النحافة ‪40 – 1/55/121‬‬
‫‪.‬الروماتيزم ‪ 1/55‬وجميع مواضع األلم – ‪41‬‬

‫‪167‬‬
‫‪.‬الروماتويد ‪ 1/55/120/49/36‬وجميع مفاصل الجسم الكبيرة والصغيرة – ‪42‬‬
‫‪.‬خشونة الركبة ‪ 1/55/11/12/13‬وحول الركبة ويمكن إضافة ‪43 – 53/54‬‬
‫أمالح القدم ‪ 1/55/13‬ويمين ويسار الكعب ويمكن إضافة ‪44 – 9/10‬‬
‫النقرس ‪ 1/55/28/29/30/31/121‬ومواضع األلم – ‪45‬‬
‫الشد العضلي عدة حجامات جافة حول العضلة المصابة – ‪46‬‬
‫آالم الرقبة واألكتاف ‪ 1/55/40/20/21‬ومواضع األلم – ‪47‬‬
‫آالم الظهر ‪ 1/55‬وعلى جانبي العمود الفقري ومواضع األلم – ‪48‬‬
‫‪.‬آالم البطن ‪ 1/55/7/8‬وجافة على ‪ 137/138/139/140‬وعلى الظهر مقابل مكان األلم – ‪49‬‬
‫األمراض الجلدية ‪ 1/55/120/49/129/131/7/8/21‬وعلى أماكن اإلصابة – ‪50‬‬
‫قرح ودمامل الساقين والفخذين وحكة باإللية ‪51 – 1/55/129/120‬‬
‫الغدة الدرقية ‪52 – 1/55/41/42‬‬
‫‪.‬السكر ‪ 1/55/6/7/8/22/23/24/25/120/49‬ويدهن مكان الحجامة بكريم فيوسيدين لمدة ثالثة أيام – ‪53‬‬
‫ضعف المناعة ‪54 – 1/55/120/49‬‬
‫العقم ‪55 – 143/41/42 /1/55/6/11/12/13/120/49/125/126‬‬
‫البروستاتا والضعف الجنسي ‪ 1/55/6/11/12/13‬ويضاف للضعف الجنسي‪ 125/126/131 :‬على الرجلين – ‪56‬‬
‫وجافة ‪140/143‬‬
‫دوالي الخصية ‪57 – 1/55/6/11/12/13/28/29/30/31/125/126‬‬
‫‪:‬أمراض النساء‬
‫‪.‬نزيف الرحم ‪ 1/55‬وثالث حجامات جافة تحت كل ثدي كل يوم حتى يرتفع الدم – ‪58‬‬
‫انقطاع الدورة الشهرية ‪ 1/55/129‬و ‪ 131‬من الخارج ‪59 – 135/136/‬‬
‫إفرازات مهبلية بنية اللون ثالث حجامات جافة تحت كل ثدي كل يوم حتى ترتفع اإلفرازات – ‪60‬‬
‫و‪1/55/120/49/11/12/13/143‬‬
‫‪:‬وإذا كانت بدون رائحة وال لون وال هرش‬
‫‪1/55/9/10/41/42/11/12/13/143‬‬
‫مشاكل الحيض للفتيات ‪ 1/55‬وجافة ‪61 – 125/126/137/138/139/140/141/142/143‬‬
‫لتنشيط المبيض ‪ 1/55/11‬وجافة ‪62 – 125/126‬‬
‫األم ما بعد عملية الرحم ومغص الدورة ومشاكل بعد عملية الربط للمبايض ووجود لبن في الثدي بدون حمل – ‪63‬‬
‫وأمراض سن اليأس (االكتئاب – التوتر العصبي‪ -‬التهابات الرحم ‪ -‬الحاالت النفسية)‬
‫‪ 1/55/6/48/11/12/13/120/49.‬وجافة ‪ 126 /125‬ولتنظيم مواعيد الدورة يفضل ثاني يوم الدورة‬

‫تحليالت الدم الطبية‬

‫دراسات طبية مخبرية هامة أجريت في عام ‪2001‬م باإلضافة للحاالت المرضية‬
‫المعقدة التي شفيت بعملية الحجامة كالسرطان والشلل والهيوفيليا وأمراض‬
‫القلب والصداع النصفى‬
‫دراسات مخبرية دموية على (‪ )300‬شخص أجريت لهم الحجامة ضمن شروطه‬
‫وذلك بأخذ دم الوريدي لكل شخص قبل إجراء الحجامة له وأخذ عينة من دم ‪،‬‬
‫الحجامة‪ ،‬ثم بعد فترة أخذ عينة من الدم الوريدي بعد الحجامة‪ ،‬وجدت‬
‫‪:‬النتائج التالية‬
‫اعتدال الضغط والنبض‪ ،‬إذ أصبح طبيعيا بعد الحجامة بكل الحاالت وهذا يخفض ‪1‬‬
‫‪.‬األعباء الكبيرة المجهدة للقلب‬
‫انخفاض كمية السكر في الدم عند السكريين بعد الحجامة ‪2‬‬
‫‪،‬بنسبة وصلت إلى (‪)%39‬‬
‫ارتفع عدد الكريات الحمر بشكل طبيعي في (‪ )%33‬من الحاالت ‪3‬‬
‫‪.‬وبقيت األخرى ضمن المجال الطبيعي مما يؤكد على مسألة تنشيط النقي‬
‫‪،‬كانت أشكال الكريات الحمر في دم الحجامة في كل الحاالت غير طبيعية دائما ً ‪4‬‬

‫‪168‬‬
‫مع مالحظة أن عينات دم الحجامة كانت تؤخذ من الشطوب مباشرة قبل وضع‬
‫‪.‬الكؤوس لئال يؤثر ضغط الدم على الكريات‬
‫ارتفع عدد الكريات البيض في (‪ )%60‬من الحاالت وهذا يدل على أن ‪5‬‬
‫‪.‬الحجامة تحرض نقي العظام على توليد كريات جديدة‬
‫انخفاض كبير جداً في عدد الكريات البيض بدم الحجامة‪ ،‬وذلك في جميع ‪6‬‬
‫‪!!!..‬حاالت الدراسة‪ ،‬إذ تراوح عددها بين (‪ )950 525‬كرية‪/‬مم ‪3‬فقط‬
‫‪.‬انخفاض نسبة العدالت في دم الحجامة ‪7‬‬
‫ارتفاع نسبة اللمفاويات في دم الحجامة في كل الحاالت بنسبة ‪8‬‬
‫‪.‬وهي في الحالة الطبيعية يجب أال تتعدى (‪(52% 88%) )%35‬‬
‫‪.‬زيادة عدد الصفيحات الدموية في الدم الوريدي بعد الحجامة ‪9‬‬
‫‪.‬في الدم بعد الحجامة )‪ (K-Ca‬وشوارد ‪ SGOT-SGPT‬اعتدال ‪10‬‬
‫السعة الرابطة في دم الحجامة مرتفعة جداً إذ تراوحت بين (‪11 )422 1057‬‬
‫بينما في الدم الطبيعي يجب أن تكون (‪)400 250‬‬
‫‪!!.‬وهذا يثير العديد من التساؤالت‬
‫اعتدال السعة الرابطة بعد الحجامة بحيث أصبحت كل الحاالت في ‪12‬‬
‫‪.‬الحدود الطبيعية‬
‫انخفضت كمية الشحوم الثالثية بالدم في (‪ )%83‬من الحاالت وعادت ‪13‬‬
‫‪.‬في الباقي إلى الحدود الطبيعية‬
‫انخفاض الكولسترول بالدم عند األشخاص المصابين بارتفاعه في ‪14‬‬
‫‪.‬من الحاالت وهذا يدل على نشاط الخاليا الكبدية )‪(70%‬‬
‫انخفاض نسبة حمض البول إلى الحدود الدنيا في دم الحجامة ثم عودتها ‪15‬‬
‫‪.‬إلى النسبة الطبيعية في الدم الوريدي بعد الحجامة‬
‫وقد الحظ األطباء أن أية مخالفة بسيطة لقوانين الحجامة السابقة الذكر يبطل‬
‫مفعوليتها وفائدتها المرجوة‪ ،‬وكانت النتائج تؤكد بأن دم الحجامة المأخوذ في هذه‬
‫الشروط قريب جداً من الدم الوريدي من حيث التعداد والصيغة والشكل الطبيعي‬
‫‪.‬للكريات الحمر‬

‫إحتياطات وتنبيهات‬

‫ال تحجم المريض وهو واقفا ً أو على كرسي ليس له جوانب تمنع المريض من‬

‫‪ .‬السقوط على األرض ‪ ،‬ألنه قد يغمى عليه وقت الحجامة‬

‫ال تحجم الجلد الذي يحتوي على دمامل وأمراض جلديه معدية أو التهاب جلدي‬

‫‪ .‬شديد‬

‫‪ .‬ال تحجم في مواضع ال يكون فيها عضالت مرنه‬

‫ال تحجم المواضع التي تكثر فيها األوردة والشرايين البارزة مثل ظهر اليدين‬

‫‪ .‬والقدمين مع األشخاص ضعيفي البنية‬

‫ال تحجم المرأة الحامل في أسفل البطن وعلى الثديين ومنطقة الصدر خصوصا‬

‫‪ .‬في األشهر الثالثة األولى‬

‫‪169‬‬
‫ينبغي أن تكون الحجامة دائما مزدوجة ‪ ،‬مثال ‪ :‬كال اليدين وكال القدمين‬

‫‪ .‬وعال جانبي العمود الفقري ومن األمام والخلف في بعض الحاالت‬

‫‪ .‬تجنب الحجامة في األيام الشديدة البرودة‬

‫تجنب الحجامة لإلنسان المصاب بالرشح أو البرد ودرجة حرارته عالية‬


‫‪.‬‬
‫‪ .‬تجنب الحجامة على أربطة المفاصل الممزقة‬

‫تجنب الحجامة على الركبة المصابة بالماء ولتكن الحجامة بجوارها وكذلك‬

‫‪ .‬الدوالي‬

‫‪ .‬تجنب الحجامة بعد األكل مباشرة ولكن على األقل بعد ساعتين‬

‫تجنب الحجامة بأكثر من كأس في وقت واحد لمن يعاني من األنيميا " فقر الدم‬

‫أو يعاني من انخفاض في ضغط الدم وعدم حجامته على الفقرات القطنية ألنها"‬

‫تتسبب في انخفاض ضغط الدم بسرعة ‪ ،‬وينصح بأن يشرب المصاب شيء من‬

‫‪ .‬السكريات أو طعام يزوده بسعرات حرارية قبل الحجامة‬

‫‪ .‬تجنب الحجامة لمن بدأ في الغسيل الكلوي‬

‫‪ .‬تجنب الحجامة لمن تبرع بالدم إال بعد يومين أو ثالثة‬

‫‪.‬تجنب الحجامة لكبار السن واألطفال دون سن البلوغ إال أن يكون الشفط قليال‬
‫في حالة اإلغماء وقت الحجامة أو على إثرهـا ‪ ،‬يستلقي المصاب على ظهره‬

‫وترفع قدماه لألعلى بوسادة أو غيرها ‪ ،‬وكذلك يشرب المصاب شيء من‬

‫‪ .‬السكريات أو العصيرات الطازجه‬

‫وقتها‬

‫ورد في كتب الطب القديمة‪ ،‬والسنة أن وقتها هو السابع عشر والتاسع عشر‬

‫والحادي والعشرون أو في الربع الثالث من كل شهر عربي‬

‫في الصباح والظهر أفضل من الليل‬

‫على بطن فارغة أفضل‬

‫‪170‬‬
‫وهي مستحبة في أيام اإلثنين والثالثاء والخميس‬

‫‪،‬اما االحاديث التي وردت في توقيت عمل الحجامة في ايام ‪ 17‬ـ ‪ 19‬ـ ‪21‬من الشهر العربي‬

‫واالحاديث التي نهت عن اجرائها في ايام معينة كيوم السبت واالربعاء والخميس‪ ،‬فكلها احاديث‬

‫ضعَّ فها العلماء فال ينبني عليها اعتقاد معين او سلوك يمكن ان يكون عائقا من استفادة المريض‬

‫من هذه الوسيلة العالجية وقت الحاجة اليها‪ ،‬اما اذا ثبت –بالبحث العلمي‪ -‬ان فائدتها افضل وان‬

‫لها اضرارا في ايام معينة فيمكن ان يكون هذا مرتكزا للعمل بها كسنة ثابتة عن النبي لذا ندعو‬

‫‪.‬الى مزيد من االبحاث العلمية في هذا الموضوع‬


‫لـــون ا لدم‬

‫‪ .‬عدم خروج الدم‪ :‬قد يستدل به على سالمة العضو من العلل‬

‫‪ .‬دم أحمر سائـل ‪ :‬قد يستدل به على سالمة ذلك الموضع من العلل‬

‫‪.‬دم اسود سائل ‪ :‬يستدل به على وجود أخالط ضاره في ذلك العضو‬

‫‪ .‬دم اسود متخثر‪ :‬يستدل به على وجود أخالط كثيرة ضارة في ذلك العضو‬

‫‪ .‬توقف خروج الدم أو خروج البالزما المادة الصفراء يستفاد منه على نهاية الحجامة‬

‫مالحظة قد يواصل الدم بالخروج بسبب عمق التشريط فينبغي التوقف بعد‬

‫استفراغ كمية الدم المناسبة من ذلك العضو والتي هي في الغالب أقل من ‪200‬‬

‫مل وحسب موضع الحجامة‬

‫بعد الحجامة‬

‫‪ :‬ينصح بما يلي‬

‫يمتنع من يريد أن يحتجم عن الجماع قبل الحجامة مدة ‪ 12‬ساعة وبعد الحجامة‬

‫‪ .‬لمدة ‪ 24‬ساعة‬
‫‪ .‬يمتنع عن شرب السوائل شديدة البرودة لمدة ‪ 24‬ساعة‬

‫‪ .‬يغطي المحتجم موضع الحجامة وال يعرضه للهواء البارد>‬

‫يجب ان ال يأكل المحتجم طعاما مالحا أو فيه بهارات " حوار "بعد الرقية ‪ ،‬بل ينتظر‬

‫‪ .‬لمدة ثالث ساعات أو نحوها‬

‫‪171‬‬
‫يجب أن يرتاح المريض وال يجهد نفسه وال يغضب بعد الحجامة لمدة يوم أو يومين‬

‫‪ .‬وعدم أخذ الراحة الكافية سبب في عودة األلم مرة ثانية‬

‫بعض الناس يشعر بارتفاع في درجة حرارة في الجسم وذلك ثاني يوم من‬

‫‪ .‬الحجامة ‪ ،‬هذا أمر طبيعي ويزول بسرعة‬

‫‪ ،‬بعض الناس يشعر بغثيان أو يحصل له إسهال عندما يحتجم في ظهره‬

‫هذا أيضا أمر طبيعي‬

‫‪..‬بين الحجامة كعمل ومهنة مكتسبة او متوارثةوالحجامة كعمل طبي علمي‬

‫هل هناك فرق؟‬

‫بالتأكيد هناك فرق‪ ،‬و الأقلل من شأن من اكتسب مهنة الحجامة بالطريقة‬

‫التقليدية‬
‫ولكن أستطيع أن أقول إن الحجامة كأسلوب علمي وبطريقة طبية تفرق كثيراًجداً‬

‫من حيث االستخدامات واالدوات واألساليب وكذا المعاينة والتحليل المخبري‬

‫وتحديد المكان الذي ينبغي حجامته‪ ،‬حيث وكل مرض له موضع حجامة‪ ،‬ثم ان‬

‫الطريقة التي نستخدمها في الحجامة ليست معقدة ولكنها دقيقة وقد اثبتت‬

‫‪ .‬نجاحات مبهرة ونتمنى للجميع الشفاء‬

‫الحجامة الحديثة‬

‫ويتم تشخيص المرض أوال‬

‫بناء على شكوى المريض والفحوصات الطبية‬

‫ووضعت ضوابط وأسس‬

‫لتحديد زمن تطبيق كأس الحجامة‬

‫كما وضعت قواعد لضبط قوة الضغط علي الموضع والتي تختلف من مكان‬

‫آلخر حسب حالة المريض ‪ .‬هو تحديد مناطق العمل بشكل علمي‬

‫‪ .‬طبقا للتطبيق لمنظمة الصحة العالمية المعلن في سنة ‪ 1979‬م‬

‫‪172‬‬
‫و بهذا أصبحت الحجامة علما طبيا لة قواعده و تطبيقاته المعترف بها دوليا حيث‬

‫تحددت مواضع مخصصة لكل مرض تطبق الحجامة عليها‬

‫‪.‬ما عالقة بين العالج بالحجامة والعالج باإلبر الصينية؟‬

‫يمكن القول أن المعالج بالحجامة يمكن أن يستخدم نفس خريطة مراكز اإلحساس في‬

‫الجسم التي يستخدمها المعالج باإلبر الصينية لعالج نفس األمراض‪ .‬نقاط عمل اإلبر الصينية في العالج‬
‫وتعرف هذه النقاط ب"نقاط الداللة" وهي نقاط موجودة على جسم اإلنسان‬
‫بدرجات متفاوتة من العمق ‪ ,‬ومرتبطة بمسارات للطاقة‬
‫وتتميز هذه النقاط بكونها تؤلم إذا ضغطنا عليها ‪ ,‬مقارنة بالمناطق األخرى من‬
‫جسم اإلنسان التي ال يوجد فيها نقاط للوخز باإلبر ‪ ,‬كما أنها تشتد ألما إذا مرض‬
‫‪ .‬العضو الذي تقع النقطة على مساره النقطة‬
‫)وقد أمكن تحديد مواقع تلك النقاط بواسطة الكاشف الكهربائي األنكوبنكتوسكوب‬
‫‪ ,‬ووجد أنها ذات كهربية منخفضة ‪ ,‬إذا ما قورنت بما حولها من سطح الجسم‬
‫كما أمكن تصوير هذه النقاط بواسطة " طريقة كيرلبان في التصوير " ‪ ,‬ويبلغ‬
‫تعداد هذه النقاط حوالي األلف نقطة ‪ ,‬إال أ‪ ،‬األبحاث األخيرة التي أجريت في‬
‫‪ .‬الصين أوصت بكفاية ‪ 214‬نقطة فقط للوفاء باألهداف العالجية المطلوبة‬
‫وترتكز هذه النظرية على اعتقاد أن الجسم به ‪ 12‬قناة أساسية وأربعة قنوات‬
‫فرعية ‪ ,‬وهذه القنوات يجري فيها طاقة مغناطيسية ومادامت هذه الطاقة تجري‬
‫في سالسة ويسر دون أي عوائق فإن الجسم يبقى سليما معافى ‪ ,‬وعندما‬
‫يحدث أي اضطراب في مجرى هذه الطاقة تبدأ األعراض المرضية‬

‫لكن في اإلبر الصينية يتم تنبيه مراكز اإلحساس فقط أما في الحجامة فيتم تنبيه مراكز‬

‫‪.‬اإلحساس باإلضافة إلى تحريك الدورة الدموية وتنبيه جهاز المناعة‬


‫‪:‬منقول‬

‫تم بحمد هللا‬


‫وتوفيقه‬
‫‪173‬‬
‫فهرست بحث‪ :‬مع الجن والسحر‬
‫الموضوع‬ ‫صفحة‬
‫مقدمة‬ ‫‪2‬‬
‫حقيقة الجن‬ ‫‪3‬‬
‫كتاب‪ :‬اإلرهاصات والبشائر والمعوقات‬ ‫الجان واالستعانة بهم‬ ‫‪5‬‬
‫تفسير جامع البيان في تفسير القران‪ .‬الطبري‬ ‫تفسير سورة الجن‬ ‫‪7‬‬
‫منتدى الصحة والجمال‬ ‫عالم الجن‬ ‫‪12‬‬
‫موقع الرقية الشرعية‬ ‫قدرات الجن‬ ‫‪18‬‬
‫نحو موسوعة شاملة في الفقه‬ ‫ما هو السحر‬ ‫‪28‬‬
‫الشبكة اإلسالمية‬ ‫السحر‪ :‬تعريفه وأنواعه وآثاره‬ ‫‪30‬‬
‫موسوعة الرقية الشرعية‬ ‫أدلة السحر وتحريمه من كتاب اهلل‬ ‫‪32‬‬
‫المستشار محمد بن أمين بن محمد الجن‬ ‫عالم السحر‬ ‫‪68‬‬
‫أبو البراء‪ :‬أسامة بن ياسين المعاني‬ ‫نشأة السحر وأسباب انتشاره‬ ‫‪70‬‬
‫أبو البراء‪ :‬أسامة بن ياسين المعاني‬ ‫أسباب انتشار? السحر في العصر الحديث‬ ‫‪73‬‬
‫واحة القطيف‬ ‫قصة الملكين هاروت وماروت‬ ‫‪75‬‬
‫الشبكة اإلسالمية‬ ‫حكم السحر والساحر?‬ ‫‪80‬‬
‫السحر ومقتطفات من القرآن والحديث‬ ‫‪83‬‬
‫موسوعة الكباريت لعالج السحر‬ ‫الكباريت في إحراق العفاريت‬ ‫‪856‬‬
‫موسوعة الكباريت لعالج السحر‬ ‫أسباب المس الشيطاني?‬ ‫‪93‬‬
‫موسوعة الكباريت لعالج السحر‬ ‫الرقية الشرعية‬ ‫‪99‬‬

‫‪174‬‬
‫موقع إسالم أف الين‬ ‫العالج بالقرآن‬ ‫‪105‬‬
‫أبو البراء‪ :‬أسامة بن ياسين المعاني‬ ‫الرقية الشرعية بين اإلتباع و اإلبداع‬ ‫‪108‬‬
‫أبو البراء‪ :‬أسامة بن ياسين المعاني‬ ‫حكم تعليق التمائم وأحكامها? الشرعية‬ ‫‪124‬‬
‫موقع د‪ .‬عمر عبد الكافي‬ ‫العالج بالقرآن حق ُيراد به باطل أحياناً‬ ‫‪142‬‬
‫أسئلة وأجوبة في السحر والجن والحجامة أبو عبيدة ‪ :‬عبد الرحمن منصور‬ ‫‪143‬‬
‫الحجامة وفوائدها?‬ ‫‪157‬‬

‫‪175‬‬

You might also like