You are on page 1of 1932

‫اهلل اهلل‪...

‬‬
‫في االسالم‬

‫عدد خاص‬
‫ح�صر‪ ،‬ويف أ��صالة حرك ٍة مل أ�قع على‬
‫�شيءٍ ي�شابهها يف جتارب ا آلخرين‪...‬‬ ‫�سنبقى نطوف حول هذا ال�س ّر‬
‫وه��ا أ�ن��ا ذا أ�ح��اول ا�ستعادة كلماتك‪،‬‬
‫عندما حدّثتني قبل ح��واىل أالربعني‬ ‫وموعظ ًة يف ربيع أالجيال املتعاقبة؟!‬ ‫من أ�ين ميكن يا �س ّيدي أ�ن أ��ستعيد‬
‫يوم ًا عن خ��اط��ر ٍة ع ّنت لك يف ال ّليل‬ ‫أ��شهد يا �س ّيدي أ�نك �س ٌّر من أال�سرار‪ ..‬يف‬ ‫���ش��ري��ط ال��� ّذك���رى؟ م��ن « أ����س��ل ٍ‬
‫��وب‬
‫فن�سجتها �شعر ًا‪:‬‬ ‫جهدك ا ّلذي ال حياة فيه للتّعب‪ ،‬ون�شاطك‬
‫تغ�شاين الدّجى‬ ‫أ�نا ح�سبي �إن ّ‬ ‫ال�سرية العطرة‬ ‫لل ّدعوة» �صغته بدم ّ‬
‫ا ّلذي ال جمال فيه لل ّراحة‪ ،‬وعطائك ا ّلذي‬ ‫وبحرب املعاناة قبل أ�ن ت�صوغه بحرب‬
‫آ‬
‫يف ظالم الليل �هات جروحي‬ ‫ّ‬ ‫ال�ساعات‬ ‫ال يعرتف ب��احل��دود‪ ...‬ح��دود ّ‬
‫فالتفاتات حياتي فكــر ٌة‬ ‫والزمنة‪...‬‬ ‫وال�سنني‪ ...‬أ‬ ‫وال ّيام ّ‬ ‫أ‬ ‫املحابر‪...‬‬
‫ً‬
‫�سوف تبقى حلما فوق �ضريحي‬ ‫و أ�ق�سم �س ِّيدي أ� ّنك خ�صم ال َّراحة أال َّول‪..‬‬ ‫أ�م م���ن «خ����ط ٍ‬
‫����وات ع��ل��ى ط��ري��ق‬
‫�س ّيدي‪ ،‬أ�ن��ت �س ّر يف ك�� ّل ه��ذا العطاء‬ ‫يل لك ّل أ�ولئك‬ ‫متام ًا كما أ�نت العد ّو املثا ّ‬ ‫ا إل���س�لام»‪ ..‬خطوتها عم ًال وحرك ًة‬
‫ال�صدق ا ّل��ذي ال حدود‬ ‫املتن ّوع‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫ا ّلذين جت ّر ؤ�وا على قامة عطائك‪ ،‬وحاولوا‬ ‫وجهاد ًا قبل أ�ن تن�سجها بدم أالقالم‬
‫ال�سيا�سة وغريها‪ ،‬وقد ت�ساءل‬ ‫له يف ّ‬ ‫ال ّنيل من اال�سم واجل�سم‪ ،‬ومل ي�ستمعوا‬ ‫ع�صارة التّجارب وموعظة أال ّيام‪...‬‬
‫أ‬
‫الكثريون‪ :‬كيف ت�ستطيع �ن تبقى على‬ ‫�إىل نغمات الوعي يف كلماتك‪ ،‬ومل ينهلوا‬ ‫أ�م م��ن «ح���وا ٍر يف ال��ق��ر�آن» أ�� أ‬
‫التزاماتك وث��واب��ت��ك فيما ت�شيد ك ّل‬ ‫��ض���ت‬
‫�����ص��ايف‪ ،‬ليعرفوا أ�نّ‬ ‫م��ن معني عذبها ال ّ‬ ‫ال�شمعة هناك يف‬ ‫حروفه على �ضوء ّ‬
‫ج�سور احل��وار مع ا آلخ��ري��ن‪ ...‬و أ�ن��ت‬ ‫«احلياة ال حتتمل احلقد»‪.‬‬
‫�س ّر يف هذه ال ّلم�سة احلانية على ك ّل‬ ‫فل�سخرنّ غد ًا من التّ�سعني‬ ‫أ‬ ‫ال زلت أ��ستمع �إليك �س ّيدي‪ ...‬وال زالت‬ ‫«ال ّنبعة»‪ ،‬يف ليل احل��رب ال ّلبنان ّية‬
‫ال�ضعف والق ّوة‪ ،‬يف‬ ‫ال ّنا�س‪ ،‬ويف نقطة ّ‬ ‫ال�سبعني ي��رك�����ض م�سرعاً‬ ‫ع��م��ري �إىل ّ‬ ‫كلماتك جت��وب عقلي ووج����داين‪ ،‬و أ�ن��ت‬ ‫ال�� ّدام�����س‪ ،‬ل��ت��ق�� ّدم �إىل ال ّلبنان ّيني‬
‫احلب الكبري للفقراء ا ّلذين �آثرت‬ ‫هذا ّ‬ ‫وال ّروح باقية على الع�شرين‬ ‫جتيب جيو�ش املح ّبني ا ّلذين يق�صدون‬ ‫والب�شر ّية منوذج ًا �آخر يف ال�شخ�ص ّية‬
‫أ�ن تكون بينهم ويف ح�صن م�سجدهم‬ ‫أ��شهد يا �س ّيدي أ� ّنني منذ و ّفقت ألكون بني‬ ‫دارك املفتوح �سائلني وم�ستجدين‪ :‬ملاذا‬ ‫التي ال تكون بنت ًا لبيئتها‪ ،‬بل ا ّلتي‬
‫حتّى بعد ال ّرحيل‪ ...‬و أ�نت �س ّر يف هذا‬ ‫يدي خدمتك قبل حواىل ربع قرن‪ ،‬أ�نك‬ ‫ال ترتاح؟ و أ�نت جتيبهم‪« :‬ال ّراحة حرا ٌم‬ ‫ت�صنع بيئتها‪ ،‬ف��ت�����ص��وغ للجميع‬
‫ال�سالم ال�� ّروح ّ��ي ا ّل��ذي يفي�ض رحم ًة‬ ‫ّ‬ ‫مل ترحت يوم ًا‪ ،‬ومل ت أ�خذ ق�سط ًا من ال ّراحة‬ ‫علينا وعلى أ�مثالنا»‪...‬‬ ‫«ي�ضج» باحلوار‪ ،‬بد ًال من أ�ن‬ ‫عامل ًا‬
‫حتّى على أ�ولئك «املعتدين»‪ ...‬و�س ّر يف‬ ‫التي ين�شدها اجلميع‪...‬‬ ‫ّ‬
‫ال�صوت ي�ت�ردّد يف‬ ‫وال زال �صدى ذل��ك ّ‬ ‫تتجاذبه قذائف احلرب و�سجاالت‬
‫ك ّل هذه املناجاة «احلانية» التي �صغتها‬ ‫و أ��شهد ي��ا �س ّيدي بعد ك�� ّل تلك ال�سنني‬ ‫الطاقة يف‬ ‫لل�سائلني عن �س ّر هذه ّ‬ ‫م�سامعي ّ‬
‫�شعر ًا ر�سال ّي ًا و أ�دب��� ًا وجدان ّي ًا يفي�ض‬ ‫ال��ذه��ب�� ّي��ة ال��ت��ي أ�ت�����ش�� ّرف ب��االن��ت��م��اء �إىل‬ ‫ج�سدٍ مت ّرد على «لهاث ال�ستّني» و»دروب‬ ‫القتل والعنف؟!‬
‫دع����ا ًء و���ص��ل��وات‪ ...‬و���س�� ّر يف الكثري‬ ‫مدر�ستها‪ ،‬أ� ّننا قر أ�ناك يف الكتاب اخلط أ�‪،‬‬ ‫والبعدين‪.‬‬ ‫ال�سبعني»‪ ،‬ف أ�عيا أالق��رب�ين أ‬ ‫ّ‬ ‫من أ�ين ميكن ا إلحاطة بك �س ّيدي؟‬
‫ومما مل يقل‪ ،‬وال زلنا‬ ‫مما قيل ّ‬ ‫الكثري ّ‬ ‫فلطاملا حاولنا أ�ن نفهمك من خالل ما‬ ‫ال�صادق(ع)‪« :‬ما �ضعف‬ ‫لقد قال ا إلمام ّ‬ ‫وكتاب �صغتها بدمك‬ ‫ٍ‬ ‫من مئتي م ؤ� ّل ٍف‬
‫أ‬
‫نطوف من حول هذا ال�س ّر‪ ،‬ونقر� يف‬ ‫ميكن ألج�سادنا أ�ن تتح ّمل م��ن م�ش ّقة‬ ‫بد ٌن ع ّما قويت عليه الن ّية»‪ ،‬لريدّد البع�ض‬ ‫وعرقك و�سريتك‪ ،‬قبل أ�ن تنرثها كتب ًا‬
‫كتاب حياتك وعمرك املكدود‪ ،‬لنفهم‬ ‫وجهد‪ ...‬ومل نعرف أ� ّننا أ�مام ج�سدٍ من‬ ‫معرتف ًا‪:‬‬ ‫ب�ين ي��دي ال��ق��ارئ‪ ،‬و�صحف ًا ت�ترى يف‬
‫ونعي ونعمل‪ ،‬و أ� ّنى لنا ذلك!‪...‬‬ ‫نوع �آخر‪ ،‬و أ�مام ج�سدٍ فيه ما فيه من طينة‬ ‫ٍ‬ ‫و�إذا كانت ال ّنفو�س كبار ًا‬ ‫�صقيع أال ّيام وجليد املذاهب؟!‬
‫عل ٌّو يف احلياة ويف املمات‬ ‫علي(ع) وروح‬ ‫ّ‬ ‫وحركة‬ ‫اهلل(���ص)‬ ‫ر�سول‬ ‫تعبت يف مرادها أالج�سام‬ ‫وكيف ميكن يا أ�با اجلميع أ�ن نطل على‬
‫ّ‬
‫املعجزات‬
‫ِ‬ ‫بحقّ أ�نت �إحدى‬ ‫أالئ ّمة أالطهار من �آل حم ّمد(�ص)‪...‬‬ ‫وال زالت تلك الكلمات ـ املواقف حتفر يف‬ ‫ال�ضخم‪ ،‬والك ّل ي�شهد أ� َّنه من‬ ‫تراثك َّ‬
‫�س ّيدي‪ ،‬أ�نا ما زلت أ��ستمع �إليك‪ ...‬تتلو‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫«نتاجك»‪ ...‬والكل يعرف �نك تختفي‬
‫وج��داين‪ ،‬و أ�ن��ت ت�ستح�ضر �شعر ًا ألحمد‬
‫��ات هي‬‫كلمات وع��ظ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫علي وعلى أ�م��ث��ايل‬ ‫ّ‬ ‫ال�صايف النجفي‪ ،‬عندما �سئلت عن �س ّر‬ ‫ّ‬ ‫خلف ك�� ّل كلم ٍة ينطق ب��ه��ا‪ ،‬أ�و فكر ٍة‬
‫من «ع�صري العمر»‪ ...‬ال بل هي ع�صارة‬ ‫�سني العمر املتطاولة‪:‬‬ ‫ي�ستهدي بها فك َرك وي�ستلهم فيها من‬
‫هذا االنت�صار على ّ‬ ‫�سلوب « أ�ن� أش�ته» روح ًا‬
‫أال ّي��ام يف خال�صة جت��ارب ال ح ّد لها وال‬ ‫ع���م���ـ���ري ب����روح����ي ال ب���ع���ـ���دد ���س��ن��ي��ن��ـ��ي‬ ‫وحيك‪ ،‬أ�و ك ّل أ� ٍ‬

‫الفل�سطين َّية‪ ،‬وك َّر�س فكره إلعالء مبادئ‬


‫ا إل���س�لام العليا يف خطابه‪ ،‬مو�ضح ًا أ�نّ‬
‫رحيل رجل العزّة والوحدة‬
‫ا إل�سالم ال ب ّد من أ�ن ي�صوغ وعي ا إلن�سان‬ ‫ّ‬
‫ال�شيخ ح�سني امل�صطفى‬
‫ين املتن ّوع‪،‬‬ ‫بذاته داخ��ل جمتمعه ا إلن�سا ّ‬
‫وعالقته بالوجود من حوله‪ ،‬و أ�نّ ا إل�سالم‬ ‫احل��دي��ث؛ فهو ا ّل��ذي ن�سج للوحدة رم��ز ًا‪،‬‬ ‫ب�سم اهلل ال ّرحمن ال ّرحيم‬
‫ين يف م�س ؤ�ول ّيته عن‬ ‫يبني ا إلن�سان العقال ّ‬ ‫وللحب م�ساح ًة‪ ،‬وللح ّر ّية‬
‫ّ‬ ‫وللتّعاي�ش قيم ًة‪،‬‬ ‫ول ال��َّ��ض� َر ِر َو مْالُ� َ�ج��اهِ �دُو َن يِف‬ ‫ْيُ أ�ُ يِ‬‫ين َغ� رْ ُ‬‫}ال َي�سْ َتوِي ا ْل� َق��اعِ �دُو َن مِ � َ�ن مْال ُ� ْ ؤ�مِ �نِ� َ‬
‫أ�فكاره وما يعتقده‪ ،‬وغر�س فينا احلر ّية‬ ‫متن ّف�س ًا‪...‬‬ ‫ين ب أِ�َم َْوا ِل ِه ْم َو أ�َ ْن ُف�سِ ِه ْم‬ ‫ُ‬
‫هلل ب أِ�َم َْوا ِل ِه ْم َو أ�َ ْن ُف�سِ ِه ْم َف َّ�ض َل اهلل مْال ُ َجاهِ دِ َ‬ ‫َ�س ِبيلِ ا ِ‬
‫والعدالة واملح ّبة والكرامة‪.‬‬ ‫و�صرف من أ�جل تثبيت هذه القيم ال ّر�سال ّية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ال�شريف ك ّله‪ .‬وما كان لها أ�ن ت أ�خذ‬ ‫عمره ّ‬ ‫ين َعلَى‬ ‫ال�سْ َنى َو َف َّ�ض َل اهلل مْال ُ َجاهِ دِ َ‬ ‫ال َو َع َد اهلل حْ ُ‬ ‫ين َد َر َج� ًة َو ُك ً‬ ‫َعلَى ا ْل َقاعِ دِ َ‬
‫�سالمي‪ ،‬بل العامل‬ ‫ّ‬ ‫�إنّ خ�سارة العامل ا إل‬
‫ين برحيله‪ ،‬ال تع ّو�ض‪ ،‬و�إنها لثلم ٌة‬ ‫ا إلن�سا ّ‬ ‫العاملي �إال من خالل ما ميلكه‬ ‫ّ‬ ‫هذا احلجم‬ ‫ين أ�َ ْج ًرا عَظِ ي ًما{ (ال ّن�ساء‪.)95 :‬‬ ‫ا ْل َقاعِ دِ َ‬
‫عميق �رجو من‬ ‫أ‬ ‫جرح ٍ‬ ‫كبري ٌة انفتقت عن ٍ‬ ‫من عنا�صر �شخ�ص ّيته الذات ّية‪ ،‬وال �س ّيما‬ ‫طاملا تع َّلق باهلل وتخ َّل�ص من ثقل أالعرا�ض‪.‬‬
‫�شجاعة املوقف ورحابة أالف��ق‪ ،‬فهو قطب‬ ‫مل يدر يف خلدي يوم ًا أ�ن أ�قف أل ؤ� ّب��ن هذا‬
‫اهلل تعاىل أ�ن يع ّو�ضها مبثله‪ .‬فيا موالي ـ يا‬ ‫ال�ساحة ا إل�سالم ّية أ�ن ت�ستنري‬
‫لقد تع ّودت ّ‬
‫حجة اهلل ـ أ�عزّيك يف هذا امل�صاب اجللل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مبثيل‬
‫�سالمي ٍ‬ ‫ّ‬ ‫عظيم‪ ،‬لـم ينب�ض م�شرقنا ا إل‬ ‫عقود ـ من حركة اجتهاده امل�ستنري‬ ‫املرجع املجاهد واملُع ِّلم الكبري ا ّلذي جاء‬
‫ـ منذ ٍ‬
‫و أ�ع���زّي أال ّم���ة ا إل�سالم ّية بفقيد علمها‬ ‫له منذ عهدٍ طويل‪.‬‬ ‫�سخره يف �سبيل �إعالء‬ ‫وجهاده الكبري ا ّلذي ّ‬ ‫ل ُيعبرّ عن وج��وده ـ يف عاملنا ـ من خالل‬
‫املجاهد الكبري‪� ،‬سماحة �آية اهلل العظمى‬ ‫لقد انفتح ـ قدّ�س اهلل �س ّره ـ مبكر ًا على‬ ‫�إن�سان ّيته‪ ،‬وح�ضارته‪ ،‬وعلمه‪ ،‬وعامل ّيته‪...‬‬
‫وال�سعي ألجل‬ ‫عامل ّية ا إل�سالم‪ ،‬ووحدة أال َّمة‪ّ ،‬‬ ‫كلمة اهلل؛ ليتح َّمل أ�خطار َّ‬
‫ال�ساحة وحتدّياتها‬
‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل (قدّ�س اهلل‬ ‫وك ّل �سلب ّياتها‪ ،‬وقد كانت إل�سهاماته الف�ضل‬ ‫� إ ّن��ه الفقيه واملرجع ال��ذي اقتطف حكمة‬
‫�س ّره)‪ .‬و� إ ّنا هلل و� إ ّنا �إليه راجعون‪.‬‬ ‫ق�ضاياها امل�صري َّية‪ ،‬وعلى ر أ��سها الق�ض َّية‬
‫يعي‬ ‫�سالمي ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكبري يف ت�شكيل اخلطاب ا إل‬ ‫أالنبياء‪ ،‬و�صفاء أالولياء؛ مبا حمله من ٍ‬
‫قلب‬

‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪2‬‬
‫بيان نعي العالمة املرجع فضل الله‪:‬‬

‫رحل ال�سيّدُ الج�سد‪ ،‬و�سيبقى ال�سيّدُ الروحَ وال ِف ْك َر والخطّ ‪...‬‬


‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫}�إنّا هلل و�إنّا �إليه راجعون{‬
‫وف ِبا ْل ِع َبا ِد{(البقرة‪)207 :‬‬ ‫الل َو هّ ُ‬
‫الل َر ُ ؤ� ٌ‬ ‫ات هّ ِ‬
‫َّا�س َمن َي ْ�ش ِري َنف َْ�سهُ ا ْب ِت َغاء َم ْر َ�ض ِ‬
‫} َومِنَ الن ِ‬
‫ي�سدها �شيء»‬ ‫ال�سالم ٌ‬
‫ثلمة ال ّ‬ ‫العال ُث ِلم يف إ‬
‫«�إذا مات مِ‬
‫للمان وال�صحة‪..‬‬ ‫أ�ي�ض ًا واح ًة أ‬ ‫يف زمن أ�حوج َما نكونُ فيه �إليه‪..‬‬
‫لقد كانت دا ُر َك أ� ّيها ال�س ّي ُد ال�س ّي ُد‬ ‫رح َ��ل ه��ذا الكب ُري زارع��� ًا يف قلوب‬
‫لكل ر ّواد الفكر‬ ‫و�ستبقى مق�صد ًا ِّ‬ ‫كل أ�ح ِ‬
‫��زان‬ ‫املح ّبني أ�ح��زان�� ًا جمعت َّ‬
‫وط��ال��ب��ي احل���اج���ات‪ ،‬ف��ل��ط��امل��ا لهج‬ ‫التاريخ‪...‬‬
‫بحب النا�س‪.‬‬ ‫ل�سا ُنك ّ‬ ‫رح َ��ل أال ُب القائ ُد الفقي ُه املرج ُع‬
‫��رب‬ ‫كان الفقراء وامل�ست�ضعفون أالق َ‬ ‫املجدِّ ُد املر�شد وا إلن�سان‪...‬‬
‫�إىل قلبك‪ ،‬ولقد وج��دتَ يف ال�شباب‬ ‫رحل وال�صال ُة بني �شفت ْيه ِوذ ْك ُر اهلل‬ ‫َ‬
‫ب�سالح‬
‫ِ‬ ‫حت�صنوا‬ ‫�لا واع��د ًا �إذا ما ّ‬ ‫َأ� َم ً‬ ‫وهموم أالمة يف قلبه‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫على ل�سانه‬
‫الثقافة والفكر‪..‬‬ ‫�����ض ه��ذا القلب‬ ‫و أ�خ��ي�ر ًا ت��و ّق��ف َن�� ْب ُ‬
‫م�ل�‬ ‫ل��ق��د � َ��س�� َك��نَ ه���ذا ال��ق��ل ُ��ب ال���ذي أ‬ ‫على خم�س ٍة و�سبعني من أالعوام‪...‬‬
‫الدنيا �إ�سالم ًا حركي ًا ووعي ًا ر�سالياً‬ ‫َق َ�ضاها جهاد ًا واجتهاد ًا وجتديد ًا‬
‫و�إن�سانية فا�ضت ح ّب ًا وخ�ير ًا حتى‬ ‫وانفتاح ًا وال��ت��زام�� ًا بق�ضايا أالم��ة‬
‫ال َّن َف�س أالخري‪...‬‬ ‫وم���واج���ه��� ًة ل��ك�� ّل ق���وى اال���س��ت��ك��ب��ار‬
‫ارتاح هذا اجل�س ُد وهو‬ ‫يا �س ّيدَ نا‪ ،‬لقد َ‬ ‫العالقات بينهم انطالق ًا من‬ ‫ِ‬ ‫وتطوير‬
‫ِ‬ ‫خط‬ ‫والت�ص ّدي واملمانعة و�سارت يف ّ‬ ‫والطغيان‪..‬‬
‫آ‬
‫حتقيق الكث ِري من المال‬ ‫ِ‬ ‫يتط َّل ُع �إىل‬ ‫املفاهيم الخالقية وا إلن�سانية التي‬ ‫أ‬ ‫ا إلجن���ازات واالنت�صارات الكربى يف‬ ‫�سالم‬
‫رحل ال�س ّي ُد وه ُّمه الكبري‪ ،‬هو ا إل ُ‬
‫حا�ضر‬
‫ِ‬ ‫والطموحات على م�ستوى بنا ِء‬ ‫ِ‬ ‫ت�ساهم يف َر ْف��ع م�ستوى ا إلن�سان على‬ ‫بلد فيه للجهاد‬ ‫لبنان وفل�سطني وك ِّ��ل ٍ‬ ‫فكر ًا وحرك ًة ومنهج ًا والتزام ًا يف‬
‫أالم ِة وم�ستقب ِلها‪..‬‬ ‫ال�ص ُعد كا ّفة‪ ،‬وارتكاز ًا �إىل قيمة العدل‬ ‫ُّ‬ ‫موقع‪..‬‬ ‫جميع جم��االت احلياة م��ر ّدد ًا على‬
‫تك�سرت عند قدم ْيك‬ ‫رحلت ع ّنا‪ ،‬وقد ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يف مواجهة الظلم كله‪.‬‬ ‫ع��ل��ى ال�����دوام‪ ،‬ك��ان��ت ق�ضايا ال��ع��رب‬ ‫الدوام‪ :‬هذه هي ك ُّل أُ�منياتي‪ ،‬ولي�س‬
‫وحمالت‬ ‫ِ‬ ‫ك ُّل امل�امرات والتهديدات‬ ‫ؤ‬ ‫و أ� ّم���ا منهجيتُه احل��رك�� ّي�� ُة والر�سال ّيةُ‬ ‫وامل�����س��ل��م�ين ال���ك�ب�رى م���ن أ�ول����وي����ات‬ ‫عندي أُ�منياتٌ �شخ�ص ّي ٌة أ�و ذات ّية‪،‬‬
‫��اوالت االغتيال املا ّدي‬ ‫الت�شوي ِه وحم ِ‬ ‫وحركتُه الفقه ّية والعقائد ّية‪ ،‬ف�إ ّنه‬ ‫اهتماماته‪ ..‬و�ش ّك ْلت فل�سط ُني َّ‬
‫الهم‬ ‫ولكنَّ أ�منيتي الوحيدة التي ع�شتُ لها‬
‫واملعنوي‪ ،‬وبقيت �صا َيف العقل والقلب‬ ‫ان��ط��ل��ق ف��ي��ه��ا م���ن ال����ق����ر�آن ال��ك��رمي‬ ‫أالك َرب حلرك ِت ِه منذ َريعان �شبا ِبه وحتى‬ ‫وعملتُ ألجلها هي أ�ن أ�ك��ونَ خادم ًا‬
‫والروح �صفاء عني ال�شم�س‪...‬‬ ‫ك أ��سا�س‪ ...‬وقد َفهِ َم ال��ق��ر�آنَ الكرمي‬ ‫�لا‪« :‬ل��ن أ�رت���اح � إ ّال‬ ‫ال��رم ِ��ق أال ِ‬
‫خ�ي�ر ق��ائ ً‬ ‫ولهل بيته (ع)‬ ‫هلل ولر�سوله (�ص) أ‬
‫يا أ�ب��ا علي‪ ،‬رحلت و�سيبقى ا�س ُمك‬ ‫كتاب احلياة الذي ال َيفه ُمه � إ ّال‬ ‫على أ� ّنه ُ‬ ‫الكيانُ ال�صهيوين»‪.‬‬ ‫عندما َي�سقط ِ‬ ‫ولل�سالم وامل�سلمني‪...‬‬ ‫إ‬
‫حمفور ًا يف وج��دان أالم��ة‪ ،‬و�ستبقى‬ ‫احلركيون‪..‬‬ ‫لقد كانت و�ص ّيتُه أال�سا�س ِحفْظَ‬
‫ونهجك يف حياة‬ ‫حا�ضر ًا يف فكرك ِ‬ ‫وخ ُلقه‬ ‫ام��ت��از بتوا�ضعه و�إن�����س��ان�� ّي��ت��ه ُ‬ ‫لقد �ش ّكل ال�س ّيد عالم ًة فارق ًة يف حركة‬ ‫ْ��ظ أال ّم���ة ووحدتَها‪،‬‬ ‫وح��ف َ‬
‫ا إل���س�لام ِ‬
‫أ�جيالنا حا�ضر ًا وم�ستقب ًال‪..‬‬ ‫يل الرفيع وقد اتّ�سع قل ُبه للمح ّبني‬ ‫الر�سا ّ‬ ‫الت�صقت بجمهور‬ ‫ْ‬ ‫املرجع ّية الدينية التي‬ ‫ف آ���م��ن ب أ����نّ اال�ستكبار ل��ن تنك�سر‬
‫رحل ال�س ّي ُد اجل�سد‪ ،‬و�سيبقى ال�س ّي ُد‬ ‫وغري املح ّبني خماطب ًا اجلميع‪ « :‬أ�ح ّبوا‬ ‫ور�سمت‬
‫ْ‬ ‫أالم���ة يف �آالم��ه��ا و�آم��ال��ه��ا‪..‬‬ ‫���ش��وك��تُ��ه � إ ّال ب���وح���دة امل�����س��ل��م�ين‬
‫���ط‪ ...‬و�ستُكمل‬ ‫���روح وال�� ِف�� ْك�� َر واخل ّ‬ ‫ال َ‬ ‫بع�ض ُكم بع�ض ًا‪� ،‬إنّ املح ّبة هي التي تُبدع‬ ‫َ‬ ‫خط الوعي يف مواجهة‬ ‫لهذا اجلمهور َّ‬ ‫وتكاتفهم‪.‬‬
‫تعب نف�سه ألجلها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ب‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫التي‬ ‫أال ّمة‬ ‫و ُت ؤ� ّ�صل وتنتج‪َ ...‬ت َعال ْوا �إىل املح ّبة بعيد ًا‬ ‫ؤ‬
‫التخ ّلف‪ ،‬وحملت معه م�س�ولية بناء‬ ‫وبعقله النيرّ وروح��ه امل�شرقة كان‬
‫خطها م�شروعاً‬ ‫م�سرية الوعي التي ّ‬ ‫عن ال�شخ�صانية واملناطقية واحلزبية‬ ‫امل�ستقبل‪ ...‬وت�ص ّدت للغلو واخلراف ِة‬ ‫أ�ب ًا َومرجع ًا ومر�شد ًا ونا�صح ًا لك ّل‬
‫�سني حياته‪...‬‬ ‫ِب َع َر ِق ّ‬ ‫والطائفية‪ ...‬تعالوا كي نلتقي على اهلل‬ ‫ر�سول اهلل‬ ‫ِ‬ ‫والتكفري م�ستهدي ًة �سري َة‬ ‫احل��رك��ات ا إل���س�لام��ي��ة ال��واع��ي��ة يف‬
‫أ�يها أالخوة‪� ..‬إننا �إذ نعزّي ال ّمة كلها‬
‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫بد ًال من أ�ن نختلف با�سم اهلل»‪ ...‬وهو‬ ‫(�ص) و أ�هل بي ِته أالطهار(ع)‪.‬‬ ‫ال��ع��امل ال��ع��رب��ي وا إل���س�لام��ي التي‬
‫املرجعي الكبري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫برحيل هذا العلم‬ ‫وغ ٍّل على‬ ‫بهذا أ�فرغ قل َبه من ك ّل حقد ِ‬ ‫ورع وتقوى يف‬ ‫بكل ٍ‬ ‫لقد وق��ف ال�س ّيد ِّ‬ ‫خطه وفك َره‬ ‫ا�ست ْهدت يف حركتها َّ‬
‫وه����ذه ال��ق��ام�� ِة ال��ع��ل��م��ي��ة وال��ف��ك��ري��ة‬ ‫أ� ّي من النا�س‪ ،‬م��ر ّدد ًا « أ�نّ احليا َة ال‬ ‫مواجه ِة الفنت بني امل�سلمني راف�ضاً‬ ‫ومنهج عمله‪...‬‬ ‫َ‬
‫اهلل‪،‬‬ ‫والر�سالية ال��� ّرائ���دة‪ ،‬ن��ع��اه�� ُد َ‬ ‫وان��ط�لاق��ا م��ن ��صالته ا إل�سالمية‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫تتح ّم ُل احلقدَ فاحلق ُد م��وتٌ واملح ّب ُة‬ ‫الع�صبيات‬
‫ِ‬ ‫أ�ن يت آ�كل وج��و ُده��م ِب ِفعل‬
‫ون��ع��اه�� ُدك ي��ا �سماحة ال�����س�� ّي��د‪ ،‬أ�ن‬ ‫حياة»‪...‬‬ ‫املذهبية ال�ض ّيقة‪ ،‬طالب ًا من علماء‬ ‫ْ‬ ‫�ش َّكل مدر�س ًة يف احل��وار مع ا آلخر‬
‫ن�ستكمل َم�سري َة ال�� َو ْع��ي والتجديد‬ ‫ولقناعته بالعمل امل ؤ� ّ�س�سي �آم��ن ب���نّأ‬ ‫أال ّم��ة الواعني من أ�ف��راده��ا أ�ن يتّقوا‬ ‫على قاعدة أ�نّ احلقيق َة بنتُ احلوار‬
‫التي َأ� ْر� َ��س�� ْي َ��ت أ��صو َلها وق��واع��دَ ه��ا‪،‬‬ ‫احل�ضاري‬
‫ّ‬ ‫وجود امل ؤ� ّ�س�سات هو املدماك‬ ‫اهلل يف دماء النا�س‪ ،‬معترب ًا أ�نّ ك َّل َمنْ‬ ‫وج�سد‬‫فا ْنفت ََح على ا إلن�سان ك ّله‪ّ ،‬‬
‫و أ�ن نحفظ و�ص ّيتك الغالية يف العمل‬ ‫�سا�سي لنه�ضة ك ِّ��ل أ� ّم��ة وجمتمع‪..‬‬ ‫أال ّ‬ ‫ُيث ُري فتن ًة بني امل�سلمني ليمزِّ ق وحدتَهم‬ ‫احل����وا َر ب��ح��رك�� ِت��ه و���س�يرت��ه وف��ك��ره‬
‫على ِحياط ِة ا إل�سالم‪ ،‬ووحد ِة أالم ِة‪،‬‬ ‫أ�قام �صروح ًا ومنارات للعلم وال ّرعاية‪،‬‬ ‫ويف ِّرق كلمتَهم هو خائنٌ هلل ولر�سوله‬ ‫بعيد ًا عن ال�شعارات اخلالية من أ� ّي‬
‫و�إن�سان ّي ِة ال ّر�سالة‪.‬‬ ‫فكانت َم�لاذ ًا لليتيم وللمحتاج ووجد‬ ‫�صام و�ص ّلى‪..‬‬
‫و�إنْ َ‬ ‫واقعي‪.‬‬
‫م�ضمون ّ‬ ‫ٍ‬
‫} َيا َأ� َّي ُت َها ال َّنف ُْ�س المْ ُ ْط َم ِئ َّن ُة * ا ْر ِج ِعي‬ ‫فيها املع ّو ُق دار ًا للطموحات وا آلم��ال‬ ‫أ‬
‫حر�ص على الدوام �ن تكون العالقات‬ ‫خط‬ ‫ً‬
‫��س�لام وعيا يف ّ‬ ‫عا�ش ا إل� َ‬ ‫ول ّن��ه َ‬ ‫أ‬
‫ا�ض َي ًة َّم ْر ِ�ض َّي ًة * َفا ْد ُخ ِلي‬ ‫ِ� إلىَ َر ِّب ِك َر ِ‬ ‫الكبار‪ ،‬ووجد املتع ّلم فيها طريق ًا نحو‬ ‫ب�ين امل�سلمني وامل�سيحيني يف لبنان‬ ‫ّ‬
‫امل�س�ولية وح��رك��ة يف خ��ط العدل‪،‬‬‫ً‬ ‫ؤ‬
‫فيِ ِع َبا ِدي * َوا ْد ُخ ِلي َج َّن ِتي{(الفجر‪:‬‬ ‫ا آلف���اق املفتوحة على امل��دى أالو���س��ع‪،‬‬ ‫وال��ع��امل ق��ائ��م�� ًة على الكلم ِة ال�سواء‬ ‫العقل ال��ذي أ�ط��ل��ق امل��ق��اوم�� َة‪،‬‬ ‫ك��ان َ‬
‫‪)30-27‬‬ ‫وه��ك��ذا املري�ض وامل�����س��نّ َو َج���دا فيها‬ ‫والتفاهم ح��ول الق�ضايا امل�شرتكة‪،‬‬ ‫روح املواجهة‬ ‫فا�ستم ّدت من فكر ِه َ‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪3‬‬
‫رئيس مجلس النوّاب اللبناني نبيه برّي في تأبني الراحل الكبير‪:‬‬ ‫امني عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله‪:‬‬
‫فقيه االنفتاح و�سيد الكلمة‬ ‫فقدنا �أب ًا رحيم ًا ومر�شد ًا حكيم ًا وكهف ًا ح�صين ًا‬
‫ا آلن ك ّل �شيء مييل �إىل احلزن ّ‬
‫كان لنا الأ�ستاذ والمعلم والنور الذي ن�ست�ضيء به‬
‫ال�شديد‪ ،‬لي�س‬
‫اعرتا�ض ًا على ق�ضاء اهلل وقدره‪ ،‬وهو �سبحانه‬
‫يعطي وي أ�خذ‪ ،‬ولكن ألنّ الكبار يتعبون أ�ي�ض ًا‬
‫وينزلون عن أ�فرا�سهم‪ ،‬ويغادرون امليدان‬
‫�إىل نع�سهم املزمن‪ ،‬ويغم�ضون أ�عينهم على‬
‫جروح العط�ش ا ّلذي ال يندمل‪ ،‬وعلى الترّ اب‬
‫العليل‪ ،‬وهم يعرفون أ�نّ ت��راب أ�ج�سادهم‬
‫وحده يعيد �إىل أالر�ض أ�لقها لت�صعد أ��شجار‬
‫احلياة الكثرية واملزدهرة‪.‬‬
‫ألنّ ال ّلغة الهادئة الهادفة ال ّر�صينة النا�ضجة‬
‫ّ‬ ‫�إىل ج��وار رب��ه ال��ك��رمي ال��ذي جاهد‬
‫وال�شهداء واجلرحى‪ ،‬ودائم ًا‬‫واملعتقلني ّ‬ ‫الكربالئي‪،‬‬ ‫القو ّية املتد ّفقة ك�شالل‪ ،‬لغة املجد‬ ‫أصدر امني عام حزب الله سماحة‬
‫أالح���ي���اء‪� ،‬سينتبهون �إىل و�ص ّيته �نّأ‬ ‫ّ‬ ‫يف �سبيله طيلة عمره ال�شريف �إال‬
‫لغة احلوار ّيني واحل�سين ّيني أالوائ��ل ا ّلذين‬ ‫السيد حسن نصرالله بيان ًا نعى فيه‬
‫الطريق �إىل‬ ‫أ�مان ّيهم تتح ّقق ب�سلوك ّ‬ ‫أ�ن روحه الزكية وفكره النيرّ وكلمته‬
‫خرجوا ليكرزوا يف القرى‪ ،‬والذين خرجوا‬ ‫الطيبة وابت�سامته العطوفة و�سريته‬ ‫آية الله العظمى املرجع السيد‬
‫وحدتهم‪.‬‬ ‫�إىل �شهادتهم من أ�جل أ�ن ي�ستقيم الدّين ـ‬ ‫العطرة ومواقفه ال�صلبة ك��ل ذلك‬ ‫محمد حسني فضل الله (رض)‬
‫مفردات لل ّرثاء‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ا آلن ـ هذه ال ّلغة تبحث عن‬ ‫�لا وداف��ع�� ًا‬
‫�سيبقى فينا ه��ادي�� ًا ودل��ي ً‬ ‫هذا نصه‪:‬‬
‫ا آلن‪ ،‬ك�� ّل اجلغرافيا يف ال ّ�����ش��رق‪ ،‬ك ّل‬ ‫وعن تعبريات احلزن اجلميل يف االبت�سامة‬ ‫قوي ًا متجدد ًا للعمل الد ؤ�وب واجلهاد‬ ‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم انا هلل وانا‬
‫أالف��ك��ار امل��ت��ح��اورة أ�و املت�شاك�سة‪ ،‬ك ّل‬ ‫الواثقة‪.‬‬ ‫املتوا�صل‪.‬‬ ‫اليه راجعون وال حول وال قوة �إال باهلل‬
‫امل��ق��اوم��ات‪� ،‬ستفتقد ال��ع�لام��ة العلم‪،‬‬ ‫ا آلن‪ ،‬ك���ل م��ن يف ال�����ش��رق م��ن امل�سلمني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ان��ن��ي ات���ق���دم ب��ا���س��م امل��ج��اه��دي��ن‬ ‫العلي العظيم‪ ..‬لقد فقدنا اليوم أ�ب ًا‬
‫�آي��ة اهلل العظمى ال�س ّيد حممد ح�سني‬ ‫وامل�سيح ّيني �سينتبهون �إىل أ� ّن��ه��م فقدوا‬ ‫واملقاومني وعوائل ال�شهداء واجلرحى‬ ‫رحيم ًا ومر�شد ًا حكيم ًا وكهف ًا ح�صين ًا‬
‫العاملي‪ ،‬ا ّل��ذي كان منتبه ًا‬
‫ّ‬ ‫ف�ضل اهلل‬ ‫وامل��ح��رري��ن وك���ل ج��م��ه��ور امل��ق��اوم��ة‬ ‫و���س��ن��د ًا ق��وي�� ًا يف ك��ل امل��راح��ل‪ .‬هكذا‬
‫التع�صب‬
‫ّ‬ ‫مرجع ًا كان يحر�سهم من هوجاء‬ ‫ك��ان لنا �سماحته ول��ك��ل ه��ذا اجليل‬
‫�إىل خ��ط��وط التما�س مب��واج��ه��ة حرب‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والتمذهب‪ ،‬و�سينتبهون غد ًا �إىل � ّنهم ��ش ّد‬ ‫�إىل ام��ام��ن��ا �صاحب ال��زم��ان عليه‬
‫ال�سيطرة‪ ،‬لرفع راي��ة ا إل���س�لام ال��ذي‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم و�إىل مراجعنا العظام ويف‬ ‫امل ؤ�من واملجاهد واملقاوم منذ أ�ن كنا‬
‫ال�ضاغطة‬ ‫حاج ًة �إليه يف ال ّلحظات الع�صيبة ّ‬ ‫مقدمتهم �سماحة ا إلم��ام اخلامنئي‬ ‫فتي ًة ن�صلي يف جماعته ونتعلم حتت‬
‫مي ّثل ّ‬
‫خط ال ّنه�ضة امل�ستقبل ّية‪.‬‬ ‫�سالمي‪ ،‬من حدوده عند �سور‬ ‫ّ‬ ‫على عاملنا ا إل‬ ‫دام ظله و�إىل جميع امل�سلمني عموم ًا‬ ‫منربه ونهتدي بكلماته ونتمثل أ�خالقه‬
‫ا آلن‪ ،‬أ�نا أ�فتقد ح�ضوره ال ّنبيل املرتف‬ ‫ال�صني العظيم �إىل غرب أ�فريقيا‪.‬‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫وبالخ�ص �إىل‬ ‫واللبنانيني خ�صو�ص ًا‪ ،‬أ‬ ‫ونقتدي ب�سريته‪.‬‬
‫بالفكار املزدهرة باملعرفة‪ ،‬املج ّرب‪،‬‬ ‫ا آلن‪ ،‬ك ّل ال ّلبنان ّيني‪ ،‬بك ّل طوائفهم ومذاهبهم‬ ‫ا�سرته ا�سرة العلم والف�ضل واجلهاد‬ ‫علمنا يف م��در���س��ت��ه أ�ن ن��ك��ون دع��اة‬
‫خلف خلري �سلف‪� ،‬س ّيد‬ ‫اخلبري‪ ،‬وخري ٍ‬ ‫وفئاتهم وجهاتهم‪ ،‬ك ّل أ�جيالهم وجبالهم‬ ‫ب��احل��ك��م��ة وامل���وع���ظ���ة احل�����س��ن��ة وان‬
‫الكلمة‪ ،‬فقيه االنفتاح‪.‬‬ ‫وال�����ش��رف ب أ���ح��ر ال��ت��ع��ازي وا���ص��دق‬
‫وتاريخهم و أ�رزه���م وزيتونهم‪� ،‬سينتبهون‬ ‫م�شاعر امل��وا���س��اة يف ه��ذا امل�صاب‬ ‫نكون أ�هل احلوار مع ا آلخر و أ�ن نكون‬
‫���ط ا ّل���ذي مثلهّ‬‫ع��زا ؤ�ن��ا يف ح��رك��ة اخل ّ‬
‫�إىل العمر ا ّلذي ي�ستنزف أ�رواحهم وي أ�خذ‬ ‫اجللل الذي أ��صاب امتنا‪ .‬ونعاهد روح‬ ‫للحتالل‬ ‫الراف�ضني للظلم واملقاومني إ‬
‫على ال��دّوام‪� :‬شجاعة الفكر يف مواقف‬ ‫عنا�صر ق�� ّوت��ه��م‪ ،‬ل��وال امل��ق��اوم��ة التي تقيم‬ ‫�سيدنا اجلليل الراحل اننا �سنبقى‬ ‫وع�شاق لقاءٍ مع اهلل تعاىل من موقع‬
‫التحدّي‪ ،‬ويف ت أ�كيده �ضرورة الدّولة ا ّلتي‬ ‫�شجرتها جذور ًا يف أ�عماق تراب أ�ج�سادهم‪.‬‬ ‫ل�ل�ه��داف املقد�سة التي‬ ‫أالوف���ي���اء أ‬ ‫اليقني‪ ،‬و أ�ن نكون أ�هل ال�صرب والثبات‬
‫�سعى �إىل أ�ن تكون للجميع‪ ،‬ويف املقاومة‬ ‫ا آلن‪ ،‬فل�سطني م��ن ال�� ّن��ه��ر �إىل ال��ب��ح��ر‪،‬‬ ‫عا�ش من أ�جلها وعمل لها و�ضحى يف‬ ‫وال��ع��زم مهما أ�ح��اط��ت بنا ال�شدائد‬
‫التي هي حاجة و�ضرورة لر ّد العد ّو‪ ،‬ويف‬ ‫بقد�س أ�قدا�سها‪ ،‬وغزّة ها�شم‪ ،‬وم�ساجدها‬ ‫�سبيلها ليل نهار‪ ،‬وان نبذل يف �سبيلها‬ ‫وامل�صاعب والفنت‪ .‬فكان لنا أال�ستاذ‬
‫التّعاي�ش‪ ،‬ودائ��م�� ًا الوحدة الوطن ّية يف‬ ‫وال���س��رى‬‫وكنائ�سها‪ ،‬و أ�ط��ف��ال حجارتها‪ ،‬أ‬ ‫غال ونفي�س ان �شاء اهلل‪.‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫واملعلم والعلم والنور الذي ن�ست�ضيء به‬
‫لبنان‪ ،‬ووحدة امل�سلمني يف العامل‪.‬‬ ‫يف كل حمنة‪ ،‬واليوم نفتقده �إذ يفارقنا‬

‫فر�صة لقاء املرجع ال�س ّيد حممد ح�سني‬


‫ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫يرافقه جدال حمرتم‪ ،‬ومن أ� ّنك عندما‬
‫ترتكه‪� ،‬سيبقى لك منه �شعور ب أ� ّنك‬ ‫رحيل الـرّجال المحترمين‬
‫وكم كان فع ًال على حقّ ‪.‬‬ ‫أ��صبحت �شخ�ص ًا أ�ف�ضل‪ .‬هذا بال ّن�سبة‬
‫و�إذا كنت أ�ن���ا ح��زي��ن�� ًة ل�سماعي نب�أ‬ ‫الفعلي ل��رج��ل ال�� ّدي��ن‬
‫ّ‬ ‫يل ه��و أالث���ر‬
‫�إ ّ‬ ‫عاد ًة‪ ،‬أ�جت ّنب ال ّر ّد‪ ،‬من خالل ا إل�شارة‬ ‫فرانسيس غاي سفيرة بريطانيا في لبنان‬
‫وف��ات��ه‪ ،‬ف����إنيّ أ�درك أ�نّ حياة الكثري‬ ‫احلقيقي الذي يرتك أ�ثر ًا يف جميع من‬ ‫ّ‬ ‫�إىل أ�ولئك ا ّلذين أ��ستمتع بلقائهم‪ ،‬و�إىل‬ ‫�إح�������دى امل����زاي����ا ال���ت���ي ي��ت��م��تّ��ع ب��ه��ا‬
‫من ال ّنا�س �سوف تنحو نحو أال���س��و أ�‪.‬‬ ‫بغ�ض ال ّنظر عن دينهم‪.‬‬
‫يلتقيهم‪ّ ،‬‬ ‫ا ّلذين يبهرونني أ�كرث من �سواهم‪.‬‬ ‫بلوما�سي‪ ،‬أ� ّنه يحظى مبقابلة الكثري‬ ‫ّ‬ ‫ال ّد‬
‫فالعامل بحاج ٍة �إىل املزيد من ال ّرجال‬ ‫بالم�س‪ ،‬توفيّ ال�سيد ف�ضل اهلل‪ .‬ولبنان‬ ‫أ‬ ‫حتى أالم�س‪ ،‬كان جوابي ّ‬
‫املف�ضل هو‬ ‫وال�صغار‪،‬‬‫من ال�شخا�ص‪ ،‬من الكبار ّ‬ ‫أ‬
‫امل�ستع ّدين لالنفتاح على ال ّديانات‬ ‫أ‬
‫اليوم لن يكون كما لبنان الم�س‪ ،‬ولكنّ‬ ‫ا إل���ش��ارة �إىل �سماحة املرجع ال�س ّيد‬ ‫ّ‬
‫ال�شغوفني منهم والغا�ضبني‪ .‬والنا�س‬
‫أالخرى‪ ،‬مق ّرين بواقع العامل املعا�صر‪،‬‬ ‫غيابه �سيتجاوز �شواطئ لبنان‪.‬‬ ‫مرجع‬
‫ٍ‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬أ�على‬ ‫يف لبنان يح ّبون دائ��م�� ًا أ�ن ي�س أ�لوين‬
‫وم�ستع ّدين ملواجهة القيود ـ احل��دود‬ ‫ر�شحت‬ ‫ما زل��ت أ�ت��ذ ّك��ر ج ّيد ًا عندما ّ‬ ‫�شيعي يف ل��ب��ن��ان‪ ،‬وزع��ي��م ه��و حم ّ��ط‬
‫ّ‬ ‫ع��ن ال�سيا�سي ال��ذي أُ�ع��ج��ب ب��ه أ�ك�ثر‬
‫القدمية‪.‬‬ ‫ملن�صب �سفرية يف ب�يروت‪ ،‬اتّ�صل بي‬ ‫�إعجاب العديد من امل�سلمني ّ‬
‫ال�شيعة يف‬ ‫م��ن ���س��واه‪� .‬إن��ه��ا م�س أ�لة غ�ير عادلة‪،‬‬
‫فلريحمه اهلل‪.‬‬ ‫أ�ح��د معاريف امل�سلمني ليقول يل‪ :‬كم‬ ‫أ�نحاء العامل‪ .‬وعند زيارته‪ ،‬ميكنك أ�ن‬ ‫ومن الوا�ضح أ�نّ العديد منهم ي�سعون‬
‫أ�ن��ت حمظوظة أل ّن��ك �ستح�صلني على‬ ‫حقيقي‬
‫ّ‬ ‫تكون مت أ� ّكد ًا من ح�صول ٍ‬
‫نقا�ش‬ ‫خا�صة بهم‪.‬‬ ‫إليجاد أ�ج��وب�� ٍة �سيا�س ّي ٍة ّ‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪4‬‬
‫‪ ...‬في يوم الوداع الأكبر‬
‫كان أالق�صى‬ ‫ك ّلها ت�سري يف روح هذا املكان‪..‬‬ ‫ك ّل القلوب كانت هناك‬
‫كانت «ق�ضايا أال َّمة»‬ ‫علي(ع) يف ر�سول‬ ‫وقلت له‪ :‬ها أ�نذا أ�عي�ش كلمات ّ‬ ‫ك ّل امل�شاعر‪..‬‬
‫ال�صرب جلميل �إال عليك‪ ،‬و�إنّ اجلزع كانت «اال�سرتاتيج ّيات»‬ ‫اهلل(�ص)‪�« :‬إنّ ّ‬ ‫ك ّل أالح َّبة‪..‬‬
‫ال�صالة الكربى‪ ..‬ال�س ِّيد‬ ‫لقبيح �إال عنك‪ ،‬و�إنّ امل�صاب بك جلليل‪ ،‬و� إ ّنه قبلك كان م�شهد ًا من م�شاهد ّ‬ ‫مواكب املالئكة كانت حتوط املوكب‪..‬‬
‫ي ؤ� ّم اجلمع ك ّله يف �صال ٍة روح ّي ٍة ال تنتهي‪..‬‬ ‫وبعدك جللل»‪.‬‬ ‫حمط ٍات‬‫مل يكن ت�شييع ًا عهدته أال َّمة �إال يف ّ‬
‫«�ش َّال ٌل من الب�شر‪ ..‬بح ٌر من ال ّدموع‪ ..‬م�ستودع‬ ‫تذ ّكرت بيان ال ّنعي‪ ..‬و أ�ح�س�ست بثقل امل�س ؤ�ول ّية‬ ‫نادر ٍة ج ّد ًا يف تاريخها‪..‬‬
‫حزن»‪..‬‬ ‫الكربى وفهمتها‪ ..‬ا آلن فهمت كالمك يا أ�مري‬ ‫�سالمي �إال يف‬
‫ّ‬ ‫مل يكن وداع ًا عهده العامل ا إل‬
‫الك ّل يودِّع «ع َّالمة التن ُّور» «�س ِّيد الكالم» يف رحلة‬ ‫«خ�ص�صت حتى‬ ‫امل ؤ�منني و أ�نت تنعى ر�سول اهلل‪ّ :‬‬ ‫وقفات حمدود ٍة ج ّد ًا‪..‬‬‫ٍ‬
‫تفاعل أ�بد ّية‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫�صرت م�س ّلي ًا عمن �سواك‪ ،‬وع ّممت حتى �صار‬ ‫ع َّالمة الع�صر‪ ،‬فقيه أال َّمة‪ ،‬جم ّدد املج ّددين‪،‬‬
‫ال ّنا�س فيك �سواء»‪ ..‬وعرفت يا �س ّيدي‪ -‬يا من كنت ي�سرتيح اجل�سد املكدود بني يدي أالح َّبة‪� ..‬صالة‬ ‫فقيه الفقهاء‪ ،‬أ�ديب أالدباء‪ ،‬عامل العلماء‪..‬‬
‫الطاهر يف قلب الطوفان‪ ..‬يهد أ�‬ ‫علي(ع)‪ ..‬أ�نا أ�حت ّرك حيث على اجلدث ّ‬ ‫تر ّدد‪ « :‬أ�نا تراب أ�قدام ّ‬ ‫حبيب الفقراء‪..‬‬
‫احل�شد يف هد أ�ة ال ّروح‪..‬‬ ‫حت ّرك»‪ -‬أ� ّنك عندما حتا�صرك ال ّدنيا بهمومها‬ ‫أالب ال ّر ؤ�وم‪ ،‬القلب احلاين‪ ..‬ال ّروح ا آلمنة‪..‬‬
‫تطوى �صفحة من تاريخ ا إل�سالم واملنطقة‬ ‫وتعقيداتها‪ ،‬حتاول أ�ن ت�ستهدي ر�سول اهلل(�ص)‪،‬‬ ‫ال�ضعفاء‪ ..‬عقل العامل‪..‬‬ ‫ال�سالم‪ ،‬ن�صري ّ‬ ‫عنوان ّ‬
‫والعامل‪ ..‬لتفتح �صفحة جديدة عنوانها ما كتبه‬ ‫لتفعل ما تعتقد أ� ّنه كان ميكن أ�ن يفعله أ�مام هذه‬ ‫كف‪ ..‬الك ّل ي�شعر ب أ�نّ‬ ‫الك ّل يزحف �إىل بحر أال ّ‬
‫زميلي �سعيد غر ِّيب يف �سج ّل التّعازي‪« :‬رحمنا‬ ‫احلالة أ�و تلك‪..‬‬ ‫الطاهر‪..‬‬ ‫عليه أ�ن مي�سح على �شفاف اجلثمان ّ‬
‫اهلل‪ ،‬و أ�طال يف عمرك»‪.‬‬ ‫طاف أالح ّبة حول ال ّنع�ش‪ ..‬وك أ� َّنه البق ّية الباقية‪..‬‬ ‫َ‬ ‫الك ّل يتط َّلع �إىل احت�ضان أالب يف حلظة الوداع‪..‬‬
‫ما كنت أ�ح�سب قبل دفنك يف الثرّ ى‬ ‫ال�سماء أ�و�شكت أ�ن تختفي‪ ..‬وك أ�نَّ‬ ‫وك أ�نَّ �آخر هدايا ّ‬ ‫وك أ�نهم �شعروا ب أ�نّ موطن ّ‬
‫ال�سكينة ال ّروح ّية‬
‫أ�نّ الكواكب فـي الترّ اب تغور‬ ‫ ‬ ‫�س ّر أال�سرار وعبق أالحرار �آثر ال ّرحيل‪..‬‬ ‫ح�سوا ب أ�نّ مالذ‬
‫الكربى قد رحل‪ ..‬وك أ�نهم أ� َّ‬
‫ما كنت �آمـل قبل نع�شك أ�ن أ�رى‬ ‫فا�ض حزن ًا وعزم ًا»‬
‫«بح ٌر من الب�شر َ‬ ‫أالمن قد غادرهم‪..‬‬
‫ر�ضوى على أ�يدي ال ّرجال ت�سري‬ ‫«خرج ال�س ِّيد من منزله ظهر ًا‪ ،‬ترك ع ّمته و�سبحته‬ ‫بحر املح ّبني طاف يف أ�رجاء املكان‪ ..‬يف أ�ركان‬
‫وداع ًا‪ ..‬يا أ�بانا‪..‬‬ ‫ال�ضاحية‬ ‫وجال بروحه يف ّ‬ ‫وو�شاحه أالخ�ضر‪َ ،‬‬ ‫ملها ال�س ِّيد علم ًا وحرك ًة‬ ‫ال�ضاحية التي أ‬ ‫ّ‬
‫وال�شوارع يا ك ّل نب�ض ٍة يف كياين‪..‬‬ ‫ذكريات عن الوجود ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مودِّع ًا‪ ..‬خرج حام ًال‬ ‫وجهاد ًا‪..‬‬
‫يا ك ّل كلم ٍة حلو ٍة خرجت من ل�ساين‪..‬‬ ‫أ‬
‫والفكار وا آلمال‪.»..‬‬ ‫عيون املخل�صني فا�ضت ثم فا�ضت‪..‬‬
‫الطائفة يا ك ّل أ�هلي‪..‬‬ ‫«‪ ..‬كانت الوجوه زائغ ًة‪ ،‬كثريون �شعروا ب أ�نّ ّ‬ ‫ا�ستذكر الكثريون وداع ال َّر�سول(�ص)‪ ..‬ووداع‬
‫يا ك ّل حياتي‬ ‫روحي له مقاربته‬ ‫ال�شيع ّية أ��صبحت من دون أ� ٍب ّ‬ ‫علي‪ ..‬وتذ َّكروا و�ص َّية ال�س ِّيد‪ :‬كونوا ر�سول اهلل‪..‬‬ ‫ّ‬
‫يا ح ّبي ا ّلذي ال ميوت‪..‬‬ ‫الفقه ّية التي تتوا�صل وتتفاعل مع الع�صر‪.»..‬‬ ‫كونوا عل ّي ًا ولو بن�سبة الواحد �إىل أاللف‪..‬‬
‫هاين عبد اهلل‬ ‫«كان م�شهد ًا حزين ًا مرتامي ًا»‪ ..‬هكذا كتبوا‪..‬‬ ‫قال يل أ�حدهم‪ :‬لقد �شعرت ب أ�نَّ دم أال َّمة ك ّله‬
‫هناك كانت فل�سطني‪..‬‬ ‫�شريان واحد‪ ..‬و أ�ح�س�ست ب أ�نّ أالرواح‬ ‫ٍ‬ ‫يجري يف‬

‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪5‬‬
‫برقيات العزاء تتوالى‪ :‬العالم العربي واال�سالمي ينعى المرجع الكبير‬
‫قائد اجلمهورية االسالمية في ايران آية الله السيد علي خامنئي‪:‬‬
‫لقد قدم هذا العامل املجاهد الكبري الكثري يف ال�ساحات الدينية وال�سيا�سية وكان‬
‫له أالثر الكبري على ال�ساحة اللبنانية التي لن تن�سى خدماته وبركاته الكثرية على‬
‫مر ال�سنني‪ ،‬الفتا اىل ان املقاومة اال�سالمية يف لبنان والتي لها حق كبري على االمة‬
‫اال�سالمية كانت على الدوام حتت رعاية ودعم وم�ساعدة هذا العامل املجاهد‪.‬‬
‫وتابع ال�سيد خامنئي قائال‪ :‬لقد كان الراحل الكبري الرفيق املخل�ص واملقرب من‬
‫اجلمهورية اال�سالمية ونظامها ووفيا لنهج الثورة اال�سالمية‪ ،‬وقد أ�ثبت ذلك قوال‬
‫وعمال على مدار أالعوام الثالثني من عمر هذه اجلمهورية‪.‬‬

‫الشيرازي‪-‬قم‪:‬‬‫آية الله ناصر مكارم ّ‬


‫لقد أ�وج��د الفقدان امل ؤ��سف للعامل املعظم‪ ،‬ح�ضرة �ية اهلل العالمة‪ ،‬ال�س ّيد حممد‬
‫ّ‬ ‫آ‬ ‫ّ‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل(قده)‪ ،‬موج ًة من احلزن يف عامل الت�ش ّيع‪.‬‬
‫ال�سعيد كان ح�صناً مقتدراً يف لبنان أ�م��ام حمالت أ�ع��داء ا إل�سالم‪ ،‬ولقد‬
‫� إ ّن الفقيد ّ‬
‫والرجعية لعر�ض ��ص��ورة رحمانية ع��ن اال��س�لام وال��دف��اع ال��واع��ي وال�شامل عن‬ ‫حفظ هذا احل�صن ب�شجاع ٍة وح�سن تدبري‪.‬‬
‫املظلومني واملقاومة أ�مام الظلم‪ ،‬دون النظر اىل دين املظلومني وقومياتهم‪ ،‬يعدُّ‬
‫ثلمة ال ي�سدّها �شيء للحياة ال�سلمية للب�شرية‪.‬‬ ‫احلوزة العلميّة في قم‪:‬‬
‫ا ّنه ح ّقاً فقيه �شجاع وب�صري بزمانه ومكانه يف عامل اليوم املتالطم‪ ،‬فقد كان ي�شري‬ ‫�سي�سجلها ال �ت��اري��خ يف �صفحاته‬
‫ّ‬ ‫وامل�ست�ضعفني‬ ‫�ين‬ ‫م‬ ‫�و‬
‫�‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ظ‬ ‫م��واق�ف��ه �إىل ج��ان��ب امل�‬
‫نف�سه ابتغاء آالراء الفقهية لينري بها درب املجدّدين واملف ّكرين امللتزمني‪.‬‬ ‫امل�شرقة‪..‬‬

‫آية الله محمود الهاشمي الشهرودي‪-‬قم‬ ‫اجلامع األزهر‪:‬‬


‫لقد �صرف الراحل عمره ال�شريف يف خدمة الدين احلنيف ون�شر الوعي والفكر‬ ‫ؤ‬
‫ينعى أالزه��ر ال�شريف �شيوخه وعلما�ه وطالبه اىل أالم��ة العربية وا إل�سالمية واىل‬
‫ا إل�سالمي‪،‬ومقارعة الظاملني وامل�ستكربين‪.‬‬ ‫ال�شعب اللبناين ال�شقيق �سماحة ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل الذي لقي ربه را�ضي ًا‬
‫مر�ضي ًا بعد حياة حافلة أ�م�ضاها يف ن�شر العلم النافع وعمل اخلري والدفاع عن وحدة‬
‫آية الله السيد كاظم احلسيني احلائري‪ -‬النجف األشرف‬ ‫أالمة وثوابتها‪ ،‬وقد كان رحمه اهلل �صاحب فكر م�ستنري يرتفع فوق الفوارق املذهبية‬
‫لقد �ش ّكل ر�ضوان اهلل عليه ظاهرة بني أ�قرانه يف الدفاع عن ا إل�سالم ورفد الوعي‬ ‫وي�سعى للتقريب بني أ�بناء أالمة بل وبني امل ؤ�منني جميع ًا من �سائر أالديان‪ ،‬رحم اهلل‬
‫املتنامي يف أ�و�ساط مفكري أالمة ومثقفيها‪ ،‬ف أ�دى م�س ؤ�ولياته ونه�ض بها ب�شكل‬ ‫الفقيد اجلليل و أ��سكنه ف�سيح جناته و أ�لهم �آله وحمبيه ال�صرب وح�سن العزاء‪.‬‬
‫ي�سجل له دعمه للمقاومة وحمايته لها‪.‬‬
‫نحن اليوم بحاجة �إىل ال��راح��ل(ق��ده) و أ�مثاله يف أ��سلوبه وبيانه‪ ،‬لرفع م�ستوى‬ ‫شيخ األزهر الشيخ أحمد الطيب‪:‬‬
‫اليق�ضة وف�ضح خمططات العدو الغادر والوقوف يف وجه خداعه ومكائده‪..‬‬ ‫تلقيت ببالغ الت أ�ثر نب أ� وفاة املغفور له والدكم �سماحة العالمة اجلليل ال�سيد حممد‬
‫و�سنة ر�سوله‪ ،‬الرا�سخ يف حبه آلل‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬وهو العامل الثقة‪ ،‬العامل بكتاب اهلل ّ‬
‫سماحة الشيخ محمد مهدي اآلصفي النّجف األشرف‬ ‫البيت‪ ،‬املنزه عن التع�صب لر أ�ي او مذهب‪ ،‬املدافع عن وحدة أالمة وعن ثوابتها‪ ،‬الذي‬
‫عا�ش عمره يف خدمة الق�ضايا ا إل�سالم ّية الكبرية يف اخل� ّ�ط أال ّول من �ساحات‬ ‫جمع بني ال�صالبة يف مواجهة أالعداء وبني ال�سماحة والدعوة اىل الت آ�خي بني النا�س‬
‫�سالمي‪ ،‬حم ّذراً‬
‫ّ‬ ‫ال�سيا�سي وال ّثقايف املعا�صر‪ ،‬مدافعاً عن ظالمات العامل ا إل‬
‫ّ‬ ‫ال�صراع‬
‫ّ‬ ‫جميعا على اختالف أ�ديانهم و أ�عراقهم‪.‬‬
‫�سرائيلي والغزو‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مريكي يف العامل ا إل�سالمي‪ ،‬مندّدا باالحتالل ا إل‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫من النفوذ ال‬ ‫وانني �إذ انعيه اىل أالمة ا إل�سالمية واىل ال�شعب اللبناين ال�شقيق ألرجو اهلل ان ينزله‬
‫�سالمي‪ ،‬داعياً �إىل التقارب فيما بني امل�سلمني يف م�شارق أالر�ض‬
‫ّ‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫للعامل‬ ‫مريكي‬
‫ّ‬ ‫أال‬ ‫منازل ال�صديقني وال�شهداء وان يلهمكم و�آله �صرب ًا جمي ًال و أ�جر ًا مقبو ًال‪.‬‬
‫ومغاربها‪.‬‬
‫االحتاد العاملي لعلماء املسلمني‪:‬‬
‫الشيخ محمّد اليعقوبي ‪-‬النجف‬ ‫سماحة ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫نعى االحت��اد العاملي لعلماء امل�سلمني �إىل الم��ة ا إل�سالمية يف جميع �نحاء العامل‬
‫ً‬
‫لقد كان الفقيد ال ّراحل مثاال للعامل العامل بعلمه‪ ،‬والطبيب الد ّوار بط ّبه‪ ،‬ول�سم ّو‬ ‫العالمة اجلليل �آية اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل الذي وافته املنية‬
‫الذات‪ ،‬وع ّفة ال�سلوك‪ ،‬فقد ت�سامى عن أالمور الدن ّية‪ ،‬وتر ّفع حتى عن الر ّد على‬ ‫يف بريوت بعد حياة حافلة باجلهاد يف �سبيل العلم والعمل املخل�ص لتقريب أالمة‬
‫من أ��ساء �إليه‪.‬‬ ‫ا إل�سالمية بع�ضها من بع�ض ‪ ،‬والق�ضاء على أ��سباب ال�شحناء والبغ�ضاء بني الفرق‬
‫وال�صعوبات وا إلره��اب وحم��اوالت ال ّت�صفية اجل�سد ّية واملعنو ّية‬ ‫مل توقفه املحن ّ‬ ‫واملذاهب واجلماعات والطوائف ‪....‬‬
‫عن موا�صلة درب اجلهاد وتوعية أال ّمة وم�سرية ا إل�صالح‪ ،‬وا�ستم ّر على ذلك أ�كرث‬
‫من خم�سني عاماً‪ ،‬ويجد الكثري من الر�سال ّيني العاملني أ�نف�سهم مدينني جلهاده‬ ‫آية الله الشيخ يوسف الصانعي‪ -‬قم‬
‫ال�شريفة يف خمتلف‬ ‫وجهده املباركني‪ ،‬وت�شهد بك ّل ذلك كتبه التي أ�نتجتها أ�نامله ّ‬ ‫ببالغ احلزن تلقينا نب أ� رحيل العامل الرباين والفقيه املتقي �آية اهلل العظمى ال�سيد‬
‫العلوم واملعارف‪ ،‬وم ؤ� ّ�س�ساته اخلري ّية والثقاف ّية يف أ��صقاع املعمورة‪ ،‬ا ّلتي ت�ساهم يف‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل(رحمة اهلل علیه)‪ ،‬وبهذه املنا�سبة نع ّزي بقية اهلل أالعظم‬
‫�إعالء كلمة اهلل تبارك وتعاىل‪ ،‬ون�شر مدر�سة أ�هل البيت (عليهم ال�سالم)‪ ،‬ون�صرة‬ ‫( أ�رواحنا له الفداء) واحل��وزات العلمية وجميع ال�شيعة يف العامل وبخا�صة ال�شعب‬
‫املظلومني وامل�ست�ضعفني‪ ،‬وم�ساعدة املحرومني‪.‬‬ ‫اللبناين وعائلته املحرتمة‪.‬‬
‫التحجر‬
‫ّ‬ ‫�شك أ� ّن رحيل عامل من هذا القبيل‪ ،‬الذي �سعى من خالل �صراعه مع‬ ‫ال ّ‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪6‬‬
‫رئيس الوزراء العراقي نوري املالكي‪:‬‬
‫وزير اخلارجية املصري أحمد أبو الغيط‪:‬‬ ‫بقلوبٍ م ؤ�من ٍة بق�ضاء اهلل وقدره‪ ،‬ومبزيدٍ من احلزن وال�سى‪ ،‬وقلوبٍ يعت�صرها المل‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫أ�تقدم لكم بخال�ص التعازي القلبية يف وف��اة املغفور له �سماحة املرجع العالمة‬ ‫احلي‪ ،‬أ‬
‫والب الكبري ا ّلذي‬ ‫ين ّ‬ ‫تل ّقينا نب أ� رحيل فقيد أال ّمة ا إل�سالم ّية والفكر ا إلن�سا ّ‬
‫ال�سيد‪ /‬حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬الذي افتقده لبنان والعامل العربي وا إل�سالمي عامل ًا‬ ‫طاملا تف ّي أ�نا بظالل حم ّبته ووافر عطائه‪� ،‬آية اهلل العظمى ال�سيد ف�ضل اهلل(قده)‪.‬‬
‫جلي ًال وداعية مرموق ًا و�صوت ًا مكرب ًا ب�إعالء قيم احلق والت�سامح واالعتدال والتعاي�ش‬ ‫نتقدّم ب أ�ح ّر ال ّتعازي لعائلته وذويه بهذا امل�صاب اجللل‪.‬‬
‫والديان‪ ،‬وادعو املوىل عز وجل أ�ن يتغمد الفقيد الكبري يف‬ ‫امل�شرتك بني احل�ضارات أ‬
‫ف�سيح جناته و أ�ن يلهمكم ال�صرب وال�سلوان‪.‬‬ ‫الرّئيس اإليراني محمود أحمدي جناد‪:‬‬
‫أ‬
‫وال�سف نب� رحيل العامل املجاهد والدّاعي �إىل‬‫ال�شعب ا إليراين تل ّقى ببالغ احلزن أ‬
‫ّ‬
‫سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم‪-‬البحرين‪:‬‬ ‫احلر ّية‪ ،‬واخلدمات اجلليلة التي أ��سداها ذلك الفقيه الكبري طوال حياته ال ّزاخرة‬
‫�إن «�سماحة �آي��ة اهلل ال�سيد ف�ضل اهلل كان رجل جهاد ب أ�كرث من بعد و أ�ك�ثر من‬ ‫والتم�سك مبحور‬
‫ّ‬ ‫ب��اخل�ير وال�برك��ة يف �سبيل تعزيز ال��وح��دة الوطن ّية يف لبنان‪،‬‬
‫�ساحة على م�ستوى أالمة ا إل�سالمية وعلى م�ستوى العامل كله كان ر�ساليا �صلبا»‪،‬‬ ‫املقاومة‪� ،‬ستبقى خالدة‬
‫وتابع «ينطلق من ح�س �إ�سالمي كبري بدوره وكفاحه ومواجهته للظلم واال�ستكبار‬
‫العاملي كان وحدويا ويف الوقت نف�سه كان مبدئيا»‪.‬‬ ‫أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني‪:‬‬
‫تلقينا ببالغ أال�سف والت أ�ثر نب أ� وفاة املغفور له �إن �شاء اهلل تعاىل‪� ،‬سماحة العالمة‬
‫سماحة السيد ساجد علي النّقوي‪ -‬باكستان‪:‬‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬ال��ذي فقد لبنان بوفاته واح��داً من أ�ب��رز العلماء‬
‫ك ّلنا نعلم أ� ّن رحيل ال�شخ�ص ّية العلم ّية العظيمة املعروفة يف العلم والفقاهة يف‬ ‫الداعني لوحدة ال�صف اللبناين والداعمني لل�صمود واملقاومة �ضد أ�ع��داء لبنان‬
‫وال�صخرة القو ّية أ�م��ام امل� ؤ�ام��رات اال�ستعمار ّية‪ ،‬لي�س م�صيب ًة‬
‫�سالمي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫العامل ا إل‬ ‫والعرب وامل�سلمني‪.‬‬
‫�سالمي‪�.‬إنّ‬
‫ّ‬ ‫تخت�ص ب أ�هايل لبنان فح�سب‪ ،‬بل هو م�صاب وخ�سارة جلميع العامل ا إل‬ ‫ّ‬ ‫�إننا �إذ نعرب لكم عن خال�ص التعازي يف هذا امل�صاب أالليم‪ ،‬لندعو اهلل العلي القدير‬
‫جهوده الق ّيمة يف �سبيل ا�ستقالل لبنان‪ ،‬وحترير القد�س وفل�سطني واحتاد أ�هلها‪،‬‬ ‫أ�ن يتغمد الفقيد اجلليل بوا�سع رحمته ويجعل مثواه ف�سيح جناته ويجزيه خري‬
‫ال تزال باقية آالث��ار‪ ،‬ولن تن�سى أ�ب��داً‪ ،‬ول�سوف تكون �شخ�ص ّية هذا العلم العظيم‬ ‫اجلزاء عما قدّم لوطنه و أ�مته و أ�ن يلهمكم ال�صرب وح�سن العزاء‪.‬‬
‫ال�سائرين‪ .‬فندعو الباري تعاىل م ّر ًة أ�خرى ب�إعالء درجاته واملنّ‬ ‫�ضوءاً ينري طريق ّ‬
‫بال�صرب على ذويه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أمير دولة الكويت الشيخ صباح األحمد اجلابر الصباح‪:‬‬
‫تل ّقينا بت أ� ّثر نب أ� وفاة املغفور له ب�إذن اهلل تعاىل‪� ،‬سماحة ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬
‫الصوفي العاملي‪:‬‬
‫مرشد املركز العلميّ ّ‬ ‫اهلل‪.‬‬
‫العاملي‪ ،‬العامل‬
‫ّ‬ ‫ال�ص ّ‬
‫ويف‬ ‫العلمي ّ‬
‫ّ‬ ‫مبزيدٍ من الت�سليم لق�ضاء اهلل وقدره‪ ،‬ينعى املركز‬ ‫لل�سرة الكرمية عن خال�ص ال ّتعازي و�صادق املوا�ساة بهذا امل�صاب‪ ،‬ن� أس�ل‬
‫و�إذ نعرب أ‬
‫ا إل��س�لام� ّ�ي‪ ،‬العالمة حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬فقيد العلم واحل��وار احل�ضاريّ ‪.‬‬ ‫املوىل تعاىل أ�ن يتغ ّمد الفقيد بوا�سع رحمته ومغفرته‪ ،‬وي�سكنه ف�سيح ج ّناته‪ ،‬و أ�ن‬
‫وال�سلوان‪.‬‬
‫ال�صرب ّ‬ ‫ي�شارك طالب العلم و أ�هل الفقيد م�صابهم اجللل‪� ،‬سائلني اهلل ّ‬ ‫يلهمكم جميعاً جميل ّ‬
‫ال�صرب وح�سن العزاء‪.‬‬
‫املرشد العام لإلخوان املسلمني ممُ ث ًال بالدكتور عبد املنعم أبو الفتوح ‪:‬‬
‫للخوان امل�سلمني‪ ،‬فهو ال�سيد حممد‬ ‫«�إذا كان يف ال�ساحة ا إل�سالمية ال�شيعية مر�شد إ‬ ‫ملك مملكة البحرين حمد بن عيسى آل خليفة‪:‬‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬ألنه كان داعية �إىل الوحدة ونبذ الطائفية‪ ،‬وجمدداً م�ستنريا‪ً،‬‬ ‫بقلوب م ؤ�منة بق�ضاء اهلل وقدره‪ ،‬تلقينا مبزيد من احلزن وال�سى نب� وفاة املغفور‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وكان آلرائه و أ�فكاره دور كبري يف �إحداث تقارب بني أ�هل ال�س ّنة وال�شيعة»‪.‬‬ ‫له ب�إذن اهلل تعاىل‪� ،‬سماحة العالمة ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ .‬والذي أ��سدى‬
‫لل�سالم وامل�سلمني‪.‬‬
‫خدمات جليلة إ‬
‫الدكتور رمضان شلح حركة اجلهاد االسالمي في فلسطني‪:‬‬ ‫أ‬
‫ونحن �إذ نتقدم لكم وعموم ال��س��رة الكرمية بخال�ص تعازينا و��ص��ادق موا�ساتنا‬
‫برحيل �سماحة ال�سيد رحمه اهلل فقد لبنان وفقدت أالم��ة العربية وا إل�سالمية‬ ‫نت�ضرع �إىل املوىل القدير أ�ن يتغمده بوا�سع رحمته ور�ضوانه‬
‫وا إلن���س��ان�ي��ة جمعاء م�ن��ارة م��ن م �ن��ارات العلم وا إلمي ��ان يف ه��ذا الع�صر‪ ،‬وفقدت‬
‫فل�سطني �سنداً قوياً لها عا�ش م�سكوناً بحلم حتريرها وتطهريها من دن�س الغزاة‬ ‫ملك األردن عبد الله الثاني ابن احلسني‪:‬‬
‫حتى �آخر نف�س من حياته‪.‬‬ ‫أ��سرة �سماحة العالمة املرجع‪ ،‬ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬تل ّقينا ببالغ أال�سى‬
‫�إن ع��زاءن��ا بفقده ورحيله أ�ن��ه رحمه اهلل حت��ول �إىل مدر�سة يف ا إلمي��ان والوعي‬ ‫وعميق الت أ� ّثر‪ ،‬نب أ� وفاة �سماحة العالمة املرجع‪ ،‬ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫واملقاومة تتخرج فيها أالجيال‪.‬‬ ‫ال��ذي انتقل �إىل رحمة اهلل تعاىل اليوم أالح��د‪ ،‬بعد حيا ٍة حافل ٍة بالعطاء خدم ًة‬
‫لوطنه و أ� ّمته العرب ّية وا إل�سالم ّية‪.‬‬
‫الشيخ عبد املللك احلوثي –اليمن‪:‬‬ ‫أ‬
‫و� إ ّننا �إذ نعرب لكم عن أ��صدق م�شاعر ال ّتعزية واملوا�ساة بهذا امل�صاب الليم‪ ،‬نبتهل‬
‫ال مهماً و�شخ�صية عظيمة‬ ‫أالمة ا إل�سالمية بفقدها هذا العلم ال�شامخ فقدت رج ً‬ ‫العلي القدير‪ ،‬أ�ن يتغ ّمد ال ّراحل الكبري بوا�سع رحمته وغفرانه‪ ،‬وي�سكنه‬ ‫�إىل اهلل ّ‬
‫ظلت واق�ف� ًة يف وج��ه أ�ع��داء أالم��ة ا إل�سالمية بكل ج��ر أ�ة و�شجاعة‪ ،‬مُ َ‬
‫مثِل ًة بذلك‬ ‫ف�سيح جنانه‪ ،‬و أ�ن يلهمكم جميل ّ‬
‫ال�صرب وح�سن العزاء‪ ،‬ويج ّنبكم ك ّل مكروه‪ �.‬إ ّنا اهلل‬
‫القدوة لكل علماء أالمة ‪.‬‬ ‫و� إ ّنا �إليه راجعون‪...‬‬

‫احتاد الطلبة االندونيسيني‪:‬‬ ‫سلطان عُ مان قابوس بن سعيد ‪:‬‬


‫نعزي االمة اال�سالمية على رحيل ابرز العلماء حامل لواء الوحدة اال�سالمية�آية‬ ‫نقدم خال�ص التعازيه و�صادق املوا�ساة لل�شعب اللبناين ال�شقيق و أ��سرة الفقيد‪ ،‬داعياً‬
‫اهلل العظمى ف�ضل اهلل وجنمة م�ضيئة يف مدر�سة اهل البيت‪ ،‬فالعينان اللتان كانتا‬ ‫اهلل �سبحانه وتعاىل أ�ن يتغمده بوا�سع رحمته وي�سكنه ف�سيح جناته ويلهم ذويه‬
‫مبللتان بالدموع يف القيام ليال وم�ستيقظتان يف حماربة الظلم الطغيان نهارا لقد‬ ‫ال�صرب وال�سلوان‪.‬‬
‫اغلقتا آالن و�سافرت روحه اىل الرفيق االعلى‪..‬‬ ‫نائب الرئيس السوري فاروق الشرع‪:‬‬
‫العاملني العربي وا إل�سالمي‪ ،‬فقدا بغياب العالمة‪ ،‬قامة من قامات الفكر الديني‬
‫وال�سيا�سي‪ ،‬التي ات�سمت ب�صفاء الذهن‪ ،‬وبعد النظر‪.‬‬

‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪7‬‬
‫و�صية ال�سيّد حفظ الإ�سالم‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫حا�ضر ًا يف أ�ذهاننا كما عا�ش يف ذهنه‬ ‫لغة املح ّبة لغة احلياة‪ ،‬حتى تكون احلياة‬
‫وف��ك��ره وع��ق��ل��ه‪ ،‬م��ع��ت�بر ًا أ�نّ دور ال��ع��المِ‬ ‫يحب‬ ‫أ�رقى و أ�طه َر و أ��صفى و أ�بقى‪ ...‬أ�ن ّ‬
‫الدّيني‪ ،‬هو دور ال ّر�سول عن ال ّر�سول‪،‬‬ ‫ا إلن�سان ا ّل��ذي��ن يلتقون معه لي ؤ� ّكد لغة‬
‫ودور الدّاعية عن الدّاعية أال ّول‪ ،‬ودور‬ ‫يحب الذين يختلفون معه‬ ‫التوا�صل‪ ،‬و أ�ن ّ‬
‫ا إلن�سان الذي يتح ّمل م�س ؤ�ول ّية ا إل�سالم‬ ‫لي ؤ� ّكد نقاط ال ّلقاء ويع ّمق لغة احلوار‪.‬‬
‫يف حياته‪...‬‬ ‫حفظ اإلسالم‬
‫علي(ع)‪ ،‬الذي كان �سماحة‬ ‫و أ�ن نظ ّل مع ّ‬ ‫بهدي ر�سول‬ ‫�لا ْ‬ ‫لقد عا�ش ال�سيد‪ ،‬ومت�� ُّث ً‬
‫ال�س ّيد يذوب ح ّب ًا عند احلديث عنه‪ ،‬لنّأ‬ ‫اهلل(���ص) ا ّل��ذي نعي�ش يف ذك��رى مبعثه‬
‫عل ّي ًا كان ـ كما قال ر�ضوان اهلل تعاىل عليه‬ ‫هم ال ّنا�س‪ ،‬انطالق ًا من دوره‬ ‫ال�شريف‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ـ فوق الع�صمة‪...‬‬ ‫�����ص��ور َة‬‫ك��م��رج ٍ��ع �إ���س�لام ّ��ي‪ ،‬جم��� ّ��س��د ًا ال ّ‬
‫و أ�ن نظ ّل مع الزّهراء(ع)‪ ،‬جدّته وقدوته‬ ‫القر�آني َة لعالمِ الدّين الر ّباين‪ ،‬م�ستهدياً‬
‫ال��ت��ي َو َج����دَ فيها �إ���ش��راق�� َة العقل و�س َّر‬ ‫ـ ب��ا���س��ت��م��رار ـ ق���ول اهلل يف ح��ن�� ِّو ر���س��ول‬
‫النب ّوة‪ ...‬فهي أ� ُّم أ�بيها‪ ..‬وقدو ُة ال ّرجال‬ ‫ي�ص َع َل ْي ُكم‬ ‫}ح ِر ٌ‬ ‫اهلل على أ�بناء أال ّم��ة‪َ :‬‬
‫كل‬ ‫ال�صابرة املحت�سبة َرغ��م ِّ‬ ‫وال ّن�ساء‪ّ ..‬‬ ‫وف َّر ِحي ٌم{(التّوبة‪.)128 :‬‬ ‫ِبالمْ ُ ْ ؤ� ِم ِن َني َر ُ ؤ� ٌ‬ ‫ال� ْ‬
‫�وف‬ ‫يقول اهلل تعاىل يف كتابه املجيد‪َ } :‬و َل َن ْب ُل َو َّن ُك ْم ِب َ�ش ْيءٍ ِّمنَ خْ َ‬
‫أ‬
‫اجلراح وا آلالم‪ ..‬و�إنّ �س َّرها يكمن يف � ّنها‬ ‫لقد أ�بقى لنا ال�س ّيد (ر�ضوان اهلل عليه)‬ ‫ال َو أ‬ ‫ْ�ص ِّمنَ َأ‬
‫ال�صا ِب ِرينَ *‬ ‫ات َو َب ِّ�ش ِر َّ‬
‫النفُ ِ�س َوال َّث َم َر ِ‬ ‫ال َم� َو ِ‬ ‫ال��و ِع َو َنق ٍ‬ ‫َو جْ ُ‬
‫الرابط املتني بني النب ّوة وا إلمامة‪ ،‬و أ�نها‬ ‫ُ‬ ‫و�ص ّيتَه أال�سا�س‪ ،‬وهي حفظ ا إل�سالم‪ ،‬فهو‬ ‫هّ‬
‫اجعونَ * أ�ُو َلـ ِئ َك‬‫ا َّل ِذينَ ِ�إ َذا أ� ََ�صا َب ْت ُهم ُّم ِ�صي َب ٌة َقا ُلو ْا ِ�إنَّا للِ ِ َو ِ�إنَّـا ِ�إ َل ْي ِه َر ِ‬
‫�صل ُة الو�صل بينهما‪ ،‬فهي زوجة أ� ّول �إمام‪،‬‬ ‫هب ُة اهلل لعباده‪ ،‬ورحم ٌة منه لهم‪ ،‬ي أ�مرهم‬
‫ات ِّمن َّر ِّبه ِْم َو َر ْح َم ٌة َو أ�ُو َلـ ِئ َك هُ ُم المْ ُ ْه َتدُ ونَ {(البقرة‪155 :‬ـ‬ ‫َع َل ْيه ِْم َ�ص َل َو ٌ‬
‫ون�سل زوجها‬ ‫و أ� ّم أالئ ّمة الباقني من ن�س ِلها ِ‬ ‫باملعروف وينهاهم عن املنكر‪ ،‬و ُي ِح ُّل لهم‬
‫اخت�صها‬ ‫ّ‬ ‫أ�م�ير امل ؤ�منني ع��ل ّ��ي(ع)‪ ..‬وقد‬ ‫بات ويح ّرم عليهم اخلبائث‪ ،‬وي�ضع‬ ‫الط ّي ِ‬ ‫‪.)157‬‬
‫اهلل بهذه امليزة والف�ضيلة‪ ،‬ألنها كانت‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫عنهم �إ���ص�� َره��م والغ��ل��ال ال��ت��ي كانت‬ ‫كان ال�س ّيد يف قلوبكم‪ ...‬وعزا ؤ�نا بارحتال‬ ‫آن للجسد الطاهر أن يرتاح‬
‫امل���ر أ�ة أالك��م��ل‪ ،‬وال�� ّن��م��وذج أالرف���ع طهر ًا‬ ‫عليهم‪ ،‬وهو ال ّنور الذي ي�ضيء لهم طريق‬ ‫ال�س ّيد الوالد‪ ،‬هو ح��رار ُة دموعكم أ� ّيها‬ ‫و أ�خري ًا‪ ...‬رقد هذا اجل�سد املثقل بالتّعب‬
‫وخ ُلق ًا‪..‬‬
‫وقد�س ًا وعباد ًة وزهد ًا ُ‬ ‫حياتهم‪ ،‬ويطلق لهم فيها احلرية والعدالة‬ ‫أالوفياء‪..‬‬ ‫والمل واملعاناة‪ ،‬فقد �آن له أ�ن يرتاح‪ ،‬ويف‬ ‫أ‬
‫وهكذا أ� ّكد �سماحته أ�ن نثبت على التزام‬ ‫والمن وال�سالم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الطاهرون‪ ،‬يا َم��نْ أ�ح ّبكم ال�س ّيد‪،‬‬ ‫أ� ّيها ّ‬ ‫املكان ا ّل��ذي أ�ح ّ��ب و أ�و�صى به‪ ،‬حمت�ضن ًا‬
‫نهج البق ّية م��ن أ�ئ�� ّم��ة أ�ه���ل ال��ب��ي��ت(ع)‬ ‫علينا جميعا �ن نكون كما ك��ان ال�س ّيد‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ال�شريف يف خدمتكم‪� ،‬آم ًال‬ ‫و أ�فنى عمره ّ‬ ‫امل�سجد بجوار قاعة جدّته الزّهراء(ع)‪،‬‬
‫الذين أ�ذهب اهلل عنهم ال ِّرج�س وط ّهرهم‬ ‫(ر�ضوان اهلل تعاىل عليه)‪ ،‬م ؤ�من ًا ب أ�نّ‬ ‫أ�ن نرتقي �إىل م�ستوى ال ِق ّمة يف ك�� ّل ما‬ ‫بني ك ّل الذين أ�ح ّبهم و أ�عطاهم من قلبه‬
‫تطهري ًا‪ ،‬فقيمتهم(ع) أ� ّنهم انطلقوا بعيد ًا‬ ‫ا إل�سالم ر�سال ٌة للحياة والكون وا إلن�سان‪،‬‬ ‫يرفع م�ستوانا يف احلياة‪...‬‬ ‫وعقله وحياته الكثري‪...‬‬
‫عن ذوات��ه��م‪ ،‬فعا�شوا ال ّر�سالة ك َّلها يف‬ ‫فقد أ�خ���رج ال�س ّيد ال�� ّدي��نَ م��ن �سجون‬ ‫ّ وفا ًء‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ال�س‬ ‫بادلتم‬ ‫أ� ّيها أالح ّبة‪ ،‬يا َم��نْ‬ ‫الطاهر الذي مل يعرف‬ ‫هد أ� هذا اجل�سد ّ‬
‫فكرهم و�إح�سا�سهم وحركتهم و�آمالهم‪،‬‬ ‫الطائف ّية واملذهب ّية والفئو ّية‪،‬‬ ‫الع�صب ّيات ّ‬ ‫ب���وف���اء‪ ...‬ح�� ّب�� ًا ب���ح ّ‬
‫���ب‪� ...‬إنّ َو ْق�� َف��ت��ك��م‬ ‫�سني عمره‬‫هدوء ًا‪ ،‬ومل يع�ش ال ّراحة منذ ّ‬
‫ال��ت��اري��خ�� ّي��ة يف ُم�����ص��اب��ن��ا‪ ،‬و�إنّ ح���رار َة‬ ‫أالوىل‪ ،‬وهو ا ّلذي كان يعترب أ�نّ الراح َة يف‬
‫حتى كان ك ُّل واحد منهم قر�آن ًا يتح ّرك‪،‬‬ ‫ال�سلب ّية على جممل‬ ‫حم ّذر ًا من ت أ�ثرياتها ّ‬
‫واق��ع أال ّم���ة‪ ،‬متزّق ًا وتفريق ًا وانق�سام ًا‪،‬‬ ‫دموعكم التي انهمرت حزن ًا على ال�س ّيد‬ ‫هذه املرحلة حرام‪.‬‬
‫ور�سال ًة ّ‬
‫تتج�سد‪.‬‬
‫وط��م��ع�� ًا ل��ل��ع��د ّو ب��خ�يرات��ه��ا وط��اق��ات��ه��ا‬ ‫الوالد هي عزا ؤ�نا‪ ...‬أ�نتم يف عيوننا‪ ،‬كما‬ ‫رح��ل ه��ذا اجل�سد وه��و يحمل يف ثناياه‬
‫�صالة اجلمعة م�شروع �إ�سالمي‬ ‫و�إمكاناتها‪.‬‬ ‫كنتم دائم ًا يف عيون ال�س ّيد‪.‬‬ ‫والطموحات الكبرية التي كان‬ ‫أالح�لام ّ‬
‫لقد أ�و�صانا �سماح ُة ال�س ّيد (ر�ضوان اهلل‬ ‫أ�رادن���ا ال�س ّيد أ�ن نعي�ش روح�� ّي�� َة القر�آن‬ ‫رحل �سماحة ال�سيد (ر�ضوان اهلل عليه)‪،‬‬ ‫يريد أ�ن يح ّققها لوال املر�ض الذي �نهكه‪،‬‬
‫أ‬
‫تعاىل عليه) يف �ساعاته أالخ�ي�رة‪ ،‬ب أ���نْ‬ ‫كما عا�شها يف ك ّل حياته وحركته‪ ،‬ف َع ِ�شقَ‬ ‫وقد أ�بقى لنا الكثري‪ ،‬أ�بقى لنا هذا ّ‬
‫احلب‬ ‫ولهذا أ�بقاها فوق �ضريحه‪ ،‬كما عبرّ يف‬
‫وله��ل بيته‪ ،‬وا ّلذي‬ ‫الدّافق هلل ولر�سوله أ‬ ‫ال�شعر نظمهما يف �آخر حلظات‬ ‫بيتني من ّ‬
‫يبقى امل�سجد عامر ًا بح�ضوركم‪ ،‬ألنّ اهلل‬ ‫ال���ق���ر�آنَ بقلبه وعقله وروح�����ه‪ ...‬ولقد‬
‫أ�راد ل�صالتنا أ�ن تكون فاعل ًة يف العقل‬ ‫خاطبنا على الدوام‪ ،‬ب أ�نّ علينا أ�ن نرت ّبى‬ ‫مت ّثل يف م�سريته �صال ًة وذك���ر ًا ودع��ا ًء‪،‬‬ ‫حياته‪:‬‬
‫والقلب واحل��رك��ة‪ ،‬م ؤ��� ّك��د ًا أ�نّ امل�سلمني‬ ‫بالقر�آن‪ ،‬ويف �ضوء هذا املنهج القومي‪،‬‬ ‫وم�س ؤ�ول ّي ًة وعم ًال وجهاد ًا‪.‬‬ ‫أ�نا َح ْ�سبي �إنْ َت َغ ّ�شاين الدّجى‬
‫ا ّل���ذي���ن ي��ب��ت��ع��دون ع��ن امل�����س��ج��د‪ ،‬يبقى‬ ‫لتكون مفاهي ُمه مفاهي َمنا‪ ،‬وحركتُه‬ ‫لقد اتّ�سع قلب �سماحة ال�س ّيد للجميع‪،‬‬ ‫ظالم ال ّل ِيل �آهاتُ جروحي‬
‫يف ِ‬
‫كلمات ال َن ْب َ�ض‬
‫ٍ‬ ‫ا إل�سالم عندهم جم�� ّرد‬ ‫حركتَنا يف احلياة‪...‬‬ ‫حتى ألولئك ا ّلذين �شهروا بوجهه �سيف‬ ‫فالتفاتـاتُ حيـاتي فكر ٌة‬
‫فيها وال روح‪...‬‬ ‫كما أ�و�صانا أ�ن يظل ر���س��ول اهلل(���ص)‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال��ع��داوة‪ ،‬وجاهروا بها‪ ،‬فدعا �إىل جعل‬ ‫فوق �ضريحي‬ ‫�سوف تبقى ُح ُلم ًا َ‬
‫وبك ّل كيانه ووجدانه وروحه‪ ،‬عا�ش ال�سيد‬
‫�سالمي‪ ،‬حمو ُره‬
‫ّ‬ ‫كم�شروع � إ‬
‫ٍ‬ ‫�صالة اجلمعة‬ ‫لقد اتّسع قلب سماحة السيّد للجميع‪ ،‬حتى ألولئك الّذين شهروا بوجهه‬ ‫احلب‬
‫القلب الّذي لم يعرف إال ّ‬
‫�سبوعي‪ ،‬تعزيز ًا للوحدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا االجتماع أال‬ ‫سيف العداوة‪ ،‬وجاهروا بها‪ ،‬فدعا إلى جعل لغة احملبّة لغة احلياة‪ ،‬حتى‬ ‫علي يا والدي‬ ‫من على منربك ـ وكم يع ّز ّ‬
‫ولقا ًء تربو ّي ًا للم�منني‪ ،‬وتر�سيخا لثقافة‬
‫ً‬ ‫ؤ‬ ‫تكون احلياة أرقى وأطه َر وأصفى وأبقى‪...‬‬ ‫أ�ن أ�خ��اط��ب حم ّبيك وق��د ارحت�� ْل��تَ عن‬
‫واالجتماعي‪...‬‬
‫ّ‬ ‫وال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫ّيني‬
‫الوعي الد ّ‬ ‫هذه الدّنيا ـ من على منربك ـ أ� ّيها ال�س ّيد‬
‫وب��ق َ��ي‪ ،‬وه��و يف أ�ق�����س��ى ح���االت مر�ضه‪،‬‬ ‫الوالد ـ أ�خاطب أ�ح ّباءك كما أ�حببت أ�ن‬
‫مواظب ًا على ح�ضور �صالة اجلمعة‪ ،‬وقد‬ ‫لقد أبقى لنا السيّد (رضوان الله عليه) وص ّيتَه األساس‪ ،‬وهي حفظ‬ ‫تخاطبهم دائم ًا‪:‬‬
‫�شاهدمتوه و�سمعتموه وهو يتحامل على‬ ‫اإلسالم‪ ،‬فهو هبةُ الله لعباده‪ ،‬وهو النّور الذي يضيء لهم طريق حياتهم‪،‬‬ ‫أ� ّي��ه��ا أالح��� ّب���ة‪ ...‬أ� ّي��ه��ا أالوف���ي���اء‪ ...‬أ� ّيها‬
‫نف�سه يف ذروة معاناته ال�صح ّية ينادي‪:‬‬ ‫ويطلق لهم فيها احلرية والعدالة واألمن والسالم‪.‬‬ ‫الط ّيبون‪ ..‬كنتم دائم ًا يف قلب ال�س ّيد كما‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫وال ّراحة وال َّدعة أ�مام التحدّيات‪...‬‬ ‫أ� ُّي��ه��ا أالح��� ّب���ة‪ ...‬اح��ف��ظ��وا دي�� َن��ك��م وال‬
‫��س�لام ك�� َّل ه ّمه‪...‬‬‫أ� ّي��ه��ا أالح�� ّب��ة‪ :‬ك��ان ا إل� ُ‬ ‫َت ْأ� ُخ ْذ ُكم يف اهلل لوم ُة الئم‪...‬‬
‫وكانت احلقيقة غايتَه‪ ...‬وكان ر�ضى اهلل‬
‫غاي َة ُمناه‪ ..‬و� إ ّننا نعاهد اهلل أ�نّ نحفظ‬ ‫العهد باحلفاظ على امل�سرية‬
‫ال ّركائز الثالث التي عمل على تر�سيخها‬ ‫ال�صعبة‪،‬‬ ‫� إ ّننا �إذ نفتقده يف هذه املرحلة ّ‬
‫ولطاملا حكمت م�سار عمله‪ ،‬وه��ي التي‬ ‫نعي�ش معنى أ�نّ ال�س ّيد كان بحجم أ� ّم ٍة‬
‫كان يردّدها على الدّوام‪« :‬العقل مفتوح‪،‬‬ ‫يف رج��ل‪ ...‬ونحن �إذا ك ّنا بف�ضل اهلل‬
‫والقلب مفتوح‪ ،‬والبيت مفتوح»‪ ...‬ولن‬ ‫بالمان‪،‬‬ ‫ورعايته قد �شعرنا يف وجوده أ‬
‫���واب ه��ذه ال ّركائز‪...‬‬ ‫تُغلق ب���إذن اهلل أ�ب ُ‬ ‫وع��م��ل��ن��ا ب��ت��وج��ي��ه��ات��ه و�إر����ش���ادات���ه يف‬
‫�سيبقى ن��و ُر ال�س ّيد و�صفا ُء روح��ه و َو ْه ُ��ج‬ ‫مواجهة الق�ضايا ال��ك�برى على كا ّفة‬
‫قلبه و�إ�شراق ُة وجهه‪� ...‬سيبقى ك ّل ذلك‬ ‫امل�����س��ت��وي��ات‪ ...‬ف���إ ّن��ن��ا‪ ،‬ورغ���م �شعورنا‬
‫حا�ضر ًا يف حياتنا‪..‬‬ ‫اجل�� َل��ل‪ ،‬نقول‪ �« :‬إ ّن��ا هلل‬ ‫احل��دَ ث َ‬‫ِب ِع َظم َ‬
‫و� إ ّن���ن���ا ن��ع��اه��دك��م أ� ّي���ه���ا أالح��� ّب���ة‪ ..‬أ� ّن��ن��ا‬ ‫و� إ ّن����ا �إل��ي��ه راج���ع���ون»‪ ،‬ون��ع��اه��دك أ�يها‬
‫�سن�ستم ّر‪ ،‬كما كان ال�س ّيد‪ ،‬حاملني لك ّل‬ ‫احلبيب‪ ،‬أ� ّننا �سن�صرب لنقوى ون�ستم ّر‪،‬‬
‫الق�ضايا الكربى يف عاملنا‪ ...‬ولك ّل �آالمكم‬ ‫ألنّ ا إلرث ا ّل��ذي اعت�صرت عمرك يف‬
‫و�آمالكم يف عيوننا والقلوب‪ ..‬و أ�نّ موكب‬ ‫�سبيل بنائه وتر�سيخه كبري وكبري ج ّد ًا‪،‬‬
‫خطه �سماحة ال�س ّيد لل ّر�سالة‬ ‫احلب ا ّلذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويحتاج �إىل ع��زم أالق���وي���اء‪ ،‬وتالحم‬
‫والدّين وا إلن�سان‪� ،‬سيبقى ّ‬ ‫الطائفيّة واملذهبيّة‬ ‫لقد أخرج السيّد الدّ ينَ من سجون العصبيّات ّ‬
‫خطنا ونهجنا‬ ‫اجل��ه��ود وت�ضافرها‪ ،‬ول��ن يكون ذلك‬
‫و�سريتنا‪ ،‬و�سنبقى أالوفياء لك ّل ما أ�و�صانا‬ ‫والفئويّة‪ ،‬محذّ ر ًا من تأثيراتها السّ لبيّة على مجمل واقع األمّ ة‪ ،‬متزّق ًا‬ ‫كل‬‫ِح ْم ًال على ف��رد‪ ،‬و�إمن��ا يحتاج �إىل ِّ‬
‫به‪ ..‬قو ًال وعم ًال و�سري َة حياة‪..‬‬ ‫وتفريق ًا وانقساماً‪ ،‬وطمع ًا للعدوّ بخيراتها وطاقاتها وإمكاناتها‪.‬‬ ‫طاقات الط ّيبني واخليرّ ين وال ّر�سال ّيني‬
‫وكل احلري�صني‬ ‫والحرار‪ِّ ،‬‬ ‫واملجاهدين أ‬
‫�إىل جنان اهلل‬ ‫ج�سد ال�س ِّيد(ر�ضوان اهلل عليه) بحركته‬ ‫َّ‬ ‫الظروف و أ��صعبها‪:‬‬ ‫املجاهدين يف أ�حلك ّ‬ ‫على �سالمة ا إلن�سان واملجتمع‪...‬‬
‫أ� ّيها ال�س ّيد‪ُ :‬ي ِل ُّح علينا القلب حت ّرق ًا و�شوقاً‬ ‫����ط‪ ...‬فامل ؤ� ّ�س�سات �ستبقى‬ ‫الفكر واخل ّ‬ ‫« أ� ّيها البدر ّيون ا ّلذين ي�ستمدّون الق ّوة من‬ ‫وه��ذا ما يح ِّملنا م�س ؤ�ول ّي ٍات كبري ًة يف‬
‫ال�سمح‪ ،‬ول�سما ِع �صوتك‬ ‫ل��ر ؤ�ي��ة وجهك ّ‬ ‫أ�م��ان�� َة اهلل يف أ�عناقنا جميع ًا حلفظها‬ ‫اهلل‪ ،‬وي�ستوحون روح ّية ال ّن�صر منه»‪...‬‬ ‫خطط له‬ ‫�إك��م��ال ما ب��د أ�ه ال�س ّيد‪ ،‬وم��ا ّ‬
‫حبيب‬‫العذب‪ ،‬ولتل ّم�س حن ّو يديك‪ ...‬يا َ‬ ‫وتطويرها‪ ،‬لكي تكون على الدّوام خادم ًة‬ ‫�س ّيدي‪� ،‬ستبقى ه��ذه الو�ص ّية يف حنايا‬ ‫حفظ ًا ل��ل��واق��ع ا إل���س�لام ّ��ي‪ ،‬معاهدين‬
‫الك ّل‪ ،‬يا أ� َب الك ّل‪ ..‬يا نو َر العيون يف ظلمة‬ ‫لك ّل َمنْ أُ�ن�شئت ألجلهم‪ ،‬و�ستبقى م�ستم ّر ًة‬ ‫تنب�ض باحلياة‪...‬‬‫�ضلوعنا ُ‬ ‫اهلل على �إك��م��ال م�سريته و�سريته يف‬
‫ال ّليل‪ ...‬يا �ش ّال َل ال ّنور ظ َّل متد ّفق ًا خري ًا‬ ‫ّوا�صل معكم يا أ�هلنا‪ ،‬يا‬ ‫ّفاعل والت ِ‬ ‫بالت ِ‬ ‫أ‬
‫وهكذا ال ميكن �ن نن�سى و�صاياه الدّائمة‬ ‫االلتزام بو�ص ّيته‪ ،‬وذلك باخلروج من‬
‫و�صالح ًا َو َو َرع ًا وتقوى‪...‬‬ ‫أ�ح ّبتنا‪ّ � ،‬يها الوف��ي��اء‪ ...‬و�سنبقي ب�إذن‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫برفع م�ستوى املجتمع‪ ،‬وهو ا ّلذي َعمِ َل على‬ ‫والح���ق���اد‪� ،‬إىل‬ ‫زن��زان��ات الع�صب ّيات أ‬
‫��ادي‬
‫يل واالج��ت��ه ّ‬ ‫�إىل م�����س��راك ال��� ّر����س���ا ّ‬ ‫اهلل على املنهج ح��ا���ض��ر ًا‪ ،‬كما ك��ان يف‬ ‫ذلك من خالل �إقامة امل ؤ� ّ�س�سات ال ّرعائ ّية‬ ‫رح��اب الوحدة بني امل�سلمني والوحدة‬
‫تتوج ُه العقول والقلوب‪...‬‬ ‫ين ّ‬ ‫وا إلن�سا ّ‬ ‫ال�شريفة‪ ،‬كذلك بعد رحيله �إىل‬ ‫حياته ّ‬ ‫واالجتماع ّية وال�ّت�رّ ب��و ّي��ة على أ�نواعها‪،‬‬ ‫ال��وط��ن�� ّي��ة‪ ،‬م��ل��ت��زم�ين ب��ه��ذه ال��و���ص�� ّي��ة‬
‫ع��زا ؤ�ن��ا � ّن���ك ب�ين ال ّنب ّيني وال�صدّيقني‬‫أ‬ ‫بدي يف جنان اخللد‪..‬‬ ‫حيث املق ُّر أال ُّ‬ ‫تهتم ب��� ؤ‬
‫��ش���ون أالي��ت��ام وال��ف��ق��راء‬ ‫وال��ت��ي ّ‬ ‫املقدّ�سة يف مواجهة ما ُيحاك لنا من‬
‫وح�سن أ�ولئك رفيق ًا‪..‬‬ ‫وال�شهداء ُ‬ ‫ّ‬ ‫أ� ّيها ا إلخوة‪ ،‬قد نختلف يف املرجع ّيات‪� ،‬وأ‬ ‫وامل�ست�ضعفني‪ ،‬وق��د حت ّملتم وحت ّملنا‬ ‫ف�تنٍ وم ؤ����ام���رات‪ ...‬وا�ضعني يف أ�وىل‬
‫لن نقول يا والدي �إال ما قاله جدّك ر�سول‬ ‫يف بع�ض أ��ساليب العمل وو�سائله‪ ،‬أ�و يف‬ ‫معه هذه امل�س ؤ�ول ّية التي نعاهده أ�ن نبقى‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫اهتماماتنا دع َ���م ك�� ّل م��وق��ع � إ‬
‫اهلل(����ص)‪« :‬تدمع العني ويحزن القلب‬ ‫تقييم بع�ض أالمور‪ ،‬أ�و يف أ��سلوب الدّعوة‬ ‫أ�وف��ي��اء لها‪ ..‬و�سنكمل مع ًا ب�إذنه تعاىل‬ ‫وطني يواجه اال�ستكبار‬ ‫ّ‬ ‫ين أ�و‬
‫أ�و �إن�سا ّ‬
‫و� إ ّنا واهلل على فراقك ملحزونون»‪.‬‬ ‫�إىل اهلل‪ ،‬أ�و يف ال ّنظر �إىل بع�ض امل�سائل‬ ‫ك ّل ما َع َقدَ ال�س ّيد عليه ا آلمال يف رعاية‬ ‫العاملي الذي يعمل على م�صادرة ح ّرية‬ ‫ّ‬
‫���س�� ّي��دي‪ :‬ك�� ُّل أالح�� ّب�� ِة ال��ذي��ن ذرف���وا على‬ ‫الفقه ّية وغريها‪ ..‬ولك ّننا ميكن أ�ن نتّفق‬ ‫كل ه ؤ�الء‪ ،‬وامل�ساهمة يف تخفيف �آالمهم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬
‫ال�شعوب امل�ست�ضعفة وكرامتها‪ ...‬و�ك ُرب‬ ‫ّ‬
‫وال�شوق واحلنني‪ ،‬يف‬ ‫احلب ّ‬ ‫غيابك دموع ّ‬ ‫ين‬‫�سالمي ا إلن�سا ّ‬
‫ّ‬ ‫على ك ّل هذا الفكر ا إل‬ ‫والعمل على حتقيق �آمالهم‪...‬‬ ‫مت�سكنا بالق�ضايا‬ ‫وف���اءٍ لل�س ّيد‪ ،‬ه��و ّ‬
‫ك ّل أ��صقاع العامل‪ ،‬حزن ًا على رحيلك‪ ،‬أ�ب ًا‪،‬‬ ‫��ض��اري ل�سماحة ال�س ّيد‪ ،‬يف �إب��ق��اء‬
‫احل��� ّ‬ ‫كل التحدّيات‬ ‫أال�سا�س ّية الكربى رغم ِّ‬
‫حنون ًا‪ ،‬عطوف ًا‪ ،‬حم ّب ًا‪ ،‬غيور ًا‪ ،‬مقاوم ًا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ا إل���س�لام نق ّيا �صافيا‪ ،‬قو ّيا يف �ساحات‬ ‫ّ‬
‫واخلط‬ ‫بقاء النّهج‬ ‫أ‬
‫واملع ّوقات‪ ،‬وتط ّهرنا من ك ّل �فكار الغل ّو‬
‫أ�ب��� ّي��� ًا‪ ،‬ورع���� ًا‪ ،‬ت��ق�� ّي�� ًا‪ ،‬فقيه ًا جم��ت��ه��د ًا‪..‬‬ ‫التحدّي التي يواجهها‪..‬‬ ‫أ� ّيها أالح ّبة‪� ...‬إذا غاب ع ّنا ال�س ّي ُد اجل�سد‪،‬‬ ‫والتّكفري واخل��راف��ة‪ ،‬لنحمل الت�ش ّيع‬
‫يعاهدونك جميع ًا على أ�ن نبقى على‬ ‫وهكذا ع ّلمنا أ�ن نكون حري�صني دائم ًا على‬ ‫حفظ‬
‫وواجب ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫واخلط‪،‬‬ ‫املنهج‬
‫فقد ترك لنا َ‬ ‫�شم�س يف ا إل�سالم ال ينطفئ‬ ‫ك�إ�شراقة ٍ‬
‫خطك ونهجك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ر�سالة اهلل‪ ،‬نعطيها من جهدنا وعرقنا‬ ‫والتزام �شريعته و أ�خالق ّياته‪..‬‬
‫َ‬ ‫�سالم‪،‬‬
‫ا إل ِ‬ ‫ال�ساعة‪..‬‬‫نو ُرها حتى قيام ّ‬
‫يا وال��دن��ا‪ ..‬يا وال��د الك ّل‪ ..‬أ� ّيها ال ّراحل‬ ‫ودمائنا و أ�موالنا‪ ،‬ألنّ اال�ستكبار َ�ش َه َر ك ّل‬ ‫لقد ع ّلمنا من خالل م�سريته املباركة‪،‬‬ ‫نعاهدك �س ّيدي أ�ن نظ ّل يف مواقع أال ّمة‪،‬‬
‫ال��ك��ب�ير‪ ،‬ك أ��� ّن��ك تخاطبنا م��ن عليائك‪:‬‬ ‫أ��سلحته يف وجوهنا‪ ،‬فال وقت لال�سرتخاء‬ ‫أ�نّ احلياة لي�ست قائم ًة على فرد‪ ،‬لذلك‬ ‫حيث فل�سطني الق�ض ّية‪ ،‬وحيث العراق‬
‫أُ�ح ّبكم جميع ًا و�س أ�ظ ّل أ�ح ّبكم هلل‪ ،‬أ�نتم‬ ‫اجل��ري��ح‪ ،‬و أ�ن نبقى م��ع امل��ق��اوم��ة‪...‬‬
‫أ�بنائي و أ�خ��وت��ي يف اهلل‪ ،‬و�إىل ال ّلقاء يف‬ ‫هذه املقاومة التي �سنعمل على حفظها‬
‫مليك مقتدر‪.‬‬ ‫مقعد �صدقٍ عند ٍ‬ ‫املؤسّ سات ستبقى أمانةَ الله في أعناقنا جميع ًا حلفظها وتطويرها‪ ،‬لكي‬ ‫ب أ�هداب العيون‪ ،‬وا ّلتي ما زالت كلماتك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ث ّبتنا اهلل و� إ ّياكم على خطه‪ ،‬خط ا إل�سالم‬ ‫تكون على الدّ وام خادمةً لكلّ مَ نْ أُنشئت ألجلهم‪ ،‬وستبقى مستم ّر ًة‬ ‫يف دعمها وت أ�ييدها ترتدّد أ��صدا ؤ�ها يف‬
‫��ط أ�ه���ل ال��ب��ي��ت(ع)‪ ،‬ف��ك��ر ًا ونهج ًا‬ ‫يف خ ّ‬ ‫بالتّفاعلِ والتّواصلِ معكم يا أهلنا‪ ،‬يا أحبّتنا‪ ،‬أيّها األوفياء‪...‬‬ ‫مواقع ال ّن�صر مع املجاهدين‪ ،‬و�ستكون‬
‫و�سلوك ًا‪ ...‬و� إ ّنا هلل و� إ ّنا �إليه راجعون‪.‬‬ ‫كتاب الع ّز ِة ا ّلذي نقر أ�ه ك ّل يوم‪...‬‬‫َ‬
‫التتمة �ص (‪)11‬‬ ‫أكب ُر وفا ٍء للسيّد‪ ،‬هو متسّ كنا بالقضايا األساسيّة الكبرى‪ ،‬وتطهّ رنا‬ ‫ال ي���زال ���ص��دى ���ص��وت��ك ـ ي��ا ���س�� ّي��دي ـ‬
‫من كلّ أفكار الغل ّو والتّكفير واخلرافة‪ ،‬لنحمل التشيّع كإشراقة‬ ‫ينت�شلنا من مواقع اخل��وف �إىل مواقع‬
‫العزّة‪ ،‬لن نن�سى حينما خاطبت أ�حباءك‬
‫شمس في اإلسالم ال ينطفئ نورُها حتى قيام السّ اعة‪..‬‬ ‫ٍ‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫فضلَ الله‬ ‫خطبة اجلمعة ال�ساحة الإ�سالميّة تفتقد ال�سيّد(ر�ض)‬
‫اخلطبة الثانية‬
‫قالوا رحلت ‪..‬‬ ‫ي���دخ���ل ل���ب���ن���ان وامل���ن���ط���ق���ة ال��ع��رب�� ّي��ة‬
‫قلت أشرقت شمس ًا على املال‬ ‫ُ‬ ‫وا إل�سالم ّية يف مرحل ٍة جديد ٍة بعد رحيل‬
‫�سماحة العالمة املرجع‪ ،‬ال�سيد حممد‬
‫قالوا أفلت ‪..‬‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬فقد طبعت املرحلة‬
‫قلت تألّقت جنم ًا في العلى‬ ‫ُ‬ ‫والعلمي‬
‫ّ‬ ‫��ادي‬
‫ال�سابقة بطابعه اجل��ه ّ‬
‫قالوا سكنت ‪..‬‬ ‫وال�سيا�سي وما �إىل‬
‫ّ‬ ‫والفقهي‬
‫ّ‬ ‫ّنويري‬
‫والت ّ‬
‫قلت خفقت علم ًا في املدى‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‪.‬‬
‫مل �سماحته ـ ر�ضوان اهلل تعاىل‬ ‫لقد أ‬
‫قالوا هدأت عن الكالم‬
‫ع��ل��ي��ه ـ امل��رح��ل��ة ال��ت��ي ع��ا���ش��ه��ا ع��ط��ا ًء‬
‫قلت صار صوتك أذان ًا في الورى‬ ‫ُ‬ ‫متوا�ص ًال ا�ستم ّر �إىل �آخر أ� ّي��ام حياته‪،‬‬
‫قالوا انكسر منك اليراع‬ ‫��ش���ون ال ّنا�س‪،‬‬ ‫حيث عمل على رعاية � ؤ‬
‫قلت صار مدادك نور ًا وهدى‬ ‫ُ‬ ‫وا إلجابة عن أ��سئلتهم‪ ،‬وال�س ؤ�ال عن حال‬
‫قالوا خال منك املسار‬ ‫واليتام‪ ،‬ومتابعة ق�ضايا العامل‬ ‫الفقراء أ‬
‫صرت رصاص ًا في صدر العدى‬ ‫َ‬ ‫قلت‬ ‫ُ‬ ‫العدوان ّية القادمة‪.‬‬ ‫لتف�سح ا إلدارة أالمريك ّية يف املجال‬ ‫�سالمي حتّى �آخر حلظ ٍة من حلظات‬ ‫ّ‬ ‫ا إل‬
‫لبنان‪ :‬مرحلة �صعبة يف غياب ال�سيد‬ ‫يو�سع دائرة‬ ‫وا�سع ًا لكيان العد ّو لكي ّ‬ ‫ح��ي��ات��ه‪ ،‬وك���ان ي��ح��اول االن��ت�����ص��ار على‬
‫قالوا لفّك ليل الغياب‬ ‫املر�ض‪ ،‬كما انت�صر على م�ش ّقة أال ّيام يف‬
‫أ� ّما يف لبنان‪ ،‬فعلينا أ�ن نكون على حذ ٍر‬ ‫ين‪ ،‬ألنّ هذه ا إلدارة‬ ‫زحفه اال�ستيطا ّ‬
‫قلت سكنت القلب فينا واحلشا‬ ‫ُ‬
‫�شديد حيال ما ت�سعى بع�ض ال ّدوائر‬ ‫ٍ‬ ‫حتتاج �إىل أ��صوات «اللوبي» اليهودي‬
‫ّ‬ ‫ك ّل رحلة حياته التي كانت رحلة عطاءٍ‬
‫قالوا طواك ريب املنون‬ ‫اال�ستكبار ّية حلياكته ب��ال�� ّت��ع��اون مع‬ ‫يف االنتخابات أالمريك ّية الن�صف ّية‬ ‫عنوانها املح ّبة‪ ،‬هذه املح ّبة التي عا�شها‬
‫قلت أبد ًا صرت شعاع ًا وسنا‬ ‫ُ‬ ‫كيان العد ّو وا�ستخباراته‪ ،‬وما الكالم‬ ‫القادمة‪ ،‬ولتدخل البق ّية الباقية من‬ ‫بني يدي اهلل‪ ،‬وفا�ضت بها نف�سه الزّك ّية‬
‫فكيف يرحل‬ ‫ين أالخ��ي�ر ح���ول �إم��ك��ان�� ّي��ة‬ ‫ال�����ص��ه��ي��و ّ‬ ‫أالرا����ض���ي الفل�سطين ّية امل��ح��ت�� ّل��ة يف‬ ‫الطاهرة ح ّب ًا لل ّنا�س‪ ،‬حتى ألولئك ا ّلذين‬ ‫ّ‬
‫تدهور أالو���ض��اع يف ّ‬ ‫دائ���رة التهويد ال���ذي ال ي�ترك أ�م��ام‬ ‫أ‬
‫مل يفهموه‪� ،‬و حاولوا ا إل�ساءة �إليه‪ ،‬ل ّنه‬ ‫أ‬
‫من شيّد للعقل صرح ًا ال يبيد‬ ‫ال�شهور القادمة‬ ‫كان ي�ستهدي ر�سول اهلل(�ص) أ‬
‫يف لبنان‪ ،‬بالتّزامن مع �صدور القرار‬ ‫الفل�سطين ّيني من خيا ٍر �إال املفا�ضلة‬ ‫والئ ّمة‬
‫وأطلق الفكر من أسر وقيود‬
‫الظ ّني من املحكمة ال ّدول ّية‪� ،‬إال متهيد‬ ‫بني ال ّذبح بال�سيف أ�و ا إلع���دام رمي ًا‬ ‫هم اغفر‬ ‫أالطهار‪ ،‬وكان ير ّدد دائم ًا‪ :‬ال ّل ّ‬
‫خط للعزم في طريق األسود‬ ‫ومن ّ‬ ‫لذلك‪ ،‬وتهيئ ٌة ألجواء الفتنة ا ّلتي ال ب ّد‬ ‫بال ّر�صا�ص‪...‬‬ ‫لقومي �إنهم ال يعلمون‪.‬‬
‫سطر للوعي في أسفار اخللود؟‬ ‫ومن ّ‬ ‫من أ�ن نت�ص ّدى لها ونعمل لو أ�دها يف‬ ‫� إ ّننا ندعو �شعوبنا‪ ،‬كما كان يدعوها‬ ‫ال�ساحة ا إل�سالم ّية ك ّلها‬ ‫لقد افتقدت ّ‬
‫وهل ينكسر قل ٌم‬ ‫مهدها‪...‬‬ ‫�سماحة ال�س ّيد (ر�ضوان اهلل عليه)‪،‬‬ ‫ل�سماحته‪ ،‬و�شعر اجلميع بحجم الفراغ‬
‫� إ ّننا نط ّل على مرحل ٍة جديد ٍة �صعب ٍة‪،‬‬ ‫وم���ن ع��ل��ى ه���ذا امل��ن�بر ب���ال��� ّذات‪� ،‬إىل‬ ‫يف غياب هذه ال�شخ�ص ّية التي حر�صت‬
‫صار مداد ًا لعصر جديد؟‬ ‫�سالمي وم�سرية‬ ‫على حماية الواقع ا إل‬
‫وع��ل��ي��ن��ا أ�ن ن�ستع ّد ل��ه��ا ع��ل��ى جميع‬ ‫الفل�سطيني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الوقوف �إىل جانب ّ‬
‫ال�شعب‬ ‫ّ‬
‫أم يخلو مضما ٌر‬ ‫وك�سر حلقة امل ؤ���ام��رة التي تقوم على‬ ‫الوحدة ا إل�سالم ّية التي ك��ان يعتربها‬
‫امل�ستويات‪ ،‬وخ�صو�ص ًا أ�ن��ه��ا مرحلة‬
‫نادى للقدس من خلف احلدود؟‬ ‫مع ّقدة تتل ّبد فيها الغيوم ال�سيا�س ّية‬ ‫�إع��ط��اء الفل�سطين ّيني الفتات مقابل‬ ‫خ��ي��ار ًا أ� ّو ًال و أ�خ��ي��ر ًا‪ ...‬و أ� ّن���ه ال جمال‬
‫أم هل يغيب من صار حلن ًا‬ ‫أ‬
‫والم����ن���� ّي����ة يف غ���ي���اب ال�����ش��خ�����ص�� ّي��ة‬ ‫توقيعهم على �شطب الق�ض ّية و�إنهائها‬ ‫للتّنازل عنه‪ ،‬ألنّ ال�� ّت��ن��ازل واالرت���داد‬
‫بالكامل‪.‬‬ ‫للعداء‪ ،‬وك�شفها‬ ‫عنه يعني رهن أال ّمة أ‬
‫يذيب الصخر واجلليد‬ ‫ا إل�سالم ّية ال ّرائدة التي كانت حتت�ضن‬
‫املقاومة وحتمي املقاومني وترعاهم‪،‬‬ ‫ؤ‬
‫وعلى �شعوبنا �ن تدرك حجم امل�امرة‬ ‫أ‬ ‫للخرين أ�م���ام زح��ف ال��ف�تن‪ ،‬وهجمة‬ ‫آ‬
‫أم ميوت من صار ضوء ًا‬ ‫الطغاة‪ ،‬ووح�شية االحتالل‪.‬‬
‫هم ا إل�سالم على م�ستوى العامل‬ ‫وتعي�ش ّ‬ ‫يف �سعي املحاور ال ّدول ّية �إىل حتريك‬
‫لكل تائهٍ أو شريد؟‬ ‫الفتنة يف الواقع ا إل���س�لام ّ��ي‪ ،‬وتعقيد‬ ‫الوقوف �إىل جانب الق�ضايا ا إل�سالم ّية ‬
‫ك ّله‪.‬‬
‫أبد ًا ‪ ..‬عزمك في دربنا حاضر‬ ‫� إ ّن��ن��ا يف ال��وق��ت ا ّل���ذي ن�شعر ب أ�هم ّية‬ ‫العالقات بني اجلمهور ّية ا إل�سالم ّية يف‬
‫وشراعك في بحرنا مسافر‬ ‫هذه العاطفة الكربى‪ ،‬وهذا التفاعل‬ ‫�إيران وال ّدول العرب ّية املجاورة حل�ساب‬ ‫�إنّ علينا أ�ن ن��ق��ف م��ع ك��� ّل ق�ضايانا‬
‫وربيعك فينا مشرقٌ وزاهر‬ ‫ين حيال �سماحته (ر�ضوان اهلل‬ ‫الوجدا ّ‬ ‫العد ّو‪ ،‬و�سعي اجلهات املع ّقدة إلغراق‬ ‫ال�شخ�ص ّية‬ ‫ع��ن��دم��ا نعي�ش أ�ف���ق ه���ذه ّ‬
‫تعاىل عليه) من اجلميع‪ ،‬ن�شعر بثقل‬ ‫أال ّم���ة يف الفنت املتح ّركة‪ ،‬من خالل‬ ‫ا إل�سالم ّية الكربى‪ ،‬ألنّ �سماحته ي�ستم ّر‬
‫وبدرك في سمانا ال يغادر‬ ‫لل�سالم ولق�ضايا‬
‫امل�س ؤ�ول ّية الواقعة على عاتق اجلميع‪،‬‬ ‫العمل ّيات ا إلجرام ّية هنا وهناك‪ ،‬كما‬ ‫حيث ي�ستم ّر العمل إ‬
‫ال يجهل ضياك طالب حق‬ ‫ح�صل ويح�صل يف ال��ع��راق‪ ،‬و إلراح��ة‬ ‫أ‬
‫أال ّم��ة‪ ،‬ولذلك ف���إنّ علينا �ن نقف �إىل‬
‫والتي ت�ستدعي حرك ًة دائ��ب�� ًة‪ ،‬وعم ًال‬
‫وال ينكر نداك إ ّال مكــابــر‬ ‫م�س ؤ�و ًال‪ ،‬وتخطيط ًا دقيق ًا على جميع‬ ‫هذا الكيان الغا�صب ا ّلذي يريد لهذا‬ ‫الفل�سطيني يف حمنته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال�شعب‬ ‫جانب ّ‬
‫يوسف نور الدين‬ ‫امل�ستويات‪.‬‬ ‫ال��و���ض��ع أ�ن مي�� ّه��د ال ّ��ط��ري��ق جل��والت��ه‬ ‫ويف التح ّديات الكربى التي تواجهه‪،‬‬
‫وخ�����ص��و���ص�� ًا يف ظ���� ّل ت�����ص��اع��د ح��� ّدة‬
‫الهجمة التي انك�شفت معاملها أ�خ�ير ًا‬
‫الشخصيّة‬
‫إنّ علينا أن نقف مع كلّ قضايانا عندما نعيش أفق هذه ّ‬ ‫�سرائيلي‪ ،‬الذي‬
‫ّ‬ ‫يف االتفاق أال ّ‬
‫مريكي ا إل‬
‫اإلسالميّة الكبرى‪ ،‬ألنّ سماحته يستم ّر حيث يستم ّر العمل لإلسالم‬ ‫تو�ضحت معامله يف ال ّلقاء أالخ�ير بني‬ ‫ّ‬
‫ولقضايا األمّ ة‪.‬‬ ‫رئي�س حكومة العد ّو وال ّرئي�س أال ّ‬
‫مريكي‪،‬‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬
‫المرجع الذي �أخذنا �إلى الغد‬
‫ال��ق��ائ��د‪ ،‬امل��ر���ش��د‪ ،‬امل�صلح االجتماعي‬ ‫اال�ستيطان وال�سكوت عن الظامل واملحتل‬
‫وامل�ستنري ب�إميانه ومنري الطريق أ�م��ام‬ ‫عم ًال بحكمة أ�ن العني ال تقاوم املخرز‪ ،‬أ�و‬
‫الراغبني يف اخلروج من التيه �إىل ميدان‬ ‫أ�ن كل �شيء �إمنا يتم ب�إرادته عز وجل‪...‬‬
‫للن�سان يف‬ ‫العمل من أ�ج��ل غد أ�ف�ضل إ‬ ‫وك أ�منا اال�ستيطان ا إل�سرائيلي يف أ�ر�ض‬ ‫طالل �سلمان‬
‫وطنه‪.‬‬ ‫ال�شعب الفل�سطيني وحتويله �إىل جماميع‬ ‫مل نتع ّود الكتابة عن املرجع ـ املنارة ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫بعد كل زي��ارة كنا نعود �ك�ثر ثباتا على‬ ‫م���ن ال�لاج��ئ�ين �إىل أ�وط������ان ا آلخ���ري���ن‬ ‫ب�صيغة «الغائب»‪ ،‬وهو الذي كان ح�ضوره امل�شع بنور الدين يعزز فينا‬
‫�إمي��ان��ن��ا ب��ع��روب��ت��ن��ا‪ ،‬ف��ه��ي ع��ن��ده راب��ط‬ ‫«فريــ�ضة» أ�و أ�نه قدر ال را ّد له‪� ،‬إال �إن �شــاء‬ ‫كرمه‬
‫الن�سان وحقه يف احلياة التي ّ‬‫املعرفة بدنيانا لتكون الئقة بكرامة إ‬
‫مقد�س‪ ،‬أ�ول��ه��ا حترير فل�سطني عنوان‬ ‫ال��ـ��ل��ه‪ ...‬وا إلحالـة‬ ‫بها اهلل‪.‬‬
‫حترير ا إلرادة العربية‪ ،‬ومعها العراق‬ ‫�إىل م�شيـئة اللـه‬ ‫ول�سوف يظل «ال�سيد» حا�ضر ًا يف يومياتنا‬
‫بعدما ورث االحتالل أالمريكي الطغيان‬ ‫للتخـديـر لـي�س �إال‪.‬‬ ‫باجتهاداته ال��ت��ي فتحت أ�ب���واب الدين‬
‫فيه وو�ضعه على حافة احل��رب أالهلية‬ ‫ولقد فهم املحتلون‬ ‫أ�م��ام أ�بناء احلياة ليعي�شوها متحررين‬
‫بالتمزقات التي اتخذت طابع ًا متعدد‬ ‫جميع ًا‪� ،‬إ�سرائيل‬ ‫من حكم احلاكم الظامل وع�سف املحتل‬
‫«الهويات»‪ :‬فهو طائفي يف جهة‪ ،‬مذهبي‬ ‫أ������س����ا�����س���� ًا‪ ،‬وم���ن‬ ‫ال��دخ��ي��ل‪ ،‬وامل��ت��اج��ر ب��ال��دي��ن بحب�سه يف‬
‫يف جهة ثانية‪ ،‬عن�صري يف جهة ثالثة‪،‬‬ ‫ب���ع���د ال�������س���اع���ون‬ ‫جمموعة من الطقو�س التي تختلط فيها‬
‫وهو يف كل احلاالت ال يخدم �إال االحتالل‬ ‫ل��ف��ر���ض الهيمنة‬
‫اخلرافة بالبدعة من أ�ج��ل احلجر على‬
‫ودعاة االنف�صال ولو بتمزيق العراق‪.‬‬ ‫أالمريكية‪ ،‬خطورة‬
‫العقل‪ ،‬وت�صوير االعرتا�ض على اخلط أ�‬
‫وكنا من نعود من لدنه أ�ك�ثر يقين ًا ب�نأ‬ ‫ال�����دور ال��ت��ن��وي��ري‬
‫وك أ�نه خروج على الن�ص املقد�س‪.‬‬
‫اجلهاد يف �سبيل حترير أالر�ض وا إلرادة‬ ‫ال����ق����ي����ادي ال����ذي‬
‫لقد قاد هذا النجفي املتحدّر من عيناتا‬
‫هو هو اجلهاد يف �سبيل اهلل‪ ،‬و أ�ن الدين‬ ‫يلعبه ال�سيد حممد‬
‫(على التخم مع فل�سطني) أل���س��رة من‬
‫من أ�جل ا إلن�سان ال من أ�جل ال�سلطان‪،‬‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫وم��ن هنا ت��ك�� ّررت‬ ‫العلماء‪ ،‬مع بع�ض رفاقه امل�ستنريين‪ ،‬ثورة‬
‫و أ�ن العقل نعمة من اهلل �سبحانه وتعاىل‬ ‫حقيقية يف قلعة الفقه ومركز املرجعية‬
‫وعلينا اح�ترام��ه واعتماده من أ�ج��ل أ�ن‬ ‫املحاوالت الغتياله‬
‫ول������و ب����ه����دم ح��ي‬ ‫هدفها أال�سا�سي رب��ط الدين باحلياة‪،‬‬
‫تكون لنا حياة أ�ف�ضل‪.‬‬ ‫وتي�سريه على امل ؤ�منني‪ ،‬وجعلوه يح ّر�ض‬
‫لقد جعل ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫كامل يف ال�ضاحية‬
‫ال����ن����وارة (ح����ارة‬ ‫على ك�سر النمطية والتقليد اجلامد‪،‬‬
‫«املرجعية» حا�ضرة يف حياتنا اليومية‪،‬‬ ‫بفهم كونه يح ّر�ض على رف�ض اخلنوع‬
‫ت ؤ�كد أ�ن ا إلن�سان هو أال�صل‪ ،‬و أ�ن الدين‬ ‫حريك) على ر ؤ�و�س‬
‫����س���ك���ان���ه رج������ا ًال‬ ‫واال�ست�سالم والتعامل مع احلاكم ـ مهما‬
‫دل��ي��ل��ه �إىل ح��ق��وق��ه ويف طليعتها حقه‬ ‫بلغ ظلمه ـ وك أ���ن��ه ظل اهلل على أالر���ض‬
‫ون�سا ًء و أ�طفا ًال‪.‬‬
‫باحلياة ال��ك��رمي��ة‪ ،‬وال��ت��ح��رر م��ن ك��ل ما‬ ‫واخلروج على طاعته هي الكفر عينه‪.‬‬
‫كذلك ف���إن الثورة‬
‫يهدر �إن�سانيته �سواء أ�كان حاكم ًا ظامل ًا أ�م‬ ‫ّمت حت��ري��ر ال��ن�����ص ال��دي��ن��ي م���ن بع�ض‬
‫ال��ت��ي ق��اده��ا ه��ذا‬
‫متحكم ًا جاه ًال أ�و م�ستعمر ًا دخي ًال‪ ،‬وكل‬ ‫وعرب معارك أ�ق�سى أ�عيد �إىل «اجلهاد»‬ ‫«ال�����ش��روح��ات» ال��ت��ي ك���ادت تقفل ب��اب‬
‫العالمِ ال��ذي خرج على النا�س بتف�سريه‬
‫أ�ولئك ي�سخر ا إلن�سان ـ والوطن ـ خلدمته‪،‬‬ ‫معناه أال���ص��ل��ي‪ ،‬ف����إذا مقاومة املحتل‪،‬‬ ‫عات‪ ،‬أ�و لتج ّنب‬
‫االجتهاد‪ ،‬مداراة حلاكم ٍ‬
‫ال�صحيح للدين وف��رو���ض��ه‪ ،‬ق��د أ�خافت‬
‫ب��ف��ر���ض اجل��م��ود ع��ل��ى ال��ع��ق��ل ب���إره��اب‬ ‫أ�ي حم��ت��ل‪ ،‬ف��ر���ض ع�ين‪ ،‬و�إذا مقاتلته‬ ‫ال�صدام مع غاز حمتل‪ ،‬أ�و بذريعة االمتناع‬
‫منه الذين يريدون �إبقاء التقليد تقليدي ًا‪،‬‬
‫ممالة لل�سلطان حملي ًا‬ ‫التحرمي والتكفري أ‬
‫فجاهروا باعرتا�ضهم أ�ن ت�ستقر مرجعية‬
‫واجب �شرعي‪ ،‬ي�ستوي يف ذلك االحتالل‬ ‫عن الت�س ّبب يف فتنة‪ ،‬يف حني أ�ن ال�صمت‬
‫أ�و حمت ًال أ�جنبي ًا‪.‬‬ ‫ج��دي��دة‪ ،‬أ�و بديلة أ�و م��وازي��ة للمرجعية‬ ‫ا إل�سرائيلي‪ ،‬أ�و االحتالل أالمريكي‪ ،‬أ�و أ�ي‬ ‫عن اخلط أ� هو الباب �إىل الفتنة‪ ..‬أ�ما‬
‫ع��زا ؤ�ن��ا‪ ،‬أ�ي��ه��ا «ال�سيد» يف نهجك‪ ،‬ويف‬ ‫القدمية‪ ،‬يف بئر العبد ـ ح��ارة حريك‪،‬‬ ‫احتالل �آخر ألي أ�ر�ض عربية و�إ�سالمية‪.‬‬ ‫«علماء ال�سلطان» فكانوا ال يتعبون من‬
‫م ؤ��س�ساتك الناجحة وهي تعمل يف خدمة‬ ‫خ�صو�ص ًا أ�نها خارج ال�سيطرة‪ ،‬ال ميكن‬ ‫وك��ي��ف مي��ك��ن الب���ن عيناتا ال���ذي �شهد‬ ‫ت�سخري الن�ص الديني‪ ،‬بح�سب تف�سريهم‬
‫ا إلن�سان‪ ،‬ويف تراثك الغني وقد تركت لنا‬ ‫�شراء �سكوتها أ�و �إخ�ضاعها‪ ،‬بعدما توجه‬ ‫م أ��ساة االحتالل ا إل�سرائيلي لفل�سطني‬ ‫امل��خ��ل‪ ،‬مبعناه أال���ص��ل��ي‪ ،‬لتربير الظلم‬
‫مكتبة عظيمة فيها �إىل جانب �شروحاتك‬ ‫نحوها امل ؤ���م��ن��ون الباحثون ع��ن مرجع‬ ‫وخروج أ�هلها �إىل �شتات اللجوء أ�ن ين�سى‬ ‫وك أ�نه قدر مفرو�ض ال جمال لتحديه أ�و‬
‫الع�صرية للدين وتعاليمه باال�ستناد �إىل‬ ‫�صالح‪ ،‬م�ستنري ومعا�صر‪ ،‬ي ؤ�من بالعلم‬ ‫أ�و يتنا�سى امل أ��ساة التي أ��سهمت يف �صياغة‬ ‫اخلروج منه‪.‬‬
‫العقل واملنطق م ؤ�لفاتك يف الثقافة وعلوم‬ ‫ويحرتم العقل ويح�ض على اجلهاد ويرف�ض‬ ‫وعيه باحلياة‪.‬‬ ‫أ‬
‫وعرب معارك قا�سية‪� ،‬عيد الن�ص الديني‪،‬‬
‫احلياة �إ�ضافة �إىل دواوينك التي جتعلك‬ ‫التنازل لل�سلطان‪.‬‬ ‫�صار ا إلمي���ان الزم��ة للتحرر والتحرير‪،‬‬ ‫بتف�سريه ال�صحيح‪� ،‬إىل خدمة ا إلن�سان يف‬
‫حتتل موقع ًا بارز ًا بني �شعراء ع�صرنا‪.‬‬ ‫ولقد كنا نق�صد «ال�سيـد» يف أ�يام ال�شدة‪،‬‬ ‫التحرر من اخلرافة والبدعة‪ ،‬وحترير‬ ‫يومه ويف غده‪ ،‬وعلى قاعدة أ�ن الدين ُي�سر‬
‫لقد أ�غنيتنا يف حياتك بحياتك‪ ،‬وبنتاجك‬ ‫وم��ا أ�ك�ثره��ا‪ ،‬لنثبت �إمي��ان��ن��ا با إلن�سان‬ ‫أالر����ض وا إلرادة م��ن أ�ي ق��اه��ر بالقوة‬ ‫ال ُع�سر‪ ،‬وكذلك على قاعدة أ�ن اهلل قد‬
‫الغني‪ ،‬ومبنهجك العقلي والع�صري يف‬ ‫وق��درات��ه‪ ،‬ولن�ستنري بحكمته‪ ،‬ولنتعلم‬ ‫أ�و ب��اخل��دي��ع��ة و���ش��ق ���ص��ف��وف امل ؤ���م��ن�ين‬ ‫أ�كرم ا إلن�سان ف أ�هداه النجدين‪ ،‬ف أُ��سقطت‬
‫فهم ال��دي��ن وت��وك��ي��د ارت��ب��اط��ه بالتقدم‬ ‫منه ال�صرب على ال�شدائد ومقاومة ما‬ ‫بتق�سيمهم مذاهب و�شيع ًا وعنا�صر‪ ،‬مما‬ ‫جمموعة م��ن الطقو�س وال��ع��ادات التي‬
‫ا إلن�ساين‪ ،‬وها أ�نت ترتك لنا ما تنتفع به‬ ‫ُي��راد فر�ضه علينا‪ .‬ولطاملا ق�صدناه يف‬ ‫مي ّكن للمحتل وي�شغل النا�س بخالفاتهم‬ ‫أ��سبغت عليها �صفة امل��ح�� ّرم��ات‪ ...‬ف���إذا‬
‫أالجيال القادمة‪ ،‬ثقافة وعلم ًا و�إميان ًا‪.‬‬ ‫زم��ن احل���رب أاله��ل��ي��ة م��ن أ�ج���ل حترير‬ ‫«الفقهية»‪ ،‬وكثري منها من �صنع قلة من‬ ‫با إلمكان ـ مث ًال ـ حتديد املوعد الدقيق‪،‬‬
‫فليباركك اهلل مرجع ًا ير�شدنا �إىل طريق‬ ‫«خم��ط��وف�ين» ال ذن��ب لهم �إال أ�ن��ه��م قد‬ ‫املع ّممني الذين يزهدون بالدنيا تاركني‬ ‫وبالثانية‪ ،‬لوالدة القمر وغيابه‪ ،‬وحتديد‬
‫التقدم ويعزز فينا �إح�سا�سنا بكرامتنا‬ ‫يفيدون يف «املقاي�ضة» مبخطوفني �آخرين‪،‬‬ ‫أالمر هلل‪ ،‬وبع�ضها الباقية من ابتداع قلة‬ ‫بداية ال�شهر الهجري‪ ،‬وبالتايل أ�ن يعرف‬
‫كب�شر وك أ������ص��ح��اب ق�ضية ت�ستحق أ�ن‬ ‫أ�و لل�ضغط على ه��ذه اجلهة أ�و تلك من‬ ‫أ�خ��رى ت أ�كل خبز ال�سلطان وتفتي ب أ�مره‬ ‫امل ؤ�منون يوم عيد الفطر املبارك فال يظل‬
‫جناهد من أ�جلها‪ ...‬و أ�نت القدوة اليوم‬ ‫أ�جل قرار ال يعرفون ماهيته ومن يطلبه‪.‬‬ ‫ولمره‪.‬‬ ‫أ‬ ‫�ضائع ًا عنهم أ�و �ضائعني عنه كل �سنة‪ ،‬مبا‬
‫وغد ًا ويف كل زمان‪.‬‬ ‫ك��ذل��ك فلقد كنا نق�صده طلب ًا لثقافة‬ ‫�صارت الثورة على الظلم والف�ساد الوجه‬ ‫ينذر بفتنة‪ ،‬بعدما تعدّد حم��دِّ دو موعد‬
‫(السفير)‬ ‫احل��ي��اة‪ ،‬وه��و ال�شاعر‪ ،‬الناثر‪ ،‬الفقيه‪،‬‬ ‫ا آلخ��ر للثورة على االحتالل ومن �ضمنه‬ ‫بدء ال�صيام وختامه ـ العيد‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫سيرة الراحل الكبير في سطور‪:‬‬
‫م�سيرة الجهاد ومرجعية الوعي والتجديد‬
‫آية الله العظمى السيد محمد حسني فضل الله‪ ،‬مالئ الدنيا و شاغل الناس‪ ،‬والذي‬
‫أفجع رحيله االمة االسالمية وكل دعاة االنسانية واحلوار والعدل‪ ،‬كما أفجع‬
‫كل مستضعفي االرض الذين كانت حياته جهادا مستمر ًا من أجلهم‪ ،‬مسيرة‬
‫حياته هي مسيرة رجل سار في درب االنبياء واملعصومني‪ ،‬ليلتحق بهم في‬
‫عليني‪ ،‬في مقعد صدق عند مليك مقتدر‪...‬‬
‫في ما يلي نبذة موجزة عن حياة مرجع االمة الراحل‪..‬‬

‫و أ�م�ضى مع أ��سرته ف�ترات طويلة يف‬ ‫النسب‪:‬‬


‫الدر�س والتدري�س‪� ،‬ضمن احلا�ضرة‬ ‫هو ال�سيد حم ّمد ح�سني ابن ال�سيد‬
‫العلمية أالبرز يف العامل �آنذاك‪.‬‬ ‫عبد الر ؤ�وف ابن جنيب الدين ابن‬
‫وقد كان كل أ�قرانه ي�شهدون له باملكانة‬ ‫لكي ُيطلعه على مدى الف�ضل الذي كان‬ ‫ال�سيد حميي ال��دي��ن اب��ن ال�سيد‬
‫العلمية والتح�صيل‪ ،‬حتى افتقدته‬ ‫يتمتع به �سماحته‪ ،‬ه��ذا أالم��ر الذي‬ ‫الدراسة العلمية ‪:‬‬
‫أ‬ ‫ن�صر اهلل ابن حممد بن ف�ضل اهلل‬
‫ال�ساحة ا إل�سالمية يف العراق عندما‬ ‫ترعرع ال�سيد ف�ضل اهلل يف �ح�ضان انعك�س فيما بعد ثقة كبرية من املرجع‬ ‫(وبه عرفت أال�سرة و�إليه ن�سبت)‬
‫ع���اد �إىل ل��ب��ن��ان يف ال����ع����ام‪1966‬م‪،‬‬ ‫احل���وزة العلمية ال��ك�برى يف النجف اخلوئي جتاه ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬فكانت‬ ‫اب��ن حممد ب��ن حممد ب��ن يو�سف‬
‫وهذا ما عبرّ عنه ال�سيد حممد باقر‬ ‫أال�شرف‪ ،‬وبد أ� درا�سته للعلوم الدينية وكالته املطلقة له يف أالمور التي تناط‬ ‫بن بدر الدين بن علي بن حممد‬
‫ال�صدر حني ق��ال‪« :‬ك��ل من خ��رج من‬ ‫يف ���س��نّ م��ب��ك��رة ج����د ًا‪ ..‬ف��ف��ي ح��وايل باملجتهد العامل‪.‬‬ ‫بن جعفر بن يو�سف بن حممد بن‬
‫النجف خ�سر النجف � إ ّال ال�سيد ف�ضل‬ ‫التا�سعة م��ن ع��م��ره‪ ،‬ب���د أ� بالدرا�سة وق���د أ�ث���ر ع��ن �سماحة ال�سيد ف�ضل‬ ‫احل�سن بن عي�سى بن فا�ضل بن‬
‫اهلل‪ ،‬فعندما خرج من النجف خ�سره‬ ‫على وال���ده‪ ،‬وت���د ّرج حتى ان��خ��رط يف اهلل أ�ن��ه كان من أالوائ��ل البارزين يف‬ ‫يحيى ب��ن ح��وب��ان ب��ن احل�سن بن‬
‫النجف»‪.‬‬ ‫درو�س اخلارج يف �سنّ ال�ساد�سة ع�شرة جل�سات امل��ذاك��رة‪ ،‬حتى ب��رز من بني‬ ‫ذي��اب بن عبد اهلل بن حممد بن‬
‫اهتم �سماحته بالدرا�سة الدينية‬ ‫وكما ّ‬ ‫تقريب ًا‪ ،‬فح�ضر على ك��ب��ار أ����س��ات��ذة أ�ق��ران��ه ممن ح�ضروا معه‪ّ ،‬‬
‫فتوجهت‬ ‫يحيى بن حممد بن داود بن ادري�س‬
‫اهتم بالن�شاط الثقايف يف‬ ‫احلوزوية‪ّ ،‬‬ ‫احلوزة �آنذاك‪ ،‬أ�مثال‪ :‬املرجع الديني �إليه �شرائح خمتلفة من طالب العلم‬ ‫بن داوود بن أ�حمد بن عبد اهلل‬
‫ً‬
‫النجف‪ ،‬فانتُخب ع�ضوا يف املجمع‬ ‫ال�سيد أ�بو القا�سم اخلوئي ‪ ،‬واملرجع يف النجف �آنذاك‪ ،‬فبد أ� عطاءه العلمي‬ ‫بن مو�سى بن عبد اهلل بن احل�سن‬
‫الثقايف ملنتدى الن�شر‪ ،‬وقد �شارك يف‬ ‫وال�صول‪.‬‬ ‫ال��دي��ن��ي ال�����س��ي��د حم�����س��ن احل��ك��ي��م ‪ ،‬أ��ستاذ ًا للفقه أ‬
‫املثنى اب��ن احل�سن ال�سبط ابن‬
‫احلفالت أالدب��ي��ة‪ ،‬وك��ان على اطالع‬ ‫وال�سيد حممود ال�شاهرودي‪ ،‬وال�شيخ العطاء العلمي‪:‬‬ ‫ا إلمام علي بن أ�بي طالب (عليهم‬
‫على الثقافة الع�صرية‪ ،‬فكان يقر أ�‬ ‫ح�سني احللي (ق ّدهم)‪ ،‬وح�ضر در�س ح�ضر عند �سماحته يف النجف الكثري‬ ‫ال�سالم)‬
‫املقاالت التي يكتبها أالدباء واملف ّكرون‬ ‫أال�سفار عند امل ّال �صدرا البادكوبي‪ .‬م���ن ط�ل�اب ال��ع��ل��م‪ ،‬م���ن اللبنانيني‬ ‫الوالدة والنشأة‪:‬‬
‫يف املجالت امل�صرية واللبنانية التي‬ ‫وق��د ك��ان �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل والعراقيني وال�����س��ور ّي�ين‪ّ ،‬‬
‫مم��ا ي�س ّمى‬ ‫ولد �سماحة العالمة املرجع ال�سيد‬
‫كانت ت�صل �إىل النجف �آنذاك‪ ،‬فكان‬ ‫من الطالب البارزين يف حت�صيلهم ب��امل��ق��دم��ات وح��ت��ى ال�����س��ط��وح‪ ،‬حتى‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل يف النجف‬
‫ي���ق���ر أ� – يف ���س��ن ال��ع��ا���ش��رة‪ -‬جملة‬ ‫العلمي يف تلك املرحلة‪ ،‬و ُيذكر يف هذا د ّر�س عدة دورات يف كتابي «املكا�سب»‬ ‫أال�شرف‪/‬العـراق يف‪�/19‬شعبان‪/‬‬
‫«امل�ص ّور» امل�صرية‪ ،‬وجملة «الر�سالة»‬ ‫املجال أ�ن ال�سيد ال�شهيد حممد باقر و»الر�سائل» لل�شيخ مرت�ضى أالن�صاري‪،‬‬ ‫‪1354‬ه��ـ‪ ،‬حيث كان والده �آية اهلل‬
‫ال��ت��ي ك��ان ي�صدرها ح�سن ال��ز ّي��ات‪،‬‬ ‫لللخوند‬‫ال�صدر (ره) قد أ�خذ تقريرات بحث وك��ت��اب «ك��ف��اي��ة أال����ص���ول» آ‬
‫ال�سيد عبد الر ؤ�وف ف�ضل اهلل قد‬
‫وجملة «الكاتب» التي كان ي�صدرها طه‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل �إىل ال�سيد اخلوئي اخلرا�ساين‪.‬‬ ‫هاجر �إليها لتل ّقي العلوم الدينية‪،‬‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪12‬‬
‫ح�سني‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫وه���ذا أالم����ر أ�وح����ى �إل��ي��ه‪ ،‬م��ع بع�ض‬
‫زمالئه‪ ،‬ومنهم ال�سيد حممد مهدي‬
‫احلكيم ‪ ،‬جنل املرجع ال�سيد حم�سن‬
‫خطية با�سم‬ ‫احلكيم ‪ ،‬ب�إ�صدار جملة ّ‬
‫«الدب»‪ .‬يقول العالمة املرجع ال�سيد‬ ‫أ‬
‫ف�ضل اهلل يف هذا املجال‪« :‬وكنا نحررها‬
‫يف �سن العا�شرة أ�و احلادية ع�شرة يف‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬وكنا نكتب عدد ًا كلما زاد‬
‫م�شرتك‪ ،‬وكنا نعي�ش هذا الهاج�س يف‬
‫أ�نف�سنا»‪.‬‬
‫وعندما أ����ص��درت جماعة العلماء يف‬
‫(ال���ض��واء)‬ ‫النجف أال���ش��رف جملة أ‬
‫����س���ن���ة‪1380‬ه���ـ‪ ،‬وه���ي جم��ل��ة ثقافية‬
‫�إ�سالمية ملتزمة‪ ،‬كان �سماحته أ�حد‬
‫امل�شرفني عليها م��ع ال�سيد ال�شهيد‬
‫حممد ب��اق��ر ال�صدر وال�شيخ حممد‬
‫مهدي �شم�س الدين‪ ..‬يقول �سماحته‪:‬‬
‫«ك��ان ال�سيد حممد باقر ال�صدر‪ ،‬يف‬
‫ال�سنة أالوىل منها‪ ،‬يكتب افتتاحيتها‬
‫وبا إل�ضافة �إىل كل ذلك‪ ،‬امتلك �سماحة‬ ‫ب��و���ص��ف��ه أال�����س����ا�����س ال��ت�����ش��ري��ع��ي‬ ‫وال�صولية املتنوعة‪.‬‬ ‫أالبواب الفقهية أ‬ ‫بعنوان «ر�سالتنا»‪ ،‬وكنت أ�ك��ت��ب أ�ن��ا‬
‫ال�سيد (قد�س �سره) اجل��ر أ�ة العلمية‬ ‫والد�ستوري أالول يف �س ّلم م�صادر‬ ‫وب��ا إل���ض��اف��ة �إىل در�����س اخل�����ارج يف‬ ‫االفتتاحية الثانية بعنوان «كلمتنا»‪،‬‬
‫على ط��رح نظر ّياته الفقهية عندما‬ ‫ال��ت�����ش��ري��ع‪ ،‬وق���د م�� ّك��ن��ه ذل���ك من‬ ‫بريوت‪� ،‬شرع �سماحته بتدري�س اخلارج‬ ‫وقد جمعت هذه االفتتاحيات يف كتابي‬
‫يتو�صل �إىل قناعة ثابتة بها‪ ،‬ور أ�ى‬ ‫الو�صول � إ ىل معطيات فقهية جديدة‬ ‫يف حوزة املرت�ضى يف دم�شق‪�/‬سوريا‪،‬‬ ‫«ق�ضايانا على �ضوء ا إل�سالم»‪.‬‬
‫أ� ّنه يف ظل و�ضوح الر ؤ�ية لدى الفقيه‪،‬‬ ‫مت ّثل فهم ًا قر�آني ًا أ��صي ًال‪.‬‬ ‫يف ي��وم��ي ال�����س��ب��ت أ‬
‫والح������د م���ن كل‬ ‫وعندما عاد �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل‬
‫�برر له يف االحتياط‪ ،‬ألن‬ ‫لي�س ث ّمة م ّ‬ ‫حم����اول����ة ت��خ��ل��ي�����ص ال���ف���ق���ه م��ن‬ ‫أ����س��ب��وع‪ ،‬يح�ضره العديد م��ن طالب‬ ‫�إىل لبنان يف ال��ع��ام‪1966‬م‪ ،‬على �إثر‬
‫أ‬
‫االحتياط ال ب ّد �ن يرتكز على درا�سة‬ ‫ال��ت��ع��ق��ي��دات ال��ت��ي أ�ف���رزه���ا ت أ��� ّث��ر‬ ‫العلم و أ��ساتذة احلوزة‪ ،‬من العراقيني‬ ‫وجهها �إليه جمموعة من امل ؤ�منني‬ ‫دعوة ّ‬
‫واقعية ل��ظ��روف املك ّلفني ال لظروف‬ ‫املمار�سة اال�ستنباطية والتنظري‬ ‫واخل��ل��ي��ج��ي�ين ب�����ش��ك��ل خ���ا����ص‪ ،‬ممن‬ ‫آ‬ ‫أ‬
‫الذين ��س�سوا جمعية ����س��رة الت�خي‬ ‫أ‬
‫امل��ج��ت��ه��د‪ ،‬ألن االح��ت��ي��اط��ات ال��ت��ي ال‬ ‫أال���ص��ويل بالفل�سفة التجريدية‪،‬‬ ‫هاجروا �إىل ال�شام و أ�ق��ام��وا يف جوار‬ ‫التي تهتم بالعمل الثقايف ا إل�سالمي‬
‫أ����س��ا���س علمي ًا ل��ه��ا‪ ،‬أ�وق��ع��ت املك ّلف‬ ‫ما أ�دى �إىل ت�شوي�ش الفهم العريف‬ ‫ال�سيدة زينب(ع) وقد د ّر�س �سماحته‬ ‫امل��ل��ت��زم‪ ،‬م��ن خ�لال �شعورهم مبدى‬
‫باحلرج وامل�ش ّقة يف كثري من املجاالت‬ ‫�����ص يف دالل��ت��ه‬ ‫يف ت��ع��ام��ل��ه م��ع ال��ن ّ‬ ‫يف أ�بواب خمتلفة من الفقه‪ ،‬وطبع من‬ ‫حاجة ال�ساحة ا إل�سالمية اللبنانية‬
‫االبتالئية‪ ،‬ولذا أ�فتى �سماحته بطهارة‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫ومعطياته‪ .‬ولي�س ذلك �إنكارا له ّمية‬ ‫تقريراته الع�شرات من الكتب‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫�إىل �سماحته‪ ،‬مل ينقطع عن العطاء‬
‫ك ّل �إن�سان‪ ،‬وبجواز تقليد غري أالعلم‪،‬‬ ‫أال�صول كما توهّ م الكثريون‪ ،‬و�إمنا‬ ‫كتاب «فقه ا إلجارة»‪ ،‬وفقه ال�شركة ‪ ،‬و‬ ‫العلمي‪ ،‬ف أ��س�س حوزة «املعهد ال�شرعي‬
‫وباعتماد علم الفلك أ‬
‫والر����ص���اد يف‬ ‫هو العمل على التوفيق بني النظرية‬ ‫«فقه احلج» و «فقه اجلهاد»‪..‬‬ ‫ا إل�سالمي»‪ ،‬و�ش ّكل بذلك نقطة البداية‬
‫�إثبات ال�شهور القمرية‪ ،‬وغري ذلك‪،‬‬ ‫والتطبيق التي خالف فيها كثري ًا من‬ ‫املنهج الفقهي األصولي ‪:‬‬ ‫لكثري من طالب العلوم الدينية‪ ،‬وقد‬
‫وقد قال بع�ض الف�ضالء وهو ي�شري �إىل‬ ‫الفقهاء ل�سبب و�آخر‪.‬‬ ‫مت ّيز �سماحة ال�س ّيد بتجربة فقهية‬ ‫ت��خ��رج ع��ل��ى ي��دي��ه ك��ث�ير م��ن العلماء‬
‫بع�ض الفتاوى ال�سابقة‪� ،‬إنه و�صل �إىل‬ ‫ال�شمولية يف الر ؤ�ية الفقهية‪ ،‬حيث‬ ‫و أ��صولية متم ّيزة جعلت منه جم�� ّدد ًا‬ ‫البارزين يف الو�سط اللبناين‪ ،‬وما يزال‬
‫نف�س النتائج‪ ،‬والفرق أ�ن «ال�س ّيد كان‬ ‫تتح ّرك العملية اال�ستنباطية لتجمع‬ ‫يف هذا العامل‪ ،‬متابع ًا مل�سرية ال�سلف‬ ‫املعهد قائم ًا حتى وقتنا الراهن‪.‬‬
‫أ�جر أ� م ّنا»‪..‬‬ ‫كل املفردات املرتابطة التي ت�ش ّكل‬ ‫ال�صالح من الفقهاء‪ ،‬ومم ّهد ًا الطريق‬ ‫�شرع �سماحته ب�إلقاء «درو�س اخلارج»‬
‫الشأن االجتماعي ‪:‬‬ ‫املنظور ا إل�سالمي املتكامل‪ ،‬خالف ًا‬ ‫نحو اجتهاد أ��صيل يف فهم الكتاب‬ ‫�لاب العلم‬ ‫وال���ص��ول على ط ّ‬ ‫يف الفقه أ‬
‫أ�وىل �سماحة ال�س ّيد اهتمام ًا بالغ ًا‬ ‫للمنهج التجزيئي ال��ذي يعمل على‬ ‫وال�س ّنة‪ ،‬وقد �ساعده على ذلك فهمه‬ ‫م��ن��ذ م��ا ي��زي��د ع��ن الع�شرين ع��ام�� ًا‪،‬‬
‫ب أ‬
‫��الي��ت��ام‪ ،‬كونهم مي�� ّث��ل��ون ال�شريحة‬ ‫تقطيع أ�و�صال أالحاديث التي تنتمي‬ ‫العميق للقر�آن الكرمي‪ ،‬انطالق ًا من‬ ‫ويح�ضر در�سه يف بريوت ما يزيد عن‬
‫ال�ضعيفة يف املجتمع‪ ،‬والتي حتتاج �إىل‬ ‫واد واحد‪.‬‬‫�إىل ٍ‬ ‫تف�سريه «م��ن وح��ي ال��ق��ر�آن»‪ ،‬وذوق��ه‬ ‫املائة طالب من اللبنانيني والعراقيني‬
‫الكفالة وال��رع��اي��ة‪ ،‬حتى ال ت�ضيع يف‬ ‫ال���ذوق الدب����ي ال��راق��ي‪ ،‬وال��ق��درة‬ ‫أ‬ ‫الرفيع يف اللغة العربية و�آدابها‪ ،‬والذي‬ ‫وغريهم‪ ،‬وقد در�س على يديه العديد‬
‫مهب العوا�صف االجتماعية‪ .‬وحتت�ضن‬ ‫ّ‬ ‫ال��ل��غ��وي��ة امل��ت��م�� ّي��زة ع��ن��د �سماحته‪،‬‬ ‫ُيعترب الركن أال�سا�س يف فهم ّ‬
‫الن�ص‪،‬‬ ‫م��ن أ�ه���ل ال��ع��ل��م وال��ف�����ض��ل و أ����س��ات��ذة‬
‫أ‬
‫اجلمع ّية حتى اليوم �ك�ثر من ‪3300‬‬ ‫أ�عطى ملمار�سته اال�ستنباطية عمق ًا‬ ‫وميكن لنا أ�ن نذكر ع ّدة مم ّيزات يف‬ ‫احلوزة‪ ،‬وقد �صدرت تقريرات لبع�ض‬
‫يتيم ويتيمة مو ّزعني على م ّ‬
‫رباتها‪.‬‬ ‫و أ��صالة و�صفا ًء من جهة‪ ،‬وو ّف��ر له‬ ‫هذا املجال‪:‬‬ ‫أ�بحاثه يف النكاح والر�ضاع والو�صية‬
‫دق و أ�عمق للن�صو�ص ال�شرعية‬ ‫فهم ًا أ� ّ‬ ‫آ‬ ‫ؤ‬
‫اعتماد �سماحته على الر�ية القر�نية‬ ‫واملواريث والق�ضاء‪ ،‬وغريها‪ ،‬با إل�ضافة‬
‫من جهة أ�خرى‪.‬‬ ‫ك أ������س��ا���س يف االج��ت��ه��اد واال�ستنباط‬ ‫�إىل مئات أ��شرطة الت�سجيل ال�صوتي يف‬

‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫تركيز أ�و تدقيق‪ .‬فالفتوى لها قواعدها‬ ‫دون ٍ‬
‫الفل�سفي‬
‫ّ‬ ‫الفقه ّية (العلم ّية)‪ ،‬ومنهجها‬
‫( أ�دوات احلفر والتّخاطب)‪ ،‬و�سياقها‬
‫غياب المرجع فضل الله‪ ...‬خسارة للعالم اإلسالميّ‬
‫ّمني (املا�ضي‪ ،‬احلا�ضر‪ ،‬امل�ستقبل)‬ ‫الز ّ‬
‫وال ّر ؤ�ية العقل ّية ا ّلتي تهند�س العمارة من‬ ‫ال���ق���درة ع��ل��ى ال��ت��ح�� ّم��ل‪ ،‬امل�����ض��اف��ة �إىل‬ ‫وليد نويهض‬
‫اخلا�ص‬ ‫ّ‬ ‫اخلا�ص‪ ،‬والعودة من‬ ‫ّ‬ ‫العا ّم �إىل‬ ‫��اط من‬ ‫ال�شجاعة واجل���ر أ�ة يف ك�سر أ�من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫سنوات حتى يدرك العالم اإلسالميّ مدى اخلسارة الّتي حلقت به بغياب‬‫ٌ‬ ‫ستمضي‬
‫�إىل ال��ع��ام‪ .‬وه���ذا ال�� ّن��وع م��ن االجتهاد‬ ‫ال�سلوك ّيات‪ ،‬املعطوفة على أالخذ بالعلوم‬ ‫املرجع الفقهيّ ‪ ،‬السيّد محمد حسني فضل الله (رحمه الله)‪ .‬فاخلسارة عميقة في‬
‫الفل�سفي‪ ،‬أ�عطى مرجع ّية ال�س ّيد‬ ‫الفقهي‬ ‫واالكت�شافات واالخ�تراع��ات املعا�صرة‪،‬‬ ‫الطائفيّة والتّجاذبات‬
‫حلظة تاريخيّة مت ّر بها أمّ ةٌ تعصف فيها رياح االنقسامات ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�شاملة‪،‬‬ ‫ف�ضل اهلل تلك اخل�صو�ص ّية ّ‬ ‫حتليل ت�ساعد‬ ‫�ش ّكلت يف جمموعها أ�دوات ٍ‬
‫والءات عصبيّةٍ هوجاء‬
‫ٍ‬ ‫املذهبيّة الضيّقة الّتي تفطر العقول والقلوب‪ ،‬وتوزّعها على‬
‫أل ّن��ه��ا جمعت ب�ين االخ��ت�لاف وال��وح��دة‪،‬‬ ‫على احل��ف��ر يف ال��وق��ائ��ع‪ ،‬واالج��ت��ه��اد يف‬
‫�ص‪ ،‬حتّى ت�ستطيع الفتوى أ�ن تر ّد على‬ ‫الصراط املستقيم‪.‬‬‫الصغائر بعيد ًا عن ّ‬
‫تعطل إمكانات الوحدة وتدفعها إلى ّ‬ ‫ّ‬
‫على قاعدة أ�نّ الوحدة ال االنق�سام هي‬ ‫ال ّن ّ‬
‫التحدّي وال�سئلة‪ .‬فالفتوى عند ال�س ّيد‬ ‫أ‬
‫أال�سا�س‪ .‬و�ساهمت هذه ال ّر ؤ�ية ال ّت أ��سي�س ّية‬
‫يف ت�شكيل خ�صو�ص ّي ٍة �شامل ٍة (توحيد ّية‬ ‫ال ّراحل‪ ،‬مل تكن نتاج تراكم املا�ضي‪ ،‬بل‬
‫عا ّمة)‪ ،‬جذبت �إليها االنتباه والتّقدير من‬ ‫دينامي يو ّلد ق ّوة طاق ٍة تتنا�سب‬ ‫ّ‬ ‫هي مزي ٌج‬
‫ك ّل القوى واملدار�س واملذاهب ا إل�سالم ّية‬ ‫مع وقائع الع�صر وجمرى التّاريخ ا ّلذي‬
‫على اختالف أ�نواعها و أ�لوانها‪.‬‬ ‫يتقدّم دائم ًا ويتط ّور من دون انقطاع‪.‬‬
‫جت�� ُّرد ال�س ّيد وت��ر ُّف��ع��ه‪ ،‬وع��دم اجن��راره‬ ‫بال�ضبط دور الفقيه الفيل�سوف‪،‬‬ ‫وهذا هو ّ‬
‫ال�شراذم واحللقات ال�ض ِّيقة و أ�هواء‬ ‫�إىل ّ‬ ‫و�إال ماذا يعني املرجع �إذا مل يكن عنده‬
‫وال�شجاعة واجل����ر أ�ة واالن��ت��ب��اه‬ ‫ال��ق��درة ّ‬
‫ال��ع��ا ّم��ة‪ ،‬جعله يحت ُّل مكان ًة خ ّ‬
‫��ا���ص�� ًة يف‬
‫م�ضطرب من كرثة فو�ضى‬ ‫ٍ‬ ‫�سالمي‬ ‫عا ٍمل � إ‬ ‫للمتغيرّ ات والتح ّوالت القريبة والبعيدة‬
‫ّ‬
‫أ‬
‫الفتاوى العابرة للقا ّرات‪� ،‬و املت�س ّلطة‬ ‫ع��ن��ه‪ ،‬ح��ت��ى ي�ستطيع أ�ن ي��ف��ت��ي وي��ق��ر أ�‬
‫ع��ل��ى م���واق���ع ا إلن�ت�رن���ت وال��ف�����ض��ائ�� ّي��ات‬ ‫امل�ستقبل بنا ًء على احلا�ضر‪ ،‬وت أ��سي�س ًا‬
‫امل��ذه��ب�� ّي��ة وا إلع��ل�ام ال ّ��ط��ائ��ف ّ��ي‪ .‬أ�عطت‬ ‫على املا�ضي‪.‬‬
‫ه��ذه ال ّنـزاهة ال ّ��ط��اه��رة ف��ت��اوى ال�س ّيد‬ ‫فتاوى ال�س ّيد ف�ضل اهلل الع�صر ّية‪� ،‬ستبقى‬ ‫وحني تكون الوحدة الكربى هي املو�ضوع‪،‬‬ ‫رحيل ال�س ِّيد ف�ضل اهلل يف هذا الف�ضاء‬
‫خا�ص ًة‪ ،‬جنحت يف اخرتاق‬ ‫جدل يف امل�ستقبل‪ ،‬ألنها �ش ّكلت ق ّو ًة‬ ‫مثار ٍ‬ ‫ال�صغرى �إىل أ�ج ٍ‬
‫��رام‬ ‫تتح ّول ال��وح��دات ّ‬ ‫املتل ِّبد بالتّ�شرذم‪ ،‬يعترب خ�سار ًة �شامل ًة‬
‫ق ّو ًة دينام ّي ًة ّ‬
‫خمتلف ال ّ��ط��وائ��ف وامل��ذاه��ب‪ ،‬م��ا جعله‬ ‫دينام ّي ًة ا�ستباق ّي ًة ا�ست�شرفت الكثري من‬ ‫تتح ّرك يف �إطار الفلك الكبري وحدوده‪.‬‬ ‫�سيكون لها انعكا�ساتها على خمتلف‬
‫مرجع عا ّم يعود �إليه‬ ‫أ�حيان ًا يتح ّول �إىل‬ ‫االح��ت��م��االت‪ ،‬يف ع��ا ٍمل يتغيرّ يوم ّي ًا‪ ،‬وال‬ ‫الفقهي‪� ،‬ساعد‬ ‫ّ‬ ‫الفل�سفي‬
‫ّ‬ ‫ه��ذا التّفكري‬ ‫أالف���رق���اء‪ ،‬ألنَّ فقه ال�س ّيد انطلق من‬
‫ٍ‬ ‫يعرتف �إال بوجود القوى احل ّية القادرة‬
‫اجلميع عند احلاجة‪ .‬و�سبب هذه ال ّثقة‪،‬‬ ‫ال�س ّيد على �إط�ل�اق ح��رك�� ٍة اج��ت��ه��اد ّي�� ٍة‬ ‫ال��وح��دة أ� ّو ًال‪ ،‬وم��ن ال��وح��دة ثاني ًا‪ ،‬ومن‬
‫يعود �إىل نزعة ال�س ّيد التوحيد ّية‪ ،‬وحر�صه‬ ‫الت ال ميكن الت�صدّي‬ ‫على خماطبة حت ّو ٍ‬ ‫بال�شجاعة واجل��ر أ�ة‪،‬‬ ‫جتديد ّي ٍة مت ّيزت ّ‬ ‫ّوحيدي‬‫ّ‬ ‫الوحدة ثالث ًا‪ .‬ورحيل الفقيه الت‬
‫ين مع‬ ‫لها �إال من خ�لال التّعامل العقال ّ‬ ‫أ‬
‫ما �ساهم يف توليد طاق ٍة دينام ّي ٍة �عطته‬ ‫يف فرت ٍة ترتفع يف خاللها نزعات تكفري ّية‬
‫على البحث عن احلقيقة‪ ،‬وع��دم ت��ردّده‬
‫تو�صل �إليها‪ ،‬حتى لو‬ ‫متط ّلباتها وت��داع��ي��ات��ه��ا‪ .‬ف��اخل��وف من‬ ‫قدر ًة على اخرتاق الكثري من املُ َ�س َّلمات‬ ‫و�إلغائ ّية وت�شطري ّية‪ ،‬تعترب �ضرب ًة لك ّل‬
‫يف ك�شفها يف حال ّ‬
‫غ�ضب جمهو ٍر ت أ� ّ�س�س على‬ ‫أ�دّت �إىل �إثارة ِ‬ ‫العلم‪ ،‬والته ّرب من ا�ستحقاقاته‪ ،‬ورف�ض‬ ‫تر�سخت يف أ�ذه��ان العا ّمة‪ ،‬بفعل‬ ‫ا ّلتي ّ‬ ‫منقطع‬
‫ٍ‬ ‫ت ّيا ٍر يقر أ� التّاريخ يف �سياقٍ غري‬
‫أ‬
‫ع�صب ّيات مغلقة‪ ،‬ومنظوم ٍة �يديولوج ّي ٍة‬ ‫ا�ستخدام أ�دوات��ه للتع ّرف �إىل احلقائق‬ ‫جيل �إىل �آخر‪.‬‬ ‫تكرار العادة وتوارثها من ٍ‬ ‫بني املا�ضي واحلا�ضر وامل�ستقبل‪ .‬فال�س ّيد‬
‫والبد ّية‪ ،‬ك ّلها �إرها�صات متخل ّية‬ ‫أالزل ّية أ‬ ‫االع�ت�راف باالختالف ال �إن��ك��اره‪� ،‬ش َّكل‬ ‫يف منظومته الفقه ّية الفل�سف ّية‪ ،‬تعا َنقَ‬
‫تق�سيم ّي ٍة طاردة للوحدة والعقل واملنطق‪.‬‬
‫�سالمي‪،‬‬ ‫�سنواتٌ كثري ٌة �ستم ُّر على العامل ا إل‬ ‫رف�����ض ال�����س�� ّي��د �إدخ��ال��ه��ا �إىل مدر�سته‬ ‫عند ال�س ّيد خ��ط��و ًة حا�سم ًة للبدء يف‬ ‫م��ع امل��ا���ض��ي ب��ر ؤ�ي�� ٍة ن��ق��د ّي�� ٍة‪ ،‬وت��ط�� ّل��ع �إىل‬
‫ّ‬
‫ح�� ّت��ى ي���درك م��دى عمق اخل�����س��ارة التي‬ ‫الفقه ّية الفل�سف ّية‪ .‬الفتوى نتاج زمانها‪،‬‬ ‫�إعادة قراءة التّاريخ‪ ،‬واحلفر يف رواياته‬ ‫���روح ا�ست�شراف ّية‪ ،‬م��ن دون‬ ‫امل�ستقبل ب ٍ‬
‫الفل�سفي‬ ‫الفقهي‬ ‫تك ّبدها برحيل املرجع‬ ‫وهي تتط ّلب قراء ًة ع�صر ّي ًة حتى ت�ستطيع‬ ‫��والت‬
‫وح��ك��اي��ات��ه‪ ،‬بق�صد ت�صحيح م��ق ٍ‬ ‫�ت�راث لتلك االع�ترا���ض��ات التي كانت‬ ‫اك ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ .‬فالفراغ الذي �سيخلفه‬ ‫ال�صمود‬ ‫احتواء الوقائع اجلارية‪ ،‬وبالتّايل ّ‬ ‫�صحتها‬ ‫منقول ٍة �شفه ّي ًا‪ ،‬وال دليل ي ؤ� ّكد ّ‬ ‫ال�شجاعة واجل��ري��ئ��ة من‬ ‫ت��واج��ه ف��ت��واه ّ‬
‫ال�س ّيد‪ ،‬ي�صعب تعبئة حاجاته ومتط ّلباته‬ ‫يف مواجهة املتغيرّ ات يف امل�ستقبل‪.‬‬ ‫يف امل��راج��ع امل��وث��وق��ة‪� .‬إع����ادة ت�صحيح‬ ‫آ‬
‫مواقع ت�سيطر عليها املخاوف النية من‬
‫ب��ال��� ّ��س��رع��ة وال��� ّ��س��ه��ول��ة امل���رج��� ّوة‪ ،‬وذل��ك‬ ‫ق�� ّوة ال�� ّراه��ن مل تكن تعني عند ال�س ّيد‬ ‫املنقوالت ال�شفه ّية‪� ،‬ش ّكل �صدم ًة ثقاف ّي ًة‬ ‫العا ّمة‪ ،‬أ�و أ��صحاب ال ّنوايا ال�س ّيئة والعقول‬
‫العتبارات كثري ٍة تتجاوز العلم واملعرفة‬ ‫ٍ‬ ‫جتاهل املا�ضي والته ّرب من اال�ستحقاقات‬ ‫و�شجع ال��ق��وى امل�ستفيدة‬ ‫ل��دى ال��ع��ا ّم��ة‪ّ ،‬‬ ‫ال�صغرية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫واالط�ل�اع واملتابعة واملثابرة واحلفر يف‬ ‫ّ‬ ‫ديناميكي‬
‫ّ‬ ‫يف امل�ستقبل‪ ،‬فال ّراهن نتاج‬ ‫من االنق�سام‪ ،‬على تنظيم حمل ٍة م�ضا ّد ٍة‬ ‫ر ؤ�ية ال�س ّيد ف�ضل اهلل الفقه ّية‪ ،‬فل�سف ّي ٌة يف‬
‫الن�ص‪ .‬فاخل�سارة‬ ‫مر ّكب من عوامل خمتلفة‪ ،‬بع�ضها طارئ‬ ‫حاولت ت�شويه �صورة ال�س ّيد انطالق ًا من‬ ‫ّوحيدي‪ ،‬ألنها ت أ� ّ�س�ست على‬ ‫ّ‬ ‫جوهرها الت‬
‫التّاريخ واالجتهاد يف ّ‬
‫أ�ك�بر‪ ،‬ألنها تتّ�صل بغياب � إن�سانٍ ٍ‬
‫فقيه‬ ‫وبع�ضها قابل للنم ّو والتقدّم‪ ،‬م�ضاف ًة �إىل‬ ‫�سيا�سة احل�شد أ�و جتيي�ش الع�صب ّيات‬ ‫وثم‬ ‫ّ ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫اخلا�ص‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫العام‬ ‫من‬ ‫ج‬ ‫قاعدة التد ّر‬
‫فيل�سوف‪ ،‬اتّ�صف بتج ّرده عن االنق�سامات‬ ‫ٍ‬ ‫عنا�صر خمتلطة من املواد املو�ضوع ّية وق ّوة‬ ‫ا ّل��ت��ي ت��ق��ر أ� ال�� ّزم��ن ب��ن��ا ًء على الفرقة ال‬ ‫اخلا�ص �إىل العام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العودة بها منطق ّي ًا من‬
‫واالختالفات‪ ،‬حر�صا على الوحدة‪ ،‬وعلى‬ ‫ً‬ ‫ا إلرادة والتّ�صميم واجل��ر أ�ة واال�ستعداد‬ ‫الوحدة‪.‬‬ ‫فال ّر ؤ�ية الفل�سف ّية كون ّية (وحدة الفق)‬
‫أ‬
‫خ�ضم فو�ضى ا�ضطراب‬ ‫عدم �ضياعها يف ّ‬ ‫للتّ�ضحية‪ ،‬وك�� ّل هذا يتط ّلب من املرجع‬ ‫بال�صمت‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ر َّد ال�س ّيد على احلملة الظاملة َّ‬ ‫وبعدها تبد أ� التف ّرعات عن أال�صل التي‬
‫والتع�صب املنغلق على التخ ّلف‬ ‫الع�صب ّيات‬ ‫الفقيه أ�ن يكون يف موقع امل�س ؤ�ول القادر‬ ‫وتر َّفع عن االجن��رار وراء تلك أالق�لام‬ ‫تعرتف بوجود االختالفات لكونها رحم ًة‬
‫ّ‬
‫الذهني‪ .‬فالوحدة عنده هي أال�سا�س‪،‬‬ ‫بغ�ض‬ ‫ال�صحيحة والعادلة‪ّ ،‬‬ ‫على ا إلجابة ّ‬ ‫امل�سمومة ا ّل��ت��ي ت��ط��اول��ت ع��ل��ى العلم‪،‬‬ ‫لل ّنا�س‪ ،‬ال ���س�لاح�� ًا ي�ستخدم لالقتتال‬
‫ّ‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫وغ��ي��اب ال���س��ا���س ال���ذي م��ن �ج��ل��ه كان‬ ‫أ‬ ‫ال ّنظر عن ر ّد الفعل ومدى اال�ستجابة من‬ ‫��ات ال قيمة‬ ‫اع��ت��م��اد ًا على ت��ك��رار خ��راف ٍ‬ ‫والفرقة والفتنة وحتقيق أ�غرا�ض �آن ّية‪.‬‬
‫الق�صد من الدّعوة وال ّر�سالة‪ ،‬ي�ش ّكل‪ ،‬يف‬ ‫العا ّمة و أ��صحاب ال ّر ؤ�و�س احلامية‪.‬‬ ‫راهنة لها �سوى حفر القبور‪ ،‬ومتزيق‬ ‫الوحدة ال تعني عند ال�س ّيد ال ّراحل جتاه ًال‬
‫ر أ�يه‪ ،‬كارث ًة على ا إل�سالم‪.‬‬ ‫الفتوى علم‪ ،‬ولي�ست كالم ًا يعتمد على‬ ‫اجل�سد‪ ،‬والعبث باجلروح‪ ،‬بغية الك�سب‬ ‫لالختالف‪ ،‬و�إمن���ا ه��ي أ��سا�س التّفكري‬
‫ا إلن�شاء‪ ،‬أ�و بالغة البيان‪ ،‬أ�و فو�ضى يف‬ ‫ال�سيا�سي امل ؤ� ّقت على ح�ساب احلقائق‬ ‫ّ‬ ‫بو�صفها ت�ش ّكل نقطة البدء املركز ّية التي‬
‫( الو�سط البحرين ّية )‬ ‫أالفكار الف�ضفا�ضة ا ّلتي تقول ك ّل �شيءٍ من‬ ‫التّاريخ ّية ووحدة أال ّمة‪.‬‬ ‫منها ميكن االنطالق ملعاجلة االنق�سام‪.‬‬

‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪14‬‬
‫احلا�ضر‪ ..‬وامل�شهد امل�ستقبل‪ ..‬وليقدِّ م لهم‬ ‫�شحذت ِهم َمهم‪ ..‬و َق ّوت عزائ َمهم‪..‬‬ ‫ح�سينية َ‬
‫الن�صح من موقع امل�سئولية‪ ..‬وبالروح أالبوية‬
‫التي تريد للجميع أ�ن يدركوا أ�ن ال�سيا�سة‬
‫تعني �إقامة العدل‪ ..‬وامل��وازي��نَ الق�سط بني‬
‫( أ�ي���ه���ا ال���ب���در ّي���ون)‪ ..‬ه��ك��ذا خ��اط��ب��ه��م‪..‬‬
‫( أ�يها البدريون‪ ..‬أ�يها املجاهدون يف خي َرب‬
‫اجلديدة‪ ،‬الذين حملوا الراية فكانوا ممن‬
‫ذلك فضلُ الله‬
‫يوظفوا‬ ‫ال��ن��ا���س‪ ..‬وال��ت��ي ت��ري��د للجميع أ�ن ّ‬ ‫أ�حبوا اهلل ور�سو َله‪ ،‬الذين ِيك ُّرون وال ي ِف ُّرون‪..‬‬ ‫الشيخ علي حسن غلوم‬
‫مواقعهم والعناوين التي يحملونها لرفع‬ ‫�إنّ جهادكم �سوف ي�صنع للعرب وامل�سلمني‬ ‫رياضها ميأل األنفاس‪..‬‬
‫تلف املكان‪ ..‬وعِ ط ٌر من أريج ِ‬ ‫نفحات من رَوْ حِ اجلِ نان ُّ‬
‫ٌ‬
‫الظالمات عن املحرومني‪ ..‬وت أ�م ِني احلياة‬ ‫امل�ستقبل اجلديد)‪ ..‬فكان من‬ ‫َ‬ ‫وامل�ست�ضعفني‬ ‫َسات غيبية تتهادى في األرجاء‪..‬‬ ‫حيث امتد‪ ..‬وهم ٌ‬ ‫وخشوعٌ قدسي يُلقي بظاللِه ُ‬
‫الكرمية للنا�س‪..‬‬ ‫�آخر كلماته أ�ن قال‪( :‬لن أ�رتاح قبل أ�ن ت�سقط‬ ‫القلوب إلى حيث يرقد ذلك‬ ‫َ‬ ‫وفي ركنٍ من احلُجرة البيضاء نو ٌر يتألأل‪ ..‬ويشدُّ‬
‫�صاحب‬ ‫َ‬ ‫ن�سان)‪..‬‬ ‫ل‬
‫ُ إ‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫املرج‬ ‫وكان (ال�سي ُد‬ ‫�إ�سرائيل)‪..‬‬ ‫اجلبلُ األشم‪ ..‬وهو يشق بعليائه عِ نانَ السماء‪ ..‬شموخٌ لم يعرف معنى االنحناء‬
‫املنفتح‬
‫ِ‬ ‫الدائم مع اجلميع‪ ..‬واحلوار‬ ‫ِ‬ ‫التوا�صل‬
‫ِ‬ ‫يوم جتد فيه الوحدةُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫رو ٌح مازالت ت� َمـل يف ٍ‬
‫على الكل‪� ..‬إذ مل مت ِّثل االنتماءاتُ املتباين ُة‬ ‫ب�ين امل�سلمني ـ على اخ��ت�لاف مذاهبهم ـ‬ ‫إال حني يختلي بخالقه‪ ..‬وع ٌّز لم يعرف الهوانَ إال في سجود الصالة‪ ..‬وسم ٌّو لم‬
‫عائق عن االنفتاح‬ ‫بالن�سبة �إليه أ� َّي ُعقد ٍة أ�و ٍ‬ ‫ح�سب‬‫طريق ًا �سالك ًة‪ ..‬ومورد ًا مع َّبد ًا‪ ..‬ألنها ـ َ‬ ‫يعرف دموع التذلل إال في حروف الدعاء‪ ..‬وتراتيل السَّ َـحر‪..‬‬
‫ع��ل��ى ا آلخ�����ر‪ ..‬ب��ل ك���ان ه��و امل��ب��ادر ل��دع��وة‬ ‫(ال�سيد) ـ امل�س أ�ل ُة التي تتقدم على ما عداها‬ ‫الطو ِر ال�شامخ رو ٌح ت ُِطـ ّل على‬ ‫وفوق ذلك ُّ‬
‫اجلميع �إليه بكل حم َّبة و أ�ريح َّية‪ ..‬لي�ستمعوا‬ ‫ولن ال ُفرق َة ال تخدم �إال العد َّو‬ ‫من أ�ولويات‪ ..‬أ‬ ‫أ�ح��ب��ا ِب��ه��ا وه��م ُيفي�ضون م�شاع َر ال�� ِف��راق‬
‫خطاب‬ ‫ِ‬ ‫خطاب القر�آن‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫خطاب العقل‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫�إىل‬ ‫ولن ا إل�ساء َة �إىل م�سار الوحدة‬ ‫امل�شرتك‪ ..‬أ‬ ‫امل�ستحيل على (ال�سيد) الذي طاملا احت�ضنهم‬
‫ا إل�سالم‪ ..‬وليحاوروه فيما �شاءوا‪ ..‬فلي�س يف‬ ‫نف�سه‪ ..‬وعلى‬ ‫��س�لام ِ‬ ‫مت�� ِّث ُ��ل �إ���س��اء ًة �إىل ا إل� ِ‬ ‫بقلبه الكب ِري الكبري‪ ..‬فلم ي�شعروا معه ب ُغرب ٍة‬
‫ال�س ؤ�ال �شئ حمرم‪ ..‬ولي�س يف املعرفة �شئ‬ ‫امل�سلمني أ�ن يعملوا من أ�جل القيام مب�شاري َع‬ ‫قد ت أ�تي بها هذه اللحظات املوح�شة‪..‬‬
‫تافه‪..‬‬ ‫وحدوية حقيقية‪ ..‬فكر ًا و�سيا�س ًة واقت�صاد ًا‬ ‫أ‬
‫رو ٌح مازالت تُفي�ض عليهم دف َء الب�� ّوة‪..‬‬
‫ع�شق‬ ‫رو ٌح ما زالت ت�شتاق �إىل القلم الذي ِ‬ ‫واجتماع ًا‪..‬‬ ‫��ان بقدر‬ ‫و�سكين َة ال َّنف�س‪ ..‬وطم أ�نين َة ا إلمي ِ‬
‫أ�نامل (ال�سيد) ال��ذي أ�عطى للكلمة عمق ًا‬ ‫رو ٌح ما زالت تفتح للعط�شى مناهل العلم‬ ‫اهلل‪ ..‬وع��ذوب�� َة الكلمات احلانية ال��ت��ي ما‬
‫يف املعنى‪ ..‬وام��ت��داد ًا يف احل��ي��اة‪ ..‬وحرك ًة‬ ‫والدب اجلم‪ ..‬من‬ ‫الغزير‪ ..‬والفكر النيرِّ ‪ ..‬أ‬ ‫انفك يكررها‪� :‬إين أ�حبكم‪ ..‬يف اهلل‪ ..‬ويف‬ ‫ّ‬
‫القلم الذي مل يهد أ�‪ ..‬حتى حني‬ ‫يف الواقع‪ُ ..‬‬ ‫أ��صال ِة ا إل�سالم‪ ..‬وحركة العقل‪ ..‬وفيو�ضات‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ا إل�سالم‪� ..‬نتم �هلي‪ ..‬و�نتم �حبتي‪ ..‬رو ٌح‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫خط أ��سفا َر‬ ‫را�ش املر�ض‪ ..‬قل ٌم ّ‬ ‫احت�ضنه ِف ُ‬ ‫الوجدان ا إلن�ساين‪ ..‬يف عم ِقها القر�آين‪..‬‬ ‫أ�ح��ب��ت ا إلن�����س��ان ال��ذي يختلف معها‪ ..‬كما‬
‫(ال�����س��ي��د)‪ :‬م��ن وح���ي ال���ق���ر�آن‪ ..‬وع��رف��انُ‬ ‫ومنهجها ال��ن��ب��وي‪ ..‬وب�لاغ�� ِت��ه��ا ال��ع��ل��و ّي��ة‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫أ�حبت ا إلن�سان ال��ذي يتفق معها‪ ..‬ألنكم ـ‬
‫ال��ق��ر�آن‪ ..‬واحل���وا ُر يف ال��ق��ر�آن‪ ..‬وخ��ط��واتٌ‬ ‫وواقعي ِتها املتجددة‪..‬‬ ‫هكذا كان ي ؤ�كد ـ ال متلكون أ�ن تدخلوا قلوب‬
‫��اق ال��روح‪ ..‬وفقه‬ ‫على طريق ا إل�سالم‪ ..‬و�آف ُ‬ ‫فقد كان (ال�سي ُد املرج ُع الفقيه)‪ ..‬الذي‬ ‫واملحتاجني‪ ..‬وهم يفدون على �صاحب القلب‬
‫أ‬ ‫همومهم‪ ..‬وي�شكوا �إليه‬ ‫َ‬ ‫الكبري ليب ّثوا �إليه‬ ‫ا آلخرين �إال �إذا فتحتم قلو َبكم لهم‪..‬‬
‫ال�شريعة‪ ..‬وفق ُه احلياة‪ ..‬وت�مالتٌ �إ�سالمي ٌة‬ ‫مل ي َر املرجعي َة ُعنوان ًا ي�ضا ُّد حركتَه بني النا�س‬ ‫مت�سح ب أ�ناملها على ر ؤ�و�س‬ ‫ُ‬ ‫رو ٌح ما زالت‬
‫ح���ول امل�����ر أ�ة‪ ..‬ودن��ي��ا ال�����ش��ب��اب‪ ..‬واحل����وا ُر‬ ‫يعرقل م�سري َة العطاء‬ ‫ُ‬ ‫ليعز َله عنهم‪ ..‬أ�و‬ ‫�صنيع َة ال��زم��ان‪ ..‬فقد كانوا ي ؤ�منون أ�نهم‬
‫ويلملم‬ ‫قرب �إىل قلبه‪ ..‬في�سب َقهم بر أ�فته‪..‬‬ ‫أال ُ‬ ‫ومت�ل�� ف���را َغ‬‫أ‬ ‫��ب�رات اخل��ي�ر‪..‬‬ ‫أالي���ت���ام يف م ّ‬
‫ا إل�سالمي امل�سيحي‪ ..‬وحرك ُة أالنبياء‪ٌّ ..‬‬
‫وعلي‬ ‫العلمي وال��روح��ي يف ا آلف���اق ال��رح��ب��ة‪ ..‬أ�و‬ ‫ُ‬
‫��وت‬‫ن��ظ��را ِت��ه��م ب��ع��ط��اءٍ جت���اوز م��ا ف��ق��دوه مب ِ‬
‫ميزان احلق‪ ..‬والزهرا ُء القدوة‪ ..‬ومن وحي‬ ‫ي ؤ� ّط ُره يف �إطا ٍر فقهي حمدود‪ ..‬أ�و يح ِّر ُم عليه‬ ‫حطمه ِعـ َو ُز احلاجة‪..‬‬ ‫لهم كربياءهم الذي َّ‬
‫ونظ َر زه��ر َة حيا ِتهم التي و�شكت‬ ‫ا آلب���اء‪َّ ..‬‬
‫عا�شوراء‪ ..‬ويف رحاب أ�هل البيت‪ ..‬وال�سل�سلة‬ ‫تعاطي ال�سيا�س َة يف عناوينها الكربى‪ ..‬أ�و‬ ‫�سالح املقاومني‪..‬‬ ‫رو ٌح ما زالت تتطلع �إىل ِ‬ ‫فر�سم على‬ ‫على أ�ن تذ ُب َـل يف زحمة أال َثرة‪..‬‬
‫َ‬
‫ت��ط��ول وت���ط���ول‪ ..‬ل��ت��ق��دم للب�شرية ر�سائل‬ ‫يح�ص ُره فيما قدّمه املا�ضون وفق ما فر�ضته‬ ‫و أ�زي ِ‬
‫�����ز ر���ص��ا���ص��ا ِت��ه��م وه���ي مت����ز ُّق ���ص��دو َر‬ ‫مل يف احلياة‪ ..‬والتط ّل َع‬ ‫�شفاههم ابت�سام َة أال ِ‬
‫ونب�ض احلياة‪..‬‬ ‫املعرفة‪َ ..‬‬ ‫الظروف التي عا�شوها‪ ..‬والبيئ ُة التي‬ ‫ُ‬ ‫عليهم‬ ‫يحطموا كربيا َء‬ ‫ال�صهاينة الذين أ�رادوا أ�ن ّ‬
‫م�ستقبل م�����ش��رق‪ ..‬ودف��� َع ك�� َّل �إن�����س��انٍ‬
‫ٍ‬ ‫�إىل‬
‫احت�ضنت كل ذلك‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الروح اخلالدة التي َ‬ ‫�إنها ُ‬ ‫أ�حاطت بهم‪ ..‬بل كانت املرجعية العنوانَ‬
‫ُ‬ ‫��ام��ل‪..‬‬
‫جبل ع ِ‬ ‫جبل ال�صمود وال�����ش��ه��داء‪َ ..‬‬ ‫ِ‬ ‫اخل�ي�ر يف نف�سه �إىل العطاء‬ ‫ِ‬ ‫يحمل ب���ذر َة‬
‫الواقع بحالوته ومرارته‪ ..‬بعنفوانه وتردّيه‪..‬‬ ‫الذي انطلق من خالله ليقدِّ م للنا�س‪ ..‬ك َّل‬ ‫و�ضاحي ِة البطول ِة وال ِفداء‪ ..‬فرجعوا �صاغرين‬ ‫يف ه��ذا الطريق‪ ..‬ك��ان يقول‪( :‬م ؤ��س�سات‬
‫ب�إيجابياته و�سلبيا ِته‪ ..‬بانفتاحه وب ُعـ َقدِ ه‪..‬‬ ‫النا�س‪ ..‬فق َه احلياة‪ ..‬من املنبع أال�صيل‪..‬‬ ‫بع�ضهم بع�ض ًا‪ ..‬ويلعنُ أ�خ ُرهم أ� ّو َلهم‪..‬‬ ‫يجب ُ‬ ‫نِّ‬ ‫جمعية امل�برات اخلريية لكم جميع ًا‪ ،‬ل�سنا‬
‫ف��ق��د َّم��ـ��ت ل��ه الكثري دون أ�ن ت��ع��رف معنى‬ ‫ويف �إطارها املتغري بتغيرّ الزمن والظروف‪..‬‬ ‫رو ٌح َب َنت أ�جيال ا إلباء‪ ..‬وع ّلمتها كيف تقول‬ ‫وحدنا الذين نتحمل م�س ؤ�وليتَها‪ ،‬هي أ�مانة‬
‫ال��راح�� َة �إال يف العمل وا إلخ�لا���ص‪ ..‬ومعنى‬ ‫فقد كان يرى أ�نه قد (حتركت ذهنية التنمية‬ ‫(ال) للمحتلني‪ ..‬و (ال) للم�ستكربين‪ ..‬و‬ ‫اهلل التي ح َّمـ َلناها لنحم َلها �إليكم‪ .‬قد ال‬
‫والعلم وال ِقـ َيم‪ ..‬فكانت‬ ‫ِ‬ ‫ال ِغنى �إال يف التقوى‬ ‫كل املتغريات‬ ‫يف امل�سائل الفقهية يف مواجهة ِّ‬ ‫(ال) للظاملني‪ ..‬و (ال) للمعتدين‪ ..‬فن َه َلت من‬
‫النف�س املطمئن َة التي أ� ِذنَ لها الرحمنُ أ�ن‬ ‫ي�ستطيع أ�حدُكم أ�ن يعطي‪ ،‬ولكنه ي�ستطي ُع أ�ن‬
‫َ‬ ‫على �صعيد امل�شاكل ا إلن�سانية يف الواقع‬ ‫مدر�س ِته معا َمل ثور ِة أ�بي أالحرار‪ ..‬وانطلقت‬ ‫َيـد َُّل على العطاء‪ ،‬وي�ستطي ُع أ�ن يجعل النا�س‬
‫ت��رج�� َع �إل��ي��ه‪ ..‬ف أ��سلمت أ� ْم�� َره��ا �إىل اهلل‪..‬‬ ‫املعا�صر امل��ت��ط��ور‪� ..‬إن��ن��ا جن��د يف مفردات‬ ‫حتط ُم أال�صنام‪ ..‬وحتقق‬ ‫يف ميادين ال�صراع ّ‬
‫كلمات‬ ‫ِ‬ ‫وفا�ضت �إىل بارئها وهي ت��ر ِّد َد �آخر‬ ‫َ‬ ‫يعي�شون العطاء)‪ ..‬هكذا قال أ�بو أاليتام‪..‬‬
‫ال�شريعة الكث َري من الت�شريعات التي تدعو �إىل‬ ‫االنت�صارات‪ ..‬وتقدِّ ُم القرابني‪� ..‬إنها الروح‬
‫(ال�سيد)‪ ..‬اهلل أ�كرب‪ ..‬اهلل أ�كرب‪..‬‬ ‫العمل املنفتح على كل حاجات احلياة)‪..‬‬ ‫وبهذا العنوان عرفوه‪ ..‬ومب�شاعر االنتماء‬
‫فذلك ف�ضل اهلل‪..‬‬ ‫وك��ان (ال�سي ُد امل��رج�� ُع ال�سيا�سي) الذي‬
‫قدام املقاومني الرا�سخ ِة‬ ‫ع�شـ َقت و ْق َع أ� ِ‬‫التي ِ‬ ‫�إليه أ�ح ُّبوه‪..‬‬
‫يف الدفاع عن الكرامة والعزة وال�شرف‪ ..‬رو ٌح‬ ‫رو ٌح ما زالت تت�س ّمع و ْق َع أ�قدام امل�ست�ضعفني‬
‫عالم ال�سيا�سة لري�سم لهم امل�شهد‬ ‫تلج أ� �إليه أ� ُ‬

‫به عند أ�هل البادرة‪ ،‬فمن ا�ستثقل احلقّ‬ ‫حولك‪ ،‬فرناك مبت�سم ًا هادئ ًا واثق ًا باهلل‪،‬‬
‫أ�ن يقال له والعدل أ�ن يعر�ض عليه كان‬
‫العمل بهما عليه أ�ثقل»‪.‬‬
‫ون�ستم ّد منك القوة ونب�صر يف عينيك‬
‫أالمل‪.‬‬
‫ع�شنـا فـي زمانـك‪ ..‬يـا �سيّـد‬
‫ع ّلمتنا اجل���ر أ�ة بعد القناعة يف اتخاذ‬ ‫وع ّلمتنا الت�سامح‪ ،‬وق��د �شهدنا أ�عنف‬ ‫حاربنا العامل‪ .‬وقد ع ّلمتنا امل�س ؤ�ول ّية فال‬ ‫ه��ذا ه��و ال��ي��وم ال��ذي طاملا هربنا منه‪،‬‬
‫املواقف‪ ،‬فال قيمة يف االعتبار �إال للحق‬ ‫احل��م�لات الظاملة واالت��ه��ام��ات الباطلة‬ ‫جمال لالنكفاء‪ .‬وكنت ت��ردّد أ�مامنا ك ّل‬ ‫وطاملا أ� ّجلنا التفكري ب��ه‪ ..‬يوم رحيلك‪.‬‬
‫واحل��ق��ي��ق��ة‪ .‬دع��وت��ن��ا �إىل ق��ب��ول ا آلخ���ر‬ ‫ت�شن عليك‪ ،‬وما �سمعنا منك كلمة �سوء‬ ‫يوم‪� :‬إنّ الراحة يف هذا الزمان حرام‪...‬‬ ‫يوم احل�سرة على كل حلظة ف ّوتناها من‬
‫واحل���وار معه‪ ،‬ورف�ضت منهج الت�ضليل‬ ‫على أ�حد منهم‪ ،‬لكنك كنت تقول‪ :‬اللهم‬ ‫�إال بالقدر الذي ت�ستعيدون فيه الن�شاط‬ ‫دون أ�ن ننهل من درو�سك‪ ،‬أ�و أ�ن نرت�شف‬
‫والتكفري‪ ،‬وقلت �إن امل ؤ�من القوي هو الذي‬ ‫اغفر لقومي �إنهم ال يعلمون‪.‬‬ ‫للعمل من جديد‪.‬‬ ‫من رحيق أ�دبك‪ ،‬أ�و أ�ن نراك فح�سب‪ ،‬أ�ن‬
‫يناق�ش ألنّ احلقيقة هدفه‪ ،‬و أ�ما ال�ضعيف‬ ‫وع ّلمتنا أ�ن ال نكون « أ�تباع ًا»‪ ،‬وكنت تقول‪:‬‬ ‫وع ّلمتنا ال��ت��وا���ض��ع‪ ،‬فكنت ت��ق��ول و أ�ن��ت‬ ‫نرى الطلعة البه ّية والوجه ال��ذي ن ّورته‬
‫املتع�صب فيلج أ� �إىل ال�شتم والتكفري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ�نا ال أ��س ّمي الذين يتفقون معي يف الر أ�ي‬ ‫ال�شامخ بعظمة توا�ضعك‪ :‬أ�ن��ا تلميذ ك ّل‬ ‫طم أ�نينة احلق‪.‬‬
‫مل ي�سكت قلبك الكبري يا �س ّيد‪� ...‬سيظل‬ ‫أ�تباع ًا‪ .‬وكنت حت�� ّذر من «ال�صنمية» يف‬ ‫من أ�جل�س �إليه‪ .‬وكنت حت ّثنا على ا إلقدام‬ ‫نذكرك يف قاعة الدر�س تع ّلمنا احلوار‬
‫ينب�ض يف أ�رواحنا علم ًا ومنهج ًا و أ�خالق ًا‬ ‫تقدي�س الزعيم‪ ،‬وكنت تدعونا �إىل نقا�ش‬ ‫والت�صدّي للمه ّمات‪ ،‬وتقول‪ :‬عليك أ�ن أ‬
‫متل‬ ‫التع�صب‪ .‬نذكرك‬ ‫ّ‬ ‫املو�ضوعي البعيد عن‬
‫ّ‬
‫وع�شق ًا للحق والعدل واخلري واالنفتاح‪...‬‬ ‫ك ّل ما يطرق �آذاننا فال ن�س ّلم وال ننقاد‬ ‫ميله غريك‪ .‬وع ّلمتنا‬ ‫الفراغ و�إال �سوف أ‬ ‫على املنرب تر ّبينا على املح ّبة والف�ضيلة‪.‬‬
‫وكفانا أ�ننا نلنا �شرف التلمذة على يديك‪،‬‬ ‫بغري قناعة‪ ،‬وع ّلمتنا أ�ن ن�صدح باحلق‬ ‫ا إل�صرار واملثابرة‪ ،‬وكنت تقول‪� :‬إنّ ف�شل‬ ‫نذكرك يف حمراب الدعاء تغ ّذي أ�رواحنا‬
‫و أ�ننا ع�شنا يف زمانك‪.‬‬ ‫من دون وج��ل‪ ،‬وكنت ت��ردّد كلمة جدك‬ ‫التجربة أ�لف م ّرة ال يعني ف�شل الفكرة‪،‬‬ ‫مبعرفة اهلل‪ .‬نذكرك يف ال�صلوات تعرج‬
‫محمد ماجد‬ ‫علي‪« :‬ال تك ّلموين مبا تك ّلم‬ ‫أ�مري امل ؤ�منني ّ‬ ‫فلنج ّرب املرة الواحدة بعد أاللف‪ .‬وكنت‬ ‫بنا �إىل أ�على مراتب ا إلميان‪.‬‬
‫به اجلبابرة وال تتح ّفظوا مني مبا ُيتح ّفظ‬ ‫تهدّئ من روعنا أ�ي��ام ال�شدائد‪ ،‬نتح ّلق‬ ‫والتم�سك باحلقّ ولو‬
‫ّ‬ ‫لقد ع ّلمتنا احلر ّية‪،‬‬
‫(السفير)‬
‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪15‬‬
‫المكت��ب الش��رعي آلي��ة الل��ه‬
‫العظمى فضل الله قدس سرّه ‪:‬‬
‫يج��وز لمقلّ��دي س��ماحة‬
‫الس��يّد(رض) البق��اء عل��ى‬
‫تقليده مطلق ًا‬
‫املرجع املتوفّى‪ ،‬وخصوص ًا إن كان املقلّد يراه األعلم‪ ،‬أو ال يعلم أنّ‬ ‫الشرعيّ لسماحة الفقيه املجدّ د والعالّمة املرجع السيّد‬
‫أصدر املكتب ّ‬
‫واحد ًا من األحياء بعينه أعلم منه‪ ،‬فض ًال عن حتفّظ فقهاء عديدين عن‬ ‫محمّد حسني فضل الله (رضوان الله عليه) بيان ًا ثاني ًا حول موضوع‬
‫أصل اعتبار شرط األعلميّة في مرجع التّقليد‪ ،‬وخصوص ًا أنّ الساحة‬ ‫التّقليد زياد ًة في التّوضيح ‪ ،‬وهذا نصه ‪:‬‬
‫اإلسالميّة قد شهدت على مدى تاريخها‪ ،‬بروز فقهاء عديدين في‬ ‫رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم‬ ‫بسم الله الرّحمن الرّحيم‪ ،‬واحلمد لله ّ‬
‫وقت واحد‪ ،‬وانحياز كلّ جماعةٍ من النّاس إلى تقليد واحدٍ منهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫على رسوله محمّد وآله الطاهرين وصحبه املنتجبني‪ ،‬وعلى جميع‬
‫دون أن يكون في ذلك غضاضة‪ ،‬أو يترتّب عليه محذور؛ بل ثمّة آراء‬ ‫األنبياء واملرسلني‪.‬‬
‫اجتهاديّة جتيز تقليد امليّت ابتداءً‪.‬‬ ‫عظم الله أجورنا وأجوركم مبصابنا اجللل بفقد سيّدنا الفقيه املجدّ د‬ ‫ّ‬
‫التقيّ الورع‪ ،‬آية الله العظمى السيّد محمّد حسني فضل الله (رض)‪،‬‬
‫وبنا ًء عليه‪ ،‬فإنّه يجوز ملقلّدي سماحة سيّدنا الفقيه املجدّ د‪ ،‬والعالمة‬ ‫وبعد‪..‬‬
‫املرجع‪ ،‬السيّد محمّد حسني فضل الله(رض)‪ ،‬البقاء على تقليده‬ ‫الشرعيّ ‪ ،‬عطف ًا منه على بيانه السّ ابق حول‬ ‫فإنّ مكتب سماحته ّ‬
‫مطلقاً‪.‬‬ ‫موضوع التّقليد‪ ،‬وحرص ًا منه على زيادة التّوضيح‪ ،‬قد صدر عنه البيان‬
‫ثالثاً‪:‬‬ ‫نصه‪:‬‬
‫اآلتي ّ‬
‫الشرعيّ ‪ ،‬بأعضائه املعروفني‪ ،‬من تالمذة سماحة‬ ‫إنّ مكتبنا ّ‬ ‫أوّ الً‪:‬‬
‫السيّد(رض) الفضالء‪ ،‬سوف يبقى في خدمة مقلّدي سماحته على‬ ‫إنّ فقد سماحته(رض) ميثّل خسار ًة علميّة كبيرةً‪ ،‬نظر ًا إلى حضوره‬
‫الشرعيّة‪.‬‬
‫صعيد الفتوى أو غيرها من األمور ّ‬ ‫والشامل‪ ،‬إضافةً إلى‬
‫الفاعل في ميادين البحث العلميّ املستنير والدّ قيق ّ‬
‫أخيراً‪:‬‬ ‫وبخاصة ما متيّز به إلى حدّ التفرّد‪ ،‬من منهجٍ فقهيٍّ‬
‫ّ‬ ‫امليادين األخرى‪،‬‬
‫الشرعيّ لسماحة السيّد(رض)‪ ،‬أنّ الثالثاء الواقع‬ ‫يُعلن املكتب ّ‬ ‫وأصوليٍّ ‪ ،‬جعله في جملة األفذاذ الّذين يع ّز نظيرهم عبر التّاريخ‪ ،‬والذين‬
‫فيه ‪2010/7/13‬م‪ ،‬هو األوّ ل من شهر شعبان األغرّ‪ ،‬طبق ًا للمبنى الفقهيّ‬ ‫أسّ سوا ملدرسةٍ فكريّةٍ فقهيّةٍ امتدّ ت لعشرات السّ نني‪ ،‬وساهموا في‬
‫الشهور القمر يّة‪ ،‬واستناد ًا إلى‬ ‫لسماحته(رض) في إثبات أوائل ّ‬ ‫إغناء الفكر والفقه اإلسالميّني وتطويرهما‪ ،‬مبا جعل سماحته(رض)‬
‫املعطيات الفلكيّة الدّ قيقة‪.‬‬ ‫بحقّ مصداق ًا للحديث املرويّ عن رسول الله(ص)‪« :‬إنّ الله يبعث لهذه‬
‫هذا ما ندين الله به‪ ،‬وإنّا لله وإنّا إليه راجعون‪.‬‬ ‫األمّ ة في رأس كلّ مائة عام من يجدّ د لها دينها»‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬‬
‫إنّنا قد رأينا الفقهاء املعاصرين يرون وجوب أو جواز البقاء على تقليد‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد ‪( 378‬ط ‪ )2‬االحد ‪ 29‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 11‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫يبقى السيّد‬
‫الروح والفكر والنهج‬
‫شخصيات عربية ووفود شعبية توافدت إلى دارة املرجع الراحل(رض) معزية‪:‬‬
‫م�شعل‪ :‬فل�سطين خ�سرت برحيله ن�صير ًا كبيرا‪ ،‬وروحه كانت مع الجهاد والمقاومة والقد�س‬
‫نائب الرئي�سي العراقي‪ :‬حمل همّ العراق و�آالمه ورحيله خ�سارة عظيمة للأ مّ ة‬

‫و أ�بحاث متقدّمة‪.‬‬ ‫والربكة يف أ��سرته و أ�بنائه و أ��ش ّقائه و أ�هله‬ ‫فل�سطني خ�سرت برحيل ال�س ِّيد ف�ضل اهلل‬ ‫توا�صل توافد ال�شخ�صيات الر�سمية‬
‫ونحن كعراق ّيني‪ ،‬رافقنا الفقيد يف ك ّل‬ ‫و أ�تباعه وحم ّبيه‪.‬‬ ‫ن�صري ًا وح�صن ًا من ح�صونها‪.‬‬ ‫من أ�نحاء العامل العربي وا إل�سالمي‪،‬‬
‫مراحلنا‪ ،‬وعملنا معه منذ كان يف ال ّنجف‪،‬‬ ‫نائب الرئيس العراقي‪:‬‬ ‫وبعد تقدمي واج��ب العزاء‪ ،‬أ�دىل م�شعل‬ ‫وال��وف��ود ال�شعبية امل��ع��زي��ة ب�سماحة‬
‫وبعدما غادرها يف ف�ترة مقارعة نظام‬ ‫كما ا�ستقبلت عائلة ال ّراحل الكبري نائب‬ ‫بت�صريح قال فيه‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫املرجع ال ّراحل‪� ،‬آيه اهلل العظمى ال�س ِّيد‬
‫�صدّام ح�سني‪ ،‬ومع االنتقال �إىل الو�ضع‬ ‫العراقي عادل عبد املهدي‪ ،‬على‬ ‫ّ‬ ‫ال ّرئي�س‬ ‫رحيل �سماحة ال�س ِّيد ف�ضل اهلل خ�سارة‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ر�ضوان اهلل‬
‫اجلديد‪ ،‬وفرتة ال ّت أ��سي�س للحكم‪ ،‬كانت له‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫املجل�س‬ ‫من‬ ‫ري‬
‫ٍ‬ ‫كب‬ ‫��دٍ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ر أ����س‬ ‫ل�ل� َّم��ة العرب َّية وا إل�سالم َّية‪ ،‬أل َّن��ه قامة‬
‫أ‬ ‫عليه)‪ ،‬حيث أ� ّمت دارته معزية أ��سرته‪،‬‬
‫ن�صائح غالية‪ ،‬وك ّنا دائم ًا نراجعه يف �شتّى‬ ‫أالع��ل��ى يف ال���ع���راق‪ ،‬ح��ي��ث ق���دّم واج��ب‬ ‫أ‬
‫كبرية من قاماتها‪ ،‬وم��ن �ع�لام الفكر‬ ‫كما زارت رو�ضته الطاهرة يف م�سجد‬
‫ال�ش ؤ�ون‪� ،‬سواء مبا�شر ًة أ�و عرب الهاتف أ�و‬ ‫ّ‬ ‫العزاء ب�سماحته‪ ،‬م�شري ًا �إىل ما كان يتمتّع‬ ‫وال ِّن�ضال ووح��دة أال َّم���ة وعقلها املنفتح‬ ‫ا إلمامني احل�سنني(ع)‪.‬‬
‫عرب ال ّر�سائل املكتوبة‪ ...‬لقد فقده العراق‬ ‫به ال�س ّيد ف�ضل اهلل من مكان ٍة يف قلوب‬ ‫واملتجدِّ د‪ ،‬ولذلك خ�سرت فل�سطني بوفاته‬ ‫رئيس املكتب السياسيّ حلركة‬
‫�سالمي فقد‬
‫ّ‬ ‫كما فقده لبنان‪ ،‬والعامل ا إل‬ ‫العراق ّيني‪ ،‬وه��و ا ّل��ذي حمل ه ّ��م العراق‬ ‫خ�سار ًة كبري ًة‪ ،‬أل َّنه كان فل�سطين ّي ًا بقدر‬ ‫حماس خالد مشعل‪:‬‬
‫الكثري برحيل هذا ال�س ّيد اجلليل‪.‬‬ ‫و�آالمه طيلة �سنوات املحنة‪ ،‬كان ي أ�مل من‬ ‫ما كان لبنان ّي ًا‪ ،‬ألنَّ روحه كانت مع اجلهاد‬ ‫وق������د ا���س��ت��ق��ب��ل��ت ع���ائ���ل���ة امل���رج���ع‬
‫نائب رئيس الوزراء القطريّ ‪:‬‬ ‫خاللها أ�ن يعود العراق �إىل �سابق عهده‬ ‫واملقاومة ومع فل�سطني ومع القد�س‪ ،‬و�إن‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫الراحل(ر�ض)‪ ،‬رئي�س املكتب‬
‫كذلك‪ ،‬ا�ستقبلت عائلة ال�� ّراح��ل ال�س ّيد‬ ‫لل�شعاع واحل�ضارة‪.‬‬ ‫بلد ًا إ‬ ‫�شاء اهلل‪� ،‬ستبقى هذه ال ّروح‪ ،‬روح ال ّن�ضال‬ ‫حلركة حما�س‪ ،‬خالد م�شعل‪ ،‬يرافقه‬
‫القطري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬نائب رئي�س الوزراء‬ ‫وبعد التّعزية‪ ،‬قال عبد املهدي‪:‬‬ ‫والتحدّي والكربياء ا ّلتي أ�طلقها من لبنان‬ ‫أ��سامة حمدان وعلي بركة‪ ،‬حيث قدّموا‬
‫وزي��ر ال ّنفط عبد اهلل العط ّية‪ ،‬يرافقه‬ ‫�إنَّ رحيل �سماحة ال�س ِّيد ف�ضل اهلل خ�سارة‬ ‫وال َّمة‪ ،‬لتثمر يف فل�سطني ويف لبنان‪ ،‬وما‬ ‫أ‬ ‫التّعازي بال ّراحل الكبري‪.‬‬
‫�سفري قطر يف بريوت‪ ،‬حيث ق َّدما واجب‬ ‫عظيمة للعراق أ‬
‫وال ّم���ة ا إل���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬بل‬ ‫كان يتط َّلع �إليه �سماحته ـ رحمه اهلل ـ من‬ ‫��ادي‬‫وق��د أ����ش��اد م�شعل ب��ال��دّور ال��ري ّ‬
‫العزاء ب�سماحته‪ ،‬و أ��شاد العط َّية بالفكر‬ ‫للن�سان‪ ،‬ملا لفقيدنا الغايل من مكان ٍة‬ ‫إ‬ ‫انت�صار املقاومة وحترير فل�سطني وانتهاء‬ ‫ا ّل���ذي ك��ان ي�ضطلع ب��ه ال�س ّيد ف�ضل‬
‫املنفتح ل�سماحته على ك��ا َّف��ة أالط��ي��اف‬ ‫�سالمي والفكر‬ ‫ّ‬ ‫عالي ٍة يف جمال الفكر ا إل‬ ‫�سرائيلي‪� ،‬سوف يتح ّقق‪ ،‬بعون‬
‫ّ‬ ‫االحتالل ا إل‬ ‫اهلل على امل�ستوى ا إل���س�لام ّ��ي العام‪،‬‬
‫وامل��ذاه��ب‪ ،‬م��ق��دِّ ر ًا امل��ح��اوالت الدّائمة‬ ‫ين‪ ،‬وق��د ق��� َّدم ال��ك��ث�ير‪ ،‬واجتهد‬ ‫ا إلن�����س��ا ّ‬ ‫اهلل‪ ،‬ولو بعد وفاته‪ ،‬لتكون روحه يف حلده‬ ‫وال �س ّيما وقفته التّاريخ ّية مع الق�ض ّية‬
‫ال��ت��ي ك���ان ي��ط��ل��ق��ه��ا يف ���س��ب��ي��ل حتقيق‬ ‫ال�ش ؤ�ون الفقه ّية‪ ،‬ول��ه مقاالت‬ ‫يف كا ّفة ّ‬ ‫مطمئ ّن ًة ب أ�نّ ما كان يتم ّناه �سوف يتح ّقق‪،‬‬ ‫الفل�سطين ّية العادلة‪ .‬و أ� ّك��د م�شعل أ�نَّ‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫بيان نعي العالمة املرجع فضل الله‪:‬‬
‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ق��ده)‪،‬‬ ‫راجعون‪.‬‬ ‫�صالة ّ‬
‫الظهر‪.‬‬ ‫الوحدة ا إل�سالم ّية‪ ،‬وحتذيره امل�ستم ّر من‬
‫ع��ن ا�ستمرار تق ّبل ال�� ّت��ع��ازي يف دارة‬ ‫كما ا�ستقبل �سماحة ال�س ّيد علي ف�ضل‬ ‫الرّئيس السوداني البشير يوفد معزّي ًا ‪:‬‬ ‫حماوالت الفتنة‪ ،‬م ؤ� ّكد ًا أ�نّ �سماحته كان‬
‫�سماحته يف حارة حريك‪ ،‬من العا�شرة‬ ‫ين يف لبنان‪،‬‬ ‫اهلل امل�ست�شار ال ّثقا ّيف ا إليرا ّ‬ ‫و ا�ستقبل جنل املرجع الراحل‪� ،‬سماحة‬ ‫�ص ّمام أ�مانٍ يف املرحلة التي م ّرت علينا‪.‬‬
‫الظهر‪،‬‬ ‫�صباح ًا �إىل حني موعد �صالة ّ‬ ‫ال�س ّيد حممد ح�سني رئي�س زاده‪ ،‬والوزير‬ ‫ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬موفد ال ّرئي�س‬ ‫وبعد التّعزية‪ ،‬قال العطيّة‪:‬‬
‫ال�سبت القادم‪ ،‬الواقع‬ ‫وذلك لغاية يوم ّ‬ ‫ال�سابق‬ ‫ال�صعيدي‪ ،‬والوزير ّ‬ ‫ال�سابق نا�صر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ين عمر ح�سن الب�شري‪ ،‬ع�ضو‬ ‫�����س��ودا ّ‬
‫ال ّ‬ ‫�إنَّ رحيل �سماحة ال�س ِّيد ف�ضل اهلل �سوف‬
‫فيه‪ 17 :‬متوز ‪.2010‬‬ ‫ب�سام مرت�ضى‪ ،‬ووفد ًا من جمع ّية‬ ‫ّ‬ ‫حممد‬ ‫ؤ‬
‫القيادة يف حزب امل�متر الوطني‪ ،‬الوزير‬ ‫ال�ساحة ا إل�سالم ّية‪،‬‬ ‫يرتك ت أ�ثري ًا كبري ًا يف ّ‬
‫ك��م��ا ي��ع��ل��ن م��ك��ت��ب ���س��م��اح��ت��ه(ر���ض)‬ ‫ال�سيا�سي يف‬
‫ّ‬ ‫املجل�س‬ ‫وع�ضو‬ ‫املقداد‪،‬‬ ‫�آل‬ ‫ال�سوداين‬ ‫ال�سفري ّ‬ ‫ال�شريف بدر‪ ،‬يرافقه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألنّ �سماحته ك��ان ���ص�� ّم��ام أ�م����انٍ أ�م��ام‬
‫ا�ستئناف ا�ستقبال املراجعني يف كا ّفة‬ ‫ؤ‬ ‫أ‬
‫ح��زب اهلل �ب��و علي ال�� ّدي��راين‪ ،‬وم�س�ول‬ ‫يف لبنان‪� ،‬إدري�س �سليمان‪.‬‬ ‫حماوالت الفنت التي ت�سعى لتدمري أال ّمة‪،‬‬
‫ال�شرع ّية والفقه ّية واالجتماع ّية‪،‬‬‫ال�ش ؤ�ون ّ‬ ‫ال�شيخ‬ ‫ال��وح��دة االجتماع ّية يف احل��زب ّ‬ ‫بعد ال ّلقاء‪ ،‬قال الوزير بدر‪ :‬قدمنا من‬ ‫ين وحكيم يف‬ ‫وقد كان ل�سماحته دور عقال ّ‬
‫وك ّل ما يتع ّلق ب�ش ؤ�ون املرجع ّية‪ ،‬اعتبار ًا‬ ‫عبد ال��ك��رمي عبيد‪ ،‬ووف���ود ًا �شعب ّي ًة من‬ ‫بتكليف م��ن فخامة ال َّرئي�س‬ ‫ٍ‬ ‫ال ّ�����س��ودان‬ ‫ّ‬
‫وال�شيعة‪ .‬و�إنني‬‫جمال التّقريب بني ال�س ّنة ّ‬
‫من �صباح االثنني القادم‪ ،‬الواقع فيه‪:‬‬ ‫خمتلف املناطق ال ّلبنان ّية‪.‬‬ ‫الوطني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املجل�س‬ ‫��ادة‬ ‫ي‬ ‫��‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫الب�شري‬ ‫عمر‬ ‫أ�عتربه من أ�عظم العلماء ا ّلذين وجدوا يف‬
‫‪ 19‬متوز ‪.2010‬‬ ‫الوطني‪ ،‬وقيادة احلركة‬ ‫ّ‬ ‫وقيادة امل ؤ�متر‬ ‫الع�صر احلديث‪.‬‬
‫ال�سبت القادم‬ ‫كما يتق ّبل التّعازي يوم ّ‬ ‫اختتام التّعازي غد ًا السّ بت‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ا إل�سالم ّية‪ ،‬لنعزّي �نف�سنا � ّوال‪ ،‬ونعزّي‬ ‫واجلدير ذكره‪ ،‬أ�نَّ عائلة ال ّراحل الكبري‪،‬‬
‫يف مركز أ�هل البيت(ع) يف قرية الكمرا‬ ‫أ‬
‫وك��ان مكتب �سماحته(ر�ض) ق��د �علن‬ ‫أالخ��وة يف لبنان‪ ،‬بفقد �سماحة العالمة‬ ‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪� ،‬سوف ت�ستقبل‪ ،‬ابتدا ًء‬
‫ال�ساعة ال ّرابعة بعد‬ ‫ق�ضاء الكورة‪ ،‬من ّ‬ ‫اختتام التعازي يوم غد ال�سبت يف بيان‬ ‫ري ج ّد ًا بدعم ق�ض ّية‬ ‫ا ّلذي كان له دو ٌر كب ٌ‬ ‫م��ن أالرب���ع���اء ال��ق��ادم‪ ،‬امل��ع�� ّزي��ن‪ ،‬رج��ا ًال‬
‫الظهر حتى ال ّثامنة م�سا ًء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أ��صدره‪ ،‬جاء فيه‪ :‬أ�علنت أ��سرة ومكتب‬ ‫أال ّم���ة‪ ،‬ودع��م ق�ض ّية أ�ه��ل ال ّ�����س��ودان وال‬ ‫ون�سا ًء‪ ،‬يف دارته يف حارة حريك‪ ،‬وذلك‬
‫ال ّراحل الكبري �سماحة العالمة املرجع‪،‬‬ ‫نقول �إال ما ير�ضي اهلل‪ � .‬إ ّنا هلل و� إ ّنا �إليه‬ ‫ال�ساعة العا�شرة �صباح ًا وحتى موعد‬ ‫من ّ‬

‫نحذر من م�ؤامرة خطيرة ت�ستهدف وحدة الم�سلمين وخ�صو�ص ًا في لبنان‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫ُر�سمت معاملها أ�مريكي ًا و�صهيوني ًا‪ ،‬حيث‬
‫ُي��راد للعناوين الق�ضائية الدولية التي‬ ‫يلقي سماحة السيد علي فضل الله‬
‫بد أ�ت بال�سودان‪ ،‬وانتقلت �إىل لبنان‪ ،‬أ�ن‬ ‫ظهر اليوم خطبتي صالة اجلمعة من‬
‫تفعل فعلها يف البناء اللبناين الداخلي‪،‬‬ ‫على منبر مسجد اإلمامني احلسنني(ع)‪،‬‬
‫ويف الواقع ا إل�سالمي بخا�صة‪...‬‬ ‫ومما يأتي في اخلطبة الثانية‪:‬‬
‫�إننا نريد للجميع يف لبنان أ�ن ينتبهوا‬ ‫يطل لبنان واملنطقة العربية وا إل�سالمية‬
‫�إىل خ��ط��ورة امل ؤ���ام��رة القادمة التي ّمت‬ ‫وال�صعب‪ ،‬يف‬ ‫على مرحلة هي أالخطر أ‬
‫التح�ضري لها داخ���ل ك��ي��ان ال��ع��دو‪ ،‬ويف‬ ‫غ��ي��اب ال�شخ�صية ا إل���س�لام��ي��ة الكبرية‬
‫الدوائر اال�ستكبارية العاملية‪ ،‬يف �سياق‬ ‫املتمثلة ب�سماحة العالمة املرجع ال�سيد‬
‫خطة متكاملة إل�سقاط الهيكل على ر ؤ�و�س‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ر����ض���وان اهلل‬
‫اجلميع‪ ،‬و إل�شعال نار الفتنة التي نح ّذر‬ ‫مل املراحل ال�سابقة علم ًا‬ ‫عليه)‪ ،‬الذي أ‬
‫من أ�نها لن ت�صيب الذين ظلموا خا�صة‪..‬‬ ‫وعطا ًء وجهاد ًا‪ ،‬وك ّر�س منهج ًا �سيا�سي ًا‬
‫وع��ل��ى ال��دول��ة بكل م� ؤس�وليها‪ ،‬وجميع‬ ‫عنوانه ق�ضايا أالمة‪ ،‬وعدم ال�سماح ألي‬
‫الفاعليات ومن ميلكون عنا�صر الت أ�ثري‬ ‫تكتيك من �ش أ�نه الت أ�ثري على اال�سرتاتيجية‬
‫م��ن هنا وه��ن��اك‪ ،‬أ�ن ي��ك��ون��وا على قدر‬ ‫فل�سطني املحتلة‪ ،‬ويف القد�س بالذات‪،‬‬ ‫الظروف ملحاولة ا�ستهدافها أ�مني ًا‪...‬‬
‫التي تتعر�ض لعمليات هدم جديدة‪ ،‬فيما‬ ‫�إن��ن��ا ن�شعر بكثري م��ن اخل��ط��ورة حيال‬ ‫فيما هي الق�ضايا الكربى‪ ،‬وهذا هو املنهج‬
‫امل� ؤس�ولية‪ ،‬و أ�ن ي�ستعدوا إل�سقاط حلقة‬ ‫الذي علينا أ�ن ن�ستهدي به‪ ،‬واخلط الذي‬
‫امل ؤ���ام��رة القادمة‪ ،‬والتي يعرف اجلميع‬ ‫يوا�صل العدو ح�صاره لقطاع غزة‪ ،‬ومينع‬ ‫ت�صريح الرئي�س الرو�سي‪ ،‬ال��ذي أ�علن‬
‫أ�نها انطلقت من مواقع معادية‪ ،‬و أ�نها‬ ‫�سفن امل�ساعدات اخلريية من الو�صول‬ ‫ف��ي��ه أ�ن «�إي�����ران ت��ق�ترب م��ن احل�صول‬ ‫ن�سري عليه‪ ،‬يف مالم�ستنا لهذه الق�ضايا‬
‫تهدف يف نهاية املطاف للدخول يف �صفقة‬ ‫�إليها‪ ،‬وي�شن الغارات على القطاع فيقتل‬ ‫على و�سائل �إنتاج �سالح نووي»‪ ،‬ألن هذا‬ ‫وللمراحل القادمة‪.‬‬
‫م�ساومة ك�برى على ح�ساب أ�م��ن البلد‪،‬‬ ‫املزيد من أالبرياء واملدنيني‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫الكالم ميثل تناغم ًا مع الكالم أالمريكي‬ ‫مالمح صفقة دولية كبرى‪:‬‬
‫وحل�ساب أ�م���ن ال��ع��دو‪ ،‬وال م�شكلة عند‬ ‫ال��ن�����س��اء‪ ،‬م��ن دون أ�ن ي��ح�� ّرك ال��ع��امل‬ ‫والوروب���ي ال��ذي يحاول أ�ن‬ ‫وال�صهيوين أ‬ ‫�إن م��ا يجري على م�ستوى ال��ع��امل تربز‬
‫املعدّين واملخططني واملن ّفذين من �إدخال‬ ‫امل�ستكرب �ساكن ًا‪...‬‬ ‫ي�س ّلط ال�����ض��وء على ال�برن��ام��ج ال��ن��ووي‬ ‫م�لاحم��ه أ�ك�ث�ر م��ن خ�لال �صفقة دولية‬
‫دول �إقليمية يف هذه ال�صفقة التي يراد‬ ‫�إن ه��ذا ي ؤ���� ّ��ش��ر �إىل �ن حلقة امل���ام��رة‬
‫ؤ‬ ‫أ‬ ‫ا إلي��راين ال�سلمي‪ ،‬فيما يتوارى احلديث‬ ‫كربى‪ ،‬تتحرك فيها الدول الكربى ل�ضمان‬
‫لها تغيري أالو�ضاع على م�ستوى املنطقة‬ ‫بد أ�ت تت�سع‪ ،‬و أ�ن العامل امل�ستكرب ب�صدد‬ ‫عن مئات القنابل النووية التي ميلكها‬ ‫�سيطرتها على م��واق��ع امل�ست�ضعفني يف‬
‫العدو ال�صهيوين‪ ،‬وعما يزيد عن �سبعة‬ ‫العامل‪ ،‬ومنع ن�شوء قوى ودول مناه�ضة‪،‬‬
‫كلها‪.‬‬ ‫يو�سع من دائرة‬ ‫�إطالق يد العدو أ�كرث لكي ّ‬ ‫�آالف ر أ����س ن��ووي متلكها كل من رو�سيا‬
‫و�إننا ندعو اجلميع �إىل حماية املقاومة‪،‬‬ ‫عدوانه‪ ،‬ليتجاوز أالرا�ضي الفل�سطينية‬ ‫وم����ن ه��ن��ا ي��ب�رز احل���ر����ص أالم�ي�رك���ي‬
‫املحتلة‪ ،‬لت�صل امل� أس�لة �إىل لبنان الذي‬ ‫والواليات املتحدة أالمريكية‪ ،‬وهو «رقم‬ ‫والوروبي والرو�سي على منع اجلمهورية‬ ‫أ‬
‫واالن��ت��ب��اه �إىل م��ا ُي��ح��اك ج��ن��وب�� ًا‪ ،‬و�إىل‬
‫م��ا يتطلع �إل��ي��ه ال��ع��دو م��ن تعقيد عالقة‬ ‫يتحدث م� ؤس�ولو العدو عن أ�ن أالو�ضاع فيه‬
‫جنوين» على حد تعبري الرئي�س الكوبي‬ ‫ا إل�سالمية يف �إيران من النهو�ض علمي ًا‪،‬‬
‫ال�سابق‪ ،‬فيدل كا�سرتو‪ ،‬ال��ذي ق��ال �إن‬ ‫وال�سعي املتوا�صل لهذا املحور ملنع قيام‬
‫«اليونيفيل» ب أ�هل اجلنوب‪ ،‬والدخول يف‬ ‫«�آيلة للتدهور ابتدا ًء من أ�يلول املقبل»‪.‬‬ ‫«احلرب القادمة يف ال�شرق أالو�سط لن‬ ‫حالة �سيا�سية م�ستقلة يف العامل تتمثل‬
‫معمعة أ�منية أ�و �سيا�سية معقدة‪ ،‬كما‬ ‫إستهداف وحدة املسلمني في‬
‫ندعوهم حلماية أ�م��ن النا�س و�سالمهم‬ ‫تكون �إال نووية»‪.‬‬ ‫بعدد من الدول املناه�ضة؛ ومن هنا بد أ�‬
‫الداخلي ال��ذي ُي��راد له أ�ن يكون عر�ضة‬
‫لبنان‪:‬‬ ‫الزحف اال�ستيطاين‪:‬‬ ‫هذا املحور الدويل ب�إحكام حلقة امل ؤ�امرة‬
‫ؤ‬
‫�إننا نحذر من م���ام��رة كبرية وخطرية‬ ‫ويف م���وازاة ه��ذا التهديد اال�ستكباري‬ ‫واحل�صار ال�سيا�سي‪ ،‬وحتى االقت�صادي‪،‬‬
‫للهزّات التي ت أ�كل أالخ�ضر والياب�س‪ ،‬يف‬
‫�صيف لبنان احلار وخريفه الدافئ‪.‬‬ ‫ت�ستهدف وح���دة امل�سلمني وخ�صو�ص ًا‬ ‫الدويل نالحظ أ�ن هذه الدول أ�طلقت يد‬ ‫على اجلمهورية ا إل�سالمية يف �إي���ران‪،‬‬
‫يف لبنان‪ ،‬من خالل خطة دولية كربى‪،‬‬ ‫العدو لكي يوا�صل زحفه اال�ستيطاين داخل‬ ‫للتهويل وال�ضغط عليها‪ ،‬ورمب��ا لتهيئة‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫سماحة السيد علي فضل الله في أول حوار صحافي مع «السفير»‪:‬‬
‫يجوز البقاء على تقليد ال�سيد(ر�ض)‪ ..‬وبابه �سيظل مفتوح ًا ونهجه �سيبقى م�ستمر ًا‬
‫امل�سجد» يف النبعة أ�وائل ال�سبعينيات‪ ،‬وكان ال�سيد‬ ‫اليومي ال�صباحي «وي� أس�لونك عن احلياة»‪.‬‬
‫ح�سن ن�صر اهلل ع�ضو ًا فيها‪ ،‬و أ�طلق �آنذاك «جمعية‬ ‫وال�سيد علي هو �إمام م�سجد «ا إلمام احل�سنني»‪ ،‬و�إمام‬
‫أ��سرة الت آ�خي»‪ .‬كما دخل حقل ا إلع�لام ‪ ،‬ف أ��س�س‬ ‫«�صالة اجلمعة» بعد املرجع الراحل‪ .‬و أ�حد م ؤ��س�سي‬
‫جملة «احلكمة» العام ‪ ،1979‬التي ا�ستمر �صدورها‬ ‫ورئي�س «جمعية امل�برات اخل�يري��ة»‪ ،‬وامل�شرف على‬
‫ثالث �سنوات‪ .‬كما أ��س�س جملة أالطفال « أ�حمد»‪.‬‬ ‫م ؤ��س�سة رديفة وهي «م ؤ��س�سة �سماحة املرجع ال�سيد‬
‫وله م ؤ�لفات عدة يف جمال الطفولة‪ .‬وله كتب عدة‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل للخدمات االجتماعية»‪.‬‬
‫�ست�صدر قريب ًا‪.‬‬ ‫مف�صل حول مرحلة ما بعد‬ ‫يف أ�ول حديث �صحايف ّ‬
‫در�س احلقوق وا إلعالم‪ ،‬وهو ممثل املرجع الراحل‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬يعر�ض ال�سيد علي‬
‫يف «املجمع العاملي أله��ل البيت»‪ ،‬وع�ضو «املجل�س‬ ‫لـ«ال�سفري» م� أس�لة املرجعية واخل�لاف��ة‪ ،‬اىل جانب‬
‫املركزي» لتجمع العلماء امل�سلمني‪ ،‬وع�ضو «االحتاد‬ ‫أ�مور جدلية أ�خرى‪ .‬وهو الذي ا�ستعار من والده هدوءه‬
‫العاملي للعلماء امل�سلمني»‪ .‬وهنا ن�ص احلديث‪:‬‬ ‫و�إقباله على النا�س‪ ،‬و أ��سلوبه يف احلديث املت�صف‬
‫يعترب ال�سيد علي أ�ن «�سماحة ال�سيد» ترك �إرث ًا على‬ ‫باملنهجية مع ا�ستخدام بع�ض املفردات ذاتها‪.‬‬
‫خمتلف امل�ستويات‪ ،‬الفقهية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الفكرية‪،‬‬ ‫مل ي��ح��دد ال�سيد علي مرجعية بديلة م��ن وال���ده‪.‬‬
‫والدب��ي��ة والعلمية‪ ،‬وعلى م�ستوى حل‬ ‫ا إلن�سانية‪ ،‬أ‬ ‫واعترب أ�ن م� ؤس�ولية احلفاظ على �إرثه هي م� ؤس�ولية‬
‫م�شاكل النا�س‪ ،‬وامل�شاكل التي كانت حت��دث بني‬ ‫عامة‪ ،‬و أ�ن فكره �سي�ستمر و�إن مل يربز ب�صورة مرجع‬
‫حمدد‪.‬‬
‫ور أ�ى أ�ن ال��ب��دي��ل يجب أ�ن يعك�س أ�ف��ك��ار ال��راح��ل‬ ‫أجرت صحيفة السفير لقا ًء مع سماحة السيد علي‬
‫البقاء على تقليد سماحة السيد املرجع فضل‬ ‫وتوجهاته‪ ،‬والروح الفقهية نف�سها‪ ،‬و�صورة ذاتها التي‬
‫الله(رض) بعد وفاته‪ ،‬إما جائز‪ ،‬بحسب بعض‬ ‫فضل الله جنل العالمة املرجع السيد محمد حسني‬
‫قدمها عن املرجعية‪.‬‬ ‫فضل الله(رض) ‪ ،‬وهو اللقاء االول مع سماحته بعد‬
‫الفقهاء‪ ،‬وإما واجب تبع ًا للبعض اآلخر‪.‬‬ ‫و أ�ك����د أ�ن امل��رج��ع��ي��ة لي�ست �إرث����� ًا‪ .‬لكنه أ�ب��ق��ى كل‬ ‫رحيل املرجع املقدس‪.‬‬
‫االحتماالت واردة بقوله‪« :‬ن� أس�ل اهلل أ�ن ي�ساعدنا‬ ‫وقد اجاب سماحته عن أسئلة فاتن قبيسي‪ ،‬التي‬
‫لنكون يف هذا املوقع‪ .‬وقد يتقدم أ�حد تالمذته لي�شغل‬ ‫تناولت رحيل املرجع الكبير(رض) واملسؤوليات‬
‫امل ؤ��س�سات واجلهات املختلفة‪ ،‬يف مواقف كثرية‪،‬‬ ‫هذا املوقع»‪.‬‬ ‫التي يتركها على املؤمنني في متابعة خطه‬
‫أ‬
‫وبالن�سبة اىل مقلدي املرجع الراحل‪ ،‬لفت اىل �ن با إل�ضافة اىل املوقعني ال�سيا�سي واجلهادي اللذين‬ ‫ومنهجه اإلسالمي األصيل واملعاصر‪..‬‬
‫البقاء على تقليده بعد وفاته‪� ،‬إما جائز‪ ،‬بح�سب بع�ض كان ميثلهما ويحر�ص عليهما‪ .‬كل هذا ا إلرث الكبري‬ ‫وفي ما يلي نص مقابلة «السفير»‪:‬‬
‫ال بد من أ�ن يبقى وميتد‪ ،‬و أ�ال يذهب �إرثه بذهاب‬ ‫الفقهاء‪ ،‬و�إما واجب تبع ًا للبع�ض ا آلخر‪.‬‬
‫وح��ول مقت�ضيات مواكبة امل�ستجدات على امل�ستوى اجل�سد‪ ،‬و أ�ن يبقى ال�سيد حا�ضر ًا يف ال��وج��دان‪.‬‬
‫االج��ت��ه��ادي‪ ،‬يعترب « أ�ن ال��غ��زارة ال��ت��ي ك��ان��ت لدى وهو مبثابة الوفاء احلقيقي له‪ .‬وتلك م� ؤس�ولية تقع‬ ‫مسؤوليات املرحلة وآفاقها‪:‬‬
‫�سماحته‪ ،‬قد ال يحتاج معها ا إلن�سان للرجوع اىل على عاتق الكثريين‪ ،‬وال �سيما املقربني منه‪ ،‬الذين‬ ‫ي�شعر ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬بكر املرجع ال�سيد حممد‬
‫مرجع �آخ��ر‪ ،‬لكن ثمة حاجة أ�حيان ًا اىل جمتهدين يجب أ�ن يكونوا أ�ك�ثر حر�ص ًا‪ ،‬ألنهم فهموه ووعوه‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل (ب�ين ال��ذك��ور)‪ ،‬بعظيم امل�صاب‬
‫أ�حياء‪ ،‬لكننا ل�سنا بوارد حتديد مرجع معني يرجع وعرفوا احليوية التي كان عليها‪« .‬لكنها يف النهاية‬ ‫برحيل والده‪ .‬لي�س باعتباره خ�سارة عامة فح�سب‪،‬‬
‫م� ؤس�ولية كل فرد من أ�فراد املجتمع‪ ،‬ممن ا�ستمعوا‬ ‫اليه النا�س‪ .‬فلكل فرد قناعاته»‪.‬‬ ‫أ�و افتقاد ًا خا�ص ًا ك أ�ب و أ��ستاذ تتلمذ على يديه فقط‪،‬‬
‫أ�ما بالن�سبة اىل الذين يريدون اليوم تقليد املرجع اليه وتعرفوا اليه من خالل كلماته ومواقفه‪ ،‬وكل‬ ‫بل لكونه ترك خلفه أ�ي�ض ًا م� ؤس�وليات عظيمة يتهيب‬
‫ال��راح��ل‪ ،‬في�شري ال�سيد علي �إىل وج��وب أ�ن ي�ستند الذين أ�حبوه‪ .‬لذا‪ ،‬أ�عتقد أ�ن هذا ا إلرث الكبري هو‬ ‫ال�سيد علي ا�ستالمها و�إكمال الطريق بعده‪.‬‬
‫ه ؤ���الء اىل مرجع أ�و جمتهد‪ ،‬لريى �إمكانية ابتداء م� ؤس�ولية عامة‪ ،‬و أ�ن يف هذه أالمة من �سيتابع هذه‬ ‫بخفر �شديد‪ ،‬ك��ان اب��ن احل��ادي��ة واخلم�سني يبكي‬
‫امل�سرية وميتد بها �إن �شاء اهلل»‪.‬‬ ‫التقليد يف هذه احلالة‪.‬‬ ‫فقيده الكبري أ�ثناء تقبله التعازي‪ .‬وهو رفيقه الذي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وال يغفل ال�سيد علي الت�كيد �ن باب «�سماحة ال�سيد»‬ ‫كان يالزمه اىل امل�سجد‪ ،‬منذ أ�ي��ام م�سجد ا إلم��ام‬
‫�سيظل مفتوح ًا‪ ،‬و أ�ن املكتب ال�شرعي أ�ي�ض ًا مفتوح مرجعية السيد(رض) املتميزة‪:‬‬ ‫الر�ضا(ع) يف بئر العبد‪ ،‬وحتى م�سجد ا إلمامني‬
‫للمراجعني‪« ،‬وال يجد أ�حد حرج ًا يف أ�ن يق�صده يف وح��ول م�صري املرجعية ي��ق��ول‪« :‬م��ن الطبيعي أ�ن‬ ‫احل�سنني(ع) يف حارة حريك‪ .‬وهو الناطق با�سمه‪،‬‬
‫أ�ي وقت»‪.‬‬ ‫وناقل فتاويه و�آرائه الفقهية‪ ،‬وقد أ�لفت أالذن �سماع‬
‫الغزارة التي كانت لدى «سماحته»‪ ،‬قد ال يحتاج معها اإلنسان للرجوع الى‬
‫وال�������س���ي���د ع���ل���ي دخ���ل‬ ‫�صوته عرب أ�ثري �إذاعة «الب�شائر» منذ �سنوات‪ ،‬يتلقى‬
‫مرجع آخر‪ ،‬وال سيما أنه تطرق الى تفاصيل التفاصيل في القضايا العامة‪.‬‬
‫ال�����ش أ���ن ال��ع��ام ب��اك��ر ًا‪،‬‬ ‫مراجعات امل�ستمعني يف هذا املجال‪ ،‬عرب الربنامج‬
‫ف أ��س�س «رابطة أ��صدقاء‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫يحمل البديل ملرجع كبري نفتقده‪ ،‬أ�ف��ك��ار الفقيد‬
‫اما بالن�سبة اىل الذين يريدون تقليد «ال�سيد»‪ ،‬فال‬ ‫ذاتها وتوجهاته‪ ،‬قد ال تكون متطابقة‪ ،‬لكنها يجب‬
‫بد لهم من أ�ن ي�ستندوا اىل مرجع أ�و جمتهد‪ ،‬يرى‬ ‫أ�ن تعك�س ال��روح ذاتها التي عبرّ عنها الفقيد‪ ،‬من‬
‫�إمكانية ابتداء التقليد‪ ،‬حيث ثمة فقهاء يرون ذلك‪،‬‬ ‫خالل جهده الفقهي‪ ،‬با إل�ضافة اىل ال�صورة التي‬
‫ممن يقولون ب أ�ن علم امليت ال ينتهي مبوته‪ ،‬وقد ال‬ ‫قدمها عن املرجعية‪ ،‬أ�ي ال�صورة التي يعي�ش عربها‬
‫يكون الر أ�ي الغالب»‪.‬‬ ‫املرجع مع النا�س‪ ،‬ويفكر بحاجاتهم‪ ،‬وال يحوجهم‬
‫وحول �إمامته �صالة اجلمعة‪ ،‬يقول ان «البع�ض يطرح‬ ‫حتى اىل تطبيق احلكم ال�شرعي‪ ،‬بل �إنه ي�سعى هو‬
‫ان ت��ك��ون «���ص�لاة اجل��م��ع��ة» حم�����ص��ورة مبجتهد أ�و‬ ‫لذلك‪ .‬املرجع الذي ينفتح على كل الق�ضايا‪ ،‬ويدخل‬
‫مرجع‪ ،‬فيما ي�شدد البع�ض ا آلخر على أ�همية أ�ن يكون‬ ‫اىل كل التفا�صيل يف الواقع ا إلن�ساين وحركة النا�س‪،‬‬
‫�إمام ًا ع��اد ًال‪ ،‬مبا يتيح له �إلقاء اخلطبتني الدينية‪،‬‬ ‫وهو أالمر الذي يحتاج اليه املجتمع‪ .‬من حيث املبد أ�‪،‬‬
‫وال�سيا�سية واالجتماعية»‪.‬‬ ‫�سنفتقد ال�سيد اىل أ�ن يقي�ض اهلل اىل أالمة من يحمل‬
‫كل هذه التوجهات وهذه الروح»‪.‬‬
‫مسؤولية اخلط والنهج‪:‬‬ ‫وي�ضيف‪ « :‬أ�عتقد أ�ن فكر «ال�سيد» االجتماعي قد‬
‫ويف ما يتعلق باجلانب الفكري وال�سيا�سي واجلهادي‬ ‫يظهر أ�ثره وا�ضح ًا‪ .‬قد تكون هناك بع�ض الغيوم التي‬
‫من حياة ال��راح��ل‪ ،‬ي��رى «ان ذل��ك مبثابة م� ؤس�ولية‬ ‫ُو�ضعت يف طريقه‪ ،‬يف �إط��ار ال�ضو�ضاء التي أ�ثريت‬
‫املؤسسات هي أمانة السيد(رض) وهي‬ ‫من حوله‪ ،‬لكن ك أ�ي عمل جتديدي يبد أ� به ا إلن�سان‬
‫تقع على ال��ذي��ن يحبون أ�ن ي�ستمروا على مواقفه‬
‫ملك لألمة‪ ،‬وستبقى للمجتمع بكل أطيافه‬ ‫يف مناخ �آخر‪ ،‬فمن الطبيعي أ�ن يواجه العقبات وردود‬
‫�إزاء املقاومة يف لبنان وفل�سطني‪ ،‬وك��ل م��ا يتعلق‬
‫واجتاهاته‪ .‬ويجب أن يكون اجلميع سند ًا‬ ‫الفعل وعالمات اال�ستفهام‪ .‬وعلى هذا أال�سا�س‪ ،‬أ�ظن‬
‫بامل�ست�ضعفني يف العامل‪ ،‬والوقوف مع ق�ضايا العدل‪.‬‬
‫لهذه املؤسسات‪..‬‬ ‫أ�ن هذا التوجه يف االجتهاد وطريقة التفكري‪ ،‬بد أ�ت‬
‫�سيبقى كل ذلك يف عهدة الذين يحبونه»‪.‬‬
‫نعتقد ب�شكل ع��ام أ�ن املرجعية �إرث‪ .‬عندما ي�صل اما يف اجلانب الفكري‪ ،‬في�شري اىل ان الراحل قدم‬ ‫ترى �آثارها يف الواقع الفقهي‪ ،‬وبد أ� الكثريون يتفهمون‬
‫�شخ�ص اىل موقع اجتهادي يقدم نف�سه للنا�س‪ ،‬وقد �صورة منوذجية عن ا إل�سالم يف كل ق�ضاياه‪ ،‬بحيث‬ ‫�آراء «�سماحة ال�سيد»‪ ،‬وبالتايل �سي�ستمر هذا الفكر‬
‫ُيقبل‪ ،‬وقد ال ُيقبل‪ .‬لكن االن�سان ي�سعى ويتابع‪ ،‬واملتابعة ا�ستطاع أ�ن يدخل اىل اجلميع‪ ،‬حتى الذين ال ي ؤ�منون‬ ‫االجتماعي‪ ،‬و�إن مل يربز ب�صورة مرجع حمدد‪ .‬وحتى‬
‫به كدين‪ ،‬كانوا ي�ستمعون اىل �آرائه‪ ،‬فتدخل عقولهم‬ ‫م� ؤس�ولية أ�كرب‪ ،‬لكونها تتعلق بالفكر االجتهادي»‪.‬‬ ‫املراجع الذين كانوا يختلفون مع ال�سيد‪� ،‬سيبد أ�ون‬
‫اىل جانب قلوبهم‪.‬‬ ‫التفكري بطريقة جديدة‪ ،‬و�سيفهمونه أ�كرث‪ ،‬وبع�ضهم‬
‫مرجعية السيد(رض)‪..‬مرجعية العصر‪:‬‬ ‫من �آمن ببع�ض �آرائه وتوجهاته فقهي ًا واجتهادي ًا»‪.‬‬
‫مواجهة الغلو‪:‬‬ ‫وح��ول الفتاوى املمكن �إ���ص��داره��ا ب�ش أ�ن الق�ضايا‬
‫كما أ�نه حارب مو�ضوع الغلو‪ ،‬وقد واجه على أ��سا�سه‬ ‫الطارئة وفق م�ستجدات الع�صر‪ ،‬يعترب « أ�ن الغزارة‬ ‫البقاء على تقليد السيد(رض) جائز أو واجب ‪:‬‬
‫حتديات‪ ،‬وكان يعترب انه كما ا إل�ساءة اىل اال�سالم‬ ‫وبالن�سبة اىل الذين يتبعون ال��ر أ�ي الفقهي للمرجع ال��ت��ي ك��ان��ت ل���دى «���س��م��اح��ت��ه»‪ ،‬ق��د ال ي��ح��ت��اج معها‬
‫و أ�ه��ل البيت م�شكلة‪ ،‬ف�إن املغاالة هي م�شكلة أ�ي�ض ًا‬ ‫الراحل‪ ،‬يو�ضح ال�سيد علي « أ�ن بع�ض العلماء يتفقون ا إلن�����س��ان ل��ل��رج��وع اىل م��رج��ع �آخ���ر‪ ،‬وال �سيما أ�ن��ه‬
‫لهذا الدين‪ .‬لهذا دعا اىل �ضرورة تنقية ا إل�سالم‬ ‫اليوم على ج��واز البقاء على تقليد امليت‪ ،‬وبع�ض تطرق اىل تفا�صيل التفا�صيل يف الق�ضايا العامة‪.‬‬
‫ومذهب أ�هل البيت مما دخل اليه‪ .‬ودعا اىل �إعادة‬ ‫الفقهاء يرون بوجوب البقاء‪ .‬وثمة ر أ�ي يقول انه قد‬
‫النظر ببع�ض أالمور التي ال متت ب�صلة اىل املذهب‪،‬‬ ‫السيد(رض) قدم صورة منوذجية عن اإلسالم‬ ‫ال يكون امليت بال�ضرورة أ�علم‪ ،‬ما ي�سمح للمقلدين‬
‫ودخلت على أ��سا�سه العادات والتقاليد‪ ،‬و أ��صبحت من‬ ‫في كل قضاياه‪ ،‬بحيث استطاع أن يدخل الى‬ ‫متابعة تقليدهم «لل�سيد»‪ ،‬ومتابعة امل�سرية الفقهية‬
‫املقد�سات‪� ،‬سيما مظاهر عا�شوراء‪ ،‬والتي ت�سيء اىل‬ ‫قلوب وعقول اجلميع‪ ،‬وعلى املؤمنني مواصلة‬ ‫التي �شعروا ب أ�نها متثل لهم ال�صورة أالمثل ملا ي ؤ�منون‬
‫أ�هل البيت‪.‬‬ ‫خطه في الوقوف مع قضايا العدل في العالم‪.‬‬ ‫به من دي��ن‪ .‬و�سيكون ذل��ك مبثابة ع��زاء للكثريين‬
‫لل�سالم‬ ‫ممن عا�شوا ال�صورة التي قدمها «ال�سيد» إ‬
‫أ‬
‫امل ؤ��س�سات أ�مانة‪:‬‬ ‫وامل��ذه��ب‪ ،‬لن��ه��م �سريونه حا�ضر ًا حتى بالتكليف ويكفي االنطالق من العناوين العامة لتطبيقها على‬
‫وعلى م�ستوى امل ؤ��س�سات االجتماعية‪ ،‬ي ؤ�كد انه «جعلها‬ ‫ؤ‬
‫ال�شرعي املتعلق بعباداتهم ومعامالتهم وكل �ش�ون التفا�صيل التي ميكن أ�ن حت�صل م�ستقب ًال‪ .‬لكن‬
‫أ�مانة‪ .‬وقد كان ي ؤ�كد أ�نها لي�ست ملك ًا ل�شخ�ص أ�و‬ ‫هناك حاجة أ�حيان ًا اىل جمتهدين أ�ح��ي��اء‪ ،‬يرجع‬ ‫حياتهم»‪.‬‬
‫للمة‪،‬‬‫جمعية‪� .‬صحيح أ�ن جمعية تديرها‪ ،‬لكنها ملك أ‬ ‫وحول خالفة املرجعية ي�شري اىل ان «ال�سيد» ا�ستطاع اليهم النا�س‪ .‬لكن ل�سنا ب��وارد حتديد مرجع معني‬
‫باعتبارها ت�سد حاجاتها‪ .‬من هنا يجب أ�ن تبقى هذه‬ ‫أ‬
‫�ن يغر�س يف قلوب تالمذته هذا الفكر االجتهادي‪ .‬يرجع اليه النا�س‪ .‬فلكل فرد قناعاته‪ ،‬ولكن ما نراه‬
‫امل ؤ��س�سات للمجتمع بكل أ�طيافه واجتاهاته‪ .‬ويجب‬ ‫وقد يربز منهم من يتقدم اىل املوقع الفقهي املتقدم بني كثريين من مقلديه قد ي�صعب عليهم تقليد أ�ي‬
‫أ�ن يكون اجلميع �سند ًا لهذه امل ؤ��س�سات‪ ،‬التي ترعى‬ ‫�شخ�ص ال ميتلك الروحية واالنفتاح ذاتيهما‪ ،‬اللذين‬ ‫الذي كان عليه الراحل‪.‬‬
‫فقراء‪ ،‬وهناك �آالف أاليتام‪ ،‬و�آالف العائالت التي‬ ‫ً‬
‫وحول ما �إذا كان مطروحا ان يخلفه يف املرجعية‪ ،‬كان ميلكهما «ال�سيد»‪ .‬أالمر �صعب‪ ،‬لكن اذا احتاجوا‬
‫كانت ت أ�خذ خم�ص�صات‪ ،‬وعدد كبري من املعوقني‪،‬‬ ‫أ‬
‫يقول ال�سيد علي‪« :‬كلنا تتلمذنا على يد «ال�سيد»‪ .‬و�نا ملن يرجعون اليه بالتقليد‪ ،‬فال بد لهم من ان ينطلقوا‬
‫أ أ‬ ‫ً‬
‫واملحتاجني اىل مراكز �صحية وم�ست�شفيات‪ ،‬والطالب‬ ‫�شخ�صيا وفقني اهلل �ن �كون تلميذه يف كل املراحل‪ ،‬من قناعاتهم»‪.‬‬
‫ال يجدون جما ًال للتعليم‪ .‬كل ذلك تركه «ال�سيد» يف‬ ‫��س���ال يو�ضح أ�ن «ال��ذي��ن �سيقلدون من‬ ‫ومنذ الدرا�سة أالوىل‪ ،‬وم��ا زل��ت أ�تعلم منه‪ .‬ومن ورد ًا على � ؤ‬
‫عهدة املجتمع‪ .‬وباب «�سماحته» مفتوح‪ ،‬وال يجد أ�حد‬ ‫أ‬
‫الطبيعي �ن كل �إن�سان يف موقعي الديني‪ ،‬ال يفكر جديد‪ ،‬فال بد لهم من الرجوع اىل مرجع ي�ستندون‬
‫حرج ًا يف أ�ن يدقه يف أ�ي وقت‪.‬‬ ‫بالعمل االجتماعي وا إلن�ساين فقط‪ ،‬وين�سى العمل اليه‪ ،‬وهذا عائد اىل القناعة‪ .‬وهو أ�مر ال ندخل يف‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الفقهي‪ .‬ون�س�ل اهلل �ن ي�ساعدنا لنكون بهذا املوقع‪ .‬حتديده‪.‬‬
‫وقد يحمل �آخ��رون من تالمذته هذه امل� ؤس�ولية‪ .‬وال‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫اال�ستكباري‪ ..‬ومن غري امل�سموح‬
‫خط احلر َّية وقيادة‬
‫ّ‬
‫ألولئك امللهمني يف ّ‬
‫ال�شعوب �إىل التّحرير‪ ،‬أ�ن يقتحموا على‬
‫ال�سياق‬
‫ّ‬
‫ح�ضور �أكبر في زمن الغياب‬
‫ال��ق��ارئ ال��غ��رب ّ��ي أ�و غ�ير ال��غ��رب ّ��ي حياته‬ ‫تعاىل عليه ـ الذي كان يقول‪« :‬علينا‬ ‫هاني عبدالله‬
‫ووجدانه‪..‬‬ ‫أ�ن نعطي العقل جرع ًة من العاطفة‬ ‫« أ�نا حزينة لتب ّلغي نب أ� وفاة �آية اهلل حممد‬
‫ال�صهاينة‪ ،‬فلقد ح�شر‬ ‫الق�صة ك ّلها عند ّ‬ ‫ّ‬ ‫ل�يرق ويلني‪ ،‬ونعطي العاطفة جرع ًة‬ ‫ّ‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬أ�حد عمالقة رجال حزب‬
‫ال��ع��د ّو يف ال��زاوي��ة‪ ،‬وب��ان��ت �صورته على‬ ‫من العقل لتتوازن‪ ،»...‬ودفعت ال ّثمن‬ ‫اهلل‪ ،‬ف أ�نا كنت أ�حرتمه ج ّد ًا»‪.‬‬
‫حقيقتها‪ ،‬و أ�ح���� َّ���س يف ال��ف�ترة أالخ�ي�ر‪،‬‬ ‫غ��ال��ي�� ًا‪ ،‬أل َّن��ه��ا مل تلتفت �إىل قواعد‬ ‫هذه هي اجلرمية التي ُيعاقب عليها قانون‬
‫وخ�صو�ص ًا بعد جمازره يف لبنان وغزَّة‪،‬‬ ‫أالدب أالم�يرك ّ��ي ال��ع��ايل يف ال��ت��زام‬
‫الوح�شي على أ��سطول احلر َّية‪،‬‬ ‫والهجوم‬
‫مريكي‪ ،‬ومن‬ ‫«‪ »CNN‬ومن ورائه القانون أال ّ‬
‫ّ‬ ‫دميقراط ّية يقولون � إ َّن��ه��ا أ�رق���ى من‬ ‫ال�صهيوين يف الواليات‬ ‫ورائه قانون ال ّلوبي ّ‬
‫ب أ�نَّ �شيئا ما يف العامل قد تغيرَّ ‪ ،‬و�نّ المور‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫دميقراط ّيات العامل ال ّثالث‪..‬؟!‪..‬‬ ‫املتّحدة أالمريك ّية‪ ،‬أ�و من وراء ذلك ك ّله‬
‫مل تعد على حالها‪ ..‬و أ�نَّ العامل بد أ� يكت�شف‬ ‫على ك ِّ��ل ح��ال‪ ،‬ف����إنَّ هجوم خارج ّية‬ ‫ين‪ ..‬ك ّل من ت�س ّول‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫�صورة الوح�ش وحقيقته يف هذا الكيان‪..‬‬ ‫قانون الكيان ّ‬
‫ال��ع��د ّو على ال�سفرية الربيطان ّية يف‬ ‫�شخ�صي‬
‫ّ‬ ‫ي‬‫ٍ‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫ر‬ ‫عن‬ ‫له نف�سه أ�ن يندفع برِّ‬
‫ع‬ ‫لي‬
‫ول��ذل��ك ���ص��درت أالوام����ر الدّميقراط ّية‬ ‫لبنان‪ ،‬فران�سي�س غاي‪ ،‬التي �سمحت‬ ‫لي�سجله على �صفحته عرب «ا إلنرتنت»‪...‬‬
‫ب�إق�صاء من ال ي أ�خذ بالدّميقراط ّية على‬ ‫ِّ‬
‫لنف�سها ب أ����ن تكتب ع��ن لقائها مع‬ ‫الطائرات والقذائف ـ الذك َّية وغري‬ ‫من ّ‬ ‫«�شطبت» ه��ذه اجلملة الزّميلة أ�وكتافيا‬
‫الطريقة أالمريك ّية ا إل�سرائيل ّية‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫�سماحته ـ ر���ض��وان اهلل ت��ع��اىل عليه ـ‪:‬‬ ‫ن�صر م��ن حم ّ��ط��ة التلفزيون أالم�يرك�� ّي��ة‬
‫ّ‬
‫فهنيئا لوكتافيا ن�صر حت�صيلها ال�شهادة‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الذك َّية ـ �إىل املنطقة‪ ،‬ب��دء ًا من العراق‪،‬‬
‫«عند زي��ارت��ه‪ ،‬ميكنك أ�ن تكون مت أ� ّكد ًا‬ ‫ليع ِّلمنا قواعد الدّميقراط ّية أالمريك ّية‪،‬‬ ‫«‪ ،»CNN‬رمبا ألنَّ �سماحة ال�س ِّيد ف�ضل اهلل‬
‫اجلديدة‪..‬‬ ‫حقيقي يرافقه جدال‬ ‫ّ‬ ‫نقا�ش‬
‫من ح�صول ٍ‬ ‫هو اال�سم أال َّول املد َّون على الئحة ا إلرهاب‬
‫وهنيئ ًا لكل من جت َّر� على قول احلقيقة‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ومع ذلك مل نتع َّلم‪ ..‬مل نتع َّلم كم�سلمني‬
‫حمرتم‪ ،‬ومن أ� َّنك عندما ترتكه �سيبقى‬ ‫أ�و كم�سيح ّيني‪ ..‬ألنَّ �شيئ ًا فينا ا�سمه‬ ‫أالم�يرك�� ّي��ة منذ عهد ال ّرئي�س أالم�يرك ّ��ي‬
‫و�إن يف بع�ض مالحمها‪..‬‬ ‫لك منه �شعور ب أ��� َّن��ك أ��صبحت �شخ�ص ًا‬
‫أ� ّما ا إلمرباطور ّية ا إلعالم ّية المريك ّية‪،‬‬
‫أ‬ ‫«ا إلن�سان» ال يزال ي�ص ّر على أ�ن ي�ستيقظ‬ ‫ّميقراطي» بيل كلينتون‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫«الد‬
‫الفعلي‬
‫ّ‬ ‫يل هو أالثر‬ ‫أ�ف�ضل‪ ،‬هذا بال ّن�سبة � إ ّ‬ ‫ب�شكل‬
‫فيعبرِّ عن نف�سه ويقول كلمته‪ ..‬و�إن ٍ‬ ‫مل ي�ستطع �صدر «الدّميقراط ّية» أالمريك ّية‬
‫ف��ه��ي ع��ل��ى ط��ري��ق ال�����زوال‪ ،‬مت��ام�� ًا كما‬ ‫احلقيقي‪ ،‬الذي يرتك أ�ثراً‬ ‫ّ‬ ‫لرجل الدّين‬ ‫�شخ�صي‪ ..‬كما خان �صدر‬ ‫أ�ن يتّ�سع لر أ� ٍي‬
‫ا إلمرباطور ّية املال ّية املهتزَّة‪ ..‬وبالتّايل‪،‬‬ ‫�شخ�صي ـ فتنهال ال��ع��ق��وب��ات وت�سقط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بغ�ض النظر عن‬ ‫يف جميع من يلتقيهم‪ّ ،‬‬ ‫ربرات‪..‬‬ ‫التربيرات أ�و امل ّ‬ ‫ه��ذه الدّميقراطية «املتدحرجة» عميدة‬
‫فهنيئ ًا ألم��ري��ك��ا أ�وب��ام��ا «عاملثالث ّيتها»‬ ‫دينهم»‪...‬‬ ‫ال�صحف ّيني يف البيت أالبي�ض (الذي ازداد‬
‫اجل�����دي�����دة‪ ..‬و أ� ً‬
‫ه���ل���ا ب��ه��ا �إىل ن���ادي‬ ‫« أ�وكتافيا ن�صر»‪ ،‬الزّميلة التي تع َّرفنا‬
‫ال�سفرية‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫ّ‬
‫ين‬ ‫هيو‬ ‫ال�ص‬
‫ّ‬ ‫الهجوم‬ ‫ه��ذا‬ ‫�إليها قبل أ�كرث من ع�شرين �سنة‪ ،‬وا ّلتي‬ ‫مع جميء أ�وباما) هيلني توما�س‪ ،‬عندما‬
‫الدّيكتاتوريات العرب ّية‪..‬‬ ‫ال�صورة‬ ‫أ‬
‫الربيطان ّية يف ب�يروت‪� ،‬و�ضح ّ‬ ‫ن�صحت ح��اخ��ام�� ًا ي��ه��ود ّي�� ًا أ�م�يرك�� ّي�� ًا ب أ���ن‬
‫«� إ َّنها من بركات ال�س ِّيد»‪ ..‬ك َّررها زميلي‬ ‫أ�ج���رت مقابل ًة م��ع �سماحة ال�س ِّيد منذ‬
‫متام ًا‪ :‬من غري امل�سموح ألح��د أ�ن يقول‬ ‫ذلك التّاريخ‪ ،‬وكانت تقوم بواجبها �ضمن‬ ‫ين�صح ا إل�سرائيل ّيني‪ ..‬بالعودة �إىل بالدهم‬
‫ال�شهادات تتك َّرر‬ ‫قائ ًال‪ :‬أ�ال ترى معي أ�نَّ ّ‬ ‫كلمة احلقّ �إذا كانت تزعج كيان العد ّو‪..‬‬ ‫عال من املهن َّية‪ ..‬جت َّر أ�ت هذه امل ّرة‪،‬‬
‫�سياق ٍ‬ ‫يف أ�ملانيا وبولندا والواليات املتّحدة‪ ،‬ألنّ‬
‫يف الغيب أ�كرث من احل�ضور‪� ...‬ال تدري‬
‫أ‬ ‫ومن غري امل�سموح أ�ن يتك ّون ر أ�ي عام أ�و‬ ‫أ‬ ‫فل�سطني هي لل�شعب الفل�سطيني‪..‬‬
‫أ�نَّ احل�ضور يزداد أ�لق ًا يف أ��ش ّد �ساعات‬ ‫و�سمحت لقلبها �ن يتق َّدم ليعطي مهن ّيتها‬
‫جمهور معينَّ حتى و�إن كان �صغري ًا‪ ..‬يعمل‬ ‫�شيئ ًا من احلنان الزائد‪ ،‬رمبا نزو ًال عند‬ ‫�إذ ًا‪ ،‬امل�شكلة تكمن فينا!!‪ ..‬فقد ا�ستقدم‬
‫الغياب ق�ساو ًة؟!‬ ‫على ت�صنيف النا�س وال��ق��ي��ادات خ��ارج‬ ‫ج���ورج ب��و���ش االب���ن ك��� ّل ت��ر���س��ان��ة أ�م�يرك��ا‬
‫ن�صيحة �سماحة ال�س ِّيد ـ ر���ض��وان اهلل‬

‫�إ�سرائيل‪ ،‬وهو أ�مر تراه بريطانيا كغريها‬ ‫ال ّر�سالة التي ن�شرت على موقع « تويرت»‬
‫م��ن دول ال �غ��رب‪ ،‬ي�خ��ال��ف �سيا�ستها يف‬
‫حربها �ض ّد ا إلرهاب وا�ستمرار ّية دعمها‬
‫ال�شهري‪ ،‬مت ّثل تهديداً لعالقات الغرب‬
‫الطبيعي‬
‫ّ‬ ‫مع �إ�سرائيل‪ ،‬وك��ان ر ّد الفعل‬
‫ّ‬ ‫«إسرائيل» تهت ّز بسبب فضل الله‬
‫�سرائيلي الدّاعم مل�صاحلها يف‬ ‫ّ‬ ‫للكيان ا إل‬ ‫ه��و اال� �س �ت �ج��اب��ة ل�ل��ّ��ض�غ��ط‪ ،‬وح� ��ذف ما‬ ‫ب��رن��ام��ج احل ��وار م��ع ال�ع��امل ا إل��س�لام��ي‬ ‫رمي خليفة*‬
‫املنطقة‪.‬‬ ‫كتبته ه��ذه الدّبلوما�س ّية الربيطان ّية‪،‬‬ ‫(داخ��ل اخلارج ّية الربيطان ّية) قبل أ�ن‬ ‫حذفت بريطانيا مد ّون ًة من على املوقع‬
‫لقد أ��شارت تقارير غرب ّية �إىل �ن ا إلدارة‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ولي�س كما قال متحدّث با�سم اخلارج ّية‬ ‫ت�صبح ��س�ف�ير ًة ل�ب�لاده��ا يف ب�ي�روت‪ ،‬أ� ّن‬ ‫ين ل �� �س �ف�يرت �ه��ا يف ب�ي��روت‪،‬‬ ‫ا إلل� � �ك �ت��رو ّ‬
‫أالمريك ّية ارتكبت خط أ�ً فادحاً ب�إدراجها‬ ‫الربيطان ّية � إ ّنه جاء بعد بحثٍ مدرو�س‪.‬‬ ‫�سيا�سي لبنا ّ‬
‫ين‬ ‫ّ‬ ‫«ف���ض��ل اهلل ك��ان أ�ك�ث�ر‬ ‫فران�سي�س غ��اي‪ ،‬أ�� �ش��ادت فيها باملرجع‬
‫ا�سم ف�ضل اهلل �ضمن قائمة ا إلره ��اب‪،‬‬ ‫ل �ق��د ج � ��اء ان� �ت� �ق ��اد م� ��د ّون� ��ة ال �� �س �ف�يرة‬ ‫�سعدت بلقائه(‪ )...‬ميكنك الت أ� ّكد من‬ ‫الديني الكبري‪� ،‬آي��ة اهلل حممد ح�سني‬ ‫ّ‬
‫ومقارنته بال�شخ�ص ّيات ا إلرهاب ّية‪ ،‬وهو‬ ‫الربيطان ّية بعد ف�صل حم� � ّرر ٍة كبري ٍة‬ ‫فعلي وج��دلٍ يف ج� ّو من‬ ‫نقا�ش ّ‬ ‫ح��دوث ٍ‬ ‫فيّ‬ ‫ّ‬
‫ف���ض��ل اهلل‪ ،‬ال� ��ذي ت � �و يف (‪ 4‬يوليو‬
‫م��ا ج�ع��ل م��وق��ف ا إلدارة م��ن ذل��ك غري‬ ‫ل� ��� �ش� � ؤ�ون ال� �� � ّ�ش ��رق أالو� � �س� ��ط يف ��ش�ب�ك��ة‬ ‫االح�ترام‪ ،‬والوثوق أ� ّنك �ستغادر �شاعراً‬ ‫‪ ،)2010‬وا ّلذي ت�ص ّنفه الواليات امل ّتحدة‬
‫بحق ف�ضل اهلل ا ّل��ذي كان حتى‬ ‫من�صف ّ‬ ‫ٍ‬ ‫(� �س��ي‪�.‬إن‪�.‬إن) التي أ�قالتها ب�سبب ن�شر‬ ‫ب أ� ّنك أ��صبحت �شخ�صاً أ�ف�ضل»‪ .‬وتابعت‪:‬‬ ‫و�إ�سرائيل �إرهاب ّياً ل�صالته بحزب اهلل‪،‬‬
‫متقدّماً يف �آرائ��ه مع حقوق امل��ر أ�ة‪ ،‬وهو‬ ‫ال ّر�سالة‪.‬‬ ‫«ال�ع��امل يحتاج �إىل م��زي��دٍ م��ن ال� ّرج��ال‬ ‫رغم أ� ّن ف�ضل اهلل كان يعترب واحداً من‬
‫أالم� ��ر ال ��ذي أ�ق� � ّرت ��ه أ�ي �� �ض �اً اخل��ارج � ّي��ة‬ ‫مثله‪ ،‬أ�ولئك ا ّلذين يرغبون يف م ّد اليد‬ ‫ال�شخ�ص ّيات الدّين ّية التي م ّثلت رم��زاً‬
‫ال�بري�ط��ان� ّي��ة يف بيانها ع��ن ت�صريحات‬ ‫� إ ّن ح�ج��م �شخ�ص ّية ف�ضل اهلل ق��د ب��د أ�‬ ‫�إىل م��ا ب�ع��د امل�ع�ت�ق��دات و�إق� ��رار حقيقة‬ ‫لل ّت�سامح‪ ،‬بل ومدافعاً قو ّياً عن حقوق‬
‫غاي‪.‬‬ ‫يفاجئ ال�ع��امل‪ ،‬حتى أ��صبحت أالخ�ب��ار‬ ‫العامل املعا�صر‪ ،‬ويتم ّتعون باجلر أ�ة على‬ ‫والخ�يرة‬ ‫ا إلن�سان واح�ت�رام التعدّدية‪ ،‬أ‬
‫�سرائيلي ك��ان متو ّقعا‪ً،‬‬
‫َّ‬ ‫� إ ّن ر ّد الفعل ا إل‬ ‫وال ّتقارير واملقاالت التي تكتب عنه‪ ،‬وال‬ ‫مواجهة القيود القدمية»‪.‬‬ ‫ما زالت تع ّد معادل ًة �صعبة ال ّتطبيق يف‬
‫وه��ي ا ّل�ت��ي اع �ت�برت ه��ذه ال ّت�صريحات‬ ‫�س ّيما يف الغرب املتقدّم‪ ،‬تثري حفيظة من‬ ‫ك�لام غ��اي ج��اء م� ؤ� ّث��راً و�صادقا للغاية‪،‬‬
‫ً‬ ‫العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عاملنا‬
‫ا�ستخفافاً �صارخاً باحللفاء ال ّتقليد ّيني‬ ‫هم �ض ّد العرب وامل�سلمني‪ ،‬ألنها أ�خذت‬ ‫خا�صةٍ‪،‬‬‫و�إن ك��ان يعبرّ عن وجهة نظ ٍر ّ‬ ‫غ ��اي ك�ت�ب��ت يف م��د ّون �ت �ه��ا حت��ت ع �ن��وان‬
‫للخارج ّية الربيطان ّية‪ ،‬ما أ�ث��ار غ�ضب‬ ‫منحى �آخ ��ر‪ ،‬وه��و ال ّت�سامح املتم ّثل يف‬ ‫غري أ� ّنه أ�حرج حكومتها و�سيا�ساتها �إزاء‬ ‫«وف ��اة رج��ل دم ��ث»‪ ،‬أ�ن �ه��ا ح��زن��ت ل��وف��اة‬
‫�إ�سرائيل ا ّلتي كانت تهت ّز من ف�ضل اهلل‬ ‫ال�شخ�ص ّية الدّين ّية التي كانت أ�ي�ضاً‬
‫هذه ّ‬ ‫امل��و��ض��وع ا إل��س��رائ�ي�ل� ّ�ي م��ع «ح ��زب اهلل»‬
‫أ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬و أ� ّن العامل «بحاجة �إىل مزيدٍ‬
‫حي‪ ،‬واهت ّزت حتى يف مماته‪.‬‬ ‫وهو ّ‬ ‫آ‬
‫حتظى ب ��راء ت�سعى �إىل ح��وار الدي ��ان‪،‬‬ ‫ا ّل ��ذي ت�ص ّنفه م��ع ا إلدارة أالم�يرك � ّي��ة‬ ‫من ال ّرجال من أ�مثاله ا ّلذين يريدون‬
‫(كاتبة بحرينيّة‪ -‬صحيفة الرّاية‬ ‫* ‬ ‫لك ّنه يف الوقت نف�سه مل يكن مرغوباً يف‬ ‫�ضمن قائمة ال ّتنظيمات ا إلرهاب ّية‪ .‬وقد‬ ‫ال ّتوا�صل بني أالديان»‪.‬‬
‫القطرية)‬ ‫جانب دعمه للهجمات التي ت�شنّ �ض ّد‬ ‫بع�ض من أ�ن�صار �إ�سرائيل‪ ،‬أ� ّن هذه‬ ‫ر أ�ى ٌ‬ ‫و أ��ضافت غ��اي التي كانت م�س ؤ�ول ًة عن‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪6‬‬
‫ب�ش أ�ن االختطاف ت��دور يف ذهني‪ ،‬حيث‬ ‫يف قتل حممود املبحوح قيادي حركة حما�س‬
‫التزمت بتوجيهاته لتجنب االختطاف‬ ‫يف دبي منذ ب�ضعة أ��شهر‪.‬‬ ‫فضل الله رجل عظيم‪..‬و«سي‪.‬أن‪.‬أن» أصبحت أكثر جبن ًا‬
‫يل بلطف وق��ال يل �إنه‬ ‫هناك‪ .‬وا�ستمع � إ ّ‬ ‫وينبغي كذلك �إظهار كيف أ�ن ف�ضل اهلل ‪-‬‬
‫علي ر ؤ�ية �صديق م�سلم �شيعي مقرب‬ ‫ينبغي ّ‬ ‫الذي كان �شاعرا أ�ي�ضا‪ -‬كان ب�إمكانه �شد‬ ‫روبرت فيسك‬
‫له يف العا�صمة العراقية‪ .‬ولقد فعلت هذا‪.‬‬ ‫أ�زر النا�س حتى بعد موته‪ ،‬عندما اختطف‬ ‫لقد خ َمّنت ذلك‪« :‬سي‪.‬أن‪.‬أن» استغنت عن أوكتافيا نصر‪ ،‬وهي واحدة من‬
‫وا�صطحبني �صديق م��ن املنت�سبني �إىل‬ ‫�صديقي وزميلي تريي أ�ندر�سون يف بريوت‬
‫ف�ضل اهلل �إىل النجف وكربالء الذي جل�س‬ ‫‪-‬وظ���ل ن��ح��و �سبع ���س��ن��وات تقريبا حتت‬ ‫كبار احملررين في الشرق األوسط‪ ،‬بعدما كتبت تعليقا على موقع «تويتر»‬
‫يف اجلزء أالمامي من ال�سيارة مبالب�سه‬ ‫�سطح أالر���ض ليق�ضي بذلك أ�ط��ول فرتة‬ ‫مدحت فيه املرجع الشيعي آية الله العظمى السيد محمد حسني فضل الله‬
‫الدينية وظل يقر أ� القر�آن الكرمي على طول‬ ‫أ��سر‪ -‬ذهبت لر ؤ�ية ف�ضل اهلل‪ ،‬الذي قابله‬ ‫في لبنان‪ ،‬ووصفته بأنه واحد من العمالقة الذي تكن له احتراما كبيرا»‪.‬‬
‫الطريق‪.‬‬ ‫أ�ندر�سون بنف�سه يف وقت‬
‫م�ضى‪ ،‬وقال يل ف�ضل اهلل‬ ‫ح�سنا‪ ،‬مل يكن ف�ضل اهلل رجل حزب اهلل‪،‬‬
‫وخالل كل �ساعة ق�ضيتها يف املدن العراقية‬ ‫ولكن ال يهم‪ .‬ولكن بالت أ�كيد كان واحدا من‬
‫املقد�سة‪ ،‬ك��ان يل لقاء م��ع بع�ض رج��ال‬ ‫«ل��ق��د ك��ان يف بيتي وك��ان‬
‫حت���ت ح��م��اي��ة ب��ل��ادي»‪،‬‬ ‫العمالقة‪ .‬رجل لديه علم هائل يف الفقه‬
‫الدين ال�شيعة‪ ،‬كل واحد منهم من الطالب‬ ‫وم ؤ�من بحقوق امل���ر أ�ة‪ ،‬وك��اره لـ «جرائم‬
‫ال�سابقني لف�ضل اهلل‪ .‬وكل واحد منهم مد‬ ‫و أ������ض����اف « أ�ن������ا أ�ع���ت�ب�ره‬
‫�صديقي»‪ ،‬رمبا كانت هذه‬ ‫ال�شرف»‪ ،‬وناقد لنظام احلكم الديني يف‬
‫يده يل برزمة كبرية من الكتابات والوثائق‬ ‫�إي���ران‪ ،‬وه��و �إل���خ‪ ...‬ح�سنا‪ ،‬من أالف�ضل‬
‫واخلطب التي جمعوها على مدى ال�سنوات‬ ‫املقولة ه��ي التي حفظت‬
‫حياة ت�يري‪ .‬وهنا �صدفة‬ ‫أ�ن أ�كون حذرا و أ�توقف عن ذكر حما�سن‬
‫الـ‪� 10‬إىل الـ‪� 15‬سنة املا�ضية‪ ،‬ووعدت كل‬ ‫املرجع اللبناين البارز ألنني رمبا قد أ�تلقى‬
‫واح��د منهم بعر�ض أ�وراق��ه��م على ف�ضل‬ ‫غري عادية‪ :‬لقد عاد تريي‬
‫�إىل ب�يروت ه��ذا أال�سبوع‬ ‫مكاملة هاتفية من باري�سا خ�سروي ‪-‬نائب‬
‫اهلل‪ ،‬وكذلك فعلت‪ ،‬وبعد �شهر من ذلك‪،‬‬ ‫رئي�س �شبكة «���س��ي‪ .‬أ�ن‪ .‬أ�ن»‪ -‬تبلغني فيها‬
‫عدت �إىل ال�ضاحية اجلنوبية لبريوت مع‬ ‫مع ع�صبة من الطالب‪.‬‬
‫ويف ه��ذه أالي���ام‪ ،‬تطالعنا‬ ‫ب�إيقايف عن العمل مثلما حدث مع أ�وكتافيا‬
‫اثنتني من احلقائب ال�ضخمة وا�ستقبلني‬ ‫م�ساعدة من قبل املرجع ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫ن�صر التي عملت طوال ‪ 20‬عام ًا يف �شبكة‬
‫ف�ضل اهلل بابت�سامة كبرية‪ .‬وكان يعلم ما‬ ‫ال�صحف بعناوين أ�ن ف�ضل اهلل مبثابة‬
‫املر�شد ال��روح��ي حل��زب اهلل وه��ذا لي�س‬ ‫وا آلن نتطرق �إىل فران�سي�س غاي‪� ،‬سفرية‬ ‫«�سي‪ .‬أ�ن‪ .‬أ�ن»‪.‬‬
‫يف احلقائب الواردة معي‪.‬‬ ‫�صحيحا‪.‬‬ ‫بريطانيا يف ل��ب��ن��ان‪ ،‬بعدما كتبت على‬ ‫ي��ا ع��زي��زي لقد أ��صبحت �شبكة «�سي‪.‬‬
‫ال يهمني –ب�����ص��راح��ة‪ -‬م��ا ت��ف��ك��ر فيه‬ ‫لقد دعم املقاومة اللبنانية خالل اجتياح‬ ‫مدونتها ال�شخ�صية أ�ن ف�ضل اهلل كان‬ ‫أ�ن‪ .‬أ�ن» امل�سكينة أ�ك�ث�ر جبنا منذ هذه‬
‫خ�سروي نائبة مدير �شبكة «���س��ي‪ .‬أ�ن‪ .‬أ�ن»‬ ‫�إ�سرائيل للبنان عام ‪ 1982‬وكان معار�ضا‬ ‫رجال حترتمه وت�شعر باالمتنان أ�ثناء اللقاء‬ ‫اللحظة ول��ذل��ك مل يعد أ�ح���د يهتم بها‬
‫ب�ش أ�ن هذه الق�صة وال يهمني ما يعتقده‬ ‫�شر�سا لل�سيا�سة أالمريكية يف املنطقة ‪-‬‬ ‫معه يف لبنان‪ ..‬ولقد تعر�ضت غاي ملوجة‬ ‫ك��ث�يرا‪ ،‬فلي�س م��ن املمكن أ�ن ي��ق��ال مثل‬
‫م� ؤس�ولو وزارة اخلارجية ا إل�سرائيلية وال‬ ‫مثل أ�ي �شخ�ص �آخر تقريبا يف العامل مبا‬ ‫غ�ضب من وزارة اخلارجية ا إل�سرائيلية‬ ‫هذا املدح يف حق ف�ضل اهلل‪ ،‬هذا الرجل‬
‫ال�سفراء الربيطانيون‪ .‬ولكنني أ�عتقد‬ ‫يف ذلك داخل الواليات املتحدة نف�سها‪-‬‬ ‫ب�سبب ثنائها على الرجل‪ ،‬وقال املتحدث‬ ‫الذي يتذكر أالمريكيون مباركته للتفجري‬
‫أ�ن ف�ضل اهلل ك��ان رج�لا عظيما ومهما‬ ‫كما طالب بو�ضع حد ل�سفك الدماء الذي‬ ‫با�سم اخلارجية ا إل�سرائيلية �إنه �سيكون‬ ‫االن��ت��ح��اري ال���ذي ���ض��رب ق��اع��دة مل�شاة‬
‫جدا‪ ،‬حيث ما فعلته خطبه الثابتة ب�ش أ�ن‬ ‫يحدث �إبان احتفاالت ال�شيعة يف عا�شوراء‬ ‫«مثريا لالهتمام» معرفة كيف تفكر وزارة‬ ‫البحرية أالمريكية يف بريوت عام ‪1983‬‬
‫وح�سن اخللق‬ ‫احلاجة �إىل التجدد الروحي ُ‬ ‫(ع��ن��د ال�شيعة يعترب ح���دادا على مقتل‬ ‫اخلارجية الربيطانية يف ت�صريحات غاي‪.‬‬ ‫و أ�دى �إىل مقتل ‪� 241‬شخ�صا‪ ،‬وق��د نفى‬
‫كان أ�كرث من املتوقع ال�س َّيما يف بلد يغمره‬ ‫حفيد النبي)‪.‬‬ ‫و أ�نا �شخ�صيا � أس�كون أ�كرث اهتماما ملعرفة‬ ‫ف�ضل اهلل متام ًا ت أ�ييده لهذا الهجوم‪ ،‬و أ�نا‬
‫في�ضان البالغة واخلطابة‪ ،‬ولقد �شاركت‬ ‫وذهبت لر ؤ�ية ف�ضل اهلل مرة أ�خرى‪ ،‬قبل‬ ‫كيف تفكر وزارة اخلارجية ا إل�سرائيلية يف‬ ‫أ��صدقه‪ ،‬أ�عتقد أ�ن االنتحاريني ال يحتاجون‬
‫احل�شود يف ت�شييع ج��ن��ازة ف�ضل اهلل يف‬ ‫ان أ�توجه اىل بغداد مع الكثري من أالفكار‬ ‫ج��وازات ال�سفر الربيطانية التي ز َّورتها‬ ‫�إىل مباركة ألنهم م ؤ�منون ب أ�نهم يقومون‬
‫بريوت‪ ،‬و�إنني ل�ست منده�شا لذلك‪.‬‬ ‫احلكومة ا إل�سرائيلية من أ�جل ا�ستخدامها‬ ‫بواجبهم جتاه اهلل من دون احلاجة ألي‬

‫وتهدف اىل امل�س بواحد من أ�ه��م حمرمات‬ ‫أ�خ��رى من بالد العرب وامل�سلمني‪ ،‬والتي‬
‫ال�صراع‪ ،‬أ�ي القد�س و�إنهاء عملية تهويدها‬
‫واال�ستيالء عليها‪ ،‬وحققوا جناحات مذهلة‬
‫��س���ا ًال جوهري ًا‬
‫تطرح على الغرب عامة � ؤ‬
‫حول �شروط انتقاله من املرحلة الث أ�رية‬ ‫�سقوط بريطاني‬
‫على اجلبهة أالمريكية التي انهارت م ؤ�خر ًا‬ ‫اىل املرحلة التفاعلية مع �سكان تلك البالد‬
‫و���س��ح��ب��ت خ��ط��اب ال��رئ��ي�����س ب����اراك اوب��ام��ا‬ ‫التي مل يكن ا إلره��اب ا إل�سالمي نتاجها‬ ‫قبلها من ال�سفراء الربيطانيني يف بريوت‬ ‫ساطع نور الدين‬
‫املزعوم حول امل�صاحلة مع العرب وامل�سلمني‪،‬‬ ‫املنطقي وال الطبيعي‪.‬‬ ‫منذ مطلع الثمانينيات‪ ،‬ود أ�بوا على زيارته‬ ‫مل يكن ما تعر�ضت له ال�سفرية الربيطانية يف‬
‫وتراجعت عن جميع النداءات اخلا�صة مبنح‬ ‫يف خلفية هذا ال� ؤس�ال‪� ،‬صدرت �إ�شارات‬ ‫وحماورته من موقع املختلف الذي ال يف�سد‬ ‫لبنان فرن�سي�س غاي ناجم ًا فقط عن ترهيب‬
‫الفل�سطينيني بع�ض حقوقهم ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫والمريكيني‬ ‫�سابقة توحي ب أ�ن الغرب عموم ًا أ‬ ‫للود واالح�ترام ق�ضية‪ ،‬لكنه يحفظ قدر ًا‬ ‫�إ�سرائيلي أ�و �إذع���ان بريطاين‪ .‬ثمة ما هو‬
‫مكتفية بالرتكيز على واجب ا إلغاثة‪.‬‬ ‫والربيطانيني ب�شكل خ��ا���ص �سئموا من‬ ‫طبيعي ًا من الفهم املتبادل‪ ،‬بني الرجل‬ ‫أ�خطر و أ�بعد عن كل الكالم عن أ�ن �إ�سرائيل‬
‫ما جرى مع ال�سفرية فرن�سي�س غاي‪ ،‬ال يخرج‬ ‫�سلوك دولة �إ�سرائيل جتاه الفل�سطينيني‬ ‫ال��ذي ال ميكن اخت�صاره بال�سيا�سة‪ ،‬وال‬ ‫بحكومتها و�سيا�ستها وجمتمعها احل��ايل‬
‫عن هذا ال�سياق‪ .‬ثمة جبهة بريطانية تتداعى‬ ‫وحتديها مل�شاعر العرب وامل�سلمني ومل�صالح‬ ‫مي��ك��ن �إن��ك��ار مرجعيته ال��وا���س��ع��ة‪ ،‬وب�ين‬ ‫حتولت من ذخر اىل عبء ا�سرتاتيجي على‬
‫بطريقة م�شينة وال أ�خالقية‪ ،‬وال تقيم حرمة‬ ‫الغربيني‪ ،‬ووج��ه��وا أ�ك�ثر من �إن���ذار خفي‬ ‫الدبلوما�سيني الذين ي�ستكملون مهمات‬ ‫حلفائها الغربيني الذين يتلم�سون طريقهم‬
‫مليت يعرف الربيطانيون أ�ك�ثر م��ن �سواهم‬ ‫اىل ا إل�سرائيليني ب أ�ن الوقت قد حان لكي‬ ‫الرحالة او امل�ست�شرقني أالوائل‪.‬‬ ‫يف احلملة الع�سكرية وال�سيا�سية الراهنة على‬
‫م��دى اعتداله وانفتاحه‪ ،‬مثلما يعرفون أ�ن‬ ‫ين�ضبطوا يف احلملة الغربية ومتطلباتها‬ ‫وغ��ال��ب�� ًا م��ا ك��ان ال��ت��وج��ه اىل دار ال�سيد‬ ‫العاملني العربي وا إل���س�لام��ي‪ ،‬التي ت�ضاهي‬
‫احلكومة ا إل�سرائيلية احلالية‪ ،‬وبالتحديد‬ ‫وي�ساهموا يف �إجناحها من خالل تقدمي‬ ‫ال����راح����ل‪ ،‬ل��ي�����س ف��ق��ط ب��ال��ن�����س��ب��ة اىل‬ ‫احلملة اال�ستعمارية أالوىل يف نهايات القرن‬
‫وزارة اخلارجية التي كانت م�صدر احلملة‬ ‫بع�ض «التنازالت» الكفيلة باحتواء التوتر‬ ‫الربيطانيني من دون �سواهم من الغربيني‪،‬‬ ‫التا�سع ع�شر وبدايات القرن الع�شرين‪.‬‬
‫على ال�سفرية‪ ،‬هي ا�شبه بتجمع للمعتوهني‬ ‫الفل�سطيني واال�ستياء العربي وا إل�سالمي‪.‬‬ ‫ا�شبه برحلة ثقافية يف عامل م�شرقي غني‬ ‫ال بالعرف الدبلوما�سي وال أالخالقي وال حتى‬
‫الذين ال ميتون ب أ�ي �صلة اىل الدبلوما�سية وال‬ ‫لكن ي��ب��دو أ�ن ا إلن����ذار مل ي�صل‪ ،‬أ�و أ�ن‬ ‫ب���إرث��ه الديني وعمقه الفكري‪ ،‬ازدادت‬ ‫باملعيار ال�سيا�سي‪ ،‬ارتكبت ال�سفرية فرن�سي�س‬
‫حتى ال�سيا�سة‪ ..‬لكنهم ما زالوا قادرين على‬ ‫نتيجته كانت عك�سية مت��ام�� ًا‪ .‬فقد خرج‬ ‫اهميته و أ�ولويته بعد هجمات ‪ 11‬ايلول عام‬ ‫غ���اي خ��ط أ��� يف رث��ائ��ه��ا ال�شخ�صي الرقيق‬
‫تغيري ال�سيا�سة اخلارجية الربيطانية و أ�ب�سط‬ ‫ا إل�سرائيليون يف حملة م�ضادة �شر�سة‬ ‫‪ ، 2001‬واحل��روب االنتقامية التي �شنها‬ ‫للعالمة ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫( ال�سفري)‬ ‫قيمها االن�سانية‪.‬‬ ‫تتخطى حماية «مكت�سباتهم» ال�سابقة‪،‬‬ ‫الغرب على أ�فغان�ستان ثم العراق و أ�نحاء‬ ‫الذي عرفته عن قرب مثلما عرفه الكثريون‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪7‬‬
‫�إليه‪ ،‬بل يجب جتاوز ذلك أ�و تطويره‪ ،‬ألنّ‬
‫ذلك هو �س ّنة التط ّور يف احلياة‪ ،‬و�سبيل‬
‫ليكون االجتهاد الديني مواكب ًا للع�صر‪ ،‬ال‬ ‫الفقيه الذي �أحدث انقالب ًا في مفهوم المرجعية‬
‫يتج َّمد عند اجتهاد باعتباره مقد�س ًا‪ ،‬وهو‬
‫يف حقيقة أالمر غري مقدّ�س‪.‬‬ ‫د‪ .‬جنيب نور الدين‬
‫ل��ق��د ن���زع �سماحته ال��ق��دا���س��ة لي�س عن‬ ‫���رات م��ن اجلهتني‬ ‫��دات وم ؤ����ام ٍ‬‫حتتار من أين تبدأ حني تريد أن تتناول شخصيةً مرجعيةً وقامةً علمائيةً بحجم م��ن ت��ه��دي ٍ‬
‫املجتهدين فح�سب‪ ،‬رغ��م تعظيمه لهم‪،‬‬ ‫سماحة آية الله العظمى السيِّد محمد حسني فضل الله‪ ،‬فهو شخصية استثنائية مع ًا‪ ،‬ورائ��ده أ�ن احلقّ ال ي�ستقيم له عمد‬
‫ب��ل ن��زع ال��ق��دا���س��ة أ�ي�����ض�� ًا ع��ن أ�ف��ك��اره��م‬ ‫بالتنازالت والت�سويات وامل�ساومات‪ ،‬حتى‬
‫وكتاباتهم ونتاجاتهم التي جت َّمد أ�مامها‬ ‫بكل ما للكلمة من معنى‪ ،‬شخصية متعددة األبعاد واآلفاق‪.‬‬
‫لو تط َّلب ذلك أ�ن ندفع‬
‫دار�سو العلوم ا إل�سالمية‪ ،‬وكان يرى أ�نه‬ ‫أالث����م����ان ال��غ��ال��ي��ة يف‬ ‫لقد م ّثل عالمة فارقة يف تاريخ املرجعيات‬
‫ال بد من اجل��ر أ�ة يف مناق�شة هذه ا آلراء‬ ‫�سبيله وال��ث��ب��ات عليه‪،‬‬ ‫ال��دي��ن��ي��ة يف ال��ع��امل ا إل���س�لام��ي‪� ،‬سن ِّيها‬
‫�سبي ًال �إىل تطويرها وجتاوزها �إن أ�مكن‬ ‫ألنّ ك�� ّل م��ا ع��دا احلق‬ ‫و�شيع ّيها‪ ،‬وال نبالغ �إذا قلنا � إ ّن��ه أ�ح��دثَ‬
‫�إىل أالف�ضل‪.‬‬ ‫ولنّ ماينفعالنا�س‬ ‫زائل‪ ،‬أ‬ ‫انقالب ًا يف املفهوم التقليدي للمرجعيات‬
‫وقد أ�خ�ضع هذه أالفكار للبحث والدّر�س‪،‬‬ ‫أ‬
‫ميكث يف الر�ض‪.‬‬ ‫الدينية ودوره���ا‪ .‬فال�سائد أ�ن املرجعية‬
‫وقال �إنّ يف هذه أالفكار واملعارف ما ينتمي‬ ‫ف��ه��م ال���� ّدي����ن ���س��ب��ي ً‬
‫�لا‬ ‫ال��دي��ن��ي��ة ه��ي م��رج��ع��ي��ة م��ق��ت�����ص��رة على‬
‫�إىل زمان �إنتاجه‪ ،‬وبالتّايل‪ ،‬فلقد ا�ستوفى‬ ‫ل�لارت��ق��اء ب��ا إلن�����س��ان‪،‬‬ ‫االخ��ت�����ص��ا���ص الفقهي حت���دي���د ًا‪ ،‬لكنها‬
‫الغر�ض والوظيفة من ظهوره يف حينه‪،‬‬ ‫ولرفع م�ستوى �إن�سانية‬ ‫م��ع ال�س ِّيد‪ ،‬حت�� ّول��ت �إىل مرجعية دينية‬
‫حيث كان منا�سب ًا لبيئته‪ ،‬وحاج ًة أل�سئلة‬ ‫ا إلن�سان‪ ،‬فتحدّث عن‬ ‫و�سيا�سية واجتماعية وفكرية وتربوية‬
‫هذه البيئة املعرفية والدينية‪ .‬و�إذا كان‬ ‫أ�ن�سنة ال��دي��ن‪ ،‬واعترب‬ ‫وج��ه��ادي��ة وح���واري���ة و�إن�����س��ان��ي��ة‪ ،‬حت��اور‬
‫والفكار ما ي�صلح ألن‬ ‫من هذه املعارف أ‬ ‫�نّ الدي��������ان وج���دت‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�إ���ش��ك��االت ال��واق��ع وجتادلها لتجرتح من بذلك يجعلون من دين اهلل كائن ً‬
‫ي�ستمر‪ ،‬فهذا ما ُنبقي عليه ونراكم فوقه‪،‬‬ ‫قدر‬ ‫على‬ ‫ا‬
‫خلدمة امل�سرية الب�شرية‪ ،‬و أ� ّنها البو�صلة‬ ‫أ�حجامهم وقيا�ساتهم‪...‬‬
‫جدلية العالقة بينه وبني ا إل�سالم احللول‬
‫أ�م��ا ما يعني ع�صرنا وزماننا و�إ�شكاالت‬ ‫عرف عنه أ�نه رجل احلوار واالنفتاح على التي ت�ص ّوب م�سارها باجتاه ا�ستكمال‬ ‫املنا�سبة‪...‬‬
‫واقعنا وحا�ضرنا‪ ،‬فيجب أ�ن جنتهد له مبا‬ ‫كل أالفكار الدينية وغري الدينية‪ .‬كان يرى ال�����ص�يرورة احل�ضارية للب�شرية‪ ،‬فكان‬ ‫ً‬
‫وب��ه��ذا املعنى‪ ،‬ك��ان �سماحته �شخ�صية‬
‫ينا�سبه‪ ،‬كي نكون بج ّد ممن يحملون دين ًا‬ ‫ِّ‬
‫مرجعي ًة �شمولي ًة‪ ،‬حمل ق�ضايا ا إلن�سانية يف احلركات ا إل�سالمية رافعات للم�شروع يرى أ�ن القر�آن كتاب احلياة‪ ،‬وهو أ��سا�س‬
‫مواكب ًا لق�ضايا الع�صر ومتط ّلباته‪.‬‬ ‫يف وجدانه وقلبه و�ضمريه‪ ،‬وك��ان جريئ ًا ا إل�سالمي‪ ،‬و أ�ح��د أ�جنحته التي تتكامل املعرفة الدينية‪ ،‬وا إلط��ار ـ النظام لبناء‬
‫من هنا‪ ،‬اعترب �سماحته أ�ن على املجتهد‬ ‫يف طرح مواقفه من جممل هذه الق�ضايا‪ ،‬مع جناحه ا آلخ���ر‪ ،‬أ�ي الفكر ا إل�سالمي حياة اجتماعية و�سيا�سية حمكومة للمبادئ‬
‫أ�ن يواكب الع�صر‪ ،‬و�إال فلي�س الجتهاداته‬ ‫انتقادات امل�ستنري غري املتك ّل�س على قناعات عفا والقيم التي تعلي من �ش أ�ن ا إلن�سان وتع ّبده‬ ‫ٍ‬ ‫غري �آبه مبا ميكن أ�ن يواجهه من‬
‫قيمة عملية يف احلياة‪ .‬فللمعرفة يف يقني‬ ‫هلل وح���ده‪ ،‬وت��دع��وه �إىل حتطيم أ��صنام‬ ‫و��شكاالت وخماطر‪...‬‬
‫خط م�ستقيم متوا�صل ال‬ ‫�سماحة ال�س ِّيد ّ‬ ‫أ‬ ‫جإ��م��ع ب�ين ان��ت��م��ائ��ه ال���س�لام��ي ونف�سه عليها الزمن‪.‬‬
‫�آمن �سماحته بنوعني من املقاومة‪ :‬املقاومة النف�س و��صنام الواقع مهما كربت‪.‬‬ ‫إ‬
‫يتو ّقف عند حدّ‪ ،‬ولي�س هناك من حمطة‬ ‫وتوجهه ا إلن�ساين‪ ،‬فاعترب أ�نّ باملفهوم الع�سكري ال�سائد وامل��ق��اوم��ة أ�همية �سماحة ال�س ِّيد‪ ،‬أ� ّن���ه ك��ان يحمل‬ ‫ا إلمي��اين ّ‬
‫معرفية تعترب م��ق�� ّد���س�� ًة ي��ك��ون التج ّمد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مبعناها الفكري‪ ،‬وب أ�نهما يكمل بع�ضهما م�شروعا ح�ضاريا كبريا‪ ،‬ومل يكن ي�ستثني‬ ‫�سريها‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫��ط‬ ‫خ‬ ‫يف‬ ‫تتكامل‬ ‫��دة‬ ‫أالدي���ان وح‬
‫أ�مامها أ�مر ًا الزم ًا‪ ،‬ألن لكل زمان رجاله‬ ‫بع�ض ًا‪ ،‬أالوىل مهمتها ف�ضح اال�ستعمار من ه��ذا امل�شروع أ�ح���د ًا من أ�ب��ن��اء أال ّم��ة‬ ‫وكان دائم الت�كيد على امل�شرتكات‪.‬‬ ‫أ‬
‫وجمتهديه ومعارفه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫وخمططاته وممانعة احتالله وهيمنته‪ ،‬العربية وا إل�سالمية‪ ،‬وحتى مفكري و�حرار‬ ‫َّ‬ ‫حركة‬ ‫أ�درك منذ البداية أ�نّ أالدي��ان هي‬
‫أ��ستطيع أ�ن أ�ق��ول �إنّ �سماحة ال�س ِّيد كان‬ ‫َّ‬
‫ً‬
‫يف حياة ا إلن�سان‪ ،‬ولي�ست مق َّد�سات نتج َّمد وخ�����ص��و���ص�� ًا أالم�يرك��ي��ة وا إل���س��رائ��ي��ل��ي��ة‪ ،‬العامل‪ ،‬بل مل يكن يرى تناق�ضا بني �سعي‬
‫�شخ�صي ًة ا�ستثنائي ًة يف ظروف ا�ستثنائية‪،‬‬ ‫أ�مامها‪ ،‬وق��د قامت فل�سفته على مقولة وال��ث��اين مهمته مواجهة ب ؤ���ر منظومات ه ؤ���الء و�سعي علماء الدين يف تقاطعهم‬
‫ففي غ��م��رة ان���زالق أالدي����ان وال��ط��وائ��ف‬ ‫والتكفري وم��واق��ع التخلُّف التي ال حول هذا امل�شروع‪ ،‬فخا�ض معهم العديد‬ ‫ّ‬ ‫ا إل�سالم احلركي‪ ،‬القتناعه ب أ�نّ القر�آن‪،‬‬
‫واملذاهب �إىل خنادقها الع�صب ّية وكهوفها‬ ‫الغل ّو‬ ‫وهو كتاب احلياة‪.‬‬
‫ين من النقا�شات واحل��وارات‪ ،‬وتبادل معهم‬ ‫تفقه ال��دي��ن مبعناه ال��رب��اين ال ّرحما ّ‬
‫وتوجهاتها‬ ‫املوح�شة‪ ،‬و أ�فكارها املغلقة‪ّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬
‫�لا ل�ش ّد الفكار والتوجهات‪ ،‬وك��ان عونا لكل من‬ ‫أ‬ ‫وا إلن�������س���اين‪ ،‬وال ت���راه �إال ���س��ب��ي ً‬ ‫��ة‬ ‫ك‬ ‫��ر‬ ‫حل‬ ‫ا‬ ‫��س‬ ‫�‬ ‫��‬‫ي‬ ‫��س��‬ ‫�‬ ‫أ‬
‫���‬ ‫ت‬ ‫��ى‬‫ل‬ ‫��‬ ‫ع��م��ل �سماحته ع‬
‫الفئوية ال�ضيقة‪ ،‬كان يرى يف الدين �سبي ًال‬ ‫ا إل�سالمية العاملية و�شارك يف انطالقتها ع�صبياتها‪ ،‬وزرع بذور االنق�سام وال�شقاق يرى يف نه�ضة أال ّمة �سبي ًال �إىل خال�صها‬
‫لوحدة ا إلن�سانية‪ ،‬وواح ًة للمحبة ا إللهية‪،‬‬ ‫أالوىل‪ ،‬وك��ان ره��ان��ه دائ��م�� ًا على اجليل بني �صفوفها‪ ،‬وتعويق م�سريتها احل�ضارية وا�ستقاللها وحريتها‪...‬‬
‫و أ�ن وظيفة أالديان مل تكن يوم ًا غري �إقامة‬ ‫نحو امل�ستقبل‪ ،‬واالقت�صار على جهويات وم��ن العنا�صر أال�سا�سية التي ر أ�ى أ�نها‬ ‫ال�شاب اململوء حيوي ًة وحما�س ًة و�إميان ًا‬
‫العدل واملحبة بني النا�س‪.‬‬ ‫ك��ان همه كيف نظ ّهر البعد ا إلن�����س��اين ودول ال يهتم كل منها �إال مبا يجري يف �ضرورية لقيامة البنيان احل�ضاري‪ ،‬جملة‬
‫ال�س ِّيد ف�ضل اهلل ك��ان بحقّ رج��ل دي��ن‪،‬‬ ‫للدين‪ ،‬كيف نقدم الدين أ�طروح ًة عاملي ًة قطره‪ ،‬بد ًال من أ�ن تكون أال ّمة على �سعتها ق�ضايا كربى ال ب ّد من العمل عليها ك�شرط‬
‫�صرف جهد ًا كبري ًا ال�ستنقاذ الدين من‬ ‫والمل وغاية ال ّن�ضال والهدف أ����س��ا���س إلزال����ة ال��ع��وائ��ق م��ن أ�م����ام ه��ذا‬ ‫الهم أ‬ ‫تتجاوز كل الطوائف واملذاهب والفئويات‬
‫حرا�س املغاور والكهوف الطائفية‪ ،‬ون�شر‬ ‫والع�صبيات‪ ،‬واعترب أ�نه ال بد من تقدمي مداها ّ‬
‫امل�شروع الكبري‪:‬‬ ‫ال����س�ل�ام ك��م�����ش��روع ح�����ض��اري متكامل واملرجتى‪...‬‬
‫قيمه يف الهواء الطلق‪ ،‬ولعله من الرجال‬ ‫�شخ�ص �سماحته م�صدرين للخطر الق�ضية أالوىل‪ ،‬االهتمام باملقاومة �سبي ًال‬ ‫إ‬
‫القالئل الذين �سعوا �إىل �إظ��ه��ار الوجه‬ ‫لقد ّ‬ ‫أ‬
‫للعامل �جمع‪ ،‬لذلك رف�ض ح�صر ميدان على أال ّمة العربية وا إل�سالمية؛ أالول من للخال�ص من الكيان ال�صهيوين‪ .‬والق�ض ّية‬
‫ا إلن�ساين للدين‪ ،‬بعدما حت َّول على أ�يدي‬ ‫عمله بقطر أ�و م�صر‪ ،‬ح��زب أ�و جهة‪ ،‬داخ��ل‪ ،‬ويتمثل بنزعات التطرف والغل ّو الثانية‪ ،‬وحدة أالمة ا إل�سالمية باعتبارها‬
‫جتار أالدي��ان وا آللهة �إىل �سلعة يف �سوق‬ ‫تكفري بع�ضهم ال�سبيل أالوح����د إلح��ب��اط ك��� ّل م�شاريع‬ ‫ُّ‬ ‫وبقي م�ستق ًال ع��ن ك��ل أالط���ر الر�سمية‬
‫النخا�سة لطالبي ال�سلطة واملال واجلاه‪،‬‬ ‫والتنظيمية‪ ،‬رغم أ�نه كان مر�شد ًا وع�ضد ًا اللذين ذهبا بامل�سلمني �إىل‬
‫بع�ض ًا‪ ،‬وترتيب أ�ثر هذا التكفري حماوالت الهيمنة وال ّنهب واال�ستتباع و�إف�شالها‪.‬‬
‫ال��ذي��ن ا�ستبدلوا بتجارتهم ه��ذه نعيم‬ ‫مت َّيز بجر أ�ته يف مراجعة الكثري من الثوابت‬ ‫لكل احلركات ا إل�سالمية يف العامل‪ ،‬امتد‬
‫ا آلخرة أال ّ‬ ‫للنزاع واالقتتال‪.‬‬
‫بدي‪ ،‬بفتات الدنيا الزائلة‪.‬‬ ‫نظره دائم ًا �إىل أ�ق�صى أالر�ض قائ ًال �إنّ وا آلخ���ر من خ��ارج‪ ،‬وحت��دي��د ًا اال�ستكبار التي كادت تتح َّول �إىل مق َّد�سات‪ ،‬وهي نتاج‬
‫ويطيب يل أ�ن �خ��ت��م بجوابه على �ح��د‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أالمريكي‪ ،‬ال��ذي وجد فيه مانع ًا وحائ ًال اجتهادات جمتهدين ي�صيبون ويخطئون‪،‬‬ ‫يعم الدنيا‪ ،‬ونحن ال‬ ‫وج��د لكي َّ‬ ‫ا إل�سالم ِ‬
‫�سائليه عندما ا�ستو�ضحه ملن يكتب والعامل‬ ‫ال�سابقني من‬ ‫ؤ‬
‫ن�ستحي من العمل على ��سلمة العامل‪ ،‬لكن أ�مام وحدة أال ّم��ة‪ ،‬دو ًال و�شعوب ًا وحركات وكان دائم القول �إنّ ه�الء ّ‬ ‫أ‬
‫ا إل�سالمي يف انحدار ألنه ال يقر أ�‪ ،‬فقال‬ ‫العلماء قد اجتهدوا لواقعهم الذي عا�شوا‬ ‫باحلجة‪،‬‬
‫احلجة ّ‬ ‫باحلوار وا إلقناع ومقارعة ّ‬
‫يا بني أ�كتب ألجيال امل�ستقبل‪ .‬رمبا كان‬ ‫وم�ستقب ًال‪.‬‬ ‫واملنطق باملنطق وامل�شروع بامل�شروع‪...‬‬
‫ان�صب جهده يف خالل �سنوات حياته فيه‪ ،‬حيث ا�ستخدموا ما توافر لديهم من‬ ‫َّ‬ ‫وكان أ�كرث ما يزعجه‪ ،‬أ�ن يقدّم العاملون لذا‬
‫الراحل الكبري على �صواب ألن التاريخ‬ ‫أالخ��ي�رة‪ ،‬على جبه ه��ذي��ن اخلطرين‪ ،‬العلوم واملعارف‪ ،‬وا�ستفادوا منها يف �إنتاج‬
‫علمنا أ�ن قدر الرجال العظماء أ�ن يعرفوا‬ ‫لل�سالم �إ�سالمهم انطالق ًا من زواياهم من طريق ف�ضحهما‪ ،‬غري �آ ٍبه مبا يالقيه �آرائ��ه��م الفقهية والعقائدية والفكرية‪،‬‬ ‫إ‬
‫بعد رحيلهم‪.‬‬ ‫ونحن يجب أ�ال نتج َّمد أ�م��ام ما َّ‬
‫تو�صلوا‬ ‫الطائفية واملذهبية أ�و املناطقية‪ ،‬ألنهم‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫آخر صورة التقطت لسماحة املرجع الراحل‪ ،‬آية الله‬
‫العظمى السيد محمد حسني فضل الله (رض)‪ ،‬ويبدو‬
‫فيها شقيقه متصفح ًا ديوان سماحته األخير «في‬
‫دروب السبعني» وذلك مساء يوم اخلميس ‪ 19‬رجب‬
‫‪ 1431‬هـ املوافق‪ 1 :‬متوز (يوليو) ‪ 2010‬م‪ ،‬‬

‫لحظات ال�سيّد الأخيرة في الم�ست�شفى‪:‬‬


‫�صلّى ركعتين واغم�ض عينيه‪-...‬‬
‫معها‪ ،‬اقرتحتُ عليه م ّرتني أ�ن يقول لها � إ ّنه �سيخرج من امل�ست�شفى ويعود �إىل املنزل‬ ‫أ�ُدخِ ل �سماحة العالمة املرجع ال�س ِّيد حم ّمد ح�سني ف�ضل اهلل(ر�ض) �إىل امل�ست�شفى‬
‫يل ورفع أ��صبعه قائ ً‬
‫ال‪:‬‬ ‫وجه كالمه � إ ّ‬ ‫�صباح الغد‪ ،‬فلم يجبني‪ ،‬وعندما أ�نهى املكاملة‪ّ ،‬‬ ‫نهار أالحد‪ ،‬الواقع فيه ‪ 8‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪ 2010-6-20 /‬م ب�شكلٍ طارئ‪� ،‬إثر تدهو ٍر يف‬
‫ال وقال يل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫للهَّ‬
‫} َوال َت ُقو َل َّن ل َِ�ش ْي ٍء ِ� إنيِّ َفاعِ ٌل َذل َِك َغداً * �إِال أ�َن ي ََ�شا َء ا {‪ ،‬ثم أ�طرق قلي ً‬ ‫�صحته‪ ،‬وقد ظ ّل (ر�ضوان اهلل عليه) يف «م�ست�شفى بهمن» يف ق�سم العناية امل�شدّدة‬ ‫ّ‬
‫« أ�خ�بر �إخوانك أ�ن يتابعوا مو�ضوع امل�سجد»‪ ،‬قا�صداً أ�ن يدفن يف م�سجد ا إلمامني‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫ط��وال فرتة �إثنا ع�شر يوما‪ ،‬وقد مت ّكن الط� ّب��اء من حما�صرة امل�شكلة امل�ستجدّة‬
‫احل�سنني(ع)‪ ،‬ثم كبرّ ثالثاً‪ ،‬ومتتم ب�صوتٍ خافتٍ بالدّعاء بني ال ّتكبريات ال ّثالث‪،‬‬ ‫ومعاجلتها‪ ،‬وكان من املق ّرر أ�ن يخرج �سماحته من امل�ست�شفى �صبيحة يوم اجلمعة ‪20‬‬
‫ثم ابت�سم ابت�سام ًة م�شرقة‪ ،‬وته ّلل وجهه‪ ،‬وكان ينظر �إىل الباب وقال‪ :‬أ�ريد أ�ن أ�نام‪،‬‬ ‫مل ب�سماحته فاج أ� املحيطني‪،‬‬ ‫رجب ‪ 1431‬هـ ‪� ، 2010-7-2 /‬إال أ� ّن نزيفاً داخل ّياً حا ّداً أ� ّ‬
‫�صحة �سماحته‪ ،‬وقد أ�فاق‬ ‫ال�سريع واخلطري يف ّ‬ ‫أ�ريد أ�ن أ�نام‪ .‬ومن ث ّم بد أ� ال ّتدهور ّ‬ ‫�سريع ج ّداً‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أ�وجد م�ضاعفاتٍ وا�شرتاكات‪ ،‬وتدهور على ا إلثر و�ضعه ّ‬
‫ال�ص ّحي ب�شكلٍ‬
‫بعد الثالثة فجراً وق��ال‪ :‬أ�ري��د أ�ن أ��صلي‪ ..‬فقلنا له � إ ّن وقت �صالة ال�صبح مل يحن‬ ‫ما أ�دّى �إىل وفاته بعد يومني‪.‬‬
‫بعد‪ ،‬ف�ص ّلى ركعتني‪ ،‬وكانت ال�صالة �آخر عملٍ فعله يف حياته ال�شريفة‪ .‬وقد تدهور‬ ‫فماذا ح�صل ليلة اجلمعة؟‬
‫الو�ضع ال�صحي ل�سماحته بعدها ب�شكل مت�سارع وخطري ج��داً‪� ،‬إىل أ�ن كانت الوفاة‬ ‫أ‬
‫يجيب أ�حد أ�بناء �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‪ ،‬ب� ّنه مل ي َر �سماحة ال�س ّيد مبثل هذا ا إل�شراق‬
‫حيث ارتفعت روحه املقد�سة اىل بارئها �صبيحة يوم أالحد ‪ 22‬رجب ‪ 1431‬هـ ‪-7-4 /‬‬ ‫واحليو ّية منذ فرتة طويلة من مر�ضه‪ ،‬حتى «ظن ّنا أ� ّن �سماحته �سي�ست أ�نف أ�داء‬
‫ال�ساعة ال ّتا�سعة وخم�س ع�شرة دقيقة بتوقيت بريوت»‪.‬‬ ‫‪ّ 2010‬‬ ‫�صالة اجلمعة وخطبتيها بعد وقتٍ طويلٍ من االنقطاع ب�سبب معاناته مع املر�ض‬
‫يذكر أ�ح��د املم ّر�ضني أ� ّن��ه طلب من �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‪ ،‬يف أ�ن يرتاح يف جل�سته‪،‬‬ ‫وهن و أ�وجاع‪ ،‬وقد حدّثنا �سماحته (ر�ض) باهتمام كبري‪ :‬لقد عملت‬ ‫وم�ضاعفاته من ٍ‬
‫ف أ�جابه‪« :‬لن أ�رتاح حتى تزول «ا�سرائيل»‪.‬‬ ‫من أ�جل الوحدة ا إل�سالمية على مدى اكرث من خم�سني عاما‪ ،‬وحتدّث مط ّوال مع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ف� إ ّنا هلل و� إ ّن��ا �إليه راجعون‪ ،‬و�سالم عليك يا �س ّيدنا‪ ،‬يوم ول��دت‪ ،‬وي��وم تو ّفيت‪ ،‬ويوم‬ ‫ال�سبعني»‪ ،‬وعن بع�ض ق�صائده‪ ،‬وعن‬ ‫ال�شعريّ اجلديد «يف دروب ّ‬ ‫�شقيقيه عن ديوانه ّ‬
‫تبعث ح ّياً‪.‬‬ ‫ذكرياته يف ال ّنجف أال�شرف ويف ت�بني ال�س ّيد حم�سن المني (قده) «‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ال‪« :‬طلب �سماحته أ�ن يتحدث مع الوالدة على الهاتف‪ ،‬و أ�ثناء كالمه‬ ‫وتابع قائ ً‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫السيّد فضل الله من خالل جنازته‬
‫�����ص��ه��ي��و ّ‬
‫ين وال��ه��ي��م��ن��ة اخل��ارج�� ّي��ة‪،‬‬ ‫ال ّ‬ ‫ين‬‫ال�صهيو ّ‬ ‫�سيا�سات االعرتاف بالكيان ّ‬ ‫منير شفيق‬
‫يقت�ضيان الوحدة ودرء الفنت ال ّداخلية‬ ‫ّ‬
‫وعقد اال ّت��ف��اق��ات معه و�إدارة الظهر‬ ‫الشيب والشبّان‪ ،‬ومن‬ ‫عشرات األلوف‪ ،‬أو مئات األلوف من الرّجال والنّساء‪ ،‬من ّ‬
‫على اخ��ت�لاف عناوينها وم�سم ّياتها‬ ‫للمقاومة‪ .‬وكم من مف ّكرين و�سيا�س ّيني‬ ‫شيعة وسنّة ودروز ومسيحيّني‪ ،‬ومن أطياف علمانيّة ويساريّة وليبراليّة‪ ،‬كلّ‬
‫وذرائ��ع��ه��ا‪ ،‬ف أ���ن��ت ال ت�ستطيع و أ�ن���ت‬ ‫ا�ستفهام على فكرهم‬ ‫ٍ‬ ‫و�ضعوا عالمة‬ ‫واملفكر والفقيه املجتهد‪،‬‬‫ّ‬ ‫هؤالء شاركوا بحجم أو بآخر في جنازة العالمة‬
‫حتارب أ�ولئك أالع��داء‪ ،‬أ�ن تفتح باب ًا‬ ‫و�سيا�ساتهم ونظافتهم‪ ،‬حني ر ّوج��وا‬ ‫آية الله السيد محمد حسني فضل الله‪ ،‬األمر الذي يعني أنّ مثلهم أو أكثر منهم‬
‫لفتنة داخل ّية‪ .‬و�إذا ذهبت‪ ،‬مهما كانت‬ ‫لل�سيا�سات أالمريك ّية والعوملة والتّ�سوية‬ ‫مختلطي‬
‫نْ‬ ‫شاركوا من بعيدٍ عبر ما أفصحوا عنه للرّاحل الكبير من حزنٍ ومديحٍ‬
‫امل�س ّوغات‪� ،‬إىل فتن ٍة داخل ّي ٍة‪ ،‬فال مف ّر‬ ‫ال��ت��ي ي��ق��ف ع��ل��ى ر أ����س��ه��ا االع��ت�راف‬ ‫بخوف دفنيٍ مما يعنيه رحيله من خسار ٍة وفقدان‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لك من املهادنة مع اخل��ارج و أ�عوانه‪.‬‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫ين‪.‬‬ ‫بالكيان ّ‬
‫�����ص��راع ا ّل���ذي تواجهه‬ ‫ففي ظ��روف ال ّ‬ ‫ّ‬
‫هنا وق��ف ال�س ّيد ف�ضل اهلل كالطود‬
‫بالدنا العرب ّية وا إل�سالم ّية‪ ،‬ال ي�ستقيم‬ ‫ال�شامخ يف مواجهة املنافقني واملع ّوقني‬ ‫ّ‬
‫ين وت�صالح‬ ‫ال�صهيو ّ‬‫أ�ن تقاوم الكيان ّ‬ ‫وامل��ث��ب��ط�ين يف ع�����ص��رن��ا‪ ،‬وع��ن��وان��ه��م‬
‫أ�مريكا‪ ،‬فال هي تر�ضى بذلك‪ ،‬وال أ�نت‬ ‫االع����ت���راف ب���ال���ك���ي���ان ال�����ص��ه��ي��وين‬
‫ت�ستطيع أ�ن تقاوم أ�مريكا وت�صاحلها‬ ‫واخل�ضوع ألمريكا وقلب ظهر املجنّ‬
‫ب�سيط‪ ،‬ك ْون‬
‫ل�سبب ٍ‬‫يف �آ ٍن واحد‪ ،‬وذلك ٍ‬ ‫للمقاومة وللحقوق وال ّثوابت يف الق�ض ّية‬
‫ين وجهني‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫أ�م�يرك��ا وال��ك��ي��ان ّ‬ ‫الفل�سطين ّية‪ ،‬وك ّلها من ثوابت ا إل�سالم‪.‬‬
‫لعملة واحدة‪.‬‬ ‫فمن أ�ج��ل ه��ذا التّاريخ امل�ش ّرف عن‬
‫فمن هنا‪َ ،‬ح َ�س َم ال�س ّيد حممد ح�سني‬ ‫الق�ض ّية الفل�سطين ّية واملقاومة‪ ،‬ودفاع ًا‬
‫ف�ضل اهلل موقفه من أ�مريكا �سيا�س ّي ًا‪،‬‬ ‫عن احلقوق وال ّثوابت‪ ،‬ورف�ض ًا �صارم ًا‬
‫وح�سمت هي موقفها منه‪ ،‬و أ�درج��ت��ه‬ ‫�سيا�سات‬
‫ٍ‬ ‫لل�سيا�سات أالمريك ّية وك�� ّل‬
‫�����س��وداء‪ .‬وك���ان ال ب ّد‬ ‫على قائمتها ال ّ‬ ‫ين‪،‬‬ ‫�����ص��ه��ي��و ّ‬
‫دول��� ّي��� ٍة ت��دع��م ال��ك��ي��ان ال ّ‬
‫أ‬
‫احل�سمني من �ن ينعك�سا على‬ ‫لهذين ْ‬ ‫ّ‬
‫ت��داف��ع��ت ه��ذه احل�����ش��ود وراء النع�ش‬ ‫يتعاملون مع من يتح ّلى ق��و ًال وعم ًال‬ ‫العربة أالوىل يف ه��ذا امل�شهد ال ّنادر‬
‫فقهه وعلى مواقفه‪ ،‬ويف املق ّدمة‪ ،‬ما‬ ‫املهيب‪ .‬وكانت تلك املواقف ال�شعب ّية‬ ‫وال�شجاعة واملوقف احلقّ‬ ‫باال�ستقامة ّ‬ ‫بحجمه وتن ّوعه‪ ،‬مل تكن �إال ت أ�ييد ًا أ�و‬
‫روح وحدو ّي ٍة داخل ّي ٍة على‬ ‫اتّ�سم به من ٍ‬ ‫الوا�سعة من ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬ ‫ال�صواب‪ ،‬وقد يخطئ ال ّنا�س‬ ‫وال�� ّر أ�ي ّ‬ ‫قبو ًال أ�و �إعجاب ًا ملا كان عليه الفقيد‬
‫ك ّل م�ستوى‪ .‬وهذه �سيا�سة‪ ،‬ويف الفقه‬ ‫اهلل وتكرميه قد جاءا كما يليق به‪.‬‬ ‫يف أ�حكامهم على احل���االت ال��ت��ي يف‬ ‫م��ن م��واق��ف و���س�يرة‪��� ،‬س��واء أ�ك���ان يف‬
‫�سيا�سة أ�ي�ض ًا‪ ،‬هي التي ح�شدت ك ّل‬ ‫و�إنّ من يتّخذ موقف ًا مبدئ ّي ًا حازماً‬ ‫املناطق ال ّرماد ّية‪ ،‬أ� ّما احلالة ال ّثالثة‬ ‫جم��ال الفقه وال��ف��ت��اوى‪ ،‬أ�م يف جمال‬
‫ذلك التن ّوع ال��ذي عرفته اجلنازة أ�و‬ ‫من ق�ض ّية حترير فل�سطني‪ ،‬ويخو�ض‬ ‫للوىل‪ ،‬فق ّلما يخطئ النا�س‬ ‫امل�ضا ّدة أ‬ ‫ال�سيا�سة والق�ضايا املحل ّية والكربى‪.‬‬
‫عك�سته التّعليقات على خرب رحيله من‬ ‫املعني من بطانة احلاكم‬ ‫ّ‬ ‫حني يكون‬ ‫فالنا�س ال تق ّدر العلم �إال �إذا اقرتن‬
‫عاملنا‪.‬‬ ‫العبرة في هذا املشهد النّادر بحجمه‬ ‫وم��ن �شهود ال���زّور‪ ،‬أ�و يكون منحاز ًا‬ ‫بالعمل‪ .‬فالعلم يف �صدر �صاحبه أ�و بني‬
‫وتن ّو عه‪ ،‬لم تكن إال تأييد ًا ملا‬ ‫للقوى أالجنب ّية ال��ك�برى‪ ،‬فلن مي�� ّر‪،‬‬ ‫كتاب‪ ،‬ال ي�صل �إىل ال ّنا�س‪ ،‬ولن‬ ‫د ّف ْتي ٍ‬
‫على أ�نّ ثمة وجه ًا �آخر ميكن أ�ن ُيقر أ�‬ ‫كان عليه الفقيد‪ ،‬سواء في مجال‬ ‫مهما جت ْل َب َب بالعلم‪ ،‬وتظاهر بالتّقوى‪.‬‬ ‫يعرف أ�ين يريد أ�ن يذهب مبن يتبعه‪.‬‬
‫م��ن خ�ل�ال م��ا ع��رف��ت��ه اجل���ن���ازة من‬ ‫الفقه والفتاوى‪ ،‬أم في مجال القضايا‬ ‫امل�شكلة دائم ًا يف املنطقة ال ّرمادية‪.‬‬ ‫ولكنّ املوقف والعمل واملمار�سة هي ما‬
‫جماهري وتع ّدد أ� ٍ‬ ‫الكبرى‪.‬‬ ‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل كان من‬ ‫علم‪ ،‬وما يف‬
‫لوان �سيا�س ّي ٍة وفكر ّي ٍة‬ ‫ال�صدور من ٍ‬ ‫يعبرّ ع ّما يف ّ‬
‫ومذهب ّي ٍة ودين ّية فيها‪ ،‬وه��و أ�نّ وعي‬ ‫غ���م���ار دع����م امل���ق���اوم���ة‪ ،‬وي��ت�����ص�� ّدى‬ ‫الفئة أالوىل‪ .‬وقد برز‪ ،‬ب�صور ٍة ّ‬
‫خا�ص ٍة‬ ‫وحتليل‪ ،‬وهي‬ ‫ٍ‬ ‫وفكر‬
‫حتقيق ٍ‬‫ٍ‬ ‫الكتب من‬
‫غالب ّية ال ّنا�س م ؤ� َّ�س�س على مبد أ� العداء‬ ‫ألمريكا الواقفة كل ّي ًا يف جبهة الكيان‬ ‫ل��ل��ج��م��ه��ور‪ ،‬أ�و اجل��م��اه�ير‪ ،‬م��ن جهة‬ ‫ما ي�صل �إىل ال ّنا�س‪.‬‬
‫ين والهيمنة اخلارج ّية‪،‬‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫للكيان ّ‬ ‫مواقفه يف دع��م املقاومة امل�س ّلحة يف‬ ‫ال�صدور‬ ‫علم يف ّ‬ ‫وبالطبع‪ ،‬لي�س من ٍ‬ ‫ّ‬
‫ين‪ ،‬ال ب��� ّد ل��ه م��ن أ�ن يكون‬ ‫ال�����ص��ه��ي��و ّ‬
‫ّ‬
‫ب�سبب التجارب الطويلة معهما‪ ،‬وهو‬ ‫حري�ص ًا أ����ش�� ّد احل��ر���ص على وح��دة‬ ‫لبنان وفل�سطني‪ ،‬ويف فتاواه التي ر ّدت‬ ‫أ�و يف الكتب‪� ،‬إال ول�صاحبه مواقف‬
‫م ؤ� َّ�س�س على مبادئ ا إلميان واملقاومة‬ ‫امل�سلمني وع��ل��ى وح���دة ال��ع��رب وعلى‬ ‫على ك�� ّل فتوى أ�حجمت أ�و اعرت�ضت‬ ‫بال�صمت‬ ‫حم َّددة‪ ،‬ولو كان املوقف يتّ�سم ّ‬
‫والوحدة واالنفتاح وو�سط ّية ا إل�سالم‬ ‫وحدة ك ّل مك ّونات املجتمع‪ ،‬و أ�ن يكون‬ ‫على مقاومة االحتالل والعدوان‪ .‬وقد‬ ‫أ�و الالموقف‪ .‬ودعك مما قد يتّ�سم به‬
‫تاريخي‬
‫ّ‬ ‫واعتداله‪ .‬وهذا ك ّله خمزون‬ ‫يف لبنان‪ ،‬مث ًال‪ ،‬حري�ص ًا على وحدة‬ ‫مبدئي مل يتزحزح عن‬ ‫ّ‬ ‫مبوقف‬
‫ٍ‬ ‫حت�صن‬
‫ّ‬ ‫من �شجاع ٍة أ�و جنب‪ ،‬ومن ا�ستقام ٍة أ�و‬
‫يف وعي أال ّم��ة‪ .‬فمن هنا‪ ،‬التقى هذا‬ ‫امل�سيح ّيني وامل�سلمني‪ ،‬كما على وحدة‬ ‫ين‬‫ال�صهيو ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالكيان‬ ‫�تراف‬ ‫ع‬ ‫اال‬ ‫حترمي‬ ‫لل�شعب واحل��قّ أ�و‬ ‫نفاق‪ ،‬ومن انحيازٍ ّ‬
‫ال�سيا�سي الذي تب ّناه‬
‫ّ‬ ‫الوعي مع ّ‬
‫اخلط‬ ‫امل�سلمني‪ .‬ولهذا كان ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫أ�و التّفريط ب أ� ٍّي من احلقوق وال ّثوابت‬ ‫لل�سلطان وال ّدول الكربى‪ .‬فال‬ ‫ممال ٍة ّ‬ ‫أ‬
‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬فتبادَال‬ ‫متما�سك ًا يف فقهه ويف فكره ويف مواقفه‬ ‫يف الق�ض ّية الفل�سطين ّية‪.‬‬ ‫ال�سنني والعقود‪،‬‬ ‫�شيء يخفى مع مرور ّ‬
‫اجلميل وتكامال‪.‬‬ ‫ال�سيا�س ّية‪ ،‬حني أ��صبح عنوان ًا لوحدة‬ ‫ه��ذه الق�ض ّية ال��ت��ي ت�ش ّكل م��ع��ي��ار ًا ال‬ ‫فال ّنا�س بعد اهلل هُ م ا ّلذين يحكمون‬
‫أ‬
‫ف��رح��م��ة اهلل ع��ل��ي��ه‪ ،‬و����س��ك��ن��ه ف�سيح‬ ‫أال ّمة ا إل�سالم ّية ووحدة أال ّمة العرب ّية‬ ‫ُيخطئ يف تقومي املواقف منها‪ ،‬فكم‬ ‫وال�سيا�سي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫على ال��ع��المِ ‪ ،‬أ�و املف ّكر‪،‬‬
‫جنانه‪.‬‬ ‫ال�شيعة وال�س ّنة‪.‬‬ ‫ووحدة لبنان ووحدة ّ‬ ‫ا�ستفهام‬
‫ٍ‬ ‫من علماء قد ر�سموا عالمة‬ ‫العادي أ�ي�ض ًا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واحلاكم‪ ،‬وا إلن�سان‬
‫(�شبكة اجلزيرة)‬ ‫ألنّ ال���وق���وف امل��ب��دئ ّ��ي ���ض�� ّد ال��ك��ي��ان‬ ‫�شجعوا‬ ‫على علمهم وا�ستقامتهم حني ّ‬ ‫وق ّلما أ�خط أ� النا�س يف أ�حكامهم عندما‬

‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬


‫و�صاحبه‪ ،‬وبني اهلل وا إلن�سان‪ .‬أ� ّما احلوار‬
‫امل�سيحي‪ ،‬كما يقول عنه ال�س ّيد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فهو «حت ّرك يهدف �إىل �إغناء ا إلن�سان ّية‪،‬‬
‫العاملي القيم ال�سامية‬ ‫ّ‬
‫�سالمي‬
‫ّ‬
‫فيربز على امل�ستوى‬
‫ا إل‬
‫�سيّد المحبّة الإ�سالميّة ـ الم�سيحيّة‬
‫التي يلتقي عليها الدّينان يف تثمري حركة‬ ‫يتح ّلى ب�صفاء العقل والقلب وال ّروح‪ ،‬ورمز ًا‬ ‫األب أنطوان ضو*‬
‫ا إلن�سان يف تط ّلعه �إىل امل�ستقبل»‪.‬‬ ‫من رم��وز احلركة ا إل�سالم ّية املعا�صرة‬ ‫غياب املرجع العالّمة السيّد محمد حسني فضل الله خسارة إسالميّة مسيحيّة‪،‬‬
‫وال�سالم‬ ‫�إنّ احل��وار هو طريق اخلال�ص ّ‬ ‫ا ّل����ذي ك�� ّر���س ح��ي��ات��ه ل��ل�� ّدف��اع ع��ن حرية‬
‫والعربي‬
‫ّ‬ ‫الوطني‬
‫ّ‬ ‫ال�صعيد‬
‫والتقدّم على ّ‬ ‫وال�صالة‬ ‫الفكر واالجتهاد والعقالن ّية‪ ،‬أ‬ ‫وطنيّة وعربيّة‪ .‬بوفاته نفتقد عامل ًا كبيراً‪ ،‬ومجتهد ًا كرّس حياته خلدمة‬
‫والعاملي‪ .‬واحلوار‬ ‫ّ‬ ‫وامل�سيحي‬
‫ّ‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫وا إل‬ ‫احلقيق ّية‪ ،‬واالنفتاح على ا آلخر وا إل�صغاء‬ ‫اإلسالم واملسلمني وفكرهم وقضاياهم وغدهم‪ ،‬وبالتّالي خدمة كلّ إنسان‬
‫يجابي يقودنا أ�ي�ض ًا �إىل بناء ح�ضارة‬ ‫ا إل ّ‬ ‫�إليه واحرتامه وقبوله والتّفاعل معه‪ ،‬ونقل‬ ‫في لبنان والعالم العربيّ ‪.‬‬
‫امل��ح�� ّب��ة‪ :‬حم�� ّب��ة اهلل وحم�� ّب��ة ا إلن�����س��ان‪.‬‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫جمتمع � إ‬
‫ٍ‬ ‫�سالمي يف �سبيل‬
‫ّ‬ ‫الواقع ا إل‬ ‫ف��ك��ره ا إل����س�ل�ام ّ���ي امل�����ض��يء يف الف�ضاء‬
‫الع ّالمة جمع بني عدل ا إل�سالم واملح ّبة‬ ‫نه�ضويّ منفتح ومتوازن‪.‬‬ ‫والعربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والوطني‬
‫ّ‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ا إلن�سا ّ‬
‫ين وا إل‬
‫حب جميع النا�س‪ ،‬لك ّنه أ�عطى‬ ‫امل�سيح ّية‪ .‬أ� ّ‬ ‫لقد رف�ض التط ّرف والغل ّو والتز ّمت والتد ّين‬ ‫ين وال��� ّن���ق���ديّ ‪ ،‬وم��واق��ف��ه‬ ‫ون��ه��ج��ه ال��ع��ق�لا ّ‬
‫واليتام واملر�ضى‬ ‫أالولو ّية ملح ّبة الفقراء أ‬ ‫كلي والتكفري‪ ،‬ودعا �إىل حترير عقول‬ ‫ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ا إل�سالم ّية والفكر ّية وال ّثقاف ّية وال�سيا�س ّية‬
‫وامل�ست�ضعفني واملظلومني‪.‬‬ ‫ال ّنا�س ونفو�سهم وجمتمعاتهم من التخ ّلف‬ ‫والوطن ّية‪ ،‬ك ّل ذلك جعله مرجع ًا للجميع‪،‬‬
‫قاوم احلقد ودعا �إىل املح ّبة قائ ًال‪�« :‬إنّ‬ ‫والت أ� ّخر واجلمود و�ضيق أالفق‪.‬‬ ‫ومع ّلم ًا بكالمه ومثاله‪.‬‬
‫احل��ي��اة ال تتح ّمل احل��ق��د‪ .‬فاحلقد موت‬ ‫للتع�صب والتّمذهب‬ ‫ّ‬ ‫وت�صدّى ب�شجاع ٍة‬ ‫ك��ان رج��ل ا إلمي���ان واالن��ف��ت��اح واالع��ت��دال‬
‫واملح ّبة حياة»‪.‬‬ ‫والتّفرقة واالنق�سام والفتنة‪.‬‬ ‫وال�� ّت��وا���ض��ع وال ّلطف وال��ه��دوء والتّ�سامح‬
‫لقد دعانا ال�س ّيد امل�سيح �إىل املح ّبة قائال‪ً:‬‬ ‫مل ي��ك��ن احل����وار ع��ن��ده ���ش��ع��ار ًا خ��ال��ي�� ًا‪،‬‬ ‫والخالق واحلوار والكلمة وامل�صاحلة بني‬ ‫أ‬
‫« أ�ح ّبوا بع�ضكم بع�ض ًا كما أ�نا أ�حببتكم»‪.‬‬ ‫وجمامالت اجتماع ّي ًة و�سيا�س ّي ًة‪ ،‬بل كان‬ ‫ٍ‬ ‫الدّين والعقل والعلم واحلداثة‪.‬‬
‫�لا‪ « :‬أ�ح�� ّب��وا‬
‫وال�س ّيد العالمة أ�و�صانا ق��ائ ً‬ ‫فكر ًا نيرّ ًا‪ ،‬و�ضمري ًا ح ّي ًا‪ ،‬و�إراد ًة �شجاع ًة‬ ‫وكان الدّاعية �إىل التقريب بني امل�سلمني‬
‫بع�ضكم بع�ض ًا‪� ،‬إنّ املح ّبة هي التي تبدع‬ ‫و�صادقة‪ ،‬وف ّن ًا و أ�خالق ًا‪.‬‬ ‫على اختالف مذاهبهم وجمع كلمتهم‪،‬‬
‫وت ؤ� ّ�صل وتنتج‪ .‬تعالوا �إىل املح ّبة بعيد ًا‬ ‫يف كتابه املرجع «احلوار يف القر�آن»‪ ،‬رفع‬ ‫وحتقيق وحدتهم‪ ،‬والدّفاع عنهم‪ ،‬ومنا�صرة‬
‫م��ن ال�شخ�صان ّية واملناطق ّية واحلزب ّية‬ ‫احلوار �إىل م�ستوى ال ّر�سالة‪.‬‬ ‫ق�ضاياهم امل�صري ّية‪ ،‬ويف طليعتها الق�ض ّية‬
‫والطائف ّية‪ .‬تعالوا كي نلتقي على اهلل بد ًال‬ ‫ال��ع��امل امل�ستنري جعل م��ن احل���وار ثقاف ًة‬ ‫ال��ك�برى ع�لام�� ًة م�ضيئ ًة‪ ،‬ف أ�طلق ال��� ّر�ىؤ‬ ‫الفل�سطين ّية التي أ�والها بليغ اهتماماته‪.‬‬
‫من أ�ن نختلف با�سم اهلل»‪.‬‬ ‫علينا أ�ن نغنيها ونر ّبي عليها ونع ّممها‪.‬‬ ‫والف��ك��ار الع�صر ّية على أ����س��� ٍ��س علم ّي ٍة‬ ‫أ‬ ‫ك��م��ا ه��و احل�سيني اجل���ه���اديّ يف �سبيل‬
‫لقد أ�حببناه‪ .‬وبغيابه خ�سر امل�سيح ّيون يف‬ ‫فبعد احلوار من أ�جل التّقريب والتّقارب‬ ‫اهلل‪ ،‬امللتزم بر�سالة أال ّم��ة‪ ،‬واملقاوم ك ّ وفقه ّي ٍة ��صيلة‪ ،‬وعمل من �ج��ل التجدّد‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ل‬
‫العربي أ�ب�� ًا م�سلم ًا أ�ح ّبهم‬ ‫ّ‬ ‫لبنان والعامل‬ ‫والوحدة ا إل�سالم ّية‪ ،‬ينطلق �إىل احلوار‬ ‫����دوان واح��ت�لال‪ ،‬وال وا إل�صالح والتّغيري والتّطوير‪.‬‬ ‫ظلم وا�ستكبار وع ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حب امل�سلمني‪ ،‬و�س ّيدا م�ستنريا دافع‬ ‫كما أ� ّ‬ ‫امل�سيحي الكت�شاف اجلوامع‬ ‫ّ‬ ‫ا إل���س�لام ّ��ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لقد قدّم فكرا �إ�سالم ّيا معا�صرا يحاكي‬ ‫لبنان‬ ‫يف‬ ‫ال�صهيوين‬ ‫�س ّيما مقاومة العد ّو‬
‫عنهم بحقّ و�شرف كما دافع عن ك ّل �إن�سان‬ ‫ا إلميان ّية‪ ،‬وامل�شرتكات ا إلن�سان ّية والوطن ّية‬ ‫م�سلمي الع�صر يف ق�ضاياهم وهواج�سهم‬ ‫وفل�سطني ويف ك ّل مكان‪.‬‬
‫مهما كان دينه أ�و فكره‪ .‬وهو يدعونا من‬ ‫وال��ع��رب�� ّي��ة واحل�����ض��ار ّي��ة‪ ،‬لتعزيز العي�ش‬ ‫ال�س ّيد رائ��� ٌد م��ن ر ّواد ح��رك��ة ال ّنهو�ض وت��ط�� ّل��ع��ات��ه��م ور���س��ال��ت��ه��م‪ ،‬لينقلهم �إىل‬
‫عليائه �إىل العي�ش مع ًا ب أ�مان و�سالم وعدل‬ ‫ال��واح��د ب�ين ال ّلبنان ّيني‪ ،‬وب�ين امل�سلمني‬ ‫فاعل يف‬ ‫ا إل���س�لام ّ��ي ال��� ّ��ش��ي��ع ّ��ي‪ ،‬ورك���نٌ م��ن أ�رك���ان �آف���اقٍ �إن�سان ّي ٍة ج��دي��دة‪ ،‬وم��وق ٍ��ع ٍ‬
‫العربي‪ ،‬ا آلن و�إىل‬ ‫ّ‬ ‫وحم ّبة يف لبنان والعامل‬ ‫العربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وامل�سيح ّيني على م��دى ال��ع��امل‬ ‫ّيني‪ .‬لقد‬ ‫احلركة ا إل�سالم ّية املعا�صرة‪ ،‬ا ّلذي عمل ع�صرهم‪ ،‬وجتديد فكرهم الد ّ‬
‫منتهى الدّهر‪.‬‬ ‫وبالتّايل على مدى العامل ك ّله‪.‬‬ ‫وال�سيا�سة‪ ،‬وعمل من‬ ‫بفكره ال��ن�ّي�رّ وامل��ن��ف��ت��ح‪ ،‬و�سعة معرفته‪� ،‬صالح بني الدّين ّ‬
‫لقد حت��دّث عن قواعد احل��وار و أ��ساليبه‬ ‫م�سلم ق��اد ٍر على حمل‬ ‫و�صدق نواياه يف االجتهاد‪ ،‬يف �سبيل تطوير أ�جل تربية � إ ٍ‬
‫ن�سان ٍ‬
‫* أ�م��ي�ن ���س�� ّر ال�� ّل��ج��ن��ة أال���س��ق��ف�� ّي��ة للحوار‬ ‫ومعطياته يف كتابه امل��رج��ع «احل���وار يف‬ ‫وال�سيا�سي‪ ،‬وجعله ال ّر�سالة وال�� ّدف��اع ع��ن ق�ضاياه العادلة‬ ‫ّ‬ ‫الفقهي‬
‫ّ‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫الفكر ا إل‬
‫امل�سيحي ـ ا إل�سالمي‬ ‫ال��ق��ر�آن»‪ ،‬ورف��ع��ه �إىل م�ستوى ال ّر�سالة‪،‬‬ ‫بح ّر ّية وعقالن ّية وحم ّبة‪.‬‬ ‫ع�صرنا‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ّم‬ ‫د‬ ‫والتق‬ ‫ر‬ ‫و‬
‫يواكب ّ‬
‫التط‬
‫ألنّ احلوار يبد أ� مع ال ّذات‪ ،‬وبني ا إلن�سان‬ ‫كان يف زمن التح ّوالت والتغيرّ ات والق�ضايا كان العامل الكبري واملجتهد احلكيم ا ّلذي‬

‫“ت��ع��ال��وا ع��ق ً‬
‫�لا بعقل وق��ل��ب�� ًا بقلب‪،‬‬
‫(وال��ق��ول ل���ه)‪ ،‬تعالوا البلد اجلميل‬
‫ك��ان رج��ل دي��ن م��ق��اوم�� ًا‪ ،‬وك��ان أ�ي�ض ًا‬
‫رجل دين مت�ساحم ًا‪ ،‬وطني ًا لبناني ًا‪،‬‬
‫رجُ لٌ للأ مة والإن�سانية‬
‫لنغر�سه باملحبة‪ ،‬و أ�ن تكون حركتنا‬ ‫بعيد أالف���ق‪ ،‬ي��درك أ�ن ق��وة لبنان يف‬
‫يف خ ّ‬ ‫وح���دة أ�ب��ن��ائ��ه م��ن �شتى ال��ط��وائ��ف‪،‬‬ ‫ح�سن مدن‬
‫���ط اجل��م��ال و���ص��ن��ع اجل��م��ال يف‬ ‫ي�صالح بني الدين والع�صر‪ ،‬و أ�ن ي ؤ�كد‬ ‫أ‬
‫ال ج��دال يف �ن رج��ل الدين والدنيا‬
‫ا إلن�سان‪ ،‬فلبنان ُد ّمر ج�سدي ًا و أ�خ�شى‬ ‫وو�سط الغلواء الطائفية التي جتتاح‬ ‫ما يف روح ا إل�سالم من قيم الت�سامح‬
‫أ�ن ُيد ّمر �إن�ساني ًا” ‪.‬‬ ‫املنطقة‪ ،‬كان أ�وعى و أ�بعد نظر ًا من كل‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل ال��ذي غ ّيبه‬
‫كونه دين ي�سر ال دين ع�سر ‪.‬‬ ‫امل�����وت‪ ،‬ه���و م���ن أ�ك��ث�ر وج����وه ل��ب��ن��ان‬
‫�سيم ّر وقت طويل قبل أ�ن تهبنا احلياة‬ ‫أ�ولئك الذين غرقوا يف وحل الطائفية‬ ‫أ�خ��ذ من لبنان‪ ،‬وه��و اللبناين الذي‬
‫رج ً‬ ‫واملذهبية ال�ض ّيقة‪ ،‬بوعي منهم أ�و من‬ ‫والعاملني العربي وا إل�سالمي �إ�شراق ًا‬
‫�لا يف وزن��ه الديني وامل��ع��ريف‪ ،‬ويف‬ ‫ول��د وتعلم وع��ا���ش ردح��� ًا م��ن حياته‬ ‫وتفتح ًا وعمق ًا ورهافة �إن�سانية‪ ،‬هو‬
‫ح�صافته الفكرية ور�صانته املعرفية‪،‬‬ ‫دون وعي ‪.‬‬ ‫يف ال��ن��ج��ف‪ ،‬روح التفتح والتعاي�ش‬
‫ويف �شجاعته باجرتاح اجلديد امل�ستقيم‬ ‫مل تخدعه امل��ظ��اه��ر وال��ق�����ش��ور‪ ،‬كان‬ ‫ال��ذي ترفع بن�ضج ن��ادر عن االنتماء‬
‫امل�����ش�ترك‪ ،‬واالن��ف��ت��اح على املكونات‬ ‫ال��ط��ائ��ف��ي ال�����ض�� ّي��ق‪ ،‬و أ����ص��ب��ح ً‬
‫رج�ل�ا‬
‫مع روح ا إل�سالم واملت�سق مع تعاليمه‪،‬‬ ‫مفكر ًا عميق التحليل‪ ،‬ويرى ما خلف‬ ‫الفكرية والفل�سفية كافة‪ ،‬ناهيك عن‬
‫الظاهر من ال�شعارات الرباقة التي‬ ‫ل�ل�م��ة كلها مبذاهبها ك��اف��ة‪ ،‬ب��ل �إن��ه‬ ‫أ‬
‫وت أ�كيد وحدة امل�سلمني يف زمن تتبارى‬ ‫الدينية بطبيعة احلال‪ ،‬كونه مرجع ًا‬
‫تطلق لال�ستهالك‪ ،‬وه��و يالحظ أ�ن‬ ‫بتكوينه امل��ع��ريف ال��وا���س��ع‪ ،‬حت�� ّول �إىل‬
‫فيه ال�سهام لتمزيق هذه الوحدة ‪.‬‬ ‫ديني ًا رفيع امل��ق��ام‪ ،‬و�صاحب الكلمة‬ ‫قيمة �إن�سانية مطلقة‪ ،‬حني أ�فلح‪ ،‬يف‬
‫هناك م�سحة ح�ضارية تخدعنا‪ ،‬ولكن‬ ‫امل�سموعة ل��دى املاليني من مريديه‬
‫(اخلليج االماراتية)‬ ‫هناك عمق ًا متخ ّلف ًا يعي�ش يف أ�عماقنا‪:‬‬ ‫ما أ�خفق الكثريون يف حتقيقه‪ ،‬يف أ�ن‬
‫ومقلديه ‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫مجال�س العزاء عن روح الراحل الكبير(ر�ض) على امتداد العالم اال�سالمي وفي �أنحاء دول االغتراب‬

‫نع�ش رمزي للمرجع ف�ضل اهلل(ر�ض) يف البحرين‬ ‫البحرانيون خرجوا يف م�سريات عزاء حا�شدة‬

‫امل�سلمون ال�شيعة يف املدينة املنورة يف عزاء الراحل الكبري(ر�ض)‬


‫جمل�س عزاء لعلماء القطيف‬
‫والهند‪ ،‬و أ��صدروا بيانات عزاء باملنا�سبة‬ ‫اال���س�لام��ي��ة امل�صرية ال��ب��ارزة اىل نعي‬
‫أالليمة‪.‬‬ ‫املرجع الراحل(ر�ض)‪..‬‬
‫اجلاليات اال�سالمية يف اوروبا‪:‬‬ ‫أ‬
‫ومن اب��رز من نعى ال�سيد‪� ،‬شيخ الزه��ر‬ ‫ا إل�سالمي املعتدل‪ ،‬م�شريين �إىل أ�نه متيز‬ ‫ت��ف��اع��ل امل�����س��ل��م��ون يف ال���ع���امل ال��ع��رب��ي‬
‫ويف ان��ح��اء أ�وروب�����ا‪ ،‬أ�ق��ام��ت اجل��ال��ي��ات‬ ‫ال�شيخ اح��م��د ال��ط��ي��ب‪ ،‬ال�شيخ حممود‬ ‫مبنهج االعتدال والدعوة لتوحيد أالمة‬ ‫واال�سالمي مع رحيل املرجع اال�سالمي‬
‫اال�سالمية والعربية جمال�س العزاء يف‬ ‫ع��ا���ش��ور وك��ي��ل االزه����ر اال���س��ب��ق ورئي�س‬ ‫ا إل�سالمية ونبذ الطائفية والفرقة بني‬ ‫�آي��ة اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني‬
‫لندن وباري�س بح�ضور ح�شود من ابناء‬ ‫دار التقريب ب�ين امل��ذاه��ب اال�سالمية‬ ‫امل�سلمني‪ ،‬و أ�نه كر�س حياته خدمة لهذه‬ ‫ف�ضل اهلل(ر�ض)‪ ،‬الذي �شكل رحيله ثلمة‬
‫اجلاليات‪.‬‬ ‫بالقاهرة‪ ،‬والدكتور حممد �سليم العوا‬ ‫املبادئ التي ي�شدد عليها ا إل�سالم‪.‬‬ ‫يف ا إل�سالم ال ترد‪ ،‬ملا ميثله من رمز كبري‬
‫يف مدريد أ�قامت جمعية أ�هل البيت(ع)‬ ‫االم�ي�ن ال��ع��ام ال�سابق ل�لاحت��اد العاملي‬ ‫واقيمت جمال�س عزاء حا�شدة يف القارة‬ ‫للوعي والتجديد واحلركية على امتداد‬
‫جم��ال�����س ال����ع����زاء ع���ن روح ���س��م��اح��ة‬ ‫لعلماء امل�سلمني‪ ،‬واع��ل��ن��ت ال��ع��دي��د من‬ ‫والرميلة و�سيهات‪ ،‬واملدينة املنورة‪ ،‬حيث‬ ‫العامل اال�سالمي‪.‬‬
‫ال�سيد(ر�ض) ‪ ،‬وتخلل املجل�س عر�ض‬ ‫التيارات الدينية امل�صرية عن احلزن‬ ‫أ�قيمت العديد م��ن املجال�س ال�صغرية‬ ‫وقد أ�قيمت جمال�س العزاء على الراحل‬
‫مقتطفات من حياة ال��راح��ل اجلهادية‬ ‫ال�شديد ل�سماعها خ�بر رح��ي��ل املرجع‬ ‫والكبرية للعزاء‪ ،‬و أ�قام ال�شيخ حممد علي‬ ‫الكبري يف انحاء متعددة من العامل‪� ،‬سواء‬
‫وق���راءة ال��ق��ر أ�ن وكلمة لل�سماحةال�شيخ‬ ‫ال�شيعي الكبري حيث ا���ش��ارت اجلماعة‬ ‫العمري كبري علماء امل�سلمني ال�شيعة يف‬ ‫يف البالد العربية و اال�سالمية‪ ،‬او يف بلدان‬
‫علي أ�ب��ور ّي��ا �إم��ام م�سجد حممد ر�سول‬ ‫اال�سالمية اىل ان ال�ساحة اال�سالمية‬ ‫املدينة جمال�س العزاء على مدى خم�سة‬ ‫املهجر حيث تنت�شر اجلاليات اال�سالمية‬
‫اهلل(�ص) ‪ ،‬ودون احل�ضور كلمات تعزيه‬ ‫وال��ع��رب��ي��ة ف��ق��دت �شخ�صية ا�ستثنائية‬ ‫أ�يام بح�ضور ح�شود امل ؤ�منني‪.‬‬ ‫يف أ�وروبا واالمريكيتني وا�سرتاليا‪.‬‬
‫ب���إ���س��م م��ن مي��ث��ل��ون يف �سجل ال��ت��ع��ازي‬ ‫جت�����اوزت ب��ف��ك��ره��ا امل�����س��ت��ن�ير احل����دود‬ ‫ويف الكويت أ�قيمت جمال�س ال��ع��زاء يف‬ ‫اخلليج وسوريا ومصر‪:‬‬
‫وتوا�صل ااجلمعيه اخلريية اال�سالميه‬ ‫املذهب ّية والطائف ّية واجلغرافية‪.‬‬ ‫خمتلف احل�سينيات حيث أ�قيمت املجال�س‬ ‫يف البحرين أ�قيمت جمال�س العزاء عن‬
‫العزاء يومي ًا عن روح الراحل(ر�ض)‪.‬‬ ‫ايران ودول آسيوية‪:‬‬ ‫يف م�سجد ال��وزان ويف ح�سينية البلو�ش‪،‬‬ ‫روح امل��رج��ع ال��راح��ل(ر���ض) يف العديد‬
‫ويف مدينة توركو يف فنلندا أ�قامت اجلالية‬ ‫و أ�ق��ام مكتب املرجع ال��راح��ل(ر���ض) يف‬ ‫ويف عدد من املراكز اال�سالمية‪ ،‬وحتدث‬ ‫م��ن ق���رى وب���ل���دات ال��ب��ح��ري��ن‪ ،‬و أ� ّب��ن��ت��ه‬
‫العراقية حفال ت أ�بنيا يف املركز اال�سالمي‬ ‫قم يف اي��ران‪ ،‬جمال�س ع��زاء يومية بعد‬ ‫اخلطباء عن م آ�ثر الراحل الكبري‪ .‬كما‬ ‫ال�شخ�صيات العلمائية يف البحرين‪ ،‬كما‬
‫باملدينة‪.‬‬ ‫�صالتي املغرب والع�شاء‪.‬‬ ‫أ�قيمت يف م�سقط يف ُعمان العديد من‬ ‫أ�قام امل ؤ�منون البحرانيون م�سرية ت�شييع‬
‫و أ�قامت اجلالية العراقية يف هولندا جمل�س‬ ‫و�شكر املكتب ال��وف��ود املعزیة يف رحیل‬ ‫املجال�س‪.‬‬ ‫رمزية للراحل الكبري‪.‬‬
‫أ‬
‫ويف دم�����ش��ق ����س��ت��ق��ب��ل م��ك��ت��ب �سماحة‬
‫عزاء يف مدينة دي هاغ ‪ ،‬يف م�سجد أ�هل‬ ‫�سماحته التي توافدت اىل املكتب لتقدمي‬ ‫ويف مناطق القطيف واالح�ساء اقيمت‬
‫البيت(ع) ح�ضره عدد من ابناء اجلالية‬ ‫واجب العزاء‪.‬‬ ‫ال�سيد(ر�ض) جموع املعزين بالراحل‬ ‫جمال�س الفاحتة عن روح املرجع ف�ضل‬
‫العراقية واللبنانية‪ ،‬وا�ستهل املجل�س‬ ‫و أ�ق���ام مقلدو ال�� ّراح��ل الكبري‪ ،‬جمال�س‬ ‫الكبري‪،‬من �شخ�صيات �سيا�سية ووف��ود‬ ‫اهلل(ر�����ض) وح�ضرها ح�شد كبري من‬
‫ب��ت�لاوة �آي����ات م��ن ال���ق���ر�آن ال��ك��رمي‪ ،‬ثم‬ ‫ال��ع��زاء ع��ن روح��ه ال��ط��اه��رة يف مكاتبه‬ ‫�شعبيىة وعلمائية‪.‬‬ ‫ال��ع��ل��م��اء ال��ذي��ن ن��ع��وا امل��رج��ع ال��راح��ل‪،‬‬
‫ق��راءة زي��ارة االم��ام احل�سني (ع) وختم‬ ‫يف باك�ستان وطاجيك�ستان و أ�فغان�ستان‬ ‫ويف م�صر �سارع الكثري من ال�شخ�صيات‬ ‫و أ�ك�����دوا ان وف��ات��ه ت��ع��د خ�����س��ارة للفكر‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪12‬‬
‫جمال�س عزاء يف الكويت‬ ‫جمل�س عزاء يف مدينة قم املقد�سة‬

‫‪ ..‬ويف �ساوباولو يف الربازيل‬


‫جمل�س حا�شد يف «م�سجد الرحمن» يف �سيدين‬

‫مرجع أالمة باقٍ يف وجدانها‬

‫يبكون رحيل املرجع املجدّد(ر�ض)‬


‫املجل�س مبحا�ضرة لل�شيخ عبد املنعم التعزية بالفقيد الغايل كل من مطران‬
‫الكعبي‪ ،‬حيث جمع بني ذكرى �إ�ست�شهاد الكني�سة أالرت��ودك�����س��ي��ة يف ال�برازي��ل‬
‫االمام مو�سى الكاظم(ع) ورحيل ال�سيد دم�سكينو�س من�صور على رئي�س وفد من‬
‫ف�ضل اهلل(ر����ض)‪ ،‬وق��ارن �سماحته بني الكني�سة وال�شيخ حممد املغربي املعتمد‬
‫�صرب االم���ام (ع) ومظلوميته‪ ،‬و�صرب الديني لدار الفتوى يف الربازيل والعالمة‬
‫ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬كما تناول �شخ�صية فهد علم الدين و رئي�س البيت ال��درزي‬
‫ال�����س��ي��د(ر���ض) وم��زاي��اه ‪ ،‬مو�ضحا أ�ن الربازيلي والقن�صل ال�سوري اال�ستاذ‬
‫الراحل كان حركيا ر�ساليا و أ��شار �إىل بع�ض ابراهيم عي�سى وح�شد من أ�بناء اجلالية‬
‫ح�شود امل ؤ�منني يف م�سريات العزاء‬ ‫اال�سالميه واللبنانيه ‪.‬‬ ‫م ؤ�لفاته و أ�فكاره ‪.‬‬
‫استراليا‪:‬‬ ‫األمريكيتني‪:‬‬
‫املعزية ا�ستمرار العمل بنهج ال��وح��دة‬ ‫وت��ق��دم امل��ع��زي��ن ع���دد ك��ب�ير م��ن اب��ن��اء‬ ‫و أ�قيمت جمال�س العزاء يف مدن عديدة ويف �سيدين‪ ،‬مل تكن أ�يام م�سجد الرحمان‬
‫ا إل�سالمية والتقريب الذي أ�ر�سى قواعده‬ ‫اجلالية و�شخ�صياتها‪،‬كما قدم التعازي‬ ‫م��ن ال���والي���ات امل��ت��ح��دة االم�يرك��ي��ة‪ ،‬يف يف �سيدين عادية بعدما �ضربتها م�سحة‬
‫�سماحة العالمة امل��رج��ع ال�سيد حممد‬ ‫كل من وزيرة البلديات يف والية نيو �ساوث‬ ‫ديربورن ونيويورك ولو�س اجنلو�س‪ ،‬كما احلزن والعزاء على رحيل املرجع ف�ضل‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫ويلز باربرا بريي‪ ،‬ورئي�س بلدية كانرتبري‬ ‫أ�قيمت جمال�س عديدة يف كندا‪ ،‬يف تورنتو اهلل(ر����ض)‪ ،‬فتوافد املحبون واملوا�سون‬
‫ويف ب�يرث يف غريب ا�سرتاليا ‪ ،‬أ�ق��ام��ت‬ ‫ونائب منطقة الكمبا روب��رت فورولو مع‬ ‫ك��ل ي��وم ليقدموا واج��ب ال��ع��زاء برحيل‬ ‫ومونريال واوتاوا‪.‬‬
‫اجل���ال���ي���ات اال���س�لام��ي��ة جم��ل�����س ع���زاء‬ ‫جمموعة من أ�ع�ضاء البلدية‪ ،‬و أ�ع�ضاء‬ ‫ال�شخ�ص الذي بارك املكان ف أ��صبح بنيان ًا‬ ‫اخلريية‬ ‫اجلمعية‬ ‫اقامت‬ ‫ويف الربازيل‪،‬‬
‫بالراحل الكبري(ر�ض) ح�ضره ح�شد من‬ ‫من بلدية ليفربول‪ ،‬ووفود من اجلمعيات‬ ‫ا إل�سالمية يف ال�برازي��ل جمل�س فاحتة للخ�شوع والعلم‪ .‬وكان يف ا�ستقبال املعزين‬
‫ابناء اجلاليات‪.‬‬ ‫ال�سيا�سية واالجتماعية‪.‬‬ ‫عن روح �سماحة ال�سيد(ر�ض) �سره يف وكيل العالمة املرجع يف أ��سرتاليا ال�شيخ‬
‫و أ�كد �إمام امل�سجد‪ ،‬ال�شيخ نبها للوفود‬ ‫النادي احل�سيني يف �ساو باولو ‪ ،‬وقدم يو�سف نبها‪.‬‬
‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫فضل الله الرسالة‬
‫للحب‬
‫يا مرجعًا ِّ‬
‫إلى سماحة املرجع الدينيّ ‪ ،‬آية الله السيد محمد حسني فضل الله‬
‫ومفكراً‪ ،‬وأديباً‪ ،‬وأب ًا روحياً‪...‬‬
‫ّ‬ ‫عاملاً‪،‬‬
‫كم و َرد حم ّبوك معني حم ّبتك‪ ،‬فنهلوا من‬
‫رقراقه العذب‪ ،‬وزالله الطاهر!‬
‫ؤ‬
‫وكم حام مريدوك حول ن��ارك امل�ن�سة‪،‬‬ ‫ل��ـ��ـ��ك��ـ��ـ��ن ل��ـ��ت��ـ��ب��ـ��ت��ـ��ك��ـ�� َر ال��ـ��خ��ـ��ـ��ل��ـ��ـ��و َد ه��ـ��ـ��ط��ـ��ـ��ـ��وال‬ ‫���ت ع���ـ���ن َح������ـ������دَ قِ ال���ـ���ه���ـ���وى ل���ـ���ت���ـ���زوال‬ ‫م���ـ���ا غ���ب���ـ َ‬
‫فنالوا أ�كرث من قب�س‪ ،‬وا�ستق ّلوا أ�كرث من‬ ‫���ك س��ـ��ـ��ـ��ـ��دوال‬ ‫ح���ـ���ت���ـ���ـّ���ى وإنْ أرخ���ـ���ـ���ـ���ى ع���ـ���ل���ـ���ي���ـ َ‬ ‫���ك ي��ـ��ان��ـ�� ًع��ـ��ا‬ ‫���ب وج���ـ���هَ ���ـ���ـ َ‬
‫َق����ـ����ـ����دَ ُر ال���س���ـّ���م���ـ���ا ِء أح���ـ���ـ َّ‬
‫جذوة!‬ ‫���وت ال���ع���ـ���ارف���ـ���ي���ـ���نَ رح��ـ��ي��ـ��ـ�لا‬ ‫م���ـ���ـ���ا ع���ـ���ـ���ـ���ا َد م���ـ���ـ���ـ ُ‬ ‫ي��ـ��ـ��ـ��ـ��ا ق��ـ��ـ��ادمً ��ـ��ـ��ا م��ـ��ـ��ـ��ـ��ن ل��ـ��ح��ـ��ظ��ـ��ـ��ةٍ ك��ـ��ون��ـ�� ّي��ـ��ـ��ةٍ‬
‫وكم أ� ّم قالوك حنان �سماحتك‪ ،‬فلم تبخل‬ ‫ك���ال���ه���ا ب��ـ��ط��ـ��ي��ـ��ن إل���ـ���ـ���ـ���ى ال��ي��ـ��ق��ـ��ي��ـ��ن ِ ن���ـ���ـ���ـ���زوال‬ ‫���ص���ـ���اع���ـ���دون إل���ـ���ـ���ـ���ى اإلل���ـ���ـ���ـ���هِ ب��ع��ل��ـ��مِ ��ـ��هِ ��ـ��مْ‬ ‫ف���ال���ـ ّ‬
‫عليهم برياحني جت���اوزك‪ ،‬وال ب أ�زاهري‬ ‫�لا ج��ـ��ـ��ي��ـ��ـ�لا‬ ‫���داك ج��ـ��ي��ـ��ـ ً‬‫وي���ـ���ظ���ـ���ـ���لُّ ل���ـ���ـ���ـ���ونُ ص���ـ���ـ���ـ َ‬ ‫���وت دق��ـ��ي��ـ��ق��ـ��ةً‬ ‫ي���ـ���ـ���ا ل���ل���ـ��� َّن���ـ���دى احل���ـ���ان���ـ���ي‪ ،‬ت���ـ���م���ـ ُ‬
‫عفوك‪ ،‬بل ربمّ ا أ��سمعتهم أ�حلان ًا �شج ّية‪،‬‬ ‫ل���ل���هِ ت��ـ��ـ��ع��ـ��ـ��ـ��ج��ـ��ـ��ـ��نُ ُب��ـ��ـ��ـ��ـ��ك��ـ��ـ��ـ��ـ��ر ًة وأص��ـ��ـ��ـ��ـ��ي��ـ��ـ��ـ��ـ�لا‬ ‫����ات ل��ـ��وح��ـ��ـ��ة وح���ـ���ـ���ـ���د ٍة‬ ‫ي��ـ��ـ��ا م���ـ���ـ���ـ���ازجَ األوق����ـ����ـ����ـ ِ‬
‫وت��ران��ي َ��م �سن ّية‪ ،‬وخططت على قلوبهم‬
‫كلمات ال تمُ حى و أ�حرف ًا ال تُن�سى!‬ ‫ٍ‬
‫وك��م ا�ستهدف الطامعون ب��ك �شرفات‬ ‫���اك خ��ـ��ل��ـ��ي��ـ��ـ��ل‬ ‫���اك ل��ـ��ب��ـ��ن��ـ��ـ��انُ اص���ـ���ط���ـ���ف���ـ���ـ َ‬‫وه���ـ���ن���ـ���ـ َ‬ ‫���ف األغ���ـ���ـ��� ِّر ن��خ��ي��ـ�� ُل��ـ��هُ‬ ‫��ك ف��ـ��ـ��ي ال���ن���ـّ���ج���ـ ِ‬ ‫ص��ح��ب��ت��ـ َ‬
‫وج��دك‪ ،‬حاملني معهم جواهر أالر���ض‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ورواب����ـ����ـ���� ًي����ـ����ـ����ـ����ا وع���ـ���واط���ـ���ـ��� ًف���ـ���ـ���ا وس���ـ���ـ���ه���ـ���ـ���ـ���وال‬ ‫��ات ل��ط��ـ��ائ��ـ�� ًف��ـ��ا‬ ‫���وف م���ـ���ا ب��ـ��ي��ـ��نَ ال��ـ��ج��ـ��ه��ـ ِ‬ ‫وت���ـ���ط���ـ���ـ ُ‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫و آلل���ئ ال��ب��ح��ار‪ ،‬ف�م�سكت ك��ف الر�ضا‪،‬‬ ‫�����داك أص���ـ���ب���ـ���حَ ف���ـ���ـ���ي ال���ق���ـ���ل���ـ���وب ف��ض��ـ��ي��ـ�لا‬ ‫ون�����ـ�����ـ َ‬ ‫���رب م��ـ��آث��ـ��ـ��ر‬ ‫���ت «ف���ـ���ض���ـ���ـ���لَ ال����ل����ه» س���ـ���ـ���ـ َ‬ ‫رب���ـّ���ي���ـ���ـ َ‬
‫و أ�طلقت �صرخة ا إلباء!‬ ‫وت����ـ����ـ����ـ����ح����ـ����ـ����ـ����او ُر ال����ـ����ـ����ـ����ت����ـ����ـ����ـّ����ورا َة واإلجن�����ي��ل��ا‬ ‫ت���س���ـ���م���ـ���و م���ـ���ـ���ع ال����ـ����ق����ـ����ـ����رآن ِ ف���ـ���ـ���ـ���ي آف���ـ���اق���ـ���ـ���هِ‬
‫وك���م ع���اد ج��اه��ل��وك �إىل ن��ه��ار ف��ك��رك‪،‬‬ ‫َص�����ـ����� ّي�����ـ�����رْ َت ط���ـ���اول���ـ���ـ���ةَ ال���ـ���ح���ـ���ـ���وار ِ ح���ـ���ق���ـ���ـ���وال‬ ‫����رط م���ـ���ـ���ا ت���ـ���ه���ـ���وى احل��ق��ي��ـ��ق��ـ��ة ج��ـ�� َّن��ـ��ةً‬ ‫م���ـ���ن ف����ـ ِ‬
‫و�صباح وع��ي��ك‪ ،‬ففتحت لهم أ�ح�ضان ًا‬ ‫��ض ال��ـ�� ّت��ـ��أج��ـ��ي��ـ�لا‬ ‫���ك ي��ـ��ـ��رف��ـ��ـ ُ‬ ‫���ج���ـ���ـ َ‬
‫ل��ـ��ـ��ك��ـ��ـ��نّ وهْ���ـ���ـ َ‬ ‫ك��ـ��ـ��م أ ُِج����ـ����ـ����لَّ اإلش����ـ����ـ����ـ����راقُ ب��ـ��ي��ـ��ـ��ن ن��ف��ـ��وس��ـ��ن��ـ��ا‬
‫دافئة‪ ،‬وق ّلبت لهم �صفحات م�شرقة!‬ ‫أت�����ـ�����رى س���ن���ب���ـ���ص���ـ��� ُر م���ـ���ـ���ن م����ـ����ـ����دا ُه م���ث���ـ���ي���ـ�ل�ا ؟!‬ ‫��وط ف���ـ���ـ���ـ���راد ٍة‬ ‫����ك م��ـ��ـ��ـ��ن خ��ـ��ي��ـ��ـ ِ‬ ‫ون��س��ـ��ي��ـ��جُ ذا ِت����ـ����ـ َ‬
‫وك��م وق��ف خم�� ّوف��وك من �ضياك يف ليل‬
‫ال�صعاب‪ ،‬وم��ن �شموخك عند ا�شتباك‬ ‫���ت ف���ـ���ـ���ي ب���ـ���ـ���ـ���اب ال���ـ���س���ـّ���ـ���ؤال ق��ـ��ف��ـ��ـ��وال‬ ‫ف���ف���ت���ـ���ح���ـ َ‬ ‫ل��ـ��ـ��م ت��ع��ـ��ش��ـ��قِ األك����ـ����ـ����وانَ ص��م��ـ�� ًت��ـ��ا م��ط��ـ��ب��ـ�� ًق��ـ��ا‬
‫��ال ب��ع��ن��اوي��ن ال�ت�راب‪،‬‬ ‫امل��ل�� ّم��ات‪ ،‬ف��ل��م ت��ب ِ‬ ‫س���ت���ـ���ظ���ـ���لُّ ف���ـ���ـ���ي ع���ـ���ي���ـ���ـ���نِ ال���ـ���ج���ـ���م���ـ���الِ ج��ـ��م��ـ��ي��ـ�لا‬ ‫رؤاك م��ـ��واك��ـ�� ًب��ـ��ا‬ ‫َ‬ ‫م��ه��ـ��م��ـ��ا اخ��ت��ل��ـ��ف��ـ��ن��ـ��ا ف��ـ��ـ��ـ��ي‬
‫وال ب أ�لقاب ال�سراب‪ ،‬بل �صدعت �صدع‬ ‫���������ك «احل���������داث���������ة» ت���ع���ش���ـ���ق «ال����تّ����أص����ي����ـ��ل�ا»‬ ‫وب َ‬ ‫���اؤك ف��ـ��ـ��ـ��ـ��ي م���ـ���ـ���ـ���ـ���دار وال ِئ���ـ���ـ���ـ���ـ���هِ‬
‫دا َر ان���ـ���ت���ـ���م���ـ���ـ َ‬
‫أالنبياء‪ ،‬و�صدحت ُ�صداح أالولياء!‬ ‫���ات رس��ـ��ـ��ـ��وال‬ ‫درب ال��� ِّرس���ـ���ال���ـ���ةِ ك���ـ���ـ���ـ���مْ أم���ـ���ـ���ـ َ‬ ‫ُ‬ ‫���وض غ���ـ���م���ـ���ارَهُ‬ ‫درب ت���خ���ـ ُ‬ ‫���ش م���ـ���ن ٍ‬ ‫ل���ـ���م ت���خ���ـ َ‬
‫يل يف ك��� ّل درب‪ ،‬ويف ك��لّ‬ ‫ف أ���ن��ت ال��ر���س��ا ّ‬ ‫��اج��ـ��ـ��ـ��ك اإلك��ـ��ـ��ل��ـ��ـ��ي��ـ��ـ��ـ�لا‬ ‫إال ال��ـ��ع��ـ��م��ـ��ـ��ام��ـ��ـ��ةَ ت��ـ��ـ��ـ َ‬ ‫��ك ف��ـ��ل��ـ��ـ��مْ تـجــدْ‬ ‫وي��ـ��ـ��ـ��دُ ال��ـ��ت��ـّ��ق��ـ��ى إذ ك��ـ��رَّمَ ��ـ��تْ��ـ َ‬
‫خطاك‪..‬‬
‫و أ�نت الر�سايل حني تُ�سدل ��ستار رف�ضك‪،‬‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫����روب ط��ـ��ب��ـ��وال‬ ‫����ت ال����ـ����ح����ـ ُ‬ ‫ف���ـ���ي ح���ي���ـ���ن أض����ـ����رم����ـ ِ‬ ‫ي��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا ع���ـ���ـ���از ًف���ـ���ـ���ـ���ا ب���ـ���ال���ـ���ـ���ن���ـ���ـّ���اي روح��ـ��ان��ـ��ـ��ي��ـ��ـّ��ة‬
‫وحني تطلق تبا�شري ر�ضاك‪..‬‬
‫يل عندما تر�سل ن�سائم ح ّبك‪،‬‬ ‫و أ�نت الر�سا ّ‬ ‫«ق����اب����ـ����ي����ـ����لُ » ح���ـ���ـ���ـ��� َّز ش���ق���ـ���ي���ـ��� َق���ـ���هُ «ه���ـ���اب���ـ���ي���ـ�ل�ا»‬ ‫ل���ل���ه ك���ـ���ـ���مْ حت��ـ��ص��ـ��ي ج���ـ���ـ���ـ���راحَ األرض م��ـ��ـ��ـ��ذْ‬
‫وعندما حتجب أ�حلان ُغناك‪..‬‬ ‫����ض ا ل����ـ����ث����ـّ����رى وأزاحَ «إ س����را ئ����ـ����ي����ـ��ل�ا»‬ ‫ا ن����ت����ف����ـ َ‬ ‫ل��ـ��ـ��ـ��ـ��ن ت���ـ���س���ـ���ت���ـ���ر ي���ـ���ـ���حَ م��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ن األذى إال إذا‬
‫يل �إذ ت�صعد �شاخمات‬ ‫و أ�ن����ت ال��ر���س��ا ّ‬ ‫��ت أي��ـ��ـّ��امُ ��ـ��ـ��ـ��ن��ـ��ـ��ـ��ا ال��ـ��ت��ـّ��ه��ـ��ـ��ل��ـ��ـ��ي��ـ��ـ�لا‬
‫وت��ـ��ن��ـ��ـ�� ّف��ـ��ـ��س��ـ��ـ ْ‬ ‫إال إذا عُ ���ـ���ـ���دْ ن���ـ���ـ���ـ���ا ل��ـ��ب��ـ��س��ـ��م��ـ��ل��ـ��ـ��ةِ ا ل��ـ��ـ��ـ��ه��ـ��ـ��ـ��دى‬
‫اجلبال‪ ،‬و�إذ ت�سلك واطئات الوهاد‪..‬‬ ‫��ك ال���ـ���ـ���ث���ـّ���ـ���ريُّ ج��ـ��ـ��زي��ـ��ـ�لا‬ ‫���اب م��ع��ـ��ج��ـ�� ُم��ـ َ‬‫ي���ـ���ن���ـ���س���ـ ُ‬ ‫ل���ـ���غ���ـ���ةٌ م���ـ���ع���ـ���اص���ـ���ر ٌة ع��ـ��ل��ـ��ـ��ى ش���ـ���ف���ـ���ـ���ةِ ال���ـ���دُّ ن���ـ���ـ���ا‬
‫يل يف ظ��ل��م��ات ال��ل��ي��ايل‪..‬‬ ‫و أ�ن����ت ال��ر���س��ا ّ‬ ‫���وس ص��ـ��ق��ـ��ي��ـ�لا‬ ‫���ذت ب���ـ���ـ���ه ال���ن���ـّ���ف���ـ َ‬ ‫ق���ل���ـ��� ًم���ـ���ا ش���ـ���ح���ـ َ‬ ‫ت���س���ت���ـ���لُّ م����ـ����ا ب���ـ���ي���ـ���نَ األض����ـ����ال����ـ����ع ِواحل���ـ���ش���ـ���ا‬
‫يل يف م�شرقات أال ّيام‪..‬‬ ‫والر�سا ّ‬ ‫���ات ال���ـ���ـ��� َّرش���ـ���ـ���ادِ س��ـ��ـ��ي��ـ��ـ��وال‬ ‫���ت ك���ـ���ت���ـ���اب���ـ ُ‬ ‫ف���ـ���اض���ـ���ـ ْ‬ ‫���دس ح��ـ��ـ��رف��ـ��ـ��ةٍ‬ ‫���ت أق���ـ���ـ���ـ َ‬ ‫ح��ـ�� َّت��ـ��ـ��ى إذا م���ـ���ارس���ـ���ـ َ‬
‫و أ�نت الر�سايل حني تدعو‪ ،‬والر�سايل يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وت���ـ���دي���ـ���ر م���ـ���ـ���ن «ف���ـ���ق���ـ���هِ ال���ـ���ح���ـ���ي���ـ���اةِ » دل��ـ��ي��ـ��ـ�لا‬ ‫����اب» م��ص��ـ��ائ��ـ��رًا‬ ‫����ش����ب����ـ ِ‬
‫���ط ف���ـ���ي «دن���ي���ـ���ا ال ّ‬ ‫ل���ت���خ���ـ َّ‬
‫دروب احلياة‪..‬‬
‫ف أ�نت أ�نت الر�سايل يف كل موقف وقفته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وت���ـ���ـ���ق���ـ���ـ���ـ���ارعُ ال��ـ��ت��ـّ��زي��ـ��ـ��ي��ـ��ـ��ف وال��ـ��ت��ـّ��ض��ـ��ل��ـ��ي��ـ��ـ�لا‬ ‫��ض��ـ��ح��ـ��ى‬ ‫���ث أخ���ـ���ب���ـ���ا َر ال��ـ ُّ‬ ‫����ات» ت���ـ���ب���ـ ُّ‬
‫و«ال����ب����ي����ـّ����ن����ـ ُ‬
‫ويف ك ّل زمان ع�شتَه‪..‬‬ ‫����ت م����ـ����ن ص���ي���ـ���غ ِال����ف����ـ����ع����ـ����ال ف��ـ��ع��ـ��وال‬ ‫م����ـ����ذ ك����ن����ـ َ‬ ‫��ات ا ل��ـ��ـ��ك��ـ��ـ�لامِ قـطـيـعـة‬ ‫��ت غ��ـ��ـ��ا ب��ـ��ـ ِ‬ ‫و ت��ـ��ر ك��ـ��ـ َ‬
‫مت��اه��ي��ت م��ع ال��ر���س��ال��ة‪ ،‬ف��دخ��ل��ت قلوب‬ ‫ف���ـ���ـ���ـ���ـ���إذا ال��ـ��ي��ـ��ت��ـ��ام��ـ��ى ت��س��ـ��ت��ـ��ح��ـ��ي��ـ��لُ خ��ـ��م��ـ��ـ��ي��ـ��ـ�لا‬ ‫و«مَ �����ـ����� َب�����ـ����� َّرةٌ» أع���ـ���ل���ـ���ى ال���ـ���ح���ـ���ن���ـ���ان ف��ت��ح��ـ�� َت��ـ��ه��ـ��ا‬
‫حم ّبيك‪..‬‬
‫ومت�� ّث��ل��ت ال��ر���س��ال��ة‪ ،‬فخالطت �ضمائر‬ ‫���ف ف���ـ���ـ���ي ع���ـ���ـ���دد ال���سّ ���ن���ـ���ي���ـ���ن ف��ـ��ص��ـ��وال‬ ‫ل���ت���ض���ـ���ي���ـ َ‬ ‫��ك��ـ��رًا‬ ‫��ت م��ـ��ف��ـ ِّ‬
‫��ات ك��ـ��ن��ـ َ‬ ‫ف��ـ��ـ��ي خ���ـ���ـ���ارجِ ال�� ّل��ح��ـ��ظ��ـ ِ‬
‫عا�شقيك‪..‬‬ ‫���رض���ـ���ـ���ا ل���ل���ـ���خ���ـ���ي���ـ���ال وط���ـ���ـ���ـ���ـ���وال‬
‫���ت ع���ـ ً‬ ‫ف���ـ���ذرع���ـ���ـ َ‬ ‫��ك ال���ـ���ف���ـ���رق���ـ���ـ���دان ت��ـ��أن��ـ��س��ـ��ن��ـ��ا‬ ‫ف��ـ��ـ��ـ��ـ��ي م��ق��ـ��ل��ـ��ت��ـ��ي��ـ َ‬
‫�سكنت أالف��ئ��دة كما ت�سكن الر�سالة يف‬ ‫����رت ف���ـ���ـ���ي م����ـ����ـ����رأى ال�����ـ�����ـ�����ورود ب��ـ��ت��ـ��وال‬ ‫أب����ـ����ص����ـ َ‬ ‫���ت م��ـ��ح��ـ�� ّم��ـ��دً ا ف��ـ��ـ��ـ��ي ح��ـ��ـ��ي��ـ��ـ��د ٍر‬ ‫وك��ـ��م��ـ��ـ��ا رأي���ـ���ـ���ـ َ‬
‫أالعماق‪..‬‬
‫ومازجت العواطف كما مت��ازج معانيها‬ ‫��ك ي���ـ���ـ���ومَ ���ـ���ـ���ـ���هُ ال��ـ��م��ـ��ـ��أم��ـ��ـ��وال‬ ‫ورأى ب��ـ��ط��ـ��ي��ـ��ف��ـ��ـ َ‬ ‫��ب ق���ـ��� ّل���ـ���ـ���دَ َك ال��ـ��ه��ـ��ـ��وى‬ ‫ي��ـ��ـ��ـ��ا م��ـ��رج��ـ�� ًع��ـ��ا ل��ـ��ل��ـ��ح��ـ ِّ‬
‫العقول‪..‬‬ ‫وت�������ض�������ي ُء ف������ي روح���������ي امل������ـ������دى امل���ج���ه���ـ���وال‬ ‫األب ال����� ّروح�����ـ�����يُّ ‪ ,‬ت�����ـ�����زرعُ خ���اط���ـ���ري‬ ‫����ت ُ‬ ‫أن����ـ َ‬
‫وع�شت مع الر�سالة‪ ،‬وم�ضيت يف دربها‪..‬‬ ‫وت����ـ����ش����ـ����اؤن����ـ����ي األق�����ـ�����ـ�����ـ�����دار «إس���ـ���م���ـ���اع���ـ���ي���ـ�ل�ا»‬ ‫���������داك – ي���ه���م���رن���ي ال��������رّدى‬ ‫َ‬ ‫أب����ت����ي – ج���ع���ل���ت ف‬
‫ه���ذا ه���و ل��غ��ز ح�� ّب��ك ف��ي��ن��ا م��ه��م��ا ط��ال‬ ‫���راش ي��ـ��ق��ـ��ـ�� ِّب��ـ��ـ��لُ ال��ـ��ق��ـ��ن��ـ��دي��ـ��ـ�لا‬
‫ط��ـ��ـ��ب��ـ��ـ�� ُع ال���ـ���ـ���ف���ـ���ـ���ـ ِ‬ ‫��ك ال��ـ��ع��ـ��ري��ـ��ق��ـ��ـ��ة م��ـ��ـ��ب��ـ��دأ‬ ‫��ت ج��ـ��ب��ـ��ه��ـ��ت��ـ��ـ َ‬ ‫ق��ـ��ب��ـّ��ل��ـ��ـ َ‬
‫الزمان‪..‬‬ ‫��ك ‪ ..‬ال أري���ـ���ـ���ـ���د ب��ـ��ـ��دي��ـ��ـ�لا‬ ‫ف��ـ��ل��ـ��ـ��ذا اص��ط��ف��ـ��ي��ـ��ت��ـ َ‬ ‫وألنّ ض����ـ����ـ����ـ����ـ����و َء َك ض���ـ���ـ���ـ���ـ���و ُء آلِ م��ـ��ح��ـ��ـ�� ّم��ـ��ـ��دٍ‬
‫وهذا هو �س ّر بقائك فينا رغم الغياب‪..‬‬
‫يا�سر �آل غريب‬
‫يوسف نور الدين‬ ‫�شبكة را�صد ا إلخبار ّية‬

‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪14‬‬
‫حياتك تعزف أ�غنيات ال�� ّن��ور وتخلق‬

‫«ف أ�نا أ�خلق وحدي ج ّنتي ف�رى ال ّلذة‬


‫أ‬
‫فردو�س املعاناة‪:‬‬
‫من دنيا الرّ�سالة‪� ...‬إلى عالم الملكوت‬
‫يف أ�عماق حزين»‬
‫م�شور ٍة ب��ع��دل‪ ،‬ف����إنيّ ل�ست يف نف�سي‬ ‫ي��رح��ل مع ّلمي ا ّل���ذي أ�خ���ذ ب��ي��دي �إىل‬ ‫زمن �ض ّي ٍق خ ؤ� ٍون مهزوم‪...‬‬ ‫يف ٍ‬
‫وها أ�نت ت ؤ�وب را�ضي ًا مر�ض ّي ًا‪:‬‬
‫بفوق أ�نْ أ�خ��ط��ئ‪ ،‬وال �آم��ن ذل��ك منْ‬ ‫دنيا ال ّر�سالة‪ ،‬وت��ر ّف��ع ب��ي ع��ن وح��ول‬ ‫وال�صاحلني‬ ‫زمن ي�ضنّ علينا بالكبار ّ‬ ‫ٍ‬
‫ربي ُع ْد بي �إليك ح ّر ًا نق ّي ًا‬
‫فعلي‪ � ،‬إ ّال أ�ن يكفي اهلل من نف�سي ما هو‬ ‫التّمذهب والتّقوقع والتخ ّلف والع�صب ّية‬ ‫تت�صحر القيم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وال�� ّرج��االت‪ ...‬حيث‬
‫طاهر ال ّروح كال ّن�سيم البليل‬
‫أ�ملك به م ّني»‪ .‬وكنت تع ّقب‪« :‬وقد كفى‬ ‫واجلهالة‪ ،‬ليغر�س يف عقلي أ�نّ ‪ « :‬أ� ّمة‬ ‫ّ‬
‫وتتل ّوث املفاهيم‪ ،‬ويندر ال�شاهدون‬
‫ألعي�ش ال ّروح املن ّدى بر�ضوا‬ ‫اهلل عل ّي ًا ذلك»‪.‬‬ ‫يكون حم ّمد(�ص) ر�سولها وقائدها‬ ‫وال�شهداء‪ ،‬والعظام واملب ّلغون بحقّ‬ ‫ّ‬
‫نك ح ّب ًا كهنيمات أال�صيل‪...‬‬
‫ع��ه��دي ���س�� ّي��دي‪ ...‬أ�ال أ�حت���� ّدث عنك‬ ‫ونب ّيها‪ ،‬هي أ� ّم��ة حتمل من امل� ؤس�ول ّية‬ ‫ال�� ّر���س��االت اهلل‪ ...‬يرحل عظي ٌم من‬
‫‪ ...‬أ�ع��ذرين يا �س ّيدي و أ�ب��ي على هذه‬ ‫بالفعال املا�ضية‪ ،‬ألنّ املا�ضي زمن‬ ‫أ‬ ‫ع��ل��ى أ�ك��ت��اف��ه��ا ال��ك��ث�ير م��ن أالث���ق���ال‪،‬‬ ‫ري‬‫العظماء‪� ،‬صدي ٌق من أالول��ي��اء‪ ،‬كب ٌ‬
‫اخل��واط��ر املتداعية املتالحقة ا آلتية‬ ‫انق�ضى و أ�ف���ل وغ����ادر‪ ...‬و أ�ن���ت �س ّيد‬ ‫ال ا ّل��ت��ي تعي�ش االتّ���ك���ال‪ »...‬أ�و العقل‬ ‫م��ن ال�� ّرج��االت‪� ،‬صدق م��ا عاهد اهلل‬
‫م��ن رح��م ال�� ّذك��ري��ات معك‪ ،‬ف�لا زلت‬ ‫احل��ا���ض��ر وامل�����س��ت��ق��ب��ل‪ ...‬و أ�م��ث��ال��ك ال‬ ‫اجلمعي‪ ،‬أ�و تغييب احلقيقة ال ّنوران ّية‬ ‫عليه‪ ،‬ف أ�ح ّبه اهلل وا�صطفاه نعم ًة ِم ْن ُه‬
‫ّ‬
‫«م�ش ّو�ش» العقل ال أ�منحه أ� ّي��ة جرعة‬ ‫يغادرون‪ ،‬وال يرحلون‪ ،‬وال ميوتون‪ ،‬وال‬ ‫حب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫ال�ساطعة‪ ...‬طالبا من ال ّمة التي � ّ‬ ‫وف�ض ًال‪...‬‬
‫ّ‬
‫م��ن العاطفة ـ كما ع ّلمتنا ـ وال زلت‬ ‫ي�صبحون جم ّرد ذكرى‪ ،‬ف أ�نت أ�يقظت‬ ‫وعمل جاهد ًا لتعت�صم بالقر�آن د�ستوراً‬ ‫والب واملر�شد والقائد‬ ‫يرحل ال�س ّيد أ‬
‫حتت هيمنة العاطفة التي ين أ�ى عنها‬ ‫ال�ضحى من أ�غاين قلبك الكبري‪ ،‬حتى‬ ‫ّ‬ ‫للحياة‪ ،‬وفهم ًا ح��رك�� ّي�� ًا م��ت��م�� ّي��ز ًا‪ ،‬أ�ن‬ ‫وامل��ع�� ّل��م وا إلن�����س��ان وامل��رج��ع والعلم‬
‫العقل لتتوازن ـ كما ر ّبيتنا ـ وعهدي أ�ن‬ ‫انترث نور الوحي وهدى ال ّر�سالة وروح‬ ‫تنظر يف مدى الزّمن لرتى ر�سول اهلل‪:‬‬ ‫حم��م��د ح�����س�ين ف�����ض��ل اهلل‪ ،‬م��رج��ع�� ًا‬
‫أ�حمل فكرك وثقافة ا إل�سالم أال�صيل‬ ‫ا إل�سالم يف كيانك وذاتك‪:‬‬ ‫«انظروا‪ ،‬ف�سرتون أ�نّ ر�سول اهلل يف ك ّل‬ ‫ل�ل����س�لام‬ ‫ل��ل�� ّدي��ن وال�� ّدن��ي��ا‪ ،‬وف��ق��ي��ه�� ًا إ‬
‫ـ كما أ�و�صيتني ـ و أ��ستميحك ُعذر ًا أ�نْ‬ ‫من أ�غاين القلب أ�يقظت ال�ضحى‬
‫ّ‬ ‫علم تتع ّلمونه‪ ،‬ويف ك ّل طاق ٍة حت ّركونها‪،‬‬ ‫وامل�سلمني‪ ،‬ورائد ًا للوحدة ا إل�سالم ّية‪،‬‬
‫أ�ر ّدد بعد ع��روج��ك �إىل ملكوت اهلل‬ ‫ٍ‬
‫يف دمي فانترث الوحي بروحي‬ ‫ؤ‬
‫ويف ك��ل دع��و ٍة تتح ّملون م�س�ول ّيتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لليتام‪ ،‬وينبوع ًا للمتّقني‪ ،‬ونور ًا‬ ‫و أ�ب�� ًا أ‬
‫بع�ض ًا من مط ّولتك اخل��ال��دة «ن�شيد‬ ‫ال�شم�س ومل‬ ‫فتط ّلعت �إىل ّ‬ ‫جهاد جتاهدونه‪ ...‬لقد كان‬ ‫ويف ك�� ّل ٍ‬ ‫للم ؤ�منني‪ ،‬و�سند ًا للمقاومني‪ ،‬وح�صن ًا‬
‫امل���وت» ال��ذي ا�ست�شرفته قبل ثمانية‬ ‫أ��ستفق �إال على �صحو جروحي‪...‬‬ ‫فينا ال�� ّن��ور‪ ،‬وال يريد لنا أ�ن نتح ّرك‬ ‫للمجاهدين‪ .‬و أ�م ًال للفقراء ال�ساكنني‪،‬‬
‫وخم�سني عام ًا يف ال ّنجف أال�شرف‪،‬‬ ‫تغ�شاين ال ّدجى‬ ‫أ�نا ح�سبي �إنْ ّ‬ ‫الظلمة يف عيوننا‪،‬‬ ‫مع ا ّلذين يح ّركون ّ‬ ‫وق��������دو ًة ل��ل��م�����س��ت�����ض��ع��ف�ين‪ ،‬ورج������ا ًء‬
‫تاريخ ‪:1952/10/10‬‬ ‫ال�صريح‬ ‫واحل�س ّ‬
‫ّ‬ ‫خطرات الفجر‬ ‫وعقولنا‪ ،‬ويف قلوبنا وحياتنا‪ ...‬ف�إىل‬ ‫ال�صادقني‬ ‫بل�سان ّ‬ ‫ِ‬ ‫للمحرومني‪ ،‬وداعي ًا‬
‫� أس�موتُ‬
‫فانطالقات حياتي فكرة‬ ‫نور ر�سول اهلل حيث ن�ستهدي كتاب اهلل‬ ‫عا�ش هلل‪ ...‬وانفتح‬ ‫يف العاملني‪َ ...‬منْ َ‬
‫وحي اخللو ِد‬ ‫الظم أ�ى �إىل ِ‬ ‫يغم ُر روحي ّ‬
‫�سوف تبقى حلم ًا فوق �ضريحي‪...‬‬ ‫ا ّلذي ب ّلغه‪ ،‬و�س ّنته التي أ�طلقها‪ ،‬فلع ّلنا‬ ‫على اهلل‪ ...‬روح ًا وقلب ًا وعق ًال وفكر ًا‪...‬‬
‫�إ���ش��ع��ا ُع دن���ي��� ًا‪ُ ...‬ح���� ّرة ا آلف����اق ت��ه��ز�أ‬
‫هل م�صادفة أ�ن ت�ستعيد يف ال وعيك‬ ‫ال�شيء لنهتدي بذلك‬ ‫نفهم فيها بع�ض ّ‬ ‫يرحل نف�س ًا مطمئ ّن ًة را�ضي ًة مر�ض ّي ًة‪،‬‬
‫بالقيو ِد‬
‫عري البيتني أالخ�يري��ن امل ؤ� ّرخني‬ ‫ال�ش ّ‬‫ّ‬ ‫ون�ست�ضيء به»‪.‬‬ ‫راج��ع�� ًة �إىل ر ّب��ه��ا‪� ...‬آي��ب�� ًة �إل��ي��ه‪ ،‬وقد‬
‫البغي يكمنُ يف زواي��اه��ا‪ ،‬وال ِغ�� ُّل‬ ‫ال ُ‬
‫بتاريخ ‪ ،1957/2/20‬ب�صيغ ٍة جديد ٍة‬ ‫‪ ...‬ف��ط��وب��ى لنف�سك ال��ت��ي عركتها‬ ‫ب ّلغت يف �سبيل اهلل ر�ساالت اهلل‪ ،‬وقيم‬
‫احلقو ِد‬
‫ت��ع�ّب�رّ ع��ن واق���ع احل���ال‪ ،‬وع��م��ق أالمل‬ ‫يف جنب اهلل ي��ا ���س�� ّي��دي‪ ...‬ي��ا «�س ّيد‬ ‫تخ�ش‬ ‫ال�سمح العظيم‪ ،‬ومل َ‬ ‫ا إل���س�لام ّ‬
‫أ‬
‫ت��ت��ع��ان��قُ الرواح ف��ي��ه��ا‪ ...‬ك���الزاه ِ���ر‬ ‫أ‬
‫وامل���ع���ان���اة‪« :‬يف ظ�ل�ام ال�� ّل��ي��ل �آه���ات‬ ‫البيان الذي اقتب�سته‬ ‫ال�سادات»‪ ،‬يا أ�مري ِ‬ ‫أ�ح���د ًا � إ ّال اهلل‪ ،‬وقدوتها ر���س��ول اهلل‪،‬‬
‫والورو ِد‬
‫جروحي» «فالتفاتات حياتي»‪ ...‬ف أ� ّي‬ ‫وال�سادة أالئ�� ّم��ة من أ�ه��ل بيت ر�سول‬
‫علي ا ّلذي ع�شقته‬ ‫بالغ ًة وف�صاح ًة من ّ‬ ‫ّ‬
‫� أس�موتُ‬
‫ظ�لام �سيغ�شانا بعدك ي��ا ن��ور العقل‬ ‫و أ�حببته وذبت فيه قائ ًال‪ « :‬أ�نا عندما‬ ‫اهلل‪ ...‬يرحل مو�صي ًا با إل�سالم خريا‪ً:‬‬
‫يف قلبي خفوق‪ ...‬نار يف بركان ُح ِّبي‬‫والقلب؟ وه��ل االلتفاتات رج��و ٌع �إىل‬ ‫فعلي هو‬ ‫علي أ�ذوب فيه‪ّ ...‬‬ ‫أ�حت ّدث عن ّ‬ ‫«اهلل اهلل يف ا إل����س�ل�ام‪ ،‬ال حتب�سوه‬
‫ذوت وهوت على أ��شواك‬ ‫مال ِ‬ ‫و�صراع �آ ٍ‬
‫ما�ضي الهناء معك وبني يديك مقابل‬ ‫�إمام ا إل�سالم ا ّلذي انطلق من بيت اهلل‬ ‫يف ع�صب ّياتكم وم��ذه��ب�� ّي��ات��ك��م‪ ،‬وال‬
‫دربي‬
‫«االنطالقات» التي ع�شتها �شباب ًا وكون ًا‬ ‫وعا�ش اهلل يف قلبه وعقله وق�ضى يف‬ ‫تد ّمروه ب أ�حقادكم‪ ،‬بل ق ّووه بوحدتكم‬
‫طلب عندها جنوى الهوى‬ ‫أ‬
‫كم رح��تُ � ُ‬
‫رح��ي��ب�� ًا ي��غ��دق اخل�صب على حياتنا‬ ‫بيت اهلل»‪ .‬أ� ْمل تُر ِّبنا ـ يا �س ّيدي ـ على أ�نْ‬ ‫واعت�صامكم بحبل اهلل تعاىل‪.»...‬‬
‫ون�شيد قلبي‬ ‫ونفو�سنا‪:‬‬ ‫نتع ّلم من �إمام احلقّ قول احلقّ ‪ ،‬و أ�نت‬ ‫يرحل أ�ب��ي وروح��ي وع ّالمتي وقدوتي‬
‫ري احليا ِة ي�سيل يف روحي‬ ‫ف أ���رى بها َّ‬
‫« أ�ن��ا يا ليالي ما زل��ت �غني لل�ضحى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫علي‪:‬‬‫ا ّلذي حفرت يف عقولنا كلمات ّ‬ ‫ومر�شدي ومعيني على ده��ري‪ ،‬نق ّي ًا‬
‫ول ّبي‬
‫ولل�شراق م ّني‬ ‫علي بجميل ثناء‪ ،‬إلخراجي‬ ‫عزيز ًا ُمق ّد�س ًا‪ ،‬ليلتقي مثاله أالعلى‬
‫ح ّبي إ‬ ‫«فال تثنوا ّ‬
‫� أس�موتُ‬
‫وحياتي ف��ك��رة‪ ...‬مل يكتمل يف حنايا‬ ‫نف�سي �إىل اهلل �سبحانه و�إليكم من‬ ‫ر�سول اهلل ا ّل��ذي مت ّلك كيانه وعقله‪.‬‬
‫حد‬ ‫���س��وف ي�ض ُّم أ�ح�����ش��ائ��ي ُدج���ى ال ّل ِ‬ ‫وحي املغ ّني‬
‫روحها ُ‬ ‫التق ّية يف حقوقٍ مل أ�ف��رغ من أ�دائها‪،‬‬ ‫ي��ق��ول ���س��م��اح��ت��ه‪« :‬ع��ن��دم��ا التقيت‬
‫العميقْ‬
‫هبطت للر�ض ع��ذراء املنى تر�شف‬ ‫أ‬ ‫وف��رائ�����ض ال ب�� َّد م��ن �إم�����ض��ائ��ه��ا‪ ،‬فال‬ ‫ين‪،‬‬ ‫ب��ر���س��ول اهلل يف وج����داين ا إلمي����ا ّ‬
‫قلب ْ‬
‫خفوق‬ ‫نام‪ ،‬ال �ر ٌق ُيه ّددين‪ ،‬وال ٌ‬ ‫أ‬ ‫و أ� ُ‬
‫أالطياف يف أ�طهر دنّ‬ ‫تك ّلموين مب��ا تك ّلم ب��ه اجل��ب��اب��رة‪ ،‬وال‬ ‫من خالل قراءتي ل�سريته يف القر�آن‬
‫وذوب‬ ‫م��ل َء اجلفون‪ ،‬رذاذ أ�ح�لام��ي‪ٌ ،‬‬ ‫بجناح من‬ ‫�شاقها ال ّنور فطارت نحوه‬ ‫تتح ّفظوا م ّني مبا يتح ّفظ به عند أ�هل‬ ‫أ� ّو ًال‪ ،‬انفتحت على ال ّر�سول ا إلن�سان‬
‫ٍ‬ ‫من بريقْ‬ ‫هواها مطمئنّ ‪...‬‬ ‫ال��ب��ادرة‪ ،‬وال تخالطوين بامل�صانعة‪،‬‬ ‫ين‬ ‫مل قلبي بهذا الفي�ض ا إلن�سا ّ‬ ‫ا ّلذي أ‬
‫وجف من �شفتي‬ ‫مبقلتي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�شعا ُع‬
‫ل�ل�ي��اب �إىل‬‫َج ُم ُد ُّ‬ ‫ّ‬ ‫وال تظ ّنوا بي ا�ستثقا ًال يف حقّ قيل يل‪،‬‬ ‫ال�� ّرائ��ع‪ ،‬ا ّل��ذي ك��ان يعي�شه من خالل‬
‫‪ ...‬ل��ق��د ���ش��اق��ك ال��ن��ور إ‬
‫ال ّرحيقْ‬
‫ع��امل ال��� ّروح‪ ،‬حيث ال حقد‪ ،‬وال غ��ل‪ّ،‬‬ ‫عظام لنف�سي‪ ،‬ف�إ ّنه من‬ ‫عالقته با آلخرين‪ ،‬وا ّلتي كانت تتح ّرك‬
‫وال التما�س � إ ٍ‬
‫وال �ضغينة‪ ،‬وال أ��سى‪ ،‬وال ظلم‪ ...‬بل‬ ‫ا�ستثقل احل��قّ أ�نْ يقال ل��ه‪� ،‬و العدل‬
‫أ‬ ‫كينبوع متد ّف ٍق بك ّل ما يف �شخ�ص ّيته من‬ ‫ٍ‬
‫علي‪ ...‬يف رحاب‬ ‫أ�رواح مالئك ّية على ���س��ر ٍر متقابلة‪ ،‬مَ ْن قرير الع ِني يا أ�با ٍّ‬ ‫أ�نْ يعر�ض عليه‪ ،‬كان العلم بهما أ�ثقل‬ ‫آ‬
‫وحر�ص على الخر‬ ‫ٍ‬ ‫وحنان‬
‫ٍ‬ ‫وحب‬
‫رحم ٍة ٍّ‬
‫ت�سبح بحمد ر ّبها‪ ...‬و أ�نت ا ّلذي ع�شت اهلل‪ ...‬يف ج ّن ِة اهلل‪ ،‬يف ر�ضوان اهلل‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫عليه‪ .‬فال تك ّفوا عن مقال ٍة بحقّ ‪ ،‬أ�و‬ ‫واحت�ضان له»‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ور أ�ف ٍة به‬
‫وق�سم ًا بعمري‪ ...‬لن متوتَ ‪....‬‬

‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪15‬‬
‫لقد كنتُ أ�كتب عنك يف حياتك ب�صفتك الر�سال ّية التي أ�حببت‪ ،‬و أ�فنيت عمرك فيها‪،‬‬
‫نح�س معها ب أ�نّ أ�ب ّوتك لنا يف الن�سب واجل�سد تختلف عن أ�ب ّوتك لك ّل أ�بناء هذه‬ ‫حتى مل ّ‬
‫مما كنت‬ ‫كيف ومل أ�تع ّرف عليك �إال حتت املنرب‪ ،‬وع�شتُ معك يف امل�سجد أ�كرث ّ‬ ‫أال ّمة‪َ ..‬‬
‫ح�س ب أ�نّ ك ّل ه ؤ�الء الذين تر ّبعوا‬ ‫قلت يل مرار ًا ـ أ�رى و أ� ّ‬ ‫أ�راك يف املنزل‪ ،‬فكنتُ ـ كما َ‬
‫مف�سر ًا لل�س ّنة‪ ،‬أ�و مع ّمق ًا للفكر‪،‬‬‫حتت منربك وهم ي�ستمعون �إليك �شارح ًا للقر�آن‪ ،‬أ�و ّ‬
‫بال ّمة �إىل‬ ‫أ�و ُمطلق ًا الت�ش ّيع من قمقم الع�صب ّيات واملذهب ّيات‪ ،‬أ�و حماو ًال أ�ن حت ّلق أ‬
‫ح�س ب أ�نّ ك ّل ه ؤ�الء هم �إخوة‬ ‫الف�ضاءات الرحبة رحابة الكون الذي ي�س ّبح با�سم اهلل‪ ،‬أ� ّ‬
‫وعلم ذلك عند‬ ‫يل‪ ،‬ولي�س عليهم ف�ض ٌل �إال مبقدار ما يقرتب الواحد م ّنا من اهلل أ�كرث‪ُ ،‬‬
‫اهلل‪..‬‬
‫قلت يل � إ ّنك تتز ّود روح ّي ًا من ك ّل الذين يجه�شون بالبكاء يف الدعاء‪ ،‬وهم‬ ‫ن�س وقد َ‬ ‫مل أ� َ‬
‫يدعون خل َفك يف امل�سجد‪ ،‬بدعاء كميل أ�و أ�بي حمزة‪ ،..‬حتّى تع ّلمتُ من ذلك توا�ضع‬
‫الروح بني يدي اهلل‪ ،‬ومتاهي القيادة مع �سائر من تع ّلقوا ب أ�طرافها يف م�سرية الر�سالة‬
‫الطويلة‪..‬‬
‫قلت يل‪� :‬إن كان هذا الفكر هلل‬ ‫ن�س وقد كان يتج ّر أ� عليك ال�صغري والكبري عندما َ‬ ‫مل أ� َ‬
‫فاهلل يتك ّفل به‪ ،‬و�إن مل يكن هلل ف أ�نا ال �شغل يل به‪ ،‬فليذهب مع الرياح‪..‬‬
‫وال تزال كلما ُتك تر ُّن يف أ�ذين قبل أ� ّيام من لقائك من أ�حببت‪ ،‬و أ�نت تقول �إنيّ قد‬
‫ُظلمتُ كما مل ُيظلم أ�حدٌ‪ ،‬ولك ّني أ�ح ّبهم؛ ألنيّ ر ّبيتهم‪ ،‬و أ��شعر ب أ�ب ّوتي لهم جميع ًا‪..‬‬
‫ولنّ القلب‬ ‫هكذا‪ ،‬ع ّلمتنا ـ يا أ�بي ويا �س ّيدي ـ أ�ن ال نحقد على أ�حد؛ ألنّ «احلقد موت»‪ ،‬أ‬
‫الذي يحقد ال يمُ كن أ�ن ي�سمو يف ح ّبه هلل‪ ،‬ور ّبيتنا على أ�نّ من ي أ�مل عفو اهلل يوم ال ظ ّل‬
‫�إال ظ ّله‪ ،‬فال يمُ كنه �إال أ�ن يجعل عفوه ع ّمن أ��ساء و�سيل ًة لتح�صيل عفو اهلل تعاىل‪..‬‬
‫وع ّلمتنا ـ يا من يفتقدك م�صلاّ ك واملنرب ـ أ�نّ ك ّل ما يف احلياة ينبغي أ�ن يكون هلل‪،‬‬
‫أ�ن ن�سعى جاهدين لنخل�ص هلل يف ن ّياتنا‪ ،‬فال يكون فيها �شيء لغري اهلل‪ ،‬حتّى الذات‬
‫تذوب يف �إرادة اهلل يف حركة امل� ؤس�ول ّية‪..‬‬
‫والتوا�ضع كان عنوان ًا من عناوينك الكثرية‪ ،‬من النا�س‪ ،‬معهم‪ ،‬يف خدمتهم‪ ،‬حتّى‬
‫�أبي الحبيب‬
‫و أ�نت ترتقي بهم يف روحان ّيتك‪ ،‬التي اكت�شفنا �سم ّوها اليوم أ�كرث‪ ،‬ف أ�نت ال ت�شعر يف‬
‫تتو�سل �إىل اهلل بك ّل أالنفا�س الطاهرة‪ ،‬والقلوب‬ ‫نف�سك �إال « أ�فقر الفقراء �إىل اهلل»‪ّ ،‬‬
‫النق ّية‪ ،‬والن ّيات ال�صافية‪ ،‬التي تنبع من �صدق امل ؤ�منني‪..‬‬
‫ثوان م ّرت‬ ‫نتح�سر على ٍ‬ ‫ول�ستُ أ�دري‪ ،‬ونحن نبذل اجلهد اليوم لن�ص ّدق ما منينا به‪ ،‬هل ّ‬
‫دون أ�ن نتز ّود منك بكلمة‪ ،‬أ�و مبوقف اقتداء‪ ،‬أ�و مبنهج للحياة؛ كيف؟ وقد �ض ّيعنا أ� ّيام ًا‬
‫دون ذلك‪..‬‬
‫متاهيت م� ؤس�ول ّيتنا‪ ،‬و أ�نّ‬
‫َ‬ ‫حي ال ميوت‪ ،‬و أ�نّ الر�سالة التي بها‬ ‫ح�س ُبنا أ�نّ الذي أ�حببت ٌّ‬
‫الق�ضايا التي بها �آمنت ق�ضايانا‪ ،‬و أ�نّ الروح التي بها ح ّلقت غاي ٌة من غاياتنا‪ ،‬و أ�نّ‬
‫اخلط الذي يو�صلنا‬ ‫اخلط الذي انتهجت هو ّ‬ ‫اخللق الذي به �سمحت خلق أالنبياء‪ ،‬و أ�نّ ّ‬
‫�إىل ك ّل الذين نعتقد أ� ّنك معهم ـ ومل تكن �إال معهم ـ ت�شهد على أال ّمة‪ ،‬وتدعو ر ّبك أ�ن‬
‫يلطف بها‪..‬‬
‫ح�سبنا أ�نّ ندرك أ�نّ اللقاء بك لن يكون �إال ب�سلوك الطريق الذي �سلكت‪ ،‬واملعاناة التي‬
‫والفق الذي ح ّلقت فيه؛ وما‬ ‫عانيت‪ ،‬وال�صرب الذي �صربت‪ ،‬والن ّية التي أ�خل�صت‪ ،‬أ‬
‫أ��صعبه من طريق! وما أ�ل ّذ امل�سري فيه؛ واهلل من وراء الق�صد‪.‬‬

‫جعفر ف�ضل اهلل‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد ‪ 379‬االحد ‪� 4‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 15‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫موفد من الرئيس اليمني وشخصيات من لبنان والعالم اإلسالمي‪:‬‬

‫مزيد من الوفود المعزية بالراحل الكبير‬

‫نقيب املهند�سني ال�سابق يف االردن ليث �شبيالت‬ ‫ال�سيد جعفر حممد باقر ال�صدر معزي ًا‬

‫وفود �شعبية‬ ‫وفود من البقاع الغربي‬

‫وفود من البقاع الغربي‪:‬‬ ‫ال�شعب ّية ومم ّثلي امل ؤ� ّ�س�سات الرتبو ّية‬ ‫وا�صلت عائلة �سماحة العالمة املرجع‪،‬‬
‫كما ا�ستقبل �سماحة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫وفد إيراني‪:‬‬
‫وك��ان �سماحة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل قد‬ ‫واالجتماع ّية‪ ،‬حيث قدّموا التّعازي برحيل‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ر�ض)‪،‬‬
‫اال�شرتاكي يف‬
‫ّ‬ ‫وفد ًا من احلزب التّقدّمي‬ ‫�سماحته‪.‬‬ ‫ت��ق�� ّب��ل ال��ت��ع��ازي ب��رح��ي��ل ���س��م��اح��ت��ه‪،‬‬
‫الغربي ورا���ش��ي��ا‪ ،‬برئا�سة وكيل‬ ‫البقاع‬ ‫ا�ستقبل وف��د ًا �إيراني ًا برئا�سة امل�شرف‬
‫ّ‬ ‫موفد الرئيس اليمني‪:‬‬ ‫فا�ستقبلت جمموعة من ال�شخ�صيات‬
‫داخل ّية احلزب يف البقاع الغربي ورا�شيا‪،‬‬ ‫ال��ع��ام للجنة �إم����داد ا إلم����ام اخلميني‪،‬‬
‫و�ضم الوفد عدد ًا‬ ‫احلاج ح�سني أ�ن��واري‪ّ ،‬‬ ‫كما التقى �سماحة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‬ ‫ال�شهيد حممد‬ ‫من أ�برزهم‪ :‬جنل ال�س ّيد ّ‬
‫ن��� ّواف التقي‪ ،‬م��ع جمموع ٍة م��ن ر ؤ����س��اء‬ ‫ال�شورى اليمني‪ ،‬فاطمة بنت‬ ‫ع�ضو جمل�س ّ‬ ‫ال�صدر‪،‬‬ ‫ال�صدر‪ ،‬ال�سيد جعفر ّ‬ ‫باقر ّ‬
‫البلد ّيات وامل�شايخ والفاعل ّيات من منطقة‬ ‫من �شورى ا إلم��داد وم� ؤس�وليها يف لبنان‬
‫و�إيران‪.‬‬ ‫حممد‪ ،‬التي قدّمت التعازي با�سم ال ّرئي�س‬ ‫وال ّنائب ال ّول حلاكم م�صرف لبنان‪،‬‬ ‫أ‬
‫را�شيا‪ ،‬حيث ق��دّم الوفد التّعازي با�سم‬ ‫اليمني علي عبد اهلل �صالح‪.‬‬ ‫رائد �شرف الدّين‪ ،‬ونقيب املهند�سني‬
‫احلزب‪.‬‬ ‫وحتدّث أ�نواري عن �سماحة املرجع‪ ،‬ال�س ّيد‬
‫ف�ضل اهلل‪ ،‬م�شري ًا �إىل أ� ّن���ه أ�ح���د أ�ك�بر‬ ‫كما تل ّقت برق ّية تعزية من نائب رئي�س‬ ‫ال�سابق يف أالردن‪ ،‬ليث �شبيالت‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫ّ‬
‫كما ا�ستقبل وف��د ًا معزّي ًا من حركة أ�مل‬ ‫الوزراء العراقي‪ ،‬الدّكتور روز نوري �شاوه‬ ‫ر أ�ى أ�نّ �سماحة ال�س ّيد ال�� ّراح��ل كان‬
‫املركزي‪ّ ،‬‬
‫ال�شيخ‬ ‫ّ‬ ‫برئا�سة امل� ؤس�ول ال ّثقا ّيف‬ ‫االجتماعي وال ّرعائي‬
‫ّ‬ ‫امل ؤ� ّ�س�سني للعمل‬
‫أ‬
‫ا إل���س�لام ّ��ي على م�ستوى ال��ع��امل‪ ،‬و� ّن���ه‬ ‫ي�س‪ ،‬وجاء فيها‪:‬‬ ‫«نربا�س ًا لوحدة أال ّمة‪ ،‬وعلم ًا منري ًا يف‬
‫���دد م��ن امل� ؤس�ولني‬
‫ح�سن ���ص��ال��ح‪ ،‬م��ع ع ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫تل ّقينا ببالغ احل���زن وال���س��ى ن��ب��� وف��اة‬ ‫مواقفه التي كانت مت ّثل كلمات احلقّ‬
‫ور ؤ��ساء البلد ّيات يف البقاع الغربي‪...‬‬ ‫�ساهم يف ت أ��سي�س جمع ّية ا إلم��داد‪ ،‬و أ� ّنه‬
‫خا�صة وعميقة جتاه‬ ‫كانت لديه نظرة ّ‬ ‫العالمة واملف ّكر الكبري‪� ،‬آي��ة اهلل ال�س ّيد‬ ‫�لا أ�ن‬
‫ال�سلطان اجل��ائ��ر»‪� ،‬آم ً‬ ‫يف وج��ه ّ‬
‫ال�سابق‪ ،‬أ�حمد فتوح‪،‬‬ ‫كما ا�ستقبل ال ّنائب ّ‬ ‫أ‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬وي�ش ّكل رحيل‬ ‫ؤ‬
‫يحمل أ�بناء ال ّراحل الكبري م�س�ول ّية‬
‫وال�ستاذ هرني �شديد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫املحرومني والفقراء‪ ،‬وكان يعرف �نّ بناء‬
‫أال ّمة ينطلق من رعاية الطبقات املحرومة‬ ‫العالمة الكبري خ�سار ًة كبري ًة لنا جميع ًا‪،‬‬ ‫هذا ا إلرث ّ‬
‫ال�ضخم»‪.‬‬
‫كما زار دارة امل��رج��ع ال��راح��ل(ر���ض)‬ ‫م�س احلاجة‬ ‫ولعموم بلداننا التي هي ب أ� ّ‬ ‫كما ا�ستقبلت أ��سرة ال ّراحل الكبري وفداً‬
‫معز ّي ًا زاره امل� ؤس�ول عن العمل االجتماعي‬ ‫وال�سهر عليها وتعليمها‪.‬‬ ‫والفقرية ّ‬
‫و أ� ّك��د أ�نّ ا�سم �سماحته م��زروع يف قلوب‬ ‫�إىل ال����ر أ�ي ال��ع��ق�لاين امل��تّ��زن واملنفتح‬ ‫عراق ّي ًا من حمافظة ال ّنجف‪ ،‬ووفد ًا من‬
‫يف «حزب اهلل» ال�شيخ عبد الكرمي عبيد‬ ‫على ا آلخرين‪ .‬ونحن �إذ ن�شاطركم هذا‬ ‫لقاء أالط ّباء الثقايف يف لبنان‪ ،‬ووكيل‬
‫ووفد من «منتدى الثالثاء الثقايف» واملدير‬ ‫ال ّلبنان ّيني وامل�سلمني ويف تاريخ املقاومة‪،‬‬
‫وعلى م�ستوى املنطقة والعامل‪ ...‬و�ست أ�خذ‬ ‫امل�صاب اجل��ل��ل‪ ،‬ن��دع��و م��ن ال��ب��اري ع ّز‬ ‫وزارة ال��دّول��ة ل�ش ؤ�ون أالم��ن الوطني‬
‫العام للتلفزيون ا إليراين يف لبنان ال�سيد‬ ‫وج ّل‪ ،‬أ�ن ي�سكنه ف�سيح ج ّناته‪ ،‬ويلهمكم‬ ‫يف ال��ع��راق‪ ،‬عقيل عبد الكرمي ر�شيد‬
‫مرت�ضى �شم�سي‪.‬‬ ‫أالج��ي��ال ا آلت��ي��ة م��ن فكره امللهم وعلمه‬
‫الكبري‪.‬‬ ‫ال�صرب وال�سلوان‪.‬‬
‫وذويه وحم ّبيه ّ‬ ‫عدد من الوفود‬ ‫ال�ص ّفار‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل ٍ‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪2‬‬
‫بيان نعي العالمة املرجع فضل الله‪:‬‬

‫عائلة المرجع فضل الله(رض) تزور‬


‫الرئيس سليمان والسيد نصر الله‬
‫زار وفد عائلة �سماحة املرجع الراحل �آية اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني‬
‫ف�ضل اهلل ر���ض��وان اهلل عليه أ�م�ين ع��ام ح��زب اهلل �سماحة ال�سيد ح�سن‬
‫ن�صراهلل حيث التقاه على مدى �ساعتني‪.‬‬
‫و �شكر الوفد �سماحة ال�سيد ن�صر اهلل وحزب اهلل على تعازيهم وموا�ساتهم‬
‫بفقدان الراحل الكبري‪.‬‬
‫وقد أ�كد املجتمعون على وجوب موا�صلة الطريق �سوي ًا لتحقيق أاله��داف‬
‫الكربى التي أ�م�ضى املرجع الراحل حياته يف �سبيل �إجنازها‪� ،‬سواء على‬
‫ال�صعيد الفكري والثقايف أ�و ال�سيا�سي أ�و اجلهادي‪.‬‬
‫وكان وفد من عائلة املرجع الراحل (ر�ض) زار رئي�س اجلمهورية اللبنانية‬
‫مي�شال �سليمان يف بعبدا‪ ،‬و�شكر ل��ه تعزيته وموا�ساته برحيله‪ ،‬وك��رر‬
‫رئي�س اجلمهورية تعازيه بفقدان املرجع الراحل ال�سيد ف�ضل اهلل (ر�ض)‬
‫وباخل�سارة التي تركها على م�ستوى لبنان والعامل‪.‬‬

‫ح�ضور مختلف الأطياف في مجل�س فاتحة في ك�سروان‬


‫وفود اجلمعيات الرياضية‪:‬‬ ‫ربات اخلري ّية‪ ،‬يف‬‫كما أ�قيم يف ح�سين ّية عي�سى بن مرمي(ع)‪ ،‬التّابعة جلمع ّية امل ّ‬
‫أ‬
‫كما ا�ستقبل رئي�س «ن��ادي امل�برة الريا�ضي» �حمد ف�ضل اهلل وف��ودا معزية‬ ‫قرية زيتون يف ك�سروان‪ ،‬جمل�س فاحت ٍة عن روح �سماحة ال ّراحل‪ ،‬العالمة املرجع‬
‫بالعالمة املرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬يف مقر ال��ن��ادي‪ ،‬فح�ضر معزي ًا كل من أالم�ين‬ ‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ر�ض)‪ ،‬بح�ضور جنل �سماحته‪ ،‬ال�س ّيد �إبراهيم‪،‬‬
‫العام الحتاد كرة القدم رهيف عالمة‪ ،‬وفد من نادي أالن�صار برئا�سة نبيل‬ ‫ورئي�س بلد ّية زيتون ف��ادي فهد‪ ،‬رئي�س بلد ّية املع�صرية زهري عمرو‪ ،‬رئي�س‬
‫�سنو‪ ،‬وفد من نادي النجمة برئا�سة �سعد الدين عيتاين‪ ،‬وفد من نادي العهد‬ ‫وعدد من ال�شخ�ص ّيات العلمائية واالختيارية‬ ‫بلدية احل�صني حممد نا�صيف‪ٍ ،‬‬
‫برئا�سة حممد عا�صي‪ ،‬وفدا من نادي �شباب ال�ساحل برئا�سة جالل عالمة‪،‬‬ ‫ح�شد من أ�هايل املنطقة‪.‬‬
‫واالجتماعية‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل ٍ‬
‫رئي�س نادي ال�صفاء ع�صام ال�صايغ‪ ،‬رئي�س نادي الرا�سينغ جورج فرح‪،‬‬ ‫كلمات ٍّ‬
‫ال�شيخ يو�سف‬‫لكل من القا�ضي ال ّدكتور ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تخ ّلل جمل�س الفاحتة �إلقاء‬
‫ووفد من أالق�سام الريا�ضية يف كل من «تلفزيون املنار» و«�إذاعة النور»‪� ،‬إ�ضافة‬
‫�إىل عدد من املدربني والالعبني وال�شخ�صيات الريا�ضية‪ .‬كما تلقى برقيات‬ ‫ال�شيخ حممد حيدر‪ ،‬وقد أ��شادت الكلمات باملزايا‬ ‫عمرو‪ ،‬و�إم��ام بلدة زيتون ّ‬
‫تعزية من «نادي ت�شرين» ال�سوري‪ ،‬ومن «االحتاد الريا�ضي العام» يف �سوريا‪،‬‬ ‫ال�ضخم ا ّلذي‬
‫الكبرية ل�سماحته‪ ،‬والقدرة العلم ّية ا ّلتي كان يتمتّع بها‪ ،‬والترّ اث ّ‬
‫ومن «نادي الت�ضامن ـ بريوت»‪.‬‬ ‫أ�غنى املكتبة ا إل�سالم ّية ب�شتّى املو�ضوعات‪.‬‬

‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪3‬‬
‫المرجع الرّاحل فضل الله (رض)‪ ...‬ثوابته الفكريّة والعقائديّة‬
‫ك ّل ا إل�شكاالت التي تع ّقد حاالت التالحم‬ ‫والهداف الربان ّية‬ ‫ال�صادقة‪ ،‬مع املبادئ أ‬ ‫ّ‬ ‫العالمة ال�س ِّيد عبد اهلل الغريفي‬
‫��ري وال ّنف�سي والعملي يف م�سرية‬ ‫ال��ف��ك ّ‬ ‫وا إلن�����س��ان�� ّي��ة‪ ،‬م��ا يحت�ضن ه��ذا امل�سار‪،‬‬ ‫وال�صراعات وا إل�شكاالت‪ ،‬وعلى ك ّل‬‫وال�ضغوطات ّ‬‫يف مرحل ٍة تزدحم ب أ�ق�سى التحدّيات ّ‬
‫أال ّمة‪...‬‬ ‫ويدافع عنه‪ ،‬ويدافع عن منجزاته‪...‬‬ ‫امل�ستويات الدّين ّية وال ّثقاف ّية واالجتماع ّية وال�سيا�س ّية‪ ...‬ي أ�تي رحيل املرجع الدّيني‬
‫وبوعي وب�صري ٍة ـ بني حركة‬ ‫وهكذا زاوج ـ‬ ‫وه��ك��ذا رح���ل امل��رج��ع ال��ك��ب�ير‪ ،‬وال��ق��ائ��د‬ ‫الكبري‪� ،‬آية اهلل العظمى‪ ،‬ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬لي�ش ّكل منعطف ًا �صعب ًا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫مل املرحلة‬ ‫و�صدم ًة قا�سي ًة‪ ،‬وم أ�زق ًا أ�ربك الكثري من احل�سابات‪ ،‬كونه مي ّثل عنوان ًا أ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االنتماء �إىل خط ا إلمامة‪ ،‬بكل ما يحمله‬ ‫الب�صري‪ ،‬والفقيه املجدّد‪ ،‬واملف ّكر املتم ّيز‪،‬‬ ‫بك ّل خما�ضاتها‪ ،‬وجدل ّياتها‪ ،‬وت أ� ّزماتها‪ ،‬وتناق�ضاتها‪ ،‬وجتاذباتها‪...‬‬
‫وتوجهات‪،‬‬ ‫من مفاهيم و أ�فكار و أ�ه��داف ّ‬ ‫وال��ع��امل ال��ر ّب��اين‪ ،‬وال��دّاع��ي��ة‬
‫وخ�صائ�ص ومميزات‪ ...‬وحركة االنفتاح‬ ‫يل املجاهد‪،‬‬ ‫ال�صادق‪ ،‬وال ّر�سا ّ‬ ‫ّ‬
‫على ك ّل املك ّونات املذهبية أالخرى‪ ،‬فيما‬ ‫وال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫وامل��رب��ي اخلبري‪،‬‬
‫هو ن�سيج أال ّمة املتن ّوع واملتعدّد‪.‬‬ ‫ال��ق��دي��ر‪ ،‬وال��ب��اح��ث والكاتب‬
‫وان��ط�لاق�� ًا م��ن م��� ؤ‬
‫��س���ول�� ّي��ات احل��را���س��ة‬ ‫وال�شاعر‪ ،‬وا إلن�سان‬ ‫والدي��ب ّ‬ ‫أ‬
‫خلط أالئ ّمة من أ�هل البيت(ع)‪،‬‬ ‫واحلماية ّ‬ ‫حب اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫الذي ذاب يف ّ‬
‫ت�����ص��دّى ل��ك�� ّل أ����ش��ك��ال ال��ت��خ�� ّل��ف وال��ب��دع‬ ‫و أ�ع��ط��ى ك�� ّل حياته م��ن �ج��ل‬
‫أ‬
‫واخلرافات ا ّلتي اقتحمت بع�ض مفا�صل‬ ‫اهلل تعاىل‪...‬‬
‫والعملي لدى املنت�سبني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫الواقع‬ ‫رح���ل ال�����س�� ّي��د حم��م��د ح�سني‬
‫ّ‬
‫مما ي�سيء �إىل ��صالة هذا اخلط ونقاوته‬ ‫أ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ت��ارك�� ًا جمموعة‬
‫وح�� ّق��ان��ي��ت��ه‪ ،‬وق���د ك�� ّل��ف��ه ه���ذا الت�صدي‬ ‫(ثوابت) أ� ّكدها‪ ،‬و أ��ص ّر على‬
‫اجلريء ثمن ًا باهظ ًا‪.‬‬ ‫أ�ن يحافظ عليها‪:‬‬
‫ال�� ّث��اب��ت أال ّول‪ :‬ال��� ّدف���اع عن‬
‫الثّابت الثّالث‪ :‬الوحدة والتّقارب‬ ‫ا إل�سالم وق�ضايا امل�سلمني‬
‫والتآلف‬ ‫فمنذ ب���د أ� م�����ش��واره يف ه��ذه‬
‫أ‬
‫من ال ّثوابت التي �كدها خطاب املرجع‬
‫ّ‬ ‫الطريق ـ أ�واخ���ر أالربعينات‬ ‫ّ‬ ‫تع�شقوا ه��ذا ال ّنهج ال��ر ّب��اين‬ ‫ر�سال ّيني ّ‬ ‫ال�ساحة ال ّلبنان ّية فح�سب‪،‬‬ ‫ولي�س ذلك يف ّ‬
‫الكبري‪ ،‬ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ـ ك��ان يحمل ه ّ��م ال�� ّدف��اع ع��ن ا إل���س�لام‬ ‫امل��ب��ارك‪ ،‬ال�� ّذائ��ب يف ح ّ��ب اهلل �سبحانه‪،‬‬ ‫ال�ساحات العربية وا إل�سالمية‬ ‫بل يف ك ّل ّ‬
‫م� أس�لة ال��وح��دة بني امل�سلني والتّقارب‪،‬‬ ‫وق�ضايا امل�سلمني‪ ،‬وقد �صاغ أ�جيا ًال من‬ ‫وامل�����ش��دود �إىل ر���ض��وان��ه‪ ،‬وامل��ت��ج�� ّذر يف‬ ‫والعاملية‪ ،‬ولي�س ذلك يف الدّاخل املذهبي‬
‫وكان �صارم ًا �شديد ًا يف الدّعوة �إىل ذلك‪،‬‬ ‫الهم‬
‫الدّعاة ال ّر�سال ّيني الذين حملوا هذا ّ‬ ‫والئ ّمة أالب��رار‪،‬‬‫والول��ي��اء أ‬‫خط أالنبياء أ‬ ‫ّ‬ ‫فح�سب‪ ،‬ب��ل يف ك��ل ال��واق��ع ا إل���س�لام��ي‬
‫فيما عبرّ عنه (بخيار امل�سلمني) ا ّلذي‬ ‫الكبري‪...‬‬ ‫وال�صاحلني‪.‬‬ ‫وال�شهداء ّ‬ ‫واملجاهدين ّ‬ ‫والديني وا إلن�ساين‪.‬‬
‫�سالمي‬ ‫ينبغي لك ّل الفاعل ّيات يف العامل ا إل‬ ‫وطاملا ك ّرر يف كلماته وخطاباته وكتاباته‬ ‫هذا النهج ـ وبعناية اهلل ورعايته ـ ال ميكن‬ ‫وال�س ؤ�ال ا ّل��ذي يفر�ض ح�ضوره هنا ويف‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫أ�ن تتوافر على درا�سته بعمق‪ ،‬و أ�ن ال تكون‬ ‫« أ� ّنني داعية أ�دافع عن ا إل�سالم وق�ضايا‬ ‫أ�ن يتج ّمد و أ�ن يغيب‪ ،‬و أ�ن ينتهي‪...‬‬ ‫هذه املرحلة ـ رغم غناها مبراجع وفقهاء‬
‫خطاب لالنفعال‬ ‫ٍ‬ ‫م� أس�لة الوحدة «م� أس�لة‬ ‫امل�سلمني»‪ ،‬وم��ا ا ّدخ��ر �شيئ ًا من قدراته‬ ‫وحينما نتحدّث عن بقاء هذا النهج‪ ،‬جند‬ ‫ومف ّكرين وق���ادة ـ ه���و‪ :‬ه��ل �ش ّكل هذا‬
‫أ�و للحما�س أ�و للمجاملة أ�و لال�ستهالك‬ ‫وطاقاته و�إمكاناته دون أ�ن ي�ستنفرها‬ ‫يف مراجعنا العظام مالذ ًا يحمي امل�سار‪،‬‬ ‫ال ّرحيل انتهاء جترب ٍة فريد ٍة امتدّت أ�كرث‬
‫عبي» وظ�� ّل مكافح ًا منافح ًا مدافع ًا‬ ‫ّ‬ ‫ويح�صن اخل��ط��ى‪ ،‬ويحر�س أاله���داف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من ن�صف قرن؟‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ـ وب�شكل ط��وارئ دائمة ـ يف ه��ذا ال��دّرب‬
‫عن هذا اخليار حتى �آخر حياته‪ ،‬واتّ�سع‬ ‫ال�صعب‪ ،‬املزدحم مب�شروعات‬ ‫ال�شائك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر�شد ال ّر ؤ�ى واملواقف‪...‬‬ ‫و ُي ّ‬ ‫رمب��ا يراهن أ�ع��داء ه��ذه التّجربة‪ ،‬أ�نها‬
‫أ�فق الوحدة لينفتح على غري امل�سلمني‪،‬‬ ‫ال ّت آ�مر �ض ّد ا إل���س�لام وامل�سلمني‪ ،‬و�ض ّد‬ ‫وحينما نتحدّث عن بقاء هذا ال ّنهج‪ ،‬جند‬ ‫مر�شحة للغياب واالنتهاء بغياب رمزها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ف��ال��وح��دة يف م��ن��ظ��وره لي�ست «وح����د ًة‬ ‫ق�ضايا أال ّمة‪ ،‬وتتّ�سع �آفاقه ليحت�ضن هموم‬ ‫يف الرموز الواعية التي ا�ستوعبت هذا‬ ‫و�صانعها‪ ،‬وقائدها‪ ،‬وعنوانها‪...‬‬
‫ع��دوان�� ّي�� ًة منغلق ًة تتع ّقد م��ن وج��ود غري‬ ‫ال�شعوب‬ ‫ا إلن�����س��ان وا إلن�����س��ان�� ّي��ة‪ ،‬وه��م��وم ّ‬ ‫��ت�ل�ت بقناعاته‪ ،‬ما يح ّملها‬ ‫��ط‪ ،‬وام أ‬ ‫اخل ّ‬ ‫ال�صدمة بغياب ال ّرمز‬ ‫ن�شك ـ ويف أ�عقاب ّ‬
‫ال ّ‬
‫ال�ساحة التي تتح ّرك فيها»‪،‬‬ ‫امل�سلمني يف ّ‬ ‫والب�شر ّية‪.‬‬ ‫أ�مانة احلفاظ على بقاء ه��ذه امل�سرية‪،‬‬ ‫والعنوان ـ أ�ن يحدث اهتزاز‪ ،‬وارتباك‪،‬‬
‫بل هي وحدة منفتحة واعية‪« ،‬وبذلك لن‬ ‫خط اإلمامة‬ ‫الثّابت الثّاني‪ :‬حراسة ّ‬ ‫وا�ستمرارها‪ ،‬ودميومتها‪ ،‬و�إ���ص��راره��ا‪،‬‬ ‫على م�ستوى وهج التّجربة‪ ،‬وعنفوانها‪،‬‬
‫تكون عمل ّية التّعاي�ش أ�و التّعاون أ�و التّفاعل‬ ‫ّ‬
‫اخلط‪ ،‬والذي يعبرّ‬ ‫كان حار�س ًا أ�مين ًا لهذا ّ‬ ‫وثباتها‪...‬‬ ‫وح�ضورها‪ ،‬و�إمكاناتها‪ ،‬وطموحاتها‪...‬‬
‫عمل ّي ًة ميكن أ�ن ت�سقط أ�مام أ� ّي عا�صف ٍة‬ ‫عن أ��صالة االنتماء �إىل مفاهيم ا إل�سالم‬ ‫وحينما نتحدّث عن بقاء هذا ال ّنهج‪ ،‬جند‬ ‫�إال أ�نّ هذا ال يعني انهيار امل�شروع ا ّلذي‬
‫حال �إقليم ّي ٍة أ�و دول ّية؛ ألنها‬
‫�سيا�س ّي ٍة أ�و أ� ّي ٍ‬ ‫ويج�سد نهج النب ّوة يف‬ ‫وال ّر�سالة والقر�آن‪ّ ،‬‬ ‫يف اجلماهري التي ع�شقت ه��ذا ال ّرمز‬ ‫أ�نتجته التّجربة؛ مادامت جتربة ناجحة‬
‫تنطلق يف العمق من وعي ال ّر�ساالت»‪.‬‬ ‫والقيادي‪...‬‬
‫ّ‬ ‫والفكري‬
‫ّ‬ ‫الروحي‬ ‫امتدادها‬ ‫الكبري‪ ،‬وذاب��ت يف ح ّبه‪ ،‬ر�صيد ًا �ضخم ًا‬ ‫ا�ستطاعت أ�ن ت ؤ� ّ�صل مك ّونات امل�شروع‪،‬‬
‫ّ‬
‫وك��ان جريئا يف اجلهر بوالئه وانت�سابه‬ ‫ً‬ ‫يعطي لهذه املدر�سة ح�ضورها امل�ستم ّر‪،‬‬ ‫��راك ميلك ق��درة البقاء‬ ‫و أ�ن ت ؤ� ّ�س�س حل ٍ‬
‫الثّابت الرّابع‪ :‬شعار احلوار‬ ‫�إىل هذا اخل ّ��ط واعتقاده به‪� ،‬إال أ� ّن��ه مل‬ ‫وعطاءها الدّائم‪ ،‬وامتدادها املتد ّفق‪...‬‬ ‫والدّميومة واال�ستمرار‪ ،‬ومادامت جترب ًة‬
‫أ‬
‫كان رجل احل��وار بامتياز‪�ّ � ،‬صل للحوار‬ ‫يكن يفهم هذا الوالء واالنت�ساب «نزوع ًا‬ ‫وجند يف أال ّمة بك ّل مك ّوناتها وانتماءاتها‬ ‫ناجح ًة أ�بدعت يف �صوغ أ�جيال مبدئ ّيني‬
‫قر�آني ًا و�إ�سالمي ًا‪ ،‬وح�� ّرك �شعار احلوار‬ ‫مذهب ّي ًا �ض ّيق ًا» ي�ش ّكل تنافي ًا مع (امل�شروع‬
‫منذ بداية مشواره كان يحمل ه ّم الدّ فاع عن اإلسالم ‪ ،‬وقد صاغ أجيا ًال‬
‫يف ك ّل خطاباته وكتاباته‪ ،‬ومار�س احلوار‬ ‫��دي) يف ح��رك��ة أال ّم����ة‪ ،‬ب��ل كان‬ ‫ال��ت��وح��ي ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من الدّ عاة الرّساليّني الذين حملوا هذا اله ّم الكبير‪...‬‬
‫بك ّل كفاءة وجدارة واقتدار‪.‬‬ ‫يفهمه «وع��ي��ا توحيد ّيا منفتحا» يواجه‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪4‬‬
‫الدّرب‪.‬‬ ‫الثّابت السّ ادس‪ :‬خياره الدّ فاع عن‬ ‫واالجتماع ّية‪ ،‬وال�سيا�س ّية‪ ،‬أ� ّنها حوارات‬ ‫و أ� ّما أ��س�س احلوار عنده فهي‪:‬‬
‫ال ّثابت ال ّثامن‪ :‬احلفاظ على‬ ‫الدّ ولة اإلسالميّة‬ ‫حتاول دائم ًا أ�ن حترق أالر�ض امل�شرتكة‪،‬‬ ‫أ� ّو ًال‪ :‬أ�ن يكون احلوار جاد ًا هادف ًا باحث ًا‬
‫م�شروع املرجع ّية ّ‬
‫ال�شاملة‬ ‫انت�صرت ال��ث��ورة ا إل�سالمية يف �إي��ران‪،‬‬ ‫��وح��دة‪ ،‬لتبد أ�‬ ‫و أ�ن تن�سف القوا�سم امل ّ‬ ‫عن احلقيقة‪...‬‬
‫انطلق ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫وقامت الدولة‪ ،‬وكان خياره االنحياز �إىل‬ ‫بنقاط التوتّر واخلالف احلادّ‪ ،‬فيت�ش ّنج‬ ‫ف��ط��امل��ا �سمعناه ي����ردّد «احل��ق��ي��ق��ة بنت‬
‫ال�شامل مرتكز ًا على‬ ‫املرجعي ّ‬
‫ّ‬ ‫مب�شروعه‬ ‫الثورة‪ ،‬و�إىل الدولة‪ ،‬من موقع القناعة‬ ‫احل���وار‪ ،‬وتت أ� ّجج االن��ف��ع��االت‪ ،‬وت�شتعل‬ ‫احلوار»‪.‬فاحلوار لي�س من أ�جل احلوار‪،‬‬
‫جمموعة مك ّونات‪:‬‬ ‫ب�ضرورة أ�ن ينت�صر امل�ست�ضعفون‪ ،‬و أ�ن‬ ‫العداوات‪ ،‬وعندها يف�شل احلوار‪ ،‬ومتوت‬ ‫ولي�س من أ�جل اال�ستهالك‪ ،‬ولي�س من أ�جل‬
‫‪ - 1‬االرتقاء مب�ستوى الكفاءات الذاتية‬ ‫تقوم دولة العدل‪ ،‬ودافع بق ّوة‪ ،‬وواجه ك ّل‬ ‫احلقيقة‪...‬‬ ‫أ�ن ن ؤ� ّكد ذواتنا‪ ،‬و�إمنا من أ�جل أ�ن ن ؤ� ّكد‬
‫للمرجعية‪ ،‬فيما يعنيه ه��ذا االرت��ق��اء‬ ‫اال�صطفافات امل�ضادّة‪...‬‬ ‫�ساد�س ًا‪ :‬أ�ن تكون لغة احل��وار نظيف ًة‪،‬‬ ‫«احلقّ »‪ .‬ولي�س من أ�جل أ�ن ننت�صر‪ ،‬و�إمنا‬
‫من التوفر على عنا�صر ت ؤ�هّ ل املرجع ّية‬ ‫ولكن ما كان هذا يعفيه من أ�ن ميار�س‬ ‫ل ّين ًة‪ ،‬مرن ًة‪� ،‬ش ّفافة‪...‬‬ ‫من أ�جل أ�ن تنت�صر «احلقيقة»‪ ،‬احلقيقة‬
‫ألن تكون يف م�ستوى حتديات الع�صر‬ ‫نقد ًا أ�و حما�سب ًة‪ ،‬فيما هو التّطبيق أ�و‬ ‫وهذا ما أ� ّكدته ن�صو�ص القر�آن‪:‬‬ ‫ال�� ّدي��ن�� ّي��ة‪ ،‬احلقيقة الثقاف ّية‪ ،‬احلقيقة‬
‫و�ضروراته ومتغيرّ اته‪..‬‬ ‫للهّ‬
‫ُون ا ِ‬ ‫} َو َال ت َُ�س ُّبو ْا ا َّل ِذينَ َي ْد ُعونَ ِمن د ِ‬ ‫االجتماع ّية‪ ،‬احلقيقة ال�سيا�س ّية‪...‬‬
‫املمار�سة‪ ،‬ومادامت التّجربة لي�ست جترب ًة‬
‫‪ - 2‬االرتقاء مب�ستوى أ�هداف املرجعية‬ ‫مع�صوم ًة‪...‬‬ ‫{(النعام‪:‬‬ ‫َف َي ُ�س ُّبو ْا اللهّ َ َع ْدو ًا ِب َغيرْ ِ ِع ْل ٍم أ‬ ‫ث��ان��ي�� ًا‪ :‬أ�ن حت��ك��م احل����وار روح امل��ح�� ّب��ة‬
‫مبا يتنا�سب وحاجات املرحلة وحتدياها‬ ‫وما كان يعفيه من أ�ن يرف�ض أ� ّي حماول ٍة‬ ‫‪.)108‬‬ ‫�����ص��ف��اء‪ ،‬ال روح احلقد وال��ع��داء‪ ،‬أ�ن‬ ‫وال ّ‬
‫و�إ�شكاالتها‪.‬‬ ‫ال�ستن�ساخ ال�� ّث��ورة يف أ� ّي م��ك��انٍ �آخ��ر‪،‬‬ ‫} َو اَل تجُ َ ا ِد ُلوا َأ� ْه َل ا ْل ِكت ِ‬
‫َاب ِ� إ اَّل ِبا َّل ِتي ِه َي‬ ‫نتحاور بقلوب مفتوحة ال بقلوب مغلوقة‪،‬‬
‫‪ - 3‬االرتقاء مب�ستوى أالداء املرجعي‪،‬‬ ‫ح�ساب ملك ّونات املكان وال�� ّزم��ان‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫دومن��ا‬ ‫َأ� ْح َ�سنُ {(العنكبوت‪.)46 :‬‬ ‫احل������وار امل�����ش��ح��ون ب��ال��ك��راه��ي��ة يغلق‬
‫فما ع��ادت الهيكل ّية التقليد ّية ق��ادر ًة‬ ‫���ظ���روف أ‬
‫والو����ض���اع‬ ‫وخ�����ص��و���ص�� ّي��ات ال ّ‬ ‫}ا ْد َف ْع ِبا َّل ِتي ِه َي َأ� ْح َ�سنُ َف ِ� إ َذا ا َّل ِذي َب ْي َن َك‬ ‫القلوب والعقول‪ ،‬وبهذا نكون قد ظلمنا‬
‫على أ�ن تتعاطى مع الواقع بك ّل متغيرّ اته‬ ‫واملتغيرّ ات‪.‬‬ ‫{(ف�صلت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َو َب ْي َن ُه َعدَ ا َو ٌة َك َأ� َّن ُه َوليِ ٌّ َحمِ ي ٌم‬ ‫احلقيقة‪...‬‬
‫وم�ستجدّاته ومتط ّلباته‪...‬‬ ‫‪.)34‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬أ�ن ال نلغي ا آلخر ونحن نحاوره‪...‬‬
‫‪ - 4‬االرتقاء مب�ستوى العالقة مع أال ّمة‪...‬‬ ‫للهّ‬
‫} َف ِب َما َر ْح�� َم�� ٍة ِّم��نَ ا ِ لِنتَ َل ُه ْم َو َل�� ْو‬ ‫ين‪ ،‬ا آلخ�����ر ال��� ّدي���ن ّ���ي‪،‬‬ ‫ا آلخ�����ر ا إلن���������س����ا ّ‬
‫الثّابت السّ ابع‪ :‬أن يستم ّر احلراك‬
‫فك ّلما ك��ان��ت أال ّم����ة ح��ا���ض��ر ًة يف وعي‬ ‫اإلسالميّ الواعي في األمّ ة‬ ‫يظ ا ْل َق ْل ِب َالن َف ُّ�ضو ْا ِمنْ‬ ‫ُكنتَ َف ّظ ًا َغ ِل َ‬ ‫املذهبي‪ ،‬ا آلخ��ر ال�� ّث��ق��ا ّيف‪ ،‬ا آلخ��ر‬ ‫ّ‬ ‫ا آلخ��ر‬
‫املرجع ّية‪ ،‬ويف وجدانها‪ ،‬ويف حركتها‪،‬‬ ‫لقد ك ّر�س حياته ـ منذ اخلم�سينات ـ من‬ ‫َح ْو ِل َك{(�آل عمران‪.)159 :‬‬ ‫ال�سيا�سي‪...‬احلوار‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ا آلخ��ر‬ ‫ّ‬
‫كانت املرجع ّية حا�ضر ًة يف وعي أال ّمة‪،‬‬ ‫واع يف أال ّمة‪،‬‬
‫�سالمي ٍ‬
‫ّ‬ ‫حراك � إ‬
‫ٍ‬ ‫أ�جل �صوغ‬ ‫}اذهَ َبا ِ� إلىَ ِف ْر َع ْونَ ِ� إ َّن ُه َط َغى * َف ُق اَول َل ُه‬ ‫ْ‬ ‫���ي ال��ت�����س�� ّل��ط��ي م��رف��و���ض عند‬ ‫ا إلل���غ���ائ ّ‬
‫ويف وجدانها‪ ،‬ويف ك ّل حركتها‪.‬‬ ‫امتدادات‬
‫ٍ‬ ‫فيما ُيعبرّ عنه هذا احلراك من‬ ‫َق ْو ًال َّل ِّين ًا َّل َع َّل ُه َيت ََذ َّك ُر َأ� ْو َيخْ َ�شى{(طه‪:‬‬ ‫بالنبي‬
‫ّ‬ ‫�سماحته‪ ...‬كان ي�ستهدي دائم ًا‬
‫وق��د ا�ستطاع امل��رج��ع ال��ك��ب�ير‪ ،‬ال�س ّيد‬ ‫‪.)44 – 43‬‬ ‫(����ص) يف ح����واره م��ع امل�����ش��رك�ين‪ ،‬وه��م‬
‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬أ�ن يكون املرجع‬ ‫أكدها‬‫من اهم الثّوابت التي ّ‬ ‫ال�ضالل‪ ،‬وه��و(���ص) يحمل‬ ‫يحملون ك�� ّل ّ‬
‫املنفتح على ق�ضايا الع�صر‪ ،‬و أ�ن يعطي‬ ‫خطا ب ا ملر جع ا لكبير ‪،‬‬ ‫ا لثّا بت ا خلا مس ‪ :‬ا ملو قف من‬ ‫ك ّل الهدى } َو ِ� إ َّن��ا َأ� ْو ِ� إ َّيا ُك ْم َل َع َلى هُ دً ى َأ� ْو‬
‫املرجع ّية ح�ضور ًا روح ّي ًا وفقه ّي ًا وثقاف ّي ًا‬ ‫مسألة الوحدة اإلسالمية‪ ،‬وظلّ‬ ‫االستكبار العامليّ ‪ ،‬والكيان‬ ‫فيِ َ�ضلاَ ٍل ُّم ِب ٍني{(�سب أ�‪ ،)24 :‬فالفكر هنا‬
‫واجتماع ّي ًا و�سيا�س ّي ًا‪ ،‬و أ�ن يحت�ضن أال ّمة‬ ‫مكافح ًا منافح ًا مدافع ًا عن هذا‬ ‫الصهيونيّ ‪ ،‬والقضيّة الفلسطينيّة‬ ‫ّ‬ ‫يحاور الفكر‪ ،‬ولي�س ذاتٌ حتاور ذات ًا‪...‬‬
‫يف عقله‪ ،‬وقلبه‪ ،‬وحركته‪ ،‬أالم��ر ا ّلذي‬ ‫اخليار حتى آخر حياته‪.‬‬ ‫كان ي ؤ� ّكد دائم ًا أ�نّ من ثوابته‪ :‬مواجهة‬ ‫راب��ع�� ًا‪ :‬أ�ن ال نتّهم دواف���ع ا آلخ���ر ا ّل��ذي‬
‫جعل أال ّمة حتت�ضنه يف عقلها ويف قلبها‪،‬‬ ‫اال�ستكبار ال��ع��امل ّ��ي‪ -.‬مواجهة الكيان‬ ‫طرف يف احلوار‬ ‫نحاوره‪ ...‬فمن حقّ أ� ّي ٍ‬
‫ويف ك ّل حركتها‪...‬‬ ‫روح�� ّي�� ٍة وثقاف ّي ٍة واجتماع ّي ٍة و�سيا�س ّي ٍة‬ ‫أ�ن يحا�سب ال���� ّر أ�ي ا آلخ����ر‪ ...‬وم��ن حقّ‬
‫ولكي نكون أالوف��ي��اء لفقيدنا الكبري‪،‬‬ ‫وجهاد ّية‪.‬‬ ‫زاوج ـ بوعيٍ وبصير ٍة ـ بني‬ ‫��رف يف احل��وار أ�ن يرف�ض ال�� ّر أ�ي‬ ‫أ� ّي ط ٍ‬
‫ونهجه‪ ،‬ومدر�سته‪ ،‬علينا أ�ن نبقى حاملني‬ ‫ؤ‬
‫وك��ان��ت م��� ّل��ف��ات ال�س ّيد حممد ح�سني‬ ‫خط‬‫حركة االنتماء إلى ّ‬ ‫ا آلخ����ر‪ ...‬م���ادام أالم���ر خا�ضع ًا للدّليل‬
‫متم�سكني‬ ‫أ�هدافه‪ ،‬وثوابته‪ ،‬وم�شروعه‪ّ ،‬‬ ‫ف�ضل اهلل أالوىل‪ -:‬ق�ضايانا على �ضوء‬ ‫اإلمامة‪ ،‬بكلّ ما يحمله من‬ ‫والربهان‪ُ } :‬ق ْل هَ اتُو ْا ُب ْرهَ ا َن ُك ْم ِ� إن ُكنت ُْم‬
‫بالوعي والب�صرية كما أ�راد لنا‪ ،‬باحثني‬ ‫ا إل�سالم‪ -‬خطوات على طريق ا إل�سالم‪-.‬‬ ‫مفاهيم وأفكار و بني حركة‬ ‫َ���ص��ا ِد ِق�ينَ{(ال��ب��ق��رة‪ .)111 :‬ولي�س من‬
‫عن ر�ضا اهلل تعاىل كما ع ّلمنا‪ ،‬نا�شطني‬ ‫أ����س��ل��وب ال�� ّدع��وة يف ال��ق��ر�آن‪ -.‬مفاهيم‬ ‫االنفتاح على كلّ املكوّنات‬ ‫طرف أ�ن يتّهم دوافع ا آلخر وفق‬ ‫حقّ أ� ّي ٍ‬
‫م�ضحني‬ ‫ّ‬ ‫يف طريق احل��قّ كما ّ‬
‫وجهنا‪،‬‬ ‫�إ�سالم ّية‪ -‬كلماته يف جم ّلة أ‬
‫«ال�ضواء»‪.‬‬ ‫املذهبية األخرى في األمّ ة‪.‬‬ ‫وال�شكوك واالحتماالت‪� ،‬إال �إذا‬ ‫الظنون ّ‬ ‫ّ‬
‫من أ�جل املبد أ� والعقيدة كما ر�سم لنا‪،‬‬ ‫منطلقات ل��ب��ن��اء ه��ذا‬
‫ٍ‬ ‫وك��ل��ه��ا ت�ش ّكل‬ ‫قامت أالد ّلة القاطعة بت أ�كيدها‪.‬‬
‫�شعارنا املح ّبة كما ر ّبانا‪ ،‬خيارنا الوحدة‬ ‫احلراك ال ّر�سايل الواعي و�إنتاجه‪...‬‬ ‫‪ -‬يف احل��دي��ث‪���« :‬ض��ع أ�م���ر أ�خ��ي��ك على‬
‫كما قال لنا‪ ،‬نهجنا احلوار كما أ�مرنا‪...‬‬ ‫وا���س��ت��م�� ّر ي���غ��� ّذي ه���ذا احل�����راك‪ ،‬رغ��م‬ ‫ين‪ -‬الق�ض ّية الفل�سطين ّية‪.‬كان‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ�ح�سنه حتى ي أ�تيك ما يغلبك منه‪ ،‬وال‬
‫وخ���ت���ام��� ًا‪ ،‬ن��ت�����ض�� ّرع �إىل ال���ب���ارئ ع�� ّز‬ ‫ال�صعبة ال��ت��ي واجهت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حماربا �صلبا �ض ّد قوى اال�ستكبار‪ ،‬و�ض ّد‬ ‫تظن بكلمة خرجت من أ�خيك �سوء ًا و أ�نت‬ ‫نّ ّ‬
‫ك��ل امل��خ��ا���ض��ات ّ‬
‫وج�� ّل‪ ،‬أ�ن يتغ ّمد فقيدنا الكبري بوافر‬ ‫ا إل�����س��ل�ام وا إل����س�ل�ام��� ّي�ي�ن‪ ،‬ورغ�����م ك�� ّل‬ ‫ال�صهاينة الغا�صبني ألر�ض فل�سطني‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫جتد لها يف اخلري حمم ًال»‪.‬‬
‫ال�� ّرح��م��ة وال�� ّر���ض��وان‪ ،‬و أ�ن يح�شره يف‬ ‫التحديات القا�سية التي حا�صرت الدّعاة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وك��ان داع��م��ا لقوى املقاومة‪...‬وظلت‬ ‫خامساً‪ :‬تأكيد نقاط االتّفاق أوّ الً‪...‬‬
‫وال�صفياء‪،‬‬ ‫والول��ي��اء‪ ،‬أ‬ ‫زم��رة أالنبياء أ‬ ‫واملجاهدين‪ ،‬ورغم ك ّل ا إل�شكاالت التي‬ ‫(فل�سطني) يف عقله وقلبه وحياته حتى‬ ‫َاب‬ ‫هذا هو منهج القر�آن‪ُ } :‬ق ْل َيا َأ� ْه َل ا ْل ِكت ِ‬
‫والخ��ي��ار واملتّقني‬ ‫والب���رار أ‬ ‫وال�شهداء‪ ،‬أ‬ ‫ّ‬ ‫الح��ق��ت ال��ع��م��ل وال��ع��ام��ل�ين‪ ،‬ورغ����م ك�� ّل‬ ‫�آخر حلظات حياته‪.‬‬ ‫َت َعا َل ْو ْا ِ� إلىَ َك َل َم ٍة َ�س َواء َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم َأ� َّال‬
‫وال�صاحلني‪ ...‬و�آخر دعوانا أ�ن احلمد‬ ‫ّ‬ ‫امل�لاح��ق��ات واالع��ت��ق��االت‪ ،‬والت�صفيات‬ ‫ُي� أس�ل وهو يف ذروة املعاناة‪ ،‬واملر�ض قد‬ ‫َن ْع ُبدَ ِ� إ َّال اللهّ َ َو َال ُن ْ�ش ِر َك ِب ِه َ�ش ْيئ ًا َو َال َيت َِّخ َذ‬
‫رب العاملني‪.‬‬ ‫هلل ّ‬ ‫ال�سائرين يف هذا‬ ‫وا إلعدامات التي طالت ّ‬ ‫فتك بج�سمه‪ ،‬ويف ال ّلحظات أالخرية‬ ‫ُون اللهّ ِ َف ِ��� إن‬ ‫َب ْع ُ�ض َنا َب ْع�ض ًا َأ� ْر َب��اب�� ًا ِّمن د ِ‬
‫م��ن حياته‪� :‬س ّيدنا ه��ل أ�ن��ت مرتاح؟‬ ‫ا�ش َهدُو ْا ِب َأ� َّنا ُم ْ�س ِل ُمونَ {(�آل‬ ‫َت َو َّل ْو ْا َف ُقو ُلو ْا ْ‬
‫أصل للحوار قرآني ًا وإسالمياً‪ ،‬وحرّك شعار احلوار‬
‫كان رجل احلوار بامتياز‪ّ ،‬‬ ‫وك��ان جوابه‪« :‬لن أ�رت��اح حتى ت�سقط‬ ‫عمران‪.)64 :‬‬
‫في كلّ خطاباته وكتاباته‪ ،‬ومارس احلوار بكلّ كفاءة وجدارة واقتدار‪.‬‬ ‫�إ�سرائيل»‪.‬‬ ‫ما نالحظه على احل��وارات املتح ّركة يف‬
‫ال�ساحة الدّين ّية‪ ،‬واملذهب ّية‪ ،‬والثقاف ّية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪5‬‬
‫مواقع هذه أال ّمة‪ ،‬كما يف دعمه للمقاومة‪،‬‬
‫وخ�صو�ص ًا يف مواجهة الكيان ال ّلقيط‬
‫امل�س ّمى (�إ�سرائيل)‪.‬‬
‫في ح�ضرة ال�سيّد‪..‬‬
‫ال�سيا�سي‪،‬‬ ‫باجلانب‬ ‫وك��م��ا ك��ان معن ّي ًا‬ ‫ف��روح��ه وه��ي ت�سمو ف��وق ك�� ّل حقد‪ ،‬وهو‬ ‫محمد احلسيني‬
‫ّ‬ ‫بدت حياتي مع يوم األحد في الرابع من متوز وكأنها تنقسم إلى شطرين‪ ،‬ا ّلذي يعترب احلقد موت ًا‪ ،‬تغر�س يف قلوب‬
‫ف�إ ّنه ك��ان معن ّي ًا باجلانب الدّيني ـ وهو‬ ‫احلب آ‬ ‫املح ّبني أ‬
‫اخت�صا�صه ـ فقد َأ�ب��ى أ�ن يكون جم ّرد‬ ‫للخرين‪ ،‬وتنحت‬ ‫والتباع ّ‬
‫فأضحى ما بعد يوم األحد مختلف ًا عما كان قبله‪ ،‬أحسست بأني أخسر رصيد ًا يف وجدانهم اخلري والكلمة الط ّيبة‪ ،‬وهو‬
‫�سجله أالجداد‪،‬‬ ‫لرتاث‪ ،‬أ�و خمزون ّ‬ ‫�صدى ٍ‬
‫هائ ًال من حياتي‪ ،‬كما هو شعور أصحاب األموال بخسارة أرصدتهم‪ ...‬غير أن القائل‪( :‬وبقلبي ينب�ض احل ّ��ب وين�ساب‬
‫وهو امل ؤ�من با إل�سالم منهج ًا ح ّي ًا يتجاوز‬ ‫خسارتي من نوعٍ آخر‪...‬‬
‫الطقو�س ّية‪ ،‬وه��و امل ؤ���م��ن ب��ه منهج ًا ال‬ ‫ان��ح�لاال)‪ ،‬فكان �شعاره ع�شق ال ّنا�س‪،‬‬
‫أ‬
‫ومنهجه تعميم الريح ّية‪.‬‬
‫ين أ�ى عن العقل والعقالء‪ ،‬فلم يجامل‬
‫على ح�سابه إلر�ضاء احلر�س القدمي أ�و‬ ‫صانع األجيال‪...‬‬ ‫قبل ي��وم أالح���د‪ ،‬ك��ان قلبي منذ أُ�دخ��ل‬
‫ال�ستدرار املنفعة‪ ،‬ألنه ي ؤ�من ب أ�نّ كرامته‬ ‫ماذا ع�ساين أ�قول يف املع ّلم واملر ّبي‪ ،‬وكيف‬ ‫(م��والن��ا) امل�شفى يخفق مع ك�� ّل ات�صال‬
‫(عواء)‬ ‫من كرامة الدّين‪ ،‬فلم يلتفت �إىل ِ‬ ‫�خت�صر قامة من قامات الفكر واملعرفة‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫هاتفي‪ ،‬خ�شية �سماع ما ال ُي�س ّر‪ ،‬فكنت‬
‫هنا و(عواء) هناك‪ ،‬وهو املوكل با إل�سالم‬ ‫بكلمات‬
‫ٍ‬ ‫واجل��ه��اد وال�� ّن�����ض��ال وامل��ق��اوم��ة‬ ‫أ�ت�ص ّيد على بعد ـ و أ�نا يف دم�شق ـ أ�حواله‬
‫على ح ّد تعبريه‪ ،‬م�ستعري ًا ذلك من بع�ض‬ ‫عاجز ٍة عن التّعبري‪ ،‬فال أ�نا �شاع ٌر ف أ�نظم‬ ‫من أ�حبتي القائمني على خدمته‪ ،‬و أ�ن��ا‬
‫ال�شاعر عمر بن أ�بي‬ ‫منقول عن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ك�لام‬ ‫�سطر عذب الكالم‪،‬‬ ‫فيه‪ ،‬وال أ�نا ناث ٌر ف أ� ّ‬ ‫أ�ت أ�رجح بني خ ٍرب ُي�س ّر و�آخ��ر ي�سيء‪ ،‬مع‬
‫ٍ‬ ‫وهو �س ّيد الكالم كما يعلم اجلميع‪ ،‬و أ�مري‬ ‫مل وثق ٍة باهلل كبريين‪...‬‬ ‫أ� ٍ‬
‫ربيعة‪ ،‬ومل يكل ومل يهن ومل ي�ضعف يف‬
‫�سبيل ذلك‪.‬‬ ‫من أ�م���راء البيان‪ ،‬ك��ان �إذا تك ّلم �سحر‬ ‫وك أ�نيّ بال�س ِّيد يختار ال َّرحيل‪ ،‬وهو ا َّلذي‬
‫ال�شعراء يقول‪:‬‬ ‫و�إذا كان بع�ض ّ‬ ‫القلوب‪ ،‬و�إذا حت َّدث أ�لهب امل�شاعر‪.‬‬ ‫ي�شعر ب أ�نَّ ج�سمه مل ُيعد قادر ًا على حت ّمل‬
‫الطويل حقائبي ‬ ‫ال�سفر ّ‬ ‫تعبت من ّ‬ ‫ْ‬ ‫� إ ّنه ال�س ّيد‪ ،‬وكفى به و�صف ًا‪ .‬كان‪ ،‬كما يقول‬ ‫أ�حالمه و أُ�منياته وم� ؤس�ول َّياته اجل�سام‪،‬‬
‫وتعبتُ من خيلي ومن غزواتي‬ ‫ ‬ ‫العرب يف أ�مثالهم‪( ،‬ق�صري ال ّن�سب)‪،‬‬ ‫ال�صادق(ع)‪« :‬ما‬ ‫وهو ا ّل��ذي ي��ردِّد قول ّ‬
‫ف���إنَّ ال�س ّيد مل يتعب من غزواته‪ ،‬وهي‬ ‫�ضعف بدن ع ّما قويت عليه الن ّية»‪ ،‬وقول من قيم ال���س�لام والن�سانية‪ ...‬طافت وكما هو �ش أ�ن أ�حد أ�جداده‪ ،‬زين العابدين‬
‫وال�ساجدين علي بن احل�سني(ع) ‪ ،‬وهو‬ ‫إ ّ‬ ‫إ‬ ‫ال��� ّ��ش��اع��ر‪ :‬و�إذا ك��ان��ت ال ّنفو�س ك��ب��ار ًا‪/‬‬
‫غ���زوات معرفة وثقافة وعلم ومقاومة‬ ‫ّ‬ ‫�سرعة‬ ‫يف‬ ‫كثرية‬ ‫�صور‬ ‫ووجداين‬ ‫عقلي‬ ‫يف‬
‫بحقّ ويف ح��قّ ‪ ،‬مم��ا أ� َّ�س�سه‪ ،‬م��ن ثقافة‬ ‫تعبت يف مرادها أالج�سام‪ .‬فكيف يطيق الربق على مدى هذه ال�سنني‪ ،‬واعتلجت يف يقول ملحدّثه‪« :‬دع عنك ذكر أ�بي وجدّي»‪،‬‬
‫وجدال بحقّ ‪ ،‬ور ؤ�ي ٍة معتدلة‪ ،‬ومنهج‬ ‫ٍ‬ ‫حوا ٍر‬ ‫وكف ّل�ساين عن ال ّنطق‪ ،‬هكذا كان ل�سان حال ال�س ّيد املرجع الفقيد‬ ‫ّ‬ ‫هذه نف�سي أ‬ ‫ه��ذا اجل�سم ا ّل���ذي أ�ت��ع��ب��ه امل��ر���ض‬
‫حزان‪،‬‬ ‫ال‬ ‫امل� ؤس�ول ّيات اجل�سام‪ ،‬وهو ا ّلذي ي أ�بى أ�ن‬
‫ت�سامح‪.‬‬ ‫ا ّلذي مل يكن يتّكئ على الترّ اث ال ّن ّ‬
‫�سبي‪،‬‬ ‫م�شاعري‪.‬‬ ‫عن‬ ‫ف�صاح‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫عن‬ ‫وعجزت‬
‫كان معن ّي ًا بالفكر‪ ،‬وهو املف ّكر ا ّلذي ر�سم‬ ‫ال�سادة أالفذاذ‪.‬‬ ‫ي�ستقيل كما ي�ستقيل غريه! وكيف ي�ستقيل‪ ،‬يا ح�سرتاه على ما ف ّرطت‪ ،‬فقد تعج َّلتَ وهو ابن ّ‬
‫اخلطوط العا ّمة والتّف�صيل ّية ـ أ�ي�ض ًا ـ‬ ‫من ال ي�سعنا ا���س��ت��ذك��اره ـ وه���و احل��ا���ض��ر ـ‬ ‫املاللة‬ ‫تعلن‬ ‫ك‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫�‬ ‫علي ال ّرحيل �س ّيدي‪ ،‬وك أ‬ ‫وهو ا ّل��ذي ي��ردّد دائم ًا أ�نَّ «ال ّراحة ّ‬
‫ل��ل�� ّر ؤ�ي��ة ا إل�سالم ّية التي �آم��ن بها جتاه‬ ‫حرام»‪ ،‬فح َّرم على نف�سه ال ّراحة‪ ،‬وهو يف ع��امل يتن ّكر ملف ّكريه ومبدعيه‪ ،‬لتلتحق بتف�صيل‪� ،‬إمن��ا ميكننا فقط أ�ن نتو ّقف‬
‫ق�ضايا ع��دي��دة‪ ،‬وه��و الفقيه ا ّل���ذي كان‬ ‫ّنويري‪،‬‬
‫ه�ضوي الت ّ‬ ‫مكرتث ب آ�هاته بعا ٍمل أ�كرث نقاء وطهارة‪ ...‬عامل خلو من عند مالمح م�شروعه ال ّن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ين‪ ،‬غري‬ ‫أ�وج �ضعفه البد ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫و�آالمه‪ ،‬وهو يت آ�خى معها ويت�صالح‪ ،‬فيبدو ال ّلغو والت أ�ثيم‪ ،‬ف أ���راك ت�ستحثّ اخلطى ومنذ االنطالقة الوىل‪ ،‬مع نخب ٍة كان يف‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حا�ضر ًا يف امل�ستجدّات وامل�ستحدثات التي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أ�فرزها التقدّم العلمي‪ ،‬وهو امل�صلح ا ّلذي‬ ‫ال�صدر‪،‬‬ ‫ال�شهيد حممد باقر ّ‬ ‫مقدّمهم ّ‬
‫والعمل‬ ‫ريق‬ ‫ّ‬
‫الط‬ ‫رفقاء‬ ‫من‬ ‫حبابك‬ ‫متما�سكا أ�شاخما‪ ،‬وهو أيتظاهر بالعافية نحو أ‬
‫�‬
‫ت�صدّى لظواهر مر�ض ّية عديدة وكثرية‪،‬‬ ‫ال�شهداء واملجاهدين فكانت البداية من ال ّنجف أال�شرف يف‬ ‫�ىل ّدم�شق ـ مع �شدة ا�شتياقي �ليه ـ وهو واجلهاد‪ ...‬ومواكب ّ‬
‫والقوة‪ ...‬و�نا الذي كنت �لومه على رحلته‬
‫وهو أالب احلنون الذي أ� ّ�س�س م ؤ� ّ�س�سات‬ ‫العراق‪ ،‬ليكمل امل�شوار يف لبنان‪ ،‬دون أ�ن‬ ‫اّ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫�سبقوك‪...‬‬ ‫ذين‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يف هذه احلال‪ ،‬فيبدي تهاونا وقلة مباالة‪،‬‬
‫ل��رع��اي��ة أالي���ت���ام وال��ع��ج��زة وامل�����س�� ّن�ين‪،‬‬ ‫يعني ذلك ن�سيان الوطن كله‪ ،‬ذلك لنه‬ ‫حب ًا بلقاء أ�حبابه وجمهوره ومق ّلديه يف ���س�� ّي��دي‪ :‬ال أ�ع��رف��ك ت�سرتيح‪ ،‬فهل‬
‫اخلا�صة وامل�شايف‬ ‫ّ‬ ‫و أ��صحاب االحتياجات‬ ‫هي الكبري ا ّل��ذي ال حتجبه ح��دودٌ‪ ،‬وهو ميد‬ ‫ا�سرتاحة حمارب؟ وال أ�عرفك ت�ستكني أ‬ ‫ّ‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫�‬ ‫ّ‬
‫أ‬
‫وامل�ستو�صفات‪ ،‬وهو املر ّبي ال��ذي � ّ�س�س‬ ‫الذي راوده وهو يف حتتجب‪ ،‬و أ�نت احلا�ضر حتى يف غيابك‪ ،‬بيديه �إىل العامل حامال ا إل�سالم ال�صيل‬ ‫احللم‬ ‫ذلك‬ ‫دم�شق‪...‬‬
‫املدار�س واملعاهد‪...‬‬ ‫الو�ضاء‪ ،‬يف الزّمن ال��رديء ويف‬ ‫امل�شرق ّ‬ ‫�آخر أ� ّيامه‪ ،‬مي ُّد بعينيه �إىل دم�شق لئال‬
‫أ‬ ‫حيل؟!‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لت‬ ‫ف�ض‬‫��ال �شهور ًا ـ رمبا ف ِل َم ّ‬ ‫يطول الغياب‪ ،‬وق��د ط‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫لقد رح��ل ال�س ّيد ومل ي��رح��ل‪ ،‬لن���ه رحل‬ ‫زم��ن العتمة‪ ،‬حيث تطلع علينا ��سراب‬
‫من اخلفافي�ش و أ�دعياء الدّين من الذين‬ ‫احلب‬ ‫ّ‬ ‫رسول‬ ‫جتاوزت �ستة ـ ف�سئم منه و�سئم حم ّبوه‪،‬‬
‫ج�سد ًا وح�سب‪ ،‬و أ�زعم أ� ّنه ولد من جديد‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ٌّ‬ ‫ك‬ ‫الفقيد‬ ‫د‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ال�س‬ ‫يف‬ ‫يفت�شون‬ ‫ا�س‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫كان‬
‫دل على ذل��ك م��ن ح�شود م��و ّدع��ي‬ ‫وال أ� ّ‬ ‫ال�شرع باخلبال‪ ،‬وه��م ب�صدد‬ ‫و�صفهم ّ‬ ‫وقد طال عليهم أالمد والفراق‪...‬‬
‫ال�سطو على دين حم ّمد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفقيه‬ ‫فيه‬ ‫��رى‬ ‫ي‬ ‫بع�ضهم‬ ‫ميوله‪،‬‬ ‫ح�سب‬ ‫م ّرت على زيارتي له ـ و أ�نا الذي أ�تردّد عليه‬
‫ج�سده‪.‬‬ ‫وثالث‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫املف‬ ‫فيه‬ ‫يرى‬ ‫خر‬ ‫آ‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫(املرجع)‪،‬‬
‫ً‬
‫و���س��ي��ب��ق��ى ح��ا���ض��را يف ف��ك��ره ومنهجه‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ً ك��ان م�شروعه ال ّت��سي�س مل�ستقبل ال ّم��ة‬ ‫يف هذه الفرتة ـ ما يزيد على الع�شرين‬
‫ا‬ ‫كهف‬ ‫يراه‬ ‫ورابع‬ ‫للمقاومني‪،‬‬ ‫ي���وم��� ًا‪ ،‬ف�����ش��ع��رت ب��اخل��ط��ر وداه��م��ت��ن��ي يراه ح�صن ً‬
‫ا‬
‫وم ؤ� ّ�س�ساته وتالميذه و أ�بنائه ومريديه‪،‬‬ ‫اخلارجي‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫و�صيانتها‪� ،‬إن على امل�ستوى‬
‫يحت�ضن مواقع املجاهدين واملقاومني‪� ،‬وأ‬ ‫وال�ضائعني‪...‬‬ ‫واليتام ّ‬ ‫ال�شكوك‪ ،‬و�صرت �إىل ال ّت أ�جيل يوم ًا بعد للفقراء أ‬ ‫ّ‬
‫كما هو �ش أ�ن ر ّواد ا إل�صالح وال ّنه�ضة‪ ،‬ما‬ ‫يجدون‬ ‫نهم‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫الء‪،‬‬ ‫ؤ‬
‫���‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫يجمع‬ ‫ما‬ ‫ولكن‪،‬‬ ‫ؤ‬
‫ي�ضاعف من م� ؤس�ول ّياتنا جتاهه وجتاه‬ ‫على امل�ستوى ال��دّاخ��ل ّ��ي‪ ،‬وه��و يدعو �إىل‬ ‫ي��وم‪ ،‬ع�سى أ�ن ت���ول حاله ال�صح ّية �إىل‬
‫حمذراً‬‫وعربي‪ِّ ،‬‬ ‫�سالمي‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫وو‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫��‬ ‫ب‬
‫ّ‬ ‫��‬ ‫حم‬ ‫يفي�ض‬ ‫��و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫��س��ان‪،‬‬ ‫�‬ ‫��‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ا‬ ‫فيه‬ ‫الطلق وابت�سامته‬ ‫أالح�سن‪ ،‬ألرى وجهه ّ‬
‫منهجه‪ ،‬ويح ّملنا أالمانة التي ح ّملنا � إ ّياها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجتماع �إن�ساين و� إ‬ ‫آ‬ ‫ً‬
‫من م�شاريع الفتنة والفرقة والتّ�شرذم‪،‬‬ ‫كان‬ ‫كما‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫القر‬ ‫خلقه‬ ‫كان‬ ‫‪...‬‬ ‫ة‬ ‫و�سماح‬ ‫الرائعة‪...‬‬
‫��ادي‬
‫لنكمل امل�����ش��وار يف م�شروعه اجل��ه ّ‬ ‫ذلك‬ ‫يف‬ ‫فقدت �صربي‪ ،‬وعزمت على ال�سفر �ىل ر�سول اهلل‪ ،‬وال أ�ج��دين مبالغ ً‬
‫ا‬
‫واالجتماعي‪...‬‬
‫ّ‬ ‫والفكري‬
‫ّ‬ ‫والعلمي‬
‫ّ‬ ‫ال ينام عن همومها كما ينام غ�يره‪ ،‬وال‬ ‫ّ إ‬
‫و�سيولد ال�س ّيد من جديد‪ ،‬مع ابت�سامة‬ ‫ب�يروت‪ ،‬لع ّلي أ�حظى بلقياه أالخ�ير‪ ،‬ويف الو�صف‪ ،‬كما ال أ�ظنّ أ�نَّ زائر ًا التقاه من ي�سهو عن م�شاكلها‪ ،‬كما ال يلهيه �شيء عن‬
‫ك ّل يتيم‪ ،‬ومع ت أ� ّلق ك ّل متع ّلم من طالب‬ ‫الطريق‪ ،‬أُ�خ�ب�رت بالفاجعة ف أ�خر�سني �شرق أالر�ض ًأوغربها‪ ،‬ومهما كان دينه‪ � ،‬إ ّال حمنتها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫د أ�به التّفكري يف م�ستقبل هذه أال ّم��ة كما‬ ‫كان‬ ‫عجاب‪...‬‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫وا‬ ‫�ضا‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫بال‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫مع‬ ‫منه‬ ‫وخرج‬ ‫اخل�ب�ر‪ ،‬وط��اف��ت يف ر أ����س��ي ال�� ّذك��ري��ات‪،‬‬
‫مدار�سه ومعاهده‪ ،‬و�سي�شرق من جديد‬ ‫عبق‬ ‫من‬ ‫ين�شر‬ ‫وهو‬ ‫‪،‬‬ ‫احلب‬‫ّ‬ ‫ر�سول‬ ‫ـ‬ ‫بحقّ‬ ‫ـ‬
‫م��ع ك�� ّل انت�صار أ�و ملحم ٍة م��ن مالحم‬ ‫ؤ‬
‫هو تفكريه يف حا�ضرها‪ ،‬ت�رقه مظاهر‬ ‫أل�ستح�ضر أال���س��ت��اذ وامل��ع�� ّل��م واحلبيب‬
‫التخ ّلف وال�ت�ردّي‪ ،‬وي ؤ�مله غياب الوعي‪،‬‬ ‫اجلميع‪،‬‬ ‫على‬ ‫يفي�ض‬ ‫ما‬ ‫واحلب‬
‫ّ‬ ‫ّ�سامح‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫واملرجع واملف ّكر وا إلن�����س��ان‪ ...‬أل�ستذكر‬
‫فق جديد‪.‬‬‫املقاومة‪ ،‬ومع ك ّل أُ� ٍ‬ ‫والكبري‪،‬‬ ‫غري‬ ‫لل�ص‬
‫ّ‬ ‫حمة‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫جناح‬ ‫ويخف�ض‬
‫أ‬
‫ف��ك��ان ه�� ّم��ه ا�ستنها�ض ال ّم���ة وحم��اول��ة‬ ‫ق�ضيتها‬ ‫ما يزيد على خم�س ع�شرة �سنة‬
‫ا���س�ترداد دوره���ا‪ ،‬وه��و ما وق��ع يف بع�ض‬ ‫�سواء‬ ‫�ساء‪،‬‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫وال‬ ‫جال‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫وغريه‪،‬‬ ‫ريف‬ ‫ّ‬
‫لل�ش‬ ‫باحلب‬
‫ّ‬ ‫معه‪ ،‬م��ن ���ص��و ٍر م�شرقة مفعم ٍة‬
‫وال�سماحة‪ ،‬تع ّلمت فيها الكثري الكثري ب�سواء‪...‬‬ ‫ّ‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪6‬‬
‫جت�سد‬ ‫املنهج الوحدويّ لل�سيد ف�ضل اهلل‪ّ ،‬‬
‫أ�ي�ض ًا يف بق ّية ال��دّوائ��ر‪ ،‬وخ�صو�ص ًا فيما‬
‫يتع ّلق بالوحدة ا إل�سالم ّية والعالقة بني‬ ‫المرجع فضل الله ‪ . .‬ما يجمعه باآلخرين أكثر مما يفرّقه‬
‫وال�شيعة‪ ،‬وم� أس�لة التعاي�ش بني‬ ‫ال�س ّنة ّ‬
‫امل�سلمني وامل�سيح ّيني يف لبنان‪ ،‬والعالقة‬ ‫محمد سعد العجلة*‬
‫بني ا إل�سالم ّيني والقوم ّيني‪.‬‬ ‫مؤخراً‪ ،‬هو‬ ‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله‪ ،‬الّذي توفّاه الله ّ‬
‫حفي‬‫ال�ص ّ‬ ‫يف ع��ام ‪ ،1994‬زار ال��ك��ات��ب ّ‬ ‫الشرعيّ ومواكبة العلوم‬ ‫عالم دين مسلم من طراز فريد‪ ،‬جمع بني العلم ّ‬
‫العربي الكبري حممد ح�سنني هيكل �سورية‬ ‫ّ‬ ‫الدّ نيويّة‪ ،‬الفقه واجلهاد‪ ،‬األصالة واملعاصرة‪ ،‬العمل الدّ عويّ والسّ ياسيّ والثّقافيّ‬
‫ول��ب��ن��ان‪ ،‬ومل يطلب خاللها مقابلة �إال‬
‫ال�سوريّ ال ّراحل‬ ‫واالجتماعي‪...‬‬
‫�شخ�ص ّيتني‪ ،‬هما ال ّرئي�س ّ‬
‫حافظ أال���س��د‪ ،‬وال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬أ� ّم��ا‬ ‫وإن كان اكتسب شهرته من خالل مواقفه إزاء االحتالل اإلسرائيليّ‬
‫الباقون‪ ،‬فهم ا ّلذين كانوا يريدون ر ؤ�يته!‬ ‫والدّ ور األمريكي في املنطقة‪ ،‬وتأييده‪ ،‬بل ورعايته للمقاومة في لبنان‪ ،‬إلى‬
‫يف ذلك ال ّلقاء بني ال ّرجلني املث ّقفينْ ‪ ،‬دار‬ ‫لسنوات طويلةٍ لقب «املرشد‬ ‫ٍ‬ ‫درجة أنّه بات يُطلق عليه في وسائل اإلعالم‬
‫حديثٌ وحوا ٌر عمي ٌق وحميم‪ ،‬رغم أ� ّنه بني‬ ‫الرّوحي حلزب الله»‪.‬‬
‫�شخ�ص ّي ٍة �إ�سالم ّي ٍة و أ�خرى نا�صر ّية‪ ،‬على‬ ‫�سرائيلي‪ ،‬وبالتّايل‬
‫ّ‬ ‫مكانته العلم ّية الدّينية أ�هّ لته ألن ي ؤ� ّ�س�س املوقف من االحتالل ا إل‬
‫ما بني ا إل�سالم ّيني وال ّنا�صر ّيني من تاريخ‬ ‫لنف�سه م��رج��ع�� ّي�� ًة م�����س��ت��ق�� ّل�� ًة يف ا إلط����ار انحيازه وتنظريه للمقاومة‪ ،‬وما عدا ذلك‬
‫��ص��راع عنيف‪ .‬من الق�ضايا التي تط ّرق‬ ‫� ٍ‬ ‫ال�شيعي‪ ،‬و أ�ن يطلق عليه أ�ن�صاره ومريدوه م��ن ���ش ؤ��� ٍون دين ّي ٍة ومذهب ّي ٍة واجتماع ّي ٍة‬
‫لها احلوار‪ ،‬املوقف من القوم ّية العرب ّية‪.‬‬ ‫«�آي���ة اهلل العظمى»‪ ،‬وه��و أ�ع��ل��ى لقب يف و�سيا�س ّي ٍة وثقاف ّية‪ ،‬خا�ضع للنقا�ش واحلوار‬
‫قال ف�ضل اهلل‪« :‬نحن ال م�شكلة عندنا مع‬ ‫اختالف يتع ّلق باملرجع ّية‬
‫ٍ‬ ‫بعد اتّ�ضاح وجود‬ ‫ال�شيع ّية‪ ،‬و أ�حد �شروط �إىل أ�بعد حدّ‪ ،‬وهو يف ذلك ال يرى غ�ضا�ضة‬ ‫امل ؤ� ّ�س�سة الدّين ّية ّ‬
‫القوم ّية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا �إذا كانت القوم ّية‬ ‫وق�ضايا فقهية �سيا�سية‪ ،‬رغم االح�ترام‬ ‫ال��و���ص��ول ب�صاحبه �إىل أ�ن يكون مرجع يف أ�ن يختلف مع ا آلخ��ري��ن‪ ،‬و أ�ن يختلف‬
‫العروبة‪ ،‬ألنني ال أ��ستطيع أ�ن أ�ف�صل بني‬ ‫الكبري ال��ذي بقي يحظى به بني قيادات‬ ‫ال�سي�ستاين يف ا آلخرون معه مبودّة وت�سامح وانفتاح‪.‬‬ ‫تقليد‪ ،‬كما هو احل��ال مع ّ‬
‫العروبة وبني ا إل�سالم‪ .‬أ�نا أ�قول �إنّ ا إل�سالم‬ ‫حزب اهلل وكوادره وقواعده‪ ،‬الذين تربى‬ ‫العراق‪ ،‬واخلامنئي يف �إي��ران‪ ،‬وغريهما راعى ال�سيد ف�ضل اهلل يف فتاواه واجتهاداته‬
‫أ�عطى للعروبة م�ضمونها‪ ،‬والعروبة أ�عطت‬ ‫كثري منهم على درو�سه‪ ،‬وا�ستلهموا منه‬ ‫ممن يعدون على أال�صابع يف العامل‪ � .‬إ ّال �شروط الع�صر ا ّلذي نعي�ش‪ ،‬ودر�س الرتاث‬
‫لل�سالم حرك ّيتها وذهن ّيتها‪ ،‬وكثري ًا من‬ ‫إ‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫أالفكار واملبادئ املتع ّلقة بالفكر ا إل‬ ‫أ�نّ اختالفه مع أ�يّ «�آخر»‪ ،‬ال يكاد ي�شعر به ا إل�سالمي بعمق ومبنهج نقديّ ‪ ،‬وهذا ما‬
‫الظروف التي ا�ستطاعت أ�ن متنح ا إل�سالم‬ ‫واملقاومة‪ .‬هذا االختالف مل يدفعه �إىل‬ ‫املرء‪ ،‬أل ّنه ال ي�سعى إلبرازه أ�و حتويله �إىل م ّيزه عن غريه من علماء كثريين‪ ،‬فجاءت‬
‫ق ّوة حركة‪».‬‬ ‫ت�شكيل حالة م�ضادّة‪ ،‬وهذه نقطة جوهر ّية‬ ‫�شقاق‪ ،‬ويرى أ�ن االختالف أ�مر طبيعي‪ ،‬فتاواه ومواقفه جتاه املر أ�ة مث ًال‪ ،‬معلي ًة من‬
‫رحل ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬العامل‬ ‫يف تقييم حياته و�سريته‪ ،‬فهو ي ؤ�من بالتن ّوع‬ ‫لكن م�ساحة االت��ف��اق وال��وف��اق و�إمكانية �ش أ�نها‪ ،‬ومن�صفة حلقوقها‪ ،‬غري مت أ� ّثرة‬
‫الواقعي‬
‫ّ‬ ‫العامل ال��ق��ارئ احل��امل ال�� ّث��وريّ‬ ‫يف �إط���ار ال��وح��دة‪ ،‬ول��ذل��ك مل يكن لديه‬ ‫التعاون دائم ًا أ�كرب بكثري‪ ،‬ويجب أ�ن يكون ب�سلب ّيات العادات والتّقاليد‪.‬‬
‫وا�سع أالفق‪ ،‬تارك ًا وراءه م ؤ� ّلفات و أ�عما ًال‬ ‫م�شكلة يف أ�ن يكون بينه وبني حزب اهلل‬ ‫احلوار هو أال�سا�س للتفاهم‪ .‬واحلوار لديه امتلك ف�ضل اهلل اجلر أ�ة الكافية يف التعامل‬
‫واجتهادات ينبغي اال�ستفادة منها‪ ،‬وعدم‬ ‫�سمي م�سافة‪ ،‬دون أ�ن ي ؤ� ّثر ذلك �سلب ًا‬‫ال ّر ّ‬ ‫احل�سا�سة‪ ،‬فنجده‬ ‫يحت ّل مكان ًة مرموق ًة وذات أ�همية بالغة‪ .‬مع العديد من الق�ضايا ّ‬
‫ائفي أ�و‬‫الط ّ‬‫املذهبي أ�و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سماح للخالف‬ ‫ّ‬ ‫يف موقفه من املقاومة‪ ،‬وا ّلذي جت ّلى بكلّ‬ ‫يعي‪ ،‬يعيد النظر يف‬ ‫ال�ش ّ‬‫امتلك ف�ضل اهلل �إدراك���� ًا عميق ًا للواقع يف دائ��رة البيت ّ‬
‫الفكريّ احليلولة دون ذلك‪.‬‬ ‫و�ضوح يف حرب متوز ‪ .2006‬ال�سيد ف�ضل‬ ‫يل‪ ،‬وتعامل معه أ�مو ٍر جلبت عليه غ�ضب بع�ض املرجع ّيات‬ ‫املح ّل ّي وا إل ّ‬
‫قليمي وال���دّو ّ‬
‫اهلل مل يح�صر نف�سه يف �إط���ار ح��زب أ�و‬ ‫التع�صب واالنغالق واملراكز التقليدية‪ ،‬وحتى يف هذه الدّائرة‪،‬‬ ‫بنظرة ثاقبة‪ ،‬بعيد ًا عن ّ‬
‫�صحفي من غزّة‬
‫ّ‬ ‫*كاتب‬ ‫حركة مع ّينة‪ ،‬و�إمنا حترك مبنطق العامل‬ ‫ً‬
‫واجلمود‪ .‬يكاد يكون الثابت الوحيد لديه‪ ،‬مل يعد ُيطلق عليه �إع�لام�� ّي��ا‪ ،‬منذ عدة‬
‫ا ّلذي ميكن للجميع أ�ن ي�ستفيد منه‪ .‬هذا‬ ‫بال�ضرورة‪� ،‬سنوات‪ ،‬لقب املر�شد ال ّروحي حلزب اهلل‪،‬‬ ‫�إ�ضاف ًة �إىل املعلوم من الدّين ّ‬

‫الوحيد للتّفاهم مع الغري‪.‬‬


‫��س���ال‪ :‬هل للحوار أ��س�س‬ ‫ولكن يبقى � ؤ‬
‫مع ّينة يف نظر ال�س ّيد ف�ضل اهلل ؟!‬
‫رجل الحوار‬
‫نعم‪� ،‬إنّ ال�س ّيد ف�ضل اهلل يرى أ�نّ احلوار‬ ‫أحمد محمد البحراني‬
‫عمل لن يكون جمدي ًا ما مل يعرتف‬ ‫يف أ�يّ ٍ‬
‫��رف فيه بقيمة ال ّ��ط��رف ا آلخ��ر‪،‬‬ ‫ك�� ّل ط ٍ‬ ‫«احلوار في القرآن» من أبرز املؤلّفات اخلصبة للرّاحل السيّد محمد حسني‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫�سواء اتّفق مع �فكاره �و اختلف معها‪،‬‬ ‫فضل الله‪ ،‬تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنّاته‪ .‬يقول السيّد في مقدّ مة‬
‫م�شارك يف احلوار‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ثم ت أ�كيده أ�نّ لك ّل‬ ‫كتابه هذا‪:‬‬
‫أ‬
‫احلقّ املطلق يف التّعبري عن ر�يه بح ّر ّية‪،‬‬
‫مع م� ؤس�ول ّيته أالخالق ّية ع ّما يعر�ضه من‬ ‫�إ�سالم ّية‪ ،‬وق�ضيانا على �ضوء ا إل�سالم‪،‬‬ ‫« فال تزال احلياة حتت�ضن احلوار‪ ،‬وترزخ‬
‫ر أ�ي‪ ،‬على أ�نّ هذه امل� ؤس�ول ّية ال تبيح له‬ ‫وك���ت���اب احل���رك���ة ا إل����س�ل�ام��� ّي���ة ه��م��وم‬ ‫يف الوقت نف�سه حتت ثقل أال�ساليب العنيفة‬
‫ّ‬
‫والطائف ّية املقيتة‪ ،‬وال �سبيل حل ّل هذه امل�شكلة‪،‬‬ ‫االنتقال من نقد الفكرة �إىل التّجريح‬ ‫وق�ضايا‪ ،‬وغ�يره��ا‪ ،‬ي ؤ�من �إمي��ان�� ًا را�سخ ًا‬ ‫التي تريد أ�ن تخنق احلوار بالعنف وبالق ّوة‬
‫أ‬
‫�صالح للحوار‪ ،‬يقوم على ال�س�س‬ ‫مناخ ٍ‬ ‫�إال ب�صنع ٍ‬ ‫ال�شخ�ص ّية‪.‬‬ ‫خ�صي و�إ�سقاط ّ‬ ‫ّ‬ ‫املادّية الغا�شمة‪ ،‬ويقف احلوار أ�مام الق ّوة‬
‫ال�ش ّ‬ ‫بالدّميقراط ّية‪ ،‬وي��رى يف احل���وار احل�� ّر‬
‫التي ذكرناها �سابق ًا‪ ،‬ف�إذا ا�ستطعنا أ�ن نح ّقق‬ ‫ي��ب��دو يل أ�نّ م�شكلتنا ال��ك�برى ال��ي��وم يف‬ ‫ال�سبيل الوحيد للتّفاعل ب�ين ال ّنا�س يف‬ ‫ليع ّلمنا در�س ًا أ�نّ الق ّوة ال ت�ستطيع أ�ن تبني‬
‫جمتمع احلوار ا ّلذي ينفتح فيه امل�سلمون �س ّن ًة‬ ‫�سالمي بك ّل طوائفه وت ّياراته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العامل ا إل‬ ‫عقائدهم وت ّياراتهم وم�شاربهم املختلفة‪،‬‬ ‫احلياة �إال من خ�لال احل��وار‪ ،‬ألنّ الق ّوة‬
‫و�شيع ًة على بع�ضهم البع�ض‪ ،‬وعلى ك ّل أالفكار‬ ‫هي م�شكلة فكر ّية ثقاف ّية أ�خالق ّية‪ ،‬ت�شهد‬ ‫وم���ن ي��ث�ير أ�م���ام���ه خم����اوف ح��ي��ال ت�� ّي��ا ٍر‬ ‫التي تفتقد ذل��ك �سوف تدمر نف�سها يف‬
‫امل�ضادّة‪ ،‬ف�إنهم ينتقلون من جمتمع العنف �إىل‬ ‫��داد �إىل اخللف‪ ،‬وحالة انح�سا ٍر‬ ‫حالة ارت ٍ‬ ‫ديني معينّ ‪ ،‬يلقى جواب ًا وا�ضح ًا‬ ‫�سيا�سي أ�و ّ‬
‫ّ‬ ‫نهاية املطاف»‪.‬‬
‫ال�سالم‪ ،‬ومن جمتمع التّنافر والعداء‬ ‫جمتمع ّ‬ ‫�إىل اجلاهل َّية‪ ،‬مب��ا يعنيه ه��ذا االرت���داد‬ ‫يحتكم فيه �إىل املناق�شة الفكر ّية العقالن ّية‬ ‫�إنّ ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬وم��ن خ�لال ق��راء ٍة‬
‫�إىل جمتمع التّ�سامح واملح ّبة‪.‬‬ ‫من �شهوات العنف والتط ّرف والبغ�ضاء‬ ‫ال�سبيل‬ ‫احل ّرة‪ ،‬و�إىل الدّليل والربهان‪ ،‬فهو ّ‬ ‫وا�سع ٍة جلمل ٍة من م ؤ� ّلفاته‪ ،‬ككتاب �آفاق‬

‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪7‬‬
‫رحيل عمالق الفكر الإ�سالمي‬
‫يحيى أبو زكريا*‬
‫خط طنجة‬ ‫مفكر ًا عمالق ًا بحجم أمّ ة اإلسالم في ّ‬
‫ّ‬ ‫فقد العالم اإلسالميّ‬
‫ـ جاكرتا‪ ،‬وفقد فيلسوف ًا ومرجع ًا بحجم كلّ التّراكمات احلضار يّة‬
‫والفكريّة والثّقافيّة والفلسفيّة في اجلغرافيا التي تدين باإلسالم‪ ،‬فقد العالم‬
‫املؤصل‪ ،‬السيد محمد حسني فضل الله‪،‬‬ ‫املفكر املبدع‪ ،‬واملؤسّ س ّ‬‫ّ‬ ‫اإلسالميّ‬
‫الذي عاش بكلّ قواه وحواسّ ه وجهده لإلسالم واملسلمني‪.‬‬
‫ال�سيا�س ّية والفكرية‪ ،‬ك��ان قندي ًال ال‬ ‫يذ ّكرنا املف ّكر العمالق‪ ،‬ال�س ّيد حممد‬
‫ين�ضب زيته‪ ،‬وحرك ًة ال تعرف اجلمود‪،‬‬ ‫ح�����س�ين ف�����ض��ل اهلل‪ ،‬ب��ج��ي��ل املث ّقفني‬
‫وم�شع ًال ال يقبل االنطفاء‪ ،‬وكان يجد‬ ‫امل��و���س��وع��ي�ين يف ال��ع��امل ا إل���س�لام ّ��ي‪،‬‬
‫بني ك ّل هذه املهام وتلك‪ ،‬حلظات‪ ،‬بل‬ ‫ا ّلذين جمعوا بني علوم النقل والعقل‪،‬‬
‫�سويعات للت أ�ليف والكتابة يف جمال‬ ‫والذين برعوا يف كل ميادين املعرفة‬
‫الفقه والفكر ا إل���س�لام ّ��ي والتّف�سري‬ ‫ا إل�سالمية وا إلن�سانية‪ ،‬فف�ضل اهلل كان‬
‫والر ّد على أ��سئلة امل�ستفتني‪ ،‬كان يرى‬ ‫فقيه ًا و أ��صولي ًا ونحوي ًا ولغوي ًا و�سيا�سي ًا‬
‫أ�نّ ك�� ّل ثاني ٍة م��ن ث��واين حياته‪ ،‬وك�� ّل‬ ‫وف��ي��ل�����س��وف�� ًا‪ ،‬ح��ت��ى أ����س��م��ي��ت��ه بفقيه‬
‫دقيق ٍة من دقائق عمره‪ ،‬يجب أ�ن تكون‬ ‫بقليل‪ ،‬دخلت �إىل‬ ‫احل�ضارة‪ .‬قبل وفاته ٍ‬
‫م��ن احل��رك��ات ا إل���س�لام�� ّي��ة يف العامل‬ ‫لل�سالم وامل�سلمني‪.‬‬ ‫إ‬ ‫مكتبه يف بيته‪ ،‬وكانت أالوج��اع ت�سري‬
‫حم ّمد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬وترك وراءه‬ ‫�سالمي‪ ،‬وم�س ّدد ًا لها ورا���ش��د ًا لها‬ ‫ا إل‬ ‫ومل ي��ك��ن ك��غ�يره ي��ك��ت��ن��ـ��ز ال��ق��ن��اط�ير‬ ‫ال�شريف‪ ،‬فقال يل‪ :‬عي�شوا‬ ‫يف ج�سده ّ‬
‫مدر�س ًة متكاملة أالرك���ان‪ ،‬وم�شروع ًا‬ ‫ّ‬
‫ال�سقوط يف كمائن‬ ‫وحم ّذر ًا � إ ّياها من ّ‬ ‫ال�شرع ّية‪ ،‬بل‬ ‫املقنطرة من أالم���وال ّ‬ ‫لل�سالم‪ ،‬وانفتحوا على ا آلخ��ر على‬ ‫إ‬
‫كامل أالدوات‪ ،‬ور ؤ�ي ًة �سيا�س ّي ًة وثقاف ّي ًة‬ ‫�سالمي‪ ،‬وكان‬ ‫املت آ�مرين على العامل ا إل‬ ‫ا�ستخدم ه��ذه أالم����وال يف ب��ن��اء دو ٍر‬ ‫احل�ضاري املنفتح‪.‬‬ ‫�سالم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫قاعدة‬
‫وفل�سف ّي ًة �ست�ش ّكل نربا�س ًا أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إ‬
‫للجيال‬ ‫وفقه‬ ‫ل�ل�ي��ت��ام‪ ،‬ومعاهد للفقراء‪ ،‬ومراكز‬ ‫أ‬ ‫وه��و يو�صيني بهذه ال��ق��اع��دة‪ ،‬وا ّلتي‬
‫فكر ٍ‬ ‫يرى احلركة ا إل�سالم ّية بدون ٍ‬
‫ال ّراهنة والقادمة‪ ،‬والتي �ستجد فراغ ًا‬ ‫بالعمى الذي‬ ‫و�سيا�سي‪ ،‬أ��شبه أ‬ ‫ح�ضاري‬ ‫للتع ّلم وال��ف��ك��ر وال�� ّث��ق��اف��ة‪ ،‬وك���ان أ�ب�� ًا‬ ‫تعترب و�ص ّي ًة يف ح ّد ذاتها‪ ،‬كونها من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالغ عندما تفتقد‬ ‫بحزن ٍ‬‫كبري ًا‪ ،‬وت�شعر ٍ‬ ‫ال يب�صر ويتخ ّبط يف أ�خطائه القاتلة‪.‬‬ ‫للم�ست�ضعفني والفقراء واملحتاجني‪،‬‬ ‫اجلمل أالخرية التي �سمعتها منه‪� ،‬إمنا‬
‫يوم‬‫��وي ك ّل ٍ‬‫جي أالب ّ‬ ‫ال�صوت ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ذلك ّ‬ ‫حتى عرف ب أ� ّنه أ�بو امل�ساكني‪.‬‬
‫بهم الق�ضايا الكربى‪،‬‬ ‫ك��ان م�سكون ًا ّ‬ ‫�سا�س ملنطلقه‬ ‫أ�راد أ�ن يعطيني أ�ه ّ��م أ� ٍ‬
‫يف م�سجد احل�سنني يف منطقة حارة‬ ‫وم��ن�����ش��غ ً‬ ‫خال�ص �إىل الوحدة‬ ‫الفكري‪ :‬ا إل�سالم املنفتح على ا آلخر‪.‬‬
‫�لا ب��ه ّ��م ا إلن�����س��ان امل��ع��ا���ص��ر‪،‬‬ ‫دع��ا امل�سلمني ب�إ ٍ‬ ‫ّ‬
‫لل�سالم‪...‬‬ ‫حريك‪ :‬يا أ�بنائي عي�شوا إ‬ ‫ك���ان م��ن��ح��از ًا ل��ل��ح��قّ ���ض�� ّد ال ّ��ظ��ل��م‪،‬‬ ‫ون��ب��ذ ال��ف��رق��ة‪ ،‬وجت�����اوز اخل�لاف��ات‬ ‫�سالمي العمالق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫املف‬ ‫جنح‬ ‫لقد‬
‫لل�سالم‪،‬‬ ‫لقد عا�ش ال�س ّيد ف�ضل اهلل إ‬
‫وعا�ش لك ّل امل�سلمني الذين ا�ستوعبوا‬
‫وللم�ست�ضعفني �ض ّد امل�ستكربين‪ ،‬وكان‬ ‫لل�سالم‬ ‫الفقه ّية ال�ض ّيقة ح��م��اي�� ًة إ‬ ‫حم�� ّم��د ح�����س�ين ف�����ض��ل اهلل‪ ،‬يف فهم‬
‫قلبه بحجم الكرة أالر�ض ّية ي�سع حتى‬ ‫م��ن ال��ت��ح�� ّدي��ات امل��ح��دق��ة ب��ه م��ن قبل‬ ‫ال�شريعة ا إل�سالم َّية‪ ،‬و�إدراك‬ ‫منطلقات ّ‬
‫ر�سالته‪ ،‬وتفاعلوا مع فكره‪ ،‬فتحول‬ ‫ا ّلذين تطاولوا عليه وح�سدوه‪ ،‬وغاروا‬ ‫ا إلرادات الغرب ّية‪ ،‬وعلى ر أ��سها أ�مريكا‬ ‫ال�شريعة‪ ،‬ف أ���ب��دع اج��ت��ه��اد ًا‬ ‫مقا�صد َّ‬
‫م�سجده يف حارة حريك �إىل �ساح ٍة ق ّل‬ ‫م��ن مكانته ال��ع��م�لاق��ة‪ ،‬و���ش�� ّك��ك��وا يف‬ ‫التي حاولت اغتيال ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫للحياة‪ ،‬و أ� َّك��د أ�نّ ا إل�سالم دين حياة‪.‬‬
‫نظريها يوم ت�شييع جثمانه‪ ..‬جثمان‬ ‫مرجع ّيته الفقه ّية‪ ،‬وحاولوا التّطاول‬ ‫�آمن أ�نّ ا إل�سالم دين �إحياء ولي�س دين‬
‫املرجع ا ّل��ذي أ�ب��دع يف الراهن العربي‬ ‫عليه‪ ،‬كان ي�ستغفر لهم بقدر ما يحملون‬ ‫قتل‪ ،‬وقد أ�هّ له اجتهاده املطلق ألن يفهم‬
‫وا إل���س�لام��ي أ�ك�بر م��در���س�� ٍة �إ�سالم ّي ٍة‬ ‫اآلن أصبح املسلمون غرباء‬
‫عليه‪ ،‬ولذلك ح�ضر ت�شييع جثمانه ك ّل‬ ‫بغيابه عن دنيانا‪ ،‬وما يخفّف‬ ‫ال�شريعة ا إل�سالم ّية‪ ،‬فا�ستنبط‬ ‫كنه ّ‬
‫لبناء احلياة‪ ،‬وكما كان ك ّل املعادلة يف‬ ‫ال�صعوبة مبكان‬ ‫للم�سلمني أ�حكام ًا تتما�شى مع احلياة‪،‬‬
‫�سالمي‪ ،‬ومن ّ‬ ‫ّ‬ ‫العامل ا إل‬ ‫الوطء علينا‪ ،‬هو بقاء أفكاره‬
‫حياته‪� ،‬سيظ ّل ك ّل املعادلة بعد مماته‪،‬‬ ‫الب�شري بك ّل‬ ‫أ�ن يحظى رجل يف ال ّراهن‬ ‫ومع �إن�سان ّية ا إلن�سان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كا لنّجو م ا لتي تر شد‬
‫التعازي البنه العامل‬ ‫ّ‬ ‫وعندما ق ّدمت‬ ‫العاملي‪ ،‬لقد أ�ح ّبه أ�هل‬ ‫هذا ا إلجماع‬ ‫وال�صول وال ّلغة وال ّنحو‬ ‫برع يف الفقه أ‬
‫اجلليل ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل يف وفاة‬ ‫ّ‬ ‫املتعطشني إلى فك ٍر بحجم‬
‫ّ‬
‫جميع ال ّديانات‪ ،‬كما أ�ح ّبه أ��صحاب ك ّل‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫وال�� ّت��ف�����س�ير وامل��ن��ط��ق وع��ل��م ال��ك�لام‬
‫وال����ده‪ ،‬قلت ل��ه‪ :‬ي��ا �س ّيد ع��ل��ي‪ ،‬ا آلن‬ ‫املذاهب‪ ،‬لقد احرتمه ك ّل أالح��رار يف‬ ‫والفل�سفة وف��ق��ه ال�� ّدول��ة واالقت�صاد‬
‫�صرت غريب ًا‪.‬‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫يف منطقة بئر العبد �سنة ‪..1986‬‬ ‫وع���ل���م ال��ف��ل��ك واحل�������س���اب‪ ،‬ورغ���م‬
‫بالفعل‪ ،‬ا آلن أ��صبح امل�سلمون غرباء‬ ‫ذلك هو ف�ضل اهلل‪ ،‬ال ّرمز واجلامعة‬ ‫وقال عندها ب�شجاعة وجر أ�ة‪ :‬القتل لنا‬ ‫ت�سخريه حياته‪ ،‬ك ّل حياته‪ ،‬للتح�صيل‬
‫بغيابه عن دنيانا‪ ،‬وما يخ ّفف الوطء‬ ‫وال�سيا�سي‬ ‫الفقهي‬ ‫وال��ق��دوة واملرجع‬ ‫ال�شهادة‪.‬‬ ‫عادة‪ ،‬وكرامتنا من اهلل ّ‬ ‫العلمي والتف ّوق يف ك ّل ميادين املعرفة‬
‫علينا‪ ،‬هو بقاء أ�فكاره كال ّنجوم التي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫والفل�سفي‪ ،‬وال���ذي �ستظ ّل‬ ‫ّ‬ ‫وال�� ّث��ق��ا ّيف‬ ‫و�سي�سجل‬
‫ّ‬ ‫�سيكتب التاريخ املعا�صر‪،‬‬ ‫ا إل�سالمية وا إلن�سانية‪ ،‬فقد ع ّلم هذه‬
‫املتعط�شني �إىل ف��ك ٍ��ر بحجم‬ ‫ت��ر���ش��د‬ ‫أ�فكاره ك أ�فكار اخلالدين والعمالقة‪،‬‬ ‫امل�ستقبل القريب والبعيد‪ ،‬أ�نّ عمالق‬ ‫العلوم‪ ،‬ومل يكن يعرف معنى الراحة أ�و‬
‫احل��ي��اة‪ ،‬فكر العمالق حممد ح�سني‬ ‫حت����� ّرك أ�ج����ي����ا ًال ب���اجت���اه ال�� ّت��ك��ام��ل‬ ‫�سالمي‪ ،‬حممد ح�سني ف�ضل‬ ‫الفكر ا إل‬ ‫اخللود �إىل احلدائق الغ ّناء‪ ،‬كان �شعل ًة‬
‫ّ‬
‫ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫احل�ضاري‪...‬‬ ‫اهلل‪ ،‬كان م ؤ� ّ�س�س ًا للمقاومة ا إل�سالم ّية‬ ‫متّقد ًة يف تدري�س طلبة العلم‪ ،‬و�إلقاء‬
‫ّ‬
‫�سالمي العمالق‬ ‫ّ‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫املف‬ ‫��ل‬ ‫لقد رح‬ ‫يف ل��ب��ن��ان‪ ،‬وك��ث�ير م��ن امل��ق��اوم��ات يف‬ ‫املحا�ضرات‪ ،‬وعقد ال ّلقاءات الكثرية‬
‫*كاتب و�صحايف جزائري‬ ‫�سالمي‪ ،‬وكان أ�ب ًا روح ّي ًا لكث ٍري‬ ‫العامل ا إل‬ ‫م��ع ال�� ّن��ا���س الب�سطاء وال�شخ�ص ّيات‬
‫ّ‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫ال�سيد �شفيق املو�سوي‬
‫يا �صانع ع�صر النّور‬
‫ال�س ّيد �شفيق املو�سوي‬
‫حببناك يا �س ّيدي ألنّك أ�حب ْبتَ اهلل‪...‬‬
‫َ‬ ‫أ�‬
‫زرعتَ يف قلوبنا ّ‬
‫حب اهلل‪..‬‬ ‫يا مر�سوم ًا فوق َ�ش َغاف قلوبنا‪ْ ...‬‬
‫ففا�ض هذا القلب على م�ساحات الزّ مان‬ ‫َ‬ ‫كل القلوب‪..‬‬‫يا قلب ًا َ�س َك َنتْ فيه ّ‬
‫واملكان �إن�سان ّي ًة وحنان ًا وحم ّب ًة للنّا�س‪ّ ...‬‬
‫كل النّا�س‪ ...‬و�شوق ًا َو َو ْجد ًا‬
‫وا�ستغراق ًا يف اهلل‪...‬‬
‫نب�ض م�شاعرنا‪...‬‬ ‫يا حبيبنا‪ ،‬يا �س ّيدنا‪ ،‬يا والدنا‪ ،‬يا َ‬
‫عرق من عروقنا‪..‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫الروح ت�سري يف ّ‬ ‫يا انتفا�ضة ّ‬
‫الدعوة �إىل اهلل على مدى أ�كرث‬ ‫قامة �شمخت توا�ضع ًا‪ ،‬فنلتَ �شرف ّ‬ ‫يا ً‬
‫العوام‪..‬‬ ‫من �ستّني من أ‬
‫ع ّلمتنا يا م��والي أ�ن نرفع ر ؤ�و�سنا أ�م��ام العامل ك ّله‪ ،‬و أ�ن نخ�شع‬ ‫يا ح ّق ًا مكتوب ًا على جبني الزّ من‪...‬‬
‫ونتذ ّلل ونخ�شى اهلل‪...‬‬ ‫الدعاة واملتعبني والباحثني‬ ‫لكل ه ؤ�الء ّ‬ ‫ال�شراق ّ‬ ‫بكل إ‬ ‫يا أ�م ًال م�ش ّع ًا ّ‬
‫احلب‬
‫َّ‬ ‫وعاطفة بعاطفة‪ ...‬وجعلت‬ ‫ً‬ ‫ال ّمة ك ّلها ح ّب ًا ّ‬
‫بحب‪،‬‬ ‫بادلت أ‬ ‫احلرية والكرامة‪..‬‬ ‫إليجاد مكانٍ لهم حتت �شم�س ّ‬
‫خط امل� ؤ‬
‫س�ول ّية‪..‬‬ ‫والعاطفة يف ّ‬ ‫كل املجاهدين‪ ،‬على‬ ‫يا م�شع ًال لن تنطفىء َجذو ُته يف قلوب املجاهدين‪ّ ،‬‬
‫العظيم‪� ،‬نأ‬
‫ُ‬ ‫العظيم‬
‫ُ‬ ‫أ‬
‫يف ح�ضرتك‪ ،‬كنّا نعرف ما يعني �ن يتوا�ضع‬ ‫امتداد هذا العامل‪..‬‬
‫يتوا�ضع ارتفاع ًا بعني اهلل‪...‬‬ ‫�إىل منبع ر ؤ�اك تتط ّلع القلوب العط�شى لالرتواء‪� ..‬إىل ذلك الوهج‬
‫حبيب قلوبنا‪...‬‬ ‫َ‬ ‫يا‬ ‫نتوجه يا �س ّيدي‪ ،‬حيث يف كلماتك‬ ‫ال�سماء كلمة احلقّ ‪ّ ،‬‬ ‫امل�ستمد من نور ّ‬
‫ّ‬
‫روحك حت ّلق‬ ‫أ� ُّيها ال�س ّيد ال�س ّيد‪� ..‬سنبقى نر ّدد خطابك الذي كانت ُ‬ ‫الروح و�سعادة النّف�س‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫نينة‬ ‫طم أ�‬
‫يقربني‬ ‫عمل ّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫حب ّ‬‫حب من يح ّبك‪ ،‬و أ� ُّ‬ ‫هم اجعلني أ�ح ّبك و أ� ّ‬ ‫به‪« :‬ال ّل ّ‬ ‫نراك تذوب بني يدي اهلل عندما‬ ‫كنت يا �س ِّيدي تهدهدُ أ�رواحنا‪ ،‬ونحن َ‬
‫حب النّا�س‪...‬‬ ‫أ‬
‫حب اهلل‪ ،‬و� ُّ‬ ‫أ‬
‫منك»‪ ...‬وكم �سمعنا منك‪� :‬إ يّن � ُّ‬ ‫بالدعاء‪...‬‬
‫يلهج ّ‬ ‫ن�سمع �صو َتك ُ‬
‫حبيب قلوبنا‪ ...‬ي��ا َو ْج��دَ‬ ‫َ‬ ‫حبيب اهلل‪ ...‬ي��ا �س ّيدنا‪ ...‬ي��ا‬ ‫َ‬ ‫ي��ا‬ ‫كل‬ ‫ال ّي��ام‪ ..‬كنّا نلج أ� �إليك يف ّ‬ ‫تعب أ‬ ‫غ�سلْتَ قلوبنا بالنّور‪ ،‬أ�زلت عنّا َ‬
‫ال���ض��اءات التي ال تعرف‬ ‫��دوام يف إ‬ ‫َ‬
‫ن��راك على ال� ّ‬ ‫م�شاعرنا‪...‬‬ ‫لكل هموم‬ ‫تف�صيل‪ ،‬فنجد �صدر ًا رحب ًا يتّ�سع ويتّ�سع وير�سم حلو ًال ّ‬ ‫ٍ‬
‫أ‬
‫ت�ضيء فجر � ّيامنا‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫االنطفاء‪ ...‬نرى يا موالي حزمة النّور‬ ‫دنيانا‪..‬‬
‫الفخر‪ ،‬كلُّ الفخر‪ ،‬أ�نّنا أ�دركنا ع�صرك‪ ،‬يا �صانع ع�صر النّور‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫لنا‬ ‫رواحنا‪ ،‬تعطينا َأ� َلق ًا من العزم‬
‫عندما جنل�س بني يديك‪ ..‬كانت ُت�شرق أ� ُ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫�س ّيدي‪ ،‬على مدى ربع قرنٍ ‪ ...‬كنتُ عندما �خاطبك ب�نّ املنرب لك‪،‬‬ ‫والرادة‪...‬‬ ‫إ‬
‫قول لك اليوم‪� :‬س ّيدي‪ ...‬املنرب لك‪،‬‬ ‫ترحم طلبي وتل ّبي‪ ...‬و أ� ُ‬
‫ُ‬ ‫كنتَ‬ ‫ابات النّور فتح َتها أ�مام أ�عيننا يا �س ّيدي‪..‬‬ ‫ب ّو ُ‬
‫وقلوب‬‫ُ‬ ‫وعلي لك‪..‬‬ ‫ٌّ‬ ‫النبي والزّ هراء‬ ‫ّ‬ ‫حب‬‫القلب لك‪ ،‬ال� ّ�روح لك‪ُّ ،‬‬ ‫الر�ض تهتزُّ من حتت أ�قدامكم‪...‬فاثبتوا‪ ،‬فال‬ ‫جلجل �صو ُتك فينا‪ :‬أ‬
‫ال ّمة ك ّلها لك‪...‬‬ ‫أ‬ ‫َتهِنوا وال حتزنوا‪..‬‬

‫�سيدي المنير‬
‫سيدي املنير‪...‬‬
‫أل���ش��م ع��ب��ق �إن�����س��ان��ي��ت��ك ال��ف��واح‪،‬‬ ‫أ�بت�سم دائم ًا عندما أ��شعر ب أ�نك تقر أ�ين‬
‫و أ�ت��ذوق طعم احلب الذي منحتهم‬ ‫أ�و أ�ق����ر أ�ك‪ ،‬أ�و عندما تك�شف م��ا يف‬
‫�إياه‪..‬‬ ‫جعبتي و أ�ك�شف ما يف جعبتك‪..‬‬
‫أللتقط فكرة من ف��وق �ضريحك‪،‬‬ ‫أ�ح��ب أ�ن أ�لتقيك فكر ًا وعق ًال وروح�� ًا‬ ‫أالف���ق‪ ،‬احل��ق‪ ،‬ال��ع��دال��ة‪ ،‬املقاومة‪،‬‬ ‫سيدي الرسالي‪،‬‬
‫و أ�ح��ق��ق ل��ك ح��ل��م�� ًا م��ن �إل��ت��ف��ات��ات‬ ‫عندما تتحدث ملحبيك‪ ،‬و أ�ج��د نف�سي‬ ‫احل��ب‪ »...‬عقد من الل ؤ�ل ؤ� اجلميل‪،‬‬ ‫نعم �آن جل�سدك الطاهر أ�ن يرتاح‪،‬‬
‫حياتك‪..‬‬ ‫م��ب��ت�����س��م��ة‪ ،‬وع��ق��ل��ي م��ن��ف��ت��ح‪ ،‬وروح���ي‬ ‫ع��ق��دت ح��ب��ات��ه ب����إح���ك���ام ولففته‬ ‫و�آن لنا أ�ن ال نرتاح و أ�ن نعي�ش القلق‬
‫أ�فهمك ج��ي��د َا و أ�ف��ه��م م��ا ت��ري��د‪...‬‬ ‫حملقة‪ ،‬حيث ت أ���خ��ذين �إىل م�ستقبل‬ ‫ح��ول عنقي‪ ،‬أل�ستمد منه الطاقة‬ ‫احلركي‪..‬‬
‫ألن���ك أ�فهمتني م��ن��ذ ال��ب��داي��ة ما‬ ‫م�����ش��رق وم�����ض��ئ‪ ،‬أ�ج���د نف�سي هناك‬ ‫وا إللهام‪.‬‬ ‫�آن لنا أ�ن ن��ح��زن‪ ،‬و أ�ن ن��ح��ب‪ ،‬و أ�ن‬
‫أ�ريد‪،‬‬ ‫يف موقع ر�سايل دقيق‪ ،‬يتطلب �إرادة‬ ‫مزجت أ�لوان طاقاتك بدقة و�إبداع‪،‬‬ ‫ن�شتاق‪..‬‬
‫كيف ال؟! و أ�ن���ا م��ن �صلب فكرك‪،‬‬ ‫و�إ�صرار‪ ،‬وجهد ون�ضال‪ ،‬و�صرب وحمبة‬ ‫و أ�فرزتها بقوة وحنكة ومتيز وانفتاح‪،‬‬ ‫�ستظل م��ف��ردات أ�ف���ك���ارك‪ ،‬وت��ك��رار‬
‫ون�سل روحك �سيدي العزيز‪،‬‬ ‫و�إنفتاح‪..‬‬ ‫بكميائية معقدة وع�صارة �صافية‪،‬‬ ‫كلماتك‪ ،‬ترتاق�ص عذبة على أ�وت��ار‬
‫أ�نت نب�ض كل ر�سايل‪ ..‬أ�نت نب�ضي‬ ‫مرباتك يف قلبي‪ ،‬وو�صيتك حمفورة يف‬ ‫وب��ج��ه��ود ج��ب��ارة م��ب��ل��ورة باملعاناة‬ ‫نف�سي‪ ،‬وعقلي‪ ،‬وروحي‪..‬‬
‫أ�يها الر�سايل العظيم‪..‬‬ ‫خاطري‪ ،‬ألحتوي أ�يتامك يا �سيدي‪..‬‬ ‫والمل‪ ،‬لها م��وازي��ن ومقايي�س قد‬ ‫أ‬ ‫«م��ن هنا وه��ن��اك‪ ،‬يف ه��ذا امل��ج��ال‪،‬‬
‫� أس�عمل ج��اه��دة ألتخطي امل�سافات‬ ‫مل يحتملها أ�كرثية الب�شر‪ ،‬و أ�برزها‬ ‫ال��واق��ع‪ ,‬اخل���ط‪ ،‬ال��زم��ن‪ ،‬امل�ستقبل‪،‬‬
‫ن�سرين علي ‪ -‬البحرين‬ ‫والبلدان‪ ،‬أل�صل �إليهم و أ�حت�ضنهم‪،‬‬ ‫كيماء املحبة لديك!‪...‬‬ ‫ا إلن�سانية‪ ،‬الر�سالة‪ ،‬ا إلنفتاح‪ ،‬الفكر‪،‬‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫اإلمام زين العابدين(ع)‪:‬‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫التج�سيد الثقافي والرّوحي للإ �سالم‬
‫معنى وجوده‪ ،‬أ� ّما �إذا حت ّولت احلياة �إىل‬ ‫ا إل����س�ل�ام يف ف��ك��ره وع��ق��ي��دت��ه و أ�خ�لاق��ه‬
‫�ساح ٍة من �ساحات ال ُبعد عن اهلل‪ ،‬والوقوع‬ ‫وجهاده‪..‬‬
‫ال�شيطان‪ ،‬فال قيمة لها‪ ،‬وال‬ ‫يف أ�ح�ضان ّ‬ ‫للمام‬ ‫وقد ا�ستطاع هذا احل�ضور الدّائم إ‬
‫معنى للعي�ش فيها‪ ،‬ألنها ال تنتج خري ًا يف‬ ‫زين العابدين(ع) يف ك ّل امليادين العلم ّية‬
‫الدّنيا وال يف ا آلخرة‪ ..‬ولهذا كان دعا ؤ�ه‪:‬‬ ‫وال��ف��ك��ر ّي��ة وال�� ّت�����ش��ري��ع�� ّي��ة‪ ،‬وت��وا���ص��ل��ه مع‬
‫هم َو َع ِّم ْرنيِ ما كانَ ُع ْم ِري ِب ْذ َل ًة فيِ‬ ‫«ال ّل ّ‬ ‫ال ّنا�س‪ ،‬و�سعيه ال��� ّد ؤ�وب حل�� ّل م�شاكلهم‬
‫طان‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫طاع ِتك‪َ ،‬ف ِ� إذا كانَ ُع ْم ِري َم ْرتَعا ِلل َّ�ش ْي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واالهتمام بهم وعي�شه معهم‪ ،‬أ�ن يجعل‬
‫َفا ْق ِب ْ�ض ِني ِ� إ َل ْي َك‪َ ،‬ق ْب َل َأ�نْ َي ْ�س ِبقَ َم ْقت َُك ِ� إليَ ّ‬ ‫منه خليف ًة و�إمام ًا لعقول ال ّنا�س وقلوبهم‪..‬‬
‫َأ� ْو َي ْ�ست َْح ِك َم َغ َ�ض ُب َك َع َل َّي‪»...‬‬ ‫�صحيح أ�نّ م�صالح ال ّنا�س كانت مع بني‬
‫وق��د ك��ان ح��ري�����ص�� ًا(ع) على �ن يو�ضح‬
‫أ‬ ‫أ� ّمية‪ ،‬وكانوا يجاملونهم على أ��سا�س هذه‬
‫اليومي الذي يريده اهلل‪ ،‬وا ّلذي‬ ‫ّ‬ ‫الربنامج‬ ‫امل�صالح‪ ،‬ولكنّ عمق �إخال�صهم وحم ّبتهم‬
‫يح ّقق ا إلن�سان من خالله معنى وجوده‬ ‫للمام زين العابدين(ع)‬ ‫وتقديرهم كانت إ‬ ‫ألقى سماحة السيّد علي فضل الله‪ ،‬خطبتي صالة اجلمعة‪ ،‬من على منبر مسجد‬
‫يف احلياة‪ ..‬ولذا كان يقول يف دعائه يف‬ ‫الطاهر‪...‬‬ ‫ولهل هذا البيت ّ‬ ‫أ‬ ‫اإلمامني احلسنني(ع) في حارة حريك‪ ،‬بحضور عد ٍد من الشخصيّات العلمائيّة‬
‫هم وو ّفقنا يف يومنا‬ ‫ال�صباح وامل�ساء‪« :‬ال ّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وه��ذا هو الفرق ـ أ� ّي��ه��ا أالح�� ّب��ة ـ بني أ�ن‬ ‫والسياسيّة واالجتماعيّة‪ ،‬وحشدٍ من املؤمنني‪ ،‬ومما جاء في اخلطبة األولى‪:‬‬
‫أ‬
‫ه���ذا‪ ،‬وليلتنا ه���ذه‪ ،‬ويف جميع � ّي��ام��ن��ا‪،‬‬ ‫تدخل �إىل أ�عماق ال ّنا�س من خالل العلم‬
‫حركته‪...‬‬ ‫املتهجدين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫عون الفقراء وإمام‬
‫ال�ش ّر‪ ،‬و�شكر‬ ‫ال�ستعماالخلري‪ ،‬وهجران ّ‬ ‫والخ�ل�اق واال�ستقامة‪ ،‬وب�ين أ�ن تدخل‬ ‫أ‬
‫وقد ا�ستطاع ا إلم��ام زين العابدين(ع)‪،‬‬ ‫للمام‬ ‫ال�شريفة إ‬ ‫عندما ن�ستعيد احلياة َّ‬
‫ال�سنن‪ ،‬وجمانبة البدع‪،‬‬ ‫ال ّنعم‪ ،‬وا ّت��ب��اع ّ‬ ‫ال�سطوة‬ ‫ال�سيف أ�و ّ‬ ‫من خالل ال�ّث�رّ وة أ�و ّ‬ ‫مع ع ّمته ال�س ّيدة زينب(ع)‪ ،‬أ�ن يو�ضحا‬
‫والم����ر ب��امل��ع��روف‪،‬وال�� ّن��ه��ي ع��ن املنكر‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ�و ا إلعالم أ�و الدّعاية أ�و غري ذلك‪ ،‬حيث‬ ‫مل‬ ‫زين العابدين(ع)‪ ،‬ف�إ َّننا جنده قد أ‬
‫أ�ه���داف ال�� ّث��ورة يف ذل��ك املجتمع‪ ،‬و أ�نها‬ ‫احل��ي��اة ا إل�سالم َّية علم ًا‪ ،‬فكان أ��ستاذ‬
‫وح��ي��اط��ة ا إل����س�ل�ام‪ ،‬وان��ت��ق��ا���ص الباطل‬ ‫املح ّبة هنا ال تتع ّمق وال تتج ّذر وال تبقى‪،‬‬
‫�صالح يف أ� ّم��ة ر�سول اهلل(���ص)‪،‬‬ ‫دع��وة � إ ٍ‬ ‫علماء ع�صره على تن ّوع مذاهبهم‪ ،‬وعباد ًة‬
‫و�إذالل��ه‪ ،‬ون�صرة احلقّ و�إعزازه‪،‬و�إر�شاد‬ ‫بل �سرعان ما تزول عند زوال أ��سبابها‪...‬‬
‫�����ض ّ‬ ‫و أ�ن مينعا طم�س معاملها‪ ،‬لتبقى هذه‬ ‫ال�صالة‪ ،‬ك أ�نَّ‬
‫هلل‪ ،‬بحيث كان �إذا قام �إىل َّ‬
‫ال�ضعيف‪ ،‬و�إدراك‬ ‫��ال‪ ،‬وم��ع��اون��ة ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫من دروس زين العابدين(ع) ‪:‬‬
‫ال��� ّث���ورة تعطي يف ك��� ّل م��رح��ل�� ٍة عناوين‬ ‫�ساقه �شجرة‪ ،‬ال يتح َّرك فيه �شيء �إال ما‬
‫ال ّلهيف»‪.‬‬ ‫أ� ّيها أالح َّبة‪ :‬ال ب َّد لنا‪ ،‬ونحن نعي�ش أ�جواء‬
‫أ‬ ‫ال�صلب أ�م��ام‬ ‫ال��ع��زّة واحل��ر ّي��ة وامل��وق��ف ّ‬ ‫ح َّرك ال ّريح منه‪ ،‬ولذا ُ�س ّمي زين العابدين‬
‫وقد ع ّلمنا(ع) �نّ املع�صية هلل ال تتح ّقق‬ ‫ال ّذكرى املباركة لهذا ا إلمام العظيم‪ ،‬أ�ن‬ ‫ّ‬
‫الظلم واال�ستكبار‪ ..‬وقد عمل ا إلمام زين‬ ‫املتهجدين‪ ..‬وك��ان أ�من��وذج�� ًا يف‬ ‫ّ‬ ‫و�إم���ام‬
‫عندما نرتكب احلرام فح�سب‪ ،‬بل أ�ي�ض ًا‬ ‫وحي‬
‫الفكري وال ّر ّ‬
‫ّ‬ ‫كل هذا الزّاد‬ ‫ننفذ �إىل ِّ‬
‫العابدين(ع) بعد كربالء على ال ّنفاذ �إىل‬ ‫والخ��ل�اق‪ ،‬و ُي��ذك��ر يف‬ ‫العفو والتّ�سامح أ‬
‫عندما ال نقوم بواجباتنا جت��اه ال ّنا�س‪،‬‬ ‫ين ا ّل��ذي تركه لنا‪ ،‬وه��ذا ما كان‬ ‫وا إلمي��ا ّ‬
‫داخل أال ّمة‪ ،‬لبعث احلياة فيها‪ ،‬بعد �سعي‬ ‫�سريته الكثري من مواقف عفوه وت�ساحمه‬
‫وعندما ال نحمل اخلري واملح ّبة لهم‪ ،‬ولذا‬ ‫ي ؤ� ِّكده �سماحة ال�س ِّيد(ر�ضوان اهلل عليه)‪،‬‬
‫موي جلعل هذا املجتمع خائف ًا‬ ‫ال ّنظام أال ّ‬ ‫حتى مع أ�عدى ال ّنا�س �إليه‪ ،‬حتى قال‪« :‬ما‬
‫فقد ع ّلمنا(ع) أ�ن ن�ستغفر اهلل عندما‬ ‫عندما كان يدعونا �إىل أ�ن ن�ستح�ضر أالئ َّمة‬
‫ال ن��ق��وم ب��ه��ذه ال��واج��ب��ات‪« :‬ال�� ّل�� ُه َّ��م ِ� إنيِّ‬ ‫مر واقع‪...‬‬ ‫خانع ًا يقبل بك ّل أ� ٍ‬ ‫غيظ‬ ‫يل من جرعة ٍ‬ ‫جت ّرعت جرع ًة أ� َّ‬
‫حب � إ ّ‬
‫الدّ ور التّربويّ لإلمام(ع)‪:‬‬ ‫ال أ�كايف بها �صاحبها»‪.‬‬
‫َأ� ْعت َِذ ُر ِ� إ َل ْي َك ِمنْ َم ْظل ُو ٍم ُظ ِل َم ِب َح ْ�ض َر ِتي‬
‫��روف أُ� ْ���س ِ��د َي ِ� إليَ َّ‬ ‫ولهذا برز دور ا إلمام زين العابدين(ع)‬ ‫وكان(ع) عون ًا للفقراء وامل�ساكني‪ ،‬وكان‬
‫َف َل ْم ا َن ُ�ص ْر ُه‪َ ،‬و ِم��نْ َم�� ْع ٍ‬ ‫مأل اإلمام زين العابدين(ع)‬ ‫���وي وال�� ّت��وج��ي��ه ّ��ي‪ ،‬ف��ك��ان��ت ر�سالة‬
‫َف َل ْم َأ� ْ�ش ُك ْر ُه‪َ ،‬و ِمنْ ُم�سيءٍ ْاعت ََذ َر ِ� إليَ َّ َفل ْمَ‬ ‫ال�ّت�رّ ب ّ‬ ‫ي��ع��ول ف��ق��راء امل��دي��ن��ة‪ ،‬وك���ان يعجبه أ�ن‬
‫ااحلياة اإلسالميَّة علم ًا ‪،‬‬ ‫احلقوق التي �سعى ا إلمام(ع) من خاللها‬ ‫ّ‬
‫َأ� ْع ِذ ْر ُه‪َ ،‬و ِمنْ ذي فا َق ٍة َ�س أ� َل ِني َف َل ْم أ� ُو ِث ْر ُه‪،‬‬ ‫فكان أستاذ علماء عصره‬ ‫يح�ضر طعامه اليتامى وامل�ساكني ا ّلذين‬
‫�إىل تو�ضيح ك ّل امل� ؤس�ول ّيات ا ّلتي تقع على‬ ‫ال حيلة لهم‪ ،‬ومن كان له عيا ٌل‪ ،‬حمل �إىل‬
‫َو ِمنْ َحقِّ ذي َحقٍّ َل ِز َم ِني لمِ ُ ْ ؤ� ِم ٍن َف َل ْم أُ� َو ِّف ْر ُه‪،‬‬ ‫على تنوّع مذاهبهم‪ ،‬وكان‬ ‫كفرد وكجزءٍ من املجتمع‪،‬‬ ‫عاتق ا إلن�سان ٍ‬ ‫عياله من طعامه‪ ،‬وكان ال ي أ�كل �شيئ ًا حتى‬
‫َو ِمنْ َع ْي ِب ُم ؤ� ِم ٍن َظ َه َر يل َف َل ْم َأ� ْ�سترُ ْ ُه‪َ ،‬و ِمنْ‬ ‫أمنوذج ًا في العفو والتّسامح‬ ‫ؤ‬
‫بحيث ي�شعر ك ّل � إن�سانٍ مب�س�ول ّيته جتاه‬
‫ُك ِّل ِ� إ ْث ٍم َع َر َ�ض يل َف َل ْم َأ� ْه ُج ْر ُه‪.»...‬‬ ‫يبد أ� فيت�صدّق به‪..‬‬
‫واألخالق‬ ‫ر ّب��ه وجت��اه نف�سه وجت��اه أ� ّم��ت��ه‪ ،‬وليختار‬ ‫وقد عا�ش هذا ا إلمام يف املرحلة أالوىل‬
‫وقد أ� ّكد ا إلمام زين العابدين(ع) �ضرورة‬
‫أ�ن يعي�ش ا إلن�سان اخلري آ‬ ‫أال���س��ل��وب أالف�����ض��ل يف التّعامل م��ع هذه‬ ‫من حياته أ�ق�سى املعاناة يف كربالء‪ ،‬حني‬
‫للخرين‪ ،‬حتى‬
‫ؤ‬ ‫أ‬ ‫كل واقعنا‪ ،‬لكي جنعلهم حا�ضرين يف‬ ‫يف ِّ‬ ‫امل� ؤس�ول ّيات‪..‬‬ ‫ر أ�ى ب أ� ّم عينيه ا�ست�شهاد أ�بيه(ع) و أ�هل‬
‫لو مل يبادلوه ذلك‪ ،‬وحتى لو ��سا�وا �إليه‪،‬‬
‫هذا الع�صر‪ ،‬يح ّلون م�شاكله‪ ،‬وي�ساهمون‬ ‫وام��ت�� ّد ا إلم������ام(ع) يف دوره ال�ّت�رّ ب ّ‬
‫���وي‪،‬‬ ‫بيته(ع) و أ��صحابه‪ ،‬وكان �شديد ال ّرغبة‬
‫ألنّ قيمة اخلري تنبع عنده من طهارة ذاته‬
‫يف ت�صويب م�ساره‪ ،‬ال أ�ن نذهب �إليهم‬ ‫لي ؤ� ّكد العالقة باهلل‪� ،‬ساعي ًا �إىل تعميقها‬ ‫ال�شديد‬ ‫بامل�شاركة يف كربالء‪ ،‬لوال املر�ض ّ‬
‫و�إميانه‪ ،‬ال من خالل ت�ص ّرفات ا آلخرين‪،‬‬
‫لنعي�ش يف ع�صرهم‪.‬‬ ‫وت أ��صيلها‪ ،‬ليبقى اهلل ح��ا���ض��ر ًا يف ك ّل‬ ‫الذي أ�قعده‪ ،‬وليكون البق ّية الباقية من‬
‫انطالق ًا من ا آلية القر�آن ّية‪َ { :‬و اَل ت َْ�س َت ِوي‬
‫فقد حر�ص ا إلمام(ع) من خالل أ�دعيته‪،‬‬ ‫تفا�صيل احل��ي��اة‪ ..‬وتعترب أالدع��ي��ة التي‬ ‫الطاهر‪..‬‬ ‫هذا البيت ّ‬
‫ال�س ِّي َئ ُة ا ْد َف���� ْع ِب��ا َّل�� ِت��ي ِه َ��ي‬ ‫الحْ َ َ�����س�� َن�� ُة َو اَل َّ‬
‫َأ� ْح َ�سنُ َف ِ���� إ َذا ا َّل ِ��ذي َب ْي َنك َو َب ْي َن ُه َع��دَ ا َو ٌة‬
‫َ‬ ‫على أ�ن يو�ضح لنا الهدف أال�سا�س من‬ ‫ال�سجادية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال�صحيفة‬ ‫ق�� ّدم��ه��ا(ع) يف ّ‬ ‫ً‬
‫ورغ���م ك�� ّل ه��ذه امل��ع��ان��اة‪ ،‬ك��ان ق��و ّي��ا يف‬
‫احلياة ا ّلتي نعي�ش‪ ،‬و أ�نّ قيمتها مبقدار‬ ‫ث���رو ًة ك�برى أ�غ��ن��ت ال�ّت�ررّ اث ا إل���س�لام ّ��ي‪،‬‬ ‫م��واق��ف��ه‪ ،‬وذل���ك عندما ُا���س��ر عند ابن‬
‫}[ف�صلت‪ ...]34 :‬ولذا‬ ‫ّ‬ ‫َك َأ� َّن ُه َوليِ ٌّ َحمِ ي ٌم‬
‫ما يطيع ا إلن�سانُ ر ّب��ه أ�ك�ثر‪ ،‬ويبتعد عن‬ ‫ه��ذه أالدع��ي��ة التي حتمل يف م�ضامينها‬ ‫زي��اد‪ ،‬ويف مواجهة يزيد‪ ،‬وبعد ذلك يف‬
‫كان يقول(ع) يف دعائه‪َ « :‬و َ���س��دِّ ْدين ألنْ‬ ‫فكر ًا وعقيد ًة و أ�خالق ًا وجهاد ًا �إىل جانب‬
‫ك ّل ما ال ير�ضيه‪ ...‬فمن خالل ّ‬
‫الطاعة‬ ‫��وي‪ ،‬وف�ضح أ�هدافه‬ ‫ت�صدّيه لل ّنظام أالم ّ‬
‫ِ�ض َمنْ َغ َّ�شني ِبال ُّن ْ�ص ِح؛ َو أ� ْج ِز َي َمنْ‬ ‫أُ�عار َ‬
‫روحان ّيتها‪ ،‬بحيث أ�ن من يقر أ�ها‪ ،‬يقر أ�‬
‫هلل‪ ،‬وال ُبعد عن مع�صيته‪ ،‬يح ّقق ا إلن�سان‬ ‫التي ت�سيء �إىل ا إل�سالم يف فكره وتق ّو�ض‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬
‫حذارِ من خيوط الفتنة ومخطّ طات الأعداء‬ ‫ثيب َمنْ َح َر َمني ِبال َب ْذ ِل‪،‬‬
‫��ف‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫�����ص��ل�� ِة‪َ ،‬و�خ��ا ِل َ‬
‫هَ َج َرين ِبالبرِ ِّ ؛ َو أُ� َ‬
‫و أ�ك��اف��ئ َم��نْ َق َط َعني ِب��ال ِّ‬
‫هذه أال ّيام يف رحاب ذكراها‪.‬‬ ‫الذ ْك ِر‪َ ،‬و أ�نْ أ� ْ�ش ُك َر‬ ‫َم ِن ْاغتا َبني �إىل ُح ْ�س ِن ِّ‬
‫لبنان‪ :‬خيوط الفتنة‬
‫اخلطبة الثانية‬ ‫احل َ�س َن َة‪َ ،‬و أُ� ْغ ِ�ض َي َع ِن َّ‬
‫ال�س ِّي َئ ِة‪.»...‬‬ ‫َ‬
‫ت��ه ّ��ب ري���اح ّ‬
‫ال�ضغط ال�� ّدول�� ّي��ة على‬ ‫ً‬
‫يتوجه �إىل اهلل �سبحانه طالبا أالمان‬ ‫وكان ّ‬
‫وعلينا يف لبنان أ�ن ننتبه �إىل خيوط‬ ‫املنطقة العرب ّية وا إل�سالم ّية‪ ،‬لتحاول‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫الفتنة التي حبكتها دوائر ا�ستكبار ّية‬ ‫عندما يقف بني يديه‪ ،‬داعيا �إىل �ن يتابع‬
‫ال ّنيل من �صمود أال ّمة وقوى املمانعة‬ ‫ال�ضعف يف نف�سه‪ ،‬حتى‬ ‫ا إلن�سان م ّنا نقاط ّ‬
‫م��ع��ادي��ة‪ ،‬ب��ال��تّ��ع��اون وال�� ّت��ن�����س��ي��ق مع‬ ‫واملقاومة فيها يف أ�ك�ثر من ّ‬
‫ملف‪،‬‬
‫ال�صهيون ّية‪ ،‬ليو�ضع‬ ‫اال�ستخبارات‬ ‫ي�صل �إىل أ�على املراتب عنده �سبحانه‪ ،‬ولهذا‬
‫ّ‬ ‫وخلف ّية ك�� ّل ذل��ك �ضرب فل�سطني‬ ‫ك��ان يقول يف دع��ائ��ه‪« :‬وانقلني �إىل درجة‬
‫البلد ب�ين خيارين‪ :‬الفتنة القادمة‪،‬‬ ‫وكواقع ُيراد‬ ‫كق�ض ّية مركز ّية أ‬
‫لل ّمة‪،‬‬
‫أ�و التّ�سليم ب�شروط ال��ع��د ّو يف أالم��ن‬
‫ٍ‬ ‫التّوبة �إليك‪ ،‬و أ�ع ِّني بالبكاء على نف�سي‪ ،‬فقد‬
‫له أ�ن يتح ّرك �ضمن خطط اال�ستكبار‬ ‫أ�فنيت بالتّ�سويف وا آلمال عمري‪ ،‬وقد نزلتُ‬
‫وال�سيا�سة وغريهما‪.‬‬ ‫العاملي وال�صهيوين الثابتة جتاه دعم‬
‫� إ ّننا ندرك ج ّيد ًا أ�نّ هذه العمل ّية التي‬ ‫منـزل َة ا آلي�سني من خريي‪ .‬فمن يكون أ��سو أ�‬
‫كيان العد ّو وحمايته‪ ،‬وجتاه �إ�ضعاف‬ ‫ح��ا ًال مني �إن أ���ن��ا ُنقلت على مثل ح��ايل �إىل‬
‫ُ�صنعت يف دوائر معادية‪ ،‬وا ّلتي جرى‬ ‫ك��� ّل ال���واق���ع ال��ع��رب��ي وا إل���س�لام��ي‬
‫عالمي‪،‬‬ ‫�إعدادها حتى على امل�ستوى ا إل‬ ‫ق ٍرب مل أ�م ّه ْده لرقدتي‪ ،‬ومل أ�فر�شه بالعمل‬
‫ّ‬ ‫للمواجهة الكربى‪.‬‬ ‫للمر‬‫ودف��ع��ه ب��اتجّ��اه اال�ست�سالم أ‬ ‫ال�صالح ل�ضجعتي‪ ....‬فما يل ال أ�بكي‪ ،‬أ�بكي‬
‫وا ّلتي نظنّ أ�نها دخلت يف الكوالي�س‬ ‫ّ‬
‫و� إ ّن����ه مل��ن امل ؤ������س��ف �ن ي�شعر ال��ع��د ّو‬
‫أ‬ ‫الواقع الذي ي�صنعه العد ّو على أ�ر�ض‬ ‫خل��روج نف�سي‪ ،‬أ�ب��ك��ي لظلمة ق�بري‪ ،‬أ�بكي‬
‫ال�سيا�س ّية م��ن أالب�����واب ال��وا���س��ع��ة‪،‬‬ ‫خمططاته‬ ‫بالكثري من ال ّراحة حيال ّ‬ ‫فل�سطني املحت ّلة‪.‬‬ ‫ل�ضيق حل��دي‪ ،‬أ�ب��ك��ي ل��� ؤ‬
‫بخطوات متهيد ّي ٍة‬ ‫ُيراد لها أ�ن تتق ّدم‬ ‫منكر ونك ٍري‬ ‫��س���ال ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وم ؤ���ام��رات��ه‪ ،‬أل ّن��ه ك ّلما أ�حكم قب�ضته‬ ‫العدو يجهّ ز الستباحة الواقع‪:‬‬
‫تهويل ّية‪ ،‬حتت عناوين ق�ضائ ّية دول ّية‪،‬‬ ‫� إ ّي����اي‪ ،‬أ�ب��ك��ي خل��روج��ي م��ن ق�بري عريان ًا‬
‫على القد�س وفل�سطني أ�كرث‪ ،‬ملح تراخي ًا‬ ‫ويف ه���ذا اجل���� ّو‪ ،‬ت��ت�����س��ارع اخلطط‬ ‫ذلي ًال‪ ،‬حام ًال ثقلي على ظهري‪ ،‬أ�نظر م ّر ًة‬
‫ل�تروي��ع ال�� ّل��ب��ن��ان�� ّي�ين‪ ،‬وتخيريهم بني‬ ‫متزايد ًا من أالنظمة العرب ّية‪ ،‬وك ّلما‬ ‫ال�صهيون ّية ب��وت�ير ٍة مت�صاعد ٍة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أ�ن يكونوا �ضحايا يف ح��رب الفتنة‪،‬‬ ‫عن مييني‪ ،‬و أ�خرى عن �شمايل‪� ،‬إذ اخلالئق‬
‫ين أ�كرث‪ ،‬دفعت‬ ‫وا�صل زحفه اال�ستيطا ّ‬ ‫لتغيري معامل أالر���ض الفل�سطين ّية‪،‬‬ ‫يف �ش أ�نٍ غري�ش أ�ين‪} ،‬لك ّل امرئٍ منهم يومئذٍ‬
‫أ�و �ضحايا ح��رب اخل��وف التي ب��د أ�ت‬ ‫بال�سلطة الفل�سطين ّية‬ ‫ه��ذه أالنظمة ّ‬ ‫ولل�سطو على القد�س كامل ًة‪ ،‬عرب‬ ‫ّ‬
‫مالحمها تربز من ا آلن‪ ،‬لتفر�ض حال ًة‬ ‫�ش أ�ن يغنيه* وجوه يومئذ م�سفرة * �ضاحكة‬
‫ل��ل�� ّذه��اب ب��ع��ي��د ًا يف عمل ّية التفاو�ض‬ ‫ت��ه��دمي ب��ي��وت الفل�سطين ّيني فيها‪،‬‬ ‫م�ستب�شرة * ووج��وه يومئذٍ عليها غ�برة *‬
‫من االهتزاز والقلق‪ ،‬جتعل البلد مهت ّز ًا‬ ‫اال�ست�سالم ّية‪ ،‬لتنتقل من املفاو�ضات‬ ‫واال�ستيالء عليها‪ ،‬تار ًة حتت عنوان‬ ‫ترهقها قرتة وذ ّلة{‪.‬‬
‫قادم من العد ّو‪...‬‬ ‫تهديد ٍ‬ ‫أ�مام أ� ّي ٍ‬ ‫غري املبا�شرة �إىل املفاو�ضات املبا�شرة‬ ‫«قانون أ�مالك الغائبني يف القد�س»‪،‬‬
‫� إ ّننا نقول للجميع‪ :‬حذا ِر من االن�سياق‬ ‫وق��د أ� ّك���د ا إلم���ام زي��ن ال��ع��اب��دي��ن(ع)‪ ،‬أ�نّ‬
‫ال�شروط أالمريك ّية‪،‬‬ ‫معه‪ ،‬ن��زو ًال عند ّ‬ ‫وا ّل���ذي يعمل االح��ت�لال م��ن خالله‬ ‫ال�سبيل لل ّنجاة وال��و���ص��ول �إىل رحمة اهلل‬ ‫ّ‬
‫يخطط ل��ه أالع����داء‪ ،‬ونقول‬ ‫وراء م��ا ّ‬
‫ومراعا ًة للم�صالح ّ‬
‫ال�صهيون ّية‪.‬‬ ‫مل�����ص��ادرة �آالف ال��ع��ق��ارات يف قلب‬
‫ل��ل��م�����س��ل��م�ين يف ل���ب���ن���ان ع���ل���ى وج���ه‬ ‫وج ّنته‪ ،‬هو العمل‪ ،‬ال أ� ّي �شيء �آخ��ر‪ ،‬ولذا‬
‫حملة استكبارية لترويع األمة‪:‬‬ ‫املدينة املق َّد�سة‪ ،‬و أ�خرى حتت عنوان‬ ‫عندما ر�آه �شخ�ص �ساجد ًا يبكي يف الكعبة‬
‫اخل�صو�ص‪ ،‬كما كان يقول لهم �سماحة‬ ‫«قانون ال��والء»‪ ،‬ا ّل��ذي يفر�ض على‬
‫ال�س ّيد (ر���ض��وان اهلل تعاىل عليه)‪،‬‬ ‫يقول‪�« :‬س ّيدي عبدك بفنائك‪ ،‬م�سكينك‬
‫إنّ املعركة على القدس‪،‬‬ ‫الفل�سطين ّيني االعرتاف بكيان العد ّو‬ ‫بفنائك‪ ،‬فقريك بفنائك»‪ ،‬وتنهمر دموعه‬
‫كونوا وحد ًة متكامل ًة و�ص ّف ًا مر�صو�ص ًا‪،‬‬ ‫ليست إ ّال املقدّ مة للهجوم‬ ‫كدول ٍة يهود ّي ٍة دميقراط ّية‪ ،‬و�صو ًال‬
‫مرتكزين يف ك ّل أ�فعالكم و أ�قوالكم على‬ ‫ب��غ��زارة‪ ..‬ج��اءه ليقول ل��ه‪� :‬س ّيدي‪ ،‬ج��دُّك‬
‫ُحضر له العدوّ ‪،‬‬
‫الكبير الذي ي ِّ‬ ‫�إىل ت��ه��دمي م��ا ت��ب�� ّق��ى م��ن البيوت‬ ‫علي بن أ�بي طالب‪،‬‬ ‫ر�سول اهلل(�ص)‪ ،‬جدُّك ّ‬
‫كتاب اهلل و�س ّنة نب ّيه (�ص)‪ ،‬بعيد ًا عن‬ ‫العرب ّية والفل�سطين ّية يف القد�س‪،‬‬ ‫أ‬
‫احلاالت املذهب ّية ال�ض ّيقة‪ ،‬والع�صب ّيات‬ ‫بالتّعاون مع االستكبار العامليّ ‪،‬‬ ‫ج�� َّدتُ��ك ال��� ّزه���راء‪ ،‬ع�� ّم��ك احل�����س��ن‪� ،‬ب��وك‬
‫الستباحة األمّ ة كلّها‬ ‫إلخ�ل�اء امل��دي��ن��ة مت��ام�� ًا م��ن أ�هلها‬ ‫احل�سني!! فيقول ا إلمام(ع)‪« :‬دع عنك ذكر‬
‫املختنقة‪ ،‬ال��ت��ي ي��ري��د ال��ك��ث�يرون من‬ ‫أال�صل ّيني‪ ،‬كمق ّدم ٍة لتفريغ امل�سجد‬
‫الالعبني الكبار وال�صغار �إدخالها‬ ‫ال�شعوب العرب ّية وا إل�سالم ّية‪،‬‬ ‫� إ ّننا ندعو ّ‬ ‫أ�بي و أ� ّمي وجدّي‪ ،‬خلق اهلل اجل ّنة ملن أ�طاعه‬
‫أالق�����ص��ى م��ن ج����واره ا إل���س�لام ّ��ي‪،‬‬ ‫ولو كان عبد ًا حب�ش ّي ًا‪،‬وخلق ال ّنار ملن ع�صاه‬
‫�إىل الواقع ك ّله‪ ،‬لي�سهل التح ّكم ب�ساحة‬ ‫ح�ضر من‬ ‫�إىل التن ّبه ملا يجري‪ ،‬وملا ُي َّ‬ ‫وال�سيطرة عليه‪،‬‬ ‫وكتمهيد القتحامه ّ‬ ‫ٍ‬
‫تتح ّرك غرائز ّي ًا وانفعال ّي ًا‪ ،‬بعيد ًا عن‬ ‫خ��ط ٍ��ط ا���س��ت��ك��ب��ار ّي��ة‪ ،‬وع��ل��ى اجلميع‬ ‫ولو كان �س ّيد ًا قر�ش ّي ًا»‪.‬‬
‫ً‬
‫وهو ما يجري حال ّيا عرب املحاوالت‬ ‫القدوة الصاحلة‪:‬‬
‫�صوت العقل‪ ،‬ورو ّي���ة احلكمة‪ ،‬وقيم‬ ‫أ�ن يعرف أ�نّ عمل ّيات االع��ت��داء على‬ ‫امل�ستم ّرة لذلك‪ ،‬و�آخرها من أ�حد‬
‫والخالق‪.‬‬ ‫الدِّ ين أ‬ ‫املدن ّيني يف التفجريات الوح�ش ّية يف‬ ‫أ� ّي����ه����ا أالح����� ّب�����ة‪ :‬ه����ذا ه���و ا إلم�������ام زي��ن‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫أ�ع�ضاء الكني�ست ّ‬ ‫ال��ع��اب��دي��ن(ع)‪ ،‬ا ّل����ذي تلتقي ذك����راه مع‬
‫�إنّ امل� ؤس�ول ّية تقع على عاتق اجلميع‪،‬‬ ‫�إيران والعراق‪ ،‬هي جزء من حماوالت‬ ‫اقتحم امل�سجد على طريقة �شارون‪،‬‬
‫بال ا�ستثناء؛ ألنّ و أ�د الفنت ال يتح ّرك‬ ‫ال�ضغط اال�ستكبار ّية واملتوا�صلة‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫ذكرى أ�بيه احل�سني(ع)‪� ،‬إم��ام املجاهدين‬
‫م���ع جم���م���وع��� ٍة م���ن امل�����س��ت��وط��ن�ين‬ ‫والح��رار‪ ،‬ا ّل��ذي بذل ك ّل ما عنده من أ�جل‬ ‫أ‬
‫���رف دون �آخ���ر‪ ،‬ولي�س م��ن حقّ‬ ‫ب��ه ط ٌ‬ ‫أ�نّ عمل ّيات ال ّدعم أالمريك ّية للعد ّو‪،‬‬ ‫املحت ّلني‪...‬‬
‫حد أ�ن يرمي انك�شاف البلد على أ�حد‬ ‫أ� ٍ‬ ‫وت��زوي��ده ب آ���خ��ر م��ا أ�نتجته امل�صانع‬ ‫اهلل ور�سالته‪ ،‬وم��ع ذك��رى ع ّمه الع ّبا�س‪،‬‬
‫�إنّ املعركة على القد�س‪ ،‬لي�ست � إ ّال‬ ‫ال��ع��امل املجاهد ب�ين ي��دي أ�خ��ي��ه احل�سني‪،‬‬
‫بعينه‪� ،‬و جهة مبج ّردها‪..‬‬ ‫أ‬ ‫احلرب ّية أالمريك ّية من أ��سلحة‪ ،‬تدخل‬ ‫ح�ضر‬ ‫املق ّدمة للهجوم الكبري الذي ُي ِّ‬
‫اهلل يف بلدكم؛ ال تفتحوا بابه لعبث‬ ‫اهلل َ‬ ‫يف �سياق احلملة العا ّمة الهادفة لرتويع‬ ‫ال�صرب والوفاء وا إلخال�ص‬ ‫واملثال أالعلى يف ّ‬
‫له ال��ع��د ّو‪ ،‬بالتّعاون مع اال�ستكبار‬ ‫لدينه‪..‬‬
‫امل�ستكربين‪..‬‬ ‫أال ّم����ة‪ ،‬ودفعها للتوقيع على �صفق ٍة‬ ‫ال��ع��امل ّ��ي‪ ،‬ال�ستباحة أال ّم����ة ك ّلها‪،‬‬ ‫أ� ّيها أالح ّبة‪ :‬ه�الء هم قدوتنا‪ ،‬من خاللهم‬ ‫ؤ‬
‫اهلل اهلل يف �إ���س�لام��ك��م؛ ال تطعنوه‬ ‫�شامل ٍة ي أ�خذ فيها أالع��داء يف ّ‬
‫ال�سلم‬ ‫وخ�صو�ص ًا أ�نّ أالع��داء �شعروا ب أ�نّ‬
‫بالع�صب ّيات املذهب ّية والطائف ّية‪..‬‬ ‫م��ا ع��ج��زوا ع��ن حتقيقه يف احل��رب‪،‬‬ ‫ن�سمو �إىل أالعايل‪ ،‬ونعي�ش يف القمم‪ ،‬ون�شعر‬
‫املنطقة العرب ّية وا إل�سالم ّية بد أ�ت‬ ‫باحلب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ب أ�نّ عقولنا تكرب‪ ،‬وم�شاعرنا تنب�ض‬
‫ّ‬
‫اهلل اهلل يف ع��ب��اده وب��ل��اده؛ ف���إن��ك��م‬ ‫وخ�صو�ص ًا احل��روب ا ّلتي ُمنعوا فيها‬ ‫ت��ت��غ�ّي�رّ ‪ ،‬و أ�ن امل��� أ‬
‫��س���ل��ة ب��ات��ت مبثابة‬ ‫و أ�ن حياتنا متتلئ حيو ّي ًة وح�ضور ًا وانفتاحا‪ً،‬‬
‫م� ؤس�ولون حتّى عن البقاع والبهائم‪.‬‬ ‫من حتقيق أ�هدافهم اال�سرتاتيج ّية‪،‬‬ ‫�����ص��راع على ال��وق��ت َوم���ن ال��ذي‬ ‫ال ّ‬
‫تلقى ظهر اليوم يف م�سجد ا إلمامني احل�سنني(ع)‬ ‫وعلى ر أ��سها حرب متوز‪ ،‬ا ّلتي نعي�ش يف‬ ‫لتكون احل��ي��اة �ساحة امل� ؤس�ول ّية الوا�سعة‬
‫احلقيقي‬
‫ّ‬ ‫���داد‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ّ إ‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫عمل‬ ‫ي�ستكمل‬ ‫واملمتدّة‪..‬‬

‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫مجالس تأبني للراحل الكبير(رض) في سوريا وإيران وآذربيجان‪:‬‬

‫العالم الإ�سالمي يفتقد مرجع الأمة ورائد الوحدة‬

‫جمل�س فاحتة يف مكتب ال�سيد(ر�ض) يف دم�شق‬ ‫التعازي يف أ�ذربيجان‬

‫ت���ت���وا����ص���ل جم��ال�����س‬
‫ال���ف���احت���ة وال���ت أ����ب�ي�ن‬
‫ب��امل��رج��ع اال���س�لام��ي‬
‫الكبري �آية اهلل العظمى‬
‫ال�سيد حممد ح�سني‬
‫ف�����ض��ل اهلل (ر�����ض)‬
‫وذل����ك ع��ل��ى ام��ت��داد‬
‫العامل اال�سالمي‪.‬‬
‫سوريا‪:‬‬
‫ففي �سوريا‪،‬ا�ستقبل‬
‫مكتب �سماحة املرجع‬
‫‪..‬و أ�مني عام حركة اجلهاد اال�سالمي يف فل�سطني‬ ‫مفتي �سوريا يكتب يف �سجل التعازي‬ ‫ال��راح��ل(ر���ض) وفود حمبو ال�سيد يف باكو ( أ�ذربيجان)‬
‫ر����س���م���ي���ة و���ش��ع��ب��ي��ة‬
‫و�شخ�صيات علمائية‬
‫و�سيا�سية ودبلوما�سية توافدت لتقدمي العزاء عن روح املرجع الراحل(ر�ض) وحتدث وكيل �سماحة املرجع ال�سيد الواقع ا إل�سالمي‪ ،‬م�شري ًا �إىل ان رحيله‬
‫التي يقيمها مكتب �سماحته‪ ،‬بح�ضور ف�ضل اهلل(ر�����ض) يف �آذرب��ي��ج��ان‪ ،‬خ�سارة للعامل ا إل�سالمي كله‪.‬‬ ‫العزاء ب�سماحة ال�سيد(ر�ض)‪.‬‬
‫اعترب‬ ‫الذي‬ ‫زاده‪،‬‬ ‫قربان‬ ‫خيام‬ ‫ال�شيخ‬ ‫وكان من أ�برز املعزين الذين توافدوا جموع من امل ؤ�منينن �إ�ضافة اىل جمال�س‬
‫ك��م��ا ح�ضر املجل�س اي�����ض��ا وف���د من‬
‫اىل احل�سينية احليدرية واىل مكتب يقيمها امل ؤ���م��ن��ون والطلبة يف أ�نحاء ان ف��ق��دان امل��رج��ع ال��راح��ل(ر���ض)‬
‫كان فاجعة كبرية ملحبيه وللم ؤ�منني جماعة بديع الزمان �سعيد النور�سي‪،‬‬ ‫�سماحة ال�سيد(ر�ض) كل من‪ :‬مفتي املدينة‪.‬‬
‫يف ج��م��ي��ع ان��ح��اء ال���ع���امل‪ ،‬م�����ش�ير ًا ح��ي��ث اع��ت�بر مم��ث��ل اجل��م��اع��ة احل��اج‬ ‫��ع‬ ‫ج‬ ‫��ر‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫روح‬ ‫��ن‬ ‫ع‬ ‫�����س‬ ‫ل‬ ‫��ا‬ ‫ج‬ ‫��‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫��ت‬ ‫اجلمهورية العربية ال�سورية ال�شيخ و أ�ق��ي��م‬
‫ب��درال��دي��ن ح�����س��ون‪ ،‬وزي���ر أالوق����اف ال���راح���ل(ر����ض) يف م��دي��ن��ة م�شهد اىل دوره اجلهادي الكبري يف دعم راح���م ب��ا���ش��ا‪ ،‬ان ال��ع��امل ا إل���س�لام��ي‬
‫ال�����س��وري‪ ،‬أ�م�ي�ن ع��ام ح��رك��ة اجلهاد املقد�سة‪.‬‬
‫حركات املقاومة و»ا�سرائيل» وم ؤ�كد ًا بحاجة اىل امثال ال�سيد ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫اال�سالمي يف فل�سطني على ر أ��س وفد أذربيجان‪:‬‬
‫ان �شغله ال�شاغل وق�ضيته املركزية‬
‫م�شري ًا اىل « أ�ننا مل نعرف ال�سيد ف�ضل‬ ‫أ‬ ‫آ‬
‫ك��ب�ير م��ن احل���رك���ة‪ ،‬وف���د م��ن مكتب ويف باكو عا�صمة �ذربيجان �قيم جمل�س ك��ان��ت ق�����ض��ي��ة ف��ل�����س��ط�ين‪ ،‬وط��ال��ب‬
‫أ‬
‫اهلل ب�شكل �شخ�صي‪ ،‬ولكن م�شاهدة‬ ‫�سماحة �آية اهلل ال�سيد علي اخلامنئي‪ ،‬ت�بني حا�شد ل�سماحة العالمة املرجع امل ؤ�منني با إللتزام بخطه ونهجه‪.‬‬
‫وفود دبلوما�سية من �سفارات كل من‪ :‬ف�ضل اهلل (ر���ض) بح�ضور جمع من ب��ع��ده��ا مت ع��ر���ض خطبة للمرجع ال�����س��ل��وك ال��ن��م��وذج��ي مل��ق��ل��دي ال�سيد‬
‫العراق‪ ،‬اي��ران‪ ،‬باك�ستان‪ ،‬وفنزويلال مقلدي املرجع الراحل(ر�ض) وح�شود‬
‫ال��راح��ل ع�بر ال�شا�شة‪ ،‬ت ؤ���ك��د على ف�ضل اهلل(ر�ض) يف �آذربيجان يعطينا‬ ‫�شعبية‪..‬‬
‫أ‬
‫يف العا�صمة ال�سورية دم�شق‪ ،‬ووفد من افتتح املجل�س بتالوة �آيات من القر�آن �همية الوحدة ا إل�سالمية يف م�سرية ت�صور ًا عن �شخ�صيته الالمعة»‪.‬‬
‫االمة‪.‬‬ ‫جمعية ال�صداقة العربية االيرانية‪،‬‬
‫ال���ك���رمي‪ ،‬ث���م ع��ر���ض��ت ع�ب�ر �شا�شة و تكلم يف املجل�س وكيل �آية اهلل ال�سيد ك��م��ا ع�ّب�رّ م��دي��ر وم ؤ������س�����س «م�سجد‬ ‫اىل ح�شود غفرية من امل ؤ�منني‪.‬‬
‫للمة‬‫علي اخلامنئي ال��ذي تناول ال��دور اجلمعة» احلاج �سرخاي بتعازيه أ‬ ‫املرجع‬ ‫حياة‬ ‫من‬ ‫مقاطع‬ ‫تلفزيونية‪،‬‬ ‫ايران‪:‬‬
‫ويف مدينة قم املقد�سة‪ ،‬تتوا�صل جمال�س (ر�ض)‪.‬‬
‫البارز للمرجع ف�ضل اهلل(ر�ض) يف اال�سالمية باملرجع الراحل(ر�ض)‪.‬‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪12‬‬
‫ال�شيخ جمال قطب رئي�س جلنة‬ ‫أ�ما ّ‬
‫علماء مصر يطالبون بالسيرعلى نهج فضل الله‪:‬‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫رحيله خ�سارة لجهود التقريب بين الم�سلمين‬
‫الفتوى بالق�صى �سابقا فعرب عن‬
‫حزنه لرحيل ال�سيد(ر�ض) قائ ًال‪:‬‬
‫الظلماء يفتقد البدر‪.‬‬ ‫وف��ى ال ّليلة ّ‬
‫نعم‪ � ،‬إ ّنا هلل و� إ ّنا �إليه راجعون‪ .‬غ ّيبت‬ ‫نظره وقد تعر�ض كثريا للهجوم والنقد‬ ‫وا�ستنها�ضها‪.‬‬ ‫�سارعت الكثري م��ن ال�شخ�صيات‬
‫�شيعي الهوى‪ ،‬م�سلم‬ ‫ّ‬ ‫أالق���دار رم��ز ًا‬ ‫العنيف وا�ضعا امام نف�سه هدفا معينا‬ ‫وا�ضاف ال�شيخ عا�شور‪ :‬ان ال�سيد ف�ضل‬ ‫اال�سالمية امل�صرية ال��ب��ارزة اىل‬
‫ال��ه��و ّي��ة‪ ،‬ه��و �سماحة ا إلم���ام حممد‬ ‫اال وه��و الو�صول للوحدة اال�سالمية‬ ‫اهلل قد �سعى اىل ان يكون م�شروعه‬ ‫نعي العالمة امل��رج��ع ال�سيد ف�ضل‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ..‬هذا العامل الف ّذ‬ ‫املن�شودة»‪.‬‬ ‫منذ بدايات عمله وا�ضحا �شفافا ال لب�س‬ ‫اهلل(ر������ض) م��ن��وه�� ًة اىل ان���ه ك��ان‬
‫لللوه ّية عالها‪ ،‬وللنب ّوة‬ ‫الذي يعرف أ‬ ‫وتابع‪ « :‬قد عمل الرجل على توحيد‬ ‫فيه‪ ،‬م�ضبوطا ب�ضوابط ال�شريعة اوال‬ ‫الداعية أالبرز للم �شمل االمة‪ ،‬وقد‬
‫هيبتها وه��داه��ا‪ ،‬وللفقه والفقهاء‬ ‫االم���ة اال���س�لام��ي��ة و دح�����ض امل��زاع��م‬ ‫ومب�صلحة االمة اال�سالمية ثانيا وكان‬ ‫كان اجلامع االزه��ر و�شيخه احمد‬
‫حدود خ�شيتها وتقواها‪ ،‬ذلكم حم ّمد‬ ‫الفقهية التي تفرق بني ال�سنة وال�شيعة‬ ‫يحلم دوم��ا بتحرير فل�سطني وحترير‬ ‫الطيب من اب��رز الناعني ل�سماحة‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬ا ّلذي يفهم معنى‬ ‫وكانت تلك ر�سالته يف ال�سنوات االخرية‬ ‫امل�سجد االق�صى وا�ستعادة جمد االمة‬ ‫املرجع الراحل(�ص)‪ ،‬م ؤ�كدين أ�ن‬
‫اجلهاد احلقّ ‪ ،‬ومعنى قول اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫من عمره» ‪.‬‬ ‫اال�سالمية وقد ادرك ان هذا امل�شروع‬ ‫ت أ�ثريه تخطى ال�ساحات ال�شيعية اىل‬
‫{وج��اه��دوا يف اهلل ح��قّ ج��ه��اده}‪،‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬قال الدكتور حممد �سليم‬ ‫ال ب��د ل��ه م��ن وح���دة االم���ة وت�ضافر‬ ‫العامل اال�سالمي ب أ��سره‪.‬‬
‫فيق ّرر ـ يرحمه اهلل ـ قائ ًال‪ :‬ماذا يكون‬ ‫ال��ع��وا االم�ين ال��ع��ام ال�سابق لالحتاد‬ ‫ج��ه��ود جميع العاملني على ال�ساحة‬ ‫كما حت��دث ال�شيخ حممود عا�شور‬
‫اجلهاد �إذا مل جتاهد �إ�سرائيل‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫العاملي لعلماء امل�سلمني ان وفاة املرجع‬ ‫اال�سالمية‪.‬‬ ‫وكيل االزه���ر اال�سبق ورئي�س دار‬
‫غياب أالق�صى وعل ّو �إ�سرائيل هما‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل بال �شك‬ ‫كما ا�شار اىل ان ال�سيد ف�ضل اهلل كان‬ ‫التقريب ب�ين امل��ذاه��ب اال�سالمية‬
‫«ترمومرت» �إميان أال ّمة وح�ضارتها‪.‬‬ ‫خ�سارة كبرية لكل ال�شعوب العربية‬ ‫منفتحا على جميع االطياف اللبنانية‪،‬‬ ‫بالقاهرة عن املرجع الراحل فقال‪:‬‬
‫واعترب قطب أ�ن املرجع ال�سيد حممد‬ ‫واال���س�لام��ي��ة خ��ا���ص��ة ع��ل��ى م�ستوى‬ ‫وعلى املحيط العربي وال��ع��امل اجمع‬ ‫لقد فقدت االم��ة اال�سالمية رجال‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل كان من أ�هل التّقريب‬ ‫التقريب بني امل�سلمني ‪ ،‬م�شريا اىل ان‬ ‫ذل��ك من خ�لال حركته ال��دءوب��ة على‬ ‫من اغلى الرجال واعظمهم كر�س‬
‫العملي بني املذاهب اال�سالمية‪ ،‬ولي�س‬ ‫ّ‬ ‫الراحل ال يبخل بجهده لتقريب وجهات‬ ‫جميع اال�صعدة واجلهات ‪.‬‬ ‫حياته للدفاع عن وحدة االمة ودعا‬
‫عالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من أ�هل اال�ستهالك ا إل‬ ‫النظر بني ال�شيعة واخوتهم ال�سنة‪.‬‬ ‫وق��ال‪« :‬وك��ان رحمه اهلل رحمة وا�سعة‬ ‫طيلة حياته للم �شملها وكان ي�سعى‬
‫عندما يتو�صل لراى ما يدافع عن وجهة‬ ‫دوم��ا اىل توحيد االم��ة اال�سالمية‬

‫الكاتب ح��اق��ان ال��ب�يرق ال���ذي كان‬ ‫رحيل السيد في الصحافة التركية‪:‬‬


‫يف عداد ن�شطاء « أ��سطول احلرية»‬
‫الذين اعتقلتهم �إ�سرائيل أ�ن ال�سيد‬
‫ف�ضل اهلل ك��ان يدافع عن الوحدة‬ ‫�صوت الوحدة الإ�سالمية‬
‫بني ال�شيعة وال�سنة وكان يحيي الدور‬ ‫احتل رحيل املرجع ال�سيد حممد‬
‫الرتكي يف ال�شرق االو�سط‪.‬‬ ‫غري �إ�سالمية‪ .‬وقالت �إنه موجود على‬ ‫ح�����س�ين ف�����ض��ل اهلل م��وق��ع��ه ال��ب��ارز‬
‫وقال البريق يف �صحيفة «يني �شفق»‬ ‫الئ��ح��ة �إره����اب ال��والي��ات امل��ت��ح��دة يف‬ ‫يف ���ص��در ال�����ص��ف��ح��ات أالوىل من‬
‫�إنه هو أ�ي�ض ًا يحيي ال�سيد ف�ضل اهلل‪:‬‬ ‫العام ‪ ،1995‬وكان داعم ًا كبري ًا للثورة‬ ‫ال�صحف الرتكية وو�سائل االعالم‪.‬‬
‫«ل�ست �شيعيا‪ ،‬لكن لو كنت �شيعيا‬ ‫ا إل�سالمية يف �إيران‪.‬‬ ‫وعنونت �صحيفة «يني �شفق» املقربة‬
‫لكنت �شيعيا مثل ال�سيد ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫و أ�����ش���ارت �صحيفة «زم�����ان» التابعة‬ ‫من «حزب العدالة والتنمية» خربها‬
‫ومل أ�ك��ن ألق��ف يف املكان نف�سه مع‬ ‫�آ�سيا الو�سطى‪.‬‬ ‫جلماعة فتح اهلل غولني اال�سالمية‪ ،‬اىل‬ ‫بالقول‪« :‬وفاة املعار�ض أالكــرث حزما‬
‫ال�شيعي ال��ذي يغذي الفتنة وال يف‬ ‫وقالت ال�صحيفة انه كان العقل املدبر‬ ‫أ�ن ال�سيد ف�ضل اهلل معروف مبواقفه‬ ‫للواليات املتحدة أالمريكية»‪.‬‬
‫املكان نف�سه مع ال�سني الذي يغذي‬ ‫لـ«حزب اهلل» بعد ت أ��سي�سه‪ .‬ومع انه كان‬ ‫املناه�ضة للواليات املتحدة االمريكية‬ ‫وذكرت ال�صحيفة أ�ن ال�سيد ف�ضل‬
‫الفتنة»‪.‬‬ ‫ي�ساند املقاومة امل�سلحة �ضد ا�سرائيل‪،‬‬ ‫كما مبواقفه املعتدلة وال �سيما جتاه‬ ‫اهلل م���ع���روف ب��ان��ت��ق��اده ال�����ش��دي��د‬
‫وي�ضيف البريق‪« :‬احل��ق ان ال�سيد‬ ‫�إال أ�ن���ه ك���ان ي��ق��ول ان���ه لي�س معاديا‬ ‫دور املر أ�ة يف املجتمع‪.‬‬ ‫يف خ��ط��ب��ه‪ ،‬وال ���س��ي��م��ا يف خطب‬
‫ف�����ض��ل اهلل ه����و ����ص���وت ال���وح���دة‬ ‫لليهود‪ .‬وتنقل ال�صحيفة عن ال�سيد‬ ‫وقالت ال�صحيفة ان لل�سيد مريدين‬ ‫اجلمعة‪ ،‬ل�سيا�سات الواليات املتحدة‬
‫اال�سالمية ونحن �شهداء يا رب على‬ ‫قوله انه حتى لو ا�صبحت ا�سرائيل كلها‬ ‫كرثا خارج لبنان وكان يعترب الزعيم‬ ‫االم�يرك��ي��ة يف ال�����ش��رق أالو����س���ط‪.‬‬
‫ذلك»‪.‬‬ ‫ا�سالمية فيجب حماربتها ألن احتالل‬ ‫الروحي لـ«حزب اهلل» عند ت أ��سي�سه‪.‬‬ ‫وقالت ال�صحيفة �إن ال�سيد ف�ضل‬
‫وقال البريق انه «لي�س ال�شيعة فقط‬ ‫أالر�ض من ا آلخرين حتى لو كان م�سلم ًا‬ ‫وو�صفت �صحيفة «حرييت» العلمانية‬ ‫اهلل معروف اي�ضا مبواقفه املنفتحة‬
‫بل كل العامل اال�سالمي فقد عاملا ذا‬ ‫أ�مر جتب حماربته‪ .‬وذ ّكرت بقوله �إنه‬ ‫ال�سيد ف�ضل ب أ�نه العقل املعتدل لـ«حزب‬ ‫وامل��ع��ت��دل��ة جت��اه امل����ر أ�ة واال���س�لام‪،‬‬
‫قيمة كبرية جدا‪ .‬فلريحمه اهلل يف‬ ‫لي�س عنده عقدة جتاه اليهود لكنه �ضد‬ ‫اهلل»‪.‬‬ ‫و�إنه كان �ضد جرائم الث أ�ر‪ .‬وذ ّكرت‬
‫جنانه»‪.‬‬ ‫ال�صهيونية‪ .‬وقالت انه قال للممر�ضني‬ ‫وقالت ال�صحيفة ان ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫ال�صحيفة ب أ�ن ال�سيد كان يعار�ض‬
‫الذين حوله ان امنيته أالخ�يرة �إنهاء‬ ‫بكتبه و�آرائ���ه‪ ،‬من أ�ك�ثر رج��ال الدين‬ ‫نداءات اجلهاد التي أ�طلقها أ��سامة‬
‫حممد نور الدين(ال�سفري)‬ ‫ال�صهيونية‪.‬‬ ‫ال�شيعة نفوذا يف العامل‪ .‬وقالت �إن له‬ ‫بن الدن و«حركة طالبان»‪ ،‬وقالت‬
‫ويف مقالة عن ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬كتب‬ ‫ت أ�ثريا كبريا يف دول اخلليج ويف دول‬ ‫�إن��ه و�صف «ط��ال��ب��ان» ب أ�نها حركة‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪13‬‬
‫هكذا كنت‪ ،‬وهكذا م�ضيت‪..‬‬ ‫فضل الله بعيون سلفية‬
‫�سمعناك حلن ًا ي�ش ّد القلب‪ ،‬ويجذب الروح‪،‬‬ ‫منير النمر‬
‫ويح ّرك الوجدان‪ ،‬ويتغلغل يف أالعماق‪.‬‬ ‫ال يختلف إثنان حسب تصوراتي بأن سماحة الراحل العالمة آية الله العظمى‬
‫ور أ�يناك أ�فق ًا ميت ّد مع �شعاع الفجر‪ ،‬وهالة‬ ‫السيد محمد حسني فضل الله رجل العلم والتواضع الكبيرين كان مجددا‬
‫البدر‪ ،‬وربيع احلقل‪ ،‬ون�سيم ال�صبح‪ ،‬وزرقة‬ ‫بحق في مذهبه الشيعي‪ ،‬إذ خلف مؤلفات عدة تناول فيها قضايا بالغة‬
‫البحر‪ ،‬و�صفو ال�سماء‪.‬‬ ‫احلساسية‪ ،‬كما أنه من دعاة تنقية التراث الشيعي على مختلف الصعد‪.‬‬
‫وعاي ّناك قمر ًا يب ّدد عتمة الليل‪ ،‬وظلمة‬
‫الطريق‪ ،‬ووح�شة الغربة‪ ،‬وتعب امل�سري‪.‬‬ ‫ال�شيعية‪ ،‬وق��ال له رحمه اهلل « أ�ن علينا‬ ‫�إن جت��دي��د ال���راح���ل مل يقت�صر على‬
‫و أ�ب�����ص��رن��اك ب�سمة يف وج����وه ال��ف��ق��راء‪،‬‬ ‫أ�ن نطرح م�شاريع توحد أالمة ا إل�سالمية‬ ‫�ساحته ال�شيعية فح�سب‪ ،‬بل جتاوز حالة‬
‫و�إ���ش��راق��ة يف عيون ال�ضعفاء‪ ،‬و أ�غنية يف‬ ‫ب��دال م��ن أ�ن تفرقها»‪ .‬و»�إن اخلالفات‬ ‫«ال��ت��م��ذه��ب» ال��ت��ي ت�����س��ود يف أالو���س��اط‬
‫�صدور املح ّبني‪ ،‬و أ�منية على �شفاه امل ؤ�منني‪.‬‬ ‫والرتكيز عليها لن جتعلنا نخرج ب�شيء‪،‬‬ ‫ا إل�سالمية عامة‪ ،‬حيث أ�ن قلة من الفقهاء‬
‫و أ�ن اخلالفات ن�صنعها نحن ونعي�ش فيها‬ ‫امل�سلمني ي�ستطيعون جت��اوز تلك احلالة‬
‫وعاي�شناك �شم�س ًا تعرب حجب ال��زم��ن‪،‬‬ ‫وحتت أ��سرها»‪.‬‬ ‫التي ت�ضغط على كثري منهم‪ ،‬حماولة‬
‫و أ��ستار ا إلح��ن‪ ،‬وعوائق العهود‪ ،‬وحواجز‬ ‫هذه ال�شهادة الكبرية التي دونها الدحيم‬ ‫ثنيهم عن اخلروج منها‪ ،‬بيد أ�ن الراحل‬
‫الدروب‪.‬‬ ‫�إن مثل هذه الت أ�ييدات تعترب بالغة أالهمية‬ ‫ال تختلف كثريا عن �شهادة أ�خرى قدمها‬ ‫الكبري ا�ستطاع بفكره واجتهاده الع�صري‬
‫ً‬
‫ورافقناك عينا ترنو للبعيد‪ ،‬وحت ّدق باليوم‬ ‫يف الفرتة الزمنية التي نعي�شها‪ ،‬خا�صة‬ ‫ال��ك��ات��ب ع��ب��داهلل ف����راج ال�����ش��ري��ف‪� ،‬إذ‬ ‫أ�ن ُيفلت من كل تلك ال�ضغوطات التي‬
‫القادم‪ ،‬وا آلتي من أالجيال‪..‬‬ ‫أ�نها مرحلة ي�شدد فيها الغرب على بث‬ ‫يرى أ�ن رحيل ال�سيد يعد خ�سارة كبرية‬ ‫متار�س ع��ادة على ال��رم��وز واملرجعيات‬
‫و�صاحبناك موج ًا يتح ّرك‪ ،‬وينبوع ًا يتد ّفق‪،‬‬ ‫أ��شكال الطائفية بني امل�سلمني‪� ،‬إذ ي�ضرب‬ ‫لالمة ا إل�سالمية‪ ،‬و أ��سهب يف الثناء على‬ ‫الدينية‪ ،‬ف أ��صبح جمددا �إ�سالميا ومفكرا‬
‫ون�سر ًا يرتاد أالعايل‪ ،‬و�ش ّال ًال ي�سوق احلياة‬ ‫امل�شروع الغربي امل�سلم بامل�سلم ا آلخ��ر‬ ‫الراحل حيث �شدد على أ�نه «رحمه اهلل»‬ ‫كبريا يف ال�ساحتني ال�شيعية وال�سنية‪،‬‬
‫�ضمن �سيا�سة قدمية متبعة «فرق ت�سد»‪،‬‬ ‫ال يخ�ص مذهب دون �آخر‪ ،‬بل �إنه مفكر‬ ‫ول��ع��ل��ي ال أ�ب��ال��غ �إن ق��ل��ت �إن���ه املرجعية‬
‫للوهاد‪..‬‬ ‫بال �شك أ�ن الراحل ت�صدى بفكره املقاوم‬ ‫�إ�سالمي يهم امل�سلمني جميعا‪ ،‬ولعل أ�هم‬ ‫ال�شيعية الوحيدة التي ج��ددت فعال يف‬
‫وعاي�شناك خ��ط ً��ى ثابتة‪ ،‬وح��رك��ة دائ��ب��ة‪،‬‬ ‫لهذه امل�شاريع‪� ،‬إذ �ساهم يف �شكل فعال يف‬ ‫ما لفت انتباهي أ�ثناء املحادثة الهاتفية‬ ‫الفقه ال�شيعي يف القرن احل��ايل‪ ،‬وذلك‬
‫وفرو�س ّية ال تهد أ�‪ ،‬وعنفوان ًا ال يتو ّقف‪..‬‬ ‫ك�سب ت أ�ييد من جهات دينية خمتلفة يف‬ ‫كمن يف زيارة ال�شريف للراحل‪� ،‬إذ يقول‬ ‫وا�ضح حتى يف لغته الكتابية‪ ،‬ف�ضال عن‬
‫هكذا أ�ن��ت‪ ،‬وهكذا م�ضيت؛ ابن ع�صرك‪،‬‬ ‫العامل ا إل�سالمي‪.‬‬ ‫ما �إن التقيته حتى �شعرت بالطم أ�نينة‬ ‫كثري من فتاواه‪ ،‬منها مثال عدم �شرط‬
‫حت��ي��ى زم���ان���ك‪ ،‬وت��ع��ي�����ش واق���ع���ك‪ .‬جتتاز‬ ‫ويف ه��ذا ال�صدد �آم��ل من رج��ال الدين‬ ‫ت�سري يف عقلي وج�سدي‪� ،..‬إن الراحل‬ ‫موافقة الويل يف زواج الفتاة البكر‪ ،‬وعدم‬
‫احلواجز و أ�ن��ت تتح ّرك‪ ،‬وتخرتق العوائق‬ ‫ال�شيعة قبل ال�سنة أ�ن ال يكتفوا بت أ�ييد‬ ‫كان يتحدث عن �آماله التي توحد أالمة‬ ‫ر ؤ�يته لنجا�سة الكافر‪.‬‬
‫ا إل�سالمية‪ ،‬وكان يوجه ويقول �إن ح�صل‬ ‫�إنْ ابتعدنا عن ال�ساحة ال�شيعية �سنجد‬
‫الو�ضاء و أ�نت‬‫و أ�نت تخطو‪ ،‬وترفع م�شعلك ّ‬ ‫الراحل وا�ستخراج البيانات التي ترثية‪،‬‬
‫خالف ف�إن ذلك حمتمل ون�ستطيع التعاي�ش‬ ‫أ�ن «العالمة» ميثل رقما �صعبا حتى يف‬
‫وت�شك علمك عند مفارق الدروب‪.‬‬ ‫ت�سري‪ّ ،‬‬ ‫ب��ل عليهم أ�ن يكر�سوا حياتهم خلدمة‬
‫أالهداف التي �سار فيها الراحل‪ ،‬و أ�همها‬ ‫معه‪ ..‬كان عاملا بارزا من أ��صحاب تفادي‬ ‫ال�ساحة ال�سنية ال�سلفية‪ ،‬وهذا ما وجدته‬
‫ت�صوغ حلى احلا�ضر م��ن كنوز املا�ضي‪،‬‬ ‫أالحقاد وال�ضغائن‪ ،‬ومن دعاة التوحيد‬ ‫بنف�سي ح�ين �شرعت يف �إع����داد تقرير‬
‫وجت��ري ج��داول أ� ّي��ام��ك من ينابيع الزمن‬ ‫رف�ض الظلم والبغي والعدوان‪ ،‬بث روح‬ ‫والتعاي�ش احلقيقيني وترك الفتنة‪.‬‬ ‫���ص��ح��ايف ع��ن ال��راح��ل يف ي���وم ت�شييعه‬
‫الت�سامح يف املجتمعات التي يعي�شون فيها‪،‬‬ ‫أ�م���ا ال��دك��ت��ور عمر ك��ام��ل ف���إن��ه ي��رى أ�ن‬
‫ال��غ��اب��ر‪ ،‬وت��خ ّ��ط أ�ح���رف ال��ن��ور م��ن أ�ح��رف‬ ‫تبني أ�فكار م ؤ��صلة �إ�صالحية حقيقية‪.‬‬
‫و�شارك فيه جمموعة من علماء ال�سلفية‬
‫��س��ط��ر لل�ضياء أ����س��ف��ار وع��ي‪،‬‬
‫ق��دمي��ة‪ ،‬وت��� ّ‬ ‫ال�سيد من أ�كرث مراجع ال�شيعة رغبة يف‬ ‫وك��ت��اب ومفكرين �سعوديني أ�ل��ت��ق��وا به‬
‫ال أ�ع���رف م���اذا ي��ق��ول امل���رء يف ح�ضرة‬ ‫توحيد أالم��ة ا إل�سالمية‪ ،‬وله اجتهادات‬ ‫يف وق��ت �سابق يف ب�ي�روت‪ ،‬ولي�سمح يل‬
‫وق��راط��ي�����س ف��ك��ر‪ ،‬بقلم ال��ك��ت��اب‪ ،‬وم���داد‬ ‫ان�سان ومرجع ومفكر و�شاعر كبري غادر‬ ‫م��ه��م��ة ج���دا خ��ا���ص��ة يف تنقية امل��ذه��ب‬ ‫القارئ أ�ن أ�طلعه على ما قاله بع�ضهم‪،‬‬
‫ا إلميان‪.‬‬ ‫هذه الدنيا‪ ...‬غري أ�ين أ�قول له‪:‬‬ ‫ا إلث��ن��ى ع�شري ال�شيعي‪ ،‬كما أ�ن��ه متيز‬ ‫يقول يل القا�ضي ال�سابق املحامي ال�شيخ‬
‫هكذا كنت‪ ،‬وهكذا م�ضيت؛ تكتب للحياة‪،‬‬ ‫أ�يها الراح ُل يف قلبي ْ‬
‫ترجل‬ ‫بر ؤ�ية وا�سعة يف حقوق املر أ�ة وحقوق غري‬ ‫حممد �صالح الدحيم ب أ�ن مرجعية ال�سيد‬
‫وتخط للواقع‪ ،‬وتر�سم للمقبل من أال ّي��ام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ها هنا املحراب يف خديك باحلبل ترجلْ‬ ‫امل�سلمني‪ ،‬وا�ستخرج ما تو�صل له و أ��صله‬ ‫جتاوزت أالطر املذهبية كافة‪ ،‬و أ�نه حني‬
‫مت�شي بني النا�س‪ ،‬وتعي�ش معهم‪ ،‬تقرتب‬ ‫أ�يها العابر للموت تغ َّنى ف��وق �سبحاتك‬ ‫من مذاهب امل�سلمني كافة‪ ،‬كما ا�ستخرج‬ ‫جل�س معه وناق�شه يف ق�ضايا �إ�سالمية‬
‫من م�شاعرهم‪ ،‬وتالم�س أ�فكارهم‪ ،‬وتتف ّهم‬ ‫دمعي‪...‬‬ ‫ن�صو�صا ت ؤ�يد الو�سطية من غري املذهب‬ ‫هامة وجده �شخ�صية فذة‪ ،‬و�شدد يل ب أ�ن‬
‫فرتجل‪ .‬هذه لبنان تنعاك على �شاطئها‬ ‫ْ‬ ‫ال�شيعي‪ ،‬وي�شدد على أ�ن الراحل كانت له‬ ‫ال�سيد يتمتع بطريقة تفكري فريدة وظفها‬
‫معاناتهم‪ ،‬ت ؤ�ملك �آالمهم‪ ،‬وحتزنك أ�حزانهم‪،‬‬
‫وي�����س�� ّرك أ�ن�سهم‪ ،‬وتفرحك ا إل���ش��راق��ة يف‬
‫هذه النجمات تنعاك على �ساحلها‬ ‫�آراءه ت�صب يف �صالح الوحدة ا إل�سالمية‬ ‫�إ�سالميا يف �شكل موفق جدا‪ .‬ولعل أ�هم‬
‫ْ‬
‫وترجل‬ ‫ْ‬
‫فرتجل‪.‬‬ ‫والت�سامح الديني‪ ،‬و أ�نه عالمة بارزة يف‬ ‫ما قاله يل كمن يف تركيز ال�سيد أ�ثناء‬
‫وجوههم‪ ..‬فكتبت للحياة‪ ،‬وف ّكرت للحياة‪،‬‬ ‫املذهب ال�شيعي‪.‬‬ ‫جلو�سه معه على جتاوز اخلالفات ال�سنية‬
‫ورفعت يدك ل�ضوء النهار‪ ،‬و أ�عليت رايتك‬
‫لل�سراة‪ ،‬و أ�ج��ري��ت قطرات عمرك امل��ذاب‬
‫يف دروب احليارى‪ ،‬ومددت ظالل حم ّبتك‬ ‫مصلون في القطيف يطردون امام مسجد الساءته للمرجع الراحل(رض)‬
‫فوق ر ؤ�و�س املتعبني‪ ،‬و أ�ترعت ك ؤ�و�س نداك‬
‫للعطا�شى الظامئني‪.‬‬ ‫منهم وق��ف يف وج��ه��ه راف�����ض�ين دخوله‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ذك���رت �شبكة را���ص��د االخ��ب��اري��ة أ�ن‬
‫هكذا كنت‪ ،‬وه��ك��ذا م�ضيت؛ �صرخة من‬ ‫امل�سجد حتى عاد على أ�عقابه‪.‬‬ ‫وبرر ال�شيخ موقفه امام امل�صلني بتوجيه‬ ‫م�صلني يف أ�حد م�ساجد مدينة تاروت‬
‫حنني أالر�����ض‪ ،‬و�شعلة م��ن ن��ور ال�سماء‪،‬‬ ‫وذكرت م�صادر مطلعة أ�ن االمام املطرود‬ ‫كلمات م�سيئة بحق املرجع الراحل(ر�ض)‬ ‫مب��ح��اف��ظ��ة ال��ق��ط��ي��ف يف ال�����س��ع��ودي��ة‪،‬‬
‫فع�شت زمانك‪ ،‬وحييت ع�صرك‪ ،‬فع�شقك‬ ‫َ‬ ‫و���س��ط أ�ح���د ق�ضاة املحكمة اجلعفرية‬ ‫ّ‬ ‫بلغت حد و�صفه باملارق عن الدين و أ�نه‬ ‫طردوا امام م�سجد لتوجيهه اال�ساءة‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫بالقطيف والذي تربطه به عالقة وثيقة‬ ‫بذلك ال ي�ستحق ق��راءة �سورة الفاحتة‬ ‫ل�سماحة العالمة املرجع ال�سيد حممد‬
‫القريب‪ ،‬و�ح ّبك البعيد‪ ،‬وحملك الم�س �إىل‬ ‫لغر�ض عودته المامة امل�صلني يف امل�سجد‬ ‫على روحه‪.‬‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل(ر�ض)‪.‬‬
‫اليوم‪ ،‬ورفعك اليوم �إىل الغد‪ ،‬لتجري مع‬ ‫غري أ�ن حماوالته باءت بالف�شل بعد مرور‬ ‫غري أ�ن املفاج أ�ة التي مل يرتقبها امام‬ ‫ويف التفا�صيل ذكر �شهود عيان لـ «�شبكة‬
‫ال�شم�س من أ�فق �إىل أ�فق‪ ،‬ومن م�شرق �إىل‬ ‫أ�يام على احلادثة‪.‬‬ ‫امل�سجد على ما يبدو هي مهاجمة امل�صلني‬ ‫را�صد االخبارية» أ�ن أ�حد امل�صلني يف‬
‫م�شرق‪..‬‬ ‫وك��ان الع�شرات من الفاعليات الدينية‬ ‫اياه والقائه خارج امل�سجد قبل ان يكمل‬ ‫م�سجد حي الوقف بتاروت دعا عقب‬
‫يو�سف نو الدين‬ ‫واالجتماعية يف ارج��اء املنطقة أ�قامت‬ ‫كلمته ومنعه من ارتياد امل�سجد نهائيا‪.‬‬ ‫ال�صالة ل��ق��راءة �سورة الفاحتة على‬
‫وال تزال جمال�س الت أ�بني حزن ًا على رحيل‬ ‫هذا وح�ضر امام امل�سجد على عادته يف‬ ‫روح املرجع ال��راح��ل(ر���ض) فما كان‬
‫املرجع الفقيد(ر�ض)‪.‬‬ ‫اليوم التايل إلمامة امل�صلني غري أ�ن عددا‬ ‫من �شيخ امل�سجد �إال أ�ن زج��ره لفعله‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫يا �أبــــي‬
‫باسم املاضي احلسناويّ (العراق)‬
‫في رثاء آية الله العظمى السيد محمَّد حسني فضل الله(قده)‬

‫ط ّر ًا من امل�شرقني �إىل املغربني‪،‬‬


‫الفيل�سوف‪.‬‬ ‫لقد كان قلبُك يا سيِّدي السنبلهْ‬
‫وتلك التي هي �آخر �صقع امل�سافة ما‬
‫دم‪ ،‬أ�ر�ضع َّ‬
‫الكل‬ ‫أ�نا ا آلن أ� ٌّم ِّ‬
‫لكل بني �آ ٍ‬ ‫وكانت ي��داك كقبرَّ ت ِني ّ‬
‫حتط ِان فوق‬
‫بني عطف ا إلله وعطف ا إلله‪.‬‬
‫من ثدي هذا احلنان ا ّل��ذي هو عني‬ ‫ال ّر ؤ�و�س‬
‫أ�حدِّ ثها وهي ت�صغي ملن يكتب ّ‬
‫ال�شعر‬
‫الطفوف‪.‬‬ ‫ال ّدماء التي نزفت يف ّ‬ ‫��وم �إذ انفجرت يف‬
‫ال�ضريح عن أالر�ض‪� :‬إنَّ البالد‬
‫فوق ّ‬ ‫ومل يفزعا ذات ي ٍ‬
‫أ�نا أالر�ض فلتبتعد هذه ال ُّدمى‬ ‫ف�ضائهما قنبل ْه‬
‫هي ا آلن منفى‪،‬‬ ‫واكتمل ُ‬
‫العقل‬ ‫َ‬ ‫ألين بلغت ال ّر�شدَ‬ ‫أ�تعرف يا �س ِّيدي ما ا ّلذي �سوف يجعل‬
‫و�إنَّ البالد بال ٌد بال أ�يِّ معنى للفظ‬
‫فلي حكم ٌة ال الفيل�سوف يحوزها‬ ‫طعم احلياة لذيذ ًا‪،‬‬
‫البالد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الفحل‬ ‫وال ّ‬
‫ال�شاعر ال ّرائي وال العامل‬ ‫على ال�� ّرغ��م م��ن أ� َّن���ك ا آلن يف عامل‬
‫جتيب‪ :‬أ�جل �إنها ا آلن منفى‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الظلم‪،‬‬ ‫أ�نا ا آلن أ� ٌّم للجميع كما ترى‬ ‫الغيب‪،‬‬
‫ولكن متى مل يكن جوهر أالر���ض‬ ‫حتزن حني ت�شاهد قلب ًا �إىل ا آلن مل‬ ‫� أس�ر�ضعهم فلريت�شف لبني الك ُّل‬ ‫أ�نَّ احلياة تل ُّذ لنا ها هنا‪،‬‬
‫منفى‪،‬‬ ‫احلب فيه‪.‬‬
‫يلج ُّ‬ ‫وما لبني �إال ال ّدم ّ‬
‫الطاهر ا ّلذي‬ ‫كونها حفظتك كما يحفظ ّ‬
‫ال�شعراء‬
‫الطعم طعم احلبيبة‬ ‫وهل للبالد من ّ‬
‫ُ‬
‫العدل‬ ‫جرى يوم ِّ‬
‫طف اهلل كي يوجدَ‬ ‫ق�����ص��ائ��دَ ه��م يف امل��ح��اف��ل ع��ن ظهر‬
‫ل�ست مت�سكها أ�بد ًا‪،‬‬
‫ما مل تكن َ‬ ‫**‬
‫قلب‪.‬‬
‫فهي هارب ٌة منك دوم ًا متام ًا كما لو‬ ‫تفل�سف بحزن القلب يا أ� ُّيها ا ّلذي‬ ‫ْ‬ ‫إنّه القبر‪ ،‬أروع ما فيه أنّك فيه‪،‬‬
‫و أ�نَّ احلياة تل ُّذ لنا كون أ�نفا�سك ا آلن‬
‫بدت �شبح ًا‬ ‫وقت �صال ِت ِه‬ ‫ر أ�ى احلزن عني أالجر َ‬ ‫أ�رى القرب مي�شي‪،‬‬
‫قد أ��صبحت �شجر ًا أ�خ�ضر ونخي ًال‬
‫**‬ ‫حت�س أ�ن‬ ‫اجلنان ُّ‬ ‫ِ‬ ‫لع َّلك حتى يف‬ ‫أ�راه على من ٍرب يخطب ال ّنا�س‪ ،‬أ�ب�صره‬
‫أبي يا أبي‪ ،‬هل رأيت ال ّر حيل‬ ‫و أ�نهار ٍ‬
‫�شعر‪.‬‬
‫�إذا مل يكن حز ٌن ترى ق�سما ِت ِه‬ ‫يتعطف جد ًا لكي يطعم الفقراء‪،‬‬ ‫َّ‬
‫جميالً‪،‬‬ ‫و أ�نَّ احلياة تل ُّذ لنا �س ِّيدي كون روحك‬
‫فقدتَ حبيب ًا فارتعدتَ لفقده‬ ‫أ�راه أ�راه �صديق ًا‪ ،‬أ�راه يعانق َّ‬
‫كل‬
‫أ�بي يا أ�بي‪ ،‬مل أ�زل بع ُد أ�حتاج منك‬ ‫أ�بقت هنا �شطرها‪،‬‬
‫حنان أالب َّوة‪،‬‬ ‫قط انطفا َء حيا ِت ِه‬ ‫حتتمل ُّ‬
‫ْ‬ ‫ومل‬ ‫ا ّلذين يزورونه خا�شعني‪.‬‬
‫ك�� ُّل �شيءٍ لها ج�سدٌ‪ ،‬ك�� ُّل �شيءٍ لها‬
‫يف أالرب��ع�ين أ�ن��ا‪ ،‬ب ْيد أ�ين � أس��شعر‬ ‫لهذا ف أ�نت ا آلن تبكي لفقدنا‬ ‫لع َّلك يف القرب أ�كرث ح ّب ًا وعطف ًا‪،‬‬
‫م�صحف تقر أ� اهلل فيه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫باليتم حتى نهاية هذي احلياة‪.‬‬ ‫بر ِّبك من عانى �إذ ًا من مما ِت ِه‬ ‫لع َّلك يا �س ِّيدي تتنقَّل بني وجودين‪،‬‬ ‫أ�ج���ل كنت ح�� ّي�� ًا وق��د م َّ��ت أ‬
‫كالنبياء‬
‫راغب أ�ن أ�راك‪،‬‬ ‫فنحن �إذ ًا موتى و� إ َّنك ثاك ٌل‬ ‫أ�نت تقيم هنالك يف ج َّنة اهلل قطع ًا‪،‬‬
‫أ�بي‪ � ،‬إ ّنني ٌ‬ ‫الكرام‪ ،‬ولكن هل املوت عندك موتٌ ؟‬
‫يوم و�إن �شبح ًا يف منامي‪،‬‬ ‫فج ْئ َّ‬ ‫نعزِّ يك فينا يا وحيدَ وفا ِت ِه‬ ‫ولكنَّ قلبك ال ي�ستق ُّر‪،‬‬
‫كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عيني نحو املياه‬ ‫وج��ه َّ‬ ‫�إذ ًا قل مل��اذا أ� ِّ‬
‫�لا ط��وي ً‬
‫�لا ع��ن احل��قِّ‬ ‫ف��ح��دِّ ث ط��وي ً‬ ‫**‬ ‫تريد عناق ا ّلذين هنا‪ ،‬وتريد لهم أ�ن‬
‫ف أ�ب�صر فيها ح�سين ًا‪،‬‬
‫واحلب‪،‬‬ ‫والعدل‬ ‫يكونوا جميع ًا بعينيك نقطة �ضوءٍ ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫و أ�ب�صر فيها قوامك جنب احل�سني‪،‬‬
‫حدِّ ث طوي ًال طوي ًال عن ال ّنا�س كيف‬ ‫تريد لهم أ�ن يكون ه���واءك‪ ،‬أ�و أ�ن‬ ‫وقل كيف أ�م�سك أ‬
‫بالر�ض‪،‬‬
‫يح ُّبهم ُ‬
‫اهلل‪،‬‬ ‫يكونوا منامك‪� ،‬صحوك‪ ،‬حلمك‪...‬‬
‫أ�م�سكها مثلما مي�سك أالب طفلته‬
‫ال�شعر‬ ‫�لا ط��وي ً‬
‫�لا ع��ن ّ‬ ‫ح���دِّ ث ط��وي ً‬ ‫أ�ن يكربوا من طفولتهم وه��م حتت‬
‫ويدغدغ يف �إبطيها لت�ضحك‪،‬‬
‫واحلب يف اهلل‪،‬‬ ‫أ�هداب عينيك‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ث َّ��م أ�ب�صرها فج أ� ًة تتق َّم�ص �صورة‬
‫ال�شعب‬ ‫�لا ط��وي ً‬
‫�لا ع��ن ّ‬ ‫ح��دِّ ث ط��وي ً‬ ‫ل�ست أ����ص��دِّ ق أ� ّن���ك ت��ق��در أ�ن تفقد‬
‫وج��ه��ك‪ ،‬تلب�س ن��ف�����س ق���وام���ك‪ ،‬ث َّ��م‬
‫كل الطغاة‪.‬‬ ‫كيف يقاوم َّ‬ ‫احلزن يف ج َّنة اهلل‪ � ،‬إ ّنك حتزن‪،‬‬ ‫تقول‪ :‬أ�ن��ا ا آلن را���ش��د ٌة‪ ،‬مل أ�ع��د ُّ‬
‫قط‬
‫تلك العمامة‪،‬‬ ‫واحلزن عني ال ّلذاذة عندك‪،‬‬
‫مولع ًة بال ُّدمى‪ ،‬ف أ�نا ا آلن يف حكمة‬
‫أ�ق�صد تلكالتي أ��صبحت خيمة ال ّنا�س‬ ‫حت��زن ح�ين ت��رى أ� َّم���� ًة ت�ستغيث من‬
‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪15‬‬
‫��دي عن هذه الدنيا �إىل عالمَ مليء بالنور الذي ال‬ ‫تكاد تكتمل أ��سابيع ثالثة ل�سفرك أالب ّ‬
‫ظالم اجلهل والع�صب ّية‪ ،‬واحل�سد واحلقد‪ ،‬أ‬
‫والنان ّية والهوى‪ ..‬عا ٍمل يعي�ش فيه ا إلن�سان‬ ‫ي�شوبه ُ‬
‫مع �صورته التي �ش ّكلتها معاناة �إميانه يف االرتقاء وال�سم ّو عن ك ّل ما هو زائ ٌل‪ ،‬فان�سلخت‬
‫بروحها عن أالر�ض ومث ّبطاتها‪ ،‬وعاجلت هموم احلياة وم�شاكلها من فوق‪ ،‬مبا يعنيه الفوق‬
‫من طهارة وقد�س ّية‪ ،‬تر ّوح ا إلن�سان يف عامل ا إلن�س حتّى ك أ� ّنه غري حم�سو�س‪ ،‬وت ؤ�ن�سنُ ك ّل‬
‫خالقي حتّى نخال �صاحبها مغرق ًا يف ال�سذاجة التي تبتعد به‬ ‫ّ‬ ‫عنا�صر ال�سم ّو الروحي أ‬
‫وال‬
‫عن ا إلح�سا�س باالنت�صار للذات يف عمق ا إلح�سا�س بالظلم‪ ،‬وبال�صراخ يف وجه اخل�صوم‬
‫يف أ��ش ّد حاالت أالمل‪..‬‬
‫وهكذا م�ضى ع ّنا أ�بو أال ّمة‪ ،‬بك ّل �آمالها و�آالمها و أ�حالمها وتط ّلعاتها‪ ،‬نق ّي ًا من ك ّل حقد‪،‬‬
‫هم الدنيا وغ ّمها‪ ،‬وتركنا منوج‬ ‫طاهر ًا من ك ّل �ضغينة‪ ،‬مرت ّفع ًا عن أالنا وذات ّياتها‪ ،‬وارتاح من ّ‬
‫وهم تُور ّثناه أ�عمالنا‪ ،‬و�ضيق يح ّدده �إخالدنا �إىل أالر�ض وابتعادنا‬ ‫غم ن�صنعه ب أ�يدينا‪ّ ،‬‬ ‫يف ّ‬
‫عن �آفاق ال�سماء‪ٍ ،‬‬
‫وحقد تق ّد�سه ع�صب ّياتنا‪ ،‬و�سوء �سريرة تل ّونها غرائزنا‪..‬‬
‫‪ ..‬ويثور ا إلح�سا�س بفقدك ونحن نر�صد الغيوم ال�سوداء الزاحفة �إلينا مع �صفحة أالر�ض‪..‬‬
‫و ُي�شعرنا بالغربة ت�سا ؤ�لنا‪� :‬إىل أ� ّي مدىً ما نزال خمل�صني للر�سالة التي حملت‪ ،‬وللق�ضايا‬
‫خطيت‪ ..‬ونبقى ن� أس�ل عن خطوط احلمراء يف واقعنا املليء‬ ‫التي بها �آمنت‪ ،‬وللمنهج الذي ّ‬
‫بالفنت والتح ّديات‪:‬‬
‫«احلالة ا إل�سالم ّية» التي �صنتَها بع�صارة الفكر‪ ،‬وجهد العمر‪ ،‬وتعب اجل�سد‪ ،‬ونزف أالمل‪،‬‬
‫وكنت لها أ�با حاني ًا‪ ،‬تكرب أ�مام عينيك املليئتني رحم ًة ور ّقة ر�سال ّية‪ ،‬حتّى �إذا اكتملت عنا�صر‬ ‫َ‬
‫ر�شدها‪ ،‬مل تكن �إال حامي ًا لها‪ ،‬ومدافع ًا عنها‪ ،‬وم�س ّدد ًا م�سريتها‪ ،‬وم�ص ّوب ًا اتجّ اهها‪ ..‬مل‬
‫متالئ يف ذلك �صديق ًا‪ ،‬ومل تهادن عد ّو ًا‪..‬‬
‫دافعت عن أ�خطائها عندما كان‬ ‫َ‬ ‫«الدولة ا إل�سالم ّية»؛ طموح الر�سال ّيني‪ ،‬وهدف احلرك ّيني؛‬
‫احلديث عن أالخطاء يغري أ�عداء اخلارج‪ ،‬ومل مينعك ذلك من النقد لتجربتها احلرك ّية‬
‫�أ�سابيع ثالثة‪..‬‬
‫من أ�جل تكاملها وانطالقها �إىل أ�بعد مدىً يف متثيل ا إل�سالم روح ًا وم�ضمون ًا ومنهج ًا‪ ..‬وكان‬
‫�سالمي أل ّي دول ٍة يجعلك معن ّي ًا بحمايتها وت�سديدها وتر�شيدها‪..‬‬
‫ّ‬ ‫العنوان ا إل‬
‫«فل�سطني» الق�ض ّية الرمز‪ ،‬ومركز ّية ال�صراع يف هذا الع�صر‪ ،‬وحمور الق�ضايا يف حركة‬
‫الواقع؛ ف أ�خل�صت للق�ض ّية من املهد �إىل اللحد‪ ،‬حتى ارتفعت ك ّل مقاومة عنوانها فل�سطني‬
‫�إىل م�ستوى القدا�سة‪ ،‬ولو يف العنوان العري�ض؛ ألنّ البديل عن املقاومة لعد ّو أال ّمة هو ّ‬
‫الذل‬
‫واال�ست�سالم لك ّل خطط امل�ستكربين وال�صهاينة التي لن تكتفي بامل�سلمني و�إنمّ ا �ستق�ضي‬
‫على �إ�سالمهم فكر ًا وقيم ًا ومنهج حياة‪..‬‬
‫و أ�خري ًا كان ه ّمك امل ؤ�من املث ّقف ب�إميانه‪ ،‬الذي يعرف موقع �إميانه من ك ّل مفردات حياته؛‬
‫فال يعي�ش ا إلمي��ان حالة �ساذجة من االتّباع أالعمى‪ ،‬وال حال ًة من املظاهر الزائفة؛ بل‬
‫ينطلق ليبني العالقة مع اهلل من خالل الدليل �إليه‪ ،‬ومن خالل االتّ�صال به يف ك ّل ما أ�مر‬
‫من عبادات و�صالت‪ ،‬ومن خالل مراقبته يف حركة التقوى يف احلياة؛ وقد قلت يف أ�واخر‬
‫� إ ّيامك �إنّ التقوى لي�ست يف أالمور الفرد ّية فح�سب‪ ،‬و�إنمّ ا يف أالمور التي تتّ�صل بحركة الدول‬
‫واجلماعات وغريها‪..‬‬
‫ح�س امل� ؤس�ول ّية يف ا آلتي من أال ّيام‪ ،‬واملُختزن من‬
‫بع�ض ما حت ّرك به القلم تعبري ًا عن ّ‬ ‫هذا ُ‬
‫لل ّيام أ�ن حتت�ضن حركة هذه امل� ؤس�ول ّية على أ�ر�ض الواقع؛ واهلل من‬ ‫حت ّديات الواقع؛ ويبقى أ‬
‫وراء الق�صد‪.‬‬
‫جعفر ف�ضل اهلل‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد ‪ 380‬اجلمعة ‪� 11‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 23‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫م�سائل فقهية‬
‫حول التقليد‬
‫�ص ‪13‬‬

‫عدد ال�صفحات ‪20‬‬ ‫‪magazine@bayynat.org.lb‬‬ ‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬ ‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن مكتب الثقافة واالعالم‬

‫القلب الذي‬
‫لم يعرف‬
‫إال الحب‬
‫الشخصيّة اإلسالميّة الفذّ ة‪:‬‬
‫ألنّ «امللفّات» تقبل على األمّ ة إقبا ًال سريع ًا في غياب ّ‬

‫تجهّ زوا للعد ّو الّذي بد أ� بالحرب النّف�سيّة والتّهويليّة والأمنيّة‬


‫رئي�س وزراء العد ّو على ال ّرئي�س أال ّ‬
‫مريكي‬
‫باراك أ�وباما‪ ،‬ا ّلذي خلع بزّته الر�سمية‬ ‫تُقبل الهموم الكثرية والكبرية على أال ّمة‬
‫ولب�س ب��زّة بو�ش الع�سكرية‪ ،‬وكما كان‬ ‫دفع ًة واح��دة‪ ،‬ويف هذه املرحلة بال ّذات‪،‬‬
‫يعب‪،‬‬ ‫�سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل(ر���ض) رّ‬ ‫وه��ي املرحلة التي افتقدت فيها أال ّم��ة‬
‫أ�نّ ا إلدارة أالمريك ّية بد أ�ت تخ�ضع أ�كرث‬ ‫ال�شخ�ص ّية ا إل�سالم ّية ال ّرائدة والف ّذة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ل�شروط العد ّو يف‪:‬‬ ‫والتي م ّثلت للكثريين أالم��ل يف اخلروج‬
‫ـ ا�ستكمال الزّحف اال�ستيطا ّ‬
‫ين‪.‬‬ ‫من دائ��رة التّطييف واملذهب ّية‪ ،‬وكانت‬
‫ـ تهويد القد�س وح�صار بق ّية ال�ض ّفة‪،‬‬ ‫�سالح ًا قو ّي ًا يواجه أالعداء وي�صرع أ�مواج‬
‫الفل�سطيني يف‬
‫ّ‬ ‫وال�� ّزح��ف �إىل ال��وج��ود‬ ‫الفنت‪ ،‬وج�سر ًا يربط بني قطبي أال ّم��ة‪،‬‬
‫ال ّنقب إلنهائه‪.‬‬ ‫و�سيف ًا م�سلط ًا على ك ّل أ�ولئك الذين عملوا‬
‫ـ �سوق الفل�سطين ّيني للتوقيع على يهود ّية‬ ‫لن�شر ثقافة التفرقة والتمزيق والغل ّو يف‬
‫الكيان‪.‬‬ ‫رحابها‪.‬‬
‫ال�سلطة الفل�سطين ّية للتّوقيع على‪:‬‬ ‫ـ دفع ّ‬ ‫ال�سوداء يف �سماء املنطقة‬ ‫تتل ّبد الغيوم ّ‬
‫ت��وط�ين الفل�سطين ّيني خ���ارج فل�سطني‬ ‫العرب ّية وا إل���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬ويلمح الكثريون‬
‫املحت ّلة‪ ،‬وتنا�سي مو�ضوع القد�س وامل�سجد‬ ‫ين جديدٍ‬ ‫م�شروع أ� ّ‬
‫مريكي ـ �صهيو ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عالئم‬
‫م�ساح ٍة جغراف ّي ٍة يبد أ� فيها اال�شتباك‬ ‫اجل��م��ه��ور ّي��ة ا إل���س�لام�� ّي��ة يف �إي����ران بعد‬ ‫وال�ضغط‬ ‫يط ّل على املنطقة بثوب التّهويل ّ‬
‫أالق�����ص��ى‪ ،‬والتّوقيع على ق��رار «ال��دّول��ة‬ ‫الطوائف واملذاهب يف‬ ‫لينتهي على تخوم ّ‬ ‫الدّفعة أالوىل التي أ�ق�� ّره��ا الكونغر�س‬
‫الفل�سطين ّية» التي �ستكون دول ًة على م�ستوى‬ ‫يف ال��ب��داي��ة‪ ..‬ورمب���ا بلبو�س احل���رب يف‬
‫م�ساحاتها ال ّلبنان ّية املحدودة‪..‬‬ ‫أالمريكي‪ ..‬ولي�س من امل�صادفة أ�ن ي أ�تي‬ ‫يتو�سل ـ على ك ّل‬
‫نهاية امل��ط��اف‪ ،‬ولك ّنه ّ‬
‫اال���س��م فح�سب‪ ،‬أل ّن��ه��ا �ستكون منزوعة‬ ‫ك��ث�يرون يتحدّثون ع��ن مقولة كي�سنجر‬ ‫ذل��ك يف وق ٍ��ت يبعث ال��ع��د ّو باملزيد من‬
‫ال�سالح واملال والق ّوة‪ ..‬والكرامة؟!!‬
‫ّ‬ ‫ح��ال ـ عناوين ق�ضائ ّية دول�� ّي��ة‪ ،‬ويحمل‬
‫التي ُنقلت عنه قبل �سنة‪ ،‬و أ�ن��ه قالها يف‬ ‫ر�سائل التّهديد �إىل لبنان‪ ،‬املتزامنة مع‬ ‫بذور الفتنة بدء ًا من لبنان‪ ،‬و�صو ًال �إىل‬
‫احل���رب على �إن��ه��اء فل�سطني ت��دخ��ل يف‬ ‫خا�صة يف الفاتيكان‪ ،‬وك��ان‬
‫مراحلها ال ّنهائ ّية‪ ،‬وه��ي احل��رب التي‬ ‫حم��ا���ض��ر ٍة ّ‬ ‫��ارات ال تنقطع من وزي��ر حرب العد ّو‬ ‫زي ٍ‬ ‫�سالمي‪ ..‬يحدث ذلك‬ ‫ّ‬ ‫العربي وا إل‬
‫ّ‬ ‫املحيط‬
‫�سماحة امل��رج��ع ال�� ّراح��ل (ر���ض��وان اهلل‬ ‫�إىل الواليات املتّحدة أالمريك ّية‪ ..‬وامللفت‬ ‫ك ّله يف الوقت الذي تتحدّث �صحف العد ّو‬
‫قد تتط ّلب حرب ًا أ�خرى لتطويع املمانعني‬ ‫تعاىل عليه) يردّدها يف كث ٍري من جمال�سه‬ ‫أ�نّ الزيارة أالخرية أ�عقبت زيارة القا�ضي‬
‫واملقاومني‪ ،‬فتج ّهزوا أ�يها املمانعون‪ ..‬أ� ّيها‬ ‫عن أ�نّ املقاومة يف لبنان فقدت مر�شدها‬
‫اخلا�صة‪ ،‬م�شري ًا �إىل خطورة امل�شروع‬ ‫ّ‬ ‫يف املحكمة الدّولية دانيال بلمار‪ ..‬وحيث‬ ‫وملهمها‪ ،‬و أ� ّن���ه مل يعد يف حوزتها من‬
‫املخل�صون‪ ..‬فها هي الفنت أ�قبلت عليكم‬ ‫بد أ� احلديث عن توقيت قرارات املحكمة‬
‫كقطع ال ّليل املظلم‪ ..‬ل��وذوا بالقر�آن‪..‬‬
‫ين القا�ضي بتفتيت‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫مريكي ّ‬ ‫أال ّ‬ ‫م�صادر الق ّوة ال ّروح ّية والتّوجيه ّية على‬
‫ال�شرق‬‫أال ّم���ة‪ ،‬حيث ُ�س ِئل كي�سنجر عن ّ‬ ‫يل حيال‬ ‫القادمة على �ساحة التح ّرك الدّو ّ‬ ‫النحو الذي كان قبيل فقد �سماحة ال�س ّيد‬
‫خط املجاهد أالكرب‪ ،‬واملرجع‬ ‫�سريوا على ّ‬
‫أالو�سط فقال‪« :‬حرب املئة عام بني ال�س ّنة‬ ‫لبنان واملنطقة‪...‬‬
‫الطريق نا�صعاً‬ ‫أالعلى ا ّل��ذي ر�سم لكم ّ‬ ‫(ر�ضوان اهلل تعاىل عليه)‪.‬‬
‫وال�شيعة»‪ ..‬وهو ي�شري �إىل حجم ّ‬
‫اخلطة‬ ‫ّ‬ ‫يتوج�سوا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫�‬‫أ‬ ‫ني‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫بنان‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ولذلك‪ ،‬فمن حقّ‬ ‫ال�صدفة مبكانٍ أ�ن يثري الرئي�س‬ ‫لي�س من ّ‬
‫وال�سلوك واجلهاد‪..‬‬
‫وال�صالة ّ‬ ‫بالدّعاء ّ‬ ‫ين الذي تنقاد‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫أ‬
‫ومن حقّ العرب �ن يتخ ّوفوا‪ ،‬وال �س ّيما‬
‫التي ر�سمها العقل ّ‬ ‫الرو�سي احلديث عن �إمكان ّية ح�صول‬
‫واخلططي‬
‫ّ‬ ‫و أ�عدّوا لهم‪ ..‬ا إلعداد ال ّن ّ‬
‫ف�سي‬ ‫له العقول أالمريك ّية‪...‬‬ ‫أ�ول��ئ��ك ا ّل��ذي��ن عرفوا �سابق ًا والح��ق�� ًا أ�نّ‬
‫وغري ذلك‪..‬‬ ‫���ووي يف برناجمها‬‫���س�لاح ن ّ‬
‫ٍ‬ ‫�إي���ران على‬
‫على ك ّل حال‪ ،‬اجلميع ي�شهد‪ ،‬ويف املرحلة‬ ‫لبنان مي ّثل البلد الذي «تقر أ�» من خالله‬ ‫أ‬
‫املتقدّم علميا‪ ،‬ثم ت�تي املوجة الثانية‬‫ً‬
‫هاين عبد اهلل‬ ‫أالخ�يرة‪ّ ،‬مت ت�سجيل خرقٍ كب ٍري مل�صلحة‬ ‫ر�سائل العامل يف املنطقة‪ ،‬ولي�س جم ّرد‬ ‫من العقوبات أالوروب�� ّي��ة والكندية على‬

‫العاملي ل�ضرب الوحدة بني امل�سلمني من‬ ‫اىل احل��وار يف القر�آن الكرمي ودوره يف‬
‫خالل �إثارة الفتنة بني ال�سنة وال�شيعة‪.‬‬
‫ال�سيد ف�ضل اهلل الذي عمق عالقته بربه‬
‫ت��ع��اىل وان��ف��ت��ح عليه ب��ال��دع��اء و أ�ج���ج يف‬
‫�صياغة ال�شخ�صية ا إل�سالمية ‪ ،‬والرتكيز‬
‫على البعد العقائدي الركن أال�سا�س يف‬
‫بناء ال�شخ�صية‪.‬‬
‫فضل الله منّا ســــالما‬
‫داخله م�شاعر احلب والتفاين والذوبان‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل ذو القلب الكبري احلنون‬ ‫به �شيئا وال يتخذ بع�ضنا بع�ضا أ�ربابا من‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل املدر�سة‬
‫يف اهلل تعاىل فكان نتاج ذلك كتابه القيم‬ ‫ذو اخللق الرفيع مت أ��سيا بجده ر�سول اهلل‬ ‫دون اهلل‪ {..‬في�شري �سماحته اىل الق�ضية‬ ‫الفكرية احل�����ض��اري��ة ال��واع��ي��ة الفريدة‬
‫�آف��اق ال��روح يف �شرح أ�دع��ي��ة ال�صحيفة‬ ‫(���ص)‪ ..‬فانطلق �سماحته بكل ما ميلك‬ ‫امل�����ش�ترك��ة ال��ت��ي يلتقي فيها امل�سلمون‬ ‫ع��رف��ن��اه وعاي�شناه وتربينا على يديه‬
‫ال�سجادية‪ ،‬في�صف معنى العبادة عند‬ ‫م��ن ط��اق��ات م��ن علم وق���وة وم���ال وج��اه‬ ‫وامل�سيحيون يف كل ال�ساحات وهي الكلمة‬ ‫الكرميتني قرابة ‪� 30‬سنة فوجدناه العامل‬
‫الزهراء عليها ال�سالم بقوله �إننا جند‬ ‫ليبذلها لكل النا�س الذين يحتاجون لتلك‬ ‫ال�سواء يف التوحيد ورف�ض ال�شرك ووحدة‬ ‫الفا�ضل والفقيه البارع واملفكر الكبري‪،‬‬
‫فيها القوة واجلهد واالنفتاح على اهلل‬ ‫الطاقات‪.‬‬ ‫ا إلن�سانية ورف�ض اال�ستكبار واال�ستعباد‬ ‫فهو رجل جماهد ال يخاف يف اهلل لومة‬
‫�سبحانه فقد كانت تعي معنى القرب من‬ ‫ال�����س��ي��د ف�����ض��ل اهلل امل��ف��ك��ر ا إل���س�لام��ي‬ ‫ا إلن�ساين‪ ،‬و�إن من �إيجابيات احلوار ك�سر‬ ‫الئ���م‪ ،‬أ�خ���ذ ي�صارع اال�ستكبار العاملي‬
‫اهلل وقيمة الت�ضرع بني يديه والبكاء من‬ ‫احل�ضاري املنفتح راعي الوحدة ا إل�سالمية‬ ‫اجلمود الفكري والروحي والثقايف‪.‬‬ ‫وال���ع���دو ال�����ص��ه��ي��وين ح��ت��ى �آخ����ر حلظة‬
‫خ�شيته فكان يحث أ�ن يعي�ش ا إلن�سان اهلل‬ ‫فقد حتدث كثريا يف هموم النا�س وق�ضايا‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل رج��ل الفكر والثقافة‬ ‫يف حياته‪ .‬ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬
‫يف قلبه وعقله ال عبادة مغلقة ال وعي فيها‬ ‫الوحدة ا إل�سالمية واحلواجز التي تعمق‬ ‫ال��واع��ي��ة كتب و أ�ل���ف و أ�ع��ط��ى م��ن وقته‬ ‫اهلل رج��ل احل���وار فقد فتح ال��ب��اب على‬
‫وال روح‪.‬‬ ‫التوا�صل بني امل�سلمني و أ�كد يف حما�ضرة‬ ‫الكثري يف اي�صال هذه الثقافة اىل أالمة‬ ‫م�صراعيه بفكره احل��واري و أ�طروحاته‬
‫رح��م��ك اهلل ي��ا ���ص��اح��ب ال��ق��ل��ب الكبري‬ ‫ل��ه أ�م���ام وف��د م��ن جممع التقريب بني‬ ‫ا إل���س�لام��ي��ة وبنائها م��ن خ�لال �صناعة‬ ‫الكثرية‪ ،‬عمل جاهدا يف احلوار ا إل�سالمي‬
‫وح�����ش��رك اهلل ت��ع��اىل م���ع ج���دك أ�م�ي�ر‬ ‫املذاهب‪� ،‬إن على امل�سلمني ال�سنة وال�شيعة‬ ‫ال�شخ�صية ا إلمي��ان��ي��ة ال��ت��ي ت��ق��وم على‬ ‫امل�سيحي انطالقا من ا آلية الكرمية }قل‬
‫امل ؤ�منني مبظلوميتك يا �سيدنا يا أ�با علي‪.‬‬ ‫تثقيف القاعدة ال�شعبية بثقافة الوحدة‬ ‫أ��سا�س احلوار واالنفتاح على ا آلخر‪ ،‬اىل‬ ‫ي��ا أ�ه���ل الكتاب تعالوا اىل كلمة �سواء‬
‫عمار كاظم‬ ‫حمذرا من الدور الذي يقوم به اال�ستكبار‬ ‫احلرية يف مواجهة التخلف واال�ستعمار‬ ‫بيننا وبينكم أ�ال نعبد �إال اهلل وال ن�شرك‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪2‬‬
‫بيان نعي العالمة املرجع فضل الله‪:‬‬

‫وفد من عائلة الراحل الكبير يزور الرئي�سين بري والحريري‬

‫ال�سعود ّية‪ ،‬برئا�سة العالمة ال�س ّيد‬ ‫االنفتاح على حميطها وعلى العامل ك ّله‪،‬‬ ‫استقباالت‪:‬‬ ‫ق��ام وف��د من عائلة �سماحة العالمة‬
‫ح�سن ال ّنمر‪ ،‬حيث ق ّدم التّعازي با�سمه‬ ‫بعيد ًا عن احل�سابات التي كان يتو ّقف‬ ‫وا�ستقبل العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل‬ ‫املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬
‫وبا�سم أ�هايل القطيف‪.‬‬ ‫عندها البع�ض‪ ..‬لقد عا�شت أال ّمة يف‬ ‫ال�شعبي‪ ،‬كمال‬ ‫اهلل‪ ،‬رئي�س امل ؤ���مت��ر ّ‬ ‫(ر���ض) بزيارة رئي�س جمل�س النواب‬
‫كما ا�ستقبل ال ّنائب يف الربملان‬ ‫وجدانه‪ ،‬وكانت ق�ضاياها هي الهموم‬ ‫اللبناين نبيه بري‪ ،‬و�شكره على تعزيته‬
‫العراقي‬
‫ّ‬ ‫وفد من امل ؤ�متر‪.‬‬‫�شاتيال‪ ،‬على ر أ��س ٍ‬
‫التي حملها يف عقله وقلبه‪ ،‬ور ّكز حياته‬ ‫وموا�ساته بالفقيد الكبري‪.‬‬
‫�سالمي لرتكمان العراق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عن االحتاد ا إل‬ ‫وق��ال �شاتيال‪ :‬لقد م ّثل رحيل املرجع‬
‫حلماية ال��وح��دة ا إل���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬وعمل‬ ‫كما زار الوفد رئي�س احلكومة اللبنانية‬
‫أال�ستاذ عبا�س البياتي‪.‬‬ ‫للن�سان‪ ،‬وكان توحيد ّي ًا ووحدو ّي ًا يف‬ ‫���ي‪ ،‬ال�����س��ي��د حم��م��د ح�سني‬
‫ا إل����س�ل�ام ّ‬ ‫�سعد ال��دي��ن احل��ري��ري‪ ،‬و�شكره على‬
‫إ‬
‫كما تل ّقت العائلة برق ّية تعزية من وزير‬ ‫فكره و�سلوكه و�سريته‪.‬‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬خ�سار ًة أ‬
‫لل ّمة ك ّلها‪ ،‬لل�س ّنة‬ ‫تعزيته باملرجع الراحل‪ ،‬وجدد الرئي�س‬
‫ال�سوري‪ ،‬ال ّدكتور حممد عبد‬ ‫أالوقاف ّ‬ ‫كما ا�ستقبل ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل وفد ًا‬ ‫وال�شيعة‪ ،‬للعرب وجلميع امل�سلمني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫احلريري تعزيته ب�سماحته‪ ،‬م ؤ�كد ًا ان‬
‫ال�ستّار ال�س ّيد‪.‬‬ ‫علمائ ّي ًا و�شعب ّي ًا من اململكة العرب ّية‬ ‫أل ّنه ال�شخ�ص ّية احلوار ّية التي عا�شت‬ ‫رحيله خ�سارة كربى‬

‫مجلس تأبيني في الشمال‬ ‫حفل تأبيني عن روح المرجع فضل الله في تجمع العلماء المسلمين‬

‫أ�ق��ام��ت م ؤ��س�سات �سماحة �آي���ة اهلل‬


‫العظمى ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬
‫اهلل ر����ض���وان اهلل ع��ل��ي��ه‪ ،‬يف م��رك��ز‬
‫أ�ه��ل البيت(ع) يف بكمرا يف منطقة‬
‫ال�شمال جمل�س ًا ت أ�بيني ًا للراحل الكبري‬
‫�آية اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني‬ ‫وع�سكريا واجتماعيا من اجل حماية لبنان‪.‬‬ ‫اقام جتمع العلماء امل�سلمني حفال ت أ�بيني ًا عن روح الراحل‬
‫ف�ضل اهلل(ر�ض)‪.‬‬ ‫و أ�لقى �سماحة ال�سيد علي ف�ضل اللـه كلمة أ�كد فيها على‬ ‫الكبري اية اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل يف‬
‫وق���د ح�ضر امل��ج��ل�����س ع���دد ك��ب�ير من‬ ‫«متابعة م�سرية الوحدة بني امل�سلمني على كل امل�ستويات‬ ‫مبنى التجمع يف حارة حريك بح�ضور �شخ�صيات �سيا�سية‬
‫ممثلي ال�شخ�صيات ال�سيا�سية ووفود‬ ‫بكل قوة لكي نحافظ على قوة هذا البلد ومنعته يف هذه‬ ‫وحزبية ودبلوما�سية وع�سكرية ولفيف وا�سع من العلماء‬
‫علمائية من طرابل�س وال�شمال‪ ،‬ولفيف‬ ‫املرحلة»‪.‬‬ ‫ال�سنة وال�شيعة‪.‬‬
‫من امل�شايخ وال�شخ�صيات الدينية‪،‬‬ ‫و أ�لقى أ�مني �سر جمل�س االمناء يف التجمع ال�شيخ علي خازن‬ ‫رئي�س جمل�س االمناء يف جتمع العلماء امل�سلمني ال�شيخ‬
‫وعدد من ر ؤ��ساء البلديات ال�شمالية‪،‬‬ ‫كلمة ا�ستعر�ض فيها مواقف �آية اللـه العظمى ف�ضل اللـه يف‬ ‫احمد الزين �شدد على الوحدة اال�سالمية التي كان يدعو‬
‫والوفود ال�شعبية‪.‬‬
‫دعم ق�ضية الوحدة اال�سالمية وق�ضية فل�سطني وحركات‬ ‫اليها الراحل الكبري الن التفرقة والفتنة ت�صب مل�صلحة‬
‫املقاومة ‪.‬‬ ‫العدو ال�صهيوين واكد الزين على دعم املقاومة �سيا�سيا‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪3‬‬
‫امللتقى الدولي في طهران‬
‫العالمة المرجع فضل الله والمقاومة االسالمية‬

‫طليعة املحاربني للتحريف والت�شويه‪.‬و أ�كد‬ ‫الكلمة حقيقية وموجودة يف قلوبنا»‪.‬‬ ‫ال�ش ؤ�ون ال�صحفية‪ ،‬حممد علي رامني‪.‬‬ ‫ع��ق��د يف ط��ه��ران اخل��م��ي�����س‪� 10‬شعبان‬
‫أ�ن �سماحته بعد رحيل ا إلمام اخلميني مل‬ ‫وا���ض��اف ال�سيد احل�سيني بقوله‪ :‬ان‬ ‫وق���د أ�ل��ق��ى �سماحة ال�سيد ع��ل��ي ف�ضل‬ ‫‪ 22-1431‬متوز‪/‬يوليو ‪ 2010‬م‪ ،‬ملتقى‬
‫ي أ�ل جهد ًا يف اخلطبة وفر�صة �سنحت له‬ ‫الكاتب ال�صحفي امل�صري ال�شهري‬ ‫اهلل‪ ،‬كلمة بهذه املنا�سبة أ��شار فيها اىل‬ ‫دويل ح��ول ال��ع�لام��ة امل��رج��ع ف�ضل اهلل‬
‫يف دعم اجلمهورية ا إل�سالمية يف �إيران‪.‬‬ ‫حممد ح�سنني هيكل يقول‪� :‬إن ال�سيد‬ ‫الدور الت أ��سي�سي الكبري ل�سماحة املرجع‬ ‫ودوره يف دعم املقاومة اال�سالمية‪ ،‬وذلك‬
‫ف�ضل اهلل ميلك عقال تنظيميا أ�قوى‬ ‫الراحل و أ�ب��وت��ه للمقاومة اال�سالمية يف‬ ‫بح�ضور ج��م��ع ك��ب�ير م��ن ال�شخ�صيات‬
‫الشيخ التسخيري‪:‬‬ ‫و أ�على من لينني‪ ،‬وعندما جئت لبنان‪،‬‬ ‫لبنان ودعمه للق�ضية الفل�سطينية ووقوفه‬ ‫ال�سيا�سية وال��ث��ق��اف��ي��ة و���س��ف��راء ال���دول‬
‫و أ�كد االمني العام للمجمع العاملي للتقريب‬ ‫ا�ستفاد مني كل من التقاين‪ ،‬اال ال�سيد‬ ‫اىل ج��ان��ب ق���وى امل��ق��اوم��ة واحل��رك��ات‬ ‫اال�سالمية يف ايران‪.‬‬
‫بني املذاهب اال�سالمية �سماحة ال�شيخ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ف����إين ا�ستفدت منه ومل‬ ‫اال�سالمية‪.‬‬ ‫وج����رت ف��ع��ال��ي��ات امل��ل��ت��ق��ى يف م�سجد‬
‫حممد علي الت�سخريي ان املرجع الراحل‬ ‫ي�ستفد مني‪.‬‬ ‫وا���ض��اف ‪� :‬إن �سماحة العالمة املرجع‬ ‫ن��ور ب��ط��ه��ران‪ ،‬و أ�وف���د ق��ائ��د اجلمهورية‬
‫ال�سيد ف�ضل اهلل كان ذا فكرا منفح وكان‬ ‫و تابع ال�سيد احل�سيني قوله‪ :‬ان ال�سيد‬ ‫ف�ضل اهلل كان متابع ًا لكل ق�ضايا امل�سلمني‬ ‫اال�سالمية يف ايران �آية اهلل ال�سيد علي‬
‫اهال للحوار البناء كما كان يحاور ا آلخر‬ ‫ف�ضل اهلل ال��ذي ن�ش أ�ت جيل أ�جيالنا‬ ‫وداعم ًا للثورة اال�سالمية وم ؤ�يد ًا لقيادتها‬ ‫اخلامنئي رئي�س مكتبه‪ ،‬حجة اال�سالم‬
‫مبنطق قر�آين‪.‬‬ ‫على كتبه الثورية التي أ�نتج فيها فكرا‬ ‫وحري�ص ًا على م�صاحلها‪ .‬وك��ان ي��ردد‬ ‫حممد حم��م��دي كلبايكاين لتمثيله يف‬
‫وق����ال ���س��م��اح��ت��ه‪ :‬ل��ق��د ك���ان رح��م��ه اهلل‬ ‫�إبداعيا غ�� ّذى فيها ال�شباب الثوري‪،‬‬ ‫يف كل منا�سبة ب أ�ن اي��ران الثورة ح�صن‬ ‫امللتقى‪ ،‬با إل�ضافة اىل أ�مني جمل�س امناء‬
‫ال�����ص��وت ال��ع��ايل يف ال��ع��امل ا إل���س�لام��ي‪،‬‬ ‫وك���ان ن�سيجا متجان�سا م��ن ال��وع��ي‬ ‫ل�لاح��رار وامل��ق��اوم�ين‪ ،‬وان على اجلميع‬ ‫الد�ستور‪� ،‬آية اهلل احمد جنتي‪ ،‬و�آية اهلل‬
‫الذي يعرب عن تطلعات احلوزات العلمية‬ ‫والفكر ال �إفراط فيه وتفريط‪.‬‬ ‫املحافظة على قيم الثورة و�إجنازاتها‪.‬‬ ‫اب��و القا�سم خزعلي‪ ،‬أ�ح��د فقهاء هذا‬
‫واملرجعيات الدينية نحو �إقامة حكومة‬ ‫وحت�����دث ع���ن م���واق���ف���ه ا إل���س�لام��ي��ة‬ ‫ال�شرف‪:‬‬ ‫حوزة النجف أ‬ ‫املجل�س‪ ،‬ورئي�س اللجنة الثقافية مبجل�س‬
‫�إ�سالمية أ��صيلة كما كان الفكر املنفتح‬ ‫واحت�ضانه للمقاومة ا إل���س�لام��ي��ة يف‬ ‫يف كلمة له يف امللتقى‪ ،‬أ�ك��د اال�ستاذ يف‬ ‫ال�����ش��ورى اال���س�لام��ي‪ ،‬غ�لام علي ح��داد‬
‫واملحاور لكل أ��صحاب احلوار مهما كانت‬ ‫لبنان‪ ،‬التي ك��ان أالب ال��روح��ي لها‪،‬‬ ‫ح��وزة النجف اال���ش��رف «ال�سيد كاظم‬ ‫عادل‪...‬‬
‫م�شاربهم‪ ،‬وفق ًا ملنطق القر�آن‪.‬‬ ‫وك��ذل��ك دع��م��ه ال��ك��ب�ير للمقاومة يف‬ ‫احل�سيني» ان ال��ع�لام��ة امل��رج��ع ال�سيد‬ ‫و�شارك يف هذه املرا�سم أ�ي�ض ًا االمني العام‬
‫وح��ول خدمات العالمة املرجع العلمية‬ ‫فل�سطني‪.‬‬ ‫ف�ضل اهلل كان أالب الروحي واخليمة التي‬ ‫للمجمع العاملي ألهل البيت‪ ،‬ال�شيخ ح�سن‬
‫والعملية للمرجعية ال�شيعية قال‪ :‬با إل�ضافة‬ ‫آية الله اآلراكي‪:‬‬ ‫تغطي املقاومة ا إل�سالمية يف وفل�سطني‪.‬‬ ‫اخ�تري‪ ،‬وام�ين املجمع العاملي للتقريب‬
‫اىل أ�ف���ك���اره ال��ت��ي ب���رز ف��ي��ه��ا التطوير‬ ‫وحتدث �آية اهلل ال�شيخ حم�سن ا آلراكي‬ ‫وقال ال�سيد احل�سيني بح�سب ما أ�فادت‬ ‫بني املذاهب اال�سالمية‪� ،‬آية اهلل ال�شيخ‬
‫وا إلب����داع‪ ،‬أ����ض��اف ق��دم �سماحته الفكر‬ ‫و�صفه لل�شخ�صية العلمية واجلهادية‬ ‫وك��ال��ة «اي��ك��ن��ا» أ‬
‫ل�ل�ن��ب��اء‪ :‬ه��ن��اك كلمة‬ ‫حممد علي الت�سخريي‪ ،‬واملتحدث ب�إ�سم‬
‫وخطبه‬‫ا إل�سالمي ب أ���روع �صورة يف كتبه ُ‬ ‫للعالمة املرجع ال�سيد حممد ح�سني‬ ‫يرددونها الطلبة يف احل��وزة العلمية يف‬ ‫وزارة اخلارجية‪ ،‬رامني مهمانرب�ست‪.‬‬
‫وحما�ضراته ويف امل�شاركات وامل ؤ�مترات‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬قال �سماحته‪ :‬لقد كان هذا‬ ‫النجف أال�شرف وهي يقولون فيها «كل‬ ‫ك��م��ا ���ش��ارك ك��ل م��ن ‪ :‬م�����س��اع��د رئي�س‬
‫ا إل�سالمية الدولية‪ ،‬وحقيقة نفتقد اليوم‬ ‫ال�سيد اجلليل منذ مطلع نه�ضة ا إلمام‬ ‫من خرج من النجف خ�سر النجف‪ ،‬اال‬ ‫اجلمهورية اال�سالمية االيرانية ورئي�س‬
‫ب�شدة مثل هذا ال�صوت العظيم‪.‬‬ ‫اخلميني (قده) من اكرب العلماء الذين‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬فقد‬ ‫م ؤ��س�سة �شهيد الثورة اال�سالمية وم�ساعد‬
‫نا�صروا ال��ث��ورة ا إل�سالمية‪ ،‬وك��ان يف‬ ‫خ�سرته النجف ومل ي�سلم النجف وهذه‬ ‫وزي���ر الثقافة واالر����ش���اد اال���س�لام��ي يف‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪4‬‬
‫وم�����ش��ارك��ة ال��وف��د االي����راين يف مرا�سم‬ ‫السيد علي فضل الله التقى الرئيس االيراني في طهران‪:‬‬
‫الت�شييع يف بريوت‪ ،‬وقال‪� :‬إن املرجع ف�ضل‬
‫اهلل كان يعترب ايران القاعدة الرئي�سية‬
‫لال�سالم املحمدي اال�صيل ولكل احرار‬
‫ال��ع��امل‪...‬وا���ض��اف‪ :‬ك��ان ال�سيد(ر�ض)‬
‫نجاد ‪ :‬كان رصيدا متين ًا للمقاومة وكرس حياته في مواجهة الظلم‬
‫ي��ويل اهتماما كبريا بق�ضايا وم�شاكل‬
‫�إن ه��ذا العامل كر�س‬
‫العامل اال�سالمي وخا�صة م�شاكل ال�شعب‬ ‫جل حياته يف حماربة‬
‫الفل�سطيني امل��ظ��ل��وم‪ ،‬وك���ان ي��دع��و اىل‬ ‫ال��ظ��ل��م واال���س��ت��ب��داد‬
‫تعزيز الوحدة يف العامل اال�سالمي و اىل‬ ‫وك��ان يبدي اهتماما‬
‫زوال الكيان ال�صهيوين الغا�صب‪.‬‬ ‫بق�ضايا املنطقة وان‬
‫وزير اخلارجية اإليراني‪:‬‬ ‫خ��ط��اب��ات��ه وم��واق��ف��ه‬
‫وكان وزير اخلارجية ا إلي��راين‪ ،‬منو�شهر‬ ‫ال��ث��وري��ة واحل��ا���س��م��ة‬
‫متكي‪ ،‬قد ا�ستقبل �سماحة ال�سيد علي‬ ‫ك��ان��ت ت��وع��وي��ة قيمة‪.‬‬
‫ف�����ض��ل اهلل‪ ،‬وق����دم ل��ه جم����دد ًا ت��ع��ازي��ه‬ ‫واكد احمدي جناد ان‬
‫باملرجع ال��راح��ل‪ ،‬وق���ال‪� :‬إن �صوت �آي��ة‬ ‫الظاملني يف طريقهم‬
‫اهلل ف�ضل اهلل يف دع��م وح��دة امل�سلمني‬ ‫اىل ال�����زوال‪ ،‬ق��ائ ً‬
‫�لا‪:‬‬
‫وامل��ق��اوم��ة ام��ام اع���داء اال���س�لام �سيظل‬ ‫ا�ستقباله �سماحة ال�سيد ع��ل��ي ف�ضل‬ ‫ا�شاد الرئي�س احمدي جناد‪ ،‬باخلدمات‬
‫مما ال �شك ان الظلم الذي قد تو�سع يف‬
‫مدويا يف أ�ذان امل ؤ�منني وع�شاق طريق‬ ‫العامل‪� ،‬سي�ست أ��صل قريب ًا بف�ضل يقظة‬ ‫اهلل‪ ،‬ت��ع��ازي��ه جم���ددا ب��رح��ي��ل �سماحة‬ ‫ال��ك��ب�يرة ال��ت��ي ق��دم��ه��ا ال��ع�لام��ة امل��رج��ع‬
‫احلق واال�سالم احلقيقي‪.‬‬ ‫�شعوب العامل‪.‬‬ ‫ال�سيد(ر�ض)‪ ،‬وا�ضاف‪� :‬إن �سماحته كان‬ ‫ال���راح���ل ال�����س��ي��د حم��م��د ح�����س�ين ف�ضل‬
‫ك��م��ا ا���ش��ار متكي اىل م��واق��ف العالمة‬ ‫من جانبه‪ ،‬قدم ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬يف‬ ‫ر�صيدا متينا لل�شعب اللبناين واملقاومة‬ ‫اهلل(ر�����ض)‪ ،‬للعامل اال���س�لام��ي‪ ،‬قائ ًال‪:‬‬
‫املرجع ف�ضل اهلل معترب ًا ان مواقفه يف‬ ‫هذا اللقاء‪� ،‬شكره على ر�سالتي التعزية‬ ‫و�شعوب املنطقة‪.‬‬ ‫�إن نهج العالمة ف�ضل اهلل �سيتوا�صل‬
‫دع��م امل��ق��اوم��ة اال�سالمية يف لبنان قد‬ ‫اللتني وجههما قائد اجلمهورية اال�سالمية‬ ‫أ‬
‫واع��ت�بر جن���اد �ن امل���واق���ف ال�صائبة‬ ‫يف لبنان وان اهدافه ال�سامية �ستتحقق‬
‫حولت املقاومة اىل ثقافة‪ ،‬كما ان الفقيد‬ ‫�آية اهلل ال�سيد علي اخلامنئي والرئي�س‬ ‫ووجهات النظر املبتكرة للعالمة املرجع‬ ‫يف ظل م�ساعي امل ؤ�منني واملقاومني وان‬
‫ال��راح��ل ك��ان ي�سري يف نهج ال��وح��دة يف‬ ‫اح��م��دي جن��اد برحيل امل��رج��ع ال��راح��ل‪،‬‬ ‫ف�ضل اهلل ذات ت أ���ث�ير ك��ب�ير يف تذليل‬ ‫القد�س ال�شريف �ستتحرر‪.‬‬
‫العامل اال�سالمي‪.‬‬ ‫العقبات وحل امل�شاكل باملنطقة‪ ،‬م�ضيف ًا‪:‬‬ ‫وق���دم ال��رئ��ي�����س اح��م��دي جن���اد‪ ،‬خ�لال‬
‫جمل�س الفاحتة يف امل��ق�� ّر ال��ع��ام حلزب‬
‫الدّعوة ا إل�سالم ّية يف بغداد‪ ،‬وجمل�س يف‬
‫مكتب الدعوة يف ال ّنجف‪ ،‬والذي ا�ستقبل‬
‫العراق يرتدي ثوب الحداد‬
‫التعازي ملدّة �سبعة أ�يام‪.‬‬ ‫�����ص��ا ِب ِ��ري��نَ ا َّل ِ���ذي���نَ ِ� إ َذا‬ ‫} َو َب���� ِّ���ش ِ���ر ال َّ‬
‫كما اقيم جمل�س مركزي يف الكوفة ‪ ،‬ويف‬ ‫للِهّ‬
‫َأ� َ�صا َب ْت ُهم ُّم ِ�صي َب ٌة َقا ُلو ْا ِ� إ َّنا ِ َو ِ� إ َّنـا ِ� إ َل ْي ِه‬
‫عدد من مكاتب حزب الدّعوة املنت�شرة يف‬ ‫َر ِاجعونَ {‪.‬‬
‫عموم العراق‪.‬‬ ‫ول���د �سماحة امل��رج��ع ال��راح��ل �آي���ة اهلل‬
‫ّ‬
‫ال�صدر الثاين‬‫كما أ�ق��ام مكتب ال�شهيد ّ‬
‫ّ‬ ‫العظمى ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬
‫(ق������ده) جم��ال�����س ال���ف���احت���ة يف جميع‬ ‫ر�ضوان اهلل عليه يف ال ّنجف أال�شرف‪،‬‬
‫املحافظات واملناطق‪ ،‬ومت �إعالن احلداد‬ ‫ودر����س فيها ون��ه��ل م��ن علومها‪ ،‬فعا�ش‬
‫ثالثة أ� ّي��ام‪ ،‬واتّ�شحت املكاتب والهيئات‬ ‫همومها‪ ،‬وعمل م��ع أ�خ��وت��ه على �إيجاد‬
‫بال�سواد والالفتات‬‫ال�صدري ّ‬ ‫التّابعه للت ّيار ّ‬ ‫جم��ال�����س امل��ح��اف��ظ��ات وع����دد ك��ب�ير من‬ ‫ال�شوارع بال�سواد والفتات ال��ع��زاء‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫احل��ل��ول للكثري م��ن امل�شاكل ا ّل��ت��ي كان‬
‫املعزّية‪.‬‬ ‫االحزاب وال�شخ�صيات‪..‬‬ ‫قامت احلوزة العلم ّية يف ال ّنجف بتعليق‬ ‫يعي�شها ال��ع��امل ا إل���س�لام ّ��ي ب�شكل ع��ام‪،‬‬
‫و أ�ق���ام املجمع العاملي له���ل البيت‪ ،‬يف‬
‫أ‬ ‫و أ�قيمت جمال�س الفاحتة على روح الفقيد‬ ‫الدّر�س‪ ،‬و�إعالن حمافظة ال ّنجف أال�شرف‬ ‫وال ّنجف أال���ش��رف‪ ،‬باعتبارها اجلامعة‬
‫ال ّنجف أال�شرف‪ ،‬جمل�س فاحتة على روح‬ ‫(قدّه) يف خمتلف مناطق العراق‪ ،‬نذكر‬ ‫�سمي ملدّة ثالثة أ� ّيام‪ ،‬ومثله يف‬ ‫احلداد ال ّر ّ‬ ‫خا�ص‪،‬‬
‫ال�شيع ّية الكربى‪ ،‬ب�شكل ّ‬ ‫ا إل�سالم ّية ّ‬
‫املرجع االراحل (ر�ض)‪.‬‬ ‫منها‪:‬‬ ‫�سائر حمافظات الو�سط واجلنوب‪ ،‬حيث‬ ‫فكتب املقاالت‪ ،‬و أ� ّلف الكتب التي طرحت‬
‫واق��ام��ت الفاعليات ال ّن�سائية جمال�س‬ ‫جمل�س الفاحتة يف احل���وزة العلم ّية يف‬ ‫أ�علن من قبل جمال�س املحافظات يف هذه‬ ‫ب�شكل أ�قوى و أ�قدر على مواجهة‬ ‫ا إل�سالم ٍ‬
‫الفاحتة يف مناطق خمتلفة من ال ّنجف‬ ‫ال ّنجف أال���ش��رف ال��ذي أ�ق��ي��م بالتعاون‬ ‫�سمي ملدّة ثالثة أ�يام‪.‬‬ ‫املناطق احلداد ال ّر ّ‬ ‫�سالمي �آنذاك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ا‬ ‫للفكر‬ ‫املعاديه‬ ‫أالفكار‬
‫أال�شرف‪.‬‬ ‫ال�صادق(ع) وجمعية‬ ‫مع مراكز ا إلم��ام ّ‬ ‫كما أ�قيمت جمال�س الفاحتة على روح‬ ‫حتى ج��اء اليوم ال��ذي ق�� ّرر فيه اخل��روج‬
‫ال�صادق (ع) يف‬ ‫كما أ�علن مركز ا إلمام ّ‬ ‫التعاون اخلريية يف ال ّنجف أال�شرف‪.‬‬ ‫�سماحة الفقيد (ر���ض) يف املحافظات‬ ‫من ال ّنجف‪ ،‬ولكن بقيت ال ّنجف مرافق ًة‬
‫ال ّنجف أال�شرف وعموم العراق‪ ،‬وبالتعاون‬ ‫وق��د ح�ضر جمل�س الفاحتة العديد من‬ ‫ومت تغطيتها ب�شكل وا�سع من ال�صحافة‬ ‫له بك ّل تفا�صيل حياته‪ ،‬فلم ين�سها يوم ًا‪،‬‬
‫مع جمع ّية املربات اخلريية ‪ ،‬احلداد �سبعة‬ ‫ال�شخ�ص ّيات الدّين ّية‪ ،‬ك�سماحة ال�س ّيد‬ ‫ّ‬ ‫املحلية والعاملية‪..‬‬ ‫كما مل ين�س العراق‪ ،‬ك ّل العراق‪ ،‬بجميع‬
‫أ�يام‪ ،‬وا�ستقبال املعزّين بوفاته (ر�ض)‪،‬‬ ‫ع��ل��ي احل�سني (دام ظ��ل��ه)‪ ،‬وحم��اف��ظ‬ ‫وا����ص���درت م��ع��ظ��م اجل��ه��ات ال�� ّر���س��م�� ّي��ة‬ ‫ط��وائ��ف��ه وت��ن�� ّوع��ات��ه الدينية واملذهب ّية‬
‫وا ّت�����ش��ح��ت امل��راك��ز ب��ال ّ‬
‫�����س��واد‪ ،‬ون�شرت‬ ‫النجف‪ ،‬ورئي�س جمل�س حمافظة ال ّنجف‬ ‫أ‬
‫والح���������زاب وال���ه���ي���ئ���ات االج��ت��م��اع�� ّي��ة‬ ‫والعرق ّية ‪.‬‬
‫ال�لاف��ت��ات واملل�صقات و���ص��ور �سماحة‬ ‫أال�شرف‪ ،‬الدّكتور جميد م�صطفى زيني‪،‬‬ ‫وامل� ّ�س�سات ّية‪ ،‬بيانات التّعزية برحيل‬ ‫ؤ‬ ‫وق��د تلقى ال��ع��راق ‪ ،‬ب��ك�� ّل ت��ن�� ّوع��ات��ه‪ ،‬نب�أ‬
‫ال�س ّيد (ر����ض) على م��داخ��ل املحافظة‬ ‫والعديد من ال�شخ�صيات‪.‬‬ ‫�سماحته (ر����ض)‪ ،‬وم��ن اب��رزه��ا‪ :‬رئي�س‬ ‫رحيله بحزن و أ��سى و أ�مل وح�سرة‪ ،‬لفقده‬
‫وخمارجها‪ ،‬كما ق��ام وف��د من اجلمع ّية‬ ‫واقيم جمل�س فاحتة يف املدر�سة ال�شربية‬ ‫اجلمهوريةجاللالطالباين‪،‬رئي�سالوزراء‬ ‫رج ًال لطاملا كان منا�صر ًا له بك ّل ق�ضاياه‬
‫وامل���رك���ز‪ ،‬مب�����ش��ارك��ة ا إلخ�����وة املقيمني‬ ‫من قبل طلبة احلوزة العلم ّية‪.‬‬ ‫نوري املالكي‪ ،‬نائبا رئي�س اجلمهور ّية‪،‬نائب‬ ‫�ض ّد الظلم واالحتالل واال�ستبداد‪.‬‬
‫ملجال�س العزاء من أالحزاب والتج ّمعات‬ ‫ك��م��ا أ�ق���ام���ت م��ك��ات��ب ح����زب ال��� ّدع���وة‬ ‫رئي�س ال���وزراء ‪ ،‬رئي�س ال���وزراء ال�سابق‬ ‫فبعد تل ّقي نب أ� رحيل �سماحته‪ ،‬بدا احلزن‬
‫الع�شائر ّية‪ ،‬ومكاتب العلماء واحل��وزات‬ ‫ا إل���س�لام�� ّي��ة يف عموم ال��ع��راق‪ ،‬جمال�س‬ ‫الدّكتور �إبراهيم اجلعفري‪ ،‬والعديد من‬ ‫جل ّي ًا على العراق ّيني‪ ،‬من حمبني ومق ّلدين‬
‫والهيئات االجتماع ّية وال�سيا�س ّية‪.‬‬ ‫الفاحتة على روح املرجع املقد�س‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫الوزراء و أ�ع�ضاء جمل�س الن ّواب و أ�ع�ضاء‬ ‫وم��ل��ت��زم�ين خل ّ��ط��ه ون��ه��ج��ه‪ ،‬فاتّ�شحت‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪5‬‬
‫طريق التدريب والتعلم امل�ستمر‪.‬‬
‫�سوف ن ؤ�كد يف مرحلتنا القادمة على نقاط‬
‫القوة التي منتلكها ونعمل على تعزيزها‪،‬‬
‫الحبيب الذي �سيبقى حا�ضر ًا معنا‬
‫وال �شك أ�ن رحيل �سماحته(ر�ض) قد‬ ‫د‪.‬محمد باقر فضل الله‬
‫غيرّ �شيئ ًا من حياتنا‪ ،‬ولكن فكره اخل ّالق‬ ‫ال أدري ما الذي أحدثكم به اليوم‪ ،‬ألن شمسه غارت مع انبالج فجره‪ ..‬أحدثكم‬
‫واملبدع الذي لن ي ؤ�ثر عليه تتايل ال�سنني‪،‬‬ ‫أ�ج��دك��م يف داخلها‪ ،‬ألن��ه ل��وال جهودكم‬
‫وروحه املنفتحة على اهلل وعمله الد ؤ�وب‬ ‫و�إخال�صكم‪ ،‬ولوال دقتكم يف امل� ؤس�ولية ملا‬ ‫عن الذين يبلّغون رساالت الله ويخشونه‪ ..‬أحدثكم عن الربّانيني مبا كانوا‬
‫يف حياته واقتحام ال�صعب‪� ،‬سوف يبقى‬ ‫ا�ستطعنا أ�ن نحقق �شيئ ًا من هذا النجاح‬ ‫يعلّمون الكتاب ومبا كانوا يدرسون‪ ..‬أحدثكم عن احلبيب الذي وسع لكم‬
‫القدوة يف امل�سار‪ ..‬هذا و�إن رفع م�ستوى‬ ‫الذي ي�شهد به الكثريون»‪.‬‬ ‫صدره وقلبه حباً‪ ..‬كما وسع كل احملبني واتسع شفقةً على القالني‪..‬‬
‫امل ؤ��س�سات بالتدريب والت أ�هيل والبحث‬ ‫ال ب��د لنا أ�ي��ه��ا أالح��ب��ة م��ن ال��ع��ودة �إىل‬
‫واملثابرة والقدرة على اقتحام امل�شاكل‬ ‫كلماته وتوجيهاته ولن�صائحه و�إ�شراقاته‬ ‫أ�حدثكم عن العامل والقائد‬
‫بال�سلوب القر�آين �سوف ميكننا‬ ‫وح ّلها أ‬ ‫ن�ستلهمها يف م�سريتنا امل�ستقبلية ليبقى‬ ‫وامل��ف��ك��ر وال��ف��ق��ي��ه وامل��ر���ش��د‬
‫أ‬
‫م��ن توفري التم ّيز ال��ذي �راده لتحقيق‬ ‫معنا حا�ضر ًا‪� ..‬إمام ًا قدوة ملهم ًا وحبيب ًا‬ ‫وال��داع��ي��ة ال��ر���س��ايل واملرجع‬
‫ر�ضى اهلل الذي هو منتهى الغايات‪..‬‬ ‫نبقى نذوب �شوق ًا �إليه‪..‬‬ ‫امل�ستنري وا إلن�سان‪ ..‬أ�حدثكم‬
‫�إن��ن��ا نحتاج �إىل امل��دي��ر املفكر ال��واع��ي‬ ‫ال بد لنا ويف هذه املرحلة التي غابت فيها‬ ‫عن فجر املربات و�إ�شراقاتها‪..‬‬
‫الذي يدرك التغيرّ ات جيد ًا وما على أ�ر�ض‬ ‫�شم�س كانت تبعث ال��دفء فينا‪ ،‬لتعود‬ ‫ٌ‬ ‫املر�ضي والهانئ‬ ‫ّ‬ ‫عن الرا�ضي‬
‫الواقع وانعكا�س ما يجري يف امل ؤ��س�سة على‬ ‫فت�شرق م��ن ج��دي��د وم��ن بعيد‪ ،‬لنبقى‬ ‫يف حياته ويف مر�ضه ويف نزعه‬
‫العمل‪ ..‬واملتابع عن كثب كل املجريات‬ ‫ن�ستمد من حرارتها دفئ ًا م�ستمرين يف‬ ‫كما حدثني طبيبه يف �ساعته‬
‫بدل ا إلن�شغال بتفا�صيل وم�ستهلكات تبدد‬ ‫رعاية م�ستقبل مدار�س املربات والذي هو‬ ‫أالخ��ي�رة‪ ،‬مل ُيتعب أ�ح���د ًا يف‬
‫اجلهود وت�شغل باجلزئيات عن الكل ّيات‬ ‫فر�ض واجب على كل منا‪ ..‬هذا امل�ستقبل‬ ‫حياته‪ ..‬تعب عن ا آلخرين‪..‬‬
‫مبا ي ؤ�دي �إىل خلل ال �سمح اهلل لن تظهر‬ ‫ال���ذي ل��ن يتحقق ك��م��ا أ�راده �سماحة‬ ‫ول���ك���ن ك���م أ�ت���ع���ب م���ن بقي‬
‫نتائجه يف الزمن القريب‪..‬‬ ‫امل ؤ��س�س(ر�ض) �إال من خالل ا إل�صرار‬ ‫بعده‪..‬‬
‫ويبقى لنا أ�ن منار�س التفكر فيما ي�ستجد‪..‬‬ ‫على التعلم وال��ت��ط��ور واملحافظة على‬ ‫خم�سة وع�شرون ع��ام�� ًا معك‬
‫وكان ر�ضوان اهلل عليه يطلب منا أ�ن نفكر‬ ‫اجلودة والبحث عن الثغرات للت�صحيح‬ ‫أ�يها الراحل احلبيب يف م�سرية‬
‫مع ًا‪ ..‬أ�ن ن�ستجيب لنداء اهلل للم ؤ�منني‬ ‫والتطور التكنولوجي مبتابعة دقيقة لكي‬ ‫العمل امل ؤ��س�ساتي أ��ستح�ضرها‬
‫(وي��ت��ف��ك��رون) ‪ ..‬ل��ن��ت أ���م��ل ب��امل��م��ار���س��ة‬ ‫ال ي�صبح �شك ًال من دون م�ضمون‪ ،‬ومتابعة‬ ‫ذاك�����رة ج���ري���ح���ة‪ ..‬يف ب��ن��اء‬
‫ولنو�سع من م�ساحة العقل‬ ‫ّ‬ ‫التفكرية ‪..‬‬ ‫لكل جديد‪ ،‬وا إلنفتاح على ا آلخر‪ ،‬وبذلك‬ ‫امل��ب��رات‪ ..‬م��ن م�ب�رة ا إلم���ام‬
‫الواعي‪ ..‬متح ّررين من عمق ال�سكون‪..‬‬ ‫ن�صل �إىل ال���روح ا إلن��دم��اج��ي��ة م��ع فكر‬ ‫اخل���وئ���ي ب��ع��د ان��ت��ق��ال��ه��ا �إىل‬
‫لنعمل على ا�ستمرار التنوير امل ؤ��س�ساتي‬ ‫م ؤ��س�س امل�برات التي ت ؤ�كد على التفوق‬ ‫م�شروع ّي جبيل‬
‫َ‬ ‫الدوحة‪� ..‬إىل‬
‫بعمل د ؤ�وب ون��ف�����س جت���دي���دي‪ ..‬لنكن‬ ‫والتميز وا إلحت�ضان واملحبة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ومربة بنت جبيل اللذين كنتَ‬
‫أالوف��ي��اء لفكره‪ ..‬ولنهجه‪ ..‬دع��وة لكم‬ ‫ت� أس�ل عنهما كثري ًا يف أ�يامك‬
‫أ�يها أالحبة أ�ن تقر أ�وا فكره الغزير ب�شكل‬ ‫الفريقي ال امل ؤ��س�سة بتوجهها الفردي‪.‬‬ ‫الهم الذي‬‫أالخرية ومرور ًا بكل ّ‬
‫كنا ننتظره يف ف�صول جمال�س املديرين‬
‫منهجي‪ ..‬و أ�ن جت ّ�����س��دوا قيم ا إل���س�لام‬ ‫لم يُتعب أحد ًا في‬ ‫أالرب��ع والتي كانت كلها ربيع ًا‪ ،‬حتى لو‬
‫كنتَ حتمله لت أ��سي�س كل امل ؤ��س�سات ولكل‬
‫ج�سدها قو ًال‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫أالخالقية وا إلن�سانية التي ّ‬
‫وعم ًال‪ ..‬وقد طلب يف و�صاياه �ن تقر�وه‬
‫حياته‪ ..‬تعب عن‬ ‫مل نح�ضر جمل�سه يف بع�ضها ك��ان فيها‬
‫منها حكاية وتفا�صيل‪ ،‬والتي مل تقت�صر‬
‫على لبنان بل امتدت �إىل أ�كرث من مكان‬
‫لتعرفوه جيد ًا‪ ،‬وعند قراءته وجت�سيد قيم‬
‫اآلخرين‪ ..‬ولكن‬ ‫احل��ا���ض��ر‪ ..‬وج����وده ا ّت�����س��ع ل��ك��ل حياتنا‬ ‫يف ال��ع��امل‪ ..‬وك��م ك��ان فرحك ودع���ا ؤ�ك‬
‫ا إل�سالم التي نادى بها‪ ،‬نكون مع �إلتفاتات‬ ‫كم أتعب من بقي‬ ‫وعملنا‪ ..‬ك��ان وج���وده ي�شعرنا ب أ‬
‫��الم��ان‬ ‫للعاملني عند �سماع أ�خ��ب��ار النجاحات‬
‫حياته والفكرة التي أ�رادها فوق �ضريحه‬ ‫بعده‪..‬‬ ‫وبالطم أ�نينة ت�سري يف أ�ع��م��اق��ن��ا‪ ..‬ك ّل‬ ‫والتميز والتفوق يف أ�كرث من جمال‪..‬‬
‫ُحلم ًا‪ ،‬فلنعمل على جت�سيده واقع ًا يرثي‬ ‫منكم كان ي�شعر أ�ن له ن�صيب ًا منه‪ ..‬ويف‬ ‫رغ��م احل�����ص��ار يف م��راح��ل م��ن م�سرية‬
‫ا إلن�سان واحلياة عم ًال ملا عند اهلل و أ�م ًال‬ ‫مثل ه��ذه أالي���ام من العام ال��ذي م�ضى‬ ‫العمل وبتوجيهه ورعايته واحت�ضانه وح ّثه‬
‫ير�ضاه‪� ..‬سوف نفتقده كثري ًا و�ستبقى‬ ‫بد أ� حديثه معنا ب�شكره لكم على اجلهود‬ ‫على النظر مل��ا يف ي��د اهلل أ�ك�ثر مم��ا يف‬
‫لقد أ�راد لنا امل ؤ��س�س ال��راح��ل(ر���ض)‬ ‫وال��ن��ت��ائ��ج ا إلي��ج��اب��ي��ة اجل��ي��دة‪ ،‬وحت��دث‬
‫روح��ه حم ّلقة م��ع أالن��ب��ي��اء وال�صدّيقني‬ ‫أ�ن نكون أ�قوياء ونحن منلك كل عنا�صر‬ ‫أ�يدينا ا�ستطعنا أ�ن نقدم من��اذج رائدة‬
‫وال�شهداء وال�صاحلني و�سنبقى متذ ّكرين‬ ‫عن عنا�صر وثقافة املدير ليكون قدوة‬ ‫يف م��ي��ادي��ن العمل ال��رع��ائ��ي وال�ترب��وي‬
‫لل�ستمرار يف م�سريته امل ؤ��س�ساتية‬ ‫القوة إ‬ ‫العاملني يف امل ؤ��س�سة‪ ،‬ب أ�ن ي أ�خذ ب أ��سباب‬
‫و���ص��اي��اه ال��ق��ر�آن��ي��ة ال��ت��ي ط��امل��ا ردّده���ا‬ ‫وحتقيق أ�ف���ق ر ؤ�ي��ت��ه امل�ستقبلية‪ ،‬وك��ان‬ ‫وا إلجتماعي وا إلن��ت��اج��ي‪ ..‬فبف�ضل هذا‬
‫ه��ذه الثقافة وعي�ش حالة ال��ط��وارئ ألن‬ ‫التوجيه وو�ضوح الر ؤ�ى لديه وت أ�كيده على‬
‫و أ�راده���ا كلمة أ�خ�يرة‪َ } :‬ي��ا َأ� ُّي�� َه��ا ا َّل ِذينَ‬ ‫تثقيفه أ�ن ا إلن�سان هو أال�سا�س إلحداث‬ ‫ال��ع��امل م��ن ح��ول��ن��ا م��ت��ط��ور ي��ب��دع يف كل‬
‫َنظ ْر َنف ٌْ�س َّما َق َّد َم ْت‬ ‫�آ َم ُنوا ا َّت ُقوا اللهَّ َ َو ْلت ُ‬ ‫التقدم والتطور يف م�سرية العمل‪..‬‬ ‫أ�ننا ل�سنا أ�تباع ًا و�إمن��ا معه وقدوته يف‬
‫مرحلة ج��دي��د ًا‪ ..،‬أ�ن نعي�ش ع�صرنا‪..‬‬
‫ري بمِ َ ا َت ْع َم ُلونَ‬ ‫ِل َغدٍ َوا َّت ُقوا اللهَّ َ �إِنَّ اللهَّ َ َخ ِب ٌ‬ ‫و�إننا على يقني ب أ�ننا جميع ًا �سوف ن�ستلهم‬ ‫م ؤ����ك���د ًا ع��ل��ى ال��ت��ف��وق ال���ذي مي�� ّث��ل حالة‬
‫ذلك ر�سول اهلل(�ص) (حممد ر�سول اهلل‬
‫ن�ساهُ ْم‬ ‫َ‬ ‫للهَّ‬
‫* َو َال َت ُكو ُنوا َكا َّل ِذينَ َن ُ�سوا ا َف َأ� َ‬ ‫فكره املتجدد وال�سابق لع�صره ونحقق‬ ‫والذين معه‪ )..‬بهذه الروح قامت ع�شرات‬
‫َأ�ن ُف َ�س ُه ْم أُ� ْو َل ِئ َك هُ ُم ا ْل َف ِا�س ُقونَ * ال َي ْ�س َت ِوي‬ ‫�إن�سانية ال حالة أ�نانية‪ ،‬وم��ا أ� ّك��د عليه‬ ‫امل ؤ��س�سات التي مت ّيزت وكانت تطلب منا‬
‫ر ؤ�اه الواعية ملا وراء ا آلفاق وذلك ب�إبداع‬ ‫أ�خري ًا ا إللتزام بكل ما تفر�ضه امل� ؤس�ولية‬
‫اب‬ ‫اب الجْ َ َّن ِة َأ� ْ�ص َح ُ‬ ‫اب ال َّنا ِر َو َأ� ْ�ص َح ُ‬‫َأ� ْ�ص َح ُ‬ ‫واليدي القادرة على حتريك كل‬ ‫العقول أ‬ ‫التميز‪ ..‬ه��ذه ال��روح التي أ�رادت��ن��ا معه‬
‫الجْ َ َّن ِة هُ ُم الفا ِئزُونَ {‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫من التوفر على ا إللتزام بالنظام العام‬ ‫رفقاء ال أ�تباع ًا‪ ،‬هذه الروح التي تعطي من‬
‫القدرات وا إلمكانيات والفكار مل�صلحة‬ ‫دوام���� ًا وت��ق��دمي ت��ق��اري��ر واج��ت��م��اع��ات‪..‬‬
‫تطور امل ؤ��س�سة‪ ،‬لذلك ينبغي أ�ن نعمل على‬ ‫روحها لتبني عقو ًال تفكر ‪ ..‬ودورنا اليوم‬
‫واعترب أ�ن م� أس�لة القدوة هي أ�كرث قيمة‬ ‫أ�ن ن�ستكمل م�سرية التنوير امل ؤ��س�ساتي و أ�ن‬
‫*كلمة مدير عام جمعية املربات اخلريية‬ ‫الفرد داخ��ل امل ؤ��س�سة ليكون ق��ادر ًا على‬ ‫من م� أس�لة الكلمات‪ .‬لقد وجدكم وتبقى‬
‫يف اج��ت��م��اع جمل�س امل��دي��ري��ن التعليمي‬ ‫القيام بواجبه الفاعل م�ستفيد ًا من كل‬ ‫ن�سعى لرت�سيخ هذا النهج و أ�ن نع ّو�ض بع�ض‬
‫املركزي ( ‪ 22‬متوز ‪.)2010‬‬ ‫روحه جتدكم يف خطابه‪�« :‬إنني أ�جدكم‬ ‫غيابه ب أ���ن نكون قيادات �إداري���ة واقعية‬
‫جديد وم�ستحدث املعارف واملهارات عن‬ ‫يف جناح هذه امل ؤ��س�سة يف كل أ�هدافها‪،‬‬ ‫وطموحة وجريئة تعتمد امل ؤ��س�سة بعملها‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪6‬‬
‫املحبة واحلكمة واالنفتاح هو أال�سلوب‪،‬‬
‫والعقل وميزان احلق والعدل هو ما تقا�س‬ ‫باسم اجليل الشبابي الذي تربى على يديه احلانيتني‪:‬‬
‫مواقف من حياتي مع �سماحة ال�سيد‬
‫عليه أالم���ور‪ .‬كثريا ما ك��ان يقول‪« :‬املك‬
‫قلب ا إلن�سان ينفتح لك عقله»‪.‬‬
‫ك��ان قد�س اهلل نف�سه يج�سد ذل��ك عمليا‬
‫يف ك��ل لقاء نلتقي ب��ه‪ ،‬فال�صدر الرحب‬ ‫�إمامنا املهدي (عج)‪ ،‬لقد علمنا كيف نزور‬
‫واال�ستقبال احلنون واالبت�سامة امل�شرقة‬ ‫هاشم عبداملطلب الوزان‬
‫ه ؤ�الء أالطهار بقلوبنا قبل أ�ل�سنتنا‪ ،‬بحيث‬
‫ك��ان��ت أ�ع����ذب م��ن ف��ن��ج��ان ال�����ش��اي ال��ذي‬ ‫ت�شعرنا هذه الزيارات بقربهم منا و�شوقنا‬ ‫سيَّدي‪..‬لن أحتدث عن مآثرك أيها العظيم‪ ..‬ولن أحتدث عن فكرك أيها‬
‫يقدمه لنا يف كل لقاء‪ .‬وكان هو من يبادر‬ ‫�إل��ي��ه��م ع��ل��ى ال�����دوام‪ .‬ه���ذا ال�����ش��وق ال��ذي‬ ‫الشامخ‪ ..‬ولن أحتدث عن مواقفك أيها الشجاع‪ ..‬فها هي متأل األرض والسماء‪..‬‬
‫بال� ؤس�ال‪ ،‬وهو من ي� أس�ل عن ا آلراء‪ ،‬لدرجة‬ ‫يجعلنا حني منر على رواي��ة من رواياتهم‬ ‫ويتحدث عنها القاصي والداني‪ ..‬ويشهد بها الصديق والعدو‪ ..‬لكن فضلت أن‬
‫أ�ن��ه ك��ان ي��ق��ول‪« :‬ف��ك��روا معي‪ ،‬فقد أ�ك��ون‬ ‫ال�صحيحة‪ ،‬ال منلك �إال أ�ن نتحرك وفق ما‬ ‫أحتدث عن أبرز مواقفي معك والتي كان لها األثر الكبير في حياتي‪.‬‬
‫خمطئا»‪ .‬هكذا علمنا كيف نحاوره‪ ،‬ونحن‬ ‫يحبونه وير�شدون �إليه‪.‬‬
‫يف �صغرنا بكل توا�ضع منه‪ ،‬وه��و العامل‬ ‫السيد والعلم‪:‬‬ ‫السيد والدعاء‪:‬‬
‫املفكر املرجع الذي تتقاطر عليه خمتلف‬ ‫أ‬
‫كانت فعال �صدمة‪ ،‬فلم �ر قط يف حياتي‬
‫يتبادر يف أ�ذه��ان معظم ال�شباب ويف �سن‬
‫الوفود وال�شخ�صيات‪.‬‬ ‫مبكرة أ��سئلة ع��دي��دة‪ ،‬يرتبط معظمها‬ ‫عاملا ي��ق��ر أ� ال��دع��اء ب�صوته للنا�س‪ ،‬فقد‬
‫وقد �شجعتنا جر أ�ة �سماحته على احلوار‪،‬‬ ‫بعالقة الدين والعلم‪ ،‬هل العلم الديني‬ ‫تعودنا أ�ن تكون ق��راءة الدعاء ألح��د غري‬
‫واختياره للحوار الهادف املنتج عنوانا لكل‬ ‫منف�صل ع��ن بقية ال��ع��ل��وم؟ وه��ل درا���س��ة‬ ‫العامل‪ ،‬ألن��ه رمبا �سيقلل ذلك من �ش أ�نه‪،‬‬
‫نقا�ش ندخل فيه‪ .‬فقد حاورنا امللحدين‬ ‫العلوم املختلفة جزء من العمل ا إل�سالمي‬ ‫ولكن �سماحة ال�سيد املرجع كان يبدع يف‬
‫وامل�سيحيني واليهود‪ ،‬ويف ا إلطار ا إل�سالمي‬ ‫يف �سبيل اهلل؟ وهل هناك أ�ولولية لدرا�سة‬ ‫دعائه مع اهلل عزوجل‪ ،‬و يعي�ش كل كلمة‬
‫ويف �سبيل الوحدة ا إل�سالمية انفتحنا على‬ ‫العلم الديني عن غريه من العلوم؟ لكنه‬ ‫يقولها‪ ،‬ولذلك كان كثريا ما ي ؤ�ثر يف قلوب‬
‫�إخواننا أ�هل ال�سنة بكل أ�ريحية وحمبة ومل‬ ‫كان يجيب �إجابة ا إلن�سان الذي يعي�ش عمق‬ ‫النا�س وعقولها‪.‬‬
‫نخ�سر أ�ي عالقة مع أ�ي �شخ�ص بالرغم‬ ‫الواقع‪ ،‬لريى �آف��اق امل�ستقبل بكل �صفاء‪،‬‬ ‫ك��ان دائ��م��ا ي��ق��ول‪ :‬خاطب اهلل بقلبك‪ ،‬و‬
‫من الت�شدد الفكري عند بع�ضهم‪ .‬ومبادرة‬ ‫فكان يردد أ�ن ا إل�سالم بحاجة �إىل علماء‬ ‫روح��ك وبلغتك اخلا�صة‪ ،‬فال حواجز مع‬
‫�سماحته أالخرية يف احلوار ال�شيعي ال�سلفي‬ ‫بارزين متميزين يف جميع التخ�ص�صات‬ ‫اهلل‪ ،‬فهو أ�قرب �إلينا من حبل الوريد‪ ،‬هكذا‬
‫م��ا ه��ي �إال دع��وة لتقوية حلمة ا إل���س�لام‪،‬‬ ‫العلمية ولي�س فقط يف امل��ج��ال الديني‪.‬‬ ‫ت�ستطيع أ�ن نعي�ش احلب مع اهلل‪ ..‬لنطيعه‬
‫و�سد نقاط �ضعفه‪ ،‬و�إخ��م��اد ن��ار الفرقة‬ ‫وك���ان ي ؤ���م��ن بتكامل امل��ع��رف��ة‪ ،‬و���ض��رورة‬ ‫يف كل �شي و ال نع�صيه‪..‬‬
‫والتع�صب‪ .‬أ�ما الذين اندفعوا يف مهاجمة‬ ‫اال�ستفادة من العلوم التطبيقية يف الفقه‬ ‫ح��ر���ص ال�سيد أ�ن يحيي ثقافة ال��دع��اء‬
‫فكر �سماحته‪ ،‬حاورناهم بكل هدوء وتعقل‬ ‫وغريها من العلوم الدينية‪ ،‬وي�شجع على‬ ‫والتوا�صل مع امل��وىل عزوجل بكل و�سيلة‬
‫وت�سامح وبقيت عالقة الود وال�صداقة حتى‬ ‫�ضرورة اال�ستفادة من املفاهيم ا إل�سالمية‬ ‫متوفرة‪ .‬وحر�ص على تف�سري ال�صحيفة‬
‫لو مل تتفق أالف��ك��ار‪ .‬فهذا ما علمنا �إي��اه‬ ‫وت أ��صيلها يف خمتلف العلوم ا إلن�سانية‪.‬‬ ‫ال�����س��ج��ادي��ة و����ش���رح اب��ع��اده��ا ال��روح��ي��ة‬
‫�سماحته‪ ،‬يف أ�ق�سى الهجمات التي تلقاها‪،‬‬ ‫منهجه احل��رك��ي التطبيقي ال���ذي يركز‬ ‫والرتبوية والثقافية واالجتماعية‪..‬‬
‫و كل أالح��ج��ار التي رميت عليه‪ ،‬و أ�دم��ت‬ ‫السيد والعقل‪:‬‬ ‫على ربط ا إلميان بالعمل ربطا ال ينف�صل‬
‫قلبه وروحه‪ ،‬فكان يقول‪« :‬اللهم اهد قومي‬ ‫أ�ما حديثه عن دور العقل يف حياة ا إلن�سان‪،‬‬ ‫والقرآن‪:‬الكرمي‪ ،‬فقد حر�ص ال�سيد أ�بدا‪..‬‬ ‫السيد‬
‫أ�ما مع القر�آن‬
‫ف�إنهم ال يعلمون»‪.‬‬ ‫فقد كان ال يفوته ذكر ذلك يف كل ندوة أ�و‬ ‫أ�ن مي��زج ا آلي����ات م��ع ك��ل خ��ط��اب يقوله‪ ،‬السيد وأهل البيت (ع)‪:‬‬
‫السيد واإلمام املهدي (عج)‪:‬‬ ‫خطاب أ�و مقاله‪ ،‬وقد علمنا �سماحة ال�سيد‬ ‫و�ضمن كل �سطر يخطه قلمه‪ ،‬حيث ركز أ�ما مع الثقل الثاين‪ ،‬أ�هل البيت (ع)‪ ،‬فلم‬
‫ويف امل��وق��ف أالخ�ي�ر‪ ،‬كنا كما الكثري من‬ ‫كيف نحرتم عقولنا‪ ،‬و كيف أ�ن هذا العقل‬ ‫أ�ن��ه هو أال�سا�س يف فهمنا للحياة‪ .‬هكذا أ�ر أ�ح���دا يتحدث عنهم (ع) كما حتدث‬
‫ال�شباب ن� أس�ل ع��ن �إم��ام��ن��ا‪ ،‬بكل عفوية‬ ‫هو من أ�بدع من �صنعه اخلالق‪ ،‬وبه عرف‪،‬‬ ‫يجب أ�ن نقر أ� القر�آن‪ ،‬نقر أ�ه وك أ�نه خطاب �سماحة ال�سيد‪ .‬لقد ك��ان ي�صفهم وك أ�نه‬
‫وحمبة و���ش��وق ل��ظ��ه��وره‪ ،‬وق��د ك��ان ال�سيد‬ ‫وبه عرفنا الر�سل‪ ،‬به نفهم ال��ق��ر�آن‪ ،‬وبه‬ ‫اهلل عزوجل لنا �شخ�صيا‪ ،‬فنفكر �إذا ن�شرنا يراهم أ�مامه‪ .‬لقد جعلنا �سماحته نفهم‬
‫يقول لنا‪ :‬أ�ال تريدون أ�ن تكونون معه؟ ال‬ ‫نفهم أ�نف�سنا‪ ،‬و به نعرف احلقيقة‪ .‬فال‬ ‫امل�صحف بني أ�يدينا اليوم وبد أ�نا بقراءة �شخ�صياتهم و�سلوكياتهم وطريقتهم يف‬
‫ت��رك��زوا على م� أس�لة توقيت الظهور‪ ،‬بل‬ ‫يجب أ�ن ن�ست�سلم ألي فكرة ب�سبب �ضغط‬ ‫ما تي�سر لنا منه‪ ،‬نفكر ما الذي �سيقوله لنا ات��خ��اذ ال��ق��رار أ�م���ام ك��ل التحديات التي‬
‫ركزوا كيف تدربون أ�نف�سكم على أ�ن تكونوا‬ ‫اجتماعي هنا‪ ،‬أ�و تع�صب أ�عمى هناك‪ ،‬أ�و أ�ن‬ ‫�سبحانه وتعاىل هذا اليوم‪ ،‬وما الذي علينا تواجههم �سواء كانت كبرية أ�م �صغرية‪،‬‬
‫مع خط العدل يف حياتكم اليومية‪ ،‬عندها‬ ‫ن ؤ� ّجر عقولنا لغرينا‪ ،‬يفكرون لنا ويقررون‬ ‫فقد ك��ان يغور يف أ�ع��م��اق املا�ضي وي أ�تي‬ ‫فعله جتاه هذه الكلمات املوجهة �لينا‪.‬‬
‫�ستكونون معه ال�شك عندما يظهر‪ ،‬ألنه‬ ‫كما ي�شاءون فنتبعهم اتباع أالنعام‪ .‬لكننا‬ ‫والئمة أالطهار أ�لف عام‬ ‫فعندما نقر أ� �آي��ات فيها مديح إللم ؤ�منني‪ ،‬بالنبي و أ�هل بيته أ‬
‫�سيمل أالر����ض ق�سطا وع���دال كما ملئت‬ ‫أ‬ ‫يجب أ�ن نتفكر يف كل ما يدور من حولنا‪،‬‬ ‫نت�ساءل هل يا ترى نحن منهم؟ وما الذي �إىل أالمام لي�صيغهم �شخ�صيات ع�صرية‬
‫ظلما وج��ورا‪ .‬فما فائدة من يعلم توقيت‬ ‫فهذه هي دعوة القر�آن‪ .‬وقد كان �سماحته‬ ‫يجب أ�ن نغريه من �سلوكنا اليومي كي نكون رائ��دة متثل قمة القدوة ا إلن�سانية يف كل‬
‫الظهور‪ ،‬لكنه ال يعرف كيف يكون ا إلن�سان‬ ‫كثريا ما ي ؤ�كد على أ�همية التفكر‪ ،‬و �ضرورة‬ ‫كذلك؟ أ�و عندما منر على �آيات فيها ذم جماالت احلياة‪ ،‬بحيث ن�ستطيع أ�ن نفهم‬
‫العادل يف حياته فهل يا ترى �سيكون من‬ ‫تخ�صي�ص جزء من اليوم أ�و أال�سبوع للت أ�مل‬ ‫للمنافقني امل�شركني‪ ،‬نت�ساءل هل يا ترى أ�ن لو أ�نهم عا�شوا بيننا كيف �سيت�صرفون‪،‬‬
‫أ�ن�صار ا إلمام املهدي (عج) عند ظهوره؟‬ ‫و التفكر بعيدا عن �ضو�ضاء احلياة‪ ،‬فريدد‪:‬‬ ‫ت�شملنا ه��ذه ا آلي���ة؟ وم��ا ال���ذي يجب أ�ن و بالتايل نت�صرف نحن على �ضوء ذلك‪.‬‬
‫كانت كلماته‪« :‬حركوا ا إل�سالم يف حياتكم‪،‬‬ ‫« �إمنا أ�عظكم بواحدة أ�ن تقوموا هلل مثنى‬ ‫نحركه يف حياتنا كي نبتعد عنهم؟ ما هي ه��ك��ذا ك����ان ي��ح��ي��ي أ�ه����ل ال��ب��ي��ت عليهم‬
‫ومهدوا خلروجه بالدعاء والعمل‪ ،‬و أ��صلحوا‬ ‫وفرادى ثم تتفكروا «‬ ‫جوانب �ضعفنا فنقويها‪ ،‬وما هي جوانب ال�سالم يف ق��ل��وب النا�س عاطفة وعقال‬
‫ح��ي��ات��ك��م‪ ،‬أ����ص��ل��ح��وا أ�نف�سكم وعائلتكم‬ ‫السيد واحلوار‪:‬‬ ‫قوتنا فن�شكر اهلل عليها‪ .‬وكذلك نفكر يف وح��رك��ة‪ ..‬ب�إن�سانيتهم الراقية بعيدا عن‬
‫وجمتمعكم هذه هي م� ؤس�وليتكم»‬ ‫عندما ن أ�تي للحوار‪ ،‬جند أ�ن �سماحة ال�سيد‬ ‫�آيات ال�سنن ا إللهية‪ ،‬و�آيات أالخالق‪ ،‬و�آيات الغلو أ�و اخلرافة ‪ ،‬ليكونوا القدوة احلية‬
‫���س�� ّي��دي أ�ي��ه��ا ال��ق��ل��ب ال��ك��ب�ير‪ ..‬ق��د مي��وت‬ ‫ك��ان رائ��د احل��وار يف ع�صره‪ ،‬ق��وال وفعال‬ ‫الق�ص�ص وال��ت��اري��خ وال��ع��ل��وم‪ ،‬ونحركها الرا�سخة ل�سلوكنا وواقعنا بدل الكثري من‬
‫ج�����س��دك ���س��ي��دي‪ ،‬ل��ك��ن��ك ت��ب��ق��ى ب��روح��ك‬ ‫وحت��دي��ا‪ .‬فقد كتب �سماحته «احل���وار يف‬ ‫يف واق��ع��ن��ا‪ ،‬ندر�سها نتفح�صها‪ ،‬وك أ�ننا ال�شخ�صيات ال�سلبية املفرو�ضة علينا من‬
‫وعقلك‪ ..‬يف قلب كل �إن�سان عا�ش �إن�سانية‬ ‫القر�آن» وناق�ش أال�سلوب القر�آين الراقي‬ ‫ندر�س كتابا الختبار �سنقدمه يف املدر�سة خالل أالفالم والريا�ضة وغريها‪.‬‬
‫ا إل�سالم‪..‬‬ ‫يف احلوار حتى قال أ�ن «احلقيقة هي بنت‬ ‫أ‬
‫أ�و اجلامعة‪� ،‬إن��ه اختبار احلياة اليومي‪ ،‬لقد علمنا ال�سيد كيف يجب �ن تكون‬
‫لن مت��وت يا أ�ب��ا أالي��ت��ام‪..‬ل��ن مت��وت يا أ�با‬ ‫احلوار»‪ .‬علمنا �سماحته كيف نفتح قلوبنا‬ ‫وها هو العليم القدير يرى عملنا ور�سوله لنا ع�لاق��ة �شخ�صية يومية معهم‪ ،‬من‬
‫املجاهدين‪..‬لن مت��وت ي��ا أ�ب��ا ا إلن�����س��ان‪..‬‬ ‫ل�ل�خ��ري��ن وك��ي��ف ن��ح��اور اجلميع ونفهم‬ ‫آ‬ ‫خ�ل�ال زي��ارت��ه ل��ه��م ب�صوته اخل��ا���ش��ع يف‬ ‫وامل ؤ�منون‪.‬‬
‫اللهم عجل لوليك الفرج!‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫منطلقاتهم‪ ،‬وكيف نحاور �نف�سنا �ي�ضا‬ ‫واملت�صفح لتف�سري �سماحته «م��ن وحي أ�دب��ار ال�صلوات‪ ،‬زي��ارة �شاملة ال يبد ؤ�ها‬
‫ونفهما قبل أ�ن نحاور ا آلخرين‪ .‬كيف تكون‬ ‫ال��ق��ر�آن» يجد م��ا أ�ق��ول��ه جليا وا�ضحا يف �إال بال�سالم على نبينا امل�صطفى (�ص)‬
‫وال يختمها �إال ب�صاحب الع�صر والزمان‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪7‬‬
‫القلب الذي لم يعرف �إال الحب‬
‫وقتل كل عنا�صر أالمن عندهم‪ ،‬و�إذا كان‬ ‫العالمة الشيخ حسني علي املصطفى‬
‫والم��ن‬ ‫ال�صراع بني أالم��ن ا إل�سرائيلي أ‬ ‫ات اللهّ ِ َواللهّ ُ َر ُ ؤ� ٌ‬
‫وف‬ ‫َّا�س َمن َي ْ�ش ِري َنف َْ�سهُ ا ْب ِت َغاء َم ْر َ�ض ِ‬
‫} َو ِم��نَ الن ِ‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬ف�إنّ الفل�سطينيني بقتالهم ال‬ ‫ِبا ْل ِع َبا ِد{ وأخيراً‪ ...‬رقد جسدك بسالم‪ ،‬وآن لروحك أن حتلق إلى بارئها‬
‫ي�ستهدفون قتل املدنيني ولكن قتل أالمن‬
‫ا إل�سرائيلي»‪.‬‬ ‫بسالم واطمئنان بعد أن أسمعتنا نور الله من شفتيك طيلة عقود مثقلة بالتعب‬
‫‪ -3‬بناء جسور احملبة‪:‬‬ ‫صافحت وجوهنا بنظرك كمن يصافح النور عيني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واأللم واملعاناة‪ ،‬ولطاملا‬
‫ل��ق��د ح���اول (ق����ده) أ�ن ي ؤ������س�����س طريق ًا‬ ‫ويحمل النسيم في جذل عذبات ترانيمك‪.‬‬
‫للمحبة من خالل بناء اجل�سور‪:‬‬ ‫لقد دفنت حمت�ضن ًا م�سجدك بجوار قاعة فاملحبة يف فكر العالمة املرجع (ق��ده)‬
‫أ� ‪ -‬مبد ؤ�ها من ا إلميان باهلل؛ فاهلل ر ّبنا‬ ‫جدّتك الزّهراء (ع)‪ ،‬بني حم ّبيك الذين لي�ست حالة �شعورية تنطلق من ا إلن�سان‪،‬‬
‫جميع ًا‪.‬‬ ‫غذيتهم م��ن عقلك وقلبك الكثري من ب��ل ه��ي أ�م��� ٌر ي�شمل ال��ك��ون كله؛ �إنّ اهلل‬
‫أ‬
‫ب ‪ -‬وم��ن ال�� ّر���س��ل ال��ذي��ن �ر�سلهم اهلل‬ ‫أ�ح ّبنا فخلقنا ورزق��ن��ا ورحمنا‪ ،‬أ�ح ّبنا‬ ‫�آمالك و أ�حالمك‪.‬‬
‫يحب‬‫بكلمته املقدّ�سة‪ ،‬أل ّنهم حملوا ما ُّ‬ ‫ه���د أ�ت أ�ي��ه��ا اجل�سد ال��ط��اه��ر‪ ،‬بعد أ�ن ففتح لنا �آف��اق الدنيا على اخل�ير وعلى‬
‫اهلل لنا أ�ن نعي�شه ك أ�خوة يف ا إلن�سانية‪،‬‬ ‫ا�ستع�صت ال��راح��ة على ب��دن��ك‪ ،‬وك أ�نك العدل‪ ،‬وفتح لنا �آفاق ا آلخرة على أ��سا�س‬
‫ب أ�ن نعي�ش �إن�سانيتنا يف �إن�سانية ا إلن�سان‬ ‫خلقت لت�سكر مع املعاناة‪ ،‬فـ»الراح ُة يف أ�ن نعي�ش عنده ومعه‪.‬‬
‫والخالقية‪.‬‬ ‫يف القيم الروحية أ‬ ‫مل يجد أ�نا�س ًا يفهمون علمه يف مرحلته‪،‬‬ ‫هذه املرحلة حرام»‪ .‬ورحلت �إىل فردو�سك �إنّ العلم �إذا خ�لا م��ن (امل��ح��ب��ة) ف���إنّ‬
‫ج ‪ -‬و أ�ن نلتقي با إلله الواحد‪ ،‬و�ن ال يكون‬
‫أ‬ ‫للجيال القادمة‪ ،‬وقد‬ ‫ولذلك أ�طلق علمه أ‬ ‫والطموحات الكبرية فيه قابلية لالنتفاخ واال�ستئثار والغرور‬ ‫و أ�نت حتمل أالحالم ّ‬
‫يتكبون على ا إلن�سان‬ ‫لنا �آلهة من الذين رَّ‬ ‫عب عن ذلك بقوله «�إن ها هنا لعم ًا ج ّما‬ ‫رّ‬ ‫وحينها يبد أ� ب�إنكار أ�ي حقيقة ال يتو�صل‬ ‫التي مل تدركها بعد‪.‬‬
‫ويعتربون أ�نف�سهم �آله ًة للنا�س‪.‬‬ ‫لو أ��صبت له حملة»‪ .‬ومل ي�صب له حملة‪،‬‬ ‫و�آنا لنا أ�ن ن� أس�ل أ�نف�سنا أ�يها أالحبة‪ :‬من �إليها من خالل قنواته؛ «لذلك أ�ن تكون‬
‫د ‪ -‬و أ�ن نتحاور حتى يقدم ك ّل واحد مناّ‬ ‫وكان علمه ك ّله هلل»‪.‬‬ ‫هو العالمة املرجع ال�سيد حممد ح�سني م�سلم ًا يف وعيك يعني أ�ن تكون �إن�سان‬
‫للخر؛ ألنّ بع�ض النا�س‬ ‫فكره بو�ضوح آ‬ ‫‪ – 2‬املقاومة‪:‬‬ ‫اهلل والعامل‪ ،‬من حيث �إنك �إن�سان العقل‬ ‫ف�ضل اهلل؟!‬
‫دين‬ ‫دين عند ٍ‬ ‫يحاولون أ�ن ي�ش ّوهوا �صورة ٍ‬ ‫ي ؤ�كد العالمة املرجع (قده) �نّ (املحبة ال‬
‫أ‬ ‫هو باخت�صار‪( :‬القلب الذي مل يعرف �إال والقلب وال��روح واحلركة وامل� ؤس�ولية‪ ،‬يف‬
‫مذهب �آخر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫مذهب عند‬‫ٍ‬ ‫�آخر‪ ،‬و�صورة‬ ‫تعي�ش االزدواجية بني الفكرة والتطبيق)‪،‬‬ ‫خط الر�سالة»‪.‬‬ ‫احلب)‪.‬‬
‫ه��ـ ‪ -‬و أ�ن ن��ب��د أ� م��ن ال�����س�لام ا إلن�����س��اين‬ ‫فقد تُخلق املحبة من رحم أالمل كما تُخلق‬ ‫�إن��ه جت�سيد حي لقوله تعاىل‪} :‬هَ ا َأ�نت ُْم لذلك أ�ط��ل��ق اهلل العلم كقيمة ه��ي �س ّر‬
‫والعدل ا إلن�ساين بني يدي اهلل �سبحانه‬ ‫من رح��م ال�سعادة‪ ،‬ولذلك ك��ان ت أ�ييده‬ ‫أُ� ْوالء تحُ ِ ُّبو َن ُه ْم َو َال ُي ِح ُّبو َن ُك ْم َو ُت ْ ؤ��� ِم�� ُن��ونَ القيم ك ّلها }قل هل ي�ستوي الذين يعلمون‬
‫وتعاىل‪ ،‬ومن حم ّبتنا هلل؛ أل ّننا �إذا أ�حببنا‬ ‫(قده) املطلق حلركة املقاومة منطلقها‬ ‫َاب ُك ِّل ِه{؛ ألنه (قده) وعى أ�نّ اهلل وال��ذي��ن ال يعلمون �إنمّ���ا ي��ت��ذ ّك��روا أ�ول��وا‬ ‫ِبا ْل ِكت ِ‬
‫اهلل أ�حببنا ا إلن�سان‪ ،‬و�إذا التقينا على‬ ‫(املحبة)؛ ألنها مقاومة انبنت على رف�ض‬ ‫أ‬
‫أ�رادن��ا ‪-‬من خالل ا إل�سالم املنفتح على اللباب{ (الزمر‪ .)9:‬و�إذا كان ا إلميان‬
‫اهلل فلن نختلف؛ ألنّ امل�شكلة التي يعي�شها‬ ‫اغت�صاب أالر���ض واحلياة‪� ،‬إنها مقاومة‬ ‫ال ّنا�س ك ّلهم‪ -‬أ�ن نفتح قلوبنا باملحبة قيمة‪ ،‬وهو القيمة } أ� َف َمن كان م ؤ�من ًا كمن‬
‫النا�س هي أ�نهم ابتعدوا عن اهلل و أ��صبحوا‬ ‫لقهر ا إلرهاب؛ ألنّ املماثلة هي التي تعطي‬ ‫للخرين؛ ألنّ امل�سلم هو الذي يتح ّرك يف كان فا�سق ًا ال ي�ستوون{ (ال�سجدة‪.)18:‬‬ ‫آ‬
‫يعبدون املادة وال يعبدون اهلل‪.‬‬ ‫م� أس�لة احل��ق م�صداقية هنا وه��ن��اك‪..‬‬ ‫حياته مع ا آلخرين على أ��سا�س ا إلخال�ص ف�إنه مي ّر بطريق العلم‪.‬‬
‫ولقد � أس�له مرا�سل (وا�شنطن بو�ست)‪:‬‬ ‫وهو ما ب ّينه أالئمة من أ�ه��ل البيت (ع)‬ ‫الباحث عن حركة احلقيقة يف الوجدان ول��ذل��ك ك��ان العالمة امل��رج��ع (ق���ده) ‪-‬‬
‫�إذا التقيت بالرئي�س أالمريكي فبماذا‬ ‫يف مو�ضوع احلق وطالبه‪ ،‬ال �سيما حني‬ ‫العام من مواقع التفكري واحلوار‪.‬‬
‫تن�صحه؟‬ ‫ُ�ضرب أ�م�ير امل ؤ�منني فاملماثلة يجب أ�ن‬ ‫لقد اتّ�سع قلب �سماحته ‪-‬ر���ض��وان اهلل‬
‫ف أ�جابه (قده)‪ « :‬أ�قول له‪ :‬عندما ت�ستيقظ‬ ‫تنطلق يف احلق ومن أ�جل احلق‪.‬‬ ‫لقد اتّسع قلب سماحته ‪-‬رضوان‬
‫عليه‪ -‬للجميع‪ ،‬حتى ألولئك الذين �شهروا‬
‫من النوم‪ ،‬انظر �إىل متثال احلرية‪ ،‬حتى‬ ‫ويف م���داخ���ل���ة ق��� ّدم���ه���ا �إىل ال��ق��م��ة‬ ‫الله عليه‪ -‬للجميع‪ ،‬حتى ألولئك‬ ‫بوجهه �سيف ال��ع��داوة‪ ،‬وج��اه��روا بها‪،‬‬
‫ت��ع��رف أ� ّن��ن��ا نحب احل��ري��ة‪ ،‬كما يحبها‬ ‫ا إل�سالمية‪/‬امل�سيحية ال��ت��ي ع��ق��دت يف‬ ‫فدعا �إىل جعل لغة املحبة لغ َة احلياة‪،‬‬
‫ال�شعب أالمريكي‪ ،‬فال ت�ضغط على حرية‬ ‫الذين شهروا بوجهه سيف‬
‫العا�صمة ا إليطالية روما (رجب ‪1422‬هـ‬ ‫حتى تكون احلياة أ�رق��ى و أ�طهر و أ��صفى‬
‫�شعوب العامل»‪.‬‬ ‫العداوة‪ ،‬وجاهروا بها‪.‬‬
‫‪2001/10‬م) وج����اءت ب��ع��ن��وان مثري‪:‬‬ ‫يحب ا إلن�سان الذين يلتقون‬ ‫و أ�بقى‪ ...‬أ�ن ّ‬
‫‪ -4‬رسالته في احملبة‪:‬‬ ‫احلي حلركة املحبة‬ ‫«املقاومة هي املظهر ّ‬ ‫يحب الذين‬‫معه لي ؤ� ّكد لغة التوا�صل‪ ،‬و أ�ن ّ‬
‫لقد أ�ط��ل علينا �سماحة العالمة املرجع‬ ‫أ‬
‫ا إلن�سانية‪ ..‬واالحتالل هو �على مظاهر‬ ‫يختلفون معه لي ؤ� ّكد نقاط ال ّلقاء ويع ّمق دائم ًا‪ -‬ما ي ؤ�كد على خط علم علي (ع)‬
‫(ر�ضوان اهلل تعاىل عليه) بر�سالة احلب‪،‬‬ ‫ا إلره���اب» م ؤ���ك��د ًا فيها أ�نّ «علينا أ�ن ال‬ ‫الذي «عا�ش عقله‪ ،‬الذي ات�سع لعلم ر�سول‬ ‫لغة احلوار‪.‬‬
‫فكان م ؤ�من ًا ب أ�نّ ا إل�سالم ر�سال ٌة للحياة‬ ‫نخلط بني ا إلره���اب واملقاومة من أ�جل‬ ‫أو الً‪ :‬مظاهر احملبة على مستوى اهلل (�ص) ك ّله‪ ،‬الذي قال فيه « أ�نا مدينة‬
‫وال��ك��ون وا إلن�����س��ان‪ ،‬ف أ���خ��رج ال��دي��نَ من‬ ‫التحرير؛ ألنّ ق�ضية حرية ال�شعب يف‬ ‫العلم وعلي بابها»‪ .‬وح ّرك ما أ�عطاه ر�سول‬ ‫الفكر‪:‬‬
‫�سجون الع�صب ّيات الطائفية واملذهبية‬ ‫تقرير م�صريه ومقاومته للمحتل متثل‬ ‫اهلل من العلم يف �آفاق جديدة و�إيحاءات‬ ‫‪ - 1‬العلم‪:‬‬
‫والفئوية‪ ،‬حم�� ّذر ًا من ت أ�ثرياتها ال�سلبية‬ ‫املظهر احل ّ��ي حلركة املحبة ا إلن�سانية‪،‬‬ ‫يرى �سماحة العالمة املرجع (ق��ده) أ�نّ ج��دي��دة وجت����ارب ج��دي��دة‪ ،‬ح��ي��ث ق��ال‪:‬‬
‫على جممل واق��ع أالم��ة‪ ،‬متزق ًا وتفريق ًا‬ ‫بينما مي��ث��ل االح���ت�ل�ال م��ظ��ه��ر ًا للحقد‬ ‫هم منطلق للمحبة؛ ألنّ العلم «علمني ر�سول اهلل أ�ل��ف ب��اب من العلم‬ ‫(العلم) أ� ُ‬
‫وان��ق�����س��ام�� ًا‪ ،‬وط��م��ع�� ًا ل��ل��ع��دو بخرياتها‬ ‫ا إلن�ساين باعتباره لون ًا من أ�لوان اال�ستعباد‬ ‫يعطينا انطالقة أالف��ق الرحب‪ ،‬والفك َر فتح يل من كل باب أ�لف باب»‪ .‬فلم يكن‬
‫وطاقاتها و�إمكاناتها‪.‬‬ ‫ا إلن�ساين يف تعطيل �إرادت��ه عن القرار‪،‬‬ ‫يعطينا امتداد ًا يف العامل أالو�سع‪ .‬فالعلم علي (ع) يحفظ علم ر�سول اهلل (�ص)‬
‫فمن اخلط أ� أ�ن ن ؤ�من ب أ���نّ حمبة ا آلخ��ر‬ ‫وحما�صرة أ�و�ضاعه عن النمو وا إلبداع»‪.‬‬ ‫يع ّلمنا املحبة‪ ،‬فهو العقل ال���ذي يحب حفظ الكلمة ولك ّنه كان يح ّرك علم ر�سول‬
‫تعني اال�ستحواذ عليه‪� .‬إذ املحبة تختلف‬ ‫وق���د أ�ك����د ر����ض���وان اهلل ع��ل��ي��ه م���ن أ�نّ‬ ‫فينتج الفكر‪ ،‬والقلب الذي يحب فينتج اهلل يف ك ّل ما ا�ستحدثه النا�س من ق�ضايا‬
‫يف م��ع��ن��اه��ا ع��ن ال��ت��م��ل��ك؛ ألن��ه��ا قيمة‬ ‫«الفل�سطينيني �إن�سانيون عندما ينطلقون‬ ‫ال��ع��اط��ف��ة‪ ،‬وال��ك��ي��ان ال���ذي يحب فينتج وم�شاكل وجتارب‪ ،‬ولذلك كان يحدّق يف‬
‫منفتحة على كل الب�شر‪ .‬فالذي يغار عليك‬ ‫يف العمليات اال�ست�شهادية‪ ،‬ألنّ االحتالل‬ ‫امل�ستقبل من أ�ج��ل أ�ن يعطي ه��ذا العلم‬ ‫العدالة وا إلبداع‪.‬‬
‫ويبتغيك حكر ًا له‪ ،‬ال ميكنه أ�ن يحبك‪ ،‬بل‬ ‫ا إل�سرائيلي ق��د ���ص��ادر ك��ل �شي‏ء منهم‬ ‫حركيته وامتداده ورحابته للم�ستقبل ألنه‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫ال�س ّيد �شفيق املو�سوي‬
‫حتدياتها وكل �سلبياتها‪.‬‬ ‫هذه اخللفية‪ ،‬حتدّث عن ق�ضايا امل�سلمني‬ ‫ال��ذي ال ميلك امل ؤ��س�سات هو جمتمع ال‬ ‫يريد امتالكك‪ .‬ومن لديه حمبة لإن�سانٍ‬
‫فهو الفقيه ا إلن�سان ال��ذي أ�تعب الراحة‬ ‫ال���ك�ب�رى‪ ،‬كق�ضية ال��ق��د���س والق�ضية‬ ‫ي�ستطيع أ�ن يحقق حاجاته ول��ن يقدر‬ ‫أ�و لق�ضي ٍة‪ ،‬يحر�ص على أ�ن ي�شاركه جميع‬
‫ومل ميهلها؛ انطالق ًا من م�ستنده الفقهي‬ ‫الفل�سطينية ع��م��وم�� ًا‪ ،‬و���س��ائ��ر ق�ضايا‬ ‫على مواجهة التحديات وال الو�صول �إىل‬ ‫النا�س حمبته‪ .‬ومن يريدك لنف�سه وحده‪،‬‬
‫(قاعدة امل� ؤس�ولية)؛ حيث يقول (قده)‪:‬‬ ‫امل�سلمني يف ما يتع ّلق بح ّريتهم وعزّتهم‬ ‫أ�هدافه‪..‬‬ ‫ال ميكنه أ�ن يحبك‪ ،‬ب��ل ه��و يف أ�عماقه‬
‫حت�س�س أ�نني أ��ستطيع أ�ن‬ ‫«ف أ�نا عندما أ� َّ‬ ‫وكرامتهم‪.‬‬ ‫ول��ذل��ك ك��ان حر�صه وم��ن خ�لال موقعه‬ ‫يبتغي حرمانك من حمبة النا�س‪.‬‬
‫أ�خدم ا إل�سالم أ�كرث‪ ،‬و أ�نّ ا إل�سالم بحاجة‬ ‫وقد �ساهم �سماحة العالمة املرجع ‪-‬منذ‬ ‫الديني كمرجع على الدعوة �إىل املرجعية‬ ‫فاملحبة ا إلن�سانية فيما بينها أ�مر م ؤ��صل‬
‫�إىل ما أ�ملكه من طاقات أ�كرث‪ ،‬و أ�نّ النا�س‬ ‫ع��ق��ود‪ -‬يف ت�شكيل اخل��ط��اب ا إل�سالمي‬ ‫امل ؤ��س�سة ال مرجعية الفرد‪ ،‬الذي تزول كل‬ ‫يف ا إل����س�ل�ام ق��ائ��م ع��ل��ى م��ب��د أ� أالخ����وة‬
‫بحاجة �إىل أ�ن أ�حرك جتربتي يف حياتهم‬ ‫ال�شيعي احلديث؛ بل ا�ستطاع أ�ن يدخل‬ ‫م�شاريعه بذهابه �إىل ربه أ�و تتحول �إىل‬ ‫الب�شرية ففي احلديث ‪« :‬ال ي ؤ�من أ�حدكم‬
‫أ�كرث‪ ،‬ف�إنني أ��شعر أ�نّ م� ؤس�وليتي متنعني‬ ‫الكثري من العناوين واملفاهيم واملفردات‬ ‫�إرث �شخ�صي أ�و تفقد أالم��ة كل النتائج‬ ‫حتى يحب ألخيه ما يحبه لنف�سه»‪� .‬إنه‬
‫من أ�ن أ�عي�ش حالة ف��راغ‪ ،‬أ�و أ�ن أ�عي�ش‬ ‫�إىل �ساحة احل��رك��ة ا إل���س�لام��ي��ة‪ ،‬ولعل‬ ‫ال���ذي ح�صل عليها م��ن خ�لال ك��ون��ه يف‬ ‫ي�ضيف قيمة احلب �إىل قيمة أالخوة؛ ألنّ‬
‫حالة راحة الهية عابثة‪ .‬لذلك ف أ�نا أ�عي�ش‬ ‫�سماحته أ�ول من ا�ستخدم م�صطلحات‬ ‫أ�على مواقع امل� ؤس�ولية الدينية‪..‬‬ ‫أالخ هنا هو أ�خ يف ا إلن�سانية كما ف�سره‬
‫�شاعر ي��ح ُّ��ب اجل��م��ال‪ ،‬ويحب‬ ‫ٍ‬ ‫ك���إن�����س��انٍ‬ ‫من قبيل احلركة ا إل�سالمية ‪ -‬ال�ساحة‬ ‫وقد �ساهمت م ؤ��س�ساته الرائدة يف ت أ�مني‬ ‫غري واحد‪.‬‬
‫أ‬
‫الطبيعة ويحب احلياة‪ ..‬لكني مل �ع�ش يف‬ ‫ا إل�سالمية ‪ -‬ا إل�سالم احلركي ‪ -‬أالخالق‬ ‫البيئة التي ت�ضمن تنمية وا�ستمرار هذه‬ ‫لقد أ�رادنا ال�س ّيد أ�ن نعي�ش روح ّي َة القر�نآ‬
‫كل حياتي هذا اال�سرتخاء يف الطبيعة أ�و‬ ‫ِّ‬ ‫ا إل�سالمية املتحركة ‪ -‬ا إل�سالم العاملي ‪-‬‬ ‫الطاقات بفعالية وتطور دائمني‪ ،‬وبذلك‬ ‫كما عا�شها يف ك ّل حياته وحركته‪ ،‬ف َع ِ�شقَ‬
‫اال�سرتخاء �مام حاالت اللهو والعبث يف‬ ‫أ‬ ‫دولة ا إلن�سان‪� ..‬إلخ‪.‬‬ ‫نا�ضل العالمة املرجع (قده) يف مواجهة‬ ‫ال���ق���ر�آنَ بقلبه وعقله وروح�����ه‪ ...‬ولقد‬
‫احلياة‪ ،‬قد يكون ذلك مزاج ًا‪ ،‬ولكنه يف‬ ‫وكان ‪-‬ر�ضوان اهلل عليه‪ -‬ن�صري ًا عنيد ًا‬ ‫ال��ت��ح��دي��ات لي�ساهم يف تعزيز ح�ضور‬ ‫خاطبنا على الدوام‪ ،‬ب أ�نّ علينا أ�ن نرت ّبى‬
‫الوقت نف�سه ميثل كل أ��سلوب حياتي‪ ،‬ف أ�نا‬ ‫للمر أ�ة يف انتزاع حقوقها من مغيبيها‪،‬‬ ‫ا إلن�����س��ان؛ ك��م��ا امل��ق��اوم��ة ل��ل��ع��دو كذلك‬ ‫بالقر�آن‪ ،‬ويف �ضوء هذا املنهج القومي‪،‬‬
‫قد ال أ�جد الوقت الذي أ�فر ُغ فيه لنف�سي‬ ‫وخا�صة يف املجتمعات التقليدية التي‬ ‫مقاومة التخلف وال�ضعف واجلهل والفقر‬ ‫لتكون مفاهي ُمه مفاهي َمنا‪ ،‬وحركتُه‬
‫أ�و ألهلي حتى ا آلن و أ�ن��ا يف الطريق �إىل‬ ‫تظلم امل��ر أ�ة وته ّم�ش دوره��ا االجتماعي‬ ‫واحلرمان‪.‬‬ ‫حركتَنا يف احلياة‪...‬‬
‫ال�سبعني»‪.‬‬ ‫وا إلن�ساين على الدوام‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مع الناس في املسجد واحلج‪:‬‬ ‫ر�سول اهلل (�ص) حا�ضراً‬ ‫و أ�و�صانا أ�ن يظ ّل ُ‬
‫ن��ع��م‪ ..‬ال زال ���ص��دى ذل��ك تلك الكلمة‬ ‫يقول العالمة املرجع (قده) «من الطبيعي‬ ‫يف أ�ذه��ان��ن��ا كما عا�ش يف ذهنه وفكره‬
‫علي ح��رام»‪ ،‬يف م�سامع‬ ‫ت�تردّد «الراحة َّ‬ ‫إنه قطب عظيم‪ ،‬لـم ينبض‬ ‫أ�نّ املرجعية م� ؤس�ولة عن أ�ن تكون يف موقع‬ ‫وعقله‪ ،‬معترب ًا أ�نّ دور العالمِ الدّيني‪ ،‬هو‬
‫ّ‬
‫من حوله‪ ..‬ت�ستفهم عن �س ّر هذه الطاقة‬ ‫مشرقنا اإلسالمي مبثيل له‬ ‫النيابة عن ا إلمامة‪ ،‬وعندما ندر�س حياة‬ ‫دور ال ّر�سول عن ال ّر�سول‪ ،‬ودور الدّاعية‬
‫يف ج�سد مت ّرد على ال�سبعني!! ولقد قالها‬ ‫منذ عهد طويل‪ ،‬ولقد حمل‬ ‫أالئمة (ع)‪ ،‬ف�إننا ن��رى أ�نّ أالئمة (ع)‬ ‫عن الدّاعية أال ّول‪ ،‬ودور ا إلن�سان الذي‬
‫ال�صادق (ع)‪« :‬ما �ضعف بد ٌن ع ّما‬ ‫ا إلمام ّ‬ ‫هذا املشروع التنويري على‬ ‫كانوا يعي�شون مع النا�س يف كل طبقاتهم‪،‬‬ ‫يتح ّمل م� ؤس�ول ّية ا إل�سالم يف حياته‪...‬‬
‫قويت عليه الن ّية»‪.‬‬ ‫عاتقه غير آبهٍ بكلِّ السهام‬ ‫وكانوا يع ِّلمونهم يف كل ما يحتاجون �إليه‪،‬‬ ‫و أ�ر���ش��دن��ا أ�ن ن��ظ�� ّل م��ع ع��ل ّ��ي (ع)‪ ،‬يف‬
‫ورحم اهلل ال�صايف النجفي وهو يقول‪:‬‬ ‫توجهت إليه من األقربني‬
‫التي ّ‬ ‫وكانوا ينفتحون عليهم ب�شكل ال ي�شعرون‬ ‫للن�سان‪ ،‬ونهجه‬ ‫ذوبانه يف اهلل‪ ،‬وح ّبه إ‬
‫ال�سبعني ي��رك�����ض م�سرعاً‬ ‫ع��م��ري �إىل ّ‬ ‫واألبعدين‬ ‫ب أ���ي حاجز بينهم وبني أالئمة‪ ،‬حتى أ�ن‬ ‫الر�سايل‪ ...‬و أ�ن نظ ّل مع الزّهراء (ع)‪،‬‬
‫وال ّروح باقية على الع�شرين‬ ‫البع�ض ي�صف ا إلم����ام ال�����ص��ادق (ع)‪:‬‬ ‫جدّته وق��دوت��ه التي َو َج���دَ فيها �إ�شراق َة‬
‫وهو الفقيه ا إلن�سان الذي مل يحمل يف قلبه‬ ‫«لقد ر أ�يته والنا�س جمتمعون حوله ك أ�نه‬ ‫العقل و���س�� َّر ال��ن��ب�� ّوة‪ ...‬فهي أ� ُّم أ�بيها‪..‬‬
‫حقد ًا على أ�حد‪ ،‬رغم كل االجواء احلاقدة‬ ‫�إن���ه قطب عظيم‪ ،‬لـم ينب�ض م�شرقنا‬ ‫مع ّلم �صبيان»؛ لقد كان (ع) يفتح قلبه‬ ‫وقدو ُة ال ّرجال وال ّن�ساء‪..‬‬
‫عليه‪ ،‬وك��ان يقول‪� :‬إنني أ� ؤ�م���ن بحقيق ٍة‬ ‫ا إل�سالمي مبثيل له منذ عهد طويل‪ .‬ولقد‬ ‫لكل النا�س‪ ...‬فم� ؤس�ولية املرجعية؛ أ�ن‬ ‫وهكذا أ� ّكد �سماحته أ�ن نثبت على التزام‬
‫حتب الذين يخا�صمونك‬ ‫وهي أ�نّ عليك أ�ن ّ‬ ‫حمل هذا امل�شروع التنويري على عاتقه‬ ‫تعي�ش مع النا�س‪ ،‬وتف�سح لهم يف املجال‬ ‫نهج البق ّية م��ن أ�ئ�� ّم��ة أ�ه��ل البيت (ع)‬
‫لتهديهم‪ ،‬وحتب الذين يوافقونك لتتعاون‬ ‫توجهت �إليه من‬ ‫بكل ال�سهام التي ّ‬ ‫غري �آ ٍبه ِّ‬ ‫لي� أس�لوها‪ ،‬و أ�ن تعلمهم‪ ،‬و أ�ن تبادرهم‪،‬‬ ‫الذين أ�ذهب اهلل عنهم ال ِّرج�س وط ّهرهم‬
‫معهم‪� .‬إنّ احل��ي��اة ال تتحمل احل��ق��د‪..‬‬ ‫أالقربني والبعدين‪ ،‬م��رددا قولة ر�سول‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫بحيث �إذا � أس�لوها جتيب‪ ،‬و�إذا مل ي� أس�لوها‬ ‫تطهري ًا‪ ،‬فقيمتهم (ع) أ� ّن��ه��م انطلقوا‬
‫احلقد موت واملحبة حياة‪ ،‬و أ�ن��ا أ�ري��د أ�ن‬ ‫علي‬
‫غ�ضب ّ‬‫ٌ‬ ‫اهلل (���ص)‪�« :‬إن مل يكن بك‬ ‫تبتدئهم‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف هذا الظرف‪ ،‬الذي‬ ‫ب��ع��ي��د ًا ع��ن ذوات��ه��م‪ ،‬فعا�شوا الر�سالة‬
‫أ�حيا وال أ�ريد أ�ن أ�موت»‪.‬‬ ‫فال أ�بايل»‪.‬‬ ‫لل�سالم‬ ‫اختلفت فيه التيارات املعادية إ‬ ‫ك َّلها يف فكرهم و�إح�سا�سهم وحركتهم‬
‫أ�يها أالحبة ‪�..‬إنّ املحبة هي ��سا�س املجتمع‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫فهو ي��رى �نّ الفقاهة ال��ق��ائ��دة ملجتمع‬ ‫وتطورت‪ ،‬بحيث أ��صبح �ضروري ًا أ�ن تنـزل‬ ‫و�آمالهم‪ ،‬حتى كان ك ُّل واحد منهم قر�آن ًا‬
‫وبدون املحبة لي�ست هنالك أ�مومة وال أ�بوة‬ ‫�إ���س�لام��ي ال ب���د م���ن أ�ن مت��ل��ك ال��وع��ي‬ ‫املرجعية �إىل ال�شارع»‪.‬‬ ‫يتح ّرك‪ ،‬ور�سال ًة ّ‬
‫تتج�سد‪.‬‬
‫وال عائلة وال أ�خوة وال �صداقة وال جماعات‬ ‫ل�ل����س�لام ف��ك��ر ًا و�شريعة وم��ن��ه��ج�� ًا‪ ،‬وال‬ ‫إ‬ ‫ومن هذا املنطلق اختار �سماحة ال�سيد‬ ‫ثانياٍ‪ :‬مظاهر احملبة على مستوى‬
‫و أ�حزاب وحياة اجتماعية‪.‬‬ ‫ب��د م��ن أ�ن متلك تقوى ا إل���س�لام حرك ًة‬ ‫(قده) بفرادة ق َّل نظريها أ�ن يبقى �إىل‬ ‫العمل‪:‬‬
‫ولقد ا�ستطاع العالمة املرجع (قده) أ�ن‬ ‫وانفتاح ًا على النا�س‪ ،‬و أ�نّ قيادة املجتهد‬ ‫ج��ان��ب ال��ن��ا���س‪ ،‬يرافقهم يف �صلواتهم‬ ‫‪ - 1‬جمعية املبرات اخليرية‪:‬‬
‫ل�ل�ق��وى)‪،‬‬ ‫يقلب فكرة معادلة (البقاء أ‬ ‫العادل ال بد من أ�ن متلك وع��ي الواقع‪،‬‬ ‫و�صيامهم وحجهم‪ ،‬ويتقرب �إليهم كما‬ ‫ل��ق��د ك���ان أ�ك��ب�ر ه���م ���س��م��اح��ة ال��ع�لام��ة‬
‫والتي تبتغي حتويل ا إلن�سان �إىل كائن‬ ‫و أ�ن يكون العارف يف أ�هل زمانه‪ ،‬ألنّ غري‬ ‫ي��ت��ق��رب��ون �إل��ي��ه‪ ،‬وان��ف��ت��ح �سماحته على‬ ‫امل��رج��ع (ق���ده) ه��و بناء طاقة ا إلن�سان‬
‫�آيل ال حتركه غري احل�سابات وامل�صالح‬ ‫الفقيه �إذا كان يف موقع القيادة ف�إنه قد‬ ‫ا إلن�����س��ان ك�� ّل��ه يف ك�� ّل م�شاكله العقدية‬ ‫العقلية والروحية والنف�سية‪ ،‬وهو لذلك‬
‫اجلامدة‪ .‬و أ�راد أ�ن يذكرنا بقانون احلياة‬ ‫يحكم بغري ا إل�سالم با�سم ا إل�سالم وقد‬ ‫والفكرية‪ ،‬ونظر �إىل ق�ضايا امل�سلمني‬ ‫ي ؤ�من ب أ�همية امل ؤ��س�سات كو�سيلة لت أ�مني‬
‫للكرث‬ ‫التي خلقنا اهلل من أ�جلها‪( :‬البقاء أ‬ ‫يعطي القدا�سة ملزاجه والنحرافه‪.‬‬ ‫بلحاظ البعد ال�سيا�سي واالجتماعي‬ ‫حاجات املجتمع وبناء أالف��راد و�صناعة‬
‫حمبة)‪.‬‬ ‫لقد انطلق (ق���ده) يف اجتهاده ليواجه‬ ‫والمني‪ ،‬ونظر ‪ -‬أ�ي�ض ًا‪� -‬إىل‬ ‫واالقت�صادي أ‬ ‫م�ستقبلهم‪ ..‬ولذلك أ�كد �سماحته ومنذ‬
‫�إنّ خ�سارتنا برحيله ال تعو�ض‪ ،‬و�إنها لثلمة‬ ‫الواقع؛ كان يريد أ�ن يكون املجتهد الذي‬ ‫حركة امل�سلمني يف العامل بلحاظ الظروف‬ ‫بداية عمله على بناء امل ؤ��س�سة ال العمل‬
‫كبرية انفتقت عن جرح عميق أ�رجو من‬ ‫يقف ليتحمل أ�خ��ط��ار ال�ساحة وليواجه‬ ‫كافة‪ ،‬و�ص ّرح أ�ننا ال نعي�ش يف جمتمعات‬ ‫ال��ف��ردي و�آم����ن ب أ�����نّ امل ؤ������س�����س��ات تبقى‬
‫اهلل تعاىل أ�ن يعو�ضها مبثله‪ ،‬و�إنا هلل و�إنا‬ ‫حت��دي��ات ال�����س��اح��ة ول��ي��واج��ه ات��ه��ام��ات‬ ‫جامدة ن�ستطيع أ�ن ن�سقط أ�فكارنا عليها‬ ‫وت�ستمر‪ ،‬وه��ي ق���ادرة على التطور أ�م��ا‬
‫�إليه راجعون‪.‬‬ ‫ال�ساحة ول��ي��واج��ه ُ�سباب ال�ساحة وكل‬ ‫�إ�سقاط ًا من فوق‪ ،‬بل ال بد من ال�سعي �إىل‬ ‫أالفراد يزولون‪ ..‬ومهما كربت �إمكاناتهم‬
‫�سيدي‪..‬‬ ‫الكلمات‪ ،‬ألنّ ا إلن�سان الذي يريد أ�ن يكون‬ ‫نيل تعاطف ا إلن�سانية مع ديننا وق�ضايانا‬ ‫ف�إنها تبقى حم���دودة ب��ح��دود قدراتهم‬
‫�إنّ فكرك لن ي�صبح موت ًا بل هو تتمة‪..‬‬ ‫رج��ل ال�ساحة ال ب��د م��ن أ�ن يتحمل كل‬ ‫املحقة والعادلة وا إلن�سانية‪ .‬وانطالق ًَا من‬ ‫ونظرتهم �إىل أالمور‪ ..‬واعترب أ�نّ املجتمع‬
‫فهو لهب ال ينطفئ أ�بد ًا‪.‬‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫�أمانة الإ�سالم وم�س�ؤولية االمة‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫و�إذا ك ّنا اليوم نعاين من فو�ضى أ�و ف�ساد‬ ‫ف�إنّ عملنا يف كا ّفة امليادين واحلقول هو‬
‫أ�و اخرتاق أ�و عمالة يف جمتمعاتنا‪ ،‬ف� إ ّنه‬ ‫أ�مانة‪ ،‬وال ب ّد من أ�ن ُنبعده عن االرجتال‬
‫ال�شعور بامل� ؤس�ول ّية عند‬ ‫يعود �إىل انعدام ّ‬ ‫واال�ستخفاف به‪ ،‬و أ�ن نحر�ص على بذل‬
‫البع�ض ا ّلذين تقع حتت أ�يديهم مقدّرات‬ ‫أ�ق�صى �إمكاناتنا للحفاظ عليه وتطويره‪،‬‬
‫املجتمع و�إمكاناته‪ ،‬بحيث ال يف ّكرون � إ ّال يف‬ ‫للمانة وملن‬ ‫ألنّ خالف ذلك هو خيانة أ‬
‫اخلا�صة ال�ض ّيقة‪ ،‬وال يف ّكرون‬ ‫ّ‬ ‫ح�ساباتهم‬ ‫ح ّملنا � إ ّياها‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يف ح�سابات اهلل �و الوطن �و املجتمع‪...‬‬ ‫الطبيعة‪ ،‬لكي نكون‬ ‫كما متت ّد أالمانة �إىل ّ‬
‫المانة‬ ‫حتريف مفهوم أ‬ ‫امل ؤ�متنني على م��ا أ�ودع���ه اهلل فيها من‬
‫أ‬
‫وقد ال يختلف اثنان حول قيمة المانة‪،‬‬ ‫��ال وم����وارد‪ ،‬ف�لا نع ّر�ضها‬ ‫خ�ضر ٍة وج��م ٍ‬
‫ولكنَّ امل�شكلة أالعقد‪ ،‬اليوم‪ ،‬أ� ّنه ّمت حتوير‬ ‫للخطر أ�و التّ�شويه أ�و التّبذير أ�و ا إل�سراف‪،‬‬
‫مفهومها بطريق ٍة ح�� ّذر منها ال ّر�سول‬ ‫وق��د ورد ع��ن ع��ل ّ��ي(ع)‪« :‬اتّ��ق��وا اهلل يف‬
‫أالكرم(�ص)‪ ،‬عندما قال‪« :‬كيف بكم �إذا‬ ‫عباده وبالده‪ ،‬ف�إ ّنكم م� ؤس�ولون حتى عن‬ ‫ألقى سماحة السيّد علي فضل الله‪ ،‬خطبتي صالة اجلمعة‪ ،‬من على منبر مسجد‬
‫أ��صبح املعروف منكر ًا واملنكر معروف ًا»‪،‬‬ ‫البقاع والبهائم»‪.‬‬ ‫اإلمامني احلسنني(ع) في حارة حريك‪ ،‬بحضور عد ٍد من الشخصيّات العلمائيّة‬
‫وا�ستغرب يومها أ��صحابه‪ « :‬أ�يكون ذلك يا‬ ‫وه��ك��ذا ـ أ� ّي��ه��ا أالح�� ّب��ة ـ تتح ّرك أالم��ان��ة‬ ‫والسياسيّة واالجتماعيّة‪ ،‬وحشدٍ من املؤمنني‪ ،‬ومما جاء في اخلطبة األولى‪:‬‬
‫ر�سول اهلل؟»‪ ..‬نعم يا ر�سول اهلل‪ ،‬فاليوم‬ ‫يف ك ّل أ�قوالنا و أ�فعالنا‪ ،‬فمجال�س ال ّنا�س‬
‫ولل�سف ـ ُينظر �إىل أالمانة على أ�نها‬ ‫ـ أ‬ ‫بني أ�يدينا أ�مانة‪ ،‬ومقت�ضى الواجب أ�ن‬ ‫�بر وال��ف��اج��ر‪ ،‬وب�� ّر‬ ‫ق��ال اهلل تعاىل‪�} :‬إِنَّ اللهّ َ َي ْأ��� ُم�� ُر ُك ْ��م َأ�ن وال���وف���اء ب��ال��ع��ه��د ل��ل ّ‬
‫أ‬
‫لل�شخ�ص الم�ي�ن‪ ،‬وع��ائ�� ٌق �م��ام‬ ‫أ‬ ‫م�شكلة ّ‬ ‫نحافظ على أ��سرارهم وخ�صو�ص ّياتهم‪،‬‬ ‫��ات ِ� إلىَ َأ� ْه ِل َها َو ِ� إ َذا َح َك ْمتُم الوالدين ب ّرين كانا أ�و فاجرين»‪.‬‬ ‫ُت ؤ���دُّو ْا َأال َم��ا َن ِ‬
‫أ‬ ‫َ‬ ‫للهّ‬
‫ا�س َأ�ن تحَ ك ُموا ِبال َع ْد ِل �إِنَّ ا ِن ِع َّما �صور متعدّ دة للمانة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َبينْ َ ال َّن ِ‬
‫و�صوله �إىل املراكز واملنا�صب واملقدّرات‪.‬‬ ‫وذل���ك ب أ����ن ال ن��ب��وح بها و�إن ب��اح��وا هم‬ ‫َ‬ ‫للهّ‬
‫امل�شكلة ال��ي��وم أ�نّ ال��� ّ��ش��ط��ارة تقت�ضي‬ ‫علي(ع)‪« :‬ال تخن‬ ‫ب أ��سرارنا‪ ،‬وقد ورد عن ّ‬ ‫ين‪ ،‬فمن‬ ‫والمانة ر أ��س مال املجتمع ا إلن�سا ّ‬ ‫أ‬ ‫َي ِع ُظ ُكم ِب ِه �إِنَّ ا َكانَ َ�سمِ يع ًا َب ِ�صري ًا{‪.‬‬
‫انعدام أالمانة و�ضرورة معرفة «من أ�ين‬ ‫من ائتمنك و�إن خانك‪ ،‬وال تذع �س ّره و�إن‬ ‫أ‬
‫ويقول تعاىل‪َ } :‬ي��ا َأ� ُّي�� َه��ا ا َّل ِ��ذي��نَ �آ َم�� ُن��و ْا ال خاللها ي�من الف���راد على ممتلكاتهم‬
‫أ‬ ‫َ‬
‫فال�شطارة‬ ‫ُت ؤ�كل الكتف»‪ ،‬كما يقولون‪ّ ،‬‬ ‫أ�ذاع �س ّرك»‪...‬‬ ‫ول َوت َُخو ُنو ْا َأ� َما َنا ِت ُك ْم ومقدّراتهم‪ ،‬ويحافظ املجتمع على طاقاته‬ ‫ت َُخو ُنو ْا اللهّ َ َوال َّر ُ�س َ‬
‫هي عندما ينجح العامل يف الته ّرب من‬ ‫للمانة‬ ‫االجتماعي أ‬
‫ّ‬ ‫البعد‬ ‫و�إمكاناته وث��روات��ه‪ ،‬و ُيحفظ امل��ال العام‬ ‫َو َأ�نت ُْم َت ْع َل ُمونَ {‪.‬‬
‫امل� ؤس�ول ّيات التي يتح ّملها‪ ،‬ويخ ّل�ص نف�سه‬ ‫ً‬
‫وكما أ�نّ للمانة ُبعدا فرد ّيا‪ ،‬كذلك ف�إنّ‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫بحجة أ� ّنه مال ال �صاحب‬ ‫الذي قد ُي�ستباح ّ‬ ‫النبياء وامل ؤ�منني‬ ‫�صفة أ‬
‫رب عمله‪ ،‬ولك ّنه من حيث‬ ‫أ�مام م� ؤس�وله أ�و ّ‬ ‫لها ُبعد ًا جماع ّي ًا‪ ،‬وقد ورد يف احلديث‬ ‫�إنها أالمانة ـ أ� ّيها أالح ّبة ـ �صف ٌة هي من له‪ ،‬كما يقول البع�ض‪ ،‬وين�سى ه ؤ���الء �نّأ‬
‫يعلم أ�و ال يعلم‪ ،‬ف� إ ّنه ي�ض ّر نف�سه وجمتمعه‬ ‫النبي(�ص)‪« :‬ك ّلكم راع وك ّلكم م� ؤس�ول‬ ‫عن ّ‬ ‫ملك لك ّل املجتمع‪ ،‬وا إل�ساءة‬ ‫هم الف�ضائل أالخالق ّية والقيم ا إلن�سان ّية هذا املال هو ٌ‬ ‫أ� ّ‬
‫قبل أ�ن ي�ض ّر َمن ائتمنه‪..‬‬ ‫��الوالد أ�مانة لدى أاله��ل‪،‬‬ ‫عن رع ّيته»‪ .‬ف أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫�����ص��ف��ة ال��ت��ي �إليه هي �إ�ساءة �إىل كل �فراده‪...‬‬ ‫ع��ل��ى ا إلط���ل���اق‪ ..‬وه���ي ال ّ‬
‫أ‬
‫ويف هذا‪ ،‬أ�و�صى لقمان ابنه ب�داء المانة‪،‬‬
‫أ‬ ‫وال����زّوج أ�م��ان��ة ل��دى زوج��ت��ه‪ ،‬وال��زّوج��ة‬ ‫خا�ص ًة وميت ّد مفهوم أالمانة �إىل أ�كرث من أ�فق‪،‬‬ ‫اعتربها اهلل �سبحانه وتعاىل ميز ًة ّ‬
‫ت�سلم لك دنياك‬ ‫بني‪ ،‬أ� ِّد أالمانة ْ‬ ‫فقال‪« :‬يا ّ‬ ‫أ�م��ان��ة ل��دى زوج��ه��ا‪ ،‬وال���وال���دان عندما‬ ‫للن�سان‪ ،‬يتم ّيز بها عن بق ّية الكائنات‪ ،‬حيث نلتقي يف القر�آن الكرمي باحلديث‬ ‫إ‬
‫و�آخرتك‪ ،‬وكن أ�مين ًا تكن غن ّيا»‪ً.‬‬ ‫يكربان أ�مانة ل��دى أ�والده��م��ا‪ ،‬واحلاكم‬ ‫يقول تعاىل‪ �ِ } :‬إ َّن��ا َع َر ْ�ض َنا َأال َم��ا َن�� َة َع َلى عن أالمانات‪َ } :‬وا َّل ِ��ذي��نَ هُ ْم ِ َأل َما َناتِهِ ْم‬
‫وامل�شكلة ال��ي��وم أ�ي�����ض�� ًا‪ ،‬ه��ي اخللط بني‬ ‫أ�و امل� ؤس�ول أ�مني على ك ّل ا ّلذين انتخبوه‪،‬‬ ‫��ال َف َأ��� َب�ْيأنْ َ َأ�ن َو َع ْه ِد ِه ْم َر ُاع��ونَ { (امل ؤ�منون‪ ،)8 :‬فهي‬ ‫����ض َوالجْ ِ �� َب ِ‬‫ال�س َما َو ِات َو ْ َأال ْر ِ‬ ‫َّ‬
‫��ا���ص وال���ع���ام‪ ،‬ح��ي��ث ُن��ب��ي��ح ألنف�سنا‬ ‫اخل ّ‬ ‫ن�سانُ ت�شمل ك�� ّل امل� ؤس�ول ّيات ا ّلتي ح ّملنا اهلل‬ ‫َي ْحمِ ْل َن َها َو َأ� ْ�ش َف ْقنَ ِم ْن َها َو َح َم َل َها ا ِ إل َ‬
‫الت�ص ّرف يف ما هو عام ولي�س ملكنا‪ ..‬وهنا‬ ‫{(الحزاب‪ � .)72 :‬إ ّياها يف احلياة‪ ،‬والتي حت ّملناها ب�إرادتنا‬ ‫ِ� إ َّن ُه َكانَ َظ ُلوم ًا َج ُهو ًال أ‬
‫لقد ترك لنا �سماحة ال�س ّيد‬ ‫خا�صة يف قلوب أ�و ح ّملنا � إ ّياها املجتمع‪..‬‬ ‫و ِل ِ�ص َف ِة أالمانة موقع ّية ّ‬
‫ال�صورة‬ ‫ال ب ّد لنا من أ�ن ن�ستح�ضر هذه ّ‬
‫علي (ع)‬ ‫املعبة التي كان أ�مري امل ؤ�منني ّ‬ ‫رّ‬ ‫ال�سالم الذي‬ ‫(ر�ض)‪ ،‬أ�مانة إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال�صفتني اللتني وم���ن �وىل ه���ذه الم����ان����ات‪ ،‬ع�لاق�� ُت��ن��ا‬ ‫ّ‬ ‫امل ؤ�منني‪ ،‬فهي �إح��دى ّ‬
‫يدعو ع ّماله �إليها‪ ،‬ح�ين ك��ان ي أ�مرهم‬ ‫ك��ان ُي��ع��رف بهما ال��ن��ب ّ��ي(���ص) قبل أ�ن ب��اهلل ال���ذي دع��ان��ا �إىل طاعته وال ُبعد‬
‫بذل جهد ًا كبري ًا حلفظ‬ ‫وال�شكر له‪،‬‬ ‫ُيبعث نب ّي ًا‪ ،‬وال ّلتني ا�ستطاع من خاللهما عن مع�صيته‪ ،‬ودوام ذك��ره ّ‬
‫ب��ال�� ّد ّق��ة يف حفظ امل��ال ال��ع��ام‪ ،‬كما قال‬
‫ملالك أال�شرت عندما أ�ر�سله �إىل م�صر‪« :‬يا‬ ‫�صورته‪ ،‬ليبقى �صافي ًا نق ّي ًا‪،‬‬ ‫أ�ن يخرتق احلواجز التي ُن�صبت أ�مامه والتّواجد حيث يريدنا أ�ن نكون‪ ،‬واالبتعاد‬
‫مالك‪ ،‬أ�حط عهدك بالوفاء‪ ،‬وار َع ذ ّمتك‬ ‫عندما ُبعث ر�سو ًال وه��ادي�� ًا‪ ،‬بحيث كان عن ك ّل مواقع غ�ضبه‪.‬‬
‫كما جاء عن ر�سول اهلل (�ص)‬ ‫بال�صادق أالمني»‪ ،‬ومن أالمانات أ�ي�ض ًا‪ ،‬عالقتُنا بر�سول اهلل‬ ‫ُينادى �إذ أ�قبل‪ « :‬أ�ه ًال ّ‬
‫بالمانة»‪ .‬وقد ع�ّب�رّ (ع) عن ذلك عمل ّي ًا‬ ‫أ‬
‫مبا ُيعرف ب�شمعة أ�مري امل ؤ�منني(ع)‪ ،‬فهو‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫و�هل بيته(ع) وكل الذين �مرنا باالقتداء‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ال�صادق أالمني»‪..‬‬ ‫و «جاء ّ‬
‫وعليه أ�ن يتح ّمل م� ؤس�ول ّيتهم يف ح ّل‬
‫عندما كان يعمل يف بيت مال امل�سلمني‪،‬‬ ‫م�شاكلهم ومتابعة ق�ضاياهم‪ ،‬واحلفاظ‬ ‫ونالحظ من خالل ا آلي��ات الكرمية‪ ،‬أ�نّ بهم‪..‬‬
‫وقد أ��ضاء �شمع ًة لعمله‪ ،‬ح�ضر �إليه أ�حد‬ ‫على ق ّوتهم وا�ستقاللهم‪ ،‬و�صيانه بلدهم‬ ‫للنبياء‪ ،‬وقد قدّموا كما أ�نّ الدِّ ين الذي نحمله‪ ،‬وهو ا إل�سالم‪،‬‬ ‫«المني» مالزمة أ‬ ‫�صفة أ‬
‫للهّ‬
‫أ�نف�سهم بها عندما طرحوا ر�ساالتهم أ�مانة‪�} :‬إِنَّ الدِّ ينَ ِعندَ ا ِ ا ِ إل ْ�س َال ُم{(�آل‬
‫خا�ص ال عالقة للم�سلمني‬ ‫مر ّ‬ ‫أال�شخا�ص ب أ� ٍ‬ ‫من امل�صادرة املبا�شرة أ�و غري املبا�شرة‪.‬‬
‫ال�شمعة‪ ،‬لكونها ملك ًا‬ ‫به‪ ،‬ف أ�طف أ� ا إلم��ام ّ‬ ‫كما أ�نّ املجتمع م� ؤس�ول بك ّله عن واقعه‪،‬‬ ‫النبي منهم يقول‪ ،‬ع��م��ران‪ ،)19 :‬وق��د ح ّملنا اهلل تعاىل‬ ‫لل ّنا�س‪ ،‬بحيث ك��ان ّ‬
‫عام ًا لك ّل امل�سلمني‪..‬‬ ‫فهو أ�مني على ا إل�سالم والقر�آن أ‬
‫والخالق‬ ‫على ما ورد يف القر�آن الكرمي‪ �ِ } :‬إنيِّ َل ُك ْم م� ؤس�ول ّية أ�ن ندعو �إليه باحلكمة واملوعظة‬
‫ال�صورة‬ ‫أ�ين نحن ـ أ� ّيها أالح ّبة ـ من هذه ّ‬ ‫والقيم أ�ن ال ت�ضيع بني أ�بنائه‪.‬‬ ‫ٌ{(ال�شعراء‪ .)107 :‬وقد ورد احل�سنة‪ ،‬و أ�ن نعمل لكي يبقى حا�ضر ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َر ُ�سو ٌل َأ� ِمني‬
‫يف تعاملنا مع املال العام‪� ،‬سواء كان مال‬ ‫علي(ع) أ�نّ ‪�« :‬ش ّر النا�س‬
‫ّ‬ ‫اخلا�صة والعا ّمة‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫يف احلديث عن ال�� ّ���ص��ادق(ع)‪�« :‬إنّ اهلل قو ّي ًا‪� ،‬صلب ًا‪ ،‬يف احلياة‬
‫وقد اعترب ا إلمام ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�شخ�صي‪ ،‬فالنف�س‬ ‫ع ّز وج ّل مل يبعث نب ّي ًا �إال ب�صدق احلديث أ� ّم��ا على امل�ستوى‬
‫م ؤ� ّ�س�سات أ�و جمع ّيات أ�و مال الدّولة؟ كم‬ ‫من ال يعتقد أالمانة‪ ،‬وال يجتنب اخليانة»‪،‬‬ ‫ّ‬
‫نحن بحاج ٍة �إىل ا�ستعادة ه��ذه القيمة‬ ‫و أ��شار �إىل أ�نّ أالمانة مفتاح ال ّرزق‪ ،‬وهي‬ ‫أ�مانة‪ ،‬وقد جعلها اهلل يف ُعهدتنا‪ ،‬نحر�ص‬ ‫رب والفاجر»‪.‬‬ ‫و أ�داء أالمانة �إىل ال ّ‬
‫التي اعتربت أالحاديث أ� ّنها مت ّثل عنوان ًا‬ ‫وقد ورد يف أالمانة أ�ي�ضا عن الباقر(ع)‪ :‬على تربيتها وتهذيبها وع��دم ا إل���ض��رار‬ ‫ً‬
‫ال�سبيل للح�صول على الثرّ وة وال ّثقة بني‬ ‫ّ‬
‫ل��ل��دِّ ي��ن‪ ،‬فقد ورد يف احل��دي��ث‪« :‬ال دين‬ ‫ال ّنا�س‪ ،‬وهي �ص ّمام أالمان للمجتمعات‪،‬‬ ‫اب‬‫«ثالث مل يجعل اهلل ع ّز وج ّل ألحدٍ فيهنّ بها‪َ } :‬ق ْ��د َأ� ْف�� َل َ��ح َمن َز َّكاهَ ا * َو َق ْ��د َخ َ‬ ‫ٌ‬
‫وهي نظام أ‬ ‫ّ‬
‫رب والفاجر‪َ ،‬م��ن د ََّ�ساهَ ا{(ال�شم�س‪9 :‬ـ‪ .)10‬كذلك‬ ‫رخ�صة‪� :‬داء المانة �إىل ال ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫لل ّمة‪..‬‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬
‫ملن ال أ�مانة ل��ه»‪ ،‬كما واعتربتها �سبي ًال‬
‫ندعو ال�ستئ�صال بذور الفتنة بد ًال من الحديث عن ت�أجيلها‬ ‫لبلوغ اخلري‪ ،‬ومفتاح ًا للربكات وللو�صول‬
‫عب عنه حديث‬ ‫حب اهلل‪ ،‬وه��ذا ما رّ‬ ‫�إىل ّ‬
‫وي�سقط فيها امل��ئ��ات م��ن املدنيني‬ ‫حب اهلل عبد ًا‪ ،‬ح ّبب �إليه‬ ‫ّ‬ ‫�‬‫أ‬ ‫ذا‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫«‬ ‫(ع)‪:‬‬ ‫علي‬
‫ّ‬
‫بفعل اال�ستهداف املبا�شر لهم‪ ،‬وهو‬ ‫اخلطبة ال�سيا�سية‬ ‫أالمانة»‪.‬‬
‫وك��م نحن ب��ح��اج�� ٍة �إىل �إع����ادة �صياغة‬
‫ما بد أ�ت تظهر ف�ضائحه على بع�ض‬ ‫جمتمعنا‪ ،‬ونظرتنا �إىل أالمور‪ ،‬وتقييمنا‬
‫مواقع ا إلنرتنت أالمريكية‪.‬‬ ‫األزمات تتوالى من بوابة االحتالل‪:‬‬ ‫ال�صدق‬ ‫�سا�س مت ٍني من ّ‬ ‫لل�شخا�ص على أ� ٍ‬ ‫أ‬
‫تُقبل أالزم����ات وال��ف�تن على لبنان‬ ‫والمانة وال ّد ّقة‪ ،‬ولهذا كان احلديث عن‬ ‫أ‬
‫لبنان ومخططات الفتنة‪:‬‬ ‫�����ص��ادق(ع)‪« :‬ال تغرتّوا ب�صالتهم وال‬ ‫ال ّ‬
‫وامل��ن��ط��ق��ة ال��ع��رب��ي��ة وا إل���س�لام��ي��ة‬ ‫بال�صالة‬ ‫ب�صيامهم‪ ،‬ف�إنّ ال ّرجل ربمّ ا لهج ّ‬
‫أ�م��ا لبنان ال��ذي يهدد وزي��ر حرب‬ ‫م��ن ب��واب��ت��ي االح��ت�لال ال�صهيوين‬ ‫وال�صوم حتّى لو تركه ا�ستوح�ش‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬
‫ال��ع��دو ب�ضرب م ؤ��س�ساته وامل��واق��ع‬ ‫والم���ري���ك���ي‪ ،‬يف واق����ع ج��دي��د من‬ ‫أ‬ ‫اخ��ت�بروه��م عند ���ص��دق احل��دي��ث و أ�داء‬
‫الر�سمية للحكومة والدولة اللبنانية‬ ‫ال��ه��ج��م��ات امل���ر ّك���زة ال��ت��ي ت��ب��د أ� يف‬ ‫بي(�ص)‪:‬‬ ‫حديث �آخر عن ال ّن ّ‬ ‫أالمانة»‪ .‬ويف ٍ‬
‫«ال تنظروا �إىل كرثة �صالتهم و�صومهم‪،‬‬
‫فيه‪ ،‬ف�إنه دخل يف مرحلة التجاذب‬ ‫فل�سطني املحتلة‪ ،‬وتتوزع اهتزازاتها‬ ‫وك��ث�رة احل���ج وامل����ع����روف‪ ،‬وطنطنتهم‬
‫الق�صوى بني حماوالت �إ�شعال الفنت‬ ‫االرت��دادي��ة على املنطقة كلها‪ ،‬من‬ ‫بال ّليل‪ ،‬ولكن انظروا �إىل �صدق احلديث‬
‫أ�قرتها دول االحت��اد أالوروب��ي وكندا‪،‬‬ ‫أ�فغان�ستان �إىل العراق و�صو ًال �إىل‬ ‫و أ�داء أالمانة»‪.‬‬
‫التي تقوم بها جهات دول��ي��ة تعمل‬ ‫يف �سياق ال�ضغوط العالية التي ترتفع‬ ‫س�ولية اخلط‬ ‫ال�س ّيد(ر�ض) وم� ؤ‬
‫لبنان‪.‬‬ ‫أ� ّيها أالح�� ّب��ة‪ � :‬إ ّننا نقف يف هذه املرحلة‬
‫حل�����س��اب ال��ع��دو ومل�صلحته حتت‬ ‫هداف تت�صل بهواج�س‬‫وتريتها لتحقيق أ� ٍ‬ ‫خ�ضم هذه الرتاكمات‪ ،‬يزحف‬ ‫ّ‬ ‫ويف‬ ‫��ات ك�برى ح ّملنا � إ ّي��اه��ا‬ ‫أ�م���ام م��� ؤ‬
‫��س���ول�� ّي ٍ‬
‫ع��ن��اوي��ن م��ت��ع��ددة‪ ،‬وب�ين حم��اوالت‬ ‫الكيان ال�صهيوين من جهة‪ ،‬وملنع قيام‬ ‫العدو ال�صهيوين �إىل موقع جديد‬ ‫�سماحة ال�س ّيد (ر�ضوان اهلل عليه)‪ ،‬نحن‬
‫االل��ت��ف��اف على ه ؤ����الء على قاعدة‬ ‫حالة �إ�سالمية أ�و عربية م�ستقلة يف‬ ‫يف فل�سطني املحتلة‪� ،‬إىل قلب النقب‬ ‫أ�ح ّباءه ا ّلذين أ�تعب نف�سه من أ�جلنا‪ ،‬حيث‬
‫ترك لنا أ�مانة ا إل�سالم الذي بذل جهد ًا‬
‫احلكمة التي ت�شعر ب أ�ن اخلو�ض يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬وبعيدة عن اخل�ضوع للمحاور‬ ‫ليبيد قرية بكاملها‪ ،‬بكل ما لكلمة‬ ‫كبري ًا حلفظ �صورته‪ ،‬وع��دم ت�شويهها‪،‬‬
‫ه��ذا الغمار �سوف ُي�سقط الهيكل‬ ‫اال�ستكبارية من جهة أ�خ���رى‪ ..‬فلقد‬ ‫ا إلبادة من معنى‪ ،‬ليكون ذلك عنوان‬ ‫لكي يبقى نق ّي ًا �صافي ًا‪ ،‬كما جاء عن ر�سول‬
‫جاءت هذه العقوبات ا�ستجابة لطلبات‬ ‫ال��ر���س��ال��ة اجل��دي��دة لبقية ال��ق��رى‬ ‫اهلل (�ص) ودعا �إليه‪...‬‬
‫على ر ؤ�و���س اجلميع‪ ..‬وو�سط هذا‬ ‫وكان ال�س ّيد (ر�ض) حري�ص ًا على أال ّمة‬
‫متكررة من رئي�س وزراء العدو بفر�ض‬ ‫العربية الفل�سطينية يف النقب‪،‬‬
‫اجل��و يمُ��ار���س ال��ع��دو أ�و���س��ع عملية‬ ‫يف ق�ضاياها‪ ،‬فكان ال��دّاع��ي �إىل وحدة‬
‫ح�صار اقت�صادي �شديد �ضد �إي��ران‪،‬‬ ‫ور�سالة أ�خرى �إىل العرب ب أ�ن طريق‬ ‫امل�سلمني‪ ،‬ووح���دة امل�ست�ضعفني أ�م��ام‬
‫انتهاك لل�سيادة اللبنانية وي�ستبيح‬ ‫ال�سالم املزعوم ت�صنعه اجل ّرافات‬ ‫امل�ستكربين‪ ..‬وكان الدّاعي �إىل مقاومة‬
‫وه��و أالم���ر ال���ذي يتنا�سب م��ع حجم‬
‫أ�ج���واء البلد م��ن دون أ�ن تتحرك‬ ‫ال�صهيون ّية‪ ،‬ولي�س على العرب �إال‬ ‫ين يف لبنان وفل�سطني‪،‬‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫ال��ع��د ّو ّ‬
‫وال��دّاع��م لها‪ ،‬واحلا�ضر يف ك�� ّل مواقع‬
‫أالمم امل��ت��ح��دة ل��ردع��ه ومنعه من‬ ‫ا لعقو با ت ا جلد يد ة ضد‬ ‫اخل�ضوع ل�سيا�سة أالمر الواقع التي‬ ‫التحدّي للم�ستكربين‪ ،‬ويف مواجهة أ� ّي‬
‫انتهاك القرار ‪.1701‬‬ ‫ايران هي استجابة للطلبات‬ ‫تتح ّرك بتغطية من الغطاء الدويل‪،‬‬ ‫حم��ت�� ّل‪ ...‬وك���ان احل��ري�����ص على تقدمي‬
‫الصهيونية الهادفة لتضييق‬ ‫والمريكي باخل�صو�ص‪.‬‬ ‫أ‬ ‫�صور ٍة مم ّيزة للمرجع ّية املنفتحة على‬
‫�إن��ن��ا ن��ري��د ألج����واء ال��ت��ه��دئ��ة التي‬ ‫ق�ضايا الع�صر‪ ،‬وتبيان ح�ضور ا إل�سالم‬
‫احلصار‪ ،‬األمر الذي يتناسب‬ ‫و�إىل جانب ذل��ك‪ ،‬تتواىل الغارات‬
‫ب��رزت م ؤ�خر ًا أ�ن تتحول �إىل خطة‬ ‫يف ك ّل امليادين‪ ،‬ومل يكن يخ�شى يف اهلل‬
‫مع حجم املؤامرة التي تحُ اك‬ ‫ال�صهيونية الوح�شية على أ�طراف‬ ‫لومة الئم‪...‬‬
‫داخلية تنطلق فيها الدولة مع كل‬ ‫ضد القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫ق��ط��اع غ���زة‪ ،‬كما ت��ت��واىل عمليات‬ ‫كما حر�ص ال�س ّيد (ر�ضوان اهلل عليه)‬
‫املخل�صني‪ ،‬ال�ستئ�صال بذور الفتنة‬ ‫ال����زح����ف اال����س���ت���ي���ط���اين وط����رد‬ ‫على �إق��ام��ة امل ؤ� ّ�س�سات ا ّلتي ت�ساهم يف‬
‫ب���د ًال م��ن احل��دي��ث ع��ن ت أ�جيلها‪،‬‬ ‫امل ؤ����ام���رة ال��ت��ي تحُ���اك �ضد الق�ضية‬ ‫املقد�سيني العرب من بيوتهم داخل‬ ‫تعزيز ق ّوة املجتمع‪ ،‬و�إبعاده عن أ� ّي ٍ‬
‫موقع‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬حيث ُيراد مترير ت�سوية‬ ‫ال�ضعف‪ ،‬فعمل على ح ّل م�شاكل‬ ‫من مواقع ّ‬
‫ولالنتقال بالبلد �إىل مرحلة ال�سالم‬ ‫ال��ق��د���س امل��ح��ت��ل��ة‪ ،‬ول��ك��ن م��ن دون‬ ‫والي��ت��ام وامل��ع��وزي��ن واملر�ضى‬ ‫ال��ف��ق��راء أ‬
‫مذلة يف املنطقة‪ ،‬ت�سقط معها ق�ضية‬ ‫أ�ن يثري ذل��ك كله أ�ي رد فعل يف‬ ‫وامل�س ّنني وامل��ع��وق�ين‪ ...‬وق��د تركها لنا‬
‫أالهلي الناجز‪ ،‬لتمار�س احلكومة‬
‫فل�سطني بالكامل‪ ،‬من دون اعرتا�ض‬ ‫أالمم املتحدة وجمل�س أالمن أ�و يف‬ ‫�سماحته أ�مان ًة بني أ�يدينا‪� ،‬سن ؤ�دّيها مع ًا‪،‬‬
‫دورها احلقيقي يف معاجلة ق�ضايا‬ ‫أ�و مم��ان��ع��ة م��ن ال����دول ا إل���س�لام��ي��ة‬ ‫و�سنوا�صل م�سريتها مع ًا‪ ،‬لتكون �صدق ًة‬
‫جمموعة دول االحتاد أالوروبي التي‬ ‫ج��اري��ة لل�س ّيد (ر����ض)‪ ،‬ولتكون عنوان ًا‬
‫ال��ن��ا���س املعي�شية واحل��ي��ات��ي��ة‪ ،‬ويف‬ ‫أال���س��ا���س��ي��ة‪ ،‬حتى ل��و أ�دى أالم���ر �إىل‬ ‫تخ ّلت عن �شعارات حقوق ا إلن�سان‬ ‫َوم ْع َلم ًا من معامل أ� ّمتنا‪...‬‬
‫ر�سم اخلطط اجلاهزة ملواجهة أ�ي‬ ‫االنتقال من حال ال�ضغوط �إىل حال‬ ‫وو�ضعت نف�سها يف فلك املحتل ومن‬ ‫أ� ّيها أالح ّبة‪ :‬هذا هو ال�س ّيد يرقد يف عليائه‬
‫ط��ارئ قد ي أ�تي من خ�لال اجلنون‬ ‫احل���رب‪ ..‬وبالتايل فعلى اجلميع أ�ن‬ ‫يدعمه‪.‬‬ ‫متط ّلع ًا �إلينا‪ ،‬وهو على ثق ٍة ب أ�نّ أال ّمة التي‬
‫أ�ح ّبها و أ�خل�ص امل� ؤس�ول ّية جتاهها �ستح ّبه‪،‬‬
‫ال�صهيوين الذي ي�شجع عليه فقدان‬ ‫يتح�ضر للمرحلة املقبلة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا أ�ن‬ ‫ّ‬ ‫حصار إيران مطلب صهيوني‪:‬‬ ‫و�ستخل�ص امل� ؤس�ول ّية جتاه ك ّل ما تركه من‬
‫ال��ت��وازن أالم��ري��ك��ي امل��ت��زاي��د أ�م��ام‬ ‫االحتالل للمواقع ا إل�سالمية والعربية‬ ‫����ط �آخ�����ر‪ ،‬ن��ت��و ّق��ف عند‬
‫وع���ل���ى خ ّ‬ ‫�سات ب�إذن اهلل‬ ‫خط ومنهج تفك ٍري وم ؤ� ّ�س ٍ‬ ‫ٍّ‬
‫من فل�سطني �إىل أ�فغان�ستان والعراق‬ ‫اخل��ط��ط اجل���دي���دة ال��رام��ي��ة �إىل‬ ‫ُ‬ ‫للهّ‬
‫تعاىل‪ُ } ،‬ق ِل ْاع َم ُلو ْا َف َ�سيرَ َ ى ا َع َم َل ُك ْم‬
‫العدو‪.‬‬ ‫َو َر ُ�سو ُل ُه َوالمْ ُ ْ ؤ� ِم ُنونَ {(التّوبة‪.)105 :‬‬
‫ب��د أ� ب�سل�سلة من ال�ضغوط ال�سيا�سية‬ ‫ت�����ض��ي��ي��ق احل�����ص��ار ع��ل��ى �إي�����ران‪،‬‬
‫تلقى ظهر اليوم في مسجد االمامني احلسنني (ع)‬
‫وحت�� ّول �إىل حرب املجازر التي �سقط‬ ‫وخ�صو�ص ًا العقوبات اجلديدة التي‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫حوار مع الشيخ حسني اخلشن حول املرجعية وشؤونها ‪:‬‬
‫المرجع فضل الله(رض) مثّل تجربة رائدة في مرجعيته الحركية‬
‫الفقهي‪ ،‬وكذلك على املذاهب اال�سالمية‬ ‫أجرت صحيفة «اللواء» حوار ًا مع مدير احلوزات في مؤسسة املرجع فضل يتخذها يف ال�ش أ�ن العام‪ ،‬أ�و يف حتديد‬
‫أالخ����رى‪ ،‬حيث ن�لاح��ظ أ�ن الفقيهني‪:‬‬ ‫الله (رض) ‪ ،‬تناول موضوع املرجعية لدى املسلمني الشيعة ونشأتها‪ ،‬ووضعها املو�ضوعات أ�و تقييم أالفراد‪ ،‬ف�إن الفقيه‬
‫ال�شهيد أالول وال�شهيد الثاين‪ ،‬د ّر�سا على‬ ‫لي�س مع�صوم ًا‪ ،‬وال مانع م��ن مناق�شته‬
‫أ�ئمة املذاهب أالخرى‪ ،‬كما د ّر�س ال�شهيد‬ ‫مم��ن ميلك ثقافة ذل���ك‪ ،‬وقد‬ ‫احلاضر وآفاقها املستقبلية‪ ،‬خصوص ًا بعد رحيل املرجع فضل الله‪ ..‬في ما يلي أ�و ن��ق��ده ّ‬
‫الثاين على املذاهب اخلم�سة يف املدر�سة‬ ‫تع ّلمنا يف مدر�سة ر�سول اهلل (�ص)‪ ،‬أ�ن‬ ‫نص املقابلة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫النور ّية يف بعلبك·‬ ‫ُنبقي عقولنا مفتوحة وال ن ؤ� ّجرها ألحد‪،‬‬
‫�إن هذه اخل�صائ�ص ملدر�سة جبل عامل‬ ‫علي (ع) وهو يح ّر�ض‬ ‫وقد قالها ا إلم��ام ّ‬ ‫نشأة املرجعية‪:‬‬
‫ا�ستم ّرت اىل ع�صرنا احلا�ضر‪ ،‬وم ّثلها‬ ‫�صحابته على التفكري النقدي‪« :‬فال تك ّفوا‬ ‫الواقع‬ ‫يف‬ ‫املرجعية‬ ‫ة‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫ن�ش‬ ‫‪-‬ما هو أ��سا�س‬
‫العديد من ال�شخ�صيات العلمية‪ ،‬وكان‬ ‫عن مقال ٍة بحقّ ‪ ،‬أ�و م�شور ٍة بعدل»·‬ ‫ال�شيعي؟‬
‫من أ�برزهم الع ّالمة املرجع ال�س ّيد حممد‬ ‫�شروط املرجعية‪:‬‬ ‫فتاء‪،‬‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ا‬ ‫مرجعية‬ ‫مبعنى‬ ‫املرجعية‪،‬‬ ‫‪� -‬إن‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل (رحمه اهلل)‪ ،‬الذي كان‬ ‫‪-‬هل كل جمتهد مرجع؟‬ ‫ورج���وع اجل��اه��ل يف ق�ضايا ال��دي��ن اىل‬
‫بحقّ فقيه ًا جم��دّد ًا ومف ّكر ًا �إ�صالحي ًا‪،‬‬ ‫‪ -‬لي�س كل جمتهد مرجع ًا بال�ضرورة·‬ ‫ال��ع��امل‪ ،‬لي�ست م� أس�لة �شيعية خا�صة‪،‬‬
‫وق���د ع���رف ال��ق��رن امل��ا���ض��ي �شخ�صية‬ ‫أ�جل‪� ،‬إن للمجتهد حق العمل ب آ�رائه‪ ،‬كما‬ ‫بل وال حتى �إ�سالمية الن�ش أ�ة فقط‪ ،‬فقد‬
‫�إ�صالحية معروفة‪ ،‬ه��و ال�س ّيد حم�سن‬ ‫أ�نه م�شروع مرجع‪ ،‬و�إمنا يتح ّول اىل مرجع‬ ‫ُع��رف��ت ه���ذه ال��ظ��اه��رة ل���دى أ�ت��ب��اع كل‬
‫أالمني‪� ،‬صاحب ر�سالة التنزيه التي دعا‬ ‫فعلي‪� ،‬إذا اقتنعت به أال ّمة‪ ،‬و أ�ثبت ح�ضوره‬ ‫ال��دي��ان��ات‪ ،‬و أ�م���ا بداياتها اال�سالمية‪،‬‬
‫فيها اىل �إ�صالح ال�شعائر احل�سين ّية من‬ ‫يف و�سطها العلمي‪ ،‬ويرى بع�ضهم أ�نه ال بد‬ ‫النبي (�ص)‪ ،‬فقد كان‬ ‫فرتجع اىل ع�صر ّ‬
‫املمار�سة ال�شا ّذة والدخيلة·‬ ‫أ‬
‫النا�س يرجعون �إليه (�ص)‪� ،‬و اىل بع�ض‬
‫من أ�ن يرت ّقى يف م�ستواه العلمي لي�صبح‬
‫مصير املرجعية بعد السيد‪:‬‬ ‫�ع�لاء �ش أ�ن الفقيه‪ ،‬وم��ع م��رور الزمن‪ ،‬أ�ع��ل��م الفقهاء‪ ،‬و�إال ف�لا يجوز تقليده·‬ ‫ون‬ ‫فقهاء �صحابته‪ ،‬لال�ستف�سار عن �ش ؤ�‬
‫‪-‬م���ا ه��و م�����ص�ير امل��رج��ع��ي��ة ب��ع��د رحيل‬ ‫دينهم‪ ،‬بل �إنه (�ص) كان ينتدب أالر�سل إ�ش ّكلت مرجعية الفقيه‪ ،‬وال �سيما يف ظل لكن يف مقابل ه��ذه النظرية املعروفة‪،‬‬
‫�سماحة ال�س ّيد؟‬ ‫تعليم النا�س �حكام اال�ستقاللية املالية‪ ،‬ا�ستناد ًا اىل نظام هناك نظرية أ�خرى ال ت�شرتط أالعلمية‬ ‫آ‬
‫من �صحابته بهدف‬
‫أ‬
‫‪ -‬احلقيقة أ�ن املرجعية ال ترتبط مبكان‬ ‫دينهم‪ ،‬فقد �كد القر�ن الكرمي �ضرورة اخل��م�����س‪ ،‬م��رك��ز ا���س��ت��ق��ط��اب ك��ب�ير‪ ،‬ما يف م��رج��ع التقليد‪ ،‬وتكتفي باجتهاده‬
‫ج��غ��رايف م��ع�ّي�نّ ‪ ،‬و�إمن���ا تخ�ضع ل�شروط‬ ‫وممن يرى هذا الر أ�ي‪ ،‬املرجع‬ ‫ت�ش ّكل هذا النحو من املرجعية‪ ،‬يف قوله‬
‫تعاىل‪} :‬وما كان امل ؤ�منون لينفروا كافة م ّكنها من لعب أ�دوار هامة على امل�ستوى وفقاهته‪ّ ،‬‬
‫أ�همها الفقاهة والورع‪ ،‬ف�إذا تو ّفرت تلك‬ ‫ال�سيا�سي واالجتماعي‪ ،‬فقد ق��ادت هذه الراحل ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫ال�شروط يف �إن�سان معينّ ‪ ،‬كان من حقه‬ ‫��وال ن��ف��ر م��ن ك��ل ف��رق��ة منهم طائفة املرجعية حركة الثورة واملطالبة با�ستقالل ب��ل �إن ال�س ّيد حم�سن أالم�ي�ن ق��د ن�سب‬ ‫ف��ل‬
‫للفتاء و���ش ؤ���ون املرجعية‪،‬‬ ‫الدين ول ُينذروا قومهم �إذا ب�لاد امل�سلمني من امل�ستعمر االنكليزي هذا الر أ�ي يف كتابه ( أ�عيان ال�شيعة) اىل‬ ‫ليتف ّقهوا يف‬
‫أ�ن يت�صدّى إ‬ ‫[التوبة‪:‬‬ ‫يحذرون{‬ ‫هم‬ ‫رجعوا �إليهم لع ّ‬
‫ل‬
‫ب�صرف النظر عن موطنه ومق ّر �إقامته‪،‬‬ ‫والفرن�سي‪ ،‬كما ح�صل يف ثورة الع�شرين م�شهور الفقهاء·‬
‫وق��د ك��ان �سماحة ال�س ّيد (رحمه اهلل)‪،‬‬ ‫‪·]122‬‬
‫املرجعية في لبنان‪:‬‬ ‫وق���د ا���س��ت��م��رت ه���ذه ال�����س�يرة يف ع�صر يف العراق·‬
‫وقبل ت�صدّيه للمرجعية‪ ،‬يتب ّنى مرجعية‬ ‫‪-‬هل لدينا مرجعيات يف لبنان؟‬
‫ال�س ّيد اخلوئي يف النجف‪ ،‬ومن ّثم مرجعية‬ ‫ال�صحابة والتابعني‪ ،‬وجرى عليها أالئمة مفهوم التقليد‪:‬‬
‫من أ�ه��ل البيت (ع)‪ ،‬حيث عملوا على ‪-‬ه���ل ي��ج��ب ع��ل��ى ك��ل �ن�����س��ان أ�ن يكون ‪ -‬ع��رف جبل عامل يف تاريخه العلمي‬
‫قم‪ ،‬ثم �إنه‪،‬‬ ‫ال�س ّيد الكلبيكاين يف مدينة ّ‬ ‫احلافل العديد من املرجعيات الكبرية‬ ‫إ‬
‫ومع رحيل �سماحة ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬ف�إننا‬ ‫ت��رب��ي��ة ج��ي��ل م��ث�� ّق��ف �إ���س�لام��ي�� ًا يف �شتى مق ِّلد ًا؟‬
‫املعارف اال�سالمية‪ ،‬من الفقه والكالم ‪ -‬من الطبيعي أ�ن على كل م�سلم ال ميلك التي لعبت دور ًا هام ًا يف �إث��راء الثقافة‬
‫ال جند يف لبنان مرجعية دينية ميكن أ�ن‬ ‫وال��ت��ف�����س�ير وغ��ي�ر ذل����ك‪ ،‬وق����د ن ّ��ظ��م��وا ثقافة فقهية مت ّكنه م��ن معرفة احلكم اال�سالمية وت��ط��وي��ر الفقه ا إل���س�لام��ي‪،‬‬
‫مت�ل� ال��ف��راغ ال��ذي تركه‪ ،‬وال �س ّيما أ�نه‬ ‫أ‬ ‫و أ����ش��رف��وا على رع��اي��ة التخ�ص�صات يف ال�شرعي من م�صادره‪ ،‬أ�ن يرجع اىل من وال ت���زال �آث��اره��م الفقهية تُ��د ّر���س اىل‬
‫م ّثل جتربة رائ��دة يف مرجعيته احلركية‬ ‫ف�شجعوا بع�ض �صحابتهم ميلك هذه الثقافة‪ ،‬فيتم ّكن هذا امل�سلم اليوم يف احل��وزات العلمية‪ ،‬وبع�ض تلك‬
‫واحل��ا���ض��رة يف �شتّى امل��ي��ادي��ن الفكرية‬ ‫ه��ذا املجال‪ّ ،‬‬
‫ال�شخ�صيات أ�قامت يف لبنان‪ ،‬والبع�ض‬ ‫اخلو�ض‬ ‫دون‬ ‫فتاء‬ ‫ل‬
‫على القيام مبهمة إ‬
‫ا‬
‫وال�سيا�سية واالج��ت��م��اع��ي��ة والفقهية‪،‬‬ ‫ا آلخ���ر ا�ضطرتهم ال��ظ��روف ال�سيا�سية‬ ‫أ‬
‫كما وم�� ّث��ل ظ��اه��رة �إن�سانية ف��ري��دة يف‬ ‫مثّل السيد (رض) ظاهرة‬ ‫يف الق�ضايا الكالمية‪ ،‬لنهم ال يح�سنون‬
‫والمنية ال�ضاغطة للهجرة اىل العراق أ�و‬ ‫أ‬
‫العك�س‬ ‫و�شجعوا البع�ض ا آلخر على‬ ‫ذلك‪ّ ،‬‬
‫علماء الدين‪ ،‬انعك�ست لي�س على �سلوكه‬ ‫�إيران‪ ،‬وو�صل بع�ضهم يف بالد الهجرة تلك‬ ‫إنسانية فريدة في علماء‬
‫فح�سب‪ ،‬بل على فكره وفقهه‪ ،‬ومن هنا‬ ‫أ�ي�ض ًا···‬
‫اىل أ�على املراكز العلمية‪ ،‬ولعبوا أ�دوار ًا‬ ‫الدين‪ ،‬انعكست ليس‬ ‫وهكذا‪ ،‬فقد كان من الطبيعي أ�ن تتع ّمق‬
‫�صح التعبري‪،‬‬‫جاءت فتاواه ا إلن�سانية‪� ،‬إذا ّ‬ ‫�سيا�سية هامة‪ ،‬من قبيل املح ّقق الكركي‪،‬‬ ‫على سلوكه فحسب‪ ،‬بل‬
‫من قبل فتواه بطهارة ا إلن�سان‪ ،‬و أ�ن اهلل‬ ‫ه��ذه الظاهرة بعد ع�صر الغيبة أ�ك�ثر‪،‬‬
‫وال�شيخ البهائي‪ ،‬ووالده ال�شيخ ح�سني بن‬ ‫وجت�� ّذر يف وع��ي امل�سلمني ال�شيعة أ�ك�ثر‪،‬‬
‫مل يخلق �إن�سان ًا جن�س ًا‪ ،‬و�إمنا ا إلن�سان هو‬ ‫عبد ال�صمد اجلبعي‪ ،‬وغريهم·‬ ‫على فكره وفقهه‬
‫الذي يل ّوث نف�سه وفكره وروحه بالقذارات‬ ‫ألن الفقيه غدا يرمز اىل ا إلمام باعتباره‬
‫وقد ا�ستمر هذا اجليل العاملي يف حيويته‬ ‫نائب ًا‪ ،‬وا�ستناد ًا اىل ما ورد يف‬
‫الفكرية واملادية··‬ ‫والدبي‪ ،‬وحتى‬ ‫التوقيع من املواءمة بني �سلوكه العملي وانتمائه املعهودة‪ ،‬وحراكه الفقهي أ‬ ‫أ‬
‫�لا واع�����د ًا م��ن العلماء‬ ‫�إال أ�ن ث��م��ة ج��ي ً‬ ‫املعروف عن ا إلمام املهدي (عج)‪�« :‬ما‬
‫احلوادث الواقعة‪ ،‬فارجعوا فيها اىل رواة اىل ا إل�سالم‪ ،‬وهذا ما يجعل من ظاهرة العلمي‪ ،‬وه��ذه �آث���ار ال�شيخ بهاء الدين‬
‫اللبنانيني‪ ،‬وبينهم الكثري م��ن تالمذة‬ ‫حجة التقليد طبيعية وعقالنية‪ ،‬ول��ذا كانت العاملي الهند�سية ال تزال �شاخ�صة اىل‬
‫�سماحة ال�س ّيد‪ ،‬من املمكن أ�ن يكونوا يف‬ ‫حديثنا (وه��م الفقهاء)‪ ،‬ف�إنهم ّ‬
‫م�سرية العقالء القا�ضية برجوع اجلاهل اليوم‪ ،‬منذ ما يقرب من أ�ربعمائة عام يف‬ ‫حجة اهلل»‪.‬‬ ‫عليكم‪ ،‬و أ�نا ّ‬
‫امل�ستقبل فقهاء ب��ارزي��ن‪ ،‬وي�ستم ّروا يف‬ ‫ول��ع�� ّل م��ا م ّيز مدر�سة أ�ه��ل البيت (ع) اىل العامل‪ ،‬هي امل�ستند أاله��م يف تربير مدينة أ��صفهان ا إليرانية·‬
‫خطه �سماحة‬ ‫خط الوعي والتجديد الذي ّ‬ ‫و أ�تباعهم‪ ،‬هو بقاء باب االجتهاد لديهم ظاهرة التقليد· �إن هذا ما يعنيه التقليد‪ ،‬وقد مت ّيزت مدر�سة جبل عامل بحيويتها‬
‫أ‬
‫ال�����س�� ّي��د‪ ،‬مب��ا ي��رف��ع م��ن م�����س��ت��وى ال ّم���ة‬ ‫م��ف��ت��وح�� ًا‪ ،‬خ�لاف�� ًا مل��ا ح�صل عند عامة وهو ال يعني أ�بد ًا ‪ -‬كما ُيخ َّيل اىل البع�ض االجتهادية التي تط ّل على ك��ل ق�ضايا‬
‫الثقايف‪ ،‬ويخ ّفف من �شطحات املغالني‬ ‫امل��ذاه��ب اال�سالمية‪ ،‬أالم���ر ال��ذي خلق ‪ -‬االنقياد أالعمى للفقيه يف كل ما يقوله الع�صر وم�ستجداته‪ ،‬وبرف�ضها للجمود‬
‫واملتع�صبني‪.‬‬ ‫ح��ي��وي��ة فقهية م�����س��ت��م��رة‪��� ،‬س��اه��م��ت يف أ�و يفعله‪ ،‬وال �سيما يف امل��واق��ف التي وال��ت��ح ّ��ج��ر‪ ،‬وبانفتاحها على التجديد‬
‫حاوره‪ :‬ح�سني زلغوط‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫م�سائل فقهية حول التقليد‬
‫تحديد بداية شهر رمضان‪:‬‬
‫‪ -‬هل حتديد بداية �شهر رم�ضان و�شهر �شوال من امل�سائل امل�ستحدثة التي يرجع‬
‫فيها للمرجع احلي؟‬
‫‪ -‬لي�س ذلك مما يجب الرجوع فيه �إىل احلي لناحية املبنى الفقهي‪ ،‬بل يبقى‬
‫املقلدون فيه على فتوى مرجعهم ال�سابق �إن بقوا على تقليده‪ ،‬ومقلدو �سماحة‬
‫املرجع ال�سيد ف�ضل اهلل(قده) يبقون فيه على ر أ�ي �سماحته(قده) ب�إثبات أ�وائل‬
‫ال�شهور القمرية من خالل احل�سابات العلمية الفلكية الدقيقة التي تثبت والدة‬
‫الهالل و�إمكانية ر ؤ�يته يف بلد املكلف أ�و أ�ي بلد �آخر ي�شرتك مع بلد املكلف بجزء‬
‫من الليل‪.‬‬

‫دفع الحقوق ‪:‬‬


‫‪ -‬هل يجوز اال�ستمرار بدفع احلقوق ال�شرعية �إىل مكتب �سماحة املرجع ال�سيد‬
‫ف�ضل اهلل(ره)؟‬
‫‪ -‬يجوز ذلك بنا ًء عل وجود ا إلجازة من املرجع ّ‬
‫احلي‪.‬‬ ‫البقاء على تقليد الميت‪:‬‬
‫‪ -‬هل يجوز البقاء على تقليد املرجع بعد وفاته؟‬
‫البقاء على تقليد السيد(رض)‪:‬‬ ‫احلي اجلامع ل�شرائط التقليد‪.‬‬
‫‪ -‬يجوز ذلك بفتوى املرجع ّ‬
‫‪-‬هل يجوز ان تقلد ابنتي‪ ‬التي امتت عامها التا�سع يف ‪ 11‬من ربيع االول الفائت‪،‬‬ ‫االعتماد االجمايل على فتوى املراجع‪:‬‬
‫‪ -‬هل يجب تعيني مرجع حمدد لالعتماد على فتواه بجواز البقاء على تقليد‬
‫�سماحة املرجع ف�ضل اهلل (ر�ض) مع العلم انني و زوجي من مقلدي‪� ‬سماحته‬
‫امليت؟‬
‫وكنت اتبع تعليماته يف ما يخ�ص ابنتي؟‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫أ‬ ‫‪ -‬ال يجب ذلك بل يكفي االعتماد �إجماال على فتوى املراجع الحياء بجواز البقاء‬
‫‪ -‬يجوز لها ذلك �إن كانت قبل وفاته (ره) تلتزم تقليده �و مع الرجوع �إىل املرجع‬ ‫على تقليد امليت‪.‬‬
‫احلي الذي يجيز تقليد امليت ابتدا ًء وهناك من يجيز ذلك‪.‬‬ ‫البقاء مطلق ًا على تقليد امليت‪:‬‬
‫‪ -‬هل البقاء على تقليد امليت يكون يف جميع امل�سائل أ�م يف خ�صو�ص ما حفظ‬
‫مرجعية السيد (رض) مستمرة‪:‬‬ ‫عنه أ�و عمل به يف حياته؟‬
‫‪ -‬لقد �شعرت ب أ��سى ولوعة �شديدين لرحيل �سيدنا املرجع(ر�ض) فمن الذي‬ ‫‪ -‬يجوز البقاء مطلق ًا‪ ،‬أ�ي يف كل امل�سائل‪ ،‬بنا ًء على فتوى املرجع ّ‬
‫احلي القائل‬
‫�سي�ستلم زمام أالمور بعد رحيل �سماحته؟‬ ‫بذلك‪.‬‬
‫‪� -‬إن مرجعية �سماحة ال�سيد (ره) م�ستمرة �إن �شاء اهلل يف بقاء مقلديه على‬
‫تقليده‪ ،‬ويف ا�ستمرار نهجه وفكره وخطه ا إل�سالمي أال�صيل‪ ،‬و�إن م ؤ��س�سات‬ ‫ابتداء‪:‬‬
‫ً‬ ‫تقليد الميت‬
‫�سماحة ال�سيد (ر�ض)‪ ‬الفكرية والثقافية واخلريية وا إلجتماعية والرتبوية‬ ‫‪ -‬هل يجوز تقليد امليت ابتدا ًء؟‬
‫م�ستمرة �إن �شاء اهلل بجهود القيمني عليها الذين يحملون فكر �سماحته وينتهجون‬ ‫‪� -‬إن اعتمد املكلف على فتوى املرجع اجلامع ل�شرائط التقليد الذي يقول بذلك‬
‫نهجه احلق‪  .‬‬ ‫فيجوز‪.‬‬

‫أعلمية سماحة السيد(رض) ‪:‬‬


‫‪ -‬هل ميكن أ�ن حتددوا لنا أال�سماء التي ت�سمح بالبقاء على تقليد املرجع املتوفى‬ ‫المسائل المستحدثة‪:‬‬
‫و هل ي�شرتط أ�ن يكون أالعلم‪ ‬؟‬ ‫‪� -‬إىل من يرجع يف امل�سائل امل�ستحدثة بعد وفاة مرجع التقليد؟‬
‫‪ -‬يرجع املكلف يف امل�سائل امل�ستحدثة �إىل املرجع احل ّ��ي اجلامع ل�شرائط‬
‫‪ -‬مل نتعر�ض لتحديد أال�سماء يف هذا املجال حتى ا آلن‪ ،‬وذلك ألنه يكفي النية‬
‫التقليد‪.‬‬
‫ا إلجمالية يف ا إلعتماد على من يقول بجواز البقاء على تقليد امليت من دون‬
‫حتديد مرجع بعينه‪ ،‬علم ًا أ�ن أ��سماء كثريين معروفة يف قم والنجف ورمبا يف‬
‫تقليد الصبي‪:‬‬
‫غريهما‪ ،‬و�سماحة ال�سيد (ره) مل يثبت أ�علمية أ�حد عليه‪ ،‬بل هو املتميز عمن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪� -‬إذا قلد ال�صبي أ�و ال�صبية قبل بلوغهما مرجعا معينا وتويف قبل بلوغهما فهل‬
‫�سواه يف اجتهاده وفقاهته الراقية‪.‬‬ ‫يجوز لهما البقاء على تقليده بعد وفاته وبعد بلوغهما؟‬
‫‪ -‬يجوز لهما ذلك‪.‬‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪13‬‬
‫كرار الربيعي_العراق‬ ‫�أفئد ٌة من النا�س تهوي �إليه‬
‫فلنبك على انفسنا‬
‫عظيمة ه��ي امل أ������س��اة وك��ب�يرة ه��ي اخل�سارة‬ ‫فقدُ السيد‪ ،‬ألهب قلوب املؤمنني في كل األنحاء‪..‬في مشارق األرض ومغاربها‪...‬فقد‬
‫ومتعدد هو الفقدان‪ ،‬يف هذه املحنة يجتمع‬ ‫عرجت روحه الطاهرة الى الرفيق األعلى‪...‬رحل مرجع االمة الذي بعث احلياة في قلوب‬
‫ف��ق��دان االب وامل��ع��ل��م وامل��ر���ش��د‪ ،‬ح��ي��ث ك��ان‬
‫ال�سيد قد�س �سره منارا للم ؤ�منني احلركيني‬ ‫املسلمني‪ ،‬وبث الوعي في عقول األجيال‪ ،‬لكنه باقس في وجدان االمة‪ ،‬ألنه النور الذي‬
‫والر�ساليني الواعني الذين ه�ضموا النظرية‬ ‫متشي به‪..‬وعشقه امتد بعيد ًا ألنه أحيا الدين ببحر علمه احملمدي‪..‬‬
‫و�سعوا اىل تطبيقها يف ار�ض الواقع‪...‬وعلينا‬ ‫أحبّة السيد(رض) على امتداد العالم اإلسالمي شاركوا في العزاء‪ ،‬فكتبوا على صفحات‬
‫ان نتكاتف جميعا لن�ستمر على اخلطى الفكرية‬ ‫موقع «بينات» اإللكتروني‪ ،‬يرثون األب احلنون واملرجع الرؤوف والقائد الفذّ الذي فتح‬
‫واملنهج الذي خطه ال�سيد ر�ضوان اهلل عليه‬
‫وان منتلك جر أ�ته و�صالبته يف طرح ال��ر ؤ�ى‬ ‫سطروه حب ًا وعشقاً‪...‬‬
‫لهم آفاق املستقبل‪..‬في ما يلي اخترنا لكم جانب ًا مما ّ‬
‫واالفكار‪�...‬سالم عليك يامعلمنا‪� ،‬سالم عليك‬
‫يا من �سبقت افكارك زمننا احلايل‪ ،‬و�سن�شهد‬ ‫محب علي ‪-‬املغرب‬ ‫سعيد – اجلزائر‬
‫�إمي��ان معار�ضيك بكافة افكارك م�ستقب ًال‪،‬‬ ‫النور الذي منشي به‬ ‫العزاء المة اإلسالم‬
‫�سالم عليك يوم ولدت ويوم انقلت اىل جوار‬ ‫ال�ساحة العربية واال�سالمية‪� ..‬سالما عليك‬ ‫ك��ان ال�سيد ال��ن�برا���س ال���ذي يقتدى ب��ه يف‬ ‫وال�سى تلقيت و عائلتي نب أ� وفاة‬
‫مبزيد من احلزن أ‬
‫ربك ويوم تبعث حي ًا‪...‬‬ ‫�سيدي اجلليل‪ ،‬اعزي فيك خواطري‪ ،‬ا� أس�ل‬ ‫زمن ا إلحتقان وال�ضبابية‪ ،‬ف أ�عطى ملحبيه‬ ‫آ‬
‫املغفور له العامل الرباين �ية اهلل العظمى ال�سيد‬
‫اهلل ان يجمعنا بكم يوم القيامة‪...‬‬ ‫ن��ور ًا مي�شون به‪ ،‬فال يهمهم �سوى اهلل‪ ،‬وال‬ ‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل (ر���ض)‪ ،‬وب��دورن��ا نرفع‬
‫السيد عادل علي شبر‪ -‬البحرين‬ ‫يتم�سكون �إال بحبل اهلل‪ ،‬غري �آبهني ب�شيء‪...‬‬ ‫عزائنا وموا�ساتنا لكل أ�فراد عائلته خا�صة أ‬
‫وللمة‬
‫فقدك احزن قلوبنا اهل البحرين‬ ‫الواسطي ‪ -‬روسيا (موسكو)‬ ‫فن� أس�ل املوىل عز وجل ان ي�ضمه �إليه‪ ،‬ف�إنه‬ ‫ا إل�سالمية عامة ولل�سادة احل�سنيني يف العامل‪،‬‬
‫أ�ن��ا م��ن اال�شخا�ص ال��ذي��ن يع�شقون ال�سيد‪،‬‬ ‫ملن تتركنا من بعدك ياموالي؟!‬ ‫دائما يقول‪ :‬عي�شوا مع اهلل‪ ،‬ف�إنا هلل و�إنا �إليه‬ ‫�سائلني امل��وىل القدير أ�ن يتغمد الفقيد برحمته‬
‫ويتابعون أ�خ��ب��اره ب�شغف‪ ،‬وي��ق��ر ؤ�ون ل��ه‪� ،‬إن‬ ‫تركتنا ظامئني لنبع علمك ال�صايف ياموالي‪,‬‬ ‫راجعون‪...‬وال�سالم عليه يوم ولد ويوم مات‬ ‫الوا�سعة و أ�ن يح�شره مع جده الر�سول امل�صطفى‬
‫ألفكار ال�سيد و أ�طروحاته أ�ثر كبري يف نف�سي‪...‬‬ ‫يتمتنا برحيلك ي��ام��والي‪ ,‬من يتكفلنا من‬ ‫ويوم يبعث �إن �شاء اهلل‪.‬‬ ‫و�آل بيته الطيبني الطاهرين(ع)‪.‬‬
‫عندما كنا نذهب اىل احج يف مكة املكرمة‪ ،‬كان‬ ‫بعدك يا نور العني‪ ,‬أ�ما حزننا عليك ف�سرمد‪,‬‬
‫هدفنا اال�سا�سي بعد مرا�سم العمرة واحلج‪،‬‬ ‫واما القلوب فباكية دم ًا قبل الدمع‪ ,‬وال حول‬ ‫عاشقة حيدر ‪ -‬القطيف‬ ‫علي غماس‪ -‬املغرب‬
‫هو االلتقاء بح�ضرته العظيمة‪ ،‬وعند لقائنا به‬ ‫والقوة اال باهلل العلي العظيم‪.‬‬ ‫أشعلت فؤادي احلزين‬ ‫عاش املظلومية كما الزهراء(ع)‬
‫وم�صافحتنا له‪ ،‬يغمرنا الفرح ال�شديد الننا‬ ‫ا�شكو بثي وحزين اىل اهلل‪ ,‬واعزي مب�صابك‬ ‫م��والي �صببت دم��وع��ي ك��و ؤ����س�� ًا م��ن أال�سى‬ ‫ن��ع��زي ا���س��رة امل��رج��ع ال��ك��ب�ير واالب ال��رح��ي��م‪،‬‬
‫حققنا امنية لطاملا حلمنا بتحقيقها‪ ،‬وكنا‬ ‫يا�سيدي‪� ,‬صاحب الع�صر والزمان‪ ,‬اما انت‬ ‫والوجع ولكن هل يعود من اختار الرحيل ؟‬ ‫عظم اهلل اج��ورك��م �آل ف�ضل اهلل اب��ن��اء �آل بيت‬
‫ن�ستمع اىل كلماته العذبة على نفو�سنا التي‬ ‫فقد ذهبت اىل ج��وار حبيبك ومع�شوقك‬ ‫�سيدي عذر ًا أ�درك‬ ‫ر�سول اهلل (����ص)‪ ..‬كما عا�شت موالتي فاطمة‬
‫تظل تطرب ا�سماعنا مدى الزمن‪.‬‬ ‫االوحد الذي بذلت حياتك من اجل لقاءه‪,‬‬ ‫أ�ن املوت حق‪ ،‬ولكنك أ��شعلت ف ؤ�ادي احلزين‬ ‫الزهراء(ع)املظلومية‪ ،‬كذلك عا�ش ال�سيد قد�س‬
‫أ�ما خرب وفاته‪ ،‬فكان كال�صاعقة علينا‪ ،‬لقد‬ ‫فطوبى لك ونعم عقب الدار‪,‬واما نحن‪,‬فقد‬ ‫‪ ...‬وكيف موالي ال أ�بكيك و أ�نت أالب‪ ,‬وانت‬ ‫�سره ال�شريف املظلومية بكل معانيها‪ ،‬وظلم ذوي‬
‫بكينا وبكينا‪ .‬و�سيبقى ال�سيد يف نفو�سنا ما‬ ‫ا�صبحنا مفجوعني بك‪ ,‬ويتامى من دونك‬ ‫ال�صديق ال�����ص��دوق؟ ب��اهلل كيف ال أ�بكيك‬ ‫القربى ا�شد م�ضا�ضة‪� ،‬إنا هلل و�إن��ا اليه راجعون‬
‫أ�بقانا اهلل ‪.‬‬ ‫ياموالي‪ ,‬يا من كفل اليتيم‪ :‬ملن ترتكنا من‬ ‫وعلى يديك تعلمت اخل�شوع؟ �إن بكيتك فهذا‬ ‫واملوعد القيامة‪...‬هنالك يخ�سر املبطلون‪ ،‬نعزي‬
‫بعدك ياموالي؟!‬ ‫دم��ع م�شتاق ال��ي��ك‪ ،‬دم��ع املحت�سب القانع‬ ‫كل حمب لل�سيد الكبري واملرجع القدير يف هذا‬
‫االطرقجي ‪ -‬السويد‬ ‫بق�ضاء اهلل وقدره كماعلمتنا‪...‬موالي نرثت‬ ‫العامل الوا�سع‪..‬‬
‫مرثية لرحيل السيد(رض)‬ ‫مصطفى االدريسي ‪-‬اسبانيا (برشلونة)‬ ‫�شوقي عليك رحمك اهلل‪ ،‬ف أ�نت من علمتنا‬
‫ع��ن��دم��ا تع�شق اح���دا وتطمئن اىل خلو�ص‬ ‫أحس باليتم بعدك يا سيدي!‬ ‫ّ‬ ‫ان نحب ك��ل النا�س مهما أ�ختلفنا معهم‪،‬‬ ‫خضر علي حسني‪ -‬سوريا‬
‫حبه يطمئن قلبك‪ ،‬فلذا ان��ت �سعيد م��ادام‬ ‫اود اوال ان اع��زي عائلة اي��ة اهلل العظمى‬ ‫ولكن يا�سيدي �سلطت عليك االق�لام حي ًا‬ ‫سيبقى فيض علمك يا سيدي مشع ًال‬
‫ه��ذا ال�شخ�ص م��وج��ود‪ ،‬ف�لا يهم امل��ك��ان وال‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل (قده) �سائال‬ ‫وميت ًا ف�إنا هلل و�إنا له راجعون‪...‬‬ ‫ال أ�دري أ� أ�عزيكم برحيل �سماحة ال�سيد أ�م أ�عزي‬
‫ال��زم��ان‪...‬ه��ك��ذا ك��ان ارتباطنا بف�ضل اهلل‬ ‫اهلل ت��ع��اىل ان ي��رزق��ه��م ال�����ص�بر اجلميل‪،‬‬ ‫نف�سي‪ ,‬فلقد كان ال�سيد هو أالب احلنون لنا هو‬
‫وقبله بال�صدر‪...‬‬ ‫و أ�ع���زي اال���س�لام ال���ذي ا�سمعه يبكي مثل‬ ‫محمد الشامي‪ -‬اليمن‬ ‫املعلم وامل��ل��ه��م وه��و حبيب اجل��م��ي��ع‪ ,‬ه��و م�شعل‬
‫احبنناه النه عرف كيف يدخل القلوب ففتح‬ ‫بكائي وب��ك��اء امل�لاي�ين م��ن العا�شقني لهذا‬ ‫هنيئ َا للمالئكة بلقائك‬ ‫دروبنا‪ ,‬وما زال هو نور القلوب ومنري الب�صرية‬
‫االبواب بدون ا�ستئذان‪ ،‬كالع�شق يدب احلياة‬ ‫الرجل العظيم‪ ...‬اليوم مات أ�بي‪ ...‬أ� ّ‬
‫ح�س‬ ‫أ�حبــك �سيدي‪ ،‬هنيئ َا للمالئكة بلقائك فما‬ ‫رغم رحيل اجل�سد‪�...‬سيبقى في�ض علمك يا �سيدي‬
‫ري هم الذين نرث احلب‬ ‫يف من مينحه حبه‪ ،‬وكث ٌ‬ ‫باليتم بعدك يا �سيدي! أ�عزّي العدل‪ ,‬و أ�عزي‬ ‫للنبياء بجوارك فكيف هي‬ ‫أ��سعدهم‪ ،‬هنيئ ًا أ‬ ‫و�ضا ًء ينري ظلمة دربنا‪� ,‬ستبقى يف القلوب‪,‬‬ ‫م�شع ًال ّ‬
‫عليهم‪.‬‬ ‫احلب‪ ,‬و أ�ع��زي العلم و اجلهاد‪ ...‬أ�عزي كل‬ ‫�سعادتهم‪ ،‬هنيئ ًا ألهل اجلنة برفقتك‪ ،‬أ�با‬ ‫ومنارة العقول‪� ,‬سيبقى جدولك الرقراق املن�ساب‬
‫منذ خم�سني عاما وه��و يف طريق اجلهاد‪..‬‬ ‫املحبني ل��ه��ذه ال���روح ال��زك��ي��ة‪ .‬ج���زاك اهلل‬ ‫بيننا دافق ًا‪ ،‬و�سي�صبح �شال ًال يرطب القلوب بنور‬
‫واخ��ي�را ع��ن��دم��ا ح���ان وق���ت ال��ت��ل��ب��ي��ة‪� ،‬صاح‬ ‫اليتامى معني املحتاجني‪ ،‬حبيب املاليني‪ ،‬أ�نا‬
‫عنا يا �سيدي اف�ضل اجل��زاء و ح�شرك مع‬ ‫أ�حبك و أ�دعو اهلل أ�ن أ�كون بجوارك‪ ،‬رحمك‬ ‫حبه وينري العقول بفي�ض علمه وب�صريته‪.‬‬
‫لبيك اللهم لبيك‪ ،‬ان الع�شق لك وح��دك ال‬ ‫اجدادك الطاهرين‪.‬‬
‫�شريك لك‪ ،‬فرفع ر أ��سه من الغيبوبة لي� أس�ل‬ ‫اهلل �سيدي وجعلك يف أ�على مكان يف اجلنة‬
‫عن معراجه اىل اهلل‪ ،‬فقيل له مل حتن بعد‬ ‫بجوار أ�جدادك‪...‬‬ ‫اسحاق‪ -‬سلطنة عمان‬
‫معاد‪-‬دمشق‬ ‫سنتبعك دائم ًا‬
‫‪ ...‬ولكنه مل يعر قولهم اي اهتمام‪ ،‬فبد أ�‬ ‫حرقة في قلوبنا‬ ‫راضي اخللف_امريكا‬ ‫�ستظل كما اردت ‪ ..‬ونظل كما تريد‪..‬كنت مع احلق‬
‫ال�صالة اىل ان اغم�ض عينيه‪ ...‬فلما اغم�ض‬ ‫مل يكن ال�سيد فقط مرجعا يل‪ ...‬بل كان أ�با‬ ‫الوجه املشرق للتشيع واإلسالم‬ ‫‪ ..‬ولهذا �ستظل‪ ،‬ولهذا �سنتبعك دائما ‪..‬اىل رحمة‬
‫عينيه عرفوا ان ال�صالة قد ح��ان وقتها‪...‬‬ ‫روحيا وموجها يل يف كل حتركاتي‪ ...‬أ��شعر‬ ‫نكتب لنكذب على الفراغ‪ ،‬وعندما ن�صمت‬ ‫اهلل ور�ضوانه‪ ،‬االخرة بك م�شرقة يا ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫فلم يلحقوا به جماعة كما فعلوا �سابق ًا‪ ،‬الن‬ ‫بالفخر الكبري ألن ال�سيد ا�ستطاع يف حياته‬
‫ل�صالته �شك ًال وم�ضمون ًا �آخ��ر‪ ،‬مل يفهمه �إال‬ ‫تفرت�سنا احلقيقة‪ ،‬رح��ل ال�����س��ي��د‪ ...‬رحل‬
‫أ�ن يبني جمدا يدوم �إىل أ�بد ا آلبدين ان �شاء‬ ‫امل���ج���دد‪ ...‬رح���ل ال��وج��ه امل�����ش��رق للت�شيع‬ ‫حسني آل معتوق‪-‬البحرين‬
‫الرا�سخون يف العلم‪.‬‬ ‫اهلل حتى بعد وفاته‪ ،‬وجمده هو‬
‫آ‬
‫هل �سنعرث على ع�شق �خ��ر ن��ذوب فيه يرينا‬ ‫وا إل�سالم‪...‬رحل هذا الكبري زارعا يف قلبي‬ ‫من يسد فراغك في زمن اجلهّ ال؟‬
‫عطا ؤ�ه وفكره الواعي يف كل �شيء‪ ...‬ر ّبانا‬ ‫حزن ًا عميقا‪ ...‬كنت اقلد ال�سيد وات�شرف‬ ‫اعزيكم برحيل �سيدي الكبري املرجع التقي الورع‬
‫نف�س ط��ري��ق احلبيبني ال�صدر وف�ضل اهلل‬ ‫على الوعي واحلب‪...‬مل أ�رى أ�ي ان�سان يقلد‬
‫؟هل �سنخو�ض الدرب لوحدنا ؟ هل كتب على‬ ‫بتقليده‪ ،‬ه��ذا املفكر الكبري ال���ذي يعجز‬ ‫العامل املجتهد العابد الزاهد‪ ،‬من ي�سد فراغك‬
‫ال�سيد رحمه اهلل ويحمل يف قلبه كراهية‬ ‫القلم ان يكتب عنه‪ ،‬كنت ارى فيه هيبة‬ ‫ونحن يف زمن اجل ّهال املتع�صبني‪ ،‬ومن ي�ضيىء لنا‬
‫العا�شق ان يكتوي بالفراق؟‬ ‫وحقد‪ ،‬ألن ال�سيد علمنا أ�نا نحب بقلب طيب‪،‬‬
‫اذك��رن��ا ياف�ضل اهلل عند مليك م��ق��ت��در‪...‬‬ ‫ال��ن��ب��ي ال��ك��رمي(���ص) و���ش��ج��اع��ة ع��ل��ي(ع)‬ ‫الدروب‪ ،‬ومن يو�صلنا جلادة الطريق؟ اخلد للراحة‬
‫و أ�ن نفكر بعقل واع و أ�ن نعي�ش من أ�جل هدف‬ ‫ون����ور ف��اط��م��ة(ع) واحت�����س�����س ف��ي��ه اخ�لاق‬ ‫�سيدي فقد عانيت من املتحجرين واملنافقني‪ ..‬اىل‬
‫رحماك ياربي الطف بنا وكفف دموع يتاماك‬ ‫�سام‪ ...‬أ�بكيك كل يوم يا �سيدي ويا دليلي‪...‬‬
‫بفرج نع�شقه من جديد ‪.‬‬ ‫احل�����س��ن(ع) ونه�ضة احل�����س�ين(ع)‪ ...‬كان‬ ‫جنات اخللد ياموالي‪..‬‬
‫يعي�ش ادوار االئ��م��ة(ع) يف كل حركته على‬
‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫ال�سيّد المقاوم‬ ‫‪..‬وكان �شراع ًا تجادله الرّيح‬
‫ا�ستعرت حرب ّمت��وز‪ ،‬و�ضاقت أالر���ض مبا‬
‫رحبت‪ ،‬واحت ّلت ط��ائ��رات ال��ع��د ّو ال�سماء‪،‬‬ ‫عبد احلليم فضل الله‬
‫ت���زرع امل���وت وال��دم��ار يف امل���دن أ‬
‫والح��ي��اء‪،‬‬
‫وتطال ك ّل �شيء‪ ،‬بال وازع وال رادع‪ ،‬البناء‬
‫واحلجر‪ ،‬والنا�س والب�شر‪ ،‬و�سادت ومادت‬
‫ق�صف ًا وخ��راب�� ًا يف ال��ت�لال وال���وه���اد‪ ،‬ويف‬ ‫�إذا ما ا�ستفاقت دروب القرى‬
‫ال�سهول والبطاح‪ ،‬ومل يبقَ يف امليدان �إال‬ ‫و أ�هدت ألعيننا ّ‬
‫ال�شم�س‬
‫املقاومون وحدهم‪ ،‬من�ش ّدين �إىل �سالحهم‪،‬‬ ‫ورف جنا ٌح‬ ‫ّ‬
‫مرابطني يف ثغورهم‪ ،‬وخف�ضت أال�صوات‪،‬‬ ‫ال�صبا‬
‫وهب ّ‬ ‫ّ‬
‫وخفتت أالن��ف��ا���س‪ ،‬و�ضاعت امل��ع��امل‪ ،‬وع�� ّز‬ ‫آ‬
‫وطاف �شعا ٌع على ق ّبة غمرتها امل�ذن‬
‫الن�صري‪..‬‬
‫يف ه���ذا اجل���� ّو امل��ط��ب��ق‪ ،‬ويف ه���ذا الليل‬ ‫وهامت �صال ٌة مبحرابها‬
‫احلالك‪ ،‬ينطلق �صوتٌ ينادي أ�بناءه ب أ�ع ّز‬ ‫وماجت حقو ٌل من القب�ضات ّ‬
‫ال�سمر‬
‫ال��ن��داء‪ ،‬ويدعو أ�ح�� ّب��اءه ب أ�جمل أالن�ساب‪:‬‬ ‫�سنذكر أ�نّ �شهاب ًا م�ضى‬
‫« أ� ّيها البدر ّيون‪ ،‬أ� ّيها املجاهدون يف خيرب‬ ‫ال�سماء �صار جنم ًا‪...‬‬ ‫و أ�نّ �سدمي ًا ير�سم قو�س ّ‬
‫اجلديدة»‪ ..‬وي�صل ال�صوت �إىل املقاومني‬ ‫**‬
‫يف مراب�ضهم‪ ،‬و�إىل املقاتلني يف ميادينهم‪،‬‬ ‫وكان �شراع ًا جتادله ال ّريح حتى ا�سرتاحت ن�سيما‬
‫ويخرتق النداء القلوب‪ ،‬ويداعب الدعاء‬ ‫وقد قال يل‪ ...‬أ�و قل قر أ�ت بعينيه‬
‫وكان ي�سافر بني العوا�صف يقطفها بيديه‪...‬‬
‫النفو�س‪..‬‬ ‫أ�نّ الغروب جميل‬
‫أ‬ ‫وير�سلها قب�س ًا نيرّ ًا و�سراج ًا و�ضيئا‬
‫فهو يناديهم ب�هل ب��در‪ ،‬فهم ينتمون �إىل‬ ‫وال ّليل نافذ ٌة للوعود‬
‫النبي‪ ،‬ويقاتلون مع الر�سول و�صحبه‪ ،‬ذات‬ ‫وكان كما أال ّم يقطر ح ّب ًا‪ ...‬كما البحر جود ًا وخ�صبا‬
‫ّ‬ ‫فال تخ�ش من و�شو�شات ِّ‬
‫الظالل‬
‫املعركة ونف�س امليدان‪ ..‬وهو ين�سبهم �إىل‬ ‫مقيم ًا على �ض ّفتني‪:‬‬
‫ال�سواقي الزّالل‬
‫وال ت�سكب احلزن فوق ّ‬
‫علي (ع) يف خيرب‪ ،‬يحملون‬ ‫ب��در؛ فهم مع ّ‬ ‫ي�ضج هدوء ًا‪ ...‬وين�ساب ثورة‬ ‫ّ‬
‫الظالم يطوف حواليك‪ ...‬ال تبتئ�س‬ ‫وخ ّل ّ‬
‫أ‬
‫الراية‪ ،‬ويعربون بال ّمة اجل�سور‪ ،‬ويفتحون‬ ‫ً‬
‫يرتق خرقا‪ ...‬ويخرق رتقا‬
‫لها أالبواب‪.‬‬ ‫�إذا كان فجرك يف راحتيك‬
‫ال�ش ّك‪ ...‬لكن على �صفح ٍة من يقني‬ ‫يداعبه ّ‬
‫يل‪ ،‬ودع����وة ا إل���س�لام‬‫� إ ّن����ه ال��ن��داء ال��ر���س��ا ّ‬ ‫و�صبح احلقيقة يف ناظريك‬
‫ال�صرب من وثبات الغ�ضب‪...‬‬ ‫ويقتب�س ّ‬
‫أال�صيل‪ ،‬و�صرخة احل��قّ الثابت‪ ،‬وا إلمي��ان‬ ‫ٌ‬
‫م�ستيقظ يف ّ‬
‫ال�ضمري‪.‬‬ ‫والر�ض‬‫ال�سماوات أ‬ ‫ونور ّ‬
‫**‬
‫الذي ال يتزعزع‪..‬‬ ‫�إذا عربت للجنوب القوافل‬
‫أ‬
‫هكذا هو «ال�س ّيد املقاوم»؛ ي�تيك يف الزمان‬ ‫ويف ّ‬ ‫وكان متى همهم اخليل ي�ست أ�ذن ّ‬
‫ال�صمت‬
‫ال�شرق زالت خيام القبائل‬
‫ال�صعب‪ ،‬ويحمل �إليك �شمعته امل�ضيئة يف‬ ‫يطوي �سج ّل الوداعة‪ ...‬ي�ستوي مارد ًا‬
‫وعاد العراق �إىل دجلة والفرات‬
‫الليل املظلم‪ ،‬ويطلق كلمته املنع�شة عندما‬ ‫يطوف على املتعبني‬
‫و أ��سلمت القد�س للعائدين‪.‬‬
‫يع ّز الكالم‪ ،‬ومي ّد �إليك اليد احلانية حينما‬ ‫ي�سلب ال ّنائمني ّ‬
‫ال�سهاد‬
‫�سنعرف أ� ّنك كنت هنا وهناك‬
‫تنقب�ض أالي��ادي‪ ،‬ويفتح لك ال��درب حينما‬ ‫وينزع أ�غطية الي أ��س‬
‫تنقطع بك ال�سبل وت�ضيع الدروب‪.‬‬ ‫و أ�نّ غد ًا أ�نت فيه‪.‬‬
‫ال يقبل العذر‪...‬‬
‫ه��ك��ذا ه���و «ال�����س�� ّي��د امل����ق����اوم»؛ ي��ق��ف مع‬ ‫طلقُ املح ّيا‬
‫كيف املهانة؟‬
‫املقاومني‪ ،‬يلقي عليهم عباءته‪ ،‬ومي ّد لهم‬ ‫م�شر ٌق كال ّربيع‬
‫كيف اخليانة؟‬
‫ظالله‪ ،‬وي أ�تيهم قبل أ�ن ي أ�توه‪ ،‬وينجدهم‬ ‫رائ ٌق كال ّروابي ا ّلتي ع�شقت هم�سات املقاتل‪.‬‬
‫كيف الفرار من الزّحف؟‬
‫قبل أ�ن ي�ستنجدوه‪ ،‬ويناديهم عند ال�ش ّدة‪،‬‬ ‫**‬
‫و ُي�صرخهم عند الفاقة‪.‬‬ ‫**‬
‫أل ّنك كنت‪ ...‬وما زلت مثل أالمل‬
‫هكذا هو «ال�س ّيد املقاوم»؛ يقف مع املقاومني‬ ‫وكان �إذا ما ر�آين ير ّبت كتفي‬
‫ي�سافر لكن يعود‬
‫بال ح�ساب‪ ،‬وي�ش ّد أ�زرهم بال م ّنة‪ ،‬يعطيهم‬ ‫ويلب�سني معطف ًا من طموح‬
‫يحط على �سدرة املنتهى‬ ‫يح ّلق لكن ّ‬
‫من حنانه عند اخلوف‪ ،‬ومينحهم أ�ن�سه عند‬ ‫ومينحني أالمنيات‬
‫الوح�شة؛ أل ّنه أ�ب لهم‪ ،‬أ�ح ّبهم حني ر ّباهم‪،‬‬ ‫� أس�ن�س ّل من جوقة ال ّنادبني‬
‫م�شبع بالف�ضول‬
‫مرتف ٍ‬ ‫ويوقظ ّيف حنين ًا �إىل عا ٍمل ٍ‬
‫وتع ّلق بهم حني رعاهم‪.‬‬ ‫و أ�تلو ن�شيد احلياة‬
‫زاهر فيه أ�لف لونٍ ولون‬ ‫فق ٍ‬ ‫�إىل أ� ٍ‬
‫يو�سف نور الدين‬ ‫والغنيات‬ ‫لل�ضوء أ‬ ‫أ�ل ّوح ّ‬
‫�سرمدي الف�صول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫زمن‬
‫�إىل ٍ‬

‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫‪15‬‬
‫تعود الذكريات بنا هذه أال ّيام أ�ربع �سنني �إىل الوراء‪ ،‬حيث أ�طبقت ال�سماء على أالر�ض‪،‬‬
‫وزلزلت مواقع أالقدام‪ ،‬و أ�ح�س�سنا أ� ّننا أ�مام منعطف خطري‪ُ ،‬ينذر ب�إعادة عقارب ال�ساعة‬
‫قرن �إىل الوراء‪� ،‬إىل زمن االجتياح ا إل�سرائيلي مطلع الثمانين ّيات‪..‬‬
‫ربع ٍ‬
‫كانت البداية مع املوقف ـ التهنئة‪ ،‬الذي ه ّن أ� فيه ال�س ّيد ف�ضل اهلل (ر�ض) املجاهدين على‬
‫انت�صارهم ب أ��سر اجلند ّيني بعد �ساعات قليلة على ا إلعالن عن النب أ�‪ ،‬وال�صمت خم ّيم على‬
‫ك ّل الواقع‪ ..‬وقد ر أ�ى الكثريون يف هذا املوقف الغطاء أال ّول الذي ف ّوت الفر�صة الذهب ّية على‬
‫�إيجاد ر أ�ي عا ّم من قلب الطائفة ـ التي ينتمي املقاومون �إىل جمالها االجتماعي والديني ـ‬
‫اخلطة املر�سومة يف اخلفاء‪ ،‬فتنك�شف اجتماع ّي ًا وربمّ ا ديني ًا‪..‬‬ ‫�ض ّد املقاومة يف ا آلتي من ّ‬
‫هل تذكرون أال�صوات التي ح ّملت املقاومة امل� ؤس�ول ّية ع ّما جرى للنا�س‪ ،‬وحاولت أ�ن تقي�س‬
‫أالرباح واخل�سائر بحجم الدمار والقتلى هنا وهناك؟! هي أ��صواتٌ ن�شا ٌز‪ ،‬ما كانت لتكون‬
‫ن�شاز ًا �إال عندما أ�فرد ال�س ّيد (ر�ض) عباءته ـ املفردة دائم ًا ـ على ك ّل املدى املقا ِوم‪..‬‬
‫وكما عهدته ال�ساحة؛ يح ّدد امل�سار قبل جميء وقته‪ ،‬وكما قال بع�ض ال�صحاف ّيني املرموقني‪:‬‬
‫«ي�ضبط �إيقاع خطاب احلركة ا إل�سالم ّية» يف املرحلة ال�صعبة؛ ف أ�علن أ�نّ أ� ّي ق ّوة أ�جب ّية‬
‫ت أ�تي حتت البند ال�سابع‪� ،‬ستّعامل كق ّوات احتالل‪ ..‬وي أ�تيه من يقول له � إ ّنك أ�دخلت املرجع ّية‬
‫يف اللعبة ال�سيا�س ّية‪ ،‬وهذا ال ينا�سب مقامها الذي ينبغي أ�ن يكون على درجة عالية من‬
‫الدبلوما�س ّية يف التعبري‪ ،‬والعموم ّيات يف املفردات‪ ،‬وك أ� ّنهم يقولون �إنّ املرجعية تفر�ض أ�ن‬
‫يكون الكالم بال لون وال طعم وال رائحة؛ � إ ّنه املوقف الالموقف‪ ،‬واملبد أ� املائع مع خطوط‬

‫لتمّ وز معك‬
‫توازنات الواقع‪..‬‬
‫مل يكن ال�س ّيد بحاجة �إىل أ�ن يف ّكر طوي ًال ليجيب املتح ّدثني بهذا املنطق؛ «هذه املرجع ّية‬
‫التي تتح ّدث عنها ال ت�ساوي قطرة من دماء ال�شهداء‪ ..‬أ�نا داعية �إىل ا إل�سالم»؛ والداعية‬
‫عليه أ�ن يقف املوقف الذي ُي� أس�ل عنه بني يدي اهلل‪ ،‬ال املوقف الذي يخ�ضع لالعتبارات‬
‫اجلوفاء‪ ،‬التي ت أ�خذ من ا إل�سالم عنوانه‪ ،‬وتن�سف بكل مبادئه عر�ض اجلدر ا إلقليمية‬
‫والدول ّية‪ ..‬واملح ّلية‪ ،‬وترى ا إل�سالم ترف ًا فكر ّية يف ال�صالونات العا ّمة‪ ،‬وال تر�صده على أ�ر�ض‬ ‫�أكثر من ذكرى‬
‫وموقف‪..‬‬
‫الواقع‪ ،‬يف الكلمة واملوقف وال�سلوك‪..‬‬
‫ن�ستذكرك يا �س ّيدي ـ وقد افتقدك منرب م�سجدك ـ عندما أ��ص ّريت على ت ؤ��� ّدي اجلمعة‬
‫وطائرات العد ّو فوق �سماء ال�ضاحية‪ ،‬وقد أ�عطيت للنا�س من عزمك عزم ًا‪ ،‬ومن روحك‬
‫روح ًا‪ ،‬ومن �صمودك أ�فق ًا نحو الن�صر الذي كنت مطمئ ّن ًا �إىل جميئه حتّى يف أ�ق�سى حاالت‬
‫ال�ش ّدة‪..‬‬
‫وال ين�سى املقا ِومون نداءك ـ الذي �سخر منه بع�ض أ��صحاب العمائم ـ وهو يعيد حلركة‬
‫احلا�ضر رمز ّية حركة النب ّوة يف انطالقتها املتح ّدية ملوازين القوى‪ ،‬واملتم ّثلة �آنذاك بقري�ش‬
‫التي «ما ذ ّلت منذ عزّت»‪ ،‬واملتم ّثلة اليوم بكيان الغ�صب وا إلجراء امل�س ّمى «�إ�سرائيل»‪..‬‬
‫وتبقى �سكينتك امل�ستم ّدة أ�بد ًا من �سكينة ر�سول اهلل يف الغار‪ ،‬غمام ًة فوق ك ّل االهتزازات‬
‫لل�سالم ن�صر ًا‬ ‫والتح ّديات؛ ل ُينزل اهلل �سكينته علينا‪ ،‬وي ؤ� ّيدنا بجنود ال نراها‪ ،‬لنح ّقق إ‬
‫جديد ًا؛ واهلل من وراء الق�صد‪.‬‬
‫جعفر فضل الله‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد ‪ 381‬اجلمعة ‪� 18‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪ 30‬متوز (يوليو ) ‪2010‬م‬


‫الأربعاء �أول‬
‫�أيام �شهر‬
‫رم�ضان المبارك‬
‫عدد ال�صفحات ‪20‬‬ ‫‪magazine@bayynat.org.lb‬‬ ‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن مكتب الثقافة واالعالم‬

‫مرجعية االن�سان‬
‫والحياة‬
‫مجلس فاحتةٍ عن روح املرجع فضل الله في بلدة كيفون‪:‬‬
‫العالمة المرجع الذي ج�سّ د �أ�صالة القيم ووحدة الأمة والوطن‬
‫يرث عر�ش أ�حد‪ ،‬ومل يجل�س على عر�ش‬
‫أ�حد‪ ،‬بل بنى عر�شه بنف�سه‪ ،‬أ� ّما دعائم‬
‫ه��ذا ال��ع��ر���ش واع��م��دت��ه‪ ،‬ف��ك ّ��م هائل‪،‬‬
‫وت��راك��م كبري م��ن ال�� ّث��ق��اف��ة واملعرفة‬
‫العلمي ا ّلذي م ّيز م�سريته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملخزون‬
‫فكان أالق��وى‪ ،‬وهو جمتهد وجماهد‪،‬‬
‫جمتهد جم��� ّدد يف ال�� ّدي��ن والعقيدة‬
‫والفكر والعلم ا ّلذي ا�ستند �إليه‪ ،‬فتم ّيز‬
‫عن غريه من العلماء‪ ،‬وهو ا�ستند �إىل‬
‫العلم أ��سا�سا‪ ،‬وكان له أ�تباع ومق ّلدون‬
‫التزموا فتاوى ت�صدر عنه‪ ،‬انطلق من‬
‫ال ّدين‪ ،‬اجتهد والتزم بالعلم‪ ،‬فالتزموا‬
‫معه‪ ،‬وكان جماهد ًا يف �سياق اجتهاده‪،‬‬
‫فكان م��ق��اوم�� ًا‪ ،‬وه��و مبواقفه وتراثه‬
‫وت��اري��خ��ه وت��وج��ي��ه��ات��ه أ�ع��ط��ى روح��� ًا‬
‫ونف�س ًا وق ّو ًة وبعد ًا لك ّل املقاومني يف ك ّل‬
‫ال�ساحات»‪.‬‬‫ّ‬
‫السيد علي فضل الله‪:‬‬
‫�ي�را‪ ،‬أ�لقى ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‬ ‫و أ�خ ً‬
‫كلمة العائلة فقال‪« :‬ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫لكتبت كثري ًا دون مبالغة‪ ،‬وه��و بحر‬ ‫الله ّية أ�ن يرحل ال�س ّيد �إىل‬ ‫العناية إ‬ ‫أ�قامت بلدة كيفون يف ق�ضاء عاليه ‪-‬‬
‫حب اهلل ح ّب ًا عميق ًا‪ ،‬بحيث كان اهلل‬ ‫أ� ّ‬ ‫من العلم واملعرفة وال ّثقافة والفكر‬ ‫دنيا احلقّ يف حلظ ٍة قد تكون هي أال ّ‬
‫دق‬ ‫جبل لبنان‪ ،‬و»جمع ّية كيفون اخلري ّية»‪،‬‬
‫حا�ضر ًا يف عقله وقلبه وحياته‪ ،‬وعندما‬ ‫الن�سان ّية‪ ،‬كانت جل�ساتنا طويل ًة‪،‬‬ ‫و إ‬ ‫يف م�سريتنا الوطن ّية‪ ،‬حلظة م�صري ّية‬ ‫جمل�س فاحت ٍة عن روح ال ّراحل العالمة‬
‫��ب اهلل‪ ،‬انطلق �إىل احلياة يعطي‬ ‫أ�ح ّ‬ ‫ال�ضجيج‬ ‫وما أ�روع اجلل�سات بعيد ًا عن ّ‬ ‫يف ���ص��راع��ن��ا امل��ري��ر أ� ّو ًال م��ع ذات��ن��ا‬ ‫املرجع ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫احلياة ح ّب ًا أل ّن��ه كان يعتقد أ�نّ ا ّلذي‬ ‫وال�شتائم ومظاهر‬ ‫ال�سيا�سي ّ‬
‫ّ‬ ‫وال�صخب‬‫ّ‬ ‫واملخططات ال ّدول ّية‬ ‫ّ‬ ‫وم��ع امل ؤ���ام��رات‬ ‫مب�شاركة عائلة الفقيد‪ ،‬يف قاعة ال ّنادي‬
‫يحب اهلل‪ ،‬ال ميكن �إال أ�ن يكون مفتوح‬ ‫ّ‬ ‫االنحدار واالنهيار يف احلياة ال�سيا�س ّية‬ ‫القليم ّية»‪.‬‬
‫و إ‬ ‫احل�سيني يف البلدة‪ ،‬ح�ضره الوزيران‬
‫أ‬
‫القلب‪ ،‬لن اهلل الذي �ح ّبه هو كذلك‬ ‫أ‬ ‫ال ّلبنان ّية‪ ،‬عندما جتل�س يف مقام ٍ‬
‫رجل‬ ‫الشيخ ماهر حمود‪:‬‬ ‫غ����ازي ال��ع��ري�����ض��ي و أ�ك������رم ���ش��ه�� ّي��ب‪،‬‬
‫يف احلياة‪� ،‬شم�سه عندما ت�شرق ت�شرق‬ ‫كب ٍري كهذا ال�س ّيد‪ ،‬يتح ّدث عن �س ّي ٍد‬ ‫و أ�لقى �إمام م�سجد القد�س يف �صيدا‪،‬‬ ‫والن ّواب‪ :‬فادي أالعور‪� ،‬آالن عون‪ ،‬بالل‬
‫على اجلميع‪ ،‬وعندما ينزل املطر‪ ،‬ف� إ ّنه‬ ‫كب ٍري �آخر‪ ،‬واجلامع بينهما علم وثقافة‬ ‫ال�شيخ ماهر حمود‪ ،‬كلم ًة �س أ�ل فيها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فرحات مم ّث ًال كتلة الوفاء للمقاومة‪،‬‬
‫ر�ض و أ�ر�ض‪ ،‬مطر ينـزل‬ ‫ال يف ّرق بني أ� ٍ‬ ‫هم أ�خالق! ولطاملا‬ ‫وال ّ‬ ‫وفكر و�إن�سان ّية‪ ،‬أ‬ ‫« أ�لي�س ال�� ّرج��ل ق�� ّدم احلجج ال ّدامغة‬ ‫نا�صيف ق��زّي ممث ًال ال ّنائب مي�شال‬
‫على اجلميع‪ ،‬وكذلك ه���و ؤا�ه‪ ،‬وهكذا‬ ‫ك��ان ي��ر ّك��ز على أالخ��ل�اق يف احلياة‬ ‫على وحدة أال ّم��ة‪ ،‬وعلى وحدة لبنان‪،‬‬ ‫عون‪ ،‬لواء جابر ممث ًال رئي�س احلزب‬
‫ك�� ّل الربكات ا ّلتي ت أ�تي منه‪ ،‬وا ّلذين‬ ‫ال�سيا�س ّية ال ّلبنان ّية‪ ،‬وكم نفتقد هذه‬ ‫وعلى أ�هم ّية املقاومة‪ ،‬وعلى أ�حق ّيتنا‬ ‫ال ّدميوقراطي ال ّنائب طالل �إر�سالن‪،‬‬
‫ينطلقون مع اهلل‪ ،‬ال ميكن �إال أ�ن يكونوا‬ ‫امل��ي��زة ال��ي��وم‪ ،‬عندما نتط ّلع �إىل ما‬ ‫بفل�سطني‪ ،‬وع��ل��ى أ�حق ّيتنا ب أ‬
‫��الخ�� ّوة‬ ‫بالل داغر مم ّث ًال قيادة «حزب اهلل»‪،‬‬
‫قلوب ًا مفتوح ًة على آالخرين‪ ،‬ال ميكن‬ ‫يحيط بحياتنا ال�سيا�س ّية يف لبنان من‬ ‫أالمم�� ّي��ة‪ ،‬و أ�ن نكون أ�خ���و ًة متحا ّبني‬ ‫نائب رئي�س «تيار التّوحيد» �سليمان‬
‫أ�ن يكونوا منغلقني ّ‬
‫متع�صبني متز ّمتني‪،‬‬ ‫مظاهر ال مت ّ��ت ب�صل ٍة �إىل أالخ�لاق‬ ‫م�����س��ل��م�ين ع��ل��ى اخ���ت�ل�اف امل���ذاه���ب‪،‬‬ ‫ال�صايغ‪ ،‬ومم ّثلو أالحزاب يف املنطقة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال ب�� ّد لهم م��ن أ�ن يعي�شوا يف الهواء‬ ‫ال�سالح أالم�ضى يف موقع‬ ‫التي تعترب ّ‬ ‫م�سلمني وم�سيح ّيني؟ أ�ل�سنا �شيئ ًا‬ ‫رئ��ي�����س ب��ل��د ّي��ة ك��ي��ف��ون ن��ا���ص��ر �سعد‪،‬‬
‫الطلق ولي�س يف الكهوف‪ ،‬ولذلك أ� ّ‬
‫حب‬ ‫ّ‬ ‫القيادة‪ ،‬وال ّركيزة أال�سا�س فيها‪.»...‬‬ ‫واله��داف‬ ‫والخ�لاق أ‬ ‫واح��د ًا يف القيم أ‬ ‫الطوائف‪،‬‬ ‫وفاعل ّيات روح ّية من كا ّفة ّ‬
‫ك ّل ال ّنا�س‪ ،‬وهذه هي القيمة ا ّلتي على‬ ‫�سيا�سي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫«كرجل‬
‫ٍ‬ ‫و أ��ضاف العري�ضي‪:‬‬ ‫ويف امل�ستقبل ا ّلذي يجمعنا»؟‬ ‫وح�شد كبري من احل�ضور‪.‬‬
‫أ��سا�سها انطلق يف حياته‪ ،‬و�شعر ب أ� ّنه‬ ‫بعدد كبري‬ ‫ال�ضرورة أ�ن تلتقي ٍ‬ ‫تق�ضي ّ‬ ‫الوزير العريضي‪:‬‬ ‫جمعية كيفون‪:‬‬
‫معني ب أ�ن يعي�ش �آالم ال ّنا�س و�آمالهم‬ ‫ّ‬ ‫من ال ّنا�س‪ ،‬ه��ذه طبيعة العمل‪ ،‬لكن‬ ‫وحت�� ّدث الوزير العري�ضي فقال‪�« :‬إن‬ ‫و أ�لقى رئي�س جمع ّية كيفون اخلري ّية‬
‫و أ�حالمهم وطموحاتهم‪ ،‬ولهذا �شعر‬ ‫كرجل تبحث عن معرف ٍة وعلم‪ ،‬وتريد‬ ‫ٍ‬ ‫ه��ذا ال��ل��ق��اء ي أ���ت��ي ع��ف��و ّي�� ًا طبيع ّي ًا يف‬ ‫علي احل���اج‪ ،‬كلم ًة ق��ال فيها‪« :‬ه��ذا‬
‫مب�س ؤ�ول ّيته عن ك�� ّل ا ّلذين يعانون يف‬ ‫أ�ن تغني فكرك وثقافتك وجتربتك‪،‬‬ ‫وتقدير مل�سرية هذا العالمة‬ ‫ٍ‬ ‫وقفة وفاءٍ‬ ‫اجلبل أال� ّ‬
‫��ش��م ال��و ّيف للمبادئ والقيم‬
‫واحتالل‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وظلم‬
‫ويتم ٍ‬‫فقر ٍ‬‫احلياة من ٍ‬ ‫ف أ�نت تزور لي�س من باب الواجب‪ ،‬بل‬ ‫الكبري‪ ،‬وقد جمعتني به عالقة امت ّدت‬ ‫الن�����س��ان�� ّي��ة‪ .‬ن��ع��م‪ ،‬ه��ي �صرخة وف��اء‬
‫إ‬
‫ومن ك ّل ه ؤ�الء امل�ستكربين»‪.‬‬ ‫من باب احلاجة لنف�سك‪ ،‬تزور أ�ربع ًة‬ ‫�إىل م��ا ي��زي��د ع��ن الع�شرين ع��ام�� ًا‪،‬‬ ‫و�إخ�لا���ص لنقوم ب أ���ق�� ّل م��ا ميكن من‬
‫أ�و خم�س ًة يف لبنان‪ ،‬و�سماحة ال�س ّيد‬ ‫ول��و ق��دِّ ر يل ي��وم�� ًا أ�ن أ�ن�شر حما�ضر‬ ‫احل�ضاري»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الن�سا ّ‬
‫ين‬ ‫الواجب إ‬
‫كان يف طليعة ه ؤ���الء؛ هذا العالمة مل‬ ‫جل�ساتي م��ع ه���ذا ال��ع�لام��ة الكبري‪،‬‬ ‫وحت�� ّدث ال ّدكتور ق��زّي فقال‪�« :‬شاءت‬

‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪2‬‬
‫بيان نعي العالمة املرجع فضل الله‪:‬‬

‫ال ّلبنان ّية امل��ح�� ّررة‪ ،‬ر أ�ى ه��ذه امل�� ّرة ب أ��� ّم‬
‫العني‪ ،‬أ�نّ من يقاتله ويقف بوجهه ال يق ّل‬
‫الشعب‪ -‬املقاومة في الواجهة وامليدان‪:‬‬
‫مثلّث اجليش‪ّ -‬‬
‫وف��ا ًء وال��ت��زام�� ًا وعم ًال يف مواجهته عن‬
‫أ�ولئك املقاومني البوا�سل ا ّلذين ت�صدّوا‬
‫له خالل حرب متوز يف العام ‪ ،2006‬يف‬
‫لبنان المقاوم‪ ..‬في ذكرى االنت�صار على العدوان‬
‫العدي�سة وغريها‪...‬‬
‫ّ‬
‫وبالتّايل‪ ،‬ف�إنّ هذا العد ّو الذي كان ينتظر‪،‬‬ ‫ا ّل��ذي �ش ّكل �صفع ًة لك ّل من راه��ن على‬
‫ال�صرب‪ ،‬أ�ن ت�صدر املحكمة الدّول ّية‬ ‫وبفارغ ّ‬ ‫تغيري عقيدة هذا اجلي�ش‪ ،‬ا ّلذي أ�ثبت م ّر ًة‬ ‫قبل بضعة أشهر‪ ،‬ومن منبر صالة اجلمعة بالذّ ات‪ ،‬كان سماحة العالمة املرجع‪،‬‬
‫يلتف على املقاومة‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫قرار ًا ظن ّيا يحاول �ن ّ‬ ‫أ�خرى أ� ّنه ال ميكن أ�ن يكون بعيد ًا عن أ�هله‬ ‫السيّد محمد حسني فضل الله (رضوان الله تعالى عليه)‪ ،‬يشيد مبوقف رئيس‬
‫أ�و ينال منها بطريق ٍة و أ�خرى‪ ،‬وجد نف�سه‬ ‫ونا�سه‪ ،‬وبالتّايل‪ ،‬ال ميكن أ�ن ي�سمح للعد ّو‬ ‫اجلمهورية العماد ميشال سليمان‪ ،‬الذي أعلن فيه وحدة املوقف اللّبنانيّ في‬
‫م��� ّر ًة أ�خ���رى أ�م���ام احل��ائ��ط امل�����س��دود‪ ،‬ال‬ ‫ب أ���ن يد ّن�س �سيادة أالر����ض‪ ،‬و أ�ن ي�ستم ّر‬ ‫مؤكد ًا الدّ عم الرّسميّ للمقاومة‪ ،‬مشير ًا إلى شرعيّة‬
‫الصهيونيّ ‪ّ ،‬‬
‫مواجهة العدوّ ّ‬
‫بل ح�صل على ر�سال ٍة لبنان ّي ٍة جديد ٍة‪،‬‬ ‫تتم على مر أ�ى‬ ‫باعتداءاته وانتهاكاته التي ّ‬ ‫الشعب‪ ،‬املقاومة»‪...‬‬
‫تصدّ يها جليش العدوّ ‪ ،‬متحدّ ث ًا عن مثلّث «اجليش‪ّ ،‬‬
‫مفادها أ�نّ معركته القادمة لن تكون مع‬ ‫وم�سمع من ق ّوات «اليونيفيل»‪..‬‬
‫املقاومني فح�سب‪ ،‬بل مع مقاومي اجلي�ش‬ ‫ين تط ّورات‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫وقد �سبق العدوان ّ‬
‫ميدان ّية داخل ّية يف لبنان ال ميكن جتاوز‬ ‫وق�������د ك�������ان م���وق���ف‬
‫ا ّل��ذي��ن حملوا على عاتقهم م�س ؤ�ول ّية‬
‫بع�ضها‪ ،‬وخ�صو�ص ًا تلك ال��ت��ي تتّ�صل‬ ‫����س���م���اح���ت���ه(ق���ده)‬
‫الدّفاع عن وطنهم و أ�هلهم و�شعبهم‪� ،‬إىل‬
‫التج�س�س‬
‫ّ‬ ‫بك�شف امل��زي��د م��ن �شبكات‬ ‫الفت ًا‪ ،‬يف ظ�� ّل معرفة‬
‫جانب املقاومة البا�سلة‪..‬‬
‫حل�ساب ال��ع��د ّو‪ ،‬واع��ت��ق��ال بع�ض رم��وز‬ ‫الكثريين أ� ّنه ال يتو ّقف‬
‫لقد �سمع «باراك» ا ّلذي هدّد قبل أ� ّيام ب أ�نّ‬ ‫عند ذكر أال�شخا�ص‪،‬‬
‫جي�شه �سي�ضرب احلكومة ال ّلبنان ّية‪ ،‬الر ّد‬ ‫ال��ع��م��ال��ة‪ ،‬مم��ن ا�ستطاعت خم��اب��رات‬
‫ين ك�شفهم واعتقالهم‪ ،‬وهو‬ ‫اجلي�ش ال ّلبنا ّ‬ ‫وخ�����������ص�����و������ص����� ًا يف‬
‫ين ا ّل��ذي جاء حا�سم ًا ب أ���نّ اجلي�ش‬ ‫ال ّلبنا ّ‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫ال ّلبنا ّ‬ ‫أالمر ا ّلذي أ�زعج العد ّو أ�كرث‪ ..‬كما أ�زعج‬ ‫������ص��ل��اة اجل���م���ع���ة‪،‬‬
‫ين ال يتوانى �ي�ضا عن �ضرب العد ّو‬
‫الدارة أالمريك ّية التي كانت تراهن على‬ ‫إ‬ ‫ول����ك����نّ م����ن ع��اي�����ش‬
‫يف قلبه‪ ،‬و�إ���س��ق��اط هيبته ع�بر �إ�سقاط‬
‫الي��ق��اع ب�ين اجلي�ش وامل��ق��اوم��ة‪ ،‬أ�و بني‬ ‫إ‬ ‫����س���م���اح���ت���ه(ق���ده)‪،‬‬
‫�ض ّباطه قتلى وجرحى‪..‬‬
‫اجلي�ش و�هله‪ ،‬حيث كانت تتحدّث عن‬ ‫أ‬ ‫ك����ان ي��ع��ل��م ح��ر���ص��ه‬
‫� إ ّن��ه��ا ال ّر�سالة ال ّلبنان ّية بالغة ال��دّالل��ة‪،‬‬
‫ر�صدها ملئات امل�لاي�ين م��ن ال���دّوالرات‬ ‫ع��ل��ى ذك����ر أال���ش��ي��اء‬
‫وال��ت��ي ت��ق��دّم من���وذج��� ًا ج���دي���د ًا للعامل‬ ‫أ� ّكدها قبيل املواجهة أالخرية بني اجلي�ش‬
‫����داف ك��ه��ذه‪ ..‬ف���ر أ�ت ب أ���� ّم ال��ع�ين أ�نّ‬
‫أله ٍ‬ ‫ب أ��سمائها عندما يتع ّلق‬
‫الن���ذار يف‬ ‫العربي‪ ،‬وتنذر من ي�ستحقّ إ‬ ‫ّ‬ ‫الوطني وجي�ش العد ّو‪ ،‬كما �سارع رئي�س‬ ‫ؤ‬
‫أالمر بـ»املواقف»‪ ،‬حيث كان ي� ّكد أ�هم ّية‬
‫املنطقة وال��ع��امل‪ ،‬وت�شري �إىل الكثريين‬ ‫أ‬
‫ح�سابات احلقل مل ت��� ِت وف��ق ح�سابات‬
‫البيدر‪..‬‬ ‫اجلمهور ّية للت أ�كيد ب�صفته القائد أالعلى‬ ‫الطابع‬‫ال����ض���اءة» على امل��واق��ف ذات ّ‬ ‫« إ‬
‫يف الدّاخل‪ ،‬ب أ�نّ نظر ّية احلياد هي أ��شبه‬
‫امل��ه ّ��م أ�نّ ال��ع��د ّو ا ّل���ذي ي�شعر منذ ف�تر ٍة‬ ‫للق ّوات امل�س ّلحة‪ ،‬اال�ستعداد لبذل الغايل‬ ‫اال���س�ترات��ي��ج ّ��ي‪ ،‬وخ�����ص��و���ص�� ًا �إذا كانت‬
‫ما تكون مبا تفعله ال ّنعامة عندما تدفن‬ ‫والنفي�س‪ ،‬وتقدمي أ�غلى التّ�ضحيات يف‬
‫ب��ال��ق��ل��ق‪ ،‬وي���ح���اول ت����ار ًة ع�بر ط��ائ��رات��ه‬ ‫مت ّثل عالم ًة فارق ًة يف احلياة ال�سيا�س ّية‬
‫ر أ����س��ه��ا يف ال�ّتارّاب لتهرب م��ن الوح�ش‬ ‫مواجهة أ� ّي عدوانٍ جديدٍ قد يقوم به جي�ش‬
‫التج�س�س ّية‪ ،‬وط��ور ًا عرب عمالئه‪ ،‬وت��ار ًة‬ ‫ال ّر�سمية يف لبنان‪..‬‬
‫القادم الفرتا�سها‪ ،‬أ�و من يتحينّ الفر�ص‬ ‫ّ‬
‫ث��ال��ث��ة ع�بر اال���س��ت��خ��دام غ�ير املبا�شر‬ ‫ً‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫ين‪...‬‬ ‫االحتالل ّ‬ ‫ولع ّل يف أالح��داث الخ�يرة التي �شهدها‬
‫أ‬
‫ال�صطيادها‪..‬‬ ‫ين على لبنان لي�س‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫اجل��ن��وب ال�� ّل��ب��ن��ا ّ‬
‫حت ّي ًة للجي�ش و�شهدائه‪ ..‬وحت ّية للبنان‬ ‫«لليونيفيل»‪ ،‬ر�صد مواقع الق ّوة ال ّلبنان ّية‬ ‫االع��ت��داء ّ‬ ‫ين يف عمل ّية االع��ت��داء‬
‫وحركة املقاومة‪ ،‬والتّح�ضري ال�ستفزازات‬ ‫ب��ج��دي��د‪ ،‬ول��ك��نّ ال��ع��د ّو اكت�شف ج��دي��د ًا‬ ‫ين‪ ،‬وال����ر ّد ال��ب��ط��ويل احلا�سم‬ ‫�����ص��ه��ي��و ّ‬
‫ال ّ‬
‫يف أ� ّيام ال ّذكرى التي تتك ّرر‪ ،‬ذكرى حرب‬ ‫« أ�ده�������ش���ه»‪ ،‬مت�� ّث��ل يف ت�����ص��دّي اجلي�ش‬ ‫للجي�ش ال ّلبنا ّ‬
‫خط احلدود بني لبنان‬ ‫متع ّمدة على طول ّ‬ ‫ين‪ ،‬ما يدفع لال�ستزادة يف‬
‫متوز‪ ..‬وانت�صار �آب‪..‬‬ ‫ال�سيا�سي احلا�سم‬ ‫يل‪ ،‬ويف القرار‬ ‫البطو ّ‬
‫أ‬
‫وفل�سطني امل��ح��ت�� ّل��ة‪� ،‬و داخ���ل املنطقة‬ ‫ّ‬ ‫متجيد ه��ذه امل��واق��ف‪ ،‬التي �سبق لقائد‬
‫أ‬
‫ال��ذي ك��ان وراء ه��ذا الت�صدّي‪ ..‬الم��ر‬ ‫يل‪ ،‬ال��ع��م��اد ق��ه��وج��ي‪ ،‬أ�ن‬‫اجل��ي�����ش احل����ا ّ‬

‫�أمير قطر يفتتح مدر�سة الإ�شراق بعد �إعادة �إعمارها‬


‫وقد قدّمت تلميذات املدر�سة ألمري قطر‬
‫والر ؤ��ساء الثالثة باقات الورود والهدايا‬ ‫يف �إط����ار ج��ول��ت��ه ع��ل��ى ق���رى وب��ل��دات‬
‫التذكارية‪ ،‬كما أ�لقت التلميذة زهراء‬ ‫اجلنوب اللبناين‪ ،‬افتتح أ�م�ير دولة‬
‫ال�سيد ح�سن ق�صيدة من وحي املنا�سبة‬ ‫قطر ال�شيخ حمد بن خليفة �آل ثاين‬
‫رح��ب��ت فيها ب أ‬
‫��الم�ير وال��وف��د امل��راف��ق‬ ‫ّ‬ ‫ال����ش���راق ال��ت��اب��ع��ة جلمعية‬‫م��در���س��ة إ‬
‫���ش��اك��رة دول���ة ق��ط��ر ع��ل��ى امل�ساهمات‬ ‫امل�ب�رات اخل�يري��ة يف ب��ل��دة عيناتا ‪-‬‬
‫املقدمة إلعادة �إعمار املدر�سة‪.‬‬ ‫بنت جبيل‪ ،‬بعد �إع��ادة �إعمارها من‬
‫وج��ال احل�ضور على أ�ق�����س��ام املدر�سة‬ ‫ج��راء التدمري الكامل ال��ذي أ��صابها‬
‫وباحاتها ومرافقها ومالعبها املتعددة‪.‬‬ ‫ال�سرائيلي يف متوز‬ ‫خ�لال ال��ع��دوان إ‬
‫و أ�زاح أ�م�ير قطر ورئي�س اجلمهورية‬ ‫من ال�شخ�صيات‪.‬‬ ‫‪ .2006‬وذل��ك بح�ضور كل من رئي�س‬
‫ال�ستار عن اللوحة التذكارية وقد عبرّ وا‬ ‫كان يف ا�ستقبال الوفد مدير عام جمعية‬ ‫اجلمهورية مي�شال �سليمان وعقيلته‬
‫عن اعتزازهم وتقديرهم لدور جمعية‬ ‫املربات اخلريية على ر أ��س وفد من الهيئة‬ ‫ال�سيدة وفاء �سليمان ورئي�س املجل�س‬
‫امل��ب��رات اخل�ي�ري���ة م���ع م���ي���دان عملها‬ ‫الداري����ة للجمعية وم����دراء امل ؤ��س�سات‬
‫إ‬ ‫النيابي نبيه ب��ري ورئي�س احلكومة‬
‫الن�ساين‪.‬‬ ‫الجتماعي والرتبوي و إ‬ ‫إ‬ ‫وجمال�س أاله���ل وح�شد م��ن الفعاليات‬ ‫�سعد احل��ري��ري ورئي�س كتلة الوفاء‬
‫و أ�ولياء أ�مور التالمذة‪.‬‬ ‫للمقاومة النائب حممد رعد وح�شد‬

‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪3‬‬
‫املرجع فضل الله (رض) في حوار يختصر مسيرة حياة‪:‬‬

‫لم �أ�شعر بنف�سي في �أي مرحلة من مراحل حياتي �أني �شيء �آخر غير الإ�سالم‬
‫السيد املرجع‪ ،‬الفقيه املجدد‪ ،‬العالمة املجاهد‪ ...‬مالئ الدنيا وشاغل الناس‪...‬‬
‫بل قل‪ :‬فضل الله وكفى‪...‬‬
‫عناصر القوّة املكوّنة لشخصيته‪...‬‬
‫مراحل االنعطاف األساسية في حركته‪...‬‬
‫ونهاية االمتداد على هذه األرض التي المست السماء روحاً‪ ،‬وحاكتها انفتاح ًا وصفاءً‪..‬‬
‫هذه مسيرة القصة احلوارية مع سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسني فضل الله (رضوان الله عليه) ِلتُدوَ ن له‬
‫احلياة بكلماته‪ ،‬تراثه الرسالي بعد رحيله إلى منطقة بقائه وسروره‪...‬‬
‫هذا احلوار مع سماحة املرجع‪ ،‬قبل الرحيل‪ ،‬يلقي الضوء على مسيرة حياته وجهاده‪ ،‬على انطالقات حياته التي‬
‫كانت اسالم ًا يتحرك‪ ،‬ورسالةً تتجسد‪ ...‬عن أفق هذا املصلح املجدد‪ ،‬والعالمة الربانيّ ‪ ،‬وعن فهمه للحياة ونظرته‬
‫للمستقبل‪...‬‬
‫في هذا العدد احللقة االولى من احلوار‪ ...‬الذي يختصر مسيرة حياة قائد ومجدد قلّما يجود الزمان مبثله‪ ...‬م ّر في فيافي‬
‫وبث فيها من روحه روح ًا ومن عقله فكرا خالد ًا ميتدّ مدى األزمان‪...‬أوليس‬ ‫حياتنا وزماننا‪ ،‬ففتح لألمة آفاق الغد‪ّ ،‬‬
‫العلماء باقون أبد الدهر؟‬

‫أ��شعر بنف�سي يف أ�ي مرحلة من مراحل‬ ‫ج��د ًا‪ ،‬ففي العا�شرة من عمري قمت‬ ‫أ� ّي فكر! ولذلك كانت احلياة الفكرية‬ ‫كيف يفهم السيّد احليـاة ‪:‬‬
‫حياتي مبا هي املرحلة احل��ائ��رة بني‬ ‫بتجربة �شعرية مبكرة‪ ،‬و�إنني أ�حت�س�س‬ ‫خطط لها‪،‬‬ ‫‪ -‬لقد كان هناك الكثري من املواقع التي عندي ت�شبه الفو�ضى‪ ،‬مل أ� ّ‬
‫الطفولة وال�شباب‪ ،‬مل أ��شعر أ�ين �شيء‬ ‫يف ه���ذه ال��ت��ج��رب��ة أ�ن ه��ن��اك �شيئ ًا‬ ‫متيز �سماحة ال�سيد فيها على م�ستوى ولكني كنت أ�لتقطها‪ ،‬وكنت أ�ح��اول‬
‫ال�سالم‪.‬‬ ‫�آخر غري إ‬ ‫م��ن ال��وع��ي للحياة يف االن��ف��ت��اح على‬ ‫التحول يف ذاته‪-‬ر�سالته‪ ..‬كيف يفهم ـ مهما �صدَ َمتْني املحاولة ـ أ�ن يكون‬
‫ال����س�ل�ام يف‬ ‫ل��ذل��ك ك��ن��ت أ�حت�����س�����س إ‬ ‫امل�ستقبل‪ ،‬كما مت ّثله هذه أالبيات‪:‬‬‫ما أ�مت ّثله من هذا الفكر ال��ذي يغني‬ ‫�سماحة ال�سيد احلياة؟‬
‫وج���داين بح�سب م��ا كنت أ�متثله من‬ ‫القري�ض مفاخر ًا‬ ‫ِ‬ ‫نظم‬ ‫‪ -‬أ� ّال ي��ج��ع��ل ال��زم��ن جم���رد حلظات احلياة ج��دي��د ًا‪ .‬لذلك ع�شت ِ‬
‫اجل�� َّدة‬
‫فمن كان يف ِ‬
‫ال�سالم‬ ‫ثقافة �آنذاك‪ ..‬كنت أ�حت�س�س إ‬ ‫ففخري ُطر ًا بال ُعال والف�ضا ِئ ِـل‬ ‫َ‬ ‫مي�ل� الزمن منذ بداية عمري‪ ،‬رمبا مل أ�كن أ�ختزنها‬ ‫مت��رد‪ ،‬ولكنه يحاول أ�ن أ‬
‫ك�شيء يعي�ش يف وجداين يف الال�شعور‬ ‫ول�ست ب آ�بائي أالبـاة ُمفاخـراً‬
‫بكل م��ع��اين �إن�سانيته‪ ،‬حتى يتحول يف ال��ع��م��ق‪ ..‬رمب���ا ك��ان��ت تطفو على‬
‫ويتحرك يف حياتي يف مواقع الدرا�سة‪.‬‬ ‫املنازل‬ ‫ِ‬ ‫جل‬‫ول�ست مبن يبكي أل ِ‬ ‫عن�صر من العنا�صر التي ال�سطح‪ ...‬رمبا كانت ترتك ت أ�ثريها‬ ‫ٍ‬ ‫الزمن �إىل‬
‫مبكر‪ ،‬وذلك‬ ‫وقت ٍ‬ ‫ولهذا فقد عملت يف ٍ‬ ‫مق�صر ًا‬ ‫ف�إن أ� ُك يف ني ِـل املعـايل ّ‬
‫الن�سان معنى من حياة‪ .‬رمبا على كلماتي و أ��سلوبي‪ ،‬ولكنها كانت‬ ‫متنع إ‬
‫يف �سنة ‪1947‬م‪ ،‬وقد كنتُ يف الثانية‬ ‫القوافل‬
‫ِ‬ ‫رجعت با�سمي ُحدا ُة‬ ‫الن�سان احلياة يف هذه احلياة ت�شعرين ب أ���ين أ�حيا يف الع�صر الذي‬
‫فال ّ‬ ‫يت�ص ّور إ‬
‫ع�شرة من ع��م��ري‪ ..‬عملت مع بع�ض‬ ‫�س أ�نهج نهـج ال�صاحلني و أ�رتـدي‬ ‫أ‬
‫اجل�سدية التي حت�� ِّرك ك��ل أ�جهزته‪� ،‬عي�ش فيه‪...‬‬
‫أ��صدقائي على �إ�صدار جملة خطية ك ّنا‬ ‫الو�سائل‬
‫ِ‬ ‫رداء العال ال�سامي ب�شتى‬ ‫أ‬
‫ولك ّني أ�ت�ص َّور أ�ن هذا مي ِّثل �آلية احلياة �إنني أ�فهم احلياة ب� ّنها هذه احليوية‬
‫نو ّزعها على ح�سب ع��دد امل�شرتكني‪،‬‬ ‫و أ�جهد نف�سي أ�ن أ�عي�ش ُمعـزّز ًا‬
‫الن�سان العقلية والروح ّية واحلركية التي متثل‬ ‫ولي�س احل��ي��اة‪� .‬إن �إن�سانية إ‬
‫«الدب»‪ ،‬و أ�ذك��ر‬ ‫ونكتبها حت��ت ا�سم أ‬ ‫التناول‬‫ِ‬ ‫ولي�س ط َال ُب العزِّ َ‬
‫�سهل‬ ‫فكر‬
‫ٍ‬ ‫عن‬ ‫يبحث‬ ‫الذي‬ ‫ن�ساين‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫الوجود‬ ‫عندما يقول‪ « :‬أ�ن��ا»‪ ،‬أ�و عندما تقول‪:‬‬
‫خا�ص ًا ب��ا إلم��ام‬
‫أ�ن ال��ع��دد أالول ك��ان ّ‬ ‫« أ�ن��ت»‪ ،‬لي�ست هي هذا اجل�سد‪ ،‬و�إمنا ينغر�س فيه‪ ،‬وع��ن م�ستقبل ي�صنعه‪،‬‬
‫احل�سني(ع)‪ ،‬ما يوحي ب أ�ن امل�س ؤ�ولية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫�إنني يف ه��ذه الب��ي��ات ��ستذكر �نني‬ ‫الح�سا�س بكل عن�صر داخلي يتحرك وعن روح ي�سمو معها وي�صفو‪...‬‬ ‫إ‬
‫ال�سالمية كانت مبكرة يف‬ ‫الثقافية إ‬ ‫كنت أ��شعر بامل�ستقبل يناديني ب أ�ن أ�عي�ش‬ ‫رحلة الوعي‪:‬‬ ‫يف �إطار هذا اجل�سد‪.‬‬
‫وجداين‪.‬‬ ‫لذلك كنت منذ البداية أ��شعر بالزمن ‪-‬هل ن�ستطيع أ�ن نو ّقت مرحلة االنتقال ال��ف�����ض��ائ��ل‪ ...‬ب أ����ن أ��سمو يف درج��ات‬
‫وه���ك���ذا ك��ن��ت أ�حت������ ّرك يف امل��ح��اف��ل‬ ‫وه���و ي��ت��ح��رك يف وج�����ودي‪ ،‬وك��ن��ت ال م��ن ال�لا���ش��ع��ور �إىل ال�شعور يف هذا العال‪ ...‬ب أ�ن أ�عي�ش معزّز ًا‪ ..‬ب أ�ن أ�كمل‬
‫النجفية أللقي �شعر ًا هنا و�شعر ًا هناك‬ ‫م�سرية ال�صاحلني‪.‬‬ ‫�شعوري ًا يف البداية أ�ح���اول أ�ن أُ�غني الفهم؟‬
‫على ح�سب التجربة ال�شعرية‪ ..‬ورمبا‬ ‫هذه احلياة التي ت�ض ُّج يف هذا الوجود ‪-‬عندما أ��سرتجع الذكريات‪ ،‬ف�إنني ال أ�دري كم كان وعيي لهذه املفاهيم‪،‬‬
‫الح�سا�س يف م�س ؤ�ولية‬ ‫كان قمة هذا إ‬ ‫بفكر أ�ت�ص ّور أ�ن رحلة الوعي كانت مبكرة ولكن مثل هذه املفردات تعني أ�ن هناك‬ ‫املادي‪ ...‬كنت أ�حاول أ�ن أ�غنيها ٍ‬
‫احلياة يف احلركة‪ ،‬موقفي يف بريوت‬ ‫وعيا مل�س�ولية احلياة يف حركتي يف‬ ‫ؤ‬ ‫ً‬
‫يف �سنة ‪1952‬م يف أ�رب��ع�ين امل��رح��وم‬ ‫اجتاه امل�ستقبل‪ ..‬ومن الطبيعي أ�ن هذه‬ ‫أفهم احلياة بأنّها هذه احليوية العقلية والروحيّة واحلركية التي متثل‬
‫ال�سيد حم�سن أالم�ين (ره)‪ ،‬يف ٍ‬
‫حفل‬ ‫احلركة تطورت‪ ،‬بحيث �إين اكت�شفت‬ ‫الوجود اإلنساني الذي يبحث عن فك ٍر ينغرس فيه‪ ،‬وعن مستقبل يصنعه‪،‬‬
‫ك��ان ي�ضم خمتلف العلماء الكبار‪،‬‬ ‫�إ�سالميتي يف وق��ت مبكر؛ ولذلك مل‬ ‫وعن روح يسمو معها ويصفو‬
‫كال�سيد عبد احل�سني �شرف الدين‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪4‬‬
‫نحو امل�ستقبل‪ ،‬فمن الطبيعي أ�ن تعي�ش‬ ‫(ره) و أ�مثاله من العلماء‪ ،‬وخمتلف‬
‫احل�ي�رة‪ ،‬ال ح�يرة ال��ي أ������س وال احل�يرة‬ ‫املفكرين وال�صحافيني والزعماء‬
‫ال�سلبية‪ ،‬ولكنها احل�يرة التي مت ِّثل‬ ‫وال�سيا�سيني‪ ،‬حيث أ�لقيت هناك‬
‫حالة القلق الذي يبحث ويبحث ويبحث‬ ‫ق�صيدة عندما أ�قر أ�ها آالن ـ وهي‬
‫فق هناك‪ .‬لذلك‬ ‫عن من َف ٍذ هنا وعن أ� ٍ‬ ‫من�شورة يف أ�عيان ال�شيعة ـ أ�حت�س�س‬
‫مل أ�ع�ش احلرية ال�ضائعة‪ ،‬كنت أ�عي�ش‪،‬‬ ‫أ�ين كنت يف تلك املرحلة أ�ت�صور أ�ن‬
‫وال أ�زال أ�عي�ش احلرية املنفتحة الباحثة‬ ‫علينا أ�ن نبني من احل�ضارة املا�ضية‬
‫التي تعي�ش قلقَ املعرفة وقلق الواقع‪.‬‬ ‫احل�ضارة اجلديدة‪ ،‬وكنت أ�ت�صور‬
‫قلق احلياة واملسؤولية‪:‬‬ ‫الن�����س��ان أ�ن يتحرر من‬ ‫أ�ن على إ‬
‫‪ -‬أ�مل تكن حرية يف فهم احلياة؟!‬ ‫قيوده‪ ،‬وذلك يف و�صفي ل�شخ�صية‬
‫‪-‬كانت ح�يرة يف نوع ّية ال��دخ��ول �إىل‬ ‫ال�سيد حم�سن أالمني‪ ،‬أ�قول‪:‬‬
‫احل��ي��اة‪ ،‬فعندما تفقد آالل��ي��ات التي‬ ‫ذل���ك‪ ،‬م��ا جعلني أ�ف�� ّك��ر ول��و بطريقة‬ ‫كانت تنطلق من �إح�سا�س بامل�س ؤ�ولية‬ ‫وتعاف رائح َة‬ ‫ُ‬ ‫نف�سها‬
‫تهوى التح ّر َر ُ‬
‫بحجم التحدي‪ ،‬ف�إن من الطبيعي أ�ن‬ ‫�ضبابية؟! أ�نه ال بد أ�ن نعمل �شيئ ًا‪ ،‬ال بد‬ ‫عن �إغناء جتربتي احلياتية‪ ،‬وحماولة‬ ‫القيو ِد‬
‫تعي�ش احلرية‪ :‬ماذا أ�عمل؟ ماذا أ�فعل؟‬ ‫أ�ن نفكر بطريقة أ�خ��رى‪ .‬ولذلك كنت‬ ‫�إغناء جتربة آالخرين‪ ،‬وكانت م�س أ�لة‬ ‫ّليد ح�ضار َة املجد‬ ‫املجد الت ِ‬
‫تبني من ِ‬
‫كيف ميكنني أ�ن أ�فتح هذه النافذة؟‬ ‫من خالل هذه أالفكار التي هي �ضد‬ ‫ال�����ص��راع ال���ذي ينفتح ب��احل��وار على‬ ‫اجلدي ِـد‬
‫كيف ميكنني أ�ن أ� ُ�س َّد هذه الثغرة‪ ،‬كيف‬ ‫اال�ستعمار‪ ،‬أ�و �ضد الطائفية يف الواقع‬ ‫االختالف الفكري‪ ،‬م�س أ�لة أ��سا�سية‪،‬‬ ‫الن�سان أ�ن‬ ‫كنت أ�ت�ص ّور أ�ن على إ‬
‫ميكنني أ�ن أ�ح ّقق فكري يف الواقع؟‪...‬‬ ‫ولذلك أ��ستطيع أ�ن أ�ق��ول �إنني ب��د أ�ت‬ ‫يتحرر من القيود‪ ،‬و أ�ن يحاول أ�ن‬
‫‪ -‬هل ما زلت تعي�ش القلق؟‬ ‫كنت أ حتسس ا إل سال م‬ ‫احل���وار مبكر ًا‪ ،‬وذل��ك منذ أ�ك�ثر من‬ ‫يبني احل�ضارة اجلديدة‪ ،‬ويف الوقت‬
‫‪-‬ال أ�زال أ�ع��ي�����ش ال��ق��ل��ق ال���ذي يدفع‬ ‫كشيء يعيش في وجداني‬ ‫خم�سني �سنة‪.‬‬ ‫نف�سه‪ ،‬كنت أ�حت���دث ع��ن م�شكلة‬
‫�إىل امل��ع��رف��ة‪ .‬أ�ن��ا أ�عتقد أ�ن ال��ذي ال‬ ‫في الالشعور ويتحرك في‬ ‫مواجهة التحدي الفكري ‪:‬‬ ‫اال���س��ت��ع��م��ار ـ وق���د ك���ان انح�ساره‬
‫يعي�ش القلق ال ميكن أ�ن ينمو‪ .‬عندما‬ ‫كل حياتي‬ ‫‪ -‬اجل�� ّو امللتزم‪ ،‬أ�مل ي ؤ��� ِّث��ر يف طريقة‬ ‫عن لبنان مبكر ًا ـ‪ ،‬وكنت أ�حت��دث‬
‫تعي�ش قلق احل��ي��اة‪ ،‬وقلق امل�ستقبل‪،‬‬ ‫ف��ه��م��ك��م ل��ل��ح��ي��اة وت��وق��ك��م ل�لال��ت��زام‬ ‫ال�سالمية‪ ،‬وعن‬ ‫أ�ي�ض ًا عن الوحدة إ‬
‫وقلق امل�س ؤ�ولية‪ ،‬وقلق الثقافة‪ ،‬ف�إنك‬ ‫ال�سالمي‪ ،‬أ�و التي حت��اول أ�ن تدر�س‬ ‫إ‬ ‫با إل�سالم؟‬ ‫م�شاكل ال�شباب االجتماعية يف‬
‫تبد أ� باالنفتاح واالنطالق والنمو‪ .‬أ�ما‬ ‫واق��ع ال�شباب وم�شاكله‪ .‬كنت أ�بحث‬ ‫‪-‬عندما أ�رج��ع بالذاكرة �إىل ال��وراء‪،‬‬ ‫ي أ��سه و�ضياعه‪� ..‬إنني عندما أ�در�س‬
‫الن�����س��ان ال���ذي ي�سرتيح وي�سرتخي‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ع ّما ميكن أ�ن نق ّدمه للنا�س مما يواجه‬ ‫أ�رى أ�نّ ه��ذا التوق لاللتزام الثقايف‬ ‫هذه الق�صيدة واملرحلة‪ ،‬أ�مت ّثل أ�ن‬
‫وي�شعر �ن لي�س هناك م�شكلة وال ق�ضية‬ ‫أ‬ ‫الطروحات أالخ���رى‪ .‬ولي�ست م�س أ�لة‬ ‫ب���ا إل����س�ل�ام‪ ،‬م��ن��ط��ل��ق�� ًا م���ن ال�����س��اح��ة‬ ‫احلياة كانت ت�ض ُّج يف كياين‪ ،‬ورمبا‬
‫فمن الطبيعي أ�نه �سوف يزيد جموده‬ ‫البيئة امللتزمة هي ما مي ّثل هذه احلالة‬ ‫العراقية �آنذاك‪ ،‬والتي كانت تتح ّرك يف‬ ‫أ����ش��ع��ر ب��ال��غ��راب��ة أ� ّن���ه كيف ل�شاب‬
‫جمود ًا‪.‬‬ ‫اجلنينية التي كانت ترقد يف أالعماق‪،‬‬ ‫العهد امللكي ال�سابق‪ ،‬وت�ض ُّج بالتيارات‬ ‫مل ي�صل �إىل ال�سابعة ع�شرة من‬
‫يبقى من احلياة الكثير‪:‬‬ ‫و�إن كان االلتزام مي ِّثل املنطلق باعتباره‬ ‫املارك�سية والقومية والدميقراطية وما‬ ‫عمره بعد‪ ،‬أ�ن يختزن هذه امل�شاعر‬
‫كل هذه احلياة املليئة باحلركة‬ ‫‪ -‬بعد ِّ‬ ‫ُيه ِّيىء املفردات الراقدة يف أالعماق‪،‬‬ ‫�إىل ذل��ك‪ ..‬بحيث ك��ان ه��ذا االنتماء‬ ‫والحا�سي�س املنفتحة على اجلديد‪،‬‬ ‫أ‬
‫والوعي واالن��ط�لاق‪ ،‬هل تعلنون أ�نكم‬ ‫لكني أ�عتقد أ�ن حركة ال�صراع هي التي‬ ‫لل�سالم يف نف�سي من خالل‬ ‫ال�ساذج إ‬ ‫يف وق��ت يعي�ش يف بلدة مغرقة يف‬
‫فهمتم احلياة فهم ًا كام ًال؟‬ ‫الن�سان يعي�ش هذا القلق املعريف‬ ‫أ‬
‫البيئة التي ع�شتها �و امل�شاعر التي‬ ‫القدمي‪ ،‬وهي «النجف أال�شرف» يف‬
‫جعلت إ‬
‫الن�سان فهم احلياة‪،‬‬ ‫‪-‬ال ميكن أ�ن يعلن إ‬ ‫ال�سالمي‪ ،‬يف عامل يتحرك فيه‬ ‫والقلق إ‬ ‫كانت تتحرك يف داخلي‪ ...‬رمبا كنت‬ ‫تلك املرحلة‪ ،‬وتلك الفرتة‪.‬‬
‫ألنّ احلياة لي�ست جم ّرد لوح ٍة مكتملة‬ ‫ال�سالم‪.‬‬ ‫آالخرون يف اجتاه غري اجتاه إ‬ ‫أ��شعر بالقلق أ�و التناق�ض بني ما تعي�شه‬ ‫و أ�تذ َّكر و أ�ن��ا يف أ� ّول زي��ارة للبنان ـ‬
‫املالمح واجلوانب‪� ،‬إنَّ احلياة تعطي يف‬ ‫بني الطفولة وال�شباب‪:‬‬ ‫البيئة من هذا اجلمود احلركي وبني‬ ‫ألين ولدت يف النجف ـ أ�تذكر أ�نني‬
‫الن�سان‬ ‫يوم من خالل ما تتم ّثل يف إ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ -‬حت�� ّدث��ت��م ع��ن ال��ف�ترة احل��ائ��رة بني‬ ‫فهمي‪ ،‬ألنّ املرحلة التي بد أ�تها مل تكن‬ ‫ك��ن��ت أ�حت����رك يف ن����دوات ح��واري��ة‬
‫ف��ك��ر ًا ج���دي���د ًا‪ ،‬و�إح�����س��ا���س�� ًا ج��دي��د ًا‪،‬‬ ‫الطفولة وال�شباب‪ ،‬أ�ين متركزت هذه‬ ‫مرحل ًة تختزن حركة �إ�سالمية باملعنى‬ ‫م��ع خمتلف ال��ت��ي��ارات احل��زب��ي��ة‪،‬‬
‫و�شعور ًا جديد ًا‪ ،‬وتط ّلع ًا جديد ًا‪ .‬لذلك‬ ‫احلرية؟‬ ‫ال�سالمية‪.‬‬ ‫الذي نفهمه للحركات إ‬ ‫ك��ال�����ش��ي��وع��ي��ة وال��ق��وم��ي�ين ال��ع��رب‬
‫لن ي�ستطيع أ�حد أ�ن يزعم لنف�سه أ�نه‬ ‫أ‬
‫‪-‬من الطبيعي �نك عندما تكون وحدك‬ ‫لذلك كانت امل�س أ�لة م�س أ�لة قلق‪ :‬كيف‬ ‫وال��ب��ع��ث��ي�ين‪ ،‬ب��ح��ي��ث ك��ن��ت أ����ش��ع��ر‬
‫ا�ستطاع أ�ن يكتمل فهمه للحياة‪� .‬إنني‬ ‫وت��ك��ون ل��ك تط ّلعاتك‪ ،‬ف أ���ن��ت تواجه‬ ‫نواجه ه ؤ�الء الذين يلتزمون خط ًا غري‬ ‫لدي من‬ ‫بامل�س ؤ�ولية بح�سب ما كان َّ‬
‫أ��ستطيع أ�ن أ�قول �إنني اغتنيت باحلياة‬ ‫م�ستقب ًال ي�ضج بالتيارات وال�صراعات‪،‬‬ ‫ال�سالم‪ ،‬أ�و الذين يقفون ٍ‬
‫ب�شكل‬ ‫خط إ‬ ‫حجم ثقايف‪.‬‬
‫يف اجلانب املعريف لكث ٍري من ركائزها‬ ‫حا�ضر يحاول أ�ن يج ّرك‬‫ٍ‬ ‫وتتط ّلع �إىل‬ ‫ال���س�لام وم��ا �إىل‬ ‫م�ضا ّد يف مواجهة إ‬ ‫�إين أ�ت�ص ّور أ�ن حياتي التي ع�شتها‬
‫وم�لاحم��ه��ا وح��رك��ي��ت��ه��ا و���ص��راع��ات��ه��ا‬ ‫�إىل اجلمود‪ ،‬ويج ّرك �إىل االبتعاد عن‬
‫و أ�ح��داث��ه��ا‪ ،‬ول��ك��ن يبقى م��ن احل��ي��اة‬ ‫حركة احلياة‪ ،‬أ�و يجرك �إىل اخللف‪.‬‬ ‫أستطيع أن أقول إنني اغتنيت باحلياة في اجلانب املعرفي لكثي ٍر من‬
‫الكثري ملا يتجاوز العمر‪ ،‬وملا ينفتح على‬ ‫لذلك عندما تفقد آالليات املتحركة‬ ‫حركيتها وصراعاتها وأحداثها‪ ،‬ولكن يبقى من احلياة الكثير ملا‬
‫أ�عما ٍر جديدة وعلى أ�جيال جديدة‪.‬‬ ‫التي ميكن أ�ن جتذبك �إىل امل�ستقبل‪،‬‬ ‫يتجاوز العمر‪ ،‬وملا ينفتح على أعما ٍر جديدة وعلى أجيال جديدة‬
‫أ�و ميكن أ�ن جتذر فكرك يف حركتك‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪5‬‬
‫املرجع السيد محمد حسني فضل الله‪:‬‬
‫ال�شرف‪،‬‬ ‫حول �ضرب املر أ�ة وحول جرائم ّ‬
‫ال����س�ل�ام‪.‬‬
‫احل�ضاري‬
‫ّ‬
‫جعلته من���وذج��� ًا حل�����ض��ار ّي��ة إ‬
‫ال���س�لام‬ ‫ال���ص�لاح الدّيني و إ‬
‫هما جوهر أ�بحاثه وم ؤ� ّلفاته الغزيرة‪.‬‬
‫إ‬ ‫الجر�أة الفكرية واحترام الآخر‬
‫لقد أ�فتى ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫د‪.‬شفيق ناظم الغبرا *‬
‫الظروف‪،‬‬ ‫ال�شرف حتت ك ّل ّ‬ ‫بحرمة جرائم ّ‬
‫غيّب املوت املرجع السيّد محمد حسني فضل الله‪ .‬وكما يحدث عندما يسقط رجل جريء مثله‪ ،‬سرعان ما نكتشف‬
‫و أ�ف��ت��ى بحرمة جرائم ال�� ّث أ���ر‪ ،‬واعتربها‬
‫يتعطش للتّجديد والبناء‪ .‬إنّ أساس جناح فضل الله ارتبط بقدرته على‬ ‫ّ‬ ‫كم مثّل عالمةً مضيئةً في واق ٍع إسالميّ عربيّ‬
‫عدوان ًا و�إف�ساد ًا يف أالر���ض‪ ،‬و أ�فتى بحقّ‬
‫الضعفاء واملهمّشني في املجتمع‪ ،‬مقرون ًا باملقاومة ومناصرة القضيّة الفلسطينيّة‬ ‫الرّبط بني اإلسالم من جهة‪ ،‬ومتكني ّ‬
‫الفتاء‪،‬‬ ‫املر أ�ة يف أ�ن تكون وزير ًة ويف موقع إ‬
‫من جهةٍ أخرى‪ .‬وغيابه املفاجئ ترك فراغ ًا كبيراً‪ ،‬لكنّ اجتهاده وجهاده سيكونان حتم ًا حافز ًا لذوي الرّؤى‬
‫و أ�فتى بجواز ارتداء املر أ�ة امل�سلمة ال�شعر‬
‫ّ‬
‫امل�ستعار (الباروكة) يف حال ا�ضطرارها‬ ‫اإلسالميّة املجدّ دة‪.‬‬
‫�إىل التخ ّلي عن احلجاب كما ح��دث يف‬ ‫ال�سرائيل ّية‪ ،‬و أ� ّول من طرح فكر ًا متما�سك ًا‬ ‫إ‬ ‫�ض ّد �سلوك ّيات املقاومني اخلاطئة‪ ،‬ومع‬ ‫األسرة العلمية والوالد املقدس‪:‬‬
‫فرن�سا‪ ،‬و أ�فتى بحرمة �ضرب ال ّر أ��س يف‬
‫ال���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬و أ�����ص���در كتابه‬ ‫إ‬ ‫للمقاومة‬ ‫التقيت ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل املقاومني ا ّلذين م ّيزوا أ�نف�سهم بالتّ�ضحية‬
‫ع���ا����ش���وراء و أ� ّن���ه���ا م��ظ��ه��ر م���ن مظاهر‬
‫ال�سالم ّية‪� :‬آفاق وتط ّلعات»‪� .‬إنّ‬ ‫ع���ام ‪ 1976‬م��ن خ�ل�ال وال����ده امل��رح��وم واجل�� ّد ّي��ة واملحافظة على أ�رواح ال ّنا�س «املقاومة إ‬
‫التخ ّلف يف ا�ستعادة ال ّذكرى‪ .‬كما أ�فتى‬
‫أ�كرث من ت أ� ّثر بال�س ّيد‪ ،‬هم �شبان جنوب‬ ‫ال�س ّيد عبد ال���� ّر ؤ�وف ف�ضل اهلل‪ ،‬ا ّل��ذي وممتلكاتهم وحقوقهم‪.‬‬
‫وال�سماح له �ضمن حدود‬ ‫الجها�ض ّ‬ ‫حول إ‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫توفيّ عام ‪ .1984‬كان ال�س ّيد عبد ال ّر ؤ�وف ويف املقابل‪ ،‬ك��ان ال�س ّيد حممد ح�سني لبنان وبريوت‪ ،‬و�ي�ضا �ش ّبان «حزب اهلل»‬
‫ال�سالمة قبل ت��ك�� ّون اجل��ن�ين‪ ،‬وبتحرمي‬
‫يف ذلك الوقت �إم��ام مدينة بنت جبيل‪ ،‬ف�ضل اهلل يقول‪ � :‬إ ّن��ه تع ّلم العقل املنفتح وهو يف بداياته‪ .‬مل يكن للحزب يف أ�وا�سط‬
‫ّ‬
‫�إث��ارة أ� ّي حديث مذهبي‪ ،‬وال �س ّيما بني‬
‫عا�صمة جبل عامل‪ ،‬و�إم��ام �سائر القرى من أ�بيه‪ ،‬ألنه عندما تتلمذ على يده‪ ،‬كان ال ّثمانينات قائد حمدّد‪ ،‬لهذا نظر �ش ّبان‬
‫وال�شيعة يف الكويت‪ ،‬يف ما يتّ�صل‬ ‫ال�س ّنة ّ‬
‫نظر معاك�س ٍة احلزب يف بداياته �إىل ف�ضل اهلل ب�صفته‬ ‫والبلدات يف جنوب لبنان‪ .‬كنت حينها يطلب منه أ�ن يعطي وجهة ٍ‬
‫النبي وزوج��ات��ه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫�صحابة‬ ‫ىل‬ ‫با إل�ساءة إ‬
‫�‬
‫يف أ�وائل الع�شرينات من عمري‪ ،‬خ ّريج ًا يف ك ّل مو�ضوع‪� .‬إذ يقول له‪ :‬العلم يتط ّور رم���ز ًا ف��ك��ر ّي�� ًا ملقاومتهم �ض ّد االحتالل‬
‫وهو نف�سه دعا �إىل االعتماد على العلم‬ ‫�سرائيلي‪ ،‬ونتجت من ه��ذا حم��اوالت‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ج��دي��د ًا يف اجلامعة‪ ،‬أ�ب��ح��ث ع��ن فر�ص باالعرتا�ض واالخ��ت�لاف والتّ�سا ؤ�ل‪ .‬من‬
‫يف حماولته توحيد املواقيت بني امل�سلمني‬ ‫الفدائي هذا املنطلق‪ ،‬تع ّلم ال�س ّيد حممد ح�سني عدّة الغتياله وت�صفية فكره ودوره‪.‬‬ ‫املقاومة اجل��ادّة يف زمن العمل‬
‫والع��ي��اد‪،‬‬ ‫ال�شيعة وال�س ّنة يف رم�ضان أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف مدينة بنت جبيل احل���دود ّي���ة قرب من وال��ده مبادئ امل�شاك�سة الفكر ّية مع من جه ٍة أ�خرى‪ ،‬مل ي ؤ� ّيد ف�ضل اهلل نظر ّية‬
‫و أ�فتى بحرمة التّفجريات التي ت�ستهدف‬ ‫والي���ة الفقيه‪ ،‬فهو تف ّهم ه��ذه ال��والي��ة‬ ‫فل�سطني املحت ّلة بالتّحديد‪ .‬ن� أش�ت حينها احرتام آالخر‪.‬‬
‫املدن ّيني‪� ،‬سواء يف املغرب أ�و يف اململكة‬
‫يف �إي���ران �ضمن ح��دود حماية ال ّنظام‬ ‫بيني وبني املرحوم املقد�س ال�س ّيد عبد جتربة صعبة‪:‬‬
‫ال�سعود ّية‪ ،‬وبتحرمي التّنازل عن‬ ‫العرب ّية ّ‬
‫ال���س�لام ّ��ي‪ ،‬على رغ��م ت أ�كيده أ� ّن��ه��ا غري‬ ‫إ‬ ‫ح�سني‬ ‫حممد‬ ‫د‬‫ي‬‫ّ‬ ‫ال�س‬ ‫ىل‬ ‫ال���� ّر ؤ�وف ف�ضل اهلل‪ ،‬وع��ل��ى رغ��م ف��ارق ومع بداية تع ّر إ‬
‫�‬ ‫يف‬
‫حقّ الفل�سطين ّيني يف العودة �إىل أ�ر�ضهم‪.‬‬
‫ال���س�لام ّ��ي‪ ،‬لك ّنه من‬ ‫ال�����س��نّ وال�� ّت��ج��رب��ة‪��� ،‬ص��داق��ة ه��ي جم��ال ف�ضل اهلل يف العام ‪ ،1977-1976‬كان مت�ض ّمنة بالفقه إ‬
‫لقد �ساهم ف�ضل اهلل من خ�لال فتاويه‬ ‫اعتزازي‪ .‬حينها ع ّرفني �إىل العائلة فرد ًا قد خ��رج من جترب ٍة ن�ضال ّي ٍة و�إن�سان ّي ٍة ج��ه�� ٍة أ�خ����رى‪ ،‬مل ي�� َر أ�نّ ذل��ك ال�� ّن��م��وذج‬
‫(وهذه بع�ض منها فقط)‪ ،‬يف التّعامل مع‬ ‫ف���رد ًا‪ ،‬و�إىل أ�بنائه ال�س ّيد حممد علي‪��� ،‬ص��ع��ب�� ٍة‪ ،‬و���س��ط لهيب احل���رب أاله��ل�� ّي��ة (والي��ة الفقيه) ميكن تعميمه يف لبنان‬
‫واحرتام ق ّلما وجدناه بني‬ ‫ٍ‬ ‫املر أ�ة مب�ساوا ٍة‬
‫ال�شيعي‬ ‫وال�سيد حممد ج���واد‪ ،‬و���ص��و ًال �إىل ابنه ال ّلبنان ّية يف منطقة ال ّنبعة‪ .‬حتدّث ال�س ّيد أ�و العراق وبق ّية مناطق التواجد ّ‬
‫فقهاء امل�سلمني املعا�صرين‪.‬‬
‫ال�سالمي‪ .‬فهو مل يعترب أ�نّ لبنان املتن ّوع‬ ‫احل�سا�سة عن املقاومة و إ‬ ‫ّ‬ ‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬ا ّلذي كان يف تلك الفرتة‬
‫مل يكن غريب ًا أ�نّ ف�ضل اهلل ا ّلذي بد أ� يف‬
‫�����ض��اري‪ ،‬والتّجديد ديني ًا ومذهب ّي ًا م ؤ�هّ ل ليكون جمهور ّيةً‬ ‫ّ‬ ‫ال���س�لام احل‬ ‫وع��ن إ‬ ‫قد قطع �شوط ًا يف م�سريته‪.‬‬
‫ال ّنبعة قبل احلرب أالهل ّية‪ ،‬و أ�ن� أش� فيها‬
‫ويف لقائي أال ّول بال�سيد حممد ح�سني والعقالن ّية‪ ،‬وق��د ال��ت ّ��ف حوله ع��دد من �إ�سالم ّي ًة ك�إيران‪ ،‬وحتى �آخ��ر حلظ ٍة يف‬
‫م�سجد ًا وجت ّمع ًا ثقافي ًا‪ ،‬ا�ستم ّر يف �سعيه‬
‫بي�سر و�سهول ٍة ذلك ال�ش ّبان ممن �آمنوا بفكره و أ�طروحاته‪ ،‬حياته‪ ،‬أ��ص ّر مع جميع الت ّيارات العراق ّية‬
‫لبناء امل ؤ� ّ�س�سات طوال ال ّثمانينات وحتى‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬اكت�شفت ٍ‬
‫ال�صالح‪ ،‬التي جاءت لر ؤ�يته‪ ،‬على �ضرورة �إن�صاف‬ ‫اخلا�ص بينه وبني والده العالمة ووجدوا فيه داعي ًة للمقاومة و إ‬ ‫ّ‬ ‫الرابط‬
‫وف��ات��ه‪ .‬لقد أ�جن��ز ح��واىل ‪ 30‬م ؤ� ّ�س�سة‪،‬‬
‫ال�س ّيد عبد ال����ر ؤ�وف ف�ضل اهلل‪ .‬كان وللمالءمة بني الدّين واحلياة واحل ّر ّية ال�س ّنة يف العراق‪ .‬ظ ّل يردّد ب أ� ّنه يجب أ�ن‬
‫ال�صح ّية‪،‬‬ ‫منها امل��دار���س وامل ؤ���� ّ��س�����س��ات ّ‬
‫لفريق على ح�ساب‬ ‫ٍ‬ ‫ال تكون هناك غلبة‬ ‫وال��ده قد هاجر �إىل ال ّنجف من بلدته‬
‫وم�ست�شفى وم��راك��ز ث��ق��اف�� ّي��ة‪ ،‬ومعاهد‬
‫ف��ري ٍ��ق �آخ���ر يف احل��ك��م يف ال��ع��راق‪ .‬كان‬ ‫بنت جبيل‪/‬عيناتا لتل ّقي العلوم الدّين ّية‪،‬‬
‫لرعاية املع ّوقني‪ ،‬وم ؤ� ّ�س�سات لرعاية كبار‬
‫بطبعه وفطرته وجذور عائلته وما تع ّلمه‬ ‫متيَّز السيّد فضل الله بجرأته‬ ‫ثم عاد �إىل لبنان بعد غيب ٍة طويل ٍة عام‬
‫ال�سنّ والعجزة‪ ،‬وغريها من امل ؤ� ّ�س�سات‪.‬‬
‫متناق�ضات‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫يوحد بني‬‫من أ�بيه‪ ،‬وحدو ّي ًا‪ّ ،‬‬ ‫على مر ا جعة ا لكثير من‬ ‫‪ .1966‬حمل ال�سيد عبد ال�� ّر ؤ�وف ف�ضل‬
‫وح�� ّول �إمي��ان��ه بال ّنا�س وبحقوقهم‪� ،‬إىل‬
‫��ات خمتلفة يف‬ ‫ق��ائ��م�� ٍة ب�ين ط��وائ��ف وف��ئ ٍ‬ ‫الثّوابت التي حتدّ من حرّيات‬ ‫اهلل فكر ًا منفتح ًا جتاه آالخرين وجتاه‬
‫م ؤ� ّ�س�سة اجتماع ّية �إن�سان ّية ثقاف ّية تعليم ّية‬
‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫ّ إ‬‫و‬ ‫العربي‬ ‫وطنه‬ ‫ويف‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫وطنه‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة أالخ����رى‪ ،‬وجت��اه‬
‫ين هو نف�سه‬ ‫الن�سا ّ‬‫متكاملة‪ .‬هذا املنحى إ‬ ‫املسلمني وقدرتهم على التّأقلم‬ ‫ال ّ��ط��وائ��ف إ‬
‫أالو�سع‪.‬‬ ‫ال��ت��ن�� ّوع وال��� ّ��س�لام ب�ين ال�� ّدي��ان��ات‪ .‬وك��ان‬
‫ا ّل��ذي دفع ف�ضل اهلل �إىل �إع�لان ر أ�ي��ه يف‬ ‫اجلرأة الفكرية‪:‬‬ ‫مع عناصر احلياة‪.‬‬
‫زاهد ًا يف حياته‪� ،‬شديد التّوا�ضع والورع‪.‬‬
‫الن�سان وحقوقه‪.‬‬ ‫م�ست إ‬ ‫ك ّل ق�ض ّي ٍة ّ‬
‫ومت�� َّي��ز ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫وتع ّلمت منه يف مرحل ٍة مبكر ٍة من جتربتي‬
‫يف كتاب ال�صحاف ّية ال ّلبنان ّية منى �سكر ّية‪،‬‬
‫بجر أ�ته على مراجعة الكثري من ال ّثوابت‬ ‫الن�سان ّية وال��ف��ك��ر ّي��ة‪ ،‬الكثري ع��ن ذلك‬
‫ال�صادر عام ‪ ،2007‬مقدّمة كتبها رئي�س‬ ‫ّ‬ ‫إ‬
‫التّ�صالح الهادئ وامل�سامل ا ّل��ذي ميكن والعدالة‪ .‬ك��ان �آخ��ر لقاءٍ يل مع ال�س ّيد التي حت ّد من ح ّريات امل�سلمني وقدرتهم‬
‫احل�ص عن‬ ‫الوزراء ال ّلبنانيّ أال�سبق �سليم ّ‬
‫�إي��ج��اده بني ال�� ّدي��ن واحل��ي��اة‪ ،‬وب�ين واقع حممد ح�سني عام ‪ ،1981‬يف حما�ضر ٍة على ال ّت أ�قلم مع عنا�صر احلياة‪ .‬لقد بحث‬
‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬قال فيها‪:‬‬
‫ين‬‫الن�سا ّ‬ ‫وال�سيا�سي و إ‬
‫ّ‬ ‫له مع جمموع ٍة �صغري ٍة من احلا�ضرين يف الواقع ال ّن ّ‬
‫ف�سي‬ ‫الميان‪.‬‬
‫«نحن املعجبني ب��ه‪ ،‬لي�س لكونه اجلامع‬ ‫الن�سان و إ‬ ‫إ‬
‫ال�سالم ّية الذي يتح ّكم مبواقف أالفراد و�سلوك ّياتهم‪،‬‬ ‫يف ���س��ل��وك ف�����ض��ل اهلل أالب‪ ،‬ان��ف��ت��اح يف جنوب لبنان‪ ،‬عن ال ّثورة إ‬
‫ال�سالم ّية‪ ،‬بل لكونه ال ّراف�ض‬ ‫بني املذاهب إ‬
‫تلقائي على آالخ���ر‪ .‬ففي بنت جبيل يف والتغريات اجلديدة يف منطقتنا وعالقة ما جعل اجتهاده رحيم ًا وم�س ّه ًال للحياة‪.‬‬
‫للع�صب ّيات ال ّ��ط��ائ��ف�� ّي��ة‪ ،‬وه���و ال��دّاع��ي��ة‬ ‫ّ‬
‫�إنّ م��ق��درة ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل‬ ‫�سبعينات ال��ق��رن امل��ا���ض��ي‪ ،‬وع��ل��ى رغم ك ّل هذا باملقاومة‪.‬‬
‫للوحدة الوطن ّية بني امل�سلم وامل�سيحي‪...‬‬
‫بالو�ضاع االقت�صاد ّية‬ ‫المل��ام أ‬ ‫��ري اهلل على إ‬ ‫وال���س ّ‬‫خ�صي أ‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫ال�سيا�سة بالدّين‪� ،‬إنّ ه��ذا ال��ت��اري��خ ّ‬
‫و�إعجابنا م�ضاعف به‪ ،‬لكونه رجل العمل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫عدم �سعيه اىل ربط ّ‬
‫والعلمي‪ ،‬جعل ف�ضل اهلل مه ّي� لن يكون وال�سيا�س ّية واملعنو ّية والتّاريخ ّية‪ ،‬وتع ّمقه‬ ‫ّ‬ ‫وقف ال�سيد عبد ال ّر ؤ�وف ف�ضل اهلل بق ّوة‬
‫واالجتماعي بامتياز»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ف�سي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫الن�سا ّ‬
‫ين‬
‫وال‬ ‫ّ‬ ‫إ‬
‫والفل�سفي‬ ‫ين‬‫ّ‬ ‫ن�سا‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫بالفكر‬ ‫بعد‬ ‫��ة‬ ‫م‬ ‫��او‬ ‫ق‬ ‫��‬‫مل‬ ‫ا‬ ‫بيئة‬ ‫�صنعوا‬ ‫��ن‬ ‫ي‬ ‫��ذ‬‫ل‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫���د‬ ‫ح‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫�ض ّد ّ‬
‫الطائف ّية ومع املقاومة‪ ،‬وقف �ض ّد‬
‫ّو�صل �إىل‬ ‫�سرائيلي للبنان عام ‪ .1982‬أ�غنى اجتهاده‪ ،‬و�ساعده على الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫ال�ساءة �إىل امل�سيح ّيني يف اجلنوب‪ ،‬ومع االحتالل إ‬
‫إمقاومة التّعامل مع ��سرائيل‪ ،‬وقف بقوة فهو أ� ّول من أ�علن رف�ضه التّفاق ‪ 17‬أ� ّيار فتاوى ودرا�سات أ�ن�صفت املر أ�ة و�ساوتها * أ��ستاذ العلوم ال�سيا�س ّية يف جامعة‬
‫ّ املعقود بني �إ�سرائيل ولبنان حتت احلراب مع ال ّرجل وع ّمقت من حقوقها‪� .‬إنّ فتاويه الكويت‬ ‫إ‬

‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪6‬‬
‫فضل الله والمعرك َتيْن‬
‫محمد عبد الله محمد*‬
‫ر ََحلَ املرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسني فضل الله‬
‫عص َّي ًا على جميع مُ ريديه اليوم أن يعيشوا‬
‫إلى حياة اخللود‪ .‬ورمبا سيكون ِ‬
‫بال ذاكرة «حيّة» جتمعهم به‪ .‬فال أظنّ أنّ شاب ًا منهم لم يتغذَّ على إفاضات‬
‫أفكاره وكتبه الوفيرة والغزيرة طيلة األربعني عام ًا املاضية‪ ،‬سواء في الدين‬
‫أو السياسة أو الفكر‪.‬‬
‫وال��ق��ل��وب‪ .‬وه��و م��ا جعله خ��ارج ال�سياق‬ ‫يف جردة احل�ساب اخلتامية حلياة ال�سيد‬
‫لدى البع�ض‪ ،‬ويف قلب ال�سياق بالن�سبة‬ ‫ف�ضل اهلل «امل ؤ��� ّق��ت��ة» ُي���رى ب�ين ط ّياتها‬
‫آلخرين‪ .‬لكن الغريب أ�ن ف�ضل اهلل قد‬ ‫ال َعجب ال ُعجاب‪ .‬يف ال ّرجل‪ ،‬ويف أ�عدائه‬
‫وبن�صر ُم ؤ� ّزر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ال�سيا َقينْ مع ًا‬
‫انت�صر يف ّ‬ ‫بال�سواء‪ .‬فقد ك��ان مو�ضوعه‬ ‫و ُمريديه ّ‬
‫تك ّرر و�سيتكرر بقوة مع ال�سيد ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫ولن أ��صحابها‬ ‫طهارته وم أ�كله وعقائده‪ .‬أ‬ ‫خ�ص العداء‪ ،‬ف�إنهم قد ت�ساووا‬ ‫أ‬ ‫أ�ما فيما ّ‬ ‫وم�صداقه حالة ا�ستثنائية‪ ،‬اتفق على‬
‫اليوم مل يعد ف�ضل اهلل مرجع تقليد أ�و‬ ‫أ�رادوه���ا كرة يتالقفها العا ّمة فقد كان‬ ‫يف ال ّنكاية والتنكيل به �إىل ح ّد ال ّذبح‪.‬‬ ‫ح ّبها من يتغايرون يف الدّين‪ ،‬واتفق على‬
‫نظر‬ ‫م ؤ�لف ًا أ�و مُلهِ م ًا فقط؛ و�إمن��ا بات ُي َ‬ ‫و�صف‪.‬‬ ‫أ�وارها ال�سع ًا �شنيع ًا ال ُي َ‬ ‫�ضمن ه��ذه امل�سطرة للت�شخي�ص‪ ،‬ف���إن‬ ‫ال�سيا�سة‪ .‬فكان‬
‫ُبغ�ضها من يتنافرون يف ّ‬
‫�إليه كم�شروع ديني تنموي فكري رائد‪.‬‬ ‫والغريب أ�ي�ض ًا أ�نّ ال�سيد ف�ضل اهلل ومثلما‬ ‫احلال ُي�شري �إىل أ�ن هناك أ�عداء أ��صليني‪،‬‬ ‫ح ّبه مدخ ًال ألخ��وة دينية‪ .‬وك��ان ُبغ�ضه‬
‫من يذهب �إىل لبنان يلحظ ذلك جيد ًا‪.‬‬ ‫انت�صر يف ال�سياقينْ ‪ ،‬فقد انت�صر يف‬ ‫و�آخ���ري���ن ط��ارئ�ين‪ .‬أُال َول‪ ،‬هُ ���م �ضمن‬ ‫مدخ ًال ألخوة �سيا�سية‪.‬‬
‫ومن يذهب �إىل أ�مريكا الالتينية و أ�وروبا‬ ‫املعركتني ال�سيا�سية والدينية أ�ي�ض ًا‪ .‬وهي‬ ‫خ�صومة ال�سيا�سة يف �ش ّقها «ال�سيا�سي!»‪.‬‬ ‫خ�ص الرجل وذاته‪ ،‬ف�إن كفاية ذلك‬ ‫فيما ّ‬
‫و�إفريقيا و أ��سرتاليا وغريها من البلدان‬ ‫حقيقة تُث ّبتها نتائج نفوذه بني املق ّلدين‬ ‫يف طليعتهم ال��والي��ات املتحدة والكيان‬ ‫ال�ساحة طيلة‬‫هي يف كونه قد ا�ستوى على ّ‬
‫�سريى ذلك بك ّل و�ضوح‪.‬‬ ‫والن�صار من امل�سلمني وغ�ير امل�سلمني‬ ‫أ‬ ‫ال�صهيوين‪ .‬والعنوان يف ذلك هو موقفه‬ ‫أ�ربعني عام ًا‪ .‬يحدث هذا يف ٍ‬
‫وقت أ��صبح‬
‫وع��ن��دم��ا ي��ت��ح�� ّول ال��رج��ل �إىل م�����ش��روع‪،‬‬ ‫ال���س�لام��ي أ�و الغربي‪.‬‬ ‫إ‬ ‫��امل‬ ‫ع‬ ‫��‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يف‬ ‫��واء‬ ‫���س‬ ‫من «املقاومة»‪ .‬فد ّبروا له ع��دّة عمليات‬ ‫يرت ّبع فيه جهابذة القدا�سة و أ�بطالها على‬
‫ف���إن ذهابه وغيابه يبقى رمزي ًا؛ ألن ما‬ ‫يتح�س�س الكثري ق ّوة ذلك النفوذ يف‬ ‫ورمبا ّ‬ ‫ت�����ص��ف��ي��ة ج�����س��دي��ة ُم����ر ّوع����ة جن���ا منها‬ ‫جبل ال�سلطة الدينية‪ ،‬التي ال ُيوازيها‬
‫تب ّقى منه أ��صبح م�ستدام ًا يف عطائه‪،‬‬ ‫املنا�سبات الدينية حني يقول ال�سيد ف�ضل‬ ‫ب أ�عجوبة‪.‬‬ ‫�شيء بعد اهلل‪ .‬وك��ان التم ّرد عليها ( أ�و‬
‫و ُم ؤ� ّ�س�س ًا مل�شروعات أ�خرى باتت تتنمذج‬ ‫اهلل كلمته الف�صل ب� أش�نها‪.‬‬ ‫أ�م���ا آالخ����رون م��ن الع����داء ال��ط��ارئ�ين‪،‬‬
‫أ‬ ‫مغايرتها حتى) �سبب ًا إلخ���راج أ�ولئك‬
‫على أ�فكاره‪ .‬ورمبا ُي��درك اجليل القادم‬ ‫يف التاريخ املرجعي ظهر ما ي�شبه ذلك‪.‬‬ ‫فهم من حلمه و أ�ترابه‪ .‬لكن خ�صومتهم‬ ‫املتمردين من امل ّلة‪.‬‬
‫أ�همية هذا الرجل يوم فتح ُك ّوة يف جدار‬ ‫ح��ي��ث ك��ان��ت ب��ع�����ض امل��رج��ع��ي��ات ه��دف�� ًا‬ ‫ال�سيا�سية كانت يف �ش ّقها «الديني» هذه‬ ‫كان ال�سيد ف�ضل اهلل يف أ�تونها ي�ضع قدمه‬
‫ال�صمت الفقهي والفكري‪ ،‬فتح الباب‬ ‫لهرطقات العوام وحتري�ض بع�ض اخلطباء‬ ‫امل�� ّرة‪ .‬ورمب��ا كانت ه��ذه اخل�صومة (بل‬ ‫ّ‬
‫ويتخطى‬ ‫و�سط ذل��ك ال�� ّزح��ام وال�� ُّرك��ام‪،‬‬
‫وا�سع ًا للتجديد و�إع��ادة النظر يف الكثري‬ ‫وال��ع��ل��م��اء‪ .‬ل��ك��ن م��رج��ع��ي��ات اال���ص�لاح‬ ‫أالكيد) أ��ش ّد ق�سوة عليه من �سابقتها؛‬ ‫رقاب اجلميع‪ ،‬لي�صل �إىل قلب من ي�سعى‬
‫والفكار‪.‬‬ ‫من الر ؤ�ى أ‬ ‫والتجديد بقيت‪ ،‬و ُن ِ�س َي آالخرون‪ .‬وهو ما‬ ‫ألنها معنوية ت�سقيطية‪ ،‬ا�ستهدفت حتى‬ ‫اجلمع �إىل ح ّيزه يف معركة ك�سب العقول‬ ‫َ‬
‫* كاتب بحريني‬

‫�سالمي خال�ص‪ ،‬وكما جدّه‬ ‫ّ‬ ‫منطلق � إ‬


‫احل�سني‪� ،‬شهر ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل‬
‫ٍ‬ ‫ومن‬ ‫المرجع الثّائر‪...‬‬
‫ونظر‬ ‫الظاملني‪ّ ،‬‬ ‫اهلل �سيف مقارعة املحت ّلني ّ‬
‫وح ّر�ض على قتالهم‪ ،‬وكان ملوقفه يف العام‬ ‫ال ميكن أ�ن يحجر أ�و يجمد يف مكان والعلم‬ ‫العميد د‪ .‬أمني حطيط‬
‫‪ 1982‬أالث���ر ال��ب��ال��غ يف �إط�ل�اق املقاومة‬ ‫ول ّنه‬‫يجري بعيد ًا عنه يف ك ّل مكان‪ .‬ولذا‪ ،‬أ‬ ‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬هو ثور ٌة‬
‫�شباب اقتدوا به واتخذوه‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬من ٍ‬ ‫إ‬ ‫ال�سالم جاء لك ّل مكانٍ وزمان‪،‬‬ ‫�آمن ب أ���نّ إ‬ ‫وجت��دي�� ٌد ومقاومة‪ ،‬هو ا�ستثنا ٌء يف عا ٍمل‬
‫ال�صالة‪ ،‬ومر�شد ًا‬ ‫�إمام ًا يف جماعاتهم يف ّ‬ ‫ال�سالم ما يفتح أالبواب‬ ‫إ‬ ‫يف‬ ‫نّ‬ ‫فقد وعى أ�‬ ‫ّيني‪،‬‬
‫وع�صر غري ع��اد ّي�ين‪ .‬يف الفقه الد ّ‬ ‫ٍ‬
‫يف قتالهم يف امل��ي��دان‪ ،‬ويف ال��وق��ت ا ّل��ذي‬ ‫على مواكبة الع�صر‪ ،‬ويريح النا�س ويقدّمهم‬ ‫ال�سنون‬
‫ّ‬ ‫به‬ ‫ل�صقت‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫��ذي‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫��وروث‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫حتدّى‬
‫أ�فتى العلماء ك ّلهم تقريب ًا يف لبنان بعدم‬ ‫على أ��سا�س أ�نهم متد ّينون وع�صر ّيون‪ ،‬فال‬ ‫أ‬
‫من متعلقاتها‪ ،‬ما ��ضاع اجلوهر يف كث ٍري‬ ‫ّ‬
‫بال�سالح‪ ،‬كانت‬ ‫ج��دوى مقاومة �إ�سرائيل ّ‬ ‫ي�ستحي املتد ّين بعد ذلك بدينه الذي �شاءه‬ ‫من أالحيان‪ ،‬حتى غاب هذا اجلوهر عند‬
‫فتواه قاطع ًة‪« :‬قاتلوهم بك ّل �سالح‪ ،‬واهلل‬ ‫البع�ض مرادف ًا للتخ ّلف‪ ،‬بل يفاخر به‪ ،‬ألنَّ‬ ‫البع�ض‪ ،‬واكتفى من م�ش ّقة العلم بالو�صول‬
‫ال ب ّد نا�صركم»‪ .‬وحت ّققت نبوءته بال ّن�صر‬ ‫فيه ما ي�ستوعب العلوم امل�ستجدّة‪ .‬وهكذا‬ ‫�إىل احلواجز اخلارج ّية التي متنع �إدراك‬
‫م ّرتني‪ ،‬م ّر ًة يف العام ‪ ،2000‬وم ّرة يف العام‬ ‫أ�وجد ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬ومن‬ ‫احلقيقة اجل��وه��ر ّي��ة‪ ،‬وان��ط��ل��ق بق ّفازاته‬
‫‪ ،2006‬و أ�ر�سيت القاعدة ال ّذهب ّية التي‬ ‫ال�سالم ورحمه‪ ،‬وانطالق ًا من القر�آن‬ ‫بطن إ‬ ‫وال�صلبة يف الع�ضد‬ ‫ال ّناعمة يف ملم�سها‪ّ ،‬‬
‫الغربي‪« :‬مقاومة‬ ‫ّ‬ ‫بها �سي�سقط امل�شروع‬ ‫ال�شريفة‪ ،‬الدّليل امل�لائ��م لفهم‬ ‫وال�س ّنة ّ‬ ‫ا ّلذي يقب�ض عليها‪ ،‬ليح ّل عقد التّلفيقات‬
‫ال�شعوب تنت�صر وتع ّو�ض ا�ست�سالم أالنظمة‬ ‫ّ‬ ‫الع�صر‪ ،‬ثم مواكبة مقت�ضياته‪ ،‬ثم تقدمي‬ ‫وال ّلفافات التي تخنق احلقيقة‪ ،‬أل ّن��ه كان‬
‫وعجزها عن التّحرير»‪.‬‬ ‫الع�صري‪ ،‬فكملت بهذا خطواته‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم‬ ‫إ‬ ‫يدرك أ�نّ تغييب حقيقة الدّين‪ ،‬قد يغ ّيب‬
‫والخ�ل�اق‬ ‫� إ ّن���ه ال�س ّيد امل��رج��ع يف ال�� ّدي��ن أ‬ ‫أالوىل التي بد أ�ت بعمل ّية التّنقية والتّطهري‪،‬‬ ‫الدّين نف�سه من امليدان‪ ،‬ويجعله حبي�س‬
‫واملقاومة‪ � ،‬إ ّنه املجدّد يف الدّين املع�صرن‬ ‫لينطلق يف عملية الع�صرنة والتو ّثب‪.‬‬ ‫ن��ع��م‪ ،‬ك�� ّل م��ا فعله ال�س ّيد حممد ح�سني‬ ‫اخلزائن والكهوف‪ .‬وبهذه ال ّثورة الفقه ّية‪،‬‬
‫له‪ � ،‬إ ّنه املقاوم ا ّلذي جعل من عباءته مظ ّل ًة‬ ‫والخ��ط��ر‪ ،‬فقد كان‬ ‫و أ� ّم���ا امل��وق��ف أال���ش�� ّد أ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬أ� ّن���ه ا�ستجاب جل���دّه إ‬
‫الم���ام‬ ‫رحب‬‫ا�ستدعى الدّين واملتد ّين �إىل ف�ضاءٍ ٍ‬
‫للمقاومة‪ ،‬ومن قلمه �سيف ًا لها‪ ،‬ومن ل�سانه‬ ‫يف مقارعته للمحت ّل ـ أ� ّي حم��ت��ل ـ ل ّن��ه‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫�����ص��ادق(ع)‪ ،‬عندما دع��ا �إىل االمتناع‬ ‫ال ّ‬ ‫ال�سبل أ�مام‬‫تنريه �شم�س احلقيقة‪ ،‬وتتّ�ضح ّ‬
‫وكلماته نور ًا ودرع ًا ي�ضيء دربها ويحميها‪.‬‬ ‫الظلم‪،‬‬ ‫�آمن أ�نّ للمحت ّل هو ّي ًة واح��د ًة‪ ،‬هي ّ‬ ‫أ‬
‫عن التّقليد العمى‪ ،‬و�إعمال العقل‪ ،‬وعر�ض‬ ‫ال��ع��ق�لاء ليعملوا عقلهم‪ ،‬ألنَّ العقل يف‬
‫هذا بع�ض مما لديه‪ ،‬وهو ما يجعل اخل�سارة‬ ‫فك ّل حمت ّل معتدٍ هو ظ��امل‪ ،‬واهلل يرف�ض‬ ‫ال ّنقل على ال��ق��ر�آن‪ ،‬حتى تتبينّ املوافقة‬ ‫وال�س ّنة‪ ،‬هو م�صدر‬ ‫ال�سالم بعد القر�آن ّ‬ ‫إ‬
‫برحيله ف��ادح�� ًة‪ ،‬قد ال يكون تعوي�ضها يف‬ ‫الظلم وي أ�مر بالعدل ـ أ�ي و�ضع أالم��ور يف‬ ‫ّ‬ ‫في ؤ�خذ‪ ،‬أ�و املعار�ضة فينبذ‪.‬‬ ‫ال�شرع ّية يف غياب القدرة على‬ ‫أالحكام ّ‬
‫ال�سنني �سه ًال متاح ًا‪.‬‬
‫املنظور من ّ‬ ‫أ‬
‫موا�ضعها‪ ،‬و�إي��ت��اء احل��ق��وق ل�صحابها ـ‬ ‫الن�سان‬‫إ‬ ‫نّ‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫وعى‬ ‫ويف أالحكام التّف�صيل ّية‪،‬‬ ‫الجماع‪.‬‬ ‫إ‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪7‬‬
‫التي ال تُغتفر‪.‬وهكذا فعلت بريطانيا مع‬
‫مبا�شر من‬ ‫ٍ‬ ‫بتحري�ض‬
‫ٍ‬
‫�إ�سرائيل ال ّلقيطة‪ ،‬وال مالمة عليهم �إذا كانَ‬
‫�سفريتها يف ب�يروت‪،‬‬ ‫ال�سيّد وعليّ (ع)‪ :‬الت�أ�سّ ي وا إلتِّباع‬
‫ال�صلب‪،‬‬ ‫ذلك يف �سبيل حتطيم ر أ��س احلربة ّ‬ ‫َ‬
‫وال��ذي كانت �إح��دى �خ��ر �منياته التي قد‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫التأسي بسيرة أمير املؤمنني علي بن أبي طالب(ع) ‪ ،‬في‬ ‫إطاللة على منهج ِّ‬
‫تبعثُ ال ّراحة على ج�سد ِه املُتعب املنهك‪ ،‬أ�ن‬ ‫الصراع وأولويّات املفاضلة بني املصالح العليا‪ ،‬عند املرجع‬ ‫املوازنة بني خيارات ّ‬
‫تزول �إ�سرائيل من الوجود‪.‬‬
‫عقلك‬ ‫�ترم َ‬ ‫ُ‬ ‫حت‬ ‫كنتَ‬ ‫ي��ج�ِب�رِ ُ َك ال�س ّي ُد ـ �إذا‬ ‫الراحل‪ ،‬السيّد محمد حسني فضل الله(رض) ‪.‬‬
‫مام متثل ِه ال ّروح‬ ‫ّ‬ ‫عجاب � َ‬ ‫أ‬ ‫تقف ب� إ ٍ‬ ‫و�إميا َنك ـ أ�ن َ‬
‫العلو ّية يف مواقفه احليات ّية �إزاء الق�ضايا‬ ‫ال�شعا ُر أال�صيل ال��ذي رفع ُه أ�مري لكنّهُ كان الكبير الكبير‪:‬‬ ‫لقد كان ّ‬
‫املتناق�ضة‪ ،‬ففي الوقت ا ّل��ذي ت��را ُه ّ‬ ‫ال�سائرون ولع َّل أ�رو َع ما مي ّثل م�صداق ّية الت أ� ّ�سي‬ ‫امل ؤ�منني (ع) كمنار ٍة ي�ستهدي بها ّ‬
‫كالطود‬ ‫العلوي يف املوازنة ب َني امل�صلحة‬ ‫ّ‬ ‫�سلمت أ�مو ُر املُ�سلمنيَ‪ ،‬باملنهج‬ ‫«ل�سلمنَّ ما ْ‬ ‫على درب ِه‪ :‬أ‬
‫ال�شامخ الذي ال يلني وال ي�ستكني على طول‬ ‫ّ‬ ‫الكربى وال�صغر‪ ،‬واملوقف البطو ّ‬ ‫أ‬ ‫ّد‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫فقد‬ ‫»‪.‬‬ ‫ة‬‫ً‬ ‫خا�ص‬ ‫َّ ّ‬ ‫علي‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫ر‬
‫ٌ‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫و ْمل َي ُكن بها َ‬
‫الن�سان ّية‪ ،‬ترا ُه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫يل يف‬
‫خط مواجهته لعداء ال ّمة و إ‬ ‫بكل مبدئ ّي ٍة ور�سال ّية‬ ‫املنهج‪ ،‬وبهذا املنهج يتزّو ُد املفا�ضلة بينهما ِّ‬ ‫َ‬ ‫المام(ع) معالمِ‬ ‫إ‬
‫مت�سامحِ ًا‪ ،‬وديع ًا‪� ،‬صابر ًا‪ ،‬كاظم ًا أ�حزانه يف‬ ‫بعلي وق��و َده��م؛ �إذ ن��ادرة ال تت أ�تّى �إال ملن امتحنَ اهلل قلبه‬ ‫امل ؤ���م��ن��ون احلقيق ّيون ٍّ‬
‫بال�صراعات‬ ‫قلب ِه الكبري‪ ،‬عندما يتع ّلق أالم ُر ّ‬ ‫ل�ل��مي���ان‪ ،‬م��ا ط��رح�� ُه ���س��م��اح��ة ال�س ّيد‬ ‫إ‬ ‫ال�صعاب‬ ‫رغم ّ‬ ‫يتّخذون منْ موقف ِه موقف ًا لهم َ‬
‫ا�ست�سلم لالجنرار �إليها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الدّاخل ّية ا ّلتي لو‬ ‫(ر����ض) يف خ��ط��اب�� ِه اخل��ا ِل��د يف م�سجد‬ ‫و آالالم‪.‬‬
‫لكانت نتا ِئجها الكارث ّية العا ّمة على اجلميع‬ ‫قم املقدّ�سة‬ ‫ّ‬ ‫وعلى هذا‪ ،‬ن� ّ�س ُ�س لتحليل مواقف ال ّراحل‬ ‫ؤ‬
‫أ�كرب م�صيبة حت ُّل علي ِه �شخ�ص ّي ًا؛ ملا يحم ُل‬ ‫ال�صدر (ق��ده) يف ّ‬ ‫ال�شهيد ّ‬
‫ك ُّل روحنا‪ ،‬ونحن أ�وال ُده��م‪ ،‬ولذلك نحن‬ ‫ذلك بدعوة من‬ ‫�سماحة ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل يف العام ‪1995‬م‪ ،‬وكانَ َ‬
‫وال ّمة‪.‬‬ ‫هم حلفظ الدّين أ‬ ‫من ٍّ‬ ‫لذلك ما أ�ح ُّبه لكم‬ ‫نتح ّمل ك َّل امل�س ؤ�ول ّية؛ َ‬ ‫(ر�ض) يف هذا املجال‪.‬‬
‫مقال جدِّ ه أ�مري امل ؤ�منني‬ ‫وك أ�نَّ ل�سانَ حال ِه هو ُ‬ ‫بع�ض امل ؤ�منني ال ّر�سال ّيني‪ ،‬وعلى ر أ� ِ�سهم‬ ‫ِ‬
‫نعي�ش يف هذا اجل ّو‬ ‫أ� ّيها أالخ��وة‪ ،‬ونحن ُ‬ ‫ّ‬
‫ال�شيخ مهدي العطار‪� ،‬إذ‬ ‫ال�شهيد ال�سعيد ّ‬ ‫ّ‬ ‫السّ يد وعليّ (ع)‪:‬‬
‫ي�شرح واقعهُ‪« :‬حتّى ر أ�يتُ‬ ‫(�سالم اهلل علي ِه) ُ‬ ‫�سالمي الرائع‪ ،‬أ�ن تنطلقوا من �جل‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫لقد ن��ادى �سماحة املرجع الراحل (ر�ض)‬
‫ال�سالم يدعونَ‬ ‫رجعت عن إ‬ ‫راجعة النا�س قد ْ‬ ‫ِ‬ ‫كل‬‫ال��وح��دة‪ ،‬حتّى تف ِّوتوا الفر�صة على ِّ‬ ‫طيلة ما يزيد على خم�سني عام ًا من عمره «مهما بلغت ال��ت��ح�� ّدي��ات‪ ،‬ومهما ْ‬
‫بلغت‬
‫�إىل حم ِ���ق دي ِ���ن حم��م��دٍّ (���ص��ل��ى اهلل علي ِه‬ ‫ال�ص َّف؛ ألنَّ اهلل ُيري ُد‬ ‫من ُيري ُد أ�ن يف ِّر َق ّ‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬وتغليب امل�شاكل‪ ،‬ومهما انطلقت الكلمات غ ُري‬ ‫ال ّ�����ش��ري��ف‪ ،‬ب��ال��وح��دة إ‬
‫�سالم و أ�هلهُ‪،‬‬ ‫ال َ‬ ‫ن�صر إ‬ ‫و�آله)‪ ،‬فخ�شيتُ �إن مل أ� ُ‬ ‫لنا أ�ن نح ِّو َل أ�عداءنا �إىل أ��صدقاء } َولاَ‬ ‫امل�����س���ول��ة‪ ،‬لي�س عندنا وق��ت ل�نر َّد على‬ ‫ؤ‬ ‫امل�صالح‬ ‫جميع‬ ‫على‬ ‫لل ّمة‬ ‫امل�صلحة العا ّمة أ‬
‫أ�ن أ�رى في ِه ثلم ًا أ�و هدما تكونُ امل�صيبة ب ِه‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ال�س ِّي َئ ُة ا ْد َف ْع ِبا َّل ِتي ِه َي‬ ‫ت َْ�س َت ِوي الحْ َ َ�س َن ُة َولاَ َّ‬ ‫أال�ضيق منها‪ ،‬وكانَ ال ُب ّد من �ن جتري علي ِه أ�ح��د‪ ،‬لي�س عندنا وق��تٌ لنناق�ش أ�ح��د ًا‪،‬‬ ‫أ‬
‫عظم من ف ْو ِت واليتكم‪ ،‬التي �إنمّ ا هي‬ ‫علي أ� ُ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬
‫َأ� ْح َ�سنُ َف ِ� إ َذا ا َّل ِذي َب ْي َنك َو َب ْي َن ُه َعدَ ا َو ٌة ك� َّن ُه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫���دال مع‬ ‫لي�س عندنا وق��تٌ لندخل يف ج ٍ‬ ‫ُ�س ُنن اهلل يف االمتحان‪.‬‬
‫الوقت ا ّلذي ال‬ ‫متا ُع أ� ّي ٍام قالئل‪ ،»...‬أل ّن ُه يف ِ‬ ‫َوليِ ٌّ َحمِ ي ٌم * َو َما ُي َل َّقاهَ ا ِ� إلاَّ ا َّل ِذينَ َ�صبرَ ُ وا‬ ‫ال�صبي‪ � ،‬إ ّننا نقول كما قالت‬ ‫ووق�� َع �سماحت ُه (قدّ�س �س ّر ُه) يف االمتحان أ�حد‪ � .‬إ ّننا أ� ُّم ّ‬
‫يتو ّرع آالخرون يف �سبيل امل�صالح ال�ض ّيقة‪،‬‬ ‫{(ف�صلت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َو َما ُي َل َّقاهَ ا ِ� إلاَّ ُذو َح ٍّظ َع ِظ ٍيم‬ ‫ال�صعب الع�سري‪ ،‬عندما بد أ� ْت غوغاء اجلهل تلك امل���ر أ�ة ل�سليمان‪ ،‬وق��د تنازعت مع‬ ‫ّ‬
‫أ�و حتكيم ًا للعقل ّيات اجلاهل ّية وال ّنفو�س‬ ‫ال�صا ِبرينَ يف مواجهة‬ ‫‪ .)35-34‬كونوا ّ‬ ‫���رب الفتنة يف أ�و���س��اط امر أ� ٍة أ�خرى‪ ،‬عندما أ�راد �سليمانُ بلباقت ِه‬ ‫واحل�سد ت�شع ُل ح َ‬
‫املري�ضة‪ ،‬أ�ن يروا امل�صيبة على الدّين ثلم ًا أ�و‬ ‫التحدّيات‪ ،‬ويف وعي التحدّيات‪ ،‬ويف وعي‬ ‫��ا���ص ـ ّ‬ ‫أال ّم���ة‪ ،‬وعلى امل�ستوى اخل ّ‬
‫هدم ًا‪ ،‬ف�إنَّ عل ّي ًا ومن انتهج نهج ُه ـ ك�س ّيدنا‬ ‫ال�صلح �س ّيد‬ ‫يعي ـ أ�ن ُيظهر احلقيقة‪ ،‬فقال‪ّ :‬‬ ‫ال�ش ّ‬
‫وال�ساليب اجلديدة‪،‬‬ ‫�ساليب القدمية أ‬ ‫أال ِ‬ ‫الطفل ن�صفني لك ّل‬ ‫أالحكام‪ ،‬تعالوا نق�سم ّ‬ ‫بع�ض رجال‬ ‫�سالمي ـ‪ ،‬ف�شحذ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫وال��ع��ام ـ إ‬
‫ال�� ّراح��ل ـ دائم ًا ي��رونَ أ�نف�سهم يف موقع ّية‬ ‫ال�صابرين‪ ،‬كونوا أ��صحاب‬ ‫ّ‬ ‫الواعني‬ ‫كونوا‬ ‫ّن�صيف هو مظه ُر‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫منكما ن�صف؛ لنَّ الت‬ ‫امل�صلحة‬ ‫معهم‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫وجمعت‬ ‫هم‬ ‫ف‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫لف‬ ‫َّ‬ ‫الدّين ومن‬
‫تدو�س على عواطف أالمومة‬ ‫أ� ّم الولد التي ُ‬ ‫احل��ظ العظيم‪ ،‬احل��ظ من الوعي ومن‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫فزع ًة ُملتاع ًة‬ ‫ال�صلح‪ ،‬وانطلقت أ� ّم الولد ِ‬ ‫ّ‬ ‫امل�شرتكة وال��ه��دف ال��واح��د ـ على اختالف‬
‫أ‬
‫اجل��احم��ة‪ ،‬وتتنازل عن ابنها ل�ل�خ��رى يف‬ ‫االنفتاح على اهلل»‪.‬‬ ‫ة‪،‬‬ ‫مراتبهم ـ ك َّ��ل عتاد احل��رب الت�سقيط ّي‬
‫�سبيل بقائ ِه �سامل ًا‪ ،‬و�إن مل ي ُكن يف ح�ضنها‬ ‫املهم أ�ن يبقى‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ إّ ُ‬‫���ا‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫ها‬ ‫عط‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫‪:‬‬ ‫رعوبة‬ ‫م‬
‫َ‬
‫كانت معركتهُ مع أعداء اإلسالم‪:‬‬ ‫املهم أ�ن َيكونَ عندي‪.‬‬ ‫ال�شامخ‪ ،‬ول��دي‪ ،‬ولي�س من ِّ‬ ‫الغ��ت��ي��ال �شخ�ص ّية ه��ذا ال ّ��ط��ود ّ‬
‫وب َني ذراعيها‪.‬‬ ‫ذلك ادّعا ًء زائف ًا كما قد يق ُع من‬ ‫و ْمل ي ُكن َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫نقول ‪ :‬امله ُّم عندنا ـ � ّيها الح ّبة ـ‬ ‫ونحن ُ‬ ‫واملن�شورات‪،‬‬ ‫ف�سخروا ‪ :‬الفتاوى‪ ،‬والكتب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫التأسيّ بأمير املؤمنني(ع)‪:‬‬ ‫أ‬
‫الكثري‪ ،‬بل �إنه ـ ر�ضوان اهلل عليه ـ �ثبتها‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫النرتنت‪ ،‬وحتى‬ ‫وامل�ساجد‪ ،‬واحل�سين ّيات‪ ،‬و إ‬
‫زال‬ ‫العظيم ـ ا ّل��ذي ال َ‬ ‫ِ‬ ‫�إنَّ �سج ّل حيا ِة هذا‬ ‫ال�شريف ق��و ًال وعم ًال؛ �إذ ال‬ ‫طيل َة عمره ّ‬ ‫بع�ض الف�ضائ ّيات متى ما وجدوا �إىل ذلك‬
‫�سن‬ ‫جمهول القدر ـ �شاه ٌد ���ص��ار ٌخ على ُح ِ‬ ‫َ‬ ‫زال��ت مواقفه �شاخ�ص ًة يف التّعايل على‬ ‫إنَّ سجلّ حياةِ هذا العظيمِ‬ ‫�سبي ًال‪ ،‬من أ�جل هذا الهدف الذي تظافرت‬
‫علي بن‬ ‫ّ‬ ‫��م‬‫ظ‬ ‫��‬ ‫ع‬ ‫ال‬‫أ‬ ‫اهلل‬ ‫ِّ‬
‫يل‬ ‫و‬ ‫ب�سرية‬ ‫ي‬ ‫الت أ� ّ�س‬ ‫اخلو�ض يف غمار املعارك الدّاخل ّية‪ ،‬رغم‬ ‫شاهدٌ صارخٌ على ُحسنِ التأسّ ي‬ ‫اجلهات التي كانت متنافر ًة‬ ‫ِ‬ ‫بع�ض‬ ‫لتحقيق ِه ُ‬
‫بعلي‬ ‫ؤ‬
‫أ�بي طالب‪ ،‬وما �ع�سر �نْ يعي�ش امل�منُ ّ‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ضيم ومظلوم ّي ٍة ق َّل أ�نْ �شهِ دَ‬ ‫ً‬
‫فيما بينها فكر ّيا وتنظيم ّيا‪.‬‬ ‫ً‬
‫علي بحرف ّيتها طيل َة عمره‪ ،‬دونَ أ�ن‬ ‫َ‬ ‫ما عانا ُه من ٍ‬ ‫بسيرة عليّ (ع)‪ ،‬وما أعسر أنْ‬
‫مبادئ ٍّ‬ ‫اللهم � إ َّال مظلوم ّية‬ ‫َّ‬ ‫التّاريخُ لها مثي ًال‪،‬‬ ‫احلرب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يدخل‬ ‫ن‬ ‫ووق َع ال�س ّي ُد ب َني خيارين‪ :‬أ�‬
‫رج ُل ال ّر�سال ّية‬ ‫ً‬
‫يحيد عنها قيد أ�منل ٍة؛ ألنَّ عل ّيا ُ‬ ‫يعيش املؤمنُ بعليّ مبادئَ عليٍّ‬ ‫َ‬
‫روح��ه وفكر ِه و أ�خالق ِه‪ ،‬ال�س ّيد أ�بي‬ ‫ت��و أ�م ِ‬ ‫أال�ساليب ال ّرخي�صة ذاتها التي دخلها بها‬
‫رجل االدّعاءات الزائفة!‬ ‫ال�صادقة‪ ،‬ال ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال�صدر أ� ّي َام مرجع ّيته‬ ‫ّ‬ ‫باقر‬ ‫د‬ ‫م‬‫جعفر ّ‬
‫حم‬ ‫بحرفيّتها طيلةَ عمره‪ ،‬دونَ أن‬ ‫بع�ض أ�بطالها املز ّيفني‪ ،‬أ�و أ�نْ ين أ�ى بنف�س ِه‬ ‫ُ‬
‫يف القلب املزيد من الهات يف هذا املجال‬ ‫آ‬ ‫يختم اهلل له بكرامة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫ال ّر�شيدة‪ ،‬قبل �ن َ‬ ‫يحيد عنها قيد أمنلة‪.‬‬ ‫با�سم الدّين‬ ‫ال�صراعات ال�شخ�ص ّية‬ ‫ّ‬ ‫عن ّ‬
‫بحاج ٍة �إىل نفث‪ ،‬غري أ�نَّ املقام قد ُ‬
‫يطول‬ ‫ِ‬
‫ال�شهادة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملذهب‪ ،‬ويتح ّمل �ضريبة املبدئ ّية وال ّر�سال ّية‬
‫�يرا‪� ،‬إال أ� َّن��ن��ا ن��ن�� ّو ُه جلمي ِع حم ّبي ال�س ّيد‬ ‫ك��ث ً‬ ‫لقد ك��ان��ت معركت ُه ال��ك�برى م��ع أ�ع���داء‬ ‫�سالم‪ ،‬و أ�ن تبقى احلر ّية يف‬ ‫ال ُ‬ ‫يعي أ�ن يبقى إ‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫ال�صادقة‪ ،‬حر�ص ًا على حفظ الواقع ّ‬ ‫ّ‬
‫العظيم (ر���ض)‪ ،‬أ�نَّ واج��ب الوفاء للفقيد‬ ‫العاملي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الن�سان ّية ‪ :‬اال�ستكبار‬ ‫ال�سالم و إ‬ ‫إ‬ ‫�سالمي‪ ،‬و�ن تبقى العدالة يف‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫ّ العامل إ‬ ‫‪،‬‬ ‫ّاخلي‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫واالحرتاب‬ ‫ك‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫التف‬ ‫من‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫و إ‬
‫العزيز أ�ن نتم ّثل مبا ِدئه التي نا�ضل من‬ ‫لقد كانَ �سماحة ال�س ِّيد ال َّراحل ـ وال زال‬ ‫أ‬
‫املهم �ن نبقى �قوياء‬ ‫أ‬ ‫�سالمي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫العامل إ‬ ‫ؤ‬
‫كما فعل ج ّد ُه �مري امل�منني‪.‬‬ ‫أ‬
‫أ�جلها وبذل ك ّل ما يف و�سعه لل ّذو ِد‪ ،‬و أ�ن ن�س َري‬ ‫ال�شوكة التي نبتت يف خا�صرة‬ ‫و�سيبقى ـ َّ‬ ‫أ�نْ ينج َّر �سماحة ال�س ّي ِد (ر�ض) يف م�ستنق ِع م��ن أ�ج��ل أ�ن ن��واج��ه ك�� ّل ال��ذي��ن يريدون‬
‫على خطاه كما �سار ه�� َو على ُخطى ج��دّه‬ ‫ق�ض‬ ‫مريكي‪ ،‬ف أ� َّ‬ ‫والطغيان أال ّ‬ ‫ال�صهيون َّية ّ‬ ‫ّ‬ ‫��رف مع ُه أ� ّم�� ًة أ�ن ي�سقطوا ق ّوتنا‪ ،‬أ�ن نبقى أ�ع��زّاء �ض ّد‬ ‫ال�شخ�صان ّية‪ ،‬يعني أ�ن ي��ج َ‬ ‫ّ‬
‫علي‪ ،‬ملتزم ًا قو ًال وفع ًال‪ ،‬حتّى �شاء اهلل له أ�ن‬ ‫ّ‬ ‫م�ضاجعهم �إىل ح�� ّد و�ضعه على قائمة‬ ‫أ‬
‫الذين يريدون �ن يذلونا‪� ،‬ن نبقى مع‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ويفدونه‬ ‫ويوالونه‬ ‫ونه‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫يح‬ ‫ذين‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫من‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫كامل‬
‫يكونَ بجوار ِه الكرمي‪ ،‬ليجز َي ُه أ�جر ُه ب أ�ح�سن‬ ‫الطاغوت ّية ـ‪،‬‬ ‫الرهاب ّيني ـ بح�سب الر ؤ�ية ّ‬ ‫إ‬ ‫ب أ�رواحهم و أ�م��وال��ه��م‪ ،‬وه��م ي�شك ّلون رقم ًا ق�ضايانا الكربى التي ُيرا ُد ت�صفيتها آالن‬
‫اجلزاء ‪.‬‬ ‫بل �إنَّ جمي َع �شعارات الدّميقراط ّية وحر ّية‬ ‫ال�شيعي ـ كما أ�ثبتت أال ّيام‪ ،‬من خالل ت�صفية الق�ض ّية الفل�سطين ّية‪،‬‬ ‫�صعب ًا يف الواقع ّ‬
‫يوم ُول��دتَ ‪،‬‬ ‫علي‪َ ،‬‬ ‫عليك �س ّيدي أ�با ّ‬ ‫ف�سال ٌم َ‬ ‫التّعبري وال���� ّر أ�ي ال��ت��ي م��ازال��ت تت�ش َّدق‬ ‫و أ�ه ّمها موكب التّ�شييع املهيب ل�سماحته ـ أ�ن وق�ض ّية ك�شمري‪ ،‬وق�ض ّية أ�فغان�ستان‪،‬‬
‫ويوم تبعثُ ح ّي ًا‪،‬‬ ‫ويوم جاهدتَ ‪ ،‬ويوم رحلتَ ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫بها أ�م��ري��ك��ا‪� ،‬سقطت يف اختبار ف�ضل‬ ‫وتوظ ُف يف وكل الق�ضايا‪ .‬نحنُ م�شغولون بالق�ضايا‬ ‫يجرفهم مع ُه �إىل هاوية الفتنة‪ّ ،‬‬
‫�شكواك �إىل ر ّب َك ب َني يديك ليحكم‬ ‫َ‬ ‫حام ًال‬ ‫اهلل‪ ،‬عندما ُف�صلت مذيعة يف �إعالمهم‬ ‫ال�سالم ّية على كل امل�ستويات‪ ،‬وليطمئ ّنوا‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫�ساليب نف�سها التي ّوظفها‬ ‫��رب أال ُ‬ ‫هذ ِه احل ِ‬
‫��وم ي ُكونُ‬ ‫الظاملني‪ ،‬يف ي ٍ‬ ‫��وم ّ‬ ‫بينك وب�ين ال��ق ِ‬ ‫َ‬ ‫الر�سمي كانت قد ق�ضت يف اخلدمة ما‬ ‫ا�س يف ِّك ُر أ� ّنه يداف ُع عن‬ ‫بع�ض ال ّن ِ‬ ‫الطرف املقابل‪ ،‬وبالكيف ّية نف�سها‪ ،‬وعندها �إذا كانَ ُ‬ ‫ُ‬
‫}ليجزي‬ ‫َ‬ ‫هلل وح���د ُه ال �شريك ل��ه‬ ‫حل��ك ُ��م ِ‬ ‫ا ُ‬ ‫يقارب الع�شرين عام ًا‪ ،‬أل ّنها عبرّ ت عن‬ ‫تت�صور ال ّنتيجة التي �سي ؤ�ول �إليها أ�هل البيت ويحامي عن أ�هل البيت‪ ،‬لن‬ ‫عليك أ�نْ ّ‬ ‫َ‬
‫ال��ذي��نَ أ�����س���ا ؤ�وا مب��ا عملوا وي��ج��زي الذين‬ ‫احرتامها لهذا ال ّرجل‪ ،‬ومل يكن االعتذار‬ ‫أ‬
‫يزايد علينا �ح ٌد يف والية �هل البيت ويف‬ ‫أ‬ ‫الكئيب‪.‬‬ ‫املتعب‬ ‫واقعنا‬
‫أ�ح�سنوا باحل�سنى{ (ال ّنجم‪.)31 :‬‬ ‫وال�ّت�رّاج��ع كافيني لتكفري ه��ذه اخلطيئة‬ ‫ُ‬ ‫حم ّبة أ�ه��ل البيت‪ ،‬هم ك ُّل حياتنا‪ ،‬وهم‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫ال�سيد �شفيق املو�سوي‬
‫و�سلم‪« :‬قالت لهم ر�سلهم �إن نحن �إال ب�شر‬
‫مثلكم ولكن اهلل مين على من ي�شاء من‬
‫عباده وما كان لنا أ�ن ن أ�تيكم ب�سلطان �إال‬ ‫سلطة العقل‪:‬‬
‫ب���إذن اهلل وعلى اهلل فليتوكل امل ؤ�منون»‬
‫(���س��ورة �إب��راه��ي��م‪ .)11:‬وكذلك ما ورد‬ ‫السيد فضل الله‪..‬حضو ٌر عند الرحيل‬
‫يف �سورة الكهف على ل�سان النبي حممد‬
‫أ�ي�ض ًا حيث ي أ�مره اهلل مبخاطبة النا�س‪:‬‬ ‫عبد احلسني شعبان‬
‫وحى ِ� إليَ َّ َأ�نمَّ َ ا‬ ‫} ُق ْل ِ� إنمَّ َ ا َأ� َنا َب َ�ش ٌر ِّم ْث ُل ُك ْم ُي َ‬ ‫ودّع لبنان في موكب تشييعي كبير ومتميز العالمة السيد محمد حسني فضل الله‪ ،‬ومثلما غادر النجف التي أحبها‪،‬‬
‫ِ� إ َل ُه ُك ْم ِ� إ َل ٌه َو ِاحدٌ{(الكهف‪.)110 :‬‬ ‫ترك هذه املرة لبنان البلد الذي أحبه‪ ،‬دون عودة أو لقاء‪ ،‬والنجف كانت مسقط رأسه وسكنت قلبه‪ ،‬مثل لبنان‪ ،‬كما‬
‫ح��اول ف�ضل اهلل تر�سيخ الفهم املتحرر‬ ‫أخبرني في إحدى املرات قائالً‪« :‬ال أستطيع أن أفكر إال باالنتماء إلى كليهما!»‪.‬‬
‫لل�سالم وال��دف��اع عن هويته التنويرية‬ ‫إ‬
‫حل�ضارته �ضد الذين يحاولون «حتويلنا‬
‫�إىل ح��ط��ام �إي��دي��ول��وج��ي» و���ض��د «ال��ذي��ن‬
‫يتقنون تعذيب الن�صو�ص»‪ .‬ك��ان يريد‬
‫ل�سلطة ال��ع��ق��ل أ�ن ت�����س��ود ���ض��د «وثنية‬
‫اجل�سد» الذي هو وعاء الروح و�ضد مفهوم‬
‫«ال��زن��زان��ة املقد�سة»‪ ،‬وي��رى أ�ن احلياة‬
‫ينبغي أ�ن تعا�ش ال أ�ن يتم اغتيالها‪.‬‬
‫متيز باجلر أ�ة يف طرح �آرائه و أ�طروحاته‬
‫الفقهية بانفتاح كبري على التطور العلمي‬
‫ال���س�لام مب��ا ين�سجم مع‬ ‫وعلى تف�سري إ‬
‫روح الع�صر‪ .‬ولذلك أ�فتى باعتماد الفلك‬
‫والر�صاد إلثبات �شهر رم�ضان وانتهائه‪،‬‬ ‫أ‬
‫وحتديد أالعياد وغريها‪ ،‬و أ�فتى بتحرمي‬
‫القتل با�سم «جرائم ال�شرف»‪ ،‬وقال �إنّ‬
‫ال�سالم ّية‪،‬‬ ‫ختان الن�ساء لي�س من ال�سنن إ‬ ‫املذهب و�إىل الدين‪.‬‬ ‫ال�سلطات حتتاج �إىل املعرفة و�إىل العقل‪،‬‬ ‫مل أ�كن أ�ت�صور و أ�نا أ�تابع احل�شود الكبرية‬
‫و أ�فتى للمر أ�ة برد االعتداء عليها دفاعاً‬ ‫كان ف�ضل اهلل داعية للحوار والت�سامح‬ ‫وحتى لو مل يكن هناك �إجماع على �آرائه‬ ‫واجلماعات املتوافدة واجلهات الر�سمية‬
‫عن النف�س �إذا ح��اول زوجها أ�و أ�خوها‬ ‫وال��ت��ق��ري��ب ب�ي�ن امل���ذاه���ب أ‬
‫والدي�������ان‪،‬‬ ‫الجماع على رجاحة عقله‬ ‫و أ�فكاره‪ ،‬ف�إنّ إ‬ ‫وغري الر�سمية التي �سارعت لت�شارك يف‬
‫�ضربها‪ ،‬وحظر �ضرب الر ؤ�و�س بال�سيوف‬ ‫وك���ان ي�شعر أ�ن م��ا ي��وح��د امل�سلمني مع‬ ‫وع��م��ق معرفته ك���ان حم��ط ت�سليم من‬ ‫الت�شييع طواعية‪� ،‬إال أ�ن �سلطة ما هي‬
‫خالل أ�يام عا�شوراء‪ ،‬ال�سيما يوم العا�شر‬ ‫المي��ان‬ ‫غريهم عنوانان أ��سا�سيان هما إ‬ ‫اجلميع بغ�ض النظر عن �آرائهم ووجهات‬ ‫التي دفعتها ملثل ه��ذه امل�شاركة‪ ،‬ورغم‬
‫من حمرم يوم مقتل احل�سني يف معركة‬ ‫الن�سان‪ ،‬و أ�ك��د يف أ�كرث من منا�سبة أ�ن‬ ‫و إ‬ ‫نظرهم بال�سيد ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫علمي ب أ�ن ال �سلطة لف�ضل اهلل تقف وراءه‬
‫الطف بكربالء عام ‪61‬ه��ـ‪ ،‬واعترب ذلك‬ ‫ما يلتقي عليه امل�سلمون ال�سنة وال�شيعة‬ ‫لقد عك�س الت�شييع وال��ف��احت��ة وت��واف��د‬ ‫وتدعمه �سوى �سلطة العقل‪ ،‬برجاحته‬
‫حمرم ًا ل�سببني أالول ألنه �إي��ذاء للنف�س‬ ‫يف اجلوانب الفقهية ي�صل �إىل م�ستوى‬ ‫امل�س ؤ�ولني‪ ،‬حجم �سلطة العقل التي امتلكها‬ ‫و�سعة ���ص��دره ودفء ل�سانه وت�ساحمه‬
‫(التطبري) وال��ث��اين ألن��ه ت�شويه للدين‬ ‫‪ ،80%‬وطالبهم أ�ن ي�ستوحوا املرحلة التي‬ ‫ف�ضل اهلل رغم أ�نه كان «حما�صر ًا»‪.‬‬ ‫وقلبه الناب�ض باحلب‪ ،‬عندها أ�دركت قوة‬
‫و�سمعة امل�سلمني‪.‬‬ ‫عا�ش فيها اخللفاء الرا�شدون‪ ،‬بعيد ًا عن‬ ‫وه��و �إن ك��ان م��ع امل��ق��اوم��ة‪ ،‬لكنه و�ضع‬ ‫تلك ال�سلطة وهيبتها ونفوذها حتى لو‬
‫ط��رح ف�ضل اهلل نف�سه مرجعية �شيعية‬ ‫للخر بال�ضالل والكفر‪.‬‬ ‫اتهام كل فريق آ‬ ‫م�سافة بينه وب�ين ال�سيا�سة واحلزبية‪،‬‬ ‫كنت وحيد ًا و أ�عزل‪.‬‬
‫م�ستقلة‪ ،‬و أ�ك����د أ�ن ال�شيعة خمل�صني‬ ‫وكنت قد �س أ�لته عن ق�صة من جاء �إىل‬ ‫وهو �إن كان متدين ًا لكن خطه كان م�صدر‬ ‫ن��ع��م مل ي��ك��ن لل�سيد ف�ضل اهلل �سلطة‬
‫ألوطانهم وملجتمعاتهم‪.‬‬ ‫العالمة ال��راح��ل حم�سن أالم�ي�ن وطلب‬ ‫�إع��ج��اب الكثري من غري املتدينني‪ ،‬و�إن‬ ‫�سيا�سية‪ ،‬ومل يكن قريب ًا من أ�ي��ة �سلطة‬
‫ومل يقل ف�ضل اهلل ب�شروط ال��ذك��ورة يف‬ ‫منه أ�ن يبدل مذهبه من املذهب ال�سني‬ ‫�سيا�سية‪ ،‬ل��ك��ن ْ‬
‫ت�شييعه امل��ه��ي��ب ال��ذي‬
‫املرجعية‪ ،‬أالم��ر الذي يعني حق الن�ساء‬ ‫�إىل املذهب ال�شيعي فقال بتندر‪ :‬فما كان‬ ‫�شهدته بريوت والعزاء احلار الذي أ��سهم‬
‫يف تب ّو ؤ� املرجعية‪ ،‬مبا فيها الرئا�سة أ�و‬ ‫من أالمني �إال أ�ن قال له قل‪ :‬ال �إله �إال اهلل‬ ‫عند ما شا هد ت حشو د‬ ‫ال�سالمي و�إقامة‬ ‫فيه العالمَ ان العربي و إ‬
‫الم��ام��ة‪ ،‬معتمد ًا على مبد أ�‬ ‫الق�ضاء أ�و إ‬ ‫حممد ر�سول اهلل»‪ ،‬وهو ما ظل يردده على‬ ‫املشيّعني‪ ،‬أيقنت انه ال سلطة‬ ‫الع�شرات من الفواحت على روح��ه‪ ،‬لفت‬
‫أ‬
‫ق��اع��دة امل�����س��اواة ب�ين امل���ر�ة وال��رج��ل يف‬ ‫م�سامع زائريه‪.‬‬ ‫االن��ت��ب��اه �إىل �سلطته املعنوية الكبرية‪،‬‬
‫للسيّد سوى سلطة العقل‪،‬‬
‫احل��ق��وق وال��ك��رام��ة‪ ،‬م�ست�شهد ًا ب��ا آلي��ة‬ ‫الم���ام علي‬ ‫إ‬ ‫فكرة‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫���رب‬ ‫لعله ك��ان أ�ق‬ ‫وه��ي التي تذكرنا مب��ا قاله الفيل�سوف‬
‫وأدركت قوة تلك السلطة‬
‫ال��ق��ر�آن��ي��ة } َو َل���هُ���نَّ ِم�� ْث ُ��ل ا َّل ِ‬
‫����ذي َع�� َل�� ْي��هِ ��نَّ‬ ‫الن�����س��ان‪ ،‬عندما‬ ‫بخ�صو�ص امل�سلم و إ‬ ‫الربيطاين فران�سي�س بيكون منذ قرون‪:‬‬
‫وهيبتها ونفوذها حتى لو كنت‬
‫وف{(البقرة‪.)228 :‬‬ ‫ِبالمْ َ ْع ُر ِ‬ ‫خاطب مالك ب��ن أال���ش�تر النخعي وهو‬ ‫«�إن للمعرفة �سلطة‪ ،‬ولعل هذه ال�سلطة‬
‫ً‬
‫م ّثل ف�ضل اهلل �سلطة العقل �ساعيا �إىل‬ ‫وحيد ًا وأعزل‬
‫عامله يف م�صر مو�صي ًا �إياه بالب�شر قائ ًال‪:‬‬ ‫هي �سلطة العقل أال�سا�س يف تنمية الفكر‬
‫أ�ن تكون �سلطة احلق‪ ،‬خ�صو�ص ًا أ�نه مثل‬ ‫ال تكن عليهم ( أ�ي على النا�س) �سبع ًا‬ ‫كان �شيعي ًا‪ ،‬لكنه كان �إ�سالمي ًا ِّ‬
‫موحد ًا‪،‬‬ ‫والثقافة»‪.‬‬
‫ال�سالم بثوب‬ ‫االعتدال والت�سامح مقدم ًا إ‬ ‫�ضاري ًا لت أ�كلهم‪ ،‬فالنا�س �صنفان‪ :‬أ�ما أ�خ‬ ‫رف�ض �شتم ال�صحابة‪ ،‬واعترب ذلك عم ًال‬ ‫كان ف�ضل اهلل يدرك بح�سه وكربيائه أ�ن‬
‫ع�صري ولون ح�ضاري وطابع �إن�ساين!!‬ ‫لك يف الدين ( أ�ي م�سلم مثلك) أ�و نظري‬ ‫ال���س�لام‪ ،‬واخلالفة‬ ‫ال يجمعه جامع مع إ‬ ‫م��ن ميتلك �سلطة العقل ال ينبغي عليه‬
‫�إذا كان ف�ضل اهلل قد رحل عن دنيانا‪،‬‬ ‫خللق ( أ�ي ب�شر مثلك) أ�ي�ض ًا‪.‬‬ ‫لك يف ا َ‬ ‫المامة أ�م��ور تاريخية ال ينبغي النزاع‬ ‫و إ‬ ‫التفريط بها حل�ساب �سلطات عابرة‬
‫ف�إن ما تركه لنا من ثروة عقلية ومعرفية‪،‬‬ ‫وذل��ك تيمن ًا مبا ورد يف ال��ق��ر�آن الكرمي‬ ‫حولها‪ ،‬ولذلك هاجمه بع�ض املتع�صبني‬ ‫�سيا�سية أ�و اقت�صادية أ�و اجتماعية أ�و‬
‫�سيبقى معنا وبعدنا مئات ال�سنني‪.‬‬ ‫على ل�سان الر�سول حممد �صلى اهلل عليه‬ ‫وامل��ت�����ش��ددي��ن‪ ،‬ب��ل اع��ت�بروه ي�����س��يء �إىل‬ ‫ع�سكرية أ�و غ�يره��ا‪ ،‬ول��ع��ل جميع هذه‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫المهدي(عج) العدل المنتظر‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫ك ّلها‪ ،‬ونحن نرى جزء ًا ي�سري ًا منها‪ ،‬واهلل وقد ورد عن أ�مري امل ؤ�منني(ع)‪« :‬بالعدل‬
‫ت�صلح ال��� ّرع��� ّي���ة»‪« ،‬ب��ال��ع��دل تت�ضاعف‬ ‫هو من ي أ�ذن بذلك‪..‬‬
‫وامل�����ش��ك��ل��ة أ�ي�����ض�� ًا‪ّ � ،‬ن����ه ق��د ���ش��اع��ت بني ال�برك��ات»‪« ،‬العدل ق��وام ال ّرع ّية وجمال‬ ‫أ‬
‫واله ّ���م‪ ،‬هو أ�ن يكون العدل مع‬ ‫بع�ض امل ؤ�منني ثقافة االنتظار دون عمل‪ ،‬ال��والة»‪ ،‬أ‬
‫�����ص��دي��ق‪ ،‬ومع‬ ‫ال�صديق كما م��ع غ�ير ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫واالكتفاء بالرت ّقب والدّعاء‪ ،‬وحتّى جتميد‬
‫بحجة البعيد كما مع القريب‪..‬‬ ‫الدّعوة �إىل اهلل واجلهاد يف �سبيله‪ّ ،‬‬
‫المام ا ّلذي ال يخرج فعندما نتحدّث عن ال��ع��دل‪ ،‬ال نتحدّث‬ ‫الظروف لهذا إ‬ ‫تهيئة ّ‬
‫عن العدل مع امل�سلمني فقط‪ ،‬بل العدل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫�إال بعد أ�ن متتلئ الر�ض ظلما وجورا!‬
‫أ‬
‫ال�شامل لك ّل ال ّنا�س‪ ،‬وق��د ج��اء عن أ�بي‬ ‫ّ‬ ‫أ� ّيها أالع���زَّة‪� :‬إنَّ اهلل ال يريد أ�ن ِّ‬
‫يجمد‬
‫�شريعته ور�سالته وال َّدعوة �إليها واجلهاد عبد اهلل(ع)‪�« :‬إنّ اهلل ع�� ّز وج�� ّل أ�وح��ى‬
‫نبي من أ�نبيائه‪ ،‬يف مملكة ج ّبار من‬ ‫ض وَ نجَ ْ َعلَهُ مْ َأ ِئمَّةً يف �سبيلها‪ ،‬ومل يقبل من أ�ح��دٍ ذل��ك‪ ،‬بل �إىل ّ‬ ‫قال الله ع ّز وجلّ ‪} :‬وَ نُرِ يدُ أَن نمَّ ُنَّ عَ لَى الَّذِ ينَ ْاست ُْض ِعفُوا فِ ي األَرْ ِ‬
‫جعلها مم��ت�� ّد ًة يف ك�� ّل ال�� ّزم��ن و�شريعته اجل ّبارين‪ ،‬أ�نْ ائت هذا اجل ّبار وقل له‪� :‬إين‬
‫نكمْ‬‫وَ نجَ ْ َعلَهُ مُ ا ْلوَارِ ثِنيَ {(القصص‪ ..)5 :‬وقال تعالى‪} :‬وَ عَ دَ اللَّهُ الَّذِ ينَ آمَ نُوا مِ ُ‬
‫م�ستم ّرة �إىل أ�ن ي��رث اهلل أالر���ض ومن مل أ��ستعملك على �سفك الدّماء واتّخاذ‬
‫لتكف عني‬ ‫ض َكمَا ْاست َْخل ََف الَّذِ ينَ مِ ن َق ْبلِهِ مْ عليها «ح��ل�ال حم�� ّم��دٍ ح��ل�ا ٌل �إىل ي��وم أالم����وال‪ ،‬و�إمن���ا ا�ستعملتك ّ‬ ‫َات َلي َْست َْخ ِل َفنَّهُ م فِ ي األَرْ ِ‬‫الصالحِ ِ‬ ‫وَ عَ مِ لُوا َّ‬
‫ن لَهُ مْ دِ ينَهُ مُ الَّذِ ي ارْ ت ََضى لَهُ مْ وَ َل ُيبَدِّ َلنَّهُ م مِّ ن َبعْدِ َخوْ فِ هِ مْ أَمْ ن ًا َي ْعبُدُ و َننِي القيامة‪ ،‬وحرامه حرا ٌم �إىل يوم القيامة»‪ ،‬أ��صوات املظلومني‪ ،‬ف�إنيّ لن أ�د َع ظالمتهم‬ ‫َك نَ َّ‬
‫وَ َل ُيم ِّ‬
‫الم���ام‬ ‫‪ ،‬ودور ك ّل أ�ئ ّمة أ�هل البيت(ع)‪ ،‬و�آخرهم ول��و ك��ان��وا ك��� ّف���ار ًا»‪ .‬وم��ن و���ص�� ّي��ة إ‬ ‫ال ي ُْشرِ ُكونَ بِي شَ يْئا{ (النّور‪.)55 :‬‬
‫ال�سالم ع��ل ّ��ي(ع) لولده احل�سن (ع)‪ « :‬أ�و�صيك‬ ‫المام املهدي(عج)‪ ،‬هو حفظ إ‬ ‫الل���ه ّ���ي احل��ت��م ّ��ي بانت�صار نحتاج �إىل كث ٍري من اجلهد لتثبيت �إمياننا إ‬ ‫ه��و ال��وع��د إ‬
‫���ط���غ���اة بهذا احلدث‪ ،‬فنحن ن ؤ�من به‪ ،‬أل ّننا ن ؤ�من يف وجوده‪ ،‬كما ورد عن ر�سول اهلل‪ ،‬وعمق بتقوى اهلل يف الغنى والفقر‪ ...‬وبالعدل‬ ‫امل���ظ���ل���وم�ي�ن‪ ،‬و����س���ق���وط ك����� ّل ال ّ‬
‫ال�صديق والعد ّو»‪ ..‬وهو ما عبرّ ت عنه‬ ‫مع ّ‬ ‫جميل بالوعد الوارد يف كتاب اهلل ا ّلذي ال ي أ�تيه وجوده هو العدل يف احلياة‪.‬‬ ‫حلم ٍ‬ ‫وامل�ستكربين‪ ،‬هو لي�س جم ّرد ٍ‬
‫آالي��ات الكرمية‪َ } :‬و َال َي ْج ِر َم َّن ُك ْم َ�ش َن آ�نُ‬ ‫خط العدل‬ ‫ي��دغ��دغ م�شاعرنا‪ ،‬وال ه��و وه��م خم��دِّ ر الباطل من بني يديه وال من خلفه‪ ،‬وما السّ ير في ّ‬
‫الم��ام َق�� ْو ٍم َع َلى َأ� َّال َت�� ْع ِ��د ُل��و ْا ْاع ِ��د ُل��و ْا هُ �� َو َأ� ْق��� َر ُب‬ ‫الظلم ورد عن ر�سول اهلل(����ص) من أ�حاديث ل��ذا‪ ،‬أ� ّي��ه��ا أالح�� ّب��ة‪ ،‬أ�ن نكون م��ع إ‬ ‫نتع ّلق بحباله لنتخ ّل�ص من طغيان ّ‬
‫��دي(ع��ج)‪ ،‬يعني أ�ن نكون م��ع عمق ِلل َّت ْق َوى{(املائدة‪} ،)8 :‬يا َأ� ُّي َها ا َّل ِذينَ‬ ‫نطقُ َع ِ��ن امل��ه ّ‬ ‫�صحيحة‪ ،‬وه��و ا ّل���ذي } َو َم���ا َي ِ‬ ‫واال�ستبداد اجلاثم على �صدورنا‪..‬‬
‫ال�سالم‪ ،‬مع العدل‪ ..‬أ�ن منار�س العدل �آ َم ُنو ْا ُكو ُنو ْا َق َّو ِام َني ِبا ْل ِق ْ�س ِط ُ�شهَدَ اء للِهّ ِ‬ ‫وحى{(ال ّنجم‪ :‬إ‬ ‫لاَّ‬
‫واكب ك ّل ال ِّر�ساالت‪ ،‬ال َه َوى * �إِنْ هُ َو ِ� إ َو ْح ٌي ُي َ‬
‫ْ‬ ‫بل هو الوعد ا ّلذي َ‬
‫أ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫و�س ِّجل على �صفحات كتبها ال�سماو ّية‪ ،)4-3 :‬ومن أ�حاديث أ�ئ ّمة أ�هل البيت(ع)‪ ،‬يف حياتنا بكل ��شكاله ومواقعه‪ :‬العدل َول ْو َعلى �ن ُف ِ�سك ْم � ِو ال َوالِدَ ْي ِن َوال ْق َر ِبنيَ{‬ ‫ُ‬
‫الذ ْك ِر ا ّلذين حديثهم حديث ر�سول اهلل(�ص)‪ ..‬مع اهلل‪ ،‬والعدل مع ال ّنف�س‪ ،‬والعدل مع (ال ّن�ساء‪.)135 :‬‬ ‫} َو َل َق ْد َك َت ْب َنا فيِ ال َّز ُبو ِر ِمن َب ْع ِد ِّ‬
‫ن�شك يف أ�نّ اهلل قاد ٌر على ك ّل �شيء‪ ،‬أالوالد‪ ..‬فكم ه��ي كثرية امل�شاكل التي لذلك ـ أ� ّي��ه��ا أالح�� ّب��ة ـ ال يكفي أ�ن نكون‬ ‫ال�صالحِ ُ ونَ { وال ّ‬ ‫���ض َي ِر ُث َها ِع َبا ِد َي َّ‬ ‫َأ�نَّ َأال ْر َ‬
‫��دي(ع��ج) و أ�ع��وان��ه‪،‬‬ ‫الم���ام امل��ه ّ‬ ‫يق�صرها أ�و نعانيها من ج ّراء عدم التفات أالهل �إىل أ�ن�صا َر إ‬ ‫فالعمار ك ّلها بيده‪ ،‬هو ا ّلذي ِّ‬ ‫أ‬ ‫(النبياء‪.)105 :‬‬ ‫أ‬
‫ؤ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫يطيلها‪ ،‬وقد �شاءت حكمته أ�ن يجعل له ذلك‪ ،‬ما ي�ثر يف وحدة ال�سرة ومتا�سكها‪ ،‬ب���ن نرفع �يدينا ون�ضعها على ر�و�سنا‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ؤ‬ ‫اإلميان باملهديّ (عج) عقيدة ثابتة‬
‫حت ّي ًة لذكره‪ ،‬أ�و ندعو له‪ ،‬أ�و نعي�ش ح ّبه‪،‬‬ ‫الطويل‪ ...‬ولي�س ذلك مبتع ّذ ٍر‬ ‫وق��د �شاء اهلل �سبحانه وتعاىل أ�ن يكون هذا العمر ّ‬
‫أن نكون مع اإلمام املهديّ (عج)‪ ،‬يف الوقت ا ّلذي نظلم ون�سيء �إىل بع�ضنا‬ ‫حتقيقُ هذا الوعد و�إجن��ا ُزه على يد �آخر عليه‪.‬‬
‫البع�ض يف عالقاتنا‪ ،‬وال نعطي ك�� ّل ذي‬ ‫الم��ام حم ّمد بن االنتظار اإليجابيّ‬ ‫أ�ئ ّمة أ�ه��ل البيت(ع)‪ ،‬إ‬
‫حقّ ح ّقه‪� ،‬و نبخ�س ال ّنا�س حقوقهم‪..‬‬ ‫أ‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫عمق‬ ‫مع‬ ‫نكون‬ ‫أن‬ ‫يعني‬ ‫احل�سن الع�سكري املهدي(عج)‪ ،‬ا ّل��ذي � إ ّننا يف الوقت ا ّلذي نرت ّقب ح�صول هذا‬
‫وأن منارس العدل في حياتنا املطلوب م ّنا ـ أ� ّيها أالعزّاء ـ أ�ن ننتمي �إىل‬ ‫الطاهر م��ن أالئ�� ّم��ة احل���دث يف ك ِّ���ل وق���ت‪ ،‬ون��دع��و اهلل ع�� َّز‬ ‫ه��و ام��ت��دا ٌد لل ّن�سل ّ‬
‫جي�ش العادلني‪ ،‬ب أ�ن نكون منهم ومعهم‪،‬‬ ‫وج�� ّل جميعا م��ن ك�� ّل قلوبنا وم�شاعرنا‬ ‫ً‬ ‫املع�صومني(ع)‪..‬‬
‫بكلّ أشكاله ومواقعه‪.‬‬
‫المام(عج) �إىل‬ ‫هذا اجلي�ش ا ّلذي دعا إ‬ ‫يعجل حتقيق هذا احللم‬ ‫أ‬
‫ال�شريفة و�حا�سي�سنا �ن ّ‬ ‫أ‬ ‫وهذه احلقيقة أ�برزتها أالحاديث ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫بنائه‪ ،‬وغر�س قواعده و��س�سه‪ ،‬و�راد له‬ ‫املتواترة‪ ،‬وا ّلتي بلغت ح ّد املئات‪ ،‬من طرق الكبري‪ ،‬ال ب َّد لنا من أ�ن ال ن�ستغرق ـ كما‬
‫أ�ن ميت ّد �إىل أ�ن يلتقي به‪ ..‬ومن ال يلتقي‬ ‫ً ّ‬
‫الخوة‪ ..‬وقد ورد به يف حياته‪ ،‬ف��� إ ّن��ه �سيكون يف خطهمن‬ ‫امل�سلمني جميعا‪ ،‬الذين أ و�إن اختلفوا حول ي�ستغرق البع�ض‪ ،‬وكما ا�ستغرق الكثريون وي ؤ�دّي �إىل اخلالف بني إ‬
‫وتر�صد عالمات‬ ‫بع�ض التّفا�صيل‪ � ،‬إ ّال � ّنهم اتّفقوا على من قبل ـ يف �إح�صاء ّ‬
‫ما أ��شار �إليه ر�سول اهلل(���ص)‪ ،‬من أ� ّنه ال ّ��ظ��ه��ور ال�����واردة يف ك��ت��ب أالح���ادي���ث‪ ،‬ع��ن ر���س��ول اهلل (����ص)‪�« :‬إنّ اهلل تعاىل أ�جل حتقيق أ�هدافه‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الظلم وتبدّ ل املفاهيم‬ ‫«يخرج يف �آخر الزّمان رج ٌل من و ْلدي‪ ،‬مما نعتقد أ�نهم أ��سا ؤ�وا من خاللها �إىل ي��ح ّ��ب �ن تعدلوا ب�ين �والدك����م ح�� ّت��ى يف انتشار ّ‬
‫أ� ّيها أالح ّبة‪� :‬إذا ا�ستعر�ضنا واقعنا اليوم‪،‬‬ ‫بالمور أالخرى؟!‪..‬‬ ‫ال ُق َبل»‪ ،‬فكيف أ‬
‫ميل أالر�ض الفكرة‪ ،‬من دون ي�صلوا �إىل نتيجة‪...‬‬ ‫ا�سمه كا�سمي‪ ،‬وكنيته ككنيتي‪ ،‬أ‬
‫وتعود امل�شكلة يف ذلك‪� ،‬إىل أ�نّ الكثري مما وهكذا متت ّد احلاجة �إىل ممار�سة العدل ن�شعر كم نحن بحاج ٍة �إىل أ�ن ن�ستهدي‬ ‫ق�سط ًا وعد ًال بعدما ُملئت جور ًا»‪..‬‬
‫ّ ّ‬
‫الم���ام‪ ،‬رغ��م غيابه ع�� ّن��ا‪ ،‬ونطلب‬ ‫ويف ح��دي ٍ��ث �آخ���ر ق���ال(����ص)‪« :‬ال تقوم ورد يف ه��ذه الكتب ال يثبت أ�م��ام ال ّنقد يف كل النواحي‪ :‬عدل الزّوج مع الزوجة‪ ،‬بهذا إ‬
‫�صحت بع�ض هذه ال ّروايات‪ ،‬وعدل الزّوجة مع زوجها‪ ،‬وعدل ؤ�صاحب من اللهّ تعجيل ح�ضوره بيننا‪ ..‬ألننا نعي�ش‬ ‫العلمي‪ .‬و�إن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�ساعة حتى متتلئ أالر�ض ظلم ًا وعدوان ًا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫موظفيه‪ ،‬وع��دل امل�س�ول مع واقع ّ‬ ‫العمل مع ّ‬
‫الظلم بك ّل مفرداته‪ ،‬وغياب العدل‬ ‫كانت‬ ‫ذا‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫���ا‬ ‫مم‬
‫ّ‬ ‫��ت‬ ‫ب‬
‫ّ‬ ‫��‬‫ث‬ ‫��‬ ‫ت‬ ‫��‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫��ن‬‫ك‬ ‫��‬‫مي‬ ‫ال‬ ‫��ه‬‫ن‬‫ّ‬ ‫إ‬ ‫���‬ ‫ف‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫ق�سط‬ ‫ها‬ ‫ؤ‬
‫�‬ ‫فيمل‬ ‫عرتتي‪،‬‬ ‫من‬ ‫رجل‬ ‫يخرج‬ ‫ثم‬
‫تتحدّث عن واقعنا آالن أ�و عن امل�ستقبل عنا�صره‪ ،‬وع��دل احلاكم مع حمكوميه‪ ،‬وتبدّل مفهومه ‪ ..‬وقد أ��صبحنا نرى ب أ� ّم‬ ‫وعد ًال كما ُملئت ظلم ًا وعدوان ًا»‪.‬‬
‫ال�ضعيف‪ ،‬وال��ع��دل يف‬ ‫��وي م��ع ّ‬ ‫وع��دل ال��ق ّ‬
‫ال�صغري‪،‬‬ ‫ّ العني‪ ،‬كيف أ�نّ الكبري ي أ�كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الم����ام القريب والبعيد‪ ..‬كما �نّ الحاديث �كدت‬ ‫وك��ان��ت م�شيئة اهلل أ�ن ي��غ��ي��ب إ‬
‫ال�ضعيف‪ ،‬وك��ي��ف نعي�ش‬ ‫��وي ي���ك��ل ّ‬ ‫أ‬ ‫وال��ق ّ‬ ‫ل‬ ‫وك‬ ‫واحليوان‬ ‫��اء‬ ‫مل‬ ‫وا‬ ‫الهواء‬ ‫مع‬ ‫التعاطي‬
‫ال�صورة الكائنات‪...‬‬ ‫ليتحقَّق بظهوره هذا احللم الكبري‪ ،‬وال كذب الو ّقاتني‪ ،‬فاهلل وحده يرى ّ‬

‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬


‫ر�سالة لبنانية قوية‪ :‬الت�صدي للعدوان ومخططات الفتنة‬
‫�سيا�سة الكيل مبكيالني‪ ،‬و�سيا�سة « أ�والد‬
‫على ت�سريع اخلطى لتهويد القد�س‬ ‫ال�ست و أ�والد اجلارية»‪ ..‬وكيف أ�نهم �إذا‬
‫اخلطبة الثّانية‬ ‫ّ‬
‫بالكامل‪ ،‬ولالنتهاء من مقولة الدولة‬ ‫ا جليش ا للبنا ني و مسؤ و لية‬ ‫القوي تركوه‪ ،‬و�إذا �سرق ال�ضعيف‬ ‫�سرق ّ‬
‫الفل�سطينية القابلة لل�سيادة‪ ،‬ومتهيد‬ ‫املواجهة‪:‬‬ ‫أ�قاموا عليه احلدّ‪.‬‬
‫ال�سبيل لت�سوية تفرت�ض ال��ع��ودة �إىل‬ ‫مرة جديدة ي�شن العدو ال�صهيوين‬ ‫الن�سان فيه‬ ‫لقد بتنا نعي�ش يف عا ٍمل مل يعد إ‬
‫ي أ�من على نف�سه‪ ،‬وال ال��دّول امل�ست�ضعفة‬
‫اخل��ط��ط ال�صهيونية ال�سابقة التي‬ ‫اع��ت��دا ًء ج��دي��د ًا على ل��ب��ن��ان‪ ،‬على‬
‫ت أ���م��ن على وج��وده��ا أ�و ث��روات��ه��ا‪ ..‬حتى‬
‫و�ضعت أالردن على ر أ�����س أ�ولوياتها‬ ‫مر أ�ى وم�سمع من قوات «اليونيفيل»؛‬ ‫ن�صبوا أ�نف�سهم للق�ضاء بني ال ّنا�س‬ ‫ممن ّ‬
‫كموقع مفرت�ض للدولة الفل�سطينية‬ ‫ليجد اجلي�ش اللبناين يف موقع أ�داء‬ ‫وال������دّول‪ ،‬مم��ن ه��م يف امل���واق���ع العليا‬
‫الواجب الوطني‪ ،‬من خالل القرار‬ ‫الدّول ّية ا ّلتي ُو ِجدَ ت أ��ص ًال لتحقيق أالمن‬
‫عرب عدد من املقرتحات‪ ،‬مبا ُيراد له‬ ‫ال�سيا�سي احلا�سم الذي انطلق من‬ ‫وال�سالم‪..‬‬‫ّ‬
‫أ�ن ي�سري ُقدُم ًا لي�ش ّكل عملية �ضغط كل‬ ‫قيادته‪ ،‬ومن خالل جنوده و�ضباطه‬ ‫من هذا و� ّي عدل‪ ،‬وقد حت ّولت هذه‬ ‫أ‬ ‫أ� ّي أ� ٍ‬
‫امللفات يف املنطقة‪ ..‬ولت�ستكمل أ�مريكا‬ ‫الدارة‬ ‫الذين أ�كدوا أ�ن رهان العدو و إ‬ ‫يغطي‬ ‫امل ؤ� ّ�س�سات نف�سها �إىل م�شكل ٍة و�ستا ٍر ّ‬
‫ال�سرائيلية م�شروعها التدمريي يف‬ ‫إ‬ ‫لطي ملفها بالكامل من خالل ال�ضغط‬ ‫أالم�يرك��ي��ة على تغيري عقيدة هذا‬ ‫�سيا�سات امل�ستكربين‪ ،‬ويق ّوي مواقعهم‬
‫على الفل�سطينيني للت�سليم بال�شروط‬ ‫اجل��ي�����ش ه���و ره�����ا ٌن خ��ا���س��ر‪ ،‬و أ�ن‬ ‫على ح�ساب امل�ست�ضعفني‪ ..‬ولهذا بتنا‬
‫املنطقة الذي تتواىل ف�صو ُل ُه يف العراق‬
‫ال���س��رائ��ي��ل��ي��ة ال��ت��ي اق��ت�����ض��ت ـ بفعل‬
‫إ‬ ‫الم��ك��ان��ي��ات ال��ت��ي ب��ح��وزة اجلي�ش‬ ‫إ‬ ‫ن��خ��اف م��ن أ�ن ُت َ�����ش��نّ احل���روب‪ ،‬وتحُ�� َت�� ّل‬
‫و أ�فغان�ستان‪.‬‬ ‫البلدان‪ ،‬و أ�ن تتبدّل املفاهيم يف الواقع‪،‬‬
‫ال�ضغوط أالمريكية ـ يف هذه املرحلة أ�ن‬ ‫أ‬
‫الوطني و�إن كانت متوا�ضعة‪� ،‬إال �نها‬
‫ذكرى متوز وإرادة صنع القوة‪:‬‬ ‫يذهب اجلميع �إىل مفاو�ضات مبا�شرة‬ ‫الره��اب ّ��ي جم��اه��د ًا‪ ،‬واملجاهد‬ ‫في�صبح إ‬
‫الرادة‪،‬‬ ‫ت�شكل حافز ًا يف عملية �صنع إ‬
‫و�إن��ن��ا يف ال��ذك��رى ال��راب��ع��ة النت�صار‬ ‫على الرغم من أ�ن ال�سلطة الفل�سطينية‬ ‫�إرهاب ّي ًا‪ ،‬وحمور اخلري �ش ّر ًا‪ ،‬وحمور ال�ش ّر‬
‫التي ا�ستطاع لبنان ـ املقاومة وال�شعب‬ ‫خري ًا‪...‬‬
‫لبنان على العدو يف حرب متوز؛ هذا‬ ‫ك��ان تلوح برف�ض ه��ذه اخلطوة ما مل‬ ‫واجلي�ش‪ ،‬أ�ن يكون منوذج ًا لها على‬ ‫لذلك‪� ،‬سنبقى نعمل للعدل‪ ،‬وندعو اهلل‬
‫الن�صر ال��ذي �صنعه اهلل على أ�ي��دي‬ ‫تقرتن بتحقيق تقدم يف املفاو�ضات‬ ‫م�ستوى العرب وامل�سلمني‪.‬‬ ‫يعجل فرجه‪ ،‬وي�س ّهل خمرجه‪،‬‬ ‫ع ّز وج ّل أ�ن ّ‬
‫املجاهدين الذين باعوا أ�نف�سهم هلل‪،‬‬ ‫غري املبا�شرة‪.‬‬ ‫�إن م��ا ح���دث يف العدي�سة ي�شكل‬ ‫الن�سان على نف�سه‪ ،‬وت أ�من أالوطان‬ ‫لي أ�من إ‬
‫و�شروا بها مر�ضاته ع ّز وج ّل‪ ،‬والذين‬ ‫لقد ظ�� ّه��رت أال ّي����ام ���ص��ورة الرئي�س‬ ‫ر�سالة لبنانية بالغة الدقة يف هذه‬ ‫على وجودها‪..‬‬
‫وقف خلفهم ك ّل الوطن ب�صرب وثبات‪،‬‬ ‫أالمريكي « أ�وباما» الذي ميار�س املزيد‬ ‫املرحلة ال�صعبة التي يعي�شها لبنان‬
‫ُندرك أ� ّننا ق��ادرون على �صنع الن�صر‬ ‫من ال�ضغوط على ال�سلطة الفل�سطينية‬ ‫واملنطقة‪ ،‬وقد كان اجلي�ش البا�سل‬ ‫أيّها األحبّة‪:‬‬
‫ع��ن��وان ه��ذه الر�سالة بعدما روي‬ ‫��دي(ع��ج)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫��‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫���ام‬ ‫م‬‫ال‬
‫إ‬ ‫والدة‬ ‫يف ذك��رى‬
‫من جديد‪ ،‬عندما نخل�ص هلل‪ ،‬ونح ّرك‬ ‫ب���دم���اء ���ش��ه��دائ��ه أ�ر������ض اجل��ن��وب‬ ‫ال ب�� ّد م��ن ت أ���ك��ي��د العهد وال����والء‪ ،‬ب أ� ّننا‬
‫�إرادتنا يف عمل ّية �صنع الق ّوة‪ ،‬وعندما ال‬ ‫نحذر من اخلطة‬ ‫�سنبقى حا�ضرين يف ك ّل �ساحات العدل‪،‬‬
‫المريكية ال�صهيونية‬ ‫أ‬ ‫الطاهرة‪ ،‬كما ا�ستطاع �إيالم العدو‬
‫تُلغي نف�سك ف�إنّ العامل ك ّله ال ي�ستطيع‬ ‫و�إيجاعه‪ ،‬وال �شك ب أ�ن هذه الر�سالة‬ ‫خلف العلماء الر ّبان ّيني الواعني ا ّلذين ال‬
‫التي ت�سعى إلنهاء‬ ‫يهادنون يف احلقّ ‪ ،‬وال يخافون يف اهلل لومة‬
‫أ�ن ُيلغيك‪..‬‬ ‫�سترتك �صداها و أ�بعادها مبا يتجاوز‬
‫وتدمري الق�ضية‬ ‫البلد ال�صغري �إىل م�ستويات و�آفاق‬ ‫الئ��م‪ ..‬ا ّلذين �إذا ظهرت البدع الفكر ّية‬
‫ون ؤ���� ّك���د ه��ن��ا أ�نّ اخل��ط��ة ال��ع��دوان�� ّي��ة‬ ‫الفل�سطينية‪ ،‬ومتهد‬ ‫وال��ع��ق��ائ��د ّي��ة وال�سيا�س ّية واالجتماع ّية‬
‫اال�ستكبارية على لبنان واملنطقة ال تزال‬ ‫أ�خرى‪..‬‬ ‫واالقت�صاد ّية والدّين ّية‪ ،‬أ�ظهروا علمهم‬
‫ال�سبيل لت�سوية مذ ّلة‬ ‫ولكن تبقى امله ّمة الكبرية الواقعة‬
‫م�ستمرة‪ ،‬وب أ��شكال متعددة‪ ،‬ولذلك‬ ‫بك ّل ق ّوة وم�س ؤ�ول ّية‪ ،‬حتى لو رجمهم ال ّنا�س‬
‫على عاتق امل�س ؤ�ولني يف لبنان أ�ن‬ ‫باحلجارة ومل يبقَ لهم �صديق‪ ،‬ه ؤ���الء‬
‫ندعو اجلميع للحفاظ على اجلهوزية‬ ‫وي��ه��دد ب��ع��زل الفل�سطينيني �إقليمي ًا‬ ‫������ازروا ح��رك��ة اجلي�ش ه��ذه و أ�ن‬ ‫ي ؤ‬ ‫ا ّل��ذي��ن ال تزيدهم ك�ثرة ال ّنا�س حولهم‬
‫والمنية العالية ملواجهة كل‬ ‫ال�سيا�سية أ‬ ‫ودولي ًا وبقطع امل�ساعدات املالية عنهم‬ ‫يدعموا الوحدة الداخلية مبواقف‬ ‫ع ّز ًة‪ ،‬وال تف ّرقهم عنهم وح�شة‪.‬‬
‫أ��شكال العدوان‪ ..‬ألننا عندما نحمي‬ ‫�إن مل يخ�ضعوا ل�شروط العد ّو‪ ،‬ويذهبوا‬ ‫ثابتة وغري مت أ�رجحة‪ ،‬لي�ساهموا يف‬ ‫كما علينا أ�ن نبقى مع ك�� ّل العادلني يف‬
‫ل�ل�م��ة كلها يف‬ ‫لبنان نقدم من��وذج�� ًا أ‬ ‫للمفاو�ضات املبا�شرة‪ ،‬وليظهر للجميع‬ ‫ط��رد الفتنة التي تعمل لها جهات‬ ‫مواجهة امل�ستكربين‪ ،‬لنعيد �إىل احلياة‬
‫أ�نّ مواقف امل�س ؤ�ولني العرب ال تنطلق‬ ‫دولية معروفة ت�سعى إلخراج العدو‬ ‫الطريق ل��ه‪ ،‬ونلتقي‬ ‫�إ�شراقتها‪ ،‬ومن ِّهد ّ‬
‫احلفاظ على العزة وحماية ال�سيادة‬
‫المالءات‬ ‫من واقعهم‪ ،‬و�إنمّ ا من خالل إ‬ ‫من م أ�زقه‪ ،‬ولذلك فامل�س ؤ�ولية كبرية‬ ‫ً‬
‫معه عندما يخرج‪ ،‬لنكون فعال من جنوده‬
‫والعي�ش بكرامة يف مواجهة كل عدوان‬ ‫وال�ضغوط أالمريكية يف هذا املجال‪..‬‬ ‫و أ�عوانه والذا ّبني عنه‪.‬‬
‫أ�ن يت�صدى من يف الداخل للفتنة‬
‫وكل احتالل‪.‬‬ ‫اخل��ط��ة أالم��ري��ك��ي��ة إلن��ه��اء الق�ضية‬ ‫الطلعة ال ّر�شيدة‪ ،‬والغ ّرة‬ ‫«اللهم أ�رين ّ‬
‫ّ‬
‫القادمة‪ ،‬كما ت�صدى اجلي�ش للعدو‬
‫الفل�سطينية‪:‬‬ ‫بكل ب�سالة وقوة‪.‬‬ ‫احل��م��ي��دة‪ ،‬واك��ح��ل ن��اظ��ري بنظر ٍة مني‬
‫* تلقى ظهر اليوم في مسجد اإلمامني‬ ‫�إننا نحذر من أ�ن اخلطة أالمريكية‬ ‫�إل��ي��ه‪ ،‬وع ّ��ج��ل ف��رج��ه‪ ،‬و���س�� ّه��ل خمرجه‪،‬‬
‫الهجمة الدولية على الشعب‬
‫ال�����ص��ه��ي��ون��ي��ة ال��ت��ي أ�وه���م���ت ال��ع��رب‬
‫حمجته‪،‬‬ ‫و أ�و����س���ع منهجه‪ ،‬وا���س��ل��ك ب��ي ّ‬
‫احلسنني(ع)‬ ‫الفلسطيني‪:‬‬ ‫و أ�نفذ أ�مره‪ ،‬وا�شدد أ�زره‪ ،‬و َأ�عمر ال ّلهم به‬
‫وامل�����س��ل��م�ين بتجميد وه��م��ي للزحف‬ ‫ولي�س بعيد ًا من لبنان تر�صد الهجمة‬ ‫بالدك‪ ،‬و أ�حي به عبادك»‪.‬‬
‫اال�ستيطاين لت�ست أ�نف ال�سعي إلنهاء‬ ‫أالم�يرك��ي��ة وال��دول��ي��ة على ال�شعب‬
‫وتدمري الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬تعمل‬ ‫الفل�سطيني والق�ضية الفل�سطينية‪،‬‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫مراسم التأبين في موسكو‪:‬‬ ‫مجالس التأبني باملرجع فضل الله(رض) مستمرة في االحساء‪:‬‬
‫العالم االسالمي يفتقده‬
‫اقيمت يف العا�صمة الرو�سية مو�سكو‪،‬‬
‫كان منار ًا في الظالم الدام�س الذي تعي�شه الأمة‬
‫م��را���س��م ت أ����ب�ي�ن ل�����س��م��اح��ة �آي����ة اهلل‬
‫العظمى ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬ ‫في ليلة وفاء للمرجع الراحل الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسني ف�ضل اهلل ب�شجاعة يف �إبداء ر أ�يه العلمي‬
‫اهلل (ر�ض)‪.‬‬ ‫فضل الله قدس سره‪ ،‬وفي رحاب احلسينية العباسية أقام أهالي بلدة البطالية االجتهادي امل�ستند على فهمه للدليل‬
‫و أ�فاد مرا�سل «وكالة �نباء فار�س» يف‬
‫أ‬ ‫�سواء وافق امل�شهور أ�و خالفه‪ .‬ويف اخلتام‬
‫مو�سكو أ�ن هذه املرا�سم اقيمت بح�ضور‬ ‫مبحافظة االحساء بالسعودية احلفل التأبيني الذي حضره العديد من العلماء أ��شار �إىل عظم ال�صدمة وثقل امل�صاب‬
‫على حمبي ومقلدي �سماحة ال�سيد من‬ ‫وأصحاب الفضيلة وأهالي األحساء‪...‬‬
‫جمع كبري من ال�شخ�صيات اال�سالمية‬
‫وال��ع��ل��م��ي��ة وال��ث��ق��اف��ي��ة وال�����س��ي��ا���س��ي��ة‬ ‫جميع أ�ق��ط��ار العامل متعهدا بااللتزام‬
‫اال�سالمية والعربية واللبنانية‪ ،‬كما‬ ‫بنهجه الذي خطه قد�س �سره من أ�جل‬
‫ح�ضرها ال�سفري االي��راين يف مو�سكو‬ ‫ن�شر اال�سالم والدفاع عنه ‪.‬‬
‫حممود ر�ضا �سجادي‪.‬‬ ‫كما أ�لقيت كلمات عديدة منها‪ :‬كلمة‬
‫وحت����دث يف احل���ف���ل‪ ،‬ع�����ض��و جمل�س‬ ‫املهند�س ح�سني علي احلاجي‪ ،‬و ق�صيدة‬
‫االفتاء يف رو�سيا االحتادية‪ ،‬نفيع اهلل‬ ‫�شعرية من وحي املنا�سبة القاها اال�ستاذ‬
‫ع�شريف‪ ،‬ف أ������ش��ار اىل بع�ض جوانب‬ ‫ع��ب��داهلل ال�بري��ه��ن‪ ،‬ث��م أ�ل��ق��ى أال���س��ت��اذ‬
‫�شخ�صية امل���رج���ع ال���راح���ل(ر����ض)‬ ‫احمد امل�سلم جمل�س ّا ح�سيني ًا‪ .‬واختتم‬
‫على امل�ستويات ال�سيا�سية والثقافية‬ ‫احلفل الت أ�بيني بكلمة وجدانية القاها‬
‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫وقد بدء احلفل الت أ�بيني بوقفة حداد على الدام�س ال��ذي تعي�شه أالم��ة اال�سالمية امل�����ش��رف ع��ل��ى ح��ف��ل ال��ت أ���ب�ين اال���س��ت��اذ‬
‫و أ��شاد ع�شريف باملرجع الراحل(ر�ض)‬ ‫رحيل املرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬ثم تليت واالن�سانية ‪ ،‬و أ�ن���ه ك��ان يحمل يف قلبه حممد عبداهلل املقرب الذي أ��شار اىل‬
‫م�شريا اىل مواقفه ال�صلبة يف مواجهة‬ ‫�آيات من الذكر احلكيم‪ ،‬ثم كانت كلمة �آالم و�آم��ال االمة اال�سالمية واالن�سانية‪ ،‬مايتمتع به املرجع الراحل(ر�ض) من‬
‫ال�����ص��ه��اي��ن��ة امل��ج��رم�ين‪ ،‬م ؤ����ك���د ًا أ�ن��ه‬ ‫لل�شيخ عبداخلالق احلاجي الذي أ��شار �إىل ك��م��ا أ�����ش���ار �إىل ب��ع�����ض ال�����ص��ف��ات التي أ�بوة عطوفة وحانية لكل أ�فراد املجتمع‬
‫كان يعترب امل�شعل ال��ذي ي�ضيء درب‬ ‫أ�ن أ�هايل البطالية يت�شرفون ب�إقامة هذه متتع بها املرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬وهو على اختالف أ�ديانهم وطوائفهم‪ ،‬و أ�كد‬
‫املجاهدين لل�سري على نهج اال�سالم‬ ‫الفاحتة لهذا املرجع اال�سالمي الكبري‪ ،‬م�صداق للحديث «�إذا مات العامل ثلم يف أ�ن و�صيته الرئي�سية هي حفظ اال�سالم‪.‬‬
‫والعرفان والتحلي باالخالق احلميدة‬ ‫واع��ت�بر أ�ن ال��ع��امل ال��ع��رب��ي واال���س�لام��ي اال�سالم ثلمة ال ي�سدها �إال عامل مثله»‪ .‬كما أ��شار �إىل أ�ن جمال�س العزاء التي‬
‫إلرواء عط�شى ال��ع��ل��م وامل��ع��رف��ة من‬ ‫واالن�����س��اين‪ ،‬بحاجة اىل اف��ك��ار وتعاليم وذك��ر أ�ن املقاومة اال�سالمية يف لبنان أ�قيمت على روحه الطاهرة قد أ�قامتها‬
‫منهله اال�صيل‪.‬‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل ‪ ،‬كما أ�ب���دى ال�شيخ مدينة ل�سماحة ال�سيد‪ ،‬ألنها ن� أش�ت حتت كل الطوائف االن�سانية يف أ�نحاء العامل‪.‬‬
‫و تابع ع�ضو جمل�س االفتاء يف رو�سيا‬ ‫احلاجي �إعتذاره عما �صدر من تق�صري توجيهاته ورعايته وعنايته‪ ،‬منذ بداية ويف نهاية حفل الت أ�بني �شاهد احل�ضور‬
‫االحتادية قائال‪ :‬ان العامل اال�سالمي‬ ‫ت أ��سي�سها وحتى عندما �شقت طريقها يف م�شاهد ومقتطفات تلفزيونية عن حياة‬
‫وامل�سلمني يف املنطقة وال�شعب اللبناين‬ ‫جتاه �شخ�صية �سماحته أ�ثناء حياته ‪.‬‬
‫�سيوا�صلون النهج الذي ر�سمه لهم هذا‬ ‫بعد ذلك �شارك العالمة املحقق ال�شيخ قتال العدو املحتل «ا�سرائيل»‪ .‬و أ��شاد املرجع ال��راح��ل قد�س �سره‪ ،‬ثم تناول‬
‫العامل املجاهد و�سيتزودون من معني‬ ‫ح�سني الرا�ضي بكلمة موجزة أ�و�ضح فيها ال�شيخ الرا�ضي باملرجعية امل ؤ��س�سة التي احل�ضور وجبة الع�شاء التي أ�قيمت عن‬
‫أ�فكاره الو�ضاءة يف حياتهم‪.‬‬ ‫أ�ن ال�سيد ف�ضل اهلل كان منارا يف الظالم مثلها �سماحته‪ ،‬م�شري ًا اىل متتع املرجع روحه الطاهرة‪.‬‬

‫ال�سالم» و ق�ضايانا‬‫و «خطوات على طريق إ‬ ‫مجلس تأبيني في البحرين‪« :‬فضل الله الجامع»‬
‫ال�سالم» و « أ��سلوب الدعوة يف‬ ‫على �ضوء إ‬ ‫يف جمتمعاتنا أ�ن نحقد على بع�ضنا �إذا‬ ‫تتوا�صل يف البحرين‪ ،‬جمال�س‬
‫القر�آن»‪.‬‬ ‫اختلفنا �سيا�سي ًا أ�و اجتماعي ًا ‪ ،‬و أ�دخلنا‬ ‫ال�سالمي الراحل‬ ‫ت أ�بني املرجع إ‬
‫وت��ط��رق ال�شاخوري �إىل بع�ض امل�سائل‬ ‫املرجعيات يف أ�حقادنا»‪.‬‬ ‫�آي��ة اهلل العظمى ال�سيد حممد‬
‫التي �شكلت خروج ًا عن امل أ�لوف بالن�سبة‬ ‫كما ذك��ر ف�ضل اهلل يف املقطع ال�صوتي‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬حيث أ�قامت‬
‫للمرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬وم��ن بينها‬ ‫أ�ن «اهلل �سبحانه وتعاىل يقول يف كتابه‬ ‫عائلة الديلمي منتدى ت أ�بيني ًا‬
‫ج��واز أ�ك��ل ثمار البحر‪ ،‬وكذلك م�س أ�لة‬ ‫العزيز �إمنا امل ؤ�منون �إخوة‪ ،‬ونحن نقول يف‬ ‫للفقيد الكبري حتت عنوان «ف�ضل‬
‫بغ�ض النظر عن ديانته‪.‬‬‫الن�سان‪ّ ،‬‬ ‫طهارة إ‬ ‫أ�دبياتنا ال�سيا�سية �إمنا امل ؤ�منون أ�عداء‪،‬‬ ‫اهلل اجل���ام���ع»‪ ،‬وح�����ض��ره ح�ش ٌد‬
‫من جانبه‪ ،‬اعترب احلاج خليل الديلمي �نأ‬ ‫نحيا يف غفلة وجهل وتخلف»‪.‬‬ ‫كبري من امل ؤ�منني‪.‬‬
‫« أ�ق��ل ما ميكن أ�ن نقيمه للعالمة الكبري‬ ‫و أ�لقى �سماحة ال�شيخ جعفر ال�شاخوري‬ ‫واب��ت��د أ� احلفل بتالوة �آي��ات من‬
‫�آي��ة اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني‬ ‫كلمة بعنوان «فكر ال�سيد ف�ضل اهلل‪...‬‬ ‫ال��ق��ر�آن ال��ك��رمي‪ ،‬أ�عقبتها ثالث‬
‫ف�ضل اهلل‪ ،‬أ�ن نقيم له جمل�س ًا ومنتدىً‬ ‫بني أال�صالة والتجديد»‪ ،‬أ�كد خاللها أ�ن‬ ‫ج��واد ق�صيدة أ�خ��رى يف العالمة ف�ضل‬ ‫فقرات �شعرية‪ .‬فكانت الق�صيدة‬
‫ت أ�بيني ًا نتحدث فيه عن فكر ال�سيد النيرّ ‪،‬‬ ‫�سماحة املرجع الراحل ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫اهلل‪.‬‬ ‫أالوىل لل�شاعر جمتبى التتان عنوانها «من‬
‫واعترب أ�ن الو�صول �إىل فكر ال�سيد ومعرفة‬ ‫كان يحمل هم التجديد دائم ًا‪ ،‬م�شري ًا �إىل‬ ‫و�سادت حالة من ال�صمت والتفكري‪ ،‬بعد‬ ‫وحي ف�ضل اهلل»‪ ،‬أ��شار فيها �إىل اخل�صال‬
‫النهج املنفتح الذي كان عليه‪ ،‬يحتاج �إىل‬ ‫أ�ن «قلق التجديد كان حا�ضر ًا يف كل درو�س‬ ‫أ�ن ُبث مقطع �صوتي للعالمة ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫التي مت ّيز بها العالمة ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫جل�سات وم ؤ����مت���رات ك��ث�يرة وم�ستمرة‪.‬‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل احلوزوية»‪.‬‬ ‫يحث فيه امل�سلمني على التالحم والتال ؤ�م‪،‬‬ ‫أ�م��ا الق�صيدة الثانية فكانت لل�شاعر‬
‫وقال‪�« :‬ستبقى ذكرى ف�ضل اهلل حا�ضرة‬ ‫وتابع ال�شاخوري « أ�نتج ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫وترك الفرقة والتنازع بينهم‪ ،‬ونزع حالة‬ ‫فا�ضل رحمة بعنوان «من أ�ين أ�بد أ�»‪ ،‬حاكى‬
‫يف كل أاليام‪ ،‬فهو �إن مات ج�سد ًا‪� ،‬إال أ�ن‬ ‫طوال حياته العديد من الكتب الفكرية‪،‬‬ ‫احل��ق��د والبغ�ضاء ال��ت��ي ت�سكن قلوبهم‬ ‫والمل التي أ�ملت‬‫من خاللها حالة احلزن أ‬
‫روحه باقية و أ�فكاره ي�ست�ضيء به النا�س‬ ‫وك���ان م��ن أ�ه��م��ه��ا م��ا أ�ن��ت��ج��ه يف أ�واخ���ر‬ ‫عند حدوث أ�ية م�شكلة أ�و خالف‪ .‬وقال‬ ‫ال�سالمية بعد رحيل املرجع ف�ضل‬ ‫بالمة إ‬‫أ‬
‫يف كل مكان وزمان»‪.‬‬ ‫ال�سالم ومنطق القوة»‬ ‫ال�سبعينات‪ ،‬مثل « إ‬ ‫املرجع الراحل‪« :‬علمتنا أالو�ضاع القلقة‬ ‫اهلل‪ .‬و أ�لقى ال�شاعر عبداهلل �إبراهيم �آل‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫�سنبقى في �ساحك‬ ‫حفل تأبينيّ على روح املرجع فضل الله في دمشق‪:‬‬

‫نت يف البال‪..‬‬‫را�سخ أ� َ‬
‫اخترق الحجب المذهبيّة والطّ ائفيّة ال�ضيّقة وانفتح على الجميع‬
‫وي أ�بى طيفك أ�ن ُيغادر‬
‫ك�� ّل��م��ا ع�برن��ا مب��ع��ن��اك �إىل أ�ف��ق‬
‫رحب‪ ..‬أ�ط ّليت بنا �إىل أ�فق أ�رحب‬
‫وك ّلما جزنا بفكرك حق ًال زاهي ًا‪،‬‬
‫انتقلت بنا �إىل حقل أ�زهى‪.‬‬
‫وك ّلما أ�طربت أ��سماعنا ب ِنداك‪،‬‬
‫جذبتنا �إىل قيثارة أ�عذب‪..‬‬
‫وك ّلما أ�ت��رع��ت ك ؤ�و�سنا برقراق‬
‫جنواك‪ ،‬وجدتنا نرد حيا�ض ًا أ� ّ‬
‫رق‬
‫و أ��صفى‪..‬‬
‫وك ّلما �سموتَ بنا ب�شم�س �ضياء‪،‬‬
‫�شرقت ب�شم�س أ��سطع و أ��سمى‪..‬‬ ‫أ� َ‬ ‫الواعني ب أ��سلوبه الف ّذ وطريقته املبتكرة‬ ‫بدعو ٍة من ال�س ّيد عبد اهلل نظام‪ ،‬والدّكتور‬
‫وك�� ّل��م��ا ع��ل��وت ب��ن��ا �إىل ق�� ّم��ة من‬ ‫ال�سالم ّية‪.‬‬ ‫يف تناول ق�ضايا أال ّمة إ‬ ‫ال�شيخ نبيل حلباوي‪ ،‬واجلمع ّية املح�سن ّية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال�سماح‪ ،‬بدت لنا قمم منك أ�رفع‬ ‫ال�شيخ ح�سني �شحادة كلم ًة‬ ‫بعدها أ�لقى ّ‬ ‫وجمعية الرابطة أالدب�� ّي��ة االجتماع ّية‪،‬‬
‫و أ�رقى‪..‬‬ ‫تناولت م��راح��ل ج��ه��اد ال�س ّيد الفقيد‪،‬‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬أ�قيم يف‬ ‫الح�سان إ‬ ‫وجمع ّية إ‬
‫وك ّلما م�شيت بنا درب�� ًا للرجاء‪،‬‬ ‫و�شمول ّية ن�شاطه يف لبنان و�سوريا والعراق‬ ‫أ‬
‫دم�����ش��ق‪ ،‬حفل ت���ب��ي��ن ّ��ي للعالمة املرجع‬
‫فتحت لنا درب ًا جل ّي ًا للخطى‪..‬‬ ‫و�إيران‪ ،‬وحتى دول االغرتاب‪ ،‬حيث كان‬ ‫ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ر���ض)‪،‬‬
‫كلماتك أ�حرف م�ضيئة‪..‬‬ ‫يح�ضر امل ؤ�مترات يف خمتلف دول العامل‪،‬‬ ‫وذل���ك م�����س��اء أالح����د ‪ ،٢٠١٠-٨-١‬يف‬
‫و ِنداك أ�حلان �شج ّية‪..‬‬ ‫لريفدها بعلمه وف��ك��ره وج��ه��ده ‪ ،‬وذك��ر‬ ‫مق ّر اجلمعية املح�سن ّية يف ح ّ��ي أالم�ين‬
‫و أ�فكارك ربيع مزهر‪..‬‬ ‫املو�سوعي‪ ،‬والفقيه املتبحر املنفتح‬ ‫العامل‬ ‫أ� ّن��ه كان د ؤ�وب�� ًا على متابعة ق�ضايا أال ّمة‬ ‫بدم�شق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ح�ضر َ‬
‫متللئة‪..‬‬‫ومعانيك جنوم أ‬ ‫ال�سالم ّية بعقله وفكره‬ ‫على ال ّر�سالة إ‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬ال يرتك �شارد ًة وال وارد ًة �إال‬ ‫إ‬ ‫احلفل عد ٌد كبري من العلماء ورجال‬
‫وخطابك �شالل ّ‬
‫و�ضاء‪..‬‬ ‫وقلبه وروح��ه‪ ،‬كما و�صفه برائد الوحدة‬ ‫ال�سالم ّية ه ّمه‬ ‫واهتم بها‪ ،‬وكانت الوحدة إ‬ ‫ّ‬ ‫الدّين يف دم�شق من خمتلف املذاهب‪،‬‬
‫وحرقتك ابتالج فجر‪..‬‬ ‫ال�سالم ّية وامل�صلح الكبري‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ال�شاغل‪ ،‬كما كان منفتح ًا على احلوار مع‬ ‫ّ‬ ‫ومم�� ّث��ل ع��ن م��ك��ت��ب م��ر���ش��د اجل��ه��ور ّي��ة‬
‫وغ�ضبتك مطر �سماء‪..‬‬ ‫ال�شاعر فريز ح�سن �سلموين‬ ‫ثم أ�لقى ّ‬ ‫ً‬
‫ب�شكل كبري‪ ،‬ونتيجة النفتاحه يف‬ ‫امل�سيح ّيني ٍ‬ ‫ال�سالم ّية يف �إيران‪� ،‬آية اهلل ال�س ّيد علي‬ ‫إ‬
‫ق�صيد ًة �شعر ّي ًة باملنا�سبة ‪ ،‬بعد ذلك‪،‬‬ ‫والديان أالخرى‪ ،‬فقد‬ ‫احلوار مع املذاهب أ‬ ‫اخلامنئي (دام ظ ّله)‪ ،‬وامل�ست�شار الثقايف‬
‫ودعاء �شرا ٌع ُمبحر‪..‬‬ ‫نعاه أالزهر كما نعته الكني�سة امل�سيح ّية‪،‬‬ ‫الي��ران��ي��ة يف‬
‫أ�لقى ال�سيد عبد اهلل نظام كلم ًة �شرح‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة إ‬‫ل��ل��ج��م��ه��ور ّي��ة إ‬
‫وحناك ينبوع ف ّيا�ض‪..‬‬ ‫والمراء‬ ‫ول ّول م ّر ٍة ينعى امللوك والر ؤ��ساء أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫دم�شق‪ ،‬وعد ٌد من �ع�ضاء جمل�س ال�شعب‬
‫فكيف ملثلك أ�ن ُيغادر؟!‬ ‫فيها منهج ال�� ّراح��ل الكبري يف االجتهاد‬
‫والتّجديد‪ ،‬وقال � إ ّنه ا�ستطاع‪ ،‬وبك ّل جر أ�ة‪،‬‬ ‫فقيه ًا �شيع ّي ًا من جبل عامل‪.‬‬ ‫ال�سوري و أ��ساتذة اجلامعات و�شخ�ص ّيات‬
‫أ�م كيف ملثلك أ�ن يرحل؟!‬ ‫ال�شيخ أ�بو احل�سن‬ ‫ال�شاعر ّ‬ ‫بعدها أ�لقى ّ‬ ‫أ�كادميية واقت�صادية وثقافية وفكرية‬
‫والطائف ّية‬‫أ�ن يخرتق احلجب املذهب ّية ّ‬
‫و أ� ّنى لبدرك أ�ن ي أ�فل؟!‬ ‫مارديني‪� ،‬إم��ام جامع العثمان بدم�شق‪،‬‬ ‫واجتماعية‪ ،‬وح�شد كبري من املعزّين من‬
‫أ�م أ� ّنى ل�شم�سك أ�ن تغيب؟!‬ ‫ال�ض ّيقة وينفتح على اجلميع‪ ،‬كما ذكر‬
‫باليتام واملحتاجني‪ ،‬وقال � إ ّنه‬ ‫اهتمامه أ‬ ‫ق�صيد ًة �شعر ّي ًة من وح��ي املنا�سبة‪ ،‬ثم‬ ‫خمتلف اجلن�سيات‪..‬‬
‫وهل يغادر من يروي العقول؟!‬ ‫كان أ�ب ًا للجميع يف فل�سطني والعراق ولبنان‬ ‫الطاهر‪ ،‬ع�ضو املكتب‬ ‫أ�لقى ال�س ّيد ماهر ّ‬ ‫و أ�لقي يف االحتفال‪ ،‬العديد من الكلمات‬
‫أ�م يرحل من يناغي القلوب؟!‬ ‫و�سورية و�إي���ران وتركيا‪ ،‬ويف ك�� ّل عاملنا‬ ‫ال�سيا�سي للجبهة ال�شعب ّية لتحرير‬ ‫والق�صائد ال�شعر ّية ‪ ،‬حيث افتتح احلفل‬
‫وهل ي أ�فل من ي�ش ّع يف أالعماق؟!‬ ‫ال�صني‪،‬‬ ‫�سالمي‪ ،‬من البو�سنة وحتى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫خا�ص‪،‬‬‫ب�شكل ّ‬‫فل�سطني‪ ،‬كلم ًة ذكر فيها ٍ‬ ‫بتالوة �آي��ات من القر�آن الكرمي‪ ،‬بعدها‬
‫أ�م يغيب من تع ّلق يف �سماء ك ّل نف�س‬ ‫ال�سالم ّية يف‬ ‫إ‬ ‫للمقاومة‬ ‫رعايته‬ ‫ذكر‬ ‫كما‬ ‫رعاية املرجع الراحل للثورة الفل�سطينية‪،‬‬ ‫ك��ان��ت كلمة امل��ف��ت��ي ال��ع��ام للجمهورية‬
‫�ش ّماء؟!‬ ‫لبنان منذ والدتها‪ ،‬حيث رعى املقاومة‬ ‫ودف��اع��ه ع��ن فل�سطني‪ ،‬وذك���ر �شواهد‬ ‫العربية ال�����س��وري��ة‪،‬ال��دك��ت��ور أ�ح��م��د بدر‬
‫�سنم�شي يف دربك‪..‬‬ ‫وظ ّلل املقاومني بعباءته‪ ،‬وكذلك القوى‬ ‫لقاءات لقادة فل�سطين ّيني مع‬ ‫ٍ‬ ‫عديدة يف‬ ‫ال��� ّدي���ن ح��� ّ��س��ون‪ ،‬ل��ق��اه��ا ب��ال��ن��ي��اب��ة عنه‬
‫ونحمل �شموع �سناك‪..‬‬ ‫الفل�سطين ّية‪ ،‬وذك��ر ن�صرته للجمهور ّية‬ ‫الفقيد الكبري ح�ضرها املتحدّث‪ ،‬وقال‬ ‫ال�شيخ ع�لاء ال��دي��ن ال�� ّزع�تري‬ ‫ال�� ّدك��ت��ور ّ‬
‫ونتف ّي أ� ظالل وعيك‪..‬‬ ‫اليران ّية يف خمتلف املجاالت‬ ‫ال�سالم ّية إ‬ ‫إ‬ ‫� إ ّن��ه برحيله‪ ،‬فقدت ال ّثورة الفل�سطين ّية‬ ‫أ�مني الفتوى‪ ،‬تناول فيها �شخ�ص ّية املرجع‬
‫ونعب من جداول نداك‪..‬‬ ‫وخمتلف املحافل‪ ،‬منذ قيام الثورة هناك‬ ‫�سند ًا قو ّي ًا‪ ،‬وجماهد ًا متم ّر�س ًا‪ ،‬ومدافع ًا‬ ‫وبخا�ص ٍة منها‬
‫ّ‬ ‫الراحل(ر�ض) و�سجاياه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫�صلب ًا عن ق�ضية فل�سطني‪...‬‬ ‫ال�سالم ّية والعمل لها‪،‬‬
‫و���س��ن��ب��ق��ى يف ب���ح���رك ي��دف��ع��ن��ا‬ ‫وحتى وفاته (رحمه اهلل)‪ ،‬ومن دون أ�ن‬ ‫دعوته �إىل الوحدة إ‬
‫يطلب أ�حد منه ذلك‪ ،‬وو�صف فقدانه ب أ� ّنه‬ ‫ال�شيخ ح�سام الفرفور‪،‬‬ ‫بعدها أ�لقى الدّكتور ّ‬ ‫واحت�ضانه للمقاومة واملجاهدين �ض ّد‬
‫موجك‪..‬‬ ‫التخ�ص�ص ّية يف‬‫ّ‬ ‫رئي�س ق�سم الدّرا�سات‬ ‫«�إ�سرائيل» و أ�مريكا ‪ ،‬كما تناول اجتهاده‬
‫فقدان أ� ّمة‪.‬‬
‫�يرا‪ ،‬أ�لقى العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل‬ ‫أ�خ ً‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫�سالمي‪ ،‬كلمة ��شاد فيها‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫معهد الفتح إ‬ ‫الوا�سع وعلمه الغزير وم ؤ� ّلفاته التي أ�غنت‬
‫اهلل كلمة العائلة‪ ،‬ذكر فيها بع�ض �شمائل‬ ‫بالفقيد الكبري‪ ،‬قائ ًال‪ :‬لقد عرفته عن‬ ‫ال�سالم ّية يف الكثري من اجلوانب‪،‬‬ ‫املكتبة إ‬
‫يو�سف نور الدين‬ ‫��رب‪ ،‬واجتمعت به كثري ًا‪ ،‬ويف ك ّل م ّرة‬ ‫ق ٍ‬ ‫القبال الكبري على م ؤ� ّلفاته‪ ،‬ملا‬ ‫كما ذكر إ‬
‫الفقيد وعلمه وفكره وجهاده وعبادته‪ ،‬ثم‬
‫ً‬
‫أ�لتقيه‪� ،‬زداد ح ّبا له‪ ،‬حيث وجدت فيه‬ ‫أ‬ ‫فيها من مم ّيزات جتتذب �إليها املث ّقفني‬
‫�شكر اجلميع على احل�ضور والتّعزية‪.‬‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪13‬‬
‫ؤ‬
‫املحبني‪..‬‬ ‫من ر�سائل الأحبّة‬
‫ه��و ���س��راج امل��ج��اه��دي��ن‪� ،‬إن���ه القب�س ال��ذي‬ ‫أ�فجعت امل�منني بهذا الرحيل‪ ،‬ولكن ع ّلمتنا‬
‫يهتدون بنور حكمته وموعظته احل�سنة‪...‬‬ ‫أ��شياء و أ��شياء‪..‬‬ ‫«أيها األحبة»‪ ..‬هكذا كان السيّد يخاطب املؤمنني‪ ،‬وكل الناس الذين بادلوه‬
‫وهو املتيقن ب��زوال �إ�سرائيل والعائق للقاء‬ ‫وب�����إذن اهلل �سنوا�صل م�سريتك‪ ..‬ونك ّمل‬ ‫بحب‪..‬وهل الدين إال احلب؟ وهو إمام احملبّني‪..‬الذي كانت ثمرة حياته‬
‫حب ًا ّ‬
‫اهلل‪...‬ك��ان له املوقف احلكيم يف كل مرحلة‬ ‫لف رحم ٍة‬‫ال��درب الطويل لننال املنال‪..‬ف أ� ُ‬ ‫جهادا وحركةً ووعيا‪..‬‬
‫وظ��رف يع�صف بنا‪ ..‬كنا وم��ا ن��زال وعلى‬ ‫عليك وعلى روحك الطاهرة‪..‬‬ ‫سيلٌ من الرسائل والكلمات وصلت إلينا‪ ،‬حتمل في طياتها مشاعر احلب والوفاء‬
‫مدى كافة املراحل بحاجة �إليه‪� ،‬إىل قراءته‬ ‫‪..‬في ما يلي ننشر جانب ًا من هذه الرسائل املضمخة بأريج احلب‪ ،‬وصدق املشاعر‬
‫للمور‪...‬‬ ‫ور ؤ�يته أ‬ ‫زهراء رزق‬ ‫وطهر الوجدان‪..‬‬
‫�سنفتقد �سماحة ال�سيد يف كل مرحلة متر‬
‫بنا‪ ..‬عند كل خطبة جمعة وهالل رم�ضان‪..‬‬ ‫دموعٌ عند احملراب‬
‫�سنفتقد ابت�سامته العطوفة‪� ..‬سنفتقد عبارة‬ ‫�إليـك �سيــدنـا ارجتف القلم هنيهة‪..‬‬
‫«املنرب لك»‪...‬‬ ‫فالنامل ما عادت تقوى على احلراك‪ ..‬أ�علن‬ ‫أ‬
‫لكن م�سجد احل�����س��ن�ين(ع) معقل ال�سيد‬ ‫ال�صمت يف مملكتي العقل والقلب‪..‬‬
‫وال��ذي ك��ان من و�صاياه أالخ�يرة احلا�ضن‬ ‫فان�ش ّل كل �شيء‪ ..‬وخفتت أال�صوات‪�..‬سوى‬
‫و�سائر‬
‫ٍ‬ ‫حمب‬
‫جل�سده الطاهر �سيبقى ِقبلة كل ٍ‬ ‫ذاك اللحن احلزين‪..‬حلن يئنّ من�ساب ًا من‬
‫على النهج‪...‬‬ ‫قيثارة اجلفون‪....‬ويطيل اللحن‪�...‬سمفونية‬
‫هدى حممد رحمة‬ ‫ال��دم��وع ت��ل��ك ق��د ن��درت��ه��ا ال��ع��ي��ون �إىل من‬
‫ي�ستحق بكاء الفراق‪..‬‬
‫يا من طهّ رت أنفسنا من نار احلقد‬ ‫ويهب القلب منتف�ض ًا‪ ..‬ي�صرخ بلوعة‪� :‬ين‬
‫أ‬
‫الفقيه املجدد ومرجع الغد وع ّالمة امل�ستقبل‬ ‫احلبيب؟!‪..‬‬
‫قبل احلا�ضر‪ ،‬يا من فتح قلوبنا على نور العلم‬ ‫اللوعة التي تلهب أالرجاء �شوقا‪ً..‬‬
‫وط ّهر أ�نف�سنا من نار احلقد‪ ،‬يا من أ�كملتَ‬ ‫ولكن‪..‬يع ّز على حبيب مثله أ�ن يرى العيون‬
‫ر�سالة ج��دّك خ��امت النبيني‪ ..‬وحملت لواء‬ ‫تبكي رحيله‪..‬‬
‫علي يف حفظك لليتامى‪ ..‬واقتديت‬ ‫الكرار ّ‬ ‫عيون قد ع�شقها يف حياته‪..‬وها هي القلوب‬ ‫ّفت بعدك األحبةَ املشتاقني‬
‫خل َ‬
‫بجدتك الزهراء املقدّ�سة يف حتمل ال�صعاب‬ ‫تهد أ�‪..‬ففي أالث�ير ن�سيمات خا�شعة تر�سل‬ ‫�إىل أ�غلى أالح��ب��ة‪�..‬إىل ال��روح التي ِع ْ�شتُ‬
‫و آالالم‪ ...‬و�صربت �سيدي‪ ..‬و�صربت‪...‬‬ ‫�إليها م��ا ك��ان ينرثه م��ن درر‪..‬يف خطبه‪..‬‬ ‫معها فاقتب�ستُ م ْنها معنى احلياة‪..‬‬
‫نعاهدك يا موالي أ�ن ن�صرب ونكمل امل�سرية‬ ‫عند �صالته‪ ..‬وم��ا أ�حلى �صوته م�سرت�س ًال‬ ‫خاط ُبك بقلبي بعقلي بروحي بج�سدي‬ ‫أُ� ِ‬
‫ك��ي تفخر ب��ن��ا‪ ..‬ي��ا م��ن �ش ّرفتنا و أ�عززتنا‬ ‫بالدعاء‪..‬جتتمع كلها أ�م��ام منرب ال�شرف‬ ‫بحب بلهف ْة‪..‬‬
‫هات بح�سر ٍة با�شتياقٍ ٍ‬ ‫ب آ� ٍ‬
‫بفكرك وعلمك وان��ف��ت��اح��ك‪ ..‬ل��ك ال��وف��اء‬ ‫ذاك‪..‬تت�سلل قلي ًال �إىل املحراب‪..‬فرتكع‬ ‫��ب‬‫�بر ع�� ّل��م ال�� ِع�� ْل��م وال��ف��ك��ر واحل ّ‬
‫حت��تَ م��ن ٍ‬
‫واملحبة يا �سيد الوفاء و�إمام املحبة‪...‬‬ ‫لتقبل مثواه‪....‬ويعود اللحن أالول‪ ..‬ولوع‬ ‫وامل�ساحمة‪ ،‬علمتني يا �سيدي أ�ن ال أ�كون‬
‫فاطمـة ح�سني‬ ‫ذلي ًال وال ظامل ًا‪..‬‬
‫القلب متعلقة ب أ�ذياله التي ال نهاية لها‪..‬‬
‫ت�سامح‬
‫ُ‬ ‫أ�ن أ�ك��ون �صبور ًا أ�نظ ُر بعني اهلل أ�‬
‫وكيف ال نبكي؟!‪..‬‬
‫أ‬ ‫حتى مع َمن يخا ِل ُفني يف الر أ�ي أ�و العقيدة‬
‫و أ�رج����اء امل�سجد ق��د ب ّ��خ��رت ب���ري��ج روح��ه‬
‫أمـانـة في أعناقـنا‬ ‫وال أ�ت ُر َك امل�س ّلمات‪..‬‬
‫الطاهرة‪..‬عقله املت أ�لق‪ ..‬قلبه الذائب حب ًا‪..‬‬ ‫أ‬
‫بالم�س كان معنا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫رح ْلتَ ع ّنا فخ ّلفتَ بعدك الحب َة امل�شتاقني‪..‬‬ ‫َ‬
‫ذاك احلب الذي كان با�ستطاعته أ�ن يغمر‬ ‫أ‬
‫والح��ب��ة يبكون‬‫وال��ي��وم رح��ل وت��رك أاله���ل أ‬ ‫ليهم‪..‬لت�صلَ‬
‫ِ‬ ‫لتذهب �إىل الح ّبة امل�شتاقِ � إ‬ ‫َ‬
‫كل من يف العامل‪..‬‬
‫وينادونه‪:‬‬ ‫�إىل غايتك‪� ،‬إىل ج���وا ِر ر���س��ول اهلل‪�..‬إىل‬
‫مرمي رمال‬ ‫قلب أ� َ‬
‫أ‬
‫�إرج��ع لمِ َ �ب��ك��رت الرحيل؟ مل تهجرنا؟ مل‬ ‫ئمتك‪� ..‬إىل روح الزهراء التي ع�شتَ‬
‫تق�سو علينا!!!‬ ‫روحها يف قلبك وعقلك وروح��ك ووجدانك‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫و�صف فراقك‪ ،‬والقلب ينفطر لعدم قدرته مسجد احلسنني(ع) سيبقى قبلة‬ ‫وذاتك‪..‬حتى ذبت يف ع�شقهم‪ ،‬فهنيئ ًا لك‬
‫أ�يا نع�ش أ�نزله‪ ..‬ولكن ��سفا فذاك حمال‪..‬‬
‫أ‬
‫احملبّني‬ ‫على البوح مب�شاعره‪..‬‬ ‫�سيدي‪ ،‬أ�نتَ بعني اهلل‪..‬‬
‫�إنه راح ٌل �إىل حيث تكون احلياة ربيع ًا خالد ًا‬
‫أ�عطى �سماحة ال�سيد ف أ�بدع يف كافة امليادين‪،‬‬ ‫فارقد ب�سالم أ�يها ال�سيد أالبي‪ ..‬وداع ًا أ�يها‬ ‫�شوقي فقيه‪ /‬أ�بو مهدي‬
‫يف جنان اهلل‬
‫�����ارك يف ق��ل��وب��ك��م ال��ل��وع��ة أ‬ ‫ومار�س الفكر يف كل املجاالت‪ ،‬مل تكن كلمة‬ ‫ال�سيد العظيم‪ ..‬وداع ًا وداع ًا يا أ�با أاليتام‪..‬‬
‫والمل‬ ‫راح���� ٌل وت ٌ‬
‫ال��وع��ي يف قامو�سه جم��رد كلمة‪ ،‬ب��ل كانت‬ ‫مرمي حممد الد ّر‬ ‫مسجدك مشتاق لصالتك‬
‫والذكريات‪..‬‬
‫أ��سلوبه يف التعاطي مع كافة ق�ضايا احلياة‬
‫جمال وجدانه غاب عن أ�عينكم وطيفه مل‬ ‫ي��ا ���س��ي��دي‪�...‬إن م�سجدك ح��زي��ن‪ ،‬م�شتاق‬
‫ومتطلباتها‪...‬‬ ‫سنواصل مسيرتك‬
‫يزركم‪ ..‬لي�س أ�مامكم �سوى �ضريح ت�سقوه‬ ‫لعطرك الفواح‪ ...‬لقد‬‫ل�صالتك‪ ،‬لدعائك‪ِ ،‬‬
‫فاليتام تيتموا للمرة الثانية برحيله‪ ...‬هو‬ ‫أ‬
‫بدموع احلزن ‪ ..‬و�آيات تتلونها فت ؤ�ن�سه‪ ،‬وعب ٌق‬ ‫فقدناك وت أ�ملنا وبكينا على فقدك‪،‬‬ ‫رحلت للقاء احلبيب‪ ،‬ولكن روحك وا�سمك‬
‫من �سريته التي �ستمتد يف االجيال‪...‬‬ ‫ح��ار���س أ�ح�لام��ه��م وح��ام��ي��ه��م‪ ،‬ه��و مدغدغ‬ ‫فقدناك مرجع ًا و�سيد ًا طاهرا‪...‬‬ ‫قلبك موجود بقلوبنا بكل زاوي�� ٍة من‬ ‫ونب�ض َ‬
‫�آمالهم واملعيد �إليهم ب�سمتهم‪ ،‬هو حا�ضنهم‬ ‫يا �سيدنا‪ ..‬رحلت وتركت لنا أالوج���اع‪ ،‬يا‬ ‫م�سجدك‪..‬‬
‫ليليان طبو�ش‬ ‫وكافلهم‪ ،‬هو املا�سح على ر ؤ�و�سهم ال�صغرية‪،‬‬ ‫�سيدنا رحلت وت��رك��ت وراءك امل�لاي�ين من‬ ‫�آهٍ‪� ...‬آهٍ‪� ...‬آهٍ‪ ...‬ي��ا ���س��ي��دي‪ ..‬ي��ا لعذاب‬
‫وهم‪ ..‬هم و�صيته‪...‬‬ ‫ال��ف��راق‪ ...‬فالقلم يبكي لعدم قدرته على‬
‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫ِعمَامَ ٌة َو َو ْر َد ْة‬
‫أحمد املاجد‬

‫احلب‪ ،‬آية الله العظمى السيّد محمد حسني فضل الله‪.‬‬


‫عِ مَامَ ةٌ وَ وَ رْ دَةْ ‪ ...‬عرفان ًا ملوسوعة ّ‬

‫حتّى تُـ َ ؤ� ِّبنَ ُمـ ْع َجم ًا َم ُ‬


‫ـن�شورا‬ ‫ُا ْ�س ُر ْد ف ؤ�اد ََك َأ� ْح ُرف ًا ُ‬
‫و�س ُطورا‬

‫ـعظ َم لـلـ َّر َ�شا ِد أ� ُجورا‬


‫حتّى ت ِّ‬ ‫البحر وا ْكت ُْب ُغ َّ�ص ًة‬
‫َاب ِ‬ ‫وا ْفت َْح ِكت َ‬

‫براعم ًا ُ‬
‫وج ُذورا‬ ‫َ�صـق َْل احليـا ِة ِ‬ ‫حتّى ت َُـ�ش ِّي َع ِف ْك َر ًة َم ْ�ص ُق ْول ًة‬

‫َكـ ْو ِن َّي ًة ِ‬
‫هات املدى ل َي ُد ْورا‬ ‫حتّى تُترَ ِْج َم لل َف َقاهَ ِة َث ْو َر ًة‬

‫باملنجزات و أ� ْع َجزَ ال َّت ْع ِبريا‬


‫ِ‬ ‫ا�ش ُع ْمر ًا حا ِف ًال‬
‫فاح َف َع َ‬ ‫ح َم َل ِ‬
‫الك َ‬

‫يف ِج ْ�سمِ َها َح َقنَ ال ّندى وال ُّنورا‬ ‫هُ َو أ� َّم ٌة َر ُج ٌل وقائ ُد أ� َّم ٍة‬

‫ِف ْق ِه املح ّب ِة ُم ْلهِ م ًا و ُم ِنريا‬ ‫بحب مل يكنْ �إال �إىل‬


‫داع ٍّ‬
‫ٍ‬
‫عالج الت َّْ�ض ِل ْي َل وال َّت ْك ِفريا‬
‫قد َ‬ ‫لف ال ِع َم َام َة َو ْر َد ًة ِب َر ِح ْي ِق َها‬
‫َّ‬
‫َمدَ ُحوا ا ّلذينَ قد ْ‬
‫ا�ست َق ْو ُه منريا‬ ‫قد حار ُب ْو ُه ُم َع ِّلم ًا لك َّن ُه ْم‬
‫ُر ِف َع ْت هدً ى و َت َن َّز َل ْت ت َْطهِ ريا‬ ‫لف ال ِع َم َام َة لـلحيا ِة ِع َم َام ًة‬
‫َّ‬
‫ِه َي َب ْع ُ�ض ُه َأ� ْح َنوا لها تق ِْديرا‬ ‫مدحوا املقاومة ا ّلتي ِه َي ِب ْن ُت ُه‬
‫ُ�س ْل َطانُ ٍ‬
‫فكر ال َي ُك ُّف هَ ِد ْيرا‬ ‫الع�ص ُر َع ْ�ص ُر َك أ�نتَ َ�س ِّي ُد َع ْ�ص ِر ِه‬
‫لعطا ِئ ِه َ�ش َه َر َّ‬
‫ال�س َما َء ُم�شريا‬ ‫و َن ُ�س ْوا ب أ�نَّ املجدَ ِم ْن ُه و َن ْ�ص ُرها‬

‫وك أ�منا َق َطـ َع ّ‬


‫ال�سن َني دُهُ ْورا‬ ‫وعي َجا َز ُك َّل َب ِ�صري ٍة‬
‫�سلطانُ ٍ‬ ‫فعطا ُ ؤ� ُه َك َ�س َر املدَ ْى املنظورا‬ ‫َق َط َع امل�ساف َة ال ُح ُد ْو َد ِ‬
‫ملجد ِه‬
‫ُولِدَ ْت ل َت ْمت َِ�شقَ املدى و َت ُد ْو َرا‬ ‫ال َع ْ�ص ُر َع ْ�ص ُر َف َقاهَ ٍة تهوى ال ُعال‬
‫ِمنْ ُد ْو ِن َع ْمدٍ َ‬
‫نال ِم ْن ُه ال ُّن ْورا‬ ‫ما أ�خط َأ� الت َّْ�ض ِلي ُل ن ْه َل ُف ُي ْو ِ�ض ِه‬
‫َق َب ٍ�س ت ُِدي ُر ال َو ْع َي والت َّْح ِر ْيرا‬ ‫َ‬
‫العقول بثور ٍة‬ ‫ُولِدَ ْت ل َت ْنت َِ�ش َل‬
‫َج َم َع الهداي َة كوثر ًا َ‬
‫وغ ِديرا‬ ‫َم ْو ُ�س ْو َع ٌة‪َ ،‬ع َل ٌم‪ ،‬هُ دً ى ال ينق�ضي‬
‫ُر ْوح ًا ف ُر ْو ُح َك ال َت ُك ُّف َم ِ�سريا‬ ‫ب�س ْت ِب َع َطا ِئ ُك ْم‬
‫�إنَّ احليا َة َت َل َ‬
‫و�ش ِبريا‬ ‫َك ُم َل ْت فكا َن ْت ُ�ش ً‬
‫برَّا َ‬ ‫َمزَ َج إ‬
‫البا َء بحلمِ ِه يف لوح ٍة‬
‫ل�ش ْم ِ�س َك أ�نْ َ‬
‫حتاط ُق ُبورا‬ ‫حا�شا َ‬ ‫يا �س ّيدَ أال َ‬
‫جيال يا َح ْج َم الهُدَ ى‬
‫تعر ُف الت َّْ�ص ِغريا‬
‫وم�ساح ٌة ال ِ‬
‫َ‬ ‫ُل ْغ ٌز هوا ُه‪ِ ،‬ل ُك ِّل ف ْر ٍد َم ْو ِ�ض ٌع‬
‫فاقعد علي ِه َم َ�شارِق ًا و ُبدُورا‬ ‫د ُْم خالد ًا يا �س ّيدي َ‬
‫فلك املدى‬
‫َث َر ْت ُه لون ًا زاهي ًا وعبريا‬ ‫َل َّف ال ِع َم َام َة َو ْر َد ًة يف َر أ� ِ�س ِه‬
‫د ُْم يف احليا ِة ثقاف ًة و�ضمريا‬ ‫ال�سماحة �س ّيد ًا د ُْم يف الهوى‬
‫د ُْم يف ّ‬

‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪15‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫}ا َّل ِذينَ ُي َب ِّل ُغونَ ِر َ�س اَال ِت هَّ ِ‬
‫الل َو َيخْ َ�ش ْو َنهُ َو اَل َيخْ َ�ش ْونَ َأ� َحدً ا‬
‫الل َو َك َفى ِب هَّ ِ‬
‫الل َح ِ�سي ًبا{‬ ‫ِ�ال هَّ َ‬
‫إ‬
‫صدق الله العظيم‬

‫وفاء ًا ملن كان الوفاء للرسالة واإلنسان خطه ونهجه وحركته‬


‫وإحياء ًا الربعينية الراحل الكبير‬

‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله‬


‫(ر�ض)‬
‫ندعوكم للمشاركة في مجلس الفاحتة الذي سيقام عن روحه الطاهرة وذلك في اخلامسة‬
‫والنصف من عصر االثنني الواقع فيه ‪ 28‬شعبان ‪ 1431‬املوافق ‪ 9‬آب ‪2010‬م‪.‬‬
‫املكـان‪ :‬مسجـد اإلمـاميـن احلسنيـن – حـارة حريـك‬
‫يتخلل املجلس عرض لفقرات من رؤى ووصايا لسماحته(رض) مرئية ومكتوبة الدعـوة‬
‫عـامة للرجـال والنسـاء‬

‫مكتب سماحة العالمة املرجع‬


‫السيد محمد حسني فضل الله‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد ‪ 382‬اجلمعة ‪� 25‬شعبان ‪ 1431‬هـ ‪� 6‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫في رحاب الرحيل‪..‬‬
‫وذكرى الأربعين‬
‫ليقوم النا�س بالق�سط ‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫ر�س َلنا بالب ّينات و أ�نزل َنا معهم‬
‫لقد أ�ر�سلنا ُ‬
‫عدد ال�صفحات ‪20‬‬ ‫‪magazine@bayynat.org.lb‬‬ ‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن مكتب الثقافة واالعالم‬

‫من َبرُك‬
‫الذي �صنع المقـاومة والن�صر‬
‫شهادات في مسيرة العالّمة املرجع فضل الله‬
‫ٍ‬

‫الفقيه المجدّد ورائد الوحدة والحوار‬

‫نبد أ� قراءة املرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬من خالل‬


‫ريادة فتاويه‪ ،‬ومنها ما يتع ّلق بج�سد املر أ�ة‪،‬‬
‫فقد طالب بح ّقها بالعمل واخلروج وحفظ‬
‫كرامتها وحر ّيتها‪ ،‬وعدم رميها يف دون ّي ٍة‬
‫عجاب‬‫أ�مام ذكور ّي ٍة رجال ّية‪ ،‬و أ�نا أ�قف ب�إ ٍ‬
‫الن�سان ّية‪،‬‬ ‫أ�م���ام ف��ت��واه التي تدعو �إىل إ‬
‫واحلب بني جميع ال ّنا�س‪ ،‬دون تفرق ٍة يف‬ ‫ّ‬
‫العرق واجلن�س وال ّلون‪ ،‬ولي�س �إىل ف�صل‬
‫جهاد هنا‪ ،‬أ�و �إىل واحة‬ ‫العامل �إىل أ�ر�ض ٍ‬
‫بحزم حترمي‬ ‫�سالم هناك‪ .‬كما أ� ّنه أ� ّكد ٍ‬ ‫ٍ‬
‫القتال بني امل�سلمني‪ ،‬وبعد أ�ن تف ّرق ال ّنا�س‬
‫أ�مم ًا ومذاهب‪ ،‬طالب باحرتام آالخرين‪،‬‬
‫أل ّنه لو �شاء ر ّبك خللق ال ّنا�س أ� ّم ًة واحدة‪،‬‬ ‫وفكر ّية‪ ،‬وكان ي�صدر أ�حكامه وفتاواه‪ ،‬من‬ ‫املف�صل‪ ،‬ويحيط بك ّل ما حكي‬ ‫ّ‬ ‫بال�شرح‬‫ّ‬ ‫كرّمت حلقة احلوار الثّقافيّ ‪ ،‬العالّمة‬
‫الجنيل‪ ،‬ولقد‬ ‫حب أ�هل الكتاب واحرتم إ‬ ‫و أ� َّ‬ ‫ين‪ ،‬جعل أالر���ض ك ّلها ميدان ًا‬ ‫موقع ميدا ّ‬‫ٍ‬ ‫وكتب عنه أ�و �ص ّرح هو به‪.‬‬ ‫الراحل‪ ،‬املرجع السيّد محمد حسني‬
‫أ�ده�شني قوله بعدم تقدي�س رجال الدّين‪،‬‬ ‫ؤ‬
‫لعمله‪ ،‬و أ�راد �ن ي�ستم ّد ال ّر�ية من عمق‬
‫أ‬ ‫ً‬
‫غ�سان جواد قائال‪� :‬إنّ‬ ‫ثم حتدّث اال�ستاذ ّ‬ ‫فضل الله‪ ،‬فأقامت لقا ًء ثقاف ّي ًا وشعر ّي ًا‬
‫�ص املقدّ�س‬ ‫بل تقدي�س املقدّ�س‪ ،‬وت أ�ويل ال ّن ّ‬ ‫الله ّية التي رفعت هذا‬ ‫النب ّوة واحلكمة إ‬ ‫اخلط ا ّلذي م�شى به ال�س ّيد املرجع ف�ضل‬ ‫ّ‬ ‫حتت عنوان‪ :‬شهادات في مسيرته‪.‬‬
‫أ‬
‫باالجتهاد‪ ،‬واالحتكام �إىل العقل‪ ،‬والخذ‬ ‫للرب‬‫ين‪ ،‬وجعلته خليف ًة ّ‬ ‫الن�سا ّ‬ ‫الكائن إ‬ ‫الن�سان واملخ ّيلة‪،‬‬ ‫اهلل‪ ،‬هو حترير العقل و إ‬ ‫وعقد هذا ال ّلقاء م�ساء أالرب��ع��اء ‪� 4‬آب‬
‫ب��ظ��روف ال��� ّزم���ان وامل���ك���ان وامل��ع��ا���ص��رة‬ ‫على أالر�ض‪.‬‬ ‫وهو كان �سابق ع�صره‪ ،‬و أ�و�سع من زمانه‪،‬‬ ‫ال�ساحة‪ ،‬على‬ ‫يف مطعم القرية الترّاثية ّ‬
‫واحلداثة‪ ،‬وال ّذهاب �إىل أالزمنة املتط ّورة‪،‬‬ ‫وهو واجه ك ّل املبالغات والغل ّو الذي ر�آه‬ ‫ال�سالم ّية‪،‬‬ ‫وهو ا ّلذي حمل هموم أال ّم��ة إ‬ ‫طريق امل��ط��ار‪ ،‬بح�ضور جنلي ال�� ّراح��ل‪،‬‬
‫والرام���ل أ‬
‫والي��ت��ام‪،‬‬ ‫ولقد رع��ى املر�ضى أ‬ ‫ّيني‬
‫الن�ص الد ّ‬ ‫عند البع�ض‪ ،‬وتعامل مع ّ‬ ‫يف قلبه وعقله ووجدانه‪ ،‬وكانت فل�سطني‬ ‫ال�س ّيد جعفر ف�ضل اهلل‪ ،‬وال�س ّيد أ�حمد‬
‫وك�سر خبزه للجياع والعطا�شى‪� ،‬إ�ضاف ًة‬ ‫وجه ًا لوجه‪ ،‬و أ�راد أ�ن يح ّول املرجع ّية �إىل‬ ‫ق�ض ّيته املركز ّية حتّى ما قبل دقائق من‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ومدير ع��ام جمعية امل�برات‬
‫�إىل ال ّرحمة واملودّة‪.‬‬ ‫م ؤ� ّ�س�سة قو ّية وفاعلة‪ ،‬لتكون حمت�ضن ًة‬ ‫انتقاله �إىل ج��وار ر ّب��ه‪ ،‬حيث قال � إ ّن��ه ال‬ ‫اخل�ير ّي��ة‪ ،‬ال�� ّدك��ت��ور حممد ب��اق��ر ف�ضل‬
‫و أ��ضاف أالب مو ّن�س‪ :‬أ� ّما بخ�صو�ص العلم‬ ‫من قبل م ؤ� ّ�س�سة‪ ،‬حيث �إذا غاب مرجع‪،‬‬ ‫�سالم يف املنطقة �إال بزوال �إ�سرائيل من‬ ‫اهلل‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل ح�شدٍ من ال�شخ�ص ّيات‬
‫واملعا�صرة‪ ،‬فهو دع��ا �إىل ق��راءة الفلك‬ ‫ال ت��ذه��ب امل��رج��ع�� ّي��ة‪ ،‬ب��ل ي��ك��ون مكانه‬ ‫الوجود‪.‬‬ ‫والكادمي ّية‬ ‫الثقاف ّية والفكر ّية وال ّنقاب ّية أ‬
‫باملرا�صد العلم ّية لتحديد أ�زمنة أالعياد‬ ‫الطريق‪ ،‬ومل يقدر أ�ن‬ ‫مرجع �آخر‪ ،‬يتابع ّ‬ ‫املرجع املؤسّ س واملجدّ د‬ ‫والدّين ّية والعلمائ ّية والطالب ّية وجمهو ٍر‬
‫وال�شهور‪ ،‬ولي�س فقط االكتفاء بالر ؤ�ية‬ ‫ّ‬ ‫يفعل ذلك‪ ،‬ألنّ حرب ًا �شعواء �ش ّنت عليه‪،‬‬ ‫ث��م حت���دّث ق��ا���ض��ي ���ش��رع م��دي��ن��ة �صيدا‬ ‫من املهت ّمني‪.‬‬
‫بالعني املج ّردة‪ ،‬وطالب باال�ستفادة من‬ ‫ال�صرب وامل�ساحمة واجلر أ�ة‬ ‫واجهها بروح ّ‬ ‫اجلعفري‪ ،‬الع ّالمة ال�سيد حممد ح�سن‬ ‫ّ‬ ‫َّمت افتتاح ال ّلقاء بالن�شيد الوطني ال ّلبناين‪،‬‬
‫عمل ّيات وه��ب أالع�����ض��اء واال�ستن�ساخ‬ ‫وال�شجاعة‪ .‬كانت حتول دون حتقيق هذا‬ ‫ّ‬ ‫أالم�ين‪ ،‬فقال‪� :‬إنّ غياب املرجع الكبري‬ ‫�صمت على روح‬ ‫ثم جرى الوقوف دقيقة ٍ‬
‫ال�ستكمال أالع�����ض��اء‪ ،‬ولي�س ل�صناعة‬ ‫أالمر‪ ،‬و� إ ّنه مل ي�ستطع أ�ن يح ّقق ما يريد‪،‬‬ ‫والقائد واملع ّلم ف�ضل اهلل‪� ،‬سيكون له أالثر‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬و أ�رواح �شهداء اجلي�ش‬
‫حب و�شوقٍ‬ ‫� إن�سانٍ يولد يف املختربات دون ٍّ‬ ‫وع��ل��ي��ه‪ ،‬ن��دع��و أ�ف����راد أ����س��رت��ه ال��ع��زي��زة‪،‬‬ ‫الكبري يف ه��ذه املرحلة ال�� ّراه��ن��ة‪ ،‬و� إ ّننا‬ ‫ال ّلبناين‪ ،‬وبعدها حتدّثت رئي�سة حلقة‬
‫وانتظار‪.‬‬ ‫كما ن أ�مل جميع ًا‪ ،‬أ�ن متار�س من خالل‬ ‫ال�صعب‪ ،‬ويف هذه‬ ‫نفتقده يف هذا الزّمن ّ‬ ‫احل��وار الثقايف‪ ،‬جميلة ح�سني‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫لل�شاعر زاهي وهبي‪،‬‬ ‫ثم كانت ق�صائد ّ‬ ‫م ؤ� ّ�س�ساته جت�سيد ال�� ّراح��ل الكبري‪ ،‬من‬ ‫املرحلة امل�ضيئة واملتغيرّ ة من تاريخ حياته‬ ‫«� إ ّن��ن��ا جنتمع حت��ت خيمة امل��رج��ع ف�ضل‬
‫أ‬
‫ال�شاعر عبد الغني طلي�س‪ ،‬و�م�ين عام‬ ‫ّ‬ ‫خالل فكره وحكمته وحواراته الب ّناءة‪.‬‬ ‫وعطائه‪ ،‬وال ميكن‪ ،‬يف دقائق معدودة‪ ،‬أ�ن‬ ‫وال�شكر‬ ‫اهلل‪ ،‬التي أ�وتادها املعرفة والفكر ّ‬
‫احت��اد الكتّاب ال ّلبنان ّيني �سليمان تقي‬ ‫األب مونّس‪:‬‬ ‫نعطيه ك ّل ح ّقه‪ ،‬ف�شخ�ص ّيته الف ّذة واملم ّيزة‬ ‫والب��ح��اث‪،‬‬ ‫وع�شرات الكتب وامل ؤ��� ّل��ف��ات أ‬
‫الدّين‪.‬‬ ‫ثم حت��دّث أ�م�ين �س ّر اللجنة ال�سقفية‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫والبعاد‪ ،‬وهو مرجع‬ ‫تطالها ك ّل العناوين أ‬ ‫ونتف ّي أ� بظالل خ�يرات��ه ا ّل��ت��ي و ّزع��ه��ا يف‬
‫ّ‬
‫كما ك��ان��ت م��داخ�لات‪ ،‬ل��ك��ل م��ن رئي�سة‬ ‫العالم‬ ‫الع�لام‪ ،‬ورئي�س دائرة إ‬ ‫لو�سائل إ‬ ‫حقيقي وجم����دّد‪ ،‬ب��ل ه��و املرجع‬ ‫ّ‬ ‫دي��ن ّ��ي‬ ‫ك�� ّل مكان‪ ،‬وال ّل�سان أ�عجز عن أ�ن يعبرّ‬
‫جمع ّية كفى زويا روحانا‪ ،‬وع�ضو املجل�س‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫يف جمل�س كنائ�س ال�شرق الو�سط‪ ،‬الب‬ ‫أال ّول يف تاريخ املرجع ّيات ال�شيع ّية‪ ،‬الذي‬
‫ّ‬ ‫بالكلمات‪ ،‬لكي يعطيه ح ّقه‪ ،‬و أ�ن يفيه‬
‫ال�سيا�سي يف حزب اهلل رميا فخري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدّكتور يو�سف م ّون�س‪ ،‬فقال‪ :‬علينا أ�ن‬ ‫جعل مبرجع ّيته‪ ،‬خلف ّي ًة و أ�ر�ض ّي ًة ثقاف ّي ًة‬

‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪2‬‬
‫التسخيري وواليتي ووفود من العراق واستراليا‬
‫مزيد من المعزّين بالمرجع فضل الله (رض)‬

‫وال�صح ّية والعلم ّية ا ّلتي أ� ّ�س�سها‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ك��م��ا ا�ستقبل ال�����س�� ّي��د ع��ل��ي ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ي�ش ّكل �صدم ًة للبنان وال ّلبنان ّيني فقط‪،‬‬ ‫ا�ستقبل العالمة‪ ،‬ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫كما ا�ستقبل ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬وفد ًا‬ ‫ال�شيخ حممد علي التّ�سخريي‪،‬‬ ‫�سماحة ّ‬ ‫�سالمي وللعامل ب أ��سره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بل لك ّل العامل إ‬
‫ال‬ ‫مزيد ًا من املعزّين بوفاة والده‪� ،‬سماحة‬
‫أ��سرتال ّي ًا برئا�سة رئي�س بلد ّية «باراماتا»‬ ‫رئ��ي�����س جم��م��ع ال�� ّت��ق��ري��ب ب�ين امل��ذاه��ب‬ ‫شريا �إىل أ� ّن��ه م ّثل ال��ق��دوة يف العطاء‬ ‫م� ً‬ ‫العالمة املرجع‪ ،‬ال�س ّيد حممد ح�سني‬
‫أال�سرتال ّية‪« ،‬بول غاراد»‪ .‬كما ا�ستقبل‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬ا ّل���ذي ق��دّم تعازيه‪ ،‬داعي ًا‬ ‫إ‬ ‫والفكري والتّوجيهي‪ ،‬ويف �إ�صراره‬ ‫ّ‬ ‫العلمي‬
‫ّ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ح��ي��ث ا�ستقبل م�ست�شار‬
‫وف��د ًا ريا�ض ّي ًا عراق ّي ًا ق��دّم التّعازي‪،‬‬ ‫لال�ستمرار على نهج �سماحته يف حماية‬ ‫ع��ل��ى م��واق��ف��ه اال���س�ترات��ي��ج�� ّي��ة ال��دّاع��م��ة‬ ‫ال�ش ؤ�ون الدّول ّية ملر�شد ال ّثورة إ‬
‫ال�سالم ّية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ووف�����ود ًا �شعبية م��ن م��ن��اط��ق لبنانية‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬واحل���ف���اظ على‬ ‫ال���وح���دة إ‬ ‫ال�سالم ّية وللمقاومة‪ ،‬ويف‬ ‫للجمهور ّية إ‬ ‫�سماحة ال�س ّيد علي خامنئي‪ ،‬علي أ�كرب‬
‫خمتلفة‪.‬‬ ‫والفقهي ل�سماحته‪ ،‬وعلى‬ ‫ّ‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫امل�شروع‬ ‫دف���اع���ه امل�����س��ت��م��ي��ت ع���ن ق�����ض��اي��ا أال ّم����ة‬ ‫واليتي‪ ،‬ا ّل��ذي أ� ّك��د يف معر�ض تعزيته‪،‬‬
‫وال�صروح رّ‬
‫التبو ّية وال ّرعائ ّية‬ ‫امل ؤ� ّ�س�سات ّ‬ ‫ال�سالم ّية يف مواجهة االحتالل»‪.‬‬ ‫إ‬ ‫أ�نّ «رحيل �سماحة ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬مل‬

‫أالوق���اف ال�سورية‪ ،‬ومطران �صيدا ودير‬


‫القمر للروم الكاثوليك ايلي حداد‪.‬‬ ‫مجالس تأبني للمرجع فضل الله في صور وعيناتا والهرمل‪:‬‬
‫غيابه خ�سار ٌة ال تعوّ�ض‪ ..‬و�إرثه م�ستم ٌر في الأجيال‬
‫وحت���دث يف االح��ت��ف��ال �سماحة العالمة‬
‫ال�سيد حممد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬الذي تناول‬
‫مالمح من �شخ�صية املرجع الكبري الذي‬
‫مل الدنيا علم ًا وحرك ًة وجهادا‪ ،‬كم كانت‬ ‫أ‬ ‫احيت مدينة �صور ذكرى اربعني املرجع‬
‫أ‬
‫كلمات لكل من‪ :‬وزير الوقاف ال�سوري الذي‬ ‫اال����س���ت���ف���ادة م��ن‬
‫روح���ي���ة االن��ف��ت��اح‬ ‫الراحل العالمة حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬
‫مثله م�ست�شاره لل� ؤش�ون الدينية الدكتور‬ ‫يف مركز با�سل اال�سد الثقايف يف �صور‬
‫نبيل �سليمان‪ ،‬امل��ط��ران ح���داد‪ ،‬وال�شيخ‬ ‫ال����ت����ي ج�����س��ده��ا‬
‫الراحل‪.‬‬ ‫يف ل��ق��اء حمل ع��ن��وان التحية للمرجع‬
‫عبد الباري الذي أ�لقى كلمة علماء �سوريا‪،‬‬ ‫ال��راح��ل ودع��ت اليه اجلمعيات االهلية‬
‫املفتي مالك ال�شعار‪ ،‬ورئي�س املنتدى ال�سيد‬ ‫ختام ًا �شكر ال�سيد‬
‫ج��ع��ف��ر ف�����ض��ل اهلل‬ ‫والثقافية يف �صور‪ ،‬حيث قدمت �شهادات‬
‫علي ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫بالعالمة املرجع الراحل(ر�ض) تناولت‬
‫آ‬
‫و���ش��ددت الكلمات على «م���ث��ر العالمة‬ ‫مبادرة اجلمعيات‬
‫يف ������ص�����ور ع��ل��ى‬ ‫م�سريته الدينية واالن�سانية واالدب��ي��ة‬
‫ال���راح���ل‪ ،‬وع��ل��ى ���ض��رورة ت��وح��ي��د الكلمة‬ ‫والفقهية‪ ،‬يف ح�ضور ح�شد من الفاعليات‬
‫واملوقف الذي كان يدعو �إليه الراحل لتعزيز‬ ‫ه������ذه االل���ت���ف���ات���ة‬
‫ال��ك��رمي��ة‪ .‬وحت��دث‬ ‫امل��رج��ع ف�ضل اهلل(ر�����ض) ونظرته اىل‬ ‫وال�شخ�صيات‪.‬‬
‫قوتنا ومنعتنا يف مواجهة التحديات»‪.‬‬ ‫ا�ستهل ال��ل��ق��اء التحية بكلمة للدكتور‬
‫م��ع��دد ًا م��زاي��ا امل��رج��ع ال��ك��ب�ير (ر����ض)‬ ‫االمور االن�سانية وعالقة الدين باملجتمع‪.‬‬
‫ك��م��رج��ع جت���دي���دي ا���س�لام��ي �ستعرف‬ ‫وق��ال‪»:‬ان غياب املرجع ف�ضل اهلل ي�شكل‬ ‫قا�سم �سمحات ع��ر���ض فيها ملرجعية‬
‫الهرمل‪:‬‬ ‫خ�سارة كبرية ال تعو�ض» م ؤ�كدا باملقابل‬ ‫العالمة املرجع الراحل(ر�ض) ودوره يف‬
‫وللمنا�سبة ذاتها‪ ،‬أ�قامت جمعية املربات‬ ‫االجيال القادمة اهمية الفكر الذي قدمه‬
‫لال�سالم‪.‬‬ ‫ع��ل��ى «اه��م��ي��ة االرث ال��دي��ن��ي وال��ث��ق��ايف‬ ‫خمتلف الق�ضايا االجتماعية واالن�سانية‬
‫اخلريية حف ًال ت أ�بيني ًا يف قاعة امل��ودة يف‬ ‫واالدبي واالجتماعي الذي تركه ف�ضل اهلل‬ ‫والدينية‪.‬‬
‫المام زين العابدين (ع) يف الهرمل‪،‬‬ ‫مربة إ‬ ‫واختتم اللقاء بق�صيدة لل�شاعر فاروق‬
‫�شويخ واخرى لل�شاعر ال�سيد مو�سى ف�ضل‬ ‫لالجيال القادمة»‪.‬‬ ‫وا�شار امام بلدة عيناتا ال�سيد علي ف�ضل‬
‫ح�ضره جنل الفقيد ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫وتناول امام م�سجد القد�س ال�شيخ ماهر‬ ‫اهلل يف م��داخ��ل��ت��ه اىل م��وق��ع املرجعية‬
‫مفتي الهرمل ال�شيخ «علي طه» وفعاليات‬ ‫اهلل‪.‬‬
‫ح��م��ود ع���ددا م��ن ال��ع��ن��اوي��ن وامل��ح��ط��ات‬ ‫الكبرية التي احتلها فقيد أالم��ة الكبري‬
‫وح�شد من أالهايل‪.‬‬ ‫عيناتا ‪:‬‬ ‫وم ؤ�ازرته الدائمة للمقاومة‪.‬‬
‫و أ�ق��ام «املنتدى الفكرى إلحياء ال�تراث‬ ‫املتعلقة مب�سرية املرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬مذكرا‬
‫الم���ام الباقر (ع)‬‫و أ�ل��ق��ى مدير ثانوية إ‬ ‫باالعت�صام ال�شهري يف م�سجد االم��ام‬ ‫ورك��ز رئي�س املحاكم الروحية لطائفة‬
‫أ‬
‫ال�ستاذ حممد �سع ّيد كلمة �ك��د خاللها‬ ‫إ‬ ‫العاملي» احتفاال يف ح�سينية بلدة عيناتا‬ ‫الروم امللكيني الكاثوليك املطران يوحنا‬
‫اجل��ن��وب��ي��ة‪ ،‬يف ذك���رى أ�رب��ع�ين العالمة‬ ‫الر�ضا(ع) يف بئر العبد ال�سقاط اتفاق‬
‫اال�ستمرار يف نهج املرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬كما‬ ‫‪ 17‬ايار‪.‬‬ ‫حداد يف �شهادته باملرجع الراحل ف�ضل‬
‫ع��ر���ض فيلم وث��ائ��ق��ي ع��ن ح��ي��اة املرجع‬ ‫املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫اهلل(ر���ض) على جمموع ال�صفات التي‬
‫بعنوان «لقاء التحية»‪ ،‬يف ح�ضور ع�ضو‬ ‫ك��م��ا حت����دث ال���ع�ل�ام���ة ال�����س��ي��د حممد‬
‫الراحل‪.‬‬ ‫ح�سن االم�ين عن روحية وعقل الراحل‬ ‫حت��ل��ى ب��ه��ا‪ ،‬ب���دءا مبرجعيته الفقهية‬
‫بعد ذلك القى جنل املرجع الراحل �سماحة‬ ‫كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الدكتور‬ ‫والدينية و�صوال اىل دوره االن�ساين الرائد‬
‫ح�سن ف�ضل اهلل‪ ،‬ومفتي طرابل�س وال�شمال‬ ‫الكبري(ر�ض) ودوره الالمتناهي يف بث‬
‫ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬كلمة ركز خاللها‬ ‫روح الت أ�خي بني املذاهب واالديان ونتاجه‬ ‫من خالل اجلمعيات الرعائية وال�صحية‬
‫على مزايا الراحل الكبري وحياته وحركته‬ ‫ال�شيخ مالك ال�شعار على ر أ��س وفد‪ ،‬ومفتي‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬
‫دم�شق ال�شيخ ب�شري عبد الباري على ر أ��س‬ ‫الديني واالدبي‪.‬‬
‫الثقافية واجل��ه��ادي��ة وال�سيا�سية‪ ،‬وعلى‬ ‫و����ش���دد ال��دك��ت��ور خ��ل��ي��ل ج����ودي با�سم‬ ‫وتوقف النائب اميل رحمة يف كلمته عند‬
‫م�ستوى يف املجتمع‪.‬‬ ‫وفد علمائي من دم�شق‪ ،‬و وفد من وزارة‬ ‫االنفتاح الكبري الذي كان مييز العالمة‬
‫اجلمعيات االهلية يف �صور على اهمية‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪3‬‬
‫املرجع فضل الله (رض) في حوار يختصر مسيرة حياة (‪:)2‬‬
‫�أ�شعر باالعتزاز ألنّني ا�ستطعت �أن �أفتح عقول النا�س على الحقيقة‪ ،‬وقلوبهم على المحبّة‬
‫عندما �أفارق الحياة‪� ،‬س�أبقى موجود ًا في كلّ هذه الطّ الئع المجاهدة وفي حركة هذا الجيل الر�ساليّ‬
‫ـ يف احلقيقة‪ ،‬ك��ان �س ّيدي الوالد ميتاز‬ ‫ال�صحافة ال�سيا�س ّية‪ ،‬وكنت‬ ‫أالدب ّية أ�و ّ‬
‫ب�شخ�ص ّي ٍة تفي�ض روحان ّي ًة‪ ،‬ولك ّنها كانت‬ ‫التجمات لبع�ض‬ ‫يف ذل��ك الوقت أ�ق��ر أ� رّ‬
‫�شخ�ص ّي ًة مو�ضوع ّية‪ ،‬فقد كنت يف طفولتي‬ ‫الق�ص�ص أ�و ال�� ّرواي��ات الفرن�س ّية‪ ،‬ما‬
‫أ�ناق�شه يف درو�سي ا ّلتي أ�در�سها عليه و أ�نا‬ ‫جعلني أ�نفتح على هذا العامل‪ ،‬و�إن كان‬
‫الطعام معه‪...‬‬ ‫على مائدة ّ‬ ‫ب�شكل ���ض��ب��اب��ي‪ ،‬وجعلني أ�ح��� ّ��س بهذه‬ ‫ٍ‬
‫كان يفتح يل عقله وقلبه‪ ،‬وكانت رحلتي‬ ‫ال ّنب�ضة احلرك ّية يف وجداين‪..‬‬
‫معه رحلة ح��وار‪ .‬حتى � إ ّن��ن��ي كنت أ�ق��ول‬ ‫احلركي مبكر ًا‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم‬‫فلقد اكت�شفت إ‬
‫ال�شباب‪« :‬يا �س ّيدي‪،‬‬ ‫له يف بع�ض مدارج ّ‬ ‫�سالمي‪ ،‬ف أ�نا‬
‫ّ‬ ‫قبل أ�ن يكون هناك ٌ‬
‫حزب � إ‬
‫فلنتحدّث يف ال ُكف ِْريات»‪ ..‬و أ�ق�صد بها‬ ‫مل أ�نتظم يف ذل��ك ال��وق��ت‪ ،‬ال يف حركة‬
‫الطلق‪،‬‬ ‫امل�سائل ا ّلتي ال تناق�ش يف الهواء ّ‬ ‫ال�� ّت��ح��ري��ر ا ّل��ت��ي ك��ان��ت م��وج��ودة‪ ،‬وال يف‬
‫حتليل‬
‫جدل وحتتاج �إىل ٍ‬ ‫ولك ّنها حتتاج �إىل ٍ‬ ‫الخوان امل�سلمني‪ ،‬ولك ّني كنت أ�عي�ش قلق‬ ‫إ‬
‫وحتقيق‪ .‬وك��ان �صدره يتَّ�سع يل‪ ،‬وكنت‬ ‫ال�سالم‪ ،‬حتى �إنيّ كنت يف حواراتي مع‬ ‫إ‬
‫أ�جده يف أ� ّية حلظ ٍة من ال ّلحظات عندما‬ ‫أ‬
‫خمتلف الت ّيارات يف لبنان �و يف العراق‪،‬‬
‫ال���ش��ك��االت‪ ،‬يف هذه‬ ‫أ�ث�ير أ�م��ام��ه بع�ض إ‬ ‫كنت أ�حت��دّث ك أ�يِّ � إن�سانٍ م�سلم يتحدّث‬
‫ال ّروح احلوار ّية املنفتحة ا ّلتي ال تتع ّقد من‬ ‫نا�س �آخرين يلتزمون تيارات أ�خرى‪.‬‬ ‫مع أ� ٍ‬
‫�س ؤ� ٍال وال حترج منه‪ ..‬كان الف�ضل فيها‬ ‫ومن الطبيعي أ�نّ ثقافتي مل تكن بامل�ستوى‬
‫املعاصرون واملسؤوليّة‬ ‫احللقة الثانية م��ن احل���وار م��ع �سماحة‬
‫يعود �إليه‪ .‬فال�س ّيد الوالد مل يكن مق َّد�س ًا‬ ‫الذي ميكنني أ�ن أ� ؤ� ّك��د من خالله الفكر‬
‫ـ �إنّ ك��ث�ير ًا م��ن ا ّل��ذي��ن ع��ا���ش��وا معكم‬ ‫العالمة املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬
‫منغلق ًا‪ ،‬بل كان منفتح ًا‪.‬‬ ‫ب�شكل كبري‪ ،‬لكنّ اهلل �سبحانه‬ ‫ال�سالمي ٍ‬ ‫إ‬ ‫وع��ا���ص��روك��م‪ ،‬وم���ن ا ّل��ذي��ن ك��ان��ت لهم‬ ‫اهلل‪ ...‬ال���ذي يخت�صر م�سرية حياته‪،‬‬
‫وت��ع��اىل أ�عانني يف تلك احل��ال��ة‪ ،‬فكنت‬
‫ذهن ّيات وعقل ّيات على م�ستوى كبري‪..‬‬ ‫ال�سالم وح ّرم‬ ‫قائد ًا ر�سال ّي ًا حمل هم إ‬
‫أ�ح ِّقق جناح ًا مع ا ّلذين أ�حاورهم‪.‬‬
‫مل نرهم يعي�شون امل�ستوى املطلوب من‬ ‫الراحة على نف�سه‪ ،‬وجم��دد ًا ق ّلما يجود‬
‫ـ و ُب�� ْع�� ُدك��م ع��ن ال��ع��امل م��ن خ�لال أ�ج��واء‬
‫إ نّني أ ؤ من بحقيقةٍ ‪ ،‬و هي‬ ‫امل�س ؤ�ول ّية كما تعي�شون؟‬ ‫الزمان مبثله‪ ،‬حارب التخلف واخلرافة‬
‫ال ّنجف؟‬
‫حتب ا لّذين‬
‫ّ‬ ‫أنّ عليك أن‬ ‫ـ رمبا كان الفرق بيني وبني أ��صدقائي‪،‬‬ ‫ب��روح امل�صلح ال���ر ؤ�وف‪ ...‬و�إن�سان ًا مي ّثل‬
‫ـ مل أ�كن بعيد ًا عن العامل‪ ،‬بل كنت بعيد ًا‬
‫وحتب‬
‫ّ‬ ‫يخاصمونك لتهديهم‪،‬‬ ‫ه��و أ� ّن��ه��م ك��ان��وا من�سجمني م��ع البيئة‪،‬‬ ‫الن�سانية املنفتحة على احلياة‪..‬‬ ‫حقيقة إ‬
‫الّذين يوافقونك لتتعاون معهم‪.‬‬ ‫لدي طفولة‬ ‫الطفولة‪ ،‬مل تكن َّ‬ ‫عن مالعب ّ‬
‫ويعي�شون ك ّل مفرداتها‪ ،‬وال يتط ّلعون �إىل‬ ‫احلب‪،‬‬
‫�إنه القلب الكبري الذي مل يعرف �إال ّ‬
‫إنّ احلياة ال تتحمّل احلقد‪ ..‬احلقد‬ ‫متح ّركة كما كانت لدى أالطفال‪ ،‬كانت‬
‫أ�بعد منها‪ ،‬بل رمبا كانوا ي�شعرون ب أ�نّ‬ ‫وات�سع جلميع النا�س‪ ..‬والعقل املنفتح‬
‫موت واحملبّة حياة‬ ‫ال ّنجف تثري احلزن‪ ،‬باعتبار أ� ّنها كانت‬
‫االبتعاد عن مفردات البيئة‪ ،‬والتط ّلع �إىل‬ ‫الذي اقتحم كل آالف��اق‪ ،‬ليقدم اال�سالم‬
‫ت�����س��ت��ورد ك��� ّل ج��ن��ائ��ز ال���ع���راق يف وادي‬
‫�آفاقٍ جديدة‪ ،‬ي�سيء �إىل مواقعهم‪ ،‬أ�و �إىل‬ ‫احل�����ض��اري ل��ل��ع��امل اج��م��ع‪ ،‬وامل��رج��ع��ي��ة‬
‫ال��� ّ��س�لام (امل��ق�برة امل�����ش��ه��ورة)‪ ،‬وكنت‬ ‫روحان ّيتهم‪ ،‬أ�و ي�سيء �إىل ما ّ‬
‫الرّاحة عليَّ حرام‪:‬‬ ‫يخططونه‬ ‫الجتهاد‬ ‫املنفتحة املعا�صرة التي فتحت إ‬
‫كل هذه‬ ‫حت�س�س امل أ��ساة العا�شورائ ّية يف ِّ‬ ‫أ� َّ‬
‫علي حرام»‪ .‬ما هو م�ستندكم‬ ‫ـ «ال ّراحة َّ‬ ‫م�ستقبل يدفعهم �إىل أ�ن يح�صلوا على‬ ‫ٍ‬ ‫من‬ ‫على �آفاق الفكر و إ‬
‫الن�سان‪..‬‬
‫العادات أ�و ك ّل هذه املواكب‪.‬‬ ‫ال ّثقة من ال ّنا�س بهذه ّ‬
‫احلركي لذلك؟ وهل ا�ستطعت‬ ‫ّ‬ ‫الفقهي ـ‬
‫ّ‬ ‫الطريقة التقليد ّية‬ ‫�سماحة امل��رج��ع ال��راح��ل (ر���ض��وان اهلل‬
‫ولكن كما قلت‪ :‬لقد أ�عانتني على ذلك‬
‫فع ًال أ�ن ال ترتاح؟‬ ‫املعروفة يف البيئة ال ّنجف ّية‪ ،‬وغريها من‬ ‫جابات تقدم �صورة عن هذه‬ ‫عليه) يف � إ ٍ‬
‫ق���راءات���ي املنفتحة م��ن ج��ه��ة‪ ،‬و�ساحة‬
‫الفقهي هو «قاعدة امل�س ؤ�ول ّية»‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ـ �إنّ امل�ستند‬ ‫احلوزات‪.‬‬ ‫ال�سالمية الف ّذة‪ ،‬التي م َثلت‬ ‫ال�شخ�صية إ‬
‫التحدّي ا ّلتي كنت أ�عي�ش الوعي فيها من‬
‫حت�س�س أ�نني أ��ستطيع أ�ن‬ ‫ف أ�نا عندما أ� َّ‬ ‫بينما كنت منذ البداية أ�ط�� ُّل على عا ٍمل‬ ‫حركة النبوة يف خ ُلقها وم�سريتها وحياتها‬
‫جه ٍة ثانية‪.‬‬
‫ال�سالم بحاج ٍة‬ ‫ال�سالم أ�كرث‪ ،‬و أ�ن إ‬ ‫أ�خدم إ‬ ‫ال�صحافة‬ ‫�آخ��ر‪ ،‬كنت أ�ق��ر أ� مبكر ًا‪ ،‬أ�ق��ر أ� ّ‬ ‫التي كانت �إ�سالما يتحرك‪..‬‬
‫طاقات أ�كرث‪ ،‬و أ�نّ ال ّنا�س‬
‫ٍ‬ ‫�إىل ما أ�ملكه من‬ ‫ال�صحافة‬ ‫امل�صر ّية مث ًال‪� ،‬سواء كانت ّ‬
‫الوالد والقداسة‪:‬‬
‫بحاج ٍة �إىل أ�ن أ�ح ّرك جتربتي يف حياتهم‬ ‫ـ الواقع دائم ًا يتعامل مع ال ّرجل املق َّد�س‬
‫أ�كرث‪ ،‬ف� إ ّنني أ��شعر ب أ�نّ م�س ؤ�ول ّيتي متنعني‬ ‫بقدا�سة‪ ،‬ووال��د ال�س ِّيد ك��ان متم ّيز ًا يف‬ ‫عندما أحتسَّ س أنني أستطيع أن أخدم اإلسالم واإلنسان أكثر‪،‬‬
‫من أ�ن أ�عي�ش حالة ف��راغ‪ ،‬أ�و أ�ن أ�عي�ش‬ ‫قدا�سته‪ ،‬كيف جتاوزمت هذه احلالة من‬ ‫فإنّني أشعر بأنّ مسؤوليّتي متنعني من أن أعيش حالة الراحة في‬
‫حالة راحة الهية عابثة‪ .‬لذلك‪ ،‬ف أ�نا أ�عي�ش‬ ‫خالل عالقتكم ب�سماح ِته؟‬ ‫حياتي‬

‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪4‬‬
‫أ�ن أ�عي�ش مع ك ّل ال ّنا�س دون أ�ن أ�جد‬ ‫�شيءٍ من املح ّبة العقل ّية‪ ،‬رغب ًة يف أ�ن‬ ‫ويحب‬
‫ّ‬ ‫يحب اجل��م��ال‪،‬‬
‫�شاعر ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ك� إن�سانٍ‬
‫حاجز بيني وبني أ�حد‪.‬‬ ‫هناك أ� ّي ٍ‬ ‫الن�سان ع َّما هو فيه من‬ ‫يبتعد هذا إ‬ ‫ويحب احلياة‪ ..‬لك ّني مل أ�ع�ش يف‬ ‫الطبيعة ّ‬ ‫ّ‬
‫كنت ـ وال أ�زال ـ أ�عي�ش مع أالطفال‬ ‫خط أ�‪ ،‬أ�و ع َّما هو فيه من تخ ّلف‪.‬‬ ‫الطبيعة‪ ،‬أ�و‬
‫كل حياتي هذا اال�سرتخاء يف ّ‬ ‫ِّ‬
‫ال�شباب �شبابهم‪ ،‬ومع‬ ‫طفولتهم‪ ،‬ومع ّ‬ ‫ـ «مل أ�ع�ش العقدة من أ�حد»‪ ،‬مت ُّيز يف‬ ‫اال�سرتخاء أ�مام حاالت ال ّلهو والعبث يف‬
‫ال�شيوخ �شيخوختهم‪ ،‬كنت أ�حاول أ�ن‬ ‫ّ‬ ‫ال ّذات عن طريق ال ّر�سالة‪ ،‬لكن أ�لي�س‬ ‫احلياة‪ ،‬قد يكون ذلك مزاج ًا‪ ،‬ولك ّنه يف‬
‫أ�عي�ش �إن�سان ّيتي يف �إن�سان ّية آالخرين‪،‬‬ ‫ال�صعوبة أ� ّال نعي�ش العقدة ممن‬ ‫من ّ‬ ‫الوقت نف�سه مي ّثل ك ّل أ��سلوب حياتي‪ ،‬ف أ�نا‬
‫وحتى آالن‪ � ،‬إ ّنني أ��شعر ب أ� ّنني كبري‬ ‫يحارب ال ّر�سالة؟‬ ‫قد ال أ�جد الوقت الذي أ�فر ُغ فيه لنف�سي‬
‫ال�صغار من‬ ‫ج��د ًا عندما أ�جل�س مع ّ‬ ‫أ‬
‫ـ العقدة ت أ�كل �صفاءك؛ ف�ن تتع ّقد‪،‬‬ ‫الطريق �إىل‬ ‫أ�و ألهلي حتى آالن و أ�ن��ا يف ّ‬
‫يل‪.‬‬ ‫الطفو ّ‬‫أ�جل أ�ن أ�حدِّ ثهم ب أ��سلوبهم ّ‬ ‫يعني أ�ن متنع نف�سك من هذه ال ّرحابة‬ ‫ال�سبعني‪.‬‬‫ّ‬
‫وقت و�آخر �إىل‬ ‫ف أ�نا أ�ذهب دائم ًا بني ٍ‬ ‫الن�سان ّية‪ ،‬لكن ميكن أ�ن تواجه ما‬ ‫إ‬
‫ربات أاليتام التي أ�رعاها‪ ،‬ألجل�س‬ ‫م ّ‬ ‫ّ‬
‫ميثل العقدة عند ال��ن��ا���س‪ ،‬بتحويل‬ ‫ّ‬ ‫ال أ�حمل يف قلبي حقد ًا على أ�حد‪:‬‬
‫أ‬
‫م��ع الي���ت���ام‪ ،‬و�خ��ط��ب فيهم خطبة‬ ‫أ‬ ‫امل�س أ�لة �إىل حال ٍة فكر ّية‪ ،‬تناق�ش فيها‬ ‫ـ «ال أ�ح��م��ل يف قلبي ح��ق��د ًا على أ�ح��د»‪،‬‬
‫بال�سلوب‬ ‫طفول ّية أ�ح�� ّدث��ه��م فيها أ‬ ‫ما يح ّركونه‪ ،‬أ�و ما ي�سريون فيه‪ ،‬أ�و ما‬ ‫مرتبة عالية يف �إن�سان ّيتكم‪ ،‬هل ميكن‬
‫يل ج ّد ًا ع ّما �آمله فيهم‪.‬‬ ‫الطفو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ينطلقون به‪.‬‬ ‫أ�ن تتحدّثوا عن ذلك مع ك ّل هذا اجل ّو‬
‫�إن��ن��ي أ�ع��ت�� ُّز ب��ك�� ّل ه��ذا اجل��ي��ل ا ّل��ذي‬ ‫احلاقد عليكم؟‬
‫�شاركت يف �صنع فكره‪ ..‬وق ّمة االعتزاز‬ ‫التّنازل في احلوار‪:‬‬ ‫‪-‬لقد تع َّلمت من ر�سول اهلل(�ص) ذلك‪،‬‬
‫ع���ن���دي‪ ،‬يف ه����ذا اجل��ي��ل امل��ج��اه��د‬ ‫وو�ضوح الكلمة يف ما أ�راه‪.‬‬ ‫ـ البع�ض يتّهمكم ب أ� ّنكم تنازلتم حوار ّي ًا‬ ‫عندما ق���ر أ�ت �سريته‪ ،‬ور أ�ي���تُ أ� ّن���ه كان‬
‫احل��رك ّ��ي‪� ،‬سواء اجليل ا ّل��ذي انطلق يف‬ ‫لذلك‪ ،‬ف�إ ّنني أ�ت�ص ّور أ�نّ ا ّلذين يتحدّثون‬ ‫عن كث ٍري من املبادئ لبع�ض االعتبارات‪،‬‬ ‫مفتوح القلب لك ّل ال ّنا�س‪ ،‬و أ� ّنه كان يقول‪:‬‬
‫ال�سالم ّية يف العراق وامت ّد �إىل‬ ‫احلركة إ‬ ‫الطريقة‪ ،‬ال ميلكون مناق�شة بع�ض ما‬ ‫بهذه ّ‬ ‫مثل الوحدة أ�و مراعاة �إن�سان ّية آالخر‪...‬‬ ‫«ال�� ّل��ه ّ��م اه ِ��د قومي ف�إ ّنهم ال يعلمون»‪،‬‬
‫أ�بعد منها‪� ،‬و اجليل ا ّلذي انطلق يف لبنان‬ ‫أ‬ ‫أُ� ْط ِلقُ من فكر‪ ...‬ولذلك ف� إ ّنهم ي�ضعونه يف‬ ‫ـ أ�ما � إ ّنني أ�تنازل ع ّما أ�نا فيه حتت ت أ�ثري‬ ‫علي(ع)‪ ،‬عندما كان‬ ‫وتع ّلمت ذلك من ّ‬
‫وا�ستطاع أ�ن يح ّرر لبنان من االحتالل‪.‬‬ ‫دائرة املجاملة حفاظ ًا على الوحدة أ�و ما‬ ‫ال��وح��دة؛ فهذا أ�م��� ٌر أ�حت���دّى ك�� َّل ال ّنا�س‬ ‫ال�ش ّر من �صدر غريك‬ ‫يقول‪« :‬اح�صد ّ‬
‫� إ ّن��ن��ي أ��شعر ب أ����نيّ م��وج��ود يف ك�� ّل حرك ِة‬ ‫�شابه ذلك‪ .‬وهكذا ف�إنيّ أ�عتقد أ�نّ علينا‬ ‫(مبح ّبة) أ�ن يثبتوا م��ف��رد ًة فيه‪ � .‬إ ّنني‬ ‫بقلعه من �صدرك»‪.‬‬
‫�شهيدٍ ‪ ،‬ويف ك ّل انطالقة جماهدٍ ‪ ،‬ويف ك ّل‬ ‫أ�ن جنيب ال�س ّنة عن أ��سئلتهم‪ ،‬وهذه كتبي‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬ولكن ال أ� ؤ�من‬ ‫أ� ؤ�من بالوحدة إ‬ ‫�إنني أ�ت أ����لمّ مما يتح ّرك به ه ؤ����الء‪ ،‬وال‬
‫انفتاحة هذا اجليل ا ّلذي ينطلق �سيا�س ّي ًا‬ ‫تتحدّث عن �إجابتي لل�س ّنة عن كث ٍري من‬ ‫ال�سالم ا ّلذي أ�عتقده‬ ‫بالتّنازل عن بع�ض إ‬ ‫أ�دّعي لنف�سي أ�ين أ�بتعد عن أالحا�سي�س‬
‫وثقاف ّي ًا‪..‬‬ ‫المامة‪ ،‬و أ�ن أ�جيب امل�سيح ّيني‬ ‫أ��سئلتهم يف إ‬ ‫من أ�ج��ل أ�ن ير�ضى آالخ��ر‪ � .‬إ ّنني أ�عتقد‬ ‫وامل�شاعر‪ ،‬فقد ك��ان ر���س��ول اهلل(���ص)‬
‫و أ�ن��ا أ��شعر ب أ� ّنني عندما أ�ف��ارق احلياة‪،‬‬ ‫ال���س�لام‪ ،‬وه��ذه كتبي تتحدّث عن‬ ‫ح��ول إ‬ ‫ال�سالم ّية ال ب ّد من أ�ن تكون‬ ‫أ�نّ الوحدة إ‬ ‫كما حدّثنا اهلل تعاىل عنه‪ ،‬يحزن‪ ،‬وكان‬
‫الطالئع ولو‬ ‫ف�س أ�بقى موجود ًا يف ك ّل هذه ّ‬ ‫ال�سالم أ�مام امل�سيح ّية‬ ‫عر�ض وجهة نظر إ‬ ‫وحد ًة واقع ّي ًة تنطلق من خالل ال ّلقاء على‬ ‫ال�ضيق مما ميكرون‪ ،‬لذا قال اهلل‬ ‫يعي�ش ّ‬
‫بن�سبة مع ّينة‪ ،‬وال أ� َّدع��ي أ� ّنني أ��ستقطب‬ ‫ب��ك�� ّل ���ص��راح��ة وو����ض���وح‪ ،‬وه��ك��ذا أالم���ر‬ ‫ما يتّفق عليه امل�سلمون‪ ،‬وم��ن ال��ر ّد �إىل‬ ‫حتزَ ن عليهم وال ت ُكنْ يف ٍ‬
‫�ضيق‬ ‫له‪} :‬وال ْ‬
‫وجود ه ؤ�الء‪ ،‬ولكن أ��شعر ب أ� ّنني جزء من‬ ‫اهلل وال ّر�سول مبا يختلف فيه امل�سلمون‪،‬‬ ‫مما ْمي ُك ُرون{(ال ّنمل‪ ،)70:‬لك ّني أ�حاول‬ ‫َّ‬
‫حركتهم اجلهاد ّية وال�سيا�س ّية والثقاف ّية‪،‬‬ ‫أشعر بأنّي موجود في‬ ‫ين‪} :‬ف�إن تنازعتم يف‬ ‫تبع ًا للتوجيه القر�آ ّ‬ ‫ال�ضعف التي‬ ‫دائ��م�� ًا أ�ن أ�در�����س ن��ق��اط ّ‬
‫و أ�رج����و أ� ّال أ�ك���ون ق��د أ�خ��ط أ���ت يف فكر ٍة‬ ‫كلّ حركةِ شهيدٍ ‪،‬‬ ‫�شيءٍ ف ُردُّوه �إىل اهلل وال ّر�سول{(ال ّن�ساء‪:‬‬ ‫فر�ضت عليهم ذلك‪ ..‬كنت أ�در�س التخ ّلف‬
‫غر�ستها هنا‪ ،‬ويف �شعو ٍر انفتحت فيه‬ ‫وفي كلّ انطالقة‬ ‫‪.)59‬‬ ‫ا ّلذي يعي�شون فيه‪ ،‬واجلهل ا ّلذي يعي�شون‬
‫هناك‪.‬‬ ‫مجاهدٍ‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة ال تعني ـ وقد‬ ‫�إنَّ ال��وح��دة إ‬ ‫فيه‪ ،‬والذات ّيات التي ي��دورون يف فلكها‪،‬‬
‫يعي‬
‫ال�ش ّ‬ ‫�ص َّرحنا بذلك مرار ًا ـ أ�ن يتنازل ّ‬ ‫ولذلك كنتُ أ��ش ِفقُ عليهم من أ�نف�سهم‬
‫قدوتي رسول الله (ص) وعلي(ع) ‪:‬‬ ‫بال ّن�سبة �إىل العلمان ّيني‪ ،‬وهكذا أالم��ر‬ ‫ال�س ّني من دون‬ ‫عن مذهبه لري�ضى عنه ّ‬ ‫أ�كرث مما أ��شفق على نف�سي منهم‪.‬‬
‫هم �شخ�صية أ� ّث��رت فيكم على‬ ‫ـ ما هي أ� ّ‬ ‫بال ّن�سبة �إىل الق�ضايا ال�سيا�س ّية‪ .‬أ�عتقد‬ ‫أ����س��ا���س‪ ،‬أ�و يتنازل ال�س ّني ع��ن مذهبه‬ ‫� إ ّنني أ� ؤ�م��ن بحقيق ٍة‪ ،‬وهي أ�نّ عليك أ�ن‬
‫م�ستوى التح ّول؟‬ ‫أ�نيّ أ�طلقت ك َّل ت�صريحاتي بطريق ٍة من‬ ‫يعي من دون أ��سا�س‪ ،‬بل أ�ن‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫لري�ضى ّ‬ ‫���ب ا ّل��ذي��ن يخا�صمونك لتهديهم‪،‬‬ ‫حت ّ‬
‫ـ � إ ّن��ن��ي ال أ�ت�����ص�� ّور آالن �شخ�ص ًا ممن‬ ‫و�ضوح ال ّر ؤ�ية ّ‬
‫وال�صراحة‪.‬‬ ‫بحبل اهلل جميع ًا يف امل�ساحة‬ ‫ِ‬ ‫نعت�صم‬ ‫وحتب ا ّلذين يوافقونك لتتعاون معهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عاي�شته‪ ،‬ك��ان ل��ه ه��ذا أالث���ر يف التح ّول‬ ‫التي نلتقي عليها يف ه��ذا احل��ب��ل‪ ،‬و أ�ن‬ ‫�إنّ احلياة ال تتح ّمل احلقد‪ ..‬احلقد موت‬
‫عندي‪ ،‬ولك ّني أ��ستطيع أ�ن أ� ؤ� ّكد أ�نّ ر�سول‬ ‫اجليل الر�سايل‪:‬‬ ‫نتحاور ونتجادل با ّلتي هي أ�ح�سن‪ .‬لذلك‬ ‫واملح ّبة حياة‪ ،‬و أ�نا أ�ريد أ�ن أ�حيا وال أ�ريد‬
‫اهلل(���ص) كان له أ�بلغ أالثر يف كث ٍري من‬ ‫ـ أ�نا قابلت يف حياتي من يقول‪� :‬إنّ ال�س ّيد‬ ‫ف�إ ّنني مل أ�تنازل عن أ� ّي ر أ� ٍي مما أ�عتقد‬ ‫أ�ن أ�موت‪.‬‬
‫ك ّل هذه احلياة ا ّلتي ع�شتها‪ ،‬وال ّثاين هو‬ ‫ف�ضل اهلل مركز حت ّول يف حياتي‪ ،‬و أ�عتقد‬ ‫أ� ّن��ه احل��قّ ‪� ،‬سواء يف ح��واري يف امل�س أ�لة‬ ‫�لا ـ يف ه��ذه الفرتة‬ ‫ـ ه��ل ا�ستطعتم ف��ع ً‬
‫علي(ع) ا ّلذي أ�عي�ش الت�ص ّوف يف‬ ‫المام ّ‬ ‫إ‬ ‫أ�نّ الكثري م��ن حملة ال��وع��ي ك��ذل��ك‪ .‬ما‬ ‫وال�شيعة‪ ،‬أ�و‬ ‫ال�سالم ّية يف دائ��رة ال�س ّنة ّ‬ ‫إ‬ ‫امل�شحونة �ض َّدكم ـ أ�ن حت ُّبوا من َح َقدَ‬
‫أ‬
‫االنفتاح عليه‪ ،‬بحيث �إنيّ ال �ملك نف�سي‬ ‫تعليقكم؟ وما ر�سالتكم �إليهم؟‬ ‫أ‬
‫ال�سالم ّية ـ امل�سيح ّية‪� ،‬و يف‬ ‫أ‬
‫يف امل�س�لة إ‬ ‫عليكم؟‬
‫عندما أ�حت�� َّدث عنه‪ ،‬و أ��شعر ب أ���نيّ أ�ذوب‬ ‫ال�سالم ّية ـ العلمان ّية‪ .‬لقد كانت‬ ‫امل�س أ�لة إ‬ ‫ـ � إ ّنني أ��ستطيع أ�ن أ�ق��ول � إ ّنني ال أ�حقد‬
‫ح ّب ًاو�إعجاب ًاوتعظيم ًاله‪ ،‬ألنّ عل ّي ًا(ع)عا�ش‬ ‫ـ � إ ّنني أ��شعر باالعتزاز أل ّنني ا�ستطعت أ�ن‬ ‫م�شكلتي أ� ّنني كنت أ�ملك و�ضوح ال ّر ؤ�ية‬ ‫عليه‪ ،‬ورمب��ا يتح َّول ه��ذا الالحقد �إىل‬
‫ال�سالم ك ّله‪،‬‬‫رحابة احلياة ك ّلها‪ ،‬ورحابة إ‬ ‫أ�فتح عق ًال على ما أ�عتربه احلقيقة‪ ،‬و أ�ن‬
‫ورحابة احلقيقة يف ك ّل مفرداتها‪ .‬ومن‬ ‫أعت ُّز بكلّ هذا اجليل الّذي شاركت في صنع فكره‪ ..‬وقمّة االعتزاز عندي‪ ،‬أ�فتح قلب ًا على ما أ�دعو �إليه من املح ّبة‪،‬‬
‫الن�سان باحل�سني(ع)‬ ‫بيعي أ�ن يلتقي إ‬‫الط ّ‬ ‫ّ‬ ‫في هذا اجليل املجاهد احلركيّ ‪ ،‬الّذي انطلق في احلركة اإلسالميّة في و أ�ن أ�فتح حيا ًة على اخل ِّ��ط امل�ستقيم‪..‬‬
‫أ‬
‫والئ ّمة من ذ ّر ّيته‪.‬‬ ‫العراق وامتدّ إلى أبعد منها‪ ...‬أو اجليل الذي استطاع أن يحرّر لبنان من‬
‫� إ ّنني أ��شعر ب أ���نّ اهلل يف أ�لطافه منحني‬
‫االحتالل‬

‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪5‬‬
‫القدرة على �إيقاف موجات احلمالت‬

‫فال�س ّيد ف�ضل اهلل ـ رحمه اهلل ـ دخل‬


‫املغر�ضة‪.‬‬ ‫فضل الله واإلنتاج الثّقافيّ لبيئة المقاومة‬
‫منعطف جديدٍ بعد ت�صدّيه ل� ؤش�ون‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬ ‫يح�صن احلالة ال ّلبنان ّية يف أ�طرها‬ ‫جا ّد ّ‬ ‫سلمان عبد احلسني*‬
‫أ‬
‫املرجع ّية خارج �طر املرجع ّية التّقليد ّية‬ ‫الطائف ّية واملذهب ّية‪.‬‬ ‫لعلّ أه ّم إجنا ٍز ميكن أن يرصده املتابع واملراقب للحدث اللّبنانيّ ‪ ،‬وحتديد ًا‬
‫يف ال ّنجف أال���ش��رف وق ّ��م‪ ،‬بعد رحيل‬ ‫أ�ن احليو ّية واحلركة ال�سل�سة واالن�سيابية‬
‫حركة املقاومة اإلسالميّة‪ ،‬ليس اإلجناز العسكريّ احملض‪ ،‬بل القدرة على‬
‫ال�صف أال ّول من املراجع املت�صدّية‬ ‫ّ‬ ‫والعبقرية التي اجنزتها املقاومة‪ ،‬مل تكن‬
‫لهذا ال��دّور يف عقد ال ّثمانينيات من‬ ‫لتح�صل لوال الت أ��سي�س الثقايف الذي أ� ّ�س�س‬ ‫اإلجناز وحتقيق انتصارات نوعيّة واستثنائيّة على مستوى األمّ ة العربية‬
‫القرن املا�ضي‪.‬‬ ‫له ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬وحركة أالف��ق التي‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬في بيئةٍ من أكثر البيئات السياس ّيًة تعقيداً‪ ،‬في صورة تعدّ دية‬
‫وقبل ذل��ك‪ ،‬كانت �إ�شراقاته الفكر ّية‬ ‫فتحها �إىل عنان ال�سماء‪ ،‬مبا جعل املقاومة‬ ‫متشابكة قلّ نظيرها في العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫وت أ������س��ي�����س��ات��ه احل��رك�� ّي��ة ذات زخ ٍ���م‬ ‫ين‪،‬‬ ‫جماع يف الدّاخل ال ّلبنا ّ‬ ‫حتظى ب�شبه � إ ٍ‬ ‫ففي الوقت ا ّلذي ال تنجح فيه البلدان رف�ض أ�غلب القوى ال�سيا�س ّية يف لبنان‬
‫ا�ستثنائي عند اجلميع‪ ،‬ال تكاد تخ�ضع‬ ‫ّ‬ ‫الطائفي‬
‫ّ‬ ‫م�ساحات من داخل احل ّيز‬ ‫ٍ‬ ‫وخلق‬ ‫ذات امليل ال��واح��د وال�� ّل��ون ال��واح��د يف لهذه احلالة امل�ستجدّة‪.‬‬
‫للمناق�شة ال��ب�� ّت��ة‪ ،‬وح��ت��ى الكثري من‬ ‫يغطي حركة املقاومة‬ ‫واملذهبي لكل ّطائف ٍة ّ‬ ‫ّ‬ ‫اج�ت�راح معجزة االنت�صار احلا�صل وحدها كانت اال�ستقامة الدّين ّية املف�ضية‬
‫أ�ط��روح��ات��ه الفكر ّية وال��ع��ق��د ّي��ة التي‬ ‫وي ؤ� ّمنها‪ ،‬وي�ضمن لها اال�ستمرار ّية‪.‬‬ ‫�سرائيلي كعد ّو‬ ‫ال‬‫التوجه �إىل العد ّو إ‬ ‫يف لبنان‪ ،‬مع وج��ود مق ّومات الوحدة �إىل ّ‬
‫ولوال نافذة أالفق التي فتحها ف�ضل اهلل‬ ‫ّ‬
‫اعت�ض عليها بعد ت�صدّيه للمرجع ّية‪،‬‬ ‫رُ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫وانعدام عنا�صر التّعقيد بني مك ّونات وحيد يجب ط��رده من الر����ض املحتلة‪،‬‬
‫الجماع ال مرحلة‬ ‫كانت نتاج مرحلة إ‬ ‫با إلنتاج ال ّثقا ّيف لبيئة املقاومة يف ن�سختها‬ ‫املجتمع‪ ،‬ينجح لبنان بالتعدّد القائم هي التي ع�صمت املقاومة من الدّخول‬
‫اخل�لاف عليه‪ ،‬ولكن كما هي العادة‬ ‫ال ّلبنان ّية‪ ،‬لكان ح��زب اهلل قد ا�صطدم‬ ‫ع��ل��ى التعقيد امل��ذه��ب ّ��ي وال��ط��ائ��ف ّ��ي‪ ،‬يف حرب أ�هل ّية‪ ،‬لكن ذلك مل يكن كافي ًا‬
‫عند كبار القوم من العلماء‪ ،‬فقد حت ّول‬ ‫اخلا�صة‬‫ّ‬ ‫بالعناوين العقائد ّية والثور ّية‬ ‫واحل�����س��ا���س�� ّي��ة امل��ذه��ب�� ّي��ة وال ّ��ط��ائ��ف�� ّي��ة لرفع العزلة عن املقاومة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا أ�نّ‬
‫ال��ت�����ص��دّي للمرجع ّية‪� ،‬إىل مواجه ٍة‬ ‫ا ّلتي واكبت انطالقته‪ ،‬ومل يكن حتى مع‬ ‫اخلا�ص‪ ،‬كان يحدّثها‬ ‫ّ‬ ‫العقائدي‬
‫ّ‬ ‫املفرطة يف حتقيق ذل��ك‪ ،‬مبا يف�ضي قامو�سها‬
‫�شامل ٍة مع ال�س ّيد ف�ضل اهلل من بع�ض‬ ‫اخلط والعقيدة أ�ح�سن حا ًال من‬ ‫�سالمة ّ‬
‫ال�سالم ّية على غرار الدّولة‬ ‫�إىل فراد ٍة فائق ٍة حتتاج �إىل منهج تت ّب ٍع بحلم الدّولة إ‬
‫قم‬‫جماميع طلبة العلوم الدّين ّية يف ّ‬ ‫الكثري من احلركات الثور ّية واجلهاد ّية‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة يف �إي����ران‪ ،‬يف جت��اه ٍ��ل غري‬ ‫نوع �آخر للو�صول �إىل كلمة‬
‫ال��ت��ي ت��ع�� ّق��د و���ض��ع��ه��ا ب�سبب احل��واج��ز‬
‫إ‬ ‫وتق�ص من ٍ‬ ‫ٍّ‬
‫لفي يف‬ ‫حتديد ًا‪ ،‬وبع�ض ر ّواد الفكر ّ‬
‫ال�س ّ‬ ‫مق�صود‪ ،‬و�إمن���ا ول��ي��د حالته وظ��روف��ه‪،‬‬ ‫العجاز‪.‬‬ ‫ال�س ّر التي أ�نتجت هذا إ‬ ‫ّ‬
‫ال�ساحة ال�شيع ّية‪ ،‬ممن أ�ذكوا اخلالف‬ ‫الدّاخل ّية التي ا�صطدمت بها‪ .‬لكن �شاء‬ ‫النتاج لطبيعة ال��ت��ن�� ّوع ال ّ��ط��ائ��ف ّ��ي وامل��ذه��ب ّ��ي يف‬ ‫هنا فقط ميكن احلديث عن إ‬
‫ائفي‪ ،‬واع��ت�بروه حم��ور الكون يف‬ ‫الط ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهلل أ�ن تنطلق هذه الفرادة يف االنت�صارات‬ ‫ال ّثقا ّيف الق ْب ّلي لبيئة املقاومة‪ ،‬ا ّلذي لبنان‪.‬‬
‫دائ���رة اجل���دل واالح��ت��ج��اج‪ ،‬م��ن غري‬ ‫الجنازات مع عمق البيئة أالكرث تعقيد ًا‬ ‫و إ‬ ‫أ� ّ�س�س إلعجاز االنت�صار بك ّل امتياز‪ ،‬يف هذا املقطع من التّاريخ‪ ،‬تربز عبقر ّية‬
‫االل��ت��ف��ات �إىل م��ت��ط�� ّل��ب��ات ال�����س��اح��ة‬ ‫واملذهبي‪ ،‬لتلقي‬
‫ّ‬ ‫ائفي‬ ‫ّ‬
‫على امل�ستوى الط ّ‬ ‫وميكن اعتبار ال ّراحل الكبري‪� ،‬آية اهلل ال�����س��ي��د ف�����ض��ل اهلل‪ ،‬ف��ق��د ل��ب�نن احل��ال��ة‬
‫ال�سالم ّية كك ّل‪.‬‬ ‫إ‬ ‫باحلجة على البيئات ال�ساكنة وذات ال ّلون‬ ‫ّ‬ ‫العظمى ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل املقاومة‪ ،‬و أ�ع��ط��ى لها كامل امل�شروع ّية‬
‫يعي يف لبنان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�ش‬ ‫امل�شهد‬ ‫اعرتى‬ ‫وقد‬ ‫الواحد‪ ،‬لتغيرّ من أ�و�ضاعها انطالق ًا من‬ ‫الفعلي ل��ه��ذا ال ّنتاج الدّين ّية وال ّثقاف ّية وال�سيا�س ّية وفق بيئتها‬ ‫اهلل‪ ،‬املح�ضن‬
‫ال�شارع‪.‬‬ ‫انب�ساط احلركة ووحدة ّ‬ ‫ّ‬
‫لفي‪،‬‬‫ال�س ّ‬‫جزء من نوبات هذا الفكر ّ‬ ‫ال ّثقا ّيف‪ ،‬ا ّل��ذي و�ضع ح�� ّدا فا�صال بني اللبنان ّية‪ ،‬لتتح ّول عنا�صر التعقيد يف‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ّيني‬
‫بالهم الد ّ‬ ‫وح�صر بع�ض امل�شتغلني ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وملعرفة عبقر ّية ال ّنتاج الثقايف الذي خلفه‬ ‫ترف اخلطاب ا ّلذي يتك ّلم عن أ�دب ّيات‬
‫م��واج��ه��ت��ه��م م���ع ال�����س�� ّي��د ف�����ض��ل اهلل‬ ‫ف�ضل اهلل لبيئة املقاومة‪ ،‬ما على املتابع‬ ‫أن احليويّة واحلركة السلسة‬ ‫منطلق‬
‫ٍ‬ ‫احل��وار مبختلف عناوينه من‬
‫بو�صفه العنوان أالب��رز لال�ستهدافات‬ ‫الثن ّية والعرق ّية يف‬ ‫�إال أ�ن ير�صد البيئات إ‬ ‫واالنسيابية والعبقرية التي‬ ‫فوقي‪ ،‬وم��ن دون وج��ود م�صاديق وال‬ ‫ّ‬
‫العقائدية‪ ،‬فكادوا ين�سفون ك ّل النتاج‬ ‫الدّول أالخرى‪ ،‬كم�صر والعراق وغريهما‬ ‫وخطاب‬ ‫ٍ‬ ‫بيئة �صاحلة لهذا احل���وار‪،‬‬
‫الثقايف ال��ذي أ� ّ�س�س لبيئة املقاومة‪،‬‬ ‫من ال���دّول‪ ،‬ليعرف حجم التّعقيد على‬ ‫اجنزتها املقاومة‪ ،‬لم تكن‬
‫م�ستوى العالقات يف م��ا ب�ين ّ‬ ‫لتحصل لوال التأسيس الثقافي‬ ‫يعمل على تهيئة بيئ ٍة ملغوم ٍة ومتوافر ٍة‬
‫باال�شتغال ال ّ��ط��ائ��ف ّ��ي على امل��ف��ردات‬ ‫الطوائف‬ ‫على الكثري من عنا�صر التّفجري‪ ،‬لتكون‬
‫املذهب ّية اخلالف ّية‪.‬‬ ‫والع��راق‪ ،‬وحجم التّعقيد بني‬ ‫واملذاهب أ‬ ‫الذي أسّ س له السيّد فضل الله‪،‬‬ ‫بيئ ًة حا�ضن ًة ألكرب مقاوم ٍة �إ�سالم ّي ٍة‬
‫آالن‪ ،‬وبعدما رح��ل ال ّرجل �إىل جوار‬ ‫الثنيات‪ ،‬ليكت�شف‬ ‫الدولة املركزية وهذه إ‬ ‫وحركة األفق التي فتحها إلى‬ ‫��ازات نوع ّي ًة على اختالف‬ ‫ح ّققت �إجن ٍ‬
‫ر ّب���ه‪ ،‬وب��ع��دم��ا واج���ه العوا�صف التي‬ ‫عقم احللول ال�سيا�س ّية وا�صطدامها يف‬ ‫عنان السماء‬ ‫م�شارب هذه البيئة طائف ّي ًا ومذهب ّي ًا‪.‬‬
‫بي املت�سامي‪،‬‬ ‫أ�ثريت يف وجهه بهدوء أال ّ‬ ‫كث ٍري من أالحيان باحللول أالمنية‪ ،‬نتيجة‬ ‫ولوال هذا ال ّت أ��سي�س‬
‫حم��اف��ظ�� ًا رغ���م ك��� ّل ه���ذه ال��ع��وا���ص��ف‬ ‫عقم امل�شروع الثقايف احلا�ضن وال ّناظم‬ ‫القبلي ا ّلذي أ�نتجه احلالة اللبنان ّية على امل�ستوى الطائفي‬ ‫ّ‬
‫�شبك ال ا�شتباك‬ ‫واملذهبي‪� ،‬إىل عنا�صر ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل على م�ستوى الدّعوة‬
‫على ثوابته يف دفاعه عن اجلمهور ّية‬ ‫لهذه املك ّونات الطائف ّية‪ ،‬مع مالحظة‬
‫اليران ّية‪ ،‬ال ب ّد من �شهادة‬ ‫ال�سالم ّية إ‬ ‫إ‬ ‫أ�نّ ه��ذه ال��دّول ال حتظى بع�شر التعقيد‬ ‫�سالمي وحوار فريدة من نوعها‪ .‬فقه ّي ًا مث ًال‪ ،‬كان الفقه‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫امل�سيحي إ‬
‫ّ‬ ‫�إىل احلوار‬
‫ّ‬ ‫ينج�س أالكل من يد غري امل�سلم‪،‬‬ ‫التقليدي ّ‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫املخل�ص‬ ‫وا�شتغاله‬ ‫احل�ضارات‪،‬‬
‫خا�صة يف هذا ال ّرجل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ائفي املوجود يف لبنان‪ ،‬وال بنوع ّية‬ ‫الط ّ‬
‫الفعلي يف ف�ضل اهلل‪ ،‬بعد ك ّل‬ ‫العزاء‬ ‫�إنّ‬ ‫أالحزاب احلا�ضنة للطوائف‪ ،‬وال بحجم‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم ّية و�ضرورة أ� ّم��ا ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬فن�سف ك��ل هذه‬
‫ّ‬ ‫مفهوم ال��وح��دة إ‬
‫ّ‬ ‫أال�س�س الفقه ّية‪ ،‬ليعترب ال ّنجا�سة مرتبط ًة‬ ‫وائف‬ ‫ّ‬
‫الط‬ ‫خمتلف‬ ‫بني‬ ‫العي�ش امل�شرتك‬
‫أ‬
‫اجلراحات التي نكئت‪ ،‬هو بيان المني‬ ‫قليمي والدويل الذي ح ّول‬ ‫ال ّ‬ ‫اال�ستهداف إ‬
‫��ات للكثري من‬ ‫ّ‬
‫لبنان �إىل �ساحة ع��م��ل��ي ٍ‬ ‫والع�����ض��اء‪ .‬وكيف‬ ‫ال�� ّل��ب��ن��ان�� ّي��ة‪ ،‬مل��ا ا�ستطاعت امل��ق��اوم��ة ب��ال�� ّروح ال باجل�سد أ‬
‫العام حلزب اهلل ال�س ّيد ح�سن ن�صر‬ ‫ال�سالم ّية أ�ن تو ّفر املناخ‬
‫اهلل‪ ،‬ا ّل��ذي خرج من دائ��رة البيانات‬ ‫م�شاريعه التق�سيم ّية والتّدمري ّية‪.‬‬ ‫ال�سيا�سي ال يفعل ذل��ك‪ ،‬وه��و ال��دّاع��ي �إىل احل��وار‬ ‫ّ‬ ‫إ‬
‫فكري‬‫اجرتاح ّ‬ ‫امل�سيحي‪� ،‬ضمن‬ ‫�سالمي‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫النت�صاراتها‪ ،‬يف ظل هذه البيئة املع ّقدة‬ ‫ّ‬
‫الن�شائ ّية �إىل دائ��رة ر ّد االعتبار �إىل‬ ‫إ‬ ‫ّحليلي لكيف َّية �إجناز‬ ‫ال�سرد الت ّ‬ ‫بعد هذا َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على امل�ستوى ّ‬
‫خا�ص باحلالة ال ّلبنان ّية‪ ،‬ينزع منها‬ ‫ين ّ‬ ‫لبنا ّ‬ ‫واملذهبي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ائفي‬
‫الط ّ‬
‫ه���ذا ال��� ّرج���ل ودوره‪ ،‬ع�بر تو�صيفه‬ ‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل للبيئة الثقاف ّية احلا�ضنة‬
‫خا�ص ٍة‬ ‫واملذهبي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الطائفي‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة على ك ّل عنا�صر ال ّت أ�زمي ّ‬ ‫لقد كانت امل��ق��اوم��ة إ‬
‫الدّقيق لطبيعة العالقة الكائنة بني‬ ‫للمقاومة‪ ،‬ميكن الولوج �إىل حال ٍة ّ‬ ‫ّخم‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫كان‬ ‫�سي�س‪.‬‬ ‫مفرتق يف بداية ال ّت أ�‬
‫ح��زب اهلل وال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬والتي‬ ‫يعي‪ ،‬ومعاجلتها بجر أ�ة‪،‬‬ ‫يف امل�شهد ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫املفردة الفقه ّية املذكورة‪ ،‬جزئ ّية ب�سيطة‬
‫��ا���ص ال��ذي من حالة بنيو ّية �شاملة أ� ّ�س�س لها ال�س ّيد‬ ‫ّ‬ ‫��دي اخل ّ‬ ‫ال�� ّروح ّ��ي وال��ع��ق��ائ ّ‬
‫ح��اول التّ�شوي�ش عليها �سلف ّيو احلالة‬ ‫�إن�صاف ًا لهذا الرجل العظيم بعد موته‪.‬‬ ‫��ران‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫�سالم‬ ‫�صدّرته ال ّثورة إ‬
‫ال‬
‫ال�شيع ّية‪ ،‬و أ�بلغ م�صداقٍ لر ّد االعتبار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�ضوء على ه��ذه احلالة‬ ‫وم��ا مل ُي�س ّلط ّ‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬فو�ضع ال ّلبنة أال�سا�س أل�س�س‬
‫والبحث عن الهو ّية ال�شيع ّية املح�ضة التّعاي�ش يف احل��ال��ة ال ّلبنان ّية‪ ،‬لتنتقل‬ ‫ّ‬
‫وق��وف ن�صر اهلل على جثمان مع ّلمه‬ ‫���ا����ص���ة‪ ،‬ف������إنّ ظ�لام��ة ه���ذا ال�� ّرج��ل‬ ‫اخل ّ‬ ‫حتت وط أ�ة احلرمان و إ‬
‫قابل لل ّنق�ض‬ ‫منتحب ًا‪ ،‬يف جت��اوزٍ غري ٍ‬ ‫الج��م��اع ا ّل��ذي‬ ‫إ‬ ‫بعد‬ ‫حتى‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫قائم‬ ‫�ستبقى‬ ‫الهمال ال ّلذين ب��ع��د ذل���ك �إىل امل�����ص��ادي��ق ال�سيا�س ّية‬
‫ين يف ثمانينيات الكربى‪ ،‬ويتل ّقفها ال�سيا�س ّيون بك ّل مهار ٍة‬ ‫يعي�شهما اجلنوب ال ّلبنا ّ‬
‫وال املواربة لك ّل أ��شكال العالقات التي‬ ‫ح�صل يف ت�بينه مم��ن نا�صبه املواقف‬ ‫أ‬
‫حاولت �إخ���راج ف�ضل اهلل من حالته‬ ‫لل�ضغط نتيجة‬ ‫العدائ ّية‪ ،‬ومم��ن خ�ضع ّ‬ ‫القرن املا�ضي‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل االحتالل واح��ت�راف‪ ،‬لي�شبكوا ال ّ��ط��وائ��ف بع�ضها‬
‫لل�شريط احلدودي‪ ،‬يهدّد ببع�ض‪ ،‬من دون أ�ن يكون الدّين حاجز ًا‬ ‫�سرائيلي ّ‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬
‫أالبو ّية للمقاومة ملج ّرد احلديث عن‬ ‫املوجة العارمة التي حاولت اقتالع هذا‬ ‫حالة‬ ‫من‬ ‫�سالمية‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫املقاومة‬ ‫بتحول‬
‫ال ّنقائ�ض املرجع ّية‪.‬‬ ‫ال�شامخ‪ ،‬ومن ثم حاول ت�صحيح‬ ‫الطود ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ�م��ام �إجن��از هذه امله ّمة‪ .‬وبالتّايل‪ ،‬ف�إنّ‬
‫(الخبار)‬ ‫*كاتب بحريني أ‬ ‫أ‬
‫م�سار العالقة‪ ،‬وممن �ح ّبه وبقي يتل ّقى‬ ‫القبلي كان له دور‬ ‫ّ‬ ‫مقاومة ل�لاح��ت�لال‪� ،‬إىل حالة عزل ٍة هذا ال ّت أ��سي�س ال ّثقا ّيف‬
‫ال�سهام دفاع ًا عنه من دون أ�ن تكون له‬ ‫ّ‬ ‫�سي�س‬‫املذهبي يف ظ ّل �صناعة أالف��ق وامل�شروع ّية لك ّل ت أ� ٍ‬ ‫ّ‬ ‫خا�ص ٍة على امل�ستوى‬ ‫ّ‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪6‬‬
‫ارادتك و�صالبتك و�شجاعتك ووعيك‬
‫ال�ستثنائي واملميز والفريد‬
‫ال�سالمية‪.‬‬ ‫من منعطفات احلركة إ‬
‫ال�سالمي إ‬ ‫إ‬ ‫في ذكرى رحيل المرجع المقاوم‬
‫ك��ن��ت ت�لاح��ق ك���ل ث���غ���رات امل�����س�يرة‬
‫عبداألمير داود*‬
‫ال�سالمية يف ك��ل مراحلها لتحدد‬ ‫إ‬ ‫ماذا أكتب اليوم في ذكرى الكبار والعظماء واإلستثنائيني وفقهاء العصر واملقاومة‪ ،‬ماذا أكتب عن الفقيه‬
‫أ�وجهه اخللل فيها لتحدد عالجها ‪،‬‬ ‫واملرجع آية الله العظمى السيد محمد حسني فضل الله رضوانه الله عليه في ذكرى رحيله إلى مثوى اخللود‪..‬‬
‫حتى أ��صبحت بف�ضل وعيك ون�ضجك‬
‫وب�����ص�يرت��ك م��در���س��ة ال مي��ك��ن أ�ن‬ ‫م���اذا أ�ك��ت��ب وه��و ال���ذي أ‬
‫م�ل� كل‬
‫ي��ت��ج��اوزه��ا الر�ساليني يف ك��ل بقاع‬ ‫ال�ساحات املتنوعة بفكره وعلمه‬
‫العامل‪.‬‬ ‫وف��ق��ه ور�ساليته وح��رك��ي��ت��ه‪ ،‬م��اذا‬
‫�سماحة امل��رج��ع ي��ا أ�ب��ان��ا ي��ا وال��دن��ا‬ ‫أ�كتب وك��ل وعيي وثقافتي وفقهي‬
‫أ�يها الراحل الكبري‪ ...‬لقد كنت لنا‬ ‫وف��ك��ري ن��ت��اج مدر�سته وعبقريته‬
‫نعم الفقيه ل��ن��ا‪ ،‬مل تخذلنا يف اي‬ ‫و�صحوته وجتديده ونه�ضته‪ ،‬تخجل‬
‫مرحلة كنا بحاجة لفقهك وال��ذي‬ ‫ك��ل ال��ك��ل��م��ات حينما تكتب عنه‪,‬‬
‫أ�متاز مبالحقة املتحوالت واملتغريات‬ ‫ألنه املهلم واملربي واملرجع واملدر�س‬
‫وال���واق���ع‪ ،‬وك��ن��ت يف م�����س��ت��وى فهمه‬ ‫والب واملر�شد‪ ،‬لقد تعلمت منه كل‬ ‫أ‬
‫و�إجتهاده ووعيه ب�إمتياز ‪.‬‬ ‫�شيئ يف ه��ذه الدنيا على م�ستوى‬
‫ك��ن��ا ن�����روي ع��ط�����ش��ن��ا يف ك���ل حمل‬ ‫ال�سالمي وال��وع��ي الفقهي‬ ‫الفكر إ‬
‫�إبتالءاتنا اليومية‪ ،‬كنا ال نرى منك‬ ‫وال��ث��ق��اف��ة احل��رك��ي��ة‪��� ،‬ص��اغ عقلي‬
‫�إال الفقه القر�آين الذي يهدي النا�س‬ ‫تعلمت منه كيفية الذوبان يف الوحدة‬ ‫ال�سالمي‬ ‫ومنهجي ور ؤ�اي وفكري إ‬
‫حكيم ًا وكهف ًا منيع ًا و�سند ًا قوي ًا يف كل‬
‫اليه يف �ساحاته املتحركة ‪ ،‬كنت يف‬ ‫الن�سانية من‬‫ال�سالمية والوطنية إ‬ ‫إ‬ ‫‪..‬‬
‫املراحل‪.‬‬
‫كل احل���وادث الواقعه لنا ‪ ،‬كنت يف‬ ‫ال�سالم‬
‫الن�سان و إ‬‫أ�ج��ل حفظ كرامة إ‬ ‫تعلمت منه أ�ن أ�ك��ون مع املقاومني‬
‫لكن هل يرحل فقهاء و أ�م��ن��اء الر�سل‬
‫كل ق�ضايا وطني اجلريح يف البحرين‬ ‫وامل�ست�ضعفني‪.‬‬ ‫واملمانعني‪ ..‬تعلمت منه أ�ن أ�حرتم‬
‫وه��م أ�ط��ب��اء احل��ي��اة‪ ،‬يطببون الواقع‬
‫تعطي ر أ�يك ال�شجاع واملميز‪ ،‬كنت مع‬ ‫رحلمنعلمناحب أالماماخلمينيقد�س‬ ‫كل �إن�سان مهما كان مذهبه وديانته‬
‫م��ن ك��ل داء وم��ر���ض ف��ك��ري وث��ق��ايف‬
‫ال�شيخ اجلمري ت ؤ�يده وت�سدد طريقه‬ ‫وثورته‪ ،‬رحل من علمنا أ�ن ندافع عن‬ ‫وف��ك��ره‪ ،‬تعلمت منه أ�ن أ�ك���ون يف‬
‫و�سيا�سي واجتماعي وثقايف‪ ،‬كال والف‬
‫ومت��ن��ح��ه ال�����ص��م��ود وال��ث��ب��ات‪ ،‬كنت‬ ‫ال�سالمية يف �إي��ران مهما كان‬
‫الثورة إ‬ ‫م�ستوى النقد حينما يكون هناك‬
‫ك�لا‪ ..‬ألنهم باقون بعملهم ال�صالح‬
‫ت�ساند بقوة كل ق�ضايا وطني العادلة‬ ‫الثمن و أ�ن ننظر للثورة يف �إيران على‬ ‫ال�سالمية و أ�ن‬ ‫خلل يعرتي احلركة إ‬
‫والر�سايل‪ ،‬باقون ألنهم كانوا يف م�ستوى‬
‫واحل��ق��ة‪ ،‬مل ت��ف��ارق ي��ا �سيدنا وعي‬ ‫أ�نها ثورتنا والواجب أ�ن ندافع عنها‪،‬‬ ‫ال أ�خ�شى يف اهلل لومة الئم من أ�جلها‬
‫تطبيق الر�سالة وحمايتها من التحريف‬
‫الر�ساليني يف البحرين ‪.‬‬ ‫رحل من علمنا ان الدفاع عن املقاومة‬ ‫وهذا الي أ�تي �إال من خالل مالحقة‬
‫والت�شويه والت�شوي�ش‪ ،‬هم باقون ما بقي‬
‫ال�سالمي احل�ضاري الذي‬ ‫م�شروعك إ‬ ‫يف كل مكان أ�ن كانت من أ�جل احلرية‬ ‫املعرفة بكل تنوعاتها‪ ,‬تعلمت منه‬
‫ال��ده��ر والليل والنهار ألن��ه��م ميثلون‬
‫جاهدة من أ�ج��ل ار�ساءه وتثبيته يف‬ ‫أ�ن أ�فكر بحجم العامل حينما أ�كون‬
‫القر�آن الناطق واملتحرك‪ ،‬يالحقون‬
‫كل مواقع العامل �سيبقى ألن أ�ركانه‬ ‫فضل الله لم ميت‪ ،‬ألنه ميتدّ في‬ ‫حركي ور�سايل ومقاوم وثوري و أ�ن‬
‫كل م�شكلة هناك حتتاجهم وحتدي هنا‬
‫ومقوماته ومنطلقاته أ��صيلة يف فكره‬ ‫العالم بفكره اخلالق الوقاد‪ ،‬جي ًَال‬ ‫ال ا�سجن نف�سي يف زواريب احلزب‬
‫ي�ضغط عليهم‪.‬‬
‫و�سيا�سته وفقه وثقافته‪� .‬سيبقى ألنك‬ ‫رسالي ًا ثوري ًا مقاوم ًا يستلهم من‬ ‫واملذهب واملنطقة والقومية ألنني‬
‫ف�ضل اهلل مل مي��ت‪ ،‬ألن��ه ميت ّد يف كل‬
‫ال���س�لام‬‫رك���زت ث��واب��ت��ه على أ�ر����ض إ‬ ‫فكره ورؤاه وجتديده منهج‬ ‫أ�نتمي لنهج عنوانه «وما أ�ر�سلناك‬
‫منطقة من العامل بف�ضل فكره اخلالق‬ ‫التغيير والثورة واملقاومة‪.‬‬
‫املحمدي أال�صيل وم��ن خ�لال تبني‬ ‫ال��وق��اد ج��ي ًَ‬ ‫�إال رحمة للعاملني»‪.‬‬
‫�لا ر�ساليا ث��وري��ا مقاوما‬
‫جماهري امل��ق��اوم�ين ل��ه يف ك��ل بقاع‬ ‫تعلمت منه حب أ�هل البيت عليهم‬
‫ي�ستلهم من فكره ومن تراثه ومن فقه‬
‫العامل �سيرتكز و�سيقام ‪. ..‬‬ ‫العدالة واال�ستقالل وامل�ست�ضعفني هي‬ ‫ال�سالم وك��ي��ف ميكننا م��ن خالل‬
‫ومن ر ؤ�اه ومن عبقريته ومن جتديده‬
‫رحمك اهلل يا من كنت لنا نعم املر�شد‬ ‫�شرف وعقيدة وواجب �شرعي و�إن�ساين‬ ‫الت أ�مل يف حياتهم أ�ن نغري احلياة‬
‫ومعا�صرته منهج أالن��ط�لاق والبناء‬
‫وامللهم واملربي و�إىل جنان اخللد يا‬ ‫ووطني‪.‬‬ ‫الن�سان ونقود الواقع ألنهم‬ ‫ونطور إ‬
‫والتطوير والتغيري والثورة واملقاومة‪.‬‬
‫من �سيخلده التاريخ ب أ�حرف الوعي‬ ‫رح���ل م��ن ر���س��خ ف��ي��ن��ا ح��ب امل��ق��اوم��ة‬ ‫ميثلون الع�صمة يف كل �شيئ‪ .‬تعلمت‬
‫كنت ي��ا وال��دن��ا وملهمنا ت�لاح��ق كل‬
‫الن�سانية ب أ����روع �صورها‬ ‫والن�ضج و إ‬ ‫ال���س�لام��ي��ة يف ل��ب��ن��ان‪ ،‬رح��ل ملهمها‬ ‫إ‬ ‫الن�سان الذي يقف‬ ‫منه كيف تكون إ‬
‫ال���س�لام��ي��ة‬
‫ال��ف��راغ��ات يف ال�����س��اح��ة إ‬
‫و�صفحاتها‪.‬‬ ‫وكهفها احل�صني و�سندها املنيع‪ ،‬رحل‬ ‫يف خندق امل�ست�ضعفني مهما كان‬
‫لت�سدها بفكرك وبت أ�مالتك وبدرا�ساتك‬
‫م��ن ك��ان ل��ه اليد ال��ط��وىل يف والدتها‬ ‫ان��ت��م��اءه��م ول��ون��ه��م‪ .‬تعلمت منه‬
‫وحما�ضراتك وبحوثك وبفقهك‪ ،‬مل‬
‫*كاتب بحريني‬ ‫وام���ت���داده���ا وت��ر���ش��ي��ده��ا‪ .‬رح���ل من‬ ‫احلوار و أ�فاقه و أ�هميته و�ضروراته‬
‫تنحني لكل ال�ضغو�ضات التي ا�ستهدفة‬
‫ك��ان للمقاومني أ�ب��� ًا رحيم ًا ومر�شد ًا‬ ‫يف حياتنا املعا�صرة‪.‬‬

‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪7‬‬
‫خط متف ّر ٍد من‬
‫حب اهلل على أالر�ض‬
‫ّ�صل باهلل‪ ،‬يف ٍّ‬ ‫والعارف املت َ‬
‫العرفان‪ُ ،‬ي�شرق فيه ّ‬
‫المرجع الذي ملأ الدنيا علم ًا وجهاد ًا وحركة‬
‫وال ّنا�س‪ ،‬وينفتح فيه املنهج على ثقافة‬ ‫العالمة السيد محمد علي فضل الله‬
‫ال��ق��ر�آن‪ ،‬لي ؤ� ِّ�ص َل من خاللها املفاهيم‪،‬‬
‫ويط ِلقَ من خاللها الفتاوى ب��ج��ر أ� ٍة غري‬ ‫ات اللهَّ ِ َواللهَّ ُ َر ُ ؤ� ٌ‬
‫وف ِبا ْل ِع َبا ِد{‬ ‫ا�س َمنْ َي ْ�ش ِري َنف َْ�س ُه ا ْب ِت َغا َء َم ْر َ�ض ِ‬
‫} َو ِمنَ ال َّن ِ‬
‫م�سبوقة‪ .‬فكانت فتواه بطهارة ك ّل � إن�سانٍ‬ ‫َاك مِ نْهُ بأفضلِ اآلال ِء‬ ‫أعطيت للرّحمن ذات ََك ُكلَّهَ ا ف ََحب َ‬ ‫َ‬
‫ترجم ًة لهذا ك ّله‪ ،‬وبنا ًء يقوم على أ��سا�س‬ ‫الضباب‪ ،‬تارك ًا قلمَك ينزف غياباً‪ ،‬وكتبَك تشهد‬ ‫أخي‪ ،‬وقد مضى العمر وم ّر كما مي ّر السّ حاب‪ ،‬وانقشع كما ينقشع َّ‬
‫واع‪ ،‬وم��ن خ�لال أ�دوات‬ ‫ف��ك��ريٍّ وث��ق��ا ٍّيف ٍ‬ ‫الطالعةِ على ال ِب ِّر والفاجر‪.‬‬ ‫مس َك ّ‬ ‫كش ِ‬ ‫والطال َع َ‬ ‫اخلصب األخض َر كربيعِك الدّ ائم‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫احلضو َر‬
‫ً‬
‫الفتوى ا ّلتي ت�ضرب جذورها عميقا يف‬ ‫ويلفحني حبُّهم ببردِ حضورك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يُثقِ لُني وقوفي هنا‪ ،‬وتُثقِ لُني دموعُ النّاس‪،‬‬
‫�ص املقدّ�س ومنهج ّية اال�ستنباط‬ ‫أ�ر�ض ال ّن ّ‬ ‫أنت إحدَ ى املُعجزات‬ ‫املمات وَ َرب َِّك‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫عل ٌّو في احلياة وفي‬
‫أال�صيلة‪ ،‬دون �ن ُي ِعر َ�ض با�سم ال�صالة‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ع��ن أالخ���ذ ب أ��سباب العلم واملعا�صرة‪،‬‬ ‫ال�س ِيد(قدّ�س‬ ‫مل �سماح ُة َّ‬ ‫أ� ّيها أالح ّبة‪ ،‬لقد أ‬
‫وليكون بذلك امل��رج��ع امل��ج��دّد أال�صيل‪،‬‬ ‫����س��� ّره) ال�� ُّدن��ي��ا ع��ل��م�� ًا وح���رك��� ًة وج��ه��اداً‬
‫ال����ذي أ�ع��ط��ى ل��ل��م��رج��ع�� ّي��ة ب��ح��قّ بعدها‬ ‫ذلك َم ْ�س َل َك ُن ْك َر ِان‬ ‫و�س َل َك يف َ‬ ‫وت�ضحية‪َ ،‬‬
‫ال�شامل‪،‬‬ ‫ين ّ‬ ‫الن�سا ّ‬ ‫احل�ضاري‪ ،‬الثقا ّيف و إ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫الذات‪َ ،‬ف َكدَ َح �إىل َر ِّبه ك ْدحا فالقاه‪ ،‬و�را َد‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫بال ّمة‪،‬‬ ‫يادي ال ّناه�ض أ‬ ‫القيادي ال ّر ّ‬
‫ّ‬ ‫ودورها‬ ‫ِب ِه َر ُّب ُه رِفع ًة فما ا�ستطاع أ�ح ٌد أ�ن َي َ�ض َعه‪،‬‬
‫آالخذ بيدها نحو امل�ستقبل‪ ،‬واملهاجر بها‬ ‫يعرف (ما ُي ْ�ص ِل ُح ال َق ْو َم)‪َ ،‬غيرْ َ‬ ‫أل ّنه كان ُ‬
‫�إىل اهلل �سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫�لاح َغ�ي ِر ِه ِب َف َ�سا ِد‬ ‫(���ص َ‬ ‫َأ� َّن��� ُه لمَ َي ُكن َي�� َرى َ‬
‫لقد كان التّجديد واملعا�صرة ِ�سـ َمتَيه‪ ،‬وقد‬ ‫َنف ِْ�سه)‪.‬‬
‫تجَ َ َّلى ذلك يف كث ٍري من فتاواه‪ ،‬و�إن كانت‬ ‫لقد أ�ح َّ��ب �سماح ُة ال�س ّي ِد(قدّ�س �س ّره)‬
‫أ��شهرها فتواه يف �إثبات أاله ّلة باالعتماد‬ ‫ريا‪ ،‬و َكان‬ ‫ا�س َف َأ� َح ُّبوه‪ .‬كان َل ُهم أ�خ ًا كب ً‬ ‫ال ّن َ‬
‫على علم الفلك‪ .‬وهي كفتوى‪ ،‬ال تعك�س‬ ‫َب ْي َنهم أ�ب ًا َح ِليم ًا‪ ،‬وكانَ ُي ِح ُّب ُك َّل ال ّنا�س‪.‬‬
‫منهج ًا فقه ّي ًا و أ��صول ّي ًا متم ّيز ًا فح�سب‪ ،‬بل‬ ‫ك��ان ُي ِ��ح ُّ��ب ا ّل��ذي��ن َي َّت ِفقُ َم َع ُهم ل َي َت َعا َونَ‬
‫تعك�س كذلك ر ؤ�ي ًة توحيد ّي ًة للكون‪ ،‬وفه ًما‬ ‫يختلف َم َع ُهم ل َيت ََحا َو َر‬ ‫ُ‬ ‫معهم‪ ،‬و ُي ِح ُّب ا ّلذين‬
‫ألن��ظ��م��ت��ه م��ن خ�ل�ال م��ا ا���س��ت��ق�� َّرت عليه‬ ‫الن�سان‪ ،‬مخُ ْ رتقاً‬ ‫َ‬
‫َم َع ُهم‪ ،‬وهكذا ا ْن َفت ََح َعلى إ‬
‫حقائق العلم ال فر�ض ّياتُه‪.‬‬ ‫ا�س‪،‬‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬اخلط َر‪ ،‬ويت َِّج ُه �إليها ليكون مع ال ّن ِ‬ ‫واملذاهب بع ِني �سن ًة َع َلى َت ْر ِ�س ِيخ ال�� ِوح��دَ ِة إ‬ ‫ِ‬ ‫وائف‬ ‫الط ِ‬ ‫ات ّ‬ ‫ُح ُج َب َع َ�ص ِب َّي ِ‬
‫وم���ن ه��ن��ا‪ ،‬مي��ك��ن أ�ن ن��ط��ل ع��ل��ى فكرة‬
‫َّ‬ ‫العدل واحل��وا ِر واحل ِّ��ب‪ ،‬و ِب�� َع�ْي�نْ ِ ال��ق�� ْر�ن‪ ،‬و َأ� ْح َم ُد اهلل أ�ين متكنتُ من ال ُّنهو�ض ِب أ�ع َباء يف م��ق��اوم�� ِة االح���ت�ل�ال‪ ،‬وي�شهد م�سجد‬ ‫َ‬ ‫آ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫�سي لدى �سماحة ال�س ّيد(قدّ�س‬ ‫العمل امل ؤ� َّ�س ِّ‬ ‫ّ‬
‫المام ال ّر�ضا(ع)‪ ،‬ودما ُء ال�شهيد (حممد‬ ‫إ‬ ‫كبرية يف هذا املجال»‪.‬‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫َ‬ ‫دىً‬ ‫هُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫إ‬ ‫�‬‫ِ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫�‬
‫ِ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫}‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫حيث‬
‫أ‬
‫�س ّره)‪ ،‬ألنّ جهود الفرد يف القيام ب�عباء‬ ‫ال�صلب‬ ‫امل�سيحي‪ُ ،‬م ْف َر َد ًة جندي) يف بئر العبد‪ ،‬على املوقف ّ‬ ‫ُّ‬ ‫اال�سالمي‬
‫ُّ‬ ‫وكان احلوا ُر‬ ‫الل ُم ِب ٍني{‪.‬‬ ‫فيِ َ�ض ٍ‬
‫أال ّمة قد تنتهي بوفاته‪ .‬غري أ�نّ امل ؤ� ّ�س�سات‬ ‫أ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ن�شدُهَ ا يف ال��ذي ��سقط اتّ��ف��اق ال���ذل يف ‪ّ � 17‬ي���ار‪.‬‬ ‫أ‬ ‫من م��ف��ردات ال�� ِو ْح��دَ ِة التي ُي ِ‬ ‫حوال‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫من‬ ‫بحال‬ ‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫ميكن‬ ‫ال‬ ‫احلب‬ ‫َّ‬ ‫�إنَّ هذا‬
‫تبقى لتحفظ اجلهودَ‪ ،‬و َت َت َم َّ�س َك بالفكر‬ ‫والط ُر ُق �إىل اهلل ب َعدَ ِد وهكذا‪ ،‬كان �سماح ُة ال�سيدِّ (قدّ�س �س ّره)‪،‬‬ ‫لوك �إىل اهلل‪ُ - ،‬‬ ‫ال�س ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ـ أ�ن َي ْ�ص ُد َر �إال من خلف ّي ٍة فكر ّي ٍة ت�ستدعي‬
‫العملي‬
‫ّ‬ ‫واخلط وال ّنهج‪ .‬وهذا هو التج ّلي‬ ‫ِّ‬ ‫ات ا ِملف َْ�ص ِل َّي ِة يف‬ ‫املحط ِ‬ ‫حا�ضر ًا بق ّو ٍة يف ك ّل ّ‬ ‫ِ‬ ‫ريا ما‬ ‫اخلالئق ‪ -‬ولهذا ك��ان كث ً‬ ‫ِ‬ ‫ا�س‬‫احل����وا َر يف ك ِّ��ل م��ف��ردات��ه ا ّل��ت��ي أ� َّ�س�سها أ�ن َف ِ‬
‫للمرجع ّية احلرك ّية امليدان ّية امل�شغولة‬ ‫حرب متوز عام‬ ‫ال���ق���ر�آن‪ ،‬ويف ك ِّ���ل خ��ط��وط��ه العري�ضة‪ُ ،‬ي َذ ِّك ُر اجلمي َع ِب َق ْو ِل اهلل تعاىل‪ُ } :‬ق ْل َيا َأ� ْه َل َح َر َك ِة املقاومة‪ ،‬و�صو ًال اىل ِ‬
‫بهموم ال ّنا�س وق�ضاياهم وم�شاكلهم على‬ ‫َاب َت َعا َل ْوا ِ� إلىَ َك ِل َم ٍة َ�س َواءٍ َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم ‪ ،2006‬فكان الغطا َء ا ّل��ذي أ� ّم��ن انت�صا َر‬ ‫واخلا�صة ا ّلتي ترفدُها �سماح ُة ا ْل ِكت ِ‬ ‫ّ‬ ‫العا ّمة‬
‫تن ّوعها وت�ش ّعباتها‪.‬‬ ‫كف‬ ‫َوال ُن ْ�ش ِر َك ِب�� ِه َ�ش ْيئ ًا َوال أ�بنائه ال��ب��در ّي�ين املجاهدين‪ ،‬ح�ين ّ‬ ‫َ‬ ‫اللهَّ‬ ‫ال�سالم وت�سامحُ ه‪ ،‬بعيدا عن ِذ ْهن َّيـتَي َأ�لاَّ َن ْع ُبدَ ِ� إلاَّ‬ ‫ً‬ ‫إ‬
‫الكالم كثري كثري‪ ،‬وامل�صاب جليل جليل‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اللهَّ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بهما‬ ‫��ف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫��ط‬ ‫ن‬ ‫��‬ ‫ت‬ ‫��ت�ين‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫��‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ء‬ ‫ِ‬ ‫���ا‬ ‫غ‬ ‫���‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫�ي‬ ‫ف‬ ‫��‬ ‫ك‬ ‫��‬ ‫ّ‬
‫ت‬ ‫ال��‬
‫�سالح‬ ‫ُون ِ {‪ ،‬عنهم �ل�سنة و�يدي املتطاولني على ِ‬ ‫َيت َِّخذ َب ْع�ضنا َب ْع�ضا � ْر َبابا ِمنْ د ِ‬
‫ال�صرب من‬ ‫والم��ان��ة ثقيلة ثقيلة‪ .‬ولكنّ ّ‬ ‫أ‬ ‫قلب املعركة‪ ،‬وعندما كان‬ ‫�سالم أل ّن��ن��ا َن َّت ِفقُ على اهلل تعاىل يف أ�لوه ّيته‪ ،‬امل��ق��اوم�� ِة يف ِ‬ ‫ال َ‬ ‫الن إ‬ ‫املتحجرة‪ ،‬واللتني ُتث ِق ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العقول‬
‫ال�صابرين * ا ّلذين‬ ‫}وب�شر ّ‬ ‫ّ‬ ‫عزم أالمور‬ ‫ا�س‪ ،‬واعترب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ونتّفق على حم ّبته‪ ،‬ونتّفق على �نَّ «اخللقَ العد ُّو َي ْ�س َت ْه ِدف املقاومة والن َ‬ ‫أ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫�س‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تمَ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫وت َُ�شوِّهَ‬
‫�إذا أ��صابتهم م�صيبة قالوا � إ ّنا هلل و� إ ّنا �إليه‬ ‫عيال اهلل‪ ،‬و أ�نَّ أ�ح َّب ُهم �إليه أ� ْن َف َع ُهم ذل��ك م��ن ب��اب اخليان ِة ال ُع ْظ َمى‪ ،‬وحني‬ ‫كان �سماحة ال�س ّيد(قدّ�س �س ّره) ي�سعى ك َّلهم ُ‬
‫راجعون{‪.‬‬ ‫وج‬ ‫ُ‬
‫ال�ضاحي ِة �إال بعدَ خ ُر ِ‬ ‫اخلروج من ّ‬ ‫َ‬ ‫ل��ك��ي ُي َ ؤ������س�� ِل َ��م ال��ع��ال��ـَ َ��م‪ ،‬ب��ك ِّ��ل م��ا حتمله لعياله»‪ ،‬ولننا �ي�ضا ن َّت ِف َعلى الكث ِري من َرف َ�ض‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬
‫فيا أ�خ���ي‪ ،‬ي��ا أ�خ ال��� ّروح والفكر واخل��طّ‬ ‫مفردات ال ِق ِي ِم أالخال ِق َّي ِة واالن�سان ّي ِة ا ّلتي َأ� ْه َل َها منها عن �آخرهم‪ ،‬غري أ�نّ الذاكرة‬ ‫ِ‬ ‫أال�سلم ُة م��ن قابل ّي ٍات ال ت��ب��د أ� باملناحي‬
‫علي وعلى أ� ّمة‬ ‫عظمت بك َّ‬ ‫وال ّن�سب‪ ،‬لقد ُ‬ ‫ن�سان عق ًال وروح�� ًا وحرك ًة‪ ،‬يف التّ�سجيل ّية احلديث َة قد ت َِ�ض ْي ُع أ�حيان ًا يف‬ ‫ال َع َق ِد َّي ِة وال ِف ْقهِ َّي ِة‪ ،‬وال تنتهي عندها‪ ،‬ألنَّ ت�سمو با إل ِ‬
‫ال���س�لام ال��رز َّي��ة‪ ،‬فدمعت العني وتدمع‪،‬‬ ‫إ‬ ‫مفارق ال�سيا�سة؛ لقد كانت مقاوم ُة ال َك َي ِان‬ ‫الن�سان ّية‪.‬‬ ‫العالقات إ‬ ‫ِ‬ ‫الن�سانَ يف احلياة‪ ،‬ويف‬ ‫حترتم إ‬ ‫َ‬ ‫َأ� ْ�س َل َم َة ال َعالمَ ِ ‪ِ ،‬ه َي أ�ن‬
‫وحزن القلب ويحزن‪ ،‬غري أ� ّنا ال نقول �إال‬ ‫ركائز‬
‫ِ‬ ‫الغا�ص ِب‪َ ،‬ر ِك��ي��زَ ًة من‬ ‫ِ‬ ‫ال�صهيو ِّ‬
‫ين‬ ‫ُّ‬ ‫� إ ْن َ�سان َّيته‪ ،‬و أ�ن ت ؤ� ِّ�ص َل املعامل َة احل�سن َة‪ ،‬وم��ن هنا أ�ي�ض ًا‪ ،‬انطلقَ �سماح ُة ال�س ّي ِد‬
‫ما ير�ضي ال ّر ّب‪.‬‬ ‫هلل يف لي ؤ� ِّ�س َ�س ِل ِف ْك َر ِة املقاومة‪ ،‬ولثقاف ِة املقاومة‪َ ،‬ح َر َك ِت ِه‪ ،‬ولذلك قال يف �آخر َك ِل َما ِته‪« :‬لن‬ ‫�سا�س يف ال�� ُق�� ْر ِب من ا ِ‬ ‫واملح ّب َة ك أ� ٍ‬
‫ا�ست ِجعت الوديعة‪ ،‬و أُ� ِخذت ال ّرهينة‪،‬‬ ‫لقد رُ‬ ‫رتاح حتى ت َْ�س ُق َط �إ�سرائيل»‪.‬‬ ‫َات ِدي ِنه وت َْ�شريعا ِته‪ .‬ولذلك كان وملجتمع امل��ق��اوم�� ِة‪ ،‬م��ن ِّ��ظ��ر ًا‪ ،‬وم��ف�� ِّك��ر ًا‪ ،‬أ� َ‬ ‫ُم��فْ�� َرد ِ‬
‫فحزننا عليك �سرمد‪ ،‬وليلنا م�س ّهد‪� ،‬إىل‬ ‫��وج��ه�� ًا‪ ،‬ول��ق��د ك���ان ���س��م��اح��ت��ه( ُق��دِّ � َ��س � ِ���س��� ُّره) يف‬ ‫�سماحتُه داع��ي��ة احل���وا ِر ال ّول‪ ،‬وداع��ي��ة وداع��ي�� ًا‪ ،‬وح��ام��ي�� ًا‪ ،‬و ُم��� َ��س��دِّ د ًا‪ ،‬وم ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫دارك التي أ�ن��ت فيها‬ ‫أ�ن يختار اهلل لنا َ‬ ‫ال���س�لام‪ ،‬وكان‬ ‫دمه على َك ِّف ِه ويرتدي ذلك كله‪ ،‬يتبع م�صلحة إ‬
‫ّ‬ ‫بالقول وال َع َمل‪ .‬فكان وجماهد ًا‪ ،‬يحمل َ‬ ‫ِ‬ ‫ال��وح��د ِة أال� َ‬
‫��ص��دق‬
‫وال�شهداء‬ ‫مقيم‪ ،‬مع النب ّيني وال�صدّيقني ّ‬ ‫�سالمي‪ ،‬وال َو ْحدَ ة َك َف َنه‪ .‬فكانت املقاوم ُة يف لبنانَ ‪ ،‬وفل�سطنيَ‪ ،‬يقول‪ « :‬أ�نا ُم َو َّك ٌل با إل�سالم َأ� ْت َب ُعه»‪ .‬ولهذا‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ال‬ ‫�سالمي ـ إ‬ ‫ُّ‬ ‫ال‬
‫احل��وا ُر إ‬
‫وال�سالم‬ ‫وح�سن أ�ولئك رفيق ًا‪ّ .‬‬ ‫وال�صاحلني ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم َّية يف �إي���ران منذ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫والعراق‪ ،‬و�فغان�ستانَ ‪ ،‬بالن�سبة �إليه ثابتا واك��ب ال��ث��ور َة إ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫عق‬ ‫يف‬ ‫املقيمني‬ ‫يه‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ال�سالم ّي‬ ‫إ‬
‫قال وال َ�س ِئم‪.‬‬ ‫عليك يا أ�خي‪� ،‬سالم مودّع ال ٍ‬ ‫خ�صو�صا يف ظل �ج��واء الفرقة والتمزُّق �إن�سان ّي ًا و�إ�سالم ّي ًا‪ ،‬ال يتزحزح عنه‪ ،‬وه ّم ًا �إرها�صا ِت َها أالوىل يف ال�ستينات على يد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬
‫ف�إن أ� ْن َ�ص ِر ُف َفال َعن ِماللة‪ ،‬و�إن أُ� ِق ْم فال‬ ‫والفنت ا َمل ِقي َت ِة التي َت ْع ِ�ص ُف بعا َمل ِنا ال َع َر ِّبي ي��وم�� ّي�� ًا ي�شغل ح�� ّي��ز ًا ك��ب�ير ًا م��ن م�ساحة ال�س ّيد اخلميني( ُقدِّ َ�س � ِ��س�� ُّره)‪ ،‬وذل��ك‬
‫ال�صابرين‪.‬‬ ‫ِعن ُ�سو ِء َظ��نٍّ مبا وعد اهلل ّ‬ ‫توجهاتها ال ّرئي�سة‪ ،‬وخطوطها‬ ‫اال�سرتاتيجي الـ ُم ْن َ�شغل على الدّوام ألنها يف ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ال���س�لام ِّ��ي‪ ،‬وا ّلتي ال ت��زال تهجم علينا عقله‬ ‫و إ‬
‫ف�إ ّنا هلل و� إ ّنا �إليه راجعون‪ ،‬وال حول وال ق ّوة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫بالق�ضايا الكربى لل ّمة وامل�ست�ضعفني‪ .‬العري�ضة‪ ،‬توافقت مع �فكاره وتطلعاته �إىل‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫دائم‬ ‫ِّد‬
‫د‬ ‫��ر‬ ‫ي‬ ‫��ان‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫م‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫املظ‬ ‫ْ‬ ‫يل‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫طع‬ ‫ك ِق‬
‫العلي العظيم ‪.‬‬ ‫�إال باهلل ّ‬ ‫�سالمي‬‫ّ‬ ‫ال‬
‫جمتمع يقوم على النظام إ‬ ‫ٍ‬ ‫�إنَّ ما ن َّت ِفقُ َعليه‪� ،‬كرث بكث ٍري مما ن َت ِلف فكان َأ�نْ د ََع َ���م املقاوم َة منذ بدايا ِت َها‪ ،‬بناء‬ ‫ُ‬ ‫خْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املت�سامح وال��� َّ��س��مِ ِ��ح‪ .‬ول��ذل��ك أ�ي�����ض�� ًا‪ ،‬ظلَّ‬ ‫ِ‬ ‫��اح‬‫اخلالف ويف حم ّ��ط��ا ِت�� َه��ا امل��خ��ت��ل��ف�� ِة‪ ،‬ق��ب��ل اج��ت��ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫فيه‪ ،‬فلماذا ن ُرت ُكه؟ حتى َي ْن َف ِج َر‬
‫*كلمة أ�لقيت يف حفل ت أ� ّ‬
‫بيني عن روح �سماحة‬ ‫ونا�صحا و ُم َ�سدِّ دًا بعد‬ ‫ً‬ ‫االجتياح حمام ًيا و ُم َو ِّج ًها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املفاهيم عام ‪ ،1978‬و َب ْعدَ ُه‪ ،‬ويف ِخ َ�ض ِّم‬ ‫ُ‬ ‫يف م��واط ِ��ن االخ��ت�لاف؟ وكانت‬
‫العالمة املرجع‪ ،‬ال�س ّيد حم ّمد ح�سني ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫املتوح ِ�ش عام ‪ ،1982‬وحينما وفاة ال�س ّيد اخلميني(قدِّ َ�س ِ�س ُّره)‪.‬‬ ‫�سرائيلي ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫من‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫��‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫��‬‫ه‬ ‫ال���س�لام�� ّي�� ُة ال�� ِّر���س��ال�� َّي�� ُة ُت��� َ��ش�� ِّك�� ُل‬ ‫إ‬
‫يف بلدة عيناتا‪.‬‬ ‫يل‬‫وال�صو َّ‬ ‫وان�شغاال من ان�شغاال ِته‪ .‬ولذلك كان الكثريون يغادرون لبنان‪ ،‬وعا�صمته ويبقى ال�س ّي ُد املرج َع الفقيهَ‪ ،‬أ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫همومه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫يقتحم املجدِّ دَ‪ ،‬واملتكل َم البارز‪ ،‬وال�شاع َر املرهَ ف‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫امل��ه��دّدة ب�ي�روت‪ ،‬ك��انَ َ�س َم َاح ُت ُه‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫خم�س‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ثرَ‬ ‫ك‬ ‫ل‬‫أ‬ ‫تُ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫مِ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫«‬ ‫ول‪:‬‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫كانَ‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫جاهدت حقّ اجلهاد من أ�جل أ�ن ت�سري‬
‫اجلموع فيه؛ � إ ّنه درب اهلل‪ ،‬درب ّ‬
‫احلب‬
‫وال�سالم‪ ،‬فهل هم مهتدون؟!‬
‫ّ‬ ‫و�إنَّك لعلى نهجِ عليّ‬
‫ويقين ًا أ� ّن��ه لرحي ٌل �صعب‪ ،‬موغ ٌل فينا‬
‫الع�صي يف‬‫ّ‬ ‫مرار ًة وح�سرة‪ ،‬أل ّنك ال ّرقم‬ ‫عبد الله محمّد*‬
‫يل‪ ،‬هكذا ع ّودتنا‪،‬‬ ‫معادلة العمل ال ّر�سا ّ‬
‫����س��ت�رح! ف��ح��قّ مل��ث��ل��ك أ�ن‬
‫ْ‬ ‫ي���ا أ�ب���ان���ا ا�‬
‫كيما تكون متف ّرد ًا يف ك�� ّل �شيء‪ ،‬وها‬ ‫ي�سرتيح‪ ،‬وهيهات أ�ن ت�سرتيح‪ ،‬و أ�نت‬
‫أ�ن��ت متف ّرد حتى برحيلك‪ .‬ف���إىل أ�ين‬ ‫على نهج �آب��ائ��ك و أ�ج����دادك‪ ،‬تقا�سم‬
‫ي��ا أ�ب��ا ع��ل ّ��ي؟ �إىل أ�ي��ن حت��ثّ اخلطى؟‬ ‫ال��ف��ق�ير ق��ر���ص ال ّ�����ش��ع�ير ك��ـ (ع��ل ّ��ي)‪،‬‬
‫وال�� ّزم��ان ال��ذي اخ�ترت ال ّرحيل فيه ال‬ ‫وتعي�ش ن��ك��ران ال��� ّذات ك��ـ (فاطمة)‪،‬‬
‫ال�سريع‪ ،‬ها أ�ن��ت تقود‬ ‫يحتمل غيابك ّ‬ ‫وجت���رع م���رارة ال��� ّ��س ّ��م ك��ـ (احل�سن)‪،‬‬
‫�سفينك اىل �شواطئ ال ّرحمن‪ ،‬تارك ًا‬ ‫ول��و ا�ستطاعوا لع ّلقوا ر أ����س��ك على‬
‫ال�سالم أال�صيل تتالطمه أ�مواج‬ ‫مركب إ‬ ‫رمح خذالنهم كـ (احل�سني) ال ّذبيح‪،‬‬
‫الره���ا����ص���ات‪ ،‬ف أ��� ّن��ى له‬
‫ال��ت��ج��اذب��ات و إ‬ ‫و�إن تكالبوا عليك عندما �صدعت‬
‫مبثلك‪ ،‬كيما يقب�ض على مقوده ليكمل‬ ‫(الكاذيب)‪،‬‬ ‫باحلقّ ‪ ،‬فرق ٌة باحلجار ِة أ‬
‫امل�سرية ب أ���م��انٍ و���س�لام؟! لعمري � إ ّن��ه‬ ‫يوف (التّ�شويه)‪ ،‬وفرق ٌة‬ ‫وفرق ٌة ّ‬
‫بال�س ِ‬
‫الفراغ الكبري يف غياب الكبري‪.‬‬ ‫بال�سهام‬‫بال ّرماح (التّزوير)‪ ،‬وفرق ٌة ّ‬
‫(اخل��ذالن)‪ ،‬ول َّوحوا بقمي�ص عثمان‬
‫أ� ّي �س ّد منيع كنت‪ ،‬و أ� ّي ف���را ٍغ تركت‬ ‫ال�صراخ ال ّن�شاز‪ ،‬ويقين ًا‬
‫واال�ستماع �إىل ّ‬ ‫بلطف اخلالق‪ ،‬كي حتمل ق��ارورة العطر‬ ‫(ظ�لام�� ُة أ�ه���ل ال��ب��ي��ت)‪ ،‬لكي ميعنوا‬ ‫ُ‬
‫بانتقالك املفاجئ �إىل �ض ّفة اخللود؟‬ ‫أ� ّنهم آالن م�ستا ؤ�ون‪� ،‬إذ برحيلك �سلبتهم‬ ‫وقناديل الهدى وبريد ال ّنقاء‪ ،‬ويعلم ال ّنا�س‬ ‫يف �إطفاء ن��ور احل��قّ ‪ ،‬فما هادنت وال‬
‫مب��ن نلتجئ ع��ن��د ه��ب��وب ري���اح الفنت‬ ‫التويج لها‪ ،‬أ�ال‬ ‫الب�ضاعة ا ّلتي يح�سنون رّ‬ ‫الطرقات على أ�بواب الفقراء‪،‬‬ ‫أ�نها ذات ّ‬ ‫الذاب باحلقّ‬
‫�ساملت وال خنعت‪ ،‬وكنت ّ‬
‫عا�صم‬
‫ٍ‬ ‫والهواء أ� ّيها ال�س ّد املنيع؟ و أ� ّي‬
‫أ‬ ‫وهي ال ّنيل من ال ّنقاء‪ ،‬ا�سرتح واترك لهم‬ ‫واخلطوات عينها تلك التي كانت ت�سمع يف‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫وباحلقيقة عن دين اهلل وعن خط �هل‬
‫يع�صمنا من أ�مواج اخلرافة والغل ّو؟ بل‬ ‫خل ّوهم �إىل �شياطينهم‪ ،‬فال تزال كلماتك‬ ‫حواري املدينة والكوفة‪.‬‬ ‫ال�سائ ُر على نهج ج ّدك‬ ‫البيت‪ ،‬وكنت ّ‬
‫بدون �إطاللتك علينا مر ّبي ًَا‬ ‫كيف نحيا ِ‬ ‫التي يجهدون يف �إطفاء نورها‪ ،‬وي أ�بى اهلل‬ ‫ع��ل ّ��ي ب��ن أ�ب���ي ط��ال��ب ا ّل���ذي ���ص��رخ يف‬
‫وموجه ًَا و�با حنونا؟! لقد �صيرّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ومع ّلم ًَا ّ‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫يا أبانا استرحْ !‬ ‫ال ّدنيا‪« :‬ما ترك يل احلقّ من �صديق»‪،‬‬
‫علي‪ ،‬لقد‬ ‫رحيلك احلياة باهت ًة يا أ�ب��ا ّ‬ ‫وال حتزن‪ ،‬ف أ�نت من ع ّلمنا أ�نّ ال ّر�ساالت‬ ‫والقائل‪ �« :‬إ ّنكم تريدونني ألنف�سكم و أ�نا‬
‫كنت ملحها وملهمها و�صانعها‪ .‬يا أ�با‬ ‫يا أبانا استرحْ !‬ ‫ال متوت مبوت رجاالتها‪ ،‬و أ�نت من ع ّلمنا‬ ‫أ�ريدكم هلل»‪.‬‬
‫ع��ل ّ��ي‪ ،‬ن�س أ�ل اهلل ال��ذي ج��اد وم��ن بك‬ ‫وح��قّ لك أ�ن ت�سرتيح‪ ،‬ألنّ عامل ّية فكرك‬ ‫باحلب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال�شوك بالورد‪ ،‬والبغ�ض‬ ‫أ�ن نقابل ّ‬
‫علينا‪ ،‬أ�ن مي��نّ علينا مبثلك‪ ،‬فمنك‬ ‫ال���س�لام‪ � ،‬إ ّن��ك‬‫بحجم عامل ّية ال��ق��ر�آن و إ‬ ‫والريح ّية‪ ،‬فيا لقلبك‬ ‫بال�صفح أ‬
‫واحلقد ّ‬ ‫يا أبانا استرحْ !‬
‫احلجة‬ ‫كف ّ‬ ‫ال ّراية نحمل حتى تقب�ضها ّ‬ ‫ظاهر ٌة ا�ستطاعت أ�ن تك�سر جربوت حاجز‬ ‫ّ‬
‫ال�شا�سع! ويا لعنفوانك الطامح‬ ‫الوا�سع ّ‬ ‫و أ�ط��ب��ق جفنيك ك��ي ال ت��راه��م‪ ،‬ك��ي ال‬
‫بن احل�سن‪ ،‬روحي فداه‪.‬‬ ‫الزّمان واملكان‪ ،‬وتخرتق تن ّوع أالجيال‪،‬‬ ‫الطافح! ويا ل�سكونك ال ّراعد العا�صف!‬ ‫ّ‬ ‫علي تتناهبه ال ّنفو�س الهزيلة‬ ‫جتد تراث ّ‬
‫فامت ّد فكرك �سابح ًا وم ؤ� ّثر ًا �شرق ًا وغرب ًا‪،‬‬ ‫ال�صارخ ال ّناطق! ويا لبيا�ضك‬‫ويا ل�صمتك ّ‬ ‫اخلانعة‪ ،‬كي ال ت�ستمع �إليهم وهم يخيطون‬
‫أ� ّيها ال�� ّراح��ل ع ّنا ول�ست براحل‪ ،‬أ� ّيها‬ ‫ال�صغار والكبار‪،‬‬ ‫حيث نهل من معينه ّ‬ ‫ا ّل��ذي �ضاقت به أالر���ض مبا رحبت حتى‬ ‫رداء اخلرافة البايل ب أ� ٍ‬
‫�صوات مزكوم ٍة‬
‫الغائب احلا�ضر واحل��ا���ض��ر الغائب‪،‬‬ ‫وتابعه املث ّقفون �إ�سالم ّيني وم�سيح ّيني‬ ‫الع�صي على‬
‫ّ‬ ‫قوبل باجلحود! ويا لنقائك‬ ‫الحن‬ ‫بحب الدّنيا‪ ،‬كي ال تب�صر رايات إ‬ ‫ّ‬
‫ع��ن��دم��ا زرتُ ���ض��ري��ح��ك امل���ق��� ّد����س‪،‬‬ ‫وعلمان ّيني‪ ،‬و�سيبقى معينك د ّفاق ًَا خالد ًَا‬ ‫والكراهية ترفرف على منائر الدّ�سائ�س‪،‬‬
‫أ�ح�س�ستُ بح�ضورك روح ًا وبدن ًا‪ ،‬وحينما‬ ‫متجدّد ًَا كخلو ِد القر�آن ا ّلذي كان أ�نغام ًَا‬ ‫عامليّة فكرك بحجم‬ ‫كي ال تت أ�لمّ و أ�نت تقف على ج ّثة احلقيقة‬
‫غطت مرقدك‬ ‫نظرت �إىل تلك الزّهور ّ‬ ‫ترتنمّ ها �آن��اء ال ّل ِيل ذك���ر ًَا مع مع�شوقك‬ ‫عامليّة القرآن واإلسالم‪،‬‬ ‫بخناجر الغيل ِة‬
‫ِ‬ ‫وه��م يتكاثرون عليها‬
‫ال�شريف‪ ،‬فك أ�نّ ك ّل زهر ٍة حتاكي فكر ًة‬ ‫ّ‬ ‫أال ّول‪ ،‬و أ�طراف النهار فكر ًَا ت ؤ� ّ�صله لبني‬ ‫إ نّك ظاهر ٌة استطاعت‬ ‫والغدر‪ ،‬حتى يتف ّرق دمها بني املنزوين يف‬
‫من أ�فكارك‪ ،‬وك ّل ورد ٍة تعك�س نور ًا من‬ ‫الظلمات‪،‬‬ ‫غياهب ّ‬‫ِ‬ ‫الب�شر‪ ،‬هادي ًَا لهم من‬ ‫أن تكسر جبروت حاجز‬ ‫غيابات ّ‬
‫الظلمة‪.‬‬
‫أ�ن���وارك‪ ،‬عندها انتابني �شعو ٌر ب أ� ّنك‬ ‫فهنيئا لك اخللود يا �صاحب القلب الكبري‬ ‫الزّمان واملكان‪ ،‬وسيبقى‬
‫علي‪ ،‬ف أ�نفا�سك املط ّرزة‬ ‫مل متت يا أ�با ّ‬ ‫واخللق ال ّرفيع‪.‬‬ ‫معينك دفّاق ًَا خالد ًاَ متجدّ د ًاَ‬ ‫يا أبانا استرحْ !‬
‫ب آ�ي الكتاب‪ ،‬ما زالت تتدافع يف الهواء‬ ‫كخلودِ القرآن‬ ‫واع��ل��م أ� ّن����ك ل��ن ت�����س�تري��ح‪ ،‬و أ� ّن����ى ملثلك‬
‫الطلق‪ ،‬ليلتقطها امل ؤ�منون فتبعث فيهم‬ ‫ّ‬ ‫يا أبانا استرحْ !‬ ‫بال ّراحة؟ فروحك ا ّلتي بني جنبيك ع�ص ّية‬
‫وحب‬‫ال ّر�سالة حيا ًَة‪ ،‬والقر�آن منهج ًَا‪ّ ،‬‬ ‫ف�سنابلك اخل�ضر دلي ٌل على عظم ّ‬
‫احلب‬ ‫أ��صابع التّ�شويه! فهنيئا لك يا أ�با ّ‬
‫علي‪،‬‬
‫أ��شجارك التي ا�ستطالت أ�غ�صانها حتى‬ ‫على أ�ن تنالها ن�سمات الدّعة‪ ،‬أ�و أ�ن ت�سافر‬
‫اهلل منطلق ًَا‪ .‬وكيف متوت و أ�نت تعطي‬ ‫ا ّل���ذي حتمله لل َّنا�س‪ ،‬وم��ا ال�� ّدم��وع ا ّلتي‬ ‫�إىل ���ش��واط��ئ اال�ستجمام‪ ،‬ف���دون ذلك‬
‫ال ّر�سالة حيا ًة‪ ،‬يا من كانت ال ّر�سالة‬ ‫أ�و�صلتك �إىل أ�بواب اجل ّنة‪.‬‬
‫وحجة على اخللق‬ ‫تتقاطر منها �إال دليل ّ‬ ‫ودائع (حم ّمد) ا ّلتي تزدحم يف م�سامات‬
‫والخري‪.‬‬‫ه ّمك أال ّول أ‬ ‫ب�صحة نهجك‪ ،‬ف أ�ين أ�ن��ت النآ‬ ‫أ�جمعني ّ‬
‫يا أبانا استرحْ !‬ ‫امل�����س��اف��ة‪ ،‬ف��م��ن يحملها غ��ي�رك؟ وم��ن‬
‫و أ�ين هم؟ فقد �آليت أ�ن ال تخرج منها �إال‬ ‫يو�صلها غريك؟ ومن ي�س أ�ل عنها غريك؟‬
‫واترك لهم حجارة التّعب‪ ،‬أ�ولئك ا ّلذين‬
‫*كانب اماراتي‬ ‫و أ�ن��ت ب��اقٍ يف قلوب حم ّبيك ّ‬
‫وال�سائرين‬ ‫هكذا كنت كفي ًال وكاف ًال‪ ،‬معي ًال وعائ ًال‪،‬‬
‫ر�ضوا االن��زواء خلف متاري�س اخلر�س‪،‬‬
‫يف ذات ال��دّرب ا ّل��ذي ت�سري فيه‪ ،‬وا ّل��ذي‬ ‫حتت�ش ُد ع��ن��دك ال�� ّل��ح��ظ��ات‪ ،‬وت�ستطيل‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫�شهر رم�ضان‪� :‬شهر البناء الروحي والإيماني‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫عندما يقفون طوي ًال للح�ساب‪ ،‬بخالف‬ ‫ال�صالة والتّوبة وال ّدعاء‬ ‫الكثار من َّ‬ ‫إ‬
‫م��ن ي��ك��ون ح�سابهم ي�����س�ير ًا‪ ،‬حيث ال‬ ‫آ‬
‫واال�ستغفار وقراءة القر�ن وذكر اهلل‪،‬‬
‫يجوعون وال يعط�شون‪..‬‬ ‫ال�شهر ع��ام��ر ًا بك ّل هذه‬ ‫بحيث يكون ّ‬
‫وغ�ضوا ع ّما ال‬ ‫«واحفظوا أ�ل�سنتكم‪ّ ،‬‬ ‫تعج‬ ‫والتبو ّية وا ّلتي ّ‬ ‫أالجواء ال ّروح ّية رّ‬
‫يح ّل ال ّنظر �إليه أ�ب�صاركم‪ ،‬وع ّما ال‬ ‫بها كتب أالدعية‪ ..‬وهذا ما أ��شار(�ص)‬
‫يح ّل اال�ستماع �إليه أ��سماعكم»‪.‬‬ ‫�إل��ي��ه عندما ق��ال‪« :‬ف�سلوا اهلل ر ّبكم‬
‫فمن آالن‪ ،‬م�س ؤ�ول ّيتنا أ�ن ندر�س نقاط‬ ‫��وب ط��اه��رة‪ ،‬أ�ن‬ ‫��ات ���ص��ادق��ة‪ ،‬وق��ل ٍ‬ ‫ب��ن�� ّي ٍ‬
‫�ضعفنا يف �إرادتنا‪ ،‬ونف ّكر كيف نتجاوز‬ ‫يو ّفقكم ل�صيامه‪ ،‬وت�لاوة كتابه‪ ،‬ف�إنّ‬
‫ال�ضعف لنكون أ�قوياء يف داخلنا‪..‬‬ ‫هذا ّ‬ ‫قي من ُح ِ��ر َم غفران اهلل يف هذا‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫ّ‬
‫ح�سن اخللق والتّ�ص ّدق على الفقراء‬ ‫ال�شهر العظيم»‪..‬‬ ‫ّ‬
‫أ� َّما برنامج املحور ال َّثالث‪ ،‬كما أ��شار �إليه‬ ‫أ‬
‫�إذ ًا‪ ،‬لن�ستع ّد‪ّ � ،‬يها أالح َّبة‪ ،‬من آالن‪،‬‬
‫ال ّر�سول(�ص)‪ ،‬فهو العالقة احلميمة‬ ‫ليكون وقتنا متّ�سع ًا لك ّل ه��ذه أالم��ور‬
‫م��ع ال�� ّن��ا���س‪ ،‬بااللتفات �إىل فقرائهم‬ ‫ألقى سماحة السيّد علي فضل الله‪ ،‬خطبتي صالة اجلمعة‪ ،‬من على منبر مسجد العباد ّية؛ �صال ًة و�صوم ًا وا�ستغفار ًا‬
‫و أ�يتامهم و�ضعفائهم‪ ،‬والتّوا�صل بني‬ ‫اإلمامني احلسنني(ع) في حارة حريك‪ ،‬بتاريخ ‪ 25‬شعبان‪1431‬ه بحضور عد ٍد من وذكر ًا و�إحيا ًء ل ّليايل‪ ،‬وال �س ّيما ليايل‬
‫���ف الغ�ضب واالن��ف��ع��ال‪،‬‬ ‫أالرح����ام‪ ،‬وك ّ‬ ‫الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة واالجتماعيّة‪ ،‬وحشدٍ من املؤمنني‪ ،‬ومما ال��ق��در‪ ،‬ح��ت��ى نح�صل ع��ل��ى ك��� ّل ه��ذه‬
‫وح�سن اخللق والبعد عن ال�ش ّر‪ ..‬ولذا‬ ‫الربكات آالتية من اهلل‪ ،‬ونح ّقق الزّاد‬ ‫جاء في خطبته األولى‪:‬‬
‫قال(�ص)‪« :‬وت�ص ّدقوا على فقرائكم‬ ‫ين ألنف�سنا‪ ،‬وا ّلذي هو‬ ‫الميا ّ‬ ‫وحي و إ‬ ‫ال ّر ّ‬ ‫وال ّرحمة واملغفرة‪.‬‬ ‫التّهيّؤ الستقبال شهر الله‬
‫وم�ساكينكم‪ ،‬وو ّقروا كباركم‪ ،‬وارحموا‬ ‫َّ إ �س ّر ق ّوتنا و�إرادتنا وعزميتنا‪..‬‬ ‫ىل‬ ‫�‬ ‫ـ‬ ‫���ة‬ ‫ب‬ ‫���‬ ‫ح‬ ‫أ‬
‫ال‬ ‫��ا‬ ‫ه‬ ‫��‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫ـ‬ ‫ون‬ ‫و‬
‫ّ‬ ‫���‬ ‫ع‬ ‫���د‬ ‫م‬ ‫��ا‬ ‫ن‬ ‫��‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫�‬
‫حر�ص ر�سول اهلل(�ص) يف �آخر جمع ٍة إ‬
‫�صغاركم‪ ،‬و�صلوا أ�رحامكم»‪..‬‬ ‫َّ‬
‫من �شهر �شعبان على ا�ستنفار امل�سلمني‪ ،‬ا�ستقبال هذا ال�شهر‪ ،‬وليكن ا�ستقبالنا تهذيب النّفس‬
‫ثم قال(�ص)‪ « :‬أ� ّيها ال ّنا�س‪ ،‬من ّ‬
‫ح�سن‬ ‫بدعوتهم �إىل الته ّي ؤ� ال�ستقبال هذا ل��ه ا�ستقبال ال��واع�ين ا ّل��ذي��ن يريدون أ� ّم��ا برنامج تهذيب ال ّنف�س وتربيتها‬
‫ال�شهر خلقه‪ ،‬ك��ان له‬ ‫منكم يف ه��ذا ّ‬ ‫القادم �إليهم بعد ع ّدة أ� ّيام‪ ،‬وهو �شهر احل�صول على �ضيافة اهلل وبركات وال�� ّرق��اب��ة عليها‪ ،‬فقد أ����ش��ار ر�سول‬
‫�����ص��راط ي��وم ت ّ‬
‫���زل فيه‬ ‫ج���وا ٌز على ال ّ‬ ‫يتم �إال بتطهري عقولنا اهلل(������ص) �إىل أ� ّن����ه ي��ت ّ��م م��ن خ�لال‬ ‫ال�شهر ا ّلذي مل يكن ولن مائدته‪ ،‬وهذا ال ّ‬ ‫رم�ضان؛ هذا ّ‬
‫كف اهلل‬ ‫كف فيه �ش ّره‪ّ ،‬‬ ‫أالقدام‪ ..‬ومن ّ‬ ‫ال�شهور‪ ،‬م��ن ك���ل ان���ح���راف‪ ،‬وت��ط��ه�ير قلوبنا ا�ستح�ضار ي��وم القيامة‪ ،‬حني نتذ َّكر‬ ‫ّ‬ ‫يكون �شهر ًا عاد ّي ًا مي ّر كبق ّية ّ‬
‫عنه غ�ضبه يوم يلقاه‪ ،‬ومن أ�كرم فيه‬ ‫وينتهي بانتهائه‪ ،‬بل هو لعظيم ف�ضله‪ ،‬وت�صفية م�شاعرنا‪ ،‬فال يح�صل على املوقف املهيب بني يدي اهلل ع ّز وج ّل وما‬
‫يتيم ًا‪ ،‬أ�كرمه اهلل يوم يلقاه‪ ،‬ومن و�صل‬ ‫الطاهرون املتط ّهرون‪ .‬يجري فيه‪ ،‬حيث ال �سبيل لل ّنجاة منه‬ ‫وكثري بركاته‪ ،‬و أ�هم ّية نتائجه‪ ،‬ن�سبه �ضيافة اهلل �إال ّ‬
‫فيه رح��م��ه‪ ،‬و�صله اهلل برحمته يوم‬ ‫المام ال ّر�ضا(ع)‪� ،‬إال مبتابعة ال ّنف�س وتهذيبها‪َ } :‬ق ْد َأ� ْف َل َح‬ ‫اهلل �إليه وك ّرمه با�سمه‪ ،‬فهو �شهر اهلل‪ ،‬وهذا ما أ��شار �إليه إ‬
‫يلقاه‪ ،‬ومن قطع فيه رحمه‪ ،‬قطع اهلل‬ ‫«�شهر ـ كما قال ر�سول اهلل (�ص) يف عندما راح يتح ّدث �إىل بع�ض أ��صحابه‬
‫عنه رحمته يوم يلقاه»‪.‬‬ ‫الشهر‪،‬‬ ‫ليكن استقبالنا لهذا َّ‬ ‫ال�شهور‪ ،‬يف �شهر �شعبان‪ ،‬ح�ين ق��ال ل��ه‪�« :‬إنّ‬ ‫خطبته ـ هو عند اهلل أ�ف�ضل ّ‬
‫هذا الربنامج مع ال ّنا�س‪ ،‬مع الفقراء‬ ‫استقبال الواعني الّذين يريدون‬ ‫أ‬
‫و أ� َّي��ام��ه أ�ف�ضل أال َّي���ام‪ ،‬ولياليه أ�ف�ضل �شعبان ق��د م�ضى �ك�ث�ره‪ ،‬وه��ذا �آخ��ر‬
‫أ‬ ‫احلصول على ضيافة الله‪ ،‬وهذا‬ ‫ال�� ّل��ي��ايل‪ ...‬ه��و �شهر دعيتم فيه �إىل جمع ٍة فيه‪ ،‬فتدارك فيما بقي تق�صريك‬
‫والي��ت��ام‪ ،‬و�صو ًال �إىل التّوا�صل معهم‬
‫ال يت ّم إال بتطهير عقولنا من‬ ‫وجعلتم فيه م��ن أ�ه��ل فيما م�ضى منه‪ ،‬وعليك با إلقبال على‬
‫واالهتمام بالع ّمال واخلدم وغريهم‪ ،‬ال‬ ‫كلّ انحراف‪ ،‬وتصفية مشاعرنا‬ ‫�ضيافة اهلل‪ُ ،‬‬
‫التح�ضر له على م�ستوى الفرد‬ ‫ّ‬ ‫ب َّد من‬ ‫ما يعينك بعدم التل ّهي ع ّما ال فائدة‬ ‫كرامة اهلل»‪.‬‬
‫وقلوبنا من األحقاد‬
‫جلان ت�ش ّكل يف‬‫وامل ؤ� َّ�س�سة‪ ،‬ومن خالل ٍ‬ ‫أ� ّما مائدة ال�ضيافة فيه فهي‪ « :‬أ�نفا�سكم منه يف دن��ي��اك و�آخ��رت��ك‪ ،‬و أ�ك�ث�ر من‬
‫والحياء والقرى واملدن‪.‬‬ ‫امل�ساجد أ‬ ‫فيه ت�سبيح ـ حيث تتح ّول هذه أالنفا�س ال ّدعاء واال�ستغفار‪ ،‬لتكون قريب ًا من‬
‫��اب َمنْ د ََّ�ساهَ ا{‬ ‫َمنْ َز َّكاهَ ا * َو َق ْ��د َخ َ‬
‫الشهر‬
‫االستفادة من بركات هذا ّ‬ ‫وتب �إىل اهلل من ذنوبك‪ ،‬ليقبل‬ ‫احل��ا ّرة �إىل أ�ذك��ا ٍر وت�سابيح ـ ونومكم ر ّبك‪ْ ،‬‬
‫بال�ضغط‬ ‫(ال�شم�س‪ ..)10-9 :‬و أ�ي�ض ًا َّ‬ ‫ّ‬
‫أ� ُّي���ه���ا أالح���� َّب����ة‪ ،‬مل ي����رد اهلل ل�شهر‬ ‫خمل�ص له‬‫ٌ‬ ‫ف��ي��ه ع��ب��ادة ـ ال�� ّن��وم ا ّل����ذي ه��و راح��ة �شهر رم�ضان �إليك و أ�ن��ت‬
‫على �شهواتنا و أ�ط��م��اع��ن��ا‪ ،‬ومراقبة‬
‫رم�ضان أ�ن يكون �شهر ًا نخ ِّفف فيه‬ ‫أالج�ساد‪ ،‬يتح ّول �إىل عبادة هلل وطاعة ع ّز وج ّل»‪..‬‬
‫ح��رك��ات ج��وارح��ن��ا ومل��ح��ات أ�عيننا‪،‬‬
‫وامللذات‪ ،‬فاهلل‬ ‫وال�شراب َّ‬ ‫الطعام َّ‬ ‫من َّ‬ ‫له ـ وعملكم فيه مقبول»‪ ،‬العمل ا ّلذي شهر العبادة‬
‫ول��ه��ج��ات أ�ل�سنتنا‪ ،‬وت��ق��وي��ة �إرادت��ن��ا‬
‫مل ي��رد لعباده أ�ن يعانوا يف احلياة‪،‬‬ ‫يخ�شى عدم قبوله يت أ� ّكد قبوله‪ ،‬أ� ّما ث ّ��م‪ ،‬ال ب َّد من أ�ن نقف عند الربنامج‬
‫وعزميتنا‪ ،‬حتى ال ن�ضعف أ�مام �شهو ٍة‬
‫وهو ا ّل��ذي مل يبخل عليهم ب�شيءٍ ‪ ،‬وال‬ ‫ال�� ّدع��اء ا ّل��ذي به ي��ر ّد الق�ضاء ويدفع ا ّلذي أ�ع َّده ر�سول اهلل(�ص) ا ّلذي ب َّينه‬
‫مطمع أ�و مال‪« .‬واذكروا‬ ‫ٍ‬ ‫أ�و غريز ٍة أ�و‬
‫يريد بهم � إ ّال اخلري } ُق ْل َمنْ َح َّر َم زِي َن َة‬ ‫وعط�شكم جوع يوم القيامة‬ ‫ِ‬ ‫بجوعكم‬
‫ِ‬
‫ال�سبل‬‫البالء‪ ،‬ومن خالله تنفتح خزائن اهلل‪ ،‬لنا يف خطبته‪ ،‬حيث د َّلنا �إىل ّ‬
‫ات ِمنَ‬ ‫اللهّ ِ ا َّل ِت َي َأ�خْ �� َر َج ِل ِع َبا ِد ِه َوا ْل َّط ِّي َب ِ‬ ‫وعط�شه»‪ ،‬أ�ن نتذ ّكر ذلك اليوم امل�شهود‬
‫ا ّلتي ت�ساهم يف تنمية العالقة باهلل يف‬ ‫ف� إ ّنه م�ستجاب وم�ضمون‪.‬‬
‫ال ِّر ْز ِق أ‬ ‫هو �شهر ي أ�تي حام ًال لل ّنا�س الربكة �شهر رم�ضان وتعزيزها‪ ،‬فدعانا �ىل‬
‫{(العراف‪.)32 :‬‬ ‫إ ا ّل���ذي ي��ج��وع فيه ال�� ّن��ا���س ويعط�شون‪،‬‬

‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬


‫ولك َّنه أ�راد لعباده أ�ن يح�صلوا على‬

‫نحذّر اللبنانيين من مخاطر الفتنة ودعاتها‬ ‫اخلطبة السياسية‬


‫التبية ا ّلتي جتعلهم م ؤ� َّهلني خلالفته‬
‫يف هذه أالر�ض‪ ،‬وال ب َّد لنا من أ�ن نفهم‬
‫رَّ‬

‫ولج��ل‬ ‫�����ص��ورة‪ ،‬أ‬‫ال�شهر ب��ه��ذه ال ّ‬ ‫ه��ذا َّ‬


‫فينطلق أ�ح��د م�س ؤ�وليها ليعلن ب أ�ن‬ ‫زحف العدو وسياسة الصمت‪:‬‬ ‫الم���ام ع��ل ّ��ي(ع)‪:‬‬ ‫ذل��ك‪ ،‬ك��ان حتذير إ‬
‫الن�سبة أالكرب من املدنيني �سقطت‬ ‫ُيطل �شهر رم�ضان هذا العام‪ ،‬أ‬
‫وال ّمة‬ ‫�صائم لي�س له من �صيامه �إال‬
‫بفعل عمليات «طالبان» ويتنا�سى‬ ‫«كم من ٍ‬
‫ال تزال تعاين يف كثري من أ�و�ضاعها‬ ‫قائم لي�س له من قيامه‬ ‫الظم أ�‪ ،‬وكم من ٍ‬ ‫ّ‬
‫أ�ن االح���ت�ل�ال ه���و ال�����س��ب��ب يف كل‬ ‫ومواقعها‪..‬‬
‫هذه امل آ��سي واملجازر التي ال تنتهي‬ ‫ال�سهر والعناء»‪.‬‬ ‫� إ ّال ّ‬
‫ففي فل�سطني املحتلة ت��زح��ف �آل��ة‬ ‫ال�شهر أ� ّيها أالح ّبة‪ ..‬الفر�صة‪،‬‬ ‫يف هذا ّ‬
‫ف�صو ًال يف أ�فغان�ستان والعراق‪..‬‬ ‫ال���دم���ار ال�����ص��ه��ي��ون��ي��ة �إىل مقابر‬
‫�إن��ن��ا ن��رب أ��� باملنظمة ال��دول��ي��ة التي‬ ‫أ‬
‫ك�� ّل الفر�صة متاحة �مامنا‪ ،‬فلنع ُمر‬
‫امل��ق��د���س��ي�ين يف ال��ق��د���س امل��ح��ت��ل��ة‪،‬‬
‫أ�ن��� أ‬
‫��ش���ت حل��ف��ظ أالم����ن وال�����س�لام‬ ‫بعدما أ�ج��ه��زت على بيوت العرب‬ ‫م�ساجدَ نا بالعبادة والتّوجيه والتّوعية‪،‬‬
‫م�لاذ‬
‫ٍ‬ ‫ال��ع��امل��ي�ين‪ ،‬أ�ن ت��ت��ح��ول �إىل‬ ‫والفل�سطينيني يف ك��ل أالح���ي���اء‪،‬‬ ‫وبيوتَنا بال ّذكر وال ّدعاء واال�ستغفار‪،‬‬
‫للمجرمني الدوليني‪ ،‬و أ�ن ُي�صار �إىل‬ ‫لتحاول أ�ن تكتب التاريخ على طريقة‬ ‫وك�� ّل نوادينا ومواقع لقائنا بال ّثقافة‬
‫االنتقام من ال�شعوب با�سمها وحتت‬ ‫الوحو�ش الذين يخافون حتى من‬ ‫ال�سالم‬ ‫والوعي وقراءة القر�آن وفهم إ‬
‫رايتها‪� ،‬سواء يف كل ه��ذا الهجوم‬ ‫الجهاز على‬ ‫املقابر‪ .‬ولت�سعى �إىل إ‬ ‫ب�صفائه ونقائه‪ ،‬ونبتعد عن ك�� ّل لغ ٍو‬
‫املركز على �شعوبنا ويف كل عمليات‬ ‫العدو‪ ،‬وحتى عندما ت�صل �إىل النقطة‬ ‫ال�سالمية‬ ‫�آخ���ر امل��ع��امل العربية و إ‬ ‫وعبث‪ ،‬وال ن�سمح لك ّل ا ّلذين يريدون‬
‫ال�سطو املنظم على ثرواتها‪ ،‬أ�و يف‬ ‫ال��ت��ي تُك�شف فيها احل��ق��ائ��ق وتظهر‬ ‫وامل�سيحية هناك‪ ،‬قبل أ�ن تزحف ـ‬ ‫أ�ن يبعدونا عن ك ّل أالج��واء ال ّروح ّية‬
‫املحاكم الدولية التي ُي��راد لها أ�ن‬ ‫فيها وح�شية العدو على حقيقتها‪ ،‬ف�إن‬ ‫من خالل امل�ستوطنني ـ �إىل امل�سجد‬ ‫المي��ان�� ّي��ة وال�ّتررّ ب��و ّي��ة والفكر ّية‪ ،‬أ�ن‬
‫و إ‬
‫تتحول �إىل �سيف م�س ّلط على طالب‬ ‫الدان���ة الدولية تبقى من املمنوعات‬ ‫إ‬ ‫أالق�صى ال��ذي ق��د ي��رى الكثريون‬ ‫ي�صلوا �إىل أ�ه��داف��ه��م‪ ،‬من خ�لال ما‬
‫احلرية وحركات املقاومة واملمانعة‬ ‫أ‬
‫يف م�س�لة التعاطي م��ع كيان العدو‪،‬‬ ‫أ� ّن��ه مل يعد عبئ ًا على كاهل العدو‬ ‫الع�لام املتن ّوعة من‬ ‫تط ّل به و�سائل إ‬
‫يف املنطقة‪.‬‬ ‫لي أ�خذ ه��ذا الكيان حريته الح��ق�� ًا يف‬ ‫فقط‪ ،‬بل على كاهل معظم أالنظمة‬ ‫الن�سان عن معانيه‬ ‫��رو���ض ال تبعد إ‬ ‫ع ٍ‬
‫لبنان‪ :‬حتذير من مخاطر الفتنة‬ ‫�إ�شعال احلروب وتهديد �سالم املنطقة‬ ‫ال�سالمية التي ترى فيه‬ ‫العربية و إ‬
‫�إننا أ�مام هذا الواقع‪ ،‬وهذه الوقائع‬ ‫ال ّروح ّية فح�سب‪ ،‬بل قد ت�صل يف بع�ض‬
‫وا�ستقرارها‪ ،‬يف الوقت الذي تتحدث‬ ‫حاجز ًا مينعها من الت�سليم النهائي‬ ‫احلاالت �إىل ح ّد مع�صية اهلل‪..‬‬
‫التي ُي��راد لها أ�ن متتد يف املنطقة‬ ‫الدول الكربى عن أ�ن �إي��ران هي التي‬ ‫للعدو‪.‬‬
‫لت�صل �إىل لبنان‪ ،‬ندعو اللبنانيني‬ ‫أ� ّيها أالح َّبة‪ :‬هذا �شهر القر�آن‪ ،‬هذا‬
‫متثل التهديد الفعلي لهذا اال�ستقرار‪،‬‬ ‫�إن��ن��ا ن��ح��ذر ال��ع��رب وامل�سلمني من‬
‫حت�س�س م��ك��ام��ن اخل��ط��ر من‬ ‫�إىل ّ‬ ‫اال�ستمرار يف �سيا�سة ال�صمت أ�مام‬ ‫�شهر ال ّدعاء‪ ،‬هذا �شهر التَّوبة‪ ،‬هذا‬
‫دعاة الفتنة الذين ي أ�تون كمبعوثني‬ ‫ولذلك تتو�سع حلقة احل�صار الدولية‬ ‫الطهور‪ ،‬هذا �شهر القيام‪ ،‬هذا‬ ‫�شهر ّ‬
‫امل�ضروبة عليها‪ ،‬يف نطاق ف�ضيحة‬ ‫كل هذه امل آ��سي‪ ،‬وكل هذا العدوان‬
‫ومم�� ّث��ل�ين ل��ل��م��ح��اور ال��دول�� ّي��ة‪ ،‬كما‬ ‫ال��ذي يلحق بالفل�سطينيني ويتت ّبع‬ ‫ال�سالم‪ ،‬هذا �شهر الفوز باجل َّنة‬ ‫�شهر إ‬
‫ن��ب��ارك للجي�ش ال��ل��ب��ن��اين و�سامه‬ ‫دولية جديدة‪ ،‬تنك�شف فيها �سيا�سة‬ ‫والعتق من ال َّنار‪ ،‬هذا �شهر الربكات‬
‫املعايري املزدوجة‪ ،‬وت�سقط فيها أالمم‬ ‫�آثارهم حتى يف رفات أالموات؛ ألن‬
‫الدارة‬ ‫اجل��دي��د املتم ّثل بتجميد إ‬ ‫ف�صول امل أ��ساة لن تنتهي هناك‪ ،‬بل‬ ‫واخل��ي�رات‪ ،‬ه��ذا �شهر ال��ع��ط��اء‪ ،‬هذا‬
‫أالمريكية لبع�ض امل�ساعدات التي‬ ‫�سيزحف ال��ع��دو الطامع والطامح‬ ‫الرادات‪ ،‬ف��م��اذا نحن‬ ‫���ش��ه��ر ب��ن��اء إ‬
‫ك��ان��ت �ستقدمها ل��ه ع��ل��ى خلفية‬ ‫نر يد للشهر ا لفضيل أ ن‬
‫�إىل كل زوايا القوة واملنعة يف أالمة‬ ‫فاعلون؟ املبادرة ب أ�يدينا‪ ،‬وقد ه ّي أ�ها‬
‫مما‬‫مواجهته للعدو يف العدي�سة‪ّ ،‬‬ ‫يكون رسالة وحدة في‬ ‫ليعمل على تهديدها وتهدميها‪،‬‬ ‫ال�شهر‬‫اهلل لنا‪ « :‬أ�بواب اجلنان يف هذا ّ‬
‫ي ؤ��� ّك��د عمق ال�سيا�سة اال�ستكبار ّية‬ ‫لتدخل يف مرحلة أ�خرى من مراحل‬ ‫مفتَّحة‪ ،‬ف�سلوا ر ّب��ك��م أ�ن ال يغلقها‬
‫الربوع اللبنانية‪ ،‬متام ًا كما‬
‫التي تريد للجي�ش اللبناين أ�ن يكون‬ ‫ال�سقوط ّ‬
‫والذل والهوان‪.‬‬ ‫عليكم‪ ،‬و أ�بواب ال ّنريان مغلقة‪ ،‬ف�سلوا‬
‫حر�س ًا للحدود مع العد ّو ال�صهيوين‬ ‫هو رسالة محبة على مستوى‬
‫فضيحة املعايير املزدوجة‪:‬‬ ‫وال�شياطني‬ ‫ر ّبكم أ�ن ال يفتحها عليكم‪ّ ،‬‬
‫���ض�� ّد أ�ه��ل��ه و�شعبه وم��ق��اوم��ت��ه‪ ،‬ما‬ ‫البشرية كلها‬ ‫ون��ح��ن ع��ن��دم��ا ن��ت��ط�� ّل��ع �إىل ه��ذه‬
‫ينبغي أ�ن يزيد يف ت�ص ّلب اللبنان ّيني‬ ‫مغلولة‪ ،‬ف�سلوا ر ّب��ك��م أ�ن ال ي�س ّلطها‬
‫ال�ص َورية وال�شكلية لقادة‬ ‫املحاكمة ُ‬ ‫عليكم»‪.‬‬
‫جت���اه ع���دم امل�����س��ا���س بعقيدة ه��ذا‬ ‫املتحدة وجمل�س أالمن يف فخّ التواط ؤ�‬ ‫العدو أ�مام جلنة التحقيق أالممية‬
‫اجلي�ش و أ�هدافه من قبل أ� ّي كان‪.‬‬ ‫يف م�س أ�لة االع��ت��داء على « أ��سطول‬ ‫ودعا ؤ�نا ال ب ّد من أ�ن يكون‪ :‬ال ّل ّ‬
‫هم و أ�هّ لنا‬
‫م��ع امل��ع��ت��دي��ن‪ ،‬وت أ����م�ي�ن أ�و����س���ع ط��رق‬
‫و�إننا نريد لل�شهر الف�ضيل أ�ن يكون‬ ‫الع�لام عن‬ ‫فيه ملا وع��دت أ�ول��ي��اءك من كرامتك‪،‬‬
‫احلماية لهم‪..‬‬ ‫احلرية» والتي حتدث إ‬
‫ر�سالة وح��دة يف الربوع اللبنانية‪،‬‬ ‫وجود اتفاق م�سبق على أ�ال ت�ستجوب‬ ‫و أ�وجب لنا فيه ما أ�وجبت ألهل املبالغة‬
‫األمم املتحدة والكذبة األمريكية‪:‬‬
‫مت��ام�� ًا كما ه��و ر���س��ال��ة حمبة على‬ ‫ه��ذه اللجنة �ضباط ًا �صهاينة أ�و‬ ‫يف ط��اع��ت��ك‪ ،‬واج��ع��ل��ن��ا يف ن��ظ��م من‬
‫م�ستوى الب�شرية كلها‪ ،‬ونريد للجميع‬ ‫ونحن عندما نتطلع �إىل ما يجري يف‬
‫أ�فغان�ستان من جمازر تطال املدنيني‬ ‫ع�سكريني م��ن جي�ش ال��ع��دو �سبق‬ ‫ا�ستحقّ ال ّرفيق أالعلى برحمتك‪...‬‬
‫أ�ن ي�ستفيد من معانيه الكربى يف‬ ‫واع����ت����دوا ع��ل��ى أ�����س���ط���ول احل��ري��ة‬ ‫ال�شهر خ�ير ًا وبرك ًة‬ ‫هم اجعل هذا ّ‬ ‫ال ّل ّ‬
‫حتقيق الوئام وال�سالم والعدل بعيد ًا‬ ‫أالبرياء يف كل هذا العدوان أالمريكي‬
‫والطل�سي على بيوتهم‪ ،‬أ�و على القوافل‬‫أ‬ ‫املدين‪ ،‬نعرف جمدد ًا أ�ن هذا العامل‬ ‫للم�سلمني‪ ،‬و�سبي ًال لتقوية مواقعهم‬
‫عن الظلم الذي �صنعه امل�ستكربون‬ ‫يكيل مبكيالني‪ ،‬و أ�ن معايري العدالة‬ ‫وتعزيز وحدتهم‪ ،‬والو�صول بهم �إىل‬
‫واملحتلون‪.‬‬ ‫املدنية يف هذه املنطقة أ�و تلك‪ ،‬تار ًة‬
‫حتت عنوان اخلط أ� يف التقدير و أ�خرى‬ ‫لي�ست واح���دة يف أالمم املتحدة‪،‬‬ ‫التّقوى‪ ،‬وبلوغ ال ّدرجات العليا عندك‬
‫بحجة تواجد امل�سلحني بينهم‪ ،‬نعرف‬ ‫و أ�ن املحاكم الدولية �إمن��ا ُو�ضعت‬ ‫يا أ�رحم الراحمني‪ ..‬و�آخر دعوانا أ�ن‬
‫*ت��ل��ق��ى ظ��ه��ر ال���ي���وم يف م�سجد‬ ‫يف أال���س��ا���س لل�ضغط على العرب‬
‫المامني احل�سنني(ع)‬ ‫ل�ل�مم املتحدة أ�ن ت�صادق‬‫ب أ�نه ُي��راد أ‬ ‫رب العاملني‪.‬‬‫احلمد هلل ّ‬
‫إ‬ ‫وامل�سلمني‪ ،‬وال ميكن أ�ن حتا�سب‬
‫على الكذبة أالمريكية أ‬
‫والطل�سية‪،‬‬

‫‪11‬‬ ‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله(رض)‬
‫ ‬
‫�إنّه �شهر رم�ضان‪..‬‬ ‫�شهر رم�ضان وتنمية ال�شّ خ�صيّة الإ�سالميّة‬
‫ُي�شرق علينا �شهر رم�ضان �شم�س ًا‬ ‫الصوم من معنى الفريضة العباديّة الّتي القيامة وعط�شه‪.»...‬‬
‫الصوم في ما ميثّله ّ‬
‫ألنّه شهر ّ‬ ‫ ‬
‫ليمل أ� ّيامنا �ضيا ًء وحم ّبة‪،‬‬ ‫المع ًة‪ ،‬أ‬ ‫ال�صوم جما ًال وا�سع ًا‬
‫تستلزم تغيير ًا في النّظام الغذائيّ اليوميّ ‪ ،‬وفي كثير من املمارسات العمليّة‪ ،‬وفي ‪ ...‬وهكذا جند يف ّ‬
‫ول��ه��ي��ب ���ش��وق‪ ،‬و���ص��ب��اح��ات �صفو‪،‬‬ ‫لالنطالق �إىل �آفاقٍ متن ّوع ٍة وا�سع ٍة يف ما‬ ‫األجواء الرّوحيّة الدّ اخليّة الّتي ميكن أن يعيشها من خالل هذه الفريضة‪.‬‬
‫و أ��صائل �سالم‪.‬‬ ‫للن�سان أ�ن يعي�شه من �آفاق‬ ‫إ‬ ‫اهلل‬ ‫يريد‬
‫وال�صالح‪.‬‬
‫اخلري والتّقوى ّ‬
‫ويط ّل علينا قمر ًا زاه��ر ًا‪ ،‬يغمر م ّنا‬
‫الليايل أ�نوار وجد‪ ،‬و أ�طياف �سكون‪،‬‬ ‫قراءة القرآن‪:‬‬
‫وهاالت عبادة‪ ،‬و�شعاعات زهادة‪..‬‬ ‫ت ؤ� ّكد ال ّن�صو�ص الدّين ّية ا�ستحباب قراءة‬
‫وي��ج��ري يف أ�رج��ائ��ن��ا ن��ه��ر ًا داف��ق��ا‪ً،‬‬ ‫ال�شهر‪ ،‬فيمكن‬ ‫القر�آن الكرمي يف هذا ّ‬
‫يروي جفاف أ�عمارنا‪ ،‬ويغ�سل يباب‬ ‫وحي‬‫للن�سان أ�ن ي�ستفيد من اجل ّو ال ّر ّ‬ ‫إ‬
‫�سن ّينا‪ ،‬بزالل الفكر‪ ،‬ورقراق الوعي‪،‬‬ ‫ين‪ ،‬و أ�ن يح ّرك‬ ‫املتح ّرك مع اجل ّو القر�آ ّ‬
‫ون�������داوات ال��ت�����س��اب��ي��ح‪ ،‬و���ش�لاالت‬ ‫يف داخله احليو ّية واالنفتاح واالمتداد‪،‬‬
‫ألنّ قراءة القر�آن قد تختلف يف ت أ�ثريها‬
‫الدعاء‪..‬‬ ‫يف ال ّنف�س‪ ،‬تبع ًا الختالف اجل ّو ا ّلذي تعي�ش‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وميت ّد أ�مامنا �شاطئا رحبا‪ ،‬يرعى‬ ‫فيه القراءة‪ ...‬ف�إذا كانت القراءة يف ج ّو‬
‫انطالق مراكبنا املبحرة‪ ،‬وزوارقنا‬ ‫فكري ينطلق من موقع ا�ستحياء املفاهيم‬ ‫ّ‬
‫امل��ه��اج��رة‪ ،‬و أ����ش��رع��ت��ن��ا امل���زدان���ة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫ال��ف��ك��ر ّي��ة م��ن��ه‪ ،‬ف���إن��ه��ا ت��وح��ي بالت� ّمل‬
‫و أ�فالكنا اجلارية‪..‬‬ ‫الهادئ واملناق�شة العلم ّية بعيد ًا عن أ� ّي‬ ‫الدّرب والهدف من خالل وحدة اخلالق‪،‬‬ ‫الصوم‪:‬‬ ‫دور ّ‬
‫وي��ورق يف ربانا ربيع ًا زاهي ًا‪ ،‬ليل ّون‬ ‫انفعال ب�شيءٍ �آخر‪ ،‬و�إذا كانت القراءة‬ ‫ٍ‬ ‫يف ما توحيه لنا آالية الكرمية‪�} :‬إِنَّ ا َّل ِذينَ‬ ‫مت ّثل فري�ضة ال�صوم يف تكوينها املاد ّّي‪،‬‬
‫أالر����ض وامل���دى بخمائل ال�صدق‪،‬‬ ‫وحي ا ّلذي يعرج بامل ؤ�من يف‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫ّ‬ ‫اجل‬ ‫يف‬ ‫ا�س َت َقا ُموا َت َت َنز َُّل َع َل ْيهِ ُم‬ ‫َقا ُلوا َر ُّب َنا اللهَّ ُ ُث َّم ْ‬ ‫وال�شراب وبع�ض‬ ‫الطعام ّ‬ ‫الم�ساك عن ّ‬ ‫إ‬
‫روحه �إىل اهلل‪ ،‬كانت ت أ�ثرياتها انطالقةً‬ ‫المْ َلاَ ِئ َك ُة َأ�لاَّ ت ََخا ُفوا َولاَ تحَ ْ زَ ُنوا َو َأ� ْب ِ�ش ُروا‬ ‫ّ‬
‫��ا���ص��ة‪ ...‬ومتثل يف مدلولها‬ ‫امل��ل��ذات اخل ّ‬ ‫ّ‬
‫وح��دائ��ق ال��وف��اء‪ ،‬و أ�زاه�ي�ر احلمد‪،‬‬ ‫روح ّي ًة �إىل اهلل يف ما ت�ستوحيه من أ�فكا ٍر‬ ‫الن�سان‬ ‫ال�� ّروح ّ��ي‪ ،‬العمل ا ّل��ذي ي أ�تي به إ‬
‫ورياحني ال�شكر‪ ،‬وزنابق الرجاء‪..‬‬ ‫{(ف�صلت‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُوعدُونَ‬ ‫ِبالجْ َ َّن ِة ا َّل ِتي ُكنت ُْم ت َ‬
‫وم�شاعر وت أ� ّمالت‪ ،‬فال تتح ّرك بالفكر‬ ‫‪ ،)30‬و آالي��ة الكرمية‪ُ } :‬ق ْ��ل �إِنَّ َ�ص َال ِتي‬ ‫متق ّرب ًا �إىل اهلل‪ ،‬يف م��ا تعنيه عباد ّية‬
‫فافتح نوافذ الف ؤ�اد‪ ،‬لتنعم بال�ضياء‪،‬‬ ‫ال�شارد‪ ...‬بل تلتقي‬ ‫املج ّرد وال بالت أ� ّمل ّ‬ ‫َو ُن ُ�س ِكي وَمحَ ْ َي َاي وَممَ َ ا ِتي للِهّ ِ َر ِّب ا ْل َعالمَ ِ َني‬ ‫العمل من انطالق ٍة من معنى التق ّرب به‬
‫وان��ط��ل��ق يف الليل ل��ت��ل�� ّون أالم��ا���س��ي‬ ‫بالفكر يف حركة ال�� ّروح يف ج�� ّو �إمي��اينّ‬ ‫يك َل�� ُه َو ِب َ��ذ ِل َ��ك أُ� ِم��� ْرتُ َو َأ� َن��� ْا َأ� َّو ُل‬
‫* َال َ�ش ِر َ‬ ‫وحدنا بني اجلانب املاد ّّي‬ ‫�إىل اهلل‪ ...‬ف�إذا ّ‬
‫ب أ���ل��وان البهاء‪ ،‬وق��ف على �ضفاف‬ ‫رائع‪ ...‬ولع ّل هذا الهدف هو ا ّلذي أ�راده‬ ‫َ{(النعام‪.)163-162 :‬‬ ‫المْ ُ ْ�سلِمِ ني أ‬ ‫وحي‪ ،‬كانت النتائج احلا�سمة‪ ،‬يقظ ًة‬ ‫وال ّر ّ‬
‫��دي ما‬ ‫النهر لتنهل م��ن ع��ذب��ه ال��ن ّ‬ ‫ال�سالم يف ما ا�ستح ّبه من تالوة القر�آن‬ ‫إ‬ ‫�������ص���وم‪ ،‬يف م��دل��ول��ه‬ ‫وق����د ي�����س��ت��ط��ي��ع ال َّ‬
‫الرادة‪ ،‬و�إرادةً‬ ‫روح ّي ًة متح ّركة يف داخل إ‬
‫ً‬
‫يقتل ظم أ� ال��روح وعط�ش أالعماق‪،‬‬ ‫ال�صوم‪ ،‬ألنّ‬ ‫ال�صالة‪ ،‬ويف أ�ج��واء ّ‬ ‫بعد ّ‬ ‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫اجلانب‬ ‫ين‪ ،‬أ�ن يح ِّرك‬ ‫الن�سا ّ‬ ‫إ‬ ‫ثابت ًة ق��و ّي�� ًة يف حركة ال��� ّروح‪ ،‬م��ا يوحي‬
‫الي��ح��اءات ال ّروحية التي تبعثها هذه‬ ‫إ‬ ‫الن�سان امل�سلم‪ ،‬وذلك من‬ ‫يف �شخ�ص ّية إ‬ ‫للن�سان باملراقبة ال��دّائ��م��ة خلطواته‬ ‫إ‬
‫واق�����ص��د ال�شاطئ لتطلق أ��شرعة‬ ‫ال��ق��راءة يف �شخ�ص ّية امل�سلم‪ ،‬تختلف‬ ‫ال��ع��م��ل�� ّي��ة‪ ،‬وم�����ش��اع��ره ال��ذات��ي��ة و أ�ف��ك��اره‬
‫حم ّبتك ولتدفع مراكب عزميتك‪،‬‬ ‫خالل بع�ض امل�شاعر ال ّذات ّية ا ّلتي يعي�ش‬
‫ك��ث�ير ًا ع ّما ت��و ّل��ده يف نف�سه �إذا كانت‬ ‫ال�شعور باجلوع واحلرمان‪ ،‬فيلتفت‬ ‫فيها ّ‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬من خالل ما حت ّققه املراقبة‬ ‫ّ‬
‫يف أ��سفار القلب ورح�لات اجلنان‪،‬‬ ‫بعيد ًة عن هذه أالج���واء‪ ...‬بل ن�ستطيع‬ ‫يف وم�ض ٍة روح�� ّي�� ٍة �سريعة‪� ،‬إىل الفئات‬ ‫اليوم ّية يف م�س أ�لة املل ّذات العاد ّية التي‬
‫وتف ّي أ� ظالل الربيع الن�ضر واجمع‬ ‫أ�ن نق ّرر‪ ،‬أ�نّ القر�آن ال ُيفهم جيد ًا �إال‬ ‫املحرومة ا ّلتي تعي�ش اجلوع واحلرمان يف‬ ‫يريد أ�ن يحفظ نف�سه من ممار�ستها‪...‬‬
‫من ورده العطر وزهره الف ّواح‪..‬‬ ‫الن�سان قراء ًة و�سماع ًا وت أ� ّم ًال‬ ‫�إذا عا�شه إ‬ ‫ظروف اقت�صاد ّي ٍة �صعبة‪ ،‬لتثري يف نف�سه‬ ‫ٍ‬ ‫بالكف عنها على أ��سا�س‬ ‫ّ‬ ‫ف���إنَّ االل��ت��زام‬
‫� إ ّن��ه �شهر املح ّبة أ� ّيتها النف�س‪ ،‬فال‬ ‫يف داخل أالجواء ال ّروح ّية‪ ...‬لنه انطلق‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الح�سا�س بامل�س ؤ�ول ّية يف اخلروج من هذا‬ ‫إ‬ ‫َّ‬
‫ه��دف القرب من اهلل‪ ،‬يع ِّمق يف ال��ذات‬
‫تدعيه يفلت دون أ�ن جتمعي من‬ ‫م��ن خ�لال ذل��ك ك�� ّل��ه‪ ...‬وذل���ك ه��و ج ّو‬ ‫الواقع ا ّل��ذي يفر�ض مثل هذه امل�شكالت‬ ‫ب�شكل متح ِّر ٍك ـ معنى القرب من اهلل‬ ‫ـ ٍ‬
‫قراءة القر�آن يف �شهر رم�ضان يف لياليه‬ ‫�سا�س من العنا�صر احل ّية من‬ ‫أ‬
‫كعن�صر � ٍ‬ ‫ٍ‬
‫�شعاعاته ما ي�ضيء م�شكاة أ� ّيامك‪،‬‬ ‫و آالالم‪ ،‬فيتح ّرك‪ ،‬تبع ًا لذلك‪ ،‬من أ�جل‬
‫و أ� ّيامه‪ ،‬حيث يرتفع با إلن�سان �إىل أ�جواء‬ ‫الفردي‬
‫ّ‬ ‫املواجهة العمل ّية للواقع‪ ،‬باجلهد‬ ‫الن�سان يف احلياة‪ ،‬وهو ما ينعك�س‬ ‫غايات إ‬
‫وزوايا منعطفاتك‪..‬‬ ‫روح ّية عالية‪ ...‬ف���إذا أ��ضفنا �إىل ذلك‬ ‫ت���ار ًة‪ ،‬أ�و باجلهد اجل��م��اع ّ��ي أ�خ���رى‪� ،‬وأ‬ ‫�إيجاب ًا على ك ّل جوانب �شخ�ص ّيته أالخرى‬
‫و� إ ّن����ه �شهر أال����ش���واق‪ ،‬ف�لا تدعيه‬ ‫ال�سالم ّية ا ّلتي تتم ّثل بالقر�آن‪،‬‬ ‫ال ّثقافة إ‬ ‫ال�سيا�سي الزّاحف نحو تغيري‬ ‫بالتح ّرك‬ ‫وال�شعور والعمل‪ ...‬ألنّ القاعدة‬ ‫يف الفكر ّ‬
‫ّ‬
‫مي ّر دون أ�ن تلهبي جمرتك لتبقى‬ ‫ال�سالم‬ ‫آ‬
‫يف ما حتمله �ياته من مفاهيم إ‬ ‫ال ّنظام يف حالة ثالثة‪.‬‬ ‫الن�سان‬ ‫أ‬
‫ال ّثابتة واحدة يف ذلك كله‪ ...‬لنّ إ‬
‫ّ‬
‫متح ّركة م��ع العمر‪ ،‬مت أ� ّججة مع‬ ‫و أ�فكاره و�شريعته‪ ،‬عرفنا كيف ي�ساعد‬ ‫الن�����س��ان يف‬ ‫إ‬ ‫م�شاعر‬ ‫�����ص��وم‬
‫وق��د يثري ال ّ‬ ‫ال ميكن أ�ن يح ّقق ال��ق��رب م��ن اهلل يف‬
‫الزمان‪.‬‬ ‫ال�سالم ّية‬ ‫ال�شخ�ص ّية إ‬ ‫ذل��ك على من�� ّو ّ‬ ‫فق �بعد‪ ،‬فينتقل‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫أالج��واء ال ّروح ّية نحو � ٍ‬ ‫حياته‪� ،‬إال �إذا حت ّول كيانه �إىل حرك ٍة دائب ٍة‬
‫ا ّل��ت��ي ينبغي لها أ�ن تعي�ش فكرها يف‬ ‫من ّ‬ ‫�شامل ٍة يف هذا االجتاه‪ ،‬يف جميع املجاالت‬
‫تق�صري‬ ‫و� إ ّن���ه �شهر ال�صفاء‪ ،‬فال ّ‬ ‫أ�جواء روح ّية هادئة‪ ،‬لتتم ّكن من خالل‬
‫ال�شعور باجلوع واحل��رم��ان‪� ،‬إىل ما‬
‫العمل ّية التي ي�ستهدفها يف احلياة‪...‬‬
‫باقتالع أ��شواكك‪ ،‬وما علق ب أ�طرافك‬ ‫وعط�ش‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جوع‬
‫ينتظره يف يوم القيامة من ٍ‬
‫ذل��ك من االن��ط�لاق من ق��اع��د ٍة فكر ّي ٍة‬ ‫عندما يطول وقوفه بني يدي اهلل‪ ،‬على‬ ‫ال�سالم ّية الهادفة‬ ‫التبية إ‬ ‫وهذا ما تعمل رّ‬
‫من ترابه‪ ،‬ويف ثناياك من ز ؤ�ان‪..‬‬ ‫روح ّي ٍة عميق ٍة يف داخل ال ّنف�س والفكر‬ ‫الن�سان‬ ‫على حتقيقه يف عمل ّية تدريب إ‬
‫أ��سا�س أالعمال املنحرفة التي تنتظر من‬
‫و� إ ّن���ه �شهر أالح����رار‪ ،‬ف�لا ت�تر ّددي‬ ‫والوجدان‪ ...‬وقد ال نحتاج �إىل التّنبيه‬ ‫الطويلة‪...‬‬ ‫خاللها احل�سابات الدّقيقة ّ‬ ‫توجه ك ّل اهتماماته نحو‬ ‫امل�سلم‪ ،‬عندما ّ‬
‫لتك�سري قيودك‪ ،‬وحتطيم أال�صفاد‪،‬‬ ‫ريا �إىل ما يفر�ضه الو�صول �إىل هذا‬ ‫كث ً‬ ‫فيعمل يف الدّنيا ليخ ّفف عن نف�سه هذا‬ ‫اهلل‪ ،‬باعتبار أ� ّن���ه غ��اي��ة ال��غ��اي��ات‪ ،‬فال‬
‫لتبقي ثابتة يف الطريق‪ ،‬و أ�ب ّية يف ك ّل‬ ‫الهدف من التدّبر وال��ت أ��� ّم��ل يف ق��راءة‬ ‫امل��وق��ف ال ّ��ط��وي��ل‪ ،‬مب��ا ي�تراج��ع ف��ي��ه من‬ ‫الن�سان �إال من خالله‪ ،‬على أ��سا�س‬ ‫يتح ّرك إ‬
‫وح ّرة يف ك ّل �ساح‪.‬‬ ‫ميدان‪ُ ،‬‬ ‫ال�سبيل الوحيد‬ ‫ال��ق��ر�آن‪ ،‬ألنّ ذل��ك هو ّ‬ ‫ي�صحح من أ�خطاء‪ ...‬وما‬ ‫خطوات‪ ،‬وما ّ‬ ‫ال�شعور احلميم العميق ب��اخل��وف منه‬ ‫ّ‬
‫للح�صول على ال ّنتيجة امل��رج�� ّوة من‬ ‫يتح ّرك نحوه من م�شاريع و أ�ه���داف‪...‬‬ ‫أ�و املح ّبة له‪ ...‬وهذا هو معنى العبود ّية‬
‫االنطالق يف و�ضوح ال ّر ؤ�ية‪ ،‬يف ما يحمله‬ ‫وهذا ما عاجله ر�سول اهلل(�ص) يف بداية‬ ‫يف ما تعنيه من اخل�ضوع املطلق هلل‪ ،‬يف‬
‫فكر‪ ،‬ويف ما يختزنه من‬ ‫الن�سان من ٍ‬ ‫إ‬ ‫خطبته التي ا�ستقبل بها �شهر رم�ضان‪:‬‬ ‫ك�� ّل منطلقاته وتط ّلعاته‪ ،‬وذل��ك هو �س ّر‬
‫يوسف نور الدين‬ ‫م�شاعر‪...‬‬ ‫ال���س�لام ّ��ي ال���ذي مي�� ّث��ل وح��دة‬ ‫التّوحيد إ‬
‫«واذك���روا بجوعكم وعط�شكم ج��وع يوم‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫فقه الصوم‬
‫وعليه الق�ضاء والكفارة‪ � ،‬إ َّال أ�ن يتبني‬
‫حلول الغروب فال �شيء عليه‪.‬‬ ‫اإلخالل في حتديد الوقت‬
‫أ‬
‫و أ� ّما �إذا كان قادر ًا على الفح�ص ف�همله‬ ‫‪ -‬كيف يتعامل ال�صائم يف حال �إخالله‬
‫وظ��نّ دخ��ول الليل ف أ�فطر فتبني بقاء‬ ‫الم�����س��اك وال��غ��روب‪،‬‬
‫يف حت��دي��د وق��ت��ي إ‬ ‫ماهيّة الصوم‬
‫ال�سماء ظلمة وكانت‬ ‫النهار‪ ،‬ف�إن كان يف َّ‬ ‫و�إىل متى يجوز له اال�ستمرار يف تناول‬ ‫‪ -‬م��ا ه��و تعربف ال�صوم م��ن الناحية‬
‫ناجتة عن تكاثف الغيوم ف�صومه �صحيح‬ ‫الطعام؟‬ ‫ال�شرعية؟‬
‫ويوا�صله �إىل الغروب وال �شيء عليه‪ .‬أ� ّما‬ ‫أ‬
‫‪ -‬يجوز للمك ّلف اال�ستمرار يف الك��ل‬ ‫الم�����س��اك واالم��ت��ن��اع يف‬
‫‪-‬ال�صوم ه��و‪ :‬إ‬
‫وال�شرب ما دام مل يعلم بطلوع الفجر‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫زم��ن حم���دّد ع��ن ت��ن��اول �و فعل �م��ور‬
‫�إذا كانت الظلمة ناجتة عن �سبب �سماوي‬
‫ب��ل ي��ج��وز ل��ه ذل��ك حتى م��ع ال�شك يف‬ ‫فطرة ومبطلة‬ ‫معينة اعتربها ال�شرع ُم ِّ‬
‫�آخر غري الغيوم‪ ،‬ف�إنَّ �صومه يبطل على‬
‫الطلوع وعدمه‪ ،‬وال يجب عليه الفح�ص‬ ‫لل�صوم‪.‬‬
‫أالحوط وجوب ًا‪ ،‬كما أ�نه يلزمه الق�ضاء‬
‫والتدقيق يف ذلك‪ .‬وعليه ف�إنه �إذا ظ ّل‬ ‫وم��ب��د أ� ال�صوم طلوع الفجر ال�صادق‬
‫والكفارة على أالحوط وجوب ًا‪ .‬و أ� ّما �إذا‬
‫بالمر‪ ،‬ومل يتبني له الواقع‬ ‫على جهله أ‬ ‫الذي يتم ّيز ب أ�نه ينت�شر أ�فقي ًا في�شكل يف‬
‫ال�سماء‪،‬‬ ‫وجدت الظلمة من غري علة يف َّ‬
‫فيما ب��ع��د‪ ،‬م�ضى يف �صومه وال �شيء‬ ‫بدايته ما ي�شبه اخليط أالبي�ض املمتد مع‬
‫ال غيم وال غريه‪ ،‬ف�إنَّ �صومه باطل وعليه‬ ‫أالفق‪ ،‬يتو�سع يف االنت�شار طو ًال وعر�ض ًا‪.‬‬
‫الق�ضاء والكفارة‪.‬‬ ‫عليه‪ ،‬و�إذا تبني له أ�ثناء النهار أ�نه كان‬
‫وينتهي عند غروب ال�شم�س الذي يتح ّقق‬
‫وكذلك يبطل �صومه ويجب عليه الق�ضاء‬ ‫قد أ�كل أ�و �شرب بعد طلوع الفجر‪ ،‬يحكم‬
‫بغياب القر�ص‪ ،‬من دون �ضرورة إلنتظار‬
‫ال�سماء‬ ‫والكفارة فيما �إذا مل يكن يف َّ‬ ‫ببطالن �صومه ولزوم ق�ضائه فيما بعد‪،‬‬ ‫ال�صوم أ�و ي�شق عليه‪.‬‬ ‫ذه��اب احلمرة امل�شرقية التي تتح ّقق‬
‫ظلمة‪ ،‬و�شك يف حت ّقق الغروب ف أ�فطر‬ ‫وال �إثـم عليه وال كفارة‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـاحلامل التي اقرتب أ�وان و�ضعها‪ ،‬أ�و‬ ‫ـ ع���ادة ـ ب��ع��د غ��ي��اب ال��ق��ر���ص مب��ا بني‬
‫من دون فح�ص فتبني بقاء النهار‪ � ،‬إ َّال أ�ن‬ ‫أ� ّما �إذا فح�ص وحت ّرى عن الوقت عند‬ ‫التي مل يقرتب‪ ،‬وكانت �ضعيفة بحيث‬ ‫اثنتي ع�شرة وخم�س ع�شرة دقيقة‪ ،‬و�إن‬
‫ي�صدف حت ّقق الغروب فال �شيء عليه‪.‬‬ ‫ال�شك‪ ،‬ف���إن كان قد اعتقد بقاء الليل‬ ‫ي�ضرها ال�صوم أ�و ي�ضر ولدها‪.‬‬ ‫كان االحتياط باالنتظار �إىل حني زوال‬
‫ه��ذا وال ُب�� َّد م��ن �إل��ف��ات النظر �إىل أ�نَّ‬ ‫وع��دم طلوع الفجر ف أ�كل أ�و �شرب ُث َّم‬ ‫‪ 6‬ـ املر�ضعة القليلة احلليب التي �إذا‬ ‫احلمرة امل�شرقية ال ينبغي تركه‪.‬‬
‫املوارد التي حكم فيها ببطالن ال�صوم‬ ‫تبني أ�نه كان طالع ًا ف�صومه �صحيح وال‬ ‫الر�ضاع َأ��ض َّر بها ال�صوم‪،‬‬ ‫�صامت مع إ‬
‫يف هذه امل�س أ�لة ال ينبغي ترك االحتياط‬ ‫�شيء عليه‪ ،‬و�إن ك��ان قد اعتقد طلوع‬ ‫أ‬
‫أ�و قل حليبها ف��ض ّر بولدها‪ ،‬فيلزمها‬ ‫شروط صحة الصوم‬
‫فيها با إلم�ساك بقية النهار‪.‬‬ ‫الفجر فتناول املفطر ـ رغم ذلك ـ تعمد ًا‬ ‫الفطار حينئذ‪ ،‬أ� ّما �إذا أ�مكنها تعوي�ض‬ ‫إ‬ ‫ماهي �شروط �صحة ال�صوم؟‬
‫و�إه��م��ا ًال ف�صومه باطل وعليه الق�ضاء‬ ‫ذلك باحلليب ال�صناعي أ�و احليواين �وأ‬ ‫ي�شرتط يف وجوب ال�صوم على املك ّلف‪،‬‬
‫نيّة الصوم‬ ‫والكفارة � إ َّال �إذا تبني خط أُ�ه وبقاء الليل‬ ‫ب�إر�ضاع امر أ�ة أ�خرى‪ ،‬متربعة بذلك أ�و‬ ‫أ�و يف �صحته منه‪ ،‬أ�مور من أ�برزها‪:‬‬
‫‪ -‬هل النية �شرط يف �صحة ال�صوم؟‬ ‫فلي�س عليه �شيء‪.‬‬ ‫م�ست أ�جرة مع التمكن من دفع أ�جرتها‪،‬‬ ‫ال���س�لام ‪-‬البلوغ ‪-‬العقل ‪-‬اخل��ل��و من‬ ‫إ‬
‫‪ -‬ال ُب َّد يف �صحة ال�صوم من وقوعه عن‬ ‫هذا بالن�سبة لطلوع الفجر‪ .‬أ� ّما بالن�سبة‬ ‫الفطار‪.‬‬ ‫فال يجوز لها إ‬ ‫احل��ي�����ض وال��ن��ف��ا���س ‪-‬ع���دم ال�����س��ف��ر ‪-‬‬
‫النية‪ ،‬ويكفي فيها ق�صد ال�صوم تق ّرب ًا‬ ‫للخالل بوقت الغروب فنقول‪:‬‬ ‫إ‬ ‫وقت اإلمساك‬ ‫الغماء‬ ‫ال�سالمة من املر�ض ‪ -‬عدم إ‬
‫�إىل اللهّ ت��ع��اىل‪ ،‬وال يجب حتديد نوع‬ ‫�إن��ه ال يجوز لل�صائم تناول املفطر �إالَّ‬ ‫الم�ساك عن املفطرات؟‬ ‫‪ -‬متى يجب إ‬
‫ال�صوم من حيث كونه واجب ًا أ�و م�ستحب ًا‪،‬‬ ‫بعد الت أ�كد واالعتماد على حجة معتربة‬ ‫الم�����س��اك ق��ب��ل ط��ل��وع الفجر‬
‫‪ -‬ي��ج��ب إ‬ ‫املرخص لهم في اإلفطار‬
‫يتح ّقق بها م��ن غ��روب ال�شم�س‪ ،‬ف���إن‬ ‫ول��و بلحظة‪ ،‬فلي�س هناك وقتان‪ :‬وقت‬ ‫الف��ط��ار يف �شهر‬ ‫‪-‬م��ن ميلك رخ�صة إ‬
‫ال�شارة‬ ‫أ�و أ�دا ًء أ�و ق�ضا ًء � إ َّال من حيث إ‬
‫حت ّقق من غروب ال�شم�س ف أ�فطر فتبني‬ ‫للم�ساك ووقت لطلوع الفجر‪ ،‬كما هو‬ ‫إ‬ ‫رم�ضان املبارك؟‬
‫�إىل ما هو املطلوب �إذا كان م�شرتك ًا بني‬
‫بقاء النهار وج��ب عليه اال�ستمرار يف‬ ‫ّ‬
‫ال�شائع بني النا�س‪ ،‬بل هو وقت واحد‪،‬‬ ‫‪-‬املرخ�ض لهم با إلفطار هم‪:‬‬
‫أ�كرث من نوع‪ ،‬وتوقف حتديده على ذلك‪،‬‬
‫ال�صوم وال �شيء عليه‪ ،‬و�إن كان االحتياط‬ ‫وقت الفجر‪ ،‬ولكن ملا كان حتديد الفجر‬ ‫‪ 1‬ـ من يعاين من �ضعف يف قواه وفتور‬
‫ولكن ال ُب َّد من ق�صد العنوان الذي أ�خذ‬
‫بالق�ضاء ال ب أ��س به‪ ،‬أ� ّما �إذا حت ّقق من‬ ‫بدقة أ�و اكت�شافه للرائي أ�مر ًا ال يخلو من‬ ‫يف ن�شاطه‪ ،‬ف�إذا �صام أ�حرجه ال�صوم‬
‫مو�ضوع ًا للحكم‪ ،‬ك�صوم �شهر رم�ضان‬ ‫ال�صعوبة‪ ،‬كان االحتياط با إلم�ساك قبل‬
‫أ�و ق�ضائه‪ ،‬أ�و �صوم النذر ونحوه‪.‬‬ ‫بقاء النهار فخالف احلجة و أ�فطر وكان‬ ‫و أ�ربكه وزاده �ضعف ًا بنحو ي�صبح معه‬
‫الوقت بفرتة وج��ي��زة‪ ،‬كخم�س دقائق‪،‬‬ ‫ع��اج��ز ًا ع��ن القيام وامل�شي وممار�سة‬
‫النهار باقي ًا فع ًال‪ ،‬ف�إنه يبطل �صومه‪،‬‬
‫الزم ًا من باب املقدمة‪.‬‬ ‫ن�شاطه اليومي االعتيادي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ من بلغ �سن ال�سبعني‪ ،‬وهي مرحلة‬
‫ال�شيخوخة للرجال والن�ساء املرتافقة‬
‫م��ع �ضعف يجعل ال�صوم متعذر ًا منه‬
‫وغري مقدور عليه بتات ًا‪ ،‬أ�و جتعله �شاق ًا‬
‫وحرج ًا عليه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أ��صحاب املهن ال�شاقة الذين ي�ضعفهم‬
‫ال�صوم أ�و يوقعهم يف العط�ش ال�شديد‬
‫الذي ي�شق حتمله‪ ،‬مع عدم قدرتهم على‬
‫حت�صيل عمل �آخر مريح‪ ،‬وعدم وجود‬
‫عرب منتديات اال�ضواء‬ ‫مال مدخر أ�و دين ي�ستغنون به م ؤ�قت ًا‪.‬‬
‫‪www.al-adwaa.info‬‬ ‫‪ 4‬ـ ذو العطا�ش‪ ،‬وهو من ال يقدر على‬
‫ال�����ص�بر ع��ل��ى ال��ع��ط�����ش‪ ،‬ف��ي��ت��ع��ذر منه‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪13‬‬
‫من ر�سائل الأحبّة‬
‫بحب‪..‬‬
‫«أيها األحبة»‪ ..‬هكذا كان السيّد يخاطب املؤمنني‪ ،‬وكل الناس الذين بادلوه حب ًا ّ‬
‫سيلٌ من الرسائل والكلمات وصلت إلينا‪ ،‬حتمل في طياتها مشاعر احلب والوفاء ‪..‬في ما يلي ننشر جانب ًا من هذه الرسائل‬
‫املضمخة بأريج احلب‪ ،‬وصدق املشاعر وطهر الوجدان‪..‬‬

‫عشت بزمان فيه فضل الله‬


‫هي االنطالقة وم�ضة من بريق امل�صطفى ‪ ,‬ال بل اال�شعاع الر�سويل الر�سايل ‪ ,‬هي كلمة‬
‫اال�سالم اال�صيل هي كلمة احلق هي انت ايها املعلم الذي جتاوز ف�صلك حدود الوطن‬
‫وبلغ عدد تلميذك كل من يحمل ماهية االن�سان‪ ،‬ألنك �آمنت بان تخرج اال�سالم من‬
‫القمقم اىل العامل االن�ساين اجمع‪ ،‬فكانت توجيهاتك ومواعظك وار�شادتك وتعاليمك‬
‫دائم ًا لكل النا�س‪ ،‬إ‬
‫وللن�سان عام ًة‪.‬‬
‫نعم ايها ال�سيد اجلليل‪ ،‬علمتنا ان ال نحتكر االن�سانية وال نحتكر الطهارة النف�سنا فطهرت‬
‫االن�سان ‪ ,‬علمتنا ان املر أ�ة لي�ست متعة بل هي �شريك‪ ,‬والدفة االخرى ل�صناعة االن�سان‬
‫ال�صالح‪...‬علمتنا كيف نكون االحرار يف وجه الظاملني واملتغطر�سني‪ ...‬واالحرار يف وجه‬
‫اخلرافة والتخلف واجلهل‪ ,‬وانت الذي علمتنا ان الفكر والتعقلن يكون باطالق العنان‬
‫للعقل حتى ينتج االلتزام باالميان القائم بالر�سالة الواعية‪ ,‬علمتنا ايها ال�سيد اجلليل‬
‫كيف نكون مثلك الكلمة الطيبة التى تدعو بالتي هي اح�سن‪ ,‬علمتنا الهدوء عندما نقدم‬
‫انف�سنا لالخرين‪ ,‬وكيف نكون املتوا�ضعني عندما يقبلنا النا�س‪ ,‬علمتنا كيف نكون ومع‬
‫من نكون حتى لو مل تكن حا�ضر ًا معنا‪ ،‬النك مل تعلمنا لنكون لك وحل�سابك‪ ،‬بل لنكون‬
‫لال�سالم معك ويف خطك‪ ،‬خط اال�سالم‪ ,‬لذا ما زلنا معك مع ا�سالمك الواعي اال�صيل‪،‬‬
‫مع طرحك وا�سلوبك العلمي االنيق‪ ,‬مع دعائك الذي كان يعلمنا ان ال وا�سطة بيننا‬
‫وبني الباري‪...‬ايها ال�سيد اجلليل‪ ،‬علمتنا كيف نحيي االر�ض بعد موتها باجلهل والتخلف‬
‫والتع�صب‪ ,‬علمتنا وعلمتنا الكثري‪ ...‬يف أ�مان اهلل ايها ال�سيد اجلليل‪ ،‬فانا أ�تباهى و أ�فتخر‬
‫اين ع�شت بزمان فيه ف�ضل اهلل ‪...‬‬
‫تلميذك‪...‬ال�شيخ علي ح�سن جابر‬
‫عشر دقائق من عمري‬ ‫التحيّة األخيرة‬
‫كان لقائي االول به‪ ,‬ربيع عام ‪ 1987‬كنت اراجع درو�س‬
‫ايتام ا�سرتي ال�صغرية يف مربة االمام اخلوئي يف الدوحة‪,‬‬ ‫الميان م�ضيئة أ�بد ًا‪،‬‬ ‫هكذا يرحل الكبار‪ ،‬فكما تكون حياتهم يف مواكب يكون املمات‪ ،‬هامات يف م�سريات من الفكر و إ‬
‫اح�س�ست بنور وجهه أ‬ ‫�إىل حمطات للحق واحلقيقة‪.‬‬
‫ميل ارجاء الغرفة‪ ,‬ومرت ال�سنوات‬ ‫أ‬
‫يف حياته كما يف ت�شييعه تبعه الكثريون وكيف ال؟ والراحل الكبري علم من �عالم االجتهاد والكلمة مل يق ّيده النفق‬
‫والتقيته ثانية يف دارته يف حارة حريك بحوار جلريدة‬ ‫ال�سالم والعروبة‪.‬‬‫املذهبي فجاد عطاءه يف �ساحات إ‬
‫«العهد» يومذاك‪.‬‬ ‫�س ّيد ينطق الفقه يف ل�سانه باحلكمة وي�سمو فكره فوق ماديات الن�صو�ص وم�سلمات ال�سلف حمقق ًا ب آ�رائه املعادلة‬
‫ريا للحوار معه ولقائه‪ ...‬وقبل أ��شهر‬ ‫بعدها �سعيت كث ً‬ ‫الفقهية ال�صعبة وهي االلتزام املنفتح‪.‬‬
‫حتقق حلمي‪ ،‬ول��و يف ل��ق��اءٍ مل تتجاوز م�� ّدت��ه الدقائق‬ ‫علمتنا أ�حكامه أ�ن احلكم ال�شرعي هو نتيجة حوار بني الن�ص القر�ين واملنطق‪ ،‬ولي�س بعيدا عن روحية ال�شريعة ‬
‫ً‬ ‫آ‬
‫الع�شرة‪ ,‬ترافقني ابنتي الكربى‪ ,‬التي بكت عندما ر أ�ته‪,‬‬ ‫‪ ،‬ودعتنا ر�سالته �إىل ممار�سة ال�شعائر الدينية بقلبنا‪ ،‬ليتحول ال�شعور بالواجب الديني �إىل �شغف للقيام به‪ ،‬فكانت‬
‫والتي كانت �شريكتي يف ا�شواق هذا احللم‪ ,‬كما ا�ستحقت‬ ‫دعوته الدائمة هي االنفتاح على اهلل‪.‬‬
‫ان ت�شاركني حتقيقه‪ ...‬وعندما قدمت له باقة العرفان‬ ‫والدب‪ ،‬وعطاء ًا خريي ًا �ضخم ًا �صنعه قلقه الدائم يف احلفاظ على أ�مانة‬
‫رحل العالمة الكبري تارك ًا ثروة من الفكر أ‬
‫التي انطلقت على ل�ساين بعفوية دون حت�ضري م�سبق ‪« :‬ان‬ ‫الر�سول(�ص) يف رعاية أاليتام واالهتمام بحاجاتهم و� ؤش�ونهم عرب اجلهد امل�ضني الذي بذله‪ ،‬والذي ترجم �إىل‬
‫ك ّل خ ٍري أ�نزله اهلل على حياتي وعلى أ��سرتي‪ ...‬لك ف�ض ٌل‬ ‫م ؤ��س�سات ومعاهد تعليمية وتربوية و�صحية يف �سبيل رفع م�ستواهم على كافة ال�صعد‪ ،‬فكان أ�با أاليتام وكانت يداه‬
‫حب االبنة‬‫فيه بعد اهلل تعاىل‪ ..‬واين أ�حبك يف اهلل‪ ،‬ال ّ‬ ‫حبل اخلال�ص الذي يربط اليتيم بعائلته وهو حبل باق يف مباين اخلري وال�صدقة التي �شيدها بف�ضل اهلل‪ ،‬ودون م ّنة‬
‫حب اليتيمة لكافلها وراعيها‪,‬‬ ‫البارة ب أ�بيها فح�سب‪ ,‬بل ّ‬ ‫من أ�حد‪.‬‬
‫ج��زاك اهلل عني وع��ن ا�سرتي خ�ير اجل����زاء»‪ ..‬ا�ستمع‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫خ�سرناك �س ّيدنا اجلليل‪� ،‬با مر�شدا وفقيها وعاملا كبريا مل تهجر �نامله القلم ومل يربح �صوته املنابر رغم ق�ساوة‬
‫يل بحب‪ ،‬ودعا يل مبا لن ان�ساه طوال عمري‪:‬‬ ‫�سماحته � إ ّ‬ ‫املر�ض حتى وقت قريب من وفاتك‪ ،‬وبالوقوف أ�مام م�سريتك امل�شرفة وبعد أ�ن أ��صبح ج�سدك الطاهر حتت الرتاب‪،‬‬
‫«وفقكم اهلل و �سدد خطاكم‪ ,‬و هداكم اىل دروب احلق‬ ‫نت�ساءل‪ :‬أ�حق ًا كنا نحن من ودّعك أ�م أ�ن �سماحتك من ودّعنا؟ وقد كانت حياتك منار ًة للغري وجهد ًا مل يعرف الكلل‬
‫ال�ساطعة ب أ�نواره �سبحانه»‪.‬‬ ‫يف �سبيل أالحبة كما كنت حتب أ�ن تتوجه �إلينا‪ ،‬فيوم ووريت يف الرثى كان يومك يا �سيدنا‪ ،‬ألنك كنت املالذ أالول‬
‫والخري‪ ،‬واللقاء املوعود املنتظر باملوىل الذي أ�حببته ف أ�حبك‪ ،‬فكانت حتيتك أالخرية أ��ستودعكم اهلل‪.‬‬
‫أ‬
‫مل اد ٍِر كيف خرجتُ من هذا اللقاء‪ ،‬وال كيف م ّر بهذه‬ ‫مرينا العبداهلل‬
‫كف‬ ‫ال�سرعة‪ ,‬مت�س ّرب ًا من أ�يامي‪ ,‬ت�س ّرب املاء بني أ��صابع ٍ‬
‫ذاهلة‪ ,‬وقد التفتت اليه وانا يف طريقي اىل الباب‪ ,‬للتزود‬
‫من أ�بوة نظرته احلانية والتي أ�ظنها لن تتكرر يف حياتنا‬
‫من أ�ح��د �سواه ‪ ...‬واليوم‪ ،‬وبعد وداع��ه أالليم‪ ,‬و يتمنا‬
‫الفاجع بعد رحيله‪ ,‬أ��شعر أ�ن هذه الدقائق الع�شرة من‬
‫عمري و التي خ ّلدها عقلي يف قلبي‪� ,‬ستبقى كنزي الذي‬ ‫تعلن الحوزة العلمية‪ -‬المعهد ال�شرعي الإ�سالمي‬
‫اعتز به و افخر‪ ..‬و قد احتفظت به مطبوع ًا على ن�صف‬ ‫عن فتح باب االنتساب لإلخوة واألخوات للعام الدراسي اجلديد ‪2011-2010‬‬
‫دزينة ٍ من ال�صور‪ ,‬ال على �صورة واح��د ٍة ع�شت أ�حلم‬ ‫يقدِّ م املعهد للمنتسبني إليه ‪ :‬دراسة معمقة* متخصصة * شهادة علمية‬
‫بها خم�س ًا و ع�شرين �سنة‪ ..‬وهي ت ؤ�كد انني واح��د ٌة من‬ ‫هدية شهرية* سكن داخلي مجاني* نقل مجاني لألخوات وحضانة ألطفالهن‬
‫املاليني التي أ�حبت ف�ضل اهلل‪ ,‬لذلك هي وحدها ثروتي‬
‫التي ال أ�ر�ضى عنها بد ًال كل ثروات االر�ض‪ ,‬ألنها جتمعني‪,‬‬ ‫�شهادة جامعية بالتو أ�مة مع اجلامعة إ‬
‫ال�سالمية‬
‫ال ب أ�حد أ�حفاد ر�سول اهلل العظام و_ هذا ح�سبي _‬ ‫والخوات يف‪ :‬م�سجد احل�سنني(ع)‪ ،‬مكتبة املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬‫للخوة أ‬ ‫تقدم الطلبات إ‬
‫مب�صباح أ��ضاء قلوبنا وغ�سلها من أ�درانها ب�شالالت‬ ‫ٍ‬ ‫بل‬ ‫(ر�ض)‬
‫ً‬
‫من قيم اهلل‪ ..‬ولئن م�ضى باكرا ذوب �شمع ٍة عا�شق ٍة اىل‬ ‫ال�سالمي‪ -‬بئر ح�سن – مبنى �إذاعة الب�شائر هاتف‪03850703 -01857387 :‬‬ ‫للخوة‪ :‬املعهد ال�شرعي إ‬ ‫إ‬
‫جنان اهلل‪ ،‬فهو �سي�شع أ�مامنا طوي ًال‪ ،‬فكر ًا و نهج ًا ينريان‬ ‫المام احل�سني ط ‪2‬‬
‫إ‬ ‫ح�سينية‬ ‫–‬ ‫ال�سلم‬ ‫حي‬ ‫–‬ ‫ال�شرعي‬ ‫املعهد‬ ‫خوات‪:‬‬ ‫لل‬‫أ‬
‫دروب أالجيال آالتية‪ ,‬يف ظل كل كلمة ‪ ,‬كتبها لبناء احلياة‬
‫بف�ضل من اهلل‪ ...‬ف�ض ُل اهلل ‪...‬‬
‫عزيز ًة ٍ‬ ‫‪05488498 -03950822 -03397977‬‬
‫العالمية والء ابراهيم حمود‬ ‫إ‬ ‫مالحظة‪ :‬التسجيل يستمر حتى تشرين األول‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫يا مركب ال�شّ وق‬ ‫والس ِّي ُد َ‬
‫عباب العم ِر‬
‫َ‬ ‫أ�خم ْر بنا‬ ‫األ َث ُر‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫فاطمة‪..‬‬ ‫العين‬
‫ُ‬
‫مركب ّ‬
‫ال�شوق‬ ‫َ‬ ‫يا‬
‫�إىل هناك‬ ‫في فقيد اإلسالم‪ ،‬سماحة آية الله العظمى‪،‬‬
‫الشريف)‬
‫السيد محمد حسني فضل الله (قدس سرّه ّ‬
‫الوجدان هناك‬
‫ِ‬ ‫�شاطئ‬
‫ِ‬ ‫ُاع ْ‬
‫رب بنا �إىل‬
‫مركب ّ‬
‫ال�شوق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫خذنا يا‬
‫‪-1-‬‬
‫ال�صالة‬
‫متتمات ّ‬
‫ِ‬ ‫�إىل هد أ� ِة ال ّروح يف‬
‫وح�شة ّ‬
‫الظلمات‬ ‫ِ‬ ‫يف امتدا ِد النّور عند‬ ‫�������ذ ِب �إذ ي���ه���م���ي وي����ن���� َت��ِث�ررِ ُ‬ ‫����ك ال������� َع ْ‬ ‫ِم�������نْ �����ص����و ِت َ‬ ‫�����ص����دً ى‬ ‫ُ‬
‫�����ل����ال َ‬ ‫���������ك‪ ..‬ل���ل���م���ع���ن���ى ِظ‬ ‫ُ‬
‫������������وف َح��������� ْو َل َ‬ ‫أ�ط‬
‫خفقة العقل يف نب�ضا ِته‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫خذنا �إىل‬ ‫�����ل ا ّل���������ذي ي���ح���ل���و ِب�������� ِه ال���� َّ���س��� َف��� ُر‬ ‫أ�ن َ‬
‫���������ت ال����� َّدل�����ي ُ‬ ‫������ت وح����������������دَ َك يف ل������ي ٍ‬
‫������ل تُ�������������س������ام������ ُر ُه‬ ‫ق�������د ك������ن َ‬
‫أ�ن������ف������ا� ُ������س ف�����اط�����م����� ٍة لمَ ّ���������ا ان����ق���������ض����ى ال����� ُع����� ُم����� ُر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ول�����ي�����������س �إالك‪ ..‬ي��������ا وع���������������دً ا جت�������������و ُد ب���ه‬
‫الوجدان عند الدّ عاء‬
‫ِ‬ ‫في�ض‬
‫�إىل ِ‬ ‫����ك ال���� ُّ���س��� ُك��� ُر؟!‬ ‫���ح��� ُو أ�م أ�ودى ب َ‬ ‫�������ص ْ‬
‫����ك ال َّ‬ ‫أ�ودى ب َ‬ ‫�����ول َف����� َه ْ‬
‫�����ل‬ ‫ذات ال�����ب�����ت ِ‬ ‫َ‬
‫َ��������������ك يف ِ‬ ‫�����ت َذات‬ ‫� َ�����ش َّ‬
‫�����ظ����� ْي َ‬
‫احلق يدندنُ يف امل�آ ِ‬
‫ذن‬ ‫�صوت ِّ‬ ‫ْ‬
‫خذنا �إىل ِ‬ ‫������ ِ����س���� ُر‬ ‫�������ش���وق ُم���� ْن َأ‬
‫ِ‬ ‫وال����ع����ا�����ش����قُ ال������� َف������� ْر ُد ب���امل���ع‬ ‫������ي وت���ل���ب���ي��� ٍة‬‫ح��������ي�������رانُ ‪ ..‬ح��������ي�������رانُ ‪ ..‬يف � َ������س������ ْع ٍ‬
‫رحب الف�ضاء‬
‫�������ك ب����������ا آله ِ‬
‫����������ات ُم����� ْن����� َك������ ِ�����س����� ُر‬ ‫�������اح َل������� ْي������� ِل َ‬
‫ج�������ن ُ‬ ‫������ل‪ ..‬ت���ب���ك���ي وا َمل��������������دَ ى زغ ٌ‬
‫���������ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ�������������ص������ ُّد‪ ..‬تُ������قْ������ ِب ُ‬
‫ت ُ‬
‫امل�ساجد يف ِ‬
‫ِ‬ ‫يف‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬
‫ف������ال������ َع���ْي��نْ ُ ف������اط������م������ة‪ ..‬وال������ َّ�����س����� ِّي����� ُد الث������������� ُر‬ ‫����������������ت‪ ..‬م������ن امل����ع����ن����ى ُب������ك������ا َرتَ������ ُه‬
‫َ‬ ‫�����ت �ن‬
‫ق������د ك�����ن َ‬
‫مركب اخل ِري أ� َ‬
‫مواج احلياة‬ ‫َ‬ ‫ُأ�ع ْ‬
‫رب بنا يا‬
‫َ‬
‫وع�صف ال ّرياح‬ ‫‪-2-‬‬
‫تك�س َر ْت عندَ ك أ� ُ‬
‫وجاعنا‬ ‫فقد َّ‬ ‫يا َمنْ َ�ش ِر ْبتَ ك ؤ� َ‬
‫و�س هذا َ‬
‫احلقِّ يف َ�س َف ٍر‬ ‫ذنب من ذابوا‬
‫بيك ميحو َ‬ ‫�صوتُ أ� َ‬ ‫ت�صحو على وعدٍ ته ّي ُئ ُه ّ‬
‫ال�سما ُء‬
‫وامنحتْ يف عنفوا ِنك آ�ال ُمنا‬
‫َ‬ ‫راب‬ ‫خل ْل ِق الفق ِري �إىل َّ‬
‫ال�ش ِ‬ ‫�إىل ا َ‬ ‫و أ�نتَ محَ َ ْوتَ ك َّل م�ساف ٍة‬ ‫وت�شرب النَّخْ َب القد َمي‬
‫ُ‬
‫عتمة ال ّليل يف أ� ِ‬
‫رواحنا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وحتط َمتْ عندَ ك‬ ‫َأ� ْ�ش َر ْقتَ يف َل ْو ِح النب ّو ِة والوال َي ِة‬ ‫َ‬
‫هناك‪،‬‬
‫ال�ضياء‬ ‫يف أ�ف ِقنا املجهول‪..‬عندما ُ‬
‫يغيب ّ‬ ‫ها نحنُ ‪ ،‬يف َظ َم ٍ أ�‬ ‫ُط ْفتَ حول أ� َ‬
‫بيك‬ ‫ال�ص ْمتَ باحل ِرب ا ّلذي ما َك َّف عن َنزْ ٍف‬
‫متحو َّ‬
‫ْ‬
‫خذنا‬ ‫ُن َفت ُِّ�ش عن ٍ‬
‫دليل‬ ‫يف َف َل ِك ا َمل َح َّب ِة‬ ‫وعن َ�ش َغ ٍف مبا هو َ�س ِاكنٌ يف ِّ‬
‫الظ ِّل‬
‫�شاطئ الوجدان‬
‫ِ‬ ‫احلب �إىل‬
‫مركب ِّ‬
‫َ‬ ‫يا‬ ‫َ‬
‫املخوف‬ ‫ندلج ال َّل ْي َل‬
‫ُ‬ ‫كال�ش ْم ِع املُ َذ ِ‬
‫اب‬ ‫كنتَ َّ‬ ‫الكتاب‬
‫ِ‬ ‫وحي‬
‫من ِ‬
‫الوحي ال ّر�سا ّ‬
‫يل‬ ‫ِ‬ ‫ال�سماويّ ‪�..‬إىل‬
‫العبق ّ‬
‫ِ‬ ‫�إىل‬ ‫اخليل املُ َط َّه َم َة‪ ..‬انت ََ�ش ْينا بال َّر ِ‬
‫هيف‬ ‫ومنتطي َ‬
‫يف أ�فق النّو ِر هناك‬ ‫من القوايف حني ت أ�خذنا �إىل َن ٍّ�ص ٍ‬
‫يتيم‬ ‫املحبوب‬
‫ِ‬ ‫تروي عن‬ ‫َفت َّْ�شتُ َ‬
‫عنك‬
‫رب بنا �إىل ُ‬
‫حيث اجلنى والغنى‬ ‫واع ْ‬ ‫أ�و ُت َبا ِد ُلنا ا َملواج َع‬ ‫وال َو ْر ِد املُ َه َّي أ� ل ّلذين ا�ست�سلموا ِ‬
‫للعطر‬ ‫فكنتَ ِ�س ًّرا‬
‫ال�سنا‬ ‫ُ‬
‫وقطاف اخل ِري يف ّ‬ ‫اب‬
‫ال�س َر ِ‬ ‫لل َمدَ ى أُ� ُف ٌق ُ‬
‫ي�سيل مع َّ‬ ‫واملواجيد البه ّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ميم املح َّب ِة‬
‫يا َ‬ ‫فاف‬ ‫مل ُي ِط ْق ُه املاكثون على ِّ‬
‫ال�ض ِ‬
‫أ�بح ْر بنا‬ ‫ال�س َما ِو َّي ْه‬ ‫يا املُدَ َّج ُج بالت ِ‬
‫رَّانيم َّ‬ ‫َم َ�ض ْيتَ للمعنى‪َ ..‬م َ�ضوا ِل ُر ُ�س ْو ِم ِه‬
‫م�ضىوتل َأل ْت فيه عيناك‬
‫أ‬ ‫�إىل العم ِر ا ّلذي‬ ‫أ�نتَ َّ‬
‫ال�ش ِج ُّي املُ ْ�س َت ِف ُّز‬ ‫َأ� َث ٌر على َأ� َث ٍر‪َ .‬ع َر ْجتَ ف أ�نتَ َب ْد ٌء �آخ ٌر‬ ‫انخ َط ْفتُ ِب ِه‬
‫لك ّن َك املعنى‪َ ..‬‬
‫ك أ� ّنها النّجو ُم يف ّ‬
‫ال�سما‬ ‫َ‬
‫عينيك ال َّل َتينْ ِ ا�س َت ْل َه َم‬ ‫َ�ش َب ْحتَ‬ ‫ال�ص ْد ِر َم ْط ِو َّي ْه‬
‫لرواي ٍة يف َّ‬ ‫وجئت َُك ُم ْف َردًا � إ ّال من «الوحي» ا ّلذي �آ َث ْرتَني‬
‫باب يف عم ِرنا‪ ..‬أ�ين َعتْ أ� ُ‬
‫وراقهُ يف‬ ‫ّ‬
‫فال�ش ُ‬ ‫الغربا ُء َ�ض ْو َءهُ ما‪..‬‬ ‫َ‬
‫لك قد َذهَ ْبتَ‬ ‫الغياب يا ُم ْد َن ًفا بـ»الوحي»‪..‬‬
‫ِ‬ ‫بومي�ض ِه بعد‬
‫ِ‬
‫رباك‬
‫َل َك ال َّر ْم ُز القد ُمي‬ ‫َوليِ ْ َأ� َت ْيتَ‬ ‫الوحي َي ْ�ش َر ُبني‬
‫ُ‬ ‫هذا‬
‫اخل�ضراء يف �ضحاك‬
‫ُ‬ ‫وبا َنتْ أ�غ�صانُهُ‬
‫احلبرْ ِ‬ ‫َل َك ُّ‬
‫الط ُق ْو ُ�س امل�ستعاد ُة يف ِ‬
‫هديل ِ‬ ‫ف أ�نتَ حيدر ٌة يجو ُع‬ ‫و َأ� ْ�ش َر ُب ُه‬
‫�شاطئ‬
‫ٍ‬ ‫�سرتح‪ ..‬هناك على‬
‫ِا ْ‬
‫والباقون يف ِظ ِّل البنادِقِ‬ ‫و ُي ْ�ش ِب ُع َأال ْغيا َر‬ ‫خل ِل ُّي ب أ� ّنني ما زلتُ يف َث َم ِل ْي به‬
‫علم ا َ‬
‫فهل َ‬
‫ريا�ض اجلنان‬
‫رو�ضة من ِ‬
‫ٍ‬ ‫بل على‬
‫َ�س ِّي ِد ْي‪،‬‬ ‫لليتيم ولليتيم ِة‬
‫يبكي ِ‬ ‫ذاق ِم ْث ِل ْي ذائ ٌق من قب ُل‪ ..‬ي�صع ُد بي �س ؤ�ا ٌل‬ ‫ما َ‬
‫بال تعب‪ ..‬بال وجع‬
‫وال�ص ْوتُ‬ ‫َو َل َك َّ‬
‫ال�صدَ ى َّ‬ ‫يا بن حيد َر‪َ ،‬منْ َ�س َي ْ�س َه ُر َل ْي َل ُه‬ ‫اجلواب‬
‫ِ‬ ‫كنتَ أ�نتَ جوا َبه َ‬
‫قبل‬
‫رب ال ّزمان‬
‫�سفر ع َ‬
‫بال ٍ‬
‫وامليقاتُ‬ ‫غاب َب ْد ُر ال َّل ْي ِل؟!‬
‫�إِنْ َ‬ ‫أ�نتَ ا ّلذي خطوا ُت ُه َ�سيرْ ٌ على ماءٍ‬
‫وح ‪ ،‬حت ّلق يف �سم ّو أ‬
‫التقياءِ‬ ‫ُ‬
‫حيث ال ّر ُ‬
‫والوع ُد ا ّلذي مت�ضي َل ُه ِمنْ َأ� ْل ِف َب ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫َمنْ �سي�ضي ُء يف ليالتِهِ ْم؟!‬ ‫رمل؟!‬‫فهل �ساروا على ٍ‬
‫تلتقي يف أ�ف ِقها ال ّرحب‬
‫النبياء‬‫مع أ‬ ‫َأ� َع ِج ْلتَ َع ْن ُه ْم‪...‬؟!‬ ‫ال�صدَ ى ملّا ا�شتع ْلتَ‬
‫وهل �سمعوا َّ‬
‫بالل ف�ضل اهلل‬ ‫ليك‬ ‫� إ ّن ُه وادي ُط ًوى‪ ،‬و أ� َ‬
‫بوك يف َ�س َه ٍر � إ َ‬ ‫فك ْنتَ �صوتَ أ� َ‬
‫بيك‬
‫ح�سني ال�سماهيجي‬
‫هاب‬
‫الذ ِ‬ ‫و أ�نتَ بر ٌق يف املجي ِء ويف َّ‬ ‫موالي‪،‬‬
‫يا َ‬
‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪15‬‬
‫كمال ال�صوم ب�صيام الجوارح‬
‫قوال و أ�فعال‪ ،‬بل مت ّثل تلك الطقو�س القاعدة التي ترتكز عليها عمل ّية تدريب ّية ُيخ�ضع‬ ‫من الوا�ضح أ�نّ العبادات عموم ًا ال ت�ستهدف طقو�سها املج ّردة‪ ،‬من أ� ٍ‬
‫واع‪ ،‬بهدف حتقيق جملة من أالهداف الروح ّية والنف�سية واالجتماع ّية‪ ،‬وحتّى ال�سيا�س ّية واالقت�صاد ّية‪ ،‬ويف بع�ضها جند ال ُبعد‬ ‫الن�سان نف�سه‪ ،‬ب�شكل ٍ‬ ‫فيها إ‬
‫احلج ـ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫مني حا�ضرا �ي�ضا ـ كما يف مو�سم ّ‬ ‫أال ّ‬
‫و�إذا كان املطلوب من ال�صيام هو االمتناع عن الطعام وال�شراب يف زمن خم�صو�ص‪ ،‬ف�إنّ ذلك هو الذي ُي�سقط الواجب‪ ،‬وهذا هو الوجه الظاهر‬
‫اخلا�ص‪ ،‬ويتكامل ال�صوم يف ُبعده الروحي والرتبوي عندما يكون ال�صوم يف وجهه الظاهر ـ وهو االمتناع عن الطعام‬ ‫ّ‬ ‫للعبادة‪ ،‬ف�إنّ لك ّل اجلوارح �صيامها‬
‫وال�شراب ـ قاعد ًة مت ّثل اجل ّو املنا�سب ل�صيام اجلوارح أالخرى‪.‬‬
‫الغ�ض ع ّما ح ّرم اهلل �سبحانه النظر �إليه‪� ،‬سواء يف احلياة العا ّمة أ�و من خالل ما ُيعر�ض‬ ‫فالعني حت ّقق معنى ال�صوم عندما تتد ّرب يف �شهر رم�ضان على ّ‬
‫أ‬
‫الباح ّية واملنافية للحياء واحل�شمة؛ وهذا ما بات بال �ضوابط �إىل �بعد احلدود‪..‬‬ ‫العالم من امل�شاهد إ‬ ‫يف و�سائل إ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الن�سان اال�ستماع �إليه‪ ،‬ف�صيام الذن تكون باالبتعاد عن ذلك‪ ،‬من � ّي م�صدر كان‪� ،‬سوا ٌء يف ذلك الغناء‬ ‫ويف امل�سموعات ما ح ّرم اهلل �سبحانه على إ‬
‫الن�سان واتّزانه‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ؤ‬
‫مما ي�ثر يف روح ّية إ‬ ‫املح ّرم‪ ،‬أ�و ال�سباب والف�سوق‪ ،‬أ�و حتّى النكات اخلاد�شة للحياء ّ‬
‫ويف أاللفاظ ما ح ّرم اهلل قوله‪ ،‬فليكن �صيام الل�سان عن قول الباطل والفح�ش وال�سباب والكذب والنميمة وما �إىل ذلك كما ي�صوم عن مالم�سة الطعام‬
‫وال�شراب يف نهار رم�ضان‪..‬‬
‫ُ‬ ‫آ‬ ‫أ‬
‫ف�شارب خمر �و �كل ميتة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الن�سان عن طعامه و�شرابه يف النهار‪ّ ،‬ثم �إذا جاء الليل‪،‬‬ ‫معنى لل�صوم عندما ميتنع إ‬ ‫أ‬
‫ويف امل آ�كل وامل�شارب ما هو حم ّرم‪ ،‬ف� ّي ً‬
‫فال يتو ّرع ع ّما يدخل �إىل جوفه‪ ..‬على طريقة ذلك ال�شاعر حيث يقول‪:‬‬
‫م�شتاق‬
‫ِ‬ ‫م�شتاقة ت�سعى �إىل‬ ‫رم�ضان ولىّ هاتها يا �ساقي‬
‫الن�سان يف حياته العاد ّية على أ�ماكن اللهو املح ّرم‪ ،‬وقد تالعب الكثريون ب�شهر رم�ضان حتّى بات م�سرح ًا لهذا النوع من أالماكن‪،‬‬ ‫وربمّ ا يرتّدد إ‬
‫ً‬ ‫ؤ‬
‫للح�سا�س بامل�س�ول ّية‪ ،‬ليكون ذلك دافعا للقيام بها يف غريه من‬ ‫أ‬
‫فليكن ال�صوم عندما ال ت�سعى قدماك �إىل هذه الماكن‪ ،‬وليكن ال�شهر دروة تدريب ّية إ‬
‫ال�شهور‪..‬‬
‫أ‬ ‫ؤ‬ ‫أ‬
‫هكذا يمُ كن �ن نفهم كمال ال�صوم‪ ،‬وحقيقة الهداف التي ي�سعى لتحقيقها من خالل انخراط امل�من يف التد ّرب على التقوى‪ ،‬وهي �ن ال يجدك اهلل‬ ‫أ‬
‫حيث نهاك‪ ،‬وال يفقدك حيثُ أ�مرك‪ ..‬وهكذا نعي ما رمى �إليه ر�سول اهلل يف خطبته يف ا�ستقبال �شهر رم�ضان حيث قال‪« :‬واحفظوا أ�ل�سنتكم‪ّ ،‬‬
‫وغ�ضوا‬
‫ع ّما ال يح ّل النظر �إليه أ�ب�صاركم‪ ،‬وع ّما ال يح ّل اال�ستماع �إليه أ��سماعكم‪»..‬؛ واهلل من وراء الق�صد‪.‬‬
‫ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬

‫مكتب سماحة العالمة املرجع‬


‫السيد محمد حسني فضل الله‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد‪ 383‬اجلمعة ‪ 3‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 13‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫احياء أربعينية المرجع‬
‫فضل الله (رض) في‬
‫الكويت والبحرين ص ‪3-2‬‬
‫ليقوم النا�س بالق�سط ‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫ر�س َلنا بالب ّينات و أ�نزل َنا معهم‬
‫لقد أ�ر�سلنا ُ‬
‫عدد ال�صفحات ‪ - 16‬ال�سعر ‪ 500‬ل‪.‬ل‬ ‫‪magazine@bayynat.org.lb‬‬ ‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن مكتب الثقافة واالعالم‬

‫ما بعد فضل الله‬


‫ومآالت التّنوير‬ ‫ربات»‬
‫ال�سنوي لـ «امل ّ‬
‫ّ‬ ‫الفطار‬
‫حفل إ‬

‫ص‪6‬‬
‫اإلسالمي‬
‫�أمانة الم�ؤ�س�سات نحملها مع ًا‬
‫المرجع الرّوحيّ‬ ‫�ص ‪5-4‬‬
‫للمقاومة ورجل‬
‫الفقه المنفتح‬
‫ص‪7‬‬

‫«وطن النّجوم»‬
‫�ساح ٌة مفتوحة‬
‫لال�ستخبارات‪ ..‬وللعبث‬
‫الإقليميّ والدّولي‬
‫ص‪9‬‬
‫آخر حلظات الرَّاحل الكبير‬
‫ولفت عريف جمل�س ال ّت أ�بني‪ ،‬باقر حممد‬ ‫مجلس تأبني مركزي في ذكرى أربعني الراحل الكبير (رض) في البحرين‪:‬‬
‫ج��واد دروي�����ش‪ ،‬انتباه احل�ضور‪ ،‬املرجع‬
‫ال��راح��ل(ر���ض) يف �آخ��ر حلظات حياته‬
‫ال�شريفة‪ ،‬كان ي�س أ�ل عن ال�صالة حيث‬
‫المرجع الرباني فضل الله عنوان مرحلة استثنائية في تاريخنا المعاصر‬
‫�صلى ركعتني‪ ،‬ثم أ� ّنه كبرّ ثالث ًا‪ ،‬ومتتم بني‬
‫ك ّل تكبري ٍة وتكبرية‪ ،‬ثم ابت�سم ابت�سامة‬
‫مم ّيزة ج ّد ًا وقال‪ :‬أ�ريد أ�ن أ�نام‪ .‬وهكذا‬
‫رحل ال�س ّيد اجل�سد‪ ،‬وبقي ال�س ّيد ال ّروح‬
‫ّ‬
‫واخلط»‪.‬‬ ‫والفكر‬
‫الشيخ شاكر الفردان‪:‬‬
‫ال�شيخ �شاكر الفردان يف‬ ‫ب��دوره‪ ،‬حت َّدث َّ‬
‫خالل احلفل‪ ،‬عن مناقب ال ّراحل الكبري‪،‬‬
‫قائ ًال‪ �« :‬إ ّنه كان ي ؤ�من باحلوار يف مقابل‬
‫ال��ع��ن��ف‪ ،‬وب��ال��� ّ��س�لام يف مقابل احل��رب‪،‬‬
‫وباالنفتاح على آالخر‪ ،‬ألنّ االنفتاح أ�و�سع‬ ‫وما متلكه هذه ال ّر ّبان ّية من‬ ‫أ�قيم جمل�س ت أ�بني املرجع الراحل ال�س ّيد‬
‫م��ن التّعاي�ش‪ ،‬أل ّن���ه يعطي املعنى أ�فق ًا‬ ‫ووعي وب�صري ٍة و�صدقٍ‬ ‫عمق ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف�ضل اهلل يف ذك���رى أ�رب��ع��ي��ن��ه يف م أ���مت‬
‫�إن�سان ّي ًا وال يقت�صر على جانب املعاملة‪،‬‬ ‫خ��ل�ا�����ص وط���هٍ ���ر ون��ق��اءٍ‬
‫ٍ‬ ‫و� إ‬ ‫لفيف من كبار العلماء‬ ‫ال�سناب�س‪ ،‬بح�ضور ٍ‬
‫وحتدّث عن اال�ستكبار بك ّل أ��صنافه‪ ،‬وعلى‬ ‫و�صفاءٍ ور�سال ّي ٍة وحرك ّي ٍة‬ ‫وبتنظيم من مكتب العالمة‬ ‫ٍ‬ ‫واملدع ّوين‪،‬‬
‫ين‪،‬‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫ر أ��سه اال�ستكبار أالم�يرك ّ��ي ّ‬ ‫وه��ادف�� ّي�� ٍة وع��ط��اءٍ وج��ه��اد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال�س ّيد عبد اهلل الغريفي‪ ،‬وال���ذي ُو ِّزع‬
‫ووق��ف �إىل جانب املقاومة أ�ينما كانت‪،‬‬ ‫وم��ن خ�لال ه��ذه الر ّبان ّية‬ ‫خالله كت ّي ٌب حمل عنوان «ال ّراحل ف�ضل‬
‫الظلم واالحتالل‪ ،‬ووقف �إىل‬ ‫طاملا تقارع ّ‬ ‫ال��ع��ا���ش��ق��ة هلل‪ ،‬ال��� ّذائ���ب���ة‬ ‫اهلل‪ ...‬ث��واب��ت��ه ال��ف��ك��ر ّي��ة وال��ع��ق��ائ��د ّي��ة»‪،‬‬
‫جانب املقاومة يف فل�سطني أل ّنها تدافع‬ ‫فيه‪ ،‬ت�ش ّكلت ك�� ّل مك ّونات‬ ‫ود ّون��ت على غالفه عبارة «ك ّل من خرج‬
‫الق�ضية أال ّم»‪.‬‬
‫عن ّ‬ ‫�شخ�صه»‪.‬‬ ‫من ال ّنجف خ�سر ال ّنجف‪� ،‬إال ال�س ّيد ف�ضل‬
‫و أ��شار الفردان �إىل أ�نّ «م�سرية املرجع‬ ‫السيد مجيد املشعل‪:‬‬ ‫اهلل‪ ،‬فعندما خ��رج م��ن ال ّنجف خ�سره‬
‫ال�� ّراح��ل ك��ان��ت ح��اف��ل�� ًة ب��ال��ع��ط��اء‪ ،‬غن ّي ًة‬ ‫وم���ن ج��ان��ب��ه‪ ،‬ق���ال رئي�س‬ ‫�إليه‪ ،‬وحينما ت��راه يف حمرابه وخطابه‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال ّنجف»‪ ،‬التي قالها املف ّكر إ‬
‫ال‬
‫بالتّجارب‪ ،‬مليئ ًة باملنعطفات احل��ادّة‪،‬‬ ‫العلمائي‪ ،‬ال�سيد جميد‬ ‫ّ‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫املجل�س إ‬ ‫وج��ه��اده وفقهه وعلمه وف��ك��ره وثقافته‬ ‫ال�صدر يف حقّ‬ ‫ال ّراحل ال�س ّيد حممد باقر ّ‬
‫وكان م�شاك�س ًا فكر ّي ًا �إذا جاز يل التّعبري‪،‬‬ ‫امل�شعل‪ ،‬يف كلم ٍة أ�لقاها بهذه املنا�سبة‪� ،‬إنّ‬ ‫و�سيا�سته وقيادته‪ ،‬ال متلك �إال أ�ن تنجذب‬ ‫املرجع ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫ال�صعاب‬ ‫ال�سيف‪ ،‬ويقتحم ّ‬ ‫مي�شي على حدِّ ّ‬ ‫«قلوبنا يعت�صرها أالمل على ف��راق هذا‬ ‫�إل��ي��ه‪ ،‬ف��م��ا ���س�� ّر ه���ذا االجن�����ذاب؟ مل��اذا‬ ‫العالمة السيد عبد الله الغريفي‬
‫بك ّل ج��ر أ� ٍة و�شجاعة‪ ،‬وكانت �شخ�ص ّيته‬ ‫ال�صرح يف تاريخ‬ ‫العمالق الكبري‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫ننجذب �إليه؟ ملاذا نع�شقه؟ ملاذا نذوب‬ ‫ا�سته ّل العالمة ال�س ّيد عبداهلل الغريفي‬
‫جدل من أ� ّية زاوي ٍة تقر أ�ها‪ ،‬ومن أ� ّي‬ ‫مثار ٍ‬ ‫ال�سالم ّية»‪.‬‬ ‫احلركة إ‬ ‫ال�سبب يف ذلك‪ ،‬ثقافته وعلمه‬ ‫فيه؟ هل ّ‬ ‫كلمته باملنا�سبة‪ ،‬بالقول‪« :‬وهكذا �سكن‬
‫مبنى تدر�سه‪ ،‬ولقد قفز بنف�سه يف �سباق‬ ‫ً‬ ‫�����ص�����ص ل��ه��ا ع��ن��وان‬ ‫ويف كلمته ال��ت��ي خ ّ‬ ‫وفكره؟ فالكثري ميلكون ذلك وحترتمهم‬ ‫احلزن يف ك ّل القلوب‪ ،‬وا�ستق ّرت الدّمعة‬
‫القفز العري�ض قفر ًة حت��دّث فيها بلغة‬ ‫احلركي»‪،‬‬
‫ّ‬ ‫��س�لام‬ ‫�‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫«ال�س ّيد ف�ضل اهلل و‬ ‫وتنحني لهم‪ ،‬لكنك ال تنجذب �إليهم هذا‬ ‫يف ك�� ّل العيون‪ ،‬وغابت الب�سمة عن ك ّل‬
‫متقدّمة‪ ،‬وف ّكر بلغ ٍة متقدّمة‪ ،‬فاختلفوا‬ ‫أ‬
‫حيث ر ّكز امل�شعل على �نّ «ال�س ّيد ا ّلذي‬ ‫االجنذاب»‪.‬‬ ‫ال�شفاه‪ .‬لقد رح��ل ال�س ّيد الكبري‪ .‬كان‬
‫فيه‪ ،‬فمنهم من �ضحك منه‪ ،‬ومنهم من‬ ‫جنتمع اليوم لت أ�بينه‪ ،‬هو من ر ّواد مدر�سة‬ ‫ال�س ؤ�ال مطروح ًا‪ :‬ما �س ُّر‬ ‫وتابع‪« :‬يبقى ّ‬ ‫ع��ن��وان مرحل ٍة بكاملها‪ ،‬ولي�س مبالغ ًة‬
‫أ��شفق عليه‪ ،‬ومنهم من حتيرّ منه»‪.‬‬ ‫احلركي ومنهجه‪ ،‬وهو من القمم‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم‬ ‫إ‬ ‫هذا االجنذاب؟‪ ،‬وقبل أ�ن جنيب عن هذا‬ ‫أ�ن نعدّه واحد ًا من أالمناط اال�ستثنائ ّية‬
‫واعترب أ�نّ ال�س ّيد(ر�ض) أ�راد أ�ن ي�صل‬ ‫�سالمي الكبري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ّ‬
‫الكبرية يف هذا اخلط إ‬ ‫ال�س ؤ�ال‪ ،‬يواجهنا �إ�شكال يقول‪ :‬ال ن�س ّلم‬ ‫ّ‬ ‫يف التّاريخ املعا�صر‪ ،‬أالمر ا ّلذي ي�ضعنا‬
‫تفكريه �إىل أ�ب��ع��د ال�� ّن��ق��اط‪ ،‬وك��ان وا�سع‬ ‫وال أ��ستطيع أ�ن أ� ؤ� ّرخ‪ ،‬ول�ست ب�صدد‬ ‫بهذا االجنذاب! هناك من يقر أ�ه وي�صغي‬ ‫�صعب حينما نحاول أ�ن نقر أ�ه‪،‬‬ ‫أ�مام خيا ٍر ٍ‬
‫وتخ�شب‬ ‫َّ‬ ‫ال�شخ�صان ّية‬‫أالف��ق‪ ،‬كما رف�ض ّ‬ ‫الت أ�ريخ لهذه املدر�سة ولهذه املنهج ّية‪،‬‬ ‫�إليه ويجال�سه وينظر �إليه‪ ،‬فال يزداد �إال‬ ‫�إذ ال ميكن ذلك �إال ب أ�ن منار�س تفكيكاً‬
‫ال��ع��ق��ل‪ ،‬و أ�����ض���اف‪« :‬ك���ان ـ رح��م��ه اهلل ـ‬ ‫ولكنّ الذي نفهمه من خالل املعا�صرة‪،‬‬ ‫نفور ًا وكراهي ًة وعداو ًة ورف�ض ًا وابتعاد ًا؟‬ ‫ال�صعوبة‬ ‫ملك ّونات �شخ�ص ّيته‪ ،‬فلي�س من ّ‬
‫ي�ضيق ذرع ًا بالعناوين‪ ،‬أل َّنها قوالب حت ُّد‬ ‫أ�نّ �سماحة �آي���ة اهلل العظمى‪ ،‬املرجع‬ ‫ومما ي ؤ��سف له‪ ،‬أ�نّ هذا ال ّنمط من ال ّنا�س‬ ‫أ�ن نقر أ� فقيه ًا أ�و مف ّكر ًا أ�و مث ّقف ًا أ�و أ�ديب ًا‬
‫من حركته‪ ،‬وقيود متنع انطالقته‪ ،‬وهو‬ ‫ال�صدر‪ ،‬هو‬ ‫الديني ال�سيد حممد باقر ّ‬ ‫بع�ضهم مل ي��ق��ر أ�وه ج�� ّي��د ًا‪ ،‬ومل يفهموه‬ ‫أ�و خطيب ًا أ�و كاتب ًا أ�و مر ّبي ًا أ�و داعي ًة أ�و‬
‫الن�سان ال ي�سري على‬ ‫ا َّلذي يقول أ�بد ًا �إنَّ إ‬ ‫من أ� ّ�س�س و�ش ّيد أ��س�س هذا املنهج‪ ،‬منهج‬ ‫ج ّيد ًا‪ ،‬ومل ي�صغوا �إليه ج ّيد ًا‪ ،‬وبع�ضهم‬ ‫�سيا�س ّي ًا أ�و قائد ًا أ�و روحان ّي ًا أ�و عرفان ّي ًا أ�و‬
‫عرب ٍة من أاللقاب‪ ،‬فلنتح َّرر من احلديث‬ ‫احلركي‪ ،‬وجاء بعده علماء كبار‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم‬‫إ‬ ‫��ات‪،‬‬ ‫م��ع�� ّب أ��� ب�� ُع��ق��دٍ وح�����س��ا���س�� ّي ٍ‬
‫��ات وح�����س��اب ٍ‬ ‫جماهد ًا أ�و مرجع ًا متم ّيز ًا‪ ،‬أ� ّما أ�ن ت أ�تلف‬
‫ال�شخو�ص‪� ،‬إال أ�ن تكون يف امتداد‬ ‫عن ّ‬ ‫ّ‬
‫وا�صلوا هذا الدّرب‪ ،‬وكانت لهم اللم�سات‬ ‫ال�ضو�ضاء وال ّلغط‬ ‫وبع�ضهم �سقط أ��سري ّ‬ ‫هذه املك ّونات لت�ش ّكل عنوان ًا واحد ًا‪ ،‬فذاك‬
‫ال ِّر�سالة»‪.‬‬ ‫الوا�ضحة للدّفع بهذا امل�شروع �إىل أالمام‪،‬‬ ‫ال�صواب يف‬ ‫وال�ضجيج‪ ،‬وبع�ضهم جانبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫هو ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل»‪.‬‬
‫ال�شيخ الفردان يف ختام كلمته‪،‬‬ ‫و أ�و�ضح َّ‬ ‫وكان ال�س ّيد ال ّراحل الكبري ال�س ّيد ف�ضل‬ ‫ّ‬
‫ال ّنقد‪ ،‬فاختار القذف بدل احلوار بالتي‬ ‫س ّر االجنذاب إلى الرّاحل الكبير‬
‫ب�صمات وا�ضحةً‬ ‫ٍ‬ ‫أ�نَّ «ال�س ِّيد ال ّراحل ترك‬ ‫اهلل‪ ،‬من كبار ر ّواد هذه املدر�سة‪..‬‬ ‫هي أ�ح�سن‪ .‬ونتم ّنى أ�ن يعيد ه ؤ�الء قراءة‬ ‫و أ����ض��اف ال�س ّيد الغريفي‪�« :‬إنّ حماولة‬
‫على الكثري من املجاالت الدّعو ّية‪ ،‬وحت َّدث‬ ‫وتط ّرق ال�س ّيد امل�شعل �إىل منطق الق َّوة‬ ‫املوقف‪ ،‬ولهم ك�� َّل احل��ق يف أ�ن يرف�ضوا‬ ‫ال�صعوبة‬ ‫قراءة ال ّراحل الكبري يف غاية ّ‬
‫الن�����س��ان واع��ت�بره امل��ح��ور يف فكره‬ ‫ع��ن إ‬ ‫واملقاومة واجلهاد ومواجهة اال�ستكبار‬ ‫وفق القناعة العلم ّية‪ ،‬أ� ّي ر أ� ٍي أ�و فكر ٍة‬ ‫والتّعقيد‪ � ،‬أش�ن أالمن��اط اال�ستثنائ ّية يف‬
‫الن�سان‪،‬‬ ‫و�سلوكه‪ ،‬و�نَّ الدِّ ين جاء خلدمة إ‬ ‫أ‬ ‫احلركي يعتمد على‬ ‫العاملي‪ ،‬فا إل�سالم‬ ‫أ�و فتوى أ�و طرح �صادر عنه ـ رحمه اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التاريخ‪ ،‬ول�ست يف �صدد مقارب ٍة علم ّية‪،‬‬
‫ال���س�لام ج��اء لينفتح على آالخ��ر‪،‬‬ ‫و أ�نّ إ‬ ‫هذا املنطق‪ ،‬أ�ي منطق الق ّوة واملقاومة‬ ‫�صحة ال ّن�سبة �إليه‪ ،‬و أ�ن‬ ‫ـ بعد الت أ� ّكد من ّ‬ ‫فهذه بع�ض كلمات عاجلة حتاول االقرتاب‬
‫و أ�ن تنطلق من ��صالة الن�ص لتتحرك يف‬ ‫أ‬ ‫واجل��ه��اد‪ ،‬ومنطق املواجهة لال�ستكبار‬ ‫دوات‬ ‫يكون ال ّرف�ض حمكوم ًا ملعايري و أ� ٍ‬ ‫منه‪ ،‬وحينما حت��اول االق�تراب‪ ،‬ال متلك‬
‫الواقع»‪.‬‬ ‫العاملي‪ ،‬م�شري ًا �إىل أ�نَّ ال�س ِّيد ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العلمي‪ ،‬بعيد ًا‬‫ّ‬ ‫ومناهج و أ��ساليب ال ّنقد‬ ‫�إال أ�ن تنجذب �إليه وتع�شقه وتذوب فيه‪،‬‬
‫ويف جمل�س ال ّت أ�بني‪ ،‬أ�لقى كذلك ك ٌّل من‬ ‫يف الوقت ا ّلذي ي ؤ�من باحلوار والتّ�سامح‪،‬‬ ‫ال���س��اءة‬ ‫ع��ن لغة التّ�شوي�ش والتّ�شويه و إ‬ ‫وحينما حتاول أ�ن تقر أ�ه‪ ،‬ال متلك �إال أ�ن‬
‫ال ّنائب ال�س ّيد حيدر ال�سرتي‪ ،‬وامل ؤ���� ّرخ‬ ‫ي ؤ�من مبنطق الق ّوة يف مواجهة اال�ستكبار‬ ‫والطعن»‪ .‬وا�ستدرك قائ ًال‪« :‬هنا نقول‪ :‬ما‬ ‫ّ‬ ‫تنجذب �إليه‪ ،‬وحينما حتاول أ�ن ت�صغي‬
‫�سامل ال��ن��وي��دري‪ ،‬وال�سيد حممد ح�سن‬ ‫العاملي ورعاية املقاومة‪ ،‬كما تط ّرق �إىل‬ ‫ّ‬ ‫�س ّر االجنذاب �إليه؟ وجنيب بالقول‪� :‬إنّ‬ ‫�إليه ال متلك �إال أ�ن تنجذب �إليه‪ ،‬وحينما‬
‫كمال الدّين‪ ،‬ق�صائد رثائ ّية‪.‬‬ ‫مق ّوم التنمية خلدمة ال ّنا�س ورعايتهم‬ ‫�س ّر االجن��ذاب يف ت�ص ّوري‪ ،‬هو ر ّبان ّيته‪،‬‬ ‫حتاول أ�ن جتال�سه‪ ،‬ال متلك �إال أ�ن تنجذب‬
‫عرب امل�شاريع وامل ؤ� ّ�س�سات اخلدمات ّية‪.‬‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪2‬‬
‫جموع املؤمنني في الكويت أحيت أربعني املرجع فضل الله (رض)‪:‬‬

‫الإخال�ص لل�سيد هو الإخال�ص لم�سيرته الإ�سالمية‬

‫ال�سالمية يف حياته‪ ،‬حيث كان ي ؤ�من ب أ�ن‬ ‫إ‬


‫ال�سالمي حركة حياة ولي�ست فقط‬ ‫العمل إ‬
‫تنح�صر فقها وفكرا‪ ،‬م�ستذكرا معاي�شته‬ ‫أقامت حسينية دار الزهراء (ع) في الكويت ‪ ،‬مجلس فاحتة وتأبني مبناسبة‬
‫لهموم الكويت أ�ث��ن��اء ال��غ��زو ال�صدامي‬ ‫أربعني سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسني فضل الله قدس سره‬
‫�ساعة ب�ساعة بل حلظة بلحظة‪.‬‬ ‫الشريف»‪ ،‬بحضور احلاج كاظم عبد احلسني والسيد محمد أمني شبر و السيد‬
‫السيد جعفر فضل الله‪:‬‬ ‫حسن الكشميري والشيخ علي حسن فالح والشيخ عبد الله أبل والشيخ سعد‬
‫و�شارك �سماحة ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل يف‬ ‫الفوزان والشيخ عبد الرحيم األنصاري والشيخ حسن البلوشي‪ ،‬وجمع من املؤمنني‬
‫مكاملة هاتفية مبا�شرة من لبنان عرب فيها‬ ‫واملؤمنات إلحياء ذكرى السيد املرجع الذي كان لهم األب احلنون‪.‬‬
‫عن �شكره لل�شعب الكويتي لتعازيه برحيل‬
‫العالمة املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬ ‫ال�سيد (ر����ض) بامل�ست�ضعفني أ‬
‫والي��ت��ام‬ ‫السيد محمد أمني شبر‪:‬‬
‫اهلل ر�ضوان اهلل تعاىل عليه‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫حيث كفل أ�ك�ثر من ‪ 6000‬يتيم‪ ،‬مذكرا‬ ‫بعد ق��راءة ختمة القر�آن الكرمي‪ ،‬افتتح‬
‫امل ؤ�منني أالوفياء لل�سيد املرجع (ر�ض)‪.‬‬ ‫ما و�صفته به ال�صحف الغربية التي قالت‬ ‫املجل�س ب آ�يات عطرة من الذكر احلكيم‬
‫و أ��ضاف �سماحة ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬ ‫عنه أ�نه(خميني لبنان) فقد كان ال�سيد‬ ‫على روح ال�سيد املقد�س(ر�ض)‬
‫يف هذا الع�صر ي�شعر الكثريون بالغربة‬ ‫ر�ضوان اهلل تعاىل عليه ال�صديق املخل�ص‬ ‫وحت����دث اخل��ط��ي��ب احل�����س��ي��ن��ي �سماحة‬
‫ال���س�لام‪،‬‬ ‫عن دينهم مع أ�نهم يعي�شون إ‬ ‫الكبري (ر�ض) ال�شرعية وحر�ص �سماحته‬ ‫ال�سالمية‬ ‫والنا�صح ال��ويف للجمهورية إ‬ ‫ال�سيد حممد أ�مني �شرب ب أ�ن أالمة كانت‬
‫وكل من توا�صل مع العالمة املرجع ال�سيد‬ ‫(ر����ض) على وح���دة ال�شعب الكويتي‪،‬‬ ‫حلم أالنبياء (ع) الذي حتقق‪.‬‬ ‫يف قلب العالمة املرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‬
‫ف�ضل اهلل (ر���ض) ع��رف كيف يتوا�صل‬ ‫م�ضيفا قوله كنا نعي�ش معه حالة املرجعية‬ ‫النائب الدكتور يوسف الزلزلة‪:‬‬ ‫(ر���ض)‪ ،‬فكان عاملا أ�بهر العلماء بعلمه‬
‫ال���س�لام أال�صيل‪ ،‬حيث ك��ان ال�سيد‬ ‫مع إ‬ ‫ال��ر���ش��ي��دة ال��ت��ي ت��راق��ب وت��ت��خ��ذ امل��وق��ف‬ ‫ثم كانت كلمة للنائب الدكتور �سيد يو�سف‬ ‫و�سلوكه وعالقاته االجتماعية وكان مثا ًال‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫(ر�ض) يتبع منهج النبياء (ع) والئمة‬ ‫ال�سالمي من كل ما يدور يف العامل ‪.‬‬ ‫إ‬ ‫الم��ام‬‫الزلزلة ال��ذي ب��د أ� حديثه برواية إ‬ ‫للمحبة والت�سامح ذاكر ًا ب أ�ن أ�حد املراجع‬
‫أالطهار (ع) يف عمله بدنياه إلقامة احلق‬ ‫واختتم د‪ .‬الزلزلة كلمته ب أ���ن �سماحة‬ ‫جعفر ال�صادق (ع)‪�« :‬إذا مات العامل ثلم‬ ‫الذين زاملوا �سماحة ال�سيد (ر���ض) يف‬
‫ودفع الباطل‪ ،‬وعمل آلخرته كما أ�و�صى‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل تعاىل عليه‬ ‫ال�سالم ثلمة ال ي�سدها �شيء» م ؤ�كدا‬ ‫يف إ‬ ‫درا�سته بالنجف أال�شرف قال له أ�نهم‬
‫اخلالق �سبحانه وتعاىل‪ ،‬كما كان القر�آن‬ ‫زرع يف نفو�س حمبيه ال�شجاعة ب�إبداء‬ ‫الن�ساين اليوم يعي�ش‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫�سالمي‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫العامل‬ ‫بان‬ ‫كانوا ينبهرون من علم �سماحة ال�سيد‬
‫الكرمي هو ال�سر ال��ذي �صاغ فكر وفقه‬ ‫ال��ر أ�ي واحل��وار بالتي هي أ�ح�سن متمنيا‬ ‫ثلمة بعد الفراغ الذي تركه املرجع الديني‬ ‫ف�ضل اهلل (ر����ض) عندما ك��ان ال�سيد‬
‫وخلق ال�سيد (ر�ض) مع ال�صديق والعدو‪،‬‬ ‫الميان‬ ‫ال�سالمي و إ‬ ‫أ�ن يت أ��صل هذا الفكر إ‬ ‫الكبري ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫المام اخلوئي (ر�ض) يف‬ ‫يناق�ش أ��ستاذه إ‬
‫فكان يرتفع عن كل أالحقاد والع�صبيات‬ ‫العميق ال��ذي تعلمناه من ال�سيد الكبري‬ ‫ر�ضوان اهلل تعاىل عليه‪ ،‬حيث كان ال�سيد‬ ‫الدر�س‪.‬‬
‫ويحارب الغلو واجلهل إلدراك��ه أ�نه �سبب‬ ‫ر�ضوان اهلل تعاىل عليه‪.‬‬ ‫عاملا متبحرا يف كافة املجاالت و�صاحب‬ ‫و أ�و�ضح �ن ال�سيد ف�ضل اهلل (ر�ض) كان‬ ‫أ‬
‫لتدمري أالم���ة اال�سالمية‪ ،‬وك��ان يهدف‬ ‫د‪ .‬عبد احملسن جمال‪:‬‬ ‫أ�ط��روح��ات �إ�سالمية عاملية‪ ،‬و أ����ش��ار د‪.‬‬ ‫ال�سالمية‬ ‫حمبا للجميع ورائ��دا للوحدة إ‬
‫�سماحة ال�سيد (ر����ض) لرفع القاعدة‬ ‫ب����دوره و���ص��ف د‪ .‬ع��ب��د املح�سن جمال‬ ‫يو�سف ال��زل��زل��ة �إىل ه��م��وم أالم���ة التي‬ ‫الن�سانية والدليل على ذلك هذا التكرمي‬ ‫و إ‬
‫�إىل م�ستوى ال��ق��ي��ادة فربى أ�ج��ي��ا ًال من‬ ‫العالمة املرجع ال�سيد ف�ضل اهلل ر�ضوان‬ ‫ك��ان يعي�شها �سماحته (ر���ض) ومعرفته‬ ‫والتبجيل ال���ذي مت خ�لال حياته وبعد‬
‫القيادات يف �شتى املجاالت‪ ،‬معتربا أ�ن‬ ‫اهلل تعاىل عليه بذي القلب ال��ذي يت�سع‬ ‫��الح��داث ال�سيا�سية يف ك��ل بلد وك��ان‬ ‫ب أ‬ ‫رحيله كما عدد بع�ض من مميزات ال�سيد‬
‫ال�سيد (ر�ض) حملنا جميع ًا حم ًال ثقي ًال‪،‬‬ ‫لكافة النا�س وترجم ذلك يف فقهه وعمله‬ ‫يقدم ت�صوراته امل�ستقبلية حول املنطقة‬ ‫الكبري ر�ضوان اهلل تعاىل عليه كالتقوى‬
‫الخال�ص مل�سريته‬ ‫الخال�ص لل�سيد هو إ‬ ‫و إ‬ ‫ذاك��را �صفته التي يتذكر فيها جزئيات‬ ‫م�ستندا �إىل أ��س�س علمية منطقية تتحقق‬ ‫والعلم واحل���ب متحدثا ع��ن املظلومية‬
‫آ‬
‫ال�سالمية التي نبعت من القر�ن الكرمي‬ ‫إ‬ ‫كل من يلتقيهم وي�س أ�ل عنهم م�شبها ذلك‬ ‫فيما بعدوم ؤ�كدا على أ�ن ما يثار من فنت‬ ‫التي تعر�ض لها يف حياته‪ ،‬حيث وجهت‬
‫والعرتة الطاهرة عليهم ال�سالم‪ ،‬م ؤ�كدا‬ ‫ب أ�خالق أ�هل البيت (ع)‪ ،‬كمابني د‪ .‬جمال‬ ‫هذه أاليام البد أ�ن يكون من ورائها العدو‬ ‫اله��ان��ات والتجريح امل��ادي‬ ‫له أ‬
‫ك�ل�ن��واع إ‬
‫أ�ن م�صطلح الذات مل يكن ميثل ل�سماحة‬ ‫ارتباط �سماحة ال�سيد ر�ضوان اهلل تعاىل‬ ‫ال�صهيوين الغا�صب‪.‬‬ ‫وامل��ع��ن��وي �إال أ�ن���ه كما ج��ده ر���س��ول اهلل‬
‫ال�سيد �شيئا‪ ،‬فعمله دائما كان مل�صلحة‬ ‫عليه ب أ�دعية أ�هل البيت (ع) ومعاي�شته‬ ‫كما أ�كد د‪ .‬يو�سف الزلزلة يف كلمته عن‬ ‫(���ص) ك��ان يقول‪« :‬اللهم اغفر لقومي‬
‫أالمة‪.‬‬ ‫ل��ه��ا ك��م��ا ت��ط��رق �إىل أ�ه��م��ي��ة امل�����ش��اري��ع‬ ‫ا�ستعانته يف أ�وق��ات ال�شدة ب آ���راء ال�سيد‬ ‫ف�إنهم ال يعلمون»‪ ،‬م�شريا �إىل اهتمام‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪3‬‬
‫املبرّات تقيم حفل إفطارها السنويّ‬
‫السيّد علي فضل الله‪ :‬حذار من اإلنزالق في خطوط الفتنة ألنها خيانة لله ورسوله‬
‫الدارة‪ ،‬أل ّنه ال�سبيل أالرقى‬ ‫والتّنظيم و إ‬
‫بال�شكل الالئق الذي‬ ‫لتد ّبر � ؤش�وننا ّ‬
‫يحفظ ح�سن انتظام أ�عمالنا‪ ،‬أ‬
‫ول ّن��ه‬
‫ال�شكل أالكرث �شفافي ًة للو�صول بالقافلة‬
‫�إىل أ�هدافها وغاياتها املرج ّوة»‪.‬‬
‫ويف ختام كلمته‪ ،‬عر�ض املدير العام‬
‫���ص���اءات ع��ن نفقات‬ ‫ٍ‬ ‫للجمع ّية إلح����‬
‫�برات‪ ،‬فقال‪« :‬لقد بلغت‬ ‫م ؤ� ّ�س�سات امل ّ‬
‫ن��ف��ق��ات م ؤ���� ّ��س�����س��ات رع���اي���ة أالي���ت���ام‬
‫وامل��ع�� ّوق�ين وامل�����س�� ّن�ين للعام املا�ضي‪،‬‬
‫خم�سة ع�شر مليون دوالر أ�مريكي‪ ،‬كما‬
‫�برات يف املناطق‬ ‫بلغ عجز مدار�س امل ّ‬ ‫�برات‪،‬‬ ‫وحي املنا�سبة لطالبات من امل ّ‬
‫الطالب‬ ‫املحرومة‪ ،‬ويف �صندوق دعم ّ‬ ‫بعد ذل���ك‪ ،‬أ�ل��ق��ى م��دي��ر ع��ام جمع َّية‬
‫املحتاج‪ ،‬ح��واىل ثالثة ماليني دوالر‪،‬‬ ‫امل�ب�رات‪ ،‬ال ّدكتور حممد باقر ف�ضل‬ ‫َّ‬
‫وقد قاربت تقدميات مكتب اخلدمات‬ ‫اهلل‪ ،‬كلم ًة ج��اء فيها‪�« :‬س ِّيدي أ� ُّيها‬
‫واليتام‬ ‫االجتماع ّية لعوائل الفقراء أ‬ ‫الغائب عن العني‪ ،‬احلا�ضر يف القلب‪،‬‬
‫وامل��ح��ت��اج�ين‪ ،‬خم�سة م�لاي�ين دوالر‪،‬‬ ‫�إنَّ �شموخ م ؤ� َّ�س�ساتك م�ستم ٌّد من‬
‫ت ؤ� ّمن هذه امل�صارفات من خالل موارد‬ ‫�شموخ روحك‪ ،‬و�إنَّ عهدنا لك �سيبقى‬
‫ربعات املال ّية‬ ‫م�شروع كفالة اليتيم‪ ،‬الت ّ‬ ‫ع��ه��د ًا م��ق��رون�� ًا بعني اهلل‪ ،‬باحلفاظ‬
‫والعين ّية‪ ،‬احلقوق ال�شرع ّية من اخلم�س‬ ‫على أالمانة ا ّلتي أ�ودعتها فينا‪ ،‬هذه‬
‫وال�� ّزك��اة‪ ،‬م�ساهمات وزارة ال� ؤش�ون‬ ‫أالمانة ا ّلتي نحملها مع ك ّل أالح ّبة‪،‬‬
‫االج��ت��م��اع�� ّي��ة وع���ائ���دات امل ؤ���� ّ��س�����س��ات‬ ‫ومنها أ�مانة أاليتام ا ّلتي تتم ّثل برعاية‬
‫النتاج ّية ا ّلتي ما زال بع�ضها يف طور‬ ‫إ‬ ‫آالالف منهم يف امل ؤ� ّ�س�سات‪ ،‬و�آالف‬ ‫ح�����س�ين امل���و����س���وي‪ ،‬ال�� ّرئ��ي�����س ح�سني‬ ‫�برات اخلري َّية حفل‬ ‫أ�قامت جمع َّية امل َّ‬
‫الط��ار ك ّل‬ ‫ال ّت أ��سي�س»‪� ،‬شاكر ًا يف هذا إ‬ ‫�آخرين يف بيوتهم‪ ،‬فهم ح ّبات القلوب‬ ‫احل�سيني‪ ،‬ومم ّثلني ع��ن‪� :‬شيخ عقل‬ ‫�برة‬
‫��وي يف جم��م��ع م ّ‬ ‫�إف��ط��اره��ا ال�����س��ن ّ‬
‫ال��ذي��ن �ساهموا وي�ساهمون يف رفد‬ ‫ا ّل��ت��ي �سنحفظها ك��م��ا حفظتها يف‬ ‫الطائفة ال ّدرز ّية‪ ،‬قائد اجلي�ش‪ ،‬مدير‬ ‫ّ‬ ‫ال�س ّيدة خديجة الكربى وثانو ّية الكوثر‬
‫ربات اخلري ّية‪.‬‬ ‫م�سرية جمع ّية امل ّ‬ ‫حياتك؛ و أ�مانة املع ّوقني ا ّلتي حتت�ضن‬ ‫ع��ام أالم���ن ال��ع��ام‪ ،‬مدير ع��ام أالم��ن‬ ‫على طريق املطار‪ ،‬يف ح�ضور الوزير‬
‫ه��ذا العام خم�سمائ ًة من املكفوفني‬ ‫ال�� ّداخ��ل��ي‪ ،‬م��دي��ر ع��ام أ�م���ن ال�� ّدول��ة‪،‬‬ ‫عدنان ال�س ّيد ح�سني‪ ،‬مم ّث ًال رئي�س‬
‫السيد علي فضل الله‪:‬‬ ‫العاقة ال ّلغو ّية‪ ،‬و أ�مانة‬ ‫وال�صم وذوي إ‬
‫ّ‬ ‫ووزراء ون ّواب �سابقني‪ :‬عدنان مر ّوة‪،‬‬ ‫اجلمهور ّية العماد مي�شال �سليمان‪،‬‬
‫بعد ذلك‪ ،‬كانت كلمة لرئي�س م ؤ� ّ�س�سات‬ ‫املدار�س والتعليم‪ ،‬و أ�ن��ت ا ّل��ذي �آمنت‬ ‫�إ�سماعيل �سكر ّية‪ ،‬بهاء ال ّدين عيتاين‪،‬‬ ‫ال�شيخ ح�سن امل�صري مم ّث ًال رئي�س‬ ‫ّ‬
‫�سماحة العالمة املرجع ال�س ّيد حممد‬ ‫ب أ�نّ املجتمع ال ي�ستقيم وال يتوازن وال‬ ‫ع�صام نعمان‪ ،‬ف��وزي �ص ّلوخ‪� ،‬صالح‬ ‫جمل�س الن ّواب نبيه ب ّري‪ ،‬الوزير ح�سن‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل(ر������ض)‪� ،‬سماحة‬ ‫ميكن أ�ن ينمو وي��زده��ر �إال بالعلم؛‬ ‫احلركة‪ ،‬نا�صر ن�صراهلل‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل‬ ‫منيمنة‪ ،‬مم ّث ًال رئي�س جمل�س الوزراء‬
‫ال�����س�� ّي��د ع��ل��ي ف�ضل اهلل‪ ،‬ق���ال فيها‪:‬‬ ‫�إ�ضاف ًة �إىل أالم��ان��ات أالخ��رى يف ما‬ ‫�سفراء وقنا�صل‪ ،‬ووج��وه اقت�صاد ّية‬ ‫�سعد احلريري‪ ،‬نائب أ�مني عام حزب‬
‫« أ� ّيها أالعزّاء‪� ،‬إنّ اال�ستح�ضار ال ّدائم‬ ‫يتع ّلق باملحتاجني وال��ف��ق��راء ا ّل��ذي��ن‬ ‫واجتماع ّية وحزب ّية وتربو ّية وع�سكر ّية‬ ‫ال�شيخ نعيم قا�سم‪ ،‬مم ّث ًال أ�مني‬ ‫اهلل‪ّ ،‬‬
‫ال�سبيل للخروج من ك ّل‬ ‫إلن�سان ّيتنا‪ ،‬هو ّ‬ ‫أ�فردت لهم م�ساح ًة كبري ًة من االهتمام‬ ‫ودين ّية‪.‬‬ ‫عام حزب اهلل ال�س ّيد ح�سن ن�صراهلل‪،‬‬
‫هذا امل�شهد ا ّلذي نعي�ش‪ ،‬م�شهد يفتقر‬ ‫والعناية‪ ،‬وقد ناهز عددهم �سبعة �آالف‬ ‫�ل�ا أ�م��ي�ن ع��ام‬
‫ع��م��ر امل�����ص��ري‪ ،‬مم��� ّث ً‬
‫�إىل ال ّنب�ضات إ‬
‫الن�سان ّية الد ّفاقة‪ ،‬وعلى‬ ‫ع��ائ��ل��ة‪ ،‬ي��ق��دِّ م لهم مكتب اخل��دم��ات‬ ‫مدير عام املبرات‪:‬‬ ‫ال�سالم ّية �إبراهيم امل�صري‪،‬‬ ‫اجلماعة إ‬
‫القت�صاد ّية‬‫ك ّل امل�ستويات االجتماع ّية و إ‬ ‫االجتماع َّية امل�ساعدات االجتماع َّية‬ ‫بداية االحتفال‪� ،‬آ ٌي من ال ّذكر احلكيم‬ ‫ال��وزي��ر غ��ازي زعيرت‪ ،‬وال��ن�� ّواب‪ :‬علي‬
‫وال�سيا�س ّية والفكر ّية‪ .‬وهذا هو مكمن‬ ‫وامل�ساعدات املال َّية والعين َّية وال�صح َّية‬ ‫للمقرئ �سلمان اخلليل‪ ،‬ثم ن�شي ٌد من‬ ‫املقداد‪ ،‬علي ع�سريان‪ ،‬وليد �سكر ّية‪،‬‬
‫م�شاكلنا وك ّل ما نعاين منه يف الداخل‬ ‫دوري»‪.‬‬
‫ب�شكل ّ‬
‫ٍ‬
‫مم��ن يتح ّملون‬‫واخل���ارج‪ .‬فالكثريون ّ‬ ‫و أ��ضاف قائ ًال‪« :‬لقد أ�و�صانا �سماحته‬ ‫شموخ مؤسَّ ساتك مستمدٌّ من شموخ روحك‪،‬‬
‫امل�س ؤ�ول ّية يف واقعنا‪ ،‬ال يتح ّركون بوحي‬ ‫بامل ؤ� ّ�س�سات‪ ،‬أل ّنه أ�راد أ�ن يح ّول العمل‬ ‫وعهدنا لك سيبقى عهد ًا مقرون ًا بعني الله‪ ،‬باحلفاظ‬
‫الن�سان الذي يت أ�لمّ ويعاين‪ ،‬هو لي�س يف‬ ‫إ‬ ‫امل ؤ� ّ�س�سي �إىل منط حيا ٍة ينقلنا من‬ ‫على األمانة الّتي أودعتها فينا‬
‫قامو�سهم وال على أ�جندتهم املزدحمة‬ ‫االرجت��ال والع�شوائ ّية‪� ،‬إىل التّخطيط‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪4‬‬
‫ال���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬بك ّل‬ ‫وح��م��اي��ة ال��وح��دة إ‬
‫لطي �صفحة الق�ض ّية‬ ‫يل الوا�سع ّ‬ ‫ال�� ّدو ّ‬ ‫والطر ال�ض ّيقة‪.‬‬ ‫اخلا�صة أ‬ ‫ّ‬ ‫بامل�صالح‬
‫المكانات املتاحة‪ ،‬وبكل أال�ساليب‬ ‫إ‬
‫الن�����س��ان�� ّي��ة‬
‫ال���س�لام�� ّي��ة و إ‬
‫ال��وط��ن�� ّي��ة و إ‬ ‫الفل�سطين ّية ط ّي ًا كام ًال‪ .‬ونحن نلمح‬ ‫الن�سان وال‬ ‫هم ال يف ّكرون يف هذا إ‬
‫واحل�����ض��ار ّي��ة‪ .‬ون��ري��د للم�س ؤ�ولني يف‬ ‫حماول ًة دول ّي ًة كربى ت�سعى من خاللها‬ ‫يف أ�زماته‪ ،‬وما أ�كرثها‪ :‬أ�زمة العجز‬
‫ال�سيا�سة‪ ،‬أ�و يف املواقع ال ّروح ّية‬ ‫ما ي�س ّمى «دول القرار»‪ ،‬وعلى ر أ��سها‬ ‫الطموح وما قد ي ؤ� ّدي‬ ‫عن حتقيق ّ‬
‫مواقع ّ‬
‫ال�� ّر���س��م�� ّي��ة وغ�ي�ره���ا‪ ،‬أ�ن يتح ّملوا‬ ‫ال���والي���ات امل�� ّت��ح��دة أالم�يرك�� ّي��ة ودول‬ ‫حباط وي أ��س‪� ،‬إىل أ�زمة‬ ‫�إليه من � إ ٍ‬
‫م�س ؤ�ول ّياتهم يف هذا املجال‪ ،‬ليكون‬ ‫لل�ضغط على أ�كرث‬ ‫االتحّ��اد أالوروب���ي‪ّ ،‬‬ ‫خدمات‬
‫ٍ‬ ‫ديون ترهق كاهله‪ ،‬و أ�زمة‬ ‫ٍ‬
‫�صوتهم �صوت الوحدة‪ ،‬و�صوت ال ّدفاع‬ ‫م��ن دول��� ٍة ع��رب�� ّي�� ٍة و�إ���س�لام�� ّي�� ٍة معن ّية‪،‬‬ ‫هي لي�ست يف ح ّدها أالدنى‪ ،‬و أ�زمة‬
‫عن لبنان‪ ،‬وحماية املقاومة واجلي�ش‬ ‫لتمرير م�����س أ���ل��ة االع��ت�راف بيهود ّية‬ ‫تعليم وا�ست�شفاء»‪.‬‬
‫وال�شعب يف مواجهة تهديدات العد ّو‬ ‫ّ‬ ‫ولل�ضغط على الفل�سطين ّيني‬ ‫الكيان‪ّ ،‬‬ ‫و أ����ض��اف‪ « :‬أ� ّم��ا يف امل�شهد آالخ��ر‪،‬‬
‫امل�ستم ّرة وع��دوان��ه املتوا�صل‪ ،‬حيث‬ ‫و�إقناعهم بذلك»‪.‬‬ ‫ف�إ ّننا نط ّل على أ�ك�ثر من م�س أ�لة‬
‫ال ميكن للبلد أ�ن ي�صان بعيد ًا عن‬ ‫وتابع‪« :‬علينا �إزاء هذا ك ّله‪ ،‬أ�ن نعرف أ�نّ‬ ‫وق�������ض��� ّي���ة‪ ،‬وك���م���ا ك����ان ���س��م��اح��ة‬
‫خطوط الفتنة التي تزحف �إلينا حتت‬ ‫الدارات‬ ‫أال�سلوب اجلديد ا ّلذي تعتمده إ‬ ‫ال�س ّيد(ر�ض) ي ؤ� ّكد أ�ن نكون مع‬
‫االلتزام بامل�س ؤ�ول ّية الكربى يف دعم‬
‫عناوين وخلف ّيات متع ّددة‪ ،‬وك�� ّل من‬ ‫الغرب ّية بالتّن�سيق مع ال�صهيون ّية العامل ّية‬ ‫ق�ضايانا الكربى‪ ،‬فعلينا يف رحاب‬
‫امل��ق��اوم��ة وحمايتها‪ ،‬وت أ���ك��ي��د ح ّقها‬
‫ينخرط يف هذه الفتنة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف‬ ‫لتمرير ذلك ك ّله‪ ،‬يعتمد على م�س أ�لة‬ ‫ه���ذا ال ّ�����ش��ه��ر أ�ن ن��ك��ون م��ع ه��ذه‬
‫ال ّ��ط��ب��ي��ع ّ��ي يف م��واج��ه��ة ال���ع���د ّو‪� ،‬إىل‬
‫�سالمي‪ ،‬يخون اهلل وال ّر�سول‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫الواقع إ‬ ‫مركز ّية‪ ،‬وهي �إ�شعال الفتنة يف الواقع‬ ‫الق�ضايا‪ ،‬ويف طليعتها الق�ض ّية‬
‫جانب اجلي�ش ا ّلذي أ�ثبت أ� ّنه را�سخ‬
‫ويخون أ�مانة أال ّمة ك ّلها»‬ ‫�سالمي‪ � .‬إ ّننا نقول لل�شعوب العربية‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫الفل�سطين ّية‪ ،‬ونحن على م�شارف‬
‫الرادة يف الت�ص ّدي‬ ‫العقيدة‪ ،‬و�صلب إ‬
‫وختم قائ ًال‪« :‬وعلينا يف لبنان أ�ن نعمل‬ ‫ال���س�لام��ي��ة م��ا ك��ان يقوله �سماحة‬ ‫و إ‬ ‫م��رح��ل�� ٍة ه��ي م��ن أ�خ��ط��ر امل��راح��ل‬
‫لكيان العد ّو واعتداءاته وخروقاته»‪.‬‬
‫ل�صون ال��وح��دة الوطن ّية ال ّداخل ّية‪،‬‬ ‫ال�سيد(ر�ض)‪ :‬ح��ذا ِر من االن��زالق يف‬ ‫و أ�كرثها تعقيد ًا‪ ،‬حيث بد أ� العمل‬

‫السيد علي فضل الله في إفطار الهيئة النسائية في املبرات‪:‬‬


‫األمن األسري مهدد في مجتمعنا في ظلّ إختالل األدوار‬
‫الن�ساين لديها‪ ،‬ألن امل�شكلة‬ ‫اجلوهر إ‬ ‫أ�قامت الهيئة الن�سائية يف جمعية‬
‫هي يف الكثري من أالدوار التي ت�سقط‬ ‫ربات اخلريية حفل �إفطارها ال�سنوي‬ ‫امل ّ‬
‫حتط من � أش�نها أ�و‬
‫على املر أ�ة والتي قد ّ‬ ‫يف القاعة الكربى ملج ّمع مربة ال�سيدة‬
‫تربكها‪ ،‬أ�و حت ّولها عن وجهتها دون أ�ن‬ ‫خديجة الكربى وثانوية الكوثر على‬
‫تدري»‪.‬‬ ‫طريق املطار‪ ،‬بح�ضور فعاليات ن�سائية‬
‫و أ����ض��اف‪« :‬امل�شكلة التي نعاين منها‬ ‫�إجتماعية وتربوية وثقافية و�إعالمية‪.‬‬
‫اليوم وتت أ� ّثر بها املر أ�ة عن ق�صد وعن‬ ‫الحتفال �آي من القر�آن الكرمي‬ ‫بداية إ‬
‫غري ق�صد هي م�شكلة الهوية‪� :‬ضياعها‬ ‫امل�ب�رة‪ ،‬فكلمة‬‫تلتها �إح��دى تلميذات ّ‬
‫و�ضبابية املفاهيم ح��ول الكثري من‬ ‫الهيئة الن�سائية أ�لقتها رئي�ستها فاديا‬
‫ق�ضاياها‪ .‬وم�شكلة عدم الر�ضا والتح ّلي‬ ‫دي��اب �شكرت فيها «ال��ذي��ن �ساهموا‬
‫بالقناعة‪ ،‬وذل��ك ب�سبب ما يق ّدم لها‬ ‫وي�ساهمون يف بناء ورفد م�سرية جمعية‬
‫ويف اخلتام �ش ّدد ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫ت��ف��ت��ق��د ح�� ّق��ه��ا ال��ط��ب��ي��ع��ي وال��ف��ط��ري‬ ‫م��ن معايري م�ص ّنعة‪ ،‬مق ّنعة‪ ،‬تطال‬ ‫امل�ب�رات اخل�يري��ة م��ن كافلي أالي��ت��ام‬
‫«على �ضرورة الت�ص ّدي للم�شاكل‬ ‫بالمن يف ظل �إختالل أالدوار وتوكيل‬ ‫أ‬ ‫ال�شكل وال ت أ�به للم�ضمون الداخلي‪،‬‬ ‫وال��ب��اذل�ين م��ن ع��ط��اء م��ايل ومعنوي‬
‫على امل�ستوى املجتمعي والت�شريعي‬ ‫م�س ؤ�ولية الرتبية والتخلي عنها قهر ًا‬ ‫بل تت ّفه ه��ذا امل�ضمون يف الكثري من‬ ‫الجتماعية ولكل أ�هل‬ ‫ولوزارة ال� ؤش�ون إ‬
‫ال���ف��� ّع���ال ول��ي�����س ع��ل��ى م�����س��ت��وى‬ ‫أ�و �إرادي��� ًا �إىل أ�ط��راف أ�خ��رى أ�برزها‬ ‫أالحيان وتريد النيل منه‪ .‬أ��ضف �إىل‬ ‫اخلري يف لبنان وخارجه خا�صة ممن‬
‫ال��ن��ظ��ري��ة وامل���ب���ادرات ال��ف��ردي��ة‬ ‫الت�صال»‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫اخلادمات وو�سائل إ‬ ‫م�شكلة عقلية الرجل وامل ؤ��س�سات التي‬ ‫يتابعون بناء وجتهيز امل ؤ��س�سات»‪.‬‬
‫فقط»‪ .‬ودعا امل��ر أ�ة «للح�ضور يف‬ ‫«تفتقد أال�سرة أ�منها ب�سبب أالو�ضاع‬ ‫��الع��راف وبالذهنية‬ ‫ال ت��زال مك ّبلة ب أ‬ ‫بعد ذلك كانت كلمة لرئي�س م ؤ��س�سات‬
‫كل امليادين أالخرى‪ ،‬وال �سيما يف‬ ‫القت�صادية و�ضغوطاتها‪ ،‬وما ت�سببه‬ ‫إ‬ ‫ال�شرقية‪ ،‬ال بالدين والقيم وما جاءت‬ ‫�سماحة العالمة املرجع ال�سيد حممد‬
‫مواقع الت أ�ثري ال�سيا�سية‪ ،‬لت�شارك‬ ‫ؤ‬
‫م��ن ح��رم��ان ق��د ي���ث��ر يف امل�سلكيات‪،‬‬ ‫به الر�ساالت ال�سماوية»‪.‬‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل �سماحة ال�سيد علي‬
‫يف ب��ن��اء وط���ن ق���وي وق����ادر على‬ ‫فقد كاد الفقر أ�ن يكون كفر ًا‪ .‬و أ�كرث‬ ‫ور أ�ى �سماحته أ�ننا بحاجة ملن يت�ص ّدى‬ ‫ف�ضل اهلل عر�ض فيها ملواقف �سماحة‬
‫مواجهة التحديات كافة‪ ،‬وطن‬ ‫ما يع ّر�ض أالمن أال�سري للخطر اليوم‬ ‫امللحة التي نعاين‬‫لكثري من الق�ضايا ّ‬ ‫ال�سيد (ر���ض) من امل��ر أ�ة قائ ًال‪« :‬ما‬
‫ق��ادر على ت أ�مني العي�ش الكرمي‬ ‫الع�لام وما يحمله �إلينا من ثورة‬ ‫هو إ‬ ‫منها جميع ًا‪ ،‬و�إح���دى ه��ذه الق�ضايا‬ ‫أ����ش�� ّد حاجتنا اليوم �إىل حت ّلي امل��ر أ�ة‬
‫ألب���ن���ائ���ه وحت��ق��ي��ق ط��م��وح��ات��ه��م‬ ‫جديدة‪ ،‬تزيد الهوة بني أالجيال وت�شكل‬ ‫ه���ي أالم�����ن أال����س���ري يف جمتمعنا‪.‬‬ ‫بدورها‪ ،‬ولكن لي�س أ�ي دور‪ ،‬بل الدور‬
‫وم�ستقبلهم»‪.‬‬ ‫مفاهيم بعيدة عن أ��صالتنا وثقافتنا»‪.‬‬ ‫��ال���س��رة تعاين خماطر ج�� ّم��ة‪ ،‬حيث‬ ‫ف أ‬ ‫ال����ذي احل��ق��ي��ق��ي ال����ذي ي��ك�����ش��ف عن‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪5‬‬
‫ب��وج��ه ال�� ّن��ه�����ض��ة‪ ،‬وت��ع��رق��ل الوظيفة‬
‫ال�� ّت��ح��ري��ر ّي��ة ل��ل�� ّدي��ن‪ ،‬ك��م��ا ي��و���س��ع من‬
‫الهوام�ش املكت�سبة التي حت ّوزت عليها‬
‫ما بعد فضل الله ومآالت التّنوير اإلسالميّ‬
‫ال�صالح يف ن�ضالها‪ ،‬ومن خالل‬ ‫فكرة إ‬
‫ك ّل تعبرياتها‪.‬‬ ‫عبد الرّحيم التّهامي‬
‫النخبوي ا ّلذي نعبرّ عنه‬ ‫ّ‬ ‫�إنّ هذا الت ّيار‬ ‫شك في أنَّ رحيل شخصيَّة من وزن السيِّد محمد حسني فضل الله وقيمته‪،‬‬ ‫ال َّ‬
‫هنا باالمتداد أال�صيل‪ ،‬قد ال ينجح‬ ‫أشعر اجلميع بفداحة اخلسارة‪ ،‬فالرّجل كان استثنائ ّي ًا في زمنٍ استثنائي‪ ،‬لكن‬
‫يف لعب أ�دواره الطالئع ّية ه��ذه‪� ،‬إذا‬ ‫غياب الرّجال االستثنائيّني من روّ اد اإلصالح وأرباب الفكر التّنويريّ ‪ ،‬يجعل‬
‫ي�ضف على مفهوم االمتداد معاين‬ ‫مل ِ‬ ‫من سؤال املا بعد سؤا ًال تاريخ ّي ًا بامتياز‪ ،‬هو سؤال ال يندرج في إطار العاطفة‬
‫البداع‬ ‫الغناء و إ‬ ‫ال�ضافة (الفكر ّية)‪ ،‬و إ‬ ‫إ‬
‫ّ‬ ‫الصيرورة واالمتداد‪ ،‬ومدى تواصل فاعليّة النّشاط‬ ‫بقدر اندراجه في قلق ّ‬
‫على امل�شروع الذي ينطلق منه‪.‬‬
‫و�إذا ك��ان��ت بيئة ال ّنجف املغرقة يف‬ ‫التّفكيكيّ للبُنى الفكريّة العتيقة‪ ،‬أو تلك املستنفدة وظيف ّي ًا واملعيقة‬
‫��وج�����س��ة خ��ي��ف�� ًة من‬ ‫ت��ق��ل��ي��د َّي��ت��ه��ا‪ ،‬وامل��ت ِّ‬ ‫النبثاق زمن التّنوير‪ ،‬ومقتضيات كلّ ذلك‪.‬‬
‫التَّجديد‪ ،‬قد �ش َّكلت �شرط ًا معاك�س ًا‬ ‫ال�س ّيد جبهات العداء من خنادق التخ ّلف‪،‬‬ ‫في مواجهة خنادق التخلف‪:‬‬
‫ال�صدر‪ ،‬ما ا�ضط ّره‬ ‫ال�شهيد َّ‬ ‫أ�مام حركة َّ‬ ‫وك��ان م��ن أ����ش�� ّده��ا عليه‪ ،‬تلك اخلنادق‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫�سالمي‪ ،‬فهو � إ ّ‬
‫مكان‬ ‫ّ‬ ‫أ� ّم��ا التّنوير إ‬
‫ال‬
‫العتبارات مرحل ّي ٍة ومو�ضوع ّية؛ لي�س‬ ‫ٍ‬ ‫ت���اري���خ��� ّي���ة دائ���م���ة وم��ف��ت��وح��ة على ال��ت��ي مل�ست يف م�����ش��روع��ه عقلن ًة متنح‬
‫أ�ك�ث�ر؛ ألن يخ ّفف م��ن �إي��ق��اع حركة‬ ‫اخلا�صة‪ ،‬هو رهان معر ّيف هو ّي ًة للتّ�ش ّيع‪ ،‬ت ؤ� ّ�صله وحت�� ّرره من جرح‬ ‫ّ‬ ‫ا�شرتاطاتها‬
‫ال���ص�لاح ّ��ي واندفاعته يف‬ ‫م�شروعه إ‬ ‫ال ّذاكرة‪ ،‬وتخ ّل�صه من الغل ّو واخلرافة‪،‬‬ ‫وهنا‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫واحل‬ ‫العقل‬ ‫ن�صاب‬ ‫قائم على‬
‫واحلوزوي‪ ،‬و�ن يرجئ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫البعدين الدّيني‬ ‫نلتقي مع التّعريف الكانطي للنوار‪ ،‬أ�و تلك التي تن ّبهت لنباه ٍة تاريخ ّي ٍة يف‬ ‫أ‬
‫ال�شهادة‬ ‫بع�ض عناوينه‪ ،‬حتّى اختطفته ّ‬ ‫�سيا�سي على تقوي�ض حركة ال�س ّيد‪ ،‬وهو يجدّد للتّ�ش ّيع وظائفه‬ ‫ّ‬ ‫كما ه��و ره��ان‬
‫يف منت�صف ال ّ��ط��ري��ق‪ ،‬ف����إنّ العالمة‬ ‫و�إنزاله �ضمن أالط��ر املرجع ّية املتقدّمة‬ ‫آ‬
‫التاريخ ّية‪ ،‬من مدخل التّالقي مع الخر‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫ميكن‬ ‫��ذي‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ّقوي�ض‬ ‫اال�ستبداد؛ الت‬
‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ومبا أ�تاحته هوام�ش البيئة‬ ‫الم�ساك‬ ‫لفكر احلاجات التّاريخ ّية‪ ،‬ثم إ‬ ‫يع ّول على ا�ستدماج املقاربة املعرف ّية املذهبي‪ ،‬بدل االنف�صال عنه والقطيعة‬
‫بالطور‬ ‫ال�سيا�س ّية ال ّلبنان ّية‪ ،‬ويف عالقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالعنا�صر املنهج ّية لهذا الفكر‪ ،‬و�إعادة‬ ‫الن�سان على وفق‬ ‫اال�ستبدادي معه‪ ،‬بل هو التّوا�صل مع إ‬ ‫ّ‬ ‫املع ّرية لالتاريخ ّية ال ّنمط‬
‫أ‬
‫ّاريخي اجلديد ال��ذي �قحمت فيه‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ت�شغيلها يف املعاجلات الفكر ّية لق�ضايا‬ ‫ري لك‬ ‫�سالمي‪ ،‬ف�ض ًال قاعدة «� إ ّما أ� ٌخ لك يف الدّين‪ ،‬أ�و نظ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫لل�سلطة يف عاملنا إ‬ ‫ّ‬
‫ال�شيع ّية بعد انت�صار ال ّثورة‬ ‫التّجربة ّ‬ ‫ول�سئلة احلياة التي ال تعرف‬ ‫ال�ساحة‪ ،‬أ‬ ‫ّ‬ ‫يف اخللق»‪ .‬فك ّل عناوين احلمالت على‬ ‫على ال �إن�سان ّيته‪.‬‬
‫ال���س�لام�� ّي��ة يف �إي�����ران؛ وج���د نف�سه‬ ‫إ‬ ‫ال ّن�ضوب‪.‬‬ ‫ال�س ّيد‪ ،‬مبندرجاتها التف�صيل ّية‪ ،‬ال تعبرّ‬ ‫من‬ ‫ّاريخ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫نعي�ش‬ ‫�صرنا‬ ‫م�شكلتنا أ� ّننا‬
‫��ا���ص‪ ،‬ومبا‬ ‫منخرطا م��ن موقعه اخل ّ‬ ‫ً‬ ‫وعلى هذا أال�سا�س‪ ،‬ف���إنّ دور احلا�ضنة‬ ‫تاريخي‬
‫ٍّ‬ ‫اعرتاك‬
‫ٍ‬ ‫رهانات كربى‪ ،‬وهذا نكو�ص عن يف حقيقة أالمر �إال عن‬ ‫ٍ‬ ‫دون‬
‫تراكم لديه من عدّة معرف ّية متعدّدة‬ ‫الفكر ّية هنا؛ وهي ال ّنخبة حتديد ًا؛ تغدو‬ ‫مرحلة الكفاح الوطني وال��ت��ح�� ّرري‪ ،‬م��ع��ر ّيف‪ ،‬يف �سياق ك�سب ره��ان التّنوير‬
‫عميق‪ ،‬يف‬ ‫��دي ٍ‬ ‫ونف�س جت��دي ٍّ‬ ‫أالب��ع��اد‪ٍ ،‬‬ ‫�شرط ًا حيو ّي ًا وحا�سم ًا يف م آ�الت امل�شروع‬ ‫كما عن املرحلة التي أ�عقبتها‪ ،‬ففي‬
‫ا�ستحقاقات ال ّلحظة التّاريخ ّية منذ‬ ‫الفكري وا�ستمراره‪ ،‬وال يخرج ذلك يف‬ ‫ّ‬ ‫التّفكير كلّه يجب أن يتّجه‪،‬‬ ‫كلتا املرحلتني‪ ،‬كانت هناك عناوين‬
‫مطلع ال ّثمانينات‪ ،‬م�ستكم ًال املنجز‬ ‫العادة عن �ح��د م�صريين‪ � ،‬إ ّم��ا متو�ضع‬ ‫أ‬ ‫اآلن‪ ،‬إلى حفظ وتأمني حلظة‬ ‫كربى ورهانات تعنونت ببناء الدّولة‬
‫ال�شهيد‬ ‫��ض��وي ك��م��ا ت��ب��ل��ور م��ع ّ‬ ‫ال�� ّن��ه��� ّ‬ ‫الفكري املم ّيز‬
‫ّ‬ ‫الفكر يف دائ��رة ال�ّت�رّاث‬ ‫افتكها فضل‬ ‫ّ‬ ‫التّنوير التي‬ ‫الوطن ّية‪ ،‬ثم بالوحدة العرب ّية‪ ،‬ولو من‬
‫ّاريخي‬
‫ال�صدر‪ ،‬كما كان يف املوعد الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملت أ� ّلق‪ ،‬دون أ�ن ت�ستم ّر وظيفته يف الواقع‬ ‫الله بعملٍ جبّار من سياقات‬ ‫خالل جدل ّيته املعروفة؛ الوحدة �شرط‬
‫م���ع ال���ت���ح��� ّوالت ال��ت��ي أ�ره�����ص��ت بها‬ ‫�ضمن جدل ّية التّفكيك و�إع���ادة البناء‪،‬‬ ‫التخلّف‬ ‫ال�� ّت��ح��ري��ر (فل�سطني)‪ ،‬أ�و التّحرير‬
‫ال���س�لام�� ّي��ة يف �إي����ران‪ ،‬وهي‬ ‫ال�� ّث��ورة إ‬ ‫أ�و على عك�س ذل���ك‪ ،‬م��ن حيث توا�صل‬ ‫مدخل للوحدة العرب ّية‪.‬‬
‫تخو�ض أل ّول م��� ّر ٍة �سياق التّجريب‬ ‫فاعل ّية الفكر يف ممار�سته التّفكيك على‬ ‫لكن بعد �سقوط ك ّل هذه ال ّرهانات‪ ،‬مبا بني نزوعات العقلنة ونقائ�ضها املا�ضو ّية‬
‫المام اخلميني‪ ،‬مهتدي ًة بفكر‬ ‫بقيادة إ‬ ‫ما ا�ستن ِفد من مناهج يف �إنتاج املعرفة‪،‬‬ ‫وظف ال�س ّيد حر ّية‬ ‫ال�سالم ّيني يف م�شروع وال��ردّة العقل ّية‪ ،‬وقد ّ‬ ‫فيها رهانات إ‬
‫قائدها‪ ،‬وم�ستند ًة �إىل أ�ر�صدة الفكر‬ ‫و�إطاحة بع�ض بناءاته الفوق ّية‪ ،‬و�إحالل‬ ‫ال�سياق ب�ق�صى درج��ات‬ ‫أ‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة»‪ ،‬م��ع ا�ستثناء الفكر يف ه��ذا ّ‬ ‫«ال���دّول���ة إ‬
‫�صالحي‪ ،‬كما جت ّلت بق ّوة يف نتاجات‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫البنى اجلديدة حم ّلها‪ ،‬ب�إحكام أال�س�س‬ ‫وال�شجاعة واال�ستقالل ّية‪ ،‬ليغني‬ ‫الي��ران�� ّي��ة ال ّناجحة‪ ،‬انفتح اجلر أ�ة ّ‬ ‫التّجربة إ‬
‫ال�شهيد مرت�ضى مط ّهري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املنهج ّية التي تقوم عليها‪.‬‬ ‫�سالمي عموما على حلظته التّاريخ ّية املقفرة‪ ،‬مب�شاريع تروم‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫العربي و إ‬‫ّ‬ ‫املجال‬
‫سياق تنويري‪:‬‬ ‫أ‬
‫ولل�سف‪ ،‬ف���إنّ امل�صري ال ّول هو ما قدّر‬ ‫أ‬ ‫لفي ب�ش ّقيه ال�س ّني عقلنة املعارف واملمار�سات‪.‬‬ ‫ال�س ّ‬ ‫أ�مناط التد ّين ّ‬
‫تنويري‬
‫ّ‬ ‫�إذ ًا ميكن القول � إ ّننا يف �سياقٍ‬ ‫ال�صدر‪ ،‬ومع‬ ‫ال�شهيد حممد باقر ّ‬ ‫لتجربة ّ‬ ‫ؤ‬
‫بنيوي �إنَّ أ�حد مداخل التَّعامل امل�س�ول مع املنجز‬ ‫ّ‬ ‫اختالل‬
‫ٍ‬ ‫كمظهر عن‬ ‫ٍ‬ ‫يعي‪،‬‬
‫وال�ش ّ‬ ‫ّ‬
‫أ��سهم فيه ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬وعلى‬ ‫ال�صدر ك��ان �صاحب م�شروع نه�ض ٍة‬ ‫أ�نّ ّ‬ ‫َّجديدي العظيم لل�س ِّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬يقوم‬ ‫ّ‬ ‫�سالمي‪� ،‬ط��اح وم��ا زال الت‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫يف الواقع إ‬
‫فئات وا�سع ًة‬ ‫مدى عقود‪ ،‬و أ�قحم فيه ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وجتديد‪ ،‬و�صاغ فكرا متّ�سما بدرج ٍة عالي ٍة‬ ‫يطيح ك ّل مفا�صل العقلنة واال�ستنارة على �إدراج م�شروع �سماحته حتت عنوان‬
‫ال�شيعة‬ ‫داخ���ل لبنان وخ��ارج��ه‪ ،‬م��ن ّ‬ ‫ال�صرامة النظر ّية واملنهج ّية‪� ،‬إال أ�نّ‬ ‫من ّ‬ ‫�سالمي‪ ،‬واالنطالق من هذا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫التّنوير إ‬ ‫�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫يف تراثنا إ‬
‫وال�����س�� ّن��ة‪ ..‬وال���وع���ي ب��ه��ذا ال��� ّ��س��ي��اق‬ ‫خطه مل ي�ستم ّر‪ ،‬فلم ن�شهد بعد رحليه‬ ‫ّ‬ ‫يف هذا املناخ‪ ،‬كان ال�س ّيد ف�ضل اهلل املنجز ونظائره يف �إط��ار حرك ٍة تنوير ّي ٍة‬
‫وتاريخي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ديني‬
‫كمكت�سب ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّنويري‬
‫الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫�ساوي ت�� ّي��ارا ملمو�سا يوظف منهجه‬ ‫ً‬ ‫امل أ� ّ‬ ‫ال�ساحة‪،‬‬ ‫تو�سع ح�ضورها يف ّ‬ ‫ّنويري‪ ،‬يو�سع من م�ساحة را���ش��دة‪ّ ،‬‬ ‫ال�� ّرائ��د الت ّ‬
‫هو �شرط الزم إلدامة فاعل ّيته‪ ،‬ودفعه‬ ‫يف الكدح املعر ّيف‪ ،‬ويحمل فكره‪ ،‬ليكمل‬ ‫التحجر‬ ‫ّ‬ ‫ال�ساذج املكتفي وت��دخ��ل ال��ب��اب ع��ل��ى م��ن��ا���ش��ئ‬ ‫العقل‪ ،‬وي�صدم الوعي ّ‬
‫ال�ستيعاب جممل ال ّلحظة التّاريخ ّية‪،‬‬ ‫ّيني‪ ،‬باعتبارها كانت‬ ‫ال�صالح الد ّ‬ ‫م�سرية إ‬ ‫��وي على‬ ‫ٍ ّ‬ ‫ق‬ ‫بت�صميم‬ ‫‪،‬‬ ‫��ي‬
‫ّ ّ‬‫ن‬ ‫��‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫��‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الفكر‬ ‫يف‬ ‫واملطمئنّ �إىل �سكون ّيته‪ ،‬وينا�ضل من‬
‫وم��ن اخلط أ� أ�ن ينح�صر التّفكري يف‬ ‫ال�شهيد أ�حد مداخل ال ّنه�ضة‬ ‫مت ّثل عند ّ‬ ‫�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال�صحيح‪ ،‬اقتالعها‪ ،‬واجرتاح ع�صر أ�نوا ٍر � إ‬ ‫ّيني ّ‬ ‫أ�جل ت أ��صيل الفهم الد ّ‬
‫تغطي بع�ض‬ ‫�إيجاد �شخ�ص ّي ٍة ميكن أ�ن ّ‬ ‫املن�شودة يف أال ّمة‪.‬‬ ‫الن�ص سؤال املآالت‪:‬‬ ‫من خالل دعوته �إىل «التع ّمق يف ّ‬
‫ما تركه ال�س ّيد ف�ضل اهلل من فرا ٍغ بعد‬ ‫�إنّ جم ّرد االهتمام برتاثه‪ ،‬و�إن كان أ�مراً‬ ‫�ص‪ ،‬كي وب��ال��ع��ودة �إىل ���س ؤ���ال امل آ�����الت‪ ،‬فكما هو‬ ‫ّيني‪ ،‬ويف امتداد هذا ال ّن ّ‬ ‫الد ّ‬
‫رحيله‪ ،‬ألنّ التّفكري ك ّله يجب أ�ن يتّجه‪،‬‬ ‫حممود ًا يف ذاته‪ ،‬ف� إ َّنه مهما اتَّ�سع‪ ،‬يق�صر‬ ‫واخل�ل�اق‬ ‫ّ‬ ‫ّيني للحياة ك ّلها‪ ،‬ال أ�ن م��ع��ل��وم‪ ،‬ف�����إنَّ ال��ف��ك��ر العميق‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫الن�ص‬
‫ّ‬ ‫يكون‬
‫آالن‪� ،‬إىل حفظ وت أ�مني حلظة التّنوير‬ ‫عن اال�ستجابة للوظيفة التَّاريخ َّية‪ ،‬ألنَّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫نحب�سه يف زنزان ٍة �ض ّيق ٍة من خلف ّياتنا وامل��ب��دع وال��ت������س��ي�����س ّ��ي امل��ت�����ص��ل بجوهر‬
‫بعمل ج ّبار من‬ ‫التي افت ّكها ف�ضل اهلل ٍ‬ ‫يتخطى جم َّرد‬ ‫ه��ذه الوظيفة تتق َّوم مبا َّ‬ ‫ال�ض ّيقة‪ ،‬التي قد تكون مما نعي�ش معه احلقائق الكربى‪ ،‬ميتلك قابل ّية البقاء‪،‬‬
‫�سالمي؛ و�ض ِّمها‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫�سياقات التخ ّلف إ‬ ‫حركي يوا�صل مه َّمة‬ ‫ّ‬ ‫االهتمام‪ ،‬أ�ي بت ّيار‬ ‫يف املا�ضي‪ ،‬أ�و ن�سقط ب�سببه يف وحول وال ي�ستنفده تتايل الع�صور‪ ،‬لكنّ احلديث‬
‫�إىل ك ّل روافد اال�ستنارة ومعطياتها يف‬ ‫��ري م��ع البنى الدّين َّية‬ ‫اال�شتباك ال��ف��ك ّ‬ ‫يتخطى ح��ي��اة الفكر �إىل فاعل ّية‬ ‫ّ‬ ‫هنا‬ ‫الواقع»‪.‬‬
‫أال ّمة‪.‬‬ ‫والفكر َّية وال ّثقاف َّية ا ّل��ت��ي مت ِّثل عوائق‬ ‫أ‬
‫بيعي أ�ن تنفتح على الفكر‪ ،‬جلهة ت�مني وظيفته يف الواقع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الط‬ ‫��ن‬ ‫م‬ ‫ف��ك��ان‬

‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪6‬‬
‫المرجع الرّوحيّ للمقاومة ورجل الفقه المنفتح‬
‫�إىل م�شروع التّعليم الدّيني ا ّلذي يرعاه‬
‫لتخريج علماء دين قادرين على حمل‬
‫الر���ش��اد‪ .‬هذه‬ ‫مه ّمة البيان والتّبليغ و إ‬
‫أالم���ور جعلته رم���ز ًا حيو ّي ًا جلماهريه‬
‫امللت ّفة ح��ول��ه‪ ،‬ال��ت��ي وج���دت فيه دفء‬ ‫الشهابي*‬ ‫د‪ .‬سعيد ّ‬
‫االحت�ضان وحنان أالب ّوة‪.‬‬ ‫«لن أرتاح حتى تزول «اسرائيل»‪ .‬هذه العبارة وردت في تقرير وكالة أنباء‬
‫الفقهي ا ّل��ذي جنم‬ ‫ّ‬ ‫�سابعها‪ :‬امل�شروع‬
‫عنه حوزة علم ّية وا�سعة تخ ّرج العلماء‬ ‫رويترز‪ ،‬وهي آخر كلمات ومواقف املرجع الدّ يني‪ ،‬آية الله العظمى السيّد‬
‫والفقهاء‪ .‬ورمبا أالهم من ذلك‪ ،‬نزعته‬ ‫محمد حسني فضل الله‪ ،‬نق ًال عن طبيبه مبستشفى «بهمن» في بيروت‪.‬‬
‫الفقهي‪ ،‬وحترير الفقه‬ ‫ّ‬ ‫نحو التّجديد‬ ‫��رج��ل ال��ف��ار���س بعد أ�ن أ�ثخنت ج�سده‬ ‫أ�ال يكفي ذلك لفهم دوافع التح ّرك الكثيف ت ّ‬
‫من �شوائب عديدة‪ ،‬كال ّرتابة واجلمود‬ ‫ال�سري‬ ‫أ‬
‫ال�صهيون ّية �ض ّد من املتعب جراحات الع��داء وم�ش ّقة ّ‬ ‫ال�ضاغطة ّ‬ ‫للقوى ّ‬
‫وتقدي�س املا�ضي من دون ق��راء ٍة ناقد ٍة‬ ‫الطويل‪ ،‬و أ��سلم ال�� ّروح �إىل بارئها وهو‬ ‫ّ‬ ‫مدح أ�و ثناءٍ لهذا ال ّرجل؟ كيف‬ ‫يطلق كلمة ٍ‬
‫للتّاريخ‪ ،‬والتّعامل مع العلم والتّكنولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫ميكن فهم دوافع احلملة �ض ّد فران�سي�س ملا يكمل امل�شوار‪ ،‬و� ّي م�شوار ذلك الذي‬
‫كعوامل م�ساعدة يف حتديد املو�ضوع‬ ‫ال�سفرية الربيطان ّية يف لبنان‪ ،‬و بد أ�ه على أ�نغام احلروب واالحتالل‪ ،‬وما‬ ‫غ��اي‪ّ ،‬‬
‫وت�سهيل مه ّمة �إ�صدار احلكم‪ ،‬وتنقية‬ ‫أ�وكتافيا ن�صر‪ ،‬املح ّررة امل�س ؤ�ولة بقناة زالت ت ؤ�رقه حتّى يوم رحيله‪ .‬وكما كان يف‬
‫الدّين من املوروثات والتّقاليد للتّمييز‬ ‫«�سي أ�ن أ�ن»‪ ،‬بعد أ�ن عبرّ تا عن تقديرهما حياته‪ ،‬مثري ًا للجدل ب�سبب مواقفه ور ؤ�اه‪،‬‬
‫«ب�شري‬
‫ّ‬ ‫لهي مقدّ�س»‪ ،‬وما هو‬ ‫بني ما هو «� إ ّ‬ ‫ال�سيا�سة والفقه والفكر‪،‬‬ ‫لل�س ّيد؟ ف�إذا كان ف�ضل اهلل رقم ًا �صعب ًا على أ��صعدة ّ‬
‫خا�ضع للتّدقيق واملحاكمة»‪.‬‬ ‫الثارة متوا�صل ًة حتّى بعد‬ ‫يف حياته‪ ،‬ف�إنّ غيابه �صعب على حمبيه‪ .‬فقد بقيت تلك إ‬
‫��دي‪ ،‬و َّف���ر لل�س ِّيد‬ ‫ه��ذا املنحى ال�� َّت��ج��دي ّ‬ ‫و�إذا كان الغرب ّيون‪ ،‬وبع�ضهم يف مواقع رحيله‪ .‬وما ا�ستهداف من تف ّوه ب�إطرائه‬
‫مريدين كثريين‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف فئات‬ ‫الثارة‪ .‬وما‬ ‫متقدّمة‪ ،‬ومن ال ّنخب ال�سيا�س ّية واملهن ّية‪ ،‬من الغرب ّيني‪� ،‬إال م ؤ� ّ�شر لتلك إ‬
‫ال َّ�����ش��ب��اب وال�� ِّن�����س��اء‪ ،‬ويف أ�و���س��اط غري‬ ‫يدفعون ثمن «�إعجابهم» أ�و «تقديرهم» �صمت بع�ض أ�قرانه عن قول كلمة وفاءٍ‬
‫امل�سلمني من دبلوما�س ِّيني و�إعالم ِّيني‪،‬‬ ‫ا ّلذي حت ّول �إىل بلدٍ مقاوم‪ ،‬يبحث كا ّفة‬
‫أال�ساليب املتاحة لالنتهاء من ا�ستحقاقات‬ ‫ل��ه��ذا ال��� ّرج���ل‪ ،‬ف��م��ا ا ّل����ذي ح��داه��م �إىل بعد أ�ن غ ّيبه ال ّلحد‪� ،‬إال جانب �آخر لتلك‬
‫ولك َّنه يف الوقت نف�سه‪ ،‬أ� َّ�س�س حل�صا ٍر‬ ‫الثارة‪.‬‬ ‫ال�ضاغطة إ‬ ‫ذلك‪ ،‬وهم يعلمون أ�نّ القوى ّ‬
‫من امل ؤ� َّ�س�سة الدّين َّية التّقليد َّية ا ّلتي‬ ‫احلرب أالهل ّية‪ .‬وحظي ال�س ّيد تدريج ّي ًا‬
‫باهتمام القادة ال ّلبنان ّيني‪ ،‬وخ�صو�ص ًا أ� ّنه‬ ‫ّ‬
‫فما طبيعة هذا ال ّرجل الذي ميدحه بع�ض‬ ‫ال�صهيون ّية ملثلهم باملر�صاد؟‬ ‫ّ‬
‫عار�ضت منهجه يف االجتهاد والفقه‪،‬‬ ‫«العداء»‪ ،‬ويبخل‬ ‫ملاذا يبقى ف�ضل اهلل بعبع ًا بعد رحيله‪ ،‬كما املح�سوبني على مع�سكر أ‬
‫وخ�صو�ص ًا دعوته �إىل تنقية الدّين مما‬ ‫كان يدعو �إىل جتاوز �آثار احلرب أالهل ّية‬
‫��ات غري ثابتة‪ ،‬على‬ ‫ال ّلبنان ّية‪ ،‬وب��ن��اء اجل�سور ب�ين مك ّونات‬ ‫مديح مماثلة؟‬ ‫كان يف حياته؟ ما ا ّلذي مي ّيز �شخ�ص ّيته عليه أالقربون منه بكلمات ٍ‬
‫علق به من م��وروث ٍ‬ ‫العظماء مو�ضع �إث����ار ٍة ل��ل��ج��دل‪ ،‬ويبدو‬ ‫عن آالخرين؟‬
‫�س�س من احلديث أ�و االجتهاد أ�و الفقه‪،‬‬ ‫أ� ٍ‬ ‫لبنان‪ ،‬بكا ّفة انتماءاتها الدّين ّية واملذهب ّية‬
‫وعادات‬ ‫لثقافات‬ ‫انعكا�سات‬ ‫كانت‬ ‫ورمبا‬ ‫والعرق ّية‪.‬‬ ‫موقع مرموق �إال �إذا‬ ‫وهل ميلك �سوى الكلمة �سالح ًا؟ هل �إنّ أ�نّ املرء ال يكون ذا ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ثانيها‪ :‬امل�شروع ال��ت��ح�� ّرري ال��ذي متثلهّ‬ ‫وال�صواريخ كانت أ�فكاره خارق ًة للمعتاد وخارجة على‬
‫ً‬ ‫تلك الكلمة أ�قوى من القنابل ّ‬
‫موروثة‪ ،‬ولي�ست من ال ّثوابت‪.‬‬ ‫أ‬
‫التي ا�ستهدفته �شخ�ص ّي ًا ومل تفلح يف امل�لوف‪ .‬وهذا يقت�ضي �شجاع ًة ال تتو ّفر‬
‫ودع���ا �إىل �إع����ادة ال�� ّن��ظ��ر يف ال�� ّت��اري��خ‬ ‫ق��وى امل��ق��اوم��ة يف املنطقة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫���م‬‫ال�سبب أاله ّ‬ ‫لبنان وفل�سطني‪ ،‬وه��و ّ‬ ‫لدى أ�غلب ال ّنا�س‪ .‬فاملجاملة وامل�سايرة‪،‬‬ ‫�إخماد �صوته؟‬
‫واحل��دي��ث‪ ،‬لتنقيتهما مم��ا علق بهما‬ ‫ما ا ّلذي أ�زعج القوى الغرب َّية يف خطاب ورمبا «ال ّنفاق»‪ ،‬من م�ستلزمات العي�ش يف‬
‫اجتهادات ب�شر َّية‪ .‬هذا املنحى كان‬ ‫ٍ‬ ‫من‬ ‫ال�ستهدافه من قبل القوى الغرب ّية‪ .‬وو ّفر‬
‫له اهتمامه بهذا املحور‪ ،‬فر�صة التّوا�صل‬ ‫ال َّرجل‪ ،‬وخ�صو�ص ًا أ�نَّ فيه ما يتناغم مع نظر البع�ض‪ ،‬وال��واح��د ه ؤ����الء‪ ،‬ال يرتك‬
‫جديد ًا على امل ؤ� ّ�س�سة الدّين ّية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫بع�ض ما يرفعون من �شعارات‪ ،‬وال �س َّيما أ�ثر ًا ملمو�س ًا على حميطه‪ ،‬فيعي�ش وميوت‬
‫ال�شيع ّية‪ ،‬أالمر‬ ‫ال�سالم ّية ّ‬ ‫يف الدّائرة إ‬ ‫مع رموز التّح ّرر من قادة حركات وعلماء‬
‫وكتّاب و�إعالم ّيني‪ .‬وكان اهتمامه بق�ض ّية‬ ‫حول حقوق املر أ�ة ولغة التَّ�سامح واحلوار؟ �إن�سان ًا عاد ّي ًا على هام�ش احلياة‪ .‬أالبطال‬
‫ا ّل��ذي أ�ح��دث �إرب��اك�� ًا و�صل أ�حيان ًا �إىل‬ ‫أ� ّية �إن�سان َّي ٍة هذه ا ّلتي ت�صادر حر َّية ال َّر أ�ي‪ ،‬هم ا ّلذين يتّخذون ال��ق��رارات واملواقف‬
‫م�ستوى التّكفري وال ّ��ط��ع��ن يف ال�� ّن��واي��ا‪.‬‬ ‫فل�سطني ودع��م املقاومة ب��ع��د ًا ثابت ًا يف‬
‫�شخ�ص ّيته‪ ،‬أالم��ر ا ّل��ذي و ّفر له احرتام ًا‬ ‫�شخ�ص ا ّلتي ال تعجب اجلميع‪ ،‬ف�إر�ضاء ال ّنا�س‬ ‫ٍ‬ ‫فتمنع امل�س ؤ�ول من طرح ر أ�يه �إزاء‬
‫نعي لل�س ّيد حممد‬ ‫ول��وح��ظ غياب أ� ّي ٍ‬ ‫بني كا ّفة الف�صائل الفل�سطين ّية‪.‬‬ ‫هم من ذلك‪ ،‬غاية ال تدرك‪ ،‬وخو�ض أالهوال من �شيم‬ ‫يقدِّ ره ويعجب به؟ وربمَّ ا أال ّ‬
‫ح�سني ف�ضل اهلل من امل ؤ� ّ�س�سة الدّين ّية‪،‬‬ ‫ال�شجعان ا ّل��ذي��ن ال ي���رون خ��ط��ر ًا على‬ ‫ّ‬ ‫من هو عامل الدِّ ين ا ّلذي يرت�ضيه الغرب‬
‫�سواء يف ال ّنجف أال�شرف العراق ّية‪ ،‬أ�و‬ ‫ال���س�لام ّ��ي‪ ،‬وجت ّلياته‬ ‫ثالثها‪ :‬امل�����ش��روع إ‬
‫ال�����س��ي��ا���س�� ّي��ة واحل���رك��� ّي���ة‪ ،‬مب���ا يف ذل��ك‬ ‫�ّبررّا عن �آراء حياتهم أ�ك�بر من امل��وت‪ .‬وامل��وت أ�حياناً‬ ‫مم ّث ًال عن امل�سلمني‪ ،‬وم��ع ً‬
‫اليران ّية‪.‬‬ ‫قم إ‬ ‫مدينة ّ‬ ‫قد يبدو أ�ق ّل املخاطر التي تنتظر ه ؤ�الء‬ ‫ال�سالم وقيمه ومبادئه؟‬ ‫إ‬
‫هذا الغياب امللحوظ‪ ،‬ربمّ��ا خ ّفف منه‬ ‫ال�سالم ّية واحلركات‬ ‫دعم اجلمهور ّية إ‬
‫�سالمي‬ ‫ال‬
‫ال�سالم ّية املمتدّة بطول العامل إ‬ ‫إ‬ ‫ال�شجعان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫�إنَّ قراءة حياة ال�س ِّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬بكامل‬
‫ال ّلغط الدّائر حول أال�شخا�ص من غري‬ ‫ّ‬
‫وعر�ضه‪.‬‬ ‫ال�سالم لقد عا�ش ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‬ ‫ف�صولها‪ ،‬منذ أ�ن دخل ميدان إ‬
‫ت�صريحات‬‫ٍ‬ ‫امل�سلمني ا ّل��ذي��ن أ�ط��ل��ق��وا‬ ‫احل��رك ّ��ي يف اخلم�سينات‪ ،‬تعني ق��راءة �آالم ًا‪ ،‬وتعر�ض لعمليات اغتيال وحماوالت‬
‫ال�سجال حول مفاهيم كانت يف‬ ‫أ�عادت ِّ‬ ‫��دوي ا ّل���ذي وجد‬ ‫رابعها‪ :‬امل�شروع ال��وح ّ‬
‫ً‬ ‫أ��صداء له بت أ��سي�س التجمعات الوحدوية‪،‬‬ ‫ت��ط�� ّور ال��ع�لاق��ات ب�ين ال��غ��رب وال��ع��امل ت�صفية ج�سدية ومعنوية‪ ،‬من جمزرة بئر‬
‫عداد ال َّثوابت‪ ،‬وخ�صو�صا حر ّية التّعبري‬ ‫�سالمي يف فرتة ما بعد احلرب العامل ّية العبد عام ‪ 1985‬اىل متوز (يوليو) ‪،2006‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬
‫ا ّلتي يبدو أ� ّنها دائرة ت�ضيق عن �إطراء‬ ‫وامل ؤ����مت���رات ال��ت��ي ح�ضر بع�ضها ورع��ى‬
‫بع�ضها آالخر‪ .‬وقد أ��صدر يف ذلك مقاالت‬ ‫�����ص��واري��خ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫��رات‬ ‫ئ‬ ‫��ا‬ ‫ّ‬
‫��ط‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫���رت‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫د‬ ‫عندما‬ ‫واحلقبة‬ ‫فل�سطني‬ ‫باحتالل‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫مرور‬ ‫انية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫ال‬
‫�����ص��راع‬ ‫املح�سنني وذ ّم امل�سيئني‪ .‬وال ّ‬ ‫ال�سرائيل ّية منزله ف أ�حالته ركاما‪ً.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اال�ستعمار ّية واكت�شاف النفط‪ ،‬و�صوال �إىل إ‬
‫ه��ذه امل��� ّرة لي�س ب�ين ال�س ِّيد ف�ضل اهلل‬ ‫وك��ت��ب�� ًا ت ؤ��� ّ���ص��ل ق��ي��م ال�� ّت��ق��ري��ب واحل���وار‬
‫والوحدة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف جمال احلوار مع‬ ‫ال�سيا�سي» ا ّلذي الشخصية – الرمز‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�سالم‬ ‫�صعود ظاهرة « إ‬
‫ال�سجال‬ ‫والغرب‪ ،‬بل �إنَّ وفاته أ�خرجت ِّ‬ ‫واملالحظ أ�نّ ال�سيد ا�صبح رقم ًا أ��سا�س ّي ًا‬ ‫بل‬ ‫عمدتها‪.‬‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫من‬ ‫ا‬‫ً‬ ‫��د‬ ‫ح‬ ‫كان ف�ضل اهلل وا‬
‫اخلا�ص‪ ،‬و أ�و�صلته‬ ‫ّ‬ ‫�سالمي‬
‫ِّ‬ ‫ال‬
‫من املحيط إ‬ ‫آالخر كامل�سيح ّيني‪.‬‬
‫جانب‬ ‫ين وهو‬ ‫الن�سا ّ‬ ‫ال�صحوة‬ ‫ميكن القول � إ ّنه كان من �وائل من طرح يف م�شاريع ث�لاث��ة م��ت��وازي��ة‪ّ :‬‬ ‫أ‬
‫جانب‬ ‫�إىل ال َّدوائر الغرب َّية نف�سها‪ .‬وهذا ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫خام�سها‪ :‬امل�شروع إ‬
‫�سالمي املعا�صر‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫من تط ّور الفقه إ‬ ‫�سالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫ال�سالم ّية الناه�ضة يف العامل إ‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة إ‬ ‫لل�صحوة إ‬ ‫��ظ�يرات ور ؤ�ى ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ت��ن‬
‫من أ��سرار �صدق املوقف وال َّثبات على‬
‫والطغيان‬ ‫وال�صمود بوجه العدوان ّ‬ ‫املبد أ� ّ‬ ‫مت ّيز ال�س ّيد بفتاواه التي ترعى التعدّد‬ ‫الم��ام ح�سن واملقاومة �ض ّد االحتالل‪ ،‬والفقه الد ّ‬
‫ّيني‬ ‫املعا�صرة‪ ،‬يف فرتة ما بعد إ‬
‫ال�شهرية بطهارة‬ ‫املجتمعي‪ ،‬ف أ��صدر فتواه ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتجدّد ال��ذي ��صبحت له امتدادات يف‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫واملودودي‬ ‫قطب‬ ‫الب ّنا‪ ،‬متزامن ًا مع �س ّيد‬
‫واال�ستبداد‪.‬‬
‫كان ف�ضل اهلل �إن�سانا انف�صل بروحه‬‫ً‬ ‫الن�سان ّية‬ ‫إ‬ ‫ف�س‬ ‫غري امل�سلم‪ ،‬معترب ًا أ�نّ ال ّن‬ ‫ال�صدر‪ ،‬و�صو ًال �إىل ال�سيا�سة ومفاهيم املقاومة واجل��ه��اد‪.‬‬ ‫وال�س ّيد حم ّمد باقر ّ‬
‫اهتم‬
‫طاهرة بذاتها‪ ،‬ولي�ست جن�سة‪ .‬كما ّ‬ ‫المام وت��و� ّ��س��ع��ت اه��ت��م��ام��ات ال�����س�� ّي��د‪ ،‬وا�صبح‬ ‫ال�سالم ّية يف �إيران بقيادة إ‬ ‫ال ّثورة إ‬
‫وكيانه عن عامل الزّيف وال ّنفاق وازدواج‬
‫املعايري‪ ،‬ليح ّلق يف عامل القيم وال ّنقاء‬ ‫وال�شباب‪ ،‬و أ�والهما من االهتمام‬ ‫باملر أ�ة ّ‬ ‫اخلميني‪ .‬وبالتّايل‪ ،‬ف�إذا كان ال ّثلث أال ّول مرجع ًا روح�� ّي�� ًا لقوى امل��ق��اوم��ة‪ .‬وانطلق‬
‫�����ص��ف��اء‪ ،‬وه����ذا م��ا ال ي��درك��ه غري‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ما جعلهما يعتربانه «مرجعا روح ّيا» لهما‬ ‫م��ن حياته يعترب ف�ترة ال ّن� أش�ة والبناء جم��دّد ًا يف م�سا ٍر جديدٍ متّ�صل مب�شروع‬
‫وال ّ‬ ‫أال�سا�س للفكر‬
‫�شك‪ ،‬واحد ًا‬ ‫العارفني‪ ،‬وهو كان‪ ،‬بدون ّ‬ ‫بدون تردّد أ�و حت ّفظ‪.‬‬ ‫ال�سالم ّية واالنفتاح على آالخر‪.‬‬ ‫احلركي لديه‪ ،‬فقد ق�ضى الوحدة إ‬ ‫ّ‬
‫عوي‪� ،‬إذ جنح يف‬ ‫�ساد�سها‪ :‬امل�شروع ال ّ ّ‬
‫ر‬ ‫لل�صحوة‪ ،‬وعلى م��دى رب��ع القرن الالحق‪ ،‬حت ّولت‬ ‫ثلثي حياته أالخريين حا�ضن ًا ّ‬
‫من أ�قطابهم‪.‬‬
‫امل�ب�رات اخل�ير ّي��ة‪ ،‬وم�ست�شفى‬ ‫ت أ��سي�س ّ‬ ‫رمز لعدد من أالمور‪:‬‬ ‫م ؤ���� ّط���ر ًا حل��رك��ت��ه��ا‪ ،‬وداف���ع��� ًا لتعميقها �شخ�ص ّيته �إىل ٍ‬
‫بحريني‬
‫ّ‬ ‫* كاتب و�صحا ّيف‬ ‫�ضخم‪ ،‬وم ؤ� ّ�س�سات خري ّية و�إ�سالم ّية‪،‬‬ ‫ين‪� ،‬إذ أ��صبح‬ ‫الوطني ال ّلبنا ّ‬
‫ّ‬ ‫وانت�شارها‪ ،‬من خالل كتبه ا ّلتي ناهزت أ� ّولها‪ :‬امل�شروع‬
‫ومدار�س ومعاهد للتّعليم املهني‪� ،‬إ�ضاف ًة‬ ‫جه ًة أ��سا�س ّي ًة لبلورة معامل لبنان اجلديد‬ ‫ال�سبعني يف �شتّى املجاالت‪.‬‬ ‫ّ‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪7‬‬
‫قطّ اع طريق‬ ‫حا�ض ٌر ملء الزّمان والمكان‬
‫متعجب ًا من مقولتي؛ ك أ� ّنني أ�حت ّدث‬ ‫أ�راك ّ‬ ‫و أ�عدت االعتبار �إىل فكرنا بعد أ�ن كاد‬ ‫د‪.‬جنيب نور الدين‬
‫عن أ�زمنة غابرة‪ ،‬وعهود �سالفة‪ ،‬فمتى‬ ‫يتح ّول �إىل م��ا ّد ٍة مائع ٍة تتمايل م ّر ًة‬ ‫الشمائل‬
‫الشعراء من نظم القوافي‪ ،‬وال األدباء من تعداد ّ‬
‫أربعون يوم ًا ولم ينته ّ‬
‫�لا ال�����س�لاح‪ ،‬يقطع طريق ًا‪،‬‬ ‫���ت ح��ام ً‬ ‫ر أ�ي َ‬ ‫ال�شرق و أ�خرى باجتاه الغرب‪،‬‬ ‫باجتاه ّ‬ ‫املفكرون من نسج الكلمات واجتراح املعاني‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫واخلصال‪ ،‬وال‬
‫وي�سلب م�سافر ًا‪ ،‬أ�و ينهب قافلة‪ ،‬أ�و يثري‬ ‫ؤ‬
‫دون أ�دنى تد ّبر �و تع ّقل �و �س�ال‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أربعون يوماً‪ ،‬وال زالت العيون املتراصفة حول ضريحك تنضح مباء احلزن‪،‬‬
‫خوف ًا يف درب غادين‪ ،‬أ�و ين�شر رعب ًا يف‬ ‫و أ�ع��دت االعتبار �إىل ثقتنا ب أ�نف�سنا‬ ‫وجمرها يحفر في املآقي‪ ،‬والقلوب امللتاعة برحيلك تتلو على روحك آيات‬
‫طريق �سائرين؟!‬ ‫وع���ق���ي���دت���ن���ا ودي���ن���ن���ا‪،‬‬ ‫والشوق واحلنني‪.‬‬‫احلب ّ‬
‫ّ‬
‫ل��ك��ن ع��ن��دم��ا ق�صد ال��ظ��ام��ئ��ون‪ ،‬النبع‬ ‫بعد أ�ن ك���ادت تُ�ستلب‬
‫ال��زالل‪ ،‬واجل��دول ال��رق��راق‪ ،‬وال�ضفاف‬ ‫أ�رب��ع��ون يوم ًا نربط أ�رواح��ن��ا امللهوفة‬
‫���ش��خ�����ص�� ّي��ات��ن��ا م�� ّن��ا‬ ‫�إىل حم ّياك‪ ،‬أ�ن تفلت م ّنا ل�ش ّدة تع ّلقها‬
‫الرطبة‪ ،‬والربوع الند ّية‪ ،‬فماذا تقول مبن‬
‫وق��ف يف طريقهم‪ ،‬وحكى لهم حكايات‬ ‫م أ�خوذ ًة ب أ�جواء االنبهار‬ ‫بروحك والكلمات‪.‬‬
‫ع��ن ال��ن��ب��ع ال��ع��ك��ر‪ ،‬واجل�����دول امل��وح��ل‪،‬‬ ‫با آلخر‪.‬‬ ‫أ�رب��ع��ون ي��وم�� ًا‪ ،‬ن��ر ِّو���ض فيها النفو�س‬
‫ّ‬
‫وال�ضفاف الياب�سة؛ فغريوا اتجّ اههم‪،‬‬ ‫و أ�ع����دت االع��ت��ب��ار �إىل‬ ‫املتل ّهفة �إليك أ�ن ت�سكن بعد رحيلك‬
‫وب ّدلوا الطريق‪ ،‬ف أ��ضاعوا �صفو الندى‪،‬‬ ‫عزّتنا‪ ،‬بعد أ�ن أ�طلقت‬ ‫فما أ�فلحنا‪.‬‬
‫وطهارة ال�شالل؟!‬ ‫ودعمت م�سرية املقاومة‬ ‫يا �س ّيدي‪ ،‬ال زل��ت حا�ضر ًا فينا ملء‬
‫وعندما أ� ّم املعتمون م�شكاة ال�ضياء‪،‬‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة‬
‫واحل���رك���ة إ‬ ‫املكان وملء الزّمان‪ ،‬نلملم نهاراتنا‪،‬‬
‫وم�صباح النهار‪ ،‬و�شعاع ال�شم�س‪ ،‬وهالة‬ ‫وال���ق�������ض���اي���ا ال���ع���ادل���ة‬ ‫وجنمع أ�ط��راف ال ّليايل ن�ش ّد ال ّرحال‬
‫القمر‪ ،‬فماذا تقول مبن انت�صب على التل‪،‬‬ ‫واملح ّقة للم�ست�ضعفني‬ ‫�إليك‪� ،‬إىل حيث أ�خذت عقولنا وقلوبنا‬
‫يتلو رايات عن امل�شكاة املقفرة‪ ،‬وامل�صباح‬ ‫يف العامل‪.‬‬ ‫و أ�رواحنا ‪� ..‬إىل امل�ستقبل‪.‬‬
‫املنطفئ‪ ،‬وال�����ش��ع��اع املنك�سر‪ ،‬والهالة‬ ‫و أ�ع���� ّدت االع��ت��ب��ار �إىل‬ ‫أ�ل�ست من أ�و�صيتنا ب أ�نّ وجهة احلياة‬
‫ال��غ�براء؛ فتاهوا يف �شعبهم‪ ،‬حمرومني‬ ‫امل�ست�ضعفني‪ ،‬بعد أ�ن‬ ‫كانت دائم ًا و�ستبقى �إىل أالم��ام‪ ،‬و أ�نّ‬
‫من أ� ّيام م�شرقة‪ ،‬وليال م�ضيئة؟!‬ ‫كادوا يي أ��سون من ظلم‬ ‫ال ّنظر �إىل اخللف يحول بيننا وبني‬
‫وعندما تط ّلع املبحرون يف اللجج الغامرة‪،‬‬ ‫الظاملني وامل�ستكربين يف‬
‫والم���واج العاتية‪ ،‬وال�شواطئ الرحبة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫��وات ن�ضيفها �إىل م�سريتنا نحو‬ ‫خ��ط ٍ‬
‫وال�سواحل املمت ّدة‪ ،‬أ‬ ‫املتوح�ش‪.‬‬
‫هذا العامل ّ‬ ‫امل�ستقبل‪..‬‬
‫والر���ض احلا�ضنة‪،‬‬
‫وال���رم���ال ال�لام��ع��ة‪ ،‬ف��م��اذا ت��ق��ول ع ّمن‬
‫باقون يا سيّدي والعهد‬ ‫أ‬
‫ن��ع��م‪ ..‬ه��ك��ذا ق��ل��ت ي��ا ���س�� ّي��دن��ا و�ن���ت‬
‫والر�صفة‬ ‫ح ّدثهم عن ال�صخور الناتئة‪ ،‬أ‬ ‫هو العهد‪:‬‬ ‫علي ا ّل��ذي انفتحت له أ�ب��واب‬ ‫م��والي؟ ّ‬ ‫بيننا‪ ،‬فكيف و أ�نت �سبقت زمانك �إىل‬
‫اخلط وال ّنهج‬ ‫‪ -‬أ�ن نحفظ أالمانة يف ّ‬ ‫املعرفة �آالف ًا م ؤ� ّلفة‪ ..‬أ�ل�ست القائل �إنّ‬ ‫ه��ذا امل�ستقبل‪ ،‬وجل�ست مع أ�ح ّبائك‬
‫اخلطرة؛ فحادت املراكب عن اتجّ اهها‪،‬‬
‫وابتعدت أال�شرعة عن م�سارها‪ ،‬متن ّقلة‬ ‫وامل�سرية‪.‬‬ ‫رائدك يف ك ّل حياتك ر�سول اهلل(�ص)‪،‬‬ ‫و أ�وليائك تنظرون �إلينا من عليائكم‪،‬‬
‫من �شاطئ �إىل �شاطئ‪ ،‬ومن �ساحل �إىل‬ ‫أ‬ ‫ؤ‬
‫‪ -‬و أ�ن نحفظ امل� ّ�س�سات التي �ن�ش�تها‬
‫أ‬ ‫وهو مدينة العلم‪...‬‬ ‫�ين ب أ����نّ ح�ضوركم يف‬ ‫و أ�ن��ت��م على ي��ق ٍ‬
‫�ساحل‪ ،‬خم ّلفة وراءه��ا أ�ر���ض�� ًا م�شرقة‪،‬‬ ‫و�شهدت على منائها وازده��اره��ا‪..‬‬ ‫بلى ي��ا ���س�� ّي��دي‪ ،‬ف أ���ب��واب العلم التي‬ ‫وع��ي��ن��ا ووج���دان���ن���ا أ�ق�����وى م���ن لهيب‬
‫وفر�صة �سانحة؟!‬ ‫وجعلتها يف خ��دم��ة طالبي املعرفة‬ ‫فتحتها ت��ع�� ّددت وت��ف�� ّرع��ت يف الفكر‬ ‫ال�شم�س‪ ،‬وع�صف ال�� ّري��اح‪ ،‬وطوفان‬ ‫ّ‬
‫وع��ن��دم��ا أ����ص��غ��ى ال��ه��ارب��ون م��ن �ضجيج‬ ‫واحلاجة‪.‬‬ ‫والفقه والعقيدة وال�سيا�سة والرتبية‬ ‫املطر‪ ،‬ن�ستح�ضر كلماتك يا �س ّيدي‬
‫أال ّي��ام‪ ،‬و�ضو�ضاء الزمن‪� ،‬إىل قيثارات‬ ‫‪ -‬أ�ن نحفظ عهدنا بدعم املقاومة‬ ‫واجل��ه��اد واالجتماع‪ ،‬بل نكاد نقع يف‬ ‫وف�صلت‪ ،‬أ�نّ امل�ستقبل هو‬ ‫التي �شرحت ّ‬
‫الوله‪ ،‬ونايات احلنني‪ ،‬و أ�حل��ان الوجد‪،‬‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬و أ�ن نعمل على أ�ن‬ ‫واحلركة إ‬ ‫زاد يح�سدنا‬ ‫املو�سوعي على ٍ‬
‫ّ‬ ‫فكرك‬ ‫لل ّدين‪� ،‬شرط أ�ن نعرف كيف يكون هذا‬
‫و أ�نغام أال�شواق‪ ،‬فماذا تقول مبن أ�ط ّل يف‬ ‫نكون الوحدو ّيني واحلوار ّيني يف بيئتنا‬ ‫عليه أال�صدقاء قبل اخل�صوم‪.‬‬ ‫وخط �س ٍري لنا يف‬ ‫ال ّدين هادي ًا و ُمر�شد ًا ّ‬
‫ال�سفوح والقمم‪ ،‬وح ّدث الن�سيم والرياح‬ ‫وجمتمعاتنا‪ ،‬و أ�ن نكون ال ّر�سال ّيني يف‬ ‫�س ّيدي‪ ،‬توا�ضعت للعلم فتوا�ضع لك‪،‬‬ ‫احلياة‪.‬‬
‫وتك�سر أالوزان‪،‬‬ ‫ع��ن ن�شاز أالحل����ان‪ّ ،‬‬ ‫�سالمي‪ ،‬و�إن�سان ّيني يف �سعينا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫عملنا إ‬ ‫حتى بات طوع يديك‪ ،‬وتوا�ضعت لل ّنا�س‬ ‫�لا ميلأ‬ ‫�صعب أ�ن أ�رثيك راح ً‬
‫فراحوا ين�شدون الفرح يف غري مكانه‪،‬‬ ‫�س ّيدي‪ٌ ،‬‬
‫احل�ضاري لخذ مواقعنا الالئقة بني‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ف أ�ح ّبوك‪ ،‬حتى أ��صبحت لهم القدوة‬ ‫�صعب �ن نرثي من‬ ‫أ‬ ‫علينا ك ّل حياتنا‪ٌ ..‬‬
‫والن�س يف غري حم ّله؟!‬ ‫أ‬
‫أالمم‪.‬‬ ‫وامل��ق��ت��دى‪ ..‬وتوا�ضعت هلل حتى ذبت‬ ‫نح�س بح�ضوره يف ك ّل ميادين حياتنا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وع��ن��دم��ا ت��ط�� ّل��ع ال��ط��ال��ب��ون �إىل الكتب‬ ‫‪ -‬عهد ًا أ�ن نحفظ عقول أالجيال من‬
‫وال���س��ف��ار الوثيقة‪ ،‬وال��ك�لام‬ ‫امل�ضيئة‪ ،‬أ‬ ‫فيه‪ ،‬ف أ�ح ّبك و�شغفت �شوق ًا للقائه‪.‬‬ ‫ً‬
‫بل ويف �عماق وعينا‪ ،‬ف�ضال عن القلوب‬ ‫أ‬
‫والح�����رف ال ّ‬
‫��و���ض��اءة‪ ،‬ف��م��اذا‬ ‫ال��ط�� ّي��ب‪ ،‬أ‬ ‫أ�ن تت�س ّلل �إليها اخلرافة والبدع‪.‬‬ ‫أ�حببت أ�نبياء اهلل و أ�ئ ّمته و أ�ول��ي��اءه‪،‬‬ ‫والرواح‪..‬‬ ‫أ‬
‫تقول مب��ن ح ّدثهم ع��ن ���س��واد احل��رف‪،‬‬ ‫‪ -‬و أ�ن ن��ح��ف��ظ ن��ف��و���س��ن��ا م��ت��ح�� ِّف��ز ًة‬ ‫فجعلك اهلل يف ال ّدنيا يف م�صافهم‪،‬‬ ‫بفخر واعتزاز‪ ،‬أ�علن لك ّل حم ّبيك أ� ّنك‬ ‫ٍ‬
‫ال�سفر‪ ،‬وبطالن‬ ‫وم�� ّر الكالم‪ ،‬وخطالن ِّ‬ ‫ومتو ّقد ًة من أ�ن يت�س ّرب �إليها الي أ��س‬ ‫غني أ�نت يا‬‫ويف آالخرة بجوارهم‪ ..‬أ� ّي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ب��اقٍ يف ك��ل واح ٍ���د م��ن��ا‪ ،‬ب��اقٍ يف فكرة‬
‫الكتاب‪ ،‬فتاهوا عن النور املن�شود‪ ،‬وال�ضوء‬ ‫والقنوت‪..‬‬ ‫�س ّيدي‪ ،‬وقد كانت ثروتك التي جمعتها‬ ‫ت أ� ّثر بها مف ّكر‪ ،‬ويف نفح ِة ح ّ��ب ت أ� ّثر‬
‫املطلوب �إىل غري درب وغري طريق؟!‬ ‫و أ�ن نحفظ ديننا من أ�ن يتح ّول ُجمالً‬ ‫طوال �سنني حياتك حم ّبة اهلل‪ ،‬وحم ّبة‬ ‫روح حت�� ّول‬ ‫بها خمل�ص‪ ،‬ويف ن�سمة ٍ‬
‫قطاع طريق‪ ،‬يقطعون طريق الوعي‪،‬‬ ‫� إ ّنهم ّ‬ ‫يف كتب‪ ،‬وكتب ًا على رفوف‪ ،‬ورفوف ًا يف‬ ‫الخ�لا���ص لل ّدين وال ّر�سالة‬ ‫ال ّنا�س‪ ،‬و إ‬ ‫حمب هلل بغري‬ ‫حمب لل ّدنيا �إىل ّ‬ ‫فيها ّ‬
‫وم�سالك الفكر‪ ،‬و�سبل احل ّرية‪ ،‬ودروب‬ ‫مق ّرات وبيوت مهجورة‪.‬‬ ‫الن�سان‪..‬‬
‫و إ‬ ‫ح�ساب‪.‬‬
‫قطاع‬ ‫الن�سان ّية‪ ،‬وال يق ّلون خطر ًا عن ّ‬ ‫إ‬ ‫ع��ه��د ًا ي��ا �س ّيدي أ�ن ن�صدقك قولنا‬ ‫�س ّيدي‪ ،‬لقد أ�عدت االعتبار �إىل العقل‬ ‫لقد �ش ّرعت لنا يا �س ّيدي للعلم واملعرفة‬
‫أ‬
‫الطرق‪ ،‬العابثني ب�من النا�س وحياتهم‪،‬‬ ‫والعمل‪� ..‬إنّ العهد كان م�س ؤ�و ًال‪.‬‬ ‫بعد أ�ن كاد هذا العقل أ�ن ي�ستقيل‪.‬‬ ‫باب ًا ينفتح منه أ�ب��واب�� ًا كثري ًة‪ ،‬وتتكثرّ‬
‫و أ�موالهم وممتلكاتهم‪.‬‬ ‫و أ�ع��دت االعتبار �إىل العقيدة بعد أ�ن‬ ‫أالب��واب حني يفتح الواحد منها على‬
‫يو�سف نور الدين‬ ‫خرافات و أ��ساطري‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كادت تتح ّول �إىل‬ ‫آالخ����ر‪ ..‬أ�ل��ي�����س رائ����دَ ك ع��ل ّ��ي(ع) يا‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫أ�ف�ضل ما ينتجه للخارج‪ ،‬ألنّ «ال��دّاخ��ل»‬ ‫بالءات ثالث عنوانها «الال استقرار»‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ألنّنا البلد احملكوم‬
‫اعتاد على تق ّبل أ�ب�سط أال�شياء و أ�رخ�صها‪،‬‬
‫مبا يف ذلك املنتجات الزّراع ّية ا ّلتي قيل‬
‫الكثري عن ن�سبة ال�سم ّية التي تدخلها من‬
‫خالل املوا ّد الكيماو ّية ا ّلتي تروى بها أالر�ض‬
‫«وطن النّجوم» �ساح ٌة مفتوحة لال�ستخبارات‪ ..‬وللعبث الإقليميّ والدّولي‬
‫العط�شى‪ ،‬بينما امل��ي��اه تذهب ه���در ًا �إىل‬ ‫هاني عبدالله‬
‫البحر؟!‪..‬‬ ‫الطموحات الوطن ّية ال��ك�برى‪ ،‬ألنّ‬ ‫فيه ّ‬
‫ولذلك‪ ،‬ف���إنّ على ال ّلبنان ّيني أ�ن ينتظروا‬ ‫حدب وصوب‪ ،‬ويطمع الكثيرون في كلمة «وط��ن» باتت مفرد ًة ثقيل ًة يف كث ٍري‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ..‬هو بلدٌ تهجم عليه النَّائبات من كلِّ‬
‫املزيد من‪:‬‬ ‫والخطر منها‪ ،‬كلمة « أ� ّمة»‬ ‫أن يكون مم ّر ًا أو مستق ّر ًا لهم‪ ..‬وهو ساحةٌ مفتوحةٌ الستخبارات العالم‪ ،‬تأتيه من املوازين‪ ..‬أ‬
‫الطارات‬ ‫إ‬ ‫وم�صدرها‬ ‫وارع‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال�ش‬ ‫يف‬ ‫ـ احلرائق‬ ‫مهب الرّيح السياسيّة العاتية ا ّلتي ال ي�ستطيع البع�ض �سماعها‪ ،‬و ُيرمى‬ ‫بكلّ التّالوين والعناوين‪ ،‬وال تتركه إال في ّ‬
‫ً‬
‫امل�شتعلة طلبا للكهرباء‪..‬‬ ‫الّتي تضرب حلساب احملاور املتعدّ دة‪ ،‬ولكن في سياق سيمفونيّة «الفوضى ك�� ّل م��ن ي�ستخدمها بتهمة الو�صاية‪..‬‬
‫ـ ف��ق��دان امل���ي���اه‪ ..‬م��ي��اه ال ّ�����ش��ف��ة‪ ،‬أ�و مياه‬ ‫اخلالقة» املتجدّ دة‪ ،‬والّتي يظهر أنّ الرّئيس األمريكيّ اجلديد‪ ،‬عرف أهميّتها وربمّ��ا ُيرجم بـ»اخليانة العظمى»‪ ،‬أل ّن��ه‬
‫يل‪ ..‬أل َّننا يف بلدٍ ي�صدق‬ ‫اال�ستعمال املنز ّ‬ ‫خرو ٌج من بيئ ٍة �سيا�س ّي ٍة اعتادت اخل�ضوع‬
‫أوسط يراد له أال يستقرّ‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫القصوى ـ كسلفه ـ في شرق‬
‫ال�شاعر‪:‬‬‫فيه قول َّ‬ ‫مريكي‪ ،‬ونظرت �إىل‬ ‫وال ّ‬ ‫للجالد أالورو ّب ّي أ‬
‫ّ‬
‫كالعي�س يف البيداء يقتلها الظما‬ ‫�صداقة العرب وامل�سلمني نظر ًة �سوداو ّي ًة‪،‬‬ ‫ه��و ال��ب��ل��د أالف�����ض��ل‪ ،‬وال ي�ستغني عنه‬
‫ُ‬
‫حممول‬ ‫واملا ُء فوق ظهورها‬ ‫ ‬ ‫أل ّنها ر أ�ت يف نظر ّية «امل ؤ�امرة» �شيئ ًا ميكن‬ ‫��������ي‪ ،‬وال ي���رى ذل��ك‬ ‫والورو ّب ّ‬ ‫أالم��ري��ك ّ��ي أ‬
‫مبر�سوم‬
‫ٍ‬ ‫تي‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫ت‬ ‫تي‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫اخلدمات‬ ‫ب�سط‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫فقدان‬ ‫ـ‬ ‫ت�صديقه‪ ،‬ولكن فقط عند �إ�سقاطه على‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫العربي و إ‬
‫ّ‬ ‫القليم»‬‫القا�صد من « إ‬
‫خمطط مر�سوم‬ ‫وتذهب مبر�سوم‪ ..‬أل َّن��ه َّ‬ ‫مواقع املمانعة هذه‪..‬‬ ‫��ض��ل‬ ‫�‬ ‫��‬ ‫ف‬ ‫ل�ل�م��ري��ك ّ��ي « أ‬
‫�‬ ‫�لا م��ن��ه‪ ..‬ف��ه��و أ‬ ‫ب��دي ً‬
‫ملزيدٍ من املعاناة املق�صودة‪..‬‬ ‫ل��ه��ذه أال���س��ب��اب ول��غ�يره��ا‪ ،‬ب��ق��ي لبنان‬ ‫ال�سفراء‬ ‫ّ‬ ‫حد‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫قال‬ ‫كما‬ ‫ت»‪،‬‬ ‫للتن�ص‬
‫ّ‬ ‫مكان‬
‫ـ البقاء يف دائ���رة لعبة أالمم‪ ،‬حيث يد‬ ‫«والي����ات غ�ير م�� ّت��ح��دة»‪ ،‬كما ك��ان يعبرّ‬ ‫أالمريك ّيني ا ّل��ذي كان معتمد ًا يف لبنان‬
‫العد ّو على الزّناد‪ ،‬و أ�ي��دي ال ّلبنان ّيني على‬ ‫�سماحة املرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل (ر�ضوان‬ ‫للورو ّب ّي بلد‬ ‫أ�وا�سط ال ّثمانينات‪ ..‬وهو أ‬
‫قلوبهم‪ ..‬وي�صرخ من ي�صرخ يف الدّاخل‪:‬‬ ‫اهلل ت��ع��اىل ع��ل��ي��ه)‪ ..‬تُ��رف��ع ف��ي��ه راي���ات‬ ‫أ‬
‫ال�سياحة أالم��ن��ي��ة «امل��ت��دح��رج��ة»‪ّ � ..‬م��ا‬ ‫ّ‬
‫ال�سالح حتّى ت�سرتيحوا ونرتاح‪..‬‬ ‫ارموا ّ‬ ‫احل�� ّر ّي��ة وال�سيادة واال�ستقالل‪ ،‬وتُنحر‬ ‫«وابن‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫و‬ ‫العربي‬
‫ّ‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫�‬ ‫�سبة‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫بال‬
‫ه��ي «حمكمة دول�� ّي��ة» للجميع‪ ،‬ملحاكمة‬ ‫ال�سيادة‪ ،‬و ُي�سفك‬ ‫ال�ساحقة من فيه هذه احلر ّية وهذه ّ‬ ‫ّيني‪ ،‬حتظى باحرتام أالغلب ّية ّ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫وال‬ ‫ياحي‬
‫ّ ّ‬ ‫ال�س‬ ‫مرتعه‬ ‫فهو‬ ‫املنطقة»‪،‬‬
‫ك�� ّل ال ّلبنان ّيني‪ ،‬ألنّ بلد العجائب و»وط��ن‬ ‫طبقت �شعبه و أ�هله‪..‬؟!‪ ..‬و�إذا مل ي�ستطع العد ّو فيه دم اال�ستقالل على مذبح آالخرين‪،‬‬ ‫يا�سي يف منطق ٍة أ‬
‫�‬ ‫ال�س ّ‬ ‫ومتن ّف�سه ّ‬
‫ال ّنجوم» ا�ستطاع أ�ن ينت�صر على نف�سه‬ ‫اال�ستخبارات‪ ،‬وحت ّكمت اخرتاقه واجتياحه ع�سكر ّي ًا‪ ،‬فال�ساحة بعد أ�ن ارت�ضى ال ّلبنان ّيون ـ من خالل‬ ‫��زة‬ ‫عليها أ�ج��ه‬
‫ولنّ ال ّلبنان ّيني‬ ‫قبل أ�ن ينت�صر على عد ّوه‪ ،‬أ‬ ‫بحركتها «ودوران����ه����ا» ح�� ّت��ى يف ع�صر مفتوح ٌة أ�مامه ال�ستباحته أ�من ّي ًا‪ ،‬وزرع ف��ئ�� ٍة �سيا�س ّي ٍة مت ّثلهم ـ أ�ن يبقى البلد‬
‫ً‬
‫ـ على م�شاكلهم ـ كانوا من��وذج��ا ُيحتذى‬ ‫والم���اك���ن‪ ،‬ويف «�ساح ًة مفتوحة» لك ّل ه ؤ���الء‪ ،‬وبالتّايل‪،‬‬ ‫العمالء يف ك�� ّل امل��واق��ع أ‬ ‫النرتنت»‪.‬‬ ‫املعلومات ّية و» إ‬
‫لل ّمة ك ّلها يف كيف ّية االنت�صار على عد ٍّو هو‬ ‫أ‬ ‫ين‪ ،‬فالبلد لي�س ال��ع��دي��د م��ن امل ؤ���� ّ��س�����س��ات‪ ،‬و���س��ط بيئ ٍة �ن يكون �سلعة قابلة للبيع‪� ،‬و لال�ستئجار‪،‬‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫أ� ّما بال ّن�سبة �إىل ّ‬
‫أالخطر على م�ستوى العامل‪..‬‬ ‫املف�ضلة‪� ،‬سيا�س ّي ٍة غري ممانعة‪ ،‬ويف ظ�� ّل حماي ٍة تبع ًا ملتط ّلبات امل�شروع القادم من وراء‬ ‫لبنيه‪ ،‬هو �ساح ٌة من �ساحاته ّ‬
‫وربمّ���ا ك��ان ق��در ك�� ّل أ�ول��ئ��ك ا ّل��ذي��ن عملوا‬ ‫ال أل ّن��ه «البطن ال ّرخو» يف طول املنطقة وتغطي ٍة مع ّين ٍة له ؤ�الء ا ّلذين �شعر أ�غلبهم ـ البحار‪..‬؟!‪..‬‬
‫لل�سيادة احلقيق ّية‪ ،‬أ�ن يكونوا �ضحايا لك ّل‬ ‫ّ‬ ‫ال�شاعر‪:‬‬ ‫ال�سالم ّية وعر�ضها‪ ،‬ولكن ألنّ يف أ�عقاب التّحرير عام ‪ 2000‬ـ ب أ�نّ أ��سهل ل�سان حال لبنان قول ّ‬ ‫العرب ّية و إ‬
‫هذه الفو�ضى القادمة من اخلارج‪ ..‬ليبقى‬ ‫يل ق�صد ك ّل عجيب ٍة‬ ‫خذ علم ًا» دول ّي ًا‪ ،‬وحتّى �إقليم ّي ًا‪ ،‬تهم ٍة ميكن اخلروج من تبعاتها يف لبنان‪ ،‬لعمري � إ ّ‬ ‫العد ّو « أ�‬
‫البلد يف دائرة اال�ستهداف واملراوحة‪ ،‬أ�مل‬ ‫عجيب يف عيون العجائب ‬ ‫ٌ‬ ‫ك أ�نيّ‬ ‫ب أ��� ّن��ه ي�ستطيع ال��دخ��ول �إل��ي��ه واجتياحه هي تلك املتّ�صلة بالعمالة حل�ساب العد ّو‬
‫يقل �سماحة ال�س ّيد (ر���ض��وان اهلل تعاىل‬ ‫فهو البلد ا ّل��ذي قد تنعم بع�ض مواقعه‬ ‫ين؟!‪..‬‬‫ال�صهيو ّ‬ ‫ّ‬ ‫�ساعة ي�ستطيع‪ ،‬وال أ�ح���د يعتب عليه‪،‬‬
‫ع��ل��ي��ه)‪� :‬سيبقى البلد حم��ك��وم�� ًا ل�لاءات‬ ‫ألنّ امل�شكلة تكمن دائ��م�� ًا يف أ�نّ «البلد هو البلد العجيب ا ّلذي يكرث فيه الطاحمون بالكهرباء‪ ،‬أل َّنها املواقع ا ّلتي يق�صدها‬
‫ثالث‪« :‬ال تق�سيم‪ ،‬ال انهيار‪ ،‬ال ا�ستقرار»‪.‬‬ ‫جنبي‪ ،‬وهو البلد ا ّلذي ي�صدّر‬ ‫ال�سائح أال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�صغري» يحت�ضن جمموع ًة من املغامرين حل�ساباتهم ال�شخ�ص ّية والفئو ّية‪ ..‬وتذوي‬ ‫ّ‬

‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪9‬‬
‫�شهر رم�ضان‪ :‬مو�سم البناء الروحي والإيماني‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫الرادة ال��ق��و ّي��ة ال�صلبة ال��ت��ي ال‬ ‫وه���ذه إ‬ ‫بال�صوم‬ ‫بعطائه‪� ..‬صحيح أ� ّننا قد نخ�سر ّ‬
‫أ‬
‫ت�ضعف وال تنهزم‪ ،‬هي �سال ٌح ن�شهره �مام‬ ‫طعام ًا‪ ،‬أ�و نفتقد ل�� ّذ ًة‪ ،‬أ�و ن�شعر بلهيب‬
‫بال�سوء‪،‬‬‫نف�س أ� ّمارة ّ‬ ‫حتدّيات الدّاخل‪ ،‬من ٍ‬ ‫العط�ش‪ ..‬لك ّننا مقابل ذلك‪ ،‬نتّقي لهيب‬
‫أ�و حتدّيات اخلارج آالتية من كل �شياطني‬
‫ّ‬ ‫عط�ش آالخ���رة وجوعها‪ ،‬ونح�صل على‬
‫الن�س‪.‬‬ ‫اجلنّ و إ‬ ‫ر���ض��وان م��ن اهلل ونعيم‪} :‬ج�� ّن��ات ع��دنٍ‬
‫م�س احلاجة‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ونحن اليوم‪ّ � ،‬يها ال ّحبة‪ ،‬ب� ّ‬ ‫يدخلونها ومن �صلح من أ�بائهم و أ�زواجهم‬
‫�إىل تفعيل �إرادتنا وحت�صينها على امل�ستوى‬ ‫وذ ّر ّياتهم واملالئكة يدخلون عليهم من‬
‫واالجتماعي وك ّل امل�ستويات‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫خ�صي‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل باب �سالم عليكم مبا �صربتهم فنعم‬
‫أ‬
‫فاملغريات ك��ث�يرة‪ ،‬وت���ت��ي �إلينا م��ن ك ّل‬ ‫عقبى الدار{‪..‬‬
‫طبق‬‫اجتاه‪ ،‬وب أ�كرث من لونٍ و�شكل‪ ،‬وعلى ٍ‬ ‫وال�صيام ـ أ� ُّيها أالح َّبة ـ وكك ّل العبادات‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ف�ضة‪ ..‬فطريق احلرام بات �سه ًال �إذ‬ ‫من ّ‬ ‫ال جن��ن��ي م���ن ث���م���اره وال ن��ح�����ص��ل على‬
‫أ‬
‫ع َّبده كل الدّعاة �إليه‪ ،‬وهدفهم �ن ن�ضعف‬ ‫ّ‬ ‫نتائجه يف آالخرة فقط‪ ،‬رغم أ�نّ آالخرة‬
‫يف �إرادتنا و�إرادة أ�والدنا وجمتمعنا‪ ،‬ومتى‬ ‫ينبغي أ�ن تكون هي الغاية والهدف لك ّل‬
‫الرادة‪� ،‬سقطنا وهُ زمنا أ�م��ام‬ ‫�ضعفت إ‬ ‫احل��ي��اة‪} :‬واب��ت�� ِغ يف ما �آت��اك اهلل ال��دّار‬
‫الغرائز والف�ساد واالن��ح��راف‪ ،‬وبتنا يف‬ ‫آالخرة{(الق�ص�ص‪َ } ..)77:‬و�إِنَّ ال َّدا َر‬ ‫ألقى سماحة السيّد علي فضل الله‪ ،‬خطبتي صالة اجلمعة‪ ،‬من على منبر مسجد‬
‫مهب رياحهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ آال ِخ َر َة َلهِ َي الحْ َ َي َوانُ َل ْو َكا ُنوا َي ْع َلـمونَ {(ال‬
‫لهذا‪ ،‬من نعم اهلل علينا ور أ�فته بنا‪ ،‬أ� ّنه‬ ‫عنكبوت‪ ،)64:‬بل متت ّد نتائجه �إىل حياتنا‬ ‫اإلمامني احلسنني(ع) في حارة حريك‪ ،‬بحضور عد ٍد من الشخصيّات العلمائيّة‬
‫مل يرتكنا نواجه احلياة هذه بال �سالح‪،‬‬ ‫التي نعي�ش فيها‪ ،‬ليزرعها باخلري ك ّل‬ ‫والسياسيّة واالجتماعيّة‪ ،‬وحشدٍ من املؤمنني‪ ،‬ومما جاء في خطبته السياسية‬
‫ال�صوم �إىل جانب ك ّل أال�سلحة‬ ‫بل ه ّي أ� لنا ّ‬ ‫واالجتماعي‬
‫ّ‬ ‫الفردي‬
‫ّ‬ ‫اخلري‪ ،‬على امل�ستوى‬ ‫الي ألقاها في ‪ 3‬رمضان ‪1431‬هـ ‪:‬‬
‫أالخ�����رى ال��ت��ي ن��داف��ع م��ن خ�لال��ه��ا عن‬ ‫وك ّل الواقع‪..‬‬ ‫القد�سي‪« :‬ك ّل عمل ابن �آدم ي�ستفيد منه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال�صوم‬ ‫الصوم‪ :‬مدرسة اإلرادة والتقوى‬ ‫ّ‬
‫�إمياننا وفكرنا و�شريعتنا‪ ،‬ليكون ّ‬ ‫حتصني اإلرادة‬ ‫ال�صيام‪ ،‬هو يل و أ�نا أ�جزي به»‪.‬‬ ‫ال�ص َي ُام � إ ّال ّ‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫م��در���س�� ًة ت��دري��ب�� ّي�� ًة يف ك�� ّل �سنة‪ ،‬لتقوية‬ ‫الرادة‪،‬‬ ‫و أ�برز الفوائد و أ�ه ّمها‪ ،‬حت�صني إ‬ ‫} َيا � ُّي َها ا َّل ِذينَ � َم ُنو ْا ُك ِت َب َع َل ْي ُك ُم ِّ‬
‫َك َما ُك ِت َب َع َلى ا َّل ِذينَ ِمن َق ْب ِل ُك ْم َل َع َّل ُك ْم وق��د أ�راد اهلل لعباده أ� ّال يرهقهم بهذه‬
‫الرادة وحت�صينها‪ ،‬ومتكينها من القيام‬ ‫إ‬ ‫تلك املح ّرك أال�سا�س ألفعالنا وت�ص ّرفاتنا‪،‬‬ ‫َات َف َمن َكانَ ِمن ُكم الفري�ضة‪ ،‬كما مل يرهقهم بك ّل الواجبات‪،‬‬
‫بدورها الفاعل‪.‬‬ ‫مهب‬ ‫وهي �إن �ضعفت �ضعفنا‪ ،‬و�صرنا يف ّ‬ ‫َت َّت ُقون* أ� َّيام ًا َّم ْعدُود ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َّم ِري�ض ًا َأ� ْو َع َلى َ�س َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِّمنْ َأ� َّي ٍام أُ� َخ َر فهو عز وج��ل يريد بهم الي�سر وال يريد‬
‫ول��ه��ذا‪ ،‬ف����إنّ ال��ط�لاب اجل��ا ّدي��ن يف هذه‬ ‫والط��م��اع واالن��ف��ع��االت‪ ،‬و�إن‬ ‫ال�شهوات أ‬ ‫ّ‬ ‫َو َع َلى ا َّل ِذينَ ُي ِطي ُقو َن ُه ِف ْد َي ٌة َط َع ُام ِم ْ�س ِك ٍني بهم الع�سر‪ ،‬لهذا جعلها أ� ّيام ًا معدودات‪،‬‬
‫ال�صوم‪ ،‬ال ي�سقطون‬ ‫املدر�سة‪ ،‬مدر�سة َّ‬ ‫ق��وي��ت قوينا وملكنا زم���ام امل��ب��ادرة يف‬ ‫يرْا َف ُه َو َخيرْ ٌ َّل ُه َو َأ�ن ت َُ�صو ُمو ْا ومل يفر�ضها على م�سافر‪ ،‬ومل يوجبها‬ ‫َف َمن ت ََط َّو َع َخ ً‬
‫أ�م��ام اخل��وف والتّهاويل و أ�م��ام امل�صالح‬ ‫أ�نف�سنا و أ�مام آالخرين‪.‬‬ ‫على مري�ض‪ ،‬وال على ا ّل��ذي��ن ُيجهدهم‬
‫اخلا�صة‪ ..‬ولذا مل تتح ّقق االنت�صارات‪،‬‬ ‫اخلارجي هو‬ ‫فال�صوم‪ ،‬و�إن كان تعبريه‬ ‫َخيرْ ٌ َّل ُك ْم{(البقرة‪.)184-183 :‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ال�صيام و ُي�ضعف طاقتهم‪ ،‬وا�ستبدل‬ ‫ّ‬ ‫الصوم‪ :‬جنّة من النّار‬ ‫ّ‬
‫ال�سليم‪ ،‬ومل‬ ‫ن املجتمعات البناء ّ‬ ‫ومل ُت�ب َ‬ ‫وال�شراب وبق ّية املفطرات‪،‬‬ ‫الطعام ّ‬ ‫ترك ّ‬ ‫ال�ضعفاء الذين ال‬ ‫ال�صيام على ّ‬ ‫هي دع��وة من اهلل لعباده امل ؤ�منني‪ ،‬وما واج��ب ِّ‬
‫تتح ّقق أاله��داف الكبرية يف واقعنا‪� ،‬إال‬ ‫�إال أ� ّن��ه يعني أ�ك�ثر من ذل��ك‪ ،‬ويريد اهلل‬ ‫ال�صيام والق�ضاء‪ ،‬ب�إطعام‬ ‫رب رحيم‪ ،‬تدفعنا يقدرون على ّ‬
‫الرادات احل���� ّرة‪ ،‬ا ّل��ذي��ن ال‬ ‫ب أ������ص��ح��اب إ‬ ‫تعاىل أ�ن ال يبقى يف دائرة تلك املفطرات‪،‬‬ ‫أ�جملها من دعوة من ّ‬
‫يوم ال ي�صومونه‪َ } :‬و َع َلى‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫عن‬ ‫ني‬
‫ٍ‬ ‫م�سك‬ ‫للح�صول على الكرامة العالية عنده‪،‬‬
‫يعطون ب أ�يديهم �إعطاء ال ّذليل‪ ..‬ا ّلذين ال‬ ‫ليمت ّد �إىل عدم اخل�ضوع ملنطق الغرائز‬ ‫ال�صوم‪ ،‬هذه ا َّل ِذينَ ُي ِطي ُقو َن ُه ِف ْد َي ٌة َط َع ُام ِم ْ�س ِكني{‪.‬‬
‫ي أ�ن�سون �إال باحلقّ وال يوح�شهم �إال الباطل‪،‬‬ ‫من خالل أ�دائنا لفري�ضة ّ‬
‫الفري�ضة ا ّل��ت��ي أ�وجبها اهلل علينا كما مضاعفة الثّواب‬
‫ا ّل��ذي��ن ال تزيدهم ك�ثرة ال ّنا�س حولهم‬ ‫ال�صيام‪ ،‬ويت�ضاعف ثوابه‬ ‫أ�وجبها على ك ّل ا ّلذين من قبلنا‪ ،‬بحيث وتكرب نتائج ِّ‬
‫ع�� ّز ًة‪ ،‬وال تف ّرقهم عنهم ذ ّل��ة‪ ،‬ا ّلذين ال‬ ‫ليكن للعقل صومه‪ ،‬وللقلب‬ ‫ال�صيام‬ ‫ولهم َّيتها ال��ك�برى ـ ال��ت��زم��ت بها ك َّل عندما يكرب اجلهد‪ ،‬وعندما يكون ِّ‬ ‫ـ أ‬
‫يخافون يف اهلل لومة الئم‪ ،‬يقولون احلقّ‬ ‫صومه‪ ،‬وللحياة صومها‪ ،‬حتى‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال�� ِّر���س��االت وك��� ّل أالن��ب��ي��اء‪ .‬واهلل تعاىل يف � َّي ٍام كهذه‪ّ � ،‬يام ح ّر‪� ،‬و عندما يطول‬
‫ولو على أ�نف�سهم‪.‬‬ ‫عندما فر�ض على ال َّنا�س هذا الواجب‪ ،‬ال��ي��وم‪ ،‬وق��د ورد يف احلديث عن ر�سول‬
‫ال�صائمون احلقيق ّيون‬ ‫لذلك‪ ،‬أ� ّيها أالح ّبة‪ّ ،‬‬ ‫نتّقي كلّ ما يسيء إلى عقولنا‬
‫وقلوبنا وحياتنا‪..‬‬ ‫ال�صيام يف أ� ّي���ام احل�� ّر‪:‬‬ ‫ف�إ ّنه مل يرد تعقيدَ حياتهم‪ ،‬وال من َعهم من اهلل(����ص) يف ّ‬
‫ال�ضعفاء ا ّلذين يكتفون من‬ ‫لي�سوا هم ّ‬ ‫«ال�صيام يف احل ّر جهاد»‪ ..‬وعنه(�ص)‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫�صيامهم برتك الطعام وال�شراب وما �إىل‬ ‫ّ‬ ‫حتقيق مل ّذاتهم‪ ،‬بل هو احلري�ص عليهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َ«م��نْ �صام هلل ع��ز وج��ل يف �شدّة احل�� ّر‪،‬‬
‫ذلك من املفطرات وكفى‪ ،‬بل هم أ��صحاب‬ ‫ملك‬
‫���ف ٍ‬ ‫يريد لهم اخل�ير ك�� َّل اخل�ير‪ ،‬يف الدّنيا ف أ��صابه ظ��م أ���‪َ ،‬و ّك َ���ل ُ‬
‫اهلل ب�� ِه أ�ل َ‬
‫وال���� ّ���ش���ه���وات وامل�����ص��ال��ح ال�����ش��خ�����ص�� ّي��ة‪،‬‬ ‫و آالخرة‪..‬‬
‫الرادات القو ّية‪ ،‬ا ّلذين ي�صربون على‬ ‫إ‬ ‫ويب�شرونه‪ ،‬حتى �إذا أ�فطر‬ ‫ال�سبيل للوقاية من ال َّنار‪ ،‬مي�سحون وجهه ّ‬
‫فاخل�ضوع ينبغي أ�ن ي��ك��ون هلل وح��ده‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫هو‬ ‫فال�صوم‬ ‫َّ‬
‫�شهواتهم‪ ،‬ويح ّركون �إراداتهم يف اجتاه‬ ‫ح���ي���ث ورد يف احل����دي����ث ع����ن ر����س���ول �صائم ًا قال اهلل ع ّز وج ّل له بل�سان حم ّبته‬
‫بحيث يكون هو املح ّرك إلرادت��ن��ا‪ ،‬ولك ّل‬
‫ر���ض��وانٍ م��ن اهلل أ�ك�ب�ر‪ ،‬حتى ل��و قامت‬ ‫بال�صوم‪ ،‬ف�إ ّنه ُج ّنة وتقدير عمله‪ :‬ما أ�طيب ريحك وروحك!‬
‫فال�صوم يد ّربك على‬ ‫تفا�صيل حياتنا‪ّ ..‬‬ ‫اهلل(���ص)‪« :‬عليك ّ‬
‫وع��ر���ض��ت عليهم‬ ‫ال�� ّدن��ي��ا يف مواجهتهم ُ‬ ‫ا�شهدوا �إنيّ قد غفرت له»‪.‬‬
‫أ�ن تقول لنف�سك «ال» عندما يريد اهلل‬ ‫من ال ّنار»‪..‬‬
‫املغريات‪..‬‬ ‫�����ص��وم ي�صل ال�� ّن��ا���س �إىل اجل�� ّن��ة‪ ،‬أ� ّي��ة قيم ٍة هي ه��ذه القيمة ا ّلتي يح�صل‬
‫وهذا ما حر�صت أالحاديث ّ‬ ‫منك ذل��ك‪ ،‬و أ�ن تقول لها «نعم» عندما‬ ‫وب��ال ّ‬
‫ال�شريفة على‬ ‫ال�صابرون من‬ ‫ال�صائمون ّ‬ ‫قال(�ص)‪�« :‬إنّ للج ّنة باب ًا ُيدعى الريان‪ ،‬عليها أ�ولئك ّ‬
‫تكون احلاجة خا�ضع ًة إلرادة اهلل‪ ،‬ويبقى‬
‫ال�صيام هو اجتناب‬ ‫أ�ن ت ؤ� ّكده‪ ،‬وهو أ�نّ ّ‬ ‫املقيا�س يف أالمر وال ّنهي لها‪ ،‬هو االلتزام‬ ‫ال�شم�س‬ ‫ال�صائمون‪ ،‬ف���إذا دخل أ�جل هلل‪ ،‬ا ّلذين يعملون حتت أ��ش َّعة َّ‬
‫احل����رام ك��م��ا ه��و ام��ت��ن��اع ع��ن ال ّ��ط��ع��ام‬ ‫ال يدخل منه � إ ّال ّ‬
‫ب��ال��واج��ب��ات‪ ،‬واالن��ت��ه��اء ع��ن امل��ح�� ّرم��ات‪،‬‬ ‫بالعمال ال�شا َّقة‪ ،‬أ�و‬ ‫�آخ��ره��م أُ�غ��ل��ق ال��ب��اب»‪ ..‬وه��ي الفري�ضة املحرقة‪ ،‬ويقومون أ‬
‫قد�سي‪« :‬من‬ ‫ّ‬ ‫وال�شراب‪ ..‬وورد يف حديث‬ ‫ّ‬ ‫خا�ص ًة به‪ ،‬وتك ّفل ا ّلذين يتنقلون يف �س ّياراتهم غري املك ّيفة‬
‫والقيام بك ّل امل�س ؤ�ول ّيات التي حدّدها اهلل‬ ‫ا ّلتي اعتربها اهلل تعاىل ّ‬
‫مل ت�صم جوارحه عن حمارمي‪ ،‬فال حاجة‬ ‫ال�شديد‪...‬؟! فهنيئ ًا لهم‬ ‫ب�إعطاء ال ّثواب عليها‪ ،‬وهو الكرمي ا ّلذي يف ه��ذا احل�� ّر ّ‬
‫الرب احلري�ص علينا أ�كرث من‬ ‫لنا‪ ،‬هذا ّ‬
‫يل يف أ�ن يدع طعامه و�شرابه»‪ ..‬وهذا ما‬ ‫ال تنفد خزائنه‪ ،‬فقد ورد يف احلديث هذا التّعوي�ض من ر ّبهم ال ّرحيم‪ ،‬الكرمي‬
‫حر�صنا على أ�نف�سنا‪.‬‬

‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬


‫الم��ام زين العابدين(ع)‬ ‫كان يدعو به إ‬
‫العدو ي�ؤ�س�س لحروب جديدة في المنطقة‬ ‫اخلطبة السياسية‬ ‫هم‬ ‫ّ‬
‫عند ا�ستقباله �شهر رم�����ض��ان‪« :‬الل ّ‬
‫بكف اجل���وارح عن‬ ‫و أ�ع�� ّن��ا على �صيامه ّ‬
‫معا�صيك‪ ،‬وا�ستعمالها فيه مبا ير�ضيك‪،‬‬
‫حتى ال ن�صغي ب أ��سماعنا �إىل لغ ٍو‪ ،‬وال‬
‫ن�سرع ب أ�ب�صارنا �إىل له ٍو‪ ،‬وحتى ال نب�سط‬
‫ال تذهب �إىل املحتاجني يف أ�فغان�ستان‬ ‫أ�يدينا �إىل حمظور‪ ،‬وال نخطو ب أ�قدامنا‬
‫وباك�ستان وغ�يره��ا‪ ،‬ممن هجم عليهم‬ ‫�إىل حم��ج��ور (مم��ن��وع)‪ ،‬وح��ت��ى ال تعي‬
‫ال��ع��دو‪ ،‬أ�و ك��ان��وا فري�سة للفي�ضانات‪،‬‬ ‫لعبة االمم في فلسطني‪:‬‬ ‫بطوننا �إال ما أ�حللت‪ ،‬وال تنطق أ�ل�سنتنا �إال‬
‫والفقر الذي يالحقهم عند كل منعطف‬ ‫يف فل�سطني املحتلة تو�شك لعبة أالمم‬ ‫مبا م ّثلت (ب ّينت)‪ ،‬وال نتك ّلف �إال ما يدين‬
‫ومفرتق‪.‬‬ ‫أ�ن تطبق على ال�سلطة الفل�سطينية‬ ‫من ثوابك‪ ،‬وال نتعاطى �إال ا ّلذي يقي من‬
‫العراق‪ :‬حلماية الوحدة الداخلية‬ ‫ل��ت�����س��ق��ط ث��م��رة ن��ا���ض��ج��ة يف قب�ضة‬ ‫عقابك»‪..‬‬
‫�إننا نقول للجميع‪� ،‬إن عليهم أ�ال يخ�شوا‬ ‫امل�شروع أالمريكي ال�صهيوين‪ ،‬ال�ساعي‬ ‫وم����ن خ��ل�ال ذل����ك ن��ف��ه��م أ�نّ ال��ق��ي��ام‬
‫خروج ًا للمحتل من أ�ي موقع من املواقع‬ ‫�إىل متييع الق�ضية الفل�سطينية بجولة‬ ‫بالواجبات وت��رك املح ّرمات بنا ًء على‬
‫ال�سالمية‪ ،‬بحجة حدوث فراغ‬ ‫العربية و إ‬ ‫جديدة من املفاو�ضات املبا�شرة التي‬ ‫ال�صيام‬ ‫�إراد ٍة قو ّي ٍة �صلبة‪ ،‬يح ّقق هدف ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ؤ‬ ‫�ستمل ال��ف��راغ يف ال��وق��ت ال�سيا�سي‬ ‫أ‬
‫ال ميكن مل�ه‪ ،‬لننا نعتقد �ن كل احللول‬ ‫وا ّلذي ألجله كان‪ ،‬وهذا ما أ��شار �إليه اهلل‬
‫هي أ�ف�ضل من وجود االحتالل الذي جلب‬ ‫ال�ضائع‪ ،‬ومتتد ل�شهور و�سنوات حتى‬ ‫تعاىل عندما قال يف كتابه املجيد‪} :‬يا‬
‫القتل والفقر والدمار للمنطقة كلها‪ ،‬أ‬ ‫متل امل�ستوطنات البقية الباقية من‬ ‫أ‬
‫ولن‬ ‫املنطقة بعد االنتكا�سات التي تعر�ض لها‪،‬‬ ‫ال�صيام‬ ‫أ�يها ا ّلذين �آمنوا ُكتب عليكم ّ‬
‫أالم��ة ال ميكن أ�ن تتن ّف�س ه��واء احلرية‬ ‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬وتُنهي ملف القد�س‪،‬‬ ‫كما ُكتب على ا ّل��ذي��ن من قبلكم لع ّلكم‬
‫بفعل �ضغط املقاومة على االح��ت�لال يف‬ ‫وليدخل م�شروع الدولة الفل�سطينية‬
‫وال�سيادة والكرامة احلقيقية حتت حراب‬ ‫العراق و أ�فغان�ستان‪ ،‬وبعدما ا�ستطاعت‬ ‫تتّقون{‪.‬‬
‫املحتل‪.‬‬ ‫امل�ستقلة يف الغيبوبة التاريخية التي‬ ‫الرادة الدّاخل ّية‬ ‫فالتّقوى لي�ست �إال تلك إ‬
‫امل��ق��اوم��ة يف ل��ب��ن��ان �إج��ه��ا���ض امل�����ش��روع‬ ‫ال جم���ال فيها للحياة ع��ل��ى م�ستوى‬
‫ون��ح��ن باملنا�سبة ن��دع��و العراقيني �إىل‬ ‫ال�صهيوين ال��ذي كان يتطلع لتدمري كل‬ ‫الن�سان يقف عند حدود اهلل‪،‬‬ ‫ا ّلتي جتعل إ‬
‫ال�سراع يف‬ ‫حماية وحدتهم الداخلية‪ ،‬و إ‬ ‫امل�ستقبل‪...‬‬ ‫بحيث ال يجده حيث نهاه‪ ،‬وال يفقده حيث‬
‫حاالت املمانعة واملقاومة يف املنطقة من‬ ‫وهكذا تربز اجلامعة العربية بثوبها‬
‫اخلطوات التي من � أش�نها �إخراج املحتل‬ ‫خالل حربه الفا�شلة على لبنان ومقاومته‬ ‫َأ� َم َره‪ ..‬والتّقوى هي أ�ن ال تقدّم رج ًال وال‬
‫أالمريكي من أ�ر�ضهم‪ ،‬ألن كاهل االحتالل‬ ‫احلقيقي ك أ�داة يف يد امل�شروع الغربي‬ ‫ت ؤ��� ّخ��ر أ�خ��رى حتى تعلم أ�نّ يف ذل��ك هلل‬
‫يف متوز من العام ‪2006‬م‪.‬‬ ‫يف عملية ال�����ض��غ��ط امل��درو���س��ة على‬
‫عندما يرتفع عن �صدور العراقيني فمن‬ ‫ر�ضى‪ ..‬والتّقوى هي أ�ن ُيطاع اهلل فال‬
‫� أ‬
‫��ش���ن ذل��ك أ�ن ينعك�س �إي��ج��اب�� ًا على كل‬ ‫أتون اللعبة املذهبية‪:‬‬ ‫الفل�سطينيني ل��ل��ذه��اب �إىل جحيم‬ ‫ُيع�صى‪ ،‬و ُيذكر فال ُين�سى‪ ،‬و ُي�شكر فال‬
‫ال���س�لام��ي��ة امل��ج��اورة‬
‫امل��واق��ع العربية و إ‬ ‫و�إىل جانب ذلك ندرك متام ًا أ�ن احلملة‬ ‫امل��ف��او���ض��ات امل��ب��ا���ش��رة‪ ،‬ن����زو ًال عند‬ ‫ُيكفر‪ ..‬والتّقوى هي أ�ن تقول احلقّ فيما‬
‫للعراق‪ ،‬ال بل على م�ستوى أالمة كلها‪.‬‬ ‫أالمريكية ـ أالوروب��ي��ة على اجلمهورية‬ ‫ال�شروط ال�صهيونية التي أ�ك��د عليها‬ ‫لك وفيما عليك‪.‬‬
‫ال�سالمية يف �إي��ران‪ ،‬حتت عنوان القلق‬ ‫إ‬ ‫العدو منذ البداية‪ ،‬وهي التفاو�ض دون‬
‫لبنان‪ :‬حذار من كمني اللعبة الدولية‬ ‫أ‬ ‫للصوم‬
‫املفهوم األوسع ّ‬
‫أ�ما يف لبنان‪ ،‬ف�إننا يف ظل هذه املعمعة‬
‫الي��راين‬‫من �ن يذهب امل�شروع النووي إ‬ ‫�شروط م�سبقة‪ ،‬ما يعني أ�ن مبادرة‬
‫يف اجت��اه��ات ع�سكرية‪ ،‬ه��ي ج���زء من‬ ‫الرباعية ال��دول��ي��ة التي يتم�سك بها‬ ‫ال�صوم‪ ،‬لنع�شه‬ ‫لنو�سع دائرة ّ‬ ‫أ� ّيها أالحبة‪ّ :‬‬
‫ال�سجالية ال��ت��ي ال تنتهي ف�صو ًال حول‬ ‫هذا املخطط الرامي �إىل ت�سليط ال�ضوء‬ ‫يف عقولنا‪ ،‬وندخله �إىل ك�� ّل م�شاعرنا‬
‫اجلانب الفل�سطيني الر�سمي لن تكون‬
‫اليحاءات اخلارجية‬ ‫املحكمة الدولية‪ ،‬و إ‬ ‫على حركات املقاومة واملمانعة‪ ،‬و�إظهار‬ ‫�إال ورقة التوت التي لن ت�ستطيع �إخفاء‬ ‫و أ�حا�سي�سنا‪ ،‬ولنح ّركه يف ك�� ّل تفا�صيل‬
‫التي ُيراد للبلد أ�ن ي�سري يف فلكها‪ ،‬ندعو‬ ‫ح��ي��ات��ن��ا‪ ،‬ليكن للعقل ���ص��وم��ه‪ ،‬وللقلب‬
‫امل�س ؤ�ولني جميع ًا �إىل حت ّمل م�س ؤ�ولياتهم‬ ‫اللعبة كلها يف الذهاب �إىل نفق الت�سوية‬
‫اال�ست�سالمية مع ما يعنيه ذل��ك من‬ ‫�صومه‪ ،‬وللحياة �صومها‪ ،‬حتى نتّقي ك ّل‬
‫يف حماية البلد ووح��دت��ه وع��دم الوقوع‬ ‫نخشى من أ ن تكو ن‬ ‫ما ي�سيء �إىل عقولنا وقلوبنا وحياتنا‪..‬‬
‫�إجها�ض حلقوق الفل�سطينيني داخل‬
‫يف كمني اللعبة الدولية ال�ساعية إلحراق‬ ‫ا حملكمة ا لد و لية ا لتي‬ ‫فل�سطني املحتلة وخارجها‪...‬‬ ‫وال نكون من ه ؤ���الء ا ّل��ذي��ن أ����ش��ار �إليهم‬
‫لبنان أ�و ال�ستخدامه كحطب يف مدافئ‬ ‫تتحضر لتقدمي قرارها الظني‬
‫ّ‬ ‫�صائم لي�س له من �صيامه‬ ‫«رب ٍ‬ ‫احلديث‪ّ :‬‬
‫املنطقة ولهيبها امل�شتعل‪ ،‬وندعو احلكومة‬ ‫املخطط الدولي الكبير يستهدف‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫�إال اجل��وع والعط�ش»‪« ..‬ما �ق��ل ال�ص ّوام‬
‫بنسخته اإلسرائيلية‪ ،‬هي جزء‬
‫�إىل القيام بواجباتها أال�سا�سية املت�صلة‬ ‫من املخطط الدولي الكبير‪،‬‬
‫األمة‪:‬‬ ‫و أ�كرث اجل ّواع»‪.‬‬
‫ب��خ��دم��ات ال��ن��ا���س وبحياتهم اليومية‪،‬‬ ‫أ‬
‫�إن اخل��ط��ورة تكمن يف �ن االن��زالق��ة‬ ‫أ� ّي��ه��ا أالح�� َّب��ة‪ :‬ه��ا ه��و �شهر رم�ضان قد‬
‫وخ�صو�ص ًا الكهرباء واملياه واملوا�صالت‪،‬‬ ‫الذي يسعى إليجاد رافعة‬ ‫اجلديدة لن تك�سر ظهر الفل�سطينيني‬ ‫بكل بركاته ورحمته وغفرانه‬ ‫أ�قبل �إلينا ِّ‬
‫ألننا نخ�شى أ�ن يتحول كل هذا ال�ضجيج‬ ‫جديدة له في املنطقة‬ ‫فح�سب‪ ،‬بل �ستكون ج�سر ًا للعدو لكي‬ ‫وع��ط��اءات��ه‪ ،‬ف�لا ن�ض ِّيع ه���ذه الفر�صة‬
‫�إىل م��ه��رب ي��خ��رج فيه امل�����س ؤ���ول��ون من‬ ‫يذهب م��ن خالله بعيد ًا يف م�شاريع‬ ‫ال ّثمينة ا ّلتي قد ال تتك َّرر للواحد م َّنا‪� ..‬إنَّ‬
‫م�س ؤ�وليات ليلقوا بتبعات تق�صريهم على‬ ‫أ�ن��ه��ا متثل اخل��ط��ر على ���س�لام املنطقة‬ ‫عدوانية جديدة على املنطقة العربية‬ ‫علينا أ�ن ال ن�ستهلك �شهر رم�ضان ب أ�جواء‬
‫الو�ضع ال�سيا�سي العام‪ .‬ويف ذلك مزيد من‬ ‫و أ�منها إلعطاء الكيان ال�صهيوين املزيد‬ ‫ال���س�لام��ي��ة‪ ،‬ورمب���ا ي��ك��ون لبنان هو‬ ‫و إ‬ ‫الفطار‪ ،‬وما أ�ع�� َّد فيها‬ ‫امل آ���دب وحفالت إ‬
‫الره��اق للنا�س وخ�صو�ص ًا امل�ست�ضعفني‬ ‫إ‬ ‫أ‬
‫ال�ساحة التي يقرر العدو �ن ينفذ منها‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫من أ�جواء له ٍو ه ّي أ�ته لنا و�سائل إ‬
‫الع��داد‬
‫من الفر�ص لتبيي�ض �صورته‪ ،‬و إ‬
‫الذين حملوا أ�عباء البلد يف أ�يام احلرب‬ ‫جل����والت ع��دوان��ي��ة ج���دي���دة‪ ،‬وم���ن هنا‬ ‫يف ظ ّل ا�ستباحته له أ�مني ًا وا�ستخباري ًا‪،‬‬ ‫وما ُيعر�ض فيها مما ي�شغلنا عن أ�نف�سنا‬
‫والزم��ات و ُي��راد لهم أ�ن يدفعوا أالثمان‬ ‫أ‬ ‫ميكننا أ�ن نفهم خ��ط��ورة االن�سياق يف‬ ‫ومع عدوانه وخروقاته املتوا�صلة عليه‪،‬‬ ‫وع��ن بنائها و�إع���ادة ال ّنظر بواقعنا وما‬
‫م�ضاعفة يف املراحل الالحقة‪..‬‬ ‫اللعبة املذهبية التي ت�س ّوق لها الكثري من‬ ‫م��ا يعني أ�ن ال��ع��دو ي ؤ������س�����س حل��روب‬ ‫الع��داد له‪ ،‬حتى ن�صل من خالل‬ ‫ينبغي إ‬
‫أ�يها امل�س ؤ�ولون‪ ،‬أ�يها احلاكمون‪ ..‬اتقوا يف‬ ‫الع�لام‪ ،‬ومن الف�ضائيات التي‬ ‫جديدة يف الوقت ال��ذي يفتح العرب‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال�شهر �إىل �ن نكون ال ّم��ة الواعية‬ ‫هذا ّ‬
‫و�سائل إ‬ ‫أ�مامه أ�بواب اال�ست�سالم م�شرعة على‬
‫كل ه ؤ�الء الذين حملوا كل هذه أالعباء‪،‬‬ ‫أ��صبحت �سيف ًا م�سلط ًا على أالمة‪ ،‬يف كل‬ ‫والف���راد ال��واع�ين‪ ،‬ا ّل��ذي��ن يح ّركون ك ّل‬ ‫أ‬
‫وي��راد لهم أ�ن يحملوا أ�عباء جديدة يف‬ ‫احل�سا�سيات والع�صبيات التي تُثار خدم ًة‬ ‫كافة االجتاهات واالحتماالت‪..‬‬ ‫أ‬
‫م�سو�ل ّياتهم يف احلياة‪ ،‬وي�صربون �مام‬ ‫ؤ‬
‫أ��شد حاالت احلرب والقي�ض‪ ..‬اتقوا اهلل‬ ‫للم�شروع املعادي‪ ،‬وك أ�ن م�صائب أالمة يف‬ ‫ول��ذل��ك ف���إن��ن��ا نخ�شى م��ن أ�ن تكون‬ ‫التحدّيات الكثرية التي تواجههم‪.‬‬
‫يف عباده وب�لاده‪ ،‬ف�إنكم م�س ؤ�ولون حتى‬ ‫تكالب آالخرين عليها ال تكفيها حتى تُقام‬ ‫تتح�ضر لتقدمي‬ ‫ّ‬ ‫املحكمة الدولية التي‬ ‫هم أ�ع ّنا على �صيامه وقيامه وبلوغ‬ ‫«ال ّل ّ‬
‫عن البقاع والبهائم‪.‬‬ ‫العالمية وال�سيا�سية‬ ‫ال�سرائيلية‪،‬‬ ‫إ‬ ‫بن�سخته‬ ‫قرارها الظني‬ ‫أالم���ل فيه ببلوغ ر�ضوانه وج ّنته‪ � ،‬إ ّن��ك‬
‫غ��رف العمليات إ‬ ‫هي جزء من املخطط الدويل الكبري‪،‬‬
‫ؤ‬
‫ال���س�لام��ي على ر�و���س‬ ‫لتهدمي الهيكل إ‬ ‫�سميع جميب الدّعاء»‪.‬‬
‫المامني‬
‫*تلقى ظهر اليوم يف م�سجد إ‬ ‫اجلميع‪ ،‬يف عملية تكفري ممنهجة‪ ،‬تُنفق‬ ‫الذي ي�سعى إليجاد رافعة جديدة له يف‬
‫احل�سنني(ع)‬ ‫فيها مئات املاليني من ال���دوالرات التي‬

‫‪11‬‬ ‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله‬
‫فنحن نتحدّث مع أ�زواجنا و أ�والدنا و�آبائنا‬ ‫ ‬
‫و أ� ّمهاتنا و أ��صدقائنا‪ ،‬ولكنّ اهلل يريد أ�ن‬
‫يكون حديثنا معه أ�ك�ثر من حديثنا مع‬
‫ه ؤ�الء أ�و مع غريهم‪ ،‬انطالق ًا من حقيقة‬
‫دور الدّعاء في �شهر رم�ضان‬
‫أ�نّ �صلتنا باهلل أ�كرب من �صلتنا ب أ� ّي أ�حد‬
‫���س��واه‪ ...‬ف�صلتنا ب آ�بائنا و أ� ّمهاتنا هي‬ ‫العبادة املتحركة‪:‬‬
‫ال�سالم ّية‬ ‫باخت�صار‪ ،‬للدّعاء يف الرتبية إ‬ ‫الظاهرة في شهر رمضان‪ ،‬في ما‬ ‫قد يكون الدّ عاء من أبرز األعمال العباديّة ّ‬
‫أ� ّنهم كانوا الو�سيلة لوجودنا‪ ،‬و أ� ّنهم قاموا‬ ‫الشهر‪ ،‬حتى يشعر اإلنسان بأنّ هناك شمو ًال‬ ‫ميارسه املؤمنون في سائر أوقات ّ‬
‫برتبيتنا ورعايتنا‪ ،‬يف ما قدّرهم اهلل على‬ ‫معنى العبادة املتح ّركة املفتوحة على‬
‫ذلك‪ ،‬وهكذا �صالتنا ب أ�والدنا‪ ،‬ا ّلذين هم‬ ‫ك ّل أالو�ضاع‪ ،‬فال يحدّها زمان‪ ،‬كما هي‬ ‫في ما ينبغي للمرء أن يدعو به‪ ،‬فهناك دعاء لأليّام‪ ،‬ويقابله دعاء للّيالي‪ ،‬وهناك‬
‫فلذات أ�كبادنا‪ ،‬أل ّننا ك ّنا أالداة لوجودهم‬ ‫وال�صوم الواجب‪ ،‬وال‬ ‫ال�صالة املفرو�ضة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصالة والفطور والسّ حور‪ ،‬ولغير ذلك‪...‬‬
‫للصباح وللسّ حر وألوقات ّ‬ ‫أدعيةٌ ّ‬
‫ونتح ّمل م�س ؤ�ول ّياتهم‪ ...‬وهكذا أالمر مع‬ ‫فللن�سان‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫احلج‬
‫ّ‬ ‫هو‬ ‫كما‬ ‫مكان‪،‬‬ ‫يحتويها‬
‫ال ّنا�س آالخرين ك ّلهم‪.‬‬ ‫ال�صباح ويف امل�ساء يف ك ّل �آنٍ‬ ‫أ�ن يدعو يف ّ‬
‫أ� ّما �صلتنا باهلل‪ ،‬فهي أ� ّنه (تعاىل) ميلك‬ ‫من �آناء ال ّليل وال ّنهار‪ ،‬وله أ�ن يدعو اهلل‬
‫وجودنا‪ ،‬أل ّنه أ��سا�س الوجود‪ ،‬وميلك ك ّل‬ ‫قائم ًا وقاعد ًا أ�و م�ستلقي ًا على جنبه‪ ،‬وله‬
‫ما يتّ�صل بهذا ال��وج��ود‪ ...‬ويف القر�آن‬ ‫يوم ويف‬ ‫أ�ن ينفتح على اهلل يف ذلك يف ك ّل ٍ‬
‫نقر أ�‪ُ } :‬ق ْ��ل َأ� َر َأ� ْي�� ُت ْ��م ِ� إن َج َع َل اللهَّ ُ َع َل ْي ُك ُم‬ ‫�شهر ويف ك ّل �سنة‪ ...‬ليعي�ش احل�ضور‬ ‫ك ّل ٍ‬
‫ال َّل ْي َل َ�س ْر َمد ًا ِ� إلىَ َي�� ْو ِم ا ْل ِق َي َام ِة َم��نْ ِ� إ َل�� ٌه‬ ‫يح�س‬ ‫ال���دّائ���م م��ع��ه ���س��ب��ح��ان��ه‪ ،‬ح��ي��ث ّ‬
‫َغ�ْي�رْ ُ اللهَّ ِ َي ْأ� ِتي ُكم ِب ِ�ض َياء َأ� َف�َلتاَ ت َْ�س َم ُعونَ‬ ‫بوجوده �إح�سا�س ال ّلقاء املبا�شر‪ ،‬متام ًا‬
‫* ُق ْل َأ� َر َأ� ْيت ُْم ِ� إن َج َع َل اللهَّ ُ َع َل ْي ُك ُم ال َّن َها َر‬ ‫يح�س به ويتط ّلع �إليه‪ ،‬وقد‬ ‫كما لو كان ّ‬
‫َ�س ْر َمد ًا ِ� إلىَ َي�� ْو ِم ا ْل ِق َي َام ِة َم��نْ ِ� إ َل��� ٌه َغ�ْيُرْ ُ‬ ‫�سالمي يف الدّعاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫يحدث للتّوجيه‬
‫اللهَّ ِ َي ْأ� ِتي ُكم ِب َل ْي ٍل ت َْ�س ُك ُنونَ ِفي ِه َأ� َفلاَ ُت ْب ِ�ص‬ ‫أ‬
‫الن�سان امل�من �ن يدعو‬ ‫ؤ‬ ‫أ�ن يطلب من إ‬
‫ُرونَ {(الق�ص�ص‪71:‬ـ‪ُ } ،)72‬ق ْل َأ� َر َأ� ْيت ُْم‬ ‫اهلل يف زم��انٍ معينّ ‪ ،‬مما يريد اهلل فيه‬
‫�إِنْ َأ� ْ�ص َب َح َما ُ ؤ� ُك ْم َغ ْور ًا َف َمن َي ْأ� ِتي ُكم بمِ َ اء‬ ‫له أ�ن يتف ّرغ �إليه يف ليله ونهاره‪ ،‬من أ�جل‬
‫َّم ِع ٍني{(امللك‪.)30:‬‬ ‫الميان ّية‬ ‫الو�صول به �إىل بع�ض ال ّنتائج إ‬
‫وه��ك��ذا‪ ،‬ف���إنّ عالقتنا ب��اهلل تتّ�صل بك ّل‬ ‫ال��ك��ب�يرة‪ ،‬أ�و حتقيق التّعبئة ال�� ّروح�� ّي��ة‬
‫عن�صر من عنا�صر وجودنا‪ ،‬وهي متت ّد‬ ‫ٍ‬ ‫التي تلتقي بفري�ض ٍة مع ّين ٍة مما فر�ضه‬
‫�إىل م��ا بعد وف��ات��ن��ا‪ ،‬م��ن خ�لال �إمياننا‬ ‫الن�سان‪ ،‬للح�صول على بع�ض‬ ‫اهلل على إ‬
‫والفكر ّية بطريق ٍة �إيحائ ّي ٍة رائعة‪ ...‬وال‬ ‫وقد تن ّوعت أ��ساليب الدّعاء وم�ضامينه‪،‬‬
‫باهلل وباليوم آالخ��ر‪ ...‬فهو ا ّلذي يرعانا‬ ‫ال�شخ�ص ّية‬ ‫ال�سالم ّية يف بناء ّ‬ ‫أالهداف إ‬ ‫يف ما حفلت به أالح��ادي��ث امل أ���ث��ورة من‬
‫ال�سالم ّية‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ب َّد يف ذلك ك ّله‪ ،‬من االنطالق بالدّعاء يف‬
‫يف القرب‪ ،‬وهو ا ّل��ذي يرعانا يف احل�شر‪،‬‬ ‫فكره و�شعوره‪ ،‬قبل االنطالق به يف ل�سانه‪،‬‬ ‫نوع ّيات أالدعية‪ ،‬ويف ما و�ضعه امل ؤ� ّلفون‬
‫وهو ا ّلذي يرعانا يف ج ّنته ويف ر�ضوانه‪...‬‬ ‫وذلك كما هي احلال يف �شهر رم�ضان‬
‫حتى تكتمل له هذه ال ّنتائج احلا�سمة‪...‬‬ ‫والعلماء من ذلك ك ّله‪ ...‬فهناك أالدعية‬
‫بل �إنّ رحمته ال تنقطع ع ّنا يف أ� ّية حلظة‪،‬‬ ‫ا ّل���ذي وردت فيه ال ّن�صو�ص الكثرية‬
‫روري للعاملني يف حقل‬ ‫ال�ض ّ‬ ‫ورمبا كان من ّ‬ ‫الن�سان يف امل�شاعر‬ ‫التي ي�ستغرق فيها إ‬
‫وم��ن ثم يقول بع�ض العلماء‪� ،‬إنّ خ�شية‬ ‫ا ّلتي تتحدّث عن ا�ستحباب أ�ن ي أ�خذ‬
‫الدّعوة �إىل اهلل‪ ،‬أ�ن يثريوا ك ّل هذه املعاين‬ ‫ال ّذاتية التي يواجه فيها ذنوبه بني يدي‬
‫ال�� ّن��ا���س م��ن ال��ق�بر ه��ي أ�ك�ث�ر م��ن احل�� ّد‬ ‫الن�سان ب أ��سباب الدّعاء يف ليله ونهاره‬ ‫إ‬
‫يف �آف����اق ال���دّاع�ي�ن‪ ،‬يف جم���ال املوعظة‬ ‫اهلل‪ ،‬وا ّل��ت��ي يعبرّ فيها ع��ن حم ّبته هلل‪،‬‬
‫الن�سان ا ّل��ذي ينفتح على‬ ‫ال�ل�ازم‪ ،‬ألنّ إ‬ ‫وقت من هذه‬ ‫و�سحوره‪ ،‬بحيث كان لك ّل ٍ‬ ‫وخوفه منه‪ ،‬ويلتقي فيها بح�ساباته يف‬
‫يخت�ص به ويتنا�سب‬ ‫ّ‬ ‫أالوقات دعاء مم ّيز‬ ‫والدّعوة والتبليغ والرتبية‪ ،‬لي ؤ� ّكدوا ذلك‬
‫رحمة اهلل‪ ،‬ي�شعر ب أ���نّ اهلل هو ال ّرحمن‬ ‫ك ّله يف نفو�سهم‪ ،‬وليخرجوهم من آالفاق‬ ‫ما يفعله ويف ما يرتكه من عمله‪ ،‬ت�صفي ًة‬
‫ال ّرحيم يف الدّنيا‪ ،‬وهو ال ّرحمن ال ّرحيم‬ ‫مع طبيعة أالج��واء املحيطة به‪ ،‬ليكون‬
‫التقليد ّية اجلامدة �إىل آالف��اق املتح ّركة‬ ‫لل ّنف�س‪ ،‬وفيما ي��ث�يره أ�م���ام نف�سه من‬
‫الن�سان �إىل قربه‪ ،‬ال‬ ‫يف آالخرة‪ ،‬فدخول إ‬ ‫ذلك مك ّم ًال للنتائج التي يح�صل عليها‬
‫الوا�سعة‪ ...‬ورمب��ا ا�ستطاعوا أ�ن ينفذوا‬ ‫تفا�صيل العقيدة يف ما يعتقده من توحيد‬
‫يعني انقطاع رحمة اهلل ـ �سبحانه ـ عنه؛‬ ‫ال�صائم من �صومه يف بناء �إرادته على‬ ‫ّ‬
‫الن�سان ّية امل�سلمة‪ ،‬بهذا‬ ‫�إىل داخل ال ّنف�س إ‬ ‫الميان باليوم آالخر‪،‬‬ ‫اهلل ور�سالة ر�سوله و إ‬
‫بل �إنّ هلل رحم ًة يوم القيامة يتطاول لها‬ ‫أ��سا�س التقوى‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل قراءة القر�آن‬
‫ال�سبيل الذي يلتقي بتقاليدهم ال ّروح ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لي ؤ� ّكد معانيها التف�صيل ّية يف نف�سه‪...‬‬
‫عنق �إبلي�س‪.‬‬ ‫�سالمي‪،‬‬‫ّ‬ ‫ال‬
‫الرادة م�ضمونها إ‬ ‫التي متنح إ‬
‫كما يلتقي بعبادتهم التي يتق ّربون بها �إىل‬ ‫الن�����س��ان نف�سه يف جولة‬ ‫وه��ك��ذا ي��ج��د إ‬
‫من هنا‪ ،‬فقيمة ه��ذه أالدع��ي��ة هي أ� ّنها‬ ‫وتعطي ال��ت��ق��وى حركتها ال�� ّروح�� ّي��ة‪...‬‬
‫اهلل‪ ...‬ألنّ ال ّنف�س تت أ� ّثر بالكثري من أ�جواء‬ ‫وا�سعة يف رح��اب اهلل ويف �آف��اق ال ّنف�س‪،‬‬
‫الح�سا�س‬ ‫الن�سان حال ًة من حاالت إ‬ ‫تعطي إ‬ ‫�����ص��وم وال�� ّدع��اء‬ ‫لل�صائم ب��ال ّ‬ ‫ليتح ّقق ّ‬ ‫ويف أ�و�ضاع احلياة املحيطة به‪ ،‬يف أ��سلوب‬
‫ال�صلبة للبناء‬ ‫ّ‬ ‫القاعدة‬ ‫ن‪،‬‬ ‫آ‬ ‫�‬ ‫وتالوة القر‬ ‫ال�� ّروح‪ ،‬مبا ال تت أ� ّثر به من أ�ج��واء الفكر‬
‫وال�شعور ال��وج��داين بالعالقة م��ع اهلل؛‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫روحي لذيذ يرتفع بال ّنف�س �إىل �سماوات‬ ‫ّ‬
‫ال�سالم‬ ‫القوي املنفتح على فكر إ‬ ‫وحي ّ‬ ‫ال ّر ّ‬ ‫امل��ج�� ّرد‪ ...‬وبذلك ميكن ل�شهر رم�ضان‬
‫فعالقتنا مع اهلل �سبحانه وتعاىل‪ ،‬غالب ًا‬ ‫أ�ن ينطلق من القاعدة ال ّروح ّية الذات ّية‪،‬‬ ‫الن�سان‬ ‫البداع‪ ،‬لي�صنع إ‬ ‫الميان و إ‬ ‫الروح و إ‬
‫ما تكون عالق ًة عقل ّية‪ ،‬لكن لو رجعنا �إىل‬ ‫ال�سالم ّية‪.‬‬ ‫يف طبيعة ال�شخ�ص ّية إ‬
‫�إىل تنمية القاعدة الفكر ّية ال�سيا�س ّية‬ ‫امل�سلم اجلديد‪...‬‬
‫نتح�س�س اهلل يف قلوبنا‪ ،‬كما‬ ‫أ�نف�سنا‪ ،‬هل ّ‬ ‫�إنّ أ�ج����واء �شهر رم�����ض��ان ه��ي أ�ج���واء‬
‫للن�سان امل�سلم‬ ‫واالجتماع ّية‪ ،‬لتتكامل إ‬ ‫االنفتاح على القضايا الكبرى‬
‫نتح�س�س ال ّنا�س يف قلوبنا؟‬ ‫ّ‬ ‫ال�صوم‬ ‫الدّعاء‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل كونها أ�جواء ّ‬ ‫الن�سان يف هذه أالدعية �سبيالً‬
‫وقراءه القر�آن‪ .‬وقد اعترب اهلل �سبحانه‬ ‫�شخ�ص ّيته‪ ،‬وتتح ّقق له من خ�لال ذلك‬ ‫وهكذا يجد إ‬
‫أ‬
‫الن�����س��ان �م��ام��ك‪،‬‬ ‫أ�ن���ت حت��� ّ��س بح�ضور إ‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬يف‬ ‫من �سبل تكوين ال�شخ�ص ّية إ‬
‫وت��ع��اىل ال��� ّدع���اء م��ظ��ه��ر ًا م��ن مظاهر‬ ‫ك ّله الفكرة الوا�سعة وال ّروح ّية ال ّناب�ضة‪،‬‬
‫فتخجل منه وال ت�ستطيع أ�ن تخرج عاري ًا‬ ‫الرادة ال��ق��و ّي��ة‪،‬‬ ‫الن�سان أ�ن ير ّكزه منها‪ ،‬فيلتقي‬ ‫ما يريد إ‬
‫ال��ع��ب��ادة‪ ،‬واع��ت�بر ا ّل��ذي��ن ال ميار�سون‬ ‫وامل�����ش��اع��ر امل��ره��ف��ة و إ‬
‫أ�مام طفل �صغري يبلغ من العمر �سنتني‪،‬‬ ‫فيه اجلانب ال�� ّروح ّ��ي ال��ف��ردّي باجلانب‬
‫الدّعاء م�ستكربين عن عبادته‪َ } :‬و َق َال‬ ‫ال�صامدة التي تتقدّم‬ ‫واملواقف ال ّثابتة ّ‬
‫أل ّن��ك ت�شعر بح�ضوره‪ ،‬ولكن أ�ن��ت تذنب‬ ‫ال�صاعدة يف �سبيل �إع�لاء كلمة‬ ‫وال�سيا�سي‪ ،‬وتتح ّرك املفاهيم‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي‬
‫ّ‬
‫َر ُّب ُك ُم ا ْد ُع��ونيِ َأ� ْ�ست َِج ْب َل ُك ْم �إِنَّ ا َّل ِذينَ‬ ‫املواكب ّ‬
‫وت��ع��م��ل ك��� ّل ���ش��يء أ�م����ام اهلل‪� ،‬سبحانه‬ ‫اهلل يف أالر���ض‪ ،‬والهاتفة أ�ب��د ًا مع دعاء‬ ‫الن�سان‬ ‫إ‬ ‫يحمله‬ ‫ما‬ ‫يف‬ ‫والكبرية‬ ‫ال�صغرية‬
‫ّ‬
‫وتعاىل‪ ،‬أل ّنك ال ت�شعر بح�ضوره‪.‬‬ ‫َي ْ�س َت ْكبرِ ُ ونَ َعنْ ِع َبا َد ِتي َ�س َي ْد ُخ ُلونَ َج َه َّن َم‬
‫االفتتاح‪:‬‬ ‫من عقائد وم�شاعر و أ�فكار‪ ...‬حتى يدخل‬
‫ال�صالة‪ ،‬الفكر‪،‬‬ ‫قراءة القر�آن‪ ،‬أالدعية‪ّ ،‬‬ ‫َاخ ِ��ري��نَ {(غ��اف��ر‪ ،)60 :‬و ُف ّ�سر قوله‬ ‫د ِ‬
‫هم � إ ّن��ا نرغب �إليك يف دول�� ٍة كرمية‪،‬‬ ‫«ال ّل ّ‬ ‫الن�سان يف دور ٍة تربو ّية روح ّية تثقيف ّية‬ ‫إ‬
‫ه��ذه ك ّلها و�سائل ألنّ تتع ّمق م�شاعرك‬ ‫تعاىل‪( :‬عبادتي) بـ(دعائي)‪.‬‬
‫وتذل بها النفاق‬ ‫ال�سالم و أ�هله‪ّ ،‬‬ ‫تع ّز بها إ‬ ‫يعي�ش فيها �آفاق م�س ؤ�ول ّيته الوا�سعة بني‬
‫ب���اهلل‪ ،‬بحيث ت�شعر كما ل��و كنت ت��راه‪:‬‬ ‫الن�سان أ�ن يدعوه يف ك ّل‬ ‫�إنّ اهلل يريد من إ‬
‫و أ�ه��ل��ه‪ ،‬وجتعلنا فيها م��ن ال�� ّدع��اة �إىل‬ ‫يدي اهلل‪ ،‬ليغرتف من هذا الينبوع ما �شاء‬
‫«خف اهلل ك أ� ّنك ت��راه‪ ،‬ف���إن مل تكن تراه‬ ‫ما أ�ه ّمه‪ ،‬من �صغائر المور وكبائرها‪،‬‬ ‫أ‬
‫طاعتك‪ ،‬والقادة �إىل �سبيلك‪ ،‬وترزقنا‬ ‫له اجل ّو أ�ن يغرتف‪ ...‬وبذلك ميكن للم�سلم‬
‫ف�إ ّنه يراك»‪.‬‬ ‫الن�سان مع ر ّبه‬ ‫بحيث تكون جل�سات إ‬ ‫أ�ن يعي�ش تكامل ّ‬
‫فيها كرامة الدّنيا و آالخرة»‪.‬‬ ‫ال�شخ�ص ّية ال�� ّروح�� ّي��ة‬
‫أ�كرث من جل�ساته مع أ�قرب النا�س �إليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫فقه الصوم‬
‫شروط الصوم‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫ي�شرتط يف وجوب ال�صوم على املكلف‪� ،‬و يف �صحته منه‪� ،‬مور‪:‬‬
‫‪ -‬أالول‪ :‬إ‬
‫ال�سالم‬
‫فال يجب ال�صوم على الكافر‪ ،‬و�إذا �صام مل ي�صح منه ومل يقبل‪.‬‬
‫‪ -‬الثاين‪ :‬البلوغ‬
‫أ‬
‫فال يجب ال�صوم على ال�صبي‪ ،‬ولك َّنه �إذا �صام �صح عمله وقبل منه و�ثيب عليه ك�سائر‬
‫الم�ساك �إىل �آخر النهار‬ ‫العبادات‪ ،‬فلو بلغ أ�ثناء النهار ومل يكن �صائم ًا مل يجب عليه إ‬
‫الفطار وبني متابعة ال�صوم‪� ،‬سواء‬ ‫وال ق�ضا ؤ�ه فيما بعد‪ ،‬و�إن كان �صائم ًا فهو خمري بني إ‬
‫نية الصوم‪:‬‬ ‫بلغ قبل الظهر أ�و بعده‪.‬‬
‫‪-‬ما هو الوقت املحدد لنية ال�صيام؟‬ ‫‪ -‬الثالث‪ :‬العقل‬
‫‪-‬يجب أ�ن ال تت أ�خر النية لدى ال�صائم يف �شهر رم�ضان عن طلوع الفجر‪ ،‬ف�إن طلع الفجر‬ ‫أ‬
‫فال ي�صح ال�صوم من املجنون املطبق‪ ،‬وهو الذي ي�ستمر معه اجلنون يف جميع الوقات‪،‬‬
‫عليه وهو غري ناو لل�صيام غفلة أ�و جه ًال ُث َّم تفطن قبل أ�ن ي�ستعمل مفطر ًا‪ ،‬ف�إذا كان‬ ‫وقد ي�صح من املجنون أالدواري الذي يفيق تارة ويجن أ�خرى‪ ،‬كما �سي أ�تي تف�صيله‪.‬‬
‫و�صح منه‪ ،‬و�إن كان بعد الزوال نوى ال�صوم وظ ّل مم�سك ًا‬ ‫تذكره قبل الزوال نوى ال�صوم ّ‬ ‫‪ -‬الرابع‪ :‬اخللو من احلي�ض والنفا�س‬
‫ُث َّم يق�ضي بعد ذلك على أالحوط وجوب ًا‪ .‬و أ� ّما �إذا كان قد ا�ستعمل املفطر يف حال غفلته‬ ‫ف�إنَّ املر أ�ة احلائ�ض والنف�ساء ال ي�صح منهما ال�صوم خالل الفرتة ال�شرعية للحي�ض‬
‫وجهله فعليه أ�ن مي�سك ت�شبه ًا بال�صائمني ُث َّم يق�ضيه بعد ذلك‪ .‬و�إن طلع الفجر عليه‬ ‫والنفا�س‪.‬‬
‫وهو غري نا ٍو لل�صيام عن تعمد وع�صيان ُث َّم تاب يف أ�ثناء النهار فعليه أ�ن مي�سك ت�شبه ًا‬ ‫‪ -‬اخلام�س‪ :‬عدم ال�سفر‬
‫بال�صائمني ُث َّم يق�ضيه بعد ذلك‪.‬‬ ‫أ‬
‫املوجب لق�صر ال�صالة‪ ،‬دون ما ال يوجب ذلك‪ ،‬مثل �سفر املع�صية‪� ،‬و �سفر من عمله‬
‫القامة‪ ،‬ونحوه‪.‬‬ ‫ال�سفر‪ ،‬أ�و ناوي إ‬
‫مكروهات الصيام‬ ‫الفطار وبطل �صومه حتى لو ظ ّل مم�سك ًا �إىل‬ ‫‪�-‬إذا �سافر ال�صائم قبل الظهر لزمه إ‬
‫‪-‬ما هي مكروهات ال�صيام؟‬ ‫الغروب‪ ،‬أ� ّما �إذا �سافر بعد الظهر فال يجوز له االفطار‪ ،‬وي�صح �صوم ذلك النهار منه‪،‬‬
‫‪ -‬يكره لل�صائم مالم�سة امل��ر أ�ة وتقبيلها ومالعبتها �إذا كان واثق ًا بعدم خروج املني‬ ‫وامل َع َّو ُل يف ذلك على خروجه من �آخر بيت من البلد قبل الظهر أ�و بعده‪ ،‬ال على خروجه‬
‫بفعله هذا‪ ،‬وكذا يكره له فعل أ�مور هي‪:‬‬ ‫من ح ّد الرتخ�ص‪ ،‬نعم ال يجوز ملن �سافر قبل الظهر تناول املفطر � إ َّال بعد خروجه من‬
‫ـ �سحب الدم الذي ي�سبب له ال�ضعف‪ ،‬وال ب أ��س به �إذا مل ي�ضعفه‪.‬‬ ‫ح ّد الرتخ�ص‪ ،‬وح ّد الرتخ�ص هو املكان الذي ال يرى منه � إ َّال �شبح امل�سافر للناظر �إليه‬
‫ـ �شم ك ّل نبت طيب الريح‪ ،‬وال يكره التطيب بالروائح املعطرة‪.‬‬ ‫من �آخر بيوت البلد‪.‬‬
‫ـ ب ُّل الثياب باملاء وهي على اجل�سد‪.‬‬ ‫القامة فيه ع�شرة أ�يام‪ ،‬فدخل أ�ول بيوت‬ ‫‪�-‬إذا رجع امل�سافر �إىل بلده أ�و �إىل بلد قد نوى إ‬
‫ـ جلو�س املر أ�ة يف املاء‪.‬‬ ‫البلد قبل الظهر‪ ،‬ومل يكن قد تناول املفطر خالل �سفره منذ طلوع الفجر‪ ،‬وجب عليه‬
‫ـ االحتقان بالدواء اجلامد‪.‬‬ ‫نية ال�صيام‪ ،‬و�صح منه �صوم اليوم‪ ،‬أ� ّما �إذا كان م�سافر ًا قبل الظهر فرجع �إىل بلده بعد‬
‫ـ قلع ال�ضر�س أ�و �إدماء الفم ب أ�ي �سبب � إ َّال عند ال�ضرورة‪.‬‬ ‫الظهر‪ ،‬أ�و و�صل قبل الظهر لك َّنه كان قد تناول املفطر‪ ،‬مل ي�صح منه �صوم ذلك اليوم‪،‬‬
‫ـ ال�سواك بالعود الرطب‪.‬‬ ‫الم�ساك �إىل الغروب‪.‬‬ ‫نعم ي�ستحب له إ‬
‫ـ امل�ضم�ضة عبث ًا لغري الو�ضوء‪.‬‬ ‫‪ -‬ال�ساد�س‪ :‬ال�سالمة من املر�ض‬
‫ـ �إن�شاد ال�شعر � إ َّال يف مراثي املع�صومني (ع) ومدائحهم‪.‬‬ ‫فال ي�صح ال�صوم من املك ّلف �إذا َأ� َ�ض َّر به بنحو كان �سليم ًا ف أ�مر�ضه‪ ،‬أ�و كان مري�ضاً‬
‫ف أ�وجب ا�شتداد املر�ض‪ ،‬أ�و زيادة الوجع‪ ،‬أ�و طول فرتة ال�شفاء منه‪ .‬وال فرق يف �ضرر‬
‫حكم اإلفطار عمداّ وكفارته‬ ‫ال�صوم بني ما يظهر فور ًا وبني ما يظهر بعد مدّة يف امل�ستقبل‪ ،‬ك أ�مرا�ض القرحة والكلى‬
‫الفطار املتعمد دون عذر؟‬ ‫‪ -‬ما هو حكم إ‬ ‫وفقر الدم‪.‬‬
‫‪� -‬إذا أ�فطر املكلف القادر على ال�صوم يف نهار �شهر رم�ضان من دون عذر �شرعي‪ ،‬كاملر�ض‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫�إذا �صام املكلف مع خ��وف ال�ضرر �و مع اعتقاده‪ ،‬ف���إن ح�صل ال�ضرر فعال‪ ،‬بطل‬ ‫ّ‬
‫أ�و ال�سفر أ�و احلي�ض أ�و غريها‪ ،‬بل تعمد ًا وجتر ؤ� ًا على اهلل تعاىل وخمالفة ألمره‪ ،‬فهو �آثم‬ ‫ال�صوم‪.‬‬
‫ال�ستغفار‪ ،‬كما و أ�ن عليه الق�ضاء بعد ذلك والكفارة‪.‬‬ ‫ومذنب‪ ،‬وعليه التوبة و إ‬ ‫الغماء‬ ‫‪ -‬ال�سابع‪ :‬عدم إ‬
‫والكفارة عن اليوم الواحد هي �إما �صيام �شهرين متتابعني‪ ،‬أ�و �إطعام �ستني م�سكين ًا‪،‬‬ ‫أ‬
‫ال ي�صح ال�صوم من املغمى عليه �إذا حدث قبل الفجر وقبل النية‪ّ � ،‬ما �إذا كان قد نوى‬
‫وبالطبع �سيختار املكلف أال�سهل عليه وهو �إطعام �ستني م�سكين ًا‪ ،‬لكل م�سكني حوايل‬ ‫الغماء بعد النية ـ ولو قبل الفجر ـ و أ�فاق‬ ‫�صوم النهار املقبل قبل الفجر ُث َّم أ��صابه إ‬
‫ثالثة أ�رباع الكيلو من القمح أ�و الطحني أ�و اخلبز أ�و ما أ��شبهها‪ ،‬فيكون املجموع املطلوب‬ ‫يف النهار ف���إنَّ عليه أ�ن يوا�صل �صومه ويح�سب له‪ ،‬وكذلك ي�صح �صومه �إذا أ��صبح‬
‫دفعه ل�ستني م�سكين ًا حوايل خم�سة و أ�ربعني كيلو عن كل يوم يفطره عمد ًا‪.‬‬ ‫ناوي ًا لل�صوم ف أ�غمي عليه أ�ثناء النهار �ساعة أ�و أ�كرث ُث َّم أ�فاق‪ ،‬ويلحق با إلغماء يف هذا‬
‫وب�إمكان املكلف دفع قيمتها للعامل الديني يف منطقته لي�شرتي بها الطعام ويوزعه على‬ ‫احلكم غياب العقل بالبنج العمومي امل�ستخدم يف العمليات اجلراحية غالب ًا‪ ،‬غري أ�نهما‬
‫الفقراء بح�سب معرفته نيابة عن �صاحب الكفارة‪ ،‬وكلفتها عندنا يف لبنان حوايل‬ ‫يختلفان يف لزوم الق�ضاء‪ ،‬ف�إنَّ املغمى عليه قبل الفجر وقبل �صدور نية ال�صوم منه ال‬
‫ع�شرين دوالر ًا‪ ،‬كذلك ف�إنه ال يجب على املكلف املبادرة �إىل دفع الكفارة فور ًا‪ ،‬بل ميكنه‬ ‫يجب عليه الق�ضاء‪ ،‬بينما غياب الوعي بالبنج يف هذه احلالة يوجب الق�ضاء‪.‬‬
‫الت أ�خر فيها على مدى العمر‪ ،‬كما و أ�نه ميكنه دفعها قبل الق�ضاء أ�و بعده‪.‬‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪13‬‬
‫من ر�سائل الأحبّة‬
‫بحب‪..‬‬
‫«أيها األحبة»‪ ..‬هكذا كان السيّد يخاطب املؤمنني‪ ،‬وكل الناس الذين بادلوه حب ًا ّ‬
‫سيلٌ من الرسائل والكلمات وصلت إلينا‪ ،‬حتمل في طياتها مشاعر احلب والوفاء ‪..‬في ما يلي ننشر جانب ًا من هذه الرسائل‬
‫من مختلف انحاء العالم االسالمي‪ ،‬مضمخةً بأريج احلب‪ ،‬وصدق املشاعر وطهر الوجدان‪..‬‬
‫من مفجوع في حبيبه‬
‫أحمد رضا املدلوح‪ -‬سيهات‪ ،‬السعودية‬
‫عي�ش يف لبنان للدرا�سة اجلامعية عرفتُ أ�ن بريوت‪،‬‬ ‫قبل خم�س �سنوات وعندما كنتُ أ� ُ‬
‫التي كانت كالف�سيف�ساء يف تنوع مكونتها‪ ،‬قد �ضمت �ضمن تناق�ضاتها مرجع ًا �شيعياً‬
‫ا�سمه ال�سيد حممد ح�سني ف�ض ُل اهلل!‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫مر واحد‪ ،‬وهو �نه الذي قال �ن �ضل ُع‬ ‫مل أ�كن أ�عرف حينها عن هذا ال�شخ�ص �سوى � ٍ‬
‫أ‬
‫‪�-‬سالم اهلل عليها‪ -‬مل ينك�سر! أ�كت�شفتُ الحق ًا أ�ن هذا أالم ُر الوحيد‬ ‫ُ‬ ‫ال�سيدة الزهرا ِء‬
‫الذي أ�عر ُفه عنه‪ ،‬أ��ص ًال‪ ،‬مل يكن �صحيحا‪ً.‬‬
‫يف الواقع‪� ،‬إن الذين اخلتقوا هذه الكذبة‪ ،‬ور ّوج��وا لهذه ال ِفرية قاموا ‪-‬ومن حيثُ ال‬
‫ي�شعرون‪ -‬بتحريك غ��ري��ز ِة حب اال�ستطالع يف عقلي بعد �إذ غابت ع ّني احلقائق‪،‬‬
‫فانطلقتُ ‪-‬على طريقة �سلمان الفار�سي ر�ضوان اهلل عليه‪ -‬يف البحث عن احلقيقة!‬
‫والتعرف على هذه ال�شخ�صية اال�ستثنائي ٍة يف هذه املرحل ٍة اال�ستثنائية من تاريخ هذه‬
‫اهلل‪.‬‬ ‫أال ّمة‪.‬‬
‫أ‬
‫لقد كنا ن�صلي ب�إمامته على اختالف مراجعنا‪ ،‬وكان ي�صلي �إىل جانبي �إخوتي من �بناء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الن�سان العظيم‪� ،‬إىل العلى‪� ،‬إىل جنات النعيم واحلقنا اهلل بك‬‫�إىل اخللود أ�يها إ‬
‫طيبني‪ .‬و�إنا هلل و �إنا �إليه راجعون‪.‬‬ ‫ال�سالمية أُالخ��رى‪ .‬تعلمت منه الكثري الكثري‪ ،‬لقد خلق َّيف حال ًة من الوعي‪،‬‬ ‫املذاهب إ‬
‫ً‬
‫التع�سف‪ ،‬وتعاليا على الذات‪.‬‬ ‫ً‬
‫ورغب ًة باالنفتاح‪ ،‬وبعدا عن ّ‬
‫من تركيا‪ :‬حب السيد في شراييني‬ ‫للمام زين‬ ‫كم كنتُ أُ�حب ال�صالة خلفه وال �سيما الظهرين حيثُ كان يقر أُ� أ�دعية أاليام إ‬
‫العابدين عليه ل�سالم يف قنوت ال�صالة‪ ،‬ثم يجل�س بعدها يف املكتب لي�ستقبل اجلميع‬
‫بوالند شاهني آردغر‪ -‬تركيا‬ ‫ال�صغري والكبري في�ستخ ُري لهذا و ُيفتي ذاك‪ ،‬ويدعو لهذا وي�س أ� ُل عن أ�حوال ذاك‪ ،‬وي�سمع‬
‫أ�نا من حمبي ال�سيد يف تركيا بعد �سماع نب أ� وفاة �سماحة ال�سيد ت أ�ملت كثريا ومتنيت ان‬ ‫من اجلميع ب أ�ريحي ٍة مل أ�رها يف كثري من م�شايخنا املُحرتمني!‬
‫أ��شارك يف ت�شييع جثمان ال�سيد املجاهد ألن حب ال�سيد ي�سري يف �شراييني‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫وختام ًا‪ ،‬أ�تذك ُر و�صاياه‪ ،‬عندما كان يقول يل‪ :‬افهم الع�صر وعاي�ش التطورات‪ ،‬وادعو �إىل‬
‫تقدير العلي العظيم ونعم باهلل‬ ‫�سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احل�سنة‪ ،‬ف� إ ّنا مع�ش ُر أالنبياء أُ�مرنا أ�ن نخاطب النا�س على‬
‫و أ�عزي امل ؤ�منني واملحبني بوفاة العالمة املجاهد اية اهلل العظمى ال�سيد حممد ح�سني‬ ‫قد ِر عقولهم‪ ،‬وابتعد عن التخ ّلف واخلرافة والغلو‪..‬‬
‫ف�ضل اهلل (قد�س) ح�شرة اهلل مع أ�جداده‪ ،‬وال حول وال قوة �إال باهلل العلي العظيم‬
‫�آ�آه يا �سيد‪ ،‬مل أ�تعلم من أ�ح��دٍ كما تعلمت منك‪ ،‬وواهلل لن �فجع يف �حد كما فجعتُ‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫فيك‪..‬‬
‫سنتبع دربك‬
‫هالة‪-‬تونس‬
‫�إنا هلل و�إنا اليه راجعون ‪..‬م�صابنا جلل ولكن اهلل رحمان رحيم‪..‬‬
‫لم يفقد العا َلم عالم َا‪ ،‬بل فقد العا َلم ّ‬
‫أمة‬
‫السيد ميثم احملافظة البحراني‬
‫أ�نا من مقلدي وحمبي �سماحة ال�سيد و �سنظل ان �شاء اهلل نتبع دربه‪..‬‬ ‫رحل ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل حني رحل؛ أ�مة يف رجل‪،‬وم�شروع يف �إن�سان‪�،‬إن تك ّلم‬
‫أ�عزي االمام احلجة وامل ؤ�منني واملحبني بوفاة مرجعنا وال حول وال قوة �إال باهلل العلي‬ ‫الفقهاء كان منهم‪ ،‬و�إذا تباحث املفكرون كان نحريرهم‪،‬و�إن تغنى أالدباء ب�شعرهم كان‬
‫العظيم‪..‬‬ ‫ذ ِّويقهم‪ ،‬و�إذا �سا�س اخلرباء كان �سيا�س ّيهم‪ ،‬و�إذا ناجى الع ّباد ربهم كان قارئهم‪ ،‬و�إذا‬
‫ج َّد ال�شباب وطمحوا كان واحدا منهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحق‬ ‫لم يستوحش في طريق‬ ‫ال�سالم مذاقه‪ ،‬ومنح الدين �شموليته‪ ،‬و أ�بان لذة ال�شرع و حالوته‪ ،‬ف أ�ظهر ر�سول‬ ‫أ�عطى إ‬
‫مالك فواز‪ -‬الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اهلل(�ص) للب�شرية حما�سن رحمته‪ ،‬و�ر�سل للعامل مبادئ ان�سانيته‪ ..‬قهر الديان على‬
‫أ‬
‫�سماحة ال�سيد املرجع ف�ضل اهلل كان ‪-‬منذ تعرفت �إىل نهجه و فكره‪� -‬ضمانة ��سا�سية‬ ‫توقريه‪ ،‬و أ�جرب الطوائف على حمبته‪ ،‬و�سقى ال�شعراء عذوبة ل�سانه‪.‬‬
‫و م�صدر اطمئنان يل ب أ�ن العامل يتجه أ‬
‫للف�ضل و أ�ن انت�صار احلق بات و�شيك ًا‪.‬‬ ‫ؤ‬
‫ربته‪ ،‬ويحت�ضن ال�صغري يف م��س�سته‪،‬‬ ‫مي�سح ر أ��س اليتم لين�سيه ُي ْت َمه‪ ،‬ويطعم الفقري من م ّ‬
‫حني يقول البع�ض أ�نه مع اقرتاب وقت ظهور احلجة عجل اهلل فرجه ال�شريف تزيد‬ ‫والم احلنون‪،‬التلمح يف وجهه � إ ّال الب�شا�شة وال�شفقة‪ ،‬ومل تراه العني‬ ‫تراه أالب ال�شفيق‪ ،‬أ‬
‫الفنت و يدّعي البع�ض أ�نه املهدي املنتظر كذب ًا‪ ،‬كنت أ�قول‪ :‬و ملاذا نقلق نحن؟ عندنا‬ ‫وهم املعوزين و�شكاية املحتاجني يف قلبه‪ ،‬يقول ع ّمن‬ ‫أ‬
‫ظاهرا غ�ضبه‪ ،‬بل يختزن �مل النا�س ّ‬
‫�سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل‪� ،‬سري�شدنا �إىل ال�صحيح و يحمينا من أ�ن ننخدع باملدّعني‪.‬‬ ‫�آذاه بكلمة ‪« :‬يا أ�بنائي ال ت�شغلوا ال�ساحة بالقيل والقال» ‪ ..‬كان يختزن آالالم ليتحمل عن‬
‫كنت أ�قول دائم ًا أ�ن نعم اهلل علينا كبرية وال حت�صى‪ :‬يكفي أ�ننا نعي�ش يف زمن فيه هذا‬ ‫النا�س �آالمهم‪� ،‬إن الح لك �شخ�صه ر أ�يت الرقة واللطف وال�صدر الوا�سع الذي لو ُقدر له‬
‫القائد العظيم‪.‬‬ ‫أ�ن يحت�ضن النا�س كل النا�س يف قلبه الحت�ضنهم‪.‬‬
‫اليوم خ�سرناه‪ ..‬خ�سرنا دعاءه الذي كان يتنزّل من اهلل رحمة على أالر�ض‪ .‬خ�سرنا‬ ‫تراه يف أ�يامه أالخرية‪ ،‬حني تراه‪ ،‬تن�سحب الدموع قهرا من عينيك‪ ،‬لنك ترى ج�سدا‬
‫أ‬
‫الميان‪ ،‬الذين جعاله يقف ويقول كلمة احلق‬ ‫هذا املرجع العظيم �صاحب ال�شجاعة و إ‬ ‫انحلته هموم أالمة‪ ،‬و�شيب ٌة أ��شابها أ�مل امل�ست�ضعفني‪ ،‬وعينا كعني يعقوب النبي(ع) طاملا‬
‫مهما كان الثمن‪ ،‬طاملا أ�نها ل�صالح أالمة اال�سالمية‪« .‬ال ت�ستوح�شن درب احلق لقلة‬ ‫�سهرت لتعطي للقلوب الغافلة يقظتها وللمتعط�شني للعلم واملعرفة راويتها‪،‬وللمجاهدين‬
‫المام علي عليه ال�سالم‪.‬‬‫�سالكيه»‪ :‬كان �سماحة ال�سيد خري مت ّبع لقول إ‬ ‫دعائها‪ ،‬عني طاملا �سالت بكاءا بدعاء عرفة‪ ،‬ذلك ال�صوت املبحوح من احلزن يحلق‬
‫بال�سامع يف أ�جواء مناجاة مو�سى النبي‪ ،‬و أ� ّنات أ�مري امل ؤ�منني(ع)علي‪ ،‬مل يفقد العالمَ‬
‫سنشتاق الى وجهك المنير‬ ‫عامل َا‪ ،‬بل فقد العالمَ أ� ّمة‪.‬‬
‫حيدر وحشه‪ -‬األردن‬
‫أ‬
‫املرجع‪..‬ال�ستاذ واملعلم‪ ..‬املجاهد ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل ‪ ،‬لكننا‬ ‫رحل العالمة‬ ‫تر ّبى المسلمون على فكرك القرآني‬
‫ورثنا علمه وفكره ون�شاطه ‪.‬‬ ‫عثمان ‪.‬أ‪ -‬املغرب‬
‫ال���س�لام‪ ،‬ورف�ض اخل��راف��ات والبدع واخلزعبالت‪ ،‬وعانى من معانديه‬ ‫داف��ع عن إ‬ ‫ال�سالمي ال�سيد‬
‫ال�سالمية جمعاء برحيلك ايها احلبيب �إىل قلوبنا املرجع إ‬ ‫نعزي أالمة إ‬
‫وراف�ضيه أ��شد العناء ‪ ،‬مل تهزه أ�فكار الراف�ضني‪ ،‬وال أ�ل�سنة املتطرفني‪ ،‬وال قلوب‬ ‫آ‬
‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل الذي تربى امل�سلمون �شيعة وغري �شيعة على فكرك القر�ين‬
‫احلاقدين‪..‬‬ ‫امل�ستنري بنوراهلل‪ ،‬على حبك هلل ور�سوله و أ�هل بيته و للم ؤ�منني وحبك للنا�س وعلى‬
‫و�إن العني لتدمع وان القلب ليحزن وانا على فراقك يا�سيدي ملحزونون ‪ ,,‬اىل رحمة‬ ‫ن�صرتك للق�ضايا العادلة وثباتك على احلق مهما كان الثمن‪.‬‬
‫اهلل‪..‬‬ ‫متل آالفاق و تالمذك‬
‫يا �سيدي ان غبت عنا بج�سدك‪ ،‬ففكرك وعملك وروحك ال تزال أ‬
‫�سن�شتاق اىل وجهك املنري وطلعة الوقار على حم ّياك‪ ..‬فال�سالم عليك يا جار الرفيق‬ ‫�شيعة وغري �شيعة يف كل أ�نحاء الدنيا ولي�س يف لبنان فقط �ستحمل الراية بعدك �إن �شاء‬
‫أالعلى‪ ،‬و أ�لف رحمة عليك‪..‬‬
‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫ل�ست في الموت‬
‫َ‬
‫هادي رسول‬

‫مل ُع�شب ًا أ�غيدا‬


‫الر َ‬
‫وفر�شتَ ّ‬ ‫ل�ستَ يف املوت‬
‫روح َك قلب ًا‬ ‫يا ترى‪ ..‬كيف أ�قا َم ُّ‬
‫احلب يف ِ‬ ‫َ‬
‫وحدك‬ ‫ما�شي ًا‬
‫الوردي حمراب ًا‬
‫ُّ‬ ‫فا�ستوى خافقُك‬ ‫رب‬ ‫ف�ض رفيق ًا َ‬
‫لك يف الدّ ِ‬ ‫الر ِ‬
‫�شيء �سوى ّ‬
‫ال َ‬
‫و أ��سرجتَ ُنهى الت ِ‬
‫ّنوير يف الدّ نيا‬ ‫و�صوت ًا و�صدى!‬
‫و�ش َّيدت بها ركنَ احلوا ِر معبد ًا‬ ‫َ‬
‫وحدك‬ ‫ما�شي ًا‬
‫يا ترى‪..‬‬ ‫تخفيه أ�وجا ُع املدى‬
‫ِ‬ ‫م�شحون ًا مبا‬
‫يف ثرى «عا ِمل»‬ ‫ذات خ�شو ِع‬‫الر ؤ�ى َ‬ ‫كيف ا�ستوت َ‬
‫فيك ّ‬
‫مذ كنتَ ‪...‬‬ ‫ور أ�يتَ َ‬
‫اهلل‬ ‫عجب ًا‪...‬‬
‫َ‬
‫جنبيك ده��ر ًا‬ ‫بح ق��د أ����س�� َف َ��ر يف‬
‫ال�ص ُ‬
‫وك��ان ّ‬ ‫�سر ًا ُم َ‬ ‫حتى ُع َ‬
‫وقدا‬ ‫دت بالنّا ٍر �إىل قو ِم َك ّ‬ ‫بح �ضوء ًا‬
‫ال�ص ُ‬ ‫ُ‬
‫يقتات منك ّ‬
‫من�شدا‬ ‫ُ‬
‫املح�ض‬ ‫راب‬ ‫ْ‬ ‫فم�شت تتبعك ّ‬
‫ال�س ُ‬‫مل ُيخاتلْك ّ‬ ‫م�س‬
‫ال�ش ُ‬
‫الغيب‬
‫ِ‬ ‫َو َفتحتَ النّو َر يف نافذ ِة‬ ‫عينيك مر آ� ُة النب َّو ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫يف‬ ‫الغيم يف با ِب َك‬ ‫و�صلَّى‬
‫ُ‬
‫ال�سوداء‬‫تمة ّ‬
‫رياح ال َع ِ‬
‫تخ�ش َ‬ ‫َ‬ ‫و ْ‬
‫مل‬ ‫ُ‬
‫وتراتيل هدى‬ ‫ووحي‬
‫ٌ‬ ‫�إذ ُكنتَ على ِّ‬
‫كف العطاءِ م�سجدا‬
‫وء ـ نب ّي ًا مر�شد ًا‬ ‫جاهرت ـ مبا مل يجهر ّ‬
‫ال�ض ُ‬ ‫َ‬
‫أ� ّي �إك�س ٍ‬
‫ري حوتْ كفَّاك‬
‫حتى ينتهي �شوق ًا بها ُ‬
‫ركب الزّ مانِ جُم َهدا‬ ‫عجب ًا‪...‬‬
‫القهر ل�ستَ يف ِ‬
‫املوت‬ ‫ّداءات و أ� ِ‬
‫قفال �سنني‬ ‫رهج الن‬ ‫ات‪ ...‬ب أ� أ��س ّي ًاها‬
‫روح��ك أ����ض��دا َد الثنائ ّي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخلارج من ِ‬
‫ُ‬ ‫كيف احتوت ُ‬
‫وال زلتَ بهذا الكونِ ‪...‬‬ ‫هر �إنِ ال ّل َ‬
‫يل ارتدى‬ ‫الفجر يف الدّ ِ‬ ‫وجه ًا ي�ستعيدُ‬ ‫وندى!‬
‫َ‬
‫َ‬
‫�ضعناك‬ ‫أ‬
‫هل كنّا �‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك ّلما غنَّيتَ ّ‬
‫بالرف�ض‬ ‫ال�ستّ‬
‫اجلهات ّ‬ ‫حتويك‬ ‫لي�س‬
‫َ‬
‫و�ضعنا يف منافينا ُ�سدى؟‬ ‫�سرى خلفك ٌ‬ ‫ال�صحراءِ ظ ًال‬
‫جيل‬ ‫قل يل‪ :‬كيف ك ّونتَ على ّ‬

‫�أبا الأيتام‪..‬‬
‫حسني آل سهوان‬
‫الع�شق أ��شواقا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫نعاك‬
‫ّ�صر‬ ‫هينمات احلزنِ آ� ٍ‬
‫يات من الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ليقر أ�‬ ‫فيه ُ‬
‫�صوت احلقِّ عنوانا‬ ‫تهجدَ ِ‬‫يا كهف ًا ّ‬ ‫أ�با أ‬
‫اليتام‬
‫رب‬ ‫و أ�حلانا من ّ‬
‫ال�ص ِ‬ ‫�سمائه احل�سنى‬
‫ِ‬ ‫والح النّو ُر يف أ�‬
‫َ‬ ‫ترتيلة القر آ�ن‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫ر�ساالت‬
‫ٍ‬ ‫ليكتبها‬ ‫يالطفها وينظمها‬ ‫والميان‬
‫العلم إ‬ ‫ويا قلب ًا أ� َ‬
‫حاط َ‬
‫والجنيل والقر آ�ن‬
‫من التّوار ِة إ‬ ‫كينونة أ‬
‫ال�شياءِ أ�لوانا‬ ‫ِ‬ ‫القلب يف‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫حديث‬ ‫بعينه ال ّثكلى‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تطوف‬ ‫ويا فجر ًا‬
‫أ�با أ‬
‫اليتا ِم‪..‬‬ ‫ً‬
‫م�سبحة‬ ‫الفجر‬
‫ِ‬ ‫خيوط‬
‫ِ‬ ‫وين�سج من‬
‫ُ‬ ‫دمو ٌع من ت�سابيح طوتها �سور ُة إ‬
‫الن�سان‬
‫أ�ختمها ً‬
‫لقاء ّ‬
‫خطهُ قلمي‬ ‫تناثر طي ُبها َعبق ًا‬
‫َ‬ ‫أ�با أ‬
‫اليتا ِم‬
‫بدمع ُي�شهدُ الدّ نيا‬
‫ٍ‬ ‫الظم�آن‬ ‫َ‬
‫وح�شة ّ‬ ‫ي�سامر‬
‫ُ‬ ‫لنك�سر ما تبقّى من �صخو ٍر مدَّ ها ّ‬
‫الطغيان‬ ‫َ‬ ‫جَ ْ‬
‫تم ُع َنا‬
‫فيه‬
‫حا�ضر ِ‬
‫ٌ‬ ‫ب أ� يّن‬ ‫أ�با أ‬
‫اليتا ِم‪..‬‬ ‫ليك جنوانا‬‫تعو ُد �إ َ‬
‫ّيه‬
‫عبارات من الت ِ‬
‫ٍ‬ ‫�س أ�ذكر ُه‬ ‫َ‬
‫وقبلة املرتا ِد للنّجوى‪..‬‬ ‫الغريب‬
‫ِ‬ ‫يا وطنَ‬ ‫ف أ�نتَ العهدُ ‪ ..‬أ�نتَ م�ساجدُ التنزيل‬
‫تغنيه‬
‫ِ‬ ‫تالوات‬
‫ٍ‬ ‫فكر ُه أ�بد ًا‬
‫و أ�ح�ضنُ َ‬ ‫و أ��سرا َر ّ‬
‫ال�صال ِة بنا‬ ‫ُ‬
‫حكاية التحرير‬ ‫و أ�نتَ‬
‫نهج طوى قلبي‬
‫فتكتبني على ٍ‬ ‫هلل ي أ��سرنا‬
‫رحاب ا ِ‬
‫ِ‬ ‫وغ�صن ًا يف‬ ‫بحجم احلزنِ واحلرمان‬
‫ِ‬ ‫فكر َك ً‬
‫لغة‬ ‫َ‬
‫ت�سامق ُ‬
‫ُ‬
‫العا�شق الولهان‪.‬‬ ‫ب أ� يّن‬ ‫ني �إ َ‬
‫ليك ف�ضل اهلل �إ�شراقا‬ ‫ت أ�لمّ نا وال َ‬
‫زال احلن ُ‬ ‫اليتا ِم‪..‬‬‫أ�با أ‬

‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪15‬‬
‫�شهر الت�أمّ ل‬
‫حلركاتنا‪ ،‬وا ّدعاءاتنا‪ ،‬وابتعدت عن أ�ن جتد لنف�سها جما ًال و�صدق ًا يف‬ ‫�شهر رم�ضان �شهر ال�سكينة‪ ،‬وال�سكينة تبعث على الت أ� ّمل‪ ،‬الذي نحن‬
‫ميدان العمل‪ ..‬أ�ل�سنا جميع ًا ننادي ب أ� ّننا مع احلقّ ‪ ،‬و أ� ّننا على احلقّ ‪ ،‬و أ�نّ‬ ‫أ�حوج ما نكون �إليه يف غمرة ك ّل هذا ال�ضجيج الذي ي أ�خذ علينا فكرنا‬
‫احلقّ حمور حياتنا‪ ،‬وعالقاتنا‪ ،‬وقبولنا ورف�ضنا‪ ..‬لكن كم ي�صدق هذا‬ ‫وم�شاعرنا‪ ،‬حتّى يكاد ي�سلب م ّنا ذواتنا‪ ،‬فال نعود نعي مواقع أ�قدامنا يف‬
‫ال�شعار يف الواقع؟ مع النف�س يف أ�فكارها‪ ،‬ومع أالقربني يف �صداقاتهم‪،‬‬ ‫غمرة التح ّديات‪ ،‬وال حكمة الفكر يف جمال ت�صارع الكلمات‪ ،‬وال هدوء‬
‫وم��ع أالب��ع��دي��ن يف خ�صومتهم‪ ،‬ويف ال��واق��ع ال�سيا�سي واالقت�صادي‬ ‫العقل يف حلظات �سيادة االنفعال والغرائز ّية‪..‬‬
‫واالجتماعي وما �إىل ذلك‪..‬؟!‬ ‫�شهر رم�ضان فر�صة للت أ� ّمل يف املا�ضي‪ ،‬الذي ال ب ّد أ�ن نعود �إليه‪ ،‬ال‬
‫أ�مل ت�صبح الطائفة‪ ،‬امل��ذه��ب‪ ،‬الزعامة‪ ،‬احل��زب‪ ،‬العائلة‪ ،‬القبيلة‪،‬‬ ‫لنغرق فيه ون�ستغرق فيه‪ ،‬ونعي�ش بذلك غيبوبة عن الواقع الذي هو‬
‫الع�شرية‪ ،‬وحتّى الوطن‪ ،‬عناوين نهائ ّية للحقّ ‪ ،‬ومقايي�س ثابتة للحقّ ‪،‬‬ ‫ميدان العمل‪ ،‬و�ساحة اجلهاد‪ ،‬وموقع التح ّدي وال�صراع‪ ،‬ال�صراع مع‬
‫فطائفتي دائم ًا على حقّ ‪ ،‬ومذهبي دائم ًا على حقّ ‪ ،‬وحزبي دائم ًا على‬ ‫أ�هواء الذات‪ ،‬ونوازع ال�شيطان‪ ،‬وم ؤ�امرات امل�ستكربين على ح ّد �سواء‪..‬‬
‫حقّ ‪ ،‬وعائلتي‪� ....‬إىل نهاية القائمة‪ ،‬مع أ�نّ الباطل قد ي أ�تيها من بني‬ ‫بل لنعيد تقومي املا�ضي‪ ،‬لن أ�خذ العربة للحا�ضر‪ � ،‬إ ّما ت�صحيح ًا ملوقف‪،‬‬
‫يديها ومن خلفها‪ ،‬وهنا ـ لو فتّ�شنا ـ يكمن عمق دائنا ك أ�فراد وجماعات‬ ‫أ�و ت�صويب ًا التجّ اه‪ ،‬أ�و تعزيز ًا خلري‪ ،‬أ�و ت أ�كيد ًا لعدل‪ ،‬أ�و ما �إىل ذلك ّ‬
‫مما‬
‫و أ�مم‪ ،‬وهنا معنى الع�صب ّية ّ‬
‫متج�سدة يف الواقع‪..‬‬ ‫مي ّثل حركة م�س ؤ�ول ّيتنا املنطلقة مع حركة الزمن‪..‬‬
‫تروحنا‬‫�شهر رم�ضان‪ ،‬ذلك الزمن الفائ�ض روحان ّية يف أ�تون املا ّدة‪ ،‬ه ّال ْ‬ ‫�شهر رم�ضان فر�صة للت أ� ّمل يف ما ورثناه من عقائد قد ال تكون حمكمة‪،‬‬
‫به قلي ًال!‬ ‫مما أ�لفناه �إلف‬
‫أ�و أ�فكار قد ال تكون نق ّية‪ ،‬أ�و مفاهيم قد يل ّفها ال�ضباب‪ّ ،‬‬
‫واهلل من وراء الق�صد‪.‬‬ ‫العادة‪ ،‬و أ�دم ّناه حتّى ق ّد�سناه‪ ،‬و أ�دخلناه يف كثري من احلواجز ال�ض ّيقة‪،‬‬
‫ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬ ‫حتّى �ضاقت معه آالفاق الرحبة‪ ،‬وامليادين ال�شا�سعة‪..‬‬
‫�شهر رم�ضان فر�صة للت أ� ّمل يف ك ّل ال�شعارات التي رفعناها عناوين‬

‫مكتب سماحة العالمة املرجع‬


‫السيد محمد حسني فضل الله‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد‪ 384‬اجلمعة ‪ 10‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 20‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫المرجع فضل الله (رض)‬
‫في آخر حوار رمضاني‬
‫ص ‪5-4‬‬ ‫ليقوم النا�س بالق�سط ‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫ر�س َلنا بالب ّينات و أ�نزل َنا معهم‬
‫لقد أ�ر�سلنا ُ‬
‫عدد ال�صفحات ‪ - 16‬ال�سعر ‪ 500‬ل‪.‬ل‬ ‫‪magazine@bayynat.org.lb‬‬ ‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن مكتب الثقافة واالعالم‬

‫مرجعٌ �سبق‬
‫ع�صره‬ ‫ليلة القدر‬
‫ص‪6‬‬
‫سالمٌ للروح وسرٌ من أسرار الله‬
‫�ص ‪8‬‬

‫حرمة اليتيم في‬


‫االسالم‬
‫ص‪9‬‬

‫على �ضفاف الوداع‬


‫ص ‪16‬‬
‫يعانون م��ن أ�زم���ة خ��دم��ات خانقة‪ ،‬من‬
‫كهرباء وماء وغريهما‪ ،‬وال �سيما يف هذا‬
‫ال�صيف احلا ّر اخلانق ّ‬
‫السيد علي فضل الله في حفل إفطار جمعية املبرّات في النبطيّة‪:‬‬
‫وال�شهر املبارك‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الن�سان‬ ‫�صوت االهتمام مب�ستقبل ه��ذا إ‬
‫ا ّلذي مل يعد يثق بوطنه‪ ،‬ولهذا هو يبحث‬ ‫مسؤوليتنا تفرض علينا مواجهة كل من يعمل للفتنة‬
‫يف ك�� ّل ي��وم ع��ن وط��ن يلج أ� �إل��ي��ه‪� ،‬صوت‬
‫االه��ت��م��ام بكيف ّية م��واج��ه��ة التحدّيات‬ ‫علينا انطالق ًا من قوته‪...‬‬ ‫أ�ق��ام��ت جمعية امل�ب�رات اخل�يري��ة حفل‬
‫تتح�ضر للبلد من الدوائر‬ ‫ّ‬ ‫املقبلة التي‬ ‫ول��ذل��ك‪ ،‬ال ب�� ّد م��ن أ�ن ن ؤ��� ّك��د رف�ض هذا‬ ‫�إفطار يف ثانوية الرحمة يف كفر جوز –‬
‫الدّولية‪ ،‬والتي ت أ�خذ عناوين خمتلفة‪،‬‬ ‫الكيان وامتداداته‪ ..‬و أ�ن ال نقبل بتمييع‬ ‫النبطية‪ ،‬يف ح�ضور النائب عبد اللطيف‬
‫و�آخرها املحكمة الدولية‪.‬‬ ‫ه���ذه ال��ق�����ض��ي��ة أ�و ت��ق��زمي��ه��ا م��ن خ�لال‬ ‫الزين‪ ،‬ممثل النائب يا�سني جابر املحامي‬
‫���ص��وت ال��� ّدف���اع ع��ن ل��ب��ن��ان يف مواجهة‬ ‫املفاو�ضات املبا�شرة التي ي�سعى �إليها‬ ‫جهاد جابر‪ ،‬ممثل النائب علي ع�سريان‬
‫التهديدات امل�ستم ّرة بالعدوان املتوا�صل‬ ‫آالن‪ ،‬ب��ل يبقى امل��ط��ل��ب ك��� ّل فل�سطني‪،‬‬ ‫م��ن�ير ال��ط��ف��ي��ل��ي‪ ،‬مم��ث��ل م��ف��ت��ي �صيدا‬
‫وح��م�لات ال��ت��ه��وي��ل وال��ت��خ��وي��ف‪� ،‬صوت‬ ‫حتى لو قبل كل العامل ووافق العرب على‬ ‫واجل��ن��وب ال�شيخ �سليم �سو�سان ال�شيخ‬
‫���ص��ي��ان��ة امل��ق��اوم��ة‪ ،‬وال ���س�� ّي��م��ا امل��ق��اوم��ة‬ ‫التنازل عن ك ّلها أ�و بع�ضها‪.‬‬ ‫ح�سني حبلي‪� ،‬إمام مدينة النبطية ال�شيخ‬
‫ال�سالم ّية‪ ،‬ا ّلتي أ�ثبتت ر�شدها وجدارتها‬ ‫أ‬ ‫ؤ‬
‫وال ب�� ّد من ال��وق��وف بك ّل م�س�ولية �م��ام‬ ‫عبداحل�سني �صادق‪� ،‬إمام م�سجد القد�س‬
‫إ‬
‫يف امليدان وال�سيا�سة‪ ،‬واحلفاظ عليها‪،‬‬ ‫الذين يعملون على �صناعة الفنت الطائفية‬ ‫يف �صيدا ال�شيخ ماهر حمود‪ ،‬مدير عام‬
‫ومنع ك ّل ا ّلذين يحوكون امل ؤ���ام��رات من‬ ‫وال�سيا�سية واملذهبية‪ ،‬وال �سيما بني ال�سنة‬ ‫جمعية امل�برات اخلريية الدكتور حممد‬
‫ال�ضغط عليها أ�و �إرباكها‪.‬‬ ‫أ�جل ّ‬ ‫وال�شيعة‪ ،‬لنتل ّهى بذلك عن كل ق�ضايانا‬ ‫باقر ف�ضل اهلل‪ ،‬الرئي�س أالول ملحاكم‬
‫ونحن يف ه��ذه املنطقة‪ ،‬يف ه��ذا اجلبل‬ ‫ال��ك�برى‪ ،‬ولتنتف�ض أال ّم���ة م��ن داخلها‪،‬‬ ‫النبطية القا�ضي برنارد �شويري‪ ،‬عقيلة‬
‫بعدما ا�ستطاعت أ�ن ت��ق��دّم من���اذج يف‬ ‫بالمر الواقع املنحرف حرام‪،‬‬ ‫والقبول أ‬ ‫النائب الراحل م�صطفى �سعد ال�سيدة‬
‫أال� ّ‬
‫����ش����م ال�����ذي ك����ان ���س��م��اح��ة ال�����س��ي��د‬ ‫بالظلم واال�ستكبار ح��رام؛ � إ ّنه‬ ‫والر�ضا ّ‬
‫يتن ّقل يف رحابه عندما كانت تتو ّفر له‬ ‫الق ّوة والعزمية يف لبنان وفل�سطني وكثري‬ ‫جن�لا �سعد‪ ،‬أالب ول��ي��ام نحلة‪ ،‬وممثلو‬
‫من مواقع العامل‪.‬‬ ‫والب واملر�شد واحلا�ضن والباعث‬ ‫ال�سيد أ‬ ‫عن حركة أ�مل وحزب اهلل‪ ،‬حزب البعث‪،‬‬
‫ال��ظ��روف أالم��ن��ي��ة‪ ،‬وك���ان ح��ا���ض��ر ًا مع‬ ‫للمل امل�شرق‪ ،‬ومبعث التّفا ؤ�ل حتّى لو‬ ‫أ‬
‫أ�هله يف �صمودهم و�صربهم وجهادهم‬ ‫ال�سالم ّية كخيا ٍر‬ ‫ال ب ّد من ت أ�كيد الوحدة إ‬ ‫احلزب القومي‪ ،‬الف�صائل الفل�سطينية‪،‬‬
‫دائم لنا والوحدة الوطن ّية‪ ،‬فبهما نف ّوت‬ ‫ّ‬
‫ادله ّمت الطرق‪.‬‬ ‫ور ؤ��ساء بلديات وخماتري وفعاليات‪.‬‬
‫وت�ضحياتهم‪ ،‬والوقوف يف وجه احلرمان‬ ‫ال�شهر‬ ‫لن نن�ساه‪� ،‬سنبقى نذكره يف هذا َّ‬
‫ال���ذي ك��ان��وا يتع ّر�ضون ل��ه‪ ،‬ن ؤ��� ّك��د على‬ ‫على ك ّل أ�عدائنا الفر�صة لل ّنيل من ك ّل‬ ‫كلمة سماحة السيد علي فضل الله‪:‬‬
‫مواقع الق ّوة‪...‬‬ ‫ال�شهور؛ يف دع��ائ��ه‪ ،‬ويف ليايل‬ ‫ويف ك�� ّل ّ‬ ‫و أ�لقى �سماحة ال�سيد علي ف�ضل اهلل كلمة‬
‫االعتزاز ا ّلذي كان يعي�شه �سماحة ال�س ّيد‬ ‫القدر‪ ،‬ويف توجيهاته و�إر�شاداته ومواعظه‬
‫ألهلها‪ ،‬و�سيبقى هذا االعتزاز‪ ،‬و�سيبقى‬ ‫لبنان الغارق في املعاناة‪:‬‬ ‫جاء فيها‪:‬‬
‫ونعود �إىل لبنان‪ ،‬هذا البلد ا ّلذي ال يزال‬ ‫وك ّل كلماته احلانية ومواقفه ّ‬
‫ال�صلبة‪.‬‬ ‫ال�شهر املبارك ال��ذي ننفتح فيه‬ ‫يف هذا ّ‬
‫ك��ل ال��ذي��ن ي��ت��اب��ع��ون ف��ك��ره وم�����س�يرت��ه‪،‬‬ ‫ال�شهر الذي تنب�ض‬ ‫أ� ّيها أالح َّبة‪ ..‬هذا هو ّ‬
‫ي��خ��دم��ون أ�ه����ل ه���ذه امل��ن��ط��ق��ة ب��ك�� ّل ما‬ ‫وال�سجال العقيم الدائر‬ ‫غارق ًا يف معاناته ّ‬ ‫على ك�� ّل ال��ن��ا���س‪ ،‬يف �آالم��ه��م و�آم��ال��ه��م‬
‫فيه‪.‬‬ ‫م��ن خ�لال��ه احل��ي��اة يف ك��� ّل مفا�صلها‪،‬‬ ‫وطموحاتهم‪ ،‬وكل تط ّلعاتهم يف احلياة‪..‬‬
‫عندهم‪ ،‬وتبقى امل ؤ� ّ�س�سات التي انطلق‬ ‫ف��ه��و ���ش��ه��ر اهلل‪��� ،‬ش��ه��ر ال ّ��ط��ه��ور‪� ،‬شهر‬
‫بها‪ ،‬من مكتب اخل��دم��ات االجتماع ّية‪،‬‬ ‫أ‬
‫هذا البلد ا ّلذي ـ مع ال�سف ـ ال يزال يف‬ ‫ننفتح على ذلك القلب الكبري ا ّل��ذي مل‬
‫مرمى أ�بنائه ا ّلذين يحتمون بطوائفهم‬ ‫ين‪� ،‬شهر‬ ‫الن�سا ّ‬
‫ال�صفاء إ‬‫ال�سالم‪� ،‬شهر ّ‬ ‫إ‬ ‫يعرف يف حياته حقد ًا‪ ،‬وعلى ذلك العقل‬
‫وجمع ّية امل�ب�رات اخل�ير ّي��ة‪� ،‬إىل جانب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االنت�صارات‪ ،‬هذا ال�شهر الذي يرت ّبى فيه‬
‫ك ّل امل ؤ� ّ�س�سات أالخ��رى‪ ،‬ت ؤ���دّي دوره��ا يف‬ ‫على ح�ساب وطنهم‪ ،‬ومبواقعهم ال�سيا�سية‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫احلي الذي مل يدع �إال �إىل الفكر إ‬ ‫ّ‬
‫على ح�ساب م�ستقبله وق�� ّوت��ه‪ ..‬كما هو‬ ‫الن�سان على أ�ن يكون �إن�سان اهلل‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫إ‬ ‫أال�صيل البعيد عن الغل ّو‪ ،‬واملنفتح على‬
‫خدمة ال�شعب ال�صابر ال�صامد‪ ،‬املجاهد‬ ‫ينتمي �إىل اهلل ويهتدي به‪ ،‬وهذا يعني �نأ‬
‫امل�ضحي الذي قدّم أ�منوذج ًا لك ّل العامل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف مرمى �سهام آالخرين ا ّلذين يريدون‬ ‫آالخ����ر‪ ،‬و�إىل الفقه امل��ت��ج��دّد ال���ذي مل‬
‫النيل من وحدته‪..‬‬ ‫يكون اهلل حا�ضر ًا يف قلبه وفكره وحياته‬ ‫ال�سابقون رغم احرتامه‬ ‫ير�ضخ ملا عليه ّ‬
‫�إننا ن�شكركم جميع ًا‪ ،‬ن�شكر م�شاركتكم يف‬ ‫ويف ك ّل �آفاقه وتط ّلعاته‪.‬‬
‫الفطار‪ ،‬ون ؤ� ّكد أ�ن هذه امل ؤ� ّ�س�سات‪،‬‬ ‫حفل إ‬ ‫ه���ذا ال��ب��ل��د ا ّل����ذي ي�سعى ال��ب��ع�����ض �إىل‬ ‫ل��ه��م‪ ،‬وع��ل��ى تلك احل��ي��اة احل��ا���ض��رة يف‬
‫ال�ضعف بعد الق ّوة التي‬ ‫�إعادته �إىل موقع ّ‬ ‫الن�سان امل�س ؤ�ول عن ك ّل ق�ضايا � ّمته‪،‬‬
‫أ‬ ‫هذا إ‬ ‫ك�� ّل مواقع التحدي التي مل ت�ضعف ومل‬
‫�ستبقى على أ�هدافها التي تعطي بدون‬ ‫يهتم ب أ�مور امل�سلمني وك ّل امل�ست�ضعفني‪،‬‬ ‫ّ‬
‫م ّنة‪ ،‬وبعيد ًا عن ك ّل احل�سابات التي يق َّيم‬ ‫مت ّثلت ب�شعبه وجي�شه ومقاومته البا�سلة‬ ‫تهزم أ�مام التحدّيات‪ ،‬ومل تعرف الهدوء‬
‫وم ؤ� ّ�س�ساته‪.‬‬ ‫ويعمل للتخفيف عنهم والوقوف معهم‪،‬‬ ‫وال�سكينة حتى ال ّرمق أالخري‪.‬‬
‫ال ّنا�س على أ��سا�سها‪ ،‬و�سنحمل م�س ؤ�ول ّيتها‬ ‫ويف طليعة هذه الق�ضايا فل�سطني‪ ،‬التي‬
‫مع ًا‪ ،‬و�سيبقى ال�س ّيد حا�ضر ًا يف قلوب ك ّل‬ ‫� إ ّن��ن��ا نريد للم�س ؤ�ولني يف ه��ذا البلد أ�ن‬ ‫ل����ذا أ�ن��ت��ج��ت و���س��ت��ب��ق��ى ت��ن��ت��ج أ�ج���ي���ا ًال‬
‫يكونوا مب�ستوى املوقع الذي هم فيه‪ ،‬أ�ن‬ ‫�ستبقى أ� ّم الق�ضايا‪ ،‬أل ّن��ن��ا �إذا تنازلنا‬ ‫مت�ساحم ًة‪ ،‬وعقو ًال منفتحة‪ ،‬وجماهدين‬
‫العلماء والفقهاء واملجاهدين والط ّيبني‪،‬‬ ‫عنها حل�ساب أالمر الواقع ا ّلذي فر�ضته‬
‫وفيكم أ�نتم أالوفياء له بعد غيابه ج�سد ًا‪،‬‬ ‫ي ؤ� ّكدوا على ك ّل عنا�صر الق ّوة‪ ،‬و أ�ن يكون‬ ‫و أ�ح���رار ًا‪ ،‬و أ�عطت أال ّم��ة م ؤ� ّ�س�سات هي‬
‫�صوتهم �صوت الوحدة ونبذ الفتنة‪.‬‬ ‫�إ�سرائيل واال�ستكبار العاملي‪ ،‬فعلينا أ�ن‬ ‫م ؤ� ّ�س�سات ال أ�فراد‪ ،‬لتبعث احلياة يف ك ّل‬
‫كما كنتم أ�وفياء له يف حياته‪ ،‬وكما كان‬ ‫ن�ستع ّد للتنازل ع��ن ب�لادن��ا و أ�را�ضينا‪،‬‬
‫وف ّي ًا لكم‪ ،‬و أ�فنى ك ّل حياته من أ�جلكم‪.‬‬ ‫�صوت االهتمام بالفقراء وامل�ست�ضعفني‪،‬‬ ‫�ساكن وهادئ وجامد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫�صوت االهتمام بحاجات ال ّنا�س الذين‬ ‫واقع‬
‫مر ٍ‬ ‫عندما ي�سعى اال�ستكبار لفر�ض أ� ٍ‬ ‫وك���ان ���ش��ع��اره ال���دّائ���م‪ :‬ال�� ّراح��ة ح��رام‪،‬‬

‫ين أال ّ‬
‫مريكي»‪.‬‬
‫«لل�سف‪ ،‬مل يكن ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬
‫ال�صهيو ّ‬
‫للم�شروع ّ‬
‫وقال‪ :‬أ‬ ‫مجلس تأبينيّ عن روح المرجع فضل الله(رض) في البحرين‬
‫ٍ‬
‫وال�صهاينة‬‫م�ستهدف ًا من قبل �م�يرك��ا ّ‬
‫أ‬
‫ؤ‬
‫فقط‪ ،‬بل كان هناك من امل�سلمني امل�منني‬ ‫ذلك م�ساء يوم اخلمي�س ليلة اجلمعة»‪،‬‬ ‫ال�شاخوري أ�نّ «العالمة ف�ضل اهلل‬ ‫وبينّ ّ‬ ‫أ�قامت احل�سين ّية املهد ّية يف البحرين‪ ،‬يف‬
‫��ص��ف ال ّ�����ش��ي��ط��ان أالك�ب�ر‪،‬‬
‫م��ن ي��ق��ف يف � ّ‬ ‫الفت ًا �إىل أ�نّ «امل�سجد والدّرو�س احلوزو ّية‬ ‫�����ص��ورة النمط ّية‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫��‬ ‫م‬ ‫��‬ ‫ئ‬ ‫دا‬ ‫يرف�ض‬ ‫ك��ان‬ ‫قرية البالد القدمي �شرق املنامة‪ ،‬جمل�س ًا‬
‫ويحاول ا�ستهداف ف�ضل اهلل»‪.‬‬ ‫كانا أ�مرين مقدّ�سني عند ال�س ّيد ف�ضل‬ ‫امل أ����خ���وذة ل��رج��ال ال��� ّدي���ن‪ ،‬ع��ل��ى �ن��ه��م‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت أ�بين ّي ًا عن روح �سماحة العالمة املرجع‬
‫وحتدّث ح�سني عن �إدارة اخلالفات فيما‬ ‫اهلل‪ ،‬ومل يكن يرتكهما ح�� ّت��ى و�إن كان‬ ‫كالكعبة‪ ،‬يزورهم ال ّنا�س وال يزورونهم‪،‬‬ ‫ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل (ر�ض)‪،‬‬
‫بني امل�سلمني‪ ،‬و أ�و���ض��ح يف ثالثة جوانب‬ ‫مري�ض ًا أ�و متعب ًا»‪.‬‬ ‫ولذلك ك��ان من العلماء القالئل ا ّلذين‬ ‫ال�سيا�سي عبدالوهاب‬
‫ّ‬ ‫مب�شاركة ال ّنا�شط‬
‫�لا على‬ ‫ين�صب نف�سه وك��ي ً‬ ‫أ�نّ «البع�ض ّ‬ ‫م��ن ج��ان��ب��ه‪ ،‬ق���ال ال��ن��ا���ش��ط ال�سيا�سي‬ ‫ي��ن��زل��ون �إىل ال�� ّن��ا���س‪ ،‬وي�ستمعون �إىل‬ ‫ح�����س�ين‪ ،‬وال َّ�����ش��ي��خ ج��ع��ف��ر ال َّ‬
‫�����ش��اخ��وري‪،‬‬
‫احلقيقة‪ ،‬ويجعل نف�سه معيار ًا لها‪ ،‬فهو‬ ‫عبدالوهاب ح�سني‪� :‬إنّ أ�مريكا والكيان‬ ‫م�سائلهم ويجيبون عليها»‪.‬‬ ‫عبدالمري البالدي‬ ‫أ‬ ‫وال��� ّرادود احل�سيني‬
‫ا ّلذي ميتلك احلقيقة وهو معيارها‪ ،‬ومن‬ ‫ال�صهيوين دفعتا ماليني ال��دّوالرات من‬ ‫ال�شاخوري‪« :‬ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫و أ��ضاف ّ‬ ‫وح�شد من امل ؤ�منني‪.‬‬
‫�ضال ومنحرف وخمطئ»‪،‬‬ ‫يختلف معه فهو ّ‬ ‫أ�ج��ل ا�ستهداف العالمة الكبري ال�س ّيد‬ ‫ك��ان حري�صا ج�� ّد ًا على امل�سجد‪ ،‬وحتّى‬ ‫ً‬ ‫و ر أ�ى ال�شيخ ال�شاخوري يف كلمته أ�نّ‬
‫مب ّين ًا أ�نّ «هذا ال ّنوع من املمار�سة‪ ،‬يخلق‬ ‫ف�ضل اهلل واغتياله‪� ،‬إال أ�نّ حماوالتهم‬ ‫ين على لبنان يف‬ ‫ال�صهيو ّ‬ ‫ع�ش ّية الق�صف ّ‬ ‫العالمة املرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ر�ض)‬
‫أ�جوا ًء مت�ش ّنجة بعيدة عن روح املح ّبة ا ّلتي‬ ‫باءت بالف�شل‪.‬‬ ‫لل�صالة‬ ‫العام ‪ ،1993‬مل يرتكه‪ ،‬وذهب ّ‬ ‫يل منذ حماولة اغتياله‬ ‫أ�دّى دوره ال ّر�سا ّ‬
‫�سالمي»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫حر�ص عليها الدّين إ‬ ‫وب�ّي�نّ أ�نّ «اال�ستهداف ك��ان �سببه ال��دّور‬ ‫فيه‪ ،‬وقد أ�ذاع راديو لبنان �صوت ال�س ّيد‬ ‫ين يف‬ ‫من قبل أ�مريكا والكيان ّ‬
‫ال�صهيو ّ‬
‫�سالمي لل�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬ومعاداته‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫وه��و ي�ص ّلي ويخطب يف امل�سجد‪ ،‬وك��ان‬ ‫العام ‪.1985‬‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪2‬‬
‫‪..‬و في إفطار رياق ‪ -‬البقاع‪:‬‬
‫لتحصين ساحتنا الداخلية من االختراقات المتنوعة‬
‫أقامت جمعية املبرات اخليرية حفل إفطار في ثانوية اإلمام اجلواد (ع)‬
‫في رياق‪ -‬البقاع‪ ،‬بحضور رؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات ووجوه اقتصادية‬
‫واجتماعية وحزبية وتربوية وعسكرية ودينية‪.‬‬
‫ف أ�نا عمركم وم�صريكم‪ ،‬وك��ل ما ميكن‬ ‫بعد كلمة املربات التي أ�لقاها مدير مدار�س‬
‫أ�ن يرثي �إن�سانيتكم ويغنيها‪ .‬لذلك‪ ،‬ف�إن‬ ‫املربات يف البقاع احلاج ابراهيم ال�سع ّيد‪،‬‬
‫الزمن م�س ؤ�وليتنا يف أ�ن نعطيه من روحنا‬ ‫أ�ل��ق��ى رئ��ي�����س جمعية امل��ب�رات اخل�يري��ة‬
‫روح ًا ومن قيمنا قيمة‪..‬‬ ‫العالمة ال�سيد علي ف�ضل اهلل كلمة جاء‬
‫ف�شهر رم�ضان ه��و �شهر احل��ب‪ ،‬و�شهر‬ ‫فيها‪:‬‬
‫أالخالق و�شهر املودة و�شهر املوا�ساة‪.‬‬ ‫يف �شهر رم�ضان‪� ،‬شهر اهلل‪ ،‬ا ّلذي ينفتح‬
‫وعلى �ضوء ذلك‪ ،‬نطل على ق�ضايانا يف‬ ‫ف��ي��ه امل ؤ���م��ن��ون ع��ل��ى اهلل يف �صيامهم‬
‫املجتمع‪ ،‬وما نعانيه من كل هذا احلرمان‬ ‫و�صالتهم و أ�دعيتهم وذوبانهم ال ّروحي‬
‫املزمن‪ ،‬والفقر واليتم‪ ،‬لكي نتح�س�س �آالم‬ ‫بني يديه‪ ،‬كما ينفتحون على ك ّل ال ّنا�س‪،‬‬
‫املع ّذبنيوالفقراءواملظلومني‪،‬وبذلكنعي�ش‬ ‫وخ�����ص��و���ص�� ًا ع��ل��ى أ�ه���ل اخل�ي�ر وامل��ح�� ّب��ة‬
‫معنى املوا�ساة يف هذا ال�شهر‪ ،‬وقد ورد يف‬ ‫ال�سامية‬ ‫والعطاء‪ ..‬ننفتح على تلك ال ّروح ّ‬
‫احلديث عن ع ّلة ال�صيام‪ « :‬أ�ما الع ّلة يف‬ ‫التي مل تعرف احلقد‪ ،‬وعلى ذلك العقل‬
‫الغني والفقري‪ ،‬وذلك‬ ‫ال�صيام لي�ستوي به ّ‬ ‫الكبري ا ّل��ذي حر�ص على زراع��ة املح ّبة‬
‫م�س الفقري‪ ،‬ألن‬ ‫الغني مل يكن ليجد ّ‬ ‫ألن ّ‬ ‫يف ك ّل ال ّنواحي واملواقع‪ ،‬ف أ�نتجت أ�جيا ًال‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫الغني كلما �راد �شيئا قدر عليه‪ ،‬ف���راد‬ ‫ّ‬ ‫مت�ساحم ًة م�تر ّف��ع�� ًة‪ ،‬وع��ق��و ًال مت�سامية‪،‬‬
‫اهلل ع�� ّز وج�� ّل أ�ن ي�س ّوي ب�ين خلقه و أ�ن‬ ‫�سات و�صروح ًا كربى‪،‬‬ ‫و أ�عطت أال ّمة م ؤ� َّ�س ٍ‬
‫والمل‪ ،‬لريق على‬ ‫م�س اجلوع أ‬ ‫الغني ّ‬
‫يذيق ّ‬ ‫آ‬ ‫ً‬
‫كما ق�� ّدم��ت لها منهجا يف ح ّ��ب الخ��ر‬
‫ال�ضعيف ويرحم اجلائع»‪.‬‬ ‫واالنفتاح عليه �إىل أ�بعد احلدود‪ ..‬عنيتُ‬
‫الن�سان من خالل‬ ‫ل��ذا‪ ،‬ال بد أ�ن ي�شعر إ‬ ‫به امل ؤ� ّ�س�س واملرجع واملف ّكر والداعية‪..‬‬
‫ال�صوم ب�إن�سانية آالخ���ر‪ ،‬ليعي�ش معه‬ ‫ال�س ّيد حم ّمد ح�سني ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫�آالمه وطموحاته‪ ،‬يف عملية تكافل وتكامل‬ ‫ول��ذل��ك‪ ،‬فنحن نعي�ش معك �س ّيدي يف‬
‫اجتماعي ن�ستطيع من خاللها أ�ن نخفف‬ ‫م�ل�ت��ه �صال ًة‬ ‫ال�شهر ا ّل���ذي أ‬ ‫رح��اب ه��ذا ّ‬
‫ال��ك��ث�ير م��ن م�شاكل جمتمعنا‪ ،‬وذل��ك‬ ‫ً‬ ‫آ‬
‫ودعا ًء وتالو ًة للقر�ن‪ ،‬وعمال طوال �سني‬
‫امل��زم��ن‪ ،‬ألن ه��ذه املنطقة التي أ�عطت‬ ‫وي أ���ت��ي��ك م��ن ي��ح�� ّدث��ك ع��ن م��ف��او���ض��ات‬
‫لبنان الكثري من أ�بنائها وخرياتها ت�ستحق‬ ‫مبا�شرة هنا‪ ،‬وعن �ضرورة مراعاة الواقع‬ ‫عندما يتح ّول املجتمع من خالل أ�فراده‬ ‫حياتك‪ ،‬كما ننفتح على �آف���اق كلماتك‬
‫كل عناية ورعاية‪ ،‬حتى ي�شعر أ�بناء هذا‬ ‫الداخلي لل�صهاينة‪ ،‬وكم قتلتنا ك ّل هذه‬ ‫اىل خل ّية واح��دة يخففون فيها عنكاهل‬ ‫ونهجك وحركتك على مدى الزّمن‪..‬‬
‫البقاع أال�صيل أ�نهم جزء من هذا البلد‬ ‫الغيبوبة التي غ ّيبنا فيها ذواتنا عن �سابق‬ ‫بع�ضهم البع�ض‪ ..‬وهو ما أ�جاد يف التعبري‬ ‫ويف �شهر رم�ضان‪ ،‬يكبرُ الزّمن وي�سمو‬
‫ولي�سوا غرباء عنه وك أ�نهم يعي�شون يف‬ ‫ق�صد حتّى أ�غرينا ك ّل العامل بالدو�س على‬ ‫عنه الدعاء ال��ذي نتلوه كل يوم يف �شهر‬ ‫ويرتفع وي��ت أ��� ْن��� َ��س��ن‪ ،‬عندما ينفتح على‬
‫ولل�سف ـ أ�ن كث ً‬
‫ريا‬ ‫بلد �آخر‪ ،‬ألننا ن�شعر ـ أ‬ ‫كراماتنا يف املا�ضي وامل�ستقبل‪.‬‬ ‫الن�سان‬ ‫رم�ضان‪ ،‬بحيث يالحق حاجات إ‬ ‫الن�سان ك ّله‪ ،‬بعيد ًا عن ك�� ّل احلواجز‪،‬‬ ‫إ‬
‫من امل�س ؤ�ولني قد نف�ضوا أ�يديهم عن هذه‬ ‫�إنّ اللعبة ال تزال هي هي‪ ،‬والفتنة حا�ضرة‬ ‫و�آالمه حتى يف القرب‪« :‬اللهم أ�دخل على‬ ‫ليقول له‪« :‬هذا هو اهلل تعاىل»‪ ،‬لي�س يف‬
‫املنطقة‪.‬‬ ‫املخططات الدول ّية‪ ،‬والتي‬ ‫ّ‬ ‫اليوم يف ك ّل‬ ‫غن كل فقري‪،‬‬ ‫أ�هل القبور ال�سرور‪ ،‬اللهم أ� ِ‬ ‫ح���دود امل��ك��ان وال��� ّزم���ان‪ ،‬ول��ك�� ّن��ه يف ك ّل‬
‫ومن هنا‪ ،‬ف�إننا ن ؤ�كد أ�ن البقاع كما كان‬ ‫ُي��راد من خاللها �إ�شغال الواقع العربي‬ ‫اللهم أ��شبع ك��ل ج��ائ��ع‪ ،‬اللهم اك��� ِ��س كل‬ ‫��رق ويلني‬ ‫قلب ينفتح وي�صحو وي�صفو وي ّ‬ ‫ٍ‬
‫يف قلب �سماحة ال�سيد (ر����ض) �سوف‬ ‫ال�سالمي عن ا�ستعادة ال�شعور بالكرامة‬ ‫اق�ض دَين كل مدين‪ ،‬اللهم‬ ‫عريان‪ ،‬اللهم ِ‬ ‫وي��ع ِ��ط��ف‪ ..‬ه��ذا ه��و اهلل‪ ،‬عر�شه قلوب‬
‫و إ‬ ‫ف ّرج عن كل مكروب‪ ،‬اللهم ر ّد كل غريب‪،‬‬ ‫امل ؤ�منني‪ ،‬وعندما يكون اهلل يف القلب ف�إ ّنه‬
‫يبقى يف قلوبنا‪ ،‬و�سنعمل بكل جهد يف‬ ‫ال��ذي ت��وىل نهو�ض ًا مع ك�� ّل االنت�صارات‬
‫�سبيل التخفيف عن كاهل أ�هلنا فيه‪.‬‬ ‫التي ح ّققت الهزمية على االحتالل يف ك ّل‬ ‫اللهم ف ّ��ك ك��ل أ����س�ير‪ ،‬اللهم أ��صلح كل‬ ‫ال يمُ كن أ�ن ُيع ّلب‪ ،‬وال يقزّم‪ ،‬وال يحقد‪ ،‬وال‬
‫و أ�خ���ي��ر ًا‪� ،‬إن��� ّن���ا �إذ ن�شكر ل��ك��م جميعاً‬ ‫املواقع‪ ،‬وال �س ّيما يف لبنان‪ ،‬وهذا ما يفر�ض‬ ‫ا�شف كل‬ ‫فا�سد من أ�مور امل�سلمني‪ ،‬اللهم ِ‬ ‫يتع�صب‪ ،‬بل ينطلق يف أ�فق احلياة ك ّله‪،‬‬ ‫ّ‬
‫مري�ض‪ ،‬اللهم �س ّد فقرنا بغناك‪ ،‬اللهم‬ ‫الن�سان ّية ك ّله‪،‬‬
‫ويف مدى إ‬
‫م�شاركتكم يف حفل �إفطارنا ه��ذا‪ ،‬على‬ ‫نح�صن �ساحتنا من االخرتاقات‬ ‫علينا أ�ن ّ‬ ‫غ�ّي�رّ ���س��وء حالنا بح�سن ح��ال��ك‪ ،‬اللهم‬ ‫يف �شهر رم�ضان املبارك ي�صبح للزمن‬
‫ا�سم اهلل‪ ،‬ن ؤ� ّكد على أ�نّ هذه امل ؤ� ّ�س�سات‬ ‫املتن ّوعة التي تُريد م ّنا أ�ن نكون مه ّذبني‬
‫اق�ض عنا الدين و أ�غننا من الفقر‪� ،‬إنك‬ ‫ِ‬ ‫ك�� ّل��ه معنى يف ال����روح‪ ،‬ف�لا ي��ع��ود جم�� ّرد‬
‫هي م ؤ� ّ�س�سات أال ّم��ة؛ منها ولها‪ ،‬وكانت‬ ‫جتاه ما يحاك لنا‪ ،‬يف الوقت الذي ي�ضرب‬
‫دقائق و�ساعات و أ� ّي��ام‪ ،‬بل يحت�ضن هذا‬
‫على كل �شيء قدير»‪.‬‬
‫تتح ّرك من خالل ك ّل عنا�صر اخلري يف‬ ‫فيه العد ّو بعر�ض احلائط ك ّل القرارات‬
‫الن�سان‪ ،‬والتي مت ّثل �شاهد ًا ح ّي ًا على‬ ‫الن�سان ّية‪.‬‬
‫الدول ّية وال�شرع إ‬ ‫مسؤولية قضايا األمة‪:‬‬ ‫الل��ه ّ��ي ال��ذي ينطلق‬ ‫الزمن ك�� َّل الفي�ض إ‬
‫إ‬ ‫أ‬
‫ب��رك�� ًة ورح���م��� ًة‪ ،‬ف��ت��ت��ح�� ّول الن��ف��ا���س �إىل‬
‫ؤ‬
‫الفكر امل� ّ�س�سي ل�سماحة ال�س ّيد‪ ،‬الذي‬ ‫و أ�ما يف لبنان‪ ،‬ونحن يف هذه املنطقة التي‬ ‫وال ب��� ّد ل��ن��ا ـ يف ���ش��ه��ر رم�����ض��ان ـ �شهر‬
‫كان ي�ص ّر معه دائم ًا على أ�ن يكون اجلهد‬ ‫كانت يف قلب �سماحة ال�سيد (ر�ضوان اهلل‬ ‫امل�س ؤ�ول ّية‪ ،‬أ�ن نط ّل على الق�ضايا ال�سيا�سية‬ ‫ت�سبيح‪ ،‬وال��ن��وم �إىل ع��ب��ادة‪ ،‬وتُفتح فيه‬ ‫ٍ‬
‫تعاىل عليه)‪ ،‬البقاع الذي أ�ح ّبه �سماحة‬ ‫ال�سالمي‪،‬‬ ‫وما يعانيه هذا العامل العربي و إ‬ ‫أ�بواب ال�سماء على م�صراعيها للداعني‬
‫ال��ذي يبذله النا�س يف العطاء متم ّث ًال‬ ‫ويف طليعة هذه الق�ضايا فل�سطني‪ ،‬لن�س�لأ‬ ‫وال���راج�ي�ن‪ ،‬و ُي��ع��ط��ى ال��ع��ا���ص��ون ُف��ر���ص�� ًة‬
‫باملوقع الذي ال يرتبط بال�شخ�ص‪ ،‬و�إنمّ ا‬ ‫ال�سيد ولذلك فقد كان ينتقل من قرية‬
‫ليتوبوا �إذ �إنّ أ�بواب النريان مغ ّلقة يف هذا‬
‫يكون أال�شخا�ص القياد ّيون يف خدمته‪،‬‬ ‫اىل قرية فيه من أ�ج��ل أ�ن ي�شارك أ�هله‬ ‫�سالمي‪ :‬هل تعني‬‫ّ‬ ‫ك ّل العامل العربي و إ‬
‫ال‬
‫لنا فل�سطني �شيئ ًا؟ ما مدى ما يعنيه لنا‬ ‫ال�شهر‪ ،‬و أ�يدي ال�شياطني مغلولة‪..‬‬
‫لينمو وي�ستم ّر‪ ،‬وينطلق را�سخ ًا من خالل‬ ‫�آالمه و أ�فراحه‪ ،‬وقد عا�ش �سماحته عميق‬
‫فالزمن ـ أ�يها أالحبة ـ ينبغي أ�ن نعطيه‬
‫الن�سان ّية‪،‬‬‫ال�سالم ّية و إ‬
‫املبادئ والقيم إ‬ ‫املعاناة التي ك��ان ه��ذا البقاع يعانيها‪،‬‬ ‫امل�سجد أالق�صى الذي مي ّثل عمق تاريخ‬
‫لتُعطي أ‬ ‫وال يزال‪ ،‬لندعو امل�س ؤ�ولني يف هذا البلد‬ ‫النب ّوات والر�ساالت ال�سماو ّية؟ هل بتنا‬ ‫معناه يف ال��روح بحيث نح ّوله اىل قيمة‬
‫لل ّمة‪ ،‬ال عطاء امل ّنة‪ ،‬ولكنْ عطاء‬ ‫نقطعه مبا‬ ‫يف الواقع‪ ،‬فال ي�ضيع منا وال ّ‬
‫امل�س ؤ�ول ّية الذي نتح ّمل اليوم معكم ثقله‬ ‫للتط ّلع اىل ه��ذه املنطقة املحرومة من‬ ‫نعي�ش ـ كما أ�رادنا ك ّل هذا الواقع املتخاذل‬
‫أ�جل أ�ن يرفعوا عن كاهلها هذا احلرمان‬ ‫ـ الالمباالة أ�مام ك ّل التط ّورات التي نر�صد‬ ‫ال يرفع من م�ستوانا يف الدنيا و آالخ��رة‪،‬‬
‫وجهده وتط ّلعه نحو آالفاق الرحبة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ألن الزمن يالحقنا ليقول لنا‪ :‬تعالوا‪،‬‬
‫الواقع يتّجه �إلينا ولي�س من حراك‪..‬‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪3‬‬
‫املرجع فضل الله(رض) في آخر حوار رمضاني‪:‬‬
‫على المرجع �أن يعي�ش ع�صره‪..‬و�أثق في العلم عندما يح�صل منه اليقين‬
‫�أرى نف�سي �إ�سالمي ًا يحاول �أن يفهم الإ�سالم على نحو م�ستقلّ ‪ ،‬فال �أقلّد الآخرين‬
‫قبل عام‪ ،‬ومع إطاللة شهر رمضان‪ ،‬أجرت صحيفة األخبار حوارا مع سماحة‬
‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله‪ ،‬اجاب فيه سماحته على اسئلة‬
‫متعددة في اجواء الشهر الكرمي‪ ...‬ويؤكد سماحة السيد رضوان الله عليه‬
‫منهجه التجديدي املعاصر فيقول‪« :‬أنا من الناس الذين يحاولون أن يعيشوا‬
‫عصرهم‪ ،‬ال من جهة عقدة العصر‪ ،‬لكن من خالل أني أتطلّع إلى املستجدات‬
‫في العصر‪ ،‬التي تنطلق من تطوّر العلم والنظريات التي يستنبطها املتخصصون‪،‬‬
‫ألني أثق بالعلم عندما يحصل منه اليقني»‪.‬‬
‫في ما يلي نعيد نشر نص احلوار ألهميته‪...‬‬
‫النبوي ال�شريف هي و�سيلة من و�سائل‬ ‫احلسابات الفلكية توحد بداية‬
‫املعرفة‪.‬‬ ‫الشهور‪:‬‬
‫أ�نا كنت �حتدث مع بع�ض النا�س بطريقة‬ ‫أ‬ ‫‪ -‬ك ّلما أ�ط ّل �شهر رم�ضان‪ ،‬عاد النقا�ش‬
‫�شعبية‪� .‬س أ�لت‪ :‬لو قال لك �شخ�ص �إذا‬ ‫عن الطريقة الواجب اعتمادها لتحديد‬
‫ر أ�ي��ت فالن ًا ف أ�خربين‪ ،‬لكنك مل تره‪،‬‬ ‫موعد بدايته وانتهائه‪� .‬إىل متى �سيبقى‬
‫بل ات�صل بك بالتليفون بحيث عرفت‬ ‫هذا أالمر عامل انق�سام بني امل�سلمني‪،‬‬
‫وجوده يف البلد‪ ،‬أ�ال تخربه؟ ال بد من‬ ‫حتى �ضمن املذهب الواحد‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫أ�ن تخربه‪ ،‬ألنك تفهم من م�س أ�لة‪� ،‬إذا‬ ‫أ�نه يفر�ض انق�سام ًا يف موعد العيد؟‬
‫ر أ�يته‪ ،‬أ�ي �إذا عرفت بوجوده‪ .‬فالر ؤ�ية‬ ‫‪-‬ال أ�رى ح ًال لهذه امل�شكلة �إال باالعتماد‬
‫لي�س لها مو�ضوعية يف ثبوت الهالل‪ ،‬بل‬ ‫على احل�سابات الفلكية‪ ،‬هذا هو الذي‬
‫هذا املجال‪ .‬على هذا أال�سا�س مث ًال‪،‬‬ ‫‪-‬هذا أالمر ال ميثل تطور ًا‪ ،‬ألنه يقوم‬ ‫هي جمرد و�سيلة من و�سائل املعرفة‪.‬‬ ‫يوحد املوقف‪ .‬أ�ما �إذا ركزنا‬ ‫ميكن أ�ن ّ‬
‫أ�كدنا م�س أ�لة احل�سابات الفلكية ألنها‬ ‫على تو�سعة الر ؤ�ية‪ ،‬أ�ي �إن الر ؤ�ية تبقى‬ ‫ونحن نالحظ أ�ن احل�سابات الفلكية‬ ‫على ال���ر ؤ�ي���ة‪ ،‬ف���إن��ه��ا ق��د تختلف بني‬
‫مل تخطئ يف مدى ‪� 100‬سنة يف ق�ضية‬ ‫هي أال�سا�س‪.‬‬ ‫دق من الر ؤ�ية‪ ،‬ألن الف�ضاء مل ّوث‬ ‫هي أ� ّ‬ ‫�شخ�ص و�آخر وبلد و�آخر‪.‬‬
‫يف هذه أالي��ام‪ ،‬فمن ال�صعب جد ًا �نأ‬ ‫‪ -‬ك��ي��ف ت��ف��� ّ��س��رون ال��ط��ري��ق��ة ال��ت��ي‬
‫التوليد‪.‬‬
‫‪ُ -‬و�صفت بع�ض فتاواكم باجلريئة‪،‬‬ ‫على املرجع ان يعي�ش ع�صره ‪:‬‬ ‫حت�صل ر ؤ�ية �صافية‪ .‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫ت��ع��ت��م��دون��ه��ا إلع���ل��ان والدة �شهر‬
‫وبع�ضها حورب وانتقد‪ .‬هل ميكن أ�ن‬ ‫‪ -‬الطريقة التي تعتمدونها لتحديد‬ ‫عندما ندر�س حركة أال�شهر القمرية‪،‬‬ ‫رم�ضان؟‬
‫حت�سب ًا‬
‫ترتددوا يف �إ�صدار فتوى معينة ّ‬ ‫ال�����ش��ه��ر ه��ي م��ث��ار ج���دل يف ال�����ش��ارع‬ ‫نالحظ مث ًال أ�نه لي�ست هناك حواجز‬ ‫‪-‬نحن نرى �ن امل�شكلة الفقهية التي‬ ‫أ‬
‫لردة فعل املجتمع؟‬ ‫ال�سالمي‪ ،‬كما غريها من فتاواكم‪.‬‬ ‫إ‬ ‫بني �شهر و�شهر من الناحية املادية‪،‬‬ ‫تخلق هذه امل�شكلة الثانوية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫‪ -‬أ�نا ال أ�نظر �إىل م�س أ�لة أ�ن يقبل املجتمع‬ ‫وهذا ما يجعل البع�ض‪ ،‬من منتقديكم‬ ‫لكنّ امل�س أ�لة هي أ�ن��ه‪� ،‬إذا دخل القمر‬ ‫يف بداية �شهر رم�ضان ونهايته‪ ،‬هي‬
‫الفتوى أ�و ال يقبلها‪ .‬امل�س أ�لة املنفتحة‬ ‫وحمبيكم على ال�سواء‪ ،‬ي�صفكم برجل‬ ‫يف املحاق انتهى ال�شهر ال�سابق‪ .‬و�إذا‬ ‫م�شكلة اجتهادية حرفية‪ .‬هناك حديث‬
‫على اخلطوط االجتهادية العلمية ال بد‬ ‫الدين املنفتح والع�صري‪ ،‬مع ما يحمله‬ ‫خ��رج م��ن امل��ح��اق‪ ،‬وه��و م��ا ُي��ع�ّب�رّ عنه‬ ‫ي��روي��ه امل�سلمون جميع ًا ع��ن النبي‬
‫من أ�ن تدر�س مو�ضوعي ًا يف العنا�صر‬ ‫هذا التو�صيف من مديح أ�و انتقاد‪ .‬هل‬ ‫ب��ال��والدة‪ ،‬فهو ال�شهر اجلديد‪ .‬لذلك‬ ‫حممد (�ص) «�صوموا لر ؤ�يته و أ�فطروا‬
‫الن�سان أ�ن يكت�شف فيها‬ ‫التي ميكن إ‬ ‫توافقون على هذا الو�صف؟‬ ‫ف�إن امل�س أ�لة خا�ضعة للنظام الكوين‪ ،‬ال‬ ‫لر ؤ�يته»‪ .‬أ�ك�ثر املجتهدين من ال�س ّنة‬
‫أ‬
‫لدي �ية‬‫ما يراه حقيقة‪ .‬لذلك لي�ست ّ‬ ‫‪ -‬أ�ن��ا من النا�س الذين يحاولون �نأ‬ ‫للر ؤ�ية‪ ،‬ألن اهلل خلق نظام أال�شهر قبل‬ ‫وال�شيعة يع ّدون الر ؤ�ية هي أال�سا�س‪.‬‬
‫م�شكلة يف الفتوى حتى تلك التي قد‬ ‫يعي�شوا ع�صرهم‪ ،‬ال من جهة عقدة‬ ‫أ�ن يخلق العيون‪ .‬قبل وج��ود النا�س‪.‬‬ ‫وهناك بع�ض النا�س الذين ي�شرتطون‬
‫تكون خمالفة للم�شهور من الفقهاء‪.‬‬ ‫الع�صر‪ ،‬لكن من خالل أ�ين أ�تط ّلع �إىل‬ ‫لذلك أ�كدنا يف اجتهاداتنا احل�سابات‬ ‫الر ؤ�ية يف املنطقة التي يعي�شون فيها‬
‫أ�ن��ا كنت أ�ول فقيه أ�فتى بطهارة ك ّل‬ ‫امل�ستجدات يف الع�صر‪ ،‬التي تنطلق من‬ ‫الفلكية الدقيقة‪ ،‬وقلنا �إنه �إذا هناك‬ ‫كم�سلمني‪ ،‬وهناك من يكتفي بثبوت‬
‫�إن�سان‪ ،‬بينما كان الر أ�ي الفقهي عند‬ ‫تط ّور العلم والنظريات التي ي�ستنبطها‬ ‫امكانية لر ؤ�ية الهالل يف منطقة من‬ ‫ال��ر ؤ�ي��ة يف أ�وروب���ا مث ًال ليقول بثبوت‬
‫الكثري من علماء ال�شيعة هو احلكم‬ ‫املتخ�ص�صون‪ ،‬ألين أ�ثق بالعلم عندما‬ ‫العامل ال��ذي نلتقي معه يف ج��زء من‬ ‫الهالل عندنا‪ .‬أ�م��ا ر أ�ي��ن��ا نحن‪ ،‬فهو‬
‫بنجا�سة الكفار‪ ،‬وقد ح�صل هناك بع�ض‬ ‫يح�صل منه اليقني‪ .‬كذلك أ�رى نف�سي‬ ‫الليل يثبت عندنا‪.‬‬ ‫أ�ن م�س أ�لة ال�شهر ه��ي م��ن امل�سائل‬
‫أ‬
‫‪-‬كيف تنظرون �إىل ال��ت��ط�� ّور الخ�ير‬ ‫املربوطة بالنظام الكوين للزمن وال‬
‫التط ّور‪ ،‬ف أ��صبح البع�ض ُيفتي بطهارة‬ ‫ال�سالم على‬ ‫�إ�سالمي ًا يحاول أ�ن يفهم إ‬
‫أ�ه��ل ال��ك��ت��اب‪ ،‬لكن بنجا�سة الباقني‬ ‫نحو م�ستق ّل‪ ،‬فال أ�ق ّلد آالخرين‪ .‬نحن‬ ‫الذي يعتمده ال�سعوديون اليوم جلهة‬ ‫عالقة لها مب�س أ�لة أ�ن يراه �شخ�ص أ�و‬
‫من امللحدين‪ ...‬أ�ما ر أ�ي��ي االجتهادي‬ ‫ال�سالمي‬ ‫عندما ندر�س تاريخ الفقه إ‬ ‫ر�صد الهالل باملرا�صد؟‬ ‫ال ي��راه‪ .‬وال��ر ؤ�ي��ة ال���واردة يف احلديث‬
‫منذ عدة �سنني فهو أ�نه ال دليل عندنا‬ ‫ن�لاح��ظ أ�ن م��ا عندهم ع��ن��دن��ا‪ ،‬وما‬
‫الن�سان ج�سدي ًا‪ ،‬لذلك‬ ‫على جنا�سة إ‬ ‫عندنا لي�س عندهم‪ .‬طريقة الفهم‬ ‫ال أ�نظر �إىل م�س أ�لة أ�ن يقبل املجتمع الفتوى أ�و ال يقبلها‪ ،‬فامل�س أ�لة‬
‫أ�فتيت بطهارة كل النا�س‪ .‬نعم هناك‬
‫ّ‬ ‫ل��ل��ن�����ص��و���ص ق���د ت��خ��ت��ل��ف ب�ي�ن ثقافة‬ ‫املنفتحة على اخلطوط االجتهادية العلمية ال بد من أ�ن تدر�س‬
‫جنا�سة يف الفكر‪ ،‬قد توجد يف امل�س أ�لة‬ ‫و أ�خ���رى‪ ،‬وم��ن خ�لال املعطيات التي‬ ‫الن�سان أ�ن يكت�شف فيها ما يراه‬ ‫مو�ضوعي ًا يف العنا�صر التي ميكن إ‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬وقد توجد يف‬ ‫ميكن أ�ن ت�ستج ّد لدى املجتهدين يف‬ ‫حقيقة‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪4‬‬
‫التي عوملت فيها امل���ر أ�ة ج��ي��د ًا‪ ،‬بدا‬
‫أالمر ك أ�نه مرتوك ل�ضمري الرجل‪ .‬هل‬ ‫امل�س أ�لة الدينية‪ .‬بع�ضهم يقول‪ :‬اهلل‬
‫أالمر كذلك فع ًال‪ ،‬م�س أ�لة �ضمري؟‬ ‫يقول }�إمنا امل�شركون جن�س{‪ ،‬نحن‬
‫‪-‬ال��ت��ط��ب��ي��ق ال��ع��م��ل��ي ����ش���يء‪ ،‬وال��دي��ن‬ ‫قلنا �إن النجا�سة هنا هي النجا�سة‬
‫���ش��يء �آخ�����ر‪ .‬ت�ستطيع امل������ر أ�ة ال��ت��ي‬ ‫املعنوية‪ ،‬باعتبار أ�ن ال�شرك مي ّثل‬
‫ت�شعر باال�ضطهاد أ�ن ترفع �شكواها‬ ‫الن�سان‬‫قذارة فكرية ال يحرتم فيها إ‬
‫�إىل احل��اك��م ال�����ش��رع��ي‪ .‬ن��ح��ن �صرنا‬ ‫عقله‪.‬‬
‫مط ّلقني مئات الن�ساء اللواتي ي�شكون‬
‫اال�ضطهاد‪.‬‬ ‫التطور الفقهي االجتهادي‪:‬‬
‫‪ -‬هل تعتقدون أ�ن جر أ�تكم يف االجتهاد‬
‫دور رجل الدين‪:‬‬ ‫مت ّثل عام ًال م�ساعد ًا ليحذو �آخ��رون‬
‫‪ -‬ن�سمع ان��ت��ق��ادات كثرية تُ�� َو َّج��ه �إىل‬ ‫حذوكم؟‬
‫رج��ال الدين‪ ،‬جلهة ما ي�صفه النا�س‬ ‫‪ -‬أ�ت�����ص�� ّور أ�ن بع�ض امل��راج��ع عندما‬
‫بالف�ساد وا�ستغالل الدين خلدمة م آ�رب‬ ‫اط��ل��ع��وا على بع�ض ف��ت��اواي أ�ق�� ّروه��ا‬‫ّ‬
‫�شخ�صية‪ .‬كيف تنظرون �إىل ذلك؟‬ ‫ألنهم اقتنعوا بها‪ .‬كذلك �إنّ التط ّور‬
‫‪-‬رج��ال الدين ال ميثلون الدين‪ .‬رجل‬ ‫الفكري االجتهادي الفقهي قد يف�سح‬
‫الدين در�س الدين‪ ،‬وقد يكون بع�ضهم‬ ‫املجال النفتاح أ�ف�ضل يف الفتوى‪.‬‬
‫در�سه درا�سة معمقة وعالية ونا�ضجة‪.‬‬ ‫‪ -‬كيف ت�صدرون فتوى معينة‪ ،‬بنا ًء‬
‫وبع�ضهم مل يفعل‪ .‬أالخ��ي�رون أ��شبه‬ ‫على متابعة أ�م على أ��سئلة النا�س؟‬
‫ب��ال��ع��وام يف ه��ذا امل��ج��ال‪ .‬العمامة ال‬ ‫‪-‬ق��د جتعلني أ��سئلة ال��ن��ا���س أ��شعر‬
‫ت�صنع رجل دين‪.‬‬ ‫ب�����ض��رورة التع ّمق يف درا���س��ة م�س أ�لة‬
‫‪ -‬ما هو دور رجل الدين يف املجتمع؟‬ ‫معينة‪ ،‬باعتبار أ�نها مت ّثل م�شكلة للواقع‬
‫‪-‬رج���ل ال��دي��ن ه��و ال���ذي ميلك ثقافة‬ ‫ال�سالمي العام‪ .‬كذلك‪ ،‬قد أ�جتهد يف‬ ‫إ‬
‫دينية وا�سعة وال��ت��زام�� ًا ديني ًا‪ .‬ودوره‬ ‫درا�سة م�سائل �سبق أ�ن أ�بديت ر أ�ي�� ًا‬
‫للنبي‪} :‬ا�ستقم‬ ‫فيها‪ ،‬بحيث ميكن أ�ن تتب ّدل �آرائ��ي‬
‫ينطلق مما قاله اهلل ّ‬ ‫ال�سابقة التي رمبا كانت تقليدية‪� ،‬إىل‬
‫كما أُ�م��رت{‪ .‬لي�س ك ّل ما يفعله رجال‬
‫ال��دي��ن مي�� ّث��ل ال��دي��ن‪ .‬علينا أ�ن ننقد‬ ‫�آراء جديدة‪ .‬وهذا ما انطلقنا به يف‬
‫رجال الدين‪ ،‬حتى يف أ�على الدرجات‪،‬‬ ‫كثري من الفتاوى‪.‬‬
‫كما ننقد رج��ال ال�سيا�سة واالجتماع‪.‬‬ ‫‪ -‬مثالً؟‬
‫لي�س ه��ن��اك مع�صوم عندنا يف هذه‬ ‫‪ -‬أ�ث����ق ب��ال��ع��ل��م ع��ن��دم��ا يح�صل منه‬
‫احلياة‪ .‬رجل الدين يفكر وقد يخطئ أ�و‬ ‫اليقني‪ ،‬و أ�ح����اول عي�ش ع�صري من‬
‫امل�سلمني ال�شيعة أ�ن ال��غ��روب يتحقق‬ ‫خالل م�ستجداته العلمية‬
‫ي�صيب وعلينا أ�ن ننبهه �إىل خطئه وال‬ ‫طريقة الفهم للنصوص قد‬ ‫عند ذه��اب احلمرة امل�شرقية‪ ،‬لكني‬ ‫ه��ن��اك م��ث ً‬
‫حجة على الدين‪ .‬ال‬ ‫نع ّد أ�خطاءه مت ّثل ّ‬ ‫�لا بع�ض ال��ف��ت��اوى ال��ت��ي ال‬
‫تختلف بني ثقافة وأخرى‪،‬‬ ‫أ�فتيت وفاق ًا لبع�ض العلماء أ�ي�ض ًا من‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ت��زال لدى الفقهاء‪ ،‬مثل �ن ال�شياء‬
‫مق ّد�س �إال اهلل ور�سوله و أ�وليا ؤ�ه الذين‬ ‫امل�سلمني ال�س ّنة وال�شيعة ب أ���ن �سقوط‬
‫فر�ض قدا�ستهم‪.‬‬ ‫ومن خالل املعطيات التي‬ ‫الال�صقة باجل�سد متنع الو�ضوء ومتنع‬
‫ميكن أ ن تستجدّ لد ى‬ ‫كاف لتحقق الغروب‪،‬‬ ‫قر�ص ال�شم�س ٍ‬ ‫الغ�سل‪ ،‬مثل ال��ده��ان وال�����ص��ب��اغ‪ ،‬أ�و‬
‫‪ -‬هل ف�شل �إنتاج جمتمع �إ�سالمي يق ّدم‬ ‫لذا يجوز لنا أ�ن نفطر �س ّنة و�شيعة يف‬
‫منوذج ًا �إيجابي ًا؟‬ ‫املجتهدين في هذا املجال‬ ‫طالء أالظافر‪ .‬لكني در�ست امل�س أ�لة‬
‫وقت واحد‪.‬‬ ‫ور أ�ي�����ت أ�ن���ه���ا ل��ي�����س��ت ح��اج��ب�� ًا‪ ،‬و أ�ن‬
‫‪-‬مل ن�ستطع‪� ،‬شيع ًة و�س ّنة‪ ،‬أ�ن نر ّكز على‬ ‫‪ -‬ه��ن��اك م�لاح��ظ��ت��ان م���ن متتبعي‬
‫خلق جمتمع �إ�سالمي ي�ضمن لك ّل ذي‬ ‫احلاجب هو ما كان انف�صا ًال واقعي ًا‬
‫فتاواكم‪ ،‬أ�و ًال أ�نكم تن�صفون الن�ساء‪،‬‬ ‫ع��ن اجل�سد‪ .‬مثل �آخ���ر‪ ،‬ك��ان ال��ر أ�ي‬
‫حق حقه‪ .‬حتى بالن�سبة �إىل الرجال‪.‬‬ ‫لك ّل �إن�سان‪ .‬فللمر أ�ة احل��ق‪� ،‬إذا أ�راد‬ ‫وثاني ًا أ�نها تتجه لت�سهيل أ�مور النا�س‪.‬‬
‫اليوم‪ ،‬املر أ�ة تعي�ش يف جمتمع ال ي أ�خذ‬ ‫امل�شهور عند علماء ال�شيعة أ�ن احلالل‬
‫زوجها أ�و أ�خوها أ�ن ي�ضربها‪ ،‬أ�ن تدافع‬ ‫ما ر أ�يكم؟‬ ‫من حيوانات البحر هو ال�سمك الذي‬
‫الرجال فيه حقوقهم‪ .‬املر أ�ة هي جزء‬ ‫عن نف�سها‪ .‬وقد طلبت من الن�ساء أ�ن‬ ‫‪ -‬أ�ن���ا ال أ�نطلق يف الفتوى م��ن عقدة‬
‫من جمتمع يركز التخ ّلف‪ ،‬يف جمتمع‬ ‫ريا �إىل أ�ن ك ّل‬ ‫له ق�شر‪ ،‬لكني و�صلت أ�خ ً‬
‫يتدربن على أالخذ ببع�ض أ��سباب القوة‬ ‫ت�سهيل أ�م���ور ال��ن��ا���س‪ ،‬ب��ل م��ن خالل‬ ‫�صيد البحر حالل �إال ما كان م�ض ّر ًا‬
‫يركز �إ�سقاط احلقوق‪ ،‬يركز اال�ضطهاد‬ ‫التي تتيح لهنّ ال��دف��اع ع��ن أ�نف�سهنّ‬ ‫العنا�صر االجتهادية التي جتعلني أ�قتنع‬
‫ل�ل�ن�����س��ان ال�ضعيف‪ .‬امل����ر أ�ة وال��رج��ل‬ ‫و�سام ًا‪ .‬وكانت هناك فتوى م�شهورة‬
‫إ‬ ‫�سواء يف هذا اجلانب أ�و يف االعتداءات‬ ‫بالنتائج يف هذا املجال‪ .‬أ�ما بالن�سبة‬ ‫لدى كثري من علماء ال�شيعة‪� ،‬إال القليل‬
‫مت�ساويان يف هذا املجال يف جمتمعنا‪،‬‬ ‫ال��ت��ي ق��د يتع ّر�ضن لها كاالغت�صاب‬ ‫�إىل الن�ساء‪ ،‬ف أ�نا أ�رى أ�ن الكثري من‬
‫و�إن ك��ان ميكن يف بع�ض احل��االت أ�ن‬ ‫منهم‪ ،‬يف م�س أ�لة أ�ن الزوجة ال ترث‬
‫وما أ��شبه ذلك‪ .‬طبع ًا نحن نعتقد أ�ن‬ ‫النظرات يف فتاوى الن�ساء تنطلق من‬ ‫م��ن أالر����ض‪ ،‬ب��ل م��ن قيمة البناء يف‬
‫تُ�ضطهد املر أ�ة أ�كرث ألن ج�سدها أ��ضعف‬ ‫احل��ي��اة ال��زوج��ي��ة قائمة على امل��ودة‬ ‫خالل التقاليد‪ ،‬ال من خالل احلقيقة‬
‫أ�و ألن التقاليد تفر�ض ذلك‪.‬‬ ‫البيت‪ ،‬لكني أ�فتيت آالن ب أ�نه ال فرق‬
‫والرحمة‪ ،‬لكن قد ت�صل امل�س أ�لة أ�حيان ًا‬ ‫القر�آنية‪ .‬لذلك أ�فتيت قبل مدة فتوى‬ ‫بني ال��زوج وال��زوج��ة يف أ�نهما يرثان‬
‫‪ -‬أ�ال ت�لاح��ظ��ون ت��راج��ع�� ًا يف االل��ت��زام‬ ‫لدى الزوج ألن ي�ضطهد زوجته‪ ،‬فمن‬ ‫أ�ث���ارت الكثري يف ال��ع��امل إ‬
‫ال���س�لام��ي‪،‬‬
‫الديني لدى ال�شباب؟‬ ‫كما يرث أ�حدهما آالخر انطالق ًا من‬
‫حقها أ�ن تدافع عن نف�سها كما للرجل‬ ‫وهي حق الدفاع عن النف�س مبا أ�نه حق‬ ‫الن�ص القر�آين‪ .‬و أ�ي�ض ًا املعروف عند‬
‫خف ألننا �شغلنا بال�سيا�سة‬
‫ُ‬ ‫‪-‬التد ّين ّ‬ ‫احلق يف أ�ن يدافع عن نف�سه فيما �إذا‬
‫أ‬
‫عن الدين‪� .‬شغلنا ب�مريكا و�إ�سرائيل‬ ‫ُ‬
‫كانت زوجته أ�خت الرجال‪.‬‬
‫عن التوجيه القيمي‪ .‬طبع ًا نحن �ضد‬ ‫اطلعوا على بعض فتاواي أقرّوها ألنهم اقتنعوا بها‪،‬‬
‫بعض املراجع عندما ّ‬
‫«�إ�سرائيل»‪ ،‬وال ننتقد هذا أالمر‪ ،‬لكنه‬ ‫بني الدين واملمارسة‪:‬‬ ‫كذلك إنّ التطوّر الفكري االجتهادي الفقهي قد يفسح املجال النفتاح‬
‫لي�س كل �شيء‪ .‬نحن م�سلمون أ�ي�ض ًا‬ ‫لل�سالم على مدى‬ ‫أفضل في الفتوى‬
‫ولدينا التزامات �شرعية و أ�خالقية‪.‬‬ ‫‪ -‬املمار�سة العملية إ‬
‫قرون مل تن�صف امل��ر أ�ة‪ ،‬ويف احلاالت‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪5‬‬
‫على الواقع وعلى املواقف التي تواجه‬
‫الن�سان‪ ،‬باني ًا على فكرة «ا�ستيحاء‬
‫املعاين وحتريكها يف الواقع»‪.‬‬
‫إ‬ ‫رحيل العالمة «جا�سر الهوّات»‬
‫‪6‬ـ بني رجل الدّ ين والنّاس‪:‬‬
‫كان دائم االحتكاك بال ّنا�س‪ ،‬من خالل‬ ‫الن�����س��ان»‪ ،‬فاحت ًا‬ ‫حت��ت ع��ن��وان «�إن�سان ّية إ‬ ‫جالل شرمي‬
‫تخ�صي�ص أ�وق��ات حم��دّدة ي�ستقبلهم‬ ‫الباب أ�مام اجلميع حتت �شعار‪« :‬احلقيقة‬ ‫برحيل العالمة محمد حسني فضل الله‪ ،‬تُطوى صفحة نوعية من التاريخ‬
‫فيها‪ ،‬بعيد ًا عن الربوتوكول والتّعقيد‪،‬‬ ‫بنت احل��وار»‪ .‬و أ�ذك��ر أ� ّن��ه يف حما�ضر ٍة له‬ ‫اإلسالمي املعاصر‪ ،‬فهو لم يكن رجل دينٍ فحسب‪ ،‬بل لقد اجتمعت فيه جملة‬
‫فيعر�ضون عليه م�شاكلهم مهما كانت‬ ‫يف «اجلامعة أالمريك ّية يف ب�يروت»‪�ُ ،‬سئل‬
‫امل�سيحي حول‬ ‫ال���س�لام ّ��ي‬
‫ع��ن اخل�ل�اف إ‬ ‫بصمات لن مُتحى بسهولة خالل‬
‫ٍ‬ ‫من املزايا واملناقب حوّلته إلى عَ ل ٍم مؤ ّث ٍر ترك‬
‫ب�سيط ًة‪ .‬فكان ي�ستوعبهم و ُيفتيهم‬ ‫ّ‬
‫يف م�سائلهم‪ ،‬ما و ّل��د عنده نوع ًا من‬ ‫أ‬
‫ال ّنظرة �إىل عي�سى بن مرمي‪ ،‬ف�جاب مبا‬ ‫الشأن اإلسالميّ العام‪.‬‬
‫بضعة عقود من الزّمن قضاها في خدمة ّ‬
‫الواقعي» البعيد عن التجريد‬ ‫ّ‬ ‫«الفقه‬ ‫م�ضمونه‪ « :‬أ��ستغرب كيف أ� ّننا ن�ترك ‪80‬‬ ‫ال��ك��ث�ير م��ن ال��ع��ق��د ع�بر اع��ت��م��اد املنهج‬ ‫لقب ُيعطى له يخت�صر‬ ‫و�إن ك��ان من ٍ‬
‫والتحجر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫واملثال ّ‬ ‫يف املئة‪ ،‬أ�و أ�ك�ثر‪ ،‬من املفاهيم التي نتّفق‬ ‫التاريخي‪� ،‬سعي ًا نحو �إيجاد ٍ‬
‫نوع‬ ‫ّ‬ ‫العلمي‬
‫ّ‬ ‫الكثري من عطاءاته و�إجن��ازات��ه‪ ،‬فهو‬
‫أ‬
‫‪ ...‬عندما يطلع امل���رء على ��سلوب‬ ‫ّ‬ ‫حولها‪ ،‬ونن�شغل بالع�شرين يف املئة أ�و أ�ق ّل‬ ‫من القطيعة مع أ�ح��داث املا�ضي‪ ،‬بهدف‬ ‫ال�سمة‬ ‫لقب «جا�سر اله ّوات»‪ .‬ولع ّل هذه ّ‬
‫�سماحته القائم على التّوفيق والتقريب‬ ‫من املفاهيم التي نختلف حولها»‪.‬‬ ‫فهم احلا�ضر والعمل مبتط ّلباته‪ ،‬والتط ّلع‬ ‫التي امتاز بها‪ ،‬تعود �إىل �شخ�ص ّيته‬
‫ب�ي�ن ب��ع�����ض امل��ف��اه��ي��م ال���ت���ي ي��راه��ا‬ ‫‪4‬ـ بني العلم والدّ ين‪:‬‬ ‫نحو امل�ستقبل‪ ،‬كما كان �شعاره‪.‬‬ ‫املخ�ضرمة‪ ،‬فهو وليد مدينة ال ّنجف‬
‫ال��ك��ث�يرون متناق�ض ًة‪ ،‬ق��د يخطر يف‬ ‫ال�صراع التاريخي الكبري‪ ،‬وما نتج‬ ‫رغم ّ‬ ‫والشيعة‪:‬‬‫‪2‬ـ الهوّة بني السنّة ّ‬ ‫ودالالت‬
‫ٍ‬ ‫وربيبها‪ ،‬مبا حتمل من معانٍ‬
‫البال أّ�ن �شخ�صية �سماحته هي من‬ ‫منه من قطيع ٍة كربى بني العلم والدّين‪،‬‬ ‫ع��م��ل ع��ل��ى ج�����س��ر ال���ه��� ّوة ب�ين جناحي‬ ‫رمز ّي ٍة موغل ٍة يف التّاريخ‪ .‬وهناك نهل‬
‫النوع امل�سامل امل��ه��ادن‪ ،‬ولكنّ ال ّنظر‬ ‫خا�ص ًة‪،‬‬
‫ف�إ ّننا نرى �سماحته ي�ستعمل كيمياء ّ‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬عرب �سعيه الدّائم نحو‬ ‫أال ّمة إ‬ ‫من العلوم الدّين ّية‪ ،‬وعا�ش فرتة ُعدّت‬
‫يف ���س�يرت��ه ي��ري��ن��ا �شخ�ص ًا جم��اه��د ًا‬ ‫مق ّرب ًا بني هذين املفهومني‪ ،‬حمدث ًا بينهما‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬والعمل بو�سط ّي ٍة حتت‬ ‫الوحدة إ‬ ‫مبثابة املرحلة الت أ��سي�سية والتكوينية‬
‫مقات ًال �صدام ّي ًا ال يلني مع نوعني من‬ ‫عالق ًة جدل ّي ًة متبادلة‪ .‬فانظر مث ًال �إىل‬ ‫ال�سالم ّية»‪ ،‬لذلك حت ّول‬ ‫�شعار «احلركة إ‬ ‫ل�شخ�صيته العلمية‪ .‬والبيئة الثانية التي‬
‫القوى التي حاولت النيل منه والق�ضاء‬ ‫الفقهي‪ ،‬وكيف �ش ّكلت املعطيات‬ ‫ّ‬ ‫منهجه‬ ‫�إىل رم ٍ���ز م ؤ��� ّث��ر يف ك��ث�ي ٍر م��ن احل��رك��ات‬ ‫�ساهمت يف «خ�ضرمة» هذه ال�شخ�صية‬
‫عليه‪ ،‬قوى اال�ستكبار واالحتالل‪ ،‬وقوى‬ ‫العلم ّية احلديثة عن�صر ًا مو�ضوع ّي ًا ها ّم ًا‬ ‫ال�سالم ّية‪� ،‬سواء أ�كانت �سن ّي ًة أ�م �شيع ّي ًة‪.‬‬ ‫إ‬ ‫للقامة يف‬ ‫الف ّذة‪ ،‬جاءت مع انتقاله إ‬
‫الفكري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التحجر‬
‫ّ‬ ‫لتحديد ال ّر ؤ�ية الفقه ّية لديه‪ .‬فطاملا ر أ�يناه‬ ‫ويف ه��ذا امل��ج��ال‪� ،‬سعى �إىل ن��زع كث ٍري‬ ‫بريوت‪ ،‬مبا مت ّثله هذه املدينة من حال ٍة‬
‫ف���إن كانت حم��اوالت ق��وى اال�ستكبار‬ ‫التخ�ص�ص واخلربة يف‬ ‫ّ‬ ‫ي�ستنطق أ��صحاب‬ ‫بعدد من احل��وادث‬ ‫من أالل��غ��ام املتم ّثلة ٍ‬ ‫ال�شرق وال��غ��رب‪ ،‬ومبا‬ ‫انفتاح ّي ٍة بني ّ‬
‫الغتياله ج�سدي ًا قد ف�شلت‪ ،‬ف�إنّ قوى‬ ‫�شتّى املو�ضوعات العلم ّية املعا�صرة‪ .‬وهذا‬ ‫آ‬
‫التاريخ ّية التي ما زالت تُعتمد‪ ،‬حتى الن‪،‬‬ ‫ن�سيج متعدّد أالل��وان دين ّي ًا‬
‫حتويه من ٍ‬
‫التحجر والتّقليد ال��ت��ي �ش ّنت عليه‬ ‫ّ‬ ‫�شيء ي�سري من منهجه العام القائم على‬ ‫خالف بني امل�سلمني‪ ،‬داعي ًا �إىل‬ ‫ٍ‬ ‫كنقاط‬ ‫ومذهب ّي ًا وفكر ّي ًا وثقاف ّيا‪...‬‬
‫ً‬
‫حرب ًا �ضاري ًة لي�س لها مثيل يف التاريخ‬ ‫مواكبة روح الع�صر‪ ،‬وحتريك االجتهاد مبا‬ ‫أ‬
‫النظر �إليها نظر ًة جديدة‪ .‬ففي م�س�لة‬ ‫هذا أالمر طبع �شخ�ص ّيته‪ ،‬وو ّلد عنده‬
‫�سالمي‪ ،‬كا�شف ًة عن عقل ّية �ستاتي ّكية‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫يتوافق مع العلم والع�صر احلديث‪.‬‬ ‫��وي»‪ ،‬التي دار خالف‬ ‫« أ�ه��ل البيت ال��ن��ب ّ‬ ‫هاج�س تقريب امل�سافات وج�سر اله ّوات‬
‫متقوقعة يف املا�ضي‪ ،‬وترف�ض التّغيري‬ ‫ّص والواقع‪:‬‬ ‫‪5‬ـ بني الن ّ‬ ‫تاريخي كبري بني ال�س ّنة وال�شيعة فيها‬ ‫ّ‬ ‫ب�ين مفاهيم ق��د تبدو للوهلة أالوىل‬
‫واالن��ف��ت��اح ع��ل��ى آالخ����ر‪ ،‬ا�ستطاعت‬ ‫جماهريي‬
‫ٍّ‬ ‫�سلوب‬ ‫أ‬
‫كان له منهج يقوم على � ٍ‬ ‫حول مكانتهم وح ّقهم يف اخلالفة‪ ،‬نراه‬ ‫متناق�ض ًة‪ .‬ويف هذه ال ُعجالة‪� ،‬سنقدّم‬
‫أ�ن تغتاله م��ع��ن��و ّي�� ًا‪ ،‬ملحقة ���ض��رر ًا‬ ‫قاد ٍر على «حتويل املعاين املج ّردة �إىل واقع‬ ‫ُيخرج « أ�هل البيت» من دائرة اخلالف‪،‬‬ ‫ال�ص ُعد التي عمل �سماحته‬ ‫عدد ًا من ّ‬
‫ريا ب�سمعته يف أالو���س��اط ّ‬
‫ال�شعب ّية‬ ‫كب ً‬ ‫عدد من‬ ‫حي معي�ش»‪ ،‬مفرتق ًا عن أ��ساليب ٍ‬ ‫ّ‬ ‫فريى أ�نهم مي ّثلون القاعدة الوحدو ّية يف‬ ‫على التّقريب فيها‪:‬‬
‫والدّين ّية‪ ...‬وه��ا قد ارحت��ل «ال�س ّيد»‬ ‫رجال الدّين ا ّلذين ينحون منحى عرفان ّي ًا‬ ‫امل�س أ�لة العاطف ّية للم�سلمني جميع ًا‪...‬‬ ‫‪1‬ـ الهوّة بني املاضي واحلاضر‪:‬‬
‫�إىل جوار ر ّب��ه‪ ،‬ف� إ ّنا ن أ�مل أ�ن يع ّو�ضنا‬ ‫أ�و أ�دب�� ّي�� ًا حم�ض ًا‪ ،‬فهو ال يكتفي ب�إعطاء‬ ‫و�سع �سماحته الدّائرة‬ ‫‪3‬ـ اله ّوة بني الب�شر‪ّ :‬‬ ‫�إن كان التط ّلع �إىل املا�ضي والتع ّلق به‬
‫اهلل مب��ن ي�س ّد ال��ف��راغ ا ّل���ذي تركه‪،‬‬ ‫ل�ل�ل��ف��اظ وامل�صطلحات‬ ‫��وي أ‬ ‫املعنى ال�� ّل��غ ّ‬ ‫وال�شيعة‪،‬‬ ‫الوحدو ّية‪ ،‬متجاوز ًا حدود ال�س ّنة ّ‬ ‫ال�سمات‬ ‫والوقوف على أ�طالله �إحدى ّ‬
‫ال�صدع الذي أ��صيبت به أال ّمة‬ ‫وير أ�ب ّ‬ ‫ّيني‪ ،‬بل يقدّمه يف‬ ‫الن�ص الد ّ‬ ‫ال���واردة يف ّ‬ ‫�ساعي ًا نحو ج�سر اله ّوة بني الب�شر مهما‬ ‫ال���س�لام ّ��ي والعربي‬ ‫امل��م�� ّي��زة للفكر إ‬
‫والوطن‪.‬‬ ‫قالب من قوالب احلياة اليوم ّية مط ّبق ًا � إ ّياه‬ ‫ٍ‬ ‫ت��ع��دّدت أ�دي��ان��ه��م و أ�ل��وان��ه��م وثقافاتهم‪،‬‬ ‫املعا�صر‪� ،‬إال أ�نّ الفقيد ح��اول فكفكة‬

‫‪� -3‬سعيه ال��د ؤ�وب لطرح ر ؤ�ى تقدمية‬


‫مرجعٌ �سبق ع�صره‬
‫حت��رك عقول امل�سلمني‪ .‬ذل��ك ك��ان خط‬
‫ت�ساهم يف توحيد امل�سلمني والت�صدي‬ ‫�سماحة ال�سيد‪.‬‬
‫ال�سرائيلي‪ .‬فكان ‪-‬رحمة‬ ‫للم�شروع إ‬ ‫وم��ن النقاط التي ك��ان �سماحته يتميز‬
‫اهلل عليه‪ -‬واهب ًا نف�سه لتلك الق�ضية‪،‬‬ ‫بها‪:‬‬
‫فرتاه كلما دبت اخلالفات بني امل�سلمني‬ ‫‪ -1‬كان �سماحته يدعو �إىل احت�ضان العلم‬
‫ال�سرائيلي‬ ‫وجه بو�صلته باجتاه العدو إ‬ ‫ّ‬ ‫والعلماء‪ ،‬ومن امل ؤ�منني ب�شدة بالرجوع‬ ‫ج��ن��ازت��ه ف��اق ع��دد أ�ت��ب��اع��ه م��ن ال�شيعة‬ ‫محمد علي املؤمن‬
‫لتنبيه امل�سلمني �إىل أ�ن �إ�سرائيل ال‬ ‫�إىل أ�هل اخلربة وحتمية التوافق العلمي‬ ‫االمامية‪ .‬وكذلك العالمة ال�سيد حم�سن‬ ‫العالمة املرجع ال�سيد حممد ح�سني‬
‫غريها هي العدو احلقيقي‪.‬‬ ‫الديني وع��دم اال�ستعجال يف رف�ض أ�ي‬ ‫أالم�ي�ن‪ ،‬وه��و م��ن أ�وائ���ل العلماء الذين‬ ‫ف�ضل اهلل ‪-‬ط��ي��ب اهلل ث���راه‪ -‬مفكر‬
‫‪ -4‬ط��ال��ب مب��راج��ع��ة ال��ت��اري��خ بعيداً‬ ‫ن��ظ��ري��ة ع��ل��م��ي��ة‪ ،‬و�إمن�����ا ب��ح��ث امل��خ��ارج‬ ‫ت�صدوا للتطبري والعادات الدخيلة على‬ ‫�إ�سالمي �سبق ع�صره قبل أ�ن يكون‬
‫عن النظرة الطائفية ال�ضيقة وفكر‬ ‫الدينية لها‪ ،‬فمواكبة النظريات احلديثة‬ ‫املذهب االم��ام��ي‪ ،‬وق��د متت معاداته يف‬ ‫م��رج��ع�� ًا ف��ق��ه��ي�� ًا‪ ،‬ف��م��ن ت��اب��ع م�سرية‬
‫ب�صوت عال‪ ،‬وهذا ما جبل عليه علماء‬ ‫وال��ت��ط��ورات العلمية م��ن ال�����ض��روري��ات‬ ‫أ�يامه لتلك أال�سباب‪ .‬كان لل�سيد أالمني‬ ‫حياته يراها غنية بالتجارب والفكر‬
‫االمامية‪ ،‬كما ذكرت �سابق ًا‪ ،‬وحقيق ًة‬ ‫ال���س�لام��ي‪.‬‬
‫إلن��ق��اذ ال��ف��ك��ر وامل�ستقبل إ‬ ‫ك��م��ا ك���ان لل�سيد ع��ب��د احل�����س�ين �شرف‬ ‫واملنعطفات‪ ،‬فهي فع ًال ت�ستحق الدرا�سة‬
‫ه��ذا ما ميز م�سرية املذهب تاريخي ًا‬ ‫فرف�ضها من دون متعن وا�ستيعاب حتماً‬ ‫ال��دي��ن ���ص��والت وج���والت م��ع علماء أ�ه��ل‬ ‫وال��ت أ���م��ل‪ .‬لقد ك��ان جريئ ًا يف طرحه‬
‫و أ�غناه فكري ًا‪ ،‬و�إن مل ن�ستطع ا�ستيعاب‬ ‫�سي�ضر با إل�سالم كما ح�صل للكني�سة يف‬ ‫ال�سنة‪� ،‬سعي ًا �إىل التقارب والوحدة ونبذ‬ ‫و�شجاع ًا يف مواقفه‪ ،‬كان يرى نف�سه‬
‫التنوع الفكري وق��ب��ول ال���ر أ�ي آالخ��ر‬ ‫الع�صور الو�سطى‪.‬‬ ‫اخلالفات وتوحيد ال�صف �ضد اال�ستعمار‬ ‫‪-‬رحمه اهلل‪ -‬مكم ًال مل�سرية تاريخية‬
‫فنحن نهدم ما بناه غرينا‪.‬‬ ‫‪ -2‬تبنى مفهوم املرجعية امل ؤ��س�ساتية‪،‬‬ ‫يف ذلك احلني‪ .‬تلك هي اخلطى التي أ�راد‬ ‫تذكرنا ب أ�عالم مذهب االمامية‪ ،‬من‬
‫فرحمك اهلل أ�ي��ه��ا ال�سيد‪ ،‬فارقتنا‬ ‫وما ذلك �إال �سعي منه لطرح أ�فكار تقدمية‬ ‫أ�ن مي�شي عليها ال�سيد حممد ح�سني‪ .‬ما‬ ‫أ�مثال املفيد �شيخ الطائفة ال��ذي �إن‬
‫مبكر ًا‪ ،‬ولكن �ستبقى أ�فكارك منار ًة‬ ‫من � أش�نها رفع أ�داء املرجعية وتطويرها‪،‬‬ ‫أ��سهل أ�ن تتبع خطى غ�يرك‪ ،‬وكما يقال‬ ‫طرح أ�فكاره اليوم هاجمه من �سماهم‬
‫للمفكرين وج��ر أ�ت��ك م��ث��ا ًال لالحقني‬ ‫خ�صو�ص ًا مع ات�ساع الرقعة اجلغرافية‬ ‫�إن تطلع بال�سليم‪ ،‬ولكن أ�بى �إال أ�ن ي�سلك‬ ‫يف ع�صره باحل�شوية‪ .‬وم��ن امل�شهور‬
‫ومواقفك حتدي ًا للظاملني‪.‬‬ ‫للم�سلمني وتعدد الفتاوى بني علمائها‪.‬‬ ‫�سلوك املفكرين لعل وع�سى أ�ن ي�ساهم يف‬ ‫أ�ن ع��دد أ�ه��ل ال�سنة الذين م�شوا يف‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪6‬‬
‫المرجع فضل الله في عالم زال قديمه ولم يتكوّ ن حديثه‬
‫��ا���ص��ة قريبة‬ ‫وراء امل�صالح اخل ّ‬ ‫الفضل شلق‬
‫املدى على ح�ساب امل�صالح العا ّمة‬ ‫رحل املرجع اإلمام السيد محمد حسني فضل الله‪ .‬كان عمالق ًا في فكره‬
‫العليا طويلة املدى‪ .‬حينها تف�سد‬ ‫ونضاله‪ .‬مأساته أنّه عاش في عال ٍم ينهار‪ ،‬عالم ما بعد االستعمار الذي يتزلزل‬
‫ال�سيا�سة ويف�سد الوعي وي ؤ���دّي‬ ‫فيه الدين‪ ،‬وتعجز الدولة عن تقدمي بديل‪ ،‬وتنهار األسرة‪ ،‬وتعجز اجلماعة عن‬
‫ف�ساد الوعي وال�سيا�سة �إىل ف�ساد‬ ‫تقدمي احللول لنفسها‪.‬‬
‫الدين‪.‬‬
‫واج�������ه حم���م���د ح�������س�ي�ن ف�����ض��ل‬ ‫ال ّثورات ال�شعب ّية واحلركات الوطن ّية‪.‬‬ ‫هو عامل يتزلزل‪ :‬تنهار فيه ال ّذات وال‬
‫اهلل جمتمعه كما واج���ه القوى‬ ‫وت�سميات أ�خرى‬
‫ٍ‬ ‫حاول �إنقاذها بتعابري‬ ‫تربز فيه أالنا‪ .‬ذات دون « أ�نا»‪� .‬ساهمت‬
‫المربيال ّية اخلارجية‪ .‬اجته �إىل‬ ‫إ‬ ‫عن طريق الدّين و�شعاراته وفتاواه‪ .‬ر أ�ى‬ ‫الهزمية يف ذل��ك‪ ،‬مل تفلح ال�� ّث��ورة يف‬
‫خالقي من‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫االجتماعي ال‬
‫ّ‬ ‫العمل‬ ‫أالمور ت�سري غري ذلك‪.‬‬ ‫تقدمي احللول ويف تقدمي بنى جديدة‬
‫أ�جل أ�ن يعيد �إىل الدّين اجتهاده‪،‬‬ ‫ر أ�ى الدّول احلاكمة امتداد ًا لال�ستعمار‬ ‫لهو ّية أ�و هو ّيات بديلة‪ .‬عامل زال قدميه‬
‫في�ضعه على �س ّكة احل��داث��ة‪ ،‬ال‬ ‫المربيال ّية‪ .‬ح��اول التّنبيه �إىل ذلك‬‫و إ‬ ‫ومل يتك َّون حديثه‪ .‬احلداثة فيه امتداد‬
‫احلداثة املع ّلبة وامل�ستوردة‪ ،‬بل‬ ‫أ‬
‫و�إنقاذ اجلماهري منها‪� .‬سارت المور‬ ‫لتقليدٍ مل يعد موجود ًا‪ ،‬أ�و تعليب لغرب‬
‫احل��داث��ة ال��ت��ي ت�ستجيب لتط ّور‬ ‫بغري ذلك‪ .‬ر أ�ى اجلماهري بحاج ٍة �إىل‬ ‫م�ستورد وال يفي باملطلوب‪.‬‬
‫املجتمع كما ه��و‪ ،‬احل��داث��ة التي‬ ‫�شيءٍ وحيدٍ يجعل منها قطيع ًا مينحها‬ ‫عا�ش ال�س ّيد م أ��ساة الع�صر؛ كارثة‬
‫اخلا�صة على امل�صالح العا ّمة‪.‬‬‫ّ‬ ‫امل�صالح‬ ‫ال�سقوط‪ .‬كان �إ�سالم ّي ًا‬
‫الزالزل وهول ّ‬
‫مل�ستقبل يتح ّكم به الوعي‬ ‫ٍ‬ ‫ت ؤ� ّ�س�س‬
‫امل�صالح العا ّمة هي التي تنتج مث ًال عليا‪،‬‬ ‫وكان عرب ّي ًا وكان وحدو ّي ًا وكان منتمي ًا‬
‫ال�سوي ال الوعي املف ّوت‪ ،‬له خ�صوم‬ ‫ّ‬ ‫هي ما يعطي احلياة معنى ومغزى‪ ،‬وهي‬ ‫�إىل امله ّم�شني‪ .‬وحدو ّية العروبة انهارت؛‬
‫أ‬
‫من هنا ومن هناك‪ ،‬خ�صوم �قوياء‪،‬‬ ‫مع غيابه صرنا أكثر‬
‫ما يجعل اندماج الفرد يف املجتمع عم ًال‬ ‫حاجةً إلى أفعاله‪ ..‬رحل‬ ‫ال�سالم تبعرثت؛ امله ّم�شون زاد‬ ‫�صحوة إ‬
‫ل��ك��ن م��ا ف�ت�رت همته وال ت��راج��ع‪.‬‬
‫متوازن ًا ذا �سو ّية أ�خالق ّية واجتماع ّية‪.‬‬ ‫وترك فراغ ًا هائالً‪ .‬يصعب‬ ‫أ‬
‫تهمي�شهم و�صاروا جم ّرد �رقام‪ ،‬جم ّرد‬
‫�ساهمت املربات التي رعاها يف بناء‬
‫اخلا�صة هي ما ينتج أالنان ّية‬
‫ّ‬ ‫امل�صالح‬ ‫سدّ هذا الفراغ‪.‬‬ ‫م�سارات‬
‫ٍ‬ ‫خياالت ألنف�سهم تقوم مقام‬‫ٍ‬
‫امل�ساجد واملكتبات وامل�ست�شفيات‬ ‫أ‬
‫وانف�صال النا عن ال ّذات االجتماع ّية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫بلهاء امل�صري ف��اق��دة الم���ل‪ ،‬والم��ل‬
‫واملدار�س‪ ،‬وك أ�نّ ذلك كان اعرتاف ًا‬
‫�سواء كانت فرد ّي ًة أ�و جماع ّية‪ .‬يف هذا‬ ‫ال�صلة بني ال ّذات واالنا‪.‬‬ ‫وهم‪ .‬انف ّكت ّ‬
‫منه ب�ضرورة ال��ع��ودة �إىل ت أ��سي�س‬ ‫اجتاه ًا‪ ،‬يعطيها معنى ومغزى من أ� ّي ٍ‬
‫نوع‬
‫االنف�صال انف�صام �شخ�ص ّية وتعطيل‬ ‫الذات تفتّ�ش عما يعيد أالنا �إليها كي‬
‫الوعي بعد أ�ن فقد أالمل بال�سيا�سة‬ ‫ال�سالم متاح ًا‪ ،‬لكن‬ ‫كان‪ .‬مل يكن غري إ‬
‫مللكة التّفكري‪ ،‬وبالطبع تعطيل إلمكانية‬ ‫والن��ا حتت ال�سنابك؛‬ ‫ت�صبح فاعل ًة أ‬
‫وال��ت��ج��دي��د ال���دي���ن���ي‪ .‬ت��ب��ق��ى ه��ذه‬ ‫ال�سالم يتزلزل؛ وما يتزلزل ال ي�صلح‬ ‫إ‬
‫ين‪ .‬ت�سيطر الغرائز‬ ‫التفكري ال��ع��ق�لا ّ‬ ‫هدف للقنابل‪ .‬هي باخت�صار مو�ضوع‬
‫امل ؤ� ّ�س�سات �صروح ًا للم�ستقبل إلنتاج‬ ‫أ�دا ًة للجمع والتّعبئة والتّح�شيد يف �سبيل‬
‫بالحرى‪ .‬تُ�صنع الغرائز وت�سيطر على‬ ‫أ‬ ‫الره�����اب‪ .‬يف م��واج��ه��ة ح��رب‬
‫وعي جديدٍ غري الذي ن� أش� ون� أش�نا‬ ‫ٍ‬ ‫المربيال ّية الق ّهارة‪.‬‬
‫مواجهة القوى إ‬ ‫ح���رب إ‬
‫العقل وح�ساب امل�صلحة واالنتماء �إىل‬ ‫الرهاب ال يفيد الدّين وال ال�سيا�سة وال‬ ‫إ‬
‫ع��ل��ي��ه‪� .‬إع����ادة ت�شكيل ال��وع��ي من‬ ‫املجتمع أ‬
‫العراقي‬
‫ّ‬ ‫والم��ة‪ .‬تك َّون املجتمع‬ ‫كان كائن ًا �سيا�س ّي ًا من ّ‬ ‫أالخالق يف املواجهة‪ ،‬يف مواجهة حرب‬
‫قاعدة الهرم �صعود ًا‪� ،‬صارت هي‬ ‫الطراز أال ّول‪.‬‬
‫من مك ّونات طائف ّية و�إثن ّية بعد االحتالل‬ ‫املوجه �ض ّد من انتمى �إليهم‬ ‫الرهاب ّ‬ ‫إ‬
‫�سبيله يف الن�ضال واملواجهة‪ .‬مل يي أ��س‬ ‫توجهه‬‫ال�سيا�سي على ّ‬
‫ّ‬ ‫رمبا طغى وعيه‬
‫مريكي‪ ،‬كما تك ّون لبنان من مك ّوناته‬ ‫أال ّ‬ ‫الفقهي كان‬ ‫الفقهي‪ ،‬رغ��م أ�نّ �إدراك���ه‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ه��ن��اك ب��ع�ثرة وت�����ش��رذم‪.‬‬
‫ومل ي�ست�سلم‪ .‬ما بناه كان �ضرور ًة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وم��ا بناه تعجز ال��دّول��ة أ�حيان ًا عن‬ ‫م��ت��ف�� ّوق�� ًا‪��� ،‬ش��ارك يف ت أ������س��ي�����س «ح��زب‬ ‫ح��اول عن طريق وح��دة امل��ذاه��ب ومل‬
‫��رات كربى‬ ‫بنائه‪ ،‬وم��ا بناه �س ّد ث��غ ٍ‬ ‫ساهمت املبرات التي رعاها‬ ‫ال�سالم ّية‬ ‫الدّعوة» يف العراق ثم املقاومة إ‬ ‫يفلح‪ .‬املذاهب ذاتها أ��صبحت فاقدة‬
‫يف عمل الدّولة‪ ،‬وما بناه كان خدم ًة‬ ‫في بناء املساجد واملكتبات‬ ‫يف لبنان‪ ،‬ثم ا�ضط ّر �إىل اتخاذ م�سا ٍر‬ ‫املعنى واملغزى‪.‬‬
‫للمه ّم�شني امل�ست�ضعفني‪.‬‬ ‫واملستشفيات واملدارس‪،‬‬ ‫منفرد‪ .‬ر أ�ى ال�سيا�سة تت�شرذم أ�مام وعي‬
‫ترك ما يجب املحافظة عليه ورعايته‬ ‫و تبقى هذ ه ا ملؤ سّ سا ت‬ ‫مفتّت �سيطرت عليه الت�ش ّنجات الطائف ّية‬ ‫ح��اول عن طريق الفتاوى‪ ،‬ومعظمها‬
‫وتطويره‪ .‬أ�همية امل ؤ��س�سات‪ ،‬بخالف‬ ‫صروح ًا للمستقبل إلنتاج وعيٍ‬ ‫واملذهب ّية التي مل ترتك جم��ا ًال للحوار‬ ‫تط ّرقت �إىل غري امل أ���ل��وف‪ ،‬أ�ن ي�صلح‬
‫ج��م��ي��ع ال��ن�����ش��اط��ات االج��ت��م��اع�� ّي��ة‬ ‫جديدٍ غير الذي نشأنا عليه‪.‬‬ ‫ين (ناهيك باحلوار حول التّقريب‬ ‫امل��د ّ‬ ‫يوحده‪ .‬ر أ�ى ما‬‫ال�سالم‪ ،‬ورمبا ّ‬ ‫ويجدّد إ‬
‫واخلري ّية أالخرى‪ ،‬أ�نها قابلة للبقاء‪.‬‬ ‫بني املذاهب) بني ال ّنا�س‪ .‬وجد ال�سيا�سة‬ ‫يحدث غري ذلك‪� .‬صحوة ت�سري يف طريق‬
‫نرجو أ�ن تبقى على ازدهارها‪.‬‬ ‫م�صادر ًة؛ �صادرتها أ�نظمة ا�ستبداد ّية‬ ‫ال�صالح والتّجديد‬ ‫�آخر؛ لي�س طريق إ‬
‫الك��ب��ار واالح�ت�رام الك ّل ّي‬ ‫ي�ستحقّ إ‬ ‫الطائف ّية قبل ذلك بكثري‪ .‬تلبنن العراق‬ ‫ونخب ثقافية تفتقر �إىل املعرفة‪ ،‬وتت�س ّكع‬ ‫��وح��د امل��ذه��ب ّ��ي الكت�ساب ال��ق�� ّوة‪،‬‬
‫وال��ت ّ‬
‫ه��ذا ال�سيد املنا�ضل ال��ذي بناها‪.‬‬ ‫دون دع���اوى العي�ش امل�����ش�ترك امله ّذبة‬ ‫على أ�ع��ت��اب ال��� ّ��س��ل��ط��ات‪ ،‬وت�ضع ر أ����س‬ ‫الفعلي م�سار هو ّية حتاول‬ ‫ّ‬ ‫ر أ�ى امل�سار‬
‫نرتحم عليه‪ ،‬ونحن واثقون أ�نّ ثوابه‬ ‫ّ‬ ‫أ�و الكاذبة‪ .‬وعندما يتك ّون املجتمع من‬ ‫أ�هدافها أ�ن ت�صبح بيوقراط ّي ًة تعمل لدى‬ ‫ت أ�كيد ذاتها يف وجه قوى قاهرة‪ .‬ر أ�ى‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫عند اهلل �كرب و�ف�ضل و�هم من ك ّل‬ ‫أ‬ ‫ط��وائ��ف‪ ،‬عندما ي��ع��اد ت�شكيله على يد‬ ‫ال�سلطات‪َ .‬ذ َو ْت ال�سيا�سة أ�مام الهويات‬ ‫ّ‬ ‫والية الفقيه حماولة حل ّل م�شاكل ر أ��س‬
‫ما ميكننا �إ�سباغه عليه‪ .‬مع غيابه‬ ‫ال��ق��وى املهيمنة م��ن ط��وائ��ف و�إث��ن�� ّي��ات‪،‬‬ ‫ً‬
‫املذهب ّية‪ ،‬وم��ا ع��اد ممكنا احل��وار بني‬ ‫الهرم‪ ،‬لك ّنه ر أ�ى قاعدة الهرم تتبعرث‪.‬‬
‫�صرنا أ�كرث حاج ًة �إىل أ�فعاله‪ .‬رحل‬ ‫ال ت�ترك جم���ا ًال للخيارات ال��ف��ردي��ة وال‬ ‫أ�طراف املجتمع‪� ،‬سواء كانت طبق ّي ًة أ�و‬ ‫�إ�شكال ّيته كانت امله ّم�شني ال احل ّكام؛‬
‫�لا‪ .‬ي�صعب �س ّد‬ ‫وت��رك ف��راغ�� ًا ه��ائ ً‬ ‫جمتمع مك ّونٍ من‬ ‫ٍ‬ ‫لل�سيا�سة على أ��سا�س‬ ‫طائف ّي ًة‪ .‬ما عاد الوعي بامل�صالح ي�ش ّكل‬ ‫ال�سلطة‬ ‫حركة اجلماهري ال من يتولىّ ّ‬
‫هذا الفراغ‪.‬‬ ‫أ�فراد أ�حرار‪ ،‬ال ب ّد من أ�ن ت�سيطر عوامل‬ ‫دافع ًا ل��دى ال ّنا�س‪ ،‬وامل�صالح ق�صرية‬ ‫با�سم والي��ة الفقيه أ�و غريها‪ .‬حاول‬
‫اخل��وف والتّخوين‪ ،‬و أ�ن ي�سعى اجلميع‬ ‫املدى طغت على امل�صالح طويلة املدى‪،‬‬ ‫ثوري‪ ،‬ع�صر‬ ‫لع�صر ّ‬
‫ٍ‬ ‫أ�ن يكون امتداد ًا‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪7‬‬
‫أ�و أ�لهمه �إياه‪ ،‬يف �ضرورة ا�ستعداده فيها‬
‫لل�صالة واالبتهال والدعاء واالنقطاع �إىل‬ ‫ليلة القدر‪:‬‬
‫اهلل‪ ،‬والتقرب �إليه بالكلمة اخلا�شعة‪،‬‬
‫وال��دم��ع��ة اخل��ائ��ف��ة‪ ،‬واخلفقة احل��ائ��رة‪،‬‬ ‫سالم للروح وس ٌّر من أسرار الله‬
‫وال�شهقة املبتهلة‪ ،‬ليح�صل على ر�ضاه‪،‬‬
‫اللهي الذي‬ ‫فيكون ذلك أ��سا�س ًا للتقدير إ‬ ‫ليلة القدر التي هي من الليايل التي ال‬
‫ميثل عناية اهلل به ورعايته له‪ ،‬وانفتاحه‬ ‫ي�ستطيع أ�ح�� ٌد أ�ن يبلغ الدرجة احلقيقية‬
‫عليه بربوبيته احلانية الرحيمة‪ .‬وذلك هو‬ ‫العميقة يف تقدير عظمتها وقدا�ستها‪،‬‬
‫الن�سان بليلة القدر‪،‬‬ ‫ال�سر الذي يرتبط به إ‬ ‫حتى أ�نَّ ه��ذه الليلة ال��واح��دة ت��ف��وق يف‬
‫يف مواقع �إن�سانيته‪ ،‬ليلتقي ـ فيها ـ بال�س ّر‬ ‫ف�ضلها أ�ل��ف �شهر‪ ،‬وتنفتح ال�سماء يف‬
‫الن�سان‬ ‫اللهي يف رحاب ربوبيته‪ ،‬لينطلق إ‬ ‫إ‬ ‫أ�جوائها ليتنزّل املالئكة والروح‪ ،‬املوكلون‬
‫�إىل ربه قائم ًا وقاعد ًا‪ ،‬وراكع ًا و�ساجد ًا‪،‬‬ ‫باملهمات التي يكلفهم اهلل بها م��ن كل‬
‫يف �إخال�صه‪ ،‬ويف ابتهاله ويف خ�شوعه‪،‬‬ ‫الن�����س��ان‪ ،‬يف ما‬ ‫أ�م ٍ���ر يت�صل ب��احل��ي��اة و إ‬
‫لتكون هذه الليلة موعد ًا �إله ّي ًا يتم ّيز عن‬ ‫يقدّره اهلل للنا�س يف أ�رزاقهم و�آجالهم‬
‫الن�سان أ�ن يلتقي‬ ‫أ� ّي موعدٍ �آخر‪ .‬فب�إمكان إ‬ ‫و أ�حوالهم‪ .‬وهي ـ بعد ذلك ـ ليلة ال�سالم‬
‫باهلل يف كل وقت‪ ،‬ولكن لقاءه به يف ليلة‬ ‫الذي يغمر الكون من خالل أ�لطاف اهلل‬
‫}خ�ْيٌرْ ٌ ِّم��نْ َأ� ْل ِ��ف‬
‫القدر �شي ٌء �آخ��ر‪ ،‬فهي َ‬ ‫وفيو�ضاته على عباده‪ ،‬والتي ت�ستمر �إىل‬
‫َ�ش ْه ٍر{‪ ،‬فالرحمة فيها تت�ضاعف‪ ،‬والعمل‬ ‫مطلع الفجر‪.‬‬
‫ُك ُّل َأ� ْم ٍ��ر َح ِك ٍيم* َأ� ْم��ر ًا ِّمنْ ِع ْن ِد َن آ� ِ� إ َّنا ُك َّنا‬
‫فيها يكرب‪ ،‬واخلري فيها يكرث‪ ،‬وعطايا اهلل‬ ‫للن�سان أ�كرث من نافذ ٍة على‬ ‫الذي يفتح إ‬ ‫ولكن ما هو موقع هذه الليلة في الزمن؟‬
‫ُم ْر ِ�س ِلنيَ{(الدخان‪4:‬ـ‪ )5‬وقوله يف �آخر‬
‫تتزايد‪ ،‬وهي ـ بعد ذلك ـ ليلة ال�سالم التي‬ ‫الروح القادم من عند اهلل‪ ،‬ليزداد ـ بذلك‬ ‫�إنّ التدقيق يف آالي��ات التي حتدثت عن‬
‫وح ِفي َها‬ ‫ال�سورة‪َ } :‬ت�� َن��ز َُّل المْ َ�لا ِئ�� َك�� ُة َوال��� ُّر ُ‬
‫الن�سان روحية ال�سالم مع‬ ‫يعي�ش فيها إ‬ ‫ـ ارتفاع ًا يف ال�سماوات الروحية العليا يف‬ ‫ن���زول ال���ق���ر�آن ي��وح��ي ب أ���ن��ه��ا م��ن ليايل‬
‫ِب ِ� إ ْذ ِن َربِّهِ م ِّمن ُك ِّل َأ� ْم ٍر{‪.‬‬
‫نف�سه ومع النا�س‪ ،‬ألنها حتولت �إىل معنى‬ ‫رحاب اهلل؟!‬ ‫���ش��ه��ر رم�������ض���ان‪ ،‬وذل����ك ك��م��ا يف ق��ول��ه‬
‫ليلة القدر س ّر من أسرار الله‪:‬‬
‫ال�سالم املنفتح بكل معانيه على اهلل‪،‬‬ ‫} َت َنز َُّل المْ َال ِئ َك ُة َوال ُّر ُ‬
‫وح ِفي َها ِب ِ�إ ْذ ِن َربِّهِ م‬
‫قال تعاىل‪ �} :‬إ ّن��ا انزلناه يف ليلة القدر*‬ ‫}�ش ْه ُر َر َم َ�ضانَ ا َّل ِ��ذي أُ�ن ِ��ز َل ِفي ِه‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬
‫الن�سان‬ ‫ليكون ب��رد ًا و�سالم ًا على قلب إ‬ ‫ِّمن ُك ِّل َأ� ْم ٍ��ر{ وهذا هو �س ّر الليلة الذي‬ ‫ا ْل�� ُق�� ْر�آنُ {(ال��ب��ق��رة‪ ،)185:‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫اك َما َل ْي َل ُة ا ْل�� َق ْ��درِ{ ف� أش�ن هذه‬ ‫َو َم آ��� َأ� ْد َر َ‬
‫وروح��ه‪ ،‬ليعود طفل احلياة الباحث عن‬ ‫ت��ت��ن��زّل ب��ه امل�لائ��ك��ة‪ ،‬ال��ذي��ن ي��وك��ل اهلل‬ ‫} ِ� إ َّن آ���� َأ�ن��زَ ْل�� َن��ا ُه فيِ َل ْي َل ٍة ُّم�� َب��ا َر َك�� ٍة ِ� إ َّن���ا ُك َّنا‬
‫للن�سان أ�ن يدركه‬ ‫الليلة لي�س مما ميكن إ‬
‫اهلل‪.‬‬ ‫�إليهم امله ّمات املتعلقة بالكون أالر�ضي‬ ‫ُم ِنذرِينَ * ِفي َها ُي ْف َر ُق ُك ُّل َأ� ْم ٍر َح ِك ٍيم* َأ� ْمر ًا‬
‫بنف�سه‪ ،‬ألن ذلك �س ّر اهلل يف الزمان كما‬
‫سالم للروح‪:‬‬ ‫املت�صل با إلن�سان من كل أ�م ٍ��ر يه ّمه أ�و‬ ‫ِّمنْ ِع ْن ِد َن آ� ِ� إ َّنا ُك َّنا ُم ْر ِ�س ِلنيَ{(الدخان‪3:‬ـ‪)5‬‬
‫هو �س ّره يف املكان ويف أال�شخا�ص‪ ،‬فهو‬
‫وتعترب هذه الليلة املباركة ليلة �سالم‪،‬‬ ‫يتعلق ب� ؤش�ونه‪ ،‬يف رزقه‪ ،‬وحركته وعمره‪،‬‬ ‫ف���إن الظاهر منها ـ باملقارنة مع �سورة‬
‫اخل��ال��ق للوجود كله‪ ،‬بكل أ�ن��واع��ه‪ ،‬وهو‬
‫فلي�س فيها أ� ّي مع ًنى يوحي بال�ش ّر والبغ�ض‬ ‫ونحو ذلك‪ .‬كما يتنزل به الروح الذي قد‬ ‫القدر ـ أ�ن املراد بها ليلة القدر‪.‬‬
‫ال��ذي مينح هذا بع�ض ًا من اخل�صو�صية‬
‫والذى مم���ا ي��ره��ق م�����ش��اع��ر ال�����س�لام‬ ‫أ‬ ‫يكون امل��راد به جربيل(ع)‪ ،‬ال��ذي امتاز‬ ‫وقد اختلفت أالحاديث يف حتديدها‪ ،‬ولع ّل‬
‫التي جتعل منه «�شيئ ًا م��ذك��ور ًا»‪ ،‬ومينح‬
‫للن�سان‪� .‬إن��ه �سالم ال��روح ال��ذي ميتد‬ ‫إ‬ ‫عن املالئكة ـ ح�سب أالحاديث الكثرية ـ‬ ‫المامية أ�نها ليلة‬ ‫امل�شهور يف أ�ح��ادي��ث إ‬
‫ذاك بع�ض ًا من أال�سرار التي جتعله �شيئ ًا‬
‫يف روحانية ه��ذه الليلة‪ ،‬يف كل دقائقها‬ ‫للنبياء‬ ‫ب أ�نه الر�سول الذي يحمل الوحي أ‬ ‫ثالث وع�شرين‪ ،‬فقد جاء يف رواي��ة عبد‬
‫عظيم ًا‪ ،‬ألن الذي يخلق الوجود هو القادر‬
‫و�ساعاتها يف رحمة اهلل ولطفه‪ ،‬ومتتد‬ ‫ليب ّلغوه للنا�س‪ ،‬وقد يكون املراد به اخللق‬ ‫المامني‬ ‫اهلل بن بكري عن زرارة عن أ�حد إ‬
‫على أ�ن مينحه قيمته‪ .‬وهكذا جعل اهلل‬
‫حتى مطلع ال��ف��ج��ر‪ ،‬ليبد أ� ي���و ٌم جدي ٌد‬ ‫العظيم الذي يتميز بقدر ٍة خا�ص ٍة غام�ض ٍة‪،‬‬ ‫الباقر وال�����ص��ادق(ع) ق��ال‪ :‬ليلة ثالث‬
‫لهذه الليلة قيمتها الروحية‪َ } :‬ل ْي َل ُة ا ْل َق ْد ِر‬
‫الن�سان ـ يف ما أ�فا�ض اهلل عليه‬ ‫يتحول فيه إ‬ ‫أ�و بطبيعة خمتلف ٍة عن طبيعة املالئكة‪،‬‬ ‫وع�شرين هي ليلة اجلهني‪ ،‬وحديثه أ�نه‬
‫��ف َ�ش ْه ٍر{ وقد ال يكون هذا‬ ‫َخ�ْي�رْ ٌ ِّم��نْ َأ� ْل ِ‬
‫من روحه وريحانه ـ �إىل � إن�سانٍ جديد‪ ،‬هو‬ ‫ولكن ما هي تفا�صيل ذلك أالمر؟ وما هي‬ ‫قال لر�سول اهلل(�ص) �إن منزيل ناءٍ عن‬
‫الكم‪ ،‬فرمبا كان تقريب ًا‬ ‫الرقم حتديد ًا يف ّ‬
‫�إن�سان اخلري واملحبة وال�سالم‪ ،‬يف �آفاق‬ ‫مالحمه الدقيقة؟ �إن ذلك مما مل يب ّينه‬ ‫املدينة‪ ،‬فمرين بليل ٍة أ�دخل فيها‪ ،‬ف أ�مره‬
‫للنوع يف الدرجة التي يت�ضاءل أ�مامها كل‬
‫اهلل الرحمن الرحيم ال��ذي هو ال�سالم‬ ‫اهلل لنا‪ ،‬ولكننا نعرف أ�ن هناك بيان ًا لكل‬ ‫بليلة ثالث وع�شرين‪.‬‬
‫زم ٍ��ن من ه��ذه أالزم��ن��ة التي ال حتمل �إال‬
‫امل ؤ�من العزيز اجل ّبار املتكرب‪.‬‬ ‫ف�سره‬‫مر حكيم أ�مر ًا من عند اهلل‪ ،‬وقد ّ‬ ‫أ� ٍ‬ ‫وه��ن��اك رواي����ة يف «ال����در امل��ن��ث��ور» عن‬
‫الذ ّرات الزمنية املج ّردة‪.‬‬
‫وتلك هي ليلة القدر التي قد يكون لها‬ ‫والو���ض��اع‬ ‫���الرزاق و آالج���ال أ‬ ‫املف�سرون ب أ‬ ‫مالك والبيهقي بهذا املعنى‪ ،‬واملعروف‬
‫وه��ل أ�خ���ذت �شرفها م��ن �إن���زال ال��ق��ر�آن‬
‫موع ٌد معينّ ٌ معلو ٌم‪ ،‬ألن اهلل رمبا أ�خفاها‬ ‫الن�سان‪.‬‬ ‫املت�صلة بحياة إ‬ ‫عند علماء أ�ه��ل ال�سنة‪ ،‬أ�نها ليلة ٍ‬
‫�سبع‬
‫فيها‪ ،‬أ�م أ�ن �شرفها �ساب ٌق عليه؟ الظاهر‬
‫يف ال��ل��ي��ايل‪ ،‬لينطلق ال��ع��ب��اد يف أ�ي��ام��ه‪،‬‬ ‫للن�سان فهم‬ ‫ومهما ك���ان‪ ،‬مم��ا ميكن إ‬ ‫وع�شرين‪.‬‬
‫الثاين‪ ،‬ألن اهلل يقول‪ �ِ } :‬إ َّن آ��� َأ�نزَ ْل َنا ُه فيِ‬
‫لي�صلوا �إليها‪ ،‬ليتعبدوا �إىل اهلل يف أ�كرث‬ ‫معناه‪ ،‬وبلوغ م��داه‪ ،‬أ�و مما ال ميكن له‬ ‫ما هو القدر؟‬
‫َل ْي َل ٍة ُّم َبا َر َك ٍة{(الدخان‪ ،)3:‬فهي مبارك ٌة‬
‫من ليل ٍة‪ ،‬الحتمال أ�نها ليلة القدر‪ ،‬حتى‬ ‫الو�صول �إىل ذلك‪ ،‬ف�إن آالي��ة توحي ب أ�ن‬ ‫وم��ا ه��و امل���راد ب��ال��ق��در‪ ،‬فهل ه��و مبعنى‬
‫يف ذاتها‪ .‬ورمب��ا كان ن��زول القر�آن فيها‬
‫يتع ّودوا أ�ن تكون لياليهم يف معنى ليلة‬ ‫هناك �سر ًا ر ّباني ًا يثريه اهلل يف هذه الليلة‬ ‫ال�شرف والرفعة يف م��ا ميثله ذل��ك من‬
‫اللهي الذي‬ ‫على أ��سا�س أ�ن��ه من أالم��ر إ‬
‫ال��ق��در‪ ،‬يف ال��ع��ب��ادة واخل�����ض��وع وال��ق��رب‬ ‫الن�ساين من خالل رحمته التي‬ ‫يف الكون إ‬ ‫عل ّو الدرجة واملنزلة‪ ،‬ملا لها من املنزلة‬
‫يتنزل به املالئكة‪ .‬و أ� ُّي أ�م ٍ��ر أ�عظم من‬
‫م��ن اهلل‪ .‬وذل��ك م��ا ي��ري��ده اهلل لعباده‪،‬‬ ‫يرحم بها عباده‪ ،‬ولطفه الذي يلطف به‬ ‫الرفيعة عند اهلل‪ ،‬أ�م أ�ن املراد التقدير‪،‬‬
‫القر�آن الذي هو النور والهدى للب�شرية‬
‫أ�ن يقربوا �إليه‪ ،‬ويلتقوا به‪ ،‬لي�صلوا �إليه‬ ‫يف حياتهم العامة أ�و اخلا�صة‪.‬‬ ‫فهي الليلة التي يقدّر اهلل فيها كل أ�حداث‬
‫اللهي الذي ي�صل أالر�ض‬ ‫من خالل اللطف إ‬
‫ب أ���رواح��ه��م وق��ل��وب��ه��م‪ ،‬ألن��ه��م ال ميلكون‬ ‫االستعداد لليلة القدر‪:‬‬ ‫��وت‪ ،‬وب ؤ� ٍ�س و�شقاءٍ ‪،‬‬ ‫ال�سنة‪ ،‬من حيا ٍة وم ٍ‬
‫بال�سماء‪ ،‬ويدفع باحلياة �إىل ال�سري على‬
‫الو�صول �إليه ب أ�ج�سادهم‪.‬‬ ‫ولذلك جاءت التعاليم النبوية امل�ستمدّة‬ ‫و�سلم وغري ذل��ك‪ ،‬ولعل هذا هو‬ ‫��رب ٍ‬ ‫وح ٍ‬
‫اللهية احلكيمة يف الفكر واملنهج‬ ‫اخلطة إ‬
‫امل�صدر‪ :‬تف�سري « من وحي القر�آن»‬ ‫اللهي الذي أ�وحى به �إىل نب ّيه‪،‬‬ ‫من الوحي إ‬ ‫أالقرب بلحاظ قوله تعاىل‪ِ } :‬في َها ُي ْف َر ُق‬
‫وال�شريعة واملفهوم الكامل ال�شامل للحياة‪،‬‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله(رض)‬
‫هكذا هو العَالِمُ العَالِم‬
‫يوم يق ّدم لك‬ ‫هل ميوت احلقل‪ ،‬ويف ك ّل ٍ‬
‫حرمة اليتيم في الإ�سالم‬
‫ورد ًة عطرة‪ ،‬أ�و �سنبل ًة َخ ِ�ضرة‪ ،‬أ�و ثمر ًة‬
‫َن ِ�ضرة‪ ،‬أ�و ِظ ًّال َظلي ًال‪ ،‬أ�و ن�سم ًة ند ّية ؟!‬ ‫ال�ضعف والقهر املحيطة بهم‪.‬‬ ‫الضعيف الّذي‬ ‫الطفوليّ ّ‬ ‫لليتيم حرمته في اإلسالم‪ ،‬ألنّه ميثّل الوجود اإلنسانيّ ّ‬
‫�����ش�لال‪ ،‬ويف ك ِّ���ل �صباح‬ ‫وه���ل مي���وت ال ّ‬ ‫ال����س�ل�ام‬
‫ويف ���ض��وء ذل����ك‪ ،‬ك����ان إ‬ ‫ال ميلك‪ ،‬بحسب طبيعته‪ ،‬أيّ لونٍ من ألوان احلماية من االعتداءات على نفسه‬
‫ُي�سمعك أ�ن��ا���ش��ي��د ال�� ّن��ه��ار‪ ،‬وم��ع امل�ساء‬ ‫ح��ا���س��م�� ًا يف ه���ذه امل�����س أ���ل��ة ال��ت��ي ال‬ ‫وماله‪ ،‬ما يفرض على النّاس‪ ،‬من وجهة نظر التّشريع اإلسالميّ ‪ ،‬أن يتحمّلوا‬
‫ُي�سمعك ت�سابيح ال ّليل‪ ،‬ويف ك ّل �ساعة من‬ ‫حتتمل امل�ساومة وال��ت��ه��اون‪ ،‬ألنها‬ ‫مسؤوليّة حمايته من كلّ معتدٍ ‪ ،‬قال الله تعالى‪} :‬وَ َال َت ْق َربُو ْا مَ الَ ا ْل َيتِيمِ ِإ َّال بِالَّتِي‬
‫�ساعات ال ّليل وال ّنهار ينرث يف أالرج��اء‬ ‫الن�سان ال�ضعيف يف‬ ‫تتع ّلق بق�ضية إ‬ ‫هِ يَ أ َْحسَ نُ َحتَّى َي ْب ُل َغ أَشُ دَّ هُ {‪.‬‬
‫خل ْ�ص ِب واجلمال ؟!‬ ‫أ�لوان ا َ‬ ‫أ‬
‫أالر���ض‪ ،‬ال��ذي �راد اهلل منحه من‬
‫وه��ل مي��وت البحر‪ ،‬و أ�م��واج��ه ال ت��ه��د أ�‪،‬‬ ‫عوامل القوة‪ ،‬فجعل كفالته م�س ؤ�ولية‬ ‫ال���س�لام��ي‬ ‫وي ؤ����ك���د ال�� ّت�����ش��ري��ع إ‬
‫و�آفاقه تت أ� ّلق‪ ،‬و أ��شرعته تتهادى‪ ،‬و�صفحته‬ ‫املجتمع‪ ،‬وح�� ّم��ل أ�ف����راده كل‬ ‫م�س أ�لة حماية اليتيم يف وعي‬
‫لل�سماء بني �شواطىء ال�صفو‪،‬‬ ‫ت�تراءى ّ‬ ‫ال��ت��ب��ع��ات ال��ت��ي ت�ترت��ب على‬ ‫ال��� ّن���ا����س‪ ،‬وخ���ط���ورة ال��ن��ت��ائ��ج‬
‫و�سواحل ال�سكينة ؟!‬ ‫ذلك‪ ،‬وح ّذرهم من االن�سياق‬ ‫ال�سلب ّية على م�ستوى آالخ��رة‪،‬‬
‫ال�شم�س‪ ،‬ويف ك ّل يوم تر�سل‬ ‫أ�و هل متوت ّ‬ ‫م��ع ن����وازع ال��ط��م��ع ال��ت��ي قد‬
‫�شعاع الفجر‪ ،‬وتب ّدد ّ‬ ‫�إذا أ�هملوا أ�م���ره أ�و ت�ص ّرفوا‬
‫الظالم‪ ،‬وتنري الكون‬ ‫بالمن من‬ ‫يثريها ال�شعور أ‬ ‫�شرعي‪ ،‬أ�و‬ ‫معه ت�ص ّرف ًا غ�ير‬
‫وت�ضيء الوهاد‪ ،‬وحتمل ال ّنور �إىل ك ّل ع ٍني‬ ‫ٍّ‬
‫العقوبة‪ ،‬على أ��سا�س فقدان‬ ‫اليجاب ّية‪،‬‬ ‫من حيث نتائجها إ‬
‫يف �شعاب أالر�ض ودروب احلياة ؟!‬ ‫القوة الذاتية التي ي�ستطيع‬ ‫فيما �إذا قاموا برعايته وخدمته‬
‫الن�سان �إىل حقل‪ ،‬ترومه‬ ‫فعندما يتح ّول إ‬ ‫اليتيم أ�ن ي��داف��ع ب��ه��ا عن‬ ‫واحت�ضانه بالعطف وال ّرحمة‪،‬‬
‫أ‬
‫ح�ين ت�����ش��اء‪ ،‬لتجني م��ن كلماته �جمل‬ ‫ن��ف�����س��ه‪ ،‬وان����ع����دام ال��ق��وة‬ ‫�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ألنّ ذلك هو اخل ّ��ط إ‬
‫ال‬
‫أالق��اح��ي‪ ،‬وم��ن فكره أ�ن���دى الرياحني‪،‬‬ ‫البديلة التي تتوىل التعوي�ض‬ ‫ال��ع��ام ا ّل���ذي ي�ستهدف حماية‬
‫ومن ر ؤ�اه أ�زه��ى العناقيد‪ ،‬ومن قوافيه‬ ‫بها عوده‪ ،‬ويقوى فيها ج�سده‪ ،‬ف�إذا بلغ‬
‫عن ذلك‪ ،‬حتى ال ميتنعوا عن �إعطاء‬ ‫ال�سنّ ‪ ،‬فيجب أ�ن ي�س َّلم �إليه ماله‪،‬‬ ‫هذه ّ‬ ‫ال�ضعيف وتقويته وحفظه من ِّ‬
‫كل‬ ‫َّ‬
‫أ�طيب الثمار‪ ،‬ف� إ ّنه يبقى ح ّي ًا كما حتيى‬ ‫أاليتام أ�موالهم املوجودة لديهم‪ ،‬أ�و‬ ‫أ‬
‫اعتداء‪ ،‬ف�إنَّ اهلل ال يريد ظلم �حد‪،‬‬
‫احلقول على م ّر ال ّدهور‪ ،‬ويعي�ش كما تعي�ش‬ ‫ال�سلطة الوحيد على‬ ‫أل َّن��ه هو �صاحب ّ‬
‫ي�ستبدلوا باجل ّيد الرديء‪ ،‬وبالطيب‬ ‫ماله‪ ،‬بعد ارتفاع املانع ا ّلذي كان مينعه‬ ‫على أ��سا�س حالة اال�ست�ضعاف ا ّلتي‬
‫اجلم‪ ،‬واجلنى‬ ‫خل ْ�صب ّ‬ ‫ال�سهول‪ ،‬جتود با َ‬ ‫ّ‬ ‫اخلبيث للح�صول على بع�ض املنافع‬ ‫من الت�ص ّرف فيه من ناحي ٍة ت�شريع ّية‪،‬‬ ‫ال�ضعيف يف نف�سه‪ ،‬أ�و‬ ‫يح�س بها ّ‬ ‫ّ‬
‫الوفري!‬ ‫واالمتيازات‪ ،‬أ�و �إ�ضافة أ�موال أاليتام‬ ‫القوي عليه‪ ،‬يف املجاالت‬ ‫يفر�ضها‬
‫ً‬ ‫وذلك بارتفاع اليتم عنه‪ ،‬ألنّ امل�صطلح‬ ‫ّ‬
‫الن�سان �ش ّالال تق�صده‬ ‫وعندما ي�ستحيل إ‬ ‫�إىل أ�موالهم ببع�ض الو�سائل غري‬ ‫التي ال ي�ستطيع معها ال�� ّدف��اع عن‬
‫أ� ّن����ى ت��ري��د‪ ،‬جت��م��ع م��ن ح��روف��ه ك ؤ���و���س��اً‬ ‫رعي لليتيم‪ُ ،‬يراد به ا ّلذي مل يبلغ‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�شرعية‪ .‬واعترب هذه أالعمال �إثم ًا‬ ‫احللم‪ ،‬ف�إذا بلغ احللم فال ُيتم‪ .‬وعند‬ ‫نف�سه‪.‬‬
‫مرتعة‪ ،‬ومن جناواه أ�حلان ًا عذبة‪ ،‬ومن‬ ‫الن�سان عليه العقاب‬ ‫ريا ي�ستحق إ‬ ‫كب ً‬ ‫وقد جاءت هذه آالية لتحدِّ د اخلطَّ‬
‫يرطب الوجه والف�ضاء‪،‬‬ ‫ت�سابيحه رذاذ ًا ّ‬ ‫ذلك تنتهي م�س ؤ�ول َّية آالخرين جتاهه‬
‫الكبري لدى اهلل‪.‬‬ ‫ب�صفته يتيم ًا‪ ،‬لتبد أ� م�س ؤ�ول َّيتهم عنه‬ ‫امل�ستقيم يف طريقة الت�ص ُّرف يف‬
‫ال�شالل‬ ‫مي�ل� ّ‬ ‫مي�ل� ال�� ّدن��ي��ا‪ ،‬كما أ‬ ‫ف���إ ّن��ه أ‬ ‫ولع ّل هذا الت أ�كيد القر�ين على عدم‬
‫آ‬
‫ب�صفته �إن�����س��ان�� ًا �ضعيف ًا يف جم��االت‬ ‫مال اليتيم من أ�جل حمايته‪.‬‬
‫الوادي �صخب ًا وحياة!‬ ‫ال���ض��رار مب��ال اليتيم‪� ،‬سواء أ�ك��ان‬ ‫إ‬ ‫فاهلل تعاىل يطلب من امل ؤ�منني أ�ن ال‬
‫الن�سان بحر ًا ت ؤ� ّمه �ساعة‬ ‫وعندما يغدو إ‬ ‫ال�ضعف أالخ��رى‪ ،‬كما تبد أ� م�س ؤ�ول ّيته‬ ‫َّ‬
‫أ‬
‫ذلك بتبديله بالدون �م مب�صادرته‬ ‫أ‬ ‫ي ْق َر ُبو ْا َم َال ا ْل َي ِت ِيم‪ ،‬أ�ي ال يت�ص َّرفوا‬
‫أ‬
‫ت�شاء‪ ،‬لت�شيد من كتبه �روع الزّوارق‪ ،‬ومن‬ ‫جتاه نف�سه وجتاه آالخرين‪.‬‬
‫واغت�صابه‪ ،‬ينطلق من �إيجاد حال ٍة‬ ‫فيه ب أ�يِّ نح ٍو من أ�نحاء الت�ص ّرفات‬
‫أ��سفاره أ�حلى املراكب‪ ،‬أ�و لتنتزع من ك ّل‬ ‫الن�سان‬ ‫من اخل��وف الداخلي لدى إ‬ ‫العمل ّية والقانون ّية ِ� إ َّال ِبا َّل ِتي ِه َي‬
‫دي��وان أ�على ال�صواري و أ�م�تن أال�شرعة‪،‬‬ ‫كيف نتصرف مع األيتام في‬
‫الث���م الكبري ال��ذي‬ ‫م��ن ال��وق��وع يف إ‬ ‫أموالهم؟‬ ‫َأ� ْح���� َ���س���ن‪ ،‬وذل���ك يف امل����وارد ا ّل��ت��ي‬
‫ف����إ ّن���ه ي��ب��ق��ى‪ ،‬ن��اب�����ض ال��ق��ل��ب‪ ،‬حا�ضر‬ ‫أ‬
‫ينتهي به �إىل ع��ذاب اهلل من �جل‬ ‫ت�شتمل على امل�صلحة له‪ ،‬يف تنمية‬
‫ال���وج���دان‪ ،‬ك��م��ا ينب�ض ال��ب��ح��ر م��وج�� ًا‪،‬‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬
‫�إيجاد �ضمان ٍة روحي ٍة حتمي اليتيم‬ ‫بالطريقة املثلى‬
‫} َو َءا ُت��و ْا ا ْل َيت ََامى َأ� ْموا َل ُه ْم َو َال َت َت َب َّد ُلو ْا‬ ‫م��ال��ه‪ ،‬وحتريكه ّ‬
‫ويح�ضر وجود ًا ح ّي ًا عند ك ّل �شاطىء!‬ ‫من �ضياع ماله لدى الذين يتولون‬ ‫ال�ضياع‪،‬‬ ‫ا ّلتي حتفظه وت�صونه من ّ‬
‫الن�سان �شم�س ًا‪ ،‬تطلبها‬ ‫الط ِّي ِب َو َال َت ْأ� ُك ُلو ْا َأ� ْموا َل ُه ْم ِ� إلىَ‬
‫الخْ َ ِبيثَ ِب َّ‬
‫وعندما ي�ش ّع إ‬ ‫أ�م��ره �شرعي ًا أ�و عرفي ًا‪ ،‬أ�و الذين‬ ‫ال�شرع ّية‬
‫َأ� ْم َو ِل ُك ْم ِ� إ َّن ُه َكانَ ُحوب ًا َك ِب ً‬ ‫مع مالحظة التح ّفظات ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يف ك ّل وقت‪ ،‬لت�صوغ من ��شواقه ��سطع‬ ‫ريا{‪.‬‬
‫ميلكون القوة الغا�شمة التي تتيح‬ ‫وهذه نقلة جديدة يف أ�جواء العالقات‬ ‫التف�صيل ّية يف ه��ذا اجل��ان��ب‪ ،‬من‬
‫���ش��ع��اع��ات ال��� ّن���ور‪ ،‬وم���ن أ�ح�لام��ه أ�ن��ق��ى‬ ‫لهم �إمكانية الت�سلط على ال�ضعفاء‬ ‫حيث �شخ�ص ّية املت�ص ّرف ب أ�ن يكون‬
‫ال�ضياء‪ ،‬ف� إ ّنه يدوم �شم�س ًا ت�شرق‬ ‫م�شاكي ّ‬ ‫الن�سان من‬ ‫الن�سانية‪ ،‬يف ما ميار�سه إ‬ ‫إ‬
‫يف أ�نف�سهم و أ�موالهم‪ .‬ف�إن الرتبية‬ ‫امل�س ؤ�ولية جتاه أاليتام الذين ميثلون‬ ‫خا�ص ًا أ�و ع��ا ّم�� ًا عند فقدان‬ ‫ول�� ّي�� ًا ّ‬
‫يف آالفاق وتلمع يف املنعطفات!‬ ‫ال�سالمية تعمل على تركيز العقدة‬ ‫إ‬ ‫يل اخلا�ص‪ ،‬من املجتهد العادل‬ ‫الو ّ‬
‫هكذا هو ال َعالمِ ُ ال َعالمِ ‪ ،‬باقٍ ما بقي ال ّدهر‪،‬‬ ‫الفئة ال�ضعيفة التي تعي�ش ـ يف ذاتها‬
‫ال��ذات��ي��ة يف نفو�س ال��ن��ا���س املانعة‬ ‫ـ مع ّلق ًة يف الفراغ‪ ،‬ألنها فقدت القوة‬ ‫أ�و عدول امل ؤ�منني‪ ،‬ومن حيث طبيعة‬
‫ي�ضج باحل�ضور‪ ،‬ويزدهي بالنور‪ ،‬ويرفل‬ ‫ّ‬ ‫لهم من الذهاب بعيد ًا يف االجت��اه‬ ‫الت�ص ّرف يف أ�نواعه‪.‬‬
‫أ‬ ‫ً‬
‫بال�ضياء‪ ،‬وي�����س��ري ج���دوال يف الر����ض‪،‬‬ ‫التي متنحها التما�سك والثبات؛ وذلك‬
‫املنحرف‪ ،‬با إل�ضافة �إىل ال�سلطة‬ ‫للبناء ال�صغار من‬ ‫يف ما ميثله االباء أ‬
‫وميل املدى‬ ‫ويجري ن�سيم ًا يف الف�ضاء‪ ،‬أ‬ ‫ال��ت��ي مينحها ال�����ش��رع لل�سلطات‬ ‫معنى الرعاية واحلماية والقوة‪ ،‬يف ما‬ ‫حماية اليتيم حتّى يرشد‪:‬‬
‫ويلف أالفق حنين ًا‪ ،‬ويغمر القلوب‬ ‫وجد ًا‪ّ ،‬‬ ‫ال�شرعية يف معاقبة ه ؤ�الء ومنعهم‬
‫�شوق ًا‪ ،‬ويتد ّفق يف الدروب وجود ًا وحياة‪.‬‬ ‫وي�شري القر�آن اىل �ضرورة حمايته يغدقونه عليهم م��ن حنان وعاطفة‪،‬‬
‫م��ن ظلم ال�ضعفاء يف الدنيا على‬ ‫حتى َي ْب ُل َغ َأ� ُ�ش َّده‪ ،‬أ�ي يبلغ �سنَّ البلوغ وما يحيطونهم به من عناي ٍة واهتمام‪،‬‬
‫يو�سف نور الدين‬ ‫ال�سالمي‪.‬‬ ‫أ��سا�س القانون إ‬ ‫ال�سنَّ ا ّلتي ي�شت ُّد في�صونونهم ـ بذلك ـ من كل عوامل‬ ‫وال ّر�شد‪ ،‬باعتبارها ّ‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫الب ّر والتكافل الإجتماعي في الإ�سالم‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫القد�سي‪« :‬ما من �شيءٍ‬ ‫ّ‬ ‫ورد يف احلديث‬ ‫من هنا‪ ،‬ف���إنَّ من أ�ب��رز امل�س ؤ�ول َّيات ا َّلتي‬
‫ال�صدقة‪،‬‬ ‫�إال وكلت من يقب�ضه غريي‪� ،‬إال ّ‬ ‫ح َّددها اهلل لل َّنا�س‪ ،‬هي ح ُّل م�شاكلهم‪،‬‬
‫ف�إنيّ أ�تل ّقفها بيدي تل ّقف ًا»‪.‬‬ ‫القت�صاد َّية‪ ،‬وقد دعاهم يف‬ ‫وخ�صو�ص ًا إ‬
‫أ� ّي قيم ٍة ه��ي ه��ذه القيمة‪ ،‬ف�لا نحرم‬ ‫موقع ويف أ�كرث من م�ستوى‪� ،‬إىل‬ ‫أ�كرث من ٍ‬
‫أ�نف�سنا ـ أ� ّيها أالح َّبة ـ من هذا الف�ضل‪،‬‬ ‫ً‬
‫أ�ن يكفل بع�ضهم بع�ضا‪ ،‬و أ�ن يتعاونوا‪،‬‬
‫ال�صدقة مل�ستح ّقيها‬ ‫بتق�صرينا عن �إعطاء َّ‬ ‫حتَّى ال يبقى حمتا ٌج بينهم �إال و ُق�ضيت‬
‫واليتام واملع ّوقني‪.‬‬ ‫من الفقراء وامل�ساكني أ‬ ‫حاجته‪ ...‬واهلل �سبحانه وتعاىل مل يرتك‬
‫ال�صيام‪:‬‬ ‫ع ّلة ّ‬ ‫نظمه م��ن خ�لال الفرائ�ض‬ ‫أالم����ر‪ ،‬ب��ل ّ‬
‫ومل يكتف ع ّز وج ّل بالتّذكري والترّ غيب‬ ‫اللهّ‬ ‫أ‬
‫املال َّية‪ ،‬ولذلك �وجب الزّكاة‪ ،‬و�مر ر�سوله‬ ‫أ‬
‫للقيام مب�س ؤ�ول ّياتنا جت��اه ال��ف��ق��راء‪ ،‬بل‬ ‫}خ ْذ ِمنْ‬ ‫ب أ�ن يبد أ� بتنفيذ حكم اهلل بها‪ُ :‬‬
‫أ�راد أ�ن ير ّبينا على هذا العطاء ‪ ،‬و أ�كرث‬ ‫َأ� ْم َوالِهِ ْم َ�صدَ َق ًة ت َُط ِّه ُرهُ ْم َوتُزَ ِّكيهِ م ِب َها‬
‫من هذا‪ ،‬أ�راد أ�ن ُيدخلنا التّجربة‪ ،‬و أ�ن‬ ‫َو َ�ص ِّل َع َل ْيهِ ْم �إِنَّ َ�صالت ََك َ�س َكنٌ َّل ُه ْم َواللهَّ ُ‬
‫نعي�ش أالمل ا ّل���ذي يعانيه ال��ف��ق�ير‪ :‬أ�مل‬ ‫َ�سمِ ي ٌع َع ِلي ٌم{(التّوبة‪ .)103 :‬وقد ورد‬
‫اجلوع والعوز واحلاجة‪ ،‬ولهذا رحمنا اللهّ‬ ‫�����ص��ادق(ع)‪�« :‬إنّ اهلل‬ ‫يف احلديث عن ال ّ‬ ‫ألقى سماحة السيّد علي فضل الله‪ ،‬خطبتي صالة اجلمعة‪ ،‬من على منبر مسجد‬
‫ال�صيام‪..‬‬ ‫و أ�وجب علينا فري�ضة ّ‬ ‫تعاىل فر�ض للفقراء يف مال أالغنياء ما‬
‫اإلمامني احلسنني(ع) في حارة حريك‪ ،‬بحضور عد ٍد من الشخصيّات العلمائيّة‬
‫فقد أ�راد اللهّ تعاىل أ�ن يوقظ أ�حا�سي�سنا‬ ‫ي�سعهم (ما يكفيهم)‪ ،‬ولو علم أ�نّ ذلك‬
‫كدافع‬ ‫بال�صيام‪ ،‬ولي�س أ�ق��وى من أالمل‬ ‫ال ي�سعهم لزادهم»‪ .‬وو�صف الزّكاة قائ ًال‪:‬‬ ‫والسياسيّة واإلجتماعيّة‪ ،‬وحشدٍ من املؤمنني‪ ،‬ومما جاء في اخلطبة األولى‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫للتح ّرك جتاه الذين يق�ضون حياتهم كلها‬ ‫ّ‬ ‫للغنياء‪،‬‬ ‫«�إنمّ��ا و�ضعت الزّكاة اختبار ًا أ‬ ‫الي ألقيت باريخ ‪ 10‬رمضان ‪1431‬ه‪:‬‬
‫يف أالمل واجلوع‪ ،‬اجلوع ا ّلذي ال ينق�ضي‬ ‫ومعون ًة للفقراء‪ ،‬ولو أ�نّ النا�س أ�دّوا زكاة‬ ‫رب‪ ..‬فيقول‪ :‬مل ت�شكرين �إن مل‬ ‫قال اهلل تعاىل يف كتابه املجيد‪} :‬لي�س �شكرتك يا ّ‬
‫بانق�ضاء �ساعات ال ّنهار وجم��يء وقت‬ ‫ريا حمتاج ًا‪،‬‬ ‫أ�موالهم‪ ،‬ما بقي م�سلم فق ً‬ ‫ا ْل�ِب�رِ َّ َأ�ن تُ�� َو ُّل��و ْا ُو ُج��وهَ �� ُك ْ��م ِق�� َب َ��ل المْ َ ْ�����ش ِ��رقِ ت�شكره»‪.‬وعندما تطلب التَّوفيق والعون من‬
‫ال�شهر وجميء‬ ‫الغروب‪ ،‬وال عند انتهاء ّ‬ ‫وال�ستغنى مب��ا فر�ض اهلل ع�� ّز وج�� ّل له‪،‬‬ ‫َوالمْ َغ ِْر ِب َو َل ِكنَّ ا ْلبرِ َّ َمنْ �آ َمنَ ِباللهَّ ِ َوا ْل َي ْو ِم اهلل‪ ،‬فاعمل على أ�ن تكون يف عون أ�خيك‬
‫العيد‪.‬‬ ‫و أ�نّ ال ّنا�س ما افتقروا‪ ،‬وال احتاجوا‪ ،‬وال‬ ‫الن�سان َّية‪ ،‬فقد‬ ‫الميان‪ ،‬ال ّنظري لك يف إ‬ ‫َاب َوال َّن ِب ِّي َني َو�آتَى يف إ‬‫آال ِخ ِ��ر َوالمْ َال ِئ َك ِة َوا ْل ِكت ِ‬
‫ال�صادق(ع)‬ ‫ّ‬ ‫��ام‬ ‫م‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫حديث‬ ‫يف‬ ‫ورد‬ ‫فقد‬ ‫جاعوا‪ ،‬وال عروا �إال بذنوب أالغنياء «‪.‬‬ ‫��ال َع َلى ُح ِّب ِه َذ ِوي ا ْل ُق ْر َبى َوا ْل َيت ََامى ورد عن ر�سول اهلل(�ص)‪�« :‬إنّ اهلل يف عون‬ ‫المْ َ َ‬
‫ال�صيام‬ ‫ّ‬ ‫اللهّ‬ ‫ال�صيام‪�« :‬إنمّ ا فر�ض‬ ‫عن ِع ّلة ّ‬ ‫كما دع��ا اهلل �سبحانه �إىل أ�داء واج��ب‬ ‫امل ؤ�من ما كان امل ؤ�من يف عون أ�خيه»‪.‬‬ ‫ال�سا ِئ ِل َني وَفيِ‬ ‫َوالمْ َ َ�س ِاك َني َوا ْب��نَ َّ‬
‫ال�س ِب ِيل َو َّ‬
‫الغني‬ ‫أ‬
‫الغني والفقري‪ ،‬وذلك �نّ ّ‬ ‫لي�ستوي به ّ‬ ‫اخلم�س‪ ،‬واعترب ذلك عم ًال عباد ّي ًا واجب ًا‪،‬‬ ‫و�إذا �ردت �ن ت��وفيّ اهلل ح ّقه جت��اه ك ّل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫اب‪( {...‬البقرة‪.)177 :‬‬ ‫ال ِّر َق ِ‬
‫م�س اجلوع لريحم الفقري‪،‬‬ ‫مل يكن ليجد ّ‬ ‫ال�صالة‪ ،‬وبد أ�‬ ‫كما هي الزّكاة‪ ،‬وكما هي َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نعم ٍة �غدق بها عليك‪ ،‬جماال‪ ،‬رزقا‪ ،‬ق ّو ًة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الب ّر بالنّاس سبيلنا إلى الله‪:‬‬
‫الغني ك ّلما أ�راد �شيئ ًا ق��در عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألنّ‬ ‫ر�سول اهلل(����ص) بتطبيقها يف املجتمع‬ ‫يطرح القر�آن الكرمي يف هذه آالية معادل ًة من�صب ًا‪ِ ،‬علم ًا‪ ...‬فعليك أ�ن حت ّركها يف‬
‫ف أ�راد تعاىل أ�ن ي�س ّوي بني خلقه‪ ،‬و أ�ن‬ ‫اللهّ‬ ‫ا ّلذي انطلق منه بر�سالته‪َ } :‬و ْاع َل ُمو ْا َأ�نمَّ َ ا‬ ‫وا���ض��ح�� ًة و���ص��ري��ح�� ًة‪ ،‬ليقول ل��ن��ا‪ ،‬وبك ّل خدمة خلقه‪.‬‬
‫لريق على‬ ‫والمل‪ّ ،‬‬ ‫م�س اجلوع أ‬ ‫الغني ّ‬
‫يذيق ّ‬ ‫َغ ِن ْمتُم ِّمن َ�ش ْيءٍ َف َأ�نَّ للِهَّ ِ ُخ ُم َ�س ُه َو ِلل َّر ُ�س ِول‬ ‫حزم‪� :‬إنّ �صدق العالقة به‪ ،‬ح ّب ًا‪� ،‬شكر ًا‪ ،‬و�إذا أ�راد الواحد م َّنا أ�ن يبلغ ج َّنة اهلل‬
‫ال�ضعيف ويحنو عليه»‪.‬‬ ‫َو ِل ِ��ذي ا ْل ُق ْر َبى َوا ْل َيت ََامى َوالمْ َ َ�س ِاك ِني َوا ْب ِن‬ ‫م�����س ؤ���ول�� َّي��ة‪ ،‬ال ميكن أ�ن ت��ت َّ��م م��ن خالل وي�صل �إىل ر�ضوانه ورحمته‪ ،‬وهذا مبتغى‬
‫ال�شارة‬ ‫إ‬ ‫على‬ ‫(�ص)‬ ‫وقد حر�ص ر�سول اللهّ‬ ‫فال�سبيل �إىل ذلك‬ ‫ح�سن العالقة به فقط‪ ،‬رغم أ�هم َّيتها‪ ،‬ك ّل امل ؤ�منني العابدين‪َّ ،‬‬
‫والي��ت��ام‬ ‫�إىل امل�س ؤ�ول ّيات جت��اه الفقراء أ‬ ‫إذا أردت أن توفّي الله حقّه‬ ‫ب��ل م��ن خ�ل�ال خ��دم��ة ال�� َّن��ا���س وال��ق��ي��ام ما ورد يف آالي��ة‪�} :‬إِنَّ المْ ُ َّت ِق َني فيِ َج َّن ٍات‬
‫وذوي احل���اج���ة‪ ،‬يف خ��ط��ب��ت��ه يف �شهر‬ ‫جتاه كلّ نعمةٍ أغدق بها‬ ‫َو ُع�� ُي��ونٍ * �آ ِخ ِ��ذي��نَ َما �آ َت��اهُ ْ��م َر ُّب ُه ْم ِ� إ َّن ُه ْم‬ ‫مب�س ؤ�ول ّياتهم‪.‬‬
‫رم�����ض��ان‪ ،‬حيث ق���ال‪« :‬وت�����ص�� ّدق��وا على‬ ‫عليك‪ ،‬فعليك أن حترّكها‬ ‫ف���إذا أ�ردت أ�ن ُيح ِّبك اهلل‪ ،‬فال ب�� َّد من َكا ُنوا َق ْب َل َذ ِل َ��ك محُ ْ ِ�س ِنني * َكا ُنوا َق ِليلاً‬
‫فقرائكم وم�ساكينكم‪ ،‬وحت ّننوا على أ�يتام‬ ‫في خدمة خلقه‪.‬‬ ‫ِّمنَ ال َّل ْي ِل َما َي ْه َج ُعونَ * َو ِب ْ َأال ْ�س َحا ِر هُ ْم‬ ‫أ�ن حتر�ص على خدمة عياله‪ ،‬و�إدخ��ال‬
‫ال ّنا�س يتحننّ على أ�يتامكم»‪.‬‬ ‫ال���� ّ���س���رور �إىل ق��ل��وب��ه��م‪ ،‬ي��ق��ول ر���س��ول َي ْ�س َت ْغ ِف ُرون * وَفيِ َأ� ْم َوالِهِ ْم َح ٌّق ِّل َّل�سا ِئ ِل‬
‫وح����ثّ يف ���ش��ه��ر رم�����ض��ان ع��ل��ى �إك����رام‬ ‫اهلل(������ص)‪« :‬اخل��ل��ق ك�� ّل��ه��م ع��ي��ال اهلل‪َ ،‬والمْ َ ْح ُر ِوم{ (الذاريات‪.)19-15 :‬‬
‫أالي���ت���ام‪« :‬م��ن أ�ك���رم فيه يتيم ًا أ�ك��رم��ه‬ ‫(النفال‪.)41 :‬‬ ‫ال�س ِب ِيل{ أ‬ ‫َّ‬ ‫ف أ�ح ّبهم �إىل اهلل أ�نفعهم لعياله»‪ ،‬ويف مظاهر التّكافل اإلجتماعيّ ‪:‬‬
‫ال�ستمرار بذلك �إىل أ�ن ي�ستغني‪.‬‬ ‫اللهّ »‪ ،‬و إ‬ ‫�����ص��دق��ة‪ ،‬فهي القيمة أالب����رز يف‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫���ا‬ ‫أ� ّم‬ ‫حديث �آخر عنه(�ص)‪« :‬من أ�دخ��ل على والعالقة مع اهلل ـ أ� ّيها أالح ّبة ـ قد تتع َّر�ض‬ ‫ٍ‬
‫و أ��شار(�ص) �إىل موقع كافل اليتيم‪ « :‬أ�نا‬ ‫جتماعي‪ ،‬وقد أ��شارت أالحاديث‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫التّكافل إ‬ ‫من �سرور ًا‪ ،‬وم�شى مع أ�خيه �إىل خ��ل ٍ��ل ب�سبب ال�� ّذن��وب أ�و املعا�صي‪،‬‬ ‫أ�هل بيت م ؤ� ٍ‬
‫وكافل اليتيم كهاتني يف اجل ّنة»‪ ،‬و أ��شار‬ ‫�إىل أ� ّنها ُج ّنة من ال ّنار‪ ،‬وهي التي تُطفئ‬ ‫ف��ان��ط�لاق�� ًا م��ن �إمي���ان���ك‪ ،‬ف���إ َّن��ك ت�سعى‬ ‫يف حاجته»‪.‬‬
‫بال�س ّبابة والو�سطى‪.‬‬ ‫غ�ضب ال ّر ّب‪ ،‬وتدفع البالء‪ ،‬وت�س ّد �سبعني‬ ‫ً‬
‫و�إذا حر�صت على �ن ت�شكر اهلل وتقدّر ج��اه��دا لتُ�صلح ه��ذه ال��ع�لاق��ة‪ ...‬وهنا‬ ‫أ‬
‫علي(ع)‬ ‫ّ‬ ‫�صوت‬ ‫�صدح‬ ‫ويف �شهر رم�ضان‪،‬‬ ‫ال�ش ّر‪ ،‬وتنزل ال�� ّرزق‪ ،‬وتزيد يف‬ ‫باب ًا من ّ‬ ‫عطاءاته‪ ،‬فاعمل على أ�ن ت�شكر ال ّنا�س ير�شدك اهلل �إىل ال ّ��ط��ري��ق وي��ق��ول لك‪:‬‬
‫منا�شد ًا امل�سلمني يف و�ص ّيته أالخ�ي�رة‪:‬‬ ‫أ‬
‫أالعمار واحل�سنات‪ ،‬وهي ا ّلتي ��شار اهلل‬ ‫توجه �إىل الفقراء‪� ،‬ساعدهم‪ ،‬فكفَّارة‬ ‫َّ‬ ‫وتُقدّر عطاءاتهم‪ ،‬وقد ورد يف احلديث‬
‫«اللهّ اللهّ يف أاليتام‪ ،‬فال تغ ّبوا أ�فواههم‪،‬‬ ‫�إىل أ� ّنها تقع بيده قبل أ�ن تقع بيد الفقري‬ ‫المام زين العابدين(ع)‪ « :‬أ��شكركم ال ّذنب هي �إطعام امل�ساكني‪ ،‬وتنفي�س كرب‬ ‫عن إ‬
‫وال ي�ضيعوا بح�ضرتكم‪ ،‬ف����إنيّ �سمعت‬ ‫واملحتاج‪.‬‬ ‫املهمومني‪.‬‬ ‫هلل‪ ،‬أ��شكركم لل ّنا�س»‪.‬‬
‫ر�سول اهلل(����ص) يقول‪ :‬من ع��ال يتيم ًا‬ ‫وهو ما ب ّينته آالية الكرمية‪َ } :‬أ�لمَ ْ َي ْع َل ُمو ْا‬ ‫ك��م��ا ورد يف احل��دي��ث ع���ن���ه(ع)‪ :‬يقول وق��د ورد ع��ن ع���ل ّ���ي(ع)‪« :‬م��ن ك��فَّ��ارات‬
‫حتّى ي�ستغني‪ ،‬أ�وجب اهلل له اجل ّنة‪ ،‬كما‬ ‫َأ�نَّ اللهَّ َ هُ َو َي ْق َب ُل ال َّت ْو َب َة َعنْ ِع َبا ِد ِه َو َي ْأ� ُخ ُذ‬ ‫اهلل تبارك وتعاىل لعبدٍ من عبيده يوم ال ّذنوب العظام‪� ،‬إغاثة امللهوف‪ ،‬والتَّنفي�س‬
‫أ�وجب آلكل مال اليتيم ال ّنار»‪.‬‬ ‫��ات{ (ال�� ّت��وب��ة‪ .... )104 :‬وقد‬ ‫�����ص��دَ َق ِ‬
‫ال َّ‬ ‫ال��ق��ي��ام��ة‪ :‬أ����ش��ك��رت ف�لان�� ًا؟ ف��ي��ق��ول‪ :‬بل عن املكروب»‪.‬‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬


‫اخلطبة السياسية‬ ‫الضعفاء‪:‬‬ ‫التّعاون إلعانة ّ‬
‫أ‬ ‫اللهّ‬
‫أ� ّيها أالح ّبة‪�..‬شهر رم�ضان �راده �ن يكون‬
‫أ‬
‫فر�صتنا لنتعاون على ح ّل م�شاكلنا ا ّلتي باتت‬
‫المنطقة دخلت في �أبواب نفق مظلم عنوانه تذويب الق�ضية الفل�سطينية‬ ‫تتفاقم يوم ًا بعد يوم نتيجة أالزمات املتعدّدة‪،‬‬
‫القت�صاد ّية‪ ،‬وهو ما يحتاج م ّنا �إىل‬ ‫وال �س ّيما إ‬
‫ؤ‬ ‫ؤ‬
‫تكامل وتعاون من �جل �ن ن�دّي م�س�ول ّيتنا‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ال�سالمية يف �إي��ران على‬ ‫اجلمهورية إ‬ ‫يف ه���ذه أالي������ام ب���ال���ذات تتعر�ض‬ ‫ال�ضعفاء‬ ‫جتاه ر ّبنا‪ ،‬وحتّى نعمل على �إعانة ّ‬
‫�إجن��ازات��ه��ا العلمية املتوا�صلة ومنها‬ ‫الق�ضية الفل�سطين ّية ألب�شع عملية‬ ‫يف جمتمعنا‪ ،‬ا ّلذين قد يتح ّولون �إىل م�شكلة‬
‫الجناز اال�سرتاتيجي الكبري يف م�شروع‬ ‫إ‬ ‫اغ��ت�����ص��اب �سيا�سي م��ن��ذ احتاللها‬ ‫للمجتمع �إذا ما أ�دار املجتمع ظهره لهم‪ ،‬وقد‬
‫الجن���ازات على‬ ‫حيث فتح ب��اب ال��ت��ف��او���ض املبا�شر‬ ‫نخ�سر الكثري من طاقاتهم التي نحتاج �إىل‬
‫بو�شهر‪� ،‬إ�ضافة �إىل إ‬
‫م��ع ال��ع��دو على م�صراعيه‪ ،‬وال��ذي‬ ‫يوظفها لت ؤ�دّي وظيفتها يف احلياة‪.‬‬ ‫من ّ‬
‫م�ستوى الت�صنيع الع�سكري وال�سعي‬ ‫وانطالق ًا من ه��ذا ّ‬
‫�ستنطلق جولته التنازلية أ‬
‫والوىل بعد‬ ‫ال�شهر امل��ب��ارك‪� ،‬شهر‬
‫العلمي واجل���اد لغزو الف�ضاء‪ ،‬نريد‬ ‫أ‬
‫امل���وا����س���اة ل��ل��ف��ق��راء والي����ت����ام وك���� ّل ذوي‬
‫الجن��ازات‬ ‫للمة كلها أ�ن تدعم هذه إ‬ ‫أ‬ ‫أ�ي��ام‪ ،‬والتي �ستم ّهد جلوالت تنازلية‬
‫احلاجات يف املجتمع‪ ،‬ال ب�� ّد من أ�ن نبادر‬
‫و أ�ن ت ؤ� ّمن مظلة حماية �سيا�سية و أ�منية‬ ‫متالحقة‪ ..‬يتم ذل��ك كله وعمليات‬ ‫�إىل حت ّمل م�س ؤ�ول ّياتنا جتاه ه ؤ���الء‪ ،‬وذلك‬
‫لها لت�ستفيد منها يف معركة احلرية‬ ‫اال�ستيطان م�ستمرة‪ ،‬ألن العدو مل‬ ‫ب��ال��وق��وف م��ع امل ؤ���� ّ��س�����س��ات ال��ت��ي ترعاهم‪،‬‬
‫واال���س��ت��ق�لال��ي��ة ال��ت��ي تخو�ضها على‬ ‫يوقفها‪ ،‬كما مل يوقف عمليات الهدم‬ ‫اخلا�صة بهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫�سواء يف داخ��ل امل ؤ� ّ�س�سات‬
‫وال�صعدة‪.‬‬ ‫ال�سالمي من خالل خمتلف اجلبهات أ‬ ‫الفتنة يف الواقع إ‬ ‫مل��ن��ازل الفل�سطينيني وق���راه���م يف‬ ‫أ�و يف مواقع تواجدهم يف بيوتهم‪ ،‬والعمل‬
‫لبنان‪ :‬مناخ داخلي ملتهب‬ ‫كل أ�ولئك الذين‬ ‫النقب وداخل القد�س املحتلة‪ ،‬وهدم‬ ‫مببادرات جماع ّية تنطلق من‬ ‫ٍ‬ ‫على القيام‬
‫أ�ما لبنان الذي يل ّوح له العدو با�ستمرارٍ‪،‬‬ ‫امل�ساجد يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫امل�ساجد‪ ،‬ليكون يف ك ّل م�سجد جلنة تهتم‬
‫بحرب جديدة مدمرة ت�ستهدف أ�هله‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫وظ��ف��ه��م اال�ستكبار ال��ع��امل��ي ليكونوا‬ ‫�إىل غاراته العدوانية املتوا�صلة على‬ ‫والي��ت��ام واملديونني‪،‬‬ ‫بالفقراء واملحتاجني أ‬
‫حرا�س ًا له يف كثري من املواقع الر�سمية وبناه التحتية ووحدة أ�را�ضيه وكيانه‪،‬‬ ‫أ�ط����راف ق��ط��اع غ���زة‪ ،‬وك أ���ن��ه يقول‬ ‫وبذلك نعيد �إىل امل�سجد دوره الفاعل‪ ..‬أ�و‬
‫ال���س�لام��ي��ة‪ ،‬ويف أالج��ه��زة ف��ه��و ال ي����زال ع��ل��ى ح��ال��ه؛ غ����ار ٌق يف‬
‫العربية و إ‬ ‫ل��ل��م��ف��او���ض الفل�سطيني‪ :‬ه���ذه هي‬ ‫من خالل جلان يف أالحياء والقرى واملدن‪،‬‬
‫حمى االنق�سامات ال�سيا�سية وفو�ضى‬ ‫العالمية هنا وهناك‪.‬‬ ‫خريطة الطريق �إىل امل�ستقبل املظلم‬ ‫ف�لا يكفي أ�ن نعذر �إىل اهلل بعدم القيام‬
‫ال�سيا�سية و إ‬
‫أالو�ضاع أالمنية التي ت�شري �إىل حجم‬ ‫ال��ذي ال أ��سا�س فيه للدولة امل�ستقلة‬ ‫بامل�س ؤ�ول ّيات جتاه ه ؤ�الء‪ ،‬بعدم القدرة على‬
‫احلملة الظاملة على ايران‪:‬‬
‫و�إننا ويف معر�ض ر�صدنا للحملة الدولية االحتقان الناجم عن البيئة ال�سيا�سة‬ ‫القابلة للحياة‪.‬‬ ‫الع��ذار يكون من خالل حثّ‬ ‫خدمتهم‪ ،‬بل إ‬
‫أالفراد واملجتمع على التّعاون �إن مل يتح ّرك‬
‫الظاملة التي تتعر�ض لها اجلمهورية امل��ع��ق��دة وامل���ن���اخ ال��داخ��ل��ي امللتهب‪،‬‬
‫أ�م��ا بع�ض ال��دول العربية ف�يراد لها‬ ‫مبلء �إرادته‪.‬‬
‫ال�سالمية يف �إيران بحجة عدم الوثوق لي�ضاف ذلك �إىل حمى اللهيب املناخي‬ ‫إ‬ ‫� إ ّن���ن���ا ن�ستطيع �ن ن��ق��وم ب��ال��ك��ث�ير عندما‬ ‫أ‬
‫بنواياها على امل�ستوى النووي‪ ،‬نلحظ يف بلد ي�شتعل فيه لهيب احلرائق يف‬ ‫تتح�ضر ال�ستيعاب امل��زي��د من‬ ‫ّ‬ ‫أ�ن‬
‫ن��ت��ح�� ّرك ون��ت��ع��اون ون��ن�� ّم��ي ق��درات��ن��ا‪ ،‬فيد‬
‫أ�ن ت�صاعد الهجمة يتم م��ن خالل جباله ووديانه‪ ،‬كما‬ ‫الفل�سطينيني ال��ذي��ن ���س�� ُي�� َه َّ��ج��رون‬ ‫اهلل م��ع اجل��م��اع��ة‪َ } :‬وتَ��� َع���ا َو ُن���و ْا َع�� َل��ى ا ْل�ب ِّر‬
‫من وطنهم‪ ،‬لتغدو غ��زة يف العهدة‬ ‫ّال‬‫َوال َّت ْق َوى{(املائدة‪ ،)2 :‬وال نن�سى أ�نّ «الد ّ‬
‫ت�شتعل ���ش��وارع��ه أ�م��ن��ي�� ًا‪ ،‬ليكون ذلك‬ ‫املشروع األمريكي الصهيوني‬ ‫امل�������ص���ري���ة‪ ،‬وال�����ض��ف��ة يف ال��ع��ه��دة‬ ‫على اخلري كفاعله»‪.‬‬
‫بدي ًال عن الكهرباء التي ال ت أ�تي لت�ضيء‬ ‫ال يتحرك من خالل اآللة‬ ‫أالردنية‪ ،‬ألن العدو قال كلمته التي‬ ‫أ� ّيها أالح ّبة‪ :‬أ� ّي �سعادة �كرب من �ن تر�سم‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ليل اللبنانيني الدام�س‪..‬‬ ‫العسكريةفحسب‪،‬بليركب‬ ‫عنوانها يهودية الكيان‪ ،‬وبقي على‬ ‫الب�سمة على وج��ه ف��ق�ير‪ ،‬وتعيد �إ���ش��راق��ة‬
‫مطيّة احملاكم الدولية تارةً‪،‬‬ ‫العرب أ�ن يقوموا باخلطوات العمل ّية‬ ‫أالم��ل �إىل وجه يتيم‪ ،‬وتن ّف�س عن املهموم‪،‬‬
‫ويف هذا املجال‪ ،‬جند أ�نّ علينا جميع ًا‬ ‫كما يُسيّر دفة الفتنة في الواقع‬ ‫التي ت�ساعد على حتقيق ذل��ك على‬ ‫وتخ ّفف عن املكروب‪ ،‬بحيث يتّ�سع قلبك لك ّل‬
‫اإلسالمي ‪.‬‬ ‫أ�ر�ض الواقع‪.‬‬ ‫آالخرين‪ ،‬وبذلك ت�صبح حياتك ممت ّد ًة يف‬
‫أ�ن ن��ح��ر���ص أ�ك�ث�ر ع��ل��ى ال��وح��دة بني‬
‫امل�سلمني؛ ألنّ أ� ّي فتنة تقع �سوف لن‬ ‫املنطقة في النفق املظلم‪:‬‬ ‫حياتهم‪.‬‬
‫يجني ثمارها �سوى أ�ولئك املرت ّب�صون‬ ‫�إن ذلك كله يعني أ�ن املنطقة دخلت يف‬
‫ركون حمور اال�ستكبار الدويل لهواج�س‬ ‫أ� ّيها أالعزّة‪ :‬هذا هو ديننا‪ ،‬ال يقبل أ�ن تبيت‬
‫��ال ّم��ة‪ ،‬ال�ساعون دوم�� ًا لتحقيق‬ ‫�ش ّر ًا ب أ‬ ‫أ�بواب نفق مظلم من جديد‪ ،‬عنوانه‬
‫كيان العدو وتهاويله‪ ،‬لت أ�خذ احلملة‬ ‫�شبعان وغريك جائع‪ ،‬أ�و أ�ن ترتاح وغريك‬
‫خطط امل�ستكربين جتاه أ� ّمتنا وواقعنا؛‬ ‫تذويب امل�س أ�لة الفل�سطينية‪ ،‬وحتويلها‬
‫�شكلها وم�ضمونها املدرو�س بالتزامن‬ ‫ال�شعور با آلخر‪ ،‬وروح التّكافل‬ ‫يت أ�مل‪ ..‬هذا ّ‬
‫وهذه م�س ؤ�ول ّية �شرع ّية نتح ّملها ك أ�مانة‬ ‫لطي ملف الق�ضية‬ ‫�إىل م�س أ�لة اقت�صادية و أ�منية كما‬ ‫الح��ت�����ض��ان‪ ،‬ه��و ما‬ ‫وال��تّ��ع��اون وال��ت��ط�� ّوع و إ‬
‫مع العمل املتوا�صل ّ‬
‫أ‬ ‫يتحدث العدو‪ ،‬لتبد أ� احلرب الوا�سعة‬
‫الفل�سطينية مما ي ؤ�كد ب�ن ما ي�سمى‬ ‫الجتماع‬ ‫يفتقده الغرب ا ّلذي مل يجد علماء إ‬
‫عن ك ّل أالجيال التي نحمل م�س ؤ�ول ّيتها؛‬ ‫والترّ بية فيه �سبي ًال للو�صول �إىل هذه ال ّروح‪،‬‬
‫أ�ن ال نر ّبيها على احلقد والع�صب ّية‬ ‫الدارة‬ ‫النطاق على أالط���راف املمانعة يف‬
‫املجتمع ال��دويل ال��ذي تقوده إ‬ ‫الهتمام‬ ‫�إال أ�ن يعتربوا خدمة املجتمع و إ‬
‫ال�سالم‬ ‫والطائف ّية واملذهب ّية‪ ،‬بل على إ‬ ‫املنطقة‪ ..‬وقد بد أ�ت الر�سائل املتعددة‬
‫أالمريكية يريد االقت�صا�ص من كل‬ ‫مرجح ًا لقبول ال��ط�لاب يف‬ ‫ب� ؤش�ونه ب��ن��د ًا ِّ‬
‫ال���رح���ب ال����ذي ي��ن��ف��ت��ح ع��ل��ى آالخ����ر‪،‬‬ ‫التي حتمل أ�خ��ت��ام�� ًا أ�مريكية ت��ار ًة‪،‬‬
‫من ت�س ّول له نف�سه الدفاع عن احلقوق‬ ‫هم اجلامعات واملعاهد‪ ،‬وبع�ض الوظائف‪،‬‬ ‫أ� ّ‬
‫وي�صونه يف كرامته وعزّته و أ�منه‪ ،‬وال‬ ‫و�إ�سرائيلية أ�خ���رى‪ ،‬وعربية ثالثة‪،‬‬
‫ال���س�لام��ي��ة يف فل�سطني‪،‬‬
‫ال��ع��رب��ي��ة و إ‬ ‫أ‬
‫بعدما مل تفلح ك ّل الو�سائل الخرى‪.‬‬
‫�س ّيما يف �شهر ال�صوم الذي ينبغي أ�ن‬ ‫تلوح لفريق املقاومة واملمانعة ب أ�ن‬
‫وحما�صرة كل من يفكر با�ستقاللية‬ ‫فن�شكر اهلل على ك ّل نعمائه وف�ضله‪ ،‬عندما‬
‫والمن ّية‬‫يكون �شهر التقوى ال�سيا�س ّية أ‬ ‫عليك أ�ن متا�شي هذه الت�سوية وتر�ضى‬
‫ومن يعمل على بناء م�شروع اقت�صادي‬ ‫الح�سا�س بامل�س ؤ�ول ّية‪ ،‬وترك لنا‬ ‫أ�ودع فينا إ‬
‫�إىل جانب كونه �شهر التقوى العباد ّية‪.‬‬ ‫بال�صفقة اجلديدة‪ ،‬أ�و تنتظر حماكمة‬
‫و�سيا�سي وع�سكري مناه�ض لل�سيا�سة‬ ‫ال ّنبع ا ّلذي ننهل منه‪ ،‬وجعلنا أ�نا�س ًا ي�ستح ّقون‬
‫دولية قادمة‪ ،‬ألن امل�شروع أالمريكي‬
‫اال�ستكبارية يف املنطقة‪.‬‬ ‫هم ح ّبب‬ ‫الن�سان ّية‪ ..‬ونظ ّل ندعو‪« :‬ال ّل ّ‬ ‫ا�سم إ‬
‫* تلقى ظهر اليوم يف م�سجد إ‬
‫المامني‬ ‫ال�صهيوين ال يتحرك من خالل آاللة‬ ‫ّ‬
‫�إلينا �صحبة الفقراء‪ ،‬و�عنا على �صحبتهم‬ ‫أ‬
‫الع�سكرية فح�سب‪ ،‬بل يركب مط ّية ون��ح��ن يف ال��وق��ت ال����ذي ُن��ح�� ّي��ي فيه احل�سنني(ع)‬ ‫ال�صرب والقيام مب�س ؤ�ول ّياتهم»‪.‬‬ ‫بح�سن ّ‬
‫املحاكم الدولية تار ًة‪ ،‬كما ُي�سيرّ دفة‬
‫‪11‬‬ ‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫واقعــة بدر‬
‫قصيدة لسماحة العالمة المرجع السيد محمد حسين فضل اهلل(رضوان اهلل عليه)‬

‫من ديوان «يا ظالل اإلسالم»‬

‫اح‬ ‫ّ‬
‫الو�ض ِ‬ ‫فج َ‬
‫رك‬ ‫طليعة الفت ِْح يف در ِب� َ‬
‫�ك‪ ،‬ر ّوا ُد ْ‬ ‫ُ‬ ‫رب‪� :‬إنّا‬
‫ِّ‬ ‫و�صوت التاريخ يف جا ِن َب ّيا‬‫ُ‬ ‫البيد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ت�ص َه ُل يف‬
‫يح ْ‬‫والر ُ‬
‫بد ٌر‪ّ ..‬‬ ‫ِق َ‬
‫يل ْ‬
‫ال�سنا ال ّل ِ‬
‫ماح‬ ‫موعدُ النّور‪ ،‬يف جناواك‪ ،‬حلم الغد‪ ،‬يف ملتقى ّ‬ ‫ِ‬ ‫م�س َم َع ّيا‬
‫ال�سيوف يف ْ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫و�صليل‬ ‫�إ ّن��ه��م‪ ،‬ها هنا‪ ،‬ك � أ�نّ ُخطاهم‬
‫باح‬
‫ال ْ�ص ِ‬
‫مواكب إ‬
‫ُ‬ ‫ت�شمخْ يف ُذرانا‬ ‫رب‪� :‬إما ت�ش أ� لنا الن�صر ْ‬ ‫ّ‬ ‫م��ل ن��� ْ��ص� ٌ�ر ي��ت��ه��ادى ُم��ظ � ِّف��ر ًا م ْهد ّيا‬
‫ال��ر ِ‬‫يرة على ّ‬ ‫ّ‬
‫ك��ل ت��ك��ب� ٍ‬
‫ماح‬‫وال�س ِ‬
‫الفق يف موكب الهدى ّ‬ ‫ري أ‬
‫وفتح يث ُ‬
‫وحي يهدي‪ٍ ،‬‬ ‫بني ٍ‬ ‫ياء احلقّ ‪ِ ،‬ه ِّلي على ا ّ‬
‫جلوا ِن ِح ِر ّيا‬ ‫كب َ‬ ‫ري يا رْ‬ ‫ا�س ِم التكب ِ‬
‫وعلى ْ‬

‫***‬ ‫***‬
‫فتنة أ‬
‫الوثانِ‬ ‫للح�ش َر ُ‬
‫ْ‬ ‫الن�سانِ‬
‫تعي�ش مع إ‬ ‫َ‬ ‫و�إذا ِ�شتْتَ أ�ن‬ ‫الد ْر ِب‪ ،‬ب ؤ� َ�س ُهم يف عناءِ‬
‫ها هُ ُم البا ِئ�سونَ ‪ ،‬عادوا َي ُج ّرونَ ‪ ،‬مع ّ‬
‫طريق‪ ،‬بدعو ِة ال�شيطانِ‬‫ٍ‬ ‫المي���انُ رَ ُ‬
‫يعث يف كل‬ ‫ويظل إ‬ ‫ّ‬ ‫�روح ال��ر ّوا ِد ُأ‬
‫والمناءِ‬ ‫الفج ِر ب� ِ‬‫ْ‬ ‫يقطعونَ املدى ِخفاق ًا �إىل‬
‫بلفتة الر�ضوانِ‬
‫ِ‬ ‫ت�شاء‪ ،‬نحن �صدى وح ِي َك نحيا‬‫ُ‬ ‫فلي ُكن ما‬ ‫بدعوا ن�شيدَ ال�سماءِ‬ ‫ْ�سابت أ‬
‫الحال ُم‪ ،‬أ�ن ُي ِ‬ ‫كل أ�حالمهِم �إذا ان ِ‬ ‫ّ‬
‫انطالقة القر آ�نِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الطليعة ال ُت ْ‬
‫عبد‪ ،‬فمنْها‬ ‫رب‪� :‬إ ْن ته َل ِك‬
‫ّ‬ ‫ّفحات البي�ض ِ من لطْ ِف وح ِي ِه املِ ْعطاءِ‬ ‫ِ‬ ‫أ�ن يعي�شوا هلل للن‬

‫***‬ ‫***‬
‫الميان يف ّ‬
‫كل قل ِْب‬ ‫قريب من دعاءِ إ‬‫ٌ‬ ‫النداء‪� ..‬إ يّن‬
‫ُ‬ ‫‪..‬و أ� ّ‬
‫طل‬ ‫الوع ِرالميلكونَ حتى ّ‬
‫ال�سالحا‬ ‫الطريق ْ‬
‫ِ‬ ‫ْبوايف‬
‫بء‪،‬وان رَ َ‬
‫ح َملواال ِع َ‬
‫كل د ْر ِب‬ ‫ُ‬
‫يعي�ش يف ّ‬ ‫لي ُك ْن لل ُهدا ِة يف مو ِك ِب الن ِ‬
‫ّ�صر ن�شيدٌ‬ ‫جلراحا‬‫احلروب ا ِ‬
‫ُ‬ ‫اجلرح‪� ،‬إن ز ّفتْ‬
‫ِ‬ ‫ح�س ُبهم أ� ّن ُهم يعي�شون ط ْه َر‬
‫ْ‬
‫وح ِّب‬‫انطالق ُ‬
‫ٍ‬ ‫الفتوحات يف‬
‫ِ‬ ‫اخل�ض ِر أ�حال ُم‬
‫ْ‬ ‫لت ُك ْن ّ‬
‫للطالئ ِع‬ ‫أ‬
‫وال�شهاد ُة حلنٌ يئِدُ احل��زْ نَ وال�سى والنّواحا‬ ‫ّ‬ ‫ومي��وت��ونَ ‪،‬‬
‫دت ُ‬
‫�شفةالهادي�صال َةاخل�شوع‪�..‬شك َركر ّبي‬ ‫‪..‬ومعالن�ص ِر‪:‬ر ّد ْ‬ ‫فتح مل ت���ز ْد ُه احل��ي��ا ُة �إال انفتاحا‬
‫طليعة ٍ‬‫ُ‬ ‫ح�سب ُهم أ�نهم‬

‫***‬ ‫***‬
‫وعطو ُر‬‫موا�س ٌم ُ‬
‫ِ‬ ‫�زال لدى التاريخ منها‬ ‫قيل ب��د ٌر‪ :‬وال ي� ُ‬‫َ‬ ‫هال‬‫ال�شفا ِه ا ْب ِت ُ‬
‫القلب حنانٌ ‪ ،‬ويف ّ‬ ‫ِ‬ ‫النبي يدعو‪ ،‬ويف‬
‫ُّ‬ ‫و أ�ف� َ‬
‫�اق‬
‫ري‬‫�روح يزْ َدهيها ـ بوحيه ـ التكب ُ‬ ‫الكفاح ب� ٍ‬
‫ِ‬ ‫يج َتليها غدُ‬ ‫ماء َز ُ‬
‫الل‬ ‫وه َو ٌ‬ ‫ماء ن ْهفو �إىل الينْبو ِع يف ال َقف ِْر ْ‬
‫الظ ُ‬ ‫رب نحنُ ِّ‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫مواقف و�صقُو ُر‬ ‫�ال منها‬
‫الب��ط� ِ‬ ‫�سمر أ‬
‫ال�س ّمار يف ِ‬ ‫ري ُّ‬‫ويث ُ‬ ‫نفحة وج��م� ُ‬
‫�ال‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ي��ادي��ك‬ ‫نتمنّى أ�ن تلتقي يف هُ ��دان��ا م��ن أ�‬
‫والت�صوير‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫التمثيل‬ ‫وميد احليا َة ـ ّ‬
‫بال�صو ِر احل�سناءِ ـ فيها‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫س� ُ‬
‫ال‬ ‫الرعب جناوى ُيثريهُ َّن ال� ؤ‬ ‫ُ‬ ‫راعنا‬
‫ريق‪� ،‬إن َ‬‫الط ِ‬ ‫ولنا يف ّ‬

‫***‬ ‫***‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫فقه الصوم‬
‫من املفطرات‬
‫‪ -‬هل ابرة امل�صل مفطرة لل�صائم؟‬
‫‪� -‬إدخال الطعام أ�و ال�شراب عن غري طريق احللق‪ ،‬بنحو ي�صدق عليه أالكل وال�شرب‬
‫مبطل لل�صوم‪ ،‬وذلك مثل �إدخاله يف أ�نبوب من أ�نفه أ�و من رقبته �إىل املعدة‪ ،‬أ�و مثل‬
‫حقنه ب�إبرة امل�صل املغذي يف اليد أ�و يف الفخذ أ�و غريهما‪ ،‬أ� ّما �إذا كان و�ضع امل�صل‬
‫من أ�جل و�ضع الدواء فيه ل�سرعة و�صوله �إىل أ�نحاء اجل�سد‪ ،‬ال من أ�جل تغذية املري�ض‪،‬‬
‫فطر حينئذ‪.‬‬‫ف�إنه ال ُي ِّ‬

‫‪-‬هل ميكن لل�صائم أ�ن ي�ستعمل القطرة؟‬


‫‪-‬ال ب أ��س مبا يدخل �إىل اجلوف من غري احللق �إذا مل ي�صدق عليه أالكل أ�و ال�شرب‪،‬‬
‫� إ َّال �إذا كان ناوي ًا للغ�سل ومعتاد ًا على اال�ستيقاظ‪ ،‬ف�إن مل ي�ستيقظ‪ ،‬واحلالة هذه‪ ،‬حتى‬ ‫وذلك مثل دخول الدواء يف أالذن أ�و العني‪ ،‬حتى ولو أ�ح�س بطعم له يف البلعوم‪ ،‬أ�و مثل‬
‫طلع الفجر ف�إنَّ عليه موا�صلة ال�صوم ُث َّم ق�ضاءه على أالحوط وجوب ًا من دون كفارة‪.‬‬ ‫ما لو أ�نفذ �إبرة أ�و نحوها يف ج�سده فو�صلت �إىل جوفه‪ ،‬أ�و أ�دخل دوا ًء با إلبرة يف يده أ�و‬
‫ال�ستيقاظ فنام حتى طلع الفجر ف�إنَّ عليه موا�صلة ال�صوم‬ ‫أ� ّما �إذا مل يكن معتاد ًا على إ‬ ‫فخذه‪ ،‬أ�و ا�ستخدام (ط�سا�سة) الربو‪ ،‬ونحو ذلك مما ال ي�صدق عليه أالكل وال�شرب‪،‬‬
‫والق�ضاء والكفارة على أالحوط وجوب ًا‪.‬‬ ‫أ� ّما �إدخال الدواء يف أالنف مبثل القطرة فالظاهر أ�نه مما ي�صدق عليه أالكل وال�شرب‬
‫لقربه �إىل احللق‪ ،‬فيبطل به ال�صوم‪.‬‬

‫مفطرة‬ ‫غري‬ ‫مور‬ ‫أ‬


‫�‬
‫أ‬
‫‪ -‬هل يفطر ال�صائم برم�س ر��سه يف املاء او ب�إدخال الغبار الغليظ اىل جوفه؟‬
‫والحوط وجوب ًا ـ لل�صائم ـ تركه‬
‫‪-‬رم�س الر أ��س يف املاء‪ ،‬مع البدن أ�و بدونه‪ ،‬ال يفطر‪ ،‬أ‬
‫أ�حكام البقاء على أ اجلنابة‬
‫‪-‬ما هو حكم تعمد البقاء على احلدث الكرب خالل ال�صيام؟‬
‫رغم أ�نه ال يبطل ال�صوم بفعله‪.‬‬ ‫للفطار حتم ًا وبع�ضها غري موجب‬ ‫‪� -‬إن تعمد البقاء على بع�ض أالح��داث موجب إ‬
‫تعمد �إدخ��ال الغبار الغليظ وغري الغليظ ال يبطل به ال�صوم لكن أالح��وط ا�ستحباب ًا‬ ‫وبع�ضها على نحو االحتياط‪ ،‬وتف�صيله كما يلي‪:‬‬
‫جتنب الغليظ منه‪ .‬كذلك ال يفطر ال�صائم بالبخار وال بالدخان من أ�ي م�صدر كان‪،‬‬ ‫�إذا كان احلدث هو احلي�ض أ�و النفا�س‪ ،‬وطهرت املر أ�ة منه لي ًال وانقطع عنها الدم‪،‬‬
‫وال برذاذ الدهان وال�صبغ الذي ير�ش ب آ�لة ال�ضغط امل�ستحدثة يف زماننا‪.‬‬ ‫وعلمت به ومل تغت�سل منه عمد ًا حتى طلع الفجر عليها بطل �صومها ولزمها ق�ضا ؤ�ه‬
‫والتكفري عنه‪ .‬أ� ّم��ا �إذا مل تعلم بانقطاع الدم احل��ادث لي ًال � إ َّال بعد طلوع الفجر مل‬
‫ي�ضرها ذلك وعليها أ�ن تنوي ال�صيام وي�صح منها‪ ،‬وكذا لو علمت بالنقاء ون�سيت‬
‫حكم فعل املفطرات دون تعمد‬ ‫االغت�سال منه‪ .‬و�إن كان احلدث هو اال�ستحا�ضة الكربى أ�و املتو�سطة ف�إنه ال تتوقف‬
‫‪-‬يف حال ارتكب ال�صائم �إحدى املفطرات دون عمد‪ ،‬فما حكم �صيامه؟‬ ‫�صحة ال�صوم من امل�ستحا�ضة ب أ�حدهما على االغت�سال منه لي ًال قبل طلوع الفجر‪ ،‬كما‬
‫‪� -‬إمنا يبطل ال�صوم �إذا فعل ال�صائم املفطرات عامل ًا متعمد ًا‪ ،‬ونريد بالعامل العارفَ‬ ‫التيان بها من باب االحتياط‬ ‫ال تتوقف على أالغ�سال النهارية‪ ،‬و�إن كان أالجدر باملر أ�ة إ‬
‫الحتقان‬ ‫ب أ�نَّ ما يتناوله من املفطرات‪ ،‬فمن كان جاه ًال ـ عن ق�صور ـ ب أ�نَّ اجلماع أ�و إ‬ ‫اال�ستحبابي امل ؤ�كد‪.‬‬
‫باملائع مفطر فتناوله معتقد ًا عدم مفطريته مل يفطر به‪ ،‬كذلك ال يفطر من كان معتقد ًا‬ ‫م�س امليت لي ًال ف�إنه ال يجب عليه االغت�سال منه قبل طلوع‬ ‫أ� ّما �إذا كان احلدث أالكرب هو ّ‬
‫أ�نَّ ما يف احلقنة جامد فاحتقن به فظهر أ�نه مائع‪ .‬ف�إن كان اجلهل باملفطرية نا�شئ ًا‬ ‫الفجر‪ ،‬وال يبطل ال�صوم برتكه‪.‬‬
‫عن التق�صري ف�إنه يفطر من يتناوله‪ ،‬وكذلك يفطر ال�صائم يف �صورة ما لو كان ِّ‬
‫املفطر‬ ‫و أ� ّما �إذا كان احلدث هو اجلنابة لي ًال يف حالة اليقظة باجلماع وغريه ف�إنَّ أالحوط‬
‫حرام ًا وكان عامل ًا بحرمته ف�إنه يفطر به اجلاهل ولو عن ق�صور‪.‬‬ ‫وجوب ًا للجنب أ�ن يغت�سل قبل طلوع الفجر‪ ،‬ف�إن طلع الفجر عليه وقد تعمد البقاء بدون‬
‫ونريد بالتع ّمد حالة االلتفات والوعي عند القيام بالعمل‪ ،‬وذلك يف مقابل غري القا�صد‬ ‫غ�سل وا�صل �صومه وق�ضاه فيما بعد وكفر عنه على أالحوط وجوب ًا‪.‬‬
‫املتعم ُد من أ�فطر لعذ ٍر كاملر�ض والتقية‪،‬‬‫وال امللتفت‪ ،‬لغفلة منه و�سهو أ�و ن�سيان‪ ،‬في�شم ُل ِّ‬ ‫كما ال يجوز للجنب على أالحوط أ�ن ينام وهو غري نا ٍو لالغت�سال قبل الفجر‪ ،‬ف�إن نام‬
‫كما ي�شمل املتع ّمد من أ�فطر جتر ؤ� ًا وع�صيان ًا للهّ تعاىل‪ .‬أ� ّما املك َر ُه على تناول املفطر‬ ‫كذلك وا�ستمر به النوم حتى طلع الفجر ع ّد متعمد ًا للبقاء على اجلنابة‪ ،‬نعم يجوز له‬
‫دخل الطعام‬ ‫الكراه ف أ�خذ املفطر بيده وتناوله ف�إنه يفطر به‪ ،‬و�إن أُ� ِ‬ ‫ف�إنه �إن خ�ضع لذلك إ‬ ‫النوم قبل االغت�سال �إذا كان من عادته اال�ستيقاظ قبل الفجر أ�و َو َ�ض َع منبه ًا ُيوقظه‪،‬‬
‫ً‬
‫ف�سه ف�إبتلعه ال�صائم قهرا عنه مل يفطر به‪ .‬وعلى هذا ف�إنَّ ال�سهو ال‬ ‫املكر ِه َن ِ‬
‫يف فمه بيد ِ‬ ‫ف�إن �صادف أ�نه مل ي�ستيقظ رغم ذلك �صام وال �شيء عليه‪.‬‬
‫ال�صوم ممن دخل املفط ُر يف جوفه فج� ًةأ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬
‫ال�صوم بجمي َع �نواعه‪ ،‬وكذلك ال يبطل‬ ‫َ‬ ‫بط ُل‬
‫ُي ِ‬ ‫ال�ستيقاظ فنام ُث َّم ا�ستيقظ ثانية مل يجز له النوم مرة ثانية على‬ ‫َومنْ كان من عادته إ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫من دون توقع‪ ،‬ومنه ما �إذا �دخل املاء يف فمه لتنظيفه �و من �جل امل�ضم�ضة للو�ضوء‪،‬‬ ‫أالحوط � إ َّال �إذا اطم أ�ن لال�ستيقاظ قبل الفجر‪ ،‬ف�إذا عاد فا�ستيقظ ُث َّم نام ثالثة معتمد ًا‬
‫ولكن ال ب أ��س باالحتياط بالق�ضاء فيما بعد يف �صورة ما �إذا مل يكن �إدخال املاء �إىل الفم‬ ‫على أ�نه �سيتنبه ويغت�سل قبل الفجر فا�ستمر به النوم �إىل ما بعد الفجر‪ ،‬ف�إنَّ عليه‬
‫من أ�جل امل�ضم�ضة لو�ضوء ال�صالة خا�صة‪.‬‬ ‫موا�صلة ال�صوم والق�ضاء بعد ذلك على أالحوط وجوب ًا من دون كفارة‪.‬‬
‫هذا ك ّله ملن كان عامل ًا بوجوب ال�صوم عليه‪ ،‬أ� ّما اجلاهل ب أ��صل وجوب ال�صوم عليه‬ ‫هذا ك ّله حكم من أ�جنب يف حالة اليقظة باجلماع ونحوه‪ ،‬أ� ّما �إذا أ�جنب با إلحتالم‬
‫ف�إنه يجب عليه ق�ضاء ما مل ي�صمه من أاليام ب�سبب هذا اجلهل احلا�صل عن ق�صور‬ ‫يف حالة النوم ومل ي�ستيقظ حتى طلع الفجر ف�إنه ي�صوم وال �شيء عليه‪ ،‬و�إن كان قد‬
‫أ�و تق�صري‪.‬‬ ‫ا�ستيقظ قبل طلوع الفجر من نومه الذي احتلم فيه مل يجز له النوم على أالحوط وجوب ًا‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪13‬‬
‫من ر�سائل الأحبّة‬
‫بحب‪..‬‬
‫«أيها األحبة»‪ ..‬هكذا كان السيّد يخاطب املؤمنني‪ ،‬وكل الناس الذين بادلوه حب ًا ّ‬
‫سيلٌ من الرسائل والكلمات وصلت إلينا‪ ،‬حتمل في طياتها مشاعر احلب والوفاء ‪..‬في ما يلي ننشر جانب ًا من هذه الرسائل‬
‫املضمخةً بأريج احلب‪ ،‬وصدق املشاعر وطهر الوجدان‪..‬‬

‫وداع ًا لرجل االنفتاح واالعتدال‬ ‫مفجو ٌع بغيابك‪...‬يا �سيدي‬


‫وداع ًا لل�سيد‪..‬‬
‫وداع ًا لرجل االنفتاح واالعتدال واحل�ضارة بافكاره النرية‪،‬‬
‫�ضرب التع�صب واحلقد‪ ،‬قرب بني املذاهب‪،‬‬
‫ودع��ا اىل نبذ اال�صولية وهو القائل «ان االختالف يف املذاهب اليعني تكفري‬
‫آالخرين»‬
‫هو رجل متيز بالعقل املتنور واملنفتح ‪� ،‬ستفتقده االمة‪ ،‬مفكر ًا ومعلم ًا وحماورا‪ً.‬‬
‫ال�سالمية‪ ،‬و�صوت ًا مدوي ًا من أ�جل ن�صرة‬ ‫وداعي ًا من طالئع الدعاة �إىل الوحدة إ‬
‫ق�ضايا احلق والعدالة ومقاومة الظلم والعدوان‪.‬‬
‫خمل�ص يف تفكريه كان متفهم ًا ومعمق ًا لكل املواقف رحيم ًا يف قراراته‪.‬‬
‫م ؤ�من ًا ب أ�ن االن�سان يجب عليه احرتام اخاه يف االن�سانية‪.‬‬
‫ومن اقواله امل أ�ثورة ‪:‬‬
‫ان�سانيتنا هي ان نعي�ش �إن�سانية آالخر القائمة على العدل واحلق‪ .‬هذه هو العالمة‬
‫املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل باخت�صار ‪�...‬سريتك العطرة �سيفوح عطرها‬
‫بني ال�شرفاء والعظماء وداع ًا يا �سيد أالخالق والنبل وداع ًا ‪...‬‬ ‫�سيدي أ�با علي‪...‬‬
‫محمد ع‪ .‬درويش‬ ‫ل�ستُ أ�دري كيف أ�بد أ� حزنَ كلماتي ‪ ..‬على أ�عتاب �سطر حياتك أالخري؟!‬
‫ول�ستُ أ�دري من أ�ين تبد أ� رحلة الوقوف بني يدي رحيلك الفاجع املهيب‪..‬؟!‬
‫لي�س للموت �إليه‬ ‫فعل عطاءٍ ‪َ ..‬‬ ‫متل احليا َة َ‬‫كيف ميكن للكلمات أ�ن تقولك مرثي ًا و أ�نت أ‬
‫تتوقف عندك الكلمات‬ ‫�سبيل‪..‬؟!‬
‫الغائب‪ ،‬أ�و غيابك –‬ ‫ُ‬ ‫ح�ضورك –‬ ‫َ‬ ‫وكيف ميكن تخيل حجم ال��ف��راغ ال��ذي �سيرتكه‬
‫فقدناك يا �سيدي ونحن ب أ�م�س احلاجة اليك‪..‬تبكيك قلوبنا دم ًا‪..‬وتنعاك منا‬ ‫احلا�ضر‪..‬؟!‬
‫اجلوارح‪..‬وترتع�ش منا أالحا�سي�س‪...‬لقد أ�م�سينا يتامى فكر يا �سيدي و أ�نت تغادر‬ ‫والقلوب والعقول‪ !!..‬كنتَ لنا نحن حمبيك وعاريف‬ ‫ِ‬ ‫فقد كنتَ ِمل َء أال�سما ِع أ‬
‫والب�صارِ‪..‬‬
‫مع غروب ال�شم�س‪...‬الزلنا �صغار وعي نحنو لهامتك العظيمة‪..‬‬ ‫ومودتك‪ ...‬كنتَ لنا أ�ب ًا و أ�خ ًا و�صديق ًا‪ ..‬قبل أ�ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وعطفك‬ ‫ف�ضلك واملتفيئني ِظ َّل َ‬
‫حبك‬
‫�سيدي تتوقف عندك الكلمات‪...‬وي أ�بى العقل أ�ن ي�سرب عمق عينيك اخلا�شعتني‪...‬‬ ‫فيك َك َّل مامل جنده لدى آالخرين ‪ ..‬وقد‬ ‫تكون ُمعلم ًا و أ��ستاذ ًا ومرجعا‪ !...‬وقد وجدنا َ‬
‫وتتهادى عند �سنا نورك العربات‪....‬كنت بابنا احل�صني نلج أ� أ�ليه اذا أ�لتطمت‬ ‫عذب‬ ‫�ضفاف واحتك الغ ّناء‪ ..‬فكان ُ‬ ‫ِ‬ ‫�ساقتنا أ�قدار النفي والغربة ومطاردة اجلالدين �إىل‬
‫فينا أ�مواج الفنت وال�ضالل‪..‬فكنت �سفينة الفكر‪..‬ثم النجاة‪...‬اىل حيث �إ�سالمنا‬ ‫والرتاب عن جبهات‬ ‫َ‬ ‫مت�سح الد ّم‬‫مائها �شفا ًء ألالم نفو�سنا‪ ..‬وكانت َيد َُك أالبوي ُة احلاني ُة ُ‬
‫العزيز‪..‬البعيد عن أ�حالم الواهمني‪..‬وثغاء املتخلفني‪..‬ولذلك حاربوك فكنت‬ ‫بالفجر‬
‫ِ‬ ‫الواعد‬
‫ِ‬ ‫جراحنا‪ ..‬وكنتَ تن�ش ُد للمتعبني من طول الهجرة واملطاردة‪ ،‬أ�نا�شيدَ ال ِ‬
‫مل‬ ‫أ‬
‫املنت�صر من خالل ما رعف به عظيم فكرك‪...‬‬ ‫ن�سان‪ ..‬أ�نا�شيدَ‬
‫ال ِ‬ ‫باحلب والوفا ِء وكرامة إ‬ ‫ِ‬ ‫القادم على �صهو ِة الر�سال ِة ال�سماوي ِة امل�ضخمة‬
‫فرحمك اهلل يا �سيدي و أ�ن��ت ت��زف اىل علياء اخللود حيث �آبائك ال�ب�ررة‪....‬‬ ‫َ‬
‫قبل قلمك‪ ..‬وترتلها نظرات عينك قبل �شفاهك‪..‬‬ ‫قلبك احلاين َ‬ ‫ي�صوغها َ‬
‫و�إ�سرتحت من كل ما أ�ثقلك حمله‪...‬والذي أ�و�صلته لنا بعظيم �صربك‪..‬‬ ‫الفرا�ش‬
‫ٍ‬ ‫كلماتك َ‬
‫قبل‬ ‫َ‬ ‫عذب‬
‫رحابك‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫تفر�ش ألمثالنا الغرباء ‪ ،‬وهم يتجهونَ �إىل‬ ‫ُ‬ ‫كنتَ‬
‫�سيدي ابا علي ‪...‬ال تفي الكلمات حقك‪..‬وال الرياع مقامك‪..‬والالدموع حرارة‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الذي تط�وه �قدامهم‪ ..‬وكنت تفتح قلبك على م�صراعيه ل�ستقبالهم‪ ،‬قبل �ن تفتح‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫فقدك‪.‬‬ ‫ذراعيك لت�ضمهم بني حناياك‪ ..‬ول�سانُ حالك الناطق ي�صرخ‪ ..‬أ�يها املتعبونَ هل ّموا‬
‫علي الفضلي‪ -‬الدامنرك‬ ‫والمان‪� ..‬إنني أ�حبكم لوج ِه اهلل‪ ..‬لوجهه فقط‪ ..‬ال أ�ريد‬ ‫احلب والرحمة أ‬ ‫يل‪� ..‬إىل واحة ٍّ‬ ‫�إ َ‬
‫منكم جزا ًء وال �شكورا‪!..‬‬
‫سيدي أبا علي‪:‬‬
‫�سنجعل ُ‬
‫اجلمعات ليلة قدرنا‬ ‫الن�سان‬‫الن�سان إ‬ ‫أ�يها ال�سيد ال�سيد‪ ..‬أ�يها إ‬
‫ريا با إل�شارة �إىل فكرك وعلمك على عظمتهما ‪ ..‬فلذلك رجاله املخت�صون‪..‬‬ ‫ل�ستُ معني ًا كث ُ‬
‫دمعـتـي‬ ‫ِم��ـ��ن ح��ـ�� ِّره��ـ��ا َج��ـ��ف��ـَّ ْ��ت م آ���ق��ـ��ي ْ‬ ‫خطـف ْـت مـنايـا ال��ـ��غ��ـ��د ِر َم��ـ��رج��ـ�� َع أ� َّم��ـ��ت��ي‬ ‫الن�ساين الرائع‪ ..‬بحبك للنا�س‪ ..‬باحرتامك‬ ‫ريا جد ًا بخلقك إ‬ ‫ريا وكث ً‬ ‫معني كث ً‬ ‫ولكنني ٌ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫للجميع‪ ..‬وبعفوك و�سماحتك عمن ي�سيئون �إليك‪ ..‬وتلك هي �خالق �جدادك العظماء‬
‫�����وم ال��ـ��ط��ـ ِّ��ف ���ص��ارب��ـِ َ��ح��ارت��ـ��ي‬ ‫ف���ك أ����نَّ ي َ‬ ‫��دل ال��ـ��دم��ـ��وع ِ ل��ـ��ذا بـكـيـت َـ ُه ِم��ـ��ن دمــي‬ ‫ب��ـ َ‬
‫وح ْ�شـرتي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫واله��م من كل ذلك قربك من أ�بنائك ومريديك وحمبيك‪...‬‬ ‫من أ�ئمة أ�هل البيت‪ ..‬أ‬
‫ل��نْ ت��ـُ��رد ََم��ـ��نْ قـبل ال��ظ��ـُ��ه��و ِر َ‬ ‫و���ص��ـ��ن��ع��ـ ِ��ت ف��ـ��ي ال����س�ل�ام ِ �ع��ـ��ظ��ـ َ��م ثـلـم ٍة‬ ‫َ‬ ‫عي�شكم معهم‪ ..‬و أ�نفتاحك عليهم‪ ..‬وتوا�صلك معهم‪ ..‬وتفقدك لهم‪ ...‬وتلك هي وا ِ‬
‫هلل‬
‫ـح�ساب ي��ك��ونُ ُم��ـ��ب��ـْ ِ��رى َء ذ َّمـتـي‬ ‫ِ‬ ‫ي��وم ال‬ ‫غـ َّيـبـ َـت ي��ـ��ا َم��ـ��ل��ـ َ��ك الـمـن ـي ِّـ ِة َم��ـ��ن ه ـ َو‬ ‫الهم الر�سايل العظيم‪..‬‬ ‫�صحاب الر�ساالت وحملة ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُخلقُ أالنبياء و أ�‬
‫الل���ـ��� ِه ب��ـِ��� ُ��س��ـ��ن��ـَّ��ـ�� ٍة و بـِ�شـيعـتـي‬ ‫ف��ـ��� ُ‬
‫��ض��ل إ‬ ‫فـعـز ؤا�نـا ال��ـ��زه��ـ��را َء بـاابـن ِ ُح َـ�سـيـنها‬ ‫الن�����س��ان العظيم‪ ..‬واملفكر العظيم واملرجع‬ ‫هلل �يها ال�سيد العظيم و إ‬ ‫أ‬ ‫��اب ا ِ‬ ‫�إىل رح ِ‬
‫ع��ـ�لا م��ـ��ة َ الـ ُعـلـمـاء ِ ك��ـ��انَ و�سـيـلـتــي‬ ‫ونـَعـ ـيــتُ ِلـلـعـِلـم ِ و أ�ه��ـ��ـ��ل��ـِ��ـ�� ِه �س ـ ِّيــدً ا‬ ‫العظيم‪..‬‬
‫ِح��ـ�����ص��ـ��نَ أ�ب��ـ��ي ل��ـ��ه��ـ ٍ��ب وزا َد بـالغ ـتـي‬ ‫دك ب ِـعـِلـم ـ ِه‬ ‫ك��ـ ْ��م ع��ـ��ا ِل��ـ�� ًم��ـ��ا َع ـ َّم ـمـ َـت َّ‬ ‫اجلنان ف�سيحات منازلها‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لك‬
‫ر������ض ال��ع��ـ��راق ِب��ـِ��دارت��ـ��ي‬ ‫���ص���ارت ب��ـ�� ِه أ� ُ‬
‫� ْ‬ ‫ف��ـ��ب��ـ��م��ـ�����س��ج��ـ ِ��د أالط��ه��ـ��ا ِر � ُ��س��ج��ـِّ��ـ َ��ي طاهــر‬ ‫والمل‬ ‫وال�سلوان أ‬‫ُ‬ ‫لنا الت�صرب‬
‫���راب الر�������ض ِ ح��ـ��ت��ـ��ى َجـن َّـتـي‬ ‫أ‬ ‫ك��ـ�� َّل ت���ـ ِ‬ ‫وب���ـ��� ِه ال��ـ��ث��ـَّ��رى ق��ـ��د ط��ـ��ا َب ح��ـ��ت��ى ط��ـ��ي��ـَّ َ��ب‬ ‫بكيك فالبكاء عقيم‬ ‫ل�ستُ أ� َ‬
‫أ‬
‫ي�ضا خطـي ُـب � ِئـ َّمـتـي‬ ‫أ‬
‫ـطاب َم��نْ � ً‬ ‫وخ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ق��ـ��د �آز َر الـنـ�صـ َر الـمـب ـيــنَ ُدع��ـ��ـ��ا ُ ؤ� ُه‬ ‫أ� َو ُيبكى يف العاملني العظي ُم‬
‫بكيك يا دلي َل متي ٍه‬ ‫ل�ستُ أ� َ‬
‫���ال دونَ قـراءتـي‬ ‫كالـقـَطـْ ِر فـيها ح َ‬ ‫َب��ـ��ك��ت ِ ال ُّـ�سـطـو ُرعـلـي ِه أ�د ُم���ـ��� َع ِحـ ْبــرها‬ ‫ترتاءى مبقلتي ِه النجو ُم‬
‫و�إىل كـتـابـِ َك جـالـِ ٌ�س ل ِـقـي َ‬
‫ـام ـتــي‬ ‫فـمِ ـن الـكـتاب ِ جـعـل َـت خ َريجلـي ِـ�سـنـا‬ ‫وفناراً أ��ضا َء بح َر حيا ٍة‬
‫ع��ـ��نْ روح ِ َم����نْ ف��ـ��ت��ـْ��وا ُه ك��ان ْ��ت ُح َّجـتـي‬ ‫ـاب َمـجـالـِ ً�سـا‬ ‫و أ�ق ـمـتُ فـي دا ِر الـكـت ِ‬ ‫حللو ُم‬ ‫و�سيبقى ت أ�وي �إليه ا ُ‬
‫ع��ـ��نْ َم�سمعي ك��ي ال َي��غ��ـ��ي��ـ َ��ب و ُمـقـلـتي‬ ‫��ات لـيـلة ق��ـَ ْ��د ِرن��ـ��ا‬ ‫و �سنجع ُـل ال��ـ ُ��ج��ـ�� ُم��ع��ـ ِ‬ ‫رثيك بل أ�تيت ألرثي‬ ‫ل�ستُ أ� َ‬
‫ُيت َم أ�حالمنا‪� ..‬إذ ي�ضي ُع اليتي ُم‬
‫د‪.‬علي فواز‬ ‫مصطفى املهاجر ‪ -‬برزبن‪ /‬أستراليا‬
‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫مُ حيي الطفوف‬
‫عدنان لطيف احللّي‬

‫يكـفـي اجلـهاد فـق ْـد َبلغ َـت مـ آ�بـا‬ ‫ن��ـ��ادى احلـ�سيـنُ حم��م��د ًا فاجـابــا‬

‫ـومنـا وكـتـابـا‬
‫يـامـنْ ن�شـرتَ عـل َ‬ ‫��دم لـنـا مـاكـن َـت عـنـا مـبـعــد ًا‬
‫اق��ـ ْ‬
‫تبني الق�صـو َر ‪ ,‬تهيئ االرطـابـا‬ ‫ـدم فهـذي (البينـات) ت�سـابـق ْـت‬
‫اق ْ‬
‫َ‬
‫الطفوف �صحابا‬ ‫ج��ا َء ال��ذي ُيحيي‬ ‫ِّ‬
‫الطف زاح َـم جـنـة ً‬ ‫ـدم فـبعـ�ض‬
‫اق ْ‬
‫وك��ـ��ذا الـتـديـن ا�سـق َـط اجلـلـبـابـا‬ ‫��وب املوقـنيـنَ لـفـقـدك ْـم‬
‫ثلمت ق��ل��ـ ُ‬
‫ْ‬

‫رح��ـ َ��ل ال��ـ��ذي � َ��س��ـ��نَّ العـل َ‬


‫ـوم وغـا َبـا‬ ‫��اك وال��ـ��ـ��درو� ُ��س يـتـيـمـة ٌ‬
‫الـديـنُ ب��ـ ٍ‬
‫ت��ه��دي الع َ‬
‫ـقول وجتـمـ ُع االحبـا َبـا‬ ‫ـنت نهجـ ًا طـافـحـ ًا لـمحـم ٍـد‬
‫قـد ك َ‬
‫ام فـت ـنـ ٌة ق ـب َـل الـظـهـو ِر انـابـَا‬ ‫اي ـ ٍـه اب��ـ��ا حـ�س ٍـن ات ــلك مـالحـ ـ ٌم‬
‫ـرب االغـرا َبـا‬
‫ه ــذي الغــريُ تُـق ُ‬ ‫ـول تـَغـ ــرب ـ ًا � إ ّالك��ـ��ـ��ـ ُ��م‬
‫كـ ـ ـ ٌّل يـ ـقـ ُ‬
‫ـام‪ ،‬وعــال ٍـم أل�شـاب ـَا‬
‫ف َـق ْـ ُد االم ـ ِ‬ ‫ُ‬
‫االف��ل�اك وه َ���ي و�سيعـة‬ ‫���ض��اق ْ��ت بنا‬
‫حـتى غ��ـ��دا ه��ـ ُ‬
‫��ول الـطـغـا ِة تُـرابـَا‬ ‫يا َمـنْ ا�ضـفـت ْـم للجـهـا ِد ح ــالوة ً‬
‫عـنـدَ احلـبـي ِـب مـكـرمـ ًا ومهـابـَـا‬ ‫البا�سقات مقـامـك ْـم‬
‫ِ‬ ‫ـنان‬
‫ف��اىل اجل ِ‬
‫ِم��ـ��نْ خـيـب ٍـر ك��ي تُ�سقط االن�صابـا‬ ‫وتـ�سـابـقُ ال ـخ ِ‬
‫ـالن ُيـذك ْـي َج��ـ��ذوة ً‬
‫تـرجـو الر�ضـا مـِنْ ر ِّبك ْـم فاثـا َبـا‬ ‫ـارم‬ ‫ف��اىل اجلـنان وت��ل َ��ك ُ‬
‫بع�ض مك ٍ‬
‫ع��ـ��ن��ـ��دَ احل�����س�ين ت�����ش��رف�� ًا وخطابـا‬ ‫يرمتي‬
‫ْ‬ ‫اخلم�س ع��م��ر ًا‬
‫ِ‬ ‫�سبعونَ بعدَ‬
‫بغداد – ‪2010/7/6‬‬
‫لـك ـن ـ ُه داعـ ـ ْـي إ‬
‫الل��ـ��ـ��ـ��ه اجــاب ــا‬ ‫�إن��ـَّ��ـ��ا ف ـق ــدنـا ن��ـ��ـ��ـ��و َر ُه ِم��ـ��نْ ُمـقـلـ ٍة‬

‫يا ف�ضل ربّي على الكائنات‬


‫و أ�ن�����ت ال����ذي يف ح��ن��اي��ا ال��ق��ل��وب ت��دن��دن ب��ا���س��م��ك ���ص��ب��ح� ًا وظ��ه��را‬ ‫د‪.‬ها�شم يو�سف نورالدين‬

‫ت���ل��� ألت جم�����د ًا ون�����ص��را‬


‫أ‬ ‫ف��ف��ي��ه��ا‬ ‫ك�����ل آ�نٍ‬
‫ّ‬ ‫ول����ي��ل� ًا وف�����ج�����ر ًا ويف‬ ‫ون�������ور ًا ت��غ��ل��غ��ل��تَ ف��ي��ن��ا وف��ج��را‬ ‫�دت ق��ل��ب � ًا وع���ق� ً‬
‫ل�ا وف��ك��را‬ ‫ت�����س � ّي� َ‬
‫تلوح ح�سام ًا ويف الو�صل ج�سرا‬ ‫و أ�ن������ت ال�����س��ك��ي��ن��ة يف امل��ك��رب��ات‬ ‫��ي أ�م���������� ّ‬
‫اين ع��م��را‬ ‫ف��ف�����ض� ٌ�ل م���ن اهلل أ�ن����ت وع�����ش� ٌ�ق‬
‫ي����زي����د ����س���ن� ّ‬
‫وك��م ع�شت فينا �شموخ ًا وفخرا‬ ‫ف��ك��م ك��ن��ت ف��ي��ن��ا �إم����ام���� ًا و أ� ّم������ ًا‬ ‫ي����ك����اد ب���غ�ي�ر ف�����رات�����ك ي���ف���رى‬ ‫��ر‬ ‫و أ�ن�������ت رب���ي���ع ق����ل� ٍ‬
‫���وب وع���م� ٍ‬
‫ويف ظ��ل��م��ة ال��ل��ي��ل جن��م � ًا وب���درا‬ ‫وك��م كنت يف ال�صبح �شم� ًسا ت�ش ّع‬ ‫و أ�ن����ت ال�����ص��واب و أ�ن����ت الكتاب‬
‫و أ�ن�����ت إ‬
‫الم������ام ول��ل��ح��قّ م�����س��رى‬
‫وك����م ك��ن��ت يف ن���ائ���ب���ات ال���زم���ان جت����وب ���س��م��ان��ا ع���ق���اب��� ًا ون�����س��را‬ ‫لقي�صر‪ ..‬وك�سرى‬ ‫و أ�ن���ت ال��ن��ب� ّ�ي‬ ‫و أ�ن����ت احل�����س�ين بع�صر الطغاة‬
‫ْ‬
‫ف��ي��ا ف�����ض��ل ر ّب����ي ع��ل��ى ال��ك��ائ��ن��ات وع��ل��م � ًا وج������ود ًا و أ�ن�������س��� ًا وط��ه��را‬ ‫و ُي��ق�����ص��ي ل��ئ��ام � ًا أ�رادوه غ���درا‬ ‫و أ�ن������ت ع���ل� ٌّ‬
‫��ي ي�����ص � ّل��ي و ُي�����س��ل��م‬
‫الم�������ان أ‬
‫الم�������اينُّ ب� رْ‬
‫ْت�را‬ ‫ودون أ‬ ‫ب���ك���اك ال����زم����ان ف��ف��ي��ك أ‬
‫الم�����ان‬ ‫زرع�����ت ف��� أ�ن���ب���تَّ ورد ًا وزه����را‬ ‫و أ�ن����ت ال���ذي م��ن ق���دمي ال��زم��ان‬
‫ب��ف��ك��ر م�����ش�� ّع ٍ وع��ق� ٍ�ل ب��ه ال��ع��ق� ُ�ل ي�سمو وي�ْث�رْ ى‬
‫ٍ‬ ‫وو�����ص� ُ‬
‫���ل احل���ي���اة‬ ‫ت�����س��ي��ل ال���ع���ي���ون ب���ح��� ّب���ك ن��ه��را‬ ‫و أ�ن����ت ال����ذي يف م ��آق��ي ال��ع��ي��ون‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫‪15‬‬
‫على �ضفاف الوداع‬
‫املل أالعلى الذين تتعانق أ�رواحهم‬ ‫ر ؤ�و�س الداعني وامل�ص ّلني نوافذها على أ‬ ‫نقرتب �شيئ ًا ف�شيئ ًا من وداع �شهر اهلل‪ ،‬والنف�س ال تزال حريى يف الطريق‬
‫وهم ي�ستمعون �إىل الذي ت��ر ّوح يف عمق �إن�سان ّيته‪ ،‬يدعو حتّى يختفي يف‬ ‫الذي ت�سلك‪ ،‬ويف الزاد الذي حتمل‪ ،‬ويف اخلطوات التي تخطو‪ ..‬ولي�ست‬
‫غيابات الع�شق للمعبود وحدَ ه ال �شريك له‪..‬‬ ‫تدري موقعها من اهلل؛ هل اقرتبت �إليه أ�كرث‪ ،‬أ� ّم أ� ّنها ال تزال تبتعد عنه‬
‫حتنّ �آذاننا والقلوب �إليك و�صوتُك مع ك ّل فقرة من دعاء « أ�بي حمزة»‪ ،‬ومع‬ ‫ك ّلما اقرتب العمر من نهايته!‬
‫ك ّل جملة من دعاء «التوبة»‪ ،‬وك أ� ّنك أ�نت الدعاء يا من حياتُك ك ّلها كانت‬ ‫هكذا هي أال ّيام‪ ،‬ت أ�تيك ب�شارتها وهي قادمة �إليك‪ ،‬فت�ش ّمر �ساعدك للعمل‪،‬‬
‫دعا ًء يرتافق �صداه يف مدى أالجيال آالتية‪..‬‬ ‫و�إذا بك تقف يف منت�صف الزمن‪ ،‬وقد م�ضى ب�سرعة‪� ،‬آخذ ًا معه الكثري‬
‫افتقدك �شهر رم�ضان‪ ،‬و أ�نت ح ّركت فيه الزمن حتّى مل يق َو على اللحاق‬ ‫من الفر�ص ال�سانحة لغ�سل القلوب ال�صدئة مباء املناجاة‪ ،‬وتطهري النفو�س‬
‫كنت دليلها �إىل اهلل‪ ،‬يف ليلة القدر‪..‬‬ ‫بك‪ ،‬وتفتقدك النفو�س التي َ‬ ‫يف حمراب ال�صالة‪ ،‬وت أ��صيل الفكر ب آ�يات الكتاب‪ ،‬وتخفيف الهموم بطول‬
‫غت توحيدها ب أ��صالة فكرك النابع «م��ن وحي‬ ‫ولك ّنها النفو�س التي ُ�ص َ‬ ‫ال�سجود‪..‬‬
‫القر�آن»‪ ،‬وب أ�ن�س املح ّبة هلل التي حت ّلق يف «�آفاق الروح»‪ ،‬هي النفو�س التي‬ ‫وهكذا بد أ�نا نقرتب من ليلة القدر التي أ�خفى اهلل زمانها ع ّنا‪� ،‬إغرا ًء لنا‬
‫تلتقيك عندما تتلو القر�آن يف خطوط احلياة‪ ،‬وعندما تخ�شع يف املناجاة‬ ‫بالتعوي�ض ع ّما فات‪ ،‬والتز ّود من حلظاتها الروح ّية املك ّثفة‪ ،‬وقد ّميمنا‬
‫النبوي بني النا�س‪..‬‬‫ّ‬ ‫خل ُلق‬
‫بني يدي اهلل‪ ،‬وعندما ت�سمو با ُ‬ ‫وجوهنا نحو حم��راب ال�لازم��ان‪ ،‬حيث حت ّلق ال��روح �إىل أ�بعد من هذا‬
‫امتلت بكلماتك م�سام ُع الزمن‪ ،‬تدعو �إىل اهلل بعيد ًا‬ ‫ولك ّنك اليوم وقد أ‬ ‫لهي‪،‬‬
‫ال ّ‬ ‫الكون‪ ،‬لتلتحم بجزيئات النور الذي ينعك�س على بحرية الع�شق إ‬
‫وتخطط للم�سرية حتمل �شعلتها أالجيال التي مل تفهمك �إال‬ ‫عن أ� ّي ذات ّية‪ّ ،‬‬ ‫ح�س الغيب‬ ‫احل�س عن بهرجة الدنيا وزخارفها‪ ،‬ومن ّ‬ ‫مزيج من غيبوبة ّ‬ ‫يف ٍ‬
‫قلي ًال‪ ،‬حا�ض ٌر يف العقل فكر ًا‪ ،‬ويف القلب �شعور ًا ر�سال ّي ًا‪ ،‬ويف الواقع حرك ًة‬ ‫يف قلب ما ّديتنا يف ال�سري نحو اهلل‪ ،‬حمور الكون والوجود‪ ،‬وميزان الفكر‪،‬‬
‫وجهاد ًا يف �سبيل اهلل‪..‬‬ ‫والحا�سي�س‪..‬‬ ‫ونب�ض امل�شاعر أ‬
‫بلغت ال�شوط ـ �س ّيدي‪ ،‬ويحلو يل أ�ن أ�ناديك‪ :‬أ�بي ـ وقد َ‬
‫نظمت‬ ‫ظ ّننا أ� ّنك قد َ‬ ‫امل�ستقبلي‪ ،‬وتثبيت‬
‫ّ‬ ‫هي ُفر�صة �آتية قد تع َّو�ض أ�بد ًا‪ ،‬ودونها م�سار أ�عمارنا‬
‫�شعر ًا �شعا َر حياتك‪:‬‬ ‫الن�س‪..‬‬‫مواقع اخلطى يف قلب التح ّديات التي ت ؤ� ّججها �شياطني اجلنّ و إ‬
‫�إنمّ ا الغاية أ�ن نبلغ يف ال�شوط ر�ضا ُه‬ ‫ترن معه يف امل�سجد جدرا ُنه‪،‬‬ ‫وتنعطف بي الذكرى �إىل �صوت ليلة القدر‪ ،‬مّ‬
‫ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬ ‫وترت ّنح م آ�ذنه‪ ،‬ويب�سط معه املحراب يديه �إىل ال�سماء‪ ،‬وتفتح الق ّبة املظ ّللة‬

‫مكتب سماحة العالمة املرجع‬


‫السيد محمد حسني فضل الله‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد‪ 385‬اجلمعة ‪ 17‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪� 27‬آب ( أ�غ�سط�س ) ‪2010‬م‬


‫الخميس القادم‪:‬‬
‫أول أيام عيد الفطر‬
‫المبارك‬ ‫ليقوم النا�س بالق�سط ‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫ر�س َلنا بالب ّينات و أ�نزل َنا معهم‬
‫لقد أ�ر�سلنا ُ‬
‫عدد ال�صفحات ‪ - 16‬ال�سعر ‪ 500‬ل‪.‬ل‬ ‫‪magazine@bayynat.org.lb‬‬ ‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬ ‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن مكتب الثقافة واالعالم‬

‫وداع �شهر‬
‫رم�ضان‬ ‫القدس و السيد‪:‬‬
‫ص‪6‬‬

‫القضيه والرمز‬
‫في رحاب العيد‬
‫وفرح الطاعة‬
‫ص‪7‬‬
‫قريب ًا نعود �إليكم‪..‬‬
‫على مدى سنوات‪ ،‬كانت «بينات»‬
‫صوت الفكر اإلسالمي‪ ،‬التي تقدم‬
‫اإلسالم احلضاري املنفتح على احلياة‬
‫وعلى الواقع‪ ،‬كما قدمه سماحة‬
‫العالمة املرجع املجدّ د السيد محمد‬
‫حسني فضل الله(رض)‪ ،‬حيث عملت‬
‫على ان تؤدي رسالتها في تقدمي الثقافة‬
‫اإلسالمية للناس بطريقة منسجمة مع‬
‫أصالة اإلسالم وواقع العصر‪ ،‬وتواجه‬
‫أفكار الغلو والتخلف واخلرافة‪ ،‬لتقدم‬
‫املنهج اإلسالمي احلضاري‪.‬‬
‫ومن منطلق سعينا الى تقدمي األفضل‬
‫الى الق ّر اء األحباء‪ ،‬سيتم العمل على‬
‫تطوير «بينات» بالشكل الذي يرضي‬
‫طموحاتكم وتطلعاتكم‪ ،‬لتعود‬
‫إليكم‪ ،‬بعد توقف قصير‪ ،‬في حلّة‬
‫جديدة‪ ،‬مع تغييرات في الشكل‬
‫وموعد الصدور‪ ،‬حيث ستطل‬
‫عليكم مجلة «بينات»‪ ،‬مطلع كل‬
‫شهر‪ ،‬لتستمر في تقدمي رسالتها‪ ،‬وفي‬
‫تواصلها معكم إن شاء الله‪.‬‬
‫كما ستكون «بينات» متوافرة‬
‫أيض ًا في نسخة إلكترونية‪ ،‬عبر‬
‫موقع مستقل سيتم افتتاحه قريبا‬
‫على شبكة اإلنترنت‪ ،‬آملني أن نقدم‬
‫لكم دائم ًا كل جديد‪ ،‬ونستمر في‬
‫حمل مسؤولية الكلمة واملوقف‬
‫اإلسالمي األصيل‪...‬‬
‫فإلى امللتقى القريب ان شاء الله‪...‬‬
‫يف رحابها‪.‬‬ ‫اإلفطار السّ نويّ جلمعيّة املبرّات اخليرية في مدينة بنت جبيل‪:‬‬
‫وبدورها‪ ،‬كانت املدينة الوف ّية له يف ك ّل‬
‫م�سريته الفقه ّية وال�ّت�رّ ب��و ّي��ة وال ّرعائ ّية‬
‫واجل��ه��اد ّي��ة‪ ،‬ه��ذا ال��وف��اء ا ّل���ذي َّ‬
‫جت�سد‬
‫يف �آخر لقاءٍ لها مع �سماحته يف أ�عقاب‬
‫�سيبقى ال�سيد(ر�ض) حا�ضر ًا فينا فكر ًا وجهاد ًا وم�ؤ�سّ �سات‬
‫ين من اجلنوب‪ ،‬وبداية‬ ‫ال�صهيو ّ‬‫االندحار ّ‬ ‫امل�شروع ا ّل��ذي أ�راد له أ�ن يبنى يف هذه‬
‫م�����س�يرة ال�� ّت��ح��ري��ر يف ع���ام ‪ ،2000‬ويف‬ ‫حب‪ ،‬ويف هذا املكان‪ ،‬لتكون‬ ‫املنطقة ا ّلتي أ� ّ‬
‫ك�� ّل ال�� ّل��ق��اءات ا ّل��ت��ي ع�ّب�رّ فيها أ�ه��ل هذه‬ ‫هذه امل ؤ� َّ�س�سة �إ�شراقة خ ٍري يف احلياة‪..‬‬
‫امل��دي��ن��ة واملنطقة ع��ن عمق ال��وف��اء وال‬ ‫أ� ّي��ه��ا أالح�� ّب��ة‪� ..‬إنّ م��ن االع��ت��زاز الكبري‬
‫�شك يف أ� ّنها �ستبقى مع ك ّل‬ ‫يزالون‪ ،‬وال أ� ّ‬ ‫بكم‪ ،‬هذا ال ّلقاء‪ ،‬أل ّنكم قدمتم من أ�جل‬
‫البلدات والقرى املحيطة‪ ،‬بل ك ّل اجلنوب‬ ‫الن�سان‬ ‫الن�سان العزيز الكرمي‪ ،‬من أ�جل إ‬ ‫إ‬
‫احلب والوفاء لل ّراحل‬ ‫الط ّيب‪ ،‬من أ�هل ّ‬ ‫ت�ضج فيه احلياة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن�سان‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫القوي‬
‫ّ‬
‫الكبري‪ ،‬ا ّلذي مل يحمل يف قلبه لك ّل ال ّنا�س‬ ‫ويرف�ض أ�ن ي�ست�سلم أ�و أ�ن مت��وت فيه‬
‫احلب والو ّد والوفاء‪...‬‬ ‫الط ّيبني‪� ،‬إال ّ‬ ‫العزمية‪ ،‬نلتقي من أ�جل أ�ن نبني جمتمع ًا‬
‫امل�س ؤ�ولية كبرية‪:‬‬ ‫الن�سان باالعتزاز بانتمائه �إىل‬ ‫ي�شعر فيه إ‬
‫ؤ‬
‫أ� ّيها أالخوة‪� ..‬إنّ امل�س�ول ّية كبرية‪ ،‬فعلينا‬ ‫البلد ا ّل��ذي يحرتم �إن�سان ّيته‪ ،‬وال �س ّيما‬
‫أ�ن نعمل للوحدة على جميع امل�ستويات‪،‬‬ ‫عندما يكون ال ّلقاء يف رحاب هذه املدينة‪،‬‬
‫ال�سالم ّية‪،‬‬ ‫الوحدة الدّاخل ّية والوطن ّية و إ‬ ‫مدينة بنت جبيل _ عيناثا‪ ،‬وك ّل هذا‬
‫و أ�ن نندفع بك ّل حيو ّية لرنفع كاهل الك�سل‬ ‫املحيط ال��ط�� ّي��ب‪ ،‬م��ن ال��ق��رى وال��ب��ل��دات‬
‫ع َّنا‪ ،‬ولنبد أ� يف مواجهة التحدّي الذي‬ ‫في إطار لقاءاتها وإفطاراتها الرمضانية‪ ،‬أقامت جمعية املبّرات اخليرية‪ ،‬املحيطة‪ ،‬احلا�ضنة لكبار العلماء وا ّلتي‬
‫ارت�سم أ�مامنا على ك ّل ّ‬
‫ال�صعد‪.‬‬ ‫كانت منطلق ًا لهم‪ ...‬و أ�ر�ض اجلهاد وقلعة‬
‫ون��ع��ود �إىل بنت جبيل و�إىل حميطها‪،‬‬ ‫وال�شوكة الدّائمة يف عني العد ّو‪،‬‬ ‫حفل إفطار في ثانوية اإلشراق في مدينة بنت جبيل‪ ،‬بحضور عدد كبير من أالحرار‪ّ ،‬‬
‫ال�شعور بامل�س ؤ�ول ّية التي عا�شها‬ ‫لنجدّد ّ‬ ‫فاعليات املدينة والبلدات املجاورة‪ ،‬وعدد من رؤساء البلديات واملخاتير املدينة ال ّرمز التي أ��صبحت مع أ�خواتها‬
‫�سماحة ال�س ّيد(ر�ض) جتاه هذه البلدة‬ ‫ال�صغري أ‬
‫وال ّم��ة‬ ‫عنوان ًا للعزّة يف الوطن ّ‬ ‫ووجوه اقتصادية واجتماعية وحزبية وتربوية وعسكرية ودينية‪.‬‬
‫واملنطقة‪ ،‬ون ؤ� ّكد مع ًا على اال�ستمرار يف‬ ‫الكبرية‪ ،‬على مدى تاريخها‪ ،‬وال �س ّيما يف‬
‫بناء ه��ذا امل�شروع ومتابعته‪ ،‬فهو حلم‬ ‫للجيال‪ ،‬عام ‪.2006‬‬ ‫كلمة سماحة السيّد علي فضل الله‪ :‬وعيه ا ّلذي أ�ر�سله فكر ًا �صافي ًا أ‬
‫ال�س ّيد‪ ،‬وكان يتابعه حلظ ًة بلحظة‪ ،‬وقد‬ ‫حلب من باب بنت جبيل ندخل جمدّد ًا لنتذ ّكر‬ ‫و أ�ل��ق��ى �سماحة ال�سيد علي ف�ضل اهلل واخل�ي�ر يف قلبه ا ّل���ذي ك��ان وع���ا ًء ّ‬
‫أ�لزم نف�سه القيام بك ّل امل�س ؤ�ول ّيات التي‬ ‫حب هذه‬ ‫كلمة جاء فيها‪ :‬نلتقي أ� ُّيها أالح َّبة‪ ،‬أ� ُّيها ال ّنا�س‪ ،‬بحيث مل يعرف حقد ًا على أ�حد‪ ،‬ال�س ّيد ر�ضوان اهلل عليه‪ ،‬الذي أ� ّ‬
‫حملها على عاتقه أ�مام أ� ّمته‪ ،‬وا ّلتي كان‬ ‫حب عيناثا وك ّل املنطقة‪ ،‬وكان‬ ‫حب ك ّل ال ّنا�س ا ّلذين البلدة كما أ� ّ‬ ‫أالعزَّاء‪ ،‬حتت عنوان اخلري؛ هذه القيمة وال بغ�ضاء ألحد‪ ،‬أ� ّ‬
‫واثق ًا من وفاء هذه أال ّمة لها‪..‬‬ ‫حب حري�ص ًا على أ�ن يكون مع اجلميع يف ك ّل‬ ‫ا َّل��ت��ي أ�ح�� َّب��ه��ا �سماحة ال�����س�� ِّي��د(ر���ض)‪ ،‬التقى معهم‪ ،‬فع ّمق العالقة بهم‪ ،‬و أ� ّ‬
‫�سيبقى ال�س ّيد حا�ضر ًا يف ك ّل ف ٍ‬
‫��رد م ّنا‪،‬‬ ‫ال�صعبة‪ ،‬و أ�ذكر أ� ّنه كان بعد كلّ‬ ‫الظروف ّ‬ ‫ّ‬ ‫لهم‬ ‫لكل حياته‪ ،‬هذه احلياة ا ّل��ذي��ن اختلف معهم‪ ،‬عندما م�� ّد‬ ‫وجعلها عنوان ًا ِّ‬
‫فكر ًا وجهاد ًا وم ؤ� ّ�س�سات‪ ،‬و�سيبقى خطاب‬ ‫اجتياح وعدوانٍ تتع َّر�ض له‪ ،‬كان أ� ّول من‬ ‫احلوار‪.‬‬ ‫ىل‬‫إ‬ ‫�‬ ‫ودعاهم‬ ‫ّوا�صل‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ج�سور‬
‫�سماحة ال�س ّيد ي�تردّد يف وجداننا على‬ ‫ٍ‬ ‫ا ّل��ت��ي مل ي��رد فيها �إال اخل�ير إ‬
‫للن�سان‪،‬‬
‫���ب �سماحته أ�ن يغر�س هذا يفد �إليها‪ ،‬أل ّنها كانت عزيز ًة على قلبه‪،‬‬ ‫الن�سان‪ ،‬بعيد ًا عن هو َّيته وطائفته ول��ذل��ك‪ ،‬أ�ح َّ‬ ‫ِّ‬
‫لكل إ‬
‫مدى أالجيال‪ :‬أ� ّيها أالح ّبة‪ ،‬أ�نتم أالعزّة‬ ‫وحمط هوى ف ؤ���اده‪ ،‬كما كان حا�ضر ًا يف‬ ‫ّ‬ ‫وقوم َّيته ومذهبه ودينه‪ ..‬اخلري يف فكره العنوان‪ ،‬عنوان اخل�ير‪ ،‬يف البلد ا ّل��ذي‬
‫وال�سالم‪..‬‬
‫والح ّبة‪ّ ،‬‬ ‫أ‬
‫والدب واحلوار‬ ‫حب‪ ،‬من خالل �إطالقه كلمة اخلري على ك ّل ميادين الفقه والفكر أ‬ ‫ا ّلذي أ�طلقه حرك ًة يف احلياة‪ ،‬واخلري يف أ� ّ‬

‫أ�ن قوة هذا البلد بقوة م ؤ��س�ساته‪ ،‬و�إذا ما‬ ‫‪ ..‬وحفل إفطار في معروب ‪:‬‬
‫ح�صنا �إن�ساننا بالقدرة والوعي‪ ،‬ميكننا‬
‫المجتمعات القوية تقا�س بقوة �إن�سانها وم�ؤ�س�ساته‬
‫ّ‬
‫ؤ‬
‫عندها مواجهة كل امل���ام��رات والفنت‪،‬‬
‫والت�صدي لها بال�شكل الذي يربك أالعداء‬
‫ويجعلنا يف مواقع القوة ب�شكل دائم‪.‬‬ ‫�شروطه املو�ضوعية‪ ،‬التي انطلقت من‬ ‫أ�قامت جمعية املربات اخلريية حفل �إفطار‬
‫�إننا نعرف أ�ن يف املنطقة تهوي ًال كبري ًا‪،‬‬ ‫الخال�ص هلل تعاىل‬ ‫الرادة احلرة‪ ،‬ومن إ‬ ‫إ‬ ‫الم���ام علي (ع) يف معروب‪-‬‬ ‫يف ثانوية إ‬
‫�لا يف مرحلة ال�ضغوط‬ ‫ألن��ن��ا دخلنا ف��ع ً‬ ‫وال�صرب على املكاره‪ ،‬والدرا�سة الواعية‬ ‫اجلنوب‪ ،‬بح�ضور ر ؤ��ساء بلديات وخماتري‬
‫الكربى‪ ،‬وهي املرحلة التي تت�صاعد فيها‬ ‫املعمقة لنقاط �ضعف العدو‪..‬‬ ‫وفعاليات ووج��وه اقت�صادية واجتماعية‬
‫وترية التهديدات‪ ،‬و�إن هذه املنطقة مقبلة‬ ‫ل��ك��ن م��ا يحفظ ل��ن��ا ه���ذه االن��ت�����ص��ارات‬ ‫وحزبية وتربوية وع�سكرية ودينية‪.‬‬
‫فع ًال على مزيد من املتغريات‪ ،‬وعلينا‬ ‫المي��ان‬‫ويح�صنها‪ ،‬هو أ�ن نحافظ على إ‬ ‫ّ‬ ‫بعد كلمة ترحيب ّية‪ ،‬أ�لقى رئي�س جمعية‬
‫أ�ال ن�سمح لهذه املتغريات أ�ن تزحف �إلينا‬ ‫ب��ك��ل م��ا يعنيه م��ن روح��ي��ه ومي��ث��ل��ه من‬ ‫امل��ب�رات اخل�يري��ة ال��ع�لام��ة ال�سيد علي‬
‫من خالل كل عنا�صر الفتنة التي ُيراد‬ ‫توا�ضع‪ ،‬و أ�ال ن�سمح للدنيا والغرور فيها‬ ‫علي أ�ن‬
‫ف�ضل اهلل كلمة جاء فيها‪« :‬يع ّز ّ‬
‫ال�سالمي‬ ‫�إنتاجها يف طول الواقع العربي و إ‬ ‫ب أ�ن ي أ�كل روحية الن�صر فينا‪ ،‬وعلينا أ�ن‬ ‫أ�قف بينكم‪ ،‬وقد غاب ع ّنا أالب واملر�شد‬
‫وعر�ضه‪..‬‬ ‫نختزن جتاربنا ال�سابقة‪ ،‬لنعمل على‬ ‫��وج��ه وال��راع��ي لهذه امل�سرية الطويلة‬ ‫وامل ِّ‬
‫�إن علينا أ�ن نواجه ذلك كله‪ ،‬كما واجهناه‬ ‫توظيفها يف احلاالت ال�صعبة املماثلة التي‬ ‫امتلت فكر ًا وروح ًا وعم ًال وجهاد ًا‬‫التي أ‬
‫يف ال�سابق‪ ،‬مبزيد من الوحدة والتكاتف‪،‬‬ ‫قد نعي�شها يف امل�ستقبل وخ�صو�ص ًا أ�ن‬ ‫وت�ضحيات لكنّ ع��زاءن��ا أ� ّن��ن��ا جنتمع يف‬
‫ومبزيد من التفاعل مع واقعنا االجتماعي‬ ‫طبول احلرب تقرع من حولنا‪� ،‬سواء على‬ ‫ظ��ل فكره ال��ذي �سيبقى‪ ،‬وعلمه الذين‬
‫امللحة واملع ّقدة‪ ،‬أ�ن ّ‬
‫نتوحد‬ ‫يف كل ق�ضاياه ّ‬ ‫لبنان أ�و �سوريا أ�و �إي��ران‪ ،‬و�إن حت�صني‬ ‫�س ُيحت�ضن م��ن قبل املفكرين والفقهاء‬
‫قوي وبلد عزيز وم�ستقبل‬ ‫من أ�جل �إن�سان ّ‬ ‫�إال من خالل تكامل عنا�صر القوة‪ ،‬ومن‬ ‫جمتمعنا ال يكون �إال عرب التعاون بني كل‬ ‫وال��ع��ل��م��اء‪ ،‬وم���ن خ�ل�ال ه���ذه ال�����ص��روح‬
‫أ�ف�����ض��ل ألب��ن��ائ��ن��ا‪ ،‬أ�ن ن��ك��ون �إىل جانب‬ ‫أ�ه��م عنا�صر القوة‪ ،‬أ�ن نتقن ونطور كل‬ ‫�شرائحه وقطاعاته الفاعلة‪ ،‬ألن �صناعة‬ ‫وامل ؤ��س�سات التي �سيحفظ املجتمع أ�مانتها‬
‫واليتام يف كل حركة امل ؤ��س�سات‬ ‫الفقراء أ‬ ‫النتاج والرعاية يف جمتمعاتنا‪،‬‬ ‫جماالت إ‬ ‫القوة حتتاج دائم ًا اىل حتقق ال�شروط‬ ‫وكل الذين واكبوا م�سريته املباركة‪..‬‬
‫ؤ‬
‫التي حتميهم وترعاهم‪ ،‬ألن ه���الء قد‬ ‫ألن املجتمعات القوية تقا�س بقوة �إن�سانها‬ ‫ال�ضرورية لذلك‪ ،‬ومن أ�هم هذه ال�شروط‪،‬‬ ‫أ�ي��ه��ا أالح��ب��ة‪ ..‬نعي�ش يف ه��ذه أالي���ام يف‬
‫ي�ش ّكلون نقطة �ضعف �إن مل يحت�ضنهم‬ ‫الن�سان‪ ،‬وهذا‬‫وامل ؤ��س�سات التي تبني هذا إ‬ ‫التكافل والتعاون والت�ضامن االجتماعي‪،‬‬ ‫أ�ج��واء ذك��رى االنت�صار على العدو‪ ،‬وهو‬
‫املجتمع ويهتم بهم‪.‬‬ ‫ما كان ي ؤ�كد عليه �سماحة ال�سيد (ر�ض)‬ ‫ألن منعة جمتمعاتنا ال ميكن أ�ن ن ؤ�منها‬ ‫أالم���ر ال��ذي م��ا ك��ان ليتحقق ل��وال توافر‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪2‬‬
‫�ضباب ّية املنطقة ت����زداد غ��م��و���ض�� ًا‪ ،‬مع‬
‫امللف اللّبناني املتوتر في منطقةٍ تزداد غموضاً‪:‬‬
‫ألغاز ّ‬
‫مريكي ـ على ل�سان أ�وباما‬ ‫ال���ص��رار أال ّ‬ ‫إ‬

‫هكذا يُملأ الفراغ‪ :‬ر�سائل‪ ..‬ومحاكم‬


‫ـ ب��اخل��روج من أ�ر���ض ال�� ّراف��دي��ن‪ ،‬وب��روز‬
‫وي�ل�ات م��ت�����ص��اع��دة ح��ول‬ ‫ٍ‬ ‫��ي�لات وت أ����‬
‫حت��ل ٍ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫البديل ا ّلذي �سين�ش�‪ ،‬وع ّمن �سيمل هذا‬
‫مريكي‪ ،‬ولو يف مكانٍ �آخر من‬ ‫الفراغ أال ّ‬ ‫ال�صيحات وامل��واق��ف مب��ب��ادر ٍة �إن�سان ّي ٍة‬ ‫ّ‬ ‫مريكي حتديد ًا‪ ..‬ويف املقابل‪،‬‬ ‫الترّاجع أال ّ‬ ‫امللف ال ّلبناين ـ‬ ‫من غري امل ؤ� ّكد أ�نّ أ�لغاز ّ‬
‫ببديل �صهيو ّ‬
‫ين‬ ‫ٍ‬ ‫املنطقة‪ ..‬ليل ّوح البع�ض‬ ‫عالنات فل�سطين ّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ناعمة‪� ،‬ضمن حملة � إ‬ ‫ف�إنّ ا ّلذي �شهد وي�شهد �سقوط الع�صر‬ ‫ال�سيا�سي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املت�صاعد التهاب ًا على امل�ستوى‬
‫حرب قادم ٍة على لبنان و�سوريا‪ ،‬ويثري‬ ‫يف ٍ‬ ‫ن�شرت داخ��ل كيان العد ّو‪ ،‬حتمل �شعار‪:‬‬ ‫مريكي يف العراق و أ�فغان�ستان‪ ،‬وف�شل‬ ‫أال ّ‬ ‫ورمبا أالمني ـ قد جرى تفكيكها يف هذه‬
‫ووي‬‫الهم ال ّن ّ‬
‫الت عن ّ‬ ‫البع�ض آالخر ت�سا ؤ� ٍ‬ ‫«نحن �شركاء‪ ..‬ماذا عنكم»‪ ..‬وال ّلوحات‬ ‫ين يف لبنان‪ ،‬لي�س بوارد �نأ‬ ‫ال�صهيو ّ‬
‫العد ّو ّ‬ ‫العجالة ا ّلتي ت�صدر فيها البيانات من‬
‫ين يف دول��� ٍة تغرق بفي�ضانات‬ ‫الباك�ستا ّ‬ ‫الفل�سطيني‬
‫ّ‬ ‫العالن ّية حتمل �صور ال ّرئي�س‬ ‫إ‬ ‫يعطي أالمريك ّيني وحلفاءهم يف ّ‬
‫ال�سلم‬ ‫هنا وهناك‪ ،‬وتكرث فيها املواقف املتزايدة‬
‫الره���اب»‬ ‫إ‬ ‫«‬ ‫��ان‬ ‫ف‬ ‫��و‬ ‫ط‬ ‫قها‬‫و‬‫ّ‬ ‫ويط‬ ‫ّ‬
‫الطبيعة‪،‬‬ ‫« أ�بو مازن» وفريقه املفاو�ض‪ ،‬وقد جرى‬ ‫ما عجزوا عن حتقيقه يف احلرب‪..‬‬ ‫ع��ل��ى امل��وائ��د ال�� ّرم�����ض��ان�� ّي��ة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫الدارات أالمريك ّية �إىل‬ ‫ا ّل��ذي جاءت به إ‬ ‫متويلها من خالل وكالة التّنمية الدّول ّية‬ ‫�����ص��ف��ق��ات ال��ك�برى»‬ ‫يعني ذل���ك أ�نّ «ال ّ‬ ‫تلك املتّ�صلة ب��احل��ادث أالم��ن ّ��ي أالخ�ير‬
‫قلب املعمعة يف املنطقة هناك‪..‬‬ ‫أالمريك ّية «يو �إ�س �إيه»‪ ..‬وبالتّايل‪ ،‬فهذه‬ ‫م�ستبعدة‪ ..‬وب��ال�� ّت��ايل‪ ،‬فخيار املحكمة‬ ‫يف العا�صمة‪ ،‬وا ّل����ذي ت��ت��واىل تداعياته‬
‫يف لبنان توتّر‪ ..‬يط ّل على نافذ ٍة تظهر من‬ ‫ه��ي ال ّر�سالة‪ ،‬وه��ذا ه��و �شكل املواجهة‬ ‫ال��دّول�� ّي��ة ه��و اخل��ي��ار أالم��ري��ك ّ��ي أالب���رز‬ ‫ال�سيا�س ّية ف�صو ًال‪...‬‬
‫خاللها �صور وم�شاهد للحريق ا ّلذي يط ّل‬ ‫القادم‪!!..‬‬ ‫(وق���د نقلت «ال��� ّ��س��ف�ير» ال ّلبنان ّية عن‬ ‫ّ‬
‫فالقرار الظ ّني للمحكمة ال َّدول َّية ال��ذي‬
‫على املنطقة‪ ،‬ويف لبنان ترا�ش ٌق يوحي‬ ‫بب�ساط ٍة وع��ف��و ّي��ة‪ ،‬وبكث ٍري م��ن ال ّر�صد‬ ‫الفرن�سي‬
‫ّ‬ ‫بع�ض امل�صادر‪ ،‬قول ال ّرئي�س‬ ‫ق��د ي�صدر قريب ًا أ�و ق��د ي��ت أ��� َّخ��ر‪ ،‬وا ّل��ذي‬
‫ب أ����نّ َم��ن يف ال��دّاخ��ل مل يقم باملراجعة‬ ‫«يلف الغمو�ض املنطقة»‪ ،‬كما‬ ‫والتّمحي�ص‪ّ ،‬‬ ‫«������س�����ارك�����وزي» مل����ن ا���س��ت��ف�����س��ر م��ن��ه‬ ‫ي�سري وفق امل ؤ� ِّ�شرات ال�سيا�س َّية اخلارج َّية‬
‫احلقيق ّية‪ ،‬لينتقل �إىل قلب أال ّمة ويغادر‬ ‫اليراين‪ّ،‬‬ ‫ي�ص ّرح بذلك ال ّلواء يف اجلي�ش إ‬ ‫م���ن ال���ع���رب‪� ،‬إنّ ق����رار امل��ح��ك��م��ة بيد‬ ‫ثم املعطيات الداخل َّية‪ ،‬و�ضع لبنان يف‬
‫القف�ص أالم��ري��ك ّ��ي‪ ،‬ويف لبنان ر�سائل‬ ‫وم�ست�شار �سماحة املر�شد ال�س ّيد خامنئي‪،‬‬ ‫أالم��ري��ك�� ّي�ين)‪ ،‬ل��ل�� ّدخ��ول �إىل «العمق»‬ ‫عني العا�صفة‪ ..‬والبع�ض ي�ص ِّور العا�صفة‬
‫متبادلة تعك�س امل�شهد نف�سه ا ّل��ذي يربز‬ ‫العداد‬ ‫يحيى �صفوي‪ ..‬ما يعني املزيد من إ‬ ‫اال�سرتاتيجي‪ ،‬والعبث مبك ِّونات‬
‫ّ‬ ‫ال ّلبنا ّ‬
‫ين‬ ‫القادمة من وراء البحار أ�و من املحيط‪،‬‬
‫يل‬‫يف املنطقة يف عمل ّية الترّا�شق ال��دّو ّ‬ ‫واال���س��ت��ع��داد‪ ،‬وه��ن��اك يف اجل��م��ه��ور ّي��ة‬ ‫هذا العمق‪ ،‬ولبعث ال َّر�سائل من خالله‬ ‫ب أ��� ّن��ه��ا خمتلفة ع��ن ع��وا���ص��ف ال ِّ�����ش��ت��اء‬
‫ما�سة �إىل تل ّم�س‬ ‫قليمي‪ ..‬وث ّمة حاجة ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫و إ‬ ‫ال�ستار عن القاذفة‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬أُ�زي���ح ّ‬ ‫إ‬ ‫�إىل من يه ّمه أالمر‪ ،‬ب أ�نَّ امل�س أ�لة لي�ست‬ ‫تهب على لبنان ب�ين الفينة‬ ‫ا ّل��ت��ي كانت ُّ‬
‫أ‬
‫خطوط الهدوء‪ ،‬قبل �ن تتح ّول العا�صفة‬ ‫ّ‬
‫الن ّفاثة «ك�� ّرار»‪ ..‬وعن اجليل الثالث من‬ ‫�سيا�س ّي ًة بامتياز فح�سب‪ ،‬ب��ل تنتظر‬ ‫أ‬
‫والخرى‪ ،‬أل َّنها عا�صفة رمل َّية‪ ،‬ومن �برز‬ ‫أ‬
‫ال ّرمل ّية �إىل عا�صف ٍة رعد ّي ٍة قاتلة‪..‬‬ ‫�صواريخ «فاحت‪ ..»110‬وهي ر�سائل متتالية‬ ‫حرك ًة «دبلوما�س ّي ًة» حم�سوب ًة من هناك‪..‬‬ ‫ال�ضبابي‬
‫ّ‬ ‫خ�صائ�صها‪ ،‬أ� ّنها �ستزيد الو�ضع‬
‫فيا أ� ّيها امل��ت��و ّت��رون‪ ..‬وي��ا أ� ّيها املتق ّلبون‬ ‫ـ على م��ا يبدو ـ مل��ن طلب اجل���واب عرب‬ ‫ال�شرق‪ ،‬حتّى تربد امل�سائل‪ ،‬و ُي�صار‬ ‫من ّ‬ ‫يلف املنطقة �ضباب ّي ًة‪ ،‬حيث ال تلوح‬ ‫ا ّلذي ّ‬
‫يف مواقفكم‪ ..‬ع��ودوا �إىل ر�شدكم‪� ،‬إىل‬ ‫وت�صريحات تهويل ّية‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫تلميحات �سيا�س ّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫�إىل «مقا�ضاة» اللبنان ّيني وغريهم‪ ،‬وفق‬ ‫يف أالف��ق ب�شائر خري و�سالم (حتّى مع‬
‫�شعبكم‪ ..‬ليحاكم اجلميع على «�صفحة»‬ ‫ال�ستار عن «عناوين» أ�خ��رى‪،‬‬ ‫وقد ُي��زاح ّ‬ ‫خريطة املفاو�ضات املبا�شرة ا ّلتي تنطلق‬ ‫مريكي على ال ّرحيل والهروب‬ ‫ال�صرار أال ّ‬ ‫إ‬
‫ّاخلي‪،‬‬
‫لل�سالم الد ّ‬ ‫أ�حالمه و�آماله وع�شقه ّ‬ ‫حتّى يف الوقت ا ّل��ذي تتوا�صل املناورات‬ ‫ال�صيحات ال�سيا�س ّية‬ ‫حت��ت واب ٍ���ل م��ن ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫من ال��ع��راق)‪ ..‬لنّ الط���راف الدّول ّيني‪،‬‬
‫ق��ب��ل أ�ن يحاكمكم آالخ�����رون حل�ساب‬ ‫دعم‬ ‫ال�صهيون ّية‪ ،‬ويتواىل احلديث عن ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ال�صهيون ّية ا ّل��ت��ي ت��ن��ادي با�ستئناف‬ ‫ّ‬ ‫الدارة أالم��ري��ك�� ّي��ة‪ ،‬غري‬ ‫وعلى ر أ����س��ه��م إ‬
‫أ�هدافهم وم�صاحلهم وطموحاتهم‪.‬‬ ‫أ�م��ري��ك ّ��ي ج��دي��د «وا���س�ترات��ي��ج ّ��ي» لهذا‬ ‫اال���س��ت��ي��ط��ان‪ ،‬وت���رف���ع ل����واء «ال���دّول���ة‬ ‫مه ّيئني‪ ،‬أ�و لي�س با�ستطاعتهم تقدمي �شيءٍ‬
‫الكيان‪ ،‬لكي ي�ستم ّر يف «تف ّوقه ال ّنوعي»‬ ‫ال��ي��ه��ود ّي��ة» ف��وق ر أ�����س الفل�سطين ّيني‪،‬‬ ‫القليم ّيني‬ ‫للطراف إ‬ ‫له قيمته احلقيق ّية أ‬
‫هاني عبد الله‬ ‫على ك ّل العرب وامل�سلمني‪..‬‬ ‫وال�سلطة الفل�سطين ّية ا ّلتي تر ّد على هذه‬ ‫ّ‬ ‫ونفوذ لهم يف مرحلة‬ ‫ٍ‬ ‫الباحثني عن دو ٍر‬

‫االعت�صام بحبل اهلل‪ ،‬ومن خالل الق�ضايا‬ ‫السيد علي فضل الله استقبل وفدين من حركة التَّوحيد وهيئة دعم املقاومة‪:‬‬
‫امل�شرتكة الكربى ا ّلتي ينبغي للجميع أ�ن‬
‫يعملوا لها‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف هذه املرحلة ا ّلتي‬ ‫ليتحمّ ل الجميع م�س�ؤوليّاتهم ويقطعوا الطّ ريق على الفتنة‬
‫�سالمي ك ّله ملحاولة‬‫ّ‬ ‫ال‬
‫يتعر�ض فيها الواقع إ‬
‫ا���س��ت�لاب أ�و ا�ستباحة على امل�ستويات‬
‫ال�سيا�س ّية واالقت�صاد ّية وحتّى أالمن ّية‪.‬‬
‫كذلك ا�ستقبل �سماحته وفد ًا من هيئة دعم‬
‫ال�سالم ّية‪ ،‬برئا�سة احلاج ح�سني‬ ‫املقاومة إ‬
‫أ‬
‫��ر���ض للو�ضاع‬ ‫ال�شامي‪ ،‬حيث ج��رى ع ٌ‬ ‫ّ‬
‫ال�صهيون ّية املتوا�صلة‬ ‫العا ّمة والتّهديدات ّ‬
‫للبنان وجي�شه و�شعبه ومقاومته‪..‬‬
‫و�شدَّد �سماحة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل يف‬
‫��روري‬
‫�����ض ّ‬ ‫خ�لال ال�� ّل��ق��اء‪ ،‬على أ� َّن���ه م��ن ال ّ‬
‫احت�ضان املقاومة يف خطوطها ال�سيا�س َّية‬
‫والمن َّية‪ ،‬ألنّ العد ّو يعمل‬ ‫واالجتماع َّية أ‬ ‫ا�ستقبل �سماحة ال��ع�لام��ة‪ ،‬ال�س ّيد علي هذا ال ّرحيل‪ ،‬م�شدّد ًا على العمل إلكمال الفو�ضى والفتنة ا ّلتي من � أش�نها أ�ن ت�سقط‬
‫لتفكيك هذه املنظومة بالكامل‪ ،‬مر ّكز ًا‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬وف��د ًا من جمل�س القيادة يف و�ص َّيته وترجمة أ�ف��ك��اره وا�سرتاتيج ّيته‪ ،‬الهيكل على ر ؤ�و���س اجلميع‪� ،‬إن مل يتداع‬
‫على ���ض��رورة حماية اجلانب أالخ�لاق ّ��ي‬ ‫ال���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬وتعزيز ك�� ُّل أ�ه��ل اخل�ير واملح َّبة وال��وح��دة لقطع‬ ‫ال�سالمي ـ مكتب الدّعوة بحماية ال��وح��دة إ‬ ‫حركة التّوحيد إ‬
‫خمطط ًا خبيث ًا‬ ‫واالج��ت��م��اع ّ��ي‪ ،‬ألنّ ثمة ّ‬ ‫الطريق على ه����الء باملوقف احلا�سم‪،‬‬ ‫ؤ‬ ‫َّ‬ ‫ال�شيخ �حمد الغريب‪ ،‬العالقات بني امل�سلمني‪ ،‬ونبذ ك�� ّل �سعاة‬‫أ‬ ‫العالم‪ ،‬برئا�سة ّ‬ ‫و إ‬
‫ي�سعى لالقت�صا�ص من لبنان ومقاومته‪،‬‬ ‫وبا آلل َّيات العمل َّية ا ّلتي جتمع امل�سلمني يف‬ ‫ال�سالم ّية الفتنة والدّاعني لها‪.‬‬
‫إ‬ ‫و�ضاع‬ ‫أ‬
‫لل‬ ‫ٌ‬
‫عر�ض‬ ‫جرى‬ ‫حيث‬
‫ال�سعي للدّخول �إىل ال ّن�سيج‬ ‫من خ�لال َّ‬ ‫ال���ع���ا ّم���ة‪ ،‬وخ�����ص��و���ص�� ًا يف ظ���� ّل غ��ي��اب وحت���دَّث �سماحة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل مواقع عملهم وميدان حركتهم‪ ،‬بعيد ًا عن‬
‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ؤ‬
‫االجتماعي لل ّنا�س‪ ،‬م�كدا �ضرورة العمل‬ ‫ّ‬ ‫طحي ا ّلذي ال يدخل‬ ‫ال�س ّ‬ ‫ال�سالم ّية اجلامعة املتم ّثلة يف الوفد‪ ،‬م�شري ًا �إىل �ضرورة أ�ن يتح َّمل التَّنظري والتّوجيه ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�شخ�ص ّية إ‬
‫ين يف اجل��وان��ب‬ ‫حل��م��اي��ة ال��واق��ع ال�� ّل��ب��ن��ا ّ‬ ‫ال�ساحة والواقع‪.‬‬ ‫خط �إىل عمق ّ‬ ‫ؤ‬
‫ب�سماحة العالمة املرجع‪ ،‬ال�س ّيد حممد اجلميع م�س�ول َّياتهم يف احلفاظ على ّ‬
‫أالخالق ّية والقيم ّية‪ ،‬حتّى ال يتم ّكن العد ّو‬ ‫ال�سالم ّية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف ظ ّل و�شدّد �سماحته على أ�نَّ ب�إمكان امل�سلمني‬ ‫ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬حيث قدم الوفد جمدّد ًا ال��وح��دة إ‬
‫من حتقيق أ�ه��داف��ه وغاياته با�ستغالله‬ ‫��وح��دوا‪ ،‬من خ�لال ارتكازهم على‬ ‫أ‬
‫لليقاع بني �ن ي��ت َّ‬ ‫خمطط دو ّ‬
‫يل كبري يعمل إ‬ ‫ال�شيخ الغريب �إىل وجود ّ‬ ‫التّعازي برحيله‪ ،‬و أ��شار َّ‬
‫لهذا اجلانب‪.‬‬ ‫ال�سالم ّية ج ّراء امل�سلمني‪ ،‬وي�سعى إلدخال لبنان يف ج ٍّو من ال��ق��اع��دة ال��ق��ر�آن�� ّي��ة ا ّل��ت��ي ت ؤ��� ِّك��د ���ض��رورة‬
‫بال�ساحة إ‬‫الفراغ ا ّلذي ح ّل ّ‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪3‬‬
‫نداء العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله إلى االمّ ة في أجواء شهر رمضان املبارك‪:‬‬

‫االمة تواجه اليوم الخطر الداخلي المتمثل بالحقد والتمزق المذهبي والخطر الخارجي المتمثل باالحتالل‬
‫لن يُكتب لنا الن�صر �إال من خالل التزام الحقّ والعدل منهج ًا و�سلوك ًا واالنطالق بالوحدة الإ�سالميّة‬

‫قبل نحو عام ونيّف‪ ،‬أجرت صحيفة اللواء اللبنانية حوارا مع سماحة العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله رضوان‬
‫الله تعالى عليه‪ ،‬حيث طرحت جملة من األسئلة الهامة التي تتعلق بأوضاع وشؤون العالم االسالمي‪ ،‬الى قضايا إسالمية‬
‫فقهية متنوعة‪ ،‬وقد وجه سماحة السيد رضوان الله عليه كلمةً الى األمة‪ ،‬دعا فيها إلى مواجهة االخطار التي تتهددها‪،‬‬
‫سواء اخلطر الداخلي الذي يكمن في احلقد والتمزّق املذهبي‪ ،‬الذي يقود إلى اجلهل والتخلّف وانتشار اخلرافة واألساطير‬
‫والغلوّ‪ ،‬واخلطر اخلارجي الذي يتمثّل في االحتالل‪ ،‬وأوّ له احتالل فلسطني‪ ،‬ث ّم احتالل العراق وأفغانستان‪ ،‬واالحتالل‬
‫املقنّع الذي ينطلق من خالل القواعد العسكريّة التي تضغط على سياسات العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬داعي ًا إلى االنطالق‬
‫بالوحدة اإلسالميّة بني املسلمني‪ ،‬وترك املختلف فيه للحوار على ضوء الروح الذي تنطلق باحلقّ والعدل‪.‬‬
‫في ما يلي نص اللقاء‪:‬‬

‫الطاهرة‪ ،‬والتي لن ُيكتب لنا الن�صر �إال‬ ‫اخلطر الداخلي الذي تواجهه‬ ‫�إن���ه ح���وار يف أ�ج����واء �شهر رم�ضان‬
‫من خاللها‪ ،‬و أ� ّولها التزام احلقّ والعدل‬ ‫األمة‪ ،‬يكمن في احلقد والتمزّق‬ ‫املبارك‪...‬‬
‫منهج ًا و�سلوك ًا‪ ،‬واالن��ط�لاق بالوحدة‬ ‫املذهبي الذي بدأ يتطرّف إلى أن‬ ‫ال�سالمي‬
‫�إنه حوار مع �سماحة املرجع إ‬
‫ال�سالم ّية �إىل اخل ّ��ط الواقعي الذي‬ ‫إ‬ ‫يسفك املسلم دم أخيه املسلم‪،‬‬ ‫العالمة ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل‬
‫يجتمع على ما يقرب من ‪ 90‬باملائة‬ ‫ملجرّد االختالف في املذهب أو‬ ‫اهلل‪...‬‬
‫من التفا�صيل ف�ض ًال عن أال�سا�س ّيات‪،‬‬ ‫في الفكرة‪ ،‬ويقود كلّ ذلك‬
‫وي�ت�رك الباقي املختلف فيه للحوار‬ ‫إلى اجلهل والتخلّف وانتشار‬ ‫نداء السيد الى األمة ‪:‬‬
‫على �ضوء ال��روح ال��ذي تنطلق باحلقّ‬ ‫اخلرافة واألساطير والغلوّ‪.‬‬ ‫‪� -‬إذا طلبنا م��ن��ك��م ك��ل��م��ة أ�و ن���دا ًء‬
‫والعدل‪.‬‬ ‫ت��ت��وج��ه��ون م���ن خ�لال��ه �إىل احل��ك��ام‬
‫خلفه) ُي��ق��ر أ� لي ًال ون��ه��ار ًا وه��و أ�بعد‬ ‫عالمة في زمن قل فيه العلم‪:‬‬
‫ال�سالم ّية يف أ�جواء‬ ‫وال�شعوب العربية و ٍ إ‬
‫ما يكون عن �سلوك أال ّم���ة ومنهجها‬ ‫م��رج��ع فقيه وع���امل جليل ي�شع ن��ور ًا‬
‫�شهر رم�ضان املبارك‪ ،‬فماذا تقولون؟‬
‫يف التعاطي مع � ؤش�ونها أال�سا�س ّية‪،‬‬ ‫ومهابة و�إجال ًال‪...‬‬
‫قضية الرؤية وحتديد بداية الشهور‪:‬‬ ‫‪ -‬نحن نقول �إنّ أال ّم���ة ال��ي��وم تواجه‬
‫وال �س ّيما جت��اه احل���قّ وال��ع��دل ال��ذي‬ ‫عالمة يف زمن قل فيه العلم‪...‬‬
‫‪ -‬ما هي بر أ�ي �سماحتكم أ�برز امل�شاكل‬ ‫خطر ًا كبري ًا من داخلها وخارجها‪.‬‬
‫ابتعد عن �سلوك كثري من احل ّكام يف‬ ‫وفهامة يف ع�صر بات فيه اجلهل �شرفا‬
‫التي تعيق توحيد الر ؤ�ية يف بداية �شهر‬ ‫أ� ّم��ا خطر ال��داخ��ل فيكمن يف احلقد‬
‫التعاطي مع ق�ضايا أال ّمة‪.‬‬ ‫يتفاخر به أالدعياء؟!؟‬
‫رم�ضان من كل عام؟‬ ‫والتمزّق املذهبي ال��ذي ب��د أ� يتط ّرف‬
‫‪� -‬إذا ك��ان املق�صود بتوحيد ال��ر ؤ�ي��ة‬ ‫�إىل أ�ن ي�سفك امل�سلم دم أ�خيه امل�سلم‪،‬‬ ‫رج��ل ل��ه ب�صمات وا�ضحة يف جمال‬
‫خطر اخلارج‪:‬‬ ‫االجتهاد الفقهي والفكري ‪..‬‬
‫توحيد ب��داي��ات ال�شهور‪ ،‬فهذا أالم��ر‬ ‫مل��ج�� ّرد االخ��ت�لاف يف امل��ذه��ب أ�و يف‬
‫أ� ّما بالن�سبة خلطر اخلارج فيتم ّثل يف‬ ‫وله ر ؤ�ية اجتماعية وثقافية و�سيا�سية‬
‫ّ مرتبط بالدرجة أالوىل با آلراء الفقهية‬ ‫الفكرة أ�و يف تف�سري هذه آالية أ�و ذاك‬
‫االحتالل‪ ،‬أ� ّول��ه احتالل فل�سطني‪ ،‬كل‬ ‫ثاقبة ت ؤ�هله ليكون كبريا من كرباء‬
‫أ التي تتن ّوع يف اتجّ اهني‪:‬‬ ‫احلديث املروي وما �إىل ذلك‪.‬‬
‫فل�سطني‪ ،‬والذي ال يجوز للم�سلمني �ن‬ ‫الع�صر الذي نحيا فيه‪..‬‬
‫االتجّ اه أال ّول‪ :‬يف م�س أ�لة الر ؤ�ية‪ .‬وهنا‬ ‫ويقود ك ّل ذلك اجلهل والتخ ّلف الذي‬
‫يتنازلوا عن أ� ّي جزءٍ منها‪ّ ،‬ثم احتالل‬ ‫أ‬
‫نلتقي معه لي�ضع لنا ال���ص��ب��ع على‬
‫ّ جند أ�نّ هناك ر أ�ي�� ًا يرى أ� ّن��ه ال ب ّد يف‬ ‫يعرب عن نف�سه بغياب العقل والعلم‬
‫العراق و أ�فغان�ستان‪ ،‬واالحتالل املقنع‬ ‫اليالم‪...‬؟!؟‬ ‫اجلرح بنية العالج ال إ‬
‫ب��داي��ات ال�شهور م��ن ال��ر ؤ�ي��ة الفعلية‬ ‫وال���س��اط�ير والغل ّو‬ ‫وانت�شار اخل��راف��ة أ‬
‫ال����ذي ي��ن��ط��ل��ق م���ن خ�ل�ال ال��ق��واع��د‬ ‫ليحدثنا عن امور امل�سلمني‪....‬‬
‫للهالل‪ ،‬وه���ذا يعني خ�ضوع الهالل‬
‫الع�سكر ّية التي ت�ضغط على �سيا�سات‬
‫ال�سالم بح�سب‬ ‫مما أ��صبح جزء ًا من إ‬ ‫ّ‬
‫ل�شهادات ال�شهود أ� ّنهم ر أ�وا الهالل‪،‬‬ ‫ال��ذه��ن��ي��ة ال��ع��ا ّم��ة ملجتمعات وا�سعة‬ ‫عن حال أالمة امل أ��ساوي‪..‬‬
‫ال�سالمي‪ ،‬وتتح ّرك‬ ‫العامل العربي و إ‬ ‫عن االحتالل‪..‬‬
‫وه��ذا يحيلنا ‪ -‬بطبيعة احل��ال ‪� -‬إىل‬
‫لتتح ّكم مب�ستقبل امل��ن��ط��ق��ة ب�شكل‬
‫ال���س�لام��ي��ة وه��و م��ن و�ضع‬ ‫يف أال ّم����ة إ‬
‫التدقيق يف طبيعة م�ضمون ال�شهادة؛‬ ‫ود�س املنحرفني‪..‬‬ ‫الو�ضاعني ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن تناق�ض أ�فعالنا مع أ�قوالنا‪..‬‬
‫وب آ�خر‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أ‬ ‫وليحدثنا فيذكر م��ن غفل ‪-‬ب��ل من‬
‫لدفع احتماالت اال�شتباه‪ ،‬وال �س ّيما‬ ‫وامل�شكلة �نّ القر�ن الكرمي الذي (ال‬
‫��الج��رام أالخ���رى‪ ،‬أ�و الغبار الكوين‬ ‫ب أ‬ ‫ي أ���ت��ي��ه ال��ب��اط��ل م��ن ب�ين ي��دي��ه وال من‬ ‫تغافل‪ -‬أ�ننا أ�مة واحدة موحدة‪...‬‬
‫لقد احت�ضن �شهر رم�ضان معركة بد ٍر‬
‫فق م�ش ّع بطبيعته عند غروب‬ ‫وفتح م ّكة‪ ،‬وقد انت�صر امل�سلمون فيه امل�ش ّع يف أ� ٍ‬
‫ال�شم�س‪ .‬وق��د ر أ�ينا يف �سنني �سابقة‬ ‫القرآن الكرمي الذي يُقرأ لي ًال ونهار ًا وهو أبعد ما يكون عن سلوك األمّ ة‬
‫عندما ارتبطوا ب��ا إل���س�لام‪ ،‬يف قيمه‬
‫أ�نّ هناك ا ّدع��اءات لر ؤ�ية الهالل وهو‬ ‫ومنهجها في التعاطي مع شؤونها األساسيّة‪ ،‬وال سيّما جتاه احلقّ والعدل‬
‫ومنهجه‪ ،‬وحت ّركوا لي�صنعوا التاريخ‬
‫مل يولد بعدُ‪ ،‬أ�و لهالل غري موجود يف‬ ‫احلكام في التعاطي مع قضايا األمّ ة‪.‬‬
‫الذي ابتعد عن سلوك كثير من ّ‬
‫امل�شرق املنطلق من القيم الر�سال ّية‬

‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬


‫‪4‬‬
‫�سواء كان فقيه ًا أ�و عامل ًا فلك ّي ًا أ�و يف أ�ي‬
‫مما يعني ـ بالتجربة ـ أ�نّ‬ ‫أ�فق الر ؤ�ية‪ّ ،‬‬
‫ّميدان من امليادين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الر ؤ�ية يكتنفها العديد من امل�شاكل‪،‬‬
‫وال ب ّد لنا هنا من أ�ن ن�شري �إىل نقطة‬ ‫ومن أ�ه ّمها خربة الرائي ببع�ض أالمور‬
‫مه ّمة‪ ،‬وهي أ� ّنه قد يكون مل�س أ�لة بداية‬ ‫املتع ّلقة بتحقيق �سالمة الر ؤ�ية‪.‬‬
‫ال�شهور بع�ض االرتباط بطبيعة التناف�س‬ ‫ويف مقابل هذا الر أ�ي هناك ر أ� ٌي أ� ّنه‬
‫ال�سيا�سي أ�و الديني يف ب�لاد العامل‬ ‫ال ُي�شرتط الر ؤ�ية الفعل ّية للهالل يف‬
‫ال�سالمي‪ ،‬مبا يع ّقد حتّى العلماء الذي‬ ‫إ‬ ‫ثبوت ال�شهر؛ ألنّ الر ؤ�ية � إ مّنا أ�خذت‬
‫قد يكون لديهم القدرة ـ من الناحية‬ ‫‪ -‬يف ل�سان ال��رواي��ات ‪ -‬كطريق �إىل‬
‫التو�صل �إىل نتائج مه ّمة‬ ‫العلمية ـ على ّ‬ ‫ال��ت أ��� ّك��د م��ن وج���ود ال��ه�لال يف أالف��ق‬
‫تقريب ّية‪ ،‬ولك ّنهم يقعون حتت �ضغط‬ ‫وبدء م�سرية ال�شهر التي هي مرتبطة‬
‫بالر�ض‬ ‫بال�سا�س بحركة القمر قيا�س ًا أ‬ ‫أ‬
‫اجلهات الدينية أ�و ال�سيا�سية التي تعبرّ‬
‫وال�شم�س‪ ،‬علم ًا أ�نّ مو�ضوع ال�صيام‬
‫عن تناف�سها يف مثل هذه امل�سائل‪.‬‬
‫هو �شهر رم�ضان‪ ،‬ولي�س الر ؤ�ية‪.‬‬
‫وع��ل��ي��ه‪ ،‬ف ُيمكن اع��ت��م��اد احل�سابات‬
‫�صورة امل�سلمني ألنف�سهم غري مكتملة ‪:‬‬ ‫الدقيقة التي تورث االطمئان أ�و اليقني‬
‫‪ -‬ما خطورة تلك امل�شكلة و�آثارها على‬ ‫بوجود الهالل يف أالفق حتّى لو مل يره‬
‫امل�سلمني أ� ّو ًال وعلى �صورتهم يف الغرب‬ ‫أ�حد‪.‬‬
‫ثاني ًا؟‬ ‫دق من‬ ‫ونعتقد أ�نّ ه���ذا ال��ط��ري��ق أ� ّ‬
‫‪ -‬ال �إ�شكال ب أ���نّ ع��دم توحيد بدايات‬ ‫الر ؤ�ية الب�صر ّية؛ ألنّ الب�صر يخطئ‬
‫ال�شهور لها انعكا�سات متن ّوعة على‬ ‫كثري ًا‪ ،‬وال �س ّيما مع عدم خربة كثري‬
‫والع��م��ال يف املجال‬ ‫طبيعة العالقات أ‬ ‫من ال�شهود‪ ،‬ومع وجود الغبار الكوين‬
‫ال�سالمي‪ ،‬وال �س ّيما عندما ُي��راد أ�ن‬ ‫إ‬ ‫الذي قد ي�شتبه معه الب�صر فريى �شيئ ًا‬
‫حت��� ّدد ت��واري��خ دقيقة ملثل املعامالت‬ ‫يح�سبه الهالل وهو لي�س موجود ًا‪.‬‬
‫واالتجّ��اه آالخ��ر يرتبط ب أ�فق الر ؤ�ية‪،‬‬
‫التجارية أ�و ع��ق��ود ال��ت أ���م�ين وم��ا �إىل‬
‫حيث هناك ر أ�ي���ان فقه ّيان‪ :‬أ� ّولهما‬
‫ذلك‪ ،‬مما يعني أ�نّ أالمر لو بقي كذلك‬ ‫ي��رى أ�نّ أ�ف��ق ال��ر ؤ�ي��ة ال ب�� ّد أ�ن يكون‬
‫ف���إنّ التاريخ الهجري لن يكون قاب ًال‬ ‫اخلطر اخلارجي الذي تواجهه‬ ‫أ�فق البلد اخلا�ص‪ ،‬وال��ر أ�ي آالخر أ�نّ‬
‫�إال بعد م�ضي أ�ك�ث�ر م��ن ي��وم�ين على‬
‫لالعتماد عليه كت أ�ريخ أ��صيل يف حركة‬ ‫األمة‪ ،‬هو خطر االحتالل‪ ،‬وأوّ له‬ ‫بلد ي�شرتك‬ ‫الر ؤ�ية مداها يتّ�سع لكل ٍ‬
‫احتالل فلسطني‪ ،‬ث ّم احتالل‬ ‫والدت���ه فلك ّي ًا‪ ،‬وه��ذه ظ��اه��رة الفتة ال‬
‫املجتمعات والدول‪ ،‬وهذا ما جنده ماث ًال‬ ‫مع بلد الر ؤ�ية بجزء من الليل‪ ،‬وهذا‬
‫العراق وأفغانستان‪ ،‬واالحتالل‬ ‫يمُ كن جت��اوزه��ا ب�سهولة؛ ألنّ هذين‬
‫أ�مامنا بالتجربة‪ ،‬حيث دائ��م�� ًا حت ّدد‬ ‫اليومني ال يمُ كن ح�سابهما على ال�شهر‬ ‫ل��ه نتائج ت ؤ��� ّث��ر على حتديد بدايات‬
‫املقنّع الذي ينطلق من خالل‬
‫التواريخ مبا ي��وازي التاريخ امليالدي‬ ‫القواعد العسكريّة التي تضغط‬ ‫املا�ضي الذي انتهى بدخول القمر يف‬ ‫ال�شهور بطبيعة احلال؛ ألنّ الهالل قد‬
‫الذي يعترب ثابت ًا يف حتديده‪ ،‬مع عدم‬ ‫على سياسات العالم العربي‬ ‫املحاق‪ ،‬وعاد فيه الهالل «كالعرجون‬ ‫ال يكون موجود ًا يف آالف��اق يف البالد‬
‫وج��ود أ�ي عقدة لدينا من أ� ّي تاريخ‪،‬‬ ‫لتتحكم‬
‫ّ‬ ‫واإلسالمي‪ ،‬وتتحرّك‬ ‫القدمي» كما تعبرّ آالية الكرمية‪ ،‬وهذه‬ ‫التي تقع �شرق ًا‪ ،‬بينما يقطع م�سافة‬
‫ولك ّننا نعتقد أ�نّ الت أ�ريخ الهجري مي ّثل‬ ‫مبستقبل املنطقة‪.‬‬ ‫م�شكلة تقف أ�م��ام ال��ر أ�ي الذي يتب ّنى‬ ‫زمن ّية ت ؤ� ّمن �إمكان ّية الر ؤ�ية يف البلدان‬
‫‪ -‬بالن�سبة �إلينا كم�سلمني ‪ -‬جزء ًا من‬ ‫الر ؤ�ية يف أ�فق البلد‪ ،‬وال يتب ّنى أالفق‬ ‫الغرب ّية ال��ت��ي ت�شرتك م��ع كثري من‬
‫‪ -‬امل�����ش��ك��ل��ة ال حت��� ّل �إال �إذا انطلق‬ ‫البالد ال�شرقية يف ليل ٍة واحدة‪ ،‬وعليه‬
‫الوا�سع للر ؤ�ية‪.‬‬
‫ال�سالمي‬ ‫ال�سالم ّية والتاريخ إ‬ ‫الهو ّية إ‬
‫امل�سلمون ليوحدوا ال��ر أ�ي االجتهادي‬ ‫فيكون اليوم التايل هو أ� ّول ال�شهر بناء‬
‫ال�سالم ّية‬ ‫مبا ي ؤ� ّكد ح�ضور ال�شخ�ص ّية إ‬ ‫على ه��ذه النظر ّية‪ ،‬بينما ال ب�� ّد من‬
‫ل�ل�م��ة‪ ،‬أ�و ي ؤ�كد‬
‫يف ال��وج��دان ال��ع��ام أ‬ ‫الفقهي حول حتديد بدايات ال�شهور‬ ‫نطالب بانفتاح ولقاء العلماء ‪:‬‬
‫‪ -‬م�شهور لدى النا�س جميع ًا موقفكم �إىل جانب اعتمادهم على م��ا و�صل‬ ‫يوم �آخر للحكم ببداية ال�شهر‬ ‫انتظار ٍ‬
‫غيابها يف حال غياب التاريخ الهجري‪.‬‬ ‫بناء على الر أ�ي أال ّول‪.‬‬
‫من احل�سابات الفلك ّية لتحديد بداية �إليه علم الفلك من النتائج العلم ّية يف‬
‫أ� ّم����ا ألث���ر ت��ل��ك امل�شكلة ع��ل��ى ���ص��ورة‬ ‫وه��ن��ا نقطة ينبغي على العلماء أ�ن‬
‫�شهر رم�����ض��ان امل��ب��ارك‪ ،‬ول��ك��ن كيف هذا املجال‪ ،‬وهذا يتط ّلب ‪� -‬إىل جانب‬
‫امل�سلمني يف ال��غ��رب‪ ،‬ف�لا نعتقد أ�نّ‬ ‫ترون ال�سبيل للخروج من تلك امل�شكلة االنفتاح العلمي ‪ -‬أ�ن يلتقي العلماء‬ ‫يالحظوها‪ ،‬وقد بد أ�ت بع�ض احللول‬
‫امل�شكلة تكمن هنا؛ ألنّ �صورة امل�سلمني‬ ‫القدمية املتجددة التي تنعك�س �سلب ًا ليحاور بع�ضهم بع�ض ًا‪ ،‬ولي�ستمعوا ب�شيء‬ ‫تتح ّرك يف هذا املجال‪ ،‬وهي أ�نّ بع�ض‬
‫أ�م����ام أ�ن��ف�����س��ه��م ال ت���زال ���ص��ورة غري‬ ‫م��ن اجل�� ّدي��ة �إىل �آراء علماء الفلك‪،‬‬ ‫على وحدة امل�سلمني؟‬ ‫البلدان أالوروب ّية ال ُيرى الهالل فيها‬
‫مكتملة‪ ،‬و أ�حيان ًا غري م�ش ّرفة‪ ،‬واملهم‬ ‫لتح�صل لديهم الثقة بهذا العلم‪ ،‬أ�و‬
‫أ�ن نكون على الطريق ال�صحيح يف ح ّل‬ ‫مكة‪ ،‬وقد انتصر املسلمون حتى ليناق�شوا علماء الفلك يف بع�ض‬ ‫لقد احتضن شهر رمضان معركة بد ٍر وفتح ّ‬
‫هذه امل�شكلة الذي لن يكون �إال برتاكم‬ ‫تو�صلوا �إليه من نتائج �إذا مل حت�صل‬ ‫فيه عندما ارتبطوا باإلسالم‪ ،‬في قيمه ومنهجه‪ ،‬وحترّكوا ليصنعوا ما ّ‬
‫التفكري العلمي وال��ت��ج��ارب العلم ّية‬ ‫التاريخ املشرق‪ ،‬املنطلق من القيم الرساليّة الطاهرة‪ ،‬والتي لن يُكتب لديهم القناعة بها‪ ..‬ألنّ امل�شكلة يف‬
‫يف ه��ذا امل��ج��ال‪ ،‬وكذلك يف غ�يره من‬ ‫لنا النصر إال من خاللها‪ ،‬وأوّ لها التزام احلقّ والعدل منهج ًا وسلوك ًا كثري من أالحيان هي يف غياب الروح‬
‫العلم ّية التي ال ب ّد أ�ن يتح ّلى بها مِ‬
‫العال‪،‬‬ ‫واالنطالق بالوحدة اإلسالميّة‪.‬‬
‫املجاالت‪.‬‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪5‬‬
‫«ال�سالم عليك من نا�صر أ�ع��ان على‬
‫ال�شيطان» ألنه كما ورد «�إن ال�شياطني‬
‫يف هذا ال�شهر مغلولة فادعوا اهلل أ�ن‬
‫وداع �شهر رم�ضان‬
‫ال ي�سلطها عليكم» فا إلن�سان ب��ا إلرادة‬ ‫وقته وانقطاع مدته ووف��اء ع��دده‪ ،‬فنحن‬ ‫في ما يلي نقدم جانب ًا من آخر احملاضرات الرمضانية التي ألقاها سماحة‬
‫الميانية التقوائية يطرد ال�شيطان‪.‬‬ ‫إ‬ ‫م���و ّدع���وه ألن���ه أ�ق����ام فينا وع��ا���ش معنا‬ ‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله رضوان الله عليه‪ ،‬وذلك في آخر‬
‫الح�����س��ان»‬‫«و���ص��اح��ب ���س��ه��ل ���س��ب��ل إ‬ ‫و�سيفارقنا‪ ،‬ويجب أ�ن ن ّودعه ك أ�ي �شخ�ص‬ ‫أيام شهر رمضان املبارك من العام املاضي ‪ 1430‬هـ ‪ ،‬حيث كانت املرة االخيرة‬
‫الن�سان �إىل نف�سه بالطاعة‬ ‫يح�سن فيه إ‬ ‫حمبوب لنا‪.‬‬
‫«فنحن مودعوه وداع من ع ّز فراقه علينا»‬ ‫التي يعتلي فيها املرجع املقدس منبر مسجد اإلمامني احلسنني(ع) ليودّع شهر‬
‫وب��ا إلخ�لا���ص ويح�سن للنا�س بالعمل‬
‫ك ّنا نعي�ش مع �شهر رم�ضان ويعطينا يف كل‬ ‫رمضان املبارك‪ ...‬ولطاملا كان هذا املنبر على مدى السنني املاضية‪ ،‬منبر‬
‫ال�صالح‪.‬‬
‫يوم ح�سنة ولطف من أ�لطافك و أ�وح�شنا‬ ‫الوعي واإلصالح والتثقيف بثقافة اإلسالم‪.‬‬
‫«ال�سالم عليك م��ا أ�ك�ثر عتقاء اهلل‬
‫ف��ي��ك» يف ك��ل ليلة ع��ت��ق��اء م��ن ال��ن��ار‬ ‫ان�����ص��راف��ه عنا ‪ ..‬فلي�س لدينا‬
‫ويقال أ�نه يف الع�شر أالواخر يعتق اهلل‬ ‫�شهر ك�شهر رم�ضان �إىل ال�سنة‬ ‫وقفة مع النفس‪:‬‬
‫من ال��ذن��وب‪ ،‬كما أ�عتق يف بقية أ�ي��ام‬ ‫ال��ق��ادم��ة «و ل��زم��ن��ا ل��ه ال��زم��ام‬ ‫بعد �ساعات قليلة‪ ،‬نودِّع �شهر رم�ضان‬
‫ال�شهر‪.‬‬ ‫امل��ح��ف��وظ «ي��ع��ن��ي ���ص��ار ل��ه ذم��ة‬ ‫ال��ذي جعله اهلل �شهر رحمة ومغفرة‬
‫«‪ ..‬وما أ��سعد من راعى حرمتك بك»‬ ‫عندنا «واحلرمة املرعية واحلق‬ ‫وع��ط��اء‪ ،‬وال���ذي أ�راد اهلل للنا�س أ�ن‬
‫املق�ضي فنحن ق��ائ��ل��ون» وه��ذا‬ ‫يعي�شوا فيه �إ�سالمهم بروحية عالية‪،‬‬
‫ال��ذي راع��ى حرمة ال�شهر ومل يهتك‬
‫يف حم��ل ال�شاهد أ�ن��ن��ا نخاطبه‬ ‫ال�سالم‬ ‫و أ�ن يتثقفوا بالقر�آن‪ ،‬ليعرفوا إ‬
‫حرمته‪ ،‬بع�ض النا�س يتجاهر با إلفطار‬ ‫خماطبة املوجود احلي‪.‬‬
‫ومي�شي وي أ�كل وي�شرب فيهتك حرمة‬ ‫يف حقائقه‪ ،‬ولينفتحوا يف �صالتهم‬
‫«ال�����س�لام عليك ي��ا �شهر اهلل‬ ‫وحياتهم على خط التقوى‪ ،‬ولريتفعوا‬
‫ال�شهر ‪.‬‬ ‫أالكرب» يعني نحن ن�س ّلم على �شهر‬
‫أ‬
‫«ال�سالم عليك ما كان �حماك للذنوب»‬ ‫يح�صلونه من‬ ‫�إىل اهلل ب أ�رواحهم يف ما ّ‬
‫رم�ضان ونعرف أ�نّ كل ال�شهور‬ ‫�سم ّو روحي يقربهم �إىل اهلل �سبحانه‬
‫للن�سان ذنوبه يف هذا‬ ‫ألن اهلل يغفر إ‬ ‫ه��ي أ��صغر م��ن �شهر رم�ضان‪،‬‬
‫ال�شهر «و أ��سرتك ألنواع العيوب» ي�سرت‬ ‫وتعاىل‪.‬‬
‫«وي��ا عيد أ�ول��ي��اءه أالع��ظ��م» ألنه‬ ‫للن�سان يف نهاية هذا‬ ‫ول��ه��ذا‪ ،‬ال بد إ‬
‫اهلل على امل ؤ�من عيوبه‪.‬‬ ‫يف نهايته عيد أالولياء‪« ،‬ال�سالم‬ ‫ال�شهر أ�ن يفح�ص نف�سه‪ ،‬هل ا�ستطاع‬
‫«ال�سالم عليك ما ك��ان أ�طولك على‬ ‫عليك ي��ا أ�ك����رم م�صحوب من‬ ‫أ�ن يحقق تقدم ًا على ال�صعيد الروحي‬
‫املجرمني» املجرمني الذين ال يطيقون‬ ‫أالوق��ات» يعني نحن مل ن�صحب‬ ‫والخ�ل�اق���ي‪ ،‬ب��ال��ت��زام��ه ب��ح��دود اهلل‬ ‫أ‬
‫ه��ذا ال�شهر ألن��ه��م يعي�شون ن��وع من‬ ‫وق��ت�� ًا ك��م��ا �صحبنا وق���ت �شهر‬ ‫وحقوقه‪ ،‬وحقوق النا�س التي فر�ضها‬
‫أ�نواع القيود يف املجتمع فريونه طوي ًال‬ ‫رم�����ض��ان ال���ذي ه��و أ�ك����رم �شهر‬ ‫وق���د ورد يف خطبة ال��ن��ب��ي(���ص) التي‬ ‫اهلل عليه؟؟ هل ازدادت م�شاعر أالخ ّوة‬
‫ويريدونه أ�ن ينتهي‪.‬‬ ‫وخري �شهر يف أاليام وال�ساعات‪.‬‬ ‫ال�شقي‬
‫ّ‬ ‫ا�ستقبل بها �شهر رم�ضان‪« :‬ف���إنّ‬ ‫جتاه امل�سلمني آالخرين؟؟ هل أ��صبح‬
‫ؤ‬
‫«و أ�هيبك يف �صدور امل�منني؛ ال�سالم‬ ‫آ‬
‫«ال�سالم عليكم من �شهر ق ّربت فيه المال‬ ‫����رم غ��ف��ران اهلل يف ه���ذا ال�شهر‬ ‫م��ن ُح ِ‬ ‫أ�كرث حمبة للنا�س و�إح�سا�س ًا بامل�س ؤ�ولية‬
‫عليك من �شهر ال تناف�سه أالي��ام» هو‬ ‫ون�شرت فيه أالعمال « يعني أ��صبحنا ن ؤ� ّمل‬ ‫العظيم»‪.‬‬ ‫يف كل الق�ضايا العامة؟؟ هل أ��صبح‬
‫أالك�ثر ف�ض ًال من كل أالي��ام «ال�سالم‬ ‫يف ر�ضا اهلل‪ ،‬ومغفرته ورحمته ولطفه‬ ‫دعاء الوداع‪:‬‬ ‫أ�كرث اهتمام ًا با إل�سالم وامل�سلمني؟؟‬
‫عليك من �شهر هو من كل أ�مر �سالم»‪.‬‬ ‫ورزقه‪...‬‬ ‫الم�����ام زي��ن‬‫وه��ك��ذا ن�لاح��ظ ك��ي��ف أ�نّ إ‬ ‫ألن �شهر رم�ضان‪ ،‬كما ورد يف دعاء‬
‫«ال�سالم عليك غري كريه امل�صاحبة»‬ ‫«وزك��ي��ت فيه أالم����وال»‪ ،‬ح�شد اهلل فيه‬ ‫يج�سد �شهر رم�ضان كما لو‬ ‫العابدين(ع) ّ‬ ‫الم���ام زي��ن ال��ع��اب��دي��ن(ع)‪ ،‬هو �شهر‬ ‫إ‬
‫نحن ال نكرهك «و ال ذميم املالب�سة»‪.‬‬ ‫ك��ل م��ا ي��ق�� ّرب��ن��ا �إل��ي��ه �سبحانه‪ :‬فهناك‬ ‫كان خملوق ًا ح ّي ًا ي�سلم عليه‪ ،‬فرنى مث ًال‬ ‫الن�سان من‬ ‫الطهور الذي يتطهر فيه إ‬
‫«ال�����س�لام عليك ك��م��ا وف���دت علينا‬ ‫�صالة واجبة وهناك �صلوات م�ستحبة‬ ‫الم��ام(ع) «فقد أ�ق��ام فينا‬ ‫عندما يقول إ‬ ‫كل ذنوبه وعيوبه‪ ،‬وهو �شهر التمحي�ص‬
‫وه��ن��اك دع���اء وق���راءة ال��ق��ر�آن ال��ك��رمي‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫هذا ال�شهر مقام حمد» لنك وفقتنا لن‬
‫ب����ال��ب�رك����ات و غ�����س��ل��ت ع���ن���ا دن�����س‬ ‫الن�����س��ان نف�سه‬ ‫ال���ذي مي ّ��ح�����ص ف��ي��ه إ‬
‫اخلطيئات‪ .‬ال�سالم عليك غري مودع‬ ‫ودف����ع احل��ق��وق ال�����ش��رع��ي��ة ال��ت��ي أ�م��رن��ا‬ ‫ولن��ك أ�عطيتنا ف�ضيلة احلمد‬ ‫نحمدك أ‬ ‫ً‬
‫ليطرد منها ما كان بعيدا عن اهلل‪ ،‬وقد‬
‫اهلل بها } َو�آ ُت���وهُ ���م ِّم��ن َّم ِ‬
‫���ال اللهَِّ ا َّل ِ��ذي‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫«و�صحبنا يف �يامه �صحبة مربور و�ربحنا‬
‫برم ًا» ال ن ّودعك ونحن قد مللنا منك‬ ‫ورد هذا الدعاء يف الع�شرة أالواخر من‬
‫م��ا‬‫�آتَ��ا ُك ْ��م{(ال��ن��ور‪َ } ،)33 :‬و َأ�ن��فِ�� ُق��وا مِ َّ‬ ‫أ�ف�ضل أ�رباح العاملني» عندما �صمنا نهاره‬
‫«ومرتوك �صيامه �س أ�م ًا ال�سالم عليك‬ ‫�شهر رم�ضان‪ ،‬ومنها هذا الدعاء‪:‬‬
‫َج َع َل ُكم ُّم ْ�ستَخْ َل ِف َني ِفي ِه{(احلديد‪)7 :‬‬ ‫«اللهم وه��ذه أ�ي��ام �شهر رم�ضان قد‬
‫من مطلوب قبل وقته» كلنا ننتظر �شهر‬
‫يعني املال الذي متلكونه لي�س لكم؛ أ�نتم‬ ‫ال بد لإلنسان في نهاية هذا‬
‫انق�ضت‪ ،‬ولياليه قد ت�ص ّرمت‪ ،‬وقد‬
‫رم�ضان أ�ن ي أ�تينا «وحمزون عليه قبل‬ ‫وكالء هلل تعاىل يف �صرف هذا املال فيما‬ ‫الشهر أن يفحص نفسه‪،‬‬
‫فوته ال�سالم عليك كم من �سوء �صرف‬ ‫�صرت يا �إلهي �إىل ما أ�نت أ�علم به مني‪،‬‬
‫أ�مركم فيه وي أ�تي يف �آخر �شهر رم�ضان‬ ‫هل استطاع أن يحقق‬ ‫و أ�ح�صى لعدده من اخللق أ�جمعني‪،‬‬
‫بك عنا» �صرفه اهلل عنا بك «و كم من‬ ‫و أ� ّول �شهر �شوال زكاة الفطرة‪.‬‬
‫خري أ�في�ض بك علينا ال�سالم عليك‬
‫تقدم ًا على الصعيد الروحي‬ ‫ف أ������س أ���ل��ك مب��ا ���س أ���ل��ك ب��ه مالئكتك‬
‫«ال�سالم عليك من قرين يقارننا» يعني‬ ‫واألخالقي‪ ،‬بالتزامه بحدود‬ ‫املق ّربون‪ ،‬و أ�نبيا ؤ�ك املر�سلون‪ ،‬وعبادك‬
‫وعلى ليلة القدر التي هي خري من أ�لف‬ ‫�صديق‪« ،‬ج�� ّل ق��دره موجود ًا» يكون معنا‬
‫�شهر ال�سالم عليك ما كان أ�حر�صنا‬ ‫الله وحقوقه؟؟‬ ‫ال�صاحلون‪� ،‬إن كنت ر�ضيت عني يف‬
‫ن�شعر ب أ���ن��ه ه��و ال�شهر اجلليل «و أ�ف��ج��ع‬ ‫ه��ذا ال�شهر ف���ازدد عني ر���ض��ى‪ ،‬و�إن‬
‫بالم�س عليك» نريدك أ�ن ت أ�تي «و أ��ش ّد‬ ‫أ‬ ‫فقده مفقودا ومرجو �آمل فراقه» �شعرنا‬
‫�شوقنا �إل��ي��ك ال�����س�لام عليك وعلى‬ ‫مل تكن ر�ضيت عني فمن آالن ار�ض‬
‫بالفجيعة كمن يفقد عزيز ًا‪.‬‬ ‫وقمنا ليله وعندما ذكرناك فيه وت�ضرعنا‬ ‫عني»‪.‬‬
‫ف�ضلك الذي حرمناه وعلى ما�ض من‬ ‫«ال�سالم عليك م��ن أ�ل��ي��ف �لفناه �ن�س‬
‫آ‬ ‫أ‬ ‫�إل��ي��ك ربحنا ر���ض��اك وحمبتك وربحنا‬ ‫ونقر أ� أ�ي�ض ًا يف دعاء �آخر ُيتلى يف الع�شر‬
‫بركاتك �سلبناه»‪.‬‬ ‫مقب ًال ف�سر و أ�وح�����ش منق�ضي ًا فم�ضى»‬ ‫أ�ف�ضل أ�رباح العاملني ثم قد فارقنا انتهى‬ ‫أالواخر من �شهر رم�ضان أ�ي�ض ًا‪« :‬اللهم‬
‫الم���ام زين‬ ‫ه��ذا اجل��و ال��ذي يريدنا إ‬ ‫�آمل��ن��ا‪« .‬ال�سالم عليكم من جم��اور رقت‬ ‫�شهر رم�ضان‪ ،‬وندخل يف يوم العيد بعد‬ ‫أ� ّد عنا حقّ ما م�ضى من �شهر رم�ضان‪،‬‬
‫العابدين(ع) أ�ن نعي�شه ونحن ن�� ّودع‬ ‫الن�سان عندما يدعو‬ ‫فيه القلوب» ألن إ‬ ‫�إمتام العدة مع أ�ن امل�سلمني مع أال�سف‬ ‫واغفر لنا تق�صرينا فيه‪ ،‬وت�س ّلمه م ّنا‬
‫هذا ال�شهر لنت�صوره خملوق ًا ح ّي ًا يفي�ض‬ ‫�شك ب أ�ن قلبه يرق‬ ‫اهلل ويقر أ� القر�آن ال ّ‬ ‫عاد ًة‪ ،‬عندما ي أ�تي العيد بع�ضهم ي�ش ّرق‬ ‫مقبو ًال‪ ،‬وال ت ؤ�اخذنا ب�إ�سرافنا على‬
‫بالنعمة والربكة والرحمة واملغفرة‪.‬‬ ‫وتزول منه الق�سوة‪« ،‬وق ّلت فيه الذنوب»‬ ‫وبع�ضهم يغ ّرب و�سرنى أ�حد ًا يقول العيد‬ ‫أ�نف�سنا‪ ،‬واجعلنا من املرحومني وال‬
‫طاعة اهلل واال�ستغفار يف هذا ال�شهر تق ُّل‬ ‫الث��ن�ين‪ ،‬و أ�حدهم‬
‫أالح��د‪ ،‬و�آخ���ر ًا يقول إ‬ ‫جتعلنا من املحرومني»‪.‬‬
‫الذنوب‪.‬‬ ‫يقول الثالثاء‪ .‬ثم قد فارقناه عند متام‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪6‬‬
‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله(رض)‬
‫في رحاب العيد وفرح الطاعة‬
‫أ�م��ا الفرح باملال كما ك��ان ق��ارون ـ وما‬ ‫(ع) قوله‪« :‬دخلت عليه يف يوم عيد و�إذا‬ ‫يقول الله تعالى في كتابه املجيد وهو يتحدث عن «قارون» مما خاطبه به‬
‫أ�ك�ثر «ال��ق��واري��ن» عندنا‪ ،‬ال��ذي��ن ي��رون‬ ‫عنده فاثور ـ مائدة ـ عليه خبز ال�سمراء‪،‬‬
‫قومه‪{ :‬إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما‬
‫القيمة كل القيمة وال�سعادة كل ال�سعادة‬ ‫و�صحفة فيها خطيفة ـ وهو طعام مطبوخ‬
‫مع لنب ـ وملبنة‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أ�مري امل ؤ�منني‪،‬‬ ‫إن مفاحته لتنوء بالعصبة أُولي القوة إذ قال له قومه ال تفرح إن الله ال يحب‬
‫باملال ـ ف�إن املال يذهب‪ ،‬وهو لي�س أ�كرث‬
‫من حاجة ت�ستهلكها و أ�نت يف الدنيا‪ ،‬أ�و‬ ‫يوم عيد وخطيفة؟ فقال (ع)‪�« :‬إمنا هذا‬ ‫الفرحني* وابتغ فيما أتاك الله الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا وأحسن‬
‫عيد ملن ُغفر له»‪.‬‬ ‫كما أحسن الله إليك وال تبغ الفساد في األرض إن الله ال يحب املفسدين}‪.‬‬
‫تخ ّلفها وراءك بعد أ�ن متوت‪ ،‬ولكن الذي‬
‫يبقى هو ال�سعادة كل ال�سعادة‪.‬‬ ‫ن�ستوحي يف هذه آالي��ات الكرمية مفهوم‬
‫فـرح اآلخـرة‪:‬‬ ‫الفرح ال�سلبي الذي ال يحبه اهلل‪ ،‬كما أ�ننا‬
‫وقد جاء عن علي (ع) وهو يعظ النا�س‬ ‫اليجابي‬ ‫ن�ستوحي من �آية أ�خ��رى الفرح إ‬
‫وق��د ك��ان ق���ارون م��ن ق��وم م��و���س��ى(ع)‪،‬‬ ‫ويبينّ مباذا يفرحون ومباذا ال يفرحون‪،‬‬ ‫الذي يحبه اهلل‪ ،‬وهو قوله تعاىل‪} :‬قل‬
‫ولكنه بغى على قومه واع��ت��دى عليهم‬ ‫يقول (ع)‪« :‬ما بالكم تفرحون بالي�سري‬ ‫بف�ضل اهلل وبرحمته فبذلك فليفرحوا‬
‫ع��ن��دم��ا أ����ص��ب��ح م��ن أ����ص��ح��اب أالم����وال‬ ‫الن�سان‬‫من الدنيا تدركونه ـ �إذا ح�صل إ‬ ‫هو خري مما يجمعون{‪ ،‬وقوله تعاىل عن‬
‫ـ وال���ك���ث�ي�رون م���ن أ����ص��ح��اب أالم�����وال‬ ‫على مك�سب أ�و مال أ�و جاه‪ ،‬ف�إنه يفرح‬ ‫ال�شهداء‪} :‬فرحني مبا �آتاهم اهلل من‬
‫يحملهم املال على التكرب والطغيان على‬ ‫ب��ه ـ وال يحزنكم ال��ك��ث�ير م��ن آالخ���رة‬ ‫للن�سان‬
‫حترمونه؟»‪ ،‬فهناك الكثري من أ�عمال‬ ‫ال�سالم إ‬ ‫ف�ضله{‪ ،‬وهكذا يريد إ‬
‫آالخرين‪ ،‬ولذلك ُيدخلون آالالم وامل آ��سي‬ ‫أ�ن يعي�ش ال��ف��رح يف ك��ل وج���وده؛ الفرح‬
‫آالخرة التي ترفعكم عند اهلل تفوتكم‪،‬‬ ‫العقلي باحلق‪ ،‬والفرح القلبي باملحبة‪،‬‬
‫على النا�س ـ فقال له قومه‪ :‬ال تفرح ـ ال‬ ‫ومع ذلك ف�إنكم ال ت�شعرون باخل�سارة!!‬
‫تبطر مبا أ�عطاك اهلل من مال‪ ،‬وال تتكرب‬ ‫والفرح احلركي العملي باخلري‪ ،‬ليكون‬
‫الن�سان أ�ن ّ‬
‫يهتم مبا‬ ‫ولذلك يجب على إ‬ ‫الن�سان يف كل عنا�صر �شخ�صيته �إن�سان ًا‬ ‫إ‬
‫وتزهو �إعجاب ًا بنف�سك ـ �إن اهلل ال يحب‬ ‫للخرة ألنها هي دار البقاء‪ ،‬وال‬ ‫يبقى له آ‬ ‫عام ًال على أ��سا�س أ�ن يعي�ش النا�س يف ولده عبداهلل الر�ضيع‪ ،‬فقال‪« :‬ه ّون ما‬
‫الفرحني ـ بل يحب املتوا�ضعني الواقعيني‬ ‫ً‬
‫يهتم كثريا مبا يح�صل عليه يف الدنيا‪،‬‬ ‫�سعادة روحية واجتماعية وعملية‪ ،‬ألن نزل بي أ�نه بعني اهلل»‪ ،‬وقد أُ�ن�شد على‬
‫ال���ذي���ن ي��ن��ظ��رون �إىل ج��وه��ر أالم����ور‬ ‫ألن��ه �سيفارقه وهو يف الدنيا أ�و عندما‬ ‫ل�سانه وه��و يف �آخ��ر حلظات حياته يف‬ ‫هذا هو الفرح املتج ّذر يف النف�س‪.‬‬
‫وحقيقتها ـ وابتغ يف ما �آتاك اهلل ـ فهذا‬ ‫يفارقها‪.‬‬ ‫ف أ�نت عندما تفرح بر�ضى اهلل عنك‪ ،‬ف�إن ا�ست�شهاده‪:‬‬
‫امل��ال من عند اهلل ال��ذي منحك العقل‬ ‫ميل دنياك و�آخرتك‪،‬‬ ‫هذا الفرح �سوف أ‬
‫والعينني والل�سان والرجلني واليدين‬ ‫إدخال السرور على املكروبني‪:‬‬ ‫ألنّ اهلل تعاىل هو الذي يرفعك بر�ضاه �إىل تركت اخللق طر ًا يف هواك‬
‫وقد كان علي (ع) يطلب من النا�س أ�ن‬ ‫و أ�يتمت العيال لكي أ�راك‬ ‫مواقع القرب �إليه‪ ،‬يف الدرجات العالية‪،‬‬
‫الذين ا�ستعملتهم يف حت�صيل هذا املال ـ‬ ‫يهتموا ب�إدخال ال�سرور على املكروبني‬
‫الدار آالخرة وال تن�س ن�صيبك من الدنيا‬ ‫وف�ضله‬ ‫وهو الذي ُي�سبغ عليك من لطفه‬
‫واحلزانى والذين يعي�شون أالزم��ات يف‬ ‫يف الدنيا و آالخرة‪ ،‬ألنه الغني كل الغنى‪ ،‬فلو قطعتنـي باحلب �إربـ ًا‬
‫ـ أ�ن تتوازن بني حاجات الدنيا يف م أ�كلك‬ ‫أ�ك�ثر م��ن جانب م��ن ج��وان��ب حياتهم‪،‬‬ ‫ملا مال الف ؤ�اد �إىل �سواك‬ ‫وقد جاء يف القر�آن الكرمي أ�ن ر�ضى اهلل‬
‫وم�شربك ولبا�سك وبني حت�صيل ر�ضى‬ ‫وع��ل��ى أ����ص��ح��اب احل��اج��ات‪ ،‬فعلينا أ�ن‬ ‫أ�عظم من اجلنة‪ ،‬وذلك يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫اهلل يف آالخ���رة ـ و أ�ح�����س��ن كما أ�ح�سن‬ ‫نعمل من أ�جل أ�ن نرفع ذلك عنهم‪ ،‬أ�ن‬ ‫}ور�ضوان من اهلل أ�كرب ذلك هو الفوز العيد فرح برضى الله‪:‬‬
‫اهلل �إليك وال تبغ الف�ساد يف أالر����ض ـ‬ ‫ندخل ال�سرور عليهم ب��د ًال من احلزن‬ ‫الح�سا�س بر�ضى اهلل والعيد ه��و ال��ي��وم ال��ذي يريد اهلل فيه‬ ‫العظيم{‪ ،‬ألن هذا إ‬
‫ف�لا تف�سد حياة النا�س واقت�صادهم‬ ‫ال���ذي يعي�شونه‪ ،‬وب��ذل��ك يعطينا اهلل‬ ‫للن�سان أ�ن ي��ف��رح بر�ضى اهلل عنه‪،‬‬ ‫إ‬ ‫يجعلك ت�شعر بال�سعادة الق�صوى التي ما‬
‫و�سيا�ستهم وثقافتهم ـ �إن اهلل ال يحب‬ ‫تعاىل أالجر يف الدنيا و آالخ��رة‪ ،‬فيقول‬ ‫و أ�ن يفرح ب�إدخال الفرح على النا�س‪،‬‬ ‫بعدها �سعادة‪.‬‬
‫املف�سدين ـ لكنه بقي على ا�ستكباره ـ قال‬ ‫(ع)‪« :‬يا كميل‪ ،‬م ْر أ�هلك أ�ن يروحوا يف‬ ‫الن�سان عندما يفرح بالفكر احلق حيث يبد أ� العيد ـ وال �سيما عيد الفطر‬ ‫�إن إ‬
‫ك�سب املكارم‪ ،‬ويدجلوا ـ ال�سري يف الليل‬ ‫فلن هذا الفكر احلق ـ ب��ا إلح�����س��ا���س مب��غ��ف��رة اهلل ت��ع��اىل‪،‬‬ ‫الذي ينتجه عقله‪ ،‬أ‬
‫�إمنا أ�وتيته على علم عندي‪} ...‬فخ�سفنا‬ ‫ـ يف حاجة من هو نائم‪ ،‬فوالذي و�سع‬ ‫الن�سان يف كل حياته‪ ،‬وهذا ما جاءت به أالحاديث عن أ�مري‬ ‫هو الذي يبقى مع إ‬
‫به وبداره أالر�ض{‪.‬‬ ‫�سمعه أال�صوات‪ ،‬ما من أ�حد أ�ودع قلب ًا‬ ‫فيهديه �إىل ال�صراط امل�ستقيم‪ ،‬وي�سدِّ د امل ؤ���م��ن�ين(ع) يف الكلمة امل أ���ث��ورة عنه‪:‬‬
‫أ� ُّيها أالحبة‪� ،‬إنّ احلياة فر�صة منحنا‬ ‫�سرور ًا �إال وخلق اهلل له من ذلك ال�سرور‬ ‫خطواته‪ ،‬وعندما يعي�ش الفرح باملحبة‪�« ،‬إمنا هو عيد ملن قبل اهلل �صيامه و�شكر‬
‫اهلل �سبحانه وتعاىل �إياها لنفتح قلوب‬ ‫لطف ًا‪ ،‬ف�إذا نابته نائبة جرى �إليها كاملاء‬ ‫ينفتح قلبه على النا�س كلهم؛ على الذين قيامه‪ ،‬وكل يوم ال ُيع�صى اهلل فيه فهو‬
‫النا�س على احلب‪ ،‬وحياتهم على اخلري‪،‬‬ ‫يف ان���ح���داره‪ ،‬حتى ي��ط��رده��ا عنه كما‬ ‫يلتقون معه ليتعاون معهم‪ ،‬وعلى الذين عيد»‪ .‬وهكذا‪ ،‬ال يعود العيد جمرد يوم‬
‫و أ�ج��واءه��م على ال��ف��رح‪ ،‬لنف ّرح عيالنا‬ ‫البل»‪.‬‬ ‫تطرد غريبة إ‬ ‫يختلفون معه ليحاورهم ويخطط من أ�جل يف ال�سنة بل ي�صبح كل يوم فيها حني‬
‫وال��ن��ا���س امل��ت أ���مل�ين احل��زان��ى و أ����ص��ح��اب‬ ‫أ‬
‫وج��اء يف بع�ض الح��ادي��ث ال���واردة عن‬ ‫الن�سان مب�س ؤ�ولياته يف كل يوم ـ‬ ‫هدايتهم‪ .‬وهكذا‪ ،‬عندما يعي�ش الفرح يقوم إ‬
‫احلاجات‪ ،‬ونف ّرح أال�سرى بالدعاء لهم‬ ‫ال��ن��ب��ي (�����ص)‪« :‬م���ن ���س�� َّر م ؤ���م��ن�� ًا فقد‬ ‫باخلري الذي يعمل هو ألجله أ�و يقوم به يف �صباحه وم�سائه ـ بالتفكري مبا يريد‬
‫وال�سعي من أ�ج��ل أ�ن يف ّرج اهلل عنهم‪،‬‬ ‫�س ّرين‪ ،‬ومن �س ّرين فقد �س ّر اهلل تعاىل»‪،‬‬ ‫غريه‪ ،‬وبالعدل الذي يتحرك يف كل مواقع اهلل منه يف عباداته والتزاماته‪ ،‬ويف‬
‫وورد يف بع�ض أالحاديث‪ ،‬أ�نه �إذا ُو�ضع‬ ‫الن�ساين م�س ؤ�ولياته جتاه عائلته وجتاه املجتمع‬ ‫احلياة‪� ...‬إن هذا الفرح الروحي إ‬
‫أ�ن نن�شر الفرح يف النا�س‪} :‬قل بف�ضل‬ ‫الن�سان يف قربه مت َّثل له مثال‪ ،‬فيقول‬ ‫إ‬ ‫الن�سان من حوله‪ ،‬في�صبح عليه ال�صباح وهو يف‬ ‫هو ال��ذي مينح احلياة �سالم ًا و إ‬
‫اهلل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خري‬ ‫ل��ه‪« :‬م��ن أ�ن���ت وق��د ف��ارق��ن��ي ك��ل أ�هلي‬ ‫وحد ًة‪ ،‬بحيث ال يعي�ش العقدة يف نف�سه‪ ،‬عيد‪ ،‬ألنه أ�طاع اهلل ومل يع�صه‪.‬‬
‫مما يجمعون{‪ ،‬ألن اهلل يقول‪} :‬املال‬ ‫و أ��صحابي؟ فيقول‪ :‬أ�ن��ا ذل��ك ال�سرور‬ ‫الم���ام علي (ع)‬ ‫بل يعي�ش نف�س ًا رحبة منفتحة على العامل وق��د ج��اء يف حديث إ‬
‫والبنون زينة احلياة الدنيا والباقيات‬ ‫الذي أ�ودعته قلب فالن امل ؤ�من‪ ،‬خلقني‬ ‫كله‪ ،‬وقمة الفرح هي الفرح باهلل تعاىل‪ ،‬عن عيد الفطر يف �إحدى خطبه‪« :‬عباد‬
‫ري عند ربك ثواب ًا وخ ٌ‬
‫ري‬ ‫ال�صاحلات خ ٌ‬ ‫اهلل ألكون معك يف قربك وح�شرك‪ ،‬فال‬ ‫ألن اهلل �سبحانه هو �سر الوجود كله و�سر اهلل‪� ،‬إن أ�دنى ما لل�صائمني وال�صائمات‬
‫أ�م ًال{‪.‬‬ ‫أ�زال بك حتى أُ�دخلك اجلنة»‪.‬‬ ‫احلياة كلها‪ ،‬وهذا ما جاء يف كلمة النبي أ�ن يناديهم ملك يف �آخر يوم من �شهر‬
‫ن�س أ�ل اهلل تعاىل أ�ن مينحنا فرح الروح‬ ‫(�ص) عندما ا�ضطهده قومه يف م�سريته رم�ضان‪ :‬أ�ب�شروا عباد اهلل‪ ،‬فقد ُغفر‬
‫والعقل والقلب والعمل وامل�س ؤ�ولية‪ ،‬حتى‬ ‫الله ال يحب الفرح السلبي‬ ‫غ�ضب لكم م��ا �سلف م��ن ذن��وب��ك��م‪ ،‬فانظروا‬ ‫ٌ‬ ‫للطائف فقال‪�« :‬إن مل يكن بك‬
‫نقدم عليه �سبحانه ونح�صل على فرح‬ ‫م��ن ه��ن��ا نفهم كيفية ال��ف��رح املعنوي‬ ‫علي ف�لا أ�ب���ايل»‪ ،‬وه��ذا م��ا ر َّدده أ�ي�ض ًا كيف تكونون يف ما ت�ست أ�نفون»‪ ..‬وقد‬ ‫ّ‬
‫الن�����س��اين ال���ذي يتم َّثل بفعل اخل�ير‬
‫و إ‬ ‫الم��ام احل�سني (ع) عندما ا�ستقبل دم جاء عن بع�ض أ��صحاب أ�مري امل ؤ�منني‬
‫ر�ضوانه‪ ،‬وذلك هو الفرح أالكرب‪.‬‬ ‫واحلق والعدل مبا يعطي احلياة غنى‪،‬‬
‫إ‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪7‬‬
‫يف ال��ر أ�ي أ�و يف ال�سيا�سة أ�و يف املرجعية‬
‫أ�و يف أ�وائ��ل ال�شهور و أ�واخ��ره��ا‪ ،‬ف���إنّ هذا‬
‫لي�س من التقوى ولي�س من الدين يف �شيء‪.‬‬
‫ال�سالمي ك ّله‪ ،‬ال يف‬ ‫نحن تع َّودنا يف الواقع إ‬
‫ثبوت الهالل والع�صبية‬
‫الواقع ال�شيعي فقط‪ ،‬على االختالف يف‬
‫بدايات ال�شهور ونهاياتها‪ ،‬ولذا ففي بع�ض‬
‫ال�سنوات كان عندنا ثالث بدايات خمتلفة‬
‫ل�شهر رم�ضان؛ فهذا يقول نحن ر أ�ي��ن��اه‬ ‫الت�صال التلفوين‬ ‫�سعيد يف املنزل من خالل إ‬ ‫العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل الله(رض)‬
‫املهم كما قلنا‪،‬‬ ‫وذاك يقول نحن مل ن��ره‪ّ ،‬‬ ‫ف�إن عليه حينئذ أ�ن يخرب بوجوده رغم أ�نه‬ ‫يعتبر «الشهر» ظاهرة زمنية خاضعة لنظام الزمن الكوني ويتكرر حدوثه منذ‬
‫�إنَّ احل ّل الوحيد‪ ،‬والذي انطلقنا فيه من‬ ‫مل ي��ره بعينه ألن العرف يفهم من كلمة‬ ‫خلق الله السموات واألرض في وقت معني ال يزيد وال ينقص أبد ًا وذلك حني يبدأ‬
‫أ��ستاذنا ال�سيد أ�بو القا�سم اخلوئي(رحمه‬ ‫«ر أ�يته « العلم بوجوده ال نف�س م�شاهدته‬ ‫بوالدته باخلروج من ظل األرض املصطلح عليه بـ»احملاق» وحني ينتهي حلظة‬
‫اهلل)‪ ،‬هو أ�نّ م�س أ�لة الهالل لي�س لها أ� ُّي‬ ‫بالعني ب��ل ميكننا ت أ�كيد ه��ذا املعنى من‬ ‫والدة الشهر التالي بعد أن ميضي عليه تسعة وعشرون يوم ًا وحوالي ثالثة عشرة‬
‫ربط بالعيون‪ ،‬بل هي م�س أ�ل ٌة ترتبط بالنظام‬ ‫نف�س احلديث ال�شريف الذي يفيد مطلعه «‬
‫اليقني ال يدخله ال�شك» ب أ�ن املعول عليه يف‬ ‫ساعة ال يتخلف فيها عن موعده الدائم هذا ثانية واحدة منذ أن كان‪.‬‬
‫الكوين فيما يتعلق بالزّمن‪ ،‬ألنّ اهلل تعاىل‬
‫ملا خلق أال�شهر‪ ،‬مل يكن هناك عيون‪ ،‬وال‬ ‫هذا املقام هو حتقق اليقني بوجود الهالل‬ ‫وهو بذلك ظاهرة متكررة الوجود وال‬
‫كان هناك �إن�سان {�إِنَّ ِع َّد َة ُّ‬ ‫و أ�ن ر ؤ�يته بالعني هي �إحدى و�سائل اليقني‬ ‫عالقة لوجودها ب��ر ؤ�ي��ة الب�صر متام ًا‬
‫ال�ش ُهو ِر ِع ْندَ‬ ‫التي كانت متوافرة فلو ح�صل اليقني من‬
‫هلل َي ْو َم َخ َلقَ‬ ‫هلل ا ْث َنا َع َ�ش َر َ�ش ْه ًرا فيِ ِكت ِ‬
‫َاب ا ِ‬ ‫ا ِ‬ ‫ًكما ه��و الليل والنهار ف����إذا �شهد أ�ه��ل‬
‫أ‬ ‫َ‬ ‫طريق �آخر لزم أالخذ به واحلكم مبقت�ضاه‬ ‫اخلربة من الفلكيني الذين يفيد قولهم‬
‫ال�س َما َو ِات َوال ْر َ�ض}(التوبة‪.)36:‬‬ ‫َّ‬ ‫ألن اليقني ال يدخله ال�شك‪.‬‬
‫و نحن نقول � إ َّن��خ بخ�صو�ص م�س أ�لة أ�ول‬ ‫أ‬ ‫الطمئنان ب��والدة الهالل وخروجه من‬ ‫إ‬
‫اللتفاف �إىل �ن��ه اليقت�صر‬ ‫ه��ذا وينبغي إ‬ ‫املحاق فهذا يعني أ�ن الهالل قد وجد يف‬
‫ال�شهر و�آخره ال يرجع �إىل العلماء‪ ،‬ألنهم‬ ‫الختالف بني الفقهاء على اجلانب فقط‬ ‫إ‬
‫لي�سوا أ�ه��ل خ�برة يف ذل��ك‪ ،‬بل يرجع �إىل‬ ‫الكون قطع ًا ولن ننتظر حتى نراه لنحكم‬
‫م��ن ج��وان��ب م��و���ض��وع ث��ب��وت ال��ه�لال فثمة‬ ‫ب��وج��وده علم ًا �إن��ن��ا وم��ن أ�ج���ل ال��زي��ادة‬
‫الفلكيني‪ ،‬ألنهم هم الذين يحدِّ دون لنا متى‬ ‫جانب �آخر هو مو�ضوع وحدة أالفق وتعدده‬
‫ولد الهالل‪ ،‬وهل ميكن ر ؤ�يته أ�و ال ميكن‪.‬‬ ‫يف ت أ�كيد ه��ذا ال��وج��ود ق��د أ��ضفنا �إىل‬
‫وهو الذي يختلف فيه العلماء حتى لو �إتفقوا‬ ‫نف�س التوليد عن�صر ًا �آخ��ر هو �ضرورة‬
‫كل �سنة‪ ،‬عندما نعلن عن‬ ‫ولذلك نحن يف ِّ‬ ‫يف امل�س أ�لة آالن��ف��ة وق��د أ��شرنا يف كالمنا‬
‫الهالل‪� ،‬سواء يف أ� َّول ال�شهر أ�و يف �آخره‪،‬‬ ‫م�ضي ب�ضع ع�شرة �ساعة على حلظة‬
‫آالن��ف �إىل أ�ن ر أ�ينا يف ذلك وح��دة أالفق‬ ‫أ�ن ر ؤ�ية العني مطلوبة بذاتها للحكم ببدء‬ ‫والدت���ه ي�صري خاللها على درج���ة من‬
‫�إنمّ���ا ي��ك��ون ذل��ك بعد ال��رج��وع �إىل أ�ه��ل‬ ‫جلميع البلدان التي ت�شرتك يف جزء من‬ ‫ال�شهر القمري من حيث �إن الر ؤ�ية متثل‬ ‫قوة ال�ضوء جتعله قاب ًال للر ؤ�ية بالعني‬
‫اخل�برة يف ال��ع��امل ك�� ّل��ه‪ ،‬أ�ي بعد ال�� ّرج��وع‬ ‫الليل مهما كان طريق ثبوت بداية ال�شهر‬ ‫بذاتها حالة مو�ضوعية دخيلة يف بداية‬ ‫للناظر �إليه من االر�ض �إذ حينها نحكم‬
‫املتخ�ص�صني وك ّل أ�هل‬ ‫ّ‬ ‫�إىل كل أال�شخا�ص‬ ‫يف حني يرى أ�خرون أ�ن آالفاق تتعدد بتعدد‬ ‫ال�شهر فال يحكم به بدونها حتى مع اليقني‬ ‫ببداية ال�شهر القمري اجلديد فع ًال حتى‬
‫اخلربة‪.‬‬ ‫أ�وقات غروب ال�شم�س فما مل يكن للمنطقة‬ ‫بوالدة القمر وبلوغه درجة عالية من قوة‬ ‫لو مل ير بالعني وذل��ك يف املنطقة التي‬
‫ولكن نحن نرى أ� ّنه �إذا تو َّلد الهالل‪ ،‬وثبت‬ ‫أالخ���رى نف�س وق��ت غ��روب بلد ال��ر ؤ�ي��ة ال‬ ‫ال�ضوء يف حني نرى ال خ�صو�صية للر ؤ�ية‬ ‫ميكن ر ؤ�يته فيها ويف كل منطقة ت�شرتك‬
‫عندنا من خالل أ�هل اخلربة �إمكانية الر ؤ�ية‬ ‫يحكم فيها بثبوت الهالل رغم جتاورهما‬ ‫الب�صرية ب��ذات��ه��ا ب��ل ه��ي جم���رد طريق‬ ‫معها يف جزء من الليل والذي هو حينئذ‬
‫ولو يف بلد نلتقي معه بجزء من الليل‪ ،‬دخل‬ ‫يف املوقع كما و أ�نه ثمة ر أ�ي ًا ثالث ًا لغريهم هو‬ ‫وو�سيلة للتحقق من وج��ود الهالل وثبوت‬ ‫�سي�شمل معظم العامل �إال بلدان ًا قليلة هذا‬
‫ال�شهر‪ ،‬نحن نرى هذا‪ ،‬و آالخرون معذورون‬ ‫أ�ن البالد الواقعة غرب بلد الر ؤ�ية ت�شاركه‬ ‫عنوان ال�شهر ألن ال��ق��ر�آن الكرمي �إعترب‬ ‫الر أ�ي هو نف�س الذي ذهب �إليه �إ�ستاذنا‬
‫يف اجتهاداتهم التي نحرتمها‪.‬‬ ‫يف أالفق دون الواقعة ب�شرقها وهكذا‪.‬‬ ‫ع��ن��وان ال�شهر مو�ضوع ًا للحكم بوجوب‬ ‫ال�سيد أ�بو القا�سم اخلوئي «قده» يف كتاب‬
‫ول��ذل��ك املطلوب أ�ن ي��ق��وم ك��ل واح���د منا‬ ‫يجب أن ال نأخذ بأسباب العصبية‪:‬‬ ‫ال�صوم وهذا العنوان �سيتحقق �سواء ثبت‬ ‫خا�ص له حول هذه امل�س أ�لة لكنه كان قد‬
‫نتع�صب‬ ‫بتكليفه‪ ،‬ولكن ما نريده هو أ�ن ال َّ‬
‫�إنّ علينا عندما تظهر بع�ض االختالفات يف‬ ‫بر ؤ�ية الب�صر أ�و من خالل ال�شهادة القاطعة‬ ‫تويف دون أ�ن يفتي مبقت�ضاه ‪.‬‬
‫أ‬
‫�ضد بع�ضنا البع�ض‪ ،‬وال نخلق فتن ًة‪ ،‬لن‬ ‫الفتاوى أ�و يف وجهات النظر‪ ،‬أ�ن ال ن أ�خذ‬ ‫لعلماء الفلك بتحققه ووجوده وهذا املعنى‬ ‫و أ�م��ا من ذهب �إىل خالف هذا ال��ر�يأ‬
‫ب أ��سباب الع�صب َّية‪ ،‬بل أ�ن نقول �إنّ ِّ‬
‫لكل‬ ‫للر ؤ�ية هو الذي يفهمه منها العرف العام‬
‫الذين ي�صنعون الفتنة يف املجتمع‪� ،‬سوف‬ ‫من العلماء ف�إنهم قد فهموا من احلديث‬
‫�إن�سان تكليفه‪ ،‬وهو يحا�سب عند ر ِّبه‪ ،‬أ�ما‬ ‫فلو قال �شخ�ص أ�خر ‪�»:‬إذا ر أ�يت �سعيدا يف‬ ‫ال�شريف الذي يقول «واليقني ال يدخله‬
‫يعاقبهم اهلل‪.‬‬ ‫ّع�صب �ض ّد الذي يختلف معنا‬ ‫أ�ن نحاول الت ّ‬ ‫منزله ف أ�خربين « و�صادف �إنه علم بوجود‬ ‫ال�شك �صوموا لر ؤ�يته و أ�فطروا لر ؤ�يته «‬

‫التع�صب‪ ..‬م�شكلة واقعنا العربي والإ�سالمي‬


‫هذا ال�سياق‪ ،‬و�إن كل �شخ�ص ُيطلق فكره‬
‫أ�و م�شروع ًا ينبغي أ�ن يكون حمل متابعة‬
‫وم�ساءلة وحما�سبة من النا�س‪ ،‬و�إن من‬
‫حق النا�س أ�ن تنقده‪ ،‬و أ�ن ُت ّفند ر أ�يه‪ .‬ألنه‬
‫لي�س مع�صوم ًا ولي�س مقد�س ًا‪ ،‬وهناك‬ ‫على االع�ت�راف بهم منذ انطالقة هذا‬ ‫الم��ام زين العابدين(ع)‪� :‬إن الع�صبية‬ ‫إ‬ ‫�إن واحدة من أ�عقد و أ�خطر امل�شاكل التي‬
‫فرق بني أ�ن نحرتم هذا ال�شخ�ص وبني‬ ‫احلوار‪ ،‬كما أ�ن أ�ئمة املذاهب مل يريدوا‬ ‫أ‬
‫التي ي�ثم عليها �صاحبها �ن يرى الرجل‬ ‫أ‬ ‫ال�سالمي‪،‬‬ ‫نعي�شها يف واقعنا العربي و إ‬
‫أ�ن نقدّ�سه‪ ،‬وعندما نحرتمه‪ ،‬نحاوره‪،‬‬ ‫للمذاهب أ�ن تتحول �إىل �سجون ي�سجن‬ ‫�شرار قومه خري ًا من خيار قوم �آخرين‪،‬‬ ‫وال���ت���ي ب������د أ�ت ت��ن��ع��ك�����س ع��ل��ى واق��ع��ن��ا‬
‫وجن���ادل���ه‪ ،‬ون���دع���وه �إىل ���س��ل��وك طريق‬ ‫فيها االتباع أ�نف�سهم‪ ،‬بل أ�ن تكون منارات‬ ‫ولي�س من الع�صبية أ�ن ُيحب الرجل قومه‪،‬‬ ‫اللبناين بخطورة مت�صاعدة‪ ،‬تتمثل يف‬
‫ال�صواب‪ ،‬أ�و الطريق أال�صوب‪ ،‬اما عندما‬ ‫حوارية ومواقع علمية‪ ،‬وم�ساحات �إ�سالمية‬ ‫ولكن أ�ن ُيعينهم على الظلم»‪ ...‬وقد أ�دى‬ ‫التع�صب‪ ،‬حيث بد أ�نا نلتقي بجموع من‬
‫ن�ضعه يف منزله القدي�سيني ف�لا ح��وار‬ ‫مفتوحة على م�ستوى أالمة كلها‪.‬‬ ‫ذلك كله �إىل تطويق حركة االنفتاح التي‬ ‫املتع�صبني مذهبي ًا‪ ،‬وحزبي ًا‪ ،‬و�سيا�سي ًا‪،‬‬
‫عندها وال جدال بل تبعية عمياء وع�صبية‬ ‫ل��ق��د أ�دخ��ل��ن��ا التع�صب ل��ل��زع��ام��ات يف‬ ‫ال�سالمي‬ ‫كانت ن�شطة يف واقعنا العربي و إ‬ ‫ومن أ�ولئك الذين يلتزمون أال�شخا�ص‬
‫جوفاء‪ ...‬وعلينا أ�ن نف ّرق بني من هم يف‬ ‫متاهات التقدي�س‪ ،‬تقدي�س ال�سيا�سيني‪،‬‬ ‫قبل عقود‪.‬‬ ‫التزام ًا ع�صبي ًا‪ ،‬فريف�ضون توجيه أ�ي‬
‫مواقع القيادة من خالل �إنفتاحهم على‬ ‫وتقدي�س رجال الدين‪ ،‬ودخل النا�س يف‬ ‫�إن اخلطورة تكمن يف أ�ن بع�ض من التزم‬ ‫نقد لهذه ال�شخ�صية ال�سيا�سية أ�و تلك‬
‫ال���ر أ�ي آالخ���ر‪ ،‬ودع��وت��ه��م آالخ��ري��ن �إىل‬ ‫أ�فخاخ ال�شرك ب��اهلل من ه��ذه النوافذ‪،‬‬ ‫ال��دي��ن يف حركة ال��واق��ع ت أ���ث��ر ب أ��ساليب‬ ‫ال�شخ�صية املذهبية أ�و الدينية‪ ،‬حيث‬
‫نقدهم‪ ،‬وبني من يريد للنا�س أ�ن تهتف‬ ‫ولذلك بات علينا العمل من جديد على‬ ‫حزبية وبطرائق عنفية ترف�ض آالخر على‬ ‫ب��د أ�ن��ا ن�شهد والدة الع�صبيات تعمل‬
‫وت�صفق له كيفما �شاء‪ ،‬ألن على القيادات‬ ‫�إعادة النا�س �إىل ر�شدهم و�إخراجهم من‬ ‫م�ستوى الدين نف�سه‪ ،‬ال بل على م�ستوى‬ ‫على مذهبة ال�سيا�سة وت�سيي�س حركة‬
‫�إذا كانت أ�ه ًال للم�س ؤ�ولية أ�ن تدعو النا�س‬ ‫هذه الذهنية التي متثل الغيبوبة الطائفية‬ ‫املذهب نف�سه‪ ،‬ما ال ميكن ن�سبته للدين‬ ‫ولل�سف ف�إن بع�ض املرجعيات‬ ‫املذهب‪ ،‬أ‬
‫�إىل نقدها كي ت�ستقيم يف خط امل�س ؤ�ولية‬ ‫واملذهبية وال�سيا�سية القاتلة‪.‬‬ ‫ال�سالمي‬ ‫أ�و املذهب‪ ،‬ألننا على امل�ستوى إ‬ ‫الدينية دخلت يف هذه املعمعة مع علمها‬
‫ال�سيا�سية والدينية‪.‬‬ ‫لقد كنت أ�ق���ول وم��ا زل��ت‪ :‬لي�ست بيننا‬ ‫ن ؤ�من با إل�سالم كر�سالة للعاملني‪ ،‬وبالتايل‬ ‫ومعرفتها بحديث الر�سول أالكرم(�ص)‪:‬‬
‫*من حما�ضرة للمرجع ف�ضل اهلل‬ ‫�شخ�صيات مقد�سة‪� ،‬سواء أ�كانت دينية‬ ‫فال ميكن �إي�صال الر�سالة للنا�س كلهم‬ ‫ُع�صب ل��ه خلع ربقة‬ ‫«م��ن تع�صب أ�و ت ّ‬
‫(ر�ض) يف رم�ضان ‪ 1430‬هـ‪.‬‬ ‫أ�م �سيا�سية‪ ،‬مهما �صنع لنا التع�صب يف‬ ‫بعيد ًا من االنفتاح عليهم باحلوار القائم‬ ‫المي���ان من عنقه»‪ ،‬ومعرفتها بحديث‬ ‫إ‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪8‬‬
‫في رحاب الع�شر الأواخر‬ ‫القد�س‪ :‬القدا�سة والرمز‬
‫للعايل‪،‬‬ ‫وتغ ّذ أ� ّيام �شهر رم�ضان �صعود ًا أ‬
‫وت�ش ّد أ��شرعتها اق�تراب�� ًا م��ن ال�شاطئ‪،‬‬
‫فيتعب اجل�سد‪ ،‬و ُي�شرق القلب‪ ،‬وتخبو‬ ‫يف يوم القد�س‪ ،‬نبقى مع ال�سيد‬
‫�سورة امل��ا ّدة‪ ،‬وتتّقد �شعلة ال��روح‪ ،‬وتهد أ�‬ ‫املرجع‪ ،‬الغائب احلا�ضر‪ ،‬الذي‬
‫احلركة‪ ،‬وتتح ّرك امل�شاعر‪.‬‬ ‫وجه البو�صلة اىل فل�سطني‪ ،‬وكانت‬
‫أ‬
‫فعندما تدخل يف رح��اب الع�شر الواخ��ر‬
‫من �شهر رم�ضان‪ ،‬تبد أ� النف�س‪ ،‬وهي يف‬ ‫القد�س دائم ًا يف قلبه وعقله‪ ،‬فبات‬
‫رحلتها ال�صاعدة‪ ،‬تط ّل على �آف��اق من‬ ‫يف قلبها وعقلها‪ ...‬و�صار رمز ًا‬
‫ال�شراق‪ ،‬وف�ضاءات من ال�صفاء‪ ،‬وعلى‬ ‫إ‬ ‫كبري ًا من رموزها‪ ،‬ومدافع ًا �صلب ًا‬
‫رحاب من ال�سناء‪ ،‬و أ�جواء من الر ّقة‪.‬‬ ‫عن ق�ضيتها‪ ،‬التي اعتربها ق�ضية‬
‫وي��ب��د أ� القلب‪ ،‬وه��و يف �إب��ح��اره امليمون‪،‬‬
‫يخفق حم�� ّب��ة‪ ،‬وينب�ض ���س�لام�� ًا‪ ،‬وي��ذوب‬ ‫ا�سالمية مركزية عامة‪..‬‬
‫�إميان ًا وت�سليم ًا‪.‬‬ ‫يف أ�جواء يوم القد�س نبقى مع‬
‫يف هذه الرحلة امل�شرقة من الزمن‪ ،‬ويف‬ ‫مواقف للعالمة املرجع ف�ضل اهلل‬
‫هذا أالم��د املت أ� ّلق من أال ّي��ام‪ ،‬يت�ضاعف‬ ‫(ر�ض) عن القد�س وفل�سطني‪..‬‬
‫اجلهد مع �ضعف اجل�سد‪ ،‬وتزداد احلركة‬
‫أ�ث���ر ًا مل��ا أ����ص��اب امل���ا ّدة م��ن خ��ور ووه��ن‪،‬‬
‫ل��ت��زداد النف�س �إ���ش��راق�� ًا‪ ،‬وي���زدان القلب‬ ‫القد�س رمز لفل�سطني‪:‬‬
‫بالرونق واحليو ّية‪.‬‬ ‫ه��ذا ي��وم ال��ق��د���س ال���ذي أ�ري���د ل��ه أ�ن‬
‫ف���إذا كان �شهر رم�ضان فر�صة للو�صول‬ ‫لت أ�كيد املواجهة ال�شاملة لالحتالل‬ ‫التي تخت�صر الواقع ال�سيا�سي للمنطقة‬
‫�إىل ق ّمة ال�صفو‪ ،‬و أ�عايل النقاء‪ ،‬ومنا�سبة‬ ‫يكون اليوم الذي تبقى فيه القد�س يف‬
‫ال�����ص��ه��ي��وين‪ ،‬ألن ال��ق��د���س لي�ست‬ ‫يف الن�صف أالخري من القرن املا�ضي‬
‫ل��ل��ول��وج �إىل ���ش��اط��ئ ال�����س��ك��ون‪ ،‬و�ساحل‬ ‫ال���س�لام��ي ك��م��وق��ع ميلك‬ ‫ال���وج���دان إ‬
‫أالم��ان‪ ،‬ف���إنّ الع�شر أالواخ��ر من أ� ّيامه‪،‬‬ ‫مدينة يف احل�ساب اجلغرايف‪ ،‬بل هي‬ ‫وما بعده‪ ،‬ولذلك ف�إننا ن ؤ�كد على أ�ن‬
‫القدا�سة يف املفهوم الديني‪ ،‬وكرمز‬
‫هي �آخر ال�شوط يف رحلة ال�صعود‪ ،‬ونهاية‬ ‫منطقة عربية �إ�سالمية يف ح�سابات‬ ‫يتجاوز االهتمام بهذا اليوم الكلمات‬
‫املطاف قبل �إلقاء مرا�سي ال�شراع‪.‬‬ ‫للق�ضية الفل�سطينية الواقعة حتت ت أ�ثري‬
‫الق�ضية الكربى املق ّد�سة يف ال�صراع‬ ‫احلما�سية �إىل التخطيط الدقيق‪،‬‬
‫فيا أ� ّيتها النف�س‪ ،‬ال ت�ست�سلمي للوهن‪،‬‬ ‫اللعبة الدولية من االحتالل ال�صهيوين‬
‫�ضد ال�صهيونية واال�ستكبار العاملي‪،‬‬ ‫ليكون هناك أ�فق �سيا�سي يتطلع �إليه‬
‫وال ترتاجعي أ�م���ام التعب‪ ،‬ب��ل ا�ستقوي‬ ‫لفل�سطني وم���ن ح��رك��ة اال���س��ت��ك��ب��ار‬
‫على اجل�سد‪ ،‬وانت�صري على ال�ضعف‪،‬‬ ‫وال �سيما أالم��ري��ك��ي ال���ذي التزم‬ ‫امل�سلمون للم�ستقبل‪.‬‬
‫أالمريكي ‪ -‬ومعه أ�كرث من دولة ‪ -‬من‬
‫وانطلقي ُ�ص ُعد ًا‪ ،‬وك ّلما خطوت أ�كرث ك ّلما‬ ‫ال�سرائيلية يف ال�سيطرة‬ ‫اخلطة إ‬ ‫وحدها املقاومة يف لبنان التي حررته من‬
‫ارتقيت أ�على‪ ،‬و أ�ط ّليت على مدى أ�رحب‪،‬‬ ‫أ�جل ال�ضغط على الفل�سطينيني لتقدمي‬
‫على فل�سطني كلها ب�شكل مبا�شر‪،‬‬ ‫االحتالل وانفتحت على م�س ؤ�وليتها يف‬
‫فتنهلني من مناهل أالن�����س‪ ،‬وتع ّبني من‬ ‫التنازالت إل�سرائيل على ح�ساب احلق‬
‫ينابيع ال��وج��ود‪ ،‬وتن�صتني �إىل أ�حل��ان‬ ‫وعلى املنطقة ب�شكل غري مبا�شر‪،‬‬ ‫فل�سطني بطريقة وب أ�خرى‪ ،‬واالنتفا�ضة‬
‫ال�سالمي‪.‬‬ ‫العربي و إ‬
‫وتتن�سمني عبري الطهر‪ ،‬وحت ّدقني‬ ‫ال�شوق‪ّ ،‬‬ ‫م��ن خ�ل�ال ال��ت��ح��ال��ف أالم��ري��ك��ي ـ‬ ‫اجلهادية يف فل�سطني التي تواجه �آلة‬
‫بجمال ال�سكينة‪.‬‬ ‫احلرب ال�صهيونية أ‬ ‫فالقد�س رمز لفل�سطني ك ِّلها‪ ،‬فل�سطني‬
‫ال�صهيوين اال�سرتاتيجي الذي يعمل‬ ‫والمريكية بكل قوة‬
‫وحاذري أ�ن يرتاخى جمدافك أ�مام أ�مواج‬ ‫التي اغت�صبها اليهود و أ��ضاعها العرب‬
‫على م�����ص��ادرة ك��ل ال��واق��ع العربي‬ ‫وت�ضحية وا�ست�شهاد ‪ ..‬هاتان احلركتان‬
‫الكرى‪ ،‬و أ�ن��واء ال�سهاد‪ ،‬بل ج�� ّذيف بق ّوة‪،‬‬ ‫وامل�سلمون‪ ،‬وحيكت حولها امل ؤ�امرات‬
‫للمام‪ ،‬فك ّلما اندفعت‬ ‫واندفعي ب�شراعك أ‬ ‫ال���س�لام��ي ال�ستعادة اال�ستعمار‬ ‫و إ‬ ‫اجلهاديتان هما التطوران الكبريان‬
‫الدولية‪ ،‬ويف مقدمتها أ�مريكا و أ�وروبا‬
‫أ�ك�ث�ر‪ ،‬ك ّلما ت���راءت ل��ك �سواحل الندى‪،‬‬ ‫ب�شكل جديد خمتلف عن اال�ستعمار‬ ‫ٍ‬ ‫حل��رك��ة ال��ق��د���س يف انفتاحهما على‬
‫و�شواطئ ال�سنا‪ ،‬فت�شرقني على أ�نقى �صور‬ ‫والكثري من الدول التي �ش ّرعت بقرار‬
‫القدمي‪ ،‬ولكنه أ�خطر منه‪..‬‬ ‫امل�س ؤ�ولية بالو�سيلة الوحيدة للتحرير يف‬
‫احلياة‪ ،‬و أ�روع �آيات الوجود‪.‬‬ ‫م��ن أالمم املتحدة‪ ،‬ا�ستيالء اليهود‬
‫يف الع�شر أالواخر من �شهر ال�صيام‪ ،‬يحلو‬ ‫�إن أالخ���ط���ار امل��ح��ي��ط��ة ب��ن��ا مت ّثل‬ ‫مواجهة االحتالل‪ ،‬ويجب على العاملني‬
‫على فل�سطني‪ .‬و�إذا ك��ان ه ؤ����الء قد‬
‫ال��رك��ون �إىل ال��راح��ة‪ ،‬ويطيب امليل �إىل‬ ‫و�ضع ًا خطري ًا على م�ستوى احلا�ضر‬ ‫ال�سالمي الوقوف معهما يف‬ ‫العربي و إ‬
‫اع��ت�بروا القد�س مو�ضع نقا�ش‪ ،‬ف���إن‬
‫ال��ه��دوء‪ ،‬واال�ست�سالم لل�سكون امل�سيطر‬ ‫وامل�����س��ت��ق��ب��ل‪ ،‬م���ا ي��ف��ر���ض علينا‬ ‫هذه املرحلة وما بعدها من أ�جل تعبئة‬
‫على اجل�سد واحلركة‪.‬‬ ‫الواقع هو أ�نهم يتحركون مع القرارات‬
‫اال�ستعداد بالتخطيط للوحدة على‬ ‫عربية و�إ�سالمية �سيا�سية �ضاغطة‬
‫ولكن‪ ،‬يف نف�س الوقت تت أ� ّلق فيها اخلطى‪،‬‬ ‫ال�سرائيلية يف ذلك‪.‬‬ ‫إ‬
‫الن�سان‬ ‫ويتمجد فيها االن��دف��اع‪ .‬ح��ال إ‬ ‫ّ‬ ‫ج��م��ي��ع امل�����س��ت��وي��ات‪ ،‬ول��ت��ج��دي��د كل‬ ‫على م�صالح اال�ستكبار يف املنطقة على‬
‫لذلك‪ ،‬نحن بحاجة �إىل أ�ن ن�ستعيد‬
‫فيها حال �صاحب البئر وقد خ ّل�صه من‬ ‫عنا�صر القوة يف واقعنا‪ ،‬ومعاجلة‬ ‫والنظمة ‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫�صعيد ال�شعوب أ‬
‫احل�صى واليباب‪ ،‬فلم يبق � إ ّال املاء‪ ،‬فال‬ ‫ذكرى �سقوط القد�س لتبقى يف البال‬
‫كل عنا�صر ال�ضعف فيه‪ ..‬وهذا هو‬ ‫وح��ده هو ال��ذي يدفع ال��دول الداعمة‬
‫يرفع مع كل دلو غري املاء الزالل وال�شراب‬ ‫ال�سالمي‪ ،‬حتى ن�ستعيدها يف امل�ستقبل‬ ‫إ‬
‫الطهور‪.‬‬ ‫وحي القد�س‪ ،‬ألن هذا اليوم لي�س‬ ‫للعدو لتغيري �سيا�ستها مل�صلحة القد�س‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫�إذا ا���س��ت��ط��اع امل�سلمون �ن ي���خ��ذوا‬
‫فيا أ�يتها النف�س‪ ،‬مل يبق يف البئر غري‬ ‫جم��رد منا�سبة للهتاف واالنفعال‬ ‫موقع ًا ورمز ًا وق�ضية و�شعب ًا‪.‬‬
‫املاء النقي‪ ،‬وال�شراب ال�صايف‪ ،‬فانطلقي‬ ‫ب أ��سباب القوة يف حياتهم العامة‪.‬‬
‫واملواقف احلما�سية‪ ،‬ولكنه موقف‬
‫ل�ل�ع��ل��ى وال ت��ت��وق��ف��ي‪ ،‬وج���ذيف ب��ق��وة وال‬‫أ‬ ‫ومل ت��ك��ن امل�������س أ����ل���ة يف ه����ذا ال��ي��وم‬
‫أ‬ ‫ل��ل��ح��رك��ة‪ ،‬وت��خ��ط��ي��ط ل��ل��م��واج��ه��ة‪،‬‬ ‫مواجهة التهديدات‪:‬‬
‫تهد�ي‪.‬‬ ‫جم��رد م�س أ�لة م��ظ��اه��رات و�شعارات‬
‫ل�ل�رادة‪ ،‬ليخرج هذا اليوم‬ ‫وت أ�كيد إ‬ ‫�إن��ن��ا مبنا�سبة ي���وم ال��ق��د���س‪ ،‬ندعو‬
‫واح��ت��ج��اج��ات‪ ،‬ب��ل ه��ي م�س أ�لة تفكري‬
‫يو�سف نور الدين‬ ‫من الدائرة ال�ض ّيقة للزمن‪ ،‬ليكون‬ ‫ال�سالمي‬
‫�إىل تعبئة العامل العربي و إ‬
‫ال���س�لام��ي للم�شكلة‬ ‫وتخطيط للحل إ‬
‫يف حجم الزمن كله‪.‬‬ ‫إلن��ت��اج املوقف اجلديد ال��ذي يخطط‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪9‬‬
‫االمام الح�سن(ع) ‪ ..‬علم و�أخالق النبوة‬ ‫خطبة اجلمعة‬
‫وخ�بر من‬ ‫ال���س�لام و�إب��ق��اءه ق��و ّي�� ًا‪َ ..‬‬
‫ه ّ��م إ‬
‫التصدّ ي ألمور املجتمع‪:‬‬ ‫أ�بيه احلكمة يف القرار امل�س ؤ�ول؛ فاملهادنة‬
‫الم����ام احل�����س��ن(ع) من‬ ‫وه��ك��ذا انتقل إ‬ ‫ال�سالم ذلك‪،‬‬ ‫خيار �إذا اقت�ضت م�صلحة إ‬
‫أ‬
‫الكوفة‪ ،‬مركز خالفة �بيه‪� ،‬إىل املدينة‪،‬‬ ‫وهي عنوان ق ّو ٍة ال �ضعف‪ ،‬أ� ّما �إذا اقت�ضت‬
‫يل‪ ،‬و�إ�صالح االنحراف‬ ‫ملتابعة دوره ال ّر�سا ّ‬ ‫ال���س�لام احل���رب‪ ،‬فموقعه يف‬ ‫م�صلحة إ‬
‫�سالمي العام‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ا ّلذي و�صل �إليه الواقع إ‬
‫ال‬ ‫مقدّمة اجلي�ش‪.‬‬
‫المام(ع) يعلم حجم الف�ساد ا ّلذي‬ ‫كان إ‬ ‫���ي(ع) ي���رى يف احل�����س��ن(ع)‬ ‫وك����ان ع���ل ّ‬
‫�آل���ت �إل��ي��ه الم���ور يف جمتمع امل�سلمني‪،‬‬ ‫أ‬ ‫موقع ًا متقدّم ًا يف العلم واحلكمة وح�سن‬
‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫ويدرك حجم ال َّنق�ص يف البناء‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫الدارة للواقع‬ ‫للمور‪ ،‬و إ‬ ‫التّدبري أ‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫ال�سيا�سي الذي � َّدى‬ ‫ّ‬ ‫وحي ويف الوعي‬ ‫وال ّر ّ‬ ‫واالج��ت��م��اع ّ��ي‪ ،‬ل��ذا ك��ان يعتمد عليه يف‬
‫�إىل ما أ� َّدى �إليه‪ ،‬فق َّدم من خالل �سلوكه‬ ‫ال�صعبة‪ .‬وعندما كان امل�سلمون‬ ‫امله ّمات ّ‬
‫و أ�خالقه ومواقفه‪� ،‬إ�ضاف ًة �إىل علمه‪ ،‬حيث‬ ‫يق�صدونه(ع) ليجيبهم عن بع�ض امل�سائل‬
‫كان مق�صد ًا للعلماء من ك ّل أ�نحاء العامل‬ ‫وح�� ّل بع�ض امل�شاكل‪ ،‬كان ير�شدهم �إىل‬
‫�سالمي ومهبط أ�فئدتهم‪ ،‬قدّم أ�منوذج ًا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫احل�سن(ع)‪.‬‬
‫المام زين العابدين(ع) حني‬ ‫أ��شار �إليه إ‬ ‫أ�لقى �سماحة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬خطبتي �صالة اجلمعة‪ ،‬من على منرب م�سجد‬
‫قال عنه‪« :‬ك��ان احل�سن أ�عبد ال ّنا�س يف‬ ‫ال�صلح مع معاوية ‪:‬‬ ‫أ�بعاد ّ‬ ‫عدد من ال�شخ�ص ّيات العلمائ ّية‬
‫المامني احل�سنني(ع) يف حارة حريك‪ ،‬بح�ضور ٍ‬ ‫إ‬
‫زمانه‪ ،‬و أ�زهدهم و أ�ف�ضلهم‪ ...‬وكان(ع)‬ ‫ؤ‬
‫وا�ست�شهد أ�م�ير امل���م��ن�ين(ع)‪ ،‬فانتقلت‬ ‫ؤ‬
‫وال�سيا�س ّية واالجتماع ّية‪ ،‬وح�شدٍ من امل�منني‪ ،‬ومما جاء يف اخلطبة العبادية التي‬
‫�إذا قام يف �صالته‪ ،‬ترتعد فرائ�صه بني‬ ‫المام احل�سن(ع)‬ ‫المامة �إىل إ‬‫م�س ؤ�ول َّية إ‬ ‫أ�لقيت بتاريخ ‪ 17‬رم�ضان ‪1431‬ه‪:‬‬
‫يدي ر ِّبه ع َّز وج ّل‪ ..‬وكان �إذا ذكر اجل َّنة‬ ‫‪ ،‬وكانت احل��رب التي ُفر�ضت على أ�بيه‬
‫ال�سليم‪،‬‬ ‫وال�� َّن��ار‪ ،‬ا���ض��ط��رب ا���ض��ط��راب َّ‬ ‫ع��ل ّ��ي(ع) ال ت��زال مفتوح ًة م��ع معاوية‪،‬‬ ‫كان وهو ابن �سبع �سنني‪ ،‬يح�ضر جمل�س‬
‫و�س أ�ل اهلل اجل َّنة‪ ،‬وتع َّوذ به من ال َّنار‪..‬‬ ‫فدر�س احل�سن(ع) الو�ضع ج ِّيد ًا‪ ،‬ووجد‬ ‫ربيب رسول الله‪:‬‬
‫ر�سول اهلل‪ ،‬في�سمع ما ج��اء به الوحي‪،‬‬ ‫قال اهلل تعاىل يف كتابه املجيد‪ �ِ } :‬إ مَّ َن��ا‬
‫وكان ال يقر أ� من كتاب اهلل ع َّز وج ّل‪{ :‬يا‬ ‫أ�نَّ املعركة مع معاوية لن تكون رابح ًة لو‬ ‫فيحفظه‪ ،‬وي أ�تي �إىل أ� ّمه الزّهراء‪ ،‬فيلقي‬ ‫ُي ِ��ري�� ُد اللهَّ ُ ِل ُي ْذ ِه َب َعن ُك ُم ال ِّر ْج َ�س َأ� ْه َ��ل‬
‫هم‬ ‫أ� ّيها ا ّلذين �آمنوا‪� }...‬إال قال‪ :‬ل ّبيك ال ّل َّ‬ ‫انطلق بها‪ ،‬ب�سبب التَّعقيدات ا ّلتي كانت‬ ‫يتعجب‬
‫لها ما حفظه‪ ..‬وك��ان ع��ل ّ��ي(ع) َّ‬ ‫{(الحزاب‪:‬‬ ‫ا ْل َب ْي ِت َو ُي َط ِّه َر ُك ْم ت َْطهِ ري ًا أ‬
‫ل َّبيك‪ ،»...‬أل ّنه كان ي�شعر ب أ�نّ اهلل يناديه‬ ‫موجود ًة يف املجتمع �آن��ذاك‪ ،‬واملال ا ّلذي‬ ‫عندما يجد عندها علم ًا مبا ن��زل على‬
‫آالن‪.‬‬ ‫أ�غدقه معاوية‪ ،‬وجي�شه املنهك باحلروب‬ ‫‪.)33‬‬
‫ر�سول اهلل(�ص)‪ ،‬دون أ�ن تكون حا�ضر ًة‬ ‫الطاهر‬ ‫أ‬
‫ه��و واح��� ٌد م��ن �ه��ل ه��ذا البيت ّ‬
‫الم�����ام(ع) م��ن خ�لال ه��ذا اجل�� ّو‬ ‫أ�راد إ‬ ‫الم��ام ق��راره‪ ،‬و أ�وق��ف‬
‫الطويلة‪ .‬فاتّخذ إ‬ ‫ّ‬ ‫يف امل�سجد‪ ،‬في�س أ�لها عن ذل��ك‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫ا ّلذين أ�ذهب اهلل عنهم ال ّرج�س وط ّهرهم‬
‫ال�� ّروح ّ��ي‪ ،‬أ�ن ي��ر ِّب��ي ال�� َّن��ا���س على كيف َّية‬ ‫من ولدي احل�سن‪...‬‬
‫ذكر اهلل‪ ،‬ف�إذا ذكروه‪ ،‬أ�ن ال يذكروه ذكر‬ ‫ونحن نستعيد ذكرى والدة‬
‫لعلي وفاطمة(ع)‪،‬‬ ‫تطهري ًا‪ ..‬وهو أ� َّول وليدٍ ٍّ‬
‫الغافلني‪ ،‬و�إذا قر ؤ�وا القر�آن‪ ،‬أ�ن ال يقر ؤ�وه‬ ‫�سبط لل ّر�سول(�ص)‪ ،‬وث��اين أ�ئ ّمة‬ ‫و أ� ّول ٍ‬
‫اإلمام احلسن(ع)‪ ،‬نشعر كم نحن‬ ‫في مدرسة فاطمة وعليّ ‪:‬‬ ‫علي(ع)‪،‬‬ ‫المام احل�سن بن ّ‬ ‫الهدى؛ � إ ّنه إ‬
‫قراءة الالمبالني‪ ،‬و�إذا ذكروا املرور على‬ ‫بحاجةٍ لنستحضر كلَّ سيرته‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫وع��ا���ش احل�����س��ن(ع) م��ع ال��زه��راء ال ّم‪،‬‬
‫ال�صراط والوقوف بني يدي اهلل‪ ،‬أ�ن ال‬ ‫ا ّلذي التقينا بذكرى والدته يف اخلام�س‬
‫ِّ‬ ‫املدر�سة والقدوة‪ .‬كان يتط ّلع �إليها وهي‬ ‫ال�سنة‬
‫ال�ساهني‪ ،‬بل �نأ‬ ‫مي�� ّروا على ذلك م��رور ّ‬
‫الغنيَّة‪ ،‬فنتعلَّم منه كيف ننزع‬ ‫ع�شر من �شهر رم�ضان املبارك يف ّ‬
‫والش ّر من نفوس اآلخرين‪،‬‬
‫احلقد ّ‬ ‫تقوم ال ّليل وتدعو للم ؤ�منني وامل ؤ�منات وال‬ ‫ال ّثالثة للهجرة‪ ،‬يف املدينة املن ّورة‪.‬‬
‫ي�شعروا باخلوف من املوقف املهيب بني‬ ‫تدعو لنف�سها‪ ،‬حتى �س أ�لها‪« :‬يا أ� َّم��اه‪ ،‬مل‬
‫��وم ال َي ْن َف ُع م��ا ٌل وال َب�� ُن��ون* �إال‬ ‫ونحوّل األعداء منهم إلى أصدقاء‪،‬‬ ‫ال�سبع أالوىل‪ ،‬تر ّبى احل�سن(ع)‬ ‫يف �سنيه ّ‬
‫يديه }ي َ‬ ‫ال تدعني لنف�سك كما تدعني لغريك؟»‪،‬‬ ‫يف ح�ضن ج��دّه ر�سول اهلل(���ص)‪ ،‬ا ّلذي‬
‫ليم{(ال�شعراء ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َم��نْ أ�تَ��ى َ‬
‫اهلل ِب َق ْل ٍب َ�س‬ ‫ونزيل التوتّر واالنفعال من ساحة‬ ‫بني‪ ،‬اجلار ثم الدّار»‪.‬‬ ‫فقالت له‪« :‬يا ّ‬ ‫���ب‪ ،‬و أ�ح��اط��ه‬ ‫أ�ح�� ّب��ه ك أ�على م��ا يكون احل ّ‬
‫‪88‬ـ‪َ } ،)89‬ي ْو َم َت ْأ� ِتي ُك ُّل َنف ٍْ�س تجُ َ ا ِد ُل َعن‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫علي وفاطمة‬ ‫أ� ُّي بيت هو هذا البيت؟ بيت ّ‬
‫َّنف ِْ�س َها{(ال ّنحل‪.)111 :‬‬ ‫برعايته ك أ�على ما تكون ال ّرعاية‪ ،‬كما‬
‫واحل�����س��ن واحل�����س�ين ا ّل���ذي يفي�ض ح ّباً‬ ‫أ�ح����اط م��ن ب��ع��ده أ�خ����اه احل�����س�ين(ع)‪،‬‬
‫َّ‬ ‫أ‬
‫المام احل�سن(ع)‪� ،‬نه كان‬ ‫وتنقل �سرية إ‬ ‫احل��رب و�صالح معاوية‪� ،‬صاحله ال على‬ ‫لل ّنا�س‪ ..‬و أ� ّي عائلة هي تلك العائلة ا ّلتي‬
‫�إذا دخ��ل امل�سجد‪ ،‬ال يدخله كما يدخل‬ ‫وطبعهما ب�شخ�ص ّيته ال ّر�سال ّية وعظيم‬
‫أ��سا�س االعرتاف ب�شرع َّية خالفته ا ّلتي ال‬ ‫تتد ّفق منها ينابيع العطاء‪ ،‬و�شعارها‪:‬‬ ‫أ�خالقه‪ ،‬حتّى قال عنهما‪« :‬ح�سن م ّني‬
‫الواحد م ّنا �إىل بيته‪ ،‬فكان يقف بباب‬ ‫ال�سالم َّية‪،‬‬ ‫متلك أ� َّي أ� ٍ‬
‫�سا�س من ّ‬
‫ال�شرع َّية إ‬ ‫} ِ� إ مَّ َنا ُن ْط ِع ُم ُك ْم ِل َو ْج ِه اللهَِّ لاَ ُن ِري ُد ِمن ُك ْم‬ ‫و أ�ن��ا من ح�سن‪ ....‬ح�سني م ّني و أ�ن��ا من‬
‫ال�سماء ويقول‪:‬‬ ‫امل�سجد‪ ،‬ويرفع ر أ��سه �إىل ّ‬ ‫بل كون ال ّنتائج ال�سلب ّية للمعركة كثرية‬ ‫الن�سان‪ )9 :‬؟‪ ..‬و أ� ّي‬ ‫َجزَ اء َولاَ ُ�ش ُكور ًا{( إ‬ ‫ح�سني»‪.‬‬
‫«�إلهي �ضيفك ببابك ـ م�سكينك ببابك‪،‬‬ ‫جد ًا‪ ،‬وثمنها �سيكون باهظ ًا على امل�سلمني‪،‬‬ ‫��ام هو أ�على من ه��ذا الو�سام الذي‬
‫فقريك ببابك ـيا حم�سن قد أ�تاك امل�سيء‪،‬‬ ‫و���س ٍ‬ ‫ويف أ�ك��ث��ر م���ن ح���دي���ث‪ ،‬أ� َّك������د ر���س��ول‬
‫الطليعة‬‫خ�صو�ص ًا عندما ت�سقط ك�� ّل ّ‬ ‫ح�صلت عليه‪َ } :‬و َجزَ اهُ م مِ َبا َ�صبرَ ُ وا َج َّن ًة‬ ‫اهلل(�ص) و أ�مام ال َّنا�س‪ ،‬حم ّبته للح�سن‬
‫فتجاوز ع��ن قبيح م��ا عندي بجميل ما‬ ‫ال�سالم ّية املعار�ضة ا ّلتي يع ّول عليها بك ّل‬
‫إ‬ ‫الن�سان‪.)12:‬‬ ‫َو َح ِرير ًا{( إ‬
‫عندك‪ ،‬يا كرمي‪.»...‬‬ ‫واحل�������س�ي�ن(ع)‪ ،‬وم��وق��ع��ه��م��ا يف ال�� ّدن��ي��ا‬
‫نه�ضة م�ستقبل ّية مرتقبة‪.‬‬ ‫علي أالب‪ ،‬ذلك القلب الكبري‪ ،‬وباب‬ ‫أ� ّما ّ‬ ‫و آالخرة‪ ،‬لتنعك�س حم َّب ًة و�إجال ًال لهما يف‬
‫� إ ّنه الدّخول الواعي �إىل امل�سجد‪ ،‬امل�سجد‬ ‫الم��ام �ضعيف ًا كما راح البع�ض‬ ‫مل يكن إ‬ ‫مدينة علم ال ّر�سول‪ ،‬وقدوة املجاهدين‪،‬‬
‫ا ّل��ذي ال حت��دّه ج��دران��ه‪ ،‬بل ميت ّد وا�سع ًا‬ ‫نفو�س امل�سلمني‪ ،‬ولتظهر طبيعة دورهما‬
‫يتح َّدث‪ ،‬وهو ا َّلذي خربته احلروب‪ ،‬لك َّنه‬ ‫فقد أ�عطى ولده من عقله وفكره وجهاده‬ ‫يل يف امل�ستقبل‪« :‬ه���ذان ابناي‪،‬‬ ‫ال�� ّر���س��ا ّ‬
‫الل��ه�� ّي��ة‪ ،‬والعطاء‬ ‫يف ك�� ّل �آف���اق ال ّرحمة إ‬ ‫القوي ا ّلذي ر أ�ى امل�صلحة إ‬
‫ال�سالم َّية يف‬ ‫ّ‬ ‫الكثري الكثري‪ ،‬فانطلق احل�سن معه‪� ،‬آخذ ًا‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الالحمدود‪.‬‬ ‫حب من يح ّبهما»‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫هما‬ ‫ب‬‫هم �إنيّ ّ‬
‫ح‬ ‫�‬ ‫ال ّل ّ‬
‫أ�ن ي�صالح‪ ،‬كي تهد أ� أال َّمة‪ ،‬وي�ساهم هذا‬ ‫منه ذوب��ان��ه يف اهلل‪ ،‬و�شجاعته و�صربه‬ ‫«احل�����س��ن واحل�����س�ين �إم���ام���ان ق��ام��ا �وأ‬
‫وه��ك��ذا أ� ّي��ه��ا الح��� ّب���ة‪ ،‬مل يقت�صر دور‬
‫أ‬ ‫موي‪،‬‬‫الهدوء يف تعريفها حقيقة ال ّنظام أال ّ‬ ‫و أ�خالقه و�إميانه‪..‬‬
‫الم�������ام(ع) ع��ل��ى ب��ن��اء ع�لاق��ت��ه ب��اهلل‪،‬‬ ‫قعدا»‪« ..‬احل�سن واحل�سني �س ّيدا �شباب‬
‫إ‬ ‫الظروف ملرحل ٍة قادم ٍة �سيقوم بها‬ ‫ولتهيئة ّ‬ ‫الم���ام احل�سن(ع) م��ع أ�بيه أ�مري‬ ‫ن� أش� إ‬ ‫أ�هل اجل ّنة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب��ل �سعى يف خ��دم��ة ال��ن��ا���س وااله��ت��م��ام‬ ‫احل�سني(ع)‪.‬‬ ‫امل ؤ�منني(ع)‪ ،‬وكان ال يرى حوله ه ّم ًا �إال‬ ‫المام احل�سن(ع)‪ ،‬أ� ّنه‬ ‫وقد ورد يف �سرية إ‬

‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬ ‫‪10‬‬


‫واعلم أ� ّنك ال تك�سب من املال �شيئ ًا فوق‬ ‫أ�ف�ضل ما نلت يف دنياك بلوغ ل�� ّذ ٍة أ�و‬ ‫و�سب أ�باه لعقد ٍة تر ّبى عليها‪،‬‬ ‫ا ّلذي �س ّبه ّ‬ ‫بحاجاتهم و� ؤش�ونهم‪ ،‬فكان ال يق�صده‬
‫ق ّوتك �إال كنت فيه خازن ًا لغريك»‪.‬‬ ‫�شفاء غيظ‪ ،‬بل �إطفاء باطل أ�و �إحياء‬ ‫الم��ام(ع) باالبت�سامة والتّكرمي‬ ‫فبادره إ‬ ‫حمتاج �إال وخرج ب أ�كرث مما يرغب‪..‬‬
‫حقّ »‪..‬‬ ‫وا�ست�ضافه ثالثة أ� ّي��ام‪ ،‬فخرج من عنده‬ ‫املوجهة‪:‬‬
‫األخالقيَّة ِّ‬
‫المام احل�سن �إحياء قيمة‬ ‫ونتع ّلم من إ‬ ‫وهو يقول العبارة امل�شهورة‪ « :‬أ��شهد أ� ّنك‬ ‫ال�سيا�سة كما‬ ‫وعندما قيل له‪ :‬ع ِّرف لنا ِّ‬
‫بخط اإلمام(ع)‪:‬‬ ‫االلتزام ّ‬ ‫آ‬
‫الح�سا�س ب�إن�سان ّية الخ��ر‪ ،‬وال �س َّيما‬ ‫إ‬ ‫خليفة اهلل يف أالر����ض‪ ،‬اهلل أ�علم حيث‬ ‫تراها‪ ،‬وهو كان ال يراها �إال خدم ًة لل ّنا�س‪،‬‬
‫الم����ام احل�����س��ن‪َّ ،‬‬
‫ال�صابر‪،‬‬ ‫ه��ذا ه��و إ‬ ‫�إذا كان آالخر فقري ًا م�ست�ضعف ًا‪ ،‬ال حول‬ ‫يجعل ر�سالته‪ ..‬لقد كنت و أ�ب��وك أ�بغ�ض‬ ‫فقال‪« :‬هي أ�ن ترعى حقوق اهلل‪ ،‬وحقوق‬
‫والطائع لر ِّبه‪ ،‬ا ّل��ذي أ�خل�ص‬
‫العابد‪َّ ،‬‬ ‫لل�سف‪ ،‬ي�ضطهد‬ ‫له وال ق ّوة‪ ،‬وا ّل��ذي‪ ،‬أ‬ ‫���ب اخللق‬ ‫يل‪ ،‬و آالن أ�ن��ت أ�ح ّ‬ ‫خلق اهلل � إ ّ‬ ‫أالح��ي��اء‪ ،‬وحقوق أالم���وات‪ ،‬ف أ� َّما حقوق‬
‫حياته هلل‪ .‬فهل لنا‪ ،‬نحن ا ّلذين نلتزم‬ ‫يف كثري من أالحيان‪ ،‬لفقره ولو�ضاعة‬ ‫�إ ّ‬
‫يل»‪..‬‬ ‫اهلل‪ ،‬ف أ�داء ما طلب‪ ،‬واالجتناب ع َّما نهى‬
‫ن�سبه ولدون ّية موقعه‪ ،‬رغم أ� ّنه قد يكون‬ ‫أ� ُّيها الح َّبة‪ :‬ونحن ن�ستعيد ذكرى والدة‬ ‫أ‬ ‫ـ ويف ذلك خدمة لل َّنا�س وللحياة ـ و أ� َّم��ا‬
‫ب�إمامته‪ ،‬أ�ن نف ِّكر كيف نكون يف حياتنا‬ ‫يف الق ّمة ب أ�خالقه و�إميانه وتقواه‪ ،‬وهذا‬ ‫المام احل�سن(ع)‪ ،‬ن�شعر كم نحن بحاج ٍة‬ ‫إ‬ ‫حقوق أالح��ي��اء‪ ،‬فهي أ�ن تقوم بواجبك‬
‫خطه‪ ،‬حتّى تكون عالقتنا به عالقة‬ ‫يف ّ‬ ‫الم��ام يف حديثه‪« :‬من‬ ‫ما أ��شار �إليه إ‬ ‫لن�ستح�ضر كل �سريته الغن َّية‪ ،‬ن�ستدعي‬ ‫َّ‬ ‫نحو �إخوانك‪ ،‬وال تت أ� َّخر عن خدمة أ� َّمتك‪،‬‬
‫العمل وامل�س ؤ�ول َّية‪ ،‬أ�و نكون بعيدين عن‬ ‫أ�راد ع ّز ًا بال ع�شرية‪ ،‬وهيب ًة من غري‬ ‫منها ما يعيننا على أ�مر جمتمعنا اليوم‪،‬‬ ‫يل أالمر ما أ�خل�ص أل َّمته‪،‬‬ ‫و أ�ن تخل�ص لو ِّ‬
‫ال�صورة ا ّلتي أ��شار �إليها عندما قال‬ ‫ّ‬ ‫�سلطان‪ ،‬وغنى من غري مال‪ ،‬وطاع ًة‬ ‫حيث طغيان أاله��واء‪ ،‬و�سيطرة امل�صالح‬ ‫و أ�ن ترفع عقريتك ـ �صوتك ـ يف وجهه‬
‫ذل مع�صي ِة‬ ‫من غري بذل‪ ،‬فليتح َّول من ِّ‬ ‫ال��ذات�� َّي��ة‪ ،‬وب����روز ال��ع�����ص��ب�� َّي��ات العمياء‬ ‫وي‪ .‬و أ� ّم��ا‬‫ال�س ّ‬
‫الطريق ّ‬‫�إذا ما ح��اد عن ّ‬
‫له رجل‪� :‬إنيّ من �شيعتكم يا بن ر�سول‬ ‫اهلل �إىل عزِّ طاعته»‪�} ،‬إنَّ َأ� ْك َر َمك ْم ِعندَ‬
‫ُ‬ ‫المام كيف ميكن أ�ن‬ ‫والفنت‪ ،‬فنتع َّلم من إ‬ ‫أ‬
‫حقوق أالم��وات‪ ،‬فهي �ن تذكر خرياتهم‬
‫الم����ام(ع)‪« :‬ي��ا عبد‬ ‫اهلل‪ ..‬فقال له إ‬ ‫اللهَِّ َأ� ْت َقا ُك ْم{(احلجرات‪..)13 :‬‬ ‫وال�ش ّر من نفو�س آالخرين‪،‬‬ ‫ننزع احلقد ّ‬ ‫وتتغا�ضى عن م�ساوئهم‪ ،‬ف���إنّ لهم ر ّب�� ًا‬
‫اهلل‪� ،‬إن كنت لنا يف أ�وامرنا وزواجرنا‬ ‫و أ�خري ًا‪ ،‬ال ب َّد لنا من أ�ن ن�ستعيد و�ص َّيته‬ ‫أ‬
‫ونح ّول أالعداء منهم �إىل ��صدقاء‪ ،‬ونزيل‬ ‫يحا�سبهم»‪.‬‬
‫مطيع ًا فقد �صدقت‪ ،‬و�إن كنت بخالف‬ ‫ال�شهر املبارك‪،‬‬ ‫ونحن يف أ�ج��واء هذا َّ‬ ‫ال��ت��و ّت��ر واالن��ف��ع��ال م��ن �ساحة حياتهم‪،‬‬ ‫الم���ام(ع) من يختلفون‬ ‫وعندما واج��ه إ‬
‫الم��ام يعظ به‬ ‫لنعظ أ�نف�سنا مبا كان إ‬ ‫بحيث نتح َّرك م��ن حيث حت��� َّرك‪َ } :‬ولاَ‬ ‫معه‪ ،‬مم��ن ك��ان��وا ي�شتمونه أ�و ي�س ّبونه‬
‫ذل���ك‪ ،‬ف�لا ت��زد يف ذن��وب��ك ب��دع��واك‬ ‫أ��صحابه‪ ،‬فيقول‪« :‬ا�ستع َّد ل�سفرك‪،‬‬ ‫لعقد ٍة يف نفو�سهم‪ ،‬ع ّلم أ� ّمته أال�سلوب‬
‫ت َْ�س َت ِوي الحْ َ َ�س َن ُة َولاَ َّ‬
‫ال�س ِّي َئ ُة ا ْد َف ْع ِبا َّل ِتي ِه َي‬
‫مرتب ًة �شريف ًة ل�ست من أ�هلها»‪.‬‬ ‫وح�صل زادك قبل حلول أ�جلك‪ ،‬واعلم‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬
‫َأ� ْح َ�سنُ َف ِ�إ َذا ا َّل ِذي َب ْي َن َك َو َب ْي َن ُه َعدَ ا َو ٌة َك� َّن ُه‬
‫َ‬ ‫أالمثل يف التّعامل مع ه ؤ�الء‪ ،‬ومت ّثل ذلك‬
‫أ� َّن��ك تطلب الدّنيا وامل��وت يطلبك‪...‬‬ ‫{(ف�صلت‪« ..)34 :‬ال يكن‬ ‫ّ‬ ‫َوليِ ٌّ َحمِ ي ٌم‬ ‫امي‬‫ال�ش ّ‬ ‫من خالل �سلوكه مع ذلك ال ّرجل ّ‬

‫القد�س تتعر�ض لأب�شع عملية ا�ستالب وم�س�ؤولية الأمة �أن تعيدها �إلى الذاكرة‬ ‫اخلطبة السياسية‬

‫ا�ستعادة أ�ر�ضه امل�سلوبة‪..‬‬ ‫ت��زداد فيه م أ��ساة امل�سلمني يف باك�ستان‬ ‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬والتي أ�كدت على عدم‬ ‫في رحاب يوم القدس ‪:‬‬
‫�إننا ـ و أ�م��ام هذا الو�ضع اجلديد الذي‬ ‫بفعل الفيا�ضانات التي �شردت املاليني‬ ‫ق���درة ال��ع��د ّو على الف�صل ب�ين العمل‬ ‫��س‬ ‫�‬ ‫��د‬ ‫ق‬ ‫��‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫���وم‬ ‫ن��ق��ف ال��ي��وم م��ع ذك����رى ي‬
‫ُي��راد فيه للمقاومة أ�ن تبقى يف موقع‬ ‫م��ن دون أ�ن تنطلق ق��واف��ل امل�ساعدات‬ ‫المام اخلميني يف اجلهادي يف غزة وال�ضفة الغربية‪ ،‬والتي‬ ‫العاملي‪ ،‬الذي أ�علنه إ‬
‫آ‬
‫الدفاع عن نف�سها ـ ندعو جميع املعنيني‬ ‫ال�سالمية لرفع احليف وكاهل اجلوع‬ ‫إ‬ ‫�خر جمعة من �شهر رم�ضان‪ ،‬لندعو اىل ت ؤ�كد على بقاء فل�سطني �ساحة واحدة‬
‫ل��ل��خ��روج م��ن دائ����رة �إط��ل�اق ال��ن�يران‬ ‫عن آالالف امل ؤ� ّلفة‪ ،‬واملاليني الكثرية من‬ ‫ال�سالمي‪ ،‬إلنتاج للعمل على م��واج��ه��ة غطر�سة الكيان‬ ‫تعبئة العامل العربي و إ‬
‫العالمية عليها‪ ،‬وتوجيه‬ ‫ال�سيا�سية و إ‬ ‫جيو�ش الفقراء وامل�ست�ضعفني هناك‪..‬‬ ‫ال�صهيوين وم�شاريعه‪.‬‬ ‫ال�شاملة‬ ‫للمواجهة‬ ‫املوقف الذي يخطط‬
‫تلك النريان �إىل العدو ال��ذي يرت ّب�ص‬ ‫و�إننا بهذه املنا�سبة‪ ،‬جندد الدعوة اىل‬ ‫ل�لاح��ت�لال ال�صهيوين‪ ،‬على خمتلف‬
‫والمنية‪ ،‬تراجع االحتالل‪:‬‬ ‫امل�ستويات الثقافية وال�سيا�سية أ‬
‫لليقاع باللبنانيني يف‬ ‫ويتح�ضر إ‬ ‫ّ‬ ‫بالبلد‪،‬‬ ‫�ضرورة الوقوف مع ال�شعب الباك�ستاين‬ ‫لعودة كل فل�سطني اىل أ�هلها‪ ،‬و أ�ن ال ولي�س بعيد ًا من القد�س نطل على الو�ضع‬
‫لعبة الفتنة الكربى التي ميار�س فيها‬ ‫للتخفيف م��ن �آالم امل�ست�ضعفني فيه‬ ‫ال�سالمي الذي يحاول التفلت‬ ‫يقت�صر احلديث عن القد�س ليتحدث العربي و إ‬
‫البع�ض دور �إ���ش��ع��ال ع��ود ال��ث��ق��اب يف‬ ‫وعذاباتهم‪ ،‬الذين ال يجدون امل أ�وى و�سبل‬ ‫بعد ذل��ك عن ت�سوية لو�ضعها ُالديني من قيود امل�ستكربين واملحتلني يف أ�كرث‬
‫أ�لعاب نارية ال يعرف مدى خطورتها‪ ،‬أ�و‬ ‫العي�ش الكرمي‪ ،‬ولنتذ ّكر قول ر�سول اهلل‬ ‫أ�و ال�سيا�سي‪ ،‬ألن القد�س لي�ست مدينة م��ن م��وق��ع وخ�����ص��و���ص�� ًا يف أ�فغان�ستان‬
‫يتعامى عن ذلك بطريقة غري م�س ؤ�ولة‬ ‫(����ص)‪« :‬م��ن مل يهتم ب أ���م��ور امل�سلمني‬ ‫يف احل�ساب اجلغرايف‪ ،‬بل هي الرمز وال��ع��راق‪ ،‬حيث يعجز ه ؤ���الء عن ت أ�مني‬
‫جند فيها الكثري من الرعونة واخل ّفة‪.‬‬ ‫والعنوان للق�ضية الفل�سطينية التي هي اال���س��ت��ق��رار جل��ن��وده��م‪ ،‬وح��ي��ث ب���د أ�ت‬
‫و�إننا يف الوقت الذي ن�شد فيه على أ�يدي‬ ‫ندعو جميع املعنيني للخروج من‬ ‫أ�م الق�ضايا العربية وال�سالمية‪ ،‬كما عملية الرتاجع أالطل�سي التي �ستتواىل‬
‫كل الذين يعملون على و أ�د هذه الفتنة‬ ‫دائرة إطالق النيران السياسية‬ ‫ّهي رمز لكل مقدّ�س يد َّن إ�س‪ ،‬ولكل موقع ف�صو ًال‪ ،‬والتي ي�صاحبها انتقام متوا�صل‬
‫التي يراد لها أ�ن ت�ستعر من خالل الذين‬ ‫واإلعالمية عليها‪ ،‬وتوجيه تلك‬ ‫احتالل ويواجه قهر ًا م��ن ه ؤ����الء ومم��ن عمل على خدمتهم‬ ‫ُ‬
‫ي�س ّوقون لها حتت عناوين خمتلفة‪ .‬نقول‬ ‫تُنتهك حرمته من‬
‫النيران إلى العدو الذي يتربّص‬ ‫بطريقة مبا�شرة أ�و غري مبا�شرة‪ ،‬من‬ ‫وطغيان ًا‪.‬‬
‫للجميع» أ�ال يكفي لبنان كل هذه املعاناة‬ ‫بالبلد‬ ‫وال ينبغي لهذا اليوم أ�ن يتحول يف وجدان املدنيني أالبرياء‪ ،‬عرب ا�ستهدافهم من‬
‫والمنية حتى‬ ‫االقت�صادية وال�سيا�سية أ‬ ‫منا�سبة للتظاهرات طائرات العدو ودباباته‪ ،‬أ�و من خالل‬ ‫ّ‬
‫ن�شغله بفنت حت��رق أ�خ�ضره وياب�سه؟!‬ ‫امل�سلمني اىل جمرد‬
‫فلي�س مب�سلم»‪« ،‬من �سمع رج ًال ينادي يا‬ ‫واالحتجاجات واخلطابات التي تنتهي التفجريات الوح�شية الهمجية التي باتت‬
‫ومتى يهتم امل�س ؤ�ولون بكيفية �إخ��راج‬ ‫للم�سلمني ومل يجبه فلي�س مب�سلم»‪.‬‬ ‫بانتهائها‪ ،‬وال هذا ما أُ�ريد منه عندما تالحق العمال والطالب ور ّواد امل�ساجد‬
‫هذا البلد من واقعه الذي يعاين منه‪،‬‬ ‫أ�طلقه الم��ام اخلميني (ق��ده)‪ ،‬بل هو يف العراق على وجه التحديد‪ ،‬من دون‬
‫لبنان‪ :‬لتوجيه النيران الى العدو‬
‫ب��د ًال من الغرق يف التجاذبات التي مل‬
‫أ�ما يف لبنان‪ ،‬ف�إن أالمور تزداد تعقيد ًا يف‬ ‫تخطيط إ م��درو���س للمرحلة القادمة‪ ،‬أ�ن تنطلق ـ اىل آالن ـ مواقف حا�سمة‬
‫تنتج غال ت�شنج ًا وتوتر ًا ي�ستفيد منه كل‬ ‫ال�سالمية خ�صو�ص ًا‪ ،‬لتعلن‬ ‫لي�ستفيد من كل عنا�صر القوة املوجودة من املواقع إ‬
‫الذين ال يريدون خري ًا بهذا الوطن؟!‬ ‫ظ ّل هذا ال�ضجيج الذي ُيراد له أ�ن يتحول‬ ‫أ‬ ‫ؤ‬
‫ال���س�لام م��ن ه����الء و�فعالهم‪،‬‬ ‫وهي كثرية‪ ،‬ويعمل على معاجلة نقاط ب���راءة إ‬
‫أ�يها امل�س ؤ�ولون‪ :‬كونوا أالمناء على هذا‬ ‫�إىل دخان �سيا�سي يحجب الر ؤ�ية عن كثري‬ ‫وتوجه امل�سلمني اىل عدم االجنرار وراء‬ ‫ِّ‬ ‫ال�ضعف التي بالمكان معاجلتها‪.‬‬
‫ال�شعب ال��ذي أ�عطاكم زم��ام القيادة‬ ‫من امل�شاريع الدولية الوافدة على البلد‬ ‫�ننا نعتقد أ�ن إالعمل من أ�ج��ل القد�س دعوات التكفري للم�سلمني الخرين التي‬
‫آ‬
‫لت�صلوا به اىل �شاطئ أالم��ان‪ ،‬فقد �آن‬ ‫واملنطقة حتت عناوين املحاكم الدولية‬ ‫إي�ستدعي تقدمي كافة أ��شكال الدعم يدعو �إليها البع�ض‪ ،‬والت أ�كيد على أ�ن‬
‫له أ�ن ي�شعر بوجود دولة لها كل عناوين‬ ‫ال��ت��ي ب��ات��ت �سيف ًا م�سلط ًا على ك��ل من‬ ‫ال�سالم ومع تعاليم‬ ‫ال�سالمية والفل�سطينية‪ ،‬وكل ذلك ال ين�سجم مع إ‬
‫والمل بامل�ستقبل‬ ‫بالمن أ‬ ‫الدولة‪ ،‬لت�شعره أ‬ ‫ت�س ّول له نف�سه اخلروج عن دائرة الطاعة‬ ‫للتحرير‪ ،‬ألن لغة املقاومة هي ر�سول اهلل (���ص) ال��ذي ق��ال‪« :‬امل�سلم‬ ‫للمقاومة إ‬
‫ولوالده‪.‬‬ ‫الواعد له أ‬ ‫أالم��ري��ك��ي��ة‪ ،‬واالل��ت��ح��اق ب��رك��ب املقاومة‬ ‫جهد‬
‫اللغة الوحيدة الذي يفهمها هذا العامل على امل�سلم حرام‪ ،‬دمه وماله وعر�ضه»‪.‬‬
‫*تلقى ظهر اليوم في مسجد‬ ‫واملمانعة‪ ،‬ورف�ض التوطني والدفاع عن‬ ‫مأساة الشعب الباكستاني‪:‬‬
‫اإلمامين الحسنين(ع)‬
‫الذي ال يحرتم �إال أالقوياء‪.‬‬
‫ال�سالمية امل�شروعة‪،‬‬ ‫احلقوق العربية و إ‬ ‫ويف هذا اجلو‪ ،‬ال بد من توجيه التحية وم��ن امل ؤ������س��ف ح��ق�� ًا أ�ن ه��ذه العمليات‬
‫وعلى ر أ��سها حق ال�شعب الفل�سطيني يف‬ ‫الج��رام��ي��ة تتم يف ال��وق��ت عينه ال��ذي‬ ‫إ‬ ‫للعملية اجل��ه��ادي��ة ال��ت��ي ح�صلت يف‬
‫‪11‬‬ ‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫��اح‬ ‫���ب ال����� ّ��س��� َف� ِ‬
‫م����ل� ِ‬ ‫راع���������ش���� ًا حت�����تَ خِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫��راح‬
‫جل ِ‬ ‫��ر‪ُ ..‬م � ْث��خ��ن � ًا ب��ا ِ‬ ‫ال��ف��ج ُ‬
‫ْ‬ ‫���ر َق‬ ‫أ� ْ‬
‫����ش َ‬
‫ُّ���واح‬
‫�����ق‪� ،‬إال ان�����ط����� َوى ل���ل���ن ِ‬ ‫ُر ب������ أ� ْف� ٍ‬ ‫��ق ال� ُّن��و‬‫�اح‪ ..‬م��ا ائْ�� َت�� َل َ‬ ‫�ول ال��� َّ��ص��ب� ِ‬ ‫ي��ا ل��ه� ِ‬
‫�اح‬ ‫ي�����س��تَ��لُّ َز ْه������ َو ال��� َّ��ص��ب� ِ‬
‫��اب ْ‬ ‫���ه ����ض��� َب� ُ‬ ‫ـ� ِ‬ ‫����م ل���ي���ال���ي���ـ‬ ‫وت����� َغ������� َّ����ش�����ا ُه ِم� ْ‬
‫��������ن ظ�����ل� ِ‬
‫�اح‬ ‫��رب���ى وال � ِب��ط� ِ‬ ‫�ب يف ال� ُّ‬ ‫ي��ب � َع� ُ�ث ا ِ‬
‫خل��� ْ��ص� َ‬ ‫ك���لَّ���م���ا أ� ْو َم�������������� أ�تْ َي������������دَ ا ُه‪ ..‬ل��� َن��� ْب� ٍ‬
‫��ع‬
‫م���ل���ى ِب������ن������و ِر ِه ال����و�� َّ���ض� ِ‬
‫���اح‬ ‫أ‬ ‫ـ����ك���� أ��� َ���س‬ ‫��ر ال��ـ‬ ‫��ه احل����ي����ا ُة‪ُ ..‬ت���دي� ُ‬ ‫واطْ ���م��� أ� َّن���تْ ب� ِ‬
‫اح‬
‫������ر ِ‬
‫���ف املِ� َ‬ ‫��اء ال����َّ�س��ن��ا و ُل����طْ � َ‬ ‫َح � َ���ص���ف� َ‬ ‫��ج��� َت���ا‬
‫���ال ل��� َت� ْ‬
‫���رم� ِ‬ ‫أ�و َم���������� أ� ال���� ّل����ي� ُ‬
‫���ل ل����ل� ِّ‬
‫��اح‬
‫جل���ن� ِ‬ ‫���ن و ْك������ر ِه م��ه��ي���� َ�ض ا َ‬ ‫��ر‪ ،‬م� ْ‬ ‫َّ�����س ُ‬
‫ـ��ن ْ‬ ‫��اح وي���� ْه����وي ال��ـ‬ ‫ه���ك���ذا ي���� ْب����د أ� ال���� َّ���ص���ب� ُ‬
‫���اح‬
‫����ات �إىل رب�����ي����� ِع ال���� ِك����ف� ِ‬ ‫ال����� ِت�����ف� ٌ‬ ‫َ‬
‫ع������ة ال����� َّ��س���م���اءِ ‪ ،‬وع�� ْي�� َن��اه‬ ‫�ل�ا ر ْو‬ ‫ح���ا ِم ً‬

‫��ل�اح‬ ‫�����ص ِ‬ ‫ال ْ‬ ‫��ة إ‬ ‫ري�������خُ ‪ ..‬ي�����روي ِح���ك���اي� َ‬ ‫ال�� ْ����س��ل��ا ِم ع�����ا َد ل��ن��ا ال��تَّ��ا‬ ‫ر إ‬ ‫ي���ا أ�م���ي�� َ‬
‫ال���ض��اح��ي‬ ‫��ن دم����اءِ أ‬ ‫���س م� ْ‬ ‫ْت��� ُع ال��ك�� أ� َ‬‫ُي�� رْ ِ‬ ‫ف��������إذا «املُ������ ْ���ص���� ِل����ح����ونَ » ب ��ْي��ننْ َ ف���ري� ٍ‬
‫��ق‬
‫�����اح‬ ‫أ‬
‫����ق ال����� ّن�����ج�����ا ِة ل���ل��� ْرب� ِ‬ ‫�����ه ط�����ري� َ‬ ‫ـ� ِ‬ ‫���ف م��� َب���ا ِدي���ـ‬‫���ط خ���� ْل� َ‬ ‫����ق ي����خْ ���� َت� ُّ‬
‫وف�����ري� ٍ‬
‫��اح‬ ‫��ه املُ� ْ‬
‫��ج���ت� ِ‬ ‫����ر‪ ..‬ع��ل��ي��ن��ا ب���ب��� ؤ��� ِ��س� ِ‬ ‫ـ�����دَ ْه� ُ‬ ‫‪ ..‬و َك���م���ا ت��� ْع��� َه���دُ احل���ي���ا َة ج����رى ال� ْ‬
‫��د‬
‫��ي��اح‬
‫ب��ال�����ص ِ‬ ‫ِّ‬ ‫����غ����ذي ِك���ي���ا َن���ن���ا‬
‫ِّ‬ ‫ـ������ ِ���ش‪ُ ،‬ن‬ ‫ف���������إذا ن���ح���نُ يف م����� َت�����ا ٍه م�����نَ ال��� َع��� ْي���ـ‬
‫����راح‬
‫جل� ِ‬ ‫��ر ا ِ‬ ‫��ل مي � َت���� ُّ�ص ُح��� ْم� َ‬ ‫وج��� ْه� ٍ‬ ‫ِق‪َ ..‬‬ ‫����د َم يف ال � ِع� ْ�ر‬ ‫ْ��ر ي����ْ�س��ت � ْن� ِ�ز ُف ال� ّ‬ ‫ي�ن ف��ق ٍ‬ ‫ب� َ‬
‫����واح‬
‫ي�ر ال����� ّن� ِ‬ ‫يف ُخ�����ن�����و ٍع ع���ل���ى ����س���ع� ِ‬ ‫���ة ت����ت����ل���� َّوى‬ ‫و ُن������ف������و�� ٍ�����س �����ض����ع����ي����ف� ٍ‬
‫����������داح‬
‫ِ‬ ‫ال ْق�‬ ‫���ة أ‬‫�� ِ���ض����ي ب���ق���اي���ا ُث����م����ال� ِ‬ ‫����ب ِم�������نَ امل���ا‬ ‫���ل ي���� ُع ُّ‬‫���ح� ٍ‬‫و ِك������ي������انٍ �� َ���ض� ْ‬
‫���������راح‬
‫ِ‬ ‫وال ْف�‬ ‫����������راح أ‬
‫ِ‬ ‫ال ْت�‬‫���وف أ‬ ‫����ه ُط����ي� ُ‬ ‫ـ� ِ‬ ‫جم���ال��� ْي���ـ‬ ‫����اءب�����تْ يف َ‬ ‫�����ال ت�����ث� َ‬ ‫وخ������ي� ٍ‬ ‫َ‬
‫����اح‬ ‫ال�� ْ����ش�����ب� ِ‬ ‫�������ب أ‬
‫ن���� َت���� َم����لَّ����ى ت�������� َوا ُث� َ‬ ‫���ق ح��� َي���ارى‬ ‫���ط����ري� ِ‬ ‫و َو َق���� ْف����ن����ا ع���ل���ى ال� ّ‬

‫م�صـرع الفجـر‬
‫اح‬
‫����ر �� َ�����ص������دَّ ِ‬ ‫�����ش����اع ٍ‬
‫ِ‬ ‫ـ������ل ب������� أ�لحْ �������انِ‬
‫ِ‬ ‫�����ش��ة ال� ْل��ي��ـ‬
‫ِ‬ ‫وح‬
‫��ول يف ْ‬ ‫��ط���ل� َ‬ ‫و ُن��ن��اج��ي ال� ُّ‬

‫واح‬ ‫وال ْر ِ‬ ‫��ول أ‬ ‫��ت ال��� ُع��� ُق� ِ‬


‫����ض���ي‪ ..‬و� َ���ص��� ْم� ِ‬ ‫��ب يف غ���� ْف����و ِة امل���ا‬ ‫�����اء ال���غ���ري� ُ‬ ‫����م ج� َ‬ ‫ث� ّ‬
‫�������اح‬ ‫�������د ال� َ‬ ‫����ش��� َي���اه��� ًا‬ ‫ور آ�ن�����������ا ك���� َم����ا ي���������رو ُم ـ ِ‬ ‫ق�صيدة ل�سماحة العالمة املرجع ال�سيد‬
‫�������ذ َّب� ِ‬ ‫ت���ت��رام������ى ع����ل����ى ي� ِ‬
‫حممد ح�سني ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل‬
‫��رب���ى ِل � َن � ْه�����ض� ٍ�ة و�� ِ‬
‫�ص�لاح‬ ‫��ه‪ُ ..‬ق� ْ‬ ‫ـ��ي ك��فَّ�� ْي ِ‬ ‫��ر فـ‬‫��ل ال��� ُع��� ْم� َ‬ ‫ل��ي���� َ�س ف��ي � َن��ا َم����ن ي���ح��� ِم� ُ‬
‫����ر ُم�����د َّن������� ٍ����س ف������ َّ���ض� ِ‬
‫���اح‬ ‫������ل ِب����� ِف����� ْك� ٍ‬
‫ـ� ِ‬ ‫���ر ُث ال��ع��ق��ي��د َة يف ال � ّل��ي��ـ‬ ‫���ح� ُ‬ ‫ف � َم�����ض��ى ي� ْ‬ ‫عليه يف ذكرى �شهادة أ�مري امل ؤ�منني إ‬
‫المام‬
‫ا ِح‬ ‫نٍ ي������ ُ���ش����لُّ احل������ي������ا َة يف ال������ َف���ل�� َّ‬ ‫و ُي�����ري����� َن�����ا أ� َّن���������ا ن���ع���ي����� ُ��ش ب���� أ� ْف���� ُي����و‬
‫��������ي ال��� ّن���واح���ي‬‫ل�����ز َم�����انٍ م���� َ���ض���ى َد ِج ِّ‬ ‫مل ت�������� أ� ِت �إال‬ ‫ال ْدي��������������انَ ْ‬ ‫و ِب����������� أ�نَّ أ‬
‫��اح‬
‫���ة املِ�����ْ��ص���ب� ِ‬ ‫���را�����ش� َ‬
‫ُم‪ ..‬ف���ك���ان���وا ف� َ‬ ‫����ر َع ال��ق � ْو‬‫ال�����س��رى ه� َ‬ ‫‪ ..‬وك��م��ا ت�� ْع�� َه��دُ ُّ‬

‫���رع����ا ُه يف ال��� ّن���ه���ا ِر ال��� َّ��ض��اح��ي‬ ‫ُدونَ م� ْ‬ ‫���م ي� ْ�ر َت��ا‬


‫م���ن ���س��كْ��ر ِة ال���� َو ْه� ِ‬
‫���اق����وا ْ‬ ‫و أ�ف� ُ‬
‫ره����ا ال���� ّل����ف ِ‬
‫َّ����اح‬ ‫ه����ج��ي� ِ‬
‫ِ‬ ‫���ح���� َّم����ى‬
‫َح ب� ُ‬ ‫����ر ْو‬
‫��ق ال� ُّ‬ ‫ف�������إذا هُ ����م يف َق���� ْف� ٍ‬
‫���رة ت���خْ ��� ُن� ُ‬
‫�����اح‬ ‫أ‬
‫���ن دم������اءِ الق� ِ‬ ‫ي��� ْن�����ُ��ش���دُ ال� ّ‬
‫������ر َّي م� ْ‬ ‫��ن غ �ْي��ررْ َ �� َ��ش��� ْو ٍك‬ ‫مل حتْ ِ‬
‫��ت�����ض ْ‬ ‫���اة ْ‬
‫وح����ي� ٍ‬ ‫َ‬
‫واح‬ ‫أ‬
‫�����ل������ ْد ِ‬ ‫���اح ل�‬ ‫�����ر ي� ُ‬
‫��������ز ُّف ال������ ّ���ص����ب� َ‬ ‫ـ� ُ‬ ‫وي����ي����تُ ال��نَّ�����ش��ي��دَ �إ ْن ب�����د أ� َّ‬
‫ال��ط�� ْي��ـ‬ ‫مُ‬
‫������ر َب� ِ‬
‫������اح‬ ‫رد ِل� َ‬‫����اق‪ ..‬وم������������� ْو ٌ‬
‫ِل������� ِ����س�����ب� ٍ‬ ‫ه���ك���ذا ن���ح���نُ يف احل������ي������ا ِة‪ ..‬جم� ٌ‬
‫���ال‬
‫�اح‬ ‫��ر ال��� ِّ��ص � َف� ِ‬ ‫وع����زْ م���� ًا ُي���ث� ُ‬
‫ي�ر ُ���س�� ْم َ‬ ‫���رى َ‬ ‫ـ� َ‬ ‫��اط��� ِل��� ْع يف ِرح���ا ِب���ن���ا ��ُ��ش��� ْع���ل� ً‬
‫��ة َت��� ْ��ض��ـ‬ ‫ف� َّ‬
‫���اح‬ ‫رق����ي����ق���� ًا ك���ال��� َك���وك� ِ‬
‫��ب ال����لَّ���� َّم� ِ‬ ‫ـ�����دو ِ‬ ‫وت������� أ� َّل�������قْ ب����� أ� ْف����� ِق����� َن�����ا أ� َم� ً‬
‫����ل�����ا َي��� ْب���ـ‬
‫������ر ال��� َّ��ض��اح��ي‬ ‫ال َغ� ِّ‬ ‫���ر َك أ‬ ‫���ج� ِ‬ ‫���ر �إىل ف� ْ‬ ‫ـ� ِ‬ ‫ف � َع����َ�س��ى أ� ْن ن���ع���و َد يف م���طْ ��� َل��� ِع ال��ف� ْ�ج��ـ‬

‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬


‫‪12‬‬
‫زكاة الفطرة‬
‫‪-‬ق���د ي�����ش�ترك أ�ك��ث�ر م��ن واح����د يف‬
‫الن��ف��اق‪ ،‬كمثل ا���ش�تراك أالوالد يف‬
‫‪-‬ماهي زكاة الفطرة؟‬
‫‪-‬هي مقدار من امل��ال يجب دفعه عن ك ّل نف�س يف وقت حم�� ّدد من اليوم أالول إ‬
‫أ‬
‫النفاق على البوين‪ ،‬فيجب ـ حينئذ‬ ‫من �شهر �شوال الواقع فيه عيد «الفطر»‪ ،‬الذي أ�خذت ا�سمها منه‪ ،‬وقد ُيقال لها‪ :‬إ‬
‫ـ توزيع الفطرة عليهم‪ ،‬ف���إن عجز‬ ‫(زكاة أالبدان) مقابل‪( :‬زكاة أالموال)‪..‬‬
‫أ�حدهم عن دف��ع ح�صته مل ت�سقط‬
‫ح�صة ال��ق��ادر‪ ،‬وال يتح ّمل ال��ق��ادر‬
‫ح�صة العاجز‪ ،‬وم��ع عجز اجلميع‬
‫ت�سقط عنهم‪.‬‬
‫‪ -‬على من جتب الفطرة‬
‫‪-‬جتب زكاة الفطرة على ك ّل مك ّلف اجتمعت فيه ال�شروط التالية‪:‬‬
‫ـ البلوغ والعقل‪ :‬فال جتب على ال�صبي وال على املجنون‬
‫ـ الغنى‪ :‬فال جتب على الفقري الذي ال ميلك قوت �سنته بنحو كامل أ�و تدريجي‪.‬‬
‫ومقدارها‪:‬‬
‫ً‬
‫الفطرة‬
‫أ‬
‫‪-‬‬
‫يجب �ن تكون الفطرة مما يعد قوتا وغ��ذا ًء‪ ،‬مثل القمح وم�شتقاته كالطحني‬
‫والرز والذرة ونحو ذلك‪.‬‬ ‫والربغل‪ ،‬وال�شعري والتمر والزبيب واحلليب وم�شتقاته أ‬
‫ويجوز دفع قيمة الفطرة من النقد‪ ،‬وتالحظ القيمة عند أ�داء الفطرة و�إخراجها‪،‬‬
‫عمن تدفع الفطرة؟‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪� -‬إذا اجتمعت �شروط وج��وب الزكاة وج��ب على املك ّلف �إخراجها عن نف�سه‬
‫الخراج ال يف بلد املك ّلف‪.‬‬
‫كما تالحظ القيمة يف بلد إ‬ ‫بالدرجة أالوىل‪ ،‬وكذلك يجب عليه �إخراجها من ماله ع ّمن يدخل يف عياله من‬
‫واملقدار الواجب ثالثة كيلوات تقريب ًا عن ك ّل نف�س‪ .‬وال ُب َّد من كونها من جن�س‬ ‫أ�فراد أ��سرته ومن غريهم‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫واحد عن ك ّل نف�س‪ ،‬فال يجزي دفع كيلو ون�صف مث ًال من القمح وكيلو ون�صف‬ ‫‪ 1‬ـ أالف��راد الذين جتب نفقتهم عليه من أ�فراد أ��سرته ممن ينفق عليهم فع ًال‪،‬‬
‫من التمر عن نف�س واحدة‪ ،‬نعم ي�صح لذي العيال أ�ن يدفع جن�س ًا خمتلف ًا عن ك ّل‬ ‫كزوجته و أ�والده و أ�بويه‪.‬‬
‫نف�س من أ�فراد عائلته‪ ،‬فيدفع عن نف�سه متر ًا‪ ،‬وعن زوجته حنطة‪ ،‬وعن ولده أ�رز ًا‪،‬‬ ‫‪ 2‬ـ أالقارب الذين يعي�شون يف بيته وحتت كنفه ممن تك ّفل با إلنفاق عليهم‪ ،‬ك أ�خته‬
‫وهكذا‪.‬‬ ‫و أ�خيه ونحوهما‪ .‬هذا وال يكفي يف هذا ال�صنف وال يف ال�صنف أالول جم ّرد‬
‫النفاق عليهم من دون أ�ن يعدوا يف عياله‪ ،‬كما أ�نَّ من ي�صدق عليه أ�نه من عياله‬ ‫إ‬
‫منهم ال ي�شرتط ح�ضوره الدائم وال ح�ضوره يف خ�صو�ص ليلة العيد‪ ،‬ف�إنَّ من غاب‬
‫‪ -‬وقت دفع الفطرة‪:‬‬ ‫يف �سفر ونحوه ولو لفرتة طويلة تبقى فطرته واجبة على من يعوله ما دام يف عياله‬
‫جتوز املبادرة �إىل دفع زك��اة الفطرة خالل أ�ي��ام �شهر رم�ضان املبارك‪ ،‬أ�و يف‬
‫ومن أ�فراد أ��سرته‪.‬‬
‫ليلة العيد‪ ،‬ولكن أالحوط ا�ستحباب ًا ـ حينئذ ـ دفعها �إىل الفقري بعنوان الدين ُث َّم‬
‫‪ 3‬ـ اخلدم الذين يعي�شون يف بيته ويكونون يف رعايته وكنفه‪ ،‬فال ي�شمل اخلادم‬
‫احت�سابها عليه زكاة �صبيحة يوم العيد؛ ف�إن مل يكن قد دفعها خالل �شهر رم�ضان‬
‫املوظف الذي ي�سكن م�ستق ًال عنه حتى لو تواجد عنده معظم النهار‪ � ،‬إ َّال أ�ن يبيت‬
‫الخ��راج يبد أ� من طلوع فجر يوم العيد �إىل ما قبل �صالة العيد على‬ ‫ف�إنَّ وقت إ‬
‫ً‬ ‫عنده ليلة العيد ويكون يف �ضيافته‪ ،‬فيكون ممن يدخل حتت عنوان «ال�ضيف»‬
‫أالحوط وجوبا ملن �صلى �صالة العيد‪ ،‬ف�إن مل ي�صل �صالة العيد امتد وقته �إىل‬
‫التايل‪.‬‬
‫ما قبل الظهر‪ .‬وال يجب يف �إخراجها دفعها �إىل الفقري مبا�شرة‪ ،‬بل يجوز عزلها‬
‫جانب ًا يف وقتها وت أ�خري الدفع ولو أ�يام ًا �إىل أ�ن يو�صلها �إىل امل�ستحق ما دام الت أ�خري‬ ‫‪ 4‬ـ من يكون يف �ضيافته ويبيت عنده بحيث ي�صدق عرف ًا أ�نه نازل يف �ضيافته من‬
‫ل�سبب وجيه معترب عند العقالء‪ ،‬كالو�صول �إىل الفقري أ�و أ�داء بع�ض الواجبات‬ ‫أ�قاربه و أ��صدقائه وغريهم ممن ي�ست�ضيفهم ألي �سبب؛ وال ُب َّد من قدومه عليه قبل‬
‫الن�سان عاد ًة يف أ�يام العيد‪.‬‬ ‫هالل ليلة العيد‪ ،‬و�إن كان أالحوط وجوب ًا كفاية نزوله عليه بعد الغروب من ليلة‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬أ�و نحو ذلك مما ي�شغل إ‬
‫فالحوط‬ ‫ف�إذا مل يدفعها يف وقتها ومل يعزلها حتى حل وقت الظهر من يوم العيد أ‬ ‫العيد يف اعتباره من �ضيوفه‪ .‬واملهم يف �صدق ال�ضيافة املبيت ولو مل ي أ�كل عنده‪،‬‬
‫فال ي�شمل من يدعوهم للطعام وال�سهر عنده ليلة العيد �إذا مل يبيتوا عنده‪.‬‬
‫التيان بها بعد ذلك بق�صد القربة املطلقة بدون حلاظ وجوبها عليه‪.‬‬ ‫وجوب ًا إ‬
‫الفطرة جتب على املعيل‪:‬‬
‫عزل الفطرة‪:‬‬ ‫‪-‬ال ي�شرتط يف �صدق العيلولة اعتماد الولد مث ًال على والده يف جميع م�صارفه‪ ،‬فلو‬
‫اعتمد عليه يف بع�ضها و�صدق بذلك كونه من عياله وجبت فطرته على املعيل‪.‬‬
‫حني يرغب املك ّلف يف عزل زكاة الفطرة فال ُب َّد من حت ّقق العزل والتحييد لها‬
‫فع ًال‪ ،‬فال يكفي عزلها يف النية كح�صة م�شاعة يف املال‪ ،‬ك أ�ن يقول‪« :‬هذا الكي�س‬ ‫‪�-‬إذا كان املعيل فقري ًا وبع�ض عياله غني ًا كزوجته مث ًال أ�و ولده أ�و �ضيفه وجب‬
‫من القمح فيه للهّ تعاىل زكاة فطرة ع�شر كيلوات»‪ ،‬بل يجب �إخراج هذه الع�شر‬ ‫حينئذ على ذلك القادر من أ�فراد عائلته ممن اجتمعت فيهم �شروط الوجوب أ�ن‬ ‫ٍ‬
‫كيلوات من الكي�س وحتييدها وعزلها فع ًال‪.‬‬ ‫يخرجها عن نف�سه‪.‬‬
‫ال�شاعة على أالحوط وجوب ًا‪ ،‬بل ال‬‫مال لغريه على نحو إ‬ ‫كذلك ال ي�صح جعلها مع ٍ‬ ‫‪�-‬إذا مل يدفع املعيل زكاة الفطرة ع ّمن يعوله عمد ًا أ�و ن�سيان ًا مل يجب على من‬
‫ً‬
‫ُب َّد من متييزها عن مال الغري وعزلها عنه جانبا‪ ،‬ف�إذا عزلها تعينت ومل يجز‬ ‫يعوله دفعها عن نف�سه‪ ،‬و�إن كان أالحوط ا�ستحباب ًا عدم ال�سقوط �إذا مل يخرجها‬
‫تبديلها‪.‬‬ ‫ن�سيان ًا أ�و غفلة أ�و نحوهما مما ي�سقط معه التكليف واقع ًا‪.‬‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪13‬‬
‫من ر�سائل الأحبّة‬
‫بحب‪..‬‬
‫«أيها األحبة»‪ ..‬هكذا كان السيّد يخاطب املؤمنني‪ ،‬وكل الناس الذين بادلوه حب ًا ّ‬
‫سيلٌ من الرسائل والكلمات وصلت إلينا‪ ،‬حتمل في طياتها مشاعر احلب والوفاء ‪..‬في ما يلي ننشر جانب ًا من هذه الرسائل‬
‫املضمخةً بأريج احلب‪ ،‬وصدق املشاعر وطهر الوجدان‪..‬‬
‫ويف التحليل‪ ،‬ويف اخلطابة ويف مقاربة الق�ضايا كلها‪.‬‬
‫‪..‬رحل ال�سيد!‬ ‫بك اهتدى جيلٌ كامل‬
‫تعلمنا منك أ�يها ال�سيد أ�نَّ من أ�عطى امل ؤ�منني‪ ،‬ومن أ�عطى �شعبه‪ ،‬و أ�هله‪ ،‬و أ�هل بلده‬
‫ووطنه‪ ..‬أ�عطوه وبادلوه حبا وعزا وهيئوا له مقاما حممودا‪ ،‬ويف ت�شييعك العظيم برهان‬
‫وعربة للمعتربين‪.‬‬
‫تعلمنا منك أ�يها ال�سيد الراحل اليوم‪ ،‬أ�ن أ��سلوبك امل�سجدي الذي كنت ت�سميه أ��سلوب‬
‫ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�آله‪ ،‬هو أال�سلوب ال�صحيح الناجع الذي أ�ثمر كل هذا العطاء‬
‫والوعي والثقافة وامل ؤ��س�سات‪..‬‬
‫تعلمنا منك ايها ال�سيد ان نكون قر�آنيني يف ا�سلوبنا ومنطقنا وتعبرياتنا وا�ست�شهاداتنا‬
‫واقتبا�ساتنا‪..‬‬
‫‪� ..‬سن�ستذكر بك‪ ،‬أ�يها ال�سيد الراحل عنا اليوم ‪ ،‬م�شاهد القيامة واحلوارات التي تدور‬
‫يف أ�جوائها يف القر�آن الذي كنت تتلو �آياته بهدوء و�سكينة وو�ضوح كان يجعلنا كمن يرى‬
‫تلك امل�شاهد ويلم�سها وي�شم ريحها وروحها وريحانها‪ ،‬ويخفق قلبه ألجلها ومنها �شوقا‬
‫ووج ًال‪..‬‬
‫أ‬
‫لقد اهتدى بك جيل كامل‪ ...‬فحمل الراية وحمل المانة وانطلق با إل�سالم دينا وعقيدة‬
‫وثقافة ومقاومة‪..‬‬
‫جيلنا‪..‬‬ ‫انت‬ ‫مت‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫ن‪..‬كما‬ ‫آ‬
‫ال‬ ‫اجليل‬ ‫لهذا‬ ‫مبعلم‬ ‫علينا‬ ‫اهلل‬ ‫فليتكرم‬ ‫مبثلك‪،‬‬ ‫فلي أ� ِت الزمن‬
‫ؤ‬ ‫آ‬
‫الع�لام والثقافة والكتاب‪ ...‬من امل�سجد‪ ،‬ومن القر�ن ميل�ه‪ ..‬من‬ ‫فيمل الف�ضاء و إ‬ ‫أ‬ ‫هي حلظات متر ثقيلة‪ ،‬بطيئة‪ ،‬بانتظار الدفن املقد�س‪ ،‬يخاجلني �شعور بالهيبة‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الذاعة وامل�ست�شفى ومن كل نقطة �ضوء‬ ‫ف�ريد ألهذه اللحظات �ن ال تت�سارع ‪� ،‬ال تنتهي‪ ..‬لنها عناق مع احلقيقية ومع احلق‪ ..‬احلوزة واملربة واملدر�سة والثانوية واجلامعة و إ‬
‫ميل ؤ�ه‪.‬‬ ‫نلهث‬ ‫و�سراب‬ ‫ٌ‪..‬‬‫ع‬ ‫��دا‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ٌ‬
‫زيف‬ ‫حياتنا‬ ‫الن‬ ‫احلق‬ ‫مع‬ ‫وعناق‬ ‫مات‪...‬‬ ‫املعلم‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫حقيقة‬
‫متللئاً‬‫خلفه با�ستمرار يف أ�يامنا‪ ،‬نهاراتنا وليالينا‪ ،‬التي متر بال نكهة �سوى نكهة امللذات �سيبقى ا�سمك أ‬
‫ايها املعلم املربي‪ ،‬كان وجودك مدر�سة‪ ،‬واليوم يف رحيلك تتعمق هذه املدر�سة املميزة‬ ‫الزائفة أ�و ال�صراع من اجل البقاء‪ ..‬البقاء مع ال�سراب آالفل غدا‪..‬‬
‫ال�سالمية‪ ،‬نكهته اخلا�صة و أ�دبياته‪ ،‬نهجه‪� ،‬سلوكه‪ ،‬طريقته‪.. ،‬‬ ‫ولل�سيد‪ ،‬املعلم للحالة إ‬
‫ال ينق�ضي الكالم بني يديك فكيف بنا ونحن نط أ�طئ الر أ��س �إجالال لرحيلك؟‬ ‫لي�س‬ ‫املعلم‬ ‫لل�سيد‬ ‫الفهم‬ ‫وهذا‬ ‫امليادين‪...‬‬ ‫وكل‬ ‫مور‬ ‫أ‬
‫ال‬ ‫كل‬ ‫مقاربة‬ ‫طريقة تعبريه‪ ،‬يف‬
‫ولكن ن�ستعري خامتتك القر�آنية ال�شهرية التي كنت تختم بها خطبك وكلماتك‪ ،‬لنتوقف‬ ‫�صدقاء‬ ‫أ‬
‫ال‬ ‫فهم‬ ‫هو‬ ‫تباعه‪..‬بل‬ ‫أ‬
‫�‬ ‫و‬‫�‬‫أ‬ ‫مريديه‬ ‫من‬ ‫و‬‫�‬‫أ‬ ‫حمبيه‬ ‫من‬ ‫ن�سان‬ ‫ال‬
‫متوقفا على كون إ‬
‫عن الكالم ال لننتهي منه ‪ « :‬و�آخر دعوانا أ�ن احلمد هلل رب العاملني»‪.‬‬ ‫واخل�صوم املن�صفني كذلك‪.‬‬
‫ري من النا�س تعلم أ�و تتلمذ فيها‪ ..‬أ�و اقتب�س منها أ�و ردد‬ ‫لل�سيد أ� ٌ‬
‫�سلوب ومدر�س ٌة‪ ،‬وكث ٌ‬
‫�شعاراتها و أ�قوالها‪� ...‬إنها مدر�سة ومنهجية ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل يف التعبري‪،‬‬
‫الشيخ غالب كجك‬

‫ـك‬
‫روح ـ َ‬
‫ـت مِ ــن ِ‬
‫وَ هَ ـ ْب ـ َ‬ ‫في وداع إمام التنوير‬
‫ال�سامي‬ ‫الفكر امل�ضي ِء ّ‬ ‫ِ‬ ‫وم��ن��ا َر ِة‬ ‫��س�لام‬
‫ال� ِ‬ ‫ُف��جِ�� َع أالن ُ‬
‫����ام مِ َب��� ْر َج��� ِع إ‬
‫روح الــوجـ ــو ْد‬
‫وه ـ ـبـ ـ َـت م ـ ــن روح ــك ‪َ ..‬‬ ‫��ام‬ ‫ً‬
‫م���ت���ج���اوزا ب���ال���فِ���قْ��� ِه ك َّ‬ ‫هُ ��� َو م��رج�� ٌع ل��ل��دِّ ي ِ��ن وال�� ُّدن��ي��ا مع ًا‬
‫عـ ـلـم ـ ًا واج ـت ـه ــاد ًا وج ـهـ ــاد ًا يف �ص ـم ــو ْد‬ ‫����ل م��ق ِ‬
‫���ام‬ ‫��اب م��ن��ه��ا دافِ�����قُ إ‬
‫الل���ه ِ‬ ‫ي�� ْن�����س ُ‬ ‫حمج ٌة‬ ‫ال�ش ْع َر فهو َّ‬ ‫ولئن َذ َك��� ْرتَ ِّ‬ ‫ٍ‬
‫�إخ ـت ـ ْرتَ ال ِـحـ ْلـ َـم ج ــواب ـ ًا لـل ـنـاق ـ ِـد الـحـق ــو ْد‬ ‫ق���ل��ام‬ ‫ِ‬ ‫م���ا أ�ر����س��� َل���تْ��� ُه ن����وابِ���� ُغ ال‬
‫أ‬ ‫ق��ل��ام �غ��ن��ى ُ‬
‫ن�ث�ر ُه‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وب�����س��اح�� ِة ال ِ‬
‫واهـتـدى بـحـ�ضـر ِت ــك مـن كــان �ض ـالاّ ً جـحو ْد‬ ‫�������ام‬ ‫��������ات و آالث ِ‬ ‫����ن آالف ِ‬ ‫تُ���ن��� ْه���ي ع ِ‬ ‫املنابر �سا َقها‬ ‫ِ‬ ‫َك ْ��م ُخ ْ��ط�� َب�� ٍة ع�ْب�رْ َ‬
‫ـ�ست احليا َة ر�سال ًة وفكر ًا و�آيُ القـر�آ ِن �شهـو ْد‬ ‫تَـنـفـْ َ‬ ‫��دام‬
‫��وب ب��ر�يِ�� ِه املِ��ق ِ‬ ‫أ‬ ‫خل��ط َ‬ ‫ُي ْجلي ا ُ‬ ‫خل��ط��ب��ا ِء ك��ان جم ِّلياً‬ ‫يف ح�� ْل�� َب�� ِة ا ُ‬
‫ـاق عـم ـ َر َك الـم ـحــدو ْد‬ ‫ـالم ما فـ َ‬
‫ال�سـ َ‬ ‫مـن ْـحـ َـت إ‬ ‫���ام‬ ‫أ‬
‫ح�� ّت��ى ي�����ص�� ِّو َب م�� ْن��ه َ��ج الف���ه ِ‬ ‫املقيت بعلمِ ِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلهل‬ ‫َك ْ��م ح��ا َر َب‬
‫ـات كـحـبـ ٍـل مـمــدو ْد‬ ‫ـات و�صـدقـ ٍ‬ ‫أ�نــوار ًا وبـيـنـ ٍ‬ ‫ع�ل�ام‬ ‫َح��ف�� َل ْ��ت ب��خ�يرِ ف��ط��اح ِ��ل أال ِ‬ ‫��وم َم��ع��اه��داً‬ ‫�لا ِب ال�� ُع��ل ِ‬ ‫وب��ن��ى ل��ط َّ‬
‫لـ ّذاتُ دنـي َ‬ ‫حم�� َب��� ِ��س أالي��ت ِ‬
‫��ام‬ ‫ف��ت��ح�� َّرروا م��ن ْ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬
‫���ص���رح � ُب������ َّو ٍة‬
‫���ام � َ‬ ‫ل�ل��ي���ت ِ‬ ‫و أ�ق َ‬
‫������ام أ‬
‫ـاك تـرانـي ُـم عـ�ش ٍـق يف هوى الـمعـبو ْد‬
‫وت ـجـارة �إلـهـيـة َذخــر َت ـهـا لـل ـغـد الـمــوعــود‬
‫�������دام‬
‫الق ِ‬ ‫و أ�م���� َّده����م ب��ال��وع��ي و إ‬ ‫و�سخى على الفقرا بفي�ضِ حنان ِه‬ ‫َ‬
‫حل ُّب والتوا�ض ُع واجلو ْد‬ ‫قــامـ ُة عـليـا ِئـ َـك ِ�سـ ُّرها ا ُ‬ ‫م����ن أُ�ل�����ف����� ٍة وحم����� َّب����� ٍة وهُ ����ي ِ‬
‫����ام‬ ‫بكل ما يف �صدر ِه‬ ‫وحبا اجلنوب ِّ‬ ‫َ‬
‫م��راع�� ًا‪ ،‬رفي َع ِ‬
‫الهام‬ ‫يف العي�شِ مِ ْ‬ ‫ً‬
‫أ�م�ضى احليا َة مدافعا عن ح ِّقه‬
‫ـزن ُق ـع ــو ْد‬
‫ـام الــمبـ ّر ِات عـلـى ثــرى الـحـ ِ‬ ‫أ�يـتـ ُ‬ ‫���ام‬‫ف��ت��ج�� َّل��ت أالن�������وا ُر يف الح���ك ِ‬
‫أ‬ ‫َك ْ��م ِح ْكم ٍة ق��د أ�ث��م�� َر ْت أ�حكا ُم ُه‬
‫بـعــدمـا َح ـ َلـ ـ َلـ ــت بــ�ســاحـ ِتــهِ ـ ــم أ�ب ـ ـ ًا ودو ْد‬ ‫محُ���ام‬
‫ِ‬ ‫دع��م�� ًا ف��ك��ان ل��هُ��نَّ خ��ْي�رْ َ‬ ‫�ساح ال ِّن�سا ِء خطا َب ًة‬ ‫فا�ض يف ِ‬ ‫و أ� َ‬
‫ـام الـ َعـ َـظـ َمـ ُة كـلُّــها ط َّـي الـلـ ـحــو ْد‬ ‫عـجـبـ ًا ت ـن ُ‬ ‫��وام‬ ‫يف اخلاف َقينِْ على مدى أالع ِ‬ ‫أ� ْف���ت���ى مب���ا ُي��ع��ل��ي م��ك��ان�� َة ق��ومِ�� ِه‬
‫جاث على �صدورنا بغـي ِـر حدو ْد‬ ‫حـزنُ رحي ِلـ َـك ٍ‬ ‫����س��ل�ام‬
‫ِ‬ ‫ال�‬ ‫ن������ور ًا ي���خ��� ِّرج��� ُه م���ن إ‬ ‫مت�صدي ًا ِل َعمى اجلها َل ِة بال ُهدى‬
‫والـقـلـ ُـب ي�س أ�ل‪ :‬أ�ب ـمـث ـ ِلــك الـزمــانُ يـجــو ْد‬ ‫****‬
‫لك ج ّنـاتُ اخللو ْد‬ ‫روحـك �سـيدي هـنـيـئ ًا َ‬ ‫طاب ْـت ُ‬
‫ح���ل��ام‬
‫ِ‬ ‫م��ف��ج��وع�� َة أالك����ب����ا ِد أ‬
‫وال‬ ‫ه�� َّب ْ��ت ج��م��و ُع ال��ن��ا� ِ��س تنعي ن أ��� َي�� ُه‬
‫دام���ي ال��ع��ي��ون م��ن�� َّك��� َ��س أال ِ‬
‫ع��ل�ام‬ ‫وجرت ورا َء ال َّنع�شِ بحر ًا �صاخب ًا‬ ‫ْ‬
‫ف��اه��ن أ��� ب��ه��ا ب�����س��ك��ي��ن�� ٍة و� ِ‬
‫���س�ل�ام‬ ‫جنم ال ُهدى‬ ‫خل ْل ِد يا َ‬ ‫نان ا ُ‬ ‫ف�إىل ِج ِ‬
‫عديلة مال اهلل اللواتي ‪� -‬سلطنة ُعمان‬
‫القاضي محمد علي صادق ‪-‬النبطية‬
‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬
‫‪14‬‬
‫ُم َّد عينيك‬
‫مو�سى ف�ضل اهلل‬

‫���اع��� َن���ا و أ� ْط���فِ���ئ َظ�� َم��ان��ا‬ ‫���ف أ� ْو َج َ‬ ‫وا����ش ِ‬‫ْ‬ ‫��ام��� َ��س ْ��ح َع�� َن��ا َن��ا‬ ‫�������ام َف ْ‬‫َأ�تْ��� َع��� َب��� ْت��� َن���ا أال َّي ُ‬
‫����ح���� ّل����ي َم ِ���دي��� َن��� َن���ا و ُق���� َران����ا‬ ‫ـ������و ِر املُ َ‬ ‫� إ َّن���� َن����ا ظ����امِ���� ُئ����ونَ ي���ا ُح�����زْ َم����� َة ال�� ُّن��ـ‬
‫ِ��ط�� َر َح�� ْي��ثُ تمُ ْ �����سِ��ي ُر َب��ا َن��ا‬ ‫وا ْن ُ�����ش ِ��ر ال��ع ْ‬ ‫��اط أال َم����انيِ‬ ‫����ب يف بِ��� َ��س ِ‬ ‫حل َّ‬ ‫أُ� ْف���� ُر�����شِ ا ُ‬
‫ي��ا ا ْب����نَ بِ��� ْن ِ���ت ال�� َّن��ب ِّ��ي ح�� َّت��ى � َ��ش َ��ج��ان��ا‬ ‫احل���� ُن����ونُ املُ َ��ج�� ّل��ي‬ ‫���ك َ‬ ‫َ���ش��ا َق�� َن��ا َ����ص��� ْو ُت َ‬
‫���ف َو ْج����� ِه أال َذ ِان ُد ًّرا ُج�� َم��ا َن��ا‬ ‫َخ��� ْل َ‬ ‫اجل���لِ���ي��� ُل املُ�� َو َّ���ش��ى‬ ‫����ك َ‬ ‫َ���ش��ا َق�� َن��ا َو ْج���� ُه َ‬
‫ِ����ج����ى َأ� ْف��� َن���ا َن���ا‬ ‫وح واحل َ‬ ‫يمَ ْ أ‬
‫���ل��� ال�������� ُّر َ‬ ‫ِ��ي ا َمل��� َع���انيِ‬
‫َ���ش��ا َق�� َن��ا ال���عِ��� ْل ُ���م َي���ا َ���ص��ف َّ‬
‫���ح���و ُر َه���ا أ�لحْ َ ����ا َن����ا‬ ‫�������ت ُب ُ‬ ‫�������ض���ا ِء َذا َب ْ‬ ‫ـ َ‬ ‫�����ش�� ْع�� ُر يف ق���وا ِّف���يِ��� ِه ال�� َب�� ْي��ـ‬ ‫َ���ش��ا َق�� َن��ا ال ِّ‬
‫������د تجَ َ ��� َّل���ـ���ى ُم���� َك����ـ���� ْو َث���� ًرا َر َّي���ـ���ا َن���ـ���ا‬
‫َق ْ‬ ‫���ك َك����� ْو ٌن‬ ‫���ك �إنَّ َع��� ْي��� َن��� ْي َ‬ ‫ُم����� َّد َع��� ْي��� َن��� ْي َ‬
‫����ك َأ� ْم����� َ����س����ـ���� َك ْ‬
‫����ت ُد ْن��� َي���ـ���ا َن���ا‬ ‫َع���� ْي���� َن���� ْي َ‬ ‫���ك �إنَّ َر ْح����� َم����� َة َر ِّب�����ي‬ ‫ُم������ َّد َع��� ْي��� َن��� ْي َ‬
‫�����ا������ض لمَ َّ�������ا َم���� َن ْ‬
‫����ح����تَ���� ُه تحَ ْ ���� َن����ا َن����ا‬ ‫َغ َ‬ ‫َ��ام��ى‬ ‫���ك �إنَّ َد ْم������ َع ال�� َي��ت َ‬ ‫ُم����� َّد َع��� ْي��� َن��� ْي َ‬
‫����ج���� ُر ُه َف��ا���س��ـْ��تَ�� َب��ا َن��ا‬‫احل�����قَّ َف ْ‬ ‫���ج َ‬ ‫َأ� ْب��� َل���ـ َ‬ ‫���ك‪ُ :‬ط�� ْه�� ٌر‬ ‫���ك ي���ا َل��� َع��� ْي��� َن��� ْي َ‬
‫ُم���� َّد َع��� ْي��� َن��� ْي َ‬

‫****‬
‫�������ام لمَ َّ������ا َج����� َل����� ْوتَ فِ���� ْي���� ِه َج��� َن���ا َن���ا‬
‫َق َ‬ ‫���ك ال��� َع��� ْق��� ُل َي����ا تَ���� َ���ش��� ُّي��� َع َوع ٍ‬
‫����ي‬ ‫َ����ص��� ْو ُت َ‬
‫����ت َأ� ْر َك������ا َن������ا‬
‫َي�����ا َه����� َو َاه�����ا تَ���� َق���� َّد� َ����س ْ‬ ‫��شِ��دتَ ِف ْي َنا َه َو َاها‬ ‫َ�ص ْو ُت َك ال�� ُق ْ��د� ُ��س‪ْ � ،‬‬
‫���ت ِ� إ َل����� ْي����� ِه َف��� َك���ا َن���ا‬ ‫َي����ا َأ� َذا ًن���������ا َم َ‬
‫�������ش ْ‬ ‫����ت فِ�� ْي�� َه��ا َأ� َذا ٌن‬
‫َ���ص�� ْو ُت َ��ك ال�� ُق ْ��د� ُ��س‪َ ،‬أ� ْن َ‬
‫�������د ٌة ال ُت َ���دا َن���ى نجَ ْ ��� َم��� ُع ال��� َق��� ْو َم َح�� ْو َل�� َه��ا َأ� ْو َع��� َ��س��ا َن��ا‬ ‫����ب َو ْح َ‬ ‫���ك احل ُّ‬ ‫َ����ص��� ْو ُت َ‬
‫�ل�ال ال����ذي تَ������� َرا َءى د َُخ���ا َن���ا‬ ‫�������ض ِ‬ ‫����م � ُ��س ِّ��م أال َف��اعِ��ي وال َّ‬ ‫���ب َر ْغ َ‬ ‫حل ُّ‬ ‫َ���ص�� ْو ُت َ��ك ا ُ‬
‫���ت ا ْف��تِ�� َت��ا َن��ا‬‫َوا ْق��تَ�� َف�� ْي َ��ت ال��� ُه َ���دى َف ِ���ذ ْب َ‬ ‫هلل َ���ص�ْبررْ ً ا‬
‫���دى ا ِ‬ ‫��اع�� َت�� َن�� ْق َ��ت أال َذى َل َ‬ ‫َف ْ‬
‫****‬
‫�����ب َم���� َّد فِ�� ْي�� َن��ا َه��� َوا َن���ا‬ ‫حل ِّ‬‫ِ���ئ ا ُ‬ ‫َ����ش���اط ُ‬ ‫َي����ا َ����ش���هِ���ي���دً ا َع��� َل���ى ب َ‬
‫ِ����ح����ا ِر ا َمل��� َع���اليِ‬
‫َم������نْ ُي����ع����زَّى ب َأ‬
‫ِ������ ْه�����لِ����� ِه َي�����ا َأ� َب�����ا َن�����ا‬ ‫���ت َأ� ْع����� َل ُ‬
‫�����م َح�� ًّق��ا‬ ‫َأ� ْن َ‬
‫�������ت فِ��� ْي��� َن���ا َو َل���� ْ���س ُ‬
‫���ج���تَ��� َب���ى ِو ْج��� َه���تَ���ا َن���ا‬ ‫َو ُح����� َ����س��ْي�نْ ٌ َواملُ ْ‬ ‫َأ� ْن َ‬
‫��������ت فِ��� ْي��� َن���ا مَ َن���� ْي َ‬
‫����ت فِ��� ْي��� َن���ا َع��ل�� ًي��ا‬
‫�����ص�� ْب َ��ح َك ْ���ي َن��� َر َاه���ا َع�� َي��ا َن��ا‬‫ِ��ك ال ُّ‬ ‫تمُ ْ �����س ُ‬ ‫���ت ِف ْي َها‬ ‫���ت ِف ْي َنا ال���ز َّْه��� َرا ُء َك ْ��م ُر ْح َ‬ ‫َأ� ْن َ‬
‫���ام���ا َو َأ� ْو� َ����س���� َع����تْ���� ُه طِ��� َع���ا َن���ا‬
‫ـ���� ُه ا ِّت���ه ً‬ ‫�����ت فِ��ي�� َن��ا ال��ن��ب ُّ��ي وال��� َّن���ا� ُ���س �آ َذ ْت�����ـ‬ ‫أ�ن َ‬
‫َن����ا ْاغ��ِت��رِ َ ا ًب�����ا َو َي����عْ��َت�رَِ ي���� َن����ا لِ��� َ��س��ا َن��ا‬ ‫�ل�ام وال��� َغ��� ْر ُب َي ْ��ح��دُو‬ ‫ال� ْ���س ُ‬ ‫���ت فِ�� ْي�� َن��ا إ‬ ‫أ�ن َ‬
‫****‬
‫َف��ا ْن َ��ح�� َن��ى ال��� َّد ْم��� ُع َوال���� َق���� َوافيِ َح�� َن��ا َن��ا‬ ‫���ك ال���� َق���� َوافيِ‬‫���ل���تُ مِ��� ْن َ‬ ‫���ت لمَ َّ�����ا َم أ‬ ‫غِ��� ْب َ‬
‫�����ص��ا َن��ا‬
‫�����ض��ي َ��ت ُم َ‬ ‫����د َم َ‬ ‫هلل َق ْ‬ ‫َو�إِلىَ ا ِ‬ ‫����ت َي����ا َأ� َب����ا َن����ا‬
‫هلل أُ� ْح����كِ���� َم ْ‬ ‫حِ��� ْك��� َم��� ُة ا ِ‬
‫ُم ْ���ط��� َم���ئ��� ًن���ا َف أ���� ْح���يِ��� َن���ا ْاط���مِ��� ْئ��� َن���ا َن���ا‬ ‫���صِ���د ٍق‬
‫����د � ْ‬ ‫َه���انِ��� ًئ���ا َرا�����ضِ���� ًي����ا مِ َب���� ْق���� َع ِ‬

‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬


‫‪15‬‬
‫ ‬
‫على حافّة نهاية ال�شهر‬
‫ح�س امل�س ؤ�ول ّية عن املجتمع أ‬
‫وال ّمة‪ ،‬يف ك ّل ق�ضاياها‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الن�سانُ حائر ًا أ�مام‬
‫وتنق�ضي أ� ّيام �شهر رم�ضان‪ ،‬وتت�ص ّرم لياليه‪ ،‬ويقف إ‬
‫أ‬
‫عندما ك ّثف اهلل الزمن من خ�لال حجم ال��روح ال��ذي �فا�ضه يف �شهر‬ ‫م�ساره وم�صريه‪ ،‬يف حلظ ٍة ي�شتبك فيها التاريخ املليء بال ُبعد عن اهلل‬
‫للن�سان �إنّ عليك‬ ‫فل ّنه يريد أ�ن يقول إ‬ ‫رم�ضان‪ ،‬ويف ليلة القدر بالذات‪ ،‬أ‬ ‫الخالد �إىل أالر�ض‪ ،‬الذي كان الت�ضييع والتفريط عنوان التق�صري فيه‪،‬‬ ‫و إ‬
‫وح�س امل�س ؤ�ول ّية‪،‬‬
‫أ�ن تب�سط هذه الكثافة‪ ،‬يف نوعية العبادة‪ ،‬وروح ّية التف ّكر‪ّ ،‬‬ ‫مع امل�ستقبل الذي ال يدري ما �سي�صنع فيه‪ ،‬و�إىل أ� ّي مدىً لن ي�ضيع يف‬
‫على ال�سنة آالتية �إىل رم�ضان القادم‪ ،‬لتكون الربكة التي أ�فا�ضها اهلل فيه‬ ‫غمرة احلياة‪..‬‬
‫برك ًة تنبع من عمق النف�س التي تد ّربت يف �شهر رم�ضان على أ�ن تعي�ش معنى‬ ‫ولكنّ ال�شهر �إذا انق�ضى زمن ًا‪ ،‬وت�ص ّرم أ�مد ًا‪ ،‬ف�إنّ أالجواء الروح ّية التي‬
‫حت�س الربكة �شيئ ًا مع ّلق ًا يف الف�ضاء‪ ،‬ال يتمظهر يف‬ ‫الربكة يف نف�سها‪ ،‬ال أ�ن ّ‬ ‫ع�شناها بني احلني و آالخ��ر‪ ،‬ينبغي أ�ن تكون زخم ًا نتح ّرك فيه يف قادم‬
‫يتج�سد يف �سلوك‪..‬‬
‫�شعور‪ ،‬وال ّ‬ ‫أال ّيام‪ ،‬لكي من ّد ج ّو هذا ال�شهر املبارك �إىل غريه من ال�شهور‪ ،‬فال تتو ّقف‬
‫أ‬ ‫ً‬
‫وعندئذ �سيكون الزمن ك ّله من�صتا لت�سابيح �نفا�سنا‪ ،‬و ُي�صبح النوم يف‬ ‫ٍ‬ ‫أ�ل�سنتنا عن الدعاء حلظ ًة‪ ،‬وال تك ّل أ�رواحنا عن املناجاة ل�ساعة‪ ،‬وتبقى‬
‫أ‬ ‫آ‬
‫ك ّل زمان عباد ًة‪ ،‬وتُفتّح �ذان ال�سماء �إىل �دعيتنا‪ ،‬ويكون القبول هو نتيجة‬ ‫متل أ�جواء البيوت‪ ،‬يف �ساعات ال�صلوات التي ينبغي أ�ن‬ ‫تالوة كتاب اهلل أ‬
‫وعندئذ �ستبقى‬‫ٍ‬ ‫أ�عمالنا التي ت�صعد �إىل اهلل بال حواجز وال ع��وائ��ق‪..‬‬ ‫نحافظ عليها أ�كرث‪..‬‬
‫ال�شياطني مغلولة‪ ،‬و أ�بواب اجلنان مفتّحة‪ ،‬و أ�بواب النريان مغ ّلقة؛ ليكون‬ ‫و أ� ّما الروح أالخالق ّية التي غ ّلفها �شهر رم�ضان بغالفه الروحي‪ ،‬وبالربكات‬
‫رم�ضان روح ال�شهور ك ّلها‪ ،‬وليكون اهلل تعاىل يف عمق الفكر‪ ،‬ويف قلب‬ ‫الله ّية‪ ،‬ف� إ ّنها للحياة ك ّلها‪ ،‬يف مدى الزمن ك ّله‪ ،‬ف�إذا و�صلنا أ�رحامنا يف‬
‫إ‬
‫الروح‪ ،‬وفي�ض ًا يح ّرك احلياة‪..‬‬ ‫�شهر رم�ضان فال نقطعها يف غريه من ال�شهور‪ ،‬و�إذا خ ّففنا فيه ع ّمن هم‬
‫ولكن‪ ..‬تبقى النف�س حريى؛ هل بلغنا مع�شار ذلك؟ أ�م أ� ّننا ال زلنا يف دروب‬ ‫حتت �سلطتنا‪ ،‬فال ينبغي أ�ن نثقل عليهم يف آالتي من أال ّيام‪ ،‬و�إذا ح�سنت‬
‫الغواية‪ ،‬ويف متاهات ال�ضالل‪ ،‬ويف مدى الت�ضييع ألعمارنا التي ت�سري عجلى‬ ‫أ�خالقنا فيه فال ينبغي أ�ن ت�سوء يف م�ستقبل ال�شهور‪..‬‬
‫الم��ام أ�مام ما ق ّدمت يداه‪ ،‬و أ��سلفت أ�عماله‪،‬‬ ‫نحو خامتتها‪ ،‬حيث يقف إ‬ ‫خطينا يف �شهر رم�ضان �شهادة فوزنا؛ ألنّ الفوز فيه‪،‬‬ ‫هكذا نكون قد ّ‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫وحيث ال رجوع للزمن‪ ،‬وال عودة للحياة؛ }هنالك تبلو كل نف�س ما ��سلفت‬ ‫والنجاح يف حتقيق أ�هدافه‪ ،‬لي�ست مق�صورة على الزمن الذي يحتوي‬
‫و ُر ّدوا �إىل اهلل موالهم احلقّ و�ض ّل عنهم ما كانوا يفرتون{؛ واهلل من وراء‬ ‫ال�شهر املبارك‪ ،‬بل الدليل عليه يتّ�ضح يف امل��دى ال��ذي ح ّقق فيه �شهر‬
‫الق�صد‪.‬‬ ‫رم�ضان من زيادة من�سوب الوعي يف الفكر‪ ،‬وال�سم ّو يف الروح‪ ،‬وجت�سيد‬
‫ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬ ‫القيم أالخالق ّية يف حياتنا‪ ،‬مع أ�نف�سنا ومن هم حولنا‪ ،‬ويف مدى ازدياد‬

‫مكتب سماحة العالمة املرجع‬


‫السيد محمد حسني فضل الله‬

‫جريدة أ��سبوعية ت�صدر عن‬


‫االتصال بالوكيل احلصري‪:‬‬ ‫إلعالناتكم في‬
‫مكتب الثقافة واالعالم‬
‫هاتف‪01/453380 -03/877201 :‬‬ ‫املدير املسؤول‪ :‬محمد الضيقة اإلخراج الفني‪ :‬سليم املقدم‬
‫‪ /64‬إد‬ ‫علم وخبر‬

‫العدد‪ 386‬اجلمعة ‪ 24‬رم�ضان ‪ 1431‬هـ ‪ 3‬أ�يلول (�سبتمرب ) ‪2010‬م‬


‫‪16‬‬
‫ليقوم الناس بالقسط‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫رس َلنا بالب ّينات وأنزل َنا معهم‬
‫لقد أرسلنا ُ‬
‫ما هو �س ّر هذا الإنجذاب؟‬ ‫«ال�س ّيد» في تم ّيز ال�شخ�ص ّية وتكاملها‪:‬‬
‫ج ّيدً ا‪ ،‬ولم ُي�ص ُغوا �إليه ج ّيدً ا‪...‬‬
‫�����ض��ه��م ُم��ع�� ّب���أ ب�� ُع��ق��دٍ وح�سا�س ّي ٍات‬ ‫وب��ع ُ‬ ‫العالمة ال�سيد عبداهلل الغريفي‬
‫وح�سابات‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫وهك ��ذا �س ��كن احل ��زن يف ك ّل القل ��وب‪ ،‬وتن ��دت الدمع ��ة يف ك ّل العي ��ون‪،‬‬
‫غط‬ ‫ّ‬
‫ال�ضو�ضا ِء والل ِ‬ ‫وبع�ضهم �سقط �أ�سي َر ّ‬ ‫ُ‬ ‫ال�شفاه‪ ،‬لقد رحل ال�سيد الكبري‪ ،‬و�سوف يبقى‬ ‫وغابت الب�سمة على ك ّل ّ‬
‫وال�ضجيج‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫يف ك ّل الذاكرات‪ ،‬كان عنوان مرحل ٍة بكاملها‪...‬‬
‫�����ص��واب ف��ي ال ّنقد‬ ‫وبع�ضهم ج��ا َن�� َب�� ُه ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫�شخ�ص ّية �إ�ستثنائ ّية‪:‬‬
‫والمناق�شة‪ ،‬فاختار القذف والت�شهير‬ ‫لي�س مبالغ ًة �أن ن��ع َّ��د ُه واح���دً ا من الأن��م��اط اال�ستثنائ ّية في التّاريخ‬
‫بدل الحوار والجدال با ّلتي هي �أح�سن‪...‬‬ ‫�صعب حينما نحاول �أن نقر�أه‪،‬‬ ‫المعا�صر‪ ،‬الأمر ا ّلذي ي�ضعنا �أمام خيا ٍر ٍ‬
‫وبع�ضهم‪ ...‬وبع�ضهم‪....‬‬ ‫ال�صعوبة �أن نقر�أ‬ ‫�إ ّال �أنّ نمار�س تفكي ًكا لمك ّونات �شخ�ص ّيته‪ ،‬فلي�س من ّ‬
‫ونتم ّنى �أن يعيد جمي ُع ه���ؤالء مراجع َة‬ ‫فقي ًها متم ّيزًا‪� ،‬أو مف ّك ًرا متميزًا‪� ،‬أو مث ّق ًفا متم ّيزًا‪� ،‬أو �أدي ًبا متم ّيزًا‪� ،‬أو‬
‫الموقف‪...‬‬ ‫خطي ًبا متم ّيزًا‪� ،‬أو كات ًبا متم ّيزًا‪� ،‬أو مر ّب ًيا متم ّيزًا‪� ،‬أو داعي ًة متم ّيزًا‪،‬‬
‫ولهم ك َّ��ل الحقّ في �أن يرف�ضوا ‪ -‬وفق‬ ‫�أو �سيا�س ًّيا متم ّيزًا‪� ،‬أو قائدً ا متم ّيزًا‪� ،‬أو روحان ًّيا متم ّيزًا‪� ،‬أو عرفان ًّيا‬
‫القناعة العلم ّية‪ّ � -‬أي ر� ٍأي �أو فكر ٍة‪،‬‬ ‫متم ّيزًا‪� ،‬أو مجاهدً ا متم ّيزًا‪� ،‬أو مرج ًعا متم ّيزًا‪...‬‬
‫�أو ف��ت��وى‪� ،‬أو ط���رح‪��� ،‬ص��اد ٍر ع��ن��ه بعد‬ ‫ال�سيد‬‫�أ ّما �أن ت�أتلف هذه المك ّوناتُ لت�ش ّك َل عنوا ًنا واح��دً ا‪ ،‬فذاك هو َّ‬
‫�صحة ال ّن�سبة �إل��ي��ه‪ ،‬و�أن‬ ‫ال��ت���أ ّك��د م��ن ّ‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬ف���إنّ محاولة ق��راء ِت�� ِه في غاية ال�صعوبة‬
‫محكوما لمعايير و�أدوات‬ ‫ً‬ ‫يكون ال ّرف�ض‬ ‫والتعقيد‪� ،‬ش�أن الأنماط اال�ستثنائ ّية في التاريخ‪...‬‬
‫العلمي‪ ،‬بعيدً ا‬
‫ّ‬ ‫ومناهج و�أ�ساليب ال ّنقد‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬
‫َ‬ ‫تملك �إ ّال �أنْ‬ ‫االقتراب منه‪ ،‬ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تحاول‬ ‫حينما‬
‫عن لغ ِة التّ�شوي�ش‪ ،‬والتّ�شويه‪ ،‬والإ�ساءة‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫تحاول �أن تقر�أه‪ ،‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحينما‬
‫والطعن‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫تحاول �أن ت�صغي �إلى حديثه‪ ،‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحينما‬
‫نات �شخ�ص��يّته الإ�ستثنائيّة‬ ‫لقد �إئتلفت كل مك ّو ُ‬ ‫َ‬
‫ال�س ّيد الر ّباني‪:‬‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تجال�سهُ‪ ،‬ال تملك �إال �أنْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تحاول �أن‬ ‫وحينما‬
‫بعد هذا الإ�شكال العار�ض نحاول الإجابة‬ ‫ال�س��يد محمد‬ ‫واح��دا‪ ،‬فذاك هو َّ‬ ‫عنوانا ً‬‫لت�ش��ك َل ً‬ ‫ّ‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫تحاول �أن تنظر �إليه‪ ،‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحينما‬
‫عن ال�س�ؤال المطروح‪...‬‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫وحينما ترا ُه في محراب ِه‪ ،‬ال ُ‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬ف� ّإن محاولة قراء ِت ِه في غاية ال�صعوبة‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬
‫�إنّ �س َّر االنجذاب هو «ر ّبانيتُه» فيما تملكه‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫وحينما ترا ُه في خطاب ِه‪ ،‬ال ُ‬
‫ووعي وب�صير ٍة‪،‬‬ ‫عمق ٍ‬ ‫هذه الر ّبان ّية من ٍ‬ ‫والتعقيد‪� ،‬ش�أن �سائر الأنماط اال�ستثنائيّة في التاريخ‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫وحينما ترا ُه في جها ِد ِه‪ ،‬ال ُ‬
‫إخ��ل�ا�����ص‪ ،‬وط���هٍ ���ر‪ ،‬ون��ق��اءٍ ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫و����ص���دقٍ ‪ ،‬و�‬ ‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬
‫وحينما ترا ُه في فقه ِه‪ ،‬ال ُ‬
‫و�صفاءٍ ‪ ،‬ور�سال ّي ٍة‪ ،‬وحرك ّي ٍة‪ ،‬وهادف ّي ٍة‪،‬‬ ‫ُر ّبما يكون لذلك كثي ُر � ٍأثر‪� ،‬إ ّال �أنّ هناك‬
‫تنجذب �إليه‪...‬‬
‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫وفكر ِه‪ ،‬وثقاف ِت ِه‪ ،‬ال ُ‬ ‫وحينما ترا ُه في علم ِه‪ِ ،‬‬
‫وعطاءٍ وجهاد‪...‬‬ ‫م��ن يعي�شون الح�ضور م��ع ال�� ّن��ا���س‪ ،‬ومع‬
‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫وحينما تراه في �سيا�ست ِه‪ ،‬ال ُ‬
‫م���ن خ��ل�ال ه����ذه ال���ر ّب���ان��� ّي���ة العا�شقة‬ ‫همومهم‪ ،‬وق�ضاياهم‪� ،‬إ ّال �أ ّنك ال تنجذب‬
‫تنجذب �إليه‪...‬‬ ‫َ‬ ‫تملك �إ َّال �أنْ‬ ‫وحينما تراه في قيادت ِه‪ ،‬ال ُ‬
‫هلل‪ ،‬ال ّذائبة فيه‪ ،‬ت�ش ّكلت ك�� ّل مك ّونات‬ ‫�إليهم هذا االنجذاب‪.‬‬
‫�سر الإنجذاب‪:‬‬ ‫ّ‬
‫�شخ�صيته المتم ّيزة‪ ،‬فقد ك��ان فقيه ًا‬ ‫ه��ل ه��و االن��ف��ت��اح على ق�ضايا الع�صر‪،‬‬
‫والعلم والفك ُر والثقافة؟‬ ‫ُ‬ ‫ما �س ُّر هذا االنجذاب؟ هل هو الفق ُه‬
‫ربان ّي ًا‪ ،‬ومفكر ًا ر ّبان َي ًا‪ ،‬وداع��ي�� ًة رباني ًا‬ ‫و�إ�شكاال ِته وتحدّيا ِته؟‬
‫كثيرون يملكون فق ًها‪ ،‬وكثيرون يملكون عل ًما‪ ،‬وكثيرون يملكون فك ًرا وثقافة‪ُ ،‬ر ّبما‬
‫ومرجعا ر ّبان ّي ًا‪.‬‬ ‫���ذب ه���ذا ع��ق�� َل��ك‪ ،‬ووع��� َي���ك‪،‬‬
‫ُر ّب���م���ا ي���ج ُ‬ ‫تحترمهم‪ ،‬تنحني لهم‪� ،‬إ َّال �أ ّنك ال تنجذب �إليهم هذا االنجذاب‪...‬‬
‫لقد َر َح َل ال�س ّيد(ره) ج�سدً ا‪ ،‬ولم َ‬
‫يرح ْل‬ ‫وثقافتك‪� ،‬إ ّال �أنّ انجذاب القلب وال ّر ِوح‪،‬‬
‫هل هو قدر ُة الخطاب ِة والكتاب ِة والحوارِ؟‬
‫وخطا‪ ،‬ومدر�س ًة‪ ...‬وقد‬ ‫ونهجا‪ًّ ،‬‬ ‫روح��ا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫َ والوجدان له �س ٌّر �أعمق‪...‬‬
‫كثيرون يملكون قدر َة خطاب ٍة‪ ،‬وكثيرون يملكون قدر َة كتاب ٍة‪ ،‬وكثيرون يملكون قدرة‬
‫�أنتج تيا ًرا واع ًيا‪ ،‬ح ًّيا‪ ،‬متح ّر ًكا‪ ،‬وهذا‬ ‫��روح��ا‪ :‬م��ا ���س�� ُّر هذا‬
‫�����س���ؤال م��ط ً‬
‫حوارٍ‪ُ ،‬ر ّبما تنبه َر بهم‪ ،‬ت�شد َّك �أ�ساليبهم‪ ،‬تُعجبك كلماتهم‪� ،‬إ ّال �أ ّنك ال تنجذب �إليهم يبقى ال ّ‬
‫التيار �سيبقى وي�ستمر ب�إذن اهلل تعالى‪.‬‬ ‫االنجذاب؟‬
‫هذا االنجذاب‪...‬‬
‫المع ّقدين ومراجعة الموقف‪:‬‬
‫هل هو التوا�ض ُع‪ ،‬والأريحي ُة‪ ،‬وال�شفافي ُة؟‬
‫ال�س�ؤال‪ ،‬يواجهنا‬ ‫الحب وقبل �أن نجيب عن هذا ّ‬ ‫نف�س َك تحم ُل لهم َّ‬
‫كل ّ‬ ‫كثيرون يملكون توا�ض ًعا‪ ،‬و�أريحي ًة‪ ،‬و�شفافي ًة‪ُ ،‬ر ّبما تج ُد َ‬
‫لقد َر َح َ‬
‫���ل ال�����س� ّي��د(ره)‬ ‫�إ�شكا ٌل يقول‪:‬‬
‫والتقدير واالحترام‪� ،‬إ َّال �أ ّنك ال تنجذب �إليهم هذا االنجذاب‪.‬‬
‫ونهجا‪،‬‬
‫روحا‪ً ،‬‬ ‫يرح ْل ً‬ ‫ج�سدً ا‪ ،‬ولم َ‬ ‫ال ن�س ّل ُم بهذا االنجذاب‪ ،‬هناك من يقر�أ‬
‫همومهم‪ ،‬و�أو�ضاعهم‪،‬‬ ‫ه��ل ه��و الح�ضور ال��دائ��م ف��ي حياة ال�� ّن��ا� ِ��س‪ ،‬والتعاطي م��ع ِ‬
‫ومدر�سة‪ ...‬وقد �أنتج‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫وخطا‪،‬‬ ‫ل��ه‪ ،‬ي�صغي ل��ه‪ ،‬يجال�سه‪ ،‬ينظر �إليه‪،‬‬
‫وق�ضاياهم؟‬
‫فال يزداد �إ ّال نفو ًرا‪ ،‬وكراهي ًة‪ ،‬وعداو ًة‪،‬‬
‫تيا ًرا واع ًيا‪ ،‬ح ًّيا‪ ،‬متح ّر ًكا‪ ،‬وهذا‬ ‫ت�شكلت ّ‬ ‫من خالل هذه الربّان ّية العا�شقة هلل‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫ورف�ضا‪ ،‬وابتعادًا‪...‬‬ ‫كل‬ ‫الذائبة فيه‪ّ ،‬‬
‫التيار �سيبقى وي�ستمر ب�إذن اهلل‬ ‫م ّما ي�ؤ�سف له �أنّ هذا ال ّنمط من ال ّنا�س‬ ‫ً‬
‫وداعية‬ ‫مكوّنات �شخ�صيته المتم ّيزة‪ ،‬فقد كان فقيه ًا ربان ّي ًا‪ ،‬ومفكر ًا ربّان َي ًا‪،‬‬
‫بع�ضهم لم ي��ق��ر�أوه ج�� ّي��دً ا‪ ،‬ول��م يفهموه‬ ‫رباني ًا ومرجعا ربّان ّي ًا‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪2‬‬
‫كونوا �صوت الحق في وجه الطغاة والم�ستكبرين‬

‫هل يموت ال ّر�أي؟!‬


‫ا�ستدل بها على‬ ‫ّ‬ ‫الآي��ات القر�آن َّية التي‬ ‫ال�س ِّيد جعفر محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫العقالئي‬
‫ّ‬ ‫التّقليد‪ ،‬هي تقرير لهذا المبد�أ‬
‫ال��ع��ا ّم‪ ،‬ولي�ست ت�شريع ًا ج��دي��دا؛ كقوله‬
‫ً‬ ‫ث ّم ��ة بح � ٌ�ث �شغ ��ل الفقهاء‪ ،‬وه ��ي م�س�أل ��ة تتع ّلَق ب ��ر�أي امليت الفقه � ّ�ي؛ وذلك �ضمن‬
‫ولذلك نجد � َّأن ال ّنا�س ترجع �إل��ى كتب‬ ‫�أ�سئلة تطر�أ على ال ّذهن عندما ميوت الفقيه ومتوت فيه طاقاته اجل�سد ّية‪ ،‬ومنها‬
‫الذ ْك ِر �إِن ُكنت ُْم َال‬ ‫ا�س َ�أ ُلو ْا َ�أ ْه َل ِّ‬‫تعالى‪َ } :‬ف ْ‬ ‫المف ّكرين وال��ع��ل��م��اء وت���أخ��ذ ب�آرائهم‪،‬‬ ‫طاقته الفكر ّية التي كان ينتج من خاللها �أفكاره و�آراءه يف حياته‪ :‬هل ميوت ر�أي‬
‫َت ْع َل ُمونَ {(النحل‪ ،)43:‬وقوله تعالى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ل��ي�����س ف����ي ال��ع��ل��وم‬ ‫الفقيه عندما ميوت هو؟‬
‫����ل ِف��� ْر َق��� ٍة ِّم ْن ُه ْم‬ ‫} َف��� َل��� ْو َال َن��� َف��� َر ِم���ن ُك ِّ‬ ‫كالطب‬
‫ّ‬ ‫ال��ب��ح��ت��ة‪،‬‬ ‫�إ�ضاءات في مواجهة الت�شكيك والتجهيل‪:‬‬
‫َط�آ ِئ َف ٌة ِّل َي َت َف َّق ُهو ْا ِف��ي ال ِّ��دي ِ��ن َو ِل ُي ِنذ ُرو ْا‬ ‫والهند�سة والفيزياء‬ ‫ما ي�صنع ا ّلذين كانوا يعتبرونه مرجعاً‬
‫َق�� ْو َم�� ُه ْ��م ِ�إ َذا َر َج��� ُع���و ْا ِ�إ َل��� ْي���هِ ْ���م َل َع َّل ُه ْم‬ ‫وال����ري����ا�����ض���� ّي����ات‬ ‫يرجعون �إليه في �أحكام دينهم؟ هل يبقون‬
‫َي ْح َذ ُرونَ {(التّوبة‪.)122:‬‬ ‫ون��ح��وه��ا‪ ،‬فح�سب‪،‬‬ ‫على ما هم عليه؟ �أم � َّأن عليهم �أن يختاروا‬
‫تقليد الر�أي‪:‬‬ ‫ب���ل ف���ي الميادين‬ ‫فقيه ًا من الأحياء؛ وهو ا ّلذي يحدّد لهم‬
‫الحي‬
‫ق��د ي��ق��ول ق��ائ��ل‪َّ � :‬إن المجتهد ّ‬ ‫ا ّل���ت���ي ي���ك���ون فيها‬ ‫موقفهم ّ‬
‫رعي تجاه �آراء مرجعهم‬ ‫ال�ش ّ‬
‫با�ستطاعته �أن يغ ِّير ر�أيه �إذا بدا له �شيء‬ ‫ال������ ّر�أي ج�����زء ًا من‬ ‫المتو ّفى؟‬
‫جديد‪ ،‬والميت قد انقطع عن الحياة‬ ‫خ���������ص����و�����ص���� ّي����ات‬ ‫فقهي يريد �أن‬ ‫ّ‬ ‫بحث‬
‫ل�ستُ هنا ب�صدد ٍ‬
‫ك ّلي ًا وعن ك ّل حركة للفكر‪ ،‬فبهذا ُيمكن‬ ‫�شخ�ص ّية المف ّكر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينظر لم�س�ألة تقليد الفقيه المتوفى‪ ،‬بقا ًء‬
‫�أن نفهم � َّأن للحياة مدخل ّية في اعتبار‬ ‫ك���م���ا ف����ي م��ي��ادي��ن‬ ‫�أو اب��ت��دا ًء؛ �إال �أنّ ما دفعني للكتابة في‬
‫ال ّر�أي‪.‬‬ ‫ال�����ق�����ان�����ون وع���ل���م‬ ‫هذا المو�ضوع‪ ،‬هو � َّأن العديد من ال ّنا�س‬
‫والجواب على ذلك من جهتين‪:‬‬
‫كانوا ي�س�ألون‪ :‬هل ا�ستمرار �أخذنا بفتاوى‬
‫�أ ّو ًال‪� :‬أنّ العلماء ال يلتزمون بذلك في‬ ‫يقرب الفكرة ليكون االلتزام بالتقليد عن‬ ‫ِّ‬
‫كثي ٌر من النا�س ال يزالون‬ ‫مرجعنا ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫البقاء على التّقليد �إذا كان المك ّلف قد‬ ‫وعي ودراية‪ ،‬ولو ب�صورة عا ّمة‪ ،‬بعيد ًا عن‬ ‫ٍ‬ ‫�صحيح؟ فقد قال لنا من قال � َّإن تقليد‬
‫ق ّلد المجتهد حال حياته ّثم تو ّفي؛ ف�إذا‬ ‫�إل��ى اليوم‪ ،‬يرجعون في‬ ‫التّقليد الأعمى ا ّلذي ال يعرف فيه الإن�سان‬
‫الأم��وات غير جائز‪ ،‬والعمل ك ّله �سيكون‬
‫كان للحياة مدخل َّية‪ ،‬فال َّبد من �أن نقول‬ ‫�أعمالهم ّ‬
‫ال�شرع ّية �إل��ى ال�س ّيد‬ ‫�شيئ ًا من ثقافة ما يلتزم به منهج ًا و�سلوك ًا‬
‫باط ًال‪ ..‬ور ّبما �أدخلوا العامل ال ّنار!‬
‫ب��ع��دم ج���واز البقاء على تقليد الميت‬ ‫(توفي عام ‪ ،) 1970‬و�إلى‬ ‫الحكيم ّ‬ ‫وعم ًال في حياته‪ ..‬ف� َّإن ما �أحاوله في هذه‬
‫ا�س الط ّيبون في التزامهم‪،‬‬ ‫هكذا ُي�ش ّكك ال ّن ُ‬
‫مطلق ًا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫المقالة ه��و تقريب فكرة تقليد الميت‬
‫(توفي ‪،)1989‬‬ ‫ال�س ّيد الخميني‬ ‫بال ّرغم من الفتاوى الوا�ضحة والكثيرة �إلى ال ّذهن ّية العا ّمة لل ّنا�س‪ ،‬بحيث ِّ‬
‫ثاني ًا‪� :‬أنّ ذلك يقت�ضي عدم جواز التّقليد‬ ‫ي�شكل‬
‫(توفي في‬‫و�إل��ى ال�س ّيد الخوئي ّ‬ ‫لدى العلماء الأحياء في جواز البقاء على‬
‫حتّى في حال الحياة؛ ل َّأن العلماء يبحثون‬ ‫ذلك عن�صر مناعة‪ ،‬ولو ن�سب َّية‪� ،‬أمام � ّأي‬
‫تقليد الميت؛ بل � َّإن بع�ضهم قال بوجوب‬
‫محدّدة‪ّ ،‬ثم‬ ‫م�سائل الفقه في فتر ٍة زمن ّي ٍة َ‬ ‫‪)1992‬‬ ‫تجهيل لل ّنا�س تجاه هذه الم�س�ألة‬ ‫ٍ‬ ‫حالة‬
‫البقاء �إذا اعتقد الإن�سان �أعلم َّية مرجعه‬
‫يطرحونها في كتب الفتاوى‪ ،‬وال يعيدون‬ ‫ا ّلتي ّ‬
‫تخ�ص التزاماتهم الفقه َّية والدّين ّية‬
‫على الأحياء؛ والبع�ض يرى � َّأن الإن�سان‬
‫البحث فيها �إال ف��ي بع�ض الم�سائل‪،‬‬ ‫االجتماع واالقت�صاد ونحو ذلك‪.‬‬ ‫عموم ًا‪ ،‬علم ًا �أنّ كثير ًا من ال ّنقا�شات قد‬
‫له �أن يختار مرجع ًا متو َّفى لم يق ِّلده في‬
‫تبع ًا للتّدري�س‪ .‬وفي ك ّل الأحوال‪ ،‬ف�إ َّنهم‬ ‫و�إذا ك���ان ه���ذا ي��م�� ِّث��ل ال ّ�����س��ل��وك العا ّم‬ ‫حياته‪ ،‬فيجوز له �أن يق ِّلده اب��ت��دا ًء بعد‬
‫ال يعيدون البحث ف��ي �أح�سن الأح���وال‬ ‫لل َّنا�س مع ميادين الفكر وال�� ّر�أي‪ُ ،‬‬
‫فعالم‬ ‫�إذا كان ال � ّر�أي قد �أنتج‬ ‫وفاته �إذا اعتقد �أ َّنه �أعلم من الأحياء‪� ،‬أو‬
‫�أكثر من م ّرة‪ .‬ولذلك ال ترى كثير ًا من‬ ‫الفقه لي�س �إال ميدان ًا من ميادين الفكر‬ ‫على �أ�سا�س االجتهاد والعلم‬ ‫ح َتّى �إذا لم يكن �أعلم من الأحياء كما هو‬
‫التّغيير في الفتاوى حتّى في حال حياة‬ ‫االجتهادي ا ّل��ذي ينتج نظر ّيات فقه ّية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وال��خ��ب��رة‪ ،‬ف ��إن��ه يكت�سب من‬ ‫بع�ض �آخر‪..‬‬‫ر�أي ٍ‬
‫المجتهد‪.‬‬ ‫فيرجع �إليها من ال يملك االجتهاد وال‬ ‫ّ‬
‫وعلى ال ّرغم من �أن��ه ال ي��زال �إل��ى اليوم‬
‫معنى ذل��ك بك ّل ب�ساطة‪� ،‬أ ّن��ن��ا ال نقلدّ‬ ‫خبرة له فيه‪ .‬وبالتّالي‪ُ ،‬يمكن اعتبار هذا‬ ‫خ�لال ذل��ك قيمته العلم َّية‪،‬‬ ‫من يرجع في �أعماله ّ‬
‫ال�شرع ّية �إلى ال�س ّيد‬
‫الحي‪ ،‬و�إ ّنما نق ّلد ر�أي��ه ا ّلذي‬ ‫المجتهد ّ‬ ‫ال�سلوك العا ّم دلي ًال على جواز ال ّرجوع �إلى‬ ‫و ُي��م��ك��ن ال�� ّرج��وع �إل��ي��ه‪ ،‬حال‬ ‫مح�سن الحكيم (تو ّفي في العام ‪،)1970‬‬
‫ً‬
‫و�صل �إل��ي��ه قبل ع�شر �سنوات مثال �أو‬ ‫الميت‪ ،‬ف�ض ًال عن البقاء على تقليده‪.‬‬ ‫الحياة و�أي�ض ًا بعد الوفاة‬ ‫و�إل��ى ال�س ّيد الخميني (تو ّفي في العام‬
‫�أكثر‪ ،‬ولذلك نحن لو �س�ألناه عن ر�أيه‪،‬‬ ‫ال�سيرة العقالئ َّية لم ي�صدر ردع من‬ ‫وهذه ّ‬
‫لأجابنا بما في كتاب الفتاوى‪� ،‬أو �أجابنا‬ ‫‪ ،)1989‬و�إلى ال�س ّيد الخوئي (تو ّفي في ذكرها العلماء في كتبهم اال�ستدالل َّية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ال�شريعة عليها؛ حتّى �إنّ الأئ ّمة من �أهل‬ ‫العام ‪..)1992‬‬
‫العلماء ا ّلذين يعاونونه في الإجابة‪ ،‬وال‬ ‫ف ُيمكن مراجعتها‪.‬‬
‫البيت(ع) المت� ّأخرين‪ ،‬لم يكونوا يعيبون‬
‫يعيد البحث في ك ّل م�س�ألة ك ّلما �س�ألناه‪.‬‬ ‫ولأنّ �سماحة ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ر���ض) فكرة ال واقع لها‪:‬‬
‫على عا ّمة ال ّنا�س �أخذهم ب���آراء �أرباب‬ ‫ً‬
‫وعلى ه��ذا الأ���س��ا���س‪ ،‬فالم�س�ألة تابعة‬ ‫كان ال يعتبر ال ّثقافة الفقه ّية حكرا على و�أ ّي�� ًا يكن الأم��ر‪ ،‬ف��� َّإن فكرة موت ال ّر�أي‬
‫المذاهب الأخ���رى ا ّلتي عا�صروها‪ ،‬مع‬
‫ل��ل�� ّر�أي؛ ف���إذا ك��ان ال��� ّر�أي قد �أنتج على‬ ‫�شريحة مع ّينة م��ن الأ ّم���ة‪ ،‬وه��م طالب بموت �صاحبه هي فكرة ال واقع لها في ك ّل‬
‫� َّأن بع�ضهم ـ على الأق ّل ـ كانوا �أموات ًا في‬
‫�أ���س��ا���س االج��ت��ه��اد وال��ع��ل��م والخبرة‪،‬‬ ‫المتخ�ص�صون‪ ،‬بل كان ميادين الفكر والأفكار والآراء والنظر ّيات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العلوم الدّين ّية‬
‫حينه‪.‬‬
‫فيكت�سب قيمته العلم َّية‪ ،‬وبذلك ُيمكن‬ ‫بال�سيرة العقالئ ّية على‬ ‫واال���س��ت��دالل ّ‬ ‫ي ّ‬
‫ُ�شكك ال ّن ُ‬
‫ال ّرجوع �إليه‪ ،‬حال الحياة وبعد الوفاة‪،‬‬ ‫ا�س الط ّيبون في التزامهم‪ ،‬بال ّرغم من الفتاوى الوا�ضحة التّقليد عموم ًا‪ ،‬يعتبر من �أق��وى الأدل��ةّ‬
‫م��ن دون ف��رقٍ بين الحالين ف��ي ذلك؛‬ ‫والكثيرة لدى العلماء الأحياء في جواز البقاء على تقليد الميت؛ بل � َّإن بع�ضهم ف��ي نظر المرجع ال��راح��ل ال�س ّيد ف�ضل‬
‫واهلل من وراء الق�صد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫البع�ض � َّأن بع�ض‬ ‫اهلل(ره)؛ بل ر ّبما يرى‬ ‫قال بوجوب البقاء �إذا اعتقد الإن�سان �أعلم َّية مرجعه على الأحياء‬

‫‪3‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬


‫لقاء مع العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل في �أجواء الذكرى ال�سنوية االولى للرحيل‪:‬‬
‫علينا ان نتابع م�سيرة الوعي‪ ..‬والتيار الذي �أطلقه ال�س ّيد(ره) �سيتجذر‬
‫في لقاء �شامل‪ ،‬في �أجواء الذكرى ال�سنو ّية الأولى لرحيل‬
‫المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر�ضوان اهلل عليه)‪،‬‬
‫يتحدّ ث العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪ ،‬عن الم�س�ؤوليات التي‬
‫يتركها رحيل �سماحة ال�س ّيد(ره)‪ ،‬وم�ستقبل ال ّنهج الذي‬
‫� ّأ�س�سه‪ ،‬م�ؤكد ّا �أن تيار الوعي لن ي�سقط‪ ،‬و�أن الجيل الإ�سالمي‬
‫الذي تر ّبى على فكره الن ّير‪� ،‬سيوا�صل م�سيرته الر�سال ّية‬
‫الحركي الأ�صيل‪..‬‬
‫ّ‬ ‫التجديدية‪ ،‬لأنها م�سيرة الإ�سالم‬

‫ال��ب��ق��اء على تقليد ال��م�� ّي��ت الأع��ل��م‪ ،‬بل‬ ‫يركز قواعدها‪،‬‬ ‫عنا�صر الم� ّؤ�س�سة‪ ،‬و�أن ِّ‬ ‫حتى لو لم يلتزموا به‪..‬‬ ‫م�س�ؤول ّية متابعة الم�سيرة‪:‬‬
‫هناك من الفقهاء من يرى وجوب البقاء‬ ‫حر�ص عليه من �أن يكون‬ ‫�إل��ى جانب ما ِ‬ ‫�سنتابع العمل من �أج��ل �أن يكون الواقع‬ ‫�شك في �أنّ المرجع‬ ‫ـ �سماحة ال�س ّيد‪ ،‬ال ّ‬
‫على تقليده‪ ،‬وه��ذا مكتوب في ر�سائلهم‬ ‫ه��ن��اك �إ���ش��راف على ه��ذه الم� ّؤ�س�سات‬ ‫ال�سيا�سي �أف�ضل‪ ،‬ومن �أجل �أن ن�ساهم في‬ ‫ّ‬ ‫ال��راح��ل خ�� ّل��ف م�����س���ؤول�� ّي��ات عظيمة بعد‬
‫العمل ّية‪ ،‬ونحن ا�ستقينا ذل��ك من هذه‬ ‫من نخبة من العلماء والأ�شخا�ص الثقاة‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫الجانب‬ ‫في‬ ‫الحقّ‬ ‫تعزيز‬ ‫رح��ي��ل��ه‪ .‬ك��ي��ف ت��ن��ظ��رون �إل����ى م�ستقبل‬
‫الر�سائل‪ ،‬وعلى �أ�سا�سه‪ ،‬ف����إنّ ال ّنا�س‬ ‫والمخل�صين‪ ،‬على م�ستوى الم� ّؤ�س�سات‬ ‫وقت يعمل اال�ستكبار على تحويل الباطل‬ ‫ٍ‬ ‫الم�سيرة التي خطها(ره)؟‬
‫الذين يعتقدون ب�أعلم ّية �سماحة ال�س ّيد‪،‬‬ ‫والعملي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والفقهي‬
‫ّ‬ ‫الديني‬
‫ّ‬ ‫وعلى الم�ستوى‬ ‫�إلى الحق والحقّ �إلى الباطل‪ ،‬ولي�صبح‬ ‫ـ بطبيعة الحال‪ ،‬ما تركه �سماحة ال�س ّيد‬
‫بقوا على تقليده جمع ًا م��ا بين الآراء‪،‬‬ ‫و�سيكون لمجل�س الأمناء‪ ،‬الذي �أ�س�سه‪،‬‬ ‫الظلم ع��دال�� ًة وت�صبح ال��ع��دال��ة ظلم ًا‪،‬‬ ‫كبير‪ ،‬فهو لم يترك الأمر فقط في دائرة‬
‫لأنّ االحتياط يقت�ضي البقاء على تقليده‬ ‫دور في الإ�شراف على هذه الم� ّؤ�س�سات‪..‬‬ ‫�سوف نتابع العمل على ت�أكيد الوحدة‬ ‫الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬و�إنما ترك �إرث ًا فكر ّي ًا دين ّي ًا‬
‫جمع ًا بين من يقول بالجواز ومن يقول‬ ‫كان الكثير من النا�س يتحدّثون � َّأن هذه‬ ‫الإ���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬لأن��ه��ا ك��ان��ت بال ّن�سبة �إلى‬ ‫مرجع ّي ًا‪ ،‬وت��رك �أي�ض ًا �إرث�� ًا على م�ستوى‬
‫بالوجوب‪ ،‬فالإن�سان يحتاط بالبقاء على‬ ‫�سماحة ال�س ّيد دين ًا يدين اهلل به‪ ،‬ولأنها‬ ‫الأداء ال�سيا�سي‪ ..‬و�إرث���� ًا على م�ستوى‬
‫التّقليد‪ ..‬وعلى هذا الأ�سا�س‪ ،‬فالكثير من‬ ‫�س ّر ق ّوة الم�سلمين و�س ّر ح�ضور الإ�سالم‬ ‫الح�ضور في الواقع االجتماعي في عالقته‬
‫ال ّنا�س بقوا على تقليده‪ ،‬وهذا ما نرى �أثره‬ ‫لقد عمل �سماحة ال�س ّيد(ره)‬ ‫في �ساحة الحياة‪� ،‬سوف نعمل على ت�أكيد‬ ‫بيعي �أنّ‬
‫الط ّ‬ ‫بال ّنا�س وفي مح ّبته لهم‪ ،‬ومن ّ‬
‫في االت�صاالت‪� ،‬أو في خالل اال�ستفتاءات‬ ‫بال�صورة‬
‫ّ‬ ‫على تقديم الإ�سالم‬ ‫الم�سيحي‪ ،‬وت�أكيد‬
‫ّ‬ ‫إ�سالمي‪-‬‬
‫ّ‬ ‫التّالقي ال‬ ‫الم�س�ؤول ّية تقت�ضي �أن نتابع هذه الم�سيرة‪،‬‬
‫التي ال تزال ترد �إلى مكتب �سماحته‪ ،‬وكما‬ ‫التي ي�ستطيع من خاللها �أن‬ ‫ال��وح��دة ال��وط��ن�� ّي��ة‪ ،‬و���س��وف نعمل �أي�ضاً‬
‫فمو�ضوع المرجع ّية هو مو�ضوع له �أ�صوله‪،‬‬
‫هو م��ع��روف‪ ،‬فمكتب اال�ستفتاءات كان‬ ‫على متابعة الم�سيرة التي انطلق بها‬ ‫أ�صولي‬
‫يدخله �إلى �ساحة الع�صر‪ ،‬وينفذ‬ ‫الفقهي ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويجب متابعة هذا المنهج‬
‫يجيب عن اال�ستفتاءات في حياة �سماحة‬ ‫االجتماعي واحت�ضان‬
‫ّ‬ ‫على م�ستوى الأداء‬ ‫ا ّلذي بناه �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‪ ،‬والعمل‬
‫ال�س ّيد(ر�ض)‪ ،‬وهو عبارة عن نخبة من‬ ‫�إلى ّ‬
‫كل العقول والقلوب‬ ‫الأي���ت���ام وال��ف��ق��راء وال��م�����س��اك��ي��ن‪ ،‬وكل‬ ‫على تثبيت قواعده‪ ،‬وجعله يم ّثل م�سار ًا‬
‫العلماء ال��ذي يملكون موقع ًا علمي ًا‪ ،‬وال‬ ‫�أ�صحاب الحاجات‪.‬‬ ‫فقه ّي ًا‪ ،‬لأ ّننا نرى فيه تجدّد ًا يحتاج �إليه‬
‫يزالون يجيبون عن تلك الفتاوى بنا ًء على‬ ‫ك��ذل��ك �سنتابع م�سيرة الم� ّؤ�س�سات‪..‬‬ ‫الفقهي‪.‬‬ ‫الواقع‬
‫�آراء �سماحته‪ ،‬وبنا ًء على ما �أفتاه‪ ،‬وكما‬ ‫الم� ّؤ�س�سات �ستنتهي بانتهاء م� ّؤ�س�سها‪،‬‬ ‫ه���ذه ال��م��� ّؤ���س�����س��ات ال��ت��ي ان��ط��ل��ق��ت من‬ ‫ّ‬
‫و�أنها قد تنحرف عن م�سيرها‪� ،‬أو �أنها‬ ‫ً‬
‫ولذلك ن�ؤ ّكد دائما على الفقهاء والعلماء‪،‬‬
‫هو معلوم‪ ،‬ف�سماحة ال�س ّيد قد �أفتى في‬ ‫�أج��ل المجتمع‪ ،‬ومن �أج��ل النا�س‪ ..‬هذه‬ ‫�أن يدر�سوا الأ�سلوب والمنهج ا ّلذي اعتمده‬
‫جميع الأم��ور التي يحتاج �إليها المك ّلف‪.‬‬ ‫عائلي‪،‬‬
‫�شخ�صي �أو ّ‬
‫ّ‬ ‫�سوف تتح ّول �إلى �إرث‬ ‫الم�ؤ�س�سات التي لم يكن ل�سماحة ال�س ّيد‬
‫لهذا‪ ،‬ال ي��زال تقليد �سماحته م�ستمر ًا‪،‬‬ ‫ودور ه��ذا المجل�س �أن يحافظ على �أن‬ ‫�سماحة ال�س ّيد(ره)‪ ،‬حتى �أو�صل الفقه‬
‫� ّأي ه��دف �شخ�صي م��ن ورائ��ه��ا‪� ،‬سوف‬
‫والكثير من النا�س باقون عليه‪.‬‬ ‫تبقى هذه الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬وتوا�صل م�سيرتها‬ ‫نعمل على �أن تكون هذه الم� ّؤ�س�سات لل ّنا�س‬ ‫�إل��ى ما و�صل �إليه‪ ،‬في ك ّل هذا التّجديد‬
‫بالت�أكيد‪� ،‬إنّ الم�سائل الم�ستحدثة التي لم‬ ‫إ�سالمي المنفتح الم�شرق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط ال‬ ‫في‬ ‫الذي عمل على �أن ير ّكز له قواعد و�آثار ًا‬
‫يفت فيها �سماحته‪ُ ،‬يرجع فيها �إلى �أحد‬ ‫الذي انطلق به �سماحة ال�س ّيد‪ ..‬و�أن تبقى‬ ‫من خالل الأحكام ال�شرع ّية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫توفى ال ينتهي‬ ‫المرجع عندما ُي ّ‬
‫المراجع الأحياء‪ ،‬لكن كما �أ�شرنا‪ ،‬ال نجد‬ ‫حري�صة على �أن تخدم ال ّنا�س ب�أق�صى‬ ‫�إن متابعة الم�سيرة‪ ،‬هي م�س�ؤول ّية عا ّمة‪،‬‬
‫حتى الآن �أنّ هناك م�سائل لم يعالجها‬ ‫قدراتها‪.‬‬ ‫فكره و�آرا�ؤه بل تبقى‪ ،‬وال �س ّيما‬ ‫ول��ذل��ك عندما ت��و ّف��ي �سماحته‪� ،‬أطلقنا‬
‫�سماحة ال�سيد‪ ،‬فر�سالته كانت كاملة‬ ‫البقاء على تقليد ال�س ّيد‪:‬‬ ‫�إن كانت تملك ال��ق��درة على‬ ‫���ش��ع��ار “الأمانة نحملها مع ًا”‪ ،‬وهذه‬
‫ومو�سعة‪ ،‬كما �أنّ اال�ستفتاءات الكثيرة‬ ‫ّ‬ ‫الأمانة تحتاج �إلى ت�ضافر الجهود‪ ،‬ونحن‬
‫ـ ه��ل يمكن البقاء على تقليد �سماحة‬ ‫اال�ستمرار والتجدّ د‬
‫التي كانت ترد �إليه في كا ّفة المجاالت‬ ‫�سنقوم بدورنا في متابعة م�سيرته على‬
‫ال�س ّيد(ره)؟ ولمن لم يق ّلده �سابق ًا‪ ،‬هل‬ ‫الفكري ووفق ًا للمنهج ّية التي‬ ‫الم�ستوى‬
‫تعتبر كافي ًة لأن تُل ّبي حاجات ال ّنا�س‪..‬‬ ‫ّ‬
‫ي�ستطيع تقليده ابتدا ًء؟‬ ‫وفي خدمتهم‪ ،‬وال نريد لقاء ذلك جزا ًء‬ ‫عمل على �أ�سا�سها‪ ،‬حيث عمل على �إزالة‬
‫ق��د ي�س�أل بع�ض ال�� ّن��ا���س‪ :‬كيف تعلنون‬ ‫ـ بطبيعة الحال‪ ،‬مو�ضوع التّقليد ُيرجع‬
‫بداية �شهر رم�ضان �أو نهايته؟ هذا �أم ٌر‬ ‫وال �شكور ًا‪ ..‬نريده هلل �سبحانه تعالى‪..‬‬ ‫ال�شوائب التي دخلت �إلى الدين والإ�سالم‬
‫فيه �إلى الأحياء من المراجع‪ ،‬فالإن�سان‬ ‫و�إلى مذهب �أهل البيت(ع)‪ ،‬وعمل على‬
‫لي�س له عالقة بالفتوى‪� ،‬إ ّنما هو تطبيق‬ ‫بنف�سه ال ي�ستطيع �أن يبقى على تقليد‬ ‫ونحن نثق ب���أن ه��ذه الم� ّؤ�س�سات �سوف‬
‫لها‪ ،‬ولي�س �إيتا ًء بفتوى جديدة حتى ُيقال‬ ‫ت�ستمر‪ ،‬لأنها تملك �إمكانية اال�ستمرار‪،‬‬ ‫بال�صورة التي ي�ستطيع‬ ‫تقديم الإ�سالم ّ‬
‫المرجع ال��ذي ك��ان يق ّلده وال �أن يق ّلده‬ ‫من خاللها �أن يدخله �إلى �ساحة الع�صر‪،‬‬
‫�إ َّنها فتوى م�ستحدثة فكيف تت�صدّون لها!‬ ‫ف�سماحة ال�سيد كان حري�ص ًا على �أن يبني‬
‫ابتدا ًء‪ ،‬نحن عندما تو ّفي �سماحة ال�س ّيد‪،‬‬ ‫و�أن ال ينفذ �إلى عقول الذين يلتزمون به‬
‫الفقهي ا ّلذي اعتمده‬
‫ّ‬ ‫نحن نط ّبق المنهج‬ ‫م� ّؤ�س�سات‪ ،‬وال يبني مج ّرد �أتباع له‪ ،‬كان‬
‫�سماحة ال�س ِّيد عندما اعتمد على الأخذ‬ ‫تحدّثنا �إلى النا�س‪ ،‬وقلنا لهم �إنّ الر�أي‬ ‫فح�سب‪ ،‬بل �إلى عقول الذين ال يلتزمون‬
‫ب�آراء علماء الفلك‪ ،‬عندما يولد الهالل‪،‬‬ ‫الفقهي للمراجع من ناحية المبد�أ‪ ،‬يجيز‬ ‫ّ‬ ‫حري�ص ًا على �أن يبني م� ّؤ�س�سة فيها ك ّل‬ ‫ب��ه‪ ،‬بحيث ي�شعرون ب�أهمية ه��ذا الدين‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪4‬‬
‫ال تجاملوا ا�ستكبار ًا حتى لو كان في حجم �أمريكا وا�سرائيل‬

‫وهذا �أف�ضل من البقاء على الخط�أ‪.‬‬


‫الم�ؤ�س�سات‪ :‬بين المتابعة وال ّتطوير‬
‫ـ �أر���س��ى �سماحة ال�سيد(ر�ض) �أُ�س�س ًا‬
‫فقهية وم� ّؤ�س�سات ّية‪ .‬كيف يمكن �أن تطمئن‬
‫النا�س �إل��ى �أنّ نافذة النور التي فتحها‬
‫لأن فكره فتح للأمة �آفاق الم�ستقبل‬
‫�سماحته لن تُغ َلق؟‬ ‫التّجديدية‪ ،‬كيف يمكن الحفاظ على‬ ‫وي�صبح بالإمكان ر�ؤيته في بلدٍ ن�شترك‬
‫ـ نحن نثق ب�أنّ هذه الم� ّؤ�س�سات تملك في‬ ‫ا�ستمرار ما م ّثلته هذه المرجع ّية وح ّققته؟‬ ‫ال�شهر‪.‬‬ ‫معه ف��ي ال�� ّل��ي��ل‪ ،‬نحكم ببداية ّ‬
‫داخلها روح ّية الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬و�سوف يواكبها‬ ‫وكيف ترون م�ستقبل ت ّيار الوعي بعد رحيل‬ ‫حتى �إ ّننا قلنا �إنّ الأمر قد ال يحتاج �إلى‬
‫المجتمع ب���أن ي�ساعدها‪ ،‬وب���أن ينقدها‬ ‫�سماحة ال�س ّيد المرجع؟‬ ‫�أن ُي��راج��ع فيه مكتب �سماحة ال�س ِّيد‪،‬‬
‫ويبقى حري�ص ًا على الإ�شارة �إل��ى نقاط‬ ‫ـ هذه الم�سيرة‪ ،‬كما �أ�شرنا‪ ،‬ال ُب َّد من �أن‬ ‫و�إنما يمكن لل�شخ�ص بنف�سه �أن يدخل‬
‫ال�ضعف فيها‪� .‬أي�ض ًا فقد حر�ص �سماحة‬ ‫ّ‬ ‫ت�ستم ّر‪ ،‬وهذا ما ينبغي العمل عليه بك ّل‬ ‫�إلى مواقع الإنترنت‪� ،‬أو يراجع المرا�صد‬
‫ال�س ّيد على وج��ود مجل�س �أمناء ي�شرف‬ ‫جد ّية وم�س�ؤولية‪ ،‬طبع ًا‪ ،‬تقع الم�س�ؤولية‬ ‫الفلك ّية‪ ،‬ليكت�شف بنف�سه متى يبد�أ �شهر‬
‫على ه��ذه ال��م��� ّؤ���س�����س��ات حتى تبقى في‬ ‫على عاتق العلماء‪ ،‬فدورهم هو �أن يتابعوا‬ ‫رم�ضان ومتى ينتهي‪ ،‬وهذا �أمر ال يحتاج‬
‫إ�سالمي المنفتح‪ ،‬ونحن نعتقد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط ال‬ ‫ما انطلق به �سماحة ال�سيد‪� ،‬أن يفهموه‬ ‫فيه الإن�سان �إلى �أح��د‪ ،‬و�إ َّنما هو يط ّبق‪.‬‬
‫�أ ّنها ما دامت ت�سير مع اهلل وفي �سبيله‪،‬‬ ‫ـ طبع ًا هناك تياران م�ستمران في ال�سابق‬ ‫ج ّيد ًا‪ ،‬بعيد ًا عن كل الح�سا�سيات‪ ،‬و�أن‬ ‫بع�ض ال َّنا�س يقول � َّإن هذا الأم��ر يحتاج‬
‫ف���إن��ه��ا تملك ال��ق��درة على اال�ستمرار‪،‬‬ ‫والحا�ضر والالحق؛ هناك ت ّيار الوعي‪،‬‬ ‫يتابعوا ما كان عليه �سماحته وك ّل ما ف ّكر‬ ‫�إلى مرجع لكي يفتي به‪ ،‬هذا الأمر لي�س‬
‫ونحن مطمئ ّنون �إلى �أنّ روح �سماحته التي‬ ‫وه��ن��اك ت�� ّي��ار ال��ج��م��ود وال��ب��ق��اء على ما‬ ‫فيه‪ .‬ودورنا في هذا الإطار‪� ،‬أن نب ّين ما‬ ‫�صحيح ًا وال نجد ذلك‪ .‬وحتى في كثير من‬
‫�أر�ساها‪ ،‬والقواعد التي ر ّكزها‪ ،‬والعنا�صر‬ ‫كان‪� .‬أما ت ّيار الوعي‪ ،‬فيعمل على ت�أكيد‬ ‫كان يراه �سماحة ال�س ّيد في ك ّل المجاالت‪،‬‬ ‫الحاالت‪ ،‬كان المرجع يحكم ب�أنّ الهالل‬
‫التي بعثها في الم� ّؤ�س�سات‪� ،‬سوف تبعث‬ ‫م�سيرة ال��وع��ي‪ ،‬ويعيد ال ّنظر فيما كان‬ ‫من خالل الكتب‪ ،‬وكل و�سائل االت�صال‪،‬‬ ‫يتو ّلد في يوم مع ّين‪ ،‬وا ّلذين يق ّلدونه في‬
‫ف��ي��ه��ا ك��ل الإم��ك��ان�� ّي��ة ع��ل��ى اال�ستمرار‬ ‫عليه ال�سابقون‪ ،‬في�أخذ الإيجابيات من‬ ‫كالقناة الف�ضائية وغيرها‪ ..‬ومن واجب‬ ‫ال�شهر قد تكون‬ ‫بلد �آخر يرون �أنّ بداية ّ‬
‫واال�ستقرار‪ ،‬لتكون في خدمة النا�س وفي‬ ‫ال�سابقين ويذر ال�سلبيات‪ ،‬ونحن عندما‬ ‫الحوزة العلم ّية �أن تتابع العمل‪ ،‬وتالمذة‬ ‫ّ‬
‫قبل يوم �أو ربما بعد يوم من اليوم الذي‬
‫نتحدّث ع��ن ال�سابقين هنا‪ ،‬ال نق�صد‬ ‫�سماحة ال�س ّيد �سوف يتابعون منهجه‬ ‫�أ�صدر فيه حكم ًا‪ .‬لذلك فهذا الأم��ر هو‬
‫�سيبقى �صوت ال�س ّيد حا�ضر ًا في‬ ‫المع�صومين ب��ك�� ّل ت���أك��ي��د‪� ،‬إن��م��ا نعني‬ ‫قافي‪ ،‬و�أي�ض ًا المثقفون لهم‬ ‫الفكري وال ّث ّ‬
‫ّ‬ ‫من الأم��ور التّطبيق ّية ولي�س من الأمور‬
‫ال�سابقين من العلماء والمفكرين ومن‬ ‫دور في هذا االتجاه‪ ،‬كما الجهات الواعية‬ ‫الم�ستحدثة‪.‬‬
‫كل ال�ساحات لأن��ه كان داعية‬ ‫ّ‬
‫بع�ض ال ّنا�س قد يتحدّثون �أنه كيف تبقون‬
‫الفقهاء الذين يكون لهم �آرائهم‪ ،‬فن�أخذ‬ ‫في المجتمع ومراكز الدرا�سات‪ ..‬نحن‬
‫الإ�صالح والوحدة‬ ‫منها م��ا ينبغي �أن ي�ستمر‪ ،‬ون��ت��رك ما‬ ‫ندعو �إلى �أن ُيفهم �سماحة ال�س ّيد ج ّيد ًا‬ ‫ال�شرعية؟ نحن‬ ‫على الإجابة عن الم�سائل ّ‬
‫ال ينبغي له اال�ستمرار‪� ،‬أي�ض ًا ما و�صل‬ ‫و�أن ُيدر�س ج ّيد ًا‪ ،‬و�أن ُيبنى على ما انطلق‬ ‫نقول �إننا نت�ص ّرف في ذلك كما يت�ص ّرف‬
‫�إلينا من ر�سول اهلل(�ص) ومن �أئمة �أهل‬ ‫به‪ ،‬وال �س ّيما �أنّ من �شاهد ال ّنتائج ومدى‬ ‫العلماء الذين يجيبون عن فتاوى المراجع‪،‬‬
‫خدمة المجتمع‪ .‬ان م�س�ؤوليتنا �أن نتابع‬ ‫ح�ضور �سماحة ال�س ّيد وا�ستمرار ح�ضوره‪،‬‬ ‫نحن نجيب عن فتاوى �سماحة ال�س ّيد لأننا‬
‫هذه الم�سيرة‪ ،‬ونحن على ثقة ب���أنّ اهلل‬ ‫الر�سالة العملية ل�سماحة‬ ‫ي�ؤ ّكد على الواعين وعلى العلماء وعلى‬ ‫نعرفها جيد ًا‪ ،‬وكنا على مقربة منه‪ ،‬وكنا‬
‫�سبحانه وتعالى �سوف ي�سدّد ويرعى‪.‬‬ ‫العارفين �أن يعملوا لمتابعة هذه الم�سيرة‪.‬‬ ‫نتابع م�سيرته‪ ،‬لذا نحن نجيب كما يجيب‬
‫م�ستقبل المقاومة‪:‬‬ ‫ال�������س��� ّي���د(ره) ���ش��ام��ل��ة لكل‬ ‫طبع ًا هذا التّيار الذي بناه �سماحة ال�س ّيد؛‬ ‫بقية العلماء‪.‬‬
‫�سماحة ال�س ّيد‪ ،‬كيف ترون م�ستقبل‬ ‫ال��م�����س��ائ��ل‪ ،‬ف��ق��د �أف��ت��ى في‬ ‫والعملي‪ ،‬والمنهج ّية التي‬
‫ّ‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫التيار‬ ‫بالن�سبة �إل��ى التقليد اب��ت��دا ًء‪ ،‬ال ب�� ّد من‬
‫المقاومة في لبنان وفل�سطين وغيرها‪،‬‬ ‫جميع الأمور التي يحتاج �إليها‬ ‫ال�ساحات �سوف‬ ‫انطلق بها بامتداد كل ّ‬ ‫�أن يق ّلد الإن�سان مرجع ًا يجيز له تقليد‬
‫والتي كان ال�س ّيد(ر�ض) من �أبرز‬ ‫ي�ستم ّر‪ ،‬ولهذا نجد �أنّ هذا التيار هو الذي‬ ‫الم ّيت ابتدا ًء‪ ،‬وهناك الكثير من المراجع‬
‫م� ّؤ�س�سيها‪ ،‬في ظ ّل التحديات التي تواجهها‬ ‫المك ّلف‪ .‬لهذا ال يزال تقليده‬ ‫يعبر عن نف�سه‪ ،‬لي�س هناك تنظيم لهذا‬ ‫الذين يجيزون ذلك‪ ،‬بع�ضهم ي�شترط �أن‬
‫ال�صهيوني؟‬
‫ّ‬ ‫أمريكي ‪-‬‬
‫من الم�شروع ال ّ‬ ‫ممتدّ ًا بين النا�س‬ ‫يكون الميت هو المرجع الأعلم‪ ،‬والبع�ض‬
‫نحن نثق ب���أنّ ه��ذه المقاومة �ست�ستمر‪،‬‬ ‫الآخر ال ي�شترط هذا ال�شرط‪ ،‬وهذا الأمر‬
‫لأنّ الروحية التي انطلقت من خالل هذه‬ ‫�ستبقى الم� ّؤ�س�سات في ّ‬
‫الخط‬ ‫موجود‪ .‬لذلك فقد ق��ام البع�ض بتقليد‬
‫المقاومة؛ وه��ي روح�� ّي��ة العمل من �أجل‬ ‫ال��ب��ي��ت(ع) م��ن فهم ال��ق��ر�آن‪ ،‬ق��د يكون‬ ‫�سماحة ال�س ّيد‪ ،‬على ال ّرغم من �أنهم لم‬
‫بحاجة �إل��ى �إع��ادة النظر فيه‪ ،‬لأ ّن��ه قد‬ ‫إ�سالمي المنفتح‪ ،‬وهي ما‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫اهلل وفي �سبيله‪ ،‬ومن �أجل خدمة ال ّنا�س‪،‬‬ ‫دام���ت ت�سير م��ع اهلل وفي‬ ‫يكونوا من قبل من مق ّلديه‪ ،‬ا�ستناد ًا �إلى‬
‫و�إزال��ة الظلم والعدوان عنهم‪ ..‬ال تزال‬ ‫يكون غير �صحيح‪ ،‬ونحن نعرف �أ ّنه كثرت‬ ‫طبيعي‬ ‫ر�أي ه���ؤالء المراجع‪ ،‬وه��ذا �أم��ر‬
‫الكذابة على ر�سول اهلل(�ص) وعلى �أئ ّمة‬ ‫ّ‬
‫موجود ًة‪ ،‬لأنّ الإ�سالم ال ي��زال و�سيبقى‬ ‫�سبيله‪ ،‬ف�إنها �ستنمو وت�ستمر‬ ‫ومنطقي‪ .‬ونحن هنا نتحدّث من الجانب‬ ‫ّ‬
‫م��وج��ود ًا‪ ،‬ولأنّ القيم التي انطلقت من‬ ‫�أه���ل ال��ب��ي��ت(ع)‪ ،‬و�أي�����ض�� ًا ُف��ه��م القر�آن‬ ‫العلمي على م�ستوى الفتوى‪ ،‬ولكن على‬
‫في بع�ض الحاالت وفي بع�ض المراحل‬ ‫ّ‬
‫خاللها المقاومة ال تزال موجودة‪ ،‬طبع ًا‬ ‫المنطقي لتقريب الفكرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الم�ستوى‬
‫هذا �سيواجه بالتحدّيات‪ ،‬ونحن لن نقول‬ ‫خط�أ‪ ،‬وم��ن م�س�ؤولية التيار الواعي �أن‬ ‫فالمرجع عندما ُيتو ّفى ال ينتهي فكره‬
‫�إنّ الطريق �ستكون مع ّبدة كما لم تكن‬ ‫يعيد ال ّنظر في كل هذه الأمور‪� .‬أما التّيار‬ ‫كل عفوي‪ ،‬وي�ش ّكل‬ ‫التّيار‪ ،‬لكنه ي�سير ّ‬
‫ب�ش ٍ‬ ‫و�آرا�ؤه بل تبقى‪ ،‬وال �س ّيما �إن كانت تملك‬
‫مع ّبدة �سابق ًا‪ ،‬فالعالم ك ّله وقف في وجه‬ ‫الآخر‪ ،‬فيريد �أن ُيبقي الأمور كما كانت‪،‬‬ ‫نف�سه‪ .‬ول��ذل��ك ن��ح��ن ن���رى �أنّ �سماحة‬ ‫ال��ق��درة على اال�ستمرار وال��ت��ج��دّد‪ ،‬كما‬
‫هذه المقاومة‪ ،‬لك ّنها ا�ستمرت‪ ،‬و�سوف‬ ‫يم�س هذا �أو ذاك خ�شي ًة على‬ ‫يخاف �أن ّ‬ ‫ال�س ّيد �سيبقى م�ستمر ًا‪ ،‬و�ستبقى كلماته‬ ‫كانت �آراء �سماحة ال�س ّيد(ره)‪ .‬لهذا نريد‬
‫ت�ستمر رغم ك ّل التّحديات طالما هناك‬ ‫الدين �أو على المذهب‪� ،‬أو �أنّ البع�ض قد‬ ‫ت�ؤتي �أ ُك َلها ك ّل حين‪ ،‬لأنها كلمات تج ّذرت‬ ‫الإ�شارة �إلى �أ ّننا نعتمد في هذا المو�ضوع‬
‫ظلم وع��دوان و�أر���ض محت ّلة‪ ،‬وطالما �أنّ‬ ‫يتحدّث �أنّ هذا ما جرينا عليه‪ ،‬فلماذا‬ ‫في العقول والقلوب وفي �ساحات الحياة‪،‬‬ ‫على الموازين ال�شرعية وعلى �آراء العلماء‬
‫فل�سطين مغت�صبة‪� ،‬ستبقى هذه المقاومة‬ ‫ن��ري��د �أن ن��خ�� ّرب واق��ع��ن��ا؟ وه���ذا م��ا قد‬ ‫وتملك ك ّل �إمكان ّية اال�ستمرار‪.‬‬ ‫الفقهي‪ ،‬ونقول لل ّنا�س ارجعوا �إلى‬ ‫والر�أي‬
‫ي�ستغ ّله البع�ض �ضدّنا‪ .‬لكن نحن نعتقد �أنّ‬ ‫ّ‬
‫بتن ّوع �أ�ساليبها‪ ،‬لأنّ المقاومة هي مقاومة‬ ‫م�سيرة الإ�صالح‪:‬‬ ‫�آراء العلماء والمراجع‪ ،‬وعندما نجيب‬
‫�سالح‪ ،‬كما هي مقاومة كلمة ومقاومة‬ ‫من الم�س�ؤول ّية �أن ننقي الإ�سالم من كل‬ ‫ـ قاد �سماحة ال�س ّيد(ر�ض) حركة الإ�صالح‬ ‫عن الفتاوى‪ ،‬فنحن نجيب لمعرفتنا بها‪،‬‬
‫عمل لتثبيت الأر�ض‪ ،‬فال بد من �أن تكون‬ ‫�شائبة دخلت �إليه‪ ،‬و�أن ننقي مذهب �أهل‬ ‫وال�� ّت��ج��دي��د وم��واج��ه��ة ال��ت��خ�� ّل��ف‪ ،‬وواج��ه‬ ‫وال نجيب عما ال نعرفه‪.‬‬
‫روح�� ّي��ة المقاومة تتح ّرك ف��ي ك�� ّل هذه‬ ‫البيت(ع) من كل ما دخل �إليه‪� ،‬أن نبرزه‬ ‫الكثير من التحدّيات التي �أُثيرت في وجه‬ ‫الحفاظ على �إنجازات المرجعية‪:‬‬
‫االتجاهات و�ستبقى‪.‬‬ ‫بكل �أ�صالته ونقائه و�صفائه‪ ،‬وال نحتاج‬ ‫�شخ�صه وفكره‪ .‬اليوم وبعد رحيله‪ ،‬هل‬ ‫ـ �ش ّكلت مرجع ّية �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‬
‫�إلى ك ّل ال�شوائب‪ ،‬لأ ّنها ت�ضر وال تفيد‪،‬‬ ‫تتو ّقعون ا�ستمرار هذه التحديات؟‬ ‫ع�ل�ام���ة ف���ارق���ة وم���م��� ّي���زة ف���ي حركته‬
‫‪5‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫رئي�س الوزراء العراقي ال�س ّيد نوري المالكي في لقاء خا�ص عن المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪:‬‬
‫ترك لنا تراث ًا ونهج ًا وم�ؤ�س�سات‪ ..‬وم�س�ؤولية الواعين ان يحفظوا ّ‬
‫خطه‬
‫تحدّث رئي�س‬ ‫عند ت�أبين �سماحة المرجع ال�س ِّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪َ ،‬‬
‫�إذ لم يكن ه ّمه �أن يحافظ على نف�سه‬ ‫غ��رف�� ٍة �أو ف��ي مكتبة‪ ،‬فما تم َّيز ب��ه هذا‬
‫ال�شخ�ص ّية‪� ،‬إ ّنما‬ ‫و�سمعته وموقعه وراحته ّ‬ ‫العراقي ال�س ِّيد نوري المالكي‪ ،‬مع ِّبر ًا عن حزنه لرحيل من اعتبره‬ ‫ّ‬ ‫الوزراء‬
‫ال َّرجل العظيم‪ ،‬هو الميدان َّية والحرك َّية‪،‬‬ ‫تحدّث ع ّما‬ ‫خا�ص‪ ،‬في العا�صمة العراق َّية بغداد‪َ ،‬‬ ‫«�آخر العظماء»‪ .‬وفي لقاءٍ ّ‬
‫كان يجازف بك ّل ذلك من �أجل الإ�سالم‪.‬‬ ‫وال�سكينة‬
‫فهو ل��م يكن ي��ع��رف ال��ه��دوء َّ‬
‫‪-‬م��اذا عن دوره في مواجهة التحدّيات‬ ‫يراه في �أبعاد �شخ�ص َّية �سماحة ال�س ِّيد(ره) ومنهجه‪ ،‬من خالل عالقته به و «تتلمذه‬
‫واال�ستقرار‪ ،‬ولم يكن ينام �إال �أربع �ساعات‬
‫الخارجية التي تواجه الأ ّمة؟‬ ‫يوم ّي ًا‪ ،‬كما كان ر�ضوان اهلل عليه يقول‬ ‫تحت منبره»‪ ،‬م�ؤكد ًا �أن ال�س ّيد(ره) ترك للأمة تراث ًا ونهج ًا وخط ًا ينبغي للواعين من‬
‫��ص��دّى للإ�صالح‬ ‫‪ -‬ف��ي ال��وق��ت ا ّل���ذي ت��� َ‬ ‫لي‪ ،‬في حين يق�ضي باقي وقته بمقابالت‬ ‫�أبنائها المحافظة عليه‪..‬‬
‫ال َ���دّاخ���ل ّ���ي ع��ل��ى م�����س��ت��وى ح��رك��ة الفكر‬ ‫ولقاءات وم�ؤتمرات وندوات ومحا�ضرات‬ ‫«�آخر العظماء» ‪:‬‬
‫إ�سالمي‪ ،‬كان له انطالقته الميدان َّية‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫‪-‬دول��ة الرئي�س‪ ،‬عند ت�أبينكم ل�سماحة وقد كان ال�س ّيد �شجاع ًا‪ ،‬ودفع ثمن ًا باهظ ًا‬
‫ف��ي لبنان وف��ي ���س��وري��ا‪ ،‬حيث ل��م يترك‬ ‫المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل ج��� ّراء ت�صدّيه ل��ه��ذا الفكر المتخلف‪،‬‬
‫ف��ي م��واج��ه��ة ال��ت��ح�� ّدي��ات م��ن الت َّيارات‬ ‫منا�سب ًة من المنا�سبات �إال وا�ستثمرها‬
‫الخارج َّية الأخ��رى‪ ،‬حيث انطلق بالفكر‬ ‫(ره) قلتم «لقد رح��ل �آخ��ر العظماء»‪ ..‬الأمر ا ّل��ذي و ّلد له ع��داوات كثيرة‪ ،‬وقد‬
‫وا�ستغ ّلها ا�ستغال ًال ط ّيب ًا لخدمة الإ�سالم‪.‬‬
‫الواعي لمواجهة الفكر الآخر‪ .‬ومما نعت ّز‬ ‫م��ا ه��ي ر�ؤي��ت��ك��م ل���دور ه��ذه ال�شخ�ص ّية‬
‫به عند ال�س ّيد(ره)‪� ،‬أ ّن��ه كان مو�سوعة‪،‬‬ ‫الإ�سالمية الكبيرة؟‬
‫وكتب في ك ّل �شيء؛ من الحوار الإ�سالمي‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫المجال‬ ‫��ي‬ ‫ف‬ ‫‪-‬م��ن خ�لال عملنا‬
‫ـ الم�سيحي‪� ،‬إلى الحوار مع العلمان ّية‪� ،‬إلى‬ ‫والحركي‪ ،‬ك َّنا دائم ًا بحاج ٍة �إلى من يعطينا‬ ‫ّ‬
‫الحوار في القر�آن‪� ،‬إلى مختلف جوانب‬ ‫الفكري‪ ،‬لكي نتق َّوى به على مواجهة‬ ‫ّ‬ ‫الزّاد‬‫َ‬
‫ال�شاب‬
‫َّ‬ ‫المعرفة ا ّل��ت��ي ك��ان ي�شعر ب���� َّأن‬ ‫التحدّيات‪ ،‬وحينما تتع َّر�ض ال َّأم��ة لحال ٍة‬
‫ي�سجل له �أ َّنه‬ ‫الحركي يحتاجها‪ .‬وهنا َّ‬ ‫َّ‬ ‫الفكري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وال�ضمور‬‫الفكري ّ‬ ‫ّ‬ ‫من الجدب‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كان يعطينا ويعطي الكثير من ال�شباب‬ ‫تبرز الحاجة �إلى العلماء وال ّرجال ا ّلذين‬
‫مب�سط ًا‪ ،‬ولك َّنه عميق‪،‬‬ ‫الحرك ّيين فكر ًا َّ‬ ‫يحملون �إل��ى جانب الفكر‪ ،‬ه َّ��م ال َتّغيير‬
‫ال�سهل الممتنع‪،‬‬ ‫ينطبق عليه ع��ن��وان ّ‬ ‫وهم البناء‪ .‬كثير من ال َّنا�س قد يحملون‬ ‫َّ‬
‫ال�صدر‬ ‫ّ‬
‫وهذا ما ي�شترك فيه مع ال�شهيد ّ‬ ‫فكر ًا‪ ،‬ولك َّنهم ال يحملون ه ّم ًا‪ ،‬والمعادلة‬
‫بال�سهل‬‫الأ ّول(ر�ض)‪ ،‬ا ّلذي يو�صف فكره َّ‬ ‫والهم‪ ،‬هي ا ّلتي تنتج الأجيال‬ ‫بين الفكر ّ‬
‫الممتنع‪.‬‬ ‫��زخ��م العطاء‪ ،‬وت�ش ّكل الت ّيار الواعي‬ ‫وت ّ‬
‫والفكري في مواجهة الت َّيارات‬ ‫ّ‬ ‫والحركي‬
‫ّ‬
‫وتحمل الظلم ال�شديد من �أجل الإ�سالم‬ ‫ّ‬ ‫المتخلف‬ ‫للفكر‬ ‫ب�شجاعة‬ ‫ت�صدى‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ال�س‬ ‫�سماحة‬ ‫���ان‬ ‫ك‬ ‫��ك‪،‬‬ ‫ل‬ ‫��ذ‬ ‫ل‬ ‫�����رى‪.‬‬ ‫الأخ‬
‫ر�ضوان اهلل عليه‪ ،‬ومن خالل ما ع�شناه‬
‫الحركي‬
‫ّ‬ ‫قاد حركة الإ�صالح في ال ّأمة وقدّ م للأجيال الفكر الإ�سالمي‬ ‫في كنفه وتحت منبره‪ ،‬وفي زياراتنا له‪،‬‬
‫كان دائم القول �إنّ ال ّراحة في هذا الزّمن‬
‫مدر�سة الوعي‪:‬‬ ‫حرام‪ ،‬وهذه كلمة مع ّبرة ج ّد ًا‪ ،‬فرغم �س ّنه‬
‫ما تم َّيز به هذا ال َّرجل العظيم‪- ،‬ب��ع��د رح��ي��ل �سماحة ال�����س�� ّي��د(ره) هل‬ ‫ال�سيد (ره)هذا هو ال ّنموذج ّالذي‬ ‫هم الأ ّمة ك ّلها‪.‬‬‫ومتاعبه‪ ،‬كان يحمل ّ‬
‫تخ�شون على الخط الذي م ّثله �سماحته؟‬ ‫يحمل همّ الإ�سالم‪� ،‬إذ لم يكن‬ ‫�أبعاد ال�شخ�ص ّية وتميزها‪:‬‬
‫‪-‬ال�شيء ا ّل��ذي �أقوله ب�إيجاز ‪-‬ف��ي هذا‬ ‫َّ‬ ‫هو الميدان َّية والحرك َّية‪ ،‬فهو‬ ‫‪ -‬من خالل عالقتكم ب�سماحة ال�س ّيد(ره)‪،‬‬
‫و�سمعته‬ ‫نف�سه‬ ‫على‬ ‫يحافظ‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫هم‬‫ّ‬ ‫هل يمكن �أن تحدّثونا عن مالمح و�أبعاد‬
‫وال�سكينة المجال‪َّ � -‬أن ال�س ِّيد(ره) ترك فينا �إرث ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ال�شخ�ص ّية‪� ،‬إ ّنما كان لم يكن يعرف الهدوء‬
‫وترك لنا مدر�س ًة‪ ،‬وترك لنا م� َّؤ�س�سات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وموقعه وراحته‬ ‫�شخ�ص ّيته ومنهجه ؟‬
‫خط ًا‪ ،‬وعلينا �أن نعرف كيف‬ ‫وت��رك لنا ّ‬ ‫واال�ستقرار‬ ‫بكل ذلك من �أجل الإ�سالم‬ ‫‪-‬لقد كان عمل �سماحة ال�س ّيد(ره) يرتكز يجازف ّ‬
‫الخط‪ ،‬فهذه م�س�ؤول َّية‬ ‫نحافظ على هذا ّ‬ ‫داخلي‬
‫ّ‬ ‫على معالجة خللين؛ �أح��ده��م��ا‬
‫ّ ت��ح�� ّم��ل(ره) ف��ي ه���ذا الم�ضمار ظلم ًا و�أتذ ّكر حينما ظهرت له �صورة في مقابلة الواعين من �أبناء مدر�سة ال�س ِّيد ف�ضل‬ ‫‪،‬‬ ‫ّاخلي‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫والآخ���ر خ��ارج ّ��ي‪� .‬أّ ّم���ا الخلل‬
‫فيتم ّثل بالفكر ا ّل��ذي ال ن�ستطيع �أن نع ّبر �شديد ًا‪ ،‬ن�س�أل اهلل �أن يكون في ميزان مع اح��دى المجلاّ ت ال ّن�سائية‪ ،‬ا�ستنكر اهلل(ره)‪.‬‬
‫ال�صحيح‪ ،‬ح�سناته‪ ،‬فهو �إ ّنما ُظلم من �أجل الإ�سالم‪ ،‬البع�ض ذل���ك عليه ك��ث��ي��ر ًا‪ ،‬ل��ك��ن ماذا ن�����س���أل اهلل لهم ال�� َّت��وف��ي��ق‪ ،‬ول��ذ َّر ّي��ت��ه �إن‬ ‫إ�سالمي بالمعنى ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنه ب�أ ّنه فكر �‬
‫كان جوابه؟ – ومن خالل هذا الجواب �شاء اهلل �أن يكونوا على الم�سار نف�سه‪،‬‬ ‫الخرافي المتراجع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وهو يم ّثل حالة الفكر‬
‫إ�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬ومن �أجل الفكر ال‬ ‫وحالة الفكر الالواعي‪..‬‬
‫ن�ستطيع �أن ن�ستلهم ال�شعور بالم�س�ؤول ّية وفي االتّجاه نف�سه‪� ،‬أن يعملوا في تعميق‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫��ري الواعي‬ ‫��ط ال�س ِّيد ال��ح��رك ّ��ي ال��ف��ك ّ‬ ‫ا ّلذي م ّيز �سماحته(ره)‪� -‬أجاب‪ :‬كم يقر�أ خ ّ‬ ‫من‬ ‫�سلفه‬ ‫مع‬ ‫فيها‬ ‫ي�شترك‬ ‫اهرة‬ ‫الظ‬ ‫وهذه‬ ‫من يرد �أن ينه�ض ويتح ّرك في الأ ّم��ة‪ ،‬ال‬
‫هم الإ�سالم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من‬ ‫ّغيير‪،‬‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫��ة‬ ‫ي‬ ‫را‬ ‫حملوا‬ ‫ذين‬‫ل‬‫ّ‬ ‫ا‬ ‫جال‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫هذه المج ّلة من الفتيات؟ ربع مليون‪ ..‬المت�صدّي‪ ،‬والذي يحمل ّ‬ ‫ب َّ��د من �أن يتح َّرك في �إط��ار � َّأم�� ٍة واعي ٍة‪،‬‬
‫ان�صب العلماء ا ّلذين م ّروا على حوزاتنا العلم َّية‪ ،‬ن�صف مليون؟ على الأق ّل من خالل متابعة وك����م ك��� ّن���ا ن��ت��م�� ّن��ى �أن ي�����زور �سماحة‬ ‫ّ‬ ‫واع ووا�ضح‪ ،‬لذلك‬ ‫بفكر ٍ‬
‫تتح َّرك ٍ‬
‫ّ‬
‫هذا العدد الكبير‪� ،‬سيلفت نظرهم وجود ال�س ّيد(ر�ض) ال��ع��راق‪ ،‬ال��ذي عا�ش في‬ ‫باقر‬ ‫محمد‬ ‫د‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ال�س‬ ‫هيد‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ال�ش‬ ‫ّمهم‬ ‫مقد‬ ‫َ‬ ‫وفي‬ ‫ج��ه��ده وعمله على �إ���ص�لاح الكثير من‬
‫ال�صدر(ر�ض)‪ ،‬ا ّلذي واجه المواجهات رجل مع ّمم و�سي�س�ألون ماذا يريد‪ ،‬لذلك قلبه وفي وعيه وفي فكره‪ ،‬والذي ا�ستلهم‬ ‫َّ‬ ‫الق�ضايا الفكر ّية ا ّلتي ك ّنا نعاني منها‪.‬‬
‫وم��ع الأ���س��ف‪ ،‬ف���� َّإن الكثير م��ن علمائنا نف�سها من الأج��واء ال�� َّراك��دة ا ّلتي كانت �سيقر�أون كالمه‪ ،‬ولع ّل كلم ًة تقع في قلب منه و�ألهمه الكثير من عطاءاته‪ .‬تغ ّمده‬
‫فتاة �أو في عقلها‪ ،‬ت�ش ّكل دافع ًا لها لتلتزم اهلل بوا�سع ال ّرحمة وال ّر�ضوان‪.‬‬ ‫الحركي وم�س�ؤول َّياته‪.‬‬‫ّ‬ ‫كانوا يخ�شون اال�صطدام بها‪ ،‬لأنّ ذلك تعتر�ض فكره‬
‫حاوره‪ :‬ال�س ّيد �شفيق المو�سوي‬ ‫ً‬
‫ا�صطدام بقناعة �شرائح من َّثم � َّإن �سماحة ال�س ِّيد(ره) لم يقف عند دين ّيا وتتغ ّير‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫ي�ش ّكل عمل ّية‬
‫المجتمع‪ ،‬وهذا الأمر يحتاج �إلى �شجاعة‪ ،‬ق�ض َّي ٍة فكر َّي ٍة يعالجها في زاوي��ة �أو في هذا هو ال ّنموذج ا ّلذي يحمل ّ‬
‫هم الإ�سالم‪،‬‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪6‬‬
‫�إفتحوا العالم على الإ�سالم حتى لو وقف �أمامكم المتخلفون‬

‫رئي�س الوزراء العراقي ال�سابق ال�س ّيد �إبراهيم الجعفري متحدث ًا عن ال�سيد(ره) ‪:‬‬

‫نف�س من �أنفا�سه‬
‫كل ٍ‬‫م ّثل فكر ه الأ�صالة والتجديد وعا�ش الإ�سالم في ّ‬
‫في حوار خا�ص مع الدكتور ال�س ّيد �إبراهيم الجعفري‪ ،‬يتحدث رئي�س الوزراء‬
‫فال�س ّيد المقروء هو ذاته ال�سيد الم�سموع‪،‬‬ ‫ها ّمة‪ ..‬ربما يعاني البع�ض من ال ّثنائ َّية‬ ‫العراقي ال�سابق‪ ،‬عن مميزات �سماحة الع ّالمة المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين‬
‫ف�أنت عندما تقر�أ له وتجال�سه تجده كتاب ًا‬ ‫ويعتبرها ثنائ ّي ًة متباعد ًة �أو متقاطعة‪،‬‬
‫مفتوح ًا‪ ،‬وه��ذه ميزة رائعة‪ ..‬كما امتاز‬ ‫�إال � ِّأن ال�س ِّيد ال يجد م��ب�� ّرر ًا للتّباعد‬ ‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬على الم�ستوى الفكري والأخالقي‪ ،‬من خالل مواكبته له‬
‫ب�سم ّو �أخ�لاق��ه و���س��ع��ة ���ص��دره ح��ت��ى مع‬ ‫بين الأ�صالة والتّجديد‪ ،‬بين االعتزاز‬ ‫وانفتاحه عليه‪ ،‬متناو ًال جانب ًا من ذكرياته ومواقفه مع ال�س ّيد(ره)‪..‬‬
‫المغر�ضين والحاقدين‪.‬‬ ‫بالما�ضي والمعا�صرة‪،‬‬
‫ال�س ِّيد والعراق‪:‬‬ ‫بين العلم والمكت�سبات‬
‫‪ -‬لطالما ع��ا���ش العراق–على امتداد‬ ‫�ص واحترام‬ ‫العلم َّية وال ّن ّ‬ ‫تم ّيز الفكر وال�سلوك‪:‬‬
‫المراحل ال�صعبة التي م ّر بها‪ -‬في �ضمير‬ ‫ال ّن�صو�ص المعتبرة‪..‬‬ ‫‪-‬ما هي من وجهة نظركم‪� ،‬أبرز مم ّيزات‬
‫�سماحة ال�سيد(ره) ووجدانه‪..‬من خالل‬ ‫ل��م ي��ك��ن ي��ج��د تناق�ض ًا‬ ‫�سماحة المرجع المقدّ�س ال�سيد محمد‬
‫مواكبتكم ل�سماحته‪� ،‬أي��ن ت��رون موقع‬ ‫في ذلك‪ ،‬بل �إ َّنه عندما‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل (ره)؟‬
‫العراق لديه؟‬ ‫كان عندما يتف َتّح عقله‬ ‫‪َّ �-‬إن الحديث عن مم ِّيزات ال�س ّيد ف�ضل‬
‫نتحدّث عن حياة ال�س ِّيد‬ ‫‪�-‬إذا �أردن��ا �أن َ‬ ‫وي�ستنتج م��ا ي�ستنتجه‬ ‫اهلل(ر���ض��وان اهلل عليه) لي�س �سه ًال‪ ،‬ال‬
‫نق�سمها �إلى مرحلتين؛‬ ‫في العراق‪ ،‬ف�إ َّننا ِّ‬ ‫ف����ي ت���ح���دي���د �أوق�������ات‬ ‫لأ َّنه يفتقر �إلى التّم ّيز‪ ،‬بل � َّإن تم ّيزه َّ‬
‫امتد‬
‫المرحلة ا ّلتي كان يعي�ش فيها في العراق‪،‬‬ ‫ال���ه�ل�ال وال�� َتّ��ع��ام��ل مع‬ ‫�إل���ى �أك��ث��ر م��ن ح��ق��ل‪ ،‬فقد ك��ان متم ِّيز ًا‬
‫امتدّت �إلى حين مغادرته له‪ ،‬وعندما‬ ‫وقد َ‬ ‫ال��ه�لال‪ ،‬وم��ا يتع َّلق به‪،‬‬ ‫بفكره وبقلبه العامر بالإيمان‪ ،‬ولقد ترك‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫غادره‪ ،‬غادره �أر�ضا‪ ،‬لكنه لم ينقطع عن‬ ‫ك��ال��ح ِّ��ج وال���وق���وف في‬ ‫كل نتاجه‪� ،‬سواء في‬ ‫�آثاره وب�صماته على ِّ‬
‫االهتمام ب�ش�ؤونه‪ ،‬وه��ذه نقطة ت�ستحقّ‬ ‫عرفة وغير ذلك‪ ،‬تجده‬ ‫ّ‬
‫ال�سلوكي‪ ،‬حيث كان يطل �إطاللة‬ ‫ّ‬ ‫الحقل‬
‫التو ّقف وال َتّحليل؛ ف�إ ّنك عندما تلتقيه في‬ ‫ي�����س��ت��خ��دم الأ���س��ال��ي��ب‬ ‫المر ّبي‪ ،‬بمعنى � َّأن ال ّناظر �إليه والمتعامل‬
‫لبنان‪ ،‬تجد �أ َّنه خارج �أر�ض العراق‪ ،‬ولكن‬ ‫ال��ع��ل��م�� َّي��ة‪ ،‬وال ي��ح��اول �أن‬ ‫�أودعها اهلل تبارك وتعالى فيه‪ .‬فالقر�آن‬ ‫معه يت�أ ّثر به وب�أخالقه وعلمه ون�ضجه‬
‫لي�س خارج الق�ض َّية العراق َّية‪ ،‬كان يتوا�صل‬ ‫�ص‪ ،‬بل يحاول �أن ينفتح‬ ‫يلغي عمق ال َّن ّ‬ ‫هو القر�آن‪ ،‬لكن التجديد هو في عقلية‬ ‫و�إن�صافه للآخرين‪ ،‬حتّى �إ ّنه كان ين�صف‬
‫يتحدّث‬‫دائم ًا مع ال�ش�أن العراقي‪ ،‬وكان َ‬ ‫ويوظفه‪..‬‬ ‫عليه ّ‬ ‫المف�سر والمجتهد ال���ذي يتعامل مع‬
‫ّ‬ ‫�أع�����داءه‪ ،‬ل��ذل��ك ك��ان ي��ق��دّم ف��ي �سلوكه‬
‫معي عبر ال��ه��ات��ف‪ ،‬وي�����س���أل ع��ن الو�ضع‬ ‫فن مخاطبة النّا�س‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫القر�آن وي�ستبط منه‪ .‬والم�ستنبط عندما‬ ‫الحي‪...‬‬
‫النموذج الأخالقي ّ‬
‫في الداخل‪ ،‬وكذلك بعد �سقوط ال ّنظام‬ ‫وهكذا كنت تجده‪ ،‬مث ًال‪ ،‬يفهم القر�آن‬ ‫�أما تم ّيزه على م�ستوى نتاجه في الآفاق‬
‫المقبور‪ ..‬وعندما ك َّنا نتوا�صل‪ ،‬ك ّنا ن�شعر‬ ‫�ص فهم ًا اجتماع ّي ًا‪..‬‬ ‫الكريم‪ ،‬ويفهم ال َّن ّ‬ ‫أتحدّث عنه‪،‬‬ ‫بيعي �أن � َ‬
‫الط ّ‬ ‫المختلفة‪ ،‬فمن ّ‬
‫العراقي‬ ‫ّ‬
‫الملف‬ ‫�شخ�ص يقر�أ‬
‫ٍ‬ ‫ب�أ ّننا �أمام‬ ‫كل ال�شرائح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫يتحدّث �إلى ِ‬ ‫لذلك عندما َ‬ ‫معطاء‪ ،‬حتى‬
‫ً‬ ‫ال�س ّيد(ره) َّ‬
‫ظل‬ ‫مراعي ًا �شموله وتن ّوعه‪.‬‬
‫ّ‬
‫رجل‬ ‫عن كثب‪ ،‬ويعطيك �أد ّل ًة قاطع ًة عن ٍ‬ ‫ح َتّى ولو لم يكن المتل ّقي م�سلم ًا‪ ،‬تجد‬ ‫ال�ساعات الأخيرة من عمره‬ ‫في ّ‬ ‫ال�س ّيد والقر�آن‪:‬‬
‫ما بارح العراق �أبد ًا‪ ،‬فهو �إن تركه �أر�ض ًا‪،‬‬ ‫�أ َّنه يتق َّبل كالم ال�س ِّيد‪ ،‬ل َّأن ال�س ِّيد يجيد‬ ‫ك��ان ال�س ِّيد ف�ضل اهلل قبل �أن يبرع في‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ال�شريف‪ ،‬وه��ذا �إن دل على �شيء‪،‬‬ ‫مجال الإفتاء‪� ،‬شديد االلت�صاق بالقر�آن‬
‫لك ّنه لم يتركه كق�ض ّية و�إن�سان‪.‬‬ ‫فن �أن�سنة ال َّنا�س‪ ،‬وعندما ن�ؤن�سن ال َّنا�س‪،‬‬ ‫َّ‬
‫نجد � َّأن الآخر �سيتق ّبلنا ويتفاعل معنا‪..‬‬ ‫ف�إ ّنما ي� ّ‬
‫�دل على �أ ّن��ه ك��ان يعي�ش‬ ‫يتحدّث عنه حديث ا ّلذي‬ ‫الكريم‪ ،‬وكان َ‬
‫ال�سمو الأخالقي والإن�ساني‪:‬‬ ‫وقد عرف ال�س ِّيد كيف يتعاطى مع جيل‬ ‫نف�س من �أنفا�سه‪.‬‬ ‫الإ�سالم في ّ‬ ‫ينوي االندكاك وال�� ّذوب��ان فيه‪ ،‬كما كان‬
‫ال�شباب ال��ذي ير�سم معالم الم�ستقبل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫كل ٍ‬ ‫يعمل على التّخ ّلق ب�أخالق القر�آن الكريم‬
‫‪ -‬ن��ع��رف طبيعة ال��ع�لاق��ة ال��ت��ي ربطتك‬
‫ب�سماحة ال�����س�� ّي��د(ره) ‪ ..‬ه��ل يمكن ان‬ ‫وا���س��ت��ط��اع �أن ي��ف��ه��م ن��ظ��رت��ه وعقله‪،‬‬ ‫و�أخ�ل�اق ج���دّه الم�صطفى(�ص) و�أه��ل‬
‫تحدثنا عن جانب من الذكريات والمواقف‬ ‫خا�ص ًا ف��ي كلماته‬ ‫وق��د �أع���اره اهتمام ًا ّ‬ ‫تتو ّفر لديه �أدوات اال�ستنباط والمعا�صرة‪،‬‬ ‫ال��ب��ي��ت(ع)‪ ،‬لذلك ظ َّ��ل مرافق ًا للقر�آن‬
‫الخا�صة خ�صو�ص ًا مع �سماحته؟‬ ‫وا�ست�شرافاته الم�ستقبل َّية‪..‬‬ ‫�سيجد في القر�آن ما ال يجده في غيره‪،‬‬ ‫الكريم‪ ،‬وظ َّ���ل ال��ق��ر�آن زاد ًا ل��ه‪ ،‬عندما‬
‫‪-‬ال ّذكريات مع �سماحة ال�س ّيد (ر�ضوان‬ ‫‪-‬م��ال��ذي يم ّيز �أ���س��ل��وب �سماحة ال�س ّيد‬ ‫وهذا تم ّيز كبير‪.‬‬ ‫ي��خ��ط��ب وع��ن��دم��ا ي��ت��ح َ��دّث ف��ي م�سائل‬
‫اهلل عليه) كثيرة ج�� ّد ًا‪ ،‬فقد ك ّنا نقر�أه‬ ‫(ر�ضوان اهلل عليه) في مخاطبة النا�س؟‬ ‫لقد در�س ال�س ِّيد ف�ضل اهلل(ره) الميزان‬ ‫اال�ستنباط‪ ،‬حيث تم َّيز �سماحته بذلك‪...‬‬
‫م ّر ًة‪ ،‬ون�ستمع �إليه م ّرات‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في‬ ‫‪-‬لقد ك��ان ال�س ّيد ف�ضل اهلل ك��ان يجيد‬ ‫بد َّقة‪ ،‬وكان �أحيان ًا يتوافق معه و�أحيان ًا‬ ‫ب�شكل متم ِّيز‬
‫ٍ‬ ‫ج�سد ال�س ِّيد ذل��ك‬ ‫لقد َّ‬
‫الأزم��ات‪ ،‬حيث كان يتحدّث بلغة حانية‪،‬‬ ‫الحديث مع كل فئات المجتمع‪ ،‬وكان يبد�أ‬ ‫يختلف‪ ،‬وهذا ما م َّيزه‪ ،‬ف�أنت تجده من‬ ‫ورائع‪ ،‬حيث كان حديثه يدور حول القر�آن‬
‫وبق ّوة �أع�صاب ورباطة ج�أ�ش‪ ،‬وهو عندما‬ ‫المتلقي‪ ،‬لي�صل �إلى ما‬ ‫ّ‬ ‫من حيث يعتقد‬ ‫المدر�سة الإمام َّية‪ ،‬ولك َّنه في الوقت نف�سه‬ ‫يفكر بطريق ٍة قر�آن َّية‪،‬‬ ‫الكريم‪ ،‬لأ َّنه كان ِّ‬
‫ك��ان ي��ت��ح َ��دّث ع��ن الحلم‪ ،‬ك��ان ي��ح��قّ له‬ ‫يعتقده هو‪ ،‬وه��ذا فنّ ال يجيده �إال القلة‬ ‫لم يكن مزعج ًا للآخرين‪ ،‬بل ت�ستطيع �أن‬ ‫�ص القر� ّآني عم ًال بو�ص ّية‬ ‫وي�ستنطق ال َّن ّ‬
‫ذلك‪ ،‬فعندما ت�ستح�ضر مواقف الآخرين‪،‬‬ ‫من �أمثال ال�س ّيد‪.‬‬ ‫تقول �إ َّنه جمع بين ثنائ ّي ٍات متكاملة قد ال‬ ‫�أم��ي��ر ال��م���ؤم��ن��ي��ن(ع)‪“ :‬ذلك ال��ق��ر�آن‬
‫تجد �أنّ ه�ؤالء ال يحقّ لهم �أن يتك ّلموا عن‬ ‫ظل معطا ًء‪ ،‬وال �أبالغ �إن قلت‪ ،‬لي�س‬ ‫ال�س ّيد َّ‬ ‫ال�سهل الجمع بينها‪ ،‬ففي الوقت‬ ‫يكون من َّ‬ ‫فا�ستنطقوه”‪ ،‬فتجد � َّأن القر�آن لم يكن‬
‫الحلم‪ ،‬ل َّأن �سلوكهم بعيد ع ّما يتك ّلمون‬ ‫في الأ ّي���ام الأخ��ي��رة من حياته ال�شريفة‬ ‫�شيعي‪ ،‬تراه‬
‫ّ‬ ‫كعالم‬
‫ٍ‬ ‫ا ّل��ذي ي� ِّؤكد �أ�صالته‬ ‫يبارحه‪ ،‬فهو يبد�أ بالقر�آن‪ ،‬ويقدّم الدّليل‬
‫عنه‪� ،‬أ ّما ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬فيحقّ له �أن‬ ‫ال�ساعات الأخيرة �أي�ض ًا‪،‬‬ ‫فح�سب‪ ،‬بل في ّ‬ ‫فن خطاب الآخر ومناق�شته نقا�شاً‬ ‫يجيد َّ‬ ‫من القر�آن‪ ،‬ويحفظ ال ّن�ص القر� ّآني كما‬
‫يتك ّلم عن الحلم لأ ّن��ه كان حليم ًا‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دل على �شيء‪ ،‬ف�إنما يدل على‬ ‫وهذا �إن َّ‬ ‫حوار ّي ًا يعت ُّز ب�أ�صالته‪ ،‬وهو حوا ٌر يمت ُّد �إلى‬ ‫يحفظ ال�� ّرواي��ات‪ ،‬لذلك لم يكن يعاني‬
‫دون �أن �أذكر �أ�سماء بع�ض ا ّلذين �أ�سا�ؤوا‬ ‫ّ‬
‫�أ ّنه كان يعي�ش الإ�سالم في كل نف�س من‬ ‫�أهل الكتاب‪ ،‬باعتبار �أنّ القر�آن يخاطب‬ ‫تج�شم العناء والبحث‬ ‫من �شيء ا�سمه ّ‬
‫�إليه‪ ،‬عندما كان يتناهى �إل��ى �سمعه �أنّ‬ ‫�أنفا�سه‪.‬‬ ‫ال ّنا�س جميع ًا‪.‬‬ ‫ع��ن الأم�����ور‪ ،‬لأ َّن����ه ك���ان يعي�ش القر�آن‬
‫فالن ًا �أ�ساء �إليه‪ ،‬لم يكن ينظر �إلى ذلك‬ ‫كما كان (ره) يعرف كيف يخاطب ال ّنا�س‬ ‫لقد كان ال�س ِّيد متم ِّيز ًا عندما يخاطب‬ ‫الكريم‪ ،‬وهذه ميزة �أ�سا�س ّية تم ّيز بها‪،‬‬
‫الم�ستوى �إطالق ًا‪ ،‬وكان يتر ّفع ويذكرهم‬ ‫على اختالف م�ستوياتهم‪ ،‬فكان يتحدّث‬ ‫ال ّنا�س مخاطب ًة قر�آن َّية‪ ،‬فهو ال يثير �أحد ًا‪،‬‬ ‫لذلك عندما كان يقدم على ا�ستنباط � ِّأي‬
‫بك ّل خير‪ ..‬وكان �أحدهم يقول لي‪� :‬أنت‬ ‫مع المث ّقف العميق في ثقافته‪ ،‬كما كان‬ ‫ولك َّنه يدخل �إلى عقل المتل ّقي وقلبه‪.‬‬ ‫حكم‪ ،‬نجد � َّأن القر�آن يتقدّم عنده على‬
‫تعرف ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬لو دخ��ل عليه‬ ‫فن‬‫المتو�سط في ثقافته‪ ،‬وهذا ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫يتحدّث مع‬
‫َ‬ ‫فال�س ِّيد كان يبحث في منظومات الآيات‬ ‫�شك ما ي�س َّمى‬ ‫� ّأي م�صدر �آخر‪ ،‬وهو بال ّ‬
‫لرحب به ونه�ض له وا�ستقبله‪..‬‬ ‫قاتل �أبيه ّ‬ ‫مع َّقد ولي�س �أمر ًا �سه ًال �أبد ًا‪� ،‬إذ تجد �أنّ‬ ‫القر�آن ّية‪ ،‬وي�ستخرج منها كل ّيات رائعة‪،‬‬ ‫بم�صطلح حكومة القر�آن‪ ،‬حيث �إنّ للقر�آن‬
‫ما كان �صدره ي�سمح ب�أن يتل َّوث‪ ،‬بل كان‬ ‫ال�س ّيد في الوقت ا ّلذي يخاطب �أ�صحاب‬ ‫يتحدّث �إلى المر�أة‪ ،‬تجده ي�ست�شهد‬ ‫فعندما َ‬ ‫حكومة على ال ّرواية ولي�س العك�س‪.‬‬
‫مت�سامح ًا‪��� ،‬س��واء ف��ي خطابه ال��ع��ام �أو‬ ‫االخت�صا�ص بلغة الأ�صول والفقه والرجال‬ ‫بالآيات القر�آن َّية ا ّلتي تتحدّث عن نماذج‬ ‫وم ّما يم ّيز �سماحة ال�س ِّيد‪� ،‬أ ّن��ه لم يكن‬
‫الخا�صة‪ ،‬كما ك��ان خلوق ًا‬‫ّ‬ ‫ف��ي جل�ساته‬ ‫والحديث وعلم ال��ك�لام‪ ،‬ف���إن��ه يخاطب‬ ‫ن�سائ ّية‪ ،‬كبلقي�س وك�آ�سيا بنت مزاحم‪،‬‬ ‫�ص القر� ّآني نظر ًة جامدة‪،‬‬ ‫ينظر �إلى ال َّن ّ‬
‫ومتوا�ضع ًا‪ ،‬ال يترفع على �أحد‪ ،‬وال ي�ستثني‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الآخرين ‪-‬من غير ذوي االخت�صا�ص‪-‬‬ ‫وا�ستح�ضار ه��ذا من قبل ال�س ِّيد ف�ضل‬
‫بل كانت نظرته منفتحة ومعا�صرة ت�سابق‬
‫�أحد ًا من مجال�سه‪.‬‬ ‫بلغة مقبولة ومفهومة لديهم‪.‬‬
‫اهلل في ال َتّف�سير وفي الخطاب‪ ،‬كان ميزة‬
‫ال�� ّزم��ن‪ ،‬لذلك تجده ي�ستنطق القر�آن‬
‫م��ي��زة �أخ����رى ن��ج��ده��ا ف��ي �شخ�ص ّيته‪،‬‬ ‫وي�ستخرج منه المعاني العميقة التي‬
‫‪7‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫المرجع ف�ضل اهلل‪ :‬رائد الوحدة الإ�سالم ّية‬
‫الذين هم في الواقع عمالء ا�ستعمار ّيون‪..‬‬ ‫بكل رحابة �صدر التمذهُ ب والتع ُّلم‬ ‫ويقبل ِّ‬
‫ب��ل ق��ال �سماحته وف��ي �أك��ث��ر م��ن مكان‪:‬‬ ‫الدّ كتور محمد �سليم الع ّوا*‬
‫المذهبي‪ ،‬لأنّ التمذهب يحفظ وحدة‬ ‫ال�سماح ��ة الإ�سالم ّية‬
‫عندم ��ا �أذك ��ر ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ض ��ل اهلل‪� ،‬أذكر ّ‬
‫�إنّ الذين يعملون على تفريق الكلمة في‬ ‫الجماعة‪ ،‬وت��ع�� ُدّد المذهبيات الخا�ضع‬
‫هذه الأ ّمة‪ ،‬وعلى تر�سيخ ال ُفرقة ُّ‬
‫ال�سن ّية ـ‬ ‫املتم ِّثل ��ة ال يف ال� � ّذات الإن�سان ّي ��ة وح�سب‪ ،‬و� مّإنا �أذكره ��ا يف عقلٍ هائلٍ ج ّبار‪،‬‬
‫لالجتهاد يم ّكن الأ ّم��ة من �أن تعي�ش في‬ ‫ربا عن عق ��ول ع�شرات �آالف‬ ‫ي ��كاد يك ��ون متف� � ّرداً ال ع ��ن عقول �آالف الأ�شخا� ��ص‪ ،‬بل مّ‬
‫ال�شيع ّية على وجه الخ�صو�ص‪ ،‬لي�سوا �إ ّال‬ ‫رحابة بح�سب مرو ّياتها وفهم علمائها‬
‫ُعمالء للمخابرات الأجنب ّية واال�ستكبار ّية‬ ‫الأ�شخا� ��ص الذي ��ن مررت بهم منذ طفولتي وح ّتى الي ��وم‪ ..‬كان ل�سماحته خ�صو�ص ّي ٌة‬
‫وتقديرهم‪� ...‬أ ّم��ا �أن تتح ّول المذهبية‬ ‫ب�ي�ن هذه العقول‪ ،‬خ�صو�ص ّي ٌة جتذب ��ك �إليه‪ ،‬وت�ستمتع باحلديث معه‪ ،‬وت�ستعيد م ّرات‬
‫التي ت�أبى بك ّل ما في و�سعها‪� ،‬أن نعي�ش‬ ‫طائفي‪ ،‬فهذا يهزم‬ ‫ّ‬ ‫تع�صب‬
‫الفكرية �إلى ّ‬
‫مع ًا �أو نتعاي�ش مع ًا‪ ،‬فالوحدة الإ�سالمية‬ ‫وم ّرات ـ ك ّلما خلدت �إىل نف�سك ـ اجلم َل والعبارات التي �سمعتها منه‪.‬‬
‫ً‬
‫الأ ّمة ويجعل ب�أ�سها بينها �شديدا‪ ،‬و ُيح ِّول‬
‫ممنوعة عندهم‪ ،‬والوحدة الوطن ّية بين‬ ‫كفري‪،‬‬
‫��ري �إل���ى خ�ل�اف ّ‬ ‫ال��خ�لاف ال��ف��ك ّ‬
‫الم�سلمين والم�سيحيين ممنوع ٌة �أي�ض ًا‬ ‫} َو�إِ َّن هَ ِذ ِه �أُ َّم ُت ُك ْم ُ�أ َّم ًة َو ِاح��دَ ًة َو�أَ َنا َر ُّب ُك ْم‬ ‫ال�صادق‪:‬‬ ‫الوحدوي َّ‬
‫ُّ‬
‫��ري‪ ،‬ف�أنت‬‫خ�لاف ف��ك ّ‬
‫ٍ‬ ‫ف���إذا تحدّثت عن‬ ‫وقد كانت الوحدة الإ�سالم َّية محور عمل‬
‫عندهم‪..‬‬ ‫تتحدّث عن فكر واتّ�ساق واتّ�ساع �أُفق‪،‬‬ ‫َفا َّت ُق ِون{(الم�ؤمنون‪.)52 :‬‬
‫الإ�سالم َي َ�س ُع الجميع‪:‬‬ ‫وكان �سماحته من فر�سان الوحدة‪ ،‬ومن‬ ‫�سماحة ال�س ِّيد في حياته ك ِّلها‪ ،‬وقد �ألقى‬
‫��ري‪ ،‬ف�أنت‬ ‫و�إذا تحدّثت عن خ�لاف ك��ف ّ‬ ‫ق�صيدته المعروفة في حفل ت�أبين ال�س ِّيد‬
‫وه��ن��اك نقط ٌة ال ب َّ���د م��ن ذك��ره��ا‪ ،‬وهي‬ ‫تتحدّث ع��ن �ضيق �أُف���ق وع��ن ف�ساد في‬ ‫ال�صحيح ل��ه��ا‪ ،‬على �أ َّنها‬ ‫دع���اة الفهم َّ‬
‫مدعا ٌة للأ�سف‪ ،‬فنحن عندما نحاول �أن‬ ‫وح��دة ثقاف ّية فكر َّية‪ ،‬حيث �إنّ ع�شرات‬ ‫مح�سن الأمين (رحمه اهلل)‪ ،‬حيث دعا‬
‫ال���ذوق وف�ساد ف��ي الفهم الإ�سالمي‪...‬‬ ‫فيها الم�سلمين �إلى الوحدة‪ ،‬وا�ستم ّر يعمل‬
‫فبع�ض من‬ ‫ٌ‬ ‫ال�س ّنة وال�شيعة‪،‬‬ ‫نق ّرب بين ُّ‬ ‫تدل ك ُّلها على‬ ‫ال ّن�صو�ص التي قر�أتها له‪ُّ ،‬‬
‫ال�سنة �أو ال�شيعة يقول‪:‬‬ ‫الفريقين من ُّ‬ ‫�إيمانه العميق بالوحدة الإ�سالم ّية‪ ،‬هذا‬ ‫بها �إلى �أن َل ِق َي ر َّبه �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫يك ّفروننا و ُينكرون علينا �إ�سالمنا في‬ ‫في �أ َّيام المحنة ا ّلتي تع َّر�ض‬ ‫الإيمان الذي يمتاز ب�أ ّنه يزيد على الإيمان‬ ‫وقد تم ّيز ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫ظري دائم ًا التّ�ص ُّور‬ ‫ب�صدق ال ّلهجة‪ ،‬حيث �إ ّني ما �سمعتُ منه‬
‫م�����س��اج��ده��م وع��ل��ى م��ن��اب��ره��م‪ ،‬وه����ؤالء‬ ‫لها ظلم ًا‪ ،‬ت�ص َّرف بما يليق‬ ‫العملي‪ ...‬ف�إذا‬ ‫ّ‬ ‫ال ّن ّ‬
‫قط في م�س�أل ِة الوحدة‪ ،‬وما ر�أيته‬ ‫كالمين ّ‬ ‫َ‬
‫م��ن ال��ع��ل��م��اء‪ ..‬ل��ك��ن ف��ي حقيقة الأم���ر‬ ‫وال�شيعة‪،‬‬ ‫ال�س ّنة ّ‬ ‫�شخ�ص �أمامه عن ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫تك ّلم‬
‫ان ه����ؤالء لي�سوا م��ن ال��ع��ل��م��اء‪ ،‬فلماذا‬ ‫بالعلماء �أن يت�ص َّرفوا‪ ،‬وهذه‬ ‫العملي‬ ‫عملي‪ ،‬ل َّأن الت�ص ّور‬ ‫في م َّرة غ ّير الكالم ا ّلذي قاله في الم َّرة‬
‫ّ‬ ‫�أتى بت�ص ّو ٍر ٍ ّ‬ ‫ال�سابقة‪ ،‬و�إ َّنما كان يزيده ت�أكيد ًا و�إي�ضاح ًا‬
‫نبقى ط��وال عمرنا �أ�سرى ال�� ُّرع��اع و�أهل‬ ‫ٌ‬
‫�شهادة �أ�شهد بها‬ ‫يمتاز بميزتَين‪ ،‬ال��ق��درة على تحقيقه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الرعونة والجهالة‪ ،‬و�إذا لم يتقدّم العلماء‬ ‫فال يك ِّلف ال ّنا�س ما ال ي�سعهم �أن يعملوه‪،‬‬ ‫ويعمل بمقت�ضاه‪ .‬كنتُ �أ�سمعه في ُخطب‬
‫أهل العلم لكي‬ ‫أهل الثقافة و� ُ‬ ‫الحقيقيون و� ُ‬ ‫ف�سماحته كان يرى �أ َّنه ال يجوز �أن يتح َّول‬ ‫الجمعة‪ ،‬و�أ�سمع ت�سجيالت درو���س��ه في‬
‫يكونوا هم قادة الوحدة‪ ،‬فمتى �سن�صبح‬ ‫وهنا يقول �سماحته (رحمه اهلل)‪� :‬إذا‬ ‫ال�شيعي‪،‬‬ ‫الت�ش ّيع �إلى عقيد ٍة ذات ّي ٍة في نف�س‬ ‫تف�سير القر�آن‪ ،‬و�أق��ر�أ فتاواه على موقعه‬
‫ّ‬ ‫“ب ّينات”‪� ،‬أو ما يتك ّرم و ُير�سله � َّإلي عن‬
‫قادرين على �إزال��ة ال�شحناء والبغ�ضاء‬ ‫للنبي (�ص) وللم�سلمين‬ ‫كان القر�آن يقول ّ‬ ‫يحافظ عليها كما يحافظ الإن�سان على‬
‫التي يراها ال�س ّيد (رحمة اهلل عليه) من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َاب ت َعال ْوا �إِلى كل َم ٍة‬ ‫َ‬ ‫بعده‪ُ } :‬ق ْل َيا �أَ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫ع�صب ّية ت�ؤ ّكد ذاته‪ ،‬وال �أن يتح ّول الت�س ّنن‬ ‫رج ًال واح��د ًا‪ ،‬لم �أ َر‬ ‫طريق مكتبه‪ ،‬ف�أرى ُ‬
‫�آثار التخ ُّلف ال�شنيع‪ ،‬حيث كان يقول‪� ،‬إنّ‬ ‫َ�س َواء َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم{ (�آل عمران‪،)64 :‬‬ ‫ني �إل��ى مثل ذل��ك‪ ،‬ولكن‬ ‫فيه َر ُج َلين �أبد ًا‪.‬‬
‫ال�س ّ‬
‫ف��ي نف�س ُّ‬ ‫في �أ َّي��ام المحنة ا ّلتي تع َّر�ض لها ظلم ًا‪،‬‬
‫الم�سلمين عا�شوا ع�صور ًا من التخ ُّلف‬ ‫فكيف ال يتّفق �أه���ل ال��ق��ر�آن على كلمة‬ ‫وال�سنة �أن يفكروا في م�س�ألة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫على ال�شيعة ُّ‬
‫ال�شنيع‪ ،‬حيث ج��اءت��ه��م ه��ذه الع�صور‬ ‫�سواءٍ بينهم وبين بع�ضهم البع�ض؟ كيف‬ ‫واحدة‪ ،‬وهي �أ ّنهم م�سلمون‪ ،‬بحيث يكون‬ ‫ت�ص َّرف بما يليق بالعلماء �أن يت�ص َّرفوا‪،‬‬
‫من �أ�ضيق الطرق‪ ..‬فهل �سنبقى ب�أ�ضيق‬ ‫ال يتّفقون على �أنّ الإ���س�لام هو دينهم؟‬ ‫ت�س ُّننهم وجهة نظر في فهم الإ�سالم‪،‬‬ ‫أظن � َّأن معظمكم‬ ‫وهذه �شهاد ٌة �أ�شهد بها‪ ،‬و� ُّ‬
‫الطرق لغاية �أن نموت؟‪ .‬نحن نريد �أن‬ ‫اختالف محتم ٌل‬ ‫ٌ‬ ‫و�أنّ اختالفهم في فهمه‬ ‫يعرف ما تع َّر�ض له �أكثر م ّني‪ ،‬لكني وقفتُ‬
‫ّ‬
‫نخرج من �ضيق هذه الطرق �إلى ف�سحة‬ ‫ً‬
‫مقبو ٌل ال �شيء فيه‪ ،‬ما دام م�ستندا �إلى‬ ‫عليها بنف�سي‪ ،‬و�أ�شه ُد له بها وهو بين يدي‬
‫كانت الوحدة الإ�سالم َّية محور‬ ‫رب العالمين‪ ..‬كانت الوحدة الإ�سالم ّية‬ ‫ِّ‬
‫طريق الحقّ الذي هو طريق االتفاق بين‬ ‫النظر في �أ�صول العقيدة وال�شريعة من‬
‫الم�سلمين ك ّلهم على �أ�صول دينهم‪ ،‬وعلى‬ ‫وال�س ّنة‪ .‬فالذي يتّفقون عليه‪ ،‬كما‬ ‫القر�آن ُ‬ ‫عمل �سماحة ال�س ِّيد في حياته‬ ‫عنده ه��ي بديل ال�� ّت�����ش��رذم‪ ،‬وه��ي �سبيل‬
‫واالجتماعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫ال�ضعف‬ ‫مقاومة ّ‬
‫و�سعة فكر هذا الدّين‪،‬‬ ‫َ�س َعة االختالف‪َ ،‬‬ ‫يذهب �إلى ذلك �سماحته‪� ،‬أكثر بكثير م ّما‬ ‫ك ِّلها‪ ،‬وقد دعا الم�سلمين �إلى‬ ‫وهي الأمل ا ّلذي ُيع َمل من �أجله‪ ،‬و ُي�سعى‬
‫وعلى َ�س َعة عباءة هذا الدّين التي ت ََ�س ُع‬ ‫يختلفون ح��ول��ه‪ ،‬و�إذا كنا نختلف حول‬
‫كل من يقول‪ :‬ال �إله �إال اهلل محم ٌد ر�سول‬ ‫َّ‬ ‫مو�ضوع الإمامة والخالفة‪ ،‬ف�إنّ علينا �أن‬ ‫الوحدة‪ ،‬وا�ستم ّر يعمل بها �إلى‬ ‫�إل��ى تحقيقه‪ ،‬و ُي��دع��ى �إل��ي��ه ف��ي �أو�ساط‬
‫اهلل‪..‬‬ ‫ُنمارِ�س هذا الخالف بالأدب الإ�سالمي‪:‬‬ ‫�أن َل ِق َي ر َّبه �سبحانه وتعالى‬ ‫الإ���س�لام�� ّي��ي��ن الحرك ّيين وال�سيا�س ّيين‬
‫�إنّ ع��ب��اءة الإ���س�لام ت ََ�س ُع ال َ��خ�� ْل��قَ كا ّف ًة‪،‬‬ ‫} َف�إِن َت َنا َز ْعت ُْم ِفي َ�ش ْيءٍ َف�� ُر ُدّو ُه �إِ َلى اللهّ ِ‬ ‫إ�سالمي ك ّله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوطن ّيين في العالم ال‬
‫م�ؤمنهم وكافرهم‪َ ،‬من ا�ستجاب منهم‬ ‫َوال َّر ُ�س ِول{(الن�ساء‪.)59 :‬‬ ‫وت�ش ُّيعهم وجهة نظر في فهم الإ�سالم‪،‬‬ ‫تم ّي ٌز وريادة‪:‬‬
‫���ب وت����ر ّددٌ‪..‬‬‫َوم���ن ال ي���زال ف��ي نف�سه َري ٌ‬ ‫�إذ ًا‪ ،‬ه��ذا هو المنهج؛ �إذا تنازعنا في‬ ‫وه��و (رحمه اهلل) عندما ي�ؤمن بذلك‪،‬‬ ‫لقد �أدرك العلماء ال��واع��ون‪ ،‬ال�ساعون‬
‫وواجب العلماء �أن يتق ّربوا �إلى الجميع‪،‬‬ ‫�شيءٍ ن��ر ُدّه �إلى �أ�صول الإ�سالم التي هي‬ ‫ف�إ ّنه ين�سجم مع قول اهلل تبارك وتعالى‪:‬‬ ‫للوحدة‪ ،‬منذ ال ّلحظة الأول��ى‪� ،‬أ َّنهم قد‬
‫بدل �أن‬ ‫ليجذبوهم �إلى �أ ّم��ة اال�ستجابة‪َ ،‬‬ ‫وال�س ّنة‪ ...‬وقد قال �سماحته هذا‬ ‫الكتاب ُ‬ ‫} َف ِ�إن َت َنا َز ْعت ُْم ِفي َ�ش ْيءٍ َف�� ُر ُدّو ُه ِ�إ َلى اللهّ ِ‬ ‫ال ي�ستطيعون تحقيق الوحدة ال�سيا�س ّية‪،‬‬
‫يبقوا في �أُ ّمة الدعوة‪..‬‬ ‫الكالم في وقت محنة ها ّمة م ّرت بالأ ّمة‬ ‫��ول{(ال�� ّن�����س��اء‪ ..)59:‬فقاعدة‬ ‫َوال�� َّر ُ���س ِ‬ ‫لأ ّنهم ال يملكون �أدواتها‪ ،‬وال ي�ستطيعون �أن‬
‫وال�س�ؤال‪ :‬ما الم�شكلة التي ت َُحول بيننا‬ ‫العرب ّية‪ ،‬قال مع ّقب ًا على ذلك‪ :‬واعلموا �أنّ‬ ‫وال�شيعة‪ ،‬كما يجد‬ ‫ال�س ّنة ّ‬ ‫يدخلوا في مجالها‪ ،‬لذا‪ ،‬ف�إ ّنهم اختاروا‬
‫ال��ح��وار بين ُّ‬ ‫مجالهم ا ّل��ذي ينجحون فيه‪ ،‬وملعبهم‬
‫وبين ذلك ك ّله؟‬ ‫يفرق‬ ‫التحدّي الذي يواجه الم�سلمين لن ِّ‬ ‫(رحمه اهلل) ترتكز على رج��وع الجميع‬
‫يلخ�ص �سماحة ال�س ّيد الجواب بقوله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫و�شيعي‪ ،‬وال متر ّيث وال غير‬ ‫بين �س ّن ٍ ّي‬ ‫�إل���ى اهلل و�إل����ى ال�� ّر���س��ول و�إل����ى القر�آن‬ ‫ا ّل��ذي ي�ستطيعون فيه �إ�صابة �أهدافهم‬
‫ّ‬
‫�إنّ الم�شكلة الحقيق ّية هي �أنّ الأجهزة‬ ‫ّ‬
‫متر ّيث‪ ،‬وال ُمتز ّمت وال ُمت�ساهل‪� ،‬إنما‬ ‫الكريم‪...‬‬ ‫��ري وال ّث ّ‬
‫قافي‬ ‫ك�� ّل��ه��ا‪ ،‬وه��و الملعب ال��ف��ك ّ‬
‫اال���س��ت��خ��ب��ارات�� ّي��ة ال��ع��ال��م�� ّي��ة والإقليم ّية‬ ‫ويتوجه �إلى الجميع‪..‬‬ ‫�سينال من الجميع ّ‬ ‫وق��د ك��ان �سماحته ي���ؤ ّك��د م�س�أل ًة مه ّم ًة‪،‬‬ ‫ّيني‪ ،‬ف�سعوا من خالله �إلى‬ ‫والفقهي والد ّ‬ ‫ّ‬
‫والمحل ّية‪ ،‬تعمل على النفاذ �إلى الواقع‬ ‫و�إن ا�ستطاع ف��ري�� ٌق وح��ده �أن يواجهه‪،‬‬ ‫طالب ًا م ّنا تناولها ودرا�ستها في المجمع‬ ‫وحدة هذه الأ ّمة‪..‬‬
‫إ�سالمي من خالل الثغرات التاريخ ّية‬ ‫ال‬ ‫ف�أه ًال و�سه ًال‪ ،‬لك ّني �أزعم �أنّ فريق ًا وحده‬ ‫العالمي للتقريب بين المذاهب‪ ،‬وهي �أنّ‬ ‫� َّإن ه�ؤالء العلماء تج ّنبوا الأهواء المحل ّية‬
‫ّ‬ ‫والمطامع الذات ّية والرغبات ال�شخ�ص ّية‪،‬‬
‫والم�شاكل ال��ح��ا���ض��رة‪ ،‬لكي تلعب على‬ ‫ال ي�ستطيع مواجهته‪ ،‬لذا‪ ،‬على الأ ّم��ة �أن‬ ‫‪ %80‬من ال��رواي��ات بين ال�س ّنة وال�شيعة‬
‫والفكري الذي‬ ‫ّ‬ ‫حفظ التخ ُّلف ال��روح ّ��ي‬ ‫ُ��وح��د �صفوفها لتواجه ه��ذا التحدّي؛‬ ‫ت ِّ‬ ‫متّف ٌق عليها‪ ،‬وال ُمخت َلف عليه من الروايات‬ ‫وعملوا عم ًال مه ّم ًا �صادق ًا مخل�ص ًا على‬
‫ينبغي �أن نخرج منه‪ ،‬لنعي�ش الإ�سالم في‬ ‫تحدّي اال�ستكبار العالمي‪ ،‬وتحدّي القوى‬ ‫حوالى ‪..%20‬‬ ‫حفظ الق�ض ّية العا ّمة للأ ّمة‪�ِ } :‬إ َّن هَ ِذ ِه‬
‫رحابته و�سعة �أُفقه و�سماحته‪..‬‬ ‫ع�ضد‬ ‫اال�ستعمار ّية التي تريد �أن َت ُف ّت في ُ‬ ‫�شروط الوحدة‪:‬‬ ‫ُون{‬ ‫�أُ َّم ُت ُك ْم �أُ َّم ًة َو ِاحدَ ًة َو�أَ َنا َر ُّب ُك ْم َف ْاع ُبد ِ‬
‫الأ ّم��ة‪ ،‬وتحدّي �أع��داء الأ ّم��ة الداخل ّيين‬ ‫التع�صب الطائفي‪،‬‬ ‫يذم ب�شدّة ُّ‬ ‫كان ال�سيد ُّ‬ ‫(الأنبياء‪ ،) 92 :‬وفي �آية ثانيـة ‪:‬‬
‫*كاتب ومفكر م�صري‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪8‬‬
‫كونوا مع فل�سطين لأنها الق�ض ّية والرمز‬
‫�إيجابي منه‪ ،‬و�إق��رار ًا ب�أن ما قدّمه كان‬
‫�شيئ ًا مقبو ًال و�صحيح ًا‪ ،‬وم��ن هنا كان‬
‫الدّور اال�ستثنائي الذي لعبه ال�س ّيد‪ ،‬وق ّلما‬
‫المرجع ف�ضل اهلل وق�ضايا ال ّأمة‬
‫تجد �إجماع ًا لدى ال ّنا�س على �شخ�ص‪،‬‬ ‫منير �شفيق*‬
‫كما هو الحال مع ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫عندم ��ا نقف �أم ��ام �شخ�صية املرجع ال�س ّيد حممد ح�س�ي�ن ف�ضل اهلل‪ ،‬تلفتنا‬
‫طبع ًا ربما ح�صلت بع�ض الخالفات معه‬ ‫ا�ستثنائي ��ة ه ��ذه ال�شخ�ص ّي ��ة‪ ،‬حي ��ث كان ال�س ّيد ب�ل�ا منازع من �أه� � ّم العلماء‬
‫في بع�ض الق�ضايا الجزئية‪ ،‬وهذا �شيء‬ ‫واملراجع الفقه ّية والفكر ّية‪ ،‬لي�س فقط ملريديه والذين ي�أخذون مبرجعيته‪،‬‬
‫طبيعي حيث �سيبقى الخالف الفقهي بين‬ ‫يطلعون على �آرائه وعلى فتاويه‪..‬‬ ‫و�إمنا للكثريين الذين ّ‬
‫العلماء كبير ًا‪ ،‬ولكن ذلك ال ي�شكل م�شكلة‪،‬‬
‫ف��الأم��ر الأه���م‪ ،‬وال���ذي يجب �أن ن�س ّلط‬ ‫يكون فقيه ًا دقيق ًا ومعا�صر ًا �إذا عا�ش‬ ‫الفهم العميق للواقع‪:‬‬
‫ال�ضوء عليه‪ ،‬هو �أنّ هذا الح�شد الهائل‬ ‫لقد كان ال�سيد م�ؤ ّلف ًا بين فئات الأ ّمة‪ ،‬على في بطون الكتب‪ ،‬واهتم فقط بالق�ضايا‬
‫ّ‬
‫اختالف مذاهبها ال�سيا�سية ومرجعيتها الفرد ّية والعباد ّية‪ ،‬لأنّ الأ ّمة لن ت�ستفيد‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الفكر ّية‪ ،‬لأن��ه ك��ان ير ّكز على الق�ضايا منه على م�ستوى تحدياتها وق�ضاياها‬
‫ً‬
‫مدر�سة‬ ‫�سيبقى ال�س ّيد(ره)‬ ‫الجوهر ّية‪ ،‬وكان يريد �أن ي�ستنه�ض الأ ّمة‪ ،‬الكبرى‪� .‬أ ّما ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل‬
‫ي�����ص��ار �إل����ى ال��ت��ع � ّل��م منه‬ ‫في المقاومة �ضد الكيان ال�صهيوني‪ ،‬وفي اهلل‪ ،‬فلم يكن يفتي ويقعد ف��ي بيته �أو‬
‫واالقتداء به ل�صناعة رجاالت‬ ‫معار�ضة ال�سيا�سات الأمريكية الت ّّخريبية يمالئ الحكام والقوى الكبرى ليح�صل‬
‫ّ‬
‫�ضد الأ ّم��ة ّالإ�سالمية‪ ،‬وفي الدفاع عن على ر�ضاها‪ ،‬لذلك ر�أينا الحقد الذي‬
‫تكمل ّ‬
‫الطريق‪ ،‬لأن �أمام ال ّأمة‬ ‫�أوطانها وبالدها وتحرير الإرادة وو�أد �أب���داه ال�صهاينة عليه‪ ،‬وكذلك �أمريكا‬
‫ّ‬
‫حا�ضر ًا في ك ّل المنا�سبات‪ ،‬دفاع ًا عن‬
‫مرحلة طويلة من ال ّن�ضاالت‬ ‫المظلومين‪ ،‬ولتعبئة الأ ّمة وال ّنهو�ض بها‪،‬‬ ‫التي عزلت �صحف ّية معروفة لأنها �أبدت‬ ‫الفتن‪..‬‬
‫والعمل والكفاح‪...‬‬ ‫وو�أد الفتن‪ ،‬ولمقاومة االحتالل والقوى‬ ‫امتلك ال�سيد الفهم العميق للواقع على �إعجابها به‪ ،‬فقد كان وج��ود ال�س ّيد في‬
‫ّ‬
‫اال�ستكبارية‪ ،‬وهذا ما �أ�سهم في تحويله‬ ‫والفقهي‬
‫ّ‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫الم�ستوى العالمي وعلى الم�ستوى العربي ه��ذا العالم‪ ،‬وج��ود‬
‫امتلك ال��ذي يملك الأث���ر الكبير‪ ،‬لذلك كانت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فقيه كبير‪.‬‬
‫�إلى ٍ‬ ‫والفل�سطيني‪ ،‬ك��م��ا‬
‫ّ‬ ‫وال��ل��ب��ن��ان ّ��ي‬
‫وال ّنظرة الإيجابية �إلى �سماحة ال�س ّيد‪،‬‬ ‫الفقيه الكبير‪:‬‬
‫لم تكن �إال نتيجة الت�أثر به والإعجاب بما‬ ‫ال��ر�ؤي��ة الفقهية والدينية العميقة التي‬
‫فالفقه �إذا ل��م يكن ملت�صق ًا بالحياة‪،‬‬ ‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره) هو‬ ‫جعلته قم ًة على الم�ستوى العلمي الديني‬
‫قدمه‪ ،‬كما كان هناك التقاء بين فتاوى‬ ‫والفقيه �إذا لم يكن مجاهد ًا‪ ،‬ف�أنا �أرى‬
‫ال�س ّيد ال�سيا�س ّية ب�شكل ع��ام ومواقفه‪،‬‬ ‫ال�� ّن��م��وذج ال����ذي ي��ج��ب �أن‬ ‫والفقهي‪ ،‬وعلى م�ستوى الجمع بين الفهم‬
‫�أنّ فقهه ال ينتفع منه �إال عائلته ونف�سه‬ ‫العميق للواقع المعا�صر‪ ،‬والمبدئية في‬
‫والوعي ال�شعبي العام‪ ،‬فال�س ّيد لم ي�صنع‬ ‫وب��ع�����ض ال��م��ري��دي��ن ل��ه ع��ل��ى الم�ستوى‬ ‫ُيحتذى به‪ ،‬والقدوة لبق ّية‬
‫�أو يخترع الوعي ال�شعبي‪ ،‬لك ّنه هو الذي‬ ‫الموقف �ضد االحتالل‪ ،‬وفي االنخراط‬
‫وال�شخ�صي‪� ،‬أم���ا الأ ّم����ة فلن‬
‫ّ‬ ‫��ردي‬
‫ال��ف ّ‬ ‫العلماء‪ ،‬وه��و م��ن ال ّنماذج‬ ‫في دعم المقاومة وال ّن�ضاالت ال�شعبية‬
‫بلور ه��ذا الوعي وع ّمقه‪ ،‬فما فعله كان‬ ‫تنتفع منه‪ ،‬لأنها تحتاج �إل��ى من يم�سك‬
‫م��ث��ل ن���زول ال��م��ط��ر ع��ل��ى �أر�����ض خ�صبة‬ ‫ال����� ّن�����ادرة‪ ،‬ف��ال��ع��ظ��م��اء ال‬ ‫على اختالفها‪ ،‬حيث انخرط في �صلب‬
‫بق�ضاياها الكبرى وي��داف��ع عنها‪� ،‬إذ ال‬ ‫ج��ه��ود توحيد الأ ّم����ة م��ن �أج���ل مواجهة‬
‫وعط�شى ومليئة بالبذور‪ ،‬لأنّ هذه الأ ّمة‬ ‫ال�سيا�سة والفقه‪ ،‬كما‬ ‫يوجد ف�صل بين ّ‬ ‫يتك ّررون‬
‫التي تقر�أ القر�آن‪ ،‬والتي تتع ّلم من �سيرة‬ ‫الكيان ال�صهيوني‪ ،‬وال ّرد على الم�ؤامرات‬
‫ي�ؤكد العلمانيون الذين ي�سعون �إلى �إبعاد‬ ‫اال�ستعمار ّية التي تتع ّر�ض لها البالد‬
‫المجاهدين ومن �سيرة الر�سول(�ص)‪،‬‬ ‫ال�سيا�سة‪ ،‬تمام ًا كبع�ض رجال‬ ‫الفقه عن ّ‬ ‫العرب ّية‪ ،‬وهذه كانت ميزة رائعة ومهمة الدول الكبرى تهتز وتت�أثر من مواقفه‪.‬‬
‫تختزن من هذا الوعي‪.‬‬ ‫الفقه‪ ،‬لي�صبحا ك ّل من موقعه‪ ،‬وجهين‬ ‫�إنّ الفقيه �إذا ل��م يذهب �إل��ى النا�س‪،‬‬
‫لذلك‪� ،‬أعتقد �أنّ �أحد معايير العمق في‬ ‫لدى ال�س ّيد‪.‬‬
‫لعملة واح���دة‪ ،‬ت��ري��د �أن تح�صر الفقه‬ ‫ول��م ينفعهم وي��ر���ش��ده��م بفقه وعلمه‪،‬‬ ‫توا�ضع ال�س ّيد‪:‬‬
‫ال�سيا�سة والفقه‪ ،‬هو التّجاوب الهائل‬ ‫ّ‬ ‫في الق�ضايا الفقهية الجزئية‪ ،‬فالوحدة‬ ‫عندما كنت �ألتقي ال�س ّيد‪ ،‬كان يجرفني وخ�صو�ص ًا في الق�ضايا الكبرى‪ ،‬ف� ّأي قيمة‬
‫ال���ذي ي��ح��دث بين ال��ع��ال��م وال��ف��ق��ي��ه‪� ،‬أو‬ ‫بين الفقه وال�سيا�سة لي�ست فقط مجرد‬ ‫في توا�ضعه؛ الذي يم ّثل توا�ضع العالم‪ ،‬لفقهه وعلمه؟ وكيف يمكن �أن يفتي على‬
‫ال�سيا�سي وجمهور ال ّنا�س‪ ،‬لأ ّنك‬ ‫ّ‬ ‫القائد‬ ‫ت��ك��ت��ي��ك‪ ،‬فال�سيا�سة م��واق��ف وق�ضايا‬ ‫حيث كنت �ألتقيه لأ�سمع �آراءه و�أ�ستر�شد م�ستوى ق�ضايا الأ ّمة �إذا لم يفهم طبيعة‬
‫�إذا تركت جمهور ال�� ّن��ا���س بعيدين عن‬ ‫وت��ح��دي��ات‪ ،‬وه���ذه ك ّلها ق�ضايا فقه ّية‬ ‫ال�صهيوني ودوره‪ ،‬ولم ي�أخذ منه‬ ‫ال�شخ�ص ّية الكيان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منه‪ ،‬فقد كان دافئ ًا في عالقته ّ‬
‫الخط ال�صحيح‪ ،‬فهذا يعني �أنك تركتهم‬ ‫و�إ�سالمية‪..‬‬ ‫ً‬
‫وفي تعامله مع الآخرين‪ ،‬حيث كان يمتاز موقفا يح ّرم االعتراف به والتطبيع معه؟‬
‫للفتنة ولالنق�سامات‪..‬‬ ‫فكيف يمكن �أن تكون حركة �إ�سالم ّية �أو �أن‬ ‫بالتّوا�ضع وال�صدق الذي ي�شعر بهما ك ّل كما فعل ال�س ّيد (ره)‪.‬‬
‫الحوار والعالقة مع الآخر‪:‬‬ ‫تكون عالم ًا ومفكر ًا �إ�سالمي ًا‪ ،‬وال تهمك‬ ‫من يلتقيه‪ ،‬وقد كنت �أ�شعر ب�أخالقياته النّموذج والقدوة‪:‬‬
‫�أما على م�ستوى الحوار والعالقة مع الآخر‪،‬‬ ‫وح���دة الم�سلمين‪ ،‬وت��ح��ري��ر فل�سطين‪،‬‬ ‫وعطفه الوا�سع‪ ،‬وفي الوقت نف�سه‪ ،‬كنت �إنّ ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل هو‬
‫فقد ك��ان يم�سك ب��الأه��م وي��ت��رك الأقل‬ ‫وتحرير الإرادة العربية والإ�سالمية من‬ ‫�أ�شعر بقيمته العلم ّية‪ ،‬وب�أهمية مواقفه ال ّنموذج الذي يجب �أن يحتذى به‪ ،‬والذي‬
‫�أهمية‪ ،‬وكان يم�سك بما يحدث اتفاق ًا‪،‬‬ ‫ال�سيطرة الخارجية‪ ،‬وال يهمك ا�ستنها�ض‬ ‫ّ‬ ‫ال�صلبة والتّوحيد ّية‪ ،‬وه��ذه ميزة نادرة يجب �أن يكون قدوة لبق ّية العلماء‪ ،‬وهو من‬
‫ويبتعد عما يمكن �أن يحدث ان�شقاق ًا‬ ‫ّ‬
‫الأ ّم��ة وق�ضايا الفقر والتّنمية والبيئة؟!‬ ‫بين العلماء‪��� ،‬س��واء ف��ي ع�صرنا �أو في ال ّنماذج ال ّنادرة‪ ،‬فالعظماء ال يتك ّررون‪،‬‬
‫واخ��ت�لاف�� ًا‪ ،‬وال�����س�� ّي��د(ر���ض) ك��ان رج ًال‬ ‫وقد كان لل�س ّيد في كل هذه الق�ضايا الباع‬ ‫الما�ضي‪ ،‬حيث �إنّ الكثير من العلماء ظنوا و�سيبقى �سماحته مدر�سة ي�صار �إلى‬
‫مبدئي ًا‪ ،‬وهو لم يكن يريد من الم�سيحي‬ ‫الطويل‪.‬‬ ‫�أنّ الفقه يعني الغو�ص في بطون الكتب التعلم منه واالقتداء به‪ ،‬ل�صناعة رجاالت‬
‫�أو الم�سلم �أن يغير مواقفه وقناعاته‪� ،‬إنما‬ ‫الق ّمة الوحدوية االولى في الأمة‪:‬‬ ‫الطريق‪ ،‬لأن الطريق لم ينته‪ ،‬ف�أمام‬ ‫الفقه ّية وال��درا���س��ات العلم ّية‪ ،‬في حين تكمل ّ‬
‫كان يريد منهم �أن يتفاهموا على ما هو‬ ‫�أم���ا ع��ل��ى م�ستوى ال��وح��دة الإ�سالمية‬ ‫ن���أوا ب�أنف�سهم عن الواقع وع��ن التّدخل الأ ّمة مرحلة طويلة من ال ّن�ضاالت والعمل‬
‫م�شترك بينهم‪ ،‬على م�ستوى الق�ضايا‬ ‫والتقريب بين المذاهب‪ ،‬فقد كان ال�س ّيد‬ ‫تهم والكفاح‪...‬‬
‫الكبرى‪ ،‬وقد تكون هذه الم�شتركات �أكثر‬ ‫ال�سيا�س ّية الكبرى التي ّ‬ ‫في الق�ضايا ّ‬
‫�أول قمة ف��ي ه��ذا ال��م��ج��ال‪ ،‬وال �أع��رف‬ ‫أ�سا�سي ينعك�س على لقد �ساعدت مواقف �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‬ ‫ّ‬ ‫�‬ ‫نق�ص‬ ‫الأم��ة‪ ،‬وهذا‬
‫بكثير من الق�ضايا الخالف ّية‪ ،‬فالمطلوب‬ ‫ال�سنة‪ ،‬من‬ ‫�أح��د ًا ممن التقيته من �أه��ل ّ‬ ‫فقههم‪ ،‬فالفقه الذي ال يدرك ما معنى وفتاويه على �أن ت� ّؤ�س�س لحالة المقاومة‪،‬‬
‫�إيجاد القوا�سم الم�شتركة للعي�ش والبناء‬ ‫ق��ال كلمة احتجاج واح��دة على مواقف‬ ‫التّحديات التي تواجه الأ ّم��ة في واقعها فقد كان دائم ًا مع المقاومة‪ ،‬وكان وجوده‬
‫والتّعاون على البر والتّقوى‪ ،‬و�إيجاد حياة‬ ‫ال�س ّيد و�أفكاره‪ ،‬والغريب �أ ّنك حين ت�سمع‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬وال ي�أخذ موقف ًا من ق�ضايا هام ًا جد ًا بالن�سبة �إلى المقاومة في لبنان‬
‫�أف�ضل للنا�س ك ّلهم‪ ،‬واالبتعاد عن العدوان‬ ‫ّ‬
‫الم�سيحي وت�سمع ال�����س��ن ّ��ي ‪ -‬ب��م��ن في‬ ‫الأم���ة ال��ك��ب��رى‪ ،‬مثل مقاومة االحتالل وفي فل�سطين‪ ،‬و�إلى ك ّل القوى التي قامت‬
‫والمظالم‪.‬‬ ‫ال�سني المت�شدّد‪ -‬وت�سمع الدرزي‬ ‫ذلك ّ‬ ‫ال�شعوب المظلومة‬ ‫والم�شروع ال�صهيوني ومقاومة التجزئة �ضد التّطبيع‪ ،‬و�إلى ك ّل ّ‬
‫*المن�سق العام للم�ؤتمر القومي الإ�سالمي‬ ‫والعلماني وال��ي�����س��اري‪ ،‬ت��رى �أنّ هناك‬ ‫والفتنة وغير ذلك من الق�ضايا‪ ،‬هو فقه التي ث��ارت �ضد اال�ستعباد واال�ستعمار‬
‫�إجماع ًا على احترام ال�س ّيد و�أخذ موقف‬ ‫ناق�ص ويعتريه خلل كبير‪ ،‬والفقيه لن و�ضد الظلم في ك ّل مكان‪ ،‬وقد كان �صوته‬
‫‪9‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫المرجع فضل الله‪:‬‬

‫الإن�سان والمو�سوعي‬
‫ال��م��اد ّي��ة وال��م��ع��ن��و ّي��ة‪� ،‬أي بالقلق على‬ ‫د‪.‬عدنان ال�سيد ح�سين*‬
‫الحا�ضر والم�صير‪.‬‬ ‫تع ّرفت �إىل العالمة املرجع ال�س ّيد حم ّمد ح�سني ف�ضل اهلل(ر�ض)‪ ،‬يف العام‬
‫بالمعنى الفل�سفي‪ُ ،‬يثبت �سماحته �أنه‬ ‫‪1999‬م‪ .‬وحر�صت على زيارته �شهر ّياً‪ ،‬و�أحياناً �أكرث من ذلك‪ ،‬بدافع الإفادة من‬
‫وال�سيا�سة‪.‬‬ ‫علمه‪ ،‬والأخذ ب�أفكاره يف الفكر ّ‬
‫وا�ض ٌح في منطلقه القائم على فكرة‪� :‬إنّ‬
‫الدّين لخدمة الإن�سان‪ ،‬ولي�س العك�س‪.‬‬ ‫المفكر والفقيه المجدّ د‪:‬‬ ‫�شهادات ومواقف‪:‬‬
‫الدّين لالرتقاء بالإن�سان‪ ،‬ولإغناء قدراته‬ ‫ف��ي ك��ل م��رة التقيته‪ ،‬كنت �أكت�شف في وقد عمل �سماحته طوال حياته من �أجل‬
‫وتمكين خياراته‪� ،‬إ ّن��م��ا دائ��م�� ًا في �إطار‬ ‫فكري‪ ،‬الإ���س�لام‪ ،‬الجامع للم�سلمين وللعالمين‬ ‫ّ‬ ‫�شخ�صه �أ�شياء جديدة‪ ،‬بع�ضها‬
‫�ضوابط ال�شريعة الإ�سالمية‪� ،‬أي �ضوابط‬ ‫قيمي‪ ،‬و�أحيان ًا عقيد ًة وفكر ًا وفقه ًا‪..‬‬ ‫أخالقي ـ ّ‬‫ّ‬ ‫وبع�ضها الآخر �‬
‫الحالل وال��ح��رام‪ .‬وق��د ظ�� ّل مدافع ًا عن‬ ‫وه���و ال��م��ج��دّد ف���ي ال��ف��ك��ر وال��ف��ق��ه‪� ،‬أو‬ ‫أدبي‪...‬‬
‫� ّ‬
‫الإن�سان في حياته وم�آله على الرغم من‬ ‫ّ‬
‫وكنت اح��ر���ص على ت�سليمه م��ا ي�صدر بعبار ٍة �أخرى‪� ،‬إنه امتدا ٌد لتيار الجامعة‬
‫ك ّل التّحديات‪.‬‬ ‫لي من م�ؤ ّلفات‪ ،‬معظمها في العالقات الإ�سالم ّية بقيادة �أعالمها (الأفغاني‬
‫ل��م ي��ت��ه��اون ف��ي ه���ذه ال�����ض��واب��ط‪ ،‬على‬ ‫وم��ح��م��د ع��ب��ده وال��ك��واك��ب��ي)‪ ،‬واتّ�صال‬ ‫ال�سيا�سي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدول ّية والفكر‬
‫الموجهة �إليه لل ّنيل من‬ ‫الرغم من التّهم ّ‬ ‫اهتم كثير ًا بكتاب «العالقات مع فكر المرجع الأعلى ال�س ّيد مح�سن‬ ‫�أذك��ر �أ ّن��ه ّ‬
‫الفكري‬ ‫ّ‬ ‫عزيمته‪ ،‬ولثنيه عن متابعة جهاده‬ ‫ّ‬
‫المنظر‬ ‫ال��دول�� ّي��ة ف��ي الإ���س�لام»‪ ،‬ووع��د بقراءته الأمين (العاملي)‪� ،‬إ ّنه الداعية‬
‫واالجتماعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫بتم ّعن‪ .‬وق��د �أف���دت ك��ث��ي��ر ًا م��ن كتابات لقواعد الدّعوة والدّعاة بعيد ًا من الغل ّو‬
‫هو عقالني بامتياز‪ ،‬في �إط��ار �ضوابط ال�س ّيد الإن�سان‪:‬‬ ‫�سماحته في هذا الم�ضمار‪ ،‬وخ�صو�ص ًا والتّط ّرف‪.‬‬
‫في ما يتع ّلق بالجهاد والمقاومة وحدود كيف ال يثور �سماحته‪ ،‬والحال هذه‪ ،‬على ال�شريعة‪ّ ،‬لقد اقترب من العرفانية دون ل��م ي��ر���ض��خ لل�ضغوط ال�سيا�س ّية التي‬
‫متفجرة بئر العبد‬ ‫ّ‬
‫ا���س��ت��خ��دام ال���ق��� ّوة‪ ،‬وت��و ّق��ف��ت م��ل�� ّي�� ًا عند ما �أ�صاب وي�صيب العرب والم�سلمين من �أن يتخ ّلى عن هذه ال�ضوابط‪ ،‬فدعا �إلى حاوطته‪ ،‬وم��ا ت��زال ّ‬
‫التي ا�ستهدفته في العام ‪ 1985‬دلي ًال على‬ ‫مح ّبة اهلل من خالل الدّعاء وال ّرجاء‪.‬‬ ‫جهل وجو ٍر وت�س ّل ٍط � ّ‬
‫أجنبي؟‬ ‫ٍ‬ ‫م�ضمون كتابه «الإ�سالم ومنطق الق ّوة»‪.‬‬
‫ال�ضغوط‪ ،‬التي اتخذت الحق ًا �أ�شكا ًال‬ ‫تلك ّ‬ ‫الحظت مرار ًا كيف �أن مواعيده مع ال ّنا�س وك���ي���ف ال ي���رع���ى م���ق���اوم���ة االح���ت�ل�ال‬
‫مختلفة‪.‬‬ ‫الجنوبي من‬
‫ّ‬ ‫اللبناني ـ‬
‫ّ‬ ‫متزاحمة‪ ،‬في الوقت الذي يحر�ص على الإ�سرائيلي‪ ،‬وهو‬
‫اعترفت المخابرات المركز ّية الأميرك ّية‬ ‫أم�س الحاجة‬ ‫ّ‬ ‫�‬ ‫في‬ ‫نحن‬ ‫حي بلدة عيناثا؟‬ ‫ال�ص ّ‬ ‫التوعك ّ‬ ‫تلبية هذه المواعيد رغم ّ‬
‫ب��ا���س��ت��ه��داف��ه‪ ،‬ف��ب��ق��ي م���ح���اور ًا للغرب‬ ‫الذي كان ي�صيبه‪� .‬س�ألته م ّر ًة �أن يخ ّفف قال لي في �أحد لقاءاته‪ :‬ماذا يبقى من ف��ي ع�ص��رنا ال ّراهن �إلى �س��مات‬
‫��ض��اري‪ ،‬بعيد ًا‬
‫م��ن منطلق �إن�����س��ان ّ��ي ح��� ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتع�صب واال�ستكبار‬ ‫ّ‬ ‫م��ن العن�صر ّية‬ ‫م��ن ال��ل��ق��اءات‪ ،‬ال �أن يلغيها‪ .‬و�أن يقلل الت�ش ّيع �إذا �أقلعنا عن الثورة؟ و�أ�ضاف‪� :‬شخ�ص�� ّيته الإن�س��انية المتم ّيزة‪،‬‬
‫من زياراته الأ�سبوعية �إلى مقام ال�س ّيدة نحن ث ّوار‪.‬‬
‫العالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫زينب في دم�شق‪� ،‬ض ّن ًا بعافيته وقدرته بيد �أن ث��ورة �سماحته ل��م تكن هوجاء‪ ،‬بعي��د ًا م��ن التكفي��ر وال�ش��تائم‬
‫ه��ذه بع�ض �سمات �سماحته ك�إن�سان‪،‬‬ ‫وال ّتحقي��ر‪ ،‬وبعي��د ًا م��ن الفتن��ة‬ ‫على العطاء‪� .‬أتى جوابه وا�ضح ًا‪�« :‬إ ّنني‬
‫وك��م��داف��ع ع��ن ح��ق��وق الإن�����س��ان‪ ،‬و�أ ّولها‬ ‫أحب محادثة ال ّنا�س وال ّلقاء بهم»‪.‬‬ ‫� ّ‬
‫كرامته ال�شخ�ص ّية‪ ،‬وث�� ّم��ة �إج��م��اع عند‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫المتن ّقلة في العالم ال‬
‫ن�شعر بفداحة غيابه‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫إن�سان‬ ‫�‬ ‫كان‬ ‫الكبير‪،‬‬ ‫جل‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫أنّ‬ ‫�‬ ‫أ�شهد‬ ‫�‬
‫عارفيه بدوره ال ّرائد في هذا الم�ضمار‪.‬‬ ‫قبل � ّأي موقف وبعد � ّأي م��وق��ف‪ ،‬مح ّب ًا‬
‫للطائف ّية والمذهب ّية‪ ،‬ف��ي وق���ت ت��ت��زاح��م ال � ّت��دخ�لات ت��ق��دي��ره ل�ل�إن�����س��ان ف��ي مجمل مجاالت هل يحتاج العرب والم�سلمون �إلى‬ ‫لل ّنا�س‪ ،‬راف�ض ًا ّ‬
‫الراهن؟‬ ‫ع�صرنا‬ ‫في‬ ‫مات‬ ‫ال�س‬ ‫هذه‬ ‫ال��خ��ارج� ّي��ة ف��ي الأم���ة العرب ّية الحياة؛ �إ ّنه الدّاعية �إلى تكري�س �إن�سان ّية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الإن�سان قو ًال وعم ًال‪ ،‬فكر ًا وتطبيق ًا‪.‬‬ ‫�شغوف ًا بالعلوم‪ ،‬متابع ًا ل�ل�آداب والفنون‬
‫أم�س الحاجة �إليها‪ ،‬بعيد ًا من‬ ‫نحن في � ّ‬
‫العقالني ف��ي الفقه‪ ،‬التكفير وال�شتائم والتّحقير‪ ،‬وبعيد ًا من‬ ‫ّ‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬بينما يم ّر لبنان اع��ت��م��اده المنهج‬ ‫ّ‬ ‫والعالم ال‬ ‫الراقية‪ ،‬وهو ال�شاعر المرموق‪.‬‬
‫إ�سالمي‬ ‫بعيدا م��ن ال��خ��راف��ات واال ّدع����اءات غير الفتنة المتن ّقلة في ديار العالم ال‬
‫ً‬ ‫كان مو�سوعي ًا بكل معنى الكلمة‪ ،‬و�أدركت في �أ�صعب الظروف‬
‫ّ‬ ‫المثبتة في التّاريخ‪ ،‬وغير الم�ؤ ّيدة بالعلم‬ ‫ذلك بالتجربة والبرهان‪ ،‬وكان يركز دائما‬
‫بدعم من دوائر‬ ‫تحت رعاية �صهيون ّية‪ٍ ،‬‬ ‫في حديثه على وح��دة الم�سلمين �س ّن ًة‬
‫غربية عن�صرية‪ ،‬وال نقول م��ن الغرب‬ ‫والمعرفة‪.‬‬
‫و�شيعة‪ ،‬ووح��دة لبنان ودور الم�سيحيين‬
‫فيه‪ ،‬وطالما �أو�صى بال�صبر والمتابعة‪ ،‬على رغ��م م��ا فيها م��ن ح���رارة الإيمان تركيزه على وح��دة الم�سلمين‪ ،‬عقيد ًة ك ّله‪.‬‬
‫ً‬
‫ونبل المقا�صد؛ ث��ورت��ه عقالن ّية‪ .‬كيف وحركة‪ ..‬لذلك‪ ،‬كان من طالئع الحركة غريب �أم��ر بع�ض الذين يدّعون اعتناق‬ ‫واالهتمام بالثقافة والحوار‪...‬‬
‫ّ‬
‫وق��د ك��ان الحزن كبيرا على غياب هذا ت�أتلف ال ّثورة مع العقالن ّية؟ هذا بع�ض الإ�سالم ّية الفاعلة في المجتمع‪� ،‬أي �أنه الإ���س�لام‪ ،‬وه��م يمعنون تخريب ًا لوحدة‬
‫ّ‬
‫خطر‬‫الرجل الكبير‪ ،‬و�شعرت بفداحة غيابه‪ ،‬نهج �سماحة المرجع ال�س ّيد مح ّمد ح�سين دخ��ل في تفا�صيل حياة النا�س‪ ،‬ف�أفتى �أوط��ان��ه��م‪ ،‬وم��ك��ان��ة �أ ّم��ت��ه��م �أم���ام ٍ‬
‫بدعم من قوى دول ّية‬ ‫واجتهد‪.‬‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ر�ضوان اهلل عليه‪.‬‬
‫إ�سرائيلي زاح ٍ��ف ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫�‬
‫ّ‬ ‫في وقت تتزاحم التّدخالت الخارج ّية في المنهج الوحدوي‪:‬‬
‫دع��وت��ه ال��دّائ��م��ة �إل���ى التخلي عما يثير كبرى!‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬بينما‬ ‫ّ‬ ‫الأم��ة العرب ّية والعالم ال‬
‫يم ّر لبنان في ظروف �صعبة على م�ستوى قلنا �إنّ �سماحته يقع في �صميم الت ّيار االن��ق�����س��ام��ات ف��ي المجتمع‪ ،‬ومقاربته ارج��ع��وا �إل���ى درا���س��ات �سماحة ال�س ّيد‬
‫إ�سالمي الم�ستنير الذي تج ّذر في ت ّيار لمفاهيم المواطنة والحداثة والع�صرنة ال��م��و���س��وع�� ّي��ة‪ ،‬ف��ك��ر ًا وف��ق��ه�� ًا و�سيا�س ًة‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫الدّولة والمجتمع‪.‬‬
‫واجتماع ًا‪ ،‬خذوا منها ما �شئتم �شريطة‬ ‫رحاب‬ ‫إلى‬ ‫�‬ ‫منطلقة‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫بمنهج‬ ‫حوة‪...‬‬ ‫وال�ص‬
‫ّ‬ ‫الجامعة الإ�سالم ّية‪ .‬ولذلك �أ�سباب عدّة‪:‬‬
‫االلتزام بجوهرها‪ ،‬قفوا عند حدود اهلل‬ ‫الإن�سان ّية‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬كان مريدوه من الم�سلمين ال�شيعة عم ًال بالحكمة الخالدة‪ :‬ر�أ���س الحكمة‬
‫كان �سماحته المجدّ د في الفكر والفقه‪ ،‬وعمل طوال حياته من �أجل وغير ال�شيعة ‪ ،‬ومن الم�سيحيين‪ ،‬و�أتباع مخافة اهلل‪.‬‬
‫*وزير الدولة اللبناني ال�سابق‬ ‫ال�� ّدي��ان��ات ال��وث��ن�� ّي��ة ال��ذي��ن يبحثون عن‬ ‫عقيدة وفكر ًا وفقه ًا‪..‬‬‫ً‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬الجامع للم�سلمين وللعالمين‬
‫ع�صر يموج بال�ضغوط‬ ‫ٍ‬ ‫قيمة الإن�سان في‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪10‬‬
‫المقاومة قوة والأمة وكرامتها‬

‫ف�ضل اهلل ال��خ ّ��ط ال�� ّث��ال��ث – المقاومة‬


‫المطلقة – داعي ًا �إلى قتال المحت ّل بك ّل‬
‫الو�سائل المتاحة‪.‬‬
‫�أجل عي�ش عزيز‪ ،‬وطريق ًا للنجاة من �أجل‬
‫�آخ��رة فيها ال��زاد الأ�سا�س وهو التقوى‪.‬‬
‫وه��ن��ا ك���ان ت��م�� ّي��ز ال�سيد ف��ي االت�صال‬
‫قواعد المقاومة‬
‫�����س���ؤال‪ :‬ل��م��اذا ل��م ين�شئ‬ ‫وه��ن��ا ي��ط��رح ال ّ‬ ‫بال ّنا�س‪ ،‬ما قاده �إلى اعتماد �سيا�سة الباب‬ ‫في فكر المرجع ف�ضل اهلل‬
‫ال�س ّيد تنظيم ًا م�س ّلحا للمقاومة ويكون‬
‫ً‬ ‫المفتوح �أمام ال ّنا�س‪ ،‬وخ�صو�ص ًا ال�شباب‪،‬‬
‫قائد ًا ميدان ّي ًا ع�سكري ًا؟ وال��ج��واب كما‬ ‫وهي ال�سيا�سة التي م ّيزت م�سيرته طيلة‬ ‫العميد �أمين حطيط *‬
‫نعتقد‪ ،‬ي��ع��ود �إل���ى ن��ظ��رت��ه �إل���ى موقعه‬ ‫حياته‪ ،‬وقد كان لهذه العالقة الحميمة‬ ‫مع االجتياح الإ�سرائيلي‪ ،‬دخل لبنان في الع�صر الإ�سرائيلي‪ ،‬وب��ات ميداناً‬
‫ومرجع ّيته ال��ع��ا ّم��ة‪ ،‬فقد ر�أى ف��ي ذاته‬ ‫ا ّلتي ربطته بال ّنا�س‪ ،‬الأثر الكبير ج ّد ًا في‬ ‫لإ�سرائيل تحكمه �أداة لبنانية �أوكل �إليها تنفيذ الم�شروع ال�صهيو�أميركي في‬
‫ق���در ًة على التوجيه والإر����ش���اد العام‪،‬‬ ‫الخارجي‪ّ ،‬‬
‫وتخطي‬ ‫ّ‬ ‫التّح�شيد باتجاه العد ّو‬ ‫لبنان‪ ،‬دون �أن توجد في المقابل جهة ق��ادرة على المواجهة والوقوف في وجهه‪ ،‬بعد‬
‫وممار�سة مها ّم ال تفر�ض عليه االنقطاع‬ ‫�����ص��ع��وب��ات وال��م��خ��اط��ر والتّهديدات‪،‬‬
‫ال ّ‬ ‫�أن ظهر عجز الجيو�ش التقليدية ووهن التنظيمات الع�سكرية القائمة‪ ،‬حيث �أخرجت‬
‫ع��ن الجماهير‪ ،‬وال تجعله محتكر ًا في‬ ‫عالقة اختبرت عند المواجهة الميدان ّية‪،‬‬ ‫المقاومة الفل�سطينية من بيروت �صيف عام ‪ ،1982‬وباتت ال�ساحة اللبنانية مفتوحة‬
‫تنظيمي‪ ،‬كما ال تلزمه‬ ‫ّ‬ ‫��زب �أو �إط���ار‬ ‫ح ٍ‬ ‫حيث �إن دع���وة ال�سيد للمقاومة كانت‬ ‫للغطر�سة الإ�سرائيلية‪.‬‬
‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫بكبح متابعاته الفقه َّية و�إنتاجه‬ ‫م�ستجاب ًة بال تردّد‪.‬‬ ‫�لا يمتلك م��ع العن�صر ال�� ّث��ان��ي لتغيير م��ا فيه من‬ ‫وم��ن البديهي ال��ق��ول ب���أن رج ً‬
‫ا ّل���ذي ي�ستفاد منه على �صعيد الحالة‬ ‫فكر ال�سيد ف�ضل اهلل ووعيه‪ ،‬كان ملزم ًا وه ٍ��ن‪ ،‬عبر جمع الكلمة و�إع��داد الذات‪،‬‬
‫العامة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ال�شاملة والإن�سان َّية‬ ‫الإ�سالم َّية َّ‬ ‫ك��ان��ت ال��م��ق��اوم��ة ل��دى‬ ‫ال�ضوء‬ ‫ب��االن��خ��راط ف��ي ال�ش�أن ال��ع��ام‪ ،‬والتقدم وجمع م�صادر ال��ق�� ّوة‪ ،‬وت�سليط ّ‬
‫لهذا ابتعد عن الأط��ر الحزب َّية ك ّلها من‬ ‫الحقيقي‪ .‬وهنا ركزّ‬‫ّ‬ ‫�إلى ال�صفوف الأولى للعاملين فيه‪ ،‬وهنا على م�صدر الخطر‬
‫�صالت‬ ‫ٍ‬ ‫حيث االن��خ��راط‪ ،‬وح��اف��ظ على‬ ‫ال�س ّيد(ره) خيار ًا عقالني ًا �إيماني ًا‪،‬‬ ‫كان ال ب ّد من �أن يطرح ال�س�ؤال الأ�سا�س‪� :‬سماحته ال ّنظر والتّفكير على م�صدر‬
‫معها من حيث العالقات وال ّن�صح‪.‬‬ ‫ارتقى به ليكون نهج ًا في ممار�سة‬ ‫كيف ن�سلك حيال ما يحيق بنا من ظلم؟ الخطر‪ ،‬مراقب ًا طبيعته وقدراته‪� ،‬ساعي ًا‬
‫نعم‪ ،‬لم يكن ال�س ّيد(ره) قائد ًا ع�سكر ّيا‪ً،‬‬ ‫هل ننتظر لتتغير الظروف ونكتفي اليوم �إل��ى تقديم ه��ذا الأم��ر في ذه��ن ال َّنا�س‬
‫ال�ش�أن العام‪ ،‬وقد و�ضع لها القواعد‬
‫بل كان مرجع ًا مر�شد ًا للمقاومة مدافع ًا‬ ‫بال�صالة وال��دع��اء‪� ،‬أم نطالب الأنظمة على �أ ّنه الخطر الأ�صل الواجب الت�صدّي‬
‫عنها‪ .‬لقد اختار ال�س ّيد �أن يكون مرجع ًا‬ ‫الأ�سا�س ّية التي تحكم عملها‬ ‫والحكام بتحمل الم�س�ؤولية‪� ،‬أم ننزل �إلى له من غير �إبطاء‪ ،‬والذي ينبغي مواجهته‬
‫فكر ّي ًا للمقاومة بك ّل تنظيماتها‪� ،‬سواء في‬ ‫ب�صراعات‬
‫ٍ‬ ‫الميدان ونخو�ض المواجهة رف�ض ًا للواقع بك ّل ما هو متاح‪ ،‬ودون التل ّهي‬
‫ذلك من انطلق منها من عقيد ٍة �إ�سالم ّية‬ ‫‪ -3‬ال��و��ض��وح ف��ي ال�م��وق��ف ف��ي مواجهة‬ ‫جانب ّي ٍة تجعل المواجهة �أ�صعب‪ ،‬لما فيه‬
‫ّ‬
‫الظلم‪:‬‬ ‫الظالم و�سعي ًا �إلى تغييره؟‬
‫منطلقات‬‫ٍ‬ ‫�أو من مار�سها انطالق ًا من‬ ‫للطاقات ت�ستفيد منها �إ�سرائيل من‬ ‫وقد ح�سم ال�س ّيد قراره‪ ،‬واعتمد المواجهة هدر ّ‬
‫فكر ّية وفل�سف ّية �أخرى‪ .‬وهنا كان انفتاحه‬ ‫لقد ر�أى ال�س ّيد �أنّ مواجهة الأخطار‬ ‫الظلم طريق غير مبا�شر ‪ .‬ولذا لم يكن غريب ًا‪،‬‬
‫ب�شكل عام‪ ،‬وخطر �إ�سرائيل ثم احتاللها‬ ‫ومقاومة واق��ع م��ر ّك��ب م��ن �صور ّ‬
‫على ك�� ّل المقاومات‪ ،‬و�إن ك��ان جمهوره‬ ‫وال��ع��دوان والحرمان‪ ،‬فكانت المقاومة وانطالق ًا مما تقدّم‪� ،‬أن يقول ال�س ّيد في‬
‫الغالب ف��ي ال��ب��داي��ة ج��م��ه��ور ًا �إ�سالمي ًا‬ ‫ال�شحن‬ ‫��ا���ص‪ ،‬تفتر�ض ّ‬ ‫للبنان ب��وج ٍ��ه خ ّ‬ ‫ل��دى ال�س ّيد خ��ي��ار ًا عقالني ًا �إيماني ًا‪ ،‬ال ّلفظ الأخير ال��ذي �سبق ا�ستيفاء اهلل‬
‫احت�شد حوله في الم�سجد‪ ،‬وعا�ش معه في‬ ‫المعنوي الم�ستم ّر‪ ،‬وت��وج��ب المالحقة‬ ‫ّ‬ ‫ارتقى به ليكون نهج ًا في ممار�سة ال�ش�أن لأمانته‪« :‬لن �أرتاح حتى تزول �إ�سرائيل»‪،‬‬
‫المجتمع والبيئة ال ّل�صيقة‪ ،‬لك ّنه بعد ذلك‪،‬‬ ‫لمراحل الخطر‪ .‬وكانت التعبئة هذه تقوم‬ ‫العام‪ ،‬وقد و�ضع لها القواعد الأ�سا�س ّية لأن �إ�سرائيل وفق ًا للقناعة التي ت�ش ّكلت‬
‫وب�سيا�سة القلب المفتوح والعقل المفتوح‬ ‫على عنا�صر �أ�سا�س ّية ثالث‪� :‬أ ّولها �إظهار‬ ‫التي تحكم عملها‪ ..‬فكيف كانت هذه لديه وعمل بوحيها وبنورها‪ ،‬هي الخطر‬
‫التي اعتمدها ودع��ا �إليها‪ ،‬ا�ستطاع �أن‬ ‫الخطر وتبيان خطورة ع��دم المواجهة‬ ‫الأ�سا�س‪ ،‬وال راحة �إن لم تزل ‪.‬‬
‫رعي‬‫ال�ش ّ‬ ‫لجهة تعاظمه‪ ،‬ثم �إبراز الواجب ّ‬ ‫القواعد؟‬
‫أطر غير �إ�سالم ّية من‬ ‫يقيم التوا�صل مع � ٍ‬ ‫بعد اعتماد العنوان الأ�سا�س لل�سلوك‪� -2 ،‬إع � � � � ��داد الإن� � ��� � �س � ��ان ال� � �ق � ��ادر على‬
‫المقاومات‪ ،‬بعد �أن ا�ستطاع �أن يفر�ض‬ ‫والأخ�لاق��ي ف��ي الت�صدّي والمواجهة‪،‬‬ ‫تداعت الأ�سئلة التي ال ب ّد منها عمل ّي ًا‪ ،‬المواجهة‪:‬‬
‫احترامه عليهم‪ ،‬ويتّخذ لديهم الموقع‬ ‫و�أخ��ي��ر ًا‪ ،‬التع ّهد ال��دّائ��م والم�ستم ّر من‬ ‫وت�����ص��دّى ال�����س��ي��د ل�ل�إج��اب��ات القاطعة لقد ر�أى ال�س ّيد �أن الجهل والحرمان‬
‫ا ّلذي يمكنه من �إطالق الكلمة والموقف‬ ‫خ�ل�ال ال��م��واق��ف ال��ي��وم�� ّي��ة وال�� ّل��ق��اءات‪،‬‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ف�ض ًال عن البعد‬ ‫ال�صريحة المت�سل�سلة المن�سجمة فيما والتناحر‬
‫لتبيان تط ّورات الموقف‪ ،‬و�إجراء التّوجيه‬ ‫ّ‬
‫وال ّر�أي الم�سموع‪.‬‬ ‫بينها‪ ،‬حتى ت�ش ّكلت لديه النظرية العامة ع��ن ال�� ّدي��ن ل��دى ال��� ّ��ش��ب��اب‪� ،‬آف���ات تهدد‬
‫وبهذا‪ ،‬لم يكن ال�سيد حكر ًا على فئ ٍة �أو‬ ‫خط ًا‬
‫المنا�سب‪ .‬وهنا ر�سم ال�س ّيد لخطابه ّ‬
‫حزب �أو جه ٍة مقاومة‪ ،‬رغم ما كان من‬ ‫ٍ‬ ‫تقطع فيه‪ ،‬وحفظ لنبرته‬ ‫متوا�ص ًال ال ّ‬ ‫في المقاومة المطلقة ا ّلتي �أر�ساها على‬
‫هدوء ال ّلفظ وو�ضوح الموقف البعيد عن‬ ‫كان ال�س ّيد(ره) مر�شد ًا‬ ‫الأركان التالية‪:‬‬
‫م��ح��اوالت للدّفع باتجاه ذل��ك‪ ،‬ب��ل كان‬
‫داعي ًة للمقاومة وب�أعلى و�أفعل �صورها‬ ‫ال�شبهة وااللتبا�س �أو حمل الألفاظ على‬ ‫ّ‬ ‫للمقاومة مدافع ًا عنها‪ ،‬واختار‬ ‫‪1‬ـ تحديد العد ّو‪:‬‬
‫الميدان ّية والع�سكر ّية ف�ض ًال عن المدنية‪.‬‬ ‫غير المق�صود م��ن المعاني‪ ،‬فقد كان‬ ‫لكل‬‫�أن يكون مرجع ًا فكر ّي ًا ّ‬ ‫الم�شروع‬ ‫�صنيعة‬ ‫ـ‬ ‫إ�سرائيل‬ ‫ر�أى ال�س ِّيد � َّأن �‬
‫�إ ّنها الدّعوة الدّائمة �إل��ى المواجهة من‬ ‫قاطع ًا بالقول بعدم م�شروع َّية �إ�سرائيل‬ ‫الغربي ا ّل��ذي �آل��ت قيادته �إل��ى �أميركا ـ‬ ‫ّ‬
‫ال�صلح معها �أو ال َتّنازل لها عن‬ ‫وحرمة ّ‬ ‫تنظيماتها‬ ‫ال�ش ّر والخطر ال َّرئي�س على‬ ‫هي م�صدر َّ‬
‫غير مهادنة للعد ّو‪ ،‬و�ضمن الممكن المتاح‬
‫من و�سائل المواجهة ا ّلتي يو�صى بت�أكيد‬ ‫�شبر من �أر�ض فل�سطين‪.‬‬ ‫� ّأي ٍ‬ ‫هذه ال َّأمة و�شعوبها وخيراتها‪ ،‬وبال َتّالي‪ ،‬المجتمع في بنيانه وقوته‪ ،‬و�أنها مداخل‬
‫تراكم ال��ق�� ّوة فيها‪ .‬وك��ان لموقفه الأثر‬ ‫‪ -4‬دعم المقاومة الع�سكر َّية الميدان َّية‬ ‫��درات قد ي�ستعملها العد ّو للنفاذ �إلى الداخل من‬ ‫ف���� َّإن �إ�سرائيل‪ ،‬بما تمتلك م��ن ق ٍ‬
‫والفاعلية على �صعيد ال�سيا�سة المحل ّية‬ ‫في مواجهة المحت ّل الإ�سرائيلي‪:‬‬ ‫بال�شعب‪ ،‬من غير‬ ‫ذات�� َّي�� ٍة �أو دع ٍ��م وم�ساعدة‪� ،‬ستبقى في �أجل الفتك الممنهج َّ‬
‫والخارج ّية‪ ،‬حيث كان بحقّ مدافع ًا عن‬ ‫إ�سرائيلي للبنان �سنة‬
‫ّ‬ ‫فر�ض االحتالل ال‬ ‫ا�ستراتيجي على المحيط‪ ،‬بما حاج ٍة �إلى ا�ستعمال الق َّوات الم�سلحة‪ ،‬من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت��ف�� ّوقٍ‬
‫المقاومة بموقعه وفكره ومواقفه‪ ،‬وكان‬ ‫‪ 1982‬واقع ًا قا�سي ًا �صعبت فيه الخيارات‬ ‫يم ّكنها من المحافظة على ما تقتن�صه �أجل ذلك التزم مبد�أ «التوعية االجتماعية‬
‫للمقاومة و�سالحها ال ّن�صيب الأوف��ر في‬ ‫ال�سلوك والتّعاطي معه كما ذكرنا‪ ،‬وقد‬ ‫في ّ‬ ‫العقائدي»‪ ،‬على �أ�سا�س الإ�سالم‬ ‫ّ‬ ‫من م�صالح ومكا�سب وق��درة على ق�ضم والبناء‬
‫�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫مو�ضوع‬ ‫�أي لقاء �أو حوار يعقده في‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫برزت تيارات متعدّدة حول هذا ال�ش�أن‪،‬‬ ‫المزيد منها‪ ،‬و� َّإن �إ�سرائيل هذه ت�ستفيد ال��م��ي ّ�����س��ر وال��ع��ق��ي��دة ال ّ‬
‫�����ص��ل��ب��ة والأخ����� ّوة‬
‫ٍ‬
‫مع �شخ�ص ّي ٍة مح ّل ّي ٍة �أو �أجنب ّية‪.‬‬ ‫منها م��ن يدعو �إل��ى ال َتّ�سليم بالواقع‪،‬‬ ‫وال�ضعف والت�شتّت التي االجتماع ّية‪ .‬وكان اعتماده لهذا المبد�أ‬ ‫من حال الوهن َّ‬
‫‪ -5‬ال� � � � ّدع � � ��وة �إل � � � ��ى ال � � ّت � �ك� ��ام� ��ل بين‬ ‫ومنها من يعتمد مقولة المقاومة المدن َّية‬ ‫من �أج��ل ت�شكيل راف��د رئي�س من راوفد‬ ‫وجهين؛‬ ‫على‬ ‫تها‬ ‫و‬
‫ّ‬ ‫ق‬ ‫تعانيها الأ ّمة‪ ،‬فتكون‬
‫المقاومات‪:‬‬ ‫ال�شاملة‪ ،‬القائمة على مقاطعة العد ّو‪ ،‬مع‬ ‫َّ‬ ‫ق ّوة قائمة بما تملك‪ ،‬وهو عن�صر الق ّوة التيار المعروف «ب��الإ���س�لام الحركي»‪،‬‬
‫كان لل�س ّيد موقف حا�سم في دعم كل‬ ‫تج ّنب � ّأي عالقة معه دون ال�� ّدخ��ول في‬ ‫الإي��ج��اب ّ��ي ف��ي ال���� ّذات‪ ،‬وق��� ّوة ناتجة من ال����ذي ي��ن��ط��ل��ق م���ن ال��م�����س��ج��د ليح ّرك‬
‫المقاومات للم�شروع الغربي االحتاللي‪،‬‬ ‫مواجه ٍة ع�سكر ّي ٍة ميدان ّية‪ ،‬وت ّيار ثالث‬ ‫�ضعف الآخر‪ ،‬وهي ق ّوة قائمة في العن�صر الميدان لما فيه خير ال ّنا�س‪ ،‬وال يكون‬
‫مهما كانت منطلقاتها العقائد ّية‪.‬‬ ‫يدعو �إلى المقاومة بك ّل ما هو متاح من‬ ‫ال�سلبي عند الآخ��ر‪ .‬و�إذا ك��ان العن�صر حبي�س ًا في الم�سجد م�ستقي ًال من هموم‬ ‫ّ‬
‫* كاتب ومحلل ا�ستراتيجي‬ ‫و�سائل‪ ،‬واال�ستفادة من ك ّل م�صادر الق ّوة‬ ‫النا�س‪ .‬الإ�سالم الذي يعتمده ال�شباب –‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتحكم‬ ‫أثير‬ ‫�‬ ‫ّ‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫القدرة‬ ‫خارج‬ ‫الأول‬
‫الممكنة‪ .‬وقد اعتمد ال�س ّيد محمد ح�سين‬ ‫به‪ ،‬ف��انّ العمل المجدي يكون بالتّعامل طاقة الأ ّم��ة ‪� -‬أ�سلوب ًا للحياة والعمل من‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫مقابلة‬

‫في منهج المرجع ف�ضل اهلل‬ ‫الواقع ّية ال ّر�سال ّية‬


‫ولي�ست ميز ًة �إ�سالم ّي ًة يمكن للم�سلمين‬
‫�أن يقتدوا بها في حياتهم العا ّمة للتد ّرج‬ ‫ال�شيخ ح�سين علي الم�صطفى*‬
‫في مدارج الكمال‪.‬‬ ‫يف �صب ��اح ي ��وم الأح ��د ‪ 22‬رجب ‪1431‬هـ‪ /‬املواف ��ق ‪2010-7 -4‬م‪ ،‬فقدت ال ّأمت ��ان العرب ّية والإ�سالم ّي ��ة‪ ،‬الإمام املجدّد‬
‫وقد �شارك هذا االتجاه في تركيز العالقة‬ ‫الديني الكبري‪ ،‬املجاهد ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬عن عم ٍر يناهز اخلم�سة و�سبعني عاماً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واملرجع‬
‫ب��ي��ن الأن��ب��ي��اء و�أت��ب��اع��ه��م ع��ل��ى �أ�سا�س‬ ‫ال�ساحة الإ�سالم ّية �أن ت�ستنري من حركة اجتهاده امل�ستنري وجهاده الكبري الذي‬ ‫وفق ��دت مبوت ��ه علماً طاملا تع ّودت ّ‬
‫الروحي‬ ‫�شخ�صي‪ ،‬م��ا جعل التّقدي�س‬ ‫ال�ساحة وحتدّياتها وك ّل �سلب ّياتها‪..‬‬
‫�سخره يف �سبيل �إعالء كلمة اهلل؛ ليتح ّمل �أخطار ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتّجه �إلى الأ�شخا�ص �أكثر م ّما يتجه �إلى‬
‫ال ّر�سالة «‪.‬‬ ‫اال�ستفهام‪ ،‬باعتبار �أنّ الوحي كان ينطلق‬ ‫والواقع ال ّر�سالي بال ّن�سبة �إلى ال�سيد ف�ضل‬ ‫الفكري‪:‬‬ ‫ال ّت�أ�سي�س للمنهج‬
‫الر�سال َّية هي الأ�سا�س‪:‬‬ ‫ّ‬
‫القيمة ّ‬ ‫من الفكرة العا ّمة على م�ستوى النظر ّية‪،‬‬ ‫اهلل(ره) هو‪ :‬الو�سط الذي يتفاعل معه‬ ‫ول��ق��د ح���دد ال��م��رج��ع ال��م��ج ِ��دّد ال�س ِّيد‬
‫وع��ن��دم��ا ي���ت����أ ّم���ل(ره) ت��ج��رب��ة الإم����ام‬ ‫ومن حركة التّجربة الواقع ّية على م�ستوى‬ ‫بحيث ي�أخذ منه ويعطيه‪ .‬فلم يكن(ره)‬ ‫مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره) من خالل‬
‫�ص‬ ‫علي(ع)‪ ،‬ف�إ ّنه يت�أ ّملها من حيث ال ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّطبيق‪ ،‬فكان ال ّنا�س يرون النبي(�ص)‬ ‫ي�أخذ في معالجاته الفكر ّية والمعرف ّية‬ ‫الفكري والم�شروع‬ ‫ّ‬ ‫كتبه معالم المنهج‬
‫وال��واق��ع �أي�ض ًا‪ .‬وال تغيب ه��ذه الواقع ّية‬ ‫ف��ي م�ضمون الآي����ات‪ ،‬وي��ح�� ّدق��ون ب��ه في‬ ‫ال��� ّ��ش��ك��ل ال��ت��ج��ري ّ‬
‫��دي ال��ح��ال��م كطريقة‬ ‫الح�ضاري ل�ل�إ���س�لام‪ ،‬كما ي��راه ال�س ّيد‬ ‫ّ‬
‫ال ّر�سال ّية في تناوله بالدرا�سة والتّحليل‬ ‫ح��رك��ة ال��واق��ع‪ ،‬ف��ي��ج��دون وح���دة ّ‬
‫الخط‬ ‫بع�ض المف ّكرين والفال�سفة‪ ،‬ب��ل كان‬ ‫ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫�أدوار �أئمة �أه��ل البيت(ع)؛ بل وفي ك ّل‬ ‫الواقعي‬
‫ّ‬ ‫إن�ساني‬
‫الفكري مع التّج�سيد ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫واقع ّي ًا ومو�ضوع ّي ًا في المعالجة والفهم‬ ‫ولم يكن هَ ُّم ال�س ّيد ف�ضل اهلل في ما كتب‬
‫درا�ساته للتّاريخ الإ���س�لام ّ��ي و�أحداثه‪.‬‬ ‫العملي مع ال ّنا�س؛ لأ ّنه لي�س‬ ‫ّ‬ ‫وفي �سلوكه‬ ‫والتّ�صور‪.‬‬ ‫الفكري‪ ،‬بل ك��ان ه َّمه و�ضع‬ ‫ّ‬ ‫هو التّرف‬
‫وفي ندوة قر�آنية م�ؤ ّرخة بتاريخ (الثالثاء‬ ‫ال�صورة ال ّنبو ّية‬
‫ّ‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫الطبيعي‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫ولم تختلف هذه ال ّر�ؤية الواقع ّية حتى في‬ ‫والح�ضاري‬
‫ّ‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫َل�� ِب�� َن��ات ف��ي البناء‬
‫‪2005/3/15‬م) قال(ره)‪:‬‬ ‫إ�سالمي في تلك المرحلة‬ ‫ّ‬ ‫في الوجدان ال‬ ‫ل�ل�أ ّم��ة؛ م��ا جعل تلك الم�ؤ ّلفات بمثابة‬
‫«ال��ف��ك��رة الأ���س��ا���س�� ّي��ة ه���ي ف���ي القيمة‬ ‫‪ -‬التي ت� ّؤ�س�س للمراحل القادمة ‪ -‬بعيدة‬ ‫الفكري لل�س ّيد ف�ضل اهلل؛ فقد‬ ‫ّ‬ ‫المدماك‬
‫ال ّر�سال ّية التي يمتلكها الإن�سان بعيد ًا عن‬ ‫ل����م ي���ك���ن ���س��م��اح��ة‬
‫ال�صورة الواقع ّية‪.‬‬
‫عن ّ‬ ‫�أت��ت متن ّوع ًة لت�شمل ما ي�شغل الأ ّم��ة في‬
‫االعتبارات الماد ّية وال َّن َ�سب ّية‪ ،‬و�إ ّنما من‬ ‫المو�ضوعي لدرا�سة التاريخ‪:‬‬ ‫النّقد‬ ‫ال�����س� ّي��د(ره) ي��أخ��ذ في‬ ‫الدّاخل والخارج‪ ،‬حا�ضر ًا وم�ستقب ًال‪.‬‬
‫علم ومن روحي ٍة ومن‬ ‫ّ‬
‫خالل ما يملكه من ٍ‬ ‫وك��ان(ره) ينتقد َم��نْ تناول في درا�سته‬ ‫معالجاته الفكر ّية والمعرف ّية‬ ‫وتو ّزعت �إ�سهاماته الفكر ّية على العديد‬
‫�أخالقية وما �إلى ذلك‪.‬‬ ‫ك�شخ�ص ال كر�سال ٍة؛‬‫ٍ‬ ‫تاريخ ال ّر�سول(�ص)‬ ‫من �أبواب المعرفة‪ ،‬وكان له فيها �إ�ضافات‬
‫�أي�ض ًا بالن�سبة �إل��ى م�س�ألة الن َ�سب‪ ،‬فهو‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ال�شكل التّجريديّ الحالم‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬
‫(ال�سيرة النبو ّية‪� :‬إ�شكال ّية‬‫وتحت عنوان ّ‬ ‫ومبادرات‪ ،‬ا�ستطاع �أن يفتح من خاللها‬
‫لي�س الإن�����س��ان‪ ،‬ب��ل ه��و م��ا ينتمي �إليه‬ ‫ال ّن�ص ومنهج الدّرا�سة) يقول(ره)‪:‬‬ ‫ك��ان واق��ع� ّي� ًا ومو�ضوع ّي ًا في‬ ‫�أبواب ًا جديدة؛ فهم ًا و�صياغ ًة ومراجع ًة‪،‬‬
‫الإن�سان بلحاظ ال ّنا�س الآخرين‪� ،‬إنّ �أباك‬ ‫تقريري جامد‪،‬‬‫ّ‬ ‫«�إ ّننا ندر�س التّاريخ ب�شكل‬ ‫وال�س�ؤال‬
‫لي�س �أنت‪ ،‬عندما يكون �أبوك كبير ًا ف�إنّ‬ ‫المعالجة والفهم وال ّت�صور‬ ‫وح���اول(ره) �أن يثير االهتمام ّ‬
‫ذلك ال يك ّبرك‪� ،‬أو عندما يكون �صغيراً‬ ‫عن المتوارث والمنقول‪ ،‬و�أن ي�ؤ ّكد �ضرورة‬
‫كان �سماحة المرجع‬ ‫تف�سيره الق ّيم للقر�آن الكريم «من وحي‬ ‫تقييم ك ّل ذلك بميزان العقل‪.‬‬
‫ف���إنّ ذلك ال ي�ص ّغرك‪ ،‬ف�أنت تنتمي �إليه‬ ‫لقد ك��ان المرجع الكبير ال�س ّيد مح ّمد‬
‫من خالل �أنّ ج�سدك ينتمي �إلى ج�سده‪،‬‬ ‫ً‬ ‫القر�آن»‪ ،‬وهو ‪-‬كما يقول الخبير القر�آني‬
‫مدر�سة‬ ‫ف�ضل اهلل(ره)‬ ‫ال�����ش��ي��خ م��ح�� ّم��د ه����ادي م���ع���رف���ة(ره)‪:-‬‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل(ره) مدر�س ًة متميز ًة‬
‫�أما �أنت‪ ،‬فل�ست هو وهو لي�س �أنت‪.‬‬ ‫متم ّي ً‬ ‫حاولت �أن ت�شقّ لها طريق ًا مغاير ًا خارج‬
‫علي(ع) يتحدّث عن‬ ‫ّ‬
‫ت�شق لها‬ ‫زة حاولت �أن‬ ‫اجتماعي �شامل‪ ،‬ويع ّد‬
‫ّ‬ ‫��وي‬
‫«تف�سير ت��رب ّ‬
‫ولذلك‪ ،‬كان الإمام ّ‬ ‫الم�ألوف‪ ،‬ولم يكن ذلك �أمر ًا ي�سير ًا‪ ،‬بل‬
‫ولي‬ ‫ّ‬ ‫إنّ‬ ‫�‬ ‫«‬ ‫فيقول‪:‬‬ ‫بالنبي(�ص)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫القربى‬ ‫طريق ًا مغاير ًا خارج الم�ألوف‪،‬‬ ‫من �أروع التّفا�سير الجامعة‪ ،‬ال ّنابعة من‬
‫روح حرك ّي ٍة ناب�ض ٍة بالحيو ّية الإ�سالم ّية‬ ‫ٍ‬ ‫واج��ه حمالت م�ضادّة‪ ،‬ومعارك امتدت‬
‫مح ّمد من �أطاع اهلل و�إن ب ُعدت لحمته ‪-‬‬ ‫م���ا ج��ع��ل��ه ي���واج���ه ح��م�لات‬ ‫�إلى �أكثر من �ساحة لمج ّرد ر�أي �أو �إثارة‬
‫�أي ب ُعد ن�سبه ‪ -‬و�إن عد َّو مح ّمد من ع�صى‬ ‫العريقة‪ ،‬انطلق فيه الم�ؤ ّلف في �إحياء‬
‫م�ضادّ ة ومعارك امتدّ ت �إلى‬ ‫ال��ج�� ِّو ال��ق��ر�آن ّ��ي ف��ي ك�� ّل م��ج��االت الحياة‬ ‫�س�ؤال في حدث ما‪.‬‬
‫اهلل و�إن ق��رب��ت ق��راب��ت��ه»‪ ،‬ث��م ت�لا قوله‬ ‫الر�سال ّية‪:‬‬
‫تعالى‪�} :‬إنّ �أولى ال ّنا�س ب�إبراهيم ل ّلذين‬ ‫�أكثر من �ساحة‬ ‫الماد ّية والمعنو ّية»‪ ..‬هذا على م�ستوى‬ ‫الواقع ّية ّ‬
‫تعامله مع القر�آن‪ ،‬تف�سير ًا وحرك ًة ودعو ًة‬ ‫الواقع ّية ل��غ�� ًة‪ :‬لفظ م�شتقّ م��ن الواقع‪،‬‬
‫اتّ��ب��ع��وه{(�آل ع��م��ران‪ ،)68 :‬ال �أوالده‪،‬‬ ‫ال�شيء كما هو‪،‬‬ ‫والواقع نعني به‪ :‬حقيقة ّ‬
‫فن�سبك لي�س �أنت‪ ،‬مالك لي�س �أنت‪� ،‬إنما‬ ‫الق�صة من خالل ا�ستيحاء قدا�سة‬ ‫ينقل ّ‬ ‫وحوار ًا‪.‬‬
‫ال ّر�سول ال قدا�سة ال ّر�سالة‪� ،‬أو بالأحرى‬ ‫وك��ذل��ك ه��و ال��ح��ال على م�ستوى تعامله‬ ‫كحقيقة الإن�سان ‪-‬مث ًال‪� ،-‬أو هو ظرفٌ‬
‫�أنت عقلك‪ ،‬قيمتك‪.‬‬ ‫محيط اجتماع ّي ًا وفكر ّي ًا بالإن�سان �أو‬
‫كل‬‫ول��ذا يقول الإم���ام ع��ل��ي(ع)‪« :‬قيمة ِّ‬ ‫م��ن خ�لال �شخ�ص ّية �صاحب الدّعوة‪،‬‬ ‫مع قراءته ل�شخ�ص َّية ال َّر�سول(�ص) في‬
‫دون ال��ت��ف��ات �إل���ى ح��رك��ة ال�� ّر���س��ال��ة في‬ ‫خط ر�سالته‪ ،‬حيث ال مجال لمعرفته �إال‬ ‫ِّ‬ ‫المجتمع �أو ال��دّول��ة �أو الموقف وم��ا �إلى‬
‫امرئٍ ما يح�سنه»‪ .‬قل لي ما هو علمك؟‬ ‫ذل���ك‪� ،‬أي ���س��واء ك��ان��ت ه���ذه الحقيقة‬
‫ما هي خبرتك؟ ما هي �إمكاناتك العقل ّية‬ ‫حركته و�شخ�ص ّيته؛ ومن هذا المنطلق‪،‬‬ ‫من خالل ما يوحي به اهلل في كتابه‪ ،‬وما‬
‫تبد�أ درا�سة تاريخ ال ّر�سول(�ص) ك�سير ٍة‬ ‫يلهمه �أو يب ّينه لر�سوله الذي يع ّبر عنه في‬ ‫مو�ضوع ًا خ��ارج�� ّي�� ًا �أو ذات�� ّي�� ًا ذا عالقة‬
‫والفكر ّية؟ �أقل لك ما هي قيمتك‪ ،‬خالف ًا‬ ‫بملكات الإن�سان وطبيعته الوجود ّية‪.‬‬
‫لما هو موجود عند ال ّنا�س‪ ،‬الذين يقدّرون‬ ‫ذاتي ٍة للرجل ال لل ّر�سول‪ ،‬ت�صل �إل��ى ح ّد‬ ‫�س ّنته‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ال ب ّد للم�سلمين من �أن‬
‫تم ّثل فيه ال ّر�سالة ع��ن طريق العر�ض‬ ‫ي�ستغرقوا في درا�سة ه��ذه الق�ض ّية من‬ ‫ونحن هنا ال نريد �أن نخو�ض في درا�سة‬
‫الإن�سان بما يملكه من مال‪ .‬كال‪ ،‬فمالك‬ ‫حقائق الأ�شياء‪ ،‬فالمجال ال يتّ�سع لها‪،‬‬
‫لي�س �أنت‪ .‬لذلك ر ّكز الإ�سالم على القيمة‬ ‫الخا�صة‪� ،‬أ ّما‬
‫ّ‬ ‫حدث ًا من �أح��داث حياته‬ ‫خالل القر�آن في ظواهره‪ ،‬من حيث يريد‬
‫�أخ�لاق��ه و�أ�ساليبه ف��ي العمل‪ ،‬فهي من‬ ‫اهلل لل ّنا�س �أن يفهموه ويعتقدوه ويعي�شوه‪،‬‬ ‫بل نقت�صر في كلمتنا هذه على الواقع ّية‬
‫الأخالق ّية والروح ّية‪ ،‬والإمكانات العقل ّية‪،‬‬ ‫بمعناها االج��ت��م��اع��ي‪ ،‬وه���ي المحيط‬
‫وال ّن�شاطات التي يبذلها الإن�����س��ان من‬ ‫مم ّيزاته الفريدة ا ّلتي ال يمكن لأحدٍ �أن‬ ‫وال �س ّيما في عهد ال ّر�سالة الأ ّول؛ حيث‬
‫يبلغ �ش�أوها �أو يقترب من م�ستواها‪ ،‬فلذا‬ ‫ك���ان ال��ن��ب ّ��ي(���ص) ي��ع��ي�����ش م���ع �أتباعه‬ ‫والظروف االجتماع ّية والثقاف ّية في �إطار‬ ‫ّ‬
‫ليفجرها في‬ ‫داخ��ل ما يملكه من طاقة ّ‬ ‫الزّمان والمكان‪.‬‬
‫ال ّنا�س الآخرين‪ ،‬ولذا ف�إنّ اهلل �سبحانه‬ ‫ال مجال لدى هذا االتجاه لالحتجاج على‬ ‫(الم�سلمين) وخ�صومه (الم�شركين)‬
‫النبي و�أعماله‪،‬‬
‫ت� ّأ�سي الم�سلمين ب�أخالق ّ‬ ‫في �آنٍ واحد‪ ،‬الأمر الذي كان يثير الكثير‬ ‫وكثير ًا م��ا ت�صبح الواقع ّية ‪ -‬بمعناها‬
‫وت��ع��ال��ى ق���ال‪َّ �} :‬إن �أك��رم��ك��م ع��ن��د اهلل‬ ‫االج��ت��م��اع ّ��ي ‪� -‬أث��ن��اء االن��ح�����س��ارات �أو‬
‫�أتقاكم{(الحجرات‪.)13 :‬‬ ‫ل َّأن تلك المم ّيزات من خ�صائ�صه ال ّذات ّية‬ ‫م��ن ال��م�����ش��اك��ل وال��ت��ع��ق��ي��دات وعالمات‬
‫الإحباطات االجتماع ّية والثقاف ّية لفظة‬
‫( للبحث �صلة)‬ ‫دعائية والفتة تمويه‪ ،‬يحملها المت�صدّون‬
‫*وكيل المرجع ف�ضل اهلل(ره) في‬ ‫كان ال�س ّيد(ره) يرى �أنّ قيمة الإن�سان هي في القيمة ال ّر�سال ّية التي‬
‫ال��ذي��ن ي�� ّدع��ون �أنّ �آراءه����م ومناهجهم‬
‫القطيف‬ ‫يمتلكها بعيد ًا عن االعتبارات الماد ّية وال ّن َ�سب ّية‬ ‫قريبة من الواقع‪ ،‬بل من �صلب الواقع‪،‬‬
‫بينما يتهمون الآخر ب�أنه بعيد عن الواقع‪.‬‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪12‬‬
‫قدّ موا خط �أهل البيت (ع) الى العالم بطريقة ح�ضارية‬

‫في ر�ؤى وتط ّلعات المرجع ف�ضل اهلل‬ ‫المنبر الح�سيني‬


‫ر�سم اهلل تعالى معالمها حين بعث نب ّيه‬ ‫ج��رى على �أر���ض ك��رب�لاء‪ ،‬وت�ستثير من‬
‫خاللها ال�ضغائن‪ ،‬فقال‪�« :‬إننا ن�ستطيع �أن‬ ‫ال�شيخ علي ح�سن غلوم علي*‬
‫الأك��رم(���ص)‪ ،‬وحين �أن��زل معه القر�آن‬ ‫كان ��ت حرك ��ة املرجع الراح ��ل العالمة ال�س ّيد حم ّمد ح�س�ي�ن ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫الكريم نور ًا مبين ًا‪ ،‬ك ّل ذلك بهدف �إخراج‬ ‫ن�ستوحي من هذا �أننا ال نح ّمل ال�شيعة وزر‬ ‫املنطلق ��ة م ��ن �إح�سا�سه العميق بامل�س�ؤول ّية الكبرية امللقاة عل ��ى عاتق ك ّل م�سلم يعي�ش‬
‫النا�س من ظلمات الواقع الذي يعي�شونه‪،‬‬ ‫بع�ض ال�سلبيات التي عا�شت في خالف‬ ‫حتدي ��ات ه ��ذا الزم ��ان يف �أبعادها املختلف ��ة‪ ،‬ويف �شدّة متغيرّ اتها وتن� � ّوع �صورها وعمق‬
‫�إلى نور الحياة التي يتزودون من خاللها‬ ‫ال�سنة وال�شيعة في الما�ضي‪� ،‬أو نح ّمل‬ ‫مرتكزاتها‪...‬‬
‫للحياة الآخرة‪ ،‬ويقتب�سون من نورها نور ًا‬ ‫ال�س ّنة ال��م��وج��ودي��ن خ�لاف��ات م��ا جرى‬
‫في ظلمات الآخرة‪.‬‬ ‫على ال�شيعة �سلبي ًا من ال�سابقين‪ ،‬بل �إنّ‬ ‫حركة متعددة الأبعاد‪:‬‬
‫ول���ذا ك��ان حب�س الإ���س�لام ف��ي تعاليمه‬ ‫ال�شيعة وال�سنة الآن يعي�شون ع�صر ًا واحداً‬ ‫وقد كانت هذه الحركة‪ ،‬تقع على عاتقه‬
‫و�شرائعه في غياهب الما�ضي‪ ،‬واال�ستغراق‬ ‫ومرحل ًة واحدة‪ ،‬وتبقى هناك وجهات نظر‬ ‫هو على وجه ال ّتحديد‪ ،‬من خالل الموقع ـ‬
‫فقط في مفردات التاريخ والأبعاد النظرية‬ ‫في فهم الإ�سالم‪� ،‬أو في حرك ّية الإ�سالم‪،‬‬ ‫ا ّلذي كان ي�شعر وي�صرّح في �أكثر من مرة‬
‫المج ّردة والترف ال ّثقافي‪ ،‬واحد ًا من �أكبر‬ ‫�أو في تقدي�س هذا وتقدي�س ذاك‪ ،‬تبقى‬ ‫ـ ب�أ ّنه يط ّل من خالله على ك ّل الواقع في‬
‫الأخطاء التي قد ُيقدم عليها القائمون‬ ‫هذه وجهات نظر يمكن �أن نتحاور حولها‪،‬‬ ‫العالم‪ ،‬باعتباره الم�س�ؤول عن ك ّل الحالة‬
‫إر�شادي‪� ،‬أي ًا كان‬
‫ّ‬ ‫التبليغي وال‬
‫ّ‬ ‫على ال�ش�أن‬ ‫�أم��ا المعطيات التاريخ ّية‪ ،‬فهي لي�ست‬ ‫الإ���س�لام�� ّي��ة‪ ..‬كانت حركته ذات �أبعاد‬
‫عنوانهم �أو موقعهم‪ ،‬و���س��واء �أك���ان من‬ ‫م�س�ؤولياتنا‪ ،‬وال يجوز �أن نترا�شق مع‬ ‫متع ّددة على الم�ستوى الفكريّ والرّوح ّي‬
‫خالل المنبر الح�سيني �أم غيره‪ .‬ومن هنا‬ ‫بع�ضنا البع�ض على هذا الأ�سا�س»‪.‬‬ ‫��س��ي وال�� ّث��ق��اف�� ّي واالجتماع ّي‬
‫وال�����س��ي��ا� ّ‬
‫كان �إ�صرار ال�س ّيد على �أن تكون مجال�س‬ ‫�ضرورة النقد البنّاء‪:‬‬ ‫وال ّتربويّ ‪.‬‬
‫الح�سيني ف��ي مقدمة الو�سائل‬ ‫ّ‬ ‫ال��ع��زاء‬ ‫ال�شرقي �أن‬ ‫يبدو � َّأن من طبيعة الإن�سان َّ‬ ‫ومن هنا كان للخطاب الإعالمي المتعلقّ‬
‫لربط التعاليم الإ�سالمية بالواقع‪ ،‬و�إن‬ ‫يفرط في الح�سا�س ّية من ال ّنقد‪� ،‬إ�ضاف ًة‬ ‫بال ّنه�ضة الح�سينيّة في فكره ح ّي ٌز وا�سع‪،‬‬
‫عار�ض ذلك �أ�صحاب الر�أي الآخر الذين‬ ‫�إل��ى ح�سا�س ّية ال��دّائ��رة التي يرتبط بها‬ ‫�إذ �أواله عناي ًة خا�ص ًة ف��ي الكثير من‬
‫يريدون لهذه المجال�س �أن تن�أى بنف�سها‬ ‫النقد‪ ،‬ك�أن يكون نقد ًا ل�شخ�ص ّية يقدّ�سها‬ ‫المنا�سبات‪ ،‬وال �سيّما حين كان ير�صد‬
‫عن هذه العناوين‪ ،‬وتبقى مقت�صر ًة على‬ ‫ال ّنا�س ـ و�إن لم تكن مقدّ�سة في واقعها ـ‬
‫تنه�ض بها على الم�ستويات المختلفة‪ ،‬وال‬
‫ال�ساذج �أو الخاطئ‬ ‫ال ّتعاطي القا�صر �أو ّ‬
‫ا�ستعرا�ض �أح��داث الثورة الح�سينية في‬ ‫�أو لأمر يرتبط به النا�س عاطفي ًا لمديات‬ ‫ً‬
‫ال�ساحة الإ�سالميّة عا ّمة ـ وال�ساحة‬ ‫في ّ‬
‫خ�صه ال ّنا�س بالتعالي‬ ‫�سيما �أنها ت�ستقطب الجماهير ب�صورة‬
‫�أبعادها الم�أ�ساوية ال غير‪ ،‬معتبر ًا �أنّ‬ ‫بعيدة‪� ،‬أو لعنوان ّ‬
‫يق ّل نظيرها‪ ،‬بل وت�ستقطب حتى �أولئك‬
‫الموالية لمدر�سة �أه��ل البيت(ع) على‬
‫اهتمام �أه��ل البيت(ع) ب�إقامة مجال�س‬ ‫ع��ل��ى �أي���ة �إ���ش��ك��االت يمكن �أن تعتريه‪،‬‬
‫الذين قطعوا عالقتهم بالأجواء الدينية‬
‫وجه الخ�صو�ص ـ الأمر الذي كان يدفعه‬
‫العزاء الح�سيني ـ ولو ب�صورته الب�سيطة‬ ‫ل��ذا �أ ّك��د ال�سيد(ره) �أنّ نقد المجال�س‬ ‫�إلى الحديث مرات وم��رات حول حقيقة‬
‫العامة‪ .‬قال(ره)‪�« :‬إننا نجد �أن الحا�ضر‬
‫ـ لم يكن بعيد ًا من غر�ض تحريك واقع‬ ‫الح�سين ّية ال يعني بحال محاولة �إ�ضعاف‬
‫ف��ي ك��ل م��واق��ع��ه ال يعي�ش انف�صا ًال عن‬
‫تلك ال ّنه�ضة في منطلقاتها ومفاهيمها‬
‫إ�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الم�سلمين وفق المنهج ال‬ ‫ه��ذه المجال�س �أو توهينها‪ ،‬بل هو نقد‬ ‫ومعطياتها‪ ،‬وف���ي الكيفيّة الإيجابيّة‬
‫�إنّ من مفاتيح تحقيق هذا الغر�ض ـ وفق‬ ‫�ضروري في الم�سيرة التي يفتر�ض بها‬ ‫والعقلي والعاطف ّي‬
‫ّ‬ ‫للتعاطي ال��روح ّ��ي‬
‫ال�سيد ـ امتالك الخطيب المنبري الثقافة‬ ‫وثقافي‬‫ّ‬ ‫ديني‬
‫�أن تكون تكامل ّية لأي م�شروع ّ‬ ‫ل��م ي��ك��ن ي��ج��ام��ل على‬ ‫إعالمي معها‪ ،‬بما يطلقها من قمقم‬ ‫وال ّ‬
‫الم�س�ؤولة التي ُي��راد من خاللها خدمة‬ ‫واجتماعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتربوي‬
‫ّ‬ ‫إعالمي‬
‫ّ‬ ‫و�‬ ‫الما�ضي والتع�صب والتمذهب‪� ،‬إلى �آفاق‬ ‫ّ‬
‫ي�ضاف �إلى ذلك‪� ،‬أنّ �شريح ًة من جمهور‬ ‫ح�ساب الق�ضية التي كان‬ ‫الحا�ضر والم�ستقبل‪ ،‬ورحابة الإ�سالم‪،‬‬
‫الر�سالي‪ .‬قال(ره) في حديث له‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الهدف‬
‫«على المب ّلغين ـ من علماء وخطباء ـ �أن‬ ‫ه��ذه المجال�س‪ ،‬ب��ات يتحدث علن ًا في‬ ‫ي�ؤمن بها‪ ،‬و�إن ك ّلفه ذلك الكثير‬ ‫و�شمولية الم�ضامين الإن�سانية‪.‬‬
‫يعي�شوا الثقافة الإ�سالمية بكل عمقها‬ ‫�إط��ار نقد بع�ض ما يقال ويجري فيها‪،‬‬ ‫من المواقف ال�سلبية والكلمات‬ ‫وعلى الرغم من ح�سا�سية النقد في هذا‬
‫وام��ت��داده��ا‪ ،‬وث��ق��اف��ة ع�صرهم ف��ي كل‬ ‫ف�ضل االن�سحاب نهائي ًا‬ ‫بل �إن البع�ض ّ‬ ‫الإط���ار عند الكثيرين ـ و�إن ك��ان النقد‬
‫ومقاطعتها‪ ،‬ع�لاوة على ال�شريحة التي‬ ‫الجارحة‬ ‫ومتناغما مع المعطيات‬ ‫ً‬ ‫� ً‬
‫إيجابيا وب�� ّن��ا ًء‬
‫الق�ضايا التي تحكم الع�صر وتمثل روحه‬
‫وحياته‪ ،‬لأنّ المطلوب هو �أن نعمل على‬ ‫�سجلت مالحظاتها على هذه المجال�س‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�شرعية والواقعية ـ �إال �أن المفكر الراحل‬
‫�إدخ���ال الإ���س�لام في الع�صر‪ .‬ولما كان‬ ‫فكانت منطلقا البتعادها عن مدر�سة �أهل‬ ‫ً‬ ‫التاريخ‪ ،‬بل نجد �أن الإن�سان الذي يحاول‬ ‫لم يكن ليجامل في الأم��ر على ح�ساب‬
‫الت�شيع هو الخط الإ�سالمي الأ�صيل‪ ،‬فال‬ ‫البيت(ع) ب�صور ٍة تامة‪ ..‬ناهيك بتلك التي‬ ‫�أن ي�ؤكد نف�سه‪ ،‬و�أن ي� ّؤ�صل مرحلته‪ ،‬ال‬ ‫الق�ضية التي كان ي�ؤمن ب�أن من م�س�ؤولياته‬
‫بد لنا من �أن ندخل الت�شيع في الع�صر‪،‬‬ ‫لت�سجل نقطة هنا‬ ‫وتتر�صد ك ّل زلة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تر�صد‬ ‫يزال ي�شعر ب�أن هناك في التاريخ نقاط ًا‬ ‫�أن يتفاعل معها بما ي��خ��دم الأه���داف‬
‫بحيث يعي�ش ع�صرنا في مختلف مواقعه‬ ‫ونقطة هناك على ما يمار�س �ضمن �أجواء‬ ‫م�ضيئة‪ ،‬يبقى ا�ستح�ضارها حاج ًة لك ّل‬ ‫العامة ل�ل�إ���س�لام‪ ،‬والخا�صة بالنه�ضة‬
‫الثقافية وال�سيا�سية‪ ،‬روح الإ�سالم روح‬ ‫ال�شعائر‪،‬‬ ‫مدر�سة �أهل البيت(ع) بعنوان ّ‬ ‫مرحلة من المراحل التي يعي�ش فيها نوع‬ ‫الح�سينية‪ ،‬و�إن ك ّلفه ذل��ك الكثير من‬
‫�أه��ل البيت(ع)‪ ،‬وه��ذا يفر�ض علينا �أن‬ ‫وعلى ما يقال على المنابر بعنوان عقيدة‬ ‫مع ّين من الظالم‪� ،‬أو �أن فيها در�س ًا ال‬ ‫المواقف ال�سلبية والكلمات الجارحة التي‬
‫نعي�ش حالة ط��وارئ ثقافية‪ ،‬ن�ؤ�صل فيها‬ ‫هذه المدر�سة وفكرها‪.‬‬ ‫يرتبط بمرحلة معينة‪ ،‬بل يرتبط بالحياة‬ ‫كان يطلقها الآخرون الذين اختلفوا معه‪،‬‬
‫الثقافة‪ ،‬ونم ّيز فيها بين الغثّ وال�سمين‪،‬‬ ‫ّثم �إنّ هناك م�س�ؤولية �شرعية واعتبارية‬ ‫كلها»‪.‬‬ ‫�أو حاربوه في م�شاريعه الإ�صالحية‪.‬‬
‫وبين ال�صحيح والفا�سد‪ ،‬لأن ذل��ك هو‬ ‫ملقاة على ك ّل م�سلم في �أن يعي ما يقال‪،‬‬ ‫ق�ضية الح�سين للجميع‪:‬‬ ‫الدّ ور الح�ضاريّ للمجال�س الح�سين ّية‪:‬‬
‫الذي يمكن �أن يجعلنا نلتقي بكل الأجيال‬ ‫تب�صر وتف ّكر‪ ،‬لأ ّنه م�س�ؤول‬ ‫و�أن ي�ستمع عن ّ‬ ‫وفي ذات الإطار‪ ،‬اعتبر المرجع الراحل‬ ‫لم تقت�صر ق��راءة ال�سيد(ره) للخطاب‬
‫في هذا المجال»‪.‬‬ ‫عن تبعات ما ي�أخذه عن الآخرين‪.‬‬ ‫�أن م��ن ال��خ��ط���أ تقييم ه���ذه المجال�س‬ ‫الإع�لام��ي المتعلق بالنه�ضة الح�سينية‬
‫واعتبر �أن من انعكا�سات البعد عن الواقع‬ ‫�إدخال الإ�سالم في الع�صر‪:‬‬ ‫وك�أنها موجهة من طائف ٍة نحو �أخرى‪،‬‬ ‫على النقد فقط‪ ،‬ب��ل ك��ان ي���ؤك��د عراقة‬
‫ف��ي المعالجة وال��ط��رح‪ ،‬تحجيم ر�سالة‬ ‫واع��ت��ب��ر ال�������س���ي���د(ره)‪� ،‬أنّ م���ن �أه���م‬ ‫بحيث تح ّملها من خاللها م�س�ؤولية ما‬ ‫المجال�س الح�سينية والأدوار المهمة التي‬
‫النه�ضة الح�سينية وم��ج��ال�����س العزاء‬ ‫الديني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫م�س�ؤوليات القائمين على التبليغ‬
‫(للبحث �صلة)‬ ‫الح�سيني‪.‬‬ ‫الفكري‬ ‫ّ‬ ‫ربط التعاليم الإ�سالم ّية بالواقع‬
‫واالجتماعي‬ ‫���وي‬
‫��س��ي وال���ت���رب ّ‬ ‫�أراد ال�س ّيد(ره) �أن يطلق الق�ضية الح�سينية من قمقم الما�ضي‬
‫*وكيل المرجع ف�ضل اهلل(ره) في‬ ‫ّ‬ ‫وال�����س��ي��ا� ّ‬
‫الكويت‬ ‫أخالقي الذي يعي�شونه‪ ،‬لأنّ الإ�سالم‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫وال ّتع�صب والتمذهب‪� ،‬إلى �آفاق الم�ستقبل‪ ،‬ورحابة الإ�سالم‬
‫وال�شريعة التي‬ ‫�أو ًال و�أخ��ي��ر ًا هو الدين ّ‬
‫‪13‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫المرجع ف�ضل اهلل‪ :‬المنهج ّية الم� ّؤ�س�س ّية‬
‫من ف�ضاءات الفكر �إلى تج ّليات الواقع‬
‫خا�ص ًة في الجانب الإن�ساني ‪،‬‬ ‫ذلك»‪..‬‬ ‫د‪.‬حممد باقر ف�ضل اهلل‬
‫بل ر�سال ًة ّ‬ ‫�إ َّن ال َّنظرة ال ّت�أمل ّية يف م�سار الفكر امل� ّؤ�س�سي لدى �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‪،‬‬
‫ر�سالة تهدف �إلى تلبية احتياجات ال ّنا�س‬ ‫� َّإن ت��ع��زي��ز ال��خ�����ص��و���ص�� ّي��ة ف��ي منظور‬ ‫ال�شبكات املتداخلة التي تو ّثقت واتحّ دت‪ ،‬ح ّتى‬ ‫يوقفنا على �سل�سل ٍة من ّ‬
‫ا ّلذين هم بحاجة �إلى الم�ساعدة‪..‬‬ ‫تتم �إال بتح ّمل الم�س�ؤول ّية‬
‫ال�س ِّيد(ر�ض) ال ّ‬ ‫�ص ��ار ك ّل عام ��ل فيه ��ا ذوب� �اً وان�صه ��اراً يف العوام ��ل الأخ ��رى‪ ،‬فالإميان‬
‫�إنّ الفكر الوا�ضح وال ّر�سالة الإن�سان ّية‪،‬‬ ‫التي من �ش�أنها �أن تجعل العمل العا ّم عم ًال‬ ‫بالإن�س ��ان وبقدرات ��ه كان املنطل ��ق‪ ،‬وبن ��اء ال� � ّذات الآخ ��ر كان ّ‬
‫ال�شعل ��ة‪،‬‬
‫العمل الجماعي‪ ،‬الفاعل ّية في التّخطيط‪،‬‬ ‫خا�ص ًا‪ ،‬فكان يقول‪ ..« :‬تح ّمل الم�س�ؤول ّية‬ ‫ّ‬ ‫واح�ت�رام الآخ ��ر واالنفت ��اح علي ��ه كان املح� � ّرك‪ّ ،‬‬
‫والطم ��وح الواع ��ي‬
‫خا�ص»‪..‬‬
‫ُي�شعر ب�أنّ العمل العام هو عمل ّ‬ ‫وال ّتخطيط املنهج � ّ�ي كان الوقود‪ ،‬وتهيئة الكوادر كان املعني وامل�ساعد‪،‬‬
‫حفظ ال ّنظام واحترام القانون‪ ،‬التّ�شاور‬ ‫واملتابعة ال ّد�ؤوب ل�ش ّتى ال ّتفا�صيل كان امل�ؤ ّثر يف اال�ستمرار وال ّنجاح‪...‬‬
‫والتّحاور واالنفتاح للتّو�صل �إلى الحقيقة‪،‬‬ ‫و�أع��ط��ى �سماحته �أهم ّي ًة للمجال�س من‬
‫ك��ي��ف�� ّي��ة ات��خ��اذ ال���ق���رارات ب��م��ا ي�ضمن‬ ‫التخطيط والعمل اجلماعي ‪:‬‬
‫الم�صلحة العا ّمة‪ ،‬عدم اال�ستئثار والتّفرد‬ ‫لقد اعتبر ال�س ِّيد(ر�ض) � َّأن ال َتّ�شاور هو‬
‫في الر�أي من موقع ق ّوة المركز وال ّرتبة‪،‬‬ ‫ال�ضامن لالختيار الأم��ث��ل م��ن الأفكار‬ ‫َّ‬
‫فعال ّية ال�� ّت��وا���ص��ل بالحكمة والموعظة‬ ‫والم�شاريع ولح ّل الم�شكالت‪ ،‬وع ّد العمل‬
‫الح�سنة والكلمة الط ّيبة‪ ،‬ح�سن التّنفيذ‬ ‫ال�ص ّف ولدوام‬ ‫الجماعي الكافل لوحدة ّ‬ ‫ّ‬
‫والتّقويم الم�ستمر‪ ..‬ك ّل ذلك �ش ّكل �شبكة‬ ‫العطاء‪ ،‬فكان يقول �إنّ م�س�ألة التّ�شاور‬
‫البقاء لم�ؤ�س�س ٍة لم تزل بعين اهلل تنتج‬ ‫الجماعي في الإدارة وتهيئة كوادر‬ ‫ّ‬ ‫والعمل‬
‫م� ّؤ�س�سات‪ ،‬وال يمكن �أن نغفل عن اهتمام‬ ‫م�ستقبل ّية هي م�س�ألة مهمة‪ ..‬كما م ّيز بين‬
‫إعالمي‬
‫ّ‬ ‫�سي ال‬
‫ال�س ّيد(ر�ض) بالعمل الم� ّؤ�س ّ‬ ‫التّخطيط والإدارة التّنفيذ ّية‪ ،‬وع ّد ك ًال‬
‫الذي كان يراه �أدا ًة لل َتّوا�صل مع العقول‪،‬‬ ‫منهما رافد ًا للآخر‪ ،‬ف�أعلن مقولته �أ ّننا‬
‫�سواء الم�سموع منه �أو المرئي‪ ،‬وكذلك‬ ‫تتم‬
‫حيث �إ���ص��دار ال���ق���رارات‪ ،‬على �أن ّ‬ ‫لوجهة نظره»‪� ..‬أما ال ّذاتية والتّ�شرنق على‬ ‫التنفيذي‬
‫ّ‬ ‫كما نحن م�س�ؤولون عن العمل‬
‫بعقل هادئ ي�ضع ن�صب‬ ‫مناق�شة الق�ضايا ٍ‬ ‫الأنا‪ ،‬فكانت العد ّو الذي ن�صب له �أ�سلحة‬ ‫للمه ّمات ال��ت��ي نتابعها‪ ،‬ه��ن��اك �أي�ض ًا‬
‫اعتبر ال�����س � ّي��د(ره) �أنّ‬ ‫عينيه الم�صلحة التّربو َّية وال ّرعائ َّية‪،‬‬ ‫الق�ضاء المبرم والحا�سم‪ ،‬فكان يقول‪:‬‬ ‫ّخطيطي في هذا‬ ‫ّ‬ ‫م�س�ؤولون عن العمل الت‬
‫فكان يقول‪« :‬المجال�س في الدّاخل هي‬ ‫أفكر يوم ًا في ال ّذات‪ ،‬فالإن�سان عندما‬
‫«لم � ِّ‬ ‫المجال وعلى �أ�سا�س التّجربة‪.‬‬
‫الجماعي هما‬
‫ّ‬ ‫ال ّت�شاور والعمل‬
‫التي ت�صدر القرارات‪« ،»..‬ينبغي مناق�شة‬ ‫يف ّكر في ال��ذات ُي�ص ِّغر ال��ذات وي�ص ِّغر‬ ‫ولطالما �صدح �صوته معلن ًا‪« :‬اهلل اهلل في‬
‫ال�صف ولدوام‬ ‫الكافل لوحدة ّ‬ ‫الأم��ور بعقل ه��ادئ من حيث الم�صلحة‬ ‫الم� َّؤ�س�سة»‪ ..‬كما �آم��ن بان�صهار الفرد‬ ‫ال�سبب الأ�سا�س في‬ ‫نظم �أموركم»‪ ،‬وب َّين َّ‬
‫العطاء كما م ّيز بين ال ّتخطيط‬ ‫التربو َّية وال ّرعائ َّية‪ ،‬ومعرفة الحدود لك ّل‬ ‫في ال��ك�� ّل‪ ،‬مع الحفاظ على خ�صو�صية‬ ‫ا�ستمرار الم� َّؤ�س�سة‪ ،‬وهو حفظ ال ّنظام‪:‬‬
‫والإدارة ال ّتنفيذ ّية‪ ،‬وع��دّ ك ًال‬ ‫�إدارة‪.»..‬‬ ‫«لذلك يجب �أن يكون هناك �شعور ب�أنّ‬
‫منهما رافد ًا للآخر‬ ‫الت�أ�صيل للنهج امل�ؤ�س�سي‪:‬‬ ‫هذه الم� ّؤ�س�سة يحكمها قانون يت�ساوى فيه‬
‫ال���وف���اء ل��ل�����س � ّي��د(ره)‬
‫�إنّ ال�س ّيد ب�أقواله و�أفعاله‪ ،‬بفكره وقدرته‬ ‫الجميع‪ ،‬وال َّبد ونحن نحفظ النظام‪ ،‬من‬
‫تنفيذي‬
‫ّ‬ ‫على تحويل الفكرة �إل��ى عمل‬ ‫ي��دف��ع��ن��ا �إل����ى درا����س���ة فكره‬
‫ال�صفحات الإلكترون ّية‪...‬‬ ‫َّ‬ ‫�أن نط ّبق القانون مع احترامنا لإن�سان ّية‬
‫الوفاء لل�س ّيد وحفظ الأمانة‪ :‬‬ ‫منتج‪َّ � ،‬أ���ص��ل ل�ل�أج��ي��ال ال��ق��ادم��ة ال َّنهج‬ ‫الم� ّؤ�س�سي‪ ،‬ويفر�ض علينا من‬
‫الإن�سان»‪...‬‬
‫� َّإن الوف���اء لل�س ّي���د الإن�س���ان‪ ،‬ال لل�س ّي���د‬ ‫الم� ّؤ�س�سي انطالق ًا من عنا�صر مت�ضافرة‪،‬‬ ‫�ب المعرفة وطلب‬ ‫منطلق ح� ّ‬ ‫ور�أى �سماحته � َّأن الخ�ضوع للقانون ي�شمل‬
‫ال�شخ����ص‪ ،‬هو الوفاء للحي���اة التي تج ّلت‬ ‫ّ‬ ‫�أ َّول��ه��ا تن�شئة ال��ك��وادر بتنمية الطاقات‬ ‫الحقيقة‪� ،‬أن نعود �إلى دعائم‬ ‫ر�أ�س الهرم �إلى قاعدته‪ ،‬و�أنّ مراكز القوى‬
‫م���ن خالل���ه فع���ل تغيي���ر وق���درة ت�أ�سي�س‬ ‫وا�ستثمارها‪ ،‬ل َّأن ا�ستثمار المورد الب�شري‬ ‫ال�صروح‬ ‫البنيان و�أ�سا�سات ّ‬ ‫لو انفردت بقراراتها خارج القانون‪ ،‬لأدّى‬
‫للم�ستقبل؛ الوفاء للإرادة التي �أنتجت عبر‬ ‫���م م���وارد اال�ستثمار‪ ،‬بحيث‬ ‫ه��و م��ن �أه ّ‬ ‫ذل��ك �إل��ى خ��راب الم� ّؤ�س�سة‪ ،‬فال يمكن‬
‫حرك���ة تط ّور م�ست���دام؛ الوف���اء للم� ّؤ�س�سة‬ ‫ُي��ع�� ّد ال��ق��ادة المتع ّلمين م��دى الحياة‪،‬‬ ‫ك ّل فرد وح ّقه في التّحاور و�إب��داء وجهة‬ ‫لأحدٍ مهما عال‪� ،‬أن يعلو على القانون‪..‬‬
‫الت���ي �أ�ضحت بذوب ال�س ّيد(ر�ض) الفرد‪،‬‬ ‫المتح ّم�سين للعمل‪ ،‬الذين يعتبرون العمل‬ ‫نظره‪ ،‬وو�ضع الم�صلحة العا ّمة فوق ك ّل‬ ‫الحوار والم�صلحة العا ّمة‪ :‬‬
‫ان�صهار ًا للك ّل في حفظ الأمانة؛ �أمانة �أن‬ ‫جزء ًا من العبادة واالتّ�صال باهلل‪ ،‬لذلك‬ ‫اعتبار‪« :‬ك��ل ّ واح��د ينبغي �أن يعطي ك ّل‬ ‫وقد ُع ِرف ال�س ِّيد(ر�ض) بجملته َّ‬
‫ال�شهيرة‬
‫ي�ستم ّر العطاء ويدوم ال ّنتاج الخ�صب‪� ،‬إنّ‬ ‫�آثر عدم الوقوع في �شرك جميع الأتباع‬ ‫جهده للو�صول �إلى الم�صلحة العا ّمة‪� ،‬أو‬ ‫«الحقيقة بنت ال��ح��وار»‪ ،‬وع�� ّد ال َتّحاور‬
‫الوفاء لل�س ّيد الم� ّؤ�س�س يدفعنا �إلى درا�سة‬ ‫قائ ًال‪�« :‬أنا �أر ّبي رفقاء ال �أتباع ًا»‪.‬‬ ‫يقتنع ب�أنّ ما يقوله هو خالف الم�صلحة‬ ‫ت�لاق��ح�� ًا م��ع��رف�� َّي�� ًا يغني ال��ف��ك��ر‪ ،‬يق ّرب‬
‫فكره الم� ّؤ�س�سي‪ ،‬ويفر�ض علينا من منطلق‬ ‫لقد �آمن بال ّنا�س‪ ،‬وع ّلم مريديه االرتباط‬ ‫العا ّمة‪ ..‬وقد ُيختلف في ما هي الم�صلحة‬ ‫الم�سافات‪ ،‬ويقود �إلى تر�سيخ القناعات‪،‬‬
‫���ب المعرفة وطل���ب الحقيق���ة‪� ،‬أن نعود‬ ‫ح ّ‬ ‫ووجداني‬
‫ّ‬ ‫وروحي‬
‫ّ‬ ‫عاطفي‬
‫ّ‬ ‫بال ّنا�س ب�شكل‬ ‫ال��ع��ا ّم��ة‪ ،‬ف�� ُي��رج��ع �إل���ى �أه���ل ال��خ��ب��رة في‬ ‫بحجة‬ ‫�أو �إلى ال َتّخ ّلي عنها عند االقتناع َّ‬
‫ال�صروح‪،‬‬ ‫�إل���ى دعائم البني���ان و�أ�سا�سات ّ‬ ‫وعقالني‪ ،‬ما جعل العمل �أكثر من وظيفة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫حق ك ّل‬ ‫الطرف الآخر‪ ،‬فكان يقول‪« :‬من ِّ‬ ‫َّ‬
‫لن�ستنطق فك���ره الم� ّؤ�س�سي عموم ًا في ك ّل‬ ‫�شخ�ص �أن يكون له وجهة نظر‪ ،‬وتح�صيل‬
‫حجر وب�شر‪ ،‬وفي ك ّل �أثر من �آثاره‪...‬‬ ‫لقد � َّأ�صل ال�س ّيد(ره) للأجيال القادمة ال َّنهج الم� ّؤ�س�سي انطالق ًا‬
‫من عنا�صر مت�ضافرة‪َّ � ،‬أولها تن�شئة الكوادر بتنمية الطاقات وا�ستثمارها‬ ‫ال ّر�أي الأف�ضل يكون عن طريق ال َتّفاهم‪،‬‬
‫وك ّل واحد يمكنه تقديم الأد ّل��ة الدّاعمة‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪14‬‬
‫قدّ موا خط �أهل البيت للعالم بطريقة ح�ضارية‬

‫ً‬
‫حركة‬ ‫لتكن حياتكم‬
‫في خط الم�س�ؤولية‬
‫كونوا الم�س�ؤولين في الحياة‪..‬اهلل لم يخلقكم عبثاً‪ ،‬ولم يجعل الحياة فر�صة للهو والعبث ولم يجعلها‬
‫خط الم�س�ؤول ّية‪ ،‬من �أجل �أن تكون للإن�سان ر�سالته‬ ‫منا�سبة ل ّلَ ّذة وال�شهوة‪ ،‬ولكنّ اهلل جعل الحياة حركة في ّ‬
‫بالحق‪ ،‬وتحريكها نحو العدل‪ ،‬وفي ربط الوجود الإن�ساني باهلل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في الحياة‪ ،‬في �إغناء الحياة‬
‫� ّإن معنى �أن تعي�ش �إن�سان ّيتك هو �أن تعي�ش م�س�ؤول ّيتك‪.‬‬
‫كونوا الم�س�ؤولين في ك ّل ما تعملونه وتقولونه وتن�شئونه من عالقات؛ ل ّأن غداً هو يوم مواجهة نتائج‬
‫الم�س�ؤول ّية‪ ،‬يوم نقف بين يدي اهلل لينطلق النداء‪َ } :‬و ِق ُفوهُ ْم �إِ َّنهُم َّم ْ�س ُئو ُلو َن{(ال�صافات‪} ،)24 :‬ا ْق َر ْ�أ َك َتا َب َك‬
‫َك َفى ِب َن ْف�سِ َك ا ْل َي ْو َم َعلَ ْي َك َح�سِ يباً{ (الإ�سراء‪.)14 :‬‬
‫الر�سالي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫�إلى الجيل‬

‫ّيد‬ ‫س‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫و‬
‫�إ ّنني �أعت ّز بكل ه��ذا الجيل ال��ذي �شاركتُ في �صنع‬
‫فكره‪ ،‬وق ّمة االعتزاز عندي في هذا الجيل المجاهد‬
‫ال��ح��رك ّ��ي‪��� ،‬س��واء الجيل ال���ذي انطلق ف��ي الحركة‬
‫الإ�سالم ّية في العراق وامت ّد �إلى �أبعد منها‪ ،‬والجيل‬
‫الذي انطلق في لبنان وا�ستطاع �أن يح ّرر لبنان من‬
‫االحتالل‪.‬‬
‫�إ ّنني �أ�شعر ب�أ ّني موجود في ك ّل حركة �شهيد‪ ،‬وفي كلّ‬
‫انطالقة مجاهد‪ ،‬وفي ك ّل انفتاحة هذا الجيل الذي‬
‫ينطلق �سيا�س ّي ًا وثقاف ّي ًا‪.‬‬ ‫الحاالت تف�سح الطريق �إلى الثقافة كما �أنّ العك�س قد‬
‫�إ ّنني عندما �أفارق الحياة‪� ،‬أ�شعر ب�أ ّني موجود في ك ّل‬
‫هذه الطالئع بن�سبة مع ّينة‪ ،‬وال �أ ّدع��ي �أ ّني �أ�ستقطب‬ ‫يكون �صحيح ًا‪..‬‬ ‫�إلى الحركات والأحزاب‬
‫وج��ود ه����ؤالء‪ ،‬ولكن �أ�شعر �أ ّن���ي ج��زء م��ن حركتهم‬ ‫ولك ّني ـ في الوقت نف�سه ـ لم �أجد هناك �ضرورة لأن ن�أخذ‬ ‫الإ�سالم ّية‪:‬‬
‫الجهاد ّية وال�سيا�س ّية والثقاف ّية‪ ،‬و�أرجو �أن ال �أكون قد‬ ‫بكل الأ�ساليب والو�سائل والعناوين التي يلتزمها الآخرون‬
‫�أخط�أت في فكرة غر�ستها هنا‪ ،‬وفي �شعو ٍر انفتحت‬ ‫من الطبيعي �أن التط ّورات الثقاف ّية وال�سيا�س ّية في‬
‫في الحرك ّية ال�سيا�س ّية؛ لأنّ للإ�سالم خ�صو�ص ّياته التي‬
‫فيه هناك‪.‬‬ ‫العالم دفعت ب�أ�ساليب جديدة في التح ّرك‪ ،‬الذي‬
‫وال ب ّد لكل هذا الجيل �أن يعي�ش على �أ�سا�س �أن ي�صنع‬ ‫تختلف عن الخ�صو�ص ّيات العلمان ّية و�شبه العلمان ّية‪..‬‬
‫هدف‬‫ي�ستهدف تغيير الذهن ّية الإن�سان ّية لم�صلحة ٍ‬
‫خط الإ�سالم‪ ،‬و�أن يكون حركة دائمة‬ ‫الم�ستقبل في ّ‬ ‫ولذلك‪ ،‬ف�إنّ على العاملين للإ�سالم �أن يواجهوا الكثير‬
‫�سيا�سي كبير‪ ،‬قد ي�صل �إلى م�ستوى �إنتاج الدولة على‬ ‫ّ‬
‫في اكت�شاف الحقيقة وفي ال�سير من خالل و�ضوح‬ ‫من و�سائل ال�صراع التي قد تفر�ض �أن ت� ّؤ�س�س حزب ًا‪،‬‬
‫الر�ؤية‪.‬‬ ‫�صورة هذا الهدف‪� ،‬أو �إنتاج المجتمع على �صورة هذا‬
‫ولكن لي�س من ال�ضروري �أن يكون على �شاكلة الأحزاب‬
‫ّ‬
‫�إ ّنني �أعي�ش الآن ـ في تطلعاتي �إلى الم�ستقبل ـ المرارة‬ ‫الهدف‪ ،‬تبع ًا لطبيعة الهدف وامتداداته في الواقع‪،‬‬
‫خط‬ ‫ب�أق�صى م��ا ت��ك��ون؛ لأنّ ال��ج�� ّو ال��ذي ينطلق ب��ه ّ‬ ‫إ�سالمي الو�سائل‬
‫ّ‬ ‫ال�سيا�س ّية‪ ،‬بل �أن ت�أخذ من المنهج ال‬
‫م ّما يجعل ���ض��رورة �إل��ى �أن يدخل الم�سلم في هذه‬
‫�أهل البيت ‪ E‬لدى بع�ض الذين يزعمون �أ ّنهم‬ ‫والأ�ساليب والمفردات التي يمكن �أن ت� ّؤ�س�س فيها نوع ًا‬
‫التجربة الحرك ّية؛ ف�إذا كان الآخرون ي� ّؤ�س�سون �أحزاب ًا‬
‫الخط المعتدل والنمرقة‬ ‫القائمون عليه ال ين�سجم مع ّ‬ ‫من �أن���واع الحزب ّية الإ�سالم ّية التي تخرج عن دائرة‬
‫الو�سطى التي �أراد لنا الأئ ّمة �أن ننظر �إليهم فيها‪.‬‬ ‫من �أجل �أن ي�ؤ ّكدوا �أهدافهم في داخل المجتمع على‬
‫الع�صب ّية‪ ،‬وتتح ّرك في الخطوط الإ�سالم ّية والثقاف ّية‬
‫�إ ّني �أت�ص ّور �أنّ الم�ستقبل الذي يعي�ش من خالل حركة‬ ‫ال�صعيد الثقافي وال�صعيد ال�سيا�سي واالجتماعي‪،‬‬
‫ه�ؤالء هو م�ستقبل مرعب على م�ستوى م�ستقبل هذا‬ ‫وال�سيا�س ّية‪.‬‬
‫ف�إنّ من الطبيعي �أن ي�أخذ الم�سلمون بهذا الأ�سلوب‪،‬‬
‫الخط‪..‬‬‫ّ‬ ‫�إنّ على الحركات الإ�سالم ّية �أن تعي�ش معنى الحرك ّية‬
‫على ق��اع��دة «ال ُين�شر ال��ه��دى �إال م��ن حيث انت�شر‬
‫ولك ّني في الوقت نف�سه �أجد في بع�ض الطالئع ال�شا ّبة‬ ‫الإ�سالم ّية في ك ّل مواقعها‪ ،‬و�أن ال تتج ّمد في مذهب ّياتها‬
‫المنفتحة على الوعي وعلى الفكر �أم ًال كبير ًا في �أن‬ ‫ال�ضالل»‪...‬‬
‫و�إقليم ّياتها‪ ،‬ب��ل �أن تعمل ج��اه��دة م��ن �أج���ل الحركة‬
‫تدخل �ساحة ال�صراع‪ ،‬و�أن تكمل ما بد�أناه من خالل‬ ‫وكنتُ �أف�� ّك��ر �أنّ علينا �أن نف�سح المجال للحركـ ّيـة‬
‫ع�صر النه�ضة الذي تم ّثل في ال�شهيد ال�سعيد ال�سيد‬ ‫الإ�سالم ّية ال��واح��دة‪ ،‬وم��ن �أج��ل الق�ضايا الإ�سالم ّية‬
‫الإ�سالم ّية ال�سيا�س ّية التي تختزن في داخلها الحرك ّية‬
‫محمد باقر ال�صدر وال�شهيد مط ّهري‪ ..‬و�إ ّننا بد�أنا‬ ‫الموحدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الإ���س�لام�� ّي��ة الثقاف ّية؛ لأنّ ال�سيا�سة ف��ي كثير من‬
‫طريقنا المملوء ب��الأ���ش��واك والأل��غ��ام‪ ،‬و�أعتقد �أ ّننا‬
‫انت�صرنا في تحقيق الكثير م ّما بد�أناه بالرغم من ك ّل‬
‫التع�سف وحالة الكذب والت�شويه؛‬ ‫حالة التج ّني وحالة ّ‬
‫ب��ل �إ ّن��ن��ي �أت�����ص�� ّور �أنّ ال��ذي��ن وق��ف��وا ه���ذا الموقف‬
‫ال�سلبي م ّنا ا�ستطاعوا �أن ين�شروا كلماتنا و�أن ين ّبهوا‬ ‫ّ‬
‫النا�س على ذلك‪ ،‬ولو من خالل �سبابهم و�شتائمهم‬ ‫قد تحتاج �إلى ظروف جديدة و�أ�شخا�ص �آخرين‪.‬‬ ‫�إرث الم�شروع‬
‫واتّهاماتهم؛ ولذلك ف�إ ّني في الوقت الذي �أجد فيه �أنّ‬ ‫ول��ذل��ك ف���إ ّن��ن��ا عندما نفقد الكثير م��ن الأ�شخا�ص‬
‫الفاعلين قد ننتظر وقت ًا طوي ًال ريثما تتح ّرك نتائج‬
‫والم� ّؤ�س�سات‪:‬‬
‫منطقة هذا الظالم الفكري قد تتجاوز حياتي �إلى ما‬ ‫�إ ّنني �أت�ص ّور �أ ّننا ال ن�ستطيع �أن نتحدّث عن وارث‬
‫بعدَ ها‪ ،‬ف�إ ّنني �أجد �أكثر من نقطة نور ُيمكن �أن ت�شقّ‬ ‫تجربتهم �أو امتداد م�سيرتهم في معنى الجيل الذي‬
‫ي�أتي‪.‬‬ ‫بمعنى ال�شخ�ص‪� ،‬أو معنى جماعة‪ ،‬ولكن الإن�سان‬
‫هذا الظالم في الم�ستقبل‪.‬‬ ‫عندما يعي�ش � ّأي تجربة مم ّيزة �أو فاعلة‪ ،‬ف��� َّإن‬
‫و�إ ّنني �أطلب من �أبنائي وبناتي و�أح ّبائي من هذا الجيل‬ ‫و�أ ّما الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬ف�إ ّنني �أحاول �أن � ّ‬
‫أخطط لأنْ ال تكون‬
‫الم�شاريع �إرث ًا �شخ�ص ّي ًا يرثه الأبناء والأحفاد‪ ،‬ولك ّني‬ ‫التجربة تتح ّول �إل��ى ت��اري��خ يمكن �أن ينطلق في‬
‫ال�شاب ال��ذي �أري�� ُد له �أن يدخل �ساحة ال�صراع من‬ ‫ّ‬ ‫تجربة جيل �أو جماعة �أو �شخ�ص‪.‬‬
‫ّ‬
‫موقع ق ّوة‪ ،‬ومن موقع وعي‪� ،‬أن يتابع خط الوعي‪ ،‬و�أن‬ ‫�أحاول �أن �أجعل الم� ّؤ�س�سة م� ّؤ�س�سة‪ ،‬بحيث يتو ّفر عليها‬
‫�أنا�س م�ؤتمنون‪ ،‬و�أن تكون هناك قوانين تحميها من‬ ‫�إ ّننا ال ن�ستطيع �أن ن�شير �إلى �شخ�ص مع ّين �أو جماعة‬
‫يتح ّمل‪ ،‬و�أن ال ي�سقط تحت ت�أثير هجمات التخ ّلف؛‬ ‫مع ّينة في معنى الإرث لل�شخ�ص؛ لأنّ ال�شخ�ص ال‬
‫لأنّ المعركة هي معركة التخ ّلف والوعي‪ ،‬ونعتقد �أنّ‬ ‫اال�ستئثارات ال�شخ�ص ّية‪.‬‬
‫يو ِّرث باعتبار �أنّ التجربة قد تكون من خ�صو�ص ّيات‬
‫حركة الوعي �سوف تنت�صر ولو بعد حين‪.‬‬ ‫خطها‬ ‫حياته؛ ولكنّ نتائجها‪ ،‬وامتدادها‪ ،‬وال�سير في ّ‬
‫و�صايا ال�س ّيد‬
‫�أهل الكتاب‪:‬‬
‫�إ ّننا نلتقي باهلل؛ لأ ّننا ال نختلف معكم في اهلل الواحد‪،‬‬
‫و�إن ك ّنا نختلف معكم في �شخ�ص ّية هذا الإله‪ ..‬و�أ ّننا‬ ‫�إلى المرجع ّية ال�شيع ّية‪:‬‬
‫نلتقي معكم في �أنّ الإن�سان في �إن�سان ّيته ال ُيمكن �أن‬ ‫المرجع ّية ال�شيع ّية هي القاعدة التي ُي��راد من‬
‫يكون ر ّب�� ًا؛ لأ ّنكم تعتبرون �أنّ ربوب ّية عي�سى هي من‬ ‫خاللها �أن يتح ّرك المرجع الكف�ؤ الواعي المنفتح‪،‬‬
‫حيث تج�سيد الربوب ّية فيه ال من حيث �إن�سان ّيته‪.‬‬ ‫الذي يريد �أن ُيدخل الت�ش ّيع في العالم المعا�صر‪،‬‬ ‫�إلى العالم الإ�سالمي‪:‬‬
‫تعالوا لنلتقي على الكلمة ال�سواء‪ ،‬انطالق ًا من قوله‬ ‫بكل �أ�صالته الفكر ّية‪ ،‬بعيد ًا عن ك ّل الزوائد وعن‬
‫ـ �إ ّنني �أو�صي العالم الإ�سالمي �أن يحافظ على‬
‫ا�س َع���دَ ا َو ًة ِّل َّل ِذينَ � َآم ُنو ْا‬ ‫تعالى‪َ } :‬لت َِجدَ َّن �أَ� َ��ش َّ��د ال َّن ِ‬ ‫ك ّل خطوط الغل ّو واالن��ح��راف‪ ،‬من �أج��ل �أن ِ‬
‫يقدّم‬
‫معنى الإ���س�لام في عالم ّيته؛ �أن يكون عالم ًا‬
‫ا ْل َي ُهو َد َوا َّل ِذينَ �أَ ْ�ش َر ُكو ْا َو َلت َِجدَ َّن َ�أ ْق َر َب ُه ْم َّم َو َّد ًة ِّل َّل ِذينَ‬ ‫��ط �أه���ل البيت ‪،E‬‬ ‫إ���س�لام ف��ي خ ّ‬
‫َ‬ ‫للعا َلم ال‬
‫�إ�سالم ّي ًا يحمل الفكر الإ�سالمي �إلى ال ّنا�س‪،‬‬
‫ي�سينَ‬ ‫� َآم ُنو ْا ا َّل ِذينَ َقا ُل َو ْا �إِ َّنا َن َ�صا َرى َذ ِل َك ِب�أَ َّن ِم ْن ُه ْم ِق ِّ�س ِ‬ ‫بالطريقة التي ي�شعر فيها العا َلم ب�أ ّنه قادر على �أن‬
‫ويحمل المح ّبة الإ�سالم ّية �إلى الإن�سان‪ ،‬ويحمل‬
‫َو ُر ْه َبان ًا َو�أَ َّن ُه ْم َال َي ْ�س َت ْك ِب ُرونَ { (المائدة ‪.)82 :‬‬ ‫يح ّل م�شاكل النا�س في الحياة‪.‬‬
‫الم�س�ؤول ّية الكبرى في كل الق�ضايا التي تتّ�صل‬
‫و�إنّ ما نلتقي عليه في الواقع الحياتي الإن�ساني‪ ،‬فيما‬ ‫المرجع ّية ال�شيع ّية هي المرجع ّية التي تحاول �أن‬
‫الخط‬‫ّ‬ ‫بالحياة من �أج��ل «�أ�سلمة الحياة» في‬
‫هي القيم الروح ّية والأخالق ّية‪ ،‬في الخطوط العا ّمة‬ ‫خط الوعي‪،‬‬ ‫خط الإ�سالم في ّ‬ ‫تجمع ال�شيعة على ّ‬
‫الأ�صيل للإ�سالم ال��ذي ي���ؤ ّك��د ال��وع��ي وي�ؤ ّكد‬
‫للقيمة الدينية قد ي�صل �إلى ‪%80‬؛ فلي�س هناك �صد ٌق‬ ‫كل وحول التخ ّلف وخطوط الجهل‪،‬‬ ‫و�أن تتخ ّفف من ِّ‬
‫االنفتاح‪.‬‬
‫إ�سالمي‪ ،‬ولي�س هناك ع ّفة‬ ‫ّ‬ ‫م�سيحي يختلف عن �صدقٍ �‬ ‫ّ‬ ‫و�أن تكون القائدة للعا ّمة‪ ،‬ال �أن تكون العا ّمة هي‬
‫كل‬‫�أو���ص��ي العالم الإ�سالمي �أن يتخ ّفف من ِّ‬
‫م�سيح ّية تختلف عن ع ّفة �إ�سالم ّية‪ ،‬وهكذا‪..‬‬ ‫القائد لها‪ ،‬كنتيجة لبع�ض الح�سا�س ّيات وبع�ض‬
‫كل‬‫كل �أثقال الجهل‪ ،‬ومن ِّ‬ ‫�أثقال التخ ّلف‪ ،‬ومن ِّ‬
‫تعالوا لنلتقي على الكلمة ال�سواء‪ ،‬في الإيمان باهلل‬ ‫المطامع وما �إلى ذلك‪.‬‬
‫�أثقال التمزّق‪.‬‬
‫الواحد‪ ،‬وفي مواجهة اال�ستكبار العالمي‪ ،‬الذي يحاول‬ ‫�أن ي�شعر المرجع �أ ّنه يجل�س في موقع الإمام الذي‬
‫�أو���ص��ي ال��ع��ال��م الإ���س�لام��ي ب����أن ال يجعل من‬
‫فيه الم�ستكبرون �أن يجعلوا �أنف�سهم �أرباب ًا للنا�س‪،‬‬ ‫النبي‪.‬‬
‫هو موقع ّ‬ ‫المذهبي و�سيلة من و�سائل �إ�سقاط‬ ‫ّ‬ ‫االختالف‬
‫من خالل طريقتهم وخطوطهم الفكر ّية وال�سيا�س ّية‬ ‫�أن ي�شعر معنى ال��ن��ب�� ّوة ف��ي �شخ�ص ّيته‪ ،‬ومعنى‬
‫الأخ��� ّوة الإ�سالم ّية‪ ،‬بل �أن يواجه االختالف‬
‫واالجتماع ّية وما �إلى ذلك‪..‬‬ ‫الإمامة في موقعه‪.‬‬
‫المذهبي كحال ٍة ثقاف ّية تتن ّوع فيها الأفكار‪،‬‬
‫وتعالوا �إل��ى ال��دائ��رة العلم ّية‪ ،‬نبحث في الالهوت‬ ‫} َل َق ْد َجاء ُك ْم َر ُ�سو ٌل ِّمنْ �أَن ُف ِ�س ُك ْم َع ِزي ٌز َع َل ْي ِه َما‬
‫وتختلف فيها وجهات النظر؛ ليكون الحوار هو‬
‫بالحكمة والموعظة الح�سنة‪ ،‬وبالجدال بالتي هي‬ ‫وف َّر ِحي ٌم{‬ ‫ي�ص َع َل ْي ُكم ِبا ْل ُم�ؤ ِْمنِينَ َر�ؤُ ٌ‬‫َع ِن ُت ّْم َح ِر ٌ‬
‫الأ�سا�س في ح�� ّل ه��ذه الم�شاكل‪ ،‬على طريقة‬
‫�أح�سن‪ ،‬في �شخ�ص ّية عي�سى (ع)‪ ،‬الذي نرى �أ ّنه عبد‬ ‫(التوبة‪.)128 :‬‬
‫قوله تعالى‪َ } :‬ي��ا �أَ ُّي�� َه��ا ا َّل ِ��ذي��نَ � َآم�� ُن��و ْا َ�أ ِطي ُعو ْا‬
‫تج�سد فيه‪ ،‬وما �إلى‬ ‫اهلل ونب ّيه‪ ،‬والذي ترون �أنّ اهلل ّ‬
‫ول َو�أُ ْو ِل��ي الأَ ْم ِ��ر ِمن ُك ْم َف�إِن‬ ‫اللهّ َ َو�أَ ِطي ُعو ْا ال َّر ُ�س َ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫َت َنا َز ْعت ُْم ِفي َ�ش ْيءٍ َف ُر ُدّو ُه �إِ َلى اللهّ ِ َوال َّر ُ�س ِول{؛‬
‫�إنّ علينا �أن نطلق ال��ح��وار في دائ��رة العلم‪ ،‬ال في‬
‫نتع�صب‬ ‫و ذلك ب�أن نخل�ص لما قاله اهلل‪ ،‬فال ّ‬
‫دائ��رة الغوغاء‪ ،‬وعلينا �أن نلتقي في الحياة على ما‬
‫للخط�أ �إذا كان موقفنا خط�أً‪ ،‬و�أن نخل�ص لما‬
‫يوحد بيننا‪ ،‬ونلتقي في الخطوط الدينية على الكلمة‬ ‫ّ‬
‫نتع�صب للخط�أ �إذا ع�شنا‬ ‫قاله الر�سول‪ ،‬فال ّ‬
‫ال�سواء‪.‬‬
‫و�أ ّما الحـوار الإ�سـالمي اليهـودي‪ ،‬فم�شكلتنـا مع اليهود‬
‫�إلى القيادة في‬ ‫فيه‪ ،‬بل �أن ننطلق مع اهلل والر�سول بك ّل فكر‬
‫منفتح‪ ،‬وبك ّل فهم واع‪ ،‬وبك ّل موقف م�س�ؤول‪،‬‬
‫هي م�شكلة «�إ�سرائيل»؛ لأنّ اليهود في العالم ب�شكل‬ ‫الجمهورية الإ�سالم ّية‬
‫وبك ّل تقوى في الفكر‪.‬‬
‫عا ّم ـ مع بع�ض التح ّفظات ـ يلتزمون «�إ�سرائيل» ُجملة‬ ‫الإيران ّية‪:‬‬
‫وتف�صي ًال‪ .‬لذلك نحن نقف �أمام قوله تعالى‪َ } :‬ولاَ‬ ‫�إ ّنني �أقول لهم �إنّ عليهم �أن ينفتحوا على الواقع‬
‫َاب �إِ َاّل ِبا َّل ِتي ِه َي �أَ ْح َ�سنُ �إِ َاّل ا َّل ِذينَ‬ ‫ت َُجا ِد ُلوا �أَ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬ ‫الإ�سالمي ك ّله؛ باعتبار �أ ّنهم ي�ضعون �أنف�سهم في‬
‫َظ َل ُموا ِم ْن ُه ْم{ (العنكبوت‪� .)46 :‬إنّ م�شكلة اليهود‬ ‫موقع القيادة للم�سلمين‪ ،‬وهم يعلمون ـ ونحن نعلم‬
‫�أ ّنهم ـ بلحاظ الدائرة الإ�سرائيل ّية التي يلتقون عليها‬ ‫ـ �أنّ موقع القيادة للم�سلمين البد �أن ينظر �إلى‬
‫الم�سلمين بعينين مفتوحتين‪ ،‬ال �أن ينظر لهذا‬
‫ـ دائمـ ًا كانـوا ظالميـن‪ ،‬ومـن ال�صعب ج ّد ًا �أن تحاور‬ ‫بعين تختلف ع��ن العين التي ينظر بها لذاك‪.‬‬
‫الظالم؛ لأنّ الظالم يريد �أن يفر�ض عليك بو�سائل‬ ‫�أن تكون القيادة الإ�سالم ّية في موقع وعي ال�س ّر‬
‫الق ّوة‪ ،‬وال يريد �أن يدخل معك في حوار‪.‬‬ ‫إمامي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والخط ال ّ‬ ‫النبوي‬
‫ّ‬
‫مقابلة‬

‫�إلى الجيل الحوزوي‪:‬‬ ‫و�صايا ال�س ّيد‬


‫�إ ّنني �أعتقد �أنّ هناك الكثير من النماذج الواعية‬
‫في الحوزة التي لو ان�ض ّمت �إلى بع�ضها البع�ض‬
‫لأمكنها �أن تعطي موقع ق ّوة‪ .‬ولهذا ف�إ ّني �أن�صح‬
‫أف�سر ذلك �إال بحالة الطوارئ من‬ ‫�إ ّنني لم �أ�ستطع �أن � ّ‬
‫�إلى �أ�صدقاء الأم�س‪:‬‬
‫ب�أن تتكامل هذه الطاقات‪ ،‬من جيل متقدّم يملك‬ ‫لقد بد�أتم وبد�أنا مع ًا العمل على �أ�سا�س التح ّرك من �أجل‬
‫العقدة‪.‬‬
‫وعي ًا‪ ،‬ومن جيل متح ّفز يحاول �أن يتح ّرك في‬ ‫و�أق���ول لك ّل ال��ذي��ن �أث���اروا ال��ح��رب ���ض��دّي بالكثير من‬ ‫�إيجاد حركة الوعي في الأ ّمة من خالل الإ�سالم‪ ،‬ب�أن تعي‬
‫مدارج الوعي‪ ،‬ف�إنّ علينا �أن ن�ستنفر مواقع الق ّوة‬ ‫الكلمات غير الم�س�ؤولة‪� ،‬أق��ول لهم‪« :‬ال َّل ُه َّم ْاه ِ��د قومي‬ ‫خط �أهل البيت‬ ‫الخط الأ�صيل‪ ،‬وهو ّ‬ ‫الأ ّمة �إ�سالمها في ّ‬
‫عندنا‪ ،‬و�أن ن�صبر‪ ،‬و�أن نتابع الم�سيرة‪ ،‬و�أن نبحث‬ ‫ف�إ َّنهم ال يعلمون»‪« ،‬ال َّل ُه َّم اغفر لقومي �إ َّنهم ال يعلمون»‪..‬‬ ‫الخط الإ�سالمي بما نملك‬ ‫‪ ،E‬من �أجل �أن ن� ّؤ�صل ّ‬
‫عن ثغرة هنا وثغرة هناك؛ لأنّ الجمود موت‬ ‫�إنّ م�شكلتي معكم لي�ست م�شكلة ما تحدّثتم به‪ ،‬ولكنّ‬ ‫خط �أهل البيت ‪ E‬بما‬ ‫من طاقات ثقافية‪ ،‬ون� ّؤ�صل ّ‬
‫والحركة حياة‪ .‬وعلينا �أن نبقى في حركة دائمة؛‬ ‫م�شكلتي معكم �أ ّنكم ال تعرفون النتائج ال�سلب ّية التي‬ ‫نملك من هذه الطاقات‪ ،‬ونفتح الدرب لل�سالكين في هذا‬
‫��ط �أه���ل البيت‬ ‫�أح��دث��ت��م��وه��ا ف��ي واق���ع الإ���س�لام ف��ي خ ّ‬ ‫االتّجاه‪ ،‬ثم �أن نعمل على �أن يكون الإ�سالم قاعدة للفكر‬
‫�إذا ُ�س ّد علينا الباب من جهة فعلينا �أن نعمل على‬
‫‪E‬؛ فقد �صنعتم فتنة ال ترتكز على �أ�سا�س‪ ،‬بل‬ ‫وقاعدة للحياة‪.‬‬
‫�أن نفتح �أكثر من باب‪ ،‬و�إذا لم ن�ستطع �أن ندخل‬
‫لمج ّرد �أنّ هناك حاالت �شخ�ص ّية في دائرة �ض ّيقة لي�س‬ ‫وق���د ���س��رتُ ف��ي ه���ذا االتّ���ج���اه‪ ،‬ل��م �أن��ح��رف ع��ن��ه قيد‬
‫من الباب فعلينا �أن ندخل من النافذة‪.‬‬ ‫�شعرة‪ ،‬وق��د عانيتُ ما عانيت من ح��رب الم�ستكبرين‬
‫الدّين �شيء‪ ،‬ولي�س فيها من التقوى �شيء‪.‬‬ ‫فيها من ِ‬
‫المهم �أنّ علينا �أن نحمل م�س�ؤول ّية الإ�سالم من‬ ‫ّ‬ ‫وال�صهاينة والمتخ ّلفين؛ وقد يثقلني كثير ًا �أ ّنكم كنتم‬
‫ال كلمة لي �سوى �أن �أق��ول‪� :‬أ�س�أل اهلل �أن يهديكم �سواء‬
‫�أجل الم�ستقبل‪ ،‬ومن �أجل الإن�سان في الحا�ضر‬ ‫ال�سبيل‪ ،‬و�أن يو ّفقكم للتقوى‪ ،‬ولتطبيق ما در�ستموه‬ ‫�إلى جانب المتخ ّلفين؛ ه�ؤالء الذين لم يعي�شوا الإ�سالم‬
‫والم�ستقبل‪ ..‬و�أن نتح ّمل ك�� ّل النتائج ال�سلب ّية‬ ‫وتد ّر�سونه من الفقـه في �أكثر ما يتّ�صـل بهذه الحملـة‬ ‫فكر ًا وحركة‪ ،‬بل عا�شوه م��وا ّد جامدة‪ ،‬ال يعملون على‬
‫التي يفر�ضها علينا ذلك‪� ..‬إ ّنني �أت�ص ّور �أنّ من‬ ‫الظالمة‪.‬‬ ‫�أن يعطوها حيو ّيتها الفكر ّية والروح ّية‪ ،‬وه���ؤالء الذين‬
‫ال�صعب ج ّد ًا �أن ن�صل �إلى الأهداف الكبرى ما‬ ‫�أما ه�ؤالء الذين انجرفوا مع الت ّيار فهم على �أق�سام‪:‬‬ ‫لم يدر�سوا الإ�سالم درا�سة مفهوم ّية‪ ،‬و�أك��اد �أق��ول �إنّ‬
‫لم نتح ّمل الكثير من الجراح والآالم وال�صدمات‬ ‫هناك الق�سم الأك��ب��ر‪ ،‬وه��م ال��ذي��ن انطلقوا م��ن �أجل‬ ‫الأكثر ّية منهم ـ وهم في المواقع العليا في الحوزات ـ لم‬
‫طموحاتهم �أو مطامعهم ال�شخ�ص ّية التي ر�أوه��ا لدى‬ ‫يدر�سوا العقيدة الإ�سالم ّية والعقيدة المذهب ّية ال�شيع ّية‬
‫والإ�سقاطات‪ ،‬وعلينا �أن نقتدي بالأنبياء والأئ ّمة‪،‬‬
‫الفريق الآخر مال ّي ًا �أو جاه ّي ًا‪ ،‬فانجرفوا في هذا الت ّيار؛‬ ‫الحرفي» و«الترتّب»‬
‫ّ‬ ‫درا�س ًة علم ّية‪ ،‬كما در�سوا «المعنى‬
‫النبي (���ص) ال��ذي ُرج��م ب�أكثر من‬ ‫وال �س ّيما ّ‬
‫لأ ّنه �أُريد لهم �أن يبتعدوا �أو يهاجموا �أو يتّهموا‪.‬‬ ‫وما �إلى ذلك‪ .‬ولهذا‪ ،‬ف�إ ّنهم عندما يتّخذون موقف ًا ف�إ ّنهم‬
‫حجارة‪ ،‬في كالم ال�شتيمة وفي االتّهامات التي‬ ‫ال يتّخذونه من موقع علم‪ ،‬بل �إ ّنهم يتح ّركون مع العوا ّم‬
‫وهناك الذين تحدّث اهلل عنهم‪َ } :‬و ِم ْن ُهم َّمن َي ْلمِ ز َُك‬
‫ال تتنا�سب مع النب ّوة‪ ،‬ح ّتى رمي بالجنون‪ ،‬ومع‬
‫ات َف ِ�إنْ ُ�أ ْع ُطو ْا ِم ْن َها َر ُ�ضو ْا َو ِ�إن َّل ْم ُي ْع َط ْو ْا ِمن َها‬
‫ال�صدَ َق ِ‬
‫ِفي َّ‬ ‫في كثير مما يجتذب م�شاعر العوا ّم‪.‬‬
‫ا�س َت ِق ْم َك َما‬ ‫ذلك قال اهلل له‪َ }:‬ف ِل َذ ِل َك َف��ا ْد ُع َو ْ‬ ‫ِ�إ َذا هُ ْم َي ْ�س َخ ُطونَ { (التوبة ‪ .)58 :‬وهناك الأ�شخا�ص‬ ‫�إ ّنه يثقلني �أ ّنكم في موقع واحد‪ ،‬و�أ ّنكم دخلتم في تحالف‬
‫�أُ ِم��� ْرتَ { (ال�شورى ‪ ،)15 :‬وا�ستقام كما �أُمر‪،‬‬ ‫الب�سطاء الط ّيبون الذين لم ي�ستطيعوا الثبات �أمام هذه‬ ‫غير مبا�شر وغير مقدّ�س معهم في الموقف م ّني‪ ،‬و�أنا‬
‫وا�ستطاع �أن يفتح العالم على الإ�سالم‪ ،‬وعلينا �أن‬ ‫الهجمة‪ ،‬ول��م يملكوا الثقافة التي ي�ستطيعون بها �أن‬ ‫�أعمل من �أجل �إدخال الإ�سالم ومذهب �أهل البيت �إلى‬
‫ندعو ون�ستقيم لنفتح العالم على الإ�سالم حتّى‬ ‫يواجهوا الأم��ور من موقع درا�سة عميقة‪� ،‬أو من الذين‬ ‫الجيل المعا�صر في ال�شرق وفي الغرب‪ ،‬من حيث تقديم‬
‫لو وقف �أمامنا المتخ ّلفون وال�ضا ّلون والكافرون‬ ‫�سقطوا تحت ت���أث��ي��ر الإره����اب ال��ف��ك��ري والتهديد في‬ ‫ال�صورة الم�شرقة التي تلتقي وتعالج م�شاكلهم من خالل‬
‫�أرزاقهم وفي مواقعهم‪..‬‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬ومن خالل تراث �أهل البيت ‪ .E‬و�إذا كان‬
‫والم�ستكبرون؛ }ا َّل ِذينَ �أُخْ ِر ُجوا ِمن ِد َيار ِِه ْم ِب َغ ْي ِر‬
‫َح ٍ ّق �إِ َاّل �أَن َي ُقو ُلوا َر ُّب َنا َهّ ُ‬ ‫ولذلك ف�إ ّني ال �أزال �أحمل لهم ك ّل مح ّبة و �أدع��و اهلل‬ ‫بع�ضكم قد ي�ش ّكك في موقعي االجتهادي‪ ،‬و�أن��ا �أعرف‬
‫{(الحج‪.)40:‬‬ ‫ّ‬ ‫الل‬
‫لهم بالهداية‪ ،‬ال لح�ساباتي ال�شخ�ص ّية‪ ،‬ولكن لأ ّني �أجد‬ ‫�أ ّنكم قد �ص ّرحتم بذلك �أكثر من م ّرة لأكثر من �شخ�ص‬
‫� َّأن ه�ؤالء الذين قد يتّخذون كما اتّخذ بع�ضهم لأنف�سهم‬ ‫بال�صوت العالي‪ ،‬ف�إ ّنه لي�ست عندي م�شكلة �أن يكون لكم‬
‫مواقع في ال�ساحة الإ�سالم ّية‪ ،‬قد ُي�ض ّلون ال ّنا�س من حيث‬ ‫�شك في ذل��ك‪ ،‬ولكن لماذا ت���ؤ ّك��دون على الم�س�ألة في‬ ‫ّ‬
‫خط‬‫ي�شعرون �أو ال ي�شعرون‪ ،‬وقد يدخلون في حرب مع ّ‬ ‫هذا الجانب وتحاولون �أن تبعدوا النا�س الذين ي�ؤمنون‬
‫خط التخ ّلف؛ لأ ّنني �أج��د �أنّ ال�ساحة‬ ‫الوعي لم�صلحة ّ‬ ‫بذلك‪ ،‬في الوقت الذي ال تتحدّثون بكلمة عن الآخرين‬
‫تنحدر �إلى حالة من الغل ّو في العقيدة‪ ،‬واالنحراف في‬ ‫الذين تعتقدون عقيدة �سابقة والحقة ب�أ ّنهم لي�سوا بهذا‬
‫الخط‪ ،‬والتخ ّلف في فهم الأ�شياء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الموقع؟!‬
‫تعلمت من ر�سول اهلل (�ص) �أن �أكون مفتوح القلب لكل النا�س‬

‫في فكر المرجع ف�ضل اهلل‬ ‫�صالة الجمعة‬ ‫ال�شيخ يا�سر عودة‬
‫ولذلك واجه القر�آن ه�ؤالء ا ّلذين تركوا‬ ‫ولكني لم �أو ّف��ق �إلى ذلك‪ ،‬فقال(ر�ض)‪:‬‬ ‫�أخذت �صالة الجمعة م�ساح ًة في فكر المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل‬
‫ر���س��ول اهلل(�����ص) ف��ي خطبته ل�صالة‬ ‫حج الم�ساكين”‪.‬‬ ‫عليك بالجمعة‪ ،‬ف�إ ّنها ّ‬ ‫ومف�سر ًا و�شارح ًا لكتاب‬
‫اهلل(ره)‪ ،‬وذلك من منطلق كونه رج ًال قر�آني ًا م�شتغ ًال وعام ًال ّ‬
‫الجمعة‪ ،‬واندفعوا �إل��ى ال ّلهو والتجارة‪،‬‬ ‫وكذلك ورد عن الإم��ام ع��ل ّ��ي(ع)‪“ :‬من‬ ‫اهلل‪ ،‬حتّى �أفا�ض عليه من معينه‪ ،‬و�أغ��دق عليه من علومه‪ .‬و�سوف نتنناول في هذا‬
‫العملي‪ ،‬ثم‬ ‫و�سجل عليهم هذا االنحراف‬ ‫ّ‬ ‫ت���رك ال��ج��م��ع��ة ث�ل�اث��� ًا ل��غ��ي��ر ع�� ّل��ة ُكتب‬ ‫المجال مفرد ًة فقه ّي ًة �أخذت م�ساح ًة وا�سع ًة في اهتمامه(ره)‪ ،‬لأنها تم ّثل في نظرته‬
‫ّ‬ ‫جوانب عديدة‪� ،‬سنتناولها في �شكل مخت�صر‪..‬‬
‫الموجهة التي‬ ‫ّ‬ ‫بادرهم بالكلمة الوعظ ّية‬ ‫منافق ًا”‪.‬‬
‫تدعو �إلى التفكير الهادئ والت�أمل العميق‬
‫في ما هي النتائج على م�ستوى الم�صير‪.‬‬
‫الجانب العملي‪:‬‬
‫لقد ر�أى �سماحة ال�س ّيد الأ�ستاذ(ره)‬
‫الفوائد الكبيرة ل�صالة الجمعة‪ ،‬ف�ض ًال‬
‫ع��ن الأج���ر وال��ث��واب‪ ،‬و�صقل �شخ�صية‬
‫الم�سلم الإيمان ّية والروح ّية‪ ،‬حيث هناك‬
‫ج��وان��ب عملية ع��دي��دة ال يح�صل عليها‬
‫المجتمع الم�سلم �إال م��ن خ�ل�ال هذا‬
‫��ادي‪ ،‬ولع ّل ت�سميته بيوم‬ ‫االجتماع ال��ع��ب ّ‬
‫الجمعة‪ ،‬لأنّ ال ّنا�س تجتمع فيه على طاعة‬
‫اهلل ع ّز وج ّل‪ ،‬لت�أخذ العبر‪ ،‬ولتعي�ش حالة‬
‫التف ّكر والفكر‪ ،‬ولتنطلق مع �إمام ال�صالة‬ ‫بغ�ض النظر عن‬ ‫الجمع بين ال��رواي��ات‪ّ ،‬‬ ‫الفقهي‪:‬‬ ‫الجانب‬
‫ّ‬
‫ف��ي وع��ظ��ه و�إر�����ش����اده‪ ،‬ولتح�صل على‬ ‫لم يكن ال�س ّيد(ره) فقيه ًا‬ ‫الآي��ة ومقت�ضى الجمع‪ ،‬ما �أدّى بهم �إلى‬ ‫ً‬
‫يرى ال�س ّيد الأ�ستاذ(ره) مرجعية للقر�آن‬
‫مكا�سب الجمعة العمل ّية التي قد تت�ص ّور‬
‫ال�شكل التالي‪:‬‬ ‫على َّ‬ ‫مجدّ د ًا فقط من خالل‬ ‫�أق��وال �أربعة‪ ،‬م�ستحب ومكروه وواجب‪،‬‬ ‫الكريم في كل �شيء‪� ،‬إذ هو ميزان المعرفة‬
‫مخالفة الم�شهور‪ ،‬بل كان رائد‬ ‫وق���ول ن���ادر بحرمة �إقامتها ف��ي ع�صر‬ ‫و�أ�سا�س العلوم‪ ،‬وهذا ما م ّيزه عن غيره‬
‫�أ ـ فمنبر الجمعة‪ ،‬من خالل فكر ال�س ِّيد‬ ‫الغيبة‪..‬‬ ‫م��ن الفقهاء‪� ،‬إذ اقت�صروا على �آي��ات‬
‫الأ���س��ت��اذ(ره)‪ ،‬يقوم على توعية ال َّنا�س‬ ‫الفقهي‬
‫ّ‬ ‫الإبداع التّجديديّ‬ ‫لكنّ �س ّيدنا الأ���س��ت��اذ(ره)‪ ،‬ال��ذي جعل‬ ‫تو�سع �س ّيدنا‬ ‫الأحكام الخم�سمائة‪ ،‬بينما ّ‬
‫على �ش َتّى المعارف الإ�سالم َّية والأحداث‬ ‫ال��ق��ر�آن ح��اك��م�� ًا‪ ،‬ر�أى ال��وج��وب ل�صالة‬ ‫الأ���س��ت��اذ(ر���ض)‪ ،‬لي�ستبطن القواعد‪،‬‬
‫ال�سيا�س َّية‪ ،‬ال�شتماله على الخطبة ال ّثانية‬ ‫وورد ع��ن الإم����ام ال��ب��اق��ر(ع)‪�“ :‬صالة‬ ‫الجمعة مع اجتماع �شرائطها‪ ،‬وق ّوى هذه‬ ‫ولي�ستوحي المعاني الفقهية والأحكام من‬
‫تهم‬
‫ال�سيا�س َّية‪ ،‬وكذلك على الأمور التي ّ‬ ‫الجمعة فري�ضة‪ ،‬واالجتماع �إليها فري�ضة‬ ‫ال��رواي��ات الداعمة لإقامتها‪ ،‬حيث ع ّلق‬ ‫غير هذه الآيات‪ ،‬كما في قاعدة “ك ّل ما‬
‫المجتمع‪.‬‬ ‫مع الإم��ام‪ ،‬ف���إن ترك رجل من غير ع ّلة‬ ‫�سماحة ال�س ّيد الأ�ستاذ(ره) على الآية في‬ ‫كان �ضرره �أكثر من نفعه فهو حرام”‪،‬‬
‫ب ـ � َّإن �صالة الجمعة ت���ؤدّي �إل��ى وحدة‬ ‫ث�لاث ج��م��ع‪ ،‬فقد ت��رك ث�لاث فرائ�ض‪،‬‬ ‫تف�سيره “من وحي القر�آن” بقوله‪“ :‬وهذا‬ ‫حيث ا�ستند �إلى قوله تعالى‪ُ } :‬ق ْل فِيهِ َما‬
‫الطاعة‬ ‫الم�سلمين المجتمعين على تلك ّ‬ ‫وال ي��دع ث�لاث فرائ�ض من غير ع ّلة �إال‬ ‫ا�س َو�إِ ْث ُم ُه َما َ�أ ْك َب ُر ِمن‬
‫ن��داء قر�آني يح ّمل الم�سلمين م�س�ؤول ّية‬ ‫�إِ ْث ٌم َك ِبي ٌر َو َم َنا ِف ُع ِلل َّن ِ‬
‫�����وم واح�����د‪ ،‬وت��ع��زّز‬
‫����ت واح�����دٍ وي ٍ‬
‫ف���ي وق ٍ‬ ‫منافق”‪.‬‬ ‫ح�ضور �صالة الجمعة التي �أرادها اهلل �أن‬ ‫َّن ْفعِهِ َما{ (البقرة‪ ،)219 :‬فطالما �أنّ‬
‫االن�سجام بينهم �أكثر‪.‬‬ ‫وقول ر�سول اهلل(�ص)‪“ :‬من ترك ثالث‬ ‫تكون �صال ًة جامعة”‪...‬‬ ‫ال�ضرر الكبير‬ ‫الع ّلة من�صو�ص عليها‪ ،‬وهي ّ‬
‫الطاعة الجماع َّية تعك�س ق َّوة‬ ‫ج ـ � َّإن هذه َّ‬ ‫جمع متهاون ًا طبع على قلبه”‪.‬‬ ‫يخ�ص�ص الوارد‪ ،‬وهكذا في‬ ‫في الآية‪ ،‬فال ّ‬
‫الم�سلمين في اتّحادهم‪ ،‬ل َّأن من تجمعه‬ ‫وفي حديث �آخر‪“ :‬من �أتى الجمعة �إيمان ًا‬ ‫بحثها‪..‬‬ ‫مورد‬ ‫المجال‬ ‫آيات �أخرى‪ ،‬لي�س‬ ‫� ٍ‬
‫�صالته‪ ،‬تجمعه وحدة ق�ضاياه‪.‬‬ ‫واحت�ساب ًا ا�ست�أنف العمل”‪..‬‬ ‫� ّأكد ال�س ّيد (ره) الفوائد‬ ‫لك ّنني �أ�شرت �إلى ذلك لأ�صل �إلى مورد‬
‫ال�صالة تجدّد ال ّروح الإيمان َّية‪،‬‬ ‫د ـ � َّإن هذه َّ‬ ‫والروايات الم�ؤيدة للقر�آن كثيرة‪ ،‬ول�سانها‬ ‫البحث‪ ،‬حيث اعتبر(ره) الآي��ة الكريمة الكبيرة ل�صالة الجمعة‪ ،‬حيث انها‬
‫وترفع من معنو ّيات الم�ؤمنين‪.‬‬ ‫عدم الترخي�ص لترك فري�ضة الجمعة‪..‬‬ ‫في �سورة الجمعة } َيا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ � َآم ُنوا ت�صقل �شخ�صية الم�سلم الإيمان ّية‬
‫هـ ـ �إنّ لقاء الم�سلمين في �صالة الجمعة‪،‬‬ ‫وحي‪:‬‬
‫الجانب ال ّر ّ‬ ‫ْ‬ ‫�إِ َذا ُن��و ِدي ِل َّ لاَ‬
‫يجعلهم يجدون ح ًال لم�شكالتهم العا ّمة‪،‬‬ ‫لقد �أ ّكد �سماحة ال�س ّيد الأ�ستاذ(ره) في‬ ‫ل�ص ِة ِمن ً َي�� ْو ِم ال ُج ُم َع ِة‪ ...‬والروح ّية‪ ،‬واعتبرها تلبية للنداء‬
‫{(الجمعة‪ ،)9 :‬حاكمة على الروايات‬
‫الموجه �إلى بالدهم‪.‬‬ ‫ويواجهون التّحدّي ّ‬ ‫وحي‬‫منا�سبات عديدة �أهم ّية الجانب ال ّر ّ‬ ‫آني‬
‫المختلفة التي ت�شير �إلى وجوب �إقامتها‪ ،‬القر� ّ‬
‫��ض�لا ع��ن ف��وائ��د �أخ����رى كثيرة‪،‬‬ ‫ه���ذا ف��� ً‬ ‫ل�صالة الجمعة‪ ،‬حيث �إنها ت�صنع �شخ�ص ّية‬ ‫�أو هي م�شروطة بوجود �إمام مع�صوم‪� ،‬أو‬
‫كالتّعارف الذي يح�صل بينهم‪ ،‬وق�ضاء‬ ‫ال��م���ؤم��ن‪ ،‬وت��ل��غ��ي ن��ق��اط ال ّ‬
‫�����ض��ع��ف فيه‪.‬‬ ‫ما �إلى ذلك‪ ،‬فحاكم ّية القر�آن في الذهن ّية‬
‫ح��وائ��ج بع�ضهم بع�ض ًا‪ ،‬وال���ت����آزر فيما‬ ‫ويقول(ره)‪� :‬إن وجود نقاط ال�ضعف في‬ ‫وائي‪:‬‬
‫الر ّ‬ ‫الفكر ّية الفقه ّية االجتهاد ّية عند ال�سيد الجانب ّ‬
‫بينهم‪ ،‬وم��ا �إل��ى ذل��ك‪ ،‬ك�� ّل ه��ذه الفوائد‬ ‫كل جيل م�سلم‪ ...‬ال يخ ّفف من م�س�ؤول ّية‬ ‫الأ�ستاذ(ره) جعلته فقيه ًا مجدّد ًا‪ ،‬ولع ّل لقد اعتمد �سماحة ال�س ّيد الأ�ستاذ في‬
‫وغيرها جعلت �سماحة ال�س ّيد الأ�ستاذ‪،‬‬ ‫القيادة على التعامل معه‪ ،‬وااللتفات �إلى‬ ‫كلمة التّجديد ال تفي بالغر�ض‪ ،‬لأنها قد وعيه القر�آني على الروايات التي ت�ؤ ّكد‬
‫ينظر بعين القر�آن‪ ،‬لأ ّنه كالم اهلل تعالى‬ ‫نقاط الق ّوة الأخرى الموجودة في داخله‬ ‫تنطبق على من يخالف فتاوى الم�شهور‪ ،‬روح ال��ق��ر�آن وت�ستوحي معانيه‪ ،‬وتحثّ‬
‫�شك ان‬ ‫ا ّلذي هو �أعلم بم�صالح العباد‪ ،‬وال ّ‬ ‫ل��دى الأف����راد الآخ��ري��ن‪ ،‬لتنطلق �صالة‬ ‫ب��ل ال���ذي ي��ف��ي رب��م��ا ب��ال��غ��ر���ض‪ ،‬و�صفه على �إقامة �صالة الجمعة‪ ،‬وتعد المحافظ‬
‫�صالة الجمعة تحتوي ك ّل �ألوان الم�صالح‬ ‫لتوجه وتر�شد وتقود‬ ‫الجمعة �أو القيادة‪ّ ،‬‬ ‫عليها ب��ال��ث��واب‪ ،‬وق��د ���س��م��ع��ت��ه(ره) في‬ ‫الفقهي‪...‬‬ ‫ّجديدي‬
‫ّ‬ ‫بالإبداع الت‬
‫ّ‬
‫التي ت�ؤدّي �إلى وجوبها‪ ..‬لذا ر�أى وجوبها‬ ‫من خالل كالم اهلل‪ ،‬ومن خالل القدوة‪،‬‬ ‫من هنا‪ ،‬كانت حاكم ّية ال��ق��ر�آن تفر�ض �أ ّول جمعة �أق��ام��ه��ا‪ ،‬ي��روي �أم��ام��ن��ا هذه‬
‫ووجوب ح�ضورها فر�ض عين‪ ،‬ل ُين َه َل من‬ ‫�أو من خالل التّرغيب والتّرهيب‪..‬‬ ‫الأخ��ذ به والتم�سك بحكمه‪ ،‬وخ�صو�ص ًا ال ّروايات‪ ،‬نذكر بع�ضها للتب ّرك‪:‬‬
‫عطائها‪.‬‬ ‫وهكذا كان ر�سول اهلل(�ص) يخطب فيهم‬ ‫مع مو�ضوع الآية التي ت�أمر بال�سعي عند ورد ع��ن ر���س��ول اهلل(�����ص) ف��ي و�سائل‬
‫فر�ضوان اهلل عليه ح ّي ًا في فكره‪ ،‬وراح ًال‬ ‫ليوجههم نحو مواقع‬ ‫في �صالة الجمعة‪ّ ،‬‬ ‫ال�شيعة‪ ،‬باب �صالة الجمعة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫النداء لأداء �صالة الجمعة‪ ،‬وهذا بخالف‬
‫في ج�سده‪..‬‬ ‫الفالح وال�سم ّو في الدّنيا والآخرة‪ ..‬يدفع‬ ‫ال�سائدة عند العلماء “�شكا رجل �إل��ى النبي(�ص) فقال‪ :‬يا‬ ‫النظرة الفقهية ّ‬
‫بالكلمة الهادئة ت���ار ًة‪ ،‬والقو َّية �أخرى‪،‬‬ ‫(�أع��ل��ى اهلل مقامهم)‪ ،‬حيث يحاولون ر�سول اهلل‪� ،‬إني تهي�أت للحج عدة مرات‪،‬‬
‫‪19‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫الحكمة والإ�صالح في نهج المرجع ف�ضل اهلل‬
‫العالمة ال�شيخ ح�سين الخ�شن‬
‫الكالم في محفل “ال�س ّيد” فيه ُغ ّ�صة‪ ،‬والكالم عن “ال�س ّيد”‬
‫ب�صيغة الما�ضي فيه ُغ ّ�صة �أكثر؛ لأنّ “ال�س ّيد” عنوان الح�ضور‪،‬‬
‫ال�شم�س في الآف���اق‪ ،‬ح�ضور الأم��ل في عيون‬ ‫وه��و الحا�ضر فينا ح�ضور ّ‬
‫الأطفال‪ ،‬والحا�ضر فينا ح�ضور ال ّروح في الأج�ساد‪.‬‬
‫يتحدث‬
‫يلج بحره المتالطم؛ �أتراه َّ‬ ‫والمتح ّدث عن ال�س ّيد‪ ،‬يحار من كيف ُ‬
‫عن ال�س ِّيد الإن�سان �أم ال�س ِّيد المف ّكر �أم ال�س ِّيد الفقيه �أم ال�س ِّيد ّ‬
‫ال�شاعر �أم‬
‫ال�س ِّيد ال ّداعية والمر ّبي؟!‪..‬‬

‫البيت(ع) قال – في تف�سير هذه الآية –‬ ‫�أن يتح ّرك على �صعيدين‪:‬‬ ‫كي ال نقع في الإفراط والتّفريط‪ ،‬وبحاج ٍة‬ ‫الحكمة في منهج ال�س ِّيد ‪:‬‬
‫“�أخرجها من �ضالل �إلى هدى”‪.‬‬ ‫ـ �صعيد الإ�صالح بني ال ّنا�س‪.‬‬ ‫�إلى الحكمة في عاطفتنا‪ ،‬كي ال نقع في‬ ‫لقد ك��ان��ت الحكمة ع��ن��وان “ال�س ِّيد”‪،‬‬
‫الخط ال ّثاني‪ :‬فهو الإ���ص�لاح على‬ ‫و�أ ّم���ا ّ‬ ‫ـ و�صعيد �إ�صالح ال ّنا�س‪.‬‬ ‫الحب الأعمى �أو في �شطط الحقد‬ ‫غلواء ّ‬ ‫وكما كان “ال�س ِّيد” هو عنوان الحكمة‪،‬‬
‫م�ستوى ال��ن�����ص��و���ص؛ ب���إ���ص�لاح نظرتنا‬ ‫ّ‬ ‫ال�صعيد الأ َّول‪ ،‬فنحن �أمام مه ّم ٍة‬ ‫� َّأما على َّ‬ ‫الأ���س��ود‪ ،‬وب��ح��اج�� ٍة �إل��ى الحكمة ف��ي كلّ‬ ‫ورب��م��ا تط ّل بنا حكمة “ال�س ّيد” بادئ‬
‫وتعاملنا مع ال ّن�صو�ص‪ ،‬والإ���ص�لاح هنا‬ ‫عا ّم ٍة موكل ٍة �إلى ك ّل �إن�سان في �أن ي�صلح‬ ‫العملي كي ال نقع في‬ ‫ّ‬ ‫م�سيرتنا و�سلوكنا‬ ‫ذي بدءٍ على واحدٍ من �أبعاد �شخ�ص َّيته‪،‬‬
‫�ص‪،‬‬ ‫ال يعني االج��ت��ه��اد ف��ي م��ق��اب��ل ال ّن ّ‬ ‫بين ال ّنا�س �إذا تنازعوا وتباعدوا‪ ،‬وقد‬ ‫ال�ضالل �أو االنحراف‪.‬‬ ‫الزّيغ �أو في ّ‬ ‫�سالي‪ ،‬وهو من‬ ‫أخالقي ال ّر ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهو ال ُبعد ال‬
‫�����ص ومراميه‬ ‫ب��ل االج��ت��ه��اد ف��ي فهم ال�� ّن ّ‬ ‫�أراد اهلل لنا جميع ًا �أن نتح ّمل �أعباء هذه‬ ‫والحكمة في مدر�سة “ال�س ّيد” ال تعني‬ ‫أهم �أبعاد �شخ�ص ّيته‪ .‬لقد كان “ال�س ّيد”‬ ‫� ّ‬
‫ومقا�صده‪.‬‬ ‫�شخ�ص و�آخر‪�}:‬إِ َّن َما‬ ‫ٍ‬ ‫المه ّمة دون فرقٍ بين‬ ‫ال��م��داه��ن��ة �أو اال���س��ت�����س�لام ل��ل��واق��ع‪ ،‬بل‬ ‫يحمل الحكمة في دعوته وف��ي عالقاته‬
‫وقد كانت ر�ؤية “ال�س ّيد” هنا الإحيائ ّية‬ ‫ا ْل ُم�ؤ ِْم ُنونَ �إِخْ �� َو ٌة َف َ�أ ْ�ص ِل ُحوا َب ْينَ َ�أ َخ َو ْيك ْمُ‬ ‫الحكمة ع��ن��ده ت��ف��ر���ض ـ ف��ي ك��ث��ي ٍ��ر من‬ ‫وف��ي حركته ال ّر�سال ّية وف��ي ك�� ّل حركته‬
‫وال��� ّت���ج���دي���د ّي���ة‪� ،‬أ ّن�����ه ك����ان ي��ن��ظ��ر �إل���ى‬ ‫الل َل َع َّل ُك ْم ُت ْر َح ُمونَ {(الحجرات‪:‬‬ ‫َوا َّت ُقوا َهّ َ‬ ‫الأحيان ـ �صدم الواقع ليهتزّ‪ ،‬ولت�ستيقظ‬ ‫الأخالق ّية؛ لأ ّنه كان ي�ؤمن ب�أنّ الأخالق‬
‫ال�شروحات وعن‬ ‫ال ّن�صو�ص بعيد ًا عن ك ّل ّ‬ ‫‪.)10‬‬ ‫ال�سبات ا ّلذي تعي�شه‪ .‬ومن هنا‬ ‫العقول من ُّ‬ ‫حركة في الواقع‪ .‬لقد كان �صاحب ُخ ُل ٍق‬
‫ك�� ّل التّفا�سير‪ ،‬ك��ان يتعامل م��ع القر�آن‬ ‫� َّإن ال��م��ه�� َّم��ة الإ���ص�لاح�� َّي��ة ف��ي مدر�سة‬ ‫كانت الحكمة عند “ال�س ّيد” هي العنوان‬ ‫نبوي بامتياز‪ ،‬وذلك ما م َّيزه عن �أقرانه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ك�أ ّنما ن��زل عليه‪ .‬وق��د كانت ه��ذه ميزة‬ ‫“ال�س ِّيد” هي عبادة ودين يدين اهلل به‪،‬‬ ‫إ�صالحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا ّلذي ي�ستهديه في منهجه ال‬ ‫و�أقول هذا على معرف ٍة وخبر ٍة بالعلماء‪.‬‬
‫من ميزات “ال�س ّيد”‪ ،‬حيث ك��ان يقول‬ ‫خط �أبي عبد اهلل الح�سين(ع)‬ ‫على ّ‬ ‫ال��ح��ك��م��ة ف��ي م��در���س��ة ال�����س�� ّي��د ال تعني‬ ‫لقد تم ّيز ال�س ّيد وف��اق الكثيرين‪ ،‬كان‬
‫لتالمذته‪�“ :‬إقر�أوا ال ّن�صو�ص قبل �أن‬ ‫المداهنة �أو اال�ست�سالم للواقع‪ ،‬بل �صدم‬ ‫مت�سامي ًا ف��ي �أخ�ل�اق���ه‪ ،‬مت�سامي ًا في‬
‫ال�شروح‪ ،‬واق��ر�أوا المتون قبل �أن‬ ‫تقر�أوا ّ‬ ‫ال��واق��ع ليهتزّ‪ ،‬ولت�ستيقظ ال��ع��ق��ول من‬ ‫توا�ضعه‪ ،‬مت�سامي ًا في �سعة �صدره و�صبره‬
‫ّ‬
‫تقر�أوا الهوام�ش”؛ �إنه يريدنا �أن نتعامل‬ ‫تعالوا لنقر�أه بعين الإن�صاف‬ ‫ال�سبات ا ّلذي تعي�شه‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫وتح ّمله ل�ل��أذى م��ن هنا وه��ن��اك‪ ،‬وكان‬
‫ال�شروحات‬ ‫ب�شكل مبا�شر؛ لأنّ ّ‬ ‫�ص ٍ‬ ‫مع ال ّن ّ‬ ‫�إنّ ال��م��ه�� ّم��ة الإ���ص�لاح�� ّي��ة ف��ي مدر�سة‬
‫والعدل‪ ..‬ف ��إذا َح َج َبنا كثي ٌر‬ ‫مت�سامي ًا في تح ّمله وفي ا�ستيعابه لل ّنا�س‬
‫�أثقلت كاهل ال ّن�صو�ص في ك�� ّل الأديان‬ ‫“ال�س ّيد” هي عبادة ودين يدين اهلل به‪،‬‬ ‫��ذك��رن��ا ف��ي ذل��ك ك ّله‬ ‫و���ص��ب��ره عليهم؛ ي ِّ‬
‫ولي�س في الإ�سالم فقط‪.‬‬ ‫من الغبار عنه في حياته‪،‬‬ ‫على خ ّ��ط �أب��ي عبد اهلل الح�سين(ع)‪،‬‬ ‫بر�سول اهلل(�ص)‪� ،‬إذ خاطبه اهلل تعالى‪:‬‬
‫لإعادة قراءة ال�س ّيد‪:‬‬ ‫فليم ِّثل رحيله وقفة ت� ّأمل‬ ‫عندما ق��ال‪�“ :‬إ ّني ل��م �أخ���رج �أ���ش��ر ًا وال‬ ‫ا�ص ِب ْر َنف َْ�س َك َم َع ا َّل ِذينَ َي ْد ُعونَ َر َّب ُهم‬
‫} َو ْ‬
‫إ�صالحي بنف�سه؛‬
‫ّ‬ ‫وقد ابتد�أ “ال�س ّيد” ال‬ ‫ً‬
‫وفر�صة لالعتبار‬ ‫بطر ًا وال مف�سد ًا وال ظالم ًا‪� ،‬إنما خرجت‬ ‫ِبا ْل َغدَ ا ِة َوال َع ِ�ش ِّي ُي ِريدُونَ َو ْج َههُ{(الكهف‪:‬‬
‫ْ‬
‫ف�أ�صلحها وتح ّلى بالجر�أة‪ ،‬ول��م ت�أخذه‬ ‫لطلب الإ�صالح في �أ ّم��ة ج��دّي‪� ،‬أري��د �أن‬ ‫‪.)28‬‬
‫في اهلل لومة الئم؛ ولهذا �أقول لك ّل ا ّلذين‬ ‫�آم���ر ب��ال��م��ع��روف و�أن��ه��ى ع��ن المنكر”‪.‬‬ ‫و�أعتقد � َّأن من م�س�ؤول َّيتنا‪� ،‬أن نعمل على‬
‫ال�صعيد ال َّثاني‪ ،‬فنحن �أمام‬ ‫� َّأم���ا على َّ‬ ‫و�أخال “ال�س ّيد” ُي�سا ِئ ُلنا‪� :‬إذا كانت الأ ّمة‬
‫اختلفوا حول ال�س ّيد‪ ،‬ومعه‪ ،‬وفيه‪ :‬تعالوا ـ‬ ‫ّ‬
‫خا�ص ٍة ال ي�ستطيع النهو�ض ب�أعبائها‬ ‫مه ّم ٍة َّ‬ ‫�أن نمنهج ه��ذا ال��ج��ان��ب ف��ي �شخ�ص َّية‬
‫وبعد رحيله ـ لنقف مل ّي ًا مع “ال�س ّيد”‪ ،‬مع‬ ‫الإ�سالم ّية احتاجت �إل��ى الإ���ص�لاح بعد‬ ‫كل الإ�شارات‬ ‫“ال�س ّيد”‪ ،‬وذلك ب�أن نلتقط َّ‬
‫�إ ّال ق ّلة من ال ّنا�س‪ ،‬حيث يعمل الم�صلح‬ ‫ن�صف ق��رنٍ من الزّمن من وف��اة ر�سول‬
‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫فكره وفقهه وتف�سيره‪ ،‬وك ّل نتاجه‬ ‫على �إ�صالح ال ّنا�س �أف��راد ًا �أو جماعات؛‬ ‫نبوي رفيع‪ ،‬لنح ّولها‬ ‫التي تع ّبر عن ُخ ُل ٍق ّ‬
‫أدبي وك ّل م�سيرته ال ّر�سال ّية‪ ...‬لنقر�أه‬ ‫وال ّ‬ ‫اهلل(���ص)‪ ،‬حيث نه�ض بهذه المه ّمة �أبو‬ ‫عملي‪ ،‬ليغدو “ال�س ّيد” مثالً‬
‫و�أن ي�صلح الإن�سان الفرد‪� ،‬أن يد ّله على‬ ‫منهج ّ‬ ‫�إل��ى ٍ‬
‫بعين الإن�صاف والعدل‪ ،‬ال بعين ال ّر�ضا‬ ‫عبد اهلل الح�سين(ع)‪ ،‬فما بالك بعد‬ ‫ولكل الأجيال القادمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫�أعلى لجيلنا ِ‬
‫طريق الهدى‪ ،‬و�أن ي�صلح الإن�سان الأ ّمة‪،‬‬
‫ال�سخط‪ .‬ف�إذا َح َج َبنا كثي ٌر من‬ ‫وال بعين ّ‬ ‫م�ضي القرون الطويلة؟! �أفال تحتاج �إلى‬ ‫ّ‬
‫�أن ي���أخ��ذ بيدها �إل���ى ط��ري��ق ال ّنهو�ض‪،‬‬ ‫إ�صالحي‪:‬‬ ‫المف ِكّر وال‬
‫الغبار عنه في حياته‪ ،‬فليم ّثل رحيله ـ‬ ‫و�إ�صالح الفرد ال يغني عن �إ�صالح ا أل ّمة‪،‬‬
‫فدائي و�إلى �أكثر من م�صلح؟!‬ ‫ّ‬ ‫من‬ ‫�أكثر‬ ‫ّ‬
‫كما قال لنا في بع�ض و�صاياه ـ وقفة ت�أ ّمل‬ ‫الإ�صالح عند “ال�س ّيد” كان يتح ّرك على‬ ‫والحكمة تط ّل بنا ـ �أي�ضا ـ على “ال�س ّيد”‬
‫ً‬
‫فلر ّبما ك��ان الفرد بخير وعافية‪ ،‬ولكنّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ُمف ّكر؛ لأ ّنك ال يمكن �أن تكون مف ّكر ًا �إن‬
‫وفر�ص ًة لالعتبار‪.‬‬ ‫خطين؛ الإ�صالح على م�ستوى ال ّنفو�س‪،‬‬
‫الأ ّمة مت� ّأخرة‪.‬‬ ‫لم تكن حكيم ًا‪ ،‬وتط ّل بنا على “ال�س ّيد”‬
‫ولك ّننا نقولها وبك ّل �أ�سى‪� :‬إنّ �أ ّم ًة ال ت ِ‬
‫ُقدّر‬ ‫و�إذا كان الم�صلح بين ال ّنا�س يلعب دور‬ ‫والإ�صالح على م�ستوى ال ّن�صو�ص‪.‬‬
‫عظماءها �إ ّال بعد رحيلهم! ترميهم في‬ ‫الخط الأ ّول‪ :‬وهو الإ�صالح على م�ستوى‬ ‫�أ ّما ّ‬ ‫الم�صلح؛ لأ ّنك ال يمكن �أن تكون م�صلح ًا‬
‫الإط��ف��ائ ّ��ي‪ ،‬فالم�صلح في ال ّنا�س يلعب‬
‫حياتهم بك ّل �أن���واع ال��ح��ج��ارة‪ ،‬و�إذا ما‬ ‫إحيائي؛ يحيي القلوب الميتة‪ ،‬ولقد‬ ‫ال ّنفو�س‪ ،‬فهو مه ّمة جليلة وعظيمة‪ ،‬كونها‬ ‫بغير حكمة‪.‬‬
‫دور ال ّ‬ ‫مه ّمة الأنبياء والمر�سلين‪� ،‬إنّ �إ�صالح‬ ‫والحكمة في مدر�سة ال�س ّيد‪ ،‬هي الميزان‬
‫ومج ْدنا ا�سمهم!‬ ‫غادرونا رفعنا رايتهم ّ‬ ‫َ‬
‫قالها اهلل تعالى في كتابه‪َ } :‬و َمنْ �أ ْح َياهَ ا‬
‫�إنّ �أ ّم���� ًة ك��ه��ذه‪ ،‬لي�ست ج��دي��ر ًة به�ؤالء‬ ‫ال�� ّن��ف��و���س يعني �أن ن�سعى ف��ي �إ�صالح‬ ‫ا ّل��ذي ي�ضبط �إيقاع الإن�سان‪ ،‬في الفكر‬
‫ا�س َجمِ يع ًا{(المائدة‪:‬‬ ‫َف َك�أَ َّن َما �أَ ْح َيا ال َّن َ‬ ‫وال�سلوك‪.‬‬
‫العظماء‪...‬‬ ‫‪ ،)32‬وف��ي كلم ٍة لبع�ض الأئ�� ّم��ة من �أهل‬ ‫�أنف�سنا ب��ادئ ذي ب��دء‪ ،‬ث��م ننطلق �إلى‬ ‫والعاطفة ّ‬
‫�إ�صالح الآخرين‪ ..‬و�إ�صالح الآخر ينبغي‬ ‫فنحن بحاج ٍة �إلى الحكمة في �أفكارنا‪،‬‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪20‬‬
‫علينا �أن نعي�ش الوحدة لأنها تجعل من الم�سلمين � ّأمة قوية‬

‫للمرجع ف�ضل اهلل‬ ‫التم ّيز االجتهادي‬ ‫ال�شيخ علي مرعي‬


‫القواعد الفقهية‪ ،‬وه��ذا الأم��ر و�إن كان‬
‫مطروح ًا عند الفقهاء �إال �أ ّننا في كثير‬ ‫تم ّيز �سماحة الفقيه المجدّد ال�سيد ف�ضل اهلل (ره) في كثير من المجاالت‪ ،‬و‬
‫من الأحيان نجد �أنّ بع�ض الفقهاء عندما‬ ‫لم يقت�صر تم ّيزه في حياته على الذين عا�صرهم وعا�صروه‪ ،‬بل �إ ّنه كان ظاهرة‬
‫مم ّيزة في تاريخ المرجعية ال�شيعية‪ ،‬حيث برز تم ّيزه في عدّة جوانب من �أهمها‬
‫يجدون رواية تتعار�ض بمدلولها مع مدلول‬ ‫الجانب االجتهادي‪ ,‬ويبرز هذا التم ّيز في عدة عناوين �أ�سا�س ّية‪:‬‬
‫�آي��ة قر�آنية‪ ،‬و�إن ك��ان من الممكن حمل‬
‫مدلول الرواية على مدلول الآي��ة‪ ،‬ف�إ ّنهم‬ ‫على لزوم الر�ؤية بالعين المج ّردة ال يقف‬ ‫عدم التر ّدد في الفتوى‪:‬‬
‫خ�ضعون مدلول الآية‬ ‫يعك�سون الأم��ر و ُي ِ‬ ‫�أو ما ي�سميه البع�ض(تحام ًال) الجر�أة �أم��ام النقد في داللته‪ ،‬ويجد �أنّ الأد ّلة‬
‫لتتنا�سب مع مدلول الرواية و ُيفتون على‬ ‫على الفتوى‪ ،‬ولكن كلمة الجر�أة يفهمها ت�ساعد على الحكم ب�أ ّنه يمكن االعتماد‬
‫هذا الأ�سا�س حتّى لو كان هناك روايات‬ ‫البع�ض بمعنى �أ ّن���ه ُيفتي دون مراجعة على قول علماء الف َلك في والدة الهالل‬
‫�أخ��رى ت�ساعد على حمل مدلول الرواية‬ ‫الأد ّل����ة‪ ،‬وه��ذا م��ا ل��م يكن م��وج��ود ًا عند و�إمكانية ر�ؤيته بنا ًء على عنا�صر تتّ�صل‬
‫ً‬
‫ال ُمعارِ�ضة‪.‬‬ ‫وعمر الهالل ون�سبة ال�ضوء‬ ‫�سماحته (ره)‪� ،‬إ ّنما نالحظ �أنّ كثيرا من بزمن الوالدة ُ‬
‫ولتو�ضيح هذه الفكرة ن�أخذ ِمثا ًال عملي ًا‪،‬‬ ‫المراجع عندما يبحثون في �أد ّلة فتوى من التي فيه‪ ،‬ف�إ ّنه (ره) �أفتى بجواز االعتماد‬
‫ف�إنّ �سماحته (ره) الحظ �أنّ في القر�آن‬ ‫الفتاوى ف�إ ّنهم يجدون �أنّ الدليل يذهب على قول الفلك ّيين ذوي الخبرة‪ ،‬والذين‬
‫تدل على حل ّية ما يخرج‬ ‫الكريم عدّة �آيات ّ‬ ‫في اتّجاه مع ّين‪ ،‬ولكن الم�شهور يذهب هُ م مح ّل ثقة في ابتداء ال�صوم �أو الإفطار‬
‫م��ن البحر م��ن ح��ي��وان��ات كما ف��ي قوله‬ ‫نقول مث ًال (ال�صالة واجبة) ف�إنّ الفتوى‬ ‫في اتجاه �آخر‪ ،‬و ب�سبب خوف المرجع من �أو غير ذلك من الأم��ور التي تعتمد على‬
‫نا�سب ثبوت بداية الأ�شهر القمرية‪ ،‬ولم يتو ّقف‬ ‫ُمخالفة الم�شهور ف�إ ّنه ُيفتي بما ُي ِ‬
‫تعالى‪َ }:‬وهُ َو ا َّل ِ��ذي َ�س َّخ َر ا ْل َب ْح َر ِل َت ْ�أ ُك ُلو ْا‬ ‫هنا هي الوجوب‪ ،‬وهذه الفتوى قد تع ّلقت‬
‫ِم ْن ُه َل ْحم ًا َط ِر ّي ًا َوت َْ�ستَخْ ِر ُجو ْا ِم ْن ُه ِح ْل َي ًة‬ ‫بال�صالة‪ ،‬ف ُيقال �إنّ ال�صالة هي مو�ضوع‬ ‫الم�شهور‪ ،‬و�إن كان ذلك ُمخالف ًا للدليل عند قول الم�شهور‪ ،‬لأنّ الم�شهور معناه‬
‫َت ْل َب ُ�سو َن َها َو َت َرى ا ْل ُف ْل َك َم َو ِاخ َر ِفي ِه َو ِل َت ْب َت ُغو ْا‬ ‫المرجع ر ّد ًا‬
‫ِ‬ ‫الفتوى‪ ،‬وكذلك عندما يقول‬ ‫ال��ذي و�صل �إليه‪ ،‬وفي �أدن��ى الم�ستويات مجموعة من العلماء‪ ،‬فكما يحقّ لهم �أن‬
‫ِمن َف ْ�ض ِل ِه َو َل َع َّل ُك ْم ت َْ�ش ُك ُرونَ {(النحل‪)14:‬‬ ‫على ���س���ؤال‪ :‬ه��ل على ال��م��ر�أة غ�سل �إذا‬ ‫المرجع باالحتياط الوجوبي في يفتوا ا�ستناد ًا لأد ّل��ة معينة‪ ،‬فهو و�سواه‬ ‫ِ‬ ‫يقول‬
‫ف��الآي��ات الكريمة بمجملها‪ ،‬ت ّ‬ ‫ح�صلت بينها وبين زوجها عالقة دون‬ ‫الم�س�ألة حتى ال ُيخا ِلف الم�شهور وال يقطع �أي�ض ًا يحقّ لهم �أن ُيفتوا ا�ستناد ًا لمناق�شة‬
‫���دل على‬
‫تح�س به من ال ّلذة مع‬
‫أح�ست بما ّ‬ ‫دخول و� ّ‬ ‫بالفتوى ُمخا ِلف ًا للم�شهور‪ ،‬ومثال ذلك نرى �أد ّلة الم�شهور واالعتماد على �أد ّلة �أخرى‬
‫عموم ح ّلية الحيوانات البحرية‪� ،‬أما على‬
‫الدخول؟ ف�إنّ الر ّد يكون عند البع�ض �أ ّنه‬ ‫المرجع ال�سيد الخوئي (ره) عندما �أقوى داللة على فتواهم بنظرهم‪ ،‬وما فعله‬ ‫ِ‬ ‫�أنّ‬
‫م�ستوى الروايات‪ ،‬فهناك تعار�ض في ما‬
‫كمني الرجل‪ ،‬ف�إ ّنه يجب‬
‫مني ِّ‬‫�إذا كان لها ٌّ‬ ‫يبحث ف��ي م�س�ألة ط��ه��ارة �أه���ل الكتاب (ره) من الفتوى بح�سب الدليل ال بح�سب‬
‫بينها‪ ،‬ففي بع�ض الروايات ال�صحيحة‪،‬‬ ‫ي�ستعر�ض الأد ّل���ة ال��دال��ة على النجا�سة‬
‫ينهى المع�صوم عن �أكل ما لي�س له ق�شر‬ ‫عليها الغ�سل �إذا خرج منها هذا ال�سائل‪،‬‬
‫كمني الرجل فال‬ ‫من �آيات وروايات و ُيناق�ش في داللة هذه‬
‫�أو فل�س‪ ،‬و َينهى عن بيعه‪ ،‬وهذا النهي قد‬ ‫مني ِّ‬ ‫و�إن لم يكن لها ٌّ‬ ‫�أفتى ال�س ّيد (ره) بح�سب‬
‫يجب عليها الغ�سل‪� .‬أم��ا �سماحة ال�سيد‬ ‫الأد ّل��ة‪ ،‬وي�صل �سماحته (ره) �إلى نتيجة‬
‫يدل على الكراهة‪،‬‬ ‫يدل على الحرمة وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدليل حتى لو خالف‬ ‫يدل داللة‬ ‫وهي �أ ّنه لي�س هناك من دليل ّ‬
‫كما �أن هناك عدّة رواي��ات وا�ضحة ّ‬
‫تدل‬ ‫(ره) ف���إ ّن��ه ب��د ًال م��ن �أن يجعل الإجابة‬
‫مر َدّدة بين �أمرين في كثير من الم�سائل‬ ‫قطعية على النجا�سة‪� ،‬إ ّنما يرى �أن الأد ّلة الم�شهور‪ ،‬الأمر الذي َف َتح الباب �أمام‬
‫على الحلية‪ ،‬والمعلوم �أنّ الح ّلية تتوافق‬
‫التي تعار�ضت فيها ال��رواي��ات‪ ،‬ولم يكن‬ ‫المراجع المتردّ دين لح�سم‬ ‫ِ‬ ‫قا�صرة عن الداللة على النجا�سة‪ ،‬ولكن كثي ٍر من‬
‫مع الكراهة وتتعار�ض مع الحرمة‪.‬‬ ‫بما �أنّ الم�شهور ُيفتي بالنجا�سة‪ ،‬ف�إنّ‬
‫مرجح لرواية على �أخرى‪ ،‬ف�إ ّنه لج�أ‬‫هناك ِّ‬ ‫مواقفهم‬
‫و�إذا ع��دن��ا �إل����ى ال��ح��دي��ث ال�صحيح‬ ‫ال�سيد الخوئي (ره) ق��ال ب���أنّ الأحوط‬
‫لأهل الخبرة من الأط ّباء �أوغيرهم و�أخذ‬
‫ف���إن��ه ي��ق��ول‪�« :‬إذا ج��اءك��م ع ّنا الخبران‬
‫منهم تقارير وا�ضحة م�ؤ ّكدة بما يوجب‬ ‫وجوب ًا الحكم بالنجا�سة‪ ،‬والأم��ر نف�سه المزاج ال�شخ�صي واال�ستن�ساب‪ ،‬ما فتَح‬
‫َ‬
‫ال ُمتعار�ضان فاعر�ضوهما على كتاب‬ ‫المراجع المتردّدين‬
‫ِ‬ ‫كثير من‬‫نراه في م�س�ألة ثبوت الهالل‪ ،‬ف�إنّ الأد ّلة الباب �أمام ٍ‬
‫اهلل فما واف��ق كتاب اهلل فخذوا به وما‬ ‫جعل ال�س ّيد (ره) القر�آن‬ ‫التي ذكرها ال�سيد الخوئي (ره) حتى لح�سم مواقفهم ِعلم ًا �أنّ فتاواه (ره) لم‬
‫خالف كتاب اهلل فهو زخرف من القول �أو‬ ‫تدل داللة يكن متف ّرد ًا بها‪� ،‬إ ّنما نجد قبله َمنْ �أفتى‬ ‫في كتابه «منهاج ال�صالحين» ّ‬
‫المرجع الأ ّول والأ�سا�س‬
‫ِ‬
‫فا�ضربوا به عر�ض الجدار»‪ .‬كما ورد في‬ ‫وا�ضحة‪� ،‬أ ّن��ه يمكن االعتماد على ر�أي بمثل فتاواه‪ ،‬ولكن مرور فترة طويلة من‬
‫في الفتاوى وفي ت�أ�سي�س‬
‫ن�ص �آخر»‪.‬‬ ‫علماء الفلك‪ ،‬وال �ضرورة لالعتماد على الزمن حكم فيها ر�أي الم�شهورعلى �آراء‬
‫فانطالق ًا من هذا الحديث الجاعل لكتاب‬ ‫بع�ض القواعد الفقهية‪ ،‬في حين لم‬ ‫الر�ؤية الب�صرية‪ ،‬ورغم ذلك نراه ال يفتي العلماء الآخ��ري��ن �أدّى �إل��ى ع��دم تج ّر�ؤ‬
‫اهلل الم�صدر والأ�سا�س والمرجع في حال‬ ‫يتج ّر�أ بع�ض الفقهاء على مخالفة‬ ‫المراجع على مخالفة الم�شهورحتّى لو‬ ‫ِ‬ ‫بو�ضوح بجواز االعتماد على قول علماء‬
‫التعار�ض في الروايات‪ ،‬ف�إنّ �سماحته (ره)‬ ‫الم�شهور‬ ‫تو ّفر العلم والدليل على خالفه‪.‬‬ ‫الف َلك‪.‬‬
‫اعتمد على ه��ذه المرجعية لكتاب اهلل‬ ‫في المقابل ف�إنّ �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل‬
‫االطمئنان واليقين ب�أنّ المر�أة لي�س لها‬ ‫(ره) عندما وجد �أنّ �أد ّل��ة نجا�سة �أهل تحديد المو�ضوع‪:‬‬
‫تعالى ليقول �إنّ الروايات الناهية ُمخالفة‬
‫لكتاب اهلل بعمومات �آي��ات��ه والروايات‬ ‫كمني ال��رج��ل‪ .‬وبعد �أن يت�أ ّكد من‬
‫مني ّ‬‫ّ‬ ‫��راج��ع ه��و �إع��ط��اء الفتوى‬
‫الكتاب ال تثبت �أم��ام النقد لأ ّن��ه ال داللة �إنّ دي���دن ال��م ِ‬
‫المح ّللة موافقة لهذه الآيات العا ّمة‪ ،‬لذا‬ ‫ً‬
‫ذلك تمام الت�أكد ُيفتي ا�ستنادا للدليل‬ ‫ل�ل�آي��ات وال��رواي��ات على نجا�ستهم فقد ا�ستناد ًا �إلى الدليل وال يقومون بتحديد‬
‫حكم �سماحته مع بع�ض العلماء ال�سابقين‬ ‫ولتحديد المو�ضوع من خالل �أهل الخبرة‬ ‫��ا���ص��ة عندما يكون‬ ‫�أفتى بالطهارة‪ ،‬ولم يتو ّقف عن الفتوى مو�ضوع الفتوى وخ ّ‬
‫بحل ّية جميع ثمار البحر‪ ،‬وفيما لم يتج ّر�أ‬ ‫بما يوجب اليقين واالطمئنان‪.‬‬ ‫�أو يتردّد فيها التزام ًا ب��ر�أي الم�شهور‪ ،‬للمو�ضوع وتحديده �أث ٌر في طبيعة الفتوى‪,‬‬
‫بع�ض الفقهاء على مخالفة الم�شهور الذي‬ ‫بالطهارة‪ ،‬لأنّ الدليل دا ٌّل على بل يعتمدون الروايات ب�شكل مطلق حتّى‬ ‫�إ ّنما �أفتى ّ‬
‫مرجع ّية القراَن‪:‬‬ ‫ذلك‪ .‬وما ن�شهده �أي�ض ًا مع �سماحة ال�سيد لو لم تحدّد المو�ضوع �أو �أ ّنها تعار�ضت‬
‫المحرمة واعتبرها‬ ‫ِّ‬ ‫اعتمد على الروايات‬
‫مخ�ص�صة لعمومات ال��ق��ر�آن فحكموا‬ ‫المرجع الأ ّول‬
‫ِ‬ ‫فقد جعل (ره) ال��ق��ر�آن‬ ‫ف�ضل اهلل (ره) هو م�س�ألة ثبوت الهالل‪ ،‬في تحديده‪ ،‬ونق�صد بمو�ضوع الفتوى‪،‬‬
‫ّ‬
‫بالحرمة لما لي�س له فل�س‪.‬‬ ‫والأ�سا�س في الفتاوى وفي ت�أ�سي�س بع�ض‬ ‫الدال هو الأمر الذي تع ّلقت به الفتوى‪ ،‬فعندما‬ ‫ف�إ ّنه (ره) عندما ر�أى �أنّ الدليل ّ‬
‫‪21‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫الق�ضايا العمل ّية ال�سيا�س ّية واالجتماع ّية‬
‫واالقت�صاد ّية‪ ..‬وفي مجمل ما تحفل به‬
‫حياتنا المعا�صرة من تحوالت ومتغيرات‬
‫كونية باتت هي الثابت الوحيد في كل ما‬
‫نراه ونعاي�شه من �أحداث مت�سارعة على‬
‫المرجع ف�ضل اهلل وتحدّ يات الع�صر‬
‫�أكثر من �صعيد‪.‬‬ ‫حما�سته لهذا الحوار حتى مع �أ�ش ّد النا�س‬ ‫نبيل علي �صالح*‬
‫المرجع ّية الحرك ّية‪:‬‬ ‫عداو ًة وتطرف ًا وتع�صب ًا‪ ،‬كما يعتبر �أن “ال‬ ‫يعترب العالمة ال�س ّيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل‪ ،‬من �أبرز مراجع الفكر‬
‫وقد برز ح�ضور ال�سيد ف�ضل اهلل بق ّوة ـ من‬ ‫مقد�سات في الحوار”‪ ،‬و�أن اهلل تعالى قد‬ ‫الإ�سالم ��ي املعا�صر‪ ،‬حيث �ش ّكل منذ بداية �صعوده املرجعي الإ�سالمي يف الن�صف‬
‫موقعه كمف ّكر �إن�ساني ومرجع �إ�سالمي ـ‬ ‫حاور �إبلي�س كما هو وارد في ن�ص القر�آن‬ ‫الث ��اين من ثمانينات القرن املا�ضي‪ ،‬ظاهرة مهمة وحيوية لها جد ّيتها و�أ�صالتها‬
‫في �صلب هذا ال�صراع الح�ضاري القائم؛‬ ‫الكريم‪ ،‬و�إذا كان الأمر كذلك‪ ،‬فلماذا ال‬ ‫وموقعيتها املميزة والفريدة داخل منظومة التفكري الديني الإ�سالمي‪..‬‬
‫ك��ي��ف ال‪ ،‬وه���و �أح���د �أب����رز الم� ّؤ�س�سين‬ ‫نحاور بع�ضنا بع�ض ًا‪ ،‬ونفتح قلوبنا على‬ ‫إن�ساني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫إ�سالمي و�‬
‫ّ‬ ‫دور �‬
‫والمنظرين والعاملين بق ّوة على ت�أ�صيل‬ ‫ّ‬ ‫المحبة والت�سامح والأخ ّوة والتعاون؟!‪.‬‬ ‫وي��ب��رز ذل��ك التم ّيز م��ن خ�لال �ألمع ّيته‬
‫خ��ط ال��م��واج��ه��ة وال��م��م��ان��ع��ة ـ وتطوير‬ ‫وتزداد �أهمية فكر ال�س ّيد ف�ضل اهلل ودوره‬ ‫اط�ل�اع���ه‪ ،‬وانفتاحه‬ ‫ال��ف��ك��ري��ة‪ ،‬و���س��ع��ة ّ‬
‫و�سائل و�أدوات هذا ال�صراع ـ في وجه كل‬ ‫في واقعنا المعا�صر ال��ذي �أُدخلنا فيه‬ ‫ال��دي��ن��ي‪ ،‬وح�����ض��وره االج��ت��م��اع��ي البارز‬
‫الم�شاريع التّفتيتية التي تحدق بالمنطقة‪،‬‬ ‫و�أ�صبحنا نعاي�شه بكل تعقيداته وتحدياته‬ ‫والم�ؤ ّثر‪ ،‬ومقدرته العلمية والعملية على‬
‫من خ�لال ما يقوم به من جهود عمل ّية‬ ‫و�ضغوطاته‪ ،‬حيث يحتدم الجدل‪ ،‬وتُثار‬ ‫الجمع بين الر�ؤية النظرية والممار�سة‬
‫وحرك ّية فكر ّية‪ ،‬ورعاية �أبو ّية لكثير من‬ ‫الأ�سئلة والإ�شكاليات ح��ول م��دى قدرة‬ ‫العملية‪ ،‬بين الفكر والمنهج النظري‬
‫مواقع وتيارات ورموز المواجهة والتح ّرر‬ ‫الح�ضارات وال ّثقافات والأدي���ان عموم ًا‬ ‫الديني ال��ذي يعتقده وي�ؤمن به‪ ،‬والعمل‬
‫وال�صمود في هذه الأمة‪.‬‬ ‫ال�صمود والثبات والتناف�س �أمام‬ ‫على ّ‬ ‫الم�ؤ�س�ساتي التطبيقي الذي يبرز وا�ضح ًا‬
‫ومن خالل هذا الموقع المرجعي الكبير‪،‬‬ ‫ال��ت��ح��دي��ات وال��م��خ��اط��ر ال��ت��ي تظهر في‬ ‫ف��ي م�ؤ�س�ساته االجتماعية المتعددة‪،‬‬
‫ال يمكن للمرء �إال �أن يجد لل�س ّيد ر�أي ًا �أو‬ ‫وخدماته الكبيرة المتنوعة التي يقدمها‬
‫موقف ًا تجاه ما يحدث في المنطقة والعالم‪،‬‬ ‫التوجهات‬
‫لأب��ن��اء مجتمعه م��ن مختلف ّ‬
‫في ك ّل محا�ضراته وندواته ولقاءاته‪ ،‬فهو‬ ‫تزداد �أهمية فكر ال�س ّيد‬ ‫واالنتماءات والم�ستويات‪..‬‬
‫ي��ح��اول ـ على ال���دّوام ـ �إع��ط��اء الموقف‬ ‫وق��د �أو���ص��ل��ه ذل��ك التماهي بين الفعل‬
‫ال�صريح‬ ‫والقناعة وال���ر�أي الإ���س�لام ّ��ي ّ‬ ‫(ره) ودوره في واقعنا المعا�صر‪،‬‬
‫والقول �إل��ى م�ستوى رفيع ومرموق على‬
‫والوا�ضح بخ�صو�ص ك�� ّل ما يتح ّرك في‬ ‫حيث يحتدم الجدل حول مدى‬ ‫�صعيد بناء دور مرجعي �إ�سالمي و�إن�ساني‬
‫الواقع من تح ّوالت وم�ستجدات �سيا�س ّية‬ ‫قدرة الح�ضارات والأديان عموم ًا‬ ‫كبير ف��ي �أو����س���اط ال��ع��رب والم�سلمين‬
‫�أو فكر ّية �أو اقت�صاد ّية �أو اجتماع ّية‪،‬‬ ‫وغير الم�سلمين‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في الو�سط‬
‫حيث �أثبتت الأحداث التي م ّرت على هذه‬ ‫على ال���ّ��ص��م��ود وال��ث��ب��ات �أم��ام‬ ‫عملية متميزة عن قدرة الفكر والمعرفة‬ ‫الإ�سالمي ال�شيعي‪.‬‬
‫الأم���ة‪� ،‬صحة �آراء و�أف��ك��ار ال�سيد ف�ضل‬ ‫التحديات والمخاطر‬ ‫الدينية الإ�سالمية على مواكبة تغ ّيرات‬ ‫الهم الفكري‬‫وقد حمل ال�سيد ف�ضل اهلل ّ‬
‫اهلل و�صواب ّيتها التي قدّمها وطرحها في‬ ‫الحياة وتطورات الوجود الإن�ساني‪ ،‬من‬ ‫والثقافي الإ�سالمي والإن�ساني لهذه الأمة‬
‫مختلف المواقع‪ ،‬منذ �أن انطلق محاو ًال‬ ‫خ�لال م��ا تحتويه م��ن ط��روح��ات فكرية‬ ‫منذ ب��داي��ات تفتحه الأول���ى‪ ،‬ث��م انطلق‬
‫رب���ط الإ����س�ل�ام بالع�صر وال��ح��ي��اة‪ ،‬في‬ ‫عالمنا ال��راه��ن بين الفينة والأخ���رى‪،‬‬ ‫ليدر�س ويجتهد ويكتب ويحاور ويخاطب‬
‫محاول ٍة منه لتقديم هذا الدين باعتباره‬ ‫بحكم ق��اع��دة التطور والتغير والتبدل‬ ‫ال�شرق وال��غ��رب‪ ،‬ف��ي دع��وة �سامية �إلى‬
‫قاعد ًة للفكر والعاطفة والحياة‪.‬‬ ‫م��ن ح���ال �إل���ى �أخ����رى‪ ،‬وال��ت��ي ق��د ت�ضع‬ ‫ح��م��ل ال�����س��ي��د ف�ضل‬ ‫الحوار والتعارف‪ ،‬كما �أن ال�سيد ف�ضل اهلل‬
‫وال�����س�� ّي��د ع��ن��دم��ا ي��ح�� ّل��ل ق�ضايا الواقع‬ ‫ع��دد ًا كبير ًا منها ـ من تلك الح�ضارات‬ ‫من العلماء ال�س ّباقين في هذه الأ ّمة �إلى نبذ‬
‫المعا�صرة‪ ،‬ويطالب الم�سلمين المنفتحين‬ ‫اهلل(ره) ال��ه� ّ�م الفكري‬
‫والثقافات العالمية والأدي���ان الكونية ـ‬ ‫العنف والإرهاب‪ ،‬وتكري�س مفهوم الحوار‬
‫على الواقع‪ ،‬ال�سائرين على خط الر�سالة‪،‬‬ ‫على مفترق ط��رق ومنعطفات �شديدة‬ ‫والإن�����س��ان��ي ل��ه��ذه الأم���ة منذ‬ ‫وال ّلقاء والتّ�سامح الفكري والروحي‪ ،‬ومن‬
‫�أن يتابعوا المتغ ّيرات ال�سيا�س ّية من‬ ‫الح�سا�س ّية والخطورة‪.‬‬ ‫بداياته الأولى‪ ،‬ثم انطلق ليدر�س‬ ‫الذين نا�صروا الم�ست�ضعفين �أ ّنى ُو ِجدوا‪،‬‬
‫ح��ول��ه��م‪ ،‬ف����إن ذل��ك ي��رج��ع �إل���ى �أن تلك‬ ‫ومن هنا‪ ،‬ينبغي على الم�سلمين ـ وب�صورة‬ ‫وقد حمل �سماحته لواء ر�سالة الإ�سالم‬
‫المتغيرات لي�ست مف�صول ًة عن ال�ساحات‬ ‫ويجتهد ويكتب ويخاطب ال�شرق‬
‫م�ستمرة ـ �أن ُيظهروا دينهم وم�شروعهم‬ ‫الح�ضارية الإن�سانية في عناوين الحريات‬
‫الأخ����رى ف��ي ال��ع��ال��م‪ .‬وق���د ك���ان لل�سيد‬ ‫ال��ف��ك��ري ال��ح�����ض��اري‪ ،‬وا�ستراتيجيتهم‬ ‫والغرب‪ ،‬في دعوة �سامية �إلى‬ ‫والأخالقيات والوحدة الإ�سالمية ودور‬
‫ح�ضور فكري الفت ـ على م�ستوى ال ّنقد‬ ‫العملية‪ ،‬و ُيبرزوا قدرة هذا الم�شروع على‬ ‫الحوار والتعارف‬ ‫المر�أة ومكانة العلم والفنون‪ ،‬ليكون بحقّ‬
‫والمواجهة ـ واه��ت��م��ام نوعي كبير بكل‬ ‫ال�صمود والمناف�سة والت�أثير المتبادل‬ ‫عا ِلم ًا ال تخت�صره الكلمات‪ ،‬وال ت�سمو �إليه‬
‫التّحديات والق�ضايا المثارة محل ّي ًا ودول ّي ًا‬ ‫بين مختلف الثقافات‪.‬‬ ‫ومفاهيم نظرية ومبادئ �إن�سانية و ُنظم‬ ‫الرتب والألقاب‪.‬‬
‫حول واقع الإ�سالم والم�سلمين‪ ،‬وما يتفرع‬ ‫ّ‬
‫وف��ي ه��ذا الإط���ار‪ ،‬ي�أتي النتاج الفكري‬ ‫معرفية عملية‪� ..‬أي �أنّ الإ�سالم‪ ،‬والإيمان‬ ‫وقد تم ّكن من الو�صول �إلى هذه الدرجة‬
‫منها من �أحداث وتح ّوالت‪..‬‬ ‫وال��م��ع��رف��ي ال��غ��ن��ي وال��ح��ي��وي ل�سماحة‬ ‫بقيمومة هذا الدين الإن�ساني‪ ،‬هو القوة‬ ‫المتقدّمة‪ ،‬والمكانة ال�سامقة والعالية‬
‫وفي ر�أي��ي‪� ،‬إن ال�سبب الكامن وراء هذا‬ ‫العالمة المجدّد ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫المح ّركة التي �أعطت ال�س ّيد ك ّل هذا الدّفع‬ ‫إ�سالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحركي ال‬
‫ّ‬ ‫�سالي‬
‫من العمل ال ّر ّ‬
‫االهتمام الملحوظ لل�سيد بق�ضايا الحياة‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬لي�ساهم في تو�ضيح كل تلك‬ ‫واالن��ط�لاق��ة العمالن ّية الهائلة للبحث‬ ‫من خ�لال ما تميز به من روح �إن�سانية‬
‫المعا�صرة المتعددة والمختلفة‪ ،‬يعود ـ‬ ‫الأم��ور وتحليلها‪ ،‬و�إظ��ه��ار موقف الدين‬ ‫المرجعي‬
‫ّ‬ ‫والمعرفة وال��خ��ب��رة وال��ب��ن��اء‬ ‫كبيرة و ّثابة ومنطلقة �إل��ى الآف��اق العليا‬
‫في جانب �أ�سا�سي منه ـ �إل��ى خطورة ما‬ ‫الإ���س�لام��ي م��ن��ه��ا‪ ،‬وو���ض��ع ح��ل��ول لتلك‬ ‫الم� ّؤ�س�سي‪..‬‬ ‫من رح��اب الحياة والوجود‪ ،‬وما امتلكه‬
‫يمكن �أن تف�ضي �إليه من محاولة ُمطلقيها‬ ‫الأ�سئلة المثارة‪ ،‬ومواجهة ما تفر�ضه‬ ‫وال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬الإن�سان‬ ‫من علم جا ّد وبحث د�ؤوب و�صادق‪ ،‬وجهد‬
‫و�أ�صحابها ـ من الداخل والخارج ـ تحريف‬ ‫ت��ل��ك ال��ت��ح��دي��ات‪ ،‬وه���و ي�سعى ـ �ضمن‬ ‫والمفكر وال��داع��ي��ة وال��م��رج��ع والفقيه‬ ‫كبير متوا�صل‪.‬‬
‫الفكر الإ�سالمي الأ�صيل وتزييفه‪ .‬ولذلك‬ ‫�صيغة عمله المرجعي الم�ؤ�س�ساتي ـ �إلى‬ ‫والعالم الديني‪ ،‬من �أ�شد �أن�صار الحوار‬ ‫مواكبة الحياة‪:‬‬
‫ك���ان ال ب��� ّد م��ن م��واج��ه��ة ت��ل��ك الأف��ك��ار‬ ‫درا�سة الإ�شكاالت المطروحة بق ّوة على‬ ‫الح�ضاري بين الإ�سالم والغرب‪ ،‬وبين‬ ‫وقد �أو�صلته كل تلك المعطيات والخبرات‬
‫وتفكيكها‪ ،‬و�إي�ضاح الر�أي العقلي والعلمي‬ ‫الإ�سالم كدين خاتم‪� ،‬سواء في الم�سائل‬ ‫الإ���س�لام والم�سيحية‪ ،‬وبين الم�سلمين‬ ‫والتجارب �إل��ى م�ستوى العطاء المتدفق‬
‫وال�شرعي ب�ش�أنها‪ ،‬وكان �أي�ض ًا ال بد من‬ ‫والطروحات الفكرية الم�ستجدّة‪� ،‬أو في‬ ‫ال�سنة وال�شيعة‪ ،‬وه��و يعلن بكل و�ضوح‬ ‫يمكن �صاحبه من تقديم نماذج‬ ‫ال��ذي ِّ‬
‫خط ٍة تربط الم�سلمين بالهدف الكبير‪،‬‬
‫وال ���س�� ّي��م��ا �أن ال��خ��ط��ر ال��ك��ب��ي��ر يتناول‬ ‫برز ح�ضور ال�سيد (ره) بقوّة ـ من موقعه ّ‬
‫كمفكر �إن�ساني ومرجع �إ�سالمي ـ في �صلب هذا ال�صراع الح�ضاري؛‬
‫وجودهم‪..‬‬
‫*كاتب وباحث من �سوريا‬ ‫كيف ال‪ ،‬وهو �أحد �أبرز الم� ّؤ�س�سين والعاملين بقوّة على ت�أ�صيل خط الممانعة‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪22‬‬
‫الت�سنن والت�شيع لي�سا دين ًا‪ ،‬بل وجهتا نظر في فهم الإ�سالم‬

‫ال�سيا�سية والثقافية الحادّة �إلى ك ّل تلك‬


‫التجارب التي خا�ضتها الأ ّمة في معاركها‬ ‫قراءة الم�ستقبل في ما�ضي ال�س ّيد وتجاربه‬
‫الع�سكرية وال�سيا�سية والثقافية على‬
‫�ضفاف الق�ض ّية الفل�سطين ّية‪ ،‬وكان يردّد‬ ‫هاني عبداهلل‬
‫تلك الجملة التي يمكن �أن تكون م� ّؤ�شر ًا‬ ‫ي�ؤمن بقدرة الأ ّمة على �صناعة الم�ستقبل‬ ‫“كون ��وا امل�ستقبل ّي�ي�ن”‪“ ..‬تط ّلع ��وا �إىل الآف ��اق”‪“ ..‬ال تتج ّم ��دوا �أم ��ام‬
‫حا�سم ًا للباحثين ع��ن ال�سبب ال ّرئي�س‬ ‫ب�صناعة ت��اري��خ ج��دي��د‪ ،‬ي�����ش��ت��رك فيه‬ ‫م�شاكلك ��م و�أو�ضاعك ��م احلا�ض ��رة”‪�“ ..‬إذا �ض ��اق عليك ��م احلا�ض ��ر فتط ّلع ��وا �إىل‬
‫في ك ّل تلك الهزائم‪“ :‬م�شكلتنا �أ ّننا �أ ّمة‬ ‫الأفراد‪ ،‬وتنطلق فيه الجماعات‪ ..‬ولك ّنه‬ ‫ومفردات ردّدها �سماحة العالمة املرج ��ع‪ ،‬ال�س ّيد حممد ح�سني‬ ‫ٌ‬ ‫امل�ستقب ��ل”‪ ...‬كلم � ٌ‬
‫�ات‬
‫ترتجل‪ ..‬ولأننا نرتجل‪ ،‬ك ّنا �ضح ّي ًة لك ّل‬ ‫كان يتحدّث عن عن�صرين �أ�سا�س ّيين ال‬ ‫ف�ض ��ل اهلل(ر� ��ض)‪ ،‬يف كث�ي ٍ�ر م ��ن املنا�سب ��ات‪ ..‬وق ��ال غريه ��ا الكث�ي�ر‪ ،‬وهو ي�ش�ي�ر �إلينا‬
‫يخططون”‪ ..‬وك��م ك��ان �سماحته‬ ‫الذين ّ‬ ‫ب ّد من توفرهما لتحقيق ذلك‪:‬‬ ‫�راف للآت ��ي من جه ��ة‪ ،‬و�أن ت�ستم ّر فينا ال ّرغب ��ة يف ال ّتغيري‬
‫�أن نبق ��ى يف عمل ّي ��ة ا�ست�ش � ٍ‬
‫ّ‬
‫ي�سوق الأمثلة على هذا االرتجال الذي يقود‬ ‫�أ ّولهما‪ :‬عن�صر المبادرة‪ ،‬لأنّ المبادرة‬ ‫ّ‬
‫والإب ��داع م ��ن جه� � ٍة �أخرى‪ ،‬لأنه ��ا عندما تنتهي ه ��ذه ال ّرغبة‪ ،‬تك ��ون الأ ّمة قد حكمت‬
‫ت ّو ًا �إلى الهزيمة‪ ،‬كما ح�صل مع الجيو�ش‬ ‫المنطلقة من وع ٍ��ي للفكرة وللأر�ض‪..‬‬ ‫على نف�سها باملوت حتى وهي تعي�ش يف فو�ضى احلركة وال ّن�شاط الدّائبني‪.‬‬
‫العرب ّية التي تج ّمعت حول فل�سطين‪ ،‬وجاء‬ ‫والتي قد تحمل في داخلها بع�ض عنا�صر‬
‫بع�ضها �إلى لبنان في �أعقاب النكبة‪ ،‬حيث‬ ‫“المغامرة”‪ ،‬هي التي تعطيك الحافز‬ ‫كونوا الم�ستقبلي ّين‪:‬‬
‫تقدّم �أحد ال�سيا�س ّيين ال ّلبنان ّيين من قائد‬ ‫َ‬ ‫للمرور بين �ألغام الواقع الجامد‪ ،‬والحفر‬ ‫�صناعة الم�ستقبل‪:‬‬ ‫لي�ست الق�ض ّية �أنّ ال�س ّيد كان يريدنا �أن‬
‫الفرقة التي كانت في الجنوب ال ّل ّ‬
‫بناني‬ ‫في حقول التّجارب الجديدة التي تقود‬ ‫ك����ان ���س��م��اح��ة ال�������س��� ّي���د(ر����ض) ي���ؤم��ن‬ ‫نتن ّكر للما�ضي؛ ما�ضي الأ ّم��ة في تراثها‬
‫وعلى تخوم فل�سطين المحت ّلة‪� ،‬سائ ًال‬ ‫الغد في �آفاقه وتط ّلعاته الكبرى‪ ،‬ولكنّ‬ ‫بال�صناعة ال��ذات�� ّي��ة للتّاريخ‪ ،‬وبالتّالي‬ ‫ّ‬ ‫ونتاجها الإ���س�لام ّ��ي وتجاربها الكبرى‪،‬‬
‫�إ ّي����اه‪“ :‬هل ه��ن��اك خ ّ��ط��ة للتّحرير؟”‪،‬‬ ‫�شرط المبادرة هو �أن ال تكون عدوان ّي ًة‪،‬‬ ‫للم�ستقبل‪ ،‬وك���م ك���ان ي����ر ِدّد �أم����ام ك ّل‬ ‫فال�س ّيد ه��و الأك��ث��ر “عود ًا” �إل���ى ذلك‬
‫ف�أجابه بالنفي‪ ،‬فقال حينها‪�“ :‬إذ ًا هزمنا‬ ‫ف���إذا كانت بع�ض الأم��م قد �سلكت طرق‬ ‫ا ّلذين يطمئ ّنون �إلى ما �صنعته ال َّأمة في‬ ‫الما�ضي‪ ،‬وه��و القائل‪“ :‬قدوتي في ك ّل‬
‫قبل �أن تبد�أ المعركة”‪..‬‬ ‫المبادرة بمغامرات و�أ�ساليب عدوان ّية‪،‬‬ ‫الدّعوة‪ ،‬وينامون على حرير ذلك‬ ‫بداية َ‬ ‫مواقفي ر�سول اهلل”‪ ،‬وقد كان يقول لنا‬
‫الأ َّمة ت�صنع قدرها‪:‬‬ ‫الطرق‪،‬‬ ‫فذلك ال يبيح لنا �أن ن�سلك تلك ّ‬ ‫ال َتّاريخ‪ ،‬وي�ص ّرون على �أ َّننا ال ن�ستطيع‬ ‫الخا�صة والعا ّمة‪“ :‬عندما‬ ‫في الجل�سات‬
‫�أن نفعل ما فعلوا‪ ،‬و�أن ن�صل �إل��ى حيث‬ ‫ّ‬
‫�آم��ن ال�س ّيد ب��ق��درة الأ ّم���ة على �صناعة‬ ‫“لأنّ الغاية عندنا ال تبرر الو�سيلة‪..‬‬ ‫أهم ب�أن �أتّخذ موقف ًا‪� ،‬أو �أخطو خطو ًة‪� ،‬أو‬ ‫� ّ‬
‫م�ستقبل‬
‫ٍ‬ ‫الأم��ج��اد م��ج��دّد ًا‪ ،‬وعلى ر�سم‬ ‫تنظف الو�سيلة‪ ،‬ف�إذا كانت‬ ‫الغاية عندنا ّ‬ ‫و�صلوا‪ ..‬ي��ردّد الآي��ة القر�آن ّية الكريمة‪:‬‬ ‫�سيا�سي مع ّين‪� ،‬أو �أدخل‬ ‫�أ�سير في اتجا ٍه‬
‫��ك �أُ َّم����� ٌة َق ْ���د َخ�� َل ْ��ت َل�� َه��ا َم��ا َك َ�س َب ْت‬
‫} ِت�� ْل َ‬ ‫ّ‬
‫ج��دي��د‪ ،‬ولكن م��ن خ�لال ق���راءة مت�أ ّني ٍة‬ ‫غ��اي��ت��ك ���ش��ري��ف��ة‪ ،‬ف�لا ب��� ّد م��ن �أن يكون‬ ‫�صراع مع هذا الت ّيار �أو ذاك‪ ..‬ف�إ ّنني‬ ‫ٍ‬ ‫في‬
‫للتّاريخ‪ ،‬بعيد ًا عن الأوهام ا ّلتي ي�صنعها‬ ‫َ‬
‫َو َل ُكم َّما َك َ�س ْبت ُْم َو َال ت ُْ�س�أ ُلونَ َع َّما َكا ُنوا‬
‫�أ�سلوبك �شريف ًا ونظيف ًا”‪..‬‬ ‫�أع���ود �إل���ى الما�ضي‪ ،‬و�أ���س��ت��ه��دي ر�سول‬
‫الخراف ّيون‪ ،‬و�أ�ص ّر على �أن نقر�أ الما�ضي‬ ‫َي ْع َم ُلونَ {(البقرة‪ ..)134 :‬ثم ي�ش ّفعها‬ ‫اهلل(����ص)‪ ..‬و�أح��اول اال�ستنتاج‪ :‬لو كان‬
‫ال�سنن التي �أودع��ه��ا اهلل في‬ ‫من خ�لال ّ‬ ‫بعبارته ال�شهيرة‪“ :‬لقد �صنعوا تاريخهم‬ ‫ال ّر�سول(�ص) موجود ًا فما كان ليفعل؟‬
‫الكون‪ ،‬ف�سنن ال ّن�صر والتف ّوق والإبداع‬ ‫ك���ان ال�����س�� ِّي��د(ره) الأك��ث��ر‬ ‫وعلينا �أن ن�صنع تاريخنا”‪ ..‬ولأ ّن��ه كان‬ ‫وعندما �أطمئنّ �إلى ذلك‪� ،‬أنطلق في هذا‬
‫الخطة‪ ،‬وعن الإيمان‬ ‫تحدّثك دائم ًا عن ّ‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬ول�سيرة‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫محاكاة لل َّتاريخ ال‬ ‫ّ‬
‫الخط”‪..‬‬
‫وال ّثقة بتحقيق الأه��داف والو�صول �إلى‬ ‫بي(�ص)‪ ،‬ولك َّنه كان يح ّثنا على‬ ‫ال ّن ّ‬ ‫كان ي��ردّ د عبارته ّ‬
‫ال�شهيرة‬ ‫فال�س ِّيد ك��ان الأك��ث��ر م��ح��اك��ا ًة لل َتّاريخ‬
‫الغايات و�إن كانت كبيرة‪ ،‬ولكن “علينا‬ ‫�أن نتط ّلع �إلى الم�ستقبل‪ ،‬و�أن ن�أخذ‬ ‫انطلقت في حقول تجارب‬ ‫بي(�ص)‪ ،‬ولك َّنه‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬ول�سيرة ال ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫قبل ك ّل �شيء �أن نغ ّير ال ّذهن ّية”‪..‬‬ ‫نتجمد �أمامه‬‫ال ّزاد من الما�ضي‪ ،‬ال �أن َّ‬ ‫الإ�سالم ّيين العاملين‪“ :‬غ ّير نف�سك‬ ‫ك��ان يح ّثنا دائ��م�� ًا على �أن نتط ّلع �إلى‬
‫الح�س‬ ‫و�آمن �سماحته بالغيب الم�ستند �إلى ّ‬ ‫لنن�سى تط ّلعاتنا و�أحالمنا‬ ‫تغ ّير واقعك‪ ،‬غ ّير نف�سك تغ ّير العالم”‬ ‫الم�ستقبل‪ ،‬و�أن ن�أخذ الزّاد من الما�ضي‪..‬‬
‫و�إل��ى الإح�سا�س بالم�س�ؤول ّية‪ ،‬ف��ر�أى �أنّ‬ ‫ال �أن ن��ت��ج�� َّم��د �أم����ام ال��م��ا���ض��ي ونن�سى‬
‫الخرافات ال ت�صنع م�ستقب ًال‪ ،‬و�أن االتّكاء‬ ‫تط ّلعاتنا و�أحالمنا‪ ،‬ونتثاقل �أمام عمل َّية‬
‫على رواي���ات ال��خ��راف��ة‪ ،‬ال يقود �إ ّال �إلى‬ ‫ه��ك��ذا ك��ان ي��ق��ول �سماحة ال�س ّيد‪ ،‬وهو‬ ‫بال�صناعة ال ّذات ّية للتّاريخ‪ ،‬كان‬ ‫ي�ؤمن ّ‬ ‫الح�ضاري ا ّلتي ال تعرف الجمود‬ ‫ّ‬ ‫البناء‬
‫التّواكل‪ ،‬والتّواكل ال يقود �إ ّال �إلى الهزيمة‬ ‫يقطع ك ّل هذا “العمر المكدود” بتجاربه‬ ‫ال�صياغة‬ ‫ال�صناعة تبد�أ من ّ‬ ‫ي�ؤ ّكد �أنّ هذه ّ‬ ‫وال تركن �إلى الجامدين المحبطين‪.‬‬
‫ف��ي نهاية المطاف‪ ،‬وم��ن بعدها �إلقاء‬ ‫ال�ضخمة‪ ،‬وه ّمته العالية التي‬ ‫الكبيرة ّ‬ ‫الدّقيقة لل ّنف�س‪ ،‬وبالتّالي‪ ،‬فقد كان ي�ص ّر‬ ‫فالما�ضي والتّاريخ وما �سلف يم ّثل تجارب‬
‫الالئمة على التّاريخ وعلى ال ّنح�س ا ّلذي‬ ‫جعلته الأكثر ق��در ًة بين معا�صريه على‬ ‫على �أنّ “التّغيير ينطلق من الداخل”‪،‬‬ ‫الما�ضين‪ ،‬وهي التّجارب التي نحتاج �إليها‬
‫ّ‬
‫المتخ�شبة‪،‬‬ ‫ت�صوغه ال ّذهن ّية الجامدة‬ ‫“ه�ضم” تجارب الآخرين‪ ،‬واال�ستفادة‬ ‫من داخل ال ّنف�س‪ ،‬م�ستند ًا �إلى الحقيقة‬ ‫في عمل ّية بناء الم�ستقبل‪ ،‬لأنّ “الما�ضي‬
‫التي ال تعي�ش روح التح ّفز وال تلج�أ �إلى‬ ‫منها في تجاربنا وحركتنا‪..‬‬ ‫القر�آن ّية الدّامغة‪�ِ } :‬إ َّن اللهّ َ َال ُي َغ ِّي ُر َما‬ ‫م��ن الحا�ضر كالماء م��ن الماء”‪ ،‬كما‬
‫ركن وثيق‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫�أ ّما العن�صر الثاني‪ ،‬ا ّلذي ال ب ّد من تو ّفره‬ ‫ِب َق ْو ٍم َح َتّى ُي َغ ِّي ُرو ْا َما ِب�أَ ْن ُف ِ�سهِ ْم{(ال ّرعد‪:‬‬ ‫يقول ابن خلدون‪ ،‬ولكنّ الجمود �أمام هذه‬
‫ال�صورة تتّ�ضح‬ ‫قالها ال�س ّيد عندما بد�أت ّ‬ ‫الح�ضاري‬
‫ّ‬ ‫في عمل ّية التّغيير وال ّنهو�ض‬ ‫‪ ..)11‬وكم كان ال�س ّيد قر�آني ًا في حركته‬ ‫ال�� ّت��ج��ارب م��ن جهة‪ ،‬واالن��ب��ه��ار بتجارب‬
‫بعد العام ‪ ،1984‬وب��د�أت المقاومة ت�ؤتي‬ ‫من وجهة نظر �سماحة ال�س ّيد(ره)‪ ،‬فهو‬ ‫والتزامه ومحاكاته للواقع وتط ّلعه �إلى‬ ‫الآخ��ري��ن المعا�صرة م��ن ج��ه�� ٍة �أخ���رى‪،‬‬
‫�أكلها‪“ :‬هذه مرحلة �صنعناها‪ ،‬ول��و لم‬ ‫عن�صر التّخطيط‪ ..‬فال�س ّيد‪ ،‬الذي كان‬ ‫الم�ستقبل‪ ..‬وكان وهو يتحدّث �إلى ال ّنا�س‬ ‫والإيغال في َجلد ال ّذات واتهامها الدّائم‬
‫نكن ن���ؤم��ن ب���أ ّن��ن��ا ن�ستطيع �صناعتها‪،‬‬ ‫�شعاره التجربة �أبد ًا‪ ..‬وكان متفائ ًال على‬ ‫ك ّلهم عن هذه الحقيقة القر�آن ّية الحا�سمة‬ ‫بالتّق�صير وعدم القدرة على �صناعة الغد‬
‫لكان العد ّو هو ا ّلذي �صنعها على �صورته‬ ‫ط��ول ال��خ ّ��ط‪“ ،‬لأنّ ف�شل �أل��ف تجرب ٍة ال‬ ‫ال�شهيرة‬ ‫في م�س�ألة التّغيير‪ ،‬يردّد عبارته ّ‬ ‫ال�سابقون‪ ،‬يم ّثل جريم ًة‬ ‫وفعل ما فعله ّ‬
‫و�صورة خططه و�أهدافه”‪..‬‬ ‫يعني ف�شل الفكرة”‪ ..‬كان ي�ؤ ّكد التخطيط‬ ‫ال��ت��ي ط��اف��ت ق��اع��ات ال��ج��ام��ع��ات‪ ،‬كما‬ ‫ي��وم�� ّي�� ًة يرتكبها ا ّل��ذي��ن ي��ف�� ّك��رون بهذه‬
‫رحمك اهلل يا �سماحة ال�س ّيد‪ ،‬كم كنت‬ ‫يوجه �سهام‬‫الدقيق في ك ّل �شيء‪ ،‬وكم كان ّ‬ ‫انطلقت في حقول تجارب الإ�سالم ّيين‬ ‫الطريقة‪ ،‬كما يم ّثل تخ ّلي ًا عن الم�س�ؤول ّية‬
‫ت���ؤم��ن ب���أ ّن��ن��ا “ن�صنع ق�ضاءنا وقدرنا‬ ‫ال ّنقد �إلى الحكومات اللبنانية المتعاقبة‬ ‫العاملين‪“ :‬غ ّير نف�سك تغ ّير واقعك‪ ،‬غ ّير‬ ‫الكبرى �أم���ام الأ ّم���ة ف��ي تحفيزها على‬
‫ب�أيدينا”‪ ،‬و�أن���ت ال���ذي تعي�ش الإيمان‬ ‫التي �ألغت وزارة التّخطيط‪“ ..‬ربما لأ ّنهم‬ ‫نف�سك تغ ّير العالم”‪.‬‬ ‫ال ّلحاق بركب الأمم‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى ما يم ّثله‬
‫بالغيب في �أ�سمى �صوره و�أب��ه��ى �آياته‪،‬‬ ‫ي�ؤمنون باالرتجال”‪..‬‬ ‫المبادرة والتّخطيط‪:‬‬ ‫��روج على ال�س ّنة التي �أودعها اهلل‬ ‫من خ ٍ‬
‫ال�ضعف لي�س قدرنا‪..‬‬ ‫وكم كنت تردّد ب�أنّ ّ‬ ‫كان ال�س ّيد يتط ّلع بعين العقل وبب�صيرته‬ ‫وانطالق ًا من هذه القاعدة‪ ،‬كان ال�س ّيد‬ ‫تعالى في الكون‪ .‬وبالتّالي‪ ،‬فعلى الذين‬
‫وكم نحن بحاج ٍة �إلى محاكاة �سيرتك‪،‬‬ ‫يتجمدون �أم���ام ال�� ّت��اري��خ وال يتح ّركون‬
‫وا�ستلهام فكرك‪ ،‬و”ع�صير العمر” في‬ ‫في عمل ّية بناءٍ ذات ّ��ي‪� ،‬أن ي�ستعدّوا لدفع‬
‫تجاربك‪ ،‬وترداد �شعرك‪:‬‬ ‫�آمن ال�س ّيد(ره) بقدرة ال ّأمة على �صناعة الأمجاد مجدّ د ًا‪ ،‬وعلى‬ ‫الأث��م��ان الباهظة ف��ي حياتهم‪ ،‬كما �أنّ‬
‫ف�أنا �أخلق وحدي ج ّنتي ‬ ‫م�ستقبل جديد‪ ،‬ولكن من خالل قراءة مت�أ ّن ٍ‬
‫ية لل ّتاريخ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ر�سم‬ ‫عليهم �أن يعرفوا �أنّ الح�ساب �سيكون‬
‫ف�أرى الل ّذة في �أعماق حزني‬ ‫ّ‬
‫بعيد ًا عن الأوهام التي ي�صنعها الخراف ّيون‬ ‫�شديد ًا بين يدي اهلل �سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬


‫في فكر المرجع ف�ضل اهلل‬ ‫�إن�سان ّية الإن�سان‬
‫ال�سيد �شفيق المو�سوي‬
‫ارتقى بالمرجعية من مرجعية تقليدية‬ ‫فهو ه��ذا ال��م��دى ال��وا���س��ع على ال ّرحمة‬ ‫تهم بالدخول �إلى عالم ال�س ّيد‪ ،‬من � ّأي باب تدخل‪ ،‬هل تدخل �إليه‬ ‫تحتا ُر و�أنت ُّ‬
‫منكفئة على نف�سها‪� ،‬إلى مرجعية حا�ضرة‬ ‫والمح ّبة‪ ،‬فنحن ن�ستعمل الدين في كثير‬ ‫من باب الفقه‪ ..‬وهو الفقيه المجدّد الذي �أنزل الفقه من الجمود �إلى الحركة والحيو ّية‪،‬‬
‫في �ضمير النا�س‪ ،‬تحمل ه ّمهم‪ ،‬تتب ّنى‬ ‫من مواقفنا �سيا�سية كانت �أم دينية �أم‬ ‫�أم تدخل �إليه من باب العا ِلم‪ ،‬وهو العا ِلم الذي ملأ دنيانا فكر ًا وعق ًال وثقافة ووعي ًا‬
‫�آمالهم‪ ،‬تر�سم لهم طريق الخروج من‬ ‫غير ذلك‪ ،‬لنقدّم الإن�سان قربان ًا ننذره‬ ‫خط الحياة‪ ،‬معتبر ًا �أنّ القر�آن‬
‫وم�س�ؤولية‪ ..‬وهو القر� ّآني‪ ،‬الذي عا�ش القر�آن حرك ًة في ّ‬
‫م�شاكلهم‪ ،‬تو�ضح لهم الر�ؤى‪ ،‬تحدّد لهم‬ ‫ل��ل��ذب��ح‪ ..‬رف��ع ال�س ّيد ال�����ص��وت‪ ،‬قائ ًال‪:‬‬ ‫حركي ال يفهمه �إ ّال الحرك ّيون‪...‬‬
‫ٌّ‬ ‫كتاب‬
‫ٌ‬
‫الم�سار‪ ،‬ت�أخذ ب�أيديهم نحو منافذ النور‪،‬‬ ‫“بع�ض النا�س يت�ص ّورون �أنّ الإن�سان جاء‬
‫ترى �أعينهم ال�ضوء الم�شرق الذي يرون‬ ‫من �أجل �أن يخدم الدين‪ ،‬وبذلك يح ّولون‬
‫الحياة من خاللها ب�صورة �أف�ضل و�أرقى‬ ‫الدين �إلى ما ُي�شبه الموجود الوثني الذي‬
‫و�أنبل‪..‬‬ ‫يتع ّبد النا�س لإ�سمه دون �أن يفهموا ما في‬
‫ول��ذا‪ ،‬ف�إ ّنه رغ��م ك�� ّل الحرب التي ُ�ش ّنت‬ ‫داخله‪ ،‬ولكن اهلل قال‪َ } :‬يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ‬
‫عليه‪ ،‬ه��ذه ال��ح��رب التي ك��ان �سالحها‬ ‫ا�ست َِجي ُبو ْا للِهّ ِ َو ِلل َّر ُ�س ِول ِ�إ َذا د ََعا ُكم‬
‫� َآم ُنو ْا ْ‬
‫ال��ج��ه��ل‪ ،‬وذخ��ي��رت��ه��ا ال��خ��راف��ة‪ ،‬وقواها‬ ‫ِل َما ُي ْح ِيي ُك ْم{(الأنفال‪ ،)24 :‬الدين هو‬
‫جماعاتُ الفو�ضى الفكر ّية والالهثون‬ ‫دعوة للحياة ولي�س للإذالل واال�ستعباد‪،‬‬
‫وراء دنيا رخي�صة‪ ،‬ف�إ ّنه كان يقول‪�“ :‬إ ّنهم‬ ‫ومن الطبيعي �أنّ من يدعو �إلى الحياة‪،‬‬
‫يقولون‪ ،‬ماذا يقولون‪ ،‬دعهم يقولون”‪..‬‬ ‫يخدم الحياة ويخدم الإن�سان‪ ،‬وقد كان‬
‫لم ي�أبه لك ّل حربهم‪ ،‬لأ ّنه كان م�ؤمن ًا �أن‬ ‫يردد دائم ًا‪“ :‬كن عبد ًا هلل‪ ،‬وح�� ّر ًا �أمام‬
‫ال وقت لديه للردّ‪ ،‬فهناك �أ ّمة على امتداد‬ ‫العالم ك ّله”‪.‬‬
‫ه��ذا ال��ع��ال��م‪ ،‬بحاجة �إل���ى علمه وفكره‬ ‫لقد حر�ص �أن يعي�ش الإن�����س��ان عقله ال‬
‫وتخطيطه ورعايته وتنظيمه وروحيته‬ ‫�أن يعي�ش عقل غيره‪ ..‬لذلك ن ّبهنا �إلى‬
‫وروحانيته و�إن�سانيته وكتبه وم�ؤلفاته‪،‬‬ ‫عدم القول‪ :‬ب���أنّ الآخرين يف ّكرون ع ّنا‪،‬‬
‫ول����ذا‪ ،‬ل��م ي��ك��ن يملك وق��ت�� ًا ل��ل��ر ّد على‬ ‫علينا نحن �أن نف ّكر لأنف�سنا‪ ،‬لأ ّننا وحدنا‬
‫التفاهات والأباطيل‪.‬‬ ‫ال�صعد االجتماع ّية‬ ‫نعرف م�شكلتنا على ُّ‬
‫لم ي�سقط‪ ،‬لم يهن‪ ،‬وهو �إنْ حزن‪ ،‬حزن‬ ‫واالقت�صاد ّية وال�سيا�س ّية‪ ،‬ولن ي�ستطيع‬ ‫وحب الإن�سان‪:‬‬
‫على النا�س الذين يعمل ُ‬ ‫للإن�سان عا�ش ال�س ّيد‬ ‫حب اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫بع�ض ح ّرا�س‬ ‫غيرنا �أن يح ّل لنا م�شكلتنا‪.‬‬ ‫وهو ال�شاعر الأديب الذي غا�ص في عمق‬
‫خط اال�ستقامة‬ ‫التخ ّلف على حرفهم عن ّ‬ ‫في مواجهة التخلف والخرافة‪:‬‬ ‫(ره)‪ ،‬ليجعله ي��ؤم��ن‬ ‫ال�سيا�سي الذي‬
‫ُّ‬ ‫ووج��دان الإن�سان‪ ،‬وهو‬
‫وال���ق���ب���ول ب��م��ن��ط��ق ال��ج��ه��ل والتج ّني‬ ‫لم يهادن الخراف ّيين والمتخ ّلفين والذين‬ ‫ب�أنّ طاقاته يجب �أن تكون في‬ ‫ً‬
‫ك��ان��ت ال�سيا�سة ع��ن��ده ط��ري��ق��ا لخدمة‬
‫والخرافة‪..‬‬ ‫دين‬
‫ي�ست�سهلون قتل الإن�����س��ان �إل��ى � ّأي ٍ‬ ‫م�ستوى الكون ك ّله‬ ‫المو�سوعي‪ ،‬من � ّأي الجهات‬‫ّ‬ ‫الإن�سان‪ ،‬هو‬
‫بقي‪ ،‬لأنّ ه ّمه كان الق�ضايا الكبيرة‪،‬‬ ‫كبير ًا‪َ ،‬‬ ‫انتمى هذا الإن�سان‪ ،‬لذا‪ ،‬عندما حدثت‬ ‫�أت��ي��ت��ه‪ ،‬نهلت م��ن معينه ع��ل��م�� ًا وخير ًا‬
‫لذلك ح ّذر من الق�ضايا ال�صغيرة كي ال‬ ‫تفجيرات ال��ح��ادي ع�شر م��ن �أي��ل��ول في‬ ‫وبركة‪..‬‬
‫�أمير الم�ؤمنين(ع)‪“ :‬النا�س �صنفان‪،‬‬
‫تحرق الق�ضايا الكبيرة‪� ..‬أب ّي ًا كان‪ ،‬لأ ّنه‬ ‫أنا�س �أبرياء‬ ‫�ضحيتها � ٌ‬ ‫نيويورك‪ ،‬وذهب ّ‬ ‫�إ ّم���ا � ُأخ ل��ك ف��ي ال��دي��ن �أو نظير ل��ك في‬ ‫رح��ل (ر���ض��وان اهلل عليه) وك��ن��تُ حتى‬
‫رف�ض �أن تُهان كرامة الأ ّمة على ِيد العد ّو‬ ‫ٌ‬
‫مخالف‬ ‫�أدان��ه��ا ب�شدّة‪ ،‬واعتبر �أنّ ذل��ك‬ ‫الأي��ام الأخ��ي��رة‪� ،‬أ�سمع منه ه��ذه الكلمة‬
‫الخلق”‪ .‬ومورد هذا القول هو �إنّ الإن�سان‬
‫ال�صهيوني‪ ،‬ر ّبى �أجيا ًال‪� ،‬صنع قيادات‪،‬‬ ‫لأوامر اهلل والقر�آن والر�سول و�أنّ الذين‬ ‫و�إل��ى � ّأي دي ٍ��ن انتمى هو �أ ٌخ لك والأخ ّوة‬ ‫���ب الإن�سان”‪ ...‬قرن‬ ‫حب اهلل و�أُح ُّ‬‫“�أُ ُّ‬
‫م�ستلزمات مادّية ومعنوية‪ ،‬فكانت‬ ‫ٍ‬ ‫و ّفر‬ ‫بحب الإن�����س��ان‪ ،‬لأنّ اهلل ك ّرم‬
‫لتبني ال�سالم والأمان بينك‬ ‫تعزّز العالقة َ‬ ‫ح ّ��ب اهلل ّ‬
‫المقاومة �صن َع بركة يديه‪ ،‬وكان ال ّن�صر‬
‫ارت���ق���ى ب��ال��م��رج��ع��ي��ة‬ ‫وبينه‪ ،‬وبينكما وبين الوجود ك ّله‪..‬‬ ‫هذا الإن�سان‪ ،‬وجعله خليفته‪ ،‬واعتبر �أنّ‬
‫وما زال‪ ،‬وكانت المقاومة �شوكة في حلق‬ ‫ل���ذا‪ ،‬ن�صحنا ج��م��ي��ع�� ًا‪ ،‬ب��ق��ول��ه‪ْ :‬‬ ‫كرامته هي كرام ُة الوجود ك ّله‪ ..‬لذلك‬
‫“ع�ش‬
‫ك ّل الحاقدين والمغت�صبين‪..‬‬ ‫من مرجعية تقليدية‬ ‫كان يردّد القول‪“ :‬نريد �أن ننتج �إن�سان‬
‫�إن�سان ّيتك في �إن�سانية الآخ��ر‪ ،‬و�أن تكون‬
‫كان ف�ضله على الحركة الإ�سالمية في ك ّل‬ ‫منكفئة على نف�سها‪� ،‬إلى مرجعية‬ ‫�إن�سان ًا �أن تعي�ش �إن�سان ّيتك ف��ي قلبك‬ ‫اهلل‪ ،‬وم��ا �أري���ده م��ن كلمة �إن�����س��ان اهلل‪،‬‬
‫العالم الإ�سالمي‪ ،‬فهو الذي ر ّبى �أجيالها‬
‫حا�ضرة في �ضمير النا�س‪ ،‬تحمل‬ ‫لينب�ض قل ُبك بالمح ّبة للإن�سان ك ّله‪..‬‬ ‫ه��و الإن�����س��ان ال���ذي ينفتح بعقله وقلبه‬
‫على الحرك ّية الإ�سالم ّية‪ ،‬ون�شر بينها‬
‫همهم وتتب ّنى �آمالهم‬ ‫ُك��ن الآخ���ر‪ ،‬تق ّم�ص ك�� ّل �أح�لام��ه و�آماله‬ ‫و�إح�سا�سه وحركة حياته على اهلل‪ ،‬ونحن‬
‫المفاهيم الأ�صيلة‪ ،‬ف���أخ��ذت م��ن ذلك‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وم�شاعره وحوا�سه وحاجاته‪ُ ...‬ك��ن هو‬ ‫عندما ننفتح على اهلل‪ ،‬وننتمي �إليه‪،‬‬
‫برامجها وخططها وح��رك��ة عملها وما‬
‫زالت �إلى اليوم تعي�ش على مائدة �أفكاره‬
‫بالحب يمكن‬
‫ّ‬ ‫�أن��ت‪ُ ..‬ك��ن �إن�سان ّ‬
‫الحب‪،‬‬ ‫فلكي تكون �إن�سانيتنا �إن�سانية منتمية �إلى‬
‫ماتوا ب�ش ٌر يجب �أن تُحترم �إن�سانيتهم‪،‬‬ ‫بالحب‬
‫ّ‬ ‫�إعمار الكون ورف ُع م�ستوى الإن�سان‪،‬‬ ‫�ألوهيته التي ُي�شرف من خاللها علينا‪،‬‬
‫وعقله الإ�سالمي الكبير‪..‬‬ ‫حتى و�إنّ كانت دولتهم تقتل النا�س‪ ،‬لأنّ‬ ‫و�إلى ربوبيته التي يح�ضننا من خاللها‪،‬‬
‫نخ ّفف �آالم الإن�سان ونطلق �أحالمه‪..‬‬
‫و�أختم بما كان يخاطب به الواعين من‬ ‫الم�شكلة كما كان يقول لي�ست مع ال�شعوب‪،‬‬ ‫فيما يحت�ضن بها �آالمنا وحياتنا”‪.‬‬
‫ل�ل�إن�����س��ان ع��ا���ش ال�����س�� ّي��د (ر����ض���وان اهلل‬
‫�أب��ن��اء الأ ّم���ة‪�“ :‬أ ّيها الأح�� ّب��ة‪ ..‬م��ا �أح ّبه‬ ‫بل هي مع الإدارات الغربية التي تمتهن‬ ‫عليه)‪ ،‬ليجعل هذا الإن�سان �إن�سان ًا ي�ؤمن‬ ‫لي�س لأح��د �أن ي ّ‬
‫��ذل ه��ذا الإن�����س��ان‪َّ � ،‬أي‬
‫نتح�س�س م�س�ؤوليتنا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لنف�سي ولكم �أن‬ ‫كرامة الإن�سان‪..‬‬ ‫�إن�سان كان‪� ،‬إنّ كرامته من كرامة اهلل‪،‬‬
‫ب���أنّ طاقاته يجب �أن تكون في م�ستوى‬
‫فنعطي ك ّل عمرنا لم�س�ؤول ّيتنا”‪ ..‬بمعنى‬ ‫رف�ض الت�شرذم والتفتّت والوهن وال�ضعف‬ ‫و� َّإن االع��ت��داء عليه اع��ت��دا ٌء على الذات‬
‫الكون‪ ،‬ولطالما ح ّذر من ا�ستعباد الإن�سان‬
‫�أن يندمج الإن�سان مع الواقع الذي ارت�ضى‬ ‫ال��ذي تعي�شه الأ ّم��ة الإ�سالمية ووج��د �أنّ‬ ‫الإلهية‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬كان ال�س ّيد يردّد قول‬
‫حجة ال��دي��ن‪ ،‬ال��دي��ن ال َي�ستعبد‪،‬‬ ‫تحت ّ‬
‫لنف�سه �أن يكون واقع حياته‪ ،‬بحيث ن�شعر‬ ‫الخروج من ك ّل هذا ال�ضعف هو بالوحدة‬
‫�أنّ علينا �أن نجعل الواقع ناجح ًا‪� ،‬أن ينجح‬ ‫الإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬ح��ي��ث �أن �أع����داء الأ ّم����ة ال‬
‫بنا‪ ،‬و�أن نكبر به من خالل نجاحنا فيه‪..‬‬ ‫و�شيعي‪ ،‬لأن هدفهم هو‬ ‫ّ‬ ‫يم ّيزون بين �س ّني‬ ‫� ّأكد �أن الدين هو دعوة للحياة ولي�س للإذالل واال�ستعباد‪ ،‬ومن‬
‫اقتالع الإ�سالم من جذوره‪..‬‬ ‫الطبيعي �أنّ من يدعو �إلى الحياة‪ ،‬عليه �أن يخدم الإن�سان‬
‫معنى �أن تعي�ش �إن�سانيتك هو �أن تعي�ش م�س�ؤوليتك‬

‫المرجع ف�ضل اهلل ومفهوم الأمانة‬


‫المجتمعات والأمم يكون ب�صالح �أبنائها‪،‬‬ ‫د‪.‬نجيب نورالدين‬
‫ال�شريفة نوعين من‬ ‫وقد بنى خالل حياته ّ‬ ‫هو ما ائتمن اهلل عز وج ّل عليه ال ّر�سل‪..‬‬ ‫تم ّر الذكرى ال�سنوية االول��ى على رحيل �سماحة المرجع الديني ال�سيد‬
‫الكيانات التي كان يعت ّز بها‪ ،‬يت ّمم واحدها‬ ‫فهم الأمناء على وحيه ور�سالته وعباده‪..‬‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره) وعالمنا العربي ي�شهد تحو ًال تاريخي ًا يطاول‬
‫الآخر؛ �إذ عمل على بناء الإن�سان العامل‬ ‫فهم الذين ا�شتهروا بين النا�س بال�صدق‬ ‫كافة مكوناته ال�سيا�سية واالجتماعية والإن�سانية‪..‬‬
‫المتح�ضر‪ ،‬وعمل من جه ٍة �أخرى‬ ‫ِّ‬ ‫العابد‬ ‫والأمانة‪.‬‬
‫وكذلك‪ ،‬ف� َّإن اهلل ائتمن الإن�سان على ما‬ ‫والمجتمعات والأمم‪..‬‬ ‫ف�ضيلة �إن�سانية كبرى‪:‬‬
‫على بناء الم� َّؤ�س�سات الفاعلة ال ّنا�شطة في‬ ‫وم���ن خ�ل�ال مراجعتنا ل��ر�ؤي��ة �سماحة‬
‫خدمة الإن�سان والمجتمع‪ ،‬كما عمل على‬ ‫و�صحة وجوارح‪،‬‬‫وعقل ّ‬ ‫دين ٍ‬ ‫�أنعم عليه من ٍ‬ ‫والخيانة‪ ،‬في فهم �سماحته‪ ،‬هي النقي�ض‬
‫و�إذا تد َّرجنا في م�ستويات الأمانة‪ ،‬نجد‬ ‫التناظري للأمانة‪ ،‬فكل من ال يتح ّمل‬ ‫ال�سيد ال�سيا�سية واال�ستراتيجية نخل�ص‬
‫بناء �أعمدة الق ّوة لهذه الأ ّمة‪ ،‬فكان بذلك‬ ‫أهم الذي جعل ال�شعوب‬
‫� َّأن اهلل ائتمن الإن�سان على عر�ضه وماله‬ ‫م�س�ؤولياته ال��ت��ي �أئ��ت��م��ن عليها ف��ي �أي‬ ‫�إلى �أن ال�سبب ال ّ‬
‫نموذج المرجع ا ّلذي ب ّين الكيف ّية ال ُمثلى‬ ‫العربية تي�أ�س من �صالح ه��ذه الطبقة‬
‫التي ال ب ّد من �أن نتعامل من خاللها مع‬ ‫وول��ده و�أه��ل بيته و�أق��ارب��ه وجيرانه وك ّل‬ ‫م�ستوى من م�ستويات الحياة ف�إنه يخون‬
‫�أماناته‪ ،‬ويعر�ض نف�سه كفرد‪ ،‬ومجتمعه‬ ‫ال�سيا�سية الفا�سدة التي ت�س ّيدت العالم‬
‫كل‬‫مفهوم الأمانة‪ ،‬وهو وهب في �سبيلها َّ‬
‫ك�إطار للمف�سدة‪ ،‬فالمواطن الذي يتعامل‬ ‫العربي طوي ًال‪ ،‬هو خيانتها للأمانة التي‬
‫عزم وق َّو ٍة حتى وافته المن َّية‪..‬‬ ‫ما �أوتي من ٍ‬ ‫�أرادنا جميع ًا �أن نحفظ‬ ‫فو�ضتهم ال�شعوب حملها‪ ،‬لل�سهر على‬
‫ف�ألقى بهذه المه َّمة والم�س�ؤول َّية‪ ،‬بل بهذه‬ ‫مع العدو هو يخون المجتمع الذي ينتمي‬
‫�أم���ان���ة ه���ذا ال��خ��ط اال���س�لام��ي‬ ‫�إل��ي��ه‪ ،‬وال��ن��ائ��ب ال���ذي يعمل لم�صلحته‬ ‫حياتها وم�صالحها و�إرادتها وق�ضاياها‪،‬‬
‫الأم��ان��ة‪� ،‬إل��ى الأج��ي��ال ا ّلتي �ست�أتي من‬ ‫وم�صير اجتماعها و�أوطانها‪.‬‬
‫بعده‪.‬‬ ‫الأ�صيل وم�س�ؤولياته‪ ،‬ومنح الأمة‬ ‫دون م�صالح النا�س‪ ،‬فهو يخون �أمانة‬
‫المواطنين الذين فو�ضوا �إليه التعبير‬ ‫ل��ق��د ن�� ّب��ه �سماحته ب��ا���س��ت��م��رار �إل���ى �أن‬
‫وقد حر�صت م�ؤ�س�سات المرجع الراحل‪،‬‬ ‫كل الثقة‪ ،‬ب�أ ّنها قادرة على ّ‬
‫تلم�س‬
‫عن �آراءه��م وق�ضاياهم‪ ،‬والرئي�س الذي‬ ‫اال�ستهانة بحمل �أمانة ال�شعوب والأوطان‬
‫م��ن خ�ل�ال م�����س��اره��ا ال��ط��وي��ل‪ ،‬ع��ل��ى �أن‬ ‫طريق الحق وال�صالح‪� ،‬إذا �أب�صرت‬ ‫�سي�ؤدي �إل��ى ما ن�شهده اليوم من ثورات‬
‫تكون �أمينة على ر�سالة م�ؤ�س�سها‪ ،‬وكان‬ ‫ال يخدم وطنه ومجتمعه‪ ،‬هو يخون �أمانة‬
‫اال�سالم بطريقة ر�سالية‬ ‫هذا المجتمع‪ ،‬ويعر�ضه للف�ساد والإف�ساد‪،‬‬ ‫وتحوالت في عالمنا العربي‪ ..‬فال�شعوب‪،‬‬
‫رائ��ده��ا دائ��م�� ًا‪ ،‬حفظ م�س�ؤولية �أبناء‬ ‫�لا‪� ،‬ست�سعى �إل��ى ا�ستعادة‬ ‫عاج ًال �أم �آج ً‬
‫الأم���ة بقدر اال�ستطاعة‪ ،‬وال�سهر على‬ ‫ويحط من �ش�أن �صورته �أم��ام المجتمع‬ ‫ُ‬
‫ال ّنا�س من حوله‪ ،‬فالأمانة �إذ ًا‪ ،‬هي �صفة‬ ‫الإن�ساني برمته‪..‬‬ ‫الأم��ان��ة ممن ا�ستباحها‪ ..‬ولأن���ه لي�س‬
‫توعيتهم ورعايتهم والأخ��ذ بيدهم �إلى‬ ‫�أغلى من الأمانة التي نتحمل من خاللها‬
‫ن��ور الإي��م��ان الأ���ص��ي��ل‪ ،‬وه��ي لأج��ل ذلك‬ ‫الإن�سان ال�صالح لأي دين انتمى‪.‬‬ ‫م��ن هنا ف����إن �أك��ث��ر م��ا تم ّيز ب��ه �أنبياء‬
‫وي����ؤك���د ���س��م��اح��ت��ه‪� ،‬أن م���ن الأم���ان���ة‪،‬‬ ‫اهلل و�أوليائه هو الأم��ان��ة‪�ِ }:‬إ َّن��ا َع َر ْ�ض َنا‬ ‫م�س�ؤولية حياة النا�س وم�صائرهم‪ ،‬كان‬
‫�سعت �إل��ى تطوير هذه الم�ؤ�س�سات‪ ،‬بما‬
‫يحقق ال��غ��اي��ة الإن�����س��ان��ي��ة والح�ضارية‬ ‫الم�س�ؤول ّية التي يتوالها الإن�سان في حياته‬ ‫ال ْر ِ�ض َوا ْل ِج َب ِال‬‫ال�س َما َو ِات َو َْ أ‬
‫الَ َما َن َة َع َلى َّ‬ ‫ْأ‬ ‫لمفهوم الأم��ان��ة ه��ذه الأهمية الكبرى‪،‬‬
‫التي �أن�ش�أت من �أجلها‪ ،‬لذلك نجدها‪،‬‬ ‫العمل ّية‪ ،‬ب���أن ي�ؤدّيها على �أح�سن وجه‪،‬‬ ‫َف�أَ َب ْينَ �أن َي ْحمِ ل َن َها َو�أ ْ�ش َف ْقنَ ِم ْن َها َو َح َمل َها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وهذا االهتمام البالغ‪.‬‬
‫فال يتكا�سل �أو يتهامل عن �أدائها‪� ،‬سواء‬ ‫ن�سانُ {(الأحزاب‪)72 :‬‬ ‫ال َ‬ ‫ْ إِ‬ ‫فالأمانة‪ ،‬من وجهة نظر �سماحته‪ ،‬هي‬
‫بعد عقود على انطالقتها‪ ،‬قد حجزت‬ ‫من �أهم الف�ضائل الأخالقية التي �أو�صت‬
‫لنف�سها مكان ًا متقدم ًا بين الم�ؤ�س�سات‬ ‫كانت في �أعلى هرم الم�س�ؤول ّيات‪ ،‬ك�أن‬ ‫فحمل الأمانة‪ ،‬من وجهة نظر ال�سيد‪ ،‬من‬
‫يتو ّلى الإن�سان موقع ًا قياد ّي ًا �أو رياد ّي ًا‬ ‫بها الأدي��ان ال�سماوية على تنوعها‪ ،‬وهي‬
‫الفكرية والثقافية والتربوية واالجتماعية‬ ‫الر�أ�سمال الحقيقي للمجتمعات الإن�سانية‪،‬‬
‫والإن�سانية العريقة‪ ،‬لي�س فقط في لبنان‪،‬‬ ‫�أو رئا�س ّي ًا �أو غير ذلك‪� ،‬أو كان ذلك في‬ ‫اه��ت� ّ�م �سماحة ال�س ّيد‬
‫وظيفة ي�ؤدّيها في م� ّؤ�س�س ٍة من م� ّؤ�س�سات‬ ‫والثروة المعنوية التي تفاخر بها الأمم‪،‬‬
‫و�إنما في العالم العربي والإ�سالمي في‬ ‫(ره)‪ ،‬ب��ب��ن��اء الإن�����س��ان‬
‫المجتمع‪ ،‬وخ�صو�ص ًا الم�س�ؤول ّيات التي‬ ‫و ُت��ع��ل��ي م��ن ���ش���أن �صورتها الح�ضارية‪،‬‬
‫�أرحب مداه‪.‬‬ ‫ال�صالح‪ ،‬لأن��ه ك��ان ي��ؤم��ن �أن‬ ‫لأنها تعك�س م�ستوى ثقة هذه المجتمعات‬
‫وه��ا ه��ي م�ؤ�س�سات المرجعية اليوم‪،‬‬ ‫ي��ك��ون فيها م�شرف ًا على رع��اي��ة �ش�ؤون‬
‫ال ّنا�س‪ ،‬وت�أمين حاجاتهم ال��م��ا ّد ّي��ة‪� ،‬أو‬ ‫�صالح المجتمعات والأمم �إنما‬ ‫وال�شعوب بنظامها االجتماعي وال�سيا�سي‬
‫م� َّؤ�س�سات تن�شط وتنمو بفعل ت�ضافر جهود‬ ‫والأخالقي والديني‪.‬‬
‫العاملين باخال�ص‪ ،‬والداعمين بمحبة‬ ‫التي يرعى فيها نفو�س ال ّنا�س من خالل‬ ‫يكون ب�صالح �أبنائها‬
‫تربيتهم وتن�شئتهم وبناء �شخ�ص ّياتهم‬ ‫والأمانة‪ ،‬ح�سب �سماحته‪ ،‬لي�ست م�س�ألة‬
‫لم�سيرتها‪ ،‬هي منذ �أن �أن�ش�أها �سماحة‬ ‫فردية �أو �شخ�صية يتلزمها الأفراد للتعبير‬
‫ال�س ِّيد‪ ،‬م� ّؤ�س�سات للمعرفة وال�صالح‬ ‫ال�صالحة والم�س�ؤولة في الحياة‪..‬‬ ‫ّ‬
‫وتتد ّرج الأمانة من م�ستواها ّ‬ ‫�أهم المميزات الإن�سانية‪ ،‬هذا الإن�سان‬ ‫عن �إن�سانيتهم وتميزهم فح�سب‪� ،‬إنما‬
‫والخير‪ ،‬و�ستبقى كذلك وت�ستم ّر بعون‬ ‫خ�صي‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ال��ذي خلقه اهلل في �أح�سن تقويم‪ ،‬وهو‬ ‫هي م�س�ألة اجتماعية و�سيا�سية بامتياز‪،‬‬
‫اهلل‪ ،‬ال م� ّؤ�س�سات �أفراد تنتهي بانتهائهم‪.‬‬ ‫المحدود‪� ،‬إل��ى الم�ستويات العا ّمة التي‬
‫منذ �أن قبل حمل الأم��ان��ة الإله ّية على‬ ‫فالنا�س م�ؤتمنون على م�صالح بع�ضهم‬
‫هذا بع�ض ما تركه ال�سيد من معالم الخط‬ ‫تتناول قطاعات الأ ّمة ومك ّوناتها‪ ،‬فالأ ّمة‬
‫الأر���ض‪ ،‬ارت�ضى لنف�سه �أن يكون حافظ ًا‬ ‫البع�ض‪ ،‬وكذلك ال�سيا�سيون م�ؤتمنون على‬
‫والم�س�ؤولية‪ ،‬و�أرادن���ا جميع ًا �أن نحفظ‬ ‫ه��ي �أك��ب��ر الأم���ان���ات ال��ت��ي �أو���ص��ان��ا اهلل‬
‫لها‪ ،‬م�����س���ؤو ًال ع��ن �أدائ��ه��ا‪ ،‬و�أم��ي��ن�� ًا على‬ ‫الأوط��ان‪ ،‬وعلى رعاية م�صالح الأوطان‪،‬‬
‫�أم��ان��ة ه���ذا ال��خ��ط اال���س�لام��ي الأ�صيل‬ ‫بحفظها‪ ،‬وجعل ك ًال منا م�س�ؤو ًال عنها‪ ،‬ك ٌّل‬
‫�سالمتها‪ ..‬فبموجبها‪ ،‬جعل اهلل الإن�سان‬ ‫ف��ع��ن��دم��ا ي��ن��ت��خ��ب ال���م���واط���ن النائب‪،‬‬
‫وم�س�ؤولياته‪ ،‬وهو كان قد منح الأمة كل‬ ‫من موقعه‪ ،‬وك ٌّل من مكانته‪ ،‬وك ٌّل ح�سب‬ ‫���ال َر ُّب َ‬
‫خليفته على الأر����ض } َو�إِ ْذ َق َ‬
‫���ك‬ ‫ف�إنه ي�أتمنه على �صوته‪ ،‬وبالتالي على‬
‫راع وك ّلكم‬ ‫قدرته‪ ،‬فقال(�ص)‪“ :‬ك ّلكم ٍ‬
‫الثقة‪ ،‬ب���أ ّن��ه��ا ق���ادرة على تل ّم�س طريق‬ ‫ِل ْل َم َال ِئ َك ِة ِ�إ ِّني َج ِاع ٌل ِفي الأَ ْر ِ�ض َخ ِلي َف ًة{‪..‬‬ ‫م�صالحه‪ ،‬وكذلك عندما نو ّلي رئي�س ًا �أو‬
‫الحق وال��ع��دل وال�����ص�لاح‪� ،‬إذا �أب�صرت‬ ‫م�س�ؤول عن رع ّيته”‪..‬‬
‫وال خ�لاف��ة ب�لا �أم���ان���ة‪ ،‬فحمل الأمانة‬ ‫م�س�ؤو ًال على رئا�سة بلد‪ ،‬ف�إننا ن�أتمنه على‬
‫اال�سالم بطريقة ر�سولية ور�سالية‪ .‬رحل‬ ‫�أمانة الم�ؤ�س�سات‪:‬‬
‫وحفظها هي من �أب��رز مق ّومات الوجود‬ ‫المجتمع والأر�ض والهوية والثقافة والبيئة‬
‫المرجع الكبير وهو على يقين ب�أن الأمة‬ ‫لقد كان �سماحة المرجع ال ّراحل‪ ،‬ال�سيد‬
‫إن�ساني على هذه الأر�ض‪..‬‬ ‫ال ّ‬ ‫وال��ح��دود‪ ،..‬وعندما ن�أتمن عالم الدّين‬
‫التي �أح ّبها و�أخل�ص الم�س�ؤول ّية تجاهها‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر�����ض)‪� ،‬أحد‬
‫وجوه وم�ستويات الأمانة‪:‬‬ ‫على ما يت�صل بحياتنا من �أم��ور الدين‬
‫�ستح ّبه‪ ،‬و�ستخل�ص الم�س�ؤول ّية تجاه ك ّل‬ ‫ا ّلذين حملوا الأمانة ه ّم ًا كبير ًا في الحياة‪،‬‬
‫ول�ل�أم��ان��ة وج���وه وم�����س��ت��وي��ات‪ ،‬فالأمانة‬ ‫والدنيا‪ ،‬ف�إننا ن�أتمنه على �أفعالنا و�سلوكنا‬
‫�سات‬‫تفكير وم� ّؤ�س ٍ‬ ‫خط ومنهج ٍ‬ ‫ما تركه من ٍ ّ‬ ‫واعتبر �أ ّنها م�س�ؤول ّيته الكبرى في هذه‬
‫ال���ك���ب���رى ه���ي ح��ف��ظ الأم������ة وال���ت���زام‬ ‫وم�صيرنا‪ ،‬وهكذا تمتد الأمانة �إلى كافة‬
‫ْ‬
‫ب���إذن اهلل تعالى‪} ،‬و ُق ِ��ل ْاع َم ُلوا َف َ�س َي َرى‬ ‫�صحة‬ ‫الدّنيا‪ ،‬فلم يدّخر �أي جهة �أو ق ّوة �أو ّ‬ ‫ق�ضاياها‪ ،‬والدّفاع عنها‪ ، ،‬واال�ستقامة‬ ‫مفا�صل العالقات االجتماعية وال�سيا�سية‬
‫اللهّ ُ َع َم َل ُك ْم َو َر ُ�سو ُل ُه َوا ْل ُم�ؤ ِْم ُنونَ {(التّوبة‪:‬‬ ‫�أو مال �إال وج ّيره في خدمة هذه الأمانة‪،‬‬
‫على المنهج القويم‪ ..‬ولع ّل المثال الأعلى‬ ‫والإن�سانية في المجتمع‪ ،‬وت�سرى م�سرى‬
‫‪.)105‬‬ ‫فكان بناء الإن�سان ال�صالح الم�س�ؤول ك ّل‬
‫على ا ّلذي ب ّينه اهلل لنا عن حمل الأمانة‪،‬‬ ‫ال���روح ف��ي ج�سد الأف����راد والجماعات‬
‫ه ّمه في حياته‪ ،‬لأنه كان ي�ؤمن �أن �صالح‬
‫ال�شم�س‬
‫ُ‬ ‫تغيب‬ ‫المرجع ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫وال تغيب‬ ‫مالمح ال�شخ�صية الفريدة‬
‫د‪ .‬محمد ر�ضا ف�ضل اهلل‬
‫ال�شم�س وال تغيب‬
‫ُ‬ ‫تغيب‬ ‫«نف�سه منه في عناء‪ ،‬والنا�س منه في راحة‪� ،‬أتعب نف�سه لآخرته و�أراح‬
‫الو�ضاء �شعاع‬ ‫َ‬
‫حرفك ّ‬ ‫النا�س من نف�سه»‪� ...‬إنها بع�ض �صفات المتقين التي �أ�شار �إليها الإمام علي(ع)‬
‫وفكرك الالمع قمر‬ ‫في نهج بالغته‪ ،‬المتقون الذين ي�ؤمنون بالغيب‪ ،‬ويقيمون ال�صالة‪ ،‬وي�ؤتون الزكاة‪،‬‬
‫و�سطور �أ�سفارك نجوم‬ ‫ومما رزقهم اهلل ينفقون‪� ،‬أولئك على هدً ى من ربهم و�أولئك هم المفلحون‪.‬‬
‫فال ليل يوح�ش الخطى‬ ‫التي ترتد وهن ًا على الموقف الإ�سالمي‬ ‫الر�سالي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النموذج‬
‫وال ظالم يحوط بالطريق‪.‬‬ ‫بمجمله‪ ،‬وهذا ما لم�سناه �أثناء الهجمة‬ ‫ولعل من �أف�ضل م�صاديقه هذه النماذج‬
‫***‬ ‫ال��ظ��ال��م��ة عليه م��ن ِق�� َب��ل المتع�صبين‬ ‫الإ�سالمية الفريدة‪ ،‬هو �سماحة المرجع‬
‫وتغور العيون‬ ‫والمتخ ّلفين والتكفيريين والغالة‪ ،‬حيث‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫الجمود �إل��ى الحركة‪ ،‬ومن جو الخرافة‬ ‫انبرى بعنفوان يحمل م�س�ؤولية الإ�صالح‬ ‫ال��ذي عا�ش حياته كلها هلل تعالى‪ ،‬وفي‬
‫وتجف ال�سواقي‬ ‫ّ‬
‫�إل���ى ال��ع��ل��م‪ ،‬وم��ن محيط االن��غ�لاق �إلى‬ ‫والتجديد والأ�صالة‪.‬‬ ‫خدمة عباده وبالده‪ ،‬فكان الحب والحق‬
‫وندى كفّك يربو‬ ‫االنفتاح‪.‬‬ ‫فكانت دعوته ال�صادقة وال�شفافة �إلى‬ ‫والخير والبركة والإن�سانية‪.‬‬
‫ورذاذ عطائك يثرى‬ ‫لم نتعلم منه الحقد في درا�سة التاريخ‪ ،‬وال‬ ‫ال��وح��دة الإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬وح����وار الأدي����ان‪،‬‬ ‫و�سماحة ال�سيد‪ ،‬بما �أنعم اهلل عليه تعالى‪،‬‬
‫وغدران �سناك ِ�سقا‬ ‫الكراهية لمن نختلف معهم‪ ،‬كان يقول‪:‬‬ ‫و�إ���ص�لاح ال���ح���وزات‪ ،‬وت��ح��دي��ث التعليم‬ ‫من التواجد في بيئات علمية �أ�صيلة‪ ،‬ومن‬
‫ومطر ُمناك رواء‬ ‫ال تح ّولوا التاريخ �إل��ى ع��بء ثقيل على‬ ‫ال��دي��ن��ي‪ ،‬واالن���ط�ل�اق ن��ح��و المرجعية‬ ‫التمايز بذكاء عقلي حاد‪ ،‬وروح �إن�سانية‬
‫فلي�س في الم�سير عطا�شى‬ ‫الحا�ضر‪ ،‬ادر�سوه‪ ،‬ا�ستفيدوا من تجاربه‪،‬‬ ‫الم�ؤ�س�سة‪ ،‬والحماية ف��ي ح��رب البدع‬ ‫���ش��ف��اف��ة‪ ،‬وم���ن ح��ي��وي��ة ح��رك��ي��ة منفتحة‬
‫وال يخاف الركب ال�صدى‬ ‫خ��ذوا العبرة من �أح��داث��ه ونتائجه‪ ،‬ثم‬ ‫والغل ّو والجهل والتخ ّلف والخرافة‪.‬‬ ‫ا�ستطاع �أن يتفاعل مع بيئته ويفعل في‬
‫***‬ ‫انطلقوا �إلى الحا�ضر بروحية البناء و�إلى‬ ‫ب��الإ���ض��اف��ة �إل���ى ج���ر�أت���ه ف��ي رف�����ض ك ّل‬ ‫محيطه‪ ،‬فاغتنى منه و�أغناه‪..‬‬
‫الم�ستقبل بذهنية التخطيط‪.‬‬ ‫فكانت ن�شاطاته ت�ضج بفعاليتها ال�ساحات‬
‫ويذوي الربيع‬
‫كانت لديه �أحالم يرغب تحقيقها‪ ،‬وكانت‬ ‫وال��م�����س��اج��د وال��م��ن��ت��دي��ات وال���ن���دوات‬
‫وتتبدل الف�صول‬ ‫ّ‬ ‫لديه �أه���داف ي��و ّد بلوغها‪ ،‬ك��ان ي�سابق‬ ‫ك��ان ح��ازم� ًا في �ساحة‬
‫واالح��ت��ف��االت وال��م��ن��ا���س��ب��ات‪ ،‬م��م��ا و ّف��ر‬
‫ومن مدادك ربيع دائم‬ ‫ال��زم��ن ع�� ّل��ه ينجز بع�ض ًا منها‪ ،‬ولكن‬ ‫التحدّ ي‪ ،‬وهذا ما لم�سناه‬ ‫لديه مخزون ًا معرفي ًا وا�سع ًا‪ ،‬واجتهاد ًا‬
‫وحقول ال تبور‬ ‫فعالية المر�ض منعته من جهة‪ ،‬ومن جهة‬ ‫�أثناء الهجمة الظالمة عليه من‬ ‫فقهي ًا متجدد ًا‪ ،‬ووعي ًا �سيا�سي ًا مرهف ًا‪،‬‬
‫وخمائل مل ّونة‬ ‫�أخرى‪ ،‬وهنا الم�أ�ساة الم�ؤلمة التي تركت‬ ‫ِق َبل المتخ ّلفين والتكفيريين‪،‬‬ ‫وتكيف ًا اجتماعي ًا منفتح ًا‪ ،‬وذوق�� ًا �أدبي ًا‬
‫وجنائن مع ّلقة‬ ‫جرح ًا عميق ًا في كبده‪� ،‬أن فلول الجمود‬
‫حيث انبرى بعنفوان يحمل‬ ‫�إن�ساني ًا‪ ،‬بحيث اخت�صر في �شخ�صيته‬
‫وب�ساتين مفتّحة‬ ‫والتقليد والتخلف والجهل‪ ..‬حالوا دون‬ ‫هذا التنوع ال��ذي واك��ب عمره ال�شريف‪،‬‬
‫اندفاع بع�ض �أفكاره التقدمية المعا�صرة‪،‬‬ ‫م�س�ؤولية الإ�صالح والتجديد‬
‫لكل قا�صد �أو عابر �سبيل‬ ‫ّ‬ ‫ف�ش ّكل م��ن��ه ظ��اه��رة علمائية فريدة‪،‬‬
‫ودون تقديمها للعالم ب���إط��ار ح�ضاري‬ ‫ت��ج��اوزت ال��م���أل��وف‪ ،‬وعالجت الموروث‬
‫فال ي�ضني في م�ساءٍ طوى‬ ‫الطقو�س والتقاليد البائ�سة من خالل‬
‫مم ّيز و�شفاف‪.‬‬ ‫وتحدّت القيود والأع���راف‪ ،‬فكان ينتقل‬
‫وال ُيثقل في هجير جوع‬ ‫ال��ح��دي��ث ع��ن ه��م��وم ت��اري��خ��ه و�شجونه‬ ‫دعوته �إلى تهذيب ال�شعائر الح�سينية من‬
‫بن�شاطه �إل��ى حيث يتواجد النا�س في‬
‫***‬ ‫طويل طويل‪ ،‬ال ت�ستطيع كلمات ونفثات‬ ‫مبالغات ت�سيء �إلى الدين والمذهب‪.‬‬
‫تاري ٌخ و�آفاق‪:‬‬ ‫ال��م��ن��ازل والأح��ي��اء‪ ،‬ليثير فيهم الوعي‬
‫وتتك�سر �أعواد‬ ‫ّ‬ ‫�أن تعالج كل وقائعه‪ ،‬و�أن تغو�ص في عمق‬ ‫ويركز العقيدة‪ ،‬ويغر�س القيم والأخالق‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتتقطع �أوتار‬ ‫�أ�سراره‪ ،‬فيه من الجديد ما ُيده�ش‪ ،‬وفيه‬ ‫�إن ح��ي��اة ال�سيد تم ّثل ت��اري��خ�� ًا عريق ًا‪،‬‬
‫ُن�سجت خطواته بالمحبة والمودة‪ ،‬حمل‬ ‫ثم ليعالج الواقع بحكمة ومرونة ومع �أن‬
‫وتن�شز �ألحان‬ ‫من التن ّوع ما تعجز عن ت�سطيره الأقالم‪،‬‬ ‫�سماحة ال�سيد اتّ�صف بالهدوء في عالقته‬
‫وفيه من ال ِع َبر ما ال ن�ستطيع الإحاطة بها‪،‬‬ ‫الحب لكل النا�س من موقع �إن�سانيته‪ ،‬ومن‬
‫عود �صليب‬ ‫ولعزمك ٌ‬ ‫خالل تعاليم ر ّب��ه‪� ،‬أح ّ��ب كل من يتفاعل‬ ‫بالآخر المختلف‪ ،‬مج�سد ًا �إيحاءات الآية‬
‫ووتر �شديد‬ ‫ٌ‬ ‫وه��ذا هو ما جعل منه مرجعية فريدة‪،‬‬ ‫الكريمة‪} :‬اد ُع �إلى �سبيل ر ّبك بالحكمة‬
‫�شهد بفعاليتها القا�صي والداني‪ ،‬واعترف‬ ‫���ب ك��ل من‬‫معه ويتفق ليتكامل ب��ه‪ ،‬و�أح ّ‬
‫ولوجدك لحنٌ عميق‬ ‫يختلف معه ويفترق ليتحاور معه ويتوا�صل‬ ‫والموعظة الح�سنة{‪.‬‬
‫بمعا�صرتها القريب والبعيد‪ ،‬كان العالم‬ ‫ومن�سجم ًا مع الأ�سلوب التربوي القر�آني‬
‫ونغم طروب‬ ‫والمربي والمثقف والفقيه وال�سيا�سي‬ ‫وينطلق من موقع الم�شترك ليعبر منه �إلى‬
‫الذي يح ّول الأعداء �إلى �أ�صدقاء‪} :‬ادفع‬
‫حب‬
‫ول�شوقك �أغنية ّ‬ ‫والأدي����ب وال�شاعر وال��م��ج��دد والأ�صيل‬ ‫التفاهم على المختلف‪.‬‬
‫تاريخي معه كان تاريخ الأخوة ال�صادقة‪،‬‬ ‫بالتي هي �أح�سن{‪.‬‬
‫ون�شيد بديع‬ ‫والمنفتح‪ ..‬كان الإن�سان الإن�سان‪ ..‬ف�أية‬ ‫ً‬
‫ولكنه ك��ان ح��ازم��ا ف��ي �ساحة التحدي‬
‫فال يخمد الحداء في المدى‬ ‫�صفة جميلة يمكن �أن تبحث عنها في‬ ‫والر�سالة الأ�صيلة ال�سامية‪ ،‬كان بالن�سبة‬
‫لي منعطف ًا في حياتي‪ ،‬جعلني �أنتقل من‬ ‫التي يمثل التنازل فيها حالة من ال�ضعف‬
‫وال يختفي الأن�س في الدروب‬ ‫قامو�س الرجال‪ ،‬وال تجد لها محطة في‬
‫�شخ�صيته وال موقع ًا في كيانه‪...‬‬ ‫مواقع التقليد �إل��ى الحداثة‪ ،‬ومن �إطار‬
‫يو�سف نور الدين‬ ‫رحمك اهلل ـ يا �أخي ـ في جوار ربك‪ ،‬و�إلى‬ ‫�أية �صفة جميلة يمكن �أن تبحث عنها في قامو�س الرجال‪،‬‬
‫الملتقى في جنات النعيم �إن �شاء اهلل‪،‬‬
‫وال تجد لها محطة في �شخ�صيته وال موقع ًا في كيانه؟‬
‫وح�سن �أولئك رفيق ًا‪...‬‬
‫ُ‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪26‬‬
‫ّ‬
‫فكر ب�إن�سانيتك و�ستلتقي بالحقيقة وبالآخر‬

‫المرجع ف�ضل اهلل في عيون عالم � ّ‬


‫أزهري‪:‬‬

‫ع ّالمة الع�صر‪..‬‬
‫ف�إذا كنا م�أمورين بذلك مع �أهل الكتاب‪،‬‬
‫وهم يختلفون معنا فى الأ�صول‪ ،‬فما بالنا‬
‫بمن يتفقون معنا في الأ�صول والتوحيد‬
‫وقطب في طريق الوحدة‬
‫ٌ‬
‫والإيمان بخاتم النبيين محمد �صلى اهلل‬ ‫ال�شيخ جواد ريا�ض*‬
‫عليه و�آله و�سلم‪.‬‬ ‫الأزه��ر و�سط ّيته واعتداله وتع ّمقه قبل‬ ‫يوم لوع ٌة بعد �صاحب‬‫ٍ‬ ‫كل‬ ‫وفي‬ ‫‪/‬‬ ‫ذاهب‬
‫ٍ‬ ‫ففي كل حين دمع ٌة �إثر‬
‫�إ���ص��دار الحكم على النا�س‪ .‬وف��ي نهاية‬ ‫ً‬
‫�أودّع �صحبي واحد ًا بعد واحدٍ ‪ /‬ف�أفق ُد قلبي جانبا بعد جانب‬
‫ر�سالة الوحدة والتقريب‪:‬‬ ‫كان �سماحة المرجع الإ�سالمي ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل يم ّثل الو�سط ّية‪ ،‬ويتميز‬
‫�إن هذه الدعوة �إل��ى الوحدة والتقريب‪،‬‬ ‫اللقاء ق��ال ل��ي‪� :‬أبلغ �سالمي �إل��ى علماء‬
‫بعمق �أفكاره وقوة ب�صيرته و�سمو �أخالقه‪.‬‬
‫قد نادى بها �أي�ض ًا علماء الأزهر و�شيوخه‬ ‫الأزهر ال�شريف‪.‬‬
‫ال�سابقين‪ ،‬م��ث��ل ال�شيخ ع��ب��د المجيد‬ ‫ع ّالمة الع�صر‪:‬‬ ‫على الم�ستوى ال�شخ�صي فح�سب‪ ،‬و�إنما‬ ‫عرفته من خالل فكره و�آرائه ومو�سوعاته‬
‫�سليم‪ ،‬وال�شيخ �سليم الب�شري‪ ،‬وال�شيخ‬ ‫�إن �سماحة ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل‬ ‫أزهري‪ ،‬فقد عرف عن‬
‫يرحب بكل عالم � ّ‬ ‫الإ�سالمية والفقهية المتعددة‪ ،‬فقد �أ ّلف‬
‫محمود �شلتوت‪ ،‬وال�شيخ محمد المدني‪،‬‬ ‫اهلل هو ع ّالمة ع�صره‪ ،‬وقطب من �أقطاب‬ ‫مو�سوعي‬
‫ّ‬ ‫كتب ًا كثيرة‪ ،‬منها كتاب عظيم‬
‫وال�شيخ محمد �أبو زهرة‪ ،‬وال�شيخ محمد‬ ‫المعرفة الدينية وال��دع��وة �إل��ى الوحدة‬ ‫المرجع الإ�سالمي ال�س ّيد‬ ‫في الفقه الإ�سالمي‪� ،‬إذا ق��ر�أت��ه علمت‬
‫الإ�سالمية‪ ،‬و�إلى المقاومة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫�أن��ه ال يوجد ف��روق بين ال�شيعة وال�س ّنة‬
‫الغزالي‪ ...‬وغيرهم كثير‪ ،‬وكذلك �شيخ‬ ‫ف�ضل اهلل(ره) يم ّثل الو�سط ّية‪،‬‬
‫الأزهر الحالي‪.‬‬ ‫وقد �أخذ �سماحة ال�س ّيد ف�ضل اهلل على‬ ‫في �آرائ��ه��م الفقهية‪� ،‬إال كما يوجد بين‬
‫عاتقه منذ زمن بعيد‪ ،‬الدعوة �إلى وحدة‬ ‫وي��ت��م��ي��ز بعمق �أف���ك���اره وق��وة‬
‫ً‬
‫وقد �أن�ش�أ الأزهر ال�شريف دارا للتقريب‬ ‫المذاهب الإ�سالمية ال�سن ّية ‪.‬‬
‫الم�سلمين‪ ،‬وترك الخالفات التي بينهم‬ ‫ب�صيرته و�سمو �أخالقه‪.‬‬
‫بين ال��م��ذاه��ب الإ���س�لام��ي��ة منذ حوالي‬ ‫التقيت به مرتين الأول��ى في �سنة ‪2002‬‬
‫ال�ستين عام ًا‪ ،‬وما زال العمل يجري �إلى‬ ‫‪ ،‬فيجتمعون على ما اتفقوا عليه‪ ،‬ويعذر‬ ‫ميالدية‪ ،‬عندما دعيت �إلى ح�ضور م�ؤتمر‬
‫بع�ضهم بع�ض ًا في ما اختلفوا فيه‪.‬‬ ‫انه ع ّالمة ع�صره‪ ،‬وقطب من‬
‫الآن في هذا ال�سبيل‪ ،‬والدعوة ت�سير نحو‬ ‫علماء الإ�سالم في ببيروت‪ ،‬وكان الم�ؤتمر‬
‫لقد �أم��ر اهلل عز وج��ل ر�سوله و�أمته �أن‬ ‫�أقطاب المعرفة الدينية والدعوة‬
‫نبذ الفرقة ول ّ��م ال�شمل بين الم�سلمين‬ ‫ي�ضم علماء من ال�سنة وال�شيعة‪.‬‬
‫ندعو �أه��ل الكتاب �إل��ى كلمة �سواء‪� ،‬إلى‬ ‫�إل��ى ال��وح��دة الإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬و�إل��ى‬ ‫ً‬
‫والمرة الثانية‪ ،‬عندما كنت ع�ضوا في‬
‫على اختالف فئاتهم ومذاهبهم‪.‬‬
‫هذه كانت دعوة �سماحة المرجع الإ�سالمي‬ ‫كلمة العدل وكلمة الحق‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬ ‫المقاومة‬ ‫�ضم بع�ض �أع�ضاء‬‫الوفد الم�صري ‪ ،‬الذي ّ‬
‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬وهذه‬ ‫} ُق ْل َيا �أَ ْه َل ا ْل ِكت ِ‬
‫َاب َت َعا َل ْو ْا ِ�إ َلى َك َل َم ٍة َ�س َواء‬ ‫مجل�سي ال�شعب وال�����ش��ورى‪ ،‬وال���ذي زار‬
‫كانت دعوة ه�ؤالء العلماء الأزهري ّين‪.‬‬ ‫َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم �أَ َّال َن ْع ُبدَ ِ�إ َّال اللهّ َ َو َال ُن ْ�ش ِر َك‬ ‫واح��د ًا تلو الآخ��ر‪ ،‬وهو ي�ستقبلهم وي�س ّلم‬ ‫�سوريا ولبنان فى ‪� 30‬آب‪�/‬أغ�سط�س ‪2006‬‬
‫ِب ِه َ�ش ْيئ ًا َو َال َي َت ِّخ َذ َب ْع ُ�ض َنا َب ْع�ض ًا َ�أ ْر َباب ًا ِّمن‬ ‫عليهم ويرحب بهم‪ ،‬وعندما ر�آني‪ ،‬وعلم‬ ‫ميالدية‪ ،‬للت�أكيد على الوحدة ومنا�صرة‬
‫*من علماء الأزهر في م�صر‬ ‫ُون اللهّ ِ َف���إِن َت َو َّل ْو ْا َف ُقو ُلو ْا ْ‬
‫ا�ش َهدُو ْا ِب�أَ َّنا‬ ‫د ِ‬ ‫�أ ّن���ي م��ن الأزه����ر‪ ،‬اه��ت ّ��م ب��ي و�أجل�سني‬ ‫المقاومة الإ�سالمية‪.‬‬
‫ُم ْ�س ِل ُمونَ {(�آل عمران‪)64/‬‬ ‫يرحب بي‬ ‫بجواره‪ ،‬و�ساعتها �شعرت �أنه ال ّ‬ ‫وعندما زرن��اه‪ ،‬دخل �أع�ضاء الوفد عليه‬

‫وين�سخ م��ا ل��دى االخ��ري��ن م��ن الفقهاء‬


‫والعلماء الأقدمين والمعا�صرين‪ ،‬بل �آمن‬
‫والحجة واح��ت��رم بذلك عقله‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالدليل‬
‫الحلم والعلم‬ ‫ٌ‬
‫عمالق في ِ‬
‫ولطالما �سمعناه يقول “هم رجا ٌل ونحن‬
‫ال�شيخ يو�سف نبها*‬
‫رجال‪ ،‬وكم ترك الأول للآخر” ‪.‬‬ ‫يحب كل النا�س‪،‬‬ ‫كان عمالقا في قلبه الذي ينب�ض بالحب‪ ،‬فال يملك اال �أن ّ‬
‫انه ف�ضل اهلل الذي منّ به على هذه الأمة‬ ‫ولذا �أحبه كل من التقى به وحاوره وعرفه‪� ،‬سواء عن قرب �أو من خالل كتبه الغزيرة‬
‫اال�سالمية ‪ ،‬حيث فتح لها �أب��واب�� ًا على‬ ‫الثري‪...‬‬
‫وفكره ّ‬
‫جر�أة العلم وحرية الكلمة ‪ ،‬في زمن بات‬ ‫ك��ان �صاحب القلب الكبير وال�صدر البحث ال��ح�� ّر ع��ن الحقيقة ال��ت��ي جعل‬
‫يخ�شى الكثيرون فيه من اط�لاق الكلمة‬ ‫الرحب الذي يت�سع للنا�س جميع ًا‪ ،‬حتى ال��ح��وار �أر����ض��� ًا طيبة ل��ه��ا ‪ ،‬يعمل على‬
‫التي اقتنعوا بها ‪.‬‬ ‫لأول��ئ��ك الذين �أعمى الحقد والح�سد ا�ستنباتها ورعايتها‪ ،‬كي تثمر حب ًا ومعرف ًة‬
‫ال زالت الأمة يوم ًا بعد يوم‪ ،‬تقدّر ل�سماحة‬ ‫قلوبهم‪ ،‬فكذبوا فيما كتبوا‪ ،‬و�إن كانوا وانفتاحا‪...‬‬
‫ال�سيد (ره) حلمه وعلمه وفكره‪ ،‬وترى‬ ‫قد �أعجبوا فيما �أ�سروا وكتموا‪ ،‬وهذا �سر لم يجعل لفكره ح�� ّد ًا وق��ي��د ًا‪ ،‬بل �أطلقه‬
‫�أنها َمدين ٌة له في حرية الفكر وانطالقة‬ ‫حلم �سماحة ال�سيد عنهم‪،‬حيث عرف من عقال القدا�سة والخرافة والم�ألوف‪،‬‬
‫االب�����داع‪ ،‬ول���ن يخبو ذك���ر ه���ذا العالم‬ ‫�أنهم يكيدون ويمكرون ويبهتون‪ ،‬فف�ضل فالفكر الح ّر ي�أبى �أن يخ�ضع لتقدي�س‬
‫الرباني الكبير‪ ،‬ما دام في الأم��ة عقو ٌل‬‫ّ‬ ‫و�أح�سب �أن هذا الفكر المطلق‪ ،‬الح ّر‪،‬‬ ‫‪ -‬مع �ألمه – �أن يجعل خاتمة مكرهم ما ال قدا�سة له‪ ،‬و�أن يركن الى �أحاديث‬
‫تفكر وعيو ٌن تقر�أ‪...‬‬ ‫الواقعي‪ ،‬هو ميزة �سماحة ال�سيد (ره)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الى اهلل عز وجل ‪ ،‬فكبر و�صغروا ‪ ،‬وعز التخريف وال��ت��ح��ري��ف ال��ت��ي لي�ست من‬
‫*وكيل المرجع ف�ضل اهلل (ره) في‬ ‫وب��ه ت�س ّنم المعالي الفكرية والمواقع‬ ‫اال�سالم في �شيء‪ ،‬و�أن ي�سير خلف ركب‬ ‫وذلوا ‪...‬‬
‫ا�ستراليا‬ ‫العلمية االجتهادية‪ ،‬لأنه رف�ض �أن يكرر‬ ‫كان عمالقا في فكره الذي انطلق من فكر ور�أي الآخرين من دون حجة ودليل ‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬


‫ِمن بعدك �أ ّيها ال�س ّيد‬
‫م�ساح ًة ت�صالح ّي ًة بين الدّين والدّنيا‪،‬‬
‫نحب الدّين بعين الدّنيا‪ ،‬ونع�شق‬ ‫ف�أ�صبحنا ّ‬
‫الدّنيا من منظور الدّين‪ ،‬و�أ�صبحنا نرى‬
‫الخالق في ك ّل ما حولنا‪ ..‬ومن حولنا‪.‬‬
‫ال�شرق‪ ،‬من‬ ‫من بعدك‪� :‬سينتبه ك ّل َمن في ّ‬ ‫�أمجد الدّ هامات *‬
‫الم�سلمين والم�سيح ّيين‪� ،‬إلى �أ ّنهم فقدوا‬
‫�إل��ى “ال�س ّيد” ا ّل���ذي كان‬ ‫هلل ُي�ؤْ ِتي ِه َمنْ َي َ�شا ُء َو ُ‬
‫اهلل ُذو‬ ‫}ذ ِل َك َف ْ�ض ُل ا ِ‬ ‫َ‬
‫مرجع ًا كان يحر�سهم من �أخطار ّ‬
‫التع�صب‬
‫والتمذهب‪ ،‬و�سينتبهون غ��د ًا �إل��ى �أ ّنهم‬ ‫�ص ّمام �أمانٍ �أمام التمذهب‬ ‫ال َف ْ�ض ِل ال َع ِظ ِيم{‪.‬‬
‫�أ�ش ّد حاج ًة �إليه من �أم�س‪ ،‬و�ستكون حياة‬ ‫����ي‬
‫وال���تّ���م���و����ض���ع ال���� ّدي����ن ّ‬ ‫من بعدك‪ :‬ك ّل �شيء جميل بد�أ يميل �إلى‬
‫الكثير من ال َّنا�س �سائر ًة نحو الأ�سو�أ‪.‬‬ ‫وال ّ��ط��ائ��ف ّ��ي‪ ،‬ذل��ك ال ّرجل‬ ‫ال�شديد‪ ،‬بل تج َّمعت ك ّل �أحزان‬ ‫الحزن ّ‬
‫من بعدك‪� :‬سيكون عزا�ؤنا‪� ،‬أ ّيها ال�س ّيد‬ ‫المترامي الأطراف‪ ،‬العابر‬ ‫ال ّت�أريخ‪ ،‬لي�س اعترا�ض ًا‪� ،‬أبد ًا‪ ،‬على م�شيئة‬
‫في‪:‬‬ ‫ل���ل ّ���ط���وائ���ف وال���م���ذاه���ب‪،‬‬ ‫اهلل وحكمته‪ ،‬وهو �سبحانه يعطي وي�أخذ‬
‫نهجك وح��رك��ة ال��خ ّ��ط ال��ذي مثلته على‬ ‫ون�����ص��ي��ر الإن�������س���ان ا ّل���ذي‬ ‫ُ‬
‫نكت�شف‪ ،‬ب� ٍألم‬ ‫ويفعل ما ُيريد‪ ،‬ولكن لأ َّننا‬
‫ال������دوام‪��� :‬ش��ج��اع��ة ال��ف��ك��ر ف���ي مواقف‬ ‫ا���س��ت��ظ�� ّل ت��ح��ت عباءته‬ ‫وح�سرة‪َّ � ،‬أن الكبار يتعبون �أي�ض ًا‪ ،‬ويرحلون‬
‫التحدّي‪ ،‬في ت�أكيد �ضرورة الدولة‪ ،‬دولة‬ ‫ال��ج��م��ي��ع‪ ،‬و���س��ي��ع��رف��ون �أنّ‬ ‫�أي�����ض�� ًا‪ ،‬وي��ن��زل��ون ع��ن ج��ي��اده��م �أي�ض ًا‪،‬‬
‫الإن�سان‪ ،‬دولة الجميع‪..‬‬ ‫لبنان الغد ل��ن يكون كما‬ ‫ويغادرون الميدان نهائ ّي ًا‪ ،‬وك َّنا نح�سبهم‬
‫ف��ي م� ّؤ�س�ساتك وه��ي تعمل ف��ي خدمة‬ ‫ل��ب��ن��ان الأم�������س‪ ،‬رغ���م �أنّ‬ ‫باقين بيننا لأ ّننا نحتاجهم دائم ًا‪ ،‬ولكن‪:‬‬
‫الإن�سان‪..‬‬ ‫الك ّل يعلم �أنّ ت�أثير غيابك‬ ‫“من كان يعب ُد محمد ًا ف�إنّ محمدً ا قد‬ ‫َ‬
‫يتجاوز حدود لبنان‪.‬‬ ‫حي ال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مات‪َ ،‬ومن كانَ يعب ُد اهلل ف�إنّ اهلل ٌّ‬ ‫ْ‬
‫الغني وما خ ّلفته لنا من ثروة‬ ‫في تراثك ّ‬
‫فكر ّية �ضخمة‪..‬‬ ‫م�����ن ب�����ع�����دك‪��� :‬س��ي��ك��ون‬ ‫يموت”‪.‬‬
‫ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن�� ّي��ون‪ ،‬تحت‬ ‫من بعدك‪� :‬ستقف لغتنا العرب ّية الغن ّية‬
‫في المقاومة ا ّلتي هي حاجة و�ضرورة لر ّد‬
‫االح��ت�لال وف���ي المنافي‪،‬‬ ‫بمفرداتها حزين ًة عاجز ًة عندما تنعي‬
‫العد ّو‪..‬‬
‫�أي���ت���ام��� ًا‪ ،‬ل��ف��ق��ده��م الأب‬ ‫“ال�س ّيد” الذي طالما �أغناها بكلماته‬
‫في التّعاي�ش والوحدة الوطن ّية في بالد‬
‫الكبير وال��م��ق��اوم العنيد‬ ‫�شعر ًا ونثر ًا‪ ،‬و�ستكون تلك ال ّلغة خجلى‪،‬‬
‫الم�سلمين‪ ،‬بل والإن�سان َّية جمعاء‪..‬‬
‫ً‬ ‫ا ّل�������ذي ك���ان���ت فل�سطين‬ ‫طالما ربتت على ر�ؤو�سهم ولو من بعيد‪،‬‬ ‫لأنها �ست�ضط ّر �إل��ى ا�ستخدام مخزونها‬
‫من بعدك‪� :‬سيفتقد الكثيرون �س ّيدا جعل‬ ‫وقد�سها ّ‬
‫المرجع ّية حا�ضر ًة في حياتنا اليوم ّية‪،‬‬
‫الطاهر يعي�شان في قلبه حتّى‬ ‫�سيفتقدون قلب ًا يحنّ عليهم ويع ّو�ضهم‬ ‫غير الكافي �أ�ص ًال‪ ،‬من �أفعال الما�ضي‬
‫�آخ��ر لحظات حياته‪ ،‬حيث ك��ان جوابه‬ ‫عن �أب ّوة مفقودة‪.‬‬ ‫رجل كان ي�أخذها‬ ‫و�صيغ الغائب‪ ،‬لرثاء ٍ‬
‫ت�ؤ ّكد �أنّ الإن�سان هو الأ�صل‪.‬‬
‫عندما �سئل عن �آخر �أمنياته قبل رحيله‬ ‫من بعدك‪� :‬سيفتقد المقاومون �أب ًا رحيم ًا‪،‬‬ ‫وي�أخذنا معه �إلى الغد‪ ،‬حيث الم�ستقبل‬
‫من بعدك‪� :‬سيكون عزا�ؤنا‪� ،‬أ ّيها ال�س ّيد‬
‫في نهجك وحركة ّ‬ ‫بقليل هو “زوال �إ�سرائيل”‪.‬‬ ‫ومر�شد ًا حكيم ًا‪ ،‬وكهف ًا ح�صين ًا‪ ،‬و�سند ًا‬ ‫دائم ًا‪.‬‬
‫الخط الذي مثلته على‬ ‫ً‬
‫من بعدك‪� :‬سيفتقد الكثيرون �س ّيدا جعل‬ ‫قو ّي ًا في ك ّل المراحل‪.‬‬ ‫م���ن ب���ع���دك‪� :‬سيعي�ش الأي���ت���ام ا ّل��ذي��ن‬
‫الدوام‪.‬‬
‫المرجع ّية حا�ضر ًة في حياتنا اليوم ّية‪،‬‬ ‫م��ن ب��ع��دك‪� :‬سي�شعر ال ّلبنان ّيون ا ّلذين‬ ‫يعرفونك ج ّيد ًا‪ ،‬وحتى ا ّلذين ال يعرفونك‪،‬‬
‫*كاتب اردني‬ ‫ت�ؤ ّكد �أنّ الإن�سان هو الأ�صل‪ ،‬رج ًال �أوجد‬ ‫�سيعي�شون اليتم من جديد‪� ،‬سيفتقدون يد ًا‬
‫ع�شت بينهم ولأجلهم طوي ًال‪ ،‬بالحاجة‬

‫التي تداعب حياتنا‪ ..‬لقد ر�سمت لنا نهج ًا‬


‫قويم ًا ال ي�ضيع في المتاهات‪ ،‬ويقف �صلب ًا‬
‫ن��ت��ذك��رك و�أن���ت ت��ب��ثّ فينا روح الوعي‪،‬‬
‫وت�أخذ ب�أيدينا في طريق القيم الكبرى‬
‫‪ ..‬وما زال ح�ضورك الأقوى‬
‫�أمام كل التحديات‪ ،‬وال ير�ضى ب�أن�صاف‬ ‫التي تبني الإن�سان الحياة‪ ..‬لم َ‬
‫تر�ض‬
‫ح�سن ب�شير‬
‫الحلول‪ ،‬بل يم�ضي في طريق الحق‪ ،‬دون‬ ‫لنا �أن نغرق في وحول التخ ّلف‪ ،‬بل كنت‬ ‫عام على رحيلك ـ �سيدي ـ وما زلنا نعي�ش معك في كل جنبة من جنبات حياتنا التي كنتَ‬
‫�أن ت���أخ��ذه ف��ي اهلل لومة الئ��م‪ ،‬حتى لو‬ ‫تح ّفزنا على �أن نرمي ب�أب�صارنا �أق�صى‬ ‫وما زلتَ تمل�ؤها‪..‬‬
‫رجمه الحاقدون‪ ،‬و�ض ّلله المتخ ّلفون‪..‬‬ ‫الق�ضايا الكبرى‪ ،‬ون�ستحق من خاللها‬ ‫�صغار ًا كنا ي��وم فتحنا �أعيننا عليك‪ ،‬وغ ّذيتنا –�شباب ًا‪ -‬من عقلك عندما لذنا بك‬
‫وبمحرابك‪..‬‬
‫ع��ام على رحيلك ـ �سيدي ـ وال�صوت ال‬ ‫�أن نكون الأم���ة الو�سط ال�شاهدة على‬
‫زال ينب�ض فينا بكل قوة الحق و�صالبة‬ ‫زمانها‪..‬‬ ‫ع�شنا معك فالم�سنا �شفافية روحك‪،‬‬
‫كميل و�أبي حمزة الثمالي ومكارم الأخالق‬
‫الإيمان‪“ :‬لن �أجامل ا�ستكبار ًا‪ ..‬لن �أجامل‬ ‫ع ّلمتنا �أن نعي�ش �إن�سانيتنا في �إن�سانية‬ ‫وح ّلقت بنا في رحاب الدعاء الذي ربيتنا‬
‫التي ج�سدّتها قو ًال وفع ًال‪..‬‬
‫الخرافيين‪ ..‬ل��ن �أج��ام��ل المتخ ّلفين‪..‬‬ ‫الآخ��ري��ن‪ ،‬و�أن���ت ال���ذي �أره��ق��ت نف�سك‬ ‫عليه‪ .‬حتى عندما كنا فتي ًة ال نفهم معانيه‪،‬‬
‫�سيدي‪ ..‬عام على رحيلك و�أنت الحا�ضر‬
‫الق�ضية عندي هي �أن �أقول الحقيقة التي‬ ‫و�أتعبتها و�أفنيتها ف��ي �سبيل �إن�سانية‬ ‫كنا نغتني به من خالل دموعك التي كانت‬
‫الأق����وى فينا‪َ ،‬وم���ن ق��ال �أن��ن��ا يمكن �أن‬
‫�أراها بيني وبين اهلل”‪..‬‬ ‫الإن�����س��ان‪ ،‬فكنتُ تغمر النا�س بعينيك‪،‬‬ ‫تتلألأ على خديك‪ ،‬وروحانيتك التي كانت‬
‫نن�سى ب�سهولة تلك القيمة الكبرى التي‬
‫فا�صدح ب�صوتك‪ ،‬لأن��ه ما زال الأقوى‪..‬‬ ‫وتحت�ضنهم بيديك‪ ،‬وتفتح لهم عقلك‬ ‫تغمر الأرجاء الم�سجد‪ ..‬ثم كبرنا وغرفنا‬
‫كانت تعي�ش بيننا؟!‪ ..‬كيف نن�ساك و�أنت‬
‫و�سيبقى ب�إذن اهلل‪.‬‬ ‫وقلبك‪..‬‬ ‫�س ّر هذه الروح‪ ،‬عندما كنت ت�شرح لنا كل‬
‫ال��م��زروع فينا ح��ب�� ًا و�إي��م��ان�� ًا وروحانية‬
‫�سيدي‪ ..‬يا �أجمل �ألحان الحياة‪ ..‬يا نب�ض‬ ‫كلمة من ال�صحيفة ال�سجادية و�أدعية‬
‫وعروج �صالة؟!‪..‬‬
‫قلوبنا ودفق م�شاعرنا‪ ..‬يا ن�سمة الحب‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪28‬‬
‫الحياة ال تتحمل الحقد‪ ،‬الحقد موت والمحبة حياة‬

‫�اب‬
‫و�� � � � � � � �ش � � � � � � ��واظ �أدم � � � � � �ع � � � � � �ن� � � � � ��ا �� � � �س� � � �ح � � � ُ‬ ‫ب � � � � � � � � � ��اقٍ وي � � � �ح � � � ��رق � � � �ن � � � ��ا ال� � � �غ� � � �ي � � ��اب‬
‫ل� � �ي � ��ده� � ��� � �ش� � �ن � ��ا ذه � � � � � ��ا ُب � � � � � � َ�ك والإي � � � � � � � � � � � ُ‬
‫�اب‬ ‫�رت �أن ت� � �م� � ��� � �ض � ��ي‬ ‫واخ� � � � � � � � � � �ت � � � � � � � � � � َ‬
‫�اب‬
‫ـ� � � �ل� � � �ت � � ��ك الأخ� � � � � � � � �ي � � � � � � � ��رة ت � � �� � � �س � � �ت � � �ط� � � ُ‬ ‫�أع � � � � � � � � � � � ��دو �إل � � � � � �ي� � � � � ��ك ك� � � � � � � � � � � � �� ّأن رح � � � �ـ‬
‫�اب‬
‫�اب‬
‫ب� � � � � � �ه � � � � � ��ا ول � � � � � � � �ك� � � � � � � ��ن ال �أُث� � � � � � � � � � � � � � � � � � � ُ‬
‫زج� � � � � � � � � � � � � � � ُر �أو �أُع � � � � � � � � � � � � � � � � � ُ‬ ‫ف� � � � � � � � � � � � � � ��أُ َ‬
‫و�أظ� � � � � � � � � � � � ّل �أ� � � � �س � � � �ع� � � ��ى �أو �أط � � � � � ��وف‬
‫�أت � � � �ح � � � � ّي� � � ��ن الأح� � � � � �ل� � � � ��ام م� � � � �ك � � � ��دوداً‬ ‫الوصي‬
‫ُّ‬
‫�اب‬ ‫ي � � � �ح � � � �ن � � � �ي� � � ��ك ل � � � � �ك� � � � ��ن ال �أُج � � � � � � � � � � � � � � � ُ‬ ‫و�أرى ب� � � � � � � � � � � � �� ّأن ال � � � � � �م � � � � � ��وت ل� ��ن‬

‫�اب‬
‫ق� � � � � � � � � � � ��د ٍر ي � � � � ��داه� � � � � �م � � � � ��ه ال � � � �� � � � �ض � � � �ب� � � � ُ‬
‫�واب‬
‫ل ب� � � � � � ��ه وم � � � � � � � � ��ا ك � � � � � � � � ��ان ال � � � � � � �ج� � � � � � � ُ‬
‫ت � � � �ت � � � �� � � � �ش� � � ��اك� � � ��ل الأق� � � � � � � � � � � � � � � � � � ��دار ف � ��ي‬
‫ح � � � �ت � � ��ى ل � � �ن � � �ج � � �ه� � ��ل م � � � � ��ا ال � � � �� � � � �س � � � ��ؤا‬
‫ُّ‬
‫الحق‬
‫�اب‬
‫ق � � � �ت � � � �ن� � � ��ا ف � � � � � � ��أوق� � � � � � ��رن� � � � � � ��ا ال � � � � �غ � � � � �ي � � � � ُ‬ ‫وث � � � � �ل� � � � ��اث � � � � � � � � � � � ٌة ك� � � � � � ��ال� � � � � � ��ده� � � � � � ��ر ال‬
‫و� � � � � � �ش � � � � � � َّق �أ� � � � �ض � � � � ُل � � � � َع � � � � َن� � � ��ا ال � � � ُم � � �� � � �ص � � � ُ‬
‫�اب‬ ‫وت� � � � �م � � � ��اوج � � � ��ت ُز َم � � � � � � � � � � � � ُر ال � � � ��رم � � � ��ال‬
‫�اب‬
‫ف� � � �ي� � � �ن � � ��ا وم � � � � � � � � � ��ال ب � � � �ن � � � ��ا ال � � � �� � � � �ش � � � �ب � � � ُ‬ ‫وال� � � � ��� � � � �ش� � � � �ي � � � ��ب م� � � � � � � � � � � � َّد خ � � �ي� � ��وط� � ��ه‬
‫�اب‬‫ـ� � � � � �ن � � � � ��ار ف � � ��ا�� � � �ش� � � �ت� � � �ع � � ��ل ال � � � �خ � � � �� � � � �ض� � � � ُ‬ ‫ح � � � � َّ�ط ال � � � َف � ��را� � ��ش ع � �ل� ��ى ِف� � ��را�� � ��ش ال � �ـ‬
‫�اب‬ ‫�أ� � � � � � � �ص � � � � � � ��وات وان � � � �ق � � � �ط� � � ��ع ال� � � �خ� � � �ط � � � ُ‬ ‫و� � � َ��س � � � َ�ج � � ��ى ال � � � �ظ � �ل ��ام وغ� � � ��ام� � � ��ت ال� � �ـ‬

‫�اب‬ ‫ك ع� � � �ل� � � �ي � � � َ�ك ت � � � � ��زدح � � � � ��م ال � � � � � � � ِّرغ� � � � � � � ُ‬ ‫ف� � � � � � � ��ي ك � � � � � � � � � � � ّل ن � � � � � ��اح� � � � � � �ي� � � � � � � ٍة �أرا‬
‫�راب‬ ‫�رق � � � �س � � �ق� � ��اك وال اغ� � � � �ت � � � � ُ‬ ‫ال �� � � � �ش � � � � ٌ‬ ‫و�أراك ح� � � � � � � � � � � � ّر ال � � � � � � � � � � � � � ��ر�أي‬
‫�اب‬ ‫�اك وال ع� � � � � �ت � � � � � ُ‬ ‫ل � � � � � � � � � � � � ��و ٌم ع � � � � � � � �ن� � � � � � � � َ‬ ‫ت� � � � � �ل � � � � ��وي �أ ُك � � � � � � � � � � � � � � � � � َّ�ف ال� � � � �ع� � � � �ت � � � ��م ال‬
‫�اب‬
‫ن ال � � � � ��وح � � � � ��ي �إال م � � � � ��ا ال � � �ح � � �� � � �س� � � ُ‬ ‫وت� � � � � � �ك � � � � � ��اد ت � � � �� � � � �ص� � � ��در ع � � � � � ��ن ل � �� � �س� ��ا‬
‫�راب‬
‫دن � � � � � �ي� � � � � ��ا وي� � � � �م� � � � �ح � � � ��وه � � � ��ا ال � � � � � � �ت� � � � � � � ُ‬ ‫م� � � ��ا ان� � � � �ف � � � � َّ�ك وج � � �ه� � ��ك ي � ��ر�� � �س � ��م ال� � �ـ‬
‫رح � � � � � � ��ال� � � � � � � �ه � � � � � � ��م وج � � � � � � � � � � � � � � � � ٌه ي� � � � � � �ب � � � � � � ُ‬
‫�اب‬ ‫وك� � � � � � � � ��ذا ب� � � �ن � � ��و ال � � � ��دن � � � �ي � � � ��ا ي � � �� � � �ش � � � ُّد‬
‫ال� � � ��� � � �ش � � � ّ�ك م � � � ��ا ا� � � �ش � � �ت � � �ك � ��ل ال� � � ��� � � �ص � � � ُ‬
‫�واب‬ ‫وال � � � � � ��ري � � � � � ��ح ت � � � �ن � � � �ك � � � ��أ ف � � � � ��ي ث� � �ن � ��اي � ��ا‬
‫�اب‬ ‫ـ � � � �ف� � � ��ح وج � � � � � � � ��ه خ� � � ��اط � � � �ب� � � ��ه ارت � � � � � �ي� � � � � � ُ‬ ‫ح � � � �ت � � � ��ى ي� � � � � �ع � � � � ��ود ال� � � ��� � � �ص� � � �ب � � ��ح ي � �ل � �ـ‬

‫ُت و�� � � � � � �ش� � � � � � � ّد ع � � � �ي � � � �ن � � � � ّ�ي ال� � � � � � �خ � � � � � � ُ‬


‫�راب‬ ‫الق� � � � � � �ي � � � � � ��تُ ي � � � � ��وم � � � � ��ك ف � ��ان� � �ك� � ��� � �س � ��ر‬
‫�راب‬‫ك � � � � � � � � � � � � ��ذِ ٌب ف� � � � ��� � � � �ص� � � � � ّدق � � � ��ه ال � � � � � � �غ� � � � � � � ُ‬ ‫ول � � � � � � �ق� � � � � � ��د ح � � � �� � � � �س � � � �ب� � � ��ت ب � � � � � � ��أ ّن� � � � � � ��ه‬
‫�راب‬ ‫ف � � ��ان � � � �ق � � � �� � � � �ض � � ��ى ه � � � � � � � � ��ذا ال� � � � � ��� � � � � �س � � � � � ُ‬ ‫ووث� � � � � �ق � � � � ��ت ب � � � � � ��الأم � � � � � ��ل ال� � �م� � �ب� � � ّي � ��ت‬
‫�راب‬ ‫ـ� � � � ��رق� � � � ��ه م � � � �� � � � �س� � � ��ا�� � � ٌ��س وا� � � � � �ض � � � � �ط � � � � � ُ‬ ‫وال � � � �ع � � � �م� � � ��ر ت� � � �ح � � ��ت ال� � � � � �ل � � � � ��وح ي � �ح � �ـ‬
‫�اب‬ ‫�راب واج � � � � � �ت � � � � � �ن � � � � � ُ‬ ‫دن� � � � � � � � � ��ه اق � � � � � � � � � �ت� � � � � � � � � � ٌ‬ ‫�أك � � � � � � � � � � � � ��ذا؟ و� ّإن ال � � � � ��ده � � � � ��ر دي � � � �ـ‬
‫�اب‬ ‫ال� � � � � �ن � � � � ��ا� � � � � ��س وال� � � � � ��دن � � � � � �ي� � � � � ��ا � � � � �ض � � � �ب � � � ُ‬ ‫�أك � � � � � � � � � � � ��ذا؟ وت� � � �ب� � � �ح � � ��ر ف � � � � ��ي �أك� � � � � � � ّ�ف‬
‫�اب‬ ‫ال � � � � � � � ��ده� � � � � � � � � َر وال � � � � � ��دن� � � � � � �ي � � � � � ��ا غِ � � � � �ل � � � � ُ‬ ‫ال � � �خ � � �ط� � ��ب �أع� � � � �م � � � ��ى وه� � � � � ��و ي� �ع� �م ��ي‬
‫�اب‬
‫م � � � � � � ��ا ا� � � � � �س � � � � �ت � � � � �ب � � � � � ّد ب � � � � � � ��ه ال � � � � �ن � � � � �ق� � � � � ُ‬ ‫و � � � � � � � �ش � � � � � � ��وار ُد الأ ّي � � � � � � � � � � � � � ��ام ت� � �ب � ��دي‬
‫�اب‬
‫ر ال� � � � �ح� � � � �ق � � � ��د ي� � � � ��درك � � � � �ه� � � � ��م ع� � � � �ب � � � � ُ‬ ‫ول � � � � � �ع � � � � � � ّل م � � � � ��ن َم� � � � � � � � َرج � � � � � � ��وا ب � �ح� ��ا‬
‫�اب‬‫ب ال� � � � �ق � � � ��ول �إن ُر ِف � � � � � � � � � � � َع ال � � � � ُّل � � � �ب� � � � ُ‬ ‫ح� � � � � �ت � � � � ��ى ن� � � � � � � � � � ��رى ف� � � � �ي� � � � �ه � � � ��م ل� � �ب � ��ا‬

‫�اب‬
‫ح� � � � � � � � � ��ارت ب� � �ب� � ��� � �س� � �م� � �ت � ��ك ال� � � �ه� � � ��� � � �ض � � � ُ‬ ‫ق� � � � ��ل ل� � � � ��ي �أ�أن � � � � � � � � � � � � ��تَ ال� � � � ��وح� � � � ��ي �أم‬
‫ال� � � � � �ح � � � � � ّ�ق �إن �� � � � � �ض� � � � � � َّل ال � � �� � � �ص � � �ح� � � ُ‬
‫�اب‬ ‫ك � � � � � ّن � � � ��ا ن � � � � � � ��رى ف � � � �ي � � ��ك ال � � ��و� � � � �ص � � � ّ�ي‬
‫ـ� � � �ه � � ��ك ك � � �ل � � �م � ��ا ا ْن� � � � � � ُت� � � � � � ِه � � � � � َ�ك ال� � � �ك� � � �ت � � � ُ‬
‫�اب‬ ‫ك� � � � � �ن � � � � ��ا ن � � � � � � �ل� � � � � � ��وذ ب � � � � � � �ب� � � � � � ��رد وج� � � � � �ـ‬
‫�راب‬
‫ب� � ��ال � � � ِب � � �ي � � ��� � ِ��ض وا� � � �ش � � �ت � � �ب � � �ك� � ��ت حِ � � � � � � � � ُ‬ ‫و�إذا ا� � � �س � � �ت � � ��وت � � �ُ ��س � � � � ُم � � � � ُر ال � �ق � �ن� ��ا‬
‫�اب‬ ‫ب وب� � � ��ا� � � � �س � � � �م� � � ��ه ُج � � � � � � � � � � � � � � َّزت ِرق� � � � � � � � � � ُ‬ ‫و�إذا اع � � �ت � � �ل� � ��ى ال � � �ج � � �ه� � ��ل ال� � ��رق� � ��ا‬

‫�اب‬
‫ـ� � �ب� � �ه� � �ن � ��ا ال � � � �ب � � � �ك� � � ��اء وال ال � � �� � � �س � � �ح� � � ُ‬ ‫�وب ي � �� � �ش � �ـ‬‫ال� � � � � � � �ي � � � � � � ��و َم ال ي � � � � �ع � � � � �ق� � � � � ُ‬
‫�اب‬
‫ـ � � ��دن � � � �ي � � ��ا و�أط � � � � �ب � � � � �ق� � � � ��ت ال� � � � � � � � � ِّر َح � � � � � � � � ُ‬ ‫ال� � � � ��دم� � � � ��ع �� � � � �س � � � ��ال و� � � � �س� � � ��اخ� � � ��ت ال� � � �ـ‬
‫مو�سى ف�ضل اهلل‬
‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪1329‬‬
‫الدمع �إن خالطته ان�سجما‬ ‫دم� ٌ�ع على ّ‬ ‫ج�����اورت ح��زن��ك ال ي����أ����س��� ًا وال ن��دم � ًا‬
‫ل��ك��ان �أ����ش���رق وج���ه ال��ق��ب��ر وابت�سما‬ ‫��ل به‬ ‫ل���و � َّأن ق���ب���رك ي�����دري م���ن ي���ح� ُّ‬
‫الريح فا�ضطرما‬ ‫كالجمر ه َّبت عليه ّ‬
‫روح الإل�������ه و�إن ���س�� ّم��ي�� َت��ه َك��� ِل��� َم���ا‬
‫ق � َب�����س��تُ ن�����ارك م���ن �أع���ل���ى م��واق��ده��ا‬
‫ه���ذا ال��ب��ي��انُ وك���م ف��ي ���س��ح��ره خفقت‬ ‫ك�أ ّنهم لم‬
‫وا���ص��ع��د ف��دي � ُت��ك م��ح��م��و ًال ومقتحما‬ ‫���ف بنا‬ ‫ي��ا راك���ب ال��ف��ر���س البي�ضاء ِخ� َّ‬
‫�إل����ى ال��ج��ن��وب ط��ري��ق � ًا ل � ّي��ن � ًا �أم��م��ا‬
‫م���ا ل��ي�����س ي��ع��رف��ه �إلاّ ا ّل������ذي علما‬
‫وال��م�����س ب��ك � ّف��ك ب���اب ال��ع��ر���ش � َّإن له‬
‫ل��ي ف��ي��ك ���س��ك� ٌ�ر وم���ا ل��ل��� ّ��ص��ح��و ف��ي��ه ي��دٌ‬
‫يموتوا‬
‫واج��ع��ل ُث��م��ال� َ�ة ك��أ���س��ي��ن��ا َف��م�� ًا و َف��م��ا‬ ‫وق��د ظمئتُ فكن خ��م��ري و� ُ��ص � َّب� َ‬
‫بل ر�أوا‬
‫�ك بي‬
‫��رم وال ه� ِ�رم��ا‬ ‫م���ن ع��ه��د �آدم ل���م َت���ه� َ‬ ‫راح م��ق� ّ�د���س� ٍ�ة‬ ‫����ش���رب���تُ ن��خ�� َب��ك م���ن ٍ‬
‫ومعت�صما‬
‫َ‬ ‫���س��وى ال��ن��ب� ّي��ي��ن م��ع�����ص��وم� ًا‬ ‫م��خ��ب��وئ� ٍ�ة ف���ي ج�����را ٍر ل��ي�����س يعرفها‬
‫ه��ذي ال� ّن��ج��وم ت���د ُّر الآ����س وال َن َّ�س َما‬
‫�����ادئ جثما‬
‫الماء ما انق�سما‬
‫��ر ه� ٌ‬
‫ُ‬
‫��ر َت���ح���وم وط���ي� ٌ‬
‫عين دا ِرك حيث‬
‫ط���ي� ٌ‬
‫في ِ‬
‫وق����د َث � ِم��ل��ن��ا ف�����دارت ح��ول��ن��ا َخ � َب��ب � ًا‬
‫��ة‬
‫�ضحى‬
‫��ر ب���ارق� ٍ‬
‫ال�سهم نحو ال� ّن��ازل��ي��ن ً‬ ‫و���ص�� ِّوب َّ‬‫ُ‬
‫حلم ًا‬
‫م���ا د ّل���ن���ا ح��ي��ن ج��ئ��ن��ا غ���ي� ُ‬

‫و�أ���ش��رق��ت �شم�سها وا ّز ّي���ن���ت ِق َم َما‬ ‫ُ‬


‫الدين ح � ّت��ى �إذا اك��ت��م��ل��ت ل�ل��أر����ض �صورتها‬ ‫محمد علي �شم�س ّ‬
‫ك��م��ا ال���خ���راف‪ -‬ب����أن ت ��أت��ي وتنتظما‬ ‫أم���ره���ا‬ ‫وق�������ال ر ُّب��������ك ل��ل���أف��ل��اك ي���� ُ‬
‫���ة م��ن��دوب � ًا ومرت�سم ًا‬ ‫ع��ل��ى الأري����ك� ِ‬ ‫�ل��اك ف���ي محفّته‬ ‫���ل م� ٍ‬ ‫��ف ك� ُّ‬‫وا����ص���ط� َّ‬
‫وق����ال‪� :‬أن�����تَ ‪ ،‬ف��ق��د �أع��ط��ي��ت��ك القلما‬ ‫�ف ا ّل��ت��ي َخ � َل � َق��تْ‬‫�أ����ش���ا َر ن��ح�� َوك ب��ال��ك� ِّ‬
‫��ل وانحطما‬ ‫ق��ل��ب ال��� ّل���ي� ُ‬
‫ُ‬ ‫�إال ت��ك��� َّ��س��ر‬ ‫�أف���دي ال��� ّ��س��واد ا ّل���ذي م��ا اه��ت� َّ�ز َل ْي َل ُكه‬
‫ك�����ض��وء وج���ه���ك َم���ج���ل��� ّو ًا ومبت�سما‬ ‫�����س����وا ُد ث���وب���ك م���ن�������ش���ور ًا ع��ل��ى ٍ‬
‫زم���ن‬
‫وي��ج��م��ع ال��ك��ون ف��ي ُب���ر َد ْي���ه وال � َع��دَ م��ا‬ ‫ي��م��ح��و و ُي���ث��� ِب���تُ م���ا ����ش���اء الإل������ه له‬
‫ك��� ّف���اه ����ص���ور َة م���ن �آوى وم����ن رحما‬ ‫ك����آي���ت���ي���ن ف�����س��ب��ح��ان ا ّل�������ذي �صنعت‬
‫ف��ي ج��وف��ه ال� ّل��ح��ن م��و���ص��و ًال ومنثلما‬ ‫ق�صب‬ ‫ٍ‬ ‫���س� ّ�ر ال��م��راي��ا و���س� ّ�ر ال��� ّن���اي ف��ي‬
‫ُّ‬
‫ت��ن��ـ��ز دم��ا‬ ‫����راب‬
‫�إل�����ى ال���ع���راق و�أ������س� ٌ‬ ‫ٌ‬
‫م��ه��اج��رة‬ ‫���راب‬
‫ه����ذا ال���ح���م���ام ف�����أ�����س� ٌ‬
‫ال�سفح والأكما‬ ‫بي�ضاء �سوداء تطوي ّ‬ ‫ط����ارت ول���م ي��ب� َ�ق م��ن��ه��ا غ��ي��ر واح� ٍ‬
‫���دة‬

‫وق���ي���ل �إ ّن������ك ك��ن��ت ال���� ّن����ار وال��ع��ل��م��ا‬ ‫وق����ي����ل �إ ّن���������ك م�������أواه������ا وم���وئ���ل���ه���ا‬
‫وه��� ّت���ك ال � ّن��اه��ب��ون ال��ب��ي��ت وال��ح��رم��ا‬ ‫وق���ي���ل �إنّ������ك ل��م��ا �أو�����ش���� َك����تْ ود َن�����تْ‬
‫���س��ود الغرابين ع� ّم��ن ط��اف وا�ستلما‬ ‫ف��ي �أر�����ض م � ّك��ة ح��ي��ث ال��نّ��ور تحجبه‬
‫�ضحى و�إن رجما‬ ‫بعد ال� ّ�ط��واف و�إن ّ‬ ‫وق������ام ث���م���ة م����ن ����ص��� ّل���ى ع���ل���ى ���ص��ن� ٍ�م‬
‫والحلما‬
‫ُ‬ ‫�أر����ض الكنانة فيه ال��ب��أ���س‬ ‫وق����ال ر ّب����ك ل��ل��� ّ��ش��ع��ب ا ّل�����ذي ح�ضنت‬
‫في �أر���ض م�صر وه��زّ وا النّيل والهرما‬ ‫���زت����ه‬ ‫دو�����س����وا م���ع���اق���ل ف����رع����ون وع� َّ‬
‫�ف ب��ع��د م��ا انثلما‬ ‫ع��ل��ى ال���زّ م���ان و���س��ي� ٌ‬ ‫ك�����ش��ف��ت وج���ه���ك ح���تّ���ى �أ ّن��������ه زم����نٌ‬
‫و�أن����ت �أع��ل��م ب��ال��ح� ِّ�د ا ّل����ذي ارت�سما‬ ‫م�����اذا �أق������ول ل��ك��م ي���ا ����س��� ّي���دي و�أب����ي‬
‫م��ن ال� ّ�ظ�لام وق��ل��ب ال��ف��ج��ر م��ا انهزما‬ ‫دارت ت�����دور ع��ل��ي��ن��ا �أل�����ف غا�شية‬
‫ويهبط ال ّليل يمحو ال� ّ�ظ� ّ�ل والقدما‬ ‫ت��ع��ل��و ب��ن��ا ال��� ّ��ش��م�����س ح � ّت��ى �أ ّن���ن���ا ٌ‬
‫علم‬
‫���س � ّي��ان م��ن ح��م��ل ال��ب��ل��وى وم���ن �سلما‬ ‫ف����اه����د�أ ف��دي��ت��ك �إ ّن������ا ه����ادئ����ون هنا‬
‫ي��ب��ن��ي وي���ه���دم م���ا ي��ب��ن��ي وم����ا هدما‬ ‫عجب‬ ‫ٌ‬ ‫ج����ا�ؤوا م��ع ال� ّ�ري��ح ل��ك� َّ�ن ال��م��دى‬
‫ك���أنّ��ه��م ل���م ي��م��وت��وا ب���ل ر�أوا ُحلما‬ ‫م���ا زل����تُ �أ���ص��غ��ي ل��خ��ط � ٍو ف���ي منازلهم‬

‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬ ‫‪1‬‬


‫‪30‬‬
‫لن تحققوا الأهداف الكبرى ما لم تتحملوا الجراح والآالم‬

‫ت��ل � ّق��ف��ت��ه ال���ح���وا�� ّ��س ال��ب��ك��ر م���ن �صغري‬ ‫��ع وف������ي ب�����ص��ر‬ ‫ن�����ش��ي��د ر ّب�������ك ف����ي ����س���م� ٍ‬
‫��ي م���ن لأالء ِة ال��ف��ك� ِ�ر‬ ‫م���ن م��ه��ب��ط ال���وح� ِ‬ ‫نجف‬‫رح����م ال����ح����وزات ف���ي ٍ‬ ‫ُخ���ل��� ْق���تَ م���ن ِ‬
‫�شجر‬
‫ِ‬ ‫ب��ورك��ت ي��ا ���س��درة ال��ف��ردو���س م��ن‬ ‫ِ‬ ‫���س��ل��ي� َ�ل دوح������ة ف�����ض��ل اهلل ِز ْه��������تَ بها‬

‫ن�شيد‬
‫ع�����ل�����وي ال������ ُّ���ش����م وال�����غ�����ر ِر‬
‫ُّ‬ ‫وم�����ذه�����ب‬
‫ٌ‬ ‫���ق م���ح��� ِت���دُ ه���ا‬
‫����وي ال����ع���� ْب� ِ‬ ‫ٌ‬
‫أروم����������ة ن�����ب� ُّ‬ ‫�‬
‫ّظر‬ ‫ك��ال��غ��ي� ِ�ث ل��ل��أر�� ِ���ض �أو ك���ال��� ّن���و ِر للن ِ‬ ‫�أئ���� ّم����ة اهلل �أ������س�����راب ال����� ّ��س���م���اء ه����دً ى‬
‫وب��ع�����ض بع�ضك ف��ي ���ش��ع��ري وف���ي �صوري‬ ‫���دم����ع ف���ي قلمي‬ ‫��ج ال� ّ‬ ‫ق���ال���وا ه����و ْي����تَ ف���ل� َّ‬
‫��ر‬ ‫�أ ّرج����� َت�����ه�����ا ب��ع��ب��ي��ر ال���ح���ب���ر وال���ع���ب� ِ‬ ‫زف���ف��� ُت���ه���ا “علو ّياتي” �إل����ي����ك وق���د‬
‫يطر‬

‫للقمر‬
‫ل���و ل���م ت��ر� ّ��ص��ع ج��ن��اح ال � َّن�����س��ر ل���م ِ‬
‫�ب ال� ُّ�زه��ر �أو م��ن رو���ض� ِ�ة ال� َّ�زه� ِ�ر‬
‫ِ‬ ‫لل�شم�س لي�س الف�ضل‬
‫م��ن ك��وك� ِ‬
‫وال��ف�����ض��ل َّ‬
‫����اب ال��� ِتّ���ب���ر خ��اط��ره��ا‬
‫إي�����ح�����اء م��ن�����س��ك��ب � ًا‬
‫َ‬
‫��ة ور������ض� ُ‬ ‫ب���ري�������ش� ٍ‬
‫وك���ن���ت �أل���ت���م����� ُ��س ال‬
‫ك��ال��ب��در ت��ع��ك�����س وه����ج ال�����َّ��ض���وء جبهته‬
‫ر ّبك‬
‫ك�����ال�����در ِر‬
‫ّ‬ ‫ت������ؤ ُّم�����ه�����ا ت���ن���ث���ر الآي����������ات‬ ‫ي����ا ع���ف���و ذك�������راك ال ه�����ذي ح�سين ّية‬
‫جوزيف الها�شم‬
‫��ر‬ ‫إ����ص���ب���ع ز َّل�������ت ع����ن ال���وت� ِ‬
‫ٌ‬ ‫ي����وم���� ًا وال �‬ ‫رن��� ّم���ت���ه���ا الآي ف������الأوت������ار م����ا �سكنت‬
‫م��ن�����ص��ه��ر‬
‫ِ‬ ‫����ل اهلل‬‫خ����ل����ق ب�����ظ� ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫ل����ك����ل‬ ‫وف�����ي ال���م���دي���ن���ة ك����م �أف���ت���ي���ت م��ج��ت��ه��د ًا‬
‫��ط���ب���ري‬ ‫��ي وال� ّ‬ ‫وال��ح��ن��ب��ل�� ّي��ات وال���ح���ن���ف� ّ‬ ‫���ي ب��ه��ا‬‫م�����ا ف���ق���ه م���ال���ك���ه���ا وال������ ّ���ش����اف����ع� ّ‬
‫ّ��ة ف���ي ال���ك���ت���اب ال��م��ل��ه��م ال��ع��ط� ِ�ر‬ ‫ب�����س��ن ٍ‬ ‫وال����ج����ع����ف����ر ّي����ات �إال �� ُ���س���� ّن����ة ل��ه��ج��ت‬
‫و����ص��� ْن���تَ ���ش��رع��ت��ه م����ن غ������و ِر م��ن��ح��د ِر‬ ‫ح��رف��وا الإ����س�ل�ام وانتحلوا‬ ‫ج��ا َب � ْه��تَ م��ن ّ‬
‫وع���� ّم����م����وه ����س�ل�اح ال���ب���ط�������ش ب��ال��ب�����ش� ِ�ر‬ ‫����ة ل���ل���ع���ال���م���ي���ن ُت��� ًق���ى‬ ‫ع��� ّم���م���ت���ه رح�����م� ً‬
‫��ر‬ ‫ف���ي���ه �إل������ى ع���ال���م الأوث���������ان وال���ح���ج� ِ‬ ‫ن���ث���رت���ه ع����ال����م���� ّي���� ًا �أن��������ت ف���ان���ك���ف����أوا‬
‫و�أن������ت �أط���ل���ق���ت �إ����س�ل�ام��� ًا م���ن ال��ح�����ض� ِ�ر‬ ‫ه���م ق��وق��ع��وا ف���ي خ��ي��ام ال���ب���دو مذهبهم‬
‫��ر‬ ‫ال���ع���ل���ي ب�����إف����ت����اءٍ �إل������ى ُع���م� ِ‬
‫ُّ‬ ‫�أف�������ض���ى‬ ‫���رب ي�����وم ال��� ّن���ف���ي���ر �إذا‬ ‫و�أن�������ت ف����ي ي����ث� ٍ‬
‫ٌ‬
‫آي��������ات م����ن ال����� ّ��س���و ِر‬ ‫��ة �‬
‫وف�����ي ال���ع���م���ام� ِ‬ ‫ج���ب���ري���ل �إل����ي����ك هفا‬
‫ٍ‬ ‫ك�����أ ّن����م����ا ط����ي� ُ‬
‫���ف‬
‫�أو ح��ا���س��دٌ خ���اب م�����ص��ع��وق� ًا م��ن ال��� ّ��ش��ر ِر‬ ‫���دف ال��ب��اغ��ون ع��ن غ��ر�� ٍ�ض‬ ‫���م �إن ج� ّ‬ ‫م��ا ه� َّ‬
‫������م �أو ل���� ْن����تَ م����ن ����ض���ر ِر‬ ‫وه���� ْن����تَ م����ن �أل� ٍ‬ ‫�أل������ ْ���س����تَ �أن�������ت �أل����ي����ف���� ًا ل���ل���ج���روح فما‬
‫������ل م��ن��ك�����س� ِ�ر‬ ‫��ر ف����ي ظ� ِّ‬ ‫ج��ن��ب��ي��ك م���ن���ه���م� ٌ‬ ‫�ل��اء وال������ح������راب ع��ل��ى‬ ‫م�����ش��ي��ت��ه��ا ك�����رب� ً‬
‫��ق ب��الأ���ش��ه��ى م���ن ال � ّث��م� ِ�ر‬ ‫��ر����ش� ُ‬
‫وق���وب���ل ال� ّ‬ ‫ت���ل��� ّق��� َف��� ْت���ه���ا ����س���خ��� ّي���ات ال���ك���ف���وف ن����دً ى‬

‫���ل ف���ي ال��م�����س��ل��ك ال��وع� ِ�ر‬ ‫ي��م��ن��اك م���ن زل� ٍ‬ ‫��دي ك���م كبحت‬ ‫ي���ا �أ ّي���ه���ا ال��م��ر���ش��د ال���م���ه� ّ‬
‫��ح ال��ع��ك� ِ�ر‬ ‫م�����ض��ط��رب ب���ال���ك���ال� ِ‬
‫ٌ‬ ‫والأف� ُ‬
‫�������ق‬ ‫�أح���ب��� ْب���تَ ل���ب���ن���انَ م���ا �أح���ب��� ْب���تَ هجعته‬
‫���ش��ع��ب � ًا ت��ل�� ّه��ى ف��ل��م ي��غ�����ض��ب ول����م ي��ث� ِ�ر‬ ‫���ص��ح��تَ به‬
‫ْ‬ ‫و�أن������ت ح��ي��ن ت��ل� ّ�ظ��ى ال����� ّ��ش� ّ‬
‫��ر‬
‫��ر‬ ‫���ل ف����ي ����س���اع���د ال��� ّن���ف� ِ‬ ‫ك�����أ ّن����ه����ا زح����ف� ٌ‬ ‫ه���ي���ه���ات ه���ي���ه���ات م���� ّن����ا ذ ّل�������ة َف���������دَ َو ْت‬
‫ه���� ّب����ت م����ق����اوم����ة ك���ال����� ّ��س���ي���ل م��ن��ه��م� ِ�ر‬ ‫�أط��ل��ق��ت��ه��ا �أن�����ت ي���ا ط��ي��ب ال���ج���ه���اد لها‬
‫ت�ستعر‬
‫ِ‬ ‫��ح‬
‫��ري� ِ‬
‫وال���� ّن����ار �إن ت�����ص��ط��دم ب���ال� ّ‬ ‫ٌ‬
‫عا�صفة‬ ‫ت��ع��دو ع��ل��ى ال��ج��م��ر والأن�������واء‬
‫للمطر‬
‫ِ‬ ‫والأر��������ض ُت�����روى وال ت�����ش��ت��اق‬ ‫وغى‬ ‫��دم خا�ضت في الجنوب ً‬ ‫بال�سيف وال� َّ‬‫َّ‬
‫ل������واء ���ش��ب��ع��ا وع���ه���د ال��� ّن�������ص���ر ل��ل��غ��ج� ِ�ر‬ ‫��ررت���ه���ا ال�����زّ ن�����ود ال����� ّ��س���م���ر راف���ع� ً‬
‫��ة‬ ‫ف���ح� ّ‬
‫م��ن��دح��ر‬
‫ِ‬ ‫�����رت ح����واف����ره����ا �أع�����ن�����اق‬
‫ج� ّ‬ ‫وت��ه��زج ال��خ��ي��ل ف��ي �أر�����ض ال��ج��ن��وب وقد‬

‫أث����ر‬
‫�إن غ����اب م���ا م����ات ي��ب��ق��ى خ��ال��د ال ِ‬ ‫وح����ي����ن �أت����م����م����ت����ه ع�����م�����ر ًا ل���ن���اب���غ� ٍ‬
‫��ة‬
‫ع���ظ���ائ���م اهلل ي����ل����وي غ���ي���ر م��ن��ت��ظ� ِ�ر‬ ‫وك������ان ق��ل��ب��ك ���ض��خ��م � ًا �إذ ���ش��ح��ن��ت به‬
‫��ج���ر ن��ب��وغ��ك ف���ي ال��� ّت���اري���خ وال��ف��ج� ِ�ر‬
‫ف� ّ‬ ‫ف��ق��ل��ت ي����ا ف���ك���ر ي��ك��ف��ي م����ا ب��ل��غ��ت ن � ًه��ى‬

‫العدد‪ 237‬الجمعة ‪� 15‬شوال ‪ 1427‬هـ ‪ 26‬ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2006‬م‬


‫‪31‬‬ ‫العدد ‪ 387‬االثنين ‪� 3‬شعبان ‪ 1432‬هـ ‪ 4‬تموز (يوليو) ‪2011‬م‬
‫‪14‬‬
‫‪ 4‬تموز ‪2011‬‬
‫الذكرى ال�سنوية االولى لرحيل‬
‫المرجع ف�ضل اهلل(ره)‬

‫هاتف‪ 01/453380 -03/877201 :‬اخراج فني‪�:‬سليم المقدم طباعة‪� :‬شركة‬ ‫االت�صال بالوكيل احل�صري‬ ‫لإعالناتكم يف‬
‫ليقوم الناس بالقسط‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫رس َلنا بالب ّينات وأنزل َنا معهم‬
‫لقد أرسلنا ُ‬
‫المرجع ّية الحرك ّية لن ت�سقط امام تيار التخلف‬
‫ولكن‪ ..‬وللأ�سف ال�شديد‪ ..‬ف��� َّإن بع�ض‬ ‫في العالم التخ ُّل�ص منه بعد �أن �أ�صبح‬
‫ال��ذي��ن ال ت��ق��وى ل��ه��م‪ ،‬وال ت��ث�� ُّب��تَ لديهم‬ ‫مزعج ًا ل�سيا�ساتها الإ�ستكبارية ومربك ًا‬
‫ان��ج��رف��وا م��ع ت��ي��ار ال��ت��خ�� ُّل��ف و الجمود‬ ‫لمخططاتها العدوانية‪ ،‬فتع ّر�ض لعدة‬
‫والتع�صب‪- ،‬م��ن حيث ي�شعرون �أو ال‬ ‫ُّ‬ ‫اغتيال ج�سدي‪ ،‬كانت منها‬ ‫ٍ‬ ‫م��ح��اوالت‬
‫ي�شعرون‪ -‬و�صاروا يحاولون �إ�سقاط هذه‬ ‫م��ج��زرة بئر العبد ال��ت��ي راح �ضحيتها‬
‫المرجعية الحركية التي ملأت الدنيا علم ًا‬ ‫الكثير من الأبرياء‪.‬‬
‫عز وجل‬ ‫وعمال وجهاد ًا ووعي ًا ً‪ ،‬ولكن اهلل َّ‬ ‫���ف الأم������ر ع��ن��د ح�����دود تلك‬
‫ول����م ي���ق ِ‬
‫��اهلل َخ ْي ٌر‬‫يقول في القر�آن الكريم‪َ }:‬ف ُ‬ ‫ال��م��ح��اوالت الخبيثة‪ ،‬ب��ل �إ َّن����ه (قد�س‬
‫َحا ِفظ ًا َوهُ َو �أَ ْر َح ُم ال َّر ِاحمِ ينَ {يو�سف‪64:‬‬ ‫���س��ره) ت��ع�� َّر���ض للعديد م��ن محاوالت‬
‫ويقول �أي�ض ًا‪�} :‬إِ َّن َ‬
‫اهلل ُيدَا ِف ُع عَ ِن ا َّل ِذينَ �آَ َم ُنوا‬ ‫االغتيال المعنوي‪ ،‬عبر الكثيرين من‬
‫اهلل اَل ي ُِح ُّب ُك َّل َخ َّو ٍان َك ُفو ٍر{الحج‪. 38:‬‬ ‫ِ�إ َّن َ‬ ‫حرا�س التخ ُّلف والجمود‪ ،‬ودعاة الفتنة‪،‬‬
‫وما زلنا ن�شهد اليوم من يحاول �إخراج‬ ‫و�أ�صحاب الم�صالح ال�ضيقة والأه��واء‬ ‫العالمة ال�سيد محمد علي ف�ضل اهلل*‬
‫النا�س من عهدة تكليفها ال�شرعي باالدعاء‬ ‫الدنيوية‪ ،‬من خالل الكذب عليه وت�شويه‬
‫ب�أنه ال يجوز تقليد �سماحته(ر�ض) لأنه‬ ‫�صورته ومحاربة فكره‪ ،‬وبالتالي محاربة‬ ‫َاب‬‫هلل ا ْث َنا َع َ�ش َر َ�ش ْهر ًا ِفي ِكت ِ‬ ‫يقول اهلل تعالى في كتابه المجيد‪�ِ } :‬إ َّن ِع َّد َة ُّ‬
‫ال�ش ُهو ِر ِع ْندَ ا ِ‬
‫ُت ُو ِّفي‪ ،‬وهذا الكالم يحتمل �أحد �أمرين‪:‬‬ ‫مرجعيته المباركة‪ ،‬التي كانت مرجعي ًة‬ ‫الَ ْر َ�ض ِم ْن َها �أَ ْر َب َع ٌة ُح ُر ٌم َذ ِل َك ِ‬
‫الدّينُ ا ْل َق ِّي ُم َفال ت َْظ ِل ُموا فِيهِ َّن‬ ‫ال�س َما َو ِات َو ْ أ‬
‫هلل َي ْو َم َخ َلقَ َّ‬ ‫ا ِ‬
‫�إم��ا �أنّ القائل بذلك جاهل و�إم��ا �أ َّن��ه ال‬ ‫حركي ًة تجديدي ًة �إ�صالحي ًة‪ ،‬انفتحت‬ ‫�أَ ْن ُف َ�سك ْم{ (التوبة‪.)36:‬‬
‫ُ‬
‫تقوى له‪ ،‬وذلك لأنّ العلماء م َتّفقون على‬ ‫بالقر�آن وال�س َّنة المطهرة على كل هموم‬ ‫ورد في الحديث ال�شريف عن النبي(�ص)‪ :‬ينبغي �أن نقتدي بها في �ساحات العمل‬
‫جواز البقاء على تقليد الميت‪ ،‬وبع�ضهم‬ ‫الحياة و�ش�ؤون الع�صر‪ ،‬لأنه(ر�ض) كان‬ ‫(رج����ب ���ش��ه��ر اهلل‪ ،‬و���ش��ع��ب��ان �شهري‪ ،‬والجهاد و�أن ن�ستلهمها في مواقع الفكر‬
‫ي��رى وج��وب البقاء على تقليده �إن كان‬ ‫هم الإ�سالم على م�ستوى العالم‪.‬‬ ‫يحم ُّل َّ‬ ‫ورم�����ض��ان �شهر �أم��ت��ي) ول��ع�� ّل الأ�شه َر في عمقه‪ ،‬وفي مواقع العمل في حركته‪.‬‬
‫�أعلم من الأحياء‪ ،‬ال بل � َّإن بع�ض الفقهاء‬ ‫حب النا�س‬‫وكان �سماحته(قد�س �سره) ُي ُّ‬ ‫الثالث َة‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬ك ُّلها �أ�شهر اهلل؛ لأنّ ال�س ّيد القدوة و النموذج‪:‬‬
‫الأحياء يرون جواز تقليد الميت ابتداء ًا‪،‬‬ ‫����ذوب فيهم‪ ،‬ويعي�ش معهم �آالمهم‬ ‫وي ُ‬ ‫�شهر النبي هو �شهر اهلل‪ ،‬وكذلك �شهر ونحن ن�ستطيع �أن ن��رى نماذج م�شرقة‬
‫المقدّ�س‬‫وقد كان ذلك ر�أي �سماحة الوالد َ‬ ‫و�أحالمهم وتطلعاتهم‪ ،‬وكان ُي�ص ُّر على‬ ‫الأمة هو �شهر هلل لأنّ �شهرها هو ال�شهر عاملة في �سبيل اهلل ا�ستلهمت �أهل البيت‬
‫ال�سيد عبد ال��ر�ؤوف ف�ضل اهلل(ر�ض)‪،‬‬ ‫ال�صمود معهم ف��ي ك ِّ��ل المحن‪ ،‬وكلنا‬ ‫في حركتهم فكان ر�سول اهلل(���ص) هو‬ ‫الذي تنطلق فيه لعبادة اهلل ع ّز وج ّل‪.‬‬
‫وهو �أي�ض ًا ر�أي �سماحة �آية اهلل العظمى‬ ‫يعرف كيف رف�ض �سماحته �أن يغادر‬ ‫لقد �أراد اهلل تعالى لنا في ه��ذه الأيام ال��ق��دوة الأول���ى لها كما يجب �أن يكون‬
‫ال�شيخ �إبراهيم الجناتي حفظه اهلل وهو‬ ‫ال�ضاحية الجنوبية �أث��ن��اء ح��رب تموز‬ ‫المباركة‪� ،‬أن نتفاعل روح�� ّي�� ًا و�إيمان ّي ًا‪،‬‬
‫‪ ،2006‬م�صر ًا على �أن يبقى مع النا�س‪.‬‬ ‫لننفتح فيها على اهلل من خالل عبادته‬
‫من �أكابر العلماء في قم المقد�سة‪.‬‬ ‫ال��ع��ل��م��اء متفقون‬
‫وقد بلغ الأمر ببع�ض ه�ؤالء النا�س الذين‬ ‫ول��ه��ذا ف��ق��د ب���ذل ع��م��ره ال�����ش��ري��ف في‬ ‫ف��ي ك��ل �أ���ش��ك��ال ال��ع��ب��ادة‪ ،‬وم���ن خالل‬
‫طاعته ف��ي ك��ل م��واط��ن الطاعة‪ ،‬وذلك ع��ل��ى ج���واز ال��ب��ق��اء على‬
‫ال يخافون اهلل‪� ،‬أ ّنهم اد َّع��� ْوا �أنّ الذين‬
‫يق ّلدون �سماحة ال�سيد(ر�ض) اليوم‪،‬‬
‫الذين يحاولون اخراج‬ ‫عبر االل��ت��زام بتحقيق �أوام���ره ونواهيه تقليد الم ّيت‪ ..‬وبع�ضهم‬
‫ال���ن���ا����س ع���ن ع��ه��دة‬ ‫ابتداء‬
‫ً‬ ‫وتعليماته التي ر�سمها لنا من خالل �آيات يجيز تقليد الميت‬
‫يق ّلدون مكتبه‪�-‬أي مكتب ال�سيد(ر�ض)‪،-‬‬
‫وج��� ّه���ال؛ لأ ّن��ن��ا مع‬ ‫تكليفهم ال�شرعي هم جهلة او‬ ‫القر�آن الكريم‪ ،‬ومن خالل كلمات نب ّينا‬
‫وه���ذا ك�لام ج��ه��ال�� ٍة ُ‬
‫ال تقوى لهم‬ ‫محمد(�ص)‪ ،‬التي هي كلمات اهلل كذلك؛ القدوة الأولى لنا‪.‬‬
‫جيب عن الأ�سئلة‬ ‫العلماء في المكتب‪ُ ،‬ن ُ‬
‫لأنّ اهلل يقول‪َ } :‬و َما َي ْن ِطقُ َع ِن ا ْل َه َوى * ِ�إنْ ومن هذه النماذج العالم العامل �سماحة‬
‫واال�ستفتاءات بح�سب �آرائه‪ ،‬و ُنعلن �شهر‬
‫وحى{النجم‪ 4-3 :‬وكلمات الأخ العالمة المرجع المقد�س ال�سيد‬ ‫هُ َو �إِ َاّل َو ْح ٌي ُي َ‬
‫رم�ضان بح�سبها �أي�ض ًا‪ .‬ولذلك ف�إننا‬ ‫خدمة الر�سالة من خالل خدمة النا�س‪،‬‬
‫ر�سول اهلل(�ص)‪ ،‬هي �أي�ضا كلمات الأئمة محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر�����ض) الذي‬
‫نقول ما قاله اهلل تعالى في كتابه‪َ } :‬يا‬ ‫وعظ ًا و�إر�شاد ًا وتوجيه ًا وتثقيف ًا‪ ،‬وبناء ًا‬
‫م��ن �أه���ل ال��ب��ي��ت(ع)‪ ،‬ال��ذي��ن ه��م خزنة م��� ّرت علينا ال��ذك��رى ال�سنوية االول���ى‬
‫�أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ � َآم ُنوا ال َت ُكو ُنوا َكا َّل ِذينَ � َآذ ْوا‬ ‫للم�ؤ�س�سات المتنوعة التي تُلبي حاجاتهم‬
‫لرحيله‪ ،‬والذي �أفنى عمره في �سبيل اهلل‬
‫و�سى َف َب َّر َ�أ ُه ُ‬ ‫علمه‪ ،‬والناطقون بل�سانه ومنطقه‪.‬‬
‫اهلل ِم َّما َقا ُلوا َو َكانَ ِعندَ ا ِ‬
‫هلل‬ ‫ُم َ‬ ‫الدينية والتربوية وال�صحية والخدماتية‬ ‫وك�� ّل ه��ذه المنا�سبات لها �أه ّميتها في �سبحانه وتعالى‪ ،‬وقد كان الإن�سان الذي‬
‫َو ِجي ًها * َيا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ � َآم ُنوا ا َّت ُقوا اهللَ‬ ‫وغ���ي���ره���ا‪ ..‬وب���ه���ذا ت��م�� َّي��زت مرجعيته‬ ‫هم الر�سالة في قلبه وعقله‪ ،‬فانفتح‬ ‫حركتنا في الحياة؛ لأنها تفتح �أمامنا حمل ّ‬
‫َو ُقو ُلوا َق ْوال َ�س ِديدً ا * ُي ْ�ص ِل ْح َل ُك ْم �أَ ْع َما َل ُك ْم‬ ‫باالهتمام ب�ش�ؤون النا�س وق�ضاياهم‪،‬‬ ‫ال�صفحات الم�شرقة للنماذج الأكمل في على كل مواطن الجهاد بالقول والعمل‪،‬‬
‫َو َي ْغ ِف ْر َل ُك ْم ُذ ُنو َب ُك ْم َو َمن ُي ِط ْع َ‬
‫اهلل َو َر ُ�سو َل ُه‬ ‫فكانت مرجعي ًة حركي ًة مجاهد ًة‪ ،‬ت�ستهدي‬ ‫الإن�سانية‪ ،‬وفي العمل ال ُمخ ِل�ص والخال�ص وتح َّمل الأذى وال ُ��ظ�لام��ات الكثيرة في‬
‫َف َق ْد َفا َز َف ْو ًزا َع ِظي ًما{ (الأحزاب‪-69 :‬‬ ‫ف��ي ك��ل ِ ّح��رك��ت��ه��ا �سيرة الر�سول(�ص)‬ ‫جنب اهلل تعالى مت� ِّأ�سي ًا بجده ر�سول‬ ‫هلل �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪)71-70‬‬ ‫والأئمة(ع)‪.‬‬ ‫�إن هذه النماذج الإن�سانية العالية التي اهلل(���ص) وب��ج ِ��دّه �أمير الم�ؤمنين(ع)‪،‬‬
‫*من خطبة ل�سماحته في مدينة بنت جبيل‬ ‫تيار التخلف ومحاولة تجهيل النا�س‪:‬‬ ‫�أ ّي��ده��ا اهلل تعالى بالع�صمة والت�سديد‪ ،‬حتى ح��اول��ت �أق���وى �أج��ه��زة المخابرات‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪2‬‬
‫الهيئة ال�شرعية في م�ؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫�إعالن الهالل تطبيق لر�أي �سماحة ال�سيد(ر�ض) القائم على الح�سابات العلمية‬
‫لي�ست من الم�سائل الم�ستحدثة التي‬ ‫اع��ل��ن��ت الهيئة ال�����ش��رع�� ّي��ة ف��ي م�ؤ�س�سة‬
‫الحي‪ ،‬بل يبقى‬ ‫يجب فيها الرجوع �إلى ّ‬ ‫�سماحة �آي��ة اهلل العظمى ال�سيد محمد‬
‫فيها المق ِّلد على ر�أي مرجعه الذي‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل (ر�ض) �أن اول �أيام �شهر‬
‫بقي على تقليده‪ ،‬لذلك فمن بقي على‬ ‫رم�ضان المبارك ي�صادف يوم االثنين‬
‫تقليد �سماحة المرجع ال�سيد محمد‬ ‫االول من �آب ‪ 2011‬ميالدية‪ ،‬انطالق ًا‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل ر���ض��وان اهلل تعالى‬ ‫الفقهي ل�سماحة المرجع‬ ‫ّ‬ ‫م��ن المبنى‬
‫عليه ي�ستم ّر على العمل بر�أيه في هذه‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان‬
‫الم�س�ألة‪� ،‬ش�أنها �ش�أن �سائر الم�سائل‬ ‫اهلل تعالى عليه في �إثبات الهالل‪ ،‬الذي‬
‫الفقه ّية‪.‬‬ ‫يتمثل في جواز االعتماد على الح�سابات‬
‫�إن �إع�لان الهيئة ال�شرعية هو تطبيق‬ ‫الفلك ّية القطع ّية �أو المفيدة للإطمئنان‪،‬‬
‫ل����ر�أي ���س��م��اح��ة ال�����س��ي��د ر����ض���وان اهلل‬ ‫م�شير ًة �إلى ان �إعالن الهيئة ال�شرعية هو‬
‫تعالى عليه �ضمن الموازين الدقيقة‬ ‫ونيوزيلندا واليابان وال�صين ونحوها‪.‬‬ ‫ال يمكن م�شاهدة الهالل في � ّأي مكان‬ ‫تطبيق لر�أي �سماحة ال�سيد ر�ضوان اهلل‬
‫التي حددها �سماحته‪ ،‬واعتمادا على‬ ‫وتذ ّكر الهيئة ال�شرع ّية � ً‬
‫أي�ضا بما يلي‪:‬‬ ‫من العالم م�ساء ال�سبت (ليلة الأحد)‬ ‫تعالى عليه �ضمن الموازين الدقيقة التي‬
‫�أ���ص��ح��اب ال��خ��ب��رة م��ن ع��ل��م��اء الفلك‬ ‫الفقهي ل�سماحة المرجع‬ ‫ّ‬ ‫�إنّ المبنى‬ ‫ال بالعين المجردة وال الم�سلحة‪ ،‬فيكون‬ ‫حددها �سماحته‪ ،‬وجاء في البيان‪:‬‬
‫والمرا�صد العلمية الأ�سا�سية‪ ،‬بعد �أن‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان‬ ‫ي��وم الأح���د م��ت ِّ��م�� ًم��ا للثالثين م��ن �شهر‬ ‫تعلن الهيئة ال�شرع ّية في م�ؤ�س�سة �سماحة‬
‫خ ِبروا متابعة هذا الأمر‪  ‬ل�سنوات طويلة‬ ‫اهلل تعالى عليه ف��ي �إث��ب��ات ال��ه�لال هو‬ ‫�شعبان‪ ،‬وي��وم الإثنين الأ ّول من �آب هو‬ ‫�آي��ة اهلل العظمى ال�سيد محمد ح�سين‬
‫تحت �إ���ش��راف �سماحة ال�سيد ر�ضوان‬ ‫ج��واز االعتماد على الح�سابات الفلك ّية‬ ‫�أ ّول �أ ّيام �شهر رم�ضان المبارك؛ علم ًا �أ ّنه‬ ‫ف�ضل اهلل ر���ض��وان اهلل تعالى عليه �أنّ‬
‫اهلل تعالى عليه‪.‬‬ ‫القطع ّية �أو المفيدة للإطمئنان‪ ،‬وكفاية‬ ‫يمكن م�شاهدة الهالل م�ساء الأحد (ليلة‬ ‫المعطيات العلم ّية والح�سابات الفلك ّية‬
‫ن�س�أل اهلل ع ّز وج ّل �أن يجعله �شهر ٍ‬
‫خير‬ ‫�إمكان ّية الر�ؤية في �أي بلد �أو منطقة في‬ ‫الإث��ن��ي��ن) ب�سهولة ف��ي الق�سم الجنوبي‬ ‫الدقيقة تفيد �أنّ الوالدة الفلك ّية(االقتران‬
‫ون�صر وع�� ّز ٍة للأُ ّمة الإ�سالم ّية‬
‫ٍ‬ ‫وبرك ٍة‬ ‫العالم ب�شرط اال�شتراك معها بجزء من‬ ‫لأفريقيا وفي �أمريكا الجنوبية وب�صعوبة‬ ‫المركزي) لهالل �شهر رم�ضان المبارك‬
‫ج��م��ع��اء‪ ،‬و�أن ي��و ّف��ق ف��ي��ه الم�ؤمنين‬ ‫الليل‪ ،‬م�ضا ًفا �إل��ى �أنّ ال��ر�ؤي��ة المعتبرة‬ ‫في و�سط �أفريقيا‪ .‬وبنا ًء على ذلك وطب ًقا‬ ‫لعام ‪ 1432‬ﻫ يكون نهار ال�سبت ‪ 30‬تموز‬
‫ل�صيامه وقيامه وا�ستغالل �أوقاتهم‬ ‫أعم‬
‫لدى �سماحته ر�ضوان اهلل تعالى عليه � ّ‬ ‫لمبنى �سماحة ال�سيد ر�ضوان اهلل عليه‬ ‫‪ 2011‬ال�����س��اع��ة ‪ 18‬و‪ 40‬دق��ي��ق��ة م�سا ًء‬
‫يوحد‬‫لما فيه مر�ضاة اهلل تعالى‪ ،‬و�أن ِّ‬ ‫من الر�ؤية بالعين المج ّردة فت�شمل الر�ؤية‬ ‫يكون الإثنين هو الأ ّول من �شهر رم�ضان‬ ‫بح�سب التوقيت العالمي (غرينت�ش) �أي‬
‫كلمتهم على الخير والتقوى‪� ،‬أ ّنه �سمي ٌع‬ ‫بالعين الم�سلحة �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫ال��م��ب��ارك حتى بالن�سبة �إل���ى الأق�سام‬ ‫في ال�ساعة ‪ 21‬و‪ 40‬دقيقة م�سا ًء بح�سب‬
‫مجيب‪.‬‬ ‫�إنّ م�س�ألة �إثبات �أوائ��ل ال�شهور القمر ّية‬ ‫ال�شرق ّية من الكرة الأر�ض ّية ك�أ�ستراليا‬ ‫التوقيت ال�صيفي لمدينة بيروت‪ ،‬وحيث‬

‫وال�شيعة ال يزالون يعتمدون على الر�ؤية‪،‬‬ ‫ّ‬


‫النبي(�ص) يقول‪�« :‬صوموا لر�ؤيته‬ ‫ل َّأن ّ‬
‫المرجع ف�ضل اهلل(ر�ض) حول االختالف في بدايات ّ‬
‫ال�شهور القمر ّية‪:‬‬
‫و�أفطروا لر�ؤيته»‪ .‬ونحن نقول‪ ،‬كما يقول‬
‫ال�س ِّيد الخوئي‪َّ � ،‬إن ال ّر�ؤية و�سيلة للمعرفة‬
‫ولتح�صيل ال��ي��ق��ي��ن‪ .‬ون��ح��ن ف��ي وق ٍ��ت‬
‫تحديدها يرجع �إلى علماء الفلك‪ ..‬والع�صب ّية تخالف التقوى والدين‬
‫�أ�صبحت الح�سابات الفلك َّية الدّقيقة‪،‬‬ ‫ال�شهور؟ � َّإن ال َّ��زم��ن ممتدّ‪ ،‬وا ّلذي‬‫بين ّ‬ ‫ال�شهور‬ ‫�أو ف��ي المرجع ّية �أو ف��ي �أوائ���ل ّ‬ ‫يتحدث العالمة المرجع ال�س ّيد محمد‬
‫أدق من‬ ‫وبح�سب �أهل الخبرة‪� ،‬أو�ضح و� ّ‬ ‫يجعل �شهر ًا يختلف عن �شهر‪ ،‬هو �أ َّنه‬ ‫و�أواخ��ره��ا‪ ،‬ف���� َّإن ه��ذا لي�س م��ن التّقوى‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل(ر�ض) في محا�ضر ٍة‬
‫ال ّر�ؤية‪ ،‬ل َّأن الج َّو �أ�صبح مل َّوث ًا‪ ،‬و�أ�صبح‬ ‫عندما يدخل القمر في المحاق‪ ،‬فذلك‬ ‫وال من الدّين في �شيء‪ .‬نحن تع َّودنا في‬ ‫له‪ ،‬حول االختالف في بدايات ال�شهور‬
‫من الممكن �أن يرى الإن�سان في الف�ضاء‬ ‫ال�شهر انتهى‪ ،‬وعندما يخرج من‬ ‫يعني � َّأن َّ‬ ‫يعي‬ ‫إ�سالمي ك ّله‪ ،‬ال في الواقع ّ‬ ‫القمرية‪ ،‬م�ؤكد ًا �أنّ م�س�ألة الهالل لي�س‬
‫�لاال‪ ،‬لأنّ ال ّلمعان الموجود‬ ‫ع�شرين ه ً‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫ّ‬ ‫الواقع ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫المحاق‪ ،‬وهو الذي ي�س ُّمونه توليدا‪ ،‬فذلك‬ ‫ال�شهور‬ ‫فقط‪ ،‬على االختالف في بدايات ّ‬ ‫ربط بالر�ؤية من خالل العين‪،‬‬ ‫لها � ُّأي ٍ‬
‫من خالل هذه العنا�صر الموجودة في‬ ‫يعني � َّأن َّ‬
‫الف�ضاء‪ ،‬يمكن �أن يوهم الإن�سان ب�أ ّنه‬ ‫ال�شهر بد�أ‪.‬‬ ‫ونهاياتها‪ ،‬حتى �إ ّنه في �إحدى ال�سنوات‪،‬‬ ‫الكوني‬
‫ّ‬ ‫ظام‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫بال‬ ‫ترتبط‬ ‫ٌ‬
‫ة‬ ‫أل‬ ‫�‬ ‫م�س‬ ‫بل هي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ولذا نحن نقول � َّإن م�س�ألة �أ َّول ال�شهر و�آخره‬ ‫كان هناك ثالث بدايات مختلفة ل�شهر‬ ‫ً‬
‫فيما يتع ّلق بالزّمن‪ ،‬معتبرا �أنّ م�س�ألة‬
‫يرى هال ًال وما هو بهالل‪.‬‬
‫ال ترجع �إل��ى العلماء‪ ،‬لأ َّنهم لي�سوا �أهل‬ ‫رم�ضان!‬ ‫ال�شهر و�آخره ال ترجع �إلى العلماء‪،‬‬ ‫�أ َّول َّ‬
‫تتع�صبوا عند االختالف‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫خبرة في ذلك‪ ،‬بل ترجع �إلى الفلك ّيين‪،‬‬ ‫� َّإن الح ّل الوحيد‪ ،‬والذي انطلقنا فيه من‬
‫ّ‬ ‫وقت‬ ‫ً‬
‫بل �إلى الفلك ّيين‪ ،‬الفتا �إلى �أ ّننا في ٍ‬
‫ولكن نحن ن��رى �أ ّن��ه �إذا تو َّلد الهالل‪،‬‬ ‫لأ َّن��ه��م هم ا ّلذين ي��ح ِ��دّدون لنا متى ولد‬ ‫�أ�ستاذنا ال�س ّيد «�أبو القا�سم الخوئي»(ره)‪،‬‬ ‫�أ�صبحت الح�سابات الفلك َّية الدّقيقة‪،‬‬
‫وث��ب��ت عندنا م��ن خ�لال �أه���ل الخبرة‬ ‫الهالل‪ ،‬وهل يمكن ر�ؤيته �أو ال يمكن‪ ،‬وقد‬ ‫ربط‬‫هو �أنّ م�س�ألة الهالل لي�س لها � ُّأي ٍ‬ ‫أدق م��ن ال�� ّر�ؤي��ة‪ ،‬داع��ي�� ًا �إلى‬‫�أو���ض��ح و� ّ‬
‫�إمكان ّية ال ّر�ؤية‪ ،‬ولو في بلد نلتقي معه‬ ‫العلمي‪ ،‬كما قلنا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كان ر�أي ال�س ِّيد الخوئي‬ ‫بالر�ؤية من خالل العين‪ ،‬بل هي م�س�أل ٌة‬ ‫�أن يقوم ك ّل واح��دٍ منا بتكليفه‪ ،‬وعدم‬
‫ّ‬
‫ب��ج��زءٍ م��ن ال�� ّل��ي��ل‪ ،‬دخ��ل ال ّ�����ش��ه��ر‪ ،‬و�إن‬ ‫يرتكز على هذه ال ّنقطة‪.‬‬ ‫ت��رت��ب��ط ب��ال�� ّن��ظ��ام ال��ك��ون ّ��ي فيما يتع ّلق‬ ‫�ضد بع�ضنا البع�ض‪..‬‬ ‫التع�صب َّ‬ ‫َّ‬
‫اختلف الآخرون معنا‪ ،‬ف�إنهم معذورون‬ ‫العلم �أدقّ من الر�ؤية‪:‬‬ ‫بالزّمن‪ ،‬لأنّ اهلل تعالى لما خلق الأ�شهر‪،‬‬ ‫الحل الوحيد لم�شكلة االختالف‪:‬‬ ‫ّ‬
‫في اجتهاداتهم ا ّلتي نحترمها‪.‬‬ ‫كل �سنة‪ ،‬عندما نعلن عن‬ ‫ولذلك نحن في ِّ‬ ‫لم يكن هناك عيون‪ ،‬وال كان هناك �إن�سان‬ ‫عندما تظهر بع�ض االخ��ت�لاف��ات في‬
‫ولذلك‪ ،‬المطلوب �أن يقوم ك ّل واحدٍ م ّنا‬ ‫ّ‬
‫الهالل‪� ،‬سواء في �أ َّول ال�شهر �أو في �آخره‪،‬‬ ‫ال�ش ُهو ِر ِعندَ اللهّ ِ ا ْث َنا َع َ�ش َر‬‫} ِ�إ َّن ِع َّ��د َة ُّ‬ ‫الفتاوى �أو في وجهات ال ّنظر‪ ،‬علينا �أن‬
‫نتع�صب‬
‫بتكليفه‪ ،‬وم��ا نريده هو �أن ال َّ‬ ‫�إ ّن��م��ا يكون ذل��ك بعد ال�� ّرج��وع �إل��ى �أهل‬ ‫ال�س َما َوات‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َاب ِ َي ْو َم خلقَ َّ‬‫اللهّ‬ ‫َ�ش ْهر ًا ِفي ِكت ِ‬ ‫ال ن�أخذ ب�أ�سباب الع�صب َّية‪ ،‬بل �أن نقول‬
‫�ضد بع�ضنا البع�ض‪ ،‬وال نخلق فتن ًة‪ ،‬لأنّ‬ ‫َّ‬ ‫الخبرة في العالم ك ّله‪� ،‬أي بعد ال ّرجوع‬ ‫���ض{(ال�� ّت��وب��ة‪ ،)36:‬فقبل �أن يخلق‬ ‫َوالأَ ْر َ‬ ‫يحا�سب عند‬ ‫�إنّ ِّ‬
‫ا ّل��ذي��ن ي�صنعون الفتنة في المجتمع‪،‬‬ ‫لكل �إن�سان تكليفه‪ ،‬وهو َ‬
‫المتخ�ص�صين وك ّل‬ ‫ّ‬ ‫�إل��ى ك ّل الأ�شخا�ص‬ ‫ال�شهور‪� .‬إذ ًا كيف يكون‬ ‫اهلل الإن�سان كانت ّ‬ ‫ّع�صب �ض ّد ا ّلذي‬ ‫ر ِّبه‪� ،‬أ ّما �أن نحاول الت ُّ‬
‫�سوف يعاقبهم اهلل‪.‬‬ ‫ولكن �أكثر العلماء من ال�س ّنة‬ ‫�أهل الخبرة‪َّ ،‬‬ ‫�شهر و�شهر؛ هل يوجد حواجز‬ ‫الفرق بين ٍ‬ ‫ال�سيا�سة‬ ‫يختلف معنا في ال ّر�أي �أو في ّ‬
‫‪3‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫�شهر رم�ضان‪:‬‬
‫مو�سم الرحمة ومدر�سة ال�صوم المادي والروحي وال�سيا�سي‬
‫العالمة المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل (ر�ض)‬
‫للزمن في المفهوم الإ�سالمي معناه الطبيعي في الكون‪ ،‬فلي�س للزمن‬
‫ميزة في نف�سه }�إن عدة ال�شهور عند اهلل اثنا ع�شر �شهر ًا في كتاب اهلل‬
‫يوم خلق ال�سماوات والأر�ض منها �أربعة حرم{ (التوبة‪ .)36:‬فالزمن في‬
‫طبيعته هو ظاهرة في النظام الكوني‪ ،‬ولي�س هناك خ�صو�صية ليوم دون يوم‪ ،‬من خالل‬
‫الحدث الذي يقع في الزمن‪ ،‬فيعطيه معناه في وجدان الإن�سان‪ ،‬بمعنى �أن نحت�ضن‬
‫الزمن �أو �أن نحترمه ونقد�سه من خالل احترامنا للحدث‪� ،‬سلبي ًا �إذا كان في دائرة‬
‫ال�سلب‪� ،‬أو �إيجابي ًا �إذا كان الحدث في دائرة الإيجاب‪.‬‬
‫وقبل �أن تقر�أ القر�آن افتح عقلك وقلبك‬ ‫قـراءة القـر�آن‪:‬‬
‫يقول اهلل تعالى‪�( :‬شهر رم�ضان الذي و�أحا�سي�سك وم�شاعرك‪ .‬والإمام علي(ع)‬
‫�أن��زل فيه ال��ق��ر�آن ه��دى للنا�س و بينات يحدثنا في بع�ض خطبه عن المتقين‪،‬‬
‫م��ن ال��ه��دى وال��ف��رق��ان) وم��ن هنا يعتبر في�صفهم ب��ال��ق��ول‪�« :‬إذا ق���ر�أوا القر�آن‬
‫�شهر رم�ضان‪� ،‬شهر ال��ق��ر�آن‪ ،‬ول��ذا كان وم ّرت بهم �آيات النار �أح�سوا بلهيب النار‬
‫التركيز على �أهمية ق��راءة ال��ق��ر�آن في في وجوههم‪ ،‬و�إذا م ّرت بهم �آيات الجنة فقد يكون الدعاء مظهر العبادة في ما الإن�سان في حياته ك ّلها‪ ،‬ليكون الإن�سان‬
‫هذا ال�شهر‪ ،‬فهي لي�ست م�س�ألة تدخل في فك�أنهم فيها من ّعمون»‪ .‬فعلينا �أن نعي�ش يغني معنى العبودية في نفو�سكم‪ ،‬ولك ّنه �إن�سان اهلل الذي يح ّلق في مواقع العبودية‬
‫التقليد الديني ك���أي ع��ادة من العادات القر�آن حيا ًة وحرك ًة تدخل في ال�صميم حاجة من حاجات الحياة الأ�سا�سية في هلل ع ّز وجل‪ ،‬ويعي�ش القرب منه ويتحرك‬
‫التي يعتادها النا�س‪ ،‬لتبد�أ مليئة بالحياة من حركة الحياة‪ .‬وهذا هو الهدف الذي ما تفتقرون فيه �إلى ربكم‪ ..‬بحيث يدعو في خط ر�ضاه وال �شيء �إال ر�ضاه‪.‬‬
‫ثم تموت بعد ذلك‪ ،‬كالكثير من العادات ا�ستهدفه الإ���س�لام م��ن �إط�ل�اق القر�آن اهلل عباده لأن ال يبتعدوا عنه وهو القريب التدريب على التقوى‬
‫التي تنطلق من فكرة ثم تتح ّول �إلى �شيء في حياة النا�س‪ ،‬ليكون الإن�سان قر�آني ًا‪ ،‬منهم وق��د خلقهم بيده‪} :‬ولقد خلقنا وم��ن ه��ن��ا‪ ،‬فقد دخ��ل ال��دع��اء ف��ي �شهر‬
‫جامد كمثل الحجارة التي ال تعطي �أية وليكون المجتمع قر�آني ًا‪ ،‬ولتكون الحياة الإن�سان ونعلم ما تو�سو�س به نف�سه ونحن رم�ضان من باب القر�آن‪ ،‬ودخل ال�صيام‬
‫في �شهر رم�ضان من باب ال��ق��ر�آن‪} :‬يا‬ ‫قر�آنية‪ ،‬وليدخل القر�آن في حياتنا كلها‪� .‬أقرب �إليه من حبل الوريد{ (ق‪.)16:‬‬ ‫نب�ضة حياة‪.‬‬
‫}ي��ع��ل��م خ��ائ��ن��ة الأع����ي����ن وم����ا تخفي �أيها الذين �آمنوا كتب عليكم ال�صيام كما‬ ‫خـط التوحيـد‬‫ّ‬ ‫�إن ه��ذا ال��ح��ثّ على ق���راءة ال��ق��ر�آن في‬
‫�شهر رم�����ض��ان ي���ؤك��د ع��ل��ى ���ض��رورة �أن وهكذا ـ �أيها الأحبة ـ �أريد لهذا ال�شهر �أن ال�صدور{ (غافر‪ .)19:‬فاهلل تعالى لي�س كتب على الذين من قبلكم لع ّلكم تتقون{‬
‫يمتلىء ال��زم��ن عندنا ب��ال��ق��ر�آن‪ ،‬بحيث يعي�ش الخطوط القر�آنية‪ ،‬وفي العنوان بعيد ًا عن النا�س وعن �أحالمهم و�آالمهم (ال��ب��ق��رة‪ .)183:‬ف��اهلل �سبحانه وتعالى‬
‫ً‬
‫ُي��ق��ر�أ �صباحا وم�����س��ا ًء‪� ،‬إل���ى �أن يتح ّول الكبير للخط القر�آني يقف التوحيد‪ ،‬لأن وح��اج��ات��ه��م‪}:‬و�إذا �س�ألك ع��ب��ادي عني قال لكم‪} :‬يا �أيها النا�س اتقوا ربكم{‬
‫توحيد اهلل هو ر�سالة ك ّل ف�إني قريب �أجيب دعوة الداعي �إذا دعان (الن�ساء‪ .)1:‬واهلل ق��ال لكم‪} :‬ي��ا �أيها‬ ‫عندنا �إل��ى حياة تحكم مفردات الزمن‬
‫نف�س ما‬
‫فلي�ستجيبوا ل��ي{‪ ،‬لندائي‪} :‬ولي�ؤمنوا الذين �آمنوا اتقوا اهلل ولتنظر ٌ‬ ‫ك ّله‪ ،‬فال يغيب ال��ق��ر�آن عن نهارنا وعن‬
‫ب��ي لع ّلهم ير�شدون{(البقرة‪ .)186:‬قدّمت لغد واتقوا اهلل �إن اهلل خبير بما‬ ‫الحث على قراءة القر�آن‬ ‫ّ‬ ‫ي�ضج ال��زم��ن ك ّله بالقر�آن‪.‬‬
‫ليلنا حتى ّ‬
‫ف�سيجدون الر�شاد في ما يبتعد بهم عن تعملون{ (الح�شر‪.)18:‬‬ ‫وبذلك يدخل كتاب اهلل المجيد في هذا‬
‫المو�سم �إل��ى عقولنا وقلوبنا وم�شاعرنا في �شهر رم�ضان‪ ،‬ي� ّؤكد �ضرورة �أن‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد امتلأ القر�آن بالدعوة �إلى‬ ‫الغي كله‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكان الحثّ على الدعاء في �شهر رم�ضان التقوى‪ ،‬وال ب ّد للإن�سان �إن يتدرب على‬ ‫و�أحا�سي�سنا ليمت ّد �إلى حياتنا ك ّلها‪ .‬و�إذا يمتلئ ال ّزمن عندنا بالقر�آن‪ ،‬بحيث‬
‫بالإ�ضافة �إلى �سائر �شهور ال�سنة ا�ستجابة التقوى‪ .‬فالقر�آن �أعطاك الإيمان فكر ًا‬ ‫عرفنا �أن اهلل ال يريد لنا �أن نقر�أ القر�آن‬
‫ّل‬
‫و‬ ‫يتح‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫إلى‬ ‫�‬ ‫‪،‬‬‫وم�ساء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫�صباحا‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫ُقر‬ ‫ي‬ ‫بطريقة عادية‪ ،‬بل يريد لنا �أن نتد ّبره‪:‬‬
‫لنداء القر�آن في ذلك‪ ،‬وقد ع ّلمنا القر�آن وروح ًا ودعاك �إلى االلتزام عم ًال‪ ،‬ولكن‬
‫يج�سد نف�سه في الواقع‬ ‫كيف ك��ان الأن��ب��ي��اء(ع) ي��دع��ون‪ ،‬ولقد الفكر ال يمكن �أن ّ‬ ‫}�أفال يتد ّبرون القر�آن ولو كان من عند عندنا �إلى حيا ٍة تحكم مفردات ال ّزمن‬
‫ر�أي��ن��ا كيف ت��ح�� ّول ال��دع��اء �إل��ى مدر�سة �إال �إذا ان�ضمت �إليه الإرادة‪.‬‬ ‫غير اهلل ل��وج��دوا فيه اختالف ًا كثير ًا{‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(ال��ن�����س��اء‪ ،)82:‬وذل��ك ب���أن تفتح قلبك كله‪ ..‬حتى ي�ضجّ الزمن كله بالقر�آن‬
‫ثقافية نتعرف من خاللها على �صفات وهكذا ـ �أيها الأحبة ـ ف�إن ق�صة �أن ت�صوم‬
‫اهلل �سبحانه‪ ،‬بحيث ندعو فتنفتح علينا هي ق�صة �أن تتقي اهلل �سبحانه وتعالى‪،‬‬ ‫للقر�آن‪ ،‬والقلب في الم�صطلح القر�آني‬
‫«رب �صائم لي�س له‬ ‫هو منطقة الوعي الداخلي برمتها‪ ،‬والتي الأنبياء(ع) الذين دعوا الى عبادة اهلل‪ .‬حياة الر�سول(�ص) في دعائنا‪ ،‬وتنفتح ولذا ورد في الحديث‪ّ :‬‬
‫ورب قائم‬
‫علينا ق�ضايا الحياة في خط اال�ستقامة من �صيامه �إال الجوع والعط�ش‪ّ ،‬‬ ‫ت�شمل العقل والقلب وال�شعور والإح�سا�س‪ ،‬الدعاء مظهر العبادة‬
‫تك�سر }وق���ال ربكم ادع��ون��ي �أ�ستجب لكم{‪ ،‬واالنحراف‪ ..‬ندعو فتتجمع في �أدعيتنا لي�س له من قيامه �إال التعب وال�سهر»‪،‬‬ ‫�أي �أن ال تقفل قلبك‪ ،‬بل عليك �أن ّ‬
‫ّ‬
‫ك��ل الأق��ف��ال التي يمكن �أن تحجب عن وجعل الدعاء مظهر العبادة‪�} :‬إن الذين حاجاتنا ك ّلها و�آالم��ن��ا ك ّلها و�أحالمنا لأن ال�صوم لي�س مطلوب ًا ل��ذات��ه‪ ،‬و�إنما‬
‫قلبك ثقافة القر�آن وروحانيته وحركيته ي�ستكبرون عن عبادتي �سيدخلون جه ّنم ك ّلها‪ .‬فالدعاء يختزن في داخله مفردات هو و�سيلة من و�سائل تنمية التقوى في‬
‫ويو�سعها من حيث ما تمتلكه من داخل نف�سك‪ ،‬وللتقوى �ساحتها في العقل‪،‬‬ ‫واّم��ت��دادات��ه‪ ،‬بحيث يمت ّ ّد �إل���ى حياتك داخ��ري��ن{ (غ��اف��ر‪} .)60:‬و�إذا �س�ألك القر�آن‪ّ ،‬‬
‫ك�سر �أقفال التخلف التي تجعل ع��ب��ادي عني ف���إن��ي ق��ري��ب �أج��ي��ب دعوة ال�سعة في ذاتها ودالالتها و�إ�شعاعاتها‪ ،‬فتقوى العقل هو �أن ال يتحرك عقلك في‬ ‫كلها‪ّ ..‬‬
‫ً‬
‫ال��ق��ر�آن ميتا حتى ف��ي تف�سيره‪ ،‬وذلك ال��داع��ي �إذا دع���ان{ (ال��ب��ق��رة‪ .)186:‬وينفتح بها على ك��ل م��ا يغني �إن�سانية غير الحق وفي غير الخير وغير العدل‪،‬‬
‫يف�سره التخ ّلف بطريقته الخا�صة‪،‬‬ ‫عندما ّ‬
‫�أو عندما تتح ّرك الأهواء لينطلق ك ّل هوى‬
‫كل‬‫ال�صوم لي�س حركة م��ادي��ة‪ ،‬بل �إ ّن��ه يخت�صر معنى الإخ�لا���ص هلل تعالى في ّ‬ ‫في توظيف ال��ق��ر�آن بك ّل ما يختزنه من‬
‫خلفيات تقعد بالقر�آن بد ًال من �أن تتحرك‬
‫ه��ذا ال��ج��وع والعط�ش‪ ..‬والنية ه��ي التي تمنح ه��ذا ال�صوم ال��م��ادي نب�ض ال��روح‬ ‫به‪.‬‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪4‬‬
‫الركون �إلى الظالم وعن م�ساعدته والدفاع‬ ‫ك ّل ما ي�ؤدي �إلى فقدان �سالمته‪ ،‬و�أن ال‬ ‫تحب �إال ما �أح ّبه‬
‫وتقوى القلب هو �أن ال ّ‬
‫عنه والتخذيل عن العادل‪ ،‬وهو �أي�ض ًا �أن‬ ‫تتع�ص‪ ،‬لأن التع�صب لي�س خير ًا‪ ،‬ولذا �إذا‬ ‫اهلل وال تبغ�ض �إال ما �أبغ�ضه اهلل‪« :‬ف�إذا‬
‫التج�س�س على‬‫ّ‬ ‫ت�صوم ع��ن ك�� ّل ح���االت‬ ‫كنت تخل�ص لفكرك‪ ،‬ف�إن ذلك ال يعني �أن‬ ‫�أردت �أن تعرف نف�سك فانظر قلبك‪ ،‬ف�إن‬
‫الأبرياء لم�صلحة الظلمة والم�ستكبرين‪،‬‬ ‫تتع�صب له‪ ،‬بل �أن تلتزمه‪ ،‬وهناك فرق‬ ‫كان قلبك يوالي �أولياء اهلل ويعادي �أعداء‬
‫وه��و �أن تقاطع الم�ستكبرين في ك�� ّل ما‬ ‫كبير بين االلتزام والتع�صب‪ ،‬فالتع�صب‬ ‫اهلل ففيك خير واهلل يح ّبك‪ ،‬و�إن كان‬
‫يمكن �أن ي��ك��ون ق��وة ل��ه��م‪ ،‬ب����أن تقاطع‬ ‫هو انغالق وااللتزام هو ثبات وانفتاح‪..‬‬ ‫قلبك يوالي �أعداء اهلل ويعادي �أولياء اهلل‬
‫ب�ضائعهم و�أو�ضاعهم ما �أمكن ذلك‪.‬‬ ‫وقد ورد في هذا الحديث عن علي(ع)‪:‬‬ ‫فلي�س فيك خير واهلل يبغ�ضك والمرء مع‬
‫وقد ورد في حديث الإمام الكاظم(ع) مع‬ ‫«ال�صيام اجتناب المحارم كما يمتنع‬ ‫من �أحب»‪� .‬أن تكون لقلبك بو�صلة تهديك‬
‫�صاحبه �صفوان الج ّمال عندما نهاه عن‬ ‫الرجل من الطعام وال�شراب»‪.‬‬ ‫تحب ومن تبغ�ض‪ ،‬وتقوى‬ ‫في معرفة من ّ‬
‫�أن ي� ّؤجر جماله لهارون الر�شيد‪ ،‬فقال له‪:‬‬ ‫و�إذا ع��رف��ن��ا ب�����أن ال��م��ح��ارم‪ ،‬ال �سيما‬ ‫الجوارح �أي الأع�ضاء هي تقوى الج�سد‪،‬‬
‫«�أتحب بقاءهم حتى يخرج �إليك كرا�ؤك؟‬ ‫االج��ت��م��اع��ي��ة‪ ،‬ه��ي ال��ت��ي ت�����ض�� ّر وتف�سد‬ ‫ب�أن تجعل ج�سدك في طاعة اهلل‪ ،‬و�أن ال‬
‫��ب بقاءهم فهو‬ ‫ق��ال‪ :‬بلى‪ ،‬ق��ال‪ :‬من �أح ّ‬ ‫المجتمع كما تف�سد الفرد‪ ،‬عرفنا ال�سبب‬ ‫تقدّم رج ًال وال ت�ؤخر �أخرى حتى تعلم �أن‬
‫منهم»‪ .‬حتى �أن الإ���س�لام يحا�سب على‬ ‫في الدعوة �إلى ال�صوم االجتماعي‪ .‬وقد‬ ‫في ذلك هلل ر�ضا‪.‬‬
‫نب�ضات القلب الإيجابية مع الظالم‪.‬‬ ‫ورد ف��ي ال��ح��دي��ث‪« :‬م��ا ي�صنع ال�صائم‬ ‫ال�صـوم المـادي‬
‫لذلك علينا �أن نتع ّلم ال�صوم ال�سيا�سي‬ ‫ب�صيامه �إذا ل��م ي�صن ل�سانه و�سمعه‬ ‫وع��ل��ى ���ض��وء ه����ذا‪ ،‬ف�����إن ل��ل�����ص��وم عدة‬
‫اف��ت��ح قلبك ل��ل��ق��ر�آن‪،‬‬
‫وال�����ص��وم االجتماعي وال�����ص��وم العقلي‬ ‫وب�صره وج��وارح��ه»‪ .‬وقد ورد عن ر�سول‬ ‫عناوين‪ ،‬فهناك مث ًال ال�صوم المادي‬
‫وال�صوم العاطفي‪ ،‬كما نتع ّلم ال�صوم‬ ‫كل الأقفال ّالتي يمكن �أن‬ ‫وك�سّ ر ّ‬ ‫اهلل(�ص) في قوله لجابر بن عبد اهلل‪« :‬يا‬ ‫في دائرة الج�سد‪} :‬وكلوا وا�شربوا حتى‬
‫الج�سدي‪ ،‬و�أن نتع ّلم ال�صوم العائلي‪� ،‬أن‬ ‫جابر! هذا �شهر رم�ضان‪ ،‬من �صام نهاره‬ ‫يتب ّين لكم الخيط الأبي�ض من الخيط‬
‫تحجب عن قلبك ثقافة القر�آن‬
‫ال ي�ستغ ّل رب العائلة قوته في ظلم �أفراد‬ ‫وق��ام ورد ًا من ليله وع ّ��ف بطنه وفرجه‬ ‫الأ�سود من الفجر ثم �أتموا ال�صيام �إلى‬
‫عائلته‪ ،‬و�أن ال ي�ستغل �أفراد العائلة عاطفة‬ ‫وروحان ّيته وحرك ّيته وامتداداته‪،‬‬ ‫وك ّ��ف ل�سانه‪ ،‬خ��رج من ذنوبه كخروجه‬ ‫الليل{ (البقرة‪ .)187:‬هذا هو ال�صوم‬
‫الم�س�ؤول عنها ليعيثوا فيها ف�ساد ًا‪ ،‬و�أن‬ ‫يمتد �إلى حياتك ّ‬
‫كلها‪..‬‬ ‫بحيث ّ‬ ‫من ال�شهر‪ ،‬فقال جابر‪ :‬يا ر�سول اهلل‪ ،‬ما‬ ‫الج�سدي‪� ،‬أو قل هو ج�سد ال�صوم‪ ،‬وذلك‬
‫ي�صوم الم�س�ؤولون‪� ،‬سواء كانوا �سيا�سيين‬ ‫�أح�سن هذا الحديث‪ ،‬فقال ر�سول اهلل‪ :‬يا‬ ‫تكف نف�سك عن طعامك و�شرابك‬ ‫ب���أن ّ‬
‫�أو دينيين �أو اجتماعيين ع��ن الح�سد‬ ‫جابر ما �أ�ش ّد هذه ال�شروط»‪.‬‬ ‫ولذتك مما �أراد اهلل �أن تتركه‪ .‬وهذا اللون‬
‫والحقد وما يد ّمر �إن�سانية الإن�سان‪.‬‬ ‫الحديث جميل‪ ،‬ولكن كيف تط ّبقونه؟!‬ ‫التقي وي�صومه غير‬ ‫من ال�صوم ي�صومه ّ‬
‫يفطر ال�صائم‪ ،‬ما �أق ّل ال�ص ّوام‬ ‫والقول ِّ‬
‫مو�سـم الرحمـة‬ ‫وف���ي ال��ح��دي��ث ع��ن ال���ب���اق���ر(ع)‪�« :‬إذا‬ ‫التقي‪ ،‬ولكنّ النية هي التي تعطي �صوم‬ ‫ّ‬
‫و�أكثر الج ّواع»‪ .‬وكان من دعاء الإمام زين‬ ‫�أ�صبحت �صائم ًا فلي�صم �سمعك وب�صرك‬ ‫معنى وروح��� ًا‪ ،‬وذل��ك ب���أن تترك‬
‫ّ‬
‫�أن ت��ب��د�أ �صومك يتطلب ذل��ك �أن تبد�أ‬ ‫الج�سد ً‬
‫العابدين(ع) �إذا دخ��ل �شهر رم�ضان‪:‬‬ ‫عن الحرام وجارحتك وجميع �أع�ضائك‬ ‫طعامك و�شرابك قرب ًة �إل��ى اهلل تعالى‪،‬‬
‫�أول خ��ط��وة ف��ي ط��ري��ق ال��ت��ق��وى‪ ،‬لتكبر‬ ‫بكف ال��ج��وارح عن‬ ‫«و�أع�� ّن��ا على �صيامه ّ‬
‫ت��ق��واك وتعظم وتمتد ف��ي حياتك حتى‬ ‫م���ن ال��ق��ب��ي��ح‪ ،‬ودع ع��ن��ك ال���ه���ذي ـ �أي‬ ‫وق��د ت��رى بع�ض ال��ن��ا���س ي�صومون عن‬
‫معا�صيك وا�ستعمالها فيه بما ير�ضيك‪،‬‬ ‫الكالم الذي ال منفعة له ـ و�أذى الخادم‬ ‫الطعام وال�شراب احتجاج ًا على موقف‬
‫ي�أتيك العيد‪ ،‬ليكون عيدك عيد الق ّمة‬ ‫حتى ال ن�صغي ب�أ�سماعنا �إل��ى لغو‪ ،‬وال‬
‫في التقوى والقرب �إل��ى اهلل والح�صول‬ ‫ـ وبالطبع ف���إن ذلك ي�شمل �أذى الزوجة‬ ‫�أو من �أج��ل �إيجاد حالة ج�سدية �صحية‬
‫ن�سرع ب�أب�صارنا �إلى لهو‪ ،‬وحتى ال نب�سط‬ ‫والأوالد وال��ع��ام��ل ـ وليكن عليك وقار‬ ‫وما �إلى ذلك‪ ،‬ولكنك عندما تقول‪� :‬أ�صوم‬
‫على ر�ضوانه‪ ،‬وقد قالها علي(ع) �إمام‬ ‫�أيدينا �إلى محظور ـ �أي مح ّرم ـ وال نخطو‬
‫المتقين و�إمام ال�صائمين والم�صلين بعد‬ ‫ال�صيام‪ ،‬والزم ما ا�ستطعت من ال�صمت‬ ‫قربة �إلى اهلل تعالى‪ ،‬ف�إنك تجعل ال�صوم‬
‫ب�أقدامنا �إل��ى محجور»‪� ،‬أي ما حجرته‬ ‫ي�صعد �إلى اهلل لت�صعد معه ولتجعله قربة‬
‫ر�سول اهلل(�ص)‪�« :‬إنما هو عيد لمن قبل‬ ‫علينا من المح ّرمات‪ ،‬و�إلى غير ذلك مما‬
‫اهلل �صيامه وقيامه‪ ،‬وك�� ّل يوم ال يع�صى‬ ‫له من خالل نية القرب �إلى اهلل ع ّز وجل‪،‬‬
‫يت�صل ب�إرباك الواقع االجتماعي كالغيبة‬ ‫البدء بال�صوم ّ‬
‫يتطلب �أن‬ ‫ولذلك �أعطى اهلل الإن�سان معنى ال�صوم‬
‫اهلل فيه فهو عيد»‪� .‬أن تكون �أعيادنا �أعياد‬ ‫والإ���ش��اع��ات الكاذبة والقول بغير علم‪،‬‬
‫القرب من اهلل‪ .‬وقال الإمام الح�سن(ع) ـ‬ ‫تبد�أ �أوّل خطوة في طريق التقوى‪،‬‬ ‫الذي يرتبط به في روحه ال في ذاتياته‪:‬‬
‫والحكم بالباطل‪ ،‬و�إثارة الحقد والفتنة‪،‬‬ ‫«ال�صوم لي و�أنا �أجزي به»‪ ،‬لأن ال�صوم‬
‫وتروى عن الإمام الح�سين(ع) ـ وقد ر�أى‬ ‫و�إيجاد الأجواء القلقة في المجتمع‪ ،‬ف�إن‬
‫قوم ًا يلعبون في عيد الفطر‪�« :‬إن اهلل جعل‬ ‫لتكبر ت��ق��واك وتعظم وتمتد في‬ ‫لي�س حركة مادية‪ ،‬بل هو يخت�صر معنى‬
‫يفطر ال�صائم روحي ًا و�إن كان ال‬ ‫ذلك ك ّله ّ‬
‫الإخال�ص هلل �سبحانه وتعالى في ك ّل هذا‬
‫�شهر رم�ضان م�ضمار ًا لخلقه ي�ستبقون‬ ‫يفطره مادي ًا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حياتك‪ ،‬حتى ي�أتيك العيد‪ ،‬ليكون‬
‫ف��ي��ه �إل���ى ط��اع��ت��ه‪ ،‬ف�سبق ق���وم ففازوا‬ ‫الجوع والعط�ش واالمتناع عن المفطرات‬
‫وه��ن��اك حديث ع��ن ع��ل��ي(ع) ف��ي �صيام‬ ‫عيدك عيد القمّ ة في التقوى والقرب‬ ‫مما �أح��ل��ه اهلل ف��ي غير �أي���ام ال�صيام‪.‬‬
‫وق�صر قوم فخابوا‪ ،‬فالعجب كل العجب‬ ‫ّ‬ ‫القلب وال��م��راد به �صيام العقل‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫من ال�ضاحك الالعب في يوم يثاب فيه‬ ‫�إلى اهلل والح�صول على ر�ضوانه‪..‬‬ ‫فالنية هي التي تمنح هذا ال�صوم المادي‬
‫«�صيام القلب عن الآثام ـ ومنها التخطيط‬ ‫نب�ض الروح‪ ،‬وبدونها ال يكون في ال�صوم‬
‫المح�سنون ويخ�سر فيه الم�سيئون»‪.‬‬ ‫للمع�صية والإ���ض��رار بالنا�س و�إ�سقاط‬
‫�أيها الأحبة‪� ،‬سوف ندخل في المو�سم‪،‬‬ ‫نب�ضة روح‪.‬‬
‫كراماتهم ـ �أف�ضل من �صيام البطن عن‬ ‫وال�سكوت �إال عن ذكر اهلل‪ ،‬وال تجعل يوم‬ ‫ال�صـوم الروحـي‬
‫مو�سم الرحمة والمغفرة والبركة‪ ،‬وعلينا‬ ‫الطعام»‪ .‬وع��ن��ه(ع)‪�« :‬صوم القلب خير‬
‫�أن ال نخ�سر المو�سم‪ ،‬لأن م��ن يخ�سر‬ ‫�صومك كيوم فطرك‪ ،‬و�إياك والمبا�شرة ـ‬ ‫وهناك ال�صوم االجتماعي‪ ،‬فللمجتمع‬
‫من �صوم الل�سان‪ ،‬و�صيام الل�سان خير‬ ‫والمق�صود هنا الجن�س ـ والقبل والقهقهة‬ ‫ت��ق��واه و�ضوابطه وق�����ض��اي��اه‪ ،‬ول��ك�� ّل هذه‬
‫المو�سم يخ�سر ال�سنة كلها‪« :‬فا�س�ألوا اهلل‬ ‫م��ن �صيام ال��ب��ط��ن»‪� .‬أي �أن��ن��ا ب�صومنا‬
‫بنيات �صادقة وقلوب طاهرة‪� ،‬أن يوفقكم‬ ‫بال�ضحك‪ ،‬ف�إن اهلل مقت ذلك»‪.‬‬ ‫ال�ضوابط والق�ضايا م�س�ؤوليات‪ ،‬وذلك‬
‫المعروف وهو االمتناع عن الأكل وال�شرب‬ ‫وف�������ي ال����ح����دي����ث ع�����ن ال�����ب�����اق�����ر(ع)‬ ‫ب�����أن ال ت��ح��دث �أي����ة ف��ت��ن��ة ت��خ�� ّل بوحدة‬
‫ل�صيامه وت��ل�اوة ك��ت��اب��ه‪ ،‬ف����إن ال�شقي‬ ‫�إنما نفعل الأق ّل من ال�صيام‪ .‬وعنه(ع)‪:‬‬
‫م��ن ح��رم غ��ف��ران اهلل ف��ي ه��ذا ال�شهر‬ ‫وال�صادق(ع)‪�« :‬إن ر�سول اهلل(�ص) �سمع‬ ‫المجتمع الم�سلم‪ ،‬فقد تدعوك نف�سك‬
‫«���ص��وم الج�سد الإم�����س��اك ع��ن الأغذية‬ ‫ت�ساب ج��اري��ة لها وه��ي �صائمة‪،‬‬ ‫ام���ر�أة ّ‬ ‫�إلى �أن تقول كلمة تثير فتنة‪ ،‬وتقول �أخرى‬
‫العظيم»‪.‬‬ ‫ب���إرادة واختيار خوف ًا من العقاب ورغبة‬
‫ن�����س���أل اهلل ت��ب��ارك وت��ع��ال��ى �أن يوف ّقنا‬ ‫ف��دع��ا ر���س��ول اهلل ب��ط��ع��ام‪ ،‬ف��ق��ال لها‪:‬‬ ‫تثير حرب ًا وحقد ًا وعداوة‪ ،‬وبذلك ف�إنك‬
‫في الثواب والأجر‪ ،‬و�صوم النف�س �إم�ساك‬ ‫كلي! فقالت‪� :‬أن��ا �صائمة يا ر�سول اهلل!‬ ‫تفطر اجتماعي ًا على مع�صية من معا�صي‬
‫ل�صيامه وقيامه والإخال�ص له‪ ،‬والتوبة‬ ‫الحوا�س الخم�س عن �سائر الم�آثم وخل ّو‬
‫عن ك ّل ذنوبنا‪ ،‬و�أن يعيننا على �أنف�سنا‬ ‫فقال‪ :‬كيف تكونين �صائمة وق��د �سببت‬ ‫اهلل‪ .‬ف�أن ت�صوم ال�صوم االجتماعي هو‬
‫القلب عن جميع �أ�سباب ال�شر»‪.‬‬ ‫جاريتك؟! �إن ال�صوم لي�س من الطعام‬ ‫�أن تبتعد عن ك ّل ما ي�ض ّر النا�س‪} :‬وال تبغ‬
‫بما يعين به ال�صالحين على �أنف�سهم‪� ،‬إنه‬ ‫ال�صـوم ال�سيا�سـي‬
‫�أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫وال�شراب‪ ،‬و�إنما جعل اهلل ذلك حجاب ًا‬ ‫الف�ساد في الأر���ض{ (الق�ص�ص‪.)77:‬‬
‫و�أما ال�صوم ال�سيا�سي‪ ،‬فهو �أن تمتنع من‬ ‫ع��ن �سواهما م��ن الفواح�ش م��ن الفعل‬ ‫�أي �أن ت�صوم ع��ن �إف�ساد المجتمع في‬
‫‪5‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫حوار مع ال�سيد (ر�ض) عن منزله الذي دمرته الطائرات اال�سرائيلية خالل حرب تموز ‪:2006‬‬

‫َّ‬
‫المهدمة بفعل العدوان‬ ‫ْ‬
‫�شارك ُت ال َّنا�س والمجاهدين في بيوتهم‬
‫افتقدته‪ ،‬لأنّ الإه��داء ي�ش ّكل توا�ص ًال مع‬
‫ال�شخ�ص ا ّلذي قدّمه؟‬‫ّ‬
‫ـ لقد �أهديت � ّإلي ن�سخة فريدة من القر�آن‬ ‫ُ‬
‫الكريم‪ ،‬ومن الم�ؤ�سف �أنّ هذه ال ّن�سخة‬
‫العدواني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إ�سرائيلي‬
‫ّ‬ ‫تمزّقت مع الق�صف ال‬
‫ولهذا ف�إ ّني �أ�شعر بالأ�سى في ذلك‪.‬‬
‫ـ من ا ّلذي �أهداكم هذا القر�آن الكريم؟‬
‫ـ هذه ال ّن�سخة مهداة من جه ٍة �إ�سالم ّي ٍة‬
‫�أخبرتني ب���أ ّن��ه طبع م��ن ه��ذا ال ّنموذج‬
‫مئة ن�سخة فقط‪ ،‬وو ّزع��ت على �أكثر من‬
‫�شخ�ص ّية في العالم‪.‬‬ ‫فيما يلي‪ ،‬مقتطفاتٌ من حوا ٍر لل�صحاف َّية منى �س ّكر َّية‪ ،‬كانت قد �أجرته مع‬
‫�شعرت عندما فقدت منزلي‬ ‫العالمة المرجع‪ ،‬ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر���ض) عام ‪ ،2006‬ون�شر‬
‫انتقال وتهجير‬ ‫من خالل العدوان الإ�سرائيلي‪،‬‬ ‫كتاب بعنوان‪« :‬عن �سنوات ومواقف و�شخ�ص ّيات‪ ..‬هكذا تحدّث‪ ..‬هكذا‬ ‫في ٍ‬
‫ـ كم عدد المنازل ا ّلتي تن ّقلتم منها و�إليها‪،‬‬ ‫قال»‪ .‬وقد كان مو�ضوع هذا الجزء من الحوار‪ ،‬منزل �سماحة ال�س ِّيد ا ّلذي هدّمه العدوان‬
‫فقدت جزء ًا من حياتي ومن‬ ‫ُ‬ ‫ب�أ ّني‬
‫�إ ّما ب�سبب الأحداث والأو�ضاع الأمن ّية‪� ،‬أو‬ ‫إ�سرائيلي في حرب ت ّموز من العام �ألفين و�ستة‪ ،‬وما يعنيه له كمكان وذكريات‪.‬وهذه‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫لغيرها من الأ�سباب‪ ،‬بدء ًا من ال ّنجف؟‬ ‫ت��اري��خ��ي‪ ،‬لأ ّن���ي ف��ق��دت ك� ّ�ل هذه‬ ‫ن�ص الحوار‪:‬‬
‫�إلى الحقائق من خالل طريقة التفاهم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ـ لقد انتقلت �إلى عدّة بيوت‪ ،‬من ال ّنجف‬ ‫ال� ّ�ذك��ري��ات الواقع ّية ا ّلتي كانت‬
‫تعي�ش في ّ‬ ‫وليعمل على �أ���س��ا���س ال�� ّدف��ع بالتي هي‬ ‫موقع الحركة‬
‫جئت �إلى ال ّنبعة‪ ،‬ثم من ال ّنبعة �إلى بنت‬ ‫زاوية من زوايا هذا‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫�أح�سن‪ ،‬ليح ِّول الأعداء �إلى �أ�صدقاء‪.‬‬ ‫ـ للمنـزل في حياة �سماحة ال�س ّيد‪ ،‬ح�ضور‬
‫جبيل‪ ،‬ومن بنت جبيل �إلى ال ّنبعة‪ ،‬ومن‬ ‫البيت‪..‬‬ ‫لقد كان البيت بال ّن�سبة � ّإلي يم ّثل ك ّل هذه‬ ‫دمره العدوان‬ ‫إن�ساني‪ ،‬هذا المنـزل َّ‬ ‫قوي � ّ‬ ‫ّ‬
‫ال ّنبعة �إلى جو ّيا‪ ،‬ومن جو ّيا �إلى ال�شهاب ّية‪،‬‬
‫الأج��واء المتن ّوعة ا ّلتي كنتُ �أعي�شها مع‬ ‫إ�سرائيلي‪ ..‬ما تعليقكم �سماحة ال�س ِّيد‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫ومن ال�شهاب ّية �إلى الغبيري‪ ،‬ومن الغبيري‬ ‫يم ّثلهذا البيت المرحلة ا ّلتي‬ ‫ّ‬
‫�أكثر من فريق من ال ّنا�س‪� ،‬سواء ا ّلذين‬ ‫على هذا الحدث؟ وماذا يم ِثل لكم‬
‫�إلى بئر العبد‪ ،‬ومن بئر العبد �إلى حارة‬
‫انطلقت فيها من �أج��ل �أداء‬ ‫ُ‬ ‫قافي‬ ‫ال�سيا�سي �أو ال ّث ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتم ّثلون بالو�سط‬ ‫المنـزل؟ وماذا افتقدتم فيه ؟‬
‫هجر من جديد‪..‬‬ ‫حريك‪ ،‬وها نحن ُن َّ‬
‫ر�سالتي الإ���س�لام� ّي��ة ا ّل��ت��ي كانت‬ ‫عبي �أو حتّى في المواقع الدّين ّية‪..‬‬ ‫�أو ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫ـ البيت بال ّن�سبة � َّإلي ال يم ِّثل مج َّرد مكانٍ‬
‫العمق الإن�ساني‬ ‫تتح ّرك على �أ�سا�س تقديم الإ�سالم‬ ‫لقد كان هذا البيت يم ّثل حيا ًة تنفتح على‬ ‫بالمعنى الماد ّّي ا ّلذي يتك ّون من �أحجار‪،‬‬
‫إ�سالمي عند الإن�سان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عمق �‬
‫ـ كم للبيت من ٍ‬ ‫الم�ستقبل‪ ،‬ولذلك ف�إ ّنني �شعرت عندما‬ ‫ب��ل يم ِّثل الموقع ا ّل���ذي تح ّركت حياتي‬
‫الح�ضاريّ للعالم‬
‫علي يع ِّبر عن حنينه �إلى �أخوانه‬
‫فالإمام ّ‬ ‫فقدته من خ�لال ال��ع��دوان الإ�سرائيلي‪،‬‬ ‫في داخله‪ ،‬من خالل ك ّل المراحل ا ّلتي‬
‫ّ‬
‫و�شوقه �إلى خالنه و�أوطانه؟‬ ‫ب����أ ّن���ي ف��ق��دتُ ج����زء ًا م��ن ح��ي��ات��ي ومن‬ ‫ال�صراع في المواقع ا ّلتي‬ ‫ع�شتها في حركة ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ـ قلت � َّإن البيت ال يم ّثل موقعا ماد ّيا من‬
‫القلب باكيا‬
‫موجع ِ‬‫لفار ْقتُ �شيبي َ‬
‫تاريخي‪ ،‬لأ ّني فقدت ك ّل هذه ال ّذكريات‬ ‫عا�شتها الأ ّمة‪� ،‬سواء من خالل �صراعنا مع‬
‫ولذلك‪ ،‬ف�إ ّنني �أعي�ش ذكريات البيت‪ ،‬ال‬
‫�أحجار‪ ،‬ولكن يم ِّثل ك ّل هذه المرحلة من‬ ‫الواقع ّية ا ّلتي كانت تعي�ش في ك ّل زاوي ٍة من‬ ‫العالمي ا ّلذي تتقدّمه �أمريكا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اال�ستكبار‬
‫كغرف و�ساحات‪ ،‬بل كج ٍ ّو كان عزيز ًا على‬
‫ٍ‬
‫حياتي‪ ،‬مع تن ّوع المواقع والخطوط‪ ،‬وتن ّوع‬ ‫العائلي‬
‫ّ‬ ‫زوايا هذا البيت‪� ،‬سواء في الج ّو‬ ‫ال�صراع مع �إ�سرائيل‪� ،‬أو‬ ‫�أو من خ�لال ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قلبي‪ ،‬لأنه كان يمثل قطعة من حياتي‪.‬‬
‫ال�صراع‪.‬‬
‫الأ�شخا�ص وحاالت ّ‬ ‫ال�سيا�سي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي �أو‬
‫ّ‬ ‫�أو ف��ي ال��ج�� ّو‬ ‫ال�صراع مع المتخ ّلفين ومع الخراف ّيين‬ ‫ّ‬
‫إن�ساني؟‬
‫ـ وفي العمق ال ّ‬ ‫االنفتاح على المعرفة‬ ‫و�أن��ا �أ�ستذكر ق��و ًال للمت ّنبي‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫والغالة من �شعبنا‪ ،‬ومع ا ّلذين يتح ّركون‬
‫بيعي �أنّ الأج��واء الحميمة ا ّلتي‬
‫الط ّ‬ ‫ـ من ّ‬ ‫ـ ه��ل ك��ان��ت المكتبة تعنيكم �أك��ث��ر من‬ ‫�أنّ المتنبي يعتبر الألفة هي الأ�سا�س في‬ ‫بالعنف في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫عائلي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ب�شكل‬
‫ٍ‬ ‫يعي�شها الإن�سان في بيته‬ ‫غيرها في البيت‪ ،‬بمعزل عن ال ّذكريات‬ ‫ك ّل التزاماتنا في الحياة‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫ل��ه��ذا‪ ،‬ك��ان البيت يم ّثل المرحلة ا ّلتي‬
‫تم ّثل ح��ال�� ًة م��ن الحنين‪ ،‬لأنّ الجانب‬ ‫الحميمة؟‬ ‫التزامنا بالحياة‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫ان��ط��ل��ق��تُ فيها م��ن �أج���ل �أداء ر�سالتي‬
‫الحميمي في الحياة له ت�أثير كبير في‬‫ّ‬ ‫ـ لقد كانت المكتبة بال ّن�سبة � ّإلي الموقع‬ ‫إلف هذا الهواء �أوق َع في الأ ْنـ‬ ‫� ُ‬ ‫الإ�سالم ّية ا ّلتي كانت تتح ّرك على �أ�سا�س‬
‫ال�شعوري للإن�سان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الجانب‬ ‫قافي ا ّلذي كنتُ �أرج ُع �إليه عندما �أريد‬‫ال ّث ّ‬ ‫ـ ُف ِ�س �أنّ الحمام م ُّر المذاقِ‬ ‫الح�ضاري للعالم‪ ،‬من‬
‫ّ‬ ‫تقديم الإ���س�لام‬
‫ـ هل هناك �صور من ���ص��ور َِك الما�ضية‬ ‫�أن �أنفتح على المعرفة المتن ّوعة‪ ،‬وقد‬ ‫والأ�سى قبل فرق ِة ال ّروح عج ٌز‬ ‫إ�سالمي ينفتح على الإن�سان‬ ‫ّ‬ ‫�أج��ل عالم �‬
‫افتقدتها وهي عزيزة جد ًا عليك؟‬ ‫�سقط الكثير منها‪ ،‬وبقي الكثير ممزّق ًا‪،‬‬ ‫والأ�سى ال يكونُ بعد الفراقِ‬ ‫ك ّله وعلى الحياة ك ّلها‪ ،‬وينطلق بالحوار‬
‫ال �أدري هل �أ�ستطيع �أن �أنتفع به �أم ال‪..‬‬ ‫وفي بيت �آخر يقول ‪:‬‬ ‫والموعظة والحكمة والجدال با ّلتي هي‬
‫موقف التحدّ ي‬
‫��ا���ص ُم��ه��دى �إليك‬
‫��اب خ ّ‬ ‫ـ ه��ل ه��ن��اك ك��ت ٌ‬ ‫ال�صبا‬‫رج ْعتُ �إلى ِّ‬ ‫ُخل ْقتُ �ألوف ًا لو ِ‬ ‫�أح�سن‪ ،‬ويتق ّبل الإن�سان الآخر‪ ،‬ليعود به‬
‫ال�صور‪ ،‬وال �س ّيما �صور‬
‫ـ هناك الكثير من ّ‬
‫ّ‬
‫الطفولة‪ ،‬ذهبت في العدوان‪.‬‬
‫ـ من الناحية ال�سيا�س ّية‪ ،‬ا�ستهداف هذا‬ ‫َّ‬
‫المهدمة‪ ،‬وما‬ ‫�شارك ُت ال َّنا�س ك ّلهم والمجاهدين في بيوتهم‬‫لقد �شع ْر ُت باعتزا ٍز عندما ُه ِّدم هذا البيت‪ ،‬لأ ّني ْ‬
‫البيت �إل��ى جانب منطقة ُيطلق عليها‬ ‫أحب �أن �أتم َّيز عنهم ح ّتى بهذه ّ‬
‫الطريقة‬ ‫إ�سرائيلي‪ ،‬لأ ّني � ّ‬
‫أحب �أن �أكون مع ال ّنا�س‪ ،‬وال � ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ�سروه بفعل العدوان ال‬

‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫‪6‬‬
‫الإع�لام ا�سم المر ّبع الأمني‪ ،‬هل يوحي‬
‫مرجعية المقاومة والجهاد‬ ‫�لا �سيا�سي ًا م��ا‪ ،‬مع ما‬ ‫ب���أنّ هناك ت��داخ ً‬
‫تع ّر�ضت له المقاومة؟‬
‫�صفحات من ذكريات حرب تموز ‪2006‬‬ ‫ـ لقد �شعرتُ باالعتزاز عندما هُ ِدّم هذا‬
‫إ�سرائيلي‪ ،‬لأ ّنني‬
‫ّ‬ ‫البيت من ِق َبل العد ّو ال‬
‫ما كانت لتكون ن�شاز ًا �إال عندما �أفرد‬ ‫ع��ن ج��ان��ب م��ن �صفحات ح��رب تموز‬ ‫�شعرت ب����أنّ التحدّي ا ّل���ذي تح ّركت به‬
‫ال�س ِّيد (ر�ض) عباءته ـ المفردة دائم ًا‬ ‫عام ‪ ،2006‬عندما خا�ض فتية �آمنوا‬ ‫وم��ن��ذ ع�شرات ال�سنين ���ض�� ّد �إ�سرائيل‬
‫كل المدى المقا ِوم‪...‬‬ ‫ـ على ِّ‬ ‫ب��رب��ه��م‪ ،‬غ���م���ار ح����رب ���ض��رو���س مع‬ ‫و�أمريكا التي تحت�ضنها‪ ،‬ا�ستطاع �أن ي�ؤ ّثر‬
‫ال�ساحة؛ ي��ح ِ��دّد الم�سار‬ ‫َّ‬ ‫عهدته‬ ‫وكما‬ ‫ال�صهاينة‪ ،‬فحققوا بعزيمة البدري ّين‪،‬‬
‫ق��ب��ل م��ج��يء وق���ت���ه‪ ،‬وك��م��ا ق���ال بع�ض‬ ‫ت�أثير ًا كبير ًا في الذهن ّية الإ�سرائيل ّية التي‬
‫�أكبر انت�صار للمقاومة‪ ،‬التي انطلقت‬
‫ال�صحاف ِّيين ال��م��رم��وق��ي��ن‪« :‬ي�ضبط‬ ‫من مدر�سة الحركة والجهاد في م�سجد‬ ‫�شعرت بالكثير من الم�شاعر ال�سلب ّية في‬
‫�إيقاع خطاب الحركة الإ�سالم َّية» في‬ ‫االمام الر�ضا(ع) في بئر العبد‪ ،‬الذي‬ ‫ال�صراع‪.‬‬‫ما كنتُ �أواجهه في حالة هذا ّ‬
‫ال�صعبة؛ لذا‪� ،‬أعلن � َّأن � َّأي ق ّو ٍة‬‫المرحلة َّ‬ ‫ت��خ��رج��ت م��ن��ه ق��واف��ل المجاهدين‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وه���ك���ذا‪ ،‬ل��ق��د ���ش��ع�� ْرتُ ب��اع��ت��زازٍ ‪ ،‬لأن���ي‬
‫ال�سابع‪� ،‬ستعامل‬ ‫�أجب ّي ٍة ت�أتي تحت البند ّ‬ ‫وانطلقت من رحابه مواكب ال�شهداء‪،‬‬ ‫���ش��ار ْك��تُ ال�� َّن��ا���س ك ّلهم والمجاهدين‪،‬‬
‫كق ّوات احتالل‪ ..‬وي�أتيه من يقول له �إ ّنك‬ ‫بناية قريبة‪ ،‬وت�صاعد الغبار المنبعث من‬ ‫لتفتح للأمة عهد االنت�صارات‪ ..‬عن‬ ‫المهدّمة‪ ،‬ما خ�سروه بفعل‬ ‫َ‬ ‫في بيوتهم‬
‫�أدخلت المرجع ّية في ال ّلعبة ال�سيا�س ّية‪،‬‬ ‫القذائف‪ ،‬ودخل �إلى جوف ذلك المكان‪.‬‬ ‫هذه الأيام التي خلدها تاريخ الجهاد‪،‬‬
‫وهذا ال ينا�سب مقامها ا ّلذي ينبغي �أن‬ ‫قريب في الجبل‪ ،‬ثم عاد‬ ‫فخرج �إلى مكانٍ ٍ‬ ‫وع��ن ه��ذا ال��م��رج��ع ال���ذي ق��اد حركة‬
‫أحب �أن �أكون‬ ‫إ�سرائيلي‪ ،‬لأ ّني � ّ‬
‫ّ‬ ‫العدوان ال‬
‫يكون على درج ٍة عالي ٍة من الدبلوما�س ّية‬ ‫�إلى مكانٍ ما في بيروت‪.‬‬ ‫المقاومة منذ انطالقتها في �أ�صعب‬ ‫أحب �أن �أتم َّيز عنهم حتّى‬ ‫مع ال ّنا�س‪ ،‬وال � ّ‬
‫في التّعبير‪ ،‬والعموم ّيات في المفردات‪،‬‬ ‫وب���د�أ ي�س�أل ع��ن اال�ستفتاءات‪ ،‬و�ص ّلى‬ ‫االوق���ات‪ ،‬يتحدث نجله ال�سيد نجيب‬ ‫الطريقة‪.‬‬ ‫بهذه ّ‬
‫وك�أ ّنهم يقولون �إنّ المرجعية تفر�ض �أن‬ ‫الجمعة في مكانه‪ ،‬وخطب في ال ّنا�س‪،‬‬ ‫ف�ضل اهلل عن تلك المرحلة‪:‬‬ ‫ـ ه��ل ���س��ي��ع��اد ب��ن��اء ال��ب��ي��ت ف��ي مكانه‪،‬‬
‫يكون الكالم بال لون وال طعم وال رائحة؛‬ ‫يوجه‬ ‫وكانت خطبه تُ���ذاع‪ ،‬و�أي�ض ًا ك��ان ّ‬ ‫وبال ّلم�سات المعمار ّية ذاتها ا ّلتي كان‬
‫�إ ّنه الموقف الالموقف‪ ،‬والمبد�أ المائع‬ ‫نداءاته وت�صريحاته في مواكب ٍة دقيق ٍة‬ ‫الذكريات بنا هذه الأ َّي��ام خم�س‬ ‫تعود ِّ‬ ‫عليها؟‬
‫مع خطوط توازنات الواقع‪.‬‬ ‫��رات كثير ًة‬
‫ل�ل�أح��داث‪ ،‬لأنّ هناك م���ؤام ٍ‬ ‫ال�سماء‬
‫�سنين �إلى الوراء‪ ،‬حيث �أطبقت َّ‬
‫ل��م يكن ال�س ّيد بحاج ٍة �إل��ى �أن يف ّكر‬ ‫مت�سارع و ُيراد فر�ضها‬
‫ٍ‬ ‫ب�شكل‬
‫كانت تُحاك ٍ‬ ‫على الأر���ض‪ ،‬وزلزلت مواقع الأقدام‪،‬‬ ‫ـ ���س��ن��ح��اول ذل���ك �إن ق���دّر اهلل تعالى‪،‬‬
‫طوي ًال ليجيب المتحدّثين بهذا المنطق؛‬ ‫على الواقع‪.‬‬ ‫منعطف خطير‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫و�أح�س�سنا ب�أ َّننا �أمام‬
‫«ه��ذه المرجع ّية التي تتحدّث عنها ال‬ ‫وفي عودة �إلى يوم ‪ 12‬تموز‪ /‬يوليو ‪،2006‬‬ ‫ُي��ن��ذر ب����إع���ادة ع��ق��ارب ال��� َّ��س��اع��ة ربع‬ ‫ع�شت �أجواء روح ّية ّ‬
‫ال�شهادة‬ ‫ُ‬
‫ال�شهداء‪� ...‬أنا‬ ‫ت�ساوي قطر ًة من دماء ّ‬ ‫وم��ع �إن��ج��از عملية الأ���س��ر‪ ،‬وج��ه �سماحة‬ ‫ق��رنٍ �إل��ى ال���وراء‪� ،‬إل��ى زم��ن االجتياح‬ ‫كل المرحلة التي دخلنا‬ ‫في ّ‬
‫داعية �إل��ى الإ���س�لام»؛ وال��دّاع��ي��ة عليه‬ ‫ال�س ّيد (ر�ض) تهنئة �إلى المجاهدين على‬ ‫إ�سرائيلي مطلع ال ّثمانينات‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫فيها المعركة ّ‬
‫�أن يقف الموقف ا ّل��ذي ُي�س�أل عنه بين‬ ‫�ساعات‬
‫ٍ‬ ‫انت�صارهم ب�أ�سر الجند َّيين بعد‬ ‫وكنت �أ�شعر‬
‫بكل قوة‪ُ ،‬‬
‫ي���دي اهلل‪ ،‬ال ال��م��وق��ف ا ّل����ذي يخ�ضع‬ ‫وال�صمت‬‫قليل ٍة على الإع�لان عن ال ّنب�أ‪ّ ،‬‬ ‫وفي حرب تموز ‪� ،2006‬أُ�سر الجند ّيان‬ ‫ع�شت م�س�ألة االقتراب من‬ ‫ُ‬ ‫ب�أ ّني‬
‫لالعتبارات الجوفاء‪ ،‬التي ت�أخذ من‬ ‫مخ ّيم على ك ّل الواقع‪ .‬وقد ر�أى الكثيرون‬ ‫الإ���س��رائ��ي��ل�� ّي��ان ي��وم الأرب���ع���اء ف��ي ‪12‬‬ ‫كل حياتي‪ ..‬ولك ّني‬ ‫ال�شهادة في ّ‬ ‫ّ‬
‫الإ�سالم عنوانه‪ ،‬وتن�سف بك ّل مبادئه‬ ‫في هذا الموقف‪ ،‬الغطاء الأ ّول ا ّلذي ف ّوت‬ ‫تموز‪/‬يوليو‪ ،‬ف�أتينا �إليه يوم الخمي�س‪،‬‬
‫عر�ض ال��ج��در الإقليم ّية والدّول ّية‪...‬‬ ‫الفر�صة ال ّذهب ّية على �إيجاد ر� ٍأي عا ّم‬ ‫ال�شهادة‬‫�أنطلق على �أ�سا�س �أنّ ّ‬
‫وقلنا له �إنّ الواقع بد�أ ُينذر ب�شيءٍ من‬
‫والمح ّلية‪ ،‬وت��رى الإ�سالم ترف ًا فكر ّي ًا‬ ‫الخطر‪ ،‬ح ّبذا لو نغادر البيت‪ ،‬قال‪ :‬لن‬ ‫لي�ست مزاج ًا‪ ،‬لأ ّنني � ّ‬
‫أفكر في الن�صر‬
‫ف��ي ال�صالونات ال��ع��ا ّم��ة‪ ،‬وال تر�صده‬ ‫‪..‬وت����ب����ق����ى ���س��ك��ي��ن��ت��ك‬ ‫�أغادر‪.‬‬
‫على �أر�ض الواقع‪ ،‬في الكلمة والموقف‬ ‫الم�ستمدّ ة �أبد ًا من �سكينة‬ ‫وخ����رج ي���وم ال��ج��م��ع��ة �إل����ى الم�سجد‬
‫وال�سلوك‪..‬‬
‫ّ‬ ‫أ�شخا�ص �أو‬ ‫لي�ص ّلي‪ ،‬وكان هناك �سبعة �‬ ‫ولكن تبقى ذكرياته ه��ذه في ك�� ّل غرفة‬
‫غمامة فوق ّ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫ن�ستذكرك ي��ا ���س�� ِّي��دي ـ وق��د افتقدك‬ ‫كل‬ ‫ر�سول اهلل في الغار‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ثمانية فقط‪ ،‬وعندما �سمع النا�س على‬ ‫رج َع تلك الأجواء‬
‫وج��دار‪ ،‬فالبديل لن ُي ِ‬
‫منبر م�سجدك ـ عندما �أ�ص ّريت على‬ ‫االه��ت��زازات والتحدّ يات؛ ل ُينزل اهلل‬ ‫المذياع �صوت �سماحة ال�س ّيد‪ ،‬امتلأ‬ ‫ا ّلتي انطبعت في ك ّل زاوية من زوايا هذا‬
‫�أن ت���ؤدّي الجمعة وطائرات العد ّو فوق‬ ‫بجند ال نراها‪،‬‬ ‫الم�سجد ك�� ّل��ه‪ ،‬وط��ائ��رات اال�ستطالع‬ ‫البيت‪.‬‬
‫ال�ضاحية‪ ،‬وق��د �أعطيت لل ّنا�س‬ ‫�سماء َّ‬ ‫�سكينته علينا‪ ،‬وي�ؤيّدنا ٍ‬
‫الإ�سرائيل ّية في الج ّو‪ ،‬وكنتُ �أتر ّقب �أ ّنه‬
‫من عزمك عزم ًا‪ ،‬وم��ن روح��ك روحا‪ً،‬‬ ‫لنح ّقق للإ�سالم ن�صر ًا جديد ًا‬ ‫في لحظ ٍة ما �سيق�صف المنبر‪ ،‬وهكذا‬ ‫روح ّية ال�شهادة‬
‫ومن �صمودك �أفق ًا نحو ال ّن�صر ا ّلذي‬ ‫ال�صالة على خير‪.‬‬ ‫حتى انتهت ّ‬ ‫ـ قلتُم �إ ّن��ك��م �شاركتم المجاهدين في‬
‫كنت مطمئ ّن ًا �إلى مجيئه حتّى في �أق�سى‬ ‫الطائفة ـ التي ينتمي المقاومون‬ ‫من قلب ّ‬ ‫وبقي �سماحة ال�س ّيد ـ وه��ذا ال يعرفه‬ ‫مو�ضوع البيت‪ ،‬والبع�ض كان يقول �إ ّنكم‬
‫حاالت ال�شدّة‪..‬‬ ‫االجتماعي والدّيني ـ �ض ّد‬
‫ّ‬ ‫�إل��ى مجالها‬ ‫ال�سفلي‬
‫ّ‬ ‫الكثيرون ـ حيث �أقام في ّ‬
‫الطابق‬ ‫�أو�شكتم م�شاركتهم في ّ‬
‫ال�شهادة‪� ..‬إلى � ّأي‬
‫وال ين�سى المقا ِومون ندا َءك ـ ا ّلذي �سخر‬ ‫ّ‬
‫المقاومة في الآتي من الخطة المر�سومة‬ ‫م��ن م�سجد الإم��ام��ي��ن الح�سنين(ع)‬
‫منه بع�ض �أ�صحاب العمائم ـ وهو يعيد‬ ‫في الخفاء‪ ،‬فتنك�شف اجتماع ّي ًا‪ ،‬ور ّبما‬ ‫ح ّد و�صل هذا الأمر؟‬
‫بجوار �ضريحه الآن‪ ،‬كان هناك غرفة‬ ‫ـ لقد ع�شتُ �أج���واء روح�� ّي��ة ّ‬
‫لحركة الحا�ضر رمز ّية حركة النب ّوة في‬ ‫دين ّي ًا‪..‬‬ ‫�صغيرة جل�س فيها �سماحة ال�س ّيد ليلة‬ ‫ال�شهادة في‬
‫انطالقتها المتحدّية لموازين القوى‪،‬‬ ‫هل تذكرون الأ�صوات التي ح ّملت المقاومة‬ ‫ال�سبت‪ ،‬وقد ُد ّمرت الكثير من المباني‬ ‫ّ‬ ‫ك�� ّل المرحلة التي دخلنا فيها المعركة‬
‫والمتم ّثلة �آنذاك بقري�ش التي «ما ذ ّلت‬ ‫الم�س�ؤول ّية ع ّما جرى لل ّنا�س‪ ،‬وحاولت �أن‬ ‫ّ‬
‫المحيطة في تلك الليلة‪ ،‬ولم يخرج �إال‬ ‫بك ّل قوة‪ ،‬وكنتُ �أ�شعر ب�أ ّني ع�شتُ م�س�ألة‬
‫منذ ع����زّت»‪ ،‬والمتم ّثلة ال��ي��وم بكيان‬ ‫الدّمار‬
‫تقي�س الأرب��اح والخ�سائر بحجم َ‬ ‫الأح��د �صباح ًا‪ ،‬لأ ّن��ه بات الجلو�س في‬ ‫ال�شهادة ف��ي ك�� ّل حياتي‪،‬‬ ‫االق��ت��راب م��ن ّ‬
‫الغ�صب والإجراء الم�س ّمى «�إ�سرائيل»‪..‬‬ ‫والقتلى هنا وهناك؟! هي �أ�صواتٌ ن�شاز‪ٌ،‬‬ ‫ذل��ك المكان م�ستحي ًال‪ ،‬حيث ُد ّمرت‬ ‫وكنتُ �أنتظر �أن �أدفع ثمن مواقفي‪ ،‬ولكنّ‬
‫وتبقى �سكينتك الم�ستمدّة �أب���د ًا من‬
‫�سكينة ر�سول اهلل في الغار‪ ،‬غمام ًة فوق‬ ‫يقدّر لي ذلك‪ ،‬ولك ّني �أنطلق‬ ‫اهلل تعالى لم ِ‬
‫ك ّل االهتزازات والتحدّيات؛ ل ُينزل اهلل‬ ‫ال�شهادة لي�ست مزاج ًا‪،‬‬ ‫على �أ�سا�س �أنّ ّ‬
‫�سكينته علينا‪ ،‬وي�ؤ ّيدنا بجندٍ ال نراها‪،‬‬ ‫لأ ّنني �أف ّكر في الن�صر‪.‬‬
‫لنح ّقق للإ�سالم ن�صر ًا جديد ًا؛ واهلل‬
‫من وراء الق�صد‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫ال�شهر قد بد�أ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ر�ؤية الفقيه المجدد ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ر�ض) حول ثبوت الهالل‪:‬‬
‫وفي �سياق متّ�صل‪ ،‬يرى ال�سيد الخوئي‬
‫�أنّ ال�� ّر�ؤي��ة هي و�سيلة �إثبات وحركة في‬
‫المعرفة‪ ،‬ول��ذل��ك لي�س لها مو�ضوع ّية‬ ‫العلم طريق �إلى اليقين‬
‫الم�س�ألة‪ ،‬بمعنى �أن الرائي نف�سه لي�س‬
‫�شرط ًا في تحقق مو�ضوع الر�ؤية‪ ،‬فالر�ؤية‬
‫بال ّنظ ��ر �إىل تقدّم العلم وا ّت�س ��اع اخت�صا�صاته‪ ،‬وما ينتج منها من نظر ّياتٍ‬
‫�إن كانت مج ّرد و�سيلة‪ ،‬فلماذا �أطلقها‬ ‫جت ��د له ��ا �ص� �دًى يف الواقع احليات � ّ�ي للإن�س ��ان‪ ،‬فتفر�ض علي ��ه �أن يتعامل‬
‫ال��ن��ب��ي(���ص) ول���م ي��ح�� ّدث��ن��ا ع��ن الهالل‬ ‫معه ��ا بد َّق ��ة من ناحية الدّرا�سة وال ّتطبي ��ق‪ ،‬كان لزاماً على �سماحة ال�س ّيد‬
‫الفلكي؟!‬
‫ّ‬ ‫التوجه �إىل ر�ؤي ٍة فقه ّي ٍة مواكب� � ٍة لتقدّم العلوم وتعقيداتها‪ ،‬لك�شف‬ ‫ف�ض ��ل اهلل(ر�ض)‪ّ ،‬‬
‫ال�سبب وا�ضح وب�سيط بح�سب �سماحته‪،‬‬ ‫اخللف ّي ��ات ّ‬
‫ال�شرع ّي ��ة للمو�ضوع ��ات امل�ستج� �دّة يف حي ��اة ال ّنا� ��س‪ ،‬ومنه ��ا م�س�أل ��ة «ر�ؤي ��ة‬
‫وهو �أنّ الو�سائل ا ّلتي كان يملكها ال ّنا�س‬ ‫الهالل وثبوته وو�سائله»‪..‬‬
‫ال�شهر‪،‬‬ ‫في ذلك الع�صر للتث ّبت من بداية ّ‬
‫ل��م ت��ك��ن و���س��ائ��ل م��ت��ط�� ّورة‪ ،‬فالو�سيلة‬ ‫ففي ر�أي �سماحته(ر�ض)‪ ،‬ف����إنّ والدة‬ ‫ب��داي�� ًة‪ ،‬يت�ساءل ال��م��رء‪ :‬ه��ل �إ ّن���ه ّ‬
‫ي�صح‬
‫الوحيدة اليقين ّية هي الو�سيلة الوجدان ّية‬ ‫الهالل‪� ،‬إذا ثبتت ب�شهادة �أه��ل الخبرة‬ ‫االع��ت��م��اد على �أه���ل ال��خ��ب��رة ف��ي مجال‬
‫من خالل ال ّر�ؤية‪ ،‬ولكن في حال حدثت‬ ‫ا ّلذين يوجب قولهم االطمئنان الم�ستق ّر‬ ‫ال��دّرا���س��ات الفلك ّية و�أقوالهم في والدة‬
‫لدينا و�سائل يقين ّية �أخرى علم ّية في هذا‬ ‫ال�شهر الجديد‪...‬‬‫ـ تعني والدة ّ‬ ‫الأ�شهر الهجر ّية‪ ،‬وبالتّالي‪ ،‬بناء الفقهاء‬
‫المجال‪ ،‬فنعتمدها وال مانع من ذلك‪.‬‬ ‫وي�لاق��ي ���س��م��اح��ت��ه ف��ي ه���ذا الم�ضمار‬ ‫�أح��ك��ام�� ًا �شرع ّية عليها‪ ،‬تالم�س حياة‬
‫ـ وق�����د ذك�����ر ���س��م��اح��ت��ه ح���دي���ث��� ًا عن‬ ‫�سماحة ال��ع�لام��ة ال�شيخ محمد جواد‬ ‫ال ّنا�س وعباداتهم؟‪...‬‬
‫الر�سول(�ص) يقول فيه‪« :‬نحن �أ ّمة �أم ّية‬ ‫ال�شهر و�إن لم ير بالعين‬ ‫به �إثبات �أ ّول ّ‬ ‫ال�صادق»‬
‫مغنية‪ ،‬في كتابه «فقه الإم��ام ّ‬ ‫و�إليك عر�ض ًا لبع�ض الآراء‪ ،‬ف�سماحته‬
‫ال نكتب وال نح�سب‪ ،»..‬ويعني ه��ذا �أنّ‬ ‫المج ّردة‪..‬‬ ‫(ج‪،48/2‬ط‪ ..‬قم) ‪ ،‬حيث يقول‪...« :‬‬ ‫في كتابه «الم�سائل الفقه ّية» (ج‪ /2‬ط‬
‫الح�ساب لم يكن موجود ًا عندهم بال ّد ّقة‬ ‫راب��ع�� ًا‪� :‬أن يثبت بالمر�صد جهة وجود‬ ‫فمتى ح�صل العلم من �أق��وال الفلك ّيين‪،‬‬ ‫ب��ي��روت‪ ،‬دار ال��م�لاك ‪1996‬م) يعتبر‪:‬‬
‫ا ّلتي يمكن �أن ن�صل فيها �إلى نتيجة قطع ّية‬ ‫الهالل و�إحداث ّياته‪ ،‬حتى ينظر نحوها‬ ‫وج���ب ع��ل��ى ك��� ّل م��ن ع��ل��م ب�صدقهم �أن‬ ‫ال�شهر بوالدته فلك ّي ًا‪ ،‬وب�إمكان‬ ‫«‪ ...‬بداية ّ‬
‫النبي(�ص) لم‬ ‫ّ‬ ‫حا�سمة‪ ..‬ولهذا يرى �أنّ‬ ‫ال ّناظرون وي��ر ّك��زوا بها دون �أن يبذلوا‬ ‫يعمل ب���أق��وال��ه��م‪ ،‬وال ي��ج��وز ل��ه �إطالق ًا‬ ‫ر�ؤيته من حيث و�صوله �إلى درج ٍة يمكن‬
‫ينكر الح�ساب من �أ�صله كمبد�أ‪ ،‬و�إنما �أنكر‬ ‫جهد ًا �ضائع ًا في الأطراف الأخرى»‪..‬‬ ‫ال�شهود‪ ،‬وال ب�شيءٍ يخالف‬ ‫الأخذ ب�شهادة ّ‬ ‫فيها ال ّر�ؤية لوال العوائق‪ ،‬ف�إذا ثبت ذلك‬
‫واقع ّيته في حياة الأ ّم��ة‪ ،‬وقد ورد حديث‬ ‫وبالن�سبة �إل��ى بداية ال�شهر في الهالل‬ ‫علمه‪.»..‬‬ ‫بقول �أه��ل الخبرة ا ّل��ذي��ن يفيد قولهم‬
‫خا�ص ٍة لجريدة ال ّنهار‬ ‫�سماحته في مقابل ٍة ّ‬ ‫الفلكي �أو ف��ي ال��ه�لال ال���ر�ؤي���وي‪ ،‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫ال�صدر في‬ ‫ال�شهيد ال�س ّيد محمد ّ‬ ‫�أ ّم��ا ّ‬ ‫االطمئنان‪ ،‬ثبت الهالل حتّى لو لم يره‬
‫البيروت ّية‪ ،‬في تموز ‪ -‬يوليو‪1995‬م‪...‬‬ ‫الحظ �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل �أنّ اهلل‬ ‫كتابه «م��ا وراء الفقه» (ج‪1994/2‬م‪،‬‬ ‫�أحد‪.»...‬‬
‫وفي المقابلة ال�صحاف ّية نف�سها‪ ،‬يذكر‬ ‫ال�شهر‬ ‫ال�صيام منوط ًا بعنوان ّ‬ ‫تعالى جعل ّ‬ ‫ن�صه‪:‬‬‫دار الأ�ضواء‪ ،‬بيروت)‪ ،‬فيقول ما ّ‬ ‫وك��ان �سماحته ـ فيما م�ضى ـ يميل �إلى‬
‫�سماحته �أنّ درا���س��ت��ه لم�س�ألة الهالل‬ ‫ال�شهر فلي�صمه{‪،‬‬ ‫}فمن �شهد منكم ّ‬ ‫كفاية التّوليد في ثبوت ال��ه�لال‪ ،‬وذلك‬
‫كظاهرة كون ّية‪ ،‬ودرا���س��ة عنا�صر هذه‬ ‫ح�ضر ولي�س «ر�أى»‪� ،‬أي‬ ‫و�شهِ دَ هنا بمعنى َ‬ ‫ال�شهر ظاهرة كون ّية‪ ،‬ولي�س‬ ‫لجهة �أنّ ّ‬
‫ال ّ��ظ��اه��رة وم��ق��ارن��ة ذل��ك بال ّن�صو�ص‪،‬‬ ‫من كان حا�ضر ًا غير م�سافر فلي�صمه‪.‬‬ ‫ك���ان �سماحة ال�سيد‬ ‫ال�صوم‪،‬‬ ‫لل ّر�ؤية دخل في مو�ضوع وجوب ّ‬
‫�أظهرت �أنّ دورها هو دور الو�سيلة للمعرفة‪،‬‬ ‫�����ص��وم على تح ّقق‬ ‫فقد ع�� ّل��ق وج���وب ال ّ‬ ‫يميل �إل��ى كفاية ال ّتوليد في‬ ‫بل مو�ضوع الوجوب (الحكم) هو تح ّقق‬
‫ولي�س دور العن�صر ال�� ّذات ّ��ي للمو�ضوع‪،‬‬ ‫ال�شهر‪ .‬فال�س ِّيد(ر�ض) ينظر �إلى‬ ‫عنوان ّ‬ ‫ثبوت الهالل‪ ،‬وذل��ك لجهة �أنّ‬ ‫ال�شهر‪ ،‬ف���إذا تح ّقق ـ كوني ًا ـ وهو خروج‬ ‫ّ‬
‫وبذلك تكون الفتوى كفاية دخ��ول �شهر‬ ‫ال�شهر على �أ ّن��ه ظاهرة كون ّية‪،‬‬ ‫م�س�ألة ّ‬
‫ّ‬ ‫ال�شعاع (المحاق)‪ ،‬تحققّ‬ ‫القمر من تحت ّ‬
‫الظواهر الكون َّية تخ�ضع لأ�سبابها‬ ‫وك ّل ّ‬ ‫ال�شهر ظاهرة كون ّية‪ ،‬ولي�س‬
‫رم�ضان وخ��روج��ه بمجرد خ��روج القمر‬ ‫ال�شهر ووجب ال�صوم فهناك وجه للقول‬ ‫ّ‬
‫من المحاق ودخوله فيه‪ ،‬وهذا مما يعتمد‬ ‫الطبيع َّية المودعة في الكون‪ ،‬كما � َّأن ال َّليل‬ ‫لل ّر�ؤية دخل في مو�ضوع وجوب‬ ‫بكفاية التولد الفلكي ل��وال بع�ض االدلة‬
‫فيه على �أه��ل الخبرة ا ّلذين و�صلوا في‬ ‫بال�شروق‪،‬‬ ‫يبد�أ بالغروب وال ّنهار يبد�أ ّ‬ ‫ال�صوم‪ ،‬بل مو�ضوع الوجوب‬ ‫ّ‬ ‫التي ي�ستفاد منها ا�شتراط قابلية الر�ؤية‪،‬‬
‫التّجربة �إلى م�ستوى ي�ستطيعون فيه �أن‬ ‫�سواء �أر�أينا الغروب �أم لم نره‪ ،‬فال ّر�ؤية‬ ‫(الحكم) هو تح ّقق ّ‬
‫ال�شهر‪..‬‬ ‫يدل عليه قوله تعالى‪:‬‬ ‫كما ّ‬
‫يحدّدوا هذه الق�ض ّية‪...‬‬ ‫الظاهرة الكون َّية‪،‬‬ ‫ال دخل لها في تح ّقق ّ‬ ‫} َي ْ�س َ�أ ُلو َن َك َع ِن ال ِأه َّل ِة ُق ْل ِه َي َم َواقِيتُ‬
‫فما يه ّمنا م��ن نتائج علم ال��ف��ل��ك‪ ،‬هو‬ ‫فهي حالة ذات�� ّي��ة ف��ي ال�� ّرائ��ي‪ ،‬ولي�ست‬ ‫ا�س َوا ْل َح ِّج‪({..‬البقرة‪.)189 :‬‬ ‫ِلل َّن ِ‬
‫الظاهرة التي تحدث‬ ‫حال ًة مو�ضوع ّي ًة في ّ‬ ‫«يمكن اال�ستفادة من المرا�صد الحديثة‬
‫ت��ح��دي��د والدة ال���ه�ل�ال ف��ل��ك��ي�� ًا‪ ،‬وم���دى‬ ‫من ال ّناحية الفقه ّية في عدة موارد‪:‬‬
‫ول��ك�� ّن��ه ل��م يقت�صر على ���ش��رط ال�� ّر�ؤي��ة‬
‫دق��ة ه��ذا التّحديد‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى ح�ساب‬ ‫الطبيع َّية‪� ،‬سواء �أ�شاهدتها �أم‬ ‫ب�أ�سبابها ّ‬ ‫الخارج َّية‪ ،‬لأ ّنها لي�ست �شرط ًا �إال على‬
‫لم ت�شاهدها‪..‬‬ ‫�أ ّو ًال‪ :‬يمكن �أن يثبت بها �أنّ ال��ه�لال ال‬
‫الفلك ّيين لإمكان ّية الر�ؤية‪ ،‬ومدى د ّقة هذا‬ ‫ال�شهر عرف ًا‪ ،‬ف�إذا‬ ‫نح ٍو يثبت بها �إحراز َّ‬
‫رعي ا ّلذي‬ ‫ّ‬
‫ال�ش‬ ‫الن�ص‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫�أ ّما بال ّن�سبة �‬ ‫وجود له �أ�ص ًال‪ ،‬الأمر ا ّلذي يو ّفر الجهد‬
‫ال�شهر‬‫الح�ساب و�إفادته في تحديد بداية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفلكي قابل َّية ال ّر�ؤية‪ ،‬وذلك‬ ‫ّ‬ ‫�أثبت العلم‬
‫وال�شيعة في‬ ‫اعتمده الفقهاء من ال�س ّنة ّ‬ ‫لل ّناظرين بمحاولة ر�ؤيته‪..‬‬
‫من ال ّناحية ّ‬
‫ال�شرع ّية‪..‬‬ ‫ثاني ًا‪� :‬أن يثبت بها �أنّ الهالل �صغير جدا‪ً،‬‬ ‫بمرور الفترة الكافية الكت�ساب القمر‬
‫اخيرا ولي�س اخ��را من ال�سمات البارزة‬ ‫م�س�ألة اعتبار ال ّر�ؤية �أ�سا�س ًا في الحكم‬ ‫ال�شهر‬‫ال�ضوء‪ ،‬ثبت الهالل‪ ،‬وثبت تح ّقق ّ‬ ‫َّ‬
‫ال�شهر �أو نهايته‪�« :‬صوموا‬ ‫ف��ي ب��داي��ة ّ‬ ‫بحيث ال يكون قاب ًال لل ّر�ؤية‪ ،‬الأمر ا ّلذي‬
‫والمميزة للفقه ال�شيعي‪ ،‬ان يكون من‬ ‫عرف ًا‪.‬‬
‫لر�ؤيته و�أفطروا لر�ؤيته»‪ ،‬فقد يقال �إ َّنه‬ ‫يو ّفر الجهد �أ ّو ًال‪ ،‬ويثبت عدم �إمكان بدء‬
‫رج��االت��ه مجتهدين كبار ف��ي منهجهم‬ ‫ورد هذا العر�ض في كتاب «ح��وارات مع‬
‫ال�صوم مع ّلق على ال ّر�ؤية‪،‬‬ ‫ي�ستفاد منه � َّأن ّ‬ ‫ال�شهر ثاني ًا‪..‬‬
‫ّ‬
‫ال�شمولي وال��وا���س��ع دون تاثر باالجواء‬ ‫ً‬ ‫ال�س ِّيد ف�ضل اهلل» (ط‪1997/1‬م‪ ،‬دار‬
‫كذلك الإفطار‪ ،‬ح َتّى لو ق َّرر الفلك ّيون �أنّ‬ ‫ثالثا‪� :‬أن يثبت �أنّ الهالل كبير‪ ،‬بحيث‬
‫االجتهادية التقليدية مم يدفع بعملية‬ ‫العارف‪ ،‬بيروت)‪..‬‬
‫يكون قاب ًال ل��ل�� ّر�ؤي��ة‪ ،‬الأم��ر ال��ذي يمكن‬
‫االج��ت��ه��اد ال���ى االم����ام وي��م��ده��ا بالقوة‬
‫وال��خ�����ص��وب��ة‪ ،‬وه���ذا م��ا ت��وف��ر بحق في‬
‫�شخ�صية المرجع المقد�س ال�سيد ف�ضل‬ ‫في ر�أي العالمة ف�ضل اهلل(ر�ض)‪ ،‬ف�إنّ والدة الهالل‪� ،‬إذا ثبتت ب�شهادة �أهل الخبرة ا ّلذين يوجب قولهم‬
‫اهلل ر�ضوان اهلل عليه‪..‬‬ ‫ال�شهر الجديد‪..‬‬‫االطمئنان الم�ستق ّر‪ ،‬ف�إنّ ذلك يعني والدة ّ‬

‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫‪8‬‬
‫جماهير الم�ؤمنين تجدد الوالء لنهج المرجع ف�ضل اهلل(ر�ض)‬
‫العالمة ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪:‬‬ ‫بمنا�سبة الذكرى ال�سنوية الأولى لرحيل الفقيه المجدِّ د‪ ،‬العالمة المرجع‪ ،‬ال�سيد محمد‬
‫و�ألقى �سماحة العالمة ال�سيد علي ف�ضل‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل(ر�ض)‪� ،‬أقامت م�ؤ�س�سات �سماحته احتفا ًال حا�شد ًا في مجمع المب ّرات ـ‬
‫اهلل‪ ،‬كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫طريق المطار الجديد‪ ،‬وذلك بح�ضور ح�شدٍ �شعبي كبير من لبنان ودول عربية و�إ�سالمية‬
‫��اب ح�ضورا‪ً،‬‬ ‫����دري �أنَّ ل��ل��غ��ي ِ‬ ‫م��ا ُك�� ّن��ا ن ْ‬ ‫متعددة‪ ،‬ل ّبى نداء الوفاء للفقيه المجدد‪ ،‬والمرجع المقد�س‪ ،‬الذي عا�ش حياته من �أجل‬
‫ً‬
‫وح�ضور ًا ُمدو ّيا كما �شعرنا به ِب َفق ِْدنا‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬والذي فتح للأمة �آفاق الم�ستقبل‪ ،‬وحطم �أ�صنام التخلف و الخرافة‪.‬‬
‫الوالد والمرجع المجدِّ د‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫لل ِأب‬ ‫ك���م���ا �����ش����ارك ف����ي ال���ح���ف���ل ح�����ش��د من وال�����س��ف��راء‪ :‬علي عبد ال��ك��ري��م ال�سفير‬
‫���اب ال�����س��ي�� ُد‪ ،‬لك ّننا م��ا زل��ن��ا ن�شع ُر‬ ‫غ َ‬ ‫ال�شخ�صيات ال�سيا�سية والعلمائية ال�سوري‪ ،‬والإيراني غ�ضنفر ركن �آبادي‪،‬‬
‫بحيو ّي ِت ِه‪ ،‬ن�شع ُر بف�ضا ِئ ِه‪ ،‬نج ُد ُه حا�ضر ًا‬ ‫والدينية واالجتماعية والأمنية‪ ،‬يتقدمهم وال�����س��ف��ي��ر ال��ع��راق��ي ع��م��ر البرزنجي‪،‬‬
‫ف���ي ك���� ّل م��ا ن��ف�� ِّك��ر ف��ي��ه‪ ،‬ف���ي �أمالنا‬ ‫رئي�س مجل�س النواب نبيه بري‪ ،‬والوزير والم�صري �أحمد البديوي‪.‬‬
‫يجيب عن �أ�سئل ِتنا �إذا‬ ‫ُ‬ ‫وطموحا ِتنا‪..‬‬ ‫�لا رئ��ي�����س الحكومة والنواب‪ :‬محمد رعد‪ ،‬ح�سين المو�سوي‪،‬‬ ‫ح�����س��ان دي���اب م��م��ث ً‬
‫ب�صبر ِه �إذا‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫�أعيتْنا الم�سائل‪ ..‬نت�سل ُح‬ ‫نجيب ميقاتي‪ ،‬ونائب �أمين ع��ام حزب �أيوب حم ّيد‪ ،‬نوار ال�ساحلي‪ ،‬علي المقداد‪،‬‬
‫الم�صاعب‪ ..‬ن�ستعي ُر من جر�أ ِت ِه‬ ‫ُ‬ ‫واجهتْنا‬ ‫اهلل‪ ،‬ال�شيخ نعيم قا�سم‪ ،‬الرئي�س ف�ؤاد عبد اللطيف الزين‪ ،‬غازي زعيتر‪ ،‬يا�سين‬
‫بفكر ِه‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫�إذا ما واجهتْنا التحديات‪ ،‬نتَ�سل ُح ِ‬ ‫ال�سنيورة‪ ،‬الرئي�س ح�سين الح�سيني‪ ،‬جابر‪ ،‬علي ب��زي‪ ،‬نهاد الم�شنوق‪� ،‬إميل‬
‫ال�ساحات الع�ص ّي ِة على‬ ‫ِ‬ ‫الو ّقا ِد ِلدخول‬ ‫المطران بول�س مطر ممث ًال البطريرك رحمة‪ ،‬قا�سم ها�شم‪ ،‬وليد �سكرية‪ ،‬بالل‬
‫االخْ تراق‪..‬‬ ‫العرفان التوحيدية برئا�سة ال�شيخ نجيب‬ ‫ال��م��ارون��ي م��ار بطر�س ب�شارة الراعي‪ ،‬فرحات‪ ،‬علي عمار‪ ،‬عبا�س ها�شم‪ ،‬ح�سن‬
‫��رك ال�سي ُد �إرث�� ًا كبير ًا‬ ‫و�أ�ضاف‪ :‬لقد ت َ‬ ‫ال�صايغ‪ ،‬الأ���س��ت��اذ جمال �أ�شمر ممث ًال‬ ‫ممثل رئي�س الوزراء العراقي ال�شيخ عبد ف�ضل اهلل‪..‬‬
‫م��ن الأم����ان���� ِة‪ ،‬تَ������و َّز َع ِث��ق�� ُل��ه��ا ع��ل��ى كل‬ ‫حركة فتح‪ ،‬الأ�ستاذ علي في�صل ممث ًال‬ ‫الحليم الزهيري‪ ،‬وزي��ر التعليم العالي وفد من الجمهورية الإ�سالمية الإيرانية‪،‬‬
‫المحبين والمخل�صين والعاملين والعلماء‬ ‫الجبهة ال��دي��م��ق��راط��ي��ة‪ ،‬ال�سيد حازم‬ ‫ممث ًال �آي��ة اهلل ال�سيد علي الخامنئي‪،‬‬ ‫العراقي علي الأديب‪..‬‬
‫��رف وم��م��ن ال‬ ‫وال��م��ج��اه��دي��ن‪ ،‬ممن ن��ع ُ‬ ‫الأعرجي ممث ًال ال�سيد مقتدى ال�صدر‪،‬‬ ‫ال��وزراء‪ :‬عدنان من�صور‪ ،‬محمد فني�ش‪ ،‬يتقدّمه ال�شيخ محمد ح�سن �أختري‪،‬‬
‫��رف‪ ،‬وه��ن��ا ت��ك�� ُم��نُ ال��ق��ي��م�� ُة‪ :‬عندما‬ ‫ن��ع ُ‬ ‫الوزير ال�سابق محمد جواد خليفة‪،‬‬ ‫علي قان�صو‪ ،‬علي ح�سن خليل‪ ،‬النائب مفتي طرابل�س وال�شمال‪ ،‬ال�شيخ مالك‬
‫واع �أن�� ُه َي ْنتمي �إلى‬ ‫ي�شع ُر ك ُّل �إن�سانٍ ٍ‬ ‫ال���ن���واب ال�����س��اب��ق��ون‪ :‬ع�����ص��ام نعمان‪،‬‬ ‫�أكرم �شه ّيب ممث ًال رئي�س الحزب التقدمي ال�شعار‪ ،‬النائب ال�سابق �إميل �إميل لحود‪،‬‬
‫فكر ال�س ّي ِد ونهج ِه‪ ،‬يتب ّنا ُه و ُيداف ُع عنه‬ ‫ِ‬ ‫ا�سماعيل �سكرية‪ ،‬محمد يو�سف بي�ضون‪،‬‬ ‫اال�شتراكي وليد جنبالط‪ ،‬النائب ناجي ممث ًال رئي�س الجمهورية ال�سابق �إميل‬
‫موقع كانَ �أو ُ�ض ْمنَ �أي �إطا ٍر‬ ‫في � ّأي ٍ‬ ‫زهير العبيدي‪ ،‬ح�سن يعقوب‪ ،‬الوزير‬ ‫غاريو�س ممث ًال رئي�س التكتل الإ�صالح ل��ح��ود‪ ،‬الأب ق�سطنطين ن�صار ممث ًال‬
‫تمو�ض َع وانتمى‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ال�سابق علي عبد اهلل‪ ،‬طالل ال�ساحلي‪.‬‬ ‫المطران اليا�س عودة‪ ،‬وفد من م�ؤ�س�سة‬ ‫والتغيير العماد مي�شال عون‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫لقد ت��رك لنا ال�سي ُد ه��ذا ا ِلإرثَ وقال‬
‫إذن‬ ‫كمل الم�سير َة ب� ِ‬ ‫�أكملوا الم�سير َة‪� ..‬س ُن ُ‬
‫ال�صعوبات‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫لحجم‬
‫ِ‬ ‫اللهّ م��ع �إدراك��ن��ا‬
‫مت�س ّلحينَ �أو ًال بثق ِتنا ب��اللهّ وال��ت��ي ال‬
‫النا�س وثقتهِ م‬ ‫ِ‬ ‫تعرف حدود ًا‪ ،‬وبمحب ِة‬ ‫ُ‬
‫أ�سا�سي‪.‬‬ ‫الغالي ِة التي َنعتب ُرها ر�صيدَ نا ال َّ‬
‫�سنلتزم ثوابتَ‬ ‫ُ‬ ‫كل خطو ٍة نخطوها‪،‬‬ ‫وفي ِّ‬
‫إكمال م�سير ِت ِه‪:‬‬ ‫ال�سيد ل ِ‬
‫بالفكر الإِ�سالمي‬ ‫ِ‬ ‫�سنحر ُ�ص على اال ْل ِ‬
‫تزام‬ ‫ـ ِ‬
‫ن�سان وق�ضايا‬ ‫والمنفتح على الإِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ�صيل‬
‫ال ِ‬
‫الثالوث الهدّام‪« :‬‬ ‫ِ‬ ‫الع�صر‪ ،‬مبتعدينَ عن‬ ‫ِ‬
‫والتع�ص ِب والخرافة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الغل ِّو‬
‫بطر�س ال��راع��ي �أل��ق��اه��ا عنه المطران‬ ‫أكيد �شخ�صي ِتنا الإ�سالمي ِة‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫لت‬ ‫�سننطلقُ‬ ‫ـ‬
‫بول�س مطر‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫ال��ج��ام��ع�� ِة ق��ب َ��ل �شخ�صي ِتنا المذهبية‪،‬‬
‫لقد ك��ان ه��ذا الكبير �آمن ًا مطمئنا �إلى‬
‫ً‬ ‫��اط االل��ت��ق��ا ِء وه���ي كثير ٌة‬ ‫ف�� ُن���ؤ ِّك�� ُد ُن��ق َ‬
‫ك�� ّل م��ا �سعى �إل��ي��ه ف��ي ح��ي��ات��ه‪ ،‬و�إل���ى ما‬ ‫ومتجذر ٌة‪ ..‬ويحت ُّم هذا �أن َ‬
‫نعمل‬ ‫ِّ‬ ‫وعميق ٌة‬
‫�أنجز في �سبيل دينه و�أمته ووطنه‪ ،‬وهو‬ ‫كل الحري�صينَ لنكونَ �ص ّم َام �أمانٍ‬ ‫مع ِّ‬
‫يترك في ال�ساحة فراغ ًا تدعو روحه �إلى‬ ‫يفتر�سنا‬ ‫َ‬ ‫للوحد ِة الإ�سالمي ِة قبل �أن‬
‫�أن ُيملأ فتُك َّمل م�سيرة �إر�ساء المنطقة‬ ‫وح�ش الفتن ِة المذهبي ِة التي‬ ‫ُ‬ ‫جميع ًا‬
‫ب�أ�سرها على قواعد ثابتة من الإيمان‬ ‫أبواب الم�سلمين في‬ ‫تطرق � َ‬ ‫ُيرا ُد لها �أن َ‬
‫والثقافة الدينية الح ّقة والتكامل والوحدة‬ ‫�أكثر من مكان وبلد‪.‬‬
‫واالن��ف��ت��اح‪ ،‬ورب��م��ا ك��ان ال��زم��ن الراهن‬ ‫ـ ومن ثواب ِتنا �أي�ض ًا اال ْرتكا ُز في عملنا‬
‫�أح���وج م��ا ي��ك��ون �إل���ى ال��غ��و���ص ف��ي تراث‬ ‫أديان واحدٌ‪ ،‬و�أنّ‬ ‫على فكر ِة �أن جوه َر ال ِ‬
‫هذا الع ّالمة الفريد‪ ،‬و�إلى اختبار ديني‬ ‫�ساالت تتكام ُل‪ ..‬لهذا �س ُن�ساهم مع‬ ‫ال ّر ِ‬
‫وروحي و�إن�ساني قام به على مدى ن�صف‬ ‫إخراج‬ ‫المجال ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل العاملين في هذا‬ ‫ِّ‬
‫قرن‪ ،‬ف�أ�ضحى منارة تهدي �إلى التف ّلت‬ ‫لغ َة القو ِة وعلينا �أن ُن ِع َّد ل ُه ما ا�ستطعنا‬ ‫بحجم‬ ‫ِ‬ ‫نجامل ا�ستكبار ًا ول��و ك��ان‬ ‫َ‬ ‫ل��ن‬ ‫الم�سيحي من دائر ِة‬ ‫ِّ‬ ‫�سالمي‬
‫ِّ‬ ‫الحوا ِر ا ِلإ‬
‫من براثن الجهل والخط�أ وال�ضياع في‬ ‫منها‪..‬‬ ‫العالم‪..‬‬
‫ِ‬ ‫بحجم‬
‫ِ‬ ‫�أميركا‪ ..‬ولو كان‬ ‫العملي‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫التطبيق‬
‫ِ‬ ‫المراوح ِة �إلى دائ��ر ِة‬
‫غياهب المجهول‪.‬‬ ‫الفكر‬
‫ِ‬ ‫انتهاج‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫العمل �سن�ؤك ُد‬
‫ِ‬ ‫آليات‬
‫وفي � ِ‬ ‫و�ستبقى فل�سطينُ ه��ي البو�صل َة‪ ،‬لن‬ ‫القوا�سم الم�شترك ِة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫انطالق ًا من ت� ِ‬
‫أكيد‬
‫ّ‬
‫لقد دعا ال�سيد العالمة بكل عقله وقلبه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الم�ؤ�س�ساتي متابعة وتطويرا و�إ�ضافة‪..‬‬ ‫َنحيدَ عنها �أو نتخ ّلى‪ ،‬مهما َع َ�ص َف‬ ‫القيم الأخالقي ِة ف��ي مواجهة‬ ‫ِ‬ ‫تعزيز‬
‫ِ‬
‫�إل���ى وح���دة الم�سلمين ف��ي ب�لادن��ا وفي‬ ‫هذه ر�ؤيتُنا التي �سن�سعى �إلى تطبي ِقها‬ ‫الداخلي ل ُيله َينا �أو ِلي�سا ِو َمنا‪ ،‬بل‬ ‫ُّ‬ ‫الواق ُع‬ ‫الهموم الإِن�ساني ِة‬ ‫ِ‬ ‫االنحراف‪ ،‬ومعالج ِة‬ ‫ِ‬
‫بلدانهم جميع ًا‪� ...‬أم��ا مع الم�سيحيين‪،‬‬ ‫العمل من نطاقِ الفردي ِة �إلى‬ ‫َ‬ ‫ل ُن ِ‬
‫خر َج‬ ‫�سنكون مع المجاهدين‪ ،‬وال�صابرين في‬ ‫ِ‬ ‫وتعزيز‬
‫ِ‬ ‫الظلم والف�سا ِد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫في مواجه ِة‬
‫فلقد �سلك ال�سيد �سبيل الحوار والمحبة‬ ‫الفريق‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عمل‬
‫نطاقِ ِ‬ ‫فل�سطين‪ ،‬ندع ُم ُه ْم ون�ش ُّد �أز َرهُ م بكل ما‬ ‫ال��ت��رب��ي�� ِة ال��روح��ي�� ِة والإي��م��ان��ي�� ِة مقابلَ‬
‫واالن��ف��ت��اح تجاههم‪ ،‬وه��م ���ش��رك��ا�ؤه في‬ ‫في�ض‬ ‫�����ض م��ن ِ‬ ‫�أ ّي��ه��ا الأح��ب��ة‪ :‬ه���ذا غ�� ْي ٌ‬ ‫�أوتينا من قو ٍة‪..‬‬ ‫�سفاف‪..‬‬
‫ع�ص ِف الماد ِة والت�سلي ِع وا ِلإ ِ‬ ‫ْ‬
‫الوطن وفي الم�صير‪ ..‬وكان في ما عمل‬ ‫أتعب‬ ‫ال�سيد‪ ،‬المدر�س ِة التي � َ‬ ‫ِ‬ ‫مدر�س ِة‬ ‫يحترم‬
‫ُ‬ ‫العالم ال‬
‫َ‬ ‫تع ّلمنا ِمنَ ال�س ّيد �أنّ‬ ‫وتبقى ال���وح���د ُة ال��وط��ن��ي�� ُة م��ن ثواب ِتنا‬
‫وع ّلم‪ ،‬مقدِّ ر ًا للتجربة اللبنانية في العي�ش‬ ‫َ‬
‫نف�س ُه م��ن �أج�� ِل��ه��ا‪ .‬ع��مِ ��ل على بنا ِئها‬ ‫َ‬ ‫�إ ّال الأق��وي��ا َء‪ .‬ونحن �سن�سي ُر ف��ي هذا‬ ‫أر���ض ونواج َه‬ ‫وهواج�سنا حتى نثبِّتَ ال َ‬ ‫ِ‬
‫الم�شترك‪ ،‬م���ؤك��د ًا في ه��ذا المجال �أنه‬ ‫قواعدها‪..‬‬
‫ِ‬ ‫وتثبيت‬
‫ِ‬ ‫عنا�صر‬
‫ِ‬ ‫نتم�سك ِّ‬
‫بكل‬ ‫ُ‬ ‫الأفق‪ ،‬ولهذا نحن‬ ‫ونحفظ �إن�سا َننا معا‪ً.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫التحديات معا‬ ‫ِ‬
‫يريد للبنان �أن يعي�ش بم�سلميه وم�سيحييه‬ ‫رح َمك اللهَّ ُ يا �س ّيدي‪ ،‬و�ألهمنا و�أل َه َم ك َّل‬ ‫تعزيز مناع ِة‬ ‫ِ‬ ‫المقاوم ِة التي تُ�ساهم في‬ ‫وفي الق�ضايا الكبرى‪ ،‬لن نكونَ حياديين‬
‫ف��ي عملية تفاعل وت��ع��اون وتكامل على‬ ‫حبيك ال�صب َر والثباتَ والق ّو َة‪..‬‬ ‫ُم َ‬ ‫واق ِعنا‪ :‬المقاوم ِة الفكري ِة والمقاوم ِة‬ ‫الظلم‬ ‫ِ‬ ‫والباطل‪ ،‬وبينَ‬ ‫ِ‬ ‫�أب��د ًا بين ِ‬
‫الحق‬
‫�أ�سا�س عمق الإ�سالم وعمق الم�سيحية‪،‬‬ ‫ال�سيا�سي ِة والمقاوم ِة الأخ�لاق��ي�� ِة‪ ،‬مع‬ ‫حركات‬ ‫ِ‬ ‫��دل و�سنكونُ �إل��ى ج��ان ِ��ب‬ ‫وال��ع ِ‬
‫ول��ئ��ن ك��ان ال��ح��وار ال���ذي �أق��ام��ه ال�سيد‬ ‫المطران بول�س مطر‪:‬‬ ‫حر�صنا على �أولوي ِة المقاوم ِة الجهادي ِة‬ ‫ِ‬ ‫تواج ُه اال�ستكبا َر‬ ‫ِ‬ ‫التي‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫والمقاوم‬ ‫التحر ِر‬
‫ث��م ك��ان��ت كلمة البطريرك م��ار ب�شارة‬ ‫�صهيوني ال َي ْف َه ُم �إ ّال‬
‫ٍّ‬ ‫في ُمواجه ِة عد ٍّو‬ ‫والطغيانَ و�سنر ِّد ُد ما كان يقو ُل ُه ال�سيدُ‪:‬‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪10‬‬
‫كونوا مع فل�سطين لأنها الق�ض ّية والرمز‬

‫كلمة حركة حما�س‪:‬‬ ‫ال��م��رج��ع ح���ول ن��ظ��ام ل��ب��ن��ان ال�سيا�سي‬


‫كلمة رئي�س المكتب ال�سيا�سي لحركة‬ ‫بحاجة �إل��ى مزيد من الموا�صلة‪ ،‬بلوغ ًا‬
‫حما�س خالد م�شعل �ألقاها عنه �أ�سامة‬ ‫�إل���ى �صيغة حكم تر�ضي ط��م��وح��ات كل‬
‫حمدان‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫المواطنين‪ ،‬ف�إنه يعتبر في المقابل �أن‬
‫�سماحة �آية اهلل العظمى‪ ،‬ال�سيد محمد‬ ‫للبنان ر�سال ًة ح�ضاري ًة روحي ًة �إن�ساني ًة‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل ـ رح��م��ه اهلل ـ قامة‬ ‫ت�ستطيع �إغناء تجربة ال�شعب اللبناني‬
‫م��دي��دة ب��ي��ن رج����االت الأم����ة وكبارها‪،‬‬ ‫وتفاعل كل الر�ساالت وتفاعل الح�ضارات‪،‬‬
‫ي�أ�سرك بتوا�ضعه وهو الكبير‪ ،‬يحدثك �إن‬ ‫كما ت�ستطيع �أن تُغني المنطقة في ذلك‬
‫التقيته حديث القلب والروح والعقل‪� ،‬أ�شد‬ ‫كله‪..‬‬
‫ما يكون ح�ضور ًا في الحديث‪ ،‬رغم �آالم‬ ‫المفتي ال�ش ّعار‪:‬‬
‫الأمة وجراحها‪.‬‬ ‫ّثم كانت كلمة مفتي طرابل�س وال�شمال‬
‫كانت الوحدة الإ�سالمية �أولوية �أ�سا�سية‬ ‫ال�شيخ مالك ال�شعار‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬
‫لديه‪ ،‬ال يكتفي برفعها �شعار ًا‪ ،‬بل كانت‬ ‫ف��ي العقود الثالثة الأخ��ي��رة م��ن القرن‬
‫مجال ال�صحوة الإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬وانت�صار‬ ‫المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب‪:‬‬ ‫في حياته �سلوك ًا دائم ًا‪..‬‬ ‫الما�ضي‪ ،‬ب��رز الإم����ام الفقيه �سماحة‬
‫الثورة الإ�سالمية على كل العقبات التي‬ ‫ثم كلمة رئي�س المجمع العالمي للتقريب‬ ‫�أما فل�سطين‪ ،‬فقد كان لها الن�صيب الأوفر‬ ‫العالمة ال�شيخ محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫و�ضعت في طريقها‪..‬‬ ‫ب��ي��ن ال���م���ذاه���ب‪ ،‬ال�����ش��ي��خ م��ح��م��د علي‬ ‫في كل ذلك‪ ،‬فال تكتمل ر�ساليتك ما لم‬ ‫في �صورة الحدث اليومي‪ ،‬مرجعية ر�ؤية‬
‫�إن��ن��ا ف��ي ال��ذك��رى الأول���ى للرحيل‪ ،‬نقف‬ ‫الت�سخيري‪� ،‬ألقاها الدكتور محمد ح�سن‬ ‫تكن فل�سطين ق�ضيتك‪ ،‬كيف ال‪ ،‬وهي‬ ‫دينية واجتماعية و�سيا�سية ف��ي �سائر‬
‫�لاال لهذه ال�شخ�صية الكبيرة‪ ،‬ونعلن‬ ‫�إج ً‬ ‫تبرئيان‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫ق�ضية الأم��ة المركزية‪ ،‬وال تكون عام ًال‬ ‫المعايير‪...‬‬
‫�أن��ه��ا ل��ن تغيب عنا وع��ن �سماء الفكر‬ ‫للوحدة الإ�سالمية ما لم تكن فل�سطين في‬ ‫ً‬
‫لقد خ ّلف الراحل الكبير تراثا من الإبداع‬
‫م ّر عام بكل غ�ص�صه و�آالم��ه على رحيل‬
‫والفقاهة والثورة‪...‬‬ ‫رج���ل ال��ع��ل��م وال��ج��ه��اد‪ ،‬و���س��ي��د المنبر‬ ‫مركز اهتمامك‪� ،‬إذ لم تجمع الأمة ق�ضية‬ ‫في كلمة الفقه والفتوى لما ي�ستجد من‬
‫كلمة رئي�س الوزراء العراقي‪:‬‬ ‫والمحراب‪ ،‬ورائ��د ال�صحوة والتقريب‪،‬‬ ‫كما جمعتها ق�ضية فل�سطين‪ ،‬والمقاومة‬ ‫الأح�����داث‪ ،‬ف��اج��ت��ه��اده ط���رح مرتكزات‬
‫كلمة رئي�س مجل�س الوزراء العراقي‪ ،‬نوري‬ ‫وم��ع�� ّل��م الفقه والتف�سير‪ ،‬وف��ات��ح �آف��اق‬ ‫�ضد المحتل والباغي والمعتدى �شرف‬ ‫ت�ستوعب حركة الإن�سان وتطور الحياة‪..‬‬
‫المالكي‪� ،‬ألقاها الوزير علي الأديب‪ ،‬ومما‬ ‫المعرفة والحوار‪..‬‬ ‫عظيم‪ ،‬و�أعلى مراتبه لدى ال�سيد (رحمه‬ ‫�إن م�ساحة ال��م��دى ال��ف��ك��ري والروحي‬
‫جاء فيها‪:‬‬ ‫ون��ح��ن �إذ ن��ذك��ر ه��ذا الإم����ام المجدّد‪،‬‬ ‫اهلل)‪ ،‬مقاومة الكيان ال�صهيوني‪ ،‬وكثير ًا‬ ‫في ذك��رى الإم���ام ف�ضل اهلل‪ ،‬تحتل في‬
‫كان �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل بحقّ مرجعاً‬ ‫وال����روح ال��ه��ائ��م��ة ف��ن��ا ًء ف��ي اهلل‪ ،‬وحب ًا‬ ‫ما ردد �أنه لن ي�ستريح حتى يزول الكيان‬ ‫�صراعنا مع �إ�سرائيل مكان ًا ُيدلف �إلى‬
‫ديني ًا منفتح ًا‪ ،‬وقائد ًا جماهيري ًا‪ ،‬ومفكر ًا‬ ‫لر�سوله و�أهل بيته(ع)‪ ،‬ف�إنما نتط ّلع �إلى‬ ‫ال�صهيوني‪...‬‬ ‫عمق ما �أف�ضنا من عمق دوره الإر�شادي‬
‫مبدع ًا‪ ،‬و�سيا�سي ًا بارع ًا‪ ،‬يقر�أ الأحداث‬ ‫اليوم الذي تتح ّقق فيه �آماله الكبار في‬ ‫والفكري‪..‬‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫ال�شخ�ص ّية الإن�سان ّية‬‫واعتبر ب��ري «�إنَّ ّ‬ ‫على جرائمها وارت��ك��اب��ات��ه��ا‪ ...‬تعر�ض‬ ‫كلماته‪ ،‬ثاتب ًا ثبات ر�ؤاه ومواقفه‪.‬‬ ‫بواقعية و���ص��دق‪ ،‬لين ّبه على احتماالت‬
‫ل�سماحة المرجع‪� ،‬آية اهلل العظمى ال�س ّيد‬ ‫�سماحته لأ�ضخم عملية اغتيال �سنة ‪1985‬‬ ‫���س��ي��دي‪ ...‬ه��ا ه��م تالمذتك ومريدوك‬ ‫متوقعة للأحداث‪ ،‬ليدفع بذلك ال�ضرر‬
‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬ت�ستحقّ‬ ‫من المخابرات المركزية الأمريكية ب�سبب‬ ‫ينت�شرون ف��ي م��واق��ع الإي���م���ان والعمل‬ ‫ع��ن الأم���ة ومواقفها ال��م��ب��دئ��ي��ة‪ ...‬كان‬
‫م���ؤت��م��ر ًا‪ ،‬ال ب��ل م���ؤت��م��رات‪ ،‬للإحاطة‬ ‫مواقفه الجريئة وتعطيله لخطط �أمريكا‬ ‫وال��ج��ه��اد‪ ،‬فب�صمات علمك وجهادك‬ ‫تج�سيد ًا للثقافة الإ�سالمية الأ�صيلة التي‬
‫ب�شخ�ص ّيته الفكر ّية والفقه ّية والأدب ّية»‪.‬‬ ‫في غزو بلداننا في الميادين المختلفة‪.‬‬ ‫منطبعة في �أرجاء ال�ساحة با�سم اهلل وفي‬ ‫تدعو �إل��ى الو�سطية بعيد ًا عن التطرف‬
‫وخ��ت��م‪�« :‬أخ��ي��ر ًا‪ ،‬و�أن���ا واح��د م��ن ا ّلذين‬ ‫كلمة رئي�س مجل�س النواب اللبناني‪:‬‬ ‫�سبيل اهلل تعالى‪.‬‬ ‫والت�شتت‪ ،‬وبعيد ًا عن الجمود‪ ،‬دعا �إلى‬
‫عا�شوا ودر���س��وا تجربة �سماحة ال�س ِّيد‪،‬‬ ‫و�ألقى رئي�س مجل�س النواب اللبناني نبيه‬ ‫واعتبر ال�شيخ قا�سم �أن الحالة الإ�سالمية‬ ‫�صناعة دول��ة الإن�سان‪ ،‬تحت ظالل قيم‬
‫�أقول �إ ّنه �سيبقى موجود ًا في فكر و�أجيال‬ ‫بري كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫ف��ي ل��ب��ن��ان م��دي��ن��ة ل��ل��م��رج��ع ف�����ض��ل اهلل‬ ‫الإ�سالم الخالد ال��ذي ال يفرق بين قوم‬
‫ال��م��ج��اه��دي��ن وال��م��ق��اوم��ي��ن ف��ي لبنان‬ ‫ه����ا ن���ح���ن ال ن����غ����ادر م��ح��ي��ط م���ع���ارف‬ ‫بن�ش�أتها وقياداتها وفعاليتها‪ ،‬وقال‪« :‬كان‬ ‫وقوم وطائفة و�أخرى‪...‬‬
‫ال�ساحات‪ ،‬و�سيكون‬ ‫وال��ع��راق ومختلف ّ‬ ‫ال�شهيدين �إلى بحار علوم الأعالم‪ ،‬ومنها‬ ‫ّ‬ ‫�سماحته(قده) داعم ًا وم�ؤيد ًا وداعي ًا �إلى‬ ‫�أع��ط��ى ال�����ص��ورة الحقيقية النا�صعة‬
‫موجود ًا في حركة ك ّل �شهيد‪ ،‬وفي انفتاح‬ ‫بحرك الخ�صب وزرع كالمك الأخ�ضر‪،‬‬ ‫المقاومة وا�ستمراريتها لتحرير الأر�ض‬ ‫عن الإ���س�لام كر�سالة تحرير للإن�سان‬
‫إ�سالمي على حركة الحياة وفي‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل جيل �‬ ‫�أ ّيها ال�س ّيد‪� ،‬إال ونحن يحملنا هنا وهناك‬ ‫و�إ�سقاط م�شروع االحتالل الإ�سرائيلي‪،‬‬ ‫من �سيطرة الآخ���ر‪ ،‬ونفى عنه التخ ّلف‬
‫ال�سير من خالل‬ ‫�صناعة الم�ستقبل‪ ،‬وفي ّ‬ ‫وهنالك مركب الأمل‪ ،‬وي�سلك بنا ال ّلجج‪،‬‬ ‫وه���و ال��ق��ائ��ل‪« :‬ل���ن �أرت����اح ح��ت��ى ت�سقط‬ ‫والتع�صب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والتطرف والمغاالة‬
‫و�ضوح الر�ؤيا»‪.‬‬ ‫قبطان يعرف علوم الكالم وعلوم الإن�سان‬ ‫�إ�سرائيل»‪...‬‬ ‫كلمة امين عام حزب اهلل‪:‬‬
‫«لذلك‪ ،‬ف�إ ّننا ندعو �إل��ى التزام و�صايا‬ ‫ا ّلذي هو على �صورة اهلل‪.‬‬ ‫ً‬
‫وك��ان ي�ؤكد دائما �أن الحل في مواجهة‬ ‫كلمة الأم��ي��ن العام لحزب اهلل �سماحة‬
‫���س��م��اح��ت��ه ف���ي ال���ح���ف���اظ ع��ل��ى معنى‬ ‫ها نحن نجد �أنف�سنا ونحن نتن ّقل بين‬ ‫�إ�سرائيل هو المقاومة‪ ،‬وك��ان ي�س�أل عن‬ ‫ال�سيد ح�سن ن�صر اهلل‪� ،‬ألقاها نائبه‪،‬‬
‫الإ�سالم في عالميته‪ ،‬و�إلى حمل المح ّبة‬ ‫الأفذاذ المجدّدين‪ ،‬وك�أ ّننا �أمام �شخ�ص‬ ‫�أخبارها وو�ضع مجاهديها ويقدم الدعم‬ ‫ال�شيخ نعيم قا�سم‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬
‫الإ�سالم ّية �إلى الإن�سان‪ ،‬و�أن نخ ّفف من‬ ‫واحد و�إمام واحد ومنهج واحد يمت ّد منذ‬ ‫لها ولهم‪...‬‬ ‫�سن ٌة م�� ّرت على ع��روج ال��روح ال�شامخة‬
‫ك�� ّل �أث��ق��ال التخ ّلف‪ ،‬وب����أن ال نجعل من‬ ‫فجر ال ّر�سالة �إلى اليوم‪.‬‬ ‫دعا �سماحته �إلى الوحدة الإ�سالمية و�أكد‬ ‫ل�سيدنا و�أبينا و�أ�ستاذنا ومربينا‪� ،‬إلى‬
‫االخ��ت�لاف المذهبي و�سيلة من و�سائل‬ ‫ها نحن‪ ،‬وف��ي �أعقد المراحل و�أ�صعب‬ ‫عليها‪ ،‬واعتبر �أنها فع ُل �إيمان والتزام‪،‬‬ ‫ال��م��ل��ك��وت الأع���ل���ى‪ ،‬وم���ا زال ي��غ��م��ر كل‬
‫�إ�سقاط الأخوة الإ�سالم ّية‪ ،‬بل �أن نواجه‬ ‫الظروف‪ ،‬وواقع الحال المف ّكك والم�صير‬ ‫ّ‬ ‫ه��ذه ال��وح��دة ه��ي التي ت��ف�� ِّوت م�ؤامرات‬ ‫�ساحاتنا بب�سمة الحنان و�صوت الحق‬
‫االختالف المذهبي كحال ٍة ثقاف ّية تتن ّوع‬ ‫ال��م��ه��دّد ل�ل�أق��ط��ار ول�ل�إن�����س��ان‪ ،‬نتل َّم�س‬ ‫الأع���داء وتُ�سقط فتنهم المتنقلة‪ ،‬وهي‬ ‫و�إ�شراقة الفكر وجر�أة المواجهة و�إرادة‬
‫فيها الأف���ك���ار‪ ،‬وتختلف فيها وجهات‬ ‫ونتب�صر‬
‫َّ‬ ‫ال�صدر‪،‬‬ ‫ال�� َّدرب بع�صا مو�سى َّ‬ ‫التي تح�صننا في مواجهة التحديات‪...‬‬ ‫ال��ت��ح��دي‪ ،‬م��ا زال ح�ضوره فينا وبيننا‬
‫ال ّنظر ليكون الحوار هو الأ�سا�س في ح ّل‬ ‫ال َّدرب بعينيك‪ ،‬لع ّلنا ن�صل �إلى ب ِّر الأمان‬ ‫لم تخ ُل خطبة من خطب �سماحة العالمة‬ ‫�شامخ ًا �شموخ ج��ه��اده‪ ،‬را���س��خ�� ًا ر�سوخ‬
‫الم�شاكل»‪.‬‬ ‫بف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫الكبير من انتقاد �أمريكا وت�سليط ال�ضوء‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪12‬‬
‫احتفاالت ت�أبينية للمرجع ف�ضل اهلل في طهران وقم ‪:‬‬
‫وفا�ؤنا له يقت�ضي م ّنا العمل َّ‬
‫�ضد المغالين والخراف ّيين‬
‫بمنا�سبة ال��� ّذك���رى ال�سنو ّية‬
‫الأولى لرحيل العالمة المرجع‪،‬‬
‫ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫�أق��ام المجمع العالمي لأه��ل البيت(ع)‪،‬‬
‫ومجمع التّقريب بين المذاهب الإ�سالم ّية‪،‬‬
‫ومنظمة ال ّثقافة والإعالم الإ�سالم ّية‪ ،‬في‬ ‫ّ‬
‫م�سجد ال��ج��واد ف��ي العا�صمة الإيرانية‬
‫ط���ه���ران‪ ،‬اح��ت��ف��ا ًال ح��ا���ش��د ًا‪ ،‬ح�ضرته‬
‫�شخ�ص ّيات �إيران ّية علمائ ّية‪ ،‬و�شخ�ص ّيات‬
‫اجتماع ّية و�أكاديمية‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى جمع‬
‫الفل�سطين ّية وم�سيرة الوحدة الإ�سالم ّية‪،‬‬ ‫من ال�شخ�ص ّيات ال ّلبنان ّية‪..‬‬
‫وكان يتط ّلع �إلى مقاوم ٍة �أخالق ّي ٍة وروح ّي ٍة‬ ‫وتحدّث في االحتفال مم ّثل مر�شد الثورة‬
‫وع��ل��م�� ّي�� ٍة ت��ح��م��ي ال��م��ق��اوم��ة الجهاد ّية‬ ‫اال�سالمية في �إيران اية اهلل ال�س ّيد علي‬
‫وت�صونها‪ .‬ول��ذل��ك‪ ،‬ف����إنّ الإخ�لا���ص له‬ ‫خامنئي ف��ي محافظة «م���رك���زي»‪� ،‬آية‬
‫يقت�ضي م ّنا الإخال�ص لك ّل هذه العناوين‪،‬‬ ‫اهلل ق��رب��ان علي نجف �آب����ادي‪ ،‬م�شيد ًا‬
‫الواعي‬
‫ّ‬ ‫الحركي‬
‫ّ‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫والوفاء للت ّيار ال‬ ‫ب�شخ�ص ّية المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫ا ّل��ذي �أطلقه ال�س ّيد فكر ًا وعلم ًا ووعياً‬
‫«ه��ذه ال�شخ�ص ّية التي يفتقدها العالم‬
‫على م�ستوى الأ ّم���ة ك ّلها‪ ،‬وف��ي امتداد‬ ‫الإ���س�لام ّ��ي ف��ي وق ٍ��ت ه��و �أح���وج م��ا يكون‬
‫ال�� ّزم��ن ا ّل���ذي يحت�ضن الفكرة ا ّل��ت��ي ال‬ ‫�إليها‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في هذه المرحلة التي‬
‫تموت‪ ،‬طالما �أ ّنها تم ّثل حاج ًة في الأر�ض‬ ‫تعي�شها المنطقة العرب ّية والإ�سالم ّية‪ ،‬وفي‬
‫والميدان والعقل‪.‬‬ ‫ظ ّل محاوالت زرع الفتنة بين الم�سلمين»‪.‬‬
‫من �أبواب الغل ّو ونوافذ الخرافة‪ ..‬الأمر‬ ‫هي الخيار ا ّلذي ال يمكن للأ ّمة �أن تتن ّكر‬
‫له‪ ،‬لأنّ البديل هو الدّمار واالنهيار ا ّلذي‬ ‫و�ألقى �سماحة العالمة ال�س ِّيد علي ف�ضل‬
‫ا ّل��ذي يتط ّلب �أن نحفظ م�سيرة الوحدة‬
‫احتفال قم‪:‬‬ ‫ال�ساحة ك ّلها‪ ،‬وي�ضرب البنيان‬ ‫ي�صيب ّ‬ ‫اهلل كلم ًة �أ�شار فيها �إل��ى الميزات ا ّلتي‬
‫الإ�سالم ّية بمواقف �صريحة وحا�سمة‬
‫كما �أقام مكتب المرجع ف�ضل اهلل(ر�ض)‪،‬‬ ‫إ�سالمي في جذوره وقواعده‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ط��ب��ع��ت �شخ�ص ّية ال��م��رج��ع ف�����ض��ل اهلل‬
‫وث��اب��ت��ة‪ ،‬ت��واج��ه ال��خ��راف��ة والخراف ّيين‬ ‫ّ‬
‫ف��ي ق ّ���م‪ ،‬اح��ت��ف��ا ًال ح��ا���ش��د ًا ف��ي الذكرى‬ ‫والغالة والمغالين‪ ،‬كما يتط َّلب �أن نكون‬ ‫و�إذا ك��ان ال�س ّيد قد ا�ستطاع �أن يحمي‬ ‫الخا�ص‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إن�ساني‬
‫إ�سالمي وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالطابع ال‬
‫ال�سنو ّية الأولى لرحيل �سماحته في م�سجد‬ ‫ال�ساحة الإ���س�لام�� ّي��ة بح�ضوره وحركته‬ ‫ّ‬ ‫م�شير ًا �إل��ى ج��ه��وده ف��ي ت�أ�سي�س الت ّيار‬
‫ال�صراحة التي يتكا�شف فيها‬ ‫في موقع ّ‬
‫�أه��ل ال��ب��ي��ت(ع)‪..‬وق��د ح�ضر االحتفال‬ ‫ّ‬ ‫ال�س ّنة ّ‬ ‫ومواقفه الوحدو ّية الحا�سمة‪ ،‬فعلينا �أن‬ ‫الإ�سالمي الحركي ال��ذي تجاوز الأطر‬
‫وال�شيعة ف��ي ك��ل �أم��وره��م قبل‬
‫ك�� ّل م��ن‪ :‬مم ّثل عن مجمع التّقريب بين‬ ‫�أن يتدافنوا‪ ،‬و�أن نكون �إل��ى جانب ت ّيار‬ ‫ن��ب��ذل الجهود الم�ضاعفة ل�صون هذه‬ ‫المذهب ّية والعناوين ال�سيا�س ّية والالفتات‬
‫المذاهب‪ ،‬وممثل عن مكتب مم ّثل مر�شد‬ ‫الوعي في مواجهة ما ي�صنعه المتخ ّلفون‬ ‫الوحدة بعد غياب رمزها الأ َّول‪ ،‬وال يكون‬ ‫الإقليم ّية‪ ،‬حيث �شعر ب�أنّ الإ�سالم يتّ�سع‬
‫الثورة اال�سالمية في �إيران اية اهلل ال�س ّيد‬ ‫ذل��ك بالكلمات والبيانات والم�ؤتمرات‬ ‫إن�ساني ك ّله‪ ،‬متط ّرق ًا �إلى قراءته‬
‫للعنوان ال ّ‬
‫والمتع�صبون و�ض ّيقو الأف��ق من م�شاكل‬ ‫ّ‬
‫علي خامنئي‪ ،‬ومم ّثل عن المجمع العالمي‬ ‫ل�ل�أ ّم��ة ف��ي ال��� ّ��س��اح��ة‪ ،‬وع��ل��ى ّ‬
‫ال�شا�شات‬ ‫ف��ح�����س��ب‪ ،‬ب��ل ب��ال��ع��م��ل ال��م��ي��دان ّ��ي ا ّل���ذي‬ ‫الدّقيقة لأو���ض��اع ال��ع��رب والم�سلمين‪،‬‬
‫لأه��ل البيت‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى مم ّثلي بع�ض‬ ‫ي�شعر فيه الجميع ب���أنّ الوفاء للإ�سالم‬ ‫وال�شروع‬‫وو�ضعه الإ�صبع على ال��ج��رح‪ّ ،‬‬
‫ال�صغيرة والكبيرة‪ ،‬وفي الف�ضائ ّيات ا ّلتي‬ ‫ّ‬
‫قم المقدّ�سة‪...‬‬
‫المراجع الكرام في ّ‬ ‫ً‬ ‫العظيم يقت�ضيهم �أن يقدّموا م�صلحة‬ ‫التع�صب‬‫في المعالجة الميدان ّية لق�ضايا ّ‬
‫يم ّثل بع�ضها موقعا من مواقع الفتنة التي‬
‫بعد كلمة لل�س ّيد الك�شميري تحدّث فيها‬ ‫ه��ذا الإ���س�لام على �أط��ره��م المذهب ّية‬ ‫والخرافة والغل ّو‪..‬‬
‫يريدها العد ّو‪ ،‬فيما تت�س ّبب به من �ضعف‬
‫ع��ن خ�سارة الأ ّم���ة بفقد المرجع ف�ضل‬ ‫الطائف ّية‪ ،‬وقد ترك لنا ال�س ّيد‬ ‫وعناوينهم ّ‬ ‫�شدّد �سماحته في كلمته على �ضرورة‬ ‫كما َ‬
‫الأ ّمة وانق�سامها وف�شلها وذهاب ريحها‪..‬‬
‫اهلل‪� ،‬ألقى العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ال�ضخمة‪،‬‬ ‫من تراثه الكبير‪ ،‬ومن تجاربه َّ‬ ‫�أن تحفظ ال َّأم��ة للجمهور َّية الإ�سالم َّية‬
‫وتابع �سماحته‪� :‬أ ّيها الأخوة‪ ..‬لقد حر�ص‬
‫كلم ًة �أ ّكد فيها �أنّ المرجع ال�س ّيد محمد‬ ‫�سماحة ال�س ِّيد �أن يبقى ّ‬ ‫ما يعيننا على حماية هذه الوحدة وحفظها‬ ‫في �إي��ران جهدها ا ّل��ذي بذلته لح�ساب‬
‫خط �أهل البيت‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل(ر�����ض)‪ ،‬ك��ان يتط ّلع‬ ‫�لا ف��ي �إ���ش��راق��ت��ه‪ ،‬ك�صفاء ر�سول‬ ‫�أ���ص��ي ً‬ ‫ب�شتّى الو�سائل والأ�ساليب‪..‬‬ ‫الإ�سالم والق�ض ّية الفل�سطين ّية ودعمها‬
‫�إل��ى �أ ّم���ة ق��و ّي��ة ال تخ�ضع للم�ستكبرين‪،‬‬ ‫�أ����ض���اف‪� :‬إنّ ال��وف��اء لم�سيرة الوحدة‬ ‫لخط المقاومة والممانعة‪..‬‬ ‫ّ‬
‫اهلل(���ص)‪ ،‬ونقاء �أهل البيت(ع)‪ ،‬وكان‬
‫و�أراد ل�ل�أدي��ان �أن تتعاي�ش فيما بينها‪،‬‬ ‫الإ�سالم ّية ومنهج التّقريب ا ّلذي يتع ّر�ض‬ ‫وقال‪� :‬إنّ الوحدة الإ�سالم ّية ا ّلتي �أم�ضى‬
‫ال�صورة �إلى‬ ‫حري�ص ًا على �أن يقدّم هذه ّ‬ ‫�سماحة ال�س ّيد ك ّل حياته وهو يعمل على‬
‫ال�شعوب المعتنقة لهذه الأديان‬ ‫لت�ستطيع ّ‬ ‫في هذه المرحلة لأخطر م�ؤامرة‪ ،‬وتحاك‬
‫الع�صر‪ ،‬ال �أن تبقى في التّاريخ‪ ،‬حيث‬
‫�أن تتعاون وتتحاور وتتالقى‪ ،‬م�شير ًا �إلى‬ ‫ال�صافي و�أ�صالته‬ ‫���ض��دّه ال�� ّد���س��ائ�����س ال��ك��ب��رى‪ ،‬ت���ار ًة تحت‬ ‫حمايتها وتر�سيخ م�شروعها‪ ،‬و�أو�صى‬
‫ر�أى فيه فكر الإ�سالم ّ‬ ‫ب��ه��ا ك��� ّل مح ّبيه وم��ري��دي��ه ف��ي لحظات‬
‫�سعيه لتطوير البنية الحوزو ّية‪ ،‬ورف�ضه‬ ‫ّ‬
‫ال��م�����ش��رق��ة وال��م��ب��دع��ة ف��ي ك���ل ميادين‬ ‫عناوين ق�ضائ ّية دول�� ّي��ة‪ ،‬و�أخ���رى تحت‬
‫للفقه الهند�سي‪ ،‬لأ ّن���ه �أراد للحوزة �أن‬ ‫عناوين جديدة ت�ستهدف ت ّيار الممانعة‬ ‫ال����وداع‪ ،‬عندما ق��ال ل��ه��م‪« :‬ل��ق��د عملت‬
‫الحياة‪ ،‬كما حر�ص على �أن يقر�أ الأحداث‬
‫تخ ّرج علماء يكونون قادرين على مواجهة‬ ‫في ال َّأمة‪ ،‬ت�ستدعي �أن ن�شهر جميع ًا �سيف‬ ‫منذ انطالقتي الأول��ى لم�شروع الوحدة‬
‫م��ن ال��ق��ل��ب وال��م��رك��ز‪ ،‬م��ن فل�سطين‪،‬‬
‫المع�ضالت ا ّلتي يطرحها الع�صر‪..‬‬ ‫وحر�ص على ت�صنيف المواقع من خالل‬ ‫الوعي والعقل على جيو�ش التخ ّلف‪ ،‬وعلى‬ ‫الإ�سالم ّية‪ ،‬فال تتركوا هذا الم�شروع‪ ،‬وال‬
‫جحافل الجهل ا ّل��ت��ي تزحف �إل��ى الأ ّم��ة‬ ‫تنحرفوا عن طريقه»‪� ..‬إنّ هذه الوحدة‬
‫�إخال�صها للق�ض َّية الإ�سالم ّية والق�ض ّية‬
‫‪13‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫احتفال «الفقيه الإن�سان» في الكويت ‪� :‬إحياء لذكرى المرجع المجدّ د‬

‫مبنا�سبة ال ّذكرى ال�سنو َّية الأوىل لرحيل املرجع الإ�سالمي الكبري ال�س ِّيد حممد‬
‫ح�س�ي�ن ف�ض ��ل اهلل (ر�ض ��وان اهلل تعاىل عليه)‪� ،‬أقامت �ش ��بكة الب�شائر الإ�سالمية‬
‫احتفال ت�أبينياً كب�ي�راً يف جمعية الثقافة‬
‫ٌ‬ ‫وح�س ��ينية دار الزه ��راء (ع) يف الكوي ��ت‬
‫االجتماعية حتت �ش ��عار «الفقيه الإن�س ��ان»‪ ،‬وذلك مب�ش ��اركة ح�ش ��د من امل�ؤمنني‬
‫وامل�ؤمنات امتلأت بهم قاعة م�س ��رح جمعية الثقافة االجتماعية تقدّمهم احلاج‬
‫كاظم عبد احل�سني‪ ،‬و�سماحة ال�شيخ �صالح جوهر‪ ،‬و�سماحة ال�شيخ غامن طالب‪،‬‬
‫وع�ض ��و جمل�س الأمة ال�سيد عدنان عبد ال�صمد‪ ،‬وع�ضو املجل�س البلدي د‪ .‬عبد‬
‫الكرمي ال�سليم‪.‬‬

‫إ�سالمي‪ -‬ما عدا الحقائق‬


‫ّ‬ ‫� َّأن كل الفكر ال‬ ‫من ع�شق العبادة»‪ ..‬لم ت�شغله الأو�ضاع‬ ‫ب��داي�� ًة االح��ت��ف��ال م��ع �آ ٍي����ات م��ن ال ّذكر‬
‫ب�شري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الإ�سالم ّية البديه ّية‪ -‬هو فكر‬ ‫المتوتّرة عن ممار�سة دوره في الحياة‪،‬‬ ‫الحكيم تالها الحاج عبد اهلل �أبل‪ ،‬بعده‬
‫ولي�س فك ًرا �إله ًّيا‪ ،‬وقد يخطئ الب�شر في‬ ‫و�إقامة الدّرو�س والمحا�ضرات‪ ،‬والتن ّقل‬ ‫جاء رثاء ر�سالي ل�سماحة ال�سيد (ر�ض)‬
‫ما يفهمونه من كالم اهلل عز وجل وكالم‬ ‫من بلد �إلى �آخر‪ ،‬يع ّلم ال ّنا�س والعباد»‪.‬‬ ‫�ألقاه ال�شاب عمار نبيل الم�سقطي على‬
‫ر�سول اهلل (�ص) وقد ُي�صيبون»‪ .‬وهو بهذا‬ ‫و�أ���ض��اف‪« :‬ك��ان كثير التّرديد لذكر اهلل‬ ‫وق���ع ك��ل��م��ات �آي���ة اهلل ال�سيد ع��ب��د اهلل‬
‫(الن�ص‬
‫ّ‬ ‫الكالم يف ّرق بين الدين الثابت‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬جعله منهاج ًا و�س ّر نجاح‬ ‫الغريفي عند �إعالنه رحيل ال�سيد الكبير‬
‫المقدّ�س وال�س ّنة ال�صحيحة) وبين معرفة‬ ‫ف��ي ح��ي��ات��ه‪ ،‬وج��ع��ل ال��ع��ب��ادة رك��ن�� ًا مهم ًا‬ ‫(ر�ض) ‪.‬‬
‫الدين وفهمه الب�شر ّيين‪.‬‬ ‫ف��ي م�سيرته العلم ّية‪ ،‬يقوم ال ّليل حتى‬ ‫وق���د ت�ضمن ال��ب��رن��ام��ج حلقة نقا�شية‬
‫ال�شيخ محمد المحفوظ‪:‬‬ ‫���ص�لاة ال��ف��ج��ر‪ ،‬وم���ا �إن تنق�ضي حتّى‬ ‫�شارك فيها من الكويت كل من الكاتبة‬
‫من جهته‪� ،‬أكد ال�شيخ محمد المحفوظ‬ ‫يبد�أ عمله بالكتابة وال��ق��راءة‪ ،‬ثم يبد�أ‬ ‫الإ�سالمية ايمان �شم�س الدين والنا�شطة‬
‫(ال��ب��اح��ث الإ���س�لام��ي) ‪� :‬أن المقومات‬ ‫‪-‬ج��ع��ل ال��م��رج��ع��ي��ة ال��م��ع��رف��ي��ة ف��ي فهم‬ ‫�صباحه ب��اال���س��ت��ع��داد لإق��ام��ة ال��دّرو���س‬ ‫الإ�سالمية ليلى المحميد‪ ،‬ومن القطيف‬
‫الثقافية والفكرية هي م�شروع �أية �أمة‪،‬‬ ‫الن�صو�ص والتراث للقر�آن الكريم‪ .‬وفي‬ ‫والمحا�ضرات»‪.‬‬ ‫�شارك الباحث الإ�سالمي �سماحة ال�شيخ‬
‫م�شير ًا �إلى �أن علماء االجتماع والتاريخ‬ ‫ذلك يقول‪�« :‬إ ّننا كم�سلمين نرى الحقيقة‬ ‫وختم المو�سوي محا�ضرته بالإ�شارة �إلى‬ ‫م��ح��م��د ال��م��ح��ف��وظ‪ ،‬وم���ن ل��ب��ن��ان مدير‬
‫اتفقوا على �أن الفكرة الدينية رافقت‬ ‫في كتاب اهلل من خالل �أ ّنه ّ‬
‫الن�ص الذي ال‬ ‫لل�شباب‪ ،‬يجال�سهم‬ ‫�أنّ الفقيد كان «مر�شد ًا ّ‬ ‫المركز الإ�سالمي الثقافي ال�سيد �شفيق‬
‫الح�ضارات والتي ترجمت الواقع االن�ساني‬ ‫ي�أتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه‪،‬‬ ‫وي�سمع منهم‪ ،‬ويمدّهم بالعلم والمعرفة‪،‬‬ ‫المو�سوي‪.‬‬
‫لبناء ح�ضاري‪ ،‬وعليه برزت المفارقات‬ ‫�شك في � َّأن القر�آن كتاب‬ ‫فلي�س هنالك ٌ‬ ‫لل�سفر �إال لإقامة الدّرو�س‬ ‫ولم يكن مح ّب ًا ّ‬
‫اهلل»‪.‬‬ ‫والمحا�ضرات وال ّندوات‪ ،‬وكان حري�ص ًا‬ ‫ال�سيد �شفيق المو�سوي‪:‬‬
‫بين م��ا ه��و ك��ائ��ن وم��ا ي��ك��ون خا�صة في‬
‫‪-‬عدم تقدي�س ال�سلف وتراثهم و�إخ�ضاع‬ ‫�أ�ش ّد الحر�ص على تزويد هذه الفئة من‬ ‫وت��ح َ��دّث ال�����س�� ِّي��د �شفيق ال��م��و���س��وي في‬
‫المنهج اال�سالمي كمبد�أ والعقيدة كعمل‬
‫مع بروز بع�ض المظاهر �ضد الدين‪.‬‬ ‫ك��ل الآراء والن�صو�ص للتثوير العلمي‬ ‫المجتمع بما ينفعهم وير�شدهم»‪.‬‬ ‫المحا�ضرة ا ّلتي �ألقيت في حفل ال َّت�أبين‪،‬‬
‫و�أ�شار ال�شيح المحفوظ‪� :‬إلى ظاهرتين‬ ‫والمنهجي وف��ق الدليل العقلي القطعي‬ ‫عن م�آثر الفقيد ال َّراحل‪ ،‬حيث تط َّرق �إلى‬
‫في هذا المجال الأولى ظاهرة الم�صلح‬ ‫والن�صي وال��ب��ره��ان‪ .‬وي��ق��ول ف��ي ذلك‪:‬‬ ‫�إيمان �شم�س الدين‪:‬‬ ‫�شهادات العديد من العلماء والمف ّكرين‬
‫ال��ج��زئ��ي وال��ث��ان��ي��ة ظ���اه���رة التجارب‬ ‫«كلمات ال��ق��ر�آن تبقى خا�ضعة الجتهاد‬ ‫من جهتها قالت الكاتبة االكويتية �إيمان‬ ‫والأ�صدقاء المق ّربين من العالمة ال ّراحل‪،‬‬
‫اال�صالحية ال�شاملة‪ ،‬اي �أن الم�صلح‬ ‫المف�سرين والعلماء‪ ،‬مما ال ي�سمح لنا‬ ‫ّ‬ ‫�شم�س الدين ‪ :‬اذا �أردن��ا �أن نقف على‬ ‫ا ّلذين عا�صروه خالل م�سيرة حياته‪.‬‬
‫�أو ال��م��رج��ع يعمل على توثيق النه�ضة‬ ‫بالتو ّقف عند ما اجتهد به العلماء وما‬ ‫معالم ر�ؤي��ة ال�سيد ف�ضل اهلل (ر�ض)‪،‬‬ ‫وق��ال ال�سيد �شفيق المو�سوي �إنّ ال�س ّيد‬
‫ال�شاملة‪ ،‬مو�ضح ًا ب�أن ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫المف�سرون ال��ق��ر�آن باعتباره‬ ‫ّ‬ ‫ف��� َّ��س��ر ب��ه‬ ‫علينا بداية �أن ننظر لمنهجه في بناءاته‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر���ض) هو علم‬
‫(ر�ض) كان نموذج ًا معا�صر ًا للإ�صالح‬ ‫الحقيقة الكاملة‪ ،‬فقد ن�ستطيع �أنْ نكت�شف‬ ‫الفكرية والن�صية والآليات التي اعتمدها‬ ‫بذاته‪ ،‬ا�ستلهم الآخرون من علمه‪ ،‬فكان‬
‫ال�شامل‪ ،‬حيث �صاغ ال��ر�ؤي��ة اال�سالمية‬ ‫كثي ًرا من الأخطاء في هذا التراث‪� ...‬إ ّننا‬ ‫ال�سيد (ر�ض) ب�شكل عام وانعك�س ذلك‬ ‫مع ّلم ًا لل ّنا�س‪ ،‬ع ّلمهم �آداب الإ�سالم‬
‫ال�شاملة المتكاملة‪ ،‬بل ح�� ّول م�شروعه‬ ‫نعتقد � َّأن ك ّل ما جاءنا من ت��راث فقهي‬ ‫على ر�ؤيته للمر�أة في كل جوانبها على‬ ‫وال��ح��ي��اة وال��� ّدي���ن‪ ،‬وك���ان ت��ح��ت ق�صف‬
‫النظري �إلى واقع عملي‪ ،‬كما في احياء‬ ‫وك�لام��ي وفل�سفي ه��و نتاج المجتهدين‬ ‫م�ستوى‪ :‬الذات والأ�سرة والمجتمع‪.‬‬ ‫المدافع و�أ�صوات قنابل ق�� ّوات االحتالل‬
‫ال��دور العبادي‪ ،‬وكذلك في �إح��ي��اء قيم‬ ‫والفقهاء والفال�سفة والمف ّكرين‪ ،‬من‬ ‫�إن الم�س�ألة عند ال�سيد ف�ضل اهلل لي�ست‬ ‫الإ���س��رائ��ي��ل ّ��ي‪ ،‬يقيم ال��دّرو���س ويمار�س‬
‫اال�سالم وازال��ة الركام التاريخي عنه‪،‬‬ ‫خ�ل�ال معطياتهم ال��ف��ك��ر ّي��ة‪ ،‬وال يم ّثل‬ ‫مو�ضوع ال��م��ر�أة بذاتها‪ ،‬بل هي م�س�ألة‬ ‫العبادات‪.‬‬
‫والعمل على بناء نخبة دينية واعية‪.‬‬ ‫الحقيقة �إ ّال ب��م��ق��دار م��ا نقتنع ب��ه من‬ ‫منهج و�أدوات و�آليات اجتهاد اعتمدها‬ ‫وتابع‪« :‬ع ّلمنا ف�ضائل كثيرة‪ ،‬وكيف نر ّد‬
‫وخل�ص المحفوظ �إلى �أن‪ :‬ال�سيد (ر�ض)‬ ‫تج�سيده للحقيقة على �أ�سا�س ما نملكه‬ ‫كر�ؤية عامة تجاه المو�ضوعات كافة وقد‬ ‫على الإ�ساءة‪ ،‬وكيف نتع ّبد وكيف نتع ّلم‪،‬‬
‫من مقايي�س الحقيقة‪ ،‬وبهذا ف�إ ّننا نعتقد‬ ‫نلخ�ص هذا المنهج في نقاط �أبرزها‪:‬‬ ‫وم��ن �أق��وال��ه ال��م���أث��ورة‪�« :‬أف�ضل ال ّنا�س‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪14‬‬
‫�إحياء الذكرى في البحرين‪:‬‬ ‫كان م�شروع ذا حراك اجتماعي وديني‬
‫و�سيا�سي ال يتوقف �أو ي�ستكن �أو يخلد �إلى‬
‫العالمة ال�سيد عبداهلل الغريفي‪� :‬سنبقى �أوفياء لنهجك‬ ‫ال��راح��ة‪ ،‬وعلى ه��ذا الأ�سا�س هو منهج‬
‫حياة وم�شروع ح�ضارة‪ ،‬علينا جميع ًا �أن‬
‫وع��ن ح���راك الم�سيرة‪ ،‬ويبقى الكتاب‬ ‫ننهل من تلك الح�ضارة‪ ،‬والتي تمتعت‬
‫جامد ًا �إذا لم تح َّرك م�ضامينه‪ ،‬ويبقى‬ ‫ب�شموليتها عند ال�سيد (ر�ض)‪.‬‬
‫الخطاب راك���د ًا �إذا ل��م تف َّعل �أفكاره‪،‬‬ ‫ليلى المحميد‪:‬‬
‫وتبقى الم�شروعات معر�ض ًا لال�ستهالك‬ ‫�أما ليلى المحميد (نا�شطة �إ�سالمية من‬
‫ال�سيرة في‬ ‫جدّد عطا�ؤها‪ ،‬وتبقى ِّ‬ ‫�إذا لم ُي َ‬ ‫الكويت) فقالت‪ :‬حمل ال�سيد (ر�ض)‬
‫حاجة �إلى تحريك دائم‪.‬‬ ‫من روح ر�سول اهلل (���ص) ومن ر�سالته‬
‫كم من العلماء الكبار بقوا مدفونين في‬ ‫كما حمل ن�سبه المبارك فكان ومازال‬
‫كتب التراث‪ ،‬وبقوا مح َّنطين في متاحف‬ ‫ل��ه ح�ضور ق��وي ف��ي عقولنا ووجداننا‬
‫ال��ت��اري��خ‪ ،‬و�إذا ك��ان �أع����دا ٌد ك��ب��ي��ر ٌة من‬ ‫وتفا�صيل حياتنا فال تزال ار�شاداته تتمثل‬
‫والمفكرين قد بقوا في ذاكرة‬ ‫ِّ‬ ‫الفقهاء‬ ‫�أمامنا في كل مفترق طريق‪ ،‬عالوة على‬
‫الحوزات العلم َّية‪ ،‬وفي ذاكرة الجامعات‪،‬‬ ‫ا�ست�شاراته التي كانت متواجدة في كل‬
‫وفي ذاكرة الدار�سين والمتابعين ف�إ َّنهم‬
‫غائبون عن ذاك��رة �أج��ي��ال ال َّأم���ة‪ ،‬وعن‬ ‫مكان وزم���ان‪ ،‬حيث �أن ال�سيد (ر�ض)‬
‫وج��دان��ه��م‪ ،‬وع���ن ح��رك��ت��ه��م‪ ،‬ف��ك��م هي‬ ‫كان الأب الروحي لأغلب الإ�سالميين في‬
‫ال��ح��اج��ة ك��ب��ي��ر ٌة �إل���ى ا�ستح�ضار ه���ؤالء‬ ‫ال�ساحة‪.‬‬
‫الكبار من �أجل �أن يكونوا �ص َّناع ًا لم�سيرة‬ ‫�أحيى الم�ؤمنون في البحرين الذكرى ال�سنوية االولى لرحيل �سماحة العالمة المرجع‬ ‫و�أك����دت المحميد‪� :‬أن ال�سيد (ر���ض)‬
‫ال َّأمة‪.‬‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر���ض)‪ ،‬م�ؤكدين على التم�سك بالنهج الذي خطه‬ ‫�أخل�ص للر�سالة و�أع��ط��اه��ا ك��ل وجوده‬
‫َ‬
‫عا ٌم م�ضى على رحيل ال َعلم الكبير والأب‬ ‫�سماحته‪ ،‬وبموا�صلة م�سيرة الوعي والحركة والجهاد في الخط اال�سالمي اال�صيل‪،‬‬ ‫و�سخر لها ك��ل طاقاته وج�سد عالمية‬
‫ال�صامد‪ ،‬والعامل‬ ‫المر ِّبي‪ ،‬والمجتهد َّ‬ ‫وفي مواجهة جميع التحديات‪ .‬وقد تحدث �سماحة العالمة ال�سيد عبد اهلل الغريفي‪،‬‬ ‫الإ���س�لام فكر ًا وموقف ًا‪ ،‬وتجاوز عطاءه‬
‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ال�صابر َّ‬ ‫عن مزايا و�شخ�صية المرجع الراحل‪ ،‬ومما جاء في خطبته‪:‬‬ ‫للإ�سالم حدود المكان والزمان ف�شجرته‬
‫وال زال��ت اللوعة تملأ ك َّ��ل القلوب التي‬ ‫المباركة �سوف ت�ؤتي �أكلها كل حين‪.‬‬
‫وتر�سمت‬ ‫ع�شقت هذا الرجل‪ ،‬و�أح َّبته‪َّ ،‬‬ ‫ف�سر ًا‪� ،‬أن نقر�أه‬ ‫نقر�أه �أ�صول ّي ًا‪� ،‬أن نقر�أه ُم ِّ‬ ‫الدّيني‬ ‫عا ٌم م�ضى على رحيل المرجع ِ‬ ‫و�أ�ضافت المحميد‪ :‬ب�أن ال�سيد (ر�ض)‬
‫خطاه‪ ،‬وكيف ال وقد ملأ ك َّ��ل الم�شاعر‪،‬‬ ‫فكر ًا‪� ،‬أن نقر�أه ُمر ِّبي ًا‪� ،‬أن نقر�أه داعي ًة‪،‬‬ ‫ُم ِّ‬ ‫الكبير �آي��ة اهلل العظمى ال�سيد محمد‬ ‫ك��ان م��ث��ا ًال ح��ي�� ًا ف��ي ال��ج��ه��اد حيث كان‬
‫وك َّ��ل العقول‪ ،‬وك َّ��ل الواق ِع بما ي�صعب �أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫�أن نقر�أه �أديبا‪� ،‬أن نقر�أه �سيا�س ّيا‪ ،‬هذا‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل ق�� ّد���س اهلل روح��ه‬ ‫م�ستمر ًا ف��ي عطائه ول��م ي��ع��رف طعم‬
‫يمار�سه �إال الأف��ذاذ الكبار اال�ستثنائ ُّيون‬ ‫خا�ص ًا‪،‬‬
‫المنهج يحاول �أن يعالج عنوان ًا ّ‬ ‫ال�شريفة‪ ،‬وال زال ال��ح��زنُ ي�سكنُ في‬ ‫الراحة �إال في العبادة‪.‬‬
‫يف�سر لنا‬ ‫وهو واح ٌد من �أبرزهم‪ ،‬هذا ما ِّ‬ ‫م َّما يعطيه عمق ًا ود َّق ًة‪ ،‬وا�ستيعاب ًا‪ ،‬بما ال‬ ‫قلوب المح ِّبين والعا�شقين‪.‬‬ ‫وقالت المحميد‪ :‬ب���أن ال�سيد ك��ان دائم‬
‫الع�شاق والمح ِّبين والعارفين‪.‬‬ ‫هيام َّ‬ ‫تتو َّفر عليه القراءة َّ‬
‫العامة‪.‬‬ ‫العظيم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عا ٌم م�ضى والزال هذا الرجل‬ ‫االر���ش��اد والتوجيه والن�صح للت�صدي‬
‫وح َتّى الذين نا�صبوه العداء‪ ،‬وحاربوه‪،‬‬ ‫المنهج الثاني‪ :‬القراءة ال�شمول َّية‪ ،‬وهي‬ ‫ح��ا���ض��ر ًا ف��ي ذاك���رة ال َّأم����ة ب��ك ِّ��ل فكره‬ ‫لل�صراعات وت��رك الخالفات فقد كان‬
‫و�شتموه‪ ،‬وقذفوه‪ ،‬وملأوا الدنيا �ضجيج ًا‬ ‫��ا���ص‪ ،‬بقدر ما‬ ‫ق��راء ٌة ال تُعنى بعنوانٍ خ ٍ ّ‬ ‫وعلمه وتقواه وخلقه و�سيرته وعطائه‬ ‫ي���ق���ول‪« :‬ح����ذار م��ن �أن تنطلق حركة‬
‫�ضدّه‪ ،‬قد بهرهم �صدى رحيله‪ ،‬و�أذهلهم‬ ‫َ‬ ‫بكل مك ِّوناتها‪ ،‬وهنا‬ ‫يه ُّمها ال�شخ�ص َّية ِّ‬ ‫وجهاده‪.‬‬ ‫�إ�سالمية لتهاجم حركة �إ�سالمية �أخرى‬
‫هلل يبقى‬ ‫ح�ضوره بعد الرحيل‪ ،‬فما كان ِ‬ ‫ت��ت��زاوج العناوين من �أج��ل �إن��ت��اج منهج‬ ‫لقد �ش َّكل تاريخا ال يمكن �أن ُيمحى‬ ‫ً‬ ‫لمجرد �أن هناك خالف ًا في بع�ض تفا�صيل‬
‫ِذك��ر ًا جمي ًال‪ ،‬وثنا ًء عطر ًا « َو ْاج�� َع��ل ِّلي‬ ‫وا���س��ع و���ش��ام��ل ب��م��ا ال ت��ق ِّ��دم��ه القراءة‬ ‫الزّمن‪ .‬كان عنوانَ مرحل ٍة‬ ‫في م�سيرة َ‬ ‫الأ�سلوب وبع�ض تفا�صيل المنهج‪ ،‬ال وقت‬
‫(ال�شعراء‪:‬‬ ‫ِل َ�سانَ ِ���ص ْ��دقٍ ِف��ي ال ِآخ ِ��ري��نَ » ّ‬ ‫التجزيئ َّية‪ .‬وكال القراءتين �ضرور َّيتان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫�سوف يبقى متم ِّيزا وب��ارزا‪ ،‬هكذا َع ْب َر‬ ‫لنا �أن نختلف مع بع�ضنا‪ ،‬ال فر�صة لنا لأن‬
‫كلّ‬‫‪ )84‬قد �أخل�ص ‪ -‬ر�ضوان اهلل عليه ‪َ -‬‬ ‫ف��الأول��ى تمنحنا العمق والخ�صو�ص َّية‪،‬‬ ‫التاريخ هناك رج��ا ٌل يم ِّثلون عناوين‬ ‫نختلف مع بع�ضنا‪ ،‬ال يجوز لنا �أن نختلف‬
‫الإخال�ص هلل تعالى‪ ،‬وذاب فيه‪ ،‬و�أعطى‬ ‫والثانية تمنحنا التكامل وال�شمول َّية‪.‬‬ ‫بكل وجودهم‬ ‫مرحلة عا�شوها وطبعوها ِّ‬ ‫مع بع�ضنا»‪.‬‬
‫حياته له‪ ،‬هكذا عرفتُه عن ُق��رب‪ ،‬ومن‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫الفقيه ال��م��رج��ع َّ‬ ‫وعلمهم وعطائهم‪ ،‬فال�شيخ الطو�سي‬
‫خالل تاريخ طويل‪ ،‬ما كان ي�سمح لنف�سه‬ ‫ف�ضل اهلل غاب �شخ�ص ًا وهو باقٍ مدر�س ًة‪،‬‬ ‫ُيم ِّثل عنوانَ مرحلة‪ ،‬والع ّالمة الح ِّلي‬ ‫ال�شاعر الكويتي عبد اهلل بهبهاني‪:‬‬
‫�أن ي�ستريح‪ ،‬ما دامت ال َّراح ُة على ح�ساب‬ ‫كل‬‫ومنهج ًا‪ ،‬وم�����س��ار ًا‪ ،‬وهنا يجب على ِّ‬ ‫ُيم ِّثل عنوانَ مرحلة‪ ،‬وال�شيخ الأن�صاري‬ ‫ث���م �أل���ق���ى ال�����ش��اع��ر ال��ك��وي��ت��ي عبداهلل‬
‫العمل والعطاء‪ ،‬والجهاد‪ ،‬كان يقول‪:‬‬ ‫المنتمين �إل���ى ه���ذه ال��م��در���س��ة‪ ،‬وه��ذا‬ ‫���ام‬
‫وال�سيد الإم ُ‬ ‫ُي��م�� ِّث��ل ع��ن��وانَ مرحلة َّ‬ ‫البهبهاني ق�صيدة مما جاء فيها‪:‬‬
‫ً‬
‫علي ح��را ٌم ما دم��تُ ق���ادرا �أنْ‬ ‫«ال��راح��ة َّ‬ ‫ال َّنهج‪ ،‬وهذا الم�سار‪� ،‬أن ُيمار�سوا دورهم‬ ‫وال�سيد‬ ‫الخميني ُيم ِّثل عنوان مرحلة‪َّ ،‬‬ ‫يا �أيها الفي�ض االلهي الذي ‪ /‬ذكر له في‬
‫عطي‪� ،‬أن �أُجاهدَ »‪ .‬ورغم � َّأن‬ ‫أعمل‪� ،‬أنْ ُ�أ َ‬ ‫� َ‬ ‫ال�سيد ال في‬ ‫في الحفاظ على ا�ستمرار َّ‬ ‫ال�شهيد محمد باقر ال�صدر ُيم ِّثل عنوانَ‬ ‫الخافقين ُ‬
‫جميل‬
‫المر�ض قد حا�صره في �أ ّيامه الأخيرة‪� ،‬إال‬ ‫�شخ�صه‪ ،‬و�إ ِّن��م��ا ف��ي مدر�سته‪ ،‬ونهجه‪،‬‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫مرحلة‪ ،‬فكذلك َّ‬ ‫و لكم �أياد بي�ض قل نظيرها ‪/‬في العالمين‬
‫المر�ض ليبقى‬ ‫َ‬ ‫�أ َّنه كان ُي�ص ّر �أن ُي�صارع‬ ‫وم�ساره‪.‬‬ ‫ف�ضل اهلل ُيم ِّثل عنوانَ مرحلة‪.‬‬ ‫و ما لهن مثي ُل‬
‫خط العطاء‪َ ،‬‬
‫وظلّ‬ ‫خط الجهاد‪ ،‬وفي ِّ‬ ‫في ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫�صحي ٌح � َّأن ما خلفه �سماحتُه من ثرو ٍة‬ ‫نتحدّث عن هذه النماذج‪ ،‬كونها‬ ‫وحينما َ‬ ‫ان ابن عباد لحقا �صادق ‪ /‬لو كان يق�صد‬
‫ما�سك ًا القلم ليو�صل الكلمة حتى ال َّرمق‬ ‫كبير ٍة مم َّثل ٍة في نتاجاته المطبوعة‪ ،‬وفي‬ ‫لك‬ ‫تُم ِّثل عناوين مرحل ٍة ال يعني �أ َّنها ِم ٌ‬ ‫مثلكم ُ‬
‫فيقول‬
‫الأخير‪� .‬أراد للكلمة �أن تحمل ر�سالته‪،‬‬ ‫محا�ضراته الم�سموعة‪ ،‬وفي م�شروعاته‬ ‫لتلك المرحلة‪ ،‬بل مفتوحة على حركة‬ ‫لو كان عمرك الف عام كامل ‪ /‬ما كان‬
‫و�أن تبقى تتابع العطاء‪�« :‬أح َّبتي‪� ،‬إخوتي‪،‬‬ ‫ال�شاخ�صة‪ ،‬وفي عطاءاته الوافرة‪ ،‬وفي‬ ‫الزّمن والتاريخ والأجيال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حقا �أن يقال طوي ُل‬
‫�أبنائي تابعوا الم�سيرة»‪ .‬وهكذا و َدّع الدنيا‬ ‫�أخالقه‪ ،‬وهديه وروحان َّيته وتقواه وورعه‬ ‫ما كان ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬ ‫وف���ي ال��خ��ت��ام ك���ان ف��ق��رة الأوب���ري���ت‬
‫وهو يجاهد من �أجل اهلل‪.‬‬ ‫و�سلوكه المتم ِّيز هو التعبير ال�صادق عن‬ ‫فكر‪،‬‬ ‫فقه فح�سب بل ك��ان رج َ��ل ٍ‬ ‫رج َ��ل ٍ‬ ‫الإن�شادي الذي كان من تقديم المن�شد‬
‫رحمك اهلل ‪� -‬أبا علي ‪ -‬نم قرير العين‪،‬‬ ‫هذه المدر�سة وهذا ال َّنهج‪.‬‬ ‫منبر‪،‬‬ ‫قلم‪ ،‬ورج َ��ل ٍ‬ ‫أدب‪ ،‬ورج َ��ل ٍ‬ ‫ورج َ��ل � ٍ‬ ‫الإ�سالمي المعروف الحاج محمد رمال‪،‬‬
‫ف�أحبا�ؤك و�إخوتك‪ ،‬و�أبنا�ؤك وتالمذتك‪،‬‬ ‫غير � َّأن هذا ال يعفي رم��وز هذا ِّ‬
‫الخط‪،‬‬ ‫ورج َ���ل �سيا�س ٍة‪ ،‬ورج َ���ل ح���وارٍ‪ ،‬ورج��لَ‬ ‫والمن�شدين‪� :‬أ�سامة الهمداني‪ ،‬جعفر‬
‫���س��وف ي��ب��ق��ون �أوف���ي���اء ل��خ ِّ��ط��ك ونهجك‬ ‫وتالمذة هذا النهج من العمل الجا ِّد على‬ ‫ورجل تجديدٍ ‪.‬‬ ‫جهاد‪َ ،‬‬‫ٍ‬ ‫الدرازي‪ ،‬علي ع�سكر‪.‬‬
‫ومدر�ستك‪.‬‬ ‫الدفع بمعطيات هذه المدر�سة خ�شية �أن‬ ‫لكي نقر�أه هناك منهجان‪ ،‬المنهج الأول‪:‬‬
‫تغيب بفعل الغفلة عن ذاك��رة الأجيال‪،‬‬ ‫المجز�أة‪� ،‬أن نقر�أه فقيه ًا‪� ،‬أن‬ ‫َّ‬ ‫القراءة‬

‫‪15‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫م�ؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل في �أ�ستراليا �أحيت الذكرى ال�سنوية الأولى لرحيله في احتفالين ر�سمي و�شعبي‪:‬‬
‫�سيبقى فكره الإن�ساني ذخيرة للأجيال على امتداد الزمن‬

‫الخير كلمة قال فيها‪�« :‬سنة على غياب‬ ‫نعلنها وا�ضحة كال�شم�س و�ضحاها‪ ،‬جلية‬ ‫�أحي ��ت م�ؤ�س�س ��ة العالمة املرج ��ع ال�سيد حممد ح�سني ف�ض ��ل اهلل (ر�ضوان اهلل عليه)‬
‫العالمة ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫كالقمر �إذا تالها‪ ،‬عالية كال�شم�س �إذا‬ ‫يف �أ�سرتالي ��ا الذكرى ال�سنوية الأوىل لرحي ��ل امل�ؤ�س�س الكبري باحتفال ر�سمي �أقامته‬
‫عنوان �أعادني �إلى �أكثر من ع�شر �سنوات‬ ‫جالها‪� ،‬أن الإ�سالم دين العلم قائم على‬ ‫يف م�سج ��د الرحمن يف منطقة كينغزغ ��روف يف �سيدين‪� ،‬ضم وجوه اجلالية اللبنانية‬
‫�إلى الوراء‪ .‬المكان معر�ض ر�شيد كرامي‬ ‫ركائز ثالث الإن�سان‪ ،‬العدل‪ ،‬والعلم‪ .‬ومن‬ ‫والإ�سالمية يف �أ�سرتاليا‪.‬‬
‫الذي ا�ست�ضاف العالمة �ضمن فعاليات‬ ‫الكلمات التي تعلمناها من �إمامنا الراحل‬
‫افتتاحية معر�ض طرابل�س للكتاب‪� .‬أذكر‬ ‫طيب اهلل ثراه وجعل الجنة م�أواه وجمعنا‬ ‫كن �أ�سترالي ًا‪ ،‬كن وطني ًا‪ ،‬كن عروبي ًا‪،‬‬ ‫وبعد �آي من الذكر الحكيم �ألقاها محمد‬
‫جيد ًا وك�أن ذلك قد كان البارحة‪ .‬القاعة‬ ‫اهلل و�إي���اه على حو�ض ج��ده الم�صطفى‬ ‫كن قومي ًا‪ ،‬كن م�سلم ًا‪ ،‬كن م�سيحي ًا‪ ،‬كن‬ ‫زادة‪ ،‬توالت كلمات عدة حيث كانت كلمة‬
‫الكبرى غ�صت بالح�شود ولم �أجد مقعد ًا‬ ‫لن�شرب جميع ًا م��ن ي��ده �شربة ال نظم�أ‬ ‫ما �شئت‪ ،‬لكن ال تتعقد من الآخر‪ .‬وتلك‬
‫بعدها �أب���د ًا �أن للإ�سالم ث�لاث ركائز‪،‬‬ ‫باللغة الإنكليزية لل�شيخ جهاد �إ�سماعيل‬
‫فوقفت مع الواقفين‪ ،‬لن�صغي �إل��ى �سيد‬ ‫الق�صة كلها‪ ،‬وذل��ك النجاح كله الذي‬ ‫ركز فيها على ثقافة الت�سامح الديني في‬
‫الت�سامح واالنفتاح مالئ ًا المكان بالوقار‬ ‫الأول��ى الإن�سان‪ ،‬الثانية العدل‪ ،‬والثالثة‬ ‫�أب��دع��ه و�أنتجه �سماحته‪ ،‬ب���أن��ه ل��م يكن‬ ‫فكر �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫والجالل ويعبق بطيبه الفواح من عباءته‬ ‫العلم‪ .‬وم��ن العبارات التي اقتب�ساناها‬ ‫متع�صب ًا‪ .‬كان يريد للإن�سان �أن يكون حر ًا‬
‫و�أن��ف��ا���س��ه‪ ،‬ف��ت��زداد القاعة طيبة و�إلفة‬ ‫وتعلمناها �أن���ه لطالما ك���ان ي��ك��رر �أن‬ ‫ال�شيخ نبها‪:‬‬
‫في تفكيره و�أن يتحمل م�س�ؤولية تفكيره»‪.‬‬ ‫و�أل��ق��ى �إم���ام م�سجد الرحمن �سماحة‬
‫وحميمية وم��ودة وخ�شوع ًا‪ .‬و�أذك��ر �أنني‬ ‫الإن�سان �إذا ات�سعت علومه و�أف��ك��اره قل‬ ‫وت��اب��ع‪« :‬م��ن هنا �أط��ل��ق �سماحة ال�سيد‬
‫في غفلة عين لمحت خاتمه الزمردي‬ ‫تكفيره و�إن��ك��اره‪ .‬الإن�سان ال��ذي يح�صر‬ ‫ال�شيخ يو�سف نبها‪ ،‬كلمة ا�ستهلها بالآية‬
‫الحوار في �أبعاده العامة‪ .‬انطلق بالحوار‬ ‫القر�آنية الكريمة «ادع �إل��ى �سبيل ربك‬
‫يتوهج في يده اليمنى مثل �شم�س تبريز‪.‬‬ ‫نف�سه في زاوية �ضيقة والذي يختزل دينه‬ ‫�أو ًال في دائرة الم�سلمين‪ ،‬ف�أطلق الحوار‬
‫فئوي ًا �أو مذهبي ًا �أو عرقي ًا �أو جن�سي ًا �أو‬ ‫بالحكمة والموعظة الح�سنة وجادلهم‬
‫وافتتحت الندوة حوار الأديان وا�ستفتتح‬ ‫ال�صادق ال�شفاف‪ ،‬وميزته �أنه كان �صادق ًا‬ ‫بالتي هي �أح�سن»‪ ،‬م�شير ًا �إلى �أنه «هكذا‬
‫�سماحته م�ضيئ ًا القيم ال�سامية التي يلتقي‬ ‫زعامتي ًا‪ ،‬هو �إن�سان متقوقع بعقل معتقل‬ ‫مع نف�سه ومع غيره في الحوار الإ�سالمي‬
‫عليها الإ���س�لام والم�سيحية‪ ،‬ليخت�صر‬ ‫ال يفهم حقيقة الأوام��ر الإلهية‪ .‬ما جاء‬ ‫‪ -‬الإ�سالمي‪ ،‬وتحديد ًا ال�سني ‪ -‬ال�شيعي‪.‬‬ ‫ك��ان �سماحة ال�سيد‪ ،‬ك��ان الأح�سن �إذا‬
‫الم�سافات بين الإن�سان والقيم‪ ،‬فتتجلى‬ ‫الدين �إال بهذه المقومات الثالث»‪.‬‬ ‫لم يكن لينافق في ح��وار �أو في لقاء �أو‬ ‫�أردت �أن �أخت�صره بكلمة‪ .‬كان الأح�سن‬
‫معاني �إن�سانيته ووجوده وجهاده الدنيوي‬ ‫و�أ�ضاف‪« :‬الأ�صل الثاني لمفهوم �إمامنا‬ ‫في م�ؤتمر �أو في ن��دوة‪ ،‬بل ك��ان ي�صرح‬ ‫في ال��ق��ول‪ ،‬وك��ان الأح�سن في الكلمة‪،‬‬
‫لتقربه �إلى اهلل و�إلى �أخيه الإن�سان»‪.‬‬ ‫ل��ه��ذا ال��دي��ن ه��و ال��ع��دل‪ ،‬ذل���ك �أن اهلل‬ ‫للعام‪ ،‬كما يعطي فكره للخا�ص ‪ ،‬لم يع�ش‬ ‫وكان الأح�سن في الفكر النظيف‪ ،‬وكان‬
‫و�أ�ضاف‪« :‬كم �أنت �سام يا �صاحب ال�سماحة‬ ‫حرم الظلم على نف�سه وجعله بين العباد‬ ‫ازدواجية في الخطاب ‪ ،‬بل كان خطابه‬ ‫الأح�سن في الفعل‪ ،‬وك��ان الأح�سن في‬
‫و�أن��ت تتوق �إل��ى االنبالج والإ���ش��راق بنور‬ ‫م��ح��رم�� ًا‪ .‬وورد ف��ي ال��ح��دي��ث القد�سي‬ ‫واحدا وهو الو�صول الى الوحدة اال�سالمية‬ ‫التخطيط‪ .‬كان الأح�سن في الفكر‪ ،‬لأنه‬
‫اهلل فتذكرنا بالآية الكريمة (مثل نوره‬ ‫(وعزتي وجاللي لأنتقمن من الظالم في‬ ‫بعيدا عن التكاذب والمجامالت»‪.‬‬ ‫لم يخنق نف�سه ولم يخنق الآخرين في‬
‫كم�شكاة فيها م�صباح الم�صباح في‬ ‫عاجله و�آجله ولأنتقمن ممن ر�أى مظلوم ًا‬ ‫ولفت �إل��ى �أن �سماحة ال�سيد انتقل من‬ ‫زن��زان��ة الفكر ال�ضيقة‪ ،‬ب��ل ك��ان يطلق‬
‫زجاجة الزجاجة ك�أنها كوكب دري)‪ .‬كم‬ ‫يقدر �أن ين�صره فلم يفعل)»‪.‬‬ ‫ال���ح���وار الإ���س�لام��ي ‪ -‬الإ���س�لام��ي �إل��ى‬ ‫فكره ح��ر ًا وال ير�ضى لنف�سه �أن يعي�ش‬
‫�أن��ت نقي وتقي وراقٍ و�أن��ت تفي�ض علينا‬ ‫وتابع‪« :‬الأ�صل الثالث العلم‪ ،‬وهذا في �أول‬ ‫الدائرة الأو�سع في ح��واره مع الآخرين‪،‬‬ ‫���ص��دى ل�ل�آخ��ري��ن‪ ،‬ب��ل ك���ان المحرك‬
‫بروحانياتك الوهاجة وتوغلنا في علوم‬ ‫بيان قر�آني �أنزله المولى تبارك وتعالى‬ ‫م��ط��ل��ق�� ًا ف���ك���رة ال���ح���وار الإ����س�ل�ام���ي ‪-‬‬ ‫والمنتج للفكر والمعرفة‪ ،‬وال��ذي يبدع‬
‫الإ�سالم من فقه واجتهاد‪ ،‬وا�ست�شفاف‬ ‫فو�صل الأر����ض بال�سماء ف��ي غ��ار حراء‬ ‫الم�سيحي‪ ،‬لأنه عندما تبد�أ في الوحدة‬ ‫ليكون رائد ًا في حركة الفكر والمعرفة‪.‬‬
‫للحقيقة العليا ال��م��ج��ردة ع��ن الزيف‪،‬‬ ‫عندما التقى �أمين وحي ال�سماء ب�أمين‬ ‫مع جماعتك لت�ؤ�س�س �أر�ضية �صلبة ف�إنه‬ ‫وك��ان الأح�سن في فعله البعيد عن �أي‬
‫و�صاف ب�أدبك و�أدبياتك‬‫ٍ‬ ‫كم �أنت عميق‬ ‫الأر�ض‪ ،‬كما في �سورة �إقر�أ (�إقر�أ با�سم‬ ‫بالإمكان االنطالق للحوار مع الآخرين‪،‬‬ ‫ع�صبية لأنه ترجم عقله وفكره �إلى عمل‪،‬‬
‫و�شعرك وفكرك وحكمتك وفل�سفتك في‬ ‫ربك الذي خلق خلق الإن�سان من علق)‪.‬‬ ‫على م�ستوى العالم‪.‬‬ ‫فال يتع�صب وال يتعقد ‪ ،‬وكان يرى نف�سه‬
‫الحياة وفي الفناء‪ .‬كم �أن��ت كريم حين‬ ‫وف��ي ه��ذا دالل��ة على �أن الإ���س�لام ي�أمر‬ ‫ال�شيخ الهاللي‪:‬‬ ‫م�س�ؤو ًال في �أن يفتي وفي �أن يفكر»‪.‬‬
‫وهبك ب�صيرة فجهدت لت�شاركنا ر�ؤاك»‪.‬‬ ‫الإن�سان �أن يدخل محراب العلم في �أدق‬ ‫�أم��ا المفتي ال�شيخ ت��اج الدين الهاللي‬ ‫و�أ���ض��اف‪« :‬ل��م يتع�صب لأن �شعاره كان‬
‫وخ��ت��م كلمته ب��ال��ق��ول‪�« :‬أي��ه��ا اللبناني‬ ‫�أنواع العلوم و�أن يقر�أ كتاب نف�سه �أو ًال»‪.‬‬ ‫ف�ألقى كلمة ع ّبر فيها عن �أهمية العلم في‬ ‫�شعار المنطق اال�سالمي القائل (�إن‬
‫الوطني العربي الم�سلم في التزاماتك‬ ‫وختم ال�شيخ الهاللي‪�« :‬إن��ن��ا ف��ي زمان‬ ‫الإ�سالم م�ستخل�ص ًا من �أفكار ال�سيد ف�ضل‬ ‫الع�صبية التي ي�أثم عليها �صاحبها �أن‬
‫وتطلعاتك و�سلوكياتك و�إيمانك‪ .‬يا �أيها‬ ‫ما �أحوجنا �إلى عقل را�شد ر�شيد يعلمنا‬ ‫اهلل قائ ًال‪« :‬في محراب العلم وبمنا�سبة‬ ‫يرى الرجل �شرار قومه خير ًا من خيار‬
‫الإن�ساني فوق كل اعتبار‪ .‬يا رجل الت�أليف‬ ‫في هذه الأي��ام التي تتابع فيها الفتن‪...‬‬ ‫علم من �أعالم العلم تمر علينا الذكرى‬ ‫ق���وم �آخ��ري��ن ول��ي�����س م��ن الع�صبية �أن‬
‫واالئتالف والت�آلف �سالم عليك وعلى من‬ ‫ولذلك نقبل ر�أ�س �إمامنا في ذكراه»‪.‬‬ ‫الأولى من انتقاله من بيننا ج�سد ًا‪ ،‬و�إن‬ ‫يحب الرجل قومه ولكن �أن يعينهم على‬
‫اتبع الهدى و�آم��ن بال�ضياء‪ ...‬ع ّلك ترد‬ ‫القن�صل خير‪:‬‬ ‫بقي فكره نبرا�س ًا يقتدى ويهتدى‪ .‬في‬ ‫الظلم)‪.‬‬
‫ال�سالم يا �إمام ال�سالم»‪.‬‬ ‫و�أل��ق��ى قن�صل لبنان ف��ي �سيدني ماهر‬ ‫م��ح��راب العلم وبمنا�سبة ذك��رى العلم‬ ‫كن ما �شئت في انتمائك‪ .‬كن لبنانيا‪ً،‬‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪16‬‬
‫و�أ���ض��اف‪�« :‬سيبقى �سماحة ال�سيد في‬ ‫ال�سيناتور م�سلماني‪:‬‬
‫تعاليمه وانفتاحه و�إر���ش��ادات��ه م�صدر‬ ‫�أما ال�سيناتور �شوكت م�سلماني ف�أ�شار �إلى‬
‫ع��ط��اء تتطلع �إل��ي��ه الأج��ي��ال‪ ،‬م�ستلهمة‬ ‫�أنه بذكرى رحيل العالمة المرجع ف�ضل‬
‫منه الخير والإح�سان‪ ،‬وتتلم�س من �إرثه‬ ‫اهلل (ر�ض) «نذكر مفكر ًا وقائد ًا روحي ًا‬
‫الفكري والديني الم�ستنير الكبير طريق‬ ‫عظيم ًا ملتزم ًا بالدين وبمجتمعه والأمة‬
‫ال��خ��ي��ر وال��ح��ي��اة الم�ستقيمة وال�سالم‬ ‫الإ�سالمية‪ .‬لقد كتب العديد من الم�ؤلفات‬
‫والتقدم والحوار والوحدة»‪.‬‬ ‫و�أفتى بالكثير من الآراء»‪.‬‬
‫وتابع‪« :‬كيف لي �أن �أخت�صر بب�ضع كلمات‬ ‫ولفت �إلى �أن «�إحدى �أهم �إنجازات ال�سيد‬
‫مزايا ه��ذا المرجع الكبير ال��ذي �ش ّكل‬ ‫على �صعيد الم�ؤ�س�سات تلك التي تخدم‬
‫عالمة فارقة في دعوة النا�س �إلى االنفتاح‬ ‫الإن�سان والتي انطلقت في لبنان‪ .‬وكان‬
‫وقبول الآخر‪ .‬من لبنان �أتانا خبر غيابه‬ ‫لي ال�شرف ب�أنني ر�أي��ت بع�ض ًا من تلك‬
‫فحزنا كما ح��زن ال��ن��ا���س جميع ًا‪ .‬لقد‬ ‫الإن��ج��ازات عندما زرت لبنان في العام‬
‫غ��اب العالمة المتقدم وداعية ال�سالم‬ ‫‪ .2002‬لقد ر�أيت تلك الأعمال العظيمة‬
‫وال��وح��دة وال��وف��اق وال��ت���آخ��ي‪ ،‬و�سنذكره‬ ‫من بناء المدار�س والم�ساجد والمراكز‬
‫ن��ح��ن و���س��ي��ذك��ره م��ع��ن��ا ال��ن��ا���س كلهم‬ ‫التي تهتم باالرتقاء بالإن�سان عموم ًا‪ ،‬لكن‬
‫لعقالنية طروحاته ولر�ؤيته الت�سامحية‬ ‫ال�شيء المهم الذي ر�أيته تلك الخدمات‬
‫وانفتاحه القائم على �أ�سا�س الثقة باهلل‬ ‫المقدمة �إلى الأيتام‪ .‬ورعاية الأيتام من‬
‫وبالنف�س‪ .‬كان حق ًا �إ�شعاع ًا ديني ًا وفكري ًا‬ ‫�أه��م �إنجازات ال�سيد على �صعيد العمل‬
‫وطبع �أعماله بالتوا�ضع وبالحكمة والفكر‬ ‫الإن�ساني الم�ؤ�س�ساتي‪ .‬وكان �سماحته ال‬
‫الم�ستنير‪ ،‬وك��ان ال��راح��ل الكبير رجل‬ ‫ين�ساهم في خطبه»‪.‬‬
‫االنفتاح الحوار حتى مع الذين يختلفون‬ ‫الأب طربيه‪:‬‬
‫معه ف��ي ال���ر�أي بكل م��ا ف��ي الكلمة من‬ ‫وانطلق رئي�س دير مار �شربل في �سيدني‬
‫معنى‪ ،‬وكان يردد رحمه اهلل ب�أنه لي�ست‬ ‫الأب �أن��ط��وان طربيه من مقولة ال�سيد‬
‫هناك محرمات في الحوار‪ .‬ورغم فداحة‬ ‫«�أحب �أن نعي�ش مع ًا من �أجل الأخوة في‬
‫الخ�سارة ف�إن �أكثر ما يعزي النف�س برحيل‬ ‫اهلل ف�أنا �أحب كل النا�س �أكانوا يتفقون‬
‫�سماحة ال�سيد �أنه ترك �إرث ًا ديني ًا زاخر ًا‬ ‫الت�آخي الذي هو المدخل الأ�سا�سي لكل‬ ‫المر�أة وتعطيها الحق بالدفاع عن ذاتها‬ ‫�أو يختلفون معنا لأن���ه بالمحبة فقط‬
‫بالعلم والفكر الم�ستنير‪ ...‬ترك �أعمال‬ ‫حوار بين الأديان‪ ،‬وهو القوة التي تمكننا‬ ‫�ضد العنف المجتمعي �أو الج�سدي ومنع‬ ‫ن�ستطيع �أن نكت�شف لقاء الأدي���ان كلها‬
‫الخير وم�ؤ�س�سات الخير التي تهتم بخدمة‬ ‫من العمل من �أجل ال�سالم واال�ستقرار‬ ‫ال��رج��ل م��ن ممار�سة العنف الج�سدي‬ ‫ولقاء الإن�سان كله»‪ ،‬لي�شير �إلى �أنه «بهذه‬
‫النا�س وتنت�شر في لبنان و�أ�ستراليا وفي‬ ‫في العالم»‪.‬‬ ‫���ض��ده��ا‪ ،‬كما �أف��ت��ى �أي�����ض�� ًا �ضد جرائم‬ ‫الكلمات الخالدة للعالمة المرجع ف�ضل‬
‫بقاع العالم كله»‪.‬‬ ‫وختم هيكل‪�« :‬أود �أن �أن��وه ب���أن ر�سالته‬ ‫ال�شرف»‪.‬‬ ‫اهلل �أت��وج��ه ب��ال��ذك��رى ال�سنوية الأول���ى‬
‫كما �ألقى ال�شاعر الدكتور ا�سحاق الع�شي‬ ‫�أ�صيلة و�سامية‪� ،‬إذ تنقلنا م��ن موقع‬ ‫وختم الأب طربيه‪« :‬لقد كان ال�سيد ف�ضل‬ ‫لغيابه‪ ،‬و�أن يقف كاهن راه��ب ماروني‬
‫ق�صيدة في المنا�سبة‪..‬‬ ‫التقليد �إلى الحداثة‪ ،‬ومن �إطار الجمود‬ ‫اهلل �صوت الرحمة لليتيم والمحتاج في‬ ‫كاثوليكي مدهو�ش ًا ومعتز ًا وبعلم وبالغة‬
‫�إلى الحركة‪ ،‬ومن الجهل �إلى العلم‪ ،‬ومن‬ ‫(المبرات) وح�صن ًا للدفاع عن ال�ضعفاء‬ ‫ور�ؤية وحكمة ال�سيد وفي م�سجد لهو �أمر‬
‫احتفال �شعبي حا�شد‪:‬‬ ‫محيط االنغالق �إل��ى االنفتاح‪ .‬كما �أود‬
‫وفي م�سجد الرحمن‪ ،‬اجتمع ح�شد كبير‬ ‫في المواقف والفتاوى وا�ستعداد ًا دائم ًا‬ ‫معبر في حد ذاته»‪.‬‬
‫�أن �أذكر كلماته ال�شارقة التي قال فيها‬ ‫ل��ل��ح��وار ب��ي��ن الأدي�����ان ون��ب��را���س�� ًا للعلم‬ ‫وق���ال‪« :‬اخ��ت��رت �أن �أت��وق��ف عند ثالث‬
‫من الم�ؤمنين‪ ،‬ال لإحياء منا�سبة الذكرى‬ ‫(ال تح ّولوا التاريخ �إلى عبء ثقيل على‬
‫ال�سنوية لرحيل المرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫وال��م��ع��رف��ة ف��ي م��ا �أ���س�����س م��ن مدرا�س‬ ‫م��ن م��زاي��اه و�صفاته الحميدة‪� ،‬إذ كان‬
‫الحا�ضر‪ ،‬ادر�سوه‪ ،‬ا�ستفيدوا من تجاربه‪،‬‬ ‫و�صروح علم وتربية‪ .‬و�إذا كان القدي�س‬ ‫رجل الحوار والتعاون البناء‪ ،‬رائد العلم‬
‫وح�سب‪ ،‬بل ليعبروا عن ا�ستمرارية نهج‬ ‫خ��ذوا العبرة م��ن �أح��داث��ه ونتائجه ثم‬
‫�سماحته في عقولهم وقلوبهم‪.‬‬ ‫يوحنا الإنجيلي قد �أكد في ر�سالته الأولى‬ ‫والمعرفة �ضد التطرف الديني‪ ،‬وقائد‬
‫انطلقوا �إلى الحا�ضر بروحية البناء و�إلى‬ ‫قائ ًال من ال يحب ال يعرف اهلل لأن اهلل‬ ‫م�سيرة حقوق الإن�سان وك��رام��ة المر�أة‬
‫ا�ستُهل ب�آيات من الذكر الحكيم‪ ،‬و�ألقى‬ ‫الم�ستقبل بذهنية التخطيط)»‪.‬‬
‫معرف الحفل الحاج م�صطفى ح�سن‪،‬‬ ‫محبة‪ ،‬فما �أجمل من �أن ن�ضم �صوتنا �إلى‬ ‫الأ�سا�سية‪.‬‬
‫كلمة وجدانية ع��ن �سماحة ال�سيد‪ ،‬ثم‬ ‫النائب �صالح‪:‬‬ ‫�صوت العالمة ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل‬ ‫الأخ���وة في اهلل هي عنوانه في م�سيرة‬
‫تحدث �إثرها مدير مكتب المرجع ف�ضل‬ ‫وت��ح��دث ب��ا���س��م ن��ائ��ب منطقة الكمبا‬ ‫اهلل مرددين معه من ينادي بالمحبة ال‬ ‫ال���ح���وار وال��ت�لاق��ي م���ع الآخ���ري���ن على‬
‫اهلل (ر�ض) في �أ�ستراليا �سماحة ال�شيخ‬ ‫ورئي�س بلدية كانتربري ع�ضو المجل�س‬ ‫ي�ضل الطريق»‪.‬‬ ‫اختالف م�شاربهم ومذاهبهم و�أديانهم‪،‬‬
‫يو�سف نبها‪ ،‬الذي تناول تميز �شخ�صية‬ ‫البلدي ال�سيد خ�ضر �صالح ال��ذي قدم‬ ‫الأب هيكل‪:‬‬ ‫وك�أني بال�سيد ف�ضل اهلل يرتقي بالإن�سان‬
‫���س��م��اح��ة ال�����س��ي��د‪ ،‬و�أخ�لاق��ي��ات��ه وعلمه‬ ‫ب��ا���س��م ال��م��ج��ل�����س اال��ت��ع��ازي لمنا�سبة‬ ‫و�ألقى الأب ملحم هيكل كلمة نيابة عن‬ ‫والدين �إلى م�صدرهما وجذرهما ويعود‬
‫وتوا�ضعه وانفتاحه على النا�س‪ ،‬داعي ًا‬ ‫الذكرى ال�سنوية الأول��ى لوفاة المرجع‬ ‫المطران ع�صام يوحنا دروي�ش «رئي�س‬ ‫بهما �إلى المجتمع الب�شري مليئان بالحوار‬
‫�إلى الحفاظ على م�ؤ�س�ساته التي �أ�س�سها‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل‪.‬‬ ‫�أ�ساقفة الكني�سة الكاثوليكية الملكية»في‬ ‫والأخ���وة‪ ،‬وكيف ال ينجح ه��ذا الم�شروع‬
‫لت�ستمر في خدمة النا�س‪ ،‬وم�ؤكد ًا �إلتزام‬ ‫وق����ال‪« :‬ي��م��ر ال��ن��ا���س ف��ي ه���ذا العالم‬ ‫�سيدني ع ّبر فيها عن �سعادته بالتحدث‬ ‫والقاعدة الأ�سا�سية عنده للحوار ولبناء‬
‫فكره ونهجه و�إكمال م�سيرته الإ�سالمية‬ ‫وال��ج��م��ي��ع �سوا�سية �أم����ام اهلل‪ .‬يترك‬ ‫«عن مرجعية وطنية روحية كانت را�سخة‬ ‫الإن�سان والمجتمعات هي قاعدة المحبة‪،‬‬
‫والإن�سانية‪..‬‬ ‫البع�ض ب�صمات تمحوها �أول ن�سمة ريح �أو‬ ‫في العلم والتقوى والإيمان باهلل الواحد‪،‬‬ ‫فهي ت�شكل البرنامج ال��ذي تتحرك فيه‬
‫ثم �ألقى �سماحة ال�شيخ جهاد �إ�سماعيل‪،‬‬ ‫حبات مطر‪ ،‬و�آخرون يتركون �أثر ًا �أكبر‪،‬‬ ‫والتي فا�ضت منها �أن��وار الحوار وج�سور‬ ‫حياتنا وتطلعاتنا ح�سب قوله»‪.‬‬
‫كلمة ت��ن��اول فيها منهج ال�سيد ال��ذي‬ ‫وهناك القلة القلة التي تحفر �أ�سماءها‬ ‫الأخوة بين الم�سلمين والم�سيحيين»‪.‬‬ ‫و�أ���ض��اف‪« :‬ل��ق��د �آم���ن ال�سيد ف�ضل اهلل‬
‫ا���ص��ط��دم ب���ق���وى ال��ت��خ��ل��ف وال��خ��راف��ة‬ ‫ب���أح��رف �صخرية م�ضيئة على جبين‬ ‫وت��اب��ع‪�« :‬إن��ن��ي �أرى �سماحته‪ ،‬من خالل‬ ‫بالعلم واعتبره القيمة الأ�سا�سية للإدراك‬
‫والتكفير‪ ،‬كما اكد على منهج الت�سامح‬ ‫النا�س والخير والتقوى والدين والأوطان‬ ‫كتاباته وم�ؤلفاته المفعمة بفكره الجبار‬ ‫والطريق ال�صحيح �إلى الحياة»‪.‬‬
‫والحوار والمحبة‪ ،‬م�ؤكد ًا �أن ال�سيد «لم‬ ‫والمجتمع‪ ،‬فال تقوى على هذه الأحرف ال‬ ‫وال��م��ح��ل��ق‪ ،‬ي���دع���و ال��ج��م��ي��ع م�سلمين‬ ‫وتابع‪« :‬في �إطار حقوق الإن�سان الأ�سا�سية‬
‫يتراجع �أم���ام االغ��ت��ي��ال ال�شخ�صي له‪،‬‬ ‫الأعا�صير وال العوا�ضف وال حتى الزمن‪،‬‬ ‫وم�سيحيين �إل���ى تبني القيم الروحية‬ ‫دعا العالمة ال�سيد ف�ضل اهلل من جملة‬
‫بل �صمم في الدفاع عن الحقيقة‪ ،‬لأنه‬ ‫فتبقى ب�صمات �أولئك لأجيال و�أجيال‪،‬‬ ‫التي ت�ساعدنا حتم ًا على تخطي الم�شاكل‬ ‫ما دع��ا �إليه �إل��ى الم�ساواة بين الرجل‬
‫كان الم�س�ؤول �أمام اهلل كما كان الم�ؤمن‬ ‫و�إن راحلنا الكبير �سماحة المرجع ال�سيد‬ ‫والعراقيل كلها التي تعتر�ض طريقنا‪ ،‬كما‬ ‫وال��م��ر�أة‪ ،‬معتبر ًا �أن م�س�ؤولية المر�أة‬
‫بالحوار والنقا�ش»‪.‬‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل على ر�أ�س �أولئك‬ ‫�أراه يدعو �إلى روح االنفتاح المتبادل من‬ ‫اتجاه المجتمع ت��وازي م�س�ؤولية الرجل‪،‬‬
‫الخالدين»‪.‬‬ ‫خالل م�شروع وا�ضح وبناء مرتكز على‬ ‫ولم يتردد ب�إ�صدار الفتاوى التي تن�صف‬
‫‪17‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫مجل�س الجمعيات العراقية في هولندا‪:‬‬ ‫النجف الأ�شرف تحيي الذكرى الأولى‬
‫لرحيل العالمة المرجع ف�ضل اهلل‬
‫كان مالذ ًا لكل الم�ؤمنين في ال�شدائد والمحن‬
‫والدفاع عن ق�ضايا الإن�سان والأمة ‪.‬‬ ‫بمنا�سبة ال��ذك��رى ال�سنوية الأول���ى‬
‫لقد كان الفقيه الراحل من �أبرز رموز‬ ‫لرحيل المرجع الديني الكبير �آية اهلل‬
‫ال��وح��دة الإ���س�لام��ي��ة ودع����اة الحوار‬ ‫العظمى ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل‬
‫والتعاي�ش والت�آخي بين �أتباع الديانات‬ ‫اهلل‪� ،‬أحيى مجل�س الجمعيات العراقية‬
‫والطوائف ‪.‬‬ ‫ف��ي هولندا ه��ذه ال��ذك��رى‪ ،‬بحفل في‬
‫ك����ان ال����راح����ل ال��ك��ب��ي��ر م��ل��اذا لكل‬ ‫مدينة دوردرخ��ت الهولندية‪ ،‬بح�ضور‬
‫الم�ؤمنين عند ال�شدائد والمحن ومنارا‬ ‫ح�شد م��ن �أب��ن��اء الجالية العراقية‪،‬‬
‫لكل الر�ساليين الحركيين ي�ستلهمون‬ ‫ا�ضافة الى جمع من ابناء الجاليات‬
‫منه قيم الثبات و�إلإ�ستقامة على طريق‬ ‫العربية واال�سالمية في هولندا‪ ،‬حيث‬
‫الحق ‪.‬‬ ‫�أل��ق��ي��ت كلمات تحدثت ع��ن المرجع‬
‫لقد تحمل المرجع الراحل في عمره‬ ‫الراحل‪ ،‬وجهاده الم�ستمر وحركته من‬
‫ال�شريف الكثير م��ن المحن والآالم‬ ‫اجل اال�سالم ووحدة الم�سلمين‪.‬‬
‫و�صبر على الأذى في جنب اهلل ولم‬ ‫وك��ان��ت الأم��ان��ة ال��ع��ام��ة للمجل�س قد‬
‫ف�سجل‬
‫ت���أخ��ذه ف��ي اهلل ل��وم��ة الئ���م‪ّ ،‬‬ ‫�أ�صدرت بيان ًا بمنا�سبة الذكرى جاء‬
‫ب�سيرته النقية و���ص��م��وده الإيماني‬ ‫فيه‪:‬‬
‫و�أخ�لاق��ـ��ـ��ـ��ـ��ه ال��م��ح��م��دي��ة و�سماحتــه‬ ‫تتقدّم الأمانة العامة لمجل�س الجمعيات‬
‫و�صبره �صفحة م�شرقة من الإخال�ص‬ ‫العراقية ف��ي هولندا ب���أح��ر التعازي‬
‫هلل ت��ع��ال��ى وال����والء ل��ر���س��ول��ه الكريم‬ ‫لإمام الع�صر والزمان الحجة المنتظر‬
‫(�ص) ولعترته الطاهرة(ع)‪.‬‬ ‫(ع���ج) ول�ل�أم��ة الإ���س�لام��ي��ة وللعلماء‬
‫فهنيئ ًا له ما منّ اهلل به عليه في الدنيا‬ ‫الأع�ل�ام بمنا�سبة ال��ذك��رى ال�سنوية‬ ‫المجدّد‪� ،‬آية اهلل العظمى‪ ،‬ال�س ِّيد محمد‬
‫ِ‬ ‫بمنا�سبة ال ّذكرى ال�سنو َّية الأولى لرحيل الفقيه‬
‫من توفيق عظيم‪ ،‬و�أخ�لاق �سامي ــة‪،‬‬ ‫الأولى لرحيل المرجع الديني والمفكر‬ ‫أبيني في ال َّنجف الأ�شرف في العراق يوم‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل(ر���ض)‪� ،‬أقيم مجل�س ت� ّ‬
‫ومحبة را�سخة في قلوب الم�ؤمنين‪،‬‬ ‫الإ�سالمي �آية اهلل ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫الخمي�س‪� 7‬شعبان ‪1432‬هـ ‪ ،‬الموافق ‪2011/7/7‬م‪.‬‬
‫ف���ج���زاه اهلل خ��ي��ر ج����زاء العاملين‬ ‫ف�ضل اهلل (طاب ثراه)‪.‬‬ ‫��ات من ال ّذكر الحكيم‪ّ ،‬ثم كانت كلمة لل�س ّيد محمد‬ ‫وقد افتتح المجل�س بقراءة �آي ٍ‬
‫وح�����ش��ره م��ع ال��ن��ب��ي وال���ه الطاهرين‬ ‫ف��ي ذك����رى رح��ي��ل��ه الأول�����ى ي�ستذكر‬ ‫لل�شاعر الأ�ستاذ ال�س ّيد �أ�سد اهلل الح ّلي‪ ،‬ثم تحدث �سماحة‬
‫الح�سيني‪ ،‬وق�صيدة رثائ ّية ّ‬
‫‪،‬كما ن�س�أله تعالى �أن يمنّ عليه برفيع‬ ‫الم�ؤمنون هذاالعالم العامل الرباني‬ ‫ال�شيخ جميل مال اهلل الربيعي‪ ،‬وقد ح�ضر المجل�س عدد من ّ‬
‫ال�شخ�ص ّيات العلم ّية‬
‫الدرجة وعالي المقام ووا�سع الرحمة‬ ‫الذي نذر نف�سه وعمره من �أجل الدعوة‬ ‫وال�سيا�س ّية‪ ،‬وح�شد من محبي المرجع المقد�س(ر�ض) ومق ّلديه‪.‬‬
‫والر�ضوان‪.‬‬ ‫ال��ى اهلل وخدمة الر�سالة المحمدية‬

‫مكتب المرجع ف�ضل اهلل في ال�شام يحيي الذكرى‬

‫وق��د �أل��ق��ى �سماحة ال�شيخ زهير قو�صان كلمة تحدث فيها ع��ن �شخ�صية المرجع‬ ‫�أحيى مكتب المرجع المقد�س ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل الذكرى ال�سنوية الأولى‬
‫ال��راح��ل(ر���ض) ومرجعيته التجديدية ال��ت��ي ك��ان��ت لكل الم�سلمين على اختالف‬ ‫لرحيل �سماحته‪ ،‬وذلك في مبنى المكتب في دم�شق‪ ،‬بح�ضور عدد من ال�شخ�صيات‬
‫مذاهبهم‪.‬‬ ‫العلمائية‪ ،‬و ح�شد كبير من الم�ؤمنين‪ ،‬الذين اجتمعوا في القاعة التي كان �سماحة‬
‫كما �أقيم مجل�س عزاء ح�سيني عن روح المرجع المقد�س(ر�ض)‪.‬‬ ‫المرجع المقد�س(ر�ض) يلقي فيها درو�سه وندواته الإ�سالمية‪ ،‬في كل �أ�سبوع‪.‬‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪18‬‬
‫ال�س ِّيد ومق ِّلديه‪.‬‬
‫الذكرى كلماتٌ تناولت‬ ‫ّ‬ ‫وقد �ألقيت في ِ‬ ‫احتفاالت بالذكرى ال�سنوية للمرجع ف�ضل اهلل في باك�ستان و�أذربيجان‬
‫�شخ�ص َّية المرجع ف�ضل اهلل(ر���ض)‬
‫الوحدو َّية‪ ،‬ودوره الكبير في متابعة‬
‫إ�سالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫�أمور الم�ؤمنين في العالم ال‬ ‫بمنا�سبة ال��ذك��رى ال�سنو ّية الأول��ى‬
‫ح�سيني عن‬
‫ّ‬ ‫كما �أقيم مجل�س ع��زاء‬ ‫ل��رح��ي��ل �سماحة ال��ع�لام��ة المرجع‬
‫المقدّ�سة‪.‬‬
‫روحه َ‬ ‫ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫����م ت���وزي���ع ن�����ش��رات ومطبوعات‬‫وت ّ‬ ‫�أقيمت اح��ت��ف��االت ت�أبينية متعددة‬
‫�إ�سالمية‪ ،‬وكتب �سماحته المترجمة‬ ‫ل�سماحه‪ ،‬في عدد من مدن وواليات‬
‫�إلى لغة الآردو‪.‬‬ ‫باك�ستان‪ ،‬كان �أبرزها في العا�صمة‬
‫�أذربيجان‪:‬‬ ‫ا�سالم �آباد‪ ،‬وفي والية البنجاب‪.‬‬
‫في �أذرب��ي��ج��ان‪� ،‬أق��ام محبو ومقلدو‬ ‫�إ�سالم �آباد‪:‬‬
‫�سماحة المرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫فقد �أق���ام مكتب باك�ستان التابع‬
‫(ر����ض)‪ ،‬احتفا ًال ف��ي ذك��رى رحيله‬ ‫لم�ؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل(ر�ض)‪،‬‬
‫االول���ى‪ ،‬وذل���ك ف��ي العا�صمة باكو‪،‬‬ ‫حف ًال ت�أبيني ًا حا�شد ًا في في جامع‬
‫بح�ضور ح�شد من الم�ؤمنين‪.‬‬ ‫ال�صادق(ع)‪ ،‬في العا�صمة‬ ‫الإم��ام ّ‬
‫وت���ن���اول���ت ال��ك��ل��م��ات م�لام��ج تم ّيز‬ ‫الباك�ستانية �إ���س�لام �أب���اد‪ ،‬ح�ضره‬
‫مرجعية �سماحة ال�س ّيد التي انفتحت‬ ‫ح�شد كبير م��ن الم�ؤمنين ومحبي‬
‫على م�شاكل الع�صر وتحدياته‪ ،‬ولم‬ ‫والية البنجاب‪:‬‬ ‫�سماحة ال�س ّيد ومقلديه‪ ،‬وقد �ألقيت‬
‫تتقوقع في �إطار اقليمي او فئوي‪.‬‬ ‫إ�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال�شيعة في باك�ستان والعالم ال‬
‫وف���ي والي���ة ال��ب��ن��ج��اب‪� ،‬أق���ام���ت جامعة‬ ‫ك��ل��م��ات �أ����ش���ادت ب��ال��راح��ل الكبير‬
‫وقد عر�ضت عبر �شا�شة تلفزيونية‪،‬‬ ‫ال�س ِّيدة ال َّ���زه���راء(ع) ‪ ،‬حف ًال ت�أبين ّي ًا‬ ‫كما �أقيم على هام�ش االحتفال معر�ض‬
‫الذي م ّثل خط الوعي والتّجديد في‬
‫مقاطع من حياة المرجع (ر���ض)‪،‬‬ ‫ال�سنو َّية الأولى‬ ‫حا�شد ًا بمنا�سبة ِّ‬ ‫لكتب المرجع ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل‬
‫الذكرى ّ‬ ‫الأمة‪ ،‬وتحدثت عن معالم �شخ�صيته‬
‫كما تم عر�ض �إحدى خطبه التي ت�ؤكد‬ ‫اهلل‪ ،‬باللغات العربية والفار�سية والآردو‪،‬‬
‫لرحيل �سماحة العالمة المرجع‪ ،‬ال�س ِّيد‬ ‫الوحدوي‬
‫ّ‬ ‫ونهجه‪ ،‬م���ؤك��د ًة منهجه‬
‫على �أهمية ال��وح��دة الإ�سالمية في‬ ‫وت ّ��م توزيع جريدة بينات التي ت�ضمنت‬
‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر�ض)‪ ،‬بح�ضور‬ ‫ودع���وت���ه الم�ستمرة �إل���ى مواجهة‬
‫م�سيرة االمة‪.‬‬
‫كبير من الم�ؤمنين ومح ّبي �سماحة‬ ‫ح�شدٍ ٍ‬ ‫كلمات وو�صايا �سماحة ال�س ّيد(ر�ض)‪.‬‬ ‫م�شاريع الفتن المذهب ّية بين ال�سنة‬

‫‪..‬ومجل�س عزاء وفاتحة‬


‫جمعية المبرات �أحيت الذكرى في برلين‬
‫بح�ضور ممثلين عن الجمعيات العربية في المانيا‬

‫�أقامت جمعية الم�صطفى(�ص) في برلين مجل�س فاتحة وعزاء عن روح العالمة‬


‫المرجع ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬بمنا�سبة ال ّذكرى الأولى لرحيله‪،‬‬ ‫ف��ي ال��ذك��رى ال�سنويه االول���ى لرحيل‬
‫في قاعة «الفيكوم»‪ ،‬بح�ضور مم ّثلين عن الجمعيات العرب ّية في �ألمانيا‪ ،‬وح�شد‬
‫غفير من �أبناء الجالية ال ّلبنانية من مختلف ّ‬
‫الطوائف ال ّلبنانية‪.‬‬ ‫�سماحة العالمة المرجع ال�سيد محمد‬
‫افتتح االحتفال بتالوة �آيات بينات من الذكر الحكيم‪ّ ،‬ثم تحدث رئي�س جمعية‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل عليه‪،‬‬
‫الم�صطفى(�ص) في برلين‪ ،‬الحاج �أبو عبا�س �شحرور‪ ،‬م�شيد ًا بمزايا الراحل‬ ‫�أق���ام���ت جمعية ال��م��ب��رات الخيرية‬
‫الوحدوي على مختلف ال�صعد‪ ،‬م�ؤ ّكد ًا �أنّ‬
‫ّ‬ ‫الكبير و�صفاته وفكره الن ّير‪ ،‬وعمله‬ ‫وجمعية الح�سنين(ع) ف��ي برلين‪،‬‬
‫�سماحته كان جامع ًا لك ّل لبنان بعلمه المنفتح‪ ،‬م�شدّد ًا على �أ َّننا خ�سرنا برحيله‬ ‫احتفا ًال حا�شد ًا ح�ضرته جموع من‬
‫رج ًال كبير ًا ورمز ًا وطني ًا وديني ًا عظيم ًا‪.‬‬ ‫الم�ؤمنين‪.‬‬
‫كما �ألقيت كلمات لك ّل من ممثل حركة �أمل في �ألمانيا‪ ،‬الحاج محمد بي�ضون‪،‬‬ ‫افتتح االح��ت��ف��ال ب��ت�لاوة مباركة من‬
‫من�سق التّيار الوطني الح ّر في �ألمانيا‪ ،‬ال�س ّيد رفيق حجازي‪ ،‬رئي�س الجمعية‬ ‫ّ‬ ‫الذكر الحكيم‪ ،‬ثم كانت كلمة ل�سماحة‬
‫العربية الألمانية الطبية‪ ،‬الدكتور علي معروف‪ ،‬وكلمة االتحاد العربي الألماني‬
‫للجاليات في �ألمانيا‪� ،‬ألقاها الأ�ستاذ جمال المغربي‪ ،‬وقد تناولت الكلمات حياة‬ ‫ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل القاها عبر‬
‫الهاتف من لبنان‪ ،‬وبعدها القى ال�شيخ كما �ألقى ال�شيخ ح�سين اليبنر كلمة‬
‫ال�ضوء على �أفكاره النيرة ا ّلتي �شكلت‬ ‫المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬م�سلط ًة ّ‬ ‫ابو باقر الركابي كلمة تحدث فيها عن باللغة الأل��م��ان��ي��ة م��ن وح��ي الذكرى‪،‬‬
‫نبرا�س ًا لعلماء الأ ّمة الإ�سالمية‪،‬‬
‫واختتم الحفل بمجل�س عزاء عن روح المرجع المقد�س‪ ،‬قر�أه ف�ضيلة ّ‬ ‫تميز �شخ�صية المرجع ف�ضل اهلل في واختتم الحفل بمجل�س ع���زاء �ألقاه‬
‫ال�شيخ علي‬
‫بزي‪.‬‬ ‫الخطيب ال�شيخ ابو عبد اهلل االنجار‪.‬‬ ‫حركته و�أخالقياته وجهاده‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫�إحياء الذكرى في كندا‪ :‬كانت �أخالقه �أخالق الأنبياء‬

‫ال��م��ج��دّد وال��م��رج��ع وال��ك��ات��ب والأدي����ب‬ ‫بمنا�سبة الذكرى ال�سنو ّية الأولى لرحيل العالمة المرجع �آية اهلل العظمى ال�س ّيد مح ّمد‬
‫وحاني والخطيب والمجاهد‪ ،‬وكان‬ ‫وال ّر ّ‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪� ،‬أقام م�سجد �أهل البيت في مدينة مونتريال في كندا‪ ،‬حف ًال‬
‫الفقهي‪ ،‬م��ن خالل‬ ‫ّ‬ ‫م��م�� ّي��ز ًا ف��ي منهجه‬ ‫ت�أبين ّي ًا حا�شد ًا‪ ،‬ح�ضره جمع من الم�ؤمنين‪.‬‬
‫أ�سا�سي في‬
‫االعتماد على القر�آن كم�صد ٍر � ّ‬
‫قراءته للأدلة القر�آن ّية والحديث ّية‪ ،‬ولهذا‬ ‫وخط الوعي الأ�صيل في الأ ّمة‬ ‫وال�سيا�سة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بينات من‬
‫��ات ٍ‬ ‫افتتح االحتفال بتالوة �آي ٍ‬
‫خالف الم�شهور في بع�ض �آرائه الفقه ّية‪.‬‬ ‫القر�آن الكريم‪ ،‬ثم تحدّث عريف الحفل ـ ر�سم لنف�سه خط ًا مميز ًا يجمع ك ّل هذه‬
‫و�أ���ض��اف �أنّ ال�س ّيد ك��ان ق��د ح�� ّرم على‬ ‫الطراز‬ ‫ال��ح��اج بهيج ���س�لام��ة‪ ،‬ذاك����ر ًا ف�ضائل الموا�صفات‪ ،‬فكان مف ّكر ًا من ّ‬
‫نف�سه ال ّراحة بمقولته الم�شهورة «الراحة‬ ‫الراحل المقدّ�س‪ ،‬م�شير ًا �إل��ى �أ ّن��ه كان الأ ّول ال����ذي واك����ب ح��رك��ة التّحديات‬
‫ح��رام»‪ ،‬ولم يكن ينام �إال �أرب��ع �ساعات‪،‬‬ ‫مدر�س ًة في العلم والفكر والوعي وال ّروح الفكر ّية‪ ،‬و�أجاب عن �إ�شكاالتها بما توفر‬
‫ال�شموع‬ ‫كما �أ ّل��ف بع�ض كتبه على �ضوء ّ‬ ‫إ�سالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والخلق الإ�سالمي‪ ،‬من خالل ما تو ّفر له لديه من �أ�صالة في الفكر ال‬
‫�أيام الحرب ال ّلبنان ّية‪ ،‬وعندما كان يرتاح‬ ‫ه���ؤالء عن مواقفهم من خ�لال القراءة‬ ‫من تربي ٍة في ظ ّل والده المرحوم المقدّ�س وكان الفقيه المجدّد الذي تم ّيز بالجر�أة‬
‫قبل نومه‪ ،‬كان يتف ّرغ للكتابة‪ ،‬و�أنّ اهلل‬ ‫المن�صفة»‪.‬‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫�آية اهلل ال�س ّيد عبد ال��ر�ؤوف ف�ضل اهلل‪ ،‬ف��ي ت��ج��اوز الم�شهور‪ ،‬وك���ان‬
‫�سبحانه وتعالى �أعطاه هذه القدرة على‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬عر�ض فيلم من �إعداد محمد‬ ‫علمي ال��واع��ي لمخططات اال�ستكبار وكيف ّية‬ ‫ومن خالل البيئة التي تم ّيزت بج ّو ّ‬
‫تفريغ ذهنه من ك ّل م�شاغله لكي يكتب‬ ‫عبد الر�ضا‪ ،‬ع��ن حياة �سماحة ال�س ّيد‬ ‫متم ّيز‪ .‬كما لفت �إلى �أنّ �سماحته تفاعل تح�صين الأ ّم��ة منها‪ .‬و�أ ّك��د �أنّ �سماحة‬
‫وي���ؤ ّل��ف‪ ،‬وك��ان��ت كتبه تتم ّيز ب�أ�صالتها‬ ‫وجانب من �أقواله وتوجيهاته‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ون�شاطاته‬ ‫ب���أج��واء ال ّنجف العلم ّية والأدب�� ّي��ة‪ ،‬ولم ال�س ّيد الفقيه كان رائد ًا من رواد الوعي‬
‫ال��ف��ك��ر ّي��ة الإ���س�لام�� ّي��ة ال��ع��م��ي��ق��ة‪ ،‬مثل‬ ‫ح��ي��ث الق���ت ال��ك��ث��ي��ر م���ن ال��ت��ف��اع��ل من‬ ‫واع متم ّيز‬ ‫جيل ٍ‬‫ي� ُأل جهد ًا في تح ّركه على م�ستوى الفكر والفكرة‪ ،‬و�ساهم في خلق ٍ‬
‫مو�سوعته التف�سير ّية «من وحي القر�آن»‪،‬‬ ‫جانب الح�ضور‪ ،‬الذين ت�أ ّثروا بالكلمات‬ ‫ّ‬
‫والفقاهة والخدمات االجتماع َّية‪ ،‬من من خالل ت�صدّيه للكثير من مخططات‬
‫وغيرها من الكتب التي �أغنت المكتبة‬ ‫الوجدانية ل�سماحة ال�س ّيد المقد�س(ره)‪.‬‬ ‫خ�لال �إن�شاء م� ّؤ�س�سات رع��اي��ة الأيتام اال�ستكبار‪ ،‬فجعل م�صيرها الف�شل‪ .‬و�إنّ‬
‫الإ�سالم ّية‪.‬‬ ‫ث ّ��م كانت كلمة الختام ل�سماحة ال�شيخ‬ ‫والمعاهد العلم ّية في العديد من الدّول‪ ،‬مثل هكذا �شخ�ص ّيات بما توفرت لديه من‬
‫ك��م��ا ت���ح���دّث ع���ن �أخ�ل�اق���ي���ات �سماحة‬ ‫�أح��م��د الب ّياتي‪ ،‬ال��ذي ر�أى �أنّ المرجع‬ ‫حتّى القى ربه طاهر ًا مجاهد ًا‪ ،‬ولك ّنه ما ف�ضائل وكماالت وفكر لن يموت‪.‬‬
‫ال�س ّيد(ره)‪ ،‬التي كانت ك�أخالق الأنبياء‬ ‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره) كان عالم ًا رباني ًا‪،‬‬ ‫زال حي ًا في عقول وقلوب الماليين م ّمن ثم تحدّثت الحاجة �أم محمد اليعقوبي‪،‬‬
‫وال ّر�سل قو ًال وفع ًال‪ ،‬م�شير ًا �إلى �أ ّنه كان‬ ‫الغ�صة م��ا زال��ت باقي ًة ف��ي نفو�س‬ ‫ّ‬ ‫و�أنّ‬ ‫أخالقي ل�سماحة‬ ‫ّ‬ ‫الفكري وال‬
‫ّ‬ ‫تح ّركوا في هدى فكره وتقليده‪ّ ،‬ثم اختتم عن الجانب‬
‫بحب حتّى مع من يخالفونه في‬ ‫يتعامل ٍ‬ ‫��ام على‬‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫��رور‬‫م‬ ‫من‬ ‫الرغم‬ ‫على‬ ‫يه‬ ‫ب‬
‫ّ‬ ‫مح‬ ‫بق�صيدة تتغ ّنى بف�ضائل ال�س ّيد ودوره في ال�����س�� ّي��د ال��م��رج��ع‪ ،‬و�أ���س��ل��وب��ه م��ع الذين‬
‫ال�شيخ البياتي قائ ًال‪�« :‬إنّ‬ ‫ال��ر�أي‪ .‬وختم ّ‬ ‫رحيله‪ ،‬ثم تناول بع�ض ما قيل بحقّ ال�س ّيد‪،‬‬ ‫يخالفونه في الفكر‪ ،‬و»كيف �أنّ البع�ض‬ ‫ال�ساحة الإ�سالم ّية‪.‬‬
‫�إغناء ّ‬
‫ال�س ّيد غ��ادرن��ا ج�سد ًا ال روح��� ًا وفكر ًا‪،‬‬ ‫من �أ ّنه كان «�آخر العظماء»‪ ،‬وهذا يم ّثل‬ ‫�صحيح‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫ٍ‬ ‫ب�شكل‬
‫لم يقر�أوه ٍ‬ ‫الحاج‬ ‫����ب‬ ‫ي‬ ‫أد‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫للكاتب‬ ‫كلمة‬ ‫��ت‬‫ث ّ��م ك��ان‬
‫وال��م�����س���ؤول�� ّي��ة ملقاة على ع��ات��ق مح ّبيه‬ ‫واقع ال�س ّيد‪ ،‬حيث �إ ّنه من ال�صعوبة ملء‬ ‫ط�لال ط��ه‪ ،‬ال��ذي �أ���ش��ار �إل��ى �أنّ ال�س ّيد ك ّل ما قالوه بحقه‪ ،‬لم يزدد ال�س ّيد �إال حب ًا‬
‫وم��ري��دي��ه ح�� ّت��ى يكملوا م�سيرة الفكر‬ ‫الفراغ الذي خ ّلفه‪ ،‬لأ ّنه كان رائد الوحدة‬ ‫ـ م��ن خ�لال م��ن عا�صرهم م��ن عمالقة لهم و�إ�شفاق ًا عليهم‪ ،‬وهذه من الدّرو�س‬
‫والوعي الإ�سالميين»‪.‬‬ ‫الإ�سالم ّية ورائد الوعي والفكر‪ ،‬والفقيه‬ ‫ال��ف��ك��ر الإ����س�ل�ام ّ���ي‪ ،‬وال��ف��ق��ه والأ����ص���ول الأخ�لاق��ي��ة لنا جميع ًا‪ ،‬ع�سى �أن يرجع‬

‫قول النا�س هي ح�صاة‪ ،‬وما‬ ‫في ‬ ‫ولقد �سماحته رم���ز ًا للوحدة والحوار‪،‬‬
‫ينفعك �أن تكون في يدك ح�صاة‪ ،‬فيقول‬ ‫واال�صالح واالنفتاح‪ ،‬وحرب ًا على الفتن‬ ‫‪..‬و في ديربورن في الواليات المتحدة الأمريكية‪:‬‬
‫النا�س �أنها ل�ؤل�ؤة»‪.‬‬ ‫والخرافات والمبالغا ت‪.‬‬
‫لقد كان المرجع ال�سيد ف�ضل اهلل(ر�ض)‬
‫مثا ًال فريد ًا في م�سيرة االمة‪ ،‬حيث كان‬
‫كان حليم ًا‪ ،‬مت�سامح ًا‪ ،‬متوا�ضع ًا وهادئا‬
‫في تعامله مع النا�س‪ ،‬ك��ان يخاطب كل‬
‫رمز الوحدة والحوار والإ�صالح‬
‫�صوت العلم في مواجهة الجهل‪ ،‬و�صوت‬ ‫طائفة بلغتها‪ :‬فقيها مع الفقهاء‪ ،‬فيل�سوفا‬ ‫حي ب�أنواره الفكرية‪ ،‬و�شجاعته الفقهية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫�أق���ام���ت دار ال��ح��ك��م��ة الإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬في‬
‫الوحدة في مواجهة االنق�سام‪ ،‬و�صوت‬ ‫م��ع ال��ف�لا���س��ف��ة‪��� ،‬ش��اع��را م��ع ال�شعراء‪،‬‬ ‫و�شخ�صيته الحركية‪ ،‬و�أخالقه المحمدية‪،‬‬ ‫ديربورن‪ ،‬في الواليات المتحدة الأمريكية‪،‬‬
‫العدل في مواجهة الظلم‪ ،‬و�صوت الحرية‬ ‫وان�سانا عاديا مع عامة النا�س‪.‬‬ ‫ومعارفه العلوية‪.‬‬ ‫حف ًال بمنا�سبة الذكرى ال�سنوية الأولى‬
‫في مواجهة العبودية‪ ،‬و�صوت اال�ستقالل‬ ‫لقد كان ال�سيد(ر�ض) امتدادا مباركا‬ ‫ل��ق��د ع��ا���ش ال�سيد �سعيدا ف��ي خدمة‬ ‫لرحيل �سماحة العالمة المرجع ال�س ّيد‬
‫في مواجهة التبعية‪ ،‬و�صوت النهو�ض‬ ‫من �شجرة علماء جبل عامل‪ ،‬وال نن�سى‬ ‫عباد اهلل وبالده‪ ،‬لقد دعا الى �سبيل ربه‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل (ر���ض��وان اهلل‬
‫في مواجهة التخلف‪ ،‬و�صوت الحوار في‬ ‫�أن ال�سيد ال��راح��ل قد عانى �أن��واع��ا من‬ ‫بالحكمة والموعظة الح�سنة‪ ،‬كما دعا‬ ‫عليه)‪ ،‬ح�ضره ح�شد كبير من الم�ؤمنين‬
‫مواجهة القطيعة‪ ،‬و�صوت المقاومة في‬ ‫المظلومية ف��ي حياته العامة‪ ،‬وخا�صة‬ ‫النا�س الى �صراط العدالة والعقالنية‪،‬‬ ‫من �أبناء الجالية العربية والإ�سالمية في‬
‫مواجهة االحتالل واال�ستعمار‪.‬‬ ‫ف��ي ع�صر مرجعيته‪ ،‬م��ن خ�لال التهم‬ ‫�صراط الحياة والحرية‪� ،‬صراط ال�صبر‬ ‫�أميركا‪.‬‬
‫علي‪ ،‬يا فقيد االمة‪،‬‬
‫رحمك اهلل يا ابا ّ‬ ‫الزائفة واالهانات الجارحة الموجهة من‬ ‫وال�صمود‪� ،‬صراط ال�صدق والأخال�ص‪.‬‬ ‫ك����م����ا ح���������ض����ر ال����ح����ف����ل ال���ق���ن�������ص���ل‬
‫و�أ�سكنك تعالى في ج��وار ج��دك ر�سول‬ ‫قبل بع�ض النا�س‪ .‬وم��ع ذل��ك لم ي�سقط‬ ‫ول��م يتوقف عطائه عند ه��ذا الحد‪ ،‬بل‬ ‫ال��ل��ب��ن��ان��ي ف���ي م��ي��ت�����ش��ي��غ��ن‪ .‬وق����د القى‬
‫اهلل(�ص)‪..‬‬ ‫�أم��ام تلك التهم وبقي �صامدا‪� ،‬شامخا‪،‬‬ ‫�أ�صبح �أب ًا لاليتام‪ ،‬منا�صر ًا للمحرومين‪،‬‬ ‫ام�����ام م�����س��ج��د دار ال��ح��ك��م��ة‪ ،‬ال�شيخ‬
‫ونحن نحمد اهلل الذي هدانا لهذا وما‬ ‫م�ستلهما حديث الإمام مو�سى بن جعفر‬ ‫ملهم ًا للمقاومين‪ ،‬وقدو ًة للعلماء والمتعل‬ ‫م��ح��م��د ع��ل��ي �إل���ه���ي ك��ل��م��ة ج����اء فيها‪:‬‬
‫كنا لنهتدي لوال �أن هدانا اهلل‪.‬‬ ‫(ع)‪« :‬ما ي�ضرك �أن تكون في يدك ل�ؤل�ؤة‪،‬‬ ‫مين‪.‬‬ ‫عام م�ضى على رحيل ال�س ّيد الغالي وهو‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪20‬‬
‫المنتدى العاملي يحيي ذكرى المرجع ف�ضل اهلل (ر�ض) في عيناثا‬
‫ّ‬
‫والح�ضاري‬ ‫إن�ساني‬
‫ّ‬ ‫كلمات �أ�شادت بعلمه ومرجعيته وانفتاحه ال‬
‫في وج��ه االحتالل والقوى الإ�ستعمارية‬ ‫واعتبر �أن �سماحة ال�س ّيد(ر�ض) «كان‬
‫التي ت�سعى لتنفيذ م�شاريعها الم�شبوهة‪،‬‬ ‫ن��م��وذج�� ًا م�����ش��رق�� ًا ل��ل��م��راج��ع والعلماء‬
‫في �إ�شعال الفتن المذهب ّية‪� ،‬أو خلق بيئ ٍة‬ ‫الربانيين الذين هم حق ًا ورث��ة الأنبياء‬
‫م�ضطربة في لبنان والمنطقة‪ ،‬وتحويلها‬ ‫والر�سل‪ .‬وربما يم ُّر زم��نٌ طوي ٌل قبل �أن‬
‫�إلى �ساحة متوتّرة‪� ،‬أو مالذ لقوى التخريب‬ ‫ُيدرك الكثيرون حجم التطور الذي �أحدثه‬
‫في المنطقة خدم ًة للم�شاريع الأميرك ّية‬ ‫ف��ي ح��رك��ة المرجع َّية ومنهج َّية العقل‬
‫ال�صهيون ّية‪ ،‬واعتبر �أن المقاومة نجحت‬ ‫ّ‬ ‫الإجتهادي و�آفاقه‪ ،‬ف�ض ًال عن التفا�صيل‬
‫ف��ي تكري�س ق��� ّوة ل��ب��ن��ان �شعب ًا وجي�شاً‬ ‫الفقهية والكالمية والفكرية المتن ِّوعة»‪.‬‬
‫إ�سرائيلي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وم��ق��اوم�� ًة ل���ردع ال��ع��دوان ال‬ ‫الوحدوي المقاوم‬‫ّ‬
‫وحماية لبنان وثرواته‪ ،‬وا�ستكمال تحرير‬ ‫الح�ص‪ ،‬محمد‬ ‫ّ‬ ‫و�ألقى كلمة ال ّرئي�س �سليم‬
‫�أر�ضه‪.‬‬ ‫نديم ال��م�لاح‪ ،‬ر�أى فيها «�أنّ مرجع ّية‬
‫بناء الإن�سان‪:‬‬ ‫ال�� ّراح��ل ف�ضل اهلل ت��م�� ّي��زت با�ستجالء‬
‫وقال م�س�ؤول التثقيف في «التيار الوطني‬ ‫لكثير من الق�ضايا‪ ،‬وما‬ ‫المفاهيم الدّين ّية ٍ‬
‫ال��ح�� ّر» ب�����س��ام ال��ه��ا���ش��م‪« :‬ك���ان الراحل‬ ‫التزام‬
‫ٍ‬ ‫�أحيا «المنتدى الفكري لإحياء التّراث العاملي» و�أهالي بلدة عيناثا ومنطقة بنت كان ال�� ّر�أي ا ّل��ذي يبديه ّ‬
‫لينم عن‬
‫مذهبي مع ّين‪ ،‬فهو ك��ان حري�ص ًا على‬ ‫جبيل‪ ،‬ال ّذكرى ال�سنو ّية الأول��ى لرحيل العالمة المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل‬
‫الكبير(ر�ض) �صاحب ر�سالة �إن�سانية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جمع من رجال‬
‫الدّوام على �أن يكون ر�أيه مج ّرد ًا‪ ،‬فال �س ّنة‬ ‫�شعبي حا�شد في ح�سين ّية البلدة‪ ،‬في ح�ضور ٍ‬
‫احتفال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫اهلل(ر�ض)‪ ،‬في‬
‫وه���ذا م��ا يجعلني‪� ،‬أن���ا الم�سيحي من‬ ‫الدّين‪ ،‬وفاعل َّيات بلد َّية وثقاف َّيه واجتماع َّية‪.‬‬
‫ال��ع��اق��ورة‪ ،‬ان��ت��م��ي ال���ى ف��ك��ره ومنهجه‬
‫الإن�ساني العظيم‪ ،‬ك�أ ّني به ال�س ّيد الم�سيح‬ ‫فادحة في‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خ�سارة‬ ‫َّ‬
‫�شكل رحيله‬ ‫الدّين ّية �إلى م�ستوى حمل هموم الإ�سالم‬ ‫ال�صعب‬ ‫الراحل في َّ‬
‫بين تالمذته‪ ،‬يذوب من �أجل الإن�سان»‪.‬‬ ‫الزمن َّ‬ ‫افتقاد َّ‬
‫إ�سالمي‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬ ‫الحقل الدّ ّ‬
‫يني ال‬ ‫والم�سلمين والم�ست�ضعفين في العالم‬ ‫نات من القر�آن الكريم‪� ،‬ألقى‬
‫و�أ���ض��اف‪�« :‬إنّ ال��راح��ل ل��م يكن بحجم‬ ‫آيات ب ِّي ٍ‬
‫بعد � ٍ‬
‫للم�سلمين عموم ًا‪ ،‬من حيث‬ ‫ك ّله‪.‬‬ ‫رئي�س المنتدى ال�س ِّيد علي عبد ال ّلطيف‬
‫ف��رد‪ ،‬بل بحجم وطن و�أ ّم��ة‪ ،‬حيث �أطلق‬ ‫وق���ال‪« :‬ت��م�� ّي��زت مرجع ّيته باندماجها‬
‫�إ َّنهم �شعروا بفقدان مرجع َّي ٍة‬ ‫تحدّث فيها عن «ثقافة‬ ‫ف�ضل اهلل كلم ًة َ‬
‫مفاهيم الإ�سالم �إلى ال ّرحابة والحركة‬ ‫بالواقع‪ ،‬وبالت�صاقها بال ّنا�س‪ ،‬وبالخبرة‬
‫ال��م��ت��ج��دّدة الم�ستنه�ضة لإع����ادة بناء‬ ‫م��ت��ج� ِّردة ك��ان��ت ت��م�ل�أ �ساحة‬ ‫الدّائمة‬‫ال َّراحل في فهم الحياة‪ ،‬ودعوته َ‬
‫ف��ي ����ش����ؤون ال��ع�����ص��ر‪ ،‬وب��االن��ف��ت��اح على‬
‫الإن�سان نحو الكمال في مختلف جوانبه‬ ‫الفكر بعطائها الغزير المدرار‬ ‫لالرتقاء بالإن�سان نحو الكمال‪ ،‬واالنتماء‬
‫التط ّورات العلم ّية والتكنولوج ّية‪ ،‬ومن‬
‫الفكر َّية والعلم َّية والتّربو َّية وال ّثقاف ّية‪،‬‬ ‫�سالي بعيد ًا عن‬ ‫ّيني ال ّر ّ‬ ‫الخط الد ّ‬‫ّ‬ ‫�إل��ى‬
‫هنا كانت فتاواه التجديد ّية واجتهاداته‬
‫واالنفتاح على جميع العلوم والمعارف‬ ‫في قامو�سه وال �شيعة‪ .‬وكان له العديد من‬ ‫خدمة ال ّذات»‪.‬‬
‫الجريئة المبدعة‪� ،‬أ�صيلة المنطلقات‪،‬‬
‫وال ّثقافات‪ ،‬وط��رح ا�ستراتيج ّية الوحدة‬ ‫الإنجازات في هذا المجال‪ ،‬حيث �ش َّكل‬ ‫وقال‪« :‬نلتقي في ذكرى المرجع بالقيمة‬
‫وا�سعة المدى‪ ،‬تنفتح بالدّين والإ�سالم‬
‫ك�سبيل وخال�ص من التّفرقة‬ ‫ٍ‬ ‫الإ�سالم ّية‬ ‫رحيله خ�سار ًة فادح ًة في الحقل الد ّ‬
‫ّيني‬ ‫والوعي الممت ّد وال َّثقافة الأ�صيلة والحالة‬
‫على ق�ضايا الع�صر وتحدّياته‪ ،‬وتواجه‬
‫ا ّل��ت��ي ت��خ��دم ال ّ‬
‫�����ص��ه��ي��ون�� َّي��ة‪ ،‬واالنطالق‬ ‫الإ���س�لام ّ��ي‪ ،‬وكذلك للم�سلمين عموم ًا‪،‬‬ ‫الإ�شكاالت ا ّلتي يفرزها الواقع المتط ّور‬ ‫الح�ضار َّية ا ّلتي تع ّبر عن التفاعل بين‬
‫ن��ح��و ال��ح��ر ّي��ة واال���س��ت��ق�لال ا ّل��ت��ي تم ّر‬ ‫من حيث �إ َّنهم �شعروا بفقدان مرجع َّي ٍة‬ ‫ب�شكل مت�سارع غير‬ ‫علم ّي ًا وتكنولوج ّي ًا‬ ‫الإن�سان والكون والحياة انطالق ًا من اهلل‪،‬‬
‫ٍ‬
‫عبر تغليب عوامل ال��وح��دة على عوامل‬ ‫متجردة كانت تملأ �ساحة الفكر بعطائها‬ ‫ِّ‬ ‫م�سبوق»‪.‬‬ ‫ونفتقد ال ّراحل في زمن التح ّوالت الكبرى‪،‬‬
‫الفرقة‪� ،‬إل��ى جانب �إط�لاق الحوار بين‬ ‫الغزير المدرار»‪.‬‬ ‫الغربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال�صعب ا ّلذي ينتجه العقل‬ ‫الزّمن ّ‬
‫ال�صرخة المدو ّية في‬ ‫الب�شر‪ ،‬و�إط�لاق ّ‬ ‫مر�شد المقاومين‬ ‫تم ّيزت مرجع ّيته باندماجها‬ ‫قافي �أخطر من‬ ‫حيث �أ�صبح اال�ستعمار ال ّث ّ‬
‫إ�سرائيلي الغا�صب‪ ،‬حتّىَ‬ ‫ّ‬ ‫وج��ه العد ّو ال‬ ‫وت��ن��اول ال��وزي��ر ال��� َّ��س��اب��ق ع�صام نعمان‬ ‫بالواقع‪ ،‬والت�صاقها بال ّنا�س‪،‬‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬وهجمات ما ي�س ّمى‬ ‫ّ‬ ‫اال�ستعمار‬
‫حاولت المخابرات الأميرك ّية المركز ّية‬ ‫محطات من عالقته مع �سماحة المرجع‬ ‫بالقيم الغرب َّية تبعث القلق �أكثر من غزو‬
‫وبالخبرة في �ش�ؤون الع�صر‪،‬‬
‫اغ��ت��ي��ال��ه‪ ...‬ك���ان ال��م��ر ّب��ي لجماعات‬ ‫وتحدّث عن «�أنه تم ّيز‬
‫ف�ضل اهلل(ر�ض) َ‬ ‫الجيو�ش الأجنب ّية‪ ،‬ولهذا ندعو �إلى �إطالق‬
‫المنا�ضلين والمقاومين والمدافعين عن‬ ‫بين العلماء وال��ف��ق��ه��اء بعلمه وثقافته‬ ‫واالنفتاح على التط ّورات‬ ‫العنان لك ّل الحراك ا ّلذي ينتجه المتن ّورون‬
‫الأر����ض والإن�����س��ان وال��ك��رام��ة‪ ،‬حتّى �إ ّنه‬ ‫االجتماعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الح�ضار ّية‪ ،‬وممار�سته ودوره‬ ‫العلم ّية والتكنولوج ّية‬ ‫لت�أ�صيل االرتباط بثقافة الإيمان ا ّلتي تع ّبر‬
‫تتلمذ على يديه العديد من ال�شهداء‪،‬‬ ‫وبت�صدّيه التّ��ف��اق ‪� 17‬أ ّي����ار‪ ،‬ومواجهة‬ ‫وثقافي‬
‫ّ‬ ‫جهادي‬
‫ّ‬ ‫كم�شروع‬
‫ٍ‬ ‫عن المقاومة‬
‫ومن القادة والمجاهدين ومنهم �سماحة‬ ‫االحتالل الإ�سرائيلي‪ ،‬حتى اقترن ا�سمه‬ ‫يتمايز بق ّوة الإرادة والممانعة و�صالبة‬
‫ال�س ّيد ح�سن ن�صراهلل»‪.‬‬ ‫بلقب مر�شد المقاومة ا ّلتي زاوجها مع‬ ‫و�أ�ضاف‪« :‬لقد كان �سماحته ي�ؤكد دائم ًا‬ ‫البنية الأخالق ّية والإن�سان ّية»‪.‬‬
‫وخ��ت��م‪�« :‬أن���ا ف��ي التيار الوطني الح ّر‪،‬‬ ‫الحياة‪ ،‬بحيث تبقى روح المقاومة فاعل ًة‬ ‫�أ َّنه لن يجامل ا�ستكبار ًا ولو كان في م�ستوى‬ ‫المرجع َّية المنفتحة‬
‫�أع��ت�� ّز بانتمائي �إل���ى ال��م��ق��اوم��ة‪ ،‬لأ ّنها‬ ‫ومبدع ًة في خدمة الإن�سان نحو الحر َّية‬ ‫�أمريكا و�إ�سرائيل‪ ،‬ولن يجامل الخرافيين‬ ‫ث��م ت��ح��دّث العالمة ال�س ّيد محمد علي‬
‫العربي ال�شريف‬ ‫ّ‬ ‫مقاومة الإن�سان ال ّل ّ‬
‫بناني‬ ‫والمح َّبة والكمال»‪.‬‬ ‫والمتخ َّلفين‪ ..‬ومن هنا م َّثلت مرجعيته‬ ‫ف�����ض��ل اهلل ع���ن ���س��ي��رة ال���� ّراح����ل منذ‬
‫الحري�ص على كرامته ووجوده «‪.‬‬ ‫مواجهة م�شاريع الفتنة‬ ‫المتحجرة‬
‫ِّ‬ ‫عنوان ًا لل�صراع مع التيارات‬ ‫انطالقته وامتداد حركة مرجع ّيته الدّين ّية‬
‫وفي نهاية االحتفال‪� ،‬ألقى ال�شاعر ال�س ّيد‬ ‫و�أل��ق��ى ال��وزي��ر وال�� ّن��ائ��ب ال�سابق زاهر‬ ‫والمتجمدة والمغالية التي يم ِّثلها �أن�صار‬
‫ِّ‬ ‫والفقه ّية �إل���ى مختلف مناطق العالم‬
‫مو�سى ف�ضل اهلل ق�صيدة بعنوان‪« :‬باق‬ ‫الخطيب كلم ًة اعتبر فيها �أنّ �سماحة‬ ‫الخرافات وحرا�س التخ ُّلف»‪..‬‬ ‫العربي والإ�سالمي‪ ،‬واالرتقاء بالمرجع ّية‬
‫ويحرقنا الغياب»‪.‬‬ ‫ال�س ّيد �ش ّكل المر�شد لثقافة المقاومة‬
‫‪21‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫ح�صن ال�ساحة‬ ‫ّ‬
‫الوحدوي ّ‬ ‫بلد ّيات ق�ضاء �صور �أحيت الذكرى‪ :‬خطابه‬

‫الإرث الثقافي ا ّل���ذي خ ّلفه المرجع‬ ‫�أ�ضاف‪« :‬ما �أحوجنا اليوم �إلى ال�س ّيد‬ ‫عبداهلل‪ ،‬ا ّلذي اعتبر «�أنّ ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫�أقام اتحاد بلديات ق�ضاء �صور احتفا ًال‬
‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل و�أغنى به المكتبات‬ ‫ف�ضل اهلل ا ّلذي ح ّذر دائم ًا من العمل‬ ‫�أغنى الفقه الإ�سالمي والأ ّمة الإ�سالمية‪،‬‬ ‫تكريم ّي ًا لمنا�سبة ال�� ّذك��رى ال�سنو ّية‬
‫الإ�سالم ّية»‪.‬‬ ‫ال�� ّد�ؤوب لأعداء الأ ّمة في التفريق بين‬ ‫و�أنّ ال��ع��ال��م الإ���س�لام ّ��ي فقد �شخ�ص ّية‬ ‫الأولى لرحيل العالمة المرجع ال�س ّيد‬
‫واخ ُت ِتم االحتفال بكلمة اتّحاد بلد ّيات‬ ‫الم�سلمين»‪..‬‬ ‫العالم الفقيه المحاور العامل في �سبيل‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬ف��ي مركز‬
‫ق�ضاء �صور‪� ،‬ألقاها رئي�س بلدية القليلة‪،‬‬ ‫ثم �ألقى �سماحة ال�شيخ ح�سين الخ�شن‪،‬‬ ‫�إغناء الأ ّم��ة الإ�سالم ّية و�إب��راز مفا�صل‬ ‫با�سل الأ�سد الثقافي‪ ،‬بح�ضور رئي�س‬
‫جمال �شبلي‪ ،‬و�صف فيها المرجع ال�س ّيد‬ ‫كلم ًة ر�أى فيها ‪�« :‬أنّ ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫الق ّوة فيها»‪..‬‬ ‫االت��ح��اد ع��ب��د المح�سن الح�سيني‪،‬‬
‫تخطى‬‫ف�ضل اهلل ب�أ ّنه «�ش ّكل ا�ستثنا ًء ّ‬ ‫كان من العلماء ا ّلذين ا�ستطاعوا �أن‬ ‫كما �ألقى �إمام م�سجد القا�سم ّية‪ ،‬ال�شيخ‬ ‫ّ‬
‫الخ�شن‪،‬ال�شيخ علي‬ ‫ال�شيخ ح�سين‬
‫بعلمه ح��دود ال َّ��زم��ان وال��م��ك��ان‪ ،‬وكان‬ ‫يح�صنوا ال�ساحة الإ�سالمية بخطابهم‬ ‫ّ‬ ‫ذي��اب المهداوي‪ ،‬كلم ًة تحدّث فيها عن‬ ‫يا�سين‪ ،‬مم ّثل جمعية المبرات‪ ،‬الأب‬
‫رجل الدّين ا ّل��ذي فتح لالجتهاد �ألف‬ ‫ال�ساحة الإ�سالم ّية‬
‫الوحدوي‪ ،‬وجعل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫«م��زاي��ا ال�� ّراح��ل وف�ضائله ف��ي التّقارب‬ ‫وليم نخلة و�شخ�ص ّيات‪.‬‬
‫باء وباء»‪.‬‬ ‫م�ساح ًة ل��ل��ح��وار ال��دّاخ��ل ّ��ي فيما بين‬ ‫بين المذاهب الإ�سالم ّية وانفتاحه على‬ ‫��ات من القر�آن الكريم‪ ،‬تحدّث‬ ‫بعد �آي ٍ‬
‫الم�سلمين»‪ ،‬داعي ًا �إلى «اال�ستفادة من‬ ‫الآخر»‪.‬‬ ‫مفتي �صور وجبل عامل ال�شيخ ح�سن‬

‫لقاء في الع ّبا�سية عن فكر المرجع ف�ضل اهلل (ر�ض) ونهجه التجديدي‬

‫في رحاب الذكرى ال�سنوية الأولى لرحيل العالمة المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل‬
‫اهلل ( ر�ض ) اقام المنتدى الثقافي االجتماعي العبا�سية وبالتعاون مع مكتب �سماحة‬
‫ال�سيد(ر�ض)‪ ،‬لقاء وحوار مع �سماحة ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل عن فكر �سماحة ال�سيد‬
‫محمد ح�سين (ر�ض) وتخلله االجابة عن بع�ض اال�سئلة التي طرحت من قبل الح�ضور‬
‫وقد ح�ضر االحتفال لفيف من العلماء وح�شد من ابناء البلدة والجوار‪.‬‬
‫ا�ستهل الحفل ب�آيات من الذكر الحكيم تالها المقرئ الحاج خ�ضر فرفور بعدها‬
‫كلمة المنتدى الثقافي لال�ستاذ علي كل�ش ومن ثم تحدث ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬
‫الذي تحدث في فكر والده الراحل ونهجه التجديدي المنفتح على الجميع والمعتدل‬
‫في تناول الق�ضايا المختلفة‪ ،‬وفي نهاية اللقاء كانت ال�صور التذكارية ومن ثم توزيع‬
‫ام�ساكية �شهر رم�ضان المبارك و�صور ل�سماحة المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل‬
‫اهلل (ر�ض)‪.‬‬

‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫‪22‬‬
‫احتفال خطابي حا�شد في جبيل‪ :‬داعية الحوار والتعاي�ش‬

‫وفي الختام‪ ،‬كانت كلمة العالمة ال�س ّيد‬ ‫م� ّؤ�س�سات الدّولة»‪ ،‬داعي ًا �إلى نبذ العنف‬ ‫ال�شريفة‪،‬‬‫كامل ًة متكامل ًة في �شخ�ص ّيته ّ‬ ‫�أق��ام��ت لجنة �إح��ي��اء ال�� ّذك��رى ال�سنو ّية‬
‫علي ف�ضل اهلل‪ ،‬ا ّلذي قال‪« :‬كان �سماحة‬ ‫ال�سلم الأهلي‬ ‫نبذ ًا مطلق ًا‪ ،‬مع رفع م�س�ألة ّ‬ ‫وفي �سيرته المنيفة‪ ،‬وفي �آثاره الفريدة‪،‬‬ ‫الأول��ى لرحيل العالمة المرجع‪ ،‬ال�س ّيد‬
‫ال�س ّيد يرى �أنّ قيمة لبنان �أن يحمل في‬ ‫الوطني‪ ،‬واعتماد‬ ‫ّ‬ ‫�إل��ى مرتبة المقدّ�س‬ ‫وفي �شجاعته النبيلة بوجه ال�صهيون ّية‬ ‫م��ح��م��د ح�����س��ي��ن ف�����ض��ل اهلل‪ ،‬احتفا ًال‬
‫داخ��ل��ه ك�� ّل ال��ت��ن�� ّوع ا ّل���ذي ن�شهده بتعدّد‬ ‫ّيموقراطي منهج ًا وحيد ًا لحلّ‬‫ّ‬ ‫الحوار الد‬ ‫العالمية وم��ن يقف وراءه���ا‪ ،‬وف��ي �أب ّوته‬ ‫ح��ا���ش��د ًا للمنا�سبة ف��ي ق��اع��ة مدر�سة‬
‫ط��وائ��ف��ه وم��ذاه��ب��ه‪ ،‬وك���ان دائ��م�� ًا ي�ؤ ّكد‬ ‫الإ�شكال ّيات القائمة بيننا‪ ،‬مع ت�شديده‬ ‫للمقاومة في لبنان وفل�سطين والعراق‪.‬‬ ‫ر�سول المح ّبة – جبيل‪ ،‬التّابعة لجمعية‬
‫ل ّلبنان ّيين � َّأن من م�س�ؤول َّيتهم �أن يقدّموا‬ ‫الدّائم على الإق�لاع نهائ ّي ًا عن م�شاريع‬ ‫و�أ ّم��ا الحديث عن �شجاعته في درا�ساته‬ ‫المبرات الخيرية‪ ،‬بح�ضور ال ّنائب ع ّبا�س‬
‫تجرب ًة في قدرة الدّيانات على ال َتّعاي�ش‬ ‫الغلبة واال�ستقواء بالخارج‪.‬‬ ‫ال��م��م�� ّي��زة ل�ل�آث��ار الإ���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬وتحدّيه‬ ‫ها�شم‪ ،‬مم ّثل «حزب اهلل» ماجد الحاج‪،‬‬
‫فيما بينها‪ ،‬ليكون ذل��ك رد ًا على من‬ ‫�أ ّم����ا ال�شيخ غ�����س��ان ال�� ّل�� ّق��ي�����س‪ ،‬فاعتبر‬ ‫للخرافة والخراف ّيين‪ ،‬وللغل ّو والمغالين‪،‬‬ ‫مم ّثل الت ّيار الوطني الحر �أن��ط��وان �أبي‬
‫يدّعي � َّأن الدّيانات عندما تكون في موقع‬ ‫«�أنّ ا ّل��ذي تم ّيز به �سماحته‪� ،‬أ ّن��ه رجل‬ ‫ولل�شعوذة والم�شعوذين‪ ،‬وللتّكفير ّيين من‬ ‫ّ‬ ‫ي��ون�����س‪ ،‬الأم��ي��ن ال��ع��ام ال�����س��اب��ق لحزب‬
‫واحد‪ ،‬تكون غير قادرة على ال َتّعاي�ش مع‬ ‫الموقف‪ ،‬ما �سمعناه في يوم من الأيام‬ ‫وال�شيعة‪ ،‬فالحديث عنها طويل‬ ‫ال�س ّنة ّ‬ ‫«الكتلة الوطنية» ج��ان ال��ح�� ّواط‪ ،‬وعدد‬
‫بع�ضها البع�ض‪ ،‬ويكون محكوم ًا عليها �أن‬ ‫يطلق ت�صريح ًا ي��ك��ون �سبب ًا ف��ي ٍ‬
‫�شرخ‬ ‫خا�ص بذلك»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كتاب‬ ‫ت�صنيف‬ ‫ويحتاج �إلى‬ ‫م��ن ال�شخ�ص ّيات ال�سيا�س ّية والدّين ّية‬
‫تت�صارع وتتقاتل»‪.‬‬ ‫بين الم�سلمين والم�سيح ّيين‪ ،‬على عك�س‬ ‫و�ألقى رئي�س بلد ّية جبيل زي��اد الح ّواط‬ ‫والحزب ّية والبلد ّية والمخاتيرية‪ ،‬وح�شد‬
‫و�أ�ضاف‪« :‬اعتبر ال�س ِّيد � َّأن م�شكلة لبنان‬ ‫غيره»‪.‬‬ ‫كلم ًة ق��ال فيها‪« :‬م��ا �سمعته متك ّلم ًا في‬ ‫من �أبناء المنطقة‪.‬‬
‫لي�ست في ال�� ّدي��ن‪ ،‬بل هي في ال�لا دين‬ ‫و�أ�شار �إل��ى الإمكانيات العلم ّية الكبرى‬ ‫بناني‪ ،‬وخ�صو�ص ًا بعد �أن عاد‬ ‫ال�ش�أن ال ّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب��داي�� ًة‪� ،‬آي���ات م��ن ال��ق��ر�آن ال��ك��ري��م‪ ،‬ثم‬
‫وال َّ��ط��ائ��ف�� َّي��ة‪ ،‬وك���ان ي��رى � َّأن َّ‬
‫الطائف َّية‬ ‫التي كان يتمتّع بها �سماحته‪ ،‬م�ؤ ّكد ًا �أنه‬ ‫ال ّلبنان ّيون �إل��ى ر�شدهم ووعيهم‪ ،‬بعد‬ ‫ال ّن�شيد الوطني‪ ،‬فكلمة ع ّريف المنا�سبة‬
‫ع�شائري تحكمه‬ ‫ّ‬ ‫لي�ست دين ًا‪ ،‬و�إ َّنما تج ّمع‬ ‫زاوج بين القول والعمل‪ ،‬ولم يف ّرق بين‬ ‫حرب كا�سح ٍة ما�سح ٍة وقذرة‪� ،‬إال و�سمعته‬ ‫ٍ‬ ‫ال��ح��اج ح�سين �أ���س��ع��د‪ .‬ب��ع��ده��ا‪� ،‬ألقى‬
‫عالقات الع�شائر في ما بينها»‪.‬‬ ‫فئة و�أخ����رى‪ ،‬وك���ان ن��م��وذج�� ًا راق��ي�� ًا في‬ ‫التم�سك بالعي�ش الم�شترك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫��ى‬ ‫ل‬ ‫�‬
‫إ‬ ‫يدعو‬ ‫ال�شيخ يو�سف عمرو‬ ‫ال�� ّدك��ت��ور القا�ضي ّ‬
‫احترام الآخر‪.‬‬ ‫وتثبيت ال��� ّ��س��ل��م الأه���ل ّ���ي‪ ،‬و�إع�����ادة بناء‬ ‫كلم ًة جاء فيها‪« :‬لقد كان(ر�ض) مدر�س ًة‬
‫م��ن جهته‪ ،‬لفت ال��م��ط��ران عطا اهلل‬
‫�إل���ى � َّأن ال�� ّراح��ل «ك���ان يبني الحوار‬
‫على مرتكزين اثنين‪ :‬احترام الحر ّية‬
‫الفكر ّية‪ ،‬و�آداب الحوار»‪.‬‬
‫ب��دوره‪� ،‬أ�شار ال�س ّيد ف�ضل اهلل �إلى �أنّ‬
‫ال ّراحل «لم يم ّيز بين منطق ٍة و�أخرى‪،‬‬
‫ب��ل ك��ان م��ن��ح��از ًا دائ��م�� ًا �إل��ى المناطق‬
‫المحرومة من هذا الوطن»‪ .‬وقال‪« :‬لقد‬
‫ال�صروح ال ترتفع‬ ‫ع ّلمنا �سماحته �أنّ ّ‬
‫ب�أحجارها‪ ،‬و�إ ّنما ت�سمو ب�إن�سانها‪ ،‬هذا‬
‫الإن�سان ا ّل��ذي يبني الم� ّؤ�س�سات بيد‪،‬‬
‫ويهدّم �أبنية الجهل والخرافة والع�صب ّية‬
‫باليد الأخرى»‪.‬‬
‫�أ�ضاف‪« :‬لطالما �سمعناه وهو يخاطب‬
‫ال�شعب ال ّل ّ‬
‫بناني‬ ‫ال�سيا�س ّيين بالقول �إنّ ّ‬ ‫�إحياء الذكرى في البقاع‪ :‬و�صيته ان تبقى البو�صلة باتجاه فل�سطين‬
‫ق��د ح����اور بع�ضه ب��ع�����ض�� ًا م��ن��ذ زم��ن‪،‬‬
‫وا�ستخل�ص ال�� ّن��ت��ائ��ج وال��ع��ب��ر‪ ،‬و�أنتم‬ ‫لم يعد هناك من وط��ن»‪ ،‬م�شدّد ًا على‬ ‫ال�شيخ خالد �صلح‪ ،‬راعي �أبر�شية بعلبك‬ ‫ّ‬ ‫�أح��ي��ت جمع ّية «ال ّ‬
‫�����ض��ي��اء والغفران»‬
‫�أ ّي��ه��ا ال�سيا�س ّيون‪ ،‬تبحثون عن جن�س‬ ‫«�ضرورة �أال يكون في لبنان مناطق درجة‬ ‫دير الأحمر المارون ّية‪ ،‬المطران �سمعان‬ ‫ال ّذكرى ال�سنو ّية الأولى لرحيل المرجع‬
‫ال�شعب‬‫المالئكة‪ .‬كان ي�ؤمن ب�صفاء ن ّية ّ‬ ‫�أولى ومناطق منكوبة محرومة»‪ .‬و�س�أل‪:‬‬ ‫عطا اهلل‪ ،‬العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫ال�����س�� ّي��د م��ح��م��د ح�����س��ي��ن ف�����ض��ل اهلل‪،‬‬
‫دين �أو طائف ٍة انتمى»‪.‬‬ ‫ال ّل ّ‬
‫بناني‪� ،‬إلى � ّأي ٍ‬ ‫«�أي���ن تمثيل الإن��م��اء ال��م��ت��وازن‪� ،‬إن كان‬ ‫رئي�س الجمع ّية عقل حم ّية‪ ،‬وفاعل ّيات‬ ‫الح�سيني في‬
‫ّ‬ ‫باحتفال في قاعة ال ّنادي‬ ‫ٍ‬
‫كما �أ ّك���د رئي�س الجمع ّية عقل حم ّية‬ ‫في التعليم �أو في الوظائف �أو في وحدة‬ ‫دين َّية واجتماع َّية‪.‬‬ ‫بلدة طاريا ‪ -‬ق�ضاء بعلبك‪ ،‬بح�ضور‬
‫«ال�سير قدم ًا على نهج ال ّراحل الدّاعي‬ ‫الوطن؟»‪.‬وتمنى على ال�سيا�س ّيين ورجال‬ ‫ً‬ ‫و�ألقى َّ‬
‫ال�شيخ �صلح كلمة �أ�شار فيها �إلى � َّأن‬ ‫ال�� ّرائ��د علي العجمي ممث ًال المدير‬
‫�إل��ى بناء لبنان الوطن الواحد لجميع‬ ‫الدّين «الأخذ بو�ص ّية العالمة ال ّراحل‪� ،‬أن‬ ‫«هذا الوطن ال يبنى �إال بتعدّده‪ ،‬وال يبنى �إال‬ ‫ال��ع��ام ل��ق��وى الأم����ن ال��داخ��ل��ي اللواء‬
‫�أبنائه بمختلف مذاهبه وطوائفه»‪.‬‬ ‫ال نغير البو�صلة باتجاه فل�سطين»‪.‬‬ ‫بجناحين‪ ،‬ف�إن اخت ّلت المعادلة والتّوازن‪،‬‬ ‫�أ���ش��رف ري��ف��ي‪ ،‬مفتي بعلبك الهرمل‬

‫‪23‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫ ‬
‫والممار�سة والتّحقيق‪ ،‬وهذا العمل ينطلق‪،‬‬
‫كما نفهمه‪ ،‬وكما يو�صي به ال�س ّيد‪ ،‬لي�س‬
‫وطائفي‬
‫ّ‬ ‫مذهبي‬
‫ّ‬ ‫بدافع من فئو ّية و�شعو ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫ندوة لإتحاد مجال�س �أ�صدقاء المب َّرات‪:‬‬
‫واجتماعي‬
‫ّ‬ ‫��ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫��‬ ‫ط‬ ‫و‬ ‫ر‬‫ٍ‬ ‫�شعو‬ ‫��ن‬ ‫م‬ ‫��ل‬‫ب‬ ‫مغلق‪،‬‬
‫إن�ساني �شامل ومنفتح»‪.‬‬
‫وختم قائ ًال‪�« :‬إ ّنها بحقّ تجربة �إن�سان ّية‬
‫رائدة‪ ،‬يتج ّلى الخير في عنوانها وا�سمها‪،‬‬
‫و� ّ‬
‫المرجع ف�ضل اهلل وفاعل َّية المنهج الم� َّؤ�س�ساتي‬
‫كما في م�ضمونها ور�سالتها‪ ،‬وكما في‬ ‫ّ‬
‫وت��اب��ع‪�« :‬آم��ن بق ّوة الفكر على الإب���داع‪،‬‬ ‫نظم اتحاد مجال�س �أ�صدقاء المب ّرات ندو ًة بعنوان‪�« :‬سماحة المرجع ال�س ّيد‬
‫فاعل ّية منهجها الم� ّؤ�س�ساتي‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر�ض) وفاعل ّية المنهج الم� ّؤ�س�ساتي»‪ ،‬في قرية لبنان‬
‫تكمن قيمة جمع ّية المب ّرات و�أخواتها‬ ‫فك ّر�س نف�سه لم�سائل الإن�سان‪ ،‬و�أعطى‬
‫مواهبه لتجميل ال��م��ك��ان‪ ،‬و���ص��اغ ر�ؤي��اه‬ ‫التراث ّية‪ ،‬وقد �أدار ال ّندوة رئي�س اتحاد مجال�س �أ�صدقاء المب ّرات‪ ،‬الدكتور وجيه فانو�س‪،‬‬
‫الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬وتكمن �أهم ّية الأمانة ا ّلتي‬ ‫وتخ ّللها مداخالت لك ّل من �أمين عام المدار�س الكاثولكية في لبنان‪ ،‬الأب مروان‬
‫ح ّملها ال�س ّيد لنف�سه قبل �أن يح ّملها ل�سواه‪،‬‬ ‫لتحويل ال�� ّزم��ان �إل��ى قيم ٍة تتجدّد على‬
‫مقا�س الأي���ام‪ ..‬هكذا عنده يتح ّول هذا‬ ‫تابت‪ ،‬و�أمين عام مدار�س العرفان ّ‬
‫ال�شيخ �سامي �أبو المنى‪ ،‬ومدير عام جمع ّية المب ّرات‬
‫و�شعر مع �أخوته و�أبنائه ورفاقه بثقلها‪� ،‬إذ‬ ‫الخير ّية‪ ،‬الدكتور محمد باقر ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫هي �أمانة اهلل‪ ،‬ولذلك فهو �أراد �أن تلتقي‬ ‫المث ّلث الموهوب �إلى جغرافيا متح ّركة‬
‫الر�سالة بالمنهجية‪ ،‬و�أن يتكامل القول‬ ‫تترعرع تاريخ ّي ًا‪ ،‬يغ ّل موا�سم من مواقع‬
‫بالعمل‪ ،‬و�أن تتفجر الم�س�ؤولية طاقات‬ ‫و�أه������داف‪ ،‬وع��ن��دم��ا ي��ق��ر�أ ال��ق��ل��ب هذه‬
‫مبدعة منتجة‪ ،‬فال ن�ستهلك مواقعنا‪ ،‬وال‬ ‫ال�صورة البه ّية عن التوا�صل والتكامل‬ ‫ّ‬
‫نجت ّر ما�ضينا‪ ،‬وال نعي�ش عقلية المهنة‪،‬‬ ‫والتباني‪ ،‬تتّ�ضح لغة هي ن�سيج «وحدها»‬
‫ولكن عقل ّية ال ّر�سالة»‪.‬‬ ‫ت��ك�� ّل��م��ه��ا ال�����س�� ّي��د‪ ،‬وزرع���ه���ا ف���ي القيم‬
‫الدّ كتور محمد باقر ف�ضل اهلل‪:‬‬ ‫والأخ�ل�اق‪ ،‬زمان ًا مثمر ًا‪ ،‬ومكان ًا �إ ّال به‬
‫ال��م��داخ��ل��ة الأخ���ي���رة ك��ان��ت ل��م��دي��ر عام‬ ‫الإبداع ال يكون»‪.‬‬
‫جمع ّية المب ّرات الخير ّية‪ ،‬الدّكتور محمد‬ ‫وختم قائ ًال‪« :‬محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫باقر ف�ضل اهلل‪ ،‬بعنوان «ال�س ّيد والمنهج ّية‬ ‫كلمة تزهر �أبجديات‪ ،‬و�أنا عندما �أقر�أه‪،‬‬
‫الم� ّؤ�س�سية مـن ف�ضاءات الفكر �إلى تجليات‬ ‫يتب ّين ل��ي قامة هيفاء واق��ف��ة على �أفق‬
‫الواقع»‪ ،‬قال فيها‪« :‬الفكر الم� ّؤ�س�سي عند‬ ‫العطاء‪ ،‬وك���أ ّن��ي بك ّل ق��ارئ عندما يم ّر‬
‫�سماحة ال�س ّيد لي�س تنظير ًا وف�ضاءات‬ ‫بقربه‪ ،‬يالم�س ثوبه الف�صيح والبليغ‪،‬‬
‫وب�أ�صابع مب�صرة يم�سح جبهته تب ّرك ًا‬ ‫التنظيمية الجماعية الم�س�ؤولة للتفكير‬ ‫ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫واع قبل �أن يتح ّول‬ ‫فكر‪ ،‬بل هو فعل م�سار ٍ‬ ‫فيها والقيام بها»‪.‬‬ ‫افتتحت ال�� ّن��دوة بكلمة العالمة ال�س ّيد‬
‫ال��ت��زام�� ًا اجتماع ّي ًا‪ ،‬ه��و قناعة ب�أهم ّية‬ ‫وت��ن�� ّور ًا وق��� ّو ًة ت�شهد بحقيقة رج��ال قيل‬
‫فيهم «�إنّ هلل رج���ا ًال �إذا �أرادوا �أراد»‪،‬‬ ‫و�أ���ض��اف‪�« :‬أ���ص�� ّر �سماحة ال�س ّيد على‬ ‫ع��ل��ي ف�ضل اهلل‪ ،‬ق���ال ف��ي��ه��ا‪« :‬م���ا يم ّيز‬
‫الأفكار الثقاف ّية واالجتماع ّية والتربوية‬
‫وال�س ّيد هو ال ّرجل ا ّلذي �أراد»‪..‬‬ ‫المنهج الم� ّؤ�س�ساتي تنظير ًا وممار�س ًة‬ ‫العقل الم� ّؤ�س�ساتي لدى ال�س ّيد‪� ،‬أنّ �إن�شاء‬
‫والرعائية والخدماتية‪ ،‬وحتى ال�سيا�س ّية‪،‬‬ ‫على ح ّد �سواء‪ ،‬و�سعى با�ستمرار و�إ�صرار‬ ‫الم� ّؤ�س�سة ل��م يكن ه��و نهاية المطاف‬
‫والتزام بها وتج�سيد لها‪� .‬إ ّن��ه لي�س من‬ ‫ال�شيخ �سامي �أبو المنى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الفتين �إلى �أن يكون الوجود الم� ّؤ�س�ساتي‬ ‫لديه‪ ،‬بل كان البداية‪ ،‬ولم تكن الم� ّؤ�س�سة‬
‫ال�سهولة بمكان �أن يدرك الواحد منا عمق‬ ‫لل�شيخ �سامي �أبو‬ ‫المداخلة الثانية كانت ّ‬ ‫م�ستوعب ًا ل��ل�� ّر�أي ال�� ّن��ظ ّ‬
‫��ري ف��ي الأم���ور‪،‬‬ ‫بذاتها هي الهدف‪ ،‬بل كان الهدف تبديل‬
‫احتياجات الإن�سان‪� ،‬أو �أن يعبر �أغوار‬ ‫المنى‪ ،‬قال فيها‪« :‬من منطلق الم�س�ؤول ّية‬ ‫ً‬
‫ومحط رحال ما يمكن تحقيقه عمليا من‬ ‫ّ‬ ‫العقل ّية و�صقل الأدوات‪ ،‬فلم يكن مقبو ًال‬
‫ال�شخ�صية الآدم��ي��ة بمختلف �أبعادها‬ ‫و�سعة الفكر وغنى الإب��داع لديه‪ ،‬حر�ص‬ ‫هذا ال ّر�أي في حقول التطبيق وميادينه‪.‬‬ ‫في ح�ساب ال�س ّيد �أن تبقى الو�سائل بدائ ّي ًة‬
‫الج�سدية والفكرية والعقلية والروحية‪.‬‬ ‫ال�س ّيد على بناء الم� ّؤ�س�سات ل�صيانة‬ ‫وهكذا ك��ان لم� ّؤ�س�سات كثيرة‪� ،‬أن�ش�أها‬ ‫من دون لحاظ ك ّل �إمكانات تطوير العمل‬
‫ولئن ت�س ّنى ذلك لأحدهم‪ ،‬فمن الع�سير‪،‬‬ ‫الأمانة الإن�سان ّية‪ ،‬و�أداء فرو�ض الإن�سان‬ ‫�شجع على �إن�شائها و�أن�شئت‬ ‫�سماحته‪� ،‬أو ّ‬ ‫ا ّلتي ه ّي�أها الع�صر»‪.‬‬
‫�إن ل��م نقل م��ن الم�ستحيل‪� ،‬أن يتم ّكن‬ ‫للخالق تعالى من خاللها‪ ،‬وت�أكيد دور‬ ‫��دي م��ن ر�ؤي��ت��ه ه���ذه‪� ،‬أن تنه�ض في‬ ‫ب��ه ٍ‬ ‫و�أ����ض���اف‪« :‬ل���م ي��ق��ف دور ال�����س�� ِّي��د عند‬
‫����ذري‪ ،‬ال ف��ي بنية‬
‫تغيير ج ٍ ّ‬ ‫م��ن �إح���داث ٍ‬ ‫العالم الملتزم ف��ي تنمية روح الأخ��� ّوة‬ ‫المجتمع متميزة فكريا و�ساعية بم�س�ؤولية‬ ‫�إعطاء مبد�أ العمل الم� َّؤ�س�ساتي ك ّل هذا‬
‫الفرد فح�سب‪ ،‬بل في منظومة المجتمع‬ ‫وال�� ّت��ك��اف��ل االج��ت��م��اع��ي والإن�����س��ان��ي بين‬ ‫ب��ات��ج��اه م��ع��ا���ص��رة ال ب��� ّد منها وال غنى‬ ‫ال�� ّزخ��م وال�� ّدف��ع‪ ،‬وال انح�صر دوره في‬
‫ا ّلذي تر ّبى را�سخ ًا على مجموع التّقاليد‬ ‫�ساتي وا�ضح ورائد‬ ‫نهج م� ّؤ�س ّ‬ ‫النا�س‪ ،‬في ٍ‬ ‫عنها»‪.‬‬ ‫�إط�لاق الم� َّؤ�س�سة تلو الأخ��رى‪ ،‬بل كانت‬
‫ونهج من المعتقدات الم�أخوذة‬ ‫والأعراف ٍ‬ ‫ي��ت��ج��اوز ح���دود �إي���ج���اد ال��ح��ل��ول الآن�� ّي��ة‬ ‫الأب تابت‪:‬‬ ‫عينه في الوقت ذاته على النوع ّية وعلى‬
‫كم�س ّلمات ال ت��ت��زع��زع‪ ،‬ومعطيات هي‬ ‫وال��ف��ور ّي��ة لم�شاكل ال�� ّن��ا���س والمجتمع‪،‬‬ ‫المداخلة الأول��ى في ال ّندوة كانت للأب‬ ‫اال���س��ت��م��رار ّي��ة وع��ل��ى ال�� ّث��ب��ات وال����دّوام‪.‬‬
‫بحكم المقدّ�سات التي ال تتزلزل»‪.‬‬ ‫منظمة وعمل ي�ستم ّر وال‬ ‫�إل��ى م�أ�س�سة ّ‬ ‫م��روان تابت‪ ،‬جاء فيها‪�« :‬سيرة �سماحة‬ ‫ك��ان ال�س ّيد ُيعنى بالكثير من تفا�صيل‬
‫واعتبر «�إنّ الوفاء ال لل�س ّيد ال�شخ�ص‪،‬‬ ‫يتو ّقف‪ ،‬لتلبية الحاجات ومواجهة الفقر‬ ‫ال�سيد الذاتية‪ ،‬في مفهومها الفل�سفي‬ ‫الم� َّؤ�س�سات‪ ،‬ويبدي توجيهاته‪ ،‬ويطلب‬
‫ب��ل لل�س ّيد الإن�����س��ان‪ ،‬ه��و ال��وف��اء للحياة‬ ‫والحرمان والم�شاكل‪ ،‬وا�ستنباط الحلول‬ ‫والإي���م���ان���ي وال���روح���ي‪ ،‬ت��ع��ط��ي الفكرة‬ ‫العودة دوم�� ًا �إل��ى �أ�صحاب االخت�صا�ص‬
‫ا ّلتي تج ّلت من خالل فعل تغيير وقدرة‬ ‫العلمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتطوير القدرات‪ ،‬ومواكبة التط ّور‬ ‫ال��ن��ا���ص��ع��ة وال��م�����ض��اءة ع��ن ���س��ي��ر فكره‬ ‫والم�شورة وال ّر�أي‪ .‬وكان ال يريد للم� ّؤ�س�سة‬
‫ت�أ�سي�س للم�ستقبل‪ ،‬الوفاء ل�ل�إرادة التي‬ ‫والت�صدّي الدائم للواقع الم ّر‪ ،‬والتّفاعل‬ ‫وم�سيرته نحو بناء الحالة التي من خاللها‬ ‫�أن تكون �شك ًال ال م�ضمونَ له‪� ،‬أو �أن تكون‬
‫�أنتجت عبره حركة تط ّور م�ستدام‪ ،‬الوفاء‬ ‫مع الأفكار الجديدة الب ّناءة التي يتط ّلبها‬ ‫�أراد �أن يخلق ال ّلحظة الفكرية والثقافية‬ ‫ف��رد ّي��ة‪� ،‬أو خا�ضع ًة لمواقع القوى ا ّلتي‬
‫للم� ّؤ�س�سة ا ّل��ت��ي �أ�ضحت ب��ذوب ال�س ّيد‬ ‫العمل الم� ّؤ�س�ساتي الم�س�ؤول»‪.‬‬ ‫واالجتماعية‪ .‬هذه ال ّلحظة كانت ممتدة‬ ‫تن�ش�أ داخلها وتق ّو�ض ُبنيانها ودعائمها»‪..‬‬
‫الفرد‪ ،‬ان�صهار ًا للك ّل في حفظ الأمانة‪،‬‬ ‫وتابع «�إ ّنها م�سيرة حياة‪ ،‬كما قيل عنها‪،‬‬ ‫ف��ي معاني ال��ت��راث‪ ،‬وف��ي القب�ض على‬
‫�أم��ان��ة �أن ي�ستم ّر العطاء وي��دوم ال ّنتاج‬ ‫ال�ضيق‬ ‫م�سيرة �إحياء لنفو�س كانت تعي�ش ّ‬ ‫الخطوط الرا�سمة لم�ستقبل فكر يتح ّرك‬ ‫الدّ كتور وجيه فانو�س‪:‬‬
‫الخ�صب‪ ،‬الوفاء لل�س ّيد الم� ّؤ�س�س يدفعنا‬ ‫الجم‬
‫في مجتمعها‪ ،‬ا�ستطاع بتوا�ضعه ّ‬ ‫تبع ًا لمنطق التجدد والع�صرنة والتقدم»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بعدها‪� ،‬أدار الدّكتور وجيه فانو�س الندوة‬
‫�سي‪ ،‬ويفر�ض علينا‬ ‫�إلى درا�سة فكره الم� ّؤ�س ّ‬ ‫ال�صادق‪ ،‬وقلبه ال ّرقيق الحاني‪ ،‬وعقله‬ ‫ّ‬ ‫وتحدّث تابت عن مزايا ال�س ّيد قائ ًال «من‬ ‫�لا‪« :‬ل��م يكن �سماحته م��ج�� ّرد عالم‬‫ق��ائ ً‬
‫من منطلق حب المعرفة وطلب الحقيقة‪،‬‬ ‫طاقات فاعلةً‬ ‫ٍ‬ ‫ال�سديد‪� ،‬أن يطلقها‬ ‫الن ّير ّ‬ ‫أهم ميزاته المائزة هو �صوته‪ ،‬لقد كان‬ ‫� ّ‬ ‫دين �أو دار���س فقه مت�ض ّلع ب�أمور ّ‬
‫ال�شرع‬
‫�أن نعود �إل��ى دعائم البنيان و�أ�سا�سات‬ ‫�ساتي جامع‬ ‫ٍ ّ ّ‬ ‫ؤ�س‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫عمل‬ ‫في‬ ‫ة‪،‬‬‫ي‬‫م�شارك ًة ّ‬
‫ح‬ ‫قلبوي ًا العتقاده الرا�سخ �أنّ المح ّبة هي‬ ‫وم�س�ؤل ّيات الفتوى‪ ،‬بل كان كذلك حامل‬
‫ال�صروح‪ ،‬لن�ستنطق فكر ال�س ّيد عموم ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومفيد‪ ،‬يتجاوز الفرد ّية والمحدود ّية �إلى‬ ‫معراج �إلى التر ّقي واال�ست�شراف‪ ،‬فرمى‬ ‫ل���واء ال��وج��ود الم� ّؤ�س�ساتي ال���ذي ينقل‬
‫وفكره الم� ّؤ�س�سي في ك ّل � ٍأثر من �آثاره»‪.‬‬ ‫الجماعية وت�ضافر الجهود وتكاملها‪،‬‬ ‫بنظراته المملوءة �أجوب ًة على م�سائل ّ‬
‫تهم‬ ‫بمنهج عقالني عمالني‪ ،‬التجربة من‬
‫وي���ؤ ّك��د ال��ت�لازم بين التّنظير والت�أطير‬ ‫الإن�سان والحياة والكون»‪.‬‬ ‫ح ّيزها الفردي �إلى م�ساحات الممار�سة‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪24‬‬
‫الذي �أ�س�س لإنت�صارات الأمة‪.‬‬
‫كلمة تجمع وعي‪:‬‬ ‫�إطالق تجمع «وعي» ال�شبابي من م�سجد الإمامين الح�سنين(ع)‬
‫وفي الختام‪� ،‬ألقى م�صطفى ف�ضل اهلل‪،‬‬

‫تجديد العهد لنهج المرجع ف�ضل اهلل (ر�ض) وفكره‬


‫كلمة تجمع وع��ي‪ ،‬و�أك��د فيها �أن �شباب‬
‫التجمع �سيكونون على العهد مع �سماحة‬
‫المرجع ال�سيد ف�ضل اهلل(ر�����ض)‪ ،‬في‬
‫�إك��م��ال م�سيرة ال��وع��ي‪ ،‬م��ن خ�لال فكر‬
‫�سماحته‪ ،‬وتجربة حياته ال�� ّل��ذان امتدا‬
‫امتداد الإ�سالم‪.‬‬
‫ومما جاء في كلمته‪:‬‬
‫نلتقي في ذكرى �إن�سان – ال يم ّثل �إلتقائنا‬
‫��ردي‪ ،‬بل‬‫ب��ذك��راه �إلتقائنا بتاريخه ال��ف ّ‬
‫�إلتقا ًء بنهج ك��ان ه��ذا الرجل دف ًقا في‬
‫ّلج موجه – نحن هنا ال لن� ّؤج َج ُحزن ًا وال‬
‫لنمجد �شخ�ص ًا‪ ،‬بل لنجدد عهدً ا ّ‬
‫لخط‬ ‫ّ‬
‫فكري نحن م�ؤمنون به‪.‬‬
‫وتحدث عن ثوابت التجمع فقال‪� :‬سنعمل‬
‫على �أن نزرع الوعي في ك ّل مكان‪ :‬الوعي‬
‫ال���ذي يح ّمل الإن�����س��ان م�س�ؤول ّيته �أمام‬
‫مجتمعه‪ ،‬فال مكان ل�ضياع الوقت‪.‬‬
‫و�أ�ضاف‪ :‬قر�آن ّي ٌة هي مبادئنا ال�سيا�س ّية‪،‬‬ ‫المطلوبة‪.‬‬ ‫بح�ضور ح�شد من ال�شباب الجامعي‪ ،‬من جامعات لبنانية متعددة‪� ،‬أطلق «تجمع وعي»‬
‫تبحث عن الحقّ دائ ًما في موقع الإلتقاء‬ ‫نتم َّنى �أن نتح ّرك في ه��ذه الفترة �ض ّد‬ ‫ال�شبابي ن�شاطه في حفل �أقامه في قاعة ال�سيدة الزهراء(ع) في م�سجد الإمامين‬
‫مع الإن�سان للدفاع عن الم�ست�ضعفين في‬ ‫وال�سنة؛ الع�صب ّية‬ ‫ال�شيعة ّ‬ ‫الع�صب ّية بين ّ‬ ‫الح�سنين(ع)‪ ،‬في حارة حريك وذلك بح�ضور مدير عام م�ؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫الأر���ض وم�ساعدتهم على الإنطالق في‬ ‫التي تذكيها بع�ض الجهات الأجنب ّية‪،‬‬ ‫ال�سيد �أحمد ف�ضل اهلل‪ ،‬والوزير ال�سابق الدكتور عدنان ال�سيد ح�سين‪ ،‬وجمع من‬
‫�آفاق الحياة‪ ،‬ورف�ض الإ�ستكبار العالمي‬ ‫و�إ�سرائيل في ّ‬
‫الطليعة‪.‬‬ ‫ال�شخ�صيات الثقافية والإعالمية‪.‬‬
‫وخ��ت��م‪ :‬نحن نملك ت��راث�� ًا غ��ن��ي�� ًا‪ ،‬وكلناّ‬ ‫العربي الأع ّ��م‪ ..‬فكركم ي�ؤهّ لكم لذلك‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بك ّل �أ�شكاله ومحاربة هيمنته بكل الو�سائل‬ ‫افتتح الحفل ب���آي��ات بينات من القر�آن لأ ّنه فكر �إن�ساني �أ ّو ًال و�أخير ًا‪..‬‬
‫التم�سك‬
‫ال��م��م��ك��ن��ة‪ ،‬م��ع ال��ت���أك��ي��د ع��ل��ى ّ‬ ‫مدع ّوون �إلى �أن نحافظ على هذا التّراث‬
‫ف��ي مجاالته المختلفة‪ ،‬و�أن نتابع هذا‬ ‫الكريم‪ ،‬وبعدها كانت كلمة للوزير ال�سيد عندما ُ�س ِئل �سماحته عن الح ّل للم�شكلة‬
‫بالق�ض ّية الفل�سطين ّية ورف�ض الإعتراف‬ ‫ح�سين‪ ،‬دعا فيها �شباب التج ّمع �إلى �أن الطائف ّية في لبنان‪� ،‬أج��اب‪ :‬ابنوا دولة‬
‫بالكيان ال�صهيوني ومحاربته‪.‬‬ ‫الم�سار من خالل الم� ّؤ�س�سات التي تركها‬
‫�سماحته‪ ،‬وربما ن�ستطيع �أن نوفي هذا‬ ‫يكونوا ورث��� ًة �صالحين لفكر �سماحته‪ ،‬الإن�����س��ان‪ ،‬دول���ة الإن�����س��ان لي�ست دول��ة‬
‫�أ ّما بالن�سبة للواقع الإ�سالمي‪ ،‬فنحن نرى‬ ‫و�أن يتجاوزوا ح��دود المكان والمذهب طوائف‪ ،‬ولي�ست دولة جماعات متناحرة‪،‬‬
‫�أن المرجع ّية الدين ّية هي التي ال تنعزل عن‬ ‫ال ّرجل بع�ض ح ّقه‪ ،‬وح ّقه في الحياة لي�س‬
‫الوطني العام‪ ،‬معتبر ًا �أنّ من هي دولة حقوق الإن�سان‪ ،‬ك ّل �إن�سان‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫�إلى الإطار‬
‫ال ّنا�س‪ ،‬لأنّ خط المرجع ّية هو خط يلتقي‬ ‫وح�ضاري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حق ًا مادي ًا‪ ،‬بل هو حقّ � ّ‬
‫إن�ساني‬
‫م�س�ؤول ّيتنا جميع ًا �أن نحافظ على تراث دولة تطبيق القانون‪ ..‬وقد حاول �سماحته‬
‫بالقيادة للأمة ‪ ،‬وحامل هذه الم�س�ؤول ّية‬ ‫ح ّقه �أن نحافظ على ما تركه مما هو م�ؤ ّثر‬
‫ف��ي ه��ذا المجتمع ال��وط��ن��ي‪ ،‬وف��ي الأ ّم��ة‬ ‫الفكري‪ ،‬وعلى الم� ّؤ�س�سات ا ّلتي دائم ًا �أن يجمع بين �شتات ال ّلبنان ّيين بدون‬ ‫ّ‬ ‫�سماحته‬
‫يجب �أن يعي�ش مع النا�س ليفهم الواقع في‬ ‫تع�صب‪ ،‬وهذا �أمر مفرح‪ ،‬ونحن‬
‫�سلبياته و�إيجابياته وطاقاته وحاجاته‪،‬‬ ‫كك ّل‪..‬‬ ‫تحزّب �أو ّ‬ ‫�أن�ش�أها‪.‬‬
‫�سماحة ال�س ّيد(ره) رجل ُي�ست�ضاء بفكره‪،‬‬ ‫يجب �أن نحزن �إذا كان البع�ض‪ ،‬يتجهون‬ ‫ومما جاء في كلمته‪:‬‬
‫كما كان �سماحة ال�س ّيد‬ ‫في ذكرى غياب �سماحة العالمة المرجع‪� ،‬إلى الع�صب َّية واالنغالق‪..‬‬
‫ن��ح��ن ن���ؤم��ن ب����أن المرجعية ال ب��د لها‬ ‫رجل طليعي‪ ،‬ي�شهد له ك ّل اللبنان ّيين‪..‬‬
‫فكيف نرتقي �إلى م�ستوى هذا الفكر وهذا‬ ‫ال�س ِّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر�ض)‪ ،‬و�أ�ضاف‪ :‬يجب �أن نبرمج ن�شاط ًا لل�سنة‬
‫�أن تت�صدى ل�ش�ؤون ال��واق��ع و�أن تواجه‬ ‫نقف ب�أ�سى لأ ّننا فقدنا �شخ�صه في هذه المقبلة‪ ،‬فبعد �سنة ن�صبح �أم��ام ذكرى‬
‫التحديات الميدان ّية وتعاي�ش هموم النا�س‬ ‫التراث؟! على الأق ّل نحن نثق ب�أنّ القيم‬
‫التي ترب ّيتم عليها‪ ،‬كفيلة ب���أن تو�صلكم‬ ‫الدّنيا‪ ،‬لكن في المقابل‪ ،‬نعت ّز ونفخر بما �سنتين ل��رح��ي��ل ال��ع�لام��ة ال�����س�� ّي��د ف�ضل‬
‫عن قرب ولي�س من وراء حجب‪.‬‬ ‫ال�سنوات‪ ،‬علينا �أن‬
‫ون�ص ّر �أن المرجع ّية يجب �أن تلتقي بالعلم‬ ‫�إل���ى م��ا ت��ري��دون ف��ي ح��رك��ة وع���ي‪ ،‬وفي‬ ‫ترك هذا ال ّرجل من تراث و�أفكار نحن اهلل(ره)‪ ،‬ومع هذه ّ‬
‫مجمل الأن�شطة والتّج ّمعات التي تن�ضوي‬ ‫نجدّد الأف��ك��ار و�أن نطرحها‪ ،‬و�أن نكون‬ ‫بحاجة �إليها‪..‬‬
‫و�أن تتحمل م�س�ؤولياتها في هذا المجال‬ ‫ال �أبالغ �إذا قلت � َّإن �سماحة ال�س ِّيد(ر�ض) خير وارثين لتراث �سماحة ال�س ّيد‪ ،‬ا ّلذي‬
‫– لن نوافق بعد اليوم � ّأي جهة تنطلق‬ ‫في �إطار م� َّؤ�س�سات �سماحة ال�سيد‪..‬‬
‫با�سم الدين لتن�شر الخرافة والتخ ّلف ‪..‬‬
‫وال�صالحون ف��ي هذا‬ ‫هو من �أب��رز علماء الم�سلمين ب��دء ًا من ي�شهد ل��ه ال ّنا�س ّ‬
‫كلمة الخريجين‪:‬‬ ‫ال ِّن�صف ال ّثاني من القرن الع�شرين‪ ،‬وهو البلد وفي خارجه‪..‬‬
‫لن نر�ضى �أبدً ا ب�أي موقع ّية كانت قيادية‬ ‫ال�شيعة فقط‪� ،‬إنّ ال ّلبنان ّيين بحاج ٍة �إل��ى فكر �سماحة‬
‫�أو دين ّية �أو مرجع ّية �أو حزب ّية ب�أن تفر�ض‬
‫بعدها �أل��ق��ى الفنان امين قعيق‪ ،‬كلمة‬ ‫لم يكن مرجع ًا للم�سلمين ّ‬
‫خريجي جمعية ال��م��ب��رات‪ ،‬ت��ن��اول فيها‬ ‫ك��ان مرجع ًا لك ّل الم�سلمين‪ ،‬وك��ان لمن العالمة المرجع(ره) كي يجمعوا �شتاتهم‪،‬‬
‫ثقافة الفكر الواحد‪� ،‬أو �أن تحظر التن ّوع �أو‬ ‫كيفية م��واك��ب��ة �سماحة ال�سيد لبذرة‬ ‫يعرفه م��ن الب�شر مرجع ًا ف��ي �ش�ؤونهم كي يبنوا هذه الدّولة ا ّلتي يعترف ر�ؤ�سائها‬
‫�أن تكون �أعلى من النا�س فهي �إما تُخفي‬ ‫الم�ؤ�س�سات‪ ،‬التي كبرت وام��ت��دت على‬ ‫الطائف‪،‬‬ ‫االجتماع ّية وال�سيا�س ّية والقيم ّية‪ ،‬حتّى لو منذ ع�شرين �سنة‪ ،‬منذ ما بعد ّ‬
‫تخاف ما تخاف‪ ،‬وفي كلتا‬ ‫ما تُخفي‪ ،‬و�إما ُ‬
‫م�ساحة ال��وط��ن‪ ،‬لتخرج �شباب ًا ي�ؤمنون‬ ‫ب�أ ّنهم لم يح�سنوا بناءها‪� ،‬إنّ الم�س�ؤولية‬ ‫كانوا من غير الم�سلمين‪.‬‬
‫الحالتين هي خيانة للحقيقة‪.‬‬ ‫باالن�سان وبالفكر اال�سالمي الح�ضاري‬ ‫كان �سماحته من الم� ّؤ�س�سين لك ّل ما ن�شهده كبيرة‪ ،‬والح ّل لي�س ب�أن يد ّبر ك ّل �إن�سان‬
‫نحن نطلق �أنف�سنا كطاقة �شباب ّية – ت�ؤمن‬ ‫الذي يقود الحياة‪ ،‬من خالل ما تعلموه‬ ‫اليوم‪ ،‬من ث��ورات وانتفا�ضات وحركات �أمر نف�سه‪ ،‬هذه الفرد ّية قتلتنا؛ الفرد ّية‬
‫بحركة الفكر وتحمل م�س�ؤول ّية ن�شر الوعي‬ ‫من فكر المرجع ال�سيد ف�ضل اهلل‪ ،‬الذي‬ ‫�لا ل ّأي م�شكلة‪ ،‬بل هي م�شكلة‬ ‫ت��ح�� ّرر ف��ي ب�ل�اد ال��ع��رب والم�سلمين‪ ،‬لي�ست ح ً‬
‫‪ -‬نطلق �أنف�سنا لنكون طاق ًة �إيجاب ّية في‬ ‫فتح للأمة �آفاق الم�ستقبل‪.‬‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬بح ّد ذاتها‪..‬‬
‫المجتمع ت�سعى مع المخل�صين لإ�صالح‬ ‫لأنّ الفكر هو �أ�سا�س العمل ّ‬
‫وبعدها ت��م عر�ض فيلمين ت�سجيليين‪،‬‬ ‫ال�سيا�سي كيف يمكننا �أن ننجح في بناء م� ّؤ�س�سات‬ ‫فال�سيا�سة حركة‪ ،‬لكن الفكر ّ‬
‫ف�سد فيه – �سوف نعمل على �أن نقدّم‬ ‫ما ُ‬ ‫عن �شخ�صية �سماحة ال�سيد ومرجعيته‬ ‫هو ا ّلذي يو ّلد هذه الحركة ال�سيا�س ّية‪� ..‬أه���ل��� ّي���ة وم���دن��� ّي���ة‪ ،‬م������رور ًا ب���الأح���زاب‬
‫�أنف�سنا للمجتمع في الخدمات التطوعية‬ ‫الإ���س�لام��ي��ة ال��وح��دوي��ة‪ ،‬ال��ت��ي تجاوزت‬ ‫ل��م ي��ه��د�أ �سماحة ال�سيد ط��وال حياته‪ ،‬والجمع ّيات وال�� ّن��وادي وال ّنقابات ا ّلتي‬
‫كا ّفة‪ ،‬وعلى �أن نثير الحرك ّية في الواقع‬ ‫حدود المذاهب‪ ،‬وعن دوره في الت�أ�سي�س‬ ‫وال�س�ؤال المطروح‪ :‬ماذا نفعل نحن؟ �أنتم �صارت ذكرى من الما�ضي‪ ...‬هذه ك ّلها‬
‫ع��ب��ر ب��ن��اء ق��ي��ادات �شباب ّية تبتعد عن‬ ‫ّ‬
‫لثقافة المقاومة في المنطقة العربية‬ ‫في «تجمع وعي» �أتم ّنى �أن تتجاوزوا حدود و�سائل مدن ّية �أهل ّية‪ ،‬نحن مطالبون ب�أن‬
‫التع�صب وال تخاف من �أن تطرح فكرها‬ ‫ّ‬ ‫والإ���س�لام��ي��ة‪ ،‬وع��ن ق��ي��ادت��ه ف��ي �أ�صعب‬ ‫إ�سالمي نعمل فيها‪ ،‬وربما ت�ستطيع حركة وعي �أن‬
‫ك ّله امام � ّأي كان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�ضاحية الجنوب ّية والإط���ار ال‬ ‫ّ‬
‫ال��ظ��روف‪ ،‬لحركة ال�شباب المجاهد‪،‬‬ ‫ال�شيعي‪� ،‬إل��ى الإط���ار ال��وط��ن ّ��ي؛ الإط��ار تن�شئ جي ًال جديد ًا في �إطار هذه الحركة‬ ‫ّ‬
‫‪25‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫يمنحنا القدرة في الحا�ضر‪ ،‬ويم ّكننا من‬
‫الم�ستقبل‪ ،‬و�إنّ تحريك مكامن الق ّوة في‬
‫م�سيرتنا �سوف ي�ستم ّر في الجيل الآتي‪،‬‬
‫وكلمات ال�س ّيد(ره) تبقى ت��زرع الق ّوة‪،‬‬
‫عام على ال ّرحيل‬
‫ٌ‬
‫“�سنكون الأقوياء ب�إن�سان ّيتنا؛ الأقوياء‬
‫ب�إيماننا؛ الأقوياء ب�إرادتنا‪ ،‬ولن ن�سمح‬ ‫يتنبهون‪..‬‬
‫لأحد ب�أن ينظر �إلينا ب�إ�شفاق �أو باحتقار‪،‬‬ ‫�سيذكرني قومي �إذا ج ّد جدّهم ‬ ‫د‪.‬محمد باقر ف�ضل اهلل‬
‫���س��وف نفر�ض �أنف�سنا على المجتمع‪،‬‬ ‫الظلماء يفتقد البدر‬ ‫وفي ال ّليلة ّ‬ ‫ها هي ذكرى �إطاللة ال َّرحيل‪ ،‬رحيل المرجع الحبيب‪ ..‬ومع �إطاللة هذه‬
‫�أن يحترمنا لأ ّننا نملك الخبرة والعلم‬ ‫�أل�سنا ن�شعر جميع ًا‪ ،‬ولم يم�ض على ال َّرحيل‬ ‫وال�صمت ير ِدّد �صداها‪ ..‬تبحث‬‫الذكرى‪ ،‬ت�شتكي العيون قذاها‪ ..‬ت�صرخ َّ‬ ‫ِّ‬
‫�إال عا ٌم واحد‪ ،‬ب�أ َّننا نفتقد �إلى الح�ضن‬ ‫ّ‬
‫عن ذلك البدر الذي كان يبعث ال ّنو َر فيها‪ ،‬من �ضياء وجه كم�شكا ٍة فيها م�صباح‪ ،‬فال‬
‫وال��م��ع��رف��ة‪ ،‬و�أن يحترمنا لأ ّن��ن��ا نملك‬ ‫ترى في عالمها �إال الجمال‪ ،‬ان�شغا ًال بالط َّلة البه َّية عن ِّ‬
‫الإرادة القو ّية”‪.‬‬ ‫ا ّلذي كان ي�ض ّمنا بحنانه‪ ،‬فيملأ �صدورنا‬ ‫كل ما حولها‪ ،‬يا للفرح ا ّلذي‬
‫فرح ًا وغبط ًة ومح َّبة‪ ،‬و�أ ّننا نفتقد �إلى‬ ‫كان يغمر ر�ؤاها‪ ،‬والمدى ال يحدّه مكا ٌن في الأر�ض وال �أف ٌق في ّ‬
‫ال�سماء‪ ..‬وفي ليل ٍة‬
‫طموح التغيير‪:‬‬ ‫توجيهاته و�إر�شاداته وت�سديداته الأبو ّية ـ‬ ‫ال�سواد‪.‬‬
‫ليالء‪� ،‬أرخى العتم �سدوله القاتمة‪ ،‬فلم تعد تُب�ص ُر �إال ّ‬
‫�إنّ على من يقف في موقع الم�س�ؤول ّية‪،‬‬ ‫ل�سنوات و�سنوات قادمة‬ ‫ٍ‬ ‫وقد ترك لنا منها‬
‫�أن ي�سعى �إلى المعرفة المتجدّدة‪ ،‬و�أن ال‬ ‫ـ وا ّلتي �سوف تبقى ن�صب �أعيننا‪ ،‬نحملها‬
‫يعتبر المدح طريق ًا �إل��ى ال ّنفوذ‪ ،‬و�أن ال‬ ‫وال�سلوك والعمل‪ ،‬حتّى‬ ‫درو�س ًا في الأداء ّ‬
‫ي�ؤ ّكد ذات ّيته في الخط�أ‪ ،‬بل في االرتفاع‬ ‫ال�صحيح‪..‬‬‫تبقى البو�صلة في اتجاهها َّ‬
‫ال�صواب‪ ،‬كما يقول ال�س ّيد‪.‬‬ ‫بها في ّ‬ ‫باق في القلوب‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫و�أن ي�شعر بثقل الأم��ان��ة عند ال ّنجاح‪،‬‬ ‫عا ٌم م�ضى‪ ،‬وال�س ّيد الج�سد قد غاب عن‬
‫وعند التع ّثر نتيجة الإ���ص��اب��ة والخط�أ‪،‬‬ ‫ولكن ال�س ّيد المف ّكر‪ ،‬والفقيه‬ ‫وجودنا‪َّ ،‬‬
‫وعند الحزن على �ضياع الفر�ص‪ ،‬وعند‬ ‫��وج��ه والمر�شد‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫��‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫����ب‬ ‫ي‬ ‫أد‬ ‫ل‬ ‫ال��م��ج��دّد‪ ،‬وا‬
‫الفرح المت�أ ّلق بالإنجاز‪ ،‬والفرح بالتّطوير‬ ‫ً‬
‫والإن�سان والقائد‪ ،‬يت�أ ّلق يوما بعد يوم في‬
‫العلمي والإن�ساني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العقول والقلوب والوجدان‪ ،‬وما االحتفال‬
‫�إنّ طموح ال َتّغيير لإع�لاء البناء الماد ّّي‬ ‫بال ّذكرى ال�سنو ّية الأول��ى �إال بع�ض من‬
‫يتم بم�شاركة الجميع‪،‬‬ ‫إن�ساني‪ ،‬يجب �أن ّ‬
‫وال ّ‬ ‫الح�ضور الفاعل‪ِ ،‬ف ْع ُل دم الح�سين(ع)‬
‫ّ‬
‫بقراءة الوقائع بكل �صعوباتها‪ ،‬و�إيجاد‬ ‫ال�شهادة‪ ،‬وال�س ّيد‬ ‫في الزّمن ا ّلذي �أعقب ّ‬
‫الأن�سب في التّعامل معها‪ ،‬واالنتقال �إلى‬ ‫بع�ض م��ن العترة ال ّ��ط��اه��رة التي تم ّثل‬ ‫ٌ‬
‫التفكير في الحلم الم�ستقبلي للو�صول �إلى‬
‫يتم ذلك �إال بما‬ ‫المواقع المتقدّمة‪ ،‬ولن ّ‬ ‫يبحثون‪..‬‬ ‫ثورة الوعي‪:‬‬
‫�أ�شرنا �إليه منذ عام‪ ،‬بالت�أ ّمل بالممار�سة‬ ‫ي��ج��ب ان ننطلق من‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كم عا�ش فينا وفيهم‪ ،‬يحث العقول لتنهل‬ ‫ع����ا ٌم ع��ل��ى ال�� ّرح��ي��ل‪ ،‬ول���م ت���زل عيوننا‬
‫التّفكرية‪ ،‬وتو�سيع م�ساحة العقل الواعي‪،‬‬ ‫ال�سير ف��ي ّ‬
‫خط‬ ‫�أج��ل موا�صلة ّ‬ ‫�شاخ�ص ًة في المغيب‪ ،‬ع َّلها تر ُقب ب�صي�ص‬
‫إن�ساني الخالق‪ ،‬ورجع‬ ‫من عذب فكره ال ّ‬
‫ال�ستمرار التّنوير الم� ّؤ�س�ساتي‪ ،‬و �ستبقى‬ ‫الم�س�ؤول ّية‪ ،‬ب�إمكانيات وتفكير‬ ‫�صوته يردّد فينا‪�“ :‬أ ّيها الأح ّبة‪ ،‬ال ت� ّؤجروا‬ ‫أمل يعيد �إليها بع�ض فرح الما�ضي التّليد‪..‬‬ ‫� ٍ‬
‫وال�صاحب في‬ ‫حياة ال�س ّيد(ره) ال ّرفيق ّ‬ ‫عقولكم فتقولوا للآخرين ف�� ّك��روا ع ّنا‪،‬‬ ‫ال �شيء غير دموع حا ّرة تنهمر من عيون‬
‫م�سيرة التف ّكر‪.‬‬ ‫�أعمق‪ ،‬لتحقيق ال ّنجاح‬
‫وهم ينتظرون منكم ذلك‪ ،‬لي�ست عقول‬ ‫�أفجعها الفقد‪..‬‬
‫علينا �أن ن�ؤ ّكد ثقافة الحوار‪ ،‬لأنّ غياب‬ ‫المبدعين في الغرب من ذهب وعقولنا‬ ‫يبدّده‬ ‫عام م�ضى‪ ،‬والأ�سى في القلوب ال ِ‬
‫هذا الحوار �سوف يوقف عملية التّفاعل‬ ‫نهجها القويم‪� ،‬سلك �صراطها الم�ستقيم‬
‫في ك ّل حياته �إلى يوم ال ّرحيل‪.‬‬ ‫من تراب” ‪..‬‬ ‫�إال ح�ضوره ا ّل���ذي يكبر فيها ي��وم�� ًا بعد‬
‫الإي��ج��اب ّ��ي‪ ،‬وي��راك��م ال�� ّن��ظ��رة ّ‬
‫ال�سلبية‪..‬‬
‫ال��وف��اء لل�س ّيد يتبدّى م��ع تعاقب ال ّليل‬ ‫تكح ُل‬‫يوم‪ ،‬بخالف العيون ا َّلتي ما عادت ِّ‬
‫كما علينا �أن نعي�ش ثقافة المح ّبة‪ ،‬و�أن‬ ‫ال َّنظر بمر�آه‪ ،‬وب�سلوى الع�شق ا ّلذي يزداد‬
‫نج�سدها في �أفعالنا و�أقوالنا‪ ،‬و�أن نتح ّرك‬ ‫وال�شعور والإح�سا�س ب�أهمية‬ ‫وال�� ّن��ه��ار‪ّ ،‬‬ ‫عام م�ضى‪ ،‬وال�س ّيد الج�سد‬‫ٌ‬
‫ّ‬ ‫الفقد يتنامى مع التّغيرات والتّبدالت التي‬ ‫ويتعاظم وي َتّ�سع م�ساحات �شا�سعة للإرث‬
‫بها على �أر���ض ال��واق��ع‪ ،‬ون�ست�شرف بها‬ ‫ق��د غ���اب ع��ن وج��ودن��ا‪،‬‬ ‫الباقي‪ ،‬ت��ه��د�أ ال ّنفو�س وتطمئنّ للآتي‬
‫�آمال الم�ستقبل‪ ،‬لأنّ م�س�ؤول ّيتنا‪ ،‬كما كان‬ ‫تجتاح العالم ك ّله‪ ،‬وال �س ّيما في عالمنا‬
‫العربي والإ�سالمي‪ ،‬حيث �إنّ غيابه‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬
‫المفكر‪ ،‬والفقيه‬ ‫ول��ك� َّ�ن ال�س ّيد‬ ‫الزّمن والم�ستقبل‪� ،‬أ ّن��ى تط َّلعت في‬ ‫من َ‬
‫حب ا ّلذين‬ ‫الحب‪ّ “ ،‬‬ ‫يخاطبنا ال�س ّيد‪ ،‬هي ّ‬ ‫الميادين والأرج����اء ت��رى ال�س ِّيد‪� ،‬س ّيد‬
‫يعطون الحياة ح ّب ًا من طاقتهم وجهدهم‬ ‫ق��ال �أح��ده��م م��ن ق���ادة ال��ي��وم‪“ :‬غياب‬ ‫المجدّ د‪ ..‬يت�أ ّلق يوم ًا بعد يوم في‬
‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال�س ّيد خ�سارة كبرى للعالم ال‬ ‫ال�ضوء �إلى‬ ‫الحا�ضر المنطلق ب�سرعة َّ‬
‫وحركتهم”‪.‬‬ ‫العقول والقلوب والوجدان‬ ‫نظير �أو‬ ‫مناف�س �أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ال��ق��ل��وب‪ ،‬م��ن دون‬
‫ال�سير‬ ‫موا�صلة‬ ‫أجل‬ ‫�‬ ‫من‬ ‫ننطلق‬ ‫وها نحن‬ ‫ك ّله‪ ،‬ولك ّل الأح��رار في العالم‪ ،‬وال �أحد‬
‫ّ‬ ‫في عالمنا الحا�ضر ي�ستطيع تعوي�ض هذه‬ ‫مثيل‪..‬‬
‫خط الم�س�ؤول ّية‪ ،‬ب�إمكانيات وتفكير‬ ‫في ّ‬ ‫لك� َّأن ثورة الوعي قد بد�أت من لحظتها‪،‬‬
‫�أع��م��ق‪ ،‬لتحقيق ال ّنجاح‪ ،‬حتّى لو كلفنا‬ ‫الخ�سارة”‪.‬‬ ‫فكم �أم�سك بنوا�صي قلوبنا م�ستح ّث ًا فيها‬
‫���س��وف تبقى م��ف��رداتُ كلمات �سماحة‬ ‫المح ّبة‪ ،‬لتكون ال��دّاف��ع وال��م��ح�� ّرك في‬ ‫ما�ض‬ ‫و�إن كانت انطالقتها عقود ًا بين ٍ‬
‫ذل��ك الكثير الكثير من الجهد‪ ..‬وحتّى‬ ‫منهك بالتّعب وال ّن�صب والألم؛ لك�أنّ قلوباً‬ ‫ٍ‬
‫وال�سهاد‪،‬‬
‫لو ا�ستتبع بالكثير من الأرق ّ‬
‫ال�س ّيد‪ ،‬تَعبر ـ معنا ومع الأجيال الآتية ـ‬ ‫العالقة مع اهلل وال ّذات والآخر‪“ :‬عي�شوا‬
‫الأزمن َة مهما تباعدت‪� ..‬سوف نبقى ننتج‬ ‫كل جوانب الحياة”‪ ،‬وما كان‬ ‫المح ّبة في ِّ‬ ‫��وث عميق؛ لك�أنّ‬ ‫ا�ستفاقت من ُ�سبات ل ٍ‬
‫م���ؤ ّك��دي��ن ح��م��ل الأم���ان���ة‪ ،‬ت��ل��ب��ي�� ًة لنداء‬ ‫ا ّلذين كانوا ال ي�شعرون بم�س�ؤول ّية ال ّر�سالة‬
‫الحبيب‪ ،‬حتّى ولو كانت بثقل الجبال‪..‬‬ ‫تجربتنا ب�إطالق العقل فيما يغني الحياة‬ ‫البع�ض ال��ذي ا�ستفاق الآن يولي لهذه‬
‫بالجهد وال ّن�شاط والعمل ال��دّو�ؤب‪�“ ..‬أن‬ ‫القيمة العظيمة جد ّية اهتمام‪..‬‬ ‫والحياة‪ ،‬مع وج��ود الحا�ضن والمتح ّمل‬
‫“�إ ّنني �أ�شعر بثقل الأمانة ا ّلتي ح ّملني‬ ‫عنهم تحدّيات الواقع والفكر وال ّر�سالة‪..‬‬
‫اهلل �إ ّي��اه��ا لت�أ�سي�س ه��ذه الم� ّؤ�س�سات‪،‬‬ ‫نعي�ش العقل في �صالحه ـ كما يقول ال�س ّيد‬ ‫وج َّ��ن ال ّليل‪ ،‬و�أط ّلت‬
‫حتّى �إذا وقع الفق ُد ُ‬
‫ـ لأ ّن���ه يعي�ش ���ص�لاح الفكر ف��ي معناه‪،‬‬ ‫الفتنة بر�ؤو�سها‪ ،‬ور�أوا ما ر�أوا‪� ،‬أدركوا ما‬ ‫يق�ض‬‫لك�أ ّنهم جميع ًا ا�ست�شعروا الفقد ّ‬
‫و�إ ّنني �أري��د منكم �أن ت�شعروا بثقل هذه‬ ‫ال�سبب يت�ساءلون‪،‬‬ ‫م�ضاجعهم‪ ،‬فهم عن َّ‬
‫الأم��ان��ة‪ ،‬لتكون �أم��ان��ة اهلل ف��ي �أيديكم‬ ‫ليتح ّرك من خالل �صالح الواقع و�صالح‬ ‫كان ال�س ِّيد يراه بعين اهلل‪ ،‬فيحمل عنهم‬
‫الحياة”‪ ..‬ل��ن نترك الم�سائل الها ّمة‬ ‫�أثقال ما كانوا ال يح�سبون له ح�ساب ًا وال‬ ‫�أو عن ا ّلذي كان الحامي في ظهرانيهم‬
‫و�أعناقكم‪ ،‬وربما يك ّلفكم ذلك الكثير من‬
‫الجهد”‪.‬‬ ‫في التّربية والتّعليم ت��دور في الفراغ �أو‬
‫ً‬
‫و�سنبقى م��ع��ا ب����إذن اهلل م��ا بقي ف��ي العمر‬ ‫االرتجال من دون �إثرائها فكر ًا وتف ّكر ًا‪،‬‬
‫و�أن نر�سم �آل��ي��ات تنفيذها كم�شاريع‬ ‫�ستبقى كلمات ال�س ّيد(ره) تزرع فينا القوّة وتعبر معنا ومع الأجيال‬
‫بق ّية من الم�ؤمنين الم�ؤتمنين‪} :‬ا ّلذين هم‬
‫لأماناتهم وعهدهم راعون{(الم�ؤمنون‪.)8 :‬‬ ‫للم�ستقبل‪..‬‬ ‫الآتية على امتداد الأزمنة مهما تباعدت‬
‫� َّإن ال��ت��اري��خ ال���ذي ع�شناه م��ع ال�س ّيد‪،‬‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪26‬‬
‫ف�ضل اهلل في اال�ستنباط الفقهي‪ ،‬يجد �أن‬ ‫قراءة في كتاب‬
‫�سماحته (ره) ال يتعامل مع الميزات الآنفة‬
‫الذكر ب�شكل �آلي‪« ،‬بل �إن كل تلك العناوين‬ ‫نظرة في المنهج االجتهادي للفقيه المجدد المرجع ف�ضل اهلل(ر�ض)‬
‫وم�ضامينها و�آل ّياتها امتزجت في تجربته‬
‫االجتهادية‪ ،‬بحيث تجدها تتحرك ب�شكل‬ ‫الحديث في هذا الأمر من خالل �شواهد‬ ‫يف �إط ��ار �سل�سل ��ة الدرا�سات للتعريف بامل�ش ��روع الفكري والفقهي التجديدي‬
‫��وي‪ ،‬لتحيط بالمو�ضوع م��ن جوانبه‬ ‫ع��ف ّ‬ ‫عدّة‪.‬‬ ‫للمرج ��ع الراح ��ل ال�سي ��د حمم ��د ح�س�ي�ن ف�ض ��ل اهلل (ره)‪� ،‬صدر ع ��ن املركز‬
‫كافة‪ ،‬ولتتحرك الداللة القر�آنية لت�ؤ�س�س‬ ‫‪« -4‬مالحظة الواقع»‪:‬‬ ‫جدّد العالمة‬‫الإ�سالم ��ي الثق ��ايف كتاب بعنوان «نظ ��رة يف املنهج االجتهادي للفقي ��ه امل ُ ِ‬
‫القاعدة‪� ،‬أو الفكرة العامة‪ ،‬لينطلق معها‬ ‫ويقول الم�ؤلف �شارح ًا هذه الميزة‪« :‬يتّ�سم‬ ‫املرجع ال�سيد حممد ح�سني ف�ضل اهلل(ره)» مل�ؤلفه �سماحة ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‪.‬‬
‫ليترجح لديه‬‫ّ‬ ‫الفقيه بين االح��ت��م��االت‪،‬‬ ‫فقه ال�سيد ف�ضل اهلل بالواقعية في النظر‬
‫‪ -‬على �ضوء الداللة القر�آنية ‪ -‬احتمال‬ ‫�إلى الم�سائل الفقهية بعيد ًا عن النظرة‬ ‫‪ ‬ي�ش ّكل ه��ذا ال��ب��ح��ث‪ ،‬ح�سبما ج��اء في‬
‫�آخ����ر‪ ،‬وي��ت��م ت��ع��زي��ز ه���ذا االح��ت��م��ال من‬ ‫التجريدية �أو االفترا�ضية التي ال واقع‬ ‫مقدمة ال��م���ؤ ِّل��ف «م��ح��اول�� ًة ال�ستك�شاف‬
‫خالل النظرة التاريخية للم�س�ألة الفقه ّية‬ ‫لها‪ ،‬كما د�أب على ذلك بع�ض الفقهاء‪،‬‬ ‫المجدّد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫المنهج االجتهادي عند الفقيه‬
‫وتج ّلياتها‪ ،‬ويتح ّرك هذا الم�سار كله من‬ ‫حيث �سادت الفقه �أجوبة جاهزة ال مب ّرر‬ ‫المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫�أ ّول���ه �إل��ى �آخ��ره ب��ذوق �أدب ّ���ي رفيع‪� ،‬أ ّمن‬ ‫لها �إال كونها �صحيحة ف ّني ًا و�صناعي ًا»‪ .‬وقد‬ ‫(ره)‪ ،‬ال��ذي ال ي��زال الكثيرون ‪ -‬ونحن‬
‫لل�س ّيد ف�ضل اهلل �سليقة عالية في قراءة‬ ‫�ساق في هذا المجال مجموعة من الأمثلة‬ ‫م��ن��ه��م‪ -‬يجهلون ح��ج��م م�ساهمته في‬
‫الن�ص وا�ستك�شاف دالالته «‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المعبرة عن هذه الميزة في منهج �سماحة‬ ‫العقيدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التجديد الفكري الإ�سالمي‪،‬‬
‫‪« -8‬ال�شجاعة العلم ّية»‪:‬‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل(ره) والمو�ضحة لها‪،‬‬ ‫والفقهي‪ ،‬والفكري العام‪ ،‬ال على م�ستوى‬
‫� َّإن المتت ّبع لبع�ض �آراء ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫وهي‪ :‬عقد التحريم‪،‬العقد على الم�شهورة‬ ‫الأف��ك��ار والنظريات الجديدة فح�سب‪،‬‬
‫االجتهادية‪« ،‬ينتهي ب�سهولة �إل��ى تم ّيز‬ ‫بالزنى‪� ،‬أ�سهم ال�شركة الربو ّية‪.‬‬ ‫ب��ل ع��ل��ى م�ستوى المنهج ال���ذي ي�ش ّكل‬
‫ال�سيد ب�شجاعته العلم ّية التي ال تمنعه من‬ ‫‪« -5‬مالحظة المعطيات العلمية» ‪:‬‬ ‫اللبنة الأ���س��ا���س��ي��ة ال���س��ت��م��رار وديمومة‬
‫�إط�لاق الفتوى وال ّثبات عليها ما دامت‬ ‫‪ ‬لقد ا�شتهر �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل(ره)‬ ‫التجديدي على م�ستوى الأفكار‬ ‫ّ‬ ‫النتاج‬
‫تم ّثل قناع ًة علم ّي ًة لديه»‪ ،‬وهذه من الأمور‬ ‫بمالحظته للمعطيات العلمية‪ ،‬بل � َّإن هذه‬ ‫والنظريات»‪.‬‬
‫المعروفة والم�شهورة عن �سماحته (ره)‬ ‫الميزة م َّثلت �إحدى العالمات الفارقة في‬ ‫وي��ت��ن��اول ال��م���ؤل��ف المنهج االجتهادي‬
‫في مختلف الأو�ساط‪.‬‬ ‫اجتهاداته وحركة مرجعيته‪ ،‬فالتطورات‬ ‫ل�سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬متحدث ًا‬
‫في ختام البحث‪ ،‬يقول الم�ؤلف‪� « :‬أمام‬ ‫ي�شير ال�سيد جعفر �إلى �أن �إحدى ميزات‬ ‫ب�شيء من التف�صيل عن الحملة ال�شعواء‬
‫العلمية الهائلة المتوالية‪ ،‬طرحت �أمام‬ ‫منهج ال�سيد ف�ضل اهلل(ره) االجتهادي‪،‬‬
‫ك��ل ذل���ك‪ ،‬ن�ستطيع �أن نفهم �إ���ص��رار‬ ‫التي تع ّر�ض لها �سماحته(ره) عند طرحه‬
‫ال�سيد ف�ضل اهلل حتى الأي���ام الأخيرة‬ ‫ه��ي تطبيق الفهم العرفي ال�� ُم���ؤك��د في‬ ‫للمرجعية‪ ،‬ه���ذه الحملة ال��ت��ي حملت‬
‫ي�����ش� ّ�ك��ل ه����ذا ال��ب��ح��ث‬ ‫ال��م��ن��ه��ج ال��ف��ق��ه��ي الأ����ص���ول���ي ك�أ�سا�س‬ ‫حد‬‫عناوين فكرية وعقيدية و�شرعية على ٍ ّ‬
‫من حياته المباركة‪ ،‬على طرح قناعاته‬
‫في �أي مو�ضوع من الموا�ضيع‪ ،‬لأنه كان‬ ‫محاولة ال�ستك�شاف المنهج‬ ‫ً‬ ‫�سواء‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى خلفيات �أخرى تت�صل‬
‫ير�صد هذا الواقع المرير الذي ُيمكن �أن‬ ‫االجتهادي عند المرجع ال�س ّيد‬ ‫اع��ت��م��د ال�����س� ّي��د ف�ضل‬ ‫ب�أكثر من جهة دول ّية و�إقليمية‪� ،‬سيا�سية‬
‫تنفتح عليه الأجيال القادمة‪ ،‬وهو الذي‬ ‫وغير �سيا�سية التقت كلها على محاولة‬
‫كان ُين ّبه دائم ًا في الم�ؤتمرات والندوات‬
‫ف�ضل اهلل(ر���ض)‪ ،‬الذي يجهل‬ ‫اهلل(ره) منهج ًا ُيعيد �إلى‬ ‫�إ���س��ق��اط التجربة ال��ت��ي م ّثلها �سماحة‬
‫واللقاءات‪� ،‬إل��ى �أننا �إذا لم نقر�أ فكرنا‬ ‫الكثيرون حجم م�ساهمته في‬ ‫القر�آن الكريم �أ�صالته وح�ضوره‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل (ره) وال��ن��ي��ل منها‪.‬‬
‫وننتقده ن��ق��د ًا ب�� ّن��اء‪ ،‬ف�سي�أتي الآخ���رون‬ ‫ال ّتجديد الفكري والفقهي‪،‬‬ ‫في �إن��ت��اج الأف��ك��ار والمفاهيم‬ ‫الفت ًا �إل��ى طبيعة المرحلة التي عا�شتها‬
‫لينقدوه من مواقعهم الثقافية‪ ،‬و�سنجد‬ ‫مرجعية ���س��م��اح��ت��ه(ره)‪ ،‬وال��ت��ي كانت‬
‫�أننا ال ن�ستطيع مواكبة الجيل المتعط�ش‬ ‫الفقيه‪  ‬العديد م��ن الإ���ش��ك��ال��ي��ات‪ ،‬وقد‬ ‫‪..‬كما � ّأ�س�س لنقطة تقارب ن�سبي‬ ‫ت�شهد تغيرات دولية و�إقليمية ومحل ّية‪،‬‬
‫للدين الذي يواكب الحياة من موقع العلم‬ ‫ت�صدى �سماحته لها‪ ،‬عام ًال على مقاربتها‬ ‫بين الفقه ال�شيعي الإم��ام��ي‬ ‫وتطورات تكنولوجية وعلمية‪ ،‬الأمر الذي‬
‫ال الجهل‪ ،‬والحقيقة ال الخرافة‪ ،‬والتوازن‬ ‫من خالل طبيعة الم�س�ألة وواقع ّيتها‪ ،‬ال‬ ‫ال�سني‬‫والفقه ّ‬ ‫�أ َدّى �إل��ى �إف���راز �إ�شكاالت جديدة �أمام‬
‫ال الغلو والتطرف‪.»...‬‬ ‫من خ�لال الإج��اب��ة على فر�ضيات قد ال‬ ‫الفكر الإ�سالمي‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى التعقيدات‬
‫يبقى �أن ن�شير ف��ي نهاية ا�ستعرا�ضنا‬ ‫تمت �إلى الواقع ب�صلة‪ ،‬راجع ًا �إلى �أهل‬ ‫ّ‬ ‫ال�ستنطاق الن�صو�ص ال�شرعية‪ ،‬حيث‬ ‫المت�صلة بم�س�ألة المرجعية في الحوزات‬
‫لهذا الكتاب ال��ذي يقع ف��ي ‪� 70‬صفحة‬ ‫الخبرة‪ .‬والأمثلة على ذلك عديدة‪ ،‬وقد‬ ‫ب�شدّة على ما �سماه‪  :‬الطريقة‬ ‫حمل(ره) َ‬ ‫وغيرها‪  ...‬وذل��ك من �أج��ل فهم طبيعة‬
‫من القيا�س المتو�سط‪� ،‬إل��ى �أنّ �أهميته‬ ‫اكتفى الم�ؤلف بالحديث عن المثالين‬ ‫الهند�سية ف��ي اال�ستنباط ل��دى بع�ض‬ ‫التجاذبات التي حكمت حركة الحملة‬
‫تكمن في تقديمه �إطالل ًة �سريع ًة و�شامل ًة‬ ‫التاليين المع ِّبرين‪ ،‬وهما‪ :‬بداية ال�شهور‬ ‫الفقهاء‪ ،‬بحيث يتج ّمدون عند حدود‬ ‫وال�صراع‪.‬‬
‫على المنهج االجتهادي المتم ِّيز ل�سماحة‬ ‫القمرية‪ ،‬اال�ستن�ساخ‪.‬‬ ‫الألفاظ ومعانيها اللغوية‪.‬‬ ‫مميزات المنهج‪:‬‬
‫العالمة المرجع ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫‪« -6‬فقه المجتمع»‪:‬‬ ‫‪«-3‬ح�ضور العن�صر التاريخي للن�ص»‪:‬‬ ‫بعد ذل���ك‪ ،‬ي�ستعر�ض ال��م���ؤل��ف ميزات‬
‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬وفي كونه يم ِّثل م�ساهم ًة‬ ‫ُيب ّين ال�س ّيد جعفر �أن ال�سيد ف�ضل اهلل‬ ‫يو�ضح ال�سيد جعفر ه��ذه الميزة‪ ،‬ب��� َّأن‬ ‫المنهج االجتهادي ل�سماحة ال�سيد ف�ضل‬
‫ج��دي��د ًة وم��ه�� َّم�� ًة ف��ي التعريف بال ّلبنات‬ ‫(ره) «ينظر �إلى الفقه الإ�سالمي ك�إطار‬ ‫�سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل(ره) كان ي�شير‬ ‫اهلل(ره) وهي ثمان‪:‬‬
‫الأ���س��ا���س��ي��ة ل��ه��ذا ال��م��ن��ه��ج الإ�صالحي‬ ‫منظم للفرد والمجتمع‪ ،‬وهو‬ ‫ت�شريعي ِّ‬
‫ّ‬ ‫«�إل��ى �أهمية �إدخ���ال العن�صر التاريخي‬ ‫‪ -1‬مرجعية القر�آن المعيار ّية ‪:‬‬
‫وال��ت��ج��دي��دي ال���ذي ي�ستند �إل���ى القر�آن‬ ‫بذلك يتجاوز فقه الفرد لي�ؤ�س�س لفقه‬ ‫ف��ي االج��ت��ه��اد‪ ،‬لأن الكثير م��ن الأحكام‬ ‫يم ّثل ال��ق��ر�آن ال��ك��ري��م الم�صدر الأول‬
‫ال��ك��ري��م وال�����س�� ّن��ة ال�شريفة للنبي و�آل��ه‬ ‫المجتمع‪ ،‬حيث ُيق�صد بفقه الفرد الفقه‬ ‫االجتهادية ومن الأحكام ال�شرعية التي‬ ‫ال�سنة‬ ‫للت�شريع الإ���س�لام��ي‪� ،‬إل��ى جانب ّ‬
‫الأط��ه��ار �صلوات اهلل و�سالمه عليهم‪،‬‬ ‫ال��ذي تتحدّد مجاالته وف��ق الإن�سان في‬ ‫يدور البحث حولها‪ ،‬قد يالحظ الباحث‬ ‫ال�شريفة والعقل والإج��م��اع‪ .‬وهنا يلفت‬ ‫ّ‬
‫والذي �ش َّرع العديد‪  ‬من النوافذ للخروج‬ ‫الفردي‪ ،‬من دون مالحظة الم�س�ألة‬ ‫ّ‬ ‫ُبعده‬ ‫�أن��ه��ا ال ت��م��ث��ل �أي واق����ع ت���أري��خ��ي لدى‬ ‫ال��م���ؤل��ف �إل����ى م�لاح��ظ��ة ال�����س��ي��د ف�ضل‬
‫بالفقه وال��ف��ك��ر الإ�سالميين م��ن ربقة‬ ‫في ُبعدها ال ُمجتمعي‪ ،‬وهو ما قد يغفل‬ ‫الم�سلمين في العهد الإ�سالمي الأول‪ ،‬ولو‬ ‫اهلل(ره) على الأ�سلوب االجتهادي‪ ،‬من‬
‫التقليد واالجترار وال َمذهَ بة‪� ،‬إلى ف�ضاء‬ ‫عنه ال�سائد من الحركة الفقه ّية‪ ،‬وربما ال‬ ‫بن�سبة ال��واح��د في المائة‪ ،‬كما نالحظ‬ ‫جهة «ت� ّأخره عن مواكبة القر�آن الكريم‬
‫الإجتهاد الحقيقي والإ�صالح والتجديد‬ ‫ي�ست�شعر البع�ض �ضرورة التفكير في �أ�صل‬ ‫ذلك مث ًال في م�س�ألة نجا�سة الم�شرك �أو‬ ‫في �أكثر من جانب‪ ،‬ولي�س في الجانب‬
‫الم�ستندين �إلى الأدلة الثابتة والبراهين‬ ‫�أن يكون هناك فقه ذو طابع مجتمعي»‪.‬‬ ‫نجا�سة الكافر في عهد النبي(�ص)‪..‬‬ ‫الت�شريعي ف��ق��ط»‪ .‬وق���د ت�ضمنت هذه‬
‫الوا�ضحة والقاطعة‪.‬‬ ‫‪« -7‬ال�شمولية في المقاربة الفقهية»‪:‬‬ ‫كما تط ّرق �أي�ض ًا �إلى التقية ودوره��ا في‬ ‫الميزة العنوانين التاليين‪� :‬آيات الأحكام‪،‬‬
‫�إعداد‪ :‬رحيل دند�ش‬ ‫ي�ؤكد الم�ؤلف‪َّ � ،‬أن من يحلل منهج ّية ال�سيد‬ ‫ف�صل‬ ‫م�س�ألة اال�ستدالل الفقهي‪ ،‬حيث ّ‬ ‫حاكمية القر�آن على م�ضمون ال�س َّنة‬
‫‪« -2‬بين العرف والفقه الهند�سي»‪:‬‬
‫‪27‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫قناة الإيمان الف�ضائ ّية‪:‬‬
‫ر�سالي تح ّقق‪ ..‬ليتردد �صوت الإ�سالم الأ�صيل وفكر المرجع ف�ضل اهلل في الآفاق‬
‫ّ‬ ‫م�شروع‬
‫�أ ْولىَ �سماح ��ة العالم ��ة املرج ��ع ال�س ّيد حمم ��د ح�سني ف�ضل اهلل (ر� ��ض) �أهمية كبرية‬
‫للإعالم‪ ،‬لأنه �أدرك دوره يف العمل الر�سايل ويف م�سرية الدعوة �إىل اهلل‪ ،‬خ�صو�صاً يف‬
‫ظ ��ل تطور و�سائل الإعالم والتوا�صل‪ ،‬والثورة التكنولوجية التي فر�ضت نف�سها على‬
‫الواقع املعا�صر‪.‬‬
‫�أهمية الإعالم ودوره الر�سالي‪:‬‬
‫«الإ�سالم ّية» التي تتحرك في هذا ال�سياق‪،‬‬
‫وبعك�س الكثير من المرجعيات الإ�سالمية‬
‫من زاويتين‪:‬‬
‫التي تنكفئ عن ا�ستغالل هذه الو�سائل‪،‬‬
‫الأولى‪� :‬أ ّنها ال تعي�ش الأ�صالة الإ�سالم َّية‬
‫اعتبر �سماحة ال�سيد(ر�ض) �أن ذلك هو‬
‫ف��ي �إن��ت��اج الم�ضمون ا ّل����ذي ُي��ب��ثّ عبر‬
‫من �صلب عمل المرجع‪ ،‬حيث يفتر�ض‬
‫القنوات الف�ضائ ّية تحديد ًا‪ ،‬وربما كانت‬
‫ان ي�ستفيد من التطور الكبير الحا�صل‬
‫بع�ض القنوات تعمل على �إث���ارة الفتن‬
‫على هذا الم�ستوى‪ ،‬من اجل طرح الفكر‬
‫بين الم�سلمين وتنقل الم�ضامين المثيرة‬
‫الإ�سالمي الح�ضاري على م�ستوى ال�شرق‬
‫ل�لان��ف��ع��ال‪ ،‬وا ّل���ت���ي ت��ج��ت��ذب ردود فعل‬
‫وال��غ��رب‪ ،‬وتقديم النظرية الإ�سالمية‬
‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫�سلب ّية‪ ..‬بما يجعل المجتمع ال‬
‫للعالم‪.‬‬
‫يعي�ش حالة ط��وارئ مذهب ّية وم��ا �أ�شبه‬
‫ومن هنا‪ ،‬كان �سماحته(ر�ض) يرى �أنّ‬
‫وب��ع��د ذل����ك‪ ،‬وخ��ل�ال ���ش��ه��ر واح����د‪ّ ،‬تم‬ ‫أهم �سبل الدّعوة �إلى اهلل و�إلى الخير‬
‫من � ّ‬ ‫ذلك‪ ..‬ومما ال �شك فيه‪� ،‬أنّ الفكر ا ّلذي‬
‫للإعالم الدّور الكبير في واقعنا المعا�صر‬
‫�إطالقها على البثّ الف�ضائي‪.‬‬ ‫والإ�سالم‪...‬‬ ‫ال�سائد‪ ،‬وال��ذي يعي�ش‬ ‫يحاول �أن يقدّ�س ّ‬ ‫في �إي�صال الأفكار والقيم‪ ،‬و�أ ّن��ه يملك‬
‫ال�صعوبات ا ّلتي واجهتكم‬ ‫ولكن مع ذلك‪ ،‬فقد كانت االنطالقة تنبئ‬ ‫ال�سطح‪ ،‬دون �أن يملك القائمون عليه‬ ‫على ّ‬
‫ـ ما هي طبيعة ّ‬
‫فكر ًا ناقد ًا حين طرحه‪ ،‬يمكن �أن ي�شكلّ‬ ‫كثير من‬‫ت�أثير ًا في ال ّنا�س بما يفوق عمل ٍ‬
‫في بداية االنطالقة؟‬ ‫ي�سير من بع�ض الأخوة الم�ؤمنين‪،‬‬ ‫بدعم ٍ‬‫ٍ‬ ‫الخطباء ودع��اة الأفكار‪ ،‬كما �إنّ و�سائل‬
‫معتمدين في ذلك على اهلل �أ ّو ًال و�أخيرا‪ً،‬‬ ‫�إ�ساء ًة �إلى الإ�سالم‪.‬‬
‫ـ كانت التّح�ضيرات لإط�لاق القناة قد‬ ‫الإع�ل�ام تم ّثل اليوم اخت�صار ًا للزّمن‪،‬‬
‫و�إيمان ًا من القيمين عليها في م�ؤ�س�سة‬ ‫ال ّثانية‪� :‬أ ّنها ال ت�أخذ في طبيعة نتاجها‬
‫ب���د�أت قبل وف���اة �سماحة ال�س ّيد(ره)‪،‬‬ ‫وتحطيم ًا للحدود الجغراف ّية‪...‬‬
‫والتي ك ّنا ن�أمل �أن تنطلق في حياته‪ ،‬ولكن‬ ‫العالمة المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين‬ ‫ال�صناعة الإعالم ّية ا ّلتي تحاول‬ ‫ب�أ�سباب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ول���ذل���ك‪ ،‬ك����ان ���س��م��اح��ت��ه ي�����ش��دّد على‬
‫كانت م�شيئة اهلل‪ .‬وبما �أنّ ك ّل التّرتيبات‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ب�أنّ الحاجة التي قد ت�سدّها‬ ‫�أن ت��در���س ك��ل العنا�صر ال��ت��ي تجتذب‬
‫الإ�سالم ّيين �أن ي�أخذوا ب�أ�سباب التّقدّم‬
‫لإط��ل�اق ال��ق��ن��اة ك��ان��ت ق��د �أن��ج��زت من‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫قناة الإيمان على م�ستوى الفكر ال‬ ‫أ�سلوب‬
‫الم�شاهد وتح ّرك الفكرة لديه ب� ٍ‬
‫ف��ي م��ج��ال �صناعة الإع��ل�ام‪ ،‬ليمتلكوا‬
‫ال ّناحية الر�سم ّية‪ّ ،‬تم �أخذ قرار الإعالن‬ ‫ّ‬
‫الأ�صيل‪� ،‬سوف ت�شعر الكثيرين ب�أنهم‬ ‫مبا�شر تار ًة‪ ،‬وب�أ�سلوب غير مبا�شر تارة‬ ‫ٍ‬
‫ب��ذل��ك الو�سيلة المم ّيزة ف��ي الإطاللة‬
‫ب�شكل �سريع مبا�شر ًة‬ ‫عن التّردّد للقناة ٍ‬ ‫جزء منها‪ ،‬و�سيكون منهم ك ّل االحت�ضان‬ ‫�أخرى‪ ،‬وبطريقة خف ّية ثالثة‪...‬‬
‫إ�سالمي الأ�صيل‬
‫ّ‬ ‫على العالم‪ ،‬بالفكر ال‬
‫بعد فترة وجيزة من رحيل ال�س ّيد(ره)‪.‬‬ ‫والدّعم ا ّلذي يجدونه عند اهلل‪.‬‬ ‫م���ن ال��وا���ض��ح �أنّ ن��ق��ل المحا�ضرات‬
‫ا ّلذي ينطلق ليعالج الم�شاكل المعا�صرة‪،‬‬
‫وم��ن الطبيعي ف��ي ظ�� ّل ه��ذا ال��ج�� ّو‪� ،‬أن‬ ‫ال�ساعة مفيد في‬ ‫والخطب على م��دار ّ‬
‫قناة الإيمان‪ :‬واقع و�آفاق‬ ‫ويح ّرك الحوار في �سبيل الخير والحقّ ‪،‬‬
‫برزت بع�ض الم�شاكل ال ّلوج�ستية ا ّلتي لها‬ ‫ح ّد ذات��ه‪� ،‬إذا كان الم�ضمون المطروح‬
‫حول هذا المو�ضوع‪ ،‬والآفاق ا ّلتي تطمح‬ ‫كما ين�شر المعرفة وال ّثقافة الإ�سالم ّية‬
‫عالقة بالمكان من ناحية‪ ،‬والكادر الفني‬ ‫من�سجم ًا مع الأ�صالة الإ�سالم ّية والعمق‬
‫القناة بالو�صول �إليها‪ ،‬كان لقاء مع مدير‬ ‫ح�ضاري مم ّيز‪ ،‬بحيث‬ ‫ّ‬ ‫أ�سلوب‬
‫المتم ّيزة ب� ٍ‬
‫والإعالمي من ناحية ثانية‪ .‬هذه الم�شاكل‬ ‫في المعالجة‪ ،‬لكن المطلوب‪ ،‬هو القناة‬
‫البرامج في قناة الإي��م��ان‪ ،‬ال�س ِّيد بالل‬ ‫م�ستمع �أو قارئٍ ل ّأي‬
‫ٍ‬ ‫ي�شعر ك ّل م�شاهدٍ �أو‬
‫و�ضعت على طريق المعالجة‪� ،‬إن كان‬ ‫التي تدخل �إل��ى الحياة اليوم ّية‪ ،‬و�إلى‬
‫ف�ضل اهلل‪:‬‬ ‫اه��ت��م��ام��ات الم�شاهد‪ ،‬لتطرح الفكرة‬
‫ح�ضاري‬
‫ّ‬ ‫و�سيل ٍة �إعالم ّي ٍة‪ ،‬ب�أ َّنه �أمام ٍ‬
‫طرح‬
‫من خالل تجهيز الإ�ستديوهات ومكاتب‬ ‫الف�ضائي‬
‫ّ‬ ‫ـ كيف ك��ان��ت انطالقة ال��ب��ثّ‬ ‫قابل لأن يحت ّل مكان ًا في حياة الإن�سان‬
‫القناة‪� ،‬أو من خ�لال العمل على ت�أمين‬ ‫يتم‬
‫عبر �أكثر من طريقة و�أ�سلوب‪ ،‬ال �أن ّ‬
‫للقناة‪ ،‬وك��م ا�ستغرقت مرحلة الإعداد‬ ‫المعا�صر‪� ،‬أو �أن يحوز على اهتمامه على‬
‫ع��دد ال ب���أ���س ب��ه م��ن ال��ك��وادر الب�شر ّية‬ ‫اعتماد �أ�سلوب واحد قد يم ّل الإن�سان منه‬
‫لإطالق البثّ ؟‬ ‫�أق ّل تقدير‪.‬‬
‫الفن ّية �أو الإعالم ّية‪.‬‬ ‫في نهاية المطاف‪.‬‬
‫الف�ضائي‬
‫ّ‬ ‫ـ االنطالقة الأولى للقناة في ب ّثها‬ ‫وقد ت�أخرت �إنطالقة قناة الإيمان‪ ،‬التي‬ ‫م�شكلة قنوات الفتنة‪:‬‬
‫تغطيها القناة على‬ ‫ـ ما هي المناطق التي ّ‬ ‫بد�أت في الأ ّول من �شهر رم�ضان المبارك‬
‫م�ستوى العالم حالي ًا‪ ،‬وما هي ّ‬ ‫كانت م�شروع �سماحة ال�سيد المرجع‬ ‫وقد كان ل�سماحة ال�س ّيد(ر�ض) موقف‬
‫مخططاتكم‬ ‫الف�ضائي‬
‫ّ‬ ‫�سنة ‪ .2010‬تم حجز التّردّد‬ ‫ف�ضل اهلل(ر���ض) الذي �سعى في الفترة‬ ‫�سلبي من القنوات الف�ضائية التي تحمل‬
‫الم�ستقبل ّية؟‬ ‫على قمر ال��ن��اي��ل ���س��ات‪ ،‬وو���ض��ع �إع�لان‬ ‫االخ��ي��رة م��ن حياته ال�شريفة لإطالقه‬ ‫عناوين �إ�سالمية‪ ،‬و تحفل بها ال�شا�شات‪،‬‬
‫ـ بطبيعة الحال‪ ،‬القناة موجودة على قمر‬ ‫ت�ض ّمن �صورة ل�سماحة ال�س ّيد(ره) والتّردّد‬
‫النايل �سات‪ ،‬الذي ّ‬ ‫ليكون معبرا ع��ن الإ���س�لام التجديدي‬ ‫ف��ي ح��ي��ن ان��ه��ا ت��ت��ح��ول �إل���ى �أب����واق لبث‬
‫ال�شرق الأو�سط‬ ‫يغطي ّ‬ ‫للقناة على القمر ال�صناعي‪� .‬أ ّما الإعداد‬ ‫الح�ضاري‪ ،‬ويعود هذا الت�أخير �إلى م�شكلة‬ ‫الفتن المذهبية‪ ،‬و�إث���ارة الع�صبيات و‬
‫ويتم العمل مع بع�ض‬ ‫و�شمال �أفريقيا‪ّ .‬‬ ‫الفعلي للبثّ الف�ضائي لقناة الإيمان‪ّ ،‬‬
‫فتم‬ ‫ّ‬ ‫ب�شكل خا�ص‪ ،‬حيث ال نزال نعي�ش‬ ‫التّمويل ٍ‬ ‫الح�سا�سيات بين الم�سلمين‪ ،‬بما يخدم‬
‫الأخوة في المناطق المختلفة في العالم‪،‬‬ ‫ال�شهرين‪،‬‬‫خالل مدّة ق�صيرة ال تتجاوز ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫إ�سالمي م�شكلة في الذهنية‬ ‫ّ‬ ‫في عالمنا ال‬ ‫الم�شاريع الإ�ستكبارية‪ ،‬بحيث تقدم �أفكار‬
‫في �أوروبا و�أ�ستراليا والقارة الأمريك ّية‪،‬‬ ‫لأنّ فكرة �إن�شاء القناة كانت موجودة‬ ‫التي ترى البذل والعطاء المالي في بع�ض‬ ‫ال��خ��راف��ة والغلو والتخلف‪ ،‬وتف�شل في‬
‫على ت���أم��ي��ن تغطية ال��ق��ن��اة ه��ن��اك عبر‬ ‫منذ �سنوات‪ .‬لذلك ّتم �إنجاز المعامالت‬ ‫الحاجات التّقليدية‪ ،‬على �أهم ّيتها‪ ،‬وال‬ ‫تقديم ال�صورة الح�ضارية للإ�سالم‪.‬‬
‫الأقمار ال�صناعية المختلفة‪ .‬كما يجدر‬ ‫الر�سم ّية المتع ّلقة بها والتعاقد مع ال ّنايل‪،‬‬ ‫تراها في مثل و�سائل الإع�لام ا ّلتي هي‬ ‫وت��ب��رز م�شكلة الكثير م��ن الف�ضائيات‬
‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬
‫‪28‬‬
‫ومنوعات ثقاف ّية‪ .‬ونحن نتّجه �إل��ى �أن‬ ‫الذكر �أن القناة موجودة في بثها الحي‬
‫من برامج قناة الإيمان‬ ‫ت��ك��ون ه���ذه ال��ب��رام��ج م��ت��ن��وع��ة‪ ،‬وت�شمل‬
‫�شرائح المجتمع‪ ،‬وخ�صو�ص ًا ّ‬
‫ال�شباب‪.‬‬
‫على الإنترنت من خالل موقع القناة‪.‬‬
‫البث التجريبي‪:‬‬
‫في �شهر رم�ضان المبارك‬ ‫مكاتب للقناة خارج لبنان‪:‬‬ ‫ـ ه��ل ي��م��ك��ن �أن ت��ح�� ّدث��ون��ا ع��ن مرحلة‬
‫ـ هل �سيكون للقناة مكاتب خارج لبنان؟‬ ‫ال��ب��ثّ التّجريبي للقناة‪ ،‬وم��ا ه��ي �أبرز‬
‫ـ ن�سعى �إلى �أن يكون لدى القناة مكاتب‬ ‫مالمحها؟‬
‫إ�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عربي و�‬
‫ّ‬ ‫تمثيل في �أكثر من بلدٍ‬ ‫ـ المرحلة الأولى من البث التّجريبي بد�أت‬
‫ونحن �إلى الآن �أن�ش�أنا مكتب تمثيل للقناة‬ ‫في الخام�س ع�شر من �شهر �شباط‪ ،‬حيث‬
‫في فل�سطين المحتلة‪ ،‬ونعمل على �إن�شاء‬ ‫ّتم عر�ض محا�ضرات ل�سماحة ال�س ّيد(ره)‬
‫�آخر في �سوريا خالل فتر ٍة وجيز ٍة جد ًا‪.‬‬ ‫وبع�ض البرامج الوثائق ّية‪ .‬وفي المرحلة‬
‫ق�ص�ص القر�آن‬ ‫ـ بماذا �ستتم ّيزون عن غيركم من القنوات‬
‫الف�ضائية الإ�سالم ّية؟‬
‫ال ّثانية وال ّثالثة‪ّ ،‬تم عر�ض برنامج «فقه‬
‫ال�شريعة» ـ وهو من �إنتاج القناة ـ الذي‬
‫مع �سماحة ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‬ ‫ً‬
‫ـ نتمنى �أن تكون هذه القناة تعبيرا عن‬ ‫يتناول الق�ضايا الحيات ّية واالجتماع ّية‬
‫خط االعتدال واالنفتاح‪ ،‬ومحاول ًة لن�شر‬ ‫ّ‬ ‫لل ّنا�س‪ ،‬ومن ال ّناحية الفقه ّية‪ ،‬ا�ست�ضفنا‬
‫تابعوه يومي االثنين والخمي�س‬ ‫الوعي‪ ،‬من خالل تركيز مفاهيم الوحدة‬ ‫عدد ًا من علماء الدين من لبنان والخارج‪.‬‬
‫ال�ساعة‪ 18:30‬بتوقيت بيروت‬ ‫الإ�سالم ّية‪ ،‬ورف�ض التّخلف واالنغالق‬
‫على ال��ذات في ك�� ّل عناوينها‪ .‬كما �إ ّننا‬
‫�أم��ا بال ّن�سبة �إل��ى باقي ال��ب��رام��ج‪ ،‬فقد‬
‫تن ّوعت بين برامج �سيا�س ّية ا�ستراتيج ّية‬
‫ن�سعى �إلى �أن ننطلق من المدر�سة الفكر ّية‬ ‫وم�سل�سالت دين ّية واجتماع ّية‪� ،‬إ�ضاف ًة‬
‫التي � ّأ�س�سها �سماحة ال�س ّيد(ره)‪ ،‬لما فيها‬ ‫�إلى بع�ض البرامج الأخالق ّية والقر�آن ّية‬
‫برنامج م�سائل عقائدية‬ ‫من تركيز للوحدة الإ�سالم ّية‪ ،‬لي�س في‬ ‫والوثائق ّية‪ ،‬وبرامج خا�صة بالأطفال‪.‬‬
‫ال�شكل فقط‪ ،‬بل من خالل �إظهار ال ّنقاط‬ ‫وك��ان��ت ال��ق��ن��اة ف��ي ه���ذه ال��ف��ت��رة تتابع‬
‫مع �سماحة ال�شيخ يا�سر عودة‬ ‫الجامعة والم�شتركة بين الم�سلمين‪.‬‬ ‫كافة المنا�سبات والأح���داث التي تتع ّلق‬
‫�أيام‪ :‬االثنين‪ ،‬االربعاء‪ ،‬والجمعة‬ ‫�إ�ضاف ًة �إلى منا�صرة ق�ضايا الأ ّم��ة‪ ،‬وفي‬ ‫بالمقاومة وبمجزرة بئر العبد‪ ،‬و�سقوط‬
‫مقدّمها فل�سطين‪ ،‬ومحاربة اال�ستكبار‬ ‫اتفاقية ال�سابع ع�شر من �أي��ار‪ ،‬فن ّفذت‬
‫ال�ساعة ‪ 15:00‬بتوقيت بيروت‬ ‫والتّخ ّلف والغل ّو بك ّل �أ�شكاله‪ ،‬وهو ال ّنهج‬ ‫ل���ه���ذه ال��غ��اي��ة م��ج��م��وع��ة م���ن الأف��ل��ام‬
‫الذي �أر�ساه �سماحة ال�س ّيد(ره)‪.‬‬ ‫الوثائق ّية الق�صيرة عر�ضت ف��ي فترة‬
‫الطموح‪:‬قناة م�شرقة وح�ضارية‬ ‫البث التّجريبي على القناة‪.‬‬
‫ـ ما هي طموحاتكم الم�ستقبل ّية؟‬ ‫�شبكة البرامج الجديدة‪:‬‬
‫ـ ط��م��وح��ن��ا �أن ت��ك��ون ال��ق��ن��اة م�شرقة‬ ‫ـ متى تبد�أ القناة ب ّثها الفعلي‪ ،‬وكم �سيكون‬
‫برنامج لقاء خا�ص‬ ‫وح�������ض���اري���ة‪ ،‬ك���م���ا �أراده���������ا �سماحة‬ ‫عدد �ساعات البثّ ؟‬
‫ال�س ّيد(ره)‪.‬‬
‫لقاءات مع �شخ�صيات عامة‪ ،‬ثقافية‬ ‫ـ اال���س��ت��ع��دادات ب���د�أت م��ن �أج��ل �إطالق‬
‫الفعلي‪ ،‬بعد انتهاء فترة البثّ التّجريبي‪،‬‬
‫واجتماعية وفنية‬ ‫للم�ساهمة في دعم القناة‪:‬‬ ‫ويبقى �إنجاز العمل مرهون ًا با�ستكمال‬
‫تجهيز الإ�ستديوهات والأمور ال ّلوج�ستية‬
‫يومي الثالثاء وال�سبت‬ ‫ـ كيف يمكن الم�ساهمة في دعم القناة‬
‫مالي ًا من جمهورها ومن الم�ؤمنين؟‬ ‫الأخرى‪.‬‬
‫ال�ساعة‪ 22:30‬بتوقيت بيروت‬ ‫ي��م��ك��ن ل��ل��راغ��ب��ي��ن ف���ي ال��م�����س��اه��م��ة في‬ ‫ن���أم��ل �أن ن��ب��د�أ الخطة الأول���ى ف��ي �شهر‬
‫رم�����ض��ان‪ ،‬لي�ستكمل ف��ي �شهر �أي��ل��ول‪/‬‬
‫القناة من ال ّناحية الما ّد ّية‪� ،‬أن ير�سلوا‬
‫م�ساهماتهم �إلى م�ؤ�س�سة العالمة المرجع‬ ‫�سبتمبر �إذا ك��ان��ت ال��ظ��روف منا�سبة‪،‬‬
‫ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬على‬ ‫و�إال �سوف تكون في �أواخ��ر �شهر ت�شرين‬
‫الح�ساب التالي في بنك لبنان والمهجر‪،‬‬ ‫الأول‪�/‬أكتوبر المقبل ب�إذن اهلل‪.‬‬
‫فرع الغبيري‪:‬‬ ‫وف��ي الوقت نف�سه‪ ،‬ف�إ ّننا ن�سعى �إل��ى �أن‬
‫الفعلي للبرامج بحدود‬
‫ّ‬ ‫تكون �ساعات البثّ‬
‫بالدوالر االمريكي‪:‬‬ ‫‪� 12‬ساعة يومي ًا‪.‬‬
‫‪USD LB‬‬ ‫ـ م��ا ه��ي �أب����رز م�لام��ح �شبكة البرامج‬
‫تابعوا محا�ضرات العالمة المرجع‬ ‫‪9412 7680 3000 0702 0000 0014 53‬‬ ‫الجديدة‪ ،‬وهل �ستكون برامج من ّوعة �أو‬
‫بالليرة اللبنانية‪:‬‬ ‫متخ�ص�صة؟‬ ‫ّ‬
‫ف�ضل اهلل(ر�ض)‬ ‫ـ دورة البرامج الجديدة �سوف تنطلق‬
‫يوميا في فترة ال�سحر‬ ‫‪LBP LB‬‬ ‫في �شهر رم�ضان المبارك‪ ،‬وهي متن ّوعة‬
‫‪9413 7680 3000 0701 0000 0014 18‬‬ ‫بين برامج دين ّية‪� ،‬أخالق ّية‪ ،‬اجتماعية‬
‫ال�ساعة‪ 00:30 :‬بتوقيت بيروت‬ ‫و���ش��ب��اب�� ّي��ة‪� ،‬إ���ض��اف�� ًة �إل���ى ب��رام��ج �أطفال‬

‫‪29‬‬ ‫العدد ‪ 388‬الجمعة ‪ 5‬رم�ضان ‪ 1432‬هـ ‪� 5‬آب (�أغ�سط�س) ‪2011‬م‬


‫بر‬ ‫ال�ص ُ‬‫���ي ُي ْ�ستل َه ُم َّ‬ ‫و ِم���ن َ���ص��ب ِ��ر َك ال ُّ‬
‫���روح ِّ‬ ‫عر‬ ‫���ع ّ‬
‫وال�ش ُ‬ ‫���دم ُ‬‫ال��ح��زنُ وال َّ‬ ‫�����ص�� ّل��ي ُ‬ ‫��ك ُي َ‬ ‫َع��ل��ي َ‬
‫���ر‬ ‫���ق���ر�أَه���ا ال َّ‬
‫���ده���ـ ُ‬ ‫ت���ـ���دَ ِّو ُن���ه���ا َده����ـ����ر ًا ل��� َي َ‬ ‫ف��ل��م ت���زلْ‬
‫���ح���ي���ا ِة ْ‬‫���ر َت ت��ف��ا���ص��ي َ��ل ال َ‬ ‫َع���ـ��� َب ْ‬
‫���ر‬
‫آخ��������ـ��������ر ُه ِف���ـ���ك ُ‬
‫ُ‬ ‫ف���������أ َّو ُل��������هُ ِع����ـ����ل ٌ‬
‫����م و�‬ ‫ا����س ً‬
‫���ة‬ ‫�������ش���ع ق���دَ َ‬
‫ؤ����ص ً‬
‫ُّ‬ ‫�أ�������ض ْ‬
‫�������أ َت ل���ن���ا َد ْرب��������� ًا ُي‬
‫َم���ل���أْ َت ال��� ُع���ق َ‬
‫� َ‬
‫إليك‬
‫ن���ه���ج ط�����هَ ال ُي َ‬
‫���ـ�������س���او ُم���هُ � ُ‬
‫أم�����ر‬ ‫ِ‬ ‫َع���ل���ى‬ ‫�ل�ا‬ ‫���ول ال��ب��ك َ��ر ِف���ك���ر ًا ُم���� َّ‬
‫��ر‬ ‫َ‬
‫وت��خ�����ض ُّ‬ ‫���������ص����انُ ال�������� َوالءِ‬
‫ل��ت��ك��ـ�� ُب َ��ر �أغ َ‬
‫َر َح����لْ����تَ ع��ـ��ن الأك�������وانِ ف��ان��ط��ف���أَ ال��ب��د ُر‬
‫أر������ض � ْأح�� َم��د‬
‫�����س�� َم��ا‬
‫���ب ف��ي � ِ‬ ‫���ح ِّ‬‫ز َر ْع�����تَ ُب�����ذو َر ال ُ‬
‫ْ����ك ال��� َم�ل�ائ ُ‬ ‫َع�����ش�� َّي َ‬
‫��ة ن����ا َدت َ‬
‫حَ ُ‬
‫يث‬
‫���ك ف���ي ال َّ‬
‫��غ��ي��ب ال���� َب����د ُر َي�� ْب��ق��ى ل����هُ ذك ُ‬
‫���ر‬
‫���ة ّ‬
‫ال��ط�� ْه ُ��ر‬
‫ُ‬
‫وال�����ك�����را ُر ‪ ..‬ف���اط��� َم ُ‬
‫َّ‬
‫وح���ي���نَ َي‬
‫ُم���ح��� ّم���دُ‬
‫�����اق َع���ل���ى ال��� َم���دَ ى‬
‫����م‬
‫����راهُ ُ‬
‫���ك َب ٍ‬ ‫والزال ن�����و ٌر ِم���ن َ‬
‫ّ����ة ال���� َب����اري هُ ����ن َ‬
‫����اك ت َ‬
‫َ‬
‫�إل�����ى َج����ن ِ‬
‫ُ‬
‫الخلود‬
‫ق��ب��ر‬
‫ُ‬ ‫وال�����ح����� َي�����ا ُة ل�����هُ‬
‫َ‬ ‫ٌّ‬
‫ف����ك����ل َوح�����ي�����دٌ‬ ‫���ك َع���نّ���ا ُي�������ش��� ِب���هُ ال���ف���ق���دَ ك��� َّل���هُ‬
‫َرح���ي��� ُل َ‬ ‫و�سوي‬
‫الم َ‬
‫ُمنتظر ُ‬
‫���م���ر‬
‫ن���اح���ي���ة َج ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫ك�������ل‬ ‫ل�� ُي�����ش��ع�� َل��ن��ا ف����ي‬ ‫���رق ً‬
‫���ة‬ ‫���ب ح َ‬ ‫��ل ال���ق���ل َ‬ ‫َرح���ي��� ُل َ‬
‫���ك ن�����ا ٌر ت�����ش�� ِع ُ‬
‫ال�����س��ر‬
‫ُّ‬ ‫���ك ت���ن���ا َم���ى ُح��� ُّب��� َن���ا �أ ُّي����� َه�����ا‬ ‫َف���ف���ي َ‬ ‫�����س‬‫����ق����د ٌ‬
‫َّ‬ ‫وح����������زنٌ ُم‬
‫آالم ُ‬ ‫َرح�����ي����� ُل َ‬
‫�����ك � ٌ‬
‫الفخر‬
‫ُ‬ ‫ال��ف��خ��ر ي���ا �أ ُّي���� َه����ا‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ك�����ذاك َم���ن���ا ُر‬ ‫��ف‬ ‫����ل َم��وق ٍ‬‫��ك ال��تّ��وح��ي��دُ ف��ي ك ِّ‬ ‫َ���س�� َي�����ش��ت ُ‬
‫��اق َ‬
‫�����ش��ر‬
‫��ح ُ‬ ‫ن�����داء �أو َي���ق���و ُم ب��ن��ا ال َ‬ ‫ٌ‬ ‫���س��ي��ب��ق��ى‬ ‫تمتْ‬‫���م ُ‬ ‫��ت» َم��ا َت��تْ ول ْ‬ ‫و»ن����دو ُة ي���و َم ال َّ‬
‫�����س��ب ِ‬
‫�����دم����� ِع َ����س���ك���اب��� ًا ي�����ش��ا ِب�� ُه��هُ ن��ه ُ��ر‬ ‫َع���ل���ى ال َّ‬ ‫���ح���زنِ ا ّل����ذي َج َ‬
‫����اء َب��� ْع���دَ ُه‬ ‫�ل�ام َع��ل��ى ال ُ‬
‫َ����س ٌ‬
‫حر‬ ‫���ه َب ُ‬ ‫��ح��ر ب ِ‬‫�������س���انُ َب ٌ‬ ‫ه��و ال��ف�����ض ُ��ل والإح َ‬ ‫وح «ف�����ض ُ��ل اهلل» َي�����س��ك��نُ َبي َن َها‬ ‫ال������ر ِ‬
‫ُّ‬ ‫َم���ع‬
‫�����ش��ع ُ��ر‬ ‫����د ك����ان َي���ع���ر ُف���هُ ال ِّ‬ ‫���د ق ْ‬ ‫�إل�����ى َ����س��� ّي ٍ‬ ‫ال������ر�ؤى‬
‫ُّ‬ ‫ل��ق��اف�� َي��ت��ي ����ش���ط���رانِ ب��ع��� ٌ��ض م���ن‬
‫�شطر‬ ‫ُ‬ ‫إ������س��ل��ا ِم ذل���� ُك ُ‬
‫����م‬ ‫وح��������دَ ِة ال ْ‬ ‫�إل�����ى ْ‬ ‫ن��ج��م�� ًا وهَ ���ادي��� ًا‬
‫آف������اق ْ‬
‫ِ‬ ‫�����ك ف���ي ال‬‫�����د ُت َ‬
‫َو َج ْ‬
‫���ر‬ ‫ل��ي�����س ُي��ط��ف��ئ��هُ �أم���ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫���يء‬
‫ف��ن��ج��م ُم�������ض ٌ‬‫ٌ‬ ‫أخ����ي����ر �أن َ‬
‫ّ��������ك الآنَ ب��ي�� َن�� َن��ا‬ ‫ٌ‬ ‫و����ش���ط���ر �‬
‫ٌ‬
‫م������ن ����ش���رف���ا ِت���ه���ا‬
‫ْ‬ ‫ع���ل���ي���ك ُ‬
‫اهلل‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أط���������ل‬ ‫�‬ ‫وح ف����ي غ��رب��ا ِت��ه��ا‬ ‫ال���������ر َ‬ ‫لأ َن َ‬
‫ّ���������ك ُك����نْ����تَ‬
‫ّ‬
‫������ذفْ������تَ ف����ي ل��ه��وا ِت��ه��ا‬ ‫ح���ن���ون��� ًا‪ ،‬و�إن ُق ِّ‬ ‫������ب ج��ن��و ِن��ه��ا‬ ‫ي����ح ِغ َّ‬ ‫ال����ر ِ‬ ‫ت��ل��م�� ِل ُ��م ف��و���ض��ى ّ‬
‫ت����ح����اول ����ص��� ْب���ح��� ًا ف����ي م�����دى ظ��ل��م��ا ِت��ه��ا‬ ‫ُ‬ ‫���ت���ات ك����أ َنّ���م���ا‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ال�������ش‬ ‫ل���ي���ل‬
‫ِ‬ ‫وت����������أرقُ ف����ي‬
‫م���ن���ك ف����ي ���ص��دم��ا ِت��ه��ا‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ك���ت���ف‬ ‫َ‬
‫����������ك‬ ‫ور ِّب‬ ‫��م ين�ؤ‬ ‫ي���ح‪ ،‬ق��ال��وا ف�� َل ْ‬ ‫ال���ر ِ‬ ‫ت��ح��اول ق��ب��� َ��ض ِّ‬ ‫ُ‬
‫ال���م���اء ف���ي ج��م��را ِت��ه��ا‬
‫ُ‬ ‫ف��ت��ن��دى‪ ،‬وي�����ش��دو‬ ‫الخطى‬ ‫�����س ُ‬ ‫و ُت�����ؤوي �إل���ى عين ْي َك م��ا �أي��ب َ‬
‫وراء ُب���ن���ا ِت���ه���ا‬ ‫َ‬ ‫وم�������ا زال ح������فّ������ا ٌر‬ ‫ت�������دب ���س�لا ُل��ه��ا‬ ‫ُّ‬ ‫روي�����������دَ َك‪ ،‬م����ا زا َل��������تْ‬
‫ل���ي���ل���ح���ق م�������س���ع���ا ُه ورا ُح���ج���ب���ا ِت���ه���ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ري�������ش���هُ‬ ‫أدري������������ه ����س���ي���ن���ب���تُ‬
‫ِ‬ ‫ج����ن����اح و�‬
‫ٌ‬
‫���رك��� َن���ا ط�����اوي�����نَ ف����ي ُط���رق���ا ِت���ه���ا‬ ‫����س���ي���ت ُ‬ ‫���ف �أُن���و ِف���ن���ا‬ ‫أم�������س ح���ت َ‬ ‫���س��ي��ه��ج ُ��رن��ا ك���ال ِ‬
‫����ن �أح��ج��ي��ا ِت��ه��ا‬ ‫����ب م ْ‬ ‫����ح ِّ‬ ‫���ر ���س��ن��اءِ ال ُ‬ ‫وع���ط ُ‬ ‫�����ص��ب ب��ع��� ُ��ض �صفا ِتها‬ ‫��خ ِ‬ ‫رن��ي��م ال ِ‬
‫ُ‬ ‫�����س‪،‬‬ ‫ل��ن��ف ٍ‬
‫�����س ف���ي ُغ ُ��رف��ا ِت��ه��ا‬ ‫�����ش��م ُ‬ ‫أق�����ل ����ش���ذاهَ ���ا‪ ،‬ال ّ‬ ‫� ُّ‬ ‫أف��������ق ف��ك��رة‬ ‫ِ‬ ‫����ة ال‬ ‫ُت�����ل����� ّونُ ح���ي���ن��� ًا ل����وح َ‬
‫�������س م���ن ع��ث��را ِت��ه��ا‬ ‫���ل ال��� َنّ���ف َ‬ ‫م���دان���ا ُت���ق���ي ُ‬ ‫�����س��رى‬ ‫��ة ال ّ‬ ‫وح��ي��ن�� ًا �إذا غ���ا َل���تْ ���ض��ب��اب�� َّي ُ‬
‫���ح���ن���ي م�����ن ط���ب��� ِع���ه���ا و����س���م���ا ِت���ه���ا‬ ‫ت���ج���ن ُ‬ ‫أغ�����ن�����ي�����ات ل���ع��� َّل���ه���ا‬
‫ِ‬ ‫�أُل��������������� ِّو ُح دون ال‬
‫غ���������������ر َق ف�����ي � ّ‬
‫����ش��ل�ا ِل����ه����ا ن���غ���م���ا ِت���ه���ا‬ ‫ِ‬ ‫و�أُ‬ ‫���ح���ن���ي‬ ‫����ة �أل ُ‬ ‫����ج َ‬ ‫لأُل����ق����ي ت���ران���ي���م���ي و�����ض َّ‬
‫وح ف���ي ���س��ك��را ِت��ه��ا‬ ‫ال��������ر ُ‬
‫ّ‬ ‫ت�����س��ت��ح��م‬
‫ُّ‬ ‫ب����ه‬
‫ِ‬ ‫منطق‬‫ٍ‬ ‫و�أ������س������ َأل ث���غ���ر ًا ‪،‬ك������انَ �أخ�������ض َ‬
‫���ر‬
‫ُ‬
‫أف�������ض���ال ع�����اد َة ذا ِت���ه���ا‬ ‫���ف ال‬ ‫ف��ه��ل ُت���خ��� ِل ُ‬ ‫وج�����وده‬ ‫هلل ف��ي��ن��ا ُ‬ ‫ف�����ض��ل ا ِ‬ ‫َ‬ ‫�إذا ُك����نْ����تَ‬
‫��ط��ب كما ِتها‬ ‫ف��ق��د ُك���نْ���تَ ف��ي ال��ه��ي��ج��اءِ ُق َ‬ ‫��ك ً‬
‫فتنة‬ ‫��م��ح ح�����س�� ُب َ‬ ‫ال�����س َ‬ ‫ال��غ��ي��وب َّ‬
‫ِ‬ ‫���ي‬
‫ن���ج َّ‬
‫أف�����ص��ح��تَ ه��ا ِت��ه��ا‬
‫ْ‬ ‫�������س���ك ع���ن ل��ب��ن��انَ �‬ ‫َ‬ ‫و�أم‬ ‫راي�����ة العنا‬ ‫ِ‬ ‫وي����وم ت��خ�� َّل��ى ال��م��ج��دُ ع���ن‬
‫ف�������وق ع�������و ِد ق��ن��ا ِت��ه��ا‬ ‫َ‬ ‫�����س����ن����انٌ‬‫و�إنّ���������ي ِ‬ ‫رم��������اح ف����ي ال����ج����ه����ا ِد ���ص�لا ُت��ه��ا‬ ‫ٌ‬ ‫ل��������دي‬
‫َّ‬
‫�����س����ر ق���ذا ِت���ه���ا‬
‫َّ‬ ‫وت���ه���ن���ى ع����ي����ونٌ ‪ُ ،‬ك����نْ����تَ‬ ‫ف����وا �أ����س���ف��� ًا ُت���ط���وى‪ ،‬وت���قْ���ذى ُع�� ُي��و ُن��ن��ا‬

‫مغرب‬
‫ف��ت��ج��ل��و ل���ه���ا ب���ال��� َّل ِ‬ ‫�أي������ا � َ‬
‫ُ‬
‫���م���ح �����س����و ُد ه��ن��ا ِت��ه��ا‬ ‫���وك ع��ت�� َم��ت��ي‬‫آي�������ة الأف�����ك�����ا ِر ت���ت���ل َ‬
‫ٌ‬
‫ع���ط�������ش ف�����ي م���ن���ت���ه���ى ف���ل���وا ِت���ه���ا‬ ‫ب���ه���ا‬ ‫��ح��ن وانتهى‬ ‫ه����ودج ال�� َّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫و� ْإن ه��� ّو َم���تْ ف��ي‬
‫َّ‬
‫ب���ال�������ض���وءِ ف���ي ع��ت��م��ا ِت��ه��ا‬ ‫��ح��ن��ي‬ ‫وت��ف�����ض ُ‬ ‫َ‬
‫ه���ن���اك ت��خ��و ُن��ن��ي‬ ‫و�����ص����ا َرت ف��وان��ي�����س��ي‬
‫ُّ‬
‫�����س����ت ج��ه��ا ِت��ه��ا‬
‫�������س ���ص��د َر ُ�سرا ِتها‬
‫ال����وه����م‬
‫َ‬ ‫����ي‬
‫وت�������ذرو ع����ل َّ‬
‫ال��ت��ل ُك��نْ��تَ الأم َ‬ ‫ِّ‬
‫و� ْإن م���ا غ��� َف���تْ ن���ي���را ُن���ه���ا ف���ي دوا ِت���ه���ا‬
‫ع��ل��ى‬
‫�أدو ُر ل���ع��� ِّل���ي م���ن هُ ���ن���ا‪� ،‬أو ُت�����رى هُ ��ن��ا‬
‫���ره���ا‬ ‫ّ������ح ف���ج َ‬
‫رك��������ب ي������ر ِن ُ‬ ‫ٌ‬
‫���د روح������ ًا ب��راك��ي��نُ��ه��ا غ�� َف��تْ‬
‫ول������ك������ن م�����ا‬
‫َّ‬
‫ت���ل��� َفّ���تْ ت���ج ْ‬
‫الفي�ض‬
‫ِ‬
‫دوانٍ ل���م���ن ي�������ش���ت���ا ُر م����ن ع���ذب���ا ِت���ه���ا‬ ‫�لا ثما ُرها‬ ‫���س�� َع��تْ ف��ي ال�� ُه��دى �سبعينَ ح��ق ً‬
‫�����ك �أدن���������ى ل������ ْو ت������رى ث���م���را ِت���ه���ا‬ ‫ف�����ذل َ‬ ‫ف�ل�ا ت��ق��ط��ف ْ��ن غ��ي��ر ال���ه���وى م���ن غ�����ص��و ِن ِ��ه‬ ‫�صادق ال ّنمر‬
‫م����ن ُ���س��ق��ا ِت��ه��ا‬
‫���ن ْ‬ ‫واء �إن ي��� ُك ْ‬ ‫����ن َر ً‬ ‫و�أي���� ِق ْ‬ ‫ال��ظ��م��ا‬ ‫���ة ّ‬ ‫����ه ق���اف���ل َ‬ ‫أج��������ر ع���ل���ى ِظ���� َّل���� ْي ِ‬
‫ِ‬ ‫و�‬
‫�����س����ق����ا ُه‪ ،‬لأول��������ى ف����ي م���ل���ا ِذ روا ِت����ه����ا‬ ‫م����ر ًة‬
‫����اء ّ‬ ‫�����ش ال����م َ‬ ‫ل َّأن ا ّل������ذي � ْإن ي��ع��ط ِ‬
‫���ن �أن�������ش���دَ الإن�������س���ان ف���ي �صفحا ِتها‬ ‫ف���م ْ‬ ‫���ب‪ ،‬ل�����س��تُ ب��راث��ي�� ًا‬ ‫ل���ل���ح ِّ‬
‫ُ‬ ‫���ن‬
‫�أع����رن����ي ف���م ْ‬
‫���ظ م���ن ه�����ض��ب��ا ِت��ه��ا‬ ‫�أغ�������ا َر ع��ل�� ْي��ه��ا ال���غ���ي ُ‬ ‫�������ش���د ِو ب���ال���وح���د ِة ا ّل��ت��ي‬ ‫���ر ال ّ‬ ‫ت���رنّ���م ُع���م ُ‬
‫ال���ح���ق���د ف����ي ن��ظ��را ِت��ه��ا‬
‫ِ‬ ‫ع���ي���ون ب���ري���ق‬ ‫���ت الأوط���������ا ُر م���ن ���ش��ه��وا ِت��ه��ا‬ ‫ف���ه���لْ ق���� َ���ض ِ‬
‫ول����ك���� َنّ����ن����ا ل�����ل������آنَ ف������ي ُح����ف����را ِت����ه����ا‬ ‫���س��م��اءه��ا‬
‫َ‬ ‫�����د ب���ل���غْ��� َن���ا‬
‫ح�����س��ب��تُ ب�����أنّ����ا ق ْ‬
‫قناة الإيمان الف�ضائية‬
‫�إذاعة الب�شائر‬
‫�إذاعة الثقافة لكل المجتمع‬ ‫رم�ضان �شهر الإيمان‬
‫على الموجة الق�صيرة‬
‫تابعوا برامجنا‬
‫عبر النايل �سات‪ ،‬على الترددات‬
‫التالية‪:‬‬
‫تابعوا دورة برامج �شهر‬ ‫‪Nilesat Freq 11393V‬‬
‫رم�ضان المبارك‬ ‫‪sr 27500 fec 3/4‬‬

‫هاتف‪ 01/453380 -03/877201 :‬اخراج فني‪�:‬سليم المقدم طباعة‪� :‬شركة‬ ‫االت�صال بالوكيل احل�صري‬ ‫لإعالناتكم يف‬
‫ليقوم الناس بالقسط‬
‫الكتاب وامليزان َ‬
‫َ‬ ‫رس َلنا بالب ّينات وأنزل َنا معهم‬
‫لقد أرسلنا ُ‬

‫المجدد‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ال�س ّيد‬
‫مدر�سة الوعي‬
‫ومنهج الإ�صالح‬
‫الح�ساب الفلكي‬
‫حوار مع‬
‫د‪.‬محمد نور الدّ ين عن‬
‫و �إثبات الهالل‪:‬‬
‫تركيا والهوية اال�سالمية‪:‬‬
‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬
‫بين العلم والفقه‬
‫�أحد المراجع‬
‫الفقه ّية والفكر ّية‬
‫للمجتمع التركي‬

‫مكتب الخدمات االجتماع ّية في‬


‫م� ّؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل‪:‬‬

‫‪ 29‬عام ًا من الخير والعطاء‬


‫في خدمة الإن�سان‬
‫اخبار ون�شاطات‬

‫�إفطارات المبرات جمعت �أهل الخير على امتداد لبنان‬


‫مثل كل عام‪ ،‬كان �شهر رم�ضان هذا ال�سنة‪ ،‬مو�سم الخير والب ّر‪ ،‬حيث جمعت �إفطارات جمعية المبرات الخيرية‪� ،‬أهل الخير على موائد العطاء‪ ،‬في كل‬
‫�أنحاء لبنان‪ ،‬دون تمييز بين منطقة و�أخرى‪� ،‬أو مذهب و�آخر‪ ،‬لأنها تنفتح على الإن�سان‪ ،‬وتعمل من �أجل الفقراء والمحتاجين‪ ،‬وتكفكف دموع الأيتام‪،‬‬
‫وتفتح لهم طريق الم�ستقبل الم�شرق‪ ،‬كما �أراد لها العالمة المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪.‬‬

‫بنت جبيل‬ ‫البقاع الغربي‬ ‫رياق‬

‫النبطية‬ ‫معروب‬
‫ح�سن ن�صراهلل‪ ،‬وفادي فواز ممث ًال رئي�س‬ ‫وكما في حياة �سماحته(ره)‪ ،‬كذلك بعد‬
‫ال��وزراء ال�سابق �سعد الحريري‪ ،‬وح�شد‬ ‫رحيله‪ ،‬ت�ستمر الجمعية في تح ّمل هذه‬
‫م��ن ال���وزراء وال �ن��واب‪ ،‬و��س�ف��راء �سوريا‬ ‫الم�س�ؤولية‪ ،‬بزخم كبير والتفاف ودعم‬
‫و�إي��ران و�أ�ستراليا والدانمرك‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫كبير من النا�س‪ ،‬حيث توزعت �إفطاراتها‬
‫�إلى ح�ضور وفود حزبية وقيادات ع�سكرية‬ ‫على امتداد الأرا�ضي اللبنانية‪ ،‬من بنت‬
‫و�أمنية ووجوه �إغترابية و�إقت�صادية ووفود‬ ‫جبيل والخيام في �أق�صى الجنوب‪� ،‬إلى‬
‫ديبلوما�سية وعلماء دين ومدراء عامون‪.‬‬ ‫النبطية والبقاع الغربي‪ ،‬ورياق‪ ،‬و� ً‬
‫صوال‬
‫�إلى بيروت‪..‬‬
‫المبرات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫مدير عام‬ ‫وقد ح�ضر حفل �إفطارها ال�سنوي في‬
‫الخيام‬ ‫بداية الإحتفال �آي من الذكر الحكيم‪ ،‬ثم‬ ‫مج ّمع ال�م� ّب��رات على طريق المطار‪،‬‬
‫و�إح�صاء عن نفقات م�ؤ�س�ساتها فقال‪:‬‬ ‫ج�سد ًا لم تعد تدركه الأب�صار و�أما ال�سيد‬ ‫فقرة فن ّية قدّمها �أطفال من المبرات‪،‬‬ ‫عدد كبير من ال�شخ�صيات ال�سيا�سية‬
‫«لقد �أعادت المبرات الحياة �إلى اليتيم‬ ‫الم�ؤ�س�سة ف�ه��ا ه��و ي���ش��رق ف��ي ك��ل يوم‬ ‫ب�ع��د ذل ��ك �أل �ق��ى م��دي��ر ع ��ام المبرات‬ ‫واالجتماعية و االقت�صادية والفاعليات‬
‫المه ّم�ش وبع�ض الفئات المحرومة في‬ ‫علم ًا وتربية وثقافة وتف ّوق ًا في ال�صروح‬ ‫رحب‬‫الدكتور محمد باقر ف�ضل اهلل كلمة ّ‬ ‫ال�شعبية‪ ،‬في ح�ضور ممثلي الر�ؤ�ساء‬
‫المجتمع باحت�ضانها �أربعة �آالف منهم‬ ‫والمبرات والمدار�س والمعاهد وفي كل‬ ‫فيها بالح�ضور‪ ،‬م�ستذكر ًا �سماحة العالمة‬ ‫الثالثة‪ ،‬والرئي�س ح�سين الح�سيني‪،‬‬
‫ورعايتهم حياتي ًا وتعليمي ًا �إ�ضافة �إلى‬ ‫الميادين التي �ش ّيدها لخدمة النا�س»‪.‬‬ ‫المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‬ ‫ونائب �أمين عام حزب اهلل ال�شيخ نعيم‬
‫خم�سماية وخم�سين من المعوقين‪ ،‬وقد‬ ‫وع��ر���ض ف���ض��ل اهلل ل �ج��دي��د المبرات‬ ‫الذي م�ضى عام على رحيله فقال‪« :‬ال�سيد‬ ‫قا�سم ممث ًال �أمين عام حزب اهلل ال�سيد‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪2‬‬
‫بلغت نفقاتهم ما يقارب �أحد ع�شر مليون‬
‫حفل �إفطار مكتب الخدمات االجتماع ّية في الغاز ّية‬ ‫دوالر �أمريكي‪ ،‬وما زالت هناك مبرات‬
‫تُفتح حيث ت�ستقبل م�ب��رة الخير في‬
‫عيناتا‪ -‬بنت جبيل الأيتام بداية العام‬
‫�أق���ام مكتب ال �خ��دم��ات االجتماع ّية‪،‬‬ ‫الدرا�سي القادم وتعود مبرة الإمام علي‬
‫التّابع لم� ّؤ�س�سة العالمة المرجع ال�س ّيد‬ ‫�إلى مبناها الجديد الذي هدمته حرب‬
‫م �ح � ّم��د ح���س�ي��ن ف���ض��ل اهلل(ره) في‬
‫الغاز ّية‪� ،‬إفطار ًا تكريمي ًا لكافلي الأيتام‬ ‫‪»..2006‬‬
‫والم�ساهمين‪ ،‬بح�ضور رئي�س بلد ّية‬ ‫العلاّ مة ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫الغاز ّية‪ ،‬مح ّمد �سميح غدّار‪ ،‬و�شخ�ص ّيات‬ ‫ثم �ألقى رئي�س الجمع ّية‪ ،‬العالمة ال�سيد‬
‫دين ّية واجتماع ّية‪ ،‬و مجموعة من مخاتير‬ ‫علي ف�ضل اهلل‪ ،‬كلمة اعتبر فيها �أن‬
‫المنطقة‪.‬‬ ‫�شهر رم�ضان‪ ،‬هو برنامج تحرر بكل ما‬
‫ب��داي� ًة‪ ،‬افتتح حفل الإف�ط��ار بتالوة � ٍآي‬ ‫تعنيه هذه الكلمة من معنى‪ ،‬ففي هذا‬
‫من ال ّذكر الحكيم‪ ،‬تالها كلمة مكتب‬ ‫ال�شهر تت�أكد العبودية هلل‪ ،‬م��ن رحم‬
‫ال �خ��دم��ات االج�ت�م��اع� ّي��ة ف��ي الغاز ّية‪،‬‬
‫ح�سون‪ّ ،‬ثم تحدّث‬ ‫هذه العبودية‪ ،‬تولد حرية رائعة فذة‪.‬‬
‫�ألقاها الحاج ح�سين ّ‬
‫�سماحة العالمة ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫فالحرية‪ ،‬كما هي �شرط للحياة العزيزة‬
‫ا ّل��ذي ر�أى �أ ّن�ن��ا نعي�ش في وط� ٍ�ن يحرم‬ ‫�رط للإبداع‬ ‫الكريمة‪ ،‬فهي �أي���ض� ًا ��ش� ٌ‬
‫فيه الإن�سان من �إن�سان ّيته‪ ..‬فالإن�سان‬ ‫وال �ت ��أ ّل��ق‪ .‬وك��ي ن�ب��دع‪ ،‬علينا �أن نع ّمق‬
‫الطائفة‬ ‫ال يعامل ك�إن�سان‪ ،‬بل هو ابن ّ‬ ‫�شعور الحرية في داخلنا‪ ،‬فال يمكن �أن‬
‫يا�سي‪ ..‬وعلى‬‫ال�س ّ‬ ‫والمذهب‪ ،‬وابن الموقع ّ‬ ‫نبدع في الفكر �إن لم نكن �أح��رار ًا في‬
‫م�ستوى المناطق‪ ،‬هو ابن هذه المنطقة‪،‬‬ ‫حركة انتاجه‪ ،‬بحيث نملك �أن نطلق‬
‫وابن تلك المنطقة‪ ،‬وال اعتبار لكفاءات‬ ‫�أفكارنا في كل �آف��اق العلم والمعرفة‪.‬‬
‫الإن�سان وقدراته �أو حاجاته‪..‬‬ ‫وال يمكن �أن نبدع �إذا لم نملك �أن ننقد‬
‫وق ��ال‪ :‬ي�ؤ�سفنا ون�ح��ن ن��راق��ب الواقع‬ ‫�أفكار الغير ونناق�شها من دون خوف �أو‬
‫دون �إ�ضمار مل ّفات مغلقة �أو مح ّرمة‬ ‫م�شاكلنا‪� ،‬سواء الدّاخل ّية منها‪� ،‬أو ما‬ ‫ال�سيا�سي �أن نكون مت�شائمين‪ ،‬لأ َّننا‬ ‫ّ‬
‫على التّداول‪،‬‬ ‫يجري على م�ستوى المنطقة‪� ،‬إال بفتح‬ ‫وجل فال تحدنا حدود المقد�سات غير‬
‫بتنا نعي�ش ت �ك � ّرر الأخ� �ط ��اء‪ ،‬لت�صبح‬ ‫المقد�سة‪».‬‬
‫ال ب� َّ�د ل�ن��ا‪ ،‬ر�أف� � ًة ب��واق�ع�ن��ا‪ ،‬ب�أجيالنا‪،‬‬ ‫�آف��اق الحوار وا�سع ًا على ك� ِّ�ل ما نختلف‬ ‫مقولة «الإن �م��اء غير ال �م �ت��وازن» �أم��ر ًا‬
‫وبالم�ستقبل‪ ،‬م��ن �أن نف ّكر ول��و لم ّرة‬ ‫كل تهديدات‬ ‫فيه‪ ..‬ولن ن�ستطيع �أن نواجه َّ‬ ‫واقع ًا ومقب ً‬ ‫و�أ�ضاف‪« :‬م�شكلتنا في هذا البلد �أننا‬
‫وال‪ ،‬وك�أ َّنه قدر‪ ،‬وال ّنا�س تكاد‬ ‫قررنا ومنذ البداية �أن ال ُنبدع في �إدارة‬
‫واحدة في �أن نح ّل م�شاكلنا ب�أيدينا‪ ،‬ال‬ ‫ال�صهيوني‪ ،‬بهذا الج�سم المترهّ ل‬ ‫العد ّو ّ‬ ‫ت�صدّق هذه المقولة من كثرة تكرارها‪..‬‬
‫�أن ننتظر ما يريده الآخرون‬ ‫ظل ان�شغال‬‫فلنجرب‪� ،‬أ ّيها الأح َّبة‪ ،‬في ِّ‬
‫ِّ‬ ‫�ألي�س كذلك؟‬ ‫واقعنا ال�سيا�سي‪ ،‬ب��ل نبدع ف��ي تقوية‬
‫العالم من حولنا‪� ،‬أن نجل�س لل َتّحاور من‬ ‫و�أ� �ض��اف‪« :‬ن�ح��ن ال ن�ستطيع �أن َّ‬
‫نحل‬ ‫طائفياتنا ومذهبياتنا ومواقعنا على‬
‫ح�ساب م�صلحة البلد وبناء دولة ي�شعر‬
‫فيها الإن�سان �أ ّن��ه �أول��وي��ة و�أن كرامته‬
‫وخدمته واج��ب على الجميع بعيد ًا عن‬
‫�أيتام لبنان على مائدة «�إفطار الأح ّبة»‬ ‫ك��ل ه��ذه الإنق�سامات والتق�سيمات»‪.‬‬
‫وتابع‪« :‬حتى ال تكون ال�صورة �سلبية ال‬
‫نظمت جمع ّية المب ّرات الخير ّية حفل‬ ‫ّ‬ ‫بد لنا من �أن نتطلع وبفخر الى نقطة‬
‫خيري‪�« ،‬إفطار الأح� ّب��ة»‪� ،‬شارك‬ ‫ّ‬ ‫�إفطار‬ ‫ابداع �سجلها ال�شعب الأبي هنا في لبنان‬
‫فيه �أي �ت��ام م��ن ال�م��ؤ� ّ��س���س��ات ال ّرعائ ّية‬ ‫فكانت المقاومة حركة في درب الحرية‬
‫ال ّلبنان ّية التّالية‪ :‬مب ّرة ال�س ّيدة زينب ـ‬ ‫وال�ت�ح��رر وك��ان��ت �أن�م��وذج��ا وق ��دوة في‬
‫جب�شيت‪ ،‬جمع ّية الأبرار الخير ّية‪ ،‬مجمع‬ ‫عدم الإ�ست�سالم للواقع ولظروفه مهما‬
‫ال�س ّيدة نازك الحريري‪ ،‬مكتب الخدمات‬ ‫�صعبت و�ضاقت‪ ،‬ه��ذه المقاومة نريد‬
‫االجتماع ّية‪ ،‬جمع ّية الإمداد الإ�سالم ّية‪،‬‬ ‫لها �أن تكون نقطة لقاء بين اللبنانيين ال‬
‫دار الأي��ت��ام الإ� �س�لام � ّي��ة‪ ،‬ب�ي��ت اليتيم‬ ‫نقطة خالف بين الذين يتهددهم عدو‬
‫ال� �دّرزي‪ ،‬رابطة ال ّنه�ضة االجتماع ّية‪،‬‬ ‫واحد في �أمنهم و�إقت�صادهم ما يفر�ض‬
‫ال�صدر‪ ،‬جمع ّية رعاية‬ ‫م� ّؤ�س�سات الإمام ّ‬ ‫على الجميع جي�ش ًا و�شعب ًا ومقاومة‬
‫اليتيم‪ ،‬الهيئة الإ�سالم ّية لل ّرعاية‪ ،‬جمع ّية‬ ‫وم�ؤ�س�سات �أن يكونوا ي��د ًا واح��دة و�إال‬
‫ال� ّت�ك��اف��ل‪ ،‬جمع ّية الإر� �ش��اد والإ�صالح‪،‬‬ ‫ف��ال�م��رك��ب ع�ن��دم��ا ي �غ��رق ف ��إ ّن��ه �سوف‬
‫�إ��ض��اف� ًة �إل��ى ال�م�ب� ّرات التّابعة لجمع ّية‬ ‫ُيغرق الجميع»‪ .‬ودعا �سماحته �إلى «رفع‬
‫المب ّرات الخير ّية‪.‬‬ ‫ال�صوت في وجه كل ال�سيا�سات الدولية‬
‫آيات من ال ّذكر الحكيم‪،‬‬ ‫افتتح الحفل ب� ٍ‬ ‫التي ت�سعى لإفقار ال�شعوب وعدم مد يد‬
‫ي�ضم مجموع ًة‬
‫�أع��وام بتنظيم �إفطار ّ‬ ‫الكثير من العائالت التي تزداد معاناتها‬ ‫تالها فقرة فن ّية ق� َّ�دم�ه��ا ط�لاب مب ّرة‬
‫من الم� ّؤ�س�سات ال ّرعائ ّية على اختالف‬ ‫مع بداية �شهر رم�ضان المبارك‪ ،‬نتيجة‬ ‫الإم ��ام ال�خ��وئ��ي‪ ،‬ث� ّ�م فقرة �أل �ع��اب خ ّفة‬ ‫العون لها خ�صو�صا منظمات الإغاثة‬
‫وتوجهاتها‪ ،‬وذلك‬
‫طوائفها ومناطقها ّ‬ ‫عجزها عن ت�أمين متط ّلبات �أطفالها من‬ ‫ال�شيخ ف�ؤاد‬‫وفقرة �سيرك‪ ،‬و�ألقى ف�ضيلة َّ‬ ‫التي ت�سير �سير ال�سلحفاة‪ ،‬وال تكتفي‬
‫بهدف المحافظة على االت�صال الدّائم‬ ‫طعام ومالب�س العيد»‪.‬‬ ‫رحب فيها بالم�شاركين من‬ ‫خري�س‪ ،‬كلم ًة ّ‬ ‫هذه ال�سيا�سات بذلك‪ ،‬بل تعمل على �سد‬
‫مع مختلف الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬وتعبير ًا عن‬ ‫وف��ي ال �خ �ت��ام‪ ،‬ت� ّ�م ت��وزي��ع ال �ه��داي��ا على‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الم� ّؤ�س�سات ال ّرعائ ّية‪ ،‬من ّوها بالدّور الذي‬ ‫المنافذ التي ي�أتي منها الخير بالت�ضييق‬
‫التّعاون الم�ستم ّر في ما بينها لما فيه‬ ‫الأط �ف��ال الم�شاركين‪ .‬وت�ج��در الإ�شارة‬ ‫تقوم به المب ّرات في م�ساعدة العائالت‬ ‫على الجمعيات الخيرية اال�سالمية وتتبع‬
‫م�صلحة الأطفال الأيتام‪.‬‬ ‫�إل��ى �أنّ جمع ّية المبرات قامت منذ ‪10‬‬ ‫لا‪« :‬هناك‬ ‫والأط �ف��ال المحتاجين‪ ،‬ق��ائ� ً‬ ‫مواردها»‬

‫‪3‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫اخبار ون�شاطات‬
‫حفل الإفطار ال�سنوي لم� ّؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪:‬‬
‫يبقى «ال�س ّيد» حا�ضر ًا في نهجه وتراثه التجديدي وم�ؤ�س�ساته‬
‫�أق��ام��ت م� ّؤ�س�سة العالمة المرجع‪،‬‬
‫ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫�وي ف��ي قرية‬‫ح�ف��ل الإف��ط��ار ال���س�ن� ّ‬
‫ال�ساحة التراث ّية في بيروت‪ -‬طريق‬ ‫ّ‬
‫المطار‪ ،‬بح�ضور العالمة ال�س ّيد علي‬
‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ومدير ع��ام الم� ّؤ�س�سة‪،‬‬
‫ال�س ّيد �أح�م��د ف�ضل اهلل‪ ،‬ومديري‬
‫ّ‬
‫وموظفي‬ ‫ال �دّوائ��ر ف��ي الم� ّؤ�س�سة‪،‬‬
‫الإدارة المركز ّية ومكاتب المناطق‪،‬‬
‫ف��ي ال�ج�ن��وب وال�ب�ق��اع وج�ب��ل لبنان‬
‫وال�شمال‪.‬‬

‫الم� ّؤ�س�سات ا ّلتي تنت�شر في ك ّل مناطق‬ ‫ال�شيخ ح�سن‬ ‫و�ألقى مدير �إذاعة الب�شائر‪ّ ،‬‬
‫لبنان؛ وفي �سوريا والعراق و�أنحاء متعددة‬ ‫موظفي الم� ّؤ�س�سة‪ ،‬حيث �أ ّكدَ‬ ‫ب�شير‪ ،‬كلمة ّ‬
‫من العالم العربي والإ�سالمي‪ ،‬م�شدّد ًا‬ ‫خط ال�س ّيد‬‫ا�ستمرار هذه الم� َّؤ�س�سة في ّ‬
‫على �ضرورة �أن تم ّثل في حركتها ال ّنموذج‬ ‫ا ّلذي يبقى حا�ضر ًا بعد غيابه‪ ،‬من خالل‬
‫الح�ضاري ا ّل��ذي قدّمه �سماحة ال�س ّيد‬ ‫ّ‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬ومن خالل القيم‬ ‫ّ‬ ‫فكره ونهجه ال‬
‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬و�أن تنفتح على جميع‬ ‫ا ّلتي زرعها في نفو�سنا‪.‬‬
‫ال ّنا�س‪ ،‬لت�ؤ ّكد حركة القيم الإن�سان ّية في‬ ‫ث� ّ�م ك��ان��ت كلمة ل�ل�ع�لام��ة ال���س� ّي��د علي‬
‫المجتمع‪ ،‬و�أ ّنها �ست�ستم ّر لأ ّنها تقوم على‬ ‫ف�ضل اهلل �أ ّك��د فيها �أهم ّية ال �دّور ا ّلذي‬
‫�ساتي‪ ،‬ولأ ّنها‬
‫�أ�س�س ثابتة ومنهج م� ّؤ�س ّ‬ ‫ت�ؤدّيه م� ّؤ�س�سات العلاّ مة المرجع ال�س ّيد‬
‫م� ّؤ�س�سات ال ّنا�س‪.‬‬ ‫مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬وا ّلتي‬
‫كما �أ� �ش��ار �سماحته �إل��ى �أه�م� ّي��ة الفكر‬ ‫ب��ات��ت تم ّثل ن�م��وذج� ًا رائ� ��د ًا ف��ي لبنان‬
‫الإن�ساني الح�ضاري وال �ت��راث الفقهي‬ ‫وال�ع��ال��م الإ� �س�لام��ي‪ ،‬حيث �إ َّن �ه��ا تبرز‬
‫خط الوعي‪ ،‬لنكون ّ‬
‫الطليعة ال ّر�سال ّية‬ ‫في ّ‬ ‫وف��ي ك� ّل �أرج��اء العالم الإ��س�لام� ّ�ي‪ ،‬لأنّ‬ ‫التجديدي ا ّلذي تركه المرجع ف�ضل اهلل‬
‫�ساتي ل�سماحة ال�س ّيد‪،‬‬ ‫المنهج الم� ّؤ�س ّ‬
‫التي تعمل للإ�سالم وللإن�سان‪..‬‬ ‫ف�ك��ره ك��ان ع��اب��ر ًا للمذاهب وللبلدان‪،‬‬ ‫للأ ّمة وللأجيال‪ ،‬حيث ن�شعر بح�ضوره‬
‫ً‬ ‫وق��د وق��ف ف��ي وج��ه ك � ّل ن�م��اذج التخ ّلف‬ ‫الكبير‪ ،‬رغ��م غيابه ج�سد ّي ًا‪ ،‬لأنّ فكره‬ ‫ا ّلذي ي�ضمن ا�ستمرار ّية هذه الم� ّؤ�س�سات‬
‫�وج�ه�ا �إلى‬‫وخ�ت��م ال�س ّيد ف�ضل اهلل م�ت� ّ‬ ‫وتقدّمها وتط ّورها‪ ،‬م�شير ًا �إلى �أنّ هذه‬
‫ّ‬
‫موظفي الم� ّؤ�س�سة‪�« :‬إن�ن��ا نعت ّز ب�أبناء‬ ‫والغل ّو والع�صب ّيات ا ّلتي يحفل بها عالمنا‬ ‫�دي ق��د فتح‬ ‫ومنهجه ال�ف�ق�ه� ّ�ي ال � ّت �ج��دي� ّ‬
‫هذه الم� ّؤ�س�سة‪ ،‬الذين حملوا هذا الفكر‬ ‫إ�سالمي‪ .‬و�أ�شار �إلى �أنّ ما قدّمه �سماحة‬ ‫ال‬ ‫للإ�سالم وللت�ش ّيع �آفاق الم�ستقبل‪ ،‬وقدّم‬ ‫الم� ّؤ�س�سات تتكامل في عملها‪ ،‬لتكون‬
‫ّ‬
‫الخط‪ ،‬وحملوا م�س�ؤولية‬ ‫و�ساروا في هذا ّ‬ ‫ال�س ّيد هو ملك للأجيال ولم�ستقبل الأ ّمة‪،‬‬ ‫ال�صورة الح�ضار ّية للإ�سالم في ك ّل �أنحاء‬ ‫ّ‬ ‫في خدمة الإن�سان‪ ،‬كما �أراده��ا �سماحة‬
‫متابعة ال ّر�سالة»‪.‬‬ ‫و�أنّ م�س�ؤول ّيتنا �أن نقدّم هذا التّراث‪ ،‬و�أن‬ ‫العالم‪ .‬لذلك نرى امتداد فكره الأ�صيل‬ ‫ال�س ّيد‪.‬‬
‫خطه‪ ،‬و�أن ننطلق‬ ‫نحفظ هذا ال ّنهج ا ّلذي ّ‬ ‫ال�صاعدة‪،‬‬ ‫ال�شباب والأجيال ّ‬ ‫في �أو�ساط ّ‬ ‫ول��ف��ت ال �� �س � ّي��د ع �ل��ي ف �� �ض��ل اهلل �إل ��ى‬
‫�أنّ م�س�ؤول ّيتنا �أن نحفظ �أم��ان��ة هذه‬

‫‪..‬في م�سجد الح�سنين(ع) ارتفعت ال ّ‬


‫أكف بالدعاء‬
‫فيها تت�ضاعف‪ ،‬وال�ع�م��ل فيها يكبر‪،‬‬ ‫ليلة القدر خير من �ألف �شهر‪..‬‬
‫والخير فيها يكثر‪ ،‬وعطايا اهلل تتزايد‪،‬‬ ‫وق ��د ج�م�ع��ت ه ��ذا ال��ع��ام ف��ي م�سجد‬
‫فلي�س فيها � ّأي م�ع� ًن��ى ي��وح��ي بال�ش ّر‬ ‫الإمامين الح�سنين(ع) جموع ًا كبيرة‬
‫والبغ�ض والأذى مما ي��ره��ق م�شاعر‬ ‫من الم�ؤمنين‪ ،‬الذين قدموا لإحيائها‪،‬‬
‫ال�سالم للإن�سان‪� .‬إنه �سالم الروح الذي‬ ‫في اجواء عبادية روحية‪ ،‬م�ؤكدين الوفاء‬
‫يمتد في روحانية ه��ذه الليلة‪ ،‬في كل‬ ‫لنهج المرجع المقد�س ال�سيد محمد‬
‫دقائقها و�ساعاتها في رحمة اهلل ولطفه‪،‬‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬فهي ليلة ال�سالم التي‬
‫ليتحول الإن�سان ـ في ما �أفا�ض اهلل عليه‬ ‫يعي�ش فيها الإن�سان روحية ال�سالم مع‬
‫من روحه وريحانه ـ �إلى �إن�سانٍ جديد‪،‬‬ ‫نف�سه ومع النا�س‪ ،‬لأنها تحولت �إلى معنى‬
‫هو �إن�سان الخير والمحبة وال�سالم‪..‬‬ ‫ال�سالم المنفتح بكل معانيه على اهلل‪،‬‬
‫ف ��ي ال� ��� �ص ��ور‪ ..‬م �� �ش��اه��د م ��ن �إح��ي��اء‬ ‫ليكون ب��رد ًا و�سالم ًا على قلب الإن�سان‬
‫الليلة المباركة ف��ي م�سجد الإمامين‬ ‫وروح��ه‪ ،‬ليعود طفل الحياة الباحث عن‬
‫الح�سنين(ع)‪.‬‬ ‫اهلل‪.‬‬
‫َ‬
‫}خ ْي ٌر ِّمنْ �أ ْل ِف َ�ش ْه ٍر{‪ ،‬فالرحمة‬
‫‪ ..‬وهي َ‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪4‬‬
‫�آالف الم�ؤمنين �ص ّلوا �صالة العيد في م�سجد الإمامين الح�سنين(ع)‪:‬‬

‫العالم يتفرج على جراح الم�سلمين النازفة‬


‫لم يهتم ب�أمور الم�سلمين فلي�س بم�سلم»‪،‬‬ ‫تهز واقعه‪ ،‬هذه الثورات التي انطلقت من‬
‫و�أن��ه «لي�س منا من ب��ات �شبعان ًا وجاره‬ ‫القهر والإذالل والظلم من حكام جعلوا‬
‫جائع»‪.‬‬ ‫�أوط��ان�ه��م رهينة التخلف وال�سيا�سات‬
‫واع �ت �ب��ر ��س�م��اح�ت��ه‪� ،‬أن ل�ب�ن��ان ف��ي هذا‬ ‫اال�ستكبارية‪� .‬إننا في الوقت الذي نحيي‬
‫الوقت هو في دائرة التوتر واالهتزاز �إما‬ ‫ه��ذه ال��روح الحية لهذه ال�شعوب‪ ،‬ف�إننا‬
‫من خ�لال المحكمة الدولية‪� ،‬أو ب�سبب‬ ‫ف��ي ال��وق��ت نف�سه‪ ،‬ن�سمح لأنف�سنا ب�أن‬
‫الأطماع واالعتداءات الإ�سرائيلية الدائمة‬ ‫نخاف على ه��ذه ال �ث��ورات‪ ،‬عندما نرى‬
‫والمتكررة على �سيادته‪ ،‬وطمع العدو في‬ ‫ال�سارقين والملتفين ي�سعون لتجييرها‬
‫ثرواته الطبيعية‪ ..‬ودع��ا اللبنانيين �إلى‬ ‫ل�ح���س��اب �أط �م��اع �ه��م‪� .‬إن �ن��ا ن��دع��و هذه‬
‫الحوار‪ ،‬لأنهم «بالحوار الهادئ المو�ضوعي‬ ‫ال�شعوب �إلى الوعي‪ ،‬كي ال تخرج من واقع‬
‫ال��واع��ي ي�ستطيعون �إخ� ��راج ال�ب�ل��د من‬ ‫معقد وظالم‪� ،‬إلى واقع �آخر �أ�شد تعقيدا‬
‫نفق العبث وال�سير نحو المجهول‪ ،‬وكما‬ ‫وغمو�ضا وظلما‪ .‬وفي الوقت نف�سه‪ ،‬ن�ؤكد‬ ‫��ض��رورة التوا�صل مع الم�سلمين في كل‬ ‫في ح�ضور �آالف الم�ؤمنين الذين اكتظت‬
‫يقال‪ ،‬ف�إن كل االحتماالت مفتوحة‪ .‬نريد‬ ‫�ضرورة الحوار بين الحكام و�شعوبهم‪� ،‬أن‬ ‫�أنحاء العالم والتفاعل مع ق�ضاياهم‪..‬‬ ‫بهم �أرج��اء و باحات م�سجد الإمامين‬
‫ذلك في الدائرة الإ�سالمية‪ ،‬لننزع فتيل‬ ‫يتطلع الحكام بكل جدية وم�س�ؤولية �إلى‬ ‫وقال �سماحته‪ :‬نطل في يوم العيد‪ ،‬على كل‬ ‫الح�سنين(ع)‪ ،‬والطرقات المحيطة به‪،‬‬
‫الفتنة المت�سللة �إلى واقعنا‪ ،‬كي ال تبقى‬ ‫نب�ض �شعوبهم �إلى ت�أمين فر�ص العي�ش‬ ‫ما يعاني منه العالم الإ�سالمي من جراح‬ ‫�أ ّم �سماحة العلاّ مة ال�سيد علي ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫�سيفا م�صلتا على الر�ؤو�س‪ ،‬وفي الدائرة‬ ‫الكريم لهم‪ ،‬فمن حق هذه ال�شعوب �أن‬ ‫مفتوحة‪� ،‬أولها معاناة ال�شعب الفل�سطيني‬ ‫�صباح الثالثاء‪ ،‬الأول من � ّشوال‪ ،‬ح�شود‬
‫الوطنية ب��أن نعمل على �أن نكون �أقوياء‬ ‫تعي�ش الأم��ان‪ ،‬و�أن تح�صل على الحياة‬ ‫ال��ذي يعاني وال ي��زال م��ن الممار�سات‬ ‫الم�صلين‪ ،‬حيث �ألقى خطبتي �صالة عيد‬
‫لنبني وط�ن��ا لنبني م�ستقبال لأوالدن ��ا‪،‬‬ ‫الهانئة في بلدانها»‪ .‬ودعا الم�سلمين �إلى‬ ‫الإرهابية لالحتالل ال�صهيوني واعتقاالته‬ ‫الفطر المبارك‪.‬‬
‫لأجيالنا الذين لن يغفروا لمن �سبقوهم‬ ‫النظر بم�س�ؤولية لمواجهة الجراح التي‬ ‫وغاراته وزحفه اال�ستيطاني لتغيير معالم‬ ‫وق��د توقف �سماحته عند معاني العيد‬
‫تلك المراهقة ال�سيا�سية وال�سذاجة التي‬ ‫يعاني منها ال�صومال وت�ضميدها‪ ،‬وهذا‬ ‫فل�سطين والقد�س‪ ..‬والخطر كل الخطر‪،‬‬ ‫ف��ي الإ�� �س�ل�ام‪ ،‬و�أه�م�ي�ت��ه ف��ي التوا�صل‬
‫كانت ال تميز بين الم�صلحة الحقيقية‬ ‫لن يتم �إال بتكاتفهم وتعاونهم ووحدتهم‬ ‫�أن تغيب هذه الق�ضية‪ ،‬و�أ�ضاف‪ »:‬ال يزال‬ ‫م��ع ال �م ��ؤم �ن �ي��ن‪ ،‬وخ���ص��و��ص� ًا الفقراء‬
‫لوطنهم وما يجر الوطن �إلى الخراب»‪.‬‬ ‫و�شعورهم بالم�س�ؤولية‪ ،‬على قاعدة‪« :‬من‬ ‫العالم العربي ي�ضج بثورات هزت وال تزال‬ ‫وال�م�ح�ت��اج�ي��ن والأي� �ت ��ام‪� ،‬إ� �ض��اف��ة الى‬

‫البحرين في العيد تتعالى على الجراح‬


‫�أجواء العيد في م�سجد الرحمن في �سيدني‬
‫رغم المعاناة التي يعي�شها �أبناء البحرين‪ ،‬توافد الم�ؤمنون لأداء �صالة العيد يوم الثالثاء ‪1‬‬
‫�شوال‪ ،‬في مظهر �إيماني ي�ؤكد عزيمتهم ووحدتهم‪ ،‬وتم�سكهم ب�إحياء ال�شعائر المباركة‪ ،‬رغم‬
‫�ألقى �إمام م�سجد الرحمن‪ ،‬مدير مكتب م�ؤ�س�سة العالمة المرجع‬ ‫كل الظروف والمحن التي تم ّر بها البحرين‪.‬‬
‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل (ر�ضوان اهلل عليه) في �أ�ستراليا‪،‬‬ ‫و�أقيمت �صالة العيد في م�سجد الإمام ال�صادق(ع) بمنطقة القفول‪ ،‬حيث �ضاقت �أرجاء‬
‫�سماحة ال�شيخ يو�سف نبها‪ ،‬خطبتي �صالة عيد الفطر المبارك‬ ‫الم�سجد بالم�ص ّلين‪ ،‬و�أ ّم ال�سيد حيدر ال�ستري ال�صالة‪ ،‬وقد تحدث في خطبتي العيد عن‬
‫�صباح يوم الثالثاء االول من �شوال‪.‬‬ ‫الحقيقي‬
‫ّ‬ ‫اجواء هذه المنا�سبة العظيمة ومعانيها ال�سامية‪ ،‬لأن العيد هو منا�سبة ّ‬
‫لل�شكر‬
‫و�أ�شار �سماحته في خطبته‪� ،‬إلى �أهمية اال�ستفادة من �شهر رم�ضان‬ ‫الغني والفقير في ّ‬
‫ال�شعور ذاته من‬ ‫وال�صادق هلل تعالى على ِن َعمِ ه‪ ،‬حيث يجب �أن يت�شارك ّ‬ ‫ّ‬
‫المبارك‪ ،‬وعدم االكتفاء بالعبادة فيه‪ ،‬بل ال بد من �أن ي�ستمر العطاء‬ ‫متحاب‬
‫ّ‬ ‫إن�ساني‬
‫كمجتمع � ّ‬
‫ٍ‬ ‫ال َتّوا�صل وال َتّكافل‪ ،‬كذلك التّوا�صل بين الأرح��ام‪ ،‬لي�شعر ال َّنا�س‬
‫الإيماني في بقية ال�شهور‪.‬‬ ‫ومتقارب ي�شترك في الهموم والآم��ال‪ ،‬ليكون العيد ّ‬
‫محط ًة تق ّوي العزائم‪ ،‬وتنزع �أغالل‬
‫وقد ح�ضر خطبتي �صالة العيد في م�سجد الرحمن‪ ،‬في منطقة‬ ‫الأحقاد والع�صب ّيات‪ ،‬كما كان ي�ؤكد العلاّ مة المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان‬
‫كينغزغروف‪ ،‬في مدينة �سيدني‪ ،‬مئات الم�ؤمنين والم�ؤمنات‪،‬‬ ‫اهلل عليه‪.‬‬
‫اكتظت بهم �أرجاء الم�سجد وباحاته الخارجية‪ ،‬ما ا�ستدعى �إقامة‬ ‫وفي الختام‪ ،‬ارتفعت �أيدي الم�ؤمنين بالدعاء �إلى اهلل تعالى‪� ،‬أن يك�شف هذه الغ ّمة عن هذه‬
‫�أكثر من �صالة عيد واحدة‪.‬‬ ‫الأمة‪ ،‬و�أن يغ ّير حال الم�سلمين‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في البحرين ال�صابرة‪� ،‬إلى �أح�سن حال‪ ،‬حتى‬
‫يعي�شوا الأمن والحرية وال�سالمة في وطنهم‪ ،‬و�أن يرحم اهلل ال�شهداء الذين ق�ضوا في طريق‬
‫الحقّ ‪...‬‬

‫‪5‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫العلاّ مة المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‬

‫معالم طريق علي‬


‫في كلمات علي(ع)‪ ،‬وعلي عندما يتكلم ف�إنه يتك ّلم من عمق القر�آن‪ ،‬لأنه‬
‫عا�ش مع القر�آن كما لم يع�شه �أحد بعد ر�سول اهلل(�ص)‪ ،‬كان القر�آن ك ّل‬
‫عقله وقلبه وخلقه‪ .‬ولهذا ي�ؤكد علي(ع) �أن الإن�سان الم�سلم عندما يريد‬
‫�أن يعي�ش �إ�سالمه و�أن يعي�ش الخط الأخالقي في داخ��ل عقله وقلبه‪،‬كما يعي�شه‬
‫داخل حياته‪ ،‬فال يكفي �أن ال يعمل ال�ش ّر‪ ،‬بل �أن ال ير�ضى به‪ ،‬وال بد له �أن يكون بك ّله‬
‫خير ًا‪..‬‬
‫�إذا �سلكت الطريق الم�ستقيم الب ّين الذي‬ ‫�أو ت�أخذ الربا‪� ،‬أو تزني‪� ..‬أو �أن كل النا�س‬ ‫الآخ ��ر في�ستوح�ش منه الإن���س��ان ـ ف�إن‬ ‫ومن هنا ف�إن عليه �أن يرف�ض الجريمة‬
‫لي�س فيه �أي منعطفات‪ ،‬ف�إنك �ست�صل �إلى‬ ‫تم�شي مع ه��ذا ال�شخ�ص‪ ..‬ه��ذه ذهنية‬ ‫النا�س قد اجتمعوا على مائدة �شبعها‬ ‫في نف�سه كما يرف�ضها في الواقع‪ ،‬لأن‬
‫الماء لت�شرب منه �شراب ًا �صافي ًا‪« -‬ومن‬ ‫غير عقالنية من جهة‪ ،‬وغير دينية من‬ ‫ق�صير وج��وع�ه��ا ط��وي��ل»‪ .‬ي �ق��ول(ع) �إن‬ ‫الإن�سان الذي يتقبل الجريمة في نف�سه‬
‫خالف وقع في التيه»‪.‬‬ ‫جهة �أخ��رى؛ غير عقالنية‪ ،‬لأنك عندما‬ ‫عليكم �أن ال تفكروا بالكمية بل بالنوعية‪،‬‬ ‫ه��و م���ش��روع م �ج��رم؛ فهو ل��م يقتل لأن‬
‫ه��ذه الم�س�ألة م��ن الم�سائل الح�سا�سة‬ ‫تم�شي مع �شخ�ص فعليك �أن تعرف �إذا ما‬ ‫فربما ت�أتي �إلى مائدة مليئة بكل �أ�صناف‬ ‫الظروف لم ت�ساعده على �أن يقتل‪ ،‬لكنه‬
‫في حياتنا الإ�سالمية‪ ،‬باعتبار �أن �أول‬ ‫كان بم�ستوى القيادة‪ ،‬انظر �إلى علمه‪� ،‬إلى‬ ‫الطعام‪ ،‬ولكن هذه الأطعمة تفتقر �إلى‬ ‫ير�ضى بالقتل �إذا �صدر من الآخرين‪.‬‬
‫الإ�سالم هو الفكر‪ ،‬هو �أن تحمل الفكرة‬ ‫تقواه و�أخالقه وا�ستقامته وما �إلى ذلك‪،‬‬ ‫العنا�صر الغذائية التي ت�شبع جوع الخاليا‬
‫وت�ؤمن بها‪ ،‬و�أن تجعلها مو�ضع اقتناعك‪،‬‬ ‫وهكذا في بع�ض الأم��ور‪ ،‬كما في م�س�ألة‬
‫وغير دينية لأن��ه ال يجوز لك �أن تعطي‬ ‫الموجودة في نف�سك‪ .‬ولذلك ما �إن ت�أكل‬ ‫الظلم عندما يرتاح الإن�سان للظلمة و�إن‬
‫ولذلك لي�ست الم�شكلة فقط في �سيطرة‬ ‫ق�ي��ادك لمن ال يملك عنا�صر القيادة‪،‬‬ ‫حتى ت�شعر بالثقل‪ ،‬ول�ك��ن بعد �ساعة‪،‬‬
‫الآخ��ري��ن على �أع�م��ال�ن��ا‪ ،‬على عاداتنا‬ ‫ل��م يتمكن م��ن الظلم المبا�شر لفقده‬
‫ولمن ال يكون مع ّذر ًا لك �أمام اهلل‪.‬‬ ‫ت�صبح الأع�صاب �أو العظم بحاجة �إلى‬ ‫القوة على ذل��ك‪ .‬ونحن ع�شنا م�شكلتنا‬
‫وتقاليدنا‪ ،‬بل الم�شكلة الأخطر هي في �أن‬ ‫�أول الإ�سالم الفكرة‪:‬‬ ‫غذاء‪ ،‬وهكذا تفرغ خالياك من جديد‪.‬‬
‫ي�سيطروا على �أفكارنا وم�شاعرنا‪ ،‬وعلى‬ ‫التاريخية في ر�ضى النا�س للظلمة في‬
‫ثم يقول الإم��ام(ع)‪�« :‬أيها النا�س‪� ،‬إنما‬ ‫لذلك‪ ،‬علينا دائم ًا �أن ال نفكر بالكمية‪،‬‬ ‫طغيانهم‪ ،‬فكانوا يمدحونهم ويبررون‬
‫عواطفنا‪ ،‬لأن الإن�سان �إذا حمل فكرة‬ ‫يجمع النا�س الر�ضا وال�سخط _ يعني ما‬
‫و�شعور ًا و�إح�سا�س ًا وعاطفة‪ ،‬ف�إن الم�سافة‬ ‫لهم فعلهم‪ ،‬وه��و ما يعي�شه النا�س في‬
‫يجعل النا�س �أمة واحدة �أو جماعة واحدة‬
‫بينه وبين ال�شر ـ �إذا كانت الفكرة فكرة‬ ‫هي الفكرة التي يتمثلونها في حياتهم‪،‬‬ ‫حافظوا على �أن تكون‬ ‫الحا�ضر كما عا�شوه في الما�ضي‪.‬‬
‫ال�شر ـ تكون م�سافة قليلة جد ًا‪.‬‬ ‫فالنا�س ال��ذي��ن يحملون ف�ك��رة واح��دة‬ ‫�أفكاركم وم�شاعركم‬ ‫لذلك‪ ،‬فالإ�سالم يهتم بالجوانب الروحية‬
‫مواجهة المنكر‪:‬‬ ‫ير�ضونها ويتبعونها وي�ؤيدونها ويدعون‬ ‫والفكرية وال�شعورية في م�س�ألة االلتزام‬
‫�أفكار الخير وم�شاعره وعواطفه‪،‬‬ ‫بالخير �أو ال�شر‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬حافظوا على �أن تكون �أفكاركم‬ ‫لها يعتبرون �أم��ة واح ��دة‪ ،‬م��ا يعني �أن‬
‫وم�شاعركم وع��واط�ف�ك��م �أف �ك��ار الخير‬ ‫العن�صر الفكري والروحي هو الذي يجعل‬ ‫و�أن تواجهوا الواقع‪ ،‬و�أن ترف�ضوا‬ ‫االبتعاد عن الباطل‪:‬‬
‫وم�شاعره وعواطفه‪ ،‬و�أن تواجهوا الواقع‪،‬‬ ‫النا�س �أمة واحدة‪ .‬وكذلك ال�سخط‪� ،‬أي‬ ‫ما ال ير�ضاه اهلل‪ ،‬وتقبلوا ما ير�ضاه‪،‬‬ ‫فلنقر�أ كلمة ل�ل�إم��ام ع�ل��ي(ع) في هذا‬
‫�سواء ك��ان اجتماعي ًا �أو �سيا�سي ًا‪ ،‬على‬ ‫�أن يرف�ضوا الجوانب ال�سلبية‪ ،‬ب�أن يكون‬ ‫المجال‪ ،‬يقول(ع) فيها‪« :‬الرا�ضي بفعل‬
‫و�أن تواجهوا �أهل ال�شر بالرف�ض‪،‬‬ ‫ق��وم كالداخل فيه معهم _ يعني لو‬
‫�أ�سا�س �أن ترف�ضوا م��ا ال ير�ضاه اهلل‪،‬‬ ‫كل النا�س يرف�ضون الظلم �أو االنحراف‬
‫و�أن تقبلوا ما ير�ضاه‪ ،‬و�أن تواجهوا �أهل‬ ‫و�أهل الخير بالقبول‬ ‫�أنك ر�ضيت بقتل �إن�سان‪ ،‬كما يحدث في‬
‫ال�شر بالرف�ض‪ ،‬و�أهل الخير بالقبول‪ .‬وقد‬ ‫المجتمعات الع�شائرية �أو المجتمعات‬
‫ورد في الحديث‪« :‬من ر�أى منكم منكر ًا‬ ‫�إذا �أف�سحنا لل�شر �أن‬ ‫ال�سيا�سية‪� ،‬أو ل��و ر��ض�ي��ت بحب�سه �أو‬
‫فليغ ّيره بيده‪ ،‬فمن لم ي�ستطع فبل�سانه‪،‬‬ ‫ال نقول فالن كم معه من النا�س‪ ،‬بل كم‬ ‫بخطفه‪ ،‬ف�أنت �شريك له _ وعلى كل‬
‫يتحرك في قلوبنا‪ ،‬ف�إننا �سنح�شر‬ ‫يملك من العلم ومن التقوى والإخال�ص‬ ‫داخ��ل في باطل �إث�م��ان؛ �إث��م العمل به‪،‬‬
‫فمن لم ي�ستطع فبقلبه‪ ،‬وذل��ك �أ�ضعف‬
‫الإيمان»‪� .‬أن تعقد قلبك على رف�ض ال�شر‬ ‫مع الظالمين والم�ستكبرين ومع‬ ‫والجهاد‪� ،‬أن ندر�س الم�س�ألة على هذا‬ ‫و�إثم الر�ضا عنه»‪.‬‬
‫من �أية جهة كانت‪ .‬ونحن نعي�ش في عالم‬ ‫�أهل ال�شر كلهم‪.‬‬ ‫الأ� �س��ا���س‪ ،‬ف��الأن�ب�ي��اء والأئ� �م ��ة(ع) كان‬ ‫يعني �إذا دخلت ف��ي الباطل و�شاركت‬
‫تتحرك فيه كل �أجهزة الإع�ل�ام‪� ،‬سواء‬ ‫يقف �إل��ى جانبهم �أق��ل عدد من النا�س‪،‬‬ ‫فيه‪ ،‬ف�إن عليك �إثمين‪� ،‬إثم �أنك عملت‬
‫كانت مقروءة �أو م�سموعة �أو منظورة‪،‬‬ ‫والح�سين(ع) كان معه الع�شرات فقط‪،‬‬ ‫بالباطل‪ ،‬و�إث��م �أن��ك ر�ضيت ب��ه‪ ،‬فاهلل‬
‫من �أجل �أن تزين لنا الباطل حتى نر�ضى‬ ‫�أو الكفر‪ ،‬ف��الإم��ام(ع) يقول ه��ذا الذي‬ ‫�أم���ا �أول��ئ��ك ف �ك��ان��وا ي�م�ث�ل��ون الأكثرية‬ ‫يحا�سبك على الحالة النف�سية المتعاطفة‬
‫تح�سن �صورة المبطلين‬ ‫به‪ ،‬ومن �أجل �أن ّ‬ ‫يجمع النا�س‪ ،‬وعلى هذا الأ�سا�س يعامل‬ ‫الكافرة‪.‬‬ ‫مع الباطل‪ ،‬كما يحا�سبك على الق�ضية‬
‫والظالمين والم�ستكبرين حتى نر�ضى‬ ‫اهلل النا�س تبع ًا للحالة الداخلية لهم‪.‬‬ ‫فالإمام علي(ع) يريد �أن يعالج طريقتنا‬ ‫الفعلية لقيامك به‪.‬‬
‫عنهم‪ .‬علينا �أن نعرف �أننا �إذ ٍا لم نعقد‬ ‫ثم يتابع الإمام علي(ع)‪« :‬و�إنما عقر ناقة‬ ‫في التعامل مع النا�س‪� ،‬أو مع القيادات‪،‬‬ ‫قول لأحد الأئمة(ع) ـ لع ّله الباقر(ع)‬ ‫وفي ٍ‬
‫قلوبنا على الخير‪ ،‬و�إذا �أف�سحنا لل�شر‬ ‫ثمود رجل واح��د ـ ال��ذي قتل ناقة �صالح‬ ‫�أو مع الدروب التي ن�سلكها‪ .‬ال تنظروا �إلى‬ ‫�أو ال���ص��ادق(ع) ـ ‪« :‬الظالم والرا�ضي‬
‫�أن يتحرك في قلوبنا‪ ،‬ف�إننا �سنح�شر مع‬ ‫�شخ�ص واحد ـ فع ّمهم اهلل بالعذاب لما‬ ‫حجم ال�شخ�ص كم يتبعه النا�س‪ ،‬ولكن‬ ‫بالظلم والمعين له �شركاء ثالثتهم»‪.‬‬
‫الظالمين والم�ستكبرين ومع �أهل ال�شر‬ ‫ع ّموه بالر�ضا»‪ ..‬ف�صحيح �أن الذي قتلها‬ ‫انظروا �إلى ماذا يملك من القيم الروحية‬ ‫من ير�ضى بالظلم هو �شريك للظالم‪،‬‬
‫كلهم‪.‬‬ ‫�شخ�ص واحد‪ ،‬ولكن الجميع وافقوه على‬ ‫والعلمية والأخالقية والعملية‪.‬‬ ‫وكذلك من ي�ساعده‪.‬‬
‫�أيها الأح�ب��ة‪� ،‬إن اهلل ي �ق��ول‪�}:‬إن اهلل ال‬ ‫ه��ذا ال�ع�م��ل‪ ،‬ف ��أن��زل اهلل ال �ع��ذاب على‬ ‫ول��ذا بع�ض النا�س عندنا‪ ،‬خا�صة بعد‬ ‫�سلوك طريق الهداية‪:‬‬
‫يغ ّير ما بقوم حتى يغ ّيروا ما ب�أنف�سهم{‬ ‫الجميع‪ ،‬لأن ال��ذي قتلها �أج ��رم بيده‪،‬‬ ‫�سيطرة الح�ضارة الغربية‪ ،‬بكل عاداتها‬ ‫وف��ي ق��ول �آخ ��ر لأم �ي��ر الم�ؤمنين(ع)‪:‬‬
‫}م��ا ك��ان اهلل مغير ًا نعمة �أنعمها على‬ ‫و�أولئك �أجرموا ب�أفكارهم ور�ضاهم عنه‬ ‫وتقاليدها و�شهواتها وخطوطها على‬ ‫«�أ ّي�ه��ا النا�س‪ ،‬ال ت�ستوح�شوا في طريق‬
‫قوم حتى يغيروا ما ب�أنف�سهم{‪ ..‬غيروا‬ ‫وت�شجيعهم ومباركتهم له ـ فقال �سبحانه‪:‬‬ ‫المجتمع‪� ،‬أ�صبحوا ينخرطون في هذه‬
‫الأجواء‪ ،‬بحجة �أنهم ال ي�ستطيعون العي�ش‬ ‫الهدى لقلة �أهله ـ بحيث �إذا كان هناك‬
‫�أنف�سكم تغيروا الواقع‪ ،‬غيروا �ضمائركم‬ ‫}فعقروها ف�أ�صبحوا نادمين{ ـ‬ ‫طريقان؛ طريق فيه مئات الألوف و�آخر‬
‫تغيروا التاريخ‪.‬‬ ‫ثم يقول الإم��ام(ع)‪�« :‬أيها النا�س‪ ،‬من‬ ‫وحدهم‪ ،‬ف��إذا حا�سبت �أح��د ًا على �أخذه‬
‫تحج َج ب�أن كل النا�س ترت�شى‪،‬‬ ‫فيه �أف���راد‪ ،‬ف�ع��ادة النا�س تم�شي على‬
‫�سلك الطريق الوا�ضح ورد الماء» ‪-‬يعني‬ ‫الر�شوة‪ّ ،‬‬ ‫الطريق الذي فيه الأكثرية‪� ،‬أما الطريق‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪6‬‬
‫في �أنّ تدري�س القر�آن هو ح ٌّق لأوالدهم‬
‫عليهم‪ ،‬و�إن كانت الحاجة ما زالت �أكبر‬
‫القر�آن ربيع القلوب‬
‫ل�سد الفراغ‪..‬‬
‫من الحركة المطلوبة ِّ‬
‫الع ّالمة ال�سيد علي ف�ضل اهلل‬
‫تع ّلم القر�آن وتعليمه �أولو ّية‪:‬‬ ‫لم يزل القر�آن‪ ،‬كتاب اللهّ �إلى الب�شر ّية‪ ،‬منذ �أربعة ع�شر قرن ًا‪ ،‬نافذة �أمل ومبعث‬
‫�إ َّننا في الوقت ا ّلذي نقدّر الجهد الذي‬
‫ّ‬ ‫طم�أنينة‪ ،‬وبحر ًا من الهداية والعلم والنور‪ .‬فك ّلما لج�أ الإن�سان �إلى �آياته‪ ،‬يتد ّبرها‪،‬‬
‫تقوم به الم� ّؤ�س�سات والجمع ّيات ا ّلتي‬ ‫ويت�أ ّمل فيها‪ ،‬وجد فيها �إيحاءات ال تنقطع‪ ،‬وعمق ًا ينفتح على عمق في ق�ضايا الحياة‬
‫تعنى بالقر�آن الكريم‪ ،‬وكذلك الجهود‬ ‫و�ش�ؤون الإن�سان‪ ،‬لهذا يقول الر�سول(�ص)‪�« :‬إذا التب�ست عليكم الفتن كقطع ال ّليل‬
‫الفرد ّية‪ ،‬ف�إ ّننا ندعو �أ�صحاب الإمكانات‬ ‫المظلم‪ ،‬فعليكم بالقر�آن»‪ ،‬وي�صف ال ّر�سول الكريم م�صباح الهداية هذا‪ ،‬ب�أ ّنه «الدّليل‬
‫ال�سعي لتلبية‬ ‫الماد ّية والمعرف ّية �إل��ى ّ‬ ‫يدل على خير �سبيل‪ ..‬ال تُح�صى عجائبه‪ ،‬وال تبلى غرائبه»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫هذه الحاجات‪ ..‬فالواقع يحتاج �إلى من‬
‫وينظم ويبرمج‬ ‫�رغ��ب ِّ‬ ‫يبحث ويحثّ وي� ّ‬ ‫وخ���س��ارة �أن ال ن�ستعين ب��ه ح� ّت��ى نح ّل‬ ‫لهذا‪ ،‬ف�إنّ عالقتنا بالقر�آن الكريم ينبغي‬
‫ت��دري����س ال� �ق ��ر�آن‪ ..‬على �أن ت�ستخدم‬ ‫خالفاتنا‪ ،‬وكان ر�سول اهلل قد �أ�شار �إلى‬ ‫بالحب وال ّلهفة �إلى قراءة �آياته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫�أن تبد�أ‬
‫الأ�ساليب المنا�سبة‪ ،‬مع تجاوز التّجارب‬ ‫ذلك‪ ،‬عندما قيل له‪� :‬أ ّمتك �ستُفتن‪ ،‬ما‬ ‫�أو اال�ستماع �إليها‪..‬‬
‫ا ّلتي كانت تن ّفر وال تق ّرب‪..‬‬ ‫المخرج م��ن ذل��ك؟ ف�ق��ال‪« :‬ك�ت��اب اهلل‬ ‫كل عالقة‪ ،‬فكيف �إن‬ ‫وهذا هو الأ�سا�س في ِّ‬
‫يت�صدّى‬ ‫َ‬ ‫� َّإن الواقع اليوم يحتاج �إلى من‬ ‫العزيز ا ّلذي ال ي�أتيه الباطل من بين يديه‬ ‫كانت مع القر�آن‪ ..‬نعم‪ ،‬ال َّرهبة موجودة‬
‫الهم‪ ،‬الذي قد‬ ‫وي�أخذ على عاتقه هذا ّ‬ ‫و�أخير ًا‪� ،‬أن ال نكتفي ب�أن يكون هد ّي ًة عن‬ ‫وال من خلفه‪ ،‬تنزيل من حكيم مجيد»‪.‬‬ ‫ومطلوبة‪ ،‬فالكتاب ا ّلذي نقر�أ هو كتاب‬
‫ال يحتاج �إل��ى ت�ف� ّرغ‪ ..‬فمن يحفظ �آيةً‬ ‫�أرواح الأموات مع تقديرنا لهذه االلتفاتة‬ ‫� َّأم��ا الخ�سارة الكبرى‪ ،‬فهي عندما نقف‬ ‫ال�سماوات‬ ‫العزيز الج َّبار ا ّلذي له ملك ّ‬
‫�أو يتع َّرف �إلى معنى �آي��ة‪� ،‬أو من يدرك‬ ‫ـ ول�ك� َّ�ن كثرة ن�سخ ال�ق��ر�آن ـ وا ّل�ت��ي باتت‬ ‫بين يدي اهلل يوم القيامة‪« :‬ف��إن �أردتم‬ ‫حدّثنا عنه‬ ‫والأر���ض‪ ،‬هذا الكتاب ا ّلذي َ‬
‫مفهوم ًا قر�آني ًا‪ ،‬فعليه �أن ال يبقيه في‬ ‫تتكدّ�س ف��ي البيوت ـ تحتاج �إل��ى كثرة‬ ‫َ‬ ‫ال�سعداء‪،‬‬
‫ـ كما ق��ال ر�سول اهلل ـ عي�ش ّ‬ ‫تعالى بقوله‪َ } :‬ل ْو �أَنزَ ْل َنا هَ َذا ا ْل ُق ْر�آنَ َعلىَ‬
‫�صدره‪ ،‬بل يمكنه �أن يو�صله �إلى �أقرب‬ ‫قارئين للقر�آن‪ ،‬وقارئين متد ِّبرين‪ ،‬و�إال‬ ‫ال�شهداء‪ ،‬وال َّنجاة يوم الح�سرة‪،‬‬ ‫وموت ّ‬ ‫َج َب ٍل َّل َر�أَ ْي َت ُه َخ ِا�ش ًعا ُّمت ََ�ص ِد ًّعا ِّمنْ َخ ْ�ش َي ِة‬
‫ال ّنا�س �إليه‪ ،‬يملأ به بع�ض ًا من �أحاديث‬ ‫�سيكثر من ي�شكونا �إلى اهلل يوم القيامة‪.‬‬ ‫وال� � ّ�ظ � � ّل ي� ��وم ال � �ح� ��رور‪ ،‬وال� �ه ��دى ي��وم‬ ‫ا�س َل َع َّل ُه ْم‬ ‫َهّ ِ‬
‫الل َو ِت ْل َك الأَ ْم َث ُال َن ْ�ض ِر ُب َها ِلل َّن ِ‬
‫وال�سمر‪ ..‬وعن ر�سول اللهّ (�ص)‪:‬‬ ‫ال�سهر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�صادق(ع)‬ ‫فعن الإمام جعفر بن محمد َّ‬ ‫ال�ضاللة‪ ،‬فادر�سوا ال�ق��ر�آن‪ ،‬ف�إ ّنه كالم‬ ‫ّ‬ ‫َي َت َف َّك ُرونَ {الح�شر‪. 12 :‬‬
‫ّ‬
‫«�أال من تعلم القر�آن وعلمه وعمل بما‬ ‫ّ‬ ‫�أ َّن���ه ق��ال‪« :‬ث�لاث��ة ي�شكون �إل��ى اهلل ع ّز‬ ‫ال�شيطان‪ ،‬ورجحان‬ ‫ال َّرحمن‪ ،‬وحرز من ّ‬ ‫كل هذه الخ�شية من كالم اهلل‪،‬‬ ‫ولكن مع ِّ‬
‫فيه‪ ،‬ف�أنا له �سائق �إلى الجنة ودليل �إلى‬ ‫وج ّل‪ :‬م�سجد خراب ال ي�ص ّلي فيه �أهله‪،‬‬ ‫في الميزان»‪.‬‬ ‫رب‬‫للحب مكان ًا‪ ،‬لأ َّنه كالم ٍ ّ‬ ‫علينا �أن نجد ّ‬
‫الجنة»‪.‬‬ ‫وعالم بين ج ّهال‪ ،‬وم�صحف مع ّلق قد وقع‬ ‫رحيم ودود غفور؛ لأ َّن��ه ر�سالته ورحمته‬ ‫ٍ‬
‫ال�شباب �إلى تكثيف لقاءاتهم‬ ‫وهنا �أدعو ّ‬ ‫الوا�صلة �إلينا‪ ،‬ولأ ّنه جالء �صد�أ قلوبنا‪:‬‬
‫عليه الغبار ال ُيقر�أ فيه»‪ ،‬وهذا يعني � َّأن‬ ‫�أدع����و ال��� ّ��ش��ب��اب �إل��ى‬
‫حول القر�آن درا�سة وفهم ًا‪ ،‬خ�صو�ص ًا مع‬ ‫م�س�ؤول َّيتنا كبيرة في عدم �إبقاء القر�آن‬ ‫«� َّإن القلوب ت�صد�أ كما ي�صد�أ الحديد»‪،‬‬
‫تي�سر �أدوات التّوا�صل وال َتّحادث‪ ،‬وا ّلتي‬ ‫ّ‬ ‫غريب ًا‪ ،‬وقد ح ّذرت الأحاديث عن ر�سول‬ ‫تكثيف لقاءاتهم ح��ول ال��ق��ر�آن‬ ‫قيل‪ :‬يا ر�سول اهلل‪ ،‬وما جال�ؤها؟ قال‪:‬‬
‫اليومي‪ ..‬ويقول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫�صارت خبز ال�شباب‬ ‫اهلل من ذل��ك‪ ،‬وحتّى نرفع ه��ذه الغربة‬ ‫درا�سة وفهم ًا‪ ،‬ح ّتى ت�صبح حياتنا‬ ‫«تالوة القر�آن»‪.‬‬
‫ر�سول اهلل(���ص) في ه��ذا‪« :‬م��ا اجتمع‬
‫قوم في بيت من بيوت اهلل‪ ،‬يتلون كتاب‬
‫ً‬
‫محكومة بالقر�آن‪،‬‬ ‫بكل تفا�صيلها‬ ‫ِّ‬ ‫قراءة وتد ّبر‪:‬‬
‫اهلل ويتدار�سونه بينهم؛ �إال نزلت عليهم‬ ‫م�س�ؤول َّيتنا كبيرة في‬ ‫فت�صبح م�صطلحاتنا قر�آن ّية‪،‬‬ ‫ولكي ال تقف عالقتنا بكتاب اهلل عند‬
‫ال�سكينة‪ ،‬وغ�شيتهم ال ّرحمة‪ ،‬وحفتهم‬ ‫الحب وال َتّقدي�س‪ ،‬يجب �أن نبذل‬ ‫حدود ّ‬
‫ّ‬ ‫عدم �إبقاء القر�آن غريب ًا‪ ،‬وح ّتى‬ ‫ومفاهيمنا ق��ر�آن � ّي��ة‪ ،‬و�أخالقنا‬
‫م�ج�ه��ود ًا كبير ًا ف��ي ال� ّت�ع� ّرف �إل�ي��ه وفي‬
‫وال�سير‬ ‫المالئكة‪ ،‬وذكرهم فيمن عنده»‪ّ ،‬‬
‫في مثل هذه البرامج يجعل حياتنا ِّ‬
‫بكل‬ ‫بد لنا‬ ‫نرفع هذه الغربة عنه‪ ،‬ال َّ‬ ‫قر�آن ّية‪ ،‬و�أ�سلوبنا قر�آن ّي ًا‬ ‫قراءته‪ ،‬ثم بعد القراءة ي�أتي التّد ّبر‪ ،‬فال‬
‫تفا�صيلها محكوم ًة بالقر�آن‪ ،‬فت�صبح‬ ‫من �أن نعمل بجد َّية وم�س�ؤول َّية‪،‬‬ ‫خير في قراء ٍة لي�س فيها تد ّبر‪..‬‬
‫م�صطلحاتنا قر�آن ّية‪ ،‬ومفاهيمنا قر�آن ّية‪،‬‬ ‫وعن الر�سول(�ص) �أي�ض ًا‪« :‬يقال ل�صاحب‬ ‫ثم نمت ُّد بعد ذلك �إلى الحفظ‪ ،‬لي�صبح‬
‫و�أن تكون درو�س تجويد القر�آن‬ ‫ال��ق��ر�آن ح��ا� �ض��ر ًا ودائ��م�� ًا ف��ي عقولنا‬
‫و�أخ�لاق�ن��ا ق��ر�آن� ّي��ة‪ ،‬و�أ�سلوبنا قر�آن ّي ًا‪،‬‬ ‫ال�ق��ر�آن �إذا دخ��ل الج ّنة‪ :‬اق��ر�أ وا�صعد‪،‬‬
‫وعقائدنا قر�آن ّية‪ ،‬و�شخ�ص ّياتنا قر�آن ّية‪..‬‬ ‫حا�ضرة في‬‫ً‬ ‫وحفظه وتف�سيره‬ ‫فيقر�أ وي�صعد بك ّل �آية درجة‪ ،‬حتّى يقر�أ‬ ‫وقلوبنا‪ ،‬ن�ستذكره �ساعة نحتاج �إليه؛‬
‫بال�صعوبة التي يت� ّصورها‬ ‫والأم��ر لي�س ّ‬ ‫ّ‬
‫كل الأماكن‬ ‫�آخر �شيء معه منه «‪.‬‬ ‫وي�سر‬
‫يوقظنا �إذا غفلنا‪ ،‬يجري ب�سهول ٍة ٍ‬
‫لكل النا�س‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫البع�ض‪ ،‬ل َّأن القر�آن هو ِ‬ ‫على �أل�سنتنا‪ ،‬ن�ستفيد منه ونفيد به‬
‫حق فهم كالم اهلل ا ّلذي‬ ‫وال �أحد يحتكر َّ‬ ‫تحريك القر�آن في حياتنا‪:‬‬ ‫غيرنا ‪..‬‬
‫ع �ن��ه‪ ،‬ال ب � َّ�د ل�ن��ا م��ن �أن نعمل بجد َّية‬ ‫لهذا‪ ،‬ال َّبد لنا من �أن نق ّرر �إزالة حاجز‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي�سره اهلل لهم‪َ } :‬ولق ْد َي َّ�س ْرنا الق ْر�آنَ‬ ‫َّ‬ ‫وم���س��ؤول� َّي��ة‪ ،‬و�أن ت�ك��ون درو� ��س تجويد‬ ‫�إنّ الأ ّمي الأ ّمي هو من يجهل كتاب اهلل‪،‬‬
‫ِل ِّلذ ْك ِر َف َه ْل ِمن ُّم َد ِّك ٍر{ القمر‪ ، 71:‬ك ّل‬ ‫«ال ّر�سم ّية» بيننا وبين كتاب اللهّ ؛ و�أن ال‬ ‫لغات‬
‫فال �أم ّية بعدها‪ ..‬مهما �أتقن من ٍ‬
‫القر�آن وحفظه وتف�سيره حا�ضر ًة في ك ّل‬ ‫تبقى �آياته في بيوتنا زين ًة على الجدران‪،‬‬
‫واحدٍ يمكنه �أن ي�ستفيد من القر�آن ح�سب‬ ‫بيوتنا ونوادينا وم�ساجدنا ومدار�سنا‪،‬‬ ‫�أو امتلك علوم ًا و�شهادات‪ ..‬و� َّإن الفقير‬
‫قابل ّياته و�إمكاناته‪ ،‬وقد ورد عن الإمام‬ ‫�أو �أن يحت ّل مكان ًا ال يتزحزح عنه على‬ ‫الفقير هو ا ّل��ذي ال يعرف كنوز القر�آن‬
‫و�أن ي�صبح ال�ق��ر�آن هاج�سنا‪ ،‬وال عذر‬ ‫رف ��وف ال�م�ك�ت�ب��ات‪� ،‬أو �أن ن�ع� ّل�ق��ه على‬
‫علي‪« :‬ما جال�س هذا القر�آن �أحد �إال قام‬ ‫ّ‬ ‫لأحد مهما تفاوت م�ستوى تح�صيله‪ ،‬فك ّل‬ ‫و�أ�سراره‪ ،‬ور�سول اهلل (�ص) يقول عنه‪:‬‬
‫عنه بزيادة �أو نق�صان‪ :‬زيادة في هدى‬ ‫معني بتح�صيله من ال�ق��ر�آن‪� ،‬إن‬
‫أطر مذهّ بة‪ ..‬و�أن ال‬‫ال�صدور مك ّرم ًا في � ٍ‬ ‫ّ‬ ‫«القر�آن غنى ال فقر بعده وال غنى دونه»‪،‬‬
‫واح��د ّ‬ ‫يظل �سماعه مرتبط ًا بالم�آتم والأحزان‪،‬‬ ‫َّ‬
‫مي�سر‬ ‫�أو نق�صان في عمى»‪ّ ،‬ثم � َّإن ما هو َّ‬ ‫لم يكن قراء ًة فا�ستماع ًا وحفظ ًا وتد ّبراً‬ ‫و� َّإن الخا�سر الخا�سر من م � َّر في هذه‬
‫بحيث ن�س�أل عندما ن�سمع ق��راءة قر�آن‪:‬‬
‫لنا فهمه من القر�آن �أكثر مما هو �صعب‪،‬‬ ‫وتدار�س ًا‪ .‬وعن الإم��ام جعفر بن محمد‬ ‫من مات؟ وحتّى في هذه المجال�س �أن ال‬
‫الدّنيا‪ ،‬ولم ينعم بالتع ّرف �إلى القر�آن‪..‬‬
‫و�إذا ع�صي علينا فهم بع�ض الم�سائل‪،‬‬ ‫ال�صادق(ع) �أ َّن ُه َق َال‪« :‬ينبغي للم�ؤمن �أن‬
‫َّ‬ ‫يكون مج ّرد ق��راء ٍة بانتظار اكتمال عدد‬
‫والخ�سارة هي �أن نبتعد عن م�ضامين‬
‫ال�سهل العودة �إلى ال ّرا�سخين في‬ ‫فمن ّ‬ ‫ال يموت حتّى يتع ّلم القر�آن‪� ،‬أو �أن يكون‬ ‫القر�آن المتجدّدة ا ّلتي هي �ص ّمام �أمان‬
‫ونمح�ص‪.‬‬ ‫الح�ضور‪ ،‬قبل �أن يبد�أ االحتفال‪.‬‬ ‫لنا‪ ،‬وال تقف عند حدود‪..‬‬
‫العلم ن�ست�شيرهم‪ ،‬ونبحث‪ّ ،‬‬ ‫في تعليمه»‪.‬‬ ‫علينا �أن ال نكتفي ب�أن يكون القر�آن مهر ًا‬
‫وطوبى لك ّل حملة القر�آن‪ ،‬عرفاء �أهل‬ ‫ورغم المظاهر الم�شار �إليها �سابق ًا‪ ،‬ف�إ ّننا‬ ‫ل �ل� َ�زّواج وب��رك � ًة ل��ه‪ ،‬ب��ل �أن ن�ضيف �إليه‬
‫وخ�سارة �أن ال نعي ق�ص�ص القر�آن ِّ‬
‫بكل‬
‫الج َّنة‪� ،‬أ�شراف � َّأمة ر�سول اهلل‪� ،‬أهل اهلل‬ ‫بد�أنا ن�شهد وعي ًا لدى الكثير من الآباء‬ ‫�أو ن�ستبدله ليكون مهر ال �م��ر�أة‪ :‬تعليم‬
‫عبره وعذوبته‪ ،‬فهو �أح�سن الق�ص�ص‪،‬‬
‫وخا�صته‪.‬‬
‫َّ‬ ‫والمهت ّمين‪ ،‬ا ّلذين �أدرك��وا م�س�ؤول ّيتهم‬ ‫القر�آن‪ ،‬ال مج َّرد ن�سخ ٍة منه‪..‬‬ ‫وخ���س��ارة �أن نحرم �أنف�سنا م��ن حكمه‬
‫ومواعظه و�أمثاله‪ ،‬وما �أكثرها و�أغناها!‬
‫‪7‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫وحدة وتعدد الأفق‪:‬‬
‫هذا وينبغي االلتفات �إلى �أنه ال يقت�صر‬ ‫ّ‬
‫التجديدي للمرجع ف�ضل اهلل في م�س�ألة �إثبات الهالل‬ ‫المنهج‬
‫االختالف بين الفقهاء على هذا الجانب‬
‫فقط من جوانب مو�ضوع ثبوت الهالل‪،‬‬
‫فثمة جانب �آخر هو مو�ضوع وحدة الأفق‬ ‫م��ع اليقين ب��والدة القمر وبلوغه درجة‬ ‫يعتبر �سماحة العالمة المرجع والفقيه المجدد‪ ،‬ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪� ،‬أن‬
‫وت�ع��دده‪ ،‬وه��و ال��ذي يختلف فيه العلماء‬ ‫عالية من قوة ال�ضوء‪ ،‬في حين نرى �أنه‬ ‫«ال�شهر» ظاهرة زمنية خا�ضعة لنظام الزمن الكوني‪ ،‬ويتكرر حدوثه منذ خلق اهلل‬
‫حتى لو اتفقوا في الم�س�ألة الآنفة‪ ،‬وكما‬ ‫ال خ�صو�صية للر�ؤية الب�صرية بذاتها‪،‬‬ ‫ال�سموات والأر���ض في وقت معين ال يزيد وال ينق�ص �أب��د ًا‪ ،‬وذلك حين يبد�أ بوالدته‬
‫�أ�شرنا ف�إن ال��ر�أي الذي يعتمده المرجع‬ ‫بل هي مجرد طريق وو�سيلة للتحقق من‬ ‫بالخروج من ظل الأر�ض الم�صطلح عليه بـ»المحاق» وحين ينتهي لحظة والدة ال�شهر‬
‫ف�ضل اهلل(ره) في ذلك هو وحدة الأفق‬ ‫وجود الهالل وثبوت عنوان ال�شهر‪.‬‬ ‫التالي‪ ،‬بعد �أن يم�ضي عليه ت�سعة وع�شرون يوم ًا وحوالي ثالثة ع�شرة �ساعة‪ ،‬ال يتخلف‬
‫لجميع البلدان التي ت�شترك ف��ي جزء‬ ‫مو�ضوعية ال�شهر‪:‬‬ ‫فيها عن موعده الدائم هذا ثانية واح��دة منذ �أن كان‪ ،‬وهو بذلك ظاهرة متكررة‬
‫من الليل مهما ك��ان طريق ثبوت بداية‬ ‫ويرى �سماحة ال�س ّيد‪� ،‬أن القر�آن الكريم‪،‬‬ ‫الوجود وال عالقة لوجودها بر�ؤية الب�صر تمام ًا ًكما هو الليل والنهار‪.‬‬
‫ال�شهر‪.‬‬ ‫يعتبر ع�ن��وان ال�شهر مو�ضوع ًا للحكم‬
‫في المقابل‪ ،‬يرى �أخرون �أن الآفاق تتعدد‬ ‫بوجوب ال�صوم‪ ،‬وهذا العنوان �سيتحقق‪،‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬يعتبر المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪،‬‬
‫بتعدد �أوقات غروب ال�شم�س‪ ،‬فما لم يكن‬ ‫��س��واء ثبت ب��ر�ؤي��ة الب�صر �أو م��ن خالل‬ ‫انه «�إذا �شهد �أهل الخبرة من الفلكيين‬
‫للمنطقة الأخ��رى نف�س وقت غروب بلد‬ ‫ال�شهادة القاطعة لعلماء الفلك بتحققه‬ ‫ال��ذي��ن يفيد قولهم الإط�م�ئ�ن��ان بوالدة‬
‫الر�ؤية ال يحكم فيها بثبوت الهالل رغم‬ ‫ووج��وده‪ ،‬وه��ذا المعنى للر�ؤية هو الذي‬ ‫الهالل وخروجه من المحاق‪ ،‬فهذا يعني‬
‫تجاورهما في الموقع‪ ،‬كما و�أنه ثمة ر�أي ًا‬ ‫يفهمه منها العرف العام‪.‬‬ ‫�أن الهالل قد وجد في الكون قطع ًا ولن‬
‫ثالث ًا لغيرهم هو �أن البالد الواقعة غرب‬ ‫ويعطي �سماحة ال�س ّيد مثا ًال تو�ضيح ّي ًا‬ ‫ننتظر حتى نراه لنحكم بوجوده»‪.‬‬
‫بلد الر�ؤية ت�شاركه في الأفق دون الواقعة‬ ‫مب�سط ًا لهذا االمر‪ ،‬لكنه مع ّبر‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ومن �أجل الزيادة في ت�أكيد وجود الهالل‪،‬‬
‫�شرقها‪.‬‬ ‫«لو قال �شخ�ص لآخر ‪�:‬إذا ر�أيت �سعيدا في‬ ‫فقد �أ�ضاف �سماحة ال�س ّيد �إلى التوليد‬
‫�آثار بعيدة المدى‪:‬‬ ‫منزله ف�أخبرني‪ ،‬و�صادف �أنه علم بوجود‬ ‫عن�صر ًا �آخ��ر ه��و‪�� :‬ض��رورة م�ضي ب�ضع‬
‫�إنّ �آثار هذا المنهج الذي اعتمده الفقيه‬ ‫�سعيد ف��ي المنزل م��ن خ�لال الإت�صال‬ ‫ع�شرة �ساعة على لحظة والدت��ه ي�صير‬
‫ال �م �ج �دّد ال���س�ي��د ف���ض��ل اهلل (ره)‪ ،‬ال‬ ‫التلفوني‪ ،‬ف� ��إن عليه حينئذ �أن يخبر‬ ‫الم�س�ألة‪ ،‬لكن الأجل وافاه قبل �أن يفتي‬ ‫خاللها على درجة من قوة ال�ضوء تجعله‬
‫تقت�صر على �إعادة تحريك عجلة الحركة‬ ‫بوجوده رغم �أنه لم يره بعينه‪ ،‬لأن العرف‬ ‫بمقت�ضاه ‪.‬‬ ‫لا ل�ل��ر�ؤي��ة بالعين للناظر �إل�ي��ه من‬ ‫ق��اب� ً‬
‫الفقهي لي�شمل جوانب‬ ‫الفقه ّية‪ ،‬والتفكير‬ ‫يفهم من كلمة «ر�أيته « العلم بوجوده‪ ،‬ال‬ ‫الخ�صو�صية للر�ؤية الب�صرية‪:‬‬ ‫الأر�ض‪ ،‬ففي هذه الحالة‪ ،‬يحكم �سماحة‬
‫ّ‬ ‫نف�س م�شاهدته بالعين‪ ،‬بل يمكننا ت�أكيد‬
‫�أخ��رى من موا�ضيع الفقه فح�سب‪ ،‬بل‬ ‫و�أم��ا من ذهب من العلماء‪� ،‬إل��ى خالف‬ ‫ال �� �س � ّي��د(ره) ب�ب��داي��ة ال�شهر القمري‬
‫تمت ُّد لت� ِّؤ�س�س لآث��ا ٍر عمل ّي ٍة بعيد ِة ال َغ ْور‪،‬‬ ‫هذا المعنى من نف�س الحديث ال�شريف‬ ‫هذا الر�أي‪ ،‬ف�إنهم قد فهموا من الحديث‬ ‫الجديد فع ًال حتى لو لم ير بالعين‪ ،‬وذلك‬
‫في ما ت� ّؤ�س�س له من وح��دة الم�سلمين‬ ‫ال��ذي يفيد مطلعه‪ « :‬اليقين ال يدخله‬ ‫ال�شريف ال��ذي يقول‪»:‬واليقين ال يدخله‬ ‫في المنطقة التي يمكن ر�ؤيته فيها وفي‬
‫والظاهري‪ ،‬ومن‬
‫ّ‬ ‫النف�سي‬ ‫في البعدين؛‬ ‫ال�شك» ب�أن المع ّول عليه في هذا المقام‬ ‫ال�شك‪� ،‬صوموا لر�ؤيته و�أفطروا لر�ؤيته»‬ ‫كل منطقة ت�شترك معها في ج��زء من‬
‫ّ‬ ‫ه��و تحقق اليقين ب��وج��ود ال �ه�لال‪ ،‬و�أن‬
‫قدرتهم على تحديد موا�سمهم الدينية‬ ‫�أن ر�ؤي��ة العين مطلوبة بذاتها للحكم‬ ‫الليل‪ ،‬وال��ذي هو حينئذ �سي�شمل معظم‬
‫ب�شكل دقيق حتى مئات ال�سنوات القادمة‪،‬‬ ‫ر�ؤيته بالعين هي �إح��دى و�سائل اليقين‬ ‫ببدء ال�شهر القمري‪ ،‬من حيث �إن الر�ؤية‬ ‫العالم �إال بلدان ًا قليلة ‪.‬‬
‫وذل��ك في ظ� ّل عالم مت�سارع ال يعترف‬ ‫التي كانت متوافرة‪ ،‬فلو ح�صل اليقين‬ ‫تمثل بذاتها حالة مو�ضوعية دخيلة في‬ ‫وه��ذا ال� ��ر�أي‪ ،‬يماثل ال���ر�أي العلمي‬
‫بال�ضعفاء‪ ،‬وال ينتظر المتردّدين‪.‬‬ ‫م��ن طريق �آخ��ر ل��زم الأخ��ذ ب��ه والحكم‬ ‫بداية ال�شهر‪ ،‬فال يحكم به بدونها حتى‬ ‫للمرجع الكبير ال�سيد �أبو القا�سم الخوئي‬
‫بمقت�ضاه لأن اليقين ال يدخله ال�شك»‬ ‫«ق� ��ده» ف��ي ك �ت��اب خ��ا���ص ل��ه ح��ول هذه‬

‫الهيئة ال�شرع ّية في م�ؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل و�إعالن هالل �شوال‬
‫�إمكان ّية الر�ؤية في �أي بلد �أو منطقة في‬ ‫التوقيت العالمي (غرينت�ش) �أي في‬
‫العالم ب�شرط اال�شتراك معها بجزء من‬ ‫�صباحا بح�سب‬‫ً‬ ‫ال�ساعة ‪ 6:04‬دقيقة‬
‫الليل‪ ،‬م�ضا ًفا �إل��ى �أنّ ال��ر�ؤي��ة المعتبرة‬ ‫التوقيت ال�صيفي لمدينة بيروت‪ ،‬وحيث‬
‫أعم‬
‫لدى �سماحته ر�ضوان اهلل تعالى عليه � ّ‬ ‫يمكن م�شاهدة ال�ه�لال م�ساء الإثنين‬
‫من الر�ؤية بالعين المج ّردة فت�شمل الر�ؤية‬ ‫(ليلة الثالثاء) بالعين المجردة وب�سهولة‬
‫بالعين الم�سلحة �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫في بع�ض مناطق �أمريكا الجنوب ّية (في‬
‫‪�  -2‬إنّ م���س��أل��ة �إث �ب��ات �أوائ� ��ل ال�شهور‬ ‫الأرجنتين والت�شيلي)‪ ،‬وبالعين الم�س ّلحة‬
‫القمر ّية لي�ست من الم�سائل الم�ستحدثة‬ ‫في غيرهما كما في مناطق �أخ��رى في‬
‫التي يجب فيها ال��رج��وع �إل��ى ال�ح� ّ�ي‪ ،‬بل‬ ‫�أمريكا الجنوب ّية والق�سم الجنوبي من‬
‫يبقى فيها المق ِّلد على ر�أي مرجعه الذي‬ ‫القا ّرة الأفريق ّية‪ ،‬فبنا ًء على ذلك وطب ًقا‬
‫بقي على تقليده‪ ،‬لذلك فمن بقي على‬ ‫لمبنى �سماحة العالمة المرجع ال�سيد‬
‫تقليد �سماحة ال�م��رج��ع ال�سيد محمد‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل عليه‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل تعالى عليه‬ ‫يكون يوم الثالثاء الواقع في الثالثين من‬ ‫ر�ضوان اهلل تعالى عليه �ضمن الموازين‬ ‫�أع�ل�ن��ت الهيئة ال�شرع ّية ف��ي م�ؤ�س�سة‬
‫ي�ستم ّر على العمل بر�أيه في هذه الم�س�ألة‪،‬‬ ‫�آب هو �أ ّول �أ ّيام �شهر � ّشوال ـ عيد الفطر‬ ‫الدقيقة التي حددها �سماحته‪..‬‬ ‫�سماحة �آي��ة اهلل العظمى ال�سيد محمد‬
‫�ش�أنها �ش�أن �سائر الم�سائل الفقه ّية‪.‬‬ ‫المبارك ـ حتى بالن�سبة �إل��ى الأق�سام‬ ‫وجاء في البيان‪:‬‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل تعالى عليه‪،‬‬
‫‪�  -3‬إن �إعالن الهيئة ال�شرعية هو تطبيق‬ ‫ال�شرق ّية من الكرة الأر�ض ّية ك�أ�ستراليا‬ ‫تعلن الهيئة ال�شرع ّية في م�ؤ�س�سة �سماحة‬ ‫ان يوم الثالثاء ‪�30‬آب‪�/‬أغ�سط�س هو �أول‬
‫ل��ر�أي �سماحة ال�سيد ر�ضوان اهلل تعالى‬ ‫ونيوزيلندا ونحوهما‪.‬‬ ‫�آي��ة اهلل العظمى ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫اي��ام عيد الفطر المبارك للعام ‪،1432‬‬
‫عليه �ضمن ال �م��وازي��ن ال��دق�ي�ق��ة التي‬ ‫وتذ ّكر الهيئة ال�شرع ّية � ً‬
‫أي�ضا بما يلي‪:‬‬ ‫ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل تعالى عليه‪� ،‬أنّ‬ ‫الفقهي ل�سماحة‬
‫ّ‬ ‫اعتماد ًا على المبنى‬
‫حددها �سماحته ‪ ،‬واعتمادا على �أ�صحاب‬ ‫الفقهي ل�سماحة المرجع‬‫ّ‬ ‫‪�  -1‬إنّ المبنى‬ ‫المعطيات العلم ّية والح�سابات الفلك ّية‬ ‫المرجع ف�ضل اهلل ر�ضوان اهلل تعالى عليه‬
‫ال�خ�ب��رة م��ن علماء الفلك والمرا�صد‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل ر�ضوان‬ ‫الدقيقة تفيد �أنّ الوالدة الفلك ّية(االقتران‬ ‫في �إثبات الهالل هو جواز االعتماد على‬
‫العلمية الأ�سا�سية‪ ،‬بعد �أن خ ِبروا متابعة‬ ‫اهلل تعالى عليه ف��ي �إث �ب��ات ال�ه�لال هو‬ ‫المركزي) لهالل �شهر � ّشوال لعام ‪1432‬‬ ‫الح�سابات الفلك ّية القطع ّية �أو المفيدة‬
‫هذا الأمر‪  ‬ل�سنوات طويلة تحت �إ�شراف‬ ‫ج��واز االعتماد على الح�سابات الفلك ّية‬ ‫ﻫ ي �ك��ون ن �ه��ار الإث �ن �ي��ن ‪� 29‬آب ‪2011‬‬ ‫للإطمئنان ‪ ،‬م�شير ًا الى �أن �إعالن الهيئة‬
‫�سماحة ال�سيد ر�ضوان اهلل تعالى عليه‪.‬‬ ‫القطع ّية �أو المفيدة للإطمئنان ‪ ،‬وكفاية‬ ‫�صباحا بح�سب‬
‫ً‬ ‫ال�ساعة ‪ 3:04‬دقيقة‬ ‫ال�شرعية هو تطبيق لر�أي �سماحة ال�سيد‬
‫نظرية الإمام الخوئي في ا ّتحاد الآفاق ووحدتها‬
‫ب�ل��دان�ه�م‌ ب��اخ�ت�لاف‌ �آف��اق �ه��ا وال يتعدّد‬ ‫اختلف ��ت �آراء الفقه ��اء يف الع�صر احلديث يف ط ��رق �إثبات الهالل‪ ،‬وتعدّدت‬
‫بتعدّدها‪.‬‬ ‫نظر ّياته ��م فيه ��ا‪ ،‬وظ� � ّل ال ��ر�أي الفتوائ � ّ�ي متم�س ��كا بال‘ثب ��ات م ��ن خ�ل�ال‬
‫الثانية‌‪ :‬قوله‌ علي ‌ه ال�سالم‌‪َ « :‬ال ت َُ�ص ْم‬
‫َذ ِل َك ا ْل َي ْو َم �إ َّال �أَنْ َيق ِْ�ضي‌ َ �أ َ ْه ُل الأم�صار»‪،‬‬ ‫احل�س ��ي؛ بالعني املج ّردة �أو بالعني امل�س� � ّلحة ‪ -‬كما يذهب‬ ‫الر�ؤية مبعناها ّ‬
‫ف�إ ّن ‌ه ك�سابقه‌ وا�ضح‌ الدالل ‌ة على‌ �أنّ ال�شهر‬ ‫ال�سيد �أبو القا�سم‬ ‫ّ‬ ‫إمام‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�س‬
‫ّ َ‬‫أ�س‬ ‫�‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫إىل‬ ‫�‬ ‫‪-‬‬ ‫احلايل‬ ‫الع�صر‬ ‫�إلي ��ه بع� ��ض فقهاء‬
‫القمري‌ ّ ال يختلف‌ باختالف‌ الأم�صار ف ‌ي‬ ‫اخلوئ ��ي (ره) لنظر ّي ��ة فقه ّي ��ة جدي ��دة ت�ستند �إىل معطي ��ات فقه ّية‪ ،‬وحقائ� � َق علم ّية‬
‫�آفاقها‪ ،‬فيكو ‌ن واحد ًا بالإ�ضاف ‌ة �إلى جمي ‌ع‬ ‫غري قابلة للنق�ض‪ ،‬ت�ؤدي يف نتائجها ‪ -‬ال يف مربراتها ‪� -‬إىل توحيد بدايات ال�ش ��هور‬
‫ت فقل‌‪� :‬إنّ‬ ‫�أهل‌ البقا ‌ع والأم�صار‪ .‬و�إن‌ �شئ ‌‬ ‫القمر ّي ��ة الت ��ي يعتمدها امل�س ��لمون حول العامل يف حتديد �أزمنة واجباتهم ال�ش ��رع ّية‬
‫تدل على �أنّ ر�ؤي ‌ة الهالل‌ ف ‌ي‬ ‫هذ ‌ه الجملة‌ ّ‬ ‫ال�صوم واحلج‪.‬‬ ‫مثل ّ‬
‫م�صر كافية‌ لثبوته‌ في‌ بق ّي ‌ة الأم�صار‪،‬‬ ‫ث الكا�شاني‌ ّ ف ‌ي «الوافي‌« و�صاحب‌‬ ‫المحد ‌‬
‫ِّ‬ ‫وقد عمل الع ّالمة المرجع ال�س ّيد مح ّمد‬
‫من‌ دو ‌ن فرق‌ في‌ ذلك‌ بي ‌ن اتّفاقها مع ‌ه‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل (ره) على تطوير هذه الحدائق‌ ف ‌ي «حدائقه‌«‪ ،‬وما ‌ل �إلي ‌ه �صاحب‌‬
‫في‌ الآفاق‌ �أو اختالفها فيها؛ فيكون‌ مر ّد ‌ه‬ ‫النظرية‪ ،‬من خالل اعتماده لمعطيات ال�ج��واه��ر ف� ‌ي «ج��واه��ره‌« وال �ن��راق� ّ�ي في‌‬
‫�إلي‌ �أنّ الحك ‌م المتر ّتب‌ عل ‌ي ثبوت‌ الهال ‌ل‬ ‫الخون�ساري‬
‫ّ‬ ‫علم الفلك‪ ،‬ما �أ�سهم في الت�أ�سي�س لنقلة «الم�ست َند» وال�س ّيد �أبو ترا ‌‬
‫ب‬
‫�أي‌ خروج‌ القمر عن‌ المحاق‌ حكم‌ لتما ‌م‬ ‫غير م�سبوقة في التفكير الفقهي وفي ف ‌ي «�شر ‌ح نجا ‌ة العباد» وال�س ّيد الحكي ‌م‬
‫خا�صة‌‪.‬‬ ‫�أهل‌ الأر�ض‌ ال لبقعة‌ ّ‬ ‫�ستم�سكه‌«‪.‬‬
‫في‌ « ُم َ‬ ‫حركة االجتهاد‪.‬‬
‫ال�شواهد على‌ عدم‌ لزوم‌ اال�شتراك‌‬ ‫وهذا القو ‌ل �أي‌‪ :‬كفاي ‌ة الر�ؤية‌ ف ‌ي بلد ما‬ ‫وتن�ص فتوى الإمام الخوئي (ره) �أنه «�إذا‬
‫قمري جديد في‌ الآفاق‌‪:‬‬ ‫نهاية‌ دورت�ه‌‪ ،‬وبداية‌ ل�شهر ّ‬ ‫ف‬‫رئي‌ الهالل‌ ف ‌ي بلد‪ ،‬كفى‌ في‌ الثبوت‌ ف ‌ي لثبو ‌ت الهالل‌ في‌ بلد �آخر ولو مع‌ اختال ‌‬
‫وي�شهد على ذلك‌ ما ورد ف ‌ي ع ّد ‌ة روايات‌‬ ‫البلد‬ ‫لخ�صو�ص‌‬ ‫لأهل‌ الأر���ض‌ جميع ًا‪ ،‬ال‬ ‫ث �إذا �أُفقهما هو الأظهر‪.‬‬ ‫غير ‌ه مع‌ ا�شتراكهما ف ‌ي الآفاق‌‪ ،‬بحي ‌‬
‫في‌ كيف ّية‌ �صالة‌ عيدَ ي‌ الأ�ضحى‌ والفطر‬ ‫الذ ‌ي ُيري‌ في ‌ه وما يتّف ‌ق معه‌ في‌ الأفق‌‪.‬‬ ‫ك �أمران‌‪:‬‬‫ويد ّلنا عل ‌ي ذل ‌‬ ‫رئي‌ ف ‌ي بلد الر�ؤية‌‪ ،‬رئ ‌ي فيه‌‪ ،‬بل‌ الظاهر‬
‫وما يقال‌ فيها من‌ التكبير‪ ،‬م ‌ن قوله‌ علي ‌ه‬ ‫الم�شهور‬ ‫وم�ن‌ هنا يظهر �أنّ ذه��اب‌‬ ‫كفاية‌ الر�ؤية‌ في‌ بلد ما في‌ الثبوت‌ لغيره‌ الدلي ‌ل الأول‌ على‌ كفاية‌ الر�ؤي ‌ة‬
‫�إلى‌ اعتبار اتّحاد البلدان‌ ف ‌ي الأف ‌ق مبني‌ ّ ال�سالم‌ في‌ جملة‌ تلك‌ التكبيرات‌‪� :‬أَ ْ�س�أَ ُل َك‬ ‫م ‌ن البالد مطلق ًا»‪ ،‬وهذا التعليل من�شو ٌر الإجمالية‌‪:‬‬
‫ت ِفي‌ هَ � َ�ذا ا ْل� َي� ْو ِم ا َّل� ِ�ذي‌ َج َع ْل َت ُه ِل ْل ُم ْ�سلِمِ ينَ‬ ‫علي‌ تخ ّيل‌ ارتباط‌ خروج‌ القمر عن‌ تح ‌‬ ‫في ر�سالته العمل ّية‪ ،‬كما ُن�شرت في كتاب‪� :‬أنّ ال�شهور القمر ّية‌ �إنما تبد�أ عل ‌ى �أ�سا�س‌‬
‫ّ‬
‫ِعيد ًا‪.‬‬ ‫‌‬
‫ع‬ ‫ال�شعاع‌ ببقا ‌ع الأر� ��ض‌‪ ،‬كارتباط‌ طلو‬ ‫خا�ص ًا‬ ‫«ر�سالة حول م�س�ألة ر�ؤية الهالل» لتلميذه و�ض ‌ع �سير القمر واتّخاذ ‌ه مو�ضع ًا ّ‬
‫ال�شم�س‌ وغ��روب�ه��ا‪� ،‬إ ّال �أ ّن��ه‌ ال �صلة‌ كما ف�إنّ الظاهر �أنّ الم�شار �إلي ‌ه في‌ قول ‌ه علي ‌ه‬ ‫م ‌ن ال�شم�س‌ ف ‌ي دورت �ه‌ الطبيع ّية‌‪ ،‬وفي‌‬ ‫الطهراني‪.‬‬
‫خا�ص‬ ‫ت لخرو ‌ج القمر عن ‌ه ببقعة‌ مع ّينة‌ ال�سالم‌‪« :‬هَ َذا ال َي ْو ِم» هو يوم‌ مع ّين‌ ّ‬ ‫عرف ‌‬
‫ُ‬
‫ت �شعا ‌ع ال�شم�س‌‪،‬‬ ‫نهاي ‌ة الدورة‌ يدخ ‌ل تح ‌‬ ‫الر�أي العلمي للإمام الخوئي‪:‬‬
‫دو ‌ن �أخ��ري‌‪ ،‬ف ��إنّ حاله‌ مع‌ وج��ود الكرة‌ الذ ‌ي جعله‌ اهلل‌ تعالى‌ عيد ًا للم�سلمين‌‪ ،‬ال‬ ‫وف��ي التعليل العلمي لهذه النظر ّية في وف ‌ي هذ ‌ه الحال ‌ة (حال ‌ة المحاق‌) ال يمك ‌ن‬
‫�أ ّنه‌ ك ّل يوم‌ ينطبق‌ علي ‌ه �أ ّنه‌ يو ‌م فطر �أو‬ ‫الأر�ضي ‌ة وعدمها �سواء‪.‬‬ ‫ُبعدها الفقهي‪ ،‬يقول الإم��ام الخوئي ما ر�ؤيت ‌ه في‌ �أ ّي ‌ة بقعة‌ من‌ بقا ‌ع الأر�ض‌؛ وبعد‬
‫الدليل‌ الثان ‌ي على‌ عد ‌م اعتبار �أ�ضحى على اختالف‌ الأم�صار في‌ ر�ؤي ‌ة‬ ‫خروج ‌ه ع ‌ن حال ‌ة المحاق‌ والتم ّك ‌ن من‌‬ ‫ن�صه‪:‬‬
‫ّ‬
‫الهالل‌ باختالف‌ �آفاقها‪.‬‬ ‫االتـّحاد ف ‌ي الأفق‌‪:‬‬ ‫قمري‬‫قمري ويبد�أ �شهر ّ‬ ‫«بيا ‌ن ذل�ك‌‪� :‬أنّ البلدا ‌ن الواقعة‌ عل ‌ي ر�ؤيته‌ ينته ‌ي �شهر ّ‬
‫هذا من‌ ناحية‌‪ ،‬وم ‌ن ناحية‌ �أُخر ‌ى �أ ّنه‌‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫ونذك‬ ‫‌؛‬ ‫ك‬ ‫ذل‬ ‫الن�صو�ص‌ الدا ّل ‌ة عل ‌ى‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫�سط ‌ح الأر�ض‌ تنق�سم‌ �إلي‌ ق�سمين‌‪:‬‬
‫الح َكم‌ عن‌ �أبي‌ تعالى‌ جعل‌ ه��ذا اليوم‌ عيد ًا للم�سلمي ‌ن‬ ‫‪� -1‬صحيحة‌ ِه�شام‌ ب ‌ن َ‬ ‫ومن‌ الوا�ض ‌ح �أنّ خروج‌ القمر م ‌ن هذا‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫ه‬
‫‌‬ ‫ومغارب‬ ‫�أحدهما‪ :‬ما تتّفق‌ م�شارقه‌‬
‫ك ّلهم‌‪ ،‬ال لخ�صو�ص‌ �أه �ل‌ بلد تقا ‌م في ‌ه‬ ‫نْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫‌‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫�ال‬ ‫�‬‫ق‬‫َ‬ ‫هلل عليـ ‌ه ال�سال ‌م �أَنـَّ ُه‬ ‫عبد ا ‌‬ ‫الو�ض ‌ع هو بداي ‌ة �شهر قمري‌ ّ جديد لجميع‌‬ ‫تتقارب‌‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ�ص َام ِت ْ�س َعة َو ِع ْ�ش َ ِرينَ ق��ال‪� َ :‬إِنْ كان ْت ل ُه �صالة‌ العيد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ف م�شارقها‬ ‫ثانيهما‪ :‬ما تختلف‌ م�شارقه‌ ومغاربه‌ ب�ق��ا ‌ع الأر�� ��ض‌ ع�ل� ‌ى اخ �ت�لا ‌‬
‫فالنتيجة‌ على‌ �ضوئهما �أنّ يوم‌ العيد‬ ‫َب ِّي َن ٌة َعا ِد َل ٌة َع َل ‌ى أ� ْه ِـل ِم ْ�ص ٍر �أنـَّ ُه ْم َ�صا ُموا‬ ‫ومغاربها‪ ،‬ال لبقع ‌ة دون‌ �أُخرى‌‪ ،‬و�إ ‌ن كان‌‬ ‫اختالف ًا كبير ًا‪.‬‬
‫واحد لجميع‌ �أهل‌ البقا ‌ع والأم�صار عل ‌ى‬ ‫َث َالثِينَ َع َلى‌ ُر ؤ�ْ َي ِت ِه‪َ ،‬ق َ�ضى‌ َي ْوم ًا‪.‬‬ ‫�أ ّم ��ا ال�ق���س�م‌الأول‪ ،‬فقد اتّفق‌علماء القمر م��رئ� ّي� ًا ف �ي‌ بع�ضها دو ‌ن الآخ��ر؛‬
‫ف��إنّ هذ ‌ه ال�صحيحة‌ ب�إطالقها تد ّل ًنا اختالفها ف ‌ي الآفاق‌ والمطالع‌‪.‬‬ ‫ك لمان ‌ع خارجي‌ ّ ك�شعا ‌ع ال�شم�س‌ �أو‬ ‫الإمام ّية على �أنّ ر�ؤي�ة‌ الهالل‌في‌ بع�ض‌ وذل� ‌‬
‫�دل �أي���ض� ًا على‌ م��ا ذك��رن��ا ‌ه الآي� � ‌ة‬ ‫وي � ّ‬ ‫بو�ضوح‌ عل ‌ى �أنّ ال�شهر �إذا كان‌ ثالثين‌ يوما‬ ‫هذه‌ البالد كافية‌ لثبوته‌ في‌ غيرها‪ ،‬ف�إنّ حيلولة‌ بقا ‌ع الأر���ض‌ �أو ما �شاكل‌ ذلك‌‪،‬‬
‫ك في‌ بق ّية‌ الأم�صار الكريم ‌ة الظاهرة‌ في‌ �أنّ ليلة‌ القدر ليل ‌ة‬ ‫ف ‌ي م�صر كا ‌ن كذل ‌‬ ‫ط بعدم‌ خروجه‌ م ‌ن المحاق‌‪،‬‬ ‫عدم‌ ر�ؤيته‌ في ‌ه �إ ّنما ي�ستند ال محالة‌ �إلى‌ ف�إ ّن ‌ه ال يرتب ‌‬
‫واحد ‌ة �شخ�ص ّية‌ لجميع‌ �أهل‌ الأر�ض‌ على‌‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫ّفق‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫أم�صار‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫‌‬ ‫هذ‬ ‫بدون‌ فرق‌ بي ‌ن كو ‌ن‬ ‫مانع‌ يمنع‌ م ‌ن ذلك‌‪ ،‬كالجبال‌ �أو الغابات‌ ��ض��رورة‌ �أن�ـ ّ� ‌ه لي� ‌س لخروجه‌ منه‌ �أف��راد‬
‫ف بلدانهم‌ ف ‌ي �آفاقهم‌‪� .‬ضرور ‌ة �أنّ‬ ‫في‌ �آفاقها �أو مختلفة‪� ،‬إذ لو كا ‌ن المراد اختال ‌‬ ‫ً‬ ‫ع��دي��دة‌‪ ،‬ب� ‌ل ه��و ف��رد واح��د متح ّقق‌ ف ‌ي‬ ‫�أو الغيو ‌م �أو ما �شاكل‌ ذلك‌‪.‬‬
‫م� ‌ن كلم ‌ة م�صر فيها الم�صر المعهود القر�آن‌ نزل‌ في‌ ليل ‌ة واحدة‌‪ ،‬وهذ ‌ه الليل ‌ة‬ ‫و�أ ّم���ا الق�سم‌ ال�ث��ان�ي‌ (ذات‌ الآف ��اق‌ الكون‌‪ ،‬ال يعق ‌ل تعدّده‌ بتعدّد البقاع‌؛ وهذا‬
‫المتّفق‌ م ‌ع بلد ال�سائ ‌ل ف ‌ي الأفق‌ لكان‌ على‌ الواحدة‌ هي‌ ليلة‌ القدر وهي‌ خير من‌ �ألف‌‬ ‫ف طلو ‌ع ال�شم�س‌‪ ،‬ف�إ ّنه‌ يتعدّد بتعدّد‬ ‫المختلفة‌) فلم‌ يق ‌ع التع ّر�ض‌ لحكمه‌ في‌ بخال ‌‬
‫�شهر وفيها ُيفرق‌ ك� ّل �أم��ر حكيم‌؛ وم ‌ن‬ ‫ٍ‬ ‫الإمام‌ علي ‌ه ال�سالم‌ �أن‌ يب ّين‌ ذلك‌‪ ،‬فعدم‌‬ ‫ّ‬
‫ب علمائنا المتقدّمين‌؛ نعم‌ حك ‌ي القول‌ البقاع‌ المختلفة‌‪ ،‬فيكو ‌ن لكل بقع ‌ة طلوع‌‬ ‫كت ‌‬
‫بيانه‌ م� ‌ع كونه‌ عليه‌ ال�سال ‌م ف�ي‌ مقا المعلوم‌ �أنّ تفريق‌ ك ّل �أمر حكيم‌ فيها ال‬ ‫م‬
‫‌‬ ‫خا�ص بها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الطو�سي‬
‫ّ‬ ‫باعتبار اتّحاد الأفق‌ ع ‌ن ال�شيخ‌‬
‫يخ�ص بقعة‌ مع ّين ‌ة من‌ بقاع‌ الأر���ض‌ ب ‌ل‬ ‫ّ‬ ‫البيان‌ كا�شف‌ عن‌ الإطالق‌‪.‬‬ ‫وعل ‌ى ��ض��و ِء ه��ذا البيان‌ فقد اتّ�ض ‌ح‬ ‫في‌ «المب�سوط‌«؛ ف��إذ ًا الم�س�أل ‌ة م�سكوت‌‬
‫يعم �أهل‌ البقاع‌ �أجمع‌‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عبد‬ ‫ي‬
‫‌‬ ‫أب‬ ‫�‬ ‫ن‬
‫‌‬ ‫ع‬ ‫ب�صير‬ ‫‪� - 2‬صحيحة‌ �أبي‌‬ ‫عنها في‌ كلمات‌ �أكثر المتقدّمين‌‪ ،‬و�إ ّنما �أنّ قيا� ‌س هذه‌ الظاهر ‌ة الكون ّي ‌ة بم�س�ألة‌‬
‫فالنتيجة‌‪� ،‬أنّ ليلة‌ القدر ليل ‌ة واحد ‌ة‬ ‫اهلل‌ عليه‌ ال�سال ‌م �أَنـَّ ُه ُ�س ِئل َع ِن ال َي ْو ِم ال ِذي‌‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫� �ص��ارت‌ م �ع��رك � ًة ل�ل ��آراء ب�ي� ‌ن علمائنا طلو ‌ع ال�شم�س‌ وغروبها قيا� ‌س م ‌ع الفارق‌‪،‬‬
‫ْ�ض ‌ى ِمنْ َ�ش ْه ِر َر َم َ�ضانَ ‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬ال َتق ِْ�ض ِه لأهل‌ الأر�ض‌ جميع ًا‪ ،‬ال �أنّ لك ّل بقع ‌ة ليل ‌ة‬ ‫َ‬
‫ُيق َ‬ ‫ك النّ الأر�ض‌ بمقت�ض ‌ي ُكرو ّيتها تكون‌‬ ‫وذل ‌‬ ‫المت� ّأخرين‌‪.‬‬
‫خا�صة‌‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫�إ َّال �أنْ َيثبُتَ �ش ِاهدَ ِان َعـا ِدال ِن ِمنْ َجمِ ي ِع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫خا�ص‬ ‫ف بينهم‌ القول‌ باعتبار اتّحاد بطبيع ‌ة الحا ‌ل لك ّل بقع ‌ة منها م�شرق‌ ّ‬ ‫المعرو ‌‬
‫ه��ذا م�ضاف ًا �إل��ى �سكو ‌ت ال��رواي��ا ‌ت‬ ‫ال�ش ْه ِر‪َ .‬و َق َال‪:‬‬ ‫ال�ص َلو ِة َم َتى‌ َكانَ َر�أْ ُ�س َّ‬ ‫�أَ ْه ِل َّ‬ ‫الأفق‌‪ ،‬ولك ‌ن قد خالفه ‌م فيه‌ جماعة‌ م ‌ن ومغرب‌ كذلك‌‪ ،‬فال يمكن‌ �أ ‌ن يكو ‌ن للأر�ض‌‬
‫َال ت َُ�ص ْم َذ ِل َك ا ْل َي ْو َم ا َّل� ِ�ذي‌ ُيق َْ�ضى‌ �إ َّال �أنَْ‬ ‫ب كذلك‌؛ وهذا‬ ‫العلماء والمح ّققين‌؛ ف��اخ�ت��اروا القو ‌ل ك ّلها م�شر ‌ق واحد وال مغر ‌‬
‫ب�أجمعها عن‌ اعتبار اتّحاد الأفق‌ ف ‌ي هذ ‌ه‬ ‫َ‬
‫ك ح ّت ‌ى في‌ رواي ‌ة‬ ‫َيق ِْ�ضي‌ َ �أ ْه ُل الأم�صار‪َ ،‬ف�إنْ َف َع ُلوا َف ُ�ص ْمهُ‪ .‬الم�س�ألة‌‪ ،‬ول�م‌ ي��رد ذل� ‌‬ ‫بعد ‌م اعتبار االتّحاد وقالوا بكفاي ‌ة الر�ؤية‌ بخالف‌ هذه‌ الظاهر ‌ة الكون ّي ‌ة �أي‌ خرو ‌ج‬
‫�ضعيفة‌‪.‬‬ ‫ال�شاهد ف ‌ي هذ ‌ه ال�صحيحة‌ جملتان‌‪:‬‬ ‫في‌ بلد واحد لثبوته‌ في‌ غير ‌ه م ‌ن البلدان‌ القمر عن‌ منطقة‌ �شعا ‌ع ال�شم�س‌ ـ ف�إ ّنه‌‬
‫َ الأولى‌‪ :‬قول ‌ه علي ‌ه ال�سالم‌‪َ « :‬ال َتق ِْ�ض ِ َه �إال و منه‌ يظهر �أنّ ذهاب‌ الم�شهور �إلى‌ ذل ‌‬
‫ك‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫لعد ‌م ارتباطه‌ ببقا ‌ع الأر�ض‌ وعد ‌م �صلته‌‬ ‫ولو مع‌ اختالف‌ الأف ‌ق بينها‪.‬‬
‫�أنْ َي ْثبُتَ َ�ش ِاهدَ ِان َعا ِد َال ِن ِمنْ َجمِ ي ِع �أ ْه ِل لي� ‌س من‌ جهة‌ الروايات‌‪ ،‬بل‌ من‌ جهة‌ ما‬ ‫لام �ة‌ ف �ي‌ «التذكرة‌« بها ال يمك ‌ن �أ ‌ن يتعدّد بتعدّدها‪.‬‬ ‫ف�ق��د ن�ق� ‌ل ال �ع� ّ‬
‫يدل بو�ضوح‌ على‌ ذكرنا ‌ه من‌ قيا�س‌ هذه‌ الم�س�ألة‌ بم�س�أل ‌ة‬ ‫ال�ص َلو ِة» �إلى‌ �آخره‌‪ ،‬ف�إ ّنه‌ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ونتيج ‌ة ذلك‌‪� :‬أنّ ر�ؤي ‌ة الهالل‌ ف ‌ي بلد ما‬ ‫هذا القول‌ ع ‌ن بع�ض‌ علمائنا‪ ،‬واختاره‌‬
‫ت �أ ّن ‌ه‬ ‫طلوع‌ ال�شم�س‌ وغروبها وق��د عرف ‌‬ ‫ة‬
‫‌‬ ‫إ�ضاف‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫واحد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫‌‬ ‫القمر‬ ‫ال�شهر‬ ‫س‬
‫‌‬ ‫أ�‬ ‫�‬ ‫ر‬ ‫�أنّ‬ ‫�صريح ًا في‌ «المنتهى‌«‪ ،‬واحتمله‌ ال�شهيد �إمارة‌ قطع ّي ‌ة على‌ خرو ‌ج القمر ع ‌ن الو�ضع‌‬
‫قيا� ‌س مع‌ الفارق‌«‪.‬‬ ‫ف‬
‫‌‬ ‫اختال‬ ‫‌‬
‫ى‬ ‫عل‬ ‫ة‬
‫‌‬ ‫ال‬ ‫ال�ص‬
‫ّ‬ ‫ل‬
‫‌‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫ع‬
‫‌‬ ‫جمي‬ ‫�ى‬ ‫�‬ ‫�إل‬ ‫الأول‌ في‌ «ال��درو� �س‌«‪ ،‬واختاره‌ �صريح ًا المذكور ال��ذي ‌يتّخذ ‌ه م� ‌ن ال�شم�س‌ في‌‬
‫ال�شم�س والقمر ك ّل يجري‬ ‫«و�سخر ّ‬‫�صيغة ّ‬
‫مفهوم الر�ؤية في القر�آن الكريم‬
‫�إلى �أجل م�سمى»‪ ،‬وت�ساءلت من يق ّرر طول‬
‫مدة ذلك الأجل الم�سمى ويعينه ؟ هل هو‬
‫اهلل تعالى؟ �أم عين الإن�سان الم�ستهل؟‬ ‫البروفي�سور يو�سف مروة*‬
‫وه��ل الأج ��ل الم�سمى م�ح��دود مق ّيد �أو‬ ‫منذ �أوائل ال�ستينات من القرن الما�ضي‪� ،‬أ�صبحت ال ّر�ؤية الب�صر ّية مو�ضع ًا‬
‫مطلق منفلت؟ و�إذا كان محدود ًا ومقيد ًا‬ ‫لل�شبهة‪ ،‬لأنّ جو الأر�ض قد �أ�صبح ملوث ًا بالكثير من الدّخان‬ ‫لل�شك ومثار ًا ّ‬‫ّ‬
‫ب�أمر اهلل و�إرادت��ه وم�شيئته الإله ّية‪ ،‬فهل‬ ‫والغازات والأبخرة التي تقذفها مداخن البلدان ال�صناع ّية فيه‪ ،‬و�أ�صبح‬
‫يجوز لل ّر�ؤية الب�شر ّية العين ّية‪� ،‬أن تغير من‬ ‫وال�سفن الف�ضائ ّية‪ ،‬وم�سرح ًا‬‫الطائرات ّ‬‫أعداد هائل ٍة من ّ‬‫هذا الجو مرتع ًا ل ٍ‬
‫قيمة هذا الأجل الم�سمى �أو الوقت المعين‬ ‫للآالف من الأقمار ال�صناع ّية المدن ّية والع�سكر ّية ا ّلتي تدور حول الأر�ض في مدارات‬
‫وتبدّله؟ �أو �أنّ مه ّمة �أهل العلم والخبرة‬ ‫مختلفة االتجاهات‪ ،‬وعلى ارتفاعات متعدّدة ب�صور ٍة دائمة‪ ،‬وا ّلتي تعك�س نور ّ‬
‫ال�شم�س‬
‫اكت�شاف معاني ه��ذه الأوق ��ات المع ّينة‬ ‫بعد المغيب‪ ،‬فتبدو للم�سته ّلين ك�أ ّنها �أه ّلة‪.‬‬
‫وقيمها‪ ،‬ومعرفتها عن طريق الأر�صاد‬ ‫ـ } َف � َل � َّم��ا َر�أَى ال� َق� َم� َر َب��از ًِغ��ا َق � َ‬
‫�ال هَ � َ�ذا‬ ‫الر�ؤية العين ّية في �ضوء العلم‪:‬‬
‫والمقايي�س والتّجارب العلم ّية؟‬
‫َر ِّبي{الأنعام‪.77:‬‬ ‫و�أ�صبح من ال ّثابت والم�ؤ ّكد لدى علماء‬
‫و�إذا فهمنا حديث ال� ّر�ؤي��ة ب�أ ّنه يقت�صر‬
‫فقط على الر�ؤية الح�س ّية العين ّية‪ ،‬فعندئذ‬
‫ي�ص ُه ُق� َّ�د ِم��نْ ُد ُب� ٍ�ر َقالَ‬ ‫ـ } َف َل َّما َر�أَى َقمِ َ‬ ‫ال�ف�ل��ك‪� ،‬أنّ الكثير م��ن ��ش�ه��ادات ر�ؤي��ة‬
‫ُي َ�س ِّب ُحونَ ِب َح ْم ِد َر ِّبهِ ْم{ ال ُزّمر‪. 75:‬‬ ‫ِ�إ َّن� � ُه ِم��نْ َك � ْي� ِ�د ُك� َّ�ن ِ�إ َّن َك � ْي��دَ ُك� َّ�ن َع ِظي ٌم{‬ ‫ال �ه�لال ف��ي بع�ض ال�ب�ل��دان الإ�سالم ّية‬
‫ي�صبح الإن�سان هو الذي يتح ّكم بتقرير‬
‫ا�س ُ�س َكا َرى َو َما هُ ْم ِب ُ�س َكا َرى{‬ ‫ـ } َو َت َرى ال َّن َ‬ ‫يو�سف‪.28:‬‬ ‫ال�شهود �شهدوا‪ ،‬بر�ؤية‬ ‫كانت خاطئة‪ ،‬لأنّ ّ‬
‫وتعيين مدّة الأجل الم�سمى لدورة القمر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الحج‪. 2:‬‬ ‫ـ } َو�إِ َذا َر�أ ْي�ت� ُه� ْ�م ت ْع ِج ُبك �أ ْج َ�سا ُم ُه ْم{‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الهالل قبل والدته الفلك ّية بع�شر �ساعات‬
‫االق�ت��ران� ّي��ة ح��ول الأر�� ��ض‪ .‬ف� ��إذا �شاهد‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ـ } َو َي� � ْو َم ُن َ�س ِّي ُر ال� ِ�ج� َب� َ‬
‫�ال َو َت� � َرى الأ ْر� �َ�ض‬ ‫المنافقون‪. 4:‬‬ ‫الطبي العلمي‪،‬‬ ‫�أو �أكثر‪ .‬وقد �أثبت البحث ّ‬
‫ال�شهود ال�ه�لال قبل والدت��ه الطبيع ّية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫زاد الأج��ل الم�سمى ل��دورة القمر يوماً‬ ‫َبا ِر َز ًة{ الكهف‪. 47:‬‬ ‫ـ } َي � َر ْو َن � ُه� ْ�م ِم�ث�ل� ْي��هِ � ْ�م َر�أ َي ال َع ْي ِن{�آل‬ ‫ال�شاهد ي��ؤ ّث��ر على م�صداق ّية‬‫�أنّ عمر ّ‬
‫كام ًال‪ ،‬و�إذا لم ي�شاهد ّ‬ ‫ـ } َو َت� َرى ال ُم ْج ِر ِمينَ َي ْو َمئِذٍ ُم َق َّرنِينَ ِفي‬ ‫عمران‪.13:‬‬ ‫�شهادته‪ ،‬ف�إذا كان عمره �أقل من ع�شرين‬
‫ال�شهود الهالل‬ ‫َ‬
‫الأَ ْ�ص َفا ِد{ �إبراهيم‪. 49:‬‬ ‫�ال َم��ا ِل� َ�ي اَل �أ َرى‬ ‫ـ } َو َت � َف � َّق��دَ ال� َّ�ط� ْي� َر َف � َق� َ‬ ‫عام ًا و�أكثر من �ستين‪ ،‬تكون �شهادة ر�ؤيته‬
‫بعد والدت��ه الطبيع ّية‪ ،‬نق�ص هذا الأجل‬
‫و�إذا كانت «ال��ر�ؤي��ة» في القر�آن الكريم‬ ‫ال ُه ْدهُ دَ {النمل‪.20:‬‬ ‫أ�سباب طب ّية و�صح ّية بحتة‪.‬‬
‫�شك ل ٍ‬ ‫مو�ضع ٍ‬
‫الم�س ّمى يوم ًا كام ًال‪ .‬وفي هذه الحالة‪،‬‬ ‫‪ 2‬ـ الر�ؤية بالعقل والتف ّكر ‪:‬‬
‫�دخ��ل الإن���س��ان ب�أحكام‬‫تظهر خ�ط��ورة ت� ّ‬ ‫تعني ك� ّل تلك المعاني‪ ،‬فلماذا ال تكون‬ ‫ّ‬
‫فم�شكلة ال ّر�ؤية الب�صر ّية‪ ،‬هي �أنّ ال�شهود‬
‫ال�س َما َو ِات َوالأَ ْر َ�ض‬ ‫اهلل َخ َلقَ َّ‬ ‫ـ } �أَ َل ْم َت َر �أَ َّن َ‬ ‫�أحيان ًا عديدة ال ي��رون الهالل الموجود‬
‫اهلل التكوين ّية‪ ،‬وبالقوانين الطبيع ّية التي‬ ‫ال�شريف»‬ ‫«ال��ر�ؤي��ة» في الحديث ال ّنبوي ّ‬
‫�صوموا لر�ؤيته وافطروا لر�ؤيته»‪ ،‬تحمل‬ ‫الح ِّق{ �إبراهيم‪. 19:‬‬ ‫ِب َ‬ ‫فعلي ًا فوق الأفق الغربي‪ ،‬و�أحيان ًا �أخرى‬
‫�س ّنها للكون‪ .‬وه��ذا ال يجوز‪ ،‬لأ ّن��ه ي�شوه‬ ‫َ‬
‫ـ } �أ َل � ْ�م َت � َر �أ َّن اهلل َي ْ�س ُج ُد َل � ُه َم��نْ ِفي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تلك القوانين ويخالفها‪ ،‬ول��ذل��ك ال ب ّد‬ ‫يرون هال ًال وهم ّي ًا ال وجود له فوق ذلك‬
‫ال�ش ْم ُ�س‬ ‫ال���َّ�س� َم��ا َو ِات َو َم��نْ ِف��ي الأَ ْر� ِ��ض َو َّ‬ ‫الأف ��ق‪ .‬وال�م�لاح��ظ �أنّ عمليات الإدالء‬
‫للإن�سان من �أن يحترم القوانين الطبيع ّية‬ ‫َوال َق َم ُر{ الحج‪. 18:‬‬
‫الإله ّية‪ ،‬وين�سجم ويتوافق ويتكيف معها‪.‬‬ ‫ب�شهادات ال��ر�ؤي��ة ل�ل�أه� ّل��ة غير موثقة‪،‬‬
‫م�شكلة ال ّر�ؤية الب�صر ّية‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ـ }�أَ َل ْم َت َر ْوا َك ْي َف َخ َلقَ اهلل َ�س ْب َع َ�س َم َو ٍات‬
‫فاالعتماد على الر�ؤية العين ّية‪ ،‬وما حملته‬ ‫وت �ج��ري ب��ات�ب��اع ط��رق غير مو�ضوع ّية‪.‬‬
‫هي �أنّ ّ‬
‫ال�شهود �أحيان ًا‬ ‫ِط َبا ًقا{ نوح‪. 15:‬‬ ‫وعلى ك ّل حال‪ ،‬فالمعروف وال ّثابت هو �أنّ‬
‫وتحمله من �أخطاء في تعيين مدة الأجل‬ ‫الخ ْلقَ ُث َّم‬ ‫ُ‬
‫ـ }�أَ َو َل� ْ�م َي� َر ْوا َك ْي َف ُي ْب ِد ُئ اهلل َ‬
‫الم�سمى دورة القمر االقترانية المقررة‬ ‫ع��دي��دة ال ي��رون ال��ه�لال الموجود‬ ‫العين الب�شر ّية تتع ّر�ض للإ�صابة بالعديد‬
‫ُي ِعي ُد ُه{ العنكبوت‪. 19:‬‬ ‫من الأم��را���ض الخف ّية التي ال تعرف �إال‬
‫�إل�ه�ي� ًا‪ ،‬وبالتالي ارت �ك��اب الأخ �ط��اء في‬ ‫فعلي ًا فوق الأف��ق الغربي‪ ،‬و�أحيان ًا‬ ‫التب�صر‪:‬‬‫ّ‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫والب�صيرة‬ ‫‪ 3‬ـ الر�ؤية بالقلب‬
‫ال�شهر القمري‪ ،‬بحيث �أ�صبح‬ ‫تعيين بداية ّ‬ ‫من خالل الفح�ص الطبي الدّقيق للعين‪.‬‬
‫�أخرى يرون هال ًال وهم ّي ًا ال وجود له‬ ‫َ‬
‫}ما َك َذ َب ال ُف�ؤَا ُد َما َر�أى{ ال َّنجم‪. 11:‬‬ ‫ـ َ‬ ‫ال�ضروري عل ك ّل من‬ ‫ولذلك‪ ،‬ي�صبح من ّ‬
‫هناك بداية طبيع ّية �إله ّية يقول بها علماء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـ } َو�إِنا َعلى �أنْ ن ِر َيك َما ن ِعدُهُ ْم لقا ِد ُرونَ {‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الفلك‪ ،‬وبداية �أخرى عين ّية �شرع ّية يقول‬ ‫فوق ذلك الأفق‬ ‫يرغب باال�ستهالل‪ ،‬من �أجل تقديم �شهادة‬
‫الم�ؤمنون‪. 95:‬‬ ‫ال ّر�ؤية �إلى الم� ّؤ�س�سة الدين ّية‪� ،‬أن يتمتع‬
‫بها فقهاء المذاهب الإ�سالم ّية‪� .‬أال ي�شكل‬ ‫َ‬
‫ه��ذا ال �خ�لاف‪ ،‬ت�شويه ًا لمعنى الأج��ل‬
‫ال�س َما َو ِات‬ ‫ـ }�أَ َل ْم َت َر �أَ َّن اهلل َي ْعل ُم َما ِفي َّ‬
‫َ‬ ‫ب�صفة العدل ّية �أو العدول ّية‪ ،‬و�أن يحمل‬
‫عندما ن��در���س عبارة‬ ‫َو َما ِفي الأَ ْر ِ�ض{ المجادلة‪. 7:‬‬ ‫�شهادة طب ّية من طبيب عيون مخت�ص‪،‬‬
‫الم�سمى ومفهومه‪ ،‬ومخالفة �صريحة‬ ‫«الر�ؤية» وم�شتقات فعل‬ ‫اهلل ُي َ�س ِّب ُح َل � ُه َم��نْ ِفي‬ ‫ـ } �أَ َل � ْ�م َت � َر َ�أ َّن َ‬
‫لأح �ك��ام ال���ّ�ش��رع الإل �ه��ي كما ن�ص عليه‬ ‫ت�شهد بخلو عينيه من �سبعة ع�شر مر�ض ًا‬
‫«ر�أى» ال���واردة في ال��ق��ر�آن الكريم‪،‬‬ ‫ال�س َما َو ِات َوالأَ ْر ِ�ض{ النور‪. 41:‬‬ ‫َّ‬ ‫محدّد ًا‪ ،‬و�إال يحكم ببطالن �شهادته‪.‬‬
‫القر�آن؟ ونفهم من مراجعة وقائع التّاريخ‬ ‫‪ 4‬ـ الر�ؤية في المنام والحلم‪:‬‬
‫الإ�سالمي‪� ،‬أنّ ال ّنا�س فهموا الر�ؤية �أيام‬ ‫نالحظ وج��ود خم�سة معان لها‪،‬‬ ‫اهلل ِفي َم َن ِام َك َق ِليلاً {‬ ‫ـ }�إِ ْذ ُي ِري َك ُه ُم ُ‬ ‫معانٍ مختلفة للر�ؤية‪:‬‬
‫الخلفاء الأوائ��ل بمعنى ال��ر�ؤي��ة بالعين‪،‬‬ ‫وردت في عدد من الآيات القر�آن ّية‬ ‫الأنفال‪. 43:‬‬ ‫عندما ندر�س عبارة «الر�ؤية»‪ ،‬وم�شتقات‬
‫فكان الخالف ال��ذي يرويه ابن عبا�س‪،‬‬ ‫َ‬
‫�ام �أ ِّن ��ي‬ ‫َ‬ ‫فعل «ر�أى» ال��واردة في القر�آن الكريم‪،‬‬
‫ب�أنّ �أهل ال�شام �صاموا و�أفطروا بخالف‬ ‫ـ } َي��ا ُب � َن� َّ�ي ِ�إ ِّن� ��ي �أ َرى ِف��ي ال � َم � َن� ِ‬
‫{[ال�صفات‪. 102:‬‬ ‫َّ‬ ‫�أَ ْذ َب ُح َك‬ ‫نالحظ وجود معان �أخرى للعبارة �أه ّمها‪:‬‬
‫��ص��وم و�إف �ط��ار �أه��ل المدينة‪ ،‬ف��ي حين‬ ‫نف�س م��ا ورد ف��ي ال �ق��ر�آن م��ن المعاني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـ } َي��ا �أَ َب� ِ�ت ِ�إ ِّن��ي َر�أ ْي��تُ �أ َح��دَ َع َ�ش َر َك ْو َك ًبا‬ ‫‪ -1‬الر�ؤية بالعين والح�س‪.‬‬
‫�أنّ علماء الفلك والريا�ضيات في �أيام‬ ‫�ألي�ست �آيات القر�آن كالم ًا عربي ًا ف�صيح ًا‪،‬‬ ‫ال�ش ْم َ�س َوال َق َم َر َر�أَ ْي ُت ُه ْم ِلي َ�س ِاج ِدينَ {‬ ‫َو َّ‬ ‫‪ -2‬الر�ؤية بالعقل والتف ّكر‪.‬‬
‫الع�صر الذهبي الإ��س�لام��ي الح�ضاري‬ ‫ن��زل��ت بنف�س ال� ّل�غ��ة ال�ت��ي ك��ان يتك ّلمها‬ ‫يو�سف‪. 4:‬‬ ‫التب�صر‪.‬‬
‫‪ -3‬الر�ؤية بالقلب والب�صيرة �أو ّ‬
‫فهموا ح��دي��ث ال��ر�ؤي��ة بمعنى «�صوموا‬ ‫ال� ّر��س��ول(���ص) وقومه العرب ويدركون‬ ‫ل �أَ ْفتُو ِني ِفي ُر�ؤْ َي َاي ِ�إنْ ُك ْنت ُْم‬ ‫ـ } َيا �أَ ُّي َها ال َم َُ أ‬ ‫‪ -4‬الر�ؤية في المنام والحلم‪.‬‬
‫و�أف��ط��روا ب�ن��اء ع�ل��ى م��ا ت��رون��ه �صادق ًا‬ ‫مفاهيمها ومعانيها؟‬ ‫ِلل ُّر�ؤْ َيا َت ْع ُب ُرونَ { يو�سف‪. 43:‬‬ ‫‪ -5‬الر�ؤية بالحد�س والت� ّصور �أو التخ ّيل‪.‬‬
‫و�صائب ًا بعد الم�شاورة وال ّنظر في الأمر‬ ‫وق��د لفت نظري �أث�ن��اء درا��س��ة التّف�سير‬ ‫ـ } َو َق َال َيا �أَ َب ِت هَ َذا َت ْ�أ ِوي ُل ُر�ؤْ َي َاي ِمنْ َق ْب ُل‬ ‫وق��د وردت ه��ذه المعاني ف��ي ع��دد من‬
‫وح�سن التدبير»‪.‬‬ ‫القر�آني ورود عبارة «�أج��ل م�س ّمى»‪� ،‬أي‬ ‫َق ْد َج َع َل َها َر ِّبي َح ًّقا{ يو�سف‪. 100:‬‬ ‫الآي��ات القر�آن ّية‪ ،‬ونذكر فيما يلي بع�ض‬
‫*ع�ضو الجمعية الفلك ّية الملكية الكندية‬ ‫«ال��وق��ت المعين» ف��ي ��س��ورة ال � ّرع��د ـ‪،2‬‬ ‫‪ 5‬ـ الر�ؤية بالحد�س والت�صور �أو التخيل‪:‬‬ ‫الأمثلة عليها‪..‬‬
‫وفاطرـ ‪ ،13‬والزمر ـ‪ ،5‬ولقمان ـ‪ ،31‬في‬ ‫ـ } َو َت َرى ال َملاَ ِئ َك َة َحا ِّفينَ ِمنْ َح ْو ِل ال َع ْر ِ�ش‬ ‫‪ 1‬ـ الر�ؤية بالعين والح�س‪:‬‬

‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫‪10‬‬
‫الح�ساب الفلكي و�إثبات ّ‬
‫ال�شهور‪ :‬بين العلم والفقه‬
‫ال�شيخ د‪ .‬عبد المنعم النمر‬
‫ال�شم�س‬ ‫ال�ق�م��ر وب �ع��ده م �ك��ان غ ��روب ّ‬ ‫وعلى ذل��ك‪� ،‬صار العلماء يفتون حتّى‬ ‫فتحت فتوى العالمة المرجع والفقيه المجدّد‪ ،‬ال�س ّيد مح ّمد ح�سين‬
‫بمقدار ‪ 8‬درج��ات‪� ،‬أعني يكون القمر‬ ‫الآن‪ ،‬ب�أ ّنه ال ب� ّد من ال��ر�ؤي��ة‪ ،‬مع قولهم‬ ‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬باعتماد الح�سابات الفلك ّية الدّقيقة في �إثبات الهالل‪،‬‬
‫ال�شم�س و�ضوئها‬ ‫عند الغروب بعيد ًا عن ّ‬ ‫و�شهادتهم بد ّقة الح�ساب الفلكي‪ ،‬لأ ّنهم‬ ‫الآفاق �أمام االجتهاد الإ�سالمي من �أجل مواكبة التّقدم العلمي الكبير‬
‫بم�سافة يقطعها القمر في ‪ 32‬دقيقة‪،‬‬ ‫لم ي�ستطيعوا الخروج من دائرة التّقليد‬ ‫في هذا المجال‪ .‬وقد �أثار عدم االعتماد على العلم ومعطياته‪ ،‬الكثير من‬
‫حتّى تمكن ر�ؤي �ت��ه بعيد ًا ع��ن �شعاعها‬ ‫لل�سابقين واالرتباط بهم‪� ،‬إيثار ًا‬ ‫الفقهي ّ‬ ‫التّ�سا�ؤالت في ظ ّل التّقدم الكبير والدّقة الفائقة ا ّلتي و�صل �إليها علم الفلك‪ ،‬حيث كتب‬
‫عند الغروب هكذا‪ ،‬وهذا ك ّله من �أجل‬ ‫للراحة وال���ّ�س�لام��ة‪ ..‬وعلى ه��ذا جاءت‬ ‫الدّكتور عبد المنعم ال ّنمر‪� ،‬شيخ الأزهر الأ�سبق‪ ،‬و�أحد كبار علمائه‪ ،‬ووزير الأوقاف‬
‫�أنّ الر�ؤية �أو �إمكانها اعتبروها �شرط ًا �أو‬ ‫ال�ف�ت��اوى ال�ح��دي�ث��ة‪ ،‬وج��اء ق��رار م�ؤتمر‬ ‫الأ�سبق في م�صر‪ ،‬وع�ضو مجمع البحوث الإ�سالمية‪ ،‬مقا ًال قبل �أكثر من ع�شرين عام ًا‪،‬‬
‫ال�صوم ال و�سيلة‪ ...‬ولو تعدّدت‬ ‫ع ّلة لبدء ّ‬ ‫مجمع البحوث الإ�سالم ّية عام ‪1966‬م‪،‬‬ ‫ال�شهور القمر ّية‪ ،‬وفي ما يلي ن�ص المقال‪..‬‬ ‫تناول فيه دور الح�ساب الفلكي في تعيين ّ‬
‫ّ‬
‫ال�م��ؤت�م��رات على ه��ذا ال�ن�ح��و‪ ،‬حتى لو‬ ‫وقرارات م�ؤتمرات �أخرى‪.‬‬
‫بلغت �ألف ًا‪ ،‬لما خرجت عن هذه الدائرة‬ ‫وي��ب��دو ع �ل��ى ك� � ّل ه ��ذه ال �ف �ت��اوى وه��ذه‬ ‫وال الكتابة يعطينا مفهوم ًا طبيعي ًا‪ ،‬وهو‬ ‫�إ�شكال ّية مطروحة‪:‬‬
‫المرتبطة بالأقوال االجتهاد ّية القديمة‪.‬‬ ‫ّم�سك بالتّقليد لما‬ ‫القرارات‪ ،‬م�سحة الت ّ‬ ‫ً‬
‫�أنهم لو كانوا �أ ّمة تجيد الكتابة والح�ساب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حول‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫إ�سالم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�ار‬
‫الخالف بين الأق�ط�‬
‫فك ّل ما يقال فيها ويق ّره كبار العلماء‪� ،‬إ َّنما‬ ‫جاء في الكتب‪ ،‬مع ما يبدو من تناق�ض في‬ ‫ب��دء �شهر رم���ض��ان ب�خ��ا� ّ��ص��ة‪ ،‬وبدايات لأمكن االعتماد على الح�ساب كو�سيلة‬
‫تم�سك‬ ‫هو �صورة من كتاب الفقه‪ ،‬وكان ّ‬ ‫موقفهم‪ ،‬حين يعتمدون على الح�ساب في‬ ‫ال�شهور العربية بعامة‪ ،‬ال يكاد ينتهي‪� ،‬أخ��رى‪ ،‬وه��ذا يعني �أنّ الأ ّم��ة الإ�سالم ّية‬
‫العلماء بهذا القول التّقليدي‪ ،‬هو ا ّلذي‬ ‫بع�ض الأح �ي��ان‪ ،‬وي��ردون‬ ‫فالم�سلمون يتط ّلعون �إل��ى توحيد البدء ح�ي��ن ت�ت�ق�دّم وت�ج�ي��د ال�ح���س��اب الفلكي‬
‫لوى عنق بع�ض العلماء الفلك‪ ،‬وجعلهم‬ ‫ال�صيام لما طبعوا عليه المق�صود هنا كما ح�صل‪ ،‬يمكنها الأخذ‬ ‫وال ّنهاية ل�شهر ّ‬
‫ي�ت�ن��ازل��ون ـ م��ع الأ� �س��ف ـ ع��ن الحقيقة‬ ‫ال�شهور القمر ّية‪.‬‬ ‫دي �ن � ّي � ًا م��ن ح� ّ�ب ال � ّت��وح �ي��د‪ ،‬ف�ه��ل يمكن به في معرفة بدء ّ‬
‫العلم ّية الكون ّية التي يثبتها الح�ساب‬ ‫رغم معرفة الفقهاء‬ ‫االعتماد على الح�ساب الفلكي الدّقيق في بين العلم والفقه‪:‬‬
‫الفلكي العلمي الدّقيق‪ ،‬وي�سيرون في‬ ‫بدقة الح�ساب الفلكي‪� ،‬إال‬ ‫ال�شهور العرب ّية‪ ..‬وماذا يقول ل��م يكن ف��ي عهد ال � ّر� �س��ول(���ص)‪ ،‬ومن‬ ‫تعيين بدء ّ‬
‫موكب ال � ّر�أي الفقهي الملتزم بالأقوال‬ ‫بعده �إلى الع�صر العبا�سي‪ ،‬علماء فلكيون‬ ‫ان‬ ‫خ�صو�صا‬ ‫الفلك‪،‬‬ ‫وعلماء‬ ‫علماء الدّين‬
‫�أ ّنهم لم ي�ستطيعوا الخروج‬ ‫أهم العبادات‪ ،‬وهي‪ :‬بالمعنى الحقيقي للعلم الذي عرف فيما‬
‫القديمة‪ ،‬وهذا فهم وت�ص ّرف في ر�أيي‬ ‫المو�ضوع يت�صل ب� ّ‬
‫ور�أي الكثيرين ـ كما قلت ـ غير �سديد‪،‬‬ ‫من دائ��رة ال ّتقليد للفقهاء‬ ‫بعد‪ ،‬ونعرفه الآن‪ ..‬بل كان هناك �أنا�س‬ ‫أخ�ص‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫على‬ ‫والحج‬ ‫وال�صيام‪،‬‬ ‫ال�صالة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫لأنّ ال� ّر�ؤي��ة مج ّرد و�سيلة اعتمد عليها‬ ‫ً‬
‫ال�سابقين‪� ،‬إي��ث��ارا لل ّراحة‬ ‫ّ‬ ‫ّخذون‬ ‫ت‬ ‫وي‬ ‫جوم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫وال‬ ‫أفالك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫عن‬ ‫مون‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫يتك‬ ‫هور‬ ‫ّ‬
‫ال�ش‬ ‫بدء‬ ‫تحديد‬ ‫العلماء‬ ‫على‬ ‫ويجب‬
‫ال� ّر��س��ول (� ��ص)‪ ،‬حين ل��م يكن �أمامه‬ ‫العرب ّية �أو القمر ّية ا ّلتي تتّ�صل ب�أحكام منها و�سيلة ن�صب‪ ،‬ل�ل�إخ�ب��ار بالغيب‪،‬‬
‫وال�سالمة‬ ‫ّ‬ ‫وخداع ال ّنا�س بالتن ّب�ؤ بالم�ستقبل‪ ،‬و�س ّموا‬ ‫الدّين‪� ،‬أو ترتبط الأحكام بها‪.‬‬
‫غيرها‪ ،‬ف�إذا وجدت و�سيلة �أخرى دقيقة‪،‬‬
‫كان من الممكن االعتماد عليها‪...‬‬ ‫«بالمنجمين»‪ ،‬وكانوا غير �أهل‬ ‫ّ‬ ‫عند ذلك‬ ‫ال�شهور العرب ّية‪:‬‬ ‫بدء ّ‬
‫وعلى �أ��س��ا���س �أنّ ال � ّر�ؤي��ة و�سيلة‪ ،‬وهو‬ ‫قطعي كما‬ ‫به �شهادة العدول بال ّر�ؤية لأ ّنه ّ‬ ‫فنحن نلم�س من واقعنا‪� ،‬أ ّنه ك ّلما اقترب لل ّثقة‪.‬‬
‫الفهم ا ّلذي �أراه �سديد ًا‪ ،‬لأد ّلة كثيرة ال‬ ‫دل داللة‬ ‫�شهر رم�ضان‪� ،‬أخذ الم�سلمون يف ّكرون‪� :‬إذ ًا‪ :‬لم يكن هناك غير ال � ّر�ؤي��ة و�سيلة �سبق‪ ،‬بينما ال يعتمدون عليه �إذا ّ‬
‫يتّ�سع المجال هنا ل�سردها‪ ،‬يمكننا القول‬ ‫متى يبد�أ؟ وفي �أذهانهم ما يحدث ك ّل ل�م�ع��رف��ة دخ���ول ال ���َّ�ش �ه��ر‪ ،‬ول��ذل��ك كان قطع ّية على �أنّ القمر موجود في الأفق‬
‫دل الح�ساب الفلكي‬ ‫ال�شهر �إذا ّ‬ ‫بدخول ّ‬ ‫ال�شم�س‪ ،‬ولكن تحول دون‬ ‫عام من الخالف بين ال�دّول الإ�سالم ّية ر�أي جميع الفقهاء �أ ّن ��ه ال ع�ب��رة لقول بعد غ��روب َّ‬
‫ً‬
‫الدّقيق المعمول به عالميا‪ ،‬وعلى �أ�سا�سه‬ ‫ال�شهر‪،‬‬ ‫المنجمين‪ ،‬وكالمهم هذا حقّ و�صدق‪� ،‬إذ ر�ؤيته موانع‪ ..‬فال يقولون بدخول ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�شهر‪ ،‬وهم يتط ّلعون �إلى توحيد‬ ‫حول بدء ّ‬
‫وال�سفن وتطلق الأقمار‬ ‫ت�سير ّ‬ ‫الطبيعي ـ منطقهم هم ـ‬ ‫ال�ب��دء وال� ّن�ه��اي��ة‪ ،‬وال �س ّيما بعد �سهولة لم يكن علم الفلك قد ارتقى حتّى يوثق وك��ان المنطق ّ‬
‫الطائرات ّ‬
‫ال�صناع ّية‪ ،‬ومراكب الف�ضاء‪ ،‬ويحدّد‬ ‫ّ‬ ‫ال�سريع بين �أجزاء العالم‪ .‬ولم به‪ ،‬وبالتّالي لم يكن عندهم مرا�صد وال يق�ضي بقبول الح�ساب في هذه الحالة‬ ‫االتّ�صال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وق��ت الك�سوف وال�خ���س��وف ب�ك�ل دق��ة‪،‬‬ ‫لكنّ‬ ‫�ر‪...‬‬
‫�‬ ‫ه‬ ‫�‬ ‫�ش‬ ‫ّ‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�ول‬
‫�‬ ‫خ‬ ‫�د‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�ول‬‫�‬ ‫ق‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ً‬
‫ا‬ ‫�‬ ‫ض‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫عرفوها‪ ...‬فكان حكم الفقهاء في ذلك‬ ‫توحيد‬ ‫في‬ ‫غبة‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫هذه‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ّط‬ ‫يكن هذا الت‬
‫دل ه��ذا الح�ساب على �أنّ القمر‪،‬‬ ‫�إذا ّ‬ ‫تم�سكهم بال ّر�ؤية‪ ،‬وك�أ ّنه �شرط �أو ع ّلة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫البدء وال ّنهاية والأعياد موجودين حين الوقت على �أ�سا�س الواقع في �أيامهم‪.‬‬
‫�أعني الهالل‪� ،‬سيمكث ف��وق الأف��ق بعد‬ ‫كان االت�صال المتوفر الآن غير متاح من لكن منذ ال ّنه�ضة العلم ّية ف��ي الع�صر هو ا ّلذي �أدّى بهم �إلى هذا التّناق�ض في‬
‫ال�شم�س ولو لمدّة دقيقتين‪ ،‬لأنّ‬ ‫غروب َّ‬ ‫ي�صح �أن يعي�ش‬ ‫قبل‪ ،‬فكانوا يقنعون بالممكن المتاح‪ ،‬من الع ّبا�سي‪ ،‬ارت�ق��ى علم الفلك‪ ،‬و�أ�صبح موقفهم‪ ...‬وهو تناق�ض ال ّ‬
‫وال كون ّياً‬ ‫ال�شهر يكون قد بد�أ ودخل دخ ً‬ ‫ّ‬ ‫توحيد ذلك مع من يمكن االت�صال بهم علم ًا ل��ه ق��واع��ده وط��رق��ه ونتائجه‪ ،‬وله طوي ًال‪� ،‬إذ ال يقبل منهم ثقتهم بالح�ساب‬
‫ً‬
‫وطبيع ّيا وفعل ّيا‪ ،‬وال قيمة العتبارنا نحن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫�سريع ًا بو�سائلهم المحدودة‪ ،‬قبل اختراع علما�ؤه ال�ب��ارزون فيه‪ ...‬وظهر العلماء الفلكي حتّى يردّوا به �شهادة العدول‪ ،‬ثم‬
‫�أعني ال عبرة باعتبارنا وتقديرنا �إذا‬ ‫دل على وجود الهالل في‬ ‫و�سائل االت�صال الحديثة‪ ،‬فكانت ر�ؤية الفلك ّيون الأ�صل ّيون‪ ،‬بجوار ما كان من ال يقترن به �إذا ّ‬
‫ج��اء مخالف ًا للطبيعة‪ ،‬ما دمنا نعرف‬ ‫منجمين فلك ّيين‪ ،‬وتم ّيز ه�ؤالء عن ه�ؤالء الأف��ق‪ ،‬لكن مع ذل��ك‪ ،‬ر�أينا الم�ؤتمرات‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل منطقة للهالل هي القا�ضية بدخول‬
‫الطبيعي عن طريق الح�ساب‬ ‫وقت بدئه ّ‬ ‫ال�شهر‪ ،‬عند �أهل هذه المدينة �أو القرية‪� ،‬أم��ام الجميع‪ ،‬لكن لم يتبع هذا التّطور التي تعدّد انعقادها في العالم الإ�سالمي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الفلكي العلمي العالمي كو�سيلة �أخرى‬ ‫العلمي‪ ،‬تط ّور فقهي مماثل‪ ،‬فظ ّلت ال ّر�ؤية ي��دور بحثها في �إط��ار التّقليد‪ ،‬وعلى �أنّ‬ ‫ال�صحراء الذين يرونه‪.‬‬ ‫�أو �أهل ّ‬
‫من و�سائل المعرفة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬كان من الطبيعي �أن يربط الإ�سالم هي الو�سيلة الوحيدة عند الفقهاء لإثبات ال ّر�ؤية ال ب ّد منها‪ ،‬وك�أ ّنها �شرط �أو ع ّلة‪،‬‬
‫�شك‬ ‫�إنّ ا ّل��ذي ال يجوز �أن يكون مح ّل ّ‬ ‫ال�شهر‪ ،‬ولم يخط �أحد منهم خطوة �أخ���ذ ًا بما ج��اء ف��ي كتب ال�ف�ق��ه!! حتّى‬ ‫ال�شهور بال ّر�ؤية الب�صر ّية‪ ،‬لأ ّنها هي دخول ّ‬ ‫بدء ّ‬
‫الفلكي‬
‫ّ‬ ‫الآن‪ ،‬ه��و � �ص� ّ�ح��ة ال �ح �� �س��اب‬ ‫ال�سابقون‪ ،‬ولم حين مالوا �إلى القول باعتماد الح�ساب‪،‬‬ ‫متقدّمة عما قاله الفقهاء ّ‬ ‫الوقت‬ ‫ذلك‬ ‫في‬ ‫الممكنة‬ ‫الوحيدة‬ ‫الو�سيلة‬
‫ال�شهور‬ ‫الحديث‪ ،‬ود ّقته في تحديد �أوائل ّ‬ ‫يدل على �أنّ القمر تمكن‬ ‫ال�شهر‪ .‬يقل واح��د منهم‪ :‬يمكن االعتماد على اعتمدوه حين ّ‬ ‫ال�ستطالع القمر‪ ،‬ومعرفة دخول َّ‬
‫ي�صح �أن‬ ‫ّ‬ ‫القمر ّية العرب ّية‪ ،‬وا ّل ��ذي ال‬ ‫وق��د ج ��اءت رواي ��ة تع ّلل االع�ت�م��اد على الح�ساب وحده للقول بدخول ال�شهر بعد ر�ؤيته‪ ،‬وذل��ك حين يكون مرتفع ًا ر�أ�سي ًا‬
‫يكون مح ّل تردّد م ّنا في االعتماد عليه‬ ‫تم�سك ًا منهم من الأفق بمقدار خم�س درجات يقطعها‬ ‫ال ّر�ؤية ب�أ ّنها الممكنة‪ ،‬حين قال(�ص)‪ :‬تقدّم علم الفلك‪ ،‬وذل��ك ّ‬
‫والأخذ به الآن‪ ،‬هو هذا الح�ساب ا ّلذي‬ ‫ال�شم�س في ‪ 20‬دقيقة ويغرب‬ ‫ال�شهر بالحديث «��ص��وم��وا ل��ر�ؤي �ت��ه‪ ،»...‬وك���أنّ بعد غروب ّ‬ ‫«�إ ّنا �أ ّمة �أم ّية ال نكتب وال نح�سب؛ ّ‬
‫يمكن على �أ�سا�سه معرفة �أ ّول ك ّل �شهر‬ ‫لل�صوم عندهم ال و�سيلة له‪ ...‬بعدها‪ ،‬ويكون البعد ال� �زّاوي‪ ،‬وه��و ميل‬ ‫ً‬
‫هكذا وه�ك��ذا»‪ ،‬ي�شير �إل��ى �أ ّن��ه ‪ 29‬يوما ال ّر�ؤية ع ّلة ّ‬
‫معرفة ح�ساب ّية دقيقة‪ ،‬قبل حلوله ب�شهور‬ ‫�أحيان ًا‪ ،‬و‪ 30‬يوم ًا �أحيان ًا �أخ��رى‪ ،‬وذلك‬
‫وب�سنين‪ ،‬مما ه��و م�ع��روف عالمي ًا‪ ،‬بـ‬ ‫�إن الذي ال يجوز �أن يكون محل �شك الآن هو �صحة الح�ساب الفلكي‬ ‫من خالل ما عرفوه من ر�ؤيتهم للهالل‬
‫«الدّخول الفلك ّية العالم ّية» ا ّلتي تو�ضع‬ ‫الحديث ودقته في تحديد �أوائل ّ‬ ‫ال�سنين‪...‬‬ ‫على م ّر ّ‬
‫ال�شهور القمر ّية العرب ّية‬ ‫هذا التّعليل بكونهم �أ ّمة ال تجيد الح�ساب‬
‫لمائة �سنة مقبلة‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫ّ‬
‫حل م�شكلة الهالل باعتماد منهج ّية المرجع ف�ضل اهلل‬
‫ال�شيخ ماهر حمود‬ ‫ّ‬
‫ال�شخ�ص ا ّلذي‬ ‫في �إحدى هذه البلدان‪ّ ،‬‬ ‫تتك ّرر في ك ّل عام م�شكلة ينبغي �أن ت�صبح من الما�ضي‪ ،‬وهي تتع ّلق ب�إعالن‬
‫زعم ر�ؤي��ة الهالل‪ ،‬لوجب على القا�ضي‬ ‫ال�شهر القمري‪� ،‬سواء بداية �شهر رم�ضان المبارك‪� ،‬أو �إعالن عيد‬ ‫بداية ّ‬
‫�أن يع ّنفه ويتّهمه بالكذب‪ ..‬فالأمر لي�س‬ ‫الفطر‪ ،‬حيث تنق�سم الآراء بين الدّول العرب ّية والإ�سالم ّية في ك ّل عام‪.‬‬
‫خا�ضع ًا لمزاج ّية‪� ،‬أو الحتماالت و�أوهام‪.‬‬ ‫والم�شكلة لي�ست في انق�سام ال � ّر�أي؛ فاختالف ال� ّر�أي طبيعي ومالزم لطباع الب�شر‪،‬‬
‫ال�شهر القمري‪ ..‬وهذه‬ ‫ولك ّنها تكمن في ع��دم و�ضوح المنهج ّية المعتمدة لإثبات ّ‬
‫�أ ّم��ا �أن ت�صدر بيانات تقول «ثبت لدينا‬
‫المنهج ّية وا�ضحة في ر�أي �سماحة ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬وندعو �إلى‬
‫ب��ال��وج��ه ال���ّ�ش��رع��ي»‪ ،‬ف� ��إنّ ه��ذه العبارة‬ ‫اعتمادها واالنطالق منها �إلى منهج ّية �أخرى ترتكز على عدّة �أمور‪.‬‬
‫ال�ت�ق�ل�ي��د ّي��ة‪ ،‬ب��ات��ت �أ� �س �ل��وب � ًا مرفو�ض ًا‪،‬‬
‫وينبغي �أن ي�ق��ال ب �ج��ر�أ ٍة ك��اف�ي��ة‪« :‬ثبت‬ ‫فهذه مغالطة مرفو�ضة جمل ًة وتف�صي ًال‪،‬‬ ‫الح�ساب الفلكي يقيني‪:‬‬
‫ال�صيام‬ ‫الفلكي �أنّ �شهر ّ‬
‫ّ‬ ‫لدينا بالح�ساب‬ ‫ال�صلة وعلى الم�ش ّككين �أن ينظروا �إلى خريطة‬ ‫يجب �إعالن جميع الجهات ذات ّ‬
‫يبد�أ في اليوم الفالني»‪ ،‬ليكون الموقف‬ ‫ب ��إع�لان ال� ّ���ص��وم وع�ي��د الفطر ف��ي ك ّل الك�سوف �أو الخ�سوف‪ ،‬ود ّق ��ة ر�صدها‬
‫وا�ضح ًا‪.‬‬ ‫البالد الإ�سالم ّية‪� ،‬أنّ الح�ساب الفلكي والتّفا�صيل الدّقيقة في ذلك‪.‬‬
‫ال�ح���س��اب يغني ع��ن ال� � ّر�ؤي ��ة‪ ،‬ف� ��إن ّتم‬ ‫ف�ضل اهلل في االعتماد على الح�سابات‬ ‫هو �أم��ر يقيني‪ ،‬نتائجه ملزمة �شرع ًا‪ ،‬وينبغي الخروج من �إ�شكال ّية التّ�شكيك‬
‫اعتماده‪ ،‬تكون والدة الهالل قبل مغيب‬ ‫الفلك ّية‪ ،‬وال ينبغي لنا �أن ننتظر �ساعتين‬ ‫و�أرقامه تفيد اليقين وتغني عن ال ّر�ؤية بالح�ساب الفلكي‪ ،‬وال ّت�أكيد �أ ّنها جزء من‬
‫� ّأي يوم ولد بدقائق‪ ،‬كافية لإثبات الدّخول‬ ‫�أو ثالث �ساعات حتّى بعد المغيب‪ ،‬لنعلم‬ ‫ال�شرعي المطلوب‪ ،‬وق��د �أ�شارت‬ ‫بالعين المج ّردة‪ ،‬وهي ح�سابات و�أرقام ال العلم ّ‬
‫القمري‪ ،‬من دون الحاجة �إلى‬ ‫ّ‬ ‫ال�شهر‬ ‫في ّ‬ ‫بداية ّ‬
‫ال�شهر‪.‬‬ ‫تخ�ضع لمزاج ّية ا�ستن�ساب ّية �أو احتماالت‪� ،‬آي ��ات كثيرة �إل��ى دق��ة ال� ّن�ظ��ام الكوني‪،‬‬
‫االلتما�س وال ّر�ؤية‪ ،‬وهذا ي�ستتبع الإعالن‬ ‫بمعنى �آخ��ر‪� ،‬إنّ دع��وة ال ّنا�س هنا‪� ،‬إلى‬ ‫ال�ش ْم َ�س‬ ‫كقوله تعالى‪} :‬هُ � َو ا َّل� ِ�ذي َج َع َل َّ‬ ‫والخط�أ فيها لي�س وارد ًا‪.‬‬
‫قبل �أ ّي��ام‪ ،‬وبو�ضوح وعالن ّية‪ ،‬ومن دون‬ ‫ال�صوم �أو الفطر‪ ،‬وانتظار‬‫التما�س هالل َّ‬ ‫�ات ب�سيطة ِ�ض َياء َوا ْل َق َم َر ُنور ًا َو َق� َّ�د َر ُه َم َناز َِل ِل َت ْع َل ُمو ْا‬ ‫فالمخت�صون ق ��ادرون ب��آل�ي� ٍ‬
‫ّ‬
‫تردّد في ذلك‪.‬‬ ‫وقت قد يكون طوي ًال بعد المغيب لإعالن‬ ‫اب َما َخ َلقَ اللهّ ُ َذ ِل َك‬ ‫�س‬ ‫ح‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ال�س‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫وح�سابات �سهلة‪� ،‬أن يحدّدوا والدة القمر َ دَ َ ِّ ِينَ َ ِ َ َ‬ ‫ٍ‬
‫م��ن ال��وا� �ض��ح �أنّ ال���ّ�س�ب��ب ه��و الحديث‬ ‫ال�صوم �أو عدمه‪ ،‬هو �أمر ال قيمة له �إذا‬ ‫ّ‬ ‫ات ِل َق ْو ٍم َي ْع َل ُمونَ {‬ ‫َ ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫آ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫�ص‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ق‬‫ّ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫ّ‬
‫ال‬‫َ‬ ‫�‬
‫إ‬
‫و�إم �ك��ان ر�ؤي ��ة ال �ه�لال‪ ،‬وم��ن �أ ّي ��ة بقعة ِ ِ َ ِ ُ ِّ‬
‫النبوي‪�« :‬صوموا لر�ؤيته‪ ،‬و�أفطروا لر�ؤيته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الفلكي‪ ،‬ب��ل ت�صبح‬ ‫الح�ساب‬ ‫اعتمدنا‬ ‫ف��ي العالم‪ ،‬والتّحديد يكون بالدّقائق يون�س‪. 5 :‬‬
‫ّ‬
‫غم عليكم ف�أتموا عدّة �شعبان ثالثين‬ ‫ف�إذا ّ‬ ‫المحافظة على فكرة االلتما�س والبحث‬ ‫وال ّثواني‪ ،‬وال يحتاج القيام بهذه العمل ّية‬
‫يوم ًا»‪ ،‬وال يخفى �أنّ ظاهر الحديث ّ‬
‫يدل‬ ‫ال�صوم‪ ،‬مثل المحافظة على‬ ‫ال�سليم‬ ‫ال��م��وق��ف ّ‬ ‫الح�ساب ّية �أ ّية �شهادات جامع ّية عالية‪� ،‬أو‬
‫عن هالل َّ‬
‫على وج��وب ال� ّر�ؤي��ة‪� ،‬إال �إذا علمنا �أ ّوله‪:‬‬ ‫فولكلور رم�ضان‪ ،‬كالم�سحراتي وفانو�س‬ ‫ه��و موقف ال�س ّيد‬ ‫ال�شهرة‪ ،‬بل هو ب�سيط‬ ‫مر�صد ًا علمي ًا ذائع ّ‬
‫«�إ ّنا �أ ّمة �أم ّية ال نكتب وال نح�سب‪� ،‬صوموا‬ ‫رم�ضان ومدفع رم�ضان وال ّنقوع ّ‬
‫وال�سو�س‬ ‫ف�ضل اهلل في االعتماد على‬ ‫يمكن �أن يتل ّقاه ك � ّل م��ن ه��و ف��ي بداية‬
‫لر�ؤيته و�أفطروا لر�ؤيته‪ ،»...‬ما يعني �أنّ‬ ‫التّعليم الجامعي في مجال الجيولوجيا‪،‬‬
‫الح�سابات الفلك ّية‪ ،‬والمطلوب‬
‫ال�سبب هو عدم ا�ستطاعة العلم في ذلك‬ ‫ّ‬ ‫�أو الفلك‪� ،‬أو الجغرافيا الطبيع ّية‪.‬‬
‫�أن ت�����ص��در بيانات‬ ‫ال�شهر قبل �أ ّيام‪،‬‬ ‫�إعالن بداية ّ‬
‫الوقت الو�صول �إل��ى اليقين‪� .‬أ ّم��ا اليوم‪،‬‬ ‫وه��ذه الح�سابات لي�ست نتيجة التّطور‬
‫وقد �أ�صبحنا ن�ستطيع الح�ساب للح�صول‬ ‫ت��ق��ول «ث��ب��ت لدينا‬ ‫�شكل يقيني غير خا�ضع‬ ‫ٍ‬ ‫في‬ ‫العلمي ف��ي ال �ق��رن الع�شرين فح�سب‪،‬‬
‫على العلم اليقين‪ ،‬فال تعود ال ّر�ؤية هي‬ ‫ال�شرعي»‪ ،‬ف ��إنّ هذه‬ ‫بالوجه ّ‬ ‫الت�صال ف��ي �آخ��ر لحظة‪� ،‬أو‬ ‫بل هي مالزمة لتط ّور العلم منذ ع�صر‬
‫�سبيل العلم‪.‬‬ ‫العبارة التقليد ّية‪ ،‬باتت �أ�سلوب ًا‬ ‫للتوافق والت�شاور‬ ‫ال ّنه�ضة تقريب ًا‪ .‬وقد �أ ّكد العالم الفلكي‬
‫�أدعو هنا �إلى اال�ستغناء كلي ًا عن ال ّر�ؤية‬ ‫ال ّلبناني الأ�صل‪ ،‬يو�سف مروة‪� ،‬أ ّنه قارن‬
‫الح�ساب َّية‪ ،‬وبالتّالي �إل��ى اعتبار ّ‬ ‫مرفو�ض ًا‪ ،‬وينبغي �أن يقال بجر�أ ٍة‬
‫ال�شهر‬ ‫ح�سابات القمر الم�سماة «زي��اج»‪ ،‬وا ّلتي‬
‫القمري قد بد�أ‪ ،‬حتّى لو ولد قبل المغيب‬ ‫ّ‬ ‫كافية‪« :‬ثبت لدينا بالح�ساب‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫دقة موقف ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‪:‬‬ ‫ح�صل عليها من كتب تاريخ ّية للعلماء‬
‫�ست �ساعات‪ ،‬ما يجعل الر�ؤية‬ ‫ب�أق ّل من ّ‬ ‫ال�صيام يبد�أ في‬
‫الفلكي �أنّ �شهر ّ‬ ‫الم�سلمين منذ مئات الأعوام‪ ،‬بح�سابات �إنّ عدم اعتماد موقف وا�ضح‪ ،‬يت�س ّبب في‬
‫م�ستحيل ًة‪� ،‬إذ يكون العلم ب��والدة الهالل‬ ‫اليوم الفالني»‬ ‫ال�شهر القمري‪ ،‬ف�إذا‬ ‫وكالة ال ّنا�سا الف�ضائ ّية الأميرك ّية‪ ،‬فوجد م�شكلة تحديد بداية ّ‬
‫يقين ًا‪.‬‬ ‫ب�شكل قاطع‬ ‫�شك في �أنّ اكت�شافات كان الح�ساب الفلكي ي�ؤ ّكد ٍ‬ ‫تطابق ًا مذه ًال‪ ،‬وال ّ‬
‫دعوة التّباع المنهج ّية الأ�سلم‪:‬‬ ‫وغير ذلك‪...‬‬ ‫ال ّن�صف ال ّثاني من القرن الع�شرين وتط ّور عدم �إمكان ّية ال ّر�ؤية‪ ،‬لأنّ الهالل ـ مث ًال ـ‬
‫ول�ه��ذا يجب ال��و��ص��ول �إل��ى االت �ف��اق بين‬ ‫ال�شهر قبل‬ ‫فالمطلوب �إذ ًا �إع�لان بداية ّ‬ ‫الآالت الرقم ّية والتقن ّية‪ ،‬يجعل اليوم هذه قد ولد قبل المغيب بفتر ٍة ق�صيرة‪ ،‬فهذا‬
‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫المخت�صة في العالم ال‬ ‫ّ‬ ‫الجهات‬ ‫يقيني غير خا�ضع التّ�صال‬ ‫ّ‬ ‫ب�شكل‬
‫�أ ّي��ام‪ٍ ،‬‬ ‫الح�سابات �أكثر د ّقة‪ ،‬كما يجعل الو�صول يجعل ر�ؤيته متع ّذرة‪ ،‬لأنّ علماء الفلك‬
‫على اال�ستغناء عن ال� ّر�ؤي��ة؛ وحتّى ذلك‬ ‫في �آخر لحظة‪� ،‬أو للتّوافق �أو التّ�شاور‪.‬‬ ‫يجمعون على �أ ّنه ينبغي �أن تم ّر على والدة‬ ‫�إليها �أ�سهل بكثير مما كان من قبل‪.‬‬
‫الوقت‪ ،‬ال ب�أ�س ب�أن يتّبع الجميع منهج ّية‬ ‫الر�ؤية‪:‬‬‫اال�ستغناء عن ّ‬ ‫�ست �ساعات كاملة على الأق ّل‪ ،‬كي‬ ‫وه���ذا �أم���ر ال ي �ج��وز �أن ي �ك��ون مو�ضع الهالل ّ‬
‫الفلكي‬
‫ّ‬ ‫ال���س� ّي��د ف�ضل اهلل‪ :‬ال�ح���س��اب‬ ‫ف��ي بع�ض الأح �ي��ان‪ ،‬عندما تكون ر�ؤية‬ ‫ت�شكيك وت���س��ا�ؤل‪ ،‬وم��ن ير�ضى بنتائج يتم ّكن ال ّرا�صدون من ر�ؤية الهالل عند‬
‫الذي ي�ؤ ّكد �إمكان ّية الر�ؤية �أو يرف�ضها؛‬ ‫الهالل م�ستحيلة علم ّي ًا‪ ،‬وتح�صل ادّعاءات‬ ‫العلم الحديث‪ ،‬في�ستعملها ويعتمد عليها المغيب بو�ضوح‪.‬‬
‫�أما البقاء �إلى �ساع ٍة مت� ّأخر ٍة من ال ّليل‬ ‫بال ّر�ؤية في بع�ض البلدان‪ ،‬ف�إنّ اليقين �أنّ‬ ‫ف��ي ت�ف��ا��ص�ي��ل ح �ي��ات��ه‪ ،‬وف ��ي الم�ساجد �أي �أ ّن��ه ـ في هذه الحالة ـ ي�ستحيل ر�ؤية‬
‫القمري‪ ،‬فهو �أمر‬ ‫ّ‬ ‫لمعرفة بداية ّ‬
‫ال�شهر‬ ‫هناك ا�شتباهات في ه��ذه اال ّدع ��اءات‪،‬‬ ‫والمدار�س وغيرها‪ ،‬ال ينبغي له �أن يقول الهالل عند المغيب‪ ،‬وه��ذا �أم��ر يقيني‪،‬‬
‫وال وال م�ست�ساغ ًا‪ ،‬ويتنافى مع‬ ‫لم يعد مقب ً‬ ‫وهذه حقيقة لي�ست خا�ضعة للجدل‪ ،‬ولو‬ ‫�إنّ نتائج العلم والتقن ّية دقيقة ومعتمدة وبالتّالي‪� ،‬إذا ك ّنا م�ص ّرين على اعتماد‬
‫ون�ص ًا‪.‬‬
‫مبادئ الإ�سالم روح ًا ّ‬ ‫رعي‬
‫ال�ش ّ‬‫ق�صد دار الفتوى �أو الق�ضاء ّ‬ ‫ال�سليم هو موقف ال�س ِّيد‬ ‫ف��ي ك � ّل ��ش��يء �إال ف��ي ح�سابات القمر‪ ،‬ال ّر�ؤية‪ ،‬فالموقف ّ‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪12‬‬
‫�أن �أخطئ‪ ،‬وال �آم��ن ذل��ك من فعلي‪� ،‬إال‬
‫�أن يكفي اهلل من نف�سي ما هو �أملك به‬
‫م ّني‪( »...‬نهج البالغة‪،‬ج‪ ،2‬رقم ‪.)198‬‬
‫علي(ع) في عهده للأ�شتر(‪)1‬‬
‫مع الإمام ّ‬
‫ثقافة النقد‪:‬‬ ‫الم�شابه في المظهر للموقف المختلف‬ ‫جعفر ف�ضل اهلل‬
‫ولذلك‪ ،‬قد ُيمكن لنا القول �إنّ اعتقاد‬ ‫علي(ع) ُيالحق‬ ‫باعتقادي‪� ،‬أ ّنه ال ينبغي الف�صل بين ما اهتدى �إليه الإن�سان من تط ّور في‬
‫القاعدة بع�صمة القيادة ـ كما هي عقيدة‬ ‫في الجوهر‪ .‬ولذلك‪ ،‬كان ّ‬ ‫الطويلين‪ ،‬وما جرى على �أل�سن‬ ‫علوم الإدارة من خالل البحث والتّجربة ّ‬
‫الطارئة‪،‬‬ ‫القاعدة حتّى في هواج�سها ّ‬
‫بالنبي(�ص)‪� ،‬أو كما‬ ‫ّ‬ ‫الم�سلمين جميع ًا‬ ‫لا ح�ي��ن ي�سمعهم في‬ ‫ف�ن�ج��ده ي�ق��ف م �ث� ً‬ ‫�أ�صحاب ال ّر�ساالت‪ ،‬من الأنبياء والأئ ّمة والأولياء‪ ،‬ليو�ضع ذلك في خانة‬
‫هي عقيدة الم�سلمين ال�شيعة الإمام ّية‬ ‫�ص ّفين يتهام�سون حول ال�سبب الذي �أبط�أ‬ ‫العلم غير الإ�سالمي بخالف هذا الأخير‪ ،‬لأنّ فكرة الف�صل تلك‪ ،‬تقوم على ربط‬
‫ب�أئ ّمة �أهل البيت(ع) ـ ال ينبغي �أن يقف‬ ‫�إذن ع�ل� ّ�ي(ع) في القتال؛ �أه��و كراهية‬ ‫العلم بمجاله ا ّلذي �أنتج فيه وانطلق منه‪ ،‬من دون مالحظة �أنّ التجربة الإن�سان ّية في‬
‫حائ ًال �أمامها في حركة ال ّنقد؛ وذلك‬ ‫ال�شك في �شرع ّية المعركة؟‬ ‫الموت‪� ،‬أم ّ‬ ‫�إدراكاتها العلم ّية الواقع ّية ال تكاد تختلف في ما تنتهي �إليه‪ ،‬و�إن كانت تختلف في‬
‫ل�سببين‪:‬‬ ‫ً‬
‫فنجده يقف خطيبا ليقول‪�« :‬أ ّم��ا قولكم‬ ‫�آرائها وتحليالتها الم�ستندة �إلى الخلف ّية الفكر ّية والثقاف ّية التي تتب ّناها‪.‬‬
‫الأ ّول‪� :‬أنّ الت�سليم المطلق يحرم القاعدة‬ ‫�أك ّل ذلك كراهية الموت؛ فواهلل ما �أبالي‬
‫من فهم المنطلقات التي تحتاجها هي‬ ‫بالقبيلة �أو بالتن ّوع المذهبي �أو الطائفي‬ ‫النتاج العلمي‪:‬‬
‫في حركتها الم�ستقبل ّية عندما تتب ّو�أ موقع‬ ‫�أدخلت �إل��ى الموت �أو خرج الموت � ّإلي‪.‬‬ ‫�أو الوطني �أو ما �إلى ذلك؛ وهو ما يجعل‬ ‫�صحيح‬ ‫علم‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫�‬ ‫ك‬ ‫أنّ‬ ‫�‬ ‫نزعم‬ ‫لذلك‪ ،‬ف�إ ّننا‬
‫ال�شام؛ فواهلل‬ ‫و�أ ّم��ا قولكم �ش ّك ًا في �أهل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الحكم‪� ،‬أو تواجه ح ّكام ًا غير مع�صومين‬ ‫من فائدة التو ّقف العملي عند مفرداته‬ ‫إ�سالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كعلم �‬
‫في نتائجه ُيمكن اعتباره ٍ‬
‫ع��ن ال �خ �ط ��أ‪ ،‬ب��ل �إنّ ذل ��ك ي �ف � ّوت على‬ ‫ما دفعتُ الحرب يوم ًا �إال و�أن��ا �أطمع �أن‬ ‫�أمر ًا في غاية الأه ّمية وال ّت�أثير‪.‬‬ ‫من حيث �إنّ الإ��س�لام ال ُيلغي الم�ساحة‬
‫المجتمع فر�صة اال�ستمرار ّية في �إنتاج‬ ‫تلحق بي طائفة فتهتدي بي‪ ،‬وتع�شو �إلى‬ ‫وعندما نقول «التو ّقف العملي»؛ فلأ ّننا‬ ‫الوا�سعة للتجربة الب�شر ّية على �صعيد‬
‫ال�شخ�ص ّيات القياد ّية الم�ؤهّ لة ال�ستالم‬ ‫�ضوئي‪ ،‬وذل��ك �أح� ّ�ب �إل� ّ�ي من �أن �أقتلها‬ ‫نحاول ـ في ما ي�أتي من ت�أ ّمالت ـ الإحاطة‬ ‫العلوم وتطويرها‪.‬‬
‫ظرف‪...‬‬ ‫على �ضاللها و�إن كانت تبوء ب�آثامها»‬ ‫بالمفردات العمل ّية والواقع ّية التي ّ‬
‫تدل‬ ‫ّ‬
‫لذا ينبغي الت�أكيد �أننا ال نعزل �أنف�سنا عن‬
‫مقاليد الحكم في � ّأي ٍ‬ ‫علي‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ال�ث��ان��ي‪� :‬أنّ ال ّنقد ه��و ذهن ّية تراكمها‬ ‫(نهج البالغة‪ ،‬خطب الإم��ام ّ‬ ‫عليها هذه القيمة �أو ذلك المعنى ا ّلذي‬ ‫بحجة‬ ‫علمي على م�ستوى الإدارة؛ ّ‬ ‫ك ّل نتاج ّ‬
‫القاعدة ف��ي خبراتها العمل ّية؛ ولذلك‬ ‫موقع �آخر بعد قتاله‬ ‫رقم ‪.)55‬وق��ال في ٍ‬ ‫تطرحه هذه الفقرة �أو تلك‪ ،‬غير متكتفين‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬لنحاول البحث‬ ‫�‬ ‫غير‬ ‫�أ ّن��ه نتا ٌج‬
‫الخوارج‪« :‬ال تقتلوا الخوارج من بعدي؛‬ ‫ّ‬
‫ال�شعوب التي تعتاد على التّ�سليم‬ ‫نجد �أنّ ّ‬ ‫النظري العام الذي ُيبقي حركة‬ ‫ّ‬ ‫بال�شرح‬ ‫عن ذلك في �أدب ّياتنا الإ�سالم ّية ح�صرا‪ً،‬‬
‫المطلق للقيادة ـ �أ ّي ًا كانت درجة ع�صمتها‬ ‫فلي�س من طلب الحقّ ف�أخط�أه‪ ،‬كمن طلب‬ ‫ً‬
‫المعنى في الواقع حركة �ضباب ّية تجعل‬ ‫وق��د ن�ف� ّوت بالتالي على �أنف�سنا فر�صة‬
‫�أو �إخال�صها ـ �أو التي ترزح تحت الأنظمة‬ ‫الباطل ف ��أدرك��ه»‪( .‬نهج البالغة‪ ،‬ج‪،1‬‬ ‫الإن���س��ان يختزن ف��ي ف�ك��ره م��ا ال يملك‬ ‫اال�ستفادة من الو�سائل ـ على الأق ّل ـ التي‬
‫ال�سلوك من‬ ‫رقم ‪.)61‬‬ ‫االلتفات �إلى تطبيقاته العمل ّية في الواقع؛‬ ‫ت�ط� ّورت ال ّنظرة �إليها م��ع ت�ط� ّور العلوم‬
‫الم�ستبدّة‪ ،‬ت�ستم ّر على هذا ّ‬ ‫ك�م��ا �أنّ ف�ه��م ال �ق��اع��دة‪� ،‬أو م��ن ُيمكن‬
‫ّ‬
‫التّ�سليم‪� ،‬أو تتخ ّبط في تحريكها للنقد �أو‬ ‫وهي عمدة الم�شاكل في مجتمعاتنا!‬ ‫بعا ّمة‪ ،‬م ّما لم يكن متو ّفر ًا في ال�سابق‪.‬‬
‫للمعار�ضة ـ كما هو الم�صطلح الحديث‬ ‫�أن يت�صدّوا مواقع الحكم‪ ،‬لمنطلقات‬ ‫التعريف بالعهد ودالالته‪:‬‬ ‫عهد الأ�شتر‪:‬‬
‫ـ في الواقع �إذا ما �أتيح لها‪ ،‬بينما يم ّثل‬ ‫ال �ق �ي��ادة‪ ،‬يعطي ال��واق��ع المعايير التي‬ ‫ولكن‪ ،‬قبل �أن ن�سلك ال�سبيل �إلى ذلك‪ ،‬ال‬ ‫ولك ّننا نعود �إل��ى �أدب� ّي��ات�ن��ا الإ�سالم ّية؛‬
‫االع �ت �ي��اد ع�ل��ى ذل��ك ف��ر��ص� ًة ال�ستمرار‬ ‫ُيمكن للقاعدة �أن تحا�سب القيادة‪� ،‬أو‬ ‫ب ّد من تعريف �سريع لهذا العهد‪ ،‬الذي‬ ‫الرتباط الذهن ّية العا ّمة بها‪� ،‬سواء من‬
‫هذا المنهج‪ ،‬وبالتالي تقليل الوقوع في‬ ‫�أن تن�صحها �إذا ما ر�أت �أ ّنها تتح ّرك في‬ ‫قد يكون قد ا�شتهر على الأل�سن بـ»عهد‬ ‫خالل مفرداتها اللغو ّية القريبة �إل��ى ما‬
‫الأخطاء‪.‬‬ ‫موقع الخط�أ‪.‬‬ ‫الأ�شتر»‪.‬‬ ‫يتداوله النا�س في عالم اللغة والتخاطب‪،‬‬
‫وم��ن ه�ن��ا ن �ق��ول‪� :‬إنّ ه �ن��اك ف��رق � ًا بين‬ ‫وه���ذا الأم � ��ر‪� ،‬أع �ن��ي تثقيف القاعدة‬ ‫هذا العهد ورد في «نهج البالغة»‪ ،‬وهو‬ ‫�أو م��ن خ�لال ال �م �ف��ردات القيمية التي‬
‫الت�سليم الذي يقت�ضيه النظام واالنتظام‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫بمنطلقات الحكم‪ ،‬ه��و منهج �‬ ‫ال�شريف الر�ضي‬ ‫الكتاب ال��ذي جمعه ّ‬ ‫ت�أخذ ح ّيز ًا كبير ًا من اهتمام المجتمعات‬
‫العا ّم‪ ،‬والذي يحتّم على القاعدة �أن تن ّفذ‬ ‫عا ّم؛ وجدناه في مواكبة القر�آن الكريم‬ ‫علي بن �أبي طالب(ع)‪،‬‬ ‫من كالم الإمام ّ‬ ‫الإ��س�لام� ّي��ة وال�ع��رب� ّي��ة ع�م��وم� ًا وحركتها‬
‫�أوام��ر القيادة‪ ،‬وال �س ّيما في المواقف‬ ‫النبي‬‫ل �ل �ح��رك��ة الإ���س�ل�ام�� ّي��ة ب �ق �ي��ادة ّ‬ ‫وال� ��ذي ح ��از ع�ل��ى اه�ت�م��ام��ه م��ن حيثُ‬ ‫العمل ّية‪ ،‬ما يجعل تناول � ّأي مفردة من‬
‫التي ال تحتمل الجدل‪ّ ،‬ثم تعتر�ض‪ ،‬على‬ ‫مح ّمد(�ص)‪ ،‬حيث كانت الآي��ة تنزل ال‬ ‫بالغته وف�صاحته‪ ،‬ولي�س ه��و مجموع‬ ‫ال�م�ف��ردات العلم ّية الحديثة �أق��رب �إلى‬
‫ما هي القاعدة المعروفة لدى الجيو�ش‬ ‫ال�سلوك فح�سب‪ ،‬و�إ ّن �م��ا لتعطي‬ ‫لتوجه ّ‬‫ّ‬ ‫كالم الإم��ام(ع)‪ .‬والكتاب ـ �أعني «نهج‬ ‫الأذهان‪.‬‬
‫«ن ّفذ ّثم اعتر�ض»‪ ،‬وبين حركة ال ّنقد التي‬ ‫القاعدة التي يرتكز عليها الحكم؛ كما‬ ‫البالغة ـ يت�ض ّمن خطب ًا وكلمات ق�صار ًا‬ ‫هذا مع الإ�شارة �إلى نقط ٍة مه ّمة‪ ،‬وهي �أنّ‬
‫ال ب ّد من �أن تحت�ضنها حركة الإن�سان‪،‬‬ ‫وج��دن��اه ف��ي ط��ري�ق��ة ال �ن �ب� ّ�ي(���ص) في‬ ‫ومرا�سالت في ق�ضايا مختلفة‪ ،‬ويم ّثل‬ ‫التّعبيرات ا ّلتي قد ترد في هذا العهد‪ ،‬كما‬
‫ول��و بت�أجيل ال�س�ؤال و�إظ�ه��ار النقد �إلى‬ ‫التعاطي مع مفردات الواقع؛ وهو نف�سه‬ ‫ج ��زء م�ن�ه��ا م �ح �ت��وى ذا دالالت مه ّمة‬ ‫في غيره من ال ّن�صو�ص الإ�سالم ّية‪ ،‬تحمل‬
‫الفر�صة المنا�سبة؛ لأنّ الجانب التنظيمي‬ ‫علي(ع)؛ بل قد وجدنا في‬ ‫ما لم�سناه في ّ‬ ‫لمرحلة بالغة الح�سا�س ّية م��ن مراحل‬ ‫في ط ّياتها الكثير من ال ��دالالت‪ ،‬وتفتح‬
‫يتّ�صل بحركة ال��واق��ع التي ق��د تتح ّمل‬ ‫كثير من ذلك‪� ،‬أنّ القيادة تغري القاعدة‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬والتي �ألقت بظاللها‬ ‫ّ‬ ‫تاريخنا ال‬ ‫الكثير من �آف��اق المعنى‪ ،‬بحيث يمتزج‬
‫بع�ض الأخطاء الآن ّية‪ ،‬بينما جانب النقد‬ ‫ف��ي ن�ق��ده��ا‪ ،‬وذل ��ك ب �ه��دف رف�ع�ه��ا �إل��ى‬ ‫على المراحل الآتية‪.‬‬ ‫فيها الأداء العملي بالخلف ّية الفكر ّية تار ًة‪،‬‬
‫يتّ�صل بحركة الفكر وتراكم الثقافة التي‬ ‫م�ستواها؛ لأنّ القيادة ـ بخبرتها وتجربتها‬ ‫يبقى �أن ُن�شير �إلى �أنّ �صدور العهد بح ّد‬ ‫وبالقيمة الأخالق ّية تار ًة �أخرى‪� ،‬سواء في‬
‫تُلقي بظاللها على حركة المجتمعات‬ ‫ـ تعرف �أنّ القاعدة ت�ست�سلم لعن�صر ال ّثقة‬ ‫علي(ع) ُيعطينا �صور ًة‬ ‫ذاته عن الإم��ام ّ‬ ‫حركتها الواقع ّية �أو في ارتباطها العقيدي‬
‫فتكف عن‬ ‫الذي تمح�ضه لقياداتها عاد ًة‪ّ ،‬‬ ‫عن عدّة �أمور‪:‬‬
‫ف�ض ًال عن الأف��راد‪ ،‬وتفرز نتائجها على‬ ‫متابعة حركة القيادة بما قد ي ��ؤدّي �إلى‬
‫ب��اهلل ع � ّز وج�� ّل‪ ،‬وب��ال��ر�ؤي��ة الكون ّية التي‬
‫الم�ستقبل‪ ،‬ال على الحا�ضر ف��ي بع�ض‬ ‫�أ ّو ًال‪ :‬مدى ح�ضور القيادة العليا للم�سلمين‬ ‫يختزنها الإن�سان الم�سلم لموقعه‪ ،‬ولموقع‬
‫مفرداته الآن ّية‪.‬‬ ‫نتائج �سلب ّية ومنزلقات خطيرة‪ ،‬قد كان‬ ‫في حركة الحكم‪.‬‬ ‫الإن�سان عموم ًا في هذه الحياة‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬ف��إنّ القيادة الر�شيدة هي التي‬ ‫التح�سب لها والتو ّقي منها �سابق ًا‬ ‫ّ‬ ‫ُيمكن‬ ‫ال�سابقة لمن‬ ‫ّ‬ ‫ّجارب‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ثاني ًا‪ :‬بنا�ؤه على‬ ‫كما �أنّ ه��ذا العهد‪ ،‬كما هو �ش�أن الفكر‬
‫ً‬
‫�إذا م��ا كانت القاعدة واع�ي�ة لخطوات‬ ‫جغرافي‬ ‫يتعاقبون على الحكم في موقع‬
‫تغ�ض نظرها ع ّما يجري حولها‪ ،‬حتّى‬ ‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الإداري عموم ًا‪ ،‬ال يقت�صر �أثره على حركة‬
‫على م�ستوى الهم�س‪� ،‬أو التي ال ي�ضيق‬ ‫علي(ع)‬ ‫القيادة‪ ،‬وهو ما نقر�ؤه في كالم ّ‬ ‫مع ّين‪ ،‬وهذا قد يط ّل بنا على ا�ستمرار ّية‬ ‫ال�ف��رد ف��ي الجانب ال�سيا�سي المتّ�صل‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫لأ�صحابه‪ ،‬يقول‪« :‬فال تك ّلموني بما تكلم به‬ ‫الإدارة‪.‬‬
‫�صدرها بالمعار�ضة التي قد تتنامى في‬ ‫ب�سيا�سة القائد للرع ّية‪ ،‬بك ّل ما ينفتح‬
‫خطرها على الواقع‪ ،‬عندما تكثر الأ�سئلة‬ ‫الجبابرة‪ ،‬وال تتح ّفظوا م ّني بما ُيتح ّفظ‬ ‫ثالث ًا‪ :‬نقل الخبرات والتجارب من القيادة‬ ‫عليه م��ن ج��وان��ب �أخ ��رى‪ ،‬اجتماع ّية �أو‬
‫وال تجد عليها �إجابات‪ ،‬فتثور على القيادة‬ ‫ب��ه ع�ن��د �أه ��ل ال� �ب ��ادرة‪ ،‬وال تخالطوني‬ ‫�إل��ى من دو َنها في موقع القيادة‪ .‬وهذا‬ ‫اقت�صاد ّية �أو �أمن ّية‪� ،‬أو ما �إلى ذلك؛ بل‬
‫ال�صالحة با�سم �أ ّنها فا�سدة؛ لأ ّنها لم‬ ‫بالم�صانعة‪ ،‬وال تظ ّنوا بي ا�ستثقا ًال في‬ ‫الأمر في غاية الأه ّم ّية‪.‬‬ ‫يمت ّد �أثره �إلى ك ّل حركة الإن�سان مع الآخر‬
‫إعظام لنف�سي؛‬ ‫حق قيل لي‪ ،‬وال التما�س � ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫تثقيف القاعدة بمنطلقات القيادة‪:‬‬ ‫اجتماعي �أدون منه‬ ‫ال��ذي يقع في موقع‬
‫تفهم منطلقاتها‪ ،‬وحكمت على الظاهر‬ ‫ف�إ ّنه من ا�ستثقل الحقّ �أن ُيقال ل��ه‪� ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫دون ال�ج��وه��ر‪ ،‬كما وج��دن��اه ف��ي �إرب��اك‬ ‫كثير‬ ‫بل �إنّ عل ّي ًا(ع) ـ في ما نجده في ٍ‬ ‫بح�سب التّ�صنيفات االجتماع ّية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫ال�خ��وارج لعلي(ع) في �ص ّفين وبعدَ ها‪،‬‬ ‫العدل �أن ُيعر�ض عليه‪ ،‬ك��ان العمل بها‬ ‫من خطبه ـ يث ّقف القاعدة بمنطلقات‬ ‫قد يبدو �أثره في �إطار العائلة‪ ،‬في عالقة‬
‫حتّى انتهى الأمر �إلى قتله‪ ،‬ور ّبما؛ تق ّرب ًا‬ ‫�أثقل عليه؛ فال تك ّفوا عن مقالة بحقّ ‪� ،‬أو‬ ‫بعده‬ ‫القيادة‪ ،‬حتّى ال ت�ض ّل القاعدة من ِ‬ ‫�أفراد العائلة بع�ضهم ببع�ض‪� ،‬أو في �إطار‬
‫�إلى اهلل!‪.‬‬ ‫م�شورة بعدل؛ ف�إ ّني ل�ستُ في نف�سي بفوق‬ ‫ال�سلوك‬ ‫لا ـ ّ‬ ‫ف��ي م��واق�ف��ه‪ ،‬فت�سلك ـ م�ث� ً‬ ‫الدوائر االجتماع ّية المرتبطة بالجوار �أو‬
‫‪13‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫للإن�سان ّية التّ�سامح واالنفتاح‪.‬‬ ‫في بيروت‪ ،‬كما في طرابل�س والجنوب‬
‫ل �ق��د ان�ت���ش��ر الإ�� �س�ل�ام ح �ي��ن ب ��دا ح ًال‬ ‫ودم�شق‪ ،‬ي�ستجيب لك ّل دع��وة‪ ،‬ويبا�شر‬
‫ل�شعوب عانت‬
‫ٍ‬ ‫�إن�ساني ًا ونف�سي ًا واجتماعي ًا‬
‫�ذل على �أي��دي ال� ّ�ط�غ��اة‪ ،‬وم��ا كان‬ ‫م��ن ال� ّ‬
‫ك� ّل موقع كمرجع‪ ،‬و�إذا لم يكن مرجع ًا‬
‫م�ستفتي ًا‪ ،‬فهو مرجع م�ستك�شف دخائل‬
‫وحدة الأمة �أبعد من مج ّرد �شعار‬
‫للإ�سالم �أن يجد م�ساحته التاريخ ّية لو‬ ‫ما يعتري الفكر من �أ�سئل ٍة في مدى غيب‬
‫لم يتم ّثل في حركة الم�سلم نموذج ًا للح ّل‬ ‫العقيدة‪ ،‬حين يحيط بها ريب المت�أ ّمل في‬ ‫ال�شيخ مالك ال�شعار*‬
‫كقيم ٍة ح�ضارية‪ ،‬بك ّل ما لهذه الكلمة من‬ ‫الإدراك البعيد لأ�سرار الحياة والكون‪.‬‬ ‫في العقود الثالثة الأخيرة من القرن الما�ضي‪ ،‬برز الإم��ام الفقيه‬
‫خ�صائ�ص وحفظ الدّين الإبراهيمي في‬ ‫ون�شير �أي�ض ًا‪ ،‬في هذا المدى الوا�سع‪� ،‬إلى‬ ‫�سماحة العالمة ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل في �صورة الحدث‬
‫تاريخ الإن�سان ّية‪.‬‬ ‫�أنّ �سماحته محاور يعطيك م�ساح ًة وا�سع ًة‬ ‫اليومي‪ ،‬كمرجع ّية ر�ؤية دين ّية واجتماع ّية و�سيا�س ّية في �سائر المعايير‪...‬‬ ‫ّ‬
‫م��ن ه �ن��ا‪ ،‬ك��ان الم�سلمون ح�ي��ث ح ّلوا‬ ‫لإبداء الر�أي‪ ،‬وبقدر ا�ستماعه �إليك ب�أذن‬ ‫المرجعية المنفتحة‪:‬‬
‫يت�صرفون بروح الأكثرية ولو ق ّل عددهم‪،‬‬ ‫اهتمام‪ ،‬تتوا�صل المعرفة وتتواثق في‬ ‫فالإمام ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل‬
‫لأنّ الإ�� �س�ل�ام ل��م ي �ع��رف ف��ي تاريخه‬ ‫الفكري‪ ،‬لذا ي�صبح الحوار‬‫ّ‬ ‫جمال ّية الأداء‬ ‫ن�ش�أ وترعرع في كنف ال ّنجف الأ�شرف‪،‬‬
‫الأقليات والتّعددية مع وحدة الح�ضارة‬ ‫ت�شابك وجوه و�شبكة توا�صل ي�ستطيب له‬ ‫في ج��وار كربالء والح�سين(ع)‪ ،‬فكان‬
‫في المدى الإن�ساني؛ هي تعدّدية م�صادر‬ ‫المجل�س‪.‬‬ ‫ال�سامي‪ ،‬يمنح‬ ‫الفكر في بيئة ذلك المقام ّ‬
‫في �صناعة البيئة الح�ضارية التي ترفع‬ ‫ه�ك��ذا ع��رف�ت��ه؛ ع��ال�م� ًا مجتهد ًا وفقيه ًا‬ ‫ً‬
‫فقه الأئمة من حزن ال ّرواية طريقا لعمق‬
‫قيمة الإن�سان كقيم ٍة عليا في م�صادره‪،‬‬ ‫مر�شد ًا‪� ،‬إذا نظرت �إليه ذكرت اهلل‪ ،‬و�إذا‬ ‫ال�دّراي��ة‪ ،‬وه��ذا ما تم ّيز به �شيوخ و�أئ ّمة‬
‫ذلك �أنّ المجتمع ذاك��رة م�شتركة‪ ،‬كما‬ ‫غادرته ارتقبت لغده مجل�س ًا وموعد ًا‪.‬‬ ‫ال ّنجف الأ�شرف في االنفتاح على القيم‬
‫يقول بع�ض العلماء‪.‬‬ ‫التم�سك بخيار الممانعة‪:‬‬ ‫�زف �إل��ى ك ّل‬ ‫الأ�سا�س ّية الجامعة‪ ،‬وهي ت� ّ‬
‫ّ‬ ‫جيل �إرث �سابقه وعد ًا متفاع ًال بالإيمان‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ثقافة مواجهة «�إ�سرائيل» ‪:‬‬ ‫عم ًال بقول اهلل تعالى‪َ } :‬وا َّل� ِ�ذي��نَ � َآم ُنوا‬
‫ثقافي‬‫ّ‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫إطا‬ ‫هكذا تبد�أ التّن�شئة الوطن ّية ل‬ ‫ع��ا���ش ���س��م��اح��ت��ه زم��ان��ه‪،‬‬
‫َوا َّت َب َع ْت ُه ْم ُذ ِّر َّي ُت ُهم ِب�إِي َمانٍ �أَ ْل َح ْق َنا بِهِ ْم‬
‫و�سيا�سي ي�صب ف��ي البيئة‬ ‫ّ‬ ‫واجتماعي‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬كثقافة وطن ّية جامعة‪.‬‬
‫وا�ستوعب ع�صره‪ ،‬ل��ذا لم‬ ‫ُذ ِّر َّي َت ُه ْم َو َما �أَ َل ْت َناهُ م ِّمنْ َع َملِهِ م ِّمن َ�ش ْيءٍ‬
‫يكن يوم ًا حبي�س المكان‪ ،‬بل كان‬ ‫ُك ُّل ْام ِرئٍ ِب َما َك َ�س َب َر ِهينٌ {الطور‪. 21 :‬‬
‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫ومن هنا‪ ،‬وفي مواجهة واقعنا‬ ‫هكذا ك��ان ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬كان الحلول‪ .‬من هنا‪ ،‬غدت وحدة الأ ّمة �أبعد‬
‫القائم والمنق�سم ف��ي ط��روح��ات��ه‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫عري�ض الجناح في الإط�لال على‬ ‫يحمل من ف�ضل اهلل �إيمان ًا‪ ،‬ف�أ�ضاء بنور من مج ّرد �شعار في ف�ضاء الجدل‪� ،‬إ ّنها‬
‫م��واج�ه��ة �إ��س��رائ�ي��ل ف��ي م�ستوى العالم‬ ‫الحياة‬ ‫االجتماعي‪ ،‬حين‬
‫ّ‬ ‫ال�ق��ر�آن الكريم على �س ّنة ال ّنبي(�ص) طريق في فاعل ّية الأداء‬
‫العربي‪ ،‬كما في الم�ستوى الوطني‪ ،‬تعتمد‬ ‫والأئمة(ع)‪ ،‬جامع ًا لما اختلف رواي ًة ثم يعي ال�ف��رد م�س�ؤول ّيته ف��ي بناء الحياة‬
‫�أو ًال و�أخير ًا على �أ�سلوب م�شترك للعمل‪،‬‬ ‫ائتلف م�سار ًا �إلى اهلل تعالى في عري�ض االجتماع ّية والوطن ّية‪.‬‬
‫الطريق‬ ‫وه��و م�شترك دائ�م� ًا‪ ،‬لأن رف��اق ّ‬ ‫ل��م ي��ك��ن ���س��م��اح��ة الإم���ام‬
‫الذين تتباين نظرتهم‪ ،‬يتالقون جميعاً‬ ‫ال ّراحل(ره) �إال كلمة الإ�سالم‬ ‫ال�صراط الم�ستقيم‪ ،‬كما يقول ا ّلإمام الإ�سالم �أو ًال‪..‬‬ ‫ّ‬
‫من خ�لال ه��ذه ال��ر�ؤي��ة البعيدة‪ ،‬يفاجئ‬ ‫هير‬ ‫ال�ش‬ ‫كتابه‬ ‫�ة‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫د‬‫ّ‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫�ي‬‫�‬ ‫ف‬ ‫�م‬
‫�‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫�ن‬ ‫اب�‬
‫في الو�سائل والأه ��داف‪ ،‬لأنّ ارتباطهم‬ ‫كل �صعيد نجم ًا‬ ‫�أو ًال‪ ،‬وقد كان في ّ‬
‫بالزّمان والمكان‪ ،‬يعطي لمفهوم الوحدة‬ ‫ال�صراط �سماحة ال���س� ّي��د(ره) �أح�ي��ان� ًا م�ستفتيه‬ ‫م ��دارج ال�سالكين‪..« :‬ب�� ��أن ّ‬
‫المع ًا في محافل الفكر وال ّثقافة‪،‬‬ ‫و�سامعيه‪ ،‬حين يطرح حل ً‬ ‫ُه‬ ‫ت‬ ‫و�سع‬ ‫الم�ستقيم يقت�ضي القرب طريق ًا‪،‬‬
‫الوطن ّية مداها ال ّثقافي في وحدة العمل‬ ‫وال من المقا�صد‬ ‫ً‬
‫الوطني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يبا�شر ك� ّ�ل موقع كمرجع ينفتح‬ ‫ال�شريعة‪ ،‬وهي دائم ًا ف�صل‬ ‫جامعة للمارين عليه‪ ،‬وتع ُي ُنه طريقا لأهل العليا لحكمة ّ‬
‫و�إذا نحن في هذه الذكرى العزيزة على‬ ‫اال�ستجابة بقدر ما هي الدعوة بالحكمة المقال‪ ،‬على ح ّد تعبير ابن ر�شد‪.‬‬
‫على الحياة والكون‬ ‫وهنا ي�صبح الفقه في ق ّمة ح�ضوره ودوره‬ ‫والموعظة الح�سنة»‪.‬‬
‫نفو�سنا‪ ،‬و�ضعنا تراث الإم��ام في معيار‬ ‫�سيرة‬ ‫نجمع‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫�از‬ ‫�‬ ‫ج‬ ‫ن�ستطيع بهذا الإي�‬
‫�اري ل�م��واج�ه��ة �صحيحة‬ ‫ال�ع�م��ل ال �ح �� �ض� ّ‬ ‫ف��ي متابعة م�سيرة ال�ح�ي��اة ف��ي رحاب‬
‫لإ�سرائيل ومخاطرها‪ ،‬ف�إنّ القيم الدين ّية‬ ‫والروحي في‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫�إنّ م�ساحة المدى‬ ‫الإم ��ام ال � ّراح��ل �سماحة ّ ال�س ّيد مح ّمد الإيمان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬في ك�ل ما �أن�ش�أ من لم يكن �سماحة الإم��ام ال� ّراح��ل(ره) �إال‬
‫لي�ست خرائط جغرافية‪ ،‬و�إ ّنما هي بواعث‬ ‫ذك��رى رحيل المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫انطالق كحقيق ٍة تدفع الجهود الم�شتركة‬ ‫تحت ّل ف��ي �صراعنا م��ع �إ�سرائيل مكان ًا‬ ‫حلقات علم ّية‪ ،‬وم� ّؤ�س�سات خير ّية‪ ،‬وما كلمة الإ�سالم �أو ًال‪ّ ،‬ثم المذهب �سبي ًال‬
‫نحو الفاعلية التي ال تقيم وزن ًا للم�صالح‬ ‫ُيدلف �إلى عمق ما �أف�ضنا من عمق دوره‬ ‫ب�ن��اه م��ن ح�سين ّيات‪ ..‬ع��ا���ش �سماحته �إل�ي��ه م��ع �سائر المذاهب التي يتزاحم‬
‫ال��ذات��ي��ة‪ ،‬وال� � ّدي ��ن ه��و ال ��راب ��ط ال��ذي‬ ‫الإر� �ش��ادي وال�ف�ك��ري‪ ،‬وذل��ك م��ا يتط ّلب‬ ‫زم��ان ً��ه‪ ،‬وا�ستوعب ع�صره‪ ،‬ل��ذا لم يكن وروده� ��ا �إل ��ى م ��ورد ال� ّن����ص الأع �ل��ى من‬
‫يحزم التّاريخ ليقدّمه �إلينا �إرث � ًا ن�سعد‬ ‫كفاءة ح�ضارية في مواجهة معنى �إ�سرائيل‬ ‫ال�شريعة‪ ،‬ول��ذا فالجميع موارد‬ ‫ي��وم �ا حبي�س ال�م�ك��ان‪ ،‬ب��ل ك��ان عري�ض �أ��ص��ول ّ‬
‫ّ‬
‫بمنجزات العطاء فيه‪ ،‬ونتجاوز في رحابه‬ ‫في ح�ضن التّراث والتّاريخ‪ ،‬وم�س�ؤول ّية‬ ‫الجناح في الإط�لال على الحياة‪ ،‬موط�أ ح��ول ال �ح��و���ض‪ ،‬ك�م��ا ه��م ي��وم القيامة‬
‫�ضعفنا الإن�ساني‪ ،‬حين يل ّفنا جميع ًا في‬ ‫الأ ّمة في التّم�سك بالممانعة في معناها‬ ‫ح�ضرة حول الحو�ض الأعلى في �صحبة ر�سولنا‬ ‫الأكناف لم�ستمع �إليه ومريد في‬
‫�إر�شاده‪ ،‬ومحاور في توا�صل الفكر لحلّ‬
‫ذلك ال ّن�سيج الم�شترك �إط��ار ًا للوطنية‬ ‫الفقهي في حاالتها الثالث‪ :‬اليد والقلب‬ ‫ّ‬
‫الأعظم(�ص)‪.‬‬ ‫ً‬
‫وال��ذاك��رة الم�شتركة ف��ي دفء الإيمان‬ ‫والكلمة‪ ،‬ويبقى القلب ه��و المعيار في‬ ‫الم�شكالت الراهنة‪� ،‬ضمانا لوحدة الأداء والإ� �س�لام عنده ه��و المح�ضن والوعاء‬
‫ل�سالمة الحياة على هذه الأر�ض‪ ،‬ويبقى‬ ‫والوطني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي‬
‫ّ‬
‫باهلل تعالى‪...‬‬ ‫كليهما‪ ،‬فلكي يدخل الم�سلمون في منطق‬ ‫إبداع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫من‬ ‫لقد خ ّلف الراحل الكبير تراث ً‬
‫ا‬
‫يا �سماحة الإمام‪ْ ،‬نم قرير العين‪ ،‬ف�إرثك‬ ‫الحلول العمل ّية في عالمنا المعا�صر‪ ،‬ال‬ ‫االختالف بما ك�سبت �أيدي ال ّنا�س‪� ،‬سمة‬
‫لم يزل يم ّثل الم�ساحة الأو�سع والأرحب‬ ‫ب ّد من �أن نحدّد الم�صطلحات كو�سيلة‬ ‫الب�شري في تن ّوعه وتفاعله مع‬ ‫ّ‬ ‫في كلمة الفقه والفتوى‪ ،‬لما ي�ستج ّد من العطاء‬
‫ل �ح��رك��ة ال �ع��ام �ل �ي��ن ف ��ي م �ج��ال نه�ضة‬ ‫لدورنا ولي�س الم�صطلحات كطريق لدور‬ ‫الأح � ��داث‪ ،‬ف��اج�ت�ه��اده ط��رح مرتكزات الزّمن في بيئة المجرى الإن�ساني‪ ،‬وبقدر‬
‫ت�ستوعب حركة الإن�سان وتطور الحياة‪.‬‬
‫الأ ّم��ة ووحدتها‪ ،‬ولك ّل �أول�ئ��ك ال�ساعين‬ ‫�أعدائنا‪.‬‬ ‫ما هو االختالف بين المذاهب م�سارب‬
‫ؤيته‪،‬‬ ‫لطالما تابعته بما �شدّني �إل��ى ر�‬
‫والمقاومين لخطر الكيان ال�صهيوني‪..‬‬ ‫ف��ال�ق���ض�ي��ة ال �ي �ه��ودي��ة م���ش�ك�ل��ة تتعلق‬ ‫حلول‪ ،‬ف�إ ّنه في الوقت نف�سه مطارحات‬
‫وفق تعبير الفقهاء‪ ،‬فكر ي�ستجيب لحيوية ال � ّث �ق��اف��ة‪ .‬من‬ ‫فالم�شكالت وال ّنوازل‬
‫ط �ب��ت وط� ��اب م�م���ش��اك وط� ��اب �سعيك‬ ‫ب��ال �ح �� �ض��ارة ال �غ��رب � ّي��ة‪� ،‬إ ّن� �ه ��ا ام �ت��داد‬ ‫تتجاور‬ ‫ولذا‬ ‫�ص‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫هي منازل على حدود‬
‫وحركتك وزرعك وح�صادك‪ ،‬فلقد ع�شت‬ ‫ا�ستعماري ُجـ ّرد ليطوي‪ ،‬كما ن�شهد اليوم‪،‬‬ ‫هنا‪ ،‬نرى ال�س ّيد ف�ضل اهلل في ك ّل �صعيد‬
‫كبير ًا‪ ،‬ورحلت كبير ًا‪ ،‬و�سالم اهلل عليك‬ ‫�صفحة الح�ضارة الإ�سالم ّية التي حملت‬ ‫تجاور حركة اجتماع ّية وثقاف ّية في وحدة نجم ًا المع ًا في محافل الفكر وال ّثقافة؛‬
‫في حياتك وبعد مماتك‪.‬‬
‫لقد خ ّلف الراحل الكبير تراث ًا من الإبداع في كلمة الفقه والفتوى‪ ،‬لما ي�ستجدّ من الأحداث‪ ،‬فاجتهاده طرح‬
‫* مفتي طرابل�س وال�شمال‬
‫مرتكزات ت�ستوعب حركة الإن�سان وتطور الحياة‬

‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫‪14‬‬
‫م�ؤ�س�سة «الهادي»‪ :‬بارقة �أمل لذوي االحتياجات الخا�صة‬

‫مبادرات لدمجهم في �سوق العمل‬


‫الب�صر)‪ ،‬ف��ي �أق�سام مختلفة داخل‬
‫المطبخ وخارجه‪.‬‬
‫وعلى الرغم من �ضعف ب�صره‪ ،‬ي�ؤدي‬
‫ح�سن �سليمان‪ ،‬الذي يعمل في المطعم‬
‫م �ن��ذ � �س �ن��ة‪ ،‬ج�م�ي��ع م �ه��ام��ه ب�إتقان‪،‬‬
‫وال يختلف ع��ن �أي م��وظ��ف �آخ��ر في‬
‫المطعم‪ ،‬حيث يقوم بتح�ضير المائدة‬
‫وم�ستلزماتها‪ ،‬ويد ّون طلبات الزبائن‪،‬‬
‫ويقدّم لهم الطعام‪ .‬وقد ازدادت ثقته‬
‫بنف�سه بعد التوظيف‪ ،‬م��ا زاده ثق ًة‬
‫بالنف�س‪ ،‬فلم ي�شعر يوم ًا ب�أنه عبء على‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ويرحب الزبائن بح�سن على طاوالتهم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ي�شرحون له ما يريدونهم بالإ�شارة‪،‬‬
‫كما يعينهم هو على التعبير من خالل‬ ‫فيها بكل �إتقان و�إخال�ص‪.‬‬ ‫ت�أ�س�ست «م�ؤ�س�سة الهادي للإعاقة ال�سمعية والب�صرية وا�ضطرابات اللغة والتوا�صل»‪،‬‬
‫قراءة ال�شفاه لفهم المطلوب‪.‬‬ ‫وفي هذا الإطار‪ ،‬ي�شهد « مطعم ال�ساحة‪-‬‬ ‫التابعة لجمعية المب ّرات الخيرية في العام ‪ ،1988‬وهي ت�ضم ثالث مدار�س �أكاديمية‬
‫�أما محمد‪ ،‬فيرتاح للتوا�صل مع الزبائن‬ ‫قرية لبنان التراثية»‪ ،‬وهو م�ؤ�س�سة �إنتاجية‬ ‫لل�صم»‪ ،‬و»مدر�سة البيان ل�صعوبات‬
‫هي‪« :‬مدر�سة النور للمكفوفين»‪ ،‬و»مدر�سة الرجاء ّ‬
‫اللغة والتوا�صل»‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى مدر�سة مهنية‪ ،‬وق�سم خا�ص لدمج الطالب ومتابعتهم‬
‫من خالل لغة الإ�شارة‪ ،‬دون �أن ي�شكل‬ ‫تابعة لجمعية المب ّرات‪ ،‬نموذج ًا عمليا‬ ‫في ثانويات وجامعات مختلفة‪.‬‬
‫ذلك �أي عائق عملي‪.‬‬ ‫مميزا‪ ،‬حيث يتم دم��ج الموظفين من‬
‫وي�شير مدير م�ؤ�س�سة الهادي‪ ،‬ا�سماعيل‬ ‫ذوي االحتياجات الخا�صة مع زمالئهم‬
‫توظف بع�ض ًا من‬ ‫الزين �أن الم�ؤ�س�سة ّ‬ ‫في العمل‪ ،‬وي�شاركونهم المهنة‪ ،‬وي�ؤمنون‬ ‫االحتياجات الخا�صة في العالم المهني‪،‬‬ ‫وت�سعى الم�ؤ�س�سة‪� ،‬إل��ى تنمية القدرات‬
‫متخرجيها �إيمان ًا منا بكفاءات هذه‬ ‫م�ستقبلهم من خالل مهنة تقيهم الحاجة‬ ‫ف�إن الم�ؤ�س�سة التي تتحرك انطالقا من‬ ‫ال�شاملة لذوي االحتياجات الخا�صة من‬
‫الفئات و�أهمية دوره��ا في المجتمع‪،‬‬ ‫�إلى النا�س‪.‬‬ ‫فكر المرجع ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل‬ ‫تعليم وت�أهيل وتربية في كرامة وم�ساواة‬
‫فتركز الم�ؤ�س�سة على م�ستقبل �أبنائها‪،‬‬ ‫وف��ي ه��ذا الإط� ��ار‪ ،‬ت��م ت��وظ�ي��ف خم�سة‬ ‫اهلل(ره)‪ ،‬ال��ذي كان ي�شدد على �إعطاء‬ ‫واح� �ت ��رام ت�م�ك��ن ال �م �ع��وق م��ن ال�شعور‬
‫وعدم ف�صلهم عن المجتمع‪.‬‬ ‫من ط�لاب م�ؤ�س�سة الهادي في «مطعم‬ ‫كل وجوه االهتمام لهذه الفئة‪ ،‬لم تنتظر‬ ‫ب�إن�سانيته‪ ،‬واالنطالق في المجتمع �إن�سان ًا‬
‫�أما بخ�صو�ص الموظفين في «مطعم‬ ‫ال�ساحة»‪� ،‬ضمن مجاالت مختلفة‪ :‬فال�شاب‬ ‫اكتمال الخطوات الر�سم ّية‪ ،‬لذلك ف�إنها‬ ‫ر�سالي ًا بناء �صادق ًا فاع ًال ومتفاع ًال مع‬
‫ال�ساحة» في�شرح انهم خ�ضعوا لدورات‪،‬‬ ‫المكفوف ح�سن حمية نال على وظيفة في‬ ‫�سعت �إلى دمج ذوي االحتياجات الخا�صة‪،‬‬ ‫�شرائح المجتمع كافة‪.‬‬
‫و�أث�ب�ت��وا مهاراتهم م��ن خ�لال عملهم‬ ‫ال�سنترال‪ ،‬حيث يتلقى ات�صاالت الزبائن‬ ‫من خالل مكتب التوظيـــف الذي ي�شكل‬ ‫ومن �ضمن �أبرز �أهداف الم�ؤ�س�سة‪ ،‬ت�أمين‬
‫في المطعم‪ ،‬ما دف��ع بالم�ؤ�س�سة الى‬ ‫ويح ّولها الى �إداري��ي وموظفي المطعم‪.‬‬ ‫�ص ّلة الو�صل بين الم�ؤ�س�سات الإنتاجية‬ ‫التعليم النوعي لتالمذة ذوي الحاجات‬
‫المبا�شرة بت�أ�سي�س مدر�سة خا�صة‬ ‫بينما ي �ت��و ّزع محمد ع�ب��د اهلل و�أحمد‬ ‫وبين ذوي االحتياجات الخا�صة‪.‬‬ ‫الخا�صة‪ ،‬بما ي�ضاهي ويناف�س التعليم في‬
‫بالفندقية‪ ،‬قد تب�صر النور في مطلع‬ ‫م�شيك (وهما �أ�ص ّمان)‪ ،‬وح�سن �سليمان‬ ‫ويهدف هذا المكتب‪� ،‬إلى ت�أمين الم�صلحة‬ ‫المدار�س الأخرى‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى االندماج‬
‫العام المقبل‪.‬‬ ‫(ي�سجالن �ضعف ًا في‬ ‫وف�ضل �أب��و يحيى‬ ‫العامة ل�ه��ذه الفئة م��ن ال�ن��ا���س‪ ،‬لتكون‬ ‫االج�ت�م��اع��ي وال �ت��رب��وي ال �ه��ادف و�صقل‬
‫ّ‬
‫فاعلة ومنتجة في �إطار هذه الم�ؤ�س�سات‬ ‫المهارات و� ً‬
‫صوال لال�ستقاللية التامة‪.‬‬
‫الإنتاجية التي تتوظف بها‪ ،‬وت�ؤدي عملها‬ ‫وتر ّكز الم�ؤ�س�سة على القيام والم�شاركة في‬
‫حمالت التوعية على حقوق المعوقين في‬
‫مختلف الأماكن واعتماد �شتى الأ�ساليب‬
‫صوال للم�ساواة ورفع التهمي�ش عنهم‪.‬‬ ‫و� ً‬
‫ك �م��ا ت �ع �م��ل ع �ل��ى ت�ن�م�ي��ة ق � ��درات ذوي‬
‫االح� �ت� �ي ��اج ��ات ال �خ��ا� �ص��ة ف ��ي مختلف‬
‫ال �م �ج��االت‪ ،‬وال�م���ش��ارك��ة ف��ي الأن�شطة‬
‫الوطنية المتنوعة‪.‬‬
‫كما تعمل م�ؤ�س�سة ال�ه��ادي‪ ،‬على ت�أمين‬
‫فر�ص العمل لذوي االحتياجات الخا�صة‪،‬‬
‫�شعور ًا منها بم�س�ؤوليتها عن متابعة هذه‬
‫الفئة من المجتمع‪ ،‬لي�س فقط في �إطار‬
‫الرعاية‪ ،‬بل في �إطار توفير اال�ستقاللية‬
‫وفر�ص العمل‪.‬‬
‫وف ��ي ال��وق��ت ال ��ذي ل��م ي�ت��م ب ��دء العمل‬
‫بالقانون ‪ 2000/220‬الذي ينظم دمج ذوي‬
‫‪15‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫مكتب الخدمات االجتماع ّية في م� ّؤ�س�سة العالمة المرجع ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫‪ 29‬عام ًا من الخير والعطاء في خدمة الإن�سان‬
‫االجتماعي يعتبر ج��زء ًا من ال ّر�سالة الإن�سان ّية للإ�سالم‪ ،‬انطلق مكتب‬
‫ّ‬ ‫لأنّ العمل‬
‫الخدمات االجتماع َّية‪ ،‬التّابع لم� ّؤ�س�سة �سماحة العالمة المرجع‪ ،‬ال�س ّيد محمد ح�سين‬
‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬برعاية �سماحة المرجع الراحل(ره) واهتمامه‪ ،‬بهدف الم�ساهمة في‬
‫التّخفيف عن ال ّنا�س بع�ض �أعباء الواقع المرير ّ‬
‫وال�ضاغط على حاجاتهم الأ�سا�س ّية‪ ،‬وال‬
‫�س ّيما في ظ ّل الواقع االقت�صادي ّ‬
‫ال�صعب‪ ،‬والأو�ضاع التي مر بها لبنان‪..‬‬

‫ال�خ�ي��ر وال �ع �ط��اء م�ن��ذ �أك �ث��ر م��ن ت�سعة‬ ‫المنهج الم�ؤ�س�ساتي‪:‬‬
‫وعلى ال ّرغم م ّما بذله العاملون من جهود وع�شرين عاما‪ً.‬‬
‫كبيرة في ه��ذا المجال‪ ،‬ف��إ َّن��ه ال يخفى‬
‫� َّأن الحاجات االجتماعية �أكبر من �أن �أهداف ون�شاطات المكتب‪:‬‬
‫ت�سدّها م�ؤ�س�سة واح��دة‪ ّ ،‬وهذا ما يحمل ع ��ن م �ك �ت��ب ال��خ��دم��ات الإجتماعية‪،‬‬
‫أهلي‪ ،‬و�أه��داف��ه ون�شاطاته‪ ،‬ك��ان لنا لقاء مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ك ّل م� ّؤ�س�سات المجتمع المدني وال‬
‫والأفراد والجماعات‪ ،‬م�س�ؤولية التّخفيف مدير المكتب‪ ،‬الحاج ف�ؤاد �سمادي‪ ،‬الذي‬
‫مواقع الحاجة اعتبر «�أن المكتب و�ضع ن�صب عينيه �أن‬ ‫ّ‬
‫يقوم ِّ‬ ‫من معاناة ال ّنا�س في ك ّل‬
‫بكل ما يمكن �أن ي�ساعد على جعل‬ ‫في المجتمع‪.‬‬
‫الغربي‪� ،‬إل��ى �صور وال�غ��از ّي��ة والنبط ّية‬ ‫عين ّية من الأدوات المنزل ّية والألب�سة‬ ‫وفي ظ ّل هذا الواقع‪ ،‬كان لمكتب الخدمات �أف��راد ه��ذا الوطن �أ��س��رة واح��دة‪ ،‬فلقد‬
‫وم��رج�ع�ي��ون وب�ن��ت جبيل‪ ،‬حيث تنت�شر‬ ‫والأح ��ذي ��ة وغ �ي��ره��ا ل�ل�ف�ق��راء والأي �ت��ام‬ ‫االجتماعية دور رائ��د في هذا المجال‪� ،‬أوج��د للأ�سر التي فقدت معيلها �أ�سر ًا‬
‫مراكز المكتب»‪.‬‬ ‫والعجزة‪.‬‬ ‫تكافل‬
‫حيث كان حا�ضر ًا في كل المراحل‪ ،‬وفي ك ّل تكفلها وترعاها‪ ،‬من خالل برنامج ٍ‬
‫يتم ت�أمين ك�سوة العيد‬ ‫وي�ضيف‪« :‬كما ّ‬ ‫موا�سم العطاء‪ ،‬لي�ؤدّي ّدوره وم�س�ؤولياته اجتماعي نوعي»‪..‬‬
‫في �شهر الخير‪:‬‬ ‫ّ‬
‫للأ�سر ب�أفرادها كا ّف ًة‪ ،‬كي تعي�ش �أجواء‬
‫العيد‪ ،‬وت�شارك المجتمع عيدها الذي‬
‫وفي �شهر رم�ضان المبارك‪ ،‬ترتفع وتيرة‬ ‫الأخالق ّية والإن�سان ّية والدين ّية‪ ..‬انطالق ًا في خدمة الفقراء والمحتاجين‪:‬‬
‫�أراده اهلل لها فرح ًة من �أفراح ال�صائمين‪.‬‬
‫العمل في المكتب ب�شكل كبير‪ ،‬من �أجل‬ ‫م��ن م�ن�ه��ج � �س �م��اح��ة ال �م��رج��ع ال�س ّيد �أ ّم ��ا �أه ��داف المكتب‪ ،‬فيلخ�ص الحاج‬
‫يغطي لغاية اليوم احتياجات‬ ‫ك ّل هذا بات ّ‬ ‫ان يلبي تطلعات الفقراءو المحتاجين‪،‬‬ ‫«ال�سعي �إلى ت�سخير‬ ‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬ال��ذي �أول ��ى اهتمام ًا �سمادي �أه ّمها‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫في هذا ال�شهر الذي يعتبر مو�سم ًا للب ّر‬ ‫والطاقات والجهود في �سبيل‬ ‫كبير ًا بالفقراء والم�ست�ضعفين وذوي الإمكانات ّ‬
‫�أك �ث��ر م��ن ‪� 6700‬أ� �س��رة على الأرا� �ض��ي‬
‫ال ّلبنانية»‪.‬‬
‫وال�شعور بالم�س�ؤولية تجاه الفقراء واكرام‬ ‫الخا�صة‪ ،‬فانطلق من خالل م�ساعدة المحتاجين والفقراء والأيتام‬ ‫ّ‬ ‫االحتياجات‬
‫اليتيم‪ ،‬حيث يو�ضح ال �ح��اج �سمادي‪:‬‬ ‫والمع ّوقين والم�سنين‪ ،‬و�إع��ان��ة الأ�سر‬ ‫�سات‬ ‫ؤ�س‬
‫ّ‬ ‫�‬ ‫الم‬ ‫لين�شئ‬ ‫�ساتي‪،‬‬ ‫ؤ�س‬
‫فكره الم� ّ‬
‫كما يقوم المكتب بجمع زك��اة الفطرة‪،‬‬ ‫«ي�صبح المكتب في هذا ال�شهر المبارك‪،‬‬ ‫الخير ّية التي تقوم بم�س�ؤوليات رعاية بالإمكانات المتوفرة وفق ًا لآلية ّ‬
‫يتم توزيعها بالكامل �صبيحة يوم عيد‬ ‫تتوخى‬
‫كي ّ‬ ‫خلية نحل ال تهد�أ‪ ،‬يعمل من �أجل �أن يوزع‬ ‫ال�صعبة ف��ي المجتمع‪ ،‬حيث الد ّقة في �صرف الم�ساعدات وتوزيعها‪،‬‬ ‫ال �ح��االت ّ‬
‫ً‬
‫الفطر تحديدا‪ ،‬لأنّ هذا من مقت�ضيات‬ ‫لل�صائمين‪ ،‬بدء ًا‬‫ك ّل متط ّلبات الحاجة ّ‬ ‫ام�ت��ازت مرجع ّية �سماحة ال�س ّيد(ره)‪ ،‬والو�صول بالأ�سر كاف ًة �إلى م�ستوى مقبول‬
‫ال�صائمين‪ ..‬وهناك‬ ‫ال�صوم من ّ‬ ‫قبول ّ‬
‫خطة ُيعمل بها منذ م��دة طويلة تراعي‬ ‫ّ‬ ‫ال�شهر‪ ،‬مرور ًا بح�ص�ص �إطعام‬‫من م�ؤونة ّ‬ ‫ال�سعي‬ ‫ب�أ ّنها تقدّم لل ّنا�س ك�شف ًا مالي ًا �سنوي ًا من العي�ش الكريم‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى ّ‬
‫ّوجه‪.‬‬
‫و�إفطارات كاملة‪،‬‬ ‫يو�ضح م�صاريفها وم�شاريعها‪ ،‬في لبنان لبناء جيل مثقف لدى الأ�سر والعوائل التي‬
‫هذا الت ّ‬ ‫ووج �ب��ات ن�صف �أ�سبوعية ت�شتمل على‬ ‫ال�شفاف ّية يرعاها المكتب‪ ،‬و�إن�شاء مراكز �صح ّية»‪.‬‬ ‫وخ��ارج لبنان‪ ،‬في �إط��ا ٍر من ّ‬
‫كفالة اليتيم‪:‬‬ ‫الخبز وال � ّل �ح��وم وال�خ���ض��ار والفاكهة‪،‬‬ ‫المال ّية‪ ،‬والمنهج الم� ّؤ�س�ساتي المنفتح وتعمل المدير ّية االجتماع ّية في المكتب‬
‫وم��ن �أب ��رز ن�شاطات مكتب الخدمات‬ ‫وح�ص�ص ًا تموين ّية من المواد الغذائ ّية‬ ‫على خدمة الفقراء والأيتام والمحتاجين‪،‬‬ ‫على ال ّنا�س‪.‬‬
‫الإجتماعية‪ ،‬كفالة الأي�ت��ام‪ ،‬التي تعتبر‬ ‫الأ�سا�س ّية لك ّل عائلة‪ .‬وي�ستفيد من هذه‬ ‫ال�ضرور ّية‪ ،‬من خالل‬ ‫وق��د �أ�صبحت م� ّؤ�س�سات المرجع ف�ضل و�س ّد احتياجاتهم ّ‬
‫في المنظور الإ�سالمي‪ ،‬م�صداق ًا بارز ًا‬ ‫الم�ساعدات ما يقارب الـ ‪� 6096‬أ�سرة‪،‬‬ ‫اهلل(ره)‪ ،‬نموذج ًا رائ��د ًا على م�ستوى م�ساعدات مال ّية وعين ّية و�صح ّية وتربو ّية‪،‬‬
‫لل�صدقة الجارية والتّجارة الم�ستمرة مع‬ ‫في ‪ 358‬قرية وبلدة في مختلف مناطق‬ ‫لبنان والعالم العربي والإ�سالمي‪ ،‬ومن يجود بها ال�خ� ّي��رون و�أ��ص�ح��اب الأي��ادي‬
‫اهلل‪ ،‬ما يعود بال ّنفع على الكافل‪ ،‬قبل �أن‬ ‫وال�ضاحية‪� ،‬إلى جبيل‬‫لبنان‪ ،‬من بيروت ّ‬ ‫�أب��رز هذه الم� ّؤ�س�سات‪ ،‬مكتب الخدمات البي�ضاء‪ ..‬كما ت�ؤ ّمن تقديمات غذائ ّية ـ‬
‫ي�صل ال ّنفع �إلى المكفول‪.‬‬ ‫وال�شمال‪� ،‬إل��ى بعلبك ـ الهرمل والبقاع‬ ‫ّ‬ ‫االجتماع ّية ا ّل��ذي ال ي��زال يتابع م�سيرة �شهري ًا ـ للأ�سر الم�ستفيدة‪ ،‬وتقديمات‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪16‬‬
‫الخدمات ال�صح ّية‪:‬‬ ‫�إعاقتهم‪ ،‬حيث يعمل على تعزيز �أو�ضاعهم‬ ‫في ملف المكفول‪.‬‬ ‫�أ ّما الم�س�ؤول ّية الأهم التي تقع على عاتق‬
‫ال�صح ّية �إلى ت�أمين العناية‬ ‫تهدف الدّائرة ّ‬ ‫الحيات ّية‪ ،‬من خالل ت�أمين حياة كريمة‬ ‫‪-2‬ال ّرعاية ال ّثقاف ّية والتربو ّية‪:‬‬ ‫المجتمع �إزاء اليتيم‪ ،‬فهي م�س�ؤول ّية‬
‫الطب ّية للعوائل الم�ستفيدة من المكتب‪،‬‬ ‫لهم‪ ،‬وم�ساعدتهم على ا�ستقالل ّيتهم‪،‬‬ ‫وذل��ك عبر تزويد اليتيم بك ّل ما يحتاج‬ ‫ال ّرعاية‪ ،‬وهي تعني باخت�صار ملء الفراغ‬
‫و�إلى ت�أمين ال�دّواء للعوائل التي يرعاها‬ ‫بدعمهم بالخدمات ال�صح ّية والإعانات‬ ‫�إل�ي��ه م��ن �أق�ساط مدر�س ّية وقرطا�س ّية‬ ‫الذي تركه موت الأب‪ ،‬وتعوي�ضه معنوي ًا‬
‫مقابل ب��دل م��ال��ي رم ��زي‪ ،‬و�إل ��ى ت�أمين‬ ‫ال�م��ال� ّي��ة ال�ت��ي ت�ساعدهم على مزاولة‬ ‫وكتب وغير ذلك‪...‬‬ ‫عن ال ّنق�ص الذي ي�شعر به ج ّراء ذلك‪.‬‬
‫اال�ست�شفاء للعوائل على ح�ساب وزارة‬ ‫حياتهم ب�شكل طبيعي‪ .‬وي�ساعد المكتب‬ ‫‪-3‬الإيواء‪:‬‬ ‫ـ �أما �أنواع ال ّرعاية التي يحظى بها اليتيم‬
‫ال�ضمان‬ ‫ال�صحة‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى تغطية فرق ّ‬ ‫ّ‬ ‫حالي ًا ‪ 450‬مع ّوق ًا‪.‬‬ ‫ب�إيجاد الم�أوى الذي ي�ستطيعون من خالله‬ ‫في المكتب فهي‪:‬‬
‫للعوائل الفقيرة دون تحميلها � ّأي عبء‬ ‫ال�شعور باال�ستقرار‪� ..‬إ��ض��اف� ًة �إل��ى �أنّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-1‬ال � ّرع��اي��ة ال�م��اد ّي��ة‪ :‬وت�شمل الإعالة‪،‬‬
‫طب الأ�سنان ب�سعر‬ ‫مالي‪ ،‬وت�أمين عالج ّ‬ ‫المكتب ا�ستطاع خالل فتر ٍة وجيزة ترميم‬ ‫والإطعام‪ ،‬والكفالة‪.‬‬
‫ال�صدقات‪:‬‬ ‫مدير ّية ّ‬ ‫عدد من بيوت الفقراء الذين ال قدرة لهم‬
‫رمزي �أو مجاني للعالجات المر�ض ّية‪� ،‬أ ّما‬ ‫ال�صدقة �إح��دى الركائز المهمة‬ ‫والتك ّفل هو عالقة �إن�سانية بين الكافل‬
‫تعتبر ّ‬ ‫على عبء التّرميم‪ ،‬و�أي�ض ًا بناء عدد من‬ ‫والمكفول‪ ،‬حيث تقوم مدير ّية التّكافل‬
‫فيتم ت�أمينها ب�سعر مخ ّف�ض‬ ‫التّجميل ّية ّ‬ ‫في محاربة �آف��ة الفقر والتّ�س ّول‪ ،‬ودعم‬
‫يتنا�سب مع و�ضع المر�ضى‪.‬‬ ‫المنازل في �أكثر من منطقة لبع�ض �أ�سر‬ ‫االجتماعي الخيري‪ ،‬بتنظيم عملية التّكفل‬
‫التّنمية االج�ت�م��اع� ّي��ة‪� ،‬ضمن منظومة‬ ‫الأيتام التي يرعاها‪ ،‬عدا عن ا�ستئجار‬
‫�أ ّما الخدمات التي تقدّمها الإدارة الطب ّية‬ ‫اق�ت���ص��اد ّي��ة متكاملة لتحقيق التّكافل‬ ‫وتن�سيقها ومتابعتها‪ ،‬وهي تتيح للكافل �أن‬
‫لعوائل مكتب الخدمات االجتماع ّية فهي‪:‬‬ ‫ال�سكنية ف��ي مناطق‬ ‫ال�شقق ّ‬ ‫ع��دد م��ن ّ‬ ‫يقوم بواجبه في عمل الخير وم�ساعدة‬
‫االجتماعي ف��ي الإ� �س�لام‪ ،‬وه��ي �إذا ما‬
‫ّ‬ ‫مختلفة‪ ،‬حيث يتعهد المكتب بت�سديد بدل‬
‫ـ تقديم خ��دم��ات رع��اي��ة �صح ّية �أول ّية‬ ‫ُو ِّظفت توظيف ًا عملي ًا‪ ،‬تف�إنها ت�ساعد في‬ ‫المحتاجين والفقراء‪ ،‬من خ�لال تب ّني‬
‫م�ستم ّرة لعوائل المكتب‪.‬‬ ‫ال�شهري على نفقته‪.‬‬ ‫الإيجار ّ‬ ‫و�ضعهم ال �م��ادي‪ ،‬حيث يتك ّفل بت�أمين‬
‫تقلي�ص م�ساحات الفقراء والمحتاجين‪،‬‬
‫ـ تقديم الخدمات العالجية للم�شاكل‬ ‫كما يو�ضح مدير مكتب الخدمات‪..‬‬ ‫رعاية الم�سنّين‪:‬‬ ‫حاجات �إحدى الحاالت االجتماعية التي‬
‫ال�صحية المزمنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وب �ح �� �س��ب ج � ��دول م �� �ص��ارف��ات دائ� ��رة‬ ‫�أ ّما بالن�سبة �إلى الم�س ّنين‪ ،‬فتُعتبر م�س�ألة‬ ‫يرعاها المكتب‪ .‬ويوجد �أربعة �أن��واع من‬
‫ـ �صرف الأدوي ��ة الأ�سا�س ّية للأمرا�ض‬ ‫ال� ّ���ص��دق��ات ف��ي المكتب ل�ع��ام ‪2010‬م‪،‬‬ ‫رعايتهم مادي ًا ومعنوي ًا‪ ،‬وكفالتهم وبيان‬ ‫التك ّفل هي‪ :‬كفالة اليتيم‪ ،‬رعاية الفقير‪،‬‬
‫المزمنة‪.‬‬ ‫حقوقهم‪ ،‬م��ن ال� ّت�ح��دي��ات ال�ت��ي تواجه‬ ‫رعاية العاجز‪ ،‬رعاية المع َّوق‪.‬‬
‫ال�صدقات البالغ قيمتها‬ ‫تو ّزعت �أم��وال ّ‬
‫ـ ت �ق��دي��م خ��دم��ة الإ� �س �ع��اف��ات الأول� � ّي ��ة‬ ‫الإج�م��ال�ي��ة ‪1.768.861.000‬ل‪.‬ل‪،.‬‬ ‫المجتمع‪ ،‬ن �ظ��ر ًا �إل ��ى ازدي� ��اد عددهم‬ ‫كيفية التّكفل‪:‬‬
‫للعوائل‪.‬‬ ‫بين �صدقات وك�ف��ارات وف��دى وعقائق‪،‬‬ ‫با�ستمرار‪ ..‬وق��د عمل مكتب الخدمات‬ ‫ي�ت��واج��د ل��دى المكتب ط�ل�ب��ات لفقراء‬
‫ـ ت �ح��وي��ل ال � �ح� ��االت ال �م��ر� �ض � ّي��ة �إل ��ى‬ ‫ع�ل��ى م��ا ي �ق��ارب ‪� 55200‬أ�� �س ��رة‪ ،‬بين‬ ‫االجتماع ّية‪ ،‬من خالل توجيهات �سماحة‬ ‫ومحتاجين و�أي �ت��ام ع�ل��ى م�ساحة هذا‬
‫ال�صح ّية‬ ‫ال�م���س�ت���ش�ف�ي��ات وال��م��راك��ز ّ‬ ‫ح�ص�ص غ��ذائ� ّي��ة ت��وزع��ت على ‪14540‬‬ ‫العالمة المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬ ‫ال��وط��ن‪ ،‬وم��ن خاللها ي�ستطيع الكافل‬
‫المتعاقدة مع المدير ّية ال�صح ّية‪.‬‬ ‫�أ���س��رة‪ ،‬بقيمة ‪361.661.000‬ل‪.‬ل‪،‬‬ ‫على �إيالئهم كل اهتمام ورعاية‪ ،‬حيث‬ ‫التّع ّرف �إلى المكفول الذي ي��و ُّد كفالته‪،‬‬
‫ال�صحي في‬ ‫ّ‬ ‫ـ تقديم التّوعية والتّثقيف‬ ‫و�أدوي� ��ة بقيمة ‪783.500.000‬ل‪.‬ل‪،.‬‬ ‫ي���س��اع��د ال�م�ك�ت��ب ح��ال �ي � ًا ‪ 465‬م�س ّن ًا‪،‬‬ ‫�إ ّما عبر بطاقته‪� ،‬أو عبر ا�ستمارة �أ�سرته‬
‫المنا�سبات ال�صح ّية العالم ّية‪.‬‬ ‫ت ��أ ّم �ن��ت ل �ـ ‪ 31340‬ح��ال��ة‪ ،‬وم�ساعدات‬ ‫يح�صلون على كافة احتياجاتهم‪.‬‬ ‫الموجودة لدى المكتب‪� ،‬أو من خالل زيارة‬
‫للتّوا�صل مع مكتب الخدمات والم�ساهمة‬ ‫مالية �شهرية لـ ‪� 860‬أ�سرة من الفقراء‪،‬‬ ‫يقوم بها بالتّن�سيق مع هيئة المدير ّية‬
‫ف��ي ت�ق��دي�م��ات��ه ون �� �ش��اط��ات��ه الخير ّية‪،‬‬ ‫رعاية المع ّوقين‪:‬‬
‫بقيمة ‪516.000.000‬ل‪.‬ل‪� ،.‬إ�ضاف ًة �إلى‬ ‫ويهتم مكتب الخدمات بالمع ّوقين ج�سدياً‬ ‫�إلى مكان �سكن المكفول‪ ،‬لالطالع على‬
‫يمكن االت�صال على الرقمين التاليين‪:‬‬ ‫الطحين والخبز وال ّلحوم‪ ،‬ا ّلتي وزعت‬ ‫ّ‬ ‫�أو�ضاعه عن كثب‪ ،‬ومن ّثم‪ ،‬يتم �إجراء‬
‫‪03631124 -01559240‬‬ ‫وعقلي ًا‪ ،‬م��ن خ�لال ت�أمين م�ستلزمات‬
‫على �أكثر من ‪� 8460‬أ�سرة‪ ،‬وبلغت قيمتها‬ ‫الحياة لهم في المجاالت كا ّف ًة‪ ،‬ومحاولة‬ ‫التّرتيبات الالزمة من خالل المدير ّية‬
‫‪159.700.000‬ل‪.‬ل»‪.‬‬ ‫�إبقائهم �ضمن �أ�سرهم مهما كان حجم‬ ‫والكفيل لجهة تعبئة «ا�ستمارة تك ّفل» تبقى‬
‫‪17‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫الدين عن تركيا والهوية اال�سالمية‪:‬‬
‫حوار مع د‪.‬محمد نور ّ‬
‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل �أحد المراجع الفقه ّية والفكر ّية للمجتمع التركي‬
‫نظر ًا �إلى ما تمثله تركيا من ثقل في المنطقة والعالم‪ ،‬وفي ّ‬
‫خ�ضم التطورات الحا�صلة‬
‫ال�س ّيد (ره) والمجتمع التّركي‪:‬‬ ‫والمخت�ص بال�ش�أن التركي‪ ،‬الدكتور‬
‫ّ‬ ‫توجهت «ب ّينات» ببع�ض الأ�سئلة �إلى الباحث‬
‫اليوم‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬ما هو الأثر وال�صدى الفكري والروحي‬ ‫محمد نور الدين‪ ،‬لن�ستطلع ر�أيه حول الو�ضع في تركيا اليوم‪ ،‬وكذلك ما تركته �شخ�صية‬
‫ال��ذي تركه غياب �سماحة ال�سيد(ره)‬ ‫إ�سالمي المجدّد �آية اهلل العظمى ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل «ر�ضوان‬ ‫المرجع ال‬
‫على المجتمع التركي بك ّل �أطيافه؟‪..‬‬ ‫ّ‬
‫اهلل عليه» من � ٍأثر في الو�سط االجتماعي والفكري التركي‪ ،‬نظر ًا �إلى ما تمثله من‬
‫‪ -‬ك���ان � �س �م��اح��ة ال� ��� �س� � ّي ��د(ره) �أح ��د‬ ‫ميزات اجتهادية وفكرية و�إ�سالمية معا�صرة‪ ،‬فكان هذا الحوار‪:‬‬
‫المراجع الفقه ّية والفكر ّية التي يعود‬
‫�إليها المجتمع التركي‪ ..‬وال ّ‬
‫�شك في �أنّ‬
‫العلماني؟‬ ‫الحالة الإ�سالم ّية في تركيا‪:‬‬
‫غياب المرجع ّيات الفكر ّية الكبيرة في‬ ‫‪ -‬م��ا ه��و ت��و��ص�ي�ف�ك��م ل��واق��ع الحالة‬
‫تركيا‪� ،‬أتاح المجال لدخول فكر مراجع‬ ‫ّركي تع َّر�ض‬ ‫�شك في � َّأن المجتمع الت ّ‬ ‫‪ -‬ال َّ‬
‫العلماني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫خالل الفترة الأولى من ال ِّنظام‬ ‫الإ�سالمية في المجتمع التركي اليوم‬
‫دين ّية كبرى في العالم الإ�سالمي �إلى‬ ‫في ظ ّل التطورات الحا�صلة؟‬
‫يف�سر‬
‫الدّاخل التركي‪ ،‬لكنّ هذا وحده ال ِّ‬ ‫وخ�صو�ص ًا ف��ي عهد �أت��ات��ورك‪� ،‬إل��ى ما‬
‫«�أرب��ك��ان»‪ ،‬و�إن اختلفت ال� َّن�ظ��ر َّي��ة عن‬ ‫يمكن ت�سميته بالإبادة لقيمه ومنظومة‬ ‫‪-‬الأت��راك هم �أحد المك ّونات الرئي�سة‬
‫االحترام والتّقدير الكبيرين الذي كان‬ ‫إيجابي‬
‫ل�سماحته في الأو�ساط الم�ؤمنة التركية‪،‬‬ ‫ال َتّعامل مع الواقع ال�سيا�سي التّركي بين‬ ‫ُم ُثله الدّين ّية‪ ..‬لذلك نرى � َّأن المجتمع‬ ‫للمجتمعات الإ�سالم ّية‪ ،‬ولهم دور � ّ‬
‫�أربكان وطالبه‪ ،‬فكان االن�شقاق بينهم‬ ‫ال� ّت��رك��ي افتقد عبر تاريخه الحديث‪،‬‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬ونجحوا‬ ‫ّ‬ ‫ومركزي في التّاريخ ال‬
‫ّ‬
‫�إذ �إنّ الإ�سالم التركي بطبيعته يغلب‬ ‫على امتداد �أكثر من �ستّمائة عام‪ ،‬في‬
‫وعرفاني‬ ‫�صوفي‬ ‫على جزء كبير منه بع ٌد‬ ‫وبينه‪ ،‬في طريقة ال َتّعامل مع هذا الواقع‪،‬‬ ‫�إل� ��ى �أع�ل��ام وع �ل �م��اء دي ��ن ومف ّكرين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫�إ�سالم ّيين متم ّيزين‪ ،‬ولقد ظهر عد ٌد‬ ‫�أن يكونوا �سادة العالم من خالل الدّولة‬
‫واجتماعي‪ ،‬وبالتّالي ف�إنّ االعتدال هو‬ ‫ّ‬ ‫ال�شروط‬ ‫فهم كانوا منفتحين على دفتر ّ‬
‫الأوروب � ّي��ة لتحديث ال ّنظام والمجتمع‪،‬‬ ‫ولكن‬ ‫منهم‪ ،‬و�أبرزهم «�سعيد نور�سي»‪َّ ،‬‬ ‫العثمان ّية‪ ،‬وهم الذين ح ّققوا الإنجاز‬
‫�إح��دى �صفاته الأ�سا�س ّية‪ ،‬و�شخ�ص ّية‬ ‫الأب��رز للم�سلمين في عمق الجغرافيا‬
‫�سماحة ال���س�ي��د(ره) المنفتحة على‬ ‫وه��ذا ما كان يعار�ضه «�أرب�ك��ان»‪ ،‬ويبدو‬ ‫إ�سالمي كبير‬ ‫ٍّ‬ ‫بمجتمع �‬
‫ٍ‬ ‫المح�صلة ال تليق‬ ‫ّ‬
‫�أنّ التّلميذ قد تف ّوق على مع ّلمه‪ ،‬ذلك �أنّ‬ ‫مثل تركيا‪ ،‬والأ�سلوب ا ّل��ذي ا َتّبعه قادة‬ ‫الأوروب � ّي��ة‪ ،‬لكنّ انهيار الإمبراطورية‬
‫ك� ّل المذاهب الإ�سالم ّية‪ ،‬والمحترمة‬ ‫العثمان ّية‪ ،‬و�إقامة نظام جمهوري بطابع‬
‫ل�ل�آخ��ر �أ ّي� � ًا ك��ان دينه ومذهبه‪ ،‬كانت‬ ‫التّعبير عن الهو ّية الإ�سالم ّية الآن في ظ ّل‬ ‫الحالة الإ�سالم َّية في تركيا‪� ،‬ساهم في‬
‫ع��ام� ً‬ ‫حركة التحديث الجارية‪ ،‬قد ازداد عما‬ ‫حفظ البنية التحت َّية ـ �إذا جاز ال َتّعبير ـ‬ ‫علماني متط ّرف �أدخل الهو ّية الإ�سالم ّية‬
‫لا ف��ي ق �ب��ول ف �ك��ره ا ّل� ��ذي عك�س‬ ‫للمجتمع التركي في �صعوبات‪ ،‬وارتفعت‬
‫�شخ�ص ّيته‪� ،‬إذ كان ال�س ّيد(ره) داعية‬ ‫كان عليه من قبل‪ ،‬وهذا يف�ضي �إلى �أنّ‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬وهو ما ُ�س ّمي «بالإ�سالم‬ ‫ّ‬ ‫للفكر ال‬
‫الإيمان ال ّرا�سخ بهذه الهو ّية‪ ،‬هو �أكبر من‬ ‫ّ‬
‫االجتماعي»‪ ،‬ا ّلذي عك�سته الطرق الدّين َّية‬ ‫ّ‬ ‫�أم��ام��ه ت�ح��دي��ات ك�ث�ي��رة‪ ..‬ول�ق��د كانت‬
‫انفتاح وتقارب بين المذاهب واحترام‬ ‫التجربة التي م ّر بها المجتمع التركي‬
‫خ�صو�ص ّية الآخ ��ر‪ ،‬لذلك ك��ان هناك‬ ‫� ّأي تحديث ُيراد منه تقييد هذه الهو ّية‪..‬‬ ‫�أكثر من غيرها‪ ،‬وا ّلتي انك َّبت على تلقين‬
‫الطبيعي �أنّ‬ ‫ن�صل بالقول �إل��ى �أ ّن��ه من‬ ‫التّعاليم الدّين ّية ب�صور ٍة �شبه �سر ّية‪،‬‬ ‫ف��ي ظ � ّل النظام العلماني المت�شدّد‪،‬‬
‫تقدير م��ن مختلف �أط �ي��اف المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫اختبار ًا لمدى تج ّذر الهو ّية الإ�سالم ّية‬
‫التركي لك ّل ال ّنتاج الفكري والفقهي‬ ‫هناك قوا�سم م�شتركة كثيرة بن حزب‬ ‫خدماتي‬
‫ّ‬ ‫وعلى �إن�شاء جمع ّي ٍات ذات طابع‬
‫ل�سماحته(ره)‪...‬‬ ‫ال �ع��دال��ة وال� ّت�ن�م�ي��ة وح��رك��ات الإخ� ��وان‬ ‫تجاري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتعليمي‪ ،‬و�أحيان ًا قليلة‬ ‫ّ‬ ‫�صح ّي‬
‫ّ‬ ‫في قلب هذا المجتمع‪...‬‬
‫الم�سلمين في العالم الإ�سالمي‪ ،‬وتج ّلى‬ ‫وع�ن��دم��ا ب� ��د�أت ت��رك�ي��ا ب��االن�ف�ت��اح على‬ ‫و�إذا كانت الأتاتورك َّية نجحت في تغيير‬
‫ّركي وال�س ّيد(ره)‬‫الإعالم الت ّ‬ ‫ذلك على �أر�ض الواقع من خالل الدّعم‬ ‫�أكثر من م�ستوى في مطلع ال ّثمانينات‪،‬‬ ‫بع�ض المظاهر الإ�سالم َّية في المجتمع‪،‬‬
‫‪ -‬ك�ي��ف ت�ع��اط��ت ال� ّ���ص�ح��اف��ة‪ ،‬وكذلك‬ ‫التركي الكبير لهذه الحركات بعد بدء‬ ‫��ش� ّك��ل الإ�� �س�ل�ام االج �ت �م��اع� ّ�ي حا�ضن ًة‬ ‫�زي‪ ،‬غير �أ ّنها لم‬ ‫من الأبجد َّية �إل��ى ال� ّ‬
‫المث ّقفون والكتّاب في تركيا في تناولهم‬ ‫ال ّثورات في العالم العربي‪...‬‬ ‫للحركة الإ�سالم َّية ال�سيا�س ّية‪ ،‬وا�ستم ّر‬ ‫ت�ستطع �أن تنزع �إي�م��ان ه��ذا المجتمع‬
‫ل�شخ�ص َّية �سماحته ال ّرائدة؟‬ ‫الحالة الإ�سالم ّية والحداثة‪:‬‬ ‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫تعاظم هذه الحالة ب�ش ّقيها‬ ‫بدينه‪ ،‬وعندما �أتيحت الفر�صة لو�صول‬
‫حب المجتمع التركي وتقديره لفكر‬ ‫‪ّ -‬‬ ‫‪ -‬ما هو م�ستقبل الحالة الإ�سالم َّية في‬ ‫وال�سيا�سي‪� ،‬إل��ى �أن نجحت في �إي�صال‬ ‫ّ‬ ‫�زب ذي طابع �إ��س�لام� ّ�ي ي�سعى �إلى‬ ‫ح� ٍ‬
‫ال�س ّيد و�شخ�ص ّيته‪ ،‬تج ّلى �أو ًال في ترجمة‬ ‫تركيا؛ �أهي حالة ِّ‬ ‫ال�سلطة عام ‪،2002‬‬ ‫ّ‬ ‫�ى‬‫�‬ ‫ل‬ ‫�‬
‫إ‬ ‫بمفرده‬ ‫حزب‬ ‫ّ‬
‫احترام الطبيعة العلمان ّية لل ّنظام‪ ،‬لك َّنه‬
‫متجذرة �أم هي وليدة‬
‫العديد من كتبه‪ ،‬بل فتاويه �أي�ض ًا‪� ،‬إلى‬ ‫الظروف وخا�ضعة لها؟‬‫ّ‬ ‫وال يزال فيها‪..‬‬ ‫يدعو ـ ومار�س ذلك بالفعل ـ �إلى احترام‬
‫ال ّلغة الترك ّية‪ ،‬وغالب ًا ما كانت تظهر‬ ‫‪ -‬انطالق ًا م َّما ذك��رن��ا‪ ،‬من �أ َّن��ه تجتمع‬ ‫حزب العدالة والإخوان ‪:‬‬ ‫القيم الثقاف ّية والدين ّية للمجتمع‪ ،‬ع ّبر‬
‫ك �ت��اب��ات ��ص�ح��اف�ي��ة ت �ت �ن��اول المواقف‬ ‫ف��ي الحالة الترك َّية الإ��س�لام� َّي��ة عوامل‬ ‫‪-‬م� ��ا ه ��ي ال �م �ن �ط �ل �ق��ات وال �خ �ل �ف � َّي��ات‬ ‫ّركي عن مكنونه ال َّرا�سخ ب� َّأن‬ ‫ال�شعب الت ّ‬ ‫ّ‬
‫المنفتحة والمعتدلة ل�سماحته‪ ،‬وال‬ ‫الإيديولوج َّية لحزب العدالة وال َتّنمية‬ ‫ً‬
‫بكل �أبعاده ال يزال حا�ضرا بق ّوة‬ ‫ّ‬ ‫الإ�سالم ِ‬
‫ال َتّاريخ والتحدّي الجغرافي والح�ضاري‪،‬‬
‫�س ّيما عند ا�شتداد النزعات والع�صب ّيات‬ ‫ال يمكن لهذا المجتمع �أن يكون خارج‬ ‫عقائدي‬‫ّ‬ ‫تقارب‬
‫ٍ‬ ‫الحاكم‪ ،‬وهل من وجه‬ ‫في وجدانه وفي عاداته وفي ممار�ساته‪،‬‬
‫المذهب ّية داخل العالم الإ�سالمي‪ ،‬وكان‬ ‫ما�ضيه العريق ا ّل��ذي �أع�ط��اه مجد ًا في‬ ‫بينه وبين الإخوان الم�سلمين؟!‬ ‫وتركيا اليوم ت�ستعيد هو ّي ًة �أُريد لها �أن‬
‫هناك تقدير �أي�ض ًا لمواقف �سماحته‬ ‫جغرافي‬
‫ّ‬ ‫تحد‬
‫التّاريخ العالمي‪ ،‬وهو �أمام ٍ ّ‬ ‫‪ -‬ح��زب ال�ع��دال��ة وال َتّنمية ه��و الوريث‬ ‫ت�ضيع من دون االنغالق على المكت�سبات‬
‫المناه�ضة لل�سيا�سات ال�غ��رب� ّي��ة في‬ ‫ق � ّل نظيره ف��ي العالم الإ� �س�لام� ّ�ي‪ ،‬فهو‬ ‫الزّعيم‬ ‫رعي للأحزاب ا ّلتي �ش َّكلها َ‬ ‫ال�ش ّ‬ ‫َّ‬ ‫الإيجاب ّية لتجارب الآخرين‪..‬‬
‫المنطقة‪ ،‬وبطبيعة الحال «لإ�سرائيل»‪،‬‬ ‫تما�س بين العالم الم�سيحي‬ ‫على خ� ّ�ط ٍ‬ ‫ال�سيا�سي في تركيا‬ ‫ّ‬ ‫ّاريخي للإ�سالم‬ ‫ال َت ّ‬ ‫االجتماعي ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الإ�سالم‬
‫والق�ض ّية الفل�سطين ّية كانت حا�ضر ًة‬ ‫والإ�سالمي‪ ،‬وكان ر�أ�س الحربة في �صراع‬ ‫«ن�ج��م ال � ّدي��ن �أرب �ك��ان»‪ ،‬وب��ال� َّت��ال��ي‪ ،‬هم‬ ‫‪ -‬م��ا م��دى ال َّت�أثير الفكري والثقافي‬
‫دائم ًا في الوجدان التركي‪ ،‬لذلك غالب ًا‬ ‫الم�سلمين مع الم�سيح ّيين‪ ،‬وال يزال هكذا‬ ‫كل ال َّثقافة ا ّلتي زرعها ون�شرها‬ ‫يحملون َّ‬ ‫للحالة الإ��س�لام� َّي��ة ف��ي مجتمع تركيا‬
‫ال�صحاف ّيون والمف ّكرون الأتراك‬ ‫ما كان ّ‬ ‫تحد ح�ضاري‪ ،‬وهو‬ ‫حد كبير‪ ،‬وهناك ٍ ّ‬ ‫�إلى ٍ ّ‬
‫عندما ي ��أت��ون �إل ��ى ل�ب�ن��ان‪ ،‬يق�صدون‬ ‫لمجتمع م�سلم �أن يكون‬ ‫ٍ‬ ‫�أ ّن��ه كيف يمكن‬
‫� �س �م��اح �ت��ه ل �ل��وق��وف ع �ن��د �آرائ� � ��ه في‬ ‫�إ�سالم ّي ًا وحديث ًا في الوقت نف�سه‪� ،‬إذ بقدر‬
‫الم�ستجدّات‪ ،‬ولل ّنهل من فكره‪ ،‬وك ّلها‬ ‫ال�صفتان يكون الإ�سالم �أقوى‪.‬‬ ‫ما تجتمع ّ‬
‫ناتجة من التقدير واالحترام ل�شخ�ص ّية‬ ‫وبتقديري‪ ،‬ف��إنّ تركيا �سائرة في اتّجاه‬
‫�سماحته وفكره‪...‬‬ ‫تج ّذر الحالة الإ�سالم ّية فيها‪ ،‬واتّجاه‬
‫�أن تكون حديثة‪ ،‬و�إن مع بع�ض التّنازالت‬
‫اجرى اللقاء‪ :‬محمد ف�ضل اهلل‬ ‫التي ال �أعتقد �أ ّنها �ست�ؤثر �سلب ًا في ال�سياق‬
‫الإ�سالمي العام للمجتمع‪...‬‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪18‬‬
‫كونوا مع فل�سطين لأنها الق�ض ّية والرمز‬
‫ال�صحف وو�سائل الإع�لام هذه‬ ‫لتتناقل ّ‬
‫ال�صور عليها‪« :‬ه��ذا ُيفعل با�سم اهلل!»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنبر الح�سيني في ر�ؤى المرجع ف�ضل اهلل وتط ّلعاته(‪:)2/2‬‬
‫ف ��إذا كان تعذيب ال ّنف�س مح ّرم ًا �شرع ًا‬
‫م��ن خ�ل�ال ح��رم��ة الإ�� �ض ��رار بال ّنف�س‪،‬‬
‫الطفولة؟! �إنّ هذا حرام‬ ‫فكيف بتعذيب ّ‬ ‫تطوير الأ�سلوب ومواجهة الخرافة‬
‫�شرع ًا! بل هو جريمة‪ ..‬ولكن للأ�سف‪،‬‬ ‫ال�شيخ علي ح�سن غلوم‬
‫ف�إنّ هذه العادات المتخ ّلفة �أ�صبحت من‬ ‫كان للخطاب الإعالمي المتع ّلق بال ّنه�ضة الح�سين ّية في فكر العالمة المرجع‪ ،‬ال�س ّيد‬
‫المقدّ�سات‪ ،‬و�أ�صبح الكثير من العلماء‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬ح ّي ٌز وا�سع‪ ،‬حيث ر ّكز �سماحته على �إخراجها من قمقم‬
‫م�ستحب‪ .‬كما �إنّ الكثير‬ ‫ّ‬ ‫يفتون ب�أنّ هذا‬ ‫الما�ضي والتّع�صب والتمذهب‪� ،‬إل��ى �آف��اق الحا�ضر والم�ستقبل‪ ،‬ورحابة الإ�سالم‪،‬‬
‫من العلماء ـ هداهم اهلل ـ يعتبر �أنّ الت�ش ّيع‬ ‫و�شمول ّية الم�ضامين الإن�سان ّية‪.‬‬
‫يكبر من خالل هذه العادات والتّقاليد‪..‬‬
‫ل�ق��د ق�ل��ت ل �ه ��ؤالء‪ :‬لي�ست ه��ذه طريق ًة‬ ‫لم تقت�صر ق��راءة ال�سيد(ره) للخطاب ابتدا ًء من عند اهلل‪� ،‬أو ا�ستجاب ًة لطلب‬
‫لموا�ساة الإمام الح�سين(ع)‪� ،‬إنّ ا ّلذين‬ ‫ظروف خا�ص ٍة و�ضمن �شروط‬ ‫ٍ‬ ‫الإعالمي المتع ّلق بال ّنه�ضة الح�سين ّية �أحد‪� ،‬إال في‬
‫ال�صهاينة في‬ ‫يوا�سونه هم ا ّلذين واجهوا ّ‬ ‫على ال ّنقد فقط‪ ،‬ب��ل ك��ان ي��ؤ ّك��د ال �دّور مع ّينة‪� ،‬إال �أنّ خطاب المنبر الح�سيني‬
‫جبل �صافي‪ ،‬وفي حرب تموز‪ ،‬وفي جميع‬ ‫ال� �ه ��ام ال � ��ذي ت�ن�ه����ض ب ��ه المجال�س ا�ستغرق في ذكر المعجزات والكرامات‬
‫ال�صهاينة‪..‬ل َّأن الإمام‬ ‫المواجهات مع ّ‬ ‫طريقة التّعبير وعنا�صر الإث��ارة‪ ،‬ف�إ ّنهم‬ ‫الح�سين ّية على الم�ستويات المختلفة‪ ،‬المن�سوبة �إلى �آل البيت(ع)‪ ،‬دون تحقيق‬
‫جرح وا�ست�شهد وهو يجاهد»‪.‬‬ ‫ي�ستطيعون �أن يحركوا الم�أ�ساة في ق�ضية‬ ‫وال �س ّيما �أ ّن �ه��ا ت�ستقطب الجماهير �أو مراعاة لآثار المبالغة في ذلك‪ ،‬فزرع‬
‫وقد دعا �سماحته �إلى مواجهة ك ّل �صور‬ ‫الإمام الح�سين(ع)‪ ،‬من دون الحاجة �إلى‬ ‫ب�صورة يق ّل نظيرها‪ ،‬م�شير ًا �إلى �ضرورة ف��ي ّ‬
‫ال�شخ�صية ال�شيع ّية عقل ّي ًة �أ ّث��رت‬
‫ال�ت�خ� ّل��ف ف��ي �إح��ي��اء ذك ��رى عا�شوراء‬ ‫ق�ص�ص وحكايات جديدة»‪.‬‬ ‫ال ّنقد الب ّناء‪ ،‬و�أهم ّية امتالك الخطيب في تعاطيها مع �أه��ل ال�ب�ي��ت(ع)‪ ،‬وفهم‬
‫وت�ح��وي�ل�ه��ا �إل ��ى �أع �م��ال �إي �ج��اب � ّي��ة‪ ،‬مثل‬ ‫الأ�ساليب الدّ خيلة في الإحياء ‪:‬‬ ‫المنبري ال ّثقافة الم�س�ؤولة التي ُيراد من ق�ضاياهم وحركتهم في الحياة‪ .‬فقال‬
‫التب ّرع بالدّم ل�صالح جرحى االنتفا�ضة‬ ‫كان المرجع ال ّراحل ال�سيد محمد ح�سين‬ ‫الر�سالي‪ ،‬حيث �سماحة المرجع الراحل وهو يبدي ت�أ ّلمه‬ ‫ّ‬ ‫خاللها خدمة الهدف‬
‫الفل�سطين ّية‪ ،‬حيث يعتبر «�أن �ن��ا بذلك‬ ‫ف�ضل اهلل(ره) كثير النقد لبع�ض ما‬ ‫اعتبر �أنّ من انعكا�سات البعد عن الواقع من هذا الأ�سلوب‪« :‬لقد تحدثنا �أكثر من‬
‫ن�ستطيع �أن نقدم للعالم في حركة الم�أ�ساة‬ ‫يمار�س و ُي� َّصور على �أ ّنه من �صميم‬ ‫في المعالجة وال� ّ�ط��رح‪ ،‬تحجيم ر�سالة مرة عن �أنّ م�شكلتنا مع �أهل البيت(ع)‪،‬‬
‫التي نتفاعل بها‪� ،‬شيئ ًا ح�ضاري ًا �إيجابي ًا‬ ‫�شعائر �إحياء الذكرى الح�سين ّية‪ ،‬في‬ ‫ال ّنه�ضة الح�سين ّية ومجال�س العزاء هي �أ ّننا حب�سناهم في �سجن الم�أ�ساة‬
‫حركي ًا‪ ،‬يقف مع المجاهدين ليعطيهم‬ ‫الوقت الذي يعتبره من حيث الفتوى‪،‬‬ ‫فقط‪ ،‬وعندما �أطلقنا �آفاقهم‪� ،‬أطلقناها‬ ‫الح�سيني‪.‬‬
‫من دمائه �إذا لم ي�ستطع �أن يعطيهم من‬ ‫ومن حيث التّحليل الت�أريخي واالجتماعي‬ ‫فقط في جانب المعجزات والكرامة‪� ،‬أما‬ ‫االقت�صار على البعد العاطفي‪:‬‬
‫طاقته في الحرب»‪.‬‬ ‫والإعالمي‪ ،‬ت�ص ّرفات دخيلة ال عالقة‬ ‫وخطهم‬ ‫�إنّ ت ��زاوج العقل وال�ع��اط�ف��ة‪ ،‬والإيمان فكرهم ومنهجهم ف��ي الحياة ّ‬
‫تطوير المنبر الح�سيني‪:‬‬ ‫لها بالإ�سالم وال بالق�ض ّية الح�سين ّية‪ ،‬بل‬ ‫وال�ح����س ف��ي �أي ��ة ق�ضية‪�� ،‬س�ي��ؤدي �إلى ال ّنبوي الأ�صيل‪ ،‬فلي�س هناك عمل بالقدر‬
‫و�أخ� �ي ��ر ًا‪ ،‬ف�ق��د اع�ت�ب��ر ال �� �س �ي��د(ره) �أنّ‬ ‫�إ ّنها تعمل على ت�شويه �صورة هذه ال ّنه�ضة‬ ‫القوة في وج��وده��ا وا�ستمرارها‪ ،‬فكما المطلوب لإبرازه وبيانه»‪.‬‬
‫ال�ش�أن‬ ‫م��ن م�س�ؤوليات القائمين على ّ‬ ‫المباركة‪ ،‬وحرف �أهدافها‪ .‬وقد �أثارت‬ ‫ال�ضعيفة‪:‬‬ ‫�إ ّننا نحتاج �إلى البراهين العلم ّية‪ ،‬و�إلى االعتماد على الأخبار ّ‬
‫التّبليغي‪� ،‬أن يط ّوروا من �أ�ساليبهم في‬ ‫الج ّو العلمي من �أجل تنمية الأفكار في ف ��ي ال ��وق ��ت ال � ��ذي ت �خ �ت �ل��ف نظريات‬
‫عر�ض الق�ض ّية الح�سين ّية بما يتوافق‬ ‫ك��ان ال�س ّيد حري�ص ًا‬ ‫عقولنا‪ ،‬نحتاج ك��ذل��ك �إل��ى الأ�ساليب المحققين حول معايير الأخذ بالروايات‬
‫مع متط ّلبات الع�صر وتط ّوره‪ ،‬قال‪« :‬من‬ ‫العاطف ّية م��ن �أج��ل تعميق الفكرة في والأخبار التّاريخية‪ ،‬وقول الأكثرية منهم‬
‫الم�ؤ�سف جد ًا �أننا ال نرى �إال بعدد �أ�صابع‬ ‫ع��ل��ى �أن ال يجامل‬ ‫�أحا�سي�سنا وم�شاعرنا؛ العاطفة هي التي بالتّ�سامح فيها‪ ،‬فيما ال يت�سامح فيها‬
‫اليد في ك ّل هذا الواقع من الذين يتلون‬ ‫الخرافيين‪ ،‬وق���دّ م �إل���ى النا�س‬ ‫تمنح الفكر حرارته وحيو ّيته‪ ،‬وتخرجه فقهي ًا‪ ،‬وبالتّالي �إمكان ّية الأخ��ذ بالكثير‬
‫ال�سيرة‪ ،‬م ّمن يملك رحابة ال�سيرة و�أفقها‬ ‫ّ‬ ‫النتائج المترتبة على ال ّت�سامح في‬ ‫ال�ضعفاء والمجاهيل والأخبار‬ ‫من الجمود �إل��ى ال ّن�شاط‪ ،‬ليتح ّول من من روايات ّ‬
‫في الق�ضية الكبرى‪ ،‬لذا ال بد لنا من �أن‬ ‫حال ٍة فكري ٍة �إلى حال ٍة �إيماني ٍة‪ .‬لذا كان المر�سلة‪� ،‬إال �أنّ هذا ال يعني فتح الباب‬
‫نث ّقف الأ�سلوب‪ ،‬لأن ّ الق�ض ّية تبقى في‬ ‫ال�سيرة الح�سين ّية‬
‫ت�شويه ّ‬ ‫ال�س ّيد(ره) ي�ؤ ّكد �ضرورة �أن تبقى ق�ض ّية �أم��ام ال� ّرواي��ات والأخبار التي ال ت�صمد‬
‫عنا�صرها الطبيعية‪ ،‬نحن ال نريد �أن‬ ‫الإم��ام الح�سين(ع) في �إط��ار التّعبئة �أم��ام �أق � ّل انتقاد ق��د يلتفت �إل�ي��ه‪ ،‬حتى‬
‫نط ّور الق�ض ّية فنبتعد بها عن عنا�صرها‬ ‫بال�سيف‪،‬‬‫فتواه بتحريم �ضرب ال ّر�ؤو�س ّ‬ ‫الجماهير ّية العاطفية �إلى جانب التّعبئة من ال يمتلك �إال ثقافة ب�سيطة في هذا‬
‫و�ضرب الظهور بال�سال�سل‪� ،‬أجوا ًء‬ ‫فقال(ره)‪« :‬ال ب ّد من االتجاه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الطبيع ّية‪ ،‬لأنّ علينا �أن نبقي التّاريخ‬
‫� �ص��ادق � ًا‪ ،‬ول�ك��ن ال ب��د لنا م��ن �أن نط ّور‬ ‫عدائية‪ ،‬تمام ًا كما واجهها من �سبقه من‬ ‫بين العاطفة والق�ضية‪ ،‬لأنّ ولذا كان ال�س ّيد(ره) حري�ص ًا على �أن ال‬
‫الفكر ّية العقل ّية‪،‬‬
‫مراجع وفقهاء �أفتوا بالم�ضمون ذاته‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫�أن نجمع‬
‫الأ�سلوب‪ ..‬ولذلك ال بد لنا من �إنتاج �شعر‬ ‫بالعاطفة فقد يجامل «الخرافيين» في ذلك‪ ،‬و�أن يقدّم‬ ‫الق�ض ّية �إذا ل��م تمتزج‬
‫جديد‪ ،‬ونثر جديد‪ ،‬ربما تكون الم�أ�ساة‬ ‫يكتف بذكر الفتوى‬ ‫�س ّيما �أنّ �سماحته لم ِ‬ ‫�إل��ى ال ّنا�س الأ�سباب وال ّنتائج المترتبة‬
‫مع ّلقة على عناوين معينة‪� ،‬إن انطبقت‬ ‫ال�سيرة‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫ماتت‬ ‫تموت في التّاريخ‪ ،‬كما‬
‫ال�صدق‬ ‫في عا�شوراء محدودة في ما هو ّ‬ ‫�شخ�ص المو�ضوع‬ ‫حرمت و�إال فال‪ ،‬بل ّ‬ ‫الق�ضايا التّاريخية في ه��ذا المجال‪ ..‬على التّ�سامح ف��ي ا�ستعرا�ض ّ‬
‫التّاريخي‪ ،‬بحيث ال يملك الخطيب ما‬ ‫الح�سين ّية ب�صورتها ال�م���ش� ّوه��ة‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬
‫يريده في �إثارة الدمعة و�إثارة الم�شاعر‪،‬‬ ‫الخارجي‪ ،‬وقدّم الفتوى وا�ضحة ال لب�س‬ ‫ّ يفعل الكثيرون ك ّل عام‪ ،‬م ّمن ال يدركون‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫إن�سان‬ ‫�‬ ‫بطريقة‬ ‫العاطفة‬ ‫قيمة �إث��ارة‬
‫فيها‪� ،‬ضمن معطيات الواقع الذي در�سه‬ ‫ّ‬
‫لكن عندما تكون خطيب ًا مثقف ًا‪� ،‬أو خطيب ًا‬ ‫وعقالن ّية‪ ،‬تجعلنا نتفاعل مع كل الم�آ�سي خطورة عملهم هذا‪ ،‬فقال �سماحته‪�« :‬إ ّننا‬
‫�أديب ًا‪ ،‬تعرف كيف تح ّرك الكالم وتر ّكبه‬ ‫عن دراية و�إحاطة ووعي‪.‬‬ ‫ال�سيرة‬ ‫ال�ضروري نقد ن�ص ّ‬ ‫التي تمت ّد في العالم‪ ،‬فالكثير من ال ّنا�س نجد �أ ّنه من ّ‬
‫ف�ق��ال(ره)‪�« :‬إ ّننا نقف �أم��ام الكثير من‬
‫وتنظمه في عملية �إثارة الم�شاعر‪ ،‬ربما‬ ‫ّ‬
‫العادات والتّقاليد التي �أُعطيت عنوان‬
‫ال�سيرة ال ّنبوية‬ ‫الذين يعي�شون م�أ�ساة كربالء‪ ،‬يتفاعلون الح�سين ّية‪ ،‬كنقد ن�ص ّ‬
‫تقف لتعطي ال ��ّ��ص��ورة الكربالئية في‬ ‫ن�ص تاريخي‪ ،‬لأنّ‬ ‫ال�شريفة‪ ،‬وكنقد �أي ٍ‬ ‫ّ‬ ‫�ض ّد المجازر الوح�ش ّية التي يقوم بها‬
‫الم�أ�ساة‪ ،‬وتنهمر الدّموع دون �أن ترجع‬ ‫ال�م��وا��س��اة ل�ل�إم��ام ال�ح���س�ي��ن(ع)‪ ،‬مثل‬ ‫بدعم من �أمريكا واالتحاد التّاريخ و�إن ابتعد عنا‪ ،‬فهو قد دخل في‬ ‫ٍ‬ ‫ال�صهاينة‬ ‫ّ‬
‫�صوتك �أو ت�أتي حتّى ببيت �شعر‪ ،‬المهم‬ ‫بال�سيف‪ ،‬حتى �إنّ بع�ض‬ ‫�ضرب الر�ؤو�س ّ‬ ‫وجداننا ال ّثقافي‪ ،‬و�إح�سا�سنا الديني‪،‬‬ ‫ولكنّ‬ ‫ة»‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫العرب‬ ‫ّول‬ ‫د‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫وبع�ض‬ ‫�ي‬
‫ال ّ‬
‫�‬ ‫ب‬ ‫أورو‬
‫النا�س من غير الم�سلمين قالوا �إنّ �سيوف‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫�أن تعرف �أين هي نب�ضات الم�شاعر عند‬ ‫ّ‬
‫ال�شيعة ك��ان��ت ت��رت�ف��ع ��ض� ّد �أعدائهم‪،‬‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬وب�ن��ا ًء على ذلك‪،‬‬ ‫المرجع ف�ضل اهلل كان ي�ؤكد �أي�ضا �أنّ ‪ :‬وحركتنا ّ‬
‫الإن�سان وما الذي يحركه‪ ..‬نحن نتحدّث‬
‫ف�أ�صبحت ترتفع كي ي�ضربوا بها ر�ؤو�سهم‪،‬‬
‫ال�صورة غير الواقع ّية‬ ‫«علينا �أن نعقلن العاطفة ونر�شدها فعندما نقدّم بع�ض ّ‬
‫عن �ضرورة �إدخ��ال ق�ض ّية الح�سين(ع)‬ ‫ون�صلحها ح� ّت��ى تتكامل م��ع الق�ض ّية‪ ،‬على �أ ّنها تمثل ال�شرع ّية‪ ،‬باعتبار �أ ّنها‬
‫وال�سينما‪ ،‬بحيث‬ ‫و�أ�صبح هذا من المقدّ�سات لديهم! مع �أنّ‬ ‫تُن�سب �إل��ى الح�سين(ع)‪ ،‬الإم��ام الذي‬ ‫ولتكون العاطفة في خدمة ال ّر�سالة»‪.‬‬
‫�إل��ى الم�سرح الحديث ّ‬ ‫ك ّل هذا لي�س له �أ�صل في �سيرة الأئ ّمة(ع)‬
‫ال�سيرة كتاب ًة فني ًة مبدعة‪ ،‬تخاطب‬ ‫تكتب ّ‬ ‫ال�شرعي‬ ‫الخط ّ‬‫ُيعتبر قوله وفعله يمثالن ّ‬ ‫اال�ستغراق في المعجزات‪:‬‬
‫الإن�سان في العالم‪ ،‬من خ�لال عنا�صر‬ ‫ومنهجهم‪ ..‬كما تنقل �شا�شات التّلفزة‬ ‫ال�صحيح‪ ،‬ف ��إنّ ذلك �سوف يدخل حتّى‬ ‫�ان‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫وا‬ ‫�إنّ خ ��رق ق��وان �ي��ن ال� ّ�ط�ب�ي�ع��ة‬
‫بع�ض االحتفاالت ـ والتي للأ�سف يوجد‬ ‫ّ‬
‫الإن�سان ّية الحيو ّية الموجودة في داخلها»‪.‬‬ ‫ب��ال �م �ع �ج��زات وال� �ك ��رام ��ات‪ ،‬ل�ي����س هو في حركتنا الثور ّية في ما هو �شرعي وما‬
‫�إ��ش��راف ديني عليها ـ حيث َينذر بع�ض‬ ‫الأ�صل بالن�سبة �إل��ى ت�ص ّرفات الأنبياء هو غير �شرعي‪ ..‬و�أعتقد �أنّ ق ّراء التّعزية‬
‫في�شجون ر�ؤو�سهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال ّنا�س �أطفالهم‪،‬‬ ‫والأول �ي��اء(ع)‪ ،‬بل �إنّ المعجزة ال ت�أتي �إذا كانوا يملكون �أ�سلوب ًا �أدبي ًا فني ًا في‬
‫‪19‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫�إ�ضاءات ومواقف من حياة المرجع ف�ضل اهلل‬
‫الكريمة‪َ } :‬و َما �أُ َب� ِّ�ر ُئ َنف ِْ�سي ِ�إ َّن ال َّنف َْ�س‬
‫ال�سوءِ{‪ ،‬و�أظ ّنه كما يقول ال�س ّيد‬ ‫لأَ َّما َر ٌة ِب ُّ‬ ‫ال�س ّيد �شفيق المو�سوي‬
‫جعفر يالحق حتّى الوهم والفكرة التي‬
‫تطر�أ على �أف��ق ال ّنف�س‪ ،‬فكان يطردها‬ ‫عالم المرجع ال�س ّيد مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬عالم متن ّوع متعدّد‪ ،‬قد تحتار في‬
‫بذكر اهلل ع ّز وج ّل‪.‬‬ ‫طرق الأبواب التي يمكن �أن تُدخلك �إلى هذا العالم‪ ،‬والحيرة نابع ٌة من انجذابك �إلى‬
‫الراحة حرام‪:‬‬ ‫ك ّل مفردة من مفردات هذا العلم‪ ،‬فقه ًا واجتهاد ًا وعلم قر�آن وحديث ًا �شريف ًا‪ ،‬ونهج‬
‫ح � ّرم ال�س ّيد(ره) على نف�سه ال ّراحة‪،‬‬ ‫بالغة‪ ،‬وتحدّيات معا�صر ًة وما �إلى ذلك‪...‬‬
‫الراحة على الدعاة ح��رام‪ ،‬هذا الكفر‬ ‫ّ‬
‫رجل بقامة ال�س ّيد لن يكون �إال بقرب القلب من القلب‪ ،‬وتما�س العقل من‬ ‫والحديث عن ٍ‬
‫ق��د �شحذ ك � ّل �أ�سلحته ��ض� ّد الإ�سالم‬ ‫العقل‪...‬‬
‫والم�سلمين‪ ،‬وه��ذه الأر� ��ض تهت ُّز من‬ ‫وفي لقاء جمعنا برئي�س الوزراء العراقي‬ ‫مع ّل ٌم لل�صالة‪:‬‬
‫تحت �أقدامنا‪ ،‬وهذا عال ٌم ال يحترم �إ ّال‬ ‫ال�سابق‪ ،‬ال� ّدك�ت��ور �إب��راه�ي��م الجعفري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ق� ��ال ال �� �س � ّي��د ال ����ش �ه �ي��د م �ح � ّم��د باقر‬
‫الأقوياء‪ ،‬فلنكن الأقوياء بالعلم والثقافة‬ ‫ال�صدر(ره)‪« :‬ك ُّل من خرج من ال ّنجف تحدّث فيه عن ال�س ّيد‪ ،‬ومن جملة ما رواه‬ ‫ّ‬
‫وال�سيا�سة واالقت�صاد وما �إلى ذلك‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫خ�سر ال ّنجف‪� ،‬إ ّال ال�س ّيد مح ّمد ح�سين عن عالقته ب�سماحته‪� ،‬أ ّنه جاءه م ّرة ي�شكو‬
‫وترجم مقولته �إلى عمل‪ :‬كان ينطلق كما‬ ‫ف�ضل اهلل فقد خ�سرته ال ّنجف»‪ ..‬هذا �إليه قريبه الذي ارتكب الإثم با�ستغابته‪،‬‬
‫يحدّث �أح��د مرافقيه ل�سنوات طويلة‪،‬‬ ‫ال�س ّيد ال��ذي خ�سرته ال� ّن�ج��ف‪ ،‬كفقيه قال ال�س ّيد(ره) للدكتور الجعفري‪� :‬أنت‬
‫الحاج فوزي �صالح‪ ،‬من بيروت ال�ساعة‬ ‫ومجتهد‪ ،‬ك��ان يقف على ب��اب ح�سينية تعرف مح ّمد ح�سين ف�ضل اهلل‪ ..‬دعهم‬
‫الواحدة فجر ًا‪ ،‬ي�صل �إلى الجنوب في‬ ‫يح�س بالتّعب ليلة الجمعة‪،‬‬ ‫كان عندما ُّ‬ ‫النبعة في �ضاحية من �ضواحي بيروت يقولون‪...‬‬
‫الثالثة‪ ،‬ويبيت عند �أح��د الأ�صدقاء‪،‬‬ ‫وي�صادف �أن يكون الحاج ميثم كاظم في‬ ‫ال �م��ز ّن��رة ب��ال�ح��رم��ان‪ ،‬ينتظر الأطفال انطلق ال�س ّيد في ذلك من موقفه ال ّر�سالي‬
‫لينطلق في �صباح اليوم التّالي‪ ،‬من قري ٍة‬ ‫بيروت‪ ،‬يطلب مني �أن يقر�أ الحاج ميثم‬ ‫ال�شارع‪ ،‬ليقنعهم بالدّخول ال� ّث��اب��ت‪ ،‬وه��و كما ي�ق��ول‪ُ :‬ك��نْ �أك�ب��ر من‬ ‫الما ّرين في ّ‬
‫ويوجه‪ُّ ،‬‬
‫ويحل‬ ‫�إلى قرية‪ ،‬يخطب ويعظ ّ‬ ‫الدّعاء‪ ،‬ويبقى جال�س ًا في محرابه حتّى‬ ‫وال�شتائم‪� ،‬إذا �أ�ساءوا‬ ‫وال�صالة‪� ..‬أ�ساليب االتهامات ّ‬ ‫�إلى الم�سجد ليع ّلمهم الو�ضوء ّ‬
‫م�شاكل ال ّنا�س‪ ،‬ثم يعود �إلى بيروت في‬ ‫انتهاء الدعاء‪..‬‬ ‫هذه �شهاد ٌة مو ّثق ٌة �أدلى بها �أمامي �أحد ف�أح�سن‪ ،‬ح��اول �أن تدفع �سيئاتهم التي‬
‫الواحدة فجر ًا‪...‬‬ ‫كان �سماحته العابد العارف الذي م ّثلت‬ ‫يوجهونها �إليك بالكلمة الأح�سن‪ ،‬حتى‬ ‫ّ‬ ‫�أكبر الأطباء ال ّنف�سيين في �أميركا‪ ،‬وهو‬
‫ويحدّث ال�س ّيد مح ّمد الح�سيني‪ ،‬مدير‬ ‫ل��ه ال�ع�ب��ادة م�م��ار��س� ًة عمل ّية ف��ي �شتّى‬ ‫الدّكتور حيدر مكي‪ ،‬ا ّل��ذي حظي بنعمة ت�ستطيع �أن تفتح عقولهم على الحقّ ‪.‬‬
‫حوزة المرت�ضى في دم�شق‪ ،‬ك ّنا ننطلق‬ ‫ال�شيخ‬‫مناحي الحياة‪ ..‬فيما يذكره لي ّ‬ ‫تع ّلم ال� ّ���ص�لاة على ي��دي ال�س ّيد‪ ،‬حين العابدُ العارف‪:‬‬
‫�صباح ًا من دم�شق �إلى حم�ص �إلى حلب‬ ‫ح�سن ب�شير‪ ،‬مدير مكتبه في بيروت‪� ،‬أنهّ‬ ‫ال�شارع �إل��ى الم�سجد‪� ،‬أنتق ُل �إلى �ض ّف ٍة �أخرى من �ضفاف حياة‬ ‫�أدخله و�أخ��اه من ّ‬
‫وب�شكل معاك�س‬ ‫ٍ‬ ‫�إل��ى ح��دود تركيا‪ ،‬ثم‬ ‫ال�شرعية من‬ ‫عندما كان يت�س ّلم الحقوق ّ‬ ‫ومعهما مجموعة من الأط�ف��ال يع ّلمهم ال�س ّيد‪ ،‬نحن نعرف �أنّ الحديث ال�شريف‬
‫�إل��ى درع��ا على ال �ح��دود الأردن �ي��ة‪ ،‬ثم‬ ‫ال ّنا�س‪ ،‬كان يردّد دائم ًا‪« :‬ال حول وال ق ّوة‬ ‫يقول‪�« :‬أف�ضل النا�س َمنْ ع�شق العبادة‪،‬‬ ‫وال�صالة‪ .‬‬
‫ال�س ّيد كيف ّية الو�ضوء ّ‬
‫�إلى دم�شق‪ ،‬ويقول ال�س ّيد الح�سيني‪ ،‬لم‬ ‫العلي العظيم‪ ،‬ح�سبي اهلل و ِنعم‬ ‫�إ ّال باهلل ّ‬ ‫فعانقها‪ ،‬و�أح ّبها بقلبه وبا�شرها بج�سده‪،‬‬ ‫روح مت�سامحة‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫�أ�سمعه ي�شكو من التّعب‪ ،‬بل كان عندما‬ ‫الوكيل‪� ،‬أ�ستغفر اهلل ربي و�أت��وب �إليه»‪،‬‬ ‫هذه هي الروح ّية نف�سها التي تقوم الحملة وتف ّرغ لها‪ ،‬فهو ال يبالي على ما �أ�صبح من‬
‫ينظر �إلينا ويجد � َّأن التعب ق��د نه�ش‬ ‫ال�شيخ ب�شير‪ ،‬ولماذا الحوقلة‬ ‫هنا ي�س�أله ّ‬ ‫الظالمة عليها‪ ،‬ك��ان �سماحته ي�صب ُر الدنيا على ُع�سر �أم على ُي�سر»‪.‬‬
‫ك ّل مفا�صلنا‪ ،‬كان يمازحنا ويقر�أ الآية‬ ‫واال�ستغفار‪� ،‬س ّيدنا؟ كان يجيب‪� :‬أ�شعر‬ ‫يمل ال�صبر منه‪ ..‬وفي ليل ٍة‪ ،‬كمثال تطبيقي على الحديث ال�شريف‪،‬‬ ‫وي�صب ُر حتى َّ‬
‫الكريمة‪َ }َ :‬ق� ْ�د َل ِقي َنا ِمن َ�س َف ِر َنا هَ َذا‬ ‫أفاع تل�سعني �إن‬‫ب�أنّ هذه الأموال عقارب و� ٍ‬ ‫ال�صالة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعد‬ ‫بنف�سه‬ ‫الدعاء‬ ‫على‬ ‫ه‬ ‫حر�ص‬
‫ُ‬ ‫الظالمة على �س ّيدنا في‬ ‫كانت الحملة ّ‬
‫َن َ�صب ًا{‪.‬‬ ‫لم تُ�صرف في مكانها الطبيعي‪ ،‬وحدي‬ ‫ذروة عنفها‪ ،‬كنا ن�ستمع �إلى ال�س ّيد‪ ،‬وهو‬
‫ك ّل من راف��ق ال�س ّيد في لبنان و�سوريا‬ ‫الم�س�ؤول عن �صرفها �أمام اهلل‪..‬‬ ‫ال�شريف‪« :‬اللهم ِ�ص ْل من‬ ‫ي�شرح الحديث ّ‬ ‫ُ‬
‫و�إيران وباك�ستان والخليج والحج‪ ،‬وفي‬ ‫ذاب(ره) في اهلل تعالى‪ ،‬وك��ان العابد‬ ‫انطلق ال�س ّيد في موقفه‬ ‫أعط من حرمني‪ ،‬واغفر لمن‬ ‫قطعني‪ ،‬و� ِ‬
‫�أوروبا و�أميركا‪ ،‬يحدّث عن جهد ال�س ّيد‬ ‫بحقّ ‪ ،‬والعابد العابد‪ ،‬هو الذي ال يقدّم‬ ‫ظلمني‪»..‬‬
‫رِج ًال وال ي� ّؤخر �أخرى �إ ّال �أن يعلم � َّأن في‬ ‫الر�سالي الثابت‪ ،‬ليكون �أكبر من‬
‫كما ل��و �أنّ واح ��د ًا بعينه ك��ان مرافق ًا‬ ‫كان هذا ليلة جمعة في م�سجد الإمامين‬
‫ل��ه ف��ي ك�� ّل ��س�ف��رات��ه �إل ��ى ك�� ّل البلدان‬ ‫ذل��ك هلل ر� �ض��ى‪ ..‬ن�ستمع هنا‪� ،‬إل��ى ما‬ ‫�أ�ساليب االتهامات وال�شتائم‪ ،‬ودعا‬ ‫الح�سنين(ع) بعد الخطبة وال�صالة‬
‫يحدّث بذلك‪ ..‬فهذا الحاج �أبو ها�شم‬ ‫علي �أوالدها‬ ‫حدّثت به حرمه ال�س ّيدة �أم ّ‬ ‫�إلى دفع الإ�ساءة بالكلمة الأح�سن‪،‬‬ ‫والدعاء‪ ،‬ذهب ال�س ّيد �إلى البيت‪ ،‬وهذا ما‬
‫ال�سميع البهبهاني‬ ‫الوزان‪ ،‬وال�س ّيد عبد ّ‬ ‫ال�سادة‪ ،‬تقول‪ :‬ليلة عزمه على �إعالن‬ ‫ّ‬ ‫يحدّث به ولده �سماحة ال�س ّيد علي‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫م��رج�ع� ّي�ت��ه‪ ،‬ك��ان يبكي ك�م��ا الأط �ف��ال‪،‬‬ ‫حتى ن�ستطيع �أن نفتح عقول‬
‫وال�س ّيد ر�ضا البهبهاني وال�س ّيد ر�ضا‬ ‫اتّ�صلوا بفالن ـ وفالن هو ر�أ���س الحربة‬
‫الطباطبائي‪ ،‬يحدّثون ب��أنّ يوم ال�س ّيد‬ ‫وكانت تحاول �أن ته ّون عليه‪ ،‬فيجيبها ب� َّأن‬ ‫النا�س على الحق‬ ‫الموجهة �إل��ى �صدر ال�س ّيد ـ‬ ‫ّ‬ ‫الم�سمومة‬
‫العملي‪ ،‬ي�ب��د�أ م��ن لقاء �إل��ى ن��دوة �إلى‬ ‫الم�س�ؤول ّية �أمام اهلل كبيرة‪ ،‬وب�أنّ ه�ؤالء‬ ‫فتعجب كل من حول ال�س ّيد‪ ،‬ات�صلوا به‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫محا�ضرة �إل��ى ح��وار‪ ،‬وهكذا على مدى‬ ‫ال ّنا�س الذين �سيق ّلدونه هم �أمانة اهلل في‬ ‫حادثه ال�س ّيد‪ ،‬ت��ودّد �إل�ي��ه‪ ،‬اطمئنّ عنه كان يتلو الدّعاء على جموع الم�ص ّلين‪،‬‬
‫�ساعات ال ّليل وال ّنهار‪..‬‬ ‫عنقه‪...‬‬ ‫خا�صة بدعاء كميل ك ّل‬ ‫وعن عياله‪ ،‬وفال ٌن بار ٌد برودة الثلج كما وكانت له عالق ٌة ّ‬
‫وفي زي��ار ٍة ل�سماحته �إل��ى �إي��ران‪ ،‬وبعد‬ ‫ال�صالة في الم�سجد‪ ،‬كان َمنْ‬ ‫لم يترك ّ‬ ‫�أخبر ال�س ّيد الحق ًا‪ ،‬وعندما ُ�سئل(ره) ليلة جمعة‪ ،‬كنا ن�سمعه يقول‪َّ � :‬إن بكاء‬
‫�أن ب��ذل مجهود ًا كبير ًا‪ ،‬في ال ّلقاءات‬ ‫ح��ول��ه ين�صحه بال�صالة ف��ي المنزل‪،‬‬ ‫ال�شباب وكبار ال�سنّ وهم ي�ستمعون‬ ‫عن �سبب �إق��دام��ه على االت�صال‪ ،‬قال‪ :‬ه�ؤالء ّ‬
‫وال��م��ح��ا���ض��رات وال� � � ّن�� ��دوات‪� ،‬شعر‬ ‫ولك ّنه كان يتحامل على نف�سه ويردّد ما‬ ‫كيف لي �أن �أترجم عمل ّي ًا ما كنتُ �أ�شرحه لي في الدعاء يح ّملني م�س�ؤول ّية �إ�سالم ّية‬
‫الم�س�ؤولون عن �أمن ال�س ّيد �أ ّنه بحاجة‬ ‫ك��ان �صادق �أه��ل البيت(ع) يقوله‪« :‬ما‬ ‫أعط �أك�ب��ر‪ ،‬لذلك ل��م يقعده ع��ن ال � ّدع��اء‪ ،‬ال‬ ‫لعموم الم�ؤمنين‪�ِ :‬ص ْل من قطعك‪ ،‬و� ِ‬
‫�إلى ال ّراحة‪ ،‬فذهبوا به �إلى منطقة بحر‬ ‫�ضعف بد ٌن قويت عليه الن ّية»‪.‬‬ ‫مر�ض وال � ّأي ان�شغال‪ ،‬حتى نال‬ ‫حرب وال ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫من حرمك‪ ،‬واغفر لمن ظلمك‪...‬‬
‫وال�ساحر‪،‬‬ ‫قزوين‪ ،‬حيث الج ّو ال ّلطيف ّ‬ ‫وفيما ذكره نجله �سماحة ال�س ّيد جعفر‬ ‫منه المر�ض منا ًال عظيم ًا‪� ...‬أذك � ُر �أ ّنه‬ ‫دعهم يقولون‪..‬‬ ‫ْ‬
‫بقي ال�س ّيد ليلة �أو ليلتين هناك‪ ،‬ق�ضاهما‬ ‫يقول‪ :‬كان لديه برنام ٌج ثابتٌ ‪ ،‬هو �صالة‬
‫بالكتابة والبحث والقراءة‪ ،‬وفي �صباح‬ ‫ال�ل�ي��ل‪ ،‬ي�ستيقظ ق�ب��ل ال�ف�ج��ر ب�ساعة‪،‬‬ ‫ح ّرم ال�س ّيد(ره) على نف�سه الراحة‪ ،‬فالكفر قد �شحذ ّ‬
‫كل �أ�سلحته‬
‫اليوم ال ّثالث طلب من الجميع ّ‬
‫التوجه‬ ‫ي�ص ّلي‪ ،‬ويدعو بدعاء �أبي حمزة ويقر�أ‬
‫�إل��ى ط�ه��ران‪ ،‬بحجة �أ ّن�ن��ا ل��م ن �� ِأت �إلى‬ ‫ال �ق��ر�آن‪ ،‬ث��م ي�ص ّلي الفجر‪ ،‬وك��ان من‬ ‫�ضدّ الإ�سالم والم�سلمين‪ ،‬وهذه الأر�ض تهت ُّز من تحت �أقدامنا‪،‬‬
‫ال ّنزهة بل �إلى العمل‪...‬‬ ‫عادته �أن تنهمر دموعه وهو يدعو اهلل‬ ‫وهذا عالم ال يحترم �إ ّال الأقوياء‪ ،‬لذلك علينا �أن نعمل لنكون الأقوياء‬
‫في �صالة الليل‪ ..‬ولطالما كان يردّد الآية‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪20‬‬
‫م��ن دع ��اء الإم� ��ام زي��ن العابدين(ع)‪:‬‬ ‫المجدد(ره)‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ال�س ّيد‬
‫هم ح ّبب � ّإلي �صحبة الفقراء و�أع ّني‬
‫على �صحبتهم»‪ ..‬وكم كان ل�صيق ًا بالآية‬
‫ال�ق��ر�آن� ّي��ة‪ ،‬ي��ردّده��ا وي�شرحها م��ن على‬
‫«ال ّل ّ‬
‫مدر�سة الوعي ومنهج الإ�صالح‬
‫منبر م�سجد الإم��ام ال ّر�ضا(ع) في بئر‬ ‫هاني عبداهلل‬
‫ا�ص ِب ْر َنف َْ�س َك َم َع ا َّل ِذينَ َي ْد ُعونَ‬
‫العبد‪َ } :‬و ْ‬ ‫بيته‪� ،‬إلى يوم ال ّنا�س هذا‪ .»..‬ولكنّ ال�س ّيد‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فتى عالما مجدّدا‪ ،‬و�أن‬ ‫�أن تولد في بيئ ٍة علم ّي ٍة كال�سيك ّي ٍة‪ ،‬فتتخ ّرج من �أكاديميتها ً‬
‫َر َّب� ُه� ْ�م ِب��ال� َغ��دَ ا ِة َوال َع ِ�ش ِّي ُي� ِ�ري �دُونَ َو ْج َه ُه‬ ‫ال�ضغط‬‫كان كبير ًا متما�سك ًا في حاالت َّ‬ ‫يحت�ضنك المناخ العلمي التّقليدي‪ ،‬فتنطلق عالم ًا مبدع ًا متم ّرد ًا‪ ..‬وتعي�ش في رحم‬
‫اك َع ْن ُه ْم ت ُِري ُد زِي َن َة َ‬
‫الح َيا ِة‬ ‫َوال َت ْع ُد َع ْي َن َ‬ ‫ف�سي ال�ك�ب��رى‪ ،‬كما ك��ان كبير ًا وهو‬ ‫ال ّن ّ‬ ‫ال�شرق ال ّلجي‪ ،‬وفي �صقيع المذاهب‬ ‫التّجارب التي تتقاذفك يمن ًة وي�سرى‪ ،‬في بحر ّ‬
‫ال ُّد ْن َيا{(الكهف‪.)28:‬‬ ‫ي�ستمع �إلى جوقة المدّاحين ت�أتي من هنا‬ ‫الطوائف‪ ..‬ف�أنت ف�ضل اهلل الذي ت�شير �إليه الأ�صابع‪ ،‬وتتحدّث عنه الأل�سن‪ ،‬بما‬ ‫وجليد ّ‬
‫فتك�سرت‬ ‫ّ‬
‫دارت رحى الأحداث كلها عليه‪ّ ،‬‬ ‫وهناك‪ ،‬فيقول بعد ذهاب الغبرة وانق�شاع‬ ‫فيها الأل�سن التي �أثارت الغبار من حولك‪ ،‬وهي ال تدري �أ ّنها «ت�أخذ ب�ضبعك فترفعه �إلى‬
‫يتك�سر‪ ..‬ك��ان ي ��زدا ُد �أل �ق � ًا ف��ي ع ّز‬ ‫ول��م ّ‬ ‫الم�شهد‪« :‬من مدحني فك�أ ّنه ذبحني‪،»..‬‬ ‫ال�سماء»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ال�ضغوط‪ ،‬وكنت �أنظر �إلى كل هذا الجيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعلي في محنه وتجاربه‪� :‬أنا دون‬ ‫ثم يلوذ ّ‬ ‫ً‬
‫ف�ك��ري�ا و�سيا�سيا‪ ..‬فبقي يبعث �إليهم‬ ‫ً‬
‫وه�ؤالء الذين هم في موقع القيادة اليوم‪،‬‬ ‫ما تقول‪ ،‬و�أكبر مما في نف�سك‪..‬‬ ‫ال�شخ�ص ّية ّ‬
‫الفذة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الحب وعالئق ال��و ّد م��ردّد ًا‪ :‬لئن‬ ‫ث ّمة من الكبار من يولد كبير ًا‪� ،‬أو ينطلق ر�سائل ّ‬
‫ي�أخذون الق ّوة من عينيه‪ ،‬فهو «الكهف‬ ‫لقد كان ال�س ّيد عدو ًا مثال ّي ًا‪ ،‬وقد عرف ك ّل‬ ‫ه�ك��ذا‪ ،‬وه��و ف��ي ري�ع��ان ن�ش�أته الفكرية ب�سطت � ّإلي يدك لتقتلني‪ ،‬ما �أنا ببا�سط‬
‫الح�صين‪ ،‬والأب ال � ّرح �ي��م‪ ،‬والمر�شد‬ ‫�أولئك ا ّلذين تجر�أوا على اال�سم والج�سم‪،‬‬ ‫حيث �إليك يدي لأقتلك‪..‬‬ ‫ّ‬
‫الحكيم»‪ ،‬وال �م�لاذ ال �دّائ��م للمقاومين‬ ‫�أنّ مكانهم محفوظ‪ ،‬ومالذهم م�أمون‪..‬‬ ‫وانطالقته العمل ّية ف��ي ال�ح�ي��اة‪،‬‬
‫على حركة حياته‪ ،‬فتجده وقالها لي م� ّر ًة عندما ا�ستمع �إلى بع�ض‬ ‫ي�ستولي الوعي‬
‫المجاهدين في ك ّل المراحل‪..‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬ك��ان واحدهم ي�شنّ الحمالت‪،‬‬ ‫�سوي‪ُ ،‬ي�ضمخ �شبابه الزاهي‪ ،‬ال �ك �ل �م��ات ال �ج��ارح��ة ف��ي ال � ّن �ق��د‪ ،‬بعد‬
‫ويكتب المقاالت‪ ،‬وي � ّوزع البيانات‪ ،‬حتّى‬ ‫محا�ضر ٍة له في ّ‬ ‫ّ‬ ‫�أ�سير ًا لنهج ّ‬
‫نهج الم�صلحين‪:‬‬ ‫ال�شام‪ ،‬كان يتحدّث فيها‬ ‫وكهولته الحانية‪ ،‬و�شيخوخته المتهدّلة‪..‬‬
‫وث � ّم��ة ظ��اه��رة ت��و ّق��ف عندها الكثيرون‬ ‫�إذا م�ضت المرحلة‪ ،‬و�أط� ّل هناك طارئ‬ ‫الفكري عن احترام الأع��داء‪ ،‬وا�ستخدام �أ�سلوب‬ ‫ّ‬ ‫وث��م��ة م��ن ي�ن��ا��س�ب��ه ال �م �ن��اخ‬
‫تم�سك‬ ‫في �شخ�ص ّية ال�س ّيد‪ ،‬فهو ك ّلما ّ‬
‫جديد‪ ،‬ج��اء �إل��ى ال�س ِّيد‪ ،‬فوجده يردّد‪:‬‬ ‫والت ّّربوي‪ ،‬والبيئة العلمية التي يترعرع المح ّبة في التّعاطي معهم‪« :‬نحن ال نقاتل‬
‫�أكثر بثوابته‪ ،‬التي �أعلن �أم��ام الملأ �أ ّنه‬ ‫العقل مفتوح‪ ،‬والقلب مفتوح‪ ،‬والبيت‬ ‫فيها‪ ،‬فينطلق في حياته ّوفي ًا لها‪ ..‬وثمة الإن�سان في العد ّو‪ ،‬نحن نقاتل عدوانه‬
‫مفتوح‪..‬‬ ‫�ري‪ ،‬و ُي ّنتج و�ش ّره‪ ..‬ولذلك‪ ،‬علينا �أن نعمل لإيقاظ‬ ‫ّ‬
‫لي�س حياد ّي ًا فيها‪ ،‬م� َّ�د ج�سور ًا �إ�ضاف ّي ًة‬ ‫م��ن يخلق ه��و مناخه ال �ف � ّ‬
‫�‬ ‫ك‬
‫من الحوار مع الآخرين‪ ،‬وهو ك ّلما بقي‬ ‫ما �أجمل �أن تختلف مع ال�س ّيد‪ ..‬وما �أروع‬ ‫إن�ساني فيه ما ا�ستطعنا �إلى ذلك‬ ‫الح�س ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫مدر�سته الأخالق ّية والقيم ّية‪ ،‬ويختطّ‬
‫مع قناعاته في ح�صن ح�صين‪ ،‬ازداد‬ ‫�أن ت�ك��ون ف��ي م��وق��ع ال���ض� ّد م��ن فكرته‪،‬‬ ‫لنف�سه منهج ًا تربوي ًا مبدع ًا‪ ،‬ال ين�سلخ �سبي ًال‪.»...‬‬
‫انفتاح ًا على الآخ��ري��ن‪ ..‬وق��د ا�ستمعت‬ ‫ال�شك باليقين في �أ ّنك‬ ‫فعندها تقطع ّ‬
‫مو�ضع تقدير‪ ،‬ال بل في موقع االحترام‬ ‫��ب �سماحته ال ّنا�س‬ ‫�أح� ّ‬ ‫عن �أ�صالة التّاريخ‪ ،‬وال يتم ّرد على حياة‬
‫�إلى �أحد الن ّواب الحال ّيين والمخ�ضرمين‬ ‫ال�ستمرار‬ ‫التّجديد التي تم ّثل الأ�سا�س‬
‫يقول له‪« :‬عجيب �أمرك يا �سماحة ال�س ّيد‪،‬‬ ‫الأكبر‪ ،‬فقد كان �سماحته ي��ردّد‪« :‬لو لم‬ ‫ك ّلهم‪ ،‬ح ّتى �أولئك ا ّلذين‬ ‫الحياة‪..‬‬
‫كيف تحتفظ ب�صداقاتك مع ك� ّل ه�ؤالء‬ ‫ال�ضغينة‪ ،‬وعملوا‬ ‫رموه ب�سهام ّ‬ ‫كان «ال�س ّيد» يردّد في ك ّل ليلة جمعة مع‬
‫المتناق�ضين‪ ،‬م��ع �أ ّن ��ك ل��م تتنازل عن‬ ‫ك��ان �سماحته ينتظر من‬ ‫ع�ل� ّ�ي(ع) في �صومعته المالئك ّية‪...« :‬‬
‫مفرد ٍة واحد ٍة من مفرداتك‪ ،‬وعن قناع ٍة‬ ‫على �إ�سقاطه معنوي ًا‪ ،‬واغتياله‬
‫يوجهوا �إليه‬
‫الكثيرين �أن ّ‬ ‫واجعل �أعمالي و�أورادي ك ّلها ورد ًا واحد ًا‪،‬‬
‫را�سخ ٍة من قناعاتك»‪..‬‬ ‫فكري ًا و�سيا�سي ًا‬ ‫وحالي في خدمتك �سرمد ًا»‪ ..‬والحقيقة‪،‬‬
‫ال�سهام‪,‬‬
‫فوجهوا نحوه ّ‬ ‫الأ�سئلة‪ّ ،‬‬
‫وحتّى �أولئك ا ّلذين رموه ب�سهام الإفراط‬ ‫� َّأن حياة ال�س ِّيد تك�شف لنا عن �س ّر هذه‬
‫وال� ّت�ف��ري��ط‪ ،‬ل��ذه��اب��ه ب�ع�ي��د ًا ف��ي م�سيرة‬ ‫لكنها ر�سمت ح��د ًا فا�ص ًال بين‬ ‫ال�شخ�ص ّية ال �ف � ّذة ال�ت��ي ت�ق��ر�أ �شبابها الوعي في مواجهة التخ ّلف‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الوحدة الإ�سالم ّية‪ ،‬عادوا �إليه و»�صاغوا»‬ ‫مدر�سة الوعي المنفتحة على‬ ‫وال�شاعر‪ ،‬والمث ّقف‪،‬‬ ‫الأ ّول ف��ي «خ �ط��وات��ه» الأول� ��ى‪ ،‬وتنفتح كان ال�س ّيد الأدي��ب ّ‬
‫ع�سلهم من رحيق فتاواه‪ ،‬ووجدوا بعدما‬ ‫والمف�سر‬
‫ّ‬ ‫وال�سيا�سي‪ ،‬والفقيه المجدّد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫على «همومها وق�ضاياها» و»حوارها في‬
‫ال�س ُبل‪� ،‬أنّ �سبيله هو‬ ‫َّ‬ ‫الدّ نيا ك ّلها ومدر�سة ال ّتخ ّلف‬ ‫ال�ق��ر�آن»‪ ،‬و»�أ�سلوب دعوتها»‪ ..‬وتوا�صل ل� �ل� �ق ��ر�آن‪ ،‬و»ال� �ج ��ام ��ع ل �ل ��� ّ�ش��رائ��ط» في‬
‫تق�شعت �أمامهم ُ‬
‫وخطه هو الأو��ض��ح‪ ،‬ونهجه هو‬ ‫الأ��ص� ّ�ح‪ّ ،‬‬ ‫ال�سهام‬ ‫أوجه �إليك ك ّل هذه ّ‬ ‫�أحترمك‪ ،‬لم � ّ‬ ‫�سيرك ب��ات�ج��اه «�أح��ادي�ث�ه��ا ف��ي ق�ضايا �شخ�ص ّيته العلم ّية والإن�سان ّية الف ّذة‪،‬‬
‫النبي الأكرم(�ص)‬ ‫نهج ال�ق��ر�آن و�س ّنة ّ‬ ‫ُ‬ ‫من ال ّنقد»‪ ،‬لأنّ هذا ال ّنقد ي�صنع �إثين ّي ًة‬ ‫�وج�ه��وا �إليه‬‫الطريق ينتظر م��ن الكثيرين �أن ي� ّ‬ ‫االخ �ت�لاف وال��وح��دة»‪ ،‬وت���ش��قّ ّ‬
‫وخط �أهل البيت(ع)‪ ..‬وتلك هي �شيمة‬ ‫ّ‬ ‫مم ّيز ًة ف��ي خ� ّ�ط الفكر‪ ،‬وه��ذه الإثين ّية‬ ‫ال�سهام‪ ..‬ولكنّ‬ ‫فوجهوا نحوه ّ‬ ‫�إل ��ى ال� ّن�ه��اي��ات ف��ي ال�ك�ت��اب��ات العلم ّية الأ�سئلة‪ّ ،‬‬
‫الكبار والمجدّدين والم�صلحين‪ ،‬في �أن‬ ‫ت�صنع ت �ج �دّد ًا ف��ي ك � ّل ح��رك��ة الجدال‬ ‫تك�سرت ن�صالها على‬ ‫ال�سهام التي ّ‬ ‫وال �م �ح��ا� �ض��رات ال �ف �ك��ر ّي��ة والأح ��ادي ��ث هذه ّ‬
‫الطريق‪ ،‬حتّى‬ ‫ُيرموا بالحجارة على طول ّ‬ ‫الواعي‪ ،‬ولكنّ ال�س ّيد كان يتحدّث دائم ًا‬ ‫ال�سيا�س ّية‪ ،‬فتجد �أ ّن��ك �أم��ام �شخ�ص ّية ال ّن�صال في �أ�صعب المراحل و�أعقدها‪،‬‬
‫�إذا ما غادروا رجعنا �إليهم‪ ،‬فعرفنا �أ ّنهم‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫عن ال ّنقد الب ّناء‪ ،‬وعن التّ�ضا ّد‬ ‫واح ��دة ومنهج واح ��د‪ ،‬ل��م ت�ستطع ك ّل ك��ان��ت تُنتج لنا ع��ال�م� ًا ج��دي��د ًا‪ ،‬ووعي ًا‬
‫الباقون و�أ ّننا المغادرون‪� ..‬أل��م يتحدّث‬ ‫وال�سامق في‬ ‫القائم على قواعد المح ّبة‪ّ ،‬‬ ‫ال�سهام على‬ ‫تجارب الحياة �أن تنال من ح ِّبه للإن�سان جديد ًا‪� ..‬ألم تط ّل بنا هذه ّ‬
‫ع�ل� ٌّ�ي(ع) عن ذل��ك‪« :‬ول��و قد فقدتموني‬ ‫العلمي المتين‪..‬‬
‫ّ‬ ‫بنيانه‬ ‫وتمجيده لعظمة ال �خ��ال��ق‪� ..‬أل�ي����س هو واق ��ع ع��رف�ن��ا ف�ي��ه ال�خ�ي��ط الأب �ي ����ض من‬
‫�وازب‬
‫ون��زل��ت ب �ك��م ك��رائ��ه الأم � ��ور وح� � ُ‬ ‫ال�سهام‬ ‫القائل‪« :‬عندما نتط ّلع �إلى اهلل في مواقع الخيط الأ�سود؟ �ألم تر�سم هذه ّ‬
‫ال�سائلين‪،‬‬ ‫الخطوب‪ ،‬لأط��رق كثير م��ن ّ‬ ‫ق ّوة وثبات‪:‬‬ ‫عظمته وم�صادر نعمته‪ ،‬فال نملك �إال �أن ح ّد ًا فا�ص ًال بين مدر�سة الوعي المنفتحة‬
‫وف�شل كثير من الم�س�ؤولين»‪.‬‬ ‫ث ّمة من قال‪« :‬ال�س ّيد المقروء هو نف�سه‬ ‫على ال� ّدن�ي��ا ك ّلها ـ م��ن خ�لال ذوبانها‬ ‫نح ّبه»؟!‪..‬‬
‫�سال ٌم عليك �س ّيدي في عليائك‪ ،‬و�سال ٌم‬ ‫ال���س� ّي��د ال�م���س�م��وع»‪ ،‬وت �ل��ك الحقيقة ال‬ ‫خط ال ّنبي(�ص) و�أهل بيته‬ ‫بالأ�صالة في ّ‬
‫محب‪ ،‬فلأنت تعلم قبل‬ ‫�إليك من قلب ّ‬ ‫ينكرها �إال الجاحدون‪ ،‬ولك ّنني �أ�ضيف‬ ‫الكرام ـ ومدر�سة التّخ ّلف‪ ،‬التي ا�ستقت‬ ‫الحب‪:‬‬
‫ّ‬ ‫�إبداع‬
‫الجميع‪َّ � ،‬أن فقد الأح ّبة غربة‪ ،‬فكيف �إذا‬ ‫�إليها‪« :‬ال�س ّيد المتك ّلم هو نف�سه ال�س ّيد‬ ‫الطحالب التي‬ ‫لقد اتّ�سمت �شخ�ص ّية ال�س ّيد بمزايا م�صادرها من ك� ّل تلك ّ‬
‫كانت الفجيعة بالحبيب الأكبر‪..‬‬ ‫المتج�سد»‪ ،‬لأنّ �سيرته كانت ت�سبق الكالم‬ ‫ّ‬ ‫�إبداع ّية ج ّمة‪ ،‬ولك ّنني �أعتقد �أنّ �أكبر نمت ون�ش�أت على هام�ش التّاريخ‪ ،‬منذ‬
‫��س�لا ٌم عليك‪ ،‬ففي جعبتنا الكثير من‬ ‫وت ��ؤ ّك��ده‪ ،‬كما � َّأن كالمه ك��ان نتاج تلك‬ ‫�إب��داع م ّيز هذه ال�شخ�ص ّية‪ ،‬و�أط � ّل على �أط ّل ر�سول ال ّرحمة(�ص) هادي ًا ّ‬
‫ومب�شر ًا‬
‫�ضجت الدّنيا من حولنا وال‬ ‫الأ�سئلة‪ ،‬وقد ّ‬ ‫ال�سيرة المليئة بالمنعطفات‪ ،‬والغزيرة‬ ‫ّ‬ ‫الحب ونذير ًا‪..‬؟!‬ ‫جوانب العظمة فيها‪ ،‬يتم ّثل في هذا ّ‬
‫من مجيب‪.‬‬ ‫بالتّجارب؛ منعطفات الزّمن ومنعرجات‬ ‫إن�ساني و�أق�سم باهلل �صادق ًا‪� ،‬إنّ هذا ال�س ّيد العزيز‬ ‫الطيف ال ّ‬ ‫الجم ا ّلذي ل ّونها ب�ألوان ّ‬
‫ّ‬
‫ال�صادع بقول الحقّ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ها‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫عليك‬ ‫�سالم‬
‫ُ‬ ‫الأر� ��ض‪ ..‬ا ّلتي لم ت�ستطع �أن تنال من‬ ‫في ك ّل مراحل حياتها‪ ،‬و�صبغها ب�صبغة الذي ذهب �إلى جوار ر ّبه مطمئ ّن ًا را�ضياً‬
‫ال�ق��اب����ض ع�ل��ى ج�م��ر الأ ّي� � ��ام‪ ،‬ال �م��ردّد‬ ‫قناعته‪ ،‬وثبات موقفه في ح ّبه الدّائم‬ ‫الوجداني في ك ّل انطالقاتها‪ ،‬مر�ضي ًا‪ ..‬لو �سمح لأوجاعه �أن تتك َّلم‪ ،‬ولو‬ ‫ّ‬ ‫الحنان‬
‫دائ �م � ًا‪« :‬ق��دوت��ي ف��ي ك � ّل مواقفي ر�سول‬ ‫لل ّنا�س‪ ،‬و�إح�سا�سه المتوا�صل ب��أنّ علينا‬ ‫اتي‪ ،‬لقال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫�سار قليال في خط التّوجع الذ ّ‬ ‫ً‬ ‫ّى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫هم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫ا�س‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫�سماحته‬ ‫أحب‬
‫ولهذا ّ‬
‫�‬
‫اهلل(�ص)»‪.‬‬ ‫�أن نعي�ش �آالمهم وم�آ�سيهم‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫ال�ضغينة‪« ،‬ما �أوذي مرج ٌع كما �أوذي��ت‪ ،‬منذ قب�ض‬ ‫�أولئك ا ّلذين رموا �إليها ب�سهام ّ‬
‫ال�ف�ق��راء‪ ..‬وك��م ك��ان ُي�ح� ّ�ب ه��ذه الفقرة‬ ‫اهلل ر��س��ول��ه والأئ � ّم��ة الأط �ه��ار م��ن �أهل‬ ‫واغتياله‬ ‫وعملوا على �إ�سقاطه معنوي ًا‪،‬‬
‫‪21‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫المرجع ف�ضل اهلل‪ ...‬ال َّنموذج الوحدوي في زمن الفتنة‬
‫طارق النزر*‬
‫�أن تجادل عندما تدخل الجدال با ّلتي هي‬ ‫في هذه الأي��ام‪ ،‬نعي�ش الذكرى ال�سنو ّية الأول��ى لرحيل �سماحة المرجع الإ�سالمي‪ ،‬وما نتّفق حوله في هذا الإ�سالم �أكثر‬
‫�أح�سن‪ ،‬وبالأ�سلوب الأح�سن‪ ،‬ا ّلذي يمكن‬ ‫ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬وتحديد ًا في اليوم ال ّرابع من ال�شهر الميالدي مما نختلف فيه‪.»...‬‬
‫�أن يجلب قناعات الآخرين �إلى قناعاتك‪،‬‬
‫واهلل �أو�صانا مع �أهل الكتاب ب�أن نجادلهم‬ ‫ال�سابع‪ .‬وفي الوقت ا ّلذي �أعتقد فيه �أنّ رحيل �سماحته �ش ّكل فراغ ًا فقه ّي ًا وفكر ّي ًا مفهوم الوحدة‪:‬‬
‫با ّلتي هي �أح�سن‪ ،‬فكيف بالم�سلمين؟‬ ‫وتربو ّي ًا وتوجيه ّي ًا كبير ًا‪� ،‬شعر به الكثيرون خالل هذه ال�سنة الحافلة بالأحداث كما كان �سماحته يطرح‪ ،‬وب�شكل دائم‪،‬‬
‫واهلل يقول‪} :‬وقل لعبادي يقولوا التي هي‬ ‫الم�صيرية‪ ،‬حتى �إ ّننا كنا نلج�أ �إلى �أقواله ون�صائحه و�إر�شاداته المحفوظة في بع�ض م�ف�ه��وم ال��وح��دة الإ� �س�لام � ّي��ة ّ‬
‫بال�شكل‬
‫المو�ضوعي المطلوب‪ ،‬مو�ضح ًا ذلك في‬ ‫المواقع الإلكترونية‪� ،‬أو من خالل كتبه‪ ،‬لنجد �ضالتنا ون�ستنير منها‪� ،‬إال �أنّ ما يهمني‬
‫�أح�سن{ الإ�سراء‪ ، 53/‬ب�أن تكون كلماتك‬ ‫ّ‬ ‫أمة‬ ‫�أن �أر ّكز في هذا المو�ضوع‪ ،‬هو «ال�س ّيد» الوحدوي‪ ،‬ا ّلذي كان ي�ست�شعر م�س�ؤولية ال‬
‫الأف�ضل التي تفتح العقل والقلب‪} ..‬ادفع‬ ‫حديثه‪« :‬قد يخ ّيل �إلى بع�ض الم�سلمين‬
‫بالتي هي �أح�سن ف�إذا الذي بينك وبينه‬ ‫بع�ض من ال�شيعة‪� ،‬أنّ دع��اة ال��وح��دة الإ�سالمية‬ ‫في وحدتها‪ ،‬ويعي�ش هذا الهم الإ�سالمي الكبير‪ ،‬وذلك من خالل ا�ستح�ضار ٍ‬
‫يريدون ّ‬ ‫كلماته و�إر�شاداته في هذا المجال‪.‬‬
‫ف�صلت‪. 34/‬‬ ‫ع��داوة ك�أنه ول��ي حميم{ ّ‬ ‫لل�شيعة �أن يهملوا م�س�ألة االلتزام‬
‫هذه هي تعليمات القر�آن‪ ،‬ف�أين نحن منها‬ ‫بخط ال��والي��ة لأه��ل ال�ب�ي��ت(ع)‪� ،‬أو قد‬ ‫م�س�ؤولية الخط‪:‬‬
‫عندما نختلف �شيع ًة و�س ّنة؟ �أو نختلف‬ ‫يتخ ّيل بع�ض الم�سلمين ال�س ّنة �أنّ الدّعوة‬ ‫ف �م��ا � �ش �ه��دن��اه خ�ل�ال ه���ذا ال� �ع ��ام من‬
‫�شيعة فيما بيننا؟ �أو �س ّن ًة م��ع بع�ضنا‬ ‫�إلى الوحدة الإ�سالم ّية تفر�ض عليهم �أن‬ ‫ا�ستح�ضار طائفي و�إث��ارات مذهبية‪ ،‬وال‬
‫البع�ض؟ في الق�ضايا ال�سيا�سية‪� ،‬أو في‬ ‫يت�ش ّيعوا‪ ...‬ولكن الم�س�ألة لي�ست كذلك‪،‬‬ ‫�سيما ف��ي المنطقة الخليجية‪ ،‬يجعلنا‬
‫الأم ��ور الأخ���رى؟ ه��ل نتحرك ب�أ�سلوب‬ ‫ف ��إن معنى ال��وح��دة الإ�سالم ّية هي �أن‬ ‫ن�شعر بحجم الحاجة �إل��ى فكر �سماحة‬
‫القر�آن؟ هل نجادل بالتي هي �أح�سن؟ هل‬ ‫يلتقي ال�شيعة وال�سنة على ك ّل ما اتّفقوا‬ ‫ال�سيد ف�ضل اهلل الوحدوي والإ�سالمي‪،‬‬
‫ندفع بالتي هي �أح�سن؟ هل نقول الكلمة‬ ‫عليه في العقيدة وال�شريعة»‪.‬‬ ‫وا ّل��ذي‪ ،‬في ت�صوري‪ ،‬لم يبرز �أحد �سواه‬
‫التي ه��ي �أح���س��ن؟ ه��ل ندعو �إل��ى ر�أينا‬ ‫لذلك‪ ،‬كان �سماحة ال�س ِّيد ال يجد م�شكل ًة‬ ‫في هذا المجال م�ؤخر ًا كمفكر وحدوي‬
‫بالحكمة والموعظة الح�سنة؟‬ ‫في االعتراف باالختالف بين الم�سلمين‪،‬‬ ‫م�ت�ك��ام��ل ي�ع��ال��ج الأ� �س��ا� �س �ي��ات ويناق�ش‬
‫وحجاً‬ ‫ً‬
‫الإ���س�ل�ام لي�س � �ص�لا ًة و� �ص��وم �ا ّ‬ ‫ومناق�شة هذا االختالف وبحثه‪ ،‬بد ًال من‬ ‫الواقع‪ ،‬ويتطرق �إلى النظريات‪ ،‬ويطرح‬
‫فقط‪ ..‬الإ�سالم منهج للحياة‪ ،‬و�أ�سلوب‬ ‫بحجة الوحدة والتّقريب‪،‬‬ ‫ال�سكوت عنه ّ‬ ‫العمليات ب�شكل مو�ضوعي و�شامل‪ ،‬وذلك‬
‫في الحركة والحوار‪ ،‬وفي مواجهة الواقع‬ ‫لكن ال ب � ّد م��ن �أن ي�ك��ون ه��ذا البحث‬ ‫لي�س على الم�ستوى ال�شيعي فح�سب‪ ،‬بل‬
‫ك ّله‪ .‬واهلل �سبحانه وتعالى لم يتحدّث‬ ‫وا�ضح ًة من خالل حديثه ‪�« :‬إ ّنني �أت� ّصور بالطريقة المو�ضوعية والعلمية‪ ،‬فالجدل‬ ‫على الم�ستوى الإ�سالمي بعا ّمة‪.‬‬
‫في ال�ق��ر�آن �إال عن �أخ�لاق النبي(�ص)‬ ‫المبني على ت�سجيل النقاط والبحث عن‬ ‫ّ‬ ‫وقد واجه �سماحته ما واجه في �سبيل هذا �أنه لي�س عندنا �إ�سالمان‪ ،‬هو �إ�سالم واحد‪،‬‬
‫في �شخ�ص ّيته‪ ،‬فقال‪}:‬و�إ ّنك لعلى خلق‬ ‫الخط الإ�سالمي الأ�صيل‪ ،‬فلم ير�ض عنه ولكنّ الم�سلمين اختلفوا في فهم كثير من الأه� ��داف ��ض� ّد ه��ذا الفريق �أو ذاك‪،‬‬
‫عظيم{ ال�ق�ل��م‪} ، 4/‬فبما رح�م��ة من‬ ‫المتطرفون ال من ال�سنة وال من ال�شيعة‪ ،‬جزئياته وتفا�صيله‪ .‬ول��ذا ف�إ ّننا عندما �سيزرع المزيد من البعد والطائفية‪،‬‬
‫اهلل لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب‬ ‫إ�سالمي ا ّلذي يختزن هذه كما �أن ال ّلجوء �إلى المجامالت في هذا‬ ‫ّ‬ ‫حتى اتهم بت�سننه‪ ،‬ف�أجاب ذات م ّرة عن نواجه الواقع ال‬
‫النف�ضوا من حولك{ �آل عمران‪، 159/‬‬ ‫وجه �إليه‪ ،‬جا�س فيه‪ :‬يقول البع�ض الخالفات‪ ،‬ف�إ ّننا ال نجد هناك اختالف ًا المجال‪ ،‬ب��د ًال من البحث المو�ضوعي‬ ‫�س� ٍؤال ِّ‬
‫}لقد كان لكم في ر�سول اهلل �أ�سوة ح�سنة‬ ‫والعلمي‪ ،‬ي�صفه ال�س ّيد بالتّخدير الم�ؤقت‬ ‫�إ ّنكم �أقرب �إلى �أهل ال�سنة من ال�شيعة‪،‬‬
‫لمن كان يرجو اهلل واليوم الآخ��ر وذكر‬ ‫للم�شكلة بعيد ًا عن ح ّلها‪.‬‬ ‫يقول ال�سيد‪� :‬أنا م�سلم في‬ ‫ما ر�أيكم؟‬
‫اهلل كثير ًا{ الأحزاب‪.21/‬‬ ‫وقد كان ال�س ّيد يدعو دائم ًا �إلى اتّباع‬ ‫ّ‬ ‫ف��أج��اب �سماحته‪« :‬ه� ��ؤالء ل��م يقر�أوني‬
‫الأ�سلوب القر�آني في �إدارة الخالف‪ ،‬وال‬ ‫خط �أهل البيت(ع)‪ ،‬الذي‬
‫ج�ي��د ًا‪ ،‬م�شكلتي �أنني كنت وال �أزال مع‬
‫نموذج رائد‪:‬‬ ‫ً‬
‫�أت� ّصور �أنّ هناك من�صفا قد يخالفني‬ ‫أ�صيل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ّ‬
‫الخط‬ ‫ل‬ ‫ّ‬
‫ث‬ ‫يم‬ ‫الأمة الواحدة‪�} :‬إن هذه �أمتكم �أمة واحدة‬
‫لقد كان �سماحة ال�س ّيد ال ّراحل محمد‬ ‫م��ن ناحية �أنّ واقعنا بعيد ك � ّل البعد‬ ‫ّ‬
‫و�أنا ربكم فاعبدون{ الأنبياء‪ ،92/‬ل�ست البعيد عن الخرافيين والمتخلفين‬
‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل نموذج ًا للعا ِلم ال‬ ‫عن الأ�سلوب القر�آني‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في‬
‫الوحدوي فكر ًا ومنهج ًا ور�سالة‪ ،‬كلماته‬‫ّ‬ ‫�سني ًا بالمعنى الع�صبي‪ ،‬ول�ست �شيعي ًا الذين يحاولون �إقحام الخرافة‬
‫ال�صعبة والأزمات‪ .‬لذلك كان‬ ‫ّ‬ ‫المواقف‬ ‫خط �أهل‬‫بالمعنى الع�صبي؛ �أنا م�سلم في ّ‬
‫ومواقفه عبارة عن درو�س ي�ستفاد منها في‬ ‫�سماحة ال�س ّيد في �أثناء حديثه‪ ،‬يدعو‬ ‫البيت(ع)‪ ،‬الذي يمثل الخط الإ�سالمي والغل ّو في منهجهم(ع)‪ ،‬ومنهج‬
‫إ�سالمي الواحد الأ�صيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مجال ّ‬
‫الخط ال‬ ‫دائ �م � ًا �إل ��ى الأ� �س �ل��وب ال �ق��ر�آن��ي‪ .‬يقول‬ ‫الأ�صيل البعيد عن الخرافيين والمتخلفين �أهل البيت بريء من ذلك‬
‫ً‬
‫لم يكن حكرا لطائف ٍة دون �أخرى‪ ،‬بل كان‬ ‫�سماحته‪« :‬وعندما ن�أتي للأ�ساليب ا ّلتي‬ ‫الذين يحاولون �إقحام الخرافة والغل ّو في‬
‫إ�سالمي العا ِلم المنفتح قلب ًا‬
‫ّ‬ ‫الإن�سان ال‬ ‫منهج �أهل البيت عليهم ال�سالم‪ ،‬ومنهج في ال�صورة العا ّمة‪ ،‬فالم�سلمون ك ّلهم نواجهها في ك ّل خالفاتنا‪ ،‬ف�إ ّننا نجد‬
‫وعق ًال على الجميع‪ .‬ففي ذكرى رحيله‪،‬‬ ‫ال�صالة‪ ،‬وي�صومون �شهر رم�ضان‪ ،‬ال �ق��ر�آن ي�ق��ول‪} :‬ادع �إل��ى �سبيل ر ّبك‬ ‫ي�ؤدّون ّ‬ ‫�أهل البيت بريء من ذلك»‪.‬‬
‫ي�صعب �أن نتك ّلم عنه ب�أ�سطر قليلة‪ ،‬وال‬ ‫بالحكمة والموعظة الح�سنة وجادلهم‬ ‫ويدفعون‬ ‫الحرام‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫بيت‬ ‫إلى‬ ‫�‬ ‫ويحجون‬
‫ّ‬ ‫فقد كان �سماحته يرف�ض تجزيء الإ�سالم‬
‫�س ّيما �أ ّنه �شخ�صية فريدة وغنية‪ ،‬في ك ّل‬ ‫�إلى �أجزاء‪ ،‬ك�إ�سالم �شيعي و�إ�سالم �سني‪ ،‬ال� ّزك��اة‪ ،‬ويتع ّبدون هلل �سبحانه وتعالى‪ ،‬ي��ال�ت��ي ه��ي �أح �� �س��ن{ ال��ن��ح��ل‪، 125/‬‬
‫جانب من جوانبها نجد مجا ًال للإبحار‬ ‫ٍ‬ ‫بمعنى �أنه كان ينظر �إلى الإ�سالم ك�صورة ويعلنون وح��دان� ّي�ت��ه‪ ،‬وي��ؤم�ن��ون بر�سالة بحيث �إ ّنك �إذا كنت تريد �أن تدعو �إلى‬
‫بالحديث‪ ،‬وا�ستخال�ص الحكم والفوائد‪..‬‬ ‫م�سلم من عقيدتك الإ�سالمية‪� ،‬أو �إلى مذهبك‪� ،‬أو‬ ‫واح��دة‪ ،‬والمذاهب ت�ش ّكل هذه ال�صورة ر�سول اهلل(�ص)‪ .‬لن تجد � ّأي ٍ‬
‫وفي ظ ّل ما ن�شهده من ظروف �صعبة‪ ،‬قد‬ ‫الواحدة‪ ،‬ولي�س بال�شكل الذي يطرح فيه الم�سلمين يمكن �أن يتحفظ في الجواب �إلى ر�أيك‪ ،‬فعليك �أن تراعي الحكمة في‬
‫ال نحتاج �إلى الحديث عنه بقدر حاجتنا‬ ‫الإ�سالم كمجموعة �صور‪ ،‬وكل �صورة هي عن �أي �س�ؤال يت�صل بالمباد‪� ،.‬إذ ًا‪ ،‬هناك دعوتك‪ ،‬و�أن تنطلق بالموعظة الح�سنة‪،‬‬
‫�إلى درا�سة حديثه وا�ستح�ضار ن�صائحه‬ ‫جزء من الإ�سالم‪ ،‬وقد بدت هذه الفكرة �إ�سالم واحد نختلف في بع�ض تفا�صيله‪ ،‬التي تل ّين قلوب النا�س وتر ّققها‪ ،‬وعليك‬
‫ومواقفه‪.‬‬
‫*كاتب �إ�سالمي من الد ّمام –ال�سعودية‬ ‫طائفي و�إثارات مذهبية‪ ،‬وال �سيما في المنطقة الخليجية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ما �شهدناه خالل هذا العام من ا�ستح�ضا ٍر‬
‫يجعلنا ن�شعر بحجم الحاجة �إلى فكر �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل الوحدوي والإ�سالمي‬

‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫‪22‬‬
‫على حدود‬
‫الموت والحياة‬ ‫م�سيرة العقل والفقاهة‬
‫ال�شاعر محمد علي �شم�س الدين‬ ‫غانم ال ّلوال�سي*‬
‫ال�سيد محمد‬ ‫والتجديدي‪ ،‬على م�ستوى خطبه وفتاواه و�سيرته العملية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يتج ّلى م�شروع العالمة المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬ال ّن ّ‬
‫ه�ضوي‬
‫�سماحة الإمام ال ّراحل ّ‬ ‫الفقهي والت�صدي لوقائع الحياة‪ ،‬حيث �أنزل الفقه و�أحكامه �إلى معترك الواقع‪� ،‬ضمن‬ ‫فقد تج ّلت تلك الأبعاد بالمزاوجة بين التنظير‬
‫ح�سين ف�ضل اهلل‪ ،‬عا�ش زمانه على‬ ‫ّ‬
‫منظومة اجتهادية �إ�صالحية تعالج حالة الركود والتخلف الح�ضاري في دائرة �أو�سع‪� ،‬شملت الإن�سان ب�شكل مطلق‪.‬‬
‫حدود الموت والحياة‪ ،‬ولد في ذات‬
‫ليل ٍة من ليالي عام ‪ ،1935‬في تلك‬ ‫محكم ًا جمل ًة من المناهج الجديدة‪،‬‬ ‫االنفتاح‪ ،‬الحركة‪ ،‬العقالن ّية‪ ،‬التّغيير‪،‬‬
‫المنطقة ال�شيع ّية المقدّ�سة من‬ ‫�أبرزها حاكم ّية القر�آن على �أغلب‬ ‫ت�شكل ركائز‬ ‫الحر ّية‪ ،‬الجر�أة‪ ...‬ك ّلها ِّ‬
‫العراق‪ ،‬في ال ّنجف الأ�شرف‪ ،‬على‬ ‫الأح �ك��ام ال���ّ�ش��رع� ّي��ة‪ ،‬وتفعيله روح‬ ‫ومداخل معرف َّية لفهم م�شروع الفقاهة‬
‫كتف ال ��ّ��ص �ح��راء‪ ،‬حيث ت��و ّل��د فيه‬ ‫ال�شريعة ومقا�صدها الكبرى‪ ،‬وطرح‬ ‫ّ‬ ‫�ري عند ال�م��رج��ع المجدّد‪،‬‬ ‫ال � َّت �ن��وي� ّ‬
‫الإح�سا�س بالالنهاية‪ ،‬وانعك�س ذلك‬ ‫ك � ّل م��ا يتعار�ض معها‪ ،‬ومحاكمته‬ ‫الع ّالمة ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل‬
‫في �شعره الوجداني والعرفاني مع ًا‪.‬‬ ‫للتّاريخ من �أجل نف�ض غبار التّراث‬ ‫اهلل(ر�ض)‪ ،‬فمند ا�ستقرار �سماحته‬
‫كما �أ َّن��ه ولد في مدين ٍة ت َتّ�صل فيها‬ ‫وتراكمات الزّمن عنه‪.‬‬ ‫في لبنان �آتي ًا من ال ّنجف‪ ،‬لم يعرف‬
‫قبور الأموات بمنازل الأحياء‪ ،‬هناك‬ ‫امتدّت العقالن َّية الفقه َّية عند‬
‫وقد َ‬ ‫بالدّر�س‬
‫ال�سكون �أو االنطواء؛ ا�شتغاله َ‬ ‫ّ‬
‫ال�سالم‪ ،‬حيث قبور‬ ‫في مقبرة وادي َّ‬ ‫�سماحة ال�س ِّيد �إلى تخوم ال�سيا�سة‬ ‫وال� َّت��دري����س‪ ،‬م�شاركته الوا�سعة في‬
‫الأول �ي��اء والعلماء‪ ..‬ر ّبما ال يعرف‬ ‫واالج �ت �م��اع‪ ،‬ف��أن�ت�ج��ت ح��رك��ة وعي‬ ‫ال َّندوات والمحا�ضرات‪� ،‬إلقا�ؤه خطب‬
‫متجدّدة‪ ،‬بنت منظوم ًة من القيم‬ ‫الجمعة من على منبر الح�سنين في‬
‫ال��واح��د �أي��ن تبتدئ المقبرة و�أين‬
‫والحقوق‪ ،‬وواكبت الع�صر وان�سجمت‬ ‫�ضاحية ب�ي��روت الجنوب َّية‪ ،‬حوارت‬
‫تنتهي المدينة‪.‬‬ ‫مع تحدّياته‪ ،‬فبنظرة ب�سيطة على‬ ‫ول� �ق ��اءات م��ع ك� � ّل و� �س��ائ��ل الإع�ل�ام‬
‫ورح ��ل ال���س� ّي��د ف��ي ل�ي�ل� ٍة م��ن ليالي‬ ‫ك�ت��اب (الإ� �س�لام ومنطق الق َّوة)‪،‬‬ ‫المحل ّية وال�ع��ال�م� ّي��ة‪� ،‬إ��ش��راف��ه على‬
‫ال�ضاحية الجنوب ّية‬ ‫عام ‪ ،2010‬في ّ‬ ‫�أو (الحركة الإ�سالم ّية ما لها وما‬ ‫تد�شين م�شاريع اجتماع ّية وتربو ّية‬
‫لبيروت‪ ،‬هنا‪ ،‬حيث ق�ضى �شطراً‬ ‫عليها)‪ ،‬يلتم�س القارئ مجموع ًة من‬ ‫ك � ّل ذل��ك ي��ؤ ّك��د �أنّ ه��ذا ال� َع� َل��م �أراد‬
‫لا م��ن ح �ي��ات��ه‪ ،‬وه �ن��ا �أي�ض ًا‪،‬‬ ‫ط��وي� ً‬ ‫ال َّركائز تنظر �إلى جغرافيا �سيا�س َّية‬ ‫�أن ي�ح� ّرك واق��ع الأ ّم ��ة نحو الإب��داع‬
‫ال�شهداء تزاحم منازل‬ ‫حيث قبور ّ‬ ‫لل�شريعة روح �ه��ا‪ ،‬وللعمل‬ ‫تحفظ َّ‬ ‫وال� ّ���ص�ح��وة‪ ،‬فقد �أع ��اد ر��س��م �أبعاد‬
‫الأح �ي��اء‪ ،‬و�أو��ص��ى ال�س ّيد �أن يدفن‬ ‫إ�سالمي ديمومته‪ ،‬فالمتت ّبع لتاريخ‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ق�ضايا ال َّنا�س من جه ٍة �أخرى‪ ...‬ف�إعادة‬ ‫�شخ�ص ّية الفقيه على �أن تكون فكر ّية‪،‬‬
‫تحت خ�شبة م�سرحه‪ ،‬تحت بالط‬ ‫الحركات الإ�سالم َّية‪ ،‬قد يجد كيف‬ ‫ال َّنظر �إلى �آل َّيات االجتهاد لي�ست َّ‬
‫بال�سهلة‪،‬‬ ‫�أدب�� ّي��ة‪ ،‬اج�ت�م��اع� ّي��ة‪ ،‬م��واك�ب��ة للزّمان‬
‫الم�سجد‪ ،‬ا ّل ��ذي ك��ان ي�ص ّلي فيه‬ ‫ت�ش َّكلت ف��ي بناها المعرف َّية‪ ،‬وكيف‬ ‫حيث نجد الفقيه يحتاط في جمل ٍة من‬ ‫وال �م �ك��ان‪ ،‬م�ح� ّرك��ة للفقه نحو النم ّو‬
‫تمو�ضعت بح�سب الأح��داث والوقائع‪.‬‬ ‫ال�ق���ض��اي��ا‪ ،‬م�ن�ه��ا‪ :‬الإج� �م ��اع‪ ،‬الم�شهور‬ ‫قي‪ ،‬ومواجهة للتحدّيات‪...‬‬ ‫وال ّر ّ‬
‫وي� ��ؤ ّم ال ّنا�س في العبادة وال ّثورة‪،‬‬
‫ولع ّله �شاء بذلك �أن َّ‬ ‫وبنظر ٍة فاح�صة‪� ،‬إذا ما راجع القارئ‬ ‫الفقهي‪ ،‬االح�ت�ي��اط‪ ...‬وف��ي ح��ال نقا�ش‬ ‫ّ‬ ‫ال�صحوة االجتهاد َّية‬ ‫من �أه� ّ�م معالم َّ‬
‫يظل ي�صغي في‬ ‫تلك المباني ومخالفتها‪� ،‬ستكون ال�ضريبة‬
‫�أناء ال ّليل و�أطراف ال ّنهار‪� ،‬إلى وقع‬ ‫م���ص� َّن�ف��ات ��س�م��اح��ة ال�سيد(ر�ض)‬ ‫ل��دي��ه‪ ،‬ه �زّه للواقع الإ��س�لام� ّ�ي ب�آرائه‬
‫وخطبه وم��واع �ظ��ه‪ ،‬ف�سوف يكت�شف‬ ‫قا�سية‪ ،‬ومن خالل تلك ال َتّراكمات‪ ،‬كانت‬ ‫الجريئة والمخالفة للم�شهور‪ ،‬وهذا‬
‫�أق��دام الم�ص ّلين على بالط م�سجد‬ ‫مبادرة الفقيه المجدّد المرجع ال�س ّيد‬
‫الإم��ام �ي��ن ال �ح �� �س �ن �ي��ن(ع)‪ ،‬و�إل ��ى‬ ‫المر�شد والقائد والمر ّبي ا ّلذي �أحدث‬ ‫ك ّله م��ن �أج��ل �إع ��ادة ق ��راءة ال َتّجربة‬
‫ط�ف��ر ًة وا��ض�ح� ًة ف��ي م�سيرة الحركة‬ ‫محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ر���ض) بمنتهى‬ ‫الإ�سالم َّية‪ ،‬ونقد ال ّذات وتفكيكها بعد‬
‫تهجدهم ال� ّ�ط��وي��ل‪ ،‬ودائ �م � ًا دائم ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�ج��ر�أة والعقالن ّية في ق��راءت��ه لمباني‬
‫الإ�سالم ّية وحركات المقاومة �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫�أن كانت �أ�سير ًة لم�س َّلمات تاريخ َّية‪،‬‬
‫على حدود الموت والحياة‪.‬‬ ‫االج �ت �ه��اد‪ ،‬م��ن خ�لال مناق�شته حج ّية‬ ‫الفقهي قد �أقدم على‬ ‫وهنا يكون العقل‬
‫ّ‬
‫ك��ان ال���س� ّي��د ال �ج �ن��وب� ّ�ي‪ ،‬اب��ن جبل‬ ‫*كاتب و�إعالمي جزائري‬ ‫الم�شهور‪ ،‬و�أي�ض ًا حج ّية الإجماع‪ ،‬و�إعادة‬ ‫ّ‬
‫المحك‬ ‫�أ َّول خطو ٍة جريئ ٍة ت�ضعه على‬
‫العربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العراقي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عامل‪ ،‬ابن عيناثا‪،‬‬ ‫ال� ّن�ظ��ر ف��ي بع�ض الم�سائل الفرع ّية‪،‬‬ ‫من جهة‪ ،‬وتدفعه نحو الواقع لمواكبة‬
‫العالمي‪ ،‬يجمع بين �شكيمة‬ ‫ّ‬ ‫الم�سلم‪،‬‬
‫المقاوم العنيد‪ ،‬وره��اف��ة المتع ّبد‬
‫وفي‪ ..‬ك��ان �شديد القرب من‬ ‫ال�ص ّ‬ ‫ّ‬
‫ال� ّن��ا���س‪ ،‬يعي�ش ف��ي بحر المجتمع‬
‫الوا�سع‪ ،‬ولك ّنه في الوقت نف�سه‪ ،‬عاب ٌد‬
‫إن�ساني‪،‬‬
‫إ�سالمي � ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومتوح ٌد و�شاعر �‬‫ّ‬
‫عرفاني الجوهر‪.‬‬
‫ّ‬
‫ك��ان ي ��ذوب ف��ي المحيط الوا�سع‬
‫لل ّنا�س‪ ،‬ولك ّنه �أي�ض ًا يتف ّرد كح ّبة‬
‫المطر ف��وق زج��اج ال� ّن��اف��ذة‪ ،‬وكان‬
‫م�ق��اوم� ًا‪ ،‬وم��ن م� ّؤ�س�سي مقاومتنا‬
‫العظيمة‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫كتابة القر�آن الكريم‬ ‫�شبابنا بين العبث والم�س�ؤولية‬
‫تبخرها عندما يفرغ‬ ‫ف�سوف يواجه حقيقة ّ‬ ‫* ماذا يمكن �أن يقال لل�شباب الذين يرون‬
‫من العلماء‪ ،‬وهذا من الأم��ور الوا�ضحة‬ ‫‪ -‬هل يمكن �أن يتواجد في القر�آن �أخطاء‬
‫الخط�أ وال�شناعة‪ ،‬لأن ذلك يكون كفر ًا‬ ‫نحوية ؟!‬ ‫من ممار�ستها‪.‬‬ ‫�أن مرحلة ال�شباب ينبغي �أن ت�صرف في‬
‫مع االعتقاد به‪ ،‬ولذلك فمن القبيح عدم‬ ‫ـ �إن�ن��ا نعتقد ب���أن ال �ق��ر�آن م�صان عن‬ ‫ولذلك ف�إننا نقول لل�شباب‪� :‬إن �شبابكم‬ ‫اللهو وال�سمر والعبث وما �إلى ذلك؟‬
‫م��راع��اة مثل ه��ذه الحركات الإعرابية‬ ‫التحريف من حيث الزيادة ومن حيث‬ ‫يمثل ط��اق��ة ف��ي ال�ح�ي��اة‪ ،‬وم�س�ؤولية في‬ ‫�إننا نريد من ال�شباب �أن ي�ستغرقوا في‬
‫هنا‪.‬‬ ‫النق�صان‪ ،‬وقد تكفل اهلل بذلك‪ ،‬ولكن‬ ‫الوجود‪ ،‬وث��روة في ث��روات الإن�سانية‪ ،‬وال‬ ‫وعي‪ :‬ما هو اللهو؟ وما هو العبث؟ وما‬
‫وم�ث��ال �آخ��ر على ذل��ك ق��ول��ه تعالى في‬ ‫حيث �أن القر�آن لم يكن قد نزل مكتوب ًا‬ ‫نقول لكم‪ :‬ال تل ّبوا حاجاتكم‪ ،‬ولكن خذوا‬ ‫ه��ي ال �ل��ذة؟ ��س��واء ك��ان��ت ل��ذة جن�س �أو‬
‫�سورة التوبة‪ } :‬و�أذان من اهلل ور�سوله‬ ‫على النبي (�ص)‪ ،‬بل كان النبي حين نزول‬ ‫من حاجاتكم بالم�ستوى الذي يبني لكم‬ ‫طعام �أو �شراب �أو �سواها من اللذات التي‬
‫�إل��ى ال�ن��ا���س ي��وم ال�ح��ج الأك �ب��ر �أن اهلل‬ ‫الآي��ة �أو الآي��ات عليه بوا�سطة جبرائيل‬ ‫�أج�سادكم من دون �أية �سلبيات‪ ،‬عليكم‪،‬‬ ‫ت�ستثيرها غرائز الإن�سان الج�سدية‪.‬‬
‫ب��ريء م��ن الم�شركين ور��س��و ُل��ه{ حيث‬ ‫(ع) ينطق بذلك ويبلغه �أ�صحابه وكان‬ ‫وان�ت��م تل ّبون ه��ذه ال�ح��اج��ات الج�سدية‪،‬‬ ‫�إن�ن��ا ندعو ال�شباب �إل��ى التوقف �أمام‬
‫ال بد من �إظهار ال�ضمة على ال�لام في‬ ‫هناك كتبة للوحي‪ ،‬يكتبون ما ي�سمعون‬ ‫�أن تفهموا ب�أن ق�ضية ال�شباب في الحياة‬ ‫هذه اللذات لي�س�ألوا‪ :‬ما هو حجمها؟ �إن‬
‫قوله و(ر�سوله) الثانية‪ ،‬ليكون المعنى‪:‬‬ ‫من النبي (�ص)‪ ،‬وحيث �أن كتبة الوحي‬ ‫وق�ضية الحياة في ال�شباب هي �أكثر �سعة‬ ‫الزمني هو حجم اللحظة‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫حجم اللذات‬
‫�أن الر�سول �أي�ض ًا بريء من الم�شركين‪،‬‬ ‫لي�سوا مع�صومين‪ ،‬ف�إن من الممكن من‬ ‫وانفتاح ًا ورحابة وم�س�ؤولية من كل هذا‬ ‫فلذة الجن�س هي لحظة الإح�سا�س به‪،‬‬
‫والخط�أ هنا بالقراءة بك�سر الم «ر�سو ِله»‬ ‫الناحية النظرية �أن يقع الكتبة في خط�أ‬ ‫ال��ذي ت�ستغرقون فيه وتندفعون �إليه ثم‬ ‫ول��ذة الطعام هي لذة دوران��ه في الفم‪،‬‬
‫ي�ؤدي �إلى �أن اهلل بري من الم�شركين ومن‬ ‫ما من حيث �صورة الكتابة‪ ،‬وقد وردت‬ ‫ال تجدون من خالله �إ ّال الملل والرتابة‬ ‫وهكذا لذة ال�شراب وغيرها‪ ..‬فقد يعي�ش‬
‫الر�سول‪ ،‬وهذا وا�ضح الخط�أ عندئذ‪.‬‬ ‫بع�ض الروايات التي ت�ؤكد هذا المعنى‪،‬‬ ‫والالمعنى وال�شعور بعبثية الحياة‪.‬‬ ‫الإن�سان التهاويل المحببة لهذه اللذات‬
‫وينقل �أن الإمام علي (ع) قد �سمع رج ًال‬ ‫وهذا لي�س من التحريف الممنوع قطع ًا‪،‬‬ ‫فالحياة لي�ست مجرد ج�سد وم ��ادة‪� ،‬أو‬ ‫قبل �أن يمار�سها‪ ،‬ولكنه عندما يمار�سها‬
‫يلحن في كالمه وقد قر�أ هذه الآية بك�سر‬ ‫ولذلك فال مانع من �أن يترك ذلك من‬ ‫ال �إفق لها وال حيوية فيها وال انفتاح على‬ ‫ي�شعر �أنه وقف �أمام الطريق الم�سدود‪.‬‬
‫ال�لام‪ ،‬ف�أمر �أب��ا الأ�سود الد�ؤلي بكتابة‬ ‫دون ت�صحيح ما دام ال يخل بالمعنى‪،‬‬ ‫الآف� ��اق ال��وا��س�ع��ة‪ ،‬ف�ه�ن��اك اهلل المطلق‬ ‫فهذه هي حاجات الإن�سان ولي�ست �آفاقه‬
‫قواعد النطق‪ ،‬وه��و ما ع��رف فيما بعد‬ ‫وهذا يحتاج �إلى بع�ض التو�ضيح‪.‬‬ ‫الذي �إذا وقف الإن�سان بين يديه وعا�ش‬ ‫وال مطامحه وتطلعاته‪ .‬ف�إذا ما ا�ستغرق‬
‫بعلم النحو‪ ،‬ولذا ف�إن الإمام علي ًا (ع) هو‬ ‫فنقول‪� :‬إن اللغة العربية هي من اللغات‬ ‫له فانه ي�شعر �أن لي�س هناك ج��دران وال‬ ‫الإن���س��ان ف��ي الجن�س ف��ان��ه �سرعان ما‬
‫من و�ضع �أ�س�س هذا العلم‪ ،‬وقد قال لأبي‬ ‫التي تتميز بعدة خ�صائ�ص من ناحية‬ ‫�سدود‪ ،‬و�إنما الحقيقة التي تمتد وتمتد �إلى‬ ‫يم ّله‪ ،‬وقد ي�شعر باالنهيار عند تكراره‪،‬‬
‫الأ�سود الد�ؤلي‪« :‬الكالم كله ا�سم وفعل‬ ‫كونها لغة غنية وحية‪ ،‬وذلك لأن المعنى‬ ‫الالنهاية‪ .‬ولذلك نقول لل�شباب‪ :‬انفتحوا‬ ‫وعندما ي�ستغرق في الأكل وال�شرب ف�إنه‬
‫وح��رف‪ ،‬فاال�سم ما �أنب�أ عن الم�سمى‪،‬‬ ‫قد يظهر من خالل القرائن العامة �أو‬ ‫على اهلل الذي خلقكم و�أغنى �شبابكم بكل‬ ‫ي�صل �إلى التخمة �أو االختناق‪.‬‬
‫وال�ف�ع��ل م��ا �أن �ب ��أ ع��ن ح��رك��ة الم�سمى‪،‬‬ ‫الخا�صة‪ ،‬وقد يظهر من خالل الحركات‬ ‫حيوية وحركية‪ ،‬و�ستجدون �أن انفتاحكم‬ ‫�إن ذل��ك كله ال يمثل الأف��ق ال��ذي يغني‬
‫والحرف ما �أنب�أ عن معنى لي�س با�سم وال‬ ‫الإعرابية والتي تكون خا�ضعة للقواعد‬ ‫عليه �سوف يعطيكم �سعادة الروح و�سعادة‬ ‫م��رح �ل��ة ال �� �ش �ب��اب‪ ،‬و�إن� �م ��ا ي�ع�ط��ي هذه‬
‫فعل‪ ...‬واعلم يا �أبا الأ�سود �أن الأ�شياء‬ ‫النحوية‪ ،‬وقد يظهر من خالل الترتيب‬ ‫الج�سد و�سعادة الحياة بكل ما فيها من‬ ‫ال�م��رح�ل��ة بع�ض ًا م��ن �أح��ا��س�ي����س اللذة‬
‫ثالثة‪ :‬ظاهر وم�ضمر و�شيء لي�س بظاهر‬ ‫وال�سياق‪ ،‬ف�إذا كان المعنى ال يتميز وال‬ ‫خير وجمال وحرية وانفتاح‪.‬‬ ‫والفرح التي �إذا وعاها الإن�سان ال�شاب‬
‫وال م�ضمر‪ ،‬و�إنما يتفا�ضل العلماء في‬ ‫يت�ضح �إال من خالل مراعاة الحركات‬
‫معرفة ما لي�س بظاهر وال م�ضمر‪»...‬‬ ‫الإعرابية‪ ،‬كان عدم مراعاة ذلك غلط ًا‬
‫وهذا يعني �أن الإمام (ع) لم ي�سكت �أمام‬ ‫وا��ض�ح� ًا‪ ،‬وال�سكوت عنه ي�ك��ون قبيح ًا‬ ‫و�سو�سة �شياطين الإن�س‬
‫هذا الخط�أ الذي ي�ؤدي �إلى قلب المعنى‬ ‫عندئذ‪.‬‬
‫وتغييره كلي ًا‪ ،‬بل �إنه قد تعدى ذلك وو�ضع‬ ‫ولن�أخذ بع�ض الأمثلة على ذل��ك‪ ،‬ومن‬ ‫بع�ض ًا‪.‬‬ ‫ـ ه��ل �إن ال�شيطان م�خ�ل��وق م��ن الجن‬
‫�أ�س�س ًا وقواعد يمكن من خالل االنطالق‬ ‫ال�ق��ر�آن‪ ،‬ليت�ضح م��دى �ضرورة مراعاة‬ ‫وال� �ي ��وم ه��ن��اك ع� ��د ٌد ال ُي �ح �� �ص��ى من‬ ‫بح�سب ظ��اه��ر الآي� ��ة؟ وك�ي��ف يو�سو�س‬
‫منها ومراعاتها �أن يع�صم الإن�سان عن‬ ‫الحركات الإعرابية في بع�ض الموارد‪،‬‬ ‫وحي‬ ‫ن�س َوا ْل ِج ِّن ُي ِ‬ ‫ال�شياطين‪َ ،‬‬
‫}�ش َي ِاطينَ ا ِلإ ِ‬ ‫لماليين الب�شر؟‬
‫الخط�أ في المقال‪.‬‬ ‫وي�ؤدي عدم ذلك �إلى الخط�أ في النطق‬ ‫َب ْع ُ�ض ُه ْم �إِ َلى َب ْع ٍ�ض ُزخْ ُر َف ا ْل َق ْو ِل ُغ ُرو ًرا}‬ ‫ـ �إن ال�شيطان من الجن‪ ،‬كما هو ظاهر‬
‫نعم في موارد �أخرى قد ال ي�ؤدي الخط�أ‬ ‫و�إل��ى اختالل المعنى اختال ًال بين ًا‪ ،‬قد‬ ‫(الأنعام‪ .)112:‬فقد حدثنا اللهّ �سبحانه‬ ‫قوله تعالى‪�} :‬إ َّال �إِ ْب ِل َ‬
‫ي�س َكانَ ِمنْ ا ْل ِج ِّن‬
‫في �إظهار الحركات الإعرابية �إلى تغ ّير‬ ‫ي� ��ؤدي �إل��ى �أن ي�ك��ون �شنيع ًا ف��ي بع�ض‬ ‫وتعالى‪ ،‬عن �أنّ ال�شياطين ال يملكون قدر ًة‬ ‫َف َف َ�سقَ َع��نْ �أَ ْم � ِ�ر َر ِّب� � ِه{ (الكهف‪،)50:‬‬
‫وتبدّل المعنى‪ ،‬بل ال ي�ؤثر على المعنى‬ ‫الحاالت‪ ،‬فمن المعروف �أنه قد ورد في‬ ‫خارق ًة حتى َمنْ كان من �شياطين الجن‪،‬‬ ‫والو�سو�سة تعني التدبير ف��ي الخفاء‪،‬‬
‫�شيئ ًا‪ ،‬كما في الآية المذكورة‬ ‫القر�آن ‪�« :‬إنما يخ�شى اهلل من عباده‬ ‫بل هم يو�سو�سون ويخلقون الأجواء لذلك‬ ‫كما هو عمل المخابرات التي ت�شتغل من‬
‫من �سورة الن�ساء‪ ،‬حيث‬ ‫العلماء» حيث‬ ‫ال�ش ْي َطانُ‬
‫} َي ِعدُهُ ْم َو ُي َم ِّنيهِ ْم َو َما َي ِعدُهُ ْم َّ‬ ‫خالل ال�صحف وال�سيا�سيين والأحزاب‪،‬‬
‫لو قر�أنا (والمقيمين)‬ ‫من ال�ضروري‬ ‫�إِال ُغ ُرو ًرا{ (الن�ساء‪ ،)120:‬وقد قال اللهّ‬ ‫ومن خالل و�سائل الإعالم والف�ضائيات‪.‬‬
‫�أو (والمقيمون) ف�إن‬ ‫ق���راءة (اهلل)‬ ‫�سبحانه وتعالى لل�شيطان‪َّ �} :‬إن ِع َبا ِدي‬ ‫فالإعالم هو الذي يو�سو�س‪ ،‬ويخلق في‬
‫ال�م�ع�ن��ى ع�ل��ى ح��ال��ه ولن‬ ‫على �أنها في محل‬ ‫َل ْي َ�س َل َك َع َل ْيهِ ْم ُ�س ْل َطان{‪ .‬فالواعون الذين‬ ‫نف�س الإن���س��ان االنطباعات والم�شاعر‬
‫يتغير �أبد ًا‪ ،‬من حيث �أن اهلل‬ ‫ن�صب‪ ،‬ل�ك��ون العلماء‬ ‫يملكون القاعدة الفكرية والروحية‪ ،‬لي�س‬ ‫والأفكار وحاالت البغ�ض والحب لهذا �أو‬
‫وعد ه�ؤالء ب�أنه �سي�ؤتيهم �أجر ًا‬ ‫هم الذين يخ�شون اهلل‪،‬‬ ‫لل�شيطان عليهم �سبيل‪ ،‬لأنّ اللهّ هو الذي‬ ‫ذاك‪ .‬وما �أكثر ال�شياطين هذه الأيام وهي‬
‫عظيم ًا‪ ،‬وم��ن هنا فقد ي�سكت‬ ‫ولو �أخل القارئ وقر�أ‬ ‫يمنح الم�ؤمنين رعايته } ِ�إال َمنْ ا َّت َب َع َك ِمنْ‬ ‫ت�صنع الخبر‪ ،‬فالمخابرات اليوم ال تجمع‬
‫عن هذا الخط�أ‪ ،‬وال ي�سكت‬ ‫الآي� ��ة ب��رف��ع هذه‬ ‫ا ْل َغا ِوينَ { (الحجر‪ )42:‬الذين يهملون‬ ‫الأخبار فح�سب‪ ،‬بل �إنها ت�صنع الحروب‬
‫ع��ن الأخ �ط��اء ال�سابقة‪،‬‬ ‫اللفظة‪ ،‬ل�صار‬ ‫�س ّر الإي�م��ان ب��اللهّ ‪ ،‬ويتبعون ال�شيطان‪،‬‬ ‫والفتن‪ ،‬وحتى في المجتمع الديني‪ ،‬فهي‬
‫كما تبين‪.‬‬ ‫المعنى �أن اهلل‬ ‫وي�ستغرقون في و�ساو�سه وغواياته‪.‬‬ ‫تفكر في خلق الفتن والنـزاعات‪ ،‬وكل يوم‬
‫ه��و ال��ذي يخ�شى‬ ‫تخلق م�شكلة بين النا�س لي�ضرب بع�ضهم‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪24‬‬
‫حدود الحرية الفكرية‬ ‫التجديد الفقهي‬
‫�إن العلم ق��د ي�ق��دم للإن�سان الأر�ضية‬ ‫‪ -‬م��ا ه��ي الحرية الفكرية ف��ي نظرك؟‬ ‫ي�شعرون بوجود �أي فراغ في حياتهم �أمام‬ ‫‪ -‬العالم ال�ي��وم ي�شهد ق�ف��ز ًة نوعي ًة في‬
‫ال�صالحة لالنطالق في حركة الفكر �إلى‬ ‫و�أين و�صلت الحرية الفكرية في بالدنا؟‬ ‫التزاماتهم ال�شرعية في ه��ذا المقام‪،‬‬ ‫ال �ن��واح��ي العلمية وال�ث�ق��اف�ي��ة والتقدم‬
‫�أق�صى مداها‪ ،‬بل البد للعقل من �أن يتحرر‬ ‫وهل �أتاح العالم فع ًال حري ًة للفكر؟ وما‬ ‫باعتبار �أن الفقهاء ا�ستطاعوا �أن ُير ّكزوا‬ ‫التكنولوجي ن�سب ًة �إل ��ى ال���س��اب��ق‪� ،‬إذ ًا‬
‫من كل القيود التي تمنعه من االنطالق‬ ‫هي مميزات ع�صرنا فيما يتعلق بها؟‬ ‫من خ�لال القواعد المنفتحة الوا�سعة‪،‬‬ ‫المجتمع يحتاج �إل��ى قوانين وت�شريعات‬
‫ف��ي رح��اب��ة العلم ال��ذي ي ��ؤدي بالإن�سان‬ ‫ـ الحرية الفكرية‪ ،‬هي �أنه يمكن للإن�سان‬ ‫الكثير من المفردات التي يعي�شها الإن�سان‪.‬‬ ‫جديدة ال تزال تتزايد كل يوم تبع ًا لذلك‪،‬‬
‫�إلى ا�ستك�شاف جميع ما حوله من قوانين‬ ‫�أن يفكر فيما ي�شاء وكيفما ي�شاء‪� ،‬إال �إذا‬ ‫ولذلك ف�إننا عندما ندر�س الإ�سالم‪ ،‬في‬ ‫وم��ا ج��اء من ن�صو�ص عن النبي (�ص)‬
‫�أودعها اهلل في هذا الكون لي�ستفيد منها‬ ‫ك��ان ذل��ك ي�سيء �إل��ى المجتمع والأم��ة‪،‬‬ ‫كل حركة الفقه الإ�سالمي‪ ،‬نجد �أنه لي�س‬ ‫يبقى محدود ًا في هذا المجال‪ ،‬وال يتناول‬
‫في حركة بناء الحياة‪ ...‬ومن المالحظ‬ ‫و�شرط �أن يكون تفكيره واعي ًا و�ساعي ًا �إلى‬ ‫هناك �أي ف��راغ‪ ،‬ولي�س هناك �أي م�شكلة‬ ‫الحوادث الطارئة؟‬
‫ف��ي ه��ذا المجال‪� ،‬أن الع�صر الراهن‪،‬‬ ‫طلب الحقائق قدر الم�ستطاع‪ .‬ويختلف‬ ‫للإن�سان �أم��ام التطور الحياتي‪ .‬لذلك‬ ‫‪ -‬نحن نعتقد �أن الإ�سالم جاء بعناوين‬
‫يتميز بحرية ظاهرية وا�سعة لالنطالق‬ ‫الحال في ذلك من بلد �إل��ى �آخ��ر‪ ،‬ولكن‬ ‫نجد �أنّ الكثير من الغربيين المثقفين‬ ‫وقواعد عامة من الممكن �أن تنفتح على‬
‫الفطري‪ ،‬ولكن الواقع قد يختلف كثير ًا‬ ‫على الم�ستوى الفردي‪ ،‬قد تكون الحرية‬ ‫الذين دخلوا في الإ�سالم‪ ،‬انفتحوا عليه؛‬ ‫�أي تطور يتحرك به الإن�سان في الجوانب‬
‫عن مثل ذلك‪ ،‬لأن كثير ًا من القيود التي‬ ‫متاحة في �شكل ال يحد منها �شيء عندنا‪،‬‬ ‫لأنهم ر�أوا �أن الإ�سالم يكفل لهم الحياة‬ ‫المادية �أو الجوانب الحقوقية وم��ا �إلى‬
‫تفر�ض هنا وهناك‪ ،‬تجعل من االنطالقة‬ ‫ومن هنا تن�ش�أ بين الحين والآخ��ر بع�ض‬ ‫ال�سعيدة المنفتحة على كل ق�ضاياهم‬ ‫ذل ��ك‪ .‬ول��ذل��ك نحن ن��رى �أن ال�شريعة‬
‫م �ح��دودة �أو م�ق� ّي��دة‪ ،‬وال��س� ّي�م��ا ف��ي ظل‬ ‫الدعوات والتي تعبر عن انحراف الإن�سان‬ ‫وعلى كل الواقع الذي يتحركون فيه‪.‬‬ ‫الإ�سالمية من خالل اجتهاد المجتهدين‪،‬‬
‫الهيمنة والتوجيه الإعالمي الحاد الذي‬ ‫على الم�ستوى الفكري لينعك�س ذلك على‬ ‫ا�ستطاعت �أن ت�ستوعب ك��ل تطور وكل‬
‫ت�سيطر عليه الدول اال�ستعمارية الكبرى‪.‬‬ ‫الم�ستوى العملي والوظيفي‪.‬‬ ‫تجدّد وك��ل تقدم‪ ،‬بحيث ب��ات النا�س ال‬

‫قبول الآخر‬
‫النهج ال يموت‬
‫عن م�س�ألة الإ�صرار على الفكرة من خالل‬ ‫‪ -‬توجد ل��دى الم�سلمين قناعة را�سخة‬ ‫�أن نحترم القيادات‪ ،‬ولكن ب�شرط �أن ال‬ ‫‪-‬ك �ي��ف ت�ف���ّ�س��رون ال�ح��ال��ة ال �ت��ي ت�صيب‬
‫عالقة الفكرة العاطفية بالآباء‪ ،‬فهو في‬ ‫حول وج��ود �إجابة لكل �س�ؤال‪ ،‬هل يعني‬ ‫نتع ّبد لها ونح ّولها �إل��ى �أ�صنام‪ ،‬و�أن ال‬ ‫�شريحة وا�سعة من الجماهير عندما تفقد‬
‫مثل هذا المجال يريد للإن�سان �أن يفكر‬ ‫ذلك �أن الإ�سالم ال يتق ّبل الر�أي الآخر؟‬ ‫نكون كبع�ض ال�شعراء‪� ،‬إذا مات العالم �أو‬ ‫قائدها؟‬
‫بنف�سه‪ ،‬و�أال ي�سقط �أمام الجانب العاطفي‬ ‫ـ ع�ن��دم��ا ن��در���س المنهج ال �ح��واري في‬ ‫القائد قالوا مات الإ�سالم‪.‬‬ ‫ـ هذا الت�صور خاطئ‪ ،‬فالقائد يبرز من‬
‫في الق�ضايا الفكرية مث ًال‪ ،‬فالقر�آن يقول‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬ف�إننا نجد �أنه ال ي�ستبطن في‬ ‫�إن الإ� � �س�ل��ام ال ي� �م ��وت‪ ،‬ف �ق��د م��ات‬ ‫بين ظهراني الأم ��ة‪ ،‬ف��الأم��ة ال�ت��ي تنتج‬
‫انطلقوا من خالل ذاتية الفكرة عندكم‪،‬‬ ‫خلفياته م�س�ألة عدم االعتراف بالآخر‪� ،‬أو‬ ‫النبي(�ص) ولم يمت الإ�سالم‪ ،‬وقد مات‬ ‫هذا القائد ب�إمكانها �أن تنتج قائد ًا �آخر‬
‫ال من خالل تقليد الآب��اء دون ه��دىً ‪ ،‬وال‬ ‫�أنانية الفكرة وذاتية االلتزام بها بالطريقة‬ ‫الأئمة(ع) وبقي الإ�سالم‪ ،‬وقد مات كبار‬ ‫}وما محمد �إال ر�سو ٌل قد خلت من قبله‬
‫تعطوا للجانب العاطفي �أو التاريخي في‬ ‫التي ُيلغي فيها الآخر‪ ،‬ومن الطبيعي جد ًا‬ ‫العلماء وبقي الإ�سالم‪.‬ف�إذا مات قادتنا‬ ‫الر�سل �أف� ��إن م��ات �أو قتل انقلبتم على‬
‫التراث التزام ًا بالأفكار دون تحويلها �إلى‬ ‫�أن ك� ّل �صاحب ح��وار يختزن في داخله‬ ‫ترحمنا عليهم واحترمنا فكرهم‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫�أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن ي�ضر‬
‫قناعة عقلية‪.‬‬ ‫الفكرة التي ي�ؤمن بها‪ ،‬ولكنه يحاور الآخر‬ ‫احترامنا لهم �أن ننقد فكرهم وندر�سه‬ ‫اهلل �شيئ ًا و�سيجزي اهلل ال�شاكرين{ (�آل‬
‫�إن معنى ذلك �أنه يقول لهم‪ :‬تح ّرروا من‬ ‫على �أ�سا�س �أن يفهم فكرته و�أن يقنعه‬ ‫ب �ت �ج � ّرد‪ ،‬ف�ق��د نكت�شف ف�ي��ه خ �ط ��أً وقد‬ ‫ع��م��ران‪ .)144:‬فالر�سول ي�م��وت‪ ،‬ولكن‬
‫�ضغط الفكر الآخ��ر �سواء ك��ان ال�ضغط‬ ‫بفكرته‪ .‬و�إن نف�س االلتزام بالحوار معناه‬ ‫نكت�شف فيه ��ص��واب� ًا‪ ،‬فنحن ف��ي بع�ض‬ ‫الر�سالة تبقى‪ ،‬وه��ي ق��ادرة على الدوام‬
‫بلحاظ العاطفة في عالقة الأبناء بالآباء‪،‬‬ ‫�أنك ال تلغي الآخ��ر‪ ،‬ولي�س معنى الحوار‬ ‫الأح�ي��ان ن�شبه ق��وم مو�سى(ع) بعد �أن‬ ‫�صناعة قيادات للأمة‪ ،‬لكننا عندما نعي�ش‬
‫�أو بلحاظ ال�ج��وان��ب الأخ� ��رى‪ ،‬كما في‬ ‫في كل المناهج الح�ضارية �أن تكون فارغ ًا‬ ‫ح ّررهم من عبادة فرعون‪ ،‬ولكن ما �إن‬ ‫الجانب العاطفي مع القائد‪ ،‬نن�سى الذين‬
‫الجانب االج�ت�م��اع��ي‪ُ ...‬ك��ن ح � ّر الفكر‪،‬‬ ‫م��ن الفكر‪ ،‬ب��ل معنى ال�ح��وار �أن تعطي‬ ‫ر�أوا قوم ًا يعكفون على عبادة �أ�صنام لهم‬ ‫هم م�شروع قيادة في المجتمع‪ ،‬فالقائد‬
‫وادر�س ما �أتيتك به لنتحاور حوله‪ ،‬لتقبله‬ ‫للآخر الفر�صة في �أن يطرح عليك فكره‬ ‫حتى طالبوا مو�سى ب�إله ك�إلههم‪ ،‬تمام ًا‬ ‫لم ي�صبح قائد ًا �إال بعد �أن يكون قد ح ّرك‬
‫�أو لترف�ضه هنا وهناك‪� .‬إن الإ�سالم لم‬ ‫لتطرح �أنت عليه فكرك‪ ،‬ليكون الحوار هو‬ ‫كالطفل ال��ذي ي��رى لعبة بيد طفل �آخر‬ ‫ي�ضحي‬
‫يقمع الآخر‪ ،‬ولم يقل له �أنت ّ‬
‫�ضال‪ ،‬وهذه‬ ‫الج�سر الذي تعبر عليه �إليه‪� ،‬أو يعبر عليه‬ ‫طاقاته في خدمة الق�ضية التي ّ‬
‫فيطالب �أباه ب�شراء لعبة مماثلة }قالوا‬ ‫من �أجلها واكت�شفته الجماهير فالت ّفت‬
‫ق ّمة في الحوار‪.‬‬ ‫�إليك‪ .‬وعندما نجد �أن القر�آن يتحدث‬ ‫يا مو�سى اجعل لنا �إله ًا كما لهم �آلهة{‬ ‫حوله‪ ،‬ويمكن �أن نكت�شف قيادات �أخرى‬
‫(الأعراف‪.)138:‬‬ ‫�أي�ض ًا‪ ،‬فالأمة لي�ست عقيمة‪ .‬لذلك علينا‬
‫في الحياة هي تحقيق ارادة اهلل �سبحانه‬
‫وتعالى في الكون‪ ،‬ولعلنا ن�ستوحي ذلك‬
‫من قوله �سبحانه حول الحكمة من ار�سال‬
‫العبادة في مفهومها الوا�سع‬
‫الأنبياء وانزال الكتب‪}:‬لقد ار�سلنا ر�سلنا‬
‫بالبينات و�أنزلنا معهم الكتاب والميزان‬ ‫لكل م��ا يت�سع ل��ه �أم��ر اهلل تعالى ونهيه‪،‬‬ ‫‪}-‬وما خلقت الجن والإن�س �إ ّال ليعبدون{‬
‫ليقوم النا�س بالق�سط{ لنفهم �أن الغاية‬ ‫ولكل ما تت�سع له محبة اهلل ور��ض��اه في‬
‫الحياة‪ ،‬وهذا ما ن�ستوحيه من الأحاديث‬ ‫م��ا ه��ي ه��ذه العبودية التي خلقنا اهلل‬
‫م��ن ار��س��ال الر�سل ه��ي �أن يقوم النا�س‬ ‫تعالى لأجلها؟‬
‫بالق�سط‪ ،‬ولذا ف�إن الر�سل ير�سلون للنا�س‬ ‫التي تقول‪« :‬العبادة �سبعون جز ًء �أف�ضلها‬
‫طلب الحالل» �أو « �أف�ضل العبادة العفاف»‬ ‫ـ �إن كلمة «العبادة» تعني غاية الخ�ضوع‪،‬‬
‫لتبيان ما يريده اهلل تعالى منهم‪ ،‬فالهدف‬ ‫�أي �أن اهلل تعالى ما �أم��ر الجن والإن�س‬
‫من الحياة عند اهلل هو �أن يقوم النا�س‬ ‫�أو « ما عبد اهلل ب�شيء �أف�ضل من عفة بطن‬
‫�أو فرج» �أو الأحاديث التي تتحدث عن �أن‬ ‫�إ ّال ليخ�ضعوا له بكل ما يريد منهم‪ ،‬و�أن‬
‫بالق�سط‪.‬‬ ‫تكون ارادتهم خا�ضعة الرادته‪ ،‬و�أن تكون‬
‫وعلى هذا يمكن القول �أن القيام بالق�سط‬ ‫طلب العلم عبادة‪ ،‬و�أن «تف ّكر �ساعة خير‬
‫من عبادة �سنة» بحيث يكون التف ّكر نوع ًا‬ ‫حركتهم خا�ضعة لأمره ونهيه‪ ،‬وان تكون‬
‫وتحقيق ال�ع��دال��ة ف��ي ال�ك��ون ه��و ن��وع من‬ ‫كل حياتهم في الدنيا منطلقة من خالل‬
‫العبادة الحركية التي يريد اهلل لعباده‬ ‫من �أنواع العبادة التي تف�ضل عبادة ال�سنة‪،‬‬
‫بمعنى ال�صالة من دون وعي‪.‬‬ ‫م��ا اراده اهلل لهم ف��ي تحمل م�س�ؤولية‬
‫�أن يتحركوا فيها‪ ،‬فالآية ال تعطي المعنى‬ ‫خالفة الإن�سان على الأر�ض‪.‬‬
‫الفقهاء ي�ق��ول��ون �أن ك��ل عمل ج��اء به‬ ‫ال�شعبي ال�م�ع��روف للعبادة‪� ،‬أي �أن اهلل‬ ‫وهكذا ن�ستطيع �أن نفهم‪ ،‬ب�أن عبادة اهلل‬
‫التي يريد للجن واالن�س �أن يعتبروها هدف ًا‬ ‫وفي �ضوء‪ ،‬ذلك نجد �أن العبادة تت�سع‬
‫الإن�سان بق�صد ر�ضا اهلل والقربة �إليه‬ ‫خلق الجن والإن����س لي�صلوا �أو ي�صوموا‪،‬‬
‫ف�إنه يعتبر عبادة‪.‬‬ ‫فالعبادة تتجاوز ذل��ك‪ .‬ونحن نعرف �أن‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬

‫‪25‬‬
‫بينات ال�شباب‬

‫من �أجل الإن�سان ّية‪..‬‬ ‫تحت عنوان «مع ًا لننقذ الإن�سان في ّ‬


‫ال�صومال»‪:‬‬
‫فلنفعل �شيئ ًا!‬ ‫ينظم حملة تب ّرعات في ّ‬
‫ظل تفاعل الفت‬ ‫«تجمع وعي» ّ‬
‫ّ‬
‫تعددت الفنون ‪ ....‬وتعددت الأكاديميات ‪...‬‬
‫وتتالى المتبارون على الم�سارح واح��د ًا بعد‬ ‫االجتماعي «الفاي�سبوك»‪ ،‬وع��دد من دول المهجر‪ ،‬والالفت‪ ،‬ان‬ ‫ّ‬ ‫ال�شبابي عرب موقع ال ّتوا�صل‬ ‫ّ‬ ‫�أطلق جتمع «وعي»‬
‫الآخر وواحدة بعد الأخرى يبرزون مواهبهم‬ ‫ال�ص ��ومال و�أطفاله‪ ،‬الذين يعانون ق�س ��وة الفقر التبرعات ج��اءت من فئات �إجتماعية‬ ‫ربع ��ات لإنقاذ �أهل ّ‬ ‫حمل ��ة ت ّ‬
‫ومفاتنهم ‪...‬ما ظهر منها وما بطن‪ ...‬لعيون‬ ‫وعمرية متن ّوعة‪ ،‬وقد تفاوتت بين مبالغ‬ ‫خالل‬ ‫�ات‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫الترب‬ ‫بلغت‬ ‫�ث‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫‪،‬‬‫ً‬ ‫ا‬ ‫�ر‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫�باب‬ ‫�‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫ً‬
‫�ا‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ع‬ ‫تفا‬ ‫�ة‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫احلم‬ ‫�ت‬ ‫�‬ ‫واملجاع ��ة‪ ،‬وق ��د الق‬
‫الم�شاهدين ‪.‬‬ ‫ب�سيطة‪ ،‬تبرع بها بع�ض ال�شباب‪ ،‬ومبالغ‬ ‫�أ�سبوعني من بدء احلملة‪ ،‬ما يقارب الع�شرين �ألف دوالر امريكي‪.‬‬
‫في هذا الوقت‪ ،‬ب��رزت‪ ،‬في مكان ما‪ ،‬غير‬ ‫كبيرة ت�ب��رع بها بع�ض المي�سورين‪،‬‬
‫بعيد‪� ،‬أكاديمية �أخرى‪ ،‬من نوع �آخر ‪...‬‬ ‫لكن بعيد ًا عن قيمة المبلغ‪ ،‬فال ّ‬
‫أهم‬
‫للرفق بنف�سي �أو ًال‪ ،‬وبكم �أيها ال�سادة القراء‬ ‫هو �أن جميع المتبرعين‪ ،‬انطلقوا ‪-‬ك ٌل‬
‫ثاني ًا ‪ ،‬وبالم�شاركين في ه��ذه الأكاديمية‬ ‫بح�سب قدرته‪ -‬من خالل نف�س الدافع‬
‫الإ�ستثنائية �أخير ًا ولي�س �آخر ًا‪ ،‬خطر لي ‪� ،‬أن‬ ‫الأخ�لاق��ي والإن�ساني‪ ،‬وبنف�س الزخم‬
‫�أ�سميها ‪�« :‬أكاديمية الموت الجميل»‪.‬‬ ‫والحما�س‪.‬‬
‫هي �أكاديمية لم يتم التح�ضير لها ‪� ،‬أبطالها‬ ‫أهم �أي�ضا‪ ،‬هذا التفاعل الإ�سالمي‬‫ً‬ ‫وال ّ‬
‫القدر واال�ستكبار‪ ،‬و�أطفال هزلى ال قدرة‬ ‫والإن�ساني مع الجائعين والم�ست�ضعفين‬
‫لهم على الحركة ‪ ،‬يتلوون من �ألم الجوع ‪...‬‬ ‫ف ��ي الأر� � � ��ض‪ ،‬وم� ��ع م �ع��ان��اة �أط��ف��ال‬
‫ينازعون ‪ ...‬وينتظرون �أن يرفق عزرائيل‬ ‫ال�صومال‪ ،‬التي تف�ضح ق�سوة النظام‬
‫العالمي الإ�ستكباري‪ ،‬الذي يق�ضي في‬
‫بهم ‪� ...‬أن ينتزع �أرواحهم لينقلهم بهدوء‬
‫ظ ّله ماليين الأ�شخا�ص جوع ًا‪ ،‬في حين‬
‫�إلى �سالم عالم الآخرة ‪.‬‬ ‫تتن ّعم قلة م�ستكبرة ب�ث��روات��ه‪ ،‬مثيرة‬
‫لف‬ ‫ربما ل��و قابلنا بو�ش �أو �أوب��ام��ا �أو م��ن َّ‬ ‫الحروب وال�صراعات في �سبيل ب�سط‬
‫ل َّفهما ‪ ،‬لأخبرونا ب�أنهم �آ�سفون جد ًا لم�صير‬ ‫ا�س �سيطرتها‪ ،‬دون ان تتورع عن احتالل‬ ‫�أَ ْو َف َ�س ٍاد ِفي ا ألَ ْر��ِ�ض َف َك�أَ َّن َما َقت ََل ال َّن َ‬ ‫�أ�سو�أ مجاعة‪:‬‬
‫ه�ؤالء الأطفال‪ ،‬الذين ال حول لهم وال قوة ‪،‬‬ ‫ا�س ب�لاد الآخ��ري��ن‪ ،‬و�سرقة ثرواتهم‪ ،‬من‬ ‫وي�شهد ال�صومال �أ� �س �و�أ مجاعة منذ َجمِ ي ًعا َو َمنْ أ�َ ْح َياهَ ا َف َك َ�أ َّن َما �أَ ْح َيا ال َّن َ‬
‫ً‬
‫ولكنهم فخورون ب�أنهم ا�ستطاعوا حمايتهم‬ ‫ع�شرين عاما‪ ،‬و� ًأ�سو�أ موجة جفاف تم ّر َجمِ ي ًعا{ ال�م��ائ��دة‪� ، 32 :‬أع�ل��ن التج ّمع اج��ل تحقيق مطامعهم الإ�ستعمارية‬
‫من الإرهاب الدولي‪ ,‬حتى ولو كانت النتيجة‬ ‫به منذ �ستين عاما‪ ،‬وت�أتي هذه الخطوة على ل�سان مم ِّثله م�صطفى ف�ضل اهلل‪ ،‬التي تلب�س ثياب «المجتمع الدولي» حين ًا‬
‫الموت جوع ًا بدل الموت ذبح ًا‪.‬‬ ‫م �ح��اول � ًة ل�ل�م���س��اع��دة ف��ي ظ� � ّل الأزم���ة وبم�شارك ٍة �شباب َّية فاعلة‪� ،‬إط�لاق حملة و «التدخل الإن�ساني» حين ًا �آخر‪.‬‬
‫�أم� ��ام ه ��ذا ك �ل��ه‪ ،‬ي �ج��ري ال �ع �م��ل ف��ي هذه‬ ‫الإن�سان ّية المت�صاعدة التي تع�صف بهذا جمع تب ّرعات‪ ،‬وتل ّقي الم�ساعدات المال ّية واال�سالم ي�ضع الأمن الغذائي ل�شعوب‬
‫الأكاديمية على قدم و�ساق ‪ ،‬رغم �أن �آليتها‬ ‫البلد ال��ذي ا�ستفحلت فيه المجاعة‪ ،‬مبدئ ّي ًا‪ ،‬وا�ستمرار الحملة في �سبيل هذا العالم في ر�أ�س �أولوياته ‪ ،‬ويرف�ض �أي‬
‫مختلفة‪� ،‬إذ ال يتبارز الأطفال فيها للح�صول‬ ‫اب�ت��زاز للنا�س و�أي محاولة لإخ�ضاع‬ ‫إن�ساني‪.‬‬
‫إ�سالمي وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫تهدّد حياة حوالى �أربعة ماليين الهدف ال‬ ‫وباتت ِ‬
‫على اللقب‪ ،‬بل هو يبرز �إليهم وينتقيهم‪،‬‬ ‫�إن�سان‪ ،‬بعد �أن لقي ‪� 29‬ألف طفل حتفهم وقال ف�ضل اهلل‪�« :‬أطلقنا مبادرتنا لإيماننا بلداننا تحت �ضغط حاجاتها الغذائية‬
‫ولديه فائز كل ثالث ثوان‪ ،‬بل قل كل ثانيتين‪:‬‬ ‫في الأ�شهر ال ّثالثة الأخيرة‪ ،‬بينما يعاني بق�ضايا ال َّأم� ��ة‪ ،‬وان�ط�لا ًق��ا م��ن �شعورنا ‪...‬‬
‫يفوز �صاحبنا بلقب « �صاحب الموت الجميل»‬ ‫�آالف الأط �ف��ال ا آلخ��ري��ن خطر الموت باالرتباط بق�ضايا الم�ست�ضعفين‪ ،‬في ظ ّل رقم ح�ساب التبرعات لحملة «وعي» ‪:‬‬
‫‪ ،‬لكنه ال يهن�أ حتى بلقبه‪� ،‬إذ ما تكاد تمر‬ ‫ال�شبابي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫جوع ًا نتيجة �سوء التّغذية والجفاف‪ ،‬عالم م�ستكبر يدفع �إلى الت�س ّلح �أكثر مما يذكر �أنّ حملة تجمع وع��ي‬
‫بع�ض الثواني‪ ،‬حتى ي�أخذه �آخر منه‪ ،‬وهكذا‬ ‫على مر�أى من العالم ا ّلذي يتجاهل هذه يدفع �إلى �إنقاذ حياة الإن�سان‪ ،‬فكان هذا لجمع التب ّرعات كانت قد انطلقت في‬
‫منت�صف �شهر �آب‪� /‬أغ�سط�س الما�ضي‪،‬‬ ‫م ّنا ك�أ�ضعف الإيمان»‪.‬‬ ‫الم�أ�ساة الإن�سان َّية‪..‬‬
‫دواليك ‪.‬‬ ‫إي�صال‬ ‫�‬ ‫من‬ ‫ننا‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫تم‬ ‫ة‬‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫آل‬ ‫�‬ ‫عن‬ ‫«نبحث‬ ‫وتابع‬
‫�أمام هذا اللقب الم�أ�ساوي الذي يلحق العار‬ ‫وق��د ن�شر التج ّمع على �صفحته على‬ ‫تفاعل وم�س�ؤول ّية‪:‬‬
‫االجتماعي «الفاي�سبوك»‬
‫ّ‬ ‫ونن�سق ف��ي هذا موقع التّوا�صل‬ ‫الم�ساعدات العين َّية‪ِّ ،‬‬
‫بنا‪ ،‬ماذا لو قابلنا �ضمائرنا؟ ماذا لو �ساءلنا‬ ‫منظمي الحملة‪:‬‬ ‫«ل� ��ن ي �ح �� �ص��ل م�ل�اي �ي��ن ال� �ج� �ي ��اع في المجال مع جمع ّي ٍات محل َّية تحظى بثقة �آليات التّوا�صل مع ّ‬
‫�أنف�سنا �إن كان يمكن لنا �أن ن�ضحي لنجنب‬ ‫ال�شارع‪ ،‬ولها انت�شار وا�سع في البلدان عبر البريد الإلكتروني‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫العالم من القمم الدولية‪ ،‬ومهما عال‬
‫ه�ؤالء الأطفال هذه الم�أ�ساة الإن�سانية؟‬ ‫‪Waei.tajammoe@gmail.com‬‬ ‫�صراخهم‪ ،‬اال على بيانات ا�ستهالكية الأفريق َّية»‪.‬‬
‫ماذا لو تخلينا عن بع�ض الكماليات التي لو‬ ‫ال�شباب م��ع �إط�ل�اق هذه هاتفي ًا‪ :‬في بيروت ‪:‬‬ ‫ووع��ود وهمية‪ ،‬وال�سبب �إم�ساك القوى وح��ول تفاعل ّ‬
‫�أمع ّنا النظر فع ًال لوجدناها تافهة ن�سبي ًا‬ ‫الم�ستكبرة بحركة االقت�صاد العالمي الحملة‪ ،‬اعتبر � َّأن «الق�ض ّية بما تحمل من ‪70144801‬‬
‫�أمام هذه المعاناة؟ ماذا لو اقت�صرنا على‬ ‫القائم على ا�ستغالل م�ق��درات �شعوب م�أ�ساة‪ ،‬كافية لتثير انفعال � ّأي كان‪ ،‬فكيف في الهرمل‪:‬‬
‫�صنف واح��د من الأطعمة �أو حتى �صنفين‬ ‫ب�شباب متح ّم ٍ�س يتل ّم�س وجوده في �صخب ‪71958262-03143271‬‬ ‫ٍ‬ ‫العالم الثالث وثرواتها الطبيعية»‪..‬هذا‬
‫على موائدنا‪ ،‬وجعلنا كلفة الأ�صناف الباقية‬ ‫كما ّتم تخ�صي�ص رقم ح�ساب م�صرفي‪،‬‬ ‫ما يقوله العالمة المرجع ال�س ّيد محمد الحياة؟!»‪.‬‬
‫كفارة لتق�صيرنا الإن�ساني �أمام �أخواننا من‬ ‫يتم من خالله تلقي التبرعات‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الكثيرون‬ ‫أبدى‬ ‫�‬ ‫الحقيقة‪،‬‬ ‫«في‬ ‫ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬ع��ن م�شكلة و�أ�ضاف‪:‬‬
‫بني الب�شر ‪ ،‬من دون �أن ن�س�أل عن هويتهم �أو‬ ‫طبيعي‪ ،‬لأ ّنه بات بمقدورهم رق ��م ت�ح��وي��ل الأم � ��وال ( ب�ن��ك لبنان‬ ‫ّ‬ ‫ال�ج��وع ف��ي ال�ع��ال��م‪ ،‬لكن الأج �ي��ال التي حما�س ًا غير‬
‫عرقهم �أو دينهم �أو مذهبهم ؟‬ ‫تر ّبت على فكره ونهجه‪ ،‬لم تقف مكتوفة من خالل هذه الحملة تقديم م�ساعدة ما والمهجر)‬
‫�أ�سئلة تبقى بر�سم ذوي ال�ضمائر ال�صاحية‪.‬‬ ‫ال�شعب المنكوب»‪.‬‬ ‫الأيدي امام �صرخات الجائعين‪ ،‬و�أمام لهذا َّ‬
‫ً‬
‫م�س�ؤولياتها الإ��س�لام�ي��ة والإن�سانية‪ ،‬وختم‪« :‬التّفاعل كان �إيجاب ّيا‪ ،‬حتّى ممن ‪IBAN:‬‬
‫هي دعوة كي ال نبقى نائمين ‪ ...‬هي دعوة‬
‫كي ال نفتخر ب�شعورنا بال�شفقة �أو بالغ�ضب‬ ‫وتحركت �إنطالق ًا من المبد�أ الإ�سالمي‪ :‬ال ت�ساعدهم ظروفهم االجتماع ّية على ‪LB94 0014 0000 4502‬‬
‫تجاه ما يجري ‪ ...‬هما �شعوران �إن�سانيان‬ ‫عفوي مبادرات ‪3001 1549 1424‬‬ ‫يهتم ب�أمور الم�سلمين فلي�س التب ّرع‪� ،‬إذ ولدت ب�شكل ّ‬ ‫« من لم ّ‬
‫‪BLOM BANK‬‬ ‫مثل‬ ‫بعيدة‪،‬‬ ‫مناطق‬ ‫من‬ ‫الحملة‬ ‫مع‬ ‫عملت‬ ‫بم�سلم»‪ ..‬ومن الحديث‪« :‬ال ت�ستحوا من‬
‫نبيالن ‪....‬لكنهما ال يطعمان خبز ًا ‪.....‬‬ ‫والجنوب»‪.‬‬ ‫الهرمل‬
‫فلنكافح من �أجل الإن�سانية‪،‬‬ ‫‪M.S.S.M.HUSSEIN‬‬ ‫�إعطاء القليل فالحرمان �أقل منه»‪.‬‬
‫‪FADLALLAH ALKHAYRIA‬‬ ‫ة‪:‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫�شعب‬ ‫تبرعات‬ ‫فتحت � �ش �ع��ار‪« :‬م �ع � ًا لننقذ الإن�سان‬
‫فلنفعل �شيئ ًا !!‬ ‫ومبادرات‬ ‫إت�صاالت‬ ‫�‬ ‫التجمع‬ ‫تلقى‬ ‫كما‬
‫‪BANK BIC CODE: BLOMLBBX‬‬ ‫ف��ي ال ��ّ��ص��وم��ال»‪ ،‬وان �ط�لاق � ًا م��ن الآي��ة‬
‫غنى مو ّن�س‬ ‫}م��ن َقت ََل َنف ًْ�سا ِب َغ ْي ِر َنف ٍْ�س وت�ب��رع��ات مختلفة م��ن �سوريا والعراق‬ ‫الكريمة‪َ :‬‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪26‬‬
‫�إل��ى اع�ت��داءات كالم ّية و�أحيان ًا‬
‫ج�سد ّية‪ ،‬هذا �إ�ضاف ًة �إلى الأطفال‬ ‫�أميركا و�شيطنة الإ�سالم‬
‫الم�سلمين ا ّل��ذي��ن يتع ّر�ضون‬
‫للتّحقير في المدار�س‪.‬‬
‫وي�ضيف‪« :‬ي�شكو الم�سلمون من‬ ‫«�إذا كانت الم� ّؤ�س�سة ال�سيا�س ّية الأميرك ّية‪ ..‬قد ح�شدت �أ�صوات ًا كثير ًة لإدانة �آراء ّ‬
‫الق�س‬
‫تيري جونز‪ ،‬والكاتب دانيل بايب�س‪ ،‬والإعالم ّية بريجيت غابريل‪ ،‬والمئات من �أمثالهم‬
‫المراقبة ال�ف� َّ�ظ��ة‪ ،‬و»التّفتي�ش»‬
‫ّ�ستوري‪ ،‬و�سوء المعاملة‬ ‫غير الد‬ ‫ا ّلذين ي�سعون �إلى الك�سب المالي ّ‬
‫وال�سيا�سي من وراء �إثارة عوامل الفتنة الداخل ّية‪ ،‬ف� َّإن‬
‫ّ‬ ‫ت�سامح‬ ‫كل المواطنين في �سبيل دعم القيم الأميرك ّية الحقيق ّية من‬ ‫عم ًال كثير ًا ينتظر َّ‬
‫ال�شرطة‪ ،‬ولقد باتت‬ ‫م��ن ِق � َب� ِ�ل ّ‬ ‫ٍ‬
‫ممار�سة َّ‬ ‫مقال له ن�شر على‬ ‫أميركي فرانكلين المب‪ ،‬في ٍ‬ ‫وح�سن جوار»‪ .‬هذا ما يقوله الباحث ال ّ‬
‫ال�شعائر الإ�سالم َّية‪،‬‬ ‫إ�سالمي المعا�صر‪ ،‬ي�شير من خالله �إلى حمالت العداء وخطابات‬ ‫موقع م� ّؤ�س�سة الفكر ال‬
‫ّقليدي‪ ،‬تُع َت َب ُر‬
‫حتّى في �شكلها الت ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫الكراهية التي يواجهها الم�سلمون في الواليات المتّحدة‪.‬‬
‫ف��ي ن�ظ��ر الكثيرين دالل� �ة على‬
‫ِن َّي ٍات جرم ّية»‪.‬‬ ‫�داد دائ � ٍ�م لمهاجمة �أع��داء‬
‫على ا��س�ت�ع� ٍ‬ ‫حمالت العداء للإ�سالم‪:‬‬
‫ق�ص ًة جرت م� ّؤخراً‬ ‫ويذكر المب ّ‬ ‫ال�ساحقة من المداومين على‬ ‫الأغلب ّية ّ‬ ‫ً‬
‫�إ�سرائيل المفتر�ضين»‪ ،‬راب�ط�ا ازدي��اد‬
‫الم�ساجد يعار�ضون الآراء المتط ّرفة‬ ‫ف�ه��و ي �ت �ح �دّث ف��ي م�ق��ال��ه ع��ن حمالت‬
‫مع عالمي دين م�سلمين كانا على متن‬ ‫هذه الهجمات بازدياد عدد الأميرك ّيين‬ ‫ل���ش�ي�ط�ن��ة الإ� � �س �ل�ام‪ ،‬ت �ق��وده��ا بع�ض‬
‫طائرة ر ّكاب في ممفي�س‪ُ ،‬ط ِل َب منهما‬ ‫(‪ ،)%93‬و�أ َّنهم يكادون يكونون مُجمِ عين‬ ‫ا ّلذين «يت�ساءلون عن تمويل حكوماتهم‬
‫(‪ )%93‬ع �ل��ى دع� ��م ب ��رام ��ج الخدمة‬ ‫ال�شخ�ص ّيات الإع�لام � ّي��ة وال�سيا�س ّية‬ ‫ّ‬
‫الطائرة‪ ،‬لأنّ الر ّبان رف�ض‬ ‫�أن ينزال من ّ‬ ‫رعي‬
‫ال�ش ّ‬‫لإ� �س��رائ �ي��ل‪ ،‬واح�ت�لال�ه��ا غ�ي��ر ّ‬ ‫وم�س�ؤولون ف��ي اال�ستخبارات والأم��ن‪،‬‬
‫الإقالع وهما على متنها‪.‬‬ ‫يا�سي‪،‬‬
‫ال�س ّ‬
‫االج �ت �م��اع � ّي��ة واالن� �خ ��راط ّ‬ ‫للأرا�ضي الفل�سطين ّية»‪.‬‬
‫ف ��الإره ��اب� � ّي ��ون ي �ق��وم��ون بالتّخطيط‬ ‫م��ن خ�لال توظيف �أح ��داث ‪� 11‬أيلول‪،‬‬
‫لل�سخرية‪َّ � ،‬أن العا ِل َم ْين‬ ‫ويع ّلق‪« :‬المثير ّ‬ ‫ويقدّم نموذج ًا عن هذه الفئة‪ ،‬هو ال ّنائب‬ ‫إرهابي‪ ،‬ولإذاعة‬ ‫لإظهار الإ�سالم كدين � ّ‬
‫ؤتمر لأئ ّمة الم�ساجد‬ ‫كانا م َت ِّج َه ْين �إلى م� ٍ‬ ‫ل�م��ؤام��رات�ه��م عبر الإن �ت��رن��ت ولي�س في‬ ‫في الكونغر�س الأميركي بيتر كينغ‪ ،‬ا ّلذي‬
‫الم�ساجد»‪.‬‬ ‫«� َّأن للت ّيار ال ّرئي�سي ال�ع��ام للم�سلمين‬
‫الأم�ي��رك� ّي�ي��ن‪ ،‬ل��درا��س��ة ال�م�خ��اوف من‬ ‫الأميرك ّيين عالقات بجماعات �إرهاب ّية‪،‬‬
‫الإ���س�ل�ام وال� َّت�م�ي�ي��ز � �ض� َّ�د الم�سلمين‬ ‫ثقافة الخوف من الإ�سالم‪:‬‬
‫وي �ق� ِ�دّم ال�ب��اح��ث الأم �ي��رك� ّ�ي م �ث��ا ًال �آخر‬ ‫� َّإن ثقافة جهل الإ�سالم‬ ‫و�أ ّنهم ي�ستخدمون حقّ التّعبير ال ّ‬
‫أميركي‪،‬‬
‫الأميرك ّيين»‪.‬‬ ‫وغيره من الو�سائل القانون ّية‪ ،‬في �سبيل‬
‫م�شكلة الجهل بالإ�سالم‪:‬‬ ‫على الحمالت المعادية للإ�سالم على‬ ‫والخوف منه‪ ،‬هي ا ّلتي‬ ‫إ�سالمي ا ّلذي‬ ‫تحقيق برنامج عملهم ال‬
‫الإنترنت‪ ،‬وهو ما حمل عنوان‪« :‬ر�سالة‬ ‫ّ‬
‫«على ال ّرغم من هذه الحوادث الب�شعة‪،‬‬ ‫انت�شرت في الكثير من �أنحاء‬ ‫أميركي‬
‫ي�شمل ا��س�ت�ب��دال ال� ّد��س�ت��ور ال ّ‬
‫ف�إ ّني �أرى �أ َّنه لي�س لدى �أميركا م�شكلة‬ ‫�شخ�ص َّية من مي�شال مالكن؛ وال�س ّيدة‬
‫مالكن من المعادين للإ�سالم‪ ،‬ا ّلذين‬ ‫�أميركا‪ ،‬وهي واح��دة من الأمور‬ ‫بال�شريعة الإ�سالم ّية»‪.‬‬ ‫و�شرعة الحقوق ّ‬
‫�إ�سالم �أو م�سلمين جد َّية‪ ،‬بل �إنّ الممار�سة‬ ‫حدّد علماء االجتماع �أحداث‬ ‫ويقول‪« :‬لقد َ‬
‫المخجلة ا ّلتي ذكرناها‪ ،‬ال تعك�س وال‬ ‫منظمات الكراهية المختلفة»‪.‬‬ ‫يعملون مع َّ‬ ‫التي ت��غ� ّ�ذي مناخ دول��ة الأم��ن‬
‫أميركي بالح�صول على‬ ‫مهم للتّ�س ّبب بما ظهر‬ ‫ٍّ‬ ‫كعامل‬
‫ٍ‬ ‫�أيلول ‪2001‬‬
‫تحظى بت�أييد �إال ق ّل ٍة قليلة من الجمهور‬ ‫وتن�صح مالكن ال ّ‬
‫ن�سخة من كتاب «الإره��اب� ّ�ي في المنـزل‬ ‫وال ّرقابة‪ ،‬والتي ُت��ب� ِّرر الحروب‬ ‫م �� ّؤخ��ر ًا من ح��ذ ٍر يبديه بع�ض عنا�صر‬
‫أميركي‪ ،‬وكما في ح��ال بناء م�سجدٍ‬ ‫ال ّ‬ ‫أميركي من الإ�سالم‪ ،‬فلقد‬ ‫الجمهور ال ّ‬
‫في منطقة االنفجار في نيويورك‪ ،‬ف�إ َّنها‬ ‫المجاور»‪ ،‬وذلك كي يتم ّكن من محاربة‬ ‫ا ّلتي ال نهاية لها على الإرهاب‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ن�ش�أت �صناعة متنامية ت�ستغل ظاهرة‬
‫تو ِّفر الفر�صة للأميرك ّيين لمعرفة ما هو‬ ‫«الجهاد الراديكالي»‪.‬‬
‫و ُي �ظ �ه��ر ك �ت��اب م��ال �ك��ن �أنّ ق��ائ �م��ة من‬ ‫العداء للم�سلمين ا ّلتي وجدت في �شيطنة‬
‫الإ�سالم ولرف�ض الكراه ّية المبا�شرة‬ ‫ب�شكل دوري «لتقديم‬ ‫ٍ‬ ‫ي��زور «�إ�سرائيل»‬ ‫الم�سلمين في الواليات الم َتّحدة‪� ،‬أمر ًا‬
‫له»‪ ،‬يقول فرانكلين المب‪.‬‬ ‫«مخططين للجهاد»‪ ،‬تنمو‬ ‫ّ‬ ‫و�صفتهم بالـ‬ ‫ً‬
‫الطاعة‪� ،‬سعيا وراء منا�صب عليا»‬ ‫فرو�ض ّ‬
‫في ك� ّل م�سجد وف��ي ك�ل منطقة ي�سكنها‬
‫ّ‬ ‫مربح ًا ج ّد ًا»‪.‬‬
‫ال�ساحقة من‬ ‫وي ��ردف‪�« :‬إنّ الأك�ث��ر ّي��ة ّ‬ ‫على ح ّد و�صفه‪ ،‬وا ّلذي �أطلق في ال ّربيع‬ ‫وي �ت��اب��ع الم ��ب‪« :‬ف�ل�ا ي �م � ُّر �أ� �س �ب��وع من‬
‫تقدّر جيرانها من الم�سلمين‬ ‫الأميرك ّيين ِ‬ ‫الم�سلمون في �أميركا‪ ،‬وهي تح ّذر من �أنّ‬
‫الما�ضي �سل�سلة جل�سات ا�ستماع ترويع ّية‬ ‫دون �أن تُعقد ن��دوات ِّ‬
‫يهدّد فقط وا�شنطن ونيويورك‬ ‫«الجهاد ال ِ‬ ‫تنظمها وتم ِّولها‬
‫وت��داف��ع ع�ن�ه��م‪� ،‬إال �أنّ م��ا ف��اق��م من‬ ‫ب �ع �ن��وان‪« :‬م���دى رادي �ك��ال � ّي��ة الجماعة‬ ‫ً‬
‫منظمات يمين ّية‪ ،‬ب��ل و�أح �ي��ان �ا بع�ض‬ ‫ّ‬
‫التوتّرات‪ ،‬هو الجهل الوا�سع بالإ�سالم‪،‬‬ ‫وغيرهما من المدن‪ ،‬بل �إ َّن��ه ينت�شر في‬
‫الأميرك ّية الم�سلمة ور ّد المجتمع عليها»‪،‬‬
‫الجنوب والدّاخل»‪.‬‬ ‫الوكاالت الحكوم َّية‪ ..‬ف�ض ًال عن وكاالت‬
‫مجتمع مليءٍ بالم�شاكل االجتماع ّية‬ ‫ٍ‬ ‫في‬ ‫ي�ستهدف م��ن خاللها �إظ �ه��ار م�سلمي‬ ‫ال�صهيون ّية‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ويزعم الكاتب �أ ّنه وكنتيج ٍة لهذه الجهود‪،‬‬ ‫�أميركا ك�أعداءٍ للبالد‪.‬‬ ‫والمنظمات ّ‬ ‫اال�ستخبارات‬
‫واالقت�صاد ّية وال�سيا�س ّية ا ّلتي ي�صعب‬ ‫تتو�صل‬‫َّ‬ ‫التي‬ ‫الخال�صات‬ ‫تكون‬ ‫وغالب ًا ما‬
‫ت�شجع �أحيان ًا على جعل‬ ‫ح ُّلها‪ ،‬وا ّلتي ِّ‬ ‫بات من المقبول اجتماع ّي ًا في الواليات‬
‫وينقل كالم ًا لكينغ عن خطر الإره��اب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫المتّحدة �أن يتع ّر�ض المرء للم�سلمين‬ ‫�إليها هذه ال َّندوات‪ ،‬تتمثل في كون العديد‬
‫�آخرين كب�ش فداء‪.»..‬‬ ‫الإ�سالمي في العالم‪ ،‬يقول فيه‪« :‬هذا‬ ‫الظ ّل‪،‬‬ ‫م��ن الم�سلمين ه��م ع�م�لاء ف��ي ّ‬
‫ويعتقد الباحث الأميركي �أنّ الحروب‬ ‫ب���ش��يء م�شين وب�شكل ع�ل�ن� ّ�ي‪ ،‬وه��و ما‬
‫حقيقي‪ ،‬ولي�س ف��ي و�سعنا �أن‬ ‫ّ‬ ‫التّهديد‬ ‫�أو حتّى في العلن‪ّ ،‬‬
‫وال من ِقبل‬ ‫لي�س من �ش�أنه �أن يكون مقب ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫مات �إرهاب ّي ٍة‬ ‫لمنظ ٍ‬
‫الأم �ي��رك � ّي��ة ع�ل��ى المنطقة‪ ،‬و�سيا�سة‬ ‫كل مكان‪ ،‬ولذا يجب‬ ‫�شخ�ص في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫نحمي كل‬ ‫دول ّية»‪.‬‬
‫�أم �ي��رك��ا ال �خ��اط �ئ��ة ال�م�ت�م� ّث�ل��ة بدعم‬ ‫الجماعات الإثن َّية الأخرى‪.‬‬
‫علينا �أن نذهب �إلى حيث يوجد الخطر‬
‫وينقل عن بع�ض المح ّللين قولهم‪َّ �« :‬إن‬ ‫ك �م��ا ي��ت��ح� َ�دّث ع ��ن ت��وظ �ي� ٍ�ف لخطاب‬
‫رعي‬‫ال�ش ّ‬ ‫ال�صهيوني «غير َّ‬ ‫االح�ت�لال ّ‬ ‫ويف�سر الم��ب �أنّ كينغ يق�صد‬ ‫الأك �ب��ر»‪ّ ،‬‬ ‫الكراه ّية �ض ّد الم�سلمين‪ ،‬بات يمار�سه‬
‫لل�شبكات‬ ‫وغ�ي��ر الأخ�ل�اق� ّ�ي»‪� ،‬سمحت َّ‬ ‫ثقافة جهل الإ�سالم والخوف منه‪ ،‬هي‬ ‫بهذا � َّأن الأولو ّية لديه هي �أن تُعطى المِ َنح‬
‫ا ّلتي انت�شرت في الكثير من �أنحاء �أميركا‪،‬‬ ‫مر�شحون جمهور ّيون لرئا�سة الجمهور ّية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ال�صهيون َّية ب�إ�شعال ُح َّمى الخوف من‬ ‫ّ‬ ‫الأمن ّية لمن هم مختارون ولذوي الحاجة‬ ‫و� �ش �خ �� �ص � ّي��ات �إع�ل�ام� � ّي ��ة و�إذاع � � ّي� ��ة‪،‬‬
‫الإ�سالم والم�شاعر المعادية للم�سلمين‪،‬‬ ‫وهي واحدة من الأم��ور ا ّلتي تغ ّذي مناخ‬
‫الق�صوى‪ ،‬بما في ذل��ك والي��ة نيويورك‬
‫ُبرر الحروب‬ ‫كو�سيلة لجذب ال ّناخبين و�ش ّد اهتمام‬
‫وا�ستغاللها لأهداف �سيا�س َّية‪.‬‬ ‫دولة الأمن وال ّرقابة‪ ،‬والتي ت ِّ‬ ‫والمجموعات اليهود ّية‪.‬‬ ‫الم�شاهدين‪.‬‬
‫وخ �ت��م ق ��ائ�ل ً�ا‪« :‬م���ن م �� �س ��ؤول � ّي��ة ك � ِّ�ل‬ ‫وال�شرق‬‫الالنهائ ّية في العراق و�أفغان�ستان ّ‬
‫وي�ت��اب��ع‪ :‬ي�ص ّر كينغ «ع�ل��ى � َّأن ال �ـ ‪%85‬‬
‫الأو�سط‪ ،‬والحرب ا ّلتي ال نهاية لها على‬ ‫تمويل �صهيوني للكونغر�س‪:‬‬
‫الأم�ي��رك� ّي�ي��ن رف����ض ك � ّل ه��ذه الجهود‬ ‫من الم�ساجد الأميرك َّية ذات القيادات‬ ‫ويعتبر ال�ك��ات��ب �أنّ الكونغر�س ي�ش ّكل‬
‫ّيني‬‫العرقي والد ّ‬ ‫الم� َّؤ�س�سة على التّمييز‬ ‫الإرهاب»‪.‬‬
‫ُ�شكل العد َّو في َ‬
‫الدّاخل‪ ،‬و� َّأن‬ ‫المتط ّرفة‪ ،‬ت ِّ‬
‫ّ‬
‫كما ي��رى �أنّ مختلف مك ّونات المجتمع‬ ‫م�صدر ًا �آخر لم�شكلة الواليات المتّحدة‬
‫لتق�سيم بالدهم‪ ،‬وكما كان الحال في‬ ‫الم�سلمين الأميرك ّيين العاد ّيين لي�سوا‬ ‫وال�سبب يعود بنظره �إلى‬
‫معار�ضين للإرهاب‪� ،‬إال � َّأن م�سح ًا �أجراه‬
‫الم�سلم ت�شعر بنتائج حملة الكراهية هذه‪،‬‬ ‫مع الإ��س�لام‪ّ ،‬‬
‫أميركي‪،‬‬ ‫حقبات �أخ��رى من التّاريخ ال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫� َّأن هناك فئ ًة م��ن �أع�ضاء الكونغر�س‬
‫كالحرب الأهل ّية وحركة الحقوق المدن ّية‬ ‫�إذ يتع ّر�ض من يحمل ا�سم ًا من �أ�سماء‬
‫ال�سيا�سة االجتماع َّية والتف ّهم لر ّواد‬ ‫معهد ّ‬
‫الم�سلمين‪� ،‬أو من يرتدي ز ّي� ًا �إ�سالمي ًا‪،‬‬
‫الم�ساجد في ديترويت الكبرى‪ ،‬وجد � َّأن‬
‫ال�صهيوني‪« ،‬هم‬ ‫يم ّولون من قبل ال ّلوبي ّ‬
‫ال�ستينات من القرن الفائت‪ ،‬وحقبة‬ ‫في ّ‬
‫حرب فيتنام‪ ،‬ف �� َّإن بالدنا قد �أظهرت‬ ‫ال�صهيون َّية‬ ‫الحروب الأميرك ّية و�سيا�سة �أميركا الخاطئة المتم ّثلة بدعم االحتالل ّ‬
‫ال�صهيوني‪� ،‬سمحت َّ‬
‫لل�شبكات ّ‬
‫العرقي‬‫ّ‬ ‫قدرتها على التغ ُّلب على التّمييز‬
‫والثقافي»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ب�إ�شعال ُح َّمى الخوف من الإ�سالم والم�شاعر المعادية للم�سلمين‪ ،‬وا�ستغاللها لأهداف �سيا�س َّية‬

‫‪27‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬


‫مكتب المرجع ف�ضل اهلل نفى �إجازته‪:‬‬
‫م�سل�سل «الح�سن والح�سين» يثير جد ًال وا�سع ًا في الأو�ساط الإ�سالمية‬
‫يق�ضي بوقف هذا الم�سل�سل داخل البالد‪،‬‬ ‫ومعاوية»‪� ،‬أو �أ ّنه ّ‬ ‫منذ بد�أ عر�ضه على �شا�شات التّلفزة‪ ،‬وم�سل�سل «الح�سن والح�سين ومعاوية»‪،‬‬
‫ن�صه كما ي�شاع‬ ‫اطلع على ّ‬ ‫يثير الكثير من ال ّلغط والجدل وردود الأفعال المتباينة في الأو�ساط ال�شعب ّية‬
‫وم �ن��ع ع��ر��ض��ه ع�ل��ى ��ش��ا��ش��ات القنوات‬ ‫ً‬
‫من قبل �أ�صحاب الم�سل�سل‪ ،‬م� ِّؤكدا فتوى‬
‫العراق ّية‪...‬‬ ‫�سماحة المرجع ال�س ِّيد محمد ح�سين ف�ضل‬ ‫العربي عموم ًا‪ ،‬وخ�صو�ص ًا �أ ّنها الم ّرة الأولى ا ّلتي‬
‫ّ‬ ‫وال�سيا�س ّية والدين ّية‪ ،‬وفي ّ‬
‫ال�شارع‬
‫رف�ض وانتقادات م�صر ّية‪:‬‬ ‫ال�شخ�ص َّيات‬ ‫اهلل‪ ،‬بعدم حرمة ت�صوير َّ‬ ‫يعمد فيها عمل ف ّن ّي �إلى تج�سيد �أحدٍ من �أئ ّمة �أهل البيت(ع)‪.‬‬
‫ال�شخ�ص ّيات‬ ‫في المقابل‪ ،‬ن�سب �إلى بع�ض ّ‬ ‫ال��دي�ن� َّي��ة ال�ت��اري�خ� ّي��ة‪ ،‬بمن‬ ‫�إدعاءات ولغط‪:‬‬
‫الدين ّية �إجازتها هذا العمل‪ ،‬كما دافعت‬ ‫ف��ي ذل��ك الأن�ب�ي��اء والأئ ّمة‬ ‫وقد تباينت مواقف رجال الدّين والفقهاء‬
‫ال�شخ�ص ّيات الفن ّية والإعالم ّية عن‬ ‫بع�ض ّ‬ ‫في الم�سل�سالت والأفالم‪،‬‬ ‫وراف�ض‬
‫ٍ‬ ‫مجيز لهذا العمل‬ ‫الم�سلمين‪ ،‬بين ٍ‬
‫فكرة الم�سل�سل وفكرة تج�سيد �شخ�ص ّيات‬ ‫�� �ش ��رط �أن ي� �ك ��ون العمل‬ ‫له‪ ،‬فبينما يرى الموافقون � َّأن ال َتّج�سيد‬
‫وال�صحابة‪ ،‬ومن ه��ؤالء‪ ،‬الم�ؤ ّلف‬ ‫الأئ ّمة ّ‬ ‫مج�سد ًا‬
‫ن�صه وروح��ه ّ‬ ‫ف��ي ّ‬ ‫ال�صورة والوقائع �أكثر للم�شاهد‪،‬‬ ‫يق ّرب ّ‬
‫وال�سيناري�ست الم�صري ي�سري الجندي‪،‬‬ ‫ل �ك � ّل ال�ع�ن��ا��ص��ر ال � ّروح � ّي��ة‬ ‫و�أ ّنه ال يوجد في القر�آن �أو ال�س َّنة ما يمنع‬
‫الذي يعتقد �أنه «لي�س هناك مانع �شرعي‬ ‫والإن�����س��ان�� ّي��ة وال �ح��رك � ّي��ة‬ ‫وال�صحابة‪،‬‬ ‫تج�سيد الأنبياء والأئ ّمة(ع) ّ‬
‫فيما يتعلق بظهور ال�شخ�صيات الدينية‬ ‫والجهاد ّية ا ّلتي يتم ّثل فيها‬ ‫يرف�ضه البع�ض الآخ��ر‪ ،‬باعتبار �أنّ فيه‬
‫في الأعمال الفنية‪ ،‬ال في القر�آن الكريم‬ ‫ه��ذا ال���ّ�ش�خ����ص‪ ،‬بحيث ال‬ ‫انتهاك ًا لقد�س ّيتهم ومكانتهم الإ�سالم ّية‬
‫وال في الحديث ال�شريف»‪.‬‬ ‫ي �ك��ون �إب� � ��رازه ف��ي العمل‬ ‫الكبيرة‪.‬‬
‫وبر�أيه ف�إن الأمر يتعلق باالجتهاد‪ ،‬القائم‬ ‫ال�صورة‬ ‫ال� � ّروائ � ّ�ي �أو ف��ي ّ‬ ‫ومن الأمور ا ّلتي �أثارت ال ّلغط عند الكثير‬
‫على مبد�أ ال�ضرورة والمنفعة‪ ،‬ولفت �إلى‬ ‫منافي ًا لطبيعة القدا�سة‬ ‫من الم�سلمين حول هذا الم�سل�سل‪ ،‬هو‬
‫�أن ظهور هذه ال�شخ�صيات ب�أعمال فنية‬ ‫التي يم ّثلها‪...‬‬ ‫ال�شركة المنتجة‬ ‫الإ ّدع ��اء ال�ك��اذب م��ن ّ‬
‫دينية يعد نفعا ك�ب�ي��را‪ ،‬نحن ف��ي �أ�شد‬ ‫وخ�ت��م �سماحته بالتم ّني ع�ل��ى ك � ّل من‬ ‫ر�أي �سماحة ال��م��رج��ع ف�ضل‬
‫ل�ل�ع�م��ل‪ ،‬اال� �س �ت �ن��اد �إل� ��ى ر�أي �سماحة‬
‫الحاجة �إليه ك�أعمال تاريخية ملحمية‪،‬‬ ‫يريد �أن ينقل عن �سماحة ال�س ّيد فتوى‬ ‫اهلل(ره) ف��ي م�س�ألة تج�سيد‬ ‫المرجع الإ�سالمي ال�س ِّيد محمد ح�سين‬
‫ت�ظ�ه��ر ال �� �ص��ورة ال�ح�ق�ي�ق�ي��ة للإ�سالم‬ ‫وح�سا�سة من هذا ال ّنوع‪ ،‬مراجعة‬ ‫دقيقة ّ‬ ‫َّ‬ ‫ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬بال�شكل الذي يوحي �أن‬
‫وللح�ضارة وال�ت��اري��خ الإ��س�لام��ي‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫الدين َّية‪ ،‬هو �أ َّنه يجوز ذلك‬
‫ال�شخ�ص َّيات ّ‬
‫رعي ل�سماحة ال�س ّيد‪ ،‬لأنّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�ش‬ ‫المكتب‬ ‫�سماحته(ره) ك��ان قد �أعطى الموافقة‬
‫يتعر�ض لحمالت ت�شويه و��ص��ك �صور‬ ‫الفتوى ت�صدر عاد ًة لتجيز �أمر ًا من حيث‬ ‫لكن ب�شروط‪� ،‬أهمها �أن يكون العمل‬ ‫على هذا الم�سل�سل تحديد ًا‪ ،‬في محاولة‬
‫نمطية غير �صحيحة‪.‬‬ ‫المبد�أ‪ ،‬لكنّ ت�شريع العمل نف�سه يحتاج‬ ‫مج�سد ًا ِّ‬
‫بكل العنا�صر ال ّروح َّية والإن�سان َّية‬ ‫َّ‬ ‫لأخذ ال�شرع ّية‪ ،‬لما ل�سماحة ال�س ّيد(ره)‬
‫و�أك��د الجندي �أن��ه ثبت �أن هذه الأعمال‬ ‫�إلى التّدقيق بالتّفا�صيل‪ ،‬لذلك اقت�ضى‬ ‫من ثقل وح�ضور �شرعي و معنوي على‬
‫الفنية تحدث �أثرا �إيجابيا‪ ،‬ب�شرط �أن تتم‬ ‫التّنويه‪...‬‬ ‫ا ّلتي يتم َّثل فيها هذا َّ‬
‫ال�شخ�ص‬
‫امتداد العالم الإ�سالمي بمختلف مناطقه‬
‫وفق مرجعية فكرية وتاريخية �صحيحة‬ ‫مواقف �إ�سالمية‪:‬‬ ‫يم ّثلها‪ ،‬وا ّل�ت��ي ال ب� َّ�د م��ن مراعاتها في‬ ‫وم��ذاه�ب��ه‪ ،‬ف��ي حين ان فتوى �سماحته‬
‫وم���س�ت�ن�ي��رة‪ ،‬وف ��ن راق يحقق م ��ردودا‬ ‫الخط ذاته‪ ،‬ظهر موقف الأزهر في‬ ‫وفي ّ‬ ‫العمل‪..‬‬ ‫ب �ج��واز تج�سيد ��ش�خ���ص�ي��ات الأنبياء‬
‫�إيجابيا على الم�ستوى العالمي‪.‬‬ ‫ع��دم ج��واز تج�سيد �شخ�ص ّيات الأنبياء‬ ‫ال�شروط‬ ‫وق��د ب ّين �سماحة ال�س ِّيد ه��ذه ّ‬ ‫والأئ�م��ة‪ ،‬ت�ضع �شروط َا عديدة ال مجال‬
‫ولكن ر�أيه الإيجابي هذا‪ ،‬لم ينعك�س على‬ ‫وال�صحابة في الدراما‪ ،‬وهو ما‬ ‫و�آل البيت ّ‬ ‫ال� � ّدق� �ي� �ق ��ة‪ ،‬ل �ي �� �ص �ب��ح ت �� �ص��وي��ر ه��ذه‬ ‫للتهاون فيها‪ ،‬وال ب��د م��ن ت��واف��ره��ا في‬
‫الم�سل�سل المذكور‪ ،‬الذي انتقده ب�شدّة‪،‬‬ ‫�أ ّكده �شيخ الأزهر الجديد‪ ،‬الدّكتور �أحمد‬ ‫ال�شخ�ص َّيات جائز ًا بالقول‪�« :‬إنّ الفرق‬ ‫َّ‬ ‫�أي عمل من هذا النوع‪ ،‬وعلى م�ستويات‬
‫معتبر ًا انه بدا متوا�ضعا للغاية‪ ،‬تاريخيا‬ ‫الط ّيب‪ ،‬ا ّلذي رف�ض تقديم � ّأي عمل فني‬ ‫وال�شخ�ص ّيات‬ ‫ال�شخ�ص ّيات الدّين ّية ّ‬ ‫بين ّ‬ ‫الن�ص ود ّقته‪ ،‬والممثلين‪،‬‬ ‫متعددة‪� ،‬سواء ّ‬
‫و�إن�ت��اج�ي��ا وف�ن�ي��ا‪« ،‬لأن ��ه تجاهل حقائق‬ ‫المب�شرين‬ ‫«ال�صحابة‪� ،‬أو الع�شرة ّ‬ ‫يتناول ّ‬ ‫غير الدين ّية‪ ،‬هو �أنّ م�س�ألة القدا�سة في‬ ‫والأجواء العا ّمة للعمل‪ ،‬والتي قد ال تتوافر‬
‫تاريخية مف�صلية‪ ،‬بينما نحن الآن بحاجة‬ ‫ال�شخ�ص ّية الدّين ّية �أ�صيلة في التّ� ّصور‬ ‫ّ‬ ‫في كثير من الأعمال‪ ،‬وخ�صو�ص ًا م�سل�سل‬
‫ما�سة لتحليل تاريخنا بواقعه وحقيقته‬ ‫مكتب المرجع ف�ضل اهلل‪،‬‬ ‫العام ا ّل��ذي ينفتح عليه ويختزنه �أتباع‬ ‫«ال�ح���س��ن وال�ح���س�ي��ن وم �ع��اوي��ة»‪ ،‬ال��ذي‬
‫ب�شكل �صحيح و��ص��ادق‪ ،‬لكن الم�سل�سل‬ ‫ال�شخ�ص ّية والم�ؤمنون بها»‪..‬‬ ‫هذه ّ‬ ‫يت�ضمن ثغرات ومغالطات كبيرة وفادحة‪،‬‬
‫كعمل فني كان بدائي ًا»‪.‬‬ ‫نفى تلقيه �أي طلب ب�إ�صدار‬ ‫كما �أ َّكد �سماحته(ر�ض) � َّأن الم�س�ألة ال‬ ‫�أثارت ا�ستياء عدد كبير من الم�سلمين‪،‬‬
‫تحري الدقة‪:‬‬ ‫فتوى تجيز ت�صوير الم�سل�سل‪،‬‬ ‫ال�شخ�ص ّية نف�سها‪ ،‬بل‬ ‫تقت�صر فقط على ّ‬ ‫من ال�س ّنة وال�شيعة‪.‬‬
‫وبدورها �أكدت �أ�ستاذ ال�سيناريو والإخراج‬ ‫�أو �أ ّنه ّ‬ ‫وال�سيناريو‬ ‫ن�ص الفيلم ّ‬ ‫ال َّبد من لحظ ّ‬ ‫الر�أي الفقهي للمرجع ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫بجامعة ح�ل��وان ف��ي م�صر‪� ،‬أ��س�م��اء �أبو‬ ‫ن�صه كما ي�شاع‬
‫اطلع على ّ‬
‫لل�شخ�ص ّية‬ ‫المع ّد له �إن كان ج ّيد ًا ك�إطار ّ‬ ‫وبعد الإدع���اءات الكاذبة التي ن�شرتها‬
‫طالب‪� ،‬أنه البد من تحري ال�صدق عند‬ ‫من قبل منتجيه‬ ‫�أم ال‪ ،‬وه��ذه م�س�ألة ال تق ّل �أهم ّي ًة عن‬ ‫ب �ع ����ض و�� �س ��ائ ��ل الإع � �ل ��ام ال �ع��رب �ي��ة‪،‬‬
‫تقديم الوقائع التاريخية‪ ،‬معتبر ًة �أن‬ ‫�ص ووجهة ال ّنظر‬ ‫الأولى‪ ،‬لأنّ طبيعة ال ّن ّ‬ ‫واال�ستف�سارات العديدة ا ّلتي وردت �إلى‬
‫مكمن ال �خ �ط��ورة ف��ي ت�ق��دي��م م�ث��ل هذه‬ ‫بالج ّنة‪� ،‬أو �آل بيت ّ‬
‫النبي»‪.‬‬ ‫�ص‪ ،‬قد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫التي كتب على خلف ّيتها‬ ‫مكتب �سماحته(ره) ح��ول ه��ذا الأم��ر‪،‬‬
‫الأعمال الدينية هي ثقة الم�شاهد فيها‬ ‫ال�سعود ّية‪ ،‬نفى ع�ضو «هيئة كبار‬ ‫وف��ي ّ‬ ‫ال�شخ�ص ّية المراد تج�سيدها‬ ‫ي�سيء �إلى ّ‬ ‫�أ�صدر �سماحة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل بيان ًا‬
‫ثقة مطلقة‪ ،‬خا�صة في ظل انت�شار الأمية‬ ‫ال�شيخ قي�س المبارك‪� ،‬إجازته‬ ‫العلماء»‪ّ ،‬‬ ‫م��ن ح�ي��ث ي��ري��د المنتجون ذل��ك �أو ال‬ ‫و�ّ��ض��ح فيه ر�أي �سماحة المرجع ف�ضل‬
‫وندرة القراءة‪.‬‬ ‫عر�ض الم�سل�سل‪ ،‬م�شير ًا �إل��ى �ضرورة‬ ‫يريدون‪ ،‬وهذه م�س�ألة تحتاج �إلى تدقيق‬ ‫اهلل(ره) في الم�سل�سالت الدين ّية وم�س�ألة‬
‫وبحكم اخت�صا�صها في مجال الدراما‬ ‫وج� ��ود � �ض��واب��ط ل�ت�م�ث�ي��ل �شخ�ص َّيات‬ ‫وم��واف�ق��ة عليها قبل العمل‪ ،‬فكما �أ ّن��ه‬ ‫تج�سيد الأئ ّمة والأنبياء‪.‬‬
‫�أكدت �أن كثيرا من الحقائق والمعلومات‬ ‫ال�صحابة‪..‬‬‫ّ‬ ‫من الأهم ّية بمكان التدقيق في اختيار‬ ‫ومما جاء في البيان‪:‬‬
‫في الم�سل�سل ج��اءت مبتورة �أو �سريعة‬ ‫�أ ّما في العراق‪ ،‬فقد انتقدت جهات دين ّية‬ ‫ال�شخ�ص ّية التي �ستج�سد ال�شخ�ص ّية‬ ‫� َّإن ر�أي �سماحة المرجع ال�س ِّيد(ره)‬
‫ومتالحقة‪ ،‬يلهث وراءه��ا الم�شاهد‪ ،‬وال‬ ‫ع��دي��دة ه��ذا الم�سل�سل‪ ،‬لي�س فقط من‬ ‫الدين ّية‪� ،‬أي�ض ًا ال ب ّد من التدقيق بطبيعة‬ ‫ال�شخ�ص َّيات الدّين َّية‬‫في م�س�ألة تج�سيد َّ‬
‫ي�ستطيع �أن يلملم �شتاتها في المح�صلة‪،‬‬ ‫وال�صحابة‪ ،‬بل لأ ّنه‬
‫جهة تج�سيد الأئ ّمة ّ‬ ‫ال� ّن�� ّ��ص ال��دي�ن� ّ�ي ال��ذي ت��دور ف��ي �إط��اره‬ ‫ال � ّت��اري �خ � َّي��ة‪ ،‬ه��و �أ َّن� ��ه ي �ج��وز ذل��ك لكن‬
‫و�أدت هذه الم�شاهد الناق�صة معلوماتيا‬ ‫ح�سا�سة وحرجة‬ ‫يتع ّر�ض لأحداث تاريخ ّية ّ‬ ‫�أحداث الفيلم‪..‬‬ ‫ال�شروط‪،‬‬ ‫ب�شروطها‪ ،‬وف��ي م�ق� َ�دّم ه��ذه ّ‬
‫�إلى بلبلة المتلقي‪ ،‬خا�صة �أن ال�شخ�صيات‬ ‫ج � ّد ًا في تاريخ الم�سلمين‪ ،‬وهي مو�ضع‬ ‫جدّد �سماحة العالمة‬ ‫ال�سياق‪َ ،‬‬‫وفي هذا ّ‬ ‫بكل العنا�صر‬ ‫مج�سد ًا ِّ‬
‫الطوائف‬ ‫اختالف كبير وجدل �شديد بين ّ‬ ‫�أن يكون العمل َّ‬
‫التي قدمها الم�سل�سل كثيفة‪ ،‬وهذا طبيعي‬ ‫ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل نفيه �أن يكون مكتب‬ ‫ال ّروح َّية والإن�سان َّية والحرك َّية والجهاد َّية‬
‫في الأعمال الدينية‪ ،‬ولكن كثرتها ارتبط‬ ‫الإ�سالم ّية‪ ،‬و�إنّ عر�ضه �سي�ؤدّي �إلى مزيد‬ ‫المرجع ال� ّراح��ل‪ ،‬ال�س ّيد محمد ح�سين‬ ‫ال�شخ�ص‪ ،‬بحيث‬ ‫ا ّلتي يتم َّثل فيها ه��ذا َّ‬
‫بعدم ت�سميتها واالكتفاء بالكنية‪ ،‬فاختلط‬ ‫من االختالف بين الم�سلمين‪..‬‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬قد تل ّقى طلب ًا ب�إ�صدار فتوى‬ ‫وائي �أو في‬
‫الأمر على الم�شاهد‪.‬‬ ‫كما �أ�صدر مجل�س ال ّن ّواب العراقي قراراً‬ ‫ال يكون �إب��رازه في العمل ال ّر ّ‬
‫تجيز ت�صوير م�سل�سل «الح�سن والح�سين‬ ‫ال�صورة منافي ًا لطبيعة القدا�سة ا ّلتي‬ ‫ّ‬
‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫‪28‬‬
‫ر�سائل الأح ّبة‬
‫ر�أيت وجهك نور ًا‪..‬‬
‫�أتعبتني طرق الحياة الوعرة ‪ ..‬وجرحت �أطرافي ا�شواكها القا�سية‪ ،‬كنت �أ�سير بها‬
‫‪...‬وت�ستمر الم�سيرة‬
‫وحيد ًا‪ ،‬متعثر ًا لكثرة الأ�صوات التي �أ�سمعها من هنا وهناك‪ ،‬ظنن ًا مني انها �ستر�شدني‬ ‫عدنان بزي‬
‫�إل��ى طريق النور‪ ..‬جاه ُال �أن فاقد ال�شيء اليعطيه‪ .‬فر�أيت ن��ور ًا جمي ًال �أ�ضاء لي‬ ‫عام على الوداع‪ ..‬والمرجع حا�ض ٌر �أبد ًا‪ ،‬والذكرى تزهو وتزهر‪ ،‬تت�سع �ساحتها‪ ،‬وتمتد‬
‫طريقي‪ ،‬و�صوت ًا حنون ًا هادي ًا يخترق �سمعي‪ ..‬كنت انت �سيدي‪ .‬ر�أيت النور في عينيك‬ ‫جذورها‪ ،‬وي�شت ّد �ألقها‪ ،‬ويت� ّأ�صل �آية اهلل العظمى ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل مرجع ًا‬
‫فكر ًا ووعي ًا و�سماحة‪ ..‬و�سمعت �صوتك قر�آنا يتلى ودع��ا ًء ي�ضج بالبكاء ويعلو �إلى‬ ‫للم�سلمين‪ ،‬ورج ًال للإ�سالم والتاريخ‪ ،‬يج�سد الحقّ والحقيقة والقيم‪ ،‬ويختزل طموح‬
‫ال�سماء‪ ،‬فلوحت لك بيدي راجي ًا منك ان ت�شدني اليك بقوة �صبرك وجهادك وعلمك‪،‬‬ ‫و�آمال الأمة‪ ،‬يك ّر�س الإيمان وزهد الحياة وعبقرية العقيدة‪..‬‬
‫ف�أخذت بيدي الى حيث يكون االن�سان ان�سان ًا‪ ،‬الى حيث �أجد نف�سي التائهة‪ ،‬فلم تبخل‬ ‫��ص��اف�ي��ة ن�ق�ي��ة ال ت�شوبها‬
‫علي ب�شيء‪ ،‬واعطيتني كل ماتملك بكرم ومحبة‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬وانا اخط طريقي‬ ‫ّ‬ ‫�شائبة‪.‬‬
‫مهتدي ًا بنور وجهك و�صدى �صوتك‪.‬‬ ‫ح�ضوره العبقري متجدد‬
‫واليوم حيث يمر عام على رحيل ج�سدك‪ ،‬اقول لك بكل �صدق ومحبة انك لم ولن‬ ‫في حياتنا ونهجه متوا�صل‬
‫ترحل يا�سيدي‪ ،‬فها هي يدك البي�ضاء تم�سك بيدي‪ ،‬لتمنحها الحنان والدفء والحب‪،‬‬ ‫في واقعنا‪ ،‬ومبادئه م�صانة‬
‫فلك كل الحب �سيدي‪ ..‬لروحك في عليائها حيث االنبياء واالولياء وال�صديقين‪ ،‬وح�سن‬ ‫ع �ن��د �أح� �ب� �ت ��ه‪ ،‬م�سيرته‬
‫اولئك رفيقا ‪.‬‬ ‫م�ستمرة في ن�ضال الإيمان‬
‫ونهج العقيدة‪.‬‬
‫حيدر ال�سعبري ‪ -‬العراق ‪ /‬النجف اال�شرف‬
‫ج�سد ال�صدق‬ ‫عال ٌم مرجع ّ‬
‫والأمانة والمبدئية ومكارم‬ ‫ه��ذا ال�م��رج��ع ال ��ذي ت��وغ��ل ف��ي الفكر‬
‫والحياة‪ ،‬و�سكن قلوب النا�س‪ ،‬ف�أحبوه الأخالق‪� ،‬أغنى م�سيرة الإ�سالم وفكره‪،‬‬
‫علمتني كيف �أكون �إن�سان ًا‬ ‫وتعلقوا به والتفوا حوله‪ ،‬وبات مرجع ًا ور� ّ��س��خ قيمه و�أخالقياته ممار�س ًة في‬
‫رم��ز ًا‪ ،‬وج��زء ًا من حياتهم‪ ،‬ف�أقام في الواقع‪ ،‬و� ّصوب م�سار العقيدة و�صحح‬
‫في يوم الرابع من تموز (يوليو) ‪ ، 2010‬منذ اللحظة الأول��ى التي �سمعت فيها هذا‬ ‫ال�ق�ل��وب وال�ي�ق�ي��ن‪ ،‬وب�ن��ى ه��ذا البناء ممار�ساتها‪ ،‬وربط �أهدافها و�شعاراتها‬
‫الخبر الأ�سود‪ ،‬وهو رحيل ال�سيد العالم الكبير‪ ،‬و�أنا �أح�س �أن هذا العالم �أ�صبح �أكثر‬ ‫ال�شاهق الذي تحلق في �أجوائه العقول بحركة الحياة‪ ،‬و�صاغ الفكر الإ�سالمي‬
‫والآمال‪ ،‬وتنه ُل معه العزائم والإرادات‪ ،‬م��واق��ف خ��ال��دة‪ ،‬فا�ستقطب ال�شباب‪،‬‬
‫وح�شة بغيابه‪ ،‬و�أن رحيل هذا المرجع خ�سارة ال تعو�ض‪.‬‬
‫تفاعل معهم و�أغنى حياتهم وكان لهم‬ ‫وتقطف الأجيال ثمراته الطيبات‪..‬‬
‫�س ّيدي منبر م�سجدك �أنحنى حزن ًا عليك‪� ،‬س ّيدي محرابك بكى خ�شوع ًا ا�شتياق ًا لك‪،‬‬ ‫رج�� ُل الإ� �س�لام والعقيدة والمبادئ‪ ،‬الملج�أ والح�ضن الأمين‪.‬‬
‫�س ّيدي عرفت ربي ونبيي وائمتي عندما عرفتك‪� ،‬س ّيدي تيتمت من بعدك‪� ،‬س ّيدي القلب‬ ‫ا�ستقى من التراث ونهل من الخالدين �آي��ة اهلل العظمى ف�ضل اهلل‪ ،‬عنفوان‬
‫يحترق لفراقك‪� ،‬س ّيدي �أنت النور ال�ساطع‪� ،‬س ّيدي كنت �أنت النور لحياتي‪� ،‬س ّيدي كنت‬ ‫وكان امتداد ًا ل�سير العظماء والأفذاذ‪ ..‬الإ� �س�لام والمقاومة و�سيد ال�صمود‪،‬‬
‫علي �آفاق الدنيا و�أنت الذي علمتني �أنها‬ ‫�أنت بل�سم ًا لجروحي‪� ،‬س ّيدي برحيلك �ضاقت ّ‬ ‫اتجه �صوب الم�ستقبل يرود مجاهله‪ ،‬خالد ي�ستمر ف��ي الحياة ف�ك��ر ًا وقيم ًا‬
‫�إلى فناء‪� ،‬س ّيدي اليوم رحلت عيوني فما عدت �أرى‪ ،‬وذابت عني الجفون فما عدت كما‬ ‫ي���ض��يء م�ع��ال�م��ه‪ ،‬يقتحم �صعابه وال وم�ب��ادئ‪ ،‬ويبقى بيننا مرجع ًا ومعلم ًا‬
‫كنت قبل رحيلك‪� ،‬س ّيدي �أ�شجاني الوجع باال�شتياق‪ ،‬وعيني تجمرت من البكاء‪.‬‬ ‫ب�صر وهادي ًا‪ ،‬نقتدي بمناقبه‪ ،‬نعمل بتعاليمه‪،‬‬ ‫يهاب‪ ،‬لم تلن له قناه ولم ينكر له َ‬
‫�س ّيدي تعلمت منك كيف �أكون �أن�سان ًا‪ ،‬و كيف �أكون ذا ر�أي وب�صيرة‪� ..‬س ّيدي تعلمت‬ ‫ولم تهن منه عزيمة‪ ،‬نافذ الر�ؤية‪ ،‬ثاقب ن��ر�� ّ�س��خ ن �ه �ج��ه‪ ،‬وم �� �س �ي��رت��ه تتوا�صل‬
‫منك �أن �أحترم عقلي وان اكون في خط الوعي‪� ،‬س ّيدي �أنت علمتني كيف تكون المحبة‬ ‫النظر‪� ،‬سديد ال��ر�أي‪ ،‬حكيم الموقف‪ ،‬و�إن �ج��ازات��ه تتكامل‪ ،‬والإ� �س�لام يزداد‬
‫للآخرين‪� ،‬س ّيدي �أنت علمتني �أ ّال �أكون من الهمج الرعاع‪� ،‬س ّيدي تعلمت منك �أ ّال �أكون‬ ‫��ش�ج��اع ال�ق�ل��ب‪ ،‬عبقريته تحمل قوة به تفتّح ًا وتقدم ًا بمرجعيته المتجددة‬
‫في رمق من الحياة‪.‬‬ ‫متطرفا متع�صبا‪� ،‬س ّيدي لن �أن�ساك ما دام ّ‬ ‫�إبداعية‪ ،‬تتعامل مع الأحداث بالواقعية دائ� �م� � ًا‪ ،‬ت�ت��وق��د ف��ي ��ض�م��ائ��رن��ا‪ ،‬تقود‬
‫ي�شهد اهلل �إني �أكتب كلماتي هذه وعيناي قد ملأتها الدموع وقلبي يتفطر حزنا عليك‬ ‫والعقالنية‪ ،‬تخاطب الم�ستقبل بريادة م�سيرتنا لنكون دائم ًا في قلب تحديات‬
‫�س ّيدي‪..‬‬ ‫�آفاق متجددة‪ ،‬و�صمود يتقوى با�ستمرار الع�صر‪.‬‬
‫ً‬
‫« وهـل يعلـم القبـر �أي عظيـم حــوى ‪ ...‬بكـت القلــوب قبــل العيــون دمـــا «‪.‬‬ ‫�إن م�سيرة �آي��ة اهلل العظمى ف�ضل اهلل‬ ‫ي�ؤكد رف�ض الجهل والتقوقع‪..‬‬
‫�سراج‪� -‬سلطنة عمان‬ ‫ينفتح على الجميع‪ ،‬ينا�ضل‪ ،‬يقاوم م�ستمرة متوا�صلة‪ ،‬بنهجها و�إنجازاتها‬
‫بال�صبر والإي �م��ان والإرادة‪ ،‬يخو�ض وال�ت��زام�ه��ا بم�صالح الأم ��ة وحاجات‬
‫معركة الإ�سالم المتطور المنفتح جعف ًال الإن�سان‪..‬‬
‫�أنت ف�ضل اهلل علينا‬ ‫م��ن �إرادة الأم ��ة ومرجعية العقيدة �إن �أح ّبة �آية اهلل العظمى ف�ضل اهلل‪ ،‬من‬
‫ها قد م�ضى عام على فقد ال�سيد المفكر والفقيه المجدد �آية اهلل العظمى ف�ضل اهلل قد�س‬ ‫و�صدقية الحق‪ ،‬مبدئي �صامد‪� ،‬صلب اجيال الأ ّمة ال�صاعدة‪ ،‬الذين يتم�سكون‬
‫المواقف‪ ،‬متم�سك بالحقوق والثوابت‪ ،‬بخطه‪ ،‬ي�ؤكدون بكل عزم ويقين �أنهم‬
‫�سره ‪...‬‬
‫لم ت ْثنه �ضغوط �أو ي َنل منه تهديد‪ ،‬فتح �أوف�ي��اء للنهج‪ ،‬ف�أعظم مجد هو مجد‬
‫فعال مثلما قيل‪ :‬لكل �شخ�ص من ا�سمه ن�صيب ‪...‬‬ ‫عوالم جديدة في الحياة الإ�سالمية‪ ،‬العلماء الذين لم ي�ست�سلموا‪ ،‬مجد �آية‬
‫لقد كان ف�ض ًال من اهلل علينا بالمنهج الذي اعاد اال�شعاع و الت�ألق الى الفكر اال�سالمي ‪...‬‬ ‫ف��أر��س��ى نهج ًا رائ���د ًا وق��واع��د للعمل اهلل العظمى �سماحة المرجع المجدد‬
‫رحمك اهلل يا �سيدنا‪ ،‬فقد تعلقت بك قلوبنا �صغار ًا‪ ،‬وازاد حبنا لك وارتباطنا بنهجك‬ ‫الحركي الإ�سالمي را�سخ ًة ثابتة‪ ..‬وكان ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(قده)‪،‬‬
‫كبار ًا‪..‬‬ ‫الإيمان واالنفتاح والواقعية‪ ،‬القاعدة مجد المرجع الخالد ي�شرق في �سجل‬
‫واليوم‪ ،‬كلنا �أمل و يقين ب�أننا لن نبقى ايتام ًا بعد فقدكم �سيدي‪....‬‬ ‫الخالدين وم��واك��ب العظماء‪ ،‬عالم ًا‬ ‫والمنطلق والأ�سا�س‪.‬‬
‫�صحيح اتننا افتقدناك ج�سد ًا‪ ،‬و لكن روحكم المقد�سة ترافقنا‪ ...‬وافكاركم المحمدية‬ ‫وعلى هذه ال�صخرة ال�صلبة‪ ،‬بنى هذا علم ًا‪ ،‬ي�شتعل في ال�ضمير قب�س ًا مبارك ًا‬
‫العلوية الح�سينية مازالت كعبق �أزهار البنف�سج ‪...‬‬ ‫ال�ب�ن��اء ال�ف�ك��ري وال�ع�ق��ائ��دي ال�شاهق ووهج ًا �ساطع ًا ي�ضيء الم�ستقبل ويهدي‬
‫ف�سالم عليك يوم ولدت �سيدي‪ ،‬ويوم توفيت‪� ،‬ستبقى في قلوبنا يا ف�ضل اهلل‪...‬‬ ‫لمرجعي ٍة نمت وكبرت في الهواء الطلق‪� ،‬سواء ال�سبيل‪.‬‬
‫فرقد عزيز ‪ -‬الدانمرك‬
‫‪29‬‬ ‫العدد ‪� 389‬شوال ‪ 1432‬هـ ايلول (�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫«عالم ّ‬
‫ال�ضجيج»‪..‬‬
‫ق�صيدة قديمة جديدة تحكي وجع العراق‬
‫َ‬ ‫واحةاألدب‬
‫ّ‬
‫ال�ضجيج»‪ ،‬الق�صيدة القديمة الجديدة‪ ،‬ونعي�ش مع �أنفا�س المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين‬ ‫ن�ست�شف جوابه من كلمة الإهداء ا ّلتي يقول فيها‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ا�ستفهامي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عنوان الق�صيدة �س�ؤال‬
‫ف�ضل اهلل (ره)‪:‬‬ ‫«مهداة �إلى ا ّلذين يثيرون الغبار في طريق الدّعاة �إلى ّ‬
‫الحق»‪.‬‬
‫ت�سا�ؤالت �شاعر ّ‬
‫الحق‪:‬‬
‫ال�ضجيج؟‬ ‫عالم ّ‬ ‫وت�شوي�ش‬
‫ٍ‬ ‫إعالمي‬
‫وهو�س � ّ‬‫�ضجيج ٍ‬‫حيث �س ّمى ال�س ّيد(ره) ما يثار في طريق الدّعاة من ٍ‬
‫وماذا فعلنا‬ ‫و�أكاذيب‪ ،‬بالغبار‪ ،‬ف�إثارة الغبار تزعج الم�سير‪ ،‬لكن ال توقفه‪ ،‬بل يكون مج ّرد تعويق‬
‫و�أنتم تثيرون‪� ...‬أ ّنى ا ّتجهنا‬ ‫وخلق بلبلة‪ ..‬و�إذا رجعنا �إلى تاريخ نظم الق�صيدة عام ‪1960‬م‪ ،‬ون�شرها في مج ّلة‬
‫الطريق‪ ...‬علينا‪ ...‬لأ َّنا‬ ‫غبار ّ‬ ‫«الأ� �ض��واء» ال ّنجف ّية في عددها ال�ساد�س في ‪� 24‬آب ‪ ،1960‬نجد في الق�صيدة‬
‫ً‬
‫جرينا �إلى اهلل قدما‪ ،‬وقلنا‬ ‫ا�ستفهام ال�س ّيد عن ا ّلذين يقفون �أو وقفوا بالفعل في طريق الدّعاة في ذلك ال ّتاريخ‪،‬‬
‫لهذي الجماهير‬ ‫وال زالوا يقفون اليوم لعرقلة م�سيرتهم نحو ّ‬
‫الحق‪ ،‬فال�س ّيد يت�ساءل في ق�صيدته‪:‬‬
‫عودي �إلى الحقيقة‪ ...‬في طهرها‬ ‫ال�ضجيج‪ ،‬وخلقتم ال ّت�شوي�ش عندما �سمعتم بنا كدعاة نحو‬ ‫ما بالكم يا َمن �أثرتم ّ‬
‫وانطلقنا‪...‬‬ ‫الحق والإ�سالم الأ�صيل غير المزوّر‪ ،‬وغير الم� ّشوه من وعّ اظ ال�سالطين‪ ،‬ففقدتم‬ ‫ّ‬
‫وماذا فعلنا؟‬ ‫وتوحدت كلمتكم و�أنتم من اليمين والي�سار‪ ،‬لكنّ‬
‫�صوابكم‪ ،‬وانت�شرت تخ ّر�صاتكم‪ّ ،‬‬
‫كل كلمة‬ ‫نثرنا الحنان على ّ‬ ‫ّ‬
‫�صف العداوة لأن�صار الحق و�أن�صار المظلومين‪ ،‬فهل‬ ‫خوفكم وهلعكم جمعكم في ّ‬
‫و�ضعنا ال ّن�شيد‪ ...‬ب�أعذب نغمة‬ ‫الحق والإ�سالم الأ�صيل حتى‬‫الحق يزعجكم ذلك؟ هل تخافون ّ‬ ‫عندما ندعو �إلى ّ‬
‫الطريق‬ ‫وع�شنا‪ ...‬ودعوتنا في ّ‬ ‫ال�ضجيج؟‬‫تخلقوا ك ّل هذا ّ‬
‫ت�شق الحياة‪ ....‬لأرفع ق ّمة‬ ‫ّ‬
‫درب هنا‪...‬‬‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫كل‬ ‫في‬ ‫وتزرع‬ ‫«وماذا فعلنا‬
‫كل منعطف‪ ...‬غر�س نجمة‬ ‫وفي ّ‬ ‫و�أنتم تثيرون‪� ...‬أ ّنى ا ّتجهنا‬
‫***‬ ‫الطريق‪ ...‬علينا‪ ...‬لأ ّنا‬ ‫غبار ّ‬
‫ً‬
‫جرينا �إلى اهلل قدما‪ ،‬وقلنا»‬
‫وماذا جنينا؟‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�سير باتجاه اهلل تعالى ال ير�ضيكم؟ هل الحظتم �أو �شاهدتم منا غير �أنا ندعو‬ ‫وهل ّ‬
‫لتروى الحكايات‪ ...‬كالإثم‪ ،‬ع ّنا‬ ‫الحب والحنان والوحدة‬
‫�إلى الحنان والمح ّبة؟ وهل في الدّعوة �إلى اهلل تعالى غير ّ‬
‫ترانا‪ ...‬لأ ّنا‬ ‫ال�صادقة؟ ي�س�أل ال�س ّيد ه�ؤالء ا ّلذين و�صفهم بمثيري الغبار ‪:‬‬ ‫والأخ ّوة ّ‬
‫دعونا �إلى اهلل فيما دعونا‬
‫و�أ ّنا �أردنا هنا‬ ‫«وماذا جنينا‬
‫الطريق‪ ،‬بوحي الهدى يتغ ّنى‬ ‫يظل ّ‬
‫�أن ّ‬ ‫لتروى الحكايات ‪ ....‬كالإثم ع ّنا»‬
‫ال�سماء الحنون‬
‫ّ‬ ‫�صوت‬ ‫ويعلو‬
‫ً‬
‫و�إن عربد البغي يوما وج ّنا‬ ‫هل �آذيناكم ب�شيء؟ هل �سلبنا �شيئ ًا يعود �إليكم؟ هل ارتكبنا �إثم ًا عندما نعود �إلى‬
‫اهلل تعالى؟ �إذ ًا لماذا تثيرون الغبار في وجوهنا؟!‬
‫***‬ ‫إقدام وعزيمة هو ما يغيظكم؟ هل ح ّبنا هلل‬
‫توجهنا نحو اهلل تعالى ب�إ�صرا ٍر و� ٍ‬ ‫هل � َّإن ّ‬
‫ال�ضجيج؟‬‫عالم ّ‬ ‫تعالى هو ما يدفعكم �إلى الحقد علينا؟ لكن مهما فعلتم و�أثرتم من م�شاكل‪ ،‬فلن‬
‫وماذا فعلنا؟‬ ‫يحب اهلل ال يعرف �أن يكره‪ ،‬ح ّتى حقدكم‬
‫نحب اهلل تعالى‪ ،‬ومن ّ‬ ‫نقابلكم بالمثل‪ ،‬لأ ّننا ّ‬
‫لأ ّنا انطلقنا‬ ‫وحب اهلل ال يجتمعان‪..‬‬‫وال�صفح والم�سامحة‪ ،‬فالكراهية للآخرين ّ‬ ‫بالحب ّ‬
‫نقابله ّ‬
‫�إلى الدين نح�ضن �آياته‬ ‫« ومهما فعلتم‪ ،‬فل�سنا هنا‬
‫كال�سنا‪ ،‬وابتد�أنا‪...‬‬
‫ب�أرواحنا‪ّ ،‬‬ ‫لنحقد‪ ،‬لكن لن�صفح ح�سن ًا»‪..‬‬
‫طريق الكفاح‪ ،‬وك ّنا علمنا‬
‫ب�أن قوى ال ّليل في دربنا‬ ‫هذا واقعنا‪ ،‬وهذه حقيقتنا‪ ،‬تع َّلمناها من ديننا‪ ،‬ا ّلذي ال ي�سمح لنا ب�أن نقابلكم‬
‫�سينه�شها حقدها �أين �سرنا‬ ‫بالمثل‪ ،‬بل �أن نقابل ال�س ِّيئة بالإح�سان‪ ،‬ل َّأن ديننا جاء من �أجل الإن�سان‪ ،‬ومن �أجل‬
‫الظالم‬ ‫يرعنا ّ‬ ‫ولك ّننا لم ُ‬ ‫الإح�سان‪َّ � ،‬إن �شغبكم و�ضجيجكم �إ َّنما هو من جهلكم‪ ،‬و�أخالقنا ا ّلتي اكت�سبناها من‬
‫وال الحقد‪ ،‬مهما ق�سا �أو تج ّنى‬ ‫ديننا ت�أمرنا ب�أن ن�سامحكم على جهالتكم‪ ،‬و�أن ن�صفح عن �ضجيجكم ونتجاوزكم‪،‬‬
‫ف�إنّ ب�إيماننا �شعلة‬ ‫الحق يوم ًا‪ ،‬وهذا وعد اهلل تعالى للم�ؤمنين من عباده‪ ،‬وهو الوعد ّ‬
‫الحق‪..‬‬ ‫و�سي�شرق ّ‬
‫ت�ضيء لنا الدّ رب‪� ،‬أ ّنى ا ّتجهنا‬ ‫واقع اليوم‪:‬‬
‫ومهما فعلتم‪ ،‬فل�سنا هنا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واليوم نعي�ش في العراق ظروفا م�شابهة‪ ،‬بل �أ�ش ّد ق�ساوة من تلك الأيّام التي ع�شناها‬
‫لنحقد‪ ،‬لكن لن�صفح ح�سنا‬ ‫وعا�شها المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل في ال�ستينات‪ ،‬وقد �شهد ال�س ِّيد جانب ًا من هذه‬
‫فنحن نرى �أ ّنكم تجهلون‬ ‫ال�صعبة حتى وفاته (ره)‪ ،‬وك�أ ّنه ي�ستعيد ذكرى تلك الأيّام وذكرى تلك‬ ‫الظروف ّ‬ ‫ّ‬
‫انطالق الحقيقة‪ ،‬فيما دعونا‬ ‫ً‬
‫الق�صيدة ا ّلتي �أ�صبحت جزءا من تاريخ الحركات الإ�سالمية في العراق‪ ،‬حيث‬
‫الطريق ا ّلذي تق�صدون‬ ‫و�أنّ ّ‬ ‫ال�سنين ا ّلتي �أ�صبحت ج��زء ًا من الما�ضي‪،‬‬ ‫�سمع �ضجيج ًا �أق��وى من �ضجيج تلك ّ‬
‫‪� -‬ضال ًال ‪� -‬سينهار ركنا فركنا‬
‫ً‬ ‫�ضجيج اليوم لم ي�أت من �أ�شخا�ص �أو تنظيمات فقط ‪� ،‬ضجيج اليوم لم يكن هم�ساً‬
‫ال�ضجيج‬ ‫و�سوف ترون ب�أنّ ّ‬ ‫�أو كالم ًا ب�صوت خافت‪� ،‬أو من اتجاه واحد �أو اتجاهين فقط‪ ،‬بل جاء هذه الم َّرة‬
‫�سيخفت‪� ...‬إن �أ�شرق ّ‬
‫الحق م ّنا‬ ‫ال�ضجيج‬ ‫من عدّة اتجاهات وب�صوت �أعلى‪ ،‬ممزوج ًا ب�صوت ال ّر�صا�ص؛ وك ّل هذا ّ‬
‫العراقي ووقف �س ّد ًا منيع ًا بوجه مثيريه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من اتجاهاته المختلفة‪ ،‬ت�صدّى له ّ‬
‫ال�شعب‬
‫حتى تعبر �سفينة العراق �إلى �شاطئ الأمان‪ ،‬والآن نعي�ش في �أجواء ق�صيدة «عال َم‬
‫علي جابر الفتالوي‬
‫بـح ٌر من العرفان‬
‫ب���ح���ر م����ن ال���ع���رف���انِ‬
‫ٍ‬ ‫أغ�����و������ص ف����ي‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ال���ر َّب���ان���ـ���ي‬
‫��ك َّ‬ ‫م���ن �أي������نَ ل��ـ��ي ب��ي��ق��ي�� ِن َ‬
‫���ب م���ا ي��ك��ف��ي م���ن الإي���م���انِ‬
‫ال���ـ���ح ِّ‬
‫ُ‬ ‫ف���ي‬ ‫ال��ي��ق��ي��ن‪ ،‬و�إ َنّ���م���ا‬
‫ِ‬ ‫���ي ف���ي‬ ‫�������ص ٌ‬
‫���ة ِل���ـ َ‬ ‫ال ِح َّ‬
‫َ‬
‫و���ص��ن��اع��ة ال���وج���دانِ‬ ‫ال��������ر�ؤى‬
‫ُّ‬ ‫���ص��ي��دَ‬ ‫���ذ � ْأن َ�ألْ��� َه��� ْم��� َت���ن���ي‬ ‫و�أن������ا ُ�أ ِح����� ُّب َ‬
‫�����ك م���ن ُ‬
‫���ر ال���م���ك���ن���ونِ ف���ي ال��ق��ي��ع��انِ‬ ‫ب���ال���ج���وه ِ‬ ‫َ‬
‫ف���ي���ك ح���� َتّ����ى �أل��ت��ق��ي‬ ‫أ����س���ب���ح‬
‫ُ‬ ‫الآنَ �‬
‫ال��روح��ان��ـ��ي‬ ‫���ـ���ي َّ‬
‫���وا ِئ َ‬ ‫َ‬
‫ف�����ذاك ُخ َ‬ ‫ي��ط��ف��و‬ ‫���د ا ّل���ذي‬ ‫ف�����إذا َط��� َف���تْ روح���ي م��ع َّ‬
‫ال���ز َب ِ‬
‫ُد َّق��������تْ ع��ل��ى ن���خ ِ‬
‫���ب ال����ه����وى‪ ،‬ك����أ����س���انِ‬ ‫ِ��ك مثلما‬‫��ا���س��م َ‬
‫��ي ِب ْ‬ ‫َد َّق الأ����س���ى َ���ش�� َف�� َت��ـ َّ‬
‫م���ن���اك���ب الأح��������زانِ‬
‫َ‬ ‫ث������وب ال�����ع�����زاءِ‬
‫ُ‬ ‫��ج��تُ م��رث��ات��ـ��ي ع��ل��ي َ‬
‫��ك‪ ،‬ف��ل��م َي َ�س ْع‬ ‫و َن َ‬
‫�����س ْ‬
‫����ر ُح َّ‬
‫ال�������ش��� َف���ت��� َانِ‬ ‫����ش���وك��� ًا ِب ِ‬
‫������ه ت����ت����ج َّ‬ ‫َ‬
‫ح���ي���ل ع��ل��ى فمي‬ ‫ً‬
‫راح��ل��ا َز َر َع َّ‬
‫ال���ر‬ ‫ي���ا‬
‫ت��ع��ت��ع��ات ل�����س��ان��ـ��ي؟!‬
‫ِ‬ ‫�أت���ل���و ُم���ن���ي ف���ي‬ ‫بع�ض حرو ِفها‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫الكلمات‬
‫ِ‬ ‫َ�س َق َطتْ م��ن‬
‫�����رك�����ب�����انِ‬
‫���ة ال ُّ‬ ‫ُ‬
‫ي���ل���ي���ق ب���ـ���ل���ه���ف ِ‬ ‫���������ر‬
‫ُح ٍّ‬ ‫������ب ال���ح���ي���ا ِة �إل�����ى َغ ٍ‬
‫���د‬ ‫ي���ا ح���ادي��� ًا َر ْك َ‬
‫أف����������ق ب��ل��ا ق�������ض���ب���انِ‬
‫ٍ‬ ‫ي����م����ت����د ف�����ي �‬
‫ُّ‬ ‫ي����زال ع��ل��ى ال��م��دى‬ ‫ُ‬ ‫ه���ذا ح������دا�ؤُ َك م��ا‬
‫���د َر َج���تْ���هُ م��ت��اه ُ��ة (ال��غ��رب��انِ )‬ ‫ا����س��� َت ْ‬
‫م��ا ْ‬ ‫����ن ت���اه���وا ق���ي���اد َة (ه���ده ٍ‬
‫���د)‬ ‫وي���ق���و ُد َم ْ‬
‫��ت وانت�صـروا علـى النّ�سيانِ‬ ‫ف��ي ال��وق ِ‬ ‫وب���ق���ي���تَ �أن�����ت م���ع ا ّل����ذي����ن ت����و َزّع����وا‬
‫�����ش����ط ال���خ���ل���و ِد ن����وار�����س���� ًا و�أغ���ان���ـ���ي‬
‫ِّ‬ ‫���ر ْت علـى‬ ‫َق َ‬
‫�����س��م�� ًا ب�شيب ِت َك ا ّل��ت��ي انْ��� َت��� َث َ‬
‫م�����واك�����ب الأزم����������انِ‬
‫ِ‬ ‫وي����ت����ي����هُ ب���ي���ن‬ ‫ْ�����س��هُ‬ ‫ِ��ك َ‬
‫ب����ات ي���ع ُ‬
‫���رف َن��ف َ‬ ‫َز َم�����نٌ ب��ـ�� ِا ْ���س��م َ‬
‫���م م�����س��اح��ة ال���غ���ف���رانِ‬ ‫وط������ن ب���ح���ج ِ‬
‫ٍ‬ ‫ّ�����س�� ْع َل َ‬
‫����ك م���ن خ��ري��ط�� ِت��ن��ا �سوى‬ ‫ل���م َي�� َت ِ‬
‫م�����راك�����ب الأدي���������انِ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫ب����ك����ل‬ ‫����ص��� َّل���ـ���ى‬
‫َ‬ ‫(ل��ب��ن��انُ ) ح��ي��ث ال��ب��ح ُ��ر �أق�����د ُم ع��اب ٍ��د‬
‫���ة َو َط���������أَ ْت ع��ل��ـ��ى ُّ‬
‫ال�����ش��ط���آنِ‬ ‫���ر َّي ٍ‬ ‫َب َ‬
‫�������ش���ـ ِ‬ ‫غ���ادة‬
‫ٍ‬ ‫����روت) ‪� :‬أَ َّو ُل‬ ‫����و َن����تْ (ب����ي ُ‬ ‫و َت���� َك َّ‬
‫دع��������اك ُ‬ ‫ال�صح ّيح‬
‫ال�شاعر جا�سم ّ‬
‫ل���ت���ك���ونَ ح���رب��� َت���هُ ع��ل��ـ��ى ّ‬
‫ال�����ش��ي��ط��انِ‬ ‫���ه‬
‫اهلل م����ن ع���ل���ي���ا ِئ ِ‬ ‫َ‬ ‫وهُ ����ن����ا‬
‫���ه ال����ج����و ِع وال���ح���رم���انِ‬ ‫ح���رب��� ًا ب���ـ���وج ِ‬ ‫���ط بطو ِنـ ِه ْم‬ ‫اء َو ْ����س َ‬ ‫��ك ال���فُ��� َق َ‬
‫���ر ُ‬ ‫�����س َ‬‫ف���أَ َح َّ‬ ‫�إلى روح الع َّالمة‬
‫����م وال�����ودي�����انِ‬ ‫ُّ‬
‫ال���������ش ِّ‬ ‫ال���ج���ب���ال‬
‫ِ‬ ‫ب���ي���ن‬ ‫��م‬ ‫��ـ��ر ِه ْ‬
‫���ة ِ���س ِّ‬ ‫�����وا ُر ِك��� ْل��� َم َ‬
‫واخ����ت����ا َر َك ال����� ُّث َّ‬ ‫المرجع الإ�سالمي‬
‫َ‬
‫ف�����ي�����ك ي���ل���ت���ق���ي���انِ‬ ‫�إال وع������������ادا‬ ‫ل���م ي��ف��ت��رقْ ن���ـ���ه���رانِ ف���ي مـجراهُ ـما‬ ‫ال�س ّيد محمد ح�سين‬
‫ف�ضل اهلل(ره)‬
‫�إذاعة الب�شائر‬
‫�إذاعة الثقافة لكل المجتمع‬
‫على الموجة الق�صيرة‬

‫يومي ًا‪ :‬تابعوا برنامج‬ ‫قناة الإيمان الف�ضائية‬


‫ي�س�ألونك عن االن�سان والحياة‬
‫من االثنين حتى ال�سبت‬ ‫تابعوا برامجنا‬
‫ال�ساعة ‪� 9:30‬صباح ًا‬ ‫عبر النايل �سات‪ ،‬على الترددات التالية‪:‬‬
‫‪Nilesat Freq 11393V sr 27500 fec 3/4‬‬

‫هاتف‪ 01/453380 -03/877201 :‬اخراج فني‪�:‬سليم المقدم طباعة‪� :‬شركة‬ ‫االت�صال بالوكيل احل�صري‬ ‫لإعالناتكم يف‬
‫ر�س َلنا بالب ّينات و�أنزل َنا معهم الكتابَ وامليزان َ‬
‫ليقوم النا�س بالق�سط‬ ‫لقد �أر�سلنا ُ‬

‫ال ّثورات العرب َّية‪:‬‬


‫المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪:‬‬
‫�سيرورة العلم‬ ‫�أ�سئلة وم�سارات‬
‫والمرجعية‬
‫الحركية الجريئة‬

‫نظرة على أحداث‬


‫‪ 11‬أيلول بعد عقد‬
‫من الزمن‪:‬‬
‫هل كان هناك خيار �آخر؟‬

‫�أكثر من ‪� 22‬ألف تلميذ في مدار�س‬


‫ومعاهد المبرات‪:‬‬
‫�صروح ر�سال ّية للتربية‬
‫والتعليم على امتداد الوطن‬
‫اخبار ون�شاطات‬
‫وال َّنقاء‪ ،‬وطبع ًا ال يمكننا القول �إ َّنه لي�س‬ ‫مقابلة مع وكالة �أنباء ال َتّقريب‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫العالمة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل في‬
‫هناك مت�س ِّلقون يعملون على �أن تتح َّرك‬
‫هذه ال َّثورات بغير اتّجاهها‪ ،‬لك َّننا نعتقد‬
‫ال�شعوب �سيف ِّوت على‬ ‫� َّأن ال��وع��ي ل��دى ّ‬
‫ه���ؤالء الفر�صة‪ .‬طبع ًا نحن دائم ًا ن� ِّؤكد‬
‫م�ساع لت�ضليل ال َّثورات وحرفها عن م�سارها‬
‫ٍ‬ ‫هناك‬
‫� َّأن ال َّثورات ينبغي �أن توازن بين حركتها‬
‫وم��ا ي��ج��ري ف��ي المنطقة‪ ،‬و�أن تدر�س‬ ‫خا�ص لوكالة‬ ‫ّ‬ ‫حديث‬
‫ٍ‬ ‫اعتبر �سماحة العالمة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل في‬
‫الأم���ور ج�� ِّي��د ًا‪ ،‬و�أن ال ت�سمح ب��وق��وع � ِّأي‬ ‫والربيع‬ ‫ال�صحوة الإ�سالم َّية ّ‬ ‫�أنباء ال َتّقريب (تنا)‪َّ � ،‬أن �أخطر �شيء تواجهه َّ‬
‫وانتهاك رغم الجراح ا ّلتي تعاني‬ ‫ٍ‬ ‫خ��رقٍ‬ ‫كل العاملين‬ ‫الراهن‪ ،‬هو محاوالت �إيجاد االنق�سام بين ّ‬ ‫العربي في الوقت ّ‬ ‫ّ‬
‫الطريق �أمام ا�ستغالل‬ ‫منها‪ ،‬و�أن تقطع ّ‬ ‫ال�صحوة‪.‬‬ ‫على النّهو�ض بهذه ّ‬
‫الآخ��ري��ن‪ ،‬بمن فيهم اال�ستكبار‪ ،‬لذلك‬ ‫وق��ال �أي�ض ًا‪ :‬لذلك ندعو كا ّفة ّ‬
‫ف�إ ّننا ندعو �إلى د ّقة التح ّرك‪ ،‬لكي ال يكون‬ ‫ال�شعوب‬ ‫اال�ستكبار يترب�ص بالثورات‪:‬‬
‫و�أ����ض���اف‪ :‬ه��ن��اك ت���أك��ي��د على الفوارق الواعية �إلى �أن تقف مع هذه ال ّثورات وكلّ‬
‫على ح�ساب الأهداف الرئي�سة‪.‬‬
‫ال�سوري‪،‬‬ ‫و�إ َّن��ن��ي �أ�شير هنا �إل��ى َّ‬
‫ال�شعب‬ ‫المذهب ّية والطائف ّية وال�سيا�س ّية الموجودة ا ّلذين يريدون خير ًا بها‪� ،‬أن ي�سندوها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتعزيزها‪ ،‬وك��ذل��ك بعث ال��ف��وارق على و�أن ال ي�سمحوا ب����أن تعي�ش �ضعف ًا في‬
‫فر ّبما اح��ت��اج �إل��ى ال��ح��ر ّي��ة والإ�صالح‪،‬‬
‫الطبيعي‪ ،‬ولكن عليه �أن يلتفت‬ ‫وهذا ح ّقه‬ ‫والع�شائري‪ ،‬ما يدعو داخلها‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫العائلي‬
‫ّ‬ ‫الم�ستوى‬
‫ّ‬ ‫دوا‬ ‫الجميع �إلى �أن يكونوا واعين‪ ،‬وي�ؤ ّ‬
‫ك‬
‫�إل��ى ع��دم ا�ستغالل اال�ستكبار لمطالبه‬ ‫عودة الحياة للأمة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫الم�شروعة‪ ،‬والتي يق ّر بها النظام وي�سعى‬ ‫ال��ق��وا���س��م الم�شتركة وال��ق�����ض�� َّي��ة التي ون�� ّب��ه �إل���ى ���ض��رورة ���س�� ّد ال ّ��ط��ري��ق �أم��ام‬
‫�إلى تحقيقها‪ .‬على ك ّل حال‪ ،‬ف�إ ّننا ندعو‬ ‫الطبيعي لك ّل عمل‬
‫ّ‬ ‫ال�شعوب وال َّثورات‪ ،‬ومن‬‫ّ‬ ‫الم�ساعي ا ّلتي تعمل على ن�شر الفو�ضى‬ ‫ينطلقون من خاللها‪.‬‬
‫ال�شعوب �إلى التح ّرك‪ ،‬و�أن ال تلتفت �إلى‬ ‫ّ‬ ‫تغييري �أن يواجه العراقيل والعقبات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خارجي من �أجل حرف ف��ي ال��ب��ل��دان ا ّل��ت��ي ه��ي ف��ي طريقها �إلى‬ ‫ّ‬ ‫وتابع‪ :‬هناك عمل‬
‫الكلمات التي تنطلق م��ن هنا وهناك‪،‬‬ ‫وخ�صو�ص ًا من �أولئك ا ّلذين ال يريدون‬ ‫االنت�صار‪ ،‬من �أجل �إنهاك ك ّل ال ّثائرين‬ ‫منه‪،‬‬ ‫انطلقت‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م�سارها‬ ‫ال َّثورات عن‬
‫والتي ت�ش ّوه �صورة حركتها‪ ،‬وف��ي نهاية‬ ‫ال َتّغيير‪ ،‬وه��ذا ال يقت�صر على ال ّثورات‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫و�إ ّن��ن��ا نعرف �أنّ ه��ذه ال��ث��ورات انطلقت‬
‫يتي�سر لال�ستكبار‬ ‫من �أج��ل العي�ش بحرية وكرامة‪ ،‬و�أن ال والمعار�ضين‪ ،‬وحتّى ّ‬
‫ال��م��ط��اف‪� ،‬سيتب ّين ال��ح��قّ م��ن الباطل‪،‬‬ ‫الحال َّية‪ ،‬بل �إنّ كا ّفة ال ّر�ساالت ّ‬
‫ال�سماو ّية‬ ‫الإم�ساك بزمام الأم��ور‪ ،‬م�شير ًا �إلى �أنّ‬ ‫ّّ‬
‫والأبي�ض من الأ�سود‪.‬‬ ‫واجهت الم�شاكل والعراقيل ذاتها‪ .‬و�إنناّ‬ ‫يكون ًلال�ستكبار موقع‪ ،‬وال �أن تكون دولها اال�ستكبار يمار�س �سيا�س ًة مزدوج ًة تجاه‬
‫ا�ستمرار الم�سيرة‪:‬‬
‫ال�شعوب �إلى عدم االلتفات �إلى هذه‬ ‫ندعو ّ‬ ‫�أ�سيرة في اقت�صادها و�سيا�ستها و�أمنها ال ّثورات الحال ّية‪ ،‬فم ّر ًة يدعم الحكومات‬
‫العقبات والهجمات الإعالم ّية‪ ،‬فالقوى‬ ‫له‪.‬‬
‫ّيني‬ ‫ال�صراعات‬ ‫الطبيعي �أن ي�سعى اال�ستكبار ا ّلتي تقمع ال ّثورات‪ ،‬وم ّر ًة يثير ّ‬ ‫ّ‬
‫وب�ش�أن م�سيرة وال���ده‪ ،‬المرجع الد ّ‬ ‫الم�ستكبرة‪ ،‬ومن بينها �أميركا‪ ،‬ت�سعى �إلى‬ ‫الدّاخل ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من‬ ‫وقال‪:‬‬
‫اي���ة اهلل العظمى ف�ضل اهلل ق���ال‪َّ � :‬إن‬ ‫ت�شويه �صورة ال ّثورات من خالل الإيحاء‬ ‫وقال‪ :‬نحن ن�ستب�شر خير ًا بهذه ال َّثورات‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫حرف‬ ‫أجل‬ ‫�‬ ‫من‬ ‫جهده‬ ‫العالمي بك ّل‬
‫ّ‬
‫فكر �سماحته‪ ،‬ف��ي منهج َّيته وانفتاحه‬ ‫ب�أ ّنها تملك قرارها‪ ،‬ولك ّننا نعرف هذه‬ ‫لأ َّنها تم ِّثل في ال ِّنهاية عود ًة لحياة ال َّأمة‪،‬‬ ‫غير‬ ‫إلى‬ ‫�‬ ‫وتحويلها‬ ‫م�سارها‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ورات‬ ‫ال ّث‬
‫وخ�صو�ص َّيته‪ ،‬ق���ادر على فتح الآف���اق‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ولخط �أهل البيت(ع)‪.‬‬ ‫الوا�سعة للإ�سالم ِّ‬
‫ال�شعوب‪ ،‬فهي تتح ّرك من وحي جراحها‬ ‫ّ‬ ‫االت�� ّج��اه ال���ذي ي��راد ّلها‪ ،‬وطبعا ه�ؤالء وخ�صو�ص ًا � َّأن نخبة ه��ذه ال َّأم����ة كانوا‬
‫ول��ذل��ك ندعو �إل��ى موا�صلة ه��ذا ّ‬
‫الخط‬
‫و�آالمها ومعاناتها و�إح�سا�سها بالم�س�ؤول ّية‪،‬‬ ‫ي�ستغلون حاجة هذه الثورات �إلى المال ي��� ِّؤك��دون � َّأن هذه ال َّأم��ة لن تبقى �أ�سيرة‬
‫و�شعورها ب�أنّ من حقّ الإن�سان �أن يعي�ش‬ ‫الظروف‬ ‫والتغطية ال�سيا�س ّية والأم��ن�� ّي��ة‪ ،‬ولذلك واقعها‪ ،‬ولذلك‪ ،‬عندما وجدت ّ‬
‫واال�ستفادة منه ب�شكل ج ِّيد‪ ،‬وطبع ًا‪ ،‬نحن‬ ‫ّ‬
‫ال نتحدّث عن �شخ�ص ال�س ِّيد وح�سب‪،‬‬
‫ف��ي ب��ل��دٍ ي���أم��ن فيه على نف�سه و�أوالده‬ ‫ف���إن��ه��م يعملون على الإم�����س��اك بزمام مالئم ًة تح َّركت‪ ،‬وهي ح َتّى لو تع َّر�ضت‬
‫وم�ستقبله‪ ،‬وقد ارتهنت بالدنا للآخرين‬ ‫لل َّنك�سات في هذه المرحلة‪ ،‬ف�إ َّنها �ستنطلق‬ ‫قرارها من خالل حاجتها‪.‬‬
‫ال�شهيد‬ ‫��ط؛ خ ّ��ط َّ‬
‫نتحدّث ع��ن خ ّ‬‫و�إ َّن��م��ا َ‬ ‫لفترة طويلة‪ ،‬وحان الوقت لتعود ويملكها‬ ‫عوب‬ ‫و�شدّد على �ضرورة �أن ت��درك ّ‬
‫ال�ش‬ ‫َ‬
‫وال�شهيد‬‫م��ط�� ّه��ري والإم�����ام الخميني َّ‬ ‫�أقوى في الم�ستقبل‪ ،‬ما دامت هذه ال ّروح‬
‫الخط ا ّلذي يدعو �إلى الإ�سالم‬ ‫ال�صدر‪ّ ،‬‬
‫�شعبها ا ّلذي هو �أعرف بم�صلحتها‪ ،‬كما‬ ‫ه��ذه الحقيقة‪ ،‬و�أن ال تخرج م��ن �أ�سر وج���دت وانطلقت‪ ،‬وم��ا ن���راه ح��ال�� ّي�� ًا في‬
‫َّ‬ ‫ه��و ح��ال الجمهور َّية الإ���س�لام�� َّي��ة‪ ،‬فقد‬ ‫يب�شر بالخير‪ ،‬وهذا ما نجده في‬ ‫الديكتاتور ّيات الفرد ّية �أو الجماع ّية التي م�صر ّ‬
‫الأ�صيل ا َّلذي ي�سعى التّكفير ّيون والغالة‬ ‫ّ‬
‫و�أ�صحاب الخرافات وغيرهم �إلى ت�شويهه‬
‫ا�ستطاعت امتالك ال��ق�� َّوة والإمكانات‪،‬‬ ‫تتحكم بمواقعها‪� ،‬إلى ديكتاتور ّيات الدّول �أكثر من ثورة‪.‬‬
‫و�أن تفعل الكثير‪ ،‬وهذا ما نجده في �سائر‬ ‫���ائ�ل�ا‪ :‬بطبيعة ال���ح���ال‪ ،‬هذه‬ ‫وديكتاتور ّيات الحلف الأطل�سي �أو �أميركا و�أردف ق ً‬
‫وتوجيه َّ‬
‫ال�ضربات �إليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حاوره �صالح الحائري‬
‫التّجارب‪.‬‬ ‫وكل العالم الم�ستكبر‪ ،‬كما �أكد �ضرورة ال َّثورات �ستعاني و�ستواجه الم�شاكل‪َّ ،‬‬
‫لكن‬
‫الطهر‬ ‫ال�شعوب من هذا ّ‬ ‫وقد انطلقت هذه ّ‬ ‫العمل ّعلى عدم ال�سماح ب�سرقة �إنجازات الأم��ل �سيكون‪� ،‬إن �شاء اهلل‪ ،‬في �صالح‬
‫هذه الثورات �أو بتحريفها عن م�سارها‪.‬‬

‫بعثة م� ّؤ�س�سة المرجع ف�ضل اهلل(ره) لمو�سم الحج ‪1432‬هــ‬


‫خ�ص�صت البعثة عدد ًا من �أرقام الهواتف‪ ،‬لمتابعة كا َّفة الم�سائل التي ّ‬
‫تهم‬ ‫وقد َّ‬ ‫�أعلنت م� َّؤ�س�سة المرجع الديني ال�س ِّيد مح َّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره) عن �أرقام هواتف‬
‫ال�ساعة‪ ،‬وهي‬
‫فخ�ص�صت ثالثة �أرقام للإجابة عن ا�ستفتاءاتهم على مدار َّ‬ ‫الحجيج‪َّ ،‬‬ ‫وعنوان بعثة الحج‪ ،‬لمو�سم الحج ‪ 1432‬هـ‪ ،‬في ك ّل من م َّكة المكرمة والمدينة المن ّورة‪.‬‬
‫الأرقام التّالية‪ 0556467082 :‬ـ ‪ 0542380868‬ـ ‪.0542380869‬‬ ‫وتقوم البعثة �سنوي ًا‪ ،‬با�ستقبال وفود الحجيج من ك ّل �أنحاء العالم الإ�سالمي‪ ،‬كما تجيب‬
‫العامة والمواعيد‪ ،‬فقد َّتم تخ�صي�ص رقمين هاتفيين‪:‬‬‫وبخ�صو�ص �أمور العالقات َّ‬ ‫بوفود �إ�سالم َّية ر�سم َّية و�شعب َّية‪،‬‬
‫والعامة‪ ،‬وتلتقي ٍ‬
‫َّ‬ ‫عن ا�ستفتاءاتهم وم�سائلهم ال�شرع َّية‬
‫‪ 0531290999‬ـ ‪.0565584232‬‬ ‫في �إطار تعزيز ال َتّوا�صل بين الم�سلمين في مو�سم الحج‪ ،‬و�إثارة الق�ضايا الإ�سالم َّية في‬
‫�أما رقم هاتف �ش�ؤون المب ّلغين فهو‪.0556467110 :‬‬ ‫ِّ‬
‫خط الحوار والوحدة‪ ،‬كما كان ي� ِّؤكد �سماحة المرجع الراحل‪.‬‬
‫و�ستتواجد البعثة في المدينة المن َّورة‪ ،‬من تاريخ ‪ 26‬ذي القعدة �إلى الأول من ذي الحجة‪.‬‬
‫ال�شريف ـ‬‫وعنوان مق ّرها في المدينة المن ّورة‪ :‬فندق دار الهجرة ـ قرب الحرم ال ّنبوي َّ‬
‫�شارع الملك فهد ـ هاتف‪.8207777 :‬‬
‫�أ ّما في م َّكة المك َّرمة‪ ،‬ف�ستتواجد البعثة في مق ّرها الجديد‪ ،‬في منطقة العزيز ّية الجنوب ّية‪،‬‬
‫منذ الأول من ذي الحجة‪ ،‬حتى يوم الرابع ع�شر منه‪.‬‬
‫عنوان المقر الجديد في م َّكة المك َّرمة‪ :‬العزيز ّية الجنوب ّية ـ طريق الملك خالد ـ مقابل‬
‫مكتبة عبد الوهاب مرزا ـ جانب الهداية بالزا‪ .‬هاتف‪.5500069 / 5500031 :‬‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪2‬‬
‫ا���س��ت��ق��ب��ل وف�������د ًا م����ن ال��ب��ح��ري��ن و�آخ������ر م���ن ت��رك��ي��ا‪:‬‬
‫إ�سالمي لتركيا بعيد ًا عن الأطل�سي‬
‫ّ‬ ‫ف�ضل اهلل ‪ :‬حذار من الفتن المذهبية‪ ..‬ونتط َّلع �إلى دو ٍر �‬
‫ا�ستقبل �سماحة العالمة‪ ،‬ال�س ِّيد علي‬
‫ف�ضل اهلل‪ ،‬وف����د ًا م��ن جمع ّية “�ساعة‬
‫البعث” الترك َّية‪ ،‬حيث جرى التّ�شاور حول‬
‫الأو�ضاع ال ّلبنان ّية و�آخر التط ّورات العرب َّية‬
‫والإ�سالم َّية‪..‬‬
‫ّركي تقدير ًا كبير ًا لنهج‬ ‫و�أبدى الوفد الت ّ‬
‫المرجع ال�� ّراح��ل ال�س ّيد محمد ح�سين‬
‫ف�ضل اهلل‪ ،‬وا ّل��ذي تركت كتبه ومواقفه‬
‫�أث���ر ًا كبير ًا ف��ي تعزيز ال��خ ّ��ط ال ّر�سالي‬
‫إ�سالمي في تركيا‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في ر�ؤيته‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫ال�شيعة يريدون تدمير البيت ال‬ ‫ّ‬ ‫وفد بحريني‪:‬‬ ‫ال��ع��رب�� ّي��ة ن��ه��و���ض�� ًا ت��ح�� ّرري�� ًا ي��ه��دف �إل��ى‬ ‫لق�ضايا الأ ّم���ة ومواجهته لها من موقع‬
‫على ر�أ���س ال�س ّنة‪� ،‬أو �إنّ ال�س ّنة يريدون‬ ‫ث��م ا�ستقبل �سماحته وف����د ًا بحريني ًا‬ ‫التّغيير والإ���ص�لاح‪ ،‬مبدي ًا خ�شيته من‬ ‫���دوي‪ ،‬متم ّني ًا �أن ي�ستم ّر ه��ذا ّ‬
‫الخط‬ ‫وح ّ‬
‫إ�سالمي على ر�أ�س ّ‬
‫ال�شيعة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تدمير البيت ال‬ ‫المر�شح الم�ستق ّل النتخابات‬ ‫ّ‬ ‫برئا�سة‬ ‫العالمي في خطف هذه‬ ‫ّ‬ ‫نجاح اال�ستكبار‬ ‫��دوي المقاوم‪ ،‬وت�صدّيه‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫��و‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫العقالني‬
‫ّ‬
‫والواقع �أ ّننا نخاف من فتن ٍة تقودها دوائر‬ ‫مجل�س الن ّواب البحريني‪ ،‬ح�سين �سلمان‬ ‫ال ّثورات‪ ،‬ما يتطلب منها �أن تط ّهر نف�سها‬
‫ّ‬ ‫لك ّل الم�ؤامرات الهادفة �إلى تفتيت الأ ّمة‬
‫ا�ستكبار ّية معادية ت�سعى لهدم البيت‬ ‫العويناتي‪ ،‬حيث جرى في خالل ال ّلقاء‬ ‫من االختراقات المعادية‪ ،‬واالبتعاد عن‬ ‫�إلى مذاهب متناحرة‪...‬‬
‫إ�سالمي على ر�ؤو�سنا جميع ًا‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ا�ستعرا�ض للواقع الإ���س�لام ّ��ي ال ّراهن‪،‬‬ ‫تحويلها مط ّي ًة لخدمة الم�شاريع الغرب ّية‬ ‫وق����دّر �سماحة ال�����س�� ّي��د ع��ل��ي ف�ضل اهلل‬
‫ف���إنّ الح ّد الأدن��ى من �شروط المواجهة‬ ‫والمخاطر التي تته َّدد الوحدة الإ�سالم َّية‬ ‫ال�صهيون ّية‪...‬‬ ‫ـ ّ‬ ‫اهتمام جمع َّية “�ساعة البعث” بق�ضايا‬
‫ل��ه��ذا ال��م��خ ّ��ط��ط‪� ،‬أن نعمل على تعزيز‬ ‫على �ضوء التط ّورات الأخيرة في البحرين‬ ‫و�إذ ث�� َّم��ن �سماحته ال��م��واق��ف الترك ّية‬ ‫ال�صراع‬ ‫لبنان والمنطقة‪ ،‬الفت ًا �إل��ى �أنَّ ِّ‬
‫��دوي‪ ،‬و�أن نتنازل لح�ساب‬‫المنطق ال��وح ّ‬ ‫وفي عدد من الدّول العرب ّية‪.‬‬ ‫المعادية لإ�سرائيل‪ ،‬تط ّلع �إلى دو ٍر �أكبر‬ ‫الطابع‬‫�سيا�سي و�إن ا َّت��خ��ذ َّ‬ ‫ف��ي لبنان‬
‫ّ‬
‫الوحدة الإ�سالم ّية‪ ،‬و�أن نعمل للتعاون على‬ ‫و�شدّد �سماحة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل في‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫العربي وال‬
‫ّ‬ ‫لتركيا لم ّد ال��واق��ع‬ ‫التركي‬ ‫ً‬
‫ال��م��ذه��ب ّ��ي‪ ،‬م��ط��م��ئ��ن��ا ال���وف���د‬
‫ّ‬
‫إ�سالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النقاط الم�شتركة في الواقع ال‬ ‫ال�سبيل‬‫خالل ال ّلقاء على �أنّ الحوار هو ّ‬ ‫بمزيدٍ من الق َّوة في مواجهة ال�سيا�سة‬ ‫خط المرجع ال ّراحل في‬ ‫باال�ستمرار على ّ‬
‫و�أن نتحاور في نقاط الخالف‪ ،‬و�أن ن�سعى‬ ‫ال��وح��ي��د ل��ح�� ّل الم�شاكل ف��ي البحرين‪،‬‬ ‫الغرب َّية ا ّلتي ال تريد خير ًا ل�شعوب هذه‬ ‫وقوفه مع ق�ضايا الأ َّمة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا ق�ض َّية‬
‫ال�صفوف و�إزال���ة غائلة الحقد‬ ‫لتوحيد ّ‬ ‫و�أنّ قدر البحرين ّيين �أن يعي�شوا ك�أ�سر ٍة‬ ‫ال��م��ن��ط��ق��ة‪ ،‬م�����ش��دِّ د ًا ع��ل��ى �أنَّ الح�ضن‬ ‫فل�سطين والوحدة الإ�سالم َّية وموا�صلة‬
‫والح�سا�س ّيات الع�صب ّية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫واح����د ٍة‪ ،‬ب��ع��ي��د ًا ع��ن ك�� ّل ال��ع��ن��اوي��ن التي‬ ‫إ�سالمي هو وح��ده ا ّل��ذي يعزّز نه�ضة‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫الحوار الإ�سالمي ـ الم�سيحي‪ ،‬بما يثبت‬
‫في البحرين ا ّلتي نريدها واح��ة مح ّبة‬ ‫ال�شقاق فيما بينهم‪.‬‬ ‫تحاول زرع ّ‬ ‫تركيا وق َّوتها‪ ،‬و�أنّ ال ّرهان على الغرب‬ ‫وال�ساحة العرب ّية‬ ‫الوحدة الوطن ّية لبنان ّي ًا ّ‬
‫وح��وار وتفاهم‪ ،‬ال �ساحة تقاتل وتنازع‬ ‫والح��ظ �أنّ المرحلة هي مرحلة ت�سويق‬ ‫لالندماج فيه �أورو ّب��ي�� ًا �أو �أطل�س ّي ًا‪ ،‬لن‬ ‫والإ�سالم ّية �إقليم ّي ًا‪..‬‬
‫وتحا�سد‪...‬‬ ‫الفتنة المذهب ّية في المنطقة‪ ،‬ل ُيقال �إنّ‬ ‫تح�صد منه �إال خيبات كبيرة‪...‬‬ ‫ور�أى ال�س ّيد علي ف�ضل اهلل في ال َّثورات‬

‫الحر ّية‪ ،‬وتتط ّلع �إلى بناء م�ستقبل �أف�ضل‬ ‫‪ ..‬وفي الم�ؤتمر العالمي لأهل البيت(ع) في طهران‪:‬‬
‫لها ولمجتمعاتها ولبلدانها‪ ،‬فيدفعها ذلك‬
‫م�ضط ّر ًة �إل��ى البحث عن طريق �آخ��ر �أو‬
‫م�شارب �أخرى تن�سجم معها‪ ،‬وتتوافق مع‬ ‫م�س�ؤول ّية العلماء �أن يقودوا ال َّأمة لمواجهة تحدّ يات الدّ اخل والخارج‬
‫تط ّلعاتها‪ ،‬وبالتّالي‪ ،‬ي���ؤدّي بها ذلك �إلى‬
‫هجران الخطوط الم�ستقيمة للإ�سالم‬ ‫�أ َّك��د الع ّالمة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل �ضرورة �أن يبذل علماء الم�سلمين والمرجع َّيات ك�� ّل ه��ذه المخاطر ا ّل��ت��ي ت��ه��دّد الواقع‬
‫كمنهج للحياة الإن�سان َّية ال ّرائدة‪.‬‬ ‫ّاخلي‪ ،‬ت�ستدعي من علماء الم�سلمين‬ ‫ّ‬
‫المتف�شيتين في الواقع الد ّ‬ ‫الإ�سالم َّية الجهود الكبيرة لمنع تفاقم ظاهرتي ال َتّكفير والغل ّو‬
‫الظهر لما يجري من حراك‬ ‫و�إنّ �إدارة ّ‬ ‫إ�سالمي‪ ،‬م�شير ًا �إلى � َّأن ما يزيد الأمور تعقيد ًا‪ ،‬هو عدم مواكبة المواقع الدّين ّية لما والمرجع َّيات الدين َّية �أن تت�صدّى له بعزم‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫وحيوية �شعبية عارمة في العالم العربي‪،‬‬ ‫وح��زم‪ ،‬وه��ذا مع الأ���س��ف ما لم ن�شهده‬ ‫إ�سالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫العالم‬ ‫داخل‬ ‫يجري‬
‫ي��ن ّ��م ع��ن ع���دم وع���ي لطبيعة المرحلة‬ ‫الظهر من قبل العلماء وك ّل الحا�ضنين للتخ ّلف الفكري والعملي ب�شكل ف��اع��ل وع��م��ل ّ��ي؛ ب��ل لع ّلنا وجدنا‬ ‫و�أ َّك��د � َّأن �إدارة َّ‬
‫وظروفها وتفاعالتها‪ ،‬وهو ما �سيجعلنا‬ ‫والمراجع الإ�سالم ّية لما يجري في العالم والعقائدي‪ ،‬حيث تتعاظم هذه الت ّيارات البع�ض يف�سح في المجال له ويتب ّناه‪� ،‬أو‬
‫نتخ ّلف عن تط ّلعات وطموحات �أجيال‬ ‫العربي من ح��راك �شعبي وجماهيري‪ ،‬والفئو ّيات‪ ،‬وتنت�شر في ربوع مجتمعاتنا يخ�شى من الوقوف �أمامه �أو الت�صدّي له‪..‬‬
‫�شباب ّية حيو ّية تمتلك الق ّوة الكبيرة في‬ ‫ينم ع��ن ع��دم ال��وع��ي لطبيعة المرحلة و�أو���س��اط��ه��ا كال�سرطانيات ال��ت��ي تفتك ويب ّرر ذلك بتبريرات ال تقوى على ال ّنقد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بناء المجتمعات‪ ..‬والخوف ك ّل الخوف‪،‬‬ ‫الحي وتنه�شه حتى العظم‪ ،‬حتّى بل قد ت�ش ّرع بنح ٍو �أو ب�آخر نزعات الغل ّو �أو‬ ‫بالج�سم ّ‬ ‫وتفاعالتها‪..‬‬ ‫وظروفها‬ ‫ّة‬
‫د‬ ‫الم�ستج‬
‫�أن ت��ذه��ب ه���ذه ال��م��واق��ع المرجع ّية‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ا ّلذي قد‬
‫ّ‬ ‫التخ ّلف �أو االنق�سام‬ ‫جاء ذلك في كلمة �سماحته في الم�ؤتمر باتت ت�ش ّكل �أزم ًة حقيق ّية له‪.‬‬
‫والقياد ّية �إلى االنعزال‪ ،‬وتف�ضيل االبتعاد‬ ‫يلقى رعاية واحت�ضان هذه الدّولة �أو تلك‬ ‫ّي‬
‫د‬ ‫تح‬ ‫يبرز‬ ‫ين‪،‬‬ ‫الدولي للمجمع العالمي لأهل البيت(ع) �إلى جانب خطر ال َتّكفير ّي‬
‫عن الواقع‪ ،‬والبقاء خارج حركة التّاريخ‬ ‫في طهران الذي عقد تحت �شعار «�أهل الغالة ا ّلذين يدخلون من باب العاطفة في �أحيان كثيرة‪..‬‬
‫ً‬
‫والحب للأنبياء والأولياء من خالل بع�ض � َّإن ما يزيد الأمور تعقيدا‪ ،‬هو عدم مواكبة‬ ‫ّ‬
‫ا ّل��ذي ت�صنعه الأ ّم��ة اليوم بفكر �أبنائها‬ ‫ال��ب��ي��ت (ع��ل��ي��ه��م ال�����س�لام) وال�صحوة‬
‫و�سواعدهم‪..‬‬ ‫الإ�سالمية»‪ ،‬ي��وم ‪� 11‬أي��ل��ول ‪� -‬سبتمبر الطقو�س الدّين ّية‪ ،‬لي�ش ّوهوا �صورتهم‪ ،‬المواقع الدّين َّية لما يجري داخل العالم‬
‫و�أخ��ي��ر ًا‪َّ � ،‬إن م�س�ؤول َّية العلماء في هذه‬ ‫��راك وحيو ّية‪ ،‬واعتبار‬ ‫إ�سالمي من ح ٍ‬ ‫ّ‬ ‫‪2011‬م في طهران‪ ...‬ومما جاء في هذه ولي�سيئوا �إليهم من حيث يريدون ومن ال‬
‫المرحلة‪� ،‬أن يكونوا ق���ادة ال َّأم����ة ا ّلتي‬ ‫ب�شكل مبا�شر‬‫ح��ي��ث ال ي���ري���دون‪ ..‬و�إل����ى ج��ان��ب ذلك‪ ،‬هذه المواقع �أنها غير معن ّية ٍ‬ ‫الكلمة‪:‬‬
‫يوجهونها ويحمونها م��ن االن���زالق �إلى‬ ‫ّ‬ ‫فيما تعي�ش الأ ّم��ة العرب ّية والإ�سالم ّية يبرز تحدّي الجمود الفكري والعلمي‪ ،‬بما يح�صل‪ ،‬هذا �إلى جانب عدم �إنتاجها‬
‫الطموحات‪ ،‬بما ي�ؤدّي‬ ‫مواجه ًة قا�سي ًة مع اال�ستكبار واال�ستعمار حيث يخ ّلد ه�ؤالء القديم ويخلدون �إليه‪ ،‬خطاب ًا مواكب ًا ُيل ّبي ّ‬
‫ما يريد الآخ���رون �أن تنـزلق �إل��ي��ه‪� ..‬أن‬
‫ي��ق��ودوه��ا ل��م��واج��ه��ة ت��ح�� ّدي��ات الداخل‬ ‫ا ّلذي يريد اال�ستيالء على العقول والقلوب وال يف ّكرون في نقاط �ضعفه �أو �سلب ّياته‪� ،‬إلى جعل �شرائح الأ ّمة الناه�ضة تي�أ�س من‬
‫ّ‬
‫والخارج‪ ،‬و�أن يبنوا لها المنهج والأ�سلوب‬ ‫والأر�ض وال َّثروات‪ ،‬وح َتّى الأحالم‪ ،‬تبرز بل يعطونه القدا�سة لما قد يكون غير �إمكان َّية �أن تبادر هذه المواقع �إلى ّ‬
‫التم�سك‬
‫والطريق الم�ستقيم ا ّلذي يحمي الأ ّمة من‬ ‫ّ‬ ‫الأخ��ط��ار ا ّلتي تتمظهر في الداخل من مقدّ�س‪ ،‬ما يعيق الفكر من �أن يتقدّم �أو بالإ�سالم المنفتح على تط ّلعاتهم‪ ،‬في‬
‫االنحراف �أو ّ‬
‫ال�ضياع‪..‬‬ ‫وق��ت تتوق ه��ذه الجماهير ال�شا ّبة �إلى‬ ‫خالل التّكفير ّيين والغالة والخراف ّيين‪ ،‬يتط ّور‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫م�����س��ي��رت��ه ال���ج���ه���اد َّي���ة م���ن خ�ل�ال بناء‬
‫الم� َّؤ�س�سات المتن ِّوعة في لبنان وخارجه‪،‬‬
‫المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪:‬‬
‫العلمي وال َّث ِّ‬
‫قافي‬ ‫ِّ‬ ‫وم��ن خ�لال ن�شاطه‬
‫واالجتماعي؛ باحث ًا وم�ؤ ِّلف ًا‬ ‫يا�سي‬
‫�سيرورة العلم والمرجعية الحركية الجريئة‬
‫ِّ‬ ‫وال�س ِّ‬‫ِّ‬
‫وم��د ِّر���س�� ًا لأب��ح��اث ال��خ��ارج‪ ،‬ومحا�ضراً‬ ‫العالمة ال�س ّيد محمد علي ف�ضل اهلل‬
‫للقاءات متن ِّوع ٍة‪ ،‬و ُمطلق ًا‬
‫ٍ‬ ‫ومحاور ًا وعاقد ًا‬ ‫بكلّ‬
‫حب اهلل في �أعماق قلبه‪ ،‬فذاب في اهلل ِ‬ ‫عا�ش مع اهلل منذ انطالقته‪ ،‬وا�ستوطن ُّ‬
‫م��واق��ف��ه ال��ج��ري��ئ��ة ال��م��ت��ع ِ��دّدة‪� ،‬صارخ ًا‬ ‫كيانه‪ ،‬و�أفنى عمره في �سبيل اهلل وابتغاء مر�ضاته؛ علم ًا وعم ًال وجهاد ًا واجتهاد ًا‬
‫ب��ال��ح ِّ��ق‪ ،‬وداع��ي�� ًا �إل���ى ال��ع��دل‪ ،‬ومنادي ًا‬ ‫وح��وار ًا ودع��و ًة‪ ،‬وتبليغ ًا لر�ساالته بالحكمة والموعظة الح�سنة‪ ،‬وبالجدال با َّلتي هي‬
‫بالوحدة الوطن َّية والإ�سالم َّية‪ ،‬ومنا�صر ًا‬ ‫�أح�سن‪ ،‬وبالكلمة الط ِّيبة ا َّلتي �أ�صلها ثابتٌ وفرعها في ال�سماء‪.‬‬
‫لق�ضايا الم�ست�ضعفين ف��ي الأر�����ض‪،‬‬
‫وخ�صو�ص ًا الق�ض َّية الفل�سطين ِّية ا َّلتي كان‬ ‫الن�ص وا�ستيعاب مراميه‬ ‫فهم مداليل ِّ‬ ‫ال�ساطع‪:‬‬ ‫الح�ضور َّ‬
‫يرى �سماحته �أ َّنها � ُّأم الق�ضايا‪ ،‬ومحور‬ ‫أ�سا�سي في‬ ‫و�أبعاده المتن ِّوعة‪ ،‬وهذا ركنٌ � ٌ‬
‫�أمثاله حين يرحلون‪ ،‬ي��زداد ح�ضورهم‬
‫إ�سرائيلي الغا�صب‬‫ِّ‬ ‫ال�صراع مع الكيان ال‬ ‫�أ َّية عملي ٍة اجتهادي ٍة ت�ستهدف ا�ستنطاق‬ ‫توهج ًا و�إ�شراق ًا‪،‬‬ ‫�سطوع ًا و�ألق ًا‪ ،‬ونورهم ُّ‬
‫وحليفته الأولى �أمريكا‪.‬‬ ‫الن�ص وربطه بالواقع‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫نافع‬
‫وعلم ٍ‬ ‫��ض��ح ٍ‬‫نهج وا� ٍ‬ ‫بما تركوه من ٍ‬
‫وق��د ك��ان ل�سماحته م��را���س�لات �شعر َّية‬ ‫و�صدقات جارية‪ ،‬وبما �أغنوا‬ ‫ٍ‬ ‫�صالح‬
‫وعمل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫المرجع َّية الحرك َّية‪:‬‬ ‫جميلة متبادلة مع الكثيرين من �إخوانه‬ ‫وخير وجمال‪..‬‬ ‫وحق ٍ‬ ‫فكر ٍ ّ‬ ‫به الحياة من ٍ‬
‫ومن هناك �أي�ض ًا‪ ،‬قاد �سماحة العالمة‬ ‫ف��ي مواجهة اتفاقية ‪� 17‬أي���ار المخزية‬ ‫المقدّ�س ال�س ِّيد‬ ‫َ‬ ‫و�أرح��ام��ه‪ ،‬ومنهم عم ّه‬ ‫فـالعلماء ‪-‬كما ق��ال الإم���ام علي(ع)‪-‬‬
‫المرجع ال�س ِّيد ف�ضل اهلل( ُّق���ده) حركة‬ ‫�سعي ًا �إلى �إ�سقاطها‪ ،‬حين كان الكثيرون‬ ‫عبد ال َّلطيف ال��ذي �أ َّث���ر في �شخ�ص ِّيته‬ ‫»باقون ما بقي الدهر‪� ،‬أعيانهم مفقودة‪،‬‬
‫الدّين َّية والفقه َّية الحرك َّية ا َّلتي‬‫مرجع َّيته ِ‬ ‫�آنذاك ‪-‬حتى من الم�ص َّنفين كـ»وطنيين»‪-‬‬ ‫الأدب َّية والروح َّية‪..‬‬ ‫و�أمثالهم في القلوب موجودة»‪.‬‬
‫العربي‬
‫ِّ‬ ‫العالم‬ ‫مناطق‬ ‫مختلف‬ ‫امتدّت �إلى‬ ‫َ‬ ‫ُم َ�س ِّلمينَ ب��الأم��ر ال��واق��ع وم�ست�سلمين‬ ‫وه��ك��ذا‪ ..‬بين ال َّنجف الأ���ش��رف ولبنان‬ ‫تو�سم فيه والده‬ ‫منذ نعومة �أظ��ف��اره‪َّ ،‬‬
‫والإ���س�لام ِّ��ي‪ ،‬ومختلف بالد المهجر في‬ ‫���دع���وات �إل��ى‬‫ل���ه‪ ،‬وم���ن ه��ن��اك ك��ان��ت ال َّ‬ ‫‪-‬وجبل عامل خ�صو�ص ًا‪ ،-‬تك َّونت عنا�صر‬ ‫ال��م��ق َّ��د���س ال�س ِّيد عبد ال����ر�ؤوف ف�ضل‬
‫�أمريكا و�أوروبا و�أ�ستراليا وغيرها‪ ،‬عام ًال‬ ‫المقاومة الجهاد َّية الم�س َّلحة ‪-‬الإ�سالمية‬ ‫�شخ�ص ِّيته العلم َّية والفكر َّية وال َّثقاف َّية‬ ‫اهلل(ق��ده) ‪ ،‬ذكا ًء حاد ًا وفطن ًة �شديد ًة‬
‫على االرت��ق��اء بالمرجع َّية الدين َّية �إلى‬ ‫والوطنية‪ -‬تنطلق مع ك ِّ��ل �صال ٍة ودعاءٍ‬ ‫والأدب�� َّي��ة المتم ِّيزة‪ .‬لكن‪ ،‬وعلى ال َّرغم‬ ‫وروح���� ًا نقي ًة ث��ائ��رة‪ ،‬ف��ت��ع�� َّه��ده بنف�سه‪،‬‬
‫م�ستوى الم� َّؤ�س�سة المرجع َّية‪ ،‬ومرتقي ًا‬ ‫ومجل�س عزاءٍ ومحا�ضر ٍة ودر�س‪.‬‬ ‫من ن�ش�أته ال َّنجف ّية وم�شاعره المتو ِّقدة‬ ‫وال���ت���زم ت��دري�����س��ه م���راح���ل ال ِ���دّرا����س���ة‬
‫بها �إل���ى م�ستوى حمل ه��م��وم الإ�سالم‬ ‫وم�����ن ه����ن����اك‪ ،‬ك���ان���ت ت��ن��ط��ل��ق ق���واف���ل‬ ‫المقدّ�سة فيه‪ ،‬ف�إ َّنه‬ ‫الحوزو َّية المتتالية‪ ،‬ون َّمى لديه نزعة‬
‫لتوجه بنادقها وطلقاتها‬ ‫تجاه العراق والعتبات َ‬
‫والم�سلمين والم�ست�ضعفين في العالم‬ ‫المجاهدين ِّ‬ ‫عاملي الهوى‪ ،‬وقد م َّثلت اجتهاداته‬ ‫كان‬ ‫ال َتّفكير ال َّنقدي‪� ،‬إلى �أن و�صل �إلى مرحلة‬
‫ال�صهاينة المحت ِّلين‪ ،‬ومن‬ ‫�إل��ى �صدور َّ‬ ‫َّ‬
‫ك ِّله‪ ،‬ولهذا ف� َّإن مرجع َّيته المباركة تم َّيزت‬ ‫الفقه َّية وثقافته الإ�سالم َّية المنفتحة‬ ‫�سن ال�ساد�سة ع�شرة‬ ‫البحث الخارج في ِّ‬
‫باندماجها بالواقع‪ ،‬وبالت�صاقها بال َّنا�س‪،‬‬ ‫ه��ن��اك ك��ان��ت تُ�ش َّيع جثامين ُّ‬
‫ال�شهداء‬ ‫تقريب ًا‪ ،‬حيث در���س على كبار علماء‬
‫وذهن َّيته ال َّنقدية‪ ،‬ا�ستمرار ًا لنهج العلماء‬
‫وبالخبرة في �ش�ؤون الع�صر‪ ،‬وباالنفتاح‬ ‫العامل ِّيين ا َّلذين حملوا ثقافة الإ�سالم في‬ ‫ال َّنجف الأ�شرف �آنذاك‪ ،‬كال�س ِّيد مح�سن‬
‫على ال�� َّت��ط�� ُّورات العلم َّية وال ِتّكنولوج َّية‬ ‫رب���م���ا ي����م���� ُّر زم����نٌ‬ ‫خ ِّ��ط �أه��ل البيت(ع) �إل��ى �أ�صقاع العالم‬ ‫ال��ح��ك��ي��م‪ ،‬وال�����س�� ِّي��د ال��خ��وئ��ي‪ ،‬وال�سيد‬
‫المت�سارعة‪ ،‬واالعتماد على �أهل الخبرة‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫والحق‬ ‫المختلفة‪ ،‬ولم ت�أخذهم في اهلل‬ ‫محمود ال َّ�����ش��اه��رودي‪ ،‬وال�شيخ ح�سين‬
‫فيها واال�ستفادة منهم‪..‬‬ ‫طويل قبل �أن يدرك‬ ‫والمل �صدرا البادكوبي‪.‬‬ ‫الح ِّلي‪َ ،‬اّ‬
‫لومة الئم‪.‬‬
‫وم���ن ه��ن��ا‪ ،‬ك��ان��ت ف���ت���اواه ال َتّجديد َّية‬ ‫��ط��ور ال��ذي‬‫الكثيرون حجم ال�� َّت ُّ‬ ‫الم�سيرة الجهاد َّية‪:‬‬ ‫منذ بداية درا�سته في ال َّنجف الأ�شرف‪،‬‬
‫واجتهاداته الجريئة المبدعة‪� ،‬أ�صيلة‬ ‫�أحدثه �سماحة ال�س ِّيد في حركة‬ ‫احل(قدّ�س‬ ‫لقد م َّثل �سماحة المرجع ال َّر‬ ‫العلمة المرجع‪ ،‬ال�س ِّيد‬ ‫لم يكن �سماحة َاّ‬
‫ِ‬ ‫اهلل(قدّ�س �س ُّره) عالم ًا تقليدياً‬
‫المنطلقات‪ ،‬عميقة الغور‪ ،‬وا�سعة المدى‪،‬‬ ‫�س ُّره) نموذج ًا م�شرق ًا للعلماء }ا َّل ِذينَ‬ ‫ِ‬ ‫ف�ضل‬
‫تنفتح ب��ال��دي��ن والإ����س�ل�ام على ق�ضايا‬ ‫ال��م��رج��ع�� َّي��ة وم��ن��ه��ج�� َّي��ة العقل‬ ‫يكتفي بما يدر�سه في متون الكتب‪ ،‬بل‬
‫ُي َب ِّل ُغونَ ر َِ�سالاَ ِت َهّ ِ‬
‫الل َو َيخْ َ�ش ْو َن ُه َولاَ َيخْ َ�ش ْونَ‬ ‫انفتح على ِّ‬
‫وتحدّياته‪ ،‬وتواجه الإ�شكاالت التي‬ ‫الع�صر ِ‬ ‫االجتهادي و�آفاقه‬ ‫الل{ فتم َّيز ب�شجاعته وفدائ َّيته‬ ‫�أَ َحد ًا �إِ َاّل َهّ َ‬ ‫كل ما يتو َّفر له من م�صادر‬
‫يفرزها الواقع المتط ِّور علمي ًا وتكنولوجي ًا‬ ‫في اقتحام ميادين العلم والجهاد في‬ ‫المعرفة‪ ،‬مما كان ي�أتي من م�صر‪ ،‬ومن‬
‫مت�سارع غير م�سبوق‪ ..‬ومنها على‬ ‫ب�شكل‬
‫ٍ‬ ‫الأب������رار‪ ،‬ح�� َتّ��ى ت���ح��� َّول م�سجد الإم���ام‬ ‫لبنان الذي لم ينقطع عنه وعن ال َتّوا�صل‬
‫ٍ‬ ‫العلمة ال َّراحل‪� ،‬إلى‬ ‫الر�ضا(ع) و�إمامه َاّ‬ ‫مختلف ال��� َّ��س��اح��ات العلم َّية والفكر َّية‬
‫�سبيل المثال‪ ،‬ر�أي���ه ف��ي �إث��ب��ات بدايات‬ ‫وال�� َّث��ق��اف�� َّي��ة وال��� ِّ��س��ي��ا���س�� َّي��ة واالجتماع َّية‬ ‫مع بيئته ال َّثقاف َّية والفكر َّية والأدب َّية‪،‬‬
‫الأ�شهر الهجر َّية والأع��ي��اد الإ�سالم َّية‪،‬‬ ‫الحركي المجاهد‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ورمز للإ�سالم‬ ‫مركز ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وخ�صو�ص ًا في جبل عامل‪ ،‬منبت العلماء‬
‫ولهذا ا�ستهدفته المخابرات المركز َّية‬ ‫وال َتّربو َّية‪..‬‬
‫الفلكي‬
‫ِّ‬ ‫باال�ستناد �إلى علم الفلك �أو قول‬ ‫فعندما رج��ع م��ن ال��ع��راق وا���س��ت��ق�� َّر في‬ ‫وال�شعراء المبدعين‪،‬‬ ‫المجدّدين والأدباء ُّ‬ ‫ِ‬
‫بتو ُّلد الهالل مع �إمكان َّية الر�ؤية‪.‬‬ ‫الأمريك َّية‪ ،‬وحاولت اغتياله عبر عمل َّي ٍة‬ ‫وم���ن ه��ن��ا‪ ،‬ت��ف�� َّت��ح��ت م��ل��ك��ات��ه الأدب��� َّي���ة‬
‫�إرهاب َّي ٍة ب�شع ٍة‪ ،‬ذهب �ضح َّيتها ع�شرات‬ ‫لبنان‪� ..‬أقام في منطقة النبعة وبرج حمود‪،‬‬
‫وف��ي ه��ذا المجال‪ ،‬ك��ان �سماحة ال�س ِّيد‬ ‫مذهب‬ ‫حيث ح��زام الب�ؤ�س ال يم ِّيز بين‬ ‫�سن مبكرة‪،‬‬ ‫ال�شعر في ٍ‬ ‫وال�شعر َّية‪ ،‬فنظم ِّ‬
‫الرجال‬ ‫ال�شهداء ومئات الجرحى من ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫(قده) ي� ِّؤكد دائم ًا �أ َّنه لن يجامل ا�ستكبار ًا‬ ‫و�آخ���ر �أو بين طائف ٍة و�أخ���رى‪ ،‬م�شاركاً‬ ‫وه��و م��ا �أخ���ذه عليه بع�ض ال َتّقليديين‬
‫ولو كان في م�ستوى �أمريكا و�إ�سرائيل‪،‬‬ ‫مبا�شر من‬‫ٍ‬ ‫وال ِن�ساء والأطفال‪ ،‬وذلك بقرا ٍر‬ ‫ّ‬ ‫بحجة �أ َّنه‬‫الجامدين في الحوزة �آنذاك‪َّ ،‬‬
‫رئي�سها ويليام كاي�سي‪ ،‬وبموافق ٍة مبا�شر ٍة‬ ‫الفقراء والمحرومين والم�ست�ضعفين‬
‫ول��ن يجامل الخراف ِّيين والمتخ ِّلفين‪..‬‬ ‫من ك ِّ��ل المذاهب والطوائف معاناتهم‬ ‫ي�شغله عن ال َتّح�صيل العلمي‪.‬‬
‫لل�صراع‬ ‫ومن هنا م َّثلت مرجع َّيته عنوان ًا ِّ‬ ‫وبتمويل‬
‫ٍ‬ ‫من ال َّرئي�س الأمريكي ريغان‪،‬‬ ‫ول��ك�� َّن��ه(ق ِ��ده) ‪-‬وم��ن��ذ تلك المرحلة‪-‬‬
‫من دول�� ٍة خليجي ٍة كبرى‪ ،‬وم�شارك ٍة من‬ ‫و�أح�لام��ه��م‪� ..‬آالم��ه��م و�آم��ال��ه��م‪ ..‬عام ًال‬
‫والمتجمدة‬
‫ِّ‬ ‫المتحجرة‬
‫ِّ‬ ‫م��ع ال�� َتّ�� َّي��ارات‬ ‫على موا�ساتهم وال َتّخفيف عنهم‪ ،‬و�ساعي ًا‬ ‫ل��م ي��ك��ن الإن�����س��ان ال���ذي ي��ت��راج��ع عن‬
‫ّ‬
‫والمغالية‪ ،‬التي يم ِثلها �أن�صار الخرافات‬ ‫ا�ستخبارات‬
‫ٍ‬ ‫المو�ساد الإ�سرائيلي و�أجهزة‬ ‫قناعاته تحت �ضغط الأع���راف البالية‬
‫محل َّي ٍة و�إقليم َّي ٍة عديدة‪ ..‬ف�سماحته �أ�صبح‬ ‫�إل���ى االرت��ق��اء بم�ستوى معي�شتهم نحو‬
‫وحرا�س ال َتّخ ُّلف‪..‬‬ ‫الأف�ضل‪..‬‬ ‫المتحجرة‪ ،‬ولذا راجع ع َّمه‬ ‫ِّ‬ ‫�أو القناعات‬
‫د(قده) نموذجاً‬ ‫�شكل خطر ًا‬ ‫مزعج ًا ل�سيا�ساتهم‪ ،‬وبات ُي ِّ‬ ‫المقدّ�س ال�س ِّيد مح ّمد �سعيد م�ستغرب ًا‬
‫لقد م َّثل �سماحة ال�س ِّي ِ‬ ‫على َّ‬ ‫ومن ال َّنبعة وبرج حمود في �ضاحية بيروت‬ ‫َ‬
‫م�شرق ًا للمراجع والعلماء ال َّربان ِّيين ا َّلذين‬ ‫مخططاتهم الإ�ستكبار َّية العدوان َّية‪،‬‬ ‫برمته‪ ،‬وا�ستن�صحه فيه‪ ،‬ف�أق َّره‬ ‫الأم��ر َّ‬
‫} َو َق ْد َم َك ُروا َم ْك َرهُ ْم َو ِع ْندَ ا ِ‬
‫هلل َم ْك ُرهُ ْم‬ ‫ال َّ�����ش��رق�� َّي��ة‪� ،‬إل���ى بئر العبد ف��ي �ضاحية‬
‫هم حق ًا ورثة الأنبياء وال ُّر�سل‪ ،‬وربما يم ُّر‬ ‫الجنوب َّية‪ ،‬حيث م َّثل من م�سجده؛‬ ‫بيروت َّ‬ ‫اهتمام‬
‫ٍ‬ ‫�سماحته على ما هو عليه من‬
‫زمنٌ طوي ٌل قبل �أن يدرك الكثيرون حجم‬ ‫ُ‬
‫الج َبال{‬ ‫ُول ِم ْن ُه ِ‬‫َو�إِنْ َك��انَ َم ْك ُرهُ ْم ِل�� َت��ز َ‬ ‫وال�شعر‪ ،‬م�شير ًا �إلى مدى �إ�سهام‬ ‫بالأدب ِّ‬
‫(�إبراهيم‪ ..)46:‬ف�أنجاه اهلل تعالى ب ُلطفه‬ ‫الر�ضا(ع)‪ ،‬قلب الحالة‬ ‫م�سجد الإم��ام ِّ‬
‫ال َتّط ُّور الذي �أحدثه في حركة المرجع َّية‬ ‫الإ�سالم َّية ال َّناب�ض‪ ،‬وعقلها اال�ستراتيجي‬ ‫ذلك في �صقل الذائقة الأدب َّية‪ ،‬وتعميق‬
‫��ادي و�آف��اق��ه‪،‬‬
‫ومنهج َّية العقل االج��ت��ه ِّ‬ ‫ليكمل م�سيرة الوعي والعلم والجهاد‪.‬‬ ‫المعرفة بخفايا ال ُّلغة و�أ�سرار البالغة‬
‫الر�ضا(ع) في بئر‬ ‫ومن م�سجد الإم��ام ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بالحق‬ ‫ال�صارخ‬ ‫المفكر‪ ،‬و�صوتها المقاوم َّ‬ ‫ِّ‬
‫ف�ض ًال عن ال َتّفا�صيل الفقه َّية والكالم َّية‬ ‫ف��ي م��واج��ه��ة ال��ظ��ل��م واالح���ت�ل�ال‪ ،‬ومن‬ ‫و�أل����وان ال��ب��ي��ان‪� ،‬إ���ض��اف�� ًة �إل���ى دوره في‬
‫والفكر َّية المتن ِّوعة‪.‬‬ ‫العبد‪� ،‬إلى م�سجد الإمامين الح�سنين(ع)‬ ‫ت�أ�صيل العمل َّية االجتهاد َّية وتعميقها‪،‬‬
‫في حارة حريك‪ ..‬كان �سماحته يوا�صل‬ ‫ال�شهير‬ ‫هناك‪ ،‬قاد �سماحته االعت�صام َّ‬
‫م��ن خ�لال زي���ادة ق���درة المجتهد على‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪4‬‬
‫الحوار الإ�سالمي ـ الم�سيحي في فكر المرجع ف�ضل اهلل‬
‫تح�صل بين �أت��ب��اع هاتين الدّيانتين‪،‬‬ ‫�أما الحوار القائم في العالم على م�ستوى‬ ‫لطالما كان لمو�ضوع الحوار الإ�سالمي ـ الم�سيحي �أهم َّية كبيرة‪ ،‬باعتبار‬
‫وا ّل��ت��ي ت��رت��ب��ط ف��ي غالبها ب�صراعات‬ ‫الدّرجة التي‬‫الدائرة ال�سيا�س َّية‪ ،‬فلم يبلغ َ‬ ‫� َّأن الإ�سالم والم�سيح َّية هما الديانتان الأكبر في العالم‪ ،‬على م�ستوى عدد‬
‫الظرف َّية‪،‬‬ ‫وال�سلطة والم�صالح ّ‬ ‫ال�سيطرة ّ‬ ‫َّ‬ ‫وجه‬ ‫يمكن �أن تبني حركة م�شتركة‪ ،‬وقد َّ‬ ‫معتنقيهما‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى �أهم َّية ت�أكيد ال ّلقاء وال َتّوا�صل بين �أتباعهما‪ ،‬في‬
‫ال بالخالفات ال��دي��ن�� َّي��ة �أو الالهوت َّية‪،‬‬ ‫�سماحة المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‬ ‫ظ ّل حركة القوى الدول َّية التي ت�ستغ ّل التن ّوع الدّيني َّ‬
‫والطائفي في المنطقة العرب َّية‬
‫��ري ل�ل�إ���س�لام �أو‬ ‫�أو بالم�ضمون ال��ف��ك ّ‬ ‫خطاب ًا تاريخ ّي ًا �إلى بابا الفاتيكان ال َّراحل‪،‬‬ ‫والإ�سالم َّية‪ ،‬من �أجل تحقيق م�شاريعها في هذه البقعة اال�ستراتيج َّية التي تعتبر مهد‬
‫الفكري للم�سيح َّية‪ ...‬لذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الم�ضمون‬ ‫دعاه فيه �إلى ال ِّلقاء على عنوانين؛ العنوان‬ ‫الدّيانات التوحيد َّية‪ ،‬و�أر�ض ال ّر�سل والأنبياء‪.‬‬
‫ِ‬
‫يدعو �سماحته �إل��ى فهم ال�� َّت��اري��خ فهماً‬ ‫الأول‪ ،‬هو الإي��م��ان في مقابل الإلحاد‪،‬‬
‫جديد ًا‪ ،‬ودرا�سته درا�س ًة مت�أ ّني ًة وعقالن َّية‬ ‫والعنوان الثاني هو مواجهة اال�ستكبار‬
‫ال�صورة في هذا‬ ‫تعطي الكثير من و�ضوح ّ‬ ‫ال��ذي يقف في مقابل اال�ست�ضعاف‪� ،‬أو‬
‫ال��ج��ان��ب‪ ،‬لتخ ِّفف م��ن �ضغط روا�سبنا‬ ‫دعم العدل في مقابل الظلم‪...‬‬
‫ا ّلتي ورثنا فيها الحقد والخوف وال َتّعقيد‬ ‫�سوء فهم م�شترك‪:‬‬
‫وم��ا �إل��ى ذل��ك‪ ،‬حتى ن�ستطيع ت�صحيح‬ ‫ويعتبر �سماحة ال�����س�� ِّي��د(ره) � َّأن هناك‬
‫�أو�ضاعنا‪ ،‬واالنفتاح على الآخرين‪.‬‬ ‫نوع ًا من �سوء الفهم يتع ّلق بما يراه بع�ض‬
‫االلتقاء على القيم‪:‬‬ ‫الم�سلمين من � َّأن الغرب ك ّله م�سيحي‬
‫ويدعو �سماحته(ره) �إل��ى االنفتاح على‬ ‫في �سيا�سته‪ ،‬في حين � َّأن الغرب علماني‬
‫بع�ض �أحا�سي�س وم�شاعر الإي��م��ان عند‬ ‫ولي�س م�سيحي ًا‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف� َّإن الكنائ�س في‬
‫الم�سيح ِّيين‪ ،‬وا َّلتي تم ّثل قا�سم ًا م�شترك ًا‬ ‫الغرب ال تملك الكثير من الجماهير‪ ،‬ل َّأن‬
‫بينهم وبين الم�سلمين‪ ،‬انطالق ًا من قوله‬ ‫الغرب �أ�صبح يلتزم العلمان َّية ويرف�ض‬
‫َاب َت َعا َل ْوا ِ�إ َلى‬ ‫تعالى‪ُ } :‬ق ْ��ل َيا �أَ ْه َ��ل ِ‬
‫الكت ِ‬ ‫الدّين‪� ،‬إ ّال من خالل بع�ض ال َّنا�س الذين‬ ‫ِ‬ ‫تحدّيات الحوار والعي�ش الم�شترك‪:‬‬
‫َك ِل َم ٍة َ�س َواءٍ َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم �أَ َاّل َن ْع ُبدَ ِ�إ َاّل اهللَ‬ ‫كل من‬ ‫وفي الإ�سالم‪� ،‬أو ق�ض َّية العدل في ٍ ّ‬
‫قد ي���أخ��ذون بالم�سيح َّية في منا�سبات‬ ‫وق��د اه��ت َّ��م �سماحة ال��ع�لام��ة المرجع‪،‬‬
‫َولاَ ُن ْ�ش ِر َك ِب ِه َ�ش ْي ًئا َولاَ َي َت ِّخ َذ َب ْع ُ�ض َنا َب ْع ً�ضا‬ ‫تقليد َّية كالأعياد �أو ما �أ�شبه ذلك‪.‬‬ ‫الدّيانتين‪ ،‬في حين تن�شط في الغرب‪ ،‬مثل‬ ‫ِ‬
‫هذه الحوارات ا َّلتي تتناول هذه الق�ضايا‪،‬‬ ‫ال�س ِّيد مح َّمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫هلل{(�آل عمران‪.)64 :‬‬ ‫ُون ا ِ‬ ‫�أَ ْر َبا ًبا ِمنْ د ِ‬ ‫وقد �أ َّكد المرجع ف�ضل اهلل(ره) � َّأن على‬ ‫بهذا المو�ضوع‪ ،‬من خالل انفتاحه على‬
‫وي� ِّؤكد المرجع ف�ضل اهلل(ره) � َّأن الإ�سالم‬ ‫ينظمها الم�سلمون والم�سيح ُّيون‪،‬‬ ‫وا َّلتي ِّ‬
‫الم�سلمين‪� ،‬أ ّال يح�سبوا على الم�سيح َّية‬ ‫الواقع المتن ّوع في لبنان والمنطقة‪ ،‬فكان‬
‫ال يعتبر الم�سيح ِّيين م�شركين‪ ،‬بل اعتبرهم‬ ‫ما ي�صدر من الغرب الأمريكي �أو الغرب‬ ‫ويتحدثون فيها عن العناوين الكبرى‪،‬‬
‫�سواء على م�ستوى القيم الم�شتركة بين‬ ‫له العديد من الكتابات والمحا�ضرات‬
‫موحدين‪ ،‬فيقول اهلل تعالى‪َ } :‬ولاَ ت َُجا ِد ُلوا‬ ‫ِّ‬ ‫الأوروب������ي م��ن م��ظ��ال��م ت��م��ث��ل �سيا�سته‬
‫َ‬ ‫ال�ش�أن‪ ،‬كما انفتح على ال ِّلقاء‬ ‫في هذا َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َاب �إِل ِبال ِتي ِه َي �أ ْح َ�سنُ �إِل ال ِذينَ‬ ‫َ‬ ‫اّ‬ ‫َ‬ ‫الكت ِ‬ ‫�أَ ْه َل ِ‬ ‫اال���س��ت��ك��ب��اري��ة‪ ،‬ك��م��ا دعا‬ ‫الم�سلمين والم�سيح ِّيين‪� ،‬أو القيم التي‬
‫م��ع َّ‬
‫ال�شخ�ص َّيات ال��روح�� َّي��ة الم�سيح َّية‬
‫ُ‬
‫َظ َل ُموا ِم ْن ُه ْم َو ُقو ُلوا �آَ َم َّنا ِبا َّل ِذي �أ ْن ِز َل ِ�إ َل ْي َنا‬ ‫يختلف فيها الم�سلمون عن الم�سيح ِّيين‪.‬‬
‫ف���ي ح��ي��ن ال ن��ج��د ه��ن��اك ح�����وار ًا حول‬ ‫ف��ي لبنان وال��غ��رب‪ ،‬حيث ك��ان �سماحة‬
‫َو�أُ ْن ِ��ز َل ِ�إ َل ْي ُك ْم َو ِ�إ َل ُه َنا َو ِ�إ َل ُه ُك ْم َو ِاح ٌد َو َن ْحنُ‬ ‫ال��ح��وار ه��و الأ�سا�س‬
‫الق�ضايا التي تتع َّلق بالالهوت‪� ،‬إال في‬ ‫ال�����س�� ِّي��د(ره) رائ��د ال��ح��وار الإ�سالمي‪-‬‬
‫َل ُه ُم ْ�س ِل ُمونَ {(العنكبوت‪ .)46 :‬كما � َّأن‬ ‫في تفاهم الح�ضارات‬
‫دوائر محدودة‪.‬‬ ‫الم�سيحي‪ ،‬في �سبيل الو�صول �إلى كلم ٍة‬
‫الم�سلمين ي�ؤمنون بالإنجيل وبال َتّوراة‬
‫ولقاء الأديان‪ ..‬والإ�سالم ال يعتبر‬ ‫ال�سيا�سي‪:‬‬
‫الحوار ّ‬ ‫�سواء ت� ِّؤكد الم�شترك الإن�ساني‪ِ ،‬‬
‫وتعزّز‬
‫كما ي���ؤم��ن��ون ب��ال��ق��ر�آن ال��ك��ري��م‪ ،‬وهناك‬
‫الم�سيح ّيين م�شركين‬ ‫الدّائرة ال�سيا�س َّية‪،‬‬ ‫والدّائرة الثانية هي َ‬ ‫َ‬ ‫واقع ال َتّعاي�ش‪ ،‬في خدمة ق�ضايا العدل‬
‫كثير‬
‫قوا�سم م�شتركة مع �أهل الكتاب في ٍ‬
‫وهي ا َّلتي تغلب على الحوار الإ�سالمي‪-‬‬ ‫والإن�سان في العالم‪.‬‬
‫��ام��ة‪ ،‬و�إن ك��ان هناك‬ ‫م��ن الخطوط ال��ع َّ‬
‫ً‬ ‫بالطريقة‬ ‫�إل��ى ح��وار �إ�سالمي ـ م�سيحي َّ‬ ‫الم�سيحي في لبنان‪ ،‬لجهة تحديد حقوق‬ ‫وي��� ِّؤك��د �سماحته � َّأن الحوار الإ�سالمي ـ‬
‫اختالفات من حيث ال َتّفا�صيل‪ ،‬تماما كما‬
‫المو�ضوع َّية العقالن َّية‪ ،‬بحيث يحاول‬ ‫الم�سلمين وحقوق الم�سيح ِّيين في لبنان‪،‬‬ ‫الدّائرة‬‫الم�سيحي ينطلق في دائرتين‪َ :‬‬
‫هي االختالفات بين الم�سيح ِّيين �أنف�سهم‪،‬‬
‫الم�سيح ّيون درا�سة الإ�سالم من م�صادره‬ ‫على الم�ستوى ال�سيا�سي‪ ،‬وعلى م�ستوى‬ ‫الدّائرة العقيد َّية التي ترتبط‬ ‫الأولى‪ ،‬هي َ‬
‫�أو بين الم�سلمين �أنف�سهم‪.‬‬
‫مع االختالفات الموجودة في داخله‪ ،‬كما‬ ‫الطبيعي �أن‬ ‫االنتخابات النياب َّية‪ ،‬ومن َّ‬ ‫التج�سد‬
‫ّ‬ ‫بالالهوت‪ ،‬وهو ما يتع ّلق بعالم‬
‫وكما �أنّ الم�سيح ّية مح ّبة‪ ،‬ف�إنّ الإ�سالم‬
‫يحاول الم�سلمون �أي�ض ًا درا�سة الم�سيح َّية‬ ‫يدخل ذلك في ق�ض َّية عالقة الم�سيح ِّيين‬ ‫وال�صلب وعالم ال َتّكفير عن الخطايا‪..‬‬ ‫َّ‬
‫رحمة‪ ،‬وال َّبد لهما من البحث عن نقاط‬
‫في مذاهبها واختالفاتها‪.‬‬ ‫بالغرب‪ ،‬وعالقة الم�سلمين به‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫وما �إلى ذلك مما تعتقده الم�سيح َّية وال‬
‫ال ّلقاء‪ ،‬ليدخال �إلى العقل والقلب كفكرين‬
‫بطريق ٍة ممنهج ٍة وعلم َّية‪ ،‬ال ّ‬ ‫وقد دعا �سماحته(ره) الم�سيح ِّيين �إلى‬ ‫ف���� َّإن ال��ح��وار الإ�سالمي ـ الم�سيحي في‬ ‫يعتقده الإ�سالم‪ ،‬فالإ�سالم والم�سيح َّية‬
‫بالطريقة‬
‫درا���س��ة الإ����س�ل�ام‪ ،‬ب��ع��ي��د ًا ع��ن ال َتّ�شويه‬ ‫لبنان ـ كما ي��راه �سماحة ال�س ّيد(ره) ـ‬ ‫في ال��خ ِّ��ط العقيدي ال َّثقافي يلتـزمان‬
‫اال�ستعرا�ض ّية والإع�لان�� ّي��ة ال��ت��ي تغ ّيب‬
‫والأف����ك����ار ال��ن��م��ط�� َّي��ة‪ ،‬ح��� َّت���ى يتب َّينوا‬ ‫هو حوار �سيا�سي‪� ...‬أما ما يثيره البع�ض‬ ‫ال�� َتّ��وح��ي��د‪ ،‬ول��ك��ن ت��ف��ا���ص��ي��ل الم�س�ألة‬
‫حقيقي‬
‫ّ‬ ‫جوهر القيمة وال تو�صلها ب�شكل‬
‫حقيقته‪،‬كما دعا الم�سلمين �أي�ض ًا �إلى �أن‬ ‫عن هجر ٍة م�سيح َّية‪ ،‬فيعتبر �سماحته � َّأن‬ ‫التوحيد َّية تختلف في الم�سيح َّية ع ّما هي‬
‫وعميق‪.‬‬
‫يقدّموا للم�سيح ِّيين الحقائق الموجودة‬ ‫ِ‬ ‫الم�س�ألة غير دقيقة‪ ،‬ل َّأن الهجرة ال‬ ‫في الإ�سالم‪ ،‬ثم بعد ذلك تمت ُّد الم�س�ألة‬
‫لقد �أ َّكد �سماحة ال�س ِّيد(ره) �ضرورة �أن‬
‫ال يبقى الحوار في �إط��ار َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ف��ي الإ���س�لام‪ ،‬م���ؤك��دا ���ض��رورة �أن يكون‬ ‫تقت�صر على الم�سيح ِّيين‪ ،‬بل‬ ‫�إل��ى م�س�ألة القيم الروح َّية والأخالق َّية‬
‫ال�شكل‪ ،‬بل �أن‬
‫ّ‬ ‫الحوار هو الأ�سا�س في تفاهم‬ ‫ت�شمل الم�سلمين �أي�ض ًا‪ ،‬ل َّأن �أحد‬ ‫التي تتم َّيز بها الم�سيحية ويتم َّيز بها‬
‫المتحرك الذي‬ ‫ِّ‬ ‫يتعدّاه �إل��ى الم�ضمون‬ ‫َ‬
‫ال���ح�������ض���ارات وف����ي تالقي‬ ‫�أ�سبابها الرئي�س َّية‪ ،‬هو العوامل‬ ‫الإ���س�لام‪ ،‬وتلتقي فيها الدّيانتان على‬
‫يعمل على تحريك عقل الإن�سان في اتجاه‬
‫الأديان‪.‬‬ ‫االقت�صاد َّية‪ ،‬ال ال�سيا�س َّية فقط‬ ‫�أكثر من ثمانين في المائة‪.‬‬
‫بغ�ض ال ّنظر‬ ‫ا�ستنطاق المفاهيم وتم ّثلها‪ّ ،‬‬
‫عن انتمائها ّ‬ ‫كما يعتبر ال�س ِّيد ف�ضل اهلل‬ ‫كما قد يتخ َّيل البع�ض‪ ،‬بل � َّإن‬ ‫وعندما يتناول ال�سيد ف�ضل اهلل(ره)‬
‫ّيني‪ ،‬لي�صبح‬ ‫ائفي والد ّ‬‫الط ّ‬
‫الدّين م�ساح ًة لاللتقاء والإبداع والترقيّ‬ ‫� َّأن الكثير من الم�شاكل في‬ ‫الم�شاكل ال�سيا�س َّية‪ ،‬قد تكون‬ ‫الواقع في هذا المجال‪ ،‬يالحظ �أ َّنه في‬
‫ال��واق��ع بين الم�سيح َّية‬ ‫م��وج��ودة ع��ن��د الم�سلمين‬ ‫لبنان ـمث ًالـ ال نجد ح��وار ًا على م�ستوى‬
‫الإن�ساني‪.‬‬
‫والإ������س��ل��ام‪ ،‬ناتجة‬ ‫ب�شكل‬
‫ٍ‬ ‫وعند الم�سيح ِّيين‬ ‫الدّائرة العقيد َّية‪ ،‬كما �أ َّننا ال نجد حديث ًا‬ ‫َ‬
‫من التّعقيدات ا ّلتي‬ ‫مت�سا ٍو‪.‬‬ ‫عن م�س�ألة حقوق المر�أة في الم�سيح َّية‬

‫‪5‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫المرجع فضل الله(ره)‪ :‬محطات من سيرة حياته ومسيرة جهاده‬

‫السيد(ره)‬
‫شخصية ّ‬
‫ّ‬ ‫حوار عن الحزن واألمل‪ ..‬والحياة واإلنسان في‬
‫مشاهد من ذكريات الطفولة وآفاق النشأة في النجف األشرف‬
‫العلمائية وغيرها‪ ،‬ف�إنهم يلطمون على‬ ‫تن�ش ��ر “بينات” �سل�س ��لة حوارات مع �س ��ماحة املرجع املقد�س ال�س� � ّيد حممد‬
‫�صدورهم ور�ؤو�سهم وما �إلى ذلك‪ .‬وكنت‬ ‫ح�س�ي�ن ف�ض ��ل اهلل(ره)‪� ،‬أجريت يف ال�س ��نوات الأخرية من حياته ال�ش ��ريفة‪،‬‬
‫�أت��ح��دث ع��ن ال�شخ�صية البكائية التي‬ ‫وحتدي ��داً يف عام � ّ�ي ‪ 2006-2007‬تتناول حمطات من �س�ي�رته وم�س�ي�رته‪ ،‬وتفتح‬
‫ت��ح��اول �أن تجد منا�سبات البكاء بغير‬ ‫�آف ��اق الذكري ��ات على كل �س ��احات علمه وجهاده‪ ،‬يف حماور متن ّوعة‪ ،‬تلقي ال�ض ��وء على‬
‫فرادة وعمق هذا ال�شخ�صية اال�ستثنائية التي �سبقت ع�صرها‪ ،‬وم ّثلت حركة التجديد‬
‫ما يوحي به البكاء في هذا المجال من‬ ‫يف املرجعية والفكر الإ�سالمي‪ ،‬وفتحت للأ ّمة �آفاق امل�ستقبل‪...‬‬
‫الأمور التي تحدث ب�شكل طبيعي للنا�س‪،‬‬
‫وه���ذا رب��م��ا انعك�س �أك��ث��ر م��ا ي��ك��ون عل‬ ‫�إلى ذلك‪.‬‬ ‫في هذه الحلقة من الحوار الذي اجرته‬
‫ال��ع��راق‪ ،‬باعتبار الأح���داث التي عا�شها‬ ‫ـ رب��م��ا يعني ذل��ك �أن ن��وع�� ًا م��ن فل�سفة‬ ‫الكاتبة وال�صحف ّية منى �سكر ّية‪ ،‬يتحدث‬
‫النا�س هناك �إلى درجة �أن العراقي يعي�ش‬ ‫الحزن تطورت لديكم مع مرور الزمن؟‬ ‫���س��م��اح��ة ال�����س�� ّي��د(ره) ع��ن ج��ان��ب من‬
‫البكاء حتى في غنائه‪ ،‬فالغناء العراقي‬ ‫ـ ثم انطلقت الم�س�ألة بعد ذلك لت�صبح‬ ‫ذك��ري��ات الطفولة والن�ش�أة في النجف‬
‫هو غناء بكائي‪ ،‬حتى �أن تجويد القر�آن‬ ‫م�س�ألة الحزن ال��ذي يت�صل بانفعاالتي‬ ‫الأ�شرف‪ ،‬كما يتطرق �إلى عناوين تتناول‬
‫في العراق هو تجويد بكائي‪.‬‬ ‫وم�شاعري تجاه الأو���ض��اع العامة التي‬ ‫ال��ح��ي��اة‪ ,‬الإن�����س��ان‪ ,‬الأل���م والأم���ل وقلق‬
‫ـ رم���ز ال���ح���زن‪ ،‬وه���و ال���م���وت‪ ،‬ن���راه في‬ ‫ي��ع��ي�����ش��ه��ا ال��م�����س��ل��م��ون م���ن �أو�ضاعهم‬ ‫المعرفة‪...‬‬
‫ق�صيدتكم “ن�شيد الموت”‪� ،‬إذ نلحظ‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬وال �سيما بالن�سبة �إلى الق�ضية‬ ‫الحـزن النبيـل‪:‬‬
‫نوع ًا من التدوير لم�س�ألة الموت‪ ،‬وك�أن‬ ‫الفل�سطينية‪ ،‬حيث كانت هذه الأحداث‬
‫مظهر الموت ما هو �إال دنيا �أخرى �سنطل‬ ‫الجغرافي القا�سي في النجف‪...‬‬ ‫ـ نلحظ في �أدائكم الخطابي‪ ،‬وفي مالمح‬
‫التي تواجهنا في و�سائل الإعالم‪ ،‬تغر�س‬ ‫مح ّياكم‪ ،‬نوع ًا من مالمح الحزن النبيل‪،‬‬
‫بها على عالم ال�سعادة والكمال‪...‬‬ ‫ـ لقد قلت �إنه ال يبعد �أن تكون حالة رمادية‪،‬‬ ‫في داخل نفو�سنا �ألم ًا �سيا�سي ًا‪� ،‬إذا ّ‬
‫�صح‬
‫ـ �إنها تمثل التداعيات التي تهجم على‬ ‫لأنني بين وقت و�آخر �أحاول �أن �أجد الأمل‬ ‫هل �إنها تعود �إلى جانب تربوي ديني‪� ،‬أم‬
‫التعبير‪ ،‬و�ألم ًا ر�سالي ًا‪ ،‬وال �سيما �أنني كنت‬ ‫�أنها جزء من طبيعة �شخ�صيتكم؟‬
‫م�شاعر الإن�سان ب�شكل فو�ضوي وب�شكل‬ ‫في قلب الألم‪ ،‬والتفا�ؤل في قلب الت�شا�ؤم‪،‬‬ ‫منذ بداية حياتي �إ�سالمي ًا يفكر بالإ�سالم‬
‫�ضاغط ف��ي ه��ذا ال��م��ج��ال‪ ،‬وق�صيدتي‬ ‫وهذا ما عبرت عنه في �إحدى ق�صائدي‬ ‫ـ �أو ًال‪� ،‬أنا ع�شت طفولتي وكانت طفول ًة‬
‫على م�ستوى العالم‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫يائ�س ًة‪ ،‬يعني كانت ال تنفتح على ما ينفتح‬
‫“ربي رحماك” تعتبر �أن ًة و�صرخ ًة‪.‬‬ ‫عندما قلت‪“ :‬ف�أنا �أخلق وح��دي‪ /‬و�أرى‬
‫ـ �إلى �أي مدى �ساعد التلوين الحزين في‬ ‫اللذة في �أعماق حزني”‪ .‬يعني ربما كان‬ ‫عليه الطفل ف��ي م�س�ألة اللهو واللعب‬
‫�صوتكم في مجال قراءة الأدعية؟‬ ‫الأل��م ف َّ��ي طفولي ًا في بداياته‪ ،‬و�شبابي ًا‬ ‫كنا نر�صد بحزن و�ألم‬ ‫واالنفتاح على الحياة‪ ،‬نتيجة الجو الخانق‬
‫ـ �أنا �أعتبر �أن م�س�ألة ال�صوت نعمة من اهلل‬ ‫في امتداداته‪ ،‬ولكنه �أ�صبح ر�سالي ًا بعد‬ ‫واقع التخلف لدى الم�سلمين‪ ،‬بما‬ ‫الذي كنا نعي�شه ويعي�شه كل الأطفال في‬
‫�سبحانه وتعالى‪ ،‬ومن الطبيعي �أن يح ِّرك‬ ‫�أن �صرت �أواجه الم�س�ؤوليات العامة في‬ ‫النجف التي هي بلد تقليدي‪ ،‬فال يوجد‬
‫يف�سح في المجال للخرافة �أن‬ ‫فيها فر�ص للأطفال‪ ،‬بحيث يعبرون عن‬
‫الإن�سان هذا ال�صوت في المناجاة وفي‬ ‫الحياة‪.‬‬
‫الدعاء مث ًال‪ ،‬وحتى �أنني كنت في بع�ض‬ ‫ـ بالرغم من �أنكم كنتم في بلد الحزن‪،‬‬ ‫تدخل ب�شكل مقد�س‪ ،‬وللتخلف‬ ‫م�شاعرهم و�أحا�سي�سهم وتطلعاتهم‪ .‬كما‬
‫الحاالت �أتق َّم�ص �شخ�صية قارئ التعزية‪.‬‬ ‫ومجتمع التقاليد ال�شيعية ذات المنحى‬ ‫�أن يفر�ض نف�سه على مواجهة‬ ‫�أننا كنا نعي�ش حالة قا�سية من الفقر‪،‬‬
‫لذلك كانت م�س�ألة الحزن م�س�ألة ربما‬ ‫البكائي‪...‬‬ ‫وك��ان ذل��ك يظهر على مالب�سنا وعلى‬
‫المفاهيم الإ�سالمية‬
‫يعي�شها الإن�����س��ان ب�شكل ال �شعوري في‬ ‫طعامنا و�شرابنا وما �إلى ذلك‪.‬‬
‫�أعماقه‪.‬‬ ‫ف�إنه يعي�ش في داخ��ل نف�سي الكثير من‬ ‫�إلى جانب ذلك‪ ،‬نحن كنا نعي�ش في بلد‬
‫الحزن والإن�سانية‪:‬‬ ‫��ي‬
‫رب��م��ا ك���ان الأل����م ف َّ‬ ‫حاالت الألم على الواقع الإ�سالمي في كل‬ ‫الحزن‪ ،‬فنحن نواجه مث ًال في موا�سم‬
‫ـ ي��رى البع�ض �أن �إ�صراركم على تالوة‬ ‫طفولي ًا في بداياته‪،‬‬ ‫ما تعي�شه البالد الإ�سالمية من الناحية‬ ‫ع��ا���ش��وراء ح��ال��ة ال��ب��ك��اء ال��م��ت��ن��وع في‬
‫الأدع����ي����ة ال ت��ت��ن��ا���س��ب و�شخ�صيتكم‬ ‫ال�سيا�سية والثقافية واالقت�صادية‪ ،‬وال‬ ‫مجال�س ال��ع��زاء �أو في مواكب العزاء‪،‬‬
‫و�شبابي ًا في ام��ت��دادات��ه‪ ،‬ولكنه‬
‫المرجعية‪...‬‬ ‫�سيما �أننا كنا نر�صد بحزن و�أل��م واقع‬ ‫حتى �إننا كنا نعي�ش حزن ًا باطني ًا من‬
‫ـ عندما نقر�أ �سيرة الإمام زين العابدين‬ ‫�أ�صبح ر�سالي ًا بعد �أن �صرت �أواجه‬ ‫خ�لال ما نواجهه من مواكب التطبير‪،‬‬
‫التخلف ل��دى الم�سلمين‪ ،‬بما يف�سح في‬
‫ال���ذي ك���ان يعي�ش م��ع اهلل ف��ي الحالة‬ ‫الم�س�ؤوليات العامة في الحياة‬ ‫المجال للخرافة �أن تدخل ب�شكل مقد�س‪،‬‬ ‫وهي �ضرب الر�ؤو�س بال�سيف وبال�سال�سل‬
‫ال��ع��اط��ف��ي��ة المنفتحة ع��ل��ى اهلل بحزن‬ ‫وللتخلف �أن يفر�ض نف�سه على مواجهة‬ ‫واللطم العنيف‪ ،‬فكل ذلك كان يجعلنا‬
‫المحبة وحزن العبودية والذوبان في اهلل‪،‬‬ ‫ـ لقد حا�ضرت في �أول الثمانينات في لندن‬ ‫المفاهيم الإ�سالمية‪.‬‬ ‫نعي�ش في جو حزين ي�ستبطن الألم‪ ،‬هذا‬
‫فلن تكون الم�س�ألة م�س�ألة موقع �أو مرجع‪،‬‬ ‫عن ال�شخ�صية البكائية‪ ،‬وتحدثت عن �أن‬ ‫بين الألم والأمل‪:‬‬ ‫�إ�ضاف ًة �إلى �أن النجف هي مقبرة العراق‪،‬‬
‫لأن الإن�سان عندما يعي�ش مع اهلل‪ ،‬فمن‬ ‫الواقع ال��ذي يعي�شه ال�شيعة ب�شكل عام‬ ‫ـ هذا يعني �أنّ وعيكم‪ ،‬ومنذ الطفولة قد‬ ‫لأن وادي ال�سالم الذي يمثل �أكبر مقبرة‬
‫الطبيعي �أن يعي�ش هذا الحزن في محبته‬ ‫ك�أنه واقع البكاء‪ ،‬حتى على ما لم يتعارف‬ ‫اختزن اللون الأ�سود؟‬ ‫ف��ي ال��ع��ال��م‪ ،‬وه��ي المقبرة ال��ت��ي يدفن‬
‫ل��ه‪ ،‬الحزن ال��ذي يمتزج بالفرح عندما‬ ‫البكاء عليه‪ ،‬فهم حتى عندما يتذكرون‬ ‫ـ قد ال يكون لون ًا �أ�سود‪ ،‬ولكنه قد يكون‬ ‫فيها ال�شيعة في ال��ع��راق موتاهم‪ ،‬كما‬
‫يعي�ش الفرح باهلل‪ ،‬وهكذا عندما يعي�ش‬ ‫وفاة النبي يبكون‪ ،‬وهكذا عندما يتذكرون‬ ‫�أقرب �إلى اللون الرمادي‪.‬‬ ‫�أن كثر ًا من ال�شيعة في العالم يو�صون‬
‫الإن�سان القلق بالن�سبة �إلى الم�صير في ما‬ ‫الأ�شخا�ص الذين يقدِّ �سونهم‪ ،‬و�إن لم‬ ‫ـ ما �أق�صده باللون الأ�سود هو بالإ�شارة‬ ‫بنقل جثامينهم �إلى هذه المقبرة‪ .‬هذا‬
‫يحرك فيه م�س�ؤولياته في الدنيا ونتائجها‬ ‫ي�صابوا بفجيعة �أو موت‪ ،‬ف�إنهم يبكون‪،‬‬ ‫�إل���ى تلك ال��ج��ن��ازات الآت��ي��ة �إل���ى مقبرة‬ ‫كله انطبع في م�شاعري و�أحا�سي�سي‪،‬‬
‫في الآخ���رة‪ .‬كما �أن م�س�ألة الحزن هي‬ ‫م��ع �أن ال��م��وت ه��و �سنة اهلل ف��ي الكون‪،‬‬ ‫وادي ال�����س�لام‪ ،‬وتلك ال��ع��ب��اءة ال�سوداء‬ ‫حتى �أن الذي يقر�أ �أ�شعاري في بدايات‬
‫م�س�ألة �إن�سانية‪ ،‬فالإن�سان الذي ال يعي�ش‬ ‫وهم عندما يفقدون بع�ض ال�شخ�صيات‬ ‫التي ترتديها ن�سوة العراق‪� ،‬إل��ى المناخ‬ ‫ال�شباب‪ ،‬يجد �أن فيها الألم والت�شا�ؤم وما‬
‫�إن�سانيته في م�شاعره �أمام مظاهر الألم‬
‫و�أم���ام مظاهر ال��م���أ���س��اة‪ ،‬فهذا �إن�سان‬ ‫الإن�سان الذي ال يعي�ش عالمات اال�ستفهام‪ ،‬حتى ال�صعبة والمقد�سة‪ ،‬هو �إن�سان يبقى جامد ًا يعي�ش‬
‫جامد ال ي�صلح ال للمرجعية وال ي�صلح �أن‬ ‫في زاوية مغلقة يجتر فيها ما ورثه من معلومات‬
‫يكون م�س�ؤو ًال‪.‬‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪6‬‬
‫عندما تحت�ضن كل هذه القيمة التي تتمثل‬ ‫ـ يتع ّذب �أي�ض ًا ج ّراء �إن�سانيته‪...‬‬
‫في �شخ�صيته‪ .‬و�أذكر في م�س�ألة الجمال‪،‬‬ ‫ـ هو هذا‪� .‬أنا �أعتبر �أن الألم يمثل حالة‬
‫ما قاله ال�شاعر الأخطل ال�صغير‪:‬‬ ‫الإب����داع ال�����ش��ع��وري ف��ي نف�س الإن�سان‪،‬‬
‫�سن لوال ال�شِّ عر �إال زهرة‬
‫الح ُ‬
‫ما ُ‬ ‫وهناك بيت �شعر ال �أذك��ر ا�سم �صاحبه‬
‫ُ ‬
‫النظر‬ ‫يلهو بها في لحظتين‬ ‫ ‬ ‫يقول‪:‬‬
‫“تف ّردت بالألم العبقري‬
‫لكـنّهـا �إن �أدركتـها رقّـ ٌة‬ ‫و�أنبغ ما في الحياة الألم” ‬ ‫ ‬
‫من �شاعر �أو دمع ٌة تـنحدر ‬ ‫ ‬
‫ ‬ ‫وهناك بيت �آخر لل�شاعر اليا�س �أبو �شبكة‬
‫الخلد في �أوراقهـا‬
‫�سالت دما ُء ِ‬ ‫يقول‪:‬‬
‫ونـام تحت قدميها القـدر ‬ ‫ ‬ ‫“�إجرح القلب وا�سقِ �شعرك منه‬
‫فدم القلب خمرة الآالم” ‬ ‫ ‬
‫ـ ما قيمة ال�شعر في �إن�سانية الإن�سان؟‬
‫ـ قيمة ال�شعر �أنه يم ِّثل الفن الذي ي�صور‬ ‫ـ نالحظ ت�أ ّثركم العميق ب�شخ�صيتي الإمام‬
‫العمق الإن�ساني‪ ،‬كل �أحا�سي�سه وم�شاعره‬ ‫علي(ع) والإمام زين العابدين(ع) ؟‬
‫وتطلعاته وحركته في الحياة‪ .‬و�أذكر �أنني‬ ‫ـ لأنني مار�ست هذا الجانب الذي يتفاي�ض‬
‫منذ �أك��ث��ر م��ن خم�سين �سنة‪ ،‬كانت لي‬ ‫فيه ال�شعور بمحبة اهلل وبنقاط ال�ضعف‬
‫ق�صيدة �أقول في نهايتها‪:‬‬ ‫الإن�����س��ان��ي وبمحبة الإن�����س��ان ف��ي �أدعية‬
‫ما قيمة ال�شعر �إن لم يب ِـن مجتمع ً ا‬ ‫الإم��ام علي وخطبه‪ ،‬وفي �أدعية الإمام‬
‫حر ًا ت�سير على �آفاقه ال�صور‬ ‫ ‬ ‫زين العابدين‪.‬‬
‫ ‬ ‫ذكريات النجف‪:‬‬
‫ـ ال�شباب الغارق في الكمبيوتر والأرقام‪،‬‬ ‫ـ �أع��ت��ق��د �أن ال��ح��ادث��ة ال��ت��ي �أ�صابتني‬ ‫ـ موالنا‪ ،‬هل كان �أمام منـزلكم في النجف‬
‫ابتعد عن هذا الجو الأدبي‪� ،‬أال ترون �أن‬ ‫�أجمل �شيء في الإن�سان‬ ‫و�أثارت بي حزن ًا هي ق�ضية فقد الأحبة‪،‬‬ ‫بع�ض الأزهار والورود؟‬
‫هناك م�شكلة في هذا النطاق؟‬ ‫ه��و �إن�����س��ان��ي��ت��ه‪ ،‬لأن‬ ‫خ�صو�ص ًا عندما افتقدت �أبي و�أمي‪ ،‬وقبل‬ ‫ـ ال‪ ،‬ولكن كنا بين وقت و�آخر نخرج �إلى‬
‫ـ من الطبيعي جد ًا �أن االكت�شافات الهائلة‬ ‫ذلك افتقدت عمي الذي كان في النجف‬ ‫خارج النجف‪� ،‬إلى منطقة ت�سمى الجدول‪،‬‬
‫ال�ضخمة المادية في هذا الع�صر‪ ،‬خلقت‬ ‫الإن�سانية تعني العقل الذي يفكر‪،‬‬ ‫وه��ي منطقة ي��ج��ري فيها نهر فرعي‪،‬‬
‫وت��وف��ي ه��ن��اك‪ ،‬وك��ن��ت �أج���د ف��ي��ه الأب���وة‬
‫�لا ي�شغل الإن�����س��ان‪ ،‬بحيث‬ ‫م��ن��اخ�� ًا ه��ائ ً‬ ‫والقلب الذي ينب�ض‪ ،‬والإح�سا�س‬ ‫والعاطفة‪ ،‬ما �أثر في نف�سي‪� .‬أما الحالة‬ ‫وتبتعد ع��ن النجف ع��دة كيلومترات‪،‬‬
‫�إن��ه ال يت�سع وقته لتنظيم عالقته بهذه‬ ‫وال�شعور ال��ذي يتفاعل‪ ،‬والخير‬ ‫التي �صدمتني على م�ستوى ال�صدمة‪،‬‬ ‫وكنا نق�صدها في عطلة يومي الخمي�س‬
‫االكت�شافات‪ ،‬ولكن قد يمكن اال�ستفادة‬ ‫ال���ذي يتفاي�ض ف��ي ك��ل كيان‬ ‫والجمعة مع كثير من �أخواننا و�أ�ساتذتنا‬
‫من الكمبيوتر في الجان الأدبي‪ ،‬كما يمكن‬ ‫لنم�ضي يوم ًا كام ًال هناك‪ .‬وكنا نخرج‬
‫اال�ستفادة منه في الجوانب الأخرى‪ ،‬فهو‬ ‫الإن�سان‬ ‫الإن�سان الذي ال يعي�ش‬ ‫�أي�ض ًا �إل��ى بلدة الكوفة التي ي�شقها نهر‬
‫لي�س �شر ًا كله‪.‬‬ ‫�إن�سانيته في م�شاعره‬ ‫الفرات الكبير‪ ،‬وكنا نتطلع �إلى الأ�شجار‬
‫قلق المعرفة‪:‬‬ ‫‪ ،1958‬حيث غرق العراق في ذلك الوقت‬ ‫والأزهار على �ضفاف النهر‪ ،‬و�إلى المياه‬
‫في بحر من الدماء‪ ،‬وانطلقت ال�صراعات‬ ‫�أمام مظاهر الألم و�أم��ام مظاهر‬
‫ـ هل التفكير مع الذات ي�أخذكم نحو �أ�سئلة‬ ‫المتدفقة‪ ،‬ال�سيما في �أيام الفي�ضانات‪.‬‬
‫متعلقة بالحياة الب�شرية؟ باهلل؟ بالخلق؟‬ ‫بين قوميين و�شيوعيين‪ ،‬ثم ما ح�صل من‬ ‫ال��م���أ���س��اة‪ ،‬فهو �إن�سان جامد ال‬ ‫�سني عمرك بد�أت تتلقى‬ ‫ـ في �أي فترة من ّ‬
‫ـ �إنني �أعي�ش دائم ًا في عالمات ا�ستفهام‬ ‫م� ٍآ�س في لبنان خالل الحرب الأهلية‪.‬‬ ‫ي�صلح للمرجعية �أو للم�س�ؤولية‬ ‫تعليمك ب�شكل نظامي؟‬
‫ال تنتهي‪ ،‬فمث ًال �أنا �أذكر �أكثر من خم�سين‬ ‫�أجمل ما في الإن�سان‪:‬‬ ‫ـ لعله في عمر العا�شرة‪.‬‬
‫�سنة كنت �أقول‪:‬‬ ‫ـ ما هو �أجمل ما في الإن�سان؟‬ ‫ـ وقبل ذلك بماذا كنت تلهو؟ وماذا كنت‬
‫ما �أنا‪ ،‬ما الحياة‪ ،‬ما الروح عندي‬ ‫ـ �أجمل �شيء في الإن�سان هو �إن�سانيته‪،‬‬ ‫تفعل؟‬
‫لدي خف ّيـا‬ ‫غير لغز يبدو ّ‬ ‫فكانت فقدي لأخي ال�صغير‪ ،‬الذي كان لأن الإن�سانية تعني العقل ال��ذي يفكر‪،‬‬ ‫ـ كنت قد دخلت مدر�سة �أكاديمية لمدة‬
‫ال �أرى فـي الحيـاة �إال خيـا ًال‬ ‫�أ�صغر مني عمر ًا‪ ،‬لكنه كان حبيب ًا � ّإلي‪ ،‬والقلب الذي ينب�ض‪ ،‬والإح�سا�س وال�شعور‬ ‫�سنة م��ن ال�����ص��ف ال��ث��ال��ث �إل���ى ال�صف‬
‫م�ضمح ًال يطوف في مقلت ّيا ‬ ‫ ‬ ‫وك��ان تلميذ ًا و�شاعر ًا منفتح ًا‪ ،‬ولذلك الذي يتفاعل‪ ،‬والخير الذي يتفاي�ض في‬ ‫الرابع‪ ،‬وكنت في بداية طفولتي �أدر�س‬
‫لذلك‪ ،‬هناك ت�سا�ؤالت تعي�ش في حياتي‪،‬‬ ‫كل كيان الإن�سان‪� .‬إنني �أعتقد �أن الم�س�ألة‬ ‫كانت وفاته �صدمة عنيفة لي‪.‬‬ ‫في الكتاتيب عند �شيخ كبير‪ ،‬وكنا نقر�أ‬
‫لأنني �أعتقد �أن حركة المعرة في عقل‬ ‫ـ وم��ا ه��و ال��ح��دث ال�سيا�سي ال��ذي �أوقع الخارجية للإن�سان‪ ،‬لي�ست هي الإن�سان‬ ‫عليه القر�آن‪.‬‬
‫الإن�سان �إنما تنطلق من خالل عالمات‬ ‫الجميل‪ .‬ق��د يعطي ال�شخ�ص ل��ون�� ًا من‬ ‫فيكم ال�صدمة؟‬ ‫ـ هل ت�ستمع �إلى المو�سيقى؟‬
‫اال�ستفهام التي ينتجها الواقع الذي يعي�ش‬ ‫ـ �أنا ال �أرى �أن المو�سيقى مح ّرمة �شرعاً‬
‫ـ ال��ح��دث ال�سيا�سي ال��ذي �صدمني هو �أل���وان االنفتاح على الجانب ال��م��ادي �أو‬
‫فيه الإن�سان والم�شاكل التي تواجهه‪ ،‬و�إنني‬
‫م��ا كنت �أواج��ه��ه ف��ي ال��ع��راق م��ن خالل الجمالي في كل ما يثيره من �أحا�سي�س‬ ‫كما يراها كثير من الفقهاء‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫�أعتقد �أن الإن�سان الذي ال يعي�ش عالمات‬ ‫المو�سيقى الكال�سيكية‪ ،‬مو�سيقى الحزن‪،‬‬
‫اال�ستفهام‪ ،‬حتى ال�صعبة والمقد�سة‪،‬‬ ‫الفو�ضى التي كانت في العهد الملكي‪ ،‬كالروح في الج�سد‪ .‬ولكن تبقى م�س�ألة‬
‫لدي‬‫ولكن لم تتح لي الفر�صة لأن تكون َّ‬
‫هو �إن�سان يبقى جامد ًا يعي�ش في زاوية‬ ‫والتي ك��ان الحكم فيها يق�صف النا�س الإن�سان المفكر الخ ِّير‪ ،‬الإن�سان العادل‪،‬‬ ‫�شخ�صية مو�سيقية‪.‬‬
‫مغلقة يجتر فيها ما ورثه من معلومات‪.‬‬ ‫ـ ما هي الحادثة التي �أث��ارت فيكم هذا بين وقت و�آخر‪ ،‬ثم ما حدث من انقالب والإن�سان الذي يعطي الحياة كما ي�أخذ‬
‫�إنني �أدعو �إلى القلق‪ ،‬قلق المعرفة‪ ،‬و�أدعو‬ ‫ع��راق��ي ع��ل��ى ال��ع��ه��د الملكي ف��ي العام منها‪ ،‬هذه هي الم�س�ألة‪ ،‬وهذا هو الذي‬ ‫ال�شعور بالحزن؟ وفي �أي عمر كنتم؟‬
‫�إلى االنفتاح على كل عالم جديد يثير في‬ ‫يجعلك تقترب من الإن�سان لتحت�ضنه‪،‬‬
‫الإن�سان �أ�سئل ًة ال تنتهي‪� ،‬سواء في الوجود‬ ‫أ�سئلة ال تنتهي‪� ،‬سواء في‬‫�أدعو �إلى قلق المعرفة واالنفتاح على كل عالم جديد يثير في الإن�سان � ً‬
‫�أو في الواقع �أو في الإن�سان‪.‬‬
‫الوجود �أو في الواقع �أو في الإن�سان‬

‫‪7‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫الإ�سالمية �إل��ى قلب م��ا ي�سمى العالم‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬لأن ال�شعب الأميركي ال‬
‫الإرهاب‪ :‬المفهوم والأبعاد‬
‫المتح�ضر فيقول �إنه «لي�س من ال�ضروري‬ ‫عالقة له بجرائم �إدارته‪ .‬ولذلك نقول �إن‬
‫�أن يكون الإره���اب �سيا�سي ًا»‪ .‬ويت�ساءل‬ ‫الخط�أ هو في التطبيق»‪.‬‬ ‫قراءة في رؤية المرجع فضل الله ألحداث ‪ 11‬أيلول‬
‫لماذا ال تثار الجرائم التي ح�صلت في‬ ‫وبالعودة �إلى �أحداث ‪� 11‬أيلول ف�إنه وعلى‬
‫�أميركا والتي يفوق حجمها الجرائم في‬ ‫رغ��م ك��ل م��ا �أث��ي��ر‪ ،‬ي��دع��و �سماحته �إلى‬ ‫ثمة هجمة على عالمنا اال�سالمي ت�ساق فيها التهم المغلفة بعناوين ثقافية‬
‫�أي مكان في العالم‪.‬‬ ‫القيام بدرا�سة عميقة لك ّل مواقع ال�سيا�سة‬ ‫تدفعها تعقيدات �سيا�سية‪ ،‬الأمر الذي جعلنا في موقع الدفاع ‪ ،‬بحيث يحاول‬
‫وهكذا نجد �أن العالم الم�ستكبر يعي�ش‬ ‫الأمريكية و�أ�سرارها‪ ،‬لتبيان حقيقة ما‬ ‫الآخر �أن يفر�ض علينا مفاهيمه‪� ،‬أو قل محاولة ت�أ�صيله لأ فكارنا على طريقته‪..‬‬
‫العدائية في جوهره‪ ،‬فيحاول دائم ًا �أن‬ ‫ج��رى‪ ،‬وال��ذي �أث��ار ردود فعل كبيرة في‬ ‫الأمر الذي يتطلب‪ ،‬كما يقول �سماحة ال�سيد ف�ضل اهلل‪� ،‬أن يجيب فكرنا‪ ،‬ومن‬
‫ي�صطنع من الآخر عدو ًا‪ ،‬وفي هذا الإطار‬ ‫العالم الإ�سالمي �أي�ض ًا‪ ،‬جراء التداعيات‬ ‫موقعه‪ ،‬على الت�سا�ؤالت‪« ،‬ومن دون الزحف �إلى اتهامات الآخرين وذلك حتى‬
‫�سعى بعد انهيار االت��ح��اد ال�سوفياتي‬ ‫الخطيرة له‪.‬‬
‫درا�سة خلفيات الأحداث‪:‬‬ ‫ت�سقط التهمة من خالل �أ�صالة الفكر ال من خالل هذه ال�شواغل التي ت�شغله‪»..‬‬
‫خلق ع��دو ب��دي��ل ع��ن��ه‪ ،‬فاتخذ ف��ي �أول‬
‫م�ؤتمر للحلف الأطل�سي الإ�سالم عدو ًا‬ ‫وربما ا�ستند البع�ض �إلى مقوالت �أطلقتها‬
‫ل��ه‪ ،‬ولذلك ب��د�أ بتنفيذ خطته الهادفة‬ ‫بع�ض الجهات التي تقول �إن �أمريكا تد ّمرنا‬
‫في التقاط كل ال�سلبيات الموجودة في‬ ‫ولذا ـ يقول �سماحته ـ يجب علينا �إ�سقاطها‪،‬‬
‫العالم الإ���س�لام��ي‪ ،‬حتى على م�ستوى‬ ‫فلو �س ّلمنا بهذا المنطق على قاعدة العمل‬
‫الأ�شياء ال�صغيرة‪ ،‬لتوظف �ضد الإ�سالم‪.‬‬ ‫بالمثل‪ ،‬فعلينا درا�سة النتائج‪ ،‬لأننا نعتقد‪،‬‬
‫فقد عمل الغرب على ت�صوير ما يح�صل‬ ‫ول��و على نحو الفر�ض ّية‪� ،‬أن الم�سلمين‬
‫م��ن ح����وادث ع��ادي��ة ب��ي��ن الم�سيحيين‬ ‫لو قاموا بذلك‪ ،‬ف�إنهم يوفرون لأمريكا‬
‫والم�سلمين في �صعيد م�صر على �أنها‬ ‫فر�صة الح�صول على مكا�سب اقت�صادية‬
‫تمثل ا�ضطهاد ًا م��ن جانب الم�سلمين‬ ‫و�سيا�سية و�أمنية في العالم ما كانت ت�صل‬
‫للم�سيحييين وم�صادرة لحرياتهم وما‬ ‫�إلى تحقيقها لو �صرفت مئات المليارات‬
‫�إل���ى ذل���ك‪ ،‬وه��ك��ذا ف��ع��ل ف��ي ت�صويره‬ ‫من ال���دوالرات‪ ،‬فقد ا�ستطاعت �أمريكا‬
‫للحرب اللبنانية‪.‬‬ ‫بفعل �أح���داث ‪� 11‬أي��ل��ول اح��ت��واء العالم‬
‫وقد يحاول بع�ض الم�س�ؤولين في الغرب‬ ‫عاطفي ًا و�سيا�سي ًا و�أمني ًا‪ ،‬حتى �أن �أوروبا‬
‫امعان ًا في الت�ضليل‪ ،‬الف�صل ظاهر ًا بين‬ ‫التي اطلق بع�ض زعمائها بداية �شعارات‬
‫الإ���س�لام والإره����اب ف��ي محاولة منهم‬ ‫العقالنية والتخطيط‪� ،‬سرعان ما خا�ضوا‬ ‫يحق له �أن يقتل �إن�سان ًا �أويخطفه لمك�سب‬
‫مع الخائ�ضين و�ساروا مع ال�سائرين‪..‬‬ ‫الإرهاب الأمريكي واتهام الآخر‪:‬‬
‫المت�صا�ص نقمة الم�سلمين‪ ،‬في�صرحون‬ ‫�شخ�صي‪� ،‬أو لعقدة مذهبية �أو‬
‫ّ‬ ‫مادي �أو‬
‫ّ‬ ‫وال�لاف��ت �أن الغرب وبالتحديد �أمريكا‬
‫موجهة �ضد الإ�سالم‬ ‫�أن الحرب لي�ست َّ‬ ‫وي��غ��و���ص �سماحته ف��ي تحليل ودرا�سة‬
‫تداعيات هذه الأح��داث ونتائجها‪ ،‬فيرى‬
‫طائفية �أو حزبية �أو لعقدة ع�شائرية‬ ‫ت�سعى دائ��م�� ًا لإب��ع��اد ���ص��ورة الإره����اب‬
‫والم�سلمين‪ ،‬بل �ضد الإره���اب‪ ..‬ولكننا‬ ‫وع�صبية ‪ ،‬و�إن كان هذا المعتدي يتبع‬ ‫عنها‪ ،‬ول�صقها بالم�سلمين‪ ،‬بالرغم من‬
‫نالحظ �أن �أمريكا وحلفاءها يهددون‬ ‫�أن ال�سيا�سات الأمريكية الإ�سرائيلية‬ ‫بع�ض الأ���س��ال��ي��ب ال��ت��ي ل��م تكن مو�ضع‬
‫تركت ب�صماتها الوا�ضحة عليها‪ ،‬ا�ستفاد‬ ‫ممار�ساتها الب�شعة له في العديد من بقاع‬
‫ال���دول العربية والإ���س�لام��ي��ة بين وقت‬ ‫ارتياح للنا�س‪.‬‬ ‫العالم‪ ،‬في فيتنام �أو في �أي بلد �آخر مزقته‬
‫و�آخ��ر‪ ،‬كما نالحظ الحملة العن�صرية‬ ‫���ش��ارون م��ن ه��ذه الأح����داث �إل���ى مداها‬ ‫وانطالق ًا من المعطيات الآنفة الذكر‪،‬‬
‫الأق�����ص��ى‪ ،‬ف��ح��رف وج��ه��ة ال��ح��رب �ضد‬ ‫�أمريكا ب�شكل مبا�شر �أو غير مبا�شر‪ ،‬وعلى‬
‫في الغرب �ضد العرب والم�سلمين‪ ،‬وربما‬ ‫يرى �سماحته �أن �أح��داث ‪� 11‬أيلول غير‬ ‫الرغم من ع��دم تعريف ه��ذه المفردة‪،‬‬
‫تتحرك �ضد الإ���س�لام كدين ف��ي �أكثر‬ ‫الفل�سطينيين منذ ال��ب��داي��ة باتجاه ما‬ ‫مقبولة �إ�سالمي ًا‪ ،‬ولكنه يميز بين الإدارة‬
‫�أ�سماه «الإرهاب الإ�سالمي»‪ ،‬وا�ستطاعت‬ ‫لكنها تلقي بكل ما تحمل من �أعباء على‬
‫من موقع �إعالمي والجميع يعرفون �أن‬ ‫الأمريكية التي تمار�س �أع��ل��ى درجات‬ ‫الآخ���ر ال��ذي ي��ح��اول �أن يرفع عنه �آالم‬
‫الإ���س�لام يقف �ضد ال��ع��دوان الإرهابي‪،‬‬ ‫�إ�سرائيل �إقناع بو�ش الذي ال يملك ثقافة‬ ‫الإره��اب �ضد �شعوبنا‪ ،‬وما زالت ت�ساند‬
‫�سيا�سية جيدة‪ ،‬والذي ي�شدد �أ�سا�س ًا على‬ ‫ال��ج��راح��ات ال��ت��ي �صنعتها ال�سيا�سات‬
‫و�إذا ك��ان البع�ض يتحدث عن الجهاد‬ ‫�إ�سرائيل وت�ؤيدها في �أعمالها الإجرامية‬ ‫الأمريكية والقوى المتحالفة معها‪ ،‬في‬
‫يتح�س�س منه الغرب‪ ،‬ف�إن الإ�سالم‬ ‫الذي ّ‬ ‫�أولوية تحالفه اال�ستراتيجي مع ال�صهاينة‬ ‫وال��وح�����ش��ي��ة‪ ،‬وب��ي��ن الأ���ش��خ��ا���ص الذين‬
‫ب�أنها كما الواليات المتحدة تخو�ض حرب ًا‬ ‫اقت�صادنا و�سيا�ستنا و�أمننا‪ ،‬حتى �إذا‬
‫يتحرك بالجهاد م��ن �أج��ل ال��دف��اع عن‬ ‫انطلقنا محاولين التعبير عن الرف�ض لكل‬
‫نف�سه‪ ،‬في الوقت ال��ذي ي�ؤكد فيه على‬ ‫�ضد «الإرهاب»‪ .‬ولهذا تر ّكز منطق بو�ش‬
‫هذا الواقع‪ ،‬يقول �سماحته «انطلقت كلمة‬
‫اختيار الأ�سلوب ال�سلمي في ح ّل الم�شاكل‬ ‫وب�شكل دائ��م على �أن��ه يخو�ض وحلفا�ؤه‬ ‫ا���س��ت��ط��اع��ت �أم��ري��ك��ا‬ ‫الإره��اب « ولذلك ف���إن كل ما من �ش�أنه‬
‫بد ًال من �أ�سلوب العنف‪ ،‬ويدعو الم�سلمين‬ ‫حرب ًا �ض ّد «الإرهاب»‪..‬‬
‫ويحذر �سماحته من مغبة االنقياد وراء‬ ‫بفعل �أحداث ‪� 11‬أيلول‬ ‫�أن يرفع من م�ستوى التحدي ويزيد من‬
‫�إل���ى العمل على تحويل �أع��دائ��ه��م �إلى‬ ‫القدرة على المواجهة يتهم بالإرهاب»‬
‫�أ���ص��دق��اء‪ ،‬ليح�صلوا على �صداقة كل‬ ‫المفهوم الأمريكي لالرهاب وال�سقوط‬ ‫احتواء العالم عاطفي ًا و�سيا�سي ًا‬
‫�أم��ام��ه‪ ،‬حيث �سعت ال��والي��ات المتحدة‬ ‫فالعروبة �إرهاب‪ ،‬والإ�سالم �إرهاب»‪ ،‬ولم‬
‫ال�شعوب من دون � ّأي تنازل عن دينهم‬ ‫و�أمني ًا‪ ،‬حتى �أن �أوروب��ا ان�ساقت‬ ‫يتوقف �سيل هذه الكلمة عند حد معين �أو‬
‫وق�ضاياهم الحيوية الم�صيرية‪ .‬وهذا ما‬ ‫�إل��ى ا�ستغالل ه��ذا الحدث غير المبرر‬
‫م��ن ناحية النتائج لتحقيق م�صالحها‬ ‫ب�شكل اعمى الى موقفها‬ ‫اتجاه معين‪ ،‬لتطاول �شظاياها «�أكثر من‬
‫ندعو �إليه الم�سلمين في كل مكان‪ ،‬وهو‬ ‫بلد عربي �أو �إ�سالمي»‪ ،‬وامتدت �إلى ك ّل‬
‫الوحدة الإ�سالمية في مواجهة التحدي‬ ‫و�أه��داف��ه��ا ف��ي تحويل �آ�سيا �إل��ى قاعدة‬
‫ع�سكرية‪ ،‬وف��ي االق��ت��راب من ك�� ّل ثروات‬ ‫ك��ان��وا على متن ال��ط��ائ��رات‪ ،‬وف��ي �ضوء‬ ‫موقع كان للإ�سالم فيه ق�ضية‪.‬‬
‫اال�ستكباري‪ ،‬وفي درا�سة الو�سائل التي‬ ‫معنى الإرهاب‪:‬‬
‫تجمع بين الدفاع عن النف�س وبين االنفتاح‬ ‫�آ�سيا وطاقاتها وق��درات��ه��ا‪ ،‬وف��ي �سعيها‬ ‫هذا‪ ،‬يفتي �سماحته ب�أنه «ال يجوز لنا �أن‬
‫لتطويق رو�سيا وال�صين و�إيران‪.‬‬ ‫نح ّمل ال�شعب الأميركي م�س�ؤولية �إدارته‪،‬‬ ‫هذه الكلمة التي �أ�صبحت تطارد كل حر‬
‫على ال�شعوب بالطرق الح�ضارية‪ ،‬لنثبت‬ ‫و�شريف‪ ،‬التب�ست معانيها علينا‪ ،‬وما زاد‬
‫للعالم كله �أننا في الم�ستوى العالي من‬ ‫هل الحرب حقيقة �ضد الإرهاب؟!‬ ‫كما ال ي��ج��وز لنا �أن نح ّمل الم�س�ؤولية‬
‫وفي ت�صديه لحملة الت�شكيك التي تتهم‬ ‫للنا�س الموجودين في الطائرات �أو في‬ ‫ف��ي غمو�ضها م��ح��اوالت ال��غ��رب فل�سفة‬
‫الح�ضارة التي تلتقي مع حركة الحرية‬ ‫معانيها‪ ،‬ول��ه��ذا م��ن ال�����ض��روري تحديد‬
‫وحركة الحوار مع الآراء الأخرى‪.‬‬ ‫الإ�سالم ومن ورائه الم�سلمين بالإرهاب‪،‬‬ ‫�أميركا نف�سها‪ ،‬القادمين �إليها �إما لعمل‬
‫ع��م��ل ���س��م��اح��ت��ه ت��و���س��ي��ع م��ف��ه��وم دائ���رة‬ ‫تجاري �أو �سياحي �أو غيره‪ ...‬ولذلك نحن‬ ‫معناها‪ ،‬حيث ي�شير �سماحة ال�سيد(ره)‬
‫الإرهاب و�إخرجها من �إطارها ال�سيا�سي‬ ‫ا�ستنكرنا هذه الم�س�ألة وقلنا �إنه ال يقبل‬ ‫�أن «االره����اب» ه��و ك��� ُّل ع���دوان يمار�سه‬
‫محمد ف�ضل اهلل‬ ‫�إن�سان على �إن�سان لم يعتد عليه‪ ،‬ولم‬
‫�إلى حقول التربية واالقت�صاد واالجتماع‬ ‫بها �شرع وال عقل وال دي��ن‪� .‬إننا نعار�ض‬
‫وم��ا �إل���ى ذل��ك ‪ ،‬وم��ن ال��دائ��رة العربية‬ ‫ال�سيا�سة الأميركية‪ ،‬ولكننا ال نعار�ضها‬ ‫ي�صادر �أر�ضه وحياته وحريته‪ ،‬ولذلك ال‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪8‬‬
‫�إل���ى �إع��ل�ان ب��و���ش ال�� ّث��ان��ي ف��ي حديثه‬ ‫معتبر ًا �أنّ «من الم�شكوك فيه‪� ،‬أنّ الكثير‬
‫عن الطالبان �أنّ «�أولئك ا ّلذين ي�أوون‬
‫الإره��اب�� ّي��ي��ن م��ذن��ب��ون ب��ال��ق��در نف�سه‬
‫من ذلك قد يثبت �أمام محكم ٍة م�ستق ّلة‪،‬‬
‫�إذا �أخذنا في االعتبار كيف ّية الح�صول‬
‫هل كان هناك خيار �آخر؟‬
‫كالإرهاب ّيين �أنف�سهم»‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫على هذه االعترافات‪ .‬ولكن في � ّأي حال‪،‬‬
‫ه��ذه ال���دّول فقدت �سيادتها و�أ�صبحت‬ ‫ف�إنّ ا�ستنتاجات لجنة تحقيق مك ّلفة من‬ ‫نظرة على أحداث ‪ 11‬أيلول بعد عقد من الزمن‬
‫هدف ًا منا�سب ًا للعنف والإره���اب‪ .‬وعلى‬ ‫الكونغر�س‪ ،‬مهما وجدها المرء مقنع ًة‪،‬‬
‫تبقى �أق ّل من حكم محكمة ذات �صدق ّية‪،‬‬ ‫نعوم ت�شوم�سكي‬
‫�سبيل المثال‪ ،‬الدّولة ا ّلتي �أوت �أورالندو‬ ‫يف مقالٍ ترجم �إىل ال ّلغة العرب ّية‪ ،‬كتب املف ّكر الأمريكي نعوم ت�شوم�س ��كي‬
‫بو�ش و�شركاه (ال��والي��ات المتحدة)‪...‬‬ ‫التي وحدها تملك الحقّ في تحويل �صفة‬
‫االتّهام �إلى الإدانة»‪ .‬وذكر ت�شوم�سكي �أنّ‬ ‫مقا ًال تو ّقف فيه عند ال ّذكرى العا�شرة لأحداث احلادي ع�شر من �أيلول‪/‬‬
‫عندما �أ���ص��در ب��و���ش ال��ق��ان��ون الواقعي‬ ‫�س ��بتمرب ‪ ،2001‬وعمل ّي ��ة االغتي ��ال الأمريك � ّ�ي للعق ��ل املد ّب ��ر له ��ا‪� ،‬أ�س ��امة بن الدن‪،‬‬
‫للعالقات الدول ّية‪ ،‬لم يالحظ �أحد �أ ّنه‬ ‫معظم العالم قد اعترف بم�س�ؤول ّية بن‬
‫ّ‬
‫ك��ان يدعو �إل��ى غ��زو ال��والي��ات المتحدة‬ ‫الدن و�أدانه»‪.‬‬ ‫والتي �أطلق عليها ا�سم «عمل ّية جريامنو»‪ ،1973 .‬عندما نجحت الواليات المتّحدة‬
‫وتدميرها وقتل ر�ؤ�سائها المجرمين»‪.‬‬ ‫مجزرة بئر العبد‪ :‬الجريمة الأمريك ّية‬ ‫بعد جهود مك ّثفة في الإطاحة بالحكومة‬
‫ومن الأمثلة المه ّمة ا ّلتي قدّمها على ذلك‪،‬‬ ‫فكرة �ضائعة‪:‬‬
‫واعتبر �أنّ «ك ّل ذلك قد ال يكون �إ�شكال ّيا‪ً،‬‬ ‫�أ�شار ت�شوم�سكي �إلى �أنّ عدد ًا من المح ّللين الديموقراط ّية ل�سلفادور �أل��ي��ن��دي في‬
‫بالطبع ف��ي ح��ال رف�ضنا مبد�أ‬ ‫وذل���ك ّ‬ ‫«رج��ل ال�� ّدي��ن ال ّلبناني المتم ّيز ال�س ّيد‬ ‫ر�أى �أ ّنه على ال ّرغم من �أنّ بن الدن قد قتل الت�شيلي‪ ..‬معتبر ًا �أنّ �أح���داث ‪9-11‬‬
‫ال�شمول ّية ا ّلذي �صاغه القا�ضي جاك�سون‪،‬‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬المحترم لدى حزب اهلل ولدى‬ ‫�أخير ًا‪� ،‬إال �أ ّنه قد �أحرز نجاحات رئي�سة الأولى‪ ،‬بخالف ال ّثانية‪ ،‬لم تغ ّير العالم‪،‬‬
‫وو�ضعنا في مكانه المبد�أ القائل‪� ،‬إنّ‬ ‫ال�شيعة ع��ا ّم��ة داخ��ل لبنان‬‫مجموعات ّ‬ ‫و»لم يكن لها �أثر هائل»‪ ،‬كما �أ ّكد هنري‬
‫ً‬
‫وخارجه»‪ .‬قائال‪« :‬لقد كان لهذا العالم‬ ‫في حربه على الواليات المتّحدة‪.‬‬
‫مح�صنة ذاتي ًا �ض ّد‬ ‫ّ‬ ‫الواليات المتّحدة‬ ‫ور ّد ًا على ت�سا�ؤل طرحه‪ :‬هل كان هناك كي�سنجر لرئي�سه بعد ذلك ب�أ ّيام»‪.‬‬
‫القانون الدّولي والمعاهدات الدول ّية‪،‬‬ ‫الدّيني بع�ض الخبرة بعمل ّيات االغتيال‪،‬‬ ‫المرجح تمام ًا اغتيال بن الدن‪:‬‬
‫ف��ه��و نف�سه ك���ان ه���دف عمل ّية اغتيال‬ ‫ّ‬ ‫خيار �آخر؟ �أجاب ب�أنّ «من‬
‫كما �أو�ضحت الحكومة (الأميركية) في‬ ‫�أنّ الحركة ال��ج��ه��اد ّي��ة ك��ان��ت �ستنق�سم وب��ع��د انتقاله �إل���ى ال��ح��دي��ث ع��ن بع�ض‬
‫غير منا�سبة»‪.‬‬ ‫متفجرات قرب م�سجد‬ ‫بو�ساطة �شاحنة ّ‬ ‫وت��ت��ق�� ّو���ض ب��ع��د ‪ ،9-11‬وك����ان ي��م��ك��ن لـ الأف��ك��ار ح��ول تلك الأح����داث وداللتها‪،‬‬
‫عقلية انتقام �أمبريال ّية‪:‬‬ ‫في عمل ّي ٍة قامت بها وكالة اال�ستخبارات‬ ‫«الجريمة �ضد الإن�����س��ان�� ّي��ة»‪� ،‬أن تقارب قال‪:‬‬
‫وتو ّقف الكاتب عند اال�سم الذي �أعطي‬ ‫ال��م��رك��ز ّي��ة ف��ي ع���ام ‪ .1985‬ول��ق��د نجا‬ ‫كعمل ّي ٍة دول�� ّي�� ٍة للقب�ض على الم�شبوهين «في الأ ّول من �أ ّيار ‪ ،2011‬قتل �أ�سامة بن‬
‫لعمل ّية بن الدن؛ وه��و عملية جيرانمو‪،‬‬ ‫منها‪ ،‬فيما لقي ‪� 80‬شخ�ص ًا م�صرعهم‪،‬‬ ‫محمي‪ ،‬بوا�سطة عمل ّية‬ ‫ّ‬ ‫بارتكابها‪ .‬لقد كان ذلك معروف ًا �آنذاك‪ ،‬الدن في منـزل‬
‫معتبر ًا �أنّ العقل ّية الإمبريال ّية متج ّذرة‬ ‫ومعظمهم من ال ّن�ساء والفتيات ال ّلواتي‬ ‫ّ‬
‫�إغ��ارة ق��ام بها ‪ 79‬من المارينز الذين‬ ‫ولكن لم يجر حتّى البحث بالفكرة»‪.‬‬
‫�إل��ى ح�� ّد �أنّ القليلين �أدرك���وا �أنّ البيت‬ ‫و�أ�ضاف‪« :‬في ‪ ،9-11‬قمت باال�ست�شهاد دخلوا �إلى باك�ستان بوا�سطة المروح ّيات‪.‬‬
‫يعظم ب��ن الدن ب���إط�لاق ا�سم‬ ‫الأبي�ض ّ‬ ‫محاولة اغتيال ال�س ّيد‬ ‫با�ستنتاج روبرت في�سك‪� ،‬أنّ هذه «الجريمة وبعد ع��دّة رواي���ات مذهلة تقدّمت بها‬
‫ج��ي��ران��م��و ع��ل��ي��ه‪ ،‬وه���و زع��ي��م الهنود‬ ‫«ب�شكل �ش ّرير وبق�سو ٍة الحكومة ثم �سحبتها‪� ،‬أخ��ذت التّقارير‬ ‫ٍ‬ ‫الفظيعة» قد ارتكبت‬
‫الأبا�ش ّيين ا ّل��ذي ق��اد المقاومة البطلة‬ ‫ف�ضل اهلل ال��ت��ي قامت‬ ‫هائلة»‪ ،‬وهو ا�ستنتاج دقيق‪ .‬ومن المفيد ال ّر�سم ّية تتّجه �أكثر ف�أكثر �إلى القول �إنّ‬
‫�ض ّد غزاة �أرا�ضيهم»‪.‬‬ ‫بها وكالة اال�ستخبارات المركزيّة‬ ‫مخطط له‪،‬‬ ‫�أن نتذ ّكر �أنّ وقع هذه الجرائم كان يمكن العمل ّية كناية عن اغتيال ّ‬
‫الطريقة العر�ض ّية‬ ‫و�أردف قائ ًال‪�« :‬إنّ ّ‬ ‫الحظ‪ ،‬نحن وهي انتهكت عدّة قواعد �أول ّية في القانون‬ ‫�أن يكون �أ�سو�أ‪ ...‬ولكن ل�سوء ّ‬
‫الأمريكية ع��ام ‪ 1985‬ولقي فيها‬
‫بال�سهولة‬ ‫ف��ي اخ��ت��ي��ار اال���س��م ل��ت��ذ ّك��ر ّ‬ ‫ّولي بدء ًا بالغزو نف�سه»‪.‬‬ ‫ل�سنا في معر�ض اختبار للتّفكير‪ ..‬فلقد الد ّ‬
‫التي ن�س ّمي بها �أ�سلحة القتل ب�أ�سماء‬ ‫‪ 80‬بريئ ًا م�صرعهم‪ ،‬هي ع ّينة من‬ ‫حدث ذلك بالفعل‪ ،‬والخط�أ الوحيد في وتو ّقف عند تحقيق ‪The Atlantic‬‬
‫�ضحايا جرائمنا «�أبا�شي»‪« ،‬بالكهوك»‪..‬‬ ‫الجرائم الأمريكية التي ال ح�صر لها‬ ‫هذا العر�ض المخت�صر يتم ّثل ب�ضرورة ا ّلذي ر�أى «�أنّ القرار بقتل بن الدن كان‬
‫ب�شكل مختلف‬ ‫ٍ‬ ‫ولع ّلنا ك ّنا �سنت�ص ّرف‬ ‫للتو�صل �إلى الأرقام ال�� ّن��م��وذج الأب���رز حتّى يومنا ه��ذا على‬ ‫�ضرب الأعداد بـ ‪ّ ،25‬‬
‫ل��و �أنّ ال��ط��ي��ران الأل��م��ان��ي قبل الحرب‬ ‫كنّ يغادرن الم�سجد»‪ ،‬م�ؤ ّكد ًا �أ ّنها واحدة‬ ‫ال�سكان‪� ..‬إ ّنني منحى ف��ي �سيا�سة �إدارة �أوب��ام��ا �ض ّد‬
‫من الجرائم التي ال ح�صر لها‪ ،‬وا ّلتي لم‬ ‫ال�صحيحة مقارن ًة بعدد ّ‬ ‫ّ‬
‫العالمية ال ّثانية وخاللها �أط��ل��ق على‬ ‫بالطبع عما ي�س ّمى غالب ًا الإرهاب لم يحظ �إال بالقليل من االنتباه‪.‬‬ ‫�أت��ح��دّث هنا ّ‬
‫طائراته المقاتلة �أ�سماء مثل «اليهودي»‬ ‫تدخل في حول ّيات العمليات الإرهاب ّية‬ ‫في �أميركا الالتينية بـ «�أح���داث ‪ 9-11‬لقد اعتقلت �إدارة بو�ش �آالف المتّهمين‪،‬‬
‫و»الغجري»‪.‬‬ ‫ب�سبب ارتكابها من قبل «الوكالة الخط�أ»‪.‬‬ ‫الأولى»‪ ،‬التي جرت في ‪� 11‬أيلول‪�/‬سبتمبر و�أر�سلتهم �إلى االعتقال في �أفغان�ستان‬
‫ولربما ك��ان من الممكن و�ضع الأمثلة‬ ‫و�أ����ض���اف‪« :‬ل��ع�� ّل��ه م��ن المفيد �أن ن�س�أل‬ ‫وال��ع��راق وخليج غوانتامو‪ ،‬في حين �أنّ‬
‫ال����م����ذك����ورة ف����ي خ���ان���ة «اال���س��ت��ث��ن��اء‬ ‫�أن��ف�����س��ن��ا‪ :‬ك��ي��ف ك��ن��ا ل��ن��ت�����ص�� ّرف ل��و �أنّ‬ ‫�إدارة �أوباما ر ّكزت على ت�صفية الأفراد‬
‫الأميركي»‪ ،‬لوال �أنّ �سهولة طمر الجرائم‬ ‫المغاوير العراق ّيين نزلوا في المجمع‬ ‫الإرهاب ّيين بد ًال من اعتقالهم �أحياء»‪.‬‬
‫التي يرتكبها المرء هو �أم��ر ي�شمل ك ّل‬ ‫ا ّل���ذي يقطن فيه ج��ورج بو�ش واغتالوه‬ ‫ومن الأم��ور ا ّلني لفت �إليها‪� ،‬أنّ حلفاء‬
‫ال��دّول القو ّية‪� ،‬أق ّله ما لم تهزم وترغم‬ ‫و�ألقوا بج ّثته في المحيط الأطل�سي (بعد‬ ‫ل��ل��والي��ات ال��م�� ّت��ح��دة ان��ت��ق��دوا التخ ّل�ص‬
‫على االعتراف بالواقع»‪.‬‬ ‫بالطبع)‪ .‬فما‬ ‫�أداء �شعائر الدّفن المتّبعة ّ‬ ‫من الج ّثة من دون ت�شريح‪ ،‬م�ست�شهد ًا‬
‫وختم قائ ًال‪« :‬لع ّل الأم��ر‪ ،‬كما ي�ستنتج‬ ‫ً‬
‫ال نقا�ش فيه‪� ،‬أنّ بو�ش لم يكن «متّهما»‪ ،‬بل‬ ‫بقول المحامي جيفري روبرت�سون ا ّلذي‬
‫«روب��رت�����س��ون»‪� ،‬أنّ الإدارة ق��د اعتبرت‬ ‫«المق ّرر» ا ّلذي �أعطى الأمر بغزو العراق‪،‬‬ ‫اعتبر ا ّدع����اء �أوب��ام��ا ب����أنّ ال��ع��دال��ة قد‬
‫االغتيال «عمل ّية انتقام»‪ ،‬ولربما كان‬ ‫�أي ارتكاب «الجريمة الدّول ّية العظمى»‪،‬‬ ‫تح ّققت �أ ّن��ه «�سخيف»‪ ،‬م�شير ًا �إل��ى �أنّ‬
‫رف�ض خيار ال ّلجوء �إلى المحاكمة يعك�س‪،‬‬ ‫التي تختلف عن جرائم الحرب الأخرى‪،‬‬ ‫القانون الباك�ستاني يفر�ض قيام تحقيق‬
‫كما يقترح روبرت�سون �أي�ض ًا‪ ،‬االختالف‬ ‫فقط في كونها تحتوي في داخلها ّ‬
‫ال�ش ّر‬ ‫في الموت العنيف‪ ،‬فيما ي�ص ّر القانون‬
‫بين ال ّثقافة الأخالق ّية في ع��ام ‪1945‬‬ ‫المتراكم ل��ك�� ّل (ال��ج��رائ��م الأخ����رى)‪..‬‬ ‫ّولي لحقوق الإن�سان على �أنّ «الحق في‬ ‫الد ّ‬
‫وبينها في يومنا هذا‪� .‬إال �أ ّنه ومهما كان‬ ‫وا ّل���ت���ي �أع�����دم م���ن �أج��ل��ه��ا المجرمون‬ ‫الحياة» يفر�ض التحقيق في حال حدوث‬
‫ال�صعوبة بمكان �أن يكون‬ ‫الدّافع‪ ،‬فمن ّ‬ ‫ال ّناز ّيون‪ ،»...‬معتبر ًا �أ ّنه «من غير المثير‬ ‫وف��اة عنف ّية ناتجة من فعل الحكومة �أو‬
‫متع ّلق ًا ب��الأم��ن‪ ،‬فكما ه��ي ال��ح��ال في‬ ‫للجدل �أنّ هذه الجرائم �أكبر بكثير من‬ ‫البولي�س‪ .‬وبالتّالي‪ ،‬ف���إنّ على الواليات‬
‫الجريمة الدول ّية الكبرى في العراق‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫� ّأي �شيء يعزى �إلى بن الدن‪..‬كذلك‪ ،‬ف�إ ّنه‬ ‫المتّحدة واج��ب القيام بتحقيق ير�ضي‬
‫اغتيال بن الدن مثال �آخر على �أنّ الأمن‬ ‫من غير المثير للجدل �أنّ بو�ش و�شركاءه‬ ‫العالم لناحية ال ّ��ظ��روف الفعل ّية لهذا‬
‫ال يم ّثل دائم ًا الأول ّية العليا لعمل الدولة‪،‬‬ ‫قد ارتكبوا «الجريمة الدّول ّية الكبرى» ـ‬ ‫القتل»‪.‬‬
‫وذلك بعك�س المبد�أ ّ‬
‫ال�شائع»‪..‬‬ ‫جريمة العدوان»‪.‬‬ ‫وقال �أي�ض ًا‪�« :‬إنّ لجنة (التّحقيق في ‪9-11‬‬
‫اختالل الموازين‪:‬‬ ‫و ّفرت �أد ّل ًة ظرف ّي ًة عدّة حول دور بن الدن‬
‫ترجمة‪ :‬غ�سان رمالوي‬ ‫وت��اب��ع‪« :‬ي�شير االخت�صا�صي المتم ّيز‬ ‫في ‪ ،9-11‬ومبن ّي ًة �أ�سا�س ًا على ما قيل لها‬
‫في ال ّ�����ش���ؤون ال��دّول�� ّي��ة غ��راه��ام �ألي�سون‪،‬‬ ‫ال�سجناء في غوانتامو»‪،‬‬ ‫حول اعترافات ّ‬
‫‪9‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫علي(ع) في عهده للأ�شتر(‪)2‬‬
‫مع ّ‬
‫�أعظم من هذه الح ّرية؟!‬
‫ميزان العدل‪:‬‬
‫و�إذا كان اهلل ي�أمر بالعدل‪ ،‬فاالرتباط به‬
‫يعني جعل العدل ميزان ًا في حركة الإن�سان‬ ‫العبود ّية هلل وتوا�ضع القيادة‬
‫في نف�سه وفي الحياة‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬يا‬
‫�أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ � َآم ُنو ْا ُكو ُنو ْا َق َّو ِامينَ للِهّ ِ ُ�شهَدَ اء‬ ‫�أن ن�ستعيدَ ه في �أدب الكتابة وال َّت�أليف‪،‬‬
‫جعفر ف�ضل اهلل‬
‫ِبا ْل ِق ْ�س ِط َو َال َي ْج ِر َم َّن ُك ْم َ�ش َن�آنُ َق ْو ٍم َع َلى �أَ َّال‬ ‫والمرا�سالت وال َتّوا�صل‪.‬‬
‫علي �أمري امل�ؤمنني‪،‬‬
‫علي(ع)‪« :‬هذا ما �أمر به عب ُد اهلل ّ‬‫كت ��ب �أم�ي�ر امل�ؤمنني ّ‬
‫َت ْع ِد ُلو ْا ْاع ِد ُلو ْا هُ َو �أَ ْق َر ُب ِلل َّت ْق َوى{(�سورة‬ ‫حرية‪:‬‬ ‫فعل ّ‬‫هلل ُ‬ ‫العبود َّية ِ‬ ‫مالك بن احلارثِ الأ�ش�ت�ر‪ ،‬يف عهدِ ِه �إليه حني و ّاله م�ص ��ر‪ :‬جبو َة خراجها‪،‬‬
‫َ‬
‫المائدة‪ ،‬الآي��ة ‪ .)8‬حيث �إنّ القرابة �أو‬ ‫وق��د يتوهّ م متوهّ م‪َّ � ،‬أن العبود ّية ت�ش ّل‬ ‫وجهاد عد ّوها‪ ،‬وا�ست�صالح �أهلها‪ ،‬وعمارة بالدها»‪.‬‬
‫العداوة ال تدفعان الإن�سان �إلى التّخ ّلي عن‬ ‫الإن�سان‪ ،‬وت�ضع ح�� ّد ًا للإبداع ا ّل��ذي من‬
‫إن�ساني الأ ّول في �إدارة العالقات‬ ‫المبد�أ ال ّ‬ ‫أهم مق ّوماته الح ّرية في الفكر والحركة‪،‬‬ ‫� ّ‬
‫وبالتّالي‪ ،‬ف���� َّإن الإن�سان ال��ذي ي�ستغرق‬ ‫ل�ل�أن��ب��ي��اء والأول���ي���اء‪ ،‬وذل���ك لكي يبقى‬ ‫العبود ّية الذات َّية هلل‪:‬‬
‫بين ال ّنا�س‪ ،‬وهو العدل‪ ،‬فهو يملك حر ّية‬ ‫للإن�سان توازنه �أم��ام ك�� ّل ال�شخ�ص َّيات‬
‫قراره المن�سجم مع قناعاته‪ ،‬ف� ّأي حر ّية‬ ‫في جانب العبود َّية في نف�سه‪ ،‬هو �إن�سا ٌن‬ ‫يالحظ المت�أ ّمل في بداية الفقرة الأولى‬
‫غير قابل للإبداع‪ ،‬بل هو مثل الآلة التي‬ ‫الكبيرة في الحياة‪ ،‬ليبقى م�شدود ًا �إلى‬ ‫من «عهد الأ�شتر»‪ ،‬توا�ضع القيادة بين‬
‫�أكثر توازن ًا من ذلك؟!‬ ‫وحدان َّية اهلل‪ ،‬من حيثُ ُي��درك � َّأن تلك‬
‫و�إذا كان اهلل هو منبع القيم‪ ،‬فاالرتباط‬ ‫محركها‪.‬‬
‫يحدّد لها ِّ‬ ‫تتح َّرك وفق ما ِ‬ ‫يدي اهلل �سبحانه وتعالى؛ انطالق ًا من‬
‫وع��ل��ى �أ���س��ا���س ذل����ك‪ ،‬ق��د ن��ف��ه��م دع��وة‬ ‫ال�شخ�ص َّيات‪ ،‬مهما ع�لا �ش�أنها‪ ،‬ف��� َّإن‬ ‫ال�شعور ب� َّأن الإن�سان مهما بلغ في الموقع‬ ‫ّ‬
‫به يكون بتج�سيد ك�� ّل القيم الأخالق ّية‬ ‫قيمتها �أ َّنها ارتبطت باهلل‪ ،‬و�أ َّنها �سارت‬
‫والعامة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫الخا�صة‬
‫َّ‬ ‫والروح ّية في الحياة‬ ‫الدّاعين �إلى �إبعاد الدّين عن الحياة؛ �أو‬ ‫َ‬ ‫االقت�صادي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬
‫خط اهلل‪ ،‬و�أ َّنها رهنت �إرادتها لإرادة‬ ‫في ِّ‬ ‫ف� َّإن �صفة العبود َّية هلل تالز ُمه؛ لأنَّ عبود َّية‬
‫نف�سه �صافي ًة‬ ‫َ‬ ‫بقي‬ ‫ي‬
‫فالإن�سانُ في �أخال ِقه ُ‬ ‫ال�سيا�سة؛ ل َّأن الحياة في تط ّو ٍر دائم‪،‬‬ ‫عن ّ‬
‫وال ِّ��دي��ن‪ ،‬من حيثُ يحتكم فيه الإن�سان‬ ‫ج�سدت ك ّل القيم التي محورها‬ ‫اهلل‪ ،‬و�أ َّنها َّ‬ ‫الإن�سان هلل هي جز ٌء من حقيقة وجوده‪،‬‬
‫من ك ّل حقدٍ ُمث ِق ٍل‪� ،‬أو ع�صب َّية مج ّمدة‪،‬‬ ‫اهلل‪ .‬وبذلك يتوازن الإن�سان �أمام حاالت‬
‫�أو �أنان َّية �ض ّيقة؛ وك ّل ذلك �إبقاء للإن�سانٍ‬ ‫�إلى ُجمل ٍة من ال َّثوابت التي تق ّيد حركته؛‬ ‫ٌ‬
‫ومملوك له‪.‬‬ ‫من حيثُ هو مخلوق هلل‬
‫بل تق ّيد مدى تفكيره‪ُ ،‬يبعد الإن�سان عن‬ ‫ال ّ�����ش��ع��ور بالعظمة ا ّل��ت��ي تعتريه �أم���ام‬ ‫�شك فيه‪َّ � ،‬أن ا�ستذكار الإن�سان‬ ‫وم ّما ال ّ‬
‫متر ّفع ًا عن �صغائر الأمور‪ ،‬وعن ُمثقالت‬ ‫العظماء‪ ،‬فال ي�ستغرق في ذواتها بعيد ًا‬
‫م�شغول عن �أهدافه ال ُكبرى‬ ‫ٍ‬ ‫الروح‪ ،‬غير‬ ‫ال�صفة ف��ي حياته‪ ،‬م��ن �ش�أنه �أن‬ ‫لهذه ّ‬
‫ً‬ ‫ع��ن �صفة ال��ع��ب��ود َّي��ة‪ ،‬وال تدفعه عظمة‬ ‫��ول له وال ق ّوة‬ ‫يدفعه �إل��ى تذ ّكر �أ َّن��ه ال ح َ‬
‫كل المعيقات‬ ‫ّ‬ ‫التي ي�سعى �إليها‪ ،‬ح ّرا �أمام ِ‬ ‫� َّإن عبود ّيتنا هلل هي‬ ‫تج�سيدهم للمبادئ والقيم �إل��ى الغل ّو‬ ‫�إال باهلل‪ ،‬و� َّأن �إرادته‪ ،‬في ما ي�أمر به وما‬
‫ال�سلبيات ال َّنا�شئة من‬ ‫التي تفر�ضها عليه َّ‬ ‫فيهم‪ ،‬و�إلى رفعهم �إلى غير مواقعهم ا ّلتي‬
‫ُ‬
‫فعل ح�� ّري��ة لنا �أم��ام‬ ‫ينهى عنه‪ ،‬وما ي�أخذ به وما يدعه‪ ،‬وما‬
‫االحتكاك بين ال َّنا�س‪.‬‬ ‫و�ضعهم اهلل تعالى فيها‪.‬‬
‫وح َتّى ال َتّ�شريعات التي ين�ضبط الإن�سان‬ ‫الكون ك ّله‪ ،‬ولن يم ّثل ارتباطنا‬ ‫ِ‬ ‫يتح َّرك فيه من �ش�ؤون الحياة‪ ،‬رهن �إراد ِة‬
‫ف��ن��ح��ن ن��ق��ر�أ ف��ي ق���ول اهلل ت��ع��ال��ى عن‬ ‫اهلل ع ّز وج ّل‪ ،‬تكوين ًا وت�شريع ًا‪.‬‬
‫تربوي‬
‫ّ‬ ‫خاللها‪ ،‬هي ذات قيم‪ ،‬ولها دو ٌر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫باهلل ع ّز وج��ل �إال ان�سجاما مع‬ ‫ع��ي�����س��ى(ع) ـ ف��ي �أ َّول م��ا ن��ط��ق ب��ه في‬
‫�إلى جانب كونها �ش�أن ًا تنظيم ّي ًا‪ ،‬والإن�سان‬ ‫فالطاقة التي‬ ‫� َّأم���ا ف��ي عالم ال َتّكوين‪َّ ،‬‬
‫ال��ف��ط��رة والم�صلحة والخير‬ ‫المهد ـ‪}:‬قال �إ ّني عبد اهلل �آتاني الكتاب‬ ‫�أودعها اهلل تعالى في ذاته‪ ،‬هي ا ّلتي يملك‬
‫حال ـ ال َّبد من �أن ي�ضبط نف�سه‬ ‫ـ على ك ّل ٍ‬ ‫وجعلني نب ّي ًا{(�سورة مريم‪ ،‬الآية ‪،)30‬‬
‫ت�شريع ما؛ ل َّأن الفو�ضى ال مكان لها‬ ‫في‬ ‫ّ‬
‫والحق والعدل‬ ‫من خاللها الحركة‪ ،‬والح ّرية التكوين َّية‬
‫ٍ‬
‫مبدئي‪ ،‬دين ّيا كان �أو غيره‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫في � ِّأي اتّجاه‬ ‫ل��ق��د � َّأك����د اهلل تعالى‬ ‫التي منحها اهلل ل��ه ه��ي التي ت���ؤ ّم��ن له‬
‫وهذه نقطة ت�شتمل على تفا�صيل نبحثها‬ ‫العامة‪ ،‬فال‬ ‫الفاعل َّية الحقيق َّية في الحياة َّ‬ ‫الأر�ض َّية ال ّرحبة للفعل والإنتاج وال َتّطوير‬
‫�صفة العبود َّية للأنبياء‬ ‫ق�صة �صاحب‬ ‫والإبداع‪ ،‬وقد قال تعالى في َّ‬
‫مجال �آخر‪.‬‬ ‫في ٍ‬ ‫َّبد من �أن يقت�صر دوره في تغذية الجانب‬
‫و�إذا نظرنا �إلى ما يتناف�س ال َّنا�س فيه‪،‬‬ ‫يتحدّد مجاله في الم�سجد‬ ‫الروحي‪ ،‬و�أن َ‬ ‫والأول��ي��اء‪ ،‬لكي يبقى للإن�سان‬ ‫الج ّنتين‪} :‬ولوال �إذ دخلتَ ج ّنتك قلتَ ما‬
‫ف� َّإن الدّين يعزّز ح ّرية الإن�سان �أمام الجاه‬ ‫�أو في الكني�سة �أو في �سائر دور العبادة‪.‬‬ ‫ت��وازن��ه‪ ،‬ول�� ُي��درك � َّأن قيمة تلك‬ ‫�شاء اهلل ال ق ّوة �إال باهلل{(�سورة الكهف‪،‬‬
‫وال�شهوات الجن�س ّية وما �إلى ذلك‪،‬‬ ‫والمال َّ‬ ‫وه���ذا ال��م��و���ض��وع‪ ،‬و�إن ك��ان م��ع�� ّق��د ًا في‬ ‫الآية ‪)39‬‬
‫ال�شخ�ص َّيات في �أ َّن��ه��ا ارتبطت‬ ‫و� َّأما في عالم ال َتّ�شريع‪ ،‬فلي�س للإن�سان �أن‬
‫كل ما‬ ‫بحيث يملك الإن�سان �إرادت��ه �أمام ِّ‬ ‫طبيعته ويحتاج �إلى معالج ٍة وا�سعة‪� ،‬إال �أنّ‬
‫يفر�ض عليه ما هو خالف مبادئه‪� ،‬أو ما‬ ‫با�ستطاعتنا �إيجاز الم�س�ألة بالقول‪� :‬إ ّنك‬ ‫خطه‬ ‫باهلل و�سارت في ِّ‬ ‫ي�أمر �إال بما �أمر به اهلل‪ ،‬ولي�س له �أن ينهى‬
‫ي�صب في غير م�صلحته‪ ،‬ويرى لزام ًا عليه‬ ‫ّ‬ ‫عندما تربط وج��ودك باهلل تعالى‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫�إال ع ّما يكون مح ًال لنهي اهلل‪ ،‬ولي�س له‬
‫ـ بمنطق الدّين نف�سه ـ �أن يح ّرك المال �أو‬ ‫ك ّل فكرك وحركتك تنجذب �إلى ما يم ّثله‬ ‫وق���ال تعالى ف��ي ب��ي��ان وظيفة الأنبياء‬ ‫ّ‬
‫والخط‬ ‫�أن يتح َّرك �إال من خالل المنهج‬
‫خط الم�س�ؤول َّية‪ ،‬و�أن ي�ضبط‬ ‫ال�سلطة في ِّ‬ ‫ّ‬ ‫تج ّلي اهلل تعالى في الحياة‪:‬‬ ‫الدّاللة على اهلل وتعريف‬ ‫وال ّر�سل‪� ،‬أ َّنها َ‬ ‫اللذين و�ضعهما اهلل لحركته‪.‬‬
‫�شهواته ح�� ّت��ى يبقى ل��ه ت��وازن��ه وت���وازن‬ ‫ف�إذا كان اهلل هو الحقّ ‪ ،‬فاالرتباط باهلل‬ ‫الإن�سان بطريق تج�سيد عبود َّيته هلل‪} :‬ما‬ ‫ومن خالل ذلك‪ ،‬ينبغي لنا �أن ال نتع َّيب‬
‫المجتمع‪ ..‬ك ّل ذلك هو عينُ الح ّرية وال‬ ‫يعني االرتباط بالحقّ بعيد ًا عن الباطل‪،‬‬ ‫لب�شر �أن ُي�ؤتيه اهلل الكتاب والحكم‬ ‫كان ٍ‬ ‫ب�أنف�سنا ـ كم�سلمين ـ عندما ندعو �إلى �أن‬
‫يناق�ضها‪.‬‬ ‫ف�لا يملك �أح��� ٌد �أن يفر�ض عليك فكر ًا‬ ‫للنا�س كونوا عباد ًا لي من‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫يقول‬ ‫ثم‬
‫والنب ّوة ّ‬ ‫يكون القانون من�سجم ًا مع �إرادة اهلل في‬
‫ولذلك‪ُ ،‬يمكن �أن نقول � َّإن عبود ّيتنا هلل‬ ‫�إال من خالل �إقناعك ب�أ َّنه يم ِّثل الحقّ ‪،‬‬ ‫دون اهلل{ (�سورة �آل عمران‪ ،‬الآية ‪.)79‬‬ ‫ما �ش َّرعه‪ ،‬و�أن نعمل على ا�ستك�شاف ك ّل‬
‫الكون ك ّله‪ ،‬ولن‬ ‫فعل ح ّرية لنا �أم��ام ِ‬ ‫هي ُ‬ ‫وال ُيمكن للإن�سان �أن ُينتج للحياة �إال‬ ‫ونحن نقر�أ في ت�ش ّهد �صلواتنا‪« :‬و�أ�شه ُد‬ ‫العنا�صر ال ّرائدة في ال َتّ�شريع‪ ،‬بد ًال من �أن‬
‫يم ّثل ارتباطنا باهلل ع ّز وج ّل �إال ان�سجام ًا‬ ‫الفكر ا ّلذي ين�سجم مع الحقّ ‪ ،‬وال يرتبط‬ ‫� َّأن مح ّمد ًا عبدُه ور�سو ُله»‪ ،‬ت�أكيد ًا ل�صفة‬ ‫نعي�ش نوع ًا من العقدة التي تُ�سقط ذاتها‬
‫مع الفطرة والم�صلحة والخير والعدل‬ ‫الإن�سان في حياته �إال بما هو حقّ وثابت‪،‬‬ ‫العبود َّية قبل ال ّر�سالة‪.‬‬ ‫�أم��ام ما يطرحه الآخ��رون من ت�شريعات‬
‫والحقّ ‪ ،‬وك ّلها قي ٌم �إن�سان ّية تنبع من عمق‬ ‫فيبتعد عن الزّيف وال��خ��داع‪ ،‬والخرافة‬ ‫علي‬
‫إ�سالمي‪ ،‬تر َّبى عليه ّ‬
‫ّ‬ ‫وهذا الخلق ال‬ ‫قد ال تن�سجم مع فطرة الإن�سان �أو مع‬
‫معنى الإن�سان ّية التي �أبدعها اهلل؛ وهذا‬ ‫والمبالغة وما �إلى ذلك‪.‬‬ ‫بن �أبي طالب(ع) في بيت النب ّوة‪ ،‬عندما‬ ‫ال�سامية ا ّلتي ينبغي �أن ي�سعى‬ ‫الأه��داف َّ‬
‫وبذلك‪ ،‬يملك الإن�سان الحر ّية الفكر َّية‬ ‫ن�ش�أ ف��ي كنف ر���س��ول اهلل(�����ص)‪ ،‬وكان‬ ‫�إليها فرد ًا ومجتمعا‪ً.‬‬
‫هو منطلق الإبداع الذي يتح ّرك في طريق‬
‫الخير والحقّ في الحياة‪.‬‬ ‫فكر �آخر‪� ،‬سواء كان بفعل الإلفة‪،‬‬ ‫�أمام � ّأي ٍ‬ ‫الخ ُلق الذي ينبغي لنا‬ ‫تلميذ القر�آن؛ وهو ُ‬ ‫هذا‪ ،‬وقد �أ َّكد اهلل تعالى �صفة العبود َّية‬
‫�أو الوراثة العائل ّية‪� ،‬أو الوراثة المذهب َّية �أو‬
‫في الحلقة القادمة‪ :‬الألقاب بين‬ ‫الطائف َّية؛ بل �سيجد الإن�سان نف�سه ح ّر ًا‬ ‫علي(ع) في بيت النب ّوة‪ ،‬هو‬ ‫إ�سالمي الذي تر َّبى عليه ّ‬
‫ّ‬ ‫الخلق ال‬
‫الواقع والمبالغات‬ ‫�أمام فكر العا َلم ك ّله‪ ،‬و�أ َّنه المحور ا ّلذي‬
‫ينتظر الإقناع ليعتقد‪ّ � ...‬أي ح ّرية فكر ّية‬ ‫الخ ُلق ا ّلذي ينبغي لنا �أن ن�ستعيدَ ه في �أدب الكتابة وال َّتوا�صل‬
‫ُ‬
‫(�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫اول (اكتوبر)‬
‫ايلول‬
‫ت�شرين‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫ذوالقعدة�شوال‬
‫العدد ‪390‬العدد ‪389‬‬
‫‪10‬‬
‫ملف‪ /‬ال َّثورات العربية‬
‫ّ‬

‫ملؤسسة الفكر اإلسالمي املعاصر واملركز اإلسالمي ال َثّقافي‪:‬‬


‫ندوة حواريّة َّ‬

‫الخطاب الدّ يني وال َّثورات العرب َّية‬


‫�أقامت م� َّؤ�س�سة الفكر الإ�سالمي المعا�صر‪،‬‬
‫والمركز الإ�سالمي الثقافي‪ ،‬حلقة حوار‬
‫تحت عنوان‪« :‬الخطاب الديني والثورات‬
‫العربية»‪ ،‬وذل��ك في قاعة المتحف في‬
‫قرية ال�ساحة التراثية ‪ -‬طريق المطار‪،‬‬
‫وذلك بح�ضور ممثل �أمين عام الجماعة‬
‫الإ�سالمية‪ ،‬الحاج �شفيق كو�سا‪ ،‬وممثلين‬
‫عن ال�سفارات البريطانية والم�صرية‬
‫وال��ع��راق��ي��ة والإي��ران��ي��ة‪ ،‬ورئ��ي�����س الهيئة‬
‫المنظمة لالت�صاالت بالوكالة‪ ،‬الدكتور‬
‫عماد حب اهلل‪ ،‬كما ح�ضر وف ٌد عن ك ّل من‬
‫التّغيير في العالم العربي منذ �سنوات‬ ‫كجماعة‪ ...‬بالمخت�صر‪ ،‬الخطاب الدّيني‬ ‫وعن خطاب الإ�سالم ّيين في �إيران وتركيا‬ ‫ت ّيار الم�ستقبل‪ ،‬ومنبر الوحدة الوطن ّية‬
‫بعيدة‪ ،‬بل منذ عقود‪ ،‬وكان خطابهم دائم ًا‬ ‫متعدّد‬‫ال�شرقي ع��ا ّم�� ًة‪ ،‬ه��و ِ‬ ‫الم�سيحي ّ‬ ‫وموقفهم من ال َّثورات‪ ،‬قال‪َّ �« :‬إن �إيران‬ ‫مم ّث ًال بالدكتور ح�سن مو�سى‪ ،‬ومنتدى‬
‫ي�شير �إلى �أنّ الأنظمة القائمة هي �أنظمة‬ ‫ومرتبط بالأحوال ال�سيا�س َّية االجتماع َّية‬ ‫رحبت بال َّثورات العرب َّية واعتبرتها ٍ‬
‫ثورات‬ ‫َّ‬ ‫الحوار الثقافي‪ ،‬وجمعية القد�س‪ ،‬و�أزهر‬
‫ال�شعب ّية‪،‬‬ ‫ال�شرع ّية ّ‬‫مفرو�ضة‪ ،‬ال تمتلك ّ‬ ‫ل��ك�� ّل ب��ل��د‪ ،‬وه���و م��رت��ب��ط �أي�����ض�� ًا بواقع‬ ‫�إ�سالمية‪ ،‬با�ستثناء �سورية‪ ،‬ا ّلتي ما تزال‬ ‫البقاع‪ ،‬وتجمع وع��ي‪ ،‬وجمع ّية التعليم‬
‫و�أنّ الجماهير تتط ّلع �إلى �أنظمة �أخرى‪،‬‬ ‫الم�سيح ّيين كجماعة وكني�سة‪ ،‬حيث �إنّ‬ ‫تدعم نظام الحكم فيها‪ .‬وكانت �إيران‬ ‫الديني الإ�سالمي‪ ،‬وحلقة الحوار الثقافي‪،‬‬
‫عادلة وثور ّية ومنا�صرة لفل�سطين‪.»..‬‬ ‫بناني يخت ِلف عن الم�صري‪،‬‬ ‫الواقع ال ّل ّ‬ ‫إ�سالمي‬
‫ّ‬ ‫تر ّكز على �إق��ام��ة نظام حكم �‬ ‫وجمع ّية المبرات‪ ،‬والتج ّمع الوطني لدعم‬
‫وع��ن خطاب الإ�سالم ّيين قبل ال َّثورات‬ ‫والم�صري يخت ِلف عن ال�سوري‪� ...‬إلخ»‪.‬‬ ‫ف��ي ب��ل��دان ال��� ّث���ورات‪ ،‬لك ّنها الآن تريد‬ ‫المقاومة‪ ،‬ومركز ع�صام فار�س‪ ،‬وحركة‬
‫ق���ال‪َّ �« :‬إن ه���ذا ال��خ��ط��اب �شهد تح ّو ًال‬ ‫و�أ�ضاف‪« :‬من وجهة نظري‪ ،‬ف�إنّ الخطاب‬ ‫مواقف ثور ّية ُمعادية لأميركا و�إ�سرائيل»‪.‬‬ ‫الجهاد الإ�سالمي‪ ،‬ومركز دلتا للأبحاث‬
‫م���ث���ي���ر ًا‪ ،‬وخ�����ص��و���ص�� ًا ل����دى الحركات‬ ‫الديني تجاه هذه ال ّثورات لم يكن وا�ضح ًا‬ ‫رحبت بك ّل‬ ‫و�أ���ض��اف‪�« :‬أ ّم��ا تركيا‪ ،‬فقد َّ‬ ‫المع ّمقة‪ ،‬ومنظمة ال��دف��اع العربي في‬
‫الإ�سالم ّية ال�سيا�س ّية الكبرى التي تع ِّبر‬ ‫بالمقدار المطلوب‪ ،‬وكذلك لم يكن مو َّفق ًا‬ ‫حركات التّغيير العرب ّية وعر�ضت عليها‬ ‫م�صر‪ ،‬وح�شد م��ن العلماء والمث ّقفين‬
‫ع��ن االت��ج��اه��ات الفاعلة ف��ي ال�ساحات‬ ‫بما فيه الكفاية»‪ ،‬مت�سائ ًال‪« :‬هل ال ّثورات‬ ‫م�ساعدات‪ ،‬لك ّنها ما دعتْها لإقامة حكم‬ ‫والمفكرين و�أ���س��ات��ذة الجامعات ووفود‬
‫المختلفة‪ .‬ه��ذا م��ا �شهدناه م��ع حركة‬ ‫العرب ّية هي نعمة بال ّن�سبة �إلى الخطاب‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬بل لإقامة حكم ديمقراطي‪ .‬وقد‬ ‫�إعالم ّية‪.‬‬
‫الإخوان الم�سلمين في م�صر قبل �سنوات‬ ‫ال�شيطان؟»‪ ،‬و�أجاب‪:‬‬ ‫الديني �أو فتنة من ّ‬ ‫ت�أرجح موقفها بين ال ّنظام والمتظاهرين‬ ‫د‪ .‬نجيب نورالدين‪:‬‬
‫عندما �أطلقت وثيقتها ال�سيا�س ّية‪ ،‬تحت‬ ‫الظاهر �إ ّن��ه��ا نعمة‪ ،‬لأن��ه��ا تتوافق‬ ‫«ف��ي ّ‬ ‫في �سورية»‪.‬‬ ‫بداي ًة‪ ،‬كانت كلمة لمدير م� ّؤ�س�سة الفكر‬
‫عنوان «دولة مدن ّية بمرجع ّية �إ�سالم ّية»‪،‬‬ ‫بوجه غير مبا�شر مع الكثير من �أفكار‬ ‫وخ����ت����م ب����ال����ق����ول‪�« :‬إن�����م�����ا بالمعنى‬ ‫الإ�سالمي المعا�صر‪ ،‬الدكتور نجيب نور‬
‫وه��ذا م��ا �شهدناه م��ع ر�سالة ح��زب اهلل‬ ‫الخطاب الديني الم�سيحي ونواياه‪ ،‬لك َّنها‬ ‫الطرفين الإيراني‬ ‫اال�ستراتيجي‪ ،‬ف��� َّإن ّ‬
‫رحب فيها بالح�ضور‪ ،‬م�ؤكد ًا �أنّ‬ ‫الدين‪َّ ،‬‬
‫ال ّثانية‪ ،‬التي �أظهرت ال�سعي لإقامة دولة‬ ‫من جهة �أخ��رى‪ ،‬هي فتنة‪ ،‬بمعنى �أ ّنها‬ ‫والتركي‪ِ ،‬خ�سرا بقيام الثورات‪ ،‬و�إن تكن‬ ‫من حقّ الجميع �أن يقارب المو�ضوع من‬
‫ديمقراطية ال طائف ّية»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫م�شروع تفتيت وتجزئة على قواعد لي�ست‬ ‫تركيا قد �أدركت �أهمية ال ّلحظة �أكثر من‬ ‫زاوية الفهم التي يراها بنف�سه‪ ..‬لكن‪ ،‬ال‬
‫و�أ���ش��ار �إل��ى تح ّو ٍل في خطاب الحركات‬ ‫وا�ضحة ولم تظهر مالمحها بعد»‪.‬‬ ‫�إيران»‪.‬‬ ‫�أحد ي�ستطيع �أن يزعم �أ ّنه يمتلك التف�سير‬
‫�لا‪« :‬با�ستثناء حزب‬ ‫الإ���س�لام�� َّي��ة‪ ،‬ق��ائ ً‬ ‫وختم قائ ًال‪« :‬يبقى �أنّ الخطاب الدّيني‬
‫ً‬ ‫ال ّأب �سليم د ّكا�ش‪:‬‬ ‫النهائي لها‪...‬‬
‫ال�� ّت��ح��ري��ر ا ّل����ذي ال ي���زال م�����ص�� ّرا على‬ ‫يركز‬ ‫ال ّر�سمي ال ُمع َلن‪ ،‬وا ّلذي لم يتغ َّير‪ِّ ،‬‬ ‫واعتبر �أن هذه الندوة تحاول الوقوف على‬
‫وم��ن ث َّ��م �ألقى الأب �سليم د َّك��ا���ش كلمةً‬
‫ال��خ�لاف��ة‪ ،‬ثمة ان��زي��اح ل��دى الحركات‬ ‫على لبنان ال ّر�سالة التي تقول‪« :‬لبنان‬ ‫الخطاب الديني وفهمه لهذه التح ّوالت‪..‬‬
‫الإ�سالم ّية باتجاه الدّولة الديمقراط ّية‪،‬‬ ‫ه��و �أك��ب��ر م��ن وط���ن؛ �إ ّن���ه ر���س��ال��ة حر ّية‬ ‫تط َّرق فيها �إلى موقف الخطاب الديني‬
‫الم�سيحي الكاثوليكي الم�ستند �إلى‬ ‫مع �أنه قد يكون من المبكر الحديث عن‬
‫وتراجع في ح�ضور مفهوم الدّولة الدين َّية‬ ‫وتع ُدّد ّية‪.»..‬‬ ‫�صيغ نهائية مكتملة لفهم ما يجري‪ ،‬لكنّ‬
‫في خطاب هذه الحركات‪ .‬وثمة ا�ستعداد‬ ‫الإ�صالح الكن�سي والفكري ال ّلذين حدثا‬
‫د‪ .‬علي فيا�ض‪:‬‬ ‫في المجمع الفاتيكاني الثاني‪ ،‬فقال �إ َّنه‪:‬‬ ‫محاولة قراءة الخطاب الديني للحركات‬
‫متنام لقبول �صيغ الم�شاركة والتعدّد ّية‬ ‫ٍ‬ ‫وال��ق��وى الإ���س�لام�� ّي��ة والم�سيح ّية لهذه‬
‫وتداول ال�سلطة واحترام الحر ّيات»‪.‬‬ ‫الكلمة الختام َّية كانت لل ّنائب الدكتور‬ ‫«من ال ّناحية المبدئ َّية‪ ،‬قبلت الكني�سة‬
‫علي ف�� ّي��ا���ض‪ ،‬ج��اء فيها‪« :‬ال يخفى �أنّ‬ ‫�شك � َّأن جزء ًا‬
‫ال�شرق هذا المبد�أ‪ ،‬وال َّ‬ ‫في َّ‬ ‫التح ّوالت‪ُ ،‬ي َع ُّد �إ�سهام ًا ال َّبد من تظهيره‬
‫ّثم تط َّرق �إلى خ�صو�ص َّية الواقع العربي‬ ‫ب��و���ض��وح‪ ،‬بعد �أن قطعت ه��ذه ال ّثورات‬
‫وط��ب��ي��ع��ة ال��ت��ح�� ّدي��ات وال��م��خ��اط��ر ا ّلتي‬ ‫الإ�سالميين‪ ،‬كما �أقرانهم من القوم ّيين‬ ‫م��ن ال َتّربية ف��ي ال��م��دار���س ُت��� ِ‬
‫��ش��دّد على‬
‫وال��ي�����س��ار ّي��ي��ن‪ ،‬ك��ان��وا ي��ن��ت��ظ��رون لحظة‬ ‫هذه المبادئ‪� .‬أق��ول مبدئ ًّيا‪ ،‬ل َّأن حدود‬ ‫�شوط ًا كبير ًا في م�ساراتها التي ُي�ؤمل �أن‬
‫ت�ستدعي من وجهة نظره «�أن تُدمج في‬ ‫عربي �أكثر اقتراب ًا من نب�ض‬
‫ال�سيا�سي الإ���س�لام ّ��ي م�س�ألة‬ ‫الخطاب‬ ‫ه��ذه الحر ّية هو م�صلحة الم�سيح ّيين‬ ‫ت� ّؤ�س�س لعالم ّ‬
‫ّ‬ ‫ال�شعوب الت ّواقة �إل��ى العدالة والحرية‬ ‫ّ‬
‫الديمقراط ّية وم�س�ألة المقاومة والممانعة‬ ‫ّ‬
‫والنماء‪..‬‬
‫في �إطار ر�ؤي ٍة واحدة‪ ،‬فال تمار�س الواحدة‬
‫على ح�ساب الأخ��رى‪� ،‬أو ُيف ّرط ب�إحداها‬ ‫د‪ .‬ر�ضوان ال�س ّيد‪:‬‬
‫على ح�ساب الأخرى»‪.‬‬ ‫تحدّث الدّكتور ر�ضوان ال�س ِّيد‬
‫بعد ذلك‪َ ،‬‬
‫وف���ي‪ ‬خ���ت���ام ال��ج��ل�����س��ة‪ ،‬ت ّ���م‪ ‬ف���ت���ح ب��اب‬ ‫فقال‪« :‬لم ي�شارك الإ�سالم ّيون في �إ�شعال‬
‫ال���م���داخ�ل�ات �أم������ام ال���ح�������ض���ور‪ ،‬ور ّد‬ ‫ال ّثورات العرب ّية‪ ،‬و�إنما ان�ضموا �إليها بعد‬
‫ال��م��ح��ا���ض��رون ع��ل��ى ال��م��داخ�لات التي‬ ‫ن�شوبها‪ .‬و���ش��ع��اراتُ تلك ال�� ّث��ورات لي�س‬
‫ا�ستعر�ضها المنتدون في خالل ال ّلقاء‪.‬‬ ‫فيها �شيء �أو �أثر من خطابات الإ�سالم‬
‫ال�سيا�سي‪ ،‬فهي تطلب الحر ّية والكرامة‬
‫والعدالة والديمقراط ّية والتداول ال�سلمي‬
‫لل�سلطة»‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫ملف‪ /‬ال َّثورات العربية‬
‫ّ‬
‫ح��راك م�ستم ّر ي�ستهدف تغيير ال ِّنظام‬
‫الحاكم‪ ،‬من دون تو ّفر مظ َّلة �أمن َّية عرب َّية‬
‫وا�ضحة؛ مظ َّلة قادرة على ا�ستعادة الأمن‪،‬‬
‫الظروف‪.‬‬ ‫و�صون وحدة اليمن في جميع ّ‬
‫في �ضرورة قيام ال ِّنظام العربي‬
‫فما ا ّلذي يمكن �إنجازه‪ ،‬والحال هذه‪ ،‬من‬
‫د‪ .‬عدنان ال�س ِّيد ح�سين*‬
‫خالل جامعة الدّول العرب َّية؟‬
‫��و���ص��ل الم�صر ّيون‬ ‫�إل����ى ذل����ك‪ ،‬ق���د ي��ت َّ‬
‫ال�صعبة‪ ،‬وهو‬ ‫قد ُيقال‪ :‬لماذا الحديث عن ال ِّنظام الإقليمي العربي؟ وما الجدوى من دوره في معالجة الأو�ضاع العرب َّية َّ‬
‫والتون�س ّيون �إلى �صيغ ٍة د�ستور َّي ٍة و�سيا�س َّي ٍة‬ ‫على هذه الحال من الترهّ ل؟‬
‫لبناء نظام جديد؛ �صيغة تح ّقق التَّغيير‬ ‫بظروف �صعبة‪ ،‬بنيو ّي ًا و�سيا�س ّي ًا و�أمن ّي ًا‪ ،‬و�صحيح �أنّ هذا الواقع �أدّى �إلى ت�أجيل الق َّمة العرب َّية‬
‫ٍ‬ ‫�صحيح �أنَّ ال ِّنظام العربي يم ّر‬
‫ّيمقراطي من دون عنف �أو حروب �أهل َّية‬ ‫ّ‬ ‫الد‬ ‫يا�سي‪ ،‬بل وا�ضطراب ال ّنظم ال�سيا�س َّية‬‫وال�س ّ‬
‫أمني ّ‬
‫الدور َّية من �آذار‪/‬مار�س ‪� 2011‬إلى عام ‪ ،2012‬ما يعك�س حقيقة اال�ضطراب ال ّ‬
‫داخل َّية‪ .‬على ال ّرغم من هذه الفر�ض َّية‪،‬‬ ‫العرب َّية في غير دولة‪.‬‬
‫قد ُيطرح �س�ؤال محوري‪ :‬لو كان ال ِّنظام‬ ‫كيف يمكن عقد ق�� َّم�� ٍة ع��رب�� َّي�� ٍة م�صغَّر ٍة‬
‫العربي قائم ًا‪� ،‬ألم تتراجع‪ ،‬والحال هذه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫�أو عا َّمة‪� ،‬إذا كانت الحكومات المعن َّية‬
‫مخاطر التَّهديد في هذين البلدين ال َّلذين‬ ‫بالح�ضور غير موجودة‪� ،‬أو �إذا كان هناك‬
‫�شهدا ثور ًة �شعب َّية بي�ضاء؟‬ ‫تنازع قائم على �شرع َّيتها داخ��ل ال َّدولة‬
‫مق�سم‪ ،‬مع ما يترك‬ ‫ال�سودان �أزمة كيان َّ‬ ‫في ّ‬ ‫المعن َّية؟‬
‫التَّق�سيم من �أ�سباب التَّنازع والحروب‪،‬‬ ‫وكيف يمكن ر�سم ا�ستراتيج َّية م�شتركة‪،‬‬
‫المق�سمة �سوى‬ ‫َّ‬ ‫وال نلمح في هذه ال َّدولة‬ ‫�أو اعتماد �سيا�سة ر�شيدة‪ ،‬طالما �أنَّ الأمن‬
‫مخاطر التف ّكك في ال�شمال والجنوب‬
‫ِّ‬
‫العربي منك�شف �إل��ى ه��ذا الحدّ؟ وماذا‬
‫ال�ضعيف‬ ‫العربي َّ‬ ‫مع ًا‪� ،‬إذا ما ف�شل ال ِّنظام‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫أمني؟‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫باالنك�شاف‬ ‫نعني‬
‫أفريقي‪ ،‬في و�ضع حدٍّ‬ ‫حالي ًا وال ّنظام ال ّ‬ ‫التدخّ ل الدّ ولي في ليبيا‪:‬‬
‫لالنهيار الأمني على جميع الم�ستويات‬ ‫في ليبيا تدويل �أم��ن ّ��ي وا�ضح من خالل‬
‫في منطقة القرن الأفريقي‪.‬‬ ‫القوات الأطل�س َّية‪ ،‬مع ما يرتّب ذلك من‬
‫يمكن الحديث عن دول �أخرى‪ ،‬تعاني اليوم‬ ‫وال�سيا�سي‪ ،‬ا َّلذي قد‬
‫من انتفا�ضات وتحركات �شعب َّية �صاخبة‪،‬‬ ‫�أعباء التَّدويل الأمني ّ‬
‫ي�ستتبع �أو�ضاع ًا اقت�صاد َّية يعاد ترتيبها‬
‫وقد تكون مهدّدة في �أمنها‪ ،‬و�أمن الجوار‬ ‫والعدوان؟ من الوا�ضح �أنَّ �صوالت الأعمال‬ ‫في �ضوء م�صالح الدّول الم�شاركة‪ ،‬فيما‬
‫الإقليمي‪� ،‬أال يب ّرر ذلك ا�ستعادة نظام‬ ‫الع�سكر َّية وجوالتها‪� ،‬سقط خاللها عدد‬ ‫ق��د ُي��ق��ال �إنَّ ا َّل��ذي‬
‫يتراجع دور ال َّدولتين الجارتين م�صر‬
‫عربي على قواعد را�سخة؟‬ ‫كبير من المدن ّيين‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى تدمير‬ ‫�أو���ص��ل ليبيا �إل��ى ما‬ ‫وتون�س في الأزمة الليب َّية‪ ،‬وهما المعن ّيتان‬
‫�أال ت�ش ّكل ه��ذه ال��ح��االت مجتمع ًة دافع ًا‬ ‫المرافق والمزارع والمن�ش�آت‪..‬‬ ‫و�صلت �إل��ي��ه‪ ،‬ه��و تع ّنت نظام‬ ‫بحكم حقائق الجغرافيا ال�سيا�س َّية‪.‬‬
‫�أ�سا�س َّي ًا للدّول العرب َّية كي تعيد ال َّنظر‬ ‫قد ُيقال‪� ،‬إنَّ ا َّلذي �أو�صل ليبيا �إلى هذه‬ ‫�أما حلف الناتو‪ ،‬الذي لعب دور ًا كبيرا في‬
‫ً‬
‫القذافي‪ ..‬لك َّننا ن�س�أل عن مدى‬ ‫ّ‬
‫ب�أ�سباب تراجع ال ِّنظام العربي‪ ،‬و�صو ًال‬ ‫الحال‪ ،‬هو تع ّنت نظام الق ّذافي ا َّلذي لم‬ ‫العمليات الع�سكر ّية‪ ،‬فيمكن لقادته �أن‬
‫�إلى �إعادة بنائه وفق قواعد ع�صر َّية في‬ ‫يلتفت �إلى �إرادة �شعبه‪ ،‬و�إنَّ االنتفا�ضة‬ ‫ن��ج��اح عمل َّية ال�� َّن��ات��و‪ ،‬وم��دى‬
‫يقولوا �إن والية الحلف انبثقت من تفوي�ض‬
‫وال�سيا�سة واالقت�صاد؟‬ ‫الأمن ّ‬ ‫ال�شعب َّية بد�أت �سلم َّية‪ ،‬وقد �أُجبرت على‬ ‫مالءمتها للقانون الدّ ولي العام‪،‬‬ ‫الأمم المتحدة‪ ،‬ا�ستناد ًا �إلى قرار مجل�س‬
‫ومن تعتقد من الدّول العربية �أ َّنها قادرة‬ ‫ال�سالح‪ ..‬هذا �صحيح‪ ،‬ولك َّننا‬ ‫امت�شاق ِّ‬ ‫ول�شرعة الأمم الم ّتحدة‬ ‫الأم����ن ‪ 1973‬ال���ذي ر ّك���ز ف��ي م�ضمونه‬
‫دعم‬ ‫ال�صمود والوحدة ا�ستناد ًا �إلى ٍ‬ ‫على ّ‬ ‫ن�س�أل عن مدى نجاح عمل َّية ال َّناتو‪ ،‬ومدى‬ ‫على حماية المدنيين ‪ .‬و�أن يتحدثوا عن‬
‫دولي‪ ،‬تقع في المحظور‬ ‫ّ‬ ‫أو‬ ‫�‬ ‫إقليمي‬
‫ّ‬ ‫�‬ ‫‪،‬‬ ‫خارجي‬
‫ّ‬ ‫مالءمتها للقانون الدّولي العام‪ ،‬ول�شرعة‬ ‫الإ����ش���ارة �إل���ى دور المحكمة الجنائية‬ ‫�ضرورة ه��ذه الحماية بعد �سقوط �آالف‬
‫المعروف؛ �إ ّنه خطر الو�صاية الخارج ّية‪،‬‬ ‫الأمم المتّحدة‪.‬‬ ‫الدولية في التحقيق بالجرائم المرتكبة‬ ‫القتلى من الأب��ري��اء‪ ،‬وتدمير المن�ش�آت‪،‬‬
‫ا ّل��ذي ُيعتبر جوهر التَّدويل القائم على‬ ‫ويبقى المعيار الأ َّول لل َّنجاح ماث ًال في‬ ‫�ضد المدنيين‪ ،‬ف��ي حين �أن الواليات‬ ‫وتعطيل الحياة العامة‪.‬‬
‫لعبة الم�صالح الدّول ّية؛ �إ ّنها لعبة متغ ّيرة‬ ‫�إمكان َّية حماية المدن ّيين‪ ،‬وهذا هو جوهر‬ ‫المتحدة تراجعت حتى الآن عن توقيعها‬ ‫وك��ان القادة الثالثة‪ :‬الرئي�س الأمريكي‬
‫منذ عهد اال�ستعمار في القرن التّا�سع‬ ‫على البيان الت�أ�سي�سي للمحكمة‪ ،‬وعزفت‬ ‫باراك �أوباما‪ ،‬والرئي�س الفرن�سي نيكوال‬
‫ع�شر وحتى ع�صرنا الراهن‪ ،‬الذي ُي�س ّمى‬ ‫يبقى م�شهد ليبيا‬ ‫عن االن�ضمام �إليها‪ ،‬ه��ذا من الناحية‬ ‫�ساركوزي‪ ،‬ورئي�س الحكومة البريطانية‬
‫ع�صر العولمة‪.‬‬ ‫م���ع ح��ل��ف ال�� َّن��ات��و‪،‬‬ ‫القانونية المجردة ‪.‬‬ ‫ديفيد كاميرون‪ ،‬قد كتبوا في الخام�س‬
‫�أل��م يرتفع ع��دد المه َّم�شين اجتماع ّياً‬ ‫�إلى ذلك‪ ،‬تجدر مالحظة اعتماد الأمم‬
‫���ص��ورة م��ن مجموعة م�شاهد‬ ‫ً‬ ‫ع�شر من ني�سان‪� /‬إبريل‪ ،‬مقا ًال موحد ًا‬
‫و�أمن ّي ًا واقت�صاد ّي ًا و�سيا�س ّي ًا في ع�صر‬ ‫المتَّحدة على ق��وات ال َّناتو لتنفيذ قرار‬ ‫تحت عنوان “الطريق نحو ال�سالم” جاء‬
‫العولمة؟‬ ‫عن فو�ضى النِّظام العالمي في‬ ‫�أممي �صادر عن �أعلى هيئة دول َّية؛ مجل�س‬ ‫فيه حرفي ًا‪:‬‬
‫�أل��ي�����س��ت دول ال��ج��ن��وب‪� ،‬أو م��ا ُي�س ّمى‬ ‫مطلع الألف َّية الجديدة‪ ،‬وعن‬ ‫الأمن‪ ،‬مع �أنَّ الحلف لي�س مع ّبر ًا عن الأمم‬ ‫“يتخذ حلف �شمال الأطل�سي و�شركا�ؤنا‬
‫ا���س��ت��ط��راد ًا ال���دّول ال�� ّن��ام��ي��ة‪ ،‬ف��ي مرمى‬ ‫المتَّحدة‪ ،‬لأ َّن��ه تنظيم �إقليمي لتحقيق‬
‫عدم انتظام العالقات الدول َّية‬ ‫�إج���راءات���ه���م ب��ا���س��م الأم�����م المتحدة‪،‬‬
‫المخاطر الدول َّية مع �سيطرة الفو�ضى‬ ‫�أهداف ع�سكر َّية ا�ستراتيج َّية‪ ،‬ويجب �أن‬ ‫وبتكليف قانوني دولي لم ي�سبق له مثيل ‪.‬‬
‫على ال ّنظام العالمي؟‬ ‫في م�شهد م�ستق ّر‬
‫تقت�صر مهامه على ال ِّنطاق الجيوبوليتيكي‬ ‫لكن ال�شعب الليبي‪ ،‬ولي�س الأمم المتحدة‪،‬‬
‫نظام‬‫وه���ل ت�����س��ت��ق�� ّر م��ن��ط��ق��ة م���ا ب��غ��ي��ر ٍ‬ ‫الفا�صل بين �أوروب����ا الغرب َّية و�أمريكا‬ ‫هو من يختار د�ستوره الجديد‪ ،‬وينتخب‬
‫إقليمي يقوم على ركيزتي الأمن َّ‬ ‫التّفوي�ض الأم��م��ي‪ ..‬ويبقى م�شهد ليبيا‬
‫ال�شامل‬ ‫� ّ‬ ‫ال�شمال َّية‪� ،‬أي في المجال الأطل�سي‪ ،‬ولي�س‬ ‫قادته‪ ،‬ويكتب الف�صل الجديد في تاريخ‬
‫م��ع حلف ال�� َّن��ات��و‪��� ،‬ص��ور ًة م��ن مجموعة‬
‫واالقت�صاد؟ وكيف �إذا كانت المنطقة‬ ‫من مب ّرر لو�صوله �إل��ى �شمال �أفريقيا‪،‬‬
‫ال��م��ع��ن�� َّي��ة ه��ي ال َّ‬ ‫م�شاهد عن فو�ضى ال ِّنظام العالمي في‬ ‫ليبيا”‪ .‬ما يعني �أن قادة الحلف التفتوا‬
‫�����ش��رق الأو����س���ط‪ ،‬حيث‬ ‫المتو�سطي‬
‫ّ‬ ‫حيث �آب��ار ال َّنفط والمجال‬ ‫�إل��ى �إرادة ال�شعب الليبي كم�صدر �أول‬
‫مطلع الألف َّية الجديدة‪ ،‬وعن عدم انتظام‬
‫الموارد والموقع واال�ستهدافات الخطيرة‬ ‫المتداخل مع المجال الأوروبي‪.‬‬ ‫في بناء نظام جديد‪ ،‬ولي�س حلف �شمال‬
‫العالقات الدول َّية في م�شهد م�ستق ّر‪.‬‬
‫داخل ّي ًا وخارج ّي ًا؟!‬ ‫ال�س�ؤال الكبير فهو‪ :‬هل نجح الحلف‬ ‫�أ ّما ّ‬
‫عربي الفت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حراك‬ ‫الأطل�سي‪ ،‬وال حتى الأمم المتحدة ‪.‬‬
‫* وزير لبناني �سابق‬ ‫ّ‬
‫في تجنيب المدن ّيين الليب ّيين حاالت القتل‬ ‫وال�لاف��ت ف��ي ه��ذا المقال الموحد تلك‬
‫�شعبي غير م�سبوق؛‬
‫ّ‬ ‫��راك‬ ‫ح‬ ‫اليمن‬ ‫وف��ي‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪12‬‬
‫ظاهري ًا �أ َّن��ه �إرادي‪ ،‬ف�إ َّنه ـ في الحقيقة ـ‬
‫�أم ٌر مف َّك ٌر فيه غربي ًا‪ ،‬ومرا ٌد في م�ستوى‬ ‫ال ّثورات العرب ّية‪ :‬قراءة في الخلف ّيات والأبعاد‬
‫التّخطيط الجيوا�ستراتيجي الغربي‬
‫الجديد‪.‬‬
‫�سنة ‪1983‬م‪ ،‬وافق الكونغر�س بالإجماع‬ ‫الع�سكر ّية في تلك البلدان‪� ..‬إذ لوال هذا‬
‫تقدّم‬ ‫م�شروع َ‬ ‫في خالل جل�س ٍة �سر ّي ٍة على‬ ‫وري غير المكتمل‪ ،‬لما ا�ستطاعت‬ ‫ال�شكل ال ّث ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫الم� ّؤ�س�سة الع�سكر ّية ر�سم معالم نهاية‬
‫به الباحث والم�ؤ ّرخ ال�صهيوني الأمريكي‬
‫«ب��رن��ارد لوي�س»‪ ،‬يق�ضي ب���إع��ادة تق�سيم‬ ‫حقبة تاريخ ّية لرئي�س الدّولة‪.‬‬
‫ال�سابق‬ ‫� َّإن الم�ستفيد الأ ّول والجهة التي تملك‬
‫المنطقة والخروج من التّق�سيم ّ‬ ‫ن���ف���وذ ًا داخ���ل ال��م���ؤ� ّ��س�����س��ات الع�سكر ّية‬
‫«�سايك�س بيكو»‪ ،‬وقد ُاعتمد هذا الم�شروع‬
‫أ�سا�س لل�سيا�سة اال�ستراتيج ّية الأمريك ّية‬ ‫العرب ّية‪ ،‬ه��ي ال��ق��وى الغرب ّية الأوروب ّية‬
‫ك� ٍ‬ ‫ال�سيا�سي‬ ‫ُّ‬
‫الم�ستقبل ّية‪...‬‬ ‫التدخل ّ‬ ‫والأمريك ّية‪ ،‬كما � َّأن‬
‫منذ ‪1983‬م �إل��ى يومنا ه��ذا‪ ،‬والإدارة‬ ‫والإعالمي لدعم ال ّثورات كما في تون�س‬
‫الأم��ري��ك�� ّي��ة ت ِّ‬ ‫التدخل الع�سكري الغربي‬ ‫وم�صر‪ ،‬و�أي�ض ًا ُّ‬
‫ُن�شط ال�� ّن��ع��رات الطائف ّية‬
‫�����ص��راع��ات االجتماع ّية وال�سيا�س ّية‬ ‫في ليبيا‪ ،‬ك ّل ذلك ي�ؤ ّكد بما لي�س فيه �شك‪،‬‬
‫وال ّ‬ ‫�ضلوع ه��ذه ال��ق��وى الغرب ّية ف��ي م�شروع‬
‫ت��ح��ت جميع ال��� ّذرائ���ع وال��ع��ن��اوي��ن‪ ،‬من‬
‫التدخل الإن�ساني»‪ ،‬و»حماية‬ ‫ّ‬ ‫قبيل «ح��قّ‬ ‫«ال ّثورة غير المكتملة»‪ ،‬بل � َّإن ح�ضور الق ّوة‬
‫ال��دي��م��وق��راط�� ّي��ة وح���ق���وق الإن�������س���ان»‪،‬‬ ‫االجتماعي ـ‬
‫ّ‬ ‫ال ّناعمة ـ �شبكات التّوا�صل‬
‫و»محاربة الإرهاب والتط ّرف»‪ ،‬و»الق�ضاء‬ ‫ذات المرجع ّية الأمريك ّية ـ «الفاي�س بوك»‬
‫على �أ�سلحة ال�� ّدم��ار ال ّ�����ش��ام��ل»‪ ،‬و»ح��قّ‬ ‫و «تويتر» ـ َلي�ؤ ّكد بو�ضوح هذا االدّعاء‪.‬‬ ‫ال�س ّيد ع�صام احميدان *‬
‫ال�شعوب في تقرير م�صيرها»‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫الدوافع الحقيق ّية وراء دعم ال ّثورات‪:‬‬ ‫م ��ن ال َّتعريفات املخت�ص ��رة لل َّثورة‪« :‬رف�ض الواق ��ع والعمل على تغيريه»‪،‬‬
‫وكما � َّأن «لوران�س العرب» لعب دور ًا مه ّم ًا‬ ‫من خالل ما �سبق‪ ،‬يحقّ لنا �أن نت�ساءل‬ ‫وه ��و تعري � ٌ�ف ال يخلو من �إ�ش ��كال‪ ،‬لأ َّنه ال ير�س ��م حدوداً ب�ي�ن ماه َّية ال َّث ��ورة وماه َّية‬
‫ال�صراعات والحروب‬ ‫ع��ن ال��دّواع��ي وال��دّواف��ع الحقيق ّية التي‬ ‫رف�ض للواقع مع عملٍ على‬ ‫عمل يقوم على ٍ‬ ‫إ�صالحي �أي�ضاً هو ٌ‬ ‫الإ�صالح‪ ..‬فالعمل ال‬
‫في م�شروع �إذكاء ّ‬ ‫تجعل القوى الغرب ّية تنقلب على حلفائها‬
‫ّ‬
‫وت�شجيع االن��ق�����س��ام��ات ف��ي المنطقة‪،‬‬ ‫تغيريه‪.‬‬
‫الإقليم ّيين وت��دع��م م�شاريع ال�� ّث��ورة في‬ ‫وحتم ًا � َّإن الق ّوة الع�سكر ّية يملكها حلف‬ ‫تغيير الواقع‪:‬‬
‫ف��� َّإن لوران�س ًا جديد ًا انطلق من م�شروع‬ ‫ول��ع َّ��ل �أف�ضل م��ا يمكن �أن يم ِّيز العمل «الناتو»‪ ،‬وال يملكها ال ّث ّوار‪.‬‬
‫«ب��رن��ارد لوي�س»‪� ،‬ساعي ًا �إل��ى بلورته من‬ ‫البلدان العرب ّية‪ ،‬علم ًا � َّأن ه��ذا الدعم‬
‫بكثير من االزدواج ّية‬ ‫يبقى �أي�ض ًا م�شوب ًا ٍ‬ ‫ثوري غير مكتمل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الإ���ص�لاح��ي ع��ن العمل ال�� َّث��وري‪ ،‬ه��و � َّأن حراك‬
‫خالل فكرة «ال ّثورات العرب ّية»‪ ،‬وتوظيف‬ ‫�شكل م��ن ال ّن�ضال ال يمكن‬ ‫االجتماعي �إ َّن��ن��ا �أم���ام ٍ‬
‫ال��ق�� ّوة ال ّناعمة (الف�ضائيات و�شبكات‬ ‫المعيار ّية‪ ،‬كما الحظنا ذلك في الحالة‬ ‫ّ‬ ‫الإ�صالح �إبقاء لأ�صل ال ِّنظام‬
‫البحرين ّية واليمن ّية‪.‬‬ ‫يا�سي‪ ،‬مع تقويم مظاهره وعنا�صره‪ ،‬ت�سميته بالعمل الإ�صالحي‪ ،‬كما ي�صعب‬ ‫وال�س ّ‬ ‫ّ‬
‫التّوا�صل االجتماعي على الإنترنت)‪.‬‬ ‫بكل و�صفه بالعمل ال�� ّث��وري‪ ،‬فهناك �سمات‬
‫ل��وران�����س ال��ج��دي��د ه��و «ب���رن���ارد ليفي»‪،‬‬ ‫قلب لجوهر ال ّنظام ِّ‬ ‫بينما ال ّثورة هي ٌ‬
‫ال��م�����ش��روع ال��غ��رب��ي ال‬ ‫إ�صالحي‪،‬‬‫ّ‬ ‫وري و�أخرى للعمل ال‬ ‫للعمل ال ّث ّ‬ ‫مظاهره وعنا�صره‪..‬‬
‫ال�صهيوني الفرن�سي الذي كان حا�ضر ًا‬ ‫ّ‬ ‫�إذا كان هذا هو المفهوم ال َتّقريب ّـي للعمل ما يمكن معه القول‪� ،‬إ َّن��ن��ا �أم��ام � ٍ‬
‫أ�شكال‬
‫المحطات الثور ّية العرب ّية مح ّر�ض ًا‬ ‫ّ‬ ‫في ك ّل‬ ‫يبحث ع��ن اال�ستقرار‬
‫ال َّثوري‪ ،‬فهل يمكن و�صف ما يجري في ثور ّي ٍة غير مكتمل ٍة‪ ،‬لأ َّنها ال ت�ستطيع �أن‬
‫وم��ح�� ّرك�� ًا‪ ،‬منت�صر ًا لم�صالح الغرب‬ ‫للمنطقة بقدر ما يبحث عن‬ ‫ال�ساحة العرب َّية على �أ َّنه «ثورات عرب َّية»؟ تقلب ال ّنظام وتحدّد ـ بحر ّية ـ االختيارات‬
‫وم�شجع ًا على ال ّثورات العرب ّية‬ ‫ّ‬ ‫و�إ�سرائيل‪،‬‬ ‫َّ‬
‫التو ُّتر واالقتتال‪ ،‬ل َّأن الغاية من‬ ‫التدخالت‬ ‫ث ّ��م هل ت َّ��م في �إط��ار ال�� َّث��ورات ال َّناجحة ال�سيا�س ّية الم�ستقبل ّية‪ ،‬ب�سبب ّ‬
‫ّ‬
‫من داخ��ل ميادين ال��ث��ورة والتّحرير في‬ ‫التي �أطاحت ببع�ض الح ّكام لتحقيق قلب ال�سيا�س ّية للم� ّؤ�س�سة الع�سكر ّية في تون�س‬
‫كل ذلك هو االندفاع ال ّتلقائي‬ ‫ّ‬
‫ال�سودان �إلى جانب‬ ‫م�صر وتون�س‪ ،‬وفي ّ‬ ‫يا�سي للق ّوة‬ ‫ال�س ّ‬ ‫التدخل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وم�صر‪ ،‬و�أي�ض ًا‬
‫ال�سودان‪ ،‬وفي‬ ‫الحركة ال�شعب ّية جنوب ّ‬ ‫نحو خيار ُّ‬
‫التفكك واالنف�صال‬ ‫�أنظمة الحكم؟‬
‫الم�صري الع�سكر ّية لحلف «ال ّناتو» في ليبيا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫�إ َّننا ال نجد حقيق ًة في ال َّنموذج‬
‫ليبيا �إلى جانب الثوار ال ّليبيين‪!..‬‬ ‫حراك‬ ‫ٍ‬ ‫وال��تّ��ون�����س ّ��ي ت��غ��ي��ي��ر ًا ل��ج��وه��ر ال�� ِّن��ظ��ام بنا ًء على ذلك‪ ،‬وحيث �إ َّننا �أم��ام‬
‫�إ َّن��������ه ب�����ات وا�����ض����ح���� ًا‪َّ � ،‬أن الف�ضاء‬ ‫ال�س�ؤال المطروح‬ ‫ثوري غير مكتمل‪ ،‬ف� َّإن ّ‬
‫حدّدت‬ ‫�أ َّن��ن��ا �أم���ام ت�����ص��و ٍر ا�ستراتيجي جديدٍ‬ ‫ّ‬ ‫يا�سي‪ ،‬والمحدّد في ذلك هو الإطار‬ ‫ال�س ّ‬ ‫ّ‬
‫الجيوا�ستراتيجي الحالي ال��ذي َ‬ ‫للمنطقة‪ ،‬يعمل ع��ل��ى ت��وظ��ي��ف عن�صر‬ ‫حد‬‫ِّ‬ ‫إلى‬ ‫�‬ ‫أ�شكال‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫هذه‬ ‫ت�صل‬ ‫لم‬ ‫لماذا‬ ‫ّ�ستوري‪ ،‬ذلك ل َّأن الأنظمة ال�سيا�س ّية هو‪:‬‬
‫معالمه «�سايك�س بيكو»‪ ،‬لم ي�ستطع �أن‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ال‬
‫االهتزازات العنيفة في ال ُبنية االجتماع ّية‬ ‫وري؟ هل ب�سبب ق�صور ال ّث ّوار؟‬ ‫ولحد الآن‪ ،‬وبح�سب الفعل ال ّث ّ‬ ‫ً‬
‫�إ َّنما تتمايز د�ستوريا‪ِّ ،‬‬
‫ال�صهيوني‪ ،‬كما‬ ‫ي��و ِّف��ر الأم���ن للكيان ّ‬ ‫وال�سيا�س ّية لتلك ال ُنظم الإقليم ّية‪ ،‬لخلق‬ ‫��دخ�لات ق��وى مو�ضوع ّية في‬ ‫ال��م��دى المنظور‪ ،‬ف���إ َّن��ن��ا ل��م ول��ن ن�شهد �أو ب�سبب ت ّ‬
‫ل��م ي�ستطع الق�ضاء كل ّي ًا على مظاهر‬ ‫وا�ستراتيجي جديد حيث‬ ‫�سيا�سي‬ ‫واق ٍ��ع‬ ‫تح ّو ًال د�ستور ّي ًا جوهر ّي ًا في طبيعة ال ّنظام �أثناء التّخطيط والفعل الثوري؟‬
‫ال��تّ�����ض��ام��ن الإق��ل��ي��م��ي ب��ي��ن الأق���ط���ار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعمل الإدارة الأمريك ّية لإع��ادة تق�سيم‬ ‫يا�سي‪ ،‬غاية الأمر �أ َّننا ن�شهد و�سن�شهد م��ن ال��وا���ض��ح � َّأن التّجربتين التون�س ّية‬ ‫ال�س ّ‬ ‫ّ‬
‫المق�سمة‪ ،‬ما ا�ستدعى �إعادة ال ّنظر في‬ ‫َّ‬ ‫ال��م��ن��ط��ق��ة م���ن خ�ل�ال �آل��� ّي���ة «الفو�ضى‬ ‫��دي�لات د���س��ت��ور ّي��ة ف��ي م�ستوى بع�ض والم�صر ّية كان فيهما ال ّثوار في موقف‬
‫أ�سي�س جديدٍ‬
‫التّق�سيم القديم‪ ،‬وقيام ت� ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ت��ع‬
‫ال��خ�لاق��ة»‪ ،‬ال��ت��ي تعني �إح��ي��اء ال ّنعرات‬ ‫لتدخ ٍل ع�سكري‪ ،‬لفائدة ال ّثورة‪،‬‬ ‫المنتظ ِر ّ‬
‫ِ‬ ‫�صالح ّيات رئي�س ال��دّول��ة‪ ،‬وف��ي عالقته‬
‫�أ�سا�سه الهو ّية العرق ّية والدين ّية‪ ،‬لن�صبح‬ ‫ال�صراعات االجتماع ّية‬ ‫ال�س َلطات الأ�سا�س ّية في ال ّنظام ما يعني � َّأن ال ّلحظة الثور ّية لم تكن مكتمل ًة‬
‫الطوائف المتحاربة فيما‬ ‫�أم��ام �إم��ارات ّ‬ ‫الطائف ّية وت�أجيج ّ‬ ‫بباقي ُّ‬
‫وال�سيا�س ّية على امتداد المنطقة‪ ،‬لخلق‬ ‫عجل بتهاوي‬ ‫في ت�ش ّكلها الذاتي‪ ،‬و� َّأن ما َّ‬ ‫ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بينها‪ ،‬والعاجزة عن تهديد �أمن الكيان‬ ‫ال�صراع‬ ‫��دل على �صدق َّية �سلطة ر�ؤ���س��اء تلك ال���دّول ه��و الموقف‬
‫ال�صهيوني‪ ،‬والمجبرة على التّطبيع معه‪.‬‬ ‫واق����ع ج��دي��د‪ ،‬وت���أج��ي��ج ح���دة ّ‬ ‫وه��ن��اك م���ؤ� ّ��ش��ر �آخ��ر ي ّ‬
‫ّ‬ ‫الطائفي‪ ،‬بما يدفع القوى المختلفة الى‬ ‫ّ‬ ‫هذا االدّعاء‪ ،‬وهو � َّأن ال َّثورتين التّون�س َّية الع�سكري الميداني‪ ،‬ولي�س الفعل ال ّثوري‬
‫�إ َّن��ن��ا ال��ي��وم‪ ،‬بحاجة �إل��ى ق���راء ٍة واقعي ٍة‬ ‫االنف�صال‪ ،‬والتف ُّكك‪..‬‬ ‫ّ‬
‫ال�شعبي‪.‬‬
‫للمخطط الجيوا�ستراتيجي‬ ‫ّ‬ ‫وعميق ٍة‬ ‫وال��م�����ص��ر َّي��ة ن��ج��ح��ت��ا ب��ف�����ض��ل ح��ي��اد َّي��ة‬
‫مخطط تق�سيم المنطقة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫لل�صراع � َّإن الإق��رار بكون العمل ال ّثوري جاء قبل‬ ‫الم� َّؤ�س�سة الع�سكر َّية وح�سمها ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ال��ج��دي��د‪ ،‬كما �أن��ن��ا مطالبون بمعالجة‬ ‫ال ّلحظة الثور ّية‪ ،‬يطرح �أكثر من �س�ؤال‬
‫� َّإن ال��م�����ش��روع ال��غ��رب��ي ال ي��ب��ح��ث عن‬ ‫يا�سي بين ال ّث ّوار ورئي�س الدّولة‪..‬‬ ‫ال�س ّ‬‫ّ‬
‫ق�����ض��اي��ا ال���ح���ر ّي���ة وال���ع���دال���ة وك���رام���ة‬ ‫اال�ستقرار للمنطقة بقدر ما يبحث عن‬ ‫� َّإن ال���ث��� ّوار ف��ي ت��ون�����س وم�����ص��ر ل��م ولن ح��ول �سبب ذل��ك‪ ،‬والجهة التي �أرادت‬
‫المواطنين من داخل الف�ضاءات الوطن ّية‪،‬‬ ‫التو ُتّر واالقتتال‪ ،‬ل َّأن الغاية من ك ّل ذلك‬ ‫وري قبل ن�ضجه‪ ..‬ولكي‬ ‫ي�ستطيعوا تحييد الم� َّؤ�س�سة الع�سكر َّية تعجيل الفعل ال ّث ّ‬
‫آليات �سيا�س ّي ٍة �سلم ّي ٍة‪ ،‬لنقطع‬ ‫من خالل � ٍ‬ ‫هو االندفاع التّلقائي نحو خيار التف ُّكك‬ ‫عجلت بالفعل‬ ‫َّ‬ ‫التي‬ ‫الجهة‬ ‫تدخالت ن�ستطيع تحديد‬
‫الطريق على �أ�صحاب الم�شاريع الأجنب ّية‬ ‫ّ‬ ‫م�ستقب ًال‪ ،‬ومنعها من �إح��داث ّ‬
‫ال�سلوك‬‫واالن��ق�����س��ام‪ ،‬وه��و م��ا يعني � َّأن ّ‬ ‫الطرف �أو ذاك‪ ..‬ال ّثوري‪ ،‬ف�إ َّنه يكفي ال ّنظر �إلى الم�ستفيد‬ ‫�سيا�س َّية لفائدة هذا َّ‬
‫التي تريد �شر ًا بالبالد والعباد‪.‬‬ ‫الع�سكري من الفعل ال ّث ّ‬
‫* باحث مغربي‬ ‫ال ّ��ط��وع��ي ن��ح��و االن��ف�����ص��ال وال ّ‬
‫�����ص��راع‬ ‫وري غير المكتمل‪ ،‬والجهة‬ ‫ّ‬ ‫الح�سم‬ ‫كما � َّأن من يملك ق َّوة‬
‫ال�سيا�سي واالجتماعي والهوياتي‪ ،‬و�إن بدا‬ ‫ّ‬ ‫أثير على الم� ّؤ�س�سة‬ ‫في ليبيا هو من يحدّد م�ستقبل هذا البلد‪ ،‬التي تملك �سلطة ت� ٍ‬
‫‪13‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫ملف‪ /‬ال َّثورات العربية‬
‫ّ‬
‫ع��ال��م ال��� ّ��س��ي��ا���س��ة م���ن ب���اب المطالبة‬
‫ك�شعوب مهمل ٍة مه ّم�ش ٍة مقهور ٍة‬
‫متروك ٍة لقدرها الذي و�ضعتها فيه القوى‬
‫ٍ‬ ‫بدورها‬ ‫ال ّثورات العرب َّية‪:‬‬
‫ال�سلطة‪ ،‬و�أي�����ض�� ًا �أن‬‫المم�سكة ب��زم��ام ّ‬
‫تتجاوز المعار�ضة المترهلة العاجزة‬
‫على ح ّد �سواء‪ ،‬فخرجت تطالب بتغيير‬
‫�أ�سئلة �إ�شكال َّية وم�سارات م�ستقبل ّية‬
‫ب�شكل ج��ذري‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫�أو���ض��اع العالم العربي‬ ‫الحاكمة‪ ،‬والعد ّو التّاريخي لها‪ ،‬والم�صارع‬
‫ال�سنين‪،‬‬ ‫د‪ .‬نجيب نورالدين‬
‫وق�� ّررت �أن تنف�ض عنها غبار ّ‬ ‫الوحيد‪ ،‬لعقود م��ن ال�� ّزم��ن‪ ،‬لمحاوالت‬ ‫هل انطلقت ال ّثورات العرب َّية في لحظة غفل ٍة دول َّي ٍة و�إقليم َّي ٍة وجهو َّية‪ ..‬و�أفلتت‬
‫وت��ق��دّم التّ�ضحيات الج�سام ف��ي �سبيل‬ ‫الأنظمة اال�ستمرار في الحكم المطلق‪،‬‬
‫نيل حر ّيتها‪ ،‬وا�ستعادة كرامتها‪ ،‬وعدم‬ ‫المنظرين والمف ّكرين اال�ستراتيج ّيين والمراقبين ال�سيا�س ّيين‬ ‫من خلف ظهر ّ‬
‫ال�سلطات العرب َّية ك ّل‬ ‫فكان �أن ج�� ّردت ّ‬ ‫في العالم العربي والعالم؟!‪ ..‬وهل التّوقيت ا ّلذي انفجرت فيه ّ‬
‫ال ّر�ضوخ للأمر الواقع الذي بات ُيظن �أ ّنه‬ ‫ق ّوتها الأم��ن�� َّي��ة وال�سيا�س َّية والقانون َّية‬ ‫ال�شعوب في وجه الحكام‬
‫قدر محتوم لم�صيرها‪..‬‬ ‫لقمعها‪ ،‬والح ّد من حركتها وق ّوة ت�أثيرها‪،‬‬ ‫جهات دول ّي ٍة و�إقليم ّي ٍة فاعلة؟ �أو‬ ‫ٍ‬ ‫والمنظمات التّاريخ ّية كان مر�صود ًا من‬
‫ّ‬ ‫والأنظمة‬
‫�إنَّ التّط ّورات ال زالت تتوالى‪ ،‬و�إنَّ العالم‬ ‫فبادرت هذه القوى �إلى مقاومة هذا ال ّنوع‬ ‫�أنَّ المفاج�أة كانت �أكبر من ك ّل التو ّقعات‪ ،‬و�أغزر من ك ّل التّحليالت‪ ،‬و�أم�ضى من ك ّل‬
‫العربي ال يزال فيه الكثير مما ي�ستولد من‬ ‫من التّحجيم والإلغاء‪ ،‬فا�صطدمت مرات‬ ‫البرمج ّيات ال�سيا�س ّية الم�ألوفة؟‬
‫ال�شعب َّية‪ ،‬وع�صب هذه‬ ‫رحم هذه ال َّثورات ّ‬ ‫بال�سلطات الر�سم َّية‪ ،‬و�أخ��ذت‬ ‫ع��دي��دة ّ‬
‫ال�شباب‪ ،‬و�إنَّ الفل�سفة المعلنة‬ ‫ال َّثورات هم َّ‬ ‫المواجهة بينهما �أ�شكا ًال متعدّدة‪ ،‬خالل‬
‫لكل هذه ال َّثورات‪ ،‬والتي ُي��راد �أن تظهر‬ ‫ِّ‬ ‫فترات متطاولة‪ ،‬وقد تح ّولت المواجهات‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مع الوقت‪� ،‬أنَّ ال�شعوب عا�شت طويال في‬ ‫�شكل من �أ�شكال‬ ‫بين هاتين الق ّوتين �إلى ٍ‬
‫ظل �شعارات الحرب الموهومة مع العدو‬ ‫ِّ‬ ‫“ال�ستاتيكو” الذي و�ضع ك ًال منهما على‬
‫ال�صهيوني‪ ،‬وقمعت بهذه الحجة ل�سنوات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫م�ساحة نفوذ تتر ّب�ص �إحداها بالأخرى‬
‫ثم عندما ق َّررت هذه الأنظمة اال�ست�سالم‪،‬‬ ‫ب�شكل‬
‫ب�شكل دائم وم�ستمر‪ ،‬دون �أن تغ ّير ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وت��خ�� ّل��ت ع��ن ال��ق��ت��ال‪ ،‬ورف��ع��ت �شعارات‬ ‫ملحوظ‪ ،‬ال في الخريطة ال�سيا�س ّية وال في‬
‫التّ�سويات واالعتدال‪ ،‬ابتكرت �سيا�سات‬ ‫مواقع القوى المتناف�سة والمت�صارعة‪..‬‬
‫ال�شعوب وتخديرها ل�سنوات‪،‬‬ ‫تروي�ض ّ‬ ‫وبمرور الوقت‪ ،‬ب��د�أت الأنظمة العرب ّية‬
‫وب��ات الأم��ل بالحر ّية والكرامة مع هذه‬ ‫الخائفة على نف�سها ومكانتها‪ ،‬تنحو‬
‫الأنظمة‪ ،‬التي حا�صرت الأجيال‪ ،‬هام�شي ًا‬ ‫منحى ال�� ّت��ق��ارب م��ع ال��والي��ات المتّحدة‬
‫�ضيق ًا‪ ،‬ما ع��اد يتّ�سع لها ولطموحاتها‪،‬‬ ‫وال��ق��وى الغربية الكبرى‪ ،‬بهدف تمتين‬ ‫المو�ضوع من زاوي��ة الفهم التي يراها‬ ‫حراك غير مكتمل‪:‬‬
‫و�أ ّنه قد �آن الأوان لذهاب هذه الأنظمة مع‬ ‫�أو�ضاعها‪ ،‬ونيل ر�ضاها‪ ،‬واال�ستقواء بها‬ ‫بنف�سه‪ ،‬لكن الأكيد �أن ال �أحد ي�ستطيع �أن‬ ‫�شك في �أنَّ ه��ذه ال�� َّث��ورات �أده�شت‬‫ال َّ‬
‫�شعاراتها �إلى غير رجعة‪.‬‬ ‫على القوى الإ�سالم َّية الفاعلة وال َّنا�شطة‪،‬‬ ‫يزعم �أ َّنه يمتلك التَّف�سير ال َّنهائي لها‪..‬‬ ‫ال��ع��ال��م وال زال���ت ت��ده�����ش��ه‪ ..‬و�أربكت‬
‫الخوف من تطييف ال ّثورات‪:‬‬ ‫وال�شعوب المغلوب على �أمرها‪ ،‬ما �أفقد‬ ‫ّ‬ ‫ق ّوتان متناف�ستان‪:‬‬ ‫وال زال��ت تربك ال�� ّت�����ص��ورات النمط ّية‬
‫ال�شريحة ال�شعب َّية تدرك‬ ‫المهم �أنَّ هذه َّ‬ ‫هذه الأنظمة مب ّرر قمعها ل�شعوبها وللقوى‬ ‫ال�سيا�سي‬‫ّ‬ ‫الم�شهد‬ ‫وفي التَّحليل‪ ،‬انح�سر‬ ‫المعروفة عن ال َّثورات‪ ،‬وكيف ّية اعتمالها‪،‬‬
‫ال��ي��وم‪� ،‬أنَّ العي�ش ف��ي دول ديمقراط َّية‬ ‫الح ّية في �أوطانها‪ ،‬وح ّولها �إل��ى �أنظم ٍة‬ ‫العربي منذ عقود على ق َّوتين �أ�سا�س َّيتين؛‬ ‫وم�سار حركتها‪ ،‬ومنتهى م�آالتها‪..‬‬
‫ح ّرة ال يعني التن ّكر للق�ضايا الكبرى التي‬ ‫معطلة‪ ،‬غير ذات فاعل ّية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا بعد‬ ‫ّ‬ ‫الأنظمة الحاكمة وال��ق��وى الإ�سالم َّية‪،‬‬ ‫و�إذا كانت التّحليالت البدو ّية لمحاوالت‬
‫قهرت تحت عناوينها الأنظمة �شعوبه ًا‬ ‫�أن تركت الق�ض َّية الفل�سطين َّية لقدرها‪ ،‬بل‬ ‫ال�سلطة‪ ،‬و�صادرت الحياة‬ ‫الأولى احتكرت ّ‬ ‫تف�سير هذه التّحوالت البنيو َّية الكبرى‬
‫�لا‪ ،‬بل �إنَّ فر�صة �أن تح ّقق الآمال‬ ‫ط��وي ً‬ ‫ال�شعب الفل�سطيني‬ ‫عملت �ض ّد م�صالح َّ‬ ‫ال�سيا�س َّية‪ ،‬و�أم�سكت بمقدّرات ال��دّول‬ ‫ال�شعوب العرب َّية لحقيقتها‬ ‫في مفهوم ّ‬
‫الكبرى‪ ،‬و�أن تن�صر الق�ضايا الكبرى‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بحجة �إر�ساء منطق اال�ست�سالم المغلف‬ ‫وم� َّؤ�س�ساتها‪ ،‬وث ّبتت �أنظمتها من خالل‬ ‫الم�ستج َّدة‪ ،‬المنفلتة من قوالب التَّنميط‬
‫َّ‬ ‫وعطلت‬ ‫�أجهزة �أم��ن �أن�شئت لحمايتها‪ّ ،‬‬
‫�سيكون �أف�ضل مع �شعوب ح�� ّرة‪ ،‬و�شعوب‬ ‫ال�سالم‪ ،‬فيما القوى الإ�سالم َّية‬ ‫ب�إطار َّ‬ ‫التي حو�صرت داخل �أطرها لقرنٍ من‬
‫ق���ادرة‪ ،‬و�شعوب يمكنها �أن تقول ال من‬ ‫�أُ�سقط في يدها‪ ،‬بعد �أن حو�صرت من‬ ‫ق��وان��ي��ن ت�سمح ب��ن�����ش��وء �أح�����زاب وق��وى‬ ‫الزّمن‪� ..‬إذا كان تف�سير هذه التح ّوالت ال‬
‫موقع اال�ستقالل والق ّوة‪ ،‬ولي�س من موقع‬ ‫مجموعة قوى محل َّي ٍة وغرب َّية‪ ،‬وباتت فاقد ًة‬ ‫�سيا�س َّية مناف�سة‪ ،‬وحا�صرت قوى �أخرى‬ ‫يعدو �أن يكون تل ّم�س ًا لفهم حراك �شعبي‬
‫والمتو�سل‪..‬‬
‫ّ‬ ‫الخا�ضع‬ ‫للفاعل َّية التي تخولها القيام بمبادرات من‬ ‫لها تاريخ وج��ذور �شعب َّية وازن��ة‪ ،‬وبقيت‬ ‫غير معهود ف��ي العالم ال��ع��رب��ي‪ ،‬ف�إنَّ‬
‫بقي �أن نقول‪ ،‬ال خ��وف على ال�� ّدي��ن من‬ ‫�ش�أنها تن�شيط الواقع العربي والإ�سالمي‪،‬‬ ‫تعي�ش طوي ًال على مقولة “ال �صوت يعلو‬ ‫الحقائق والوقائع المتدحرجة من هذا‬
‫ال�شعوب‬ ‫ه��ذه ال��� ّث���ورات‪ ،‬فخلف ّية ه��ذه ّ‬ ‫وتعيد الحياة �إلى قواه ال�شعب ّية وال�سيا�س ّية‬ ‫ف��وق �صوت المعركة”‪ ،‬ف�س ّنت قوانين‬ ‫الحراك الوا�سع‪ ،‬يو ّلد حقائق لم تكتمل‬
‫الطوارئ التي �أجه�ضت ك ّل �صوت مطالب‬ ‫َّ‬ ‫ف�صو ًال بعد‪ ..‬و�إذا كان ك ّل الفاعلين في‬
‫ب�شكل عام‪،‬‬ ‫ال ّناه�ضة هي خلفيات دين َّية ٍ‬ ‫المحبطة‪..‬‬
‫والمجتمعات ال��ع��رب�� َّي��ة ه��ي مجتمعات‬ ‫نهو�ض �شبابي واعد‪:‬‬ ‫بالم�شاركة وبالمحا�سبة والمراقبة وحتّى‬ ‫ال�سيا�سة الدول ّية من غرب ّيين ـ‬ ‫حقل ّ‬
‫�إ�سالم َّية ب�أغلبها‪ ،‬وب��ال�� ّت��ال��ي‪ ،‬ال يمكن‬ ‫ال�صورة النمط َّية ه��ذه‪ ،‬و�سمت العالم‬ ‫الإ���ص�لاح‪ ،‬وانعزلت عمل َّي ًا عن �شعوبها‬ ‫�أميرك ّيين و�أوروب ّيين ـ �أو �إقليم ّيين عرب‬
‫ّ‬ ‫بعد �أن �س ّورت نف�سها ببطان ٍة �سيا�سي ٍة‬
‫التَّ�سليم بغياب ال َّت�أثير الإ�سالمي فيها‪،‬‬ ‫لعقود من الزَّمن‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫��ي‬ ‫م‬ ‫��س�لا‬ ‫�‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫وا‬ ‫العربي‬ ‫وم�سلمين‪ ،‬يدّعون الف�ضل لأنف�سهم في‬
‫لكن كان وا�ضح ًا غياب القيادات الدين َّية‬ ‫حيث �ساد انق�سام هذا العالم بين �أنظم ٍة‬ ‫و�أم��ن��ي�� ٍة حجبتها ع��ن ال��ج��م��اه��ي��ر‪ ،‬فما‬ ‫ال�شرارات الأولى لهذه ال ّثورات‪،‬‬ ‫�إطالق ّ‬
‫والموجهة لها‪ ،‬وق��د ال يكون‬ ‫ّ‬ ‫المحركة‬ ‫��ات �إ�سالمي ٍة‬ ‫ع���ادت ت��رى �إ ّال نف�سها‪ ،‬وال ت�ستح�سن‬ ‫ف�إنّ المنطق‪ ،‬و�سياق الأحداث‪ ،‬وتتالي‬
‫م�ستب ّد ٍة م��ن جهة‪ ،‬وح��رك ٍ‬ ‫�إ ّال �أعمالها‪ ،‬وت��رى ف��ي وج��وده��ا الخير‬
‫هذا الأمر �سلبي ًا بالمطلق‪ ،‬فالأ ّيام تحمل‬ ‫عاجز ٍة ومحبط ٍة ومترهّ ل ٍة من جهة �أخرى‪،‬‬ ‫ت��ط�� ّورات��ه��ا ف�����ص��و ًال‪ ،‬ت�شي بمحاوالت‬
‫ت�صحح الكثير من‬ ‫ت��ط�� ّورات كبيرة‪ ،‬قد ّ‬ ‫وحين يطوي العالم العربي عمر ًا على‬ ‫المطلق‪ ،‬وفي القوى المناف�سة لها ال�ش ّر‬ ‫تهدف �إل��ى ا ّدع���اء ف�ضائل موهومة‪..‬‬
‫لعدد من المواقع‪ ،‬وخ�صو�ص ًا �أنَّ‬ ‫المواقف ٍ‬ ‫هذا الو�ضع‪ ،‬ف�إنَّ من �ش�أن هاتين الق ّوتين‬ ‫المطلق‪ ،‬ف�أ�ضاعت بذلك الحقّ العربي‬ ‫ح�س ا�ست�شرافي مخادع في �أح�سن‬ ‫�أو ّ‬
‫الخطاب الديني العام والمنفتح قد ي�ش ّكل‬ ‫�أن ت�شيخا‪ ،‬و�أن يحبل الواقع بقوى جديدة‬ ‫والإ�سالمي العام‪ ،‬بعد �أن تح ّولت الق�ضايا‬ ‫الأحوال‪..‬‬
‫�ص ّمام �أمان ال�ستقرار المنطقة‪..‬‬ ‫�شا َّبة‪ ،‬وربما غير معن َّية بالحرب الحا ّرة‬ ‫الكبرى عبئ ًا ثقي ًال عليها‪ ،‬وف��ي مقدّم‬ ‫�أي�ض ًا‪ ،‬الإ�سالم ّيون وحركاتهم ال ّنا�شطة‬
‫ل��ك��نّ ال��خ��وف ي��ب��ق��ى م��ن تطييف هذه‬ ‫والباردة بين هاتين الق ّوتين‪..‬‬ ‫هذه الق�ضايا‪ ،‬الق�ض َّية الفل�سطين َّية‪ ،‬كما‬ ‫منذ عقود لم يخرجوا عن دائ��رة من‬
‫ال ّثورات ومذهبتها‪� ،‬أو م�صادرتها من قبل‬ ‫هي قوى �شا َّبة منفتحة على العالم‪� ،‬أفادت‬ ‫�أ�ضاعت الحقوق الوطن َّية لمواطنيها‪ ،‬بعد‬ ‫فاج�أتهم هذه ال ّثورات‪ ،‬وهذه الحقيقة‬
‫�أتباع مذاهب �أو تيارات تكفير ّية متط ّرفة‪،‬‬ ‫باالطالع على منجزات الدّول‬ ‫من العولمة ّ‬ ‫�أن �سلبتهم � ّأي حقّ بالم�شاركة ال�سيا�س َّية‬ ‫ع�� ّب��ر عنها معظمهم ب��ال�� ّت�����ص��ري��ح �أو‬
‫وعندها �ستتح َّول �إنجازات هذه ال َّثورات‬ ‫الح ّية وتجاربها في العالم المعا�صر‪،‬‬ ‫ال�سلطة‪..‬‬‫�أو بتداول ّ‬ ‫بالتّلميح‪.‬‬
‫�إلى م�شاريع فتن وحروب داخل َّية‪� ،‬ستطيح‬ ‫��ش��خ�����ص��ت واق��ع��ه��ا ال��ع��اج��ز واليائ�س‬ ‫و� ّ‬ ‫ال��ق��وى ال ّثانية ه��ي ال��ق��وى الإ�سالم َّية‪،‬‬ ‫�صحيح انَّ من حقّ الجميع �أن يقارب‬
‫بكل الأح�لام الواعدة للأجيال العرب َّية‬ ‫ِّ‬ ‫م��ن �إم��ك��ان�� ّي��ة اال���س��ت��م��رار وال ّنهو�ض‪،‬‬ ‫لل�سلطات‬ ‫وهي المناف�س الوحيد تقريب ًا ّ‬
‫ال َّثائرة‪..‬‬ ‫وب��ات ال�� ّرك��ون �إليه �أو اال�ست�سالم للعب‬ ‫ّ‬
‫ال�شعوب العرب ّية ق ّررت �أخير ًا �أن تخرج من ا�ست�سالمها وركونها‪،‬‬
‫وهذا ما ي�سعى �إليه المراهنون مع دول‬ ‫ال�ضحية الدّائمة فيه �أم��ر ًا قات ًال‪،‬‬ ‫دور ّ‬
‫كبرى‪ ،‬وفلول �أنظمة �أك��ل الدهر عليها‬ ‫فق ّررت �أخير ًا �أن تخرج من ا�ست�سالمها‬ ‫�شة مقهور ٍة‪...‬‬
‫مهم ٍ‬
‫ك�شعوب ّ‬
‫ٍ‬ ‫وتتم ّرد على عجزها‪ ،‬لتطالب بدورها‬
‫و�شرب‪.‬‬ ‫وركونها‪ ،‬وتتم ّرد على عجزها‪ ،‬وتقتحم‬
‫(�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫اول (اكتوبر)‬
‫ايلول‬
‫ت�شرين‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫ذوالقعدة�شوال‬
‫العدد ‪390‬العدد ‪389‬‬
‫‪14‬‬
‫ال�صهاينة ب����أنَّ تط ّورات‬ ‫ث��ان��ي�� ًا‪� :‬شعر َّ‬
‫الأو�ضاع العرب َّية قد تقود �إلى بداية حكم‬
‫كثير من ال��دّول العرب َّية‪،‬‬ ‫الم� َّؤ�س�سة في ٍ‬ ‫ال�صهيوني‬
‫هاج�س «ال َّربيع العربي» في الم�شهد ّ‬
‫ال�سهولة‬ ‫ّ‬
‫بعد حكم الأفراد الذين كان من ّ‬
‫بمكان التَّعامل معهم‪ ،‬حيث تنزل الأوامر‬ ‫هاني عبداهلل‬
‫ب�شكل �سريع من الحاكم �إلى جميع �أقطاب‬ ‫ٍ‬ ‫ال ي��زال حديث “الربيع العربي” حديث ًا حيو ّي ًا يثير ال�شهية الإعالمية في المحيط‪� ..‬إ�سرائيل لم تكن �أبد ًا في‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫و�ضع ال تتماثل فيه �أ ّية ق ّوة عظمى �إقليم ّية حكمه‪ ..‬وال��واق��ع �أنَّ الأم���ور �ستتغ َّير مع‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫كثير من المواقع ال�سيا�س َّية الغرب َّية وغيرها‪ .‬ولكنه حديث باهت في مواقع‬ ‫وال�سيا�س َّية في ٍ‬
‫ال�شيء‪ ،‬لأنَّ عرب ّية �أو غير عرب ّية معها‪ ،‬كان لنا حلف المتغ ّيرات الجديدة‪ ،‬ب�صرف ال ّنظر عن‬ ‫خطه �أو تداخلت معه‪ ،‬جعلته يبهت بع�ض َّ‬ ‫�أخرى‪� ،‬أو �أنَّ الأحداث التي دخلت على ّ‬
‫ال�شكوك حيال “ربيع” لم تكتمل في الما�ضي مع �إيران‪ ،‬بعدها مع تركيا‪ ،‬نوع َّية الحكم القادم في هذه البلدان‪ ،‬لأنَّ‬ ‫ث ّمة متغ ِّيرات ح�صلت وتط ّورات ا�ستجدَّت‪� ،‬أثارت بع�ض ّ‬
‫�شكل الم� ّؤ�س�سة �سيفر�ض نف�سه في نهاية‬ ‫�شيء‪.”..‬‬ ‫ال‬ ‫آن‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫م�صر‪،‬‬ ‫مع‬ ‫بعدها‬ ‫تج ّلياته‪� ،‬أو � ََّأن البع�ض �أراد قطف ثمار هذا ال َّربيع وقت نباته‪ ،‬فيما �أراد البع�ض الآخر �أن‬
‫بهذه الح�سرة يكتب “بن ك�سبيت” في المطاف‪ ،‬و�إن ابتعد الم�ضمون قليال‪ً،‬‬ ‫الطور‪..‬‬ ‫يتح�س�س ك ّل جوانبه ليرى �إذا كان قد �أينع‪� ،‬أو �أ َّنه ما زال في هذا ّ‬ ‫َّ‬
‫ال�صهاينة ب���أنَّ �شيئاً‬ ‫وبالتَّالي‪� ،‬سي�شعر َّ‬ ‫عن‬ ‫��ص��اح‬ ‫�‬ ‫��‬ ‫ف‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫دون‬ ‫��ن‬ ‫م‬ ‫“معاريف”‪،‬‬
‫ال�سوري �أو من الن ّد ّية �سيكون في انتظارهم‪ ،‬حتّى‬ ‫ال ِّنهايات فيما يتّ�صل بالحدث ّ‬
‫ال�صهيون ّية لهذين في الأنظمة ا ّلتي �ستوا�صل العالقة معهم‪.‬‬ ‫ال ّليبي‪ .‬ولكنّ القراءة ّ‬
‫الحدثين وغيرهما‪ ،‬نلمح من خاللها خوف ًا وهذه ال ّند َّية �سيكون لها �أثمانها‪ ،‬فقد و ّلى‬
‫إ�سالمي” ‪ ،‬ومن ا�ستبدال الوقت ا ّلذي لم يعد يح�سب فيه للم�شاريع‬ ‫ّ‬ ‫من “البديل ال‬
‫بنظام �آخر �أ�ش ّد ع��دا ًء‪ ،‬لأنَّ الح�ساب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫معاد‬
‫نظام ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫ثالثا‪ :‬ا�ستطاعت المتغ ّيرات التي فر�ضها‬ ‫ً‬ ‫الح�سم‬ ‫��ى‬ ‫ل‬ ‫�‬
‫إ‬ ‫يقود‬ ‫إيديولوجي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫��داء‬ ‫ال��ع‬
‫��ذري ف��ي ك�� ّل م��ا يتّ�صل باالحتالل ال�� َّرب��ي��ع ال��ع��رب ّ��ي �أن تبعثر التَّحالفات‬ ‫ال��ج ّ‬
‫وبالمق َّد�سات في فل�سطين التاريخ َّية‪ ،‬ا ّل��ت��ي ك��ان ال��ع��د ّو ي��راه��ن عليها‪ ،‬فحتَّى‬
‫دول االع��ت��دال ال��ع��رب ّ��ي ل��م تعد جاهز ًة‬ ‫ال�شريف تحديد ًا‪.‬‬ ‫وفي القد�س ّ‬
‫للمجازفة بهذا االع��ت��دال‪ ،‬فيما ي�ضرب‬ ‫ال�صهيون َّية‪:‬‬ ‫�أ�سباب المخاوف ّ‬
‫�����ص��ه��ي��ون ّ��ي م��ن تط ّورات العد ّو المبادرة العرب ّية بعر�ض الحائط‪،‬‬ ‫�شهرين‪ ..‬مقامرة‪ ..‬لن تجري انتخابات‪� .‬إنَّ ال��خ��وف ال ّ‬ ‫ترقب وحذر �صهيوني‪:‬‬
‫ف��ي ك��ي��ان ال��ع��د ّو ت��ر ّق ٌ��ب وح���ذ ٌر م��ن هذا فالمجل�س الع�سكري ي��ع��رف �أنَّ الجهة الم�شهد ال��ع��رب ّ��ي نا�شئ م��ن جمل ٍة من ويرف�ض �إعطاء الفل�سطين ّيين حتّى ‪%22‬‬
‫من �أر���ض فل�سطين التّاريخ ّية‪ ،‬ويوا�صل‬ ‫��وف يتجاوز كالم وزير الأ�ش ّد ت�أطير ًا وا�ستعداد ًا لالنتخابات هي الأ�سباب‪:‬‬ ‫ال َّربيع‪ ،‬ور ّبما خ ٌ‬
‫المن�سقة المدعومة من الإدارة‬ ‫ّ‬ ‫ال��ح��رب “باراك”‪ ،‬ا ّل����ذي �أع��ل��ن منذ الإخوان الم�سلمون‪ ..‬وعندما يكون الو�ضع �أ َّو ًال‪ :‬لأنَّ العد َّو بد�أ يخ�سر الخطوة ا ّلتي هجمته‬
‫ب�شكل فاقع في‬ ‫ٍ‬ ‫كانت له في �أكثر من موقع‪ ،‬حيث كان الأميرك َّية‪ ،‬وهو ما برز‬ ‫البداية‪� ،‬أ َّن��ن��ا لو نظرنا �إل��ى الأم���ور في‬
‫ال�صهاينة ُي�ستقبلون في الأمم المتَّحدة م� ّؤخر ًا‪..‬‬ ‫الخوف‬ ‫أنَّ‬ ‫�‬ ‫الوا�ضح‬ ‫من‬
‫ال��م�����س���ؤول��ون َّ‬ ‫خواتيمها‪ ،‬فالم�صلحة �ستكون �إلى جانب‬
‫هيوني‬
‫ال�ص ّ‬ ‫كثير من المواقع العرب َّية ال ّر�سم َّية‪ ،‬على م��ن ال��وا���ض��ح �أنَّ ال��خ��وف ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حول‬ ‫ز‬ ‫ّ‬
‫يترك‬ ‫هيوني‬
‫ّ‬ ‫ال�ص‬
‫ّ‬ ‫ك��ي��ان��ه ـ ك��م��ا ك���ان ينظر ـ بينما رئي�س‬
‫ال�شرعي الوحيد م��م��ا ي��ح��دث ف��ي ال��ع��ال��م ال��ع��رب ّ��ي‪ ،‬دفع‬ ‫حكومته‪ ،‬و���ص��ف م��ا ي��ج��ري ف��ي العالم م���آل الأم���ور ف��ي م�صر �أك��ث��ر من �أ�سا�س �أ َّن��ه��م المم ِّثل َّ‬
‫الطلب من‬ ‫ال�صهاينة �إل��ى َّ‬ ‫العربي بالهزّة الأر�ض ّية التي لها ارتدادات غيرها‪ ،‬وخ�صو�ص ًا بعد ال ّر�سالة “للدّيمقراط ّية الغرب ّية‪� ،‬أو �أ ّنهم المدخل بالم�س�ؤولين َّ‬
‫َّ‬
‫ل��ع�لاق��ات ط ِّيبة” ب��ي��ن ه���ذه البلدان الجميع داخل فل�سطين المحتلة‪ ،‬التَّعاطي‬ ‫في ِّ‬
‫كل اتجاه‪..‬‬
‫عب‬ ‫وجهها َّ‬
‫ال�ش‬ ‫َّ‬ ‫التي‬ ‫الحا�سمة‬
‫وال��والي��ات المتَّحدة الأم��ي��رك�� َّي��ة‪ ،‬وحتَّى بحذر مع المتغ ِّيرات ومع تط ّورات الم�شهد‬ ‫ول��ع�� ّل م��ن ال�لاف��ت �أنَّ ال��ع��دو ت��ح�� َّدث في‬
‫الحجاج العربي‪ ،‬ولكنَّ رهاب العد ّو يبقى قائم ًا‪،‬‬ ‫الم�صريّ ف��ي اقتحامه ل�سفارة‬
‫“حركات” القذافي‪ ،‬الذي �أر�سل ّ‬ ‫ّ‬ ‫حي”‪،‬‬‫ال��ب��داي��ات ع��ن “�شعب ع��رب ّ��ي ّ‬
‫�إلى فل�سطين المحت ّلة‪� ،‬أو في طرحه لقيام على �أ�سا�س �أنَّ ال��ق��راءة ال ّنهائ َّية لهذا‬ ‫وع��ن “�أ ّمة ال تموت”‪ .‬ول��ك��نّ الكتابات كيان العد ّو‬
‫ال�شوارع‪ ،‬دول���ة “�إ�سراطين”‪ ،‬فقد ك��ان يحاكي الم�شهد لن تبرز في القريب العاجل‪ ،‬و�أنَّ‬ ‫ال�صهيونية الأخيرة ت�شير �إلى تبد ٍّل في مختلط ًا‪ ،‬حيث يعربد الجوع في َّ‬
‫ّ َّ‬
‫ال�صهيوني‪ ..‬عمل َّية التح ّول �سوف ت�أخذ وقت ًا طوي ًال‪،‬‬ ‫ال��غ��رب م��ن خ�لال الكيان ّ‬ ‫إ�سالمي‪..‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ئي�س‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫دور‬ ‫�سيحين‬ ‫عندها‬ ‫ال�صورة‪ ،‬حيث كتب “بن ك�سبيت” في‬ ‫ّ‬
‫�صحيفة معاريف ال�صهيون َّية‪ ،‬بتاريخ ال���خ���ي���ار ف����ي م�����ص��ر ح���ال���ي��� ًا ه����و بين فهذه الميزة ب��د�أت بال ّذبول‪ ،‬وب��د�أ معها ر ّبما �سنوات‪ ،‬ور ّبما عقود ًا‪ ،‬كما ي�شير �إلى‬
‫ال�صهاينة‪ ،‬ور ّبما‬ ‫هيوني على “�أطالل” بع�ض ذلك بع�ض الم�س�ؤولين ّ‬ ‫ال�ص ّ‬ ‫ال�شعوب الدّيكتاتور ّية الإ�سالم ّية والدّيكتاتور ّية البكاء ّ‬ ‫‪“ :2011 -9 -16‬تب َّين �أنَّ ربيع ّ‬
‫الأنظمة التي �سقط رموزها في “ال َّربيع ت�صمد الأنظمة الأ�سا�س ّية �أكثر م ّما هو‬ ‫وتف�ضل الع�سكر ّية”‪.‬‬ ‫ق�صير ومتق ّلب‪ ،‬الع�سكر ّية‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ف�صل‬
‫ٍ‬ ‫العرب ّية مج ّرد‬
‫هيوني يتر ّكز العربي”‪ ،‬وعلى ر�أ�سها ال ّنظام الم�صري‪ .‬متو ّقع‪ ،‬كما ت�شير قرارات بع�ض الخبراء‬ ‫ال�ص ّ‬ ‫الطاقة من الوا�ضح �أنَّ الخوف ّ‬ ‫ال�شتاء‪� .‬صحيح �أنَّ ّ‬ ‫قفزنا منه �إلى ّ‬
‫هيوني في �أعقاب الغرب ّيين‪.‬‬ ‫ال�ص ّ‬ ‫ومن تابع الإعالم ّ‬ ‫من‬ ‫��ر‬ ‫ث‬ ‫��‬ ‫ك‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫م�صر‬ ‫��ي‬ ‫ف‬ ‫����ور‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫أ‬ ‫ا‬ ‫آل‬ ‫����‬ ‫م‬ ‫���ول‬ ‫ح‬ ‫الأول��� َّي���ة ال��ت��ي �أخ��رج��ت الجماهير �إلى‬
‫ال�صمت و�سيلة من الو�سائل‬ ‫ال�شوارع في تون�س وم�صر كانت طاق ًة غيرها‪ ،‬وخ�صو�ص ًا بعد ال ّر�سالة الحا�سمة �سقوط نظام ح�سني مبارك في م�صر‪ ،‬رابع ًا‪ :‬اعتماد َّ‬ ‫َّ‬
‫ال�صهيون َّية‬ ‫الطبقة ال�سيا�س َّية ّ‬ ‫الم�صري في اقتحامه وتحميله الم�س�ؤول َّية للواليات المتَّحدة ا ّلتي �آثرت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�شعب‬ ‫وجهها َّ‬ ‫�إيجاب َّية‪ ،‬فقد �أحدثت الموجة الأولى قوى التي َّ‬
‫الأميرك َّية في تخ ّليها عن �أكثر الزعماء العمل بها‪ ،‬ول��ك��نَّ �آل��ة ال��ع��د ّو العدوان َّية‬ ‫أثير غربي‪ ،‬ولكن في �أعقاب ل�سفارة كيان العد ّو‪.‬‬ ‫ليبرالية بت� ٍ‬
‫ذلك جاءت الموجة ال َّثانية‪ ،‬وهي عكرة “وها ق��د و�صلنا �إل���ى �أي��ل��ول فارغين‪ ،‬ال��ع��رب وف���ا ًء لكيان ال��ع��د ّو‪� ،‬شعر بمدى توا�صل �شغلها على الأر�ض نحو مزيدٍ من‬
‫ال�صهاينة في هذا اال�ستيطان ومزيدٍ من التَّهويد في قلب‬ ‫بال�سوء‪ .‬في معزولين م��ن درب حلفاء �إقليم ّيين‪ ،‬الح�سرة ا ّلتي �شعر بها َّ‬ ‫غير م�سيطر عليها وتنذر ّ‬
‫ّ‬
‫القد�س‪ ..‬ويبقى لل�شعوب العرب َّية �أن تقول‬ ‫المجال‪.‬‬ ‫لنا‬ ‫ت‬ ‫ّ‬
‫ق‬ ‫تب‬ ‫التي‬ ‫أخيرة‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫فارات‬ ‫ال�س‬
‫ّ‬ ‫نخلي‬ ‫م�صر‪ ،‬يفتر�ض �أن تجري انتخابات بعد‬
‫كلمتها الحا�سمة ف��ي فل�سطين‪ ،‬ليكون‬
‫العربي فل�سطين ّي ًا بامتياز‪ ،‬و�إال‬ ‫ّ‬ ‫ً ال َّربيع‬
‫العربي لن تبرز في القريب العاجل‪ ،‬وعمل َّية التح ّول �سوف ت�أخذ وقتا‬ ‫ّ‬ ‫القراءة ال َّنهائ َّية لما يجري في العالم‬
‫ّ‬
‫فالخريف ّثم ال�شتاء‪...‬‬
‫طوي ًال‪ ،‬ر َّبما �سنوات‪ ،‬ور َّبما عقود ًا‪ ،‬كما ي�شير �إلى ذلك بع�ض الم�س�ؤولين َّ‬
‫ال�صهاينة‬

‫‪15‬‬ ‫(اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫(�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫ايلولت�شرين اول‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫ذوالقعدة‬
‫‪� 389‬شوال‬
‫العدد ‪390‬‬
‫تحقيق‬

‫�أكثر من ‪� 22‬ألف تلميذ في مدار�س ومعاهد المبرات‪:‬‬


‫�صروح ر�سال ّية للتربية والتعليم على امتداد الوطن‬
‫رب وانفتاح على ال َّتقوى‪ ..‬مل تزل حت ّقق العطاء تلو العطاء‪ ،‬وتبني امل�ش ��روع تلو امل�ش ��روع‪ ،‬وجتاهد من �أجل‬‫«جمع َّي ��ة امل�ب َّ�رات اخلري َّي ��ة انطالق ��ة يف اخلري وحركة يف ال ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫كفال ��ة اليتي ��م وتن�ش ��ئته وتثقيف ��ه‪ ،‬وتعمل على �أن تفتح له �أبواب احلياة الكرمية‪ ،‬وت�س ��اعد املكفوف على �أن يفتح قلبه على املعرف ��ة والتجربة احل َّية التي تعينه على �أن‬
‫ال�صاحلة والعلم ال َّنافع َّ‬
‫وال�شخ�ص َّية القو َّية‪ ،‬وته ّيئ له �سبل‬ ‫ال�سمع‪ ،‬وتن�شئ اجليل املتع ِّلم لي�سري يف احلياة من موقع رَّ‬
‫التبية َّ‬ ‫ينطلق يف احلياة‪ ،‬ومتنح الأ�ص ّم من وعي َّ‬
‫واخلا�صة»‪.‬‬
‫َّ‬ ‫العي�ش الكرمي والقيام مب�س�ؤولياته العا َّمة‬
‫مدر�سة الإ�شراق ـ بنت جبيل‬
‫�أما الهدف اال�سا�سي لبناء هذه ال�صروح‪،‬‬ ‫‪.)1991‬ث���ان���وي���ة ال��رح��م��ة (ال��ج��ن��وب –‬
‫فهو تحقيق الر�سالة التربو َّية والتعليم َّية‬ ‫هكذا هي «المبرات» كما يراها المرجع‬
‫ال��ن��ب��ط��ي��ة‪.)2001:‬م��در���س��ة الإ����ش���راق‬ ‫وثقة ال َّنا�س بها‪.‬‬
‫ال��ت��ي ت��رت��ك��ز ع��ل��ى ال��ق��ي��م الر�سال َّية‬ ‫ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫(الجنوب – بنت جبيل‪ .)2002:‬مدر�سة‬ ‫ويبلغ عدد مدار�س المبرات خم�س ع�شرة‬
‫الم� ِّؤكدة لأهم َّية الإن�سان روح ًا وج�سد ًا‪،‬‬ ‫الذي زرع بذور الخير والإيمان‪ ،‬ف�أينعت‬
‫ع��ي�����س��ى ب���ن م����ري����م(ع) (ال���ج���ن���وب –‬ ‫مدر�سة �أكاديمية‪ ،‬تنت�شر في بيروت وجبل‬
‫وتنمية مهارات التّفكير والحوار والتع ّلم‬ ‫���ص��روح�� ًا ل��ل��ع��ل��م‪ ،‬ت��ت��ح��رك ف���ي خدمة‬
‫الخيام‪ .)2002:‬ثانوية الإمام الجواد(ع)‬ ‫لبنان والجنوب والبقاع وهي‪:‬‬
‫الم�ستم ّر‪ ،‬واال���س��ت��ف��ادة م��ن ال َتّجارب‬ ‫الر�سالة‪ ،‬وبناء الإن�سان المنفتح على‬
‫(ال���ب���ق���اع – ع��ل��ي ال����ن����ه����ري‪.)1999:‬‬ ‫ثانوية الكوثر (بيروت – طريق المطار‬
‫وعدم الجمود �أمامها‪� ..‬إ�ضاف ًة �إلى و�ضع‬ ‫اهلل‪ ،‬وعلى الحياة‪.‬‬
‫مدر�سة الإم��ام الكاظم(ع) (البقاع –‬ ‫ال��ج��دي��د‪� :‬أن�شئت ع��ام ‪ )1996‬ثانوية‬
‫تو�صلت‬ ‫البرامج التّدريب َّية وفق �أحدث ما َّ‬ ‫ومع بدء العام الدرا�سي الجديد‪ ،‬تتحول‬
‫علي النهري‪ .)1999 :‬ثانوية الب�شائر‬ ‫الإمام الح�سن(ع) (بيروت – الروي�س‪:‬‬
‫�إليه التّكنولوجيا‪ ،‬وعبر معايير جودة في‬ ‫هذه المدار�س والمعاهد‪� ،‬إلى خاليا نحل‬
‫(البقاع – دور�س‪ .)1999:‬ثانوية الإمام‬ ‫‪ )1992‬ثانوية المجتبى(ع) (بيروت‬
‫الأداء على مختلف الم�ستويات‪.‬‬ ‫ال تهد�أ‪ ،‬وهي التي ت�ضم ‪ 22300‬تلميذ‪،‬‬
‫الباقر(ع) (البقاع – الهرمل‪.)1988:‬‬ ‫– حي ال�سلم‪.)1991 :‬مدر�سة الأبرار‬
‫كما � َّأن ت�ضافر جهود العاملين وتفاعلهم‬ ‫ينت�شرون في �أرج���اء ال��وط��ن‪ ،‬ويحملون‬
‫مدر�سة الإم���ام الح�سين(ع) (البقاع‬ ‫– (بيروت – الدوحة‪ ،‬خلدة‪.)1997 :‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬ي�ش ّكل عام ًال‬ ‫مع المحيط‬ ‫ر�سالة المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬التي هي‬
‫ّ‬ ‫الغربي – �سحمر‪.)1999 :‬مدر�سة ر�سول‬ ‫م��در���س��ة الإم�����ام ج��ع��ف��ر ال�����ص��ادق(ع)‬
‫جوهري ًا لنجاح مدار�س المب ّرات وتحقيق‬ ‫ر�سالة الإ���س�لام الأ�صيل المنفتح على‬
‫المحبة (جبل لبنان – جبيل‪.)2008 :‬‬ ‫(ال��ج��ن��وب – ج���وي���ا‪.)1995:‬م���در����س���ة‬
‫ر�سالتها‪.‬‬ ‫العلم والمعرفة والحياة‪ ...‬فماذا عن هذه‬
‫الإم���ام ع��ل��ي(ع) (الجنوب – معروب‪:‬‬
‫الم�ؤ�س�سات وخريطة انت�شارها‪ ،‬وح�صاد‬
‫المعاهد المهن َّية‪:‬‬ ‫نتائجها في هذا العام؟‬
‫وال يقت�صر اهتمام الجمعية على التعليم‬
‫الأك��ادي��م��ي‪ ،‬حيث �أول��ت اهتمام ًا كبير ًا‬ ‫المبرات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫مدار�س‬
‫المهني‪ ،‬نظر ًا �إلى �أهم َّيته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫�أي�ضا لل َتّعليم‬ ‫منذ �أكثر من ثالثين عام ًا‪ ،‬حملت جمع َّية‬
‫فكانت المعاهد المهن َّية ف��ي الجمع ّية‬ ‫المبرات الخير َّية ر�سالة المعرفة‪ ،‬لتقوم‬
‫م��وئ��ل ط��اق��ات‪ ،‬وم�صنع �صقل وتنمية‬ ‫ب��دوره��ا ف��ي تربية االج��ي��ال ال�صاعدة‪،‬‬
‫وتطوير‪ ،‬ودافع ًا �إلى المراتب العليا‪ ،‬حيث‬ ‫على النهج الإ�سالمي الح�ضاري‪ ،‬الذي‬
‫لكل المهتمين من الطالب‬ ‫ا َتّ�سع المجال ِّ‬ ‫ينطلق ليبني م�ستقبل الأ ّم����ة‪ .‬وهكذا‬
‫من مختلف �شرائح المجتمع‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى‬ ‫ال�صروح والم� َّؤ�س�سات ال َتّربو َّية‬
‫توهّ جت ّ‬
‫المهني نتيج ًة لم� ّؤ�شرات‬
‫ّ‬ ‫تو�سع ال َتّعليم‬
‫ّ‬ ‫وال َتّعليم َّية على ام��ت��داد لبنان‪ ،‬بف�ضل‬
‫حاجات �سوق العمل المحل َّية والعرب َّية‬ ‫ثانوية االمام الجواد (ع)‪ -‬رياق‬ ‫العطاءات المم َّيزة لمدار�س المب َّرات‪،‬‬
‫وتفاعل المجتمع مع ه��ذه الم� َّؤ�س�سات‪،‬‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪16‬‬
‫للع َّمال الف ّنيين والمهن ّيين والتقن ّيين‪،‬‬
‫الأم���ر ال���ذي ي��و ّف��ر ل�شريح ٍة م��ه�� َّم�� ٍة من‬
‫المجتمع م�ستقب ًال �أف�ضل‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫م��ع كثرة �أع���داد حاملي ال َّ�����ش��ه��ادات في‬
‫المجاالت ال�� َّن��ظ��ر َّي��ة‪ .‬وه��ا هي المعاهد‬
‫الطالب‬ ‫ت��خ ِّ��رج ك�� ّل ع��ام الع�شرات م��ن ّ‬
‫وتمايز و�إبداع‪ ،‬ويبلغ عددها �ستة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫بتف ّوقٍ‬
‫ثانوية الكوثر ـ طريق المطار‬ ‫دار ال�صادق للتربية والتعليم (بيروت‪،‬‬
‫ثانوية االمام الح�سن (ع) ـ الروي�س‬ ‫بئر ح�سن‪ .)1995 :‬معهد علي الأكبر‬
‫ال��م��ه��ن��ي وال��ت��ق��ن��ي (ب���ي���روت – خلدة‪:‬‬
‫‪ .)1992‬مهنية ال��ه��ادي (ب��ي��روت‪ ،‬بئر‬
‫ح�سن‪.)1988 :‬م��ع��ه��د ال�سيدة �سكينة‬
‫الفني (بيروت‪ ،‬بئر ح�سن‪ .)1996 :‬معهد‬
‫المبرات للعلوم ال�صحية (بيروت‪ ،‬حارة‬
‫حريك‪ .)1995 :‬معهد القا�سم المهني‬
‫(بيروت – خلدة ‪.)2004‬‬
‫الخا�صة‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫تعليم ذوي االحتياجات‬
‫ثانوية الرحمة ـ النبطية‬ ‫ثانوية االمام الباقر (ع) ـ الهرمل‬ ‫وان���ط�ل�اق��� ًا م���ن ر���س��ال��ت��ه��ا ال��ت��رب��و ّي��ة‬
‫والإن�سانية‪� ،‬إهتمت الجمعية اهتمام ًا‬
‫��ا���ص��ة م��ن المجتمع‪،‬‬ ‫م��ت��م�� ّي��ز ًا ب��ف��ئ��ة خ ّ‬
‫وه��م الأب��ن��اء الذين ابتالهم اهلل تعالى‬
‫ال�سمع َّية �أو‬ ‫بفقد حوا�سهم الب�صر َّية �أو َّ‬
‫ال ّنطق َّية‪ ،‬فعملت بك ّل ما �أوتيت من �إرادة‬
‫ومق ّومات ماد َّية ومعنو َّية على �إخراجهم‬
‫ثانوية االمام علي (ع) ـ معروب‬ ‫مدر�سة الأبرار ـ الدوحة‬ ‫من ظلمة الإعاقة �إلى ف�ضاء ال ّروح والفكر‬
‫والكرامة‪ ،‬فع َّو�ضتهم‪ ،‬بعون اهلل‪ ،‬ب�صائر‬
‫قلوب وعقول �أكبر و�أعظم و�أ�سمى من ق ّوة‬
‫هذه الحوا�س‪..‬‬
‫وقد كانت م� َّؤ�س�سة الهادي(ع) للإعاقة‬
‫ال�سمع َّية والب�صر َّية وا�ضطرابات ال ّلغة‬ ‫َّ‬
‫وال َتّوا�صل‪ ،‬م�صنع هذه الإرادات ومنطلق‬
‫الأم�����ل وط���ري���ق الم�ستقبل الم�شرق‪،‬‬
‫حيث ت�سعى الجمع َّية م��ن خ�لال هذه‬
‫ال�شاملة‬ ‫الم� َّؤ�س�سة‪� ،‬إلى تنمية القدرات َّ‬
‫ثانوية المجتبى (ع) ـ حي ال�سلم‬ ‫دار ال�صادق (ع) ـ طريق المطار‬
‫تعليم‬
‫الخا�صة‪ ،‬من ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ل��ذوي االحتياجات‬
‫عنوان ًا لم�ؤ�س�ساتها‪ ،‬التي باتت غالب ًا ما الأوائ��ل‪ ،‬فكانت الأولى على �صعيد لبنان �صعوبات تعلم َّية ونمائ َّية‪.‬‬ ‫ال�شعور‬ ‫تمكن المع َّوق من ّ‬ ‫أهيل وتربي ٍة ِّ‬ ‫وت� ٍ‬
‫تحتل المراكز الأول���ى ف��ي الإمتحانات من معهد المب ّرات للعلوم ال�صح ّية‪ ،‬والأول �أ ّم����ا ع���دد الأي���ت���ام ال�� َّث��ان��وي��ي��ن ا َّل��ذي��ن‬ ‫ب�إن�سان َّيته‪ ،‬واالنطالق في المجتع �إن�سان ًا‬
‫الرعائية فبلغ‬ ‫الر�سم ّية على م�ستوى لبنان‪ ،‬حيث ت ّوجت في ‪� BP‬إلكترونيك‪ ،‬والأ ّول كفاءة مهن َّية تخ َّرجوا في الم� َّؤ�س�سات ِّ‬ ‫ر�سال ّي ًا‪ ،‬وبنا ًء �صادق ًا فاع ًال ومتفاع ًال‪..‬‬
‫علي الأك��ب��ر المهني ‪ 68‬م��ت��خ�� ّرج�� ًا‪ ،‬ن��ال اث��ن��ان منهم تقدير‬ ‫ال�شهادة الثانو َّية بنجاح ‪ 300‬كهرباء م��ن معهد ّ‬ ‫امتحانات َّ‬ ‫و تقدم هذه الم� َّؤ�س�سة تعليم ًا نوعي ًا قائم ًا‬
‫ً‬
‫طالب وطالبة في العام الما�ضي‪ ،‬فكانت والتّقني‪ ،‬ومن معهد ال�س ِّيدة �سكينة(ع) ج ِّيد ج�� ّدا‪ ،‬و‪ 13‬تقدير ج ِّيد‪ ،‬حيث �أ َّنهم‬ ‫ع��ل��ى �صقل ال��م��ه��ارات وال�� َتّ��دري��ب على‬
‫الأول��ى في لبنان في فرع العلوم العا ّمة الأولى كفاءة م�ستكتب‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى مراتب يتابعون درا�ستهم الجامع ّية‪ ،‬ويتخ َّرجون‬ ‫االن��دم��اج االج��ت��م��اع ّ��ي‪ ،‬جعلها ت�ضاهي‬
‫متعدّدة في المعاهد المهن َّية‪ .‬كما � َّأن جي ًال واعي ًا مث َّقف ًا متع ِّلم ًا ي�ساهم في رفد‬ ‫من ثانوية الكوثر‪ ،‬والخام�س في لبنان �أولى ِ‬ ‫ال���م���دار����س الأخ������رى‪ ،‬وت���ت���رك ب�صم ًة‬
‫بالطاقات والخبرات والوعي‬ ‫من ثانو َّية الإمام الجواد‪ ،‬والخام�سة في ن�سب ال َّنجاح كانت في غالب َّية المدار�س المجتمع َّ‬
‫الخا�صة‬
‫َّ‬ ‫ف��ي تعليم ذوي االح��ت��ي��اج��ات‬
‫�سالي‪ ..‬وقد احتفلت الجمع ّية بتخريج‬ ‫الر ّ‬‫ِّ‬ ‫لبنان في فرع االجتماع واالقت�صاد من والمعاهد ‪� %100‬أو ما يقاربها‪.‬‬ ‫وت�أهيلهم‪ .‬وت�ضم الم�ؤ�س�سة ‪:‬مدر�سة‬
‫تقدّم ‪� 28‬أربعمئة وخم�سين م��ن الجامع ّيين في‬ ‫المتو�سطة‪� ،‬أم��ا في م� َّؤ�س�سة الهادي‪ ،‬فقد َ‬‫ِّ‬ ‫ثانو َّية الكوثر‪ ،‬و� َّأما َّ‬
‫ال�شهادة‬ ‫ال��ن��ور للمكفوفين‪ ،‬وم��در���س��ة الرجاء‬
‫ال�شهادة احتفال َّية كبرى في ق�صر الأوني�سكو العام‬ ‫أ�صم المتحانات َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فقد نجح ‪ 1005‬من ال َتّالمذة بتقديرات تلميذا مكفوفا و� ّ‬ ‫لل�صم‪ ،‬ومدر�سة البيان لإ�ضطرابات اللغة‬
‫المتو�سطة‪ ،‬ونجحوا جميعا‪ ،‬مع وجود ‪ 3‬الما�ضي‪ .‬وجديد المبرات ه��ذا العام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫ت��ع َ��دّت الثالثمئة تقدير‪ ،‬والأوائ����ل على‬ ‫والتوا�صل‪.‬‬
‫متخطين بذلك الحواجز افتتاح مب ّرة الخير في مدينة بنت جبيل‪،‬‬ ‫وال�ساد�س تقديرات ج ّيد‪ِّ ،‬‬ ‫�صعيد المحافظات‪ :‬ال َّثالث َّ‬
‫بال�صمم �أو الكفف ا َّلذي فر�ضته وال��ع��ودة �إل��ى مب ّرة الإم���ام ع��ل��ي(ع) في‬ ‫على محافظة البقاع من ثانو ّية الإمام المتع ِّلقة ّ‬ ‫ح�صاد التفوق‪:‬‬
‫عليهم الحياة‪ .‬وت�سعى مدار�س المب َّرات مبناها في بلدة معروب ا َّلذي �أعيد بنا�ؤه‬ ‫الجواد‪.‬‬ ‫ومع كل هذه الجهود التي تبذلها الجمعية‬
‫دمره عدوان ‪.2006‬‬ ‫�����ش��ه��ادات ال��م��ه��ن�� ّي��ة‪ ،‬فكان �إلى االهتمام بالمتف ّوقين‪ ،‬كما بال ِّن�سبة بعد �أن َّ‬
‫�أ ّم����ا ف��ي ال َّ‬ ‫في المجال التربوي‪ ،‬كان ال بد للقطاف‬
‫لمعاهدها الح�صاد المم َّيز على �صعيد �إلى المت�أخرين درا�س ّي ًا وا ّلذين يواجهون‬ ‫ان يكون وف��ي��ر ًا‪ ،‬فبات التفوق والتم ّيز‬

‫‪17‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫تربية‬
‫المبرات الخير َّية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َّربوي الواحد والع�شرون لجمع َّية‬
‫الم�ؤتمر الت ّ‬

‫ال ّتربية بين عمق الفكر و�آفاق ال ّروح‬


‫المتعدِّ د ال ّثقافات‪ ،‬وفهم بيئة المتع ّلم‬
‫ال�صعوبات التي تقف‬ ‫وعقل ّيته‪ ،‬و�إدراك ّ‬
‫عائق ًا �أمام قدراته على التع ّلم‪.‬‬
‫وكانت مداخلة �أخ��رى لمديرة «التّربية‬
‫على العي�ش الم�شترك في م� َّؤ�س�سة �أديان»‪،‬‬
‫ال�� ّدك��ت��ورة نايلة ط�� ّب��ارة‪ ،‬ح��ول مو�ضوع‬
‫ال��� ّذات والآخ���ر في التّربية‪ ،‬وامتدادها‬
‫وحي في مجتمع‬ ‫الفكري وال ّر ّ‬
‫ّ‬ ‫�إلى العمق‬
‫بناني‪ ،‬دع��ت فيها‬ ‫متعدّد كالمجتمع ال ّل ّ‬
‫�إلى ت�أمين المعلومات والمهارات الالزمة‬
‫للتّالمذة للتّعامل مع االخ��ت�لاف‪� ،‬سواء‬ ‫ال ّروح َّية لحياته‪.‬‬ ‫عق ��دت جمع َّي ��ة امل�ب ّ�رات اخلري َّي ��ة م�ؤمترها الترّ ب ��ويّ احلادي والع�ش ��رين‪،‬‬
‫كان بين الأدي��ان‪� ،‬أو �ضمن الدّين ذاته‪،‬‬ ‫وخ��ت��ام�� ًا‪ ،‬ر�أى د‪��� .‬ش��ك��رون �أنَّ التَّربية‬ ‫بعن ��وان “الترّ بية بني عمق الفكر و�آفاق ال ّروح”‪ ،‬بح�ض ��ور فاعل ّيات تربو ّية‬
‫عند �سماحة ال�س ِّيد ف�ضل اهلل(ره) هي‬ ‫واجتماع ّي ��ة و�أكادمي ّي ��ة ودين ّي ��ة‪ ،‬وح�ش ��د م ��ن تربو ّيي امل�ب ّ�رات من خمتلف مدار�س ��ها‬
‫وفهم وجهات ال َّنظر المختلفة‪ ،‬عبر و�ضع‬
‫علم وقيم و�إيمان‪� ،‬إذ ال ينفع �أن نتع َّمق‬ ‫املنت�ش ��رة يف لبن ��ان‪ .‬بداي� � ًة ال ّن�ش ��يد الوطني ال ّلبن ��اين‪ ،‬ث ّم عر�ض ملقتطف ��ات من كالم‬
‫قافي وبعدها‬ ‫ك�� ّل منها ف��ي �سياقها ال ّث ّ‬ ‫�سماحة العالمة املرجع ال ّراحل‪ ،‬ال�س ّيد حم ّمد ح�سني ف�ضل اهلل يف م�ؤمترات �سابقة‪،‬‬
‫ّاريخي‪..‬‬ ‫بالعلوم خارج منظومة القيم‪ ،‬وال يخدم‬
‫الت ّ‬ ‫ففقرات فن ّية من تقدمي طالب املربات‪..‬‬
‫وخ��ت��ام�� ًا‪ ،‬ك��ان��ت مداخلة للأمين العام‬ ‫ف��ي �شيء خ��روج الإن�سان َّية ع��ن قواعد‬
‫الإيمان باهلل والقبول بالآخر والحقّ في‬ ‫ّ‬
‫تزويد التلميذ بما يلزم من الثقة بال ّنف�س‪،‬‬
‫للمدار�س الكاثوليك َّية في لبنان‪ ،‬الأب‬ ‫ا ّلتي تجعله يفخر بدينه وبمبادئه‪ ،‬ال �أن‬ ‫العالمة ال�س ِّيد علي ف�ضل اهلل‪:‬‬
‫الدكتور م��روان تابت‪ ،‬تح َّدث فيها عن‬ ‫االخ��ت�لاف وت��ن�� ّوع م�صادر الفكر‪ .‬ور�أى‬ ‫�ألقى �سماحة العالمة ال�س ِّيد علي ف�ضل‬
‫�شكرون �أنّ �شخ�ص َّية ال�س ّيد �شخ�ص َّية‬ ‫ي�ستخف بها‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى تزويده بالوعي‬ ‫ّ‬
‫م�شترك بين �أبناء الأ�سرة‬
‫ٍ‬ ‫كقا�سم‬
‫ٍ‬ ‫التّربية‬
‫توجه ًا وطن ّي ًا وتربو ّي ًا‬
‫نادرة ن�ستلهم منها ّ‬ ‫اهلل كلم ًة ر�أى فيها �أنَّ العمل َّية التعليم َّية وال��ق��درة على تم ّثل ال�� ّث��ق��اف��ات ال���واردة‬
‫التّربو ّية في لبنان‪ ،‬عار�ض ًا للأبعاد ا ّلتي‬ ‫ب�شكل �أ�سا�س من �آل ّيات �سوق وا�ستيعابها‪ ،‬قبل �أن يتم ّثل وي�ستوعب‬ ‫باتت تنطلق ٍ‬
‫ت�سعى التّربية ال ّلبنان ّية �إلى غر�سها في‬ ‫وروح ّي ًا‪ ،‬معتبر ًا �أنَّ فقده هو فقد لقام ٍة‬
‫فكر ّي ٍة وروح ّي ٍة تدعو �إلى المح ّبة في �أبهى‬ ‫العمل‪ ،‬ا ّلتي �أخرجت عمل ّية التَّربية عن المناهج المدر�س ّية بح ّد ذاتها‪.‬‬
‫العلمي وال ّث ّ‬
‫قافي‬ ‫ّ‬ ‫التّلميذ‪ ،‬ومنها البعد‬ ‫�أه��داف��ه��ا و�ش َّوهَ تها‪ ،‬حتّى �صار �إع��داد وفي الختام‪ ،‬اعتبر �سماحته �أنَّ تحقيق‬
‫��ري ا ّل���ذي يك�سب التّلميذ معارف‬ ‫�صورها‪ ،‬وت�سعى �إل��ى الجمع في �أ�صعب‬
‫ال��ف��ك ّ‬
‫ظ��روف الفراق‪ ،‬م�ؤ ّكد ًا دعمه للمدار�س‬ ‫المتع ّلم ك���إع��داد �أ ّي���ة �آل���ة �أو ن��ظ��ام �أو هذه الغاية من التَّعليم‪ ،‬يتط َّلب من المع ِّلم‬
‫غوي‪ ،‬وين ّمي‬‫غزيرة‪ ،‬وكفاءات التّوا�صل ال ّل ّ‬ ‫�سالي القدوة‪ ،‬داعي ًا المع ّلمين‬ ‫منظومة لها دورها في دورة الإنتاج‪ .‬ومن‬
‫الخا�صة والمجان ّية‪ ،‬وخ�صو�ص ًا ا ّلتي‬ ‫ّ‬ ‫�أن يكون ال ّر ّ‬
‫مهاراته العلم ّية والفكر ّية‪ .‬ومنها �أي�ض ًا‬ ‫َّعليمي‪� ،‬أ َّنه َعمِ ل على �إل���ى �أن ي�ضعوا ن�صب �أعينهم ت�سليح‬ ‫نتائج هذا الواقع الت ّ‬
‫وحي‪ ،‬حيث ر�أى �أنَّ المطلوب من‬ ‫تحت�ضنها م� ّؤ�س�سات تربو ّية عريقة‪ ،‬مثل‬
‫البعد ال ّر ّ‬ ‫بالطاقات الإيجاب ّية الالزمة‪،‬‬ ‫ف�صل م�سار التَّعليم عن م�سار الأخالق التّلميذ ّ‬
‫التّلميذ �أن يدرك �أهم ّية القيم الأخالق ّية‬ ‫جمع ّية المب ّرات الخير ّية‪..‬‬ ‫ّ‬
‫د‪ .‬محمد باقر ف�ضل اهلل‬ ‫الحقيقي ا ّل��ذي يجعله ي�أخذ‬ ‫ّ‬ ‫والتَّربية‪ ،‬فح�شو عقل الطالب بمق ّررات وبالإيمان‬
‫والإن�سان ّية‪ ،‬و�أن يتع ّرف �إلى كتابه المق َّد�س‬ ‫على �أ���س��ا���س ك�� ّم ّ��ي‪ ،‬م��ن دون االهتمام الحياة بج ّد ّية وم�س�ؤول َّية‪.‬‬
‫بعمق‪ ،‬فيحترم العي�ش الم�شترك وحوار‬ ‫ب��ع��د ذل����ك‪� ،‬أل���ق���ى م��دي��ر ع���ام جمع َّية‬
‫المب ّرات الخير َّية‪ ،‬الدّكتور محمد باقر‬ ‫إيماني‪ ،‬وزير التّربية والتّعليم العالي‪:‬‬ ‫وحي وال ّ‬ ‫أخالقي وال ّر ّ‬‫ّ‬ ‫بالجانب ال‬
‫ال�ضمير‪..‬‬ ‫الحياة واحترام الآخر وحر ّية َّ‬ ‫���س ّ��خ��ر ال��م��ع��ارف ل��خ��دم��ة اال�ستكبار تالها كلمة وزير التّربية والتّعليم العالي‬
‫ً‬
‫و�أن يكون من ال ّناحية الوطن ّية‪ ،‬مواطنا ذا‬ ‫ف�ضل اهلل‪ ،‬ك��ل��م�� ًة ع��ر���ض فيها لبع�ض‬ ‫ّ‬
‫�إن��ج��ازات الجمع َّية على �صعيد التعليم‬ ‫ح�سان دياب‪� ،‬ألقاها م�ست�شاره‬ ‫والطغيان والج�شع‪ ،‬وجعل العالم يخ�ضع البروف�سور ّ‬
‫انتماء كامل �إلى لبنان‪ ،‬ليفهم �أنّ لبنان‬ ‫الدّكتور غ�سان �شكرون‪ ،‬ر�أى فيها �أ َّنه على‬ ‫لموازين القوى ال القيم‪.‬‬
‫والتربية‪ ،‬حيث ح�صدت مدار�س المب َّرات‬
‫هو ر�سالة مح ّبة و�أن��م��وذج فريد للعي�ش‬
‫ومعاهدها المراتب الأولى في االمتحانات‬ ‫و�أ ّك����د �سماحته �أه��م�� َّي��ة المناهج ا ّلتي ال َّرغم من غياب المرجع ال�س ِّيد محمد‬
‫الم�شترك‪..‬‬ ‫تح�صن �أبناءنا وتالمذتنا‪ ،‬وتحفظ لهم ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪� ،‬إال �أنّ ح�ضوره‬ ‫ِّ‬
‫ولفت د‪ .‬تابت �إل��ى �أنَّ بلوغ الأه���داف‬ ‫الر�سمية‪ ،‬م�ؤكد ًا �أ َّنها �ستوا�صل م�سيرة‬ ‫انتماءهم و�إيمانهم‪ ،‬من دون ا�ستعمال‬
‫التميز والتفوق‪.‬‬ ‫ّربوي ال يزال كثيف ًا‪ ،‬معتبر ًا‬ ‫وحي والت ّ‬ ‫ال ّر ّ‬
‫ال���م���رج��� َّوة ال ي���ؤ ّم��ن��ه��ا اع��ت��م��اد الكتب‬
‫المداخالت‪:‬‬ ‫�أ�ساليب قمع لمنع ن�شر ال َّثقافات الواردة‪� ،‬أنَّ هذا الم�ؤتمر جاء متطابق ًا مع ر�سالة‬
‫المدر�س َّية الج ِّيدة وح��ده‪ ،‬بل ال ب�� َّد من‬ ‫ً‬
‫ال�سابق‪ ،‬الدّكتور‬ ‫ثم كانت مداخلة للوزير َّ‬ ‫لأنَّ القمع والمنع ال يفيدان �إال �سلبا‪� ،‬سماحته ال�� ّروح�� ّي��ة ا ّل��ت��ي انعك�ست في‬
‫�أن يرافق ذلك مجموعة تدابير و�أن�شطة‬ ‫عك�سي في �أغلب الأحيان‪ ،‬التّربية م� ّؤ�س�سات رائدة مك ّر�سة لل ّنهو�ض‬ ‫ّ‬ ‫ومردودهما‬
‫عمل َّية‪� ،‬إ���ض��اف�� ًة �إل��ى العناية بالتّوجيه‬ ‫عدنان ال�س ِّيد ح�سين‪� ،‬أ�شار فيها �إلى �أنَّ‬ ‫ً‬
‫الهدف من التَّربية هو االرتقاء بالإن�سان‪،‬‬ ‫معتبرا �أنَّ تح�صين التّلميذ ب�سالح التَّقوى ب��ال��م��وارد الب�شر َّية للوطن‪ ،‬عبر تربية‬
‫ال�سليم بالتَّعاون مع �أه��ل االخت�صا�ص‬ ‫ّ‬ ‫كاف لبناء �شخ�ص َّية �أج��ي��ال��ه على �أح���دث ال��ق��واع��د العلم َّية‪،‬‬ ‫والإيمان‪ ،‬هو رادع ٍ‬
‫راف�ض ًا �أ�ساليب التّعنيف والق�سوة في‬
‫والخبرة والمعرفة‪ ،‬وعقد لقاءات تجمع‬
‫التّعامل مع الأبناء‪ ،‬كما دعا المع ّلم �إلى �أن‬ ‫�إ�سالم َّية م�ؤمنة متع ّلمة‪ ،‬لها ركائزها ومراعاة التط ّور �ضمن بيئ ٍة �سليم ٍة روح ّي ًا‬
‫تخ�ص�صوا وعا�شوا‬ ‫أ�شخا�ص َّ‬
‫ٍ‬ ‫التَّالمذة ب�‬ ‫ال�صدمات ووطن ّي ًا‪ ،‬كما �أ�شار �إلى �أنَّ �سماحته احترم‬ ‫المرنة ا ّلتي يمكن �أن تواجه َّ‬
‫تجربة العمل‪ ،‬و�إقامة ندوات ومحا�ضرات‬ ‫يكون مر ّبي ًا وقدو ًة‪ ،‬مح ّذر ًا من التط ّرف‬
‫في ا�ستخدام التكنولوجيا‪ ،‬وم�ؤ ّكد ًا �ضرورة‬ ‫العلمي‬
‫ّ‬ ‫والهزّات من دون �أن تنهار‪ .‬وتحقيق هذا العلم والعلماء‪ ،‬وواك��ب التط ّور‬
‫في المدر�سة‪ ،‬والتَّ�شجيع على الم�شاركة‬ ‫ال�شرط هو م�س�ؤول ّية الم� ّؤ�س�سات التعليم ّية وال��ب��ح��ث ّ��ي‪ ،‬وج��ع��ل ال��ع��ل��وم وت��ط�� ّوره��ا في‬ ‫َّ‬
‫في ما يعقد منها خارج ًا‪ ،‬وتنظيم زيارات‬ ‫تطوير المناهج با�ستمرار‪ ،‬والتّوازن في‬
‫الأ�ساليب التّربو ّية بين ال ّثواب والعقاب‪،‬‬ ‫التي ت�ؤمن ب�ضرورة هذا الإجراء‪ .‬كما �أ َّكد خدمة القيم‪ ،‬ورفعها �إلى خدمة الإيمان‬
‫�إلى المتاحف الوطن َّية‪ ،‬ورحالت م�ساندة‬
‫ف�ض ًال عن تعزيز قيم الحوار في المجتمع‬ ‫على المع ّلمين والمر ّبين ومعدّي البرامج باهلل ع َّز وج ّل‪ ،‬من �أجل ارتقاء الإن�سان‬
‫للتّعليم والعناية بال ّن�شاطات الريا�ض ّية‪.‬‬ ‫والمناهج والأن�شطة في المدر�سة‪� ،‬ضرورة وتح�سين ظروفه والحفاظ على المعاني‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪18‬‬
‫كونوا مع فل�سطين لأنها الق�ض ّية والرمز‬
‫يتجذر‬‫خ��دم��ة المجتمع‪ .‬كما ن���و ّد �أن َّ‬
‫عائي ال َّنموذج‪ ،‬ويواكب حركة‬
‫المتغ ِّيرات في العالم‪ ،‬و�أن نخلق م�صادر‬
‫الر ّ‬ ‫العمل ِّ‬
‫مدار�س المب َّرات‪ّ :‬‬
‫توجهات و�إنجازات‬
‫معرفة غير موجودة في �أدب َّيات مقاربات‬ ‫د‪.‬حم َّمد باقر ف�ضل اهلل*‬
‫ينمي البرنامج‬ ‫الرعاية البديلة‪ ..‬و�أن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ�سهل‬‫أوتوماتيكي والمبا�شر ب�سرع ٍة ت ِّ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫على مدى �سنوات‪ ،‬ا�ستطاعت جمعية املربات اخلري َّية‪� ،‬أن تكون على قد ٍم‬
‫ال َتّربوي المهارات المتن ِّوعة ا َّلتي ترفع‬ ‫ّ‬
‫ال��ت��دخ��ل وال��م��ع��ال��ج��ة ح��ي��ث ي��ج��ب‪ ،‬هذه‬ ‫و�س ��اقٍ م ��ع تط ّورات الترّ بية وال ّتكنولوجي ��ا‪ ،‬ومت َّكنت من مواكبة الكثري‬
‫من مكانة الم�ستفيدين‪ ،‬ويرفع من مكانة‬ ‫ال َتّغ ّيرات و�إن كانت ِّ‬
‫ت�شكل نقل ًة نوع َّي ًة في‬ ‫التبية وال َّتعليم‪ ،‬وما زلنا ن�ش ��هد جتربتها وهي‬ ‫يخ�ص جماالت رَّ‬‫من النظر َّيات يف ما ّ‬
‫الم� َّؤ�س�سات في عقل المجتمع ووجدانه‪..‬‬ ‫ر�صد تح�صيل التّالميذ ومتابعته بجهدٍ‬ ‫ت�ساهم يف �إغناء املجتمع املحيط‪ ،‬معترب ًة �أ َّن هذا املجتمع هو م�س�ؤول َّيتنا‪ ،‬كما �أو�صانا‬
‫التّعاون بين الكوادر والم� َّؤ�س�سة‪:‬‬ ‫�أق ّل وفعال ّي ٍة �أكبر‪� ،‬إال �أ َّنها وك��� ّأي تجربة‬ ‫العلمة املرجع ال�س ِّيد حم َّمد ح�سني ف�ضل اهلل(ره)‪..‬‬ ‫امل� ِّؤ�س�س‪ ،‬اّ‬
‫من الإنجازات ال َّرائدة والفريدة لجمع َّية‬ ‫تحدّيات تحتاج �إلى مثابر ٍة‬ ‫جديدة‪ ،‬تواجه ِ‬
‫ال��م��ب�� َّرات‪ ،‬درا�سة ال َتّقييم ال َّ��ذات��ي لأثر‬ ‫و�صبر و�إبداع في مواجهتها‪ ،‬وا َّلتي هي من‬ ‫ٍ‬
‫إداري ف��ي �أداء‬ ‫ب��رن��ام��ج ال�� َّت��ط��وي��ر ال ّ‬ ‫المتط ِّلبات الأ�سا�س َّية لإدارة � ّأي تغيير‪ ،‬بما‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الم� َّؤ�س�سات‪ ،‬حيث �إ َّن��ه في العام الثاني‬ ‫يحفظ الم�صلحة لجميع الم�ستفيدين‪.‬‬
‫للدّرا�سة‪ ،‬تم �إنجاز المرحلتين ال ّثانية‬ ‫ِ‬ ‫وهنا ندعو ك ّل المعن ّيين في الم� َّؤ�س�سات‪،‬‬
‫وال ّثالثة لعمل َّية جمع المعلومات‪ ،‬وا ّلتي‬ ‫االط�لاع وبعمق على تفا�صيل نظام‬ ‫�إل��ى ِّ‬
‫ت�����ض�� ّم��ن��ت ت��ح��ل��ي��ل وث���ائ���ق‪ ،‬م�شاهدات‬ ‫ال َتّح�صيل وبرنامج المعلومات َّية المرتبط‬
‫ميدان َّية‪ ،‬ل��ق��اءات لمجموعات مر ّكزة‪،‬‬ ‫به‪ ،‬وال َتّوا�صل مع الم�شرفين على الم�شروع‬
‫حيث �شارك في هذه العمل ّية الع�شرات‬ ‫حيث تقت�ضي الحاجة‪ ،‬وذل��ك الكت�ساب‬
‫من ال��ك��وادر الأ�سا�س َّية في الم� َّؤ�س�سات‬ ‫المعرفة والخبرة الالزمة لقيادة عمل َّية‬
‫نقدّر جهودهم‬ ‫التعليم َّية والرعائ َّية ا َّلذين ِ‬ ‫ال َتّطبيق للأنظمة الجديدة بان�سياب َّية‬
‫وحما�سهم ف��ي ال��م�����ش��ارك��ة وال َتّنفيذ‪،‬‬ ‫تح ّقق المطلوب‪ ،‬وتنعك�س على الأداء‬
‫وا َّلذين وجدوا في ذلك فر�ص ًة �أتيحت لهم‬ ‫العام للم� َّؤ�س�سات‪ ،‬كما � َّأن الم� َّؤ�س�سات‬ ‫قناعاتنا التّربو َّية‪ ،‬ومواكبتنا الم�ستم َّرة‬ ‫وال َّبد لنا من ا�ستعرا�ض بع�ض الإنجازات‬
‫الكت�ساب مهارات مهن َّية وبحث َّية �أ َّكدوا‬ ‫ال��رع��ائ�� َّي��ة معن ّية بهذا الأم���ر‪ ،‬وبت�أكيد‬ ‫لنتائج الأب���ح���اث ال�� ّت��رب��و َّي��ة المحدثة‬ ‫توجهات‪ ،‬لنكون على‬ ‫وا�ستتباعاتها من ّ‬
‫�أهم َّيتها وانعكا�سها على جودة �أدائهم‪،‬‬ ‫عائي في فهم مفردات‬ ‫م�ساندة الجهاز ال ّر ّ‬ ‫���م تعديل‬ ‫ب��ا���س��ت��م��رار‪ ..‬وب��ن��ا ًء ع��ل��ي��ه‪ ،‬ت َّ‬ ‫قدر التحدّي في تربية �إن�سان الم�ستقبل‬
‫على �أمل �أن يعمل الق ِّيمون في الم� َّؤ�س�سات‬ ‫نظام ال َتّح�صيل الجديد‪ ،‬ال�ستيعاب نتائج‬ ‫�إ�صدارات كتب الحلقة الأولى “نكت�شف‬ ‫المرج ّو‪.‬‬
‫على تنمية هذه المكت�سبات وا�ستثمارها‪،‬‬ ‫هائي للأبناء في‬ ‫التكويني وال ِّن ّ‬
‫ّ‬ ‫ال َتّقويم‬ ‫ونتع َّلم”‪ ،‬وما زلنا نعمل على ا�ستكمال‬ ‫متابعة المناهج الجديدة‪:‬‬
‫من خالل �إتاحة الفر�صة لهذه الكوادر‪،‬‬ ‫ه��ذه الم� َّؤ�س�سات وتحليلها‪ ،‬م��ن �ضمن‬ ‫لل�صفوف ال َتّالية‪.‬‬ ‫كتاب بذور الإيمان ّ‬ ‫�أي���ن نحن ال��ي��وم م��ن ج��دي��د المناهج؟‬
‫واحت�ضان مبادراتهم لل َتّغيير وال َتّح�سين‬ ‫تفعيل التكنولوجيا‪:‬‬ ‫ا���س��ت��م�� َّرت م�شاركتنا ف��ي الهيئة العليا‬
‫ا�ستناد ًا �إلى المكت�سبات المح َّققة‪ ...‬وفي‬ ‫ح�����ص��دت م���دار����س ال��م��ب�� َّرات‬ ‫ماذا عن تفعيل تكنولوجيا ال َتّعليم ونظام‬ ‫لتطوير المناهج ف��ي المركز ال َت ّ‬
‫ّربوي‬
‫ال�سياق‪ ،‬نعيد ت�أكيد محور َّية العمل‬ ‫هذا ِّ‬ ‫ومعاهدها المراتب الأول���ى في‬ ‫المدر�سي؟ لقد ح َّقق �إدخال‬ ‫ّ‬ ‫ال َتّح�صيل‬ ‫للبحوث والإن��م��اء‪ ،‬وا ّل��ت��ي تمحور عملها‬
‫و�أولو َّيته على �إنجاز المراحل الأخيرة من‬ ‫امتحانات ال َّ‬
‫�����ش��ه��ادة الثانو َّية‬ ‫ّفاعلي �إلى الم� َّؤ�س�سات نجاح ًا‬ ‫ال َّلوح الت ّ‬ ‫حول الإ�شراف على التّطبيق ال َتّجريبي‬
‫الدّرا�سة التي تتمحور حول جدولة‬ ‫هذه ِ‬ ‫الهيئات‬
‫ٍ‬ ‫كبير ًا‪ ،‬في ظ ّل َتّجاوب مميز من‬ ‫لل َتّعليم الإدم��اج ّ��ي‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى تدريب‬
‫ً‬
‫إ�ضافة‬ ‫والمتو�سطة والمهنية �‬
‫ال��م��ع��ل��وم��ات وتحليلها‪ ،‬وم���ن ث��م كتابة‬ ‫التعليم َّية والإدار َّية‪ ،‬و�سرع ٍة في التع ّلم‬ ‫مد ّربين‪ ،‬وقد �شارك من مدار�س المب َّرات‬
‫ال َتّقارير النهائ َّية‪ ،‬وذل��ك على م�ستوى‬ ‫�إل��ى ذوي االحتياجات الخا�صة‬ ‫وال َتّطبيق‪ ،‬حيث �أ�صبح من الم�س َّلمات‬ ‫المن�سقات والمع ِّلمات ال َّلواتي‬ ‫ت�سعة من‬
‫ِّ‬
‫الم� َّؤ�س�سات كك ّل‪ ،‬وعلى م�ستوى التّقرير‬ ‫وحققوا‬‫َّ‬ ‫تفوقوا‬
‫والأيتام الذين َّ‬ ‫لأ�سرة المب ّرات ا ّلتي ترى � َّأن ال َتّغيير‬ ‫�سيعملن على ت��دري��ب ال��ك��ادر ال َت ّ‬
‫ّربوي‬
‫ال َّ��ذات��ي ل��ك ِّ��ل م���ؤ� َّ��س�����س��ة‪� ،‬آملين م��ن ِّ‬
‫كل‬ ‫يتم �إال بم�شاركتها‪..‬‬ ‫الفعلي ال ّ‬ ‫المعني في مدار�سنا‪ ،‬وقد ن�� ّوه الق ِّيمون‬
‫نجاح عالية‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫ن�سب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الإدارات ا ّلتي �ساندت ودعمت للو�صول‬ ‫ّ‬
‫لقد ب��د�أ العام الما�ضي تطبيق ال ِنظام‬ ‫على ال َتّدريب في المركز بم�ساهماتهنّ‬
‫�إلى المراحل ما قبل ال ِّنهائ َّية‪� ،‬أن تتابع‬ ‫متابعتهم لو�ضعهم ال َتّعليمي وتح�صيلهم‬ ‫الجديد لتقييم تح�صيل ال َتّالميذ‪ ،‬وا َّلذي‬ ‫المم َّيزة في تف�صيل جل�سات ال َتّدريب‪..‬‬
‫الدّعم والم�ساندة‪ ،‬وتتويجها عند‬ ‫تقديم َ‬ ‫الدرا�سي‪...‬‬ ‫ومناق�شات على‬
‫ٍ‬ ‫درا�سات‬
‫ٍ‬ ‫�صدر بنا ًء على‬ ‫اطالع مديري الم� َّؤ�س�سات‬ ‫ون�ؤ ّكد �أهم َّية ِّ‬
‫ّ‬
‫الإم��ك��ان بالم�شاركة في �أعمال ال ِلجان‬ ‫الخا�صة‪:‬‬‫ّ‬ ‫الأيتام وذوي االحتياجات‬ ‫مدى عامين كاملين في المجال�س والأطر‬ ‫والمعن ّيين في مرحلتي ال َّرو�ضات والحلقة‬
‫الفرع َّية وال َّلجنة المركز َّية‪ ،‬مع ما تتط َّلبه‬ ‫في الوقت ال��ذي ت��ق ِ��دّر �إدارة الجمع ّية‪،‬‬ ‫التّربو َّية المختلفة‪ ،‬حيث َّتم االنتقال من‬ ‫الأول���ى على التّقارير النهائ َّية لتجربة‬
‫جهود كبير ٍة ود ّق ٍة و�صبر‪.‬‬‫من ٍ‬ ‫ل��ل��م���ؤ� َّ��س�����س��ات ال�� ّرع��ائ�� َّي��ة ف��ي المب ّرات‬ ‫نظام ثالثة ف�صول درا�س َّية‪� ،‬إل��ى نظام‬ ‫ال َتّطبيق والبرامج ال َتّدريب َّية ا ّلتي ط ّبقت‪،‬‬
‫الدّرا�سة‬ ‫ويجدر التّنويه ب��� َّأن نتائج هذه ِ‬ ‫المتقدّم في �أ�ساليب ال ّرعاية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫موقعها‬ ‫الع�شري‬
‫ّ‬ ‫الف�صلين‪ ،‬ومن نظام العالمات‬ ‫والخطط التنفيذ َّية ا َّلتي تتابع‪ ،‬وا َّلتي من‬
‫م�ستقبلي لم� ّؤ�س�سات‬ ‫ّ‬ ‫�س ُيبنى عليها م�سار‬ ‫وللم� َّؤ�س�سات التّعليم َّية اندفاعاتها في‬ ‫��وي‪ ،‬وق��د ت��زام��ن هذا‬ ‫�إل��ى ال ّنظام ال��م��ئ ّ‬ ‫خاللها تقوم ال َّلجنة المركز َّية للم�شروع‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫المبرات‪ ،‬م�شيرين �إلى �أنّ ب�شائر النتائج‬ ‫م��راع��اة خ�صو�ص َّية اليتيم من دون �أن‬ ‫ال َتّطبيق م��ع ب��دء مكننة �آل�� َّي��ات العمل‬ ‫في المب َّرات بتعميم ال َتّجربة في مختلف‬
‫ب���د�أت م��ع بناء ق���درات فريق كبير من‬ ‫ي�شعر بالفارق بينه وبين �أت��راب��ه‪ ،‬ف�إ َّننا‬ ‫ّربوي من �ضمن م�شروع �إدارة نظم‬ ‫ال َت ّ‬ ‫مدار�سنا‪.‬‬
‫الموارد الب�شر ّية في الم� َّؤ�س�سات‪ ،‬وهو‬ ‫ن��� ِّؤك��د اال�ستمرار ف��ي م��راع��اة م�صلحة‬ ‫المعلومات‪ ،‬و� َّإن من �أه��داف المكننة‪،‬‬ ‫المهم الإ�شارة �إلى � َّأن تب ّني تطبيق‬ ‫ّ‬ ‫ومن‬
‫مجموع ف��رق العمل الم�ساهمة في هذه‬ ‫اليتيم والمه ّم�ش ا َّل���ذي يتر َّبى ويتع َّلم‬ ‫تمكين المع ِّلمين م��ن �إدخ���ال عالمات‬ ‫إدماجي في مدار�س المب َّرات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال َتّعليم ال‬
‫الدّرا�سة‪ .‬وفي جانب �آخر‪ ،‬ومن باب ن�شر‬ ‫ِ‬ ‫لي�صبح ط��ال��ب�� ًا ج��ام��ع�� ّي�� ًا منفتح ًا‪...‬‬ ‫التّالميذ واحت�سابها‪ ،‬من خالل برنامج‬ ‫ي���أخ��ذ بعين االع��ت��ب��ار ت��راك��م ال َتّجربة‬
‫المعرفة ا َّلتي تنتجها م� َّؤ�س�سات وكوادر‬ ‫الطالب المع َّوق‪ ،‬وا َّل��ذي بادرت‬ ‫وكذلك َّ‬ ‫ي�ساعد في �إ���ص��دار ال َتّقارير التحليل َّية‬ ‫في تطبيق ال َتّربية ال َتّكامل َّية‪ ،‬وقناعتنا‬
‫المبرات معرف ًة وتجرب ًة وخ��ب��رات‪ ،‬تم‬ ‫المب َّرات من خالل م� َّؤ�س�سة الهادي �إلى‬ ‫لل َّنتائج ب�سرعة ود َّق���ة �أك��ب��ر‪ ،‬كما يتيح‬ ‫ب�أهم َّية ربط التع ّلم بالمواقف الحيات َّية‬
‫�إنجاز الكتاب الأ ّول من �سل�سلة “ح�صاد”‬ ‫االهتمام بطاقاته و�إبداعاته لتكون في‬ ‫للمن�سقين والمديرين الإ�شراف‬ ‫المجال ِّ‬ ‫من خ�لال الو�ضع َّيات الإدم��اج�� َّي��ة ا ّلتي‬
‫إداري‪ ،‬انطالق ًا من مبد�أ � َّأن‬ ‫لل َتّطوير ال ّ‬ ‫تنطلق من التع ّلم الم�ستند �إلى الو�ضع َّية‬
‫“زكاة العلم �إنفاقه”‪.‬‬ ‫إن�ساني‪ ،‬ومدار�س‬
‫ّ‬ ‫� َّإن ال َّنجاح والتف ّوق لن يثنيانا عن االهتمام بالجانب ال‬ ‫الم�شكلة‪ ،‬وبال َتّالي‪ ،‬االنطالق بمقارب ٍة‬
‫إن�ساني‪...‬‬
‫ّ‬ ‫المب ّرات ومعاهدها �ستبقى واحات لالهتمام ال‬ ‫نقد ّي ٍة للمناهج المط ّورة‪ ،‬م�ستندين �إلى‬
‫*مدير عام جمعية المبرات الخيرية‬ ‫نتائج عمل ّية ال ّنقد لتب ّني ما ين�سجم مع‬
‫‪19‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫مقابلة‬
‫دوره في ت�شكيل الوعي‪:‬‬ ‫د‪ .‬طالل عتري�سي في حوا ٍر مع «ب ّينات»‪:‬‬
‫‪� -‬إل��ى � ّأي م��دى ي�سهم «الإن��ت��رن��ت» في‬
‫ال�شباب وتوجيههم؟ وهل‬
‫الموجه والمر�شد الأ ّول للإن�سان‬
‫ت�شكيل وع��ي ّ‬
‫ِّ‬ ‫�أ�صبح‬ ‫مهمة لن�شر ال ّثقافة الدّ ين ّية‬
‫«الإنترنت» و�سيلة ّ‬
‫اليوم ؟‬
‫‪ -‬يمكن �أن نقول �إنّ «الإنترنت» يزداد‬ ‫ت�أثير الإنترنت في المجتمع‪:‬‬ ‫ال يخفى على �أح��د ال��ي��وم‪ ،‬م��ا لتقن ّيات‬
‫اب‬ ‫ت�أثيره ب�شكل ملحوظ في الجيل ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫‪ -‬م��ا م���دى ت��ح�� ّك��م «الإن���ت���رن���ت» بم�سار‬ ‫ال��م��ع��ل��وم��ات واال ّت�������ص���االت‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫وفي الجيل الأ�صغر‪ ،‬بحيث �أ�صبح اقتناء‬ ‫المجتمع وحركته‪ ،‬بك ّل فئاته العمر َّية؟‬ ‫الإنترنت‪ ،‬من ت�أثير في ال ّثقافة‪ ..‬فهل‬
‫الأدوات ا ّلتي تتيح ال�� ّدخ��ول �إل��ى عالم‬ ‫‪� -‬أعتقد �أنّ ت�أثير ال�� َّث��ورة المعلومات َّية‬ ‫هي و�سائل تعمل على تقريب ال ّثقافات‪،‬‬
‫«الإنترنت»‪ ،‬مثل الهاتف المحمول‪ ،‬هدف ًا‬ ‫ب�أدواتها ا ّلتي تعر�ضها‪ ،‬من كمبيوتر �أو‬ ‫وتق ّلل من االختالفات؟! وهل تعمل على‬
‫ال�شباب‬ ‫بح ّد ذات��ه بال ّن�سبة �إل��ى ه���ؤالء ّ‬ ‫تلفون محمول �أو �أجهزة م�شابهة‪ ،‬تركت‬ ‫�أن ي�صبح كوكبنا متجان�س ًا �أو �أكثر تن ّوع ًا‬
‫والفتية والفتيات‪ ،‬وهناك نوع من عالقة‬ ‫بك ّل ت�أكيد �آثار ًا �إيجاب ّية فيما يتع ّلق ٍ‬
‫بكثير‬ ‫الفكري‬
‫ّ‬ ‫ثقاف ّي ًا‪ ،‬ما ي�س ّرع بعمل ّية التط ّور‬
‫التّطابق بين هذه الو�سائل الحديثة التي‬ ‫من جوانب الحياة‪ ،‬على م�ستوى �سرعة‬ ‫وال ّثقافي؟ �أو �أ ّنها تعمل على انكفاء كلّ‬
‫تو�صل �إلى عالم «الإنترنت» وهذا الجيل‬ ‫االتّ�صال‪� ،‬أو نقل المعلومات‪� ،‬أو القيام‬ ‫جماع ٍة �أو طائف ٍة‪ ،‬حفاظ ًا على هو ّيتها‬
‫ال��� ّ��ش��اب‪ ،‬فالجانب الإي��ج��اب ّ��ي يمكن �أن‬ ‫بالعمل ّيات ال��ت��ج��ار ّي��ة‪� ،‬أو ن�شر ال ّثقافة‬ ‫وخوف ًا عليها؟‬
‫ي�ساعد في فتح �آفاق عقل ّية وتقن ّية �أمام‬ ‫عموم ًا‪...‬‬ ‫وه��ل ح َّ��ل «الإن��ت��رن��ت» مح ّل الم� ّؤ�س�سات‬
‫ال�صغار‪ ..‬لكن هذا‬ ‫ال�شباب �أو ّ‬ ‫ه���ؤالء ّ‬ ‫لكن بتقديري‪� ،‬أنّ هذه الجوانب الإيجاب َّية‬ ‫يعي�شون فيه‪ ،‬والمق�صود بذلك‪ ،‬ا�ستخدام‬ ‫الدين ّية واالجتماع ّية اليوم‪ ،‬في لعب دور‬
‫في ر�أيي محدود الفعال ّية‪ ،‬لأنّ المخاطر‬ ‫ل��ي�����س��ت ���ش��ام��ل�� ًة وم��ط��ل��ق�� ًة ف��ي��م��ا يتع ّلق‬ ‫الأدوات وال��و���س��ائ��ل ال��ح��دي��ث��ة و�أدوات‬ ‫والموجه للمجتمع‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬ ‫ِّ‬ ‫المر�شد‬
‫�أكثر تهديد ًا‪� ،‬أ ّو ًال على م�ستوى العالقة‬ ‫بالأو�ساط االجتماع ّية المختلفة �أو الأعمار‬ ‫اال ّت�����ص��ال المعروفة مثل «الإنترنت»‪،‬‬ ‫�شباب اليوم؟ وما ومدى ت�أثيره فيهم؟!‬
‫مع هذه الو�سيلة التي تتح ّول �إلى عالقة‬ ‫المتفاوتة‪ ،‬فهذه الأدوات �أو التّقنيات لم‬ ‫وهو الو�سيلة الأكثر تط ّور ًا بعد ثالثين‬ ‫مجموعة م��ن ال�� ّت�����س��ا�ؤالت طرحناها على‬
‫حميمة‪ ،‬حيث ي�صبح الجهاز ا ّلذي يحمله‬ ‫تعد و�سائل لال�ستخدام بهدف غر�ض‬ ‫�سنة على انت�صار ال�� َّث��ورة ف��ي �إي���ران‪.‬‬ ‫ال��ب��اح��ث والأ���س��ت��اذ ف��ي «ع��ل��م االجتماع»‪،‬‬
‫اب �أو الولد مال�صق ًا له ال يتخ ّلى عنه‬ ‫ال�ش ّ‬‫ّ‬ ‫م��ح��دّد‪� ،‬أي مثل ال�� ّذه��اب �إل���ى المكتبة‬ ‫و»الإن��ت��رن��ت» ب��ه��ذا المعنى‪ ،‬ه��و �إح��دى‬ ‫الدّكتور طالل عتري�سي‪ ،‬فكان هذا الحوار‪:‬‬
‫حتّى �أثناء نومه‪ ،‬والأخطر في ك ّل هذه‬ ‫لثالث �أو �أربع �ساعات يومي ًا‪ ،‬بل �أ�صبحت‬ ‫الو�سائل المه َّمة‪� ،‬سواء في ن�شر الدّعوة‪،‬‬
‫بال ّن�سبة �إل��ى الكثيرين محور االهتمام‬ ‫�أداة لن�شر الدّ ين‪:‬‬
‫الم�س�ألة‪َّ � ،‬أن طريقة عمل هذه الأجهزة‪،‬‬ ‫�أو في جذب الم�ؤ ّيدين‪� ،‬أو في الر ّد على‬ ‫ـ يبدو الدّين حا�ضر ًا بق ّو ٍة في عالم اليوم‪،‬‬
‫�سواء من �أجل ال َتّوا�صل مع الآخر‪� ،‬أو من‬ ‫اليوم‪ ،‬و�أ�صبحت البديل من العالقة مع‬ ‫المخالفين عموم ًا‪� ،‬أو في ن�شر ال ّثقافة‬
‫الآخر‪ ،‬ومن العالقة مع الكتاب �أو المج ّلة‪،‬‬ ‫فهل ي�ساهم «الإنترنت» في انت�شار حركته‪،‬‬
‫�أجل الح�صول على معلومة مع َّينة يحتاج‬ ‫الدين ّية الوا�سعة بم�ستوياتها الفقه ّية‬ ‫�أو يعمل على تفكيكه ؟‬
‫ال�ضغط على ب�ضعة �أزرار‪ ،‬و�إلى‬ ‫�إل��ى ّ‬ ‫وحتّى في بع�ض الأحيان مع الأخوة والأهل‪،‬‬ ‫والفكر ّية‪ ،‬ولي�س ث ّمة بين الإ�سالم ّيين‬
‫ّ‬ ‫وهذا �أمر �سلبي‪ ،‬وبتقديري �أ ّنه هو الوجه‬ ‫‪ -‬من الوا�ضح �أنّ هناك ع��ود ًة قو ّية �إلى‬
‫انتظار دقيقة �أو �أقل من دقيقة‪...‬‬ ‫بمختلف انتماءاتهم‪ ،‬المت�شدّدين منهم‬ ‫ال�� ّدي��ن منذ ب�ضعة ع��ق��ود‪ ،‬وه���ذا الأم��ر‬
‫وهذا ي�ؤدّي بمرور الوقت‪� ،‬أي بمرور الأ ّيام‬ ‫الغالب‪ ،‬لأنّ معظم الوقت ا ّل��ذي يق�ضيه‬ ‫والمعتدلين‪ ،‬من ال ي�ستخدم اليوم هذه‬
‫الكثيرون ف��ي ا�ستخدام ه��ذه التقن ّيات‬ ‫بتقديري ل��ه �أك��ث��ر م��ن �سبب‪ ،‬منها � َّأن‬
‫حقيقي‬
‫ّ‬ ‫والأ�شهر‪� ،‬إلى ت�شكيل وعي غير‬ ‫الو�سيلة‪ ..‬لكنّ م�شكلة «الإنترنت» �أ ّنها ال‬ ‫«ال ّنموذج الغربي» لم ينجح في تقديم‬
‫عن هذا الجيل في العالقة مع الزّمن‪،‬‬ ‫ال��ح��دي��ث��ة‪ ،‬لي�س ل��ه ت��ل��ك ال��ف��ائ��دة التي‬ ‫تخ�ضع ل ّأي ح�سيب �أو رقيب‪ ،‬لأ ّنه يمكن‬
‫يعتقدها البع�ض‪ ،‬و�إ ّنما كما هو معلوم‪،‬‬ ‫الإجابات المتع ّلقة بم�صير الإن�سان‪ ،‬ولم‬
‫لأ ّن��ه يعتقد �أنّ الزّمن هو مج ّرد �ضغط‬ ‫ن�شر‪،‬‬ ‫ديني و ُي َ‬
‫�أن ُيكتَب � ّأي �شيء بعنوانٍ ّ‬ ‫يقدّم على م�ستوى التّجربة االطمئنان‬
‫على بع�ض الأزرار‪ ،‬ليح�صل على ما يريد‪،‬‬ ‫يق�ضى ه��ذا الوقت بما ال طائل تحته ال‬ ‫ب�شكل دقيق‬ ‫وقد ال يع ّبر في حقيقة الأمر ٍ‬
‫علم ّي ًا وال ثقاف ّي ًا‪ ،‬ال بل والأخطر من ذلك‪،‬‬ ‫ال ّنف�سي �أو ال�� ّروح��ي‪ ،‬ما �أث��ار الكثير من‬
‫يف�سر على الأرجح لماذا ن�شهد هذا‬ ‫وهذا ِّ‬ ‫عن الدّين‪ ،‬ويمكن �أن يكتب �شيء مقابل‬ ‫الدرا�سات الفكر ّية والفل�سف ّية التي ّتم‬
‫ال�شباب والأطفال مع‬ ‫التوتّر في عالقة ّ‬ ‫أخالقي من خارج قيم‬ ‫ّ‬ ‫�أنه يتيح التف ّلت ال‬ ‫من باب الهجوم على الدّين‪ ،‬من دون � ّأي‬
‫المجتمع وتقاليده‪...‬‬ ‫التّعبير عنها بنقد ال��ح��داث��ة وم��ا بعد‬
‫مجتمعهم �أو مع �أهلهم‪� ،‬أو من هو �أكبر‬ ‫منهج ّية علم ّية‪...‬‬ ‫ال��ح��داث��ة‪ ،‬وه���ذه ال��ك��ت��اب��ات ب���د�أت تفتح‬
‫�س ّن ًا �أو مع المدر�سة‪ .‬لماذا؟ لأنّ هذه‬ ‫و�سيلة لنقل المعرفة‪:‬‬ ‫ن��اف��ذ ًة على �أه��م�� ّي��ة ال�� ّدي��ن وت���أث��ي��ره في‬
‫العالقات هي عالقات واقع ّية تحتاج �إلى‬ ‫ً‬
‫‪ -‬هل يعتبر الإنترنت و�سيلة محايد ًة لنقل‬ ‫حياة الإن�سان والعالقات االجتماع ّية‪،‬‬
‫ال�سلوك‪ ،‬وهذا‬ ‫ال�صبر والتّحمل وتغيير ّ‬ ‫ّ‬ ‫المعارف والأفكار المتن ّوعة‪� ،‬أو �أ ّنه �أ�صبح‬ ‫«ال�� ّن��م��وذج الغربي» لم‬
‫و�صو ًال �إلى االعتراف بدوره في العالقات‬
‫ك ّله غير مطلوب في العالقة مع الو�سائل‬ ‫يتدخل في الم�ضمون والمحتوى لما‬ ‫طرف ًا ّ‬ ‫ينجح ف��ي تقديم الإج��اب��ات‬ ‫ال�سيا�س ّية والدبلوما�س ّية‪...‬‬
‫التكنولوج ّية الحديثة‪ ،‬ا ّلتي تجعلك ت�شعر‬ ‫ُيعر�ض؟!‬
‫ب�أ ّنك �أنت المهيمن‪ ،‬و�أنت ا ّلذي تتح ّكم‬ ‫المتع ّلقة بم�صير الإن�سان‪ ،‬ولم‬ ‫على م�ستوى �آخ��ر‪ ،‬هناك حركة نه�ضة‬
‫‪� -‬أنا �أعتبر �أنّ «الإنترنت» و�سيلة من و�سائل‬ ‫دين َّية في العالم الإ�سالمي‪ ،‬من خالل‬
‫ب�أناملك بما يجري‪...‬‬ ‫نقل المعرفة �أو المعلومات‪ ،‬مثل �أيّ و�سيلة‪،‬‬ ‫يقدّ م على م�ستوى ال ّتجربة‬
‫ً‬ ‫بع�ض ال ّثورات كما ح�صل في �إي��ران‪� ،‬أو‬
‫ولهذا ي�صبح الواقع �صعبا يجب رف�ضه‬ ‫كالكتاب �أو المج ّلة‪ ،‬لكن بتقن ّيات مختلفة‪،‬‬ ‫االطمئنان ال ّنف�سي �أو ال ّروحي‬ ‫نهو�ض حركات �إ�سالم ّية في �أكثر من بلد‬
‫�أو مواجهته �أو التم ّرد عليه‪ ،‬ه��ذه هي‬ ‫وه���ذا يعني �أنّ «الإن��ت��رن��ت» لي�س و�سيل ًة‬ ‫القوي‪،‬‬
‫ال��خ��ط��ورة ال��ت��ي تحملها ه��ذه الو�سائل‬ ‫واالجتماعي ّ‬
‫ّ‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫ّ‬ ‫وح�ضورها‬
‫محايدة‪ ،‬فهناك خلق لمواقع «الإنترنت»‬ ‫وهذا يعني �أنّ عالم «الإنترنت» مفتوح‪،‬‬ ‫مقابل تراجع �أو ف�شل معظم الأح��زاب‬
‫ال�شاب‪ .‬لكن ـ كما‬ ‫ّ‬ ‫بال ّن�سبة �إل��ى الجيل‬ ‫من قبل �أ�شخا�ص‪� ،‬أو مجموعات �أو �أحزاب‬ ‫العقائد ّية غير الدين ّية‪ ،‬ب�سبب الكثير‬
‫ذكرنا ـ هذا ال يمنع من ر�ؤي��ة الجوانب‬ ‫يدلي فيه الجميع بدالئهم‪ ،‬ما يعني �أنّ‬
‫�أو دول لها ان��ت��م��اءات �سيا�س ّية ودين ّية‬ ‫ت�أثيراته قد تكون �أ�سرع مما هو مكتوب‬ ‫يف�سر‬ ‫من التّجارب التي م ّرت بها‪ ..‬هذا ّ‬
‫الأخ��رى ا ّلتي �سمحت بالتع ّرف �إل��ى ما‬ ‫و�أيديولوج ّية وعن�صر ّية وقوم ّية �أو ما �شابه‬ ‫لماذا هذه العودة القو ّية �إلى الدّين على‬
‫يجري في العالم‪ ،‬ومنها التّوا�صل مع‬ ‫وم�ستور‪ ،‬ل َّأن �سرعة الكتابة وال��ر ّد على‬
‫ذلك‪ ،‬وتحاول �أن تنقل هذه االنتماءات من‬ ‫الإنترنت تحتاج �إلى دقائق‪ ،‬في حين � َّأن‬ ‫الم�ستوى الفردي واالجتماعي‪ ،‬حتّى على‬
‫واالط��ل�اع على المكتبات‬ ‫ال��ج��ام��ع��ات‪ّ ،‬‬ ‫خالل «الإنترنت» �إلى �أكبر عدد ممكن من‬
‫ً‬ ‫ما هو مكتوب يحتاج �إلى �أ�سابيع و�أ�شهر‪..‬‬ ‫م�ستوى المحاوالت ال�سيا�س ّية �أو �أنظمة‬
‫العالم ّية‪ ،‬لكن هذا مرهون �أ�صال ببيئة‬ ‫الم�شاهدين �أو المتوا�صلين معها‪ ،‬ون�شهد‬ ‫الحكم‪...‬‬
‫ال�شاب ا ّلذي يتعامل مع «الإنترنت»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا‬ ‫هكذا يمكن �أن نقول �أين هي �إيجاب ّيات‬
‫اليوم كيف �أنّ ف�ضاء «الإنترنت»‪ ،‬هو ف�ضاء‬ ‫ا���س��ت��خ��دام «الإن��ت��رن��ت» و�سلب ّياته في‬ ‫ال��ي��وم‪ ،‬يغلب على البيئات الإ�سالم َّية‬
‫ّ‬
‫والمق�صود بذلك �أن��ه لي�س «الإنترنت»‬ ‫م�شحون بالأفكار ال ّثقاف ّية وبالخالفات‬ ‫َّ‬
‫المو�ضوع الديني‪..‬‬ ‫المنظمة‪،‬‬ ‫المختلفة ال��م��ن َّ��ظ��م��ة وغ��ي��ر‬
‫أهتم بالكتب والمكتبات‪،‬‬ ‫ا ّلذي يجعلني � ّ‬ ‫ال�����س��ي��ا���س�� ّي��ة‪ ،‬وب���ال���ب���رام���ج والم�شاريع‬ ‫ّ‬
‫التّعامل بواقع َّية و�إيجاب َّية مع الع�صر الذي‬
‫و�إ ّن���م���ا ا���س��ت��ع��دادي الم�سبق بتربيتي‬ ‫الإيديولوج ّية والعقائد ّية‪ ،‬وك ّل ذلك يترافق‬
‫وبيئتي هو ا ّل��ذي يدفعني بهذا االتجاه‪،‬‬ ‫مع ما ين�شره البع�ض‪ ،‬وي��ر ّد عليه البع�ض‬
‫فيتح ّول ا�ستخدام «الإنترنت» �إلى م�س�ألة‬ ‫الآخر‪ ،‬وهذا يعني �أن «الإنترنت» و�سيلة ُتملأ‬ ‫عالم «الإنترنت» مفتوح‪ ،‬يدلي فيه الجميع بدالئهم‪ ،‬ما يعني �أنّ‬
‫�إيجاب ّية‪...‬‬ ‫بما يريده من ي�ستخدمها‪ ،‬وبما ين�سجم مع‬ ‫ت�أثيراته قد تكون �أ�سرع مما هو مكتوب‬
‫م�صالحه �أو انتماءاته المختلفة‪...‬‬
‫(�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫اول (اكتوبر)‬
‫ايلول‬
‫ت�شرين‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫ذوالقعدة�شوال‬
‫العدد ‪390‬العدد ‪389‬‬
‫‪20‬‬
‫إنترنت‬
‫المحطة الأميرك ّية‪ ،‬قد ن�شرت تعليق ًا على‬
‫�صفحتها في «تويتر»‪� ،‬أبدت فيه �إعجابها‬ ‫�سالي‪:‬‬
‫الر ّ‬ ‫م�ستمر من الحمالت على الإعالم ّ‬
‫ٍّ‬ ‫�سياق‬
‫في ٍ‬
‫بالمرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬وحزنها ل�سماع خبر‬
‫وفاته‪ ،‬مع ّبر ًة عن تقديرها واحترامها‬
‫ل�سماحته‪.‬‬ ‫«الفاي�س بـوك» تغلق �صفحة المرجع ف�ضل اهلل‬
‫و�أث����ار ه���ذا ال�� ّت��ع��ل��ي��ق حفيظة ع���دد من‬
‫المنظمات اليهود ّية والموالية للكيان‬ ‫ّ‬ ‫�ش ّكلت مرجع ّية ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‬
‫ال�صهيوني‪ ،‬بلغت ح ّد المطالبة باعتذار‬ ‫نقل ًة نوع ّي ًة في �إطار المرجع ّية الإ�سالم ّية‬
‫وال�ضغط م��ن �أج��ل �إقالة‬ ‫ال�شبكة‪ّ ،‬‬ ‫م��ن ّ‬ ‫ال�شيع ّية‪ ،‬من خالل ما م ّثلته من حرك ٍة‬
‫ال�����ص��ح��ف�� ّي��ة‪ ،‬ح��ي��ث ق���ام���ت �صحيفة‬ ‫تجديد ّي ٍة تحاكي لغة الع�صر وتنفتح على‬
‫جيروزاليم بو�ست الإ�سرائيل ّية بن�شر‬ ‫تحدّياته‪ ،‬وت��ق��دّم الإ���س�لام الح�ضاري‬
‫الق�صة‪ ،‬قبل �أن يتل ّقفها مركز �سيمون‬ ‫ّ‬ ‫ال�شباب بما‬ ‫للعالم‪ ،‬وتنفتح على جيل ّ‬
‫ويزنثال (وهو مركز يهودي �أميركي موال‬ ‫يم ّثله من حرك ٍة حيو ّية‪.‬‬
‫للكيان ال�صهيوني)‪ ،‬ويمار�س �ضغوط ًا من‬ ‫ا�ستمرار ّية النّهج‪:‬‬
‫�أجل �إقالة ال�صحف ّية‪.‬‬ ‫وقد توهّ م الكثيرون �أنّ بريق هذا ال ّنهج‬
‫وب�����دوره�����ا‪ ،‬ط��ال��ب��ت م��ن ّ��ظ��م��ة اليهود‬ ‫�سيخفت بعد رحيل ال ّرمز الكبير‪ ،‬لكن‬
‫الأميرك ّيين باعتذار قناة �سي �إن �إن عما‬ ‫ي��ب��دو �أنّ ارت��ب��اط ال�� ّن��ا���س ب��ه��ذا ّ‬
‫الخط‬
‫كتبته ن�صر‪ ،‬و�أ�شارت �إلى �أنّ «الأميركيين‬ ‫يزداد تج ّذر ًا‪ ،‬فحتّى بعد رحيله ج�سد ًا‪،‬‬
‫يتذ ّكرون ف�ضل اهلل‪ ،‬كونه مهند�س تفجير‬ ‫الح�ضاري‬
‫ّ‬ ‫الغربي‪ ،‬ا ّلتي ت�ش ّكل الخطر‬ ‫الغرب ّية اال�ستكبار ّية المرتبطة بالكيان‬ ‫ما زال ال�س ّيد ي�ش ّكل �أرق ًا وكابو�س ًا لقوى‬
‫مق ّر المارينز في بيروت عام ‪ 1983‬ا ّلذي‬ ‫على الإ�سالم‪.‬‬ ‫ال�صهيوني‪ ،‬تنظر �إلى ال�س ّيد ف�ضل اهلل‬ ‫ّ‬ ‫اال�ستكبار والتخ ّلف على كافة الم�ستويات‪،‬‬
‫�أودى بحياة ‪� 241‬أميركي ًا»‪.‬‬ ‫وفي الوقت ا ّل��ذي يدّعي الغرب احترام‬ ‫على اعتباره قائد تيار مواجهة �أمريكا‪،‬‬ ‫فقد تع ّر�ض موقع الفاي�سبوك التّابع‬
‫كما ذك��رت �صحيفة تايمز البريطان ّية‪،‬‬ ‫الحر ّيات‪ ،‬وخ�صو�ص ًا حر ّية ال ّر�أي والتّعبير‬ ‫علم ًا �أ ّنها �سعت �إلى اغتيال �سماحته في‬ ‫للمرجع ف�ضل اهلل ل�ل�إغ�لاق م��ن ِق َبل‬
‫�أنّ بع�ض �أن�صار الكيان ال�صهيوني قر�أوا‬ ‫والحر ّية الإعالم ّية‪ ،‬ف���إنّ المالحظ �أنّ‬ ‫مجزرة بئر العبد‪ ،‬وهي تتّهمه برعاية ك ّل‬ ‫ّ‬
‫«يح�ض‬ ‫�إدارة الفاي�سبوك‪ ،‬بدعوى �أ ّن��ه‬
‫ال ّر�سالة على موقع تويتر‪ ،‬وع�� ّب��روا عن‬ ‫هذه المقولة كانت ت�سقط دائم ًا عندما‬ ‫الحركات التي واجهت قوى االحتالل‪...‬‬ ‫على الكراهية»‪ ،‬ويعتبر هذا الموقع من‬
‫رف�ضهم لها‪.‬‬ ‫الح�ضاري المنفتح‬
‫ّ‬ ‫يتع ّلق الأمر بالإ�سالم‬ ‫كما يتع َّر�ض موقع ال�س ّيد �أي�ض ًا لهجمات‬ ‫�أن�شط المواقع الإ�سالم ّية ال�شيع ّية‪ ،‬وهو‬
‫كما تع َّر�ضت �سفيرة بريطانيا في بيروت‪،‬‬ ‫ا ّلذي يم ّثله المرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬نظر ًا �إلى‬ ‫من ِق َبل ت ّيار التخ ّلف والخرافة‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫الموقع الأكبر للمرجع ف�ضل اهلل‪ ،‬تحت‬
‫فران�سي�س غ���اي‪ ،‬ل��ل�� ّت���أن��ي��ب م��ن وزارة‬ ‫خطاب يطرح لغة الع�صر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ما يقدّمه من‬ ‫يعتبر �أنّ فكر �سماحة ال�س ّيد ي�ش ّكل خطر ًا‬ ‫�إ���ش��راف مكتب ال�س ّيد الراحل(قده)‪،‬‬
‫الخارج ّية البريطان ّية‪ ،‬ب�سبب �إعرابها‬ ‫ب�شكل وا�ضح بعد رحيل‬ ‫وق��د ب��رز ذل��ك ٍ‬ ‫كبير ًا عليه‪ ،‬لما يتم َّيز به من مخاطبة وعي‬ ‫حيث قارب عدد �أع�ضائه الثالثين �ألف‬
‫عن احترامها ل�شخ�ص ّية �سماحة ال�س ّيد‬ ‫المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬حيث قامت‬ ‫ال�شباب‪ ،‬وانفتاح بالإ�سالم على الع�صر‬ ‫ّ‬ ‫ع�ضو‪..‬‬
‫وتقديرها له‪..‬‬ ‫�شبكة «�سي �إن �إن» الأميرك ّية بف�صل‬ ‫ب�شكل ر�سمي‬
‫ويتم ّيز الموقع الذي يتبع ٍ‬
‫��ال ف��ي مد ّونتها في‬ ‫وق��ال��ت غ��اي ف��ي م��ق ٍ‬ ‫ال�صحف ّية الأمريك ّية �أوكتافيا ن�صر‪،‬‬ ‫تتع ّر�ض مواقع ال�س ّيد‬ ‫لم� ّؤ�س�سة المرجع الراحل‪ ،‬ب�أ ّنه يجيب‬
‫الموقع الإل��ك��ت��رون ّ��ي ل���وزارة الخارج ّية‪،‬‬ ‫التي تع ّد من كبار مح ّرريها‪ ،‬بعد ع�شرين‬ ‫ب�شكل مبا�شر على ا�ستفتاءات الأع�ضاء‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫تحت ع��ن��وان «وف���اة رج��ل عظيم»‪� ،‬إ ّنها‬ ‫لهجمات م�ستمرة من‬
‫ال�شبكة‪ ،‬وذلك ب�سبب‬ ‫عام ًا من عملها في ّ‬ ‫في خدم ٍة تعرف بـ»ا�ستفتاء �أونالين»‪،‬‬
‫حزنت لوفاة ال�س ّيد ف�ضل اهلل‪ ،‬و�إنّ العالم‬ ‫�إبداء �إعجابها بالمرجع ف�ضل اهلل على‬ ‫ِق َبل ت ّيارات التخ ّلف والخرافة‬ ‫ويطرح �صور ًا ومقاطع فيديو ح�صر ّية‬
‫«بحاج ٍة �إلى مزيد من ال ّرجال من طينته‬ ‫�صفحتها على موقع تويتر على �شبكة‬ ‫للمرجع ال��م��ق�� ّد���س‪ ،‬و�أف���ك���ار �سماحته‬
‫ا ّلذين يريدون التّوا�صل بين الأديان»‪.‬‬ ‫الإن��ت��رن��ت‪ ،‬بعد �ضغوط كبيرة مور�ست‬ ‫ومواجهة تحدّياته‪ ،‬وتنقية الدّين من ك ّل‬ ‫وتوجيهاته وو���ص��اي��اه‪ ،‬كما ي��ق��وم بم ّد‬
‫وقد ع ّلق حينها متحدّث با�سم الخارج ّية‬ ‫المنظمات الموالي للكيان‬ ‫ّ‬ ‫من عدد من‬ ‫ما �أل�صق به من ت ّيارات الغل ّو والتخ ّلف‬ ‫المواقع الأخ��رى بهذه الموا ّد م�ساهم ًة‬
‫البريطان ّية‪ ،‬قائ ًال �إنّ ما ن�شرته غاي قد‬ ‫ال�صهيوني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والخرافة‪...‬‬ ‫وعنوان ال�صفحة‬ ‫في ن�شرها‪ .‬‬
‫ّتم حذفه «بعد بحث مدرو�س»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وكانت مح ّررة �ش�ؤون ال�شرق الأو�سط في‬ ‫�إ�ضاف ًة �إلى ذلك‪ ،‬تقوم بع�ض الحركات‬ ‫الجديدة هو‪:‬‬
‫مكتب المرجع ف�ضل اهلل‪:‬‬ ‫المتع�صبة بهجمات متك ّررة على‬ ‫ّ‬ ‫الوهاب ّية‬ ‫‪http://www.facebook.com/Sayyed.Fadlallah‬‬

‫دوري‪ ،‬وكان‬
‫وب�شكل ّ‬
‫ٍ‬ ‫مواقع �سماحة ال�س ِّيد‬ ‫يذكر �أنّ هناك مجموعات عديدة على‬
‫�آخرها الهجمة ا ّلتي تع ّر�ضت لها منتديات‬ ‫الفاي�سبوك تجمع مح ّبي فكر ال�س ّيد‬
‫مهما كان الإختالف‪ ..‬نرف�ض التع�صب و�أ�سلوب الإ�ساءه‬ ‫ف�ضل اهلل وم��ق�� ّل��دي��ه وم��ت��اب��ع��ي��ه‪ ،‬وهي‬
‫الأ�ضواء‪ ،‬حيث ترك المهاجمون ر�سال ًة‬
‫تو�ضح �أنّ �سبب مهاجمة هذه المنتديات‬ ‫ت�ضم مجتمع ًة حوالى مئة �أل��ف ع�ضو‪،‬‬ ‫ّ‬
‫�أ�شار موقع �شبكة الفجر الثقافية‪� ،‬أن مجموعة «محبي ومقلدي ال�سيد ف�ضل اهلل في‬ ‫يتو ّزعون على مختلف �أرجاء المعمورة‪،‬‬
‫المنطقة ال�شرقية» في ال�سعود ّية‪ ،‬ن�شر على موقع التوا�صل االجتماعي «فاي�س بوك»‬ ‫فكري في مواجهة‬ ‫هو ما تمار�سه من دو ٍر ّ‬
‫هذه الحركات‪...‬‬ ‫وي�����ش��رف عليها مجموعة م��ن ال�ش ّبان‬
‫�إ�ستفتا ًء �أجاب عليه مكتب اال�ستفتاءات في م�ؤ�س�سة �سماحة العالمة المرجع �آية اهلل‬ ‫والمتط ّوعين‪...‬‬
‫العظمى ال�سيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره) حول الإ�ساءه �إلى بع�ض المرجعيات‬ ‫الغرب‪� :‬سقوط القناع‬ ‫كما ت ّ��م �إن�����ش��اء �صفحة ر�سمية لموقع‬
‫الدينية �أو ال�شخ�صيات العلمائ ّية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وال�ل�اف���ت ه���و اج��ت��م��اع ق����وى التخلف‬ ‫الخا�صة‬ ‫ب�� ّي��ن��ات‪ ،‬ت��ق��وم بن�شر ال��م��وا ّد‬
‫واعتبر المكتب ب�أن هذا الأمر غير جائز‪ ،‬واليعبر عن الخط الفكري ل�سماحة ال�سيد‬ ‫ّ‬
‫ال�سن ّية وال�شيع ّية‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى الدّوائر‬ ‫ب�سماحة ال�س ّيد وفكره‪ ،‬بال ّلغتين العرب ّية‬
‫(ره) الذي كان يرف�ض التع�صب و�أ�سلوب ال�سباب وال�شتائم‪.‬‬ ‫اال�ستكبار ّية‪ ،‬في مهاجمة مواقع المرجع‬ ‫والإنكليزية‪� ،‬إ�ضاف ًة �إل��ى اال�ستفتاءات‬
‫و�أ�ضاف المكتب �أن �سماحة ال�سيد ر�ضوان اهلل عليه كان يدعو الم�ؤمنين الى التوحد‬ ‫ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬لأنّ فكره ي�ش ّكل‬ ‫ال�شرعي‬‫ال��ت��ي يجيب عنها ال��م��ك��ت��ب ّ‬
‫واالخوة والحوار فيما يختلفون فيه‪ ،‬واحترام العلماء والمرجعيات الدينية مهما كان‬ ‫ال ّنموذج ا ّل��ذي يواجه ه��ذه القوى ا ّلتي‬ ‫لم� ّؤ�س�سة المرجع ال�س ّيد ف�ضل اهلل(ره)‪.‬‬
‫االختالف‪.‬‬ ‫ب�شكل غير مبا�شر على �ضرب‬ ‫ٍ‬ ‫تلتقي‬ ‫وعنوان ال�صفحة هو‪:‬‬
‫وكان العالمة ال�سيد جعفر ف�ضل اهلل‪ ،‬قد كتب على �صفحته في الفاي�س بوك‪ ،‬قائال‪ً:‬‬ ‫ّ‬
‫حركة الوعي في الأ ّمة‪ ،‬والتي تت�ض ّرر من‬ ‫‪http://www.facebook.com/Sayyed.Fadlallah#!/official.fadlallah‬‬
‫مما ال �شك فيه �أن ال�سيد ف�ضل اهلل (ره) ظلم كما لم ُيظلم �أحد‪ ،‬وربما ال يزال في‬ ‫منهج التّجديد والوعي الذي يم ّثله التّيار‬
‫بع�ض الأو�ساط؛ لكن علينا �أن نحذر �أن نكون م ّمن ي�أخذ من ال�س ّيد جزء ًا ليع ّبر عن‬ ‫الإ�سالمي المنفتح‪ ،‬الذي يتم ّيز بخطابه‬ ‫هجمات من مواقع التخ ّلف‪ :‬‬
‫�أمور تعتمل في ذاته‪ ،‬في حين يترك الأجزاء الأخرى التي تجعلنا نفهم مرتكزاته في‬ ‫المعا�صر‪ ،‬وا ّلذي ي�ؤ ّكد وحدة الم�سلمين‪،‬‬ ‫وت���واج���ه م���واق���ع ال��م��رج��ع ف�����ض��ل اهلل‬
‫كل المواقف؛ لأن هناك خيط ًا رفيع ًا بين �أن نخدم الذات بالحق وبين �أن نخدم الحق‬ ‫ف��ي ال��وق��ت نف�سه ا ّل����ذي ي��ح��دّد اتجاه‬ ‫هجمات متعدّدة على ّ‬
‫ال�شبكة الإلكترون ّية‬
‫بالذات‪..‬‬ ‫البو�صلة نحو مواجهة ق��وى اال�ستكبار‬ ‫م��ن جهات مختلفة‪ ،‬حيث �إنّ الدّوائر‬

‫‪21‬‬ ‫(اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫(�سبتمبر) ‪2011‬م‬
‫ايلولت�شرين اول‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫‪ 1432‬هـ‬
‫ذوالقعدة‬
‫‪� 389‬شوال‬
‫العدد ‪390‬‬
‫حقوق الإن�سان في الإ�سالم‬ ‫م�شروع ّية ال ّثورات‬

‫الكريم ي�ؤ ّكد م�س�ألة انفتاح الإن�سان على‬ ‫‪ -‬الكثير منا �أ�صبح متف ّقه ًا ب�أمور دينه‬
‫الإن�سان الآخر‪َ } :‬و َل َق ْد َك َّر ْم َنا َب ِني �آد ََم‪...‬‬ ‫من ناحية الفرائ�ض‪ ،‬كال�صالة وال�صوم‬
‫{ (الإ�سراء‪...)70:‬‬ ‫وغيرها‪ ،‬ولكنّ الكثير م ّنا ال يعرف ما‬
‫وي��ق��ول اهلل �سبحانه وت��ع��ال��ى ف��ي حقّ‬ ‫هي حقوق الإن�سان في الإ�سالم‪ ،‬كحقوق‬
‫الن�ساء‪َ } :‬و َل��� ُه َّ���ن ِم�� ْث�� ُل ا َّل ِ‬
‫����ذي َع َل ْيهِ َّن‬ ‫ال��م��ر�أة على ال���زوج‪ ،‬والأب على �أوالده‪،‬‬
‫��ال َع َل ْيهِ َّن َد َر َج��� ٌة{‬
‫وف َو ِل��ل ِّ��ر َج ِ‬ ‫ِبا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫وحقوق ال��زوج على ال��زوج��ة‪� ،‬ألي�س من‬
‫(البقرة‪.)228:‬‬ ‫واجب العلماء �أن يف ّقهوا الرع ّية بحقوق‬
‫ويقول تعالى بالن�سبة �إلى الوالدين‪:‬‬ ‫الإن�سان في الإ�سالم‪ ،‬خ�صو�ص ًا �أننا �صرنا‬
‫} َو ِبا ْل َوالِدَ ْي ِن ِ�إ ْح َ�سان ًا{ (البقرة‪.)83:‬‬ ‫ُنتّهم من ِقبل الغرب بال ُعنف؟‬
‫فالقر�آن الكريم ي�شتمل على كل القيم‬ ‫‪� -‬إ ّننا ال نت�ص ّور �أنّ الفقهاء يقت�صرون‬ ‫�����ص��ادق(ع)‪« :‬م��ا خرج‬ ‫‪ -‬ق��ال الإم���ام ال ّ‬
‫الأخالقية والروحية والإن�سانية‪� ،‬إ�ضاف ًة‬ ‫م ّكة يمكن لهم �أن يواجهوا ه�ؤالء ا ّلذين‬
‫على م�س�ألة العبادات في تفقيه ال ّنا�س‬ ‫يع ّذبونهم وي�ضطهدونهم‪ ،‬وكانوا ي�أتون‬ ‫م�� َّن��ا �أه��ل البيت �إل��ى قيام قائمنا �أحد‬
‫�إلى ما ورد من �أحاديث عن النبي(�ص)‪.‬‬ ‫وتعليمهم‪ ،‬فنحن نج ُد مث ًال �أنّ ال ّر�سائل‬ ‫�إل��ى ال��ن��ب ّ��ي(���ص) وي��ق��ول��ون‪ :‬ا�سمح لنا‬ ‫ليدفع ظلم ًا �أو ينع�ش ح ّق ًا‪� ،‬إال ا�صطلتمته‬
‫نعم‪ ،‬نحن نقول �إنّ على العلماء �أن يملكوا‬ ‫العمل ّية التي ي�صدرها الفقهاء‪ ،‬ت�شتمل‬ ‫النبي(�ص) ي�ص ّبرهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالقتال‪ ،‬وك��ان‬ ‫البل ّية‪ ،‬وك��ان قيامه زي��اد ًة في مكروهنا‬
‫ال ّثقافة الإ�سالم ّية الوا�سعة التي ت�شتمل‬ ‫على ك ّل العبادات وعلى المعامالت‪ ،‬وهي‬ ‫النبي‬
‫ّ‬ ‫أمرهم‬ ‫�‬ ‫بهم‪،‬‬ ‫أمر‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫حتى �إذا �ضاق‬ ‫و�شيعتنا»‪ .‬هل المق�صود �أهل البيت(ع)‬
‫على م��ا يعي�شه الإن�����س��ان ويحتاجه في‬ ‫كما تتحدّث عن المعامالت‪ ،‬تتحدّث عن‬ ‫بالهجرة �إلى الحب�شة‪.‬‬ ‫�أم ذ ّر ّياتهم؟‬
‫الحياة‪ ،‬حتى يتث ّقف الإن�سان في الحياة‬ ‫حقوق الزّوج على الزّوجة‪ ،‬وحقوق الزّوجة‬ ‫وهنا نقطة يجب �أن نفهمها ج�� ّي��د ًا في‬ ‫‪ -‬ه��ذا ال�� ّن��وع من الأح��ادي��ث ا ّلتي وردت‬
‫وري‪ ،‬لأنّ ال ّثورة لي�ست‬‫م�س�ألة التح ّرك ال ّث ّ‬ ‫ع��ن �أه���ل ال��ب��ي��ت(ع) رب��م��ا ك��ان��ت تعالج‬
‫الخا�صة والعامة بالمفاهيم الأخالقية‬ ‫على ال��زّوج‪ ،‬وه��ك��ذا‪ ...‬وهناك ع��د ٌد من‬ ‫واق��ع�� ًا م��ع�� ّي��ن�� ًا‪ ،‬وه��و واق��� ٌع م��ح��دودٌ‪ ،‬لأنّ‬
‫م��ج�� ّرد ح��ال��ة ان��دف��اع �أو ح��ال��ة حما�س‪،‬‬
‫والإن�سانية والروحية وما �إلى ذلك‪ ،‬و�إذا‬ ‫العلماء المح ّققين يتحدّثون ف��ي كتب‬ ‫خطة‪،‬‬ ‫ولي�ست �شعار ًا‪ ،‬بل هي ـ قبل ذلك ـ ّ‬ ‫ب��ع�����ض �أ���ص��ح��اب��ه��م ك��ان��وا م�ستعجلين‪،‬‬
‫ك��ان بع�ض العلماء ل��م يهت ّموا بذلك‪،‬‬ ‫منف�صلة عن المر�أة‪ ،‬وعن حقوق المر�أة‬ ‫ويخطط‬ ‫الظروف‪ّ ،‬‬ ‫بحيث يدر�س الإن�سان ّ‬ ‫وكانوا مغامرين �أحيان ًا‪ ،‬وكانوا يريدون‬
‫ف�إن هناك كثير ًا من العلماء الذين �أدّوا‬ ‫رب الأ�سرة‪ ،‬وهكذا بالن�سبة‬ ‫والأ�سرة على ّ‬ ‫لها‪ ،‬حتّى ي�صل من خالل هذه ّ‬
‫الخطة �إلى‬ ‫�شروط‬
‫ٍ‬ ‫�أن يندفعوا م��ن دون وج��ود � ّأي‬
‫ر�سالتهم كامل ًة غير منقو�صة‪.‬‬ ‫ً‬
‫�إلى حقوق الإن�سان‪ ,‬وخ�صو�صا �أنّ القر�آن‬ ‫«يخطط الآن ويربح ولو‬ ‫ال ّنتيجة‪ ،‬يعني‪ّ :‬‬ ‫لالنتفا�ضة ولل ّثورة‪ ،‬ما قد ينتج زياد ًة في‬
‫ّ‬
‫بعد خم�س �سنين»‪ ،‬وهذه هي الثورة‪ ،‬وهي‬ ‫الإ�ساءة �إلى التّ�شيع‪ ،‬لأنّ الإن�سان ا ّلذي‬
‫خط‬ ‫خط التّغيير‪ ،‬وفي ّ‬ ‫�أن تبقى �أنت في ّ‬ ‫يدخل في معرك ٍة من دون �أن يكون هناك‬
‫الهدف �إلى ال ّنهاية‪ ،‬مع اال�ستراتيجية‪،‬‬ ‫أ�سا�س للتّوازن في المعركة‪،‬‬ ‫خط ٍة �أو � ٍ‬ ‫� ّأي ّ‬
‫�آجال النا�س‬ ‫الظروف‪،‬‬ ‫وتح ّرك التكتيك ح�سب طبيعة ّ‬ ‫يزيد في ر�صيد �ضعفه‪ ،‬مع �أنّ الأئ ّمة(ع)‬
‫وه��ذا ه��و ا ّل���ذي �أم��ر ب��ه ال ّر�سول(�ص)‬ ‫الخط الم�ستقيم‬ ‫كان ه ّمهم �أن يبقى هذا ّ‬
‫اب ا ّلذي طلب منه �أن يو�صيه‪،‬‬ ‫ذاك ّ‬ ‫الخط الأ�صيل للإ�سالم‪ ،‬وهو‬ ‫ا ّلذي يم ّثل ّ‬
‫‪ -‬قال تعالى‪} :‬هُ َو ا َّل ِذي َخ َل َق ُك ْم ِمنْ ِط ٍين ُث َّم َق َ�ضى �أَ َجال َو َ�أ َج ٌل ُم َ�س ًّمى ِع ْندَ ُه ُث َّم َ�أ ْنت ُْم‬ ‫ال�ش ّ‬
‫ّ‬
‫خط �أهل البيت(ع)‪ ،‬ولعلنا ن�ش ّبه �أ�سلوب‬ ‫ّ‬
‫َت ْم َت ُرونَ { (الأنعام‪ .)2:‬هل المق�صود بالأجل الأول في الآية �آجال النا�س‪ ،‬والأجل‬ ‫أمر فتد ّبر‬ ‫فقال له‪�« :‬إذا �أن��ت هممت ب� ٍ‬
‫عاقبته‪ ،‬ف���إن يكن ر���ش��د ًا ف�أم�ضه‪ ،‬و�إن‬ ‫الأئ��� ّم���ة(ع) ف��ي منع ال��ت��ح�� ّرك ا ّل���ذي ال‬
‫الثاني موعد يوم القيامة؟‬ ‫النبي(�ص) قبل‬ ‫للخطة‪ ،‬ب�أ�سلوب ّ‬ ‫يخ�ضع ّ‬
‫‪-‬قال بع�ضهم �إن الأجل الذي ق�ضاه اهلل هو الموت‪ ،‬و�أما الأجل الذي عنده‪ ،‬فهو يوم‬ ‫يكن غ ّي ًا فانته عنه»‪� ،‬أي ال تنظر �إلى‬
‫بدايات الأمور‪ ،‬ولكن انظر �إلى نهاياتها‪،‬‬ ‫الهجرة‪ ،‬عندما كان الم�سلمون الأوائل‬
‫البعث الذي ال يعلمه �إ ّال اللهّ تعالى‪ ،‬والذي لم يجعله حتى لر�سوله‪ ،‬ولكن الأقرب �أن‬ ‫�إذ قد يف�شل الإن�سان في م�شروعه‪ ،‬لأ ّنه‬ ‫النبي(�ص) يو�صيهم‬ ‫ي�ضطهدون‪ ،‬وكان ّ‬
‫الأجل الم�سمى هو المحدد في علمه الموجود في اللوح المحفوظ‪ ،‬والذي ق�ضاه‪ ،‬هو‬ ‫ال�سير‪ ،‬ولم يحكم وعي‬ ‫خط ّ‬ ‫لم يحكم ّ‬ ‫بال�صبر‪ ،‬ويمنعهم م��ن ال��ق��ت��ال‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬
‫العمر الطبيعي المحدد الممتد بالإن�سان بال�شروط المو�ضوعية‪ ،‬من حيث الزمان‬ ‫الهدف‪ ،‬فيما يراد للهدف �أن يتح ّقق‪.‬‬ ‫هناك �أبطال في �صفوف الم�سلمين في‬
‫والمكان‪ ،‬ف�إذا تحققت له امتد به العمر �إلى النهاية‪ ،‬و�إذا لم يتحقق له انقطع به العمر‬
‫بانتفاء �شروط الحياة‪.‬‬ ‫التوكل على اهلل‬

‫�ضرب الطفل‬ ‫�سبحانه وتعالى ليحميه في ما ال ي�ستطيع‬


‫متوك ًال على اهلل؟‬‫‪ -‬كيف يكون الم�ؤمن ِّ‬
‫‪�-‬أن ي�شعر الإن�����س��ان ال��م���ؤم��ن ب����أن اهلل‬
‫�أن ي�ضمنه لنف�سه‪ .‬وقد ورد عن الإمام‬ ‫�سبحانه وتعالى هو كل �شيء في الوجود‪،‬‬
‫‪ -‬ما هو حكم من ي�ضرب طفله ويهينه وي�أنبه وهذا الأمر منت�شر جدا لدينا ولكن نجهل‬ ‫ال�صادق(ع)‪« :‬المتو ّكلون هم الز ّراعون»‪.‬‬ ‫و�أن اهلل ه��و المهيمن على الأم���ر كله‪،‬‬
‫حقيقة الحكم ال�شرعي؟‬ ‫وتف�سير ذلك‪� ،‬أنّ الف َّالح عندما يريد �أن‬ ‫و�أن اهلل هو الذي يملك للإن�سان العزة‬
‫‪-‬ال يجوز �ضرب الولد �أكثر من ثالث �أو �أربع �ضربات خفيفة ال توجب �إحمرار الجلد‪،‬‬ ‫ي��زرع ف�إنه يقوم بكل �شروط الزراعة؛‬ ‫والكرامة والحرية والرزق والحياة‪ ،‬كما‬
‫كما و�أنه يجب تجنب العنف النف�سي عليه‪ ،‬بمثل تخويفه ونحو ذلك‪ ،‬ما عدا ما يكون في‬ ‫حتى �إذا ا�ستكمل ذل��ك كله وخ��اف من‬ ‫�أنّ بيده منع ك ّل ذلك‪ .‬و�إذا �أراد �أن يكون‬
‫الإطار الطبيعي والمتعارف‪.‬‬ ‫مفاج�آت الم�ستقبل ف��ي م��ا ق��د ي�صيب‬ ‫م�صداق ًا للتوكل العملي‪ ،‬ف���إنّ عليه �أن‬
‫ُ‬
‫�إن �أوالدنا قطعة منا‪ ،‬وهم �أمانة اهلل تعالى عندنا‪ ،‬فعلينا �أن نح�سن العناية بهم ون�ؤدي‬ ‫ال��زرع من �أمرا�ض �أو ري��اح �أو ما �أ�شبه‬ ‫يقوم بكل الأ�سباب التي يمكن �أن تح ّقق‬
‫�أمانة اهلل فيهم‪ ،‬فنحر�ص على �أن نخرجهم �إل��ى الحياة قلوب ًا طاهرة ونفو�س ًا طيبة‬ ‫ذل��ك‪ ،‬توكل على اهلل‪ ،‬وك�أنه يقول هلل‪:‬‬ ‫للعمل ���ش��روط��ه؛ ث��م عندما ي��خ��اف من‬
‫و�أخالق ًا فا�ضلة وعقو ًال �سليمة و�أج�ساد ًا �صحيحة وقوية‪ ،‬وحينئذ �سيقدّر �أبنا�ؤنا عظيم‬ ‫هذا ما �أ�ستطيع‪ ،‬ف�أتوكل عليك في ما ال‬
‫ت�ضحيتنا �أمامهم وجميل �صنعنا عندهم‪ ،‬و�سيكونون مع �أبنائهم كما كنا معهم‪ ،‬فيتابعون‬ ‫مفاج�آت الم�ستقبل في الم�شاكل التي قد‬
‫�أ�ستطيع‪.‬‬ ‫ت�صيب عمله‪ ،‬ف�إنه يرجع الأمر �إلى اهلل‬
‫حمل الأمانة بجدارة‪.‬‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪22‬‬
‫الإقامة في ال�صالة‬ ‫ال�سلم مع الكيان ال�صهيوني‬
‫ت�ضمن لنا موقعنا وعزتنا وكرامتنا‪ ،‬فلنا‬ ‫‪ -‬قال تعالى‪َ } :‬و ِ�إنْ َج َن ُحوا ِل َّل�س ْل ِم َف ْ‬
‫اج َن ْح‬
‫�أن نقبل ذلك‪ ،‬لأن ال�سلم قد يعطي الأمة‬ ‫َل�� َه��ا{ (الأن���ف���ال‪ .)61:‬ه��ل تنطبق هذه‬
‫الفر�صة التي تخفف فيها من �ضغوط‬ ‫الآية على ال�صهاينة في هذا الع�صر‪ ،‬كما‬
‫الحرب على كل ق�ضاياها‪ ،‬وم�صالحها‪،‬‬ ‫طبقت �أيام الر�سول(�ص) مع اليهود؟‬
‫�أو لأن���ه���ا ت��م��ث��ل ه���دن��� ًة ي�����س��ت��ري��ح فيها‬ ‫‪ -‬كلمة (ال�سلم) من الكلمات التي تنفتح‬
‫الم�سلمون قبل �أن يندفعوا �إل��ى معركة‬ ‫على كل العالقات بين فريق وفريق �آخر‪،‬‬
‫ثانية‪ .‬وربما كانت ق�ضية ال�سلم في زمن‬ ‫كما بين الم�شركين والم�سلمين‪ ،‬وهي‬
‫الر�سول(�ص) مب�سط ًة ولي�ست معقد ًة‪،‬‬ ‫الحالة التي تنهي حالة الحرب‪ ،‬لت�شمل‬
‫ولكن ق�ضية ال�سلم في ه��ذه المرحلة‪،‬‬ ‫كل الق�ضايا التي انطلقت الحرب منها‪،‬‬
‫في التداعيات �أو التحديات التي تواجه‬ ‫�سواء الق�ضايا الأمنية �أو االقت�صادية �أو‬
‫ال�سيا�سة واالقت�صاد والأم���ن‪ ،‬وم��ا �إلى‬ ‫ال�سيا�سية �أو االجتماعية‪ .‬لذلك عندما‬
‫ذل��ك‪ ،‬قد تكون تعقيداتها كبيرة جد ًا‪.‬‬ ‫ندخل في حرب مع الآخرين‪ ،‬وال يمكننا‬
‫‪ -‬هل تعتبر الإقامة عندكم جزء ًا من ال�صالة؟‬ ‫ولذلك ف�إن ال�سلم المطروح ال بد من �أن‬ ‫�أن ن�صل �إلى النتيجة التي نريدها منها‪،‬‬
‫‪ -‬لم يثبت عندي �أنها جزء من ال�صالة‪ ،‬ولكن يحتمل ذلك من جهة بع�ض الروايات مما‬ ‫يعالج كل هذه التعقيدات‪ ،‬ليكون ال�سلم‬ ‫�أو ال نجد �صالح ًا في ا�ستمرارها‪ ،‬عندها‬
‫جعلنا نحتمل ذلك احتما ًال قوي ًا جد ًا‪ ،‬لأن الإقامة ال ب ّد فيها من الطهارة وهي الو�ضوء‪،‬‬ ‫في م�صلحة الإ�سالم والم�سلمين‪ ،‬بد ًال‬ ‫يمكننا �أن نقبل بمبد�أ } َو ِ�إنْ َج َن ُحوا‬
‫�أما الأذان‪ ،‬فال تجب فيه الطهارة‪ .‬ويجوز االلتفات في الأذان بينما ال يجوز االلتفات في‬ ‫من �أن يكون خديعة من قبل العدو‪.‬‬ ‫ِل��ل��� َّ��س�� ْل ِ��م{‪ ،‬على �أ���س��ا���س ال�����ش��روط التي‬
‫الإقامة‪ ،‬وتجوز الفا�صلة بين الأذان وبين ال�صالة‪ ،‬ولكن ال يجوز �أن تكون هناك فا�صلة‬
‫بين الإقامة وال�صالة‪ .‬وهناك حديث نناق�ش في �سنده‪�( :‬إذا دخل في الإقامة فقد دخل‬ ‫لماذا تطور الغرب؟‬
‫في ال�صالة)‪ ،‬وهو موجود في الو�سائل‪ .‬ولذلك نقول �إنّ الأحوط �أن ال ندخل في الإقامة‬
‫�أي �شيء ال يجوز �إدخاله في ال�صالة‪ ،‬وهذا ما جعلنا ال نذكر ال�شهادة الثالثة في الإقامة‪،‬‬
‫مع �أننا نقولها في �أذان �صلواتنا‪ ،‬و�إن كانت لي�ست �أ�ص ًال ال في الأذان وال في الإقامة‬ ‫النجف الأ���ش��رف ينقل ق�صة رفيقين‬ ‫‪ -‬ل���م���اذا ت��ط��ور ال���غ���رب ف���ي ميادين‬
‫ب�إجماع العلماء تقريب ًا‪ ،‬الحتمال �أن تكون الإقامة جزء ًا من ال�صالة‪ ،‬فال يجوز �أن تدخل‬
‫كانا في مرحلة درا�سية واحدة‪� ،‬أحدهما‬ ‫عديدة وبقي ال�شرق مت�أخر ًا في ميادين‬
‫ت��ق��دم و�أ���ص��ب��ح م��رج��ع�� ًا‪ ،‬والآخ�����ر بقي‬ ‫عديدة؟‪.‬‬
‫فيها �شيئ ًا من باب االحتياط‪.‬‬ ‫طالب ًا من طالب العلم‪ ،‬فالتقى به ذاك‬ ‫‪ -‬لأن ال��غ��رب �أخ���ذ ب���أ���س��ب��اب التطور‬
‫الطالب‪ ،‬قال له‪� :‬شيخنا‪� ،‬ألم نكن نحن‬ ‫وب�أ�سباب العلم‪ ،‬وانفتح على الحا�ضر‬
‫زمالء في در�س واحد ومنطقة واحدة‪،‬‬ ‫وعلى الم�ستقبل‪ ،‬ولأنه ف ّكر كيف يمكنه �أن‬
‫�آيات الحجاب والغناء‬ ‫فكيف تقدمت وبقيت �أنا مت�أخر ًا؟ فقال‬ ‫يكون عالم ًا منتج ًا لكل ما يحتاجه النا�س‬
‫له العالم‪� :‬سرنا ووقفتم‪ .‬والم�س�ألة هنا‬ ‫في �أو�ضاعهم الخا�صة‪ ،‬وفي كل �أ�سرار‬
‫ُي ْدنِينَ َع َل ْيهِ َّن ِمن َجال ِبي ِبهِ َّن َذ ِل َك �أَ ْد َنى‬ ‫هي �أن الغرب �سار‪ ،‬ونحن وقفنا وجمدنا‬ ‫الكون الذي يحيط بهم‪ ،‬فقد �أخذ الغرب‬
‫الل َغ ُفو ًرا‬ ‫�أَن ُي ْع َر ْفنَ َفال ُي�ؤ َْذ ْينَ َو َك��انَ َهّ ُ‬ ‫‪ -‬هل توجد �آيات عن الحجاب والغناء في‬ ‫وع�شنا خالفات الما�ضي ولم نفكر في‬ ‫بالو�سائل التي تنتج التقدم‪� .‬أما نحن‪،‬‬
‫تدل هذه‬ ‫َّر ِحي ًما{ (الأح��زاب‪� ،)59:‬إذ ّ‬ ‫القر�آن؟‬ ‫الم�ستقبل‪ ،‬وه��ذا م��ا يجب علينا الآن‬ ‫نعي�ش في الما�ضي‪ ،‬وبقينا‬ ‫فقد بقينا ُ‬
‫الآيات على وجوب �ستر المر�أة لج�سدها‬ ‫���دل على‬ ‫‪ -‬ت��وج��د بع�ض الآي����ات ال��ت��ي ت ّ‬ ‫�أن نفكر فيه في ال�شرق‪ ،‬وخ�صو�ص ًا في‬ ‫نتقاتل على �أ�سا�س الما�ضي‪ ،‬ونتحرك‬
‫ب�شكل عام‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ذل���ك‪ ،‬كما ف��ي ق��ول اهلل تعالى‪َ } :‬و ُق���ل‬ ‫المناطق العربية والإ�سالمية التي تملك‬ ‫في �أو�ضاع التخلف‪ ،‬من دون �أن ننفتح‬
‫َ‬
‫الر ْج َ�س ِمنَ الأ ْو َث ِان َو ْاج َت ِن ُبوا‬ ‫��ات َيغ ُْ�ض ْ�ضنَ ِم��نْ �أَ ْب َ�صار ِِه َّن‬ ‫ِّل�� ْل�� ُم���ؤ ِْم�� َن ِ‬ ‫�أعظم ث��روات العالم‪ ،‬وال�سيما البترول‬ ‫على عالم الإنتاج‪ ،‬بل بقينا �أُمة م�ستهلكة‬
‫اج َت ِن ُبوا ِّ‬ ‫} َف ْ‬ ‫والمواقع اال�ستراتيجية‪ ،‬ولكنها تعطي‬ ‫بعد �أن ُكنا �أمة منتجة‪ .‬فنحن نعرف �أن‬
‫ا�س‬‫ِ{(الحج‪َ } ،)30:‬و ِمنَ ال َّن ِ‬ ‫ّ‬ ‫َق ْو َل ال ُزّور‬ ‫وج ُه َّن َوال ُي ْب ِدينَ زِي َن َت ُه َّن‬ ‫َو َي ْح َف ْظنَ ُف ُر َ‬
‫ِ�إ َّال َما َظ َه َر ِم ْن َها َو ْل َي ْ�ض ِر ْبنَ ِب ُخ ُم ِر ِه َّن‬ ‫�أموالها التي تقب�ضها ك�أثمان للبترول‬ ‫الإ�سالم ا�ستطاع �أن ُيبدع الح�ضارة في‬
‫يث ِل ُي ِ�ض َّل َعن َ�س ِب ِيل‬ ‫َمن َي ْ�شت َِري َل ْه َو ا ْل َح ِد ِ‬ ‫للبنوك الغربية لي�ستثمروها لم�صالحهم‪،‬‬ ‫حياة الم�سلمين بعد انطالقته في مدى‬
‫َهّ ِ‬
‫الل ِب َغ ْي ِر ِع ْل ٍم َو َي َت ِّخ َذهَ ا هُ ُز ًوا �أُ ْو َل ِئ َك َل ُه ْم‬ ‫َع�� َل��ى ُج�� ُي��وبِ��هِ َّ��ن َوال ُي�� ْب ِ��دي��نَ ِزي�� َن�� َت�� ُه َّ��ن �إِ َّال‬
‫ِل ُب ُعو َلتِهِ َّن‪({.‬ال ّنور‪َ } ،)31:‬يا �أَ ُّي َها ال َّن ِب ُّي‬ ‫ونبقى نحن كما قال ال�شاعر‪:‬‬ ‫مئة �سنة‪ ،‬ول��ك��ن الم�سلمين بعد ذلك‬
‫اب ُّمهِ ينٌ {(لقمان‪ ،)6:‬و ٌف ّ�سر ذلك‬ ‫َع َذ ٌ‬ ‫ُقل ِّ ألَ ْز َو ِاج َ‬ ‫كالعي�س في البيداء يقتلها الظما‬ ‫تخلفوا ولم يعودوا يفكرون في �أن يبدعوا‬
‫بالغناء‪.‬‬ ‫���ك َو َب َنا ِت َك َو ِن َ�ساء ا ْل ُم�ؤ ِْمنِينَ‬ ‫ُ‬
‫محمول‬ ‫والماء فوق ظهورها‬ ‫و�أن يتقدموا ليكونوا الأم���ة المنتجة‬
‫فنحن �أمة م�ستهلكة ال �أمة منتجة‪.‬‬ ‫المبدعة‪ُ .‬يقال �إن بع�ض المراجع في‬

‫‪23‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫والعنف معهم‪ ،‬ومحاولة �إبعادهم عن � ّأي‬ ‫مقاربات المرجع ف�ضل اهلل في ق�ضايا ّ‬
‫ال�شباب‬
‫جن�سي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫�شذوذ‬
‫�سلوكي �أو ٍ‬ ‫ّ‬ ‫انحراف‬
‫ٍ‬
‫و�إنّ التّوجيه‪ ،‬ي��ك��ون‪ ،‬ف��ي ر�أي���ه‪ ،‬روح ّي ًا‬
‫وفكر ّي ًا واجتماع ّي ًا‪ ،‬وهنا يبرز دور الدّين‪،‬‬ ‫د‪ .‬مصطفى بزّي‬
‫على اعتبار �أ ّن��ه يم ّثل ح�صانة رئي�س ّية‬ ‫من جملة الموا�ضيع التي تحدّث عنها المرجع ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل(ره)‪ ،‬وبرز اهتمامه البالغ بها‪ ،‬كانت م�س�ألة‬
‫ل��ل ّ�����ش��ب��اب‪ ،‬وخ�����ص��و���ص�� ًا ف��ي ه���ذه ّ‬
‫ال�سنّ‬ ‫ال�شريحة‪� ،‬أو الفئة االجتماع ّية‪ ،‬التي يرتكز عليها ب�شكل رئي�سي و�أ�سا�سي في بناء � ّأي مجتمع من‬ ‫«ال�شباب»‪ ،‬وكيف ّية ال ّنظر �إلى هذه ّ‬
‫ّ‬
‫الخطيرة‪ ،‬فالدّين يمنعهم من االنزالق‬ ‫لل�شباب دور ًا كبير ًا في المجاالت االجتماع ّية واالقت�صاد ّية وال�سيا�س ّية والثقاف ّية والتربو ّية والجهاد ّية وغيرها‪،‬‬
‫المجتمعات‪ ،‬ولأنّ ّ‬
‫في مخاطر واهية‪ .‬و�أ ّكد �سماحته م�س�ألة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫�أوالهم �سماحته اهتماما متم ّيزا‪ ،‬برز من خالل الحوارات والنقا�شات والخطب والمقابالت والكتابات‪.‬‬
‫التّربية الجن�س َّية‪ ،‬حتّى ال يكون هناك‬
‫ويتم‬
‫ال�شباب �أو الفتيات‪ّ ،‬‬ ‫تعقيدات لدى ّ‬
‫ذلك عبر رجال الدّين‪ ،‬الأهل‪ ،‬المدر�سة‪،‬‬ ‫عماد الم�ستقبل‪:‬‬
‫ال��ك��ت��ب وال��م��ج�لات ال��ع��ل��م�� َّي��ة‪ ،‬ومعرفة‬ ‫بداي ًة‪� ،‬أب��رز ال�س ِّيد �ضرورة االهتمام بـ‬
‫ال�شرع َّية معرفة حقيق َّية‪.‬‬ ‫الأحكام َّ‬ ‫«الأح�����داث»‪ ،‬وذل���ك م��ن خ�لال مقوالته‬
‫ّ‬
‫وجه ال�س ِّيد الن�شء �إلى م�س�ألة الزّواج‬ ‫لقد َّ‬ ‫يركز على الو�ص َّية‬ ‫وطروحاته‪ ،‬حيث كان ِّ‬
‫وب�شكل مبكر‪ ،‬ح�� َّت��ى ال يقع‬ ‫ٍ‬ ‫ال ّ�����ش��رع ّ��ي‪،‬‬ ‫ا ّلتي يو�صى بها الآب��اء والمر ّبين‪ ،‬وا ّلتي‬
‫ال�شباب في المح َّرمات‪ ،‬و�أ َّكد بال ّن�سبة �إلى‬ ‫ّ‬ ‫مفادها‪« :‬عليك بالأحداث‪ ،‬ف�إ ّنهم �أ�سرع‬
‫ال�شباب والفتاة‪� ،‬أنّ هذه‬ ‫الحب بين ّ‬ ‫م�س�ألة ّ‬ ‫كل خير»‪ ،‬لأنهم كالعجينة الطر ّية‪،‬‬ ‫�إلى ِّ‬
‫المهم هنا �أال‬
‫الم�س�ألة هي �إن�سان ّية‪ ،‬لكن ّ‬ ‫التي يمكن �أن نح ّركها كما ن�شاء‪.‬‬
‫الحب‬ ‫تتغ َّلب الغريزة على العقل في عالقة ّ‬ ‫ال�شباب هو عماد الم�ستقبل‪،‬‬ ‫ول َّأن عن�صر َّ‬
‫الحب عذر ّي ًا‪� ،‬إلى �أن‬ ‫هذه‪ ،‬ويجب �أن يبقى ّ‬ ‫ف����� َّإن �سماحته �أول���ى ه��ذه الفئة رعايةً‬
‫ينتهي بالزّواج‪.‬‬ ‫خا�ص ًة ومم ّيزة‪ ،‬وكان يرى �أنّ الم�س�ؤول َّية‬ ‫ّ‬
‫و�صايا وحلول‪:‬‬ ‫في ال ّرعاية والتّوجيه والتّربية والإر�شاد‬
‫لقد طرح �سماحة ال�س ِّيد حلو ًال لم�شاكل‬ ‫تقع على عاتق �أكثر من جهة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا‬
‫�����ش��ذوذ‬‫ع���دي���دة‪ ،‬م��ث��ل‪ :‬االن���ح���راف وال ّ‬ ‫وتحدّث عن حقوق‬ ‫ال�سوء‪َ ،‬‬ ‫من �أ�صدقاء ّ‬ ‫�أبنائه من االنحراف‪ ،‬و�أال ي�ست�سلم لهم‬ ‫البيت والمدر�سة والبيئة والأ�صدقاء‪،‬‬
‫ال�ضيق‬ ‫ً‬
‫ال�صداقة‪ ،‬وخ�صو�صا في �أوقات ّ‬ ‫ّ‬ ‫في ممار�سة الأم��ور ال��� ّ��ش��ا ّذة‪ ،‬و�أن ي�ضع‬ ‫��وج��ه االجتماعي‪ ،‬ورجل‬ ‫والمر�شد وال��م ِّ‬
‫الجن�سي‪ ،‬الموقف بين التّربية الجن�س َّية‬
‫والعلوم الجن�س َّية‪ ،‬الموقف من الأفالم‪،‬‬ ‫وفي الأ�سفار وغيرها‪...‬‬ ‫لهم حدود ًا وا�ضح ًة حيال ك ّل الممار�سات‬ ‫الدّين‪.‬‬
‫ال�شباب‪ ،‬فال‬ ‫�ضرورة ال�� َّت��وازن في حياة ّ‬ ‫ون ّبه ال�س ِّيد من خطورة �أن يت�أ ّثر ال�شباب‬ ‫والتّ�ص ّرفات‪.‬‬ ‫ال�شباب‪:‬‬ ‫م�س�ؤول ّية بناء ّ‬
‫نهج ما‪ ،‬دون فهم‬ ‫بخط ما‪� ،‬أو ٍ‬ ‫عاطف ّي ًا ٍ ّ‬ ‫أخالقي‪:‬‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫إيماني‬ ‫ل‬ ‫ال َتّح�صين ا‬ ‫ر ّك��ز ال�س ِّيد ف�ضل اهلل(ره) على فترة‬
‫ج��ن��وح �إل���ى ال�� ّل��ه��و وال��ع��ب��ث وع���دم تح ّمل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال��م�����س���ؤول�� َّي��ة‪ ،‬وال ت��ط�� ّرف ف��ي ممار�سة‬ ‫�أو �إدراك �صحيح و�سليم‪ ،‬حيث ركز على‬ ‫كان ي� ِّؤكد �ضرورة تح�صين ال�شباب �أمام‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ال��م��راه��ق��ة‪ ،‬لأ َّن���ه���ا ال��ف��ت��رة ال��ت��ي تتّ�سم‬
‫الأجواء الروح ّية والعباد ّية‪.‬‬ ‫المعرفة الحقيق ّية �أو ًال‪ ،‬تمهيد ًا لاللتزام‬ ‫الإغ����راءات ال�لا�أخ�لاق�� ّي��ة‪ّ ،‬‬
‫وال�شواذات‬ ‫بالقلق والحيرة واال�ضطراب واالكتئاب‪،‬‬
‫وفي مو�ضوع العالقات داخل العائلة‪ ،‬ن َّبه‬ ‫ب� ّأي فكر �أو عقيدة‪.‬‬ ‫التي ت��ودي بهم �إل��ى الهالك‪ ،‬وهو ي�أخذ‬ ‫واالن��ح��راف ف��ي بع�ض الأح��ي��ان‪ ،‬وتغ ّير‬
‫ال�شباب‬ ‫لقد ر َّك��ز على وجوب �أال ينعزل ّ‬ ‫بي يو�سف(ع) عبر ًة ودلي ًال‬ ‫والخا�ص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال�سلوك العا ّم‬ ‫ّ‬
‫�سماحته �إلى خطورة ال َتّمييز في تعامل‬ ‫ق�صة ال ّن ّ‬
‫من َّ‬
‫الأهل مع �أوالده��م‪ ،‬كما ن َّبه �إلى �ضرورة‬ ‫ع��ن مجتمعهم وب��ي��ئ��ت��ه��م‪ ،‬واع��ت��ب��ر � َّأن‬ ‫وا�ضح ًا‪ ،‬وكيف � َّأن ك��ل الإغ���راءات التي‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ال�شباب‬ ‫يهتم بمو�ضوع ّ‬ ‫وك��ان �سماحته ّ‬
‫ال�شباب‪ ،‬ب�سبب‬ ‫عدم ممار�سة العنف مع َّ‬ ‫تغيير ف��ي و�ضع المجتمع‪ ،‬ال يمكن‬ ‫� ّأي ٍ‬ ‫���ل ال ّ‬
‫�����ض��غ��وط��ات التي‬ ‫م��ور���س��ت م��ع��ه‪ ،‬وك َّ‬ ‫من ع��دّة مواقع‪ :‬موقع الأب��� ّوة‪ ،‬والبن ّوة‪،‬‬
‫وتحدّث‬ ‫ّ‬
‫يتم ويح�صل �إال بالت�صاق ال�شباب‬ ‫�أن ّ‬ ‫فر�ضت عليه‪ ،‬لم تنفع في ثنيه عن �إيمانه‬ ‫�����ص��داق��ة‪ ،‬وك���ان ي��رى �أنّ‬ ‫وال�� ّر���س��ال��ة وال ّ‬
‫ال�سلبي لهكذا ت�ص ّرف‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المردود‬
‫عن هجرة ال�شباب �إلى الخارج من منظو ٍر‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بمجتمعهم‪.‬‬ ‫وطريقه القويم‪ ،‬وطاعته لأوامر ر ّبه‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬
‫الم�س�ؤول َّية في بناء ال�شباب هي م�س�ؤول ّية‬
‫واجتماعي‪ ،‬وعن �ضرورة �صيانة‬ ‫إ�سالمي‬ ‫�‬ ‫ال�شباب �إلى االنفتاح على القر�آن‬ ‫كما دعا ّ‬ ‫لم ينجذب �إل��ى ام���ر�أ ٍة خارقة الجمال‪،‬‬ ‫م�شتركة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكريم‪ ،‬وفهمه فهم ًا �صحيح ًا‪ ،‬وتطبيق ما‬
‫المغتربين لأنف�سهم في بالد االغتراب‪.‬‬ ‫كان ي�ؤ ّكد �أهم ّية الكلمة؛ الكلمة الط ّيبة‪،‬‬
‫يوجه‬ ‫فيه تطبيق ًا عمل ّي ًا‪.‬‬ ‫ال�سماء؛‬ ‫�أ�صلها في الأر���ض وفرعها في ّ‬
‫وفي �أكثر من مقابلة ل�سماحته‪ ،‬كان ّ‬ ‫مرحلة المراهقة وتحدّ ياتها‪:‬‬ ‫�أول��ى المرجع ف�ضل اهلل‬
‫كالمه �إلى المغتربين‪ ،‬في �ضرورة احترام‬ ‫الكلمة التي يكون الهدف منها الإر�شاد‬
‫قوانين البالد ا ّلتي ت�ست�ضيفهم‪ ،‬واحترام‬ ‫يتط َّرق ال�س ِّيد �إلى م�س�ألة المراهقة من‬ ‫خا�ص ًة ومم ّيزة‪،‬‬ ‫ً‬
‫رعاية ّ‬ ‫فئة ال�شباب‬ ‫والوعظ وال ّن�صيحة‪ ،‬وهي تفعل فعلها‪،‬‬
‫ال�شعوب وعاداتها‪.‬‬ ‫تقاليد تلك ّ‬ ‫نظر �إ���س�لام�� َّي��ة‪ ،‬ويعتبر � َّأن هذه‬ ‫وجهة ٍ‬ ‫لأنهم م�ستقبل الأمة وعماد حركة‬ ‫ف���إن كانت �س ّيئ ًة ت���ؤدّي �إل��ى ما ال تحمد‬
‫لل�شباب‪ ،‬ف�إنّ‬ ‫ال�سيا�سي ّ‬ ‫ح��ول االنتماء‬ ‫الم�س�ألة هي حالة طبيع َّية في الإن�سان‪،‬‬ ‫عقباه‪ ،‬و�إن كانت �صادق ًة نابع ًة من ٍ‬
‫منبع‬
‫ّ‬ ‫الج�سدي‪ ،‬وتط ّوره‬‫ّ‬ ‫ترتبط بعمل ّية ال ّنم ّو‬ ‫التغيير والنهو�ض‬
‫ّ‬
‫ال�س ِّيد يرى �أنّ مرحلة ال�شباب هي المرحلة‬ ‫إيماني ق��ر�آن ّ��ي‪ ،‬معتمد ًة على م�س�ألتين‬ ‫� ّ‬
‫ال�شاب عن‬ ‫الحرك ّية التي يبحث فيها ّ‬ ‫�أ�سا�س ّيتين ه��ي العقل والعاطفة‪ ،‬ف�إنّ‬
‫يتجه �إليه‪ ،‬وعن مجتمع يرتبط به‪،‬‬ ‫هدف ّ‬ ‫ت�أثيراتها الإيجاب َّية تكون بارز ًة ووا�ضحة‪.‬‬
‫كان ال�س ّيد(ره) يو�صي‬ ‫���ل و���س��ائ��ل ال َتّرغيب‬ ‫ا�ستعملت م��ع��ه ك َّ‬ ‫وكان ال�س ِّيد ير ّكز على م�س�ألة االقتداء‪،‬‬
‫ال�سيا�سي‬ ‫الخط ّ‬ ‫ال�شباب اختيار ّ‬ ‫ومن حق ّ‬
‫ال�شباب بالدّ قة ف��ي درا�سة‬ ‫ّ‬ ‫وال�� َّت��ره��ي��ب‪ ،‬ب��ل � َّإن المناعة الإيمان ّية‬ ‫بال�صفات‬ ‫ّ‬ ‫بالم�ؤمنين الذين يتّ�صفون‬
‫الذي يرونه منا�سب ًا لهم‪ ،‬لكن قبل ذلك‪،‬‬
‫عليهم �أن يد ّققوا كثير ًا في خ�صو�صيات‬ ‫الأم����ور وم��ق��ارب��ة الق�ضايا‪،‬‬ ‫والأخالق ّية منعته من ارتكاب المع�صية‬ ‫ال�سليمة الهادفة‪.‬‬ ‫الحميدة والإيمان َّية ّ‬
‫ال�سيا�س ّية‪ ،‬الخف ّية والمعلنة‪،‬‬ ‫والمنكر والحرام‪.‬‬ ‫ف��ي م��و���ض��وع ال ّ��ط��اع��ة‪ ،‬ي���� ِؤك���د �سماحته‬
‫ّ‬
‫االتجاهات ّ‬ ‫وبالوعي وال ّتنبه ّ‬
‫لكل �أبعاد‬ ‫وال�صداقة‪:‬‬
‫حتّى يمكنهم االطمئنان �إلى �أنّ طاقاتهم‬ ‫البيئة ّ‬ ‫تج�سدت‬ ‫م�����س���أل��ة �إ���س�لام�� ّي��ة ت��رب��و ّي��ة‪ّ ،‬‬
‫ال تتح ّرك في ف��راغ‪ ،‬و�أ ّنها ال ت�ستغ ّل من‬ ‫ال�سيا�سي‬
‫الواقع ّ‬ ‫ال�صداقة والبيئة‪ ،‬ف� َّإن ال�س ِّيد‬
‫في مو�ضوع َّ‬ ‫بالطاعة المطلقة هلل ع ّز وج�� ّل‪ ،‬في كلّ‬ ‫ّ‬
‫ال�شباب الم�ؤمنين �أن يختاروا‬ ‫ر�أى � َّأن على َّ‬ ‫ما �أمر به �أو نهى عنه‪ ،‬مقدم ًا مثال ال ّنبي‬
‫قبل �آخ��ري��ن للو�صول �إل���ى طموحاتهم‬
‫ال�شخ�ص ّية‪.‬‬ ‫الخا�صة و�أهدافهم ّ‬ ‫وتفاعالته‪ ،‬وهذه العمل ّية تع ّبر عن حالة‬ ‫وال�سلوك‬
‫وال�صدق ّ‬ ‫�أمثالهم في الإيمان ّ‬ ‫�إبراهيم(ع)‪ ،‬ا ّلذي �أطاع ر ّبه عندما �أمره‬
‫ال�شباب‬ ‫م��ن ه��ن��ا‪ ،‬ك��ان ال�س ّيد يو�صي ّ‬ ‫ال�شعور بالوجود واال�ستقالل ّية‪ ،‬ومحاوالت‬ ‫ّ‬ ‫الح�سن لي َتّخذوهم �أ�صدقاء لهم‪ ،‬و�ش َّبه‬ ‫بذبح ابنه �إ�سماعيل‪ ،‬حيث يبرز ذلك‬
‫ب��ال�� ّدق��ة ف���ي درا����س���ة الأم�����ور ومقاربة‬ ‫التّم ّرد على الواقع‪ ،‬وفقدان التّوازن في‬ ‫ه���ؤالء بال ّنبتة‪ ،‬ا ّلتي �إن و�ضعتها في ج ٍ ّو‬ ‫اهمية التّ�ضحية في �سيبل العقيدة‪.‬‬
‫الق�ضايا‪ ،‬وب��ال��وع��ي والتّنبه لك ّل �أبعاد‬ ‫بع�ض الأحيان‪ ،‬وي� ِّؤكد � َّأن الإ�سالم دعا �إلى‬ ‫مالئم‪ ،‬ف�إ َّنها تنمو وتكبر وتعطي �أكلها‪،‬‬ ‫كما ر�أى ال�س ِّيد ف�ضل اهلل(ره) وجوب‬
‫ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫رعاية المراهقين‪ ،‬وتوجيههم وتعليمهم‬ ‫والعك�س �صحيح‪ .‬وم��ن هنا‪ ،‬ف���إ َّن��ه ر َّكز‬ ‫المنزلي مت�صدّع ًا من‬ ‫ّ‬ ‫�أال يكون البناء‬
‫الواقع ّ‬ ‫�����ص��دي��ق‪ ،‬وح ّذر‬
‫و�إر���ش��اده��م‪ ،‬وع���دم ا�ستعمال الق�سوة‬ ‫ال�صاحب وال ّ‬ ‫على دور ّ‬ ‫الدّاخل‪ ،‬يعني �أن يحاول الأب جاهد ًا منع‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪24‬‬
‫قراءة في كتاب‬

‫ال�شعوب‪ .‬وقد‬ ‫ت��زال منت�شر ًة لدى كا ّفة ّ‬


‫عمد �سماحته �إل���ى ب��ي��ان حقيقة ت�أثير‬ ‫“ظواهر لي�ست من الدّ ين”‪:‬‬
‫العين‪ ،‬معدِّ د ًا ثالثة تفا�سير تحاول �شرح‬
‫ه��ذا ال ّت�أثير‪ ،‬وه��ي التّف�سير االتّفاقي‪،‬‬ ‫دعوة الحترام العقل في مواجهة المفاهيم الدخيلة‬
‫إن�ساني‪،‬‬
‫التّف�سير ال��م��اد ّّي‪ ،‬والتّف�سير ال ّ‬
‫خال�ص ًا �إل��ى �أن ال دليل حا�سم ًا يقطع‬ ‫�أراد اهلل ـ جملة من القوانين والمبادئ‬ ‫“احترموا عقولكم‪ ،‬وال تجعلوا بع�ض‬
‫ال�شك باليقين في �أمر العين وت�أثيرها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ا ّلتي ال تتخ ّلف‪ ،‬وك ّل محاولة لتجاوز هذه‬ ‫ال�� ّن��ا���س يعي�شون على غبائكم”‪ .‬بهذه‬
‫دون �أن ينفي �إمكان َّية ال ّت�أثير‪ ،‬لأنّ ال ّنفي‬ ‫تخطيها‪ ،‬لي�ست �سوى محاولة‬ ‫القوانين �أو ّ‬ ‫الكلمات ل�سماحة المرجع ف�ضل اهلل(ره)‪،‬‬
‫يحتاج �إلى دليل كما الإثبات‪ ،‬وا�ضع ًا هذه‬ ‫للبقاء في م�ستنقع التخ ّلف والجهل‪.‬‬ ‫قدّم مدير المركز الإ�سالمي ال ّثقافي‪،‬‬
‫رعي‪.‬‬ ‫الق�ض ّية في دائرة الإمكان ّ‬
‫ال�ش ّ‬ ‫مفاهيم مز ّورة‪:‬‬ ‫ال�س ّيد �شفيق المو�سوي‪ ،‬كتاب “ظواهر‬
‫ال�ساد�سة والأخيرة‪“ :‬التّداوي‬ ‫في المفردة ّ‬ ‫ال�شيخ الخ�شن �إلى درا�سة‬ ‫ومن ّثم ينتقل ّ‬ ‫لي�ست م��ن الدين”‪ ،‬ل��م���ؤ ّل��ف��ه �سماحة‬
‫ّ‬
‫بالقر�آن والأح����راز‪ ..‬وال��ط��ب ال ّنبوي”‪،‬‬ ‫إ�سالمي وم�س�ؤول ّية العمر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في التّ�ص ّور ال‬ ‫تف�صيل ّية ل��م��ف��ردات �ستّة ال �صلة لها‬ ‫ال�شيخ ح�سين الخ�شن‪ ،‬معتبر ًا‬ ‫العالمة ّ‬
‫ال�شيخ الخ�شن اعتقاد ًا خاطئ ًا‬ ‫يو�ضح ّ‬ ‫م�شير ًا �إلى �أنّ التّف�سير الوحيد لما يفعله‬ ‫بالدّين‪ ،‬فيناق�شها‪ ،‬ويد ّلل على وهنها‬ ‫�أنّ الفراغ الفكري وال ّروحي والعقائدي‬
‫و�شائع ًا في م�س�ألة اال�ست�شفاء والتّداوي‪،‬‬ ‫الإن�����س��ان م��ن ذ ّم ال�� ّزم��ان‪ ،‬ه��و محاولة‬ ‫و�ضعفها‪ ،‬وعدم ارتباطها بالدّين ال من‬ ‫ا ّل��ذي يجتاح الأو�ساط ال�شعب ّية‪ ،‬وبع�ض‬
‫التّخفيف �أو الته ّرب من م�س�ؤول ّيته ع ّما‬ ‫الأو���س��اط ال��ت��ي ت�� ّدع��ي العلم وال ّثقافة‬
‫وفهم مبتو ٍر‬ ‫اعتماد ًا على نظر ٍة خاطئ ٍة ٍ‬ ‫ارتكبه فيه من �أخطاء‪ ،‬م�ؤ ّكد ًا �أنّ ت�ساهل‬
‫قريب وال من بعيد‪.‬‬
‫لبع�ض الآي��ات القر�آن ّية وال�� ّرواي��ات التي‬ ‫ال��م��ف��ردة الأول����ى‪“ :‬التن ّب�ؤات الفلك ّية‬ ‫وال��وع��ي‪ ،‬دفعهم �إل���ى ال�� ّل��ج��وء �إل���ى من‬
‫ت�ؤ ِّكد �ضرورة ال ّلجوء �إل��ى اهلل �سبحانه‬ ‫الفقهاء �إزاء ال��رواي��ات المذكورة حول‬ ‫ال�شيخ‬ ‫وا�ستطالع المغ ّيبات”‪ .‬يحاول ّ‬ ‫ت��وهّ ��م��وا �أ ّن��ه��م يح ّققون لهم �أهدافهم‬
‫وطلب العون منه‪� ،‬آخذ ًا على بع�ض العلماء‬ ‫نحو�سة الأ ّي���ام‪ ،‬ك��ان له محاذير نف�س ّية‬ ‫يف�سر ظاهرة‬ ‫فيما يرغبون بتحقيقه‪ ،‬فلم يح�صدوا �إال‬
‫واجتماع ّية واقت�صاد ّية‪.‬‬ ‫الخ�شن م��ن خاللها �أن ِّ‬
‫اعتبارهم م�س�ألة التّداوي والتط ّبب ق�ض ّية‬ ‫التّنب�ؤات الفلك ّية‪ ،‬و�سبب �إقبال ال ّنا�س‬ ‫الهواء‪.‬‬
‫غيب ّية تعبد ّية‪ ،‬و�إ�شكالهم على مراجعة‬ ‫وك��ان��ت ال��م��ف��ردة ال�� ّث��ال��ث��ة ت��ح��ت عنوان‬ ‫عليها‪ ،‬الفت ًا �إلى م�ساهمة و�سائل الإعالم‬ ‫في القواعد العا ّمة‪:‬‬
‫�سجل‬ ‫“التّ�شا�ؤم”‪ ،‬ح��ي��ث �أو���ض��ح �أ ّن����ه عادة‬ ‫في ترويجها‪ ،‬عازي ًا �سبب انت�شارها �إلى‬ ‫ال�شيخ الخ�شن قبل البدء‬ ‫بداي ًة‪ ،‬ير ِّكز َّ‬
‫الأط ّباء في هذا الخ�صو�ص‪ ،‬وقد ّ‬ ‫جاهل ّية رف�ضها الإ���س�لام‪ ،‬م�شير ًا �إلى‬
‫بالطب الدّيني‬ ‫تح ّفظه ع ّما ي�صطلح عليه ّ‬ ‫قلق الإن�سان على م�ستقبله‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى‬ ‫ب��درا���س��ت��ه‪ ،‬ع��ل��ى بع�ض ال��ق��واع��د التي‬
‫ال�شرع‬ ‫ال�شرعي‪ ،‬لأنَّ َّ‬ ‫وال ّروحاني �أو الدّواء ّ‬ ‫�أ ّن��ه اعتقاد قديم معيق لتط ّور الإن�سان‬ ‫�ضعف الإيمان باهلل تعالى‪ .‬وبعد ذلك‪،‬‬ ‫تحكم عمل َّية البحث ف��ي مجموعة من‬
‫الخا�صة فيما يرتبط‬ ‫لي�س ل��ه �أدوي��ت��ه‬ ‫وتقدّمه‪ .‬ويلفت �ضمن العنوان نف�سه �إلى‬ ‫يعرج �سماحته على المتن ّبئين ا ّلذين‬ ‫المفردات‪ ،‬وا ّلتي تُ�ش ِّكل مدخ ًال �أ�سا�س ّي ًا‬
‫ّ‬ ‫�أ َّنه ال واقع ّية للتّ�شا�ؤم‪ ،‬و�أنّ الق�ض ّية ال تعدو‬
‫ب�صحة الإن�سان‪ ،‬والمرجع في هذا الأمر‬ ‫ّ‬ ‫تع َّددت �أ�صنافهم وم�صادرهم‪..‬‬ ‫لدرا�ستها‪.‬‬
‫المخت�صين‪،‬‬ ‫هم �أهل الخبرة من الأط ّباء‬ ‫�أن تكون حال ًة تف�س ّية قد ت�ؤ ّثر في توازن‬ ‫�أ َّم����ا ال ّ��ط��ري��ق ا ّل����ذي ق��د ي��ك��ون الأكثر‬ ‫فالقاعدة الأولى ت�ؤ ِّكد �أنَّ معيار الإيمان‬
‫ّ‬ ‫ال�شخ�ص ا ّلذي يعي�شها‪ ،‬ما قد ي�ؤدّي �إلى‬ ‫ّ‬
‫الطب‬ ‫عازي ًا �سبب ت� ّأخر الم�سلمين في ّ‬ ‫�شهر ًة في عالمنا ال��ي��وم‪ ،‬فهو التَّنجيم‬ ‫وع��دم��ه ه��و ال��ح ّ��ج��ة وال��ب��ره��ان‪ ،‬بينما‬
‫بعدما كانوا ر ّواد ًا في هذا المجال‪� ،‬إلى‬ ‫ف�شله‪ ،‬طارح ًا ت�أكيد مبد�أ االرتباط باهلل‬ ‫باال�ستناد �إل��ى ال ّنجوم والأف�لاك‪ .‬يقول‬ ‫تتمحور القاعدة ال ّثانية حول بيان الدّليل‪،‬‬
‫الطب التع ّبدي �سادت بينهم‪.‬‬ ‫�أنّ فكرة ّ‬ ‫والتو ّكل عليه ٍ‬
‫كعالج للتّ�شا�ؤم‪.‬‬ ‫ال َّ�����ش��ي��خ الخ�شن ف��ي ه���ذا ال ّ‬
‫�����ش���أن‪� :‬إنَّ‬ ‫حيث �أ َّكد �سماحته �أنّ للعلم الدّور الكبير‬
‫ال�شيخ الخ�شن �أنّ المفردة ال ّرابعة‬ ‫ويرى ّ‬ ‫في الك�شف عن بع�ض هذه المعتقدات‪،‬‬
‫ت�أتي هذه الدّرا�سة التي جاءت في ‪128‬‬ ‫ّ‬ ‫المنجمين ا ّل��ذي��ن ي�ستندون‬ ‫ّ‬ ‫�إخ��ب��ارات‬
‫�صفح ًة م��ن القيا�س ال��و���س��ط‪ ،‬لت�س ّلط‬ ‫“مفهوم الحظ في الميزان الإ�سالمي”‪،‬‬ ‫في �إخباراتهم وتو ّقعاتهم �إلى ال َّنظر في‬ ‫راف�ض ًا �أن يكون هو المرجع ّية الوحيدة‬
‫ال�ضوء على بع�ض المفاهيم التي ت�ش ّكلت‬ ‫ّ‬ ‫هي �أي�ض ًا من المفاهيم المت�ش ّكلة خارج‬ ‫ال ّنجوم والأفالك‪ ،‬ال قيمة لها‪ ،‬وال يجوز‬ ‫ال�صعيد‪� .‬أ َّما القاعدة ال ّثالثة‪،‬‬ ‫على هذا َّ‬
‫خ��ارج الف�ضاء الدّيني‪ ،‬و�أُلب�ست لبو�س ًا‬ ‫الحظ مفهوم‬ ‫ّ‬ ‫الإطار الدّيني‪ ،‬معتبر ًا �أنَّ‬ ‫المنجم فيما يقول‪� .‬أ َّما ا�ستطالع‬ ‫ف��ق��د ارت���ك���زت ع��ل��ى �أن ال �أح����د يعلم‬
‫يحتج به الكثيرون لتبرير �إخفاقاتهم في‬ ‫ت�صديق ِّ‬
‫دين ّي ًا‪ ،‬ولتنـزيه �ساحة الدّين من تبعات‬ ‫ّ‬ ‫الغيب بوا�سطة القر�آن‪ ،‬فهو لي�س طريقاً‬ ‫بالغيب �إال اهلل‪� ،‬إال من قد يمنّ اهلل عليه‬
‫ّ‬
‫الحياة‪ ،‬م�ؤكدا �أنَّ االعتقاد بالحظ �أمر‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫هذه المفاهيم التي تم ّثل ا�ستهان ًة بالعقل‪،‬‬ ‫�شرع ّي ًا‪ ،‬ويع ّد ا�ستخدام القر�آن الكريم‬ ‫وي�صطفيه‪ ،‬فيطلعه على بع�ض المغ ِّيبات‪،‬‬
‫وا�ستخفاف ًا بالعلم‪ ،‬وت��ج��اوز ًا لتعاليم‬ ‫مرفو�ض ف��ي المنطق الإ���س�لام ّ��ي‪ ،‬و�أ َّن��ه‬ ‫في التن ّب�ؤ بالمغ ّيبات وقراءة الم�ستقبل‪،‬‬ ‫م��ر ّك��ز ًا على درا���س��ة بع�ض المعتقدات‬
‫ال�شرك باهلل‪.‬‬ ‫يحمل �شائبة ِّ‬ ‫ا ّلتي يزعم �أ�صحابها �أ ّنهم يك�شفون عن‬
‫ال�سماء‪ ،‬وكمحاول ٍة لن�شر الوعي وقطع‬ ‫َّ‬ ‫توهين ًا للقر�آن وتحريف ًا لمقا�صده‪.‬‬
‫ال ّ��ط��ري��ق على ا ّل��ذي��ن ي��ح��اول��ون تر�سيخ‬ ‫المفردة الخام�سة “الإ�صابة بالعين بين‬ ‫وف��ي المفردة ال ّثانية‪“ :‬نحو�سة الأ ّي��ام‬ ‫الحوادث قبل وقوعها‪ .‬وتقوم القاعدة‬
‫ال�شيخ‬ ‫الحقيقة والخرافة”‪ ،‬يعالج فيها َّ‬ ‫الأخ��ي��رة على اعتماد منطق الأ�سباب‬
‫التخ ّلف في المجتمع‪.‬‬ ‫و�سعودتها”‪ ،‬ينطلق �سماحته ليب ِّين‬
‫رحيل دند�ش‬ ‫الخ�شن واح���د ًا م��ن المعتقدات ا ّل��ت��ي ال‬ ‫حقيقة ال ّنحو�سة‪ ،‬عار�ض ًا لقيمة الزَّمن‬ ‫والم�س ّببات‪ ،‬لأنَّ ال��ك��ون تح ّركه ـ كما‬

‫الحركي‬ ‫إ�سالمي‬ ‫إ�سالمي والوجود ال‬ ‫ال‬


‫ّ‬
‫وحي للمقاومة‬
‫ّ‬
‫في لبنان‪ ،‬ثم المر�شد ال ّر ّ‬
‫ّ‬
‫المرجع ف�ضل اهلل‪..‬م�شروع نه�ضة الأمة‬
‫الإ�سالم ّية‪ ،‬والعقل ا ّلذي �أطلق المقاومة‬
‫الإ���س�لام�� ّي��ة‪ ،‬وك��ان��ت �أك��ب��ر ث��م��ار �أفكاره‬ ‫بناني‪ ،‬فكان رج ًال‬‫مك ّونات المجتمع ال ّل ّ‬ ‫المحجة البي�ضاء‪ ،‬في‬ ‫ّ‬ ‫���ص��در ع��ن دار‬
‫ال�سيا�س ّية الجهاد ّية‪ ،‬فا�ستمدّت من فكره‬ ‫بحجم الوطن والأ ّمة‪ ،‬من خالل اعتماده‬ ‫بيروت‪ ،‬كتاب بعنوان “الع ّالمة المرجع‬
‫روح المواجهة وال��ت�����ص��دّي والممانعة‪،‬‬ ‫��ري ا ّل���ذي ال تحدّه‬
‫�أ���س��ل��وب العمل ال��ف��ك ّ‬ ‫ال�س ّيد محمد ح�سين ف�ضل اهلل ‪ -‬م�شروع‬
‫فكان الدّاعم لها و�سند ًا قو ّي ًا في �أحلك‬ ‫جغرافيا �أو �أطر زمن ّية محدّدة»‪.‬‬ ‫نه�ضة الأمة” ‪ ،‬لم�ؤلفه محمد ح�سين‬
‫ال ّ��ظ��روف‪ ،‬و�أب�� ًا حنون ًا لك ّل المجاهدين‬ ‫وي�شير �إلى ان المرجع الكبير ال ّراحل(ره)‬ ‫ترحيني‪.‬‬
‫ول��ك�� ّل الجيل ال��م���ؤم��ن ا ّل���ذي ت��ر ّب��ى على‬ ‫�ش ّكل عالم ًة فارق ًة في الفكر وال َّثقافة‬ ‫ي��ق��ع ال��ك��ت��اب ف���ي ‪��� 408‬ص��ف��ح��ات من‬
‫يديه»‪.‬‬ ‫وال�شعر‪ ،‬حيث تح َّول منه ًال ورافد ًا للعلم‬ ‫ّ‬ ‫ال��ق��ط��ع ال��و���س��ط‪..‬ح��ي��ث ي��ت��ن��اول �سيرة‬
‫وي��ت��ن��اول ال�����دور ال��ت��ج��دي��دي والمنهج‬ ‫والحكمة واالع��ت��دال وال��وح��دة‪ .‬والأه ّ���م‬ ‫�سماحة ال�����س�� ّي��د(ره) وم�سيرة جهاده‬
‫الإ���ص�لاح��ي ل�سماحة ال�س ّيد ال��ذي «قد‬ ‫�أ َّن��ه ك��ان العالم العامل المخل�ص ا ّلذي‬ ‫وعلمه ومرجعيته‪ ،‬وم�ؤلفاته التي �أغنت‬
‫الجهد‬
‫ِ‬ ‫���ذل‬
‫ك��ان مدر�سة ف��ي العطاء وب ِ‬ ‫وقت كان‬ ‫نراه �صور ًة ون�سمعه �صوت ًا‪ ،‬في ٍ‬ ‫المكتبة الإ�سالمية‪� ،‬إ�ضافة ال��ى فكره‬
‫وال�سعي الحثيث لتنوير الأ ّمة و�إخراجها‬ ‫ّ‬ ‫البع�ض �إ ّما �صور ًة بال �صوت‪� ،‬أو �صوت ًا بال‬ ‫الم�ؤ�س�ساتي‪..‬‬
‫يجب �أن ي�س�ألوا عنه‪ ،‬ووجدوا عنده لك ّل‬ ‫وال�ضالل والغل ّو‪ ،‬و‬ ‫من غياهب الجهل ّ‬ ‫�صورة‪..‬‬ ‫ويتط ّرق الكاتب‪� ،‬إلى منهج �سماحة ال�س ّيد‬
‫م�شكل ٍة ح ًال في ك ّل ما يواجهونه من �أمور‬ ‫م�ل�أْ الدّنيا علم ًا وفقه ًا وح��رك�� ًة ووعي ًا‬ ‫ويعتبر �أن «�سماحة العالمة المرجع ف�ضل‬ ‫الحركي‪ ،‬حيث يعتبر �أن �سماحته‬‫ّ‬ ‫و�أ�سلوبه‬
‫في الفكر والعقيدة ّ‬
‫وال�شريعة وال�سيا�سة‬ ‫وت��ق��وى‪ ،‬وا�ستطاع الم�ؤمنون �أن يجدوا‬ ‫«لم يحدِّ د �أو يق ّنن حركته في �إطا ٍر مح ّل ّي‬
‫اهلل(ره) على م��دى الأع����وام الأربعين‬
‫والحياة»‪.‬‬ ‫من خالله جواب ًا لك ّل م�س�أل ٍة في ك ّل ما‬ ‫الما�ضية‪ ،‬ك��ان �أب��رز الم� ِّؤ�س�سين للعمل‬ ‫حزبي‪ ،‬بل انفتح على ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫مناطقي �أو‬
‫ّ‬ ‫�أو‬

‫‪25‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫بينات ال�شباب‬
‫ال ِّلقاء الحواري لتجمع «وعي» حول الحجاب‬

‫يوم ا َّتخذت قراري‪...‬‬ ‫الحجاب في مواجهة التحدّ يات‬


‫تت�أ َّثر الكثير من الفتيات الم�سلمات في هذا‬ ‫غيره‪..‬‬ ‫�إنّ من �أ ّول الإ�شكاالت التي تطرح حول‬
‫الع�صر بالح�ضارة الغرب َّية‪ ،‬الأم��ر الذي‬ ‫محاوالت لإثارة الغبار‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ما يثار �أي�ض ًا في‬ ‫م�س�ألة الحجاب‪ ،‬هو ما يعتبره الغرب‬
‫ينعك�س �سلب ًا على التزام الفتاة بواجباتها‬ ‫فكرة � َّأن الممنوع مرغوب‪ ..‬و� َّأن العري‬ ‫انتهاك ًا للحر َّية ال�شخ�ص َّية للمر�أة‪� ..‬سواء‬
‫الدين َّية‪� ،‬إال �أنها لو تعرف حق ًا ما يعطيه‬ ‫�لا يجعل من الإن�سان يعتاده‪،‬‬ ‫ي�شكل ح ً‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫حر ّيتها في ارت��داء ما تريد من ال ّلبا�س‪،‬‬
‫الإ����س�ل�ام ل��ل��م��ر�أة الم�سلمة م��ن حريات‬ ‫بحيث يفقد بحكم العادة‪ ،‬البريق الذي‬ ‫�أو حر َّيتها في عالقتها بالجن�س الآخر‪،‬‬
‫وانفتاح‪ ،‬بعك�س ال ّنظرة النمط َّية الغرب َّية‬ ‫يجعل منه عن�صر �إث����ارة‪ ..‬ول��ك َّ��ن هذه‬ ‫باعتباره م�س�أل ًة �شخ�ص َّية ال يملك �أح ٌد‬
‫التي تعتبره انغالق ًا للمر�أة وقمع ًا وتح ّكم ًا‬ ‫ال��ف��ك��رة م��ن ال َّ‬
‫�����ض��ع��ف ب��م��ك��ان‪ ،‬بحيث‬ ‫َّ‬
‫الحق في �ضبطها �أو تر�سيم حدودها‪..‬‬
‫بها‪ ،‬ما كانت لت�سمح �أبد ًا بغزو هذه التّقاليد‬ ‫تدح�ضها �أ َّو ًال الإح�صائ َّيات التي َ‬
‫تحدّثنا‬ ‫وهنا‪ ،‬ال َّبد في المقابل من �إث��ارة نقط ٍة‬
‫وال��ع��ادات الغري َّبة ا ّلتي ال تالئم ديننا وال‬ ‫عنها �آنف ًا‪ ..‬فالعري لم ي�ساهم في خف�ض‬ ‫في غاية الأهم ّية‪ :‬لقد خلق اهلل الإن�سان‬
‫مجتمعنا‪ .‬ق��د يعتقد البع�ض � َّأن ال ّت�أثير‬ ‫م�ستوى الجرائم الجن�س َّية‪ ،‬بل زاد من‬ ‫بج�سدٍ عا ٍر ال ي�ستره �شيء‪ ،‬لكنّ الإن�سان‬
‫الأكبر هو للتّربية في البيت‪ ،‬لكنني �أرى �أنّ‬ ‫وحدّتها‪ ..‬وتدح�ضها ثاني ًا فكرة‬ ‫ارتفاعها َ‬ ‫بنزعته الفطر ّية‪ ،‬لم يطق �أن يبقى كذلك‪،‬‬
‫هناك م�س�ؤولية ذات َّية على ك ّل �شخ�ص‪ ،‬بقدر‬ ‫� َّأن الغريزة في الإن�سان ال تن�ضب‪ ،‬بل هي‬ ‫بل �سعى �إلى ابتكار ما ي�ستر به عورته‪ّ ،‬ثم‬
‫ما يملك من وعي‪ .‬لذا‪ ،‬ينبغي للم�سلمة غير‬ ‫وتلح فتُل ّبى‪،‬‬‫في دور ٍة م�ستم َّرة‪ ..‬تنادي ّ‬ ‫عمِ ل مع تقدّمه على تطوير فنون ال ّلبا�س‪..‬‬
‫المحجبة‪� ،‬أن ت�ستوعب مفهوم الحجاب‪،‬‬ ‫فتهد�أ حين ًا‪ّ ،‬ثم ت َتّقد من جديد‪ ،‬وهكذا‪..‬‬ ‫المطلقة مقارن ًة بالمجتمعات التي تعتمد‬ ‫لي�س حماي ًة لنف�سه من �آثار الح ّر والبرد‬
‫و�أن تبحث عما قد يكون �أف�ضل لها‪ ..‬من‬ ‫والإن�سان بذلك مع َّر ٌ�ض ال�شتعال غريزته‬ ‫ال��ح��ج��اب‪ ..‬ول��ع�� ّل ه���ذا ال��ف��ارق نتيج ٌة‬ ‫فقط‪ ..‬وهذا ما يتّ�ضح جل ّي ًا في ك ّل دول‬
‫هنا‪� ،‬أنتقل لأتح َّدث عن تجربتي ال�شخ�ص َّية‬ ‫ك َّلما ُو ِ�ضع في مقابل ما يمكن �أن يثيرها‬ ‫ال�سائد‪ .‬فالوا�ضح � َّأن‬ ‫طبيع ّية ج ّد ًا للعري ّ‬ ‫العالم‪� ..‬إذ ال نجد في � ّأي دول ٍة ـ حتّى من‬
‫في مو�ضوع الحجاب‪.‬‬ ‫من ع��وام��ل‪ ..‬وا�شتعاله قد يع ّر�ضه كما‬ ‫ال�ضعف‬ ‫�أ�صحاب هذه النظر َّية قد �أغفلوا ّ‬ ‫�أكثر الدّول الغرب ّية تف ّلت ًا من قيمة ال�ستر‬
‫ك��ان��ت ف��ك��رة ال��ح��ج��اب ف��ك��ر ًة ب��ع��ي��د ًة جد ًا‬ ‫يع ّر�ض غيره لالحتراق بناره هذه!‬ ‫الطبيعي‪ ،‬فو�ضعوا الإن�سان‬ ‫ّ‬ ‫إن�ساني‬
‫ال ّ‬ ‫ـ قانون ًا يبيح للرجل والمر�أة التّج ّول في‬
‫عني‪ ،‬وخ�صو�ص ًا �أنّ مدر�ستي كانت مدر�س ًة‬ ‫ول��م��ن ي��ق��ول �إنّ ال��ح��ج��اب رم���� ٌز ّ‬
‫ديني‬ ‫�أم��ام تحدّيات ي�صعب عليه اجتيازها‪،‬‬ ‫ال�شارع ع��راة‪ ..‬وبالتّالي‪ ،‬فالحجاب هو‬
‫علمان ّية‪ ،‬بحيث �إ ّن��ه��ا تمنع ال��ح��ج��اب �أو‬ ‫يجب منعه ل���و�أد الح�سا�س ّيات الدين ّية‬ ‫اليم مكتوف ًا وقال‬
‫على قاعدة‪�« :‬ألقاه في ّ‬ ‫ال�سفور! و�إ ّنما يكمن االختالف‬
‫والطائف ّية‪ ..‬نقول �إنّ الحجاب هو ّية ولي�س‬ ‫الأ�صل ال ّ‬
‫ك ّل رمز يع ّبر عن الدين‪ ،‬على ال ّرغم من‬ ‫تبتل بالماءِ»‪ ..‬فانهار‬ ‫اك �أن َّ‬ ‫له‪� :‬إ ّياك �إ ّي َ‬ ‫في حجم الحجاب‪� ،‬سواء بال ّن�سبة �إلى‬
‫�أ ّن��ن��ي كنت محاطة بعائل ٍة م�ؤمنة‪ ،‬وكنت‬ ‫ز ّي�� ًا‪ ..‬و�إنّ على المجتمعات الغرب ّية التي‬ ‫ال�صمود‪ ..‬وقد يكون‬ ‫�أمامها ولم ي�ستطع ّ‬ ‫الرجل �أو بالن�سبة �إلى المر�أة‪ ..‬وهو في ك ّل‬
‫مقتنعة بفكرة الحجاب‪ ،‬لكن‪ ،‬كما معظم‬ ‫التح�ضر واح��ت��رام الحر ّيات‪� ،‬أن‬ ‫ّ‬ ‫تدّعي‬ ‫خيار الحجاب متالئم ًا �أكثر مع الطبيعة‬ ‫يغطي ج�سدَ المر�أة وال ّ‬ ‫قما�ش ّ‬‫حال‪ٌ ،‬‬
‫ال�سافرات‪ ،‬كنت �أقول‪�« :‬أنا �أنتظر من اللهّ‬ ‫يغطي‬
‫ّ‬ ‫تحترم ح ّر ّية المر�أة الم�سلمة في اختيار‬ ‫ولعل ُل ّب المو�ضوع يتّ�ضح في‬ ‫الإن�سان ّية‪َّ ،‬‬ ‫عقلها‪ ،‬ويحجب مفاتنها عن الأنظار‪ ،‬ال‬
‫�أن يهديني قلب ًا‪ ،‬ولي�س فقط عق ًال»‪ .‬وفي‬ ‫لبا�سها‪ ،‬وفي ممار�سة واجباتها الدّين ّية‬ ‫الآي���ة الكريمة‪} :‬ي��ري��د اهلل �أن يخ ّفف‬ ‫�أفكارها ومواهبها‪ ..‬بالعك�س‪ ،‬فهو ي�سمح‬
‫�آخر �سنة درا�س ّية لي‪ ،‬كنت �أجد نف�سي �أكثر‬ ‫بال�شكل الذي تريده‪ ..‬و�أن تعمل على ن�شر‬ ‫ّ‬ ‫عنكم وخلق الإن�سان �ضعيف ًا{(ال ّن�ساء‪:‬‬ ‫لها بالتح ّرر من �ضغوط الغريزة وقيودها‪،‬‬
‫قرب ًا من اهلل‪ ،‬وخ�شي ًة منه‪ ،‬لك ّنني لم �أق ّرر‬ ‫ثقافة االح��ت��رام واالنفتاح البعيدة عن‬ ‫‪ ،)28‬ف��اهلل يعلم م��اذا خلق‪ ،‬ويعلم � َّأن‬ ‫لتنطلق في �آفاق الفكر وال ّنف�س وال ّروح‪،‬‬
‫القيام بهذه الخطوة‪ .‬وم��ع م��رور الأ ّي���ام‪،‬‬ ‫التع�صب الأعمى‪ ،‬حتّى يتق ّبل ك ّل �إن�سانٍ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫�ضعيف �أمام الغريزة‪..‬‬ ‫الإن�سان بفطرته‬ ‫الطهارة والعلم وال�� ّرق ّ��ي‪ ،‬دون �أن‬ ‫حيث ّ‬
‫وبعد التخ ّرج‪ ،‬وتحديد ًا قبل �شهر رم�ضان‬ ‫الإن�سان الآخ��ر من حيث �إن�سان ّيته‪ ،‬فال‬ ‫ويحتاج �إل��ى تدريب على مقاومتها كي‬ ‫يعيقها �شيء‪..‬‬
‫بحوالى �أ�سبوع‪ ،‬جل�ست مع نف�سي‪ ،‬وق ّررت‬ ‫ّيني‪..‬‬
‫ينبذه ب�سبب انتمائه الد ّ‬ ‫ي�ستطيع االلتزام بالحدود ال�شرع َّية التي‬ ‫إ�سالمي‪،‬‬ ‫يناق�ش كث ٌر في م�س�ألة الحجاب ال‬
‫� َّإن الحجاب هو ّي ٌة �إن�سان ّية للمر�أة الم�سلمة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫�أن �أح ّكم عقلي في هذه الم�س�ألة‪ ،‬و�أن�سجم‬ ‫ت�ضمن �سالمة المجتمع‪ ..‬ولهذا‪ ،‬فاهلل‬ ‫ال�سليمة الملتزمة‬ ‫فيقولون‪� :‬إنّ التّربية َّ‬
‫مع قناعاتي والتزاماتي الإ�سالم ّية‪ ،‬دون‬ ‫يقدّمها للعالم �أجمع كقدو ٍة في الأخالق‬ ‫لم يطلب منه فقط االمتناع عن رذيلة‬ ‫كفيل ٌة بزرع قيمة الع ّفة في ال ّنفو�س‪ ،‬بما‬
‫بال�ضغوط والأج��واء االجتماع ّية‪،‬‬ ‫�أن �أعب�أ ّ‬ ‫والقيم وال��ع��ل��وم وال��م��ع��ارف‪ .‬والحجاب‬ ‫كل‬‫ال�� ّزن��ا‪ ،‬بل �أم��ره �أي�ض ًا باالبتعاد عن ِّ‬ ‫المادي‪ ..‬لكنّ قراء ًة‬ ‫ُيغني عن الحجاب‬
‫تعريف بالإ�سالم‪ ،‬وا ّلذي‬ ‫�أي�ض ًا هو ورقة‬ ‫ّ‬
‫علي �أن �أت��خ��ذ ه��ذه الخطوة‬‫ّ‬ ‫و�شعرت ب���� َّأن َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الطريق‪..‬‬ ‫العوامل التي ت�أخذه �إلى هذا َّ‬ ‫مو�ضوع َّية لواقع المجتمعات التي اعتمدت‬
‫الآن‪ ،‬ووجدت ك ّل التّ�شجيع من �أختي‪ ،‬حيث‬ ‫ً‬
‫يملك علينا حقوقا ج ّمة ال ن�ستطيع ت�أديتها‬ ‫�إذ � َّإن «المح َّرمات حمى اهلل‪ ،‬ومن حام‬ ‫هذا المبد�أ‪ ،‬تجعلنا نلحظ ال ّن�سب المرتفعة‬
‫ازدادت قناعتي به مع الأ ّيام‪ ،‬ولم �أندم �أبد ًا‬ ‫�إال من خالل �سعينا لن�شر ر�سالته وفكره‬ ‫حول الحمى � َ‬
‫أو�شك �أن يقع فيه»‪� ...‬إ�ضاف ًة‬ ‫ج�� ّد ًا في جرائم االغت�صاب واالعتداء‬
‫�أ ّني فر�ضته على نف�سي‪.‬‬ ‫وعقائده الح ّقة الثابتة‪.‬‬ ‫بكل ما ي�ساعده على ذلك‪،‬‬ ‫�إلى االلتزام ِّ‬ ‫وال��ت��ح�� ّر���ش ال��ج��ن�����س ّ��ي ف��ي ت��ل��ك ال����دّول‬
‫كما �شعرت بنظرات االحترام والتّقدير التي‬ ‫هناء ف�ضل اهلل‬ ‫ويعينه في هذا المجال على نف�سه وعلى‬ ‫عينها‪ ،‬والتي �ش ّرعت الحر ّية الجن�س ّية‬
‫كنت �أراها في عيون �أقاربي و�أهلي‪ ،‬وحظيت‬
‫بدعم من الجميع‪ ،‬لكن �ستتفاج�أون عندما‬ ‫ٍ‬
‫�أق��ول �إ ّن��ي لم �أح��ظ ب��� ّأي دعم وت�شجيع من‬ ‫عندما ت�شاركين في االنتخابات‪ ..‬عندما‬
‫بع�ض رف��اق��ي الم�سلمين‪ ،‬وم��ا زال���وا حتى‬ ‫�����ض��رائ��ب‪ ..‬عندما تتع َّلمين‬ ‫تدفعين ال َّ‬
‫وتُع ِّلمين‪..‬‬
‫تجربة م�سلمة مغتربة مع الحجاب‬
‫الآن يطالبونني بالتّخ ّلي الحجاب‪ ،‬وتل ّقيتُ‬
‫ال�شنيعة من بع�ضهم حول‬ ‫بع�ض ال ّنظريات ّ‬ ‫رت‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وعندما يقول ل��ك الآخ����رون‪� ،‬إن���ك غ َّي ِ‬ ‫بل ي�ؤ ّكده‪ ..‬وهكذا يبد�أ النقا�ش وي�ستمر‪،‬‬ ‫عندما ق�� ّررت �أن �أرت��دي الحجاب‪ ،‬قبل‬
‫الحجاب‪ .‬لكن على ال ّرغم من ذلك‪ ،‬حين‬ ‫نظرتهم ال�ض ّيقة �إلى المر�أة الم�سلمة‪ ،‬ف�إ َّنك‬ ‫�إ َّنهم يريدون التع ّرف �إل��ى الإ�سالم من‬ ‫ح��وال��ى ثماني ���س��ن��وات‪ ،‬ل��م �أك���ن �أدرك‬
‫ر�أي���ت دع��م�� ًا ك��ب��ي��ر ًا وت�شجيع ًا م��ن معظم‬ ‫ت�شعرين بالفخر‪ ،‬ولكن في الوقت نف�سه‪،‬‬ ‫خاللي‪ ..‬وما �أكبر هذه الم�س�ؤول َّية!‬ ‫ح��ج��م ال��م�����س���ؤول�� َّي��ة ال��ت��ي �أخ��ذت��ه��ا على‬
‫رفاقي الم�سيح ّيين‪ ،‬لأ ّنهم ر�أوا مدى تع ّلقي‬ ‫عليك‬
‫ت�شعرين بحجم ال�� َدّور الذي ُيفر�ض ِ‬ ‫ال�سوبر‬
‫عندما ترين نظرة البائعة في ّ‬ ‫المحجبة في الغرب هي‬ ‫َّ‬ ‫عاتقي‪ ..‬فالمر�أة‬
‫بالحجاب‪ ،‬وفهموا �أ ّنه �سيغ ّيرني للأح�سن‪،‬‬ ‫م��ن خ�ل�ال ح��ج��اب ِ��ك‪� ..‬أخ�ل�اق ِ���ك و�أخ�ل�اق‬ ‫ماركت‪ ،‬عندما ترجع ال��م��ر�أة الم�سلمة‬ ‫رمز الإ���س�لام‪ ..‬وك�� ّل ما تقوله وتقوم به‬
‫�أ�سفت على الأ ّي����ام التي ت�ضيع عبث ًا من‬ ‫أوالدك هي �أخالق الإ�سالم في نظرهم‪..‬‬ ‫� ِ‬ ‫�إليها ب�ضاع ًة �أو نقود ًا نتجت من خط�أ‬ ‫مح�سوب على الإ�سالم في نظر الغرب ّيين‪.‬‬
‫رفاقي الم�سلمين‪ ،‬وحزنت على �سعادتهم‬ ‫المحجبة في الغرب هي �سفيرة‬ ‫َّ‬ ‫المر�أة‬ ‫في الح�ساب‪ ،‬تدركين � َّأن �أعمالك لي�س‬ ‫ولهذا‪ ،‬ف�إ َّنني �أعتقد � َّأن حجابي يفر�ض‬
‫ال��ت��ي ل��ن ت�شهد معناها الحقيقي �أب���د ًا‪،‬‬ ‫الإ���س�لام �شاءت �أو �أب���ت‪ ..‬ه��ذا العنوان‬ ‫مح�سوبة عليك فقط‪ ،‬و�إ َّنما على ما يم ّثله‬ ‫ع��ل َّ��ي م�س�ؤولية �إظ��ه��ار ال��وج��ه الم�شرق‬
‫بحيث �إ ّني ا�ستك�شفتها عند اقترابي من اللهّ‬ ‫تقرر ارتداء الحجاب‬ ‫ُيفر�ض عليها عندما ِّ‬ ‫حجابك‪ ..‬ال�شيء نف�سه‪ ،‬عندما تلتقطين‬ ‫للإ�سالم في المجتمع الذي �أعي�ش فيه‪.‬‬
‫�سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫في تلك المجتمعات ‪ ..‬ندعو اهلل ع ّز وج ّل‬ ‫المهمالت عن الأر�ض‪ ،‬وت�ضعينها في �س ّلة‬ ‫ي�س�ألني زمالئي في العمل‪ :‬كيف يمكنك‬
‫ريم يا�سين‬ ‫�أن نكون على قدر الم�س�ؤولية‪.‬‬ ‫المهمالت‪ ..‬عندما ت�ساعدين الم�س ّنين‬ ‫�أن تجمعي بين العلم والدّين؟ �أجيبهم‪:‬‬
‫ن�سرين علوان‬ ‫وال�صغار‪ ..‬عندما تلتزمين بقانون البلد‪..‬‬ ‫ِّ‬ ‫� َّإن الدّين الإ�سالمي ال يتناق�ض مع العلم‪،‬‬
‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬
‫‪26‬‬
‫فالتخ ّلف ظاهرة تتع َّلق بك ّل �أنواع الحركة‬
‫التي ت�سيء �إلى وعي الإن�سان‪ ،‬و�إلى عالقته‬ ‫الحجاب‪� :‬ست ٌر للمر�أة �أم رم ٌز ال�ضطهادها ؟‬
‫ب��الآخ��ري��ن‪ ،‬و�إل��ى ن�شاطاته في الحياة‪،‬‬
‫الظروف‬ ‫لكثير من تعقيدات ّ‬ ‫وهو يخ�ضع ٍ‬ ‫ال�سلوك الأخرى‪...‬‬ ‫تُثار في هذه األيام مسألة احلجاب في الغرب على املستوى اإلعالمي والسياسي‬
‫االج��ت��م��اع�� ّي��ة واالق��ت�����ص��اد ّي��ة والنف�س ّية‬ ‫مفهوم الحجاب‪:‬‬ ‫وحتى التشريعي‪ ،‬بحجج مختلفة‪ ،‬منها رفض االنخراط واالندماج في املجتمع‪،‬‬
‫وال�سيا�س ّية والثقاف ّية‪ ،‬كما للتط ّور ظروفه‬ ‫والإ���س�لام ينظر �إل��ى الحجاب كك ّل ال‬ ‫يشكل رمز ًا الضطهاد املرأة ويتعارض مع حريتها‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إضافةً إلى االدّعاء بأنّه‬
‫و�أ�سبابه‪...‬‬ ‫ي��ت��ج�� ّز�أ‪ ،‬بحيث ي��راع��ي ُبعديه الماد ّّي‬
‫المحجبات يعتقدن �أنّ الحجاب‬ ‫ّ‬ ‫فال ّن�ساء‬ ‫دور �أخالقي‪:‬‬
‫والمعنوي مع ًا‪ ،‬نظر ًا‬
‫ّ‬
‫واالجتماعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أخالقي‬
‫ّ‬ ‫جزء من التزامهنّ ال‬ ‫ُيعتبر الحجاب من العنا�صر المه ّمة في‬
‫�إل��ى التفاعل الوثيق‬
‫فلماذا يعتبر ذلك تخ ّلف ًا؟‬ ‫فيما بينهما‪ ،‬فترك‬
‫�صورة المر�أة الم�سلمة و�شخ�ص ّيتها‪ ،‬وهو‬
‫�أ ّم����ا فيما ي��ط��رح م��ن ع�لاق��ة للحجاب‬ ‫واج��ب ي�ستم ّد ت�شريعه من ال�� ّدي��ن كما‬
‫ال���ح���ج���اب ال����م����اد ّّي‬
‫بالإرهاب‪ ،‬ف�إنّ �سماحة ال�س ّيد(قده) يرى‬ ‫غيره من التّ�شريعات‪ ،‬ومن منطلق �أ ّنه‬
‫ي�����ه�����دّد ال���ح���ج���اب‬
‫والتع�صب هي‬
‫ّ‬ ‫�أنّ كلمة الإرهاب والتخ ّلف‬ ‫يمنع الإن�سان من �أن يعي�ش حالة طوارئ‬
‫المعنوي‪ ،‬باعتبار �أ ّنه‬ ‫ّ‬
‫من الكلمات اال�ستهالك ّية ا ّلتي ابتدعها‬ ‫نف�س َّية �أمام نداء الغريزة‪ ،‬وي�أخذ موقعه‬
‫يه ّيئ الأجواء الهتزاز‬
‫العالمي‬
‫ّ‬ ‫الغرب من �أجل �إثارة ال ّر�أي العام‬ ‫ال�ضوابط التّ�شريع ّية المتكاملة‬ ‫في هيكل ّية ّ‬
‫المعنوي‬
‫ّ‬ ‫ال��ح��ج��اب‬ ‫أخالقي �أمراً‬
‫�ض ّد الم�سلمين والملتزمين‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫التي تجعل من االن�ضباط ال‬
‫ول�ضعفه‪ ،‬وبالتّالي‬
‫ممكن ًا وواقع ّي ًا‪.‬‬
‫حفظ كرامة المر�أة‪:‬‬ ‫النحرافه و�سقوطه‪،‬‬
‫فالعالمة المرجع ال�س ِّيد ف�ضل اهلل(قده)‪،‬‬
‫ب��ع��ي��د ًا ع���ن ك��� ّل م���ا ق��ي��ل و ُي���ق���ال‪ ،‬ف����إنّ‬ ‫وال��ع��ك�����س ���ص��ح��ي��ح‪ ..‬وب��ه��ذا االعتبار‪،‬‬ ‫الإن�سان َّية‪ ،‬ولي�ست �شيئ ًا مبهم ًا �أو مفرو�ض ًا‪،‬‬
‫يعتبر � َّأن الحجاب له دور م�ؤ ِّثر وكبير في‬
‫الحجاب و�سيلة من و�سائل حفظ كرامة‬ ‫يتابع ال�س ّيد ف�ضل اهلل(قده) القول ب�أنّ‬ ‫�أو غر�ض ًا للدّعاية واال�ستعماالت المختلفة‪،‬‬
‫ال�ضبط الأخ�لاق ّ��ي للعالقة ا ّلتي‬ ‫عمل َّية ّ‬
‫المر�أة و�صيانتها‪ ،‬بعيد ًا عن ك ّل الأجواء‬ ‫الحجاب ال يعود م�س�ألة فرد ّية فح�سب‪،‬‬ ‫وهو ال ي�ش ّكل رمز ًا مقاب ًال لما هو موجود‬
‫تحكم ال�� َّرج��ل ب��ال��م��ر�أة‪ ،‬على عك�س ما‬
‫تخت�ص ب��زم��ان دون‬ ‫ّ‬ ‫المنحرفة ا ّل��ت��ي ال‬ ‫و�إ ّنما م�س�ألة اجتماع ّية‪ ،‬لأنّ من �ش�أن ك ّل‬ ‫��زي وال ّلبا�س‪ ،‬وال هو‬ ‫في الغرب لجهة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫هو موجود في الفل�سفات الغرب ّية ا ّلتي‬
‫زم��ان‪� ،‬أو مكان دون مكان‪ ،‬كذلك يجب‬ ‫ال�سقوط واالنحراف‬ ‫ما ي�صون الفرد من ّ‬ ‫محطة الندالع حرب وهم ّية بين الإ�سالم‬
‫تعطي للإن�سان حر ّي ًة كاملة في عالقته‬
‫االنتباه �إلى ك ّل الدّعايات التي تحاول �أن‬ ‫�أن ي�صون المجتمع‪...‬‬ ‫والغرب‪...‬‬
‫بالجن�س الآخ���ر‪ ،‬دون �أ ّي���ة �ضوابط �أو‬
‫وت�ضخمه‬ ‫ّ‬ ‫تخرج المو�ضوع عن حقيقته‬ ‫كذلك‪ ،‬ف�إنّ الحجاب ال يتعار�ض البتّة مع‬ ‫وحقيقة الحجاب عند المرجع ال�س ّيد‬
‫تحت عناوين ب ّراقة‪ ،‬فالحجاب لي�س قمعاً‬ ‫النف�سي لالنفالت‬‫ّ‬ ‫�شروط‪ ،‬ما يه ِّيئ الج ّو‬
‫حر ّية المر�أة‪ ،‬وال يق ّيدها في مجال العمل‬ ‫ف�ضل اهلل(ق��ده)‪ ،‬تتم َّثل في �ستر المر�أة‬
‫�أمام الغرائز‪ ،‬بينما يه ّيئ الحجاب الج ّو‬
‫وال �إرهاب ًا‪ ،‬وال انتقا�ص ًا من �إن�سان ّية المر�أة‬ ‫�أو غيره من مجاالت الحياة‪ ،‬فالحر ّية‬ ‫جميع �أج����زاء ج�سدها م��ا ع���دا الوجه‬
‫ف�سي لمقاومة ت�أثير الأجواء الدّاعية‬ ‫ال ّن ّ‬
‫عالم ك ُثرت‬ ‫وحر ّيتها‪ ،‬بل حفاظ ًا عليها في ٍ‬ ‫الم�س�ؤولة تنطلق من داخل الإن�سان‪ ،‬وال‬ ‫معنوي‬
‫ّ‬ ‫وال��ك�� ّف��ي��ن‪ ،‬ك��ذل��ك للحجاب ُب��ع��د‬
‫�إل���ى االن���ح���راف ف��ي ال���خ���ارج‪ ،‬و�إيجاد‬
‫فيه ال��م��غ��ري��ات‪ ،‬وت��ن�� ّوع��ت فيه �أ�ساليب‬ ‫الخارجي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يع ّبر عنها ّ‬
‫ال�شكل‬ ‫يتم ّثل ف��ي ان��ط�لاق ال��م��ر�أة ك�إن�سانة في‬
‫ال��م��ج��ت��م��ع‪ ،‬ب��ح��ي��ث ال ت���ح���اول ّ‬ ‫مناعة داخ��ل�� ّي��ة ف��ي ال�� ّرج��ل وال���م���ر�أة‪..‬‬
‫الإث��ارات الغرائز ّية ا ّلتي تعمل على جعل‬ ‫ك��ذل��ك‪ ،‬ف����إنّ ال��ح��ج��اب ال ي�سيء �إلى‬ ‫الظهور‬
‫وهكذا‪ ،‬ي�ضيف �سماحته‪ ،‬ف�إنّ «الحجاب»‬
‫المر�أة ما ّد ًة لال�ستهالك ال ّرخي�ص‪� .‬ألي�س‬ ‫كرامة المر�أة‪ ،‬بل ي�ؤ ّكد احترام النا�س‬ ‫متب ّرج ًة تجذب الأن��ظ��ار �إليها‪ ..‬وهكذا‬
‫ي�شكل و�سيل ًة ل�س ّد المنافذ التي ته ّيئ ج ّو‬ ‫ِّ‬
‫ذلك امتهان ًا لكرامتها‪ ،‬وقمع ًا لإن�سان ّيتها‪،‬‬ ‫لها‪ ...‬وغير �صحيح ما يحاوله البع�ض‬ ‫يتج ّلى ال��ح��ج��اب �أي�����ض�� ًا بالكالم‪َ }:‬فلاَ‬
‫االنحراف بن�سبة عالية‪...‬‬
‫وتقييد ًا لحر ّيتها في عوالم الغريزة؟!‬ ‫من ربط الحجاب بالتخ ّلف‪ ،‬فلي�س هناك‬ ‫تَخْ َ�ض ْعنَ ِبا ْل َق ْو ِل َف َي ْط َم َع ا َّل ِ��ذي ِفي َق ْل ِب ِه‬
‫�إنّ م�س�ألة الحجاب تلت�صق ب�شخ�ص َّية‬
‫م‪.‬ف‬ ‫�أ ّي��ة عالقة بين التخ ّلف و�ستر المر�أة‬ ‫���ض{(الأح��زاب‪ ،)32:‬وبك ّل مظاهر‬ ‫َم�� َر ٌ‬
‫ال���م���ر�أة وت��ت�لاءم م��ع ال���� ّذوق والفطرة‬
‫لج�سدها‪ ،‬وبين التقدّم وعدم �سترها له‪،‬‬

‫ال ِّلقاء الحواري لتجمع «وعي» حول الحجاب‬


‫ال��ح��ج��اب‪ ،‬ف���أن��ا �أن�صحك ب����أن تقدمي‬ ‫وطاقاتهم‪ ،‬وطبع ًا �شخ�ص ّيتهم الإ�سالم ّية‪،‬‬
‫على الحجاب مهما كان الأمر‪ ،‬فاهلل لن‬ ‫فيخ�سر فر�صة ال َتّوا�صل معهم‪ .‬فنحن‬ ‫الحجاب في مفهوميه المادي والمعنوي‬
‫يتركك‪ ،‬و�سيفتح في وجهك ك�� ّل الخير‬ ‫ف��ي بلد منفتح‪ ،‬ويتم ّيز بتعدّد دياناته‬
‫وال ّرحمة‪ ،‬و�سترين �أنّ ك ّل هذه العوائق‬ ‫وثقافاته‪ ،‬ويمكنك �أن تذهبي �إل��ى � ّأي‬ ‫من قبل المجتمع‪ ،‬ما يعزّز ثقتها بنف�سها‪.‬‬ ‫الحجاب بمفهومه المادّي‪ ،‬هو �أن تحجب‬
‫واالع��ت��ب��ارات‪ ،‬لي�ست �سبب ًا مقنع ًا يمنع‬ ‫مكان وال يتع ّر�ض �أحد لك‪� ،‬إن كنت تمثلين‬ ‫ال�شخ�صي للمر�أة‪،‬‬ ‫والحجاب هو الحار�س َّ‬ ‫بلبا�س‬
‫المر�أة ج�سدها و�شعرها ومفاتنها ٍ‬
‫بك الى اهلل من خالل الحجاب‪ .‬ف�أنا‬ ‫تق ّر ِ‬ ‫الحجاب المثالي في مفهومه الديني‪.‬‬ ‫وه��و ا ّل���ذي يحميها وي��ر���س��م لها حدود‬ ‫المعنوي له‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ف�ضفا�ض‪� .‬أم���ا المفهوم‬
‫ً‬
‫تحجبت منذ �سنة ول��م �أن���دم ي��وم��ا‪ ،‬بل‬ ‫المحجبة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫فال تخافي‪� ،‬أختي الم�سلمة غير‬ ‫فهو �أ ّنه يقدّم للمر�أة االحترام والتقدير‬
‫االح��ت��رام في العالقة مع الآخ��ري��ن‪ ،‬وال‬
‫تم ّنيت لو �أ َّنني تحجبت منذ �سنّ التّكليف‪.‬‬ ‫من خطوة ارت��داء الحجاب ‪-‬خا�صة في‬ ‫ي�سمح ل ّأي كان ب�إهانة �إن�سان ّيتها‪.‬‬ ‫الذاتي وال ّثقة بال ّنف�س‪ ،‬وبذلك تتم ّيز عن‬
‫تحجبت‪ ،‬ل��م �أر م��ن اهلل �إال‬ ‫و�أن���ا منذ ّ‬ ‫�أو�ساط بع�ض المجتمعات غير الملتزمة‬ ‫وفي ر�أيي‪َّ � ،‬إن الحجاب ال يم ّثل � ّأي عائق‬ ‫المحجبات بالتزامها وبتق ّربها �إلى‬ ‫ّ‬ ‫غير‬
‫الجميل!‬ ‫دي��ن�� ّي�� ًا‪ -‬ف��اهلل �إن �أق��ف��ل عليك ب��اب�� ًا �إذا‬ ‫محجبة‬‫�أمام المر�أة‪ ،‬فالمر�أة �إذا كانت ّ‬ ‫اهلل‪ ،‬ولكن ـ للأ�سف ـ يبقى هناك حاالت‬
‫ختام ًا‪ ،‬فليكن هدفنا �أن نكون من�سجمين‬ ‫تحجبت‪ ،‬ف�سيفتح لك �آالف الأبواب التي‬ ‫ّ‬ ‫�أو غير محجبة‪ ،‬تتم َّيز ب�شخ�ص ّيتها وثبات‬ ‫في واقعنا‪ ،‬تقدّم �صور ًة معاك�س ًة ال تم ّثل‬
‫مع �أنف�سنا‪ ،‬و�أن ننال ر�ضا اهلل‪ ،‬ال �أن‬ ‫تقدّم لك �إال الخير ور�ضى اهلل تعالى‪.‬‬ ‫ال ِ‬ ‫وج��وده��ا في المجتمع‪ .‬ف���إن لم يتق ّبلك‬ ‫حقيقة الحجاب‪.‬‬
‫ن�سعى خلف متاع الحياة الدّنيا وزخرفها‪،‬‬ ‫وال تقولي �أنتظر هداية اهلل‪ ،‬فالخطوة‬ ‫مجتمع مع ّين‪ ،‬فتلك م�شكلة في ذهن ّيته‬ ‫ف��ال��ح��ج��اب ي��ع��ط��ي ال����م����ر�أة الحماية‬
‫لأ ّنها وهم و�سراب‪.‬‬ ‫الأول��ى هي الن َّية والتو ّكل على اهلل‪ .‬و�إن‬ ‫وت��ق�� ّب��ل��ه ل�ل�آخ��ري��ن‪ ،‬لأ ّن����ه ي�ضع العائق‬ ‫وال��ع��ف��اف‪ ،‬ف�لا تبقى فري�س ًة ل�شهوات‬
‫مروى يا�سين‬ ‫الخا�صة لعدم و�ضع‬ ‫َّ‬ ‫كان لديك �أ�سبابك‬ ‫ا ّل��ذي يحرمه من التع ّرف �إلى مواهبهم‬ ‫ال ّرجال‪ ،‬كما يمنحها االحترام والتّقدير‬

‫‪27‬‬ ‫العدد ‪ 390‬ذوالقعدة ‪ 1432‬هـ ت�شرين اول (اكتوبر) ‪2011‬م‬


‫ر�سائل الأح ّبة‬

‫القيادي‬
‫ّ‬ ‫ال ب�� ّد م��ن �أن ن�شير �إل��ى دوره‬
‫يادي والدّاعم للحالة الإ�سالم ّية منذ‬ ‫وال ّر ّ‬
‫كان في ال َّنجف الأ���ش��رف‪ ،‬وك��ان ّ‬
‫يج�سد‬
‫ال ّثقافة الإ�سالم ّية الأ�صيلة البعيدة عن‬ ‫في ذكرى ابن ال ّزهراء(ع)‬
‫والتع�صب والجمود‪ ،‬بل كان‬ ‫ّ‬ ‫التط ّرف‬
‫ال�صدر‬
‫يدعو �إل��ى ثقافة الحوار و�سعة ّ‬
‫الإ�سالم َّية ب�آرائك و�أفكارك ا ّلتي كانت‬ ‫وال�صمود‪� ،‬س ِّيد‬ ‫ال�صبر ّ‬ ‫‪ ..‬هو رجل َّ‬
‫واالن��ف��ت��اح ع��ل��ى الآخ���ري���ن وال��ع��ف��و عن‬
‫لنا ن���ور ًا نهتدي ب��ه‪ ،‬فكانت خطواتك‬ ‫ال��م��واق��ف ا ّل����ذي ع��ا���ش م��ع ال َّنا�س‬

You might also like