Professional Documents
Culture Documents
com
للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل
:وتسجيل البريد اللكتروني
http://www.balligho.com
ن في السلم سنة حسنة ،فعمل بها قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :من س ّ
بعده ،كتب له مثل أجر من عمل بها .ول ينقص من أجورهم شيء ...الحديث.
فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك
تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل
.أجورهم ول ينقص من الجر شيئا
والسّنة
ب َ
دة إلى الك َِتا ِ و َع ْ
منهاجناَ :
مة ف ال ُسل َ ِ بِ َ
ّ هم ِ َف ْ
1
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
2
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
….
لقد ابتكرت الحضارة الغربية الحديثة … سلوكا في الحياة الفردية
والجتماعية والبشرية الدولية جوهره التزييف الكامل لكل القيم النبيلة
والرفيعة التي راكمتها الحضارة البشرية العامة منذ اقدم العصور وحتى يومنا
هذا ،أي منذ بدأ النسان أول مرحلة في الترقي والتمدن ،وصول إلى القرن
العشرين ،وهو سلوك يغلب الشكل على المضمون ،ويقيم معيارا لقياس
حضارة أي فرد وأي مجتمع وأي شعب قوامه الشكل الخارجي للسلوك بغض
النظر عن جوهر هذا السلوك ،بل حتى لو كان جوهر هذا السلوك مناقضا
لكل القيم والمثل الحضارية ،فليس مهما أن تقتل إنسانا ،المهم أن تكون
عندما تمارس عملية القتل نظيف الجسد والملبس هادئا مبتسما رقيق
الخطو ،ول بأس من أن تكون مرتديا لقفازات حريرية ،والفضل أن يكون
المسدس الذي تقتل به كاتما للصوت ،حتى ل يزعج صوته أحدا ،فإذا أمنت
لنفسك كمل هذه المظاهر الحضارية الشكلية فأنت إنسان متحضر .صحيح
أنك قاتل ولكنك قاتل متحضر .
….
وما قصص المافيا والفساد والرشوة وتجارة السلح الدولية وتجارة
المخدرات سوى نماذج صارخة وحية على هذه الزمة ،وما قصص جمعيات
الرفق بالحيوان التي تزدهر في مجتمعات أيديها ملطخة بجرائم سياسية
جماعية يذهب ضحيتها مئات اللوف من البشر ..سوى تعبير آخر عن هذه
الظاهرة
ويمكننا على سبيل المثال أن نتخيل عدد ومستوى الجرائم التي يمكن أن
تحاكم بها الدولة البريطانية أمام محكمة الحضارة النسانية – لو وجدت هذه
المحكمة – لو وجه إليها المدعي العام في هذه المحكمة لئحة بالتهامات عن
كل مأساة فردية أو جماعية نتجت عن مسئولية بريطانيا السياسية والخلقية
والقانونية في تأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين العربية (.
من مقال للسيد إبراهيم محمود علي \ دبي بجريدة الخليج 1995\10\15
) والتطور الصناعي سلح ذو حدين ،فقد اخترع الغربيون مال يحصى من
المنتجات الصناعية لخير البشرية ورفاهيتها وفي التجاه المضاد اخترعوا
أدوات التدمير والقنابل النووية والنشطارية والفوسفورية والفراغية
والرتجاجية ،وقنابل النيوترون التي تقضي على النسان وتبقي على البنية
مما يدل على أن النسان ل قيمة له في عرف حضارة السمنت والخرسانة .
وجين نضع الحضارة الغربية تحت المجهر وتتمعن فيها على الصعيد المادي
والمعنوي نجد أن هذه الحضارة قد قدمت للنسان الغربي كل احتياجاته
المادية أما الجانب المعنوي فقد سقط سهوا أو اسقط عمدا والعتبارات
الخلقية ل محل لها من العراب
)(3 /
وحين يتحول المجتمع إلى غابة ويتحول أفراده إلى قطيع من اسماك القرش
كل واحد ينشب أنيابه في لحم الخر بأنانية مطلقة النظير ،ويصبح العالم
حلبة سباق ل يعيش فيها إل السرع والقوى والطول نفسا وتنقطع الصلت
النسانية وتنفصم عرى كل الروابط ويزول التراحم والبر وصلة الرحم ويقطع
الرجل ذوي رحمه ويعق أبويه ،ويتنازل عن كل القيم ويدوس على كل
المثاليات والفضائل في سبيل مصالحه المادية يغدو الكون جحيما ،يستحيل
3
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
4
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
5
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وهو نظام يمكن لي شخص مشترك أن يحقق أرباح أكثر أو أسرع من
الشخص المشترك في ذلك النظام قبله ,ولكن في نظام العمل في شركة
جولدكويست )الثنائي (AL-BINARY-يمكن تحقيق ذلك ,وكل شخص يحقق
أرباح بمقدار ما يبذل من جهد.
بمجرد أن يدخل المشترك في نظام العمل ,يصبح له ) (TCOأي )Tracking
(Center Ownerبمعنى أنه يصبح )مالك لمركز متابعة أو مركز عمل( ،ومن
خلل هذا المركز يبدأ بتحقيق أرباحه المادية.
المطلوب فعليا ً من المشترك هو أن يقوم على القل بتعريف اثنين من
أصدقائه ومعارفه على الشركة ،ويوضح لهما مدى قوتها ومصداقيتها،
ومميزات منتجاتها ،وطريقة الشتراك فيها ،وكيفية الكسب المادي من
خللها ،ثم أن يقوم هذان الشخصان بالشتراك بالشركة ،بعد تحقيق الشروط
اللزمة للشتراك بشراء منتج واحد على القل من منتجات الشركة ،ومن ثم
يضع المشترى الول على يمينه والخر على يساره فيصبح لكل منهما رقم
T.C.Oالخاص به بمجرد تعبئة استمارة الشراء.
يعتمد نظام العمولة في شركة جولدكويست إنترناشيونال على تساوي
الطرفين )اليمن واليسر( لكل مشترك ,وهو نظام مكون من 6خطوات,
أساس كل الخطوة من هذه الخطوات هو العدد ).(5
بمجرد أن يكمل المشترك 5مبيعات على يمينه مقابل 5على يساره ,
يحصل على عمولة من الشركة مقدارها 400دولر أمريكي.
وذلك موضح كما يلي:
أي أنه بعد ست 6خطوات يصبح عدد المبيعات على طرف المشترك اليمن
يساوي 30عملية بيع ،وكذلك عدد المبيعات على طرف اليسر يساوي 30
عملية بيع ،ويكون مجموع العمولت التي حصل عليها من الشركة يساوي
2400دولر) .هذا في حالة الدفع الكامل لقيمة العملة ،أما إذا كان المشترك
قد دفع نصف ثمن العملة عند اشتراكه فيكون مجموع ما وصله بعد الخصم
الـ 400دولر الولى 2000دولر فقط(.
وبذلك يكون المشترك قد أكمل ما يسمى الدورة بمفهوم الشركة.
الدورة هي عبارة عن مرحلة وهمية من صنع الشركة ,ويقوم المشترك
بإكمالها بمجرد أن يبلغ عدد المبيعات على طرفه اليمن 30مقابل 30عملية
بيع على طرفه اليسر ومن ثم مضاعفاتهما أي أنك كل ما تنهي دورة تدخل
تلقائيا ً بالدورة الجديدة من دون توقف.
.1ضمان استمرارية الشركة:
وذلك عن طريق تحديد سقف أعلى لدخل الفرد المشترك ،وتقيد هذا الدخل
بدورة واحدة يوميًا ،أي أن أقصى عمولة يمكن أن تدفعها الشركة للمشترك
في اليوم الواحد هو عمولة دورة كاملة أي 2400دولر يوميًا.
فلو فرضنا أن المشترك قد كبرت شبكته ،ودخل على طرفه اليمن في يوم
واحد 500شخص مقابل 500شخص على طرفه اليسر ،فإن مجموع ما
يستحقه في ذلك اليوم من عمولة 40.000دولر ،فلو كانت الشركة ستدفع
هذا المبلغ لشخص واحد في يوم واحد فإنه سيأتي عليها يوم تنهار وتعلن
إفلسها ،ولذلك قامت الشركة بصنع الدورة ،بحيث أنه إذا كان عدد الشخاص
المشتركين في يوم واحد أكثر من 30شخص على اليمين مقابل 30شخص
على اليسار ،أي 2400دولر أمريكي يوميا ً ولكن الشخص ل يخسر قدرة
عمل الشخاص الذين ل يستلم عليهم عمولة.
.2زيادة مبيعات الشركة:
6
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
بحيث أنه عندما يستكمل المشترك الخطوة الولى من كل دورة جديد ،تقوم
الشركة بإعطائه قسيمة مشتريات بقيمة 400دولر لكي يشتري بها من
منتجات الشركة بدل ً من أن تعطيه 400دولر نقدًا ،وهكذا تكون الشركة قد
زادت مبيعاتها.
أي إن الشخص يستلم عن كل دورة 2000دولر نقدا ً وقسيمة شرائية تعادل
20نقطة تمكن المستفيد من استبدالها بإحدى منتجات الشركات الخرى
المخصصة للبيع.
إن نظام العمل في الشركة يصبح أسرع ،وتصبح الرباح أكثر بمرور الوقت،
فلو افترضنا أن شخصا ً اشترك الن واستغرق ثلثة أشهر حتى أكمل الدورة
الولى ،فمن البديهي أن الدورة الثانية ستستغرق وقت أقل من ثلثة أشهر،
حيث أنه في الدورة الولى كان يعمل بمفرده ،أما الن فإن 30شخصا ً على
طرفه اليمن و 30شخصا ً على طرفه اليسر يعملون معه ،وبالتالي فإن
الدورة الثالثة ستستغرق وقت أقل نتيجة زيادة عدد الشخاص الذين يعملون
في الشبكة.
ً ً
وهكذا حتى يصبح قادرا على أن يكمل دورة يوميا ،أي يحقق 2400دولر
يوميًا.
أي أنه كلما زاد عدد الشخاص الموجودين في الشبكة تزداد قدرة عمل
الشبكة فيتناقض الوقت وتزداد الرباح.
والشكل التالي يوضح ذلك:
كما توجد طريقة لمضاعفة العمولت بالشتراك الشخص الواحد بثلثة مراكز
بشراء ثلثة منتجات وبذلك تضاعف عمولته وفق ما هو مبين في نشرة
الشركة.
تعطي الشركة العميل الذي يفشل في إنماء شبكته أربعة حلول:
.1يحق للمشترك أن يلغي اشتراكه خلل ستة شهور من اشتراكه في حالة
اختياره للدفع الجزئي ويحصل على نصف أونصة من الذهب مقابل نقوده
المدفوعة وهي 400دولر تصله خلل 12شهر.
.2بدون تحديد الفترة الزمنية يحق للمشترك إكمال المبلغ المتبقي عليه في
أي وقت ويحصل على الونصة كاملة.
.3يحق للمشترك في أي وقت أن يبيع مركز عمله لي شخص يريد.
)(2 /
7
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
8
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
فلو تصورنا بنكا ً مركزيا لدولة ما )لما يجده من القبول( أصدر شهادات
اشتراك في شبكة كهذه تدر دخل ً متدفقا ً مثله ،يحفز فيه السابق مما يدفعه
اللحق دون أن تتوسط سلعة للقي قبول ً ولتكالب الناس طمعا ً فيما يتولد
عنه من دخل.
التكييف الفقهي:
ً
فإذا توصلنا لهذا فإن المنتج أيا كان يسقط عند النظر في التكيف الفقهي
لهذه النازلة فالحكم يبنى على المقاصد والمعاني ل اللفاظ والمباني إذ
المور بمقاصدها في الشرع الحنيف.
ً
وبتجريد التسويق الشبكي من كل منتج تلّبس به يبدو عاريا ،ويغدو المر ليس
سوى تجميع اشتراكات من أفراد تديره الشركة يدفع فيه الشخص في أسفل
الهرم لمن سبقه في أعلى الهرم بالضافة لعمولة الشركة نظير إدارتها لهذا
العمل.
ومن ثم يتضح جوهر هذه العملية في كونها حلقات مقامرة ،مال المقامرة
فيه مضمن في سلعة ومدسوس في ثمنها )مال المقامرة في جولدكويست
هو الفرق بين ثمن المثل للمنتج وثمنه في الشركة(.
حلبات المقامرة في جولدكويست متداخلة في حلقات قمار غير منتهية.
الرابح فيها هو السابق في الشبكة يتدفق إليه تيار من الدخل يبدو غير
منتاهي بقدر اتساع شبكته من الفراد المغرر بهم .الخاسر فيها القاعدة
المتلهية بالمل في الصعود ونمو شبكتها بالمزيد من المغرر بهم ممن
يحدوهم المل في الكسب الرخيص دون عمل منتج فهي في جوهرها تتفق
مع لعبة )البنتاجونو( مع الختلف في الحافز ،ففي البنتاجونو يحقق قمة
الهرم كسبه غير المشروع مرة واحدة ويخرج بذلك من اللعبة ليحل محله
ثلثة غيره مشكل ً كل ً منهم هرما ً منفصل ً وهكذا تتوالى .فحلقات القمار في
البنتاجونو تتفكك من أعلى وتتسع من أسفل في شكل هرمي تتفرع منه كل
ما اتسع عدة أهرامات وهكذا في صورة غير متناهية.
أما الجولدكويست فالهرم فيها واحد يقبل الزيادة والتساع في قاعدته دون
أن يفقد صاحب القمة مركزه ودخله ومن ثم فإن دخله ينمو ما بقيت اللعبة
9
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مستمرة فإذا توقفت خسرت القاعدة وغنمت القمة وهذا هو معنى القمار.
-فضل ً عن ذلك فإن نظام الشركة يشتمل على عدة مخالفات شرعية أخرى
)على فرض أن السلعة مقصودة ( تتمثل في التي:
.1يشمل عقد الشركة على عقدين في عقد فالشركة تشترط لدخول
الشخص في الشبكة ونظام التسويق شراء المنتج هو شرط في ذلك )في
بعض الصور يجوز الدخول في شبكة التسويق دون الشراء العاجل للمنتج
ولكنه ل يعتمد العميل في هذه الحالة بصورة رسمية ببرنامج الحوافز إل بعد
شرائه المنتج أي أن البيع يتم بثمن مؤجل(.
فيكون العقد الول هو عقد التسويق الموجب للعمولة والعقد الثاني هو بيع
المنتج عاجل ً كان بثمن معجل أو مؤجل ومن ثم يطاله الخلف الفقهي في
الحكم البيعتين في بيعة.
ً
.2نظام الشركة وشروطها يجعلنها تحقق مكسبا من عمل الكثيرين من
العملء دون إن تدفع لهم شيئا ً نظير وهذا واضح في عدة صور سبق بيانها
وهذا ظلم ل يجوز حيث استفادت الشركة من جهدهم في تسويق منتجاتها،
والعدل يقتضي أن تدفع لهم مقابل ذلك وهذه مخالفة تؤخذ على العقد سواء
كّيف على كونه إجارة أو جعالة .أما كونه إجارة )وهو القرب( فالمر واضح
فالجير له حظ في أي جهد بذلة حقق نفعا ً للمؤجر وفق عقد الجارة فيكون
وقوه.
لهم عمولة على أي منتج س ّ
وإن قلنا إنه جعالة فإنه يشترط في الجعالة عدم استفادة الجاعل من جزء
عمل العامل ومع هذا فقد أوجب جمهور العلماء حقا ً للعامل في الجعالة إن
انتفع بجزء عمله صاحب الجعالة .قال أصبغ :سؤال ابن القاسم عمن قال من
يحفر لي بئرا ً طولها كذا وكذا وعرضها كذا وكذا فحفر رجل نصف ذلك ,ثم
يعتل .قال" :ل أرى له حقا ً إل أن ينتفع بها صاحبها".
قال محمد بن رشد في هذه المسألة" :يكون للمجعول له فيما حفر من البئر
إذا انتفع بذلك صاحبها قدر ما عمل مما انتفع به"]البيان والتحصيل ج 8ص
.[511
ي المفقودين فله دينار ورد وعند الشافعية "لو قال العاقد :من رد جمل ّ
العامل واحدا ً من الجملين استحق نصف دينار لنه أنجز نصف العمل المراد"
]المهذب ج 1ص ،412مغني المحتاج ج 2ص .[432
وجاء في النصاف في فقه الحنابلة" :أو قال من رد عبديّ فرد أحدهما فله
نصف الجعل" ]النصاف ج 6باب الجعالة مسألة ) 389جامع الفقه([.
ومن ثم فإنه )على فرض صحة المعاملة في أساسها( يجب أن يكافأ كل
وق أربعين متسوق على قدر جهده أي أن تدفع الشركة عن كل منتج يس ّ
دولرا ً )عمولة الشركة عن كل عشرة 400دولر( دون أن تضع حدا أدنى
ً
لستحقاق الجعل أو حدا ً أعلى يسقط بعده حق العامل في العمولة.
.3في بعض صور هذه المعاملة يتم بيع المنتج الذهبي بتقسيط الثمن مما
يدخل المعاملة في ربا الّنساء المنهي عنه.
.4وفي بعض صورها أيضا ً يجوز الشتراك والتعاقد مع الشركة دون دفع ثمن
المنتج وحينئذ ل يسلم المنتج وغياب البديلين يدخل المعاملة في بعض صور
دين .فالمر ل يخرج عن كونه وعد والوعد في الصرف ل ينشئ دين بال َال َ
ً
التزاما ول يشغل ذمة.
)(4 /
10
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
.5تجعل الشركة للمشتركين خيار فسخ العقد خلل ستة أشهر من الشراء
على أل ترد لهم الثمن إل بعد عام وهو ما ل يجوز في البيع الموال الربوية.
ولو خرج على أنه لقالة واستئناف عقد جديد فإن شرط الشركة في رد ثمن
المنتج بعد عام يرد المسألة إلى ربا الّنساء.
فهذه المعاملة بشروطها المعلومة ظلمات بعضها فوق بعض فهي قمار في
أصلها وربا نساء في بعض صورها وأكل لموال الناس بالباطل ومن ثم فهي
باطلة ويجب على الذين اشتركوا فيها أن يتخلصوا من كل دخل حصلوا عليه
منها وصرفه في أوجه البر كأي كسب خبيث ل يجوز لصاحبه النتفاع به ول
يترك ما يرد إليه مستقبل ً من الشركة للشركة لتتتفع به قياسا ً على الفتوى
في شأن الفوائد الربوية.
التكييف الفقهي لشركة بزناس:
أسس الشركة كل من السيد/علي الشرجي عماني الجنسية والسيد/عمران
خان باكستاني ,وكلهما صاحب خبرة في التسويق الشبكي.
بدأت الشركة عملها في أكتوبر 2001
مقر الشركة الم بسلطنة عمان
تدار عملياتها بواسطة فريق مختص بباكستان حيث توجد أجهزة الحاسب
الرئيسية للستفادة من الخبرة الباكستانية ورخص اليدي العاملة.
يقدر عدد المشتركين بها أكثر من 110.000مشتركا ً موزعين على 50دولة
حتى الن.
المنتج الرئيسي للشركة عبارة عن حزمة من المبيعات التجارية الخاصة
بالحاسب تتكون من:
-خمسة مواقع على النترنت بمساحة 10ميغابايت)المجموع 50ميغابايت(.
-مناهج تعليمية للكمبيوتر والنترنت.
-بريد إلكتروني بمساحة 25ميغابايت.
-بطاقة الخصومات والمزايا.
يستفيد المشترك من كل المزايا الخمسة المذكورة مقابل 99دولرا ً أمريكيا ً
ما يعادل 27000دينارا ً سودانيًا.
بالضافة للدخل في برنامج الفوائد وهو عبارة عن ثلثة مكافآت تتمثل في
التي:
.1فوائد الخطة الثنائية وهي الخطة الرئيسية.
.2خطة الدخل من الحوافز.
.3خطة الدخل من يونيلفل .uni-level
.1الخطة الثنائية:
وللدخول في شبكة الشركة والستفادة من فوائدها الرئيسية المسماة في
مصطلح الشركة بالخطة الثنائية لبد من توافر عدة شروط:
.1امتلك مركز عمل.
.2التسويق لثنين من الزبائن الجدد أحدهما عن اليمين والخر عن اليسار.
.3تسويق 9مبيعات وتعتبر هذه في عرف الشركة)خطوة( stepوتعطي
الشركة عن كل خطوة
ً ً
) 9مبيعات( مبلغ 55دولرا تقريبا .الشرط الساسي لستحقاق الحافز عن
كل 9مبيعات أن تكون على القل ثلث من هذه المبيعات من أحد الجهات
اليمنى أو اليسرى وبصورة أخرى لبد من تحقيق ثلثة مبيعات من جهة وستة
من جهة أخرى أو أربعة من جهة وخمسة من الجهة الخرى ,فلو كانت
التسعة مبيعات من جهة واحدة فإن المشترك ل يستحق شيئا ً فالنمو غير
11
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
12
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
-لما كان عدد الزبائن المباشرين متوقفا على النشاط المشترك فإن الخطة
)يونيلفل( تمتد بامتداد زبائنك المباشرين بواقع عشرة مستويات لكل
مشترك مباشر.
يتضح من السرد السابق أن كل من بزناس و جولدكوست يشتركان في
جوهر الفكرة مع بض الختلفات غير الجوهرية في طريقة الحوافز ومقدارها
وشرط توازن الشبكة المفضي لستحقاق الحافز فبينما تشرط جولدكوست
التوازن التام المتمثل في خمسة من كل جهة فإن التوازن في بزناس يتم ب
3و 6من كل جانب أو 5و 4من كل جانب مع اختلف كل من المشتركين
في نوع المنتج التجاري ومن أوجه الختلف غير المؤثرة في الحكم بين
الشركتين التي:
.1أن بزناس لديها برنامج حوافز مواز لبرنامج الدخل الرئيسي حيث تعطي
كل مروج لمنتجاتها 5دولرات عن كل منتج يسوقه مباشرة ول علقة له
بالبرنامج الرئيسي ويطلق عليه في عرف الشركة بخطة الحوافز وهو عقد
جعالة ل غبار عليه حيث ألزمت الشركة نفسها 5دولرات لكل شخص يسوق
لها منتجًا.
.2يتم الشتراك في جولدكويست مرة واحدة ,أما نظام بزناس فيطالب
المشترك بتجديد اشتراكه سنويا ً وإل فقد مركزه.
.3في جولدكويست شراء المنتج شرط أساسي للدخول في الشبكة مما
أدخل المعاملة في حكم البيعتين في بيعة وشركة بزناس ل تشترط هذا
الشرط.
.4تتفق الشركتان في أن دخل العميل لو ترك ينمو دون ضابط لدى إلى
إفلسهما ومن ثم وضعت كل شركة في نظامها كابح حول دون نمو دخل
العميل بصورة غير متناهية و مع اتفاق الشركتين في المبدأ إل أنهما اختلفتا
في الكيفية التي يكبح بها نمو دخل العميل ,فبينما تجعل جولدكويست حدا ً
زمانيا ً و سقفا ًَ أعلى للدخل يتمثل في دورة واحدة في اليوم و هو ما يعادل
2400دولر في خمسة أيام في السبوع فقط أي أن دخل العميل المشترك
بمركز واحد ل يتجاوز 48000دولر في الشهر ,أما بزناس فإن الكابح يتمثل
في إدخال المشتركين الذين تجاوزت خطواتهم ال 20خطوة في الشهر في
سلة واحدة يتقاسمون فيما بينهم )وفق خطواتهم المتكونة( الدخل
المستقطع من القاعدة للخطة الرئيسية)55دولرًا( غنما ً وغرما ً فإذا زادت
عدد الخطوات المتشكلة قل الدخل ,وإذا قلت زاد الدخل.
ومن ثم يتضح أن بزناس تتفق مع جولدكويست في جوهر المعاملة مع
الختلف في بعض الشروط وأيضا ً في بعض الحوافز غير المؤثرة في جوهر
المعاملة.
أوجه التفاق:
.1نظام البناء الشبكي ففي كل من الشركتين يبنى على أساس متوالية
هندسية أساسها اثنان ل يجوز لي مشترك أن يسجل تحته مباشرة أكثر من
اثنين أحدهما عن يمينه والخر عن يساره.
.2نظام الحوافز المتنامي والمتسع مع اتساع الشبكة يدفع فيه الذين في
أسفل الشبكة لمن هو في أعلها ,الرابح فيه السابق والخاسر فيه اللحق.
تقول دعاية شركة بزناس) سوف تخسر الكثير إذا تأخر انضمامك إلينا بيوم
واحد ...كلما انتظرت أكثر كلما خسرت أكثر ...ابدأ الن(....
.3ل من النظامين يحفز المشترك غير المسبوق .
.4المقصد والهدف هو بناء نظام حوافز شبكي هرمي وليس تسويق المنتج.
13
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(6 /
ومال المقامرة في بزناس أكثر وضوحا ً حيث حددت بـ 55دولرا ً مضاف إليه
صافي عمولة الشركة 24دولرا ً مخصوما ً منها التكاليف الحقيقية للمنتجات.
وعليه يمكن لي شركة إذا حازت على ثقة الناس أن تدير شبكة كهذه
وبنفس الشروط وضوابط الشتراك في بزناس دون أن توسط منتجا ً تصدر
فقط شهادات تثبت للمشترك حقه ومركزه .ويحقق المشتركون فيها نفس
الدخل وتحقق إدارة الشركة نفس الرباح.
فالمنتجات في التسويق الشبكي أيا كانت ليست سوى طعم دس فيه مال
المقامرة ليحقق للشركات المعينة عدة أهداف منها:
.1إعطاء واجهة سلعية مقبولة ليبني عليها الترخيص القانوني لمزاولة
النشاط في الدولة المعينة.
.2مراعاة الحالة النفسية للمشتركين وإيهامهم بأنهم يزاولون عمل ً منتجا ً
ومفيدًا.
.3إعطاء ضمان للمشتركين في حالة فشلهم في بناء الشركة وهو أمر
ضروري في لحداث قدر من الثقة والطمئنان لدى جمهور الراغبين في
التعامل مع الشركة خاصة عند بداية العمل وقبل أن يحقق أي من
المشتركين السابقين مكسبا ً ليمثل سابقة مقنعة ومثل ً يضرب للراغبين في
14
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الشتراك.
فالحكم على بزناس كالحكم على جولدكويست وعلى كل سلعة سوقت بهذه
الطريقة ول يشفع لشركة بزناس عظم منتجاتها وفائدتها للفرد والمة
فالغايات ل تبرر الوسائل ,وتحريم القمار بالمال مما ل يقبل الستثناء بحال
ونفع المنتج مهدر بنص القرآن قال تعالى) :يسألونك عن الخمر والميسر قل
فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما( ]سورة البقرة:
.[ 219
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
* مركز الكلم الطيب للبحوث والدراسات
)(7 /
15
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
موقفا سلبيا ناتجا عن أنه كان خالي الذهن من الموضوع وكأن أوضاع
المسلمين لتهمه بقليل ولبكثير ,أو ناتجا عن عدم المبالة بما يجري على
إخوانه من حوله ,وكأنه مسؤول عن نفسه وْليفعل العداء بالمسلمين ما
شاؤوا ما دام أن نار المعركة لم تصل إلى بيته ولم تهدد شيئا من مصالحه
الخاصة .
حينما يسلك المسلم هذا السلوك المنحرف ويفكُر بهذا التفكير السلبي
القاصر فإنه لُيعد ّ في نظر السلم لبنة صالحة في قيام بنائه العظيم
المتكامل وإن أظهر النتساب إليه ودافع عن حقيقة انتمائه إلى مجتمعه
الفاضل .
ف لدى المسلم شعوره بالنتماء وحينما تتحطم الجماعة السلمية أو يضع ُ
لهذه الجماعة فإن أفراد المسلمين لن َيعملوا شيئا يذكر في سبيل قيام
المجتمع السلمي وإن كان هؤلء الفراد يؤمنون إيمانا صادقا بهذا الدين .
إن إيمانهم الصادق بهذا الدين من غير أن يجتمعوا على كلمة الحق ليعدو
مرحلة الصلح الفردي ,فهو يشبه اللبنات الصالحة للبناء ,ولكن ماقيمة
اللبنات إذا كانت ملقاة على الرض ,فهي لُتظل من الشمس ولتقي من
البرد والحر ,وإن كانت صالحة للبناء ؟ ولكنه بالتفكير المبدع من
كل منها البّناء البارع قصرا منيفا ت ليش ّ
م هذه اللبنا ُ
المتخصصين بالبناء تنض ّ
ُيدهش الناظر ويعجب المتأمل .
وكذلك أفراد المجتمع حينما يكونون يدا واحدة في السراء والضراء ,يحملون
م فيه الفراد في أفكارهم الهتمام الكبير في بناء المجتمع الصالح الذي ينض ّ
وُيسهمون في بنائه إسهاما فعال.
ولب ُد ّ لجتماع البدان من أن تجتمع القلوب قبل ذلك ,ول تلتقي القلوب إل
بتخليصها من الغل والحقد ,وأن يحب المسلم الخير لخوانه المسلمين ,وأن
يكره لهم الوقوع في الشر ,كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم " :ليؤمن أحدكم حتى يحب لخيه مايحب لنفسه " .
وإن من أسباب اْلتقاء القلوب أن يعامل المسلم إخوانه المسلمين
بالحسان ,وأن ليقابل إساءتهم إليه بإساءة مثلها ,بل ينبغي له أن يتجاوز
عن الذين يخطئون عليه ,وذلك لشاعة المودة واليثار بين المسلمين .
وحينما يقيم البّناء بناءه على أسس غير سليمة ,ويضعُ المواد اللزمة للبناء
في غير مواضعها فإن البناء سرعان ماينهار أو يضعف قوامه ,وكذلك حينما
ف أفراده بغير المهام يتم بناء المجتمع على غير السس السلمية ,أو يكل ّ ُ
ف كيانه .
التي تناسب كفاءاتهم فإن المجتمع ينهار أخلقيا أو يضع ُ
)(1 /
إن المسلمين حينما يجتمعون على رأي واحد ,ويرجعون عند الختلف إلى
مفاهيم واضحة يحتكمون فيها إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله
ونون مجتمعا قويا متماسكا ,لتستطيع معاول عليه وسلم فإنهم بذلك يك ّ
الهدم أن تحطم كيانه ,ول أن تفرق بين أفراده ,كالبناء القوي المحكم الذي
يصعب هدمه ,ويتعرض من يحاول هدمه لستنكار الرأي العام وتوهين رأيه
ن تحطيم لبنات ملقاة على الرض أو التفريقَ بينها أمر سهل وتفكيره ,ولك ّ
وليثير النتباه ولسخط الرأي العام.
وهكذا رأينا أعداء السلم يوم تفرقت المة السلمية إلى دويلت متفرقة
ومجتمعات صغيرة لم يجدوا صعوبة ُتذكر في الستيلء على أراضيها ومحاولة
16
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
التلعب ...السلم
يتناول الدرس قضية التلعب بمصير المة ،من خلل نموذج تاريخي فيه
الكثير من العبر التي تحتاجها المة في واقعها المعاصر وعرض لبعض
تلعبات علماء السوء بمصير المة ،ثم تحدث عن السلم المزعوم التي
تضلل به المة ،ثم ذكر أنه ضاع في تيه هذه المغالطات كثير من الناس ،ثم
عرض أسئلة مهمة يتساءل عنها أعداد من المسلمين الحريصين على
عقيدتهم .
التلعب بمصير المة :عندما انتقل يوسف بن تاشفين من المغرب إلى
الندلس عام 479هـ يريد دعم إماراتها ضد الطاغية السباني الذي استبد
بالمر؛ فقد خاف يوسف على ضياع الندلس من أيدي المسلمين ،وصعب
عليه أن يرى الصليبيين يستذلون المسلمين .ولما حط رحاله في الندلس
درون المجالس رغب أن يسمع توجيه الدعاة إلى السكان ،وكلم الذين يتص ّ
ما إلى صلة الفجر وحده ل يعرفه أحد ،وقد دثون عن السلم ،فخرج يو ً يتح ّ
سا وتوجيًها للشيخ أحمد التبريزي. علم أن بعد الصلة در ً
جه الناس، فلما انقضت الصلة تحّلق الناس ،وانتظموا ثم جاء الشيخ ،وأخذ يو ّ
ويبحث في العقيدة ،وكان يردد في حديثه':إخواننا المسيحيون' و'المسيحيون
ح قولها ،وهي ُتضعف معنويات موحدون' ...من هذه العبارات التي ل يص ّ
المسلمين .فسأل يوسف سؤال ً على سجيته دون تكلف ول اهتمام،
فاستغرب الحضور -وإن وجدوا فيه الحق والجرأة -وبدا لهم أن الشيخ يغالط
في أقواله وُيريد المداهنة.
وقال يوسف :كيف تقول يا شيخ' :مسيحيون' والله سبحانه وتعالى يقول
ع
حّتى ت َت ّب ِ َ صاَرى َ ك ال ْي َُهود ُ وََل الن ّ َ ضى عَن ْ َ ن ت َْر َعنهم ':نصارى' حيث يقول {:وَل َ ْ
م]' }[120سورة البقرة' والمسيح عليه السلم برئ منهم فلماذا تنسبهم مل ّت َهُ ْ
ِ
إليه؟
قال الشيخ :هكذا جرت العادة ،وليس في المر ..وتعلثم .
فَر قد ْ ك َ َ قال يوسف :تقول عنهم':موحدون' والله سبحانه وتعالى يقول {:ل َ َ
دوا
ل اعْب ُ ُ سَراِئي َ ح َياب َِني إ ِ ْ سي ُ ل ال ْ َ
م ِ م وََقا َ مْري َ َن َ ح اب ْ ُسي ُم ِه هُوَ ال ْ َ ن الل ّ َ ن َقاُلوا إ ِ ّ ذي َ ال ّ ِ
ْ
مأَواهُ الّناُر ة وَ َ ه عَل َي ْهِ ال ْ َ
جن ّ َ م الل ّ ُحّر َقد ْ َ ك ِبالل ّهِ فَ َ شرِ ْن يُ ْ م ْه َ م إ ِن ّ ُه َرّبي وََرب ّك ُ ْ الل ّ َ
صاٍر]' }[72سورة المائدة'. َ ما ِلل ّ
ن أن ْ َ م ْ ن ِ مي َ ظال ِ ِ وَ َ
قال الشيخ :يا ُبني إن النصارى موحدون غير أنهم يجعلون اللوهية أقانيم
ثلثة نحن نوحدها في':الله الواحد الحد ،العزيز القهار' وهم ُيجزئونها تقريًبا
لمفاهيم أتباعهم ،وتسهيل ً لبنائهم ..والصل في النصرانية كما نزلت من عند
الله سبحانه وتعالى في صورتها الولى ـ كما تعلم ـ ل تختلف عن السلم ،بل
ُتبشر بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فهي ديانة سماوية.
قال يوسف :ولكن حّرفها الرهبان والحبار حتى خرجت عن التوحيد ،وغدت
تقوم على الشرك.
قال الشيخ :لكن عندما نتكلم عن النصرانية فإنما نتكلم عنها في أصولها كما
نزلت.
17
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قال يوسف :لكن ل يوجد اليوم ـ بين النصارى ـ من يتبع النصرانية الحقيقية
كما أنزلت ،فهي ل ُتوجد في عالم الواقع ،كما ل يوجد إنجيل خال من
التحريف .إن الذي ُيوجد بين أيدي النصارى هو ما يّتبعونه ،وهو المحّرف،
وكلهم يقولون بالشرك.
قال الشيخ :نعم .نعم القانيم الثلثة واحد .
ن
م ْما ِ ث ث ََلث َةٍ وَ َ
ه َثال ِ ُن الل ّ َ ن َقاُلوا إ ِ ّ ذي َفَر ال ّ ِ قال يوسف :يقول تعالى {:ل َ َ
قد ْ ك َ َ
بذا ٌ م عَ َ من ْهُ ْ
فُروا ِ ن كَ َ ذي َ ّ
ن ال ِ س ّ م ّ َ
ن لي َ َ ُ
قولو َ ما ي َ ُ م ي َن ْت َُهوا عَ ّن لَ ْ
حد ٌ وَإ ِ ْ
ه َوا ِإ ِل َهٍ إ ِّل إ ِل َ ٌ
م]' }[73سورة المائدة'. َ
أِلي ٌ
قال الشيخ -وقد تلعثم وظهر عليه الرتباك : -ل تناقش كثيًرا يا بني ،يبدو
م الناس بالنصراف ،فقال الشيخ :ما عليك أنك غريب .وانتهت الجلسة وه ّ
تعّرفنا على ضيفنا ،ما اسمك يا ضيفنا؟
ً ً
قال يوسف :يوسف بن عبد الله ..قال الشيخ :أهل وسهل ..يا أبا سعيد-أحد
إخوان الشيخ :-أخونا يوسف في ضيافتك اليوم ..قال أبو سعيد :نعم .من
واجبنا إكرام الضيف ..اعتذر يوسف ..وشكر لهم إكرامهم .
وقام الناس للنصراف ،وأخذوا يغادرون أماكنهم ..قال الشيخ :حبذا لو انتظر
ضيفنا قليل ً .
قال يوسف :نعم .أنتظر ..وخرج الجميع.
قال الشيخ :يا يوسف إن وضعنا ـ كما تعلم ـ نعيش على الثغور ،والنصارى
ت فإن اقتحموا علينا الديار؛ فعلوا بنا الفاعيل ،وقد علموا ددوننا في كل وق ٍ ُيه ّ
ما نقول عنهم من النصارى الذين يوالونهم ويعشون بين أظهرنا ،لذا نضطر
أن نقول مثل هذا الكلم.
قال يوسف :وما الذي يدعوك إلى أن تقول مثل هذا الكلم ،اجلس في بيتك،
ودع الحديث لغيرك.
در المجالس ،وتقدير الناس لمن يجلس مجلس العلم قال الشيخ :ولكن تص ّ
أمر محبب للنفوس ،وعلى العالم واجب كبير ومسئولية أمام الله.
)(1 /
دون أنفسهم قال يوسف :ولكن أل ترى أن حديثك هذا يجعل المسلمين ل ُيع ّ
للقتال حق العداد ما داموا ُيقاتلون إخواًنا لهم ،وما دام النصارى موحدين،
لذا يتخاذل المسلمون على حين يقوى الصليبيون إذ ُيصور لهم بطارقتهم
المسلمين كفارًا ،وأنهم يعبدون محمدًا ،وأنهم يحبون العدوان ،ولو انتصروا
عليهم لقتلوا رجالهم ،وأبقوا نساءهم عندهم سبايا وإماء ،وأنهم قد طردوا
النصارى من قبل من بلد الشام وشمالي أفريقيا واستحوذوا على بيت
ن طرح هذا الكلم ليجعل الجند النصارى يقاتلون بضراوة ،المر المقدس ،وإ ّ
الذي يجعلهم ينتصرون علينا.
إن البطارقة يغالطون رعاياهم ويكذبون ليضمنوا النصر ،وأنتم تغالطون المة
ق لُتضعفوا من الروح المعنوية ،ويؤّدي ذلك بالتالي إلى ة ،وعدم صد ٍ مغالط ً
الهزيمة.
دا ،ل ُتشغل نفسك في هذا الموضوع ،فالنصر بيد الله، قال الشيخ :ل ،ل ،أب ً
دون ،فتوكل على الله ،ول تخف. والمسلمون يستع ّ
وانصرف يوسف وهو يقول في نفسه :إن أمثال هؤلء من مشايخ السوء
لخطر على المسلمين من أعدائهم ،ولئن نصرني الله لبدأ بهم ـ إن شاء الله
ـ.
18
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
تكلم عن حرية العقيدة ،وأطال في تفسير الية الكريمةَ {:ل إ ِك َْراه َ ِفي
ن]' }[256سورة البقرة' وأعلن أن السلم ل يمانع في أن يتخذ النسان دي ِ
ال ّ
19
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أية عقيدة يراها ،ويؤمن بما شاء أن يؤمن ،ثم انتقل إلى أن المسلمين ل
غزوا ،ويحرصون أن يصلوا إلى يغزون وإنما ُيدافعون عن أرضهم فقط إذا ما ُ
عرف من أمر مواقع تقيهم غارات غيرهم ،فهم مسلمون مسالمون ،وما ُ
ن المستمع ّ يظ حتى الجهاد فهو الدفاع عن النفس ،وأطنب في ذلك الحديث
دا خوًفا من الزلل ،ولو أن الحضور سيخرجون إلى بيوتهم ل يكّلمون أح ً
اعتدى عليهم أحد المارة لحنوا رءوسهم ،حتى ليضّنوا بالبكاء خوًفا من أن
يعد ّ ذلك شكوى ،فينجدهم أصحاب الشهامة فيكون قتال..وطال الحديث وكاد
الوقت ينتهي ،ويوسف بن تاشفين مطرق رأسه يستمع ،وإن كان يبدو عليه
اللم ،ولول افتضاح المر لقام وصفع الشيخ وقال له :ل ُتمت علينا ديننا
أماتك الله ،غير أنه صبر.
وما أن انتهى الشيخ حتى قال له يوسف :هل يحقّ لرجل ُيقيم في دار
دم له القرابين، ما ينصبه في ساحة يملكها ،وُيق ّ السلم أن يجعل لنفسه صن ً
ويعبده من دون الله ،ويطوف حوله أمام الناس.
قال الشيخ :ل .
قال يوسف :هذا ما فهمه المستمعون منك ،ولكننا نعرف من أهل العلم أنه ل
ح أن ُيعبد غير الله ،ول مكان يسمح أن يكون وثنيون في ديار السلم ،ول يص ّ
في بلد المسلمين إل لهل الكتاب ومن يتبعهم من مجوس ،وتكون عباداتهم
خاصة بهم في بيعهم وأديرتهم وكنائسهم ،وهذا ما ُنلحظه في البلدان التي
فتحها المسلمون حيث ل يوجد سوى ذلك الصنف الذي ذكرته:أهل الكتاب
والمجوس.
ن} يا ُبني ،فاستمع إلى مشايخك وأنصت ،ول َ
قال الشيخ {:ل إ ِك َْراه َ ِفي ال ّ
دي ِ
ّ
تحاول أن ُتخالف ..تأتي بجديد من عندك فيضللك الله.
ن} ..ول ُيجبر السلم المرء على دي ِ قال يوسف :نعمَ {: .ل إ ِك َْراه َ ِفي ال ّ
ة ،ويترك له الخيار في أن يعبد الله على الصورة التي يرى ،ويدين معّين ٍ
عقيدة ُ
بعقيدة من عقائد أهل الكتاب أو المجوس أما عدا ذلك فل ،فإن شاء اختار
منها ،وإل رحل عن ديارالسلم إلى أي مكان شاء إلى أن يصل السلم إليها،
ن} ولكنكم ُتفسرونها بشكل فيه مغالطة. وهذا تفسير َ {:ل إ ِك َْراه َ ِفي ال ّ
دي ِ
وهي تعني عدم الكراه في عبادة الله ،عدم الكراه في اختيار إحدى العقائد
التي تعبد الله ،أما الوثنية فل.
ويبدو أن بعض الناس قد عرفوا يوسف بن تاشفين من لهجته ونبرة صوته
فقد سمعوه عند قدومه في المرة الولى ،ورأوه في القتال ،وحاول أن ُينّبهوا
ن} وأراد المتابعة. الشيخ غير أن الشيخ تل بعنف َ {:ل إ ِك َْراه َ ِفي ال ّ
دي ِ
عا آخر نستفيد منه ،أيها القارئ الفاضل؟ قال يوسف :يمكن أن أطرح موضو ً
قال الشيخ :تكلم ول تطنب.
قال يوسف :عندما انتشر السلم ،وقفت دولة الفرس يومذاك في وجهه،
كما وقفت دولة الروم ،وكما وقف الطغاة جميًعا ،وعندها بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم رسول ً إلى كسرى قتله ،أصحيح هذا؟
قال الشيخ :نعم .صحيح ،فما تبغي؟
قال يوسف :وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت حركة
دا لهم في دولتي الفرس دون سن ًدين في أرض العرب وجد المرت ّ المرت ّ
والروم ،أصحيح هذا؟
قال الشيخ :نعم .صحيح ،فما وراء ذلك؟
دين؟ هل تابع يوسف :فما على المسلمين أن يفعلوا وقد قضوا على المرت ّ
يتركون الفرس ،والروم ُيثيرون الفتن ضد ّ المسلمين؟ هل يتركونهم يمنعون
20
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن أن ُيسلم ،وإن أسلم أحدهم قتلوه وصلبوه؟ أم ماذا يفعلون؟ أي إنسا ٍ
قال الشيخ :يغزونهم ،وقد فعلوا ،فمن واجب المسلمين نشر الدعوة في
سبيل الله ،فمن وقف في وجهها قاتلوه ،ول يبدؤونهم بالقتال حتى يدعوهم
إلى السلم ،فإن قبلوا؛ فقد اهتدوا ،وأصبحوا من المسلمين ،شأنهم شأن
بقية المسلمين في الحقوق والواجبات ،وإن أبوا عرضوا عليهم الجزية ،فإن
قبلوا اكتفى المسلمون بذلك ورجعوا عنهم ،ومعنى قبول الجزية ،أن يسمح
للدعوة بالنتشار ،وُتعطى حرية العمل للذين أسلموا في نشر دينهم دون
إكراه ،وإن رفضوا الجزية فلبد ّ عندها من السيف بعد النذار.
قال يوسف :جزاك الله خيًرا ،لقد أفدتنا ،أي أن المسلمين ُيقاتلون الذين
يقفون في وجه الدعوة حتى ُيسلموا أو يقبلوا الجزية ويسمحوا للدعوة
بالنتشار ،وهذا هو الجهاد.
قال الشيخ :هذا صحيح ،وهذا ما أردته بالضبط.
قال يوسف :فتح المسلمون المغرب ووصلوا إلى ساحل المحيط ،وكان بحر
ة
الزقاق يفصل بينهم وبين القوط في الندلس ،وُيعد البحر مكان حماي ٍ
يمكنهم منع أعدائهم من النزول إلى بلدهم ،فلماذا يا ُترى اجتاز المسلمون
بحر الزقاق وانتقلوا إلى الندلس ،وقاتلوا أهلها ،وفتحوها واستقّروا فيها؟
فهل هذا اعتداء من قبل المسلمين؟
قال الشيخ :معاذ الله ،أن يكون المسلمون معتدين ،إنما استنجد فيهم
المظلومون فأنجدوهم ،وحاول الطغاة منعهم فقاتلوهم ،وانتصروا عليهم،
وأراد البغي أن ُيثير الفتنة على المسلمين فاستقّروا لُيقّروا المسلم ،وينشروا
المن ،وُيعطوا الرخاء.
)(3 /
قال يوسف :إذا ً ل يحرص المسلمون على الوصول إلى مناطق تحميهم من
العداء ،وترد ّ عنهم كيد المعتدين.
دا ،وإنما ُيحارب المسلمون الظلم أينما ُوجد ،ول تقف في قال الشيخ :أب ً
متهم في الحياة مه ّ
وجههم عقبة من عقبات الرض ،وإنما عليهم أن ُيؤدوا ُ
مة المسلمين الساسية رفع الظلم ،ومنع مه ّدموا من تضحيات ،ومن ُ مهما ق ّ
الجور ،ومقاتلة الشرك ،وهذا ما يجب أن تضعه أمام عينك يا ُبني ،ويجب أن
يعرفه الناس جميًعا.
ما معتدين أغاروا على جزء من أرض السلم ،فماذا ً قو قال يوسف :لو أن
يفعل المسلمون؟
قال الشيخُ :يصبح الجهاد فرض عين على المسلمين جميًعا أينما كانوا ،وفي
أّية ُبقعةٍ حّلوا ،وإذا ما نال المعتدون من المسلمين كان على النساء من أهل
ضا والذود مع الرجال عن حمى المسلمين. تلك الجهة واجب القتال أي ً
قال يوسف :إذا ً ُيجاهد المسلمون في سبيل الله ،ويهّبوا للدفاع عن ديارهم.
قال الشيخ :نعم ،يا بني.
قال يوسف :جزاك الله خيًرا ،ونفع بك.
س أمام السائل يوسف أنه وشعر المستمعون أن الشيخ كان ُيغالط ،وقد أح ّ
كان يقول من غير تثّبت ،وقد تراجع عما كان عليه ،وأيقن الحضور أن كلم
الشيخ كان ُيضعف فيهم روح الجهاد ،وأن واجبهم البقاء في ديارهم قابعين
فإن داهمهم غزو قاموا لرّده والدفاع عن ديارهم وأموالهم وأعراضهم ليس
إل.
21
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
لكن السلم يأمرهم غير ذلك يأمرهم :بقتال الظلم ،ونصر المظلومين،
والسير إليهم لتخليصهم مما ُيعانون ولو كانوا في آخر الرض ..كما عليهم
قتال كل من يقف في وجه الدعوة ومنع السلم من النتشار مهما نأت ديار
أولئك البغاة ..كما عليهم أل ينتظروا الطغاة حتى يعتدوا عليهم فيرّدوا كيدهم،
وإنما عليهم أن يسيروا إليهم ويداهموهم في أماكنهم قبل أن يتحركوا ،ولو
فعلوا ذلك لما تطاول السبان ولما ارتفعت لهم راية ،ولبقى الندلس يعيش
في ظل دوحة السلمية ويتقيأ في ظللها.
لكن إن فهمت حقيقة السلم مجموعة فقد بقيت أعداء تنتشر في أمصار
ث تلك الفكار الخاطئة وُتغالط في المفهومات العالم السلمي الواسعة تب ّ
م ،وأصبح مفهوم السلم لدى كثيرٍ من الساسية للسلم حتى كادت تع ّ
خر المسلمين الناس الستسلم بمعنى السلم ،وكان هذا من جملة أسباب تأ ّ
ووصولهم إلى هذه الدرجة من التخلف والنهزامية والضعف حتى سيطر
العداء على بلدهم .
دعون المعرفة يظنون أن السلم ول زال كثير من عامة المسلمين أو ممن ي ّ
ضا ،ودين العّزةدين السلم فقط بمعنى الستسلم ،وليس دين القوة أي ً
والمنعة ،والجهاد وسيلة من وسائل الدعوة إليه .فقد أراد الشيوعيون في
يوم من اليام أن ُيغالطوا على المسلمين ويدخلوا عليهم من هذا الباب
ي
عرفت بـ ':جمعية أنصار السلم' فأ ّ فيكسبون أعداًدا ،منهم فشكلوا جمعية ُ
تسمية هذه؟! وأيّ سلم هذا؟! أهو استعمار بلد التتار وسحق أهلها ،أم
احتلل بلد القفقاس وتشريد سكانها ،أم اقتحام بلد تركستان وقتل أبنائها،
أم غزو بلد الفغان وتدمير مدنها وإحراق قراها ،وتشريد الناس ،وتسيير
الدبابات الروسية على جماجم الطفال والعاجزين ..أم ماذا؟
وجاءت هذه الجمعية لتنشر بين المسلمين أن السلم يدعو إلى السلم
ونشر السلم ،ونحن نؤيد فلنتعاون ،ولنطالب بالسلم ،وكانوا يأخذون تواقيع
المغفلين من المسلمين دللة على التأييد للمنظمات الشيوعية.
يجب أن ننتهي من تلك الغفلة ،ومن تلك المغالطات ،ونضرب على أيدي
أولئك الذي ُيغالطون ،وينشرون الخطاء بين الناس ليناموا ..يجب أن
يستيقظوا الن ويعرفوا أن السلم دين السلم وفي الوقت نفسه دين القوة
والعزة والمنعة ،والجهاد في سبيل الله ،ومجاهدة الكفار والظالمين وحربهم
م العدل ،ويسود السلم أينما كانوا حتى يزول الظلم ،وينتهي الشرك ،ويع ّ
الرض كلها.
نتائج المغالطات:
لقد ضاع في تيه هذه المغالطات كثير من الناس ،فأعداد من المسلمين
الحريصين على عقيدتهم يتساءلون:
* هل نحن نعيش في دار السلم أم في غيرها؟
* هل يصح موالة أعداء الله وإقامة أحلف معهم أم ل؟ أناس قالوا بهذا،
وآخرون قالوا بذاك وفي كل الفريقين من يقول بالعلم ..؟
* هل هذه مؤسسات إسلمية أم تحمل عنواًنا فقط؟ أناس يثنون ،وتظنهم
دا ،ولكن الخرين ل يريدون ،وليس لهم صالحين ،ول نزكي على الله أح ً
مصلحة؟ مع أي الفريقين وجه الصواب؟
* هل الزهد مقبول؟ أهو الفقر أم هو عدم التمسك بالدنيا؟ وما هو الفرق
بين الزهد والتصوف؟
إن الكثير من هؤلء يريدون أن يتلمسوا الطريق فل يعرفون؛ لذا كثرة الفئات
صب كل لرأيه ،وما منع الناس أن يعرفوا الحق إل وتعددت الجماعات ،وتع ّ
22
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ب فل
التعصب للرأي ،وللجماعة ،والشيخ ،إذ يعتقد كل أن من يتبعه على صوا ٍ
يخطئ ،وينسى أن ل عصمة في السلم لحد بعد النبياء.
* لبد من الوضوح والخذ من النبع الصلي الصافي :كتاب الله ،وسنة
رسوله.
* ولبد من ترك التعصب للفراد والجماعات ،وسؤال أهل العلم ،ومحاولة
التمييز والمقارنة.
)(4 /
وكما ضاع المسلمون الحريصون على دينهم ضاع غير الحريصين ،وهم نسبة
ل بأس بها ،ول يمكن إغفالها ـ مع السف ـ وجدير بهم أن يضيعوا ،وأمر
طبيعي أن يتيهوا ،وقد تخلوا عن عقيدتهم ،وضاعوا في الحزبية ،والمصالح
وعصبيات المنافع الواحدة والمشتركة ،والهواء والشهوات.
من أسباب ضياع المسلمين:
أسباب خارجة عن إرادة المسلمين:
* المؤسسات الصليبية واليهودية المتعددة بأسمائها وعناوينها المكشوفة
والمغطاة ،والمخططات التي توضع.
* والفرق الباطنية التي تعمل بالسر ،والظاهرة التي تعمل بوحي من أعداء
السلم ،وهم الذين أنشأوها ول يزالون يدعمونها.
أسباب تعود إلى المسلمين أنفسهم:
* مصالحهم ،وشهواتهم ،والغراءات التي يدلي بها لهم أعداؤهم ،وينثرونها
لهم حتى ينقلبوا إلى بهائم ..إلى جبابرة ..إلى طغاة يوجهون سيوفهم إلى
رقاب أبناء عقيدتهم التي ينتمون إليها.
* وليس دور الجهل ،والخرافة ،والجلفة بأقل من ذلك؛ إذ ل يقبلون رأًيا ،ول
يعرفون وضًعا ،ول يريدون أن يتعرفوا على ما ُيرسم لهم ويخطط.
لبد من إنارة الطريق:
لبد من إنارة الطريق لهؤلء الضائعين كي يسلكوا الطريق المستقيمة..
وينفضوا عن أعينهم ما سبق أن لحقها من غشاوة ..وإذا جد ّ الدعاة ..وأخلص
السائرون في سبيل الله؛ فإن النصر قادم ـ بإذن الله .-والله نسأل أن
يوفقنا ،وأن يسدد خطانا لنارة الدرب ،فهو نعم المولى ونعم النصير ،ول
حول ول قوة إل بالله العلي العظيم.
من رسالة ':المغالطات وأثرها في المة' للشيخ /محمود شاكر
)(5 /
23
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مشدودين إلى البرامج المتنوعة التي يقدمها طيلة ساعات البث ،المر الذي
تسبب في الحد من النشاطات الجتماعية التي كان أفراد العائلة يزاولونها
في عهد ما قبل التلفزيون مثل تبادل الزيارات العائلية مع الهل والجيران
فأصبح النسان ل يرى قريبه ربما لشهر عديدة .
ثانيا ً :الجانب الثقافي والنفسي :
فكثير من علماء النفس يقومون بحملة ضد التلفزيون خاصة بالنسبة لتأثيره
السلبي على النمو العقلي والفكري لدى الطفال فهم يلقون باللوم عليه
لكونه وسيلة إتصال من جانب واحد يقوم التلفزيون عن طريقها ببث ما
يريده القائمون عليه من برامج وأفكار ومبادئ من جانب واحد فيفقد الطفل
القدرة على التحاور وإبداء الرأي وتبادل الفكار وبالتالي يفقد القدرة على
البتكار والمبادرة ومن ثم النمو الثقافي بل والنفسي أيضا ً حيث يسبب لهم
النطوائية .
ثالثا ً :الجانب العضوي ) أو الفسيولوجي ( :
ى على كثير من الناس . وهو التأثير الذي يحصل على جسم النسان ويخف َ
ق الضوء على كيفية عمل التلفزيون . ولكي نتعرف على هذا الجانب دعونا نل ِ
إن أهم جزء في جهاز التلفزيون هو الشاشة التي تقوم بتحويل اللكترونات
الساقطة عليها من الخلف إلى نقاط ضوئية تتشكل بواسطتها الصورة التي
نراها .ويتم إنطلق اللكترونات بسرعة عالية جدا ً نتيجة وجود فرق جهد
مطِلق اللكترونات والشاشة قد يبلغ حوالي 30ألف فولت وعندما هائل بين ُ
تصدم هذه اللكترونات بالشاشة المصنوعة في الغالب من مادة الفوسفور
فإنها تسبب في إنطلق نوع آخر من الجزيئات اسمها الفوتونات ) أو
الجزيئات الضوئية ( التي تشكل النقاط الضوئية وبالتالي الصورة على
الشاشة .وتماثل هذه العملية العملية الخرى التي يتم بها تكوين أشعة إكس
المستخدمة في المستشفيات للنواحي الشخصية .
فإن جهاز أشعة إكس يحتوي على لوح معدني تصطدم به اللكترونات
المنطلقة بسرعة هائلة ويتسبب ذلك الصطدام في إنطلق جزيئات الفوتون
ون بدورها أشعة إكس .وكما يعلم الجميع فإن السالفة الذكر بطاقة كبيرة ت ُك َ ِ
الشعة لديها القدرة على اختراق جسم النسان لتسقط على لوح
فوتوغرافي ينطبع عليه شكل عضو الجسم المعرض للشعة ،وهناك حقيقة
جاوزثابتة قد تخفى على بعض الناس وهي أن تلك الشعة ضارة بالجسم إذا ت ُ َ
القدر الذي يمتصه الجسم منها حدا ً معينا ً .لذلك نرى مختصي الشعة يرتدون
ملبس واقية مصنوعة من الرصاص لنه مادة تمنع مرور الشعة .
وكذلك فإن الغرف الموجودة فيها أجهزة الشعة تحاط بغلف من الرصاص ،
كما يدخل في مادة أبوابها الرصاص لتوفير الوقاية اللزمة للمارة خارج
الغرفة .كما يوصي الطباء بعدم التعرض لشعة إكس الخاصة بالصدر لكثر
من مرتين سنويا ً لنها أشعة قوية .
وتكمن أضرار أشعة إكس في أنها قد ُتعرض النسان ل سمح الله إلى تأين
جزيئات خليا جسمه مما قد يتسبب في حدوث نشاط غير عادي لتلك
الخليا ،ومن الضرار التي قد تنشأ من ذلك :العقم وإصابة العين بالجلوكوما
وتورم الغدة الدرقية وغيرها .
وكما ذكرت آنفا ً فإن الشعاع الصادر نتيجة اصطدام اللكترونات بشاشة
التلفزيون يتولد معه أشعة إكس إل أنها ليست بنفس قوة الشعة التي
ُتستعمل في المستشفيات ولكن الخطر يكمن في أنه إذا إعتاد النسان
الجلوس أمام التلفزيون عن ُقرب ولفترات طويلة فإن كمية الشعة الممتصة
24
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
مما سبق يتبين أن للتلفزيون وشاشات الكمبيوتر جوانب سيئة ينبغي علينا
معرفتها وتوعية أطفالنا وفلذات أكبادنا بها ومحاولة تفاديها للمحافظة على
سلمتنا بتتبع الخطوات التالية :
- 1تقليص الوقت الذي يشاهد فيه أفراد العائلة ،وخاصة الطفال ،
التلفزيون وشاشات الكمبيوتر ،بقدر المكان .
- 2التأكد من جلوس الطفال على مسافة ل تقل عن ثلثة أمتار عن
الشاشة .
ض الطفال على مزاولة النشاطات الخرى المفيدة لعقولهم ح ْ
َ -3
وأجسامهم مثل الرياضة والقراءة .
- 4استعمال الشاشات المخصصة للكمبيوتر لنها تغطي في العادة بطبقة
ج الذي يؤثر في العين . واقية ضد الوَهَ ْ
)(2 /
25
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
بنية الوضوء ويكفي ،وليس هناك حاجة إلى أن يقول :نويت أن أتوضأ ،أو
نويت أن أصلي ،أو نويت أن أصوم ،أو ما أشبه ذلك ،إنما النية محلها
القلب ،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :إنما العمال بالنيات وإنما لكل
امرئ ما نوى
ولم يكن عليه الصلة والسلم ول أصحابه يتلفظون بنية الصلة ،ول بنية
الوضوء ،فعلينا أن نتأسى بهم في ذلك ،ول نحدث في ديننا ما ل يأذن به
الله ورسوله ،يقول عليه الصلة والسلم :من عمل عمل ليس عليه أمرنا
فهو رد يعني :فهو مردود على صاحبه .
فبهذا يعلم أن التلفظ بالنية بدعة .
والله ولي التوفيق .
المصدر /موقع الشيخ ابن باز
)(1 /
التلميذ المثالي
خطائي نأ ْ م ْ م ِ ّ
ن أت َعَل َ ً
ص د َْوما أ ْ حرِ ُ ميذ ٌ أ ْ أنا تل ْ ِ
م َ
لئي مّني ُز َ ب ِ ض َ ن ي َغْ َ وما ً أ ْ ض يَ ْ ستي أْرفُ ُ في مد َْر َ
جاِري ً ُ ُ َ وأ ُ ِ
ميعا ..ول ِ َ ج ِ س َ ِ ه للّنا خي َْر وأب ْذل ُ ب ال َ ح ّ
َ وأ ُ ِ
شَعاِريت ِ ل ال َْوقا ِ ه في ك ُ ّ جعَل ُ ُصد ْقَ وأ ْ ب ال ّ ح ّ
س
م ِ ق ال ّ
ش ْ شُرو ِ ل ُ حو قَب ْ َ ص ُ عشقُ د َْرسي أ ْ دْومًا ..دْوما ً أ ْ
َ َ ُ ُ أتو ُ
س
م ِ ل ال ْ ما َ جعُ أعْ َ صّلي وأرا َ ِ ل ..وأ َ حا ً ضأ َ َ َ ّ
)(1 /
26
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
َ َ
م الل ّ ُ
ه دا وقوله سبحانه :ذ َل ِك ُ ُ ح ً معَ الل ّهِ أ َ عوا َ جد َ ل ِل ّهِ َفل ت َد ْ ُ سا ِ م َ ن ال ْ َ عز وجل :وَأ ّ
م
عوهُ ْ ن ت َد ْ ُ ميرٍ * إ ِ ْ ن قِط ْ ِ م ْ ن ِ كو َ مل ِ ُ ما ي َ ْ ن ُدون ِهِ َ م ْ ن ِ عو َ ن ت َد ْ ُ ذي َ ك َوال ّ ِ مل ْ ُ ه ال ْ ُ م لَ ُ َرب ّك ُ ْ
ن
فُرو َ مةِ ي َك ْ ُ قَيا َ م ال ْ ِ م وَي َوْ َ جاُبوا ل َك ُ ْ ست َ َ ما ا ْ مُعوا َ س ِ م وَل َوْ َ عاَءك ُ ْ مُعوا د ُ َ س َ ل يَ ْ
ن الل ِّ
ه دو ن م عو د ي ن م م ل ّ ض َ أ ن م و : تعالى وقال ر بي خ لُ ْ ث م كَ ُ ئ ُ
ِ ّ ْ َ ْ ُ ِ ْ ُ ِ َ َ ْ َ َ ِ ٍ ِ شْر ِ ْ َ ُ َ ّ
ب ن ي ول م ك ك بِ ِ
شَر ح ِ ن * وَإ َِذا ُ غافُِلو َ م َ عائ ِهِ ْ ن دُ َ م عَ ْ مةِ وَهُ ْ قَيا َ ه إ َِلى ي َوْم ِ ال ْ ِ ب لَ ُ جي ُ ست َ ِ ن ل يَ ْ م ْ َ
ع م ُ ع د ي ن م و : وجل عز وقال ن ري ف َ
كا م ه ِ تد با ِ ع ب نوا َ
كا و ً ء دا ْ ع َ أ م ه َ ل نوا كاَ س نا ال
َ َ ْ َ ْ َ َ ِ ِ َ َ ُ ِ َ َ ِ ْ َ ُ ْ ُ ّ ُ
ن فأبان ُ َ رو ِ ف َ
كا ْ لا ح
ُ ُ ِ ل ْ ف ي ل ه ّ ن إ
َ َ ّ ِ ُ ِ ه ب ر د ْ ن ع
ِ ه
َ ُ ُب سا ح ِ ما
ِ َ ّ ن إ َ ف ِ ه ب
َ ُ ِ ه َ ل ن ها َ ر
ُْ ب ل ر َ خ
َ آ ها الل ّهِ إ ِل ً
َ
سبحانه في هذه اليات أنه المالك لكل شيء وأن العبادة حقه سبحانه ،وأن
جميع المعبودين من دونه من أنبياء وأولياء وأصنام وأشجار وأحجار وغيرهم ل
يملكون شيئا ول يسمعون دعاء من دعاهم ،ولو سمعوا دعاءه لم يستجيبوا
له ،وأخبر أن ذلك شرك به عز وجل ،ونفي الفلح عن أهله ،كما أخبر
سبحانه أنه ل أضل ممن دعا غيره ،وأن ذلك المدعو من دون الله ل
يستجيب لداعيه إلى يوم القيامة ،وأنه غافل عن دعائه إياه ،وأنه يوم
القيامة ينكر عبادته إياه ،ويتبرأ منها ،ويعاديه عليها ،فكفى بهذا تنفيرا من
الشرك وتحذيرا منه ،وبيانا لخسران أهله وسوء عاقبتهم .
وترشد اليات كلها إلى أن عبادة ما سواه باطلة ،وأن العبادة بحق لله وحده
َ ،ويؤيد ذلك صريحا قوله عز وجل :ذ َل َ َ
ن
م ْ ن ِ عو َ ما ي َد ْ ُ ن َ حقّ وَأ ّ ه هُوَ ال ْ َ ن الل ّ َ ك ب ِأ ّ ِ
ل الية من سورة الحج . ُدون ِهِ هُوَ ال َْباط ِ ُ
وذكر سبحانه في مواضع أخرى من كتابه أن من الحكمة في خلق الخليقة أن
يعرف سبحانه بعلمه الشامل وقدرته الكاملة ،وأنه عز وجل سيجزي عباده
نم َ ت وَ ِ ماَوا ٍ س َ سب ْعَ َ خل َقَ َ ذي َ ه ال ّ ِ في الخرة بأعمالهم ،كما قال عز وجل :الل ّ ُ
َ َ مث ْل َهن ي َت َن َّز ُ َ اْل َْر
ن الل ّ َ
ه ديٌر وَأ ّ يٍء قَ ِ ش ْ ل َ ه عََلى ك ُ ّ ن الل ّ َ موا أ ّ ن ل ِت َعْل َ ُ مُر ب َي ْن َهُ ّ ل اْل ْ ض ِ ُ ّ ِ
َ َ َ
ن
تأ ْ سي َّئا ِ حوا ال ّ جت ََر ُ نا ْ ذي َ ب ال ّ ِ س َ ح ِ م َ ما وقال تعالى :أ ْ عل ْ ً يٍء ِ ش ْ ل َ ط ب ِك ُ ّ حا َ قَد ْ أ َ
ماساَء َ م َ مات ُهُ ْ م َ م وَ َ حَياهُ ْ م ْ واًء َ س َ ت َ حا ِ صال ِ َ مُلوا ال ّ مُنوا وَعَ ِ نآ َ ذي َ كال ّ ِ م َ جعَل َهُ ْ نَ ْ
ت َ ُ
جَزى ك ّ ْ َ ْ ّ َ ُ
سب َ ْ ما ك َ س بِ َ ف ٍ ل نَ ْ حقّ وَل ِت ُ ْ ض ِبال َ ت َوالْر َ ماَوا ِ س َ ه ال ّ خلقَ الل ُ ن * وَ َ مو َ حك ُ يَ ْ
ن مو َ َ ْ
م ل ي ُظل ُ وَهُ ْ
)(1 /
27
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
وإني لنصح إخواني أهل العلم والقائمين بالدعوة إلى الله سبحانه بأن يعنوا
بهذا الصل العظيم ويكتبوا فيه ما أمكنهم من المقالت والرسائل حتى ينتشر
ذلك بين النام ويعلمه الخاص والعام ،لعظم شأنه وشدة الضرورة إليه ،
ولما وقع بسبب الجهل به في غالب البلدان السلمية من الغلو في تعظيم
القبور ،ول سيما قبور من يسمونهم بالولياء واتخاذ المساجد عليها وصرف
الكثير من العبادة لهلها كالدعاء والستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك .
ولما وقع أيضا بسبب الجهل بهذا الصل الصيل في غالب البلد السلمية من
28
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
29
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
التفصيل إلى ذلك لحقا ً أما ما يهمنا هنا فهو ما يتعلق بتأويل الحاديث ،فالله
ف ِفيس َ مك ّّنا ل ُِيو ُ ك َ _عز وجل_ قرن به التمكين ،فقال _سبحانه_" :وَك َذ َل ِ َ
ْ
ث")يوسف :من الية .(21ذكر بعض العلماء ل اْل َ َ
حاِدي ِ ن ت َأِوي ِ
م ْه ِ ض وَل ِن ُعَل ّ َ
م ُ
َْ
الْر ِ
أن تأويل الحاديث هنا ليس محصورا ً فيما يتعلق بتعبير الرؤى بل هو أعم من
ذلك ،فيشمل تفسير الحداث وتوقع نتائجها والقدرة على التعامل معها،
فيوسف _عليه السلم_ أكرمه الله بتأويل الحاديث أي تعبير الرؤيا ،وهذا
معنى أّولي ،وهو ما مشى عليه عامة المفسرون ،ومعنى آخر ،وهو تأويل
الحاديث ،بمعنى تفسير الحداث واستشرافها والتخطيط لها ،وهذا ما حصل
عندما ولي أمر تدبير ما بدء تحققه مما توقعه بعد تأول الرؤيا.
ولعل هذا الضرب من تأويل الحاديث فيه شبه مما أعطيه عمر بن الخطاب
_رضي الله تعالى عنه_ ،فقد كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول" :قد
كان يكون في المم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر
بن الخطاب منهم" ]أخرجاه في الصحيحين[ وليس ذلك من ادعاء علم
الغيب .كل وحاشا ،بل هي فراسة وعلم قائم بذاته ،يبنى على الحقائق
والدراسات والرقام .يلهمه الله بعض خلقه ،وخاصة إذا توافر فيهم الصدق،
واليمان ،والتقوى ،فينير الله بصيرتهم ،ويجعل لهم فرقانًا.
ولعل الناظر إلى علم دراسات المستقبل ،والذي غدا اليوم علما ً مستقل ً
يدرس في أعرق الجامعات ،يلحظ أن الذين تفارقهم التقوى واليمان
يخطئون كثيرا ً في هذا الجانب رغم عظم ما عندهم من وسائل مادية
وإمكانات.
أما إذا توافر مع هذا العلم تقوى وورع وصدق مع الله _جل وعل_ والتجاء
إليه ،فيجعل الله لصحابه فرقانا ً يميزون به بين الحق والباطل ،وفراسة ل
ه ")البقرة: م الل ّ ُ
مك ُ ُ ه وَي ُعَل ّ ُ قوا الل ّ َ
تكاد تخطئ ،وقد قال الله _عز وجل_َ" :وات ّ ُ
ً َ ّ َ
م فُْرَقانا")لنفال: ُ
ل لك ْ جعَ ْ ه يَ ْقوا الل َ ن ت َت ّ ُ
مُنوا إ ِ ْ
نآ َذي َ من الية َ" .(282يا أي َّها ال ّ ِ
من الية .(29
)(1 /
30
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وبهذا نصبح قادرين على رسم الطريق الصحيح لخروج المة من واقعها
الليم ،قادرين على استثمار كل خطأ وكل حدث قد يصدر من الخرين،
مترقبين له متوقعين ،وبهذا يحصل العز والتمكين للمسلمين ،كما حصل لنبي
ْ َ
ل
من ت َأِوي ِ
ه ِ ض وَل ِن ُعَل ّ َ
م ُ ف ِفي الْر ِ س َ مك ّّنا ل ُِيو ُ
ك َالله يوسف من قبل "وَك َذ َل ِ َ
َ َ
ن".مو َ س ل َ ي َعْل َ ُ ن أك ْث ََر الّنا ِ مرِهِ وَل َك ِ ّ
ب عََلى أ ْ ث َوالل ّ ُ
ه َ
غال ِ ٌ ال َ َ
حاِدي ِ
نسأل الله أن يعز جنده ،وأن يظهر كتابه وسنة نبيه وعباده الصالحين ،والحمد
لله رب العالمين.
)(2 /
31
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
ومن قال إنها غائبة عن الواقع الجتماعي إذا لم تتبّرج وتختلط بـ)الذكور!!(؟
وإنها ل تحضر في الواقع إل بخروجها لموضوع الرجل واختصاصه؟
إننا في ظل هذا الفهم الخاطئ بحاجة إلى هيئات ومنظمات وروابط نسائية
في مجال تنمية ذات المرأة المسلمة" ،وأقصد به ارتباطها بما تؤمن به
دسه" .وفي مجال تطوير قدراتها الفطرية )المومة ،والتربية ،والعلقات وتق ّ
الجتماعية ,ورعاية السرة ,وتعليم القيم( ،وكذلك في المجالت النسوّية
الخاصة )طب السرة ,طب المرأة ,التمريض ,التعليم ,إعلم المرأة( للدفاع
عن المرأة وحفظ حقوقها الشرعية ،وإيقاف الدعوات التي ل تحترمها.
ويبقى نجاح الجهود التي تستهدف قضايا المرأة مرهون بالنتائج التي
ستقدمها للمرأة من حيث حفظ هويتها وشخصيتها السلمية؛ فهي ل تتطلع
لماديات الحياة فقط ..إنها مسلمة توظف كل إمكاناتها لتحقيق عبودّيتها لله،
32
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
م ِفي مك ّّناهُ ْن ِإن ّ ذي َ ونظرتها بعيدة إلى ما هو أعظم من هذه العاجلة) .ال ّ ِ
َ َ اْل َْر
منك َرِ وَل ِل ّ ِ
ه ن ال ْ ُوا عَ ِ
ف وَن َهَ ْ معُْرو ِ مُروا ِبال ْ َ كاةَ وَأ َ وا الّز َصَلة َ َوآت َ ُ موا ال ّ ض أَقا ُ ِ
عاقِب َ ُ ُ
موِر( ]الحج .[41:فطموحها تحقيق ذاتها وحضورها في الحياة البدية ة اْل ُ َ
ت نا
َ ّ ِ ج في ت حا
ّ ِ َ ِ ِ لصا ال لوا ُ م ع و نوا
ِ َ َ ُ َ َ ِ م آ ن ذي ّ لفاَ م هن ي ب م ُ ك ح ي
َ ْ َ ِ ٍ ِ َ ْ ُ ََْ ْ ه ّ لّ ل ذ ئ م و ي كُ ْ لمُ ْ ل)ا
ن(] .الحج -56 هي م ب َ
ذا ع م ه َ ل َ
ك ئَ لوفروا وك َذ ّ ُبوا بآياتنا فَأ ُ َ َ ك ن ّ
ٌ ّ ِ ٌ َ ُ ْ ْ ِ َ ُ ِ َ َِ ُ الن ّ ِ ِ َ ِ َ
ذي لوا * م عي
.[57
وهذا هو التمكين في ثقافتنا؛ ثقافة العقلء الغنياء بقيمهم ،وليس البحث عن
ول النظمة ،وضغط التفاقيات، تحقيق القوة للمرأة من خلل تس ّ
والمنظمات المشبوهة ،التي ترعى المثلية! أو السر غير التقليدية! وتسميها
)الصحة النجابية(!! وتعدها من أساليب تمكين المرأة!
)(2 /
التمني
والتمني والمل قرينان ,إل أن المل صاحبه يقدم بين يديه سببا ,بخلف
التمني فصاحبه يريد شيئا بل سبب ,والتمني ينقسم إلى محمود ومذموم.
فما كان من أمر الخرة فهو محمود ؛ لن العبد لن يبلغ الجنة بعمله .فهو
يتمنى فوق عمله بعد استيفاء السباب التي أمر الله بها ,فطمع في رحمة
الله ؛ فتمنى مال يبلغه عمله ,وما كان من أمر الدنيا!فإن كان عونا على
الخرة فهو محمود ,وإن كان من أمر الدنيا محض فهو سفه ,ونقص في
العقول فإن الدنيا والخرة ضرتان إن انشغل بواحدة أضر بأختها ,ثم لن يأتيه
َ
ن
م ْ ماٍء أن َْزل َْناه ُ ِ حَياةِ الد ّن َْيا ك َ َ ل ال ْ َ مث َ ُ ما َ در له ,قال تعالى }:إ ِن ّ َ مما تمنى إل ما قُ ّ
َ َ ْ
ما ي َأك ُ ُ َ خت َل َ َ
ت خذ َ ْ حّتى إ َِذا أ َ م َ س َوالن َْعا ُ ل الّنا ُ م ّ ض ِ ِ ت الْر ط ب ِهِ ن ََبا ُ ماِء َفا ْ س َ ال ّ
مُرَنا ل َي ْل ً أ َوْ ن ََهارا ً ها أ َ
ن عَلي َْها أَتا َ ْ
َ َ م َقادُِرو َ
َ
ن أهْلَها أن ّهُ ْ ُ َ
ت وَظ ّ َ خُرفََها َواّزي ّن َ ْ ض ُز ْ الْر ُ
َ
َ َ
ن) فك ُّرو َ قوْم ٍ ي َت َ َ ت لِ َ ل الَيا ِ ص ُ ف ّ ك نُ َ س ك َذ َل ِ َ م ِ ن ِبال ْ م ت َغْ َ ن لَ ْ صيدا ً ك َأ ْ ح ِ ها َ جعَل َْنا َفَ َ
( 1) {(24
َ ُ َ َ َ َ
م
ن أهْلَها أن ّهُ ْ ت وَظ ّ خُرفََها َواّزي ّن َ ْ ض ُز ْ ت الْر ُ خذ َ ْ حّتى إ َِذا أ َ تأمل قوله تعالى َ ):
ن عَل َي َْها(أي وصلوا إلى قمة الغفلة عن الله ,واغتروا بما في أيديهم , َقادُِرو َ
ونسوا موجدهم ,وفرحوا بما عندهم ,وبينما هم كذلك بهتهم أمر الله ,كما
َ َ َ قال تعالى)أ َتا َ َ
س( م ِ ن ِبال ْ م ت َغْ َ ن لَ ْ صيدا ً ك َأ ْ ح ِ ها َ جعَل َْنا َ مُرَنا ل َي ْل ً أوْ ن ََهارا ً فَ َ ها أ ْ َ
فأذهبهم الله عز وجل ,وأذهب ما بأيديهم .
ولكن من يعتبر بآيات الله ,ويقف عند الحقائق التي أوقف الله عباده عليها
ن( . فك ُّرو َ قوْم ٍ ي َت َ َ ت لِ َ ل الَيا ِ ص ُ ف ّ ك نُ َ كما قال تعالى ):ك َذ َل ِ َ
فالتمني المحمود هو رضى الله والجنة مع أخذ السباب بما أمر الله به..
ن
كا َ ك َ ن فَأ ُوْل َئ ِ َ م ٌ مؤ ْ ِ سعْي ََها وَهُوَ ُ سَعى ل ََها َ خَرة َ وَ َ ن أ ََراد َ ال ِ م ْ قال تعالى }:وَ َ
كورا )( 2){(19 ً ش ُ م ْ م َ سعْي ُهُ ْ َ
ن
ْ م
ِ ري ِ ج ْ َ ت تٍ نا ّ جَ مُ ْ هُ ل خ
ِ ْ د ُ ن س
َ ت ِ حا َ ِ لصا ّ ال لوا ُ مِ َ ع َ و نوا ُ م
َ َآ ن ذيِ ّ ل واَ }: سبحانه وقال
ن الل ّهِ ِقيل ً )){(122 م ق د ص قا ً ومن أ َ ّ ح ه ّ ل ال د ع و ً ا بد خال ِدين فيها أ َ َ
ْ ِ ُ َ َ َ ْ ْ َ ِ َ ْ َ َ َ ِ حت َِها الن َْهار َ ِ َ تَ ْ
(3
ثم قال سبحانه بعدها مباشرة :
ن َ ً م ْ ْ }ل َيس بأ َمان ِيك ُم ول أ َمان ِ َ
م ْ ه ِ جد ْ ل ُ جَز ب ِهِ َول ي َ ِ سوءا ي ُ ْ ل ُ ن ي َعْ َ م ْ ب َ ل الك َِتا ِ ي أهْ ِ َ ّ ْ َ ِ َ ّ ْ َ
صيرا )( 4){(123 ً ن الل ّهِ وَل ِي ّا ً َول ن َ ِ ُدو ِ
نري الكثير اغتر بحلم الله عليه ,وبلطفه به ,وبإسباغ النعم ظاهرة وباطنة
مع تقصيره وغفلته ,فعاش في المنية التي عاش فيها أهل الكتاب .كما قال
33
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
34
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
سم له . ضاه بما قُ ِ مراده نال الجر العظيم وبّلغه الله فوق ما تمنى ,ور ّ
وقتك هو رصيدك ورأس مالك -:
فوقت النسان هو عمره في الحقيقة ,وهو مادة حياته البدية في النعيم
المقيم ,ومادة المعيشة الضنك في العذاب الليم ,وهو يمر أسرع من مر
السحاب ,فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره ,وغير ذلك ليس
محسوبا من حياته ,وإن عاش فيه عاش حياة البهائم ,فإذا قطع وقته في
الغفلة والسهو والماني الباطلة ,أو كان خير ما قطعه به النوم والبطالة ,
فموت هذا خير له من حياته ,وإذا كان العبد وهو في الصلة -ليس له من
صلته إل ما عقل منها ,فليس له من عمره إل ما كان فيه بالله ولله.
فعمرك الذي هو رصيد عملك في هذه الحياة ,يأتي الشيطان فيضيعه عليك
بالماني الكاذبة,فإذا بالعبد يؤمل ويتمنى ,حتى يهجم عليه الموت فيرى أنه
أضاع دينه ودنياه.
ن إ ِل ّ عو َ ن ي َد ْ ُ ولذلك انظر إلى حال الشيطان مع أولياءه قال تعالى} ..وَإ ِ ْ
فُروضا )ً م ْ ً
صيبا َ ك نَ ِ عَبادِ َ ن ِ م ْ ن ِ خذ َ ّ ل ل َت ّ ِ ه وََقا َ ه الل ّ ُ ريدا ً ) (117ل َعَن َ ُ م ِطانا ً َ شي ْ َ َ
ن
م فلي ُغَي ُّر ّ َ َ َ ن آَذا َ ُ َ َ ّ
مَرن ّهُ ْ ن الن َْعام ِ َول ُ م فلي ُب َت ّك ّ مَرن ّهُ ْ م َول ُ من ّي َن ّهُ ْ م َول َ ضلن ّهُ ْ َ (118ول ِ
ً
مِبينا ) ً
سَرانا ُ خ ْ سَر ُ خ ِ قد ْ َ َ
ن اللهِ ف َ ّ ن ُدو ِ م ْ ً
ن وَل ِي ّا ِ َ
خذ الشي ْطا َ ّ ْ ن ي َت ّ ِ م ْ خل ْقَ الل ّهِ وَ َ َ
ن إ ِل ّ غُُرورا ً )(10 ){(120 ً َ
طا ي ّ
ش ال م ه د ع ي ما و م ه ني م ي و م ه د عي ( 119
ُ ْ َِ ُ ُ ْ َُ َ ّ ِ ْ َ َ َِ ُ ُ ْ
ن
ُ طاَ ْ ي ش ّ ال م ه
َ َ َِ ُ ُ ْ د ع ي ما و وجل) عز قال ثم م( م وَي ُ َ ّ ِ ْ
ه ني م انظر إلى قوله تعالى)ي َعِد ُهُ ْ
إ ِل ّ غُُرورًا(
كم من أناس أقعدهم الوهم ,وألهتهم الماني ,وشغلهم المل ؛ فضيعوا
العمر بدون فائدة .فإذا الماني والمال كانت سرابا ,وجاء الموت بغتة حين
ل ينفع الندم.
وإليك هذا المثال الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمتمني ,والمؤمل
,وهو غافل عن أنياب المنايا..
خطاّ م َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ خط الن ّب ِ ّ ّ لَ : ه َقا َ ه عَن ْ ُ ي الل ّ ُ ض َ ن عَب ْدِ الل ّهِ َر ِ عَ ْ
ذي ّ
ذا ال ِ صَغاًرا إ ِلى هَ َ َ خططا ِ ً َ خط ُ ّ ه ؛ وَ َ من ْ ُجا ِ خارِ ً ط َ س ِ ْ
خطا ِفي الوَ َ ّ خط َ ّ مَرب ًّعا ؛ وَ َ ُ
هُ َ ن ,وَهَ َ ْ ل :هَ َ ط .وَقا َ َ ْ ّ ْ
جل ُ ذا أ َ سا ُ ذا ال ِن ْ َ س ِ ذي ِفي الوَ َ جان ِب ِهِ ال ِ ن َ م ْ ط ِ س ِ ِفي الوَ َ
صَغاُر ُ َ ْ ُ َ ّ حاط ب ِهِ ,وَهَ َ َ َ َ َ حي ٌ
خطط ال ّ ه ,وَهَذِهِ ال ُ مل ُ
َ
جأ َ خارِ ٌ ذي هُوَ َ ذا ال ِ
َ
ط ب ِهِ أوْ قد ْ أ َ م ِ ُ
ذا( 11) .. ه هَ َ ذا ن َهَ َ خطأه ُ هَ َ َ َ ه هَ َ ذا ن َهَ َ خطأه ُ هَ َ َ َ َ َ ْ
ش ُ نأ ْ ذا ,وَإ ِ ْ ش ُ نأ ْ ض ؛ فإ ِ ْ العَْرا ُ
)(2 /
فأما التمني الذي هو من شيم المفلسين ,ومن طباع البطالين ,مما يرد من
الخطرات والفكر ,فإما وساوس شيطانية ,وإما أماني باطلة ,وخدع كاذبة ,
بمنزلة خواطر المصابين في عقولهم من السكارى ,والمحشوشين ,
والموسوسين ,فهذا هو الباطل بعينه ،فصاحبه ل نال لذة ً في الدنيا ,ول
نعيما ً في الخرة .
قال الحسن البصري :إن اليمان ليس بالتحلي ول بالتمني ,إن اليمان ما
وقر في القلب وصدقه العمل (12 ).
أما هؤلء الذين أسرفوا على أنفسهم ,وانقطعوا عن خالقهم وباريهم ؛ لسان
حال هؤلء يقول عند انكشاف الحقائق :
عن ْد َك ُ ُ
م شرِ ِ ح ْمن ْزَِلتي ِفي ال ْ َ ن َ ن َ
كا َ إِ ْ
مي َ َ َ َ
ت أّيا ِ ضْيع ُ قد ْ َت,ف َ قي ُ ما قد ْ ل ِ َ
منا ً َ ُ
سي بها َز َ ف ِ ت نَ ْ
فَر ْةظ ِ من ِي ّ ُأ ْ
35
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وال ْيوم أ َحسبها أ َضَغا َ َ
حلم ِ ثأ ْ ْ َ ْ َ ْ َ ُ
أخي الحبيب :اعلم أن الماني بحر المفاليس ,وأن المتمني قد يكون قاصر
العقل ,ضعيف الدين ,ينظر إلى الحياة بمنظار قاصر ؛ فإذا عاين الحقيقة
مهِ ِفي ج عََلى قَوْ ِ خَر َ ندم علي ما تمنى كما وقع مع قوم قارون قال تعالى }:فَ َ
ه لَ ُ ُ
ذو ن إ ِن ّ ُ ي َقاُرو ُ ما أوت ِ َ ل َ مث ْ َ ت ل ََنا ِ دنَيا َيا ل َي ْ َ حَياة َ ال ّ ن ال ْ َ دو َ ري ُ ن يُ ِ ذي َ ل ال ّ ِ ِزين َت ِهِ َقا َ
ب الل ّهِ َ ُ
ن
م َ نآ َ م ْ خي ٌْر ل ِ َ وا ُ م ثَ َ م وَي ْل َك ُ ْ ن أوُتوا ال ْعِل ْ َ ذي َ ل ال ّ ِ ظيم ٍ ) (79وََقا َ ظ عَ ِ ح ّ َ
ن )( 13){(80 صاب ُِرو َ ّ ال ّ ل ِ إ ها َ قا ّ َ ل ي
َ ُ ول ً ا لح ِ صا َ َ
ل م
ِ َ ع وَ
لما نظر هؤلء البسطاء الجهال الذين ينظرون إلى الدنيا بمنظار الساعة ,
وعين الحاضر ,لما نظروا إلى المكانة التي تبوءها قارون ؛ انخلعت قلوبهم
ه لَ ُ ُ
ذو ن إ ِن ّ ُ ي َقاُرو ُ ما أوت ِ َ ل َ مث ْ َت ل ََنا ِ رغبا ً للمكانة التي عليها ,حتى قالوا َ) :يا ل َي ْ َ
م( ح ّ
ظي ٍ ظ عَ ِ َ
فإذا بهؤلء الذي تمنوا مكانه ؛ لما خسف الله به ,وبأمواله وبدوره ,ندموا
على ما تمنوا .فهم الذين تمنوا ! وهم الذين ندموا على المنية ! وهذا دللة
َ
ن
م ْ ه ِ ن لَ ُ كا َ ما َ ض فَ َ دارِهِ الْر َ فَنا ب ِهِ وَب ِ َ س ْ خ َ على قصور عقولهم ,قال تعالى } :فَ َ
َ
وا من ّ ْ ن تَ َ ذي َ ح ال ّ ِ صب َ َ ن ) (81وَأ ْ ري َ ص ِمن ْت َ ِ ن ال ُ م ْ ن ِ كا َ ما َ ن الل ّهِ وَ َ ن ُدو ِ م ْ ه ِ صُرون َ ُ فِئ َةٍ َين ُ
س ُ َ َ
قدُِر عَبادِهِ وَي َ ْ ن ِ م ْ شاُء ِ ن يَ َ م ْ ط الّرْزقَ ل ِ َ ه ي َب ْ ُ ن الل ّ َ ن وَي ْك َأ ّ قوُلو َ س يَ ُ م ِ ه ِبال ْ كان َ ُ م َ َ
ح ال ْ َ َ َ َ ّ َ
ن )( 14){(82 كافُِرو َ ُ ِ ُ ل ْ ف ي ل ه ن أَ ك ي و
ُ َ َْ َ َ َ َِ َْ ّ ُ نا ب ف س خ ل نا ي ل ع ه ل ال ن ْ َ ّ م ن أ ول لَ ْ
وكذلك ترى المنافقين لما عاشوا في حياتهم على الماني الكاذبة واغتروا
بها ,حرموا أعظم نعمة ! نعمة اليمان ؛ بل كان إيمانهم في الدنيا وميض
سرعان ما ينطفئ حتى سلبوا النور بالكلية ,وكذلك حالهم في الخرة .
أل تعلم أنهم لما حرموا النور يوم القيامة ,بخلف أهل اليمان ,كان من
قو ُ
ل م يَ ُ ضمن أسباب حرمانهم :استغراقهم في الماني كما قال تعالى }:ي َوْ َ
جُعوا ل اْر ِ م ِقي َ ن ُنورِك ُ ْ م ْ س ِ قت َب ِ ْ مُنوا ان ْظ ُُروَنا ن َ ْ نآ َ ذي َ ت ل ِل ّ ِ قا ُ مَنافِ َ ن َوال ْ ُ قو َ مَنافِ ُ ال ْ ُ
ظاهُِرهُ ة وَ َ م ُ ح َ ه ِفيهِ الّر ْ ب َباط ِن ُ ُ ه َبا ٌ سورٍ ل َ ُ م بِ ُ ب ب َي ْن َهُ ْ ضرِ َ سوا ُنورا ً فَ ُ م ُ م َفال ْت َ ِ وََراَءك ُ ْ
َ
م فَت َن ْت ُ ْ
م م َقاُلوا ب ََلى وَل َك ِن ّك ُ ْ معَك ُ ْ ن َ م ن َك ُ ْ م أل َ ْ ب ) (13ي َُناُدون َهُ ْ ذا ُ ن قِب َل ِهِ ال ْعَ َ م ْ ِ
هّ ُ َ ّ َ َ ُ َ ُ أ َن ْ ُ
م ِبالل ِ مُر اللهِ وَغّرك ْ جاَء أ ْ حّتى َ ي َ مان ِ ّ م ال َ م وَغّرت ْك ْ م َواْرت َب ْت ُ ْ صت ُ ْ م وَت ََرب ّ ْ سك ْ ف َ
ال ْغَُرو ُُر )(15 ){(14
وربما تتحقق للنسان أمنيته من الدنيا ,ول يسعفه الوقت في استعمالها ,أو
ل يجد الصحة التي يقيم بها هذه المتع التي تمناها .
حكي أن رجل كان فقيرا في شبابه ,وكان يتمنى المال ,والعبيد , ُ
والجواريَ ,والمتع ؛ فلما جاوز السبعين استغنى ,وملك ,واشترى العبيد
التراك ,والجواريَ من الروم وغيرها؛ فإذا العمُر قد ولى ,والصحة قد تلفت
فقال هذه البيات:
َ
رينا ش ِ ع ْ ن ِ ت اب َ ت أْرجوه ُ ِإذ ك ُن ْ ُ ما ك ُن ْ ُ
سب ِْعينا ت َ ii مل َك ُْته بعد أن جاوز ُ َ
ة
ك iiأغزل ٌ ن التر ِ َ م
ِ بي ف ُ طو ُ تَ
رينا ن iiي َب ْ ِ ن على كثبا ِ ل الغصو ِ مث ُ
ةت الروم ِ َiiراِئع ٌ خْرٌد) (16من بنا ِ و ُ
جن َةِ iiالِعينا حوَر ال َ ن ُ س ِ ح ْ حكَين بال ُ يَ ْ
ة
م ٍ من َعّ َ مْزن َِني بأساريعَ ) ُ (ii17 ي َغْ ِ
قد ُ من أطَراِفها ِiiلينا ْ َ
تكاد ُ ت َعْ ِ
ه
حَراك iiب ِ ِ َ تل ِ مي ْ ٍ حَياَء َ ن إِ ْ ي ُرِد ْ َ
مد ُْفونا صاَر َ ii مي ْت َا َ ً حِيين َ وكيف ي ُ ْ
سهُِرَنا ل iiي ُ ْ ل اللي ِ َقالوا أ َِنين ُك طو َ
ُ َ
36
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
37
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
ثم انظر كيف بين لعباده أنهم جميعا ً عجزة ,وأنهم فقراء إلي سبحانه ,وأن
هدايتهم لن تزيد في ملك الله شيئا ,وأن ضللهم لن ينقص من ملك الله
شيئا ,وأن الخلق جميعا لو وقفوا في مكان واحد واختلفوا في المسألة
لعطى كل واحد ما أراد ؛ دون أن ينقص مما عنده شئ ! ثم أخبرهم أنه
سبحانه يحصي عليهم العمال ،ثم يحاسبهم بها يوم القيامة فم وجد خيرا
فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فل يلومن إل نفسه .
أخي الحبيب :عظم المنية وزد في رغبك ورهبك ,وتمنى من ربك ماشئت
فإنه ل يعجزه شئ .
رفع الله عن هذه المة الصر والغلل التي كانت على المم الماضية ,فغفر
ذنوبها ومحا سيئاتها بأقرب رجوع.
هّ
م ]ل ِل ِ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ل اللهِ َ ّ سو ِ ت عَلى َر ُ َ ما ن ََزل َ ْ ل :لَ ّ ن أ َِبي هَُري َْرةَ َقا َ عَ ْ
م ُ َ ُ َ َ ْ
سب ْك ْ حا ِ فوه ُ ي ُ َ خ ُ م أوْ ت ُ ْ سك ْ ف ِ ما ِفي أن ْ ُ دوا َ ن ت ُب ْ ُ ض وَإ ِ ْ ما ِفي الْر ِ ت وَ َ وا ِ م َ س َ ما ِفي ال ّ َ
ديٌر[ َقالَ يٍء ق ِ َ ش ه عَلى كل َ ّ ُ َ ّ
شاُء والل ُ من ي َ َ ب َ شاُء وي ُعَذ ّ ُ من ي َ َ فر ل ِ َ ه في َغْ ِ َ ّ
ب ِهِ الل ُ
ل الل ِّ
ه سو َ ر وا تك ُعَلى أ َْصحاب َرسول الل ّ ْه صّلى َالل ّه عل َيه وسل ّم فَ ْأ َ َ َ َفا ْ
َ ْ َ ُ ُ َ ْ ِ َ َ َ ِ َ ْ َ ِ َ ُ ِ َ شت َد ّ ِ
ل ذ
ل الل ّهِ ك ُل ّ ْ َ
نم ْ فَنا ِ سو َ قاُلوا :أيْ َر ُ ب فَ َ كوا عََلى الّرك َ ِ م ب ََر ُ م ثُ ّ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
َ َ ُ ْ َ َ
ه
َ ِ ِ ذ ه ك َ ْ ي لَ ع ت ل ز ن أ د
ّ َ َ ّ َ َ َ ِ َ َ َ ّ َ َ َ ْ ْ ِ ْ َ ق و ة َ ق د ص وال د ها ج ل وا م يا ص وال ة ل ص ال , اْ َ ِ َ ُ ِ ُ
ق طي ن ما ل ما ْ ع ل
قوُلوا َ َ
ن تَ ُ نأ ْ دو َ ري ُ م :أت ُ ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ قَها َ ,قا َ طي ُ ة وََل ن ُ ِ اْلي َ ُ
َ َ ُ ْ َ
معَْنا وَأطعَْنا س ِ ل ُقولوا َ : صي َْنا ,ب َ ْ معَْنا وَعَ َ س ِ مَ : ن قَب ْل ِك ُ ْ م ْ ن ِ ل الك َِتاب َي ْ ِ ل أهْ ُ ما َقا َ كَ َ
َ
ك َرب َّنا وَإ ِلي ْ َ فَران َ َ معَْنا وَأطعَْنا غُ ْ َ َ ُ ْ َ
ك َرب َّنا وَإ ِلي ْ َ فَران َ َ غُ ْ
ك س ِ صيُر َ .قالوا َ : م ِ ك ال َ
ّ َ ْ َ ّ ْ َ َ
ن
م َ ها ]آ َ ه ِفي إ ِث ْرِ َ ل الل ُ م فَأن َْز َ سن َت ُهُ ْ ت ب َِها أل ِ م ذ َل ْ قو ْ ُ ها ال َ ما اقْت ََرأ َ صيُر .فَل ّ م ِ ال ْ َ
مَلئ ِك َت ِهِ وَك ُت ُب ِ ِ
ه ن ِبالل ّهِ وَ َ م َ لآ َ ن كُ ّ مُنو َ مؤ ْ ِ ن َرب ّهِ َوال ْ ُ م ْ ل إ ِل َي ْهِ ِ ما أ ُن ْزِ َ ل بِ َ سو ُ الّر ُ
ك َرب َّنا وَإ ِل َي ْكَ فَران َ َ معَْنا وَأطعَْنا غُ ْ َ َ ُ َ َ
س ِ سل ِهِ وََقالوا َ ن ُر ُ م ْحد ٍ ِ نأ َ فّرقُ ب َي ْ َ سل ِهِ ل ن ُ َ وَُر ُ
هّ ّ َ ّ َ َ ّ ُ َ
ف الل ُ ل ]ل ي ُكل ُ َ ج ّ ه عَّز وَ َ ل الل ُ ه ت ََعالى فَأن َْز َ خَها الل ُ س َ َ
ما فَعَلوا ذ َل ِك ن َ َ صيُر[ فَل ّ م ِ ال ْ َ
خذ ْنا إن نسينا أوَ ت َرب َّنا َل ت ُ َ
ؤا ِ َ ِ ْ َ ِ َ ْ سب َ ْ ما اك ْت َ َ ت وَعَل َي َْها َ سب َ ْ ما ك َ َ سعََها ل ََها َ سا إ ِّل وُ ْ ف ً نَ ْ
ْ
ن
م ْ ن ِ ذي َ ّ
ه عَلى ال ِ َ ملت َ ُ ْ ح َ ما َ َ
صًرا ك َ ل عَلي َْنا إ ِ ْ َ م ْ ح ِ َ
م َ] .رب َّنا وَل ت َ ْ ل :ن َعَ ْ خطأَنا[ قا َ َ َ أَ ْ
ف عَّنا م َ] .واعْ ُ ل :ن َعَ ْ ه[ َقا َ ة ل ََنا ب ِ ِ طاقَ َ ما َل َ مل َْنا َ ح ّ م َ] .رب َّنا وََل ت ُ َ ل :ن َعَ ْ قَب ْل َِنا[ َقا َ
38
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
مَل ٍ ه ِفي َ مَل ٍ ذ َك َْرت ُ ُ ن ذ َك ََرِني ِفي َ سي ,وَإ ِ ْ ف ِ ه ِفي ن َ ْ سهِ ذ َك َْرت ُ ُ ف ِ ن ذ َك ََرِني ِفي ن َ ْ فَإ ِ ْ
عاي ذَِرا ً ب إ ِل َّ قّر َ ن تَ َ عا ,وَإ ِ ْ ت إ ِلي ْهِ ذَِرا ً َ قّرب ْ ُ شب ْرٍ ت َ َ ي بِ ِ َ
ب إ ِل ّ قّر َ ن تَ َ م ,وَإ ِ ْ من ْهُ ْ خي ْرٍ ِ َ
ة ) ( 31) .(30 َ
ه هَْروَل ً َ َ َ
شي أت َي ْت ُ ُ م ِ ن أَتاِني ي َ ْ عا ,وَإ ِ ْ ت إ ِلي ْهِ َبا ً قّرب ْ ُ تَ َ
أماني ل تتحقق
ثم ماذا بعد التمني والماني والحلم ! ساعات تضيع ,وعمر ينقضي ,ربما
تحقق ما تمناه العبد وربما ل يتحقق ,ويظل العبد غارقا في أمانيه حتى يهجم
عليه الموت !!
أتدري ما تكون عندها المنية ! الرجوع إلى الدنيا مرة أخري ! لماذا ؟ ليدرك
هذا المسكين ,ما فاته في الحياة من عمل صالح ,ومن قربة إلى الله ,
َ
ل ت َقا َ موْ ُ م ال ْ َ حد َهُ ْ جاَء أ َ حّتى إ َِذا َ وهذا حاله كما وصف ربنا سبحانه وتعالى َ }:
َ
ن
م ْ ة هُوَ َقائ ِل َُها وَ ِ م ٌت ك َل ّ إ ِن َّها ك َل ِ َ ما ت ََرك ْ ُ صاِلحا ً ِفي َ ل َ م ُ ن ) (99ل َعَّلي أعْ َ جُعو ِ ب اْر ِ َر ّ
ن )(32 ) {(100 خ إ ِلى ي َوْم ِ ي ُب ْعَُثو َ َ م ب َْرَز ٌ وََرائ ِهِ ْ
ة هُوَ َقائ ِلَها(فل تنفع الماني ول يفيد الندم . ُ م ٌ انظر إلى الجواب )ك َل ّ إ ِن َّها ك َل ِ َ
بل نرى من الصالحين من يتمنى الرجوع لما يري من فضل الله عليه فيتمنى
أن يزيد في العمل ! ولكن ل تتحقق المنية .
ُ ّ َ ْ َ
ن قُت ِلوا ِفي ذي َ َ ن ال ِ سب َ ّ ح َ ن هَذِهِ الي َةِ )وَل ت َ ْ سأل َْنا عَب ْد َ الل ّهِ عَ ْ لَ : ق َقا َ سُرو َ ٍ م ْ ن َ عَ ْ
ن ذ َل ِكَ ْ َ َ ّ
سألَنا عَ ْ ما إ ِّنا قَد ْ َ ل:أ َ ن( َقا َ م ي ُْرَزُقو َ عن ْد َ َرب ّهِ ْ حَياٌء ِ لأ ْ واًتا ب َ ْ م َ ل اللهِ أ ْ سِبي ِ َ
ن ْ ّ ضرٍ ,لَها قََناِدي ُ َ َ َ قا َ فَ َ
م ْح ِ سَر ُ ش ,تَ ْ ة ِبالعَْر ِ ق ٌ معَل َ ل ُ خ ْ ف طي ْرٍ ُ جو ْ ِ
ْ
م ِفي َ حهُ ْ ل :أْرَوا ُ
ة, َ
م اطلعَ ً ّ م َرب ّهُ ْ َ َ
ل فاطلعَ إ ِلي ْهِ ْ ّ َ قَناِدي ِ ْ َ ْ
م ت َأِوي إ ِلى ت ِلك ال َ َ ت ,ثُ ّ شاَء ْ ث َ حي ْ ُ جن ّةِ َ ال ْ َ
َ
ثحي ْ ُ جن ّةِ َ ن ال ْ َ م ْ ح ِ سَر ُ ن نَ ْ ح ُ شت َِهي وَن َ ْ يٍء ن َ ْ ش ْ شي ًْئا َقاُلوا أيّ َ ن َ شت َُهو َ ل تَ ْ ل هَ ْ قا َ فَ َ
39
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(6 /
قال إبراهيم التيمي :مثلت نفسي في النار أعالج أغللها وسعيرها وآكل من
سخينها ,وأشرب من زمهريرها ,فقلت :يا نفسي أي شئ تشتهين ؟,
قالت :أرجع إلى الدنيا أعمل عمل أنجو به من هذا العذاب .ومثلت نفسي
في الجنة مع حورها ,وألبس من سندسها وإستبرقها وحريرها ,فقلت :يا
نفسي أي شئ تشتهين ؟ قالت :أرجع إلى الدنيا فأعمل عمل أزداد من هذا
الثواب ,فقلت :أنت في الدنيا وفي المنية (37 ).
أخي الحبيب :رغم تكاثر الذنوب والستغراق في الماني ,إل أن باب التوبة
مفتوح ,فعجل قبل حلول الجل وانقطاع العمل ,أو الوقت الذي ل تنفع فيه
المنية ول يطلبه المل .
سطُ ج ّ ّ م َقا َ ّ َ ّ ّ عَ َ
ل ي َب ْ ُ ه عَّز وَ َ ن الل َ ل إِ ّ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ي َ ن الن ّب ِ ّسى عَ ْ مو َ ن أِبي ُ ْ
حّتىل َ ِ ْ يّ ل ال ُ ءسي ِ م
ُ ب
َ توُ َ يِ ل رها
َ ِ ّ ن بال
ِ ُ هَ دَ ي ُ
ط س
ُ ْ بَ ي و ر
َ ِ َ هاّ نال ُ ءسي ِ م
ُ بَ تو
ُ َ يِ ل لِ ْ يّ ل بالِ ُ ه ي َد َ
مغْرِب َِها (38 ). ن َ م ْ
س ِم ُ ش ْ ت َطلعَ ال ّ ُ ْ
أماني تتحقق
فإذا عجز النسان عن العمل مع أخذ أسبابه ,ثم تمنى لو قدر على العمل أن
ن يأتيه ؛ أعطاه الله أجره ؛ استمع لهذا الحديث :عَن أ َنس رضي الل ّه عَن َ
هأ ّ ُ ْ ُ ْ َ ٍ َ ِ َ
40
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
خل ْ َ لإ َ
ما فَنا َ دين َةِ َ ما ِبال ْ َ
م ِ وا ً ن أقْ َ قا َ ِ ّ ن ِفي غََزاةٍ فَ َ كا َ م َ سل ّ َه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ الن ّب ِ ّ
م العُذ ُْر (39 ). ْ سهُ ْ حب َ َمعََنا ِفيهِ َ م َ ّ َ
شعًْبا وَل َوادًِيا إ ِل وَهُ ْ سل َك َْنا ِ َ
وكذلك ما مر بنا من حديث أبي كبشة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
ماًل َ
َ لي ن ِ ل :ل َوْ أ ّ قو ُ صادِقُ الن ّي ّةِ ي َ ُماًل فَهُوَ َ ه َم ي َْرُزقْ ُ ما ,وَل َ ْ عل ْ ًه ِ ه الل ّ ُ ]وَعَب ْد ٍ َرَزقَ ُ
َ
واٌء [ س َما َ جُرهُ َن ,فَهُوَ ب ِن ِي ّت ِهِ فَأ ْ ل فَُل ٍ م ِ مل ْ ُ
ت ب ِعَ َ ل َعَ ِ
فهذه الماني إن لم تتحق في الدنيا ,يأخذ صاحبها الجر في الخرة إن
صدقت نيته .
ما
هل تعلم يا عبد الله أن النعيم في الجنة بالمنية قال تعالى }:وَِفيَها َ
َ َ شت َهيهِ ا َ
ن )(40 ) {(71 دو َ خال ِ ُم ِفيَها َ ن وَأن ْت ُ ْ س وَت َل َذ ّ العْي ُ ُ ف ُ لن ُ تَ ْ ِ
ل ؛ فالكل مجاب . ص ٍ فما تمنى من طعام وشراب ووَ ْ
وهذا عبد نجى من النار بعد أن لقى الهوال ,حتى تخيل أنه ما نجى غيره ,
وكانت هذه غاية أمنيته ,أن ينجو من النار ,ولكن انظر إلى أمانيه بعد أن
أنجاه الله من النار:
)(7 /
َ
لخ ُ ن ي َد ْ ُ م ْ خُر َ ل:آ ِ م َقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو َ ن َر ُ سُعودٍ أ ّ م ْ ن َ ن اب ْ ِ عَ ْ
هاجاوََز َ ما َ مّرةً فإ ِذا َ َ َ ه الّناُر َ فعُ ُ س َ مّرة ً ,وَت َ ْ مّرة ً وَي َكُبو َ ْ شي َ م ِ جل فهْوَ ي َ ْ َ ٌ ة َر ُ جن ّ َ ال ْ َ
ما أعْ َ َ َ
طاهُ شي ًْئا َ ه َ طاِني الل ّ ُ قد ْ أعْ َ ك ,لَ َ من ْ ِ جاِني ِ ذي ن َ ّ ك ال ّ ِ ل :ت ََباَر َ قا َ ت إ ِل َي َْها فَ َ ف َ ال ْت َ َ
َ َ َ َ
ه
ن هَذِ ِ م ْ ب أد ْن ِِني ِ ل :أيْ َر ّ قو ُ جَرة ٌ فَي َ ُ ش َ ه َ ن .فَت ُْرفَعُ ل َ ُ ري َ ِ ن َواْل ِ
خ ن اْلوِّلي َ م ْ دا ِ ح ً أ َ
ن ل َيا اب ْ َ ج ّ ه عَّز وَ َ ل الل ّ ُ قو ُ مائ َِها ,فَي َ ُ ن َ م ْ ب ِ شَر َ ل ب ِظ ِل َّها وَأ َ ْ ست َظ ِ ّ َ
جَرةِ فَِل ْ ش َ ال ّ
ن َل َ َ َ
ب وَي َُعاهِد ُه ُ أ ْ ل َ :ل َيا َر ّ قو ُ ها ,فَي َ ُ سأل ْت َِني غَي َْر َ ن أعْط َي ْت ُك ََها َ م :ل َعَّلي إ ِ ّ آد َ َ
َ َ َ َ َ َ
لست َظ ِ ّ من َْها فَي َ ْ ه عَلي ْهِ ,فَي ُد ِْنيهِ ِ صب َْر ل ُ ما ل َ ه ي ََرى َ ه ي َعْذُِره ُ ِلن ّ ُ ها ,وََرب ّ ُ ه غَي َْر َ سأل ُ يَ ْ
ن الولى .فَي َ ُ َ ُ ْ َ َ ّ
ل: قو ُ م ْ ن ِ س ُ ح َ يأ ْ جَرة ٌ هِ َ ش َ ه َ م ت ُْرفَعُ ل ُ مائ َِها ,ث ُ ّ ن َ م ْ ب ِ شَر ُ ب ِظ ِلَها وَي َ ْ
سأل َ ُ َ َ َ ّ َ َ َ َ
ها , ك غَي َْر َ ل ب ِظ ِلَها ل أ ْ ست َظ ِ ّ مائ َِها وَأ ْ ن َ م ْ ب ِ شَر َ ن هَذِهِ ِل ْ م ْ ب أد ْن ِِني ِ أيْ َر ّ
َ َ َ
ن ل :ل َعَّلي إ ِ ْ قو ُ ها .فَي َ ُ سأل َِني غَي َْر َ ن َل ت َ ْ م ت َُعاهِد ِْني أ ْ م :أل َ ْ ن آد َ َ ل َيا اب ْ َ قو ُ فَي َ ُ
َ َ َ َ َ ُ َ َ َ
ه ي ََرى ه ي َعْذُِره ُ ِلن ّ ُ ها ,وََرب ّ ُ ه غَي َْر َ سأل ُ ن ل يَ ْ ها ,فَي َُعاهِد ُه ُ أ ْ سألِني غَي َْر َ من َْها ت َ ْ أد ْن َي ْت ُك ِ
م ت ُْرفَ ُ
ع مائ َِها ,ث ُ ّ ن َ م ْ ب ِ شَر ُ ل ب ِظ ِل َّها ,وَي َ ْ ست َظ ِ ّ من َْها فَي َ ْ ه عَل َي ْهِ ,فَي ُد ِْنيهِ ِ صب َْر ل َ ُ ما َل َ َ
َ َ َ ُ ْ َ ْ
ن
م ْ ب أد ْن ِِني ِ ل :أيْ َر ّ قو ُ ن ,في َ ُ َ لولي َ َي ْ ِ نا م ْ ن ِ س ُ ح َ يأ ْ جن ّةِ هِ َ ب ال َ عن ْد َ َبا ِ جَرة ٌ ِ ش َ ه َ لَ ُ
سأل ُ َ َ َ َ
م: ن آد َ َ ل َيا اب ْ َ قو ُ ها ,فَي َ ُ ك غَي َْر َ مائ َِها َ ,ل أ ْ ن َ م ْ ب ِ شَر َ ل ب ِظ ِل َّها وَأ ْ ست َظ ِ ّ هَذِهِ ِل ْ
ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
ها . سألك غي َْر َ َ َ ب هَذِهِ ل أ ْ ها .قال :ب َلى َيا َر ّ َ َ سألِني غي َْر َ َ ن ل تَ ْ م ت َُعاهِد ِْني أ ْ أل َ ْ
َ َ
ع
م ُ س َ من َْها فَي َ ْ من َْها فَإ َِذا أد َْناه ُ ِ ه عَل َي َْها ,فَي ُد ِْنيهِ ِ صب َْر ل َ ُ ما َل َ ه ي ََرى َ ه ي َعْذُِره ُ ِلن ّ ُ وََرب ّ ُ
خل ِْنيَها ؛ فَي َ ُ َ َ َ َ
ريِني ) ص ِ ما ي َ ْ مَ : ن آد َ َ ل َيا اب ْ َ قو ُ ب أد ْ ِ ل :أيْ َر ّ قو ُ جن ّةِ فَي َ ُ ل ال ْ َ ت أهْ ِ وا َ ص َ أ ْ
َ ن أ ُعْط ِي َ َ ك أ َيرضي َ َ
مّني ست َهْزِئُ ِ ب :أت َ ْ ل َيا َر ّ معََها َ ,قا َ مث ْل ََها َ ك الد ّن َْيا وَ ِ كأ ْ من ْ َ ُ ْ ِ ِ (41
َ َ َ َ
ح ُ
ك ض َ مأ ْ م ّ سأُلوِني ِ ل :أَل ت َ ْ قا َ سُعود ٍ ,فَ َ م ْ ن َ ك اب ْ ُ ح َ ض ِ ن ,فَ َ مي َ ب ال َْعال َ ِ ت َر ّ وَأن ْ َ
م. سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ك َر ُ ح َ ض ِ ذا َ ل :هَك َ َ ك َ ,قا َ ح ُ ض َ م تَ ْ م ّ قاُلوا ِ : فَ َ
ل ن َقا َ حي َ ن ِ مي َ ب الَعال َِ ْ ك َر ّ ح ِ ض ْ ن ِ م ْ لِ : ل اللهِ َ ,قا َ ّ سو َ ك َيا َر ُ ح ُ ض َ م تَ ْ م ّ قالوا ِ : ُ فَ َ
َ َ من ْ َ َ َ ن ,فَي َ ُ َ ْ َ َ
ك وَلك ِّني عَلى ست َهْزِئُ ِ ل :إ ِّني ل أ ْ قو ُ مي َ ب الَعال ِ ت َر ّ مّني وَأن ْ َ ست َهْزِئُ ِ أت َ ْ
شاُء َقادٌِر ( 42). ما أ َ َ َ
يقول ابن القيم في "نونيته"
سُهم شت َِهيه ُiiنفوُ ُ ما ت َ ْ مُهم َ طعا ُ و َ
ن
ما ِ س َ عم ٍ iiوَ ِ م ط َي ِرٍ َنا ِ حو ُ ول ُ ُ
هم مَنا ُ ب ُ ii س ِ شّتى بح ْ ه َ واك ِ ٌ وف َ َ
ن ليما ِ ملت ِلذي iiا ِ َ
شب َْعة ك ُ يا َ
41
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ه
واك ِ ٌ مٌر والّنسا وفَ َ خ ْمو َ ح ٌ لَ ْ
ن حا ِ معْ َري ْ َ معْ َروٍْح و َ ب َ طي ُوال ّ
م
علي ْهِ ُ ف َ ii طو ُ ب تَ ُ حافُُهم ذ َهَ ٌ ص َو ِ
ْ َ
ن
َ ِ دا لالو ii ب ِأك ُ ِ ُ ّ ٍ ِ َ
ن م م دا خ ف
فالدنيا دار عمل وجد ؛ ول يكلف الله نفسا إل وسعها ,فسارع وسابق وإياك
والماني التي تعطلك عن سيرك إلى الله .
تمني الموت !
ل ينبغي للعبد أن يتمنى الموت مهما بلغ به الضر ؛ فربما لو صبر على ضره
نال أعلى الدرجات ,ولعله فيما بقي من عمره أن يرزق العمل الصالح أو
يقلع عن معاصيه وذنوبه .
م ُ َ َ م َقا َ ّ َ ّ ّ ّ سو َ َ عَ َ
حد ُك ْ مّنى أ َ ل :ل ي َت َ َ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ن َر ُ ن أِبي هَُري َْرةَ أ ّ ْ
ب (43 ). ست َعْت ِ ُ ه يَ ْ سيًئا فَل َعَل ّ ُ م ِ ما ُ ه ي َْزَداد ُ ,وَإ ِ ّ سًنا فَل َعَل ّ ُ ح ِ م ْ ما ُ ت ؛ إِ ّ مو ْ َ ال ْ َ
فإن العبد في فسحة مادام قي الدنيا ؛ فينبغي أن يؤمل العفو ،والفضل من
الله ؛ وأن يقدم الرجاء ،وأن يطمع في رحمة الله عز وجل .
ب الذل بين جد ّ في الطاعات ,وُيلقي بقْلبهِ على أعتا ِ ويجب على العبد أن ي َ ِ
يدي ربه تبارك وتعالى ,قبل أن يأتي الوقت الذي يتمنى فيه العبد ؛ أن
يتقرب بطاعة فل يستطيع ,أو أن يقلع عن معصية فل يستطيع ,بل يتمنى
الموت فل يجده .
سي ف ِ ذي ن َ ْ م َ :وال ّ ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ ل َ :قا َ ن أ َِبي هَُري َْرةَ َقا َ عَ ْ
ل َ :يا قو ُمّرغ ُ عَل َي ْهِ ,وَي َ ُ قب ْرِ فَي َت َ َ ل عََلى ال ْ َ ج ُ مّر الّر ُ حّتى ي َ ُ ب الد ّن َْيا َ ب ِي َدِهِ َل ت َذ ْهَ ُ
ن إ ِل الب َلُء (44 ).َ ْ ّ دي ُ س ب ِهِ ال ّ َ
قب ْرِ وَلي ْ َ ْ
ذا ال َ ب هَ َ ح ِ صا ِ ن َ كا َ م َ ت َ ل َي ْت َِني ك ُن ْ ُ
)(8 /
ولقد اختلف العلماء في تمني الموت .فأجازه جماعة عند حلول الفتن ,
وعدم القدرة على إتيان الطاعة ,وتعاظم المر ,وازدياد الخطب ,وشدة
البلء .
ن عليه بالملك واستدل البعض بتمني يوسف الموت لما أتم الله له النعم ,وم ّ
ب قَد ْ آت َي ْت َِني والنبوة ؛ اشتاق إلى الصالحين قبله ،كما في قوله تعالى َ}:ر ّ
َ َ ْ
ي
ت وَل ِ ّ ض أن ْ َ ت َوالْر ِ وا ِ م َ س َث َفاط َِر ال ّ حاِدي ِ ل ال َ َ
ن ت َأِوي ِ
م ْ مت َِني ِك وَعَل ّ ْ مل ْ ِ
ن ال ْ ُم ِْ
ن )( 45) {(101 ْ َ ً ّ
حي َ صال ِ ِ
قِني ِبال ّ ح ْ
سِلما وَأل ِ م ْخَرةِ ت َوَفِني ُ ِفي الد ّن َْيا َوال ِ
وكذلك ما وقع لسحرة فرعون ؛ حينما أرادهم فرعون عن دينهم ؛ وتهددهم
َ
ن ){(126 مي َ سل ِ ِ
م ْ صْبرا ً وَت َوَفَّنا ُ بالقتل كما قال تعالى عنهم َ }:رب َّنا أفْرِغ ْ عَل َي َْنا َ
) (46
وكذلك تمنت مريم الموت ؛ حينما جاءها المخاض إلى جذع النخلة ,ولم تكن
ت م ّ ت َيا ل َي ْت َِني ِذات زوج فخشيت أن تقذف بالفاحشة .قال تعالى َ } :قال َ ْ
سي ّا ً )(47 ) {(23 سيا ً َ
من ْ ِ ت نَ ْ كن ُ ذا وَ ُ ل هَ َ قَب ْ َ
ت ب ِعَِبادِ َ َ
ة
ك فِت ْن َ ً وفي حديث اختصام المل العلى عن ابن عباس ) :وَإ َِذا أَرد ْ َ
ن ( )( 48 فُتو ٍ م ْ ك غَي َْر َ ضِني إ ِل َي ْ َ َفاقْب ِ ْ
]من كتاب مكدرات القلوب للشيخ[
________________________________________
) ] (1سورة يونس [10/24
)] ( 2سورة السراء [17/19
)] ( 3سورة النساء [4/122
42
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
43
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(9 /
)(1 /
44
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
45
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
ـ أقدم فريدريك على خطوة أخرى زادت من حنق وغضب 'هونوريوس' عليه
وذلك أنه تزوج من إيزابيل ابنة جان دي بريين قائد الحملة الخامسة الفاشلة
حا من قبل ـ كما ذكرنا ـ لمارة بيت المقدس، على دمياط والذي كان مرش ً
وقد أعلن فريدريك بعد هذا الزواج أنه الحق بملك بيت المقدس ،وأظهر أنه
خارج بقيادة الحملة الصليبية السادسة على بلد السلم.
ـ خرج فريدريك يقود الحملة الصليبية السادسة دون أن يأخذ موافقة البابا
مما أدى لغضبه عليه بشدة ثم تحول هذا الغضب إلى ثورة عارمة عندما ترك
عا بحجة المرضى ودوار البحر ،وهذا المر فريدريك السطول وعاد مسر ً
مق الخلف بشأن تلك الحملة فكان من المقدر لها أن تفشل كما حدث مع ع ّ
الحملة الرابعة والخامسة ،ولكن الغرب هو ما جرى على الجبهة الداخلية
للمسلمين.
ـ المسلمون إلى أين؟
ـ كلما كانت الظروف عصيبة والمواجهة على أشدها كلما كان ذلك يقتضي
من المسلمين الحيطة والحذر والمرابطة والتحاد ،خاصة من كان على ثغور
قا أن يشاهد
السلم ،ونعني بذلك الشام ومصر ،ولكن المر العجيب ح ً
46
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
المسلمون ما جرى لهم مرات ومرات جراء تفرقهم واختلفهم وتناحرهم وأن
عدوه على بابهم ينتظر هذه الفرصة لينقض عليهم ...وقد حدث ...ومع ذلك
هم يعادون الكرة المرة بعد المرة ثم هم ل يتعظون ول ينتهون ،فلقد سبق
وأن تسلط الصليبيون في الحملة الخامسة عندما افترق الصف وتناحر
الخوة ،ومع ذلك عادت النغمة الرديئة فاختلف المير محمد الكامل مع أخيه
المير عيسى المعظم على الحدود المشتركة بينهما ،وطمع كلهما في الخر،
واشرأب الخلف بينهما ونجمت الصراعات العلنية ،وطارت أخبار ذلك
للصليبيين فقاد فريدريك حملته السادسة.
ـ ظهر تهديد آخر على ساحة الحداث يوضح مدى ضياع الرابطة اليمانية بين
المسلمين وكيف أن الدنيا أهلكتهم كما أخبر بذلك الحبيب صلى الله عليه
وسلم ،وهذا التهديد كان متمثل ً في القبائل الخوارزمية المسلمة التي هاجرت
من ديارها تحت وطأة الكتساح التتاري لبلدهم ،وكانت هذه القبائل قوية
وشرسة وصمدت طويل ً أمام التتار ،ولكنها انهارت أمام الضربات الساحقة
للتتار ،توجهت هذه القبائل هائمة على وجهها ناحية منطقة الجزيرة والشام
طا كبيًرا على واشتبكت في معارك كثيرة مع المسلمين هناك ،مما أوجد ضغ ً
المسلمين بالشام فمن يواجهون؟ الصليبيين أم إخوانهم المسلمين.
ـ بريق الكراسي:
ـ عاود فريدريك المسير ناحية الشام بعد ضغوط كنسية ولحق بالحملة عند
مدينة عكا وانضم إليه ملك جزيرة قبرص الصليبي 'آندرو دي لوزينان'
فاستولت الحملة على مدينة صور وصيدا ،وانتشرت الشائعات عن قوة هذه
الحملة وضخامتها ،وعم الرجاف بالشام ومصر ،ولكن فريدريك كان يضمر
في نفسه شيًئا آخر؛ فلقد كان يخطط منذ خروجه بهذه الحملة على عدم
القتال والتفاوض مع المسلمين.
ـ كان فريدريك يخشى على أملكه بأوروبا إذا دخل في قتال طويل مع
المسلمين خاصة بعد صراعه وخلفه الحاد مع بابا روما 'هونوريوس' قبل
الخروج للقتال ،فأرسل إلى المير محمد الكامل أمير مصر يعرض عليه أن
يتنازل محمد الكامل عن بيت المقدس ـ وكان من ضمن أملكه مع مصر ـ
نظير أن يرجع فريدريك عن غزو مصر وباقي بلد الشام ،ويتعهد بمنع
فا
الحملت الصليبية مهما كانت ومن أي مكان على الشام ومصر ،ويعقد حل ً
ضا يمنع المدد دا ،وأي ً
مع المسلمين لمدة عشر سنين ونصف ل يحاربهم فيه أب ً
ضا بحفظ المسجد والمؤن عن باقي المراء الصليبيين بالشام ،ويتعهد أي ً
القصى وإعطاء المسلمين الحرية التامة في ممارسة شعائر دينهم.
ـ كان المير محمد الكامل يحب الدعة والسكون ويكره القتال رغم بطولته
الرائعة في صد الحملة الصليبية الخامسة على دمياط ،وكان أيضا محًبا
للملك والمارة ،وقد أعماه بريق الكرسي وأثر ملكه وماله وضياعه على
مقدسات المة فوافق على العرض الذي تقدم به فريدريك ،وتنازل عن بيت
المقدس في ربيع الخر سنة 625هـ طواعية بل ضرب ول جهد ،وتسلمها
الصليبيون غنيمة باردة ،وعُد ّ ذلك إهانة عظيمة ومصيبة كبيرة ،وركب
المسلمون في أرجاء البلد الهم والحزن والبكاء عن هذا الخزي والدنية التي
قام بها محمد الكامل الذي آثر الدنيا وحبها عن الدفاع عن المقدسات.
ـ وكان محمد الكامل صاحب همة في العمل والعمران وتقدمت الديار
ما كبيًرا بفضل ما قام به من إصلح الري وتحسين لمصرية في عهده تقد ً
حال الزراعة ،وبني المدارس العلمية ،ولكن ما يساوي ذلك كله بجانب
تفريطه في المقدسات من أجل مكاسب زائلة وأوهام فانية ،فارتكب غلطة
47
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
شنيعة أهالت التراب على كل تاريخه وجهاده السابق ،وذهب ملكه بعد ذلك
ضا قطع ول ظهًرا أبقى ،وبقيت ذاكرة المة تحفظ له هذه
بقليل ،فل أر ً
الغلطة البالغة.
ـ الزنديق الكبر:
)(2 /
قا ويدمي القلوب فعل ً هو رد فعل ـ المر العجيب الذي يبكي العيون ح ً
الصليبية العالمية وكبيرها 'هونوريوس' على هذه المعاهدة بين الصليبيين
والمسلمين؛ حيث أرسل إلى فريدريك يسبه ويشتمه ويقول له' :إن الفرسان
الصليبيين ل يذهبون إلى بلد المسلمين من أجل التفاوض ،وإنما من أجل
القتال وسفك الدماء' .ثم أصدر قراًرا كنسًيا بحرمان فريدريك من الرحمة
وطرده من الكنيسة للبد ،ومن يومها أطلق على فريدريك لقب 'الزنديق
الكبر' ،واشتهر بهذا السم في كتب التاريخ الوروبية ،بل أرسل البابا له
مجموعة خاصة من أجل اغتياله ولكن فريدريك نجا من هذه المحاولة.
]]يا لها من عصبية وحقد أعمى على المسلمين ما زال المسلمون يتجرعون
لوقتنا الحاضر من حملت صليبية أمريكية وإنجليزية على بلد المسلمين ،فهم
ما جاءوا للحرية ول للعدل ول للصلح ،إنما جاءوا للسفك والقتل والغتصاب
واحتلل البلد ،واسألوا أهل العراق وسكان أبي غريب[[.
)(3 /
48
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن فل توغل فدعنا نتأمل هذا البناء اللهي المعجز تأمل ً صادقًا ،وننظر فيه بإمعا ٍ
ة واحدة ،بل خطوةً إثر خطوةٍ لتعقل ما تقف عليه وما في الدخول إليه دفع ً
تشاهده من أمور تثير إعجابك وتملك عليك سمعك وبصرك ،تدبر في حدود
سور هذا الكتاب العظيم ،على الطار العام فيها ،ارتباط السورة بما قبلها
وما بعدها ،فهذا أحد أمور العجاز للقرآن الكريم.
ث إذ أن القرآن نزل منجما ً في أجزاٍء طويلةٍ و أخرى قصيرةٍ خلل ثل ٍ
ة ،إل أن هذه الجزاء رتبت ترتيبا ً ل مثيل له على الطلق في أي وعشرين سن ً
ب من كتب الدب أو العلوم التي هي من تصنيف البشر. كتا ٍ
فسور القرآن الكريم لم ترتب حسب موضوعاتها ،ول حسب زمن نزولها،
ف عند البشر في الكتب إنما للقرآن طريقته المستقلة المخالفة لما هو مألو ٌ
والمصنفات.
عندما كان ينزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم باليات كان
الرسول عليه الصلة والسلم يأمر بعض من يكتب الوحي بوضعها في مواضع
محددة من السور التي لم تكن قد اكتملت بعد ،وبمجرد وضع الية أو اليات
ة في موضعها الذي أمر عليه الصلة والسلم في موضٍع ما فإنها تبقى ثابت ً
ح أو تعديل، بوضعها فيه من السورة دون أن يطرأ على ذلك الوضع تصحي ٌ
ب ر
َ ّ ُ
ل ه لَ َ ِ
زي تن ن على ربانية هذا الكتاب }وَإ ِن ّ ُ ل وأسطع برها ٍ وهذا أكبر دلي ٍ
ن { ]الشعراء ،[193-192:وقال تعالى: َ
ح اْل ِ ن * ن ََز َ ال َْعال َ ِ
مي ُ ل ب ِهِ الّرو ُ مي َ
ل{.}وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزي ً
عن عثمان بن أبي العاص قال :كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبه حتى كاد أن يلزقه بالرض قال :ثم شخص جالسا ً إذ شخص ببصره ثم ص ّ
ببصره فقال" :أتاني جبريل عليه السلم فأمرني أن أضع هذه الية بهذا
الموضع من هذه السورة }إن الله يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون{ ].[1
قال الزركشي :فأما اليات في كل سورةٍ ووضع البسملة أوائلها فترتيبها
ك ول خلف فيه].[2 ي بل ش ٍ توقيف ٌ
ترتيب السور في القرآن الكريم:
قد مّر معنا أن ترتيب القرآن ل مثيل له على الطلق في الكتب والمصنفات،
فلم يرتب حسب الترتيب الزماني ول حسب الموضوعات إنما له طريقته
الخاصة.
لكن بعض العلماء غفر الله لهم يذكر أن ترتيب السور اجتهاديٌ بخلف ترتيب
اليات ،وبعضهم يذكر أن ترتيب السور بعضه توفيقي اجتهادي وبعضه توقيفي
ث يرويه يزيد الفارسي عن ابن عباس و وعمدتهم في ذلك الستدلل بحدي ٍ
سنأتي للكلم على هذا الحديث.
وبناًء على ما تقدم من قول بعضهم أن الترتيب توفيقي ،فقد قالوا ل فائدة
من البحث عن التناسب والرتباط بين اليات والسور لن القرآن نزل منجما ً
ت مختلفة.ة وفي مناسبا ٍ ث وعشرين سن ً في مدة ثل ٍ
)(1 /
ولكن هذا الكلم ل يسلم من العتراض عليه بل يجنح عن الصواب إذا قلنا أن
القرآن من أهم المعجزات الشاهدة على رسالة خاتم النبيين عليه الصلة
والسلم بل هي أبقى المعجزات وأبينها ،ومعلوم بالبداهة أن حسن الترتيب
من أكبر محاسن الكلم البليغ ،ونحن نعتقد بأن القرآن معجٌز فهل نرضى بأن
49
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
50
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ة ،ل تحس بشيٍء من تناكر الوضاع في التقسيم وضع رسمه مرةً واحد ً
ق ،بلق إلى طري ٍ والتنسيق ،ول بشيٍء من النفصال في الخروج من طري ٍ
ترى بين الجناس المختلفة تمام اللفة ،كما ترى بين آحاد الجنس الواحد
ف ول استعانةٍ بأمرٍ من خارج نهاية التضام ،واللتحام ،كل ذلك بغير تكل ٍ
ض
المعاني أنفسها ،إنما هو حسن السياقة ولطف التمهيد في مطلع كل غر ٍ
ومقطعه وأثنائه يريك المنفصل متصل ً والمختلف مؤتلفًا].[7
وغير هؤلء من العلماء كثيٌر من المتقدمين و المتأخرين الذين يهتمون بعلم
التناسب والربط بين السور و اليات.
الدلة من الكتاب والسنة على أن ترتيب السور توقيفي :
والدلة التي استند إليها العلماء القائلون بأن ترتيب السور توقيفي وليس
اجتهادي ،كثيرةٌ منها:
ن{ ] الحجر .[ 9 ُ
حافِظو َ هل ََ َ ْ ْ
ن ن َّزلَنا الذ ّكَر وَإ ِّنا ل ُ ح ُ قوله تعالى} :إ ِّنا ن َ ْ
ّ َ ُ
ر{ ] هود .[ 1 خِبي ٍ كيم ٍ َح ِن َ من لد ُ ْ ت ِ صل ْ م فُ ّ ه ثُ ّ ت آَيات ُ ُ م ْ حك ِ َ بأ ْ وقوله} :ك َِتا ٌ
ً َ
خت ِلفا كِثيرا{ ] النساء .[ 82ً َ دوا ِفيهِ ا ْ ْ ج ُ َ ّ َ
عند ِ غي ْرِ اللهِ لوَ َ ن ِ م ْ ن ِ وقوله} :وَل َوْ كا َ
َ
ه{ ]القيامة[17: ه وَقُْرآن َ ُ معَ ُ ج ْ ن عَل َي َْنا َ
وقوله} :إ ِ ّ
)(2 /
والجمع كما قال المفسرون على معنيين :جمعه في صدر النبي صلى الله
عليه وسلم ،وجمعه بمعنى تأليفه.
وفي الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :كان النبي صلى
الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ،وأجود ما يكون في شهر رمضان لن
جبريل كان يلقاه في كل ليلةٍ من شهر رمضان حتى ينسلخ ،يعرض عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ،فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير
من الريح المرسلة].[8
وعن أبي هريرة قال :كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن
كل عام ٍ مرةً فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه ،وكان يعتكف في
كل عام ٍ عشرا ً فاعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين].[9
ة واحدةً إلى السماء الدنيا في ليلة وعن ابن عباس قال :أنزل القرآن جمل ً
َ َ
قَرأه ُ عَلى ْ َ ً ُ
القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ،ثم قرأ} :وَقْرآنا فَرقَناه ُ ل ِت َ ْ
زيل ً { السراء .[10] 106 ث وَن َّزل َْناهُ َتن ِ س عََلى ُ
مك ْ ٍ الّنا ِ
وقال أوس بن حذيفة الثقفي :سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه
س وسبعٌ وتسعٌ وإحدى عشرة ث وخم ٌ وسلم كيف تحّزبون القرآن ؟ قالوا :ثل ٌ
وثلث عشرة وحزب المفصل وحده].[11
وعن عبد الله بن عمرو أنه قال) :يا رسول الله في كم أقرأ القرآن ؟ قال
في شهر ،قال :إني أقوى من ذلك .ردد الكلم أبو موسى وتناقصه حتى قال:
اقرأه في سبع ،قال :إني أقوى من ذلك .قال :ل يفقه من قرأه في أقل من
ثلث( ].[12
رد ّ أدلة القائلين بأن ترتيب السور اجتهادي
ث رواهة اجتهادية على حدي ٍ ة توفيقي ٌاعتمد القائلون بأن ترتيب السور مسأل ٌ
يزيد الفارسي عن ابن عباس وهذا نصه:
عن يزيد الفارسي قال :سمعت ابن عباس قال :قلت لعثمان بن عفان ما
حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين و إلى النفال وهي من المثاني
فجعلتموها في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن
51
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الرحيم ؟
قال عثمان :كان النبي صلى الله عليه وسلم مما تنزل عليه اليات فيدعو
بعض من كان يكتب له ويقول له :ضع هذه الية في السورة التي يذكر فيها
كذا وكذا ،وتنزل عليه الية و اليتان فيقول مثل ذلك وكانت النفال من أول
ما نزل عليه بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن وكانت قصتها
شبيهة بقصتها فظننت أنها منها ،فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال ولم
أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم .
هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وأحمد .
قال الشيخ أحمد شاكر في تخريجه وتعليقه عليه في المسند رقم ]:[399
ث ل أصل له يدور ف جدًا ،بل هو حدي ٌ في إسناده نظٌر كثيٌر ،بل هو عندي ضعي ٌ
إسناده في كل رواياته على )يزيد الفارسي( الذي رواه عن ابن عباس ،تفرد
به عنه عوف بن أبي جميلة العرابي .وهو ثقة.
ثم قال الشيخ أحمد شاكر :فهذا يزيد الفارسي الذي انفرد برواية هذا
الحديث يكاد يكون مجهول ً حتى شّبه على مثل ابن مهدي وأحمد والبخاري أن
يكون هو ابن هرمز أو غيره ،ويذكره البخاري في الضعفاء فل يقبل منه مثل
ك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر هذا الحديث ينفرد به ،وفيه تشكي ٌ
ة في المصاحف وفيه تشكيك في إثبات القطعي قراءة ً وسماعا ً وكتاب ً
البسملة في أوائل السور ،كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه وحاشاه
ث ل أصل له تطبيقا ً للقواعد الصحيحة التي من ذلك فل علينا إذا قلنا أنه حدي ٌ
ل خلف فيها بين أئمة الحديث .
ثم قال الشيخ محمد أمين المصري بعد أن نقل كلم الشيخ أحمد شاكر
وغيره من العلماء المحققين كالعلمة محمد رشيد رضا .
قال" :وبعد هذا البحث الذي ل ندعي له الكمال و الستيفاء نريد أن نخلص
ي المصحف كتاب الله ب أن الذي بين دفت ّ إلى أن الذي نؤمن به من غير ري ٍ
ف
جل شأنه أنزله على نبيه ل مدخل للبشر في صفةٍ من أوصافه ول في حر ٍ
من حروفه ول مجال للجتهاد في ترتيب آياته ول في ترتيب سوره بحيث
أثبتت البسملة فإنما أثبتت بأمر الله ،وحيث حذفت فإنما وقع ذلك بأمر الله".
وإنما الريب في مثل هذه الرواية التي سبق ذكرها التي تحيط بها الشكوك
ب أن ينطلي أمر مثل هذه الرواية على بعض وتحفها الوهام ،ومن عج ٍ
العلماء ،كما مّر لدى البيهقي والسيوطي ولعلهما أخذا بتحسين من حسنها
وتصحيح من صححها والعصمة من الخطأ لله وحده] .[13أ.هـ .
وهل من أدلةٍ أخرى للقائلين بعدم كون الترتيب توقيفيا ً ؟
نعم ،مما استدلوا به أيضا ً اختلف مصاحف الصحابة فمنهم من رتبها على
حسب زمن النزول كمصحف علي رضي الله عنه ،ومصحف عبد الله بن
مسعود كان أوله سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران.
والجواب :أن تلك المصاحف مصاحف علم ٍ وتأويل قصدوا بها ضبط وقائٍع
ة ،فلم تكن تلك المصاحف مصاحف تلوة . ة ،وكان فيها المنسوخ تلو ً معين ٍ
)(3 /
ولو كان ترتيب سور القرآن الذي جمع عثمان الناس على أساسه قائما ً على
الجتهاد لما قبل هؤلء الصحابة بتسليم مصاحفهم وعرضها للتحريق والتنازل
عنها ولو كانت المسألة مسألة اجتهاد لتمسكوا باجتهادهم ،إذ ل يلزم المجتهد
أن يقلد مجتهدا ً آخر].[14
52
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
53
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الكافرين{ ،وفي مفتتح هذه السورة بّين نصرتهم على الكفار باللسان
والسنان .
ووجه آخر للربط بين السور الثلث ) الفاتحة – البقرة – آل عمران ( ،قال
تعالى} :اهدنا الصراط المستقيم ،صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب
عليهم ول الضالين{ فالذين أنعم الله عليهم هم المؤمنون ،والذين غضب الله
عليهم هم اليهود ولذلك فقد كان الحديث عنهم وخطابهم أكثر في سورة
البقرة ،والضالون هم النصارى فكثر خطابهم في سورة آل عمران.
-وجه الترابط بين آخر سورة آل عمران و أول سورة النساء :
أن كليهما مشترك في المر بالتقوى ،إذ انتهت سورة آل عمران على قوله
تعالى} :واتقوا الله لعلكم تفلحون{ وابتدأت سورة النساء بقوله تعالى} :يا
أيها الناس اتقوا ربكم{.
ة
ولما كثر ذكر الجهاد في السورتين السابقتين ،ذكر في هذه السورة مسأل ً
ة ل يتحقق الجهاد بدونها ،هذه المسألة تتعلق بالعدالة الجتماعية وهي هام ً
إنصاف المرأة وإعطاؤها حقها ورعاية حقوق اليتامى و الرامل والمساكين
والرأفة بهم والعطف عليهم وعدم ظلمهم ،إذ الجهاد المشروع والنتيجة
المرجوة منه ل يتحقق ما لم يكن المسلمون يدا ً واحدة ً على العدو .
-وجه التناسب بين آخر سورة العراف وأول سورة النفال :
ختمت السورة المتقدمة بذكر الله في كل حال } :واذكر ربك في نفسك
تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والصال ول تكن من الغافلين{ ،
وبدأت سورة النفال بترك النشغال بحطام الدنيا والسؤال عن الغنائم} :إنما
المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم{.
-وجه الرتباط بين آخر سورة الحجر وأول سورة النحل :
)(4 /
قال تعالى في آخر سورة الحجر} :ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون،
فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ،واعبد ربك حتى يأتيك اليقين{ .وقال
في أول سورة النحل} :أتى أمر الله فل تستعجلوه سبحانه{ أي ما دام أن
ت فل يضيق صدرك بما يقولون ،فالذي خلق السماوات أمر الله تعالى آ ٍ
والرض وخلق النسان من نطفةٍ ينزل الملئكة بالروح على من يشاء من
عباده فهو الذي يصطفى الرسل .
-وجه التناسب بين آخر سورة الواقعة وأول سورة الحديد :
قال تعالى في آخر سورة الواقعة} :فسبح باسم ربك العظيم{ ،وقال في
أول سورة الحديد} :سبح لله ما في السموات والرض وهو العزيز الحكيم{
فالمناسبة والرتباط ظاهر .
-وجه التناسب بين آخر سورة التحريم و أول سورة تبارك :
لما ثبت في السورة المتقدمة )التحريم( أن نوحا ً ولوطا ً عليهما السلم مع
كونهما من النبياء لم يستطيعا أن ينقذا أزواجهما من النار ،ولم يباركا فيهما.
وأن فرعون رغم جبروته وسعة ملكه وقوة سطوته لم يستطع أن يخضع
ة لكفره وشركه فقد باركها الله ،و أن مريم بنت عمران زوجته ويجعلها تابع ً
باركها الله واصطفاها على نساء العالمين ،فثبت أن البركة كلها إنما هي بيد
الله عز وجل ل يشاركه فيها أحد ،فـ }تبارك الذي بيده الملك وهو على كل
شيء قدير{.
التناسب بين السور من القارعة إلى الناس :
54
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ذكر في سورة القارعة أحوال الساعة وشدائدها ،وبعد ذكر هذه الشدائد
التية في الساعة كان لكم أن تعتبروا وتتعظوا وتعملوا الصالحات ولكن
) ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ( .
وبعد بذل الجهد في التكاثر ،فإن حصل لحد مال كثير يزعم أنه فاز كل
}والعصر ،إن النسان لفي خسر{ ،فالفائزون هم المؤمنون الذين }وتواصوا
بالحق وتواصوا بالصبر{.
أما المكتنزون مال ً فـ }ويل لكل همزة لمزة ،الذي جمع مال وعدده{ فلو
كان المال يغني عن أحد لغنى عن أصحاب الفيل }ألم تر كيف فعل ربك
ة من اللهبأصحاب الفيل{ وبعد ذكر ما أحله الله بأصحاب الفيل ،فهذه نعم ٌ
على أهل قريش }ليلف قريش ،إيلفهم رحلة الشتاء والصيف{.
ومن أنعم الله عليه إذ أطعمهم من جوٍع وآمنهم من خوف ،عليه أن ينفق في
سبيل الله ويرعى اليتيم ويحض على طعام المسكين ولكنهم كذبوا بالدين،
}أرأيت الذي يكذب بالدين{ وهذا شأن كفار قريش و أما النبي rفقد كان
يصل الرحم وينصر المظلوم ويعين على نوائب الحق فـ }إنا أعطيناك الكوثر،
فصل لربك وانحر ،إن شانئك هو البتر{.
فاقطع موالتهم و }قل يا أيها الكافرون ،ل أعبد ما تعبدون{.
وهذا أوان تمام دينك وكماله وقد جاء الحق وزهق الباطل }إذا جاء نصر الله
والفتح{ فقد حان وقت ارتحالك من الدنيا }فسبح بحمد ربك واستغفره إنه
كان توابا{.
وإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ً فقد ثبت أن }تبت يدا أبي لهب
وتب ،ما أغنى عنه ماله وما كسب{ .فأعلن ما جئت به }قل هو الله أحد،
الله الصمد{.
و }قل أعوذ برب الفلق{ و }قل أعوذ برب الناس{.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
________________________________________
] - [1مسند أحمد :رقم الحديث ].[17842
] - [2البرهان ].[1/256
] - [3انظر دلئل النظام ص 39لعبد الحميد الفراهي.
] - [4البرهان ].[1/37
] - [5معترك القران في إعجاز القرآن ].[1/43
] - [6مناهل العرفان ].[1/53
] - [7النبأ العظيم ].[195
] - [8صحيح البخاري :كتاب فضائل القرآن .باب كان جبريل يعرض القرآن
على النبي صلى الله عليه وسلم .رقم الحديث ].[4997
] - [9صحيح البخاري :كتاب فضائل القرآن .باب كان جبريل يعرض القرآن
على النبي صلى الله عليه وسلم .رقم الحديث ].[4998
] - [10رواه بن كثير في فضل القرآن وصحح إسناده.
] - [11رواه أبو داود.كتاب شهر رمضان .حديث رقم ] [1390وفي المسند
برقم ].[16111
] - [12رواه أبو داود .كتاب شهر رمضان.حديث رقم ].[1387
] - [13من هدي سورة النفال ص . 22 ،21
] - [14انظر العجاز البياني في ترتيب آيات القرآن وسوره .د /محمد أحمد
يوسف القاسم .
] - [15انظر معترك القران في إعجاز القرآن ]. [1/45،46
55
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
56
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
57
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
58
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
59
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أن ترميم الوثان والتماثيل حرام كمن يقوم بنحتها وصناعتها؛ وفي الحديث
الذي رواه مسلم ) (832عن أبي أمامة – رضي الله عنه -وفيه" :أرسلني
ربي بصلة الرحام ،وكسر الوثان ،وأن يوحد الله ل يشرك به شيء" ،وفي
صحيح مسلم ) (969أيضا ً عن أبي الهياج قال لي علي ابن أبي طالب –
رضي الله عنه :-أل أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله –صلى الله عليه
وسلم" :-أل تدع صورة إل طمستها ،ول قبرا ً مشرفا ً إل سويته" ،وأول ما
يدخل في معنى الصورة في الحديث الصورة المجسمة ،وابحث لك يا أخي
عن عمل شريف خير لك من وظيفتك الحالية ،ول عليك حرج في إجازتك
بدون مرتب – إن شاء الله -وفقك الله ورزقك حلله عن حرامه .والسلم
عليكم ورحمة الله وبركات
)(1 /
)(1 /
التهرب من المسئولية
المحتويات
التهرب من المسئولية
السلوب الول :الدفاع عن واقع المجتمع
السلوب الثاني :تفضيل واقع المجتمع على غيره
السلوب الثالث :تضخيم النحراف والفساد
السلوب الرابع :النشغال بالمصالح الخاصة
60
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
61
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إننا سنقدم على الله وهو يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور ،وهناك ل ينفع
المرء إل عمله ،ولن يقبل منه صرف ول عدل ،فلنتذكر هذا المقام علنا أن
نعمل ما دمنا في دار العمل.
ومن هذه الساليب مايلي:
السلوب الول :الدفاع عن واقع المجتمع
إن الدعوة إلى الصلح والتغيير فرع عن التسليم بوجود خلل في الواقع
وانحراف يدعو إلى التغيير.
وثمة فئة تناقش في هذه المقدمة وتقول :إن واقعنا بخير وليس فيه ما
يستدعي كل ما تدعون إليه ،إن المعاصي قد وقعت في زمن النبي صلى الله
عليه وسلم فهناك من زنا ،وهناك من سرق ،ومن قتل ،بل لقد وقع السيف
بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف تريد الصفاء والنقاء
والعصمة للمجتمعات في هذا الزمن؟.
إن ما وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صور وحالت فردية شاذة،
أما في واقعنا اليوم فالصورة تختلف بكثير .
في مجال العتقاد والتوحيد ثمة طوائف من المسلمين ليست بالنادرة ول
القليلة قد وقعوا في صور من الضلل والنحراف وربما أودت ببعضهم إلى
الخروج من دائرة السلم وهم ل يفقهون.
هاهي اللوف تزدحم حول الضرحة والرفات ،وها هم يعلقون قلوبهم
وأفئدتهم بغير الله تعالى ،ناهيك عن الموقف من الكفار وغياب عقيدة الولء
والبراء والحتكام للنظمة الوضعية.
وفي ميدان اللتزام بالعبادات الشرعية تكفينا حال كثير من المسلمين مع
الصلة.
وفي ميدان القتصاد عم الربا وشاع في معاملت المسلمين ناهيك عن
الظلم والغش والمعاملت المحرمة.
وفي ميدان السلوك والميدان الجتماعي وسائر ميادين الحياة ثمة انحرافات
وتغيرات على مستوى القيم والمفاهيم ،وعلى مستوى السلوك والممارسة.
السلوب الثاني :تفضيل واقع المجتمع على غيره
)(1 /
62
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
63
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
العامة شأن الدعاة والعلماء البارزين ،وتدريس العلم الشرعي شأن من نبغوا
في العلم وتميزوا فيه ،والمشروعات والبرامج الدعوية شأن المؤسسات
الدعوية ،وهكذا يوزع المسؤوليات على الخرين ويصبح هو فردا عاديا غير
مؤهل للقيام بأي مهمة ،وحسبه إصلح نفسه.
لقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم عموم المسؤولية على آحاد المسلمين
بقوله":كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ،فالمام راع ومسؤول علن
رعيته ،والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته ،والمرأة راعية في بيت
زوجها ومسؤولة عن رعيتها ،والعبد راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته".
وعليه فالجميع مسئول وإن كانت المسئولية متفاوتة كل بحسبه فليس
الطالب كالمعلم ،وليس الفرد العادي كطالب العلم ،ولكن تبقى المسئولية
مشتركة بين الجميع.
السلوب السادس :النشغال بالنقد عن العمل
كثيرا ما نسمع من ينتقد الجماعات السلمية والعالمين للسلم والدعاة
واللمرين بالمعروف والنهي عن المنكر ،فه تارة متعجلون ،وتارة مختلفون
ومتصارعون ،وأخرى ليسوا على مستوى الحداث والمهام المنتظرة منهم.
)(2 /
وحين تقارن بين انتقاد هؤلء وبين واقعهم العملي ترى بونا شاسعا ً
إن النقد يجيده الكثير ،فحين يقوم متحدث أمام الناس فقد ُينتقد بأن صوته
ضعيف ل يسمع من حوله ،أو أنه ل ينطلق في حديثه ،أو أنه لم يعد
لموضوعه إعدادا مناسبًا.
لكن كثيرا من هؤلء قد ل يستطيع إلقاء كلمة ولو بنصف مستوى إلقاء هذا
المتحدث.
إننا ل نمانع من النقد الشرعي البناء ،لكن النقد قد يكون في مصدره دفع
المسؤولية عن النفس ،فإن النفس تشعر بالتقصير حين ترى ما يقدمه
الخرون من جهد وعمل ،فحين ينتقد الشخص عملهم وجهدهم يبقى في نظر
نفسه سالما مما وقعوا فيه ،لكنه ينسى أن سكوته وتقصيره قد يكون أشد
من خطأ من عمل وأخطأ عن اجتهاد وحسن نية.
السلوب السابع :التفرغ لتحصيل العلم
لشك أن العلم الشرعي مطلوب ،وعودة المة إلى دينها ينبغي أن تكون
قائمة على العلم الشرعي .وعليه فمن واجبنا علينا تفريغ جزء من أوقاتنا
لتحصيل العلم الشرعي ،ومن واجبنا دفع الشباب والناشئة إلى العتناء بالعلم
وتحصيله.
لكن ذلك كله ل ينبغي أن يدعونا إلى إغفال ما سواه ،أو اختزال حياة الناس
فيه وحده دون سائر الواجبات الشرعية.
ولنا أن نتصور تخلي الخيار من أهل الحسبة ،أو العاملين في حقل الدعوة
إلى الله عز وجل وتربية الشباب ورعايتهم ،أو العاملين في المؤسسات
الدعوية ،لنا أن نتصور تخلي هؤلء عن دورهم بحجة تفرغهم لتحصيل العلم
الشرعي.
إن أول نتائج ذلك أن تؤول هذه الوظائف الشرعية إلى من يتعاملون معها
على أنها مصدر للرزق ووسيلة للتكسب ل غير.
نعم هناك فئة من الناس لديهم نبوغ في العلم ،وهمة في التحصيل ،فشأن
هؤلء ليس كشأن غيرهم ،وقد يكون انشغالهم بالعلم وتفرغهم له أولى من
64
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
65
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ومن ذلك قول الله تعالى) :يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ل يضركم من
ضل إذا اهتديتم(.
)(3 /
وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه :إنكم تقرءون قول الله تعالى":وذكر
الية السابقة" وتجعلونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول":إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم
بعقاب من عنده".
ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم "إذا رأيت شحا مطاعا وإعجاب كل ذي
رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة"
يحتج هؤلء بما سبق من النصوص وغيرها ،وهي إما أن تكون على غير
ماتأولوه أو تكون في أحوال خاصة ،ويتركون سائر النصوص المحكمة الجلية.
السلوب الحادي عشر :الكتفاء بالعتراف بالتقصير
بعض الناس عندما يخاطب للعمل للدين والسير في ركب الدعاة إلى الله عز
وجل يعترف بتقصيره ثم يسأل الله أن يتوب عليه ويغفر له.
إن العتراف بالتقصير ينبغي أن يتبعه عمل وإصلح للنفس ،وتهيئة لها
للنهوض بهذا الواجب.
إن كثيرا من هؤلء يحاسب نفسه على التقصير في نافلة من النوافل ،أو
الوقوع في شبهة من الشبه ،لكنه يتجاوز هذا الواجب العظيم ،والمسؤولية
الكبيرة دون وقفة جادة أو محاسبة صادقة.
السلوب الثاني عشر :انتظار فتح المجال أو التكليف
ينتظر طائفة من الناس أن يتلقى تكليفا ،أو يفتح له المجال ليشارك في
ميدان من ميادين الدعوة ،ويعتبر غياب ذلك مما يعفيه من المسؤولية.
إن طائفة من هؤلء يحرص على التنصل من أي مهمة ،والعتذار من أي
تكليف وإحالة المر إلى غيره ،معتقدا أن ذلك سيعفيه من المسؤولية ويلقي
المانة على غيره من الناس.
ولهؤلء أعرض قصة لعبد الحميد بن باديس رحمه الله-:
حيث قال له الحاكم الفرنسي :إما أن تترك التعليم وإعطاؤك ما تعطيه
تلميذك وإل أرسلت لك الجنود ليغلقوا المسجد .فقال له :لن تستطيع ذلك.
قال :كيف؟ .قال :إذا أتيت العرس ذكرت الناس المحتفلين ،وإذا أتيت مجلسا
فيه عزاء وعظتهم ،وإذا ركبت في حافلة ذكرت المسافرين ،قال :فنسجنك.
قال :فإذا سجنتموني وعظت المسجونين .قال :فنقتلك .قال :وإذا قتلتموني
التهبت مشاعر الناس وأولى بك أل تواجه المسلمين في دينهم.
إن من المسلم الغيور يشعر أن فتح البواب ،والبحث عن المجالت المناسبة
للعمل من مسؤوليته ،وأنه حتى لو أوصدت البواب أمامه فإن من مسؤوليته
أن يسعى لفتحها ،والبحث عن البدائل ،فضل عن أن ينتظر حتى تفتح له.
السلوب الثالث عشر :العتذار بعدم وجود الثمرة
تعوق عدم رؤية النتيجة طائفة من الناس عن الدعوة والشعور بالمسؤولية،
ويرون أن الناس ليستجيبون ،وأن جهودهم تحبط ويقضى عليها.
ولهؤلء وأمثالهم يقال:
أول :ليست جميع نتائج الدعوة مما يظهر لصاحبها ،فكثير من الجهود الدعوية
ليدرك صاحبها أثرها ،أو لتؤتي أثرها إل بعد حين.
ثانيا :أن مناط التكليف في الدعوة هو القيام بالواجب الدعوي ،وليس
66
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
استجابة الناس ،فمتى قام الداعية بالواجب في دعوته فقد تحقق المر،
وسقط عنه التكليف ،واستحق الثواب ،سواء استجاب الناس أم لم يستجيبوا.
ولعل خير شاهد على ذلك سيرة النبياء صلوات الله وسلمه عليهم ،فقد
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي يأتي يوم القيامة وليس معه أحد،
والنبي يأتي ومعه الرجل والرجلن ،وهذا بل شك ل يعني تقصير النبياء عليهم
الصلة و السلم ،فهذا النبي الذي لم يتبعه أحد خير من الدعاة الذين يهتدي
على أيديهم آلف الناس ،فالعبرة إذا بالعمل ل بالنتيجة.
ثالثا :أن الواقع أننا نرى أن كثيرا من العمال الدعوية تظهر ثمرتها ويراها
أصحابها ،بل إنها ل تقارن بالجهود المبذولة.
رابعا :أن ضعف الثمرة في بعض العمال قد يكون مرده الخلل فيها ،وليس
بالضرورة صدود الناس وإدبارهم عن الحق.
نماذج من المصلحين
فيما يأتي إشارة سريعة إلى نماذج جاءت في كتاب الله تعالى ممن أدركوا
المسؤولية وقاموا بها وهم بشر من آحاد الناس.
أول :مؤمن آل فرعون الذي جاءنا من خبره ما ذكره الله تعالى في سورة
غافر ):وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجل أن يقول ربي الله
وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم
بعض الذي يعدكم( إلى آخر قصته وحواره الطويل معهم ،إنه ليس نبيا وعالما
مشهورا ولكنه رأى أن واجبه الدفاع عن موسى ودعوته ففعل ما فعل.
ثانيا :قصة أصحاب القرية قال عز وجل عنهم )واضرب لهم مثل أصحاب
القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث
فقالوا إنا إليكم مرسلون ...إلى قوله تعالى وجاء من أقصا المدينة رجل
يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين .اتبعوا من ل يسألكم أجرا وهم مهتدون(.
إن غاية ماقاله هذا الرجل أن دعى الناس إلى اتباع المرسلين ،فالمر لم
يكن محتاجا إلى علم وفصاحة وإمكانات.
قال ابن هبيرة " :تأملت حال هذا الرجل فرأيت عجبا ،يقول وجاء من أقصا
المدينة ولم يأت من وسطها ،وجاء يسعى ولم يأت راكبا" فهل لنا في مثل
هذا الرجل قدوة؟
)(4 /
ثالثا :قصة سليمان عليه السلم ،عندما تفقد الطير وفقد الهدهد .قال عز
وجل):وتفقد الطير فقال ما لي ل أرى الهدهد أم كان من الغائبين .لعذبنه
عذابا شديدا أو لذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين( فلما جاء الهدهد قال:
)أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين .إني وجدت امرأة تملكهم
وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم .وجدتها وقومها يسجدون للشمس
من دون الله وزين لهم الشيطان عمالهم فصدهم عن السبيل فهم ل
يهتدون(.
لقد رأى الهدهد أن مسئوليته على القل تتمثل في أن يبلغ هذا المنكر الذي
رآه ولم يحط به سليمان عليه السلم وكانت النتيجة أن دخلت هذه المة
السلم وقالت ملكتهم ) :رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله
رب العالمين( .
وقام الهدهد بما قام به وهو غير مكلف ،ويقصر كثير منا مع أننا محاسبون
67
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ومكلفون ،وكلما كان أحدنا أكثر علما وأكبر إمكانيات كانت مسئوليته أعظم.
اسأل الله أن يعننا على حمل المانة وأداء المسؤولية إنه سميع مجيب.
)(5 /
التوازن النفسي والسلوكي في شخصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم
–
رئيسي :السيرة :الثلثاء 4محرم 1425هـ 24 -فبراير 2004م
الدارس لشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يستلف نظره ذلك
التوازن الدقيق بين معالمها:
التوازن النفسي في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم :فكان ذو نفس
سوية ،فما كان صلى الله عليه وسلم بالكئيب العبوس الذي تنفر منه الطباع،
ول بالكثير الضحك الهزلي الذي تسقط مهابته من العيون.
وحزنه وبكاؤه في غير إفراط ول إسراف :وفي ذلك يقول ابن القيم':وأما
بكاؤه صلى الله عليه وسلم ،فلم يكن بشهيق ورفع صوت ،ولكن كانت تدمع
عيناه حتى تهمل ،ويسمع لصدره أزيز ،وكان بكاؤه تارة ً رحمة للميت ،و تارةً
خوًفا على أمته وشفقة عليها ،وتارةً من خشية الله ،وتارة ً عند سماع القرآن-
وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلل مصاحب للخوف والخشية -ولما مات ابنه
إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له ..
وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض ،وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود
ف إَذا جئ ْنا من ك ُ ّ ُ
ة
م ٍ لأ ّ سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى }:فَك َي ْ َ ِ ِ َ ِ ْ
دا]]{[41سورة النساء[ .وبكى لما مات شِهي ً ك عََلى هَؤَُلِء َ جئ َْنا ب ِ َ شِهيد ٍ وَ ِ بِ َ
عثمان بن مظعون ،وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته ،وكان يبكى أحياًنا
في صلة الليل'.
أما ضحكه صلى الله عليه وسلم :فكان يضحك مما ُيتعجب من مثله،
ن َ ويستغرب وقوعه ويستندر ،كما كان يداعب أصحابه .فَع َ
كأ ّ مال ِ ٍ ن َ س بْ ِ ن أن َ ِ َ ْ
ك عََلى وَلدَِ مل ُ َ حا ِ ل] :إ ِّني َ قا َ م فَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو َ ل َر ُ م َ ح َ ست َ ْ جًل ا ْ َر ُ
هّ ّ ّ صن َعُ ب ِوَلدِ الّناقَةِ فَ َ َ َ ّ ة[ فَ َ
صلى الل ُ ل اللهِ َ سو ُ ل َر ُ قا َ ما أ ْ ل اللهِ َ سو َ ل َيا َر ُ قا َ الّناقَ ِ
ق[رواه أبو داود والترمذي وأحمد . ل إ ِل الّنو ُ ّ ْ
ل ت َل ِد ُ ال ِب ِ َ م ] :وَهَ ْ سل َ ّ عَل َي ْهِ وَ َ
التوازن السلوكي في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم :وهو أحد دلئل
نبوته ،فلقد جعل هذا التوازن من رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة
العليا التي تمثلت فيها كل جوانب الحياة ،وإليك بعض مظاهر هذا التوازن
السلوكي:
]أ[ التوازن النبوي بين القول والفعل :وظهور هذا التوازن في حياة رسول
الله صلى الله عليه وسلم العملية كان على أعلى ما يخطر بقلب بشر ،فهو
العابد والزاهد ،والمجاهد والزوج ...وما كان يأمر بخير إل كان أول آخذ به ،ول
ينهى عن شر إل كان أول تارك له.
ّ َ ّ ّ ّ َ
م
سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ي اللهِ َ ن ن َب ِ ّ ه عَن َْها أ ّ ي الل ّ ُ ض َ ة َر ِ ش َ عائ ِ َ ن َ فعن عبادته :فَعَ ْ
سو َ
ل ذا َيا َر ُ صن َعُ هَ َ م تَ ْ ة لِ َ ش ُ عائ ِ َ ت َ قال ْ َ ماه ُ فَ َ فطَر قَد َ َ ّ حّتى ت َت َ َ ل َ ن الل ّي ْ ِ م ْ م ِ قو ُ ن يَ ُكا َ َ
َ َ ُ َ َ
ن كو َ نأ ُ بأ ْ ح ّ ل] :أفََل أ ِ خَر َقا َ ما ت َأ ّ ك وَ َ ن ذ َن ْب ِ َ م ْ م ِ قد ّ َ ما ت َ َ ك َ ه لَ َ فَر الل ّ ُ الل ّهِ وَقَد ْ غَ َ
َ
ه
ه عَن ْ ُ ي الل ّ ُ ض َ ك َر ِ مال ِ ٍ ن َ س بْ ِ مي ْد ٍ أن َ ِ ح َ ن ُ كوًرا[ رواه البخاري ومسلم .وعَ ْ ش ُ دا َ عَب ْ ً
ن َ ُ ن ال ّ ّ َ ّ ّ ّ سو ُ َ َقا َ
نأ ْ حّتى ن َظ ّ شهْرِ َ م ْ فط ُِر ِ م يُ ْ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ن َر ُ ل ':كا َ
َ َ َ َ ُ
ن ت ََراهُ شاُء أ ْ ن ل تَ َ َ
شي ْئا وَكا َ ً ه َ من ْ ُ فط َِر ِ ن ل يُ ْ نأ ْ حّتى ن َظ ّ م َ صو ُ ه وَي َ ُ من ْ ُ م ِ صو َ َل ي َ ُ
َ َ
ه' رواه البخاري ومسلم-مختصرا.- ما إ ِّل َرأي ْت َ ُ ه وََل َنائ ِ ً صل ًّيا إ ِّل َرأي ْت َ ُ م َ ل ُ ن الل ّي ْ ِ م ْ ِ
68
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
صّلى ي َ ن الن ّب ِ ّ كا َ وأما عن شجاعته وجهاده :فيروى أنس رضي الله عنه قالَ :
َ
قد ْ فَزِع َ أهْ ُ
ل س وَل َ َ س وَأ َ ْ َ الل ّه عَل َيه وسل ّ َ
جعَ الّنا ِ ش َ جوَد َ الّنا ِ س وَأ ْ ن الّنا ِ س َ ح َ مأ ْ ْ ِ َ َ َ ُ
هّ
صلى الل ُ ّ ي َ م الن ّب ِ ّ قب َلهُ ْ َ ست َ ْ ت َفا ْ صوْ ِ ل ال ّ س قِب َ َ ت لي ْلةٍ َفان ْطلقَ الّنا ُ َ َ َ َ دين َةِ َذا َ م ِ ال ْ َ
عوا[ ن ت َُرا ُ عوا ل َ ْ ن ت َُرا ُ ل] :ل َ ْ قو ُ ت وَهُوَ ي َ ُ صو ْ ِ س إ َِلى ال ّ سب َقَ الّنا َ م قَد ْ َ سل ّ َ عَل َي ْهِ وَ َ
ل :ل َ َ َ
قد ْ قا َ ف فَ َ سي ْ ٌ قهِ َ ج ِفي عُن ُ ِ سْر ٌ ما عَل َي ْهِ َ ي َ ة عُْر ٍ ح َ س ِلِبي ط َل ْ َ وَهُوَ عَلى فََر َ ٍ
َ
حٌر .رواه البخاري ومسلم . ه ل َب َ ْ حًرا أوْ إ ِن ّ ُ ه بَ ْ جد ْت ُ ُ وَ َ
قي َْنا م ات ّ َ و َ ق ْ ل ا م و َ ق ْ ل ا ي ق َ ل و س ْ أ ب ْ ل ا ر م ح ا ذاَ إ نا ُ ك ل': َ قاَ ه ن ع ه ّ ل ال ي
ْ َ ْ ُ ْ َ ّ َ ُ َ ِ َ ّ ِ ُ َْ ُ و َ ْ َِ ّ َ ِ َ
ض ر ي ل ع ن ع
ن ال ْ َ َ َ
قوْم ِ م ْ حد ٌ أد َْنى ِ مّنا أ َ ن ِ كو ُ ما ي َ ُ م فَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ ب َِر ُ
ه'رواه أحمد .ولول خوف الطالة؛ لسردنا شمائله صلى الله عليه وسلم من ْ ُ ِ
التي نادى بها ،وعّلمها أمته ،وكان أول الممارسين العمليين لها.
]ب[ الصدق النبوي في الجد والدعابة:لقد كان الصدق من أوضح السمات
في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وكفي دللة على هذا الصدق
أن قومه لقبوه بالصادق المين ،بل إن أول انطباع يرسخ في نفس من يراه
ل الل ّهِ سو ُ م َر ُ ما قَدِ َ ل لَ ّ سَلم ٍ َقا َ ن َ ّ
ن عَب ْدِ اللهِ ب ْ ِ لول مرة أنه من الصديقين ،فعَ ْ
صلى ّ ل اللهِ َ ّ سو ُ م َر ُ ل قَدِ َ س إ ِلي ْهِ وَِقي َ َ ل الّنا ُ ف َ ج َ ة ان ْ َ دين َ َ م ِ م ال ْ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
صّلى ل الل ّهِ َ سو ُ م َر ُ م قَدِ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ م َر ُ م قَدِ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ الل ّ ُ
ل الل ّ ِ َ
ه سو ِ ه َر ُ ج َ ت وَ ْ ست َث ْب َ ّ ما ا ْ س ِلن ْظ َُر إ ِل َي ْهِ فَل َ ّ ت ِفي الّنا َ ِ جئ ْ ُ م فَ ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ الل ّ ُ
َ
يٍء ش ْ ل َ ن أوّ ُ كا َ ب وَ َ ذا ٍ جهِ ك َ ّ س ب ِوَ ْ ه ل َي ْ َ جهَ ُ ن وَ ْ تأ ّ م عََرفْ ُ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
س ّ ّ ْ َ َ س أف ُ ْ َ َ َ َ َ ّ َ
صلوا َوالّنا ُ م وَ َ موا الطَعا َ م وَأطعِ ُ سل َ شوا ال ّ ن قال] :أي َّها الّنا ُ م ب ِهِ أ ْ ت َكل َ
م[ رواه الترمذي وابن ماجة والدارمي وأحمد. ل س َ ب ة ن ج ْ ل ا لوا ُ خ
م َ ْ ُ
د ت ن َِيا ٌ
َ ّ َ ِ َ ٍ
فهو الصادق في وعده وعهده ،وما حدث أن وعد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،أو عاهد فأخلف ،أو غدر ،ول يحيد عن الصدق مجاملة لحد .وحتى
في أوقات الدعابة والمرح حيث يتخفف الكثيرون من قواعد النضباط كان
لن أ َِبي هَُري َْرةَ َقا َ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق في مزاحه ،فعَ ْ
قا[ رواه الترمذي ح ّ ل إ ِّل َ ل] :إ ِّني َل أ َُقو ُ عب َُنا َقا َ دا ِ ك تُ َ ل الل ّهِ إ ِن ّ َ سو َ َقاُلوا َيا َر ُ
وأحمد.
]جـ[ التوازن الخلقي في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم :من
أبلغ وأجمع الكلمات التي وصفت أخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
ن' رواه مسلم .ولقد كانت هذه قْرآ َ ه ال ْ ُ ق ُ خل ُ ُ ن ُ كا َ قالته عائشة رضي الله عنه َ ':
الخلق من السمو والتوازن ما جعل تواضعه ل يغلب حلمه ،ول يغلب حلمه
بره وكرمه ،ول يغلب بره وكرمه صبره… وهكذا في كل شمائله صلوات الله
عليه -هذا مع انعدام التصرفات الغير أخلقية في حياته.
69
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فعن تواضعه :يروى أبو نعيم في 'دلئل النبوة' عن أنس رضي الله عنه قال:
ن
كا َ ما َ فا َواللهِ َ س لط ً ِ شد ّ الّنا ن أَ َ م ْ م ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ُ ل اللهِ َ سو ُ ن َر ُ كا َ َ
ْ َ َ
لس َ ماِء فَي َغْ ِ ه ِبال َ ن ي َأت ِي َ ُ يأ ْ صب ّ ة ،وََل َ م ٍ نأ َ م ْ د ،وََل ِ ن عَب ْ ٍ مَ ْ داةٍ َبارِد َةٍ ِ مت َن ِعُ ِفي غَ َ يَ ْ
حّتى ف ر ص ن ي م َ لَ ف ه ن ُ ذ ُ أ ه ي َ لإ غى ْ َ ص َ أ ل ّ إ طّ َ ق ٌ
ل َ
وَ ْ َ ُ َ ِ َ َ ْ ِ َ َ َ ُ َ ِ
ئ سا ه ل أس ما و ه، ي ع را ذ و ه ه ج
ْ َْ َ ِ ْ َ ِ ْ ِ َ ُ ِ
َ
حّتى م ي َن َْزع ْ َ ها ،فَل َ ْ ه إ ِّيا َ حد ٌ ب ِي َدِهِ إ ِّل َناوَل َ ُ لأ َ ما ت ََناوَ َ ه ،وَ َ ف عَن ْ ُ صرِ ُ ذي ي َن ْ َ هو ال ّ ِ ن ُ كو َ يَ ُ
ه'. من ْ ُ ذي ي َن ْزِعَُها ِ ن هُوَ ال ّ ِ كو َ يَ ُ
ن آث ََر الن ّب ِ ّ
ي ما َ َ ه َقا َ ّ ّ
حن َي ْ ٍ م ُ ن ي َوْ ُ كا َ لل ّ ه عَن ْ ُ ي الل ُ ض َ ن عَب ْدِ اللهِ َر ِ
ُ
وعن حلمه :عَ ْ
ة
م َ س َ ق ْ ْ
ن هَذِهِ ال ِ ّ
ل َواللهِ إ ِ ّ ج ٌ ل َر ُ مةِ َ ...قا َ س َ ق ْ ْ
سا ِفي ال ِ م أَنا ً سل َّ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
قل ْت والل ّهِ َل ُ ل فيها وما أ ُ
ه عَل َي ْ ِ
ه صّلى الل ُّ ِ ّ َ ي ب ّ ن ال ن
ّ ر َِ ب خ
ْ ُ َ ُ َ ف ِ ه ّ ل ال ه ج
ْ و
َ َ َ ِ َِ َ ُ ها ب َ د ري ِ َ ِ د ُ ع ما َ
م الل ُّ
ه ح ر ه ُ لسو ر و ه ّ ل ال ْ
ل د ع ي م َ ل ذاَ إ لُ د ع ي ن م َ ف ] ل: َ قا
َ َ ف ه ت ر ب خ وسل ّم فَأ َتيته فَأ َ
ُ َ َ ِ ُ ُ ََ ِ ْ َ ْ ِ ْ َ َ ْ ْ ُ ُ َ ْ ُ ُ ْ َ َ َ
صب ََر[رواه البخاري ومسلم.
ِ
َ ف ذا َ ه ن م ر َ ث ْ ك َموسى قَد ُأوذي بأ َ
َ َ ْ ِ َ ِ َ ِ ْ ُ َ
)(2 /
ه عَل َي ْهِ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ سئ ِ َ ما ُ هَ ': ن عَب ْدِ الل ّ ِ جاب ُِر ب ْ ُ ل َ وعن كرمهَ :قا َ
َ َ شي ًْئا قَ ّ
سئ ِ َ
ل ما ُ لَ : س قا َ َ ن أن َ َ ٍ ل ل' رواه البخاري ومسلم .وعَ ْ قا َ طف َ َ م َ سل ّ َ وَ َ
جاءَهُ َ َ
شي ْئا إ ِل أعْطاه ُ قال ف َ َ َ ّ ً سلم ِ َ َ ْ
م عَلى ال ِ ْ َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ سول َاللهِ َ ّ ُ َر ُ
ن َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ٌ
موا فإ ِ ّ سل ِ ُ قال َيا قوْم ِ أ ْ مهِ ف َ جعَ إ ِلى قوْ ِ ن فَر َ جب َلي ْ ِ ن َ ما ب َي ْ َ جل فأعْطاه ُ غن َ ً َر ُ
ة' رواه مسلم . َ َ ق فا َ ْ ل ا شى َ خَ ْ ي لَ ً ء طا َ َ ع طي م َ ّ ً ُْ ِ ع ي دا م ح ُ
]د[ التوازن النبوي بين الحزم واللين:فرغم ما حباه الله به من الحلم والرأفة
إل أنه الحلم والرأفة التي ل تجاوز حدها ،فكان صلى الله عليه وسلم يغضب
للحق إذا انتهكت حرمات الله ،فإذا غضب؛ فل يقوم لغضبه شيء حتى يهدم
الباطل وينتهي ،وفيما عدا ذلك فهو أحلم الناس عن جاهل ل يعرف أدب
صّلى ل الل ّهِ َ سو ُ ب َر ُ ضَر َ ما َ تَ ': ة َقال َ ْ ش َ عائ ِ َ ن َ الخطاب ،أو مسيء للدب ،فعَ ْ
ل اللهِّ َ ّ َ َ َ شي ًْئا قَ ّ
سِبي ِ جاهِد َ ِفي َ ن يُ َ ما إ ِل أ ْ خادِ ً مَرأة ً وَل َ ط ب ِي َدِهِ وَل ا ْ م َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ الل ّ ُ
َ
حارِم ِ الل ّ ِ
ه م َ ن َ م ْ يٌء ِ ش ْ ك َ ن ي ُن ْت َهَ َ حب ِهِ إ ِّل أ ْ صا ِ ن َ م ْ م ِ ق َ ط فَي َن ْت َ ِ يٌء قَ ّ ش ْ ه َ من ْ ُ ل ِ ما ِني َ وَ َ
ل' رواه البخاري ومسلم . ج ّ م ل ِلهِ عَّز وَ َ ّ ق َ فَي َن ْت َ ِ
ولما نكث بنو قريظة العهد وتحالفوا مع الحزاب على حرب المسلمين ثم رد
الله كيدهم في نحورهم وأمكن الله رسوله منهم رضوا بحكم سعد بن معاذ
كما رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فحكم سعد أن تقتل رجالهم،
مت ِفيهِ ْ م َ حك َ ْ قد ْ َ وتسبى نساؤهم وزراريهم ،فتهلل وجه الرسول ،وقال ] :ل َ َ
ك[رواه البخاري ومسلم .فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم مل ِ ِ حك ْم ِ ال ْ َ بِ ُ
منهم في يوم واحد أربعمائة رجل صبًرا.
َ
ت ب ِذ َل ِ َ
ك معَ ْ س ِ ل فَ َ جهْ ٍ ت أِبي َ ب ب ِن ْ َ خط َ َ ن عَل ِّيا َ ل إِ ّ ة َقا َ م َ خَر َ م ْ ن َ سوَرِ ب ْ ِ م ْ ن ال ْ ِ و عَ ْ
ك َل َ َ
ك أن ّ َ م َ م قَوْ ُ ت ي َْزعُ ُ قال َ ْ م فَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو َ ت َر ُ ة فَأت َ ْ م ُ َفاط ِ َ
ه َ ّ ّ ّ سو ُ ل فَ َ َ ك وَهَ َ ب ل ِب ََنات ِ َ
ه عَلي ْ ِ صلى الل ُ ل اللهِ َ م َر ُ قا َ جهْ ٍ ت أِبي َ ح ب ِن ْ َ ي َناك ِ ٌ ذا عَل ِ ّ ض ُ ت َغْ َ
ْ َ َ َ ّ
حد ّث َِني ن الّرِبيِع فَ َ ص بْ َ ت أَبا الَعا ِ ح ُ ما ب َعْد ُ أن ْك َ ْ ل]:أ ّ قو ُ شهّد َ ي َ ُ ن تَ َ حي َ ه ِ معْت ُ ُ س ِ م فَ َ سل َ وَ َ
َ ّ َ ْ َ
ت
معُ ب ِن ْ ُ جت َ ِ ها َواللهِ ل ت َ ْ سوَء َ ن يَ ُ مّني وَإ ِّني أكَره ُ أ ْ ة ِ ضعَ ٌ ة بَ ْ م َ ن َفاط ِ َ صد َقَِني وَإ ِ ّ وَ َ
حد ٍ فَت ََرك عَل ِ ّ
ي َ ل َوا ِ ج ٍ عن ْد َ َر ُ ّ
ت عَد ُوّ اللهِ ِ م وَب ِن ْ ُ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ل اللهِ َ ّ سو ِ َر ُ
ة[رواه البخاري ومسلم. خطب َ َ ْ ال ْ ِ
إنه اللين الذي ل يعرف الخور ،والحزم الذي به تكون الرجال فصلوات الله
وسلمه عليه.
لقد سجل لنا التاريخ سير آلف المصلحين ،ولكن لم تجتمع كل المبادئ
الطيبة إل في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم :في البيت ،والقيادة،
70
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
71
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
أبوذر الغفاري رضى الله عنه :وأبو ذر لم يعرف عنه مزيد عناية بالعلم أكثر
من غيره ,ول مزيد اهتمام بشأن الجهاد أكثر من غيره ,و إنما عرف بالزهد
والورع ,والحث على التقلل من الدنيا ,والتزود للخرة ...وتجد من الصحابة
غير هؤلء لهم اهتمامات أخرى غير ما سبق .
وهذه المزايا التي تنفرد بالتميز بها طائفة عن أخرى راجعة إلى خصائص
موجودة في أصل التركيب ,وأصل الفطرة عند هؤلء القوم ,فخالد :جبل
على الشجاعة ,وابن مسعود :منح من قوة الذاكرة ,وقوة الستنباط ,والجلد
في طلب العلم ما ليس عند غيره ...وهكذا .
أمور يجب مراعاتها:
ومن مجموع هذه الخصائص يتكون المجتمع المسلم ,وهذا أمر لبد من
72
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
إذا ً ابن القيم أشار إلى القدر الذي لبد منه لكل إنسان ,وهو تعلم كل ما
يحتاج إليه في دينه ,ثم أشار بعد ذلك إلى أن الولى بالنسان أن ينظر سواء
في نفسه ,أو فيمن يربيه فيما هو مستعد له فطرة وخلقة ,فيوجهه إلى ذلك,
فإنه إن وجهه إلى غيره؛ لم يفلح فيما وجهه إليه ,وخسر الشيء الذي كان
مستعدا ً له؛ لنه لم يشتغل به ,وهذا ملمح مهم جدا ً في قضية التوازن ,وحين
ننظر إلى جانب معين من جوانب التوازن ,فمثل :جانب العلم لنفترض أنك
بعد أن تأملت نفسك وفكرت في الخصائص والمواهب التي منحك الله
73
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وجدت أنك تميل إلى تعلم العلوم الشرعية وتحصيلها ,وهذا لشك مهم جدا ً
ول غنى للمسلمين عنه في حال من الحوال ,فحينئذ ستجد نفسك أمام عدد
كبير من العلوم :أمام تعلم التفسير المتعلق بكتاب الله وكتاب الله هو
أشرف الكتب وأعظمها ,والمسلم بحاجة إلى معرفته قبل معرفة غيره ,وهذا
يدعوك إلى العناية بالتفسير ,فإذا التفت من جانب آخر وجدت أن السنة
تفسر القرآن ,وتبين مجمله ,وتقيد مطلقه ,وتخصص عامه ,فأنت بحاجة إذا ً
إلى معرفة السنة حتى تفهم القرآن فهما صحيحًا ,وإذا نظرت إلى جانب
ثالث :وجدت أن علم العقائد أصل ,وأن كل علم قبل هذا العلم ل يكفي ,وأن
النسان إذا فسدت عقيدته ل ينفعه بعد ذلك ما حصل من العلوم ...وهكذا
كل علم يبدي حجته؛ تجد أنك تحكم له ,وتقول :هذا العلم أولى من غيره,
ولذلك تجد أن بعض الطلبة ينتقل بين هذه العلوم بطريقة فردية غير
منضبطة ول مستقرة ,فهو اليوم متجه إلى تعلم التفسير ,فتلقاه بعد شهر أو
شهرين قد ترك الكتب التي بدأها والبرنامج الذي ألزم نفسه في تعلم
التفسير واتجه إلى حفظ السنة ,فتلقاه بعد سنة وقد قطع هذا العمل على
نفسه ,وقال :لبد أن أتعلم العقيدة ,فهي أساس كل شيء فل يكاد أن يبدأ
بتعلم العقيدة حتى ينتقل منها إلى الفقه ,وهو يقول :الفقه علم عملي
والناس محتاجون إليه في كل حركة وكل سكنة ,ولبد من تعلم هذا العلم
لسد حاجة الناس ...بل أعجب من ذلك أنك تجد بعض الشباب يتجه إلى
طلب علم من العلوم ,فيلقاه بعض من حوله ,فيسأله سؤال ً يتعلق بعلم آخر,
فيجد نفسه حائرا ً أمام هذا السؤال الذي وجه إليه ل يستطيع الجابة عليه
فهذا السؤال وهذه الحيرة أملت عليه التجاه إلى العلم الذي يتعلق بهذا
السؤال ,فإذا كان السؤال فقهيًا؛ اتجه إلى الفقه؛ لنه شعر من خلل عجزه
عن الجابة على هذا السؤال بضرورة تعلم الحكام التفصيلية وأدلتها ,فإذا بدأ
وجه إليه سؤال آخر وثالث ...وهكذا ,فيكون النسان مترددا ً ل يكاد أن
يستقر على حال بسبب ضعف انتباه النسان لنفسه ,وضعف ضبطه للطريقة
الصحيحة التي يجب أن يتعلم بها ,وبسبب عدم وجود المربى ,أو الموجه
الذي ينتفع النسان بخبرته ومعرفته في هذا المجال.
ولذلك قال علماؤنا السابقون :إن النسان إذا وجد في نفسه ميل إلى علم
من العلوم ينبغي عليه أن يركز في هذا العلم الذي شعر بأنه يميل إليه ,ولو
كان هذا العلم مفضول ,فمثل لو وجدت في نفسك ميل ً إلى علم التاريخ,
وأنك تبدع فيه أكثر من غيره ,فإنك حينئذ ينبغي -بعد أن تتعلم بعض علوم
الشرع التي ل بد لك منها -أن تركز على تعلم علم التاريخ ,وأن تخدم السلم
من خلل هذا العلم ,فتبين مثل ً المرويات الباطلة التي دسها الرافضة,
وغيرهم من أعداء السلم في كتب التاريخ ,وشوهوا بها سيرة أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ,بل شوهوا التاريخ السلمي ,وخاصة القرون المفضلة,
فأنت مؤرخ تخدم السلم من خلل تمحيص التاريخ السلمي ,ومن خلل
دراستك للتاريخ دراسة صحيحة ,وبيانك للصورة المشرقة التي رسمها
المسلمون الولون حتى ينسج المسلمون على منوالها ,فيعرفوا التصرف
الصحيح ,فيمتثلون ,ويعرفوا ما تبين عدم صحته فيجتنبوه ,ولذلك قال الشاعر
:
ومن وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارا إلى عمره
)(3 /
74
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وما يمكن أن يقال في التاريخ مثل يمكن أن يقال في علم آخر ,ولذلك قال
المام ابن حزم في كتابه الذي سماه ':الخلق والسير في مداواة
النفوس' ':من مال بطبعه إلى علم ما ولو كان أدنى من غيره ,فل يشغلها
بسواه ,فيكون كغارس النارجيل في الندلس ,وكغارس الزيتون في الهند'
وهذا كله ل يثمر ,فحين تغرس نوعا ً من الشجر في بلد ل تصلح تربته ,أو ل
يصلح جوه ,فإنه يموت ,فتخسر الشجرة ,وتخسر الجهد الذي بذلته ,والوقت
والرض ...وهكذا من وجه نفسه إلى علم ل يحسنه؛ يتعب كثيرا ً ول يحصل
فيه إل القليل ,بل إنني أقول :إن المر يتعدى ذلك ,فإن كثيرا ً ممن يسيئون
إلى العلم الشرعي ويخطئون من حيث أرادوا الصواب والحسان هم من
أقحموا أنفسهم في هذه المجالت ,وهم ليملكون أداتها ول آلتها ولم يخلقوا
لها ,فجاءوا من الراء والنظريات والقوال بالشيء الغريب الذي لم يسبقوا
إليه ,وتجد كثيرا من الشباب خاصة في بداية الطلب ,وفي غمرة الحماس قد
يأتون بآراء وأقوال في منتهى الغرابة ,وقد يصدر منهم أيضا من التصرفات
والمواقف الشيء الكثير ,ول حاجة إلى ضرب المثلة لذلك ,فهي معروفة
لدى الكثير .
إننا حين ندرك المواهب التي وهبنا الله عز وجل إياها و الشياء التي نستطيع
أن نفلح فيها أكثر من غيرها ,فإننا بذلك نوفر على أنفسنا جهدا ً وعناًء كبيرًا,
ونقدم للدين الذي نحبه ونحب أن نضحي في سبيله شيئا كثيرا ,وفي نفس
الوقت نكون قد تناوبنا القيام بفروض الكفايات التي أوجبها الله علينا ,فإن
تعلم هذه العلوم فيما عدا العلم الذي يخص الشخص هو من باب فروض
الكفايات ,حتى علوم الصناعات التي يحتاجها المسلمون في حياتهم العملية
هو فرض كفاية ,وكذلك تعلم العلوم الزائدة التي يحتاجها الناس ,فإذا قام كل
واحد منا بالتعرف على العلم الذي يحسنه ,فوجه همه إليه ,أو التعرف على
الشيء الذي يناسبه -ولو لم يكن علما -ووجه همه إليه ,فإنا سنجد في النهاية
أننا بمجموعنا أفلحنا في تكوين مجتمع إسلمي متكامل ,يتناوب أفراده القيام
بفروض الكفاية ,ول يوجد فرد في غير محله ,فكل فرد في موقعه الطبيعي .
ول شك أن النسان قد يقول :كيف لي أن أعرف الموهبة التي يمكن أن أجيد
فيها؟ وهذا فعل ل يتحقق في كثير من الحيان إل بنوع من النتباه والتجربة,
ففي بعض الحيان تكون مواهب النسان بارزة ومتجهة إلى شيء معين,
وهذا ل إشكال فيه ...لكن أحيانا ً أخرى تكون هذه المواهب خفيه تحتاج إلى
تجربة ,واستشارة ,و بالتجربة ,والنتباه والستشارة يصل النسان إلى الموقع
المناسب.
ويجب علينا أن ندرك أن الله حين قسم بيننا هذه المواهب ,وهذه الملكات
أراد منا أن نستثمرها في طاعته ,وفيما يريده؛ ولذلك فإننا حين نضيعها نكون
ذي قد ظلمنا أنفسنا ,وتعرضنا لسخط الله ,أو عقابه ,اقرأ قول الله { :وَهُوَ ال ّ ِ
خل َئ ِ َ َ
ما آَتاك ُ ْ
م ت ل ّي َب ْل ُوَك ُ ْ
م ِفي َ جا ٍ م فَوْقَ ب َعْ ٍ
ض د ََر َ ضك ُ ْ ض وََرفَعَ ب َعْ َ ف الْر ِ م َ جعَل َك ُ َْ
م ] } [165سورة النعام حي ٌ فوٌر ّر ِ َ
ه لغَ ُ ب وَإ ِن ّ ُ قا ِ ْ
ريعُ العِ َ
س ِ َ
ن َرب ّك َ إِ ّ
ض } فنحن مستخلفون في هذه الرض, َ َ ُ َ
َ ف َ الْر ِ خلئ ِ َ
َ
م َ جعَلك ْ تأمل هذه اليةَ {:
م ِفيَها ]} [61سورة ُ
مَرك ْ ست َعْ َض َوا ْ ُ ومطالبون بعمارتها { .هُوَ أن َ
ن الْر ِ م َ شأكم ّ
هود .ومطالبون بإقامة دين الله فيها بكل
جوانبه ,ودين الله ل يقوم به إل من أحاطه بجميع جوانبه ,مطالبون بجميع
ت} إذًا :فالناس درجات جا ٍ ض د ََر َ م فَوْقَ ب َعْ ٍ ضك ُ ْ ذلك ,ثم قال { :وََرفَعَ ب َعْ َ
متفاوتة منهم :من جمع من الفضل والخير أنواعا كثيرة ,ومنهم :دون ذلك,
ومنهم :الفاضل في مجال ,ومنهم :الفاضل في مجال آخر ,منهم :العالم,
75
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ومنهم العابد ,ومنهم المجاهد ...وهذه درجات متفاوتة وأنواع من الفضل{ :
م} إذًا:هذا الفضل هو ابتلء واختبار ,من هو الذي ينجح في ما آَتاك ُ ْ
م ِفي َ ل ّي َب ْل ُوَك ُ ْ
هذا البتلء ,فيقوم بما أوجب الله عليه بتوجيه المواهب الفطرية توجيها ً
صحيحا ً يخدم السلم ,وبالستفادة مما اكتسبه في طاعة الله ,ومن هو الذي
يخفق في هذا المتحان ,فيوجه مواهبه توجيها ً غير صحيح ,أو يوجه ما اكتسبه
في معصية الله ,أو في الث,م أو في أشياء ل فائدة منها ,ثم ختم الية
ه
ب وَإ ِن ّ ُ ريعُ ال ْعِ َ
قا ِ س ِ ن َرب ّ َ
ك َ بالشارة إلى العقاب وإلى مغفرة الله ورحمته{:إ ِ ّ
م } وهذا دليل جلي واضح على أنه ينبغي للشاب المسلم أن حي ٌ
فوٌر ّر ِ ل َغَ ُ
يستثمر مواهبه وطاقاته في خدمة السلم ,ويدرك أن كل طاقة عنده مهما
تكن بسيطة ينبغي أن توجه توجيها ً صحيحا ً …
)(4 /
)(5 /
76
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ولقد رأينا زحف التيار الل أخلقي في مجتمعاتنا السلمية وذلك باسم الحرية
والتطور والنفتاح ،وسبيلنا الوحيد لوقف النحطاط في السلوك والقيم هو
التواصي على الدعوة إلى الله فنبذل كل ما لدينا لصلح ماحو لنا ،وإمامنا
في ذلك سيد المرسلين ) صلى الله عليه وسلم ( قال الله تعالى)):يا أيها
المدثر ،قم فأنذر ،وربك فكبر ،وثيابك فطهر ،والرجز فاهجر ،ول تمنن
تستكثر ،ولربك فاصبر (( سورة المدثر
يقول المام أبن كثير – رحمه الله في تفسير الية " :وقام حينئذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الرسالة أتم القيام ،وشمر عن ساق العزم ،ودعا
إلى الله القريب والبعيد ،والحرار والعبيد فأمن به حينئذ كل لبيب نجيب
سعيد ،واستمر على مخالفته وعصيانه كل جبار عنيد"
الداعية....حبيب الله
والدعوة إلى الله من أفضل مقامات العبودية كما اخبر بذلك ابن الجو زى
قال الله عز وجل )):ومن أحسن قول ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال
إنني من المسلمين (( سورة فصلت
ويكفيك شرفا أخي المسلم أن تكون داعية إلى الله ،يقول الحسن البصري
رحمه الله في تفسير اليه ":هذا حبيب الله ،هذا ولي الله ،هذا صفوة الله،
هذا خيرة الله ،هذا أحب أهل الرض إلى الله ،أجاب الله في دعوته ،ودعا
الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته ،وعمل صالحا في إجابته ،وقال إنني
من المسلمين"
والخير في امة السلم مرتبط ارتباط وثيق بالدعوة إلى الله ،قال الله عز
وجل:
)) كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
وتؤمنون بالله ((آل عمران
داعية ....أينما كنت
والمسلم يجب إن يكون داعي إلى الله في بيته مع زوجته وأبناءه بين
أصدقاءه وجيرانه في وظيفته في صباحه ومسائه في كل مكان فهو كالغيث
أينما وقع نفع ،لذا على الداعية إلى الله أن يتحرى الصدق والمانه فيما يفعله
ويقوله ،ولقد حذرنا الله عز وجل في قوله)) :أتأمرون الناس بالبر وتنسون
أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون ((
يقول سيد قطب –رحمه الله " :-إن آفة رجال الدين – حين يصبح الدين
حرفة وصناعة ل عقيدة حارة دافعة ،إنهم يقولون بأفواههم ما ليس في
قلوبهم يأمرون بالخير ول يفعلونه ويدعون إلى الخير ويهملونه ويحرفون
الكلم عن مواضعه ويؤولون النصوص القاطعة خدمة للغرض والهوى،
والدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه هي الفه التي
تصيب النفوس بالشك لفى الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها "
والصدق في الدعوة إلى الله هو السبيل الذي يفتح الله به قلوب الخلق،
واستمع إلى ما قاله ابن القيم الجو زيه في وصف منزلة الصدق " :هو الذي
منه تنشأ جميع منازل السالكين ،والطريق القوم الذي من لم يسر عليه فهو
من المنقطعين الهالكين ،وبه تميز أهل النفاق من أهل اليمان وسكان
الجنان من أهل النيران ،وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء
إل قطعه ول واجه باطل إل أرداه وصرعه ،من صال به لم ترد صولته ،ومن
نطق به علت على الخصوم كلمته فهو روح العمال ومحك الحوال والحامل
على اقتحام الهوال والباب الذي دخل من الواصلون إلى حضرة ذي الجلل "
-الدعوة إلى الله ومهارات التصال مع الخرين والتأثير فيهم :
77
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ا لتصال مصطلح شاع وكثر استعماله بين أصحاب علم الدارة والمراد به)) :
سلوك أفضل السبل والوسائل لنقل المعلومات والمعاني والحاسيس والراء
إلى أشخاص آخرين والتأثير في أفكارهم وتوجهاتهم وإقناعهم بما تريد سواء
كان ذلك بطريقه لغوية أو غير لغوية((
)(1 /
وللتصال أنواع منها التصال بالكلم والتصال بالعيون والتصال بتعبير الوجه
وحركة الجسم وفيما يلي أهم القواعد في بناء التصالت والعلقات مع
الخرين:
- 1أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس ،لن القلوب بيد
الله يصرفها كيف يشاء قال الله تعالى }:فإن حسبك الله هو الذي أيدك
بنصره وبالمؤمنين ) ( وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الرض جميعا ً ما
ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم {
-2أفش السلم وجعل البتسامة رسولك إلى قلوب الخرين فهي مفتاحك
لبواب النفوس قال صلى الله عليه وسلم )) :تبسمك في وجه أخيك
صدقة ((
-3اعرف نمط النسان الذي تتعامل معه واختر كلماتك بعناية وكن وفيا ً
بالوعد صادقا ً بالحديث واحذر من جمود القسمات وغلظة الوجه .
يقول الشاعر:
ل فاعل ً وكان حيائي كافلي وضميني إذا ما قلت كنت للقو ِ
تبشر عنى بالوفاِء بشاشتي وينطق نور الصدق فوق جبيني
-4احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الستفزاز من الطرف الخر وتذكر
وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم )) :ل تغضب ،ل تغضب ،ل تغضب((
-5الهدية الجميلة وإن صغرت وهى من وسائل كسب القلوب وبناء العلقة
مع الناس قال عليه الصلة والسلم )) :تهادوا تحابوا (( .
– 6احرص على نظافة البدن والفم والملبس و الناقة الغير مبالغ فيها وكن
ذو بساطة ول تتكلف في التعامل وهذا كله من أدب السلم ،قال القرطبي
في تفسير قول الله عز وجل } قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده
والطيبات من الرزق{)) :روى مكحول عن عائشة )رضي الله عنها( قالت:
كان نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه على الباب
فخرج يريدهم وفى الدار ركوة فيها ماء فجعل ينظر في الماء ويسوى لحيته
وشعره .قالت عائشة:فقلت له:يا رسول الله ،وأنت تفعل هذا ؟ قال:نعم ،إذ
خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال((
في الختام اسأل الله عزوجل أن يجعلنا دعاة صادقين هداة مهتدين ،متبعين
ومقتدين بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
مراجع:
حتى لتكون كل د .عوض القرني
شخصية المسلم د .محمد الهاشمي
في ظلل القران سيد قطب
الدعوة الفردية محمد السيد الوكيل
تأليف :عمر سالم المطوع
)(2 /
78
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
79
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قنا للقيام ِ ض ُ
ل علينا بتوِفي ِ ده المتف ّ ج ّ مه وتعالى َ م وأعظم! فإنه تبارك اس ُ أع َ ّ
ن من أدائها ،ثم إعانتنا عليها ّ
رها حتى نتمك َ سي ِ ل ،وت َذ ِْليِلها لنا وت َي ْ ِ بهذه العما ِ
قبوِلها، ضل ب ِ َمن القواِدح؛ ثم التف ّ صيان َِتها ِ ل ،و ِ ف والشواِغ ِ ّ صوارِ ِ من ال ّ ظها ِف ِ ح ْ بِ ِ
صور! ُ ُ ق ال من فيها عما وز
ُ والتجا
رها؛ ل ََيمل ِ شكُ في علينا الله ّ ق ح ِ م لعظي كناَ وإدرا عم.. َّ ن بال تناَ
ن َتما َ َ ْ ِ ِ
ف رعم م إ ّ
معْرِفََتنا ل والنكسار له تبارك وتعالى؛ إذ ْ إ ّ
ن َ ضِع لله عّز وج ّ قلوَبنا بروِح التوا ُ
ل الله علينا، ك َفض ِدنا على إدرا ِ ع ُ
ِلهذه الن ّعَم ِ العظيمة واللِء الجسيمةِ ُتسا ِ
ل هذه الن َّعم السابغة البالغة! ل على ك ّ ج ّشكرِ الله عّز و َ قيِننا بالتقصيرِ في ُ وي َ ِ
)(1 /
)(2 /
80
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
يرتكب ذنوبا ً أخرى ،وأن يصر على تجنب المعاصي حتى تكون توبة نصوحًا؛
ة نصوحا ً عَسى ربك ُ َ َ
نمأ ْ َ ّ ْ َ مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الل ّهِ ت َوْب َ ً َ ُ نآ َ ذي َ لقوله تعالىَ) :يا أي َّها ال ّ ِ
َ
زي الل ّ ُ
ه ِ خ
م ل يُ ْ حت َِها الن َْهاُر ي َوْ َ ن تَ ْم ْ ري ِ ج ِت تَ ْ جّنا ٍ م َ خل َك ُ ْ م وَي ُد ْ ِ سي َّئات ِك ُ ْ
م َ فَر عَن ْك ُ ْ ي ُك َ ّ
َ َ َ
م
م ْ ن َرب َّنا أت ْ ِ قوُلو َ م يَ ُمان ِهِ ْ م وَب ِأي ْ َ ديهِ ْن أي ْ ِ سَعى ب َي ْ َ م يَ ْ ه ُنوُرهُ ْ معَ ُ مُنوا َ نآ َ ذي َ ي َوال ّ ِ الن ّب ِ ّ
ديٌر( ..فما أكثر الذنوب عندنا؛ وخاصة يٍء قَ ِ ش ْ ل َ ك عََلى ك ُ ّ فْر ل ََنا إ ِن ّ َ ل ََنا ُنوَرَنا َواغْ ِ
في زمننا هذا! ..ولكن ما أجمل كرم الله ،ومّنه علينا بالتوبة وغفران الذنوب!
)فالتائب من الذنب كمن ل ذنب له( ،ومن تاب تاب الله عليه..
فالتوبة النصوح هي النابعة من إحساس العبد بالذنب ،وبالفرار إلى الله ،ولها
شروط -كما قال العلماء -وهي أن يقلع العبد عن المعصية في ساعتها ،وأن
يندم على فعلها ،وأن يعزم أن ل يعود إلى المعصية أبدا ،وأن تكون خالصة
لله عز وجل ..أما إذا كان الذنب يتعلق بحق العباد فإضافة إلى هذه الشروط
عليه أن يتخلص من حقوقهم؛ فإن كان مال ً أو نحوه رده إلى صاحبه ،وإن
كنه منه ،أو طلب عفوه ،وإن كانت غيبة فيستحله كان حد قذف ونحوه م ّ
منها.
وهكذا نجد عفو الله ورحمته التي وسعت كل شيء ،ومغفرته التي غلبت
ص حتى ل ييأس من رحمة ربه؛ قل ً
غضبه قد فتحت الباب واسع َا أمام كل عا َ ٍ
مةِ الل ّهِ إ ِ ّ
ن ح َن َر ْ م ْ طوا ِ قن َ ُ م ل تَ ْ سهِ ْف ِ سَرُفوا عََلى أن ْ ُ نأ ْ ذي َ عَبادِيَ ال ّ ِ ل َيا ِ تعالى) :قُ ْ
م(.حي ُ فوُر الّر ِ ه هُوَ ال ْغَ ُ ميعا ً إ ِن ّ ُ ج ِب َ فُر الذ ُّنو َ ه ي َغْ ِالل ّ َ
إذا ً فعلى العبد أن يسارع إلى تلك المغفرة ،ويتوب إلى الله في كل لحظة
قبل أن تطلع الشمس من مغربها ،وعندئذ يبوء بالخسران المبين؛ يقول
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم) :من تاب قبل أن تطلع الشمس
من مغربها تاب الله عليه(.
وبذا يجد العبد نفسه أقرب إلى رحمة الله من عذابه؛ وهو يمد يده إلى
السماء بتذلل وانكسار؛ يقول :يا رب! فيجيبه الله جل وعل :لبيك عبدي؛ لو
أتيتني بقراب الرض ذنوبا ً ثم سألتني ورجوتني وأنت ل تشرك بي شيئا ً
فُر ه ل ي َغْ ِ ن الل ّ َ غفرت لك ول أبالي!! ..نعم يا رب أنت قلت وقولك الحق) :إ ِ ّ
شاُء ( ..يا الله! ما أعظم كرم الله ن يَ َ ن ذ َل ِ َ شَر َ ن يُ ْ َ
م ْ ك لِ َ ما ُدو َ فُر َ ك ب ِهِ وَي َغْ ِ أ ْ
على عباده! ..إلهي يا رب:
إن عظمت ذنوبي كثرة ** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان ل يرجوك إل محسن ** فبمن يلوذ ويستجير المجرم
نعم ..إن الله الواحد الحد ،العفو الكريم ،ذو الفضل العظيم ،القائل لعباده:
ن(.. فعَُلو َ ما ت َ ْ م َ ت وَي َعْل َ ُ سي َّئا ِ ن ال ّ فو عَ ِ عَبادِهِ وَي َعْ ُ ن ِ ة عَ ْ ل الّتوب َ َ قب َ ُ
ذي ي َ ْ )وَهُوَ ال ّ ِ
فالله يفرح بتوبة عبده كما جاء في الحديث في رواية مسلم قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم) :لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم؛
كان على راحلته بأرض فلة فانفلتت منه؛ وعليها طعامه وشرابه؛ فأيس منها؛
فأتى شجرة؛ فاضطجع في ظلها؛ قد أيس من راحلته ..فبينا هو كذلك إذا هو
بها قائمة عنده؛ فأخذ بخطامها؛ ثم قال من شدة الفرح :اللهم! أنت عبدي
وأنا ربك!! ..أخطأ من شدة الفرح(.
ومن هنا ندرك كرم الله ومّنه على عباده بالتوبة عليهم؛ وهو يبسط يده
ليتوب عليهم كل لحظة؛ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم) :إن الله
تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ،ويبسط يده بالنهار ليتوب
مسيء الليل؛ حتى تطلع الشمس من مغربها( ..رواه مسلم.
فالتائبون هم أحباب الله ،وخير عباده؛ لدراكهم معنى العبودية الخالصة لله،
والخضوع له ،ومراجعة النفس ومحاسبتها قبل الحساب يوم الفزع الكبر:
81
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)يوم ل ينفع مال ول بنون إل من أتى الله بقلب سليم( ..فالعبد المؤمن قد
يخطئ ولكن سرعان ما يتذكر الوقوف بين يدي الله في ذلك اليوم؛ فيفر
إلى الله تائبًا ،مستغفرا ً لذنبه؛ فيتوب الله عليه؛ )كل بني آدم خطاء ،وخير
طائين التوابون( ..قال تعالى) :إن الله يحب التوابين ويحب المطهرين(. الخ ّ
)(1 /
فالمة المحمدية أمة مرحومة بفضل الله الذي أنعم عليها برسولها صلى الله
عليه وسلم سيد المستغفرين ،وإمام التائبين ،الذي فضله الله وكرمه على
الخلق أجمعين ،والنبياء والمرسلين.
إذا ً ما أحوجنا أن ننعم بذلك الفضل اللهي لرسوله صلى الله عليه وسلم؛
فنتوب إلى الله ،ونقتفي أثر رسولنا الكريم ،النبي المعصوم ،الذي يتوب إلى
الله في اليوم أكثر من مائة مرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم) :يا أيها
الناس! توبوا إلى الله ،واستغفروه؛ فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة(
رواه البخاري.
فتوبوا إلى الله أيها المؤمنون ،واستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور
الرحيم
إلهي يا رب:
بك أستجير فمن يجير سواك ** فارحم ضعيفا ً يحتمي بحماك
يا رب قد أذنبت فاغفر ذنبي ** أنت المجيب لكل من ناداك
)(2 /
التوبة النصوح
ست أبوها برير أحمد المهدي*
ّ َ ْ َ ً
ن( )سورة حو َ فل ِ ُ
م تُ ْ ن لعَلك ُ ْ مُنو َ مؤ ْ ِميعا أي َّها ال ُ ج ِقال تعالى) :وَُتوُبوا إ َِلى الل ّهِ َ
النور :من الية ..(31
التوبة ..وما أدراك ما التوبة؟! ..تلك الرحمة الربانية ،والباب اللهي الذي
فتحه الله لعباده جميعًا؛ والذين أسرفوا على أنفسهم حتى ل يقنطوا من
رحمته؛ ولكي يلجوا عبره إلى دار المغفرة والفلح؛ فتوبة العبد لربه ،ورجاء
رحمته ،والوبة إليه إقرار بالتقصير في حق الله ،واعتراف باقتراف الذنب،
وإعلن من العبد بأن تكليف الله عز وجل له بطاعته ،وعدم معصيته تكليف
حق ..وما دام العبد قد أقّر بالذنب ،وطلب المغفرة من الله فعليه أن ل
يرتكب ذنوبا ً أخرى ،وأن يصر على تجنب المعاصي حتى تكون توبة نصوحًا؛
ة نصوحا ً عَسى ربك ُ َ َ
نمأ ْ َ ّ ْ َ مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الل ّهِ ت َوْب َ ً َ ُ نآ َ ذي َ لقوله تعالىَ) :يا أي َّها ال ّ ِ
َ
زي الل ّ ُ
ه ِ خ
م ل يُ ْحت َِها الن َْهاُر ي َوْ َ ن تَ ْم ْ ري ِ ج ِت تَ ْ جّنا ٍم َ خل َك ُ ْ
م وَي ُد ْ ِ سي َّئات ِك ُ ْ
م َ فَر عَن ْك ُ ْ
ي ُك َ ّ
َ َ َ
م
م ْ ن َرب َّنا أت ْ ِقوُلو َ م يَ ُ مان ِهِ ْ م وَب ِأي ْ َ ديهِ ْ
ن أي ْ ِ سَعى ب َي ْ َ م يَ ْ ه ُنوُرهُ ْ معَ ُمُنوا َ نآ َ ذي َي َوال ّ ِ
الن ّب ِ ّ
ديٌر( ..فما أكثر الذنوب عندنا؛ وخاصة يٍء قَ ِ ش ْ ل َ ك عَلى ك ُ ّ َ َ
فْر لَنا إ ِن ّ َ ل ََنا ُنوَرَنا َواغْ ِ
في زمننا هذا! ..ولكن ما أجمل كرم الله ،ومّنه علينا بالتوبة وغفران الذنوب!
)فالتائب من الذنب كمن ل ذنب له( ،ومن تاب تاب الله عليه..
فالتوبة النصوح هي النابعة من إحساس العبد بالذنب ،وبالفرار إلى الله ،ولها
شروط -كما قال العلماء -وهي أن يقلع العبد عن المعصية في ساعتها ،وأن
يندم على فعلها ،وأن يعزم أن ل يعود إلى المعصية أبدا ،وأن تكون خالصة
لله عز وجل ..أما إذا كان الذنب يتعلق بحق العباد فإضافة إلى هذه الشروط
82
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عليه أن يتخلص من حقوقهم؛ فإن كان مال ً أو نحوه رده إلى صاحبه ،وإن
كنه منه ،أو طلب عفوه ،وإن كانت غيبة فيستحله كان حد قذف ونحوه م ّ
منها.
وهكذا نجد عفو الله ورحمته التي وسعت كل شيء ،ومغفرته التي غلبت
ص حتى ل ييأس من رحمة ربه؛ قل ً
غضبه قد فتحت الباب واسع َا أمام كل عا َ ٍ
مةِ الل ّهِ إ ِ ّ
ن ح َن َر ْ م ْ طوا ِ قن َ ُ م ل تَ ْ سهِ ْف ِ سَرُفوا عََلى أن ْ ُ نأ ْ ذي َ عَبادِيَ ال ّ ِ ل َيا ِ تعالى) :قُ ْ
م(.حي ُ فوُر الّر ِ ْ
ه هُوَ الغَ ُ ً
ميعا إ ِن ّ ُ ج ِ
ب َ فُر الذ ُّنو َ الل ّ َ
ه ي َغْ ِ
إذا ً فعلى العبد أن يسارع إلى تلك المغفرة ،ويتوب إلى الله في كل لحظة
قبل أن تطلع الشمس من مغربها ،وعندئذ يبوء بالخسران المبين؛ يقول
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم) :من تاب قبل أن تطلع الشمس
من مغربها تاب الله عليه(.
وبذا يجد العبد نفسه أقرب إلى رحمة الله من عذابه؛ وهو يمد يده إلى
السماء بتذلل وانكسار؛ يقول :يا رب! فيجيبه الله جل وعل :لبيك عبدي؛ لو
أتيتني بقراب الرض ذنوبا ً ثم سألتني ورجوتني وأنت ل تشرك بي شيئا ً
فُره ل ي َغْ ِ ن الل ّ َ غفرت لك ول أبالي!! ..نعم يا رب أنت قلت وقولك الحق) :إ ِ ّ
شاُء ( ..يا الله! ما أعظم كرم الله ن يَ َ ن ذ َل ِ َ شَر َ ن يُ ْ َ
م ْ ك لِ َ ما ُدو َ فُر َ ك ب ِهِ وَي َغْ ِ أ ْ
على عباده! ..إلهي يا رب:
إن عظمت ذنوبي كثرة ** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان ل يرجوك إل محسن ** فبمن يلوذ ويستجير المجرم
نعم ..إن الله الواحد الحد ،العفو الكريم ،ذو الفضل العظيم ،القائل لعباده:
ن(.. فعَُلو َما ت َ ْم َ ت وَي َعْل َ ُ سي َّئا ِن ال ّ فو عَ ِ عَبادِهِ وَي َعْ ُ ن ِ ة عَ ْ ل الّتوب َ َ قب َ ُ
ذي ي َ ْ )وَهُوَ ال ّ ِ
فالله يفرح بتوبة عبده كما جاء في الحديث في رواية مسلم قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم) :لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم؛
كان على راحلته بأرض فلة فانفلتت منه؛ وعليها طعامه وشرابه؛ فأيس منها؛
فأتى شجرة؛ فاضطجع في ظلها؛ قد أيس من راحلته ..فبينا هو كذلك إذا هو
بها قائمة عنده؛ فأخذ بخطامها؛ ثم قال من شدة الفرح :اللهم! أنت عبدي
وأنا ربك!! ..أخطأ من شدة الفرح(.
ومن هنا ندرك كرم الله ومّنه على عباده بالتوبة عليهم؛ وهو يبسط يده
ليتوب عليهم كل لحظة؛ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم) :إن الله
تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ،ويبسط يده بالنهار ليتوب
مسيء الليل؛ حتى تطلع الشمس من مغربها( ..رواه مسلم.
فالتائبون هم أحباب الله ،وخير عباده؛ لدراكهم معنى العبودية الخالصة لله،
والخضوع له ،ومراجعة النفس ومحاسبتها قبل الحساب يوم الفزع الكبر:
)يوم ل ينفع مال ول بنون إل من أتى الله بقلب سليم( ..فالعبد المؤمن قد
يخطئ ولكن سرعان ما يتذكر الوقوف بين يدي الله في ذلك اليوم؛ فيفر
إلى الله تائبًا ،مستغفرا ً لذنبه؛ فيتوب الله عليه؛ )كل بني آدم خطاء ،وخير
طائين التوابون( ..قال تعالى) :إن الله يحب التوابين ويحب المطهرين(. الخ ّ
)(1 /
فالمة المحمدية أمة مرحومة بفضل الله الذي أنعم عليها برسولها صلى الله
عليه وسلم سيد المستغفرين ،وإمام التائبين ،الذي فضله الله وكرمه على
الخلق أجمعين ،والنبياء والمرسلين.
إذا ً ما أحوجنا أن ننعم بذلك الفضل اللهي لرسوله صلى الله عليه وسلم؛
83
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فنتوب إلى الله ،ونقتفي أثر رسولنا الكريم ،النبي المعصوم ،الذي يتوب إلى
الله في اليوم أكثر من مائة مرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم) :يا أيها
الناس! توبوا إلى الله ،واستغفروه؛ فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة(
رواه البخاري.
فتوبوا إلى الله أيها المؤمنون ،واستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور
الرحيم
إلهي يا رب:
ً
بك أستجير فمن يجير سواك ** فارحم ضعيفا يحتمي بحماك
يا رب قد أذنبت فاغفر ذنبي ** أنت المجيب لكل من ناداك
)(2 /
84
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
يسأل عما يفعل هو الله رب العالمين .حتى النبي محمد صلى الله عليه
وسلم يخاف الله ويخشاه ويستغفره ويتوب اليه ويدعوه ويتضرع إليه :قال
أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) :والله إني
لستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة( .رواه البخاري.
وهو صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف
بمن دونه...
ويقول عليه الصلة والسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل }:يا عبادي إنكم
الذين تخطئون بالليل و النهار و أنا الذي أغفر الذنوب و ل أبالي فاستغفروني
أغفر لكم(
حديث صحيح على شرط الشيخين .ويقول عليه السلم}:كل ابن آدم خطاء
وخير الخطائين التوابون{.
ب -المجتمع هو مجموع الفراد فإن توبتهم في المحصلة توبة المجتمع.
ج -إن التساهل في التوبة والنابة والرجوع إلى الله يعني التساهل في الذنب
والخطأ وهذا بدوره يزيد الخطاء ويراكمها حتى تطفو على السطح وتنتشر
ويسام بها المجتمع.
د -إن كثرة الخبث من ذنوب ومعاص له استحقاق حتمي في قانون الله عز
وجل وهو حلول العقاب ووقوع الهلك ,عن زينب ابنة جحش رضي الله عنها:
)أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول ل إله إل الله ويل
للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق
بإصبعه البهام والتي تليها قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أنهلك
وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث(.
رواه البخاري .وفي حديث السفينة )مثل القائم على حدود الله والواقع فيها
كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلها وبعضهم أسفلها فكان
الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا
خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا
جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا(.
رواه البخاري .دللة واضحة على أن المة مجتمعة مسؤولة عما يقع من ذنب
ول يتم التراجع عنه .عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ) :إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى
الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه ل يحل لك ثم يلقاه من الغد
فل يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله
قلوب بعضهم ببعض ثم قال لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان
داود وعيسى ابن مريم إلى قوله فاسقون ثم قال كل والله لتأمرن
بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على
الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا(.
)(1 /
أبو داوود.وفي حديث آخر )والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن
المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فل يستجاب لكم
قال أبو عيسى هذا حديث حسن حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن
جعفر عن عمر بن أبي عمرو بهذا السناد نحوه(.
قال الترمذي :حديث حسن.
§ -4والمؤمنون هم الموجه لهم المر بالتوبة ولهذا معان:
85
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أ -إن اليمان هو مناط التكليف وهذا يعني أن التوبة عبادة على المؤمنين
تعبد الله بها.
ب -أن المؤمن معرض للخطأ فليس اليمان بحاجز أو مانع عن الخطأ.
ج -المؤمن هو الذي يتحرك قلبه للستجابة ,من هنا جاء الخطاب موجها ً
بصفة اليمان حتى يلمس هذا الوصف مكنون القلب.
§ -5والسر في قوله تعالى } إلى الله { في أن التوبة من العبد إلى ربه
مباشرة بدون وساطات أيا ً كانت فليس بين الله وبين عبده واسطة إل ّ
اليمان وصدق التوجه والعمل الصالح .وهذا يؤكد قضية التوحيد والقرب
) وهو أقرب إليكم من حبل الوريد()ادعوني أستجب لكم(.
§ -6وكنا في البداية قد بينا أن الفلح عام في الدنيا والخرة فوز وغنيمة
وجنة ونعيم مقيم.
* باب التوبة مفتوح:
ً
من رحمة الله بعباده أن جعل باب التوبة مفتوحا إلى أن تطلع الشمس من
مغربها وإلى أن تبلغ الروح التراقي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال) :إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده
بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها(.
رواه مسلم .عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ) :إن الله
يقبل توبة العبد ما لم يغرغر(.
قال الترمذي :حسن غريب
يا لرحمة الله التي وسعت كل شيء ,وهكذا يفتح الله لعباده باب التوبة
والرجاء والرجوع إليه.
*ل ذنب ل يغفر:
ة من عبده إذا أقبل عليه بصدق مهما بلغ ذنبه كثرة نعم ,ل يرد الله توب ً
وحجمًا-:
ب
من َتا َ فاٌر ل ّ َ إن الله يغفر الشرك لمن تاب عنه وأناب وعمل صالحا ً }وَإ ِّني ل َغَ ّ
م َفاقْت ُُلوا ْ حُر ُ شهُُر ال ْ ُ خ ال َ ْ سل َ َ
دى {طه } . 82فَإ َِذا ان َ م اهْت َ َ صاِلحا ً ث ُ ّل َ م َ ن وَعَ ِم ََوآ َ
َ
صد ٍ فِإن مْر َ ل َ ُ
مك ّ َ
دوا لهُ ْْ ْ
م َواقعُ ُ صُروهُ ْ ح ُ م َوا ْ
ذوهُ ْخ ُ م وَ ُموهُ ْ جدت ّ ُ ث وَ َ حي ْ ُ
ن َكي َ شرِ ِ م ْال ْ ُ
َ
م {التوبة .5 حي ٌ فوٌر ّر ِ ه غَ ُن الل ّ َم إِ ّ سِبيل َهُ ْ
خّلوا ْ َكاة َ فَ َصل َة َ َوآت َوُا ْ الّز َ موا ْ ال ّ َتاُبوا ْ وَأَقا ُ
والقتل! :فلو قتل مئة نفس ثم تاب تاب الله عليه عن أبي سعيد الخدري أن
نبي الله صلى الله عليه وسلم قال) :كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعه
وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه
قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال ل فقتله فكمل به مائة ثم
سأل عن أعلم أهل الرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس
فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا
وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ول ترجع إلى أرضك فإنها
أرض سوء فأنطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملئكة
الرحمة وملئكة العذاب فقالت ملئكة الرحمة جاء تائبا مقبل بقلبه إلى الله
وقالت ملئكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي
فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له
فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الرض التي أراد فقبضته ملئكة الرحمة قال قتادة
فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره(
رواه مسلم.
ومن الزنى؟! نعم ,عن عمران بن حصين) :أن امرأة من جهينة أتت نبي الله
صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا نبي الله أصبت حدا
86
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا
وضعت فائتني بها ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت
عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا
نبي الله وقد زنت فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل
المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى(
رواه مسلم.
تضاقَ ْ حّتى إ َِذا َ فوا َْ خل ُ ّ ن ُ ذي َ ّ َ
ومن التخلف عن الجهاد؟! نعم} ,وَعَلى الث ّل َث َةِ ال ِ
ّ َ ْ َ ْ َ م َأن ُ َ
ن اللهِ إ ِل ّ م َ
جأ ِمل َ م وَظّنوا أن ل ّ َ سهُ ْف ُ ت عَل َي ْهِ ْ ضاقَ ْ ت وَ َ حب َ ْ
ما َر ُ ض بِ َ م الْر ُ عَل َي ْهِ ُ
م {التوبة .118وفيهم حي ُب الّر ِ وا ُ ه هُوَ الت ّ ّ ن الل ّ َم ل ِي َُتوُبوا ْ إ ِ ّ
ب عَل َي ْهِ ْ م َتا َ إ ِل َي ْهِ ث ُ ّ
حديث طويل رواه البخاري يقص توبتهم.
َ
سَرُفوا عَلى َ ّ والقول الجامع في ذلك قول الله تعالى }قُ ْ
نأ ْ ذي َعَبادِيَ ال ِ ل َيا ِ
فوُر ْ
ه هُوَ الغَ ُ ً
ميعا إ ِن ّ ُ ج ِ ب َ فُر الذ ُّنو َ ه ي َغْ ِن الل ّ َ مةِ الل ّهِ إ ِ ّ ح َ من ّر ْ طوا ِ قن َ ُ م َل ت َ ْ سهِ ْ ف ِ َأن ُ
م {الزمر .53وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم )يا عبادي إنكم حي ُ الّر ِ
تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم( رواه
مسلم.
)(2 /
ب قائل يقول إن التوبة تطمع النسان بالخطأ فُيكثر ويتمادى ,والصحيح أن ور ّ
التوبة توقف الذنب والساءة ,ويعود العبد صالحا ً وإيجابيًا ,وقد يتحول إلى
داعية إلى الله تعالى ,والشواهد من الماضي والحاضر أكثر من أن تحصى,
فهذه هند ٌ زوج أبي سفيان التي شقت صدر حمزة في غزوة أحد ولكت كبده
ُتسلم ويحسن إسلمها وتجاهد في سبيل الله ,ولها مواقف مشهودة في
ً
اليرموك وتصاب وتصبر وتحتسب .وقصة الذي قتل تسعة وتسعين نفسا دليل
على إيجابية قبول التوبة ذلك أن من علم أن ل توبة له هو الذي يتمادى ويزيد
في إجرامه ولن يردعه شيء ألم يكمل على المائة بمجرد أن قال له الراهب
أن ل توبة له فكان الراهب هو الضحية!.
إن التوبة راحة وطمأنينة وإل فالهم والغم والقنوط والشر والنتحار ,فما أجل
حكمة الله "أل يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير".
ولو تكرر الذنب فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فالنسان
غير معصوم وقد يستزله الشيطان ويضعف أمام هوى نفسه فمن له غير الله
ملجأ وملذًا.
مجَهال َةٍ ث ُ ّ
سوََء ب ِ َن ال ّ مُلو َن ي َعْ َ ة عََلى الل ّهِ ل ِل ّ ِ
ذي َ ما الت ّوْب َ ُ *المسارعة في التوبة} :إ ِن ّ َ
كيما ً {النساء ح ِه عَِليما ً َ ن الل ّ ُ كا َ م وَ َ ه عَل َي ْهِ ْب الل ّ ُ ك ي َُتو ُ ب فَأ ُوْل َئ ِ َ من قَ ِ
ري ٍ ن ِ ي َُتوُبو َ
.17
فليحرص العبد على أن يتوب سريعا من المعصية فإنه ل يدري متى يدركه ً
الموت ,عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ):قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم لرجل و هو يعظه :اغتنم خمسا ً قبل خمس :شبابك قبل
هرمك ،و صحتك قبل سقمك ،و غناك قبل فقرك ،و فراغك قبل شغلك ،و
حياتك قبل موتك(.
صحيح على شرط الشيخين .فإياك أخي المسلم من المماطلة والتسويف
ُ َ َ فإن ملك الموت لن يستأذن عند قبض الروح }ول ِك ُ ّ ُ
م
جلهُ ْ جاء أ َ ل فَإ َِذا َ ج ٌمةٍ أ َ
لأ ّ َ ْ
ن {العراف .34 مو َ قد ِ ُ
ست َ ْة وَل َ ي َ ْ ساعَ ًن َ خُرو َ ل َ يَ ْ
ست َأ ِ
*من أسباب قبول التوبة:
87
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مماُتوا وَهُ ْ م َ ل الل ّهِ ث ُ ّ سِبي ِ عن َ دوا َ ص ّ فُروا وَ َ ن كَ َ ذي َ ن ال ّ ِ .1اليمان بالله تعالى} ,إ ِ ّ
م {محمد 34 ه ل َهُ ْ فَر الل ّ ُ فاٌر فََلن ي َغْ ِ كُ ّ
.2العتراف بالذنب؛ فل يقدم على التوبة من لم يعترف بأنه ارتكب ذنبًا,
خر سيئا ً عَسى الل ّ َ
به أن ي َُتو َ ُ َ صاِلحا ً َوآ َ َ َ ّ مل ً َ طوا ْ عَ َ خل َ ُ م َ ن اعْت ََرُفوا ْ ب ِذ ُُنوب ِهِ ْ خُرو َ }َوآ َ
م {التوبة 102 حي ٌ فوٌر ّر ِ ه غَ ُن الل ّ َ م إِ ّ عَل َي ْهِ ْ
.3الندم على الذنب,عن ابن مسعود ،عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال) : :الندم توبة(ابن حبان.
ن
ف وَإ ِ ْ سل َ َ ما قَد ْ َ فْر لُهم ّ َ ْ
فُروا ِإن َينت َُهوا ي ُغَ َ ْ ن كَ َ ذي َ ّ
.4القلع عن الذنبُ} ,قل ل ِل ِ
ن {النفال .38 ض ت سن ّ ُ َ ي َُعوُدوا ْ فَ َ
ة الوِّلي ِ م َ ْ ُ قد ْ َ
ة
ش ً ح َ ن إ َِذا فَعَُلوا ْ َفا ِ ذي َ .5أن يضع في نفسه عند توبته أنه لن يعود ثانيةَ} .وال ّ ِ
ب إ ِل ّ الل ّ ُ
ه فُر الذ ُّنو َ من ي َغْ ِ م وَ َ فُروا ْ ل ِذ ُُنوب ِهِ ْ ست َغْ َ ه َفا ْ م ذ َك َُروا ْ الل ّ َ سهُ ْ ف َ موا ْ أ َن ْ ُ أوْ ظ َل َ ُ
َ
ن {آل عمران .135 مو َ م ي َعْل َ ُ ما فَعَُلوا ْ وَهُ ْ صّروا ْ عََلى َ م يُ ِ وَل َ ْ
.6رد الحقوق والمظالم إلى أصحابها فإذا كان الله يغفر حقه فإن العبد له
حقٌ يجب أن يعود اليه وإل ضاعت الحقوق بين البشر وظلم بعضهم بعضا,
فالتوبة تسقط حق الله ول تسقط حق البشر ,حتى الشهيد على ما له من
مكانة ومنزله تبقى حقوق الناس في عنقه.
مُنوا ُتوُبوا إ َِلى آ ن ذي ّ ل ا ها ي .7الخلص في التوبة ,وهي التوبة النصوح }يا أ َ
ِ َ َ َ َّ
صوحًا{التحريم , 8أي صادقة ,كما في الجللين. ة نّ ُ الل ّهِ ت َوْب َ ً
.8العمل الصالح ,فالذي يتوب عليه أن يبادر إلى الطاعات والعمال الصالحة
موا ْ َ
حتى يبدأ حياة جديدة تدلل على صدق توجهه وتوبته }فَِإن َتاُبوا ْ وَأَقا ُ
م {التوبة 5 حي ٌ فوٌر ّر ِ ه غَ ُ ن الل ّ َ م إِ ّ سِبيل َهُ ْ خّلوا ْ َ كاةَ فَ َ صل َة َ َوآت َوُا ْ الّز َ ال ّ
ه
فْرهُ إ ِن ّ ُ ست َغْ ِ ك َوا ْ مد ِ َرب ّ َ ح ْ ح بِ َ .9التسبيح وذكر الله وملزمة الستغفار} ,فَ َ
سب ّ ْ
وابا ً {النصر 3 ن تَ ّ كا َ َ
*العوامل المساعدة على التوبة والمسّرعة فيها والمثّبتة عليها:
.1الستشعار بعظمة الله وقدرته وقوته وأنه تعالى يعلم السر وأخفى وأن
علمه محيط بكل شيء.
فار يفرح لتوبة العبد ,عن أبي هريرة .2اليمان بأن الله رحمن رحيم حليم غ ّ
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) :لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من
أحدكم بضالته إذا وجدها(
رواه مسلم
)(3 /
َ
صل َة َ ط ََرفَ ِ
ي ب ما قبلها} ,وَأقِم ِ ال ّ ج ّ .3العلم بان التوبة تكفر السيئات وت ُ
ن{ ري َ ك ذِك َْرى ِلل ّ
ذاك ِ ِ ت ذ َل ِ َسي َّئا ِن ال ّت ي ُذ ْهِب ْ َ سَنا ِ ح َ ن ال ْ َ ن الل ّي ْ ِ
ل إِ ّ م َالن َّهارِ وَُزَلفا ً ّ
هود . 114عمرو بن العاص قال ) : :لما ألقى الله عز و جل في قلبي
السلم قال :أتيت النبي صلى الله عليه و سلم ليبايعني ،فبسط يده إلي
فقلت :ل أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي ؟ قال :فقال
لي رسول الله صلى الله عليه و سلم :يا عمرو أما علمت أن الهجرة تجب
ما قبلها من الذنوب ؟ يا عمرو أما علمت أن السلم يجب ما كان قبله من
الذنوب(.مسند أحمد.
بمن َتا َ ّ
.4العلم بأن التوبة والقلع عن الذنب يبدل السيئات حسنات }إ ِل َ
فورا ًه غ َُ ن الل ُّ ت وَ َ
كا َ سَنا ٍح َ م َسي َّئات ِهِ ْ ل الل ّ ُ
ه َ صاِلحا ً فَأ ُوْل َئ ِ َ
ك ي ُب َد ّ ُ مل ً َ ل عَ َم َن وَعَ ِ م ََوآ َ
حيما {الفرقان .70 ً ّر ِ
88
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وأختم بالحديث الشريف ,يقول صلى الله عليه وسلم :عن عباس بن سهل
بن سعد قال سمعت بن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول يا أيها
الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ) :لو أن بن آدم أعطي واديا ً
ملئ من ذهب أحب إليه ثانيا ً ولو أعطي ثانيا ً أحب إليه ثالثا ً ول يسد جوف بن
آدم إل التراب ويتوب الله على من تاب(.
رواه البخاري.
ثم قول الشاعر:
يا من أسا فيما مضى ثم اعترف
كن محسنا ً فيما بقي ُتجزى الُغرف
اعمل بقول الله في تنزيله
إن ينتهوا ُيغفر لهم ما قد سلف.
)(4 /
89
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
صاِلحا ً فَُأول َئ ِ َ
ك مل ً َ ل عَ َم َن وَعَ ِ م َب َوآ َ ن َتا َ م ْ مَهانًا .إ ِّل َ خل ُد ْ ِفيهِ ُ مةِ وَي َ ْ قَيا َ م ال ْ ِي َوْ َ
حيما{ ]الفرقان .[70 68 / ً ً
فورا َر ِ َ
هغ ُ ّ
ن الل ُ َ
ت وَكا َ سَنا ٍ ح َ م َ َ
سي ّئات ِهِ ْه َ ّ ُ
ي ُب َد ّل الل ُ
وهي واضحة الدللة على مغفرة الله -تعالى -للذنوب جميعا ً ولو كانت شركا ً
بل إن فيها بيانا ً لفضل عظيم وهو تبديل السيئات حسنات.
ومن دعا مع الله إلها آخر فلم يتب منه ،ولقي الله به :فله نصيب الية }إن
الله ل يغفر أن يشرك به{.
مفُروا ث ُ ّ م كَ َمُنوا ث ُ ّمآ َ م كَ َ
فُروا ث ُ ّ مُنوا ث ُ ّ نآ َ ذي َ ّ
ن ال ِ .2قوله -تعالى -على قول }إ ِ ّ
ل{ ]النساء .[137 / سِبي ً م َ م َول ل ِي َهْدِي َهُ ْ فَر ل َهُ ْ ه ل ِي َغْ ِن الل ّ ُ م ي َك ُ ِفرا ً ل َ ْاْزَداُدوا ك ُ ْ
ويؤيد الول والثاني أحاديث من السنة كثيرة:
ً
" .1ومن لقيني بقراب الرض خطيئة ل يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة
".
رواه مسلم ).(2687
.2عن عائشة قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم " :-الدواوين
عند الله -عز وجل -ثلثة :ديوان ل يعبأ الله به شيئًا ،وديوان ل يترك الله منه
شيئًا ،وديوان ل يغفره الله ،فأما الديوان الذي ل يغفره الله :فالشرك بالله
قال الله -عز وجل } :-إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة{ ،وأما
الديوان الذي ل يعبأ الله به شيئًا :فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من
صوم يوم تركه أو صلة تركها؛ فإن الله -عز وجل -يغفر ذلك ويتجاوز إن
شاء ،وأما الديوان الذي ل يترك الله منه شيئا ً فظلم العباد بعضهم بعضًا،
القصاص ل محالة] .رواه أحمد ) (155 / 43والحاكم ) (185 / 4و )/ 4
.[(619
وفيه :صدقة بن موسى ،ضعفه يحي بن معين والنسائي ،ولذا رد ّ المام
الذهبي على الحاكم تصحيح الحديث بقوله :صدقة :ضعفوه ،وابن بابنوس فيه
جهالة.
قلت :لكن ابن بابنوس وثقه ابن حبان ،وقال ابن عدي :أحاديثه مشاهير،
وقال الدارقطني :ل بأس به.
انظر " الثقات " لبن حبان ) " ،(548 / 5سؤالت البرقاني " )ص " ،(72
الكامل في ضعفاء الرجال " ).(278 / 7
وله شاهد:
عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال" :الظلم ثلثة :فظلم ل
يغفره الله ،وظلم يغفره ،وظلم ل يتركه الله ،فأما الظلم الذي ل يغفره الله:
فالشرك قال الله }إن الشرك لظلم عظيم{ ،وأما الظلم الذي يغفره الله:
فظلم العباد لنفسهم فيما بينهم وبين ربهم ،وأما الظلم الذي ل يتركه الله:
فظلم العباد بعضهم بعضا ً حتى يدين لبعضهم من بعض.
)(1 /
قال الهيثمي :رواه البزار عن شيخه أحمد بن مالك القشيري ولم أعرفه
وبقية رجاله قد وثقوا على ضعفهم.
" مجمع الزوائد " ).(348 / 10
ً
قلت :ولعل الحديث أن يكون حسنا بمجموع الطريقين.
ثانيًا :أقوال المفسرين والعلماء:
.1قال الطبري:
القول في تأويل قوله -تعالى } :-إن الله ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
90
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
91
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا{ فيه نهي عن القنوط من رحمة الله -
تعالى -وإن عظمت الذنوب وكثرت فل يحل لحد أن يقنط من رحمة الله وإن
عظمت ذنوبه ول أن يقنط الناس من رحمة الله.
قال بعض السلف :إن الفقيه كل الفقيه الذي ل يؤيس الناس من رحمة الله
ول يجريهم على معاصي الله ….
فإن قيل :قوله} :إن الله يغفر الذنوب جميعًا{ معه عموم على وجه الخبار
فدل أن الله يغفر كل ذنب ،ومعلوم أنه لم يرد أن من أذنب من كافرٍ وغيره
فإنه يغفر له ول يعذبه ل في الدنيا ول في الخرة؛ فإن هذا خلف المعلوم
بالضرورة والتواتر والقرآن والجماع إذ كان الله أهلك أمما ً كثيرة بذنوبها،
ذب بذنوبه إما قدرا ً وإما شرعا ً في الدنيا قبل الخرة، من عُ ّ
مة َ
ومن هذه ال ّ
ة ً
وقد قال -تعالى } :-من يعمل سوءا يجز به{ وقال }فمن يعمل مثقال ذّر ٍ
خيرا ً يره ومن يعمل مثقال ذّرةٍ شّرا ً يره{ فهذا يقتضي أن هذه الية ليست
على ظاهرها ،بل المراد أن الله قد يغفر الذنوب جميعا أي :ذلك مما قد
ب "] .مجموع الفتاوى " ).[(22 18 / 16 يفعله ،أو أنه يغفره لكل تائ ٍ
وقال:
)(2 /
92
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
93
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
http://saaid.netالمصدر:
)(4 /
التوبة من الغيبة
السؤال :
ابتليت بالغيبة و الوقوع في أعراض الناس أثناء دراستي في زمن الشباب ،
ثم وقفت على خطورة المر ،و أضراره الجتماعّية فضل ً عن تحريمه في
من الشرع ،فكيف أتوب من الغيبة بعد صدورها مني ؟ هل أطلب السماح م ّ
ت في أعراضهم ،أم يكفي إقلعي و توبتي بيني و بين الله ؟ وقع ُ
الجواب :
أقول مستعينا بالله تعالى : ً
الغيبة مرض خطير يبخر في بنية المجتمع فيوهن أركانه ،و يغرس العداوة و
ذر منها السلم ،و أنكر على مقترفها ،و شّنع البغضاء بين أفراده ،لذلك ح ّ
عليه .
مي ًْتا َ َ ُ ْ
ن ي َأك َ َ ُ َ َ ُ
خيهِ َ مأ ِ ح َ لل ْ مأ ْ حد ُك ْ بأ َ ح ّ ضا أي ُ ِ م ب َعْ ً ضك ْ ب ب َعْ ُ قال تعالى ) :وَ ل ي َغْت َ ْ
ب ( ] الحجرات . [ 12 : وا ٌ ه تَ ّ ّ
ن الل َ ه إِ ّ قوا الل ّ َ موه ُ وَ ات ّ ُ فَك َرِهْت ُ ُ
و روى مسلم و الترمذي و أبو داود و أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
َ
ه َو ة ؟ ( َقاُلوا :الل ّ ُ ما ال ِْغيب َ ُ ن َ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ) :أت َد ُْرو َ
خي ن ِفي أ َ ِ كا َ ن َ ت إِ ْ
ك بما يك ْره ( قي َ َ َ
ل :أفََرأي ْ َ خا َ ِ َ َ َ ُ ِ ك أَ َ ل ) :ذِك ُْر َ م َ ،قا َ رسول ُ َ
ه أعْل َ ُ َ ُ ُ
ه( ت ه
ْ ََ ّ ُ ب د َ قَ ف ه في ن ُ
ْ ََْ ُ َ ِ ْ ْ َ ْ ِ ِ ك ي م َ ل ن إ و ه ت ب تْ غ ا د َ ق َ ف ُ
ل قو ُ ت ما
َ ِ ِ َ َ ه في ن كاَ نِ ْ إ : لَ َ
قا ؟ ُ
ل ما أ َُقو َ
.
ي بشيٍء منها أن ُيبادر بالتوبة إلى و الغيبة من كبائر الذنوب ،و على من ابُتل َ
الله تعالى قبل أن يأتي يوم القيامة و قد تكاثر عليه أصحاب الحقوق يأخذون
خسران المبين . ح عليه من سّيئاتهم ،و ذلك هو ال ُ من حسناته ،و ُيطر ُ
روى مسلم و الترمذي و أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
َ
س ِفيَنا فل ِ ُ م ْ س ؟ ( َقاُلوا :ال ْ ُ ُ فل ِ
م ْ ما ال ْ ُ ن َ صلى الله عليه و سلم قال ) :أت َد ُْرو َ
ْ فل ِس م ُ
ة
م ِ م ال ْ ِ
قَيا َ مِتي ي َأِتي ي َوْ َ نأ ّ َ ِ ْ م ْن ال ْ ُ ل ) :إِ ّ قا َ مَتاع َ ،فَ َ هول َ م لَ ُ ن ل دِْرهَ َ م ْ َ
َ َ ْ َ
ذا َ ،و ل هَ َ ما َ ل َ ذا ،وَ أك َ ف هَ َ ذا ،وَ قَذ َ َ م هَ َ شت َ َ صَيام ٍ وَ َزكاةٍ وَ ي َأِتي قَد ْ َ صلةٍ وَ ِ بِ َ
سَنات ِهِ ، ح َ ن َ م ْ ذا ِ سَنات ِهِ ،وَ هَ َ ح َ ن َ م ْ ذا ِ ذا ؛ في ُعْطى هَ َ َ َ ب هَ َ ضَر َ ذا ،وَ َ م هَ َ فك د َ َ َ س َ َ
َ ُ َ َ ُ َ َ َ َ
ت عَلي ْهِ ، ح ْ م فطرِ َ خطاَياهُ ْ ن َ م ْ خذ َ ِ ما عَلْيه ،أ ِ ضى َ ق َ ن يُ ْ َ
ه قب ْل أ ْ سَنات ُ ُ ح َ ت َ ن فن ِي َ ْ فَإ ِ ْ
ح ِفي الّنارِ ( . م ط ُرِ َ ثُ ّ
فإذا تقّرر هذا فلُيعلم أن الذنوب على أنواع :
• منها ما هو تقصير في حقّ الله تعالى فقط ،و ليس للعباد حقّ فيه ،
ج مع القدرة عليه . كالفطر في رمضان ،و عدم الح ّ
ب كهذا ل بد ّ من توّفر ثلثة شروط هي : و للتوبة من ذن ٍ
.1القلع عن الذنب .
.2الندم على ما فات من فعله .
.3العزم على عدم العودة إليه مستقبل ً .
• و منها ما فيه استطالة في حقوق العباد ،كالستيلء على بعض ما يملكون
بالغصب أو السلب أو نحو ذلك .
ب كهذا ل بد ّ من إعادة حقوق العباد إلى أصحابها ،إضافة إلى و للتوبة من ذن ٍ
مة . ً
الشروط الثلثة التي سبق ذكرها شرطا للتوبة العا ّ
• و منها ما فيه إلحاق ضررٍ مادي ) كالتسبب في عزل العامل من عمله ( أو
94
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
معنوي ) كالغيبة و النميمة التي لم تؤدي إلى قطيعة أو ضرر بمن أريد منها ،
أو لم تبلغه ( من غير أن يستحوذ المذنب لنفسه ،أو يضع يده على شيٍء من
حقّ غيره .
و على من وقع في شيٍء من الذنوب المندرجة تحت هذا النوع أن يتوب إلى
من أساء إليه مته م ّ م يسعى إلى إبراء ذ ّ ة مستوفية الشروط ،ث ّ الله تعالى توب ً
بنفسه ،أو تسبب في جلب الساءة إليه ،يكون ذلك بطلب الصفح منهم ،
إن لم يكن ذلك مؤديا ً إلى مفسدةٍ أكبر ،أو الحسان إليهم بما يكافئ ما
لحقهم على يده أو بسببه من أذى ،فإن عجز عن هذا و ذاك فليكثر من
الدعاء لهم بظهر الغيب .
ت لله تعالى في الدنيا ل يسقط حتى و إن أسقط • و منها ما فيه حقّ ثاب ٌ
فارة و هي ً
العباد حقوقهم ،و مثاله وجوب الدية لهل المقتول خطأ ،مع الك ّ
ة
صيام شهرين متتابعين للقاتل الذي يريد التوبة ،و ل ب ُد ّ له من تحرير رقب ٍ
ط أهل القتيل ق َ مؤمنةٍ ،فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ،حتى و إن أس َ
ميَثا ٌ
ق م ِ م وَ ب َي ْن َهُ ْ ن قَوْم ٍ ب َي ْن َك ُ ْ م ْ ن ِ كا َ ن َ قهم في الدية ،لقوله تعالى ) :وَ إ ِ ْ ح ّ
م َ َ َ َ َ َ َ ّ فَدِي َ ٌ
ن
شهَْري ْ ِ صَيا ُ جد ْ ف ِ م يَ ِ نل ْ م ْ من َةٍ ف َ مؤ ْ ِ ريُر َرقب َةٍ ُ ح ِ ة إ ِلى أهْل ِهِ وَ ت َ ْ م ٌسل َ م َ ة ُ
ما ( ] النساء . [ 92 : كي ًح ِ ما َ ه عَِلي ً ن الل ّ ُ كا َن الل ّهِ وَ َ م َ
ة ِ ن ت َوْب َ ً مت ََتاب ِعَي ْ ِ ُ
ه ُ ؤ يا لو َ أ تيل َ قْ ل ا ن كاَ ن إ َ ف ي َ أ ) : الية هذه تفسير في الله رحمه كثير ابن قال
َِْ ُ ِ َ ْ ِ ْ
َ َ أَ ْ
نَ َ
كا ن
ِ ْ إ َ
ذا َ ك َ و لة م
ِ َ
كا مًنا فَدَِية مؤ ْ ِ ن ُ كا َ ن َ م فَإ ِ ْ م دَِية قَِتيله ْ مة أوْ هُد َْنة فَل َهُ ْ هل ذِ ّ
ضا عََلى ال ْ َ َ َ
رير َرقََبة ح ِ قاِتل ت َ ْ جب أي ْ ً ماء ...وَ ي َ ِ ن ال ْعُل َ َ م ْفة ِ عْند َ
طائ ِ َ ضا ِ كافًِرا أي ْ ً َ
مَنة ( . مؤ ْ ِ ُ
)(1 /
ت :و الغيبة من النوع الثالث ،و على التائب منها أن يراعي المصلحة و قل ُ
َ
من أساء إليهم ،فإن لم تكن الغيبة قد ب َلغت المفسدة قبل أن يعتذر م ّ
المغتاب فالولى عدم طلب السماح منه ،و الكتفاء بالرجوع عن الغيبة أمام
من سمعها ،و تبرئة ساحة من طالته بالرجوع عنها ،و التعريف محاسنه و
الثناء عليه بما فيه .
ن الواقع في َ َ
ما إذا كانت الغيبة قد بلغت المقصود بها ،فإن غلب على ظ ّ أ ّ
ن إصلح ن من سيعتذر منهم يقبلون اعتذاره بادرهم به ،و إن رأى أ ّ الغيبة أ ّ
ّ
ذات البين يمكن تحقيقها بالتلطف و تقديم الهدايا إليهم فَعل ،و د ََرَء سيئاته
بحسنات مثلها أو أكبر منها .
و إن غَلب على ظّنه أن اعتذاره لن ُيجديَ معهم نفعا ً ،أو أّنه قد يؤدي إلى
زيادة الفرقة و الضغينة في النفوس ،فليلجأ إلى الحسان إليهم بالدعاء ،و
ل الله يلهم ما يسوؤهم أو يسيء إليهم ،لع ّ فع ّ ذكر محاسنهم ،و الك ّ
الصفح ،و يقيل عثرة َ صاحبهم فيغفر له ،و هو أهل التقوى و أهل المغفرة .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير سورة الحجرات ) :قال الجمهور
من العلماء :طريق المغتاب للناس في توبته أن ُيقلع عن ذلك ،و يعزم على
أن ل يعود ،و هل يشترط الندم على ما فات ؟ فيه نزاع ،و أن يتحلل من
الذي اغتابه .
و قال آخرون :ل ُيشترط أن يتحلله فإنه إذا أعلمه بذلك رّبما تأذى أشد مما
إذا لم يعلم بما كان منه ،فطريقه إذا ً أن ُيثني عليه بما فيه في المجالس
التي كان يذمه فيها ،و أن يرد عنه الغيبة بحسبه و طاقته لتكون تلك بتلك ( .
هذا ،و الله الموّفق ،و هو الهادي إلى سواء السبيل .
95
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
التوبة والستغفار:
الفصل الول :تعريف وبيان )التوبة -الستغفار -النابة -الوبة(.
الفصل الثاني :حكم التوبة وشروطها.
الفصل الثالث :فضائل التوبة والستغفار في القرآن الكريم:
ل :قبول التوبة والمغفرة من صفات الرحمن جل جلله. أو ً
ثانيًا :أمر الله عز وجل عباده بالتوبة والستغفار.
ثالثًا :التوبة والستغفار من صفات النبياء والصالحين.
رابعًا :دعوة النبياء والصالحين أقوامهم للتوبة والستغفار.
خامسًا :بيان جزاء التوبة في الدنيا والخرة.
الفصل الرابع :فضائل التوبة والستغفار في السنة النبوية.
الفصل الخامس :الثار والقوال الواردة في التوبة والستغفار.
الفصل السادس :مسائل في التوبة:
-1التوبة الواجبة والتوبة المستحبة.
-2التوبة النصوح.
-3التوبة الخاصة من بعض الذنوب.
-4التخلص من الحقوق والتحلل من المظالم.
-5توبة العاجز عن المعصية.
-6معنى التوبة من قريب والتوبة عند الموت.
-7رجوع الحسنات إلى الثائب بعد التوبة.
-8هل التوبة ُترجع العبد إلى حاله قبل المعصية؟
الفصل السابع :أمور تعين على التوبة:
-1الخلص لله والقبال عليه عز وجل.
-2المجاهدة.
صر المل وتذكر الخرة. -3قِ َ
-4العلم.
-5مصاحبة الخيار ومجانبة الشرار.
-6استحضار أضرار الذنوب والمعاصي في الدنيا والخرة.
-7الدعاء.
الفصل الثامن :نماذج وصور وقصص للتائبين.
الفصل التاسع :أخطاء في باب التوبة:
-1تأجيل التوبة.
-2الغفلة عن التوبة مما ل يعلمه العبد من ذنوبه.
-3ترك التوبة مخافة الرجوع للذنوب.
-4ترك التوبة خوفا ً من لمز الناس.
-5ترك التوبة مخافة سقوط المنزلة وذهاب الجاه والشهرة.
-6التمادي في الذنوب اعتمادا ً على سعة رحمة الله.
-7الغترار بإمهال الله للمسيئين.
-8اليأس من رحمة الله.
-9اليأس من توبة العصاة.
-10الشماتة بالمبتَلين.
-11توبة الكذابين.
الفصل الول :تعريف وبيان:
96
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
تعريف التوبة:
ب مثله.التوبة لغة :قال ابن المنظور" :هي الرجوع من الذنب ،والتو ُ
مة وعَْزم ،وتاب إلى الله يتوب توبا ً وقال الخفش :التوب جمع توبة ،مثل عَْز َ
ومتابًا :أناب ورجع عن المعصية إلى الطاعة.
ومذهب المبرد أن التوب مصدر كالقول ،أو أنه جمع توبة كلوزة ولوز ،ومنه
ب{ ]غافر."[3: ل الت ّوْ ِ ب وََقاب ِ ِذن ِ غافِرِ ال ّقوله تعالىَ } :
وقال أبو منصور" :أصل تاب عاد إلى الله ورجع وأناب ]ومنه قوله عليه
الصلة والسلم)) :رب تقبل توبتي واغسل حوبتي(([ .وتاب الله عليه :أي
عاد عليه بالمغفرة".
سَبت إلى العبد والتوبة لفظ يشترك فيه العبد والرب سبحانه وتعالى ،فإذا ن ُ ِ
فالمعنى :أنه رجع إلى ربه عن المعصية ،وإذا وصف بها الرب تبارك وتعالى
واب فالمعنى :أنه رجع على عبده برحمته وفضله .وأما عن اتصاف الله بأنه ت ّ
بصيغة المبالغة فالمراد بذلك المبالغة في الفعل وكثرة قبوله ،أو أنه لكثرة
من يتوب إليه تعالى أو أنه الملهم لعباده الكثيرين أن يتوبوا.
ويقول الحليمي في تفسير التواب" :إنه العائد على عبده بفضل رحمته كلما
رجع لطاعته وندم على معصيته ،فل يحبط عنه ما قدمه من خير ول يحرمه
ما وعد به الطائع من الحسان.
وقال الخطابي" :التواب :الذي يعود إلى القبول كلما عاد العبد إلى الذنب
وتاب".
وأما وصف العبد بأنه تواب أي كثير الرجوع إلى الطاعة فإن الله تعالى يقول:
ن{ ]البقرة.[222: ري َمت َط َهّ ِ
ب ال ْ ُ ح ّ
ن وَي ُ ِب الّتوِبي َ
ح ّ ن الل ّ َ
ه يُ ِ }إ ِ ّ
تعريف التوبة شرعاً:
للتوبة في الشرع تعاريف كثيرة ذكرها العلماء ،منها:
-1قال ابن جرير الطبري" :معنى التوبة من العبد إلى ربه :إنابته إلى طاعته
وأوبته إلى ما يرضيه ،بتركه ما يسخطه من المور التي كان عليها مقيما ً مما
يكرهه ربه".
-2عرفها القرطبي بقوله" :هي الندم بالقلب ،وترك المعصية في الحال،
والعزم على أل يعود إلى مثلها ،وأن يكون ذلك حياء من الله".
فالقرطبي جمع معظم شروط التوبة ،ولكن ليست كلها ،إل أنه أضاف أمرا ً
هاما ً وهو أن تكون التوبة من أجل الله حياًء منه ،ل خوفا ً على منصب أو
مصلحة.
-3وعرفها الراغب الصفهاني بقوله" :التوبة ترك الذنب لقبحه ،والندم على
ما فرط منه ،والعزيمة على ترك المعاودة ،وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من
العمال بالعادة ،فمتى اجتمعت هذه الربع فقد كمل شرائط التوبة".
وأضاف ابن حجر العسقلني إلى تعريف الراغب" :ورد ّ الظلمات إلى ذويها،
أو تحصيل البراءة منهم".
ً
-4ونقل ابن كثير عن بعض العلماء تعريفا للتوبة فقال" :التوبة النصوح هو
أن يقلع عن الذنب في الحاضر ،ويندم على ما سلف منه في الماضي ،ويعزم
على أن ل يفعل في المستقبل ،ثم إن كان الحق لدمي رده إليه بطريقة".
نظرة في التعاريف السابقة:
)(1 /
97
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مما سبق نستنتج أن التوبة هي معرفة العبد لقبح الذنوب وضررها عليه،
فيقلع عنها مخلصا ً في إقلعه عن الذنب لله تعالى ،نادما ً على ما بدر منه في
ل ،عازما ً عزما ً أكيدا ً على عدم العودة إليها الماضي من المعاصي قصدا ً أو جه ً
في المستقبل ،والقيام بفعل الطاعات والحسنات ،متحلل ً من حقوق العباد
بردها إليهم ،أو محصل ً البراءة منهم.
تعريف الستغفار:
فر يستغفر ،وهو مأخوذ من الستغفار لغة :الستغفار مصدر قولهم :اسَتغ َ
فر الستر والغفر ف َر( التي تدل على الستر في الغالب العم ،فالغَ ْ مادة )غ َ َ
والغفران بمعنى واحد ،يقال :غفر الله ذنبه غفرا ً ومغفرة وغفراناً.
ة.وقال ابن منظور" :أصل الغفر التغطية والستر يقال :اللهم اغفر لنا مغفر ً
ة". فر ً واستغفر الله ذنبه على حذف الحرف طلب منه غَ ْ
وقال الراغب" :الغفر إلباس ما يصونه عن الدنس".
الستغفار شرعًا :الستغفار من طلب الغفران والغفران تغطية الذنب بالعفو
عنه وهو أيضا ً طلب ذلك بالمقال والفعال.
تعريف النابة:
النابة لغة :تدور مادة )ن و ب( حول الرجوع ،يقول ابن فارس" :النون والواو
والباء" كلمة واحدة تدل على اعتياد مكان ورجوٍع إليه".
تقول :أناب فلن إلى الشيء ،رجع إليه مرة بعد أخرى ،وإلى الله تاب ورجع.
وقال الراغب" :النابة إلى الله تعالى :الرجوع إليه بالتوبة وإخلص العمل".
ه{ ]الروم [31:أي :راجعين إلى ما أمر به، ن إ ِل َي ْ ِ
مِنيِبي َوفي التنزيل العزيزُ } :
موا ْ َ َ ْ َ
سل ِ ُ
م وَأ ْغير خارجين عن شيء من أمره ،وقوله عز وجل} :وَأِنيُبوا إ ِلى َرب ّك ُ ْ
ه{ ]الزمر [54:أي :توبوا إليه وارجعوا. لَ ُ
وقال ابن الثير "يقال :أناب ينيب إنابة فهو منيب ،إذا أقبل ورجع ،وفي حديث
الدعاء ))وإليك أنبت((".
النابة شرعًا :النابة :إخراج القلب من ظلمات الشبهات ،وقيل :النابة
الرجوع من الكل إلى من له الكل ،وقيل :النابة الرجوع من الغفلة إلى
الذكر ،ومن الوحشة إلى ال ُْنس.
وقال الكفوي" :النابة :الرجوع عن كل شيء إلى الله تعالى".
وقال ابن القيم" :النابة :السراع إلى مرضاة الله ،مع الرجوع إليه في كل
وقت ،وإخلص العمل له".
تعريف الوبة:
الوبة لغة :الْوب الرجوع ،آب إلى الشيء :رجع ،وفي حديث النبي صلى الله
عليه وسلم أنه إذا أقبل من سفر قال)) :آيبون تائبون لربنا حامدون(( ،وفي
ب{ ]ص[25: مَئا ٍ ن َ
س َ ح ْ فى وَ ُ عند ََنا ل َُزل ْ َه ِ ن لَ ُمحكم التنزيل قوله تعالى} :وَإ ِ ّ
أي :حسن المرجع الذي يصير إليه في الخر.
وفلن أواب أواه أي :رجاع إلى التوبة.
قال ابن فارس" :الهمزة والواو والباء أصل واحد ،وهو الرجوع ،ثم يشتق منه
ل .وقال الخليل :آب فلن إلى سيفه أي رد ّ يده ما يبعد في السمع قلي ً
ليستله".
الوبة شرعا :قال الراغب الصفهاني" :والواب كالتواب وهو الراجع إلى الله ً
تعالى بترك المعاصي وفعل الطاعات".
وقال أبو هلل العسكري" :الياب هو الرجوع إلى منتهى القصد فل يقال لمن
م{ ]الغاشية: ن إ ِل َي َْنا إ َِياب َهُ ْرجع من بعض الطريق :آب ،قال تبارك وتعالى} :إ ِ ّ
."[25
98
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ب{ ]ص: وقال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى} :ن ِعم ال ْعبد إن َ
ه أّوا ٌْ َ َ ْ ُ ِّ ُ
جاع". " :[30إنه إلى طاعة الله مقبل وإلى رضاه ر ّ
وقال القرطبي" :أي :تواب رجاع مطيع".
العلقة بين الستغفار والنابة والوبة وبين التوبة:
ل :علقة الستغفار بالتوبة: أو ً
جاء ذكر الستغفار منفردا ً عن التوبة ،كما جاء مقترنا ً بها في مواضع كثيرة
في الكتاب والسنة وسنسوق الشواهد على ذلك:
-1إفراد التوبة عن الستغفار:
م ي َُتوُبوا ْ َ
مل ْ ت ثُ ّ مَنا ِمؤ ْ ِ ْ
ن َوال ُ مِني َمؤ ْ ِ ْ ْ
ن فَت َُنوا ال ُ ذي َ ّ
ن ال ِ يقول الله تبارك وتعالى} :إ ِ ّ
ق{ ]البروج ،[10:ويقول عز وجل: ْ م عَ َ م وَل َهُ ْ م عَ َ فَل َهُ ْ
ري ِ ح ِ ب ال َ ذا ُ جهَن ّ َ ب َ ذا ُ
متابًا{ ]الفرقان ،[71:ويقول ب إ َِلى الل ّهِ َ ه ي َُتو ُ صاِلحا ً فَإ ِن ّ ُ ل َ م َ ب وَعَ ِ من َتا َ }وَ َ
َ ّ َ َ ْ ُ
ه{ ]المائدة: ب عَلي ْ ِ ه ي َُتو ُن الل َ ح فَإ ِ ّ صل َ مهِ وَأ ْ من ب َعْد ِ ظل ِ ب ِ من َتا َ سبحانه} :فَ َ
.[39
أما من السنة النبوية:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم)) :لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في
أرض فلة((.
-2إفراد الستغفار عن التوبة:
ه{ ]فصلت ،[6:ويقول عز فُرو ُ ست َغْ ِ موا ْ إ ِل َي ْهِ َوا ْ قي ُ ست َ ِ يقول سبحانه وتعالىَ} :فا ْ
ن{ ]النفال ،[33:ويقول سبحانه: فُرو َ ست َغْ ِ م يَ ْ م وَهُ ْ معَذ ّب َهُ ْ ه ُ ن الل ّ ُ كا َ ما َ وجل} :وَ َ
فارا{ ]نوح.[10: ً ن غَ ّ كا َ ه َ م إ ِن ّ ُ ْ
فُروا َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِتا ْ قل ْ ُ}ف َ ُ
وأما من السنة:
)(2 /
فعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
))سيد الستغفار أن تقول :اللهم أنت ربي ل إله إل أنت ،خلقتني وأنا عبدك،
وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ،أبوء لك
ي ،وأبوء بذنبي ،فاغفر لي فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت ،من قالها بنعمتك عل ّ
من النهار موقنا بها فمات قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من ً
الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة((.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال)) :ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الخر،
فيقول :من يدعوني فأستجيب له ،من يسألني فأعطيه ،من يستغفرني فأغفر
له((.
-3اقتران الستغفار بالتوبة:
َ َ ْ ْ َ
سًنا إ ِلى ح َ عا َ مَتا ً م ّ مت ّعْك ُ ْ م ُتوُبوا إ ِلي ْهِ ي ُ َ م ثُ ّفُروا َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِ
نا ْ يقول الله تعالى} :وَأ ِ
ب ذا َ م عَ َ ف عَل َي ْك ُ ْ خا ُ ه وَِإن ت َوَل ّوْا ْ فَإ ِّني أ َ َ ضل َ ُ
ل فَ ْ ل ِذي فَ ْ
ض ٍ ت كُ ّمى وَي ُؤْ ِ س ّ م َ
ل ّ ج ٍ أ َ
َ
ن َرّبى م ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْهِ إ ِ ّ م ثُ ّ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِ
ر{ ]هود ،[3:ويقول عز وجلَ} :وا ْ ي َوْم ٍ ك َِبي ٍ
م ُتوُبوا ْ م ثُ ّ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِ م وَُدوٌد{ ]هود ،[90:ويقول سبحانهَ} :وياقَوْم ِ ا ْ حي ٌ َر ِ
م{ ]هود.[52: ُ َ
م قُوّة ً إ ِلى قُوّت ِك ْ ُ ً
مد َْرارا وَي َزِد ْك ْ م ّ ُ َ
ماء عَلي ْك ْس َ ل ال ّس ِ إ ِل َي ْهِ ي ُْر ِ
أما من السنة النبوية:
فعن أبي هريرة رضي الله عنهما قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول)) :والله إني لستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين
99
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
مرة((.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال :كانت ُتعد لرسول الله صلى الله عليه
وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم :رب اغفر لي وتب
علي إنك أنت التواب الغفور.
أقوال العلماء في الفرق الستغفار بين التوبة:
إذا اقترن ذكر التوبة بالستغفار فإن الستغفار حينئذ هو طلب المغفرة
بالدعاء ،والتوبة هي الندم على الخطيئة مع العزم على ترك المعاودة.
وقيل :إن الستغفار إذا اقترن بالتوبة فإنه يعني طلب وقاية شر ما مضى،
والتوبة الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله،
وأيضا ً فالستغفار من باب إزالة الضرر ،والتوبة طلب جلب المنفعة،
فالمغفرة أن يقية شر الذنب ،والتوبة أن تحصل له بعدها الوقاية مما يحبه.
وإذا أفرد الستغفار أو أفردت التوبة يكون معناهما واحدا ،قال ابن القيم:
"الستغفار المفرد كالتوبة ،بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من
الله ،وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شره ،ل كما يظنه بعض الناس أن
المغفرة تعني الستر ،فإن الله يستر على من يغفر له ،ومن ل يغفر له ولكن
الستر لزم مسماها أو جزؤه".
ثانيًا :علقة النابة بالتوبة:
النابة كالتوبة في أنها تعني الرجوع ،يقول ابن منظور" :النابة الرجوع إلى
الله بالتوبة".
لكن بعض العلماء كالراغب الصفهاني وابن القيم والماوردي وابن منظور
ى زائدا ً عن التوبة.
والجوهري يرون أن للنابة معن ً
يقول ابن القيم رحمه الله" :من نزل في التوبة وقام مقامها نزل في جميع
منازل السلم فإن التوبة الكاملة متضمنة لها ،وهي متدرجة فيها ،فإذا
استقرت قدمه في منزل التوبة نزل بعده منزل النابة".
ثالثًا :علقة الوبة بالتوبة:
الوبة تفيد معنى الرجوع كالتوبة ،يقول ابن منظور" :الوب :الرجوع ،آب إلى
الشيء رجع ،يؤوب أوبا ً وإيابا ً وأوبة وأيبة".
ويقول الزبيدي" :الوبة :الرجوع ،وآب الشيء رجع ،وأواب وتأوب وأيب كله:
رجع(.
فإذا ً مادة )أوب( تفيد الرجوع وهي أصل التوبة فالعلقة بين الوبة والتوبة
واضحة في كونهما يفيدان الرجوع والخضوع.
ترتيب لسان العرب ) (2/61باختصار وتصرف.
الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب في دعاء النبي صلى الله
عليه وسلم ) (3551من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال الترمذي:
هذا حديث حسن صحيح.
تهذيب اللغة ) ،(14/332وانظر :المصباح المنبر في غريب الشرح الكبير )
،(78والمفردات للراغب الصفهاني ) ،(72ومعجم مقاييس اللغة لبن فارس
) ،(1/357وأساس البلغة ).(40
انظر :تفسير الرازي ) ،(3/22الجامع لحكام القرآن ) ،(1/325روح المعاني
) ،(238-1/237تفسير التحرير والتنوير ).(1/439
انظر :فتح الباري شرح صحيح البخاري ).(11/107
تفسير ابن جرير الطبري ).(1/283
الجامع لحكام القرآن ).(5/91
المفردات ).(72
100
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب ما يقول إذا رجع من الغزو )
،(3085ومسلم في كتاب الحج باب إذا ركب إلى سفر الحج ).(1342
لسان العرب ).(1/257
المعجم الوسيط ).(1/32
مقاييس اللغة ) ،(1/152وانظر :أساس البلغة للزمخشري ).(12
المفردات في غريب القرآن ).(25
الفروق اللغوية ) (250بتصرف.
تفسير الطبري ).(10/591
الجامع لحكام القرآن ).(15/215
أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب التوبة ).(6309
أخرجه البخاري كتاب الدعوات باب أفضل الستغفار ).(6306
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب :الدعاء في الصلة من آخر الليل )
،(1145ومسلم في كتاب صلة المسافرين وقصرها باب الترغيب في
الدعاء والذكر في آخر الليل والجابة ).(758
أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم
).(6307
أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب ما يقول إذا قام من المجلس )
(3434وقال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح غريب.
انظر :الفروق اللغوية ).(195
انظر :مدارج السالكين ).(309-1/308
مدارج السالكين ).(308-1/307
لسان العرب ) (14/319مادة )نوب(.
مدارج السالكين ).(134-1/133
لسان العرب ).(1/257
تاج العروس من جواهر القاموس ).(1/152
الفصل الثاني :حكم التوبة وشروطها:
ورد المر بالتوبة في القرآن الكريم والسنة المطهرة ،فمما ورد في القرآن
َ
ن ل َعَل ّك ُ ْ
م مؤ ْ ِ
مُنو َ ه ال ْ ُ
ميعا ً أي ّ َ
ج ِالكريم قول الله تعالى} :وَُتوُبوا ْ إ َِلى الل ّهِ َ
101
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
102
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
يقول النووي رحمه الله عند شرحه للحديث القدسي)) :أنا عند ظن عبدي
بي((" :التوبة من جميع المعاصي واجبة ،وإنها واجبة على الفور ،ل يجوز
تأخيرها ،سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة ،والتوبة من مهمات السلم
وقواعده المتأكدة ،ووجوبها عند أهل السنة بالشرع".
ويعلل الغزالي لوجوب التوبة من جميع الذنوب فيقول" :وأما بيان وجوبها
على الدوام وفي كل حال فهو أن كل بشر ل يخلو عن معصية بجوارحه ،إذ
لم يخل عنه النبياء ،كما ورد في القرآن والخبار من خطايا النبياء وتوبتهم
وبكائهم على خطاياهم ،فإن خل في بعض الحوال عن معصية الجوارح ،فل
م فل يخلو يخلو عن الهم بالذنوب بالقلب ،فإن خل في بعض الحوال عن اله ّ
عن وسواس الشيطان بإيراد الخواطر المتفرقة ،فإن خل عنه فل يخلو من
غفلة وقصور في العلم بالله وصفاته وأفعاله ،وكل ذلك نقص وله أسباب،
وترك أسبابه بالتشاغل بأضدادها رجوع عن طريق إلى ضده".
أما شروط قبول التوبة:
فباب التوبة مفتوح على مصراعيه دائما لكل من أراد الدخول فيه بعد أن ً
استيقظ قلبه وقويت عزيمته على هجر المعاصي والذنوب.
قال سيد قطب" :باب التوبة دائما ً مفتوح يدخل منه كل من استيقظ ضميره
وأراد العودة والمآب ،ل يصد عنه قاصد ول يغلق في وجه لجئ ،أيا ً كان وأيا ً
ما ارتكب من الثام".
وعلى ضوء ما ذكر في تعريف التوبة يمكن أن نقسم شروط قبول التوبة إلى
قسمين:
الول :شروط تتعلق بترك الذنب.
الثاني :شروط تتعلق بزمن قبول التوبة.
ل :الشروط التي تتعلق بترك الذنب: أو ً
الشرط الول :السلم:
التوبة ل تصح إل من مسلم ،أما الكافر فإن توبته تعني دخوله السلم ،قال
القرطبي" :اعلم أن التوبة إما من الكفر وإما من الذنب ،فتوبة الكافر
مقبولة قطعًا ،وتوبة العاصي مقبولة بالوعد الصادق".
ضَر ح َ حّتى إ َِذا َ ت َ سي َّئا ِن ال ّ مُلو َ ن ي َعْ َ ذي َ ة ل ِل ّ ِ ت الت ّوْب َ ُ س ِ قال الله عز وجل} :وَل َي ْ َ
ك أ َعْت َد َْنافاٌر أ ُوْل َئ ِ َم كُ ّ ن وَهُ ْ موُتو َ ن يَ ُذي َ ن وَل َ ال ّ ِ ت ال َ ل إ ِّنى ت ُب ْ ُ ت َقا َموْ ُ م ال ْ َ حد َهُ ُ
َ
أ َ
ذابا ً أِليمًا{ ]النساء.[18: َ م عَ َ ل َهُ ْ
والمراد من الية نفي وقوع التوبة الصحيحة من المشركين ،وأنه ليس من
فاٌر{ أي :ل توبة لولئك م كُ ّ ن وَهُ ْ موُتو َ ن يَ ُ ذي َ شأنها أن تكون لهم فقوله} :وَل َ ال ّ ِ
ول لهؤلء.
من َ َ فُر أن ي ُ ْ َ َ ّ
ن ذال ِك ل ِ َ ما ُدو َ فُر َ شَرك ب ِهِ وَي َغْ ِ ه ل ي َغْ ِ ن الل َ وقال الله عز وجل} :إ ِ ّ
ضلل ب َِعيدا{ ]النساء.[116: ً ً َ ضل َ ّ قد ْ َ ك ِبالل ّهِ ف َ
َ شرِ ْ
من ي ُ ْ شاء وَ َ يَ َ
قال سيد قطب" :ول غفران لذنب الشرك متى مات صاحبه عليه ..بينما باب
التوبة مفتوح لكل ذنب سواه عندما يشاء الله ،والسبب في تعظيم جريمة
الشرك وخروجها من دائرة المغفرة أن من يشرك بالله يخرج عن حدود
الخير والصلح تمامًا ،وتفسد كل فطرته بحيث ل تصلح أبدًا".
موا ْ الصلة َ َوءات َوُا ْ الزكاةَ فَإ ِ ْ َ
م ِفي وان ُك ُ ْ
خ َ وقال سبحانه وتعالى} :فَِإن َتاُبوا ْ وَأَقا ُ
ن{ ]التوبة.[11: مو َ قوْم ٍ ي َعْل َ ُ ت لِ َل الَيا ِ ص ُ
ف ّ ن وَن ُ َ دي ِ ال ّ
الشرط الثاني :الخلص:
103
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إن التائب من المعاصي ل تصح توبته إل بالخلص ،فمن ترك ذنبا ً من الذنوب
جَز عن اقترافه لغير الله تعالى ،كالخوف من الفضيحة أو تعيير الناس له أو عَ َ
أو خاف من فوات مصحلة أو منفعة قد تضيع بالستمرار على تلك المعصية.
مثال ذلك من تاب عن أخذ الرشوة ل خوفا ً من الله واللعن ،ولكن لتوليه
منصبا ً اجتماعيا ً ل يسمح له بأخذها ،فإن توبته وتوبة من تقدم تكون مردودة
باتفاق أهل العلم.
شرِ ْ
ك ً
صاِلحا وَل َ ي ُ ْ مل ً َل عَ َ م ْ ْ
قاء َرب ّهِ فَلي َعْ َ جو ل ِ َ ن ي َْر ُكا َمن َ
وقال الله تعالى} :فَ َ
دا{ ]الكهف.[110: َ
ح َ
ب ِعَِباد َةِ َرب ّهِ أ َ
دا{" :أعم من الرياء َ شرِ ْ يقول الشنقيطي في قوله} :وَل َ ي ُ ْ
ح َ
ك ب ِعَِباد َةِ َرب ّهِ أ َ
ً
وغيره ،أي :ل يعبد ربه رياء وسمعة ول يصرف شيئا من حقوق خالقه لحد
ه{ ]النساء [48:إلى ك بِ ِ شَر َ فُر َأن ي ُ ْ ه ل َ ي َغْ ِ ن الل ّ َ من خلقه لن الله يقول} :إ ِ ّ
غير ذلك من اليات ،ويفهم من مفهوم مخالفة الية الكريمة أن الذي يشرك
أحدا ً بعبادة ربه ،ول يعمل صالحا ً أنه ل يرجو لقاء ربه ،والذي ل يرجو لقاء ربه
ل خير له عند الله".
والتوبة من العمال الصالحة التي يجب فيها الخلص حتى تقبل عند الله عز
وجل كسائر العبادات والقربات .واليات والحاديث في ذلك معروفة
مشهورة.
الشرط الثالث :العتراف بالذنب:
إن التوبة ل تكون إل عند ذنب ،وهذا يعني علم التائب ومعرفته لذنوبه ،وجهل
التائب بذنوبه ينافي الهدى؛ لذلك ل تصح توبته إل بعد معرفته للذنب
والعتراف به وطلبه التخلص من ضرره وعواقبه الوخيمة.
)(5 /
والدليل من السنة قوله عليه الصلة والسلم لعائشة رضي الله عنها في
قصة الفك)) :أما بعد ،يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ،فإن كنت بريئة
فسيبرئك الله ،وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ،فإن العبد
إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه((.
قال ابن القيم" :إن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم ل تكون مع الجهل
بالذنوب ،ول مع الصرار عليها ،فإن الول جهل ينافي معرفة الهدى ،والثاني:
غي ينافي قصده وإرادته ،فلذلك ل تصح التوبة إل من بعد معرفة الذنب
والعتراف به وطلب التخلص من سوء عاقبته أول ً وآخرًا".
الشرط الرابع :القلع عن الذنب:
القلع عن الذنب شرط أساسي للتوبة المقبولة ،فالذي يرجع إلى الله وهو
مقيم على الذنب ل يعد تائبًا ،وفي قوله تعالى }وتوبوا{ إشارة إلى معنى
القلع عن المعصية؛ لن النفس المتعلقة بالمعصية قلما تخلص في إقبالها
على عمل الخير؛ لذلك كان على التائب أن يجاهد نفسه فيقتلع جذور
المعاصي من قلبه ،حتى تصبح نفسه قوية على الخير مقبلة عليه نافرة عن
الشر متغلبة عليه بإذن الله.
الشرط الخامس :الندم:
الندم ركن من أركان التوبة ل تتم إل به ،وهو في اللغة :التحسر من تغير رأي
في أمر فائت.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيمة الندم فقال)) :الندم توبة((.
ومعنى أنه توبة :أي عمدة أركان التوبة كقوله عليه السلم)) :الحج عرفة((.
104
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
105
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(6 /
يقول اللوسي" :والحق أن المراد بهذا البعض الذي ل ينفع اليمان عنده
طلوعُ الشمس من مغربها".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال)) :ل تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ،فإذا طلعت فرآها
الناس آمنوا أجمعون(( فذلك حين ل ينفع نفسا ً إيمانها لم تكن آمنت من قبل
أو كسبت في إيمانها خيرا ً ثم قرأ الية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال)) :ومن
تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه((.
وعن أبي موسى الشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال)) :إن الله عز
وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ،ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل ،حتى تطلع الشمس من مغربها((.
ويعلل القرطبي نقل ً عن جماعة من العلماء عدم قبول الله إيمان من لم
يؤمن وتوبة من لم يتب بعد طلوع الشمس فيقول" :وإنما ل ينفع نفسا ً
إيمانها عند طلوعها من مغربها لنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه
كل شهوة من شهوات النفس ،وتفتر كل قوة من قوى البدن ،فيصير الناس
كلهم ـ ليقانهم بدنو القيامة ـ في حال من حضره الموت في انقطاع
الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم وبطلنها من أبدانهم ،فمن تاب في مثل
هذه الحال لم تقبل توبته كما ل تقبل توبة من حضره الموت".
تيسير الكريم الرحمن ).(516
أخرجه المام مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار باب:
استحباب الستغفار والستكثار منه ).(2702
انظر :نهاية السول في شرح منهاج الصول ) ،(2/251وإرشاد الفحول إلى
تحقيق الحق من علم الصول ).(102 ،86
الجامع لحكام القرآن ).(5/90
الجامع لحكام القرآن ).(12/238) (18/197
مجموع فتاوى ابن تيمية ).(10/310
أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع ) ،(2499من حديث
أنس بن مالك وقال الترمذي :هذا حديث غريب ل نعرفه إل من حديث علي
بن مسعدة عن قتادة .وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد في باب ذكر التوبة
) (4251وأخرجه المام أحمد برقم ) (12576والحديث حسنه اللباني في
صحيح الجامع برقم ).(4391
حادي الروح إلى أحكام التوبة النصوح ) (15وانظر كتاب التوبة للدكتورة
آمال نصير ).(24
تفسير الفخر الرازي ).(4/150
أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب :قول النبي صلى الله عليه وسلم
اللهم ).(6398
أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب :قول الله تعالى ويحذركم الله نفسه )
(7405وأخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والستغفار باب الحث
على ذكر الله ).(2675
شرح صحيح مسلم ).(17/59
إن الهم بالذنب أمر قد جاء الشرع برفع الحرج والثم عنه إذا لم يعمل به
النسان أو يتكلم فل يؤاخذ عليه والله أعلم.
106
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
107
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ي ،والرادها بعد إدبارها عن طاعتي إلى طلب عبيدي المنصرفة عني إل ّ
محبتي".
سّيئا ً خَر َ صاِلحا َوءا َ ً مل َ ً خلطوا عَ َ ْ ُ َ م َ ن اعْت ََرفوا ب ِذُنوب ِهِ ْ ُ ْ ُ خُرو َ قال الله تعالىَ} :وءا َ
م{ ]التوبة.[102: حي ر ر فو ُ َ غ ه ّ ل ال ن َ عَسى الل ّ َ
ٌ ّ ِ ٌ َ ب عَ ْ ِ ْ ِ ّ
إ م ه ي ل ه أن ي َُتو َ ُ َ
م{ أي :وصفه المغفرة والرحمة اللتان ل ٌ ّ ِ ٌ حي ر ر فو ُ َ غ ه
َ ّ ل ال ن
ِ ّ إ "} السعدي: قال
يخلو مخلوق منهما ،بل ل بقاء للعالم العلوي والسفلي إل بهما ،فلو يؤاخذ
الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة".
ْ َ َ
تصد ََقا ِ خذ ُ ال ّ عَبادِهِ وَي َأ ُ ن ِ ة عَ ْ ل الت ّوْب َ َ قب َ ُ ه هُوَ ي َ ْ ن الل ّ َ موا ْ أ ّ م ي َعْل َ ُ وقال تعالى} :أل َ ْ
َ
م{ ]التوبة.[104: حي ُ ب الّر ِ وا ُ ه هُوَ الت ّ ّ ن الل ّ َ وَأ ّ
قال السعدي" :أي :كثير التوبة على التائبين ،فمن تاب إليه تاب عليه ،ولو
تكررت منه المعصية مرارًا ،ول يمل الله من التوبة على عباده حتى يملوا
هم".
بذن ِ َ
زيزِ العَِليم ِ Bغافِرِ ال ّ ْ ن اللهِ العَ ِ ْ ّ م َ ب ِ ل الك َِتا ِ ْ زي ُ وقال تعالى} :حم َ Aتن ِ
صيُر{ ]غافر-1: م ِ ْ َ
ل ل اله إ ِل هُوَ إ ِلي ْهِ ال َ ّ َ ب ِذى الطوْ ِ ّ قا ِ ديدِ ال ْعِ َ ش ِ ب َ ل الت ّوْ ِ وََقاب ِ ِ
.[3
قال وهبة الزحيلي" :ثم وصف الله نفسه بستة أنواع من الصفات الجامعة
ب{ ل الت ّوْ ِ ب وََقاب ِ ِ ذن ِ غافِرِ ال ّ بين الوعد والوعيد والترغيب والترهيب فقالَ } :
]غافر [3:أي :أن الله هو غافر الذنب الذي سلف لوليائه ،سواء أكان صغيرة
أم كبيرة بعد التوبة ،أو قبل التوبة بمشيئته ،وقابل توبتهم المخلصة".
ثانيًا :أمر الله عز وجل عباده بالتوبة والستغفار:
ً مُنوا ْ ُتوُبوا ْ إ َِلى اللهِ ت َوْب َ ً
ّ َ
صوحا{ ]التحريم.[8: ة نّ ُ ن ءا َ ذي َ قال الله تعالى} :ياأي َّها ال ّ ِ
قال القرطبي" :أمر بالتوبة وهي فرض على العيان في كل الحوال وكل
الزمان".
ُ ّ َ ْ َ ً ّ َ ْ
ن{. حو َ فل ِ ُ م تُ ْ ن لعَلك ْ مُنو َ مؤ ْ ِ ه ال ُ ميعا أي ّ َ ج ِ وقال الله تعالى} :وَُتوُبوا إ ِلى اللهِ َ
قال القرطبي" :أمٌر ،ول خلف بين المة في وجوب التوبة وأنها فرض
متعين".
حيما{ ]النساء،[106: ً فورا ّر ِ ً نغ ُ َ ه كا َ َ ّ
ن الل َ فرِ اللهِ إ ِ ّ ّ ست َغْ ِ وقال الله تعالىَ} :وا ْ
هّ ّ ْ َ َ ْ َ
ن الل َ ه إِ ّ فُروا الل َ ست َغْ ِ س َوا ْ ض الّنا ُ ث أفا َ حي ْ ُ ن َ م ْ ضوا ِ م أِفي ُ وقال الله تعالى} :ث ُ ّ
م{ ]البقرة.[199: حي ٌ فوٌر ّر ِ غَ ُ
قال السعدي" :أمر الله بالستغفار والكثار من ذكره عند الفراغ من
المناسك ،فالستغفار للخلل الواقع من العبد في أداء عبادته وتقصيره فيها".
وقال الله تعالىَ} :فاعْل َ َ
ن
مِني َ مؤ ْ ِ ك وَل ِل ْ ُ ذنب ِ َ فْر ل ِ َ ست َغْ ِ ه َوا ْ ه ل َ اله إ ِل َ الل ّ ُ م أن ّ ُ ْ
م{ ]محمد.[19: واك ُْ مث َْ مت َ َ ْ َ َ
و م ُ ك ب ّ ل َ ق م ُ ه ي َعْل َ ُ ت َوالل ّ ُ مَنا ِ مؤ ْ َِوال ْ ُ
قال ابن جرير الطبري" :وسل ربك غفران ذنوبك وحادثها وذنوب أهل اليمان
بك من الرجال والنساء".
هّ ُ َ ْ ّ
ن الل ِ ن ِفى ِدي ِ خلو َ س ي َد ْ ُ ت الّنا َ ح Aوََرأي ْ َ فت ْ ُ صُر اللهِ َوال َ جاء ن َ ْ وقال تعالى} :إ َِذا َ
َ
ن َتوَبا{ ]النصر.[3 -1: ه كا ََ فْرهُ إ ِن ّ ُ ست َغْ ِ ك َوا ْ مد ِ َرب ّ َ ح ْ ح بِ َ سب ّ ْأْفواجا ً Bفَ َ
عن عائشة رضي الله عنها قالت :ما صّلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ح{ إل ويقول: فت ْ ُ صُر الل ّهِ َوال ْ َ جاء ن َ ْ صلة بعد أن نزلت عليه سورة }إ َِذا َ
))سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي((.
ثالثًا :التوبة والستغفار من صفات النبياء والصالحين:
َ
ب أرِِنى أنظ ُْر َ
ل َر ّ ه َقا َ ه َرب ّ ُ م ُ قات َِنا وَك َل ّ َ مي َ سى ل ِ ِ مو َ جاء ُ ما َ قال الله تعالى} :وَل َ ّ
ف ت ََراِنى سو ْ َ ه فَ َ كان َ ُ م َ قّر َ ست َ َ نا ْ ل فَإ ِ ِ جب َ ِ ن ان ْظ ُْر إ َِلى ال ْ َ َ
ل لن ت ََراِنى وَلك ِ ِ
ك َقا َ َ إ ِل َي ْ َ
َ
كحان َ َ سب ْ َ ل ُ ما أَفاقَ َقا َ قا فَل َ ّ صعِ ً سى َ خّر مو َ كا وَ َ ه دَ ّ جعَل َ ُ ل َ جب َ ِ ه ل ِل ْ َ جّلى َرب ّ ُ ما ت َ َ فَل َ ّ
108
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(8 /
قال ابن كثير" :أي :وآمركم بالستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى
الله عز وجل فيما تستقبلونه ،وأن تستمروا على ذلك".
َ َ
سَرافَنا ِفى َ فْر لَنا ذ ُُنوب ََنا وَإ ِ ْ م إ ِل ّ أن َقاُلوا ْ رب َّنا اغْ ِ ن قَوْل َهُ ْ كا َ ما َ قال الله تعالى} :وَ َ
َ ْ ْ َ َ َ
ن{ ]آل عمران ،[147:وقال ري َ ِ قوْم ِ الكافِ صْرَنا عَلى ال َ مَنا وان ُ دا َ ت أقْ َ مرَِنا وَث َب ّ ْ أ ْ
الله تعالى} :ربنا إننا سمعنا مناديا ً ينادى ل ِليما َ
مّنا َرب َّنا م فََئا َ مُنوا ْ ب َِرب ّك ُ ْ ن ءا ِ نأ ْ ِ َ ِ ّ َّ َِّ َ ِ ْ َ ُ َ ِ َُ ِ
معَ الب َْراِر{ ]آل عمران ،[193:وقال سي َّئات َِنا وَت َوَفّ َ َ
نا فْر عَّنا َ فْر ل ََنا ذ ُُنوب ََنا وَك َ ّ َفاغْ ِ
َ
م سَنا وَِإن ل ّ ْ ف َ مَنا أن ُ الله تعالى في قصة توبة آدم عليه السلمَ} :قال َ َرب َّنا ظ َل َ ْ
قد ْن{ ]العراف ،[23:وقال تعالى} :وَل َ َ ري َ س ِ خا ِ ن ال ْ َ م َ ن ِ كون َ ّ مَنا ل َن َ ُ فْر ل ََنا وَت َْر َ
ح ْ ت َغْ ِ
َ ً َ ْ َ َ
ب ِلى فْر ِلى وَهَ ْ ب اغْ ِ ل َر ّ ب َ hقا َ م أَنا َ سدا ث ُ ّ ج َ سي ّهِ َ قي َْنا عَلى ك ُْر ِ ن وَأل َ ما َ سلي ْ َ فَت َّنا ُ
ْ َ
ب{ ]ص.[35 ،34: ها ُ ت الوَ ّ ك أن َ دى إ ِن ّ َ من ب َعْ ِ حد ٍ ّ مْلكا ً ل ّ َينب َِغى ل َ ُ
رابعًا :دعوة النبياء والصالحين أقوامهم للتوبة والستغفار:
ن اله م ْ م ّ ما ل َك ُ ْ ه َ دوا ْ الل ّ َ ل ياقَوْم ِ اعْب ُ ُ هوًدا َقا َ م ُ خاهُ ْ عادٍ أ َ َ قال الله تعالى} :وَإ َِلى َ
َ َ َ َ غَيره إ َ
ذى جرِىَ إ ِل ّ عََلى ال ّ ِ نأ ْ جًرا إ ِ ْ م عَل َي ْهِ أ ْ سأل ُك ُ ْ ن xياقَوْم ِ ل أ ْ فت َُرو َ م ْم إ ِل ّ ُ ن أنت ُ ْ ُْ ُ ِ ْ
َ ْ ْ ُ َ
ماء س َ ل ال ّ س ِ م ُتوُبوا إ ِلي ْهِ ي ُْر ِ م ثُ ّ ُ
فُروا َرب ّك ْ ست َغْ ِ ن َ yوياقَوْم ِ ا ْ قلو َ فَط ََرِنى أفَل ت َعْ ِ
َ
ن{ ]هود.[52-50: مي َ جرِ ِ م ْ م وَل َ ت َت َوَل ّوْا ْ ُ م قُوّة ً إ َِلى قُوّت ِك ُ ْ مد َْرارا ً وَي َزِد ْك ُ ْ م ّ عَل َي ْك ُ ْ
قال السعدي" :استغفروا ربكم عما مضى منكم ،ثم توبوا إليه فيما تستقبلونه
بالتوبة النصوح والنابة إلى الله تعالى".
ن
م ْ م ّ ُ
ما لك ْ َ ه َ ّ
دوا الل َ ْ صاِلحا قال ياقوْم ِ اعْب ُ ُ َ َ َ ً م َ خاهُ ْ مود َ أ َ َ وقال الله تعالى} :وَإ َِلى ث َ ُ
اله غَيره هو َأن َ َ
نم ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْهِ إ ِ ّ فُروهُ ث ُ ّ ست َغْ ِ م ِفيَها َفا ْ مَرك ُ ْ ست َعْ َ ض َوا ْ ن الْر ِ م َ م ّ شأك ُ ْ ُْ ُ ُ َ
ب{ ]هود ،[61:وقال تعالى حاكيا ً قول شعيب عليه السلم ب ّ ِ ٌ جي م ري ٌ َرّبى قَ ِ
م وَُدوٌد{ ]هود.[90: حي ٌ ن َرّبى َر ِ م ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْهِ إ ِ ّ م ثُ ّ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِ لقومهَ} :وا ْ
قال السعدي في سرده لفوائد قصة شعيب" :ومنها :أن التائب من الذنب
كما يسمح له عن ذنبه ويعفى عنه فإن الله تعالى يحبه ويوّده ول عبرة بقول
من قال) :إن التائب إذا تاب فحسبه أن يغفر له ويعود عليه بالعفو وأما عود
م ُتوُبوا ْ م ثُ ّ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِ الود والحب فإنه ل يعود( ،فإن الله تعالى قالَ} :وا ْ
م وَُدوٌد{". حي ٌ ن َرّبى َر ِ إ ِل َي ْهِ إ ِ ّ
خامسًا :بيان جزاء التوبة في الدنيا والخرة:
أ -محبة الله عز وجل للتائبين:
ن{. ري َ مت َطهّ ِ َ ب ال ُ ْ ح ّ ن وَي ُ ِ ب الّتوِبي َ ح ّ ه يُ ِ ن الل ّ َ قال الله عز وجل} :إ ِ ّ
ب -حصول المغفرة من الله عز وجل:
109
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(9 /
قال القرطبي" :قال النحاس :من أحسن ما قيل فيه أنه يكتب موضع كافر
مؤمن وموضع عاصي مطيع ،وقال مجاهد والضحاك :أن يبدلهم الله من
الشرك اليمان وروي نحوه عن الحسن .وقال أبو هريرة :ذلك في الخرة
فيمن غلبت حسناته على سيئاته ،فيبدل الله السيئات حسنات .وقال
القرطبي :فل يبعد في كرم الله تعالى إذا صحت توبة العبد أن يضع مكان كل
سيئة حسنة وقد قال صلى الله عليه وسلم)) :أتبع السيئة الحسنة تمحها
وخالق الناس بخلق حسن(( وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال :قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم)) :إني لعلم آخر أهل الجنة دخول ً الجنة وآخر أهل
النار خروجا ً منها ،رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال :اعرضوا عليه صغار ذنوبه،
وارفعوا عنه كبارها ،فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال :عملت يوم كذا وكذا
كذا وكذا ،فيقول :نعم ،ل يستطيع أن ينكر ،وهو مشفق من كبار ذنوبه أن
تعرض عليه ،فيقال له :فإن لك مكان كل سيئة حسنة ،فيقول :يا رب قد
عملت أشياء ل أراها ها هنا(( ،فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
ضحك حتى بدت نواجده".
هـ -تكفير السيئات ودخول الجنات:
َ
سى َرب ّك ُ ْ
م صوحا ً عَ َ ة نّ ُمُنوا ْ ُتوُبوا ْ إ َِلى الل ّهِ ت َوْب َ ً ن ءا َ ذي َ قال الله تعالى} :ياأي َّها ال ّ ِ
زى خ ِم ل َ يُ ْ َ
حت َِها الن َْهاُر ي َوْ َ من ت َ ْ رى ِ ِ ج
ت تَ ْ جّنا ٍ م َ خل َك ُ ْ م وَي ُد ْ ِ سي َّئات ِك ُ ْ م َ عنك ُ ْ
فَر َ َأن ي ُك َ ّ
َ الل ّه النبى وال ّذين ءامنوا ْ معه نورهُم يسعى بي َ
ن َرب َّنا قوُلو َ م يَ ُ مان ِهِ ْ
م وَب ِأي ْ َ ديهِ ْ ن أي ْ َِْ َ َ َ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ُ ِّ ّ َ ِ َ
ك عَ َ َ َ
ديٌر{. ىء قَ ِ ْ شَ ّ
ل ُ ك لى َ ّ نِ إ نا
َ ل م ل ََنا ُنوَرَنا َوا ْ
رف
ِ ْ غ م ْأت ْ ِ
قال السعدي" :قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الية ،ووعد عليها بتكفير
السيئات ودخول الجنات والفوز والفلح".
و -منع العذاب في الدنيا:
ّ َ َ ّ ما َ
م
م وَهُ ْ معَذ ّب َهُ ْ ه ُ ن الل ُ ما كا َ م وَ َ ت ِفيهِ ْ م وَأن َ ه ل ِي ُعَذ ّب َهُ ْن الل ُ كا َ قال الله تعالى} :وَ َ
ن{ ]النفال.[33: فُرو َ ست َغْ ِيَ ْ
قال ابن عباس رضي الله عنهما) :كان فيهم أمانان :النبي صلى الله عليه
وسلم والستغفار ،فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الستغفار(.
ز -المداد بالموال والبنين وإنزال الغيث:
110
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ماء عَل َي ْك ُ ْ
م س َ ل ال ّ فارا ً Jي ُْر ِ
س ِ ن غَ ّكا َ ه َم إ ِن ّ ُ فُروا ْ َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِتا ْ قل ْ ُ قال تعالى} :فَ ُ
م أن َْهارًا{ ]نوح:َ َ
جَعل ل ّك ُ ْت وَي َ ْ
جّنا ٍم َجَعل ل ّك ُ ْ ن وَي َ ْ ل وَب َِني َ موا ٍ م ب ِأ ْ مد َْرارا ً Kوَي ُ ْ
مدِد ْك ُ ْ ّ
.[12 -10
قال ابن عباس رضي الله عنهما) :أي :إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه
وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء ،وأنبت لكم من
بركات الرض ،وأنبت لكم الزرع ،وأدّر لكم الضرع ،وأمدكم بأموال وبنين،
أي :أعطاكم الموال والولد ،وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها
بالنهار الجارية بينها(.
تفسير الطبري ).(2/60
تيسير الكريم الرحمن ).(350
تيسير الكريم الرحمن ).(351
التفسير المنير ) (24/73باختصار.
الجامع لحكام القرآن ).(18/197
الجامع لحكام القرآن ).(12/238
تفسير السعدي ) (92بتصرف.
تفسير الطبري ).(11/318
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن باب حدثنا الحسن بن الربيع )
(4967وأخرجه مسلم في كتاب الصلة باب ما يقال في الركوع والسجود )
.(484
انظر :الجامع لحكام القرآن ).(7/279
تفسير القرآن العظيم ).(2/374
تفسير القرآن العظيم ).(2/417
تفسير السعدي ).(383
تفسير السعدي ).(389
تفسير ابن كثير ).(3/169
تفسير السعدي ).(567
أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة باب ما جاء في معاشرة الناس )
(1987من حديث أبي ذر رضي الله عنه .وقال الترمذي :هذا حديث حسن
صحيح.
أخرجه مسلم في كتاب اليمان باب :أدنى أهل الجنة منزلة فيها ).(190
الجامع لحكام القرآن ).(13/78
تفسير السعدي ).(874
انظر :تفسير ابن كثير ).(2/317
انظر :تفسير ابن كثير ).(4/453
الفصل الرابع :فضائل التوبة والستغفار في السنة النبوية:
-1عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم)) :إن العبد إذا أخطأ نكتت في قلبه نكتة سوداء ،فإذا هو نزع واستغفر
قل قلبه ،وإن عاد زيد فيه ،حتى تعلو قلبه ،وهو الران الذي ذكر الله: ص ِ
وتاب ُ
ن{]المطففين.(([14: سُبو َ ْ ْ
ما كاُنوا ي َك ِ َ م ّ ُ
ن عَلى قُلوب ِهِ ْ َ ل َرا َ }ك َل ّ ب َ ْ
فى مرآة قلبه ،لن التوبة بمنزلة ظف وص ّ قال المباركفوري" :والمعنى :ن ّ
المصقلة ،تمحو وسخ القلب وسواده حقيقيا ً أو تمثيليًا".
-2عن أبي موسى الشعري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم)) :إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار،
ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ،حتى تطلع الشمس من مغربها((.
111
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(10 /
-3عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم)) :كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا ،فسأل
ل على راهب فأتاه فقال :إنه قتل تسعة وتسعين عن أعلم أهل الرض فد ُ ّ
نفسا ً فهل له من توبة؟ فقال :ل ،فقتله فكمل به مائة ،ثم سأل عن أعلم
ل على رجل عالم فقال :إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ أهل الرض فد َ ّ
فقال :نعم ،ومن يحول بينه وبين التوبة ،انطلق إلى أرض كذا وكذا ،فإن بها
أناسا ً يعبدون الله فاعبد الله معهم ول ترجع إلى أرضك ،فإنها أرض سوء،
فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت ،فاختصمت فيه ملئكة الرحمة
وملئكة العذاب ،فقالت ملئكة الرحمة :جاء تائبا ً مقبل ً بقلبه إلى الله ،وقالت
ملئكة العذاب :إنه لم يعمل خيرا ً قط ،فأتاهم ملك الموت في صورة آدمي،
فجعلوه بينهم فقال :قيسوا ما بين الرضين ،فإلى أيتهما كان أدنى فهو له،
فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الرض التي أراد ،فقبضته ملئكة الرحمة((.
قال ابن حجر" :وفيه مشروعية التوبة من جميع الكبائر حتى من قتل
النفس ،ويحمل على أن الله إذا قبل توبة القاتل تكفل برضا خصمه ...وقال
عياض :وفيه أن التوبة تنفع من القتل كما تنفع من سائر الذنوب وهو وإن
كان شرعا ً لمن قبلنا وفي الحتجاج به خلف ،لكن ليس هذا من موضع
الخلف ،لن موضع الخلف إذا لم يرد في شرعنا تقريره وموافقته ،أما إذا
ورد فهو شرع لنا بل خلف".
-4عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم)) :لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزل ً وبه مهلكة ،ومعه
راحلته عليها طعامه وشرابه ،فوضع رأسه فنام نومة ،فاستيقظ وقد ذهبت
راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش ،أو ما شاء الله قال :أرجع إلى مكاني،
فرجع فنام نومة ،ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده((.
-5عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم)) :سيد
الستغفار أن يقول :اللهم أنت ربي ل إله إل أنت خلقتني ،وأنا عبدك وأنا على
عهدك ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ،أبوء لك بنعمتك
علي ،وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت ،قال ومن قالها
من النهار موقنا ً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن
قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة((.
قال ابن أبي جمرة" :جمع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من بديع
المعاني وحسن اللفاظ ما يحق له أن يسمى سيد الستغفار ،ففيه القرار
لله وحده باللهية والعبودية والعتراف بأنه الخالق ،والقرار بالعهد الذي أخذه
عليه ،والرجاء بما وعده به ،والستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه،
وإضافة النعماء إلى موجدها وإضافة الذنب إلى نفسه ،ورغبته في المغفرة،
واعترافه بأنه ل يقدر أحد على ذلك إل هو ،وفي كل ذلك الشارة إلى الجمع
بين الشريعة والحقيقة ،فإن تكاليف الشريعة ل تحصل إل إذا كان في ذلك
عون من الله تعالى".
-6عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول)) :والله إني لستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين
مرة((.
ً
قال ابن بطال" :النبياء أشد الناس اجتهادا في العبادة لما أعطاهم الله
تعالى من المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير".
112
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وقال الغزالي" :كان صلى الله عليه وسلم دائم الترقي فإذا ارترقى إلى حال
رأى ما قبلها دونها ،فاستغفر من الحالة السابقة وهذا مفرع على أن العدد
المذكور في استغفاره كان مفرقا ً بحسب تعدد الحوال".
-7عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي
عن ربه عز وجل قال)) :أذنب عبد ذنبا ً فقال :اللهم اغفر لي ذنبي ،فقال
تبارك وتعالى :أذنب عبدي ذنبا ً فعلم أنه له ربا ً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ،ثم
عاد فأذنب ،فقال :أي رب ،اغفر لي ذنبي ،فقال تبارك وتعالى :عبدي أذنب
ذنبا ً فعلم أن له ربا ً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ،ثم عاد فأذنب ،فقال :أي رب،
اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى :أذنب عبدي ذنبا ً فعلم أن له ربا ً يغفر
الذنب ويأخذ بالذنب ،اعمل ما شئت فقد غفر لك(( ،قال عبد العلى :ل أدري
أقال في الثالثة أو الرابعة)) :اعمل ما شئت((.
قال القرطبي" :يدل هذا الحديث على عظيم فائدة الستغفار وعلى عظيم
فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه ،لكن هذا الستغفار هو الذي ثبت
معناه في القلب مقارنا ً للسان لينحل به عقد الصرار ويحصل معه الندم،
فهو ترجمة للتوبة".
الران :الطبع والختم.
أخرجه الترمذي في كتاب التفسير باب :ومن صورة المطففين )(3334
وقال :هذا حديث حسن صحيح وأخرجه ابن ماجة في كتاب الزهد باب :ذكر
الذنوب ).(4244
تحفة الحوذي بشرح جامع الترمذي ).(9/254
أخرجه مسلم في كتاب التوبة باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت
الذنوب ).(2759
أخرجه البخاري في كتاب أحاديث النبياء باب :حديث الغار ) ،(347ومسلم
في كتاب التوبة باب :قبول توبة القاتل وإن كثر قتله ).(2766
)(11 /
113
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
114
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(12 /
115
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
على الذنب ولومه نفسه عليه فهذه توبة ،وكيف يصح أن تسلب التوبة عنه
مع شدة ندمه على الذنب ولومه نفسه ،ول سيما ما يتبع ذلك من بكائه
وحزنه وخوفه وعزمه الجازم ،ونيته أنه لو كان صحيحا ً والفعل مقدورا ً له لما
فعله ،وإذا كان الشارع قد ن َّزل العاجز عن الطاعة منزلة الفاعل لها إذا
صحت نيته كقوله صلى الله عليه وسلم)) :إذا مرض العبد أو سافر كتب له
ما كان يعمل صحيحا ً مقيمًا(( ،وفي الصحيح أيضًا)) :إن بالمدينة أقواما ً ما
سرتم مسيرًا ،ول قطعتم واديا ً إل كانوا معكم(( قالوا :وهم بالمدينة؟ قال:
))وهم بالمدينة ،حبسهم العذر((.
ً
وله نظائر في الحديث فتنزيل العاجز عن المعصية ،التارك لها قهرا مع نية
تركها اختيارا ً لو أمكنه منزلة التارك المختار أولى".
-6معنى التوبة من قريب والتوبة عند الموت:
ن
م ي َُتوُبو َ َ
جَهالةٍ ث ُ ّ سوء ب ِ َ ن ال ّ ملو َ ُ ن ي َعْ َ ذي َ ة عََلى الل ّهِ ل ِل ّ ِ ما الت ّوْب َ ُ قال الله تعالى} :إ ِن ّ َ
كيما{ ]النساء.[17: ً ح ِ ً
ه عَِليما َ ّ
ن الل ُ َ
م وَكا َ َ
ه عَلي ْهِ ْ ّ
ب الل ُ ك ي َُتو ُ ب فَأ ُوْل َئ ِ َري ٍمن قَ ِ ِ
قال ابن رجب" :وأما التوبة من قريب فالجمهور على أن المراد بها التوبة
قبل الموت ،فالعمر كله قريب ،ومن تاب قبل الموت فقد تاب من قريب،
ل البعد كما قيل: ومن لم يتب فقد بُعد ك ّ
ن وأما الملتقى فبعيد جيرة الحياء أما قرارهم فدا ٍ فهم ِ
فالحي قريب ،والميت بعيد من الدنيا على قربه منها ،فإن جسمه في الرض
يبلى وروحه عند الله تنعم أو تعذب ،ولقاؤه ل يرجى في الدنيا".
أما إذا عاين العبد أمور الخرة وانكشف له الغطاء ،وشاهد الملئكة فصار
الغيب عنده شهادة ،فإن اليمان والتوبة ل تنفعه في تلك الحال.
َ
م
حد َهُ ُ ضَر أ َ ح َ حّتى إ َِذا َ ت َ سي َّئا ِن ال ّ مُلو َ ن ي َعْ َ ذي َ ة ل ِل ّ ِت الت ّوْب َ ُ س ِ قال الله تعالى} :وَل َي ْ َ
ذابا ً فار أ ُول َئ ِ َ َ
م عَ َ ك أعْت َد َْنا ل َهُ ْ م كُ ّ ٌ ْ ن وَهُ ْ موُتو َ ن يَ ُ ذي َ ن وَل َ ال ّ ِ ت ال َ ل إ ِّنى ت ُب ْ ُ ت َقا َ ال ْ َ
مو ْ ُ
أ َِليمًا{ ]النساء.[18:
وى عز وجل بين من تاب عند الموت ومن تاب من غير توبة ،والمراد فس ّ
بالتوبة عند الموت :التوبة عند انكشاف الغطاء ،ومعاينة المحتضر أمور
الخرة ومشاهدة الملئكة.
وقال ابن رجب" :وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال :ل يزال العبد
في مهل من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه ،فإذا نزل ملك الموت
فل توبة حينئذ.
وقال ابن عمر) :التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت(.
-7رجوع الحسنات إلى التائب بعد التوبة:
)(13 /
قال ابن القيم" :وإذا استغرقت سيئاته الحديثات حسناته القديمات وأبطلتها،
ثم تاب منها توبة نصوحا ً خالصة عادت إليه حسناته ،ولم يكن حكمه حكم
المستأنف لها ،بل يقال له :تبت على ما أسلفت من خير ،فالحسنات التي
فعلتها في السلم أعظم من الحسنات التي يفعلها الكافر في كفره من
عتاقة وصدقة وصلة ،وقد قال حكيم بن حزام :يا رسول الله أرأيت عتاقة
أعتقتها في الجاهلية ،وصدقة تصدقت بها ،وصلة وصلت بها رحمي ،فهل لي
فيها من أجر؟ فقال)) :أسلمت على ما أسلفت من خير(( ،وذلك لن الساءة
المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة ،وصارت كأنها لم تكن ،فتلقت
الطاعتان واجتمعتا والله أعلم".
116
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث المتقدم" :ل مانع من أن
يضيف الله إلى حسناته في السلم ثواب ما كان صدر منه في الكفر تفضل ً
وإحسانًا".
-8هل التوبة ترجع العبد إلى حاله قبل المعصية؟
إذا كان للعبد حال أو مقام مع الله ثم نزل عنه لذنب ارتكبه ،ثم تاب منه،
فهل يعود بعد التوبة إلى ما كان أو ل يعود؟
والجواب أن هذه المسألة قد اختلف فيها السلف على أقوال شتى ،ومن
أحسن من أجاب على تلك المسألة شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله حيث
قال" :والصحيح أن من التائبين من ل يعود إلى درجته ،ومنهم من يعود إليها،
ومنهم من يعود إلى أعلى منها ،فيصير خيرا ً مما كان قبل الذنب ،وكان داود
بعد التوبة خيرا ً منه قبل الخطيئة ...وهذا بحسب حال التائب بعد توبته وجده
وعزمه وحذره وتشميره ،فإن كان ذلك أعظم مما كان له قبل الذنب عاد
خيرا ً مما كان وأعلى درجة ،وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله ،وإن كان دونه
لم يعد إلى درجته وكان منحطا ً عنها".
قال ابن القيم" :وهذا الذي ذكره هو فصل النزاع في هذه المسألة".
انظر :رسالة في التوبة ) (227لبن تيمية ضمن جامع الرسائل )المجموعة
الولى(.
مدارج السالكين ) ،(1/316وانظر أيضًا :فتح الباري ).(11/105
تفسير القرآن العظيم ).(4/391
روح المعاني ).(28/158
انظر :إحياء علوم الدين ).(4/40
انظر :مدارج السالكين ).(1/285
انظر :فتح الباري شرح صحيح البخاري لبن رجب الحنبلي ).(1/157
أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب باب :من كانت له مظلمة عند
الرجل فحللها له ) (2429من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
انظر :كتاب التوبة وظيفة العمر للحمد ).(83
الحديث أخرجه ابن ماجة في كتاب الزهد باب ذكر التوبة ) (4252وأخرجه
المام أحمد في مسنده ) (4002وحسنه الحافظ في الفتح )،(13/471
وصححه اللباني في صحيح الجامع ) .(6802من حديث عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه.
أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب:يكتب للمسافر مثل ما كان
يعمل في القامة ).(2996
أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب :نزول النبي صلى الله عليه وسلم
الحجر ).(4423
انظر :مدارج السالكين ).(1/296
لطائف المعارف ).(571
لطائف المعارف ).(573
لطائف ومعارف ).(573
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب :من تصدق في الشرك ثم أسلم )
،(1436ومسلم في كتاب اليمان باب :بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده
).(123
مدارج السالكين ).(1/293
فتح الباري ).(3/354
انظر :مدارج السالكين ).(1/302
117
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(14 /
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمنكبي فقال)) :كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل(( .وكان ابن عمر
يقول) :إذا أمسيت فل تنتظر الصباح ،وإذا أصبحت فل تنتظر المساء ،وخذ
من صحتك لمرضك ،ومن حياتك لموتك(.
صر المل في الدنيا ،وأن قال ابن رجب الحنبلي" :وهذا الحديث أصل في قِ َ
المؤمن ل ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ً ومسكنا ً فيطمئن فيها .ولكن ينبغي
أن يكون فيها كأنه على جناح سفر ،يهيئ جهازه للرحيل ،وقد اتفقت على
ذلك وصايا النبياء وأتباعهم".
-4العلم:
لنه نور يستضاء به ،والعلم يشغل صاحبه بكل خير وُيشغله عن كل شر ،فإذا
فقد العلم فقدت البصيرة .ومن العلم في هذا السياق العلم بعاقبة المعاصي
وقبحها ورذالتها ،ودناءتها ،ومن العلم أيضا ً أن يعلم بفضل التوبة والرجوع إلى
الله عز وجل.
-5مصاحبة الخيار ومجانبة الشرار:
لن مصاحبة الخيار تحيي القلب وتشرح الصدر ،وتنير الفكر ،وتعين على
الطاعة ،والشرار على عكسهم ،ولهذا جاء في حديث الرجل الذي قتل تسعا ً
وتسعين نفسا ً أنه لما أتى إلى الرجل العالم وسأله :هل له من توبة؟ قال له:
نعم ،ومن يحول بينك وبين التوبة ،انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا ً
يعبدون الله ،فاعبد الله معهم ،ول ترجع إلى أرضك ،فإنها أرض سوء.
118
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
119
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فمن الناس من يدرك خطأه ويعلم حرمة ما يقع فيه ،ولكنه يؤجل التوبة
وف فيها وهذا خطأ عظيم؛ لن التوبة واجبة على الفور ،بل إن تأخير ويس ّ
التوبة ذنب يجب أن يستغفر منه.
قال الغزالي" :أما وجوبها على الفور فل يستراب فيه ،إذ معرفة كون
المعاصي مهلكات من نفس اليمان ،وهو واجب على الفور".
وقال ابن القيم" :المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور ،ول يجوز
تأخيرها ،فمتى أخرها عصى بالتأخير فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة
أخرى ،وهي توبته من تأخير التوبة".
-2الغفلة عن التوبة مما ل يعلمه العبد من ذنوبه:
)(15 /
ل من يتفطن لها ،قال ابن وهذا من الخطاء التي تقع في باب التوبة وق ّ
القيم" :ول ينجي من هذا إل توبة عامة مما يعلم من ذنوبه ومما ل يعلم ،فإن
ما ل يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه ،ول ينفعه في عدم المؤاخذة بها
ص بترك العلم والعمل ،فالمعصية في ً
جهله إذا كان متمكنا من العلم ،فإنه عا ٍ
حقه أشد".
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم)) :الشرك في هذه المة أخفى من
دبيب النمل(( ،فقال أبو بكر :فكيف الخلص منه يا رسول الله؟ قال)) :أن
تقول :اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ،وأستغفرك لما ل أعلم((.
-3ترك التوبة مخافة الرجوع للذنب:
يجب على المسلم أن يتوب إلى الله في كل وقت وحين فلربما أدركه
الموت وهو لم ينقض توبته ،كما عليه أن يحسن الظن بربه ويعلم أنه إذا
أقبل على الله أقبل الله عليه ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال)) :قال الله عز وجل :أنا عند ظن عبدي بي ،وأنا
معه حين يذكرني((.
-4ترك التوبة خوفا ً من لمز الناس:
فمن الناس من تحدثه نفسه بالتوبة ولزوم الستقامة ،ولكنه يخشى لمز
الناس وعيبهم إياه ووصمهم له بالتشدد والوسوسة ،وهذا خطأ فادح؛ إذ كيف
يقدم خوف الناس على خوف رب الناس ،وكيف يؤثر الخلق على الحق،
فالله أحق أن يخشاه.
-5ترك التوبة مخافة سقوط المنزلة وذهاب الجاه والشهرة.
-6التمادي في الذنوب اعتمادا ً على سعة رحمة الله:
و ن عَ َ َ عَباِدى أ َّنى أ ََنا ال ْغَ ُ
ذاِبى هُ َ م wوَأ ّحي ُ
فوُر الّر ِ يقول المولى جل ذكره }ن َّبىء ِ
م{ ]الحجر.[50 ،49: ب الِلي ُ ال ْعَ َ
ذا ُ
يقول أبو حامد الغزالي في شأن من يذنب وينتظر العفو عنه اتكال ً على
فضل الله تعالى قال" :هو كمن ينفق جميع أمواله ويترك نفسه وعياله فقراء
منتظرا ً من فضل الله أن يرزقه العثور على كنز في أرض خربة ،فإن إمكان
العفو عن الذنب مثل هذا المكان ،وهو مثل من يتوقع النهب في الظلمة في
بلده وترك ذخائر أمواله في حصن داره وقدر على دفنها فلم يفعل".
وقال ابن القيم" :وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء واتكل
عليها ،وتعلق بكلتا يديه ،وإذا عوتب على الخطايا والنهماك فيها سرد لك ما
يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء .وللجهال من هذا
الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب".
120
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
121
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(16 /
122
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
)(2 /
التوبة
التوبة لغة :من تاب يتوب إذا رجع .
عا :الرجوع من معصية الله إلى طاعته ,فليس بين الطاعة والمعصية وشر ً
منزل ,كما أنه ليس بين الجنة والنار منزل .
ن
ذي َ ّ
ل ل ِل ِ َ
ل ت ََعالى } :قُ ْ وأعظمها وأوجبها :التوبة من الكفر إلى اليمان َ ,قا َ
َ سل َ َ
ن) ة الوِّلي َ سن ّ ُ
ت ُ ض ْ م َ
قد ْ َن ي َُعوُدوا فَ َ
ف وَإ ِ ْ ما قَد ْ َم َفْر ل َهُ ْن َينت َُهوا ي ُغْ َ فُروا إ ِ ْ كَ َ
] {(38سورة النفال [38 :
سنة ,والتوبة من كبائر الذنوب وصغارها . ثم يليها التوبة من البدعة إلى ال ّ
فالتوبة هي بداية العبد ونهايته ,وحاجته إليها في الّنهاية ضرورية كما أن
ميًعاج ِل الله ت ََعاَلى } :وَُتوُبوا إ َِلى الل ّهِ َ حاجته إليها في البداية كذلك ,وقد َقا َ
َ
ن{ ]سورة النور [31 : حو َ فل ِ ُ ن ل َعَل ّك ُ ْ
م تُ ْ مُنو َ مؤ ْ ِأي َّها ال ْ ُ
123
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل اليمان وخيار خلقه ؛ أن ب الله بها أ َهْ َ خاط َ َ وهذه الية في سورة مدنية َ
ّ
يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم ,ثم عَلق الفلح بالتوبة
تعليق المسبب بسببه ,وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم
كنتم على رجاء الفلح ,فل يرجو الفلح إل التائبون -جعلنا الله منهم .
ن{ ]سورة الحجرات : مو َ ظال ِ ُ م ال ّ ك هُ ُ ب فَأ ُوْل َئ ِ َ م ي َت ُ ْ من ل ّ ْ وقال الله ت ََعاَلى } :وَ َ
[11
م ثالث ألبتة , س ٌ ب وظالم ٍ ,وما ثم قِ ْ سم سبحانه وتعالى العباد إلى تائ ٍ فقد قَ ّ
وأوقع سبحانه وتعالى اسم الظالم على من لم يتب ,ول أظلم منه لجهله ّ
بربه وبحقه ,وبعيب نفسه ,وآفات أعماله .
ق
صد ْ ِ وقد جعلها سبحانه وتعالى علمة على فلح العبد وهدايته ,وعنواًنا على ِ
َ
ه{ ]سورة هود [3 : م ُتوُبوا إ ِل َي ْ ِ م ثُ ّ فُروا َرب ّك ُ ْ ست َغْ ِ نا ْ ل ت ََعاَلى } :وَأ ْ عبوديته َ ,قا َ
ّ َ َ
حا { ]سورة صو ً ة نَ ُ مُنوا ُتوُبوا إ ِلى اللهِ ت َوْب َ ً وقال ت ََعاَلى َ} :يا أي َّها الذين آ َّ
التحريم [8 :
م يكثر من التوبة ويحث عليها . سل َّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ وقد كان الن ّب ِ ّ
َ ّ َ ّ ّ ّ َ
م َيا أي َّها الّناس سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ سول اللهِ َ ُ ي قال :قال َر ُ َ َ َ َ مَزن ِ ّ ن اْلغَّر ال ْ ُ عَ ْ
مّرةٍ ( 1). َ َ ْ َ َ ّ َ
ة َ مائ َ ب ِفي الي َوْم ِ إ ِلي ْهِ ِ ُتوُبوا إ ِلى اللهِ فإ ِّني أُتو ُ
والله سبحانه وتعالى يحب التائبين ويفرح بتوبتهم .
َ
ن{ ]سورة البقرة [222 : ري َ مت َط َهّ ِ ب ال ْ ُ ح ّ ن وَي ُ ِ واِبي َ ب الت ّ ّ ح ّ ه يُ ِ ن الل ّ َ
َ
} إِ ّ
شد ّ هأ َ م :ل َل ّ ُ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ ل َ :قا َ ك َقا َ مال ِ ٍ ن َ س بْ ِ ن أن َ ِ وَعَ ْ
َ َ
ض فََل ٍ
ة حلت ِهِ ب ِأْر ِ
ن عََلى َرا ِ َ كا َ م َ حدِك ُ ْ ب إ ِل َي ْهِ من أ َ ن ي َُتو ُ حي َ حا ب ِت َوْب َةِ عَب ْدِهِ ِ فََر ً
َ َ َ َ َ َ
ع
ج َضط َ جَرةً َفا ْ ش َ من َْها ,فَأَتى َ س ِ ه ,فَأي ِ َ شَراب ُ ُ ه وَ َ م ُ ه ,وَعَلي َْها طَعا ُ من ْ ُت ِ فلت َ ْ َفان ْ َ
َ حلت ِهِ ,فَب َي َْنا هُوَ ك َذ َل ِ َ َ َ ّ
خذ َ عن ْد َه ُ ,فَأ َ ة ِ م ً ك إ َِذا هُوَ ب َِها َقائ ِ َ س من َرا ِ ِفي ظ ِلَها قَد ْ أي ِ َ
َ َ َ دي ,وَأَنا َرب ّ َ َ َ ّ ْ م َقا َ خ َ
خطأ من ك؛أ ْ ت عَب ْ ِ م أن ْ َ فَرِح :اللهُ ّ شد ّةِ ال َ ل من ِ مَها ث ُ ّ طا ِ بِ ِ
فَرِح(2 ). ْ
شد ّةِ ال َ ِ
من ّهِ بعباده ؛ أنه سبحانه وتعالى يمهل عبده إن أساء ومن عظيم كرمه و َ
بالنهار ,ويدعوه إلى الّتوبة ,ويبسط يده بالليل ؛ طالًبا عبده بالرجوع إليه ,
حا إلى قبيل قيام ل الباب مفتو ً وكذلك مذنب الليل يمهله إلى الّنهار ؛ بل يظ ّ
الساعة .
جلّ ّ َ َ ّ َ ّ ّ عَ َ
ه عَّز وَ َ ن الل َ م قال :إ ِ ّ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ي َ ن الن ّب ِ ّ سى عَ ْ مو َ ن أِبي ُ ْ
سيُء م ب تو
َ َ ُ ِ َّ ِ َُِ َ ُ ِ ي ل ر ها ن بال ه د ي طُ س
َّ ِ ََْ ُب ي و , ر ها ن ال ُ ء سي م
َ َ ُ ِ ْ ِ َُِ َ ُ ِ ب تو ي ل ل يّ ل بال ه د ي ُ
ط س
ي َب ْ ُ
مغْرِب َِها ( 3). س من َ م ُ ش ْ حّتى ت َط ْل ُعَ ال ّ لَ , الل ّي ْ ِ
والمر في حقّ العبد إلى أن تصل الّروح إلى الحلقوم .
ة ال ْعَب ْدِ ل ت َوْب َ َ قب َ ُ ه يَ ْ ن الل ّ َ ل :إِ ّ م َقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ ن الن ّب ِ ّ مَر عَ ْ ن عُ َ ن اب ْ ِ عَ ْ
م ي ُغَْرِغْر (4 ). ما ل ْ َ َ
ولما كانت الّتوبة هي رجوع العبد إلى الله ,ومفارقته لصراط المغضوب
صراط المستقيم , ضالين ؛ وذلك ل يحصل إل بهداية الله له إلى ال ّ عليهم وال ّ
ول تحصل هدايته إل بإعانته وتوحيده ,فل تستقيم العبودية إل بالتوبة
صراط المستقيم ؛ ل تكون مع الجهل الّنصوح ,فإن الهداية التامة إلى ال ّ
دائم بعظم تفريطه , بالذنوب ,ول مع الصرار عليها ,بل بشعور العبد ال ّ
وسوء حاله إن لم يرحمه ربه سبحانه وتعالى ,فلذلك ل تصح التوبة إل بعد
معرفة الذنب والعتراف به ,وطلب التخلص من سوء عواقبه أوًل وآخًرا ,
ل ت ََعاَلى : ومتى اعتصم العبد بربه نصره على نفسه وعلى الشيطان َ ,قا َ
صيُر{ ]سورة الحج [78 : م الن ّ ِ موَْلى وَن ِعْ َ م ال ْ َ م فَن ِعْ َ ولك ُ ْ م ْ موا ِبالل ّهِ هُوَ َ ص ُ }َواعْت َ ِ
124
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
ذنب ذنب هو حقيقة الخذلن ,فما خلى الله بينك وبين ال ّ ووقوع العبد في ال ّ
إل بعد أن خذلك وخلى بينك وبين نفسك ,ولو عصمك ووّفقك لما وجد الذنب
ذنب فتداركك الله برحمة فأحسست بخطورة إليك سبيًل ,وإذا وقعت في ال ّ
ما أنت فيه ,وعل قلبك الّندم ,وشملتك الحسرة ,فهذه بادرة خير ؛ أن يجبر
ك ,ويعينك على تدارك ما فاتك من غفلة . سَر َ الله ك َ ْ
ل: قو ُ م يَ ُ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ ت الن ّب ِ ّ معْ ُ س ِ لَ : سُعود ٍ َقا َ م ْ ن َ ّ
ن عَب ْدِ اللهِ ب ْ ِ عَ ْ
ة (5 ). م ت َوْب َ ٌ الن ّد َ ُ
فهذا الّندم إن لم يعصر القلب ,وينغص عيش العبد ؛ فهو جاهل بحقيقة فعله
,إذ الفرح بالمعصية دليل على شدة الّرغبة فيها ,والجهل بقدر من عصاه ,
والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها ,ففرحه بها غطى عليه ذلك كله ,
دا
ذة بمعصية أب ً وفرحه بها أشد ضرًرا عليه من مواقعتها ,والمؤمن ل تتم له ل ّ
,ول يكمل بها فرحه ,بل ل يباشرها إل والحزن مخالط لقلبه ,ولكن سكر
شعور به ,ومتى خلي قلبه من هذا الحزن ,واشتدت شهوة يحجبه عن ال ّ ال ّ
غبطته وسروره بمعصيته وفعله ؛ فليتهم إيمانه ,وليبك على موت قلبه ؛ فإنه
لو كان حًيا لحزنه ارتكابه للذنب وغاظه ,وصعب عليه ,ول يحس القلب
لت إيلم ,وهذه الّنكتة في الذنب قَ ّ بذلك ,فحيث لم يحس به فما لجرٍح بمي ٍ
دا مترام إلى هلك العبد من يهتدي إليها أو ينتبه لها ؛ وهي موضع مخوف ج ً
بالكلية ؛ إن لم يتدارك نفسه بثلثة أشياء :
أول :خوف القدوم على ربه قبل التوبة .
ثانيا :ندم على ما فاته من الله بمخالفة أمره .
ثالثا :وتشمير للجد في استدراك ما فات من تفريط وتقصير .
ب نداء مرغًبا إياهم في وقد نادى سبحانه على المسرفين من عباده بأح ِ
عَباِدي اّلذين َ ِ يا ْ
ل ُ ق } : لى ل ت ََعا َ القبال عليه ,وعدم القنوط من رحمته َقا َ
ه
ميًعا إ ِن ّ ُ ج ِ
ب َ فُر الذ ُّنو َ ه ي َغْ ِ ن الل ّ َ مةِ الل ّهِ إ ِ ّ ح َ طوا من َر ْ قن َ ُ م ل تَ ْ سهِ ْ ف ِ سَرُفوا عََلى أ َن ْ ُ أ ْ
َ
م )] {(53سورة الزمر [53 : حي ُ فوُر الّر ِ هُوَ ال ْغَ ُ
مام َ َ
ت وَي َعْل ُ سي َّئا ِ ن ال ّ فو عَ ْ عَبادِهِ وَي َعْ ُ ن ِ ة عَ ْ ل الت ّوْب َ َ قب َ ُ ذي ي َ ْ ّ
وقال ت ََعالى } :وَهُوَ ال ِ َ
ن )] {(25سورة الشورى [25 : فعَُلو َ تَ ْ
ح باب التوبة أمام عبد علم منه الرجوع والنابة. وفَت َ َ
ج ّ
ل ّ َ ّ ّ َ
ن َرب ّهِ عَّز وَ َ كي عَ ْ ح ِ ما ي َ ْ م ِفي َ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ي َ ن الن ّب ِ ّ ن أِبي هَُري َْرةَ عَ ْ عَ ْ
َ َ َ ّ َ
ب ل ت ََباَرك وَت ََعالى :أذ ْن َ َ قا َ فْر ِلي ذ َن ِْبي ,فَ َ م اغ ْ ِ ل :اللهُ ّ قا َ ب عَب ْد ٌ ذ َن ًْبا فَ َ ل :أذ ْن َ َ َقا َ
َ ْ َ َ
ب, عاد َ فَأذ ْن َ َ م َ ب .ثُ ّ خذ ُ ِبالذ ّن ْ ِ ب ,وَي َأ ُ فُر الذ ّن ْ َ ه َرّبا ي َغْ ِ نل ُ مأ ّ دي ذ َن ًْبا فَعَل ِ َ عَب ْ ِ
َ َ َ ْ َ
ب ذ َن ًْبا فَعَل ِ َ
م دي أذ ْن َ َ ل ت ََباَرك وَت ََعالى :عَب ْ ِ قا َ فْر ِلي ذ َن ِْبي ,فَ َ ب اغ ِ ل :أيْ َر ّ قا َ فَ َ
ْ َ قا َ َ َ َ ْ َ َ
فْر ب اغ ِ ل :أيْ َر ّ ب,ف َ عاد َ فأذ ْن َ َ م َ ب .ثُ ّ خذ ُ ِبالذ ّن ْ ِ ب ,وَي َأ ُ فُر الذ ّن ْ َ ه َرّبا ي َغْ ِ نل ُ أ ّ
ك وتعاَلى :أ َذ ْنب عَبدي ذ َنبا فَعل ِ َ
ب, فُر الذ ّن ْ َ ه َرّبا ي َغْ ِ ن لَ ُ مأ ّ ًْ َ َ ْ ِ َ َ ل ت ََباَر َ َ َ َ قا َ ِلي ذ َن ِْبي ,فَ َ
ت لَ َ قد ْ غ َ َ ت فَ َ ْ
ك(6 ) . فْر ُ شئ ْ َ ما ِ ل َ م ْ ب ؛ اع ْ َ خذ ُ ِبالذ ّن ْ ِ وَي َأ ُ
ن ال ْعَب ْد َ إ َِذا وع َ َ
ل :إِ ّ م َقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ ن َر ُ ن َ أِبي هَُري َْرةَ عَ ْ َ ْ
ق َ
ل ص ب تا
ِ ُ َ ََ َ ْ َ َ ََ َ ُ ِو ر َ ف ْ غ ت س وا َ ع ز ن و ه ذا َ إ َ ف , ُ ءدا و س
ِ ِ ُ َ ٌ َ ْ َ ة تْ ك ن ه بْ ل َ ق في ت
ِ ً ُ َِ ْ ِ ت ك ن ةَ ئ طي خَ أ َ خط أَ ْ
له }ك َّل ب َ ْ ذي ذ َك ََر الل ّ ُ ن ال ّ ِ ه ,وَهُوَ الّرا ُ حّتى ت َعْل ُوَ قَل ْب َ ُ عاد َ ِزيد َ ِفيَها َ ن َ ه ,وَإ ِ ْ قَل ْب ُ ُ
ن{]سورة المطففين ( 7) [14 : سُبو َ كاُنوا ي َك ْ ِ ما َ م َ ن عََلى قُُلوب ِهِ ْ َرا َ
من صور التائبين
الذي يطالع سير الول يجد سجل حافل ممن تاب ورجع إلى ربه وموله ؛ بعد ً ً
ل بحقيقة الّنفس ,ويرى رحمة الله بعبده من توفيقه عصيان وجه ٍ طو ِ تفري ٍ
125
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(2 /
فَع َ
ل: م َقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ ي
ّ ن الن ّب ِ ْ ه عَ ه عَن ْ ُ ي الل ّ ُ َ ض
خد ْرِيّ َر ِ سِعيدٍ ال ْ ُ ن أِبي َ َ ْ
ل ,فَأ ََتى سأ َ ُ ّ َ َ َ ْ ي ج ر خ َ م ُ ث , ناَ ِْ َ ًسا ن إ ن عيِ س ْ َ َ ْ ِ ت و ة ً ع س ِ ت لَ َ ت َ ق لٌ ج
َ ُ ر َ
ل ئيِ را ِ ْ َ س إ ني ِ َ ب في ن ِ كا َ َ
هَ ل فَ َ َ َ َ َ َ َ
لل ُ قا َ سأ ُ ل يَ ْ جعَ َ ه .فَ َ قت َل ُ ل :ل ,فَ َ ل من ت َوْب َةٍ ؟ َقا َ ه هَ ْ لل ُ قا َ ه فَ َ سأل ُ َراهًِبا فَ َ
ْ َ
ها , حو َ َ صد ْرِهِ ن َ ْ ت ,فَ ََناَء ب ِ َ مو ْ ُ ه ال َ ذا فَأد َْرك َ ُ ذا وَك َ َ ة كَ َ ت قَْري َ َ م :ائ ْ ِ عال ِ ٌ ل َ ج ٌ َر ُ
َ َ ّ ْ ملئ ِك َ ُ َ ملئ ِك َ ُ َ
نه إ ِلى هَذِهِ أ ْ حى الل ُ ب ,فَأوْ َ ذا ِ ة العَ َ مةِ وَ َ ح َ ة الّر ْ ت ِفيهِ َ م ْ ص َ خت َ َ َفا ْ
َ َ ّ َ
جد َ ما ,فَوُ ِ ما ب َي ْن َهُ َ سوا َ ل ِ :قي ُ دي ,وََقا َ ن ت ََباعَ ِ ه إ ِلى هَذِهِ أ ْ حى الل ُ قّرِبي ,وَأوْ َ تَ َ
َ َ
ه( 8) . فَر ل ُ شب ْرٍ فَغُ ِ ب بِ ِ إ َِلى هَذِهِ أقَْر َ
ك في قدرة الله على جمعه يوم القيامة. .وغفر لرجل ش ّ
عَ َ
ج ٌ
ل ن َر ُ كا َ ل َ م َقا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ ي
ّ ن الن ّب ِ ْ ه عَ ه عَن ْ ُ ي الل ّ ُ َ ض
ن أِبي هَُري َْرةَ َر ِ ْ
َ َ
حرُِقوِني , ت فَأ ْ م ّ ل ل ِب َِنيه ِ" :إ َِذا أَنا ُ ت َقا َ مو ْ ُ ضَرهُ ال ْ َ ح َ ما َ سهِ ,فَل َ ّ ف ِ ف عََلى ن َ ْ سرِ ُ يُ ْ
ما ذاًبا َ ي َرّبي لي ُعَذ ّب َّني عَ َ َ َ
ن قد ََر عَل ّ َ واللهِ لئ ِ ْ َ ّ َ
م ذ َّروِني ِفي الّريِح ,ف َ ُ
حُنوِني ث ّ م اط َ ْ ثُ ّ
َ َ َ
كما ِفي ِ مِعي َ ج َ ل:ا ْ قا َ ض فَ َ ه اْلْر َ مَر الل ّ ُ ك فَأ َ ل ب ِهِ ذ َل ِ َ ت فُعِ َ ما َ ما َ دا .فَل َ ّ ح ً هأ َ عَذ ّب َ ُ
ب ل َ :يا َر ّ ت ! َقا َ صن َعْ َ ما َ ك عََلى َ مل َ َ ح َ ما َ لَ : قا َ م فَ َ ت فَإ َِذا هُوَ َقائ ِ ٌ فعَل َ ْ ه فَ َ من ْ ُ ِ
ه "(9 ) .. فَر ل َُ ك فَغَ َ شي َت ُ َ خ ْ َ
توبة زان وزانية :
م بصحةِ توبتهما . سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ي َ ن وزانية ,وشهد الن ّب ِ ّ وَقَِبل توبة زا ٍ
م ّ َ ّ ّ ّ سو َ َ َ َ ْ َ
سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ي أَتى َر ُ م ّ سل ِ ك ال ْ مال ِ ٍ ن َ عَز ب ْ َ ما ِ ن َ ن ب َُري ْد َة َ :أ ّ عَ ْ
َ َ ُ َ َ ّ
ن ت ُطهَّرِني ت ,وَإ ِّني أِريد ُ أ ْ سي وََزن َي ْ ُ ف ِ ت نَ ْ م ُ ل اللهِ إ ِّني قَد ْ ظل ْ سو َ ل َ :يا َر ُ قا َ فَ َ
ّ َ ْ َ َ
ت ,فََرد ّهُ ل اللهِ ! إ ِّني قَد ْ َزن َي ْ ُ سو َ ل َ :يا َر ُ قا َ ن من الغَد ِ أَتاه ُ ,فَ َ ما كا َ فََرد ّه ُ ,فَل ّ
مهِ ,فَ َ َ ّ َ ّ ّ ّ َ
ل: قا َ م إ ِلى قَوْ ِ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ سو ُ ل َر ُ س َ ة ,فَأْر َ الّثان ِي َ َ
ْ ّ َ ُ ْ َ
ل من ق ِ ي العَ ْ ّ ه إ ِل وَفِ م ُ ما ن َعْل ُ قالوا َ : شي ًْئا ,فَ َ ه َ من ْ ُ ن ِ سا ,ت ُن ْك ُِرو َ قل ِهِ ب َأ ً ن ب ِعَ ْ مو َ أت َعْل َ ُ
َ َ سأ َ َ ل إل َيه َ َ َ
ه
خب َُروه ُ أن ّ ُ ه فَأ ْ ل عَن ْ ُ ضا ,فَ َ م أي ْ ً س َ ِ ِْ ْ ة ,فَأْر َ ما ن َُرى ,فَأَتاهُ الّثال ِث َ َ حيَنا ِفي َ صال ِ ِ َ
َ َ َ َ ْ
م ,قا َ
ل َ ج َ مَر ب ِهِ فُر ِ َ مأ َ فَرةً ث ُ ّ ح ْ ه ُ فَر ل ُ ح َ ةَ , ن الّراب ِعَ َ ما كا َ َ قل ِهِ ,فل َّ س ب ِهِ وَل ب ِعَ ْ َل ب َأ َ
هاه َرد ّ َ ت فَط َهّْرِني ,وَإ ِن ّ ُ ل الل ّهِ إ ِّني قَد ْ َزن َي ْ ُ سو َ ت َ :يا َر ُ قال َ ْ ة ,فَ َ مدِي ّ ُ ت ال َْغا ِ جاَء ْ :فَ َ
َ م ت َُرد ِّني ! ل َعَل ّ َ
ما ن ت َُرد ِّني ك َ َ كأ ْ ل الل ّهِ ! ل ِ َ سو َ ت َ :يا َر ُ ن ال ْغَد ُ َ ,قال َ ْ كا َ ما َ ,فَل َ ّ
ما دي ,فَل َ ّ حّتى ت َل ِ ِ ما َل َفاذ ْهَِبي َ ل :إِ ّ حب َْلى َ ,قا َ والل ّهِ إ ِّني ل َ ُ عًزا ! فَ َ ما ِ ت َ َرد َد ْ َ
َ َ
ه
ضِعي ِ ل :اذ ْهَِبي فَأْر ِ ه َ ,قا َ ذا قَد ْ وَل َد ْت ُ ُ ت :هَ َ خْرقَةٍ َ ,قال َ ْ ي ِفي ِ صب ِ ّ ه ِبال ّ ت أت َت ْ ُ وَل َد َ ْ
َ
ذا َيا ت :هَ َ قال َ ْ خب ْزٍ ,فَ َ سَرةُ ُ ي ِفي ي َدِهِ ك ِ ْ صب ِ ّ ه ِبال ّ ه أت َت ْ ُ مت ْ ُ ما فَط َ َ ميهِ ,فَل َ ّ فط ِ ِ حّتى ت َ ْ َ
ن, مي ل س م ْ ل ا من ل ج ر لى َ إ ي ب ص ال ع َ ف د َ ف , م عا ّ ط ال َ
ل َ ك َ أ د َ ق و ه ت م َ ط َ ف د َ ق ه ّ ل ال ي
ُ ْ ِ َ ِ َ ُ ٍ ّ ِ ّ ِ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ ْ ِ ْ نَ ِ ّ ب
ها ,فَي ُ ْ َ َ َ َ
نخال ِد ُ ب ْ ُ ل َ قب ِ ُ مو َ ج ُ مَر الّناس فََر َ ها ,وَأ َ صد ْرِ َ فَر لَها إ ِلى َ ح ِ مَر ب َِها فَ ُ مأ َ ثُ ّ
َ ْ
ي معَ ن َب ِ ّ س ِ سب َّها ,فَ َ خال ِدٍ فَ َ جهِ َ م عَلى وَ ْ ح الد ّ ُ ض َ سَها ؛ فَت َن َ ّ مى َرأ َ جرٍ فََر َ ح َ ال ْوَِليد ِ ب ِ َ
سي ف ِ ذي ن َ ْ وال ّ ِ خال ِد ُ ! فَ َ مهًْل َيا َ لَ : قا َ ها ,فَ َ ه إ ِّيا َ سب ّ ُ م َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ الل ّهِ َ
صّلى عَل َي َْها حب مك ْس ل َغُفر ل َه ,ث ُ َ
مَر ب َِها فَ َ مأ َ ّ ِ َ ُ ٍ صا ِ ُ َ ة ل َوْ َتاب ََها َ ت ت َوْب َ ً قد ْ َتاب َ ْ ب ِي َدِهِ ل َ َ
ت ) (10 وَد ُفِن َ ْ
توبة كعب بن مالك :
م. سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ صلى الل ُ ّ ّ ي َ وإليك أشهر توبة وقعت في عهد الن ّب ِ ّ
)(3 /
126
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن ف عَ ْ خل ّ ْ م أ َت َ َ ك -لَ ْ صةِ ت َُبو َ ن قِ ّ ف عَ ْ خل ّ َ ن تَ َ حي َ ث ِ حد ّ ُ ك -يُ َ مال ِ ٍ ن َ ب بْ ُ ل ك َعْ ُ َقا َ
ك ,غَي َْر ها إ ِّل ِفي غَْزوَةِ ت َُبو َ م ِفي غَْزوَةٍ غََزا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ َر ُ
ج ّ َ َ َ ّ ُ َ
خَر َ ما َ ف عَن َْها ,إ ِن ّ َ خل َ دا ت َ َ ح ً بأ َ م ي َُعات ِ ْ ت ِفي غْزوَةِ ب َد ْرٍ ؛ وَل ْ ف ُ خل ْ ت تَ َ أّني كن ْ ُ
نم وَب َي ْ َ ه ب َي ْن َهُ ْ معَ الل ّ ُ ج َ حّتى َ ش َ عيَر قَُري ْ ٍ ريد ُ ِ م يُ ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ َر ُ
م سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ معَ َر ُ ت َ شهِد ْ ُ قد ْ َ ميَعاد ٍ ,وَل َ َ م عََلى غَي ْرِ ِ عَد ُوّهِ ْ
َ ُ
نشهَد َ ب َد ْرٍ ,وَإ ِ ْ م ْ ن ِلي ب َِها َ بأ ّ ح ّ ما أ ِ سَلم ِ ,وَ َ قَنا عََلى اْل ِ ْ واث َ ْ ن تَ َ حي َ قب َةِ ِ ة ال ْعَ َ ل َي ْل َ َ
وى وَلَ ط أقَْ ّ َ َ َ َ
َ ن قَ م أك ُ ْ ري أّني ل ْ خب َ ِ ن من َ كا َ من َْها َ . ت ب َد ٌْر أذ ْك ََر ِفي الّناس ِ كان َ ْ َ
َ َ ّ ْ ه ِفي ت ِل َ ْ ّ َ
ن حلَتا ِ ه َرا ِ دي قَب ْل ُ عن ْ ِ ت ِ معَ ْ جت َ َ ما ا ْ ك الغََزاةِ َ ,واللهِ َ ت عَن ْ ُ ف ُ خل ْ ن تَ َ حي َ سَر ِ أي ْ َ
ه عَل َي ْ ِ
ه صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ن َر ُ م ي َك ُ ْ ك ال ْغَْزوَةِ ,وَل َ ْ ما ِفي ت ِل ْ َ معْت ُهُ َ ج َ حّتى َ ط َ قَ ّ
ل الل ّ ِ
ه سو ُ ها َر ُ ك ال ْغَْزوَة ُ غََزا َ ت ت ِل ْ َ كان َ ْ حّتى َ ها َ ريد ُ غَْزوَة ً إ ِّل وَّرى ب ِغَي ْرِ َ م يُ ِ سل ّ َ وَ َ
فاًزا وَعَد ُّوا م َ دا وَ َ فًرا ب َِعي ً س َ ل َ قب َ َ ست َ ْ ديد ٍ َ ,وا ْ ش ِ حّر َ م ِفي َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ َ
ّ َ ُ َ َ ْ ّ
ذي جهِهِ ال ِ م ب ِوَ ْ خب ََرهُ ْ م فَأ ْ ة غَْزوِهِ ْ م ل ِي َت َأهُّبوا أهْب َ َ مَرهُ ْ نأ ْ َ ميِ ِ ل سْ م
ُ ل ِ ل لى ج
َ َ ف , را كَ ً ثي
ِ
م
معُهُ ْ ج َ م ك َِثيٌر وََل ي َ ْ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ معَ َر ُ ن َ مو َ سل ِ ُ م ْ ريد ُ َ ,وال ْ ُ يُ ِ
ن َ َ ّ َ ج ٌ َ َ ن -قا َ َ ٌ
نأ ْ ب إ ِل ظ ّ ن ي َت َغَي ّ َ ريد ُ أ ْ ل يُ ِ ما َر ُ ب:ف َ ل كعْ ٌ وا َ دي َ ريد ُ ال ّ حافِظ -ي ُ ِ ب َ ك َِتا ٌ
ه
ه عَلي ْ ِ َ صلى الل ُّ ّ سول اللهِ َ ّ ُ ي اللهِ .وَغَزا َر ُ َ ّ ح ُ م ي َن ْزِل ِفيهِ وَ ْ ْ ما ل ْ َ ه؛ َ فى ل ُ َ خ َ سي َ ْ َ
هّ
صلى الل ُ ّ سول اللهِ َ َ ّ ُ جهَّز َر ُ ماُر َوالظلل ,وَت َ َ ُ َ ّ ت الث َ ّ ن طاب َ ْ َ حي َ م ت ِلك الغَْزوَة َ ِ ْ َ ْ سل َ ّ وَ َ
َ قت أ َغْدو ل ِك َي أ َ َ
م ْ ِ ُ َ ْ ل و ع ج ر أ َ ف م ه
ْ َ َ ّ َ َ َ ُ ْ ع م ز ه ج ت ُ ِ ُ ْ ف ط َ ف , عَل َي ْ ِ َ َ َ َ ُ ْ ِ ُ َ َ َ ُ
ه ع م ن مو ل س م ْ ل وا م ّ ل س و ه
شت َد ّ حّتى ا ْ ماَدى ِبي َ ل ي َت َ َ م ي ََز ْ سي أَنا َقادٌِر عَل َي ْهِ ,فَل َ ْ
َ
ف ِ ل ِفي ن َ ْ شي ًْئا ,فَأ َُقو ُ ض َ ِ أ َقْ
َ
مه وَل َ ْ معَ ُ ن َ مو َ سل ِ ُ م ْ م َوال ْ ُ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ح َر ُ صب َ َ جد ّ ,فَأ ْ س ال ْ ِ َبالّنا ِ
َ َ َ
ت م ,فَغَد َوْ ُ قهُ ْ ح ُ م أل ْ َ ن ثُ ّ مي ْ ِ جهُّز ب َعْد َه ُ ب ِي َوْم ٍ أوْ ي َوْ َ ت أت َ َ قل ْ ُ شي ًْئا ,فَ ُ جَهاِزي َ ض من َ أقْ ِ
َ َ َ َ َ ُ َ
م أقْ ِ
ض ت وَل ْ جعْ ُ م َر َ ت ثُ ّ م غَد َوْ ُ شي ًْئا ,ث ُ ّ ض َ م أقْ ِ ت وَل ْ جعْ ُ جهَّز فََر َ صلوا ِلت َ َ ن فَ َ ب َعْد َ أ ْ
ُ َ َ ْ َ َ َ
ل فَأد ْرِك َهُ ْ
م ح َ ن أْرت َ ِ تأ ْ م ُ م ْ فاَرط الغَْزوُ ,وَهَ َ عوا وَت َ َ سَر ُ حّتى أ ْ ل ِبي َ م ي ََز ْ شي ًْئا ,فَل ْ َ
خُروِج ت ِفي الّناس ب َعْد َ ُ ج ُ خَر ْ ت إ َِذا َ ك ,فَكن ْ ُ ُ قد ّْر ِلي ذ َل ِ َ م يُ َ ت ,فَل ْ َ ْ
وَلي ْت َِني فَعَل ُ َ
جلً ّ َ َ َ َ ُ ّ َ ّ ّ
حَزن َِني أّني ل أَرى إ ِل َر ُ مأ ْ ت ِفيهِ ْ ف ُ م ,فَط ْ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل الل ّهِ َ سو ِ َر ُ
م ي َذ ْكْرِني ُ َ ّ ً َ َ
فاِء ,وَل ْ ضعَ َ ه من ال ّ ن عَذ ََر الل ُ م ْ م ّ جل ِ فاقُ ,أوْ َر ُ صا عَلي ْهِ الن ّ َ مو ً مغْ ُ َ
س ِفي جال ِ ٌ ل :وَهُوَ َ قا َ حّتى ب َلغَ ت َُبوك ,فَ َ َ َ م َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ صلى الل ُّ ّ ل اللهِ َ ّ سو ُ َر ُ
هّ
ل الل ِ سو َ ة َ :يا َر ُ م َ سل ِ َ ل من ب َِني َ ج ٌ ل َر ُ قا َ ب؟ف َ َ ل كعْ ٌ َ ما فعَ َ َ قوْم ِ ب ِت َُبوك َ : َ ال ْ َ
ت َ ,والل ّهِ َيا ما قُل ْ َ س َ ل :ب ِئ ْ َ جب َ ٍ ن َ مَعاذ ُ ب ْ ُ ل ُ قا َ فهِ ,فَ َ عط ْ ِ ه ب ُْرَداه ُ وَن َظ َُره ُ ِفي ِ س ُ حب َ َ َ
م
سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ صلى الل ُّ ّ سول اللهِ َ ّ ُ ت َر ُ سك َ َ َ
خي ًْرا ,ف َ مَنا عَلي ْهِ إ ِل َّ َ ما عَل ِ ْ سول اللهِ َ ّ َ َر ُ
.
)(4 /
127
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
خطه بعذ ْر ,ول َ َ ُ َ َ َ َ
تطي ُ قد ْ أ ع ْ ِ س َ ِ ِ ُِ ٍ َ ج من َ خُر ُ سأ ْ ن َ تأ ْ ل الد ّن َْيا ل ََرأي ْ ُ ك من أهْ ِ عن ْد َ غَي ْرِ َ ِ
ضى ب ِهِ عَّني , ب ت َْر َ ث كذ ِ ٍ َ دي َ ح ِ م َ حد ّثت ُك الي َوْ َ ْ َ ْ ن َ ت لئ ِ ْ َ م ُ قد ْ عَل ِ ْ َ
جد َل ,وَلك ِّني َواللهِ ل َ ّ َ ً َ
َ َ َ َ َ ّ
ي ِفيهِ إ ِّني جد ُ عَل ّ ق تَ ِ صد ْ ٍ ث ِ دي َ ح ِ حد ّثت ُك َ َ ْ ن َ ي ,وَلئ ِ ْ خطك عَل ّ َ س ِ ن يُ ْ هأ ْ ن الل ُ شك ّ َ ل َُيو ِ
َ
وى ط أقْ َ ت قَ ّ ما ك ُن ْ ُ ن ِلي من عُذ ْرٍ َ ,والل ّهِ َ كا َ ما َ فوَ الل ّهِ َ ,ل َوالل ّهِ َ جو ِفيهِ عَ ْ َل َْر ُ
َ
م: سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ قا َ ك ,فَ َ ت عَن ْ َ ف ُ خل ّ ْ ن تَ َ حي َ مّني ِ سَر ِ وََل أي ْ َ
َ
ل من ب َِني جا ٌ ت وََثاَر رِ َ م ُ ق ْ ك ,فَ ُ ه ِفي َ ي الل ّ ُ ض َ ق ِ حّتى ي َ ْ م َ ق ْ صد َقَ ,فَ ُ قد ْ َ ذا فَ َ ما هَ َ أ ّ
َ
ذا , ل هَ َ ت ذ َن ًْبا قَب ْ َ ت أذ ْن َب ْ َ ك ك ُن ْ َ مَنا َ ما عَل ِ ْ قاُلوا ِلي َ :والل ّهِ َ ة َفات ّب َُعوِني ,فَ َ م َ سل ِ َ َ
ما ب م ّ ل س و ه ي َ ل ع ه ّ ل ال لى ّ ص ه ّ ل ال ل سو ر لى َ إ ت ر َ ذ ت ع ا ن كو ُ ت ل َ ن َ أ ت ز ج ع د َ ق َ ل
َ َ َ ِ َ ِ ْ َ ُ َ ِ َ ُ ِ ْ َ ِ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ وَ
هّ
صلى الل ُ ّ ل الل ُهِ َ ّ سو ِ فاُر َر ُ ست ِغْ َ كا ْ ك ذ َن ْب َ َ كافِي َ َ ن َ كا َ ن ,قَد ْ َ فو َ خل ُ ّ مت َ َ ْ
اعْت َذ ََر إ ِلي ْهِ ال ُ َ
َ َ َ ُ ّ م لَ َ
سي , ف ِ ب نَ ْ جعَ فَأكذ ّ َ َ ن أْر ِ تأ ْ حّتى أَرد ْ ُ ما َزالوا ي ُؤَن ُّبوِني َ واللهِ َ ك ,فَ َ سل ّ َ عَل َي ْهِ وَ َ
َ
ت, ما قُل ْ َ ل َ مث ْ َ ن َقاَل ِ جَل ِ م َر ُ حد ٌ ؟ َقاُلوا :ن َعَ ْ مِعي أ َ ذا َ ي هَ َ ق َ ل لَ ِ م :هَ ْ ت ل َهُ ْ م قُل ْ ُ ثُ ّ
مرِيّ , ْ
ن الّرِبيِع العَ ْ مَراَرة ُ ب ْ ُ ما َ :قالوا ُ ُ ن هُ َ م ْ ت َ قل ُ ْ ل لك ,ف َ ُ َ َ ما ِقي َ ل َ مث ْ ُ ما ِ ل لهُ َ َ قي َ فَ ِ
ن قَد ْ َ َ َ ْ ُ َ
مادا ب َد ًْرا ِ ,فيهِ َ شهِ َ حي ْ ِ صال ِ َ ن َ جلي ْ ِ ي ,فَذ َكُروا ِلي َر ُ ف ّ واقِ ِ ة ال َ مي ّ َ نأ َ ل بْ ُ وَهِل ُ
ّ َ ّ ّ ّ سو ُ َ َ ُ
مسل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ ل اللهِ َ ما ِلي ,وَن ََهى َر ُ ن ذ َكُروهُ َ حي َ ت ِ ضي ْ ُ م َ سوَة ٌ ف َ أ ْ
جت َن َب ََنا الّناس , ه َ ,فا ْ ف عَن ْ ُ خل ّ َ ن تَ َ م ْ ن َ ِ ة من ب َي ْ مَنا أ َي َّها الث َّلث َ ُ ن ك ََل ِ ن عَ ْ مي َ سل ِ ِ م ْ ال ْ ُ
ف ,فَل َب ِث َْنا ي ال ِّتي أعْرِ ُ َ َ
ما هِ َ ض ؛ فَ َ سي اْلْر ُ ف ِ ت ِفي ن َ ْ
َ
حّتى ت َن َك َّر ْ وَت َغَي ُّروا ل ََنا َ ,
ن, ما ي َب ْك َِيا ِ دا ِفي ب ُُيوت ِهِ َ كاَنا وَقَعَ َ ست َ َ حَبايَ َفا ْ صا ِ ما َ ة ,فَأ ّ ن ل َي ْل َ ً سي َ م ِ خ ْ ك َ عََلى ذ َل ِ َ
َ َ َ َ وأ َ َ
ع
م َ صلة َ شهَد ُ ال ّ ج فَأ ْ خُر ُ تأ ْ م ,فَك ُن ْ ُ جل َد َهُ ْ قوْم ِ وَأ ْ ب ال ْ َ ش ّ تأ َ ما أَنا فَك ُن ْ ُ َ ّ
صّلى ه ّ ل ال ل َ سو ر تي ِ وآ , د ح ف في اْل َسواق ,وَل يك َل ّمِني أ َ ُ طو ُ ال ْمسل ِمين ,وأ َ
ِ َ َ ُ َ ٌ َ َ ُ ُ ْ َ ِ ِ
الل ّه عل َيه َوس َل ّم فَأ ُ
ُ ْ ِ
سي ف ِ ل ِفي ن َ ْ صلة ,فَأ َُقو ُ ّ ال د
َْ َ ع ب ِ ه س ِ ِ ل جَ ْ م في ِ و
ْ َ َ ُ ه و ِ ه ي َ ل َ ع م َ ُ ّ ل س ُ َ ْ َ َ َ ِ
ه الن ّظَرَ ُ ّ ُ َ َ َ َ حّر َ
سارِقُ ُ ه فَأ َ من ْ ُ ريًبا ِ صلي قَ ِ مأ َ م ل ,ثُ ّ يأ ْ سلم ِ عَل ّ فت َي ْهِ ب َِرد ّ ال ّ ش َ ك َ ل َ هَ ْ
َ ْ َ صلِتي أقْب َ َ َ َ َ ْ َ
حّتى إ َِذا ض عَّني َ حوَه ُ أعَْر َ ت نَ ْ ف ّ ي ,وَإ َِذا الت َ َ ل إ ِل ّ ت عَلى َ فَإ َِذا أقْب َل ُ
َ
ط أِبي قََتاد َةَ حائ ِ ِ داَر َ ج َ ت ِ سوّْر ُ حّتى ت َ َ ت َ شي ْ ُ م َ فوَةِ الّناس ؛ َ ج ْ ك من َ ي ذ َل ِ َ ل عَل َ ّ طا َ َ
َ
م, سَل َ ي ال ّ ما َرد ّ عَل َ ّ والل ّهِ َ ت عَل َي ْهِ فَ َ م ُ سل ّ ْ ي ,فَ َ ب الّناس إ ِل َ ّ ح ّ مي ,وَأ َ ن عَ ّ وَهُوَ اب ْ ُ
َ ّ ُ َ ّ َ َ
ه؟ سول ُ ه وََر ُ ب الل َ ح ّ مِني أ ِ ل ت َعْل ُ شد ُك ِباللهِ ,هَ ْ َ ت َ :يا أَبا قََتاد َة َ ! أن ْ ُ قل ْ ُ فَ ُ
ه, شد ْت ُ ُ ه فَن َ َ تل ُ َ ت ,فَعُد ْ ُ سك َ َ ه فَ َ شد ْت ُ ُ ه فَن َ َ تل ُ َ ت ,فَعُد ْ ُ سك َ َ فَ َ
)(5 /
ل :الل ّه ورسول ُ َ
داَر , ج َ ت ال ْ ِ سوّْر ُ حّتى ت َ َ ت َ ت عَي َْنايَ ,وَت َوَل ّي ْ ُ ض ْ فا َ م ,فَ َ ه أعْل َ ُ ُ ََ ُ ُ قا َ فَ َ
َ َ َ َ
ن
م ْ م ّ شام ِ ل ال ّ ط أهْ ِ ي من أن َْبا ِ دين َةِ ,إ َِذا ن َب َط ِ ّ م ِ ق ال ْ َ سو ِ شي ب ِ ُ م ِ ل :فَب َي َْنا أَنا أ ْ َقا َ
ق
ف َ ك ؟ فَط َ ِ مال ِ ٍ ن َ ب بْ ِ ل عََلى ك َعْ ِ ن ي َد ُ ّ م ْ لَ : قو ُ دين َةِ ,ي َ ُ م ِ ه ِبال ْ َ م ِبالط َّعام ِ ي َِبيعُ ُ قَدِ َ
ن ,فَإ َِذا ِفيهِ : سا َ ك غَ ّ مل ِ ِ ي ك َِتاًبا من َ جاَءِني د َفَعَ إ ِل َ ّ حّتى إ َِذا َ ه َ ن لَ ُ شيُرو َ الّناس ي ُ ِ
ن وََل َ َ
وا ٍ دارِ هَ َ ه بِ َ ك الل ّ ُ جعَل ْ َ م يَ ْ ك ,وَل َ ْ فا َ ج َ ك قَد ْ َ حب َ َ صا ِ ن َ ه قَد ْ ب َل َغَِني أ ّ ما ب َعْد ُ .فَإ ِن ّ ُ أ ّ
قل ْت ل َما قَرأ ْتها وهَ َ َ
ت
م ُ م ْ ضا من ال ْب ََلِء ,فَت َي َ ّ ذا أي ْ ً َ َُ َ ك ,فَ ُ ُ ّ س َ وا ِ حقْ ب َِنا ن ُ َ ضي َعَةٍ َ ,فال ْ َ م ْ َ
سو ُ
ل ر َ
ذا إ , ن سي م خ ْ ل ا من ة َ ل يَ ل ن عو ب ر َ أ ت ض م ذا َ إ تى ح , ها ب ه ت ر ج س َ ف ر نو ت ال ها
َ ِ َ ُ ِ ْ َ ً ِ َ َ ْ ْ َُ َ ْ
ْ
ّ َ َ َ ْ ُ َِ ُ َ ّ ّ بِ َ
هّ
صلى الل ُ ّ ل اللهِ َ ّ سو َ ن َر ُ ل :إِ ّ قا َ م ي َأِتيِني ,فَ َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ ل اللهِ ْ َ ّ سو ِ َر ُ
َ َ ّ َ ُ ْ َ َ ّ
ل: ل ؟ َقا َ ماَذا أفْعَ ُ م َ قَها أ ْ ت :أطل ُ قل ُ ك ,فَ ُ مَرأت َ َ لا ْ ن ت َعْت َزِ َ كأ ْ مُر َ م ي َأ ُ سل َ عَل َي ْهِ وَ َ
مَرأ َِتي : ت ِل ْ قل ْ ُ ك ,فَ ُ ل ذ َل ِ َ مث ْ َ ي ِ حب َ ّ صا ِ ل إ َِلى َ س َ َ
قَرب َْها ,وَأْر َ ل اعْت َزِل َْها وََل ت َ ْ َل ,ب َ ْ
َ َ
ب: ل ك َعْ ٌ مرِ َ ,قا َ ذا اْل ْ ه ِفي هَ َ ي الل ّ ُ ض َ ق ِ حّتى ي َ ْ م َ عن ْد َهُ ْ كوِني ِ ك فَت َ ُ قي ب ِأهْل ِ ِ ح ِ ال ْ َ
ُ َ
ت َ :يا قال َ ْ م ,فَ َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو َ ة َر ُ مي ّ َ نأ َ ل بْ ِ مَرأة ُ هَِل ِ تا ْ جاَء ْ فَ َ
ن َ ْ م ؛ فَهَ ْ َ َ شي ْ ٌ ة َ ُ ن هِل َ َ ّ سو َ
ل ت َكَره ُ أ ْ خادِ ٌ ه َ سل ُ ضائ ِعٌ لي ْ َ خ َ مي ّ َ نأ َ ل بْ َ ل اللهِ إ ِ ّ َر ُ
يٍء , ش ْ ة إ ِلى َ َ َ
حَرك ٌ ما ب ِهِ َ ه َواللهِ َ ّ ت :إ ِن ّ ُ ك ,قال َْ َ قَرب ْ ِ ن ل يَ ْ َ َ
ل :ل ,وَلك ِ ْ َ ه ؟ قا َ َ م ُ خد ُ َ أَ ْ
َ
ض
ل ِلي ب َعْ ُ قا َ ذا .فَ َ مهِ هَ َ ن إ َِلى ي َوْ ِ كا َ ما َ مرِهِ َ ن من أ ْ كا َ من ْذ ُ َ كي ُ ل ي َب ْ ِ ما َزا َ َوالل ّهِ َ
128
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ك كَ َ ل الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم في ا َ ْ َ
ن
ما أذِ َ مَرأت ِ َ َ ْ ْ ِ َ َ َ ِ ُ َ ِ سو َ ت َر ُ ست َأذ َن ْ َ أهِْلي :ل َوْ ا ْ
قل ْت :والل ّه َل أ َ ْ ِلمرأ َة هَلل بن أ ُمي َ َ
ل الل ّ ِ
ه سو َ ن ِفيَها َر ُ ست َأذِ ُ ْ َ ِ ه ,فَ ُ ُ م ُ خد ُ َ ن تَ ْ ةأ ْ ْ َ ِ ِ ِ ْ ِ َ ّ
ه
ه عَلي ْ ِ َ صلى الل ُ ّ ّ سول اللهِ َ ّ ُ قول َر ُ ُ ما ي َ ُ ما ي ُد ِْريِني َ م ,وَ َ سل َ ّ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ َ
حّتى ل يا َ ل ر شْ ع َ
ك ل َ ذ د ع ب ت ْ ث بَ ل َ ف , ب شا َ لٌ ج ر نا َ أ و , ها في ه ت ن َ ذ ْ أت س ا ذا َ ّ
َ َ َ ٍ َ ِ ُ َْ َ ِ ّ َ َ َ ُ ْ َ ُْ ُ ِ َ وَ َ َ ِ
إ م ل س
نم عَ ْ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ن ن ََهى َر ُ حي َ ة ؛ من ِ ن ل َي ْل َ ً سو َ م ُ خ ْ ت ل ََنا َ مل َ ْ كَ َ
َ
ت من ة وَأَنا عََلى ظ َهْرِ ب َي ْ ٍ ن ل َي ْل َ ً سي َ م ِ خ ْ ح َ صب ْ َ جرِ ُ ف ْ صَلةَ ال ْ َ ت َ صل ّي ْ ُ ما َ مَنا ,فَل َ ّ ك ََل ِ
َ ّ ّ ْ َ َ
سي , ف ِ ي نَ ْ ت عَل ّ ضاقَ ْ ه ؛ قَد ْ َ ل الِتي ذ َك ََر الل ُ حا ِ س عَلى ال َ جال ِ ٌ ب ُُيوت َِنا ,فَب َي َْنا أَنا َ
سلعْ َ َ َ
ل َ ٍَ جب َ ِ صارٍِخ أوَْفى عَلى َ ت َ صوْ َ ت َ معْ ُ س ِ تَ , حب َ ْ ما َر ُ ض بِ َ ي اْلْر ُ ت عَل َ ّ ضاقَ ْ وَ َ
َ
َ َ
ن
تأ ْ دا ,وَعََرفْ ُ ج ً سا ِ ت َ خَرْر ُ ل :فَ َ شْر َ ,قا َ ك ! أب ْ ِ مال ِ ٍ ن َ ب بْ َ صوْت ِهِ َ :يا ك َعْ ُ ب ِأعْلى َ
نحي َ م ب ِت َوْب َةِ الل ّهِ عَل َي َْنا ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ن َر ُ ج َ ,وآذ َ َ جاَء فََر ٌ قَد ْ َ
ن, شُرو َ مب َ ّ ي ُ حب َ ّ صا ِ ل َ ب قِب َ َ شُرون ََنا ,وَذ َهَ َ ب الّناس ي ُب َ ّ جرِ ,فَذ َهَ َ ف ْ ْ
صلةَ ال َ َ صّلى َ َ
ن ل ,وَ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ ٌ َ َ
كا َ ِ َ ب ج َ ل ا لى َ ع فى ْ و أ ف م
َ ل سْ أ من ع ٍ سا َ عى َ سَ َ و , سا ً ر َ ف ل ج ُ ر ِ ّ َ ي ل إ ض
َ ك ر
وَ َ
ّ َ ْ َ
تشُرِني ن ََزعْ ُ ه ي ُب َ ّ صوْت َ ُ ت َ معْ ُ س ِ ذي َ جاَءِني ال ِ ما َ س ,فَل ّ فَر ِ سَرعَ من ال َ تأ ْ صو ْ ُ ال ّ
َ ّ
ت ست َعَْر ُ مئ ِذ ٍ َ ,وا ْ ما ي َوْ َ مل ِك غي َْرهُ َ َ ُ ما أ ْ شَراه ُ َ ,واللهِ َ ما ب ِب ُ ْ ه إ ِّياهُ َ سوْت ُ ُ ي فك َ َ َ ه ث َوْب َ ّ لَ ُ
قاِني م ,فَي َت َل َ ّ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ ت إ َِلى َر ُ ق ُ ما َوان ْط َل َ ْ ست ُهُ َ ن فَل َب ِ ْ ث َوْب َي ْ ِ
بل ك َعْ ٌ ك َ ,قا َ ة الل ّهِ عَل َي ْ َ ك ت َوْب َ ُ ن :ل ِت َهْن ِ َ قوُلو َ جا ي ُهَّنوِني ِبالت ّوْب َةِ ,ي َ ُ جا فَوْ ً الّناس فَوْ ً
هحوْل َ ُ س َ جال ِ ٌ م َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ جد َ فَإ َِذا َر ُ س ِ م ْ ت ال ْ َ خل ْ ُ حّتى د َ َ َ :
ما حِني وَهَّناِني َ ,والل ّهِ َ صافَ َ حّتى َ ل َ ن عُب َي ْدِ الل ّهِ ي ُهَْروِ ُ ة بْ ُ ح ُ ي ط َل ْ َ م إ ِل َ ّ قا َ الّناس ,فَ َ
َ
ما ب :فَل َ ّ ل ك َعْ ٌ ة َ .قا َ ح َ ها ل ِط َل ْ َ سا َ ن غَي ُْره ُ ,وََل أن ْ َ ري َ ج ِ مَها ِ ل من ال ْ ُ ج ٌ ي َر ُ م إ ِل َ ّ َقا َ
صّلى الل ّ ُ
ه ل الل ّهِ َ سو ُ ل َر ُ م َ ,قا َ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ِ ت عََلى َر ُ م ُ سل ّ ْ َ
من ْذ ُ َ
ك يَ ل َ ع ر م م و ي ر ي خ َ ب ر ش ب َ أ : ر رو س ال من ه ه ج و ُ ق ر ب ي و ُ ه و م ّ ل س و ه ي َ ل عَ
ُ ْ ْ ِ ِ ْ ٍ َ ّ َ ْ ِ ْ ّ ُ ِ َ ُ ُ ْ ْ
َ َ َ َ َ ُ َ ِ ْ
َ ّ عن ْدِ َ َ ْ م َ ُ وَلد َت ْ َ َ
عن ْدِ م من ِ ل اللهِ أ ْ سو َ ك َيا َر ُ ن ِ م ْ ت:أ ِ ل :قُل ُ ك ! َقا َ كأ ّ
)(6 /
م إ َِذا سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ ن َر ُ كا َ عن ْد ِ الل ّهِ ,وَ َ ل من ِ ل َ :ل ب َ ْ الل ّهِ ؟! َقا َ
َ
تس ُ جل َ ْ ما َ ه ,فَل َ ّ من ْ ُ ك ِ ف ذ َل ِ َ مرٍ ,وَك ُّنا ن َعْرِ ُ ة قَ َ ه قِط ْعَ ُ حّتى ك َأن ّ ُ ه َ جهُ ُ ست ََناَر وَ ْ سّر ا ْ ُ
َ صد َقَ ً َ َ ّ ْ
ة إ ِلى ماِلي َ خل ِعَ من َ ن أن ْ َ ن من ت َوْب َِتي أ ْ ل اللهِ إ ِ ّ سو َ ت َ :يا َر ُ ن ي َد َي ْهِ قُل ُ ب َي ْ َ
ل الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم :أمَ ّ
سكْ ْ ِ ْ ِ َ َ َ ُ ِ َ سو ُ ل َر ُ ل اللهِ ,قا َ َ سو ِ الل ّهِ ,وَإ ِلى َر ُ َ
ُ
خي ْب ََر , ذي ب ِ َ مي ال ّ ِ سهْ ِ ك َ س ُ م ِ ت :فَإ ِّني أ ْ ك ,قُل ْ ُ خي ٌْر ل َ َ ك فَهُوَ َ مال ِ َ ض َ ك ب َعْ َ عَل َي ْ َ
ن َل َ
ن من ت َوْب َِتي أ ْ ق ,وَإ ِ ّ صد ْ ِ جاِني ِبال ّ ما ن َ ّ ه إ ِن ّ َ ن الل ّ َ ل الل ّهِ ! إ ِ ّ سو َ ت َ :يا َر ُ قل ْ ُ فَ ُ
َ َ َ ُ
ه ِفي ن أب َْلهُ الل ّ ُ مي َ سل ِ ِ م ْ دا من ال ْ ُ ح ً مأ َ ما أعْل َ ُ والل ّهِ َ ت ,فَ َ قي ُ ما ب َ ِ صد ًْقا َ ث إ ِّل ِ حد ّ َ أ َ
ك ل ِرسول الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّ َ
مام ّ ن ِ س َ ح َ مأ ْ ْ ِ َ َ َ ُ ِ َ ت ذ َل ِ َ َ ُ ِ من ْذ ُ ذ َك َْر ُ ث ُ دي ِ ح ِ ق ال ْ َ صد ْ ِ ِ
م إ َِلى ّ ل
ْ ِ َ َ َ س و ه يَ ل َ ع ه
ُ ّ ل ال لى ّ ص
ِ َ ه ّ ل ال ل سو
ْ ُ ِ َِ ُ ِ ر ل َ
ك لَ ذ ت ر َ ك َ ذ ُ ذ ن م
َ ََ ّ ْ ُ ُ ْ ت د م ع ت ما , ني أ َب ْ ِ ل َ
ه عََلى ل الل ّ ُ ت ,وَأ َن َْز َ قي ُ ما ب َ ِ ه ِفي َ فظ َِني الل ّ ُ ح َ ن يَ ْ جو أ ْ
َ
ذا ك َذًِبا ,وَإ ِّني َل َْر ُ مي هَ َ ي َوْ ِ
ن
ري َ ج ِ مَها ِ ْ
ي َوال ُ ه عَلى الن ّب ِ ّ َ ب الل ُ ّ قد ْ َتا َ م }ل َ َ سل َ ّ ه عَلي ْهِ وَ َ َ ّ
صلى الل ُ ّ سول ِهِ َ َر ُ
َ ّ َ ّ َ َ
ي من ه عَل ّ م الل ُ ما أن ْعَ َ واللهِ َ ن{ فَ َ صادِِقي َ معَ ال ّ كوُنوا َ صاِر{ إ ِلى قَوْل ِهِ }وَ ُ َواْلن ْ َ
َ َ
ل الل ّ ِ
ه سو ِ صد ِْقي ل َِر ُ سي من ِ ف ِ م ِفي ن َ ْ سَلم ِ أعْظ َ َ داِني ل ِْل ِ ْ ن هَ َ ط ب َعْد َ أ ْ مةٍ قَ ّ ن ِعْ َ
ّ َ َ َ َ َ ّ َ
ن ما هَلك الذين كذ َُبوا ,فَإ ِ ّ َ َ َ
ه ؛ فَأهْل ِك ك َ َ ن كذ َب ْت ُ ُ َ ن ل أكو َ ُ مأ ْ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صّلى الل ُ
ّ َ
َ
كل ت ََباَر َ قا َ حد ٍ ,ف َ َ ل ِل َ َ ما َقا َ شّر َ ي َ َ َ حْ و ْ ل ا ل َ ز َ ْ ن أ ن
َ حي ِ بوا ُ َ ذ َ ك ن
َ ذي ِ ّ لِ ل َ
ل قاَ ه
َ ّ ل ال
نضى عَ ْ ه ل ي َْر َ َ ن الل َ ّ م{ إ ِلى قَوْل ِهِ }فَإ ِ ّ َ قلب ْت ُ ْ َ م إ َِذا ان ْ َ ُ
ن ِباللهِ لك ْ َ ّ فو َ حل ِ ُ سي َ ْ وَت ََعالى َ } : َ
مرِ أولئ ِك الذين قَب ِ َ
ل ّ َ َ ُ َ َ
فَنا أي َّها الث ّلث َ ُ َ ّ ُ َ ن{ َقا َ قوْم ِ ال ْ َ ال ْ َ
نأ ْ ة عَ ْ خل ْ ب :وَكّنا ت َ َ ل كعْ ٌ قي َ س ِ فا ِ
فَر ل َهُ ْ
م ست َغْ َ م َوا ْ ه ,فََباي َعَهُ ْ فوا ل َ ُ حل َ ُ ن َ حي َ م ِ سل ّ َ ه عَل َي ْهِ وَ َ صّلى الل ّ ُ ل الل ّهِ َ سو ُ م َر ُ من ْهُ ْ ِ
ه ِفيهِ ,فَب ِذ َل ِكَ ضى الل ُّ َ َ ّ َ ّ ّ ّ ُ َ َ
حّتى ق َ مَرَنا َ مأ ْ سل َ ه عَلي ْهِ وَ َ صلى الل ُ سول اللهِ َ جأ َر ُ ,وَأْر َ
129
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ن
فَنا عَ ْ خل ّ ْما ُ م ّ ه ِذي ذ َك ََر الل ّ ُس ال ّ ِفوا{ وَل َي ْ َ خل ّ ُه }وَعََلى الث َّلث َةِ اّلذين ُ ل الل ّ ُ َقا َ
ه َواعْت َذ ََر إ ِل َي ْهِ فَ َ َ
قب ِ َ
ل ف لَ ُحل َ َ
ن َ م ْ مَرَنا عَ ّ جاؤُهُ أ ْ ه إ ِّياَنا وَإ ِْر َ ف ُخِلي ُ ما هُوَ ت َ ْ ال ْغَْزوِ ,إ ِن ّ َ
ه (11 ). من ْ ُ ِ
أبو محجن الثقفي :
ما بشرب الخمر ,قيل كان يشربها ن سعد بن أبي وقاص كان مته ً جي ُ س ِ وهذا َ
شجاع الك َّرار وقيل كان يذكرها في شعره ,إنه أبو محجن الثقفي البطل ال ّ
أمسك به سعد ؛ وكان قد حبس في القصر وقيد ,فهو في القصر فصعد حين
أمسى إلى سعد يستعفيه ويستقيله ,فزبره ورده ,فنزل فأتى سلمى بنت
صفة -زوجة سعد -فقال :يا سلمى يا بنت آل خصفة هل لك إلى خير ؟ خ َ َ
ل :تخلين عني وتعيرينني البلقاء ؛ فلله علي إن سلمني قالت :وما ذاك ؟ َقا َ
الله أن أرجع إليك حتى أضع رجلي في قيدي ,فقالت :وما أنا وذاك ! فرجع
يرسف في قيوده ,يقول :
قَنا ْ
ل ِبال َ خي ْ ُن ت َْرت َدِيَ ال ْ َ َ كَ َ
حَزًنا أ ْ فى َ
ي iiوََثاِقيا دوًدا عَل َ ّ ش ُ م ْ ك َ وَأ ُت َْر َ
تق ْ ديد ُ iiوَأ ُغْل ِ َ ح ِت عَّناِني ال ْ َ م ُ إ َِذا قُ ْ
مَناِديا م iiال ْ ُ ص ّصاِريعُ ُدوِني قَد ْ ت َ ُ م َ َ
ة
خو َ ٍل كِثيرٍ iiوَإ ِ ْ َ ما ٍ ت َذا َ ُ
وَقد ْ كن ْ ُ َ
خا ل َِيا حدا َل أ ََ وا ني قد ْ ت ََر ُ ِ
كو فَ َ
َ ِ ً
ه َ
َوللهِ عَهْد ٌ َل أ ِ
س iiب ِعَهْدِ ِ خي ُ
َ َ
واِنيا ح َت أّل أُزوَر iiال ْ َ ج ْ ن فُّر َ ل َئ ِ ْ
)(7 /
ما
فقالت سلمى :إني استخرت الله ورضيت بعهدك ؛ فأطلقته ,وقالت :أ ّ
الفرس فل أعيرها ورجعت إلى بيتها ,فاقتادها فأخرجها من باب القصر الذي
يلي الخندق ,فركبها ثم دب عليها ,حتى إذا كان بحيال الميمنة ,ك َّبر ثم
صفين ,ثم رجع من حمل على ميسرةِ القوم يلعب برمحه وسلحه بين ال ّ
سَرةِ فَك َب َّر وحمل على ميمنة القوم ِ يلعب بينخلف المسلمين إلى المي ْ َ
صفين برمحه وسلحه ,ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب فندر أمام ال ّ
الّناس ,فحمل على القوم يلعب بين الصفين برمحه وسلحه ,وكان يقصف
فا منكًرا ,وتعجب الّناس منه وهم ل يعرفونه ولم يروه من الّناس ليلتئذ قص ً
الّنهار .وجعل سعد يقول -وهو مشرف على الّناس مكب من فوق القصر :
والله لول محبس أبي محجن لقلت :هذا أبو محجن وهذه البلقاء .وقال
بعض الّناس :إن كان الخضر يشهد الحروب فنظن صاحب البلقاء الخضر .
وقال بعضهم :لول أن الملئكة ل تباشر القتال لقلنا ملك يثبتنا ,ول يذكره
ما انتصف الليل ؛ حاجز أهل الّناس ول يأبهون له ؛ لنه بات في محبسه ,فل ّ
فارس ,وتراجع المسلمون ,وأقبل أبو محجن حتى دخل من حيث خرج ,
ووضع عن نفسه وعن دابته ,وأعاد رجليه في قيديه ,وقال :
ر
خ ٍ ف غَي َْر فَ ْ قي ٌ ت ثَ ِم ْ قد ْ عَل ِ َ لَ َ
بأ َنا نح َ
سُيوَفا م ُ ii مهُ ْ ن أك َْر ُ ِ ّ َ ْ ُ
َ
ت ساب َِغا ٍ عا َ ii م د ُُرو ً وَأك ْث َُرهُ ْ
هوا ال ْوُُقوَفا م إ َِذا ك َرِ ُ َ
صب َُرهُ ْوَأ ْ
ل iiي َوْم ٍ هم ِفي ك ُ ّ وَأ َّنا وَفْد ُ ُ
فا
ري َم iiعَ ِ ل ب ِهِ ُ س ْ مُيوا فَ َ ن عَ ِفَإ ِ ْ
130
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
131
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(8 /
ذكر موفق الدين ابن قدامة في كتابه " الّتوابين " عن بعض ولد القعنبي
ما وقد قعد ل :كان أبي يشرب النبيذ ويصحب الحداث فدعاهم يو ً بالبصرة َقا َ
ب ينتظرهم فمّر شعبه علي حماره و الّناس خلفه يهرعون ,فقال : علي با ٍ
ل :وإيش شعبه ؟ قالوا :محدث . من هذا ؟ قيل شعبه َ ،قا َ
فقام إليه وعليه أزر أحمر فقال له :حدثني .
فقال له :ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك ،فأشهر سكينه وقال :
تحدثني أو أجرحك ؟
ل َ :قا َ ْ
سُعودٍ الب َد ْرِيّ َقا َ َ فَ َ
ل م ْ حد ّث ََنا أُبو َ ش َ حَرا َ ٍ ن ِ ي بْ ِ ن رِب ْعِ ّ صوٌر عَ ْ من ْ ُ حد ّث ََنا َ لَ : قا َ
م َ َ َ
ما أد َْرك الّناس من كلم ِ الن ّب ُوّةِ إ َِذا ل ْ َ م ّ ن ِ م :إِ ّ ّ
سل َ َ
ه عَلي ْهِ وَ َ ّ
صلى الل ُ ّ ي َ الن ّب ِ ّ
ت ( 15). شئ ْ َ
ما ِ ل َ ي َفافْعَ ْ ح ِ ست َ ْ تَ ْ
فرمى سكينه ورجع إلي منزله ؛ فقام إلي ما كان عنده من شراب فهراقه ،
طعام إليهم ,فإذا ساعة أصحابي يجيئون فأدخليهم وقدمي ال ّ وقال لمه :ال ّ
أكلوا فأخبريهم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا ,ومضى من وقته إلي ّ
المدينة فلزم مالك بن أنس " )(1
توبة شاب :
ة وظننت أني قد أصبحت وإذ أنا علي ليل , صور بن عمار :خرجت ليل ً من ْ ُ ل َ َقا َ
ب يبكي ويقول :بعزتك وجللك ما ب صغير ,وإذا بصوت شا ٍ فقعدت عند با ٍ
كاِلك جاهل , صي ُْتك حين عصيتك وما أنا ب ِن َ َ أردت بمعصيتك مخالفتك ,وقد عَ َ
ولت لي نفسي وغلبت خف ,ولكن س ّ ست َ ِ م ْ مت َعَّرض ول بنظرك ُ ول لعقوبتك ُ
ي ,والن فمن عذابك من َ
خى عَل ّ مْر َ ْ
علي شقوتي ,وغرني سترك ال ُ
ينقذني ؟! وبحبل من أتصل إن قطعت حبلك عني ؟! واسوأتاه من تصرم
أيامي في معصية ربي ,يا ويلي ! كم أتوب ! وكم أعود ! قد حان لي أن
أستحي من ربي .
َ ما سمعت كلمه قلت :أعوذ بالله من ال ّ َقا َ
سم ِ جيم ِ ب ِ ْ ن الّر ِ شيطا ِ
َ َ َ
صور :فل ّ من ْ ُ ل َ
هام َناًرا وَُقود ُ َ م وَأهِْليك ُ ْ سك ُ ْ ف َ مُنوا ُقوا أن ُ حيم ِ َ } :يا أي َّها اّلذين آ َ ن الّر ِ م ِ ح َ اللهِ الّر ْ
جاَرةُ {]التحريم [6 : ح َ ْ
الّناس َوال ِ
ما أصبحت رجعت , ّ فل , لحاجتي ومضيت , داً شدي باً واضطرا تا فسمعت َ ً
صو
ب وتجئ فقلت لها :من فَِإذا جنازة ٌ موضوعة على ذلك الباب ,وعجوٌز ت َذ ْهَ ُ
هذا الميت ؟ فقالت :إليك عّني ل تجدد عّلى أحزاني ,قلت إني رجل
ة فيها ل ل جزاه الله خيًرا قرأ آي ً مّر بنا البارحة رج ٌ غريب ,قالت :هذا ولدي َ ,
ِذكُر الّنار ,فلم يزل ابني يبكي ويضطرب حتى مات .
ل منصور :هكذا والله صفة الخائفين ( 16). َقا َ
توبة لص :
ن ِديَنار فلم يجد ما يأخذه .فناداه مالك :لم تجد شيًئا َ خ َ
ك بْ ِ مال ِ ِ ص عَلي َ ل لِ ٌ دَ َ
لضأ وص ّ ل :ت َوَ ّ ل :ن ََعم َ ،قا َ دنيا ،أفترغب في شئ من أمر الخرة ؟ َقا َ من ال ّ
صل :لِ ٌ ن ذا ؟ َقا َ م ْ سِئل َ ركعتين ،ففعل ثم جلس .وخرج إلي المسجد ،فَ ُ
سَرقَْناه !! )( 17 سرِقََنا فَ َ جاَء ل ِي َ ْ َ
توبة عابد صنم :
ل
ج ٍ َ
حرِ ,فإ َِذا ب َِر ُ ْ
زيَرةٍ ِفي الب َ ْ ج ِح عَلى ََ ت ب َِنا الّري ُ ف ْ ص َن َزي ْد ٍ :عَ َ حد ِ ب ْ ُ وا ِ ل عَب ْد ُ ال ْ َ َقا َ
132
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(9 /
َ
لما فَعَ َ ل :فَ َ مَنا ب ِهِ َ ,قا َ سوًل أعْل َ َ ه إل َي َْنا َر ُ ج َ ذا ؟ قُل َْنا :وَ ّ م هَ َ مت ُ ْ ف عَل ِ ْ ل :ك َي ْ َ َقا َ
ة ؟ قُلَنا :ت ََر َ
ك ْ م ً م عَل َ َ عن ْد َك ُ ْ ك ِ ل ت ََر َ ل :فَهَ ْ ه إلي ْهِ َ ,قا َ َ ه الل ُ ّ ض ُ ل ؟! قُلَنا قَب َ َ ْ سو ُ الّر ُ
َ ف فَ َ ْ َ َ ْ
ذا ؟! ف هَ َ ما أعْرِ ُ لَ : قا َ ح ِ ص َ م ْ ل :أُروِنيهِ ,فَأت َي َْناه ُ ِبال ُ ك َ ,قا َ مل ِ ِ ب ال َ عن ْد ََنا ك َِتا َ ِ
ن لَ ذا ال ْك ََلم أ َ م َقا َ َ ْ فَ َ
ِ ْ ب هَ َ ح ِ صا ِ ل :ي َن ْب َِغي ل ِ َ كي ,ث ُ ّ سوَرة ً وَهُوَ ي َب ْ ِ قَرأَنا عَلي ْهِ ُ
ْ َ ْ ّ ْ َ َ
ن, قْرآ ِ سوًَرا من ال ُ سلم ِ وَ ُ شَرائ ِعَ ال ِ ْ مَناه ُ َ معََنا ,وَعَل ْ ملَناه ُ َ ح َ م وَ َ سل َ صى ,فَأ ْ ي ُعْ َ
ْ َ ّ َ ْ َ ّ ّ
موِني ذي د َللت ُ ُ ه ال ِ م ال ِل ُ ل َ :يا قَوْ ُ قا َ جعََنا ,فَ َ ضا ِ م َ خذ َْنا َ صلي َْنا وَأ َ ل َ ن اللي ْ ُ ج ّ ما َ فَل َ ّ
َ
ل: م َ ,قا َ م َل ي ََنا ُ ي قَّيو ٌ ح ّ ل !؟ قُل َْنا َ :ل َيا عَب ْد َ الل ّهِ هُوَ َ ه الل ّي ْ ُ جن ّ ُ م إَذا َ عَل َي ْهِ أي ََنا ُ
َ
مَنا ما قَدِ ْ مهِ ,فَل َ ّ جب َْنا من ك ََل ِ م ! فَعَ ِ م َل ي ََنا ُ موَْلك ُ ْ ن وَ َ مو َ م ت ََنا ُ س ال ْعَِبيد ُ أن ْت ُ ْ ب ِئ ْ َ
َ َ
هه إّل الل ّ ُ ل َ :ل إل َ َ قَها َ ,قا َ ه :أن ْفِ ْ ه وَقُل َْنا ل َ ُ ها ل َ ُ م وَأعْط َي َْنا َ ه د ََراهِ َ معَْنا ل َ ُ ج َ عََباَدان َ
َ ْ َ ُ َ َ َ
ماصن َ ً حرِ أعْب ُد ُ َ زيَرةٍ ِفي الب َ ْ ج ِ سلكوه ُ ,أَنا كْنت ِفي َ ُ ُ م تَ ْ قل ْ ري ٍ موِني عَلى ط ِ د َل َل ْت ُ ُ
َ َ
ت ن ب َعْد َ أّيام ٍ أَتاِني آ ٍ كا َ ما َ ن وَقَد ْ عََرْفته ,فَل َ ّ ف اْل َ ضي ّعِْني فَك َي ْ َ م يُ َ من ُدون ِهِ فَل َ ْ
َ
جْئته وَقُْلت :أل َ َ
ل :قَد ْ قا َ ة ؟ فَ َ ج ً حا َ ك َ ت ,فَ ِ مو ْ ِ ت ال ْ َ سك ََرا ِ ج َ ه ي َُعال ِ ُ ل ِلي :إن ّ ُ قا َ فَ َ
ُ َ
مت , ه إذ ْ غَل َب َت ِْني عَي َْنايَ فَن ِ ْ ما أَنا أك َل ّ ُ
م ُ ن عَّرْفتِني ب ِهِ .فَب َي ْن َ َ م ْ جي َ وائ ِ ِ ح َ ضى َ قَ َ
َ َ
ل من م ُ ج َ ةأ ْ جارِي َ ٌ ريٌر عَل َي ْهِ َ س ِ ة وَِفيَها َ ضةِ قُب ّ ً ة وَِفي الّروْ َ ض ً مَنام ِ َروْ َ فََرأْيت ِفي ال ْ َ
َ ّ َ ْ َ
ت رحمه ما َ ي ب ِهِ َ ,فان ْت َب َْهت فَإ َِذا ب ِهِ قَد ْ َ ل عَل ّ ج ْ سألُتك ب ِاللهِ عَ ّ لَ : قو ُ س تَ ُ م ِ ش ْ ال ّ
َ ْ ْ ْ َ َ
ه
جان ِب ِ ِ ة إلى َ جارِي َ ُ قب ّةِ َوال َ مَنام ِ ِفي ال ُ م َرأْيته ِفي ال َ قب ْرِهِ ث ُ ّ جهّْزته ل ِ َ الله ت ََعالى ,فَ َ
َ َ ّ َ َ
م (18 ) . ه أعْل ُ داِر{ .وَالل ُ قَبى ال ّ م عُ ْ م فَن ِعْ َ صب َْرت ُ ْ ما َ م بِ َ ُ
م عَلي ْك ْ سَل ٌ وَهُوَ ي َت ُْلو } َ
توبة مجوسي :
ض َ ْ ري رضي الله عنه أنه َقا َ ن ال ْ َ
ت عَلى ب َعْ ِ خل ُ ل ":د َ َ ص ِ ن الب َ ْ س ِ ح َ وُروي عَ ْ
سيرة ، ن الجوار ،حسن ال ّ س َ ح َ جود ُ بنفسه عند الموت ،وكان َ المجوس وهو ي َ ُ
ن الخلق ،فرجوت أن الله يوفقه عند الموت ،ويميته على السلم ، س َ ح َ َ
حة لي ، ص ّ ب عَِليل ول ِ ٌ ْ َ
فقلت له :ما تجد ؟! وكيف حالك !؟ فقال :لي قل ٌ
فٌر بعيد ول زاد س َ ش ول أنيس لي ،و َ ح ٌ مو ِ م ،ول قوة لي ،وَقَب ٌْر ُ قي ٌ س ِ ن َ وَب َد َ ٌ
ة عالية ول ّ ٌ ن وج , لي بدن ول ة مي
َ ٌ َ ِ ٌ حا ر نا و ، لي ز
َ َ َ وا ج ول دقيق ٌ
ط را ِ َ ص و لي،
جة ِلي. ح ّ ل وََل ُ عادِ ٌ ب َ نصيب لي ،وََر ٌ
سِلم ل الحسن :فرجوت الله أن يوفقه ،فأقبلت عليه ،وقلت له :لم ل ت ُ ْ َقا َ
ه
صد ْرِ ِ شاَر إلى َ هنا ،وأ َ ل ُ ف َ ق ْ فّتاح ،وال ُ ح ب ِي َدِ ال َ فَتا َ م ْ ن ال ْ ِ ل :إِ ّ سَلم ؟ َقا َ حتى ت َ ْ
شي عَليهِ . َ وغ ُ ِ
سي جو ِ م ُ ذا ال َ ْ سب َقَ ل ِهَ َ ن َ كا َ ن َ موْلي ،إ ِ ْ َ دي و َ سي ّ ِ ن :فقلت :إلِهي وَ َ َ س ُ ح َ ْ
ل ال َ َقا َ
ل. َ َ ل ب َِها إ ِلي ْهِ قَب ْ َ َ ج ْ ة فَعَ ّ عن ْد َ َ
م ِ قطاِع ال َ حهِ من الد ّْنيا ،وان ْ ِ ق ُرو ِ ل فَِرا ِ سن َ ً ح َ ك َ ِ
س َ
ل َ
ح أْر َ فّتا َ ن ال َ فأفاق من غشيته ،وفتح عينيه ،ثم أقبل وقال :يا شيخ ! إ ِ ّ
ل سو ُ دا َر ُ م ً ح ّ م َ ن ُ شهَد ُ أ ّ
َ ه إ ِّل الله وَأ َ ْ ن َل إ ِل َ َ
َ
شهَد ُ أ ْ ك ،فَأ ََنا أ َ ْ مَنا َ دد ي ُ ْ م ُ ح.أ ْ
ُ
فِتا َ م ْ ال ْ ِ
صاَر إلى رحمة الله ( 19). ه وَ َ ح ُ ت ُرو ُ ج ْ خَر َ اللهِ ،ثم َ
توبة امرأة جميلة :
)(10 /
133
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ل :كانت امرأة جميلة بمكة وكان لها جلي :حدثني أبي عبد الله َقا َ ل العِ ْ َقا َ
ما إلى وجهها في المرآة ,فقالت لزوجها :أترى يرى أحد زوج ,فنظرت يو ً
مير) ن عُ َ َ َ
هذا الوجه ول يفتتن به ؟! قال :نعم .قالت :من ؟! قال :عُب َي ْد ُ ب ْ ُ َ َ
ل :فأتته ل :قَد ْ أذنت لك َ ,قا َ . (20قالت :فأذن لي فيه فلفتننه َ ,قا َ
ل :فأسفرت عن كالمستفتية ,فخل معها في ناحيةٍ من المسجد الحرام َ ,قا َ
ة الله ! فقالت :إني قد فتنت بك فانظر مثل فلقة القمر ,فقال لها :يا أم َ
ل :إني سائلك عن شيٍء فإن أنت صدقت ,نظرت في في أمري ؟ َقا َ
ل :أخبريني لو أن ملك أمرك ,قالت :ل تسألني عن شيٍء إل صدقتك َ ,قا َ
سّرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟! الموت أتاك يقبض روحك ؛ أكان ي َ ُ
ل :فلو أدخلت في قبرك فأجلست ل :صدقت َ ,قا َ قالت :اللهم ل َ ,قا َ
للمساءلة ؛ أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟ ! قالت :اللهم ل َ ,قا َ
ل
س ُأعطوا كتبهم ول تدرين تأخذين كتابك بيمينك ل :فلو أن الّنا َ :صدقت َ ,قا َ
أم بشمالك ,أكان يسرك أنى قضيت لك هذه الحاجة ؟! قالت :اللهم ل ,
صراط ,ول تدرين تنجين أم ل ل :فلو أردت المرور على ال ّ ل :صدقت َ ,قا َ َقا َ
ل: تنجين ! كان يسرك أنى قضيت لك هذه الحاجة ؟! قالت :اللهم ل َ ,قا َ
فين أم تثقلين ! خ ّل :فلو جيء بالموازين وجيء بك ل تدرين ت َ ِ صدقت َ ,قا َ
ل :صدقت , كان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟! قالت :اللهم ل َ ,قا َ
ل :فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة ؛ كان يسرك أني قضيت لك هذه َقا َ
ل :اتقي الله يا أمة الله ! فقد ل :صدقت َ .قا َ الحاجة ؟! قالت :اللهم ل َ ,قا َ
ل :فرجعت إلى زوجها ,فقال :ما صنعت أنعم الله عليك ! وأحسن إليك ! َقا َ
صوم والعبادة , صلة وال ّ طالون ,فأقبلت على ال ّ طال ,ونحن ب ّ ؟ قالت :أنت ب ّ
ل :وكان زوجها يقول :ما لي ولعبيد بن عمير ! أفسد علي زوجتي ,كانت َقا َ
سا فصّيرها راهبة ( 21). كل ليلة عرو ً
وابين ،واسلك مسالك أخي الحبيب :بادر بالتوبة من الذنوب ،واقتف آثار الت ّ
ذين نالوا التوبة والغفران ،وأتعبوا أنفسهم في رضا الرحمن ، الّوابين ،ال ّ ِ
س خائفة ، ُ
فلو رأيتهم في ظلم الليالي قائمين ،ولكتاب ربهم تالين ،بنفو ٍ
ب واجفة ،قد وضعوا جباههم على الث ََرى ,ورفعوا حوائجهم لمن َيرى وقلو ٍ
ول ُيرى .
ب َ َ َ َ
صب ّ ُ ف ي َت َ َ زيرٍ َواك ِ ٍ مٍع غ ِ ب***ب ِدِ ْ ح وَأن ْد ُ ُ سي أُنو ُ ف ِ عوِني عَلى ن َ ْ دَ ُ
ب َ ط ع ت ة َ ف عي ض ال سي ْ ف ن لى َ ع
َ ُ َف خا َ أ ني*** َ
ن ل ح نو َ أ سي ْ ف ن لى َ َ ع ني دَ ُ ِ
عو
ُ ّ ِ ِ ُْ َ ِ ُ ُ ِ ِّ َ ِ
َ َ َ ُ َ َ
ن أذ ْهَ ُ
ب م إ َِلى أي ْ َ جأ أ ْ ن أل ْ َ صا***إ َِلى أي ْ َ ن عَ َ م ْ مَناِدي ب ِ َ ن ِلي إ َِذا َناَدى ال ْ ُ م ْ فَ َ
ُ
بحيم ِ أعَذ ّ ُ ج ِ ت ِفي َنارِ ال ْ َ سَرِتي***إ َِذا ك ُن ْ ُ ح ْ ل َ طو َ م َيا ُ حْزِني ث َ ّ ل ُ طو َ فََيا ُ
ن َوالّناُر ت َل ْهَ ُ
ب زا ُ مي ِ ب ال ْ ِ ح ك ُل ُّها***وَقَد ْ قُّر َ قَبائ ِ ُ ك ال َ ت ت ِل ْ َ وَقَد ْ ظ َهََر ْ
ّ َ َ َ
ب جاِئي ِفيهِ ِلي ي ََتوهّ ُ ن َر َ ِ س ح ْ ه***ب ِ ُ ه لعَل ُ جو ال ِل َ وَل َك ِن ِّني أْر ُ
ب َ خل َِني دار ال ْجنان بفضِله***فََل عَم ٌ َ
جو ب ِهِ أتقّر ُ ل أْر ُ َ ِ َ ِ ِِ ْ َ َ وَي ُد ْ ِ
ن قَد ْ ت ََرهُّبوا ( 22). َ
م ْ ل َ حاب ِهِ َوال ِ ص َ د***وَأ ْ م ٍ ح ّ م َ ي ُ م ّ ش ِ ب الن ِّبي الها ِ ح ّ وى ُ س َ ِ
]من كتاب "العبادة واجتهاد السلف فيها" للشيخ[
________________________________________
) (1رواه مسلم )(2702
) (2رواه مسلم )(2747
) (3رواه مسلم )(2759
) (4حسن :الترمذي ) (3537أحمد ) (6160ابن ماجة ) (4253ابن حبان )
(2450الحاكم ) (4/257وصححه .
) (5صحيح :أحمد ) (3558ابن ماجة )(4252
134
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(11 /
135
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
136
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وللحديث بقية بمشيئة الله ،ونسأل الله أن يجنبنا جميعا الزلل ،وأن يرشدنا
إلى طريق الستقامة والرشاد ،حتى يعم الخير أمتنا السلمية جمعاء،
ً
مصداقا لقوله تعالى)وأن لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم ماء غدقا(.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
)(2 /
137
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وكم أتهلل بشرا ً وأسعد حين أراك أخي المدرس يا من تحمل بين طياتك
نفسا ً صادقة ،وقلبا ً حاّرا يحترق على واقع أمته ،ويتألم لحال الشباب .ومع
ذلك فلم يكن هذا الهم عائقا ً لك ومثبطًا ،بل أنت تحمل طموحا ً صادقًا،
ونفسا ً أبية متطلعة للصلح والتغيير .ولم يقف الحد عند هذه المشاعر ،فها
أنا أرى ثمرات جهدك ،ونتاج عملك ،بارك الله فيك ،وزادك علما ً وعم ً
ل.
أخي المدرس :كثيرا ً ما سمعت كلمات الثناء الصادقة من طلبك ،وكثيرا ً ما
رأيت بصماتك ظاهرة عليهم ،أرأيت الشباب الغض الذي يتسابق إلى
الصفوف الول في المساجد ،ويسارع إلى حلق العلم ومجالس الخير؟ ولن
أقول لك اذهب إلى المدارس ،فأنت من أهلها ،ألم تر إليها وقد تزينت بأولئك
الخيار ،وقد صاروا يسابقون إلى أعلى المراتب ،ويبزون أقرانهم .فكل ما
ترى أخي الكريم بعض ثمرة جهدك وجهد إخوانك من الساتذة والدعاة.
ولكن ومع هذه الجهود الخيرة المشكورة هناك فئة من المعلمين الخيار ،ل
مطعن في دينهم ،ول شك في فضلهم ،فنحن نحبهم في الله ،ونعتقد أن
أكثرهم أفضل منا عند الله ،ونسعد بلقائهم ودعواتهم الصادقة ،لكنهم ل
يزيدون على أن يندبوا واقع الشباب ،ويتألموا لما هم فيه ،دون أن يحركوا
ساكنًا.
فأستأذنك أخي الكريم أن أخاطب هؤلء الحباب فحقهم علينا عظيم..
فهل فكرت أخي الكريم في عظم الموقع الذي تبوأته ،والمانة التي تحملتها،
فذاك الرجل الطاعن في السن ،وتلك المرأة الضعيفة قد علقوا آمالهم بعد
الله عليك في استنقاذ ابنهم وحمايته ،والمصلحون الغيورون يعدونك من أكبر
المال في استنقاذ المجتمع ،والمة تبحث أخي الفاضل عن المنقذ لها
ولبنائها ،وأنت أخي المدرس جزء من محط آمال المة.
أخي المدرس :أنت يا قارئ السطور أعنيك ول أعني سواك ،أنت محط
آمالنا ،أنت طريقنا ل إلى الشباب والتلميذ وحدهم بل إلى الناس كلهم.
أعلم أخي المعلم أنك ستقول :علمي ضعيف ،قدراتي محدودة ،وربما لست
صاحب اختصاص شرعي ،أعلم ذلك كله ،ولكني أجزم أنك قادر على أن
تصنع الكثير ،ومهما ضعف علمك ،وتواضعت قدراتك ،وقّلت خبرتك ،مهما
خلعت على نفسك من أوصاف القصور ،وسلكت من أبواب التواضع ،فأنت
قادر على أن تقدم الكثير ،ول نطلب منك أخي المدرس إل ما تطيق .أل
تطيق الكلمة الناصحة؟ أل تطيق التألم والحرقة على واقع أبنائك؟.
وحجة أخرى طالما سمعناها :المنهج طويل ،ل أجد الوقت ،لكنا نريد أخي
الكريم دقائق معدودة ،تستطيع توفيرها من كثير من الوقت الذي يضيع،
والستطراد الذي ل ضرورة له.
)(1 /
أخي المدرس :ما أغناك عن أن أحدثك عن الواقع المرير لمتنا ،أو عن التآمر
على شباب المسلمين ،أنسيت ما فعل دنلوب وأذنابه؟ أنسيت ما بذل جيل
المسخ ليحول بينك -أنت المعلم -وبين إبلغ كلمة الحق الصادقة إلى
القلوب المتعطشة؟ .
أخي المدرس :أخاطب فيك الغيرة والحمية لدين الله ،فأنت تقابل الشباب
ل يوم ،وتدرك أيّ غفلة وعالم يعيشونه ،ترى مظاهر العراض ،ومصارع ك ّ
ً
الفتن ،فكيف ل تحرك فيك ساكنا؟ .ألم تره ذاك الشاب الذي يعيش معاناة
واضطرابات المراهقة ،ويصارع الشهوات ،وتعصف به الرياح من كل فج ،أو
138
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الخر الذي اكتنفه رفاق السوء فأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم؟ فهل
ص الخبرة إلى أن تعجز أن تقدم شيئا ً م القدرة ونق ُ وصل بك أخي الكريم عد ُ
لهذا وأمثاله؟.
أخي المدرس :لست أدعوك إلى عمل خير تساهم فيه فحسب ،ول أحثك
على القيام بنافلة من أفضل النوافل ،إنما أدعوك إلى أن ترعى المانة،
وتقوم بالمسؤولية ،وبعبارة أدق :أن تؤدي الواجب الشرعي.
ألست راعيا ً أخي المدرس ؟ ألم يقل صلى الله عليه وسلم " :كلكم راع
وكلكم مسؤول عن رعيته" )رواه البخاري ) ( 893ومسلم ) (. ( 1829؟
ألست ترى المنكر؟ ألم يقل صلى الله عليه وسلم ":من رأى منكم منكرا ً
فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه") رواه مسلم )
(. ( 49؟ وهل وصل بك المر إلى أن ل تطيق إل الكلمة العابرة أو النقد
م الصلح؟ أل تطيق أن تفكر في وسائل تربية السلبي؟ أل تطيق أن تحمل ه ّ
الناشئة وتوجيههم؟
كيف أخي المدرس تتحمل أمانة تدريس المنهج الدراسي ،وتأخذ مقابل ذلك
أجرا ً من مال المسلمين؟ وحين ندعوك لتحمل أمانة الدعوة والتوجيه -التي
هي واجبة عليك ابتداًء ،وقد زادت مع تبوئك هذا الموقع -حين تكون الحاجة
الماسة لحمل المانة التربوية تعتذر بعدم القدرة ،والضعف العلمي ،وفقد
الخبرة ،وتحسب أن هذا من التواضع .بل التواضع هو القيام بالواجب
والستعانة بالله.فعجبا ً لهذا القلب للمفاهيم! ومتى كان التخلي عن الواجب
وترك المسؤولية تواضعًا؟
كيف أخي المدرس تنقد واقع الشباب ،وتتحدث عن سلبياتهم ومع ذلك ل
تحرك ساكنًا ،ول تقوم بجهد؟.
معذرة لهذا الخطاب الجريء فلول أني أقدر مسؤوليتك التي ستسأل عنها
يوم الحساب ،ولول أني أخاطب قلبك الواعي ،وعقلك المدرك .لما جرأت
عليك ،ولول أن المر ل يحتمل الغضاء لطويت الصفحة ،ولول ثقتي الكبيرة
بأن ما أقوله سيثير كوامن خفية في نفسك لما سطرت حرفا ً واحدًا.
نن بار ،وتلميذٍ يقدر جهدك؟ وهل أنت مستغ ٍ أخي المدرس :هل تزهد في اب ٍ
ً
دمت له خيرا؟ إن هذه عاجل النتائج عن دعوة صالحة يخصك بها من ق ّ
وبشرى المؤمن ،أما ما عند الله فهو خير وأبقى.
ب
ٌ مطل العملية والخطوات أخي المدرس :إن الشعوَر بأهمية التوجيه ،بل
نفيس ،ولكن ل ينبغي أن نقف عند هذا الحد بل يجب أن نتجاوزه إلى أن
نتعلم فن التوجيه ،وأساليب التأثير ،وهذا باب واسع ،لن يحيط به ما سطرته،
ص قاصر ،ولذا فأنا أدعو أن تتضافر الجهود ومهما بذلت فالمر أكبر من شخ ٍ
لكتشاف وسائل التأثير ،وأن نتبادل الخبرات .فأدعو هنا إخواني إلى
المساهمة في المر ،كتابة ومحاضرة ،ومناقشة ،ويسعدني أن أتلقى من
الخوة الكرام أي ملحوظة ،أو رأي ،أو توجيه ،أو اقتراح.
وأنا كاتب هذه السطور إن نسيت فلن أنسى ذاك الستاذ الفاضل الذي
درسني في المراحل الولية-رحمه الله -كنت ألمس يومها -وأنا طفل بريء -
في وجهه الصدق والعاطفة الحية ،ول تزال أصداء كلماته تتردد في أذني،
وضه الله عن نور فرحمه الله وأجزل مثوبته ،وأعلى درجته .والخر الذي ع ّ
ً
بصره بنور بصيرته -أحسبه كذلك والله حسيبه ول أزكي على الله أحدا -فلله
ي من فضائل ،وكم من كلمة صادقة سمعتها إن نسيت حروفها كم رّبى ف ّ
ً
الن فقد ترجمت إلى عمل وواقع فصارت جزءا مني ليفارقني .وهل أنسى
ي بحفظ كتابه على يديه؟ ن الله عل ّ
م ّ بعد ذلك ذاك الشيخ الوقور الذي َ
139
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وبعدهم خطا بي العمر فانتقلت إلى المعهد العلمي ،فتشرفت بالتتلمذ على
مشايخ أجلء وأساتذة أفاضل.ولست أملك والله ما أقدم لهم من العرفان
والوفاء أفضل من الثناء الصادق ،والدعاء الصالح .اللهم فاغفر لهم جميعًا،
وارفع درجاتهم في الدنيا والخرة ،واجزهم عني خير ما جزيت والدا ً وأستاذا ً
ناصحًا.
محمد بن عبدالله الدويش
الرياض 1413/ 3/ 26هـ
الفصل الول:ماذا يعني لنا التعليم؟
صور لحقيقة واحدة:
)(2 /
أل ترى أخي الكريم أن هناك فئة من العاملين في قطاع التعليم قد أهان هذه
الوظيفة الشريفة ،حين اتخذها وسيلة للثراء والكسب المادي؟ فهو ل ينظر
لهذا العمل إل من خلل هذه الزاوية الحادة .إن وظيفة التعليم أسمى وأعلى
ة ،أو مصدرا ً لكسب الرزق ،إنها إعداد ٌ للجيال، ة رسمي ً
من أن تكون وظيف ً
ّ
وبناٌء للمة .ومن حق كل فرد ٍ أن يتطلع لعيشة هنية ،وأن يتحصل على مصدر
شريف لكسب الرزق ،لكن هذه صورة أخرى غير تلك التي يمتهن صاحبها
ل حساباته المقارنة مه وج ّالتدريس فل يختاره إل لما يدره من مال ،وغاية ه ّ
بين المكاسب والخسائر ،والحوافز والعقبات ،فهل يؤتمن من هذه نهاية
نظرته ،وغاية تطلعه؟! هل يؤتمن مثله على رعاية الجيل وإعداد النشء؟
هذه صورة..
الصورة الثانية:
ّ
ذاك المدرس الذي يشكو دهَره ،ويندب حظه ،فإجازاته ليست بيده ،والطلب
أحالوا سواد َ شعره إلى بياض ،والباء يتمون مايعجز عنه أبناؤهم .فالمدرس
ظا ،فأقرانه حاز بعضهم على مراتب عالية، عند صاحبنا أسوأ الناس ح ّ
وأسوأهم حال ً من يستأذن متى شاء ،ويأتي متى أراد ،ويتعامل مع أوراق
جامدة ،ل أنفس متباينة ،أما هو فيعيش بين ضجيج المراهقين ،وصخب
الصغار ،ليعود بعدها إلى أكوام الدفاتر.
إنه هو الخر وإن خالف صاحبه في التجاه ،فتشاءم حين تفاءل صاحبه ،ونظر
بعين الخسائر حين نظر صاحبه بعين المكاسب ،إنه مع ذلك لم يدرك شرف
التعليم ،ولم يرتق إلى أهلية التوجيه ،وأي نتاج وتربية ترتجى وراء هؤلء؟!.
الصورة الثالثة:
وهي قد تحمل أوجه تلق مع الصورة الولى أو الثانية ،لكن صاحبها متبلد
الحساس ،فاقد الغيرة يرى أبناء المسلمين يتهافتون على الفساد ،ويقعون
في شبك الرذيلة ،ول يحرك المر لديه ساكنًا ،أو يثير عنده حمية ،فهذا ليس
من شأنه .شأنه تدريس الفاعل والمفعول ،أو توضيح المركبات وقوانينها ،أو
حل المعادلت ،بل قد يتبوأ تدريس العلم الشرعي ،والتربية السلمية ،ومع
ذلك فواقع الطلب ل يعنيه بقليل ول كثير.
لست أدري أي عقلية تحكم هذا النوع من الناس؟! ول أعلم من أيهما أعجب
من واقع الشباب ،أم من ضعف التوجيه وعدم إيجابية هذا النمط من
المعلمين؟
الصورة الرابعة:
ً ً ً
مدرس اتجه إلى التدريس كرها ل طوعا ،فهو لم يجد وظيفة أصل غيره ،أو
140
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
كان يريد البقاء في بلده ،فهو الخيار الوحيد له ،ولسان حاله يقول :مكره
أخاك ل بطل ،نعم من حقه أن يؤمن مجال ً يعمل فيه ،لكن مثل هذا الصنف
قد ل يدرك رسالة التعليم ،وشرف التربية.
المدرس الذي نريد:
ل ،ونرى أن ما تحمله من تباين ة وتفصي ً وحين نرفض تلك الصور السابقة جمل ً
ل يخرجها من أن تكون مظاهر لحقيقة واحدة هي الهمال وعدم إدراك
المسؤولية ،فما الصورة التي نريد ،والمدرس الذي نتطلع إليه؟.
لسنا نريد ذاك الذي رمى الدنيا وراء ظهره وطلقها ثلثا ً فلم يعبأ بها ،أو ذاك
الذي ل يفارق محرابه ،أو ذاك الذي ل تند ّ منه شاردة ول واردة ،إنها صور
سامقة لكنها ليست لكل الناس.
إننا نريد المدرس البشر الذي يتطلع كغيره لتحصيل مورد لرزقه ،ويرى أن
من حقه كغيره أن يتمتع بمزايا إدارية ووظيفية ،لكن كل تطلعاته تلك لم ترق
إلى أن تكون الهدف الول والساس ،والمقياس الوحد ،والعامل الهم في
اتخاذ قراره بسلوك طريق التعليم ،فقد اختار هذا الطريق ليخدم المة من
ي النشء .إنه يحترق على واقع الشباب ،ويعدهم خلله ،ويعد ّ الجيل ويرب َ
أبناءه ،ويعتبر إصلحهم من أولويات وظيفته ،وتربيتهم من مسؤوليته .ويؤدي
واجبات وظيفته على الوجه المطلوب ليهنأ بأكل راتبه حل ً
ل.
صله غيره من مزايا مادية ،ويعيش عيشة صل ما يح ّ وهو مع ذلك كله سيح ّ
مستقرة هنية.
التعليم يعطي امتدادا ً لعمل النسان بعد موته:
حين يموت النسان ويفضي إلى ما قدم ينقطع عمله إل من ثلثة":صدقة
جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له") رواه مسلم ) . (.( 1631
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال":إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته :علما ً عّلمه ونشره،
فا وّرثه ،أو مسجدا ً بناه ،أو بيتا ً لبن السبيل بناه ،أووولدا ً صالحا ً تركه ،ومصح ً
ة أخرجها من ماله في صحته وحياته ،يلحقه من بعد نهرا ً أجراه ،أو صدق ً
موته" )رواه ابن ماجه ) ( 242والبيهقي وابن خزيمة .وانظر :صحيح
الترغيب والترهيب ص . (.73
وروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي قتادة -رضي الله عنه -قال :قال
ٌ د ول رسول الله صلى الله عليه وسلم " :خير ما يخّلف الرجل من بعده ثل ٌ
ث:
م ُيعمل به من بعده")رواه ابن صالح يدعو له ،وصدقة تجري يبلغه أجرها ،وعل ٌ
ماجه ) . ( 241وانظر :صحيح الترغيب والترهيب ) .(.( 75
)(3 /
ونصيب المدرس ل يقف عند واحدة من هذه الثلث ،بل يظفر بها جميعا ً كما
بّين ذلك الحافظ بدر الدين ابن جماعة حين قال":وأنا أقول :إذا نظرت
وجدت معاني الثلثة موجودة في معلم العلم ،أما الصدقة الجارية فإقراؤه
إياه العلم وإفادته إياه ،أل ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في
المصلي وحده " :من يتصدق على هذا؟" )رواه أحمد )] (3/14 [11016وأبو
داود ) (574والدارمي ) .(.(1368أي بالصلة معه لتحصل له فضيلة
الجماعة ،ومعلم العلم يحصل للطالب فضيلة العلم التي هي أفضل من صلة
في جماعة ،وينال بها شرف الدنيا والخرة .وأما العلم المنتفع به فظاهر؛ لنه
كان سببا ً ليصال ذلك العلم إلى كل من انتفع به .وأما الدعاء الصالح له
141
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
142
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(4 /
143
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
من أعظم ما تدخره أخي المدرس في الحياة الدنيا أن تكسب طالبًا ،يتلقى
توجيهك ،ويحمل علمك ،ويعرف بعد ذلك قدرك .
ويوصيك بذلك ابن جماعة فيقول":واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم
بخير الدنيا والخرة من أعز الناس عليه ،وأقرب أهله إليه ،ولذلك كان علماء
السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الجتهاد؛ لصيد طالب ينتفع الناس به
في حياتهم ،ومن بعدهم ،ولو لم يكن للعالم إل طالب واحد ينتفع الناس
بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى ،فإنه ل يتصل شيء
من علمه إلى أحد فينتفع به إل كان له نصيب من الجر" )تذكرة السامع
والمتكلم ).((63
الفصل الثاني:هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم
لماذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ؟
ترتفع الرؤوس كثيرا ً اليوم ،ويتطلع منظرو التربية في العالم السلمي إلى
ظروا لهذا العلم ورسموا فلسفة التربية الغربية ورموزها؛ فهم الذين ن ّ
خطوطه العريضة ،والمؤلف الناضج والكاتب الرصين هو الذي يدبج مقاله
بالنقل عن علماء الغرب وأساتذته ،والتربية عند هؤلء علم حديث النشأة إنما
بدأ مع العصر الحديث :عصر النهضة والتقدم العلمي.
ونحن إذ ل ننكر ما بذله علماء الغرب من جهود في هذا العلم وغيره ،ول نغلو
فندعو المسلم إلى هجر ورفض جميع ما عند أولئك -نحن إذ ل نقف هذا
الموقف -فلسنا بحال مع من يدعو المة إلى أن تختزل تاريخها ،وتطوي
ل ،وتهيل الركام على تراثها الحق. ض الطرف جهل ً أو تجاه ً
صفحاته ،فتغ ّ
لقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أمة سيطر عليها الجهل،
واستولت عليها الخرافة ،فصنع بإذن الله منها أمة حاملة للهداية للبشرية
أجمع ،أمة حاملة منهج العلم ،ومنهج التعليم والتفقه.
لقد وصف الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم بأنه معلم
فقال ]هو الذي بعث في الميين رسول ً منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب
والحكمة ويزكيهم وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين[ )الجمعة.(2 :
ن الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسول ً وامتن على المؤمنين بذلك ] لقد م ّ
من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من
قبل لفي ضلل مبين[ )آل عمران.(164 :
وقال ] :كما أرسلنا فيكم رسول ً منكم يتلو عليكم آياتنا ويعلمكم الكتاب
والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون[ )البقرة .(151:
وما أجمل ذلك الوصف ،وأبر هذا القسم الذي صدر من معاوية بن الحكم
السلمي رضي الله عنه" فبأبي هو وأمي ،ما رأيت معلما ً قبله ول بعده أحسن
تعليما ً منه" )رواه مسلم ) .(.( 537
بل وهل يظن مسلم أن يوجد أسمى وأعلى ،وأشرف منه صلى الله عليه
وسلم معلما ً ومربيًا ،بل وهل يظن ظان أن سيرد مشرب التعليم والتربية من
غير حوضه ،أو يدخل إلى ساحة البناء دون بابه.
فما أحوجنا معاشر المعلمين والمربين إلى التماس هديه صلى الله عليه
وسلم في التعليم ،والتأسي بسنته ،وهل ثمة رمز نتطلع إليه ،وموجه نتلقى
منه غيره؟
)(5 /
144
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
م كانت هذه المحاولت لتلمس بعض معالم هديه صلى الله عليه وسلم ومن ث َ ّ
في التعليم.
أول ً :إيجاد الدافع للتعلم:
ل شك أن للترغيب في العلم دورا ً كبيرا ً في إيجاد الحماسة لدى طالب العلم
للتعلم؛ إذ هو مهما علت حماسته وارتفعت عزيمته ،ليخلو من أن تعصف به
رياح الكسل ،ويصيبه العجز والفتور ،ومن ثم كان لبد من تعاهد هذه النبتة
بالرعاية ،وهو أمر ل يمكن أن يغفل عنه معلم البشرية صلى الله عليه وسلم،
فكان صلى الله عليه وسلم يسلك مبدأ إثارة الدافع لدى المتعلم من خلل:
أ -بيان فضل العلم وطلبه :فيقول صلى الله عليه وسلم ":من سلك طريقا ً
يبتغي فيه علما ً سلك الله به طريقا ً إلى الجنة ،وإن الملئكة لتضع أجنحتها
رضاء لطالب العلم ،وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في
الرض حتى الحيتان في الماء ،وفضل العالم على العابد كفضل القمر على
سائر الكواكب ،إن العلماء ورثة النبياء ،إن النبياء لم يورثوا دينارا ً ول درهما؛ً
إنما ورثوا العلم؛ فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر")رواه الترمذي )(2682
وأبو داود ) (3641وأحمد ) (21208وابن ماجه ).(.(223
س مع أصحابه ،فجلس أحدهم خلف الحلقة، وحين جاء ثلثة نفر وهو جال ٌ
والخر رأى فرجة فجلس فيها ،وأما الثالث فأعرض.قال صلى الله عليه
وسلم بعد ذلك":أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه ،وأما الخر فاستحيا فاستحيا
الله منه ،وأما الخر فأعرض فأعرض الله عنه")رواه البخاري ) (66ومسلم )
.(.(2176
ب -إشعار المتعلم بحاجته إلى العلم :فحين جاء المسيء صلته وصلى قال
ل فإنك لم تصل" .فأعاده صلى له النبي صلى الله عليه وسلم ":ارجع فص ّ
س -رضي الله عنه -بالحاجة للتعلم الله عليه وسلم مرارا ً حتى أح ّ
فقال":والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني") رواه البخاري )(757
ومسلم ).( (397
وفرق بين أن يعلمه صلى الله عليه وسلم ابتداًء ،وبين أن يشعر هو بحاجته
للعلم فيأتي سائل ً باحثا ً عنه.
ثانيًا :جمعه بين التعليم والتربية:
فقد وصفه الله سبحانه وتعالى بذلك فقال] :هو الذي بعث في الميين رسول ً
منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل
لفي ضلل مبين [ )الجمعة .(2 :فمن وظائفه صلى الله عليه وسلم تعليم
العلم ،والتزكية ،وتلوة الكتاب على أصحابه .ولذا لم يكن صلى الله عليه
وسلم يخرج أقواما ً يحفظون المسائل فقط ،بل رّبى أصحابه تربية علمية،
وتربية جهادية ،وقيادية ،وإدارية ،وقبل ذلك كله تربية إيمانية ،فهذا حنظلة-
رضي الله عنه -يحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشهد معه
مجالس التذكير والعلم ،فكأنه يرى الجنة والنار)رواه مسلم ) (.(2750فهي
إذا ً مجالس مع ما فيها من التحصيل المعرفي تنقل المسلم بمشاعره إلى
الدار الخرة ،وما يلبث أن يظهر ذلك على سلوكه وهديه.
ثالثًا:عنايته بتعليم المنهج العلمي:
ففي تربيته العلمية لصحابه لم يكن صلى الله عليه وسلم يقتصر على تعليم
أصحابه مسائل علمية فقط ،بل رّبى علماء ومجتهدين ،وحملة العلم
للبشرية .ولقد ظهرت أثار هذه التربية على صحابته بعد وفاته في مواقفهم
من حادثة الردة ،وجمع القرآن ،وشرب الخمر ،واتخاذ السجون ،والخراج،
وغير ذلك من المسائل التي اجتهد فيها صحابته رضوان الله عليهم ،فلم
145
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(6 /
وفي آخر يقول ":إن الله كره لكم ثلثًا :قيل وقال ،وإضاعة المال ،وكثرة
السؤال")رواه البخاري ) (1477ومسلم ) .(.(1715فهاهنا يذم السؤال.
لكنه في موضع آخر يأمر بالسؤال ،أو يثني عليه فيقول":أل سألوا إذ لم
يعلموا ،فإنما شفاء العي السؤال" )رواه أحمد ) (3048وأبو داود )(336
وابن ماجه ) .(. ( 572ويقول":لقد ظننت يا أبا هريرة أن ليسألني عن هذا
الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث")رواه البخاري )
.(.( 99
ول يمكن أن يخلو متعلم من السؤال والحاجة إليه ،ومن هنا كان عليه أن
يتعلم متى يسأل؟ وعم يسأل؟ ومن يسأل؟ وكيف يسأل؟ وهو منهج سعى
صلى الله عليه وسلم لتأكيده ،وتعليمه لصحابه.
-3كان في إجابته ل يقتصر على موضع السؤال بل يجيب بقاعدة عامة:
سئل :إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ،فإن توضأنا به عطشنا،
أفنتوضأ بماء البحر؟ فلم يقتصر صلى الله عليه وسلم في إجابته على قوله
نعم ،وإل كان الحكم قاصرا ً على الحالة موضع السؤال وحدها .إنما أعطاه
حكم ماء البحر وزاده فائدةً أخرى يحتاج إليها حين قال ":هو الطهور ماؤه
الحل ميتته" )رواه أبو داود ) ( 83والترمذي ) ( 69والنسائي ) ( 332
وأحمد ) (7192وابن ماجه )(386وصححه( .ويعنى هذا أن ماء البحر له سائر
146
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
147
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
يسقط ورقها ،وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟" فوقع الناس في شجر
البوادي ،قال عبد الله -يعني ابن عمر :-ووقع في نفسي أنها النخلة
فاستحييت ،ثم قالوا :حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال":هي النخلة") رواه
البخاري ) (61ومسلم ).( (2811
)(7 /
وجاء رجل ذات يوم فقال :رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن
والعسل ،فأرى الناس يتكففون منها فالمستكثر والمستقل ،وإذا سبب واصل
من الرض إلى السماء ،فأراك أخذت به فعلوت ،ثم أخذ به رجل آخر فعل به،
ثم أخذ به رجل آخر فعل به ،ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل ،فقال أبو
بكر :يا رسول الله ،بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها ،فقال النبي صلى الله
عليه وسلم:اعبرها .قال :أما الظلة فالسلم ،وأما الذي ينطف من العسل
والسمن فالقرآن حلوته تنطف ،فالمستكثر من القرآن والمستقل ،وأما
السبب الواصل من السماء إلى الرض فالحق الذي أنت عليه ،تأخذ به
فيعليك الله ،ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به ،ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو
به ،ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ،ثم يوصل له فيعلو به ،فأخبْرني يا رسول
ت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه الله -بأبي أنت -أصب ُ
ت بعضًا" قال :فوالله يا رسول الله لتحدثني َ وأخطأ ت بعضا ً
وسلم ":أصب َ
بالذي أخطأت ،قال":ل تقسم" ) رواه البخاري ) (7046ومسلم )(2269
وانظر النظرية التربوية في طرق تدريس الحديث النبوي ليوسف( .
وما أحوج المة في هذه المرحلة إلى التربي على المنهج العلمي ،وعدم
الوقوف عند حفظ المسائل المجردة ،أو الجمود على المتون والمختصرات
والحواشي.
- 7تعويدهم على المناقشة والمراجعة:
وتروي لنا هذا المنهج عنه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة -رضي
الله عنها -فقد كانت ل تسمع شيئا ً ل تعرفه إل راجعت فيه حتى تعرفه ،وأن
النبي صلى الله عليه وسلم قال":من حوسب عذب" قالت عائشة :فقلت:
أوليس يقول الله تعالى ] :فسوف يحاسب حسابا ً يسيرا[ ؟ قالت :
فقال":إنما ذلك العرض ،ولكن من نوقش الحساب يهلك") رواه البخاري )
( 103ومسلم ).(2876وانظر أساسيات في طرق التدريس العامة .لمحب
الدين أبو صالح( .والقضية ليست سلوكا ً ذاتيا ً لعائشة رضي الله عنها -وإن
كان ذاك محل تقدير واحترام -بل هو مما تعلمته واعتادته من المعلم الول
صلى الله عليه وسلم.
وبعد هذه الجولة مع هدي المعلم الول في العناية بتعليم المنهج العلمي
نشعر أن تساؤل ً يفرض نفسه ،ويقفز إلى أذهاننا :هل نحن نعنى بتعليم طلبنا
وتهيئتهم ليكونوا أهل علم يستنبطون ويبدعون ويبتكرون؟ أم أننا نربيهم على
تلقي أقوال أساتذتهم بالتسليم دون مراجعة وربما دون فهم لمضمون
القول؟
هل نرى أن من أهدافنا في التعليم أن نربي ملكة التفكير والبداع لدى
طلبنا ،وأن نعودهم على استنباط الحكام الشرعية من النصوص ،وعلى
الجمع بين ما يبدو متعارضًا؟
وهل من أهدافنا تربيتهم على تنزيل الحكام الشرعية على الوقائع التي
يرونها؟
148
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إن المتأمل في واقع التعليم الذي نقدمه لبنائنا يلحظ أننا كثيرا ً ما نستطرد
ما هائل ًفي السرد العلمي المجرد ،ونشعر بارتياح أكثر حين نقدم للطالب ك ّ
من المعلومات ،والطالب هو الخر يقيس مدى النجاح والنجاز بقدر ما
يسطره مما يسمعه من أستاذه ،والتقويم والمتحان إنما هو على أساس ما
حفظه الطالب من معلومات ،واستطاع استدعاء ذلك وتذكره.
وشيء من ذلك حق ،لكن توجيه الجهد لهذا النوع وهذا النمط من التعليم ل
يعدو أن يخرج جيل ً يحفظ المسائل والمعارف -ثم ينساها بعد ذلك -أو يكون
ظل ً لستاذه وشيخه.
ولن تعلم الجائع صيد السمك خير من أن تعطيه ألف سمكة.
وحتى دروس المساجد وحلق العلم ليست بأحسن حظّا ،ول أفضل حا ً
ل.
إن هذا يدعونا لمراجعة هادئة ،مراجعة تتضمن أهدافنا وحجمها وأولوياتها،
وتتضمن طرق التعليم والتدريس ووسائله وأساليبه.
والقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس قاصرا ً على مسائل الطهارة
والذكر والصلة -وإن كانت من أولى ما يدخل في ذلك-بل هو معنى أشمل
يظلل برواقه جوانب الحياة المختلفة ،فيطبعها بهديه وسنته صلى الله عليه
وسلم.
رابعًا:تربيته لصحابه على القيام بواجب التبليغ:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
":من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" ) رواه أبو
داود ) (3658والترمذي ) (2649وابن ماجه ) (266وأحمد ) ( 2/236
وصححه أحمد شاكر .(.والمر ليقف عند طائفة خاصة ،أو مستوى معين من
التحصيل ،بل يدعو صلى الله عليه وسلم حتى صغار المتعلمين ،وأولئك الذين
لم يبلغوا منزلة عالية في التحصيل ،يدعوهم إلى المشاركة في تعليم العلم
ل ":بلغوا عني ولو آية")رواه البخاري ) . ( .(3461وهي دعوة ونشره قائ ً
للمشاركة والمساهمة المنضبطة ،ل فتحا ً للباب لتصدير من تعلم مسألة
واحدة.
ً
وقال صلى الله عليه وسلم ":نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ،فأداها كما
ب مبلغ أوعى من سامع" ) سبق تخريجه ( .وقد روى هذا سمعها ،فَُر ّ
الحديث أكثر من) (16من أصحابه مما يشعر أنه صلى الله عليه وسلم قاله
في أكثر من مناسبة ،أو قاله في أحد المجامع العامة تأكيدا ً لشأنه.
)(8 /
وانظر إلى أثر هذه التربية في قول أبي ذر -رضي الله عنه ": -لو وضعتم
الصمصامة )السيف( على هذه -وأشار إلى قفاه -ثم ظننت أني أنفذ كلمة
ي لنفذتها") رواه سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تجيزوا عل ّ
البخاري تعليقا ً كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل .(.
ويتحرج معاذ -رضي الله عنه -فيرى أن من الخلل بواجب العلم أن يكتم
حديثا ً سمعه منه صلى الله عليه وسلم مع أنه نهاه أن يحدث به الناس"هل
تدري ما حق الله على عباده؟… ") رواه البخاري) (6500وموضع الشاهد
برقم ) (128ومسلم ) (.(32فيخبر -رضي الله عنه -به قبل موته تأثما ً .
إن هذا كله بعض نتاج ما ورثه ذاك الجيل من المعلم الول صلى الله عليه
وسلم.
ً
خامسا :تشجيع الطالب والثناء عليه:
149
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
سأله أبو هريرة -رضي الله عنه -يوما ً :من أسعد الناس بشفاعتك يوم
القيامة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ":لقد ظننت يا أبا هريرة أن ل يسألني
عن هذا الحديث أحد أول منك ،لما رأيت من حرصك على الحديث .أسعد
الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال ل إله إل الله خالصا ً من قلبه أو نفسه"
) رواه البخاري ) . (. ( 99فتخيل معي أخي القارئ موقف أبي هريرة ،وهو
يسمع هذا الثناء ،وهذه الشهادة من أستاذ الساتذة ،وشيخ المشايخ صلى
الله عليه وسلم ،بحرصه على العلم ،بل وتفوقه على كثير من أقرانه،
وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعا ً لمزيد من الحرص والجتهاد
والعناية؟!.
ي بن كعب فقال":يا أبا المنذر ،أتدري أي آية من كتاب الله وحين سأل أب َ
معك أعظم؟" فقال أبي :الله ل إله إل هو الحي القيوم .قال له صلى الله
عليه وسلم":والله ليهنك العلم أبا المنذر" ))رواه مسلم ) . (.( 810
إن المر قد ل يعدو كلمة ثناء ،أو عبارة تشجيع ،تنقل الطالب مواقع ومراتب
في سلم الحرص والجتهاد ،والنفس أّيا كان شأنها تميل إلى الرغبة في
الشعور بالنجاز ،ويدفعها ثناء الناس -المنضبط -خطوات أكثر.
سادسًا:العناية بالمتعلم:
كان صلى الله عليه وسلم يحدث فجاءه أعرابي فقال :متى الساعة؟ فمضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ،فقال بعض القوم :سمع ما قال
فكره ما قال ،وقال بعضهم :بل لم يسمع ،حتى إذا قضى حديثه قال":أين
أراه السائل عن الساعة؟" قال :ها أنا يا رسول الله ،قال":فإذا ضيعت
سد َ المر إلى غير أهلهالمانة فانتظر الساعة" قال:كيف إضاعتها؟ قال":إذا و ّ
فانتظر الساعة" )رواه البخاري ) ( .( 59فرغم أنه صلى الله عليه وسلم لم
يقطع حديثه إل أنه لم ينس هذا السائل ولم يهمله ،وهو أمر يكشف عن تلك
النفس العالية ،والخلق السامي من المعلم الول صلى الله عليه وسلم .
وحين خطب في حجة الوداع قال أبو شاه:اكتبوا لي ،قال صلى الله عليه
وسلم":اكتبوا لبي شاه" )رواه البخاري ) . (2434ومسلم ) . ( .( 1355
سابعًا :معرفته لقدرات تلمذته وإدراكهم العقلي:
فهو يقول لبي هريرة -رضي الله عنه -حين سأله عن الشفاعة" :لقد ظننت
يا أبا هريرة أن ل يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك ،لما رأيت من
حرصك على الحديث" )رواه البخاري ) ( .( 99فهو صلى الله عليه وسلم
يعلم أن تلميذه أبا هريرة -رضي الله عنه -من أحرص أصحابه على
الحديث ،ويظن أن يسبقهم بالسؤال.
ويقول صلى الله عليه وسلم ":أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ،وأشدهم في أمر
الله عمر ،وأصدقهم حياء عثمان ،وأعلمهم بالحلل والحرام معاذ بن جبل،
وأفرضهم زيد بن ثابت ،وأقرؤهم ُأبي ،ولكل أمة أمين ،وأمين هذه المة أبو
عبيدة بن الجراح") رواه الترمذي ) (3790وابن ماجه ) (154وأحمد )
. ( .(12493أفليس هذا مظهرا ً من مظاهر إدراكه صلى الله عليه وسلم
لمدارك واستعداد أصحابه؟
أفل يجدر بمن يتأسى بمنهجه ،ويقتدي بهديه في التعليم أن يعنى بالتعرف
على قدرات تلمذته ،ومدى حرصهم واستعدادهم ؟
إن معرفة المدرس لتلمذته تنعكس على تدريسه وعطائه ،فالذي يعرف
تلمذته معرفة دقيقة هو القادر أن يعلمهم ما يحتاجون إليه ويتناسب معهم،
وهو القادر على توجيههم للتخصص المناسب ،وعلى الجابة الدقيقة عن
تساؤلتهم ،وهو القادر أيضا ً على العدالة والدقة في تقويمهم وإعطائهم
150
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(9 /
والعتناء بالفروق الفردية أمر لم تبتكره التربية المعاصرة ،بل أشار إليه
أسلفنا الوائل وأدركوه وأوصوا المعلم به ،قال النووي":وينبغي أن يكون
باذل ً وسعه في تفهيمهم ،وتقريب الفائدة إلى أذهانهم ،حريصا ً على هدايتهم،
ويفهم كل واحد بحسب فهمه وحفظه ،فل يعطيه ما ل يحتمله ،ول يقصر به
عما يحتمله بلمشقة ،ويخاطب كل واحدٍ على قدر درجته ،وبحسب فهمه
وهمته ،فيكتفي بالشارة لمن يفهمها فهما ً محققًا ،ويوضح العبارة لغيره
ويكررها لمن ل يحفظها إل بتكرار ،ويذكر الحكام موضحة بالمثلة من غير
دليل لمن ل ينحفظ له الدليل ،فإن جهل دليل بعضها ذكره له")المجموع
شرح المهذب ).( .(1/31
وكان السلف ربما خصوا بعض الطلب بالتعليم والتحديث دون غيره .قال أبو
عاصم":ربما رأيت سفيان يجذب الرجل من وسط الحلقة فيحدثه بعشرين
حديثا ً والناس قعود" ،قالوا :لعله كان ضعيفًا .قال:ل)أخرجه الرامهرمزي في
المحدث الفاصل ).((785
تاسعًا :التوجيه للتخصص المناسب:
عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه -أن قومه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم
م من بني النجار حفظ بضع عشرة سورة ،فاستقرأني فقرأت :هاهنا غل ٌ
سورة ق ،فقال ":إني أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا،
فتعلم السريانية" فتعلمها -رضي الله عنه -في سبعة عشر يومًا ،وفي
رواية :خمسة عشر)رواه البخاري( .
والمة أحوج ما تكون إلى طاقات أبنائها وقدراتهم ،فبدل ً من تشتيتها
وبعثرتها ،أليس من حق الطالب على أستاذه أن ينصح له ويوجهه لما يناسبه
حين يبدع في فن دون غيره ،ومن جانب آخر فالمة لن تستغني عمن يسد
ثغراتها ،فالتخطيط السليم ،والعداد المتكامل يقضي أن توجه طاقات المة
لسد هذه الثغرات ،ومن أين يبدأ التوجيه إن لم يكن من التعليم؟
والتلميذ قد يسعى لتخصص ليناسبه ،أو يوجهه والده لما غيره أولى منه،
فحين يساهم المدرس في توجيهه لما يرى أنه أولى يقدم خيرا ً للتلميذ ،بل
وللمجتمع أجمع.
عاشرًا :الجمع بين التعليم الفردي والجماعي:
في كثير من النصوص نقرأ :كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا ً مع
أصحابه ،بينما كنا جلوسا ً مع النبي صلى الله عليه وسلم ،فهذا نموذج للتعليم
151
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
الجماعي ،وأما التعليم الفردي فنماذجه كثيرة ،قال ابن مسعود -رضي الله
عنه ": -علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد
كما يعلمني السورة من القرآن…") رواه البخاري ) (6265ومسلم ).( (402
ومن ذلك ما ورد عن غير واحد من أصحابه :أوصاني رسول الله صلى الله
عليه وسلم
ومن ذلك حديث معاذ -رضي الله عنه :-بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه
وسلم ليس بيني وبينه إل آخرة الرحل فقال" :يا معاذ" قلت :لبيك رسول
الله وسعديك ،ثم سار ساعة ثم قال" :يا معاذ" قلت :لبيك رسول الله
وسعديك ،ثم سار ساعة ،ثم قال" :يا معاذ" قلت :لبيك رسول الله وسعديك،
قال":هل تدري ما حق الله على عباده؟" قلت:الله ورسوله أعلم ،قال":حق
الله على عباده أن يعبدوه ول يشركوا به شيئًا" ثم سار ساعة ثم قال":يا
معاذ بن جبل" قلت :لبيك رسول الله وسعديك ،فقال":هل تدري ما حق
العباد على الله إذا فعلوه" قلت :الله ورسوله أعلم ،قال":حق العباد على
الله أن ل يعذبهم") رواه البخاري ) (5967ومسلم ).( (30
الحادي عشر :العناية بتعليم المرأة:
حين صلى العيد صلى الله عليه وسلم اتجه إلى النساء فوعظهن وأمرهن
بالصدقة ،فعن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال :خرجت مع النبي صلى
الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب ،ثم أتى النساء
فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة) رواه البخاري ) (975ومسلم )(884
مطو ً
ل.( .
بل تجاوز المر مجرد استثمار اللقاءات العابرة ،فعن أبي سعيد الخدري -
رضي الله عنه -قال :قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم :غلبنا عليك
الرجال فاجعل لنا يوما ً من نفسك ،فوعدهن يوما ً لقيهن فيه فوعظهن
وأمرهن فكان فيما قال لهن ":ما منكن امرأة تقدم ثلثة من ولدها إل كان
لها حجابا ً من النار" فقالت امرأة :واثنتين ،فقال":واثنتين") رواه البخاري )
(101ومسلم ). (.(2633
إن المرأة في المجتمع السلمي تناط بها أدوار ومسؤوليات جسام ،وهي لن
تستطيع أداء هذه الدوار حين ل يعنى بتعليمها ورعايتها.
الثاني عشر :التشويق والتنويع في عرض المادة :
ل":أتدرون ما الغيبة؟")رواه فهو أحيانا ً يطرح المسألة على أصحابه متسائ ً
مسلم )".(.(2589أتدرون ما المفلس؟" ) رواه مسلم ) " .(.( 2581إن من
الشجر شجرة ل يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟" )رواه
البخاري ) (61ومسلم ). ( .(2811
ولشك أن السؤال مدعاة ٌ للتفكير وتنميته ،ومدعاة للشتياق لمعرفة الجواب
مما يكون أرسخ في الذهن.
وأحيانا ً يغّير نبرات صوته ،فكان إذا خطب احمّرت عيناه ،وعل صوته ،واشتد
غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم)رواه مسلم ).( (867
)(10 /
وأحيانا ً يغّير جلسته ،كما في حديث أكبر الكبائر :وجلس وكان متكئا ً فقال":أل
وقول الزور" ) رواه البخاري ) ( 2654ومسلم ) .( .( 87
فنهدي هذه القبسات إلى كل من حبس نفسه في إطار قوالب جامدة،
وأساليب موروثة ،فحول السلوب هدفًا ،والوسيلة غاية.
152
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
153
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
فاستعماله صلى الله عليه وسلم لما أتيح في عصره من وسائل ،يعني لنا أن
من تمام القتداء بهديه صلى الله عليه وسلم أن نستعمل خير ما تفتق عنه
العصر من وسائل وأساليب حديثة في التربية والتعليم ،مادامت مباحة.
الخامس عشر :تأكيد ما يحتاج للتأكيد:
فقد حلف صلى الله عليه وسلم على مسائل كثيرة تزيد على الثمانين :والله
ليؤمن… والذي نفسي بيده ..وأيم الله ..وغيرها كثير ،وكرر بعض العبارات
كقوله":أل وقول الزور" فما زال يكررها حتى تمنى أصحابه سكوته إشفاقا ً
عليه صلى الله عليه وسلم )سبق تخريجه .(.
السادس عشر :البعد عن مشتتات الفهم:
ويدل على هذا المعنى حديث السائل عن الساعة ، .إذ أعرض عنه صلى الله
عليه وسلم حتى ل يشتت فهم أصحابه ،ثم عاد إليه )انظر :أساسيات في
م فأولئكطرق التدريس العامة .لمحب الدين أبو صالح ) . (. (110ومن ث َ ّ
الذين يتيهون بطلبهم في أودية من التفرعات ،والخروج عن مقصود الدرس،
بحاجة إلى مراجعة هديه صلى الله عليه وسلم .
ويشير القرآن الكريم إلى شيء من هذا المعنى ،فيقول تعالى في شأن تدبر
القرآن ]إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد[ )ق:
(37فهو حين يريد أن يتدبر القرآن التدبر المثل لبد أن يفرغ قلبه من
الشوارد والصوارف.
)(11 /
وفي صلة الجمعة ينهى صلى الله عليه وسلم عن النشغال عن الخطبة ،أو
إشغال الخرين ،ولو لسكات من كان يتحدث "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة
أنصت والمام يخطب فقد لغوت")رواه البخاري ) (934ومسلم ).( (851
كل هذا دعوة لن يتهيأ المسلم للنصات والستماع.
ولما كانت الصلة تتطلب حضور القلب وخشوعه ،وتدبر المصلي لما يكون
في صلته من تلوة وذكر نهى صلى الله عليه وسلم عن الصلة بحضرة ما
يشغل المصلي ،ومن ذلك:الصلة بحضرة الطعام ،ومدافعة الخبثين ،ووجود
ما يشغله في قبلته.
السابع عشر:مراعاة نشاط الطلب واستعدادهم:
ويدل لهذا المعنى ما رواه ابن مسعود -رضي الله عنه -قال :كان النبي
صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في اليام كراهة السآمة علينا )رواه
البخاري ) (68ومسلم ) (2821وانظر المصدر السابق ). (. (108
أما الذين يشعرون أن التعليم يقف عند سرد معلومات جافة ،فل يعنيهم مدى
ل البعد عن هدي المعلم استعداد الطالب ،وتهيئه للتعلم ،فأولئك بعيدون ك ّ
الول صلى الله عليه وسلم .
إن المتعلم ليس آلة صماء تستقبل كل ما يرد إليها ،بل هو بشٌر له قدرات
محددة ،وغرائز ،وصفات بشرية لبد من مراعاتها.
الثامن عشر :مراجعة العلم والحفظ:
فقد أوصى صلى الله عليه وسلم حفاظ القرآن بتعاهده والعناية به
فقال":تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا ً من البل في
عقلها" )رواه البخاري ) ( 5033ومسلم ) . (. ( 791
وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان )رواه البخاري ) (4997ومسلم )
. (.(2308
154
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
155
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(12 /
روى الرامهرمزي بإسناده عن أبي العالية قال":كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه
نظرنا إلى صلته ،فإن أحسن الصلة أخذنا عنه ،وإن أساء الصلة لم نأخذ
عنه")المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للقاضي الحسن بن عبدالرحمن
الرامهرمزي ). (. (409
وقال محمد بن سيرين" :إن هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون
دينكم")رواه مسلم في مقدمة صحيحه .والخطيب في الكفاية . 121
والرامهرمزي في المحدث الفاصل). (. (437
وقال حماد بن زيد :دخلنا على أنس بن سيرين في مرضه فقال":اتقوا الله يا
معشر الشباب ،وانظروا عمن تأخذون هذه الحاديث فإنها دينكم ")رواه
الخطيب في الكفاية ) . (122والرامهرمزي في المحدث الفاصل ). (. (440
وقال المام مالك رحمه الله" :إن هذا العلم هو لحمك ودمك ،وعنه تسأل
يوم القيامة ،فانظر عمن تأخذه" )رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل )
. (. (444
وقال مجالد" :ل يؤخذ الدين إل عن أهل الدين" )رواه الرامهرمزي في
المحدث الفاصل ). (. (445
فحين تطرق هذه النصوص أخي المدرس مسمع طلبنا أتراهم يرونها تنطبق
ذر السلف من الخذ عنهم؟ علينا بحق؟ أم أنهم يدرجونا ضمن قائمة من ح ّ
فل علينا أن نطرح هذا السؤال بصدق وصراحة على أنفسنا :هل نحن معنيون
بحق في الحرص على استقامة ديننا وسلوكنا؟ وهل نحن نشعر أن إعداد
أنفسنا ،وتقوية إيماننا ،والعناية بعبادة الله عز وجل وطاعته جزٌء ل يتجزأ من
واجبنا؟
-3حث الطالب على العلم وتحريضه عليه:
إن غرس حب العلم ،والعناية به من أهم الصفات التي ينبغي أن يتسم بها
ن سلف من أهل العلم .قال المام م ْم َ
المدرس ،وهي وصية يوصي بها المعل َ
النووي":وينبغي أن يرغبه في العلم ،ويذكره بفضائله وفضائل العلماء ،وأنهم
ورثة النبياء صلوات الله وسلمه عليهم ،ولرتبة في الوجود أعلى من
هذه")المجموع شرح المهذب ).(. (1/30
وفي عصرنا الحاضر تزداد القضية تأكيدًا ،وتستحق مزيدا من الرعاية
ً
والعناية؛ إذ كثرت الصوارف والشواغل للجيل المعاصر من الملهي ووسائل
قضاء الشهوات ،مما يجعل العلم والعناية به في مرتبة متأخرة من اهتمامات
الطالب ،هذا إن وجد ذلك أص ً
ل.
والترغيب في العلم والحث عليه ليس بالضرورة حكرا ً على طريقة واحدة
تتمثل كما يتصور البعض بالحديث النظري المستفيض عن فضائل العلم
وأهله ،وعن تقصير الجيل الحاضر في ذلك.
إن مثل هذا الحديث مطلب له أهميته ،لكن حين نضيف لذلك عنايتنا بغرس
حب العلم عند تلمذتنا من خلل إعطائهم المزيد مما يشد انتباههم من
الفوائد العلمية ،وتعويدهم على القراءة من خلل توجيههم لكتب مفيدة
ومشوقة .وحين يلمسون عنايتنا نحن بما نقدمه لهم ،ويرون أثر العلم على ما
نقدمه ،ونضيف لذلك كله نماذج من سير أهل العلم وعنايتهم به؛ إننا من
خلل ذلك كله يمكن أن نسهم في دفع الهم العلمي لدى طلبنا مرحلة أعلى
مما هي عليه في الواقع.
- 4حسن المظهر:
156
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(13 /
إننا نلمس في أنفسنا جميعا ً أن هناك كلمات نسمعها فتترك أثرا ً إيجابيا ً أو
سلبيا ً في نفوسنا دون أن يشعر من قالها بذلك .أفل نجعل من هذا العتبار
مقياسا ً للخرين ،فنفترض أن مشاعرهم تجاه ما يسمعونه منا لن تكون
بالضرورة مدركة لنا ،أو حتى واردة في حسباننا؟ مما يدفعنا إلى مراجعة
منطقنا أكثر ،وأن نحسب لكل كلمة نقولها حسابًا.
- 6النضباط واتزان الشخصية:
يؤكد هذه الصفة المام النووي فيقول ":وينبغي أن يصون يديه عن العبث،
وعينيه عن تفريق النظر بل حاجة ،ويلتفت إلى الحاضرين التفاتا ً قصدا ً
بحسب الحاجة للخطاب")المجموع شرح المهذب ).(. (1/33
والتزان صفة يحتاج إليها من يطلب من الناس أدنى اعتبار لشخصيته
واحترام لها ،فكيف بمن يكون معلما ً للجيل وقدوة للناشئة؛ إذ إن أولئك
الذين يفقدون اتزانهم ،وتنبئ تصرفاتهم عن نقص في العقل وكمال الرجولة،
وفقد لهيبة العلم ،أولئك إنما تنادي أحوالهم بمزيد من السخرية والعبث من
قبل تلمذتهم.
- 7القدوة الصالحة:
157
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
158
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(14 /
ومدار ذلك كله على حسن الخلق ،وقد أعلى الشرع منزلة حسن الخلق
ورفع من شأنها ،قال صلى الله عليه وسلم ":ليس شيء أثقل في ميزان
المؤمن يوم القيامة من خلق حسن")رواه الترمذي ) (2002وأبو داود )
(4799وأحمد )(26971وانظر :السلسلة الصحيحة ) . (. ( 876
وترتقي منزلة أهل الخلق الحسن ليدركوا درجة أهل العبادة والزهد":إن
المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" )رواه أبو داود )(4798
وأحمد ) (23834وابن حبان ) . (. (1927وإذا كان حسن الخلق يتأكد على
كل مسلم ،فهو في حق معلم الجيال ،وأستاذ النشء آكد وأوجب ،وحسن
خلق المدرس مع طلبه كلمة واسعة تجمع أبوابا ً شتى منها:
ل :توقير الطالب وتقديره:أو ً
بعيدا عن نظرة التعالي التي سادت بين كثير من المسلمين وللسف ،وفوق ً
احتقار الخرين وازدرائهم -كما هو حال بعض المعلمين -فوق ذلك كله
وأسمى منه يجب أن تكون أخلقنا معشر المعلمين الدعاة.
وفي الجامع لخلق الراوي وآداب السامع :باب إكرامه الغرباء من الطلبة
وتقريبهم ،استقباله لهم بالترحيب ،تواضعه لهم ،تحسين خلقه معهم ،الرفق
بمن جفا طبعه منهم ،ويروي في الباب الخير عن أبي عثمان الوراق قال:
اجتمع أصحاب الحديث عند وكيع ،قال :وعليه ثوب أبيض ،فانقلبت المحبرة
على ثوبه ،فسكت ملّيا ثم قال :ما أحسن السواد في البياض.
وعن سفيان بن وكيع قال :قال أبي :من أراد أن يحدث فليصبر وإل
فليسكت)الجامع لخلق الراوي وآداب السامع ).(. (1/355
وفي الدب الرابع للمعلم عند ابن جماعة":أن يحب لطالبه ما يحب لنفسه
كما جاء في الحديث ،ويكره له ما يكره لنفسه ،قال ابن عباس :أكرم الناس
ي ،لو استطعت أن ليقع الذباب علي جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إل ّ
عليه لفعلت ،وفي رواية :إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني" )تذكرة السامع
والمتكلم ) . (. ( 49
ويؤكد ابن جماعة على المعلم حسن المعاملة في موضع آخر فيقول":وكذلك
ينبغي أن يترحب بالطلبة إذا جلسوا إليه ،ويؤنسهم بسؤالهم عن
أحوالهم،وأحوال من يتعلق بهم بعد درسهم ،وليعاملهم بطلقة الوجه ،وظهور
البشر ،وحسن المودة ،وإعلم المحبة ،وإضمار الشفقة")تذكرة السامع
والمتكلم ) . ( . ( 65
وقال النووي":وينبغي له أن يحنو عليه ،ويعتني بمصالح نفسه وولده ،ويجريه
159
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(15 /
160
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
161
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(16 /
روى ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله عن عمر بن الخطاب -رضي
الله عنه -أنه قال":تعلموا العلم وعّلموه للناس ،وتعّلموا له الوقار والسكينة،
وتواضعوا لمن تعلمتم منه ،ولمن علمتموه ،ول تكونوا جبابرة العلماء،
فليقوم جهلكم بعلمكم" )جامع بيان العلم وفضله ).(. (1/135
وقد أوصى المام الجري من يعّلم القرآن بالتواضع فقال":ويتواضع لمن
ل" )أخلق أهل القرآن للجري ) يلقنه القرآن ،ويقبل عليه إقبال ً جمي ً
. (. (111
وقال أيضا ً رحمه الله":وينبغي لمن قرأ عليه القرآن فأخطأ عليه أو غلط أل
يعنفه ،وأن يرفق به ،ول يجفو عليه ،فإني ل آمن أن يجفو عليه فينفر عنه،
وبالحري أل يعود إلى المسجد")أخلق أهل القرآن للجري ). (. (120
قال المام النووي":وينبغي له أل يتعظم على المتعلمين ،بل يلين لهم
ويتواضع ،فقد أمر بالتواضع لحاد الناس ،قال الله تعالى ] :واخفض جناحك
للمؤمنين[ وعن عياض بن حمار -رضي الله عنه -قال :قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ":إن الله أوحى إلي أن تواضعوا "رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال":ما نقصت صدقة من مال ،وما زاد الله عبدا ً بعفو إل عّزا ،وما تواضع
أحد ٌ لله إل رفعه الله" رواه مسلم ،فهذا التواضع لمطلق الناس فكيف بهؤلء
الذين هم كأولده مع ما هم عليه من الملزمة لطلب العلم ،ومع ما لهم عليه
من حق الصحبة وترددهم إليه ،واعتمادهم عليه ،وفي الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم ":لينوا لمن ُتعّلمون ،ولمن تتعّلمون منه" وعن الفضيل
162
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
بن عياض رحمه الله"أن الله عز وجل يحب العالم المتواضع ،ويبغض العالم
الجبار ،ومن تواضع لله تعالى وّرثه الحكمة" أ.هـ)المجموع شرح المهذب )
. ((1/30
وقد يكون المرء في موقع يرى منه الناس ما ليرونه في أنفسهم ،فيكبرونه،
وينزلونه فوق منزلته ،والمدرس من أكثر الناس عرضة لذلك ،فالحري به
أن"يعرف قدر نفسه فل ينخدع بما يقال عنه ،وليركن إلى ثناء أحد عليه ،ول
يدخله العجب والغرور بما يرى من كثرة طلب العلم حوله" )إعداد المعلم
من منظور التربية السلمية .د عبدالله بن عبدالحميد محمود ). (.(225
سابعًا :العناية بالطالب الموهوب :
لقد خلق الله الناس معادن وطاقات متفاوتة كما قال صلى الله عليه و
سلم ":الناس معادن ،خيارهم في الجاهلية خيارهم في السلم إذا فقهوا
")رواه البخاري ) (3383ومسلم ) .( . ( 2638
وقال":مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب
أرضًا ،فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكل والعشب الكثير ،وكانت منها
أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ،وأصابت
منها طائفة أخرى إنما هي قيعان ل تمسك ماء ول تنبت كل ،فذلك مثل من
م وعّلم ،ومثل من لم يرفع فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به؛ فَعَل ِ َ
بذلك رأسًا ،ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به")رواه البخاري ) ( 79
ومسلم ) . ( . ( 2282
ولقد كان سلف المة -رحمهم الله -يعنون بذلك أيما عناية ،روى ابن عبد
البر في الجامع عن عبد الملك بن عبد العزيز بن سلمة بن أبي الماجشون
قال:أتيت المنذر بن عبدالله الحزامي وأنا حديث السن ،فما رآني اهتز إلي
على غيري لما رأى في بعض الفصاحة ،فقال لي:من أنت؟ فقلت له :عبد
الملك بن عبدالعزيز بن أبي سلمة .فقال":اطلب العلم فإن معك حذاءك
وسقاءك")جامع بيان العلم وفضله ).((1/86
ومصطلح الموهوب أوسع وأشمل من أن يقتصر على من يتمتع بقدر أكبر
من الذكاء ،فهو يشمل كل من يملك قدرات خاصة تؤهله للتفوق في أي
مجال من المجالت ،فالشعر والخطابة والكتابة مواهب ،والقدرات العملية
والقيادية كذلك.
ونأسف حين نرى الغرب الكافر يعتني بالموهوبين ،ويسن لرعايتهم أنظمة
خاصة ،ويقيم فصول ً ومدارس خاصة بهم ،في حين يلقون غاية الهمال لدى
المسلمين ،فتقام في أمريكا سنويا ً مسابقة لختيار الختراعات التي يتقدم
بها الطفال) (13-5سنة ،وأقيمت مسابقة عام 1992م في واشنطن وشارك
فيها 51طفل ممن فازوا في التصفيات التي جرت على مستوى الوليات
المتحدة ،وابتداًء من شهر أغسطس الماضي عرضت الختراعات الفائزة في
متحف التاريخ المريكي جنبا ً إلى جنب مع الختراعات المريكية الخرى،
كبادرة لتشجيع المخترعين الصغار )جريدة الرياض ) /3 / 7 ( 838 8
1413هـ ( .
فحين ترى طالبا يفوق غيره في قدراته ،فماذا أنت صانع نحوه؟ وهل فكرت ً
ة واهتماما ً يليقان به؟
أن عليك أن تنظر له نظرة غير أقرانه؟ وأن توليه رعاي ً
أليست هذه الطاقات هي المؤهلة لتتبوأ المكانة الجتماعية أو العلمية
والفكرية في المجتمع؟ وصلحها ينتج عنه خير كثير.
ونستطيع أن نرسم لنفسنا هدفين رئيسين في التعامل مع الموهوب:
الهدف الول:
163
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أن نسلك به طريق الستقامة والصلح ،ويسير في ركب جيل الصحوة ،وهذا
هو المطلب الولى والساس ،والضمانة لستثمار هذه الطاقة وتوجيهها.
الهدف الثاني:
)(17 /
قد يعجز المدرس عن التأثير التام على الموهوب وجلبه لتيار الخير
والستقامة والتغيير الجذري لديه ،فل أقل من أن يزرع لديه حب الخير
وأهله ،والولء للدين ،واستغلل طاقته وموهبته في خدمة دين الله ،فهذا من
تمام شكر نعمة الله عليه.
المبحث الثاني :صفات سلبية
لئن كانت هناك صفات إيجابية ينبغي للمعلم أن يتحلى بها ،فهناك صفات
سلبية ينبغي له أن يتأى عنها ويتجنبها ،ومن أبرز تلك الصفات :
-1الستكبار عن قبول الحق:
قد يكون لدى أحد طلبتك علم في مسألة معينة ليس عندك ،أو سمع فيها ما
لم تسمع ،أو يتضح لك بعد النقاش أن الحق بخلف ما قلته ،فهل فكرت في
كسر حاجز الهوى ،وقبول الحق والنتصار على الوهم الذي يوحي إليك أن
هذا يغض من شأنك؟ بل فيه الرفعة والثقة ،فالناس كل الناس يدركون أنه ل
كمال لبشر ،وأنه ما من أحد من كبار أهل العلم إل وتعزب عنه شاردة أو
واردة ،فكيف بي وبك؟ بل إن العتراف بالحق يزيد تلمذتك ثقة أنك ل تقول
إل ما تعلم ،ول تنطق إل بما توقن.
لذا فيعد المام النووي من صفات المعلم أن":ليستنكف عن التعلم ممن هو
دونه ،في سن ،أو نسب ،أو شهرة ،أو دين ،أو في علم آخر ،بل يحرص على
الفائدة ممن كانت عنده ،وإن كان دونه في جميع هذا")لمجموع شرح
المهذب ).( . (1/29
- 2حسد الطالب:
الحسد سلوك شاذ يصدر عن أصحاب النفوس المريضة حين ترى من فاقها
في أمر من أمور الدنيا الفانية ،وهو يحمل علوة على خبث الطوية سخطا ً
على قضاء الله وعدم رضا بعطائه؛ لذا فالمدرس أعظم قدرًا ،وأعلى شأنا ً
من أن يحمل في قلبه حسدا ً أو غل ً تجاه أحد أبنائه؛ خاصة حين يفوقه ،وهو
مسلك حذر منه السلف الصالح.
م
ٌ حرا فالحسد تحصيله، لكثرة منهم ً اأحد قال المام النووي":ول يحسد
ب للجانب وهنا أشد؛ لنه بمنزلة الوالد ،وفضيلته يعود إلى معلمه منها نصي ٌ
وافٌر؛ فإنه مربيه ،وله في تعليمه وتخريجه في الخرة الثواب الجزيل ،وفي
الدنيا الدعاء المستمر والثناء الجميل")المجموع شرح المهذب ).(. (1/33
- 3الفتيا بغير علم:
ما أكثر ما يأتيك أخي المدرس السؤال والستفتاء من طلبتك فهل رّوضت
نفسك على أن تقول لما لتعلم ل أعلم؟ فمن حرم ل أدري أصيبت مقاتله،
وهل وضعت نصب عينيك قوله تعالى ] :قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر
منها وما بطن والثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به
سلطانا ً وأن تقولوا على الله ما ل تعلمون[ )العراف .(33 :وقوله سبحانه :
]ل تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
ل[ )السراء . (36 :وأجرأ الناس على الفتيا أقلهم علما ً كما قال مسؤو ً
سحنون .
164
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عقد المام ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله بابا ً بعنوان) :ما يلزم
العالم إذا سئل عما ل يدريه من وجوه العلم( وروى بسنده عن عبد الرحمن
بن مهدي قال :كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال :يا أبا عبد الله ،جئتك
ة أسألك عنها .قال :فسل. ل بلدي مسأل ًملني أه ُمن مسيرة ستة أشهر ح ّ
قال:فسأله الرجل عن المسألة .فقال :ل أحسنها .قال :فبهت الرجل كأنه قد
جاء إلى من يعلم كل شيء .قال:أي شيء أقول لهل بلدي إذا رجعت إليهم؟
قال :تقول لهم :قال مالك :ل أحسن")امع بيان العلم وفضله ). ( . (2/53
وقال مالك رحمه الله":ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول ل أدري،
فإنه عسى أن يهيأ له خير" .قال ابن وهب :وكنت أسمعه كثيرا ً ما يقول :ل
أدري .وقال في موضع آخر":لو كتبنا عن مالك ل أدري لملنا اللواح")جامع
بيان العلم وفضله ) .(. (54-2/53
ولذا يوصي ابن جماعة المعلم بذلك فيقول":واعلم أن قول المسئول ل أدري
ل يضع من قدره كما يظنه بعض الجهلة ،بل يرفعه؛ لنه دليل عظيم على
عظم محله ،وقوة دينه ،وتقوى ربه ،وطهارة قلبه ،وكمال معرفته وحسن
تثبته ،وقد روينا معنى ذلك عن جماعة من السلف ،وإنما يأنف من قول ل
أدري من ضعفت ديانته ،وقلت معرفته؛ لنه يخاف من سقوطه من أعين
الحاضرين ،وهذه جهالة ورقة دين ،وربما يشهر خطؤه بين الناس فيقع فيما
فّر منه ،ويتصف عندهم بما احترز عنه ،وقد أدب الله تعالى العلماء بقصة
موسى مع الخضر حين لم يرد موسى عليه السلم العلم إلى الله تعالى لما
سئل هل أحد في الرض أعلم منك" )تذكرة السامع والمتكلم ).( . (43-42
)(18 /
165
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ول يقول إل حقا ّ )رواه الترمذي )
( 1991ورواه أيضا ً في الشمائل ) ( 202وقال :حسن صحيح (.لكن
ل":يجب المزاح حين يكثر يصبح له أثر آخر يحذرنا منه الخطيب البغدادي قائ ً
أن يتقي المزاح في مجلسه؛ فإنه يسقط الحشمة ،ويقل الهيبة" .وساق
بإسناده إلى الحنف بن قيس قال :قال لي عمر بن الخطاب":يا أحنف ،من
كثر ضحكه قلت هيبته ،ومن أكثر من شيء عرف به ،ومن مزح استخف
به")الجامع لخلق الراوي وآداب السامع ) . ( . ( 2/50
وقال محمد بن المنكدر :قالت لي أمي :يا بني ،ل تمازح الصبيان فتهون
عليهم")الجامع لخلق الراوي وآداب السامع ). (. (2/150
وحين يكثر المدرس من المزاح فسوف يسقط قدره وتقل هيبته ويهون على
تلمذته ،ناهيك عن أن من أهم ما ُينتظر من المدرس ومعلم الجيل أن يكون
قدوة صالحة ،وأن يسهم في غرس الجد والمثابرة لدى أبنائه ،والسفاف في
المزاح وكثرة الهزل يعطيهم قدوة سيئة في ذلك.
-5استخدام الطلبة في المور الشخصية:
أل ترى أنه مما ل يليق بالمدرس أن يستخدم طلبه في أموره الشخصية،
ويكلفهم بها مهما هانت ؟ يجيبنا على هذا التساؤل الحافظ ابن جماعة
فيقول":وكذا ينزهه -علمه -من طمع في رفق من طلبته بمال أو خدمة أو
غيرهما بسبب اشتغالهم عليه وترددهم إليه")تذكرة السامع والمتكلم )
(. ( 19اللهم إل أن تكون حاجة عامة غير شخصية ،وفي اشتغال المعلم بها
تضييع لوقته ،وهذا الطالب من خاصته فل حرج حينئذ بل إنه يتشرف بخدمته،
مادام يشعر أن ذلك ليس لشخصه فقط.
-6الوقوع في مواطن التهم:
المرء مسئول عن نفسه ،وعليه أن يبعدها عن مواضع التهم كما قال ابن
جماعة":وكذلك يتجنب مواضع التهم وإن بعدت ،ول يفعل شيئا ً يتضمن نقص
مروءة ،أو ما يستنكر ظاهرًا ،وإن كان جائزا ً باطنًا؛ فإنه يعرض نفسه للتهمة،
وعرضة للوقيعة ،ويوقع الناس في الظنون المكروهة ،وتأثيم الوقيعة ،فإن
اتفق وقوع شيء من ذلك لحاجة أو نحوها ،أخبر من شاهده بحكمه ،وبعذره
ومقصوده كيل يأثم بسببه ،أو ينفر عنه فل ينتفع بعلمه ،ولذلك قال النبي
صلى الله عليه وسلم للرجلين لما رأياه يتحدث مع صفية فوليا ":على
رسلكما إنها صفية" ثم قال":إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم،
فخفت أن يقذف في قلوبكما شيئًا)رواه البخاري ) (3281ومسلم )
"(.(2175ا.هـ) .تذكرة السامع والمتكلم )(. (20-19
-7سرعة النفعال ولغة التهديد:
من لوازم حسن الخلق الترفع عن سرعة النفعال وشدة الغضب ،واستبعاد
لغة التهديد ،ومن أسوأ الساليب التي ل يجني منها المدرس إل الكراهية من
طلبه بل استخفافهم وسخريتهم:التهديد بما يعلم الطلب أنه لن يفعله.
وعناية المدرس بانضباط الفصل وهدوئه ينبغي أل تكون على حساب التربية،
وعلقته مع الطلب.
والغلب أن تكون هذه المواقف ردة فعل لسلوكيات ومخالفات ل ترقى
لحجم هذه العقوبة والقسوة ،ويمكن تجاوزها بإشارة ،أو تنبيه لطيف يزيلها
ويحفظ للمدرس وقاره وقدره.
- 8السخرية من الطالب واحتقاره:
)(19 /
166
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قال عز وجل ] :يا أيها الذين آمنوا ل يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا
خيرا ً منهم ول نساء من نساء عسى أن يكن خيرا ً منهن ول تلمزوا أنفسكم
ول تنابزوا باللقاب بئس السم الفسوق بعد اليمان ومن لم يتب فأولئك هم
الظالمون[ )الحجرات (11:وشدد النبي صلى الله عليه وسلم من أمر
السخرية بالمسلم فقال":بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه
المسلم")رواه مسلم ).( .(2564
لقد جمع الله سبحانه وتعالى بين قلوب عباده المؤمنين بجامع الخوة ،وربط
بينهم برابطة التقوى ،تلك الخوة والرابطة التي تذوب عندها كل الفواصل
الرضية والنعرات الجاهلية ،ويستوي فيها الصغير والكبير ،والشريف
والوضيع ،ومن الخلل بهذا الدب الذي أدبنا الله به في كتابه ،ومن ارتكاب
الشر الذي نهانا عنه صلى الله عليه وسلم أن نحتقر الطالب ونسخر منه،
ل ،أو يقع في خطأ ما، فنحرجه أمام زملئه؛ فقد يجيب إجابة ،أو يسأل سؤا ً
فهل يعني هذا أن نمرغ كل معاني الخلق الفاضل لنوجه له سخرية لذعة؟
إن إيغار صدره على معلمه ،ورده لما يسمع منه ،ومشاركة سائر الطلبة له
مشاعر السخط ،كل ذلك نتيجة منطقية وبدهية لسلوب السخرية الذي
يمارسه بعض المعلمين.
فهل أدبنا أنفسنا بالدب الشرعي ،ووزنا ألفاظنا قبل أن نتفوه بها؟
ويذكر أستاذنا د .محمد عبد العليم مرسي قصة تصور النتيجة التي يمكن أن
يصل إليها الطالب حين يعامل بالسخرية والحتقار فيقول ":ول زلت أذكر
حتى الن ،منذ كنت طالبا ً أن زميل ً لي في بداية المرحلة الثانوية ،وقف ليخبر
ى مختلفا ً عما مدرس اللغة النجليزية أنه قد نظر في القاموس فوجد معن ً
ة واستهزاًء وانسحب قاله الستاذ… وكانت كارثة .لقد استلمه الستاذ سخري ً
الولد صامتًا ،ولم ينته المر عند هذا الحد ،بل قد صارت عادةً للمعلم المذكور
كل يوم أن يدخل إلى الفصل ليبادر بالسؤال :أين صاحبنا الباحث في
القاموس؟ أين قاموسنا اليوم؟ وهكذا والطلب يضحكون من زميلهم ،إما
مجاملة للستاذ ،وإما عدم فهم لحالة زميلهم المسكين الذي انسحب تماما ً
من درس اللغة النجليزية")لمعلم والمناهج وطرق التدريس .د .محمد عبد
العليم مرسي ).(.(99
- 9غيبة الطلب:
يدور الحديث كثيرا ً بين المعلمين فيما يتعلق بالطلب ،وقد يمتد هذا الحديث
إلى الوقوع في أعراضهم .وتحريم الغيبة مما ل يشك فيه مسلم ،قال
تعالى ] :ول يغتب بعضكم بعضا ً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ً
فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم[ ).الحجرات (12 :ويشّبه النبي
صلى الله عليه وسلم تحريم عرض المسلم بتشبيه بليغ ،إذ يقول":إن
دماءكم ،وأموالكم ،وأعراضكم عليكم حرام ،كحرمة يومكم هذا ،في شهركم
هذا ،في بلدكم هذا" )رواه البخاري ) (67ومسلم )( (1679ويعرفها صلى
الله عليه وسلم بتعريف جامع مانع بأنها":ذكرك أخاك بما يكره")رواه مسلم
).((2589
فالطالب أخ لك أيها المعلم ،وذكرك له بما يكره من الغيبة التي هي أربى
الربا ":إن من أربى الربا الستطالة في عرض المسلم بغير حق")رواه أحمد
) (1354وأبو داود ). ((4876
-10إملل الطالب:
عقد الخطيب البغدادي في كتابه الجامع لخلق الراوي وآداب السامع بابا ً
بعنوان) :كراهة إملل السامع وإضجاره بطول إملء المحدث وإكثاره(.
167
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وقال " :ينبغي للمحدث أل يطيل المجلس الذي يرويه ،بل يجعله متوسطا ً
ويقتصد فيه؛ حذرا ً من سآمة السامع وملله ،وأن يؤدي ذلك إلى فتوره عن
الطلب وكسله .فقد قال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد فيما بلغني عنه:
من أطال الحديث وأكثر القول فقد عّرض أصحابه للملل وسوء الستماع.
ب
ضل عنه ما يلزم الطال َ ف ُولن يدع من حديثه فضلة يعاد إليها أصلح من أن ي َ ْ
عه من غير رغبة فيه ول نشاط له" )لجامع لخلق الراوي وآداب استما ُ
السامع ). (. (2/127
وروى بإسناده أن عبيد بن عمير دخل على عائشة -رضي الله عنها -فقالت
له":ألم أحدث أنك تجلس ويجلس إليك؟ قال :بلى .قالت :فإياك وإملل
الناس وتقنيطهم".
ً
وروى عن الوليد بن مزيد البيروتي قال":المستمع أسرع ملل من
المتكلم")لجامع لخلق الراوي وآداب السامع ). (. (1/130
ومع نهيهم عن طول المجلس الذي يؤدي لملل الطالب ،فقد دعوا لزالة
الملل عنه وإذهاب السآمة فعقد الخطيب في الجامع بابا ً بعنوان )ختم
المجلس بالحكايات ومستحسن النوادر والنشادات()لجامع لخلق الراوي
وآداب السامع ) . (. (2/129وأورد فيه بعض الثار في ذلك منها-:
ما رواه بإسناده عن علي -رضي الله عنه -أنه قال ":رّوحوا القلوب وابتغوا
لها طرف الحكمة؛ فإنها تمل كما تمل البدان".
وروى عن الزهري أنه كان يقول لصحابه":هاتوا من أشعاركم ،هاتوا من
مض". ح ِ
جة ،والقلب َحديثكم؛ فإن الذن م ّ
سنا فيه زيد بن ثابت َ
وروى عن كثير بن أفلح أنه قال" :آخر مجلس جال ْ
تناشدنا فيه الشعر")لجامع لخلق الراوي وآداب السامع ) - 2/129
. (. ( 130
-11تعليم الطالب ما ل يدرك:
)(20 /
قد تبلغ الحماسة بالمعلم والحرص على تعليم طلبه إلى أن يسعى لتعليمهم
ما قد يصعب عليهم فهمه ،أو يكون مدعاة للتخليط واللبس.ولذا نهى السلف
عن ذلك.
ذبقال علي -رضي الله عنه ":-حدثوا الناس بما يعرفون ،أتحبون أن ُيك ّ
الله ورسوله؟")رواه البخاري ).(.(127
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه": -ما أنت محدث قوما ً حديثا ً ل تبلغه
عقولهم إل كان لبعضهم فتنة")رواه مسلم في مقدمة الصحيح.(.
ويرى الغزالي أن من وظيفة المعلم"أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه ،فل
يلقي إليه ما ل يبلغه عقله؛ فينفره أو يخبط عليه عقله" )إحياء علوم الدين )
. (.(1/96
ً
قال المام النووي":ول يلق إليه شيئا لم يتأهل له ،لئل يفسد عليه حاله ،فلو
سأله المتعلم عن ذلك لم يجبه ،ويعرفه أن ذلك يضره ولينفعه ،وأنه لم
حا ،بل شفقة ولطفًا")المجموع شرح المهذب ). (. (1/30 يمنعه من ذلك ش ّ
-12انتقاد المدرسين الخرين أو موادهم:
ً
قد يلحظ المدرس على بعض زملئه ملحظا ،أو يكون له وجهة نظر تجاهه
في سلوكه ،أو أسلوبه في التدريس ،أو في تعامله مع طلبه .لكن هذه
الملحوظة مهما عل شأنها فل يسوغ أن تدفع المدرس إلى التصريح بانتقاد
168
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
169
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
المقدمة من أن التوجيه المجرد وحده ليكفي ،بل لبد أن ننتقل نقلة أخرى،
لنتعلم فن التوجيه ،ونتقن أساليب التأثير.
والن إليك بعض المعالم المتعلقة بالتوجيه.
- 1المنهج الدراسي :
إن وظيفة المدرس الرسمية ،وعمله الساس الذي يتقاضى عليه أجرا ً هو
تدريس المنهج المقرر للطلب ،لذا فعليه أن يتقي الله ،ويؤدي الواجب على
أكمل وجه ،فهو مؤتمن عليه ،وأولى الناس برعاية المانة وحفظها هم الدعاة
إلى الله ،فاحرص أخي الكريم على أداء واجب المنهج مراعيًا:
)(21 /
170
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(22 /
يدفع الحرص أحيانا ً بعضا ً من المعلمين إلى كثرة التوجيه ،وبيان الخطاء
والسلوكيات المخالفة ،ولكن الحرص وحده ليس معيار إصابة الحق ،أل ترى
أن هذا السلوك يدعو إلى إملل الطلب وسأمهم؟ مما يفقد الموعظة الهدف
المراد منها .إن صلتك بطلبك ولقاءك بهم يمتد على مدى عام كامل،
وليست درسا ً عابرا ً أو لقاًء عاجل ً حتى تقذف لهم بكل ما عندك ،وقبل ذلك
كله فهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في القتصاد في
الموعظة كما روى ذلك ابن مسعود -رضي الله عنه ":-كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في اليام كراهة السآمة علينا")رواه
البخاري ) ،(68ومسلم ) .(. (2821وبوب عليه البخاري :باب ما كان النبي
171
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
172
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
من شؤم المعصية ،وحين تحصل مجاعة أو مصيبة للمسلمين نحدثهم عن
الولء بين المؤمنين ونصرتهم ،وحين يسري لدى الناس إشاعة كاذبة
فلنتحدث عن التثبت والتبين في الخبار ،وهكذا ينبغي أن نستغل الحداث
القريبة والبعيدة لتقرير المعاني الشرعية ،والحقائق التربوية.
-9هل جربت النصيحة الخاصة؟
بعض المدرسين يمارس التوجيه العام لطلبته بصورة أو أخرى ،ولكن حين
يدرك خطأ فرديا ً على طالب من الطلب ،فهل جرب أن يحدثه بصورة فردية
؟
كم هم الطلب الذين يتغير مسارهم -خاصة في مرحلة المراهقة -فماذا لو
كان هذا الطالب يتلقى كلمة شخصية خاصة من أكثر من مدرس وآخر؟
كثيٌر هم الشباب الذين يقعون في صحبة أصحاب السوء فيقلبون حياتهم
رأسا ً على عقب ،فلم ل نحذره -حين تبدو بوادر تلك الظاهرة -بكلمة ل
يسمعها غيره؟
)(23 /
أي شعور يختلج في نفس هذا الطالب الذي يتمتع بعاطفة جياشة ،حين يأخذه
أستاذه بحديث شخصي ،يلمس من خلله الشفقة والنصح؟ ألن يدرك أنه
أستاذ صادق ،يحب له الخير والصلح ؟ وهب أنه أخذ المر باللمبالة فهل
سينسى هذا الموقف أم أنه سيستجيش في نفسه بين آونة وأخرى؟
إن الطالب قد يجد تفسيرا ً غير صادق لحديث عام يسمعه من أستاذه داخل
الفصل ،فهو إما استطراد ،أو للستهلك -كما يقال -أو لن الوقت بقي فيه
بقية فرأى المدرس مله بهذا الحديث ،أما الحديث الشخصي المباشر فلن
يجد له في الغلب تفسيرا ً إل محض النصيحة والتوجيه.
والحديث العام أيضا ً قد يطمره النسيان ،ويعفو أثره على مّر السنين ،أما
الحديث الخاص فسيبقى صورة منقوشة في الذاكرة تستعصي على النسيان.
هذه جوانب ثلثة تمتاز بها النصيحة الشخصية وقبل ذلك هي هدي شرعي
نبوي فقد قال صلى الله عليه وسلم ":الدين النصيحة")رواه مسلم ) ( 55
وبوب البخاري :باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ):الدين النصيحة .( ....
ولم يخرجه (.ويصل المر بالنصيحة إلى قدر من الهمية يجعله صلى الله
عليه وسلم يبايع عليها ،فها هو جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه -
يقول":بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلة وإيتاء
الزكاة والنصح لكل مسلم")رواه البخاري ) (57ومسلم ) (. (56والطالب من
عموم المسلمين شأنه شأنهم ،ول يخرجه كونه طالبا ً من استحقاقه للنصيحة
والنصرة كما قال صلى الله عليه وسلم ":انصر أخاك ظالما ً أو مظلوما ً )رواه
البخاري ) ( 2443وفسر النصرة في الحديث للظالم :بمنعه من الظلم وهو
الشاهد هنا .ويلحظ هنا أن( .بل إن المسؤولية تجاهه آكد ،والمانة أعظم .
الفصل الخامس :معوقات التوجيه
إن ما ذكرنا سابقا ً حول دور المدرس في التوجيه ،وقدرته على التأثير على
تلمذته ،ل يعني أن يكون المدرس هو وحده في الميدان ،وكلمته هي الولى
والخيرة .فهو ل يعدو أن يكون واحدا ً من العوامل المؤثرة في شخصية
الطالب.
وفي كثير من مجتمعات المسلمين اليوم يشعر المدرس وكل من يحمل
أمانة التوجيه أنه يواجه تيارا ً جارفًا ،وأنه يسير باتجاه يعاكس كافة وسائل
173
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(24 /
174
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
175
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
والرهبة فهو أمر يليق بالعسكر والجلدين أكثر منه بالساتذة المصلحين.
المعوق الثاني :الفهم القاصر لدور المدرس:
يرى بعض من المدرسين والمدرسات أن الدور المنوط به ،والواجب الساس
الذي سيحاسب عليه هو أداء المنهج الدراسي والواجبات الرسمية ،وقد
يشعر بعض هؤلء بثقل المانة والمسؤولية حين يخطئ في درجة واحدة
للطالب قد ل يترتب عليها أثر يذكر ،أو حين يترك صفحة من الكتاب المقرر،
أو ربما حين يهمل العداد التحريري للدرس.
لكن إهماله لتوجيه الطلب ونصحهم ،وعدم مبالته بما يراه أمامه من تقصير
وسلوك شاذ،واعتقاده أن ذلك كله خارج دائرة مسؤوليته ،أو هو نافلة والثاني
فريضة -وهو فهم يسيطر على بعض المدرسين والمدرسات ،وبعضهم
للسف من الصالحين -إن ذلك كله فهم قاصر للمسؤولية والمانة .
إن أداء الواجب الرسمي مطلب من المدرس لبد أن يحاسب نفسه تجاهه،
لكن ذلك ليس نهاية المطاف ،وماذا تصنع المة بأجيال غاية إنجازهم إجادة
القراءة والكتابة ،واستظهار وسرد معلومات حفظوها ودرسوها؟
إن الدعوة إلى الله واجبة على المسلمين ابتداًء ،وهي بحق طالب العلم آكد،
وبحق من يقابلهم صباح مساء تصبح فرض عين يأثم بتركه والتقصير فيه.
وإنه لجزء من أمراض المة التي أوغلت في المظاهر على حساب المضمون
أن يتصور المدرس أنه مسؤول عن إجراءات إدارية ل تقدم ول تؤخر ،أما ما
سوى ذلك من البناء العلمي ،والتربية والتوجيه فهو ضمن دائرة النوافل،
ولئن قبلنا ممن يعيش العمل الداري البحت ،أو من بعض العامة من الناس
أن يوغل في المظاهر على حساب المضمون ،فإنه ل يمكن أن يحتمل بحال
من المدرس والمربي ومعلم الجيال.
المعوق الثالث :الحواجز المصطنعة:
)(25 /
يحيط بعض المدرسين نفسه بسياج وهمي وحاجز مصطنع ،يمنعه من
التعامل والتأثير على فئة وقطاع عريض من الطلبة ،فأحيانا يتصور أن تأثيره
وجهده ل يجاوز الطلبة المشاركين معه في الجمعية المدرسية ،أو فئة خاصة
من الطلبة )أهل الستقامة والصلح( ولو كان المر يقف عند مجرد نظرته
لهان ،لكن هذه النظرة تولد سلوكا ً يشكل عائقا ً له عن التأثير والتوجيه ،ثم
يتحول المر إلى شعور متبادل فيشعر الطلبة أنهم معزولون عن هذا
المدرس أو ذاك ،ويتحدث المدرس في فصله أمام ثلثين طالبا ً وهو يشعر أنه
ل يخاطب إل الفئة الجادة ،فيحرم الغالبية من توجيهه.
وكم نخسر معشر المدرسين حين نفرض على أنفسنا هذه الحواجز ،فبدل ً
من مئات الطلب يخاطب الستاذ العشرات ،فهل فكرنا تفكيرا ً جادا ً وسعينا
لتحطيم هذه الحواجز ،ليتسع مدى المخاطبين بهذه الدعوة؟
وحين نلقي نظرة سريعة على مدارسنا المتوسطة والثانوية -وبخاصة في
المدن -نرى أنه ل تكاد تخلو مدرسة من عدد من المدرسين والمدرسات
الخيار الذين يحملون هذه الدعوة ،فدون احتقار لجهدهم ،ومن غير إقلل من
شأنهم ،نتساءل:ماذا حقق إخواننا الخيار؟ خاصة مع عامة الطلب والطالبات
الذين هم القاعدة والسواد العظم ،والذين لن يخلو أحدهم من أن يكون قد
تتلمذ على واحد من هؤلء ،فماذا سمع منه؟ وماذا قدم له؟ مرة أخرى لست
أحتقر جهود العاملين ،ول أقلل أعمال المخلصين ،لكنها دعوة جادة
176
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
177
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(26 /
178
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
ولئن قبلنا القول بأن زيادة النصاب من الحصص لها ما يبررها من تزايد أعداد
الطلبة والطالبات ونقص الفرص الوظيفية ،إل أن الكثير من العباء الدارية
ليس لها تفسير سوى الغراق في الشكليات الذي ابتليت به المة على
حساب المضمون.
ثانيًا :ومع هذا الوضع فإن صاحب الهدف الجاد الذي يسري في أعماقه
وروحه ،والذي يشعر أن تحقيق الدور التربوي هدف أساس وليس قضية
هامشية أو نافلة من النوافل؛ إن الذي يحمل هذا الشعور يملك الستعداد
التام لتحمل الواقع والتعامل معه.
وأحسب أن هناك ارتباطا ً وثيقَ الصلةِ بين مستوى الجدية في الهدف
والحماس له والتشكي من كثرة التكاليف ،ول نزال نرى عددا ً من المدرسين
والمدرسات الفاضل الذين ل ينكر جهدهم ،ول يجهل أثرهم ،نراهم استطاعوا
تحقيق هذا القدر من النجاح بالرغم من كثرة أعبائهم.
ثالثًا :ل نزال نرى أصحاب الهداف الدنيوية والتطلعات الخاصة يتحملون في
سبيلها اللواء؛ فيصبر أحدهم على جفاء رئيسه في العمل ،ويتحمل من
العمال أكثر من غيره ،ويتظاهر بقدر من الرتياح والخلص أكثر مما في
داخله؛ يعمل كل ذلك من أجل تحقيق هدف عاجل ،وأحسب أن الهدف
التربوي والصلحي لدى إخواننا وأخواتنا أسمى وأعلى من ذلك كله ،فهم
أولى بالتحمل والبذل.
رابعًا :الدور الذي نطالب المدرس بتحقيقه معظمه يتم من خلل وجوده في
الفصل الدراسي الذي لبد له منه ،فهو سيدخل الفصل ل محالة ،وسيخاطب
تلمذته ولبد ،فمعظم هذه الدوار لن تتم بتحمل مزيد من العبء بل بإحسان
النية ،وصدق الكلمة ،واختيار ما يقول.
خامسًا :من يتأمل السنن الكونية يرى أن من يسعى للتغيير في المجتمعات -
أّيا كان هذا التغيير -لبد أن يدفع الثمن الباهظ لذلك ،ويبذل الجهد الهائل،
فكيف بأصحاب الدعوات؟ وسير النبياء والمصلحين على مدى تاريخ البشرية
خير شاهد على هذا المعنى .قال تعالى ] :حتى إذا استيأس الرسل وظنوا
أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء [..ويحكي صلى الله عليه وسلم
صورة من معاناة النبياء قبله فيقول ابن مسعود -رضي الله عنه : -كأني
أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا ً من النبياء ضربه قومه
فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول":اللهم اغفر لقومي فإنهم ل
يعلمون" )رواه البخاري ) (3477ومسلم ). (.(1792
ب -معوقات خارجية
المعوق الول :التربية السرية الخاطئة:
)(27 /
179
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
من تفكيره ،وتسهم في تشكيل وصياغة معايير يحكم من خللها على ما
يطرح عليه.
ً
ماذا يصنع المدرس بتلميذ نشأ بعيدا عن الجواء الشرعية المنضبطة ،وصار
يستنكف العبادات الشرعية ،ويرى فيها صورة من التطرف والشذوذ ،ويعتبر
أن مطالبته بالنضباط الشرعي إنما هي ضمن دائرة التطرف والغلو .فهو
هاهنا يقّيم ما يسمعه من أستاذه في ضوء هذه الخلفية.
-3نظرة التلميذ لستاذه ابتداًء تتحكم فيها تربيته السرية ،فمن خلل التربية
السرية ترتسم في ذهنه صورة محددة للشخصية السوية وصورة للشخصية
الخرى .ويسعى لتطبيق هذه المواصفات على شخصية أستاذه ،فحين ل
تتفق شخصية أستاذه مع الشخصية السوية لديه تشكل هذه النظرة حاجزا ً
وعائقا ً أمام أي محاولة للتوجيه والبناء.
فهو قد ينشأ في جو يحتقر الشخص المتدين ،وينظر إليه نظرة شاذة ،أو
يعتبر التدين غلوا ً وتطرفًا ،فحين يرى أستاذه كذلك فهو سيدرجه ضمن هذه
القائمة مما ينعكس بالضرورة على مدى تقبله لما يطرحه عليه من توجيه.
-4قد تسهم السرة في نقض كلم المدرس وتقويمه ،فتنقض ما أحكمه،
وتهدم ما بناه ،وما أكثر ما يقول الب أو الم :كلم أستاذك غير صحيح ،وغير
مقبول.
وقد يستطيع الستاذ أن يقطع خطوات في تربية التلميذ وتوجيهه لكنه
جهد"غير مضمون الثمرة؛ لن تأثير البيت المعاكس يظل دائما ً عرضة لفساد
ما تحاوله المدرسة")منهج التربية السلمية لمحمد قطب ج 2ص . (101
-5قد يسهم الجو العام للمنزل في التأثير اللشعوري على التلميذ وتطبيعه
بما يتناقض مع توجيه أستاذه.
ت يهمل العناية بالصلة ،ول يستيقظ أحد منه لصلة فالتلميذ الذي ينشأ في بي ٍ
الفجر سيكون كذلك ،وقد ل يأخذ توجيه أستاذه بالستيقاظ للصلة مأخذ
الجد.
والخر الذي اعتاد في المنزل أن يرى الصورة الفاتنة على الشاشة ،قد ل
يتقبل بالضرورة نصح أستاذه المتكرر بغض البصر وحفظه ،وحين يتفاعل مع
توجيه أستاذه ،ويعزم على ترجمة القول إلى عمل ،يعود للمنزل وقد هبطت
حماسته وفي الوقت نفسه انتصر داعي الشهوة ،ولم يطق مجاهدة نفسه
والكف عما يراه أمام عينيه.
المعوق الثاني :وسائل العلم:
لقد شهد العصر الحاضر ثورة هائلة في مجال تقنية التصالت ،وتفتق العقل
البشري -بما منحه الله من قدرة -عن وسائل تخاطب الفرد والمجتمع بكافة
حواسه من خلل الصحيفة المقروءة ،والذاعة المسموعة والمرئية.
وتسهم هذه الوسائل في التأثير على تربية التلميذ فـ"الفلم الساقطة
والبرامج الهدامة التي تعرض على الجماهير عبر وسائل العلم لها دور كبير
في هدم جوانب شخصية الطفل بشكل عام ،وهذا النوع من الفلم والبرامج
هو الذي يحتل محل الصدارة في العلم العربي")المؤثرات السلبية في
تربية الطفل المسلم وطرق علجها .لعائشة جلل ).(.(292
" ويكاد يجمع المهتمون بهذا الجانب التربوي على أن مظاهر الحب والغرام،
والعشق بين الجنسين هي المحور الرئيسي ،والقاعدة الساسية التي تدور
عليها أحداث المسلسلت ،والمسرحيات التمثيلية التي يعرضها التلفزيون،
إلى جانب الدعاية السيئة المعتمدة على إظهار مفاتن المرأة
ومحاسنها")مسؤلية الب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة .
180
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(28 /
-3تطرح هذه الوسائل على التلميذ طرحا ً يلبي داعي شهوته ،ويتسق مع
هواه ،في حين يستهدف توجيه أستاذه إخراجه من أسر هواه وشهوته.
-4تمثل الختبارات وأعمال السنة والواجبات المدرسية ومطالبة الستاذ
ما يقلل من دور الستاذ التوجيهي -في نظر بالنضباط داخل الفصل عامل ً ها ّ
ً
الطالب -بخلف من يتعامل معهم بصورة غير مباشرة ولم يقابلهم يوما من
الدهر في حياته.
-5إن"تراكم عددٍ كبير من الوسائل العلمية بطرق مشوقة وجذابة ،وعبر
بعد زمني ممتد وهي تركز على موقف معين ،أو تبشر بسلوك محدد قد
يكسب ذلك الموقف أو السلوك شرعية اجتماعية ،ويكسر الحواجز النفسية
بين الجمهور وبين ذلك الموقف أو السلوك؛ فيعتاد عليه ويتقبله واقعا ً معترفا ً
به")الرشاد النفسي خطواته وكيفيته .د.عبدالعزيز النغيمشي .ضمن الكتاب
السنوي الثاني لجستن ).(297
ً
-6وترقى خطورة وسائل العلم لتقاوم أيضا دور السرة .مما دعا الدكتور
ل":ماذا يصنع الب أو ماذا تصنع الم إذا أرادت أن محمد نصار أن يتساءل قائ ً
يكون ابنها في المرتبة السامية العليا من الخلق ،ومن الداب ،ومن السلوك
الطيب ،حيث تقوم بتوجيه أبنائها توجيها ً تربويا ً سليما ً ولكن يفسد هذا التوجيه
تحريك مفتاح التلفاز ،وتحريك المؤشر في الذاعة والراديو وغير
ذلك؟")مشكلت الشباب والمنهج السلمي في علجها .وليد شلش نايف
شبير ).(. (317
المعوق الثالث :الصحبة السيئة:
إن من نافلة القول الحديث عن الدور الخطير والساس الذي تلعبه الصحبة
في التأثير على الشاب بصفة خاصة ،لذا فقد أشار أنصح الخلق صلى الله
عليه وسلم وأعرفهم بالله سبحانه إلى هذا المعنى في أحاديث عدة.
منها قوله":المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل")رواه أحمد )
(8212الترمذي ) (2378وأبو داود ).(.(4833
ً
وقوله صلى الله عليه وسلم ":ل تصاحب إل مؤمنا ،ول يأكل طعامك إل
181
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(29 /
182
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
183
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
صادقين ،وأن طلب العلم مضوا مع الرعيل الول والجيل السابق ،حين
نتصور ذلك فنحن نغرق في السذاجة والسطحية.
رابعًا :الواقعية في الهداف والطموحات:
قد يرتفع مستوى الحماسة لدى البعض ،ويرى أنه قادر على تحقيق ما يريد،
فيرسم لنفسه أهدافا ً طموحة ،ونظرة مثالية يصعب الوصول إليها ،وتقويمه
لعمله ،ورؤيته لنجاحه وفشله مرهون بأهدافه .فإذا كانت أهدافه أعلى من
الواقع فسيشعر بالفشل وضعف النتاج وطول الطريق ،ويقول بلسان حاله أو
مقاله:ما الفائدة والجدوى من العمل؟
ً
أما حين يدرك العقبات ،ويعرف المصاعب ،فسوف يرسم أهدافا تتسق مع
الواقع ،ويمكن ترجمتها إلى واقع عملي.
خامسًا :رصيد الفطرة:
ب مهم ل إنه ومع كل العقبات والعوائق مما ذكرنا وما لم نذكر ،فسيبقى جان ٌ
ينبغي إغفاله.
لئن كان طريق الشهوات والغواية طريقا ً تستهويه النفس وتميل إليه ،طريقا ً
يجد المرء ما يدعوه له .فالخير في المقابل له رصيد عميق في فطرة
النسان ]فأقم وجهك للدين حنيفا ً فطرة الله التي فطر الناس عليها ل تبديل
لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ل يعلمون .منيبين إليه واتقوه
وأقيموا الصلة ول تكونوا من المشركين[ )الروم .(31-30:نعم فقد فطر
الله الناس منيبين إليه ،فطرهم على الدين والتوجه له سبحانه.
وهو المعنى نفسه الذي يشير إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ":ما
من مولود إل يولد على الفطرة ،فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ،كما
تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ،هل تحسون فيها من جدعاء؟" ثم يقول أبو هريرة
-رضي الله عنه ]-فطرة الله التي فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله ذلك
الدين القيم[ )رواه البخاري )(1359مسلم ). ( .(2658
)(30 /
وفي الحديث الخر يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك
وتعالى":إني خلقت عبادي حنفاء كلهم ،وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن
دينهم؛ فحّرمت عليهم ما أحللت لهم)"...رواه مسلم ).( (2865
فمن يدعو الناس لمنهج الله إنما يستهدف إزالة الران والغشاء عن القلوب
الذي يغطي رصيد هذه الفطرة ،قبل أن يكون داعيا ً لتأسيس بنيان جديد.
ثم إن الناس وإن ابتعدوا عن شرع الله ،وغرقوا في الفساد ،وارتكبوا
م فهمالشهوات ،إل أنهم يشعرون بمرارة المعصية وشؤم الغواية ،ومن ث َ ّ
خّلص .وها نحن نراهم في الواقع يتوافدون م َ
يبحثون عن المنقذ ،ويتطلعون لل ُ
بحمد الله على طريق الخير ،ويسلكون السبيل.
سادسًا :العاطفة الصادقة:
وهي تلك اللغة التي ل يجيدها إل الصادقون المخلصون ،والمارة الفارقة بين
المتصنع المتشبع بما لم يعط وبين المخلص الجاد .فحين يملك الستاذ
العاطفة الصادقة والتفاعل مع ما يقوله لتلمذته ،يخرج حديثه من القلب،
ث صادق ناصح. فيشعر التلميذ وهو يسمع حديث أستاذه أنه حدي ٌ
وكم نرى ممن يؤهله للقبول عند الناس عاطفة حية ومنطق صادق أكثر من
أسلوب رصين بليغ.
وكما أن التلميذ يتعامل مع تلك الوسائل السابقة تعامل المقبل عليها ،فهو
184
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
في وسط ركام الغفلة ،ومن بين أنقاض الواقع البئيس ،يشعر حين يسمع
الصوت الناصح أن يحس من خلله بلغة النصيحة ،ومنطق الصدق؛ فتتجاوب
نفسه ،ويسمو على أهوائه ورغباته الشخصية ليصيخ لمنطق الدين والعقل.
وحين سأل ذر بن عمر أباه:ما بال المتكلمين يتكلمون فل يبكي أحد ،فإذا
تكلمت أنت سمعت البكاء من كل جانب ،فقال :يا بني ،ليست النائحة
الثكلى كالنائحة المستأجرة )إحياء علوم الدين ). (.(4/288
سابعًا :القلوب بيد الله وحده:
ومع ماسبق ،فالمر أول ً وآخرا ً بيد الخالق سبحانه وتعالى الذي خلق عباده
ويعلم ضمائرهم ودواخلهم ،وقلوبهم ونواصيهم بيده سبحانه وتعالى يصرفها
كيف يشاء ،يضل من يشاء ويهدي من يشاء سبحانه وتعالى.
ورؤية المسلم للسباب المادية ،وعنايته بتحصيلها ل يجوز بحال أن تشغله
عن إدراك قدرة الله سبحانه ،وأن المور ونواصي العباد بيده عز وجل.
أرأيت النبياء والمصلحين السابقين ،كيف استطاعوا أن يحققوا أهدافهم؟
وكيف تجاوزوا العقبات التي يصنعها شياطين النس والجن ليحولوا بين
الناس وبين دعوة الله؟ فالطريق واحدة والسبيل متفقة.
إن إدراك هذه المعاني والسنن الربانية كفيل بإزالة تلك العوائق والعقبات،
غير أن المسلم مأمور بفعل السباب ،وتلمس الصعاب والجتهاد في تذليلها،
ثم حين يبذل ما يستطيع فالتوفيق بيد موله ،والعون منه سبحانه وتعالى؛
فما من دابة إل هو آخذ بناصيتها ،وما من قلب إل هو بين إصبعين من أصابعه
سبحانه وتقدس يقلبه كيف شاء.
ولبد أن ينتج من طول تفكيره وسائل وبرامج يغذيها بممارسته وخبرته،
وينضجها بالستفادة مما عند الخرين.
وهو على كل الحوال لن يكون أقل قدرة من أصحاب الهداف الوضيعة
والمقاصد الدنيئة الذين يجدون ألف وسيلة ووسيلة لتحقيق أهدافهم.
هذه بعض الخواطر حول ما أرى أن المدرس قادر على القيام به لتجاوز
ج قلم ٍن قاصر ،ونتا َ بعض هذه المعوقات ،وهي ل تعدو أن تكون حاضَر ذه ٍ
وتجربة محدودة .مع يقيني أن إخوتي الفاضل قادرون بإذن الله على
اكتشاف المزيد ،وعلى تحقيق ما يريدون .حين يملكون الصدق والخلص-
وهم كذلك نحسبهم والله حسيبهم.
ثامنًا :استثمار النشطة الطلبية:
لشك أن للتوجيهات والخطاب الناصح الدور البارز الذي ل ينكر ،خاصة حين
تضاف لذلك القدوة الحسنة ،لكن ذلك مهما عل شأنه ل يمكن أن ينقل
الطالب إلى مرحلة الستغناء عن البرامج التربوية العملية.
ومن هنا يبرز دور النشطة الطلبية اللصفية في توجيه الطالب وتربيته،
وتؤدي هذه النشطة هذا الدور من خلل ما يلي:
ل :لقاء الستاذ بطلبه خارج الطار الرسمي والجو المدرسي يساهم في أو ً
زيادة اللفة وزوال كثير من الحواجز والعوائق ،فيهيئ نفسه للتقبل والتجاوب
مع ما يطرحه عليه بعد ذلك.
ثانيًا :أن هذه النشطة غالبا ً ما تحوي الفئات الجادة والمتميزة من الطلب؛
مما يتيح للطالب فرصة للقدوة الحسنة والجو البديل عن أجواء الشارع
والتجمعات غير المنضبطة.
ثالثًا :تسهم هذه البرامج في تشكيل صداقات الطلب ،فيختار الطالب من
بين هؤلء الذين يشاركهم النشطة المدرسية أصدقاء له ،ولشك أن ذلك
حماية له من أصدقاء السوء وتوجيها ً غير مباشر للصحبة الصالحة.
185
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
رابعًا :كما أن هذه النشطة تحوي خيرة العناصر من الطلب ،فكذلك الذين
يشرفون عليها هم في الغلب من خيرة الساتذة.
خامسًا :غالبا ً ما تتضمن هذه النشطة برامج لها آثارها التربوية كالرحلت
الستطلعية ،والمسابقات الثقافية ،والمحاضرات ...وسائر النشطة.
)(31 /
سادسًا :توفر هذه النشطة البدائل المنضبطة لكثير من النشطة التي ربما
مارسها الطالب في أجواء شاذة؛ فالنشطة الرياضية والترويحية التي يتعلق
بها كثيٌر من الشباب وربما أصبحت بيئة لصداقة سيئة ،هذه النشطة يمكن
أن تمارس من خلل برامج النشطة الطلبية؛ فتصرف الطالب عن
ممارستها في تلك الجواء ،وتتيح له الجواء المنضبطة.
ويحتاج الطالب للرفقة والصداقة التي تتجانس معه ،فتسهم هذه النشطة
في تحقيقها له كما سبق.
ويحتاج لحب الستطلع ،وتحقيق الذات ...كل ذلك وغيره يمكن أن توفره
هذه النشطة للطالب؛ فتحقق له الجوانب التي يفتقر إليها في نموه
المتكامل ،وتقدم بديل ً لممارستها من خلل أجواء ضارة.
الفصل السادس:المدرس والتوجيه الذي نريد
حين نجتاز المرحلة الولى وهي القتناع بأهمية التوجيه ،وقيمة دوره،
وضرورة المشاركة الفعالة فيه .فهل يعني هذا نهاية المطاف؟ أم أن هناك
مراحل أخرى وخطوات للعمل؟
وبعبارة أخرى :هل يمكن أن نجعل الدور التربوي للستاذ ،والذي يشكل هذا
القدر من الهمية و الخطورة ،أن نجعله مطلبا ً عائمًا ،وطريقا ً مفتوحا ً يسلكه
النسان كيفما اتفق وحيثما تيسر له؟
وأحسب أن المرحلة الولى قد اجتازها الكثير ،وأنه أصبح يشعر بالمسؤولية
بغض النظر عن مدى حرارة هذا الشعور ومستواه..
وخطورة الدور التربوي للستاذ تفرض علينا مزيدا ً من العناية والدراسة
لساليب هذا الدور ،وأل نتركه ضحية مواقف متبعثرة غير منضبطة.
والرأي الذي يطرح ل يعدو أن يكون محاولة متواضعة ،تنتظر المزيد من
الثراء والتعديل والمناقشة لتستوي على سوقها ،وتتأهل لتكون برنامج عمل
ينتظر منه بإذن الله نتاجا ً مثمرا ً .
ونستطيع أن نحدد أساليب التوجيه ،ونظرات المدرسين تجاهه في الصور
التية :
الرؤية الولى:
ح أبلج ،وأن معظم الناس يدركون تلك الرؤية التي ترى أن الحق واض ٌ
ويعرفون الطريق جملة ،وإن وجد بعض الغبش في بعض الجوانب ،إل أن
العلة ومكمن الداء عند هؤلء وأولئك هي تحويل القتناع إلى عمل واقعي
والعمل بما يعلمون.
إن ما نراه من واقع كثير من الشباب والتلميذ من المخالفات ،والمظاهر
الشاذة ليس بالضرورة نتيجة للجهل .ومن ثم فهؤلء أحوج ما يكونون إلى
الموعظة والحث والترغيب والترهيب ،وهي قضية واضحة محددة ل لبس
فيها ،وليست بحاجة لمزيد فلسفة وتنظير.
ً
وبناًء عليه ،فالتوجيه الذي يراد يمكن أن يتحقق عفويا من خلل كلمة عارضة،
أو موعظة طارئة ،فهي تحقق ما يحققه غيرها.
186
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(32 /
ول ريب أن استصلح عدد من وقع في الفساد والرذيلة جهد ل يجادل فيه إل
مكابر.
إذا ً فهي أدوار مطلوبة ،ورؤى تملك قدرا من الصحة؛ لكن أليس المر
ً
يستحق منا نظرة أعمق وأشمل؟
فهذه مقترحات أضعها بين يدي إخوتي المدرسين أرى أنها تسهم في الرتقاء
بالتوجيه ليؤدي الدور المنتظر منه بإذن الله:
187
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أو ً
ل :تحديد الهداف:
فرق ظاهر بين أولئك الذين يرسمون لعمالهم أهدافا ً واضحة ومحددة،
وأولئك الذين يسيرون في أعمالهم ارتجال ً دون أن ينظروا إل إلى ما تحت
أقدامهم.
إن صاحب أي مشروع تجاري أو عمل دنيوي لبد له من أهداف واضحة
محددة ،يستطيع من خللها أن يخطط لعمله تخطيطا ً سليمًا ،وتكون هذه
الهداف معيارا ً للتقويم وحساب الرباح والخسائر ،والفكر والعلم شأنه أعلى
وأتم ،فهو أولى أن يسير على خطى ثابتة ،وأن يرسم أهدافا ً واضحة محددة.
كثيٌر هم الساتذة الذين يبذلون جهودا ً خيرة مشكورة ،لكنها تسير ارتجال ً
دون تخطيط .وربما كان هذا خيرا ً بحد ذاته ،لكن خير منه أن يكون للمدرس
هدف واضح يسعى إليه ،ومنهج وخطط توصله لتحقيق هذا الهدف ،مع إتقان
عمله والسعي نحو الفضل والكمل.
وحين يعتني المدرس بعملية التوجيه ،لتصبح عملية مخططة مقصودة،
ويرسم لنفسه أهدافا ً محددة فهذا يعني:
ل :أن جهده أنضج ثمرة ،فثمرات عمله مقصودة مرادة ،في حين تكون أو ً
ثمرات النموذج الول اتفاقًا.
ثانيًا :أن هذا يتطلب منه تفكيرا ً هادئا ً يسبق عملية التوجيه والتدريس ،ويتولد
من هذا التفكير نضج أكثر للمضمون والسلوب ،بخلف التوجيه المرتجل؛ إذ
ل يعدو غالبا ً أن يكون ردة فعل لموقف يطرأ في الفصل أو يمر بالستاذ ،أو
ربما كان مصدره خاطر يمر في خياله وهو يتحدث.
ثالثًا :أن مثل هذا التوجيه ينطلق من اعتبار ومراعاة أكثر لعوامل عدة لها
دور مهم في تحديد أسلوب ومضمون ما يطرح ،ومن هذه العوامل:
أ -المرحلة الدراسية والعمرية للطلب ،فما يستهدف المدرس تحقيقه لدى
طلب المرحلة المتوسطة يختلف عما يستهدف تحقيقه لدى طلب المرحلة
الثانوية.
ب -التركيبة الجتماعية للطلب ،ففرق بين قرية صغيرة نائية وبادية ،وبين
مدينة تعيش الضجيج والصخب والمؤثرات؛ فرق بين تفكير هذا الطالب
وذاك ،بين إدراك ابن القرية والبادية ،وبين إدراك ابن المدينة.
وقد تكون الشريحة العامة في المدرسة من طبقة فقيرة ،وقد تكون من
طبقة ثرية ،وهي أمور لها تأثيرها الكبير على نمط التفكير والسلوك ،وعلى
طبيعة الخطاب الذي ينبغي أن يوجه لهؤلء وأولئك.
ج -طبيعة المادة التي يدرسها المدرس فقد يكون ضمن أهداف مدرس مادة
الحاسب مثل ً أن يؤصل لدى تلمذته الشعور بما تعانيه المة من تخلف مادي،
وتقدم أعدائها عليها ،وأن المة تحتاج لن يعنى أبناؤها بهذه الجوانب المادية
ليساهموا في تحقيق نهضة المة ،وقل مثل ذلك في سائر المواد التطبيقية
والتي تسمى علمية)هناك اصطلح شائع وهو تسمية هذه المواد كالعلوم
والرياضيات ونحوها المواد العلمية ،وسواها المواد الدبية.(.
وقد يكون ضمن أهداف مدرس التربية الرياضية معالجة المظاهر السلبية
والسلوكيات الشاذة المتعلقة بممارسة الرياضة ،وتأصيل المفهوم الصحيح
للرياضة وكونها وسيلة ل غاية.
وقل مثل ذلك في سائر المواد والتخصصات.
رابعا ً :حين يسلك المدرس هذا المسلك في التوجيه فإنه يستطيع أن يقوّ َ
م
جهده ويقيس عمله ،فيدرك ما حققه من نتائج ،ويتعرف على أسباب النجاح
والفشل ،أما حين يكون عمله مرتجل ً فماذا يقيس؟ وأي عوامل للنجاح
188
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(33 /
189
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
شأنه ربط الناس بالسلم ،وما يمت للدين بصلة من قريب أو بعيد في وقت
تواجه المنابر السلمية جفافا ً ومحاصرة هي الخرى ،فتبقى هذه المنابر
وهذه القنوات أداة مهمة للمصلحين للتصحيح ،وبناِء الجيل البناَء الشرعي.
ويمكن أن نطرح أمثلة عاجلة على بعض المفاهيم والتصورات والتي نرى أن
يعنى المدرس ببنائها البناء الشرعي ،وتصحيحها لدى تلمذته.
أ -شمولية الشريعة السلمية وأنها جاءت لتحكم سائر حياة الناس ،وليست
قاصرة على جانب واحد من الجوانب.
ويمكن أن يتم ذلك من خلل بيان كثير من المواقف المخالفة لما هو مستقر
لدى الناس من أسس الشريعة في جوانب مختلفة من الحياة )الجتماعية،
القتصادية ،التربوية ، (...ومن خلل بيان الموقف الشرعي في كثير من هذه
المواقف ،ومن خلل الحديث عن سعي العلمانيين المكثف إلى حصر السلم
في زوايا ضيقة.
ً
ب -التثبت والتبين في الخبار والشائعات إذ هي تؤثر كثيرا في حياة
المسلمين ،فيحكمون على الناس والمؤسسات من خلل ما يسمعونه من
إشاعات ربما كان وراءها أعداؤهم ،وكثيرا ً ما يستغل ذلك العداء في تشويه
صورة رجال الصحوة ومؤسساتها.
ويستطيع المدرس تأصيل هذا المفهوم من خلل الحديث عن أهمية التثبت
في الخبار ،ومن خلل عرض نماذج من الشائعات الباطلة التي تروج عند
الناس فيقبلونها ،ومن خلل الحديث عن ضوابط من تقبل روايته وخبره...
ج -الولء للسلم وقضيته مهما كان تدين المرء؛ إذ ساد مفهوم خاطئ عند
الناس هذا العصر ،وهو أن المرء حين يكون مقصرا ً أو مذنبا ً فذلك يعني أن
يعفى من المسؤولية في التفاعل مع القضايا السلمية.
ويمكن تأصيل هذا المفهوم بأن يبّين المدرس لتلمذته أن الصل في المرء
أنه مسلم مهما كان مقصرًا ،وأن تقصيره وإن أنزل رتبته إل أنه ل يمكن أن
يعفيه عن شيء من الواجبات الشرعية كهذا الواجب ،ومن خلل عرض
نماذج من التاريخ السلمي ساهم فيها أمثال هؤلء في نصرة قضية الدين،
ومن خلل عرض نماذج من التآمر على المسلمين مما يثير العاطفة تجاه
قضيتهم ونصرتهم ،وبيان تآمر العداء واشتراكهم في ذلك وإن لم يكونوا
متدينين أو ملتزمين بمذاهبهم ،ومن خلل اقتراح برامج ووسائل محددة يمكن
أن يشارك فيها هؤلء...
أحدهم وهو شاب غير متدين كان في مجلس قال فيه أحد الحاضرين كلمة
فيها سخرية بالدين فانتهره وأنكر عليه ،وبعد افتراق مجلسهم سأله أحد
الحاضرين عن سر هذا الشعور مع ما هو عليه ،فأعاد ذلك إلى كلمة سمعها
من أحد مدرسيه يتحدث فيها عن الدفاع عن الدين ولو كان المرء فاسقًا.
هذه نماذج ذكرتها على سبيل المثال ل الحصر عل بها يتضح المقصود مما
أردناه من ضرورة التركيز على بناء المفاهيم والتصورات الشرعية.
ومما ينبغي أن يعلم هنا أن بناء المفاهيم يحتاج لوقت وطول نفس ،وتنويع
في الساليب والوسائل ،وأنه ل يمكن أن يتم من خلل الوامر التي توجه
مباشرة.
ً
ومع ذلك كله يبقى اعتراضنا على النماذج والرؤى السابقة منحصرا على
مجرد اعتبارها وحدها منطلقا ً للت
الخاتمة
وبعد فهذه أخي الكريم كلمات سطرها أخ لك ،عايش هذه المهنة سنوات
معدودة ،اجتمعت له خللها هذه الخواطر ،التي ل تعدو أن تكون آراًء شخصية
190
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
إن أصاب فيها فمن الله ،وإن أخطأ فمن نفسه والشيطان والله ورسوله
بريئان مما يقول.
)(34 /
أخي الكريم :إنها برامج ومقترحات للتوجيه ،قد تخالفني في بعضها ،وقد
تصدق في أحوال وبيئة دون أخرى ،فما رأيت فيها من الصواب فدونك إياه،
وما كان سوى ذلك فإن من حقي عليك المناصحة والنصرة ،وأجزم أني لن
أعدم في كل حال دعوة صالحة منك بظهر الغيب ،فدعوة الخ لخيه بظهر
الغيب مجابة.
ومرة أخرى أقول :إنه ل يكفي للقيام بواجب التربية والتوجيه الكلمات
العاجلة ،أو البرامج المرتجلة ،فمن حق الشباب علينا وهم فلذات أكبادنا ،أن
نعنى بتربيتهم ،فهل خطوات جادة للوصول إلى أسلوب أمثل في التوجيه
والتربية؟
وأنا بدوري أرحب بكل خواطر الخوة القراء ،واقتراحاتهم لعلها أن تأخذ
طريقها في الطبعات القادمة.حفظك الله أخي الستاذ ،ووفقك ،ورزقك
التلميذ النجيب والبن البار.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
أجمعين.
وجيه ،وتبقى سائر الساليب مطلوبة ينبغي أن يسعى إليها جميعًا.
لمراجع والمصادر
-أخلق أهل القرآن -الجري -ت محمد عمرو عبداللطيف -دار الكتب
العلمية -ط 1406 1هـ
-أساسيات في طرق التدريس العامة -محب الدين أبو صالح -دار الهدى -
ط 1412 - 2هـ
-إحياء علوم الدين -ابو حامد الغزالي -ت سيد إبراهيم -دار الحديث -ط 1
1412 -هـ
-الرشاد النفسي خطواته وكيفيته -د عبدالعزيز النغيميشي -الكتاب
السنوي الثاني لجستن 1410 -هـ
-إعداد المعلم من منظور التربية السلمية -د عبدالله بن عبدالحميد محمود
-دار البخاري ،مكتبة الغرباء -ط 1
-تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم -دار الكتب العلمية
-جامع الصول من أحاديث الرسول -ابن الثير -ت عبدالقادرالرناؤوط -
دار الفكر -ط 1403 - 2هـ
-جامع بيان العلم وفضله -الخطيب البغدادي -دار الكتب العلمية
-الجامع لخلق الراوي وآداب السامع -ت محمود الطحان -مكتبة المعارف
1403 -هـ
-الرسول المعلم ومنهجه في التعليم -محمد رأفت سعيد -دار الهدى للنشر
والتوزيع -ط 1402 - 1هـ
-سلسلة الحاديث الصحيحة -محمد بن ناصر الدين اللباني -المكتب
السلمي
-سنن أبي داود -ت كمال الحوت -دار الجنان -ط 1409 - 1هـ
-سنن ابن ماجه -ت محمد فؤاد عبدالباقي -دار الفكر
-سنن الترمذي -ت أحمد شاكر -دار إحياء التراث العربي
-سنن الدارمي -ت مصطفى البغا -دار القلم -ط 1412 - 1هـ
191
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
-سنن النسائي -ت عبدالفتاح أبوغدة -مكتبة المطبوعات السلمية بحلب -
ط 1406-1هـ
-صحيح الترغيب والترهيب -محمد بن ناصر الدين اللباني -مكتبة المعارف -
ط 1409 - 2هـ
-صحيح سنن أبي داود -محمد ناصر الدين اللباني -مكتب التربية العربي -
ط 1409 - 1هـ
-صحيح سنن ابن ماجه -محمد ناصر الدين اللباني -مكتب التربية العربي-
ط 1408 - 2هـ
-صحيح سنن الترمذي -محمد ناصر الدين اللباني -مكتب التربية العربي-
ط 1408 - 1هـ
-صحيح سنن النسائي -محمد ناصر الدين اللباني -مكتب التربية العربي-
ط 1409 - 1هـ
-صحيح مسلم بشرح النووي -مراجعة خليل الميس -مكتبة المعارف -ط 1
1410 -هـ
-فتح الباري شرح صحيح البخاري -ابن حجر العسقلني -دار الكتب العلمية
-ط 1410 - 1هـ
-الفروسية -ابن قيم الجوزية
-الفكر التربوي عند ابن القيم -حسن الحجاجي -دار حافظ للنشر والتوزيع
-ط 1408 - 1هـ
-الفوائد -ابن قيم الجوزية
-الكفاية في علم الرواية -الخطيب البغدادي -ت أحمد عمر هاشم -دار
الكتاب العربي -ط 1406 - 2هـ
-لقط اللليء المتناثرة في الحاديث المتواترة
-المؤثرات السلبية في تربية الطفل المسلم وطرق علجها -عائشة جلل -
دار المجتمع -ط 1412 - 1هـ
-المجموع شرح المهذب -النووي -دار الفكر
-المحدث الفاصل بين الراوي والواعي-الحسن بن عبدالرحمن الرامهرمزي-
ت محمد عجاج الخطيب-ط 1404 -3هـ
-مختصر الشمائل المحمدية للترمذي -محمد ناصر الدين اللباني -مكتبة
المعارف -ط 1412 - 4
-المذهب التربوي عند ابن سحنون -مؤسسة الرسالة -ط 1406 - 1
-المراهقون -د عبدالعزيز النغيمشي -دار طيبة -ط 1411 - 1هـ
-مسند المام أحمد -المام أحمد بن حنبل الشيباني -دار صادر
-مسؤولية الب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة -عدنان باحارث
-دار المجتمع -ط 1410 - 1هـ
-مشكلت الشباب والمنهج السلمي في علجها-وليد شلش نايف سبير -
مؤسسة الرسالة -ط 1409 - 1هـ
-المعجم المفهرس للفاظ الحديث الشريف -مطبعة بريل بمدينة ليدن -
1967م
-المعلم المناهج وطرق التدريس -د/محمد عبدالعليم مرسي
-من أعلم التربية السلمية -مكتب التربية العربي 1409 -هـ
-منهج التربية السلمية -محمد قطب -دار الشروق -ط 1408 - 8هـ
-النظرية التربوية في طرق تدريس الحديث النبوي -يوسف صديق -دار
ابن القيم -ط 1412 - 1هـ
192
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(35 /
التوحيد أول ً وأخيرا ً
محمد العبدة
إن أساس الصلح السلمي هو التوحيد الخالص لله )تعالى( ،فهو الذي
يرتقي بالنسان المكان اللئق به ،وهو الذي ينقذه من رق العبودية لغير الله
،ويحرره من استعباد النسان ،ومن استعباد الخرافة والهواء ،وهو الذي
ينقذه من المحتالين الدجالين أحبار السوء الذين يشترون بآيات الله ثمنا ً قليل ً
،وإذا لم يتعبد النسان لله )تعالى( فسوف يقع في الوثنية -ل محالة -بشتى
مام( ،فل بد ث وه ّ صورها وأشكالها ؛ فإن النسان كما جاء في الحديث )حار ٌ
أن يمتلئ بشيء ،فإذا لم تكن العبودية لله فهي لغيره مهما تظاهر بأنه حر ،
فالعبودية هي عبودية القلب كما يقول ابن تيمية )رحمه الله( ،فمن ركض
وراء الشهوات فهو السير المملوك ،ولو كان حاكما ً يستعبد الناس .
التوحيد الخالص لله )تعالى( هو الذي يجعل المسلم شخصية تستعصي على
الطغيان ،ول تخضع للمل أو المال ،كما استعصى الصحابي الجليل بلل بن
رباح حين قالها لمل قريش :أحد أحد ،والتوحيد هو الذي يحفظ النسان من
حفظت الفلك بالجاذبية .التوحيد الخالص النفلت بل قيد أو ضابط ،كما ُ
لله )تعالى( هو الذي أنقذ العرب من وهدة النسيان والخمول ،وجعلهم أمة
تحمل رسالة وتشعر بالمسؤولية ،وتحول العربي إلى إنسان ل تأسره
الوهام والتقاليد ،ول القبيلة والعشيرة ،ول القليمية والقومية .
إن من أصعب الشياء على النسان الذي يحب الفساد في الرض أن يسمع
ذا ل َ َ َ
ب []ص [5 : جا ٌ
يٌء عُ َ
ش ْ ن هَ َحدا ً إ ّ
ة إَلها ً َوا ِل الل ِهَ َ جعَ َ كلمة التوحيد ] أ َ
وكأنهم يقولون :كيف يكون إله واحد ينظر في أمر الجميع ؟ ] َوإَذا ذ ُك َِر الل ّ ُ
ه
ش َ
خَرةِ ][ ...الزمر [45 :وقد خشي ن ِبال ِ ن ل ي ُؤْ ِ
مُنو َ ذي َ ب ال َ ِ
ت قُُلو ُ مأّز ْ حد َهُ ا ْ َ
وَ ْ
فرعون من هذا التوحيد الذي جاء به موسى )عليه السلم( فقال ] :إّني
م ][ ...غافر [26 :والدين هنا يعني الحكم ،وكأنه يقول : ل ِدين َك ُ ْف َأن ي ُب َد ّ َخا ُ أَ َ
إن هذا النبي الذي جاء بالتوحيد خطير جد ّا ً ؛ لنه سيذهب بملككم وسيادتكم
وطريقتكم في العيش .
فل مانع عند الطغاة أن يكون الدين حركة ثقافية أو حضارية تتكلم عن
الزخرفة السلمية أو العمارة السلمية ،وتذكر ما أنتجه العلماء القدامى في
الطب ،والهندسة ،وعلم الفلك ،ول مانع من تشجيع الطرق الصوفية التي
تربط الفرد بالشيخ والولي والقطاب والوتاد وما هنالك من خيالت
وخرافات .
ومن المؤسف أن بعض الذين يوسمون أنفسهم بأنهم )مثقفون( ،أو بعض
من دخلت في قلوبهم شبه )علم الكلم( يأنفون من هذا التوحيد ،فل
يدرسونه ول ُيدّرسونه ؛ لن هذا عندهم أقرب أن يكون للعوام ! ،أما هم فل
بد أن يخوضوا في الذات اللهية ،وكيف ولماذا ؟ ...ول بد أن يذكروا أقوال
قا
الفلسفة القدامى والمعاصرين ؛ فتراهم يلوكون الكلمات التي ل تقيم ح ّ
ث على رأس جبل وعر ،ول يكتفون ول تهدم باطل ً ،والتي هي كلحم جمل غَ ّ
فرون الناس عن هذا التوحيد باللمز والغمز لهله الذين يقومون بهذا ،بل ُين ّ
به ويعلمونه الناس .
إذا أردنا النهوض فل بد أن نرتفع بمستوى المة كي تفهم وتمارس التوحيد
الخالص ،وحتى ل تكون قطيعا ً ُينادى من مكان بعيد ،وتكون أمة تقوم
بواجباتها وتحمل الرسالة .
193
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(1 /
التوحيد أول ً
تقديم
المقدمة
أهمية الكتابة في هذا الموضوع
التوحيد :تعريفه وأقسامه
فضل التوحيد
واقع المة اليوم
العلمنة تعصف بالعالم السلمي
الخلل في فهم التوحيد وقصره على بعض أجزائه
ضعف أثر عقيدة التوحيد عند بعض المسلمين
الغلو في العلماء والتعصب لهم وتقديم أقوالهم
تقديم
الحمد لله الواحد الحد ،الفرد الصمد ،الذي تفرد بأن يعبد ويحمد ،وأشهد أن
الله -تعالى -هو الله المتوحد ،وأن من أّله سواه فقد أشرك وندد ،وأن
محمدا ً عبده ورسوله الذي نهى عن الشرك وشدد ،فصلى الله عليه وسلم
وعلى آله وأصحابه ومن تعبد.
وبعد فقد كتب فضيلة الشيخ ناصر بن سليمان بن عمر هذه الرسالة القيمة
ل" ،وأودعها ما يهم ذكره من عظمة التوحيد وعلو شأنه، بعنوان "التوحيد أو ً
وشناعة الشرك وخطره على المجتمعات السلمية ،وقد أوضح فيها _أثابه
الله_ أن التوحيد العملي القصدي الرادي الطلبي الذي هو توحيد اللوهية هو
الذي دعت إليه الرسل ،وأنزلت به الكتب ،وجردت لجله سيوف القتال،
ووقعت فيه الخصومة بين الرسل وأممها.
وأنه مع هذه الهمية قد وقع فيه الخلل والنقص ،وقد تهاون به الكثير من
الجماهير مع ادعائهم التوحيد ،وأن الكثير تجاهلوا ببعض ما ينقصه ،وتساهلوا
في بعض الشركيات زعما ً منهم جوازها أو عدم منافاتها للتوحيد ،وأفاد أن
هذا خطأ كبير ،وأن التوحيد هو أساس الدين وهو الشرط الول لقبول
القربات والطاعات ،وأنه يستلزم تعظيم الخالق بجميع التعظيمات ،وتعلق
القلب به ،وصرف جميع العبادات له ،سواء كانت قلبية كالمحبة والخوف
والرجاء والتوكل والتوبة والنابة ونحوها،أو قولية كالدعاء والستعانة
والستعاذة والستغاثة والذكر والحلف ،أو بدنية كالركوع والسجود والطواف
والعمل البدني ،أو مالية كالذبح والنذر ،أو تجمع ذلك كله كالطاعة والتعظيم
والتعزير والتوقير والولء والبراء ونحو ذلك مما أشار إليه -جزاه الله خيرًا.-
ول شك أن هذه الرسالة من الهمية بمكان فنهيب كل مسلم أن يقرأها
ويطبقها على نفسه ،ويدعو إلى العمل بها بعد معرفتها رجاء أن تصلح أحوال
المسلمين ،ويعودون إلى توحيد الخالق وتعظيمه وحده ،وتصغر المخلوقات
في نفوسهم ،والله أعلم ،وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
المقدمة
إن الحمد لله ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له،
وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ،وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله.
َ َ
ن" )آل مو َ
سل ِ ُ
م ْ ن إ ِّل وَأن ْت ُ ْ
م ُ موت ُ ّ
قات ِهِ َول ت َ ُ
حق ّ ت ُ َ
ه َقوا الل ّ َ
مُنوا ات ّ ُ
نآ َ
ذي َ "َيا أي َّها ال ّ ِ
194
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
عمران.(102:
جَها َ ُ َ ّ ُ َ
من َْها َزوْ َ خل ق َ ِ حد َةٍ وَ َ س َوا ِ ٍ ن نَ ْ
ف م ْ م ِ قك ْ خل َ ذي َ م ال ِ قوا َرب ّك ُ س ات ّ ُ "َيا أي َّها الّنا ُ
ن الل ّ َ
ه م إِ ّ حا َ ن ب ِهِ َواْل َْر َ ساَءُلو َ ذي ت َ َ ه ال ّ ِ قوا الل ّ َ ساًء َوات ّ ُ جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ ما رِ َ من ْهُ َث ِ وَب َ ّ
م َرِقيبًا" )النساء.(1: ن عَل َي ْك ُْ كا ََ
َ َ
فْر م وَي َغْ ِ مال َك ُ ْ م أعْ َ ح ل َك ُ ْ
صل ِ ْ ديدا ً ي ُ ْ س ِ ه وَُقوُلوا قَوْل ً َ قوا الل ّ َ مُنوا ات ّ ُ نآ َ ذي َ "َيا أي َّها ال ّ ِ
ظيمًا" )الحزاب،70: وزا ً عَ ِ قد ْ َفاَز فَ ْ ه فَ َ سول َ ُ ه وََر ُ ن ي ُط ِِع الل ّ َ م ْ م وَ َ م ذ ُُنوب َك ُ ْ ل َك ُ ْ
.(71
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله ،وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه
وسلم ،وشر المور محدثاتها ،وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضللة ،وكل
ضللة في النار.
أما بعد:
مافقد خلق الله الخلق ،وأنزل الكتب ،وأرسل الرسل لعبادته وتوحيده "وَ َ
ن" )الذريات.(56: دو ِ س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ ن َواْل ِن ْ َ ج ّ ت ال ْ ِ ق ُ خل َ ْ َ
ه إ ِلّ ه ل إ ِل ََ َ َ ّ َ َ ْ َ
حي إ ِلي ْهِ أن ّ ُ ل إ ِل ُنو ِ سو ٍ ن َر ُ م ْ ن قب ْل ِك ِ م ْ سلَنا ِ ما أْر َ وقال _ سبحانه_" :وَ َ
َ
ن" )النبياء.(25: دو ِ أَنا َفاعْب ُ ُ
وقد بعث صلى الله عليه وسلم إلى أمة كانت تعيش في جاهلية جهلء
وضللة عمياء ،الشرك أساس دينها ،والوثان أربابها وسادتها.
فجاءهم بالتوحيد الخالص ،ونهاهم عن الشرك بأنواعه وأجناسه ،ولقي منهم
في سبيل ذلك أذى كثيرًا ،فصبر وصابر صلى الله عليه وسلم حتى أتم الله
َ صُر الل ّهِ َوال ْ َ
تح وََرأي ْ َ فت ْ ُ جاَء ن َ ْ نوره ،ودخل الناس في دين الله أفواجا ً "إ َِذا َ
وابًا" َ
ن تَ ّ كا َ ه َ فْرهُ إ ِن ّ ُ ست َغْ ِك َوا ْ مد ِ َرب ّ َ ح ْ ح بِ َ سب ّ ْ واجا ً فَ َ ن الل ّهِ أفْ َ ن ِفي ِدي ِ خُلو َ س ي َد ْ ُ الّنا َ
)النصر.(3:
وكانت هذه السورة من آخر ما نزل من القرآن ،مما يدل على الجهد العظيم
الذي بذله المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى تحقق له مراد ربه ،فأخرج
المة من الظلمات إلى النور ،وهداها إلى صراط مستقيم.
واليوم تشتد الحاجة لنقاذ المة ،وإخراجها من ظلمات الجهل والتخلف ،إلى
نور العلم واليمان.
ومن أجل ذلك اجتهد الدعاة والمصلحون لتحقيق هذا الهدف العظيم ،فبذلت
المهج والرواح ،والموال ،وتعددت الجماعات ،وتنوعت الساليب.
)(1 /
ل :لماذا لم تؤت هذه الجهود -على ضخامتها -ثمارها؟ويقف المسلم متسائ ً
حتى دب اليأس وحل القنوط محل العزم والتفاؤل ،إل ما رحم ربك ،وعند
التأمل نجد أن لهذا المر سببًا ،ففي المنهج خلل ،وفي الطريق بلل ،وقد
توصلت إلى أن من أبرز السباب لهذه الحال على مستوى المة والجماعات
والفراد ،القصور والتقصير في تعلم التوحيد وتعليمه وفهمه وتطبيقه ،والناس
في ذلك بين مقل وبين مكثر ،وعلى حسب تشخيص الداء يكون الدواء ،وما
يعقلها إل العالمون.
من أجل ذلك كله اقترح علي بعض الحبة أن ألقي الضوء على هذا الموضوع،
ل" استجابةمشخصا ً الداء ،ومبينا ً الدواء ،فجاءت هذه الرسالة "التوحيد أو ً
لهذه الرغبات الكريمة ،وقناعة بأهمية هذا الركن العظيم ،لتنهض المة من
كبوتها ،وتصحو من رقدتها ،وتستبين سبيل ربها ،عندما نراها قد التزمت قول ً
195
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
وفعل ً كتاب الله ،واقتفت سنة نبيها صلى الله عليه وسلم وسارت على منهج
سلف المة الخيار ،فجعلت "التوحيد أول" ولن يصلح آخر هذه المة إل بما
صلح به أولها.
أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة كاتبها وقارئها ،وأن يجعلها خالصة لوجهه
الكريم ،وذخرا ً لي يوم الدين.
وصلى الله وسلم على نبينا ،محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهمية الكتابة في هذا الموضوع
تتضح هذه الهمية من خلل العناصر التالية:
-1وجوب النصح للمة عامة ،وللدعاة وطلب العلم خاصة ،فقد ثبت عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال":الدين النصيحة -ثلثًا -فقال الصحابة :لمن يا
رسول الله؟ فقال" :لله ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم " ).(1
ت
ق ُخل َ ْ
ما َ -2إن الله خلق الخلق وأنزل الكتب ،وأرسل الرسل بالتوحيد "وَ َ
ن" )الذريات ،(56:أي :يوحدون. دو ِس إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُن َواْل ِن ْ َ ال ْ ِ
ج ّ
-3ضعف العناية بالتوحيد ،وجعله من الثانويات ،والنشغال عنه بغيره مما هو
فرع عنه ،وإذا نظرنا إلى الدروس والمحاضرات والكتابات الخاصة بالتوحيد
وجدناها ل تتناسب مع أهميته.
-4الخطأ في فهم التوحيد وتجزئته وقصره على بعض أفراده ،وسيتضح هذا
المر من خلل هذه الرسالة.
-5ضعف أثر التوحيد عند كثير من المسلمين ،مع أنهم درسوا التوحيد
وتعلموه.
-6مطالبة أعداء التوحيد بالكف عن الحديث فيه ،وتحجيمه ،وحذف بعض
المناهج الخاصة به.
-7انتشار البدع ،وبعض الشركيات القولية والفعلية.
-8تحول التوحيد إلى علم نظري معرفي فقط ،بل هناك من أدخله تحت
مسمى الفلسفة والجدليات.
-9جهل كثير من المسلمين لمور هي من أصول العقيدة ،كالولء والبراء،
وشرك الحياء والموات ،ونحو ذلك.
-10إنه لن يصلح آخر هذه المة إل بما صلح به أولها ،وهل صلح إل بكون
ل(.)التوحيد أو ً
-11إن هناك من يرى أن التركيز على التوحيد والبداءة به قد يكون عائقا
أمام وحدة المة ،وتأليف الشعوب السلمية ،واجتماع كلمة الدعاة.
فيتحاشى مناقشة أمور العقيدة خوفا ً من الفرقة -كما يتوهم -ويجمع الناس
على عمومات ل تثبت عند الملمات ،وهو يحسب أنه يحسن صنعًا ،وقد أساء
فهما ً فأساء فع ً
ل.
ل" مع التنبيه إلى ما يلي: ومما سبق يتضح لنا أهمية دراسة أن "التوحيد أو ً
ا -أن هذه الرسالة تدور على عنوانها ،فهي من أولها إلى آخرها تؤصل وتؤكد
قضية أن )التوحيد أو ً
ل(.
ب -أنني لن أدخل في مناقشة قضايا العقيدة وتفصيلت أقسام التوحيد وما
يتعلق به؛ لن هذا ليس مرادا ً هنا ،وما سيرد من ذلك فمما تقتضيه طبيعة
هذه الرسالة وموضوعها.
ً
ج -آثرت جانب الختصار ،وتحاشيت الستطراد والتطويل؛ حرصا على ترابط
الموضوع ،وتسهيل ً لفهمه واستيعابه ،وليكون أدعى لنتشاره ،وأيسر لقراءته.
د -آمل أل يتعجل متعجل فيفهم غير ما أردت ،أو يحمل العبارة غير ما
تحتمل ،وكلمي يفسر بعضه بعضًا ،وأخذ بعض الجمل والعبارات بمعزل عما
196
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
قبلها أو بعدها قد يوهم بخلف المراد ،وهذا الفعل ليس من أخلق المؤمنين،
والله المستعان.
التوحيد :تعريفه وأقسامه
ل :تعريف التوحيد أو ً
-1التوحيد لغة :الفراد.
ول يكون الشيء مفردا ً إل بأمرين:
-1الثبات التام.
-2النفي العام.
فلو قلت :زيد قائم لم تفرده؛ لحتمال أن يكون غيره قائما ً أيضاً.
لكن إن قلت :ما قائم إل زيد ،فقد أفردته بإثباتك القيام التام له ،ونفيك العام
للقيام عن غيره.
ً
-2التوحيد شرعا :إفراد الله بحقوقه.
ولله ثلثة حقوق:
-1حقوق ملك.
-2حقوق عبادة.
-3حقوق أسماء وصفات.
ثانيًا :أقسام التوحيد
ذكر العلماء أن دللة الستقراء للنصوص تفيد أن التوحيد ثلثة أقسام:
-1توحيد الربوبية.
-2توحيد اللوهية.
-3توحيد السماء والصفات.
ومن العلماء -كشيخ السلم وتلميذه ابن القيم -من جعل التوحيد قسمين:
-1توحيد في المعرفة والثبات :وهو توحيد الربوبية والسماء والصفات.
-2توحيد في الطلب والقصد :وهو توحيد اللوهية.
توضيح هذه القسام
-1توحيد الربوبية:
وهو إفراد الله بالخلق ،والملك ،والتدبير ،وهو -أيضا -توحيد الله بأفعاله.
__________
) - (1أخرجه مسلم ) (1/74رقم ).(55
)(2 /
ه" )فاطر :من ق غَي ُْر الل ّ ِ خال ِ ٍ ن َ م ْ ل ِ -ودليل إفراده بالخلق قوله -تعالى" :-هَ ْ
َ
ق" )النحل :من الية .(17 خل ُ ُ ن ل يَ ْ م ْخل ُقُ ك َ َ ن يَ ْ الية ،(3وقوله" :أفَ َ
م ْ
مُلو َ
ن" ما ت َعْ َم وَ َقك ُ ْ خل َ َ ه َومن مخلوقاته أفعال عباده ،كما قال -تعالىَ" :-والل ّ ُ
)الصافات.(96:
ك" )الملك :من ْ
مل ُ ْ
ذي ب ِي َدِهِ ال ُ ّ
ك ال ِ ودليل إفراده بالملك قوله -تعالى" :-ت ََباَر َ
ه َ
جاُر عَلي ْ ِ جيُر َول ي ُ َ يٍء وَهُوَ ي ُ ِ ش ْ ل َ ت كُ ّ كو ُ مل َ ُ ن ب ِي َدِهِ َم ْل َ الية ،(1وقوله" :قُ ْ
")المؤمنون :من الية .(88
مُر" )لعراف :من الية ،(54 َ ْ ْ ْ َ َ
خلقُ َوال ْ ه ال َ -ودليل التدبير قوله -تعالى" :-أل ل ُ
والمراد بالمر هنا :التدبير.
أقسام ربوبية الله لخلقه:
ربوبية الله لخلقه على نوعين:
الول :ربوبية عامة ،شاملة لجميع المخلوقات ،وهي :أن الله هو المنفرد
197
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
198
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(3 /
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " :من شهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ،وأن محمدا ً عبده
ورسوله ،وأن عيسى عبد الله ورسوله ،وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه،
والجنة حق ،والنار حق ،أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " ) (1متفق
عليه.
وفي حديث عتبان -المتفق عليه -قال صلى الله عليه وسلم " :فإن الله
حرم على النار من قال ل إله إل الله ،يبتغي بذلك وجه الله " ).(2
وفي حديث موسى -عليه السلم -مع ربه :قال" :يا موسى لو أن السماوات
السبع وعامرهن غيري والرضين السبع في كفة ،ول إله إل الله في كفة،
مالت بهن ل إله إل الله " رواه ابن حبان والحاكم وصححه ).(3
ومما يدل على فضل التوحيد خطورة وعظم الشراك بالله -تعالى -قال
َ
ن
م ْشاُء وَ َ ن يَ َم ْك لِ َ ن ذ َل ِ َما ُدو َفُر َ شَر َ
ك ب ِهِ وَي َغْ ِ ن يُ ْ فُر أ ْ ه ل ي َغْ ِ ن الل ّ َ-سبحانه" :-إ ِ ّ
ظيما" )النساء ،(48:والتوحيد هو اليمان ،فمن ً ً
قدِ افْت ََرى إ ِْثما عَ ِ ك ِبالل ّهِ فَ َ شرِ ْ يُ ْ
م
مان َهُ ْ
سوا ِإي َ ْ
م ي َلب ِ ُ َ
مُنوا وَل ْ نآ َذي َ ّ
وحد الله فهو في أمان يوم الفزع الكبر "ال ِ
ن" )النعام.(82: دو َمهْت َ ُم ُ ن وَهُ ْ م ُ
َ
م اْل ْ ب ِظ ُل ْم ٍ ُأول َئ ِ َ
ك ل َهُ ُ
وكلمة التوحيد،هي :ل إله إل الله ،ول تنفع صاحبها إل إذا تحققت شروطها،
وهذه الشروط هي:
-1العلم بمعناها نفيا ً وإثباتاً.
-2اليقين ،وهو كمال العلم بها المنافي للشك والريب.
-3الخلص المنافي للشرك.
-4الصدق المانع من النفاق.
199
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
200
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
) - (9أخرجه أحمد ) .(376 ،371 -5) ،(341 ،63-4) ،(492 -3وأخرجه
أيضا الطبراني قال الهيثمي في المجمع ) (25 ،24-6عن إسناد الطبراني:
رجاله ثقات وقال عن أحد أسانيد أحمد :رجاله رجال الصحيح.
)(4 /
وعندما هاجر إلى المدينة وقامت دولة السلم استمر يدعو إلى التوحيد حتى
لقي ربه صلى الله عليه وسلم ،وسار خلفاؤه على هذا المنهج ،بل إن من
أول ما قام به أبو بكر هو قتال المرتدين ،ولم يؤجل ذلك بدعوى استقرار
الوضاع ،ويتساهل في ذلك بحجة أنهم يشهدون أنه ل إله إل الله وأن محمدا ً
رسول الله ماداموا لم يحققوا مدلولهما ومقتضاهما ،وقال ":والله لقاتلن
من فرق بين الصلة والزكاة " ).(1
ومع قيام الخلفة فلم يتوقف قتال المشركين ولم تخب الدعوة إلى توحيد
الله ،حتى ضعفت الخلفة وتفرقت المة وأصبحت شيعا ً وأحزابًا ،وفشا
الرجاء والعتزال.
واقع المة اليوم
بعد أن عرفنا معنى التوحيد وفضله ،وأنه دعوة الرسل نقف وقفة مناسبة مع
واقع المة ليتضح لنا مدى التزامها بالتوحيد أو بعدها عنه ،حيث إن بعض
طلب العلم قد ل يتصور خطورة المر ،نظرا ً لنه يعيش بين أناس هم على
عقيدة التوحيد ،وتقل بينهم البدع والشركيات ،فيتوهم أن أغلب المسلمين
هم على هذه الحالة ،بينما الحقيقة بخلف ذلك ،وإليك بيان ذلك:
-1الرافضة ودورهم الخطير في العالم السلمي
لست في حاجة إلى بيان منافاة عقيدة الرافضة للتوحيد ،وأنهم يضيقون ذرعا ً
بدعوة التوحيد ،فهذا المر أشهر من أن يوقف عنده ،وإن تجاهل هذه
الحقيقة من لم يترب على هذا المنهج وانجرف في تيار المناهج الخرى.
وإنما أردت أن أبين أن الرافضة يقومون الن بدور خطير في أنحاء
المعمورة ،وبخاصة بعد قيام دولتهم.
وقد بلغ أثرهم مشارق الرض ومغاربها ،وهذه حقيقة وليست مبالغة،
فالمجاهدون في أفغانستان يعانون من تسلط الرافضة على انتصارهم وهم
جادون في الحيلولة دون قيام دولتهم ،وفي الجمهوريات السلمية المر أشد
وأنكى ،وفي السودان استغلوا الظروف فولجوا من خللها.
وفي إفريقيا يعاني منهم أهل السنة المرين ،وفي أوروبا وأمريكا أقاموا
مؤسساتهم ومراكزهم ونشروا كتبهم وصحفهم ،بل لقيت وفدا ً من الدعاة
في أستراليا فإذا هم يشكون من تسلطهم وطغيانهم ،وقل أن نجد بلدا ً إل
ولهم فيه موطئ قدم ،فإذا ثبتت لنا هذه الحقيقة ،علمنا ما يكاد لدعوة
التوحيد ولعقيدة السلف على يد هؤلء ،وأدركنا خطورة المر ووجوب
المبادرة إلى علجه ،ولن يكون ذلك إل إذا كان )التوحيد أو ً
ل(.
-2الخرافيون وتأثيرهم الذي ل ينكر:
معارك الخرافيين مع التوحيد ليست جديدة ،وسعيهم الحثيث لتأصيل البدع
ونشر الشرك في بلد المسلمين يعرفها القاصي والداني ،وخدمتهم
للستعمار قديما ً وحديثا ً ليست بحاجة إلى شرح أو بيان ،والذي يتأمل خارطة
العالم السلمي ،ويضع لونا ً مميزا ً للمناطق التي يكثر فيها هؤلء يذهل من
النتيجة التي سيراها.
ً
وقد نشطوا في الونة الخيرة ،وأقاموا عددا من المؤسسات التي تدعوا إلى
201
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
)(5 /
202
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
م" )البقرة :من الية مل ّت َهُ ْ حّتى ت َت ّب ِعَ ِ صاَرى َ ك ال ْي َُهود ُ َول الن ّ َ ضى عَن ْ َ ن ت َْر َ "وَل َ ْ
.(120
-6الوثنيون ،وبخاصة عن طريق العمالة السيوية ،وقصة الهندوس مع
المسجد البابري خير شاهد على ما نقول.
-7انتشار السحرة والمشعوذين ،حتى وصل المر إلى أن رجل جاء يسأل
ويقول :أين بيت الساحرة فلنة؟
وقد أجرت بعض الصحف الخليجية مقابلت مع عدد من هؤلء السحرة،
وهناك صحف تنشر عناوين وهواتف هؤلء مع نشر صورهم أحيانًا.
وما ينشر تحت زوايا النجوم والبراج يدخل في هذا الباب.
-8وأخيرًا:
انتشار بعض اللفاظ البدعية أو الشركية والعمال المحرمة المنافية للتوحيد
أو كماله؛ كالحلف بغير الله ،والعتقاد أن غير الله ينفع أو يضر ،وأعياد
الميلد ،وتعليق التمائم ،وقراءة الكف ،والعتقاد بأثر البراج والنجوم ،وهلم
جرا.
هذه صورة مجملة عن واقع العالم السلمي تبين خطورة المر ،ووجوب
المبادرة إلى إنقاذ هؤلء ،سواء أكانوا ممن وقع في الشرك ،وهم يحسبون
أنهم مسلمون؛ لنهم يصلون ويحجون ،أم كانوا ممن وقع في البدع والخرافة،
ويظنون أنهم من أهل السنة والجماعة.
ولو توجهت هذه الصحوة المباركة إلى العناية الفائقة بهذه القضية لتغيرت
الحوال ،وهذا لن يكون إل إذا كانت هناك أولويات وكان "التوحيد أو ً
ل".
ضعف الولء والبراء
م" )المائدة :من الية ،(51وقال من ْهُ ْ ه ِ م فَإ ِن ّ ُ من ْك ُ ْم ِ ّ
ن ي َت َوَلهُ ْ م ْقال _تعالى_" :وَ َ
هّ
حاد ّ الل َن َ
م ْن َ واّدو َ خرِ ي ُ َ ْ ْ
ن ِباللهِ َوالي َوْم ِ ال ِ ّ مُنو َ وما ي ُؤْ ًِ جد ُ ق َ ْ _سبحانه_":ل ت َ ِ
َ َ َ َ ه وَل َوْ َ
م")المجادلة :من شيَرت َهُ ْ
م أوْ عَ ِ وان َهُ ْ خ َم أوْ إ ِ ْ م أوْ أب َْناَءهُ ْ كاُنوا آَباَءهُ ْ سول َ ُ وََر ُ
الية .(22
م الّناُر" )هود :من الية (113 سك ُ ُ م ّ موا فَت َ َ َ
ن ظل َُ ذي َ ّ َ َ
وقالَ" :ول ت َْركُنوا إ ِلى ال ِ
وقال صلى الله عليه وسلم " :أوثق عرى اليمان الحب في الله والبغض في
الله والموالة في الله ،والمعاداة في الله" ).(3
وقال صلى الله عليه وسلم " :من أحب لله وأبغض لله ،وأعطى لله ،ومنع
لله ،فقد استكمل اليمان " ) .(4رواه أحمد عن معاذ وأنس وغيره.
والذي يتأمل في أحوال المسلمين اليوم يلحظ ضعف الولء للمؤمنين والبراء
ن
م ْ
من الكافرين ،وهذا ينافي كمال التوحيد ،وقد يصل بصاحبه إلى الكفر "وَ َ
م" )المائدة :من الية .(51 من ْهُ ْ ه ِ من ْك ُ ْ
م فَإ ِن ّ ُ م ِ ي َت َوَل ّهُ ْ
ومن علمات ضعف هذا الجانب ما يلي:
-1ضعف نصرة المسلمين بعضهم لبعض ،رأينا ونرى التناحر والتدابر
والتقاطع حتى وصل في أحوال كثيرة إلى القتال فيما بينهم.
-2التشبه بالكفار في اللباس والعادات ،و " من تشبه بقوم فهو منهم ".
-3مجالسة الكفار استئناسا ً بهم وحبهم ،ومن ذلك استقدامهم مع عدم
الضرورة إلى ذلك ،وخصوصا ً أنه يوجد في المسلمين من يقوم مقامهم ،في
البيوت والشركات والزراعة والتجارة ونحوها.
-4العجاب بالغرب ،وتمني اللحاق به ،وطلب الحماية منه ،ونصرته،
ومعايشته يوميا ً عبر وسائل العلم ،وخصوصا ً البث المباشر.
-5السعي لكسر الحاجز النفسي مع اليهود والنصارى.
-6البتعاث لبلد الكفار دون حاجة تدعو إلى ذلك.
203
مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية http://www.balligho.com
أخي الكريم :أليست هذه المظاهر مما ينافي ويضاد التوحيد أو كماله؟ فأين
المخرج؟
العلمنة تعصف بالعالم السلمي
__________
) - (1أخرجه مسلم رقم ).(532
) - (2أخرجه البخاري ) .(112-1ومسلم رقم ).(531
) - (3أخرجه الطبراني في الكبير رقم ) (10537 ،10531وصححه اللباني
كما في صحيح الجامع رقم ).(2539
) - (4أخرجه أبو داود رقم ) (4681وصححه اللباني كما في صحيح الجامع
رقم ) (5965والسلسلة الصحيحة رقم ).(380
)(6 /
204