You are on page 1of 10

‫الفصل األول ‪ :‬الرحلة العياشية لــ عبد هللا بن أبي بكر العياشي‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تزخر المكتبة المغربية بعدد هائل من الرحالت‪ ،‬سواء منها الحجية أو غيرها‪ ،‬وسواء منها المطبوعة‬
‫والمشهورة بين الناس‪ ،‬أو تلك التي ال زالت مخطوطة وحبيسة جدران المكتبات العامة والخاصة‪ ،‬ومن‬
‫هذه الرحالت نذكر رحلة أبي سالم العياشي المغربي‪ ،‬التي تتميز بالمسار الجغرافي الهام الذي مسحته‪،‬‬
‫فقد انطلقت هذه الرحلة سنة ‪1072‬هـ‪1661 /‬م من سجلماسة بأرض المغرب لتصل إلى القاهرة‪ ،‬مرورا‬
‫بكل من الجزائر وتونس طرابلس‪ ،‬قبل أن تأخذ وجهتها المحددة وهدفها المقدس‪ ،‬مكة المكرمة والمدينة‬
‫المنورة‪ ،‬موئل الشريعة والحقيقة‪ ،‬ومهوى قلوب المسلمين وأفئدتهم‪ ،‬وموطن الرجال واألفكار‪ ،‬ورمز‬
‫الخالص الديني والدنيوي‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬ترجمة صاحب الرحلة‬
‫ميالده ونشأته‪:‬‬
‫ولد عبد هللا أبو سالم العياشي المغربي ليلة الخميس أواخر شعبان عام ‪ 1037‬هـ‪1628 /‬م‪ ،‬بقبيلة آيت‬
‫عياش التي احتضنت الزاوية العياشية‪ ،‬التي أسسها والده سنة ‪1044‬هـ‪ ،‬لتكون مركزا من مراكز التربية‬
‫الصوفية والعلم‪ ،‬وفي وسطها العلمي والصوفي نمت مدارك أبي سالم‪ ،‬وصفت طريقته على أيدي‬
‫شيوخها وعلمائها‪)1(.‬‬
‫هو عبد هللا بن محمد بن أبي بكر بن يوسف بن موسى بن عبد هللا بن عبد الرحمان الفجيجي أصال‪،‬‬
‫العياشي بلدا‪ ،‬التزرفتي مسكنا‪ ،‬وكنيته "أبو حمزة" جريا على عادة العرب حيث كانوا يكنون بأسماء أكبر‬
‫أوالدهم بعد اسم ‪":‬أبو" كما هو معروف‪)2(.‬‬
‫وقرأ القرآن في البداية على والده محمد بن أبي بكر(‪ )3‬يقول أبو سالم العياشي‪ ":‬قرأت عليه‪ -‬أي والده‪-‬‬
‫القرآن العظيم غير ما مرة وسمعت عليه وظيفة الشيخ زروق من لفظه‪ ،‬ولقنني الذكر‪ ،‬ولقنني دعاء‬
‫التوبة للشاذلي"‪ .‬ويعتبر والد أبي سالم العياشي من العلماء المصلحين‪ ،‬وهو المؤسس الفعلي للزاوية‬
‫العياشية قبل أن تشتهر في عهد ولده أبي سالم‪ ،‬ومن المفيد أن نقرب القارئ من هذا الرجل الفاضل الذي‬
‫هيأ الظروف المواتية ألبي سالم لكي يلتحق "بنادي المتفوقين" من ذوي الهمم العالية؛ فقد ولد محمد بن‬
‫أبي بكر بن يوسف بن موسى بن محمد بن يوسف بن عبد هللا بن عبد الرحمن سنة ‪981‬هـ‪ ،‬ونشأ في‬
‫أسرة لها اهتمامات علمية واضحة رغم مواردها المتواضعة(‪)5‬‬
‫ثم أقبل على شيوخ عصره بشغف كبير يأخذ عنهم مختلف العلوم بفاس ودرعة‪ ،‬خاصة على يد شيخه‬
‫الكبير محمد بناصر الدرعي(‪ ،)2‬وال يعلم عنه الدارسين هل درس بفاس قبل دراسته بدرعة أم العكس وما‬
‫يعلم هو أنه أنهى دراسته بفاس سنة (‪1063‬هـ)‪ ،‬ولما حاز أبو سالم علوم المغرب (فاس ودرعة ‪ )...‬فكر‬
‫كعادة المغاربة في الرحلة إلى المشرق باعتباره " مهد الرساالت السماوية‪ ،‬وأرض الحضارات القديمة‪،‬‬
‫ومنبع العلوم الدينية واألدبية والفلسفية (‪. )1‬‬

‫(‪)1‬مقال منشور بجريدة‪ :‬نفحات الطريق‪ ،‬العدد‪( 14 :‬أبريل ‪ )2012‬أبو سالم العياشي‪ :‬مالمح من حياته وأدبه –‬
‫خالد التوزاني‬
‫(‪)2‬نفسه ‪ -‬خالد التوزاني‬
‫(‪)3‬‬
‫هو محمد بن أبي بكر العياشي مؤسس الزاوية العياشية (التي ستسمى فيما بعد بالحمزاوية) سنة ‪1044‬ه‬
‫(‪ )4‬ميثاق الرابطة ‪ -‬ذ‪ .‬جمال بامي‬
‫(‪ )5‬محمد بن محمد بن احمد الدرعي (ت ‪ 1085‬هـ) شخصية علمية وصوفية بارزة‪ ،‬مؤسس الطريقة الشاذلية‬
‫السنية‪ ،‬تتلمذ عليه أبو سالم‬
‫ميثاق الرابطة ‪ -‬ذ‪ .‬جمال بامي‬ ‫(‪)6‬‬
‫ويحدثنا أبو سالم عن أسباب رحلته إلى المشرق فيقول‪ ":‬أخذت عن األعالم الذين أدركتهم بالمغرب قليال‬
‫فلم يشف ما لديهم مما أجد غليال وال أبرى عليال فإنهم استغنوا عما غاب بما ظهر فاقتصروا من الكتب‬
‫على ما اشتهر دون المسلسالت واألجزاء الصغار وعوالي اإلسناد وغرائب األخبار"(‪. )1‬‬
‫والراجح أن العوامل التي حدت بالعياشي إلى ترك الديار المغربية وإلقاء عصا الترحال بالمدينة المنورة‪،‬‬
‫لم تنحصر في الفتنة التي عصفت ببالد المغرب األقصى في أعقاب وفاة السلطان السعدي أحمد‬
‫المنصور الذهبي‪ ،‬وما خلفه عجز السلطة المركزية وضعفها من واقع مؤلم كما ذهب إلى ذلك بعض‬
‫الدارسين‪ .‬بل يبدو أن الرغبة العلمية الجامحة التي كانت تراود العياشي هي ما جعلته يي ّمم وجهه شطر‬
‫المشرق اإلسالمي الذي كان يزخر بفطاحل العلماء‪ )2(.‬وكان الواقع المتردي الذي عاش فيه بالمغرب ال‬
‫يالئم طموحاته العلمية‪ ،‬في حين كان الجو العلمي السائد بالمدينة المنورة يجذبه إليه بقوة‪ ،‬وهو ما يفهم من‬
‫قوله "وعلى طول إقامتي بالمدينة‪ ،‬لم أدر كيفية تصرف الوالة‪ ...‬ولم أبالغ في الفحص عنه‪ ،‬إذ لم يتعلق لي‬
‫به غرض إال مجرد العلم واإلحاطة بأخبار المدينة دينيها ودنيويها"(‪)3‬‬

‫فرحل ثالث رحالت إلى المشرق في أعوام ‪ 1059‬و‪ 1064‬و‪1072‬هـ‪:‬‬


‫‪ -‬كانت رحلته األولى‪ :‬سنة ‪ 1059‬هـ‪1649/‬م‪ ،‬وعمره آنذاك ال يتجاوز ثالثة وعشرين سنة‪ ،‬لكنه لم‬
‫يتصل بكثير من الشيوخ والعلماء والمتصوفة‪ ،‬ألن الهدف من هذه الرحلة كان هو الحج‪ ،‬وأهم ما فيها هو‬
‫تعرفه ولقاؤه بأحد كبار رجال التصوف بالمغرب‪ ،‬وهو الشيخ أبو بكر بن يوسف السكتاني المراكش(‪،)4‬‬
‫لقيه بمصر ورجع معه إلى المغرب ولقنه الذكر وقرأ عليه بعض الشمائل للترمذي وأجازه سائر مروياته‪،‬‬
‫كما أجازه في التصوف وأذن له في "التلقين والمصافحة ولبس الخرقة والجلوس على السجادة لتربية‬
‫المريدين ورفع الراية لزيارة اإلخوان"‪ ،‬وكتب له بذلك بخطه عن شيخه أحمد العلمي المقدسي بأسانيده‬
‫وقد أشار محمد بن حمزة في الثغر الباسم إلى هذه اإلجازة وقال عنها إنها طويلة جدا‪)5(.‬‬

‫‪ -‬وكانت رحلته الثانية‪ :‬سنة ‪1064‬هـ‪1653/‬م وعمره آنذاك سبعة وعشرين عاما‪ .‬وخالفا لنية الرحلة‬
‫األولى قرر هذه المرة أن يتوقف بأهم المراكز العلمية طيلة الرحلة وأن يتصل بكل من يتسنى‬
‫لقاؤهم ليستفيد من علمهم وتجاربهم‪ ،‬فلقي كبار العلماء واألدباء والمتصوفة والمحدثين والفقهاء‪ ،‬أخذا من‬
‫علماء مصر ومكة والمدينة المنورة وفلسطين فضال عن اتصاالته الوثيقة والمباشرة مع علماء ومتصوفة‬
‫من طرابلس واإلسكندرية والقدس وغيرها‪ .‬وتعد هذه المرحلة أخصب مراحل حياة أبي سالم الفكرية إذ‬
‫حقق التواصل بين المغرب والمشرق فأتاح مجاال لنقاش األفكار وتبادل اآلراء‪)6(.‬‬

‫د عبد هللا بنصر العلوي‪ ،‬أبو سالم‪ ..‬سبق‪ ،‬ص ‪ ،856‬نقال عن‪ :‬اقتفاء األثر ص‪.27‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫(‪ )2‬مقال‪ :‬العادات والتقاليد في المدينة المنورة من خالل الرحلة العياشية )القرن ‪ 11‬ه‪17 /‬م الدكتور إبراهيم‬
‫القادري بوتشيش بتاريخ‬
‫‪Dec 02 2012 11:07:14:‬‬
‫)نفسه‪ -‬إبراهيم القادري بوتشيش‬ ‫(‪3‬‬
‫(‪ )4‬هو العالم الصوفي الفقيه المقرئ الرحالة أبو بكر بن يوسف السكتاني المراكشي (ت ‪ 1063‬هـ)‬
‫(‪ )5‬مقال منشور بجريدة‪ :‬نفحات الطريق‪ ،‬العدد‪( 14 :‬أبريل ‪ )2012‬أبو سالم العياشي‪ :‬مالمح من حياته وأدبه‬
‫– خالد التوزاني‬
‫(‪ )6‬نفسه ‪ -‬خالد التوزاني‬
‫أما رحلته الثالثة فكانت سنة ‪1072‬هـ‪1661/‬م وعمره إذاك خمسة وثالثين سنة‪ .‬وقد دامت الرحلة سنتين‪،‬‬
‫وتعتبر من أخصب رحالته‪ ،‬حيث جاور خاللها مكة والمدينة وحج مرتين واعتمر عدة مرات وقام فيها‬
‫بنشاط علمي واسع المجال‪ ،‬ولقي كثيرا من المشايخ وأخذ عنهم وتباحث معهم وتناظر في عدة مسائل‬
‫فقهية وصوفية‪ ،‬كما تصدر للتدريس في المدينة المنورة‪ ،‬وأجاز كثيرا من العلماء الذين أجازوه بدورهم‪،‬‬
‫واستصحب معه كثيرا من الكتب والمؤلفات(‪ ،)8‬وقد كانت رحلته "ماء الموائد" ثمرة رحالته الحجازية‬
‫وخالصتها (‪. )9‬‬
‫بعد رجوع أبي سالم العياشي إلى المغرب ‪1076‬هـ‪1663/‬م تفرغ للتأليف والتدريس بالزاوية‬
‫العياشية‪ ،‬وكان لشيخ الزاوية عبد الجبار بن أبي بكر العياشي عمر أبي سالم اعتناء كبير بشؤون الزاوية‬
‫وطلبتها‪ ،‬حتى عرفت أوجا علميا يضاهي ما عرفته أكبر المراكز العلمية والثقافية بالمغرب آنذاك مثل‪:‬‬
‫زاوية الدالء ودرعة وغيرهما من الزوايا والمعاهد‪)3(.‬‬
‫إال أن هذا اإلشعاع سرعان ما سيخبو بسبب الحمالت العسكرية التي قادها المولى الرشيد ضد القبائل‬
‫الخارجة عن سلطته‪ ،‬فكانت بالد آيت عياش‪ /‬آيت أعياش من القبائل التي تعرضت لمثل هذه الحمالت‬
‫بهدف القضاء على الزعامات المحلية والحد من نفوذ الزوايا(‪)5‬ورغم هذه الظروف الصعبة التي كان أبو‬
‫سالم يمر بها‪ ،‬فإنه لم يتخل عن مهمة التدريس وتربية المريدين‪)5(.‬‬
‫بعد هذه المحنة السياسية وعودة األسرة من فاس إلى الجبل بأمر من المولى إسماعيل‪ ،‬سيتضح المسار‬
‫الفكري للزاوية التي بدا أنها انصرفت إلى الدور الديني والعلمي الخالص "خاصة مع الشيخ عبد الجبار بن‬
‫أبي بكر العياشي الذي خلف أخاه محمد على رياسة الزاوية ثم أبي سالم عبد هللا بن محمد بن أبي بكر الذي‬
‫عمل على تطوير الزاوية وأعطاها نفسا جديدا جعل المنطقة‪-‬رغم عزلتها الجغرافية‪-‬منفتحة على عالم‬
‫واسع مرتبطة بعالقات متنوعة وعلى طول مرحلة مشيخته ومشيخة ابنه سيدي حمزة غذت الزاوية قبلة‬
‫ومقصدا للزوار والطلبة وأيضا العلماء الذين جاءوا من درعة وسوس وفاس لألخذ واالنتساخ واالستفادة‬
‫من مدخرات الخزانة"(‪)3‬‬

‫الشك أن أبا سالم العياشي يعتبر من أبرز أعالم المغرب والمشرق خالل القرن ‪ 11‬الهجري‪ ،‬وليس‬
‫غريبا أن يسند إليه كرسي التدريس بالمدينة المنورة‪ ،‬كما أسند له كرسي التدريس واإلفتاء بفاس‪ ،‬قبل‬
‫أن يستقر نهائيا في الزاوية العياشية‪ ،‬ولقد قام رحمه هللا ببعث الزاوية من جديد بناء وتجديدا‪ ،‬فأصبحت‬
‫قبلة لطالب العلم‪ ،‬ومقصدا ألهل الحوائج‪ ،‬ومحجا للفقراء والمريدين الذين يأتون إليها من كل بقاع‬

‫(‪ )1‬حول المكتبات والخزانات والكتب التي اطلع عليها أبو سالم‪ ،‬انظر مقال‪ :‬المكتبة في رحلة ماء‬
‫الموائد‪ ،‬للباحث سي محمد أملح ‪ ،‬نشر بتاريخ ‪. ،2008_07_25‬يمكن قراءة المقال من خالل رابط‬
‫مدونته اإللكت رونية‪: http://allofsoftware.blogspot.com/2008/07/1_5223.html‬‬
‫(‪ )2‬مقال منشور بجريدة‪ :‬نفحات الطريق‪ ،‬العدد‪( 14 :‬أبريل ‪ )2012‬أبو سالم العياشي‪ :‬مالمح من‬
‫حياته وأدبه – خالد التوزاني‬

‫(‪ )3‬نفسه‬
‫(‪ )4‬االستقصاء‪ ،‬المكي الناصري ج‪ ،2‬ص‪39‬‬

‫(‪ )5‬انظر مقال‪ :‬نفحات الطريق‬


‫ميثاق الرابطة ‪ -‬ذ‪ .‬جمال بامي‬ ‫(‪)6‬‬
‫الشخصية الصوفية والعلمية‪:‬‬
‫وهذه المراحل الثالث كلها أخذ وعطاء ألن أبا سالم العياشي من أبرز ذوي االتصال العلمي والصوفي‬
‫فقد قيل " لوال اإلسناد لقال من شاء ما شاء"‪ .‬وفي تشبث العلماء بعلو واألدبي بأعالم عصره في المغرب‬
‫والمشرق خالل الربع الثالث من القرن الحادي عشر الهجري‪ ،‬ويميز في فهرسته بين شيوخه في علوم‬
‫الشريعة وشيوخه في علوم الحقيقة‪ ...‬مما يدل على سعة علمه‪ ،‬وميله إل التصوف‪ .‬وقد بلغ عدد شيوخه‬
‫أزيد من خمسة وستين شيخا أجازه أغلبهم‪ .‬وأبو سالم في هذا التلقي لم يكن مجرد ملقن‪ ،‬بل كان مجادال‬
‫ومشاركا على نحو ما نلمسه في عالقته بإبراهيم بن حسن الكوراني‪)1(.‬‬
‫إن دراسة أبي سالم على شيوخه في مختلف المعارف قد كونت شخصيته العلمية والصوفية واألدبية في‬
‫ضوء منهج الرواية الذي اهتم به عصره اهتماما بالغا‪ ،‬إذ كان االعتماد على السند تأكيدا على الثقة‬
‫بالعلم‪ ،‬وتوثيق بالمتن‪ ،‬وسالمة المعارف‪ ،‬السند إلى المؤلف نفسه وحرصهم عليه – باعتبار أن اإلسناد‬
‫العالي سنة محبوبة والقرب من رسول هللا رتبة مطلوبة – ما جعل أبا سالم ينهج نفس المنهج فتعددت‬
‫أسانيده لتعدد شيوخه سواء في المغرب أو المشرق‪)2(.‬‬
‫وأبو سالم في هذا المنهج يحرص على السماع من شيوخه مباشرة‪ ،‬ألن السماع ال تعادله اإلجازة وإن‬
‫تعددت‪.‬‬
‫‪-‬ألم أبو سالم بعدة اتجاهات صوفية حرص على االنتماء إليها‪ ,‬وأخذ أورادها وتقاليدها‪ ،‬وقد أهله‬
‫ذلك للحصول على إجازة بكل الطرق الصوفية األربعين التي سادت عصره‪ ،‬لكن اتجاهه في التصوف‬
‫كان ذا بعدين‪ :‬مغربي ومشرقي‪ .‬فالمغربي حيث كانت الشاذلية اتجاهه الصوفي‪ ,‬واقتدى بأكبر أعالمها‪:‬‬
‫الجزولي وزورق وعبد القادر الفاسي الذي صحبه مدة طويلة‪ .‬أما المشرقي فقد كانت النقشبندية أبرز‬
‫اتجاهاته‪ ,‬التصاله بشيوخها‪ :‬جمال الدين النقشبندي وإبراهيم الكوارني وغيرهما‪)3(.‬‬
‫ولم يتوقف أبو سالم عند هاتين الطريقتين‪ ,‬بل اتصل بطرق أخرى منها الوفائية والباعلوية والبكرية‬
‫والقادرية‪ ...‬وقد كانت غايته االتصال بشيوخ التصوف والتماس الدعاء‪ ,‬وأخذ العهود واستدعاء‬
‫اإلجازة‪...‬لذ لك فقد ناوله كثير منهم السبحة وأجازوا له التلقين والمصافحة ولبس الخرقة والجلوس على‬
‫السجادة لتربية المريدين ورفع الراية لزيارة اإلخوان‪)4(.‬‬
‫وعلى الرغم من اتصال أبي سالم بعدد كبير من الطرق الصوفية وشيوخها‪ ,‬فقد كان حريصا على‬
‫إتباع السنة واقتفاء أثر الرسول صلى هللا عليه وسلم‪)5(.‬‬

‫شخصية أبي سالم العلمية تبدو في االهتمام بأمور الشريعة من اعتقاد ومعامالت‪ ،‬ومذهبه في ذلك الفقه‬
‫المالكي والعقيدة األشعرية‪ .‬ولم يكن أخذه عن شيوخ من الحنفية والشافعية والحنبلية ليؤثر في مذهبه‬
‫ليحيد عن المالكية أو يقتدي بفروعهم‪ .‬ويرى أبو سالم أن األخذ عن هؤالء محقق ما داموا على رأس‬
‫أهل السنة والجماعة‪)6(.‬‬
‫ال شك أن التربية الدينية التي نشأ عليها أبو سالم العياشي‪ ،‬قد كان لها فضل كبير في تكوين شخصيته‬
‫ونفسيته‪ .‬إذ الحب النبوي واإلقتداء بالنبي صلى هللا عليه وسلم في كل المواقف‪ ،‬ال يتأتى إال لمن أخذ هللا‬

‫(‪)1‬أبو سالم العياشي المتصوف األديب عبد هللا بنصر علوي ‪:‬العدد ‪ 308‬شوال ‪ /1415‬مارس ‪1995‬‬
‫(‪ )2‬نفسه‬
‫(‪ )3‬من شخصيات الزاوية العياشية (أبو سالم العياشي)‪ .‬عبد هللا بنصر علوي‬
‫العدد ‪ 252‬ذي الحجة ‪ -1405‬شتنبر ‪1985‬‬

‫(‪ )4‬مقال منشور بجريدة‪ :‬نفحات الطريق‪ ،‬العدد‪( 14 :‬أبريل ‪ )2012‬أبو سالم العياشي‪ :‬مالمح من حياته وأدبه – خالد‬
‫التوزاني‬
‫(‪ )5‬نفسه‬
‫(‪ )6‬من شخصيات الزاوية العياشية (أبو سالم العياشي)‪ .‬عبد هللا بنصر علوي‬
‫العدد ‪ 252‬ذي الحجة ‪ -1405‬شتنبر ‪1985‬‬
‫بيده‪ .‬فقد رأينا في ترجمة العياشي أنه عرف عدة طرق صوفية‪ .‬ولم يمنعه ذلك من الحفاظ على‬
‫سالمة عقيدته ونقاء سريرته‪ .‬وهو نموذج لعمالقة صوفية المغرب الذين في حاجة ماسة لكشف غبار‬
‫النسيان عن سيرهم ومناقبهم وسلوكهم الصوفي المتميز‪)1(.‬‬
‫بعض اإلشارات عن حياته في الرحلة‬
‫كان العياشي حريصا على تصحيح ماشاع من أفكار ومتعقدات خاطئة بين العلماء أو حتى عامة الناس‪.‬‬
‫ذكر في الرحلة "‪....‬وضن متفقهة البلد أنه أبو أمامة الباهلي فكتبت لهم في معنى ذلك وبينت أنه أبو أمامة‬
‫أسعد بن زرارة وأن أبا أمامة الباهلي إنما توفي بعد النبوة بأزمان كثيرة ‪)2(".‬‬
‫ولئن عرف العياشي بتقديره وإحترامة للعلماء وخــاصة الشـــيوخ الذين جالســهم واستفاد منهم فإنه ال‬
‫يتحرج من نقد من يخطئ منهم أو يتطفل على علم فيرشدهم ويصحح خطأهم ‪ .‬فقد ذكر في الرحلة فبينما‬
‫كان يدرس كتاب النقاية في المدينة ووصل فيه إلى مسائل تتعلق بالطب والجراحة توفق عن اإلقراء‬
‫واعتذر عن المواصلة قائال ‪":‬وانا ال علم لي بهذين العلمين ‪)3("...‬‬
‫فمنذ نعومة أظفاره حرص على اقتناء الكتاب وارتياد الخزائن التي كان يقتضي بها جل أوقاته لإلستفادة‬
‫من كنوزها ‪ .‬كما كان يحترم الكتاب ويحرص على صيانته من التلف أو وقوعه بأيدي غير أهله ‪ .‬فقد ذكر‬
‫في الرحلة‪ "...‬فمن الناس من اشترى ومنه من كف وقليل منهم‪ ،‬ومن جملة ما أتوا به للبيع مصحف بخط‬
‫مشرقي وكتاب أخر فيه شرح منية الصلي في فقه الحذفية ‪)4("...‬‬
‫وكان حريصا على زيارة أسواق المدن التي يدخلها لعله يظفر فيها بنفائس الكتب فقد ذكر في الرحلة‬
‫"‪...‬وكنت طول النهار ذاهبا وجائيا في قضايا األوطار وتهيئة أسباب األسفار وشراء كتب‪)5("...‬‬
‫وكما كان الرحالة حريصا على زيارة المكتبات العامة والخاصة بالمدن التي يحل بها ‪ .‬فقد ذكر في الرحلة‬
‫"‪...‬سألت صاحبنا إمام المسجد هل في البلد شئ من خزائن الكتب فأخبرني أن عند األمير خزانة من‬
‫الكتب وأنه ال يمنع من أراد الدخول إليها ‪)6("...‬‬
‫كما كان أبوسالم حريصا على تبادل الكتب مع غيره من العلماء والشيوخ الذين لقيهم في رحالته فقط أورد‬
‫في الرحلة "‪...‬وأخد مني سيدي محمد بن إبراهيم التقربي الكراسة التي جمعت فيها معاني "لو" الشرطية‬
‫والكراسة التي سميتها تنبيه ذوي الهمم العالية على الزهد‪)7("...‬‬
‫ولكن رغم هذا الحرص على الكتاب والشغف به والخوف عليه فإن أبا سالم العياشي يجد نفسه أحيانا‬
‫مظطرا إلى التفريط في بعض كتبه فيبيعها خاصة عندما تحل به ضائقة مالية أيام السفر أو المجاورة ‪ .‬فقد‬
‫ذكر في الرحلة "‪...‬وهممت بيع الكتب فلم أجد من يسأل عنها ‪)8("...‬‬
‫وعرف الرحالة بحبه إلقتناء النسخ الصحيحة وخاصة النسخ األصلية أو التي عليها خطوط العالء أو‬
‫المقروءة على مؤلفيها ‪.‬‬
‫ان كل هذه الروافد المتعددة ‪:‬الرحالت ‪،‬العلماء الذين إلتقى بهم وجالسهم والمكتبات ‪،‬قد أكسبت أبا سالم‬

‫(‪ ) )1‬انظر مقال‪ :‬نفحات الطريق‬


‫(‪ . )2‬الرحلة العياشية ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪107‬‬
‫(‪ )3‬الرحلة العياشية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪373‬‬
‫(‪ )4‬الرحلة العياشية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪372‬‬
‫(‪ ) )5‬الرحلة العياشية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪227‬‬
‫(‪)6‬نفسها ص ‪135‬‬
‫(‪ )7‬نفسها ص‪373‬‬
‫(‪ ) )8‬نفسها ص‪135‬‬
‫ان كل هذه الروافد المتعددة ‪:‬الرحالت ‪،‬العلماء الذين إلتقى بهم وجالسهم والمكتبات ‪،‬قد أكسبت أبا سالم‬
‫العياشي ثقافة موسوعيه من فقه‪ ،‬وعربية ‪،‬ونوازل‪ ،‬وتصوف‪ ،‬وفلسفة‪ ،‬ومنطق ‪.‬وهذه الثقافة التي‬
‫إستوعبها أكسبته شهرة كبيرة طبقت األفاق وخاصة في المشرق ‪)1(.‬‬

‫شيوخ العياشي‪:‬‬
‫العلم من أقوى‬
‫تـعلم ِ‬
‫َ‬ ‫عرف عن أبي سالم ولعه بالعلم والعلماء لدافع ديني باألساس‪ ،‬حيث يقول‪ِ " :‬إ َّن‬
‫العبادة‪ ،‬فال تَتْ ُر ِك االستفادة واإلفادة‪ْ ،‬‬
‫وام ُزجِ الطلب باإلرادة"(‪ .)2‬ثم لدافع نفسي‪ ،‬حيث يقول‪ " :‬فال‬
‫تقصروا إخواني من خدمة الصالحين وزيارتهم ومالقاتهم‪ ،‬فـإن لذلك أثرا عجيبا في تليين القلوب‪،‬‬
‫وتسخير النفوس"‪)3( .‬لذلك ال غرابة أن يكثر عدد شيوخه‪ ،‬حيث بلغ عددهم ثالثة وسبعون شيخا حسب ما‬
‫أثبته الباحث عبد هللا بنصر العلوي في دراسته(‪ ،)4‬فيما عددهم باحثون آخرون بتسعين شيخا‪،‬‬
‫يقول الدكتور عبد هللا المرابط الترغي‪ " :‬ويبلغ مجموع الشيوخ الذين لقيهم في وجهته ممن أخذ عنهم من‬
‫العلماء وأصحاب الطلب‪ ،‬أو الذين تبادل معهم األخذ أو أفادوا منه‪ ،‬ما يزيد على تسعين رجالً‪ ،‬غير رجال‬
‫الصالح والبركة‪ ،‬أكثرهم لقيه في مصر ثم الحجاز في مكة والمدينة المنورة"(‪ )5‬مع أني أميل إلى أن‬
‫شيوخ أبي سالم أكثر من ذلك‪ ،‬فالصوفية يأخذون الحكمة من مصادر قد ال تخطر على بال باحث‪)6( .‬‬

‫‪ -‬ومع صعوبة ذكر كل المشايخ فضال عن اإلحاطة بهم‪ ،‬البد أن نذكر أبرزهم تأثيرا في تكوين‬
‫العياشي‪ ،‬إذ يكفي من القالدة ما أحاط بالعنق‪ .‬فقد قرأ أبو سالم على شيوخ كثر؛ منهم والده‪ ،‬وأخوه األكبر‪،‬‬
‫وأبو بكر بن يوسف الكتاني‪ ،‬وعبد القادر الفاسي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وقرأ أثناء حجه على شيوخ مصريين‪ ،‬منهم‬
‫األجهوري(‪، )7‬والخفاجي وإبراهيم المأموني وعلي الشبراملسي وسلطان المزاجي‪ ،‬وفي الحجاز جاور‬
‫عدة سنوات وأخذ العلم والتصوف عن جماعة منهم زين العابدين الطبري وعبد هللا باقشير‪ ،‬وعلي بن‬
‫الجمال‪ ،‬وعبد العزيز الزمزمي وإبراهيم الكردي‪ ،‬وحسين العجمي‪ ،‬ومنهم عيسى الثعالبي‪ )8(،‬أحد أعيان‬
‫الجزائريين المهاجرين إلى مكة‪ ،‬ونال من هؤالء جميعا ً اإلجازات وكتب عن بعضهم األسانيد‪ .‬وقد سافر‬
‫إلى الحج مع وفد جزائري يرأسه عبد الكريم الفكون‪ ،‬فأخذ عنه مؤلفاته وطريقته‪ .‬وال شك أن اإلحاطة بكل‬
‫شيوخ أبي سالم أمر غير متاح‪ ،‬ألن الرجل قد سافر كثيرا وأوقف حياته على العلم والعلماء‪ ،‬الذين أخذ‬
‫عنهم وعرف بالكثير منهم في رحلته وفهرسته‪ ،‬ومنهم من أشار إليه مترجموه‪ .‬ولعل أكثر الشيوخ تأثيرا‬
‫في شخصيته‪ ،‬وأعظمهم حبا إلى نفسه؛ والده محمد بن أبي بكر العياشي‪ ،‬وعبد القادر الفاسي وعيسى‬
‫الثعالبي وإبراهيم الكوراني‪)9(.‬‬
‫اتحاف األخالء بإجازات المشايخ األجالءألبي سالم العياشي‪:‬تقديم وتحقيق محمد‬ ‫(‪)1‬‬
‫الزاهي‬
‫(‪ )2‬الرحلة العياشية ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪634‬‬
‫(‪ ) )3‬نفسها ج ‪ 1‬ص‪137‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫(‪)9‬‬
‫آثاره ومؤلفاته‪:‬‬
‫ال شك أن طول االحتكاك بالعلماء يورث لدى صاحبه علما وأدبا غزيرا‪ ،‬وهو ما حصل مع أبي سالم‪،‬‬
‫حيث نبغ في عدة علوم واتسمت ثقافته بالموسوعية واإلحاطة بمعارف العصر‪ ،‬وقد ظهر ذلك جليا من‬
‫خالل تنوع الكتب والمصنفات التي ألفها‪ ،‬في شتى فنون المعرفة‪ ،‬والعلوم والشعر والنثر واألدب والعلوم‬
‫اللغوية والعلوم الشرعية والتصوف‪ ..‬وفيما يلي أهم آثاره(‪)1‬‬
‫في الرحالت‪:‬‬
‫‪ -‬الرحلة العياشية‪ :‬ماء الموائد‪.‬‬
‫‪ -‬تعداد المنازل‪ ،‬وتسمى أيضا بالرحلة الصغرى‪ .‬وتعرف ب (التعريف واإليجاز عن بعض ما‬
‫تدعو الضرورة إليه في طريق الحجاز) وهي موجهة لصديقه أبي العباس أحمد بن سعيد المجليدي وهو‬
‫بدء طريقه للحج عام ‪1068‬هـ‪1658/‬م يصف له فيها مراحل الطريق ومياهها ومنازلها‪ .‬وقد ألفها العياشي‬
‫قبل تأليفه ماء الموائد‪)2(.‬‬

‫في التصوف‪:‬‬
‫‪ -‬تنبيه أهل الهمم العالية على الزهد في الدنيا الفانية‪ :‬في هذا الكتاب يخض أبو سالم على الزهد‬
‫واإلعراض عن الدنيا وملذاتها واالستعداد لآلخرة وهو في خمسة فصول ومقدمة وخاتمة ألفه عام ‪1070‬‬
‫هـ‪)1(.‬‬
‫‪ -‬إظهار المنة على المبشرين بالجنة‪.‬‬
‫‪ -‬مصباح الوصول إلى أصول األصول وتعرف ب‪ :‬معارج الوصول إلى أصول األصول‪ :‬وتقع‬
‫في ‪ 128‬بيتا نظم فيها‪ :‬أصول الطريقة وأسس الحقيقة ألبي العباس أحمد زروق‪ ،‬وموضوعها هو أسس‬
‫الطريقة الزروقية الخمسة‪.‬‬
‫‪ -‬هالة البدر في التوسل بأهل بدر‪ :‬وتقع في ‪ 109‬أبيات‪.‬‬
‫‪ -‬تضمين صوفي ألبيات من ألفية ابن مالك‪ :‬ويقع في ‪ 154‬بيتا‪ .‬وهو إسهام في نحو القلوب‪.‬‬

‫في الفهارس‪:‬‬

‫‪ -‬اقتفاء األثر بعد ذهاب أهل األثر‪ .‬وتشتمل على أسانيد المؤلف في رواية األحاديث المسلسلة التي‬
‫يذكرها البعض باسم (المسلسالت العشرة المنتخبة)‪ .‬ألفه سنة ‪1068‬ه‪ ،‬ليجيز به بعض تالميذته‪،‬‬
‫وأصدقائه‪ ،‬وقد اعتمد على تقديم المرويات على أساس العلم المدروس‪ ،‬ثم قدم لشيوخه المعتمدين فيه‬
‫المغاربة والمشارقة وترجم لهم‪ .‬ويسمى هذا الكتاب أيضا‪ :‬مسالك الهداية إلى معالم الرواية‪)2(.‬‬
‫‪ -‬اتحاف األخالء بإجازات المشايخ األجالء‪.‬‬
‫‪ -‬اإلجازة النظمية‪.‬‬
‫‪ -‬وسيلة الغريق بأئمة الطريق‪ :‬هي منظومة زجرية يتوسل فيها العياشي بأشياخه الصوفية‬
‫المشارقة والمغاربة وبمشايخهم في الطريقة وتقع في "‪ "304‬بيت‪.‬‬
‫في التوحيد والفقه‪:‬‬

‫‪ -‬الحكم بالعدل واإلنصاف الرافع الخالف فيما وقع بين فقهاء سجلماسة من االختالف في تكفير من‬
‫أقر بوحدانية هللا وجهل ماله من األوصاف‪.‬‬
‫‪ -‬معونة المكتسب وبغية التاجر المحتسب‪ ،‬وهي عبارة عن منظومة زجرية في الفقه نظم فيها بيوع‬
‫بن جماعة‪.‬‬
‫‪ -‬إرشاد المنتسب إلى فهم معونة المكتسب‪ .‬وهو شرح للمنظومة السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير كالم القوم في أمر النبي عليه السالم في النوم‪ :‬وهي جواب عن سؤال تقدم به إلى المؤلف‬
‫أحد رجال الركب في رحلة عام ‪1072‬هـ وكان السائل يسمى‪ :‬إبراهيم السوسي‪ .‬وقد وردت ضمن الرحلة‬
‫لطيفة من اللطائف الفقهية(‪.)3‬‬
‫‪ -‬رفع الحجر عن االقتداء بإمام الحجر‪ :‬ألفه في نازلة فقهية وقعت بالمسجد الحرام بمكة ‪1073‬هـ‬
‫لما اختلفت آراء المالكية حول الصالة خلف إمام الحنفية في مقام إبراهيم لتعدد األئمة في المسجد الحرام‬
‫وحول مسألة االقتداء باإلمام المخالف للمأموم في المذهب‪ .‬وقد وردت ضمن الرحلة لطيفة من اللطائف‬
‫الفقهية(‪.)4‬‬
‫في النحو‪:‬‬
‫‪ -‬كراسة في " لو" الشرطية‪.‬‬

‫في مقدمات كتب‪:‬‬


‫قدم أبو سالم لبعض الكتب منها‪:‬‬
‫‪ -‬فهرست عيسى الثعالبي‪( :‬كنز الرواة المجموع من درر المجاز ويواقيت المسموع)‪.‬‬
‫‪ -‬خطبة شرح أبي عبد هللا محمد ميارة لتحفة ابن عاصم‪.‬‬

‫في الشعر‪:‬‬
‫الحقيقة أن أبا سالم لم يؤثر عنه ديوان شعر كامل يجمع كل أشعاره‪ ،‬وهو نفسه لم يهتم بجمع‬
‫أشعاره ولكنها جاءت متفرقة في كثير من المصادر فهناك المجموعات الشعرية الواردة في‪:‬‬
‫‪ -‬الرحلة العياشية‪ :‬ماء الموائد ألبي سالم العياشي‪.‬‬
‫‪ -‬الثغر الباسم في جملة من كالم أبي سالم لحفيده‪ :‬محمد بن حمزة ابن عبد هللا العياشي‪.‬‬
‫‪ -‬إرفاد الوافد القاصد وبردغلة المسترشد الراشد بإنشاء الشارد من شعر الجد والوالد ومشيد بعض‬
‫األسانيد والمساند (لحفيده‪ :‬محمد بن حمزة ابن عبد هللا العياشي)‪.‬‬
‫‪ -‬اإلحياء واالنتعاش في تراجم سادات زاوية آعياش‪ ،‬لعبد هللا بن عمر بن عبد الكريم العياشي‪.‬‬
‫وهناك مختارات شعرية في المديح النبوي تشتمل على‪:‬‬
‫‪ -‬الوتريات‪ :‬وهي عبارة عن تسع وعشرين "‪ "29‬قصيدة في مدح الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫مرتبة على حروف المعجم في كل منها واحد وعشرون بيتا نظم بعضها بمناسبة المولد النبوي عام ‪1072‬‬
‫هـ وقد وصل إلى حرف الراء في المغرب ولكنه أتم هاته الوتريات على باقي حروف المعجم لما وصل‬
‫إلى الديار المقدسة أواخر جمادى األولى وأوائل جمادى الثانية سنة ‪1073‬هـ ويبلغ عدة أبيات هذه‬
‫الوتريات" ‪ "704‬بيت‪.‬‬
‫‪ -‬التوجيهات‪ :‬وهي اثنتا عشرة قصيدة مختلفة القوافي نظمها على أحد عشر بحرا من بحور‬
‫الخليل‪)2(.‬‬
‫في الترسل‪:‬‬

‫‪ -‬له مجموعة من الرسائل اإلخوانية يتحدث فيها عن الشوق والمودة والهجر والعتاب وهي رسائل‬
‫تتميز بمزاوجة الشعر والنثر والعناية بالتعبير وااللتزام بالفواصل واألسجاع‪ .‬وهذه الرسائل في مجملها‬
‫تعكس العواطف الذاتية واألحداث االجتماعية والسياسية واألدبية‪)2(.‬‬
‫‪ -‬المغريات بمحاسن الوتريات‪ :‬وهي رسالة يتحدث فيها أبو سالم عن مسائل نقدية في اللغة والشعر‬
‫واألدب يحث فيها على ضرورة تعلم اللغة والعروض وشعر المديح والسرقات األدبية‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة مطولة تحت عنوان "االستبصار على الطاعن المعثار"‪.‬‬
‫‪ -‬رسائل إخوانية تبادلها مع تالمذته وأصحابه وأهله وشيوخه‪ ،‬ومنهم الشيخ محمد بن ناصر‬
‫الدرعي(‪ .)3‬وقد ذكر أبو سالم هذه الرسالة في‪ :‬الرحلة العياشية‪ :‬ماء الموائد‪.‬‬
‫قد تعددت مراسالت الرجل وتنوعت بتنوع مخاطبيه‪ ،‬حيث نجد له مراسالت مع تالمذته وشيوخه‬
‫وبعض العلماء في المشرق والمغرب‪ ،‬كما نجد له مراسالت لشيوخ بعض الزوايا المغربية والمشرقية‬
‫ومراسالت لبعض األمراء بادلوه أيضا هذه المراسالت بمراسالت مماثلة‪ .‬وقد جمع هذه المراسالت أحد‬
‫الباحثين في أطروحة للدكتوراه‪)1(.‬‬

‫بعض الكتب التي تحدثت عن الرحلة العياشية‪:‬‬


‫‪ -‬تقرير أطـــروحـــة الــد كــتـــوراه التي تقدم بها الباحث عبد العزيز بلبكري في موضوع‪:‬‬
‫عالقات المغرب األقصى مع المشرق العربي بين عامي ‪ 1012‬ه‪1603 /‬م‪1246 -‬ه‪1830/‬م من‬
‫خالل الرحالت الحجازية المغربية‪( ،‬االستمداد الروحي والتواصل الفكري) ” تحت إشراف‬
‫الدكتور أحمد البوزيدي‪.‬‬
‫‪ -‬وقد اعتمد محمد الصغير اإلفراني في كتابه "الصفوة" كثيرا على الرحلة العياشية المسماة "ماء‬
‫الموائد" خصوصا فيما يتعلق بتراجم العلماء والصلحاء‪ ،‬ونقل أيضا عن كتابه "اقتفاء األثر"‬
‫‪ -‬عبد هللا المرابط الترغي‪ ،‬الرحلة الفهرسية نموذج للتواصل داخل العالم اإلسالمي‬
‫‪ -‬مقتطفات من رحلة العياشي‪ :‬ماء الموائد‪ ،‬حمد الجاسر‬
‫‪ -‬رحلة الرحالت‪ ،‬مكة في مئة رحلة مغربية تأليف د عبد الهادي التازي‬

You might also like